كتاب الحج / باب الترغيب فى المدينة عندفتح الأمصار أطَاعَهُمْ، وَالمَدينَةُ خيرٌ لهُمْ لوْ كَانُوا يَعْلمُونَ.
ثُمَّ يُفْتَحُ الشَامُ فَيَأتِى قَوْئم يَبُسُّونَ، فَيَتَحَمَلونَ بِا"هْليهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ، وَالمَلِينَةُ خَيْرٌ لهُمْ لوْ كَانُوا يَعْلمُونَ.
ثُمَ يُفْتحُ العِرَاقُ فَيَأتِى قَوْم يَبُسُّوَنَ، فَيَتَحَمَلونَ بِا"هْلِيهِمْ وَمَنْ أطَاعَهُمْ، وَالمَدِينَةُ خَيْرٌ لهُمْ لوْ كَانُوا يَعْلمُونَ).
ومعنى: (يأتى قوم): اى إلى المواضع التى ذكر أنها فتحت لا إلى المدينة.
وهذا الحديث من أعلام نبوته ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ إذ كان ذلك من فتح البلاد التى ذكر وانتقال الناس إليها، وقد ثبت فتح هذه البلاد على الترتيب الذى رتبه لهم - عليه السلام.
(4/506)
كتاب الحج / باب فى المدينة حين يتركها اْهلها
507
(91) باب فى المدينة حين يتركها أهلها
498 - (1389) حَدثنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا أبُو صَفْوَانَ، عَنْ يُوُنسَ بْنِ يَزِيدَ.
ح وَحَدثنِى حَرْمَلةُ بْنُيحيى - وَاللفْظُ لهُ - أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ سَعيد بْنِ المُسَئبِ ؛ أنَهُ سَمِعَ أبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) لِلمَدينَة: ا ليَتْرُكَئهَا أهْلُهَا عًلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ مُنَللة للِعَوَافِى لما يَعْنِى السَباعَ وَالطَّيْرَ.
قَالَ مُسْلِم: أَبُو صَفْوَانَ هَنَا هُوَ عَبْدُ ال!هِ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ، يَتِيمُ ابْنِ جُرَيْج عَشْرَ سِنِينَ،
كَانَ فِى حَجْرِهِ.
499 - (... ) وَحَدثَّنِى عَبْدُ المَلِك بْنُ شُعَيْبِ بْنِ الليْثِ، حَدثَّنِى أبِى عَنْ جَذَى، حَدثنِى عُقَيْلُ بْنُ خَالد عَنِ ابْنِ شِهَاب ؛ َ اَنهُ قَالَ: أخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ ؛ أن أبَا هُرَيْرَةَ قَال: سَمِعْتُ رَسُولً ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: "(يَتْرُكُونَ المَلِينَةَ عَلى خَيْرِ مَا كَانَتْ، لا يَغْشَاهَا إِلا العَوَافِى - يُرِيدُ عَوَافِىَ السَباع وَالطيْرِ - ثُمَ يَخْرُجُ رَاعِيَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ، يُرِيدَانِ المَدِينَةَ،
وقوله: ا للعوافى): فسره فى الحديث: السباع والطير، وهو صحيح معروف فى اللغة.
قال الإمام: هو مأخوذ من عفوته أعفوه: إذا أتيته تطلب معروفه، يقال: [ فلان] (1)
كثير الغاشية والعافية: أى يغشاه السوال والطالبون.
قال القاضى: وهذه من علامات نبوته - عليه السلام - فقد تركت على أحسن ما كانت
حين انتقلت الخلافة عنها إلى الشام والعراق، وذلك الوقت أحسن ما كانت للدين علمأ وكمالا من رجاله، ودينا لتمام عمارتها، وغرسها، واتساع حال أهلها.
ثم ذكر الإخباريون فى بعض الفق التى تعاورتها وخاف أهلها على انفسهم رحل عنها اْكثر الناس، وبقيت ثمارها أو كثرها للعوافى، وخلت مدة ثم تراجع الناس إليها، وحالها اليوم قريب من هذا، وقد خربت أطرافها وزالت أغلاقها.
وقد حكى كثير من الناس اْنهم رأوا ما أنذر به - عليه السلام - من تغذيه الكلاب على سوارى مسجدها، ومعنى: (تغذى): تبول، وأصله البول دفعة بعد دفعة، وهى صفة بول الكلاب.
وقوله: (يخرج راعيان من مزينة يريدان المدينة، ينعقان بغنمهما): أى يصيحان،
(1) من ع.
508
(4/507)
كتاب الحج / باب فى المدينة حين يتركها أهلها
يَنْعِقَانِ بِغَنَمِهِمَا، فَيَجِدمَانِهَا وَحْشا، حَتَّى إِفَا بَلغَا ثَنِيَّةَ الوَلحَلما خَرَّا عَلى وُجُوهِهِمَا).
قال الله تعالى: { ا"لَذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ (1).
وقوله: (فيجدانها وحشا): أى خلاء، قال الحربى: وحشى من الأرض أى خلاء، ويمشى وحشا: لى وحده.
وروى فى كتاب البخارى (2): (وحوشا) فمعناها بين ؛ لخلائها، عمرتها الوحوش كما قال للعوافى فى الطير والسباع، ويكون (وحشان أيضأ بمعنى وحوش، والوحش كل شىء توحش من الحيوان وجمعه وحوش.
وقد يعبر بواحدة عن جنسه.
وقال ابن المرابط: قوله: (فيجدانها وحوش ال: أى اْن غنمها صارت وحوشا.
قال: فيحتمل أن تصير وحوشا غير غنم، ويحتمل أن تتوحش وتنفر من أصواتها.
قال القاضى: وليس يدل الحديث على أن الضمير فى خرابها يعود على الغنم، د إنما
يعود على المدينة كما قدمنا.
رواية البخارى لهذا الحديث أتم، قال: (اَخرُ من يحشر راعيان من مزينة! وذكر الحديث (3)، قيل: معناه: اخر من يموت بها فيحشر ؛ لأن الحشر إنما هو بعد الموت، ويحتمل أن يتأخر حشرهما بحسب تأخر موتهما، دإن لبم يكن بين حشر الناس أمد بعيد، قال الله تحالى: { إِن كَانَتْ إلأَصَيْحَة وَاحِمَة فَإِفَا هُمْ جَمِيع لَدَيْنَا مُحْفرُونَ} (4)، وكذلك صعقها أيضا الصيحة الأولى يكون آخر من يموت بها، قال الله تعالى: { إن كانَتْ إلأ صَيْحَةً وَاحِمَةً فَمافَا هُمْ خَامِمُونَ} (5).
(1) البقرة: 171.
(2.
3) البخارى، كفضائل المدينة، بمن رغب عن المدينة.
(4) يا: 53.
(5) يا: 29.
(4/508)
كتاب الحج / باب ما بين القبر والمنبر روضة من رياض الجنة 509
(92) باب ما بين القبر والمنبر روضة من رياض الجنة
500 - (1390) حَدثنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، عَنْ مَالِكِ بْنِ أنَسبى، فيمَا قُرِئَ عَليْه - عَنْ
عَبْد اللهِ بْنِ أبِى بَكْر، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيبم، عَنْ عَبْد الله بْنِ زَيْد المَازِنِىًّ ؛ أنَّ رَسُولَ الَلّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالً: (مَا بَيْنَ بَيْتِى وَمِنْبَرِى رَوْضَةٌ مِنْ رِياضِ الجَنَّةَ) ءَ
501 - (... ) وَحدثنا يحيى بْنُيحيى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُحَمَد المَدَنِىُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الهَادِ، عَنْ أبِى بَكْر، عَنْ عَئادِ بْنِ تَمِيم، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْد الأنْصَارِىِّ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (مَا بَيْنَ مِنْبَرِى وَبَيْتِى رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَئة).
502 - (1391) حدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَمُحَمَدُ بْنُ المُثَئى، قَالا: حَدثنَا يحيى بْنُ
ص ص ه نحو ص ص كص ه،، ص ص كأَص صر!حو، ص ه، ص 5 ص سعيد عن عبيدِ اللهِ.
ح وحدثنا ابن نمير، حدثنا أبِى، حدثنا عبيد الله، عن خبيبِ بنِ عبدِ الرخمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِم، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَا بَيْنَ بَيْتِى وَمِنْبَرِى رَوْضَة مِنْ رِياضِ الجَئةِ، وَمِنْبَرِى عَلَى حَوْضِى).
وقوله: (ما بين بيتى ومنبرى روضة من رياض الجنة)، قال الإمام: يحتمل أن يكون يريد أن ذلك الموضع ينتقل بعينه إلى الجنة، ويحتمل أن يريد أن العمل فيه يؤدى إلى الجنة.
قال القاضى: قال الطبرى: فى قوله: (بيتى) معنيان:
أحدهما: أن المراد بالبيت هنا القبر، وهو قول زيد بن أسلم فى هذا الحديث، كما روى مفسراً (بين قبرى ومنبرى).
والثانى: أن البيت بيت سكناه على ظاهره.
وقد روى ما بينه: (بين حجرتى ومنبرى).
قال الطبرى: د اذا كان قبره فى بيته اتفقت الروايات ؛ لأن قبره فى حجرته وهو بيته.
وقوله: (ومنبرى على حوضى): قيل: يحتمل أن منبره بعينه الذى كان فى الدنيا، وهو أظهر وعليه أكثر الناس، وأنكر كثير منهم / غيره، وقيل: إن له هناك منبراً على حوضه، وقيل: إن قصد منبره والحضور عنده لملازمة الأعمال الصالحة، يورد الحوض والشرب منه.
230 / أ
510
(4/509)
كتاب الحج / باب أحد جبل يحبنا ونحبه
(93) باب أحد جبل يحبنا ونحبه (1)
503 - (1392) حَدثنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ مَسْلمَةَ القَعْنَبِىُّ، حَدثنَا سُليْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِيحيى، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ السَّاعِدِىِّ، عَنْ أبِى حُمَيْدٍ.
قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى غَزْوَة تَبُوكَ.
وَسَاقَ الحَدِيثَ.
وَفيه: ثُمَ أقْبَلنَا حَتَى قَدِمْنَا وَاسَ القُرَى.
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) * (إِنّى مُسْرِع، فَمَنْ شَاءَ مَنكُمْ فَليُسْرِعْ مَعِى، وَمَنْ شَاءَ فَليَمْكُثْ).
فَخَرَجْنَا حَتَى أشْرَفْنَا عَلى المَلِينَةِ، فَقَالَ: (هَنِهِ طَابَةُ، وَهَذَا احُد، وَهُوَ جَبَل يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ ثا.
ص لكل لحم، 5،، ص ص حمص ع ص لكل، جملاه، ص ص ه
504 - (1393) حدثنا عبيد اللهِ بن معاذ، حدثنا ابِى، حدثنا قرة بن خالِد، عن قَتَالحَةَ، حَدثنَا أنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ التًهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّ احُايم جَبَل يُحِبنا وَنُحِ!همّ!).
(... ) وَحَد 8لنِيهِ عُبَيْدُ الله بْنُ عُمَرَ القَوَارِيرِىُّ، حَدثنى حَرَمِىُّ بْنُ عُمَارَةَ، حَدثنَا قُرَّةُ،
عَنْ قَتَالحَةَ، عَنْ أنَسٍ، قَالَ.
نَظَرَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) إِلى احُدٍ فَقَالَ: (إِنَّ أحُدًا جَبَل يُحِبنا وَنُحِئهُ).
(1) سبقت الإشارة إليه فى باب المدينة تنفى ثرارها.
(4/510)
كتاب الحج / باب فضل الصلاة بمسجدى مكة والمدينة
511
(94) باب فضل الصلاة بمسجدى مكة والمدينة
505 - (1394) حدثنى عَمْرٌو الئاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَزب - وَاللفْظُ لِعَمْرو - قَالا: حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِئ، عَنْ سَميد بْنِ المُسَئب غ عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، يَبْلغُ به النَبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: (صَلاةٌ فِى مَسْجِدِى هَأتما، أَفْضَلُ مِنْ أَلفِ صَلاة فِيمَا سِوَاهُ، إِلَاَ المَسْجِدَ الحَرَامَ).
وقوله: (صلاة فى مسجدى هذا أفضل (1، من الف صلاة فيما سواه)[ ثم قال] (2):
([ من المساجد] (3) إلا المسجد الحرام).
قال الإمام: اختلف الناس فى المراد بهذا الاستثناء، فعندنا أن المراد إلا المسجد الحرام،
فإن مسجدى يفضله بدون الألف، وهذا بناء على أن المدينة اْفضل[ من مكة] (4)، وهو مذهب مالك، ويحتج له بما[ تقدم] (5) قبل هذا من الأحاديث المرغبة فى سكناها، الدالة على فضلها.
وقيل: إلا المسجد الحرام، فإنه أفضل من مسجدى، وهذا على أن مكة أفضل من المدينة ما سوى قبره - عليه السلام.
قال القاضى: اجتمعوا على اْن موضع قبره - عليه السلام - اْفضل بقاع الأرض، وأن
مكة والمدينة أفضل بقاع الأرض، ثم اختلفوا فى اْيّهما اْفضل ما عدا موضع قبره - عليه السلام - فذهب عمر وبعض الصحابة ومالك وكثر المدنيين إلى تفضيل المدينة، وجعلوا الاستثناء على تفضيلى الصلاة بألف على سائر المساجد إلا المسجد الحرام فبأقل من ألف، على ما تقدم عنهم، واحتجوا بما قال عمر: (صلاة فى المسجد الحرام خير من مائة صلاة فيما سواه).
فيأتى فضل مسجد الرسول - عليه السلام - بتسعمائة، وعلى غيره بألف.
وذهب أهل مكة والكوفة إلى تفضيل مكهَ، وهو قول ابن وهب وابن حبيب من أصحابنا، وحكاه الساجى عن الشافعى، وحملوا الاستثناء على ظاهره، إلا المسجد الحرام فالصلاة فيه أفضل، واحتجوا بحديث عبد الله بن الزبير عن النبى ( صلى الله عليه وسلم )، وفيه: (وصلاة فى المسجد الحرام اْفضل من الصلاة فى مسجدى بمائة صلاة)، فيأتى فضل الصلاة فى المسجد الحرام على غيرمسجدالنبى - عليه السلام - بماءللف صلاة.
قال الباجى: الذى يقتضيه الحديث مخالفة حكم مسجد مكة لسائر المساجد، ولا يعلم منه حكمها مع المدينة.
(1) فى ع: خير.
(3) سقط من ع.
" (5) فى ع: قدمه مسلم.
(2) زائدة فى ع.
(4) زائدة فى ع.
512
(4/511)
كتاب الحج / باب فضل الصلاة بمسجدى مكة والمدينة
506 - (... ) حَدثنِى مُحَمَدُ بْنُ رَافِع وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - قَالَ عَبْدٌ: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ ابْنُ رَافِع: حدثنا عَبْدُ الرَراقِ - أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ، عَنْ أبِى هُرَيْرةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (صَلاة فِى مَسْجِدِى هَنَا، خَيْرٌ مِنْ ألفِ صَلاةٍ فِى غَيْرِهِ مِنَ المَسَاجِدِ، إِلا المَسْجِدَ اَلحَرَامَ).
ص !5 ص، 5، صو، ص فرص ه، !5 يرص عص
507 - (... ) حدثنِى إسحق بن منصور، حدثنا عِيسى بن المننِرِ الحمصِى، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْب، حدثنا الزبيْدىُّ عَنِ الرفرِىِّ، عَنْ أبِى سَلمَةَ بْنِ عَبْدِ الَرخْمَنِ، وَأبِى عَبْد اللّهِ الأغَرِّ مَوْلى الجُهَنِيِّينَ - وَكَانَ منْ أصْحَابِ أبِى هُرَيْرَةَ - أَئهُمَا سَمِعَا أبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: صَلاة!فِى مَسْجِدِ رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) أَفْضَلُ مِن ألفِ صَلاة فيمَا سِوَاهُ مِنَ المَسَاجِدِ، إِلا المَسْجِدَ الحَرَامَ، فَإِن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) آخِرُ الأنبَيَاءِ، ! اِنَّ مَسْجِدَهُ آَخِرُ المَسَاجِدِ.
قَالَ أبُو سَلمَةَ وَأبُو عَبْدِ الله: لمْ نَشُكَّ أن أبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُولُ عَنْ حَديث رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَمَنَعَنَا ذَلِكَ أنْ نَسْتَثْبتَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ فَلِكَ الحَدِيثِ.
حَتَّى إِفَا تُوُفًّىَ أَبُو هُرَيْرَةَ، تَنَاكَرْنَا فَلِكَ.
وَتَلاوَمْنَا ألأ نًكُونَ كَلمنا أبَا هُرَيْرَةَ فِى فَلِكَ حَتَّى يُسْنِدَهُ إِلى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، إِنْ كَانَ سَمِعَهُ مِنْهُ.
فَبَيْنَا نَحْنُ عَلى فَلِكَ، جَالسَنَا عَبْدُ الله بْنُ إِبْرَاهيمَ بْنِ قَارِظ، فَذَكَرْنَا فَلِكَ الحَدِيثَ، وَالذِى فَرَّطنَا فِيهِ مِنْ نَصن أبِى هُرَيْرَةَ عَنْهُءَ فَقَالَ لنَاَ عَبْدُ اللهِ بْيقُ إِبْرَل!يمَ: أَشْهَدُ 7نّى سَمعْتُ أبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (فَإِنَى آخِرُ الأنْبِيَاءِ، ! اِنَّ مَسْجِدِى آخِرُ اَلمَسَاجِدِ).
ثم اختلفوا هل هذا مخصوص بصلاة الفرض أو غير ذلك من العبادات ؟ فذهب الطحاوى إلى تخصيص هذا التفضيل بصلاة الفرض، وذهب مطرف من أصحابنا إلى عموم ذلك فى النافلة وغيرها، قال: وجمعة بها خير من جمعة، ورمضان بها خير من رمضان، وقد روى عبد الرزاق فى تفضيل صوم رمضان بالمدينة ما فيه حجة لهم.
قال القاضى: وقوله: (أفضل من اْلف صلاة)[ أو (خير من الف صلاة] (1)): يقتضى الزيادة على هذا العدد والتضعيف بما أعلم الله به.
وأما على قوله: (كألف صلاة): فحد بين فى التضعيف.
وقوله - عليه السلام - فى اَخر الحديث من رواية ابن قارظ عن أبى هريرة: (فإنى
آخر الأنبياء، دن مسجدى آخر المساجد): ظاهر جلى فى تفضيل مسجده لهذه العلة.
(1) سقط من الأصل، واصتدرك بالهامة.
(4/512)
كتاب الحج / باب فضل الصلاة بمسجدى مكة والمدينة
513
508 - (... ) حَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ المُثَتى وَابْنُ أبِى عُمَرَ، جَمِيعًا عَنِ الثقَفِىِّ.
قَالَ ابْنُ المُثَئى: حَدثنَا عَبْدُ الوَهَّاب، قَالَ: سَمعْتُ يحيى بْنَ سَعِيد يَقُولُ: سَألتُ أبَا صَالِحٍ: هَلْ سَمِعْتُ أبَا هُرَيْرَةَ يَذْكُرُ فًضْلَ الضَلاَة فِى مَسْجِدِ رَسُولً الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فَقَالَ: لا، وَلكِنْ أَخْبَرَفِى عَبْدُ اللهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قَارِظ ؛ أَفَُ !حَ أَدا هُرَيْرَةَءُررثُ أنَّ رَيمولَ الةِ ( صلى الله عليه وسلم ) دالَ: (صَلاة فِى مَسْجدى هَنَا خَيْر منْ أَلًفِ صَلاة - أوْ كَألفِ صَلاة - فِيمَا سِوَاهُ مِنَ المَسَاجِدِ، إِلا أنْ يَكُونَ المَسجَدَ الحَرَامَ).
أ...
) وَحَدثنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَعُبَ!دُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، قَالوا: حَدثنَا
يَحْىَ القَطَانُ، عَنْ يحيى بْنِ سَعِيدٍ، بِهَنَا الاِسْنَادِ.
َممص، ص، 5، َ ه ص، صءَ، 5، قصي ص ص صص ص ه ص
509 - (1395) وحدثنِى زهير بن حرب ومحمد بن المثنى، قالا: حدثنايحيى -
وَهُوَ القَطَانُ - عَنْ عُبئدِ اللهِ، قَالَ: أخْبَرَفِى نَافِع عَنً ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَبِى ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (صَلاة فِى مَسْجِدِى هَنَا، أفْضَلُ مِنْ ألفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلا المَسْجِدَ الحَرَامَ).
أ...
) وَحَدثنَاهُ أبو بَكْر بْنُ أَيى شَيْبَةَ، حَا شَا ابْنُ نُمَيْر وَأبو أسَامَةَ.
ح وَحَدثنَاهُ ابْنُ
، صرص حص ص ص حصَ،، صَ ص،.
، مثص ص حص صر، ً ص ير،، 5 ص ه، ! نميرٍ، حدثنا أيِى.
ح وحدثناه محمد بن المثنى، حدثنا عبد الوهابِ، كلهم عن عميدِ اللهِ، بِهَنَا الاِسْنَادِ.
أ...
) وَحَدثنِى إِبْرَاهيمُ بْنُ مُوسَى، أخْبَرَنَا ابْنُ وى زَائدَةَ، عَنْ مُوسَى الجُهَنِىّ، عَنْ
نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ 5َ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ، بِمِثْلِهِ.
أ.
ء.
) وَحَدثنَاهُ ابْنُ أبِى عُمَرَ، حَدثتَا عَبْدُ الرَزاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَز، عَنْ أَيُّوبَ، عَن نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ الئيِىِّ، بِمِثْلِهِ.
510 - 13961) وَحَدثنَا قُتَئبَةُ ننُ سَعِيد وَمُحَمَّدُ ننُ رُمْحٍ، جَمِيعًا عَنِ الليْثِ بْنِ
سَعْدٍ.
قَالَ قُتمبَةُ: حَا شَا ليْ!ث، عَن نَافِعٍ، عَنْ إِبْرًا هِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ؛
قال الإمام: ذكر مسلم فى الباب: ثنا قتيبة وابن رمح عن الليث، عن نافع، عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد، عن ابن عبالس ؛ اْن امرأة[ اشتكت شكوى لها) - الحديث،
(1) صقط من عء
514
(4/513)
كتاب الحج / باب فضل الصلاة بمسجدى مكة والمدينة
أنَّهُ قَالَ: إِنَّ امْرَأة اشْتَكَتْ شَكْوَى، فَقَالتْ: إِنْ شَفَانِى اللهُ لأخْرُجَن فَلأصَليَن فى بَيْت المَقْدسِ، فَبَرَأتْ، ثُمَّ تَجَهَّزَتْ تُرِيدُ الخُرُوجَ، فَجَاءَتْ مَيْمُونَةَ زَوج النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) تُسَلمُ عَليْهًا، فَاخبَرَتْهَا ذَلِكَ.
فَقَالتِ: اجْلِسِى فَكُلِى مَا صَنَعْتِ، وَصَلى فِى مَسْجِدِ الرَّسُولِ
هكذا إسناده من جميع طرق هذا الكتاب، عن إبراهيم بن عبد الله، وكذلك أخرجه أبو مسعود الدمشقى عن مسلم من حديث ابن عباس عن ميمونة، اتغ فى ذلك الرواية ولم ينبه على ذلك، دانما يحفظ هذا الحديث عن إبراهيم بن عبد الله عن ميمونة، ليس فيه ابن عباس.
قال بعضهم: هكذا رويناه فى حديث الليث بن سعد.
قال النسائى (1): روى هذا الحديث الليث عن نافع، عن إبراهيم، عن ميمونة، ولم يذكر ابن عباس، قال غيره: وكذلك رواه ابن جريج، وكذلك أخرجه البخارى (2) عن الليث، ولم يذكر فيه ابن عباس.
قال الدارقطنى فى كتاب العلل (3): قد رولى بعضهم عن ابن عباس عن ميمونة، وليس يثبت.
قال القاضى: قال البخارى فى التاريخ الكبير: إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن العباس
ابن عبد المطلب عن أبيه وميمونة، وذكر حديثه، هذا من طريق الليث وابن جريج ولم يذكر فيه ابن عباس، ثم قال: وقال لنا المكى عن ابن جريج، سمع نافعا ة أن إبراهيم بن معبد حدث[ أن] (4) ابن عباس حدثه عن ميمونة، قال: ولا يصح فيه ابن عباس (ْ).
قال القاضى: وقال بعضهم: صوابه: إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس ؟ أنه
قال: إن امراْة اشتكت.
وعن ابن عباس خطأ.
وقد ذكر مسلم قبل هذا فى الباب حديث عبيد الله عن نافع عن ابن عمر، وحديث موسى الجهنى عن نافع عن ابن عمر، وأتبعه بمعمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر، وهذا مما استدركه الدارقطنى على مسلم، قال: ليس بمحفوظ عن أيوب، وعلل الحديث عن نافع بذلك، وقال: وقد خالفهم ابن جريج والليث، فروياه عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن ميمونة.
وقد خرج مسلم القولن، ولم يخرج البخارى رواية نافع بوجه (6).
وقال البخارى فى التاريخ، وذكر رواية عبيد الله وموسى عن نافع، قال: والأول أصح (7)،
(3)
انظر: المغرى، كالحج، بفضل للصلاة فى المسجد الحرام ه / لملا ا.
لم ئجده فى صحيحه، بل ربما يعنى فى للتاريخ الكبير 302 / 1.
الإلزامات والتتبع ص 387.
ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامث!.
انظر: للتاريخ الكبير للبخارى 1 / 302.
الالزامات والتتبع ص 387.
انظر: التاريخ الكبير 1 / 302.
(4/514)
كتاب الحج / باب فضل الصلاة بمسجدى مكة والمدينة 515
( صلى الله عليه وسلم )، فَإِنَى سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (صَلاة! فِيهِ أفْضَلُ مَنْ ألفِ صَلاة فِيمَا سِوَاهُ مِنَ المَسَاجِدِ، إِلا مَسْجِدَ الكَعْبَةِ ".
يعنى رواية إبراهيم بن عبد الله عن ميمونة كما قال الدارقطنى.
وقوله: ([ اْن امرأة اشتكت] (1)، فنذرت ان تصلى فى بيت المفدس إن شفيت، فقالت لها ميمونة - [ تعنى زوجة النبى] (2) -: اجلسى وصلى فى مسجد الرسول) الحديث، قال الأمام: ذهب بعض شيوخنا إلى ما قالت ميمونة، وأن المكى والمدنى إذا نذرا الصلاة فى بيت المقدس لا يخرجان إليه ؛ لأن مكانهما أفضل.
ولو نذر المقدسى الصلاة فى احد الحرمن / لأتاه ؛ لأنه أفضل من مكانه.
وقياس قول مالك على هذه الطريقة: أن المكى إذا نذر إتيان مسجد المدينة أتاه، وإن نذر مدنى إتيان مسجد مكة لم يأته ؛ لأن مسجد المدينة عنده أفضل من مسجد مكة.
وقال بعض شيوخنا: الأولى أن يأتى المكى مسجد المدينة، والمدنى مسجد مكة، [ إذا نذراه] (3) ليخرجا من الخلاف الذى وقع فى فضل أحدهما على الاَخر.
(1، 2) زائدتان فى ع.
(3) صقط من ع.
230 / ب
516
(4/515)
كتاب الحج / باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد
(95) باب لا تشدّ الرحال إلا إلى ثلانة مساجد
511 - (1397) حَدثنى عَمْرو الئاقِدُ يَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب، جَميعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
قَالَ
عَمْرٌ و: حَدثنَا سُفْيَانُ، عَنِ الرهْرِى، عَنْ سَعِيد، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، يًبْلغُ بِهِ النَبِى ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا تُشَدُّ الزحَالُ إِلا إِلى ثَلانَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِى فَنمَا، وَمَسْجِدِ الحَرَام، وَمَسْجِدِ الأقْصَى).
وقوله: ا لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد)، قال القاضى: وقد تقئم لنا كلام
فيه قبل، وأن مقتضى شد الرحال إنما يكون فيما بَعُد لا فيما قرب ؛ ولهذا فرق شيوخنا بين نذر ما قرب من ذلك وما بعد، فيما عدا هذه الثلاثة مساجد ؛ لفضلها الزائد، ولكونها مساجد الأنبياء.
قال الإمام: إنما خص - عليه السلام - هذه المساجد لفضلها على ما سواها، فمن قال:
لله علىّ صلاة فى أحدها، وهو فى بلد غير بلادها، فعليه إتيانها، وإن قال: ماشيا، فلا يلزمه المشى إلا فى حرم مكة خاصة.
واْما المسجدان الاَخران، فالمشهور عندنا أنه لا يلزمه المشى إليهما ويأتيهما راكبا إن شاء.
وقال ابن وهب: بل يأتيهما ماشيأ كما سمى، وهذا قياس على أصل المذهب ؛ لاتفاقهم على أن من قال: على المشى إلى مكة، فعليه أن يمشى إليها.
فدل ذلك على أن المشى طاعة.
وقد نبه النبى - عليه السلام - على ذلك بقوله: (ألا اْدلكم على ما يمحو الله به الخطايا) فذكر كثرة الخطا إلى المساجد (1).
[ وقيل أيضا] (2): إن كان على أميال يسيرة اْتى ماشيا، والمشى ضعيف.
وقد ذهب القاضى إسماعيل إلى أن من قال: على المشى إلى المسجد الحرام اصلى فيه،
فإنه يأتى راكبا إن شاء، ويدخل مكة محرما.
وأحل[ الثلاثة مساجد] (3) محلاً واحدا فى سقوط المشى إليها، دإن نطق به إذا قصد الصلاة فيها.
! إن نذر إتيان غير هذه المساجد الثلاثة فلا يأتى إليها إذا لم تكن ببلده.
قال بعض أصحاب مالك: إلا اْن تكون قريبة على أميال يسيرة فيأتيها.
دإن نذر أن يأتيها ماشيا، اْتى ماشيأ[ كما قال] (4)، ورأى أن ذلك خارج عن شد الرحال المذكور فى الحديث.
قال ابن حبيب: مثل أن ينذر صلاة فى مسجد بموضعه، ومسجد جمعة، والذى يصلى فيه.
واْلزم ابن عباس المدنى إذا نذر الصلاة بمسجد قباء أن يأتيه، واحتج لهذا ابن حبيب بما ذكره مسلم بعد هذا ؛ لأنه - عليه السلام - كان يأتيه كل سبت.
(1) سبق فى مسلم، كالطهارة، بفضل إسباغ الوضوء على المكاره حديث رقم (41)، وكذا الترمذى، كالطهارة، بما جاَ فى إسباغ الوضوء (51) وقال: حديث حسن صحيح.
(2) فى هامش ع.
(3) فى ع: المساجد الثلاثة.
(4) زائدة فى ع.
(4/516)
كتاب الحج / باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد
517
512 - (... ) وحدثناه أَبو بَكْر بْنُ أبى يثمَيْبَةَ، حَد!شَا عَبْدُ الأعْلى، عَنْ مَعْمَر، عَن
ص ص عص،،
الزُّهْرِئ، بِهَنَا الإِصعْنَادِ.
غَيْرَ ؟نَهُ قَالَ+ (تُشَذُ الرخَالُ إِلى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ).
513 - (... ) وَحَدثنَا هَرُونُ بْنُ سَعيد الأيْلى، حَا"ثنَا ابْنُ وَهْب، حَدثنِى عَبْدُ الحَمِيدِ
ابْنُ جَعْفَر ؛ أن عمْرَانَ بْنَ أَيِى أَنَسٍ حَدبَرلهًُ ؛ أَنً سَلمَانَ الأغَر حَدعلهُ ؛ أئهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُخْيرُ ؛ أَن رَسُوَلَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِنَمَا يُسَافَرُ إِلى ثَلاثَةِ مَسَاجِدِ: مَسْجِدِ الكَعْبَةِ، وَمَسْجِدِى، وَمَسْجِدِ الليَاءَ).
قال الإهام: فإن قيل: إن مسجد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أفضل، فكيف أتاه وانتم أضلتم، ألا يوتى إلا ما كان أفضل ؟ قلنا: قد ذكرنا عن بعض أصحابنا أن هذا إنما يعتبر فى شد الرحال وأعمال المطى، وأما ما كان على أميال يسيرة فيؤتى إليه، دان كان المسجد الأقزب منه مثله فى الفضل، ومسجد قباء قريب من المدينة.
فإن قيل: هذا ما تساوى الفضل على ما قاله بعض أصحابكم على ما حكيت، والفضل ها هنا مختلف، ومسجده - عليه السلام - أفضل.
قيل: الغرض من هذا أن النهى إنما وقع على أعمال المطى، وأما إذا لم تعمل ووجب الوفاء بالنذر، مع تساوى البقاع على ما حكيناه عن بعض أصحابنا، وجب وإن اختلف الفضل على هذه الطريقة ؛ لأجل ورود الشرع بالوفاء بالنذر، فهو على عمومه.
وخُص مها (1) أعمال المطى، وبقى ما سواه على اْصله.
وهذا اعتذار عما قاله ابن عباس وابن حبيب.
وأما إتيان النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فلم يكن عن نذر، فلا مانع يمغ منه ؛ لأن المتقرب حيث اتفق
له أو خف عليه فعل القُربة.
وقد لزم مالك المكى إذا نذر الرباط بعسقلان - وشبه ذلك من السواحل - أن يخرج إليها دان كان فيه أعمال المطى لغير المساجد الثلاثة ة لأنَ المطى أعملت لمعنى وهو الرباط، وذلك لا يوجد فى الثلاثة، والحديث إنما ورد فى أعمالها للصلاة لوجود ذلك المعنى من الصلاة فيها وزيادة[ عليه] (2).
قال القاضى: وقوله: (ومسجد الأقصىأ: كذا جاء فى كتاب مسلم فى حديث عمرو الناقد، وهو من إضافة الشىء إلى نفسه وصفته، كما قالوا: مسجد الجامع، وتقدم مثله، قوله فى كتاب الصلاة: (ماء البارد) (3)، وفى الحديث الآخر: (مسجد إيلياء) وهو بيت المقدس بكسر الهمزة واللام ممدودة، وحكى فيه القصر أيضأ، ولغة ثالثة: (إلياأ بسكون اللام.
(1) فى ع: منه.
(2) ساقطة من الأصل، ولستدركت فى للهامث! بسهم.
(3) راجع: كللصلاة، بما يقول إذا رفع رأسه من الركوع حديث رقم (4ْ2).
518
(4/517)
كتاب الحج / باب بيان أن المسجد الذى اْسس على التقوى...
إلخ
(96) باب بيان أن المسجد الذى أسس على التقوى
هو مسجد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بالمدينة
514 - (1398) حَدثنِى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حدثنا يحيى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ حُمَيْد الخَرأَطِ، قَالَ: سَمعْتُ أبَا سَلمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: مَرَّ بِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبِى سَعِيد الخُدْرِىّ، قَالَ: قُلَتْ لهُ: كَيْفَ سَمعْتَ أبَاكَ يَذْكُرُ فِى المَسْجِدِ الذى ايسِّ! عَلى التَّقْوَى ؟ قَالَ: قَالَ أبِى: دَخَلتُ عَلى رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى بَيْتِ بَعْضِ نِسَائِهَ.
فَقُلتُ: يَا رَسُولَ ال!هِ، أىُّ المَسْجدَيْنِ الذِى ايسّ! عَلى التَّقْوَى ؟ قَالَ: فَا"خَذَ كَفّا مِنْ حَصبَاءَ فَضَرَبَ بِهِ الأرْضَ.
ثُمَ قَالَ: َ (هُوَ مَسْجِدُكُمْ هَن!ا لما - لِمَسْجِدِ المَدِينَة - قَالَ: فَقُلتُ: أشْهَدُ أَئى سَمِعْتُ أبَاكَ هَكَذَا يَذْكُرُهُ.
(... ) وَحَدثنَا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَسَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الأشْعَثِى - قَالَ سَعِيد: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ أبُو بَكْرٍ: حَا شَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعيلَ - عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أيِى سَلمَةَ، عَنْ أيِى سَعِيد، عَنِ النَبِىّ ( صلى الله عليه وسلم )، بِمِثْلِهِ.
وَلمْ يَذكُرْ عَبْدَ الرَّحمَنِ بْنَ أيِى سَعِيدٍ فِى الإِسْنَادِ.
ونص النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أن المسجد الذى أسس على التقوى[ فى الأمّ] (1) هو مسجده، يرد
قول من زعم أنه مسجد قباء.
(1) سقط من الاْصل، واستدرك فى الهامش بسهم.
(4/518)
كتاب الحج / باب فضل مسجد قباء...
إلخ
519
(97) باب فضل مسجد قباء، وفضل الصلاة فيه وزيارته
515 - (1399) حدثنا أبُو جَعْفَر أَحْمَدُ بْنُ مَنِيع، حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهيمَ، حَدثنَا ائوبُ، عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ يَزُورُ قُبَاء، رَاكِئا وَمَاشِئا.
516 - (... ) وَحَدثنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْر وَأبُو اسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ.
ح وَحَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْر، حَدثنَا أبِى، حَد، شَا عُبَيْدُ الله، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَاعتِى مَسْجِدَ قُبَاء، رَاكِبًا وَمَاشِئا، فَيُصَلى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ.
قَالَ أبُو بَكْرٍ فِى رِوَايَتِهِ: قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: فَيُصَلِى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ.
ص ص كص، "ص، 5، ورص ص حمص ص ه ص ص حمر!ه!، 5 ص ص ص !
517 - (... ) وحدثنا محمد بن المثنى، حدثنايحيى، حدثنا عبيد اللّهِ، أخبرنِى نافِع،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ يَأتِى قُبَاء، رَاكِئا وَمَاشِئا.
(... ) وَحَدشَى أَبُو مَعْنٍ الرَّقَاشِىُّ زَيْدُ بْنُ يَزِيدَ الثَّقَفِىُ - بَصْرِىّ ثِقَة - حَدثنَا خَالِد - يَعْنِى لبْنَ الحَارثِ - عَنِ ابْنِ عَجْلانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِ حَدِيثِ يَحْيَى القَطَّاَنِ.
518 - (... ) وَحَدثنَا يحيى بْنُيحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلى مَالِك عَنْ عبدِ اللّهِ بْنِ !ينَارٍ،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ؛ أنَّ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ يَأتِى قُبَاءً، رَاكِئا وَمَاشِيًاً.
519 - (... ) وَحدثنا يَحْيَى بْنَ أيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ.
قَالَ ابْنُ أيُّوبَ: حَدهَّشَا إِسْمَاعيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، أخْبَرَنِى عَبْدُ اللهِ بْنُ دِينَارٍ ؛ أنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَأتِى قُبَاء، رَاكِئا وَمَاشِئا.
520 - (... ) وحدثنِى زهير بن حربٍ، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عبدِ اللّهِ بنِ
وتقدم الكلام على زيارة النبى - عليه السلام - قباء، راكبا وماشيًا، وصلاته فيه.
520 (4/519)
كتاب الحج / باب فضل مسجدقباء...
إلخ !ينَار ؛ أن ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَأتِى قُبَاء كُل س!بثٍ كوَكَانَ يَفُولُ ة و؟دتُ النبِى ( صلى الله عليه وسلم ) يَأِئيهِ كُل صمبت.
521 - (... ) وَحَدثنَاهُ اننُ أكِالم! عُمَرَ، حَا 3ثنَا سُفْيَانُ، عَنْ عبدِ الله بْنِ !ينَارٍ، عَنْ عبد
اللهِ بْنِ عُمَرَ ؛ أن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ يَأتِى قُبَاءً، يَعْنِى كُل صئبتٍ، كَانَ يَأِتيهِ، رَاكِبًا وَمَاشِيًا.
قَالَ ابْنُ دِينَارٍ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلهُ.
522 - (... ) وَحَدثنيه عَبْدُ اللّهِ بْنُ هَاضعِبم، حَدثنَا وَكِيع، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ !ينَارٍ،
بِهَنَا الإِشنَادِ.
وَلمْ يَذْكرْ كَل صمبتٍ.
وقوله: (كل سبت): فيه جواز تخمميمو مثل هذا، وقد كوه ابق مسلمة هذا مخافة
أن يظن أن ذلدً صنة له فى ذلك اليوم، ولعله لم يبلغه هذا الحديثء وفيه أيضا حجة لجواز تخصيص الأئمة والمعالحق بعض الأيام من الجمعة بنوع من القوبات، أو بؤيارة الإخوان، أو افتمْاد بعض أمورهم، أو بجعله يوم راحته من أشغال العامة.
وأتا فى نفسه كان صبئً الأو غيره مما لم ينمالأ النايى كلهم محلى هذا فى يوم واحد فيظنه الجمل صنة، ولعل مئل هذا هو الذى كرء ابن مسلمة، وإن كان مكدفو ئميوخنا كوهوا تخصيص ذلك للحاكم ممِوم معلوم، قالوأ: ولكن بنا احتاج على قلك من إجمام نفسه أو اقتقار!ه، فعله لى وقتط احتاجهء(4/520)
كتاب النكاح / باب اممتحباب النكاح.
،.
إلخ 521
بسم الله الرحمن الرحيم
16 - كتاب النكاح
11) باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنه
واشتغال من عجز عن المؤن بالصوم
ا - (1400) حلتثنا يحيى بْنُ يحيى التَميمِى وَأَبُو بكْرِ بْنُ أبِى ض!يْبَةَ وَمُحَمَدُ بْنُ العَلاءِ الهَمْلَانِى، جَمِيغا عَنْ أبِى مُعَاوِيَةَ - وَاَللَفْظُ لِيَحْىَ - أخْبَرَنَا أبُو هُعَاوِيَةَ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلقَمَةَ، قَالَ: كُنْتُ أمْشِى مَعَ عَبْد ال!هِ بِمِنى، ف!لَقِيَهُ عثمَانُ، فَقَامَ مَعَهُ يُحَدَثهُ.
فَقَالَ لَهُ عثمَانُ: يَا أبَا عَبْدِ الرخْمَنِ، ألأَ نُزَوً جُكَ جَارِيَة شَائة، لَعَلَهَا تُذَكرُكَ بَعْضَ مَا مَضَى مِنْ زَمَانِكَ.
قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ الله: لَئِنْ قُلتَ ذَاكَ، لَقَدْ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (يَا مَعْشَرَ الشماب، مَنِ اسْتَطَاعَ مشِكُمُ البَاءَةَ فَليَتَؤَوحَ!، فَ!تهُ أغَضُ لِلبَصَرِ، وَأحْصَنُ لِلفَ!جْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتًطِعْ فَعَلَيْهِ بِالضَوْم، فَإِنَهُ لَهُ وَجَا ").
2 - (... ) حدثنا عثمَانُ بْنُ أيِى شَيْبَةَ، حَدثنَا جَرِير"، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ،
كتاب النكاح
!ال القاضى: ذكر مسلم لول الباب حديث عثمان وعبد الله بن مسعود - رضى الله عنهما - لما فيه من الأمر بالن!أح، ثم جاَ بأحاديث النهى عن التبتل فاستفتح بهما الكتاب ! ليعلم) نه مثروع، وهذا من حسن التأليف، ثم / عطف بعد ذلك على فصول أحكام النكاح وتولبعه على نسق التصنيف، وفى استخلاَ عثمان لعبد الله فى الأخذ معه.
فالتزويج ترقير الخلة والمثايخ أن يتفاوضوا فى هذه الأمور بحضرة الناص وعوام الخلق.
وقوله: (الا نزوجك جارية شابة تذكرك بعض ما مضى من زمانك)، وفى الرواية الأخرى: (ترجع إليك ما كنت تعهد): دليل على أن معظم المطلوب من النكاح الاستمتاع، وهو[ من] (1) الشباب أمكن، وفيهن ألذ ؛ لما هن عليه من رونق الشباب ونشاط الصغر وطيب الأفواه، وما يرغب من النساَ، وإظهار الرغبة فى ال السّحتاع الذى يثوفر عنه مساؤهن.
(1) ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامة.
231 / ب
522(4/521)
كتاب النكاح / باب استحباب النكاح...
إلخ
عَنْ عَلقَمَةَ، قَالَ: إِنى لأمْشِى مَعَ عَبْد اللهِ بْنِ مَسْعُود بمِنى، إِذ لَقَيهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفانَ.
فَقَالَ: هَلُمَ، يَا أبَا عَبْدِ الرخمَنِ.
قَالَ 5َ فَاسْتَخْلاَهُ، فَلَمَاَ رَأى عَبْدُ الئَهِ أنْ لَيْسَتْ لَهُ حَاجَة" قَالَ: قَالَ لِى: تَعَالَ يَا عَلقَمَةُ.
قَالَ: فَجِئْتُ.
فَقَالَ لَهُ عثمَان: ألاَ نزَو"جُكَ، يَا أبَا عَبْدِ الرخمَنِ جَارِيَة بِكْزا، لَعَلَهُ يَرْجِعُ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ مَا كنتَ تَعْهَدُ ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: لَئِنْ قلتَ فَاكَ، فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ أن مُعَاوِيَةَ.
3 - (... ) حللنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْمب، قَالا: حدثنا أبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْر، عَنْ عَبْدِ الرخمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ لَنَا
وقوله: (فلما راْى عبد الله اْن لا حاجة له قال: تعال يا علقمة): دليل أن لمن
كان المكتوم سره، والأخلاء من أجل حشمته، الأمر فى استدناء من شاء د إحضاره له لا لغيره ؛ إذ السر سره، إن شاء أبداه، وإن شاء كتمه.
قال الإمام: وقوله: (من استطاع منكم الباءة فليتزوج)[ الحديث] (1): أصل الباءة فى اللغة: المنزل، ثم قيل لعقد النكاح ؛ لأن من تزوج امراْة بواْها منزلأ.
والباه هاهنا: التزويج، وفيه أربعُ لغات: (الباعة) بالمد والهاء، و(الباء) بالمد بلا هاء، و(الباهة) بهاءين دون مد، و(الباه) بهاء واحدة دون مد وقد سمى الجماع نفسه: باه.
وليس المراد بالذى وقع فى الحديث على ظاهره الجماع ؛ لأنه قال: (ومن لم يستطع فعليه بالصوم)، ولو كان غير مستطيع للجماع لم يكن له حاجة للصوم.
قال القاضى: لا يبعد أن تكون الاستطاعتان مختلفتين، فيكون المراد أولا بقوله:
!ن استطاع منكم الباعة): الجماع، اْى من بلغه وقدر عليه فليتزوج، ويكون قوله بعد: (ومن لم يستطع): يعنى على الزواج المذكور ممن هو بالصفة المتقدمة (فعليه بالصوم).
وأما قوله: (فليتزوج) فيتعلق به من يوجب النكاح بمجرد الأمر وهو عنده وعند جماعة من الفقهاء والمتكلمن على الوجوب.
ولم يقل.
يوجوبه إلا داود ومن شايعه من أهل الظاهر مدة فى العمر.
والواجب منه عندهم العقد لا الدخول لمجرد الأمر بالتزويج، وحكى بعضهُم عنهم أن الوجوب فى ذلك والاْمر على الخصوص لا على العموم، وذلك لمن خثى على نفسه العنت بدليل قوله: (فإنه أغض للبصر)، فبين السبب للوجوب والعلة، وهذا إذا صح من مذهبهم فغير مخالف لمذهب الكافة.
(1) زائدة فى ع.
(4/522)
كتاب النكاح / باب استحباب النكاح...
إلخ
523
رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (يَا مَعْشَرَ الشبَاب، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنكُمُ البَاءَةَ فَليَتَزَؤَجْ، فَإِنَّهُ أغَضُّ لِلبَصَرِ، وَأحْصَنُ لَلفَرْحِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، َ فَعَلَيْهِ باِلصَّوْم، فَلئهُ لَهُ وِجَاءُ).
قال الإمام: [ المشهور] (1) من قول فقهاء الأمصار: أن النكاح مستحب على الجملة.
وذهب (2) داود إلى وجوبه، وسبب الخلاف: تعارض الظواهر فلداود قوله: { فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكم ثِنَ النَسَاء} (3)، والاءمر على الوجوب، وله الحديث المذكور، وله قولى - عليه السلام - بعد هذا فى حديث ذكر فيه التزويج، وقال فيه: (فمن رغب عن سنتى فليس منى).
ولفقهاء الأمصار عليه أن الله تعالى خير فى الآية بين النكاح وملك اليمن، والتسرى
غير واجب باتفاق، فلو كان النكاح واجئا ما صح التخيير بينه وبن ملك اليمن ؛ إذ لا يصح على مذهب أهل الأصول التخيير بيئ واجب وبن ما ليس بواجب ؛ لأن ذلك مود إلى إبطال حقيقية الواجب، واْن يكون تاركه غيبر آثم، ولهم - أيضًا - قول الله تعالى: { إِلأَ عَلَئ أَ!وَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ اَيْمَانُهمْ فَإئهُمْ غَيْر مَئومِينَ} (4) ولا يقال فى الواجب: أنت غير ملوم إن فعلته، وهذا نحو ما قاله عروة لعائشة فى السعى: إنه لو كان واجئا لم يقل لاجناح عليك فى فعله (5).
وينفصلون عن حديث الباعة بأن داود إنما يوجب العقد خاصة دون الوطء، وذلك لا يحصل معه ما ذكر فى الحديث من تحصين الفرج وغض البصر.
وقد قال بعض اْصحابنا: إن قوله - عليه السلام - فى هذا الحديث: (ومن لم يستطع فعليه بالصوم)[ فيه حجة على أن النكاح ليس بواجب ؛ لأنه خير بينه وبن الصوم] (6)، والصوم المذكور[ هاهنا] (7) ليس بواجب، ونحى فى هذا إلى ما ذكرنا من التخيير بين النكاح وملك اليمن، وليس الأمر كذلك ة لأنه فى الحديث رتب فقال: (ومن لم يستطع فعليه بالصوم)، وهذا غير مستحيل أن نجمع فيه بين واجب وغير واجب.
ويصح أن يقول قائل: أوجبت عليك أن تفعل كذا، فإن لم تستطع فأندبك إلى كذا.
وأما الحديث الذى فيه: (فمن رغب عن سنتى) فمحمله على من أراد أن يفعل من التبتل، وتحريم المحللات على نفسه ما قد فسر فى الحديث.
قال الإمام: والذى يطلق من مذهب مالك: أن النكاح مندوب إليه، وقد يختلف
(1) ساقطة من الأصل، ولستدركت بالهامث!.
(2) فى ق: وذكر، والمثبت من الأصل.
(3) ا لنساء: 3.
(4) ا لمومنون: 6.
(5) سبق فى كالحج، ببيان ثن السعى بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج إلا به، رقم (262).
يلا) سقط من ق.
(7) ساقطة من الأصل، والمثبت من ع، ق.
524
(4/523)
كتاب النكاح / باب استحباب النكاح...
إلخ
4 - (... ) حذثنا عثمَانُ بْنُ أيِى شَيْبَةَ، حَا شَا جَرِير!، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ
حكمه بحسب اختلاف الأحوال.
فيجب تارة عندنا فى حق من لا ينكف عن الزنا إلا به، وقد وقع لبعفق أصحابنا إيجابه على صفة، ومحمله أنه على مثل من هو على هذه الحالة.
ويكون مندوئا إلمِه فى حق من يكون مشتهيًا له، ولا يخشى على نفسه الوقوع فى المحرم، ولا ينقطع به عن أفعال الخير.
ويكون مكروفا لمن لا يشتهيه وينقطع به[ عن عبادته وقرباته.
وقد يختلف فيمن لا يشتهيه ولا ينقطع به، (1) عن فعل الخير، فيقال: يندب إليه للظواهر الوارثة فى الشرع يالترغيب فيه.
وقد يقال: يكون فى حقه مباخا.
قال القاضى: أما فى حق كل من يرجى منه النسل ممن لا يخشى العنت على نفسه،
وإن لم يكن له إليه شهوة ؛ فهو فى حقه مندوب[ إليه، (2) لقوله - عليه السلام -: (فإنى مكاثر بكم الأمم) 31)، ولظواهر الحضِ على النكاح والأمر به، وكذلك فى حق كل من له رغبة فى نوع مت استمتاع النساء، فإن كان ممنوغا عن الوطء، لكن النكاح يغض بصره، وأما فى حق من لا ينسل ولا اْرب له فى النساء جملة ولا مذهب له فى الاستمتاع بشىء منهن، فهذا هو الذى يقال فى حقه: إنه مباح إذا علمت المراْة بحاله، وقد يقال حتى الاَن: إنه مندوب لعموم الأوامر بالتزويج، ولقوله: الا رهبانية فى ا لإسلام) (4).
وقوله: (فعليه بالصوم)، قال الإمام: [ فيه إض اء بالغائب، ومن أصول النحاة:
ألا يغرى بغائب، وقد جاء شافا قول بعضهم: عليه رجلأ ليسنى، على جهة الإغراء، (5).
قال القاضى: هذا الكلام الذى قاله - رحمه الله - موجود لبعضهم كما ذكره، وإن
كان مجموعه ليس من قول أحد.
ولكن على قائليه فى ذلك أغاليط ثلاثة:
أولها: قول من قال: لا يجوز الإغراء بالغائب كما ذكره، وهو غفلة ووهم من قائله.
ولفظ جاء على غير تأمل وتحصيل، وهو لفظ أبى محمد بن قتيبة وأبى القاسم الزجاجى وبعضهم، وصوابه: لا يجوز إغراء الغائب ولا يغرى غائب، وانما يغرى الحاضر والثاهد.
وأما الإغراء بالثاهد والغائب فجائز.
وهذا نص أبى عبيد على الصواب فى هذا
(1) سقط فى الأصل، واستلرك بالهامثى.
(2) ساقطة من ع.
(3) النسالْى، كالنكاح، بكراهية تزويج العقيم 6 / 65، 66 عق معقل بن يسار، وابن ماجه، كالنكاح، بتزويج الحرالْر والولود (1863) عق أبى هريرة.
(4) للد، مى، كالنكاح، بالنهى عق التبتل بلفظ: (إنى لم اومر برهبانية) 2 / بها1 عق سعد بن ابى وقاص.
(5) فى هامثى ع.
(4/524)
كتاب النكاح / باب استحباب النكاح...
إلخ
525
عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرخمَنِ يْنِ يَزِيدِ، قَالَ: دَخَلتُ أنَا وَعَفى عَلقَمَةُ وَالأسْوَدُ، عَلَى عَبْدِ اللهِ
الحديث.
فقال: فأغرى غائبا.
ولا تكاد العرب تغرى إلا الشاهد.
يقولون: عليك زيدمًا ودونك عمرا وعندك، ولا يقولون: عليه، إلا فى هذا الحديث.
وكذلك كلام سيبويه ومن بعده من اْلْمة هذا البيان فى هذا الباب، قالوا: دإنما يومر
بمثل هذا الحاضر والمخاطب، ولا يجوز: دونه زيدأ، ولا عليه عمرا، وأنت تريد غير المخاطب لأنه ليس بفعل.
ولا تصرف يصرفه، ولئلا يشبهوا ما لم يوجد من أمثلة الفعل بالفعل، دانما جاز فى الحاضر لما فيه من معنى الفعل ودلالة الحال، ولأنك فى الأمر للغالْب تحتاج له فعلأ اخر، كأنك قلت لحاضر: قل له أو أبلغه ليضرب زيلثا.
فضعف عندهم ما يدخله من الالتباس فى أمر واحد اْن يضمر فيه فعلين لشيئين.
ولأنه ليس للمخاطب فعل ظاهر ولا مضمر عليه دلالة بأنك امرته بتبليغ ذلك الغائب ؛ ولأن هذه الكلمات وأخواتها ليست بأفعال، ولا تصرفت تصرفاتها، دإنما هى بمنزلة الأسماَ المفردة، سميت بها الأفعال للإغراَ والتحذير، فهى فى الحاضر تدل على الفعل.
واستغنى بها عن إظهار الفعل، كما قد يستغنى أحيانا فى مجرد الاْمر والنهْى باسم المأمور به والمنهى عنه بدلالة الأحوال كقوله: لمن شام سيفأ، أو رفع سوطا زيدئا، فأغنت الحال عن قولك: اضرب.
ومثله: الطريق الطريق، الصبى الصبى، والاْسد الأسد.
أغنت الحال عن قوله: احذر، أو افسح، أو اتق.
وكذلك إذا تشكى رجل من اهتضام، فتقول: عليك الأمير، أو دونك القاضى،
دل ذلك على المراد.
واستغنيت بهذا عن قولك: اشك، أو الزم.
جاَ من هذا كله، اْن الإغراَ والتحذير والأمر والنهى بهذه الكلمات، إنما هو للحاضر لما فيها من معنى الفعل الدال عليه الحال.
فأما الغائب فلا يوجد ذلك فيه ؛ لعدم حضوره، ومعرفته بالحالة الدالة على المراد، وعدم سماعه لهذه الأوامر، لكنه يغرى به، كما يغرى بالحاضر لا أنه يغرى هو كما يغرى الحاضر ؛ لأن الإغراَ والتحذير يصح فى الحاضر لمن يغرى به، أو يحذر منه من غائب وحاضر، كما تقدم.
الغلط الثانى: عدَّ (1) جميعهم من هذا قولهم: عليه رجلأ ليْسنى.
وإن هذا من إغراَ الغائب.
قال سيبويه: وهذا قليل، سْبهوه بالفعل.
وقال السّيرافى: وإنما اْمر الغالْب بهذا الحرف على شذوذ ؛ لأنه قد جرى للمأمور ذكره، فصار كالحاصْر، واشتبه أمره أمر الحاضر.
(1) فى ق: عند.
526 (4/525)
كتاب النكاح / باب استحباب النكاح...
إلخ ابْنِ مَسْعُود.
قَالَ: وَأَنَا شَابٌ يَوْمَئذ.
فَذَكَرَ حَدِيثًا رُئِيتُ أنَّهُ حَدَث بِهِ مِنْ أجْلِى.
قَالَ.
قَالَ رَسُولُ اً دتهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِ حَلِيثِ أَبَى مُعَاوِيَةَ.
!زَادَ: قَالَ: فَلَمْ أَلبَثْ حَتَى تَزَوَّجْتُ.
(... ) حلّثنى عَثدُ اللهِ بْنُ سَعِيد الأشَجُ، حَدثنَا وَكِيع، حَدثنَا الأعْمَشُ، عَنْ عُمَارَةَ
قال القاضى: كان فى التقدير قابلا، قال له: إن فلانا يريد[ بك] (1) كذا وكذا، وينازعك فى كذا، فمَال: عليك غيرى، واْما أنا فلا أبالى به، ولست ممن أنازعه.
ولكن تعليل سيبويه وما تقدم من حاجة هذا إلى فعل آخر يبلغ الغائب هذا.
وضعفه عندهم، إذ ليس ثم ما يدل عليه يرد قوله.
والذى عندى أن هذه الكلمة، ليس المراد بها حقيقة الإغراء، دإن كانت صورته ؛ ولهذا ما استجازوه وخصوه من إغراء الغائب[ وإن كانت صورته فلهذا الغاثب] (2) ولم يرد هذا القائل تبليغ هذا الغائب، ولا أمره بالتزام غيره، وطلبه ومعاندته بما جرى ذكره من ذلك، دإنما أراد الإخبار عن نفسه بقلة مبالاته للغائب، وأنه غير متأت له منه ما يريد، وجاء بهذه الصورة التى تدل على تركه، حتى لا يصل منه إلى مراده، حتى يكون كمن اشتغل عنه بضِره.
وكثيرًا ما يستعمل الناس فى كلامهم مثله، ونحوه قولهم: إليك عنى! أى اجعل شغلك بنفسك عنى، ولم يرد أن يُغريه بنفسه ولا أمره حقيقة بالشغل بها، وإنما مراده: تنح عنى ودعنى، وكن كمن شُغل عنى.
الغلط الثالث: عدهم هذه اللفظة فى الحديث من إغراء الغائب حتى قال: قال أبوعبيد: فيه حجة لمن أجاز ذلك، وجعلها السيرافى من باب: عليه رجلا ليْسنى، على ما تقدم.
وأن ما جرى من الذكر له صار كالحاضر، فلذلك جاز.
وكان بعض من لقيناه من أئمة العربية يقول: إنما جاز هذا فى هذا الحديث ؛ لأن فى تبليغ الشاهد للغالْب ما يغنى عن إضمار فعل التبليغ للغائب المستقبح.
قال القاضى: والصواب: أنه ليس فى للط يث إغراء بغائب جملة، والكلام كله والخطاب للحضور الذين خاطبهم - عليه السلام - من الشباب، فقال: (من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم).
قالها هاهنا فى عليه ليست لغائب، وإنما هى لمن خصه من الحاضرين بعدم الاستطاعة ؛ إذ لا - بصح خطابه بكاف المخاطب ؛ لأنه لم يتعين منهم، ولإبهامه بلفظة (مَنْ)، وإن كان حاضرًا، وهذا كثير فى القرآن
(1) ساقطة من الأصل، واستدركت فى للهامث! بسهم.
(2) من ق.
(4/526)
كتاب النكاح / باب استحباب النكاح...
إلخ 527
ابْنِ عُمَيْر، عَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْد اللهِ، قَالَ: دَخَلنَا عَلَيْهِ وَأنَا أحْدَثُ القَوْأ.
بِمِثْلِ حَدِيثِهِمْ، وَلَم يَذْكُرْ: فَلَمْ ألبَثْ حَتَّى تَزَوًّ جْتُ.
والحديث والكلام.
قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا كُبَ عَلَيْكُمُ[ الْقِصَامىُ فِي الْقَتْلَى} إلى قوله: { فَمَنْ عُفيَ لَة مِنْ أَخِية شَ!ء} الاً ية (1)، وقال: لا أَيُّهَا الَذينَ آمَنوا كُعِبَ عَلَيْكُمُ] (2) الصّيَائم} إلى قوة.
{ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْر لَهُ} الآَية (3)، وقال: { وَمَن يَقْنُتْ منكُنًّ للَّه وَرَسُوله وَتَعْمَلْ صَالخا ئوتِهَا} (4).
فهذه الهاءات الضمائر كلها للحاضر / لا للغَائبَ.
َ ومثله لَوَ قلت لرجلَن: من قام الاَن منكما فله درهم.
فهذه الهاء من قام من أحد الحاضرين، وليست لغائب.
وأما حكم تبليغ الشاهد الغائب، ودخول الغائب فى خطاب الحاضر، فحكم اخر
من غير هذا الباب، وبأمر آخر غير هذا ممن حضه - عليه السلام - وأمره بتبليغ الشاهد الغائب، وقوله: (بلغوا عنى[ رحمكم الله] (ْ)، ورحم الله امرأ سمع مقالتى فوعاها) وبعموم ألفاظ الجموع وألفاظ الإبهام، على ما يتحقق فى أصول الفقه والحمد لله.
وكلام العرب فى الإغراء، قيل هذا كله.
وقوله: (فإنه لو وجاء)، قال الأمام: قال ابن ولاد وغيره: الوِجاء بكسر الواو ممدود (6) قال أبو عبيد: إذا كان الصوم يقطع النكاح.
ويقال: للعجل إذ رُضت أنثياه.
وقد وجى وجاء، قال غيره: الوجاء أن يوجى العروق والخصيتان باقيتان بحالهما.
والخصاء: شق الخصيتين واستئصالهما.
والجب: أن يحمى الشفرة ثم تستأصل بها الخصيتان.
قال القاضى: أصل الوجاء من الغمز، ومنه: وجى فى عنق فلان، إذا غمز عنقه ودفع.
ومنه: وجأه بالخنجر وشبهه وَجْأ ساكن الجيم إذا نخسه به وطعنه.
والوجْو المصدو ساكن الجيم.
وهو أيضا الزق، ومنه: الوجيه، تمر يُبل باللبئ أو السمن ويرض حتى يلزق بعضه ببعض.
ومنه أخذ الوجاء، وهو غمز الأنثيين، أو رضهما بحجر ونحوه.
قال أبو عبيد: وقد قال بعض أهل العلم: وَجاء، بفتع الواو، مقصور من الحفا، قال: والاءول أجود فى المعنى.
وقال أبو زيد: لا تقولوا: الوجاء إلا فيما لم يبرأ، وكان قريبا عهده.
فإذا برأ لم يقولوه.
قال الخطابى: وفى الحديث دليل على جواز المعاناة لقطع الباعة بالأدوية.
ودليل على
أن مقصود النكاح الوطء.
ووجوب الخيار فى العُنّه.
(1) ا لبقرة: 178.
(3) للبقرة: 83 1، 4 8 1.
(5) من ق.
(2) سقط من الأصل، واستدرك بالهاثم.
(4) 1 لأحزاب: 31.
(6) فى نسخة ع: بالمد.
1 / 232
528 (4/527)
كتاب النكاح / باب استحباب النكاح...
إلخ 5 - (1401) وحدّثني أبُو بَكْرِ بْنُ نَافِع العَبْدى، حدثنا بَهْز، حَدثنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَفَ عَنْ ثَابِمت، عَنْ أَنَسبى ؛ أن نَفَزا مِنْ أَصْحَابِ النًبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) سَألُوا أَزوَجَ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ
وذكر مسلم فى هذا الباب عن عبد الرحمن بن يزيد، [ قال] (1) دخلت اْنا وعمى علقمة والأسود على عبد الله بن مسعود - الحديث.
كذا عند شيوخنا، وهو الصواب.
وفى بعض الروايات: دخلت أنا وعماى علقمة والأسود، وهو خطأ، إنما الأسود بن يزيد ابن قيس اخو عبد الرحمن بن يزيد لا عمه، وإنما عمه علقمة بن قيس.
وقوله: (إن نفرًا من أصحاب النبى - عليه السلام - سألوا أزواج النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عن عمله فى السر) الحديث، وقوله - عليه السلام -: (ما بال أقوام قالوا كذا وكذا ؟ لكنى أصلى وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن مشتى فليس منى): يحتج به من يقول بوجوب النكاح كما تقذم.
ولا حجة له فيه ؛ إذ ذكر فى أول الحديث أن بعضهم قال: لا كل اللحمء وقال بعضهم: لا أنام على فراش، ثم قرن - عليه السلام - ذكر النكاح بابل والنوم.
وعلى جميعه رد قوله: (فمن رغب عن مشتى[ فليس منى] (2) لا على النكاح وحده.
ولا قائل يقول: بوجوب النوم على الفرش وأكل اللحم.
فرد الكلام على النكاح وحده دون قرينة ولا دليل عليه: دعوى لا يلتفت إليها، فلم يبق إلا أن معناه ما تقدم.
قال الطبرى: وفيه رد على من منع من استعمال الحلال والمباحات من الأطعمة الطيبة والملابس اللينة وآثر عليها غليظ الطعام وخشن الئياب من الصوف وغيره، د ان كان صرف فضلها فى وجوه البر ؛ لأن حياطة جسم الإنسان، وصيانة صحته بذلك، كد وأولى، واحتج بقوله تعالى: { تُلْ مَنْ حَزمَ زِينَةَ الله} الآية (3)، وقوله: { لا تحَزِمُوا طَيبَاتِ مَا أَحَل اللهُ لكُم} الاية (4).
قال القاضى: وهذا باب قد اختلف فيه السلف كثيرًا، فمنهمِ من آثر ما قال الطبرى، ومنهم من آثر ما اْنكره.
واحتج هولاء بقوله فى ذم أقوام: { أَفْ!بتمْ طَيبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكمُ الذنْيَا وَاسْتَمْيحَتم بِهَا} (5)، وقد احتج عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - بذلك.
وحجة الآخر عليهم: أن الاَية نزلت فى الكفار ؛ بدليل أول الآية واخرها.
والنبى ( صلى الله عليه وسلم ) قد أخذ بالأمرين، وشارك فى الوجهين، فَلبس مرة الصوف، والشملة الخشنة، ومرة البردة والرداء الحضرمى، وتارة كل القثاء بالرطَب وطيب الطعام إذا وجده
(1) ساقطة من ق.
(4) ا لماند ة: 87.
(2) من ق.
(5) 1 لأحقاف:
(3) 1 لأعرلف: 32.
(4/528)
كتاب النكاح / باب استحباب النكاح...
إلخ
529
عَمَلِهِ فِى السَرّ ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ أتَزَؤَجُ الئسَاءَ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ آكُلُ اللَّحْمَ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ أنَامُ عَلَى فِرَاشٍ.
فَحَمِدَ اللهَ وَأثْنَى عَلَيْه، فَقَالَ: (مَا بَالُ أقْوَام قَالُوا كَنَا وَكَنَا ؟ لَكِنِّى أ!لِّى وَأنَامُ، وَأصُومُ وَافْطِرُ، وَأَتَزَؤَجُ الَنِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُئتِى فَلَيْسَ
مِنّى).
6 - (1402) وحدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أيِى شَيْبَةَ، حَا شَا عَبْدُ الله بْنُ المُبَاركِ.
ح وَحَا شَا
أبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ - وَاللَفْظُ لَهُ - أخْبَرَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، َ عَنْ مَعْمَر عَنْ الزُّهْرىّ، عَنْ سَعيد ئن المُسَئبِ، عَنْ سَعْد بْنِ أبِى وَقَاصٍ، قَالَ: رَدَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَى عثمَانَ ابْنِ مَظعُونٍ الَتبتلَ، وَلَوْ أشَ لَهُ، لاً خْتَصَيْنَا.
7 - (... ) وحدثنى أبُو عِمْرَانَ مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ، حَدثنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْد،
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزهْرِىِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيبِ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدًا ي!قُولُ: رُدَ عَلًى
ومرة كل الخوارى، ومختلف الطعام.
كل ذلك ليدل على الرخصة بالجواز مرة، والفضل والزهد فى الدنيا وملانّ!ا أخرى.
وكان يحب الحلواء والعسل، ويقول: (حُبب إلى من دنياكم ثلاث: النساء، والطيب، وجعلت قرة عينى فى الصلاة).
وسيأتى الكلام على هذا الحديث.
وفى قوله: (ما بال أقوام قالوا كذا): فيه ما كان علحه - عليه السلام - من حسن معاشرته، واْدبه، وتركه مواجهة الناس بما يكرهون، وتسميتهم بأسمائهم على روْوس الجميع، وتوبيخهم مُعَينين، بل أبهم الأمر، وترك التعين.
وقوله: (رد على عثمان بن مظعون التبتل)، قال الإمام: التبتل: [ هو] (1) الانقطاع عن النساء، وترك النكاح[ لمن استغنى عنه إلى] (2) الانقطاع إلى الله تعالى.
ومنه الحديث: ا لا رهبانية فى الاسلام ولا تبتل) (3)، قال الليث: البتول: كل امراْة منقطعة عن الرجال، لا شهوة لها فيهم.
وقال اْحمد بن يحيى: سميت فاطمة بالبتول ؛ لانقطاعها عن نساء زمانها، وعن نساء الأمة دينا، وفضلا، وحسبَا.
قال القاضى: قال الطبرى: التبتل: هو ترك لذات الدنما وشهواتها، والانقطاع إلى
(1) ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامثى.
(2) فى ع: ثم استعير منه.
(3) جاء فى كل الخفاء قال: قال ابن حجر: لم أره بهذا اللفظ، لكن فى حديث سعد بن اْبى وقاص عند البيهقى: (إن الله أبدلنا بالرهباية الحنفية السمحة).
انظره: 2 / 528.
530
(4/529)
كتاب النكاح / باب استحباب النكاح...
إلخ
عثمَانَ بْنِ مَظعُولط التبتُلُ، وَلَوْ أفِنَ لَهُ لاَخْتَصَيْنَا.
ء، ص ير، 5، ص ص عكلص، ص، 5، ضحى ص عكلص صوت ص ه، عو
8 - (... ) حدثنا محمد بن رافِع، حدثنا حجين بن المثنى، حدثنا ليث، عن عقيل،
عَنْ ابْنِ شهَاب ؛ أئهُ قَالَ: أخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ المُسَئبِ ؛ أنَهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أبِى وَفاصٍ يَقُولُ: أَرَادَ عُثْمَانُ بْنُ مَظعُون أنْ يَتَبَتَلَ، فَنَهَاهُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم )، وَلَوْ أجَاز لَهُ فَلكَ، لاَخْتَصينَا.
ًَ
الله بالتفرغ لعبادته.
ومنه قيل لمريم: البتول ؛ لانقطاعها إلى الله بالخدمة.
ومنه قولهم: صدقة بتلة، أى منقطعة عن مالكها.
قال غيره: التبتل حرام.
يعنى عن النساء.
ومن الناس من يكون أصلح لدينه وأما الاختصاء فلا يحل أصلا.(4/530)
كتاب النكاح / باب ندب من رأى امرأة فوقعت فى نفسه...
إلخ 531
(2) باب ندب من رأى امرأة، فوقعت فى نفسه
إلى أن يأتى امرأته أو جاريته فيواقعها
9 - (1403) حئثناعَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ، حَدثنَا عبدُ الأعْلَى، حَا شَا هِشَامُ بْنُ أبِى عَبْدِ اللّهِ،
عَنْ أبِى الزبيْرِ، عَنْ جَابِر ؛ أن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) رَأى امْرَأة، فَا"تَى امْرَأتَهُ زَيْنَبَ، وَهِىَ تَمْعَسُ مَنيئَة لَهَا، فَقَضَى حَاجَتَهُ.
ثُمَ خَرَجَ إِلَى أَ!حَابِه فَقَالَ: (إِن المَرْأةَ تُقْبلُ فِى صُورَة شَيطَالط، وتُدْبِرُ فِى صُورَةِ شَيْطَالط، فَإِفَا إد صَرَ أحَدُكُمُ امْرَأة فَلإث أهْلَ! فَإِن ذَلِكَ يَرُدُ مَاَ فِى نَفْسِهِ).
(... ) حَدثنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حدثنا عَبْدُ الضَمَدِ بْنُ عَبْد الوَارث، حَا شَا حَرْبُ بْنُ
أَبِى العَالِيَةِ، حَدىتمنَا أبُو الزبيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ؛ أن الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) َ رَأَى امْرَأة.
فَذَكَرَ
وقوله: (تمعس منيئة)، قال الأمام: أى تدبغ.
وأصل المعس: الدلك، يقال
منه: معسه يمعسه معسا.
والمنيئة: الجلد أول ما يدبغ.
قال الكسائى /: يسمى منيئة، ما دام فى الدباغ.
قال أبو عبيد: اسمه أول ما يدبغ منيئة على وزن فعيلة.
ثم هو أفِيق وجمعه افَق، ثم يكون أديمًا.
قال القاضى: هذا صواب الرواية، ووقع عند بعضهم فيه تصحيف لا يلتفت إليه،
ولم تثبت روايته.
وقوله - عليه السلام -: الإن المرأة تقبل فى صورة شيطان وتدبر فى صورة شيطان): معناه: الإشارة إلى الهوى والدعْوى إلى الفتنة بحالها.
وما جعل الله فى طباع الرجال من الميل إليها، كما يدعو الشيطان بوسوسته دإغوائه لذلك، وتزيينه.
وقوله: (فإذا أبصر أحدكم امرأة)، وفى الحديث الآخر: (فأعجبته ووقعت[ فى] (1) قلبه، فليأت أهله، فإن ذلك يردّ ما فى نفسه): نئه - عليه السلام - لدواَ ذلك الداَ المحرك للشهوة للنساء يُطفئها بالمواقعة، داراقة ما تحرك من الماء، فتسكن الشهوة، وتذهب ما فى النفس.
ولا يظن بفعل النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ذلك مع زينب، حيئ رأى المرأة، أنه وقع فى نفسه مما رآه شىء، وقالت نفسه، فهو منزه - عليه السلام - عن ذلك، لكنه فعل ذلك
(1) ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامش.
232 / ب
532
(4/531)
كتاب النكاح / باب ندب من رأى امرأة فوقعت فى نفسه...
إلخ
بِمثْلِه، غَيْرَ أنَّهُ قَالَ: فَا"تَى امْرَأتَهُ زَبْنَبَ وَهِىَ تَمْعَسُ مَنِيئَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ: تُلْبِرُ فِى صُورَةِ شميطَالَط.
10 - (... ) ود دّثنى سَلَمَة بْنُ شَبِيب، حَدثنَا الحَسَنُ بْنُ أعْيَنَ، حَا شَا مَعْقِلٌ، عَنْ
أبِى الزدبيْرِ، قَالَ: قَالَ جَابِرٌ: سَمِعْتُ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (إِذَا أحَدُكُمْ أعْجَبَتْهُ المَرْأةُ، فَوَقَعَتْ فِى قَلبِهِ، فَليَعْمِدْ إِلَى امْرَأتِهِ فَليُوَاقِعْهَا، فَإِن فَلِكَ يَرُدُّ مَا فِى نَفْسِهِ لما.
ليقتدى به فى الفعل، ويمتثل أمره بالقول.
وقد يكون - عليه السلام - عند رؤية شخص ظاهر الحسن يذكر من عنده به، فذهب فقضى حاجته منه.
(4/532)
كتاب النكاح / باب نكاح المتعة...
إلخ
533
(3) باب نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ، ثم أبيح
ثم نسخ، واستقر تحريمه إلى يوم القيامة
11 - (1404) حدثنا مُحَمَدُ بْنُ عَبْد اللهِ بْنِ نُمَيْر الهَمْدَانِى، حدثنا أَبِى وَوَكِيع وَائنُ بشْر، عَنْ إِسْمَاعيلَ، عَنْ قيسبى، قَالَ: َ سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ يَقُولُ: كُنَا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، لَيْسَ لَنَا نِسَا كل.
فَقُلنَا: ألاَ نَسْتَخْصِى ؟ فَنَهَانَا عَنْ فَلِكَ، ثُمَ رَخصَ لَنَا أنْ نَنْكِحَ المًرْأةَ بالثوْبِ إِلَى أجَل.
ثُمَ قَرَأَ عَبْدُ الله: { يَا أَئهَا ا النِينَ آمَئوا لا تُحَزِئوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَل اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إن اللُّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (1).
(... ) وحقثنا عثمَانُ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَا لنَا جَرِيركل، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ئنِ أبِى خَالِدٍ، بِهَنَا الاِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
وَقَالَ: ثُمَ قَرَأ عَلَيْنَا هَنِهِ الآيَةَ.
وَلَمَ يَقُلْ: قَرَأ عَبْدُ اللّهِ.
12 - (... ) وحدتمنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا وَكِيع، عَنْ إِسْمَاعيلَ، بِهَنَا الاِسْنَاهـ قَالَ: كنَا، وَنَحْنُ شَبَاب"، فَقُلنَا: يَا رَسُولَ اللّهِ، ألاَ نَسْتَخْصِى ؟ وَلَمْ يَقُلْ: نَغْزُو.
13 - (1405) وحدثنا مُحَمَدُ بْنُ مشَار، حدثنا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَر، حَدثنَا شُغبَةُ،
وقوله: (قلنا: ألا تستخصى فنهانا - عليه السلام - عن ذلكأ: [ فيه ما تقدم من التهى عن الخصاَ والتبتل والانقطاع عن النكاح، وترك النسل الذى حض - عليه السلام - على تكثيره، دابطال الحكمة فى خلق ذلك العضو، وتركيب ال!ثمهوة فيه لبقاَ النسل، وعمارة الأرض، وذرء عباد الله فيها لييلوا كيف يعملون، وليعبدوه جل اسمه، وتغيير خلق[ عباد] (2) الله، وافساد خاصية الذكورية] (3).
وقوله: (ثم رخص لنا أن تنكح الموأة بالثوب إلى أجل)، قال الإمام: ثبت أن نكاح المتعة كان جائرأ فى أول الإسلام، ثم ثبت أنه نسخ بما ذكر من الأحاديث فى هذا الكتاب وفى غيره، وتقرر الإجماع على منعه، ولم يخالف فيه إلا طائفة من المبتدعة، وتعلقوا بالأحاديث الواردة فى ذلك، وقد ذكرنا أنها منسوخة، وبالحديث الذى فيه: (نهى عمر - رضى الله عنه - عن المتمتعين) الحديث.
ويحمل فلك على أن من خاطبه عمر قد خفى عنه النسخ، وأن عمر نهى عن ذلك تأكيذا لاعلانا بنسخه.
وقد يتعلق
(1) ا لما ند ة: 87.
(2) من ق.
(3) سقط من اثر لم.
534
(4/533)
كتاب النكاح / باب نكاح المتعة...
إلخ
عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ.
قَالَ: سَمعْتُ الحَسَنَ بْنَ مُحَمَد يُحَدِّثُ عَنْ جَابِر بْنِ عَبْد اللّه وَسَلَمَةَ اثنِ اكْوَع، قَالا: خَرَجَ عَلَيْنًا مُنَادى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَقَالَ: إِن رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَدْ أذنَ لَكُمْ أنْ تَسْتَمْتِعُوا - يَعْنِى متعَةَ النِّسَاءَ.
14 - (... ) وحدّثنى أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ العَيْشِى، حَدهَّلنَا يَزِيدُ - يَعْنِى ابْنَ زُرَيع - حدثنا رَوْح - يَعْنِى ابْنَ القَاسِم - عَنْ عَمْرِو بْنِ دينَارٍ، عَنِ الحَسَنِ بْن مُحَمَد، عَنْ سَلَمَةَ ابْنِ اكْوعَ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ؛ أن رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ أتَانَا، فَاثِنَ لَنَا فِى المتعَةِ.
15 - (... ) وحدّثنا الحَسَنُ الحُلوَانِى، حَد!شَا عَبْدُ الرراقِ، أخْبَرَنَا ابْنُ جُرئجٍ، قَالَ:
تَالَ عَطَاء": قَدمَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ الثهِ مُعْتَمِرًا، فَجِئْنَاهُ، فِى مَنْزِلِه، فَسَألَهُ القَوْمُ عَنْ أشْيَاءَ.
ثُمَ ذَكَرُوا المتعَةَ.
َ فَقَالَ: نَعَم.
اسْتَمْتَعْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَأبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ.
16 - (... ) حدّثنى مُحَمَدُ بْنُ رَافِعٍ، حدثنا عَبْدُ الرَرأقِ، أخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أخْبَرَنِى أبُوالزبيْرِ، قَالَ: لسَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْد اللهِ يَقُولُ: كُئا نَسْتَمْتِعُ بِالقبضَةِ مِنَ التَمْرِ وَالدَقيقِ الأيَّامَ، عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ وَأبِى بَكْرٍ، حَتَى نَهَى عَنْهُ عُمَرُ، فِى شَأنِ عَمْرِو بْنِ حُريث.
17 - (... ) حدئنا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ البَكْرَاوِىُّ، حَدعلنَا عَبْدُ الوَاحِدِ - يَعْنِى ابْنَ زِيَادٍ -
عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أرى نَضْرَةَ، قَالَ: كنتُ عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ.
فَأتَاهُ اَت فَقَالَ: ابْنُ عَئاسٍ وَابْن الزبيْرِ اخْتَلَفَا فِى المتعَتَيْنِ.
فَقَالَ جَابِر": فَعَلنَاهُمَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، ثُمَ نَهَانَا عَنْهُمَا عُمَرُ، فَلَمْ نَعُدْلَهُمَا.
بقوله سبحانه: { فَمَا اسْتَمتعْتُم بِهِ مِنْفن فَماتوهُنَّ أخورَهًن} الاَدة (1).
وقص ذلك !ر!ا على النكاح الجائز الموكد.
قالوا: وقرأ ابن مسعود هذه الآية (فما استمتعتم به منهن إلى أجل) وقراءة ابن مسعود هذه الاَية، ليست عندنا بحجة ؛ لأنها من طريق الآحاد، والقراق لا يثبت بخبر الواحد، ولا يلزم العمل بخبر الواحد فى مثل هذا المنقول على أنه قرآن على الصحيح من القول فى ذلك، وذهب زُفر إلَى أنَ من نكح نكاح متعة، فإن
(1)1 لنساَ: 24.
(4/534)
كتاب النكاح / باب نكاح المتعة...
إلخ
535
18 - (... ) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدذَلنَا عَبْدُ
النكاح يتأبد.
قال الإمام: وما أراه ذهب فى هذا[ إلا] (1) إلى اْن ذلك من باب الشروط الفاسدة إذا قارنت النكاح، فإنها تبطل، ويمضى النكاح.
فكان حكم الشرع التأبيد فى النكاح، واشتراط هذا التأجيل فيه خلاف حكم الشرع، فبطل ذلك الشرط، ومضى النكاح على حكم الشرع.
واختلفت الرواية فى كتاب مسلم، فى النهى عن المتعة، ففيه أنه ( صلى الله عليه وسلم ) نهى عن ذلك
يوم فتح مكة.
[ وقيل] (2): إنه نهى عن ذلك يوم خيبر (3).
فمان تعلق بهذا من أجاز المتعة، وزعم اْن هذا الخلاف يقدح فى الأحاديث الناسخة ؛ لأنه يراه تناقضًا.
قلنا: هذا خطأ، وليس بتناقف ؛ لأنه يصح أن ينهى عن ذلك فى زمان، ثم ينهى عنه فى زمان آخر تكيدا وإشهازا، فيسمع بعض الرواة نهيه فى زمان، ويسمع اخرون نهيه ذلك فى زمان اخر، فينقل كل فريق منهم ما سمعه، ولا يكون فى ذلك تكاذب ولا تناقف.
قال القاضى: روى حديث إباحة المتعة جماعة من الصحابة، فذكر مسلم منهم ابن مسعود، وابن عباس، وسلمة بن الاكوع، وجابر بن عبد الله، وسبرة بن معبد الجهنى، وليس فى هذه الآثار كلها أنها كانت فى الإقامة، وإنما جاءت فى مغازيهم، وعند - ضروراتهم فى اْسفارهم، وعدم النساء وبلادهم حارة، وصبرهم عنهن قليل.
وقد ذكر فى حديث ابن أبى عمرة أنها كانت رخصة فى أول الإسلام لمن اضطر إليها،
كالميتة والدم ولحم الخنزير ونحوه من ابن عباس.
وذكر فى حديث مسلم من رواية سلمة بن الاكوع إباحتها فى يوم اْوطاس.
ومن رواية سبرة الجهنى إباحتها يوم الفتح، وهما واحد، ثم تحريمها حيمئذ.
وفى حديثهما ومن رواية علىّ تحريمها يوم خيبر.
وهو قبل الفتح.
وذكر غير مسلم عن على نهيه - عليه السلام - عنها فى غزوة تبوك من رواية إسحق
ابن راشد عن الزهرى عن عبد الله بن محمد بن على عن أبيه عن على - رضى الله عنه.
ولم يتابعه أحد على هذا وهو غلط منه وهذا الحديث رواه مالك فى الموطأ (4)، وسفيان بن عيينة، والعمرى، ويونس وغيرهم عن الزهرى عن الحسن وعبد الله ابنى محمد بن على، وفيه يوم خيبر (ْ) وكذلك ذكره مسلم عن جماعة عن الزهرى، وهذا هو الصحيح.
وقد
(1) صاقطة من الأصل، واستدركت فى الهامثى بسهم.
(2) من ع، وفى نسخ المال: وفيه.
(3) حديث رقم (30) بالباب.
(4) الموطأ، كالنكد، بنكاح المتعة 2 / 542 (41).
(5) الترمذى، كالنكد، بما جاء فى تحريم نكاح المتعة (1121).
ثم1 / 2(4/535)
536 كثاب النكاح / باب نكاح المتعة...
إلخ الوَاحد بْنُ زِيَاد، حَدثنَا أبُو عُميسىِ، عَيط إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أبيه، قَالَ: رَخصَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، عَامَ أؤَطَاس، فِى المتعَةِ ثَلاَثأ.
ثُمَ نَهَى عَنْهَا.
روى اْبو داود فى حديث الربيع بن سبرة عن اْبيه النهى عنها فى حجة الودلة، وقال أبو داود: وهذا أصح ما روى فى ذلك (1)، وقد روى عن سبرة - أيضا - إباحة ذلك فى حجة الودلة.
وقصته وقصة صاحبه والبردين التى ذكر مسدم حيمئذ، ثم نهى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أعنها] (2) حيمئذ إلى يوم القيامة، وروى عن الحسن البصرى اْيضًا: ما حلت قط إلا فى عمرة القضاء.
وروى هذا / عن سَبَرة الجهنى أيضًا.
ولم يذكر مسلم فى حديث سبرة تعييئ وقت إلا فى حديث اْحمد بن سعيد الدارمى وحديث إسحق بن إبراهيم.
وحديث يحيى بنيحيى، فإنه ذكر فيه عام فتح مكة.
هّالوا: وذكر الرواية بإباحتها فى حجة الودلة خطا ؛ لاْنه دم يكن ثم ضرورة ولا غربة، وكثر!م حجوا بنسانهم.
والصحيح فيها مجرد النهى، كما جاء فى غير رواية، ويكون تحديد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) النهى
عنها يومئذ لاجتماع الناس وثبليغ الشاهد الغائب، وإتمام الدين وتقرير الشويعة كما قرر غير شىء، وبين حله وحرامه، وبست تحريم المتعة حشئذ بمّوله: (إلى يوم القيامة)، وعلى هذا يحمل ما جاء فى تحريم المتعة يوم خيبر فى عمره القضاء يوم أوطاص ويوم الفتح وهو بمعنى يوم أوطاس ؛ إذ هى غزوة متصلة واحدة، وأنه جدد النهى عنها فى هذه المواطن، إذ حديث تحريمها يوم خيبر صحيح لا مدفع فيه من رواية الثقات الأثبات عن ابن ضمهاب لكن فى رواية سفيان عنه: (نهى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر) فتأول بعضهم بأن الكلام منقطع، وأن يوم خيبر مختص بثحريم الحمر الأهلية، وأرسل تحريم المتعة على غيرها ليوافق بين الأحاديث.
وقال هولاء: الاْشبه فى تحريم المتعة أنه كان بمكة، واْما لحوم الحُمر الاْهلية فبخيبر بغير خلاف، وهذا حسن لو ساعدته سائر الروايات عن غير سفيان.
والأولى ما قلناه وتقدم من تكرير التحريم، لكن يبقى بعد هذا ما جاء فى ذكر إباحته
فى عمرة القضاء، ويوم أوطاس ويوم الفتح، فيحمل أنه - عليه السلام - أباحه لهم للضرورة بعد التحريم، ثم أطلق عريمه بعد للأبد بقوله: (من يومكم هدا إلى يوم الق!امقا، فيكون التحريم أولا بعد الإباحة للضرورة عند ارلّفاعه بخيبر وعمرة القضاء، ثم
(1) ئبو داوفى، كالنكاح، بفى نكاح المتعة (2072).
(2) صاقطة من الأصل، ولمتدركت بالهان!.(4/536)
كتاب النكاح / باب نكاح المتعة...
إلخ
537
19 - (1406) وحدئنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا لَيْ!ث، عَنِ الرئيع بْنِ سَبْرَةَ الجُهَنِىِّ،
عَنْ أبِيهِ سمبرَةَ ؛ أنَّهُ قَالَ: أفِنَ لَنَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بِالمتعَةِ، فَانْطَلَقْتُ أنَا وَوَبْئ إِلَى امْرَأةٍ مِيق بَنِى علَمِوٍ، كَانهَا بمْغ عيطَاءُ.
فَعَرَضْنَا عَلَيهَا انفُسَنَا.
فَقَالَتْ: مَا تُعْطِى ؟ فَقُلتُ: رِ!ائِى.
تأبيد التحريم بمكة فى الفتح وحجة الود 3، وتترك الرواية بتحليلها فى حجة الوادع، إذ هى مروية عن سبرة الجهنى.
وروايات الاثبات عنه أنها فى يوم الفتح، ومجرد النهى يوم حجة الودل، فيوخذ من حديثه ما اتفى عليه الجمهور، ووافقه عليه غيره من الصحابة من " النص عنها قبل الفتح، وبترك ما انفرد به من روى عنه تحليلها يوم حجة الود 3، ويصحح رواية من روى عنه مجرد النص فى حجة الود 3 تثيمًا لابلاغًا.
وأما قول الحسن: إنها كانت فى عمرة القضاَ لا قبل ولا بعد، فبرده ثبات حديث
خيبر وهى قبلها وما جاء فى إباحتها فى أحاديث يوم الفتح وأوطامى، مع أن الرواية بهذا إنم الاعى عن سَبْرَةَ وهو راوي الروايات الأخر وهى أصعح، فيترك ما خالف الصحيح.
وقد قال بعضهم: هذا مما تداوله التحريم والاباحة والفسخ مرتين كما قيل فى مسألة القبلة.
ولا خلاف بين العلماء أن هذه المتعة كانت نكاخا إلى أجل لا ميواث فيه، وفراق!ا بانقضاء الأجل من غير طلاق، ووقع الاجماع على محويمها بعد مق جميع العلماَء إلا الرواف!ض.
والفق السلف على تحريمها آخرا إلا ما روى عن ابن عبامى من إجازلً!ا، وقد روى عنه أنه رجع عن ذللظ، وأجمعوأ على أنه متى وقع نكاح المتعة الآن أنه يفسخ أبدئا قبل الدخول وبعده، إلا ما لْقدم عن زفرء
واختلف كبواء أصحاب ماللظ، هل يحد فدله إذا دخل حد البكر والمحئ أولا حد عليهء لشبهة العقد، وللخلاف المتقدم فيه، وأنه ليست من تحريم القران ولكنه يعاقب عقربة شديدة، وهذا المروى عن مالك واصل هذا عند بعض شيوخنا التفريق بين ما حرممًه للسنة) وحرمه القر2 ن، وأيفئا ف اللاف بين الأصوليين، هل يصع الاجماع على أحد القولن بعد الاجماع لم لا ينعقد ؟ وحكم الخلات باق، وهذا مذهب القاضى أبى بكر، وهذا على القول بعدم الممحة عند رحرلح ابن عبامى عنه، ولما على ما روى من رجوعه، فقد إنقطع اللاف جملة.
وكلهم مجمعرن أنه إن نكح نكاحَا ماللفا لكن فى نيته ألا يمكثط معها إلا مدة نواها،
فيفي للتكاح جائز وليست نكاح متعة، وإنما نكاح المتعة ما وقع بالشوط للذكور، لكن مالكا قال: ليمس هذا من الجميل، ولا من لخلاص الناس.
وشذ الأوزاعى فمًال ة هو نكاح متعة لاخيرفيه.
538(4/537)
كتاب النكاح / باب نكاح المتعة...
إلخ
وَقَالَ ! احِبِى: رِدَائِى.
وَكَانَ رِدَاءُ! احِبِى أجْوَدَ منْ رِ!ائِى، وَكنتُ أشَبَّ مِنْهُ، فَإِذَا نَظَرَتْ إِلَى رِدَاء!احِبِى أعْجَبَهَا، وَإِذَا نَظَرَتْ إِلَىَّ أَعْجَبْتُهَا.
ثُمَ قَالَتْ: أنْتَ وَرِ!اؤكُ يَكْفِينِى.
فَمَكَثْتُ مَعَهَا ثَلاَنأ، ثُمَّ إِن رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنْ كَانَ عنْدَهُ شَىء!مِنْ هَنه الشَاءِائَتِى يَتَمَتَعُ، فَليُخَلِّ سَبِيِلَهَا لما.
ً
20 - (... ) حدثنا أبُو كَامِل فَضَيْلُ بْنُ حُسَيْن الجَحْدَرِىو، حَا شَا بِشْز - يَعْنى ابْنَ مُفَضل - حَدثنَا عُمَارَةُ بْنُ غَزِئةَ، عَنِ الرئيع بْنِ سَبْرَةَ ؛ أن أبَاهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَتْحَ مَكَةَ.
قَالَ: فَا"قَمْنَا بِهَا خَمْسَ عَشْرَةَ - ثَلاَلينَ بَيْنَ لَيْلَة وَيَوْبم - فَاكلنَ لَنَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى متعَة النِّسَاءٍ، فَخَرَجْتُ أنَا وَرَجُل منْ قَوْمِى، وَلِى عَلَمةِ فَضْل فِى اَلجَمَالِ، وَهُوَ قَرِيب!منَ الدَمًامَةِ، معَ كلِّ وَاحِد مِئا بُرْد!.
فَبرْسِ خَلَق، وَأمَّا بُرْدُ ابْنِ عَمِّى فَبُرد!جَدي الغَض!، حَتًى إِذَا كُئا بِا"سْفَلِ مَكَةَ أو با"عْلاَهَا فَتَلَقَّتْنَا فَتَاه!مِثْلُ البكْرَة العنَطنطَة.
فَقُكَ: هَلً لَك أنْ يَسْتَمْتِعَ مِنْك أحَدُنَا ؟ قَالَتَْ: وَمَاذَا تَبْذُلاَن ؟ فَنَشَرَ كُلُّ وَاحِد مِئا بُرْدَهُ.
فَجَعَلَت تَنْظُرُ إِلَى الرخلَيْنِ، وَيَرَاهَا صَاحِبِى تَنْظُرُ إِلَى عَطفِهَا.
فَقَالَ: إِنَّ بُرْدَ هَنَا خَلَق وَبُرْدى جَلِيد غَض فَتَقُولُ: بُرْدُ هَنَا لاَ بَأسَ بِهِ، ثَلاَثَ مِرَار أوْ مَر"لَيْنِ.
ثُمَ اسْتَمْتَعْتُ مِنْهَا، فًلَمْ أخْرُجْ حَتَّى
وقوله - عليه السلام -: (من كان عنده منهن شىء، فليخل سبيلها): يرد على
زفر فى قوله: يبطل الشرط ويصح النكاح.
وقوله - عليه السلام -: (ولا تأخذوا مما اتيتموهن شيثًا): دليل على أن فى ذلك المسمى لا صداق المثل، وهو قولنا.
وهو أصل فى كل نكاح فسخ لفساد عقده وتحريمه.
وقوله: (كأنها بكْرة عَيْطَاء)[ بالعين والطاء المهملتن، وبينهما ياء باثنتين تحتها: البكرة: الفتية] (1) من الإبل.
قال الإمام: العيطاء: الطويلة العنق باعتدال.
قال أبو عبيد فى مصنفه: هى العيطاء والعنقاء والعطيول، قال غيره: هى العنطنطة[ أيضًا.
قال أبو عبيد: والعنطنطة] (2): الطويلة، ولم يذكر العنق.
قال القاضى: قال صاحب العين: العُنطنطة: الطويلة العنق مع حسن قوام.
والعنط: طوال العنق.
وقال الهروى: العيطاء: الطويلة العنق فى اعتدال، وهى العنطنطة أيضًا.
(1) سقط من ع.
(2) سقط من نسخ المال، والمثبت من ع.(4/538)
كتاب النكاح / باب نكاح المتعة...
إلخ
539
حَرفًهَا رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
(... ) وحدئمنى أحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ صَخْر الدَّارِمِىُّ، حدثنا ئبُو الئعْمَانِ، حدثنا وَهَيْمب، حَدثنَا عُمَارَةُ بْنُ غَزِئةَ، حَدثنِى الرَّبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ الجُهَنِى عَنْ أبِيه، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَامَ الفَتْح إِلَى مَكَةَ.
فَذَكَر بِمِثْلِ حَدِبثِ بِشْرٍ.
وَزَادً: قَالَتْ: وَهَلْ يَصْلُحُ فاكَ ؟ وَفِيهِ: قَالَ: إِنَ بُرْدَ هَنَا خَلَق مَح.
21 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد اللهِ بْن نُمَيْر، حَدهَّشَا أِبِى، حَدثنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عُمَرَ، حَدثنِى الرَّبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ الجُهَنِى ؛ َ أنَ أبَاهوَرحَد!ص ؛ أنَّهُ كَان مَعَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنّى قَدْ كنتُ أفِنْتُ لَكُمْ فِى الاسْتمْنَاع مِنَ النَّسَاء، ! اِنّ الثهَ قَدْ حَرَّمَ فَلِكَ إِلَى يَوْم القِيَامَةِ، فَمَنْ كَانَءِنْدَهُ مِنْهُنَّ شَىء!فًليُخًلِّ سَبِيلَهُ، وَلَاَ تَأخُنُوا مِمَّا آنَيْتُمُوهُنَّ ش!يئا).
(... ) وحدثناه أبُو بَكْرِ بْنُ أن شَيْبَةَ، حَدهَّشَاءَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ عُمَرَ، بِهَذَا الإِسْنَادٍ، قَالَ: رَإدتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَائِفا بَينَ الرُّكْنِ وَالبَابِ، وَهُوَ يَقُولُ.
بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ نُميْرٍ.
22 - (... ) حدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ، أخْبَرَنَا يحيى بْنُ اَلَمَ، حَدثنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْد،
عَنْ عَبْد المَلِكِ بْنِ الرَّبِيع بْنِ سَبْرَةَ الجُهَنِىّ، عَنْ أبِيه، عَن جَدِّهِ قَالَ: أمَرَنَا رَسُولُ ألتهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بِالمتَعَةِ عَامَ الفقح، حِينَ دَخَلنَا مَكَّةَ، ثُمَّ لَمْ نَخْرُجْ مَنْهَا حتى نَهَانَا عَنْهَا.
23 - (... ) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ الرَّبِيع بْنِ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبِى، رَبِيعَ بْنَ سَبْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَد ؛ أنَّ نَبِىَّ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَامَ فَتْح مَكَّةَ أمَرَ أَصْحَابَهُ بِالتَمَتّعِ مِنَ النِّسَاءِ.
قَالَ: فَخَرَجْتُ أنَا وَضَاحِحب لِى مِنْ بَنِى سُلَيْم، حَتَى وَجَدْنَا جَارِيَة مِنْ بنِى عَامِرٍ، كَانهَا بَكْرَة!عَيْطَاءُ، فَخَطبْنَاهَا إِلَى نَفْسِهَا، وَعَرَضْنَا عَلَيْهَا بُرْدَيْنَا، فَجَعَلَتْ تَنْظُرُ فَتَرَانى أجْمَلَ مِنْ صَاحِبِى، وَتَرَى بُرْدَ صَاحبِى أحْسَنَ مِنْ بُرْدِى، فامَرَتْ نَفْسَهَا سَاعَة، ثًُاخْتَارَتْنِى عَلَى صَاحِبِى، فَكُنَّ مَعَنَا ثَلاَلأ، ثُمَّ
وقوله: (بُرْدُ هذا خَلَق مَحّ) بفتح الميم وتشديد الحاء المهملة، قال الإمام: يقال:
مهم 2 / ب
540(4/539)
كتاب النكاح / باب نكاح المتعة...
إلخ
أمَرَنَا رَسُول" ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) بِفِوَاقِهِنث -
24 - (... ) حدّثنا عَمْروالنَّاقِدُ وَابْنُ نُمَيْر، قَالا: حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنِ الرئيع بْنِ س!برَةَ، عَنْ أبِيهِ ؛ أن النبِى" ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنْ نِكَاح المتعَةِ.
25 - (... ) وحدّثنا أبُو بَكْر بْنُ ألِى شَيْبَةَ، حَدثنَا ابْنُ عُلَئةَ، عَنْ مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِىّ،
عَنِ الرئيع بْنِ ستئرَةَ، عَنْ أبِيهِ ؛ أن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَ!ى يَؤمَ الفتع عَنْ متعَةِ النَسَاءِ.
26 - (... ) وَحَدثنِيه حَسَن الحُلوَانِى وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْد، حَدثنَا ألِرو عَنْ صَالِح، أخْبَرَنَا ابْنُ شهَاب، عَنِ الرئيع بْنِ س!برَةَ الجُهَنِىَِّ، عَنْ أبِيه ؛ أنَهُ أخْبَرَهُ ؛ أن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنِ المتعَةِ زَفَانَ الفَتْح - متعَةِ النّسَاءِ - وَأن أبَاهُ كَانً تَمَئعَ بِبُرْدَيْنِ أحْمَرينِ.
27 - (... ) وحدثنى حَرْمَلَةُ بْنُيحيى، أخْبَرنا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ، قَالَ ابْنُ شِهَاب: أخْبَرَنِى عُرْوَةَ بْنُ الزبيْرِ ؛ إنى عَبْدَ الله بْنَ الزبيْرِ قَام بِمَكَةَ فَقَالَ: إِن نَاسئا أعْمَى اللّهُ قُلُوبَهُمْ، كَمَا أعْمَى أبْصَارَهُمْ، يُفْتُونَ بالَمتعَة - يُعَرِّضُ بِرَجُل.
فَنَاداهُ فَقَالَ: إِنَكَ لَجلفٌ جَاف، فَلَعَمْرى لَقَدْ كَانَت المتعَةُ تُفْعَلُ عًلَى عَهْد إمَامَ المتفينَ - ئريدُ رَيعمولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) - فَقَال له ابْن الزبيْرِ: فجرّبْ بِنفْسِك.
فوالله، لَئِنْ فَعَلتَهَا لأرْجُمنكَ بِأحْجَارِك.
مح الكتاب وأمح إذا درس.
قال ابن القوطية: ومغ الثوب وأمح إذا بلى.
وأنشد غيره لقيس بن ذريح:
/ تلوح مغانيهابحجركأنها رداءيمان قدأمح عتيق
قال القاضى: وقع فى تفسير الحرف فى أصل مسلم من روايتنا عن العذرى وابن سعيد: أى بان به.
وقوله: (إن ناسًا أعمى الله قلوبهم كما أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة): إنما عرض
بابن محباس.
وقوله: (إنك لجلف جاف)، قال الإمام: قال ابن السكيت: الجلف: هو الجافى.
قال غيره: وجاز تكرار المعنى لاختلاف اللفظ.
وقد تقدم نظير هذا، قال الهروى: أصل الجلف: الشماة المسلوخة بلا راْس ولا قوائم، ويقال للئن أيضًا: جلف، ويثبه الرجل الأحمق بها لضعف عقله، والجافى، الغليظ، وفى حديث عمر: الا تزهدن فى جفا(4/540)
كتاب النكاح / باب نكاح المتعة...
إلخ
541
قَالَ ابْنُ ش!هَاب: فَا"خْبَرَنِى خَالد بْنُ المُهَاجِرِ بْنِ سَيْفِ اللهِ ؛ أنَهُ بَيْنَا هُوَ جَالس!عنْدَ رَجُل جَاءَهُ رَجُل فَاستَفْتَاهُ فِى المتعَةِ، فَافَرَهُ بِهَا.
فَقَالَ لَهُ ابْنُ أبِى عَمْرَةَ الأنصَارِى: مَهْلَاً.
قَالَ: مَا هِىَ ؟ وَاللهِ، لَقَدْ فُعِلَتْ فِى عَهْدِ إِمَام المُتَّقِينَ.
قَالَ ابْنُ أبِى عَمْرَةَ: إِنَّهَا كَانَتْ رُخْصَة فِى أوَّلِ الإِسْلامَ لِمَنِ اضْطُرَّ إِلَيْهَا، كَالمَيْتَةِ وَاللَئم وَلَحْ! الخِنْزِيرِ، ثُمَ أحكَمَ اللهُ الدّينَ وَنَهَى عَنْهَا.
قَالَ ابْنُ شِهَاب: وأخْبَرَنِى رَبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ الجُهَنىُّ ؛ أن أبَاهُ قَالَ: قَدْ كُنْتُ اسْتَمْتَعْتُ
فِى عَهْد رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) امْرَأة مِنْ بَنِى عَامِر، ببُرْ! يْنِ أَحْمَرَيْنِ، ثُمَّ نَهَانَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَنِ المتعَة.
ًًََ
قًالَ ابْنُ ش!هَابٍ: وَسَمِعْتُ رَبِيعَ بْنَ سَبْرَةَ يَحَذَثُ ذَلِكَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ، وَأنَا جَالِس!.
28 - (.
،.
) ود دّثنى سَلَمَةُ بْنُ شَبِيب، حَدثنَا الحَسَنُ بْنُ أعْيَنَ، حَا شَا مَعْقل، عَنِ
ابْنِ أن عَبْلَضَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْد العَزِيزِ، قَالً: حَدعشَا الرئيعُ بْنُ سَبْرَةَ الجُهَنِىُّ عَنْ أَبِيه ؛ أن رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنِ المتعَةَ.
وَقَالَ: (الا إِنَهَا حَرَام مِنْ يَوْمِكُمْ هَنَا إِلَى يَوْم القَيَامَقِ! وَمَنْ كَانَ أَعْطَى ش!يئا فَلاَ يَأ!نْهُ).
" 29 - (1407) حدئنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِك، عَنِ ابْنِ ش!هَابٍ عَنْ عَبْد اللهِ وَالحَسَن ابْنَىْ مُحَمَدِ بْنِ عَلِىٍّ، عَنْ أبيهمَا، عَنْ عَلِىّ بْنِ أً بِى طَالِبٍ ؛ أن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنْ متَعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ ثلِ لُحُوم الحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ.
(... ) وحدئناه عبد اللهِ بْنُ مُحَمَدِ بْنِ أسْمَاءَ الضبعِىُّ، حَدثنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ مَالِكٍ،
الحقو): أى فى تغليظ الازار.
وقال الهروى فى تفسير صفته - عليه السلام -: ليس بالجافى، ولا المهن: أى الغليظ الخلقة، ولا المحتقر، ويقال: ليس هو بالذى يجفو أصحابه ويهينهم.
قال غيره: والجافى فى غير هذا من صفات الأسد، كما قال ابن خالويه فى كتاب الأسد.
قال غيره: والجفا من (1) الناس: التباعد.
(1) فى ع، ق: بين.
542(4/541)
كتاب النكاح / باب نكاح المتعة...
إلخ
بِهَنَما الإسْنَاد.
وَقَالَ: يمِعِ عَلِى بْنَ أبِى طَالِب يَقُولُ لِفُلاَلط: إِنَكَ رَجُلٌ تَائِهٌ، نَهَانَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمَثْلِ حَلِيثِ يحيى بْنِ يحيى عَنْ مَالِك.
30 - (... ) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْر وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب، جَمِيغا عَنِ ابْنِ عُيينَةَ، قَالَ زُهَيْرٌ: حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الرهرِئ، عَنِ الحَسَن وَعَبْدِ اللهِ ابْنِىْ مُحَمَّدِ ابْنِ عَلِى، عَنْ أبِيهمَا، عَنْ عَلِىِّ ؛ أنَّ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنْ نِكَاح المتعَةِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ لُحُوم الحُمُرِ الأهْلِيةِ*
31 - (... ) وحلئنا مُحَمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْر، حدثنا أبِى، حدثنا عُبَيْدُ اللهِ، عَنِ
وقوله: (إنك لرجل تائِه): هو المرتفع عن طريق القصد.
قال القاضى: إنما المرتفع عن طريق القصد التياه، كذا قال الهروى.
واما التائِه فالحائر، وأصله من الأرض التيه، وهى التى لا يهتدى مها بعلم.
وقال صاحب الأفعال: تاه تيها وتوها: تكبر، وأيضا: ذهب عقله.
وقوله: (فجعلت تنظر إلى عطفها): قال الأصمعى الأعطاف: الجوانب.
قال
اْبو حاتم: ومنه قولهم: نظر فى أعطافه، وفى القرآن: { ثَافِيَ عِطْفِه} (1)، قال مجاهد: رقبته، ونحوه عن قتادة.
وقال الخليل: عطف كل شىء من رأسه إلى وركه.
قال الهروى: عِطْفا الرجل: ناحيتا عنقه، ومنكب الرجل عطفه.
وقال الأصمعى: والعطف الإبط.
وقوله: (فآمرت نفسها،: أى شاورت نفسها وتراءت فى أمرها بأمر القوم.
وائتمروا إذا تشاوروا، قال الله تعالى: { إِن الْمَلا يَأتَمِرونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ} (2)، قال: والمؤتمر الذى يهم بالأمر يفعله.
والدمامة، بالدال المهملة: جفاوة، رجل ذميم: اْى حقير، وهو القبح.
قال الأمام: ذكر مسلم فى الباب: ثنا ابن بشار، ثنا محمد بن جعفر، عن شعبة،
عن عمرو بن دينار[ قال] (3): سمعت الحسن بن محمد يحدث عن جابر بن عبد الله، وسلمة بن الاكوع الحديث[ بالإجماع] (4) ثم أردفه بقوله: حدثنى أمية بن بسطام العيشى، حدثنى يزيد بن زريع، ثنا روح بن القاسم، عن عمرو بن دينار، عن الحسن -
(1)1 لحج: 9.
(3) ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامث!.
(2) للقصص: (4) من ق.
(4/542)
كتاب النكاح / باب نكاح المتعة...
إلخ
543
ابْنِ شهَابٍ، عَنِ الحَ!سَنِ وَعَبْد اللّه ابْنِىْ مُحَمَدِ بْنِ عَلِى، عَنْ أبِيهمَا، عَنْ عَلِى ؛ أئهُ سَمِعَ ابْنَ عَئاسٍ يُليِّنُ فِى متعَة النِّسَاءَ.
فًقَالَ: مَهْلاً يَا ابْنَ عَبَّاسِ، فَإِنًّ رَسُولَ النّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ لُحْوم الَحُمُرِ اَلإِنْسِيَّة.
32 - (... ) وحدّثنى أبُو الطَّاَهِرِ وَحَرْمَلَةُ نجْقُ يَحْيَى، قَالا: أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ،
يعنى الحسن بن محمد - عن سلمة وجابر -، 1 لحديث.
قال بعضهم: هكذا الإسنادان فى نسخة ابن ماهان، وسقط من نسخة أبى أحمد الجلودى والكسائى من إسناد يزيد بن زريع ذكر الحسن بن محمد بن عمرو بن دينار ويص هة[ وجابر وسلمة أنه وهم ؛ لأن الحديث حديث الحسن بن محمد عن جابر وسلمة] (1)، وكذلك رواه شعبة عن عمرو بن دينار [ قال] (2)، سمعت الحسن بن محمد يحدث عن جابر وسلمة بذلك على ما تقدم.
قال القاضى: قال لنا القاضى الشهيد: انظر قوله عن الحسن بن محمد عن سلمة فلم يدركه.
قال القاضى: وقد ذكر مسلم فى الباب أيضا قبل هذا: ثنا عثمان، ثنا جرير عن إسماعيل بن أبى خالد بهذا عطفًا على رواية إسماعيل عن قيس عن ابن مسعود، ثم قال: وثنا أبو بكر بن أبى شيبة، ثنا وكيع، عن إسماعيل وجرير بهذا.
كذا عند العذرى وابن سعيد وابن أبى جعفر، ولم يكن عند السمرقندى وجرير، دإثباته خطأ بيق، دانما رواية جرير عن إسماعيل كما تقدم فى سند عثمان، ولعله كان مخرجًا بعد وكغ فغلط فى التخريج.
وأخرج بعد إسماعيل وذكر أيضًا فى الباب بعد.
ثنا أبو كامل فضيل بن حسيئ الجحدرى، ثنا بشر - يعنى ابن المفضل.
كذا عند جميعهم، وفى بعض الروايات: ثنا أبو بكر، ثنا بشر.
والصحيح الأول.
ووقع فى الباب فى حديث حرملة عن ابن وهب قال ابن أبى عمرة: إنما كانت رخصة.
كذا لهم، وفى كتاب العذرى قال ابن عمر، بغير هاء، وهو خطأ فاحش.
وقوله فى هذا الحديث: فأخبرنى خالد بن المهاجر بن سيف الله.
سيف الله هذا هو خالد بن الوليد المخزومى، وتسميته بسيف الله مشهور ؛ لقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فِه: (إنه سيف من سيوف الله، سله الله على الكفار) (3).
وفى الباب فى حديث سلمة بن شبيب بسنده
(1) سقط من الأصل، واستدرك بالهامث! بسهم.
(2) ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامث! بسهم.
(3) أحمد فى المسند 8 / 1 عن أبى بكر.
544(4/543)
كتاب النكاح / باب نكاح المتعة...
إلخ
أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنِ الحَسَنِ وَعَبْدِ الله ابْنَىْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىِّ بْنِ أبِى طَالِبٍ، عَنْ أبِيهِمَا ؛ أنَّهُ سَمِعَ عَلِىًّ بْنَ أبِى طَالب يَقُولُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: نَهَى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ متعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ ثْلِ لُحُوم الحُمُرِ الأِنْسِيةِ.
عن عمر بن عبد العزيز: حدثنى الربيع بن سبرة الجهنى عن أبيه.
كذا فى الأصول، وهو الصحيح المتكرو فى ساثر أحاديث الباب والمعلوم المشهور، [ وكان فى كتاب شيخنا الصدفى من رواية العذوى: حدثنى ابن سبرة] (1)، وكذا قيدناه عنه، وقال لنا: هو خطأ وسائر من حدثنا به عن العذرى كان عنده ابن سبرة على الصواب.
وقوله: (نهى عن لحوم الحمر الأنسية): كذا ضبطناه عنهم بفتح الهمزة والنون، ووواه جماعة: (ا لانسية).
وا لأتس، بفتحها: الناس، وكذلك ! ا لإنس) بكسر الهمزة.
ولا خلاف بين العلماء فى الأخذ بحديث النهى عن كل لحوم الحمر الإنسية، إلا شيئا روى عن أبن عباس وعائشة ويعض السلف، وقد اختلف عنهم فى ذلك اْيضأ.
واختلفت الرواية عن مالك، هل ذلك على الكراهة أوالتحريم ؟
واختلف فى علة تحويمها يحسب ما جات به الآثار، فقيل: لأنها لم تكن قسمت، وقمل: خوت فناء الظهو والحمولة، وقيل: لأنها كانت جلالة، وقيل: نهى تحويم لغير علة، ويميأتى فى كتاب الأطعمة والذبالْج تمام هذا.
11) صقط مق، لأصل، واصتد رك فى الهامة بسهم.(4/544)
كتاب النكاح / باب تحريم الجمع بين المراْة وعمتها...
إلخ 545
(4) باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها فى النكاح
33 - (1408) حدّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ القَعْنَيِى، حَدىثتَا مَالِدث عَنْ أبِى الزنادِ، عَنْ الأعْرَج، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (لاَ يُجْمَعُ بَيْنَ المَرْأةِ وَعَمَتِهَا، وَلاَ بَيْنَ المَرْأةِ وَخَالَتِهَا لا.
34 - (... ) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْح بْنِ المُهَاجِرِ، أخْبَرَنَا اللَيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ اَبِى حَبِيبٍ، عَنْ عِرَاك بْنِ مَالك، عَنْ أبِى هُريرَةَ ؛ أن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنْ أرْبَع نِسْوَف أنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُنَّ: المَرأةِ وَعَمًتِهًا، وَالمَرْأةِ وَخَالَتِهَا.
35 - (... ) وحدئمنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَدثنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ثنُ عَبْدِ العَزِيزِ - قَالَ: ابْنُ مَسْلَمَةَ دلَنِى مِنَ الأنصَارِ مِنْ وَلَدِ أبِى امَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ - عَنِ
وقوله: ا لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المراْة وخالتهاأ، قال الإمام: الفروج تستباح فى الشريعة بالنكاح وملك اليمن ما لم يمنع من ذلك مانع، والمانع على قسمين: مانع يتأبد معه التحريم، ومانع لا يتأبد.
فالذى يتأبد تحريمه على تفصيل نذكره، / وهو خمسة اْقسام: إحداها: يرجع إلى المحريم فيه إلى العن كالأم والأخت وشبهها ولا خلاف فى تأبيد تحريم ذلك، وباقيها يرجع التحريم فيها لعلة طرأت كالرضاع المثئه بالنسب ولا خلاف فى التأبيد به اْيضا، والصهر والنكاح والملاعنة لمن لاعانها، والمتزوجة فى العدة.
فأما الصهر فهو أربعة أقسام:
تزويج الرجل امرأة ابنه، والابن امرأة اْبيه، فهذان القسمان يحرمان جميعا
[ بالعقد] (1).
والقسم الئالث: تزويج الربيبة، فإنها لا تحرم بالعقد ولا خلاف فى ذلك.
والرابع: أم الزوجة، فمذهب الفقهاء وجمهور الصحابة أنه تحرم بالعقد على البنت، وذكر عن على ومجاهد أنها لا تحرم إلا بالدخول على البنت.
وسبب الخلاف نى ذلك: توله تعالى: وَأُئهَاث نِسَائِكُمْ وَرَلَائِبُكُمُ اللأقِي ني حُخورِكُم
(1) زيدت فى ع.
234 / 1
546(4/545)
كتاب النكاح / باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها...
إلخ ابْقِ شهَاب، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ فُؤَيْبِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ.
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: ا ل الحُ "العَمَةُ عَلَى بِنْتِ الأخ، وَلاَ ابْنَةُ الأخْتِ عَلَى الخَالَةِ).
36 - (... ) وحدثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، أخْبَرَنِى قَبِيصَةُ بْنُ فُؤَيْب اهَعْبِى ؛ اَنهُ سَمِعَ أبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: نَهَى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنْ يَجْمَعَ الرخلُ بَيْنَ المَرْأةِ وَعَمَتِفَا، وَبَيْنَ المَرْأةِ وَخَالَتِهَا.
ئِن ئسَائِكُمُ اللالِما دَخَلْتُم بِهِن} (ضهل هذا النعت والتقييد راجع إلى النساء المذكورات اخر، أم[ عائد على] (2) المذكورات أولا وآخرا ؟
والأرجح ما ذهب إليه الجمهور لوجوه، منها: أن الاستثناءات والشروط عند جماعةٍ
من أهل الأصول تعود إلى أقرب المذكورات إليها وكذلك أصل النحاة أيضا، ولأن العامل إذا اختلف لا يصح الجمع معه بين المنعوتات فى نعت واحد دإن اتفق إعرابها، وهذا من ذلك لأن النساء المذكورات أولأ مخفوضات بالإضافة، والمذكورات اخرأ مخفوضات بحرف الجر، فلا يجمع بين نعت المخفوضات بالإضافة وبين نعت المخفوضات بحرف الجر لما ذكر ناه.
وأما الملاعنة فيتأبد تحريمها عندنا على من لاعنها وخالف فيه غيرنا، وكذلك المتزوجة
فى العدة مختلف فى تأبيد تحريمها أيضًا.
وأما الذى لا يتأبد معه التحريم ويرتفع بارتفاعه ويعود بعودته، فمنه ما يرجع إلى العدد كنكاح الخامسة، ومنه ما يرجع إلى الجمع كالجمع بين الأختين، والجمع بين المرأة وعمتها، ومنه ما يرجع إلى غير ذلك كالمجوسية والمرتدة وذات الزوج وشبه ذلك.
فأما ما يحرم الجمع بينهن من النساء بالنكاح فيعقد على وجهين: أحدهما: أن يقال:
كل امرأتين بينهما نسب لو كانت إحداهما ذكرًا حرمت عليه الأخرى، فإنه لا يجمع بينهما، دإن شئت أسقطت ذكر بينهما نسب وقلت بعد قوله: لو كانت إحداهما ذكرا حرمت عليه الأخرى من الطرفن جميغا.
وفائدة هذا الاحتراز بزيادة النسب أو من الطرفن جميعًا مسألة نكاح المرأة وربيبتهاة
فإن الجمع بينهما جائز.
ولو قدر أن امرأة الأب رجل لحلت له الأخرى لأنها أجنبيةٌ، ولأن التحريم لا يدور من الطرفن جميغا.
هذا حكم النكاح، وتدخل فيه عمة الأب وخالته وشبه ذلك من الأباعد ؛ لأن العقد يشتمل على ذلك.
(1) للنساَ: 23.
(2) سقط من الاْصل، واستدرك بالهامش بسهم.(4/546)
كتاب النكاح / باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها...
إلخ 547 قَالَ ابْنُ شِهَاب: فَنُرَى خَالَةَ أبِيهَا وَعَمَةَ أبِيهَا بِتِلكَ المَنْزِلَةِ.
37 - (... ) وحدّثنى أبُو مَعْنِ الرقاشِى، حَدهَّشَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، حَدىتمنَا هِشَام،
وأما الجمع بملك اليمن[ بين من ذكرنا تحريم الجمع بينهما بالنكاح، ففيه اختلاف، فقيل: لا يجمعِ بين الأختين بملك اليمن] (1) وهو جُل قول الناس ؛ لقول الله تعالى: { وَاَن تَجْمَئواْ بَيْن الاخْتَيْن} (2)، وقيل: ذلك بخلاف النكاح ؛ لقول الله تعالى: { أَوْ مَا مَلَكَتْ اَيْمَانُكُم} (3)، فعمّ، فصار سبب الخلاف أىُّ العمومن أولى أن يقدم ؟ وأىّ الاَيتين [ أولى] (4) أن يخص بها الأخرى ؟ والأصح تقديم آية النساء والتخصيص بها ؛ لأنها وردت فى نفس المحرمات وتفصيلهن، وكانت أولى من الاَية التى وردت فى مدح قوم حفظوا فروجهم إلا عما اْبيح لهم، وأيضا فمان اية ملك اليمن دخلها التخصيص باتفاق ؛ إذ لاتباح له بملك اليميئ ذوات محارمه اللاتى يصح له ملكه لهن، وما دخله التخصيص من العموم ضعف.
قال القاضى: أجمع المسلمون على الأخذ بهذا النهى فى الجمع بين الأختين، وفى الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها فى النكاح، أو فى الوطء بملك اليمن، وقد كان فى جمع الوطء بملك اليميئ اختلاف من بعض السلف استقر بعد الإجماع عليه، إلا طائفة من الخوارج لا يلتفت إلى قولهم قالوا: يجمع بين الأختن بملك اليمين، وبالجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها عمومًا ة تعلقًا بظاهر قوله: { وَاَن تجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْن}، ثم قمال: { وَاُحِل لَكُم ثا يَرَاءَ ذَلِكُم} (5)، وتعلقًا بأن أخبار الاَحاد لا يخصص بها عموم القرار.
وهما مسألتا خلافٍ بين أهل الأصول.
والصحيح جوازهما ؛ لأن خبر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) مبين مفسر لما جاء به عن الله، ونحن متعبدون بامتثاله ول!جماع بإلحاق الجمع بين هولاء بالجمع بين الأختين مع هذه الآثار الصحيحة المفسرة لمجمل الآية المبن لها يرد عليهم.
وعلة ذلك ما يفضى ذلك إليه من التقاطع والتدابر بغيرة الضرائر، وأنها العلة الموجودة فى الأختن.
وقاس بعض السلف على هذا جملة القرابة، فمنع الجمع بين بنتى العمّ أو بنتى الخال،
أو بنتى العمّة أو الخالة.
وجمهور العلماء وأئمة الفتوى على خلاف هذا، وقصر التحريم على ما نص عليه اْوما ينطلق عليه لفظه من العمات والخالات وإن علون.
وكذلك اختلفوا فى الجمع بين زوجة الرجل وابنته من غيرها، فأجازه جمهورهم إذا
(1) سقط من الأصل، ولستدرك بالهامث! بسهم.
(3) للشاَ: 3.
(4) من ع.
(2) 1 لنساَ: 23.
(5)1 لشاَ: 24.
548(4/547)
كتاب النكاح / باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها...
إلخ عَنْيحيى ؛ أنَهُ كَتَبَ إِلَيْهِ عَنْ أيِى سَلَمَةَ، عَنْ أبِى هُريرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (لاَ !حُ المَرْأةُ عَلَى عَمَتِهَا وَلاَ عَلَى خَالَتِهَا).
234 / ب
لم يجمعهما حرمة النسب، وخالف الحسن وابن أبى ليلى وعكرمة فلم يجيزوا الجمع بينهما، وعموم قوله: ا لا يجمع بين المرأة وعمتها) يبين الروايهّ الأخرى: الا تنكح العمة على بنت الأخ، ولا بنت الأخت على الخالةأ، وأنه لا فرق بين نكاح إحداهما على الأخرى، وأن المنهى عنه الجمع بينهما فقدمت العمة أو الخالة، أو بنات أخواتهن أو إخوانهن، وكيف، وفى الحديث الاَخر /: ا لا تنكح المرأة على عمته ال يجمع النهى بين الطرفن، وهذا النهى عن الجمع، وفى كتاب اْبى داود: ا لا تنكح الصغرى على الكبرى ولا الكبرى على الصغرى) (1).
وهذا العموم شامل الوطء بالنكاح وملك اليمن، إلا إن عُقِدَ النكاح عليهما مغا اْو فى الآخرة منهما لا يصح، إذ لا تراد إلا للوطء، وعقد مجرد الملك يصح إذ يراد به لغير الوطء، وقول ابن شباب يرى عمة أبيها وخالة أبيها بتلك المنزلة صحيح ؛ لأنه ينطلق عليها عمة وخالة وإن علون ؛ إذ العمة هى كل امرأة لها عليك ولادة، فأخت الجدة للأب خالة، وأخت الجد للأم عمة.
وقوله: (ولا يخطب الرجل على خطبة اخيه ولا يسم على سوم أخيه) (2)، وفى الرواية أخرى: [ (حتى يأذن له) (3)، وفى الأخرى] (4): (حتى يذر) (5)، وفى الحديث الاَخر: ا لا يبع بعضكم على بيع أخيه) (6)، قال الإمام: ممناه: لايسم على سومه، وقد صرح بذلك فى حديث اخر من هذا الكتاب، وعلته ما يودى إليه من الضرر، وقد كره بعض اْهل العلم بيع المزايدة فى الحلف خوفا من الوقوع فى ذلك.
وإن قلنا إنما يمغ من ذلك مع التراكن إلى البيع خرج بيع الحلف من ذلك، وكذلك الخطبة على خطبة الغير محمبة عند أهل العلم على أن المنع إذا حصل التراكن ؛ بدليل حديث فاطمة بنت قيس لما أخبرت النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بأنها خطبها ثلاثة ؛ فلم شّكر دخول بعضه!م على بعضي[ فى الخطبة] (7).
وقوله لها: (اْما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه)، ومعناه: أنه كثير الأمحفار وقد يعبر عن ترك السفر وعن الاقامة بالمكان واجتماع الأمر فيه بإلقاء العصا، (1) ئبو داود، كللنكاح، بما يكره أن يجمع بينهن من النساء (2065) عن أبى هريرة.
(2) حدبْ رقم (54) ميت هذا الكتاب.
(3) حديث رقم (50) ميت هذا الكتاب.
(4) سمّط من الأصل، ولهستدرك فى الهامث! بسهم.
(5) حديث رقم يلاه) من هذا الكتاب.
للا) حديث رفم لا 4) من هذا الكتاب.
(7) زائدة فى ع.(4/548)
كتاب النكاح / باب تحريم الجمع بيئ المرأة وعمتها...
إلخ 549 (... ) وحدّثنى إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حدثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَيْبَان، عَنْيحيى، حَدثنِى أبُو سَلَمَةَ ؛ انَهُ سَمِعَ لبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
38 - (... ) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا أبُو اسَامَةَ، عَنْ هشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ
ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَن النَّبىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا يخْطُبُ الرَّجُلُ عًلَى خِطبَة أخيه.
وَلاَ يَسُومُ عَلَى سَوْم أخيه، وَلاَ!حُ المَرْأةُ عَلَى عَمَتِهَا وَلاَ عَلَى خَالَتِهَا، وَلاَ تَسْامملُ المًرأَةُ طَلاَقَ أخْتِهَا لِتَكْتَفِئَ صًحفَتَهَا.
وكتَنكِحْ.
فَإِئما لَهَا مَا كَتَبَ اللهُ لَهَا لا.
قال الشاعر:
فاْلقت عصاها واستقر بها النوى كما قر عينا بالإياب المسافر
وذهب بعضهم إلى أن معنى: الا يضع (1) عصاه عن عاتقه) الأدب ولم يرد به الضرب بالعصا، وعلى ذلك قول الشاعر:
تركت أهل الصبا وشأنهم فلم تعد لى العصا ولم اْعد
معناه: لم ترفع على عصا اللوم والعذل لأنى عدلت عن اللهو والصبا، وقيل: المرادْ
به: أنه يكثر الضرب.
وفيه حجة على جواز الضرب اليسير للزوجة ؛ لأن ظاهره إنكار الإكثار من الضرب.
قال الق الى: قد جاء هذا الحديث بعد، وهناك سيعود الكلام عليه.
وجاء فى كتاب مسلم هناك ما يستدل به على احد التأويلن من قوله فيه: (ضرالث للنساء)، وسننبه على ذلك فى مكانه إن شاء الله.
قال الق الى: قيل: معنى ا لا يبع) هاهنا: اْى يشترى.
وأما بيعه سلعته على بيع
أخيه فغير منهى عنه، والاَولى أن يكون على ظاهره، وهو يعرض سلعته على المشترى يرخص ليزهده فى شراء ثلك التى ركن إليها أولا من عند الاَخر، فيشتمل عليه النهى ويكون على ظاهره.
والشراء والبيع ينطلق على المتبايعين مغا.
واختلف عندنا فى هذا إذا وقع من الخطبة على الخطبة أو التوم على السوم بعد التراكن، هل يفسخ العقد أم لا ؟ فذهب الشافعى والكوفيون وجماعة من العلماء إلى إمضاء العقد، والنهى ليس على الوجوب.
وقال داود: هو على الوجوب ويفسخ.
ولمالك فيها قولان، ولكبراء أصحابنا، وقول ثالوث: الفسخ فى النكاح قبل البناء أو يمضى بعد، ولا خلاف أن فاعل ذلك عاصبى.
واختلفوا فى حد التراكن الذى يقع النهى عليه، هل هو مجرد الرضا بالزوج اْو تسمية
(1) فى ع: لا يرفع.
550(4/549)
كتاب النكاح / باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها...
إلخ
39 - (... ) وحدثنى مُحْرِزُ بْنُ عَوْنِ بْنِ أبِى عَوْلط، حَدثنَا عَلِى بْنُ مُسْهر، عَنْ !اوُدَ
ابْنِ أيِى هِنْد، عَنِ ابْنِ سيرِينَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أنَْ تئكَحَ المَرْأةُ عَلَى عَمَتهَ الأوْ خَالَتِهَا، أَوْ أنْ تَسْألَ المَرْأةُ طَلاَقَ أخْتِهَا لتَكْتَفِئَ مَا فِى صَحْفَتِ!ا.
فَإنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلًّ رَازِقُهَا.
40 - (... ) حدثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثنى وَابْنُ بَشَّارِ وَأبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعِ - وَاللَفْظُ لابْنِ المُثنى وَابْنِ نَافِعِ - قَالُوا: أخْبَرَنَا ابْنُ أِبِى عَدِىِّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ !بنَار، عَنْ أِيِى سَلَمَةَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ قَالَ: نَهَى رسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنْ يُجْمَعَ بَيْنَ المَرْأة وَعَمَّتَهَا، وَبيْنَ المَرْأةَ وَخَالَتِهَا.
(... ) وحَدّثنى مُحَمَدُ بْنُ حَاتِمِ.
حَدثنَا شَبَابَةُ، حَدثنَا وَرْقَاءُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دينَار،
بِهَذا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
الصداق ؟ وقال الشافعى: إنما هو ممن أذنت المرأة لوليها أن ينكحها من رجل معين.
قال الخطابى: وفى قوله: (على خطبة أخيه) دليل أن ذلك إذا كان الخاطب الأول مسلمًا ولا يضيق إذا كان يهوديًا أو نصرانيا.
وهذا مذهب الأوزاعى وجمهور العلماء على خلافه.
وقال ابن القاسم من أئمتنا: وهذا فى غير الفاسق، وأما الفاسق فيخطب على خطبته، وقيل: معنى النهى إذا أذنت المخطوبة فى نكاح رجل بعينه، فلا يحل لاءحد أن يخطبها حتى يأذن الخاطب، وقيل فى معنى قوله: الا يغ أحدكم على بيع أخيه)، أنه على قوله: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا).
قال القاضى: وقوله: (ولا تسأل المرأة طلاق اختها لتكتفى ما فى صحفتها، فإن
الله رازقها): لتنفرد بزوجها، وكل الناس قلب الصحفات إذا كانت فارغة ؛ ولهذا قال - عليه السلام -: (فإن الله رازقها).
قال أبو عبيد: ولم يرد الصحفة خاصةً، إنما جعلها مثلا لحظها منها منه، كأنه إذا طلقها أمالت نصيبها منه إلى نفسها.
قال الهروى: (تكمَفئ ما فى إنائها) هو يفتعل من كفأت القدر: إذا كبتها لتفرغ ما فيها، وهذا مثلٌ لإمالة الضرة حق صاحبتها من زوجها إلى نفسها.
قال الكسائى: كفأتُ الإناء: كببته، وكفأته وكفأته: إذا أملته، وقيل: هو كناية عن الجماع والرغبة فى كثرة الولد، والأول أظهر.(4/550)
كتاب النكاح / باب تحريم نكاح المحرم وكراهة خطبته 551
(5) باب تحريم نكاح المحرم، وكراهة خطبته
41 - (1409) حدّثنا يحيى بْنُيحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِك عَنْ نَافِع، عَنْ نُبَيْهِ
ابْنِ وَهْب ؛ أنَّ عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ أَرَادَ أنْ يُزَؤجَ طَلحَةَ بْنَ عُمَرَ، بنْتَ شَيْبَةَ بْن جُبَيْر، فَا"رْسَلَ إِلَى أبَان بْنِ عثمَانَ يَحْضُرُ فَلِكَ، وَهُوَ أميرُ الحَبئ.
فَقَالَ أبَان!: سَمِعْتُ عثمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (لاَ يَنكِحُ المُحرِمُ وَلاَ!حُ وَلاَ يَخْطُبُ).
42 - (... ) وحئثنا مُحَمَّدُ بْنُ أبِى بَكْر المُقَدَمِىُّ، حَدىتنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْد، عَنْ أيوبَ،
عَنْ نَافِع، حَدثنِى نُبَيهُ بْنُ وَهْب، قَالَ: بَعَثَنِى عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مَعْمَر، وَكَان يَخْطَبصُ بنْتَ شَيْبَةَ بْنِ عثمَانَ عَلَى ابْنه، فَا"رْسَلَنِى إِلَى أبَانِ بْنِ عثمَانَ وَهُوَ عَلَى ائمَوْسِم.
فَقَالَ: ألاً أرَاهُ أعْرَابِيّا (إِنَّ المُحْرِمَ لَاً يَنكِحُ وَلاَ بنكَحُ).
أخبَرَنَا بِذَلِكَ عثمَانُ عَنْ رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ).
43 - (... ) وحدّثنى أبُو غَسَّانَ المِسْمَعِى، حدثنا عَبْدُ الأعْلَى.
ح وَحد 8شِى أبُوالخَالابِ زِيَادُ بْنُيحيى، حَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاء، قَالا جَمِيغا: حَدثنَا سَعِيا، عَنْ مَطَر
وقوله: الا يَنْكِح المحرم ولا يُنْكَح ولا يخطب)، قال الإمام: اختلف فى نكاح المحرم، هل يجوز أم لا ؟ فقيل: لا يجوز، وتعلق قائله بهذا الحديث وشبهه، وقيل: يجوز، وتعلق من قاله بما روى أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) نكح ميمونة وهو محرم (1)، فيرجح من لا يجزيه مذهبه بأن النهى الوارد من النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قول، والذى ذكر من حديث ميمونة فعل، والقول مقدم على الفعل لأنه يتعدى، والفعل قد يكون مقصورًا عليه ( صلى الله عليه وسلم )، وقد خُصصَ فى النكاح وغيره بخصائص -، وقد روى اْيضا فى حديث ميمونة من طريق اخر: أنه تزوجها وهو حلال، وهذا مما يقوى مقدمة القول / هاهنا بلا شك ؛ لأن القول أولى بأن يقدم من فعل مختلف فيه، ويصح بناَ الروايتن فى الفعل فيقال: رواية من روى اْنه حلال هى الأصل، وتحمل الرواية الأخرى على أن قوله: (فينكحها وهو محرم): اْى حال فى الحرم لا عاقد الإحرام على نفسه، ومن حل فى الحرم قيل له: محرم كان كان حلالا، فتبنى القولتان على هذا، وتخرجان عن التكاذب.
(1) اخرجه ئبو داود، كالمناسك، بللحرم يتزوج عن ابن عباس، برقم (4 لهه 1).
235 / أ
552(4/551)
كتاب النكاح / باب تحريم نكاح المحرم وكراهة خطبته
وَبَعْلَى بْنِ حَكيمٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ نَميه ئنِ وَهْب، عَنْ أبَان ننِ عثمَانَ، عَنْ عثمَانَ بْنِ عَفالإ ؛ أن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (لاَ!حُ المُحْرِمُ وَلاً ينكَحُ وَلاَ يَخْطُبُ).
44 - (... ) وحلطنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَعَمْرو الئاقِدُ!زهُيْرُ بْنُ حَرْدب، جَمِيغا
عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
قَالَ زُهَيْر: حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ !يُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نُبيْه بْنِ وَهْب، عَنْ أبَانِ بْنِ عثمَانَ، عَنْ عثمَانَ، يئلُغُ بِهِ الئيِى ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: (المُحْرِمُ لاَ يَنكِعُ وَلاَ يَخطُث).
45 - (... ) حذثنا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ شُعَيْب بْنِ الفيْثِ، حَدثنِى أيى، عَنْ جَدِّى، حَدثنِى خَالدُ بْنُ يَزيدَ، حَدثنِى سَعيدُ بْنُ أىِ هِحَل عَنْ نُبيْهِ بْنِ وَهْب ؛ أن عُمَرَ بْنَ عُبَيْدِ اللّهِ ابْنِ مَعْمَر أَرَادَ أنْ !حَ ابْنَهُ طَلحَةً بِنْتَ شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْر فِى الحَبئَ، وً أبَان بْنُ عثمَانَ يَوْمَئِذٍ أمِيرُ الحَافًيَ، فَاعرْسَلَ إِلَى أبَانٍ: إِنى قَدْ أرَدْتُ أنْ كِخَ طَلحَةَ بْنَ عُمَرَ.
فَالمحبُّ أنْ تَحْضُرَ فَلِكَ.
فَقَالَ لَهُ أبَان!: أَلاَ أرَاكَ عرَاقيا جَافيً ال إِنِّى سَمعْتُ عثمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (لاَ يَنكِحُ المُحْرِمَُ).
46 - (1410) وحئثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أىِ شَيْبَه وَابْنُ نُمَيْر وَإِسْحَقُ الحَنْظَلى، جَميغا
عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ ابْنُ نُمَيْر: حَدثنَا سُفْيَانُ بْن عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ !ينَارٍ، عَنْ أَبِى الشَعْثَاءِ ؛ أَن ابْنَ عبايسٍ أخْبَرَلم ؛ أنَ الئيِى ( صلى الله عليه وسلم ) تَزَوجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُجْرِئم.
زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ: فَحَمَّلتُ به الرفرِىة فَقَالَ: أخْبَرَنِى يَزِيدُ بْنُ الأصَم ؛ ؟نَهُ نَكَحَهَا وَهُوَ حَحَلىء.
ً
وأما قوله ( صلى الله عليه وسلم ): (ولا ينكح) فمعناه: ولا يعقد على غيره، ووجهه أنه لما كان ممنوغا نكاح نفسه مدة الاحرام كان معزولا تلك المدة عن ال يعقد لغيره، وشابه المرأة التى لا تعقد على نفسها ولا على غيرها.
قال القاضى: الذى صححه أهل الحديث تزوجها حلالا، وهو قول كبراء الصحابة ورواياتهم، ولم يأت عن أحدٍ منهم أنه تزوجها محرمًا إلا ابن داس وحده، وبحديثه اْخذ الكوفيون فى جواز ذلك، وخالفهم سائر الفقهاء وأئمة الفتوى، فمنعوا ذلك وردوه، إذا وقع، وقد قال بعضهم: إن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) كان بعث مولاه أبا رافع بعقد نكاحها بمكة(4/552)
كتَاب النكاح / باب تحريم نكاح المحرم وكراهة خطبته
553
47 - (... ) ود دّثنا يحيى بْنُيحيى.
أخْبَرَنَا د وُدُ بْنُ عبدِ الرخْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ
دٍ ينَارِ، عَنْ جَابِر بْنِ زَبْدِ، أبى الشَعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ ؛ اَنهُ قَالَ: تَزَؤَجَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ميْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ.
بوكالته، والنبى ( صلى الله عليه وسلم ) بالمدينة، ثم وافى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) محرمًا، فبنى بها بسرف حلالا، واشتهر نكاحه بمكة عند وصوله لها وحلوله بها.
قال الإمام: ذكر مسلم فى الباب: ثنا يحمى بن يحمى عن مالك، عن نافع، عن
نبيه بن وهب ؛ اْن عمر بن عبيد الله أراد أن يزوج طلحة بن عمر بنت شيبة بن جبير.
ثم ذكره بعد ذلك من حديث حماد بن زيد عن أيوب، عن نافع قال: ثنا نبيه بن وهب، قال: بعثنى عمر بن عبيد الله، وكان يخطب بنت شيبة بن عثمان على ابنه.
كذا جاَ فى حديث حماد بن زيد (1) وشيبة بن عثمان.
قال بعضهم: وذكر أبو داود هذا الحديث، وزعم أن مالكا وهم فيه.
والقول عندهم قول مالك.
قال أبو داود: رواه مالك عن نافع عن نبيه ؛ أن عمر بن عبيد الله أرسل إلى اْبان بن عثمان: إنى أردت أن أنكح طلحة بن عمر بنت شيبة بن جبير (2).
قال: رواه حماد بن زيد عن أيوب، فقال: ابنة شيبة بن عثمان، وكذلك قال محمد بن راشد عن عثمان بن عمر القرشى كما قال أيوب.
قال الدارقطنى (3): الصواب ما قاله مالك، وهى ابنة شيبة بن جبير بن شيبة بن عثمان الحجبى، كذلك نسبها إسماعيل بن أمية عن ائوب، عن نافع، عن نبيه كما قال مالك، ركذلك خلل عبد دلجيد: عن ابن جريج، عن أيوب، عن نافع، وكذلك قال شعيبا بن لبى حمزة: عق نافع، عن نبيه بن وهب، وكذلك قال سعيد بن أبى هلال: عن نببه بن رهب.
فقد أصاب مالك فى قوله: بنت شيبة بن جبير، وتابعه هولاَ الذين ذكرناه!م، وانما رهم من خالفهم، والله اْعلم.
رذكر الزبير بن بكار لن لب!مه هذه تسمى أمة الحميد.
ثلل القاضى: رلعل من قال: شيبة بن عثمان نسبه إلى جده، فلا يكون خطأ.
ووقع فى الباب بعده فى حديث أبى غسان المسمعى: حدثنا عبد الأعلى، وحدثنى
أبو الخطاب زياد بن يحمى، ثنا محمد بن سواَ قالا: ثنا سعيد، عن مطر.
كذلهم وهو الصواب، ووقع عند الهوزنى: (شعبة) مكان (سعيد)، وإنما هو سعيد بن أبى عروبة.
(1) فى ع: أيوب.
(2) أبو داود، كالمناسك، بللحرم يتزوج رقم (1 كه 1) 1 / 427.
(3) انظر: الإلزامات والتتغ 1 / 358.
554(4/553)
كتاب النكاح / باب تحريم نكاح المحرم وكراهة خطبته 48 - (1411) حئثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أن شَيْبَةَ، حَدثنَا يحيى يْنُ المَ، حَدثنَا جَرِيرُ بْنُ حَازبم، حَدثنَا أَبُو فَزَارَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأم ئم حَدصشنِى مَيْمُونَةُ بنْتُ الحَارِث ؛ أَنَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) تَزَؤَجَهَا وَهْوَ حَعَلء
قَالَ: وَكَانَتْ خَالَتِى وَخَالَةَ ابْنِ عبَاس.
وقول أبان فى حديث عبد الملك بن شعيب بن الليث: (ألا أراك عراقيا جافيا):
كذا للعذرى والسمرقندى، ورواه السجزى!عرابيا) مكان (عرا قيا) وهو الصواب.
وكذا جاَ فى حديث المقدمى: (أعرابيا): اْى جاهلا بالسنة كالأعرابى.
والأعرابى هو البدوى.
و (عراقى) هنا خطأ، إلا أن يكون قد عرف من مذهب أهل الكوفة حينئذ جواز نكاح المحرم، فيصح رواية (عراقيا): أى آخذا بقولهم فى هذا، وذاهبا مذهبهم.(4/554)
كتاب النكاح / باب تحريم الخطبة على خطبة أخيه...
إلخ
555
(6) باب تحريم الخطبة على خطبة أخيه حتى يأذن أو يترك
49 - (1412) وحدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَدثنَا لَيْثٌ.
ح وَحدثنا ابْنُ رُمْح، أخْبَرَنَا اللَيْثُ عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ الئبِىِّ كلية قَالَ: (لاَيَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيعْ بَعْضبى، وَلاَ يَخْطُبْ بَعْضُكُمْ عَلَى خِطبَةِ بَعْضبى).
50 - (... ) وحدقنى زُهَيْرٌ بنُ حَرْب وَمُحَمَدُ بْنُ المُثتى، جَمِيغا عَنْ يحيى القَطَانِ.
قَالَ زُهَيْرٌ: حَدثنَا يحيى عَنْ عَبَيْد اللّه، أخْبَرَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: (لاَ يَبِع الرخلُ عَلَى تئع ئخِيهِ، وَلاً يَخطُبْ عَلَى خِطبَةِ أخِيهِ، إِلأَ أنْ يَأفَنَ لَهُ).
(... ) وحدئمناه أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا عَلِى بْنُ مُسْهِر، عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ، بِهَذَا الاِسْنَادِ.
(... ) وَحَدثنيه أبُو كَامل الجَحْدَرِىُّ، حَدعشَا حَمَادٌ، حَا شَا أيوبُ عَنْ نَافِع، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
ًَ ء
51 - (1413) وحدئنى عَمْرو الئاقدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَابْنُ أبى عُمَرَ.
قَالَ زُهَيْر: حدثنا سفْيان بنِ عيينة عن الزهرِى، عن سعِيد، عن أن هريرة ؛ أن النعِى ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى أن يبِيع حَاضِرٌ لبَاد، أوْ يَتَنَاجَشُوا، أوْ يَخْطُبُ الرخلُ !عَلَى خِطبَة أخيه، أوْ يَبِعَ عَلَى بَيعْ أخِي! وَلاَ تَسْاعلِ المًرْأةُ طَلاَقَ أخْتِهَا لِتَكْتَفِئَ مَا فِى إِنَائِهَا، أوْ مَا فِى صًحفًتِهَا.
وقوله: (نهى ال يبيع حاضر لباد أو يتناجشو ال، قال الإمام: وقوله: ا لا يبع حاضر لباد) فإن مالكا منع ذلك جملة!، ومحمله عنده على أهل العمود ممن لا يعرف الأسعار، وأما من يقرب من المدينة ويعرف السعر فلا يدخل فى ذلك، فإن قيل: كيف ؟ فقال هذا: وهل يجوز مضرة شخص فى ماله لمنفعة شخص اخر ؟ قيل إنما نظر - عليه السلام - فى هذا للأكثر على الأول، ورأى مضرة أهل البوادى فى ذلك أخف ؛ لأن ما يبيعونه إنما هو غل عندهم لا اْثمان لها عليهم، وأهل الحضر يخرجون فى ذلك أثمانا تشق عليهم، دإنما يباح الضرر على هذه الصفة لا مضرة مطلقةً.
واختلف عندنا فى الشراَ للبادى هل يمنع كما مغ البيع له ؟ فقيل: هو بخلاف
235 / ب
556(4/555)
كتاب النكاح / باب تحريم الخطبة على خطبة أخيه...
إلخ
زَادَ عَمْزو فِى رِوَايَتِهِ: وَلاَ يَسُم الرَّجُلُ عَلَى سَوْم أخِيهِ.
52 - (... ) ود دّثنى حَرْمَلَةُ بْنُيحيى، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، حَدثنِى سَعيدُ بْنُ المُستيبِ ؛ أنَّ أبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَس!ولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) -: (لاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ يَبِعً المَرْءُ عَلَىَ بَيعْ أخيِهِ، وَلاَ يَبِعْ حَاضِر لِبَاد، وَلاَ يَخْطُبِ المَرءُ عَلَى خِطبَةِ أخِيهِ، وَلاَ تَسْاكلِ المَرْأةُ طَلاَقَ الأخْرَى لِتَكْتَفِئَ مَا فِى إِنَائِهًالا.
53 - (... ) وحدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا عَبْدُ الأعْلَى.
ح وَحَدهَّشِى مُحَمَّدُ
ابْنُ رَافِعٍ، حَدثنَا عَبْدُ الرراقِ، جَمِيغا عَنْ مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِئ، بِهَنَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
غَيْرَ أن فِى حَلِيثِ مَعْمَرَ: (وَلاَ يَزِدِ الرخلُ عَلَى بَيعْ أخِيهِ لا.
البغ ؛ لأنه إذا صار الثمن فى يده أشبه أهل الحضر فيما يشترونه، فيجوز أن يشترى له الحاضر، فإن وقع البغ والنكاح على الصفات المتقدمة التى ذكر النهى عنها ففى فسخها اختلاف.
قال القاضى: اختلف العلماء فى الأخذ بهذا الحديث، وفى تأويله، وهل هو على العموم أو على الخصوص، أو منسوخ فى زمان دون زمان، اْو على الوجوب أو الندب ؟ فمشهور مذهب مالك ما تقدم من العمل به على العموم واللزوم فى أهل البادية المتقدم وصفهم.
وممن أخذ بالحديث على عمومه من الفقهاء الشافعى والليث، وقاله جماعة من صحابة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) والسلف.
وفى المذهب عندنا لمالك قول آخر ؛ أنه على العموم التام فى كل باد وكل طارىْ على بلد، دان كان من اْهل الحضر، وهو قول إصبع، وكأنه هنا تأول الظبية بالبدوى على / الًطارئ والجاهل بالسعر، كائنا من كان ؛ إذ هو الغالب على الطارئ.
ومفهوم العلة فى الحديث بقوله: (دعوا الناس يرزق بعضهم من بعض) (1)، وذهب أبو حنيفة وعَطاء ومجاهد ومن قال بقولهم إلى أن الحديث معمول به، وأن ذلك مباخ.
ثم اختلفوا فى تأويل الحديث وعلة رده، فقال بعضهم: إنما كان ذلك مخصوصا بزمان النبى ( صلى الله عليه وسلم )، وأما اليوم فلا.
وظاهر قول هولاء أنه منسوخ.
وقال اَخرون: بل يرده حديث دالنصيحة لكل مسلم)، د!لى هذا أشار البخارى فى
(1) !سبأ2تى فى كالبيوع، بتحريم بغ الحاضر للبادى بلفظ: ررعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض) رقم(4/556)
كتاب النكاح / باب تحريم الخطبة على خطبة أخيه...
إلخ 557 54 - (... ) حدّثنا يحيى بْنُ أيُوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْر، جَمِيعًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ.
قَالَ ابْنُ أيُّوبَ: حَا شَا إِسْمَاعِيلُ.
أخْبَرَنى العَلاَءُ عَنْ أَبيه، عَنْ أبِى هُريرَةَ ؛ أنَّ رَسُولَ اللْهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (لاَ يَسُ! المُسْلِمُ عَلَى سَوْم أخَيهِ، وَلاَ يَخْطُب عَلَى خِطبَتِمِ!.
55 - (... ) وحدثنى أحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِىُّ، حَدثنَا عَبْدُ الصَّمَد، حَدثنَا شُعْبَةُ
عَنِ العَلاَءِ وَسُهَيْل، عَنْ أبِيهِمَا، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ).
ح وَحَدَىتمنَاهُ مُحَفدُ ئنُ المُثَئى، حَد"ئنَا غئد الصَّمَدِ، حَد"ثمنَا شُعْبَةُ عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ أَ! صَالِح، عَنْ أن هُريرَةَ، كتابه وادخاله فى الترجمة: ا لا يبع حاضر لباب).
وقوْل النبى ( صلى الله عليه وسلم ): اد اذا استنصح أحدكم اْخاه فلينصحه) (1) وادخاله داخل الباب مع الحديث المذكور، وحديث النصيحة لله، ولرسوله ولعامة المسلمين.
وقيل: بل كان هذا النهى عن تربص الحاضر بسلعة البادى الزيادة فى السوق لا أن يبيعها بسعر يومه ؛ لأن البادى غير مقيم فيبيع بسعر يومه فيرتفق بذلك الناس.
فإذا قال له الحاضرى: أنا أتربص لك بها وأبيعها لك، حَرَمَ الناس ذلك الرفق.
وقيل: إنما ذلك فى البلاد الضيقة التى يستبين فيها الضرر وغلاء السعر إذا لم يبع الجالب متاعه، فأما البلاد الواسعة التى لا يظهر الضرر فى ذلك فيها فلا بأس، وقيل: ذلك على الندب ليس على الوجوب، ثم اختلف من أوجبه إذا وقع، فعند الشافعى وابن وهب وسحنون من أصحابنا يمضى، وعند ابن القاسم يفسخ لما لم يفت.
قال الإممام: وأما قوله: (ولا تناجشوا) فصفة النجش عند الفقهاء: أن يزيد فى السلعة ليغتر به غيرهُ لا ليشتريها، فإن وقع ذلك وعلم أن التناجش من قبل البالْع، كان المشترى بالخيار بين أن يمضى البيع أو يرده.
وحكى القزوينى عن مالك أن بيع النجش مفسوخ، واعتل بأنه منهى عنه.
وهكذا ادّل ابن الجهم لما رد على الشافعى فقال: الناجش عاصبى، فكيف يكون من عصى الله يتم بيعه ؟ ولو صح هذا نفذ البيع (2) فى الإحرام والعدة.
قال أبو بكر: أصل النجش: مدح الشىء داطراؤه، فمعناه: لا يمدح أحدكم السلعة ويزيد فى ثمنها وهو لا يريد شراعصا، فيتبعه غيره ويزيد.
وقال غيره: النجش: تنفير الناس عن الشىء إلى غيره.
والاْصل فيه تنفير الوحش[ من مكان] (3) إلى مكان.
قال القاضى: ذكر مسلم فى باب الا يخطب على خطبة أخيه): حدثنى أحمد بن
(1) للبخارى، كللبيوع، بهل يبيع حاضر لباد ؟ وهل يعينه ئو ينصحه ؟.
(2) فى ع: العقد.
(3) رائدة فى ع.
558(4/557)
كتاب النكاح / باب تحريم الخطبة على خطبة أخيه...
إلخ
عَنِ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم )، إِلاَّ انَهُمْ قَالُوا: (عَلَى (سَوْم أخِيهِ، وَخطبَةِ أخِيهِ لا.
56 - (1414) ود دثنى أبُو الطَاهِرِ، أخْبَرَنَا عَبْذَ اللّهِ بْنُ وَهْب، عَنِ اللَيْثِ وَغَيْرِه،
عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبِى حَبِيب، عَنْ عَبْد الرخْمَنِ بْنِ شُمَاسَةَ ؛ أنَهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامر عَلًى المنْبَرِ يَقُولُ: إِن رَسُوذَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالً: (المُؤْمِنُ أخُو المُؤْمِنِ، فَلاَ يَحِل لِلمُؤْمِنِ أَنْ يَبْتَاعَ عَلَىَ بَيعْ أخِيهِ، وَلاَيَخْطُبً عَلَى خِطبَةِ أخِيهِ حَتَى يَنَرَ ثا.
إبراهيم الدورقى، حدثنى عبد الصمد، ثنا شعبة عن العلاء، وسهيل عن أبيهما، عن أبى هريرة.
كذا وقع.
قال بعض شيوخنا: صوابه: عن أبويهما ؛ لأن كل واحد إنما حدث عن أبيه وليسا بأخوين، إلا على لغة من قال: اْبيهما، بحذف الواو وفتح الباء، فيصح على هذا.(4/558)
كتاب النكاح / باب تحريم نكاح الشغار وبطلانه
559
(7) باب تحريم نكاح الشغار وبطلانه
57 - (1415) حدثنا يحيى بْنُيحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِك، عَنْ نَافِع، عَنِ ابْيأِ عُمَرَ ؛ أن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنِ الشغَارِ.
وَالشِّغَارُ: أنْ يزَوِّجَ اَلَرَجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أنْ يُزَوجِّهُ ابْنَتَهُ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَ ال دَان.
58 - (... ) وحدثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثنى وَعُبَيْدُ الله بْنُ سَعِيد، قَالُوا: حَدثنَايحيى، عَنْ عُبَيْد الله، عَنْ نَافِعِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ التبِى ( صلى الله عليه وسلم )، بَمِثْلِهِ.
غَيْرَ أن فِى حَلِيثِ عُبَيْدِ اللهِ قَالَ: قُلتُ لِنَافِع: مَا الشئغَارُ ؟
59 - (... ) وحدثنا يحيى بْنُ يَحْيَى، أخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدِ، عَنْ عَبْدِ الرخْمَنِ
وقوله: (نهى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن الشغار) الحديث، قال الإمام: أصله فى اللغة: الرفع، يقال: شغر الكلب: إذا رفع رجله ليبول.
وزعم بعضهم أنه إنما يقع ذلك من الكلب عند بلوغه الإنزال والإيلاء، فإن صح هذا كان التشبيه واقعا متمكنا.
وقال الهروى: قال بعضهم: والشغر أيضا: البعد، ومنه بلد شاغر: إذا كان بعيئا من الناصس والسلطان، وهو قول الفراء.
وقال أبو زيد: يقال: اشتغر الأمر به: أى اتسع وعظم.
وقال غيره: ويقال بلدة شاغرة: أى مفتتنة، لا تمتنع من غارة.
وقد علل بعض العلماء النهى عنه بأنه يصير المعقود به معقولا عليه ؛ لاكن الفرجين كل واحد منهما معقود به ومعقود عليه، وعلى هذه الطريقة يكون فساده يرجع إلى عقده، ويفسخ على هذا بعد الدخول وقبله.
وزعم بعضهم أن ذلك[ راجع] (1) لفساد الصداق، ولأنه كمن تزوج بغير صداق.
وعلى هذا يمضى بالدخول على إحدى الطريقتن عندنا فى هذا اي!صل.
وقد روى عن ابن زياد فى كتاب خير من زنته عن مالك ؛ أنه يفوت بالدخول، وتأول بعض شيوخنا أن يخرج من مذهبنا فيه قولأ ثالثا: أنه يفوت بالعقد بها على أحد الأقاويل (2) عندنا[ فيما فسد لصداقه] (3)، أنه يفوت بالعقد، وأن الفسخ فيه قبل
(1) من ع.
(2) فى ع: الاْ قوال.
(3) فى ع: فيما صداقه فاسد.
560(4/559)
كتاب النكاح / باب تحريم نكاح الشغار وبطلانه
السئَرئَيِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنِ الشِّغَارِ.
60 - (... ) وحدثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَر، عن ا"يُوبَ، عَنْ نَايعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أنَّ النَّيِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (لاَ شِغَارَ فِى الإِسْلاَم).
61 - (1416) حئثنا ؟بو بَكْرِ بْنُ أبِى شئبَةَ، حَا شَا ابْنُ نُمَيْرٍ وَأبُو اسَامَقَ!عَنْ عُبئلِمالئهِ،
عَن أيِى الزنادِ، عَنِ الأعْرَج، عَنْ أبِى هُريرَةَ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنِ الشَغَارِ.
زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ: والشِّغَارُ: أنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرخلِ: زَوخنِى ابْنَتَكَ وَازوِّجُكَ ابْنَتِى،
أوْ زَوِّجْنِى أخْتَكَ ومزَوِّجُكَ اخْتِى.
(... ) وحلثناه أبُو كُرَيْبٍ، حدثنا عَبْدَةُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ - وَهُوَ ابْنُ عُمَرَ - بِهَنَا الإِسْنَادِ.
وَلَمْ يَذْكُرْ زِبَاقً ابْنِ نُمَيْرٍ.
62 - (1417) وحدّثنى هَرُورُ بْنُ عبدِ ال!هِ، حَدثنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَد، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ.
ح وَحَدثنَاهُ إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَدُ بْنُ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرر"اقِ، أخْبَرَنَا ابْنُ
الدخول استحسان واحتياط.
قال القاضى: ذكر بعض العلماء أن الشغار كان من نكاح الجاهلية.
يقول: شاغرنى وليتى، أى عاوضنى جماعًا بجماع.
قال أبو زيد: شغرت المرأة: رفعت رجليها عند الجماع.
قال ابن قتيبة: كل واحد منهما يشغر إذا نكح، وأصله للكلب.
ولا خلاف بين العلماء فى كراهته ابتداء.
واختلفوا إذا وقع، فأجازه الكوفيون إذا صحح بصداق المثل، وقاله الليث، وهو قول الزهرى، وعطاء وحكوه عن أحمد د!سحق واْبى ثور والطبرى.
وأبطله الشافعى ومالك على خلاف عنه فى وقت إبطاله على ما تقدم، ومذهب الاْوزاعى على أحد قولى مالك فى إمضائه وفواته بالدخول.
وحكى الخطابى - إبطاله عن أحمد وإسحق وأبى عبيد.
وكل من أمضاه يرى فيه صداق المثل.
ولا خلاف اْن حكم غير الابنتين من الإماء والأخوات وسائر النساء حكم البنتن،
وقد ذكر مسلم فى حديث ابن أبى ثيبة الاْختين.
أيضا، وذكر رواية مسلم قال: إن قفسير الشغار من قول نافع لا من لفظ النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
واختلف إذا سمى فى ذلك صداقا، فكرهه مالك ورآه من باب الشغار ووجهه لا من صريحه، وبكراهته ومنعه قال الشافعى وغيره، لكنهم فرقوا بينه وبين صريحه، فقالوا:(4/560)
كتاب النكاح / باب تحريم نكاح الشغار وبطلانه 561
جُرَيْجٍ، أخْبَرَنِى أبُو الزبيْرِ ؛ أئهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: نَهَى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنِ الثمئغَارِ.
إذا فات بالبناء مضى وكان لهما صداق المثل.
وقال أحمد بن حنبل: إذا كان فى الشغار صداق فليس / بشغار، وهو قول الكوفين، قالوا: ولها ما سمى، وقاله ابن أبى حازم من أصحابنا.
236 / 1
562(4/561)
كتاب النكاح / باب الوفاء بالشروط فى النكاح
(8) باب الوفاء بالشروط فى النكاح
ءص ه ص ه، ءيرص ص قصص، صوء ص ص قصص ه،، ص ص قصص
63 - يهـ 141) حدثنا يحيى بن ايوب، حدثنا هشيم.
ح وحدثنا ابن نمير، حدثنا وَكِيع.
ح وَحَدثنَا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَا شَا أبُو خَالد الأحْمَرُ.
ح وَحَا شَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى، حَدهَّشَا يَحْيَى - وَهُوَ القَطَّانُ - عَنْ عَبْدِ الحَمَيًدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبِى حَبِيب، عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ اليَزَنِىّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِن أحَق اً لشَرْطِ أنْ يُوفَى بِهِ، مَا اسْتَحْلَلنُمْ بِهِ الفُرُوجَ).
هَنمَا لَفْظ حَدِيثِ أيِى بَكْرٍ وَابْنِ المُثنى.
غَيْرَ أن3 ابْنَ المُثنى قَالَ: (الشُرُوطِ).
وقوله: (أحق الشروط أن يوفى به، ما استحللتم به الفروج)[ (أحق) هنا بمعنى: أولى، لا بمعنى الإلزام، عند كافة العلماء وحمله بعضهم على الوجوب] (1).
قال الإمام: اختلف الناس فيمن تزوج امرأة بشرط ألا يخرجها من بلدها وما أشبه
ذلك من الشروط، فقال بعض العلماء: إن ذلك يلزم للحديث المتقدم، فإن علق الشرط بطلاق وعتاق لزم ذلك عند مالك، ولا يلزم عنده إذا لم يعلق بطلاق أو عتق، بل أوقعه شرطا مجرفا.
قال القاضى: واختلف عندنا، هل عقلُه على هذه الصفة مباح أو مكروه ؟ فأجازه سحنون ابتداء، وكرهه غيره، وقال مالك: لا يحل ابتداء.
وقال بعضهم: يفسخ به النكاح.
وتأويل الحديث عند بعض علماثنا: أنه فيما وقع فى ذلك من شرط صداق ونحلة وجهاز ومونة، مما يدوم به الألفة، وتصلح به الصحبة، لا مما يناقض حكمها ويخالف موضوعها.
وقوله: (ما استحللتم به الفروج) مما يوكد الوفاء بها ؛ إذ لكل شرط شرطته المراْة
على زوجها حق فى استحلال فرجها، وقد يحتج به من يوجب الوفاء بها ويلزمه.
وقوله - عليه السلام -: " كل شرط ليس فى كتاب الله فهو باطل) يرد قولهم.
ووقع فى آخر هذا الحديث قول مسلم: هذا لفظ حديث أبى بكر وابن المثنى، غير
أن ابن مثنى قال: الالشروط).
كذا فى روايتنا عن شيوخنا وفى بعض النسخ (ابن نميري فى الموضعين مكان (ابن مثنى!، ويشبه أن يكون الصحيح أحد الوجهن، فإن أول سند الحديث عن ابن نمير وابن مثنى وغيرهما.
(1) زاد القاضي هذه العبارة عما فى المعلم.
(4/562)
كتاب النكاح / باب استئذان الثيب فى النكاح...
إلخ
(9) باب استئذان الثيب فى النكاح بالنطق، والبكر بالسكوت
563
64 - (1419) حدّثنى عُبَيْدُ الله بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ القَوَارِيرِىُّ، حَدثنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، حدثنا هشَام، عَنْ يحيى بْنِ أَبى كَثِير، حَدثنَا أبُو سَلَمَةَ، حَدثنَا أبُو هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالً: (لاَ!حُ ا ؟نمُ حَتًّى تُسْتَأمَرَ، وَلاَ!حْ البكْرُ حَتَّى تُسْتَأفَنَ) قَالُوا: يَا رَسُولَ ال!هِ، وَكَيْفَ إِفنُهَا ؟ قَالَ: (أنْ تَسكُتَ لما.
(... ) ود دّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدثنَا الحَجَّاجُ بْنُ
أبى عثمَانَ.
ح وَحَدثنى إبْرَاهيمُ بْن مُوسَى، أخْبَرَنَا عيسَى - يَعْنى ابْنَ يُونُسَ - عَن صء ص ص ممً، ص، 5، ص ه ص سر، صوَ، 5،، ص ص ص عص أوص الأوْزاعِى.
ح وحدثنِى زهير بن حرب، حدثنا حسين بن محمد، حدثنا شيبان.
ح وَحَدثنِى عَمْرو الئاقِدُ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعً، قَالا: حَدثنَا عَبْدُ الرَّزَّاقً، عَنْ مَعْمَرٍ.
ح وَحَدثنَا عَبْدُ الله بْنُ عَبْدِ الرخمَنِ الدئَ!رِمِىُّ، أخْبَرَنَا يحيى بْنُ حَسثَانَ، حَدثنَا مُعَاوِيَةُ، كُلُّهُمْ عَنْ يحيى بْنِ أيِى كَثِير.
بِمِثْلِ مَعْنَى حَدِيثِ هِشَايم صإِسْنَ الصِ
وَاتَّفَقَ لَفْظُ ! دِيثِ هِشَامٍ وَشَيْبَانَ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ سَلأَم.
فِى هَنَما الحَدِيثِ.
65 - (!.
142) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا عبدُ اللهِ بْنُ إدْرِيس، عَنِ ابْنِ جُرَيْج.
ح وَحدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ وَمُحَمَدُ بْنُ رَافِعٍ، جَميعًا عَنْ عَبْدِ الرَراق - وَاللَّفْظ لاِبْنِ رَافِم - حَدثنَا عَبْدُ الرَّزَّاقَ، أخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ.
سَمِعْتُ ابْنَ أبِى مُلَيَكَةَ يَقُولُ: قَالَ ذَكْوَان مَوْلَى عَائشَةَ: سَمعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: سَألتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنِ الجَارِيَةِ لمجحُها اْهْلُهَا، أتُسْتَأمَرُ أمْ لَاَ ؟ فَقَالً لَهَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (نَعَمْ، تَسثتأمَرُ) فَقَالَتْ عَائشَةُ: فَقُلَتُ لَهُ: فَإِنَّهَا تَسْتَحْىِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (فَنَلِكَ إِفنُهَا إِفَا هِىَ سَكَتَتْ لما.
66 - (4121) حدثنا سَعيدُ بْنُ مَنْصُور وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، قَالا: حدثنا مَالِلث.
ح وَحدثنا يحيى بْنُيحيى - وَاللَفظُ لَهُ - قَالَ.
قُلتُ لمَالك: خَدثكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الفَضْلِ عَنْ نَافِع بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَتاسٍ ؛ أن النَبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالً: َ (اً لأينمُ أحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا،
وقوله: (الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن فى نفسها[ وإذنها
564
(4/563)
كتاب النكاح / باب استئذان الثيب فى النكاح...
إلخ
وَالبِكْرُ تُسْتَأفَنُ فِى نَفْسِهَا، ! اِفنُهَا صُمَاتُهَا " ؟ قَالَ: نَعمْ.
67 - (... ) وحدئمنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا سُفْيَانٌ، عَنْ زِيَاد بْنِ سَعْد، عَنْ عَبْد الله
ابْنِ الفَضْلِ، سَمِعَ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ يُخْبِرُ عًنِ ابْنِ عَثاسٍ ؛ أن النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ.
(الثيبُ أحًقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالبِكْرُ تُسْتَأمَرُ، وَإِفنُهَا سُكُوتُهَا).
صماتها] (1))، وفى حديث آخر: ! الثيب أحق بنفسها، والبكر تستأمر، واذنها سكوتها)، وفى بعض طرقه: (والبكر يستأذنها أبوها فى نفسها، د إذنها صماته ال، قال الإمام: الاْيم هاهنا: هى الثيب خاصة، والأيم فى غير هذا: التى مات زوجها أو طلقها، ومنه قوله تعالى: { وَأَنكِحُوا الأَيَامَى منكم} (2) والبكر: التى لا زوج لها أيم أيضا، وكذلك الرجل الذى لا امرأة له، ويقال: تأيمت المرأة: إذا أقامت لا تتزوج.
وأنشد ثعلب:
وقولا لها يا حبذا أنت هل بدالها أوأرادت بعدنا اْن تأيما
قال أبو عبيد: يقال: رجل أيم وامرأة أيم، وإنما قيل ذلك للمرأة ؛ لأن كثر ما يكون فى النساء فهو كالمستعار فى الرجال.
يقال: اْيئم بين الا"يَمة، ويقال: الغزو مأيمة، أى يقتل الرجال فيصير نساؤهم أيامى، وقد امت تئيم وإمت أنا، قال الشاعر:
لقدأمت حتى لامنى كل صاحب رجاءبسلمى أن يئيم كما إمت
وفى الحديث: كان يتعوذ من الأيمة، والعيمة والغيمة.
فالاْيمة اْن يطول العُزبة، والعيمة شدة الشوق إلى اللبئ.
يقال: ماله اَم وعام، أى فارق امرأته وذهب لبنه.
والغيمة شدة العطش.
قال القاضى: وهذا الحديث أصل من أصول الأحكام صحيح من روايات الثقات، د إن اختلفت ألفاظهم فى بعضه من قولهيم: الاْيم.
وقال بعضهم: والثيب مفسرًا[ وفى رواية بعضهم (اليتيمة) مكان (البكر) مفسرًا أيضا، ولم يذكره مسلم] (3)، وقد رواه شعبة كذا عند مالك، وعن مالك: رواه كثر أقرانه ومن هو كبر منهم، مثل أبى حنيفة، والليث ابن سعد وشعبة والثورى، وابن عيينة.
وقد رواه مسلم أيضا عن ابن عيينة عن زياد بن سعد بمثل تقييد مالك.
واختلف فى معنى الأيّم هنا، مع اتفاق أهك اللغة أنه ينطلق على كل امراْة لا زوج
لها، كانت صغيرة أو كبيرة، أو بكرا أو ثيبا.
قاله الحربى د إسماعيل القاضى وغيرهما.
(1) من ع.
(2) النور: 32.
(3) سقط من الأصل، واستدرك بالهامث! بسهم.
(4/564)
كتاب النكاح / باب استئذان الثيب فى النكاح...
إلخ 565 68 - (... ) وحدّثنا ابْنُ أبى عُمَرَ، حدثنا سُفْيَانُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وَقَالَ: (الثّ!بُ
والأيمة العزبة، ورجل اْيم وامرأة اْيم، وحكى أبو عبيد: أيمة، وحكى الحربى عن ابن الأعرابى فيما تقدم من قولهم: الغزو مأيمة، ينبغى اْن تكون ما اْمه.
ثم اختلف العلماء ما المراد بهذا الحديث ؟ فذهب علماء الحجاز وكافة الفقهاء إلى اْن
المراد بها هاهنا: الثيب التى فارقها زوجها، واستدلوا بأنه كثر استعمالا فيمن فارق زوجه بموت أو طلاق، وبرواية الأثبات أيضا فيه الثيب مفسرًا، وبمقابلته بقوله: (والبكر تستأمر فى نفسها).
فدل ان الأول من عدا البكر وهى الثيب، وأنه لو كان المراد بالاءيم كل من لا زوج له من الأبكار وغيرهن، وأن جميعهن أحق بأنفسهن، لم يكن لتفصيل الاْيم من البكر معنىً.
وذهب الكوفيون وزفر إلى أن الاْيْم هنا ينطلق على ظاهره فى اللغة، وأن كل امرأة -
بكرًا أو ثيبا - إذا بلغت أحق بنفسها من وليها، وعقدها على نفسها جائز.
وهو قول الشعبى والزهرى وزفر، قالوا: وليس الولى من أركان صحة العقد، ولكن من تمامه[ وجماله.
وحجتهم: معنى اللفظ فى اللغة فى الأيم] (1)، ولقوله: { وَأَنكِخوا الأَيَامَى مِنكمْ} (2)، وذلك يصح من كل من لا زوج له.
وقال الأوزاعى ومحمد بن الحسن وائو يوسف: إن صحة العقد موقوف على إجازة القاضى.
واختلف أيضا فى قوله: (أحق من وليها) ما هو ؟ هل هو بالإذن فقط، اْو بالعقد والاذن ؟[ فعند الكافة بالاذن لا غير، وعند هولاء: العقد والاذن] (3)، قال القاضى إسماعيل: لم يدخل الأب فى جملة الأولياء المذكورين فى الحديث ؛ لاْن اْمره فى ولده اْرفع، يعنى بقوله فى البكر، وقوله: (تستأمر فى نفسها) وهو قول مالك من رواية جماعة، وان المراد به هنا، اليتيمة، وحمل غيره الاستئمار هنا والاستئذان فى البكر على ظاهره فى ذوات الاَباء، وأنه على الندب والترغيب لا على الوجوب، وروى - اْيضا - نحوه عن مالك، وقاله الشافعى واْحمد وإسحق وابن أبى ليلى وغيرهم.
وقال الكوفيون والأوزاعى / يلزم ذلك فى كل بكر.
قال إسماعيل القاضى: فى الحديث معنيان:
أحدهما: اْن الأيامى كلهن أحق بأنفسهن من اْوليائهن، وهم من عدا الأب من
ا لأولياء.
والثانى: تعليم الناس كيف تستأذن البكر.
(1) سقط من الأصل، واستدرك بالهامى بسهم.
(3) سقط من الأصل، واستدرك بالهامث! بسهم.
(2) للنور: 32.
236 / ب
566 (4/565)
كتاب النكاح / باب استئذان الثيب فى النكاح...
إلخ أحَقُّ بِنَفسِهَا مِنْ وَلِيهَا، وَالبِكْرُ يَسثتأفِنُهَا أبُوهَا فِى نَفسِهَا، وَإِفنُهَا صُمَاتَهَا) وَربَمَا قَالَ:
قال غيره: يحتمل قوله: (الأيم أحق بنفسها): فى كل من عقد وغيره، كما قال
داود وأبو حنيفة، ويحتمل أنه أراد أنها أحق بالرضا بخلاف البكر فى الأب، لكن لما قال - عليه السلام -: (أيما امرأة نكحت بغير ولى فنكاحها باطل) (1) وقوله: ا لا نكاح إلا بولى) (2) دل أن المراد بقوله: (أحق بنفسها) أنه الرضا دون العقد، وحق الولى فى العقد.
ودل قوله: (أحق بنفسها من وليها) أن وليها فى إنكاحها حقًا، لكن حقها هى كثر ؛ لأن لفظة (أفعلإ: تقتضى المفاضلة مع المثاركة، وحقها: هو أنه لا يتم ذلك إلا برضاها.
وقوله: ا د إذنها صماتها) اختلف فى مذهبنا، هل من شرط ذلك إعلامها بأن إذنها صماتها أم لا ؟ مع اتفاقهم على استحباب ذلك وهو حكم ذات الاي عند من تقدم، واليتيمة عند الجمهور، وحكى الاسفرايينى قولا لأصحابه: أن اليتيمة لابد لها من النطق بالرضا بخلاف ذات الأب.
قال الخطابى: وذات الجد، وحكاه عن الشافعى.
قال الإمام: اختلف الناس فى افتقار النكاح إلى ولق، فأوجبه مالك على الاطلاق، واْوجبه داود فى البكر خاصة، وأسقطه أبو حنيفة فى الثيبات وفى الاْبكار البوالغ الجائزات الاْمر.
واعتبر أبو ثور إذن الولى خاصة.
فلمالك قول الله تعالى: { وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكيئَ} (3) فخاطب الأولياء ولو لم يكن
لهم فى ذلك حق لما خطابهم بذلك، وقوله ( صلى الله عليه وسلم )، الا نكاح إلا بولى) وقد قال بعض أهل العلم: إن لفظ النهى للذات الواقعة إذا ورد فى الشرع، فإنه وإن حمل على نفى الكمال أو تردد بينه وبن الجواز - على ما سبق القول فيه قبل هذا - فإن ذلك إنما يكون فى العبادات التى لها موقعان، موقع إجزاء، وموقع كمالي.
وأما النكاح والمعاملات فليس لها إلا موقع واحد وهو نفى الصحة.
واْما داود فله قوله ( صلى الله عليه وسلم ): (الثيب[ أحق بنفسها) الحديث المتقدم، ففرق فيه بين البكر والثيب] (4)، فلو كانا يستويان فى افتقارهما إلى الولاية لم يكن للتفرقة معنى، وقد نص فى الثيب أنها أحق بنفسها من وليها، وفى البكر اْنها تستأمر، وهذا نص ما
(1) الدارمى فى سننه، كالنكاح، بللنهى عن النكاح بجر ولى 137 / 2 عن عائثة.
(2) الدارمى كالنكاح، بللنهى عن النكاح بغير ولى 2 / 137 عن أبى بردة عن اْبيه.
(3) للبقرة: 221.
(4) فى هامث!ع.
(4/566)
كتاب النكاح / باب استئذان الثيب فى النكاح...
إلخ
(وصَمْتُهَا إِقْرَارُهَا).
567
ذهب إليه من التفرقة.
وأجاب أصحابنا عن ذلك: بأن المراد أنها أحق بنفسها فى تعييئ الأزواج لا فى تولى العقد، كما قال داود: إنها أحق فيهما جميعأ.
قال أصحابنا: والدليل لما قلناه: اْن لفظة (أحق) من أبنية المبالغة وذلك يشعر بأن للولى حقأ ما معها، وليس إلا ماقلناه من تولى العقد.
وأما أبو حنيفة فله القياس على البياعات، فإنها تنعقد وان باشرتها المراْة بنفسها، وكذلك إجازتها لنفسها.
وإذا ثبت أن بيعها وإجارتها لا يفتقر إلى ولاية، 1 والنكاح لا يخلو أن يكون بيعًا أو إجارة، وأى ذلك كان وجب ألا يفتقر إلى ولاية] (1) قياسئا على ما قلناه، وتحمل الظواهر الواردة بإثبات الولاية على الأمة والبكر الصغيرة، ويخص عمومها بهذا القياس وتخصيص العموم بالقياس مختلف فيه عند أهل الأصول.
وأما أبو ثور فله قوله ( صلى الله عليه وسلم ): (أيما امراْة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ؛ فإن اشتجروا فالسلطان ولى من لا ولى له)، ودليل هذا الخطاب: أنها إذا نكحت بإذن وليها فنكاحها صحيح، وأيضا فإن الولى إنما أثبت لما يلحقه من المعرة بأن تضع نفسها فى غير كف، فإذا أذن سقط حقه فى ذلك، فلا معنى لتوليه العقد.
والولى إذا تولى العقد تولاه على قسمين:
أحدهما: يفتقر إلى إذن المنكحة.
الثانى: لا يفتقر إلى ذلك.
فأما الذى يفتقر إلى ذلك فالعقد على سائر الثيبات إلا ذات الأب إذا تثيبت قبل البلوغ، ففى افتقار عقد أبيها إلى استئذانها ثلاثة أقوال عندنا: إثباته على الاطلاق، [ واسقاطه على الإطلاق] (2)، وإثباته ما لم تبلغ فإذا بلغت سقط.
وأما التى تثيبت بعد البلوغ فلا أعلم خلافا بين الألْمة أنها لاتجبر، إلا ثشًا ذكر عن الحسن أن الأب يجبرها على الإطلاق، ولعله أراد التى تثيبت قبل البلوغ.
وأما الذى لايفتقر إلى إذن، فالسيد فى أمته، والاْب فى ابنته البكر قبل أن تبلغ عند
سائر العلماء، إلا من شذ منهم، ورأيت بعض العلماء حكى الاتفاق فىِ ذلك، والرد على هولاء الشواذ إن لم يثبت الاتفاق قبلهم قوة تحالى: { وَاللأثِي يَئِسْن مِنَ الْمَحيض} إلى قوة: { وَاللأئِي لَمْ يَحِضْن} (3) فأشت من لم تحض من نسائنا، فدل علىَ صحة العقد عليها قبل البلوغ ؛ إذ غير البالغ لا يصح منها أن تعقد.
وهذا الجبر مختص بالآباء، فأما غيرهم من الأولياء فلا يملكون جبر هذه البكر، وإن كانت يتيمة على المشهور من المذهب عندنا.
وعندنا قول شاذ: اْن لغير الاَب من الأوليا 3
(1، 2) سقط من الأصل، واستدرك بالهامث! بسهم.
(3) الطلاق: 4.
237 / 1
568 (4/567)
كتاب النكاح / باب استثذان الثيب فى النكاح...
إلخ
جبر البكر اليتيمة قياسا على الاْب.
وأما إذا بلغت البكر فجبر الأب إياها ثابت عندنا وعند الشافعى، استصحابا لما اتفق
عليه من ذلك، ولما ثبت بالدليل قبل البلوغ.
وقال اْبو حنيفة: لا يجبرها الأب إذا بلغت لما وقع هاهنا فى كتاب مسلم من قوله: (يستأمرها اْبوها)، ويحمل هذا عندنا على الندب، وقد قال أبو داود: أبوها ليس بمحفوظ (1) فى هذا الحديث ؛ لاْن قوله: (الثيب أحق بنفسها) دليله أن البكر لا تكون أحق بنفسها، وقد جعل البكر البالغ أحق بنفسها كالثيب، وهذا ينافى دليل الخطاب الذى قلناه.
فأما إذا عنًستْ البكر فى بيت أبيها، فالمذهب عندنا على قولن فى جبره إياها على النكاح، فمن رأى أن العلة فى الجبر مجرد البكارة أثبته هاهنا لوجودها.
ومن رأى أن العلة جهل البكر الصغيرة بالأمور نفاه هاهنا، لمعرفة هذه الاْمور ؛ لكبر سنها.
وإذا كانت الثيوبة / من زنًا، فالمذهب أيضا عندنا على قولن فى تأثيرها فى رفع الجبر، فمن رأى أن الثيوبة من مجردها علة فى إسقاط الجبر أسقطه هاهنا.
ومن رأى أنها تكون علة إذا انضاف إليها وصف آخر - وهو أن يكون بنكاح اْو شبهة نكاح لم يسقط الجبر هاهنا.
والولاية على قسمين: عامة وخاصة.
فالعامة: ولاية الإسلام.
والخاصة: ولاية النسب أو ما حل محله كالوصى أو ما تثبه به كالولى الأعلى، أو
ما أقاله الشرع نائبا عنه كالسلطان.
فولاية النسب أولى بالتقدمة من هذه الولايات المذكورة، إلا أن يكون وصنى من قبل الأب، ففى تقدمته فى البكر على أولياء النسب خلاف عندنا.
وإنما دخل الولى لينفى عن نفسه المعرة أن تضع نفسها فى غير كفء.
والم!ثمهور عندنا أن الكفاعة معتبرة بالدين دون النسب.
وفى اعتبار اليسار من الزوج فى الموسرة، واعتبار الحرية الأصلية فى متزوج العربية اضطراب فى المذهب.
وحديث فاطمة بنت قيس فى تزويجها اْسامة، وضباعة فى تزويجها المقداد بن الأسود - رذ على من يقول: إن النكاح يفسخ.
وقد حكى[ أبو حامل!] (2) عن ابن الماجشون من أصحابنا: أنها إذا تزوجت غير
كفء فسخ النكاح د ان رضوا أجمعون، ولعله يريد: إذا تزوجت فاسد الدين، ممن يغلب
(1)) بو داود، كالنكاح، بفى دلثيب له 209) عن عبد الله بن الفضل.
(2) فى هامث!ع.
(4/568)
كتاب النكاح / باب استئذان الثيب فى النكاح...
إلخ 569 على الظن أنه يفسد دينها، فيصير ذلك حفا لله سبحانه، فيفسخ حينئذ.
ولو تزوجت بغير ولى والزوجان يعتقدان إباحة ذلك أو يجهلان الحكم فيها، لم
يكن فى ذلك حد.
ولو كانا يعتقدان تحرلم ذلك لم يكن فى ذلك حد أيضا، إلا عند الصيرفى من أصحاب الشافعى فإنه[ رأى] (1) فيه الحد وطرد.
وقوله: ألا يكون فيه صداق ولا يلحق فيه نسمث، وحجته قوله: الزانية التى تنكح نفسها.
ويحتج بأن النبيذ يحد شاربه ولا يرفع عنه الحد وجود الخلاف فيه، ومجمل قوله: الزانية التى تنكح نفسها على المبالغة عندنا فى التشبيه وشدة الزجر، لقوله فى حديث اَخر فيمن تزوجت بغير إذن وليها: (فإن أصابها فلها مهرها).
وأما النبيذ فإنما لم يعتبر الخلاف فيه ؛ لأن شاربه يحد د ان اعتقد تحليله، ولو اعتقد
هذا تحليل النكاح بغير ولى ما حد، وقد قال بعض الناس: إنما حد شارب النبيذ وإن اعتقد تحليله ة لأنها من مسائل الاْصول التى لايسوغ فيها طرق الاجتهاد المختلفة، وهذا عندى فيه نظر، وإثباتها من مسائل الأصول قد يعسر.
وقال أبو حامد: النكاح بغير ولى له أصلان: أحدها الزنا.
والآخر: النكاح الصحيح.
والنكاح بغير ولى وقع جنسه صحيحًا، وانما فسد ل!خلال ببعض شروطه، والنبيذ ليس له أصل محلل يُرَد إليه، ولا أصله الاباحة، فحرم للإخلال ببعض شروطه، فلهذا افترقا فى الحد عندهم.
قال القاضى: ناقض داود فى اصتعمال هذه الاْحاديث اْصله فى موضعيئ، فقضى بالمفسر منها على المجمل على طريق الكافة، وترك ظاهر اللفظ على مذهبه وليس من أصله، فخالف أبا حنيفة ومن قال بقوله فى البكر: اْنها لا يعقد عليها إلا الولى، لعموم قوله: ا لا نكاح إلا بولى)، ووافقهم فى الثيب، لظاهر مّوله: (هى أحق بنفسها من وليها)، وأصله فى مثل هذه الظواهر: إذا تعارضت طرحها، والرجوع إلى أستصحاب حال الأصل قبل ورود الشرع.
فهذا موضع واحد ناقض فيه أصله.
والآخر: أن مذهبه: أن إحداث قول ثالث فى مسألة الخلاف فيها على قولن خرق إجماع، وهو مذهب بعض أهل الأصول، وقوله هو - هذا فى التفريق بين البكر والثيب - فى اشراط الولى فى العقد، وكونه ركنا من أركان صحة العقد فى البكر دون الثيب قوذ لم يقلهُ قبله غيره، وإنما الخلاف فى أن ذلك فى الجميع لازم أو غير لازم.
واتفقوا أن المراد بالولى فى هذا الحديث ذو الولاية الخاصة دون العامة.
ثم اختلف القائلون باشراط الولى فى صحة عقد النكاح، أو استحبابه من هو ؟ أهو
ولى الديانة عموئا أو ولى النسب وما فى معناه من الولاء والوصاء خصوصًا ؟ ثم الرجوع (1) صاقطة من الأصل، واصتدركت بالهامة بسهم.
237 / ب
570 (4/569)
كتاب النكاح / باب استئذان الثيب فى النكاح...
إلخ لولاية الديانة أو الحكم إنما يكون عند عدم ذلك، فمشهور مذهب مالك اشتراط ولاية القرابة، ومراعاة الأقعد فالاءقعد، وهو قول الشافعى والليث بن سعد.
وقال أحمد وإسحق وأبو ثور فى اشتراط ولى النسب نحوه، إلا أن أبا ثور قال: كل من يقع عليه اسم ولى فله اْن ينكح، ولم يجعل للقعود حقًا.
وقاله بعض أصحابنا، وحجتهم: قول عمر: ا لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها أو ذى الرأى من أهلها أو السلطان) فحملوه على التسوية، وحمله الاخرون على الترتيب، قالوا كلهم: ويفسخ إذا وقع بغير ولى خاصِ، وليس للولى الخاص إجازته.
وحكى البغداديون عن مالكِ قولأ آخر: أن ولاية الديانة ولاية فى كل اْحد يمضى عقدها، وليس للولى الخاص فسخه، وقاله اْبو حنيفة ومن وافقه ممن يستحب الولى، ولا يوجبه إلا اْن تضع المرأة نفسها فى غير كفم!، فللولى فسخه عندهم للمعرة.
وعلى هذا الخلاف يأتى توقف مالك فى فسخه واجازته فى المدونة على اختلاف لفظه والتأويل عليه، وعليه يأتى اختلاف أصحَابه فى مغ الولى من إجازته أو إباحة ذلك له، ومراعاة طول الدخول والإقامة عند بعضهم أو قربها.
وهل الولاية من حقوق الله ؟ فلا يلتفت إلى إمضاَ الولى، أو من حقوق الولى ؟ فيلتفت إلى ذلك، ولكثرة الاختلاف فى ذلك ومراعاته إذا نزل.
وكذلك اختلف / المذهب عندنا فى إنكاح الأبعد، مع وجود الأقعد مراعاة للخلاف،
وهل تقديمه لقعدده (1) من حقوق الله فيفسخ على كل حالِ، وهو قول المغيرة، اْو من حقوق الولى فيكون له الخيار فى إمضائه أو رده، وبه قال جماعة منهم، اْو من باب الأولى والاكمل فلا يكون له اعتراض فيه إذا وقع، وهو قول مالكِ وقول الصحابة.
وهذا كله فيمن عدا الأب فى ابنته البكر، والسيد في أمته، فلا خلاف فى أن لهما فسخ ما عقد بغير إذنهما واختلف هل لهما إجازته ؟ فعندنا فى ذلك قولان، وعن مالك قول ثالث مشهور فى التفريق بين الشريفة والدنية (2) فأمضى ولاية الديانة فى الدنية وعند الضرورة فيها، ولم يمضها فى الشريفة وذات القدر، فلم يحك عن غيره مثله.
واختلف مذهبنا من هم الأولياَ الذين إليهم الإنكاح ؟ أهم البطن أم الفخذ أم العشيرة
أم العصبة ؟ واختلف هل الولد من الأولياَ الخاصة إذا لم يكن من عصبتها أم لا ؟ فعندنا اْنه ولى بكل حالِ.
(أ) القعدد: المراد به أقرب الأولياَ وأقعدهم بها.
راجع الاستذكار 16 / 38.
(2) قال ابن عبد البر: ولا أعلم لحدا فرق بين الشريفة فات الحسب والمال، ولا الدنيَّة التى لا حسب لها ولا مال إلا مالكا فى رولية ابن القاسم وغيره عنه.
السابق 47 / 16.(4/570)
كتاب النكاح / باب استئذان الثيب فى النكاح...
إلخ
571
واختلف فى تقديمه على الأب أو تقديم الأب عليه، وقال الخطابى: ليس بولى إلا أن يكون من العصبة، وقال أبو عمر: اختلفوا فى غير العصبة كالوصى[ وذى] (1) الراْى والسلطان، مع اتفاقهم أن السلطان ولى من لا ولى له.
ولا خلاف عندنا أن الوصى كالولى، وإنما اختلف من أحق بعقد نكاح البكر ؟ هو أو الولى ؟ كما تقدم.
وأما الثيب فكلاهما ولى لها وليس له.
وفى قوله: (ونيه ال: ظاهره استواء الأنثى والذكر فى الولاية إذا كان له النظر عليها،
وألا تنكح إلا بإذنهما ورأيهما ؛ إذ لفظ (الولى) يقع للاْنثى والذكر سواء كلفظ الوصى، وأن ذلك إنما يكون ممن له الرأى ؛ ولهذا لا يجوز عند كافة من اشترط الولاية عقد الولى غير البالغ ولا العبد، ولا المجنون، ولا الكافر، ولا غير الرشيد.
وكذلك فى معنى مراعاة الولى للذب عن حرمته والغيرة على عورته فى قوله: ا لا نكاح إلا بولى) ما يشعر أنه بولى مخصوص بالرجال دون النساء، ولأنهم القوامون عليهن.
ولا خلاف بين الحجازيين فى ذلك، إلا أنه روى عن مالك: أنها إن عقدت على الذكور مضى بخلاف الإناث.
وعمدة مذهبه أنها لا تعقد على ذكر ولا أنثى، وكذلك عموم الولاية يقتضى كون ذلك الكافر فى ابنته الكافرة وفى أمته، وفى ذلك خلاف عندنا، والمشهور جوازه فى الأمة بحق الملك ومنعه فى الحرة، وكذلك اشترط الشافعى فيها العدالة واْبطلها بالفسق، وليس العدالة من شروطها عندنا على المشهور.
(1) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامة بسهم.
572(4/571)
كتاب النكاح / باب تزويج الأب البكر الصغيرة
(10) باب تزويج الأب البكر الصغيرة
69 - (1422) حّدثنا أبُو كُرَيبٍ مُحَمَدُ بْنُ العَلاء، حَا شَا أبُو اسَامَةَ.
ح وَحَدثنَا
أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شئبَةَ، قَالَ: وَجَدْتُ فى كتَابى عَنْ أبِى أَسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ عَنْ أِبِيهِ، عَنْ عَاثِشَةَ.
قَالَتْ: تَزَؤَجَنِى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) لِسِمث سَنِنَ، وَبَنَى! وَأنَا بِنْتُ تِسعْ سِنِين.
قَالَتْ: فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ فَوُعِكْتُ شَهْرم ؛ فَوَفَى شَعْرِى جُمَيْمَةً، فَا"تتنِى امُ رُومَانَ، وَأنَا عَلَى أرْجُوحَةٍ، وَمَعِى صَوَاحِبِى، فَصَوَخَتْ بِى فَأتَيْتُهَا، وَمَ الهْرِى مَا تُرِيدُ بِى، فَأخَذَتْ
وقول عائشة: (تزوجنى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وأنا بنت ست سنين، وبنى بى[ وأنا] (1)
بنت تع) الحديث، قال الأمام: رأيت لابن حنبل أنه جعل التسع سنين حداً للسن الذى يزوج فيه الأولياء البكر اليتيمة إذا رضيت ؛ لأجل حديث عائشة هذا.
وهذا لا معنى له، إلا أن يريد[ أنه] (2) السن الذى تميز فيه ويعتد برضاها، أو يكون أراد أن هذا السن قد تحيض فيه بعض الجوارى.
قال القاضى: قد التفت مالك إلى نحو هذا بشريطة الضرورة في صبيةِ بنت عشر سنين تتكفف الناس، فقال: لا بأس أن تزوج برضاها وان كانت لم شّبت.
وحديث عائشة هذا اْصل فى جبر الاباء بناتهن الأبكار وتزويج الصغار منهن.
ولا خلاف بين العلماء فى جواز تزويج الأب ابنته الصغيرة التى لا يوطأ مثلها، ثم لا خيار لها فى ذلك إذا بلغت عند مالك والشافعى وفقهاء أهل الحجاز.
وذهب أهل العراق إلى أن لها الخيار إذا بلغت.
واختلف فى غير الأب، فمنع مالك والشافعى تزويج غير الأب من الأوصياء والاْولياء صغار اليتامى، وهو أحد قول اْحمد، وقاله الثورى وابن أبى ليلى وأبو ثور وأبو عبيد، واستثنى الشافعى من الأولياء الجد وجعله كالأب، قالوا: ويفسخ النكاح إذا وقع.
واختلف عندنا إذا لم ينظر فيه حتى بلغت، هل يفسخ أبداً أم يفوت بالدخول ؟ وقال
اْبو حنيفة وأصحابه والاءوزاعى وجماعة من السلف: يجوز ذلك ولها الخيار إذا بلغت، إلا أبا يوممف فقال: لا خيار لها، قالوًا: ولا يزوجها وصى إلا أن يكون وليا.
وحكى
(1، 2) سقطتا من الأعل، واستدركتا بالهامة.
(4/572)
كتاب النكاح / باب تزويج الأب البكر الصغيرة 573 بِيَدِى، فَاع وْقَفَتْنِى عَلَى البَاب.
فَقُلتُ: هَهْ هَهْ، حَتَى فَ!بَ نَفَسِى.
فَا"دْخَلَتْنِى بَيْتًا، فَإفَا نسْوَة منَ الأنْصَارِ.
فَقُلنَ: َ عَلَى ابخَيْرِ وَالبَرَكَة، وَعَلَى خَيْرِ طَائرٍ، فَا"سْلَمَتْنِى إلَيْهِنًّ.
فًغَسَلنً رَأيسِى وَأصْلَحْنَنِى، فَلَمْ يَرعنِى إِل الرَسُوَلُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ضُحًى، فَا"سْلَمْنَنِى إِئئهِ.
70 - (... ) وخدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أخْبَرَنَا أبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَام بْنِ عُرْوَةَ.
ح وَحَدثنَا ابْنُ نُمَيْرٍ - وَاللَفْظ لَهُ - حَدثنَا عَبْدَةُ - هُوَ ابْنُ سُلَيْمَانَ - عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عِائِشةَ، قَالَتْ: تَزَؤَجَنِى النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ) وَأَنَا بِنْتُ يسِث سِنِيئَ، وَبَنَى بِى وَأنَا بِنْتُ تِسعْ سنين.
الخطابى عن مالك وحماد بن أبى سليمان: للوصى أن يزوجها قبل البلوغ، وقاله شريح وعروة بن الزبير.
وهذا الحديث أصل فى حد وقت الدخول إذا حصل التشاجر فى ذلك، فأوجب طائفة إجبار بنت تع سنين على الدخول، وهو قول اْحمد وأبى عبيد، وقال مالك والشافعى: حد ذلك أن تطيق الرجل، قال الشافعى: وتقارب البلوغ.
قال أبو حنيفة: حد ذلك إطاقة الرجال دون لم تبلغ التسع، ولاءجلها منع زوجها منها إذا لم تطق ذلك وإن بلغت التسع، وهو نحو قول مالك.
وحكم الزوج - أيضا - فى ضمها والنفقة عليها حكم هذا، فحيث تجبر على الدخول يجبر هو على الانفاق.
قال الداودى: وكانت عائشة قد شئت شبابا حسنا.
وقولها: (فوعكت شهراً فوفى شعرى جُمَيَمة): اْى كمل وانتهى لتمعاله بالمرض.
والوعك: اْلم الحمى، والا"رجوحهّ: خشبة يلعب عليها الغلمان والجوارى، يوضع وسطها على مكان مرتفع، ويجلسيون على طرفيها ويتحركون بها، فترتفع جهة وتنزل الأخرى، وتميل اْحدهما بالآخر.
وقولها: (فقلت هَهْ هَهْ): حكاية صوت المبْهُور لأجل الترجح على الخشبة، اْلا تراها كيف قالت بعده: (حتى ذهب نفسى! بفتح الفاء.
وقول النساء لها: (على الخير والبركة واْيمن طائر): فيه حجة لما يقال للمتزوج.
وفى الحديث الآخر عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من رواية معاذ نحوه، واْنه دعا / لرجل من الأنصار شهد إملاكه.
فقال: (على الألفة والخير والطائر الميمون والسعة فى الرزق بارك الله لكم).
وروى عنه كراهة قول العرب فى ذلك: بالرفاء والبنين.
وقال - عليه السلام - لابن
8 طها / أ
574
(4/573)
كتاب النكاح / باب تزويج الأب البكر الصغيرة
71 - (.
، ءأ !حْدثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَراقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الرفرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائشةَ ؛ أن النَبِىً ( صلى الله عليه وسلم ) تَزَؤَجَهَا وَهْىَ بنْتُ س!بعٍ سِنِينَ، وَزُفَّت إِلَيْهِ وَهِىَ بِنْتُ تِسعْ سِنِينَ، وَلُعَبُهًا مَعَهَا، وَمَاتَ عنهَا وَهْىَ بِنْتُ ثَمًانَ عَشْرة.
72 - (... ) وحدثنا يحيى بْنُ يَحْيَى لَاِسْحَقُ بْنُ إبْرَاهيمَ وَأبُو بَكْرِ بْنُ أَ! شَيْبَةَ وَأبُو كُريب - قَالَ يَحْيَى وَإِسْحَقُ: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدشًا أبُو مُعَاويَةَ - عَنِ الأعْمَش، عَنْ إِبرَاهِيمَ، عَنِ الأسْوَدِ عَنْ عَائشَةَ، قَالَتْ: تَزَو2 جَهَا رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) وَهْىَ بِنْتُ يسِتًّ، وَبَنَى بِهَا وَهْىَ بِنْتُ تِسْعٍ، وَمَاتَ عَنهَا وَهْىَ بِنْتُ ثَمَانَ عَشْرَةَ.
عوف: (بارك الله عليك، أولم ولو بشاة) (1) وفى حديث اخر: أنه قال: (بارك الله لكم وعليكم).
ومعنى الطائر هنا: الحظ، اْى أيمن حظ واْفضله.
يقال للحظ من الخير والشر: طائر، وقيل ذلك فى قوله تعالى: { وَكُل إنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِه} (2)، وقيل فى قوله تعالى: { طَائِوُكُم ثعَكُم} (3) اْى المقدور لكم من البخت والحظ.
وقال الداودى: معناه: على خير ما يأتى وُيرجى ؛ لأنهم كانوا ربما سرّهم استقبال الطالْر إياهم واستبشروا به.
قال القاضى: وأصله مستعار مما كانت العرب تتعيّفُ به وتتفال من الطيرالسائح والبارح، وليس كل ما استقبلهم كانوا يسرون به، وسيأتى الكلام عليه فى موضعه من الكتاب.
وقولها: (فغسلن رأسى، وأصلحننى!: فيه جواز تزيين للرأة لزوجها، وجواز اجتماع النساء لذلك، ولما فيه من شهرة النكاح والدخول وهو مما يجب إشهاره وحضور النساء له، فقد يحتاج إليهن فى نوازل الأحكام.
وقولها: (فلم يرعنى إلا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ضحى فأسلمننى إليه !: أى لم يفزعنى.
والروع: الفزع، ويستعمل فى كل أمر يطرأ على الإنسان فجأة، من خير أو شر، فيرتاع لفجأته.
وفيه جواز الابتنل! بالاءهل بالنهار، وعليه ترجم البخارى فى باب: الابتناء بالنهار بغير مركب ولا نيران (4).
قال بعضهم: كلما اشتهر النكاح بمركب أو نيران كان أولى، ويكفى فى ذلك الإعلان.
ومعنى النيران - والله اْعلم - الولائم، كما قال فى الحديث الآخر: (أو يرى دخان أو كثرة السرج عند الزفاف بالليل)، والفه أعلم.
وقولها: (ومعها لعبها): أى البنات التى يلعب بها الجوارى، يُريد: لصغر سنها.
فيه جواز اتخاذهن داباحة لعب الجوارى بهن، وقد جاء فى الحديث الآخر رؤَية النبى ( صلى الله عليه وسلم )
(1) سيأتى قريأ برقم لا 7) بالباب بعد دلتالى.
(2) الإسراَ: 13.
(4) للبخارى، كالنكاح، بالابتناَ بالنهار من غير مركب ولا نيرلن.
الفتع 9 / 224.
(3) يا: 19.
(4/574)
كتاب النكاح / باب استحباب التزوج والتزويج فى شوال...
إلخ
575
(11) باب استحباب التزوج والتزويج فى شوال
واستحباب الدخول فيه
73 - (423 1) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَؤُهَيوُ نجنُ حَرْلب - وَاللَفْظُ لِزُهَيْر - قَالا: حَدثنَا وَكِيع، حَدثنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِ (سْأعِيلَ بنِ أم!ةَ، عَنْ عَبْدِ ألئه بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائشَةَ، قَالَتْ: تَزَوَجَنِى رَسُولُ أ!لثه ( صلى الله عليه وسلم ) فِى شَوَال، وَبَنَى بِى فِى شَوَّال فَاى نِسَاءِ رَسُولِ النَه ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ أَحْظَى عنْدَهُ مِنى " قَالَ: وَكَانَمت فَائشَةُ تَسْتَحبُّ أَنْ تُدْخِلَ نِساعَ!ا فِى شَوَالٍ*
(... ) وخدثناه ابْنُ نُمَيْر، حَدثنَا أبِى، حَدثنَا سُفْيَانُ، بِهَنَا الاِسْنَادِ.
وَلَمْ يَذْكُرْ فِعْلَ عَائشَةَ.
لذلك، دماِقراره عليه.
قالوا: لما فى ذلك من تدريبهن لتربية الأولاد وإصلاح شأنهن وبيوتهن.
وقولها: (تزوجنى رسول اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) فى شوال، وبنى بى فى شوال، فأى نسائه كان أحظى عنده منى)، (وكانت تستحب أن يدخل نساؤها فى شوال): كانت الجاهلية تكره هذا وتطير من ذلك ؛ لما فى اسم شوال من قولهم: شالت نعامتهم، وشالت النوق بأذنابها: إذا رفعتها.
وفيه إجبار الرجل ابنته على النكاح وتزويج الصغار.
576
(4/575)
كتاب النكاح / باب ندب النظر إلى وجه المرأة وكفيها...
إلخ
(12) باب ندب النظر إلى وجه المرأة وكفيها لمن يريد تزوجها
74 - (1424) حدثنا ابْنُ أبِى عُمَرَ، حَدَّثنَا سُفْيانُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أبِى حَازِبم، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: كنتُ عنْد الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، فَأتاهُ رَجُل فَا"خْبرَهُ أنَهُ تَزَوَّجَ امْرَأةَ مِنَ الأنْصارِ.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (َأنَظَرْتَ إِلَيْهَا ؟).
قَالَ: لا.
قَالَ: (فَاف! بْ فانْظُرْ إِلَيْهَا، فَإِن فِى أعْيُنِ الأنصَارِ شئيئا).
75 - (... ) وحدثنى يحيى بْنُ مَعِين، حَدثنَا مَرْوانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الفَزَارى، حَا شَا يَزِيدُ بْن كَيْسَانَ عَنْ أءِى حَازِبم، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُل إِلَى الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: إِنِّى تَزَؤَجْتُ امْرَأة مِنَ الأنْصَارِ.
فَقَالَ لَهُ النَّبِىُ ( صلى الله عليه وسلم ): (هَلْ نَظَرْتَ إِلَيْهَا ؟ فَإِنَّ فِى عُيُونِ
وقوله: للمتزوج: (اذهب فانظر إليها، فإن فى أعن الأنصار شيئا)، قال الإمام: محمل هذا عندنا على أنه إنما ينظر عند التزويج إلى ما ليس بعورة منها كالوجه والكفن (1) ؛ لأن ذلك ليس بمحرم على غيره، إلا إذا كانت شابة فيمنع الغير من ذلك خوف الفتنة، لا لأجل العورة.
وكره له مالك أن يستغفلها، ومعناه: اْن ينظر إليها على غفلة وغرة من حيث لا تشعر، مخافة أن يطلع على عورتها.
قال القاضى: هذا كله من أ باب] (2) جواز النظر إليها قول مالك والشافعى واْحمد والكوفين وجمهور العلماء.
وقال الأوزاعى: ينظر إليها ويجتهد، وينظر مواضع اللحم منها.
قال الشافعى وأحمد: وسواء بإذنها أو بغير إذنها إذا كانت فسترة، وحكى بعض شيوخنا تأويلاَ على قول مالك: أنه لا ينظر إليها إلا بإذنها، لأنه حق لها وليس ببينِ.
ولا يجوز عندهم أن ينظر إلى عورتها، ولا وهى حاسرة.
وكره اخرون ذلك كله.
والسنة تقضى عليهم مع الاجماع على جواز النظر للحاجة كالشهادة وغيرها.
وأجاز
داود أن ينظر إلى سائر جسدها تمسكا بظاهر اللفظ، وأصول السنة أيضا ترد عليهم.
وقوله: (فإن فى أعن الأنصار شيئا): دليل على أن مثل هذا وقوله على الجملة دون تعيين ليس بغيبة، مع اْيضا أن قوله للنصيحة والتعريف خارج عن باب الغيبة، وأدخل
(1) فى ع: اليدين.
(2) صاقطة من الأصل، ولهتدركث بالهامة بسهم.
(4/576)
كتاب النكاح / باب ندب النظر إلى وجه المرأة وكفيها...
إلخ 577 الأنْصَارِ شَيْئًا " قَالَ: قَدْ نَظَرْتُ إِلَيْهَا.
قَالَ: (عَلَى كَمْ تَزَوَّجْتهَا ؟).
قَالَ: عَلَى أَرْبَع أَوَاق.
فَقَالَ لَهُ النَّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ): (عَلَى أرْبَع أَوَاق ؟ كأنَمَا تَنْحِتُونَ الفِضَّةَ مِنْ عُرْضِ هَذَا الجَبَل، مَا عِنْلطًا مَا نُعْطِيكَ، وَلَكنْ عَسَى أنْ نَبْعَثَكَ فِى بَدْث تُصِيبُ مِنْهُ ".
قَالَ: فَبَعَثَ بَعْثا إِلَى بَنِى عَبْسبى.
بَعَثَ فَلِكَ الرَّجُلَ فِيهِمْ.
فى باب ما اْمر به المسلمون من النصيحة لهم.
وقوله: (كأنما تنحتون الفضة من عُرض هذا الجبل) بضم العين: أى تقشرون وتقطعون.
والنّحات: النجار ؛ لأنه يقشر الخشب بعضه عن بعض.
قيل الأمام: وعُرض الجبل والحائط وغيرهما: ما واجهك منه، وعُرض الشىء: ناحيته.
قال القاضى: قال الحربى وغيره: العُرض: صفح الجبل وناحيته، وعرض المال والبحر والنهر: وسه، وعرض الشىء: نفسه ويكون وسطه، وقعدت فى عرض الناس، أى وسطهم.
238 / ب
578 (4/577)
كتاب النكاح / باب الصداق وجواز كونه تعليم قرار...
إلخ
(13) باب الصداق وجواز كونه تعليم قرَان وخاتم حديد
وغير ذلك من قليل وكثير.
واستحباب كونه
خمسمائة درهم لمن لا يجحف به
76 - (1425) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد الثَّفَفِىُّ، حَدهَّشَا يَعْقُوبُ - يَعْنِى ابْنَ عَبْدِ الرخمَنِ القَارِى - عَنْ أبِى حَازِمٍ، عَنْ سَهلِ بْنِ سَعْد.
ح وَحَدهَّشَاهُ قُتَيْبَةُ، حدثنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبى حَازِمٍ، عَنْ أبِيه، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْد السًئَاعِدِىِّ، قَالَ: جَا صك امْرَأةُ إِلَى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَتْ: يَارَسُولَ الله، جئْتُ أهَبُ لَكً نَفْسِى.
فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَصَعَّدَ الئظَرَ فيهَا وَصَوبهُ، ثُمَ طَأطَأ رَسُولُ النْه ( صلى الله عليه وسلم ) رَأسَهُ.
فَلَمَا رَأتِ المَرْأةُ أئهُ لَمْ يَقْضرِ فِيهَا شَيْئًا، جًلَسَتْ.
فَقَامَ رجُل مِنْ أصْحَابِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَة فَزَؤجْنِيهَا.
فَقَالَ: (فَهَلْءِفْدَكَ مِنْ شَىْء ؟ لا.
فَقَالَ: لا، وَالله يَا رَسولَ الله.
فَقَالَ: حديث التى جاءت تهب نفسها للنبى ( صلى الله عليه وسلم )، معناه: على وجه النكاح.
واختص النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بالهبة فى النكاح لقوله تعالى: { خَالِصَةً!كَ مِن !ونِ الْمُؤْمِنِين} (1).
وقوله: (فنظر إليها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فصغد النظر وصوبه ثم طأطأ رأسه): دليل
على جواز النظر للمتزوج وتكراره وتأمل المحاسن على ما تقدم وأنا النظرة الاْولى فمباحة للجميع.
وقوله: (فقال رجل: إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها) على ما تقدم، ولم يقل: فهبنيها ة إذ ذلك خالص له - عليه السلام.
قال الإمام: قال بعض الأئمة: فيه دليل على أن الهبة لا تدخل فى ملك الموهوب إلا بالقبول ؛ لأن الموهوبة كانت جائزة للنبى ( صلى الله عليه وسلم )، وقد وهبتْ هذه نفسها فلم تصر زوجة بذلك، قاله الشافعى.
قال القاضى: اختلف قول مالك فى الواهبة نفسها / باسم النكاح على غير صداق إذا
فات بالدخول، هل يفسخ او لا ؟ ولا يختلف أنه يفسخ، قبلُ على المعروف دون الشاذ: أنه كنكاح التفويض، وقال ابن حبيب: إن عنى بالهبة غير النكاح ولم يعنِ به هبة
(1) 1 لأحزاب: 50.
(4/578)
كتاب النكاح / باب الصداق وجواز كونه تعليم قرار...
إلخ 579 (اف!بْ إِلَى أهْلِكَ، فَانْظُرْ هَلْ تَجدُ شَيْئًا ؟).
فَنَ!بَ ثُمَ رَجَعَ.
فَقَالَ: لا، وَالله مَا وَجَدْتُ شَيْئا.
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (انْظُرْ وَلَوْ خَاتِمُ مِنْ حَلِيدٍ ".
فَنَهبَ ثُمَ رَجَعَ.
الصداق فسخ قبلُ، وثبت بعد الدخول ولها صداق المثل، دإن أراد به نكاحها بغير صداق لم يجز، فإن أصدقها ربع دينار فثثر لزم، واْوهمَه بعضُ شيوخنا فيما قال، وذلك أن الواهبة نفسها بغير معنى النكاح سفاح يثبت فيه الحد، دإنما الخلاف فيما أريد به النكاح.
وفى قول الرجل هذا دليل على جواز الخطبة على الخطبة ما لم يتراكنا، لاسيما مع ما
رأى من زهد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فيها.
قال الباجى: فيه جواز ذلك إذا كان باستئذان الناكح إذ هو حقه.
قال القاضى: وعندى أن الاستدلال بهذا كله هنا ضعيف ؛ لأنه لم يكن هنا خطبة إلا
من المرأة للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى نفسها، والرجل إنما طلب المرأة وخطبها للنبى ( صلى الله عليه وسلم )، ولم يخطبها غيره قبله، حتى يقال: هى خطبة على خطبة.
وقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ): (هل معك شىء ؟) وقال فى الموطأ (1) وغيره (2): (تُصدقها):
دليل أنه لا نكاخ إلا بصداق.
وقوله: ا لا اْجد): دليل على أنه لابد أن يكون الصداق مال بال، وش!مى مالا دون
ما ينطلق عليه اسم شىء، إذ النواةُ والخزفةُ المسعرة وشبه ذلك يقع عليه اسم شىء وهو مما لا يتعذر وجوده، وهم مجمعون على أنه لا يكون مثله صداقأ، ولا يصح به النكاح.
وقوله: (التمس ولو خاتما من حديد)، قال الإمام: تعلق به من أجاز النكاح بأقل
من ربع دينار، لأنه خرج مخرج التقليل، ومالك منعه بأقل من ربع دينار، قياسا على القطع فى السرقة.
قال القاضى: هذا مما تفرد به مالك التفاتا ؛ لقوله تعالى: { أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم} (3)، ولقوله: { وَمَن لَمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً} (4)، فدل أن المراد مالهُ باذ من المال، وأقله ما استبيح به العضو فى السرقة وهو ربع دينار.
وكافة العلماء من الحجازدن والمصرين والكوفيين والشامين وغيرهم على جوازه بما تراضى عليه الزوجان أو من العقد إليه مما فيه منفعة كالسوط والنعل ونحوه، وإن كانت
(1) الموطأ، كالنكاح، بما جاء فى الصداق والحباَ 2 / 526.
(2) البخارى، كللنكاح، بالسلطان ولى 7 / 22.
(3) للنساَ: 24.
(4) للنسد: 25.
580
(4/579)
كتاب النكاح / باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن...
إلخ
فَقَالَ: لا، وَال!ه يَا رَسُولَ الله، وَلا خَاتثم منْ حَدِيد، وَلَكِنْ ! نَا إِزَارِى - قَالَ سَهْل مَا لَهُ رِلَاء - فَلَهَا نِصْفُهُ.
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ: (مَا تَصْنَعُ بإزَارِكَ ؟ إِنْ لَبسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَىْءُ، ! اِنْ لَبسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ منْهُ شَىْء)، فَجَلَسَ! الرَّجُلُ، حَتًّى إِفَا طَالَ مَجْلِسُهُ قَامَ، فَرَاهُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) مُوَلئا، فَافًرَ بِهِ فَدُعِىَ.
فَلَمَّا جَاءَ قَال: (مَاذَا مَعَكَ مِنَ
قيمته أقل من درهم، وهو قول الشافعى وربيعة وأبى الزناد وابن أبى ذئب ويحيى بن سعيد، والليث بن سعد ومسلم بن خالد الزني، وسفيان الثورى والأوزاعى وابن أبى ليلى وداود، وفقهاء أصحاب الحديث، وابن وهب من اْصحابنا، مع استحباب بعضهم أن يكون مالهُ باذ.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: أقله عشرة دراهم.
وقال ابن شبرمة: أقله خسمة دراهم، اعتبارأ - أيضا - بالقطع فى السرقة عندهما.
وكره النخعى أن يتزوج بأقل من أربعين، وقال مرة: عشرة.
قال بعض المالكية: وقوله: (ولو خاتمأ من حديد) على طريق المبالغة لا التحديد ؛ لقوله أولا: ا لا أجد شيئا) د انما المراد بقوله: التمس شيئا أكثر قيمة من خاتم الحديد ة إذ نفى الرجل أن يجد شيئا، ولا ما هو أقل من خاتم الحديد، وقال بعضهم: لعله إنما طلب منه ما يقدمه لا أن يكون جميع مهره خاتم الحديد، وهذا يضعفه أن مذهب مالك استحباب تقديم ربع دينار لا أقل.
قالوا: وفيه دليل على جواز اتخاذ خواتم الحديد.
وقد اختلف السلف والعلماء فى ذلك، فاْجازه بعضهم إذ لم يثبت النهى فيه.
ومنعه آخرون وقالوا: كان هذا قبل النهى، وقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فيه: (حلية أهل النار).
قالوا: ومطالبته له بذلك فى الحن، يدل أن من حكمه تعجيله أو تعجيل ما يصح
أن يكون مهراً، ولو ساغ تأخير جميعه لسأله: هل ترجو أن تكسب فى المسثقبل شيئأ أو تجده ؟ ويزوجه على ذمته.
وقوله: لا أجد إلا إزارى وقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ): (ما تصنع ب!زارك إن لبسته لم يكن عليها
منه شىء)، وفى الرواية الأخرى: (جلست لا إزار لك): دليل على أن إصداق المالة تخرجه من يد مالكه، وأن من أصدق جاريةً حرمت عليه.
وفيه أن الأثمان المبيعات لا تصح إلا بصحة تسليمها أو إمكانه، فمتى لم يمكن ذلك وامتنع لم ينعقد فيه بيع ولا به، سواء كان امتناع ذلك حسأ كالطير فى الهواء، والحوت فى الماء، والاَبق والشارد، أو شرعأ كالمرهون، ومثل هذا الذى لو أزال إزاره انكشف.(4/580)
كتاب النكاح / باب الصداق وجوازكونه تعليم قرآن...
إلخ 581 القُرآن ؟).
قَالَ: مَعِى سُورَةُ كَنَا وَسُورَةُ كَنَا - عَدَّ!ا - فَقَالَ: (تَقْرَؤهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلبِكَ ؟).
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: (اف!بْ فَقَدْ مُلكتَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُران).
هَنَا حَدِيثُ ابْنِ أبِى حَازِم.
وَحَدِيثُ يَعْقُوبَ يُقَار"لهُ فِى اللَفْظِ.
77 - (... ) وحدثناه خَلَفُ بْنُ هِشَابم، حَدئنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْد.
ح وَحَدثنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدئنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ.
ح وَحَدئنَا إسْحَقُ بْنُ إبْرَاهيمَ، عَنِ الدَّرَاوَرْدىِّ.
ح ص ص صكشء، ص ه 5، ء ص ص ص ص صحص، ه،، صَءصصههصَ - َ،،، 55صصههبممصََصصه
وحدئنا ابو بكرِ بن ابِى شيبة، حدئنا حسين بن علِى عن زائدة، كلهم عن ابِى حازِم، عن سَهْلِ بْنِ سَعْد، بَهذَا الحَديث.
يَزيدُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضبى.
غَيْرَ أَنَّ فِى حَلِيثِ زَائلَةَ قَالَ: (انْطَلِقْ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَاَ، فًعَلمْهًا مِنَ القُرآنِ).
78 - (426 1) حّدئنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا عَبْدُ العَزيزِ بْنُ مُحَمَد، حَدشِى يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ أسَامَةَ بْنِ الهَادِ.
ح وَحَدثنِى مُحَمَّدُ بْنُ أبِى عُمَرَ المَكى - وَاللَّفْظ
وقوله: (اذهب فقد ملكتها بما معك من القرآن)، قال الإمام: هذه بالتعويض،
كما يقال: بعتك ثوبى بدينار، ولم يرد أنه ملكه إياها لحفظه القرار ؛ إكرامأ للقراء ؛ لأنها تصير بمعنى الموهوبة، وذلك لا يجوز إلا للنبى ( صلى الله عليه وسلم ).
قال القاضى: قال غيره: قوله يحتمل وجهين ؛ أظهرهما أن يعلمها ما معه من القرار
أو مقدارًا مَا منه، ويكون ؤلك صداقها، اْى تعليمها إياه، وقد ورد هذا التفسير عن مالك، ويحتج به من يرى أن منافع الأعيان تكون صداقا، وقد ذكره مسلم مفسرأ: (اذهب فعلمها[ من] (1) القرآن)، وفى رواية عطاء: (فعلمها عشرين آية).
وذهب الطحاوى والأبهرى وغيرهما أن هذا خاصة للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) دون غيره من الناس، ونحوه قال الليث ومكحول.
قال الطحاوى: ولما كانت الموهوبة للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) جائزة له فى النكاح جاز له هو - أيضا - أن يَهبها فى النكاح.
قال: ويصحح ذلك أن النبى - عليه السلام - قد ملكها له ولم يشاورها.
قال القاضى: وهذا يحتاج إلى دليل.
وتكون الباء هنا - على هذا - بمعنى اللام،
أى لما حفظته من القرآن، وصِرت لها كفئا فى الدين.
وقد يكون مع هذا التقدير - أيضا - أن ينكحها إياه لما معه من القرآن ؛ إذ رضيه لها، ويبقى ذكر المهر مسكوتا عنه إما لأنه أصدق عنه كما كفر عن الواطى فى رمضان ؛ إذ لم يكن عنده، وَوَدَىَ المقتول بخيبر ؛ إذ (1) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهاث! بسهم.
582
(4/581)
كتاب النكاح / باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن...
إلخ
لم يخلف أهله.
كل ذلك رفقأ بأمته ورحمةً لهم، أو يكون أبقى الصداق فى ذمته وأنكحهُ نكاح تفويض حتى يتقوله صداق، أو حتى تكتسب بما معه من القراق صداقأ، وليحرض بقوله هذا على تعليم القرآن وفضيلة أهله وشفاعتهم به.
وأشار الداودى إلى انه إنما أنكحها بلا مشورة ولا صداق لأنه كان - عليه السلام - أولى بالمومنن من أنفسهم، كما قال تعالى (1)، وإذا احتمل هذا كله لم يكن فيه حجة على جواز النكاح بغير صداق أو بما لا قدر له.
قال الإمام: فيه دليل على جواز النكاح بالإجارة، وعندنا فى ذلك قولان: الجواز والكراهة، ومنعه أبو حنيفة فى الحُر وأجازه فى العبد، إلا أن تكون الإجارة تعليم القرآن، وهذا الذى استثناه بالمنع هو الذى وقع فى هذا الحديث إجازته، ولكنه طرد أصله فى أن القرآن لا يوخذ عليه أجر ولم يذكر هنا فى الحديث اشتراط معرفة الزوج لفهم المراْة، وسرعة قبولها لما تتعلمه، وهذا محمله على أن أفهام النساء متقاربة، ومبلغها معروف اْو فى حكم المعروف.
قال القاضى: يجوز أن كون المنافع صداقأ على الإطلاق.
قال الشافعى وإسحق والحسن بن حَى: وبكراهته قال أحمد.
وروى عن مالك وعن أصحابه قولان: الجواز ابتداء ومطلقا، ويفسخ ما لم يدخل، وروى مثله عن مالك أيضا.
قال الأمام: قال الرازى: فيه دلالة على أن من خطب إلى رجل فقال له الاَخر: زوجتك، أن النكاح لازم، وان لم يقل له الاَخر: قبلت، بخلاف البيع.
قال الإمام: لأن لفظ الحديث: (إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها)، وقال فى الآخر: (قد ملكتكها بما معك من القراَن)، ولم يقل: إنه قال: قبلت.
قال القاضى: ترجم البخارى بمعنى هذا على هذا الحديث (2)، قال المهلبُ: بساطُ الكلام أغنى عن ذلك، وكذلك فى كل راغب فى النكاح ! إلا فيسأل الزوج: هل رضى بالصداق اْم لا ؟ وقول الرازى بخلاف البيع غير مسلم عندنا لو كان سمى ثمنا، فقال: بعنى هذا الثوب بدينارٍ، فقال: قد فعلت، أو بعتكه للزم، دإن لم يقل له الآخر: قد قبلت، ولا يحتاج فى النكاح لذكر العوض لجواز نكاح التفويض بخلاف البيع، فمان كان أراد الرازى هذا الافتراق فصحيحٌ، وإلا فهو ما قلناه.
قال الإمام: وفى الحديث - أيضا - دلالة على انعقاد النكاح بغير لفظ النكاح
(1) إشارة إلى الاَية رقم (6) من سورة الأحزلب.
(2) البخارى، كالنكاح، بالتزويج على للقرلن وبغير صداق.
الفتح 9 / 205ْ.
(4/582)
كتاب النكاح / باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن...
إلخ 583 والتزويج، خلافًا للشافعى والمغيرة ؛ لأنه ذكر هنا تمليكها.
وفى البخارى: (قد ملكتها)، وفى بعض طرقه: (قد أمكناكها)، وعند أبى داود: (ما تحفظ من القراَن ؟).
قال: سورة البقرة والتى تليها، قال: (قم فعلمها عشرين ايةً وهى امرأتك) (1).
قال القاضى: روايتنا فى مسلم: (مُلكتها) بضم الميم وكسر اللام عن غير واحدٍ،
وروينا الحرف عن الخشنى: (قد ملكتكهَا)، كما ذكر البخارى، وذكر في الرواية الأخرى: (زوجتكها)، وقد قال أبو الحسن الدارقطنى: إن رواية من رواه (ملكتها) وَهْم، ورواية من قال: (زوجتكها) الصواب، وهم كثر وأحفظ.
واختلف العلماء فى عقد النكاح بلفظ الهبة، مثل أن يقول الرجل: وهبت لك ابنتى
على صداق كذا، فمنعه الشافعى وأبو ثور والمغيرة وابن دينار من أصحابنا، وأبو حنيفة ابتداء والثورى ومن تابعهم، وقالوا: لا يصح عقد النكاح إلا بلفظ النكاح أو التزويج.
وكما لا ينعقد هبة ولا بيع بلفظ النكاح، كذلك لا ينعقد بهما النكاح، وبخصوص الهبة للنبى ( صلى الله عليه وسلم )، وحكى ابن المواز نحوه عن مالكٍ وأصحابه، سمَّى صداقأ أم لا.
وأنه لم يختلفوا فيه اْنه يفسخ قبل، واختلفوا فى فسخه بعد الدخول.
وب!مضائه بعد الدخول قال أبو حنيفة، وبفسخه أبدا قال الشافعى، وروى ابن القاسم عن مالك إجازته، وقال: هو كالبيع عنده بلفظ الهبة، وقال من قال بهذا القول: إنما خُص النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بالهبة دون صداق وهذا هو حقيقة مذهبنا عند البغداديين.
قال ابن القصار: يصح النكاح بلفظ الهبة والصدقة والبيع إذا قصد به النكاح، ذكر الصداق او أطلقوه، ولا يصح بلفظ الرهن ولا بلفظ الإجارة والعارية والوصية، ومن أصحابنا من اخازه بلفظ الإحلال والإباحة، وجوز هو مغ ذلك ؛ إذ ليسا بعقد والهبة عقد.
وأصل مذهب الشافعى أنّه لا يجوز بغير لفظ النكاح والحَزويج، وأبو حنيفة يجيزه بكل لفظ يقتضى التمليك على التأبيد، وقد ذكر عنه فى الهبة ما تقدم.
وقيل فى هذا الحديث من الفقه غير ما تقدم: جواز خطبة المرأة نفسها للرجال،
وجواز سكوت المسؤول عن علم أو حاجة عن السائل إذا لم يوافقه جواب سواله، وحسن أدب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ إذ سكت عن جوابها ولم يُخجلها بأن يقول: لا حاجة لى بك.
وفيه من حسن أدبها هى ؛ إذ سكت عنها أن لم تُلح عليه فى الجواب وتركته ونظرهُ.
وفيه الكفاعة فى حق الدين والحرية لا فى المال، وجواز تزويج المعسر.
قال الخطابى: وفيه دليل إجازة إنكاح المرأة دون أن تسأل: هل هى فى عدة أم لا ؟
حملاً على ظاهر الحال، والحكام يبحثون عن ذلك احتياطا.
(1) ثبو داود، كالنكاح بفى التزويج على العمل يعمل (2112) عن أبى هريرة.
239 / ب
584 (4/583)
كتاب النكاح / باب الصداق وجوازكونه تعليم قرآن...
إلخ لَهُ - حدثنا عَبْدُ العَزِيزِ عَنْ يَزِيدَ، عَنْ مُحَفد نجنِ إِبْراهِيمَ، عَنْ أبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ ؛ أنَّهُ قَالَ: سَألتُ عَائِشَةَ زَوج الئيِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ءَكَمْ كَانَ صَلمَاقُ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ قَالَتْ هَ كَانَ صَدَاقُة لأزْوَاجِهِ ثِنْتَىْ عَشْرَةَ اوقِية وَنَشا.
قَالَتْ: أتَدْرِى مَا النَشُّ ؟ قَالَ: قُلتُ: لا.
وفيه دليل أن سكوت كل من عقد عليه عقد فى جماعة لازم إذا لبم يمنعه من الإنكار خوف أو حياء أو آفة فى سمع أو فهم، وجواز اممتمتاع الرجل بشهوة زوجته، وما اشترى من صداقها لقوله: (ما تصنع ب!زارك ؟ إن لبسته لم يكن عليها منه شىء)، وفى قول هذا نظر ؛ إذ ما قاله - عليه السلام - من هذا حجة فى منع صداقها إياه وتعذر تسليمه على ما تقدم لا على إباحة لبسه له /.
قالوأ: وفيه جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن، وهو مذهب كافة العلماء.
ومنعه
أبو حنيفة إلا للضرورة.
وعلى هذا اختلفوا فى أخذ الأجرة على الصلاة وعلى الأذان وسائر اْفعال البر.
فروى عن مالكا كراهة جميع ذلك فى صلاة الفرض والثفل، وهو قول أبى حنيفة وأصحابه، إلا أن مالكا أجازها على الأذان، وأجاز الاجارة على جميع ذلك ابن عبد الحكم، وهو قول الشافعى وأصحابه، قالوا: واْعمال البر أولى ما أخذ عليها الاْجر، ومنع ذلك ابن حبيب فى كل شىء، وهو نحو قول الأوزاعى، وقال: لا صلاة له.
وروى عن مالك إجازته فى النافلة، وروى عنه إجازته فى دون النافلة ؟ إذ لا بد له من عمل الفريضة فلا توثر فيها الأجرة.
وفيه جواز الأجرة على تحفيظ القرآن ؛ إذ لم يذكر مدة الاجارة د انما شرط فى ظلمره التعليم.
واستدل بعضهم ب!نكاح النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إياها بأن الإمام أولى ب!تكاح المرأة إذا ولته اْمرها
من الولى.
وهذا لا حجة فيه ؛ إذ النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بخلاف غيره، وهو أولى بالمومنن من أنفسهم.
وليس فى هذا الحديث - أيضا - بيان اْنها ذات ولى، ولا خلاف عندنا أن ولق القرابة اْولى من السلطان.
واختلف إذا كان بعيد القرابة كالرجل من البطن، فعبد الملك يقول: السلطان أولى، وظل!و المذهب: الولى أولى.
وقوله: (كان صداق رمول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لنسائه ثنتى عثرة أوقية وَنَ!ثئا) وفئر النَث! بنصف أوقية، قال: (فذلك خمسمائة درهم): قال الخطابىْ هذا اسم موضوع ل.
.
ط ا القدر ليس مشتقا من شىء، وقال كغ: النش نصف الشىء.
ولا خلاف بين العلماء أنه لا حد!ثر المهر، واْما أقله وقد تقدم الكلام ليه، وقد
(4/584)
كتاب النكاح / باب الصداق وجوازكونه تعليم قرآن...
إلخ 585 قَالَتْ: نِصْفُ اوقِيةٍ، فَتِلكَ خَ!سُمِائَةِ! رْهَمٍ، فَهَنَا صَدَاقُ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) لأزْوَاجِهِ.
79 - (1427) حدثنا يحيى بْنُ يحيى التَميمِى وَأبُو الرئيع سُلَيْمَانُ بْنُ !اوُدَ العَتَكِى! وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَاللَّفْظُ لِيَحْىَ - قَالَيحيى: أَخْبَرَنَا.
وَقَالَ الاَخَرَان: حدثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ - عَنْ ثَابِت، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالك ؛ أنَّ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) رَأى عَلَى عَبْدِ الرخ!نِ بْنِ عَوْت أثَرَ صُفْرَةٍ.
فَقَالَ: ً (مَا هَنَا ؟) قَالً: يًارَسُولَ الله، إِنَى تَزَؤَجْتُ امْرَأةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ فَ! بٍ.
قَالَ: (فَبَارَكَ الله لَك، أوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ ).
نهى عمر عن التغالى فى صدقات النساء، وقال: ا لو كانت مكرمة أو تقوى لكان الأولى بها النبى ( صلى الله عليه وسلم )، وأنه ما أصدق امرأةً من نسائه ولا أصدق امرأة من بناته اْكثر من ثنتى عشرة أوقية) (1)، ولم يذكر فيها النش، وهو قريب من الحديث الأول.
ولا يعترض عليه بحديث أم حبيبة وأن النجاشى أمهرها عنه اْربعة آلاف درهم، فهذا شىء فعله النجاشى وتطوع به، ولم يبتدئه النبى - عليه السلام - ولا أداه من ماله.
وقوله: رأى على عبد الرحمن أثر صفرة، فقال: (ما هذا ؟): فيه افتقاده لاْموره
فى الرجل الفاضل اْمور أصحابه، والسوال عما يختلف عليه من أحوالهم، وليس هذا من كثرة السوال المنهى عنه.
وقوله: (اْثر صفرة)، وفى حديث اَخر: (وضر صفرة)، وهو مثل أثرها، وظاهره - والله أعلم - ما قيل: إنه[ ما] (2) تعلق به من طيب العروس وعبيرها، ولطني بجلده لو ثوبه من ذلك.
وهذا أولى ما قيل فيه.
وقد جاَ فى حديث آخر: (وبه رح من رعفران) وهو ايهلر، فلا إكون[ هذا] (3) داخلاً فى النهى عن تزعفر الرجال ؛ لاْن ذلك ما قصدوه وتشبهوا فيه بالنساَ.
وقيل: فيه الرخصة فى ذلك للعروس، وقد جاَ فى ذلك أثر، ذكره أبو عبيد:
أنهم كانوا يرخصون فى ذلك للشباب أيام عرسه.
وقيل: لعل النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لم ينكر عليه لأنه كان يسيرأ.
وقيل: كان من ينكح أول الإسلام[ كان] (4) يلبس ثوبأ مصبوغا بصفرة، علامة
(1) أبو دلود، كالنكاح، بالصداق 1 / 485.
(2، 4) صاقطة من الأصل، واستدركت فى الهاث! بسهم.
586 (4/585)
كتاب النكاح / باب الصداق وجوازكونه تعليم قرآن...
إلخ 80 - (... ) وحدثنا مُحَمَدُ بْنُ عُبَيْد الغُبَرِى، حَا شَا أبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَ الةَ، عَنْ أنَسِ
ابْنِ مَالِك ؛ أنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْف تَزَؤجَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، عَلىَ وَزْنِ نَوَاة مِنْ فَ!بٍ.
فَقًالَ لَهُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (أوْ لًمْ وَلَوْ بِشَاةٍ ).
81 - (... ) وحدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا وَكِيع، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَ ال! وَحُمَيْد، عَنْ أنَسٍ ؛ أنَّ عَبْدَ الرخمَنِ بْنَ عَوْف تَزَوفَيَ امْرَأةً عَلَى وَزْنِ نَوَاه مِنْ فَ!ب، وَأَنَ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ لَة: (أوْ لِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ ).
ى
(... ) وحدثناه مُحَمَدُ بْنُ المُثنى، حدثنا أبُو دَاوُدَ.
ح وَحدثنا مُحَمَدُ بْنُ رَافِعٍ وَهَرُونُ بْنُ عَبْدِ الله، قَالا: حَدثنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ.
ح وَحَدثنَا أحْمَدُ بْنُ خِرَاشٍ، حدثنا شَبَابَةُ، كُلُهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حُمَيْد، بهَنَا الإسْنَاد.
غَيْرَ أنَّ فى حَديث وَهْب قَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: تَزَوَّجْتُ امْرَأةً.
ًًً
82 - (... ) وحدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَدُ بْنُ تُدَامَةَ، قَالا: أخْبَرَنَا الئضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، حَدثنَا شُعْبَةُ، حَدثنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْب، قَالَ: سَمعْتُ أنَسًا يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْف: رآنِى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَعَلَى بَشَاشًةُ العُرْسِ.
فًقُلتُ: تَزَؤَجْتُ لمْرَأَةً مِنَ ا لأنصَارِ.
فَقَالَ: (كَمْ أصْدَفتَهَا ؟) فَقُلتُ: نَوَاة.
للسرور.
وهذا غير معروف، على اْنّ بعضهم جعله أولى ما قيل فى هذا، وقيل: يحثمل أن يكون ذلك فى ثيابه.
ومذهب مالك وأصحابه جواز لباس الثياب المزعفرة للرجال، وحكاه مالك عن علماء المدينة، وهو مذهب ابن عمر وغيره من المسلمين، وحجتهم: قول ابن عمر: أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كان يصبغ بالصفرة (1).
وحكى ابن شعبان عن أصحابنا كراهة ذلك فى اللحية، وكره الشافعى وأبو حنيفة ذلك فى الثياب واللحية، وقد مر الكلام فى هذا فى أول [ كتاب] (2) الحج، ويأتى منه فى اللباس.
وقوله فى الرواية الأخرى: (بشاشة العروس)، قال الإمام: البشاشة: السرور والفرح، يقال: تبشبش فلان بفلان: إذا أنَسه.
وأصله من البشاشة، والبشى: فرح
(1) صيأتى فى كاللباس بن شاء للله.
(2) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهاث! بسهم.
(4/586)
كتاب النكاح / باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن...
إلخ 587 وَفِى حَمِيثِ إِسْحَقَ: مِنْ فَ!بِ.
83 - (... ) وحدثنا ابْنُ المُثنى، حَد!شَا أَبُو!اوُدَ، حَدثنَا شُعْبَةُ عَنْ أبِى حَمْزَةَ -
قَالَ شُعْبَةُ: وَاسْمُهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنُ أَيِى عَبْدِ الله - عَنْ أنَس بْنِ مَالِك ؛ أنَّ عَبْدَ الرخْمَن تَزَوجًّ امْرَأةَ عَلَى!زْنِ نَوَاةِ مِنْ فَ!بِ.
الصديق بالصديق.
قال الليث: بششت بالرجل: إذا أقبلت عليه وتلطفت له فى المسألة.
قال القاضى: قال الحربى: بشاشة العرس: أى أثره وحسنه.
وقوله - عليه السلام -: (كم أصدقتها ؟): دليل على أنه لابد فى النكاح من الصداق.
وقد يشعر ظاهره أنه يحتاج إلى تقدير ؛ لأنه جاء بلفظة (كم) الموضوعة للتقدير، فيحتج به المالكية والحنفية فى اْن أصل النكاح مقدو على ما تقدم.
وقوله: (وزن نواةٍ من ذهب)، قال الإمام: النواة: خمسة دراهم، والأوقية:
أربعون درهما، والنش: عشرون.
قال القاضى: قال الخطابى: النواة: اسم معروف لقدر معروف، فسروها بخمسة
دراهم من ذهب.
قال القاضىء بهذا فسرها ابن وهب وغيره من المالكية وكثر العلماء.
وقال أحمد بن حنبل: النواة: ثلاثة دراهم وثلث.
وقيل: المراد بها هنا: نواة التمر، أى وزنها من ذهب، والاْول اْظهر واْصح، وقال بعض أصحاب مالك: النواة بالمدينة ربع دينار.
وظاهر كلام اْبى عبيد: اْنه دفع خمسة دراهم.
قال: ولم يكن ثم ذهب، إنما هى خمسة دراهم تسمى نواة، كما تسمى الأربعون أوقية.
وقد روى فى حديث عبد الرحمن: (وزن نواة من ذهب ثلاثة دراهم وربع)، وأراد أن يحتج هذا بأنه أقل الصداق.
وهذا لا يصح له ؛ لاَنه قال.
(من ذهب) وذلك كثر من دينارين، وهذا ما لم يقله أحد، و(نما هى غفلة من كاتبه، بل فيه حجة على من يقول: إنه لا يكون أقل من عشرة دراهم، وقد وهّم الداودى رواية من روى: (وزن نواة)، وأن الصحيح عنده: (نواة) ولا وهم فيه على كل تفسير ؛ لأنه إن كانت نواة تمر - كما قال - أو كان / عندهم النواة مثقالا معلومأ - كما تقدم - فكل يصلح أن يقال فيه: وزن كذا.
وقوله: (بارك الله عليك): حجة فيما يقال للمتزوج، وقد تقدم الكلام عليه.
وقوله: (أو لم ولو بشاة): قال صاحب العيئ: الوليمة: طعام النكاخ، وقال الخطابى: هى طعام الإملاك.
وً قال غيره: الوليمة: طعام العرس والإملاك خاصة.
240 / ا
مهـ ه (4/587)
كتاب النكاح / باب الصداق وجوازكونه تعليم قراَن...
إلخ (... ) وَحَدثنِيهِ مُحَمدُ بْنُ رَافِعِ، حَدثنَا وَهْ!ب، أخْبَرَنَا شُعْبَةُ، بِهَنَا الإِسْنَادِ.
غَيْرَ ا"ئهُ قَالَ: فَقَالَ رَجُل مِنْ وَلَدِ عَبْدِ للرخمَنِ بْنِ عَوْفِ: مِنْ فَ!بِ.
قال الإمام: الوليمة: عندنا مستحبة ليست بواجبة، خلافا لداود، وأحد قولى الثافعى فى إيجابها أخذأ بهذا، وحمله على الوجوب.
ولقوله: (ومن لم يجب الدعوة فقد صمى الله! (1)، ومحمل قوله: (أولم أ بشاة] (2)) على الندب عندنا، ولا حجة لهم فى قوله: (ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله! ؛ لأنه إنما أطلق ذلك علة فى ترك الاجابة، وهى لو كانت واجبة ما دل ذلك على وجوب الوليمة، ك!ثا قيل: إن الابتداء بالسلام ليس بواجب والرد واج!ث.
فكذلك غير بعيد أن تكون الدعوة غير واجبة، والاجابة واجبة.
وقد قال بعض البغداديين من أصحابنا: لا يمنع أن يطلق على من أخل بالمندوب تسميته عاصبى ؛ لأن المعصية مخالفة الأمر، والمندوب مأمور به.
قال القاضى: استدل سضهم من ظاهر القصة على جواز الوليمة بعد الدخول، وقال بعضهم: ليس فى الحديث ما يدل عليه، والأول أظهر.
وظاهر قول مالك فى كتاب محمدِ استحباب!ا بعد الدخول، وهو قول غيره، ووجهه شهوة الدخول والابتناَء لما يتعلق
به من الحقوق، ولأنه فرق بين النكاح والسفاح، والرواية الأخرئ عنه جوازها بعد الدخول، وحكى ابن حبيب استحبابها عند العقد وعند البناء، وامشحبها بعض شيوخنا قبل البناء حتى يكون الدخول بها.
وقوله: (ولو بشاة): دليل على أ أن] (3) التوسعةَ فيها لأهل الواجد بالذبح وغيره،
واْن الثاة لأهل الجدة والقدرة أقل ما يكون وليس على طريق التحديد، وأنه لا شىء أقل منها لمن لم يجدها، بل على طريق الحض والارشاد.
ولا خلاف أنه لا حد لها، ولا توقيت.
وقد ذكر مسلم بعد هذا - فى وليمة صفية - الوليمة بغير اللحم، وفى وليمة زينب:، أشبعنا خبزاً ولحمأ!، فكل جائز وبقدر حال الرجل وما يجد.
واختلف السلف فى أثر تكرارها كثر من يومن ب!جازته وكراهيته.
واستحب أصحابنا
لأهل السعة كونها أسبوعأ.
قال سضهم: وذلك إذا دعى فى كل يوم من لم يُاع قبله ولم يكرر عليهم.
وكرهوا فيها المباهاة والسمعة.
وذممر بعد هذا قوله - عليه السلام -: (إذا دعى اْحدكم إلى الوليمة فليأتها)،
(1) سيأتى قريبا برقم (110).
(3) صاقطة من الأصل، واستدركت فى الهامث! بسهم.
(2) من ع.
(4/588)
كتاب النكاح / باب الصداق وجواز كونه تعليم قرار...
إلخ 589 وقوله فى الرواية الأخرى: (عرسأ كان أو غيره)، [ وفى الأخرى: (اَتوا الدعوة دا] (1) وفى الأخرى: (إذا دعى أحدكم لكرل فليجب)، وفى الأخرى: ا لطعام)، وفى الأخرى: ا لعرس)، وفى الأخرى: (ومن لم يأت الدعوة فقد عصى الله ورسوله): وإنما تقدم الكلام عليه هنا لاتصاله بالمسألة، فلم يختلف العلماء فى وجوب الإجابة فى وليمة العرس، واختلفوا فيما عداها، فمالك وجمهورهم: على أنه لا تجب، وذهب أهل الظاهر إلى وجوبه فى كل دعوة، عرسأ كان أو غيره، بظاهر الألفاظ الأخر التى ذكرناها.
وقال الشافعى: ذلك واجب فى الوليمة، ولا أرخص فى ترك غيرها من الدعوات
التى لا يقع عليها اسم وليمة كالختان والاملاك والنفاس، وحادث سرويى، ولا يبيئ إلى أن تاركها عاصيى كتارك الوليمة، ولمالك فى المدونة اًن هذا فى طعام العرس، وليس فى الإملاك، وهذا على مالهُ فى كتاب محمد أنها بعد البناء، وهو الذى يسمى عنده وليمةً وعرسأ.
وفى مسلم عن عبيد الله - هو العمرى - نحوه قال: إنه كان ينرلهُ على العرس ؛ أى
يتأوله فيه ويجعله مراد الحديث، فكذلك اختلف السلف فى إجابة ماعدا الوليمة، وحمل من خص ذلك بالعرس أن غيرها على الندب، والأوامر فى ذلك على التخصيص لا على الأيجاب، وخص الوليمة بالايجاب نصه فيها على العصيان، واْن الوليمةَ اسم يختص لطعام العُرس والإملاك على ما تقدم.
وكره مالك لأهل الفضل الأجابة للطعام يدعون إليه، وتأوله بعض اْصحابنا على غيرْ الوليمة، وتأوله بعضهم على غير طعام أسباب السرور المتقدمة مما يُصنع تفضلاً.
واختلف فى وجوب الاْكل للمفطر فيها، فلاْهل الظاهر فيها قولان، وقد خرجهم الباجى على مذهبنا من قول مالك واً صحابه.
وقال الشافعى: إذا كان مفطرا كل، وان كان صائما صلى، أى دعى، على ما جاء فى الحديث.
قال مالك: يجيب و(ن لم يكل وان كان صائمأ، وعن إصبغ تخفيف ذلك، فراْى اْن الإجابة إنما تتعنِ، فظاهرُه وجوب الاكل عندهم.
وكذلك اختلف قول اْهل الظاهر فى وجوب الاكل فى كل دعوة بناء على وجوب الأجابة فيها على قولهم، واختلف السلف ومن بعدهم إذا كان فيها لعسب مباح أو منكر، والاكثر فى المنكر ألا تحضر معه، واْبو حنيفة وبعضهم يجيزه، وعندنا فيه قوذ شاذة والأكثر فى المباح الحضور إلا لأهل الفضل والهيئات، وفى مذهبنا فى هذا قولان.
(1) سقط من الأصل، واستدرك فى الهامث! بسهم.
240 / ب
590 (4/589)
كتاب النكاح / باب فضيلة إعتاقه أمة ثم يتزوجها
(14) باب فضيلة إعتاقه أمة ثم يتزوجها
84 - (1365) حدثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا إِسْمَاعيلُ - يَعْنِى ابْنَ عُلَئةَ - عَنْ
عَبْد العَزِيزِ، عَنْ أنَسٍ ؛ أن رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) غًزَا خَيْبَرَ، قَالَ: َ فَصَلَّيْنَا عنْد!ا صَلاةَ الغَدَاة بِغَلَسٍ، فَرَكِبَ نَبِى اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) وَرَكِبَ أبُو طَلحَةَ وَأنَا رَديفُ أبِى طَلحَةَ.
فَأَجْرَى نَىُّ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى زُقَاقِ خَيْبَرَ، ياِنًّ ركبَتِى لَتَصَمر فَخذَ نَبىِّ اللّه كله، وَانْحَسَرَ الإزَارُ عَنْ فَخذ نَبِىِّ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَإنِّى لأرَى بَيَاضَ فَخِذِ نَيِى اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَلَمًا دَخَلَ القَرْيَةَ قَاً: (اللهُ ثْبَرُ ؛ خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنًّا إِذَا نَزَلنَا بِسَاحَة قَوْمٍ فَسَاء صَبَاحُ المُنْنَرِينَ) قَالَهَا ثَلاثَ مَرَّاتٍ.
قَالَ: وَقَدْ خَرجً القَوْمُ إِلَى أعْمَالِهِمْ.
َ فٍقالُوا: مُحَمَدٌ، وَاللهِ.
لَّالَ كئدُ العَزِيزِ: وَقَالَ بَعْضُ أصْحَابِنَا: مُحَمَدٌ، وَالخَمِيسُ.
قوله فى حديث أنس: (فأجرى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى زقاق خيبر): فيه أن إجراهم الخيل والتصرف عليها لأهل الفضل والشجاعة مباح مستحب فى مواطنه، وحيث يحتاج إليه أو يمرن نفسه عليها، أو يروض فرسه به.
وقوله: (وانحسر الإزار عن فخذ نبى الله ( صلى الله عليه وسلم )، و(نى لأرى بياض فخذه): حجة
لمن لايرى الفخذ عورة، وقد ذكرنا الخلاَف فيه فى كتاب الطهارةْ.
وقوله: (محمد والخميسى) برفع السن، قال الإمام: قال الأزهرى: الخميّس!: الجيش، سمى خميسأ لأنه مقسوم على خمسة: المقدمة، والساقة /، والميمنة، والميسرة، والقلب.
وقال غيره: سمى[ الجيش] (1) خميسأ ؛ لأنهم يُخمسون الغنائم فيه.
قال القاضى: هذا بعيد ؛ لأن الخميسَ فيه إنما جاء فى الشرع، دإنما.
كان قبل ذلك المرباع، يأخذ الرئسِى الربع.
وقوله: (الله أكبر خربت خيبر): قيل: فقال النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لما رآهم خرجوا باَلة الخراب والهدم، لقوله: (خرجوا بفووسهم ومكاتلهم ومرورهم)، وهذا من الفأل الحسن فى حقه - عليه السلام - وحق المسلميئ الذى كان يسثحبه، وليس من الطيرة ا تذمومة.
والمكاتل: القفف.
والمرور: قيل: الحبال ة لأنها تمرُ، أى تُفتل، كانوا يصعدون
(1) من ع.(4/590)
كتاب النكاح / باب فضيلة إعتاقه امة ثم يتزوجها
591
قَالَ: وَأصَبْنَاهَا عنوَة، وَجُمِعَ السَّيْىُ.
فَجَاءَهُ دَحْيَةُ فَقَالَ: يَارَسُولَ اللهِ، أعْطنى جَارَية
مِنَ السَّبْىِ.
فَقَاَل: (اف!بْ فَخُذْ جَارِيَة)، فَا"خَذَ صَفِيةَ بثتَ حُمَى.
فَجَاءَ إِلَى نَبِىًّا لنْهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: يَانَبِى اللّهِ، اعْطَيْتَ دَحْيَةَ، صَفِيَّةَ بنْتَ حُمَى، سَيِّد قُرَيْظَةَ وَالنضِيرِ ؟ مَاضلُحُ إِلا لَكَ.
قَالَ: (ادْعُوهُ بِهَا ".
قَالَ: فَجَاءَ بِهًا، فَلَمَا نَظَرَ إِلَيهَا النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (خُذَْ جارِيَة
مِنَ السَّيْىِ غيرَهَا لما.
قَالَ: وَأعْتَقَهَا وَتَزَؤَجَهَا.
بها للنخيل، واحدها مَرْ ومِرٌ، بالفتح والكسر.
قيل المرور: المساحى، واحدها مَر بالفتح، وقيل: يقال لها: الحراب من اسمها، لجمعه حروفه، وقد يحمل أنه خبر على وجه الدعاء بخرابها، وسيأتى الكلام على مافى بقية الحديث فى الجهاد.
قيل: وفيه سُنة التكبيرعند الظهور، والفتوحات، ورؤية الهلال والإشراف على المدن ؛ لأنه
إعلام وثناء على الله، واعتراف بجلاله، وشكر له بجميل ذكره على ما اْولاه من فضله.
وقوله: (وأصبناها عنوة ": سيأتى الكلام فى حكم خيبر، وماكان منها عنوة وصلحا، وان جميعها لم يكن عنوة، وحصن الوطسِح وحصن ال!ثَلالم منها صلح، وسنذكرهما وغيرهما فى موضعه.
وقوله لدحية حيئ سأله جارية من السبى: (اذهب فخذ[ جارية] (1) فأخذ صفسِة،
وذكر استرجاع النبى ( صلى الله عليه وسلم )، قال الإمام: يحتمل عند ماجرى له مع دحية وجهِن:
أحدهما: أن يكون ذلك برضا دحية وطيب نفسه، فيكون معاوضة جارية بجارية.
فإن قيل: الواهب منهى عن شراء هبته، فكيف عاوضه هنا عما وهبه ؟ قلنا: لم يهبه من
مال نفسه فينهى عن الارتجاع، ! إنما اْعطله من الله على جهة النظر، كما يعطى الإمام
النفل لأحد أهل الجيش نظرا، فيكون ذلك خارجا عن ارتجاع الهبة وشرائها، والتأويل.
الثانى: له أن يكون إنما قصد - عليه السلام - إعطل! جارية من حشو السبى ووخشه،
فلما أطلع أن هذه من جياده، واْن ليس من المصلحة إعطاء مثلها لمثله، وقد يؤدى ذلك
إلى المفسدة، استرجعها لأنها خلاف ما اْعطى.
لكن فى بعض طرق هذا الحديث قال: (وقعت فى سهم دحية جارية جميلةٌ فاشتراها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بسبعة ارؤس ثم دفعها إلى اْم سليم تصنعها وتهيئها، وهى صفية) ففى الرواية: أنه أخذها فى قسمة ولم يذكر الهبة، وفيها: أنه اشتراها منه.
فعلى هذا يستغنى عن الاعتذار عن ارتجاع الهبة.
قال الق الى: قال بعضهم: فيه أن الإمام إذا أعطى ونقل مالم يعلم مقداره ان له استرجاعه والتعويض منه، وليس له اْخذه بغير عوض.
وفيه بيع العبيد والحيوان كبيراً
(2) زائدة فى ع.
92ْ (4/591)
كتاب النكاح / باب فضيلة إعتاقه أمة ثم يتزوجها بقليل، يداً بيد، وواحدا باَخر، على اختلاف اْلفاظ الحديث ! د نما يراعى اختلاف العدد والجنس مع الأجل إلا فى النقد.
وفيه أن قوله: " جارية من السبى) فى الحديث الواحد: دليل على أنه لم يقع على
طريق المشاحة بل على المكارمة ؛ إن لم تحضر حينئذ ولم يرها، فلم يكن بيعا، صانما كان استرجاعا على تطييب نفسه بالعوض ويجمع بين هذا وبن قوله فى الرواية الاْخرى: (فاشتراها بسبعة[ اْرؤع!): اْن دحية شح بحقه فيها وتمييزها فى حقه.
ولم يرض في
أخذ العوض عنها بجارية حتى اْرضاه النبى - عليه السلام - بسبعة، (1)، فتجمع الأحاديث كما فعل فى سبى هوازن.
وقوله لهم: (فمن شاء أن يكون على حقه، حتى نعطيه من أول مايفىء الله علينا):
تطيبأ لأففسهم.
فيه إعطاء النبى ( صلى الله عليه وسلم ) صفية لدحية حين سأله جارية من السبى، ولم يأت
فى الحديث أنه بعد القسم.
[ وصفية مما أصيبت من العنوة، ولم تكن فيها لأنها من حصن الغموص، (2)، وهو مما أخذ عنوةً، وبها أخذت صفية على ماذكر ابن إسحق فيحتمل أنها مما كان خلص للخمس، فنفل! النبى - عليه السلام - إياها، اْو قل القسم حتى يحسبها من الخمس.
لكن جاء فى الحديث الآخر: اْنها خرجت فيمن سهمه، فوجه الجمع بين الحديثن
أن يجعل السهم هنا لغير المّسم ؛ لاْن من ملك شيئا وحصل عنده قد يقال له ذلك، وششعار
له اسم السهم الذى يكون فى القرعة.
والاءولى عندى أن تكون صفية فيئا ؛ لأنها كانت زوجة كنانة بن الربيع، وهو واذ بيته من بنى أبى الحُقيق قد صالحوا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، وشرط عليهم ألا يكتموا كنزأ، فإن كتموه فلا ذمة لهم، وأنه سألهم عن كنز حيى بن أخطب نحتموه، وقالوا: أذهبه النفقات، ثم عثر عليه عندهم فاستباحهم ومباهم، وذكر ذلك أبو عبيد وغيره.
فصفية لاشك ممن سبى من نسالْهم، وممن دخلت أولا فى صلحهم، فقد صارت في!ئا لا تخمس، وللإمام وضعه حيث أراه الله، فهذا وجهه عندى.
قال الإمام: وأما قوله: " جعل عتقها صداقها): فإن الناعم اختلفوا فى هذا،
!نهم من أجاز ذلك لظاهر[ هذا، (3) الحديث، ومالك وغيره من الفقهاء يمنع ذلك، وقال الشافعى: هى بالخيار إذا اْعتقها، فهان امتنعت من تزويجه فله عليها قيمتها.
فأما مالك وغيره - ممن وافقه - فيحمل هذا على أنه من خصائص النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ لانه خص بالموهوبة، وأجيز له النكاح بغير مهر فلا يقاع! غيره عليه فيما خُص - عليه السلام - به، والاعتبار عند بعض أصحابنا يمنع من ذلك أيضا ة لأنه إن قدر أنها عقدت على نفسها ا
(1) سقط من الاْصل، ولستدرك بالهامش.
(3) زالْدة فى ع.
(2) كنبت فى للهامش ولم يثر إليها بسهم.
(4/592)
كتاب النكاح / باب فضيلة إعتاقه أمة ثم يتزوجها 593
فَقَالَ لَهُ ثَابت": يَا أبَا حَمْزَةَ، مَا أصْدَقَهَا ؟ قَالَ: نَفْسَهَا، أعْتَقَهَا وَتَزَؤَجَهَا.
حَتَّى إِفَا
كَانَ بِالطرِيقِ جَهًّزدهَا لَهُ أم سُقئبم، فَا"هْلَتْهَا لَهُ مِنَ القَيْلِ، فَا"ضبَحَ التبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) عَرُوسًا.
فَقَالَ: (مَنْ كَانَ عنْدَهُ شَىْء"فَليَجئْ به).
قَالَ: وَبَسَطَ نِطَعًا.
قَالَ: فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِىءُ بِالأقطِ، وَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجىءُ بالتًمْرَِ، وَجَعَل، لرخلُ يَجِىءُ بالسَّمْنِ.
فَحَاسُوا حَيْسًا، فَكَاَنَتْ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
َ
85 - (... ) ود دّثنى أبُو الرئيع الزَّهْرَانِىُّ، حَدثنَا حَمَادٌ - يَعْنِى ابْنَ زَيْد - عَنْ ثَابِت وَعَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أنَسٍ.
ح وَحَدثنَاهُ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا حَمَّاد - يَعْنِى ابْنَ زَيْدٍ - عَنْ ثَابِمت وَشُعَيْبِ بْنِ حَبْحَابٍ، عَنْ أنَسي.
ح وَحَدثنَاً قُتَيْبَةُ، حَدثناَ أبُو عَوَانَةَ، النكاح قبل عتقها فذلك لايصح ؛ إذ لا ملك لها فى نفسها حينئذ، ولا يصح - أيضا - عقد الإنسان / نكاحه من أمته.
دان قدر أنها عقدت بعد عتقها فلم يقع منها بعد ذلك رضا تطالب به، دان كان يقدر قبل عتقها بشرط اْن تعتق فقد عقدت الشىء قبل وجوبه، والتزامها فى هذا وجوب الشىء عليها قبل أن يجب لها لايلزمها على الطريقة المعروفهَ عندنا.
وأما حجة الشافعى: فإنه يقول: إنها عتق بعوض، فإذا بطل العوض فى الشرع
رجع فى سلعته اْو فى قيمتها إن لم يمكن الرجوع فيها، وهذه لا يمكن الرجوع فيها.
فإن تزوجته بالقيمة الواجبة له عليها صح ذلك عنده.
قال القاضى: وأيضا فإن قوله: (وجعل عتقها صداقها): إنما هو من قول أنه،
لم يسنده، فلعله تأويل منه إن لم يُسم لها صداق - والله اْعلم.
وبمّول مالك فى هذا قال اْبوحنيفة ومحمد بن الحسن وزفر، وبإجازة ذلك قال الثورى وإسحق وأحمد والأوزاعى واْبو يوسف، ويروى عن ابن المسيب والحسن والنخعى والزهرى.
وقيل: معنى (جعل عتقها صداقها): اْى لم يجعل لها صداقا كالموهوبة المخصوصة له.
وقوله: (دفعها إلى أم ! مليم تضعها له وتهيئها): أى تزينها وتصلحها.
فيه جواز
مثل هذا مالم يكن بالوجه المنهى عنه ؛ من الوصل والوشم وشبهه.
وقوله: (حتى إذا كان الطريق جهزتها له أم سليم، وأهدتها له من الليل): فيه الابتناء بالليل فى السفر، وجواز إقامة الإمام فى حاجته بالجيش مالم يضر لهم ؛ لأنه قد روى أنه اْقام عليه ثلاثأ، خرجهُ البخارى (1) وأن الثلاث فى حكم السفر ليست بإقامة، وهذا يؤكد حق الزوج الثيب فى الثلاث.
(1) للبخارى، كالنكاح، بالبناء فى لله فر، عن اْنس.
241 / ءا
594 (4/593)
كتاب النكاح / باب فضيلة إعتاقه أمة ثم يتزوجها عَنْ قَتَادَةَ وَعَبْد العَزيز، عَنْ أنَس.
ح وَحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْد الغُبَرىُّ، حَدّثَنَا أبُو عَوَانَةَ ص هء!صًَءَِير، َ،، ً مكَلَ، ً من
عن ابى عثمان، عَنْ أنَس.
ح وحدثنى زهير بن حرب، حدثنا معاد* بْن هشام، حدثنى َه، ص!َءَِ هً.
ً من مهَ ير،، َ ص ماء ص،
أبِى عن شعيبِ بْنِ الحبْحاب، عن أنسبى.
ح وحدثنِى محمد بْن رافِع، حَدثنَا يحيى بْن اَدَمَ وَعُمَرُ بْنُ سَعْد وَعَبْدُ الرَرأَقِ، جَميغا عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْد، عَنْ شُعَيْبِ ابْنِ الحَبْحَابِ، عَنْ أنَسبى، كُلُّهُمْ عَنِ الَنَيِى ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أئهُ أعْتَقَ صَفِيةَ وَجَعَلَ عِتْفهَا صَلَاقَهَا.
وَفِى حَدِيثِ مُعَاذ عَنْ أبِيهِ: تَزَوجَّ صَفِيةَ وَأَصْدَقَهَا عِتْقَهَا.
86 - (154) وحل!ثنا يحيى بْنُيحيى، أخْبَرَنَا خَالدُ بْنُ عَبْدِ الله عَنْ مُطَرف، عَنْ عَامِر، عَنْ أَبِى بلْ لَةَ، عَنْ أيِى مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ التَهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى ائَنِى يُعْتِقُ جَارِيَتهُ ثُمَ يَتَزَوجَهَا: ا لَهُ أجْرَانِ).
87 - (1365) حلئثنا أبُو بَكْرِبْنُ أن شَيبةَ، حَد!ثنَا عَفَّانُ، حَد!شَا حَمَادُ بْنُ سَلَمَةَ،
حَدثنَا ثَابتٌ عَنْ أَنَس، قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ أَبِى طَلحَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَقَدَمِى تَصَم! قَد!مَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ءَ قَالَ: فَا"تَيْنَاهمْ حِينَ بَزَغَت الشَّمْسُ، وَقَدْ أخْرَجُوا مَوَاشِيَهُمَ وَخَرَجُوا بفُوُوسِهِمْ وَمًكَاتِلِهِمْ وَمُرُيرِهِمْ.
فَقَالُوا: مُحَمًد، وَالخَميسُ.
قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
(خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِئا إِفَا نَزَلنَا بِسَاحَة قَوْبم فَسَاءَ صَبَاحُ المننَرِينَ).
قَالَ: وَهَزَمَهُمُ اللهُ - عَر وَجَل - وَوَقَعَتْ فِى سَهْ! دَحْيَةَ جًاريَة! جَمِيلَةٌ، فَاشْتَرَاهَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بِسَبْعَة أرْؤسُبى، ثُيمَّ دَفَعَهَا إِلَى أم" سُلَيْبم تُصنَعُهَا لَهُ وَتُهَيئهَا - قَالَ: وَأحْسِبُهُ قَالَ وَتَعْتَدُّ فِى بَيْتِهَاَ، وَهِىَ صَفِيةُ بِنْتُ حُعى.
قَالَ: وَجَعَلَ رَيب!ولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَلِيمَتَهَا التَّمْرَ وَالأقِطَ وَالسَّمْنَ، فُحِصَتِ الأرْضُ
وقوله: (وتعتد فى بيتها): أى تستبرئ ؛ لأنها كانت مسبية، أى فى بيت أم سليم ثم حينئذ تهيئها له، والواو لاترتب.
وقوله - عليه السلام -: (من كان عنده شىء فليجئ به): فيه انبساط الرجل مع أصدقائه وحاشيته وكه، واستدعاء مثل هذا ممن يعرف سروره به وصحبته فيه.
وقوله: (فجعل الرجل يجىء بالإقط، والرجل يجىء بالتمر، والرجل يجىء بالسمن، فحاسوا حيسأ)، وفى الحديث الاَخر: (فجعلوا من ذلك السواد سواداً حَيْمحئا): السواد: كل شخص ظاهر، وسواد الشىء: شخصه، يعنى اْنهم جعلوا من ذلك مواضعه، وشغل ذاته موضعه، ومنه سواد العراق للعامر من أرضه، والظاهر عمارته منها.
(4/594)
كتاب النكاح / باب فضيلة إعتاقه أمة ثم يتزوجها
595
أفَاحيصَ، وَجِىءَ بِالأنْطَاع فَوُضِعَتْ فِيهَا، وَجِىءَ بالأقطِ وَالسَمْنِ فَشَبِعَ النَّاسُ.
قَالَ: وَقَالً النَّاسُ: لانَدْرِى أتَزَوَّجَهَا أم اتَّخَنَ! ا امَّ وَلَد.
قَاَلُوا.
إِنْ حَجَبَهَا فَهِىَ امْرَأ - !هُ، وَإِنْ لَمْ يَحُجبْهَا فَهِىَ امُّ وَلَد.
فَلَمَّا أرَادَ أنْ يَرْكَبَ حَجَئهَا فَقَعَدَتْ عَلَى عَجُزِ البَعيرِ، فَعَرَفُوا أنَّهُ قَدْ تَزَوَجَهَا.
فَلَمَّاً! نَوْا مِنَ المَدِينَةَ دَفَعَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَدَفَعْنَا.
قَالَ.
فَعَثَرَت النَّاقَةُ العَضبَاءُ، وَنَدَرَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَنَدَرَتْ.
فَقَامَ فَسَتَرَهَا، وَقَدْ أَشْرَفَتِ النِّسَاءُ.
فًقُلنَ: ابعَدَ اللّهُ اليَهُو!يَّةَ.
قَالَ: قُلتُ: يَا أبَا حَمْزَةَ، أوَقَعَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ قَالَ: إِى، وَاللهِ لَقَدْ وَقَعَ.
7 مم - (1428) قَالَ !نَسْ: وَشَهِدْتُ وَليمَةَ زَيْنَبَ، فَأشْبَعَ النَاسَ خبزًا وَلَحْمًا.
وَكَانَ يَبْعَثُنِى فَأدْعُو النَّاسَ، فَلَمَّا فَرغً قَامَ وَتَبعْتُهُ 5َ فَتَخَلَّفَ رَجُلان اسْتأنَسَ بهِمَا الحَدِيثصُ لَمْ يَخْرُجَا.
فَجَعَلَ يَمُرُّ عَلَى نِسَائِهِ، فَيُسَلَمُ عَلَى كُل وَاحِدَة مِنْهُن: (سَلامُ عًلَيكُمْ ؟ كَيفَ أنْتُمْ يَأفلَ البَيْتِْ ؟).
فَيقُولُونَ: بِخَيْر يَارَسُولَ اللهِ، كَيف وَجَدْتَ أهْلَكَ ؟ فَيَقُولُ: (بِخَيْر)، فَلمَّا فَرَغَ رَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَه، فَلَمَّا بَلَغَ البَابَ إِذَا هُوَ بِالرجُلَيْنِ قَد اسْتَأنَسَ بِهِمَا الحَديثُ.
فَلَمَّا رَأيَاهُ قَدْ رَجَعَ قَامَا فَخَرَجَا.
فَوَاللهِ، مَا أدرِى أنَا أخبَرْتُهُ امْ اَنزِلَ عَلَيْهِ الوَحْىُ باعَ نَّهُمَا قَد خَرَجَا، فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِى اسْكُفة البَ بِ أرْخَى الَحِجَابَ بَيْنِى وَبَينَه، وَأنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَة لا تَدْخًلُوا بُهُوتَ النبَيّ إِلآَ أَن
قال الإمام: والحيس: تمر واْقط وسمن، وقد تقدم ذكره، وقد بينه فى الحديث
[ بقوله: (إن الرجل كان يجىَ بالأقط، ويجىء الرجل بالتمر، ويجىء الرجل بالسمن، فحاسوا جسأ)] (1).
وقوله: (فحصت الأرض أفاحيص، وجىء بالاْنطاع): يقال: فحصت عن الشىَ: إذا كشفت عنه، وفحصت التراب: قلبته، وفحص الطائر مفحص لبيضه سواَ.
والأفاحيص واحدها أفحوص.
والأنطاع واحدها نِطعٌ، وفيه أربع لغات: نِطَئم، ونطْئم، وَنَطَغ، ونَطْعٌ.
وقوله: (فعثرت[ الناقة] (2) العضباَ): هو اسم لها لاصفة.
قال أبو عبيد:
أما ناقة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فإنها تسمى العضباَ، وليس لشىَ كان بأذنها.
(1) من ع.
(2) من الصحيحة المطبوعة.
596
يُؤْذَنَ لَكمْ} الاَبَةَ (1).(4/595)
كتاب النكاح / باب فضيلة إعتاقه أمة ثم يتزوجها
هو - (1365) وحدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا شَبَابَةُ، حَدثنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ ثَابِت، عَنْ أنَسبى.
ح وَحَدثَّنى بِهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ هَاشِم! بْنِ حَيإنَ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حدثنا بَهْز، حَد"لئا سُلَيْمَانُ بْنُ المُغِيرَةَ، عَنْ ثَابِت، حدثنا أنَسٌ، قَالَ: صَارَتْ صَفِيَّةُ ددَحْيَةَ فِى مَقْسَمهِ، وَجَعَلُوا يَمْدَحُونَهَا عنْدَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ: وَبَقُولُونَ: مَارَأيْنَا فِى السثَبىِ مِثْلَهَا.
قَالَءَ فَبَعَثَ إِلَى دَحْيَةَ فَا"عْطَاهُ بهَا مَا أرَادَ، ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى امِّى فَقَالَ: (أصْلِحِيهَا).
قَالَ: ثُمَ خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مِنْ خَيئرَ، حَتَّى إِفَا جَعَلَهَا فِى ظَهْرِهِ نَزَلَ، ثُمَ ضَرَبَ عَلَيْهَا القُبَّةَ.
فَلَمَا أصْبَحَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ كَانَ عنْدَهُ فَضْلُ زَاد فَلطئنَا بِه).
قَالَ: فَجَعَلَ الرخلُ يَجِىءُ بفَضْلِ التَّمْرِ وَفَضْلِ السَّوِيقِ، حَتًى جَعَلُوا مِنْ فًلِكَ سَوافَا حَيْسًا، فَجَعَلُوا جملُونَ مِنْ فَلِكً الحَيْسىِ، وَيَشْرَبُونَ منْ حيَاضبى إِلَى جَنْبِهِمْ مِنْ مَاءِ السمَاء ِ.
قَالَ: فَقَالَ أنَسٌ: فَكَانَتْ تِلكَ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عًلَيْهَا.
قَالَ: فَانْطَلَقْناَ، حَتَى رَأَيْنَا جُدُرَ المَدِينَةِ
قال القاضى: قد مضى الكلام على هذا فى الحج، وأن الأولى خلاف ماقال أبو عبيد، وكونه صفة لها أو صفة واسما معا هو الصحيح إن شاء الله.
قال أبن وضاح: الحيسُ: التمر ينزع نواه ويخلط بالسويق، والاءول معروف (2).
وقوله: (حين بزغت الشمسأ: أى حين ابتداء طلوعها وهو بزوغها.
وقوله: (ونذر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ونذرت) بالنون: أى سقط وسقطت: وأصله الشىء يسقط من الشىء ويخرج منه، ومنه نوادر الكلام.
وقوله: (هششنا إليها): كذا عند أبى سعيد السجزى، وعند غيره: (هشنا)
إليها بتشديد الشين، وكلاهما صوال!، وهو بكسر الشين فى الماضى وفتحها فى المستقبل، كذا قيدته فى كتاب الهروى على أبى الحسن، ونحوه فى كتاب العذرى، ومعنى (هششنا): نشطنا وخففنا وبادرنا.
وقال (شمر) فى قوله: (فهششت إلى امرأتى): أى فرحتُ واستهيأت، وهو مما تقدم.
ومن قال: (هَشّنا) فعلى الإدغام ولالتقاء المثلين، ولغة من قال من العرب: هُزت بسيفى، وهى لغة بكر بن وائل.
ورواه بعضهم بفتح الهاء على لغة من قال من العرب: ظلت أفعل كذا من ظللت.
(1) 1 لأحزلب: 53.
(2) من هنا إلى (باب الطلاق) لم يذكر المعلم ئى شىء عنها.(4/596)
كتاب النكاح / باب فضيلة إعتاقه اْمة ثم يتزوجها 597
هَشِشْنَا إِلَيْهَا، فَرَفَعْنَا مَطِيّنَا، وَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مَطِيّتَهُ.
قَالَ: وَصَفِيَّةُ خَلفَهُ قَدْ أرْدَفَهَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ: فَعَثَرَتْ مَطيَّةُ رَسُولي الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَصُرِعَ وَصُرِعَتْ.
قَالَ: فَلَيْسَ أحَد مِنَ النَّاسِ يَنْظُرُ إِلَيْه وَلا إلَيْهَا، حًتَّى قَامَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَسَتَرَهَا.
قَالَ: فَا"تَيْنَاهُ فَقَالَ: ا لَمْ نُضَرَّ).
قَالَ: فَدَخًلنَا الَمَلينَةَ، فَخَرَجَ جَوَارِى نِسَائهِ يَتَرَائَيْنَهَا وَيَشْمَتْنَ بِصَرْعَتِهَا.
وردت بمعنى: رددت، ممن لايرى التضعيف ويسهل.
ووقع عند القاضى الصدفى عن العذرى: (هشْنَ ال بكسر الهاء وسكون الشين، ووجهه من هاش يهيش.
قال الهروى: هو بمعنى قولهَم: هش.
قال شمر: يقال: هاش بمعنى طرب، قال: فكبر للرؤيا وهاش فواده، وكما قالوا: نمت من نام، وقد يكون (هِشنا) من هششنا، على لغة من قال: ظلت أفعل كذا، حكاها سيبويه فى الشاذ.
وقوله: (فخرج جوارى نسائه): أى الصغار الأسنان منهن، ومن لم تُسَمَنْه السِنُ والحُنْكَة.
قوله: (يَتَرَاءيْنها وَيَشْمَق بصرْعتاه ال: لما جبل الضرائر عليه من الغيرة، لا سيما بالطارئة عليهن.
وفى حديث صفية جواز نكاح الرجل معتقته، وقد جاء فى الحديث فى ذلك: ا له اْجران).
وقوله: (فقالوا: إن حجبها فهى امرأته): استدل به بعضهم أنها بغير صداق كالموهوبة، ولو كان إنما نكحها على أن عتقها صداقها كما زعم المخالف وظن، اْليس لم يخف عليهم اْنها زوجه ؟ ويكون قوله فى الحديث الآخر: (اْعتقها وتزوجها) إخبار عما استبان بعد ذللث من حالها لهم بعد الحجاب، واستدلالهم بالحجاب على أنه تزوجها.
وفيه دليل عند بعضهم على إجازة النكاح بغير شهود إذا أعلن، واْنه ليس من شرط صحة عقده الشهود، وهو قول مالك والزهرى / وأهل المدينة وأبى ئور وجماعة من العلماء والسلف والصحابة.
وذهب اخرون إلى أنه لايجوز إلا بشاهدى عدل وهو قول جماعة من الصحابة والسلف والثورى والأوزاعى والشافعى واْحمد، وقال أبو حنيفة مثله إلا أنه لا يشترط العدالة، ولكن هو شرط عند الجميع فى الدخول.
ولم يختلفوا أن كل نكاع استسر وليس فيه شردان فهو نكاح سر لايحل ويفسخ.
واختلفوا فى استسراره مع الشاهدين، فمذهب جمهور الفقهاء وأئمة الأمصار ويحيى بن يحيى من أصحابنا على أنه ليس بنكاح سِر، وهو عند مالك نكاح سر يفسخ، دخل أو لم يدخل، ولافرق عنده كان شاهدين أم لا.
241 / ب
598(4/597)
كتاب النكاح / باب زويج زينب بنت جحش...
إلخ
(15) باب زول زينب بنت جحش
ونزول الحجاب، ! اثبات وليمة العرس
89 - (428 1) حدّثنا مُحَمَدُ بْنُ حَاتِم بْنِ مَيْمُولط، حَدثنَا بَهْز.
ح وَحَدِثنِى مُحَمَدُ
ابْنُ رَافِع، حَدثنَا أبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ القَاسم، قَالا جَمِيغا: حَدثنَا سُلَيْمَانُ بْنُ المُغِيرَة، عَنْ ثَابِت، عَنْ أنَس.
وَهَنَا حَديثُ بَهْز قَالً: لَمَا انْقَضَتْءِ!ةُ زَيْنَبَ قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) لِزَيْد: (فَادكُرْهَا عَلَىَّ لما.
قَالَءَ فَانْطَلَقَ زَيْايلاحَتَّى أتَاهَا وَهِىَ تُخَمَرُ عَجينَهَا.
قَالَ: َ فَلَمَّا رَأيْئهُا عَظَمَتْ فِى صَدْرِى، حَتَى مَا أسْتَطِيعُ أنْ أنْظرَ إِلَيْهَا أن2 رَسُولً اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ذَكَرَهَا، فَوَلَيْتُهَا ظَهْرِى وَنَكَصْتُ عَلَى عَقبِى.
فَقُلتُ: يَازَيْنَبُ، أرْسَلَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) يَذْكُرُكِ.
قَالَتْ: مَا أَنَا بصَانِعَة شَيْئا حَتَّى اوًا مِرَ ربِّى.
فَقَامَتْ إِلَى مَسْجِلِ!ا، وَنَزَلً القُرآنُ، وَجَاءَ رَسُولُ اللة ( صلى الله عليه وسلم ) فَدَخلَ عَلَيْهَا بِغَيْر إِفلط.
قَالَ: فَقَالَ: وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا أنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) أطعَمَنَا الخبزَ وَاللَحْمَ حِينَ امْتَدَّ الَنَّهَارُ، فَخَرجً النَّاسُ وَبَقِىَ رِجَال!يَتَحَلَثُونَ فِى اَلبَيْت بَعْدَ الطعَام، فَخَرجً رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَاتّبَعْتُهُ، فَجَعَلَ يَتَتَبَعُّ حُجَرَ نسَائهِ يُسَفمُ عَلَيْهِنَّ، وَيَقُلنَ يَارَسُولَ اللّه، كَيْفَ وَجَدْتَ أهْلَكَ ؟ قَالَ: فَمَا أدْرِى أنَا أخْبَرْ - لَهُ أن القَوْمَ قَدْ خَرَجُوا أوْ أخْبَرَنِى.
قَالَ.
فَانْطَلَقَ حَتَى دَخَلَ البَيْتَ، فَن!بْتُ أدْخُلُ مَعَهُ فَا"لقَى السئتْرَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ، وَنَزَلَ الحِجَابُ.
قَالَ: وَوعُظَ القَوْمُ بِمَا وعُظُوا بِهِ.
وقوله فى الحديث فى قصة زينب: (واْمر النبى - عليه السلام - لزيد أن يذكرها
عليه أن يخطبها): ومعنى (اذكرها علىّ): أى اخطبها لنفسها على، اْى لى أو عنى.
ف (على) تأتى بمعنى الحرفن.
فيه جواز مثل هذا لمن طلقها إذا علم طيب قلبه بذلك، وأنه لايكرهه مثل حال زيد مع النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
وقوله: ! ما أفشطيع أن أنظر إليها ؛ اْن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ذكرها): بفتح الهمزة، أى
من أجل أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ذكرها.
وقوله: (فنكصت على عقبى): أى رجعت وانصرفت.
وقوله: (فجاَ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فدخل عليها بغير إذن): لأنها زوجته، واْن الله أعلمه
أنه زوجه إياها.
وفى خروج النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ودورانه على نسائه حتى يقوم الجالسان عنه حسن الأدب مع(4/598)
كتاب النكاح / باب زواج زينب بنت جحش...
إلخ
599
زَادَ ابْنُ رَافِعٍ فِى حَدثهِ: لا تَدْخلُوا ئيوتَ الئبِى إلأَ أَن يُؤْذَنَ لَكمْ إِلَئ طَعَا أغَيْرَ نَاظِرِينَ إنَاه} إِلَى قَوْلِهِ: وَالئَة لا يَسْتَحْعِما مِنَ الْحَق} (1).
90 - (... ) حد طنا أَبُو الرئيع الرهْرَانِى وَأبُو كَامِلٍ فُضئل بْنُ حُ!مئينٍ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، قَالُوا: حدثنا حَمَاد - وَهُوَ ابْنُ زَيْد - عَنْ ثَابت عَنْ أَنَسٍ - وَفِى رِوَايَةِ أبِى كَامِلٍ: سَمِعْتُ أَنَسًا - قَالَ: مَارَأيْتُ رَسُولً اللهِ كلبا أً وْلًمَ عَلَى امْرَأةٍ - وَقَالَ أبُو كَامِلٍ: عَلَى شَىْءٍ - مِنْ نِسَائِهِ، مَا أوْلَمَ عَلَى زَيْنَبَ، فَإِنَّهُ فَبَحَ شَاةً.
91 - (... ) حلّطنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَبَلَةَ بْنِ أيِى رَؤَادٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَارٍ،
قَالا: حَدثنَا مُحَمَدُ - وَهُو ابْنُ جَعْفَرٍ - حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْد العَزِيزِ بْنِ صُهَيْب، قَالَ: سَمعْتُ أنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: مَا أوْلَمَ رَسُولُ اللّهِ كلّم! عَلَى امْرَأَة مِنْ نِسَائِهِ ثْثَرَ أو أفْضَلَ مِمَاَ أوْلَمَ عَلَى زبنَبَ.
فَقَالَ ثَابِتم لبُنَانِى: بِمَا أوْلَمَ ؟ قَالَ: أطعَمَهُمْ خبزًا وَلَحْمًا حَتَّى نَرَكُوهُ.
92 - (... ) حدثنا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الحَارِثىُّ، وَعَاصِمُ بْنُ الئضْرِ التَّيْمِىُّ، وَمُحَمَدُ بْنُ عَبْدِ الأعْلَى، كُلُّهُمْ عَنْ مُعْتمِرٍ - وَاللَفْظُ لابْنِ حَبِيب - حَدثنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِى.
حَدىثنَا أبُو مجْلَزٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:: لَمَّاانَزَؤجََالنَّبىُ
( صلى الله عليه وسلم ) زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، دَعَا القَوْمَ فَطَعَمُوا.
ثُمَ جَلَسُوا يَتَحَدثونَ.
قَالَ: فَا"خَذَ كَأنَهُ يَتَ!اَلَئ! لِلقِيَام فَلَمْ يَقُومُوا.
فَلَمَا رَأى فَلِكَ قَامَ، َ فَلَمَا قَامَ قَامَ مَنْ قَامَ مِنَ القَوْم.
زَادَ عَاصثم وَابْنُ عَبْدِ الأعْلَى فِى حَديثِهِمَا قَالَ: فَقَعَدَ ثَلاثَة"، وَإِن الئبى ( صلى الله عليه وسلم ) جَاءَ لِيَدْخُلَ فَإِفَا القًومُ جُلُوش، ثُمَّ إِنَّهُمْ قَامُوا فَاَنْطَلَقُوا.
قَالَ: فَجئْتُ فَا"خْبَرْتُ النَّىَ ( صلى الله عليه وسلم ) أنَهُمْ تَدِ انْطَلَقُوا.
قَالَ: فَجَاءَ حَتَى دَخَلَ، فَنَ!بْتُ أدْخُلُ فَا"لقَىَ الحِجَابَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ.
قَالَ: الصاحب واحتمال أذاه، وماكان عليه - عليه السلام - من حسن الخلق والعشرة، وأنه - عليه السلام - لما كره جلوسهما لم يأمرهما بالقيام، وتلطف اْولا بالتهيؤ للقيام ليقوما، فلما لم يقوما تلطف بخروجه ورجوعه ليفهما فيقوما كما كان.
وفيه كراهة التطويل والجلوس عند العروس، ومن يعلم ال له شغلأ وتفرغا لأمر من
أمور نفسه أو أمور المسلمن.
(1) 1 لأحزلب: 53.
ِ6(4/599)
كتاب النكاح / باب زولمجى زينب بنت جحش...
إلخ وَأنْزَلَ اللهُ عَر وَجَلَّ: يَا أَئهَا ا الذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيوتَ النَّبِلأ إِلأَ أَن يؤْذَنَ لَكُمْ إِلَن طَعَام غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاه إِلَى قَوْلِهِ: { إيئَ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا (1).
93 - (... ) وحئثنى عَمْزو الئاقِدُ، حَدثِنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدثنَا أبِى
عَنْ صَالِحٍ، قَالَ ابْنُ شِهَاب: إِنَّ أنَسَ بْنَ مَالِلث قَالَ: أنَا أعْلَمُ النَاسِ بِالحِجَابِ.
لَقَدْ كَانَ أمَ! بْنُ كَعْبِ يَسْألُنِى عَنْهُ.
ً قَالَ أنَس!: أصْبَحَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَروسًا بِزَيْنَبَ بنْتِ جَحْشٍ.
قَالَ: وَكَانَ تَزَؤَجَهَا بِالمَدِينَةِ، فَدَعَا الئاسَ للطعَامَ بَعْدَ ارْتِفَاع النهَار، فَجَلَسً رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَجَلَسَ مَعَهُ رِجَالٌ بَعْدَ مَاِقامَ القَوْمُ، حَتَى قَامَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، َ فَمَشَى فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَئى بَلَغَ بَابَ حُجْرَةٍ عَائِشَقَع ثُمَّ ظَنَّ أنَهُمْ قَدْ خَرَجُوا، فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ فَإِذَا هُمْ جُلُوس مَكَانَهُمْ، فَرَجعِ فَرَجَعْتُ الثانيَةَ، حَتَّى بَلَغَ حُجْرَةَ عَائشَةَ، فَرَجَعَ فَرَجَعْتُ، فَإِذَا هُمْ قَدْ قَامُوا، فَضَرَبَ بيْنِى وَبَيْنَهُ بِالسِّترِ، وَانزَلَ اللهُ آيَةَ لالحِجَابِ.
94 - (... ) حَدثناَ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَدثنَا جَعْفَر - يَعْنِى ابْنِ سُلَيْمَانَ - عَنِ الجَعْدِ
أبى عثمَانَ، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالكِ، قَاً: تًزَؤَجَ رَسُولُ الله على فَدَخَلَ با"هْله.
قَالَ: فَصَنَعَتْ أفَى امُّ سُلَيْمِ حَيْسًا فَجَعَلَتْهَُ فِى تَوْرِ، فَقَالَتْ: يَا أنَسَُ، افهبْ بِهَنمَاَ إِلَىً رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقُلْ بَعَثَت بِهَنَا إِلَيْكَ أمِى، وَهِىَ تُقْرِئُكً السئَلامَ، وَتَقُولُ: إِن ! نَا لَكَ مئا قَلِيل، يَاَرَسُولَ الله.
قَالَ: فَنَ!بْتُ بِهَا إِلَى رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقُلتُ: إِن أفى تُقْرِئُكَ السئَلاَمَ وَتَقُولُ: إِنَّ هَنَا لَكً منَّا قَليل يَارَسُولَ الله ؛ فَقَاً: (َضَعْهُ) ثُمَّ قَالَ: (افهبْ فَادع لِى فُلانَا وَفُلانًا وفُلانًا، وَمَنْ لًقِيتً) وَسَمَّى رِجًالأ.
قَالَ: فَدَعَوْتُ مَنْ سَمَى وَمَنْ لَقِيتُ.
قَالَ: قُلتُ لأنَسِ: ءَ!دَ كَمْ كَانُوا ؟ قَالَ: زُهَاءَ ثَلاِثمِائَةِ.
وقول أنس: (وكان يبعثنى فأدعوا الناس)، وفى الحديث الآخر: " اذهب فادع
فلانأ وفلانأ ومن لقيت): فيه الاستنابة فى دعوة الوليمة، وتخصيص الدعوة بالمعينين، وجواز ذلك فيمن يختص من الإخوان لقوله: (فلانأ وفلانا).
وجواز تفويض ذلك للرسول ؛ لقوله: "ومن لقيت)، وإذا لم يعين صاحب الوليمة من يدعوه رسوله لها وقال له مثل هذا، لم يلزم المدعوُ ولم يتكد عليه الإجابة.
وقوله: (ومن لقيت)، وفى رواية السمرقندى فى حديث قتيبة: (أو من لقيت) وهو
وهم، والصواب الأول كما فى سائر الاْحاديث.
(1) 1 لأحز اب: 53.(4/600)
كتاب النكاح / باب زوج زينب بنت جحش...
إلخ
601
وَقَالَ لِى رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (يَا أنَسُ، هَات التوْرَ).
قَالَ: فَدَخَلُوا حَتَّى امْتَلأَت الصُفةُ وَالحُجْرَةُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لِيَتَحَلَق عَشَرَة عَشَرَة!، وَليَابهُلْ كُلُّ إِنْسَالط مِمَّاَ يَليه لا.
قَالَ: فَاكَلُوا حتَى شك بِعُوا.
قَالَ: فَخَرَجَتْ طَائفَة وَدَخَلَتْ طَائِفَة حتَى كَل!ا كُلهُمْ.
فًقَاَلَ لِى: (يَا أنَسُ، ارْفَعْ).
قَالَ: فَرَفَعْتُ، فَمَا أ!رِى حِينَ وَضَعْتُ كَانَ ممْثَرَ أمْ حِينَ رَفَعْتُ.
قَالَ: وَجَلَسَ طَوَائِفُ مِنْهمْ يَتَحَدثونَ فِى بَيْتِ رَسُولِ الثه ( صلى الله عليه وسلم ) وَرَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، جَالمد، !زَوْجَتُهُ مُوكيَة وَجْهَهَا إِلَى الحَائط.
فَثَقُلُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهَ فَسَلَّمَ عَلَى نسَائه، ثُئم رَجَعَ.
فَلَمَّا رً أوْا رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَدْ رَجَعَ ظَئوا أنَّهُمْ قَدْ ثَقُلُوا عَلًيْه.
قَالَ: فَاَبْتَدَرُوا البَابَ فَخَرجُوا كُلُهُمْ، وَجَاءَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) حَتَّى أرْخَى السئَتْرَ وَدَخًلَ، وَأنَا جَالِمد فى الحُجْرَة، فَلَمْ يَلبَثْ إلا يَس!يما حنَى خَرَجَ عَلَىَّ، وَ!دز!تْ هَذه الآيَةُ.
فَخَرَجَ رَسُولُ النْهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَقَرَأهُن عَلَى الئاسِ يَا أَيهَا ا الذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بيُوتَ النًّبِ! إِلأ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَن طَعَام غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلا مُسْتَئْنِسِينَ لِحَدِيث إن ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْفِ! الئبِ! إِلَى آخِرِ الآيَةِ.
قَالَ الجَعْدُ: قَالَ أنَسُ بْنُ مَالك: أنَا أحْدَثُ الئاسِ عَهْايم بِهَنِه الاَيَات، وَحُجِبْنَ نِسَاءُالئيِى ( صلى الله عليه وسلم ).
ًَ
ء9 - (... ) ود ئثنى مُحَمَدُ بْنُ رَافِعِ ؟ حَدثنَا عَبْدُ الرَراق، حدثنا مَعْمَز، عَنْ أبِى عثمَانَ، عَنْ انسِ قَالىَ: لَمَا تَؤَوجَ الئيِى ( صلى الله عليه وسلم ) زينَبَ أهْدَتْ لَهُ امّ سُلَيْمٍ حَيْسَا فِى تَوْر مِنْ حِجَارَةٍ.
فَقَالَ أنَسن: فَقَالَ رَسُولُ اللْه ( صلى الله عليه وسلم ): (اف!بْ فَادْعُ لِى مَنْ لَقِيتَ مِنَ المُسْلمينً " ؟ فَمَمَوْتُ لَهُ مَنْ لَقِيتُ، فَجَعَلُوا يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ فَيَكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ.
وَوَضَعَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) يَمَهُ عَلَى الطعَامَ فَمَحا فِيهِ.
وَقَالىَ فِيهِ مَاشَاءَ اللهُ أنْ يَقُولَ.
وَلَمْ أدع أحَايم لَقِيتُهُ إِلا دَعَؤلهُ، فَكَلُوا وقول أنس: (فصَنَعْت اْمُى أم سليم حيسئا فجعلته فى تورِ)، وذكرت توجيهها إياه به
إلى النبى ( صلى الله عليه وسلم )، التور: آنية من حجارة كالقدح مذكر، قيل: هو عَربى، وقيل: دخيل.
فيه إهداء الطعام للعروس، وهو مماَ يستحب لشغلهم بالعرس، كما يستحب ببنائز لشغلهم بلليت.
وفيه دعاء العروس إخوانه لأداء مايُهدى له من ذلك مما فيه فضل عن حاجته وحاجة أهله.
وهذا الحيس قد كان فيه من البركة ما كل منه زهاء ثلاثمائة، كما جاء فى الحديث.
وفيه أن من آيات النبوة تكثير القليل.
قال الأمام: (زهاء ثلاثمائة): اْى مقدارها.
وزهاء، ونُهاء، ولهاء بمعنى واحد.
602(4/601)
كتاب النكاح / باب زواج زينب بنت جحش...
إلخ
حتَى شَبِعُوا، وَخَرَجُوا، وَبَقِىَ طَائِفَة!مِنْهُمْ فَا"طَالُوا عَلَيْهُ الحَديثَ.
فَجَعَلَ النَّبىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) يَسْتَحْى مِنْهُمْ أنْ يَقُولَ لَهُمْ شَثئا.
فَخَرجً وَتَرَكَهُمْ فِى البَيْتِ، فَا"نْزَلً اللهُ عَزَّ وَجَلًّ: يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنوا لا تَدْخفوا ئيوتَ النبِى إلأَ أَن يؤْذَنَ لَكمْ إِلَن طَعَام غَيْرَ نَاظِوِينَ إِنَاه قَالَ قَتَادَةُ: غَيْرَ مُتَحيِّنِينَ طَعَامًا{ وَلَكِنْ إِفَا ذعِيتمْ فَادْخفوا حتَى بَلَغَ: ذَلِكمْ أَطْهَو لِقئوبِكمْ وَفئوبِهِن (1).
قال القاضى: وهذه القصة هى فى عرس زينب بينها مسلم والبخارى (2) فى بعض أحاديثهما، وهى صان أشبه بقية الخبر فيها من جلوس من جلس، ونزول الحجاب وخبر وليمتها بالخبز واللحم فى بعض الروايات، فهما قضيتان - والله أعلم، أحدهما: وليمته التى قصد وأشبعهم فيها خبزأ ولحما.
والثانية: هذه التى دعاهم لما أهدته له أم سليم من الحيس فيها كانت الايةُ والبركة، ولم يأت ذلك فى وليمته باللحم، وفيها كانت قصة الحجاب.
ويحتمل أن ذكرها فى قصة وليمة اللحم وهمً من الرواة.
والأشبه أنها كانت فى وليمة الحيس، وهو ظاهر سياق الأحاديث، ولايمكن تكرارها مرتين إذ نزول اية الحجاب فى الأولى منهما، ونهيهم عن فعلهم ذلك يكفى عن المخالفة بعد، وأراه وهما من بعض الرواة، وتركيب قصة على أخرى - والله أعلم - على أن ظاهر قصة زينب فى الوليمة باللحم أن فيها ط يضا - آية، وذلك أنه ذكر فى الرواية الواحدة أنه ذبح شاة، وفى الأخرى: وأشبع الناس خبزأ ولحما)، وقال: (حتى تركوه).
وهذا لايكون من شاة واحدة للناس.
وفى إرخاء الستر فى وجه أنسبى جواز فعل مثل هذا مع خادم الرجل ومن لايحتشمه،
وأنه أولى من قوله: لايدخل، ولما كان عليه - عليه السلام - من حسن الخلق والعشرة.
وقوله: { غَيْوَ نَاظِوِينَ إنَا، }: فسره قتادة فى الأم غير متحينين طعامأ معنى (غير ناظرين): غير منتظرين إدراكه ونضجه، والإناه: الحن والوقت، أى مترقبن حينه.
والصفة مثل الظلة والسقيفة.
وقوله: (حين اشتد النهار) هى رواية ابن الحذاء، ولغيره: (امتد) وهما بمعنى
اشتد النهار: ارتفع.
وقوله: (ووعظ القوم بما وعظوا): أى عوتبوا، ونحو منه الحديث الاّخر: (يعظ
أخاه فى الحياء) (3).
(1) 1 لاءحزاب: 53.
(2) البخارى، كللنكاح، بالصفرة للمتزوج.
(3) سبق فى مسلم، كالايمان، ببيان عدد شعب الإيمان (59).(4/602)
كتاب النكاح / باب الأمر بإجابة الداعى إلى دعوة
603
(16) باب الأمر بإجابة الداعى إلى دعوة
96 - (1429) حدّثنا يحيى بْنُيحيى، قَالَ: قَرم تُ عَلَى مَالك، عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُ!رَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِفَا دعِىَ أحَدُكُمْ إِلَى الوَلِيمَةِ فَليًأتِهًا).
97 - (... ) وحدثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثَنَى، حَا شَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ عَنْ عُبَيْد الله، عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: (إِفَا دُعِىَ أحَدُكُمْ إِلَى الوَلِيمَةِ فَليُجِب، َ.
قَالَ خَالِد: فَلنَا عُبَيْدُ اللّهِ يُنَر!4 عَلَى العُرْسِ.
98 - (... ) حدثنا ابْنُ نُمَيْر، حَدثنَا أبِى، حَدثنَا عُبيدُ اللّه، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛
أن الئيى ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِفَ! دُعِىَ أحَدكمْ إِلَى وَلِيمَةِ عُرْس فَليُجِب).
99 - (... ) حدّثنى أبُو الرئييم وَأبُو كَامِل، قَالا: حَدثنَا حَمَاد، حَدثنَا أيّوبُ.
ح وَحدثنا قُتَيْبَةُ، حَدثنَا حَمَّاد، عَنْ أيوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (ائْتوا الذَعْوَةَ إِفَا دُعِيتُمْ!.
100 - (... ) وحدثنى محَمَّدُ بْنُ رَافع، حدثنا عَبْدلم لرراق، أخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنْ أيوبَ، عَنْ نَافِعٍ ؛ أنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ عَنِ اً لئيِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِفَا دَعَا أحَدُكُمْ أخَاهُ فَليُجِبْ، عُرْشا كَانَ أوْ نَحْوَهُ).
101 - (... ) وحدّثنى إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدثنِى عِيسَى بْنُ المننِرِ، حَدشَا بَقِيةُ، حَدثنَا الزبيْدى! عَن نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ دُعِىَ إِلَى عُرْس أوْ نَحْوِهِ فَليُجِبْ).
102 - (... ) حدثنى حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةُ البَاهِلِىّ، حدثنا بِشْرُ بْنُ المُفَضلِ، حَدشَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ اميَةَ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عبدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (ائتُوا الدَعْوَةَ إِفَا دُعِيتُمْ).
103 - (... ) وحدثنى هَرُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدثنَا حَخاجُ بْنُ مُحَمَّد عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِى مُوسَى بنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْن عُمَرَ يَقُولً: قَالَ رَسُولُ اللهِ
604(4/603)
كتاب النكاح / باب الأمر بإجابة الداعى إلى دعوة
( صلى الله عليه وسلم ): (أجِيبُوا هَنِهِ الدَغْوَةَ إِفَا دُعِيتمْ لَهَا).
قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ يَأتِى الدَغْوَةَ فِى العُرْسِ وَغَيْرِ.
العُرْسِ، وَيَأتِيهَا وَهُوَ صَالْم.
104 - (... ) ود ئثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أخْبَرَنا ابْنُ وَهْب، حَدثنِى عُمَرُ بْنُ مُحَمَد
عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أنَّ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِفَ! دُعِيتُمْ إِلَى كُرَلً فَأجِيبُوا).
105 - (1430) وحدّثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثنى، حَا شَا عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ مَهْدئ.
ح
ص ص عص، ص ير، 5، صح ه، صوص عص، ص ص ير، 5 ص، ص هَء كى هَ ص ه وحدثنا محمد بن عبدِ ال!هِ بنِ نمير، حدثنا ايِى، قالا: حدثنا سفيان، عن ابِى الزبيرِ، عن جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
(إِذَا دُعِىَ أحَدهُكُمْ إِلَى طَعَامٍ فَليُجبْ، فَإنْ شَاءَ طَعمَ، ياِنْ شَاءَ تَرَكَ).
ً
وَلَمْ يَذْكُرِ ابْن ألمُثنى: (إِلَى طَعَامٍ و).
(... ) وَحَدثنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدثنَا أبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْج، عَنْ أبِى الزوبيْرِ، بهَذَا
ا لإِسْنَادِ، بِمِثْلِهِ.
106 - (1431) حلفّنا - أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَا شَا حَفْصُ بْنُ غيَاث عَنْ هشَابم،
عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِذَا دُعىَ أَحدُكمْ فَليُجَبْ، فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَليُصَلًّ، ! اِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَليَطعَمْ).
ً.
107 - (1432) حدثنا يَخعصَ بْنُ يَضىَ، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِك عَنِ اثنِ شهَاب،
جمَنِ الأغرَج، عَن أَبِى هُريرَةَ ؛ أئهُ كَانَ يَقُولُ: بِشْىَ الطعَامُ طَعَامُ الوَلِيمَة لُدكَى إِتئه اَلأغْنِئاءُ وَيترَكُ المَسَاكِينُ، فَمَنْ لَمْ يَأتِ الدَّعْوَةَ، فَقَذ عَصَى ال!هَ ورَسُولَهُ.
108 - (... ) وحدّثنا اثنُ أبِى عُمَرَ، حَدثنَا سُفْيَانُ، قَالَ: قُلتُ لِلزُفرِىِّ: يَا أبَا بَكْرٍ،
قَال الإمام: قوله: (وإن كان صائما فليصل): أى فليدع لاءرباب الطعام بالمغفرة
وا لبركة.
142 / ذأ
وقوله: (بئس الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء ويترك المساكن)، وفى الرواية الاَخرى: (شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها ويدعى لها من يأباها): كثر ماجاء هذا الحديث من رواية مالك وغيره موقوفا على أبى هريرة / لم يذكروا فيه النبى ( صلى الله عليه وسلم )،(4/604)
كتاب النكاح / باب الأمر بإجابة الداعى إلى دعوة
605
كَيْفَ هَذَا الحَديثُ: شَر الطَّعَام طَعَامُ الأغْنِيَاءِ ؟ فَضَحِكَ فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ: شَرُّ الطَّعَام طَعَامُ الأغْنِيَاءِ.
َ
قَالَ يم!فْيَانُ: وَكَانَ أبِى غَنيا، فَا"فْزَعَنِى هَنَا الحَدِيثُ حِينَ سَمعْتُ به فَسَألتُ عَنْهُ الرهرِى فَقَالَ: حَدثنِى عَبْدُ الرخمَنِ الأعْرَجُ ؛ أنَّهُ سَمِعَ أبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: شَرًّا لطَّعَام طَعَامُ الوَلِيمَةِ.
ثُمَ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ.
109 - (... ) وحدّثنى مُحَمَدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْد الرَّرأقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَر، عَن الزهرِئ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيب.
وَعَنِ الأعْرَج !لنْ أبِى هرَيْرَةَ، قَالَ: شَرُّ الطعَام طَعَام الوَلِيمَةِ.
نَحْوَ حَدِيثِ مَالِلث.
وَحدّثنا ابْنُ أبِى عُمَرَ، حَدثنَا سُفْيَانُ، عَنْ أبِى الزّنَادِ، عَنِ الأعْ!ج، عَنْ أبِى هُريرَةَ، نَحْوَفَلِكَ.
110 - (... ) وحدّثنا ابْنُ أبِى عُمَرَ، حَدثنَا سُفْيَانُ.
قَالَ: سَمعْتُ زِيَادَ بْنَ سَعْد قَالَ: سَمعْتُ ثَابتًا الأعْرَجَ يُحَذثُ عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أن النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالً: (شَر الطعَام "طَعَامُ الوَلَيمَة.
يُمنَعُهَا مَنْ يَا"تيهَا وُيدْعَى إلَيْهَا مَنْ يَا"بَاهَا، وَمَنْ لَمْ يُجب الذَعْوَةَ، فَقَدْ عَصَى اللّهَ وَ رَ سو له).
لكن عذوه فى المسند: (ومن لم يأت الدعوة فقد عصى الله ورسوله) قد جاء هذا من روايةِ اخرى عن مالك وغيره عن أبى هريرة قال: قال رسول اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (شر الطعام) الحديث، وذكر مسلم الوجهن.
فاْما إن كان من قول أبى هريرة فأخبر بحال الناس، وصورة القضية عند الناس من اختصاصهم بها أهل اليسمر دون أهل الحاجة، واْن الأولى كان بهذا الفقراء لسد خلتهم، وأن الخير فى الأفعال كثرة أجرها، وذلك غير موجود فى الأغنياء، وإنما هو نوع من ا لمكا رمة.
وان كان رفَعَه هو الصحيح فهو إخبار منه - عليه السلام - عن صفة مايكون بعده.
وقد كره العلماء اخثصاص الأغنياء بالدعوة.
واختلف إذا فعل ذلك، فقال ابن مسعود: إذا خصَ الغنى وترك الفقير أمرنا ألا نجيب.
وقال ابن حبيب: من فارق السنة فى وليمة فلا دعوة له.
وقال أبو هريرة: أنتم العاصون فى الدعوة.
ودعا ابن عمر فى وليمته الأغنياء والفقراء، فجاءت قريش ومعها المساكين، فقال ابن عمر للمساكين: هاهنا فاجلسوا، لاتفسدوا عليهم ثيابهم، فأنا سنطعمكم مما يأكلون.
606(4/605)
كتاب النكاح / باب لا تحل المطلقة ثلاثا لمطلقها...
إلخ
(17) باب لا تحل المطلقة ثلالا لمطلقها حتى تنكح زوجا غيره
ويطأها، ثم يفارقها، وتنقضى عدتها
111 - (1433) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أن شمئبَةَ وَعَمْرو النّاقِدُ - وَاللَّفْظُ لِعَمْرٍ و- قَالا: حَدثنَا سُفْيَانُ عَنِ الزهرِ!، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: جَاءَتِ امْرَأةُ رِفَاعَةَ إِلَى الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَتْ: كَنْتُ عِنْدَ رفَاعَةَ، فَطَلَّقَنِى فَبَتَّ طَلاقِى، فَتَزَوّجْتُ عبدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الرثيرِ، ! اِن مَامَعَهُ مِثْلُ هُدَبَةِ الثوبِ.
فَتَبَسَّمَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَقَالَ: (أتُرِيدينَ أنْ تَرْجعِى إِلَى رِفَاعَةَ ؟ لا، حَتَّى تَذُوقِى عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقُ عُسَيْلَتَكَ لما.
قَالَتْ وَأبُو بَكْرٍ ءِنْدَهُ، وَخَالد بالبَاب يَنْتَظِرُ أنْ يُؤْفَنَ لَهُ.
فَنَاسَ: يَا أبَا بَكْر، ألا تَسْمَعُ هَنِهِ مَاتَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) َ!
وقوله فى خبر عبد الرحمن بن الزبير.
لم يختلف أن هذا بفتح الزاى، وهو الزبير
ابن باطيا اليهودى، وابنه عبد الرحمن هذا.
وهُدبة الثوب: طرفه الذى لم ينسج.
قال الحربى: هدبة الثوب: شىء ينقض من طوله ويُفتلُ (1) قال غيره: ثشبه بهدب العن وهو شعرها الذى على شفرها.
[ وقوله: (حتى تذوق عسيلته ويذوق عسيلتك)، قال الإمام: قال اْحمد بنيحيى
هذا كناية عن حلاوة الجماع.
قال أبو بكر: شبه لذة الجماع بالعسل، واْنث لأن العسل يذكر ويونث، فمن أنثه قال فى تصغيره: عسيلة، ويقال: إنما أنث على معنى النطفة، ويقال: إنما أنث لأنه أراد قطعة من العسل، كما قالوا: ذو الثدية، فأنثوا على معنى قطعة من الثدى.
قال الإمام: جمهور العلماء على أن المطلقة ثلاثا لاتحل بمجرد العقد حتى يدخل بها ويطأها.
وانفرد ابن المسيب ولم يشترط الوطء وحمل قوله تعالى: { حَتى تَنكِحَ يَوْجًا غَيْوَه} (2) على العقد دون الوطء، كما حمل قوله تعالى: { وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم ئِنَ التِسَاءِ} (3) على العقد.
وهذا الحديث حجة عليه ؛ لأنا إن سلمنا أن النكات ينطلق عام
(1) لم نعثر عليه فى غريب لطديث للحربى.
(3) للنساء: 22.
(2) للبقرة: 230.
(4/606)
كتاب النكاح / باب لا تحل المطلقة ثلاثا لمطلقها...
إلخ 607 12 ا - (... ) حمّثنى أبُو الطَاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُيحيى - وَاللَّفْظُ لِحَرْمَلَةَ - قَالَ أبُو الطَّاهر: حَدثنَا، وَقَالَ حَرْمَلَةُ: أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب - أخْبَرَنِى يُوُنسُ عَنِ ابْنِ شهَاب، حَدثنِى عُرْوَةُ بهنُ الزمصبيْرِ ؛ أن عَائِشَةَ زَوْجَ النَبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ) أخبَرَتْهُ ؛ أنَّ رفَاعةَ القُرَظِىَّ طَلًّقَ امرَأتَهُ فبَمث طَلاقَهَا، فَتَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الرئيوِ، فَجَاعَتِ الَئعِى طيب فَقَالَتْ: يَارَسُولَ اللّهِ، إِنَهَا كَانتْ تَحْتَ رِفَاعَةَ، فَطَلَقَهَا آخِرَ ثَلالقِ تَطلِيمات، فَتَزَؤَجْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرخْمَنِ
العقد حقيقة حتى يصح دخوله فى ظاهر الاَية، كان هذا الحديث مخصصأ لها مبينأ للمراد بها فيرجع إليه] (1).
وقوله: (حتى تذوقى (عسيلته): تنبيه على وجود اللذة، وكنى عنها بالعسل.
ولعل توحيده هاهنا بقوله: (عسيلته) إشارة إلى الفعلة الواحدة والوقاع الواحد ؛ لئلا يظن أنها لاتحل إلا بوطء متكرر، وقد قال بعض اْهل العلم: أنه لو وطئها وهى نائمة لم تحل بهذا الوطء ؛ لاءنها لم تذق العسيلة، وقد شرط فى الحديث ذوق الزوجن جميعأ لذلك.
واختلف عندنا، هل تحل بالوطء الفاسد فى عقد نكاح صحيح ؟ فقيل: تحل لأنه يسمى نكاحاٍ، ولوجود اللذة به المنبه عليها فى الحديث.
وقيل: لاتحل ة لأن محمل ظواهر الشرع وألفاظه على مايصح فى الشرع دون مالا يصح.
قال القاضى: قال بعض العلماء: ما أظن سعيد بن المسيب بلغه الحديث فأخد بظاهر
القرآن وشذ فى ذلك، ولم يقل أحد بقوله من العلماء إلا طائفة من الخوارج.
كما شذ الحسن فى قوله: لا يحلها إلا بوطء فيه إنزال، التفات إلى معنى العسيلة، وقال: هو الإنزال، وفى شكوى المرأة زوجها الذى معه كالهدبة.
وجاء فى غير مسلم: (مالى إليه من ذنب إلا اْن ما معه ليس بأغنى عنى من هذه، وأخذت هدبة من ثوبها، فقال: كذبت، والله إنى لأنفضها نفض الأديم) وذكره البخارى (1).
وقول النبى كله لها: (أتريدين أن ترجعى إلى رفاعة) يعنى زوجها الأول: دليل
على التطليق بعدم الجماع، وأنه من.
حقوق الزوجة، وهو قول كافة العلماء، ونضرب فى ذلك عندهم سنة يؤجل فيها للاختبار، وهذا مالم يكن مجبوبأ، أو من لايرجى منه الوطء جملةً لعدم سألة ذلك عنده، فهذا يطلق عليه ولا يوجل، وقال بعض السلف: عشرة أشهر.
وخالف داود الكافة ورأى اْنه لايطلق عليه بالعنَّة ولايوجل، ولم يقل به أحد من السلف إلا ابن+ علية والحكم قالوا: والإجماع يرد قولهم، وحجتهم: ظاهر الحديث، فإن النبى
(1) سقط من الأصل، واستدرك بالهامث! بسهم.
(1) البخارى، كلللباس، بثياب الخضر 7 / 192.
608
(4/607)
كتاب النكاح / باب لا تحل المطلقة ثلاثا لمطلقها...
إلخ
ابْنَ الرئيرِ، داِنَهُ - وَاللّهِ - مَامَعَهُ إِلا مثْلُ الهُلْبَةِ.
وَأخَذَتْ بِهُدْبة مِنْ جِلبَابِهَا.
قَالَ: فَتَبَسئَمَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ضَاحكا، فَقَالَ: ا لَعَلَكِ تُريلينَ أنْ تَرْجِعِى إٍ لَى رِفَاعَةَ ؟ لا، حَتَى يَأُ وقَ عُسَيْلَتَك وَتَأُ وقِى عُسًيْلَتَهُ لما.
وَأبُو بَكْر الصَلِّيقُ جَالِس!عنْدَ رسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَخَالد ابْنُ !سَعِيدِ بْنِ الَعَاصِ جَالِس!بِبَابِ الحُجْرَةِ لَمْ يُؤْفَنْ لَه.
قَالَ: فًطَفقَ خَالدٌ يُنَادى أبَا بَكْرَ: ألا تَزْجُرُ هَنِهِ عَمَا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ً
113 - (... ) حدثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد.
أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَراَقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنِ الرفرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ ؛ أنَّ رِفَاعًَالقُرَفِئَ طَلَقَ امْرَأتَهُ فَتَزَؤَجُهَا عَبْدُ الرخمَنِ بْنُ الرئيرِ.
فَجَاءَتِ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَتْ: يَارَسُولَ اللهِ، إِن رِفَاعَةَ طَلَقَهَا اخرَ ثَلاثِ تَطليقَات.
بِمِثْلِ حَدِيثِ يُونُسَ.
114 - (... ) حئثنا مُحَمَدُ بْنُ العلاءِ الهَمْدَانى، حَا شَا أبُو اسَامَةَ عَنْ هشَامِ، عَنْ
أبِيه، عَنْ عَائشَةَ ؛ أن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) سُئلَ عَنِ المَرْأَةِ يَتَزَؤَجَهَا الرخلُ، فَيُطَفقُهَاَ، فَتَتَزَوفَيُ رَجُلا، فَيُطَفًقُهَا قَبْلَ أنْ يَدْخُلَ بهَا، أَتحل لزَوْجهَا الأؤَل ؟ قَالَ: ا لا، حَتَّى يَذوقَ دُمتيلتَهَا).
ًً
(... ) حئثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَا شَا ابْنُ فُضَيْلِ.
ح وَحَدثنَا أبُو كُرَيْب، حَا شَا
أبُو مُعَاوِيَةَ، جَمِيعَا عَنْ هِشَامِ، بِهَناَ الإِسْنَادِ.
( صلى الله عليه وسلم ) لم يطلق عليه ولا أخلَهُ، وليس لهما فيه حجة، بل هى عليهما دليل ة لقوله - عليه السلام - ة (أتحبين أن ترجعى إلى رفاعة) دليل أن شكواها يوجب الفراق، ولأنه قد ناكرها فى ذلك، كما ذكروا فى الموطأ أنه طلقها، وذاك الحديث إخبار عن حال الحال بعد هذا المجلس فيولف بذلك بين الحديثين.
وذهب مالك ومعظم اْئمة الفتوى أنه متى وطئها مرة لم يؤجل ولم يكن لها قيام، وذهب بعضهم إلى أنهْ كلما أمسك عنها أجل سنةً كالعنين، وقال أبو ثور نحوه.
وتبسم النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إما من تفطنها لمرادها الرجوع إلى زوجها الأول، أو تعجبأ من تصريحها بشكواها مما عادة النساَ الاسمَحياَ منه، ألا ترى إنكار خالد قولنا، وقوله: (ألا تسمع ماتجهر به عند النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ألا تزجر هذه).
وذكر فى الباب: ثنا محمد بن العلاَ، ثنا أسامة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة.(4/608)
كتاب النكاح / باب لا تحل المطلقة ثلاثا لمطلقها...
إلخ
609
115 - (... ) حمّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أيِى شَيبَةَ، حَدشَا عَلِى بْنُ مُسْهِر عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ القَاسِم بْنِ مُحَمَّد، عَنْ عَائِشَةَ، قالَتْ: طَلَقَ رَجُل امْرَأتَهُ ثَلالًا، فَثَزَوَجَهَا رَجُل ثُمَ طَلَقَهَا قَبْلَ أنْ يَدْخُلً بِهَا، فَا"رَادَ زَوْجُهَا الأؤَلُ أنْ يَتَزَؤجَهَا، فَسُئِلَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ فَلِكَ.
فَقَالَ: ا لا، حتَى يَذُوقَ الآخِرُ مِنْ عُس!يلَتِهَا، مَافَ!قَ الآؤلُ).
(... ) وحدثناه مُحَمَدُ بْنُ عَبْد اللّه بْن نُمَيْر، حَدثنَا أن خ وَحَدثنَاهُ مُحَفدُ بْنُ المُثنّى، صرًًًًه ممحهَ ص ص ص ص،
حَدثنايحيى - يعْنِى ابن سعِيدٍ - جمِيعًا عن عبيدِ اللهِ، بِهذا الإِسْنادِ، مِثْله.
وَفِى حدِيثِ يحيى عن عبيدِ اللهِ: حدثنا القاسِمُ عَنْ عائِشة.
وقع عند العنرى فيما أخبرنا به عنه الأسدى: عن هثام بن سعد، وهوخطأ، إنما هو هثام بن عروة.
610(4/609)
كتاب النكاح / باب ما يستحب أن يقوله عند الجماع
(18) باب ما يستحب أن يقوله عند الجماع
116 - (1434) حئثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - وَالفَفْظُ ليَحْىَ -
قَالا: أخْبَرَنَا جَرِير"عَنْ مَنْصُورِ، عَنْ سَالمِ، عَنْ كُريب، عَنِ ابْنِ عَئاس، قَالَ: قَاَلَ رَسُولُ اللهِ كلتئ: ا لَوْ أن أحَدَهُمْ، إِفَا أرَادَ أنْ يًا(تِى أهْلَهُ، قَالً: بِاسْم اللهِ، اللهمَّ جنَبْنَا الشَيْطَانَ، وَجنبِ الشيْطَانَ مَارَزقْتَنَا.
فَإِئهُ، إِنْ يُقَئَرْ بَيْنَهُمَا وَلَد فى فَلِكَ، لَمْ يَضُرةُ شَيْطَان"أبَئا).
(... ) وحدثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثنى وَابْنُ بَشَار، قَالا: حَدثنا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرِ، حَدثنا شُعْبَهُ.
ح وَحَدثنَا ابْنُ نُمَيْر، حَا شَا أن.
ح وَحَدثنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدِ، أخْبَرَنَا عَبْد الرَّزاَقِ، جَمِيعَا عَنِ الثوْرِىِّ، كلاهمَا عَنْ مَنْصُورِ، بِمَعْنَى حَلِيث جَرِيرِ.
غَيْرَ أن شُعْبَةَ لَيْسَ فِى حَدِيثِهِ ذِكْرُ: (باسْم الئَه).
وَفِى رِوَايَةِ عَبْد الرَزاَقِ عَنِ الثًّوْرِى (بِاسْم اللهِ لما.
وَفِى رِوَايَةِ ابْنِ نُمَيْر: قَالَ مَنصُورٌ * أرَاهُ قَالَ: (بِاسْم الئَهِ).
قوله فى الحديث: ا لو أن أحدكم إذا اْراد أن يأتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشميطان، وجنب الشميطان مارزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد فى ذلك لم يضره الشيطان اْبدأ): قيل لهذا الضر: هو ألا يُصرع ذلك المولود، وقيل: لايَطعن فيه الشيطان عند ولادته، كما جاء فى الحديث (1).
ولم يحمله أحد على العموم فى جميع الضرر والوسوسة والإغواء.
(1) لنظر: مند الحميدى (42 0 1)، مسند أحمد 2 / 274.(4/610)
كتاب النكاخ / باب جواز جماعه امرأته فى قبلها...
إلخ
611
(19) باب جواز جماعه امرأته فى قبلها من قدامها
ومن ورائها، من غير تعرض للدبر
117 - (1435) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، وَأبُو بمْر بْنُ أبِى شَيْبَةَ، وَعَمْرو النَاقدُ - وَاللَفْظُ لأبى بَكْر - قَالُوا: حَدثنَا سُفْيَانُ، عًن ابْن المنكًدر، سَمِعَ جَابِرم يَقُولُ: كًانَتِ اليَهُودُ تَقُولُ: إِفَا أًتَى الرَّجُلُ امْرَأتَهُ مِنْ ! بُرِهَا فِىَ قُبُلِهًا، كَانَ اَلَوَلَدُ أحْوَل.
فَنَزَلَت: نِسَاؤُكُمْ حَوْث مُمْ فَأتُوا حَوْثَكُمْ أَنى شِثْتُم (1).
118 - (... ) وحلّفنا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أخْبَرَنَا اللَيْثُ، عَنِ ابْنِ الهَادِ، عَنْ أبِى حَازِمٍ،
عَنْ مُحَمَدِ بْنِ المنكَدِر، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ ؛ أن يَهُودَ كَانَتْ تَقُولُ: إِفَا أتيَتِ المَرْأةُ، منْ !بُرِهَا فِى قُبُلِهَا، ثُمً حَمَلَتْ كَانَ وَلَدُهَا أحْوَلَ.
قَالَ: فَ النزِلَتْ: { نِسَاؤُكُمْ ص ث مُمْ فًأتُوا حَوْثَكُمْ أَئى شِئتم
وذكر مسلم سبب نزول قوله تعالى: { نِسَاؤُكُمْ حَرْث هُم} الاَية، قال الإمام:
اختلف الناس فى وطء النساء فى أدبارهن، هل ذلك حرام أم لا ؟ وقد تعلق من قال
بالتحليل بظاهر الاَية، وانفصل عنها من يحرم بأن المراد بها ما نزلت عليه من السبب،
والرد على اليهود فيما قالت، والعموم إذا خرج على سبب قصر عليه عند بعض أهل الأصول، ومن قال بتعدّيه وحمله على مقتضى اللفظ من التعميم كانت الاَية حجة له فى
نفى التحريم، لكن وردت أحاديث كثيرة بالمغ منه، فيكون ذلك تخصيصأ للعموم بأخبار
الآحاد، وفى ذلك خلاف بين الأصوليين.
وقد قال بعض الناس منتصرأ للتحريم: أجمعت الاَمة على تحريم المرأة قبل عقد
النكاح.
واختلف بعد العقد، هل حل هذا العضو منها أم لا ؟ فيستصحب الإجماع على
التحريم حتى ينقل عنه ناقل، وعكسه الآخرون، وزعموا / أن النكاح فى الشرع يبيح 242 / بالمنكوحة على الإطلاق، فنحن مستصحبون لهذا حتى يأتى دليل يدل على استثناء بعض
الأعضاء
قال القاضى: ظاهر لفظ الحديث يقتضى اْنه موضع الولد.
والحرث كناية عن الجماع،
(1) للبقرة: 223.
612(4/611)
كتاب النكاح / باب جواز جماعه امرأته فى قبلها...
إلخ ء!وص، 5، ص ص صحص، ص ص ص ص ص ص صحص ص، ص ه،
119 - (... ) وحدثناه قتيبة بن سعيد، حدثنا أبو عوانة.
ح وحدثنا عبد الوارث بن صوصءص!َءً ؟ًَ صح، صَّ
عبدِ الصمدِ، حدثنِى أَبِى عَن جدى، عن أيوب.
ح وحدثنَا محَمدُ بْنُ المُثنى، حَا لنِى وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حدثنا شُعْبَةُ.
ح وَحَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ المُثنى، حَا شَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدثنَا سُفْيَانُ.
ح وَحَدثنِى عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيد وَهَرُونُ بْنُ عَبْد اللهِ وَأبُو مَعْنٍ الرئاشِى، قَالُوا: حَدثنَا وَهْبُ بْنُ جَرير، حَدثنَا أيى، قَالً: سَمعْتُ الئعْمًانَ بْنَ رَاشد يُحَدِّثُ عَن الرفرىِّ.
صءص!ورً،، َ5ًَ!ص، َ يرًَ، َ،
ح وحدثنِى سليْمان بْن معبدٍ، حدثنا معلى بْنُ أسَدٍ، حَدثنا عَبْدُ العَزيز - وَهوَ ابْن المُخْتَارِ - عَنْ سُهَيْلِ بْنِ ا"بِى صَالِحٍ، كُل هَوُلاء عَنْ مُحَمَدِ بْنِ المنكَدَرَِ، عَنْ جَابِر، بِهَذَا الحَدِيث.
وَزَادَ فِى حَلِيثِ النُّعْمَانِ، عَنِ الزهْرِىِّ: إِنْ شَاءَ مُجميةً، وَاِنْ شَاءَ غًمرُ مُجئيةٍ غَيْرَ أن فَلِكَ فِى صِمَامٍ وَاحِدٍ.
ويسمى به النساَ ؛ لأنهن مُزدرع، و{ أَنى ثِئْتُم} هنا يحتمل معنى: كيف شئتم، كما جاَ فى الحديث، ويحتمل: حيث ؛ إذ اللفظ يحتملهما معأ.
وبساط الحديث يقضى بأنه كيف، وإباحة عموم صور الحرث إلا مواضعه، وجل الناس على منعه من الطاهر والحائض، وحكى بعضهم الاتفاق على منعه من الحائض.
ولأصحاب الشافعى فى هذا الوجه قولان، فمنهم من قال: إنه حلال منهما، ومنهم من فرق، والثالث مذهب الجمهور: المنع بكل حال.
وقوله: (مُحئيَةً)، قال الإمام: يعنى على وجهها.
قال أبو عبيد فى حديث عبد الله، وذكر القيامة فقال: (ويجبون تجبية رجل واحد قيامأ لرب العالمن).
والتجبية تكون فى حالتن: أحدهما: أن يضع يديه على ركبتيه وهو قالْم، والوجه الاَخر: أن ينكب على وجهه باركا.
قال: وهذا الوجه هو المعروت عند الناس، وقد حمله بعضهم على أنهم يخرون سجداً، فجعل السجود هو التجبية (1).
وقوله: (فى صمام واحد): اْى فى جحر واحدٍ.
قال القاضى: أصل الصمام: صمام القارورة، وهو مايُثد به فمها وثقبها.
(1) انظر: غريب الحديث لألم عبيد 4 / 76.(4/612)
كتاب النكاح / باب تحريم امتناعها من فراش زوجها
613
(20) باب تحريم امتناعها من فراش زوجها
120 - (1436) وحدثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثَئى وَابْنُ بَشَارٍ - وَاللَفْظُ لابْنِ المُثَتى -
قَالا: حَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدثنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَ الةَ يُحَذَثُ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ أَبِى هُريرَةَ، عَنِ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِذَا بَاتَتِ المَرْأةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا، لَعَئئهَا المَلاِئكَةُ حتَى تُصْبِحَ !.
(... ) وَحَدثنيه يحيى بْنُ حَبِيبٍ، حَدثنَا خَالِد - يَعْنِى ابْنَ الحَارِثِ - حَا شَا شُعْبَةُ،
بِهَنمَا الاِسْنَادِ.
وَقَاً: (حتى تَرْجِعَ).
121 - (... ) حئثنا ابْنُ أمِح! عُمَرَ، حَدثنَا مَروَانُ عَنْ يَزيدَ - يَعْنِى ابْنَ كيسَانَ - عَنْ
أبِى حَازِمٍ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (وَائًذى نَفْسِى بيَده، مَامِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأتَهُ إِلَى فِرَاشِهَا، فَتَأبَى عَلَيْهِ، إِلا كَانَ الَذِى فِى السمَاء سَاخَطمَاَ عَلَيْهَا، حَتَى يَرْضَى عنهَا).
، !!ص ص صه!ءص ص ص عص صَ
122 - (... ) وحلغنا أثو بَكْرِ بْن أمِح! شيبة وابو كريبٍ، قالا: حدثنا أثو مُعَاوِية.
ح وَحَدثنِى أَبُو سَعيد الأشَج، حَا شَا وَكِيع.
ح وَحَدثنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب - وَاللَفْظ لَهُ - حَدثنَا جَرِير!، كُلهُمْ عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ أبِى حَازِبم، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالً: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِفَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ، فَلَمْ تَأتِهِ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا، لَعَنَتْهَا المَلاِدكَةُ حتَى تُصْبِحَ).
وقوله فى الحد يث: (إذا باتت المرأة هاجرة لفراش زوجها، لعنتها الملائكة حتى تصبح)، وفى الحديث الآخر: (إلا كان - يعنى الله - ساخطا عليها حتى يرضى عنها) يعنى زوجها: وعيذ شديذ فى حق الأزوج، ولزوم طاعتهن، وأن منع الحقوق فى النفوس والأموال سواء.
614(4/613)
كتاب النكاح / باب تحريم إفشاء سر المرأة
(21) باب تحريم إفشاء سر المرأة 23 1 - (437 1) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أن شَيْبَةَ، حَا شَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عُمَرَ
ابْنِ حَمْزَةَ العُمَرِئ، حَا شَا عَبْدُ الرخمَنِ بْنُ سَعْد، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا سَعِيد الخُدْرِى يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِن مِنْ أشَر النَاسِ عَنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ القيَامَة، الرخلَ يُفْضِى إِلَى امْرَأتِهِ وَتُفْضِى إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرهًا).
124 - (... ) وحدّثنا مُحَمَدُ بْنُ عَبْد اللهِ بْنِ نُمَيْرِ وَأبُو كُرَيْب، قَالا: حدثنا أبُو اسَامَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ عَبْدِ الَرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ.
سَمْعْتُ أبَا سَعيد الخُدْرِى يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّ مِنْ أعْظَم الأمَانَة عِنْدَ اللهِ يَوْمَ القيَامَة الرخلً يُفْضِى إِلَى امْرَأتِهِ وَتُفْضِى إِلَيْهِ، ثُمَّ ينشُر سِرَّهَا).
وَقَالَ ابْنُ نُميرٍ: (إِن2 أعْظَمَ لا.
وقوله: (من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يفضى إلى امرأته وتفضى إليه، ثم يفشى سرها): جاء فى النهى عن هذا أحاديث كثيرة، ووعيد شديد، وذلك فى وصف مايفعله من ذلك وكشف حالها فيه، فإنه من كشف العورة، ولافرق بين كشف العورة بالنظر أو بالوصف، كما جاء فى الحديث الآخر.
وأما ذكر المجامعة والخبر عنه على الجملة فغير منكر ؛ إذا كان لفائدة ومعنى، كما قال - عليه السلام -: " إنى لأفعله أنا وهذه)، وقوله: (هل أعرستم الليلة ؟).
وذكر ذلك لغير فائدة - أيضا - ليس من مكارم الأخلاق، ولا من حديث اْهل المروءات والسمت.
وقوله: (من أشر الناس): أهل النحو يأبون أن يقال: فلان أشر أو أخيرِ منِ فلان، وانما يقال: شر وخير، وهو مشهور كلام العرب عندهمٍ، قال الله تعالى: { َ منْ هو شَر مكَانًا وَاضْعَفُ جُندًا} (1)، وقال: { خَيْر عِندَ رَثكَ ثَوَابا} الاَية (2)، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة باللفظن على وجهها، وهى حجة عليهم باستعمال الوجهن.
(1) مربم: 75.
(2) مربم: 76.(4/614)
صفحة محذوفة رقمها 615(4/615)
616 كتاب النكاح لم باب حكم العزل
سَمعْتَهُ منْ أبِى سَعيد ؟ قَالَ نَعَمْ، عَنِ النيِى قَالَ: ا لاعَليكُمْ ألاتَفْعَلُوا، فَإنَمَا هُوَ القَلًرُ)ًً
129 - (... ) وحدثنا مُحَئدُ بْنُ المُثنى وَابْنُ بَشَار، قَالا: حَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ.
ح وَحَدثنَا يَحْيَى بْنُ حَبيبٍ، حَدثنَا خَالا - يَعْنِى ابْنَ اً لحَارِثِ - ح وَحَدبرشِى مُحَمَّدُ بْن حَاتِمٍ، حَدثنَا عَبْدُ الرخمَنِ بْنُ مَهْدئَ وَبَهْزْ، قَالُوا جَمِيعًا: حَدثنَا شُعْبَةُ عَنْ أنَس بْنِ م!يرينَ، بِهَنمَا الاِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
غَيْرَ أَنَّ فِى حَديثهِمْ: عَنِ الئيِى ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ فِى العَزْل: ا لا عَلَيكُمْ ألا تَفْعَلُوا فَ!كُمْ، فَلنَمَا هُو القَمَرُ ".
ً
وَفِى رِوَايَةِ بَهْزٍ قَالَ شُعَبَةُ: قُلتُ لَهُ: سَمِعْتَهُ مِنْ أمِ! سَعِيدٍ ؟ قَالَ: نَعَمْء
وقوله أردنا أن نستمتع ونعزل، فسألنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن ذلك فقال: ا لا عليكم
ألا تفعلوا، فإنما هو القدر) الحديث، وفى الحديث الآخر: (فلم ينهنا)، وفى الآخر: (كنا نعزل والقراء ينزل)، وفى الآخر: (اعزل إذ شثت): كلهُ دليل على جواز العزل على لبملهَ، لكن فُهم من قوله: ا لا عليكمأ لا تفعلوا) الحسن وابن صيرين النهى.
فقال الحسن فى الكتاب: لكأن هذا زجر.
وقال ابن صيرين: هو 7هرب بلى النهى.
ومثله توله فى الحدى يث الآخر: (فلم يفعل ذلك أحدكم)، وفى الآخر: ا لانكم لعكعلون) ثلاثأ ة فظاهره كله الكراهة والانكار، وقيل: قوله: ا لا عليكم ألا تفعلوا) يحتمل إباحة العزل، ويحتمل إباحة غيره بدلالة قوله: (مامن نسمةِ كاشْةِ أَلا وهى كائنة).
وفى!ديث الآخر: (قاك الوأد الحقى) (1)، وذكو: { يافَا لئمَوْكوول مئئِلَ!ث} أ2،، الوأد: قتل البنات الصغار كما كلفته تصثع العرب، ثم اممتعمل فى الذكور والإفاث.
وكانت العرب تفعله لعلتين: للغرِة عبىِ البنات، ولتخفيف عزن العيال، قال الله تعالى: { وَل التلُوا أَوْلادَكمْ خَشيَةَ بمْع!نضْ نرْؤ!غ ! لىئاكم} 31) الآية، وليس مقضى قوله هذا التحريم بل التشبيه، كما قيل فى للرياء: (الشرك الحقى،، لكن قِه دليل الكراهةء وبكراهته قال بعض الصحابة، وب!جازته قال كثير منهم، ومن التابعين وفقهاء الأمصار.
واختلفوا هل للمرأة فى ذلك حق ؟ فرد مالك والشافعى وأصحابهما حقًا لها إذا كانت حرة، فلا يعزل عنها إلا يوقفها، وكأتهم رأوا الانزال من تمام لذتها وحقها فى!لولد،
11) سيثثه نى نفس الكتاب، بجولو للقيلة وس رطء للرضع وكولمة للعزل برقم 9491، ء (2، التكوء: 8ء31) ا لإسويكل: 31.(4/616)
كتاب النكاح / باب حكم العزل 617 130 - (... ) وحلّدنى أبُو الرئيع الرهْرَانىُّ وَأبُو كَامل الجَحْدَرى - وَاللَّفظُ لأيِى
- ص ص ممتص ص،، صصه،، صًًعص، ََصََه،، صصصَ - - صءه -
كامِلِ - قالا: حدثنا حماد - وهو ابن زبد - حدثنا ؟لوب عن محمد، عنْ عبْدِ الرحمنِ ابْنِ بشْرِ بْنِ مَسْعُود، رَفه إِلَى أيِى سَعِيد اَلخُدْرِى، قَالَ: سُئِلَ الئبِى من عَنِ العَزْلِ ؟ فَقَافيً لأ عَلَيكُمْ ألأ تًفْعَلُوا فَاكُمْ، فَإِئمَ الوَ القَدَرُ!.
قَالَ مُحَمَلأ: وَقَوْلهُ: ا لا عَليكُمْأ ثالرَبُ إِلَى النهْىِ.
131 - (... ) وحئثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثنى، حَد!شَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذ، حَد!شَا ابْنُ عَوْنِ، عَنْ مُحَمَد، عَنْ عَبْد الرخْمَنِ بْنِ بشْرِ الأنْصَارىِّ، تَالَ: فَرَدَ الحَلَيثَ حَتى رَدَهُ إِلَى أيِى سَعيدَ الخُدْرِىِّ.
َ تَالَ: ذُكِرَ العَزلُ عنْدَ النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: (وَمَافَاكُمْ ؟).
قَالُوا: الرخلُ تَكُوَن لَهُ المَرْأةُ تُرْضِعُ فَيُصيبُ مِنْهًا، وَمَمْرَهُ أنْ تَحْملىَ منْهُ.
وَالرخلُ تَكُونُ لَهُ الأمَةُ فَيُصيبُ منْهَا، وَبَكْرَهُ أنْ تَجمِلَ مِنْهُ.
قَالَ: ا لَلا عَليكُم ألا تَفْعَلُوا ذَاكُمْ، فَ!نمَا هُوَ القَلرُ) ءَ
قَال ابْنُ عَوْنِ: فَحَدثتُ بِهِ الحَسَنَ فَقَالَ: وَاللهِ، لَكَأن7 هَذَا زَجْز،
ولم يريا ذلك لازمأ فى الأمة.
قال مالك: إلا أن تكون زوجة فلا يعزل عنها إلا بإذن أهلها، وهذا لمراعاة حق الولد.
قال بعض متأخرى شيوخنا: ورأى أيفئا إذنها فى ذلك لحق عقد الزوجية، بخلات وطئها بالملك.
قال الإمام: إنما سألوه عن ذلك ؛ لاْنه قد يكون وقع فى نفوسهم أن ذلك من جنس الموءولة.
وفى كتاب مسلم بعد!ذأ: أنه سئل - عليه السلام - عن العزل، فمّال: (ذلك الوأد الخفى) لأنه كالفرار من القدر، وقد كرهه ابن عمر.
فأخبرهم - عليه السلام أن ذلك جاثز، ولن المقدر خلقه لابد أن يكون، فالعزل عن الحرة لايجوز إلا برضاها لحقها فى الولد، والعزل عن الأمة بملك اليمين جائز من غير رضاها ؛ ولاحق لها فى وطء ولا استيلاد.
[ وقول الحسن: (والله لكأن هذا زجر): أى نهى.
ومعنى] (1) العزل: أن يعزل الرجل الماء عن رحم المرأة إذا جامعها حذر الحمل.
قال القاضى: / وقوله: غزونا بلمصطلق وأصبنا كرائم العرب، فطالت علينا العُزبة،
فأردنا أن نستمتع): فيه حجة للجمهور فى جواز استرقاق العرب ة لأن[ بنى] (2)
(1) سقط من الأصل، والمثبت من ع.
(2) استلركت فى الهامش.
1 / 243
618(4/617)
كتاب النكاح / باب حكم العزل
(... ) وحدّثنى حَخاجُ بْنُ الشَاعِرِ، حَا شَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ،
عَنِ ابْنِ عَوْن، قَالَ: حَئَالتُ مُحَمَّدًا، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بِحَدِيثِ عَبْدِ!لرخمَنِ بْنِ بِشْرٍ - يَعْنِى حَدِيثَ العَزْذِ - فَقَالَ: الاىَ حَا لهُ عَبْدُ الرخمَنِ بْنُ بِشْرٍ.
(... ) حدثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثَئى، حَا شَا عَبْدُ الأعْلَى، حدثنا هِشَام!عَنْ مُحَمَد، عَنْ
مَعْبَد بْنِ سَيرينَ، قَالَ: قُلنَا لأبى سَعِيدٍ: هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَذكُرُ فِىًا لعَزلِ شَيئا ؟ قَالَءَ نَعَمْ.
وَسَاقَ الحَلِيثً بِمَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ عَوْنٍ.
إِلَى قَوْلِهِ: (القَدَرُ).
132 - (... ) حدّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ القَوَارِيرِى وَ"احْمَدُ بْنُ عَبْدَ ةَ - قَالَ ابْنُ كئلَةَ: أخَبَرَنَا.
وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ: حَا شَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ - عَنِ ابْنِ أبِى نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهد، عَنْ قَزَعَةَ، عَنْ أبِى سَعِيد الخُدْرِىِّ، قَالَ: ذكُرَ العَزْلُ عِنْدَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَاً: ً (وَلِمَ يَفْعَلُ فَلِكَ ا"حَدُكُمْ - وَلَمْ يَقُلْ: فَلا يَفْعَلْ فَلكَ أحَدُكُمْ - فَإئهُ لَيْسًتْ نَفْس!مَخْلُوقَة!إلا اللهُ خَالِقُهَا).
133 - (... ) حئثنى هَرُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأيْلِى، حَا شَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْب أخْبَرَنِى مُعَاوبَةُ - يَعْنِى ابْنَ صَالِح - عَنْ عَلِى بْنِ ائى طَلحَةَ، عَنْ أبِى الوَادَاَكِ، عَنْ أبى سَعيد الخُدْرِىِّ، سَمِعَهُ يَقُولُ: س!ئِلَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنِ العَزْلِ ؟ فَقَالَ: (مَا مِنْ كُل المًاء يَكُوَنلم الوَلَدُ، صاِفَا أرَادَ اللهُ خَلقَ شَىء لَمْ يَمْنَعْهُ شَىْء!ا.
المصطلق من خزاعة.
ومنع ذلك الشافعى واْبو حنيفة وابن وهب من اْصحابنا وقالوا: لاتقبل منهم جزية إن أسلموا لالا قوتلوا، وجاز وطء سبيهم ة لأنهم كانوا ممن دان بدين اْهل الكتاب - والله أعلم.
ولايص ح قول من زعم من الشارحن: لعلهم وإن كانوا على شرك العرب قد أسلموا، فإن فى الحديث: (وأحببنا الفداء)، ولايصح[ استعمال هذا اللفظ فيمن اْسلم، ولايجوز ولايصح] (1) قول من قال: أن كانوا على الشرك.
فلعل هذا كان جائزا أول الاسلام ثم نسخ، ويحتاج هذا إلى نقل صحيح.
وفيه حجة لما عليه جمهور الفقهاء من اْن بيع اْمهات الأولاد لايجوز ؛ إذ الفداء بيع،
وقد تقرر عندهم منعه لسبب الحمل.
وقال بعضهم: إنما فيه حجة لمنع بيعهن حبالى فقط
(1) اصتدرك فى الهانم.(4/618)
كتاب النكاح / باب حكم العزل
619
(... ) حدّثنى أحْمَدُ بْنُ المننِر البَصْرِ!، حدثنا زَيْدُ بْنُ حُبَاب، حدثنا مُعَاوِيَةُ، أخْبَرَنِى عَلِى بْنُ أبِى طَلحَةَ الهَاشِمِىُّ عَنْ أبِى الوْدَّاكِ، عَنْ أبِى سَعِيدٍ الًخُمْهِىِّ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بمثْله.
ًَ،، َ ممص، صوءً+ هـ
134 - (439 1) حدّثنا أحْمَدُ بْنُ غئدِ الله بْنِ يونسَ، حدثنا زهير، أخْبرنا ابو الزبيرِ،
عَنْ جَابِرٍ ؛ أن رَجُلاً أتَى رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالً: إِنَّ لِى جَارِيَةً هِىَ خَ المُنَا وَسَانِيَتُنَا، وَأنَا أطُوف عَلَيْهَا، وَأنَا كْرَهُ أنْ تَحْمِلَ.
فَقَالَ: (اعْزِلْ عَنْهَا إِنْ شِئْتَ، فَإِنَّهُ سَيَأتِيهَا مَاقُدِّرَ لَهَا لا، فَلَبِثَ الرَّجُلُ، ثُمَّ أتَاهُ فَقَالَ: إِن الجَارِيَةَ قَدْ حَبِلَتْ.
فَقَالَ: (قَدْ أخْبَرتُكَ أنَّهُ سَيَأتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا).
135 - (... ) حدّثنا سَعِيدُ بْنُ عَمْرو الأشْعَثِى، حَدشَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سَعيد
ابْنِ حَسَّانَ مممنْ عُرْوَةَ بْنِ عيَاضٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، قَالَ: سَاكلَ رَجُلٌ النَّىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالًءَ إِن عنْدِ! جَارِيَةً لِى، وَأنَا أَعْزِلُ عَنْهَا.
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِن فَلِكَ لَنْ يَمْنَعَ شَيئا أرَ الوُ النْهُ).
قَالَ: فَجَاءَ الرَّجُلُ فَقَالَ: يَارَسُولَ النْهِ، إِن الجًارِيَةَ الَّتِى كنتُ ذَكَرتُهَا لَكَ حَمَلَتْ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (أنَا كئدُ اللهِ وَرَسُوُلهُ).
لأجل استرقاق الولد، وهذا الذي عليه إجماع المسلمين مالم تضع.
قال الق الى: وقوله للذى أخبره: أن جاريته التى عزل عنها قد حبلت: (قد اْخبرتك أنه يأتيها رزقها): فيه دلالة على إلحاق الولد مع العزل فى الاماء والحرائر، وذلك لاْن الماء يتفلت.
ولم يختلف عندنا فى لحاقه مع العزل إذا كان الوطء فى الفرج.
واختلف اذا كان الوطء فى غير الفرج لفساد الماء بمباشرة الهواء، قالوا: ولو كان العزل البسن الذى لايشك أنه لم يتفلت منه شىء فى الفرج لم يلحق.
وفيه حجة لمن لايرى الأمة فراشأ، وهو مذهب الشافعى.
ومالك يراها فراشا إذا
عرف وطأه لها.
وقال بعض أصحابه: أو كانت من العلى التى لاتراد إلا للوطء إلا أن تدعى فى هذا كله استبراء على المشهور، ومن كبراء أصحابنا من قال: لاينفيه الحيض.
وذكر مسلم فى الباب: ثنا[ أبو] (1) الربغ الزهرالْى واْبو كامل الجحدرى، واللفظة له، قالا: ثنا حماد بن زيد، ثنا أيوب، عن محمد، عن عبد الرحمن بن بشر.
هذا هو الصحيح، وهو محمد بن سيرين، وكذا لجميع شيوخنا: عن محمد بن عبد الرحمن
(1) صاقطة من الأصل، واستدركت فى الهامث! بسهم.(4/619)
620 كتاب النكاخ / باب حكم العزل (... ) وحدثنا حَخاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَا شَا أبُو أحْمَدَ الزبيْرِىُّ، حَدثنَا سَعِيدُ بْنُ حَسئَانَ -
قَاص! أهْلِ مَكَّةَ - أخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ عِيَاضِ بْنِ عَدِى بْنِ الخِيَارِ النَوْفَفَى، عَنْ جَابِرِ بْنِ عمدِ اللهِ، قَالَ: جَاءَ رَجُل إِلَى الئيى (صلى الله عليه وسلم).
بِمَعْنَى حَ!يثِ سُفْيَانَ.
136 - (1440) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أيِى شَيْبَةَ لَاِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - قَالَ إسْحَقُ: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ أبُو بَكْر: حَا شَا سُفْيَانُ - عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِر، قَالَ: كَنَا نَعْزِلُ وَالقُرآنُ يَنْزِلُ.
زَادَ إِسْحَقُ: قَالَ سيُفْيَانُ: لَوْ كَانَ شَئئا ينهَى عَنْهُ، لَنَهَانَا عَنهُ القُرآنُ.
137 - (... ) وحئثنى سَلَمَةُ بْنُ شَبيبٍ، حَا شَا الحَسَنُ بْنُ أعْيَنَ، حَد3ثنَا مَعْقل عَنْ
عَطَاءٍ.
قَالَ: سَمِعْتُ جَابِر، يَقُولُ: لَقَدْ كنا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
138 - (... ) وحدّئنى أبُو غَسَّانَ المسْمَعى، حَا شَا مُعَ ال - يَعْنِى ابْنَ هشَامٍ - حَدثنِى أن عَنْ أن الزْليْرِ، عَنْ جَابِر.
قَالً: كُئا نَعْزِلُ عَلَى عَهْد رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَبَلَغَ فَلِكَ نَعِى اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَلَمْ يَنْهَنَا.
ً
ابن بشر، وهو خطأ.
قال الإمام: وذكر مسلم فى الباب: ثنا حجاج بن الشاعر، ثنا اْبو أحمد الزبيرى،
ثنا سعيد بن حسان - قاص أهل مكة - قال: أخبرنى عروة بن عياض بن عدى بن الخيار النوفلى.
هكذا فى الإسناد عروة بن عياض، وكذلك رواه ابن عيينة وأبو أحمد الزبيرى، كلاهما[ قال] (1) عن سعيد بن حسان، عن عروة بن عياض، مسمى.
قال البخارى: عروة اْخشى ألا يكون محفوظا ؛ لأن عروة هو ابن عياض بن عمرو القارئ.
ورواه أبو نعيم عن سعيد بن حسان، عن ابن عياض، ولم يسمه.
قال القاضى: وقوله: (هنا جارية هى خادمنا وسانيتنا): أى التى تستقى لنا.
والسانية: المستقية من الدواب وغيرها.
كذلك روايتنا فى هذا الحرف عن جل.
الرواة، ووقع فى - بعض النسخ عن ابن الحذاء: (وسايسُن ال، ومعناه: خادم الدابة، والأول أوجه وأصوب.
(1) ماقطة من الأصل، ولستدركت فى الهامث! بسهم.(4/620)
كتاب النكاح / باب تحريم وطء الحامل المسبية
621
(23) باب تحريم وطء الحامل المسبية
139 - (1441) وحدّثنى مُحَمَدُ بْنُ المُثنى، حَدشَا مُحَمَّدُ بْنُ جعْفَر!حَدثنَا شُعْبَ!
عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْر، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنَ جُبَيْر يُحَدِّثُ عَنْ أبيه، عَنْ أبى الدَّرْدَاء، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ آئهُ أتَى بِامْرَأة مُجِغ عَلَى بَابِ فُسْطَاط.
فَقَالَ: ا لَعًلَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُلِمَّ بِهَاَ ؟).
فَقَالُوا: نَعَمْ.
فَقَالَ رَسُو، اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لَقَدْ هَمَمْتُ أنْ ألعَنَهُ لَغنا يَدْخُلُ مَعَهُ قَبْرَهُ، كَيْفَ يُوَرَثهُ وَهُوَ لايَحِلُّ لَهُ ؟ كَيْفَ يَسْتَخْلِمُهُ وَهُوَ لايَحِل لَهُ ؟أ.
(.
.
- ) وحدّثناه أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ.
ح وَحَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّار، حَدثنَا أبُو! اوُدَ، جَمِيغا عَنْ شُعْبَةَ، فِى هَنَا الاسْنَادِ.
وقوله: إنه ( صلى الله عليه وسلم ) أتِى بامرأة مُجِغ على باب فسطاط، فقال: لعله يريد اْن يلم بها):
هذا الحرف بضم الميم وكسر الحئم وبعده حاَ مهملة، قال الإمام: المُجِحّ هاهنا: الحامل التى قربت ولادتها، وانما غلَط - عليه السلام - فى هذا لما استقر فى شريعته من النهى عن وطء الحامل.
وقوله: (كيف يوزثهُ وهو لايحل له ؟ كيف يستخدمه وهو لايحل له ؟): إشارة
إلى اْنه قد ينمو الجنين بنطفة هذا الواطئ لاءمه حاملاً فيصير مشاركأ فيه لأبيه وكان له بعض الولد فإذا حصلت المشاركة منع الاممتخدام.
وهذا مثل قوله - عليه السلام -: (من كان يومن بالله واليوم الآخر لايسق ماءه ولد غيره)، وفى هذا كله دليل على أن السئَباء يهدم النكاح، وهو مشهور مذهبنا، سبيا مجتمعين أو مفترقن، ويأتى الكلام عليه.
قال ابن عباعى: نهى - عليه السلام - وطَ الحبالى حتى يضعن ما فى بطونهن.
قال القاضى: هذا حكم كل حامل[ من وطء] (1) صحيح.
واختلف فى المرأه تزنى
[ فتحمل] (2) وبين حملها، هل يطؤها زوجها ؟ فأجازه أشهب، وكرهه مالك وغيره من أصحابنا.
واتفقوا على كراهيته ومنعه من وطئها فى ماَ الزنا مالم يتبين الحمل، مع اتفاقهم أنه إن فعل فإنها لاتحرم عليه.
وكذلك اتفقوا أنها لاتتزوج فى استبراء الزنا أو حمله.
واختلفوا إذا كان ذلك، هل تحرم عليه كالعدة الصحيحة أو لاتحرم ؟ يحرمُ فى
(1) سقط من الاْصل، واستدرك فى الهامث! بسهم.
(2) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامث! بسهم.
622(4/621)
كتاب النكاح / باب تحريم وطء الحامل المسبية
الحمل دون غيره.
قال الإممام: روى هذا الحديث شعبة عن يزيد بن خُمير.
وخُمَير هذا بضم الخاء المعجمة، وهو خُمير الرَّحبى بفتح الراء والحاء المهملة بعدها باء بواحده تحتها، منسوب إلى بنى رَحَبة، بطن من حمير، وهو رحبةُ بن زرعة بن سبأ الأصغر بن كعب بن زيد بن شهل.
قال القاضى: وجدتُ هذا الاسم مضبوطا بالشن المعجمة، وأراه الصحيح منه.(4/622)
كتاب النكاخ / باب جواز الغيلة...
إلخ 623
(24) باب جواز الغيلة وهى وطء المرضع، وكراهة العزل
140 - (1442) وحدّثنا خَلَفُ بْنُ هشام، حَدثنَا مَالكُ بْنُ أنَسِ.
ح وَحَا شَا يحيى
ابْنُ يحيى - وَاللَفْظُ لَهُ - قَالَ: قَرَأتُ عَلَىَ مَالِك عَنْ مُحَمًد بْنِ عَبْدِ الرخمَنِ بْنِ نَوْفَل، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ جُدَامَةَ بنْت وَهْبِ الأسَدِئة ؛ أنَهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: ا لَقَدْ هَمَمْتُ أنْ أنْهَى عَنِ الغَيلَةِ، حَتَى ذَكَرْتُ أَن الرُّومَ وَفَارِسَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ فَلا يَضُري وْل الصمْ ".
قَالَ مُسْلِمٌ: وَأمَا خَلَف فقَالَ: عَنْ جُنَامَةَ الأسَدِئةِ.
وَالصَّحِيحُ مَاقَالَهُ يحيى بِالدَالِ.
141 - (... ) حذثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعيدِ وَمُحَمَدُ بْنُ أبِى عُمَرَ، قَالا: حَدثنَا المُقْرئُ حَدثنَا سَعِيدُ بْنُ أبِى إلُوبَ، حَدثنِى أبُو الأَسْوَدِ، عَنْ عُرُوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ جُلامَةَ بنْتِ وَهْبِ - اخْتِ عُكَاشَةَ - قَالَتْ: حَضَرْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى انَاسِ، وَهُوَ يَقُولُ: (َلَقَدْ هَمَمْتُ أنْ انهَى عَنِ الغِيلَة، فَنَظَرْتُ فِى الروم وَفَارِسَ، فَإِفَا هُمْ يُغِيلُونَ أوْل الصمْ، فَلا يَضُرُّ أوْلادهُمْ فَلِكَ ش!يئا) !
وقوله: ا لقد هممت أن أنهى عن الغيلة) الحديث: الغيلة، بكسر الغن، إذا كانت
فيها الهاء، فإن لم تدخل الهاء فهى بفتح الغن المعجمة.
وقد ذكر مسلم أيضا[ فيه] (1) فى بعض الروايات: (الغِيَال) وهو صحيح.
وقال بعضهم: والغَيلة، بالفتح: المرة ا لوا حدة.
قال الإمام: الغيلة: الاسم من الغيل، وهو أن يجامع الرجل امرأته وهى ترضع.
وقد أغال الرجل وأغيل: إذا فعل ذلك.
قال ابن السكيت: الغيل: أن ترضع المرأة وهى حامل، يقال منه: غالت وأغيلت.
قال القاضى: بالاْول فسئَر مالك فى الموطأ الغيلة، وهو قول الاْصمعى وغيره من اللغويين.
قيل: ووجه كراهته خوف مضرته أن الماء يكثر اللين، فقد يغيره.
وأهل الطب يقولون: إن ذلك اللبن كاره.
قال ابن حبيب: والعرب تتقيه، ولاْنه يخشى اْن يكون / منه حمل فلا يفطن له أولا، فيرجع إلى إرضاع الحامل.
قال ابن حبيب: سواء
(1) من هامث! الأصل.
243 / ب
624(4/623)
كتاب النكاح / باب جواز الغيلة...
إلخ
ثُمَ سَألُوهُ عَنِ العَزْلِ ؟ فَمالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (فَلِكَ الوَأدُ الخَفِىّ).
زَادَ عُبَيْدُ اله فِى حَلِيثِهِ عَنِ المُقْرِئِ: وَهِىَ: { لَافَا الْمَوْعُودَةُ سُئِلَتْ} (1).
142 - (... ) وحدّثناه أبُو بَكْرِ بْنُ أن ث!يْبَةَ، حَا شَا يَخيَى بْنُ إِسْحَقَ، حَدثنَا يَحْيَى
ابْنُ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّد بْنِ عبد الرخمَنِ بْنِ نَوْفَلِ القُرَشِى، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائشَةَ، عَنْ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبِ الأ(!تدِيَّة ؛ أَنَّهَا قَالَتْ: !سَمعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَرَ بمثْلَ حَديث سَعِيدِ بْنِ أن ايوبَ، فِى العًزْلِ وَالغِيلَةِ.
غيرَ انًهُ قَالَ: (الغِيَالَ).
ً 43 1 - (1443) صدثنى مُحَمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْبنِ نُمَيْرِ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبِ - وَالففْظُ لابْنِ نُمَيْر - قَالا: حَدثنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ المَقْبُرىّ، حَدثنَا حَيْوَةُ، حَدثنِى عَيَّاشُ بْنُ عبَاسِ ؛ أنَ2 أبَا الئضْرِ حَ اللهُ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْد ؛ أنه اسَامَةَ بْنَ زَيْد أخْبَرَ وَالدَهُ سَعْدَ بْنَ أبِى وَئاص ؛ أنَّ رَجُلاَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اله ( صلى الله عليه وسلم ) فَقًالَ: إِئى أعْزلُ عَنَ امْرَأتِى، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لمَ تَفْعَلُ فَلِكَ ؟)، فَقَالَ الرَّجُلُ: أشْفِقُ عَلَى وَلَلِ!ا، أوْ عَلَى أوْل الا.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لَوْ كَانَ فَلِكَ ضَارّا، ضر فَارِسَ والرُّومَ).
اْنزل اْو لم ينزل.
قيل: لعله وإن لم ينزل فقد تنزل المرأة فيضر ذلك باللبئ.
وقال بعض اللغويين: الغيلةُ والغَيْلَةُ: أن ترضع المرأة وهى حامل.
وقال بعضهم: لايقال بفتح الغن إلا مع حذف الهاء، وقال بعضهم يقال: الغيلة بالفتح للمرة الواحدة.
وحكى لنا شيوخنا عن أبى مروان بن سراج الوجهيئ مع إثبات الهاَ فى الرضاع.
فأما الغيل فبالكسر لاغير، وقال بعضهم - وهو ابن أبى زمنين -: إن الغيلة إنما معناها من الضر، يقال: خفت غايلته: اْى ضرةُ - وهذا بعيد، فإن الحرف إفا كان بمعنى الضر والهلاك من فوات الواو، والاسم منه الغول، قال الله تعالى{ لا يخيهَا غَول} (2) اْى لايغتال عقولهم ويذهب بها، ويصيبهم منها وجع واْلم.
وفيه من الفقه جوازه إذا لم ينه عنه - عليه السلام -، إذ راْى الجمهور لايضره وإن
أضر بالقليل، وإباحته فى الحديث الآخر بعدُ، اْبين من قوله: ا لم يفعلُ ذلك، لو كان فلك ضارأ ضر فارس والروم) وتروى (ضارَ) وهما بمعنى ضارَهُ يضره ضيراً مخفف، وضرزه يضرة ضيراً وضرأ.
وفيه اْنه - عليه السلام - كان يجتهد فى الأحكام برأيه، وهى مسألة اختلف فيها أرباب الأصول، وقد تقدم منه.
(1) التكوير: 8.
(2) ا لصا فات: 47.(4/624)
كتاب النكاح / باب جواز الغيلة...
إلخ
وَقَالَ زُهَيْز فِى رِوَايَتِهِ: (إِنْ كَانَ لِنَلِكَ فلا، مَاضَارَ فَلِكَ فَارِسَ وَلا الرومَ).
625
وذكر مسلم اختلات الرواة عن مالك فى سند هذا الحديث فى ضبط اسم جُدامَة بنت وهب، وضبط يحيى بن يحيى له بالدال المهملة، وقول خلف بن هشام فيه بالذال المعجمة، وكذا ذكره من غير رواية مالك، ثم قال مسلم: والصحيح ماقاله يحيى.
قال الإمام: قال بعضهم هى: (جُدامة) بضم الجيم وبالدال المهملة، هكذا قال مالك.
وقال سعد بن أبى ايوب، ويحمى بن أيوب: بالذال المعجمة، والصواب ماقاله مالك.
وجُدامة فى اللغة: مالم يندق من السنبل، كذلك قال أبو حاتم، وقال غيره: إنها لَحات البر، فما بقى فى الغربال من قصبه فهو الجدامة.
قال القاضى: جاء فى حديث سعيد فى هذا الباب: عن جدامة بنت وهب أخت عكاشة.
قال بعضهم: لعله أخو عكاشة، على من قال: إنها جدامة بنت وهب بن محص وقال آخرون: عكاشة بن وهب أخو جدامة اَخر.
وقال الطبرى: جدامة بنت جندل هاجرت، قال: والمحدثون قالوا فيها: جدامة بنت وهيب.
وعكاشة بن محصن، وهو بشد الكاف، كذا ضبطناه، وكذا جاء فى الشعر.
وقوله وقد سُئل عن العزل: (ذاك الوأد الخفى)، قال الإمام: الوأدُ: قتل البنت
وهى حية، وجاء فى الحديث نهى عن وأد البنات، ومنه قوله تعالى: { لَ!فَا الْمَوْعُودَة مئثِلَتْ} (1) قال بعضهم: سميت موءودة لاْنها تثقل بالتراب فقال منه: وأدت المرأة ولدها وأدأ.
قال: وذكر مسلم بعد هذا حديثًا فيه: ثنا حيوة، ثنا عياش بن عباس ؛ أن أبا النضر حدثه.
قال بعضهم: حيوة هذا هو حيوة بن شريح التميمى، يكنى أبا زرعة، وهو عياش بالياء المعجمة باثنتين من تحتها وضين معجمة، وهو ابن عباس بالباء بواحدة والسن المهملة، وهو القبانى بكسر القات وإسكان التاء منسوب إلى قئان، بطن من رُعَن.
وعياش - هذا - رجل مصرى، يكنى أبا عبد الرحيم.
(1)1 لتكوير: 8.
626(4/625)
كتاب الرضاع / باب يحرم من الرضاعة...
إلخ
بسم الله الرحمن الرحيم
17 - كتاب الرضاع
(1) باب يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة
ا - (1444) حلينا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِك عَنْ عَبْد اللهِ بْنِ أبِى
بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ ؛ أَنَّ عَائِشَةَ أخْبَرَتْهَا ؛ أن رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ عِنْلً!ا، وَإِنًهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأفِنُ فِى بَيْتِ حَفْصَةَ.
قَالَتْ عَائِشَةُ 5َ فَقُلتُ: يَارَسُولَ ال!هِ، هَذَا رَجُل يَسْتَأفِنُ فِى بَيْتِكَ.
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (ارَاهُ فُلانًا) لعَم حفْصَةَ مِنَ الرضاعَة.
فَقَالَتْ عَائشَةُ: يَارَسُولُ الله، لَوْ كَانَ فُلان خئا - لِعَفهَا مِنَ الر!اعَة - دَخَلَ عَلَى ؟ قَاَلَ رَسُولُ اللهَِ ( صلى الله عليه وسلم ): (نَعَمْ، إِن الرَّضَاعَةَ تُحَزمُ مَاتُحَزمُ الوِل ال ةُ).
2 - (... ) وحلئناه أبُو كُرَيْبٍ، حَا شَا أبُو أسَامَةَ.
ح وَحَدثنِى أبُو مَعْمَر إسْمَاعِيلُ
ابْنُ إِبْرَاهِيمَ الهُنَلِى، حَا شَا عَلِىُّ بْنُ هَاشِ! بْنِ البَرِيد، جَمِيعًا عَنْ هِشَام بْنِ عروَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أيِى بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائشَةَ، قَالَتْ: َ قَالَ لِى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (يَحْرُمُ منَ الرضاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الوِل الةِ).
قال القاضى (1): وذكر مسلم حديث الذى استأذن فى بيت حفصة فقال - عليه السلام -: (اْراه فلانا) لعم حفصة من الرضاعة، وقول عائشة: لو كان فلان حيا - لعمها من الرضاعة - دخل على ؟ قال: (نعم)، ئم قال اخر الحديث: (إن الرضاعة تحرنم ما تحرئم الولادة)، وقال لعائشة فى حديث اْبى القعيس عمها من الرضاعة: (ائذنى له) (2)، وفى بعض طرقه: فقالت: إنما أرضعتنى المرأة ولم يرضعنى الرجل، فقال: (إنه عمك، فليلج عليك) (3) وفى الرواية ال الرى: ا لا تحتجب منه، إنه يحرم من الرضاعة مايحرم من النسب) (4)، وفى الحديث الاَخر: (وكان أبو القعيس أبأ لعائشة) (5) كذا
(1) كتاب جديد ا للرضاع " ولم ثر القاضى بلى ئنه كتاب جديد، وانما ضمه إلى كتاب النكاح.
(2) حديث رقم (3) بالباب التالى.
(3) حديث رقم (7) بالباب التالى.
(4) حديث رقم لا) بالباب التالى (5) حديث رقم للا) بالباب التالى.(4/626)
كتاب الرضاع / باب يحرم من الرضاعة...
إلخ 627 (... ) وَحَدثنيه إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أخْبَرَنِى عَبْدُ اللّهِ بْنُ أبِى بَكرٍ، بِهَن!ا الإيشَادِ، مِثْلَ حَدِيثِ هِشَام بْنِ عُرْوَةَ.
لهم، وهو الصحيح.
ورواية الباجى: (أخا عائشة)، وهو وَهْم، وإن كان قد جاء من رواية عالْشة أن أبا القعيس هو عمها من الرضاعة، والأول أصح.
قال القابسى: هما عمان لعائشة: أحدهما: ! أخو أبيها اْبى بكر من الرضاعة
[ أرضعتهما امرأة واحدة.
والثانى: أخو أبيها من الرضاعة] (1) يعنى أخا أبى القعي!ش، كما قال: أرضعتك امرأة أخى.
قال ابن أبى حازم هما واحد فى الحديثن، والأشبه قول أبى الحسن ؛ إذ لو كان واحدأ لم تحتج للامتناع منه ولحجابه بعد إعلام النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لها بذلك أو نسبوا لها النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عن عمها الميت: لو كان حيأ أو كان أبو القعيس هو ا، ءول، ولاكتفت بذلك لأعلام النبى - عليه السلام - لها، حكم ذلك على أن بعضهم رجح قول ابن أبى حازم وقال: لعل عم حفصة كان خلاف عمها هى أفلح، إما أن يكون أخوهما شقيقا والآخر لاْبٍ أو، ءم فقط، اْو يكون أحدهما أعلى فى العمومة والآخر أدنى، أو يكون أحدهما أرضعته زوجة أخيه بعد موته والآخر فى حياته، فأشكل هذا الآخر عليها فى حديث حفصة حتى سألت عن حكم ذلك وحقيقته.
قيل: وفى أحاديث عائشة حجة أن قليل الرضاعة وكثيرها يحرم ؛ إذا لم يقع فيها سوال عن عدد الرضعات، واكتفى فيها بأنه عم من الرضعة مجملا ولم يفصل.
(1) سقط من الأصل، واستدرك فى الهاث! بسهم.
244 / ءأ
628(4/627)
كتاب الرضاع / داب مخر 3 الرضاعة من ماء الفحل
(2) باب تحريم الرضاعة من ماء الفحل
3 - (1445) حدثنا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرأتُ عَلَى مَالك عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ عُرْوَةَ ئن الز!مبيرِ، عَن عَائشَةَ ؛ انَهَا أخْبَرَتْهُ ؛ أن أفْلَحَ، أخَا أبِى القُعئسَ "، جَلي يَسْتَأفنُ عَفَيْهَا - وَهُوَ عَفهَا منَ الرَّضَاعَة - بَعْدَ أنْ انزِلَ الحِجَابُ، قَالَتْ: فَأبَيْتُ أَن آشً لَهُ.
فَلَمَا جَليَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أخْبَرْ"لهُ بِائًذِى صَنَعْتُ، فَافَرَنِى أنْ افنَ لَهُ عَلَىَّ.
4 - (... ) ود ئثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أن شيبَةَ، حَدثنَا سُفيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائشَةَ ؛ قَالَتْ: أتَانى عَمّى مِنَ الرَّضَاعةِ، أفْلَحُ بْنُ أن قُعَيْسبى.
فَذَكَرَ بمَعْنَى حَديث مَالِك.
وَزَادَ: قُلتُ: إِنَّمَا أرْضَعَتْنِى المَرْأةُ وَلَمْ يرْضعْنِى الرَّجُلُ.
قَالَ: (َتَرِبَتْ يَلَاكَ، َ أوْ يَمِينكِ).
5 - (... ) وأثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، حَدثنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ عُرْوَةَ ؛ أنَّ عَائشَةَ أخْبَرتهُ ؛ ؟نهُ جَاءَ أفْلَحُ أخُو أن افقُعَيْسِ يَسْتَأذنُ عَلَيْهَا، بَعْدَ مَا نَزَذَ الحجَابُ.
وَكَانَ أبُو القُعئسيى أبَا عَائشَةَ مِنَ الرَّضَاعَة.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فًقُلتُ: وَالله، لا آفَنُ لأفلَحَ، حَتَّى أسْتَأفِنَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَإِنَّ أبَا القُعَيسِ لَيْسَ هُوَ أرْضَعَنِى، وَلَكِنْ أرْضَعتنِى امْرَأتُاُ.
قَالَتْ عَائشَةُ: فَلَمَّا دً خَلَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قُلتُ: يَارَسُولَ اللهِ، إِن مفْلَحَ أخَا أبى القُغئسِ جَاعَنِى يَسْتَأَفِنُ عَلَى فَكَرِهْتُ أنْ آفَنَ لَهُ حَتَّى أسْتَأذنَكَ.
قَالَتْ: فَقَالَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ).
(ائْنَنِى لَهُ).
قَالَ عُرْوَةُ: فَبِنَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: حَرفُوا مِنَ الرضاعَةِ مَا نُحَرّمُونً مِنَ النَّسَبِ.
6 - (... ) ود قثناه عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّراقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَز، عَنِ الزُّهْرِىِّ،
قال الإمام: اختلف الناس فى لبن الفحل، هل يقع به الحرمة ؟ فأوقع به ذلك جمهور الفقهاء، وذكر عن ابن عمر وعالْشة وغيرهما[ من الفقهاء] (1) أنه لا يوْثر ولا يتعلق به التحريم /، وحجتهم فى ذلك قول الله تعالى: { وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْف!عْنَكُمْ وَاخَوَاتُكُم ثِنَ الزضَاعَةِ (2)، ولم يذكر البنت كما ذكرها فى تحريم النسب، ولا ذى من
(1) فى هامش الأصل.
(2) للنساء: 23.(4/628)
كتاب الرعاع / واب تحريم الرضاعة من ماء الفحل 629 بِهَنَما الاِسْنَادِ.
جَاءَ أفْلَحُ أَخْو أبِى القُعَيْسِ يَسْنَأفِنُ عَلَيْهَا.
بِنَحْوِ حَلِيثِهِمْ.
وَفِيهِ: (فَإِنَهُ عَمُّكِ تَرِبَتْ يَمِينُكَ).
وَكَانَ أبُو القُعَيْسِ زَوْجَ المَرْأةِ افتِى أرْضَعَتْ عَائِشَةَ.
7 - (... ) وحئثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أيِى شَيْبَةَ وَأبُو كُرَيْبط قَالا: حَدثنَا ابْنُ نُمير عَنْ هِشَامٍ،
عَنْ أبيهِ، عَنْ عَاثِشَةَ، قَالَتْ: جَاءَ عَمِّى مِنَ الرضاعَة يَسْتَأذنُ عَلَىَّ، فَا"تثتُ أنْ آًفَنَ لَهُ حتَى أسْتأَمرَ رَسُولَ اللْهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَلَمَا جَاءَ رَسُولُ النْه ( صلى الله عليه وسلم ) قُلتُ: َ إِن عَمَى مَنَ الرَّضَاعَة اسْتَأفَنَ عَلَىَ فَأبَيْتُ أنْ آفَنَ لَهُ.
فَقَالىَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (فَليَلِجْ عَلَيْك عَمُكِ).
قُلتُ: إِئمَا أرْضَعتنِى المَرْأةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِى الرخلُ.
قَالً: (إِئهُ عَمُكِ، فَليَلِج عَلَيْكِ).
(... ) وحئثنى أبُو الرئيع الرهرَانِىُّ، حَدثنَا حَمَاد - يَعْنِى ابْنَ زَيْدِ - حَدثنَا هِشَام،
بِهَنمَا الإِسْنَادِ ؛ أن أخَا أيِى القُعَيْسِ اسْتَأفَنَ عَلَيْهَا.
فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
(... ) وحَئثنا يحيى بْنُ يحيى.
أخْبَرَنَا أبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هشَامِ، بِهَنَما الإِسْنَاد، نَحْوَهُ.
غَيْرَ أئهُ قَالَ: اسْتَأفَنَ عَلَيْهَا أبُو القُعيسِ.
8 - (... ) وحدثنى الحَسَنُ بْنُ عَلِى الحُلوَانِىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قَالا: أخْبَرَنَا عَبْدُ الرراقِ، أخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاء، أخْبَرَنِى عُروةُ بْنُ الزبيْرِ ؛ أن عَائِشَةَ أخْبَرَتْهُ، قَالَت: اسْتَأفَنَ عَلَى عَمِّى منَ الرضاعَف أً بُو الجَعْد، فَرَ!عْ!هُ - قَالَ لِى هِشامُ: إِنَمَا هُوَ أبُو القُعئسِ - فَلَفا جَاءَ الئيِى ( صلى الله عليه وسلم ) أخْبَزدهُ بِنَلِك.
قَال: (فَهَلا أفِنْتِ لَه ؟ تَرِبَتْ يَمِينُكِ أوْ يَدُكِ).
9 - (... ) حَدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدِ، حَدَثَنَا لَيْثٌ.
ح وَحَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ، أخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبى حَبِيب، عَنْ عِرَاك، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ ؛ أئهَا أخْبَرَتْهُ ؛ أن عَمَّهَا مِنَ الرصاعَةِ يُسَمًى أفْلًَ.
اسْتَأفَنَ عَلئهَا فَحَجَبَتْهُ.
فَاخبَرَتْ رَسُول اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ
تكون من جهة الأب كالعمة كما ذكر ذلك فى النسب.
ولاحجة لهم فى ذلك ث لأنه ليس بنص، وذكر الشىء لايدل على سقوط الحكم عما سواه، وهذا الحديث نص فيه على إثبات الحرمة فيه لعائثة، فكان أولى بأن يقدم.
قال الق الى: لم يقل أحد من أئمة الفقهاَ وأهل الفتوى بإسقاط حرمة لبئ الفحل إلا
أهل الظاهر وابن عُلية.
630(4/629)
كتاب الرضاع / باب تحريم الرضاعة من ماَ الفحل
لَهَا: ا لا تَحْتَجِبِى مِنْهُ، فَ!نَّهُ يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَايَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ).
10 - (... ) وحد طنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعاذ العَنْبَرِى، حَا شَا أبِى، حَا شَا شُعْبَةُ عَنِ الحَكَ!
عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِك، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ.
قَالَت: اسْتَأفَنَ عَلَى أفْلَحُ بْنُ قُعَيْس، فَأبَيْتُ أنْ اَفَنَ لَهُ.
فَا"رْسَل: إِنَى عَمُك، أرْضَعَتْكِ امْرأةُ أَخِىَ، فَا"بَيْتُ أنْ اَفَنَ لَهُ.
فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَرْتُ فَلِكَ لَهُ.
فَقَالً: ا لِيَدْخُلْ عَلَيْكِ، فَإِلهُ عَمُّكِ).
وجاَ فى كتاب مسلم فى اّخر الباب فى حديث محمد بن يحيى: استأذن عليها أبو القعيس.
والمعروف أخو اْبى القعيس كما جاَ فى الأحاديث الأخر، وسماه فيها أفلح، وهو الأشبه عند أهل الصنعة، وجاَ فى حديث أبى بكر بن اْبى شيبة: أفلح بن اْبى قعيس، وفى حديث الحلوانى استأذن على عمى أبو الجعد، فيحتمل أنها كنيته: أفلح، كما قيل: إن اسم أبى قعيس الجعد - والله أعلم.
وقد تقدم الكلام فى كتاب الطهارة على قوله: (تربت يمينك).
وذكر مسلم فى الباب: ثنا أبو بكر، ثنا أسامة، وحدثنى أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم الهذلى، ثنا على بن هاشم بن بُريد، جميغا عن هشام، قال الإمام: قال بعضهم: هو البريد، بباَ بواحدة مفتوحة وراء مهملة مكسورة، يكنى لا الحسن العايذى بذال معجمة وعن مهملة، مولى لهم، وهو كوفى خزاز، بخاَ معجمة وزايين.
روى له مسلم وحده دون البخارى.
قال الق الى: بقى إشكال فى ضبطه البريد المتقدم، وذلك اْن الحرف الذى بعد الراَ
ياَ باثنتين من تحتها، وكثيرأ ما يشتبه بالبرند مثله، إلا أن الحرف الذى بعد الراَ نون وهو عرعرة بن البرند.
واختلف فى ضبط الباقى هذا، فثثرهم يقولها بالكسر، وهو قول الدارقطنى وعبد الغنى وابن ماكولا، وحكى ابن الفرضى فيه فتح الباَ اْيضا كالأول.(4/630)
كتاب الرضاع / باب تحريم ابنة الأخ من الرضاعة
631
(3) باب تحريم ابنة الأخ من الرضاعة
11 - (1446) حد ثنا أبُو بَكْرِ بْنُ ألِى شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَمُحَمَّدُ بْنُ العَلاء - وَاللَّفْظُ لألِى بَكْرٍ - قَالُوا: حَدثنَا أبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْلَةَ، عَنْ أَلِى عبدِ الرخْمَنِ، عَنِ عَلِىِّ قَالَ: قُلتُ: يَارَسُولَ الله، مَالَكَ تَنَوَقُ فى قُريشٍ وَتَدَعُنَا ؟ فَقَالَ: (وَعنْدَكُمْ شَىْء! ؟ قُلَتُ: نَعَمْ بِنْتُ حَمْزَةَ.
فَقَالً رَسُولُ النْهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَهَا لا تَحِلُّ لِى، إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِى مِنَ الرَّضَاعَةَ لما.
(... ) وحدثنا عثمَانُ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ عَنْ جَرِيرٍ خ وَحدثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، حدثنا أبِى.
ح وَحَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ أَيِى بَكْرٍ المُقَدًّ مِىُّ، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِى"، عَنْ سُفْيَانَ.
كُلُهُم، عَنِ الأعْمَشِ، بِهَنَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
12 - (1447) وحئثنا هَدلبُ بْنُ خَالد، حدثنا هَمَّام، حَدثنَا قَتَ الةُ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْد، عَنِ ابْن عَئاس ؛ أن النَبِى ( صلى الله عليه وسلم ) اريدَ عَلَىًا بْنَةِ حَمْزَةَ.
فَقَالَ: (إِنَهَا لا تَحِل لِى، إِنَّهَا ابْنَةُ أخِى مِنَ الرصاعَةِ، وَيَحْرُمُ مِنَ الرًّ ضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الرخَم).
13 - (... ) وحدثناه زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حدثنا يحيى - وَهُوَ القَطَّان.
ح وحَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ يَضىَ بْنِ مِهْرَانَ القُطَعِى، حَا شَا بِثسْرُ بْنُ عُمَرَ، جَمِيعًا عَنْ شُعْبَةَ.
ح وَحَدثنَاه أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنا عَلَىُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبِى عَرُوبَةَ، كِلاهُمَا عَنْ قَتَالَةَ، بِإِسْنَادِ هَمَامٍ، سَوَاءً.
غَيْرَ أن حَدِيثَ شُعْبَةَ انْتَهَى عِنْدَ قَوْلِهِ: (ابْنَةُ أخِى - مِنَ الرضاعَةِ ".
وَفِى حَدِيثِ سَعِيدٍ: (صاِنَهُ يَحْرُمُ مِنَ الرصاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الئسَبِ).
وَفِى رِوَايَةِ بِثسْرِ ابْنِ عُمَرَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ.
وقول علىّ: (مالك تنوق فى قريش، وتدعنا): بفتح النون أى يختار ويبالغ فى الاختيار.
والتنوق: المبالغة فى الشىء، والتنقه: الاختيار، كذا رواية هذا الحرف عند كثرهم، ووقع ممند العذرى والهروى وابن الحذاء: (تنوق) بضم التاء، ومعناه: يميل ويشتهى ويبرع.
وقول اْم حبجبة للنبى - عليه السلام -: (اخبرت أنك تخطب درة بنت أبى سلمة)
632(4/631)
كتاب الرضاع / باب تحريم ابنة الأخ من الرضاعة
14 - 14481) وَحَدثنَا هَرُ!نُ بْنُ سَعِيد الأيلِىُّ وَأحْمَدُ بْنُ عِيسَى، قَالا: حَدثنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى مخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْر، عَنْ أبِيهِ !، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللّه بْنَ مُسْلِم يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَفدَ بْنَ مُسْلِبم يَقُولُ: سَمعْتُ حُمَيْدَ بْنَ عمد الرخمَنِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أئم سَلَمَةَ زَوج النَّمِى ( صلى الله عليه وسلم ) تَقُولُ: قِيلَ لرَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ): ثىينَ !نتَ يَارً سُولَ اللهِ عَنِ ابْنَةِ حَمْزَةَ ؟ أوْ قِيلَ: ألا تَخْطُبُ بِنْتَ حَمْزَةَ بْنِ كَئدِ المُطًّلِبِ ؟ قَالَ: (إِنَّ حَمْزَةَ أخِى مِنَ الرَّضَاعَةِ).
الحديث.
كذا ضبطناه درة بضم الدال المهملة وهو الصحيح، ووقع فى كتاب ابن أبى جعفر فى حديث ابن رمح بعد هذا: (ذرة) بفتح الذال المعجصة، والصحيح ما لغيره، كما تقدم.(4/632)
كتاب الرضاع / باب تحريم للربيبة وأخت المرأة
633
(4) باب تحريم الربيبة وأخت المرأة
15 - (1449) حدّثنا ؟بو كُريب مُحَمَدُ بْنُ العَلاءِ، حَا شَا أبُو اسَامَةَ، أخبَرَنا هشَائم، أخْبَرَنِى أيِى عَنْ زَئنَبَ بِنْتِ أئم سَلَمَةَ، عَنْ أئم حَبِيبَةَ بِنْتِ أبِى سُفْيَانَ، قَالَتْ: دَخَلً عَلَىَّ رَسُولُ النْه ( صلى الله عليه وسلم ) فَقُلتُ لَهُ: هَلْ لَكَ فِى أخْتِى بنْت أبِى سُفْيَانَ ؟ فَقَالَ: (أفْعَلُ مَافَا ؟) قَلتُ: تَنكحُهَا.
قَالَ: (أوَ تُحِبِينَ فَلِك ؟) قُلتُ: لًسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَة، وَأحَمث مَنْ شَرِكَنِى فى الخَيْرِ أخْتِى.
قَالَ: (فَينَها لا تَحِل لِى).
قُلتُ: فَإِنَى أَخْبِرْتُ ؟نَكَ تَخْطُبُ مرة بِنْتَ أَلِ!يلَمَةَ.
قَالَ: (بِنْتَ أئَمَ سَلَمَةَ ؟).
قُلتُ: نَعَمْ.
قَالَ: الَوْ أئهَا لَمْ تَكُنْ رَب!شِى فِى حجْوِ 6!، مَا حَلَّمت لِى، إِنَهَا ابْنَةُ أخِى مِقَ الرضاعَة، أَرْضَعَتْنِى وَئبَاهَا ئويبَةُ، فَلا تَعْرِضْنَ عًلَىَ بِنَاتِكُن وَلا أخَوَاتِكُن).
ص ص وى، ص، 5، ص ص نص ص ه ص ه، ص صءص هءص ص
(... ) وحدثنِيهِ صويد بن سعِيدِ، حدثنا يحيى بن زكرِياء بنِ أءِى زأِئدة.
ح وحدئنا عَمْزو الئاقِدُ، حَدثنَا الأسْوَدُ بْنُ عَامِرِ، أخْبَرَنَا رُقئز، كِل المَا عَنْ هِشَام ننِ عُرْوَةَ، بِهَنَا ا لأِصننَا دِ، ! مَوَاءَ.
وقوله: ا لو لم تكن وبيبتى فى حجرى ماحلت لى)، قال الإمام: جمهور الفقهاء على تحرير الربيبة تكن لم تكن فى الحجر ويروق هذا التقييد المذكور فى القرآن، وهو قوله تعالى: { !رَبَلأئِبكمُ اللأنِي فِي حُض رِكُم ئِن نسَائِكُم} (1) تنبيهأ على غالب يلال، لا على ئن الحكم مقصور عليه، وداود يرى ذلك تقييداً يتعلق الحكم به، ويحلل الربيبة إذا لم تكن فى الحجر، وهكذا وقع فه الحديث.
وذكر الحجر فى هذا الحديث يوكد عنده ما قالى.
قال القمضى: وقوله: (أرضعتثى وأباها أبا صلمة ثويبة) بضم الثاء المثلثة فولأ بعد الوأو وياء التصغير بعلها يالواحدهّ.
وثويبة هنه مولاة ئبى لهب، وكائت ترضمعت النبى بمكةء
وقوله ة ا لست لك مُخْلية): بضم الميم وسكون الحاَ، لى خالية من ضرة غيرى.
وقوله: ا لاتعرضْن على بناقكق وَلاَ أخوَاتكُق): ثليل أق أ آ حييية حيئ سيهه نكاحأ ختها وذكرت له خير بنت أيى!سلمة لمَ يكق عندها علم عن عريم الجمع بين
أ ؟) 1 لنسق: 23.
634(4/633)
كتاب الرضاع / باب تحريم الربيبة وأخت المرأة
16 - (... ) وحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْح بْنِ المُهَاجِرِ، أخْبَرَنَا اللَيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبِى حَبِيب ؛ أنَّ مُحَمَدَ بْنَ شِهَاب كَتَبَ يَذْكُرُ ؛ أنَ عُرْوَةَ حَدةَلهُ ؛ أَن زَينَبَ بنْتَ أَبِى سَلَمَةَ حَدةَشُه ؛ أن امَّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) حَدثتْهَا ؛ ألَهَا قَالَتْ لِرَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ): يَارَسُولَ اللّهِ، انكِحْ اخْتِى عَرة.
فَقَالَ رسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (أتُحِئينَ فَلِكِ ؟).
فَقَالَتْ.
نَعَمْ، يَارَسُولَ اللهِ، لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَة، وَأحَبُّ مَنْ شَرِكَنِى فِى خَيْرٍ، اخْتى، فَقَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (فَإِنَ ذَلِكِ لا يَحِلُّ لِى).
قَالَتْ: فَقُلتُ: يَارَسُولَ اللّه، فَإِنَاَ نَتَحَدَّثُ أنَكَ تُرِيدُ أَنْ تَنكِحَ مرة بِنْتَ أَبِى سَلَمَةَ.
قَالَ: (بِنْتَ أبِى سَلَمَةَ ؟).
قَالَت: نَعَمْ.
قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لَوْ أنَهَا لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِى فِى حَجْرِى مَاحَلَتْ لى، إِنَهَا ابْنَةُ أخِى مِنَ الرضاعَة، أرْضَعَتْنِى وَأبَا سَلَمَةَ ثُويبَةُ، فَلا تَعْرِضْنَ عَلَى بَنَاتِكُن وَلا أَخَوَلكُنَ).
ص ص نصه صً !َ هَءَمكص
(... ) وحدثنِيهِ عبدُ المَلِكِ بْنُ شُعيْب بْنِ الليْثِ، حدثنِى أبِى، عن جدى، حدثنِى عُقَيْلُ بْنُ خَالِد.
ح وَحَدثنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، أَخْبَرَنِى يَعُقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الرفرِىُّ، حَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ مُسْلِمٍ، كِلاهُمَا عَنِ الرفرِىِّ.
بِإِسْنَادِ ابْنِ أبِى حَبِيب عَنْهُ.
نَحْوَ حَدِيثِهِ.
وَلَمْ يُسَمِّ أَحَد منْهُمْ فِى حَدِيثِهِ عَرة، غَيْرُ يَزِيدَ بْنِ أمِ! حَبِيبٍ.
الأختين، ولا من تحريم نكاح الربيبة - والله أعلم.
وكذلك على - رضى الله عنه - فى ذكره له بنت حمزة، يحتمل أنَه لم يعلم حينئذ حكم تحريم لبئ الفحل، أو لم يكن عنده علم من كون حمزة أخا للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) من الرضاعة.
وقوله: ا لا تعرضن على بناتكن ولا أخواتكن): إشارة إلى المراْتن المذكورتن فى الحديث ؛ عزة أخت أم حبيبة وقوة بنت اْم سلمة وأمثالهما، وعزة هذه لا تعرف فى بنات أبى سفيان، ولا تعلم إلا من هذا الحديث.(4/634)
كتاب الرضاع / باب فى المصة والمصتان 635
(5) باب فى المصة والمصتان
17 - (1450) حئننى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا إسْمَاعيلُ بْنُ إِبْرَاهِي!.
ح وَحَدثنَا
، ص ص، 5، ص ه، - ءصص "ص، َ صءيرَ، ص، 5، ص ص عص، 5 ص، محمد بن عبدِ اللهِ بنِ نمير، حدثنا إسماعِيل.
ح وحدثنا سويد بن سعيدِ، حدثنا معتمِر ابْنُ سُلَبْمَانَ، كِلاهُمَا عَن أ"يهوبَ، عًنِ ابْنِ أبِى مُلَيكَةَ عَنْ عبد اللهِ بْنِ الزبيْرِ، عَنْ عَائشَةَ، تَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) - وَقَالَ سُوَيْدٌ وَزُهَيْر: إِنَ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ -: الا تُحَرئَمُ الَمَصَّةُ وَا لمَصتانِ)
وقوله: ا لا تحرم المصة ولا المصتان)، وفى الرواية الأخرى: (الإملاجة والإملاجتان)،
وفى الأخرى: هل تحرم الرضعة ؟ فقال: ا لا)، قال الإمام: اختلف الناس فى القدر الواقع به الحرمة من الرضاعة، فمذهب مالك: أنه يقع مما قل أو كثر مما وصل إلى الجوف، لقوله سبحانه: { وَاُثهَاتُكُمُ اللأتِي اَرْفمعْنَكُمْ} (1)، واحة توجد تسمية المرضعة أما من الرضاعة، وقد قالوا فى الجواب عن هذا: إنما يكون ما قلتموه دليلاً لو كان صيغة اللفظ: واللاتى أرضعنكم أمهاتكم.
فيثبت كونها اْما بما قال من الرضاعة.
قلنا: مفهوم الكلام: وأمهاتكم اللاتى أرضعنكم لأجل أنهن أرضعنكم، فيعود هذا إلى معنى ما قالوه، وتوجب تعليق الحكم بما يسمى رضاعا.
وذهب داود إلى اعتبار ثلاث رضعات لاَجل هذا الحديث، وقد نص فيه على سقوط الحرمة بالرضعة والرضعتين.
ونقول: لو سلصت كون القرار ظاهراً فيما قلتم لكان هذا مبينا له، وبيان السنة أحق أن يتبع.
وقد وقع فى بعض الأحاديث: (إنما الرضاع ما فتق الأمعاَ) (2) ووقع: ما أنشز اللحم بالراَ والزاى، فبالراَ معناه: شدتهُ وأنماه، وأنشر الله الميت: اْى أحياه.
وبالزاى معناه: زاد فيه وعظمه، مأخوذأ / من النشز وهو الارتفاع، وقرئ فى السبع: { إلَى الْعِظَام كَيْفَ نُنشِزُهَا} (3) بالراَ والزاى، وهذا يقوى عند داود نفى الحرمة بللصة والمصتن ؛ إذ لا يفتقان الاَمعاَ ولا ينشزان العظم، وهذا لم يسلمه له أصحابنا، وزعموا أن للمصة الواحدة قسطافى فتق الأمعاَ ونشز العظم.
(1) 1 لنساء: 23.
(2) الترمذى، كللرضاع، بماذكر أن الرضاعة لا تحرم إلا فى الصغر دون الحولن (1152).
(3) للبقرة: 259.
!اما 2 / ب
636(4/635)
كتاب الرضاع / باب فى المصة والمصتان 18 - (1451! صدثنا يحيى بْنُ يحيى وَعَمْزو النَّاقدُ وَإِسْحَقُ بْنُ الْرَاهِييمَ، كُلُّهُمْ عَنِ المُعْتَمِرِ - وَاللَفْظُ لِيَحْىَ - أخْبَرَنَا المُعْتَمرُ بْنُ سُلَيْمًانَ عَنْ أَيوبَ، يُحَدَثُ عَنْ أبى الخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الحَارِث، عَنْ أئم الفًضْلِ، قَالَتْ: دَخَلَ أعْرَايِىكَلَى فَبِىَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَهُوَ فِى بَيْتِى.
فَقَالَ.
يَانَيِى اللهِ، إِنَىَ كَانَتْ لِى امْرَأة فَتَزَؤَجْتُ عَلثهَا اخْرَى، فَزَعَمَت امْرَأتِى الأولَى انَهَا أرْضَعَتِ امْرَأتِى الحُلْثَى رَ!عَةً أوْ رَضْعَتَيْنِ.
فَقَالَ فَبِى النْهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (لَا تُحَرئمُ الإِمْلاجَة وَالإِمْلاجَتَانِ).
قَالَ عَمْرو فِى رِوَايَتِه: عَنْ عبد اللهِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ.
وعند الشافعى: لا تقع الحرمة بأقل من خصى رضعات، وحجته فى ذلك: ما رواه مسلم بعد هذا عن عائشة - رضى الله عنها - أنها قالت: (كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نُسخن خصى معلومات، فتوفى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وهى فيما يقرأ من القراَن) (1).
وقد شذ بعض الناس - ليضا - ورأى التحريم لا يقع إلا بالعشر، وهذا الحديث لاحجة فيه ؛ لأنه محال على أنه قراَن، وقد ثبت أنه ليس من القرآن الثابت، ولا تحل القراءة به ولا إثباته فى المصحف ؛ إذ القرآن لا يثبت بأخبار الاَحاد، وهذا خبر الواحد فيسقط التعلق به.
فإن قيل: هاهنا وجهان: أحدهما: إثباته قرآنأ، والثانى: إثبات العمل به فى عدد الرضعات، فإذا امتنع إثباته قرآنا نفى الاخر وهو العمل به لا مانع يمنع منه ة، كن خبر الواحد يدخل فى العمليات، وهذا منها.
قلنا: هذا قد أنكره حذاق أهل الأصول دان كان قد مال إليه بعضهم، واحتج المنكرون له بأن خبر الواحد إذا توجهت عليه القوادح واستريب لّوقف عنه، وهذا جاء آحادأ، وإنما جرت العادة أنه لايجىء إلا تواترأ، فلم يوثق به كما وثق بأخبار الآحاد فى غير هذا الموضع، وإن زعموا ئنه كان قرآنا ثم نسخ، ولهذا لم يشتغل به اْهل التواتر.
قيل: قد كفيتم مونة الجواب ؛ إذ المنسوخ لا يعمل به، وعليه يحمل عندنا قول عائشة: (فتوفى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وهى فيماَ تقرأ من القرآن)، يعنى من القراق المنسوخ، فلو أرادت: فيما تمّرأ من القرآن الئابت لاثشهر عند غيرها من الصحابة كما اثشهر سائر القرآن.
وقوله: (الإملاجة والإملاجتان): قال أبو عبيد: يعنى المصة والمصتن.
والملجُ: المص، يقال: ملجَ الصبى أمه يملجُها وملجَ يملجُ، وأملجَت المرأة صبيها، والاملاجة: أن يمص لبنها مرة واحدة، وأما (الرضاعة) فقال ابن السكيت وغيره: فيها لغتان ؛ كسر
(1) خديث رقم (24) بالباب التالى.(4/636)
كتاب الرضاع / باب فى المصة والمصتان
637
19 - (... ) وحدثنى أبُو غَسئَانَ المسمْمَعى، حَا شَا مُعَ اللا.
ح وَحَدثنَا ابْنُ المُثنى وَابْنُ بَشَار، قَالا: حدثنا مُعَاذُ ثنُ هِشَامٍ، حَدَةَشِى أَبِى عَنْ قَتَ الةَ، عَنْ صَالِح بْنِ أَبِى مَرْيَمَ أِبِى الخَلًيلِ، عَنْ عَبْد اللهِ بْن الحَارِثِ، عَيق أُئمَ الفَضلِ ؛ أَن رَجُلا مِنْ بَنِى عَامِرِ ثنِ !عْصعَةَ قَالَءَ يَانَبِى اللهِ، هًلْ تُحَرِّمُ الرضعَةُ الوَاحِدَةُ ؟ قَالَ: ا لا)،
20 - (... ) حَدثنَا أبُو بَكْرِ بْنُ أيِى شَيبَةَ، حَا شَا مُحَمَّدُ بْنُ بشْر، حَدثنَا سَعِيدُ بْنُ أيى عَرُوبَةَ عَنْ قَتَالحَةَ، عَنْ أبِى الخَلِيل، عَنْ عَبْد اللهِ بْنِ الحَارِث ؛ أن ائم الفَضْلِ حَدثتْ ؛ أَن نَبِى اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا تُحَرِّمُ الرصعَةُ ا"وِ الرضعَتَانِ، أوِ المَضًةُ أوِ المَصتانِ).
21 - (... ) وحدّثناه أبُو بَكْرِ بْنُ أيِى شَيْبَةَ وَإسْحَقُ ثنُ إِبْرَاهيمَ، جَمِيعًا عَنْ كثلَةَ بْنِ سُلَيمَانَ، عَنِ ابْنِ أبِى عَرُوبَةَ، بِهَنَا الإِسْنَاد.
أمًّا إِسْحَقُ فَقَالً كَروَايَةِ ابْنِ بِشْر: (أوِ الرضعَتَانِ اْوِ المَصتانِ) وَأمَّا ابْنُ أَيِى شتثبَةَ فَقَالً: (وَالرَّضْعَتَانِ وَالمَصَتانَ).
22 - (... ) وَحَدثنَا ابْنُ أبِى عُمَرَ، حَا شَا بثثرُ بْنُ السئَرِىِّ، حَدثنَا حَمَادُ بْنُ سَلَمَةَ،
عَنْ قَتَ الةَ، عَنْ أبِى الخَليلِ، عَنْ عبد الله بْنِ الحَارَثِ ثنِ نَوْفَلٍ، عَنْ امِّ الفَضْلِ، عَنِ النَبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا تُحَرِّمُ الإِمْلاجَةُ وَالإِمْلاجَتًانِ).
الراء وفتحها، وكذلك الرِضاع، وقد رضَعَ بفتح الضاد وبكسرها لغتان، ورضُع بضم الضاد إذا كان لئيما فهو راضع، وجمعه رُضع، ومنه قول ابن الاكوع:
واليوم يوم الرضع
اْى بعد هلاك اللئام.
وقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (الرضاعة من المجاعة) (1): أى اًن الذى يعنى من الجوع اللين هو الرضيع الذى له حرمة.
قال القاضى: تكلم أصحابنا على حديث المصة والمصتن، قالوا: لعل هذا حين كان
يعتبر فى التحريم العسر والعدد قبل نسخه، واْما من قال: إنه من قول عائشة فلا يسلم له ؛ إذ قد روى عنها مرفوعأ من طرق صحاح وعن الزبير وغيرهما.
وذكره مسلم من رواية أم الفضل أيضا، وعلله بعضهم بالاضطراب عن عائشة فى أحاديث الرضاع، وأن ابن الزبير قال فى حديثها هذا مرة عنها، ومرة عن اْبيه، ومرة عن (1) بب بكا للرضاعة من لدجماعة، حط يث رقم (32).
638(4/637)
كتاب الرضاع / باب فى المصة والمصتان 23 - (... ) حدثنى أحْمَدُ بْنُ سَعيد الدأَرِمِى، حَدثنَا حَئانُ.
حدثنا هَمَام، حَدثنَا قَتَادَةُ عَنْ أبِى الخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الَحًارِثِ، عَنْ امِّ الفَضْلِ، سَاكلَ رَجُل الئيِى ( صلى الله عليه وسلم ): أتُحَرِّمُ المَضَةُ ؟ فَقَالَ: ا لا).
ْالنبى ( صلى الله عليه وسلم )، وانه لما اضطرب رجعنا إلى عموم ظاهر القرآن ومفهوم الاعتبار وتنزيل النبى ( صلى الله عليه وسلم ) له منزلة تحريم النسب، وليس لذلك عدد إلا مجرد الوجود فكذلك الرضاع، وقياسأ على تحريم الوطَ بالصهر وغير ذلك، ولا اعتبار فيه بعدد.
قال الإمام: وأخرج مسلم فى الباب: ثنا حبان، عن همام.
وحبان هذا بحاَ مهملة مفتوحة وباَ منقوطة بواحدة، وهو حبان بن هلال الباهلى البصرى (1)، يكنى اْبا حبيب، يروى عن همام بن يحيى وشعبة وغيرهما.
(1) هو ئبو حبيب البصرى، روى عنه أحمد بن سعيد الدارمى د اسحق بن منصور وأحمد بن فراس، وثقه ابن معين والترمذى والنسائى وابن سعد.
مات سنة ست عشرة ومائتين.
انظر: التهذيب 2 / ْ 17، رجال مسلم 1 / 165.(4/638)
كتاب الرضاع / باب التحريم بخمس رضعات
639
(6) باب التحريم بخمس رضعات (1)
ص يرص ص،
24 - (1452) حدثنا يحيى بْن يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالك عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أبِى بَكْر، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، انَهَا قَالَتْ: كَانَ فِيقا أنزِلَ مِنَ الَقُران: عَشْرُ رَضَعَات مَعْلُومَات يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ: بِخَصْمبى مَعْلُومات، فَنُوملافىَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَهُن فِيمَا يُقْرَا مِنَ القُرآنِ.
25 - (... ) حدّثنا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ الن!محْنَبِى، حَا شَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلال عَنْ يحيى - وَهُوَ ابْنُ سَعِيد - عَنْ عَمْرةَ ؛ أَثهَا سَمِعَتْ كلائِشَةَ تَقُوذ - وَهِىَ تَذْكُرُ الَّذى يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعَة - قَالًتْ عَمْرَةُ: فَقَالَتْ عَائِشَةُ: نَزَلَ فِى القُراَنِ: عَشْرُ رَضَعَات مَعلُومَات، ثُمَ نَزَلَ أيْضًا: خَصْ!ر معْلُومَات!.
"
(... ) وحذثناه مُحَمَدُ بْنُ المُثنى، حدثنا عَبْدُ الوَهَاب، قَالَ: سَمعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيد قَالَ: أخْبَرتنِى عَمْرَةُ ؛ ؟نَها سَمِعَتْ عَائِشَةَ تَقُولُ.
بِمِثْلِهِءَ
ا) سبقت الإشارة بليه فى الباب السابق.
640(4/639)
كتاب الرضاع / داب رضاعة الكبير
(7) باب رضاعة الكبير
26 - (1453) حدغنا عَفزو النَاقِدُ وَابْنُ أ، ى عُمَرَ، قَالا: حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ،
عَنْ عبد الرخْمَنِ بْنِ القَاسِم، عَنْ أَبِيه، عَنْ عَائِشَةَ ؛ قَالَتْ: جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهيلى إٍ لَئ النَبِىّ ( صلى الله عليه وسلم )، فَقَالَتْ: يَارَسُولَ اللهِ، إِنىَ أرَى فِى وَجْه أ، ى حُنعفَةَ مِن دُخُولِ سَالِبم - وهُوَ حَلِيفُهُ - فَقَالَ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ): (أَرْضِعيه).
قَالَتْ: وَكيَفَ أرْضِعُهُ وَهُوَ رَجُل كَبِيز ؟.
فَتَبَسئَمَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَقَالَ: (قَدْ عَلِمْتُ ؟نهُ رَجُل كَبِير).
زَادَ عَمْرو فِى حَديثه: وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَمْرمَء وَفِى رِوَايَه ابْنِ أَكِ! عُمَرَ: فَضَحِكَ رَسُولُ الثهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
ً
وقوله فى حديث سالم: (أرضعيه، فقالت: كيف أرضعه وهو رجل كبير ؟).
الحديث،
قال الإمام: اختلف الناس فى رضاع الكبير، فجمهور العلماء على أنه لا يوثر.
وذهب داود إلى اْنه يؤثر لأجل هذا الحديث، وقد قال فيه: (أرضعيه تحرمى عليه)، وحمله الجمهور على أن ذلك من خصاثص صهلة، وقد ثبت أن أم سلمة وسائر أزواج النبى ( صلى الله عليه وسلم ) منعن أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحذ، وقلق لعالة: بنه خاص فى رضاعة سالم وحله.
ولنا على داود قول للله تعالى: { وَالْوَالِدَاث - س ضعْنَ أَوْل العُن حَولينِ كَايلَيْنِ لِمَنْ أرَادَ أَن
ئتِئم الزضَاعَة} (1) وتمامها بالحولن على[ ظاهر القرآنّ يمنع أن يكون حكم ما بعد الحوليئ كحكم الحولين، وهذا ينفى] (2) رضاعة الكبير.
وقد قال ( صلى الله عليه وسلم ) فى كتاب مسلم بعد هذا: لإنما الرضاعة من المجاعة) لما وجد رجلاً عند عاثشة، فقالت: يارسول الله، أخى من الرضاعة، فقال: (انظرن إخوتكئ من الرضاعة، فإنما الرضاعة من المجاعة) (3)، وفى بعض ا، حاديث فى[ غير، (4) كتاب مسلم: ا لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعل! والثدى وكان قبل الفطام) (5) وهذا ينفى رضاعة الكبير.
وعندنا فى الرضاع بعد الحولن اضطراب فى المذهب، هل الأيام أليسيرة حكمها حكم الحوليئ آو الشهر ؟ وقيل غير ذلك فى للذهب، وهذا كله راجع عندى إلى خلاف فى حال، وهو القدر الذى جرت ا العادة فيه بلصتغ!نائه بالطعام عن الرضاع.
وقد قال أبو حنيفة: أقصاه ثلاثون شهرأ، وليس كما قال.
وتوله تعالى: { وَحَملهُ وَفِعائة ثَلاثونَ شَهْرا} (6) أمر تضمن اْتل الحمل وأكثر
(1) المّرة: ! ه 2.
(2) سقط من الأصل، وما لبت من ع -
(3) حليث وقم (32) 5 بلب بكا للرضاعة من يلجاعهّ.
(94 ساعة مش الأصل، ويستدوكت بالهامش.
(5) صبق تخريجه قرليأ.
(6) لأضاف: 15.(4/640)
كتاب الرضاع / باب رضاعة الكبير 641
27 - (... ) وَحَدثنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ الحَنْظَلِى وَمُحَمَدُ بْنُ أىِ عُمَرَ، جَميعًا عَنِ الئقًفِى، قَالَ ابْنُ أبِى عُمَرَ: حَا شَا غئدُ الوَهًابِ الئقًفِى عَنْ أيُوبَ عَنِ ابْنِ أبِى مُلَيكًةَ، عَنِ القَاسِم، عَنْ عَائِشَةَ ؛ أن سَالمًا مَوْلَى أىِ حُنيفَةَ كَانَ مَعَ أبِى حُنيفَةَ وَأهْلِه فِى بَيْتِهِمْ.
فَائتْ - تَعْنى ابْنَةَ سُهَيْلٍ - النَبى ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَتْ: إِن س!المًا قَدْ بَلَغَ مَا يملُغُ الرِّجَالُ، وَعقَلَ مَا عَقَلُوا، وَإِنهُ يَدْخُلُ عَلَيْنَا، وَإِنِّى أظُن أن فِى نَفْسِ أَبِى حُنيفَةَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئَا.
فَقَالَ لَهَا النَبِى ( صلى الله عليه وسلم ): (أرْضِعِيهِ تَحْرُمِى عَلَيْه، وَيَنْ!بِ ائَذِى فِى نَفْسِ أبِى حُنيفَةَ!، فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ: إِنِّى قَدْ أرْضَعْتُهُ، فَنَ!بَ ائَذَى فِى نَفْسِ أىِ حُنيفَةَ.
28 - (... ) وحدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَدُ بْنُ رَافِعِ - وَالففْظُ لابْنِ رَافِعِ - قَالَ: حَدثنَا عبدُ الرَزأَق، أخْبَرَنَا ابْنُ جُربجِ، أخْبَرَنَا ابْنُ أبِى مُلَيكَةَ ؛ أن2 القَاسِمَ بْنَ مُحَمَد ابْنِ أبى بَكْرِ أخْبَرَهُ ؛ أنَ"عَائِشَةَ أخْبَرَتْهُ ؛ أن"سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرِو جَاءَتِ النبِى ( صلى الله عليه وسلم )، َ فَقَالَتْ: يَارَسُولَ اللهِ، إِن" سَالمَا - لسَالِمِ مَوْلَى أبِى حُنيفَةَ - مَعَنَا فِى بَيْتنَا، وَقَدْ بَلغَ مَا يَبْلُغُ الرخالُ وَعَلمَ مَا يَعْلَمُ الرِّجَالُ.
َ قَالَ: (أرْضِعِيه تَحْرُمِى عَليه).
قَالَءَ فَمَكثتُ سَنَةً أوْ قَرِيبَا مِنْهَا لا أحًدثُ بِه وَهِبْتُه، ثُمَ لَقيتُ القَاسمَ فًقُلتُ لَهُ: لَقًدْ حَدئتَنِى حَدِيثَا مَاحَد3شُهُ بَعْدُ.
قَالَ: فَمَا هُوَ ؟ فًأخْبَرْتُهُ.
قَالَ: َ فَحَدِّ!هُ عنى ؛ أن" عَائِشَةَ أخْبَرتنِيهِ.
الرضاع، فلا معنى لاعتباره فى الرضاع وحده.
وقال زفر: ثلاث سنين.
والتحقيق فى ذلك ما قلناه أولأ ة من اعتبار حال استغنائه بالرضاع عن الطعام على أصل المذهب.
وتضمن أيضا قوله: (إنما الرضاع مافتق الأمعاء)، و(إنما الرضاعة من المجاعة) الرد
على داود فى قوله: لا يحرم الرضاع حتى / يلتقم الثدى، صرأى أن قوله سبحانه وتعالى: { وآئهَاتُكُمُ اللأتِ! أَرْف!عْنَكُمْ} (1) إنما ينطلق على ملتقم الثدى.
وقد نبه ( صلى الله عليه وسلم ) على اعتبار مافتق الأمعاء، وهذا يوجد فى اللبئ الواصل إلى الجوف صبأ فى الحلق أو التقامأ للثدى، ولعله هكذا كان رضاع سالم، يصبه فى حلقه دون مسه ببعض أعضائه ثدى امرأة أجنبية.
قال القاضى: قوله فى الحديث: (أرضعيه يذهب ما فى نفس أبى حذيفة)، وفى الطريق الآخر: (عرمى عليه): قد حملها أزواج النبىِ ( صلى الله عليه وسلم ) على الخصوص كما تقدم، بدليل الكاب لقوله: { حَوليْنِ كَامِلَن لِمَن أَرَادَ لَن يُتِغ الزضَاعة} (2)، وبدليل الحديث الآخر، قوله:
(1)1 لناء: مها.
(2)1 لبقرة: +2.
245 / 1(4/641)
642باب الرعاع / داب رضاعة الكبير 29 - (... ) وحدثنا مُحَمَابْنُ المُثنى، حَدَثَنَا مُحَمَد بْنُ جَعْفَرٍ، حَدثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْد بْنِ نَافِعٍ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ امّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: قَالَتْ ائمُ سَلَمَةَ لِعَائِشَةَ: إِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْكَ الغُلامُ الأيْفَعُ ائَذى مَا أحِبُ أنْ يَدْخُلَ عَلَى.
قَالَ: فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أمَا لَكِ فِى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أسْوَة قَالًتْ: إِن امْرَأةَ أبِى حُنَيْفَةَ قَالَتْ: يارَسُولَ الله، إِنَّ سَالِمًا يَدْخُلُ عَلَىَّ وَهُوَ رَجُل، وَفِى نَفْسِ أبِى حُنَيْفَةَ مِنْهُ شَىْءٌ.
فَقَالَ رَسُولُ النهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (أرْضِعِيهِ حَتى يَدْخُلَ عَلَيْكِ لا.
30 - (... ) وحدئمنى أبُو الطَّاهِرِ وَهَرُونُ بْنُ سَعيد الأيْلِىُّ - وَاللَفْظُ لِهَرُونَ - قَالا: حَدثنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ أبيه، قًالً: سَمعْتُ حُمَيْدَ بْنَ نَافِع يَقُولُ: سَمِعْتُ زَيْنَبَ بِنتَ أيِى سَلَمَةَ تَقُول: سَمِعْتُ أئمَ سًلًمَةَ زَوج النَّبَى ( صلى الله عليه وسلم ) تَقُولُ لِعَائِشَةَ: وَاللهِ،
ا لا رضاع بعد فطام) (1) وقوله: " إنما الرضاعة من المجاعة، (2)، ولأن الخطاب فى سالم قضية فى عين لم يأت فى غيره، وسبق له تينّ وصفة لا توجد بعد فى غيره، فلا تقاس عليه، مع ما لأمهات المؤمنين من شدة الحكم فى الحجاب واختصاصهن بالتغليظ فى ذلك، وقد جاء فى الموطأ والبخارى وغيرهما: اْن أبا حذيفة كان تبناه فى الجاهلية (3) وهو سالم ابن معقل مولى سلمى بنت يعار الأنصارية، زوج أبى حذيفة قبل سَهْلَة بنت سهيل.
وقيل فى اسمها غير هذا، ودليل مذهب عائشة عند بعضهم: أنها إنما أخذت بذلك فى الحجاب خاصة دون التحريم، ألا ترى قولها: (فكانت تأمر بذلك من يجب أن يدخل عليها من الرجال).
قال ابن حبيب: وقد رأى كثير من العلماء رضاعة الكبير فى الحجاب به لأزواج النبى ( صلى الله عليه وسلم ) [ جالْزة] (4)، وفيما بين المسلمين محرمة.
واْجمعوا على أن تحريمها فى النكاح ليس كتحريمها فى الحجاب والحرمة، قال ابن المواز: لو أخذ بهذا فى الحجابة لم أعبْه وتركه أحب إلى، وَمَا عَلمت من اْخذ به عاما إلا عائشة.
قال الباجى: قد انعقد الإجماع على خلاف التحريم برضاعة الكبير (5)، يعنى: لأن الخلاف بكا كان فيه أولأ ثم انقطع، وهو معنى قول ابن حبيب.
قال بعضهم: وحملوا ما جاء فى ذلك من حديث سالم على الخصوص أو على النسخ.
(1) أخرجه الدارقطنى، كالرضاع 4 / 175.
(2) حديث رقم (32) باب بكا الرضاعة من المجاعة.
(3) البخارى، كالنكاح، بالاكفاء فى الدين (مه 50) عن عائثة، الموطأ، كالرضاع، بماجاء فى الرضاعة بعد الكبر 2 / 605 من حديث عروة بن الزبير.
(4) ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامث!.
(5) لنظر: المنتقى للباجى 4 / 155.(4/642)
كتاب الرضاع / باب رضاعة الكبير 643 مَا تَطِيبُ نَفْسِى أنْ يَرَانِى النُلامُ قَد اسْتَغْنَى عَنِ الرضاعَةِ.
فَقَالَتْ: لِمَ ؟ قَدْ جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) 5َ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله، وَاللهِ إِنّى لأرَى فِى وَجْه أبِى حُنيفَةَ مِنْ دخُولِ سَالِمٍ.
قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) 5َ (أرْضِعِيهِ)، فَقَالَتْ: إِنًّهُ فو لِحْيَةٍ.
فَقَالَ: (أرْضِعِيهِ، يَن!بْ مَا فِى وَجْهِ أبِى حُنَيْفَةَ).
فَقَالَتْ: وَاللهِ، مَا عَرَفْتُهُ فِى وَجْهِ أرى حُنيفَةَ.
31 - (1454) حدّثنى عمدُ المَلِك بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَيْثِ، حَدّثَنِى أرى، عَنْ جَدِّى، حَدثنِى عُقَيْلُ بْنُ خَالِد عَنِ ابْنِ شِهَاب ؛ أَئهُ قَالَ: أخْبَرَنِى أبُو عُبَيْلةً بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَمْعَةَ ؛ أنَّ أمَّهُ زينَبَ بنْتَ أبِىً سَلَمَةَ أخْبَرَتْهُ ؛ أن أفَهَا ائمَ سَلَمَةَ زَوْجَ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَتْ تَقُولُ: أبى سَائِرُ أزْوَلبم الَنَبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ) أنْ يُدْخِلنَ عَلَيْهِن أحَلًا بِتِلكَ الرضاعَة، وَقلنَ لِعَائِشَةَ: وَاللهِ، مَا نَرَى هَنَا إِلا رخصَةً أرْخَصَهَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) لسَالمٍ خَاصَّة، فًمَا هُوَ بلمَاخل عَلَيْنَا أحَد بِهَنِهِ الرضاعَةِ، وَلا رَائِينَا.
ًًً
وقول ابن أبى مليكة فى حديثه عن القاسم: فمكثت سنة أو قريبا منها لا أحدث به رهبة: أى من خوفه ومن اْجل خشيته.
وانتصب على عدم الخافض.
وقول اْم سلمة لعائثة: (يدخل عليك الغلام الأيفع)، قال الإمام: هو الذى شارف الاحتلام ولما يحتلم، وجمعه أيفاع، وقد أيفع الغلام فهو يافع، ويفع الغلام أيضا لغة، وغلام يافع ويفعة.
فمن قال: يافع ثنّى وجمع، ومن قال: يفعه كان فى الاثنين والجمع بلفظ انواحد.
ويروى ابن شهاب بعد هذا حديثا عن أبى عبيدة بن عبد الله بن زمعة عن أمه زينب.
قال بعضهم: أبو عبيدة هذا لايوقف على اسمه، وهو أبو عبيدة بن عبد الله ابن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصى.
قال القاضى: وقوله: (فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة، ولا رائينا): اْحد مرفوع بدل من هو على مذهب نحاة أهل البصرة، وقد يكون فاعلأ بداخل على مذهب أهل الكوفة، ويكون هو هنا بمعنى الأمر والثبات.
644(4/643)
كتاب الرضاع / باب إنما الرضاعة من المجاعة
(8) باب إنما الرضاعة من المجاعة (1)
32 - (1455) حدثنا هئادُ بْنُ السئَرِىِّ، حَدثنَا أبُو الأحْوَصِ، عَنْ أشْعَثَ بْنِ أبِى الشَعْثَاء، عَنْ أبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقِ.
قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: دَخَلَ عَلَى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَعنْدى رَجُل قَاَعِد، فَاشْتَدَ فَلِكَ عَقئه، وَرَإلتُ الغَضَبَ فِى وَجْهِهِ.
قَالَتْ: فَقُلتُ: َ يَارَسُولً التَهِ، إِنَّهُ أخِى مِنَ الرضاعَةِ.
قَالَت: فَقَالَ: (انْظرْنَ إِخْوَتَكُن مِنَ الرضاعَةِ، فَإِنَّمَا الرصاعَةُ مِنَ المَجَاعَةِ).
(... ) وحدّثناه مُحَمَدُ بْنُ المُثَنّى وَابْنُ بَشَار، قَالا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر.
ح
ص ص حمص بحر، 5،، ص ص حمص ص ص ص حمص، ه ص، ص ص حمص أصص هَ ه، وحدثنا عبيد اللهِ بن معاذ، حدثنا أبِى، قالا جمِيعا: حدثنا شعبة.
ح وحدثنا ابو بكرِ بن أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا وَكِيعَ.
ح وَحَد 8شِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِى 2، جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ.
ح وَحَدثنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدِ، حَدثنَا حُسَيْن الجُعْفِى عَنْ زَائِلَةَ، كُلُّهُم عَنْ أشْعَثَ بْنِ أبِى الشَعْثَاءِ، دإِسْنَادِ أيِى الأحْوَصِ.
كَمَعْنَى حَلِيثِهِ.
غيرَ ؟نهُمْ قَالُوا: (مِنَ المَجَاعَةِ).
(1) سبقت الاشارة إليه فى الباب السابق، وفى باب المصة والمصتان.(4/644)
كتاب الرضاع / باب جواز وطء المسبقة بعد الاستبراء...
إلخ
645
(9) باب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء، وإن كان
لها زوج انفسخ نكاحها بالسبى
33 - (1456) ! دّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ القَوَارِيرِى، حَدثنَا يَزِياُ بْنُ زُريعِ، حَدثنَا سَعِيدُ بْنُ أبِى عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَ الةَ، عَنْ صَالِحِ، أبِى الخَلِيلِ، عَنْ أبِى عَلقَمَةَ الهَاشمِى، عَنْ أن سَعِيد الخُدْرِىِّ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) يَوْمَ حُنَيْنِ بَعَثَ جَيْشًا إِلَى أوْطَاسِ، فَلَقُواَ عَدُوا، فَقَاتَلُوهُمْ، فَظَهَرُوا عَلَيْهِمْ، وَأصَابُوا لَهُمْ سَبَايا.
فَكَأن نَابسَا مِنْ أصْحَاب رَسُول الله (صلى الله عليه وسلم) تَحَرَّجُوا مِنْ غشْيَانِهِنَّ مِنْ أجْلِ أزْوَاجهِنَّ مِنَ المُشْرِكينَ، فَائزَلَ اللّهُ - عَزًّ وَجَلً - فِى ذَلِكَ: {وَالْمُحصَنَاتُ مِنَ الن!اءِ إلأَ مَا مًلَكَتْ أَيْمَانُكُمَْ (1) أَىْ فَهُن لَكُمْ حَلاذ إِفَا انْقَضَتْءِ!تهُن.
وقوله فى سبى أوطاس: فكان ناسأ تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين، فأنزل الله تعالى فى ذلك: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النسَاءِ إلآ مَا مَلَكَتْ اَيْمَانُكُمْ}: معنى (تحرجوا): خافوا الحرب والإثم.
.
وقوله فى الحديث الآخر: (تجوبوا): بمعناه: أى خافوا الجوب وهو الاثم.
كذا رواه
فى حديث يحيى بن حميد: عبد الله بن سعيد، ورواه السمرقندى: (تحرجوا) مثل الأول، وعند غيرهم: (تخوفوا) وكله بمعنى.
وغشيانهن: أى جماعهن.
قال الإمام: السبى عندنا فى المشهور يهدم النكاح بهذه الآية، وسواء سُبى الزوجان
معا أو مفترقن.
وقال ابن بكير عن مالك: إن سبيا جميعا واستبقى الرجل أقرا على نكاحهما.
ووجه المشهور من جهة الاعتبار اْن بسبيها ملكت منافعها ورقبتها، فسقط ملك الزوج عن ذلك ؛ لاستحالهّ ملك واحد بين مالكين هاهنا، وكأنه رئى - أيضا - اْنها إذا جاءت بأمان ثم سبى الزوج، كان تمكينه منها عيب على سيده، ولسيده أن يمنعه كما يعيبه.
فلهذا لم يفترق الحال فى المذهب المشهور.
ورواية ابن بكير اعتل لها فى كتابه بأنهما إذا سبيا معا واستبقى الرجل فقد صار له علينا عهد للموضع، هذا العهد وجب اْن يكون اْحق بها من المالك.
هذا الذى اعتل به
(1)1 لنساء: 24.
245 / ب
646(4/645)
كتاب الرضاع / باب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء...
إلخ 34 - (... ) وحدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى ث!يْبَةَ وَمُحَمَدُ بْنُ المُثنى وَابْنُ بَشَارٍ، قَالُوا: حَدثنَا عَبْدُ الأعْلَى عَنْ سَعيدٍ، عَنْ قَتَ الةَ، عَنْ أيِى الخَلِيلٍ ؛ أنَّ أبَا عَلقَمَةَ الهَاشِمِى حَدَّثَ ؛ أن أبَا سَعِيد الخُدْرِىّ حَدثهُمْ ؛ أَنَّ نَبِى اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بَعَثَ يَوْمَ حُنَيْن سَرِئةً.
بِمَعْنَى! دِيثِ يَزِيدَ ابْنِ زُرَيع.
غًيْرَ أنَهُ قَالَ: إِلا مَامَلَكَتْ إلمَانُكُمْ مِنْهُن فَحَلال!لَكمْ.
وَلَمْ يَذْكُرْ: إِذَا انْقَضَتْ عِدتهُن.
(... ) وَحَدةَشيهِ يَحْيَى بْنُ حَبِيب الحَارِثِىُّ، حدثنا خَالِد - يَعْنِى ابْنَ الحَارِثِ - حَدثنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَاَ!ة، بِهَنمَا الإِسْنَادِ، ً نَحْوَهُ.
ابن بكير.
ويحتمل عندى أن يحمل على أنهما لما أقرآ لزم إقدار ما فى يد الزوج من العصمة ؛ لأن إقرار الزوج إقرار لما يملك حتى ينتزع منه فى ثانى حال، وهذا الملك لا يصح انتزاعه فى دانى!ال.
وقد اختلف الناس - أيضا - فى الأمة إذا بيعت وهى تحت زوج، هل يكون بيعها فسخا لنكاحها ؟ فأبى من ذلك مالك وجمهور الفقهاء، وذهب بعض الصحابة إلى أن ذلك فسخ للنكاح ؛ أخذأ بعموم هذه الاَية، وهو قوله تعالى: وَالْفحْصَنَاتُ مِنَ النسَاءِ إلأ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (1)، ولم يفرق بين ما ملكت أيماننا سبى أو شراء، وهذا على عمومه عندهم.
وتحقيق القول فى هذه المسألة: اْن هذا عموم خرج على سبب، فمن رأى قصر العموطم!
إذا خرج على سبب لم تكن فيه حجة على جمهور الفقهاء ؛ لأنه كأنه قال: اً لأَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (1) بالسبى.
وان قلنا: إن العموم إذا خرج على سبب يجب حمله على مقتضى اللفظ فى التعميم، اقتفمى ذلك فسخ نكاح الأمة / بالشراء كما ينفسخ بالبيع، لكن حديث بريرة فى شراء عائشة لها ثم لم يفسخ ذلك نكاحها، بل خيرها - عليه السلاطم! - لما عتقت فى فسخ النكاح (2)، ذلك على أن البيع لا يفسخ نكاح الأمة ذات الزوج، ولكن هذا خبر واحد فى تخصيص عمو!م! القرار، فهل تختص به أم لا ؟ فيه خلاف بين أهل الأصول، فعلى هذا يخرج اختلاف العلماء فى ذلك.
وقد قال بعض أهل العلم مفرما بين السبى والشراء، بأن السبى حدوث ملك لم يكن
أو كأنه لم يكن، والشراء انتقال ملك إلى ملك، فكأن الأول أثر نقصا فأثر فى النكاح نقصا، والثانى لم يحدث ملكا ولم يكن فلم يوثر.
(1)1 لنساء: 24.
(2) سيأتى فى كالعتق، ببفا الولاَ لمن أعتق، برقم (10).(4/646)
كتاب الرضاع / باب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء...
إلخ 647 35 - (... ) وَحَدثنِيهِ يحيى بْنُ حَبِيب الحَارِثِىُ، حَا شَا خَالِدُ بْنُ الحَارِث، حَدثنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَ الة، عَنْ أبِى الخَلِيلِ، عَنْ أبِى سَعيد.
قَالَ: أصَابُوا سَبْيًا يَوْمَ أَوْطَاس، لَهُن أزْوَل!، فَتَخَؤَفُوا، فَ الونزِلَتْ هَذه الاَيَةُ{ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النّسَاء إِلأَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَا نكُمْ (1).
ً
(... ) وحدئمنى يحيى بْنُ حَبِيب، حدثنا خَالِد - يَعْنِى ابْنَ الحَارِثِ - حَا شَا سَعِيد
عَنْ قَتَ ال ةَ، بِهَنَ! الإِسْنادِ، نَحْوَهُ.
قال القاضى: وقوله: (فهن حلال لكم إذا انقضت عدتهن): دليل صحة أنكحة
أهل الشرك ولحوق الأنساب بها، ولولا ذلك لم يحتج إلى العدة.
ووقع فى بعض الروايات: (يوم خيبر! وهو خطأ، والصواب: (يوم حنين)،
كما فى كثر النسخ، وكذا عند عامة شيوخنا، وهو يوم أوطاس.
قال الإمام: خرج مسلم هذا الحديث من طريق سعيد بن أبى عروبة عن قتادة، عن
أبى الخليل، عن أبى علقمة الهاشمى، عن أبى سعيد الخدرى، ثم أردفه بحديث شعبة عن قتادة، عن أبى الخليل، عن أبى سعيد.
فلم يذكر أبا علقمة فى حديث شعبة، وقال بعضهم: كذا فى نسخة الجلودى وابن ماهان، وكذلك خرجه أبو مسعود الدمشقى، وأما فى نسخة ابن الحذاء ففيها ذكر أبى علقمة بن أبى الخليل واْبى سعيد، ولا أدرى ما صحته.
قال القاضى: هذا قول الجيانى، وقد قال غيره: إن إثباته الصواب.
(1)1 لنساء: 24.
648(4/647)
كتاب الرضاع / باب الولد للفراش...
إلخ
(10) باب الولد للفراش، وتوقى الشبهات
36 - (1457) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدِ، حَدثنَا لَيْمث.
ح وَحَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ رُمْحِ، أخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَاثِشَةَ ؛ أئهَا قَالَتِ: اخْتَصَمَ سَعْدُ بْنُ أن وَفاصٍ وَعَبْدُ بْنُ زمْعَةَ فِى غَلامِ.
فَقَالَ سَعْد: هَنَا يَارَسُولَ اللهِ ابْنُ أخى، عتبَةُ بْنِ أبِى وَفاصٍ، عَهِدَ إِلَىَّ أنَّهُ ابْنُهُ.
انْظُرْ إِلَى شَبَهِهِ.
وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: هَنمَا أخِى يَارَسُولَ اللهِ، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أبِى مِنْ وَلِيمَتِهِ، فَنَظَرَ رَسُولُ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) إِلَى شَبَهِهِ، فَرَأى شَبَهَا يم بِعتبَةَ.
وذكر مسلم أحاديث اختصام سعد بن أبى وقاض وعبد بن زمعة فى ابن وليدة زمعة ة
وقول سعد: د!بن اْخى عهد إلى اْنه ابنه، انظر إلى ثبهه)، وقول عبد: (أخى، ولد على فراش أبى من وليدتهه، وقوله: (فراْى ( صلى الله عليه وسلم ) شبها بينا بعتبة)، وقوله: (هو لك يا عبد، الولد للفراش، وللعاهر الحجر، واحتجبى منه ياسودظ، قالت: فلم ير سودة قط، قال الإمام: يتعلق بهذا الحديث فصول، منها: بماذا تكون الأمة فراشا ؟[ وبماذا لّكون الحرة فراشأ ؟] (1) وما الفرق بين الحرة والأمة فى ذلك ؟ فأما الحرة فتكون فراشئا بالعقد وهذا متفق عليه.
قال القاضى: هذا لشريطة إمكان الوطء ولحوق الولد فى مدة يلحق الولد من مثلها،
هذا قول عامتهم، وشذ أبو حنيفة فثرط مجرد العقد وقال: لو طلق عقيب العقد من غير إمكان وطء، فجائت بولد لستة أضهر من حينئذ لحق به.
قال الإمام: وأما الأمة فإنها تكون فراشأ بالوطء عندنا، فإذا جاءت بولد بعد اعتراف سيدها بوطئها وثبوت ذلك عليه إن أنكره لحق به الولد إلا أن ينفيه بعد دعوى الاستبراء فينتفى منه.
واختلف فى يمينه ذلك على قولين.
وقال أبو حنيفة: إنما يكون فراشأ إذا ولدت ولدأ سيلحقه، فما جاءت به بعد ذلك
فهو ولده إلا أن ينفيه، وتعلق في ذلك بأن الأمة لو كانت فراشأ بالوطء لكانت فراشأ بالعقد كالحرة، وبأن ذلك يوجب اْن يتعلق بها ما يتعلق بالحرة من الأحكام على صاحب الفراش، وهذا الذى قاله غير صحيح ؛ لأن الحرة إنما تراد للوطء خاصة، فالعقد على نكاحها انزل فى الشرع منزلة وطئها.
ولما كان هذا المقصود به والأمة تشترى لأثياء كثيرة غير الوطء، فلم يجعل العقد عليها يصيرها فراشأ، فإذا حصل الوطء ساوت الحرة هاهنا فكانت فراشأ.
(1) سقط من الأصل، والمثبت من ع.(4/648)
كتاب الرضاع / باب الولد للفراش...
إلخ 649 وهذا هو الجواب عن السوال الثالث الذى ذكرناه وهو التفرقة بيئ الحرة والأمة فى الفراش.
وهذا التعليل قاد بعض شيوخنا إلى زعم أن الشاب العزب إذا اشترى[ جارية عليه] (1) لا تراد غالبا إلا للتسرى، وفُهم أن ذلك غرضه منها، وظهر من الحال أنه يسلك بها مسلك السرية، فإنها تكون فراشأ د ان لم يثبت وطثها، ورأى أن هذه الأوصاف تلحقها بالحرة وترتفع منها العلة المفرقة بين الحرة والأمة.
وتعلق بعض الشيوخ فى نصرة هذا المذهب، كما وقع فى كتاب العدة من المدونة فى
أم الولد إذا مات زوجها وسيدها، ولم يدر اْولهما موتا، فإن عليها أقصى الأجلين مع حيضة إذا كان بيئ الموتن أكثر من ضهرين وخمس ليال، ورأى أنه إذا أمكن أن تحل لسيدها علق على ذلك الحكم المتعلق بوطئها.
وانفصل بعضهم عن ذلك بأن أم الولد قد صارت كخزانة لسيدها بما تقدم من استيلادها فبهذا لم يعتبر اعترافه بالوطء بعد رجوعها إليه عن عصمة زوجها بخلاف الأمة التى لم تلد قط.
وقد تنازع فى هذا الحديث أصحاب أبى حنيفة واْصحاب مالك، فقال أصحاب مالك:
فإن الولد هاهنا ألحق بِزمعة ولم يثبت أن هذه الأمة ولدت منه فيما قبل، فدل ذلك على بطلان قول أبى حنيفة: أن الولد لا يلحق إلا إذا تقدمه ولد مستلحق.
وقال أصحاب أبى حنيفة: فإن هذا الحديث لا حجة لكم فيه ؛ لاءنه لم يذكر - أيضا - أن زمعة اعترف بوطئها، وانما ذكر أنه ( صلى الله عليه وسلم ) ألحقه بزمعة، وهذا الظاهر لم يقل به أحد منا ولامنكم فوجب ترك التعلق بهذا الحديث.
والجواب عن هذا: اْن مجمله على أن زمعة علم ( صلى الله عليه وسلم ) فعلته بها باعترافه عنده - عليه السلام - أو باستفاضة ذلك عنه.
وهذا التأويل يضطرنا إليه ما ذكرتموه من اتفاقنا على منع إلحاق ولدها بالميت إلا بعد محبب ما.
ولكن / اختلافنا فى السبب ما هو ؟ فقلنا: اعترافه بالوطء، وقلتم: استلحاق ولا قبل هذا وولد قبل هذا، معلوم أنه لم يكن، واعتراف زمعة بالوطء لا يصح دمحوى للعلم بأنه لم يكن، فامتنع تأويلكم وأمكن تأويلنا، فوجب حمل الحديث عليه.
ويتعلق بهذا الحديث فصل آخر وهو: استلحاق الأخ لأخيه، وعندنا اْن ذلك لا يصح، وعند الشافعى أنه يصح إذا لم يكن وارث سواه.
ويتعلق الشافعى بظاهر هذا الحديث، فإنه لم يثبت أن زمعة ادعاه ولدأ، ولا اْنه اعترف بوطئه، فدل ذلك على أن المعول عليه كان على استلحاق أخيه له.
وهذا لا نسلمه، لما قدمناه من أنه يمكن أن يكون ( صلى الله عليه وسلم ) ْ ثبت عنده وطء زمعة فألحق
الولد لأجل ذلك، ومن ثبت وطوه لا يفتقر عندنا إلى اعترافه، وإنما يصعب هذا على
(1) سقط من الأصل، والمثبت من ع.
246 / َ ا
ْ65(4/649)
كتاب الرضاع / باب الولد للفراش...
إلخ أصحاب أبى حنيفة ويعسر عليهم الانفصال عما قاله الشافعى ؛ لما قررناه من أن ولدا سابقا لم يكن والوطء لا يعتبرونه، فلم يبق لهم إلا تسليم ما قاله[ الشافعى] (1) لما ضاقت عليهم الحيل فى هذا الحديث لما قررناه.
قال بعضهم: فإن الرواية فى هذا الحديث: (هو لك عبد)، وأسقط حرف النداء
الذى هو (يا)، قالوا: وانما أراد ( صلى الله عليه وسلم ) أن الولد لا يلحق بزمعة، وأنه ابن أمته و(عبد) هو وارثه، فيرث هذا الولد وأمه.
وهذه الرواية التى ذكروها غير صحيحة ولو صحت لرددناها إلى الرواية المشهورة وقلنا: ليس الأمر كما فهمتمِ، وإنما يكون المراد: ياعبد، فحذت حرب النداء كما قال تعالى: { يُوكُفُ اَعْرِضْ غنْ هَذا} (2) فحذت حرت النداء، ولأجل الاشتراك وقع عليهم الغلط، هل المراد عبد بمعنى: قن ؟، أو المراد عبد اسم لهذا الرجل منادى بحذف حرف النداَ ؟
وكذلك دعواهم فى بعض الطرق: أنه لما أمر سودة بالاحتجاب، قال: ا ليس بأخ لك! رواية لا تصح وزيادة لا تثبت.
فإن قيل: لو لم تكن ثابتة لما أمرها بالاحتجاب.
قيل: ذلك على جهة الاحتياط، لما رأى الشبه بعتبة، وقد جعله بعض أصحابنا أصلا فى الحكم بالشىء بحكم واحد بين الحكميئ لاءنه ألحقه بزمعة، وذلك يقتضى ألا يكون تحتجب سودة منه، وأمر سودة بالاحتجاب، وذلك يقتضى ألا يكون ولدا لزمعة ولا أخا لسودة، ولكنه قضى فى الإلحاق لحكم الفراش وقضى فى الاحتجاب بحكم الاحتياط.
وقد كان عارض من أصحابنا الشافعى فيما عول عليه بأن سودة بنت زمعة، فلم يثبت استلحاق عبد لهذا الولد دونها، والولد إنما يستلحق إذا استلحقه جميع الورثة، وعبد ليس لجميع الورثة.
وانفصلت الشافعية عن هذا بأن زمعة مات كافرا وسودة مسلمة لم ترثه، فصارت كالعدم.
فانحصر الأمر إلى[ ولد و] (3) عبد، فصار كأنه جميع الورثة، وأجاب أصحابنا بأنها ابنته، وإنما منعت ميراثه لاختلاف الدينين، فكان الواجب اعتبار رضاها بهذا النسب، وألا تلحق عليها أخوها ما لم ترضه.
وقد سلم ابن القصار عنا أنا نقول: إن جميع الورثة إذا اعترفوا بإلحاق النسب بالميت وإن لم يكونوا عدولا، وزعم أن ذلك مذهبنا.
قال: والقياس خلافه.
وهذا عندى وهم منه على المذهب، د انما هذا مذهب الشافعى كما قدمناه عنه.
ورأى الشافعى أن الورثة إذا أجمعوا حلوا محل الميت، وإذا اختلفوا لم يصح أن يحلوا محل الميت، مع اختلافهم.
ولعل ابن القصار رأى شيئا فى المذهب تأول منه على المذهب هذا الذى ذكرناه عنه.
(1) ساقطة من الاْصل، ولهتدركت بالهامة بسهم.
(3) ساقطة من الأصل، واستدركت فى للهاث! بسهم.
(2) يوصف: 29.(4/650)
كتاب الرضاع / باب الولدللفراش...
إلخ 651 وقد قال بعض أصحابنا فى الرد على الشافعى: لو كان جميع الورثة إذا أجمعوا على إلحاق نسب بالميت لحق به وحلوا محل الميت، للزم إذا أجمعوا على نفى حمل أمة وطئها أن ينتفى عن الميت حملها، ويحلون محل الميت فى ذلك كما حلوا فى استلحاق النسب، فيجب اْن يحلوا محله فى نفى النسب، وهذا لا يلزمه لأن هذا الحمل أحد الورثة ومن أصله[ مراعاة] (1) إجماع جميع الورثة، ف!جماعهم فى استلحاق يمكن، وفى هذا النفى يستحيل، فلهذا افترقا.
وقد تعلق بهذه المسألة التى نحن فيها اعتراف بعض الورثة بوارث ؛ مثل أن يعترف
أحد الأخوين بأخ ثالث، وهذه مسألة اختلاف أيضأ.
فعندنا أن المقر يعطيه ما فضل فى يده، مما لو قسمت التركة على الجميع لاستحقه هذا المقر له من يد هذا المقر، وقال بعض أصحابنا: بل يساويه فيما فى يده وتقدر ما أخذ سائر الورثة كأنه لم يكن، وكأن الجائحة فيه على المقر والمقر له متساوية لتساويهما فى النسب، ولا معنى لتفضيل أحدهما على الآخر، وكأنه فى القول المشهور الذى قدمناه رأى أن الجاثحة لا يختص بها هذان الوارثان، وكان المقر إنما اعترف لهْ بالفاضل خاصة فلا يزداد عليه.
وذهب بعض الناس إلى طريقة ثالثة وهى: أن هذه الفضلة التى قالها الأولون لا يختص بها المقر له بل يأخذ لها نصفها، ويأخذ بقية الورثة النصف الاَخر.
ووجه هذا عندى اْن المقر تضمن إقراره شيئين: أحدهما: أن الفضلة لا يستحقها فى نفسه، والثانى: أن مستحقها هذا المقر له، فيقول له بقية الورثة: اْنت إذا اعترفت بأنك لا تستحقها عادت على ملك ميتنا، داذا عادت على ملك ميتنا وجب أن ترثها ورثته، ونحن ورثته، ونحن نستحقها، أو يقول المقر له: بل أنا المستحق لها لاعتراف من سلمتموها له أنها لى دونكم، ولو لم يعترف لم يكن لكم / طريق إليها، فيصير ذلك كما لو يتداعاه رجلان، فيقسم بينهمانصفين.
وذهب الشافعى إلى أن المقر له لا يستحق شيئا، ووجه هذا: أن نسبه لم يثبت، والميراث إنما يكون ثابتأ بعد ثبوت النسب وهو فرع عنه، دإذا سقط الأصل سقط فرعه، وما أبنى عليه.
وهذا يضارع طريقة أشهب عندنا إذا شهد له شاهد بالنسب أنه لا يأخذ المال، قال: لأن المال وإن قضى فيه بالشاهد الواحد فالنسب لا يقضى فيه بالواحد، والمال فرع عن النسب، وإذا لم يثبت الأصل لم يثبت الفرع، دإنما أردنا بما ذكرناه عن أشهب التنبيه على تناسب الطريقن لا إلزامه أن يقول بمذهب واحد فى المسألتن.
وفى قوله فى الحديث: إنه أمرها بالاحتجاب لشبهه بعتبة، دلالة على القضاء بالاشتباه وتقوية القول بالقافة.
(1) صاقطة من الأصل، والمثبت من ع.
246 / ب
652(4/651)
كتاب الرضاع / باب الولد للفراش...
إلخ فَقَالَ: (هُوَ لَكَ يَاعبْدُ، الوَلَدُ لِلفِرَاشِ وَلِلطَ هرِ الحَجَرُ، وَاحْتَجِبِى مِنْهُ يَاسَوْ! ةُ بِنْتَ زَمْعَةَ).
قَالَتْ: فَلَمْ يَرَ سَوْلَةَ قَطُّ.
وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَدُ بْنُ رُمْح قَوْلَهُ: (يَاعَبْدُ).
(... ) حدلنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُور وَأبُو بَكْرِ بْنُ أيِى شَيْبَةَ وَعَمْرو الناقِدُ، قَالُوا: حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ.
ح وَحدثنا عَبْدُ بْن حُمَيْد، أخْبَرَنَا عَبْدُ الرراقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَرُ، كِلاهُمَا عَنِ الرهْرِىّ، بِهَنَا الإِسْنَاد، نَحْوَهُ.
غَيْرَ!أن مَعْمَزا وَابْنَ عُيَيْنَةَ، فِى حَديثهِمَا: (الوَلَدُ لِلفِرَاشِ) وَلَمْ يَذْكُرَا: (وَلِلعَاهِرِ الحَجَرُ).
وقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (وللعاهر الحجر): العاهر: الزانى، وقيل: معناه: أن الحجر يرجم به الزانى المحصن، وقيل: معناه: الزانى له الخيبة ولا حظ له فى الولد ؛ لأن العرب تجعل هذا مثلا فى الخيبة، كما يقال: له التراب إذا[ أرادوا] (1) الخيبة.
والعهر: الزنا، ومنه الحديث: (اللهم أبدله بالعهر العفة) (2) وقد عهر الرجل إلى المراْة يعهر: إذا اْتاها للفجور، وقد عهرت وهى تعيهرت: إذا زنت.
قال الإمام: قد أشبعنا الكلام على هذا الحديث، ولم يجمع فيه أحد من المصنفين
فيما علمت هذا الفصول كما جمعناه هاهنا، والله الموفق.
قال الق الى: كانت سنة الجاهلية إلحاق النسب بالزنا، وكن يساعن الإماء ويستأجرونهن لذلك، فمن اعترفت الاْم أنه ابنه لحق به، فجاءت سنة الإسلام بإبطال ذلك وإلحاف الأنساب بالعقود الصحيحة والأفرشة الثابتة، لابطريق الزنا.
فلما تخاصم سعد وعبد، وقام سعد بما عهد به إليه أخوه عتبة من سيرة الجاهلية إذ مات مشركأ، ولعل إلحاقه به مدة الجاهلية لم يكن قبل، إما لأن الأم لم تعترف له به، أو لاكن الدعوى فيه لم تكن إلا بعد الإسلام، أو لأن إلحاقه مع منازعة المالك فيه كان عندهم لا يصح، وإلا فلو صح استلحاقه له قبل ولم ينازع فيه لمضى النسب له على الأصل فى إلحاق اْنسابهم وما لاطوه بأنفسهم.
وقد قال ابن جمنانة وابن القاسم من أصحابنا: إن دعوى الجاهلية والمتحمل بعد إسلامه ولدأ من الزنا يلحق به، وما لم يكن ثم دعوى أقوى من فراش زوج أو سيد.
واحتج عبدْ لحكم النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وشريعته من قوله: (أخى ولد على فراش أبى)، فحكم له النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بمقتضى شريعته، وأبطل سنة الجاهلية.
وفى قوله: (الولد للفراش) مع قوله: رأى (شبهأ بينًا): دليل على أن الثبه
(1) ساقطة من الأصل، واصتدركت بالهامثى.
(2) انظر: النهاية فى غريب الحديث 3 / 326.(4/652)
كتاب الرضاع / باب الولد للفراش...
إلخ 653 37 - (58 4 1) وحدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد، قَالَ ابْنُ رَافِع: حَد 8شَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزّهْرِىِّ، عَنِ ابْنِ المُسَيَّب وَأبِى سَلَمَةَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنَّ رَسُولَ اللْهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (الولَدُ لِلفِرَاشِ، وَلِلعَاهِرِ الحَجَرُ)َ.
وحكم القافة لا يكون إلا عند عدم ما هو أقوى منه من الامملة، فأما مع وجوده فلا اعتبار له كما يحكم به فى مسألة المتلاعنين.
وقد جاء على الشبه المكروه.
ولحكمه بالفراش هنا قيل: وفيه القضاء فى المسألة بحكمين إلحاق الولد بالفراش ثم الحكم بالحجاب للشبه، وهذا - والله اْعلم - هنا على الاستحباب وخاصة فى حق سودة لعظم حقوق أزواج النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وزيادتهن على غيرهن فى وجوب الحجاب عليهن وتغليظه فيهن ؛ إذ لا يحرم وطء الزنا شيئا ولا يوجب حكما ولا يقع به حرمة على صحيح مذهب مالك وقول الشافعى وأبى ثور.
وذهب أهل الرأى والثورى والأوزاعى وأحمد إلى تحريمه بذلك واْنه مجرى الوطء الحلال فى التحريم منه، واحتجوا بهذا الحديث، وأمر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لسودة بالاحتجاب منه، وهو أحد قولى مالك.
وحملوا أمره هنا على الوجوب، والاءول حملوه على الاستحباب والاستظهار كما تقدم، إلا ما ذهب إليه جمهورهم من نكاح الإبنة من الزنا.
وعبد الملك ابن الماجشون يجيز ذلك طردأ للأصل وابطالأ لحكم الحرام.
وقال المزنى: يحتمل اْن يكون النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أجابهم عن المسألة وأعلمهم بالحكم أنه كذلك يكون، إذا ادعى صاحب الفراش الولد وصاحب الزنا، لا على أنه يلزم عتبة دعوى أخيه سعد، ولا يلزم سعد دعوى ابنه عبْد، وبين ذلك بقوله: (احتجبى منه).
وإلى هذا ذهب الباجى وقال: هذا أصح الاَقوال، وذهب أن قوله: (هو لك ياعبد): اْى[ عبد] (1) لما لم يثبت نسبه، وإنما أقر له عبد بالأخوة، فبقى ملكأ له ؛ لأنه ابن مملوكة أبيه، فلم يكن بذلك اْخا لسودة، ولا يثبت بينهما بذلك توارث ولا حكم إذ لم يثبت اعتراف زمعة به، قال: ولو كان استلحقه بزمعة لما نهى عنه سودة ولا أمرها بقطع رحمه، وقد خصهن على مداخلة الأخ والعم من الرضاعة وأمر عائشة أن يلج عليها عمها، وقول عائشة فى العلة، لما رأى من ثمبهه بعتبة تأويل منها، إذ قد يكون على تكيد المنع، فهذا كله يكون أمره بالاحتجاب عند هولاء واجبأ لا احتياطأ.
قيل: وفى هذا الحديث أن القضاء بالظاهر لا يحل الأمر في الباطن، كما جاء فى الحديث الاَخر المشهور ؛ لأنه هنا حكم بالولد لزمعة وأمر أخته بالاحتجاب منه للشبه،
(1) ساقطة من الأصل، وامتدركت بالهامش.
1 / 247
654(4/653)
كتاب الرضاع / باب الولد للفراش...
إلخ (... ) وحلغنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُور، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْلب ؛ وَعَبْدُ الأعْلَى بْنُ حَمَاد، وَعَمْرو الئاقدُ، قَالُوا: حَدثنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ.
أفَا ابْنُ مَنْصُورٍ - فَقَالَ: عَنْ سَعيد عَنْ أئى هُرَيْرَفَ وَأفَاَ عَبْدُ الأعْلَى فَقَالَ: عَنْ أبى سَلَمَةَ أَوْ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أبِى هُرَبْرَةَ وَقَالً زُهَيْز: عَنْ سَعِيد أوْ عَنْ أبِى سَلَمَةَ، أحَل!مَا أَوْ كلاهُمَا عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ.
وَقَالَ عَمْزو: حدثنا سُفْيَانُ مَرَّةً عَنِ الرهرِىّ، عَنْ سَعيد وَأيِى سَلًمَةَ.
وَمَرَّةً عَنْ سَعِيدٍ أوْ أن سَلَمَةَ.
وَمَرة عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أن هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِ حَدِيثِ مَعْمَرٍ.
ولو كان الحكم والقضاَ يحل ويرفع الحرج لم يحتج إلى هذا.
واختلف فى قوله: (الولد للفراش)، فأصحاب أبى حنيفة يحملونه على اْن المراد صاحب الفراش، ولذلك لم يشترطوا، وإن كان الوطء فى الحرة واحتجوا بقول جرير: باتت تعانفه وبات فراشها خلق اْتعباه فى التراب قتيلا
/ يعنى زوجها.
وعند الجماعة: اْن الفراش هنا كما لجعبر به عن الزوج يعبر به عن الزوجة، والأظهر إنما يعبر به عن الفراش المعروف، واْنه المراد به هنا، وهى حالة الافتراش: أى الولد، للحالة التى يكون فيها الافتراش، فيفهم من هذا مقصد تأتى الوطء، وعلى هذا يأتى قوله - عليه السلام - فى ابن وليدة زمعة: (الولد للفراش).
اْن وطأه وافتراشه لها كان معلوما قبل - والله أعلم.
وقد قيل: إن إيقاع الفراش على الزوج لا يعلم من اللغة.
وقوله هنا: (الولد للفراش): عموم فى الحرائر والإماَ، وقد احتج بظاهر قوله وعمومه: (الولد للفراش، وللعاهر الحجر) الشعبى ومن قال بقوله فى إلحاق الولد المنفىّ لفراشه، واْنه لا ينتفى بلعان ولا غيره، ولا ينفع أباه نفيه، وهو شذوذ من القول.
وقد حكى عن بعض أهل المدينة، ولا حجة فيه ؛ لأن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قال هذا فى نازلة ولد الأمة المدعى فيه غير سيدها، وقد حكم - عليه السلام - فى ولد الزوجات بخلاف ذلك، ولاعن وألحقه بأمه دون الزوج، على ما سيأتى مبينا فى اللعان.(4/654)
كتاب الرضاع / باب العمل بإلحاق القائف الولد
655
(11) باب العمل بإلحاق القائف الولد
38 - (1459) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى ومُحَمَدُ بْنُ رمحٍ، قَالا: أخْبَرَنَا أللَيْثُ.
ح وَحَدثنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَدثنَا لَيْمث عنِ ابْنِ شهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ ؛ أئهَا قَالَتْ: إِن رَسُولَ اللهِ كله دً خًلَ عَلَى مَسْرُورًا، تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ.
فَقَالَ: (ألَمْ تَرَىْ أنَّ مُجَررا نَظَرَآنِفًا إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَاسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَقَالَ: إِنَّ بَعْضَ هَنِهِ الأقْلمَام لَمِنْ بَعْضٍ ).
39 - (... ) وحدثنى عَمْرو الئاقِدُ!زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَأبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ - وَاللَفْظُ لِعَمْرٍ و- قَالُوا: حَدثنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزهْرِىِّ، عَنْ عُرْوَةً، عَنْ عَائشَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَاتَ يَوْمٍ مَسْرُورًا.
فَقَالَ: (يَاعَائشَةُ، ألَمْ تَرَىْ أن مُجَزِّزًاا لمُدْلِجِى دَخَلَ عَلَى، فَرً أى اسَامَةَ وَزَيْايم وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَة قَدْ غَطَّيَا رُؤُوسَهُمَا، وَبَدَتْ أقْلَامُهُمَا، فَقَالَ: إِن هَن!هِ الأقْلَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْض!).
وقول عائشة - رضى الله عنها -: إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) دخل على مسرورا تبرق أسارير وجهه[ قال] (1): (ألم ترىْ أن مُجرزا نظر آنفا إلى زيد بن حارثة واْسامة، فقال بعض هذه الأقدام لمن بعض)، وفى الرواية الأخرى: (فسُر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بذلاد، وأعجبه)، قال الإمام: (أسارير وجهه): يعنى الخطوط التى فى جبهته مثل التكستر، واحدها سرة وسرُر، والجمع أسرار، وأسارير جمع الجمع، وفى صفته - عليه السلام -: (ورونق الجلال يطرد فى أسرة جبينه).
قال القاضى: ومعنى ذلك قوله فى الرواية ال الرى: (مسرورات: لأن المسرور ينطلق وجهه، ويجرى البشر فيها، بخلاف المقطب والحزين.
و (مُجزز): بفتح الجيم وكسر الزاى الأولى هو المعروف، وكذا ضبطه الحفاظ، وقيدناه عن ث!يوخنا، واختلف فيه الرواية عن الدارقطنى وعبد الغنى فيما حكيناه عن ابن جريج[ فالذى قيدناه عن القاضى الشهيد فى كتاب الدارقطنى وعبد الغنى أن ابن جريج] (2) كان يقول فيه: (مُجرر!بفتح الزاى، والذى قيده عنه الجيانى وأبُو عمر بن عبد البر: (محزرٍ ) بحاء مهملة ساكنة وراء مكسورة.
(1) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامة.
(2) سقط من الأصل، واستدرك فى الهامة بسهم.
656(4/655)
كتاب الرضاع / باب العمل بإلحاق القائف الولد
40 - (... ) وحلّثناه منصُورُ بْنُ أن مُزَاحِمٍ، حَدثنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْد، عَنِ الرفرِىّ،
عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائشَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ قَائِ!!رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) شَاهِد، وَاسَامًةُ بْنُ زَيْد!زَيْدُ ابْنُ حَارِثَةَ مُضْطَجِعَانِ، فَقَالَ: إِن هَنِهِ الأقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْض!.
فَسُر بذلك الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) وَأعْجَبَهُ، وَأخْبَرَ بِهِ عَائِشَةَ.
(... ) ود ئثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ.
ح وَحَدثنَا عبدُ
ابْنُ حُمَيْدٍ، أخْبَرَنَا عمدُ الرراقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَز وَابْنُ جرَيْجٍ، كُلُهُمْ عَنِ الرهرِىّ، بِهَنَا الاِسْنَادِ، بِمَعْنَى! دِيثِهِمْ !زَادَ فِى! دِيثِ يُونُسَ: وَكَانَ مُجَزّز قائِفًا.
والصواب فيه الاْول، وهو من بنى مدلج، وكانت القيافة فيهم وفى بنى أسد، تعترف العرب لهم بذلك.
قال الزبير بن بكار: إنما قيل له مُجرر ؛ لأنه كان إذا أخذ اْسيراً يحلق لحيته، وقال غيره: جر ناصيته.
ومعنى (آنفا): أى قبل، وقيل: أول وقت نحن فيه قربت.
قال الإمام: كانت الجاهلية تقدح فى نسب أسامة ؛ لكونه أسود شديد السواد، وكان
زيد اْبوه أبيض من القطن، هكذا ذكره أبو داود (1) عن أحمد بن صالح، ولما قضى هذا القايف بإلحاق هذا النسب مع اختلاف اللون - وكانت الجاهلية تصغى إلى قول القافة - سر بذلك رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ لكونه كافأ لهم عن الطعن فيه.
قال القاضى: قال غير أحمد: كان زيد أزهر اللون، وكان أسامة شديد الأدمة، زيد
ابن حارثة عربى صريح من كلب، أصابه سباَ، فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة بنت خويلد، فوهبته للنبى ( صلى الله عليه وسلم )، فتبناه، فكان يدعى زيد بن محمد، حتى نزلت: { الكلُوهُمْ لاَبَائِهِمْ} (2) فقيل: زيد بن حارثة، وابنه أسامة، اْمه أم أيمن بركة، ولّدعى أم الظباء مولاة عبد الله بن عبد المطلب، وراتة النبى ( صلى الله عليه وسلم )، ولم أر لأحد اْنها كانت سوداء، إلا اْن اْحمد بن سعيد الصدفى ذكر فى تاريخه من رواية عبد الرزاق عن ابن سيرين ؛ أن اْم أيمن هذه كانت سوداَ، فإن كان هذا فلها خرج[ أسامة] (3) لكن لو كان هذا صحيحا لم ينكر الناس لونه لمعرفتهم بأقه ؛ إذ لا ينكر أن يلد الأبيض أسود من سوداَ، وقد نسبها الناس فقالوا: أم أيمن بركة بنت محصن بن ثعلبة بن عمرو بن حصن بن مالك بن صلمة ابن عمرو بن النعمان.
(1) ثبو دلود، كالطلاق، بنى القانة (2267).
(3) ساقطة من الأصل، واستد ركت بالهامث!.
(2) 1 لأحزلب: ه.(4/656)
كتاب الرضاع / باب العمل بإلحاق القائف الولد 657
وقد ذكر مسلم فى كتاب الجهاد عن ابن شهاب ؛ أن أم اْيمن كانت من الحبشة، وصيفة لعبد الله بن عبد المطلب ابى النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
وكذا ذكره الواقدى، واْما زوجها عبيد قبل[ ذلك] (1) فكان حبشيا، إلا اْن يكون معنى قول ابن شهاب (حبشية): اْى من مهاجرة الحبشة فمحتمل، فقد كانت منهن، كما قال عمر لأسماء بنت عميس: الحبشية هذه، والمعروف أنه كانت للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) بركة اخرى حبشية، كانت تخدم أم حبيبة، فلعله اختلط أمرهما لاشتباه اسمهما.
وقد قال أبو عمر بن عبد البر: وأظنها أم أيمن، وذكر بعض المورخن، ان أم أيمن هذه، من سبى جيش أبرهة صاحب الفيل، لما انهزم عن مكة، اْخذها عبد المطلب من فَل عسكره - والله أعلم.
وهذا يوكد - أيضا - ما ذكر عن ابن سيرين - والله اْعلم.
قال الإمام: اختلف الناس فى القول بالقافة، فنفاه أبو حنيفة، واْثبته الشافعى،
ونفاه مالك فى المشهور عنه فى الحرائر وأثبته فى الاماء، وقد روى الأبهرى عن الرازى عن ابن وهب عن مالك ؛ اْنه أثبته فى الحرائر والإماء جميعا.
والحجة فى إثباته حديث مجرر هذا ولم يكن ( صلى الله عليه وسلم ) ليسر بقول الباطل، وما تقدم - اْيضا - فى حديث عبد بن زمعة اْنه ( صلى الله عليه وسلم ) لما رأى شبهه بعتبة، أمر سودة بالاحتجاب منه، ولأن الفراش إنما قضى به من جهة الظاهر /، ولا يقطع منه على أن الولد لصاحب الفراش، فإذا فقدنا الفراش المودى لغلبة الظن، تطلبنا الظن من وجه آخر، وهو الشبه.
واحتج من نفاه بأنه ( صلى الله عليه وسلم ) لاعن فى قصة العجلانى، ولم يوخر حتى تضع (2)، ويرى الشبه، وقد ذكر - أيضا - فى قصة المتلاعنن، إن جاءت به على صفة كذا، فهو لفلان، ثم لم ينقض حكمه لما جاعت به على الصفة المكروهة ولا حئ!ا، فدل ذلك على اْن الشبه غير معتبر، وانفصل عن هذا بأن هاهنا فراشأ يرجع إليه، وهو مقدم على الشبه، فلم ينقض الحكم المبنى عليه بظهور ما يخالفه، مما ينحط عن درجته، كما لم ينقض الحكم بالنص، إذا ظهر فيما بعد أن القياس بخلافه.
وحجة التفرقة، أن الحرائر لهن فراش ثابت يرجع إليه، ويعول فى إثبات النسب عليه، فلم يلتفت إلى تطلب معنى اَخر سواه اْخفض منه رتبة، والاْمة لا فراش لها، فافتقر إلى مراعاة الشبه.
قال القاضى: جمهور العلماَء على الأخذ بهذا إلا ما حكاه عن أبى حنيفة والثورى وأصحابهما واسحق.
ثم أختلف القائلون، هل هو عموم فى أولاد الحرائر والإماء، أم يختص بالاماء على ما تقدم ؟ ثم اختلفوا ؛ هل يحتاج فيه إلى اثنن، وأنه بمعنى الشهادة،
(1) صاقطة من الاْ صل، واستدركت بالهامة.
(2) سيأتى فى كاللعان برقم (1).
10 / 247
247 / ب
658(4/657)
كتاب الرضاع / باب العمل بإلحاق القائف الولد
وهو[ قول] (1) مالك والشافعى، اْو يكتفى فيه بواحد، وهو قول ابن القاسم من أصحابنا.
ولا خلاف بين القائلن بذلك فيما قالوه اْنه إنما يكون ذلك فيما أشكل من الفراضين الثابتين، كالمشترى والبائع يطاَن الأمة فى طهر واحد، قبل الاستبراء من الأول فتحمل، فتاتى بولد لاكثر من ستة أشهر من وطء الثانى، وأقل من أقصى اْمد الحمل من وهـ الأول، د ان كان هذا الوهـ الآخر ممنوعا منه صاحبه، فله ثمبهة الملك، وصحة عقده ؛ ولهذا فرق مالك فى مشهور قوله بين النكاح والملك فى هذا، إذ لا يصح عقد النكاح في العدة، بخلاف عقد الشراء والاستبراء، ولم يعذره بالجهل والغفلة، لوجوب / البحث والتقصى، وتفريطه فى ذلك يرجح العقد الصحيح والوطء الصحيح دون غيره، ورأى فى القول الاَخر: أن الجهل بحكم النكاح فى العدة أو النسيان عذر والعقد على ذلك شبهة، توجب للفراش حكما، كما لو لم يكن فراش متقدم مع فساد العقد وتحريم الوطء فى لحوق الولد لشبهة العقد.
واختلفوا إذا ألحقته القافة بمدعييه معأ، هل يكون ابنأ لهما ؟ وهو قول سحنون،
واْبى ثور، وقيل: يترك حتى يكبر، فيوالى من شاء منهما، وهو قول عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - وقاله مالك والشافعى.
وقال عبد الملك بن الماجشون ومحمد بن مسلمة: يلحق باْكثرهما له شبها، قال ابن مسلمة: إلا إن علم الأول فيلحق به.
وكذلك اختلف الابون من القول بالقافة، فى حكم ما أشكل وتنوزع فيه، فقال أبوحنيفة: يلحق الولد بالرجلين إذا تنازعا فيه، وكذلك بامراْتين، وقال أبو يوسف: يلحق برجلين ولا يلحق بامرأتين، وقال محمد بن الحسن نحوه، يلحق بالآباء دان كثروا، ولا يلحق إلا بأم واحدة.
وقال إسحق: يقرع بينهم، وقاله الشافعى فى القديم.
(1) ساقطة من الأصل، ولهتدركت بالهامث! بسهم.(4/658)
كتاب الرضاع / باب قدر ما تستحقه البكر والثيب...
إلخ
(12) باب قدر ما تستحقه البكر والثيب من إقامة
659
الزوج عندها عقب الزفاف
41 - (1460) صدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ ألِى شَ!ةَ وَمُحَمَدُ بْنُ حَاتِبم وَبَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهيمَ - وَاللَفْظُ لأبِى بَكْرٍ - قَالُوا: حَدثنَا يحيى بْنُ سَعِيد، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى بًكْر، عَنْ عَبْد المَلِكِ بْنِ أبى بَكْرِ بْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ الحَارِث بْنِ هِشَام، عَنْ أبيه، عَنْ امِّ سَلَمَةَ ؛ أَن رَ!سُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) لَمَا تَزَوَجَ امً سَلَمَةَ أقَامَءفْدَهَا ثَلاَلا.
وَقَالَ: (إِنَهُ لَيْسً بِكِ عَلَى أهْلِكِ هَوَانٌ، إِنْ شِئْتِ يسَبَّعْتُ لَكِ، ياِنْ سَبَّعْتُ لَكَ سَبَّعْتُ لِنِسَائِى ".
42 - (... ) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالك عَنْ عَبْدِ الله بْنِ ألى بَكْر،
عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ أبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؛ أن رَ!سُولَ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) حِينَ تَزَؤًجَ امًّ سَلَمَةَ، وَأصْبَحَتْ عِنْدَهُ قَالَ لَهَا: ا لَيْسَ بِك عَلَى أهْلكِ هَوَانى، إِنْ شِئْتِ سَئعْتُءِفْدَكِ، ياِنْ شِئْتِ ثَلَثْتُ ثُمَ دُرْتُ).
قَالَتْ: ثَفثْ،
وقوله لأم سلمة: ا ليس بك على اْهلك هوان): [ ومعناه: لا يلحقك هوان] (1)، ولايتعلق بك، بل توفى حقك من المقام والتأنيس به، وذلك لما أخذت بثوبه حين أراد الخروج، ففهم منها استقلال مقامه عندها والاستكثار منه، فبين لها ما لها وما عليها من ذلك، واْنه إن زادها على حقها، وجب أن يزيد لنسائه، فيطوْل عليها مغيبته، فآثرت القنوع بحقها من الثلاث، ثم يعطى نساعو من بعدها أيامهن المعلومة، ثم يرجع إليها، فيقرب رجوعه إليها ونوبتها منه.
وفيه لطف صرفق لمن خشى منه كراهة الحق، حتى يتبين له وجه ترجيحه، فيرجع إليه.
والمراد بأهلك هنا: هو نفسه - عليه السلام -: اْى لا أفعل فعلأ يظهر به هوانك علىّ
أو تظنيه بى.
وقوله: (إن شئت سبعت عندك، وان شئت ثلثت، ثم درت)، قالت: ثقث،
وفى بعض طرقه: (إن شئت زدتك وحاسبتك به، للبكر سبع وللثيب ثلاث،، وفى
(1) سقط من الاْصل، واصتدرك فى الهامش بسهم.
660(4/659)
كتاب الرضاع / باب قدر ما تستحقه البكر والثيب...
إلخ
(... ) وحلينا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ القَعْنَبِى، حَا شَايمُلَيْمَانُ - يَعْنِى ابْنَ بِلالٍ - عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْد المَلِكِ بْنِ أبِى بَكْرٍ، عَنْ أبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرخْمَنِ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ح!!نَ تَزَوفَيَ أئمَ سَلًمَةَ فَدَخَلَ عَلَيْهَا، فَا"رَادَ أنْ يَخْرُجَ أخَذَتْ بثَوْبِهِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنْ شِئْتِ زِ!تُكِ وَحَاسئبتُكِ بِهِ، لِلبِكْرِ ستيع وَلِلثمب ثَلاث!).
(... ) وحدَثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أخْبَرَنَا أبُو ضَمْرَةَ، عَنْ غئد الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْد، بِهَظَ
ا لإِسْنَا دِ، مِثْلَهُ.
43 - (... ) حدّثنى أبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ العَلاء، حَا لنَا حَفْض - يَعْنِى ابْنَ غِيَاث -
عَنْ عَبْد الوَاحد بْنِ أيْمَنَ، عَنْ أبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرخمَنِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ هشَامٍ، عَن امِّ سَلَمَةَ، ذَكَرَ أًن رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) تَزَوَجَهَا.
وَذَكَرَ أشْيَاءَ، هَذَا فيه.
قَالَ: (إِنْ شئْت أنْ !ءص ص صع ص ص صً ه !ءه، صءَه، صًَ
اسبع لكِ واسبع لِنِسائِى، وإِن سبعت لكِ سبعت لنسائِى).
بعض طرقه: (إن شئت اْن أصبع لك وأصبع لنسائى، دإن سبعت لك سبعت لنسائى)، قَالَ الإمام: العدل بين الزوجات مأمور به، قال الله تعالى: { وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْلإوُا بَيْنَ التِسَاءِ وَلَوْ حَرَصثمْ} الاَية (1)، وقال - عليه السلام -: (من كانت له امراْتان يميل لإحداهما على ال الرى، جاَ يوم القيامة شقه مائل) (2) وفى الترمذى: (وشقه ساقط) (3)، وكان ( صلى الله عليه وسلم ) يقسم بين نسائه فيعدل، ويقول: (اللهم قسمتى فيما أملك، فلا تلمنى فيما تملك ولا أملك) (4).
وعند اْبى داود: يعنى القلب، وعندى أن ذلك هو المشار إليه بقوله تعالى: { وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تعْدِلُوا ينَ النسَاءِ يعنى فى محبة القلب وميل الطبع الغير مكتسب.
قال القاضى: وجعلوا حكم الجماع مثله، إذا لم يقصد ذلك لاستحسانه لإحداهما
دون الأخرى، لكنه إنما ينشط للواحدة كثر من الاْخرى، إذ لا اكتساب له فى هذا أيضا، ولا خلاف فى القسم فى كونه عندهن ليلاً، واْن يفرد كل واحدة ليلتها، وكذلك قول
(1)1 لناَ: 129.
(2) اْبو داود، كالنكد، بفى القمم بين النساء (طها ا 2).
(3) الترمذى، كللنكر، بماجاء فى التوية بين الضرالْر (1141).
(4) ئبو داود، كالنكاح، بفى للقسم بين النساء (2134)، الترمذى، كالنكاح، بماجاء فى التسوية بين الضراثر (1140).(4/660)
كتاب الرضاع / باب قدر ما تستحقه البكر والثيب...
إلخ 661
44 - (1461) حمّثنا يحيى بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا هُشَيْم، عَنْ خَالِد، عَنْ أبِى قِلابَةَ،
عَنْ أنسِ بْنِ مَالِك قَالَ: إِفَا تَزَؤَجَ البكْرَ عَلَى الثمبِ أقَامَ عِنْد!ا سَبْغا، وَإِفَا تَزَؤجَ الثمبَ عَلَى البِكْرِ أقَامَ عِنْدَهَا ثَلائا.
قَالَ خَالِدَ: وَلَوْ قُلتُ: إِنَهُ رَفَعَهُ لَصَدَقْتُ، وَلَكِئهُ قَالَ: السنَةُ كَنَلِكَ.
.
45 - (... ) وحمّثنى مُحَمَدُ بْنُ رَافِع، حَدثنَا عَبْدُ الررأق، أخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ اًُص هًَ هًً هَ، ص
يوب وخَالِد الحَنأءِ، عَن أيِى قِلابة، عن أنس قال: مِن السنةِ أن يقِيم عِنْدَ البِكْرِ سَبْغا.
قَالَ خَالِا: وَلَوْ ثشتُ قُلتُ: رَفَعَهُ إِلَى النَيِى ( صلى الله عليه وسلم ).
عامة العلماء فى النهار.
وذهب بعضهم إلى وجوب ذلك فى الليل دون النهار، ولا يدخل لإحداهما فى يوم الأخرى وليلتها لغير حاجة.
واختلفوا فى دخوله لحاجة وضرورة، أو لأخذ ثيابه أو وضعها، أو افتقاد متاعه، أو لعيادتها، واكثر لمالك وأصحابه وغيرهم جواز ذلك، وقال أيضا: لا يفعله إلا من عذر لابد منه، ومنعه فى كتاب ابن حبيب.
وكذلك يعدل بينهن فى النفقة والكسوة، إذا كن معتدلات الحال، فلا يلزمه ذلك إذا اختلفت / أحوالهما فى المناصب والمناسب، وأجاز مالك أن يفضل إحداهما فى الكسوة على غير وجه الميل.
قال الإمام: والبكر إذا تزوجت اْقام عندها سبعأ، وعند الثيب ثلاثأ، لأجل هذا الحديث، ولا قضاء عليه بعد ذلك لمن عنده من التساء، ولا يحاسب هذه الجديدة بهذه ا لأيام.
وقال اْبو حنيفة بأنها تحاسب، وراْى أن العدل والمساواة واجب فى الابتداء كوجوبه
فى الاستدامة والاستمرار، وقوله - عليه السلام -: " للبكر سبع) يرد ما قال ؛ لأن هذه لام التمليك، ومن ملك الشىء لا يحاسب به، ولأنه لا معنى للتفرقة بين البكر والثيب ولامعنى له للاقتصار فى العدد على الثلاث والسبع، إذا كان القضاء واجبا فى جميع ا لأعد ا د.
وتعلق اْبو حنيفة بالقاعدة الواردة بالعدل، وهى مخصوصة بهذا الحديث، وتعلق أيضا لقوله لأم سلمة: (وإن سبعت لك سبعت لنسائى)، وهذا ما اختلف المذهب فيه عندنا ؛ فمذهب مالك فيما ذكره ابن المواز عنه أنه ليس له أن يسبع عند الثيب، ويمكن عندى أن يكون مالك راْى ذلك من خصاثص النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ لاْنه خُصَ فِى النكاح بأمور لم
1 / 248
662(4/661)
كتاب الرضاع / باب قدر ما تستحقه البكر والثيب...
.
إلخ
تجز لأمته.
وقال ابن القصار: إذا سئع للثيب سئع لبقية نسائه أخذاً بظاهر هذا الحديث، ولا يدل
غنده على سقوط الثلاث لها كما قال أبو حنيفة ؛ لاءنه يحمل على أن الثلاث تجب لها من غير محاسبة، بشرط ألا تختار السبع، دون اختارت السبع والتوافر عاجلاً حوسبت، وهذا لا إحالة فيه، ولا يعد فى أن يجب للإنسان الحق بشريطة على صفة، ويسقط عند فقدها.
واختلف المذهب عندنا، هل ذلك حق للمرأة، أو حق للزوج ؟، فقيل: هو حق للمرأة بقوله: ا للبكر سبع)، وهذه لام التمليك، وقيل: هو حق للزوج على بقية نسائه لحاجته إلى اللذة بهذه الجديدة، فجعل له فى الشرع زيادة فى الاستمتاع.
وإذا قلنا بأنه حق لها، هل يجبر عليه أو لا ؟ اضطرب أهل المذهب فيه أيضا.
قال القاضى: اختلف العلماء، هل هذا الحق للثيب والبكر خاصة، فيمن له زوجات
دون من لا زوجة له إلا هذه المتزوجة، أو هو على العموم فى الجميع ؟ قال أبو عمر بن عبد البر: عند أكثر العلماء أن هذا واجب لها، كان عند الرجل زوجة اْو لا، لعموم قوله: (إذا تزوج البكر أقام عندها سبعأ، داذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثا)، ولم يخص من له زوجة من غيره.
قال غيره: معنى الحديث فيمن له زوجة غير هذه ؛ لأن من لا زوجة له مقيم مع هذه دهره، مؤنس لها، مستمتع دون قاطع، فلا معنى للمقام الذى احتيج للبكر لتأنيسها سبعا متصلاً، حتى يستحكم وششقر، وليقضى لذته هو منها لجدتها، ولئلا يقطع دورانه على غيرها تأنيسها، ويقطع ذلك عليه مراده وميله لجديدة.
وجعلت دون ذلك للثيب ؛ لممارستها الرجال قبل، وأنها إنما تحتاج مع هذا الجديد
دون ما تحتاج البكر، وهذا من المعروف الذى أمره الله بقوله: { وَعَافِوُوهُن بِالْمَعْروف} (1)، وهذا هو الأظهر لقوله فى الحديث نفسه: (إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعأ، واذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثا).
وما تقدم من أنها حقوق لهما، لا يحاسبهما به غيرهما، وششأنف القسم بعد الثلاث أو السبع، وهو مذهب مالك والشافعى وأحمد و(سحق والطبرى وأبى ثور وجماعة العلماء، خلافأ لأهل الرئى والحكَم وحماد، فى أن الثيب والبكر فى القسم سواء، ولذلك الطارئة مع من عنده من النساء سواء، فما جلس عند الطارئة حاسبها به، وجلس عند سائر أزواجه مثله، وإن زاد يوما واحداً.
وللأوزاعى فِى قوله: يجلس عند البكر سبعا، فإذا تزوج البكر على الثيب مكث ثلاثا، لهذا تزوج الثيب على البكر، مكث يومين.
وهذا قول الحسن وابن المسيب.
وقال سفيان كقول اْبى حنيفة، إلا اْنه قال: إن تزوج البكر على الثيب قعد عندها ليلتين، ثم قسم، والم!ثُنة المتقدمة تخالفهم.
(1)1 لنساء: 19.(4/662)
كتاب الرضاع / باب قدر ما تستحقه البكر والثيب...
إلخ 663
قال الخطابى: وقوله: (إن شثت سبعت لك وسبعت لنسالْى) لا حجة فيه ؛ لسقوط حقها إذا لم يسبع لها، وهو الثلاث، ولو كان ذلك لم يكن للتخيير معنى ؛ إذ لا يخير الإنسان بين جميع الحق وبعضه، ولم يختلفوا اْنه إذا سئع اْنه يسبع لبقية نسائه، وبه قال الشافعى وأحمد بن حنبل، وقاله النخعى والشعبى وانس بن مالك.
وقوله: (وان شئت ثلثت ثم درت): حجة على المخالف، أنها لا تحاسب بالثلاث،
ولا البكر بالسبع، لقوله: (درت)، وفرق بين هذا وبين قوله: (وإن شئت سبعت، وإن سبعت لك سبعت لنسائى)، وهو بيّن.
وفى (دُرت) حجة لمن ذهب ان القسم لا يكون إلا يوما يوما، وإليه ذهب ابن المنذر، وهو قول مالك.
وذهب الشافعى إلى جواز قسمه بينهن ثلاثا ثلا 7لا، ويومن يومن.
ولم يختلفوا إذا كان القسم كثر من يوميئ بتراضيهن أجمع أنه جائز.
وذكر مسلم فى سند حديث أم سلمة فى الباب رواية يحيى بن سعيد عن سفيان، عن محمد بن أبى بكر، عن عبد الملك بن اْبى بكر، عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبيه، عن أم سلمة.
كذا صحيحه هنا فى أصولنا، ووقع فيها فى بعض النسخ اختلال لا يلتفت إليه.
قال الدارقطنى: خرجه مسلم متصلا هنا، وكذلك من / حديث حفص بن غياث
بعد هذا، وقد أرسله عبد الله بن اْبى بكر وعبد الرحمن بن حميد، عن عبد الملك بن اْبى بكر، عن أبى بكر بن عبد الرحمن ؛ أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) - مرسلأ وهو مما تتبعه الدارقطني على مسلم.
قال القاضى: ولا تتبع على مسلم فيه ؛ إذ قد بين علته، وهذا يدل على ما ذكرناه
اْول الكتاب ؛ أن ما وعد به من ذكر علل الحديث، قد وفى به وذكره فى الاْبواب، خلاف من ذهب إلى أنه مات قبل تمام الكتاب، على ما ذهب إليه أبو عبد الله الحاكم.
وقوله فى حديث: ليس فى هذا الحديث السنة، كذلك يلحق بالمسند عند أئمة العلماء ؛ لأن الصحابى إذا قال: السنة كذا، فهو مسند ؛ إذ لا يحيل بالسنة إلا على ما عهد من النبى - عليه السلام - وسنته، وقد رفعه غير واحد عن أنس.
وقد اختلف قول مالك: هل المقام هذه المدة عندها إذا كان له امراْة أخرى على الزوج
على الوجوب ؟ وهى رواية ابن القاسم عنه، اْو على الاستحباب ؟ وهى رواية ابن الحكم.
248 / ب
664(4/663)
كتاب الرضاع / باب القسم بين الزوجات...
إلخ
(13) باب القسمم بين الزوجات، وبيان أن السنة
أن تكون لكل واحدة ليلة مع يومها
46 - (1462) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شميبَةَ، حَا شَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَارٍ، حَدثنَا سُليمَانُ
ابْنُ المُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِت، عَنْ أنَسٍ، قَالَ: كَانَ لِلنَيِى ( صلى الله عليه وسلم ) تسع نسْوَة، فَكَانَ إِفَ! قَسَمَ بَيْنَهُن لا يَنْتَهِى إِلَى المَرْأةِ الأًولَى إِلا فِى تِسعْ، فَكُن يَجْتَمِعْنَ كُل لملَةَ فِى بًيْتِ ائَتِى يَأتيهَا.
فَكَانَ فِى بَيْتِ عَائِشَةَ، فَجَاءَتْ زَبْنَبُ، فَمَذ يَدَهُ إِلَيْهَا.
فَقَالَتْ: هَذًه زَبْنَبُ.
فَكَ! النبِى ( صلى الله عليه وسلم ) يَدَهُ، فَتَقَاوَلَتَا حَتَى اسْتَخَبَتَا، وَاقِيمَتِ الصلا.
فَمَر أبُو بَكْرٍ عَلَىً فَلِكَ، فَسَمِعَ أصْوَدهُمَا.
وقوله: " كان للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) تع نسوة، فكان إذا قسم بينهن، لا ينتهى إلى المرأة الأولى إلا فى تع، فكن يجتمعن كل ليلة فى بيت التى يأتيها): هذا حجة فى أن الزوج لا يأتى غير صاحبة القسم فى بيتها لغير حاجة كما تقدم ؛ وأما مجيئهن عند هذه، فبرضاهن واتفاقهن على هذا، د الا فمن حق صاحب القسم أن يمنعهن.
وقوله: (وكان فى بيت عائثة، فجاعت زينب فمد يده إليها، فقالت: هذه زينب، فكف يده): حجة على أنه لا يباح له الاستمتاع بواحدة منهن فى يوم الأخرى، ودذ أن مد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) يده، إنما كان وهو يظنها عائشة صاحبة اليوم، لكون ذلك ليلاً، ولم تكن لهن مصابيح، لكن البخارى قد روى أنه كان إذا انصرف من العصر، دخل على نسائه، فيدنو من إحداهن، وذكر حديث حفصة (1).
قال بعضهم: وهذا كان منه فى النالر، إذ لم يكن القسم فرضأ عليه، كما سنذكره،
وقد يكون هذا منه بمراضاة صاحبة اليوم أن يستمتع بغيرها فى يومها، ولا خلاف فى جواز ذلك.
وقوله: (فتقاولتا حتى استخبتا): كذا عند كافة الشيوخ بالخاء المعجمة، بعدها باء بواحدة مفتوحتين، من الستَخب، وهو اختلاط الأصوات وارتفاعها، وتقال بالصاد أيضا، كما قال: تقاولتا، كثر الكلام بينهما من أجل الغيرة عليه.
ووقع فى رواية السمرقندى: (استحثيا) بسكون الحاء المهملة، وبعدها ثاء مثلثة وبعدها ياء باثنتين تحتها، ومعناه - إن لم يكن تصحيفا -: حثت كل واحدة فى وجه
لا) للبخارى، كالنكاح، بدخول الرجل على نسائه فى لليوم، للفتح (5216).(4/664)
كتاب الرضاع / باب القسم بين الزوجات...
إلخ 665 فَقَالَ: اخْرُجْ يَا رَسُولَ اللهِ إِلَى الضَلاة، وَاحْثُ فِى أفْوَاههِنَّ التُّرَابَ.
فَخَرَجَ النَبِى ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَتْ عَائشَةُ: الآنَ يَقْضِى النَّبِىُ ( صلى الله عليه وسلم ) صَلاتَهُ، فَيَجِىءُ أَبُو بَكْرِ فَيَفْعَلُ بِى وَيَفْعَلُ.
فَلَمَا قَضَى النَّىُ ( صلى الله عليه وسلم ) صَلاتَهُ أتَاهَا أبُو بَكْرٍ.
فَقَالَ لَهَا قَوْلا شَدِيلمًا، وَقَالَ: أتَصْنَعِينَ هَنمَا ؟
ا لأخرى التراله.
فيه ما كان عليه - عليه السلام - من حسن الخلق، ومداراة الجميع، ومن جميل العشرة.
وذكر خروج النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إلى الصلاة بعد هذا، وقد ذكر مذ يده إلى زوجته، ولم
يذكر أنه توضأ، فقد يحتج به الكوفيون فى سقوط الوضوء من الملامسة، كما تقدم فى كتاب الطهارة، ولا حجة له، وليس فى الحديث أنه لمس، وإنما قال: (مد يده)، فكان كفاقد اللذة بقلبه، ولم يلصى ولم يلتذ.
وقوله: (واحث فى أفواههن التراب): مبالغة فى التسكيت لمن لم يسكت عن كلام يكره، ومر مثله فى الجنائز فى خبر معفر (1).
(1) ! سبق فى كلبنالر، بالتشديد فى النياحة رقم (30).
666(4/665)
كتاب الرضاع / باب جواز هبتها نوبتها لضرتها
(14) باب جواز هبتها نوبتها لضرتها
47 - (463 1) حدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا جَرِيرٌ عَنْ هِشَام بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبِيهِ،
عَنْ عَائشَةَ، قَالَتْ: مَا رَأيْتُ امْرَأةَ أحَبَّ إِلَىَ أنْ ؟!ونَ فِى مِسْلاخِهَا منْ سَوْ!ةَ بِنْتِ زَمْعَةَ، مِنِ امْرً أة فِيهَا حِذَة.
قَالَتْ: فَلَمَّا كَبِرَتْ جَعَلَتْ يَوْمَهَا مِنْ رَسُول ( صلى الله عليه وسلم ) لِعَائشَةَ.
قَالَتْ: يَا رَسُولً اللهِ، قَدْ جَعَلتُ يَوْمِى مِنْكَ لِعَائِشَةَ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقْسِمُ لِعَاَئِشَةَ يَوْمَيْنِ: يَوْمَهَا، وَيَوْمَ سَوْ!ةَ.
وقوله فى حديث سودة وقول عائشة: (أن كون فى مسلاخها): أى فى جلدها، وحقيقة ذلك أن تكون هى ؛ لأن اْحداً لا يكون فى جلد غيره ولا فى غير جلده.
وقوله: (من امراْة فيها حدة): من هنا للسان واستفتاح الكلام، والخروج من وصف إلى مخالفه، ولم ترد عائشة بهذا عيبتها، إذ لم تقصد تنقيصها، بل كثير من الناس يتفاخر بها ويحسبها رجلة، وضدها فسولة وضعة، وخير الأمور اْوساطها.
وقولها: (فلما كبرت جعلت يومها من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لعائثة): فيه جواز مثل
هذا ؛ لأنه حقها، وجائز اْن تأخذ منه على هذا مالا، لتهب حقها فى الوطء أو تعطيه، على أن يمسكها كيف شاء، من أثرة أو غير أثرة، وهو معنى قوله تعالى: { وَإن امْوَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نشُوزًااَوْ إِعْوَاضًما} الاَية (1).
واحتج به ابن المنذر اْن قسم النبىَ ( صلى الله عليه وسلم )، إنما كان مُيَاوَمَة، واْنه سنة لا تخالف، وقد تقدم الكلام فيه، وليس ببين.
وفيه اْن القسم من حق المراْة، ولها إسقاطه، وأن تراضى الضرات بالتفاضل بينهن جائز عليهن، ومباح للزوج لا حرج عليه فيه، ولا يدخل فى النهى لانه حقها وهبته، لكن لها عند مالك الرجوع فيه متى شاءت، وللزوج - أيضا - ألا يرضى بجعل يومها لمن وهبته له من ضراتها.
وقوله: (فكان يقسم لعائشة يومين: يومها ويوم سودة): لا يفهم منه توالى اليومين
على ظاهر اللفظ، بل يومها المعلوم ويوم سودة المعلوم، كان ثالثا فى القسم اْو رابعا، إلا أن تكون كانت تالية لعائشة اْو سابقة، فيكون متواليا، ويحتمل ذلك لأنهما متواليتن فى زواجه لهما، على خلاف من هى منهما قبل صاحبتها، على[ مالأ (2) نذكرهُ بعد هذا، فيحتمل أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أجرى القسم وترتيبه على رتبة تقدمهن فى النكاح وتواليهن - والله أعلم.
(1) 1 لنساء: 128.
(2) ساقطة من الأصل، ولستدركت فى الهامة بسهم.(4/666)
كتاب الرضاع / باب جواز هبتها نوبتها لضرتها
667
48 - (... ) حدّثنا أبُو بَكْر بْنُ أبى شَيْبَةَ، حَدثنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالد.
ح وَحدثنا عَمْرٌو ص، ص صص 5،، 5، صَ ص صصَ، ص ! ص ص صص، ص، 5، َ،، ص ير،،، الناقِد، حدثنا الأسود بن عامِر، حدثنا زهير.
ح وحدثنا مجاهد بن موسى، حدثنا يونس ابْنُ مُحَمَدٍ، حَدثنَا شَرِيلث، كُلهُم عَنْ هِشَامٍ، بِهَظَ الإسْنَاد ؛ أَنَ سَوْ!ةَ لَمَّا كَبِرَتْ، بِمَعْنَى حَدِيثِ جَرِيرٍ.
وَزَادَ فِى حَدِيثِ شرِيكٍ: قَالَتْ: وَكَانَتْ أؤًلَ امْرَأةٍ تَزَوَّجَهَا بَعْدِى.
وأجرى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) حكم العدل بين نسائه، مجرى الحقوق اللازمة، وألزم ذلك نفسه، وان لم يكن لازما له، لتقتدى بذلك أمته للزوم ذلك لها، وليظهر العدل بين نسائه، فيطيب قلوبهن، ويحسن معه عشرتهن، ولا يدخل بينهنِ مِن التحاسد والعداوة ما يكدر صحبتهن، كما قال تعالى: ذَلِكَ ادْنَى اَن تَقَر اعْيُنُهُن وَلا يحْزن وَيَوْضَ!نَ بِمَا آتَيْتَهُن كُئهُن} (1) قيل: أى لا يحزن إذا كان هذا منزلا عليك ويرضيئ بما فعلت مِن تقريب أو إرجاء ؛ إذ كان العدل بينهن فى حقه غير واجب، قال الله تعالى: { تُوْجِ! من تَشَاءُ مِنْهُن وَتُؤْوِي الَيْكَ مَن تَشَاء} (2).
قال قتادة: هذا شىء خص الله به نبيه - عليه السلام - لا ليس لأحد غيره، كان يدع المرِاْة من نسائه مايشاء، بغير طلاق، فماذا شاء راجعها، وهو معنى قوله: { وَمَنِ ابْخًيْتَ مِمنْ عزَلْتَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْك} (3).
وقيل: أرجأ واحدة منهن، ولكن وُهب نسوة لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قسمهن، والظاهر التخيير.
قيل: ولا يبعد أن يكون اختار الإيواء لجميعهن إلا سودة، لرضاها بترك يومها، وسيأتى الكلام بعد فى هذا.
وقول عائشة عنها: (وكانت[ أول] (4) امراْة تزوجها بعدى ": كذا ذكره مسلم
من رواية يونس عن شريك، وهكذا قال يونس - أيضا - عن ابن شهاب، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وروى عقيل بن خالد عن ابن شهاب خلافه، وأنه - عليه السلام - تزوج سودة قبل عائشة، قال ابن عبد البر: وهذا قول قتادة وأبى عبيدة.
وذكر مسلم حديث الموهوبة واللائى وهبئ أنفسهن لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ).
هذا من خصائصه - عليه السلام.
وقولِ عائشة فى ذلك: (أما تستحى المرأة أن تهب نفسها، فأنزل الله تعالى: تُوْجِ! من تَشَاءُ مِنْهُن} الاَية، فقلت: إن ربك ليسارع فى هواك): اختلف السلف فى هذه الاَية، فقيل: هى ناسخة لقوله: { لا يَحل لَكَ النِسَاءُ مِنْ بَعْد} (5)، مبيح لى أن يتزوج ماشاء.
قال زيد بن أسلم: تزوج النبىَ ( صلى الله عليه وسلم ) بعد نزول هذه الآية ميمونة ومليكة وصفية وجويرة، وقالت عائشة: ما مات رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، حتى احل الله له النساء،
(1 - 3) ا لأحزاب: 51.
(4) من الصحيحة المطبوعة.
(5) 1 لأحز لب: 52.
668(4/667)
كتاب الرضاع / باب جواز هبتها نوبتها لضرتها
49 - (1464) حدثنا أبُو كُرَيْب مُحَمّدُ بْنُ العَلاءِ، حَا شَا أبُو أسَامَةَ، عَنْ هشَامٍ،
عَنْ أبيه، عَنْ عَائشَةَ، قَالَتْ: كنتُ أغَارُ عَلَى اللاتى وَهَبْنَ أنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللهَِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَأقُولُ: َ وَتَهَبُ المًرْأةُ نَفْسَهَا ؟ فَلَمَ النزَلَ اللْهُ عَر وَجَلًّ: تُرْجِ! مَن تَشَاءُ مِنْهُن وَتُؤْوِي إلَيْكَ مَن تَشَاءُ وَمَنِ ابْنًيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ} (1) قَالَتْ: قُلتُ: وَاللهِ ؛ مَا أرَى ربَكَ إِلا يُسَارِعُ لَكَ فِى هَوَاكَ.
50 - (... ) وحلّثناه أبُو بَكْرِ بْنُ أمِ! شَيْ!ةَ، حَا شَا غه !ةُ بْنُ سُل!مَانَ، عَنْ هشَامٍ، عَنْ أبيهِ، عَنْ عَائشَةَ ؛ أنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: أمَا تَسْتَحْىِ امْرَأة!تَهبُ نَفْسَهَا لرَجُلٍ ؟ حَتى ؟نزَلَ الله !!عَزَّ وَجَل -: { تُرْجِ! مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إلَهْكَ مَن تَشَاء فَقُلَتُ: إنَ ربكَ لَيُسَارِعُ لَكَ فِى هَوَاكَ.
51 - (1465) حدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَدُ بْنُ حَاتِ!.
قَالَ مُحَمَدُ بْنُ حَاتِبم:
حَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ أمِ! بَكْرٍ، أخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أخَبَرَنِى عَطَاء!، قَالَ: حَضَرْنَا مَعَ ابْنِ عبَاسٍ جَنَازَةَ مَيْمُونَةَ، زَوْج النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ) بِسَرِفَ.
فَقَالَ ابْنُ عَئاسٍ: هَنِهِ زَوْجُ النَّيِى ( صلى الله عليه وسلم )، فَ!فَا
وقيل بعكس هذا، واْن قوله: { لا يَحِل لَكَ التِسَاءُ مِنْ بَعْد} دائخة للأخرى، ود الخة لقوله: { إِنا اَحْلَلْنَا لَكَ اَنْوَاجَكَ} الاَية (2).
وقيل: هذه الاية محكمة، وكما حرثم عليهن النكاح بعده - عليه السلام - حرْم عليه
أن يتزوج على نسائه.
وقيل: معناها: لا يحل لك الاستبدال بهن، ولك الزواج عليهن.
وقيل: المراد: لا يحل لك النساء من بعد المسلمات، فخرج نكاح الكوافر خاصة.
فى قوله فى الحديث بعد هذا: (فكان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، بعدما نزلت، يستأذننا إذا
كان يوم المرأة منا) (3): دليل على ماتقدم، من أن قسمه لم يكن واجبا عليه، وانما كان يقع منه تطييبًا لنفوسهن، وحسن عشرة لهن، وليقتدى به فى ذلك من يجب عليه.
وقول عطاء: (حضرنا جنازة ميمونة بسرف مع ابن عباس): لا خلاف أنها توفيتْ بسرف، وفى الموضع الذى بنا بها فيه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، وفية عقد نكاحها معه، وكان اسمها فيما ذكر: (برة) فسماها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): ميمونة.
قال ابن شهاب: وهى التى
(1) ا لأحزلب: 51.
(2) ا لأحزاب: (3) للبخارى، كالتفسير، بسورة الأحزلب 6 / 147.(4/668)
كتاب الرضاع / باب جواز هبتها نوبتها لضرتها 669 رَفَعْتُمْ نَعْشَهَا فَلا تُزَعْزِعُوا، وَلا تُزَ!زِلُوا، وَارْفُقُوا، فَإِنَّهُ كَانَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) تِسعْ، فَكَانَ يَقْسِمُ لثمَانٍ وَلا يَقْسِمُ لِوَاحِلةٍ.
قَالَ عَطَاء": الَتِى لايَقْسِمُ لَهَا صَفِيةُ بِنْتُ حُعى بْنِ أخْطَبَ.
وهبت نفسها للنبى ( صلى الله عليه وسلم ).
وقيل: هى اْم شريك، وقيل: زينب بنت خزيمة.
وقوله: (وكان عند رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) تسع، فكان يقسم لثمان، ولا يقسم لواحدة):
هذا مما خص به النبى - عليه السلام - أيضا.
قال الشافعى: إن الله تعالى لما خص به رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) من وحيه، واْبان بينه وبين خلقه بما فرض عليهم من طاعته، افترض عليه أشياء، خففها على خلقه، ليزيد بها قربة إليه، واْباح له أشياء حظرها على خلقه، زبادة فى كرامته، وتبيينأ لفضيلته، فمن ذلك ؛ اْن كل من ملك زوجة فليس يخيرها، وأمره الله ان يخير نساص فاخترنه، وقال: { لا يَحِل لَكَ الثسَاءُ مِنْ بَعْد} (1).
قالت عائشة: مامات رسولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) حتى أحل الله له النساء التى حظرت عليه، وقال تعالى: { وَامْرَأَةً ئؤْمنَةً إن وَهبَتْ نَفْسَهَا لِلئبِي} الآية (2)، وقال: { لَسْتُن كَأَحَد نِنَ النسَاء} الاَية (3)، َ فأبانهن من النساء، وخصه بأن جعله اْولى بالمومنين من أنفسهم، وَأزواجه أمهاتهم،
وقال الخطابى كلامأ معناه: أن الله - عز وجل، اختار لنبيه - عليه السلام - من الأمور اْفضلها، وجمع له الفضائل التى يزداد بها فى نفوس العرب جلالة وفخامة، وكانت العرب تفاخر بقوة النكاح، وكان - عليه السلام - من قوة البنية، واعتدال المزاج، على ما شهدت له الاخبار، ومن هو بهذه الصفة من كمال الخلقة، كان دواعى هذا أغلب عليه، وكان ما عداها منسوبأ إلى نقص الجبلة، وضعف النجيزة، فأبيح له الزيادة على أربع، ومنع غيره من أمته ذلك، لغلبة الخوف ألا يعدلوا فيهن، ولا يقوموا بحقوقهِن، واْمن ذلك منه - عليه السلام - ويدل على هذا قوله تعالى: { لَ!نْ خِفتمْ أَلأتُقْسِطُوا فِي الْيَتَامى} الاَية إلى قوله: { !احِمَةَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ اَيْمَانُكُم} (4) فعلق الحكم بالعلة المقرونة بالذكر، وهى من خوف ألا يعدلوا، وكانت العلة مرتفعة فى حقه - عليه السلام.
قال: ويبين ذلك إباحته من الإماء كان بغير حد ولا عدد، بقوله: { فَوَاحِدَة أَوْ مَا مَلَكَتْ ايْمَانكم} إذ لم يكن للماء من الحق ما للحرائر من التسوية والتعديل.
قال: واْيضا فإن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لا يجوز عليه مواقعة ما لا يحل من الاستمتاع ولا تطفع
(1) 1 لأحزاب: 52.
(3) 1 لأحزاب: 32.
(2) 1 لأحزاب: (4)1 لنساء: 3.
249 / ب
670(4/669)
كتاب الرضاع / باب جواز هبتها نوبتها لضرتها
52 - (... ) حدثنا مُحَمَدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَيْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، جَمِيعًا عَنْ عَبْد الرَّراقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، بِهَنَا ا لإِسْنَادِ.
وَزَادَ: قَالَ عَطَاءٌ: كَانَتْ اخرَهُنَّ مَوْتًا ؛ مَاتَتْ بِالمَدِينَةِ.
النفس إلى ما فى أيدى رجال أمته، ولم يتسع أولا حاله لاقتناء الإماء ليستكثر منهن، فوسع عليه فى الحرائر، واختير له أفضل النوعن.
ولهذا قال بعض السلف: إنه لم يكن يجوز له - عليه السلام - نكاح حرائر الذميات بخلاف أمته، قال غيره: لئلا تكون كافرة أما للمسلمين.
قال الخطابى: ولأنه - عليه السلام - حض على النكاح، ونهى / عن التبتل، فكان - عليه السلام - اْولاهم باستيفاء ما دعى إليه، والاستكثار فيه، ليفتدى به الإماء، إلا ما خص به من ذلك.
وقول عطاء: التى لا يقسم لها صفية بنت حى، كذا جاء فى هذا الحديث.
قال الطحاوى: وهو وهم، وصوابه: سودة كما تقدم، فى الاْحاديث المتقدمة إذ وهبت يومها لعالْشة، وإنما غلط فيه ابن جريج، وهو راوى هذا الحديث عن عطاء.
قال القاضى: قد ذكر غيره فى قوله تعالى: { تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُن} الآية (1): كان
ممن آوى إليه عائشة وأم سلمة وزينب وحفصة وكان قسمه من نفسه وماله فيهن بالسواء.
وكان ممن اْرجأ سودة وجويرة وصفية وأم حبيبة وميمونة، فكان يقسم لهن ما شاء، فهذا يدل أن القسم فى حقه - عليه السلام - غير واجب، ولعل رواية ابن جريج هنا صحيحة، واْخبر عن اخر اْمره - عليه السلام - واْنه توفى وقد آوى جميعهن إلا صفية، فأرجأها ولم يقسم لها، إذ كان قد جعل الله له أن يؤوى إليه من يشاء ويرجى من يشاء.
وقوله: (قال عطاء: كانت آخرهن موتا، ماتت بالمدينة): ظاهره أنه أراد ميمونة المذكورة وَفَاتُهَا، وقد ذكر أول الحديث أنها توفيت بسرف، وسرف على ستة اْميال من مكة، وقيل: سبعة، وقيل: تسعة، وقيل: اثنا عشر ميلا.
ولا خلاف أن ميمونة توفيت بسرف، فقوله: (بالمدينة) على هذا وهم.
وهى اخرهن موتا، فقيل: إنها ماتت سنة ثلاث وستين، وقيل: سنة ست وستين، وقد قيل: إنها توفيت سنة إحدى وخمسين قبل عائشة، فإن عائشة توفيت بعد هذا سنة سبع، وقيل ثمان وخمسن، وأما صفية فتوفيت سنة خمسين، وزينب توفيت آخر أيام عمر بن الخطاب.
(1) الأحزاب: 51.(4/670)
كتاب لمرضاع / باب استحباب نكاح ذات الدين
671
(15) باب استحباب نكاح ذات الدين
53 - (1466) حدثنا زُهيرُ بْنُ حَرْب وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثنى وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيد، قَالُوا: حدثنا يحيى بْنُ سَعيد عَنْ عُبَيْد الله، أخْبَرً نِط سَعِيدُ بْنُ أيِى سَعِيد، عَنْ أبِيهِ، عًنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (َتنكًحُ المَرْأةُ لأرْبَع: لِمَالِهَا، وَلحًسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظفَرْ بِنَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَلَاكَ).
وقوله: (تنكح المراْة لاءربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)، قال الإمام: فى ظاهرا هذا حجة لقولنا: إن المرأة إذا دفع لها فى الصداق الزوج ليسارها، ولأنها تسوق إلى بيته من الجهاز ما جرت عادة أمثالها به، وجاء الأمر بخلافه، فإن للزوج مقالا فى ذلك، ويحط من الصداق الزيادة التى زادها لأجل الجهاز، على الأصح عندنا على اْصلنا، إذا كان المقصود من الجهاز فى حكم التبع، لاستباحته البضع، كمن اشترى سلعتين فاستحقت الأدنى منهما، فإنه إنما ينقضى البيع فى قدر المستحقة خاصة.
وقوله: ا لحسبها): قال الهروى: احتاج اْهل العلم لمعرفة الحسب ؛ لأنه مما يعتبر
فى مهر مثل المرأة، قال شمر: الحسب: الفعال الحين للرجل وآبائه، مأخوذ من الحساب، إذا حسبوا مناقبهم، وذلك أنهم إذا تفاخروا عد كل واحد منهم مناقبه، ومآثر آبائه، وحسبوا.
فالحسب: العدد، المعدود حسحث، كالنَقْضِ والنَقَضِ، والخَبْط والخَبَط.
وفى حديث آخر: (كرم الرجل دينه، وحسبه خلقه) (1).
وللحسب معنى اخر، وهو عدد ذوى قرابته.
بيان ذلك حديثه - عليه السلام - لما
قدم عليه وفد هوازن يكلمونه فى سبيهم، قال لهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): (اختاروا: إما المال، ! إما السبى)، فقالوا: أما إذ خيرتنا بين المال والحسب، فإنا نختار الحسب، فاختاروا أبناع! م ونساعد م (2) وفى حديث سماك: (ما حسبوا ضيفهم) أى ماكرموه، وفى حديث (1) الدرقطنى 3 / 303 (214)، الححم 1 / 123، 124 وقال: صحيح على شرط مسلم، وقال الذهبى: فيه مسلم بن خالد الزنجى المكى وهو ضعيف، وماخرج له، ابن حبان فى الاحسان (483)، كثف الخفا 9 / 2 0 1 (1924)، وذكره لبن عدى فى الكامل 6 / 111 فى ترجمة مسلم بن خالد ؛ اْبو خالد الزنجى مكى وذكره ابن حبان فى الثقات وقال ابن عدى فى الكامل فى الثقات: وقال البخارى: منكر الحديث، وقال ابن المدينى: ليس ل!ء، ولفظ الحديث: (كرم المرء دينه، ومروعته عقله، وحسبه خلقه)، من حديث اْبى هريرة.
(2)1 / لنجا8ئى، 8ك 2الهة، بهبة المثاع لعاللا 3) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أحمد
672(4/671)
كتاب الرضاع / باب استحباب نكاح ذات الدين ء، ص ص، 5، صه ه، صوص كض، ص كص ص، ص
54 - (715) وحدثنا محمد بن عبدِ اللهِ بنِ نميرِ، حدثنا ابِى، حدثنا عبد الملِكِ
ابْنُ أَبِى سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاء، أخْبَرَنِى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: تزَوَّجْتُ امْرَأةً فِى عَهْدِ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَلَقيتُ الئبى ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ: (يَاجَابِرُ، تَزَؤَجْتَ ؟!.
قُلتُ: نَعَمْ.
قَالَ: (بِكْز أم بها ث ؟).
قُلَتُ: ثيمَث.
قَالَ: (فَهَلا بكْرم تُلاعبُهَا ؟) قُلتُ: يَارَسُولَ الله، إِنَّ لِى أخَوات، فَخَشِيتُ أنْ تَدْخُلَ ب!نِى وَبثنَهُنَّ.
قَالً: (فَناكً إِش، إِنَّ المَرْأةَ!حُ عَلًى دينِهَا، وَمَالِهَا، وَجَمَالِهَا، فَعَلَيْكَ بِنمَاتِ ال دّينِ تَرِبَتْ يَمَاكَ).
طلحة: هذا ما اشترى طلحة[ من فلان] (1) بكذا وكذا درهما.
والحسب الطيب، أى الكرامة وطيب النفس، وحسبت الرجل: أجلسته على الحسبانة، وهى الوسادة.
قال القاضى: ظاهر كلامه إبة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) النكاح للمال والحسب وبقية الأوصاف،
وهو كما قال، لكنه آثر - عليه السلام - مقصد الدين، وحض عليه وأغرى به وقال الداودى فى معناه: إنما أخبر - عليه السلام - بما يفعله الناس، ليس أنه أمر بذلك، وقد تقدم القول على قوله: (فعليك بذات الدين تربت يداك)، وقول من قال: افتقرت وتعبت إن لم تفعل، وقول من قال: معناه: لله درك إن فعلت ما أمرتك به، وغير ذلك من معانى (تربت يداك) فى كتاب الطهارة.
واختلف العلماء فى مراعاة الكفاءة فى النكاح، وما هى ؟ فعند مالك: الكفاءة: الدين، والمسلمون بعضهم لبعض كفاء، والمولى كف للقرشية، وروى مثله عن عمر وابن مسعود وجماعة من الصحابة والتابعين.
وقال غيره: الكفاعه معتبرة فى الحال والنسب، فعند أبى حنيفة: قريش كلهم كفاء، وليس غيرهم من العرب لهم بكاء وكذلك العرب كفاء بعضهم لبعض، وليس الموالى لهم بثفاء، وممن له من الموالى آباء فى الإسلام بعضهم لبعض كفاء، وليس المعتق نفسه بكاء لمن له الاَباء فى الاسلام.
وقال الشافعى: ليس نكاح غير الكف بمحرئم فأرفه، لانما هو حق للمرأة والأولياء،
فإن تراضى جميعهم بغير كفء جاز.
وقال الثورى: يفرق بين العربية والمولى، ويثتد فى ذلك.
وقال أحمد: قال الخطابى: الكفاعة فى قول كثر العلماء فى أربعة: الدين والنسب والحرية والصناعة.
واعتبر بعضهم السلامة من العيوب واليسار.
قال بعض ثيوخنا: الكفآ فى الدين: المتثاكلون د ان كان بينهم تفاضل، وكذلك يكون أي!ضا المراعاة فى الحال والنسب والمال، لا أنه يكون بقدر واحد وغير متقارب، بل
(1) سقط عن الأصل 6 واستدرك فى الهامش بسهم.(4/672)
كتاب الرضاع / باب استحباب نكاح ذات الدين 673
يكونان ممن ينطلق عليه اسم الشرف واسم / الحسب أو المال، وإن كان بعضهم أعلى درجة فيه من بعض، إلا أن يكون إحداهما خاليا منه بالكلية.
وفى قوله: (تنكح لمالها) قال بعضهم: فيه دليل أن للرجل الاستمتاع بمال الزوجة
، وأنه يقصد لذلك، د الا فكانت كالفقيرة، ولم يكن بهذا الكلام فائدة، فإن طابت به نفسها فهو حلال وإن منعت فله بقدر ما بذلك من الصداق.
وعلى هذا اختلفوا فى إجبارها على التجهيز بصداقها، فألزمها ذلك مالك ولم يجز لها منه قضاء دين ولا نفقته لغير جهازها، إلا أن تنفق اليسير من الكثير.
وقال الكوفيون: لا تجبر على شىء، وهو مالها تفعل فيه ما تشاء.
250 / أ
674(4/673)
كتاب الرضاع / باب استحباب نكاح البكر
(16) باب استحباب نكاح البكر
55 - (... ) حئثنا عُبمدُ اللهِ بْنُ مُعَاذ، حَدثنَا أن، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَارِبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ ع!دِ الثه، قَالَ: تَزَؤَجْتُ امْرَأةً، فَقَالَ لِى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (هَلْ ثَزَؤَجْتَ ؟،.
قُلتُ: نَعَم.
قَاً: (أبِكْزا أمْ يم ؟).
قلتُ: صثي!ا.
قَالَ: (فَأينَ انَتَ مِنَ العَناَرَ! وَلِعَابِهَا ؟).
قَالَ شُعْبَةُ: فَذَكَرْ - لهُ لِعَمْرِو بْنِ !ينَار.
فَقَالَ: قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ جَابِر.
وَإِنَمَا قَالَ: (فَهَلا جَارِيَة تُلاعِبُهَا وَتُلاعِبُكَ ؟).
وقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لجابر: (فهلا بكرا تلاعبها وتلاعبك)، قال الإمام: قال بعضهم: يحتمل أن يكون أراد بثتوله: (تلاعبها) من اللعاب، ويدل عليه ما فى بعض طرق مسلم: (فأين أنت من العذارى ولعابها)، وما جاء فى الحديث الآخر: (أنهن أطيب أفواها، وأنتق أرحامأ) (1)، ورواية أبى ذر فى البخارى، من طريق المستملى: (ولعابها) بالضم (2).
قال القاضى: كثر المتكلميئ على الحديث حملوا الملاعبة، من اللعب، بدليل قوله
فى الحديث: (تضاحكها وتضاحكك)، وفى كتاب أبى عبيد: (تداعبها وتداعبك)، وروايتنا فى كتاب مسلم: ا لِعابها) بكسر اللام، وهو مصدر لاعب، من الملاعبة، كالقتال من المقاتلة.
وفى الحديث فضل تزويج الأبكار، ولاسيما للشباب.
وفيه صؤال الإمام رعيته عن أمورها، وتفقده مصالحها، وأن مرغوب النكاح الاصشمتاع والاستلذاذ، وبقدر ذلك تكون الألفة، وذلك فى الأبكار أوجد.
وفيه جواز ملاعبة الأهل والترغيب فيها، وقد مدح الله تعالى نساء أهل الجنة فقال: { عُرُبًا أَتْرائا} (3).
قيل: العُرب: المتحببات لأزواجهن، وقيل: الحسنة التبعل، وهو من هذا.
وقول جابر فى اعتذاره عن زواج الثيب ما ذكر من قيامها على أخواته، وتصويب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ذلك له، ما هو الأولى من إيثار مصلحة الحال والنفس والآل على شهواتها ولذاتها.
وفيه ما يلزم المرأة من القيام بمصالح زوجها، وماتندب إليه من بر إليه، والقيام
(1) سق سعيد بن منصور رقم (513) بلفظ: (منهن لطيب لفواها، وأعز أخلاقأ، ولفتح أرحامأ).
ط دار الكنب للعلمية.
(2) ا نظر: ا لفتح 9 / 22 1.
(3) ا لوا قعة: 37.(4/674)
كتاب الرضاع / باب استحباب نكاح البكر
675
56 - (... ) حئثنا يحيى بْنُ يحيى وَأَبُو الرئيع الرفرَانِىُّ، قَالَ يحيى: أخْبَرَنَا حَمَادُ
ابْنُ زيد عَنْ عَمْرِو بْنِ !ينَارٍ، عَنْ جَابرِ بْنِ عَيْد الثهِ ؛ أن عَيْدَ الله هَلَكَ وَتَرَكَ تِسع بَنَاتٍ - أوْ قَالًَ: سَبع - فَتَزَؤَجْتُ امْرَأة بم "َ فَقَالَ لىَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وسلم) 5َ (يَاجَابِرُ، تَزَؤَجْتَ ؟).
قَالَ: قُلتُ: نَعَمْ.
قَالَ: (فَبِكْز لمْ ثيحث ؟َ).
قَالَ: قُالَتُ: بَلْ ثئحث يَارَسُولَ الله.
قَالَ: (فَهَلا جَارِيَةً تُلاعِبُهَا وَتُلاعِبُكَ ؟) أوْ قَالَ: (تُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ ؟).
قَالَ: قلتُ لَهُ: إِن عَبْدَ الله هَلَكَ وَتَرَكَ تسع بَنَات - أوْستئعَ - صاِنَى كَرِهْتُ أنْ اَتِيَهُن !وْ أجِيئَهُن بِمِثْلِهِن، فَاخْببْتُ أَنْ أجِىءَ بِامْرَأَة تَقُومُ عًلَيْهِن وَتُصْلِحُهُن.
قَالَ: (فَبَارَكَ اللهُ لَكَ)، أوْ قَالَ لِى خَيْرًا.
وَفِى رِوَايَةِ أن الرثيع: (تُلاعِبُهَا وَتُلاعِبُكَ، وَتُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ).
(... ) وحئثناه قُتَيْ!ةُ بْنُ سَعيد، حَدثنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْد اللهِ،
قَالَ: قَالَ لِى رَسُوُلُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (هًل نَكَحْتَ يَاجَابِرُ ؟ "، وَسَاقَ الحَمِيثَ إِلَى قَوْلِهِ.
امْرَأةً تَقُومُ عَلَيْهن وَتَمْشُطُهُن قَالَ: (أَصبتَ)، وَلَمْ يَذْكُرْ مَابَعْدَهُ.
57 - (... ) حلفلإلَحْىَ.
ش يحيى، أخْبَرنَا هُشَيْئم عَنْ - صتيار، عَني الشَعْمِى، عَنْ جَابِرِ
ابْنِ عَبْد اللهِ، قَالَ: كُنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى غَزَاةٍ، فَلَمَا أقْبَلًنَا تَعَخلتُ عَلَى بَعِيرٍ لِى قَطُوتٍ، فَلَحِقَنِى رَاك!ث خَلفِى، فَتَخَسَ بَعِيرِى بِعَنَزَة كَانَتْ مَعَهُ، فَانْطَلَقَ بَعِيرِى كَأجْوَدِ مَا ؟نتَ رَاءٍ مِنَ الإِبِلَِ، فَالتَفَ!ت فَإِفَا أتا بِرَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ: (مَا يُعْجلُكَ يَا جَابِرُ ؟).
قُلتُ: يَارَسُولَ اللهِ، إِنى حَدِيثُ عَهْدٍ يِعُرْصٍ ؛ فَقَالَ: (أبِكْرم تَزَؤَجْتهَا أَمْ ثيبًا ؟).
قَالَ:
على أموره وإن لم يجب ذلك عليها.
وقوله: (تعجلت على بعير لى قَطُوف): هو البطىء المشى، قاله أبو زيد.
وقال الخليل: هو للبطىء المتقارب الخطو، وقد جأء فى الرواية الأخرى مفسرا من قوله: (فأبطأ بى جملى)، وفى الأخرى: (على ناضح، إنما هو فى أخريات الناس).
والناضح: الجمل، سقى بذلك لأنه ينضح عليه الماء! أى يستقى به.
قال الإمام: القطوف: الذى يقارب الخطو فى سرعة، قال الثعالبى: إذا جاء الفرس يمشى وثبا وثبأ فهو قطوف، فإن كان يرفع يديه ويقوم على رجليه فهو شبوب، فإذا كان يلتوى براكبه حتى يسقط عنه فهو قموص، فإذا كان مانعا ظهره فهو شموس.
وقوله: (فنخس بعيرى بعنزة): قَال أبو عبيد فى مصنفه: هى قيد نصف الرمح أو
أكبر شىء، وفيها زج مثل زج الرمح، قال الثعالبى: فإن طالت شيئًا فهى نيزك،
676(4/675)
كتاب الرضاع / باب استحباب نكاح البكر
قُلتُ: بَلْ ثيياء قَالَ: (هَلاجَارِيَةً تُلاعِبُهَاوَتُلاعِبُكَ ؟).
قَالَ: فَلَمَا قَلِمْنَا المَحِينَةَ فَ!بتَا لتَدْخُلَ.
فَقَالَ: (!مْهِلُوا حتَى نَدْخُلَ لَيْلا - أى عشَاءً -
كَىْ تَمْتَشِطَ الشَعِثَةُ وَتَسْتَحِذَ المُغِييَةُ) -
قَالَ: وَقَالَ: (إِقَا قَلِمْتَ قَاقئسَ اقئسَ).
(... ) حدقنا مُحَمَدُ بْنُ المُثنَى، حَدثنَا عبدُ الوَفَاب - يَعْنى ابْنَ عَبْد المَجيد الثقَفِى - حَر، كا، ًًًًً، ًَ،
حدثنا عبيد الثه، عن وهبِ بْنِ كئسَانَ، عنْ جابِرِ بنِ عبد الله، قال: خرجت مع رسول الثه ( صلى الله عليه وسلم ) فِى غَزَاةَ، ةَ ؟بطَأ! - !لِى، فَأتَى عَلَى رَسُولُ اللّهَِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ لِى: (يَاجَابِرُ " قُلتُ: نَعَمْ.
قَالَ: (مَاشأنُكَ ؟) - قُلتُ: !بطَأ! جَمَلِى وَأَعْيَا فَتَخَلَفْتُ.
فَنَزَلَ فَحَجَنَهُ بِمِحْجَنِ! ثُمَ قَالَ: (ارْكَبْ)، فَرَكِيْتُ، فَلَقدْ رَ!شُنِى كُفهُ عَنْ رَسُولِ الثهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ: (أتَزَؤَجْتَ ؟).
ومِطْرد، فإذا زاد طولها وفيها سنان عريضة فهى لة وحربة.
قال القاضى: جاء قى الرواية الأخرى: (فحجنه بمحجن): أى نخسه به، والمحجن عصا فيها تعقف، يلتفظ بها الشىَ من الأرض، وتلوى بها عنق الشاة، وتحبس إذا نذَت.
وقوله: (فلقد رأيتنى كفه): آى أحبسه، وفى الرواية الأخرى: (فانطلق بعيرى كأجود ما اْنت راء من الإبل): فيه معجزة من معجزاته، وعلامة من علامات نبوته، وبركة من بركات لمسه ويده - عليه السلام.
وقوله: (فلما أقفلنا): كذا لابن ماهان، ولابن سفيان: (أقبلنا) ووجه الكلام: (قفلنا) ثلاثى، يقال: قفل الجيش والرفقة، وأقفلهم الأمير وقفلهم وققلهم أيضا، قيل: لعله (قفلنا)، وقد يحتمل على الرواية أن يكون (أقفلنا) بفتح اللام، أى المحفلنا النبى - عليه السلام - المذكور قبل، وأقفلنا على ما لم يسقى فاعله، أو يكون: أقفل بعضنا بعضأ بأمر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بذلك.
وقوله: (أمهلوا حتى ندخل ليلا - أى عشاء - كى تمتشط الشعثة، وتستحد المغيبة)،
قال الإمام: الاصتحداد: اصستفعال من الحديد، يعنى الاستحلاق به، وقد تقدم ذكره.
والمغيبة: التى غاب عنها زوجها، يقال: [ غابت المرأة، أى غاب عنها زوجها] (1) فهى مغيبة بالهاء، وأشهدت إذا حضر زوجها، فهى مُشْهد بغير هاَ.
(1) سقط من نسخ اجممال، والمثبت من ع.(4/676)
كتاب الرضاع / باب استحباب نكاح البكر
677
فَقُلتُ: نَعَمْ.
فَقَالَ: (أَبِكْرم أمْ بم ؟).
فَقُلتُ: يَلْ برلجث.
قَالَ: (فَهَلا جَارِيَةً تُلاعبُهَا وَتُلاعبُكَ ؟).
قُلتُ: إِن لِى أَخَوَات، فَاخَبَبْتُ أنْ أتَزَؤَجَ امْرأةً تحمَعُهُن وَتَمْشُطُهُنَّ وَتَقُومُ عَلَيْهِن.
قَالَ: (أمَا إِنَكَ قَادثم، فَإِذَا قَدِمْتَ فَاهَيْسَ اقيسَ).
ثُمَ قَالَ: (أَتَبِيعُ جَمَلَكَ ؟).
قُلتُ: نَعَمْ.
فَاشْتَرَاهُ مِئى بالوقية، ثُمَ قَلِمَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَقَدِمْتُ بالغَد مَاة، فَجِئْتُ المَسْجِدَ فَوَجَدْتُهُ عَلَى بَابِ المَسجَدِ.
فَقَالَ: (الأنَ حينَ قَدمْتَ ؟) ءَ قُلتُ: نَعَمْ.
قَالَ: (فَاع جَمَلَكَ وَادْخُلْ فَصَل رَكْعَتَيْنِ) - قَالَ: فَحَخَلتُ فَصًلَيْتُ، ثُمَ رَجَعْتُ، فَافَرَ بِلالأ أنْ يَزِن لِى اوقِيةً، فَوَزَنَ لِى بِلال!، فَأرْجَحَ فِى المِيزَانِ.
قَالَ: فَانْطَلَقْتُ.
فَلَمَا وَلَيْتُ قَالَ: (ادع لِى جَابِرًا "، فَدُعِيتُ، فَقُلتُ: الاَنَ يَرُدُ عَلَى الجَمَلَ، وَلَمْ يَكُنْ شَىْء! بغَضَ إِلَى مِنْهُ.
فَقَالَ: (خذْ جَمَلَكَ، وَلَكَ ثَمَنُهُ).
58 - (... ) حدّثنا مُحَمَدُ بْنُ عَبْدِ الأعْلَى، حَدشَا المُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمعْتُ أ6ى، حَدثنَا أبُو نَضْرَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كنَا فِى مَسِيرٍ مَعَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، وَأنَا عَلَى نَاضِح، إِنَما هُوَ فِى اخْرَياتِ الئاسِ.
قَالَ: فَضَرَبَهُ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
أوْ قَالً: نخَسهُ - ارَاهُ قَالَ - بِشَىء كَانَ مَعَهُ.
قَالَ: فَجَعَلَ بَعْدَ ذَلِكَ يَعكًلتَمُ الئاسَ، يُتَازِعُنِى حتًى إِنى!فهُ.
قال القاضى: قال الداودى فى قوله: (تستحد المغيبة) توقير المرأة منها ذلك مدة مغيب زوجها لتدل على صحتها، وهذا إن كان يشير أنه صنة، فلا أصل له، ولا هو بيئ من الحديث، وإنما أشار في الحديث إلى ماجرت به عاثتهن غالبا.
وفيه حضه ( صلى الله عليه وسلم ) على مكارم الاْخلاق، وحسن العشرة، والتأنى وترك العجلة، والشجلاب كل ما يوجب الألفة، ودوام الصحبة، وألا يستغفل أهله ويطرقهم ث لئلا يجد منهم رائحة وشعثا يكرهه، ويكون سبب زهده وبغضه فيهن، وإمهالهم هنا حتى يدخلوا ليلا يسبق خبرهم إلى أزواجهم فيستعدوا لهم.
ولا يعارض هذا النهى عن أن يطرق الرجل أهله ليلا.
لأن ذلك إفا لم يتقدمه خبر ليلأ، يستغفلهم، ويرى منه مايكره من هذا وغيره بل هو موافق له، وقد جاء هذا مبينأ فى حديبه الاَخر الذى ذكره فى الجهاد: (كان لا يطرق كله ليلا، وكان يأتيهم غدوة اْو وقوله: (فإذا قدمت فالكيس الكيس)، قال ابن الأعرابى: الكيس: الجماع،
(1) سيأتى فى كالإمارة رقم (180).
678(4/677)
كتاب الرضاع / باب استحباب نكاح البكر
قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ الثهِ ( صلى الله عليه وسلم ): ( ؟لَبِيعُنيه بكَناَ وَكَنَا ؟ وَاللهُ يَغْفِرُ لَكَ).
قَالَ: قُلتُ: هَوَ لَكَ يَانَيِى الثهِ.
قَالَ: (أتَبِيعُنيهِ بِكَنمَا وَكَنَاَ ؟ وَاللهُ يَغْفِرُ لَكَ).
قَالَ: قُلتُ: هُوَ لَكَ يَانَبِىَ الله.
قَالَ: وَقالَ لِى: (أتَزَوًّ جْتَ بَعْدَ أبِيكَ ؟).
قُلتُ: نَعَمْء قَالَ: (يم أمْ بِكْرم ؟).
قَالً: قُلتُ: ثيبا.
قَالَ: (فَهَلا تَزَوَجْتَ بِكْرم تُضَاحِكُكَ وَتُضَاحِكُهَا، وَتُلاعِبُكَ وَتُلاعِبُهَا ؟).
قَالَ أبُو نَضْرَةَ: فَكَانَتْ كَلِمَة يَقُولُهُا المُسْلِمُونَ، افْعَلْ كَنَا وَكَنَا، وَاللهُ يَغْفِرُ لَكَ.
والكيس: العقل، فكأنه جعل طلب الولد عقلا، ومنه الحديث: (أى المؤمنين كيس) (1) أى أعقل.
وقوله حين قدم: (ادخل فصل ركعتين ): صنة فى صلاة القادم من السفر.
ودفعه
له ثمن الجمل من مكارم أخلافه - عليه السلام.
وصيأتى بقة الكلام على مافى هذا الحديث فى البيوع.
(1) ابن ماجة، كالزهد، بذكر الموت والاستعداد له (4259) من حديث ابن عمر، وقال صاحب الزوالْد: فروة بن قيل مجهول، وكذلك دلردوى عنه، وخبره باطل.
ورواه ليضأ دلدومه 1 / 156.(4/678)
كتاب الرضاع / باب خير متاع الدنيا المرأة الصالحة
679
(17) باب خير متاع الدنيا المرأة الصالحة (1)
59 - (1467) حدتثنى مُحَمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْر الهَمْمَانِى، حدثنا عَبْدُ الله بْنُ يَزِيدَ، حَدثنَا حَيْوةُ، أخْبَرَنِى شُرَحْبِيلُ بْنُ شَرِيك ؛ اْنَهُ سَمَعَ أَبَا عَبْدِ الرخْمَنِ الحُيُلى يُحَئثُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرو ؛ أنَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فالَ: (اللُنيَا مَتَاغ، وَخَيْرُ مَتَاع اللفيَا المَرْأةُ الضَالِحَةُ).
(1) ترك الإمام والقاضى هنا الباب بغير تعليق.
680(4/679)
كتاب الرضاع / باب الوصية بالنساَ
(18) باب الوصية بالنساء
60 - لعلا 14) وحدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ
ابْنِ شِهَاب حَدثنى ابْنُ المُسَيبِ، عَنْ أمِ! هُريرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِن المَرْأةَ كَالضلَع، إً فَا فَ!بتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا، صاِنْ تَرَكْتَهَا امشمَتَعْتَ بِهَا وَفِيهَا عَوَفي).
(.
)(وَحَدثنِيهِِزُهَيْرُُبْنُُحَرْبٍٍوَعبدُُبْنُُحُمَيد،، كِلاهُمَااعَنْْيَعْقُوبََبْنِِإِبْرَاهِيمََبْنِ
سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ أخِى الرفرِىِّ، عَنْ عَمِّهِ، بِهَنَا الإِسْنًادِ، مِثْلَهُ سَوَاءً.
61 - (... ) حئثنا عَمْزو الئاقدُ وَابْنُ أمِ! عُمَرَ - وَاللَفْظُ لابْنِ أبِى عُمَرَ - قَالا: حَدثنَا سُفْيَانُ، عَنْ أيِى الزً ناد، عَنِ الَأعْرَج، عَنْ أيِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الثهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّ المَرْأةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَة، فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عَوَفي، صاِنْ فَ!بْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا، وَكَسْرُهَا طَلاقُهَا).
62 - (... ) وحدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أيِى ثمَيْبَةَ، حَا شَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِى، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ مَيْسَرَةَ، عَنْ أن حَازِمٍ، عَنْ أن هُريرَةَ، عَنِ الئيِى ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بالته وَاليَوْم الاَخِرِ، فَإفَا شَهدَ أمْرًا فَليَتَكَفَمْ بِخَيْرٍ أوْ لِيَسكُتْ.
وَاسْتَوْصُوا بِالئسَاءِ، فَإِن المَرأةً خُلِقَتْ منْ ضِلَعٍ، صاِن أعْوَجَ شَىْءٍ فِى الضِّلَع أعْلاهُ، إِنْ فَ!بتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، ! اِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ ثَ!وَجَ.
امشوْصُوا بِالئسَاءِ خَيْرم!.
63 - (469 1) وحئثنى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرأَزى، حَدثنَا عِيسَى - يَعْنِى ابْنَ يُوُن! - حَدثنَا عَبْدُ الحَمِيدِ بْن جَعْفَرٍ، عَنْ عمْرَانَ بْنِ أَيِى أنَ!، عَنْ عُمَرَ بْنِ الحَكَم، عَنْ أمِ! هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرهَ مِنْهَا خُلُقًا
وقوله: (استوصوا بالنساَ خيرًا، فإن المرأة خلقت من ضلع أعوجأ الحديث: فيه الحض على الرفق بهن، ومداراتهن، وألا يتقضى عليهن فى أخلاقهن، وانحراف طباعهن، لقوله: (إن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته استمتعت به).
وقوله: ا لا يفرك مؤمن مومنةأ: ئى لا يبغضها، ليس على النهى بل على الخبر:
أى لا يبغضها بغضا تاما: أى أن بغض الرجال للنساء، بخلاف بغض النساَ للرجال،(4/680)
كتاب الرضاع / باب الوصية بالنساء
681
رَضِىَ مِثهَا آخَرَ) أوْ قَالَ: (غ!رَهُ) ء
(... ) وحدئنا مُحَمَدُ بْنُ المُثتى، حَا شَا أبُو عَاصبم، حَدثنَا عَبْدُ الحَمِيدِ بْنُ جَعْفَر، حدثنا عِمرانُ بْنُ أبِى أنَسبى عن عمَرَ بْنِ الحَكَم، عَنْ أبِى هريرة، عنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
ألا تراه كيف قال: (إن كره منها خلقا رضى منها آخر).
وأصل الفَرْك إنما هو فى النساء، واستعمل فى الرجال قليلا وتجوزا، كما جاء هنا، وكما قال فى الخبر المعروت: (حسنأ فلا تفرك): اْى لا تبغض.
682(4/681)
كتاب الرضاع / باب لولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر
(19) باب لولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر
64 - (1470) حدّثنا هَرُونُ بْنُ مَعْرُوت، حَدثنَا عبدُإلثه بَنُ وَهْب، أَخْبَرَنِى عَمْرُو
ابْنُ الحَارِثِ ؛ أن أبَا يُونُسَ - مَوْلَى أبِى هُرَيْرَةَ - حدثه عَنْ أن هُريرَةَ، عَنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لَوْلا حَوَّاءُ لَمْ تَخُنْ !شَى زَوْجَهَا اللَّ!رَ).
65 - (... ) وحدثّنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع، حَدثنَا عبدُ الرراَقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَز، عَنْ هَفام
ابْنِ مُنبِّه، قَالَ: هَنَا مَا حَدثنَا أبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَرَ أحَاديثَ.
مِتْهَا: وَقَالَ رَسُولُ ألفه ( صلى الله عليه وسلم ): ا لَوْلا بَنُو إسْرَائيلَ لَمْ يَخْبُث الطعَامُ، وَلَمْ يَخْنَز اللَحْمُ.
وَلوْلا حَؤَاءُ لَمْ تخن انثى زوجها الدهْر).
وقوله: ا لولا حواء لم تخن أنثى زوجها): يعنى أنها أمهن فأشبهنها بالولادة ونزع العرق، لما جرى لها فى قصة الشجرة مع إبليس، وأن إبليس إنما بدأ بحواَ فأغول!ا وزين لها، حتى جعلها تثل من الشجرة، ثم أتت آدم فقالت له مثل ذلك حتى كل أيضا هو.
وقوله: (ولولا بنو إسرائيل لم يخبث الطعام، ولم يخنز اللحم)، قال الإمام: يقال: خنز اللحم، بفتح النون فى الماضى، وبكسرها فيه أيضا، والمصدر فيه خنزأ وخنوزأ، إذا تغير واْنق، ومثله خرن بكسر الزاى، يخزن خزنأ وخزنأ، قال طرفة: نحن لايخزن فينالحمنا إنمايخزن لحم المدخر
وير وى:
إنما يخنز لحم المدخر
قال القاضى: تفسيره: لما نزل على بنى إسرائيل المن والسلوى، كان المن يسقط عليهم فى مجالسهم من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، كسقوط البلح، فيؤخذ منه بقدر ما يكفى ذلك اليوم، إلا يوم الجمعة فيأخذون منه للجمعة والسبت، فإن تعدوا إلى كثر فسد.
فهرس الموضوعات
الموضوع
فهرس الموضوعات
683
الصفحة(4/682)
[الجزء الخامس]
كتاب الطلاق / باب تحريم طلاق الحائض...
إلخ
بسم الله الرحمن الرحيم
18 - كتاب الطلاق
(1) باب لمحريم طلاق الحائض بغير رضاها، وأنه لو خالف
وقع الطلاق ويومر برجعتها
ا - (1471) حدئنا يحيى بْنُ يَضىَ التَمِيمى قاَلَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِك بْنِ انس،
عَيق ناَفِع، عَن ابْنِ عُمَرَ ؛ ؟نَهُ طَفقَ امْرَأتَهُ وَهِىْ حَائض فى عَهْدِ رَسُولَ الثه ( صلى الله عليه وسلم )، فَسَألَ عمَرُ بْنُ الخَطَاب رَسُولَ الثه ( صلى الله عليه وسلم ) جمَنْ ذَلِكَ ؟ فًقاَلَ تَهُ رَسُولُ النَه ( صلى الله عليه وسلم ) 5َ " مُرْهُ فَليُرَاجِعْهاَ، ثُمَ ليَتْرُكهاً حَئى تَطهُرَ، ثُم تَحِيضَ، ثُمَ تَط!رَ، ثُمَ إِن شَاءَ أمْسَكَ
كتاب الطلاق
حديث ابن عمر، وأمر النبى! له، لما طلق امرأته وهى حائض أن يراجعها، ثم يتركها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد، دان شاء طلق - أ الحديث] (1)، قال الإمام: الطلاق فى الحيض محرم، ولكنه إن وقع لزم، وقد ذكرها هنا ابن عمر، أنه اعتد بها، وذو بعض الناس ممن شذ أنه لا يقع الطلاق، وذكر فى هذا الحديث، أنه لم يعتد بها، ورواية مسلم ها هنا اْصح، وهكذا ذكر بعض الناس أيضا أنه طلقها ثلاثا وذكر مسلم عن ابن صيرين أنه اْقام عشرين سنة يحدثه من لا يهتم، أنه طلقها ثلاثا، [ وذكر مسلم] (2): حتى لقى الباهلى وكان ذا ثبت، فحدثه عن ابن عمر، أنه طلقها تطليقة، وقد نص مسلم على أنها تطليقة واحدة، من طريق الليث عن نافع عن ابن عمر، وأمره بمراجعتها واجب عندنا، خلافا لأبى حنيفة والشافعى، ولا حجة لهما إن قالا: فإن الآمر لابن عمر بالمراجعة اْبوه - رضى الله عنه - وليس لأبيه أن يضع الشرع، لأن أباه إنما أمره بأمر النبى ( صلى الله عليه وسلم )، فهو مبلغ[ إليه] (3) اْمر النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
ومما يسأل عنه فى هذا الحديث، أن يقال: لم أمره ( صلى الله عليه وسلم ) أن يوخر الطلاق إلى طهر اَخر بعد[ هذا] (4) الطهر الذى يلى حيضمة الطلاق، وأجاب الناس عن هذا بأجوبة كثيرة: أحدها: اْن الطهر الذى يلى الحيض والحيضة التى قبلها الموقع فيها الطلاق، كالقرء
(1) ساقطة من الأصل، واصتدركت بالهامش.
(3، 4) فى هاش ع.
(2) من ع.
251 / َ ا(5/5)
كتاب الطلاق / باب تحريم طلاق الحالْض...
إلخ
بَعْدُوَإِنْ شَاءَ طَلَقَ قَبْلَ أنْ يَمَسَّ، فَتِلكَ العِدَةُ التَى أمَرَ الثهُ - عَر وَجَل - أنْ يُطَلَّقَ لَها النِّسَاءُ).
الواحد، فلو طلق فيه لصار كموقع طلقتين فى قرء واحد، وهذا ليس هو طلاق السنة.
والجواب الثانى: أنه عاقبه بتأخير الطلاق تغليظا عليه، جزاء عما فعل من المحرم
عليه وهو الطلاق فى الحيض.
وهذا معترض ؛ لاَن ابن عمر لم يكن ليعلم الحكم ولا تحقق التحريم فتعمد ركوبه، وحاشاه من ذلك، فلا وجه لعقوبته.
والجواب الثالث: إنه إنما أمره بالتأخير لاَن الطهر الذى يلى الحيضة الموقع الطلاق
فيها ينبغى أن ينهى عن الطلاق فيه حتى يطأ فيه فيتحقق الرجعة لئلا يكون إذا طلق فيه قبل أن تمس كمن ارتجع للطلاق لا للنكاح.
واعتُرض هذا بأنه يوجب أن ينهى عن الطلاق قبل الدخول، لئلا يكون نكح أيضا للطلاق لا للنكاح.
والجواب الرابع: أنه إنما نهى عن الطلاق فى هذا الطهر، ليطول مقامه معها، والظن[ من] (1) ابن عمر اْنه لا يمنعها حقها من الوطء، فلعله إذا وطئها ذهب ما فى نفسه منها من الكراهة وأمسكها، ويكون ذلك حرصا على ارتفاع الطلاق، وحضا على استقبال الزوجة.
وذكر هاهنا فى الحديث: (وإن شاء طلق قبل أن يمس): والطلاق فى الطهر،
يكره إذا مسى فيه، والعلة فى ذلك: أنه فيه تلبيس، فلا يدرى هل حملت فتكون عدتها بوضع أم لم تحمل فتكون عدتها الأقراء، وقد تظهر حاملأ، فيندم على الفراق، وقد ذهب بعض الناس إلى أنه إن فعل أمر بالرجعة، كما يؤمر بها من طلق فى الحيض.
واختلف المذهب عندنا إذا لم يرتجعها[ المطلق فى الحيض] (2)، حتى جاء الطهر
الذى أبيح له الطلاق فيه، فل يجبر على الرجعة فيه لأنه حق عليه، فلا يزول بزوال وقته ؟ أم لا يجبر على ذلك لأنه قادر على إيقاع الطلاق فى الحال، فلا معنى للارتجاع ؟.
قال القاضى: وقول مسلم: (جود الليث فى قوله: تطليقة واحدة ": يعنى أنه حفظ وأتقن مالم يتقنه غيره من ذلك، ممن لم يفسّر كم الطلاق، أو من غلط فيه ووهم ممن قال: إنه طلقها ثلاثا، وقد بين ذلك مسلم - رَحمه الله - فى أحاديثه.
وقوله: (فتلك العدة التى أمر الله اْن يطلق لها النساء) /: واختلف العلماء فى صفة
(1) ساقطة من ع.
(2) زائدة فى ع.(5/6)
كتاب الطلاق / باب تحريم طلاق الحائض...
إلخ
(... ) حدّثنا يَحْمصَ بْنُ يَحْمصَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ رُمْحٍ - وَاللفظُ لِيَحْىَ - قاَلَ قُتَيْبَةُ: حَدثناَ لَيْثُ - وَقاَلَ الآخَرَان: أخْبَرَناَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ - عَنْ ناَفِعٍ، عَنْ عَبْد الله ؛ أنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَة لَهُ وَهىَ حَائضَ تَطلِيقَةً وَاحِدَةً، فَا"مَرَهُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنْ يُرَاجَعًهَا ثُمَّ يُمْسكَهاَ حَتَّى تَطَهُرَ، ثُمَّ تَحيصرَ عنْدَهُ حَيْضَة أُخْرَى، ثُمَّ يُمهلَهاَ حَتَّى تَطَهُرَ منْ حَيْضًتِهاَ، فَإنْ أرَادَ أنْ يُطَلِّقًهاَ فَليُطًلِّقْهاَ حينَ تَطهُرُ مِنْ قَبْلِ أن يُجاَمعَهاَ، فَتلكً، العِدَّةُ الَّتِى أمَرًا للهُ أنْ يُطَفَقَ لَهاَ النِّسَاءُ.
وَزَادَ ابْنُ رُمْحٍ فِى رٍ وَايَتِه: وَكَانَ عَبْدُ اللهِ إذَا سُئِلَ عَنْ ذَلكَ، قاَلَ لاخَدهِمْ: أمَّا
أنْ!ت طَلَّقْتَ امْرَأتَكَ مَرّة أَو مَرّتيْنِ، فَإنَّ رَ!ولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) أَمَرَنِى بِهَذَا، يانْ كنتَ طَلَّقْتَهاَ ثَلائا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْكَ حَتَّى تَنكِحً زَوْخا غَيْرَكً، وَعَصَيْتَ اللهَ فيمَا أمَرَكَ مِنْ طَلاقِ امْرَاتِكَ.
قاَلَ مُسْلِمٌ: جَوَّدَ اللَّيْثُ فِى قَوْلِهِ: تَطلِيقَةً وَاحِدَةً.
2 - (... ) حلغّنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد الله بْنِ نُمَيْر، حَدثناَ أبِى، حَدثناَ عُبَيْدُ الله، عَنْ
ناَفِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
قاَلَ: طَلَّقْتُ اَمْرَأَتِى عَلَىً عَهْدِ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَهْىَ حًائض!، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لرَسُولِ الله كله.
فَقاَلَ: (مُرْهُ فَليُرَاجعْهَا، َ ثُمَّ لَيَدَعْهَا حَتَّى تَطَهُرَ، ثُمَّ تَحيضَ حَيْضَة اخْرَى، فَاذَا طَهُرَتْ فَليُطَلِّقْهاَ قَبْلً أنْ يُجاَمِعَهاَ، أوْ يُمْسِكْهاَ، فَإِنَّهاَ الَعِدَّةُ الَّتِى أمَرَ اللهُ أنْ يُطَلًّقَ لَهاَ النِّسَاءُ).
قاَلَ عُبَيْدُ اللّهِ: قُلتُ لِناَفِعٍ: مَا صَنَعَتِ التَّطلِيقَةُ ؟ قاَلَ: وَاحِدَةٌ اعْتَدَّ بِهاَ.
طلاق السنة، فقال مالك وعامة اْصحابه: هو أن يطلق الرجل امرأته تطليقة واحدة فى طهر لم يمسها فيه، ثم يتركها حتى تحل عدتها، وقاله الليث والاءوزاعى.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: هذا أحسن الطلاق، وله قول اَخر: [ أنه] (1) إن شاَ يطلقها ثلاثا طلقها فى كل طهر مرّة، وكلاهما عند الكوفين طلاق سنة، وقاله ابن مسعود.
واختلف فيه قول أشهب، فقال مرة مثله، وأجاز أيضا ارتجاعها ثم يطلق ثم يرتجع ثم يطلق فيتم
(1) ساقطة من الأصل، ولمتدركت بالهامش.
8(5/7)
كتاب الطلاق / باب تحريم طلاق الحائض...
إلخ أ...
) وحدّثناه أبُو بَكْرِ بْن أ، ى شَ!مةَ وَائقُ المُثئى، قاَلا: حَا شا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِش!، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، بِهَنَا الإِسْناَدِ، نَحْوَهُ.
وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ غبَيْدِ اللهِ لِناَفِع.
قاَلَ ابْنُ المُثنى فِى رِوَايَتِهِ: فَاليَرْجِعْهاَ.
وَقاَلَ أبُو بَكْر: فَليُرَاجِعْهاَ.
3 - أ...
) وحدّثنى زُهَيرُ بْنُ حَرْب، خدثناَ إِسْمَاعيلُ، عَنْ أيُّوبَ، عَنْ ناَفِح ؛
أن ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأتَهُ وَهْىَ حَائِضٌ، فسألَ عُمَرُ النَّبًِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَافَرَهُ أنْ يَرْجعَهَا، ثمَّ يُمْهلَهآحَتىَّ تَحيضَ حَيْضَة اخْرَى، ثُمَّ يُمْهِلَهاَ حَتىَّ تَطهرَ، ثُمَّ يُطَلِّقَهاً قَبْلَ أنْ يَمَسئَهاَ، فَتلكَ العَذَةُ الُّتى أمَرَ اللهُ أنْ يُطَلَقَ لَهاَ النَسَاءُ.
قاَلَ: فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إفَا سُئِلَ عَيؤ الرَّجُلَ يُطَ!ق امْرَأتًهُ وَهْىَ حَائض يَقُولُ: أفَا أنْتَ طَلَقْتَهاَ وَاحدَة أوِ النَتينِ، إِن رَسولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) أمَرَهُ أنْ يَرْجعَهَا، ثمَ يُفهِلَهاَ حَتَى تَحيضَ حَيْضَة اخرَى، ثُمَ يُمْهلَهاَ حَتَّى تَطهُرَ، ثُمَّ يُطَلّقَهاَ قَبْلً أنْ يَ!سئَهاَ.
وَأفَا أنْتَ طًلَّقْتَهاَ ثَلا، لا، فَقَدْ عَصَيْتَ رَبَّكَ فِيمَا أمَرَكَ بِهِ مِنْ طَلاقِ امْرَأتِكَ.
وَباَنَتْ مِنْكَ.
4 - أ...
) حدّثنى عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، أخْبَرَنِى يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدثناَ مُحَمَدُ - وَهْوَ ابْنُ أخِى الرهرِىّ - عَيق عَمَه، !اخْبَرَناَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ؛ ان عَبْدَ الثهِ بْنَ عُمَرَ
الثلاث، وليس هذا عند غير هؤلاَ طلاق سنة بل هو مكروه.
وقال الشافعى وأحمد وأبو ثور: لس فى عدد الطلاق سنة ولا بدعة، د إنما ذلك فى الوقت، وما جاء من قوله هنا فى الحديث يدل على أن ماعدا ما وصف فيه طلاق بدعة.
لكن أجمع اْئمة الفتوى على لزومه إذا وقع إلا من لا يعتد به من الخوارج والروافض وحكى عن أبى علية.
وفى قوله: (فليراجعها): ْ دليل اْن الطلاق غير البائن، لا يحتاج إلى ولى ولا رضا المرأة، قاله الخطابى، وليس ببيئ.
قال بعض علمائنا: وجه الحكمة فى الطلاق فى طهر لم يمسّ فيه لتكون الحيضة براعة للرحم قبل الطلاق، مبالغة فى البراعة، كما أن مالكا دد ايستحسن ذلك فى الجارية المبيعة قبل ييعها، وإن لم تجز مشتريها، وكما أن الثنتين من الثلاث بعد الطلاق للمبالغة والبراعة واقعة للواحدة بعد الطلاق، بدليل أنها إذا تزوجت بعد حيضة، فالولد من الثانى، فدل أن الواحدة هى للبراعة وقبلها من الاْول، لإن كان ممكن اْنها إذا تزوجت بعد حيضة منهما جميعا لمدة فراق الاْول ونكاح الثانى،(5/8)
كتاب الطلاق / باب تحريم طلاق الحائض...
إلخ
قاَلَ: طَلَّقتُ امْرَأتِى وَهْىَ حَائض، فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرَ للنيِىّ ( صلى الله عليه وسلم )، فَتَغَيَّظَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، ثُمَّ قاَلَ: (مُرْهُ فَليُراجِعْهاَ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةًاخْرَى مُسْتَقْبَلَةً، سِوَى
فدل أن الواحدة هى للبراَ ة، وتمييز الأنساب، وما بعدها مبالغة، كذلك ما قبلها، وقبل الطلاق.
وذهب بعض شيوخنا إلى أن الحيضتيئ الأخريين عبادة، والاستبراَ حاصل بالأولى كحكم الأربعة أشهبر وعشر للمتوفى، وكونها عبادة، فألزمت من استبراْ لها، من صغيرة وغير مدخول بها، حتى اْن الحسن وعطاَ فى أخرى رأوا إلزامهن الأربعة الأشهر وعشرا، من حين تصح عندهن الوفاة، وإن تقدمت قبل ذلك، لكونها عبادة، وروى مثله عن على بن أبى طالب، وفقهاَ الفتيا.
ومعظم السلف من الصحابة والتابعين لا يرون ذلك واْنها تلزم من يوم الموت، فإن لم
يعلم به حتى انقضت لم يلزمها شىَ، وإن بقى منها شىَ فما بقى لا غير.
وذكر يحيى بن إسحق فى كتابه عن ابن أبى حازم والمغيرة أن المطلقة فى طهر مُتَت
فيه لا يعتد به فى أقراثها، وتستأنف ثلاثة اْطهار غيره على اْصولهم.
قال الإمام: فه دلالة لقول مالك أن الأقراَ التى تعتد بها المرأة، هى الأطهار، خلافأ لأبى حنيفة فى قوله: إنها الحيض ؛ لأنه قال: (فإن شاَ طلق)، يعنى عند طهرها، ثم قال: (فتلك العذة التى أمر الله اْن يطلق لها النساَ)، ومعنى ا لها): أى فيها، فأثبت - عليه السلام - الطهر عدة، ولا تعلق لهم بقوله ة (فتلك) واْن هذا لفظ تأنيث فتحمل على الحيفعة، وأنه لو كان المراد به الطهر لقال فذلك ؛ لأن المراد هاهنا تأنيث الحالة أو تأنيث العدة!
وكذلك تعلق أيضا ممن تعلق من اْصحابنا، بدخول الهاَ فى الثلاث، فى قوله سبحانه: { ثَلانَة تُرُوء} (1) أنه دلالة علىِ أن المراد[ فى القرآن] (2) بالأقراَ: الأطهار، ولو أراد الحيضة لقال عز من قائل: (ثَلاث دروء! ؛ لاْن العرب تدخل التاَ فى عدد المذكر من الثلاثة إلى العشرة، وتحذفها من المونث، ف!ثباتها فى قوله: { ثَلالَةَ فووء} يدل على اْن المراد الأطهار، وهذا غلط ؛ لأن العرب قد تراعى فى التذكير والتأنيث اللفظ المقرون به العدد، فتقول: ثلاثة (3) منازل، وهى تريد ثلاث ديار، وإن كانت الدار مؤنثهَ ؛ لاْن لفظ المنزل مدكر.
وقد يعتبر المعنى أحيانا، قال ابن أبى ربيعة:
(1) ا لبقرة: 228.
(2) فى هامثى ع.
(3) فى نسخ اجممال: ثلاث.
251 / ب
.
اْ(5/9)
كتاب الطلاق / باب تحريم طلاق الحائض...
إلخ حَيْضَتِها ائَتِى طَلَّقَها فيها، فَإنْ بَدا لَهُ أنْ يُطلِّقها، فليُطَلِّقْها طَاهِرًا مِنْ حَيْضَتِها قَبْلَ أنْ يَمَسُّها، فَنَلِكَ الطَّلاقُ لِلعَثَةِ كَما أمَرَ اللهُ).
فكأن مِجنى، دون من كنت أتقى ثلاث شخوص كاعِبان ومُعْصِر
فأنث على معنى الشخوص، لاعلى[ معنى] (1) اللفظ، وحكى أبو عمر وابن العلاء أنه سمع أعرابيا يقول: أ فلان] (2) جاءته كتابق فاحتقرها، قال: فقلت له القول: جاءته كتابى، فقال: أليس بصحيفة، فأخبر أنه أثث مراعاة للفظ الصحيفة الذى لم يذكره لما كانت فى المعنى هى الكتاب المذكور، ونحو من هذا قول الشاعر:
أتهجر بيتنا بالحجاز تلفقت به الخوف والأعداء أم أنت زائر
أراد المخافة، فأنث لذلك.
وقال اخر:
غفرنا وكانت من سجيتنا الغفر
أنث الغفر لأنه أراد المغفرة.
وقد تعلق اْصحاب أبى حنيفة بأن للصير إلى القول بالأطهار خروج عن ظاهر القرآن ؛ لاكن القرء فى اللغة يطلق على الطهر وعلى الحيض، وهو من الأسماء المشتركة، فإذا طفق وقد مضى من الطهر شىء، فعندكم أنها تعتد ببقية الطهر، وهذا يوجب كون العدة قرأين وبعض ثالث.
فإذا قلنا بالحيض، كانت العدة ثلاث أقراء كوامل ؛ إذ لا يصح الطلاق فى الحيض، وقد أدى بابن شهاب هذا الاعترأض إلى أن رجمب أن الطهر الذى وقع الطلاق فيه، وقد ذهب بعضه / لا يعتد به، ويستأنف ثلاث تطهيرات (3) سواء، وهذا مذهب انفرد به كل من قال بأن الأقراء هى الأطهار، يعتد بالطهر وإن مضى كثره.
وقال بعضهم - مجيبا عن قول أصحاب أبى حنيفة -: إن القرء: التنقل من حال
إلى حال، فالمستحق لهذه التسمية على موجب هذا الاشتقاق، وعلى ما أصتلناه اَخر زمن الطهر الذى يليه الحيض، ويعقبه الانثقال من حال إلى حال، فعلى هذا يسقط ما قاله أصحاب أبى حنيفة، ويكون الاعتداد بثلاثة أقراء كوامل، وان ذهب بعض الطهر.
وأجاب بعض أصحابنا - أيضأ - بجواب آخر، فقال: غير بعيد تسمية الشيئن وبعض الثالث ثلاثة، وقد قال تعالى: { الْحَبئ أَشْهُو ثعْلُومَات} (4)، وهى لثهران وعثرة أدام.
(1) صاقطة من ع.
(3) فى ع: طهارات.
(4) البقرة: 197.
(2) من ع.(5/10)
كتاب الطلاق / باب تحريم طلاق الحائض...
إلخ 11 وَكاَنَ عَبْدُ اللهِ طَلَّقَهاَ تَطلِيقَةً وَاحِلَةً، فَحُسِبَتْ مِنْ طَلاقِهَا، وَرَاجَعَهَا عَبْدُ اللهِ
قال القاضى: اختلف السلف ومن بعدهم من العلماء واللغويين، فى مقتضى لفظة القرء في الآية، هل هو الحيض أو الطهر ؟ أو هو منطلق عليهما حقيقة فيهما مشترك اشتراكا لا يظهر رجحان أحدهما على الاَخر ؟ مع أنه لا خلاف بينهم فى إطلاقه فى اللغة عليهما.
وقيل: هو حقيقة فى الحيض، مجاز فى الطهر وقيل: هو مشتق من الوقت، وهو محتمل للوجهيئ، وقيل: من الجمع والتأليف، وهو ظاهر فى الطهرْ، وعليه شاهد قولهم: لم تقرأ جَنبنا.
وقيل: من الانتقال من حال إلى حال، وهو المراد بالقرء، لا أنه اسم للطهر ولا للحيض، من قولهم: قرأ النجم: إذا أفل، وقرأ إذا طلع، كأنه قال: يتربصن بأنفسهن ثلاثة أدوار وثلاثة انتقالات[ وهذا] (1) ظاهر فى الطهر والحيض جميعا، ويستقيم الكلام بانتقالها من الطهر إلى الحيض.
قلنا: ولا يستقيم بانتقالها من الحيض إلى الطهر ؛ إذ السنة الطلاق فى الطهر لا فى الحيض، ويعضد هذا أن براعة الرحم إنما تعرف بالانتقال من الطهر إلى الحيض.
ولهذا كانت براءة استبراء الإماء إذا دذ مجىء الحيض غالبأ على براعة الرحم، ولا يستدل بانتقالها من الحيض إلى الطهر على ذلك ؛ إذ قد تحمل الحائض آخر حيضها، فكانت الثلاث فى الحرالْر كالواحدة فى استبراء الإماء.
حكاه القاضى إسماعيل عن أبى عبيدة، وهذا اختيار الإمام أبى القاسم الطبرى والشافعى، ومتأخرى محققى أصحابنا، وهو حسن دقيق.
ثم اختلف القائلون: إنها الحيض، متى تنقض بها العدة ؟ فقال اْبو حنيفة وأصحابه:
حتى تغتسل من الثالثة، أو يذهب وقت صلاة، وهو قول جماعة من البصريين.
وقال الثورى وزفر: حتى تغتسل من الثالثة، وقاله جماعة أيضا، منهم: عمر وعلى وعبيد الله و(سحق وأبو عبيد.
وقال الاْوزاعى في آخرين: بانقطاع الدم حلت، وعن إسحق إذا طلعت فى الثالثة انقطعت الرجعة، ولكن لا تتزوج حتى تغتسل، مراعاة واحتياطا للخلاف.
واختلف المَائلون أيضا: إنها الأطهار، متى تحل ؟ هل بأول قطرة من دم تراها بعد انقضاء أمر آخر الأطهار ؟ أم حتى يستمر حيضها مستقيمة ؟ والقولان عندنا معروفان فى ذلك، وعلى هذا اختلافهم فى أقل الحيض كم هو.
(1) ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامش.
12(5/11)
كتاب الطلاق / باب تحريم طلاق الحائض...
إلخ
كَما أمَرَهُ رَسُولُ اللهِ كله.
(... ) وَحَدثنِيهِ إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُور، أخْبَرَنا يَزِيدُ بن عَبْدِ ربِّهِ، حَدثنا مُحَمَدُ بْنُ
وقوله: (مرهُ فليراجعها): اختلف العلماء، هل هذا الأمر على الوجوب المطلق فى الحيض 3 وهو قول مالك وأصحابه، أو على الترغيب والحض ؟ وإليه ذهب الاْوزاعى والكوفيون والشافعى واْحمد وفقهاء أصحاب الحديث، قالوا: يؤمر ولا يجبر، ليقع الطلاق سنة.
قال الأمام: الرجعة تصح فى كل طلاق تقاصر عند نهاية ما يملك منه وليس معه فداء، ووقع بعد وطء المرأة بعقد صحيح ووطء جائز، وهى تصح عندنا بالقول ولا خلاف فى فلك وتصح عندنا - اْيضا - بالفعل الحال محل القول، الدال فى العالة على الارتجاع بالوطء والتقبيل واللمس، بشرط القصد إلى الارتجاع به، وأنكر الشافعى صحة الارتجاع بالفعل أصلا، وأثبته أبو حنيفة وإن وقع من غير قصد، وهو قول ابن وهب من أصحابنا فى الواطن بغير قصد، وهذه المسألة مبنية عندى على مسألة قبلها وهى المطلقة طلاقا رجعيا، هل يوصف وطوها باْنه محرم أم لا ؟ فعندنا وعند الشافعى: أنه محرم، وأبى فلك أبو حنيفة.
وتحاذب المختلفون فى هذا قوله تعالى: { وبُعُولَتُفن أَحَق بِوَفِ!ن فِي ذَلِك} (1)، قال الحنفيون: قوله تعالى: { وَبُغولَتُهُن يدل (2) على إثبات الزوجة والزوجية، فإذا ثبتت يسمتحيل معها تحريم الوطء، ولا دليل يلجئ إلى أن المراد: من كان بعلأ لهن ؛ لأن ذلك مجاز وتعلق المالكيون بقوله تعالى: { أَحَق بِوذِهِن} والرد لا يكون إلا لما ذهب، ولا فاهب (3) إلا تحليل الوطء.
وتجاذبوا (4) - أيضا - طرق الاعتبار ؛ لأن المطلقة طلاقا رجعيا يثبت لها التوارث، وتسشحق النفقة، كمن لم يطلق، وتجب عليها العدة وتسرى إلى البينونة، بخلاف الزوجة، فكل واحد من المختلفين مدها إلى الاَجل الموافق لمذهبه.
!افا ثبتت هذا، وصح بناء المسألة التى اْشرنا إليها عليه، قلنا: إفا كان الوطء عند
اْبى حنيفة غير محرم فلا معنى لقصد الإستباحة بالأفعال ؛ إذ الفعل فى نفسه غير محرم فيستباح، دافا قلنا بأن الوطء محرم فلا يستباح الشىء نفسه، و(نما يستباح بغيره، فماذا
(1) للبقرة: 228.
(3) فى ع: ذهاب.
(2) فى ع: دللى.
(4) فى ع: وتجاذبا.(5/12)
كتاب الطلاق / باب تحريم طلاق الحائض...
إلخ
13
يكون هذا الغير ؟ قصره الشافعى على الأقوال النطقية وقصرها أصحابنا على المقصود.
وأشار بعض المتأخرين من شيوخنا إلى ترك التعويل على القصد بمجردة دون أن يضامه قول نفسى، وهو إيجاب الارتجاع فى النفس، فيكون الاختلات على طريقة هذا الشيخ بيننا وبن الشافعى فى تعيين القول، ونحن متفقون على إثبات أصله، لقول الشافعى: القول النطقى، ونحن نقول: القول النفسى إذا صدر عنه مايدل عليه من الأحوال التى أشرنا إليها، ويختلف معه فى الفعل على حسب ما قدمنله.
والإشهاد على الرجعة اختلف الناس فيه أيضا، هل يجب أم يستحب ؟ ومدار الاختلات على قوله تعالى: { قأَمْسِكُوهُن بِمَعْوُوفٍ أَوْ لَارِقُوهُن بِمَعْرُوفلي آشْهِدُوا فَوَيْ عَدْلٍ ئِنكُم} (1)، فالاْمر بالشهادة ورد بعد جملتيئ، فهل تعود إلى قربهما إليه أو إليهما جميعًا ؟ على اختلاف أهل الاْصول فى هذا الأصل فمن رأى عَوْد مثل هذا على اْقرب المذكورات، إن لم يكن فى الآية دلالة على إثبات الإشهاد[ على الرجعة] (2) فضلا عن تفصيل حكمه، ومن رأى أن مثل هذا يعود إلى سائر الجمل، وقال: بأن الأمر مجردة على الندب، استحب الإشهاد على الرجعة، ومن قال: مجردهّ على الوجوب، أوجب الإشهاد على الرجعة.
دان عورض أن الإشهاد على الطلاق، وهو أقرب المذكورين على الندب، قال: خروجه بدليل لا يوجب خروج الجملة الاْولى عن الأصل.
وقوله فى بعض طرقه: (ثم ليطلقها طاهرا أو حاملأ): فيه دلالهّ على جواز طلاق الحامل على الأطلاق دون التفصيل، وهو أحد القولن عندنا فى طلاقها وهى حائض، وقد منعه بعض أصحابنا، كما منع أيضا طلاق من لم يدخل بها وهى حائض، وأجازه الآخرون، وهذا راجع إلى الاختلاف فى النهى عن الطلاوّ فى الحيض، فمن رأى اْنه معقل بتطويل العذة، أجازه فى الحامل وفى التى لم يدخل بها ؛ إذ الحامل من عدتها الوضع، ولا تطويل فيها، ومن لم يدخل بها لا عدة عليها أصلاً، فتوصف بطول أو تصر، ومن رآه غير معلّل، منع الطلاق فى المسألتين جميعا.
هكذا أورد شيوخنا فى التدريس، وفيه نظر ؛ لاَن قضية ابن عمر[ قضية] (3) فى عيئ، فإذا قلنا: إن النهى غير معلّل، افتقر المنع فى اث لتين إلى دليل على القول بأن القضايا فى الأعيان لا تتعدى، وكون مجرد النهى غير معلل لا يوجب الحكم فى المسألتن بالمنع.
وأما الطريقة الاَخرى - وهو إثبات التعليل - فإنما يصح ما قالوه فيها - أيضا - على
(1) الطلاق: 2.
(2) فى هام!ع.
(3) ساقطة من الأصل، واستدركت فى للهام! بسهم.
14(5/13)
كتاب الطلاق / باب تحريم طلاق الحائض...
إلخ حَرْب، حَدثنِى الزبيْدىُّ عَنِ الزُّهْرىِّ، بهَذَا الإسْناَد.
غَيْرَ أنَهُ قاَلَ: قاَلَ ابْنُ عُمَرَ: فَرَاجَعتُهاَ، وَحَسمتُ لَهَاَ التَّطلِيقَةَ التَى طَلًّقْتُهاَ.
َ
5 - (... ) وحدّثنا أبُو بَكْر بْنُ أبى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَابْنُ نُمَيْرٍ - وَاللَّفْظ لأبى بَكْر - قاَلُوا: حَدثناَ وَكِيعَ عَنْ سفْيَانَ، عَنْ مُحَمَّد بْنِ عَبْذِ الرَّحْمَنِ - مَوْلَى اكل طَاَلحَةَ - عَنْ سَالبم، عَن ابْنِ عُمَرَ ؛ أنَّهُ طَلقَ امْرَتَهُ وَفىً حَائض.
فَذَكَرَ ذَلكَ عُمَرُ للنَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقاًَ: (مُرْهَُ فَليُرَاجِعْهَا، ثُمَّ ليُطَلِّقْهاَ طَاهِرمَ أوْ حَاَمِلا).
6 - (... ) وحدّثنى أحْمَدُ بْنُ عُثْماَنَ بْن حَكيم الأوْدىُّ، حَدّثناَ خَالدُ بْنُ
مَمص مصَ، ً، َ عررًه ممره صً ه ص - ص
مَخْلَد، حدثنى سليْمان - وهْو ابْن بلال - حدثنِى عبد الله بن دينار عنِ ابنِ عمر ؛ أنَّهُ طًلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهْىَ حَائضن.
فَسَألً عُمرُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولً اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقاَلَ: (مُرْه فَليُرَاجعْهَا حَتَّى تَطَهُرَ، َ ثُم تَحيِضَ حَيْضَةَ اخْرَى، ثُمَّ تَطهُرً، ثُمَّ يُطَلِّقَ بَعْدُ أوْ يُمْسِلث).
7 - (... ) وحدّثنى عَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ السئعْدِىُّ، حَدثناَ اِسْماَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ
القول بأن العلة إذا ارتفعت، ارتفع حكمها، وهذا فيه تفصيل وتحقيق.
قال القاضى: (وفى قوله مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا): دليل على صحة ما أوقع من الطلاق ؛
إذ لا تكون رَجِعة إلا بعد فراق، ويؤكده قوله بعد فى حديث: (ثم إن شاء أمسك بعد، !إن شاء طلق).
قال الإمام: وقوله: (أرأيت إن عجز أو استحمق): فى الكلام حذف، وتقديره: أفيرتفع عنه الطلاق، إن عجز أو استحمق.
قال القاضى: معناه: إن عجز عن الرجعة، وفعل فعل العجاز أو فعل الحمقى، وقيل: (أرأيت إن عجز فى المراجعة التى أمر بها): يعنى حين فاته وقتها بتمام عدتها، أو ذهاب عقله فلم يمكنه بعد فى الحالتين مراجعة، أتبقى معلقة لا ذات زوج ولا مطلقة ؟ فلابد من احتسابه بذلك الطلاق الذى أوقعه على غير وجهه، كما لو عجز عن بعض فرائضه فلم يقمه، أو استحمق فضيّعه، كان يسقط عنه ؟ وهذا إنكار كثير، وحجة على من قال: لا يعتد به، وقائله راوى القصة، وصاحب النازلة، وقد جاء مفسرا فى حديث آخر: (أرأيت إنء!ان ابن عمر عجز واستحمق، فما يمنعه أن يكون طلاقا)، وقوله فى(5/14)
كتاب الطلاق / باب تحريم طلاق الحائضة...
إلخ 15 أثوبَ، عَنِ ابْن سيرِينَ، قاَلَ: مَكَثْتُ عِشْرِينَ سَنةً يُحَدَثنى مَنْ لا أتَهمُ ؛ أنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأتَه ثَلَاثًا وَهىَ حَائض، فَ المِرَ أَنْ يُرَاجعَهَا، فَجًعَلتُ لا أتَهِمُهُمْ، وَلا أعْرفُ الحَديثَ، حَتَّى لَقيتُ أبَاَ غَلاب يُونُسَ بْنَ جُبَيْر الباَهلىَّ - وَكاَنَ ذَا ثَبت - ص صَ !صء!رّ، كاص ص، ص ص ص ص صّ، صبم وص صًَ ص صءه فحدثنِى ؛ انه سال ابْن عمر، فحدثه انه طلق امْرَأتَهُ تَطليقَةً وَهىَ حائض فأمِر أن يَرْجِعَهَا.
قاَلَ: قُلتُ: أفَحُسِبَتْ عَلَيْهِ ؟ قاَلَ: فَمه، أوَ إِنَْ عَجَزَ وَاستَحْمًقَ ؟.
(... ) وحدّثناهُ أبُو الرَّبيع وَقُتَيْبَةُ قاَلا: حَدّثناَ حَمَّاد عَنْ أيُّوبَ، بِهَذا الإِسْناَدِ، نَحْوَهُ.
غَيْرَ انَهُ قاَلَ: فَسَالَ عمَرُ النَبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم )، فَافَرَهُ.
8 - (... ) وحدّثنا عَبْدُ الوَارِث بْنُ عَبْد الصَّمَد، حَدثنى أبى، عَنْ جَدِّى، عَنْ أيُّوبَ، بَهَذَا الإِسْناَد.
وَقاَلَ فى الحًدِيث: َ فَسَألَ عمَرُ النَّبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ ذَلِكَ ؟ فَافَرَهُ أنْ يُرَاجِعَهَا حَتَّى يُطَلِّقًهاَطَاهِرمَ مِنْ غَيْرِ جِمًاع.
وَقاَلَ: (يُطَلِّقُهاَ فِى قُبُلِءِثَتِهاَ).
9 - (... ) وحدثنى يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الثَوْرقىُّ، عَنْ ابْن عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ،
عَنْ مُحَمَدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ يُونُسَ بْن جُبَيْر، قاًَ: قُلتُ لابْن عُمَرَ: رَجُل طَلَّقَ امْرَأتهُ وَهى حَائض.
فَقاَلَ: أَتَعْرف عَبْد الثه بْنِ عُمَرَ ؟ فَإنَّه طَلَّقَ امْرَأَتهُ وَهىَ حَائضٌ، فَا"تى غمَرُ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَسَألَه ؟ فَافَرًهُ أن يَرْجِعَهَا، ثُمَّ تًسْتَقْبلَء!تهاَ.
قاَلَ: فَقُالَتُ لَهُ: إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأتهُ وَهىَ حَائِض، أتعْتَدّ بِتِلكَ التَّطلِيقًةِ ؟َ فَقاَلَ: فَمَه،
الحديث[ الآخر] (1): (وحسبت لها التطليقة التى طلقها)، وقول نافع: (اعتد بها).
وقوله: (فَمه): [ استفهام] (2)، معناه التقرير: أى فمما يكون إن لم يحتسب بتلك التطليقة، أهى ؟، هل يكون إلا ذلك ؟ فاْبدل من الاَلف هاَ كما قالوا: مهما، لانما هى مَامَا، أى: أى شىَ.
وقوله: (أما أنت طلقت امرأتك مرة اْو مرتين، فإن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أمرنى بهذا):
يعنى الرجعة، هذا لفظ مشكل، قيل: معنى (أما أنت) بفتح الهمزة: أى إن كنت، فحذفوا الفعل الذى يلى أن، وجعلوا (ما) عوضأ من الفعل، وفتحوا (أن) وأدغموا النون فى (ما) وجاَ وا (بأنت) مكان العلامة فى (كنت)، يدل عليه قوله بعد: (وإن
(1، 2) سقطتا من الأصل واستلركتا فى للهامث!.
16(5/15)
كتاب الطلاق / باب تحريم طلاق الحالْض...
إلخ
أوَ إِنْ عَجَزَ وَاستَحْمَقَ ؟
10 - (...
! حدّثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثَئى وَابْنُ بَشَّارٍ.
قاَلَ ابْنُ المُثنى: حَا شاَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدّثناَ شُعْبَةُ عَنْ قَتاَ!ةَ، قاَلَ: لسَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ جبَيْر قاَلَ: سَمعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: طَلَّقْتُ امْرَأتِى وَهىَ حاَئضٌ، فَا"تى عُمَرُ النَّبىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَذَكَرَ ذَلكً لَهُ.
فَقاَلَ النَّبىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): ا ليُرَاجعْهَا، فَإذَا طَهًرَتْ، فَإنْ شَاءَ فَليُطًلِّقْهاَ) قاَلَ: فَقُلتُ لابْنِ عُمَرَ: افَاحْتَسَبْتَ بِهَاَ ؟ قَاَلَ: مَاَ يَمْنَعُهُ، ارَايْتً إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحَمَقَ ؟ 11 - (...
! حدثنا يحيى بْنُ يحيى، أخْبَرَناَ خَالدُ بْنُ عَبْد الله عَنْ عَبْد المَلك،
عَنْ أنَسِ بْنِ سِيرِينَ، قاَلَ: سَألتُ ابْنَ عُمَرَ عَن امْرً أته الَّتِى طًلَّقً ؟ فَقاَلً: طَلَّقْتُهاَ وَهْىَ حَائضٌ، فَذُكِرَ فَلكَ لِعُمَرَ، فَذَكَرَهُ للنَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ).
فًقَاَلَ: (مُرْهُ فَليُرَاجعْها، فَإِفَا طَهَرَتْ فًليُطَلِّقْهاَ لطُهْرَها ".
قاَلَ: فَرَاجًعْتُهاَ ثُم طَلَقْتُهاَ لطُهْرِهَا.
قُلتُ فاعْتَدَدْتَ بِتِلكَ التَّطليقة التَّىَ طَلَّقْتَ وَهْىَ حَائِضٌ ؟ قاَلَ: مَالِىَ لَا أعْتدُّ بِهاَ ؟ وَإِنْ كُنْتُ عَجَزْتُ وَاستًحْمَقْتُ.
12 - (...
! حدئمنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَابْنُ تشَّار.
قاَلَ ابْنُ المُثَنّى: حَا شاَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدثناَ شُعْبَةُ عَنْ أنَس بْن سيرينَ ؛ أنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عمَرَ قاَلَ: طَلَقْتُ امْرَاتِى وَهْىَ حاَئضٌ، فَأتى عُمَرُ النَّبَىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) فًا"خْبَرَه.
فَقاَلَ: (مُرْهُ فَليُرَاجعْها، ثُمَّ إِفَا طَهَرَتْ فَليُطًلِّقْهاَ).
قُلتُ لابْنِ عُمَرَ: أفَاحْتَسَبْتَ بِتِلكَ التَّطلِيقَةِ ؟ قاَلَ: فَمَهْ.
ص ص ممص ص ه ص ه، ص ص ممي ص ص ص ص ممي ص ه،
(...
! وحدثنِيه يحيى بن حبيب، حدثنا خالِدُ بْنُ الحَارِث.
ح وحدثنيه عبد الرَّحْمَنِ بْنُ بشْرٍ، حَدثناَ بَهْزٌ* قاَلًا: حَدّثناَ شُعْبَةُ، بِهَذَا الإَسْناَد.
غَيًْأنًّ فِى صَدِيثهِماَ: ا لِيَرْجِعْهَا).
وَفِى صَدِيثهِماَ: قاَلَ قُلتُ لَهُ: اتَحْتس! ببِهاَ ؟ قاَلَ: فَمهْ.
13 - (...
! وحدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَناَ عَبْدُ الرَّزًّاقِ أخْبرَناَ ابْنُ جُرَيْجٍ،
كنت طلقتها ثلاثا، فقد حرمت عليك).
وأبو غَلاَب يونس بن جبير، بفتح الغيئ وتخفيف اللام، كذا قيدناه عن أبى بحر، وقيدناه عن أبى على بتثسديد اللام، وكذا ذكره الأمير أبو نصر.(5/16)
كتاب الطلاق / باب تحريم طلاق الحائض...
إلخ 17 أخْبَرَنِى ابْنُ طَاوسُ عَنْ أبِيه ؛ اَنهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يُسْألُ عَنْ رَجُل طَفقَ امْرَأتَهُ حَائضًا ؟ فَقالَ: أتَعْرفُ عَبْدَ اللّه بْن عمَرَ ؟ قاَلَ: نَعَمْ.
قاَلَ: فَإنَهُ طَلَقَ امْرَأتَهُ حَائضًا، فَن!بَ عُمَرُ إلَى النَّبىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَاَخبَرَهُ الخَبَرَ، فَا"مَرهُ انْ يُرَاجِعَهًا.
قاَلَ: لَمْ أسْمَعْهُ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ لَأبِيِهِ.
14 - (... ) وحدئمنى هَرُونُ بْنُ عَبْدِ الثه، حَدثناَ حَجَّاجُ بْنَ مُحَفدٍ، قاَلَ: قاَلَ
ابْنُ جُرِيْجٍ: أخْبَرَنِى أبُو الزبيْرِ ؛ انهُ سَمِعَ عًبْدَ الرَّحْمَنِ بْنُ أيْمَنَ - مَوْلَى عَزَّةَ - يَسْألُ ابْنَ عُمَرَ، وَأبُو الزُبيْر يَسْمِعُ فَلكَ: كَيْفَ تَرَى فِى رَجُلٍ طَلَّقَ امْرأتَهُ حَائضًا ؟ فَقاَلَ: طَلَّقَ ابْنُ عُمَرَ امْرأَتَهُ وهىَ حًائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَسَألً عُمَرُ رَسُولَ أدئه ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فَقاَلَ: إَن عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَ طَلقَ امْرَأتهُ وَهىَ حًائَض.
فَقاَلَ لَهُ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لِيُرَاجِعْهَا) فَرَ!اَ.
وَقاَلَ 5َ (إِفَا طَهَرَتْ فَليُطَلِّقْ أوْ لِيُمْسِك).
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وقَرَأ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): (يَا أَئهَا الئبِيئً إِفَا طَلَّقْتُمُ الئسَاءَ فَطَنِقًوفن فى قُبًل عِئتِهِن).
(... ) وحدّثنى هَرُونُ بّنُ عَبْد الله، حَدثناَ أبُو عَاصمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيج، عَنْ أبى الزبيْرِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَ هَنِهِ القِصَّةَ.
َ
وقوله فى حديث ابن جريج، عن ابن طاووس، عن أبيه ؛ أنه سمع ابن عمر الحديث، وفى اخره: قال: لم اْسمعه يزيد على ذلك لاْبيه، كذا رويناه وهو مشكل، فيه تلفيف، حتى قراْه بعضهم: ا لابنه) مكان ا لأبيه)، وهو تصحيف، والكلام الأول مستقبل، وتفهيمه وتقويم الكلام: أن القائل: ا لم أسمعه يزيد على ذلك) هو ابن طاووس، يعنى: لم يسمع اْباه يزيد على ما رواه من الحديث ولا ذكر زيادة غيره، والهاء فى ا لم أسمعه) عائدة على أبيه طاووس، وبين ذلك ابن جريج بقوله: ا لاْبيمه، والهاء فى " لأبيه) عائدة على ابن طاووس.
وقول ابن عمر: (وقراْ النبى ( صلى الله عليه وسلم ): (يَا اَئهَا الئبِ! إفَا طَلَّقْتًمُ الن!اءَ فطَثِقُوهُن فى قُبُل عِلطهِن)، وفى غيره: ا لقبل عدتهن): اْى فى استقبال عدتهن، وهذه قراءة ابن عمر وابن عباس، وفى قول ابن مسعود: ا لقبل طهرهن)، قال القشيرى وغيره: وهذه قراءة
251 / ب
18(5/17)
كتاب الطلاق / باب تحريم طلاق الحائض...
إلخ (... ) وَحَدّثنيه مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حدثنا عَبْدِ الرراقِ، أخْبَرَناَ ابْنُ جُرَيٍْ، أخْبَرَنِى أبُو الزُبيْر ؛ أنًّهُ سَمِعَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أيْمَنَ - مَوْلَى عُرْوَةَ - يَسْألُ ابْنَ عمر ؟ وَأبُو الزبيْرِ يَسْمَعُ.
بِمِثْلِ حَدِيثِ حَجَّاجٍ.
وَفِيهِ بَعْضُ الزِّياَلحَةِ.
قاَلَ مُسْلِم: أخْطَأ حَيْثُ قاَلَ: عُرْوَةَ.
إِنَّماَ هُوَ مَوْلَى عَزَّةَ.
على التفسير لا على التلاوة، وهو يصحح أن المراد بالأقراء الأطهار ؛ إذ لا تستقبل عدة الحيض عند الجميع ؛ إذ لا يجتزى بها عند أحد من الطالْفتين.
وقوله: (فليراجعها ثم ليطلقها طاهرا أو حاملاً): فيه أن طلاق الحامل طلاق سنة
أى وقت شاء من الحمل، مالم تقرب ويضر فى حد المرض، وهو قول كافة العلماَء.
قال الشافعى: ويكون الطلاق فيه عليها متى شاء، حتى يتم الثلاث على الصلة.
وقال أبوحنيفة وأبو يوسف: يجعل بين التطليقتن شهراً.
قال مالك ومحمد[ ابن الحسن] (1) وزفر: لا يوقع فيها كثر من واحدة حتى تضع.
وقوله فى سند / هذا الحديث: عبد الرحمن بن أيمن مولى عزة، كذا هو فى حديث هرون عند جميع الرواة، ووقع عند العذرى: مولى عروة، وهذا غلط، وقد بينه مسلم بعد هذا فى حديث محمد بن رافع، وروايته فيه: مولى عروة.
وقول مسلم فيه (ئخطأ حيث قال: عروة، وانما هو مولى عزة) على أنه وقع عند السمرقندى والشنتجالى والطبرى فى حديث ابن رافع: (عزة)، هو غلط فى الرواية عنه، لان كان هو الصواب ؛ إذ قد بين مسلم أنه غلط فيه كما تقدم.
(1) سقط من الأصل، واستدرك بالهامث!.
.
(5/18)
كتاب الطلاق / باب طلاق الثلاث
19
(2) باب طلاق الثلاث
15 - (1472) حدثنا إِلسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِع - وَاللَفْظُ لابْن رَافِع - قاَلَ إِسْحَقُ: أخْبَرَناَ.
وَقاَلَ ابْنُ رَافِعَ: حَدّثناَ عَبْدُ الرَّراقِ - أخْبَرَناَ مَعْمَر عَن ابْن طَاوسُ، عَنْ أبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، قالَ: كَانَ الطَّلاقُ عَلَى عَهْد رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وً أبِى بَكْر وَسَنَتْين مِنْ خلافة عُمَرَ، طَلاقُ الثَّلاث وَاحدَةً.
فَقاَلً عُمَرُ بْنلم الخَطَابِ: إِن النَّاسَ قَد اسْتَعجلُوَا فِي أمْر قَدْ كَانَتْ لَهُمْ فيهَ أناَة!، فَلَوْ أمْضَيْناَهُ عَلَيْهِمْ.
فَا"مْضَاهُ عَلَيْهِمْ.
َ !
16 - (... ) حدّثنا إسْحَقُ بْنُ إبْرَاهيمَ، أخْبَرَناَ رَوحُ بْنُ عَبَ الةَ، أخْبَرَناَ ابْنُ، 5ً ممىَ ه، َ "َ يرصَ، ً جمصً، يريرًَ،، جرِيج.
ح وحدثنا ابن رافِع - واللفْظ له - حدثنا عبْد الرزاقِ، أخْبرنا ابْن جرِيْج، أخْبَرَنِى ابْنُ طَاوسُبى عَنْ أبيه ؟ أنَّ أباَ الضَهْباَء قاَلَ لابْنِ عَبَّاس: أتَعْلَمُ أنَّماَ كَانت الثَّلاثُ تُجْعَلُ وَاحِدة عَلَىَ عًهْدِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) وَأبِى بَكْر، وَثَلائا مِنْ إِمَارَةِ عُمَرَ ؟ فَقاَلً ابْنُ عَئاس: نعمْ.
17 - (... ) وحدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ، أخْبَرَناَ سُلَيْماَنُ بْنُ حَرْب، عَنْ حَمَاد
ابْن زَيْد، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتيَانِىِّ، عَنْ إِبَرَاهيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوسُ ؛ أنَّ أباً الصَّهْباء قاَلَ لابْن عَبَّاس: هًات مِنْ هَناَتكَ، ألَمِْ يَكُنِ الطَّلاقُ الثَّلاثُ علَى عَهْدِ رَسُول اَدئهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَأَبى بَكْر وَاحِدَةً ؟ فَقاًَ: قَدْ كَان ذَلكَ، فَلمَّا كَانَ فِى عَهْد عُمَرَ تَتَابَعَ النَّاسُ فِى الطَلَاقِ، فَا"جَازَهُ عَلَيْهِمْ.
ً
وقول ابن عباس: (كان الطلاق على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) واْبى بكر وسنتين من خلافة عمر - وعند الطبرى: سنين من خلافة عمر - طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر: إن الناس قد استعجلوا فى أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم.
فأمضاه عليهم)، وفى طريق أبى الصهباء أنه قال لابن عباس: (أتعلم أنها كانت الثلاث تجعل واححة على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وأبى بكر وثلاثا من إمارة عمر ؟ فقال ابن عباس: نعم) وفى طريق اخر عن أبى الصهباء: (ألم يكن طلاق الثلاث على عهد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وأبى بكر واحدة ؟ قال:
252 / أ
(5/19)
كتاب الطلاق / باب طلاق الثلاث
قد كان ذلك، فلما كان فى عهد عمر - رضى الله عنه - تتابع الناس فى الطلاق، فأجازه عليهم)، وفى كتاب أبى داود نحو هذا عن اْبى الصهباء، إلا أنه قال: (كان الرجل إذا طلق أمرأته قبل أن يدخل بها، جعلوه واحدة)، قال الإمام: طلاق الثلاث فى مرة واحدة واقع لازم عند كافة العلماء، وقد ثمذ الحجاج بن أرطاة وابن مقاتل فقالا: لا يقع، وتعلقا فى ذلك بمثل هذا الخبر، وبما قلناه ؛ أنه واقع فى بعض الطرق أن ابن عمر طلقها ثلاثا فى حيض، لكنه لم يحتسب به، وما وقع فى حديث ركانة أنه طلقها ثلاثا، وأمره رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) برجعتها.
والرد على هولاء قوله تعالى: { وَمَن يَحًذ حُدُودَ النَهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يحْدِثُ بَعْدَ ذَلكَ أَمْرًا} (1)، يعنى أن المطلق مّد يكون له ندم، فلا يمكن تلافيه لوقوع البينونة، فلو كانت الثلاث لا تقع أصلا، لم يكن طلاق يبتدأ يقع إلا رجعيا فلا معنى للندم.
وأما حديث ركانه فصحيحة اْنه طلق امراْته البتة فأتى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، فقال: إلا واحدة، فقال: (ما أردت ؟)، قال: وا حدة.
قال: (الله)، قال: والله، قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): (هو على ما أردت) فلو كانت الثلاث لاتقع، لم يكن لتحليفه معنى، وهذه الرواية أصح من روايتهم ؛ اْن ركانة طلق امراْته ثلاثا ؛ لأن رواتها أهل بيت ركانة وهم اْعلم بقصهّ صاحبهم.
! إنما روى الرواية الأخرى بنو رافع ولم يسمَوا، ولعلهم صمعوا اْنه طلقها البتة، وهم يعتقدون أن البتة هى الثلاث، كراْى مالك فيها، فعبروا عن ذلك بالمعنى، وقالوا: طلقها ثلاثا، لاعتقادهم اْن البتة هى الثلاث.
وأما حديث ابن عمر، فقد ذكرنا أن الصحيح منه أنها واحدة، وقد ذكر مسلم من طريقتن.
واْما قول ابن عباس: (كان الطلاق الثلاث واحدة، على عهد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ) فقال بعض العلماء البغدادلن: المراد به أنه كان المعتاد فى زمن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) تطليقة واحدة، وقد اعتاد الناس الآن التطليق بالثلاث، فالمعنى: كان الطلاق الموقع الاَن ثلاثا، يوقع واحدة فيما قيل، إنكارا لخروجهم عن السنة.
ورواية أبى الصهباء فى اْحد الطريقن: (تعلم أنها كانت الثلاث تجعل واحدة)
/ يحتمل - أيضا - هذا المعنى الذى قاله هولاَ، وإن كان هذا اللفظ الثانى أبعد من الأول قليلا لقوله: (كانت الثلاث تجعل واحدة)، ولكن يصح أن يريد: كانت الثلاث الموقعة الآن تجعل واحدة، بمعنى: يوقع واحدة.
ومّال اخرون: يمكن أن يكون المراد به فيمن كرر لفظ الطلاق، فقال: اْنت طالق،
(1) الطلاق: ا.
(5/20)
كتاب الطلاق / باب طلاق الثلاث 21 أنت طالق، فإنها كانت عندهم محمولة فى القديم على التأكيد، فصار الناس الآن يحملونها على التحديد، فألزموا ذلك لقصدهم له.
وقد زعم بعض من لا خبرة له بالحقائق، أن ذلك كان ثم نسخ.
وهذا غلط فاحش
لأن عمر - رضى الله عنه - لا ينسخ، ولو نسخ - وحاشاه منه - لبادرت الصحابة إلى إنكار ذلك عليه، وإن كان يريد أنه نسخ فى حياة النبى ( صلى الله عليه وسلم )، فمعنى ما أراد صحيح، لكنه يخرج عن ظاهر الخبر فى قوله: (كان على عهد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وأبى بكر) ؛ لأنه إذا نسخ فى عهد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لم يصدق الراوى فيما قال، فإن قال: كان الصحابة قد تجتمع على النسخ، فيسمع ذلك منها، قلنا: صدقت، ولكن يستدل بإجماعها على أن عندها نصا نسخت به نصا اخر، ولم ينقل إلينا الناسخ اكتفاَ باجتماعها، وإما أن تنسخ من تلقاَ نفسها، فمعاذ الله ؛ لأنه إجماع على الخطأ، وهى معصومة منه.
ولو قدر أن النسخ ظهر لهم فى أيام عمر، وقد أجمع عصر أبى بكر الصدلق - رضى
الله عنه - على خلاف حكم الناسخ، لم يصح ذلك، ولأنه لا يكون إجماعأ على الخطأ، ونحن لا نراعى انقراض العصر، وهو مذهب المحققيئ من أهل الأصول.
وأما رواية أبى داود عن أبى الصهباء ؛ أن ذلك كان فيمن لم يدخل بها، فقد ذهب
إلى هذا المنصب قوم من التابعن، من أصحاب ابن عباصى، ورأوا أن الثلاث لا تقع على غير المدخول بها ؛ لأنها بالواحدة تبن، وبقوله: اْنت طالق، بانت.
وقوله ثلاثا، كلام وقع بعد البينونة فلا يعتد به، وهذا باطل عند جمهور العلماَء ؛ لأن قوله: اْنت طالق، أعناه: ذات طلاق، وهذا اللفظ يصلح للواحدة كما ذكر.
وقولهم: (ثلاثا) تبين لمعنى قوله: ذات طلاق، فلا يصح إطراحه.
قال القاضى: قوله: (كانت لها فيهِ اْناة): اْى مهلة وبقية استمتاع وانتظار للرجعة، كما تال تعالى: { لَعَل اللهَ يُحْي! بَعْدَ ذلِكَ أَمْرًا} (1).
وقوله: (فلما كانت فى عهد يتايع الناس فى الطلاق، فأجازه عليهم): كذا روايتنا عن أكثرهم: (يتايع) بياَ باثنتين عّتها، وكان عند ابن اْبى جعفر: (تتابع) بياَ واحدة، وهما بمعنى، إلا أن الياَ باثنتين إنما تس!تعمل فى الشر، وهى اْليىَ بهذا المعنى.
ومعنى: (هات من هناتك): أى من أخبارك / وأمورك، وكأنها هنا فيما يستغرب وينكر، كأنه قال: من فتواك المنكرة وأخبارك المكروهة، يقال: فى فلان هنات: أى أشياَ منكرة.
وهى جمع هنة، ولا يسشعمل هكذا إلا فيما يكن عنه.
واما الهنة والهناء تحملا فى غير هذا، فيستعمل فى كل شىَ، ويكنى عن كل أمر وقد تقدم من شرحه.
(1) للطلاق: ا.
252 / ب
22
(5/21)
كتاب الطلاق / باب طلاق الثلاث
وذهب بعض أهل الظاهر إلى أن إيقاع الثلاث واحدة، وهو مذهب طاووس ؛ أخنثا بظاهر الحديث.
وقيل: هو مذهب الحجاج بن أرطاة، ومحمد بن إسحق، وقد روى عنهما، أنه لا يلزم منها شىء.
وهذان قولان لم يقل بهما أحد من فقهاء الأمصار وأئمة الفتوى.
(5/22)
كتاب الطلاق / باب وجوب الكفارة على من حرئم امراْته...
إلخ
23
(3) باب وجوب الكفارة على من حرّم امرأته ولم ينو الطلاق
18 - (1473) وحدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَلئَثَناَ إِسْماَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهيمَ عَنْ هشَامٍ - يَعْنِى الدَّسْتَوائِىَّ - قاَلَ: كَتَبَ إِلَى يحيى بْنُ أبِى كَثيرٍ يُحَدِّثُ عَنْ يَعلَى ئن حًكيمٍ، عَنْ سَعيد بْنِ جُبَيْر، عَنِ ابْنِ عَئاس ؛ أَئهُ كَانَ يَقولُ فِى الحَرَام: يَمين يُكَفًّرُهَا.
ً ى
وَقاَلَ ابْنُ عَئاسٍ: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ التَهِ اسْوَة حَسَنَة} (1).
19 - (... ) حدّثنا يحيى بْنُ بشْرٍ الحَرِيرِى، حَا شاَ مُعَاوِيَةُ - يَعْنِى ابْنَ سَلامٍ -
عَنْ يحيى بْنِ أبِى كَثير ؛ أن يَعْلَىَ بْنَ حَكييم أَخْبَرَهُ ؛ أَن سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرِ أخْبَرَهُ ؛ أنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَئاسِ قَالً: إِفَا حَربم الرخلُ عَلَيه امْرَأتَهُ فَهِىَ يَمينْ يُكَفِّرُهَا.
وقاَلَ: { لَقَدْ كَان لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَة حَسَنَة}.
20 - (1474) وحدثنى مُحَمَدُ بْنُ حَاتِم، حَدثناَ حَخاجُ بْنُ مُحَمَد، أخْبَرَناَ
ابْنُ جُرِيْج، أحْبَرَنِى عَطَاء! ؛ أنَهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عمَيْر يُخْبِرُ ؛ انهُ سَمِعَ عَائشَةَ تُخْبِر ؛ أن النَبِى كلية كَانَ يَمْكُثُ عنْدَ زَيْنَبَ بنْت جَحْش فيَشْرَبُ عنْلَ!ا عَسَلاَ.
قاَلَتْ: فَتَوَاطَيْتُ أناَ وَحَفْصَةُ ؛ أن2 أيتناَ مَادَخَلً عَلَيهاَ النًبِى ( صلى الله عليه وسلم ) فَلتَقُل: إِنِّى أجدُ منْكَ رِيحَ مَغاَفيرَ.
ثَلتَ مَغاَفيرَ ؟ فَدَخَلَ عَلَى إحْدَاهُماَ فَقاَلَتْ فَلكَ لَهُ.
فَقاَلَ: َ (بَل شَربْتُ عسلا عِند زينب بِنتِ جحشٍ، ولنْ اعود له) فنزل: لِم تحزِم ما أحلّ الله لك}.
قال الإمام: ذكر عن ابن عباس أنه كان يقول فى الحرام: (يمين يكفرها)، وقال
ابن عباس: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسولِ الثَه اسْوَة حَسَنَة، و!ى!ريث سب نزول 9ش !هـ تعالى: { ! تُحَزِمُ مَا اَحَل اللهُ لَك} (2)، َ وتواطو عائشة وحفصة على قولهما: (أجد منك ريح مغافير)، قال الإمام: إذا قال لزوجته: أنت على حرام، فاختلف المذهب فى ذلك.
فالمشهور أنها ثلاث تطليقات، يكون كما قيل فى غير المدخول بها خاصة، ولعبد الملك فى المبسوط: لا ينوى فى أقل دإن لم يدخل، وعند أبى مصعب ومحمد بن عبد
(1) 1 لأحزاب: 21.
(2) للتحريم: ا.
10 / 253
24 (5/23)
كتاب الطلاق / باب وجوب الكفارة على من حرّم امراْته...
إلخ إِلَى قَوْلِه: إن تَتًوبَا (1) لعَائشَةَ وَحَفْصَةَ{ وَإذْ أَسَزَ النَّبِي إلَن بَعْضِ أَ!وَاجِهِ حَدِيئا (2) لِقَوْلِهِ: (بَلْ شَرِبْتُ عَسلا لَما.
21 - (... ) حدثنا أبُو كُرَيْب مُحَمَّدُ بْنُ العُلا وَهَرُونُ بْنُ عَبْد الله، قأَلا.
حَدثناَ ئبُو اسَامَةَ، عَنْ هشَامٍ، عَنْ أبيًه، عَنْ عَائشَةَ قأَلَتْ: كَانَ رَسُولُ اَلنهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يُحبّ الحَلوَاءَ وَالعَسَلَ.
فَكَانً إفَا صَلَّى الَعًصْرَ!ارَ عًلَى نسائهِ، فَيَدْنُو منْهُن.
فَدَخَلَ عًلَى حَفْصَةَ فَأحْتَبَسَءنْدَهَا كئَرَ ممَّا كَانَ يَحْتَبسُ، فَسأَلتُ عَنْ فَلِكَ، فَقِيلَ لى: أهْدَتْ لَهاَ امْرَأةٌ مِنْ قَوْمَهَا عُكَّة منَْ عَسَلٍ، فَسَقًتْ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) منْهُ شَرْبَةً.
فًقُلتُ: أمَا وَاللهِ، لَنَحتالَنَّ لَهُ.
فَذَكَرت فَلِكَ لِسَوْ!ةَ، وَقُلتُ: إِفَا دً خَلَ عَلًيْكِ فَ!نَّهُ سَيَلْنُو مِنْكِ،
الحكم: هى لمن لم يدخل بها واحدة، وللمدخول بها ثلاث.
وذكر ابن خويز منداد عن مالك: اْنها واحدة بائنة، صان كانت مدخولا بها، وحكى ابن سحنون عن عبد العزيز ابن أبى سلمة اْنها واحدة رجعية.
وقد اختلفت أجوبة مالك واْصحابه، فى كنايات الطلاق، فسلكوا فيها طرقا مختلفة،
ففى بعضها يحمل اللفظ على الثلاث، ولا ينوى فى أقل، وفى بعضها[ ينوى فى أقل وفيه] (3) يحمل على الواحدة حتى ينوى كثر منها، وفى بعضها: ينوى قبل الدخول ولا ينوى بعده، وبعضها فيمن لم يدخل بها واحدة، وفى المدخول بها ثلاث.
هذا جملة ما يقولونة فى ذلك، ويختلفون فى بعض الألفاظ من اْى هذه الاقسام هو تفصيل ذلك، وذكر / الروايات فيه وتعديد الألفاظ فيه طول، ولكنا نعقد أصلا يرجع إليه جميع ما وقع فى الروايات على كثرتها، ويعلم منه سبب اختلافهم، فيما اختلفوا فيه، ووجه تفرقتهم فيما فرقوا فيه، ووجه التنويه فى[ بعض] (4) دون بعض.
فاعلم أن الألفاظ الدالة على الطلاق، إما أن تدل عليه بحكم وضع اللغة، وبحكم عرف الاستعمال، او لا تكون لها دلالة عليه اْصلا، وإن لم يكن لها دلالة علحِه فلا فائدة فى ذكرها ها هنا، دان كانت لها دلالة عليه فلا تخلو إما أن تكون دلالتها عليه فى اللغة أو فى الاستعمال تتضمن البينونة والعدد بقولهم: أنت طالق ثلاثأ فهذا لا يختلف فى وقوع الثلاث وأنه لا ينوى، ولا يفترق الجواب فى المدخول بها وغير المدخول بها، ويكون
(1) التحردم: ا - 4.
(2) التحردم: 3.
(3) سقط من الأصل، ولستدرك فى الهامق بسهم.
(4) ساقطة من الأصل، وامتدركت بالهامق.
(5/24)
كتاب الطلاق / باب وجوب الكفارة على من حرتم امراْته...
إلخ 25 فَقُولِى لَهُ: ياَرَسُولَ الله، ثَلتَ مَغاَفِيرَ ؟ فَإنَّهُ سَيَقُولُ لَك: لا.
فَقُولى لَهُ: مَا هَذه الرِّيحُ ؟ - وَكَانَ رَسُولُ الله كله يَشْتَدُّ عَلَيْهِ أَنْ يُوجَدَ منْهُ اَلرِّيحُ - فَإنَّه سَيَقُولُ لَكَ هَ سَقَتْنِى حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلَ.
فَقُولِى لَهُ: جَرَيسَتْ نَحْلُهُ العُرْفُطَ.
وَسَأقُولُ ذَلكَ لَه!، وَقُوليه انت ياَصَفيَّةُ.
فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى سَوْ!ةَ.
قاَلَتْ: تَقُولُ سَوئَةُ: وَالَّذى لاَ إِلَهَ إَلا هُوَ، لًقَدْ كَدْتُ أَنْ اباَدئَهُ بِالَّذِى قُلت لى، داِنَّهُ لَعَلَى الباَب، فَرَفا منْكَ.
فَلمَّا دَناَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قاَلَتْ: يَاَ رَسُولَ اللهِ، مملتَ مَغَافيرَ ؟ قاَلَ: ا لا).
قاً لَت: فَماَ هَذه الرِّيحُ ؟ قَاَلَ: (سَقَتْنِى حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَل).
قَاَلَتْ: جَرَيسَتْ نَحْلُهُ العُرْفُطَ.
فَلَمَّاَ دَخَلَ عَلَىَّ قُلتُ لَهُ مِثْلَ فَلِكَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى صَفِيَّةَ فَقاَلَتْ بِمِثْلِ فَلِكَ، فَلَمَّا دَخَلَ
دلالتها على البينونة وانقطاع الملك خاصة، فينظر فى ذلك، هل يصح انقطاع الملك والبينونة بالواحدة اْو لا يصح فى الشرع إلا بالثلاث ؟ وهذا أصل مختلف فيه، إذا لم تكن معه معاوضة، اْو يكون يدل على عدد غالبا قد يسمتعمل فى غيره نادرأ، فيحمل مع عدم القصد على الغالب، ومع وجود القصد على النادر إذ الصد إليه وجاء مستفتيا فيه، صان كانت عليه بينة، فتختلف فروع هذا القسم، د إن كان يستعملى فى الأعداد استعمالا متساويا وقصد إلى أحد الأعداد، قبل منه، جاء مستفتيا أو قامت عليه بينة، دان لم يكن له قصد فهذا موضع الاضطراب.
فمن أصحابنا من يحمله على أقل الأعداد واستصحابا لبراءة الذمة، وأخذا بالمتيقن ودون ما زاد، ومنهم من يحمله على كثر الاْعداد أخذأ بالاحتياط، وامشظهارا فى صيانة الفروج، ولا سيما على قولنا: إن الطلقة الواحدة تحرتم، فكأن الاستباحة بالرجعة مشكوك فيها هنا، ولا تستباح الفروج يالشك.
فاضبط هذا، فإنه من اْصرار العلم، وإليه ينحصر جميع ما قاله العلماء المتقدمون فى
هذه المسائل، وبه تضبط مسائل الفتوى فى هذا الفن، وأقرب مثال يوضح لك هذه الجملة، ما نحن فيه من مسألة القائل: الحلال على حرام، فقولهم فى المشهور أنها ثلاث، وينوى فى غير المدخول بها فى أقل، بناء على اْن هذا اللفظ وضع لإبانهّ العصمة، واْنها لا تبين بعد الدخول بأقل من ثلاث، وتبنن قبل الدخول بواحدة، ولكنها فى العدد غالبا فى الثلاث، ونادرا فى اْقل منه، فحملت قبل الدخول على الثلاث، ونوى فى أقل.
وقول عبد الملك: لا ينوى فى اْقل وإن لم يدخل بها، بناء على اْنها موضرعة للثلاث، لقوله: اْنت طالق ثلاثا، ويلحق بأول الأقسام التى ذكرنا.
وقول أبى مصعب: هى فى الّى لم يدخل بها واحدة، والمدخول بها ثلاث، بناء
26 (5/25)
كتاب الطلاق / باب وجوب الكفارة على من حرّم امراْته...
إلخ عَلَى حَفْصَةَ قاَلَتْ: ياَ رَسُولَ اللهِ، ألا أسْقِيكَ مِنْهُ ؟ قاَلَ: ا لا حَاجَةَ لِى بِهِ).
قاَلَتْ: تَقُولُ سَوْدَةُ: س!بحَانَ اللهِ لَقَدْ حَرَمْنَاهُ.
قاَلَتْ: قُلتُ لَهاَ: اسكُتِى.
(... ) قاَلَ أبُو إِسْحَقَ إٍ بَرَاهِيمَ، حَدثناَ الحَسَنُ بَنْ بشْر بْنِ القاَسِمِ، حَا شاَ
أَبُو أسَامَةَ، بِهَذَا سَوَاءً.
وَحدثنيهِ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيد، حَدثناَ عًلِىّ بْنُ مُسْهِر عنْ هِشَامِ ابْنِ عُرْوَةَ، بِهَنَا الإِسْناَدِ، نَحْوَهُ.
253 / ب
على أنها لا تفيد عدلمحا، وإنما تفيد البينونة لا أكثر، والبينونة تصح فى غير المدخول بها بواحدة، ولا تصح فى المدخول بها إلا بالثلاث، على إحدى الطريقتين التى ذكرنا.
وقول ابن خويزمنداد عن مالك: أنها واحدة ثابتة، دإن كانت مدخولا بها، بناء
على اْنها لاتفيد عددا، كطريقة أبى مصعب، ولكن عنده أن البينونة تصح بعد الدخول بواحدة.
فمن هاهنا افترقت طرقهم.
وقول ابن أبى سلمة، بناء على اْنها تفيد انقطاع الملك / على صفة، ولا تسحعمل غالبا فى الثلاث، فحكم.
لكونها واحدة لصحة معنى اللفظ فى الواحدة، وهى كونها محرمة عندنا وإن كانت الطلقة رجعية، وهكذا محتمل قول عبد الملك وربيعة فى الخلية والبرية، والبائنة: أنها فى غير المدخول بها واحدة، مأخوذ من إحدى هذه الطرق التى ذكرنا.
وتنويه أشهب فى الخلية والبرية وإن كانت مدخولا بها على ما حكى عنه اْبو الفرج، يوخذ - أيضا - من إحدى هذه الطرق التى قدمنا.
وعلى هذا يخرج من المسائل مالا يحصى كثرة فاحتفظ به فإنه عقد حسن.
وقد كثر اختلاف الصحابة فى مسألة القائل: الحلال علىّ حرام ومن سواهم من العلماء، هل هو ظهار أو يمين تكفر، ولا يلزم فيه شىء إلا فى الزوجة كما قال مالك: والذى يلزم فى الزوجة فيه الخلاف الذى ذكرناه وفى بعض ما أورلمحناه كفاية.
قال القاضى: للعلماَ خلاف كثير فى الحرام، فمنها هذه الاْقوال المتقدمة الخمسة، ومشهور قول مالك منها بقول جماعة، منهم: على وزيد والحسن والحكم، وبقول عبد الملك، قال ابن أبى ليلى، وفيها ثمانية أقوال أُخر، منها قول ابنْ شهاب: اْن له نيته ولا تكون أقل من واحدة.
وقول سفيان: إن نوى ثلاثا فثلاث، دإن نوى واحدة فواحدة، ! إن نوى يمينا فيمين، دان لم ينو شيئا فلاشىء، هى كذبة.
وقول الأوزاعى وأبى ثور مثله، إلا أنه قال: فإن لم ينو شيئا فكفارة يمين.
وقول الشافعى: إن نوى الطلاق فما اْراد من عدلمحه ! إن كان نوى واحدة فهى رجعية،
(5/26)
كتاب الطلاق / باب وجوب الكفارة على من حرثم امرأته...
إلخ
27
وروى مثله عن أبى بكر وعمر وغيرهم من الصحابة والتابعن، وإن أراد تحريمها فكفارة يمين، وليس بمُولِ.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: إن نوى الطلاق فواحدة بائنة، إلا اْن ينوى ثلاثا، فإن نوى اثنتين فهى واحدة، وإن لم ينو شيئا فهى يمين وهو مول، دان نوى الكذب، فليس بشىء، وقال مثله زفر إلا أنه قال: إذا نوى اثنتين لزمتاه، وقال إسحق: فيها كفارة الظهار، وقال بعض التابعن: هى يمين يكفرها ما يكفر اليمن، وذكره مسلم عن ابن عباس، وقيل: هى كتحريم الماء والطعام، لا يلزمه فيه شىء، وهو قول الشعبى ومسروق وأبى سلمة، وهو قول أصبغ.
وهذا فى الحرائر، وأما فى الإماء فلا يلزم التحريم فيهن عند مالك، كالطعام، وذلك لغو فيما عدا الأزواج، وذهب عامة العلماء إلى أن عليه كفارة يمين لمجرد التحريم، وقال أبو حنيفة: إذا قال ذلك حرم عليه ما قاله فيه من طعام وغيره، ولا شىء عليه، حتى إذا تناوله لزمته كفارة يمين، وأم الولد كالأمة على ما تقدم.
وقوله: (إنى أجد منك ريح مغافير)، قال الإمام: المغافير جمع مغفور، وهو صمغ حلو كالناطف، وله رائحة كريهة، ينفخه شجر يقال له: العرفط وهو بالحجاز.
وقوله: (جَرسَتْ نَحْلُه): ئى كلت، قال أبو عبيد فى مصنفه: يقال: جرست النحل تجرس جرسأ: إذا كلت لتعسل.
قال الهروى: ويقال: النحل جوارس، بمعنى: أ وا كل.
قال القاضى: وقع فى الاْصل: (مغافر) بغير ياء التعويض، والصواب إثباتها ؛
لأنها عوض من الواو أتى فى المفرد، وإنما جاءت محذوفة فى ضرورة الشعر.
وقال بعضهم: العرفط نبات له ورقة عريضة تفترش على الأرض له شوكة حجناء، وثمرة بيضاء كالقطن، مثل زر القميص، خبيث الرائحة، وتخبث رائحة راعيه ورائحة ألبانها، حتى يتأذى منه الناس، وزعم المهلب أن رائحة المغافرِ والعرفط حسنة، وهو خلاف ما يقتضيه الحديث، وما قاله الناس، قال أهل اللغة: العرفط من شجر العضاة، وهو كل شجر له سْوك، وقيل: رائحته تشبه رائحة النبيذ، وكان النبى - عليه السلام - يكره أن يوجد منه رائحة تكره.
وقوله: (عكة من عسل): هى أصغر من القربة.
وقولها: (فكدت أن أبادئه فَرَقا مِنْكِ): ثى ابتداؤه بالكلام قبل أن تدنو منى خوفا منك، وفى رواية ابن الحذاء: (أناديه) من النداء، وليس بشىء.
1 / 254
28 (5/27)
كتاب الطلاق / باب وجوب الكفارة على من حرتم امرأته...
إلخ وفى هذا الحديث إفشاء السر ذنب تجب التوبة منه، لقوله تعالى: { ان تَتُوبَا إلَى اللهِ} (1)، وكذلك التظاهر على الزوج وعلى المومن فيما يضر به، ويتأذى منه، ويقطع منفعة عنه.
وفيه كرامة نبينا - عليه السلام - وهذه الأمة، بأن الله لم يلزمها ما حرمته على نفسها، كما فعل بمن تقدم من الأنبياء والأمم.
وقوله: فنزل: { لِمَ تُحَزِمُ مَا أَحَل اللهُ فك} (2): قد اختدف فى سبب نزولها، فجاء
عن عائثة: أنه فى هذه القصة، وعن زيد بن أسلم: أنها نزلت فى تحريمه عليه مارية جاريته، وحلفه ألا يطأها.
ولا حجة! أوجب فى التحريم بظاهر الاَية كفارة يمين بقوله: { تَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ
تَجئةَ أَيْمَانِكُم} (3) لما روى أنه قال: (والله لا اْطوها)، ثم قال: (هى على حرام)، وروى مثل ذلك من حلفه على شربه العسل المذكور وتحريمه، ذكره ابن المنذر فى رواية البخارى: ا لن أعود له وقد حلفت، لا تخبرى بذلك أحداً) (4).
وقال الطحاوى: قال النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى شرب العسل: لن يعود إليه، ولم يذكر يمينا،
لكن قوده تعالى: { قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلةَ أَيْفانِكُم} يوجب أن يكون قد كان هناك يمين.
قال القاضى: قد ذكرنا ما فى كتاب البخارى من قوله: (قد حلفت، لا تخبرى بذلك أحدا)، فهذه يمين إن نوى بها الحلف بالله، وهو ظاهره.
وقد استدل بعض العدماء بقوده: { لمَ تُحَزِم قا أحَل اللة لَك} عدى أن ماعدا الزوجات لا يحرم بدفظ التحريم من الإماء وغيرهن على ما تقدم لإباحة ذلك فى الحرة بالطلاق.
وقوله: (كان - عليه السلام - يحب الحلواء والعز ل): حجة فى استعمال مباحات الدنيا، وكل لذيذ الأطعمة.
والحلواء هنا: كل طعام مستحلى.
ودورانه المذكور فى الحديث بعد العصر على نسائه إما لأن حكمه فى القسم بخلاف
غيره كما تقدم / فإن العدل غير واجب، لكنه كان مع هذا يعدل، فيفعل هذا فى كل واحدة، ليسوى بينهن فى نفسه، وأما على وجوب القسم، فإنما لكل واحدة يومها، ولا يسوع مثل هذا معهن إلا برضى جميعهن ؛ لأنها مثاركة فى يومها لهن، وقد يحتج بهذا من يرى العدل إنما يختص بالمبيت لا فى الزيادة، وقد تقدم هذا وقد جاء فى الأم: (كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يستأذننا إذا كان فى يوم المرأة منا)، وهذا يوضح صحة ما تأولناه قبل، وقال الداودى: كان جعل ما بعد العصر ملغى، كأنه يشير إلى ما تقدم، أن جعله وقتا مشتركا لجميعهن.
وذكر فى حديث حجاج عن ابن جريج ؛ أن التى شرب عندها العسل زيف، وأن
(1) التحريم: 4.
(2) التحريم: ا.
(4) البخارى، كالتفسير، بسورة التحريم.
الفتح (4912).
(3)1 لتحريم: 2.
(5/28)
كتاب الطلاق / باب وجوب الكفارة على من حرئم امرأته...
إلخ 29 المتظاهرتين عالْشة وحفصة، وكذلك جاء فى حديث ابن عباس وعمر ؛ أن المتظاهرتين هما.
وذكر مسلم - أيضا - من رواية اْبى اْسامة عن هشام أن حفصة هى التى شرب عندها العسل، وأن عائشة وسودة وصفية هن اللواتى تظاهرن عليه، والأول أصح.
قال النسائى فى حديث حجاج: إسناد جيد صحيح غاية.
قال الأصيلى ة حديث الحجاج أصح طرقه، وهو اْولى بظاهر كتاب الله وكمل فائدة، يريد بقوله: { ؤإن تَطَاهَوَا عَلَيْه} (1)، فهما اثنتان لا ثلاثة كما جاَ فى رواية اْبى أسامة، واْن المتظاهرتين عائشة وحفصة كما قال فيه، واعترف به عمر - رضى الله عنه - وانقلبت الأسماَ فى الرواية ا لأخرى.
كما أنه الصحيح فى أمر العسل، لا فى قصة اْم إبراهيم، كما جاء فى غير الصحيحين (2)، ولم يأت بتلك القصة طريق صحيح، قال النسائى: حديث عائشة فى العسل إسثاده جيد صحيح غاية.
وقوله: { لَ!إِذْ اَسَو الئبِأ إلَن بَعْفىِ اَ!وَاجِهِ حمَمِيثًا} (3) لقوله: (بل شربت عسلأ) كذا
جاَ فى مسلم، وفيه اختصار وتمامه: (ولن أعود إليه وقد حلفت، لا تخبرى بذلك أحدا) على ما رواه البخارى، فهذا أحد الأقوال فى ذلك، وذلئط لئلا تبلغ الأخرى الخبر، وأنه فعله ابتغاء مرضاة أرواجه، فيتغير قلبها.
وقيل بل ذلك فى قصة مارية، واستكتامه حفصة ألا تخبر بذلك عائشة.
قيل: بل أسر إلى حفصة أن الخليفة بعده أبو بكر ثم عمر.
(1)1 لتحريم: 4.
(2) الطبرانى فى الكير رقم (11130) وقال الهيثمى فى دلجمع: ورواه الطبرانى فى الأوسط من طريق مومى إبن جعفر بن أ.
س كثير عن عمه.
وقال الذهبى: مجهول وخبره صاقط.
(3) للتحريم: 3.
(5/29)
كتاب الطلاق / باب بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاقا إلا بالنية
(4) باب بيان أن تخيير امراْته لا يكون طلاقا إلا بالنية
22 - (1475) وحئثنى أبُو الطَاهِرِ، حَدثناَ ابْنُ وَهْب.
ح وَحَدثنِى حَرْمَلَةُ بْنُ
يَحْىَ التُّجَيبِىُّ - وَاللَفْظُ لَهُ - أخْبَرَناَ عَبْدُ الله بْنُ وَهْبٍ، أخْبَرَنى يُونُسُ بْن يَزِيدَ، عَن ابْنِ شِهاَب، أخْبَرَنى أبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْد اَلرخْمَنِ بْنِ عَوْفَ ؛ أنَّ عَائشَةَ قاَلَتْ: لَمَّاَ امِرَ رَسُول" الله ( صلى الله عليه وسلم ) بتَخْيِيرِ أزْوَاجِه بَدَاَ بِى.
فَقاَلَ: (إِنَّى ذَاكرٌ لَكَ أمْرًا، فَلا عَلَيْك ألا تَعْجَلِىَ حَتَّى تًسْتَأمِرِى أبَوَيك).
قاَلَتْ: قَدْ عَلِمَ انّ أبَوَى لَمْ يَكُوناَ ليَأمُرَانَى بِفِرَاقه.
قاَلَتْ: ثُمَّ قاَلَ: (إِنَّ اَلئهَ - عَزَّ وَجَل - قاَلَ: { يَا اَئهَا النبِي قُل لَأَنْوَاجِكَ إِن كُنَتُن تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الذنْيَا وَزِينَتَهَا كًعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَ وَاُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلأ.
وَإن كُنتُن تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسولَهُ وَالذَارَ الاَخِرَةَ فَإِنَّ الفَهَ أَعَذَ للْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ اَجْرا عَظِيفا لما (1).
قاَلَتْ: فَقُلتُ: فِى أيِّ هَذَا أسْتَأمرُ أبَوَىَّ ؟ فَ!نًّى اريدُ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الاَخِرَةَ.
قاَلَتْ: ثُمَّ فَعَلَ أزْوَل رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مِثْلَ مَا فَعًلتُءَ
23 - (476 1) حئثنا سُرئجُ بْنُ يُوُنسَ، حَدثناَ عبَّادُ بْنُ عبَاد، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ مُعَافَةَ العَدَويَّةِ، عَنْ عَائشَةَ، قاَلَتْ: كَانَ رسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَسْتَأفِنُنًاَ، إِذَا كَانَ فِى يَوْم المَرْأة منَّا، بَعْدَ مَا نَزَلَت: تُرْجِما مَن تَشَاءُ مِنْهُن وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء} (2).
فَقاَلَتْ لَهاَ مُعًاذً ةُ: فَماَ كنتِ تَقُولنَ لِرَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) إِذَا اسْتَأفَنَكِ ؟ قاَلَتْ: كنتُ أَقُولُ: إِنْ كَانَ فَاكَ إِلَى لَمْ اوثِرْ أحَلًاَ عَلَى نَفْسِى.
(... ) وحدّثناه الحَسَنُ بْنُ عِيمسَى، أخْبَرَناَ ابْنُ المُباَرَكِ، أخْبَرَناَ عَاصِمٌ، بِهَذَا
وقول عائشة: ا لما أمر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بتخيير اْزواجه بدأ بى) الحديث: وفيه أنه خيرّ نساءه فلم يكن طوالق.
قال الإمام: التخيير عندنا والتمليك حكمهما مفترق، ففى التمليك، وهو قوله: (أمرك بيدك)، له التناكر فى الثلاث إذا نوى أقل، وفى التخييرْ لا مناكرة له، وقال ابن الجهم من أصحابنا: له المناكرة فى التخيير، ويصحّق أنه أراد واحدة، وتكون بائنة،
(1) 1 لأحزاب: 28، 29.
(2) ا لأحزاب: 51.
(5/30)
كتاب الطلاق / باب بيان أن تخييرامرأته لايكون طلاقا إلابالنية 31 ا لإِسْناَ دِ، وَنَحْوَهُ.
24 - (477 1) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى التَّميمِىُّ، أخْبَرَناَ عَبْثَز، عَنْ إِسْمَاعيلَ
ابْن أبِى خَالد، عَنِ الشَعْبِىِّ، عَنْ مَسْرُوق قاَلىَ: َ قاَلَتْ عَائشَة: قَدْ خَيرَناَ رَسُولُ اللّه كله فَلَمْ نَعُدَّهُ طَلاقًا.
"
25 - (... ) وحدّثناه أبُو بَكْر ئن أبى شَيبَةَ، حَدبرشاَ عَلى بْنُ مُسْهر، عَنْ إِشْمَاعِيلَ بْنِ أبِى خَالد، عَنِ الشئعْبِى، عَن مَ!ثرؤ!، قاَلىَ: مَا أباَلِى خَيَّرْتصً امْرأتِى وَاحِدَةً أوْ مائَةً أوْ ألفًاً، بَعْدَ أنْ تَخْتاَرَنِى.
وَلَقَدْ م!أل!ث عَائشَةَ فَقاَلَتْ: قَدْ خَيَّرَناَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، أفَكانَ طَلاقًا ؟
26 - (... ) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَارٍ، حَدثناَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حَدثناَ شُعْبَةَ،
عَنْ عَاصمٍ، عَنِ الشَّعْبِىِّ، عَنْ مَسْرُوق، عَنْ عَائشَةَ ؛ أنَ رَسُولىَ اللهً كله خَيَرَ نسَاءَهُ.
فَلَمْ يَكُن طَلاقًا.
ً
27 - (... ) وحدّثنى إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُور، أخْبَرَناَ عَبْدُ الرخمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ،
عَنْ عَاصِمٍ الأحْوَلِ ياِسْمَاعِيلَ ئنِ أبِى خَالِدً، عَنِ الشَّعْبِىِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ وهذا كله يعرف وجه التحقيق فيه، من العقد الذى قدمناه قبل هذا، فكأنهم فى المشهور من المذهب، رأوا أن التخيير وضع للبينونة ولا يكون فى المدخول بها بأقل من ثلاث، فلم يمكنوه من المناكرة، ورأى ابن الجهم، أنها تكون بالواحدة البائنة، فمكنه من المناكرة.
وفرق المذهب بين التخيير والتمليك لهذا المعنى أيضا، وهو أن التخيير جرى الاستعمال فيه بالبينونة، فلم يجر الاستعمال بذلك فى التمليك، فافترق حكمهما، وإذا ملكها عدداً، فلا يخلو - أيضا - أن نورده بلفظ لا يدل الاقتصار على ما تضمنه، أو لفظ يدل على الاقتصار عليه، فإن كان بلفظ لا يدل على الاقتصار، فقضت بالأقل، فلها ذلك، لأنه ملكها العدد فما دونه، دان قضت بثثر، ففى لزوم العدد الذى ملكها خلاف أيضا، وإن قضت بأقل ففى لزوم ما قضت به أيضا خلاف.
ووجه الخلاف فى الاكثر إذا قضيت به هل يسقط ما ملكها أو يثبت ؟ أن من أسقطه
رأى أنه ملكها على صفحة، فقضت بخلافها، فلا يلزمه ما قضت به ؛ لأنه إذا ملكها تطليقتين فقضت بالثلاث، فإن الثلاث غير التطليقتين، فلا يلزمه التطليقتان وقد قضت بغيرهما، ووجه القول باللزوم، أن الزائد على ما تملكه كالعدد، فكأنها لم تنطق به واقتصرت على ما تملكه فلزمه.
32 (5/31)
كتاب الطلاق / باب بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاقا إلا بالنية عَائِشَقَ! قاَلَتْ: خَيَّرَناَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَاخْتَرْنَاهُ.
فَلَمْ يعُلهّ طَلاقًا.
28 - (... ) حدثنا يحيى بْنُ يحيى وَأبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَأبُوكُرَيْب - قاَلَ يحيى: أخْبَرَناَ.
وَقاَلَ الاَخَرَانِ: حَدثناَ أبُو مُعَاوِيَةَ - عَنِ الأعْمَش، عَنْ مُسْفبم، عَنْ مَسْرُوق، عَنْ عَائشَةَ.
قاَلَتْ: خَيَّرَناَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَاخْتَرْناَهُ.
فَلَمْ يَعْدُلْ!ا عَلَيْناَ شيئِّا.
ء
(... ) وحدّثنى أبُو الرَّبِيع الزَّهْرَانِىُّ، حَدثناَ إِسْمَاعيلُ بْنُ زَكَريَّاءَ، حَدثناَ الأعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهيمَ، عَنِ الأسْوَد، عَنْ عَائشَةَ.
وَعَنِ الأَعْمَشِ، عَن مُسْلِبم، عَنْ مَسْرُوق، عَنْ عَائشَةً.
بمثْله.
ءًً صًص،،، ً !ً،، ور - َ !ًَ،
29 - (478 1) وَحدثنا زهْيْر بْن حرب، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا زكرِياء
ابْنُ إِيسْحَقَ، حَدثناَ أبُو الزبيْرِ عَنْ جَابر بْنِ عَئد اللهِ، قاَلَ: دَخَلَ أبُو بَكْر يَسْثَأفِنُ عَلَى رَسُول اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَوَجَدَ النَّاسَ جُلُوسَماَ بِباَبه لَم يُؤْفَنْ لأحَد منْهُمْ.
قاَلَ: فَا، ذنَ لأبِى بَكْرٍ، فَدَخَلَ.
ثُمَّ أقْبَلَ عُمَرُ فَاسْتَأفَنَ فَا، ذِنَ لَهُ.
فَوَجَدَ النَّبَىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) جَالِسئا، حَوْلَهُ
ووجه الخلاف أيضا، إذا ملكها عددأ فقضت بأقل، إن من لم يلزمه فلأنها قضت
على غير الصفة التى أعطاها، فلا يلزمه ما قضت به، لا سيما وللمُملّك فى الأعداد غرض ؛ لأن اعثر منها يسقط النفقة، ويحل لأخت المطلقهّ، ولا يلزم خلاف غرضه، وكمن باع منه ثلاث أثواب، فأراد قبول واحد منها، فليس ذلك له.
وقد ألزم ابن القصار إذا ملكها أمرها، وأمر امرأة أخرى معها فطلقت نفسها خاصة،
أن ذلك لا يلزمه، ورأى اْنه فى معنى من ملك عددأ فقضت عليه بأقل منه.
ومسألة ابن القصار هذه للنظر فيها عندى مجال، وتفتقر إلى تفصيل، ووجه القول بأنه إذا قضت بأقل لزم، أنه كمن وهب ثلاثة أثواب، فقبل واحدأ منها، وهذا للآخرين أن ينفصلوا منه، ويقولوا: لو صح اْن يكون له غرض فى قبوله منه الثلاثة جميعا، لم يكن الموهوب من قبول واحد.
وقولها: (فلم يعد ذلك طلاقا): فيه رد على من يقول: إنه يلزمه الطلاق ل!إن اختارت الزوج.
قال القاضى: وقولها: (فلم يكن طلاقا " وفى الرواية الأخرى: (فاخترناه فلم يعد علينا شيئا): اختلف العلماء فى التخيير إذا اختارت المرأة نفسها ما يكون ؟، فقيل
(5/32)
كتاب الطلاق / باب بيان أن تخييرامرأته لايكون طلاقا إلابالنية صها نساَؤُمُ! وَاجمًا سَاكِتًا.
قاَلَ: فَقاَلَ: لأقُولَنَّ شَيئا أضْحكُ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقاَلَ: ياَ رَسُولَ اَلثهِ، لَوْ رَأَيْتَ بِنْتَ خَارِجَةَ سَألَتْنِى النَّفَقَةَ فَقُمْتُ إَلَيْهاَ فَوَجَاْتُ عُنقَهاَ.
فَضَحكَ رَسُولُ الثه ( صلى الله عليه وسلم ) وَقاَلَ: (هُنَّ حَوْلِى كَماَ تَرَى، يَسْأَلنَنِى النَّفَقَةَ.
فَقاَمَ أبُو بَكْرِ إِلَى عَائشَةَ يَجًأ عُنُقَهاَ.
فَقاَمَ عُمَرُ إلَى حَفْصَةَ يَجَأ عُنُقَهَا.
كلاهُماَ يَقُولُ: تَسْألنَ رَسُولَ اللهَِ ( صلى الله عليه وسلم ) مَالَيْسَ عِنْدَهُ.
فَقُلنَ: َ وَاللهِ، لا نَسْألُ رَسُولَ الثَهِ ( صلى الله عليه وسلم ) شَئئا أبَدا لَيْسَ عِنْدَهُ.
القولان المتقدمان عندنا: أنها ثلاث بكل حال، وهو مشهور قول مالك، وقاله الليث والحسن.
ثم اختلف عندن الإذا قضت بأقل من ثلاث، فقال مالك: لا يلزمه وسقط ما بيدها،
وقال أشهب: ترجع على خيارها.
وقال عبد الملك: هى ثلاث بكل حال، وقيل: إنها واحدة بائنة، وهو قول لبى حنيفة، وحكى عن مالك، وروى عن على بن أبى طالب.
وقيل: واحدة رجعية، وهو قول عبد العزيز والشافعى والثورى وابن أبى ليلى وأبى يوسف، وحكى ابن سحنون عن أبيه نحوه، صروى عن عمر وابن مسعود.
وقالت فرقة: هو ما / قضت به الزوجة من واحدة أو كثر، وقيل: هو على ما نواه لالزوج، وله مناكرتها فى الخيار كالتمليك.
، والطلقة بائنة، وهو قول ابن الجهم من أصحابنا وغيره.
وقال بعضهم: تكون رجعية.
وتالت فرقة: ليس للمجرة ولا للمملكة شىء من الطلاق.
واختلفوا إذا اختارت روجها، فكافتهم على أنه لا يلزم فيه شىء، وهو قول جماعة السلف، وأئمة الفتوى، ومشهور مذهب مالك، وروى عن على صزيد بن ثابت والحسن والليث: أن ئفس الخيار طلقة واحدة بائنة، وإن اختارت زوجها، وحكاه الخطابى والنقاش عن مالك، ونحوه عن ربيعة فى التمليك، قال: وإن اختارت نفسها فثلاث ولا يصح هذا عن ط لك، والأحاديث الصحيحة ترده.
وكذلك اختلف ث!يوخنا: هل إيقاع الخيار مكروه وبدعة، أو مباح وسنهَ، فقيل:
ذلك مكروه لما تضمن من إيقاع الثلاث، وقيل: غير مكروه، فليس بنفس الطلاق الثلاث، وإتما هو تخسِر فى الاقامة أو فى الفرقة ؛ ولأن النبى ( صلى الله عليه وسلم )، أمر به وفعله.
رقيل: إنما أمر الله نبيه بتذمر لزواجه بين الدنيا والآخرة، فمن اَثرت الدنيا طلقها بالطلاق الذى أمره الله به، فليس فيه حجة[ فى، (1) التخسِر فى الطلاق، ولا فى إباحة التخسِر،
(1) صاظة من الأصل، واستدركت بالهامة.
254 / ب
34 (5/33)
كتاب الطلاق / باب بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاقا إلا بالنية ثُمَّ اعْتَزَلَهُنَّ شَهْرا اوْ تسْعًا وَعشْرِينَ، ثُمَّ نَزَلَتْ عَلَيْه هَذه الآيَةُ: { يَا أَئهَا النبِأ قُل لأَزْوَاجِكَ حَتَّى بَلَغ لِلْمُحْس!نَاَتِ مِنكًن أَجْوًا عَظيمًا} (1) قاَلً: فَبَلأَبِعَائشَةَ.
فَقاَل: (ياَعَائشَةُ، إِنِّى ارِيدُ أنْ أعْرِضَ عَلَيْك أمْرم، احِبُّ ألا تَعْجَلِى فِيهِ حَتًّى تَسْتَشِيرِى أبَوَيْكَ).
قاَلَتْ: وَمَا هُوَ ياَ رَسُولَ الله ؟ فَتَلا عَلَيْهاَ الاَيَةَ.
قاَلَتْ: أفيكَ ياَرَسُولَ اللهِ أسْتَشيِرُ أبَوَى ؟ بَلْ أخْتاَرُ اللهَ وَرَسولَهُ وَاللَّارَ الاَخِرَةَ، وَاسْألُكَ ألَا تُخْبِرَ امْرَأةً مِنْ نسَائكً بالَّذى قُلتُ.
قاَلَ: ا لا تَسْألَنى امْرَأة منْهُنَّ إلا أخْبَرْتُهاَ، إنَّ اللهَ لَمْ يَبْعَثْنى معنتا ولا متعنِتًا، ولكِنْ بعثنِى معلما ميسرًا).
ولا حجة لجواز إيقاع الثلاث.
قال الإمام: وقوله: (وجأت عنقها): أى دققته، ومنه الحديث: (فليأخذ سبع تمرات فليجأهن) (2): [ أى فأدقهن] (3).
قال القاضى: هذا اْصل الوجاء، وليس كل دق فى العنق وجاء، وإنما هو شبه الطعن والغمز يقال: وجأت البعير: إذا طعنته فى منخره، ووجأت الوتد: ضربته، ووجأته بالسكن: طعنته به.
(1) 1 لأحزاب: 28، 29.
(2) ئبو داود، كالطب، بفى تمرة العجوة (3875).
(3) سقط من الأصل، واستدرك بالهامش.
(5/34)
كتاب الطلاق / باب فى الإيلاء واعتزال النساء...
إلخ
35
(5) باب فى الإيلاء واعتزال النساء وتخييرهن، وقوله تعالى:
{ ياِن تَظَاهَوَا عَلَيْهِ} (1)
30 - (1479) حدّثنى زُهْيرُ بْنُ حَرْب.
حَدثناَ عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الحَنَفىُّ،
ص يرص ه ص، 5، ص ص ه صء، َ هًَ ممصَ،، يِر يهص حدثنا عكرمة بن عمار، عن سماك ابِى زميل، حدثنِى عبد الله بْن عباس، حَدثنِى عُمَرُ بْنُ الخًطَّاب، قاَلً: لَمَّا اعْتًزَلً نَبىُّ الله ( صلى الله عليه وسلم ) نسَاءَهُ قاَلَ: دَخًلتُ المَسجِدَ، فَإِذَا النَّاسُ يَنكُتُونَ بالحًصَى وَيَقُولُونَ: طَلَّقً رَسُولُ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) نسَاءَهُ، وَفَلكَ قَبْلَ أنْ يُؤْمَرْنَ بالحجَاب.
فَقَاَلَ عُمَرُ: فَقُلتُ: لأعْلَمَنَّ ذَلكَ اليًوْمَ.
قَاَلَ: فَدَخَالتُ عَلَى عَائشَةَ، فًقُلتُ: يَاَ بنْتَ أبِى بَكْر، اقَدْ بَلَغَ مِنْ شَأنكَ أَنْ تُؤْذِى رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فَقاَلًتْ: مَالى وَمَالَكً ياَ ابْنَ الخَطًّاب ؟ عَلَيْكَ بعَيْبَتكً قَاَلَ: فَدَخَلتُ عَلَى حَفْصَةَ بنْت عُمَرَ.
فَقُلتُ لَهاَ: ياَ حَفْصَةُ، أقَد بَلَغَ مِنْ شًأنكَ أنْ تُؤْذى رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ وًا للهَ، لَقَدْ عَلمْت أنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) لا يُحِبّك، وَلَولاَ اناَ لَطَلَّقًكِ رَسُولُ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَبَكَت اشَدَّ البُكَاءَِ.
فَقُلتُ لَهً: أيْنَ رَسُولُ اَدئهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ تاَلَتْ: هُوَ فِى خِزًا نَتِهِ فِى المَشْرُبَةِ.
وقولها: (فعليك بعيبتك): تريد ابنته، قيل: العيبة الابنة.
قال الإمام: أى بخاصتك وموضع سرك، ومنه قوله ( صلى الله عليه وسلم ): (الأنصار كرشى وعيبتى) (2) قال ابن الأنبارى: يعنى (كرشى) أصحابى وجماعتى الذين أعتمد عليهم، وأصل الكيرش فى اللغة: الجماعة، وجعل الأنصار عيبته: خصوصيته إياهم ؛ لأنه يطلعهم على أسراره، قال غيره: فمعنى (عيبتى): خاصتى وموضع سرى، قال أهل اللغة: والعيبة فى كلام العرب، معناها: ما يجعل فيه الرجل اْفضل ثيابه، وحر متاعه، واْنفسه عنده.
قال القاضى: كذا رواية العذرى والفارسى وكافة الرواة، وهو الصواب على ما تقدم، ورواه بعضهم عن السجزى: (بغيبتك) وليس بشىء، وعند ابن ماهان: (بنفسك).
وقوله: (هو فى المشرُبة)، قال الإمام: فيها لغتان: فتح الراء وضمها.
ورباح المذكور فى هذا الحديث هو بفتح الراء، وباء واحدة تحتها.
(1) للتحريم: 4.
(2) البخارى، كمناقب الأنصار، بقول النبى: (اقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيثهم) (3801)، مسلم، كفضائل الصحابة، بمن فضائل الأنصار وقريئ! (07 39)، أحمد 3 / 156.
36 (5/35)
كتاب الطلاق / باب فى الإيلاء واعتزال النساء...
إلخ فَدَخَلتُ فَإِفَا أناَ بِرَباع غُلام رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَاعدأ عَلَى اسْكُفَّة المَشْرُبَةِ، مُدَل2 رِجْلَيْهِ عَلَى نَقير مِنْ خَشَب - وَهوَ جِذِع يَرْقَى عَلَيْهَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَيَنْحَدرُ - فَناَدَيْتُ: ياَرَباحَُ، اسْتَأذنْ لِى كنْدَكَ عَلَىِ رسُولِ الثه ( صلى الله عليه وسلم ).
فَنَظَرَ رَباًحٌ إِلَىِ الغُرْفًة، ثُمَ نَظَرَ إلَىَّ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئاَ.
ثُمَّ قُلَتُ: ياَ رباَحُ، اسْتَأَذنْ لى عنْدَكَ عَلَى رسُول التَه ( صلى الله عليه وسلم ).
فَنًظَرَ رَباح إِلَى الغُرْفَة، ثُمَ نَظَرَ إِلَىَّ، فَلَمْ يَقُلْ شًيئا.
ثُمَ رَفَعْتُ صَوْتِى فًقُلتُ: ياَ رَباحُ، اسْتَأذنْ لِى عِنْدَكً عَلَى رَسُول الثهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَإنِّى أظُنُّ أن رَسُولَ الله كلية ظَنَّ انى جئْتُ مِن أَجْل حَفْصَةَ.
وَالله، لَئِن أمَرَنِى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) بضَرْب عُنُقِهاَ لأضْرِبْنَّ عُنُقَهاَ، وَرفَعْتُ صَوْتِى، فَا"وْمًا" إلَىَّ أنِ ارْقَهْ.
فَدَخَلتُ عَلَىَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَهُوَ مُضْطًجع عَلَى حَصير، فَجَلَسْتُ.
َ فَأ!نَى عَلَيْه إِزَارَهُ، وَلَيْسَ عَلَيْه غَيْرهُ، وَإِفَا الحَصيرُ قَدْ أَ"لرَ فِى جَنْبِهَِ، فًنَظَرْتُ ببَصَرِى فِى خِزَانًة رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فًإذَا أناَ بقَبْضَة مِن شًعير نَحْوِ الضَاع، وَمِثْلهاَ قَرَظَا فِى ناَحيَة الغُرْفًة، طَ ذًا أفَيقٌ مُعَلَّق، قاَلً: فَابْتدرتْ عًيْنَاىَ.
قاَل: (مَ اليكَ ياَ ابْنَ الخًطَّابِ ؟َ) قُالَتُ 5َ ياَنَبِىَّ الله، وَمَالِى لا أبْكِى ؟ وَهَذَا الحَصيرُ قَدْ أثَّرً فِى جَنْبكَ، وَهَذه خزَانَتُكَ لا أرَى فِيهَاَ إلا مَا أرَى، وَذَاكَ قَيْصَرُ وَكسْرً ى فى الثمار وَالأنهاَرِ، وَانتً رَسولُ الثهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَصَفْوتُه، وَهَذه خزَانَتُكَ.
فَقاَلَ: (يَاَ ابْنَ الخًطَّابِ، ألا تَرْضَى أنْ تَكُونَ لَناَ الآخِرَةُ وَلَهُمُ الدُنْياَ ؟).
قَلت: بَلَى.
قاَلَ: وَدَخَلتُ عَلَيْهِ حِينَ دَخَلتُ وَأناَ أرَى فِى وَجْههِ الغَضَب.
فَقُلتُ: ياَ رَسُولَ اللهِ، مَا يَشُق عَلَيْكَ منْ شَأنِ النِّسَاء ؟ فَإِنْ كنتَ طَلَّقتَهُنَّ فَإنَّ اَلتهَ مَعَكَ وَمَلائكَتَهُ وَجَبْريلَ وَميكَائِيلَ، وً أناَ وَأبُو بَكْر وَاَلمُؤْمنُونَ مَعَكَ.
وَقَلَماَ تًكَلَمْتُ - وَأحْمَد الثهَ - بكَلامٍ إِلاَ رَجَوْتُ أنْ يَكُونَ اللهُ يصَدِّقُ تًوْلِى الَّذى أقُولُ، وَنَزَلَتْ هَذه الاَيَةُ، آيَةُ التَّخْيِيِر { عَسَى رَبُّهُ إِن طَالَقَكُن أَن يُيْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًاَ مِّنكُن} (1){ أن تَظًاهًوَا عَلَيْهِ فَإِنَّ الئَهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِير} (2) وَكَانَتْ عَائِشَةُ بنْتُ أبِى بَكْر وَحَفْصَةُ تَظَاهَرَان عَلَى سَائِر نسَاء النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقُلتُ: ياَ رَسُولَ اَدته، أطَلَّقْتَهُنًّ ؟ قاَلَ: ا لا).
فالتُ: ياَرَسوَلَ التَهِ، إِنِّى دَخَلتُ المَسْجِدَ وَالمُسْلِمُوَنَ
(1) للتحريم: ه.
(2)1 لتحريم: 4.
(5/36)
كتاب الطلاق / باب فى الإيلاءواعتزال النساء...
إلخ كل يَنْكُتُونَ بالحَصَى، يَقُولُونَ: طَلَقَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) نسَاءَهُ، أفَ النزِلُ فَاخبِرَهُمْ أنَكَ لَمْ تُطَلِّقْهُن ؟ قاَلَ: (نَعَمْ، إَنْ شِئْتَ،.
فَلَم أزَلْ أُحَا ؟دهُ حَتَّى تَحَسئَرَ الغَضَبُ عَنْ وَجْهه، وَحَتَى كَشَرَ فَضَحكَ، وَكَانَ مِنْ أحْسَنِ الئاس ثَغْرًا، ثُمَ نَزَلَ نَبِىّ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَنَزَلَدت.
فَنَزَلتُ أتَشبَثُ بِالجذعْ وَنَزَلَ رَسُولُ الثه ( صلى الله عليه وسلم ) َ كَأنماَ يَمْشِى عَلَى الأَرْضِ مَايَصَ!ئهُ بيَده.
فَقُلتُ: ياَ رَسُوَلَ اللّهِ، إِنَماَ كُنْتَ فِى الغُرْفَة تسْعَةً وَعشْرِينَ.
قاَلَ: (إٍ ن الشَهْرً يَكُونُ تِسْعًا وَعشْرينَ لما، فَقُمْتُ عَلَى باَب الَمًسْجد، فًناَدَيْتُ بأعْلَى صوْتِى: لَمْ يُطَلَّقْ رَسُولُ الئَه ( صلى الله عليه وسلم ) نسَاعَهُ.
وَنَزَلَتْ هَذه اَلاَيَةُ: َ !اِفَا جَاءَهُمْ أً مْر مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدَ"وهُ إِلَىَ الزَممُولِ طَ لَن أُوْلِي اَلَامْرِ مِنْهُم لَعَلِمَهُ الَذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} (1) فَكنتُ أناَ اسْتَنْبَطتُ فَلِكَ الأمْرَ، وَانزَلَ اللهُ - عَر وَجَلَّ - اَيَةَ التَخْيِيِر.
31 - (... ) حدّثنا هَرُونُ بْنُ سَعِيد الأيْلى، حَا شاَ عَبْدُ الله بْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى سُلَيْماَنُ - يَعْنِى ابْنَ بِلال - أخْبَرَنِى يحيى.
أَخْبَرَنى عُبَيْدُ بْنُ حنَيْنٍ ؟ أئه سَمِعَ عَبْدَ الله بْنَ عَبَّاسبى يُحَدّثُ.
قالَ: مَكَثْتُ سَنَةً وَأناَ ارِيد أنْ أسْألَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ عَنْ اَيَةَ، فَماَ أسْتَطِيعُ أنْ أسْألَهُ هَيْبَةً لَهُ، حَتَّى خَرَجَ حَاجًا فَخَرَجْتُ مَعَهُ، فَلَمَارَجَعَ، فَكئا ببَعْض الالريقِ، عَدَلَ إِلَى الأرَاك لحَاجَة لَهُ.
فَوَقَفْتُ لَهُ حَتَّى فَرغً، ثُمَّ سِرْتُ مَعَهُ.
َ فَقُلث: ياَ أَميرَ المُؤْمننَ، مَنِ اللَّتاًن تَظَاهًرَتاَ عَلَى رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مِنْ أزْوَاجِهِ ؟ فَقاَلَ: تلكَ حَفْصًةُ وَعَائشًة".
قاَلَ: فَقُلت لَهُ: وَالله، إنْ كنتَُ لا أرَيدُ أنْ أسْألَكَ عَنْ هذا منذ سنة فما أسْتطِيع هيْبةً لكَ.
قاَلَ: فَلا تَفْعَلْ.
مَاظَنَنْتَ أن عنْدى منْ علبم فَسَلنِى عَنْهُ، !فَإِنْ كنتُ أعْلَمُهُ أخْبَرْتُكَ.
قاَلَ: وَقاَلَ عُمَرُ: وَاللهِ، إِنْ كُنَّا فِى الَجَاهَلِيَّةِ
وقوله: (فلم اْزل اْحدثه حتى كشر): قال ابن السكيت: كشر وابتسم وبَسم وافْتر وأنكل كله بمعنى واحد، فإن زاد قيل: قهقه، وزهْدق وكركر، فإن أفرط قيل: استغرب ضحكأ، وقال صاحب الأفعال: كشَّر: أبدى أسنانه تبسما أو غضبا.
قال الق الى: فيه بسط نفس الغضبان، وتسلية لمغتم بما يباح من الحديث، لا بالسمخف من الكلام والأفعال، ومثله قوله فى الرواية الأخرى: ا لأقولن شيئا أضحك به النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ! (2).
(1) 1 لنساء: 83.
(2) حديث رقم لا 2) بالباب للسابق.
38 (5/37)
كتاب الطلاق / باب فى الإيلاء واعتزال النساء...
إلخ مَانَعُدُّ للنِّسَاء أَمْرًا، حَتَّى أنْزَلَ اللهُ تَعاَلَى فيهِنَّ مَا أنْزَلَ، وَقَسَمَ لَهُنَّ مَاقَسَمَ.
قاَلَ: فَبَيْنَماَ أَناَ فىَ أمْر أ أتَمرُهُ، إِذ قاَلَتْ لِى امْرً أتِى: لَوْ صَنَعْتَ كَذَا وَكَنَا.
فَقُلتُ لَهاَ: وَمَالَك انتَ وَلما هاَهُناَ ؟ وَمَا تَكَلُّفُكِ فِى أمْر ارِيدُهُ ؟ فَقاَلَتْ لِى: عَخئا لَكَ، يَا ابْنَ الخَطَّاَب!َ مَاَ تُرِيدُ أنْ تُرَاجَعَ أنْتَ، وَإن ابْنَتًكَ لَتُرَاجعُ رَسُولَ ( صلى الله عليه وسلم ) حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْباَنَ.
قاَلَ عُمَرُ: قآخُذُ رِ!ائِى ثُمَّ أخْرجُ مَكَانِى، حَتّى أدْخُلَ عَلَى حَفْصَةَ.
فَقُلتُ لَهاَ: ياَ بُنَيَّةُ، إنَّك لَتُرَاجعينَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) حتَى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضباَنَ.
فَقاَلَتْ حَفْصَةُ: وَالله، إنَّا لَنُرَاجَعُه.
فَقُلت: تَعْلَمينَ ألّىَ احَنِّرُكِ عَقُوبَةَ الله وَغَضَبَ رَسُوله.
ياَ بُنَيَّةُ، لا تًغُرّنَك هَذهَ الَّتى قَدْ أعَجَبَهاَ حُسْنُهاَ، وَحُبُّ رَسُول اَلته ( صلى الله عليه وسلم ) إيَّاهاَ، لَمَّ خَرَجْتُ حَتَّى أدْخلَ عًلًى امِّ سَلَمَةَ، لقَرَابَتى منْهاَ، فَكَفَمْتُهاَ.
فَقَاَلَت لِى امُّ سَلَمَةَ: عَجبًا لَكَ ياَ ابْنَ الخَطَّاب! قَدْ دَخَلتً فى كُلَّ شَىْءٍ حَتَّى تَبْتَغِى أنْ تَدْخُلَ بيْنَ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَأزْوَاجهِ! قاَلً: فَا"خَذَتْنِى أخذًا كَسَرَتْنِى عَنْ بَعْضِ مَاكُنْتُ أجدُ، فَخَرَجْتُ منْ عنْدهَا، وَكَانَ لِى صَاحِبٌ مِنَ الأنْصَارِ، إِذَا غبْتُ أتاَنِى بالخَبَرِ، وً إذَا غَابَ كنتُ أَناَ اتيهَ بالخَبَرِ، وَنَحْنُ حيمئذ نَتَخَوَّفُ مَلِكًا منْ ملُوك غَسَّانً ذُكرَ لَناَ أَنَّهُ يَرِيدُ أنْ يَسيرَ إِلًيْنَاً، فَقَد امْتَلأَتْ صُدُورُنا منْهُ، فَأتى صَاحَبِى الأنْصًارِىُّ يَدُقُّ الباَبَ، وَقاَلَ: افْتَح، افْتَحْ.
فَقُالَتُ: جَاءَ الغَسَّانىُّ ؟ فَقاَلَ: أشَدُّ منْ فَلِكَ، اعْتَزَلَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أزْوَاجَهُ.
فَقُلتُ: رَغمَ أنْفُ حَفْصَةَ وَعَائشَةَ ثُمَّ اخذ ثَوْبى فَانحْرُجُ، حَتَّى جئْتُ.
فَإذَا رَسُولُ اللّه كلية فىَ مَشْرُبَة لَهُ يُرْتَقَى إلَيهاَ بعَجَلَة، وَغلامٌ لِرَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أسْوَدُ عًلَى رَأس الدَّرَجَة.
فَقُلتَ: هَذَا عُمَرُ.
فَ الذنً لى ة قاَلَ عُمَرُ: فَقَصَصْتُ عَلَى رسُول اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) هَن!ا الحًديثَ.
فَلَمَّا بَلَغْتُ حَديثً امَّ سَلَمَةَ تَبَسَّمَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم )، ص!نَّهُ لَعَلَىَ حَصير مَابَيْنَهُ وَبَينَهُ شَىْءٌ.
وَتَحْتَ رَأسَه وِسَادَةٌ منْ أدَبم حَشْوُهَا ليفٌ، صانَّ عِنْدَ رِجْلَيْه قَرً ظا مَضْبُورًا، وَعنْدَ رَأسه أهما مُعًلَّقَةً، فَرَأَيْتُ أثرَ الحَصيرِ فى جَنْبِ رَسُول التَه ( صلى الله عليه وسلم ) فَبَكَيْتُ.
فَقاَلً: (مَا يبَكيكَ ؟ لا.
فَقُلتُ: ياَرَسُولَ اللّه، إِنّ كسْرَى وَقَيْصَرَ فَيمًا هُماَ فِيه، وَأنْتَ رَسُولُ اللهِ ؟ فَقاَلَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (أمًا تَرْضَىَ أنْ تَكُونَ لَهُمَاَ الدُّنْياَ وَلَكً الآخِرَ 6 ؟).
254 / ب
قال الإمام: وقوله: (فبينا أنا فى أمر أ أتمره): أى أرتئى فيه وأشاور نفسى، يقال: ائتمر راْيه / وشاور نفسه وارتأى قبل مواقعة الأمر.
(5/38)
كتاب الطلاق / باب فى الإيلاء واعتزال النساء...
إلخ 39 32 - (... ) وحدئمنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، حَد"ئمناَ عَفَّانُ، حَد"ثمناَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أخْبَرَنِى يَحْمصَ بْنُ سَعيد عَنْ عُبَيْد بْنِ حُنَيْنٍ، عَنِ ابْنِ عَباسٍ، قاَلَ: أقْبَلتُ مَعَ عُمَرَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بمَر الطهْرًانً.
وَسَاًا لحَدِيثَ بِطُوله.
كَنَحْوِ حَدِيثِ سُلَيْماَنَ بْنِ بلال.
غَيْرَ نَهُ قاَلَ: قُلتُ: شَأنُ المَرأتَيْنِ ؟ قاَلَ: حَفْصَةُ وَامَير سَلَمَةَ.
وَزَادَ فيه: وَأتَيْتُ الحُجَرً، فإذَا فِى كُلِّ بهتٍ بُكَاءٌ.
!زَادَ أيْضًا: وَكَانَ اَلَى مِنْهُن شَهْرًا، فَلَمَا كَانَ تِسعًا وَعِشْرِينَ نَزَلَ إِلَيْهِن.
33 - (... ) وحدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أِبِى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ - وَاللَّفْظُ لأبِى بَكْر - قاَلا: حَدثناَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يحيى بْنِ سَعِيد، سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ حُنَيْن - وَهُوَ مَوْلَى العَبَّاسِ - قاَلَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: كنتُ أرِيدُ أنْ أَسْألَ عُمَرَ عَنِ اً لمَرْأتَيْنِ اللتيْنِ تَظَاهَرَتاَ عَلَى عَهْد رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَلَبِثْتُ سَنَةً مَا أجدُ لَهُ مَوْضعًا، حَتَى صَحبْتُهُ إِلَى مَكَةَ.
فَلَفا كَانَ بِمَر الظًّهْرَانِ فَهبَ يَقْضى حَاجَتَهُ.
فَقاَلً: أ!رِكْنِىَ بإِدَاوَة مِنْ مَاءَ، فَأتَيْتُهُ بِهاَ، فَلَمَا قَضَى حَاجَتَهُ وَرَجَعَ فَ!بْتُ أَصُث عَلَيْهِ.
وَذَكَرْتُ فَقُلتُ لَهُ: ً ياَ أمِيرَ الًمُؤْمِنِينَ، مَنِ المَرْأتاَنِ ؟ فَماَ قَضثتُ كَلامِى حتى قاَلَ: عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ.
34 - (... ) وحدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِى وَمُحَمَّدُ بْنُ أبِى عُمَرَ - وَتَقاَرَباَ فِى
لَفْظِ الحَدِيث - قاَلَ ابْنُ أبِى عُمَرَ: حَدثناَ - وَقاَلَ إِسْحَقُ: أخْبَرَناَ - عَبْدُ الرَّزَّاقِ أخْبَرَناَ مَعْمَر عنِ الزُّهرِىِّ، عَنْ عُبَيْد اللهِ بْنِ عَبْد الله بْنِ أبى ثَوْر، عَنِ ابْنِ عَئاس، قاَلَ: لَمْ أزَلْ حَرِيصًا أنْ أسْألَ عُمَرَ عَنِ المًرْأتَيْن مِنْ أَزْوَلَبمِ الئبِى كلية اللتيْن قاَلَ اللهُ تَعاَلىَ: إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} (1) حتًى حَبئَ عُمرُ وَحَجَجْتُ مَعَه، فَلَمَّا كُئا ببَعْض الطَّرِيقِ ءَسَلَ عُمَرُ وَءَسَالتُ مَعَهُ بال! !اوَةِ.
فَتَبَرر.
ثُمَ أتاَنى فَسَكبتُ عَلَى يَدصيهِ، فَتَوَضاصّ.
فَقلتُ: ياَ أميرَ المُؤْمِنِينَ، مَنِ المَرأتاَنَ مِنْ أزْوَلبمِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) اللَتاَنِ قاَلَ اللهُ عَر وَجَلَّ لَهُماَ: { إِن تَتُوبَا إِلًى الفَهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} ؟ قاَلَ عُمرُ: وَاعَخئا لَكَ ياَ ابْنَ عَئاس - قاَلَ الزُّهْرِىُّ: كَرِهَ وَاللهِ مَاسَألَهُ عَنْهُ وَلَمْ يَكْتُمْهُ - قاَلَ: هِىَ حَفْصَةُ وَعَائشَةُ.
ثُمَ أخَذَ يَسُوقُ الحَلِيثَ.
قاَلَ: كُئا - مَعْشَرَ قُرَيْشٍ - قَوْمًا نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَاَ قَدِمْنَا المَدِينَةَ وَجَدْناَ قَوْمًا تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُناَ يَتَعَلَّمْنَ مِنْ نِسَائِهِمْ.
قاَلَ: وَكَانَ مَنْزِلِى فِى بَنِى امَئةَ بْنِ زَيْدٍ
(1)1 لتحريم: 4.
ء4 (5/39)
كتاب الطلاق / باب فى الاللاءواعتزال النساء...
إلخ بالعَوَالِى، فَتَغَضَّئتُ يَؤفا عَلَى امْرَأَقِي، نَينَا هِ! تُوَاجعُنِى، فَأنكَرْتُ أن تُرَاجِعَنِى.
فًقاَلت: مَ الرُ أن أرَاجِعَكَ ؟ فَوَالله، إِن" أزْوَجَ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) لَيُرَاجِعْنَهُ، وَتَهْجُرُهُ إِخ!اهُن اليَوْمَ إِلَى اللَيْلِ.
فَانْطَلَقْتُ فَدَخَلتُ عَلَى حَفْصَةَ.
فَقُلتُ: أتُرَاجِعِينَ رَسُولَ اللْهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فَقاَلَتْ: نَعَمْ.
فَقُلتُ: أَتَهْجُرُهُ إِحْ!اكُنَّ اليَوْمَ إلَى اللَيْلِ ؟ قاَلَتْ: نَعَمْ.
قُلتُ: قَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ فَلِكَ منكُن وَخَسرَ، أفَتَأمَنُ إِحْلَاكُن أَنْ يَقضَبَ اللهُ عَلَيْهاَ لغَضَبِ رَسُولِهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَينَا هِىَ قَدْ هَلَكًتْ، لا يلً اجِعى رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَلا تَسْأليه شحيئا، وَسًلِينِى مَا بَحَا لَكِ.
وَلا يَغُرنك أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِىَ أَوْسَمُ وَأحَمبً إِلَى رَسُولِ الئَهَِ ( صلى الله عليه وسلم ) متك - يُرِيدُ عَائِشَة.
قاَلَ: وَكَانَ لَى جَاز مِنَ النصَارِ، فَكُنا نَتَناَوَبُ النزُولَ إِلَى رَسُولِ التَه !، فَيَنْزِلُ يَوْفا وَاءنزِلُ يَوْفا، فَيَأتِينى بَخَبَرِ الوَحْىِ وَكَيْرِ! وآتِيِه بِمِثلِ فَلِكَ، وَكنا نَتَحَذَثُ أنى كَ!تَانَ تُنْعِلُ الخَيْلَ لِتَغْزُوَناَ، فَنَزَلَ صَاحبِى، ثُئم أَتاَنى عِشَاء فَضَرَبَ باَبِى، ثمَّ نَ الانِى، لخَرَنجتُ إِلَيْه.
فَقاَلَ: حَدَثَ أمْزعَظيثم.
قُلتُ: مَافَ! ؟ أجَاءَتْ كَسئانُ ؟ قاَلَ: لا.
بَلْ أَكظَمُ مِنْ فَلكً وَأطوَلُ، طَفقَ النَّيِى ( صلى الله عليه وسلم ) نِسَاءَهُ.
فَقُلتُ: قَذ خَابَ!ت حَفْصَةُ وَخَسِرَت، تَدْ كنتُ أظُق هَذَ! كَاثئا، حتَى إِفَ! صَفيْتُ الصُبّحَ شَلَدْتُ عَلَى ثياَبِى، ثُئم نَز!لتُ فَدَخَلتُ عَلَى حَقصَةَ وَهْىَ مجَى.
فَقُلتُ: أطَفقكُن رَسُولُ الده ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ نَقاً لَمت: لا أفرِ 6!، هَاهوَ فَ! مُعْتَزِل!فِى هَنهِ المَعثمْرتة.
فَأتَنتُ غُلافا لَهُ لنوَدَ.
فَقُلتُ: اسنت!ش لِعُمَرَ ؟ فَدَخَلَ ثُئم خَرَجَ إِلَىَّ.
فَقاَلَ: قَدْ ذَكَرْتُكَ لًهُ فَصَمَتَ.
فَانْطَلَقْتُ حَتى انْتَهيْتُ إِلَى المنْبَرِ فَجَلَسْتُ، فَ!ذَا عنْمَ! رَهْط جُلُوصن يَبكِى بَعْمحهُمْ، فَجَلَسْتُ قَلِيلأ، ثُم غَلَبَنِى مَا أَجِدُ، ثُئم أيهتُ الغُلامً فَفلتُ: اسنثَأذن لِعُمَرَ.
فَمَخَلَ ثُمَ خَوَجَ إِلَى.
فَقاَلَ: قَدْ ذَكَزتُكَ لَهُ فَمعَمَت، فَولَيْتُ مُمْبرم، فَينَا الغُلامُ يَدْعُونِى.
فَقاَلَ: ادْخُل، فَقَدْ أشَ لَكَ، فَدَخَلَتُ فَسَفمْتُ عَلَى وَسُولِ اله ( صلى الله عليه وسلم )، فَينَا هُوَ متكِىء!عَلَى رَمْلِ حصِير، قَدْ أئرَ فِى جَنْبِه.
فَقُلتُ: أطَفقتَ، ياَ رَسُولَ اللَه نِسَاءَكَ ؟ فَرَفَعَ رَأسَهُ إِلَىَ وَقاَل: ا لا).
فَقُلتُ: اللهُ كبَرُ، لَوْ رَ ؟شَناَ ياَ رَسُولَ الهِ وَكُنَّاَ - مَعْشَرَ قُويشي - قَوْئا نَغلِبُ الئسمَاءَ، فَلَئا قَدمنَا المَمِينَةَ وَجَمْناَ قَؤئا ثَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَالَفقَ نِسَاؤُناَ يَتَعَلَّننَ مِن نِسَائِهمْ.
فَتَغَضبثُ محَلَىَ امْرَأتِى يَؤئا، فَينَا هِىَ تُرَاجِعُنِى، فَ!زتُ أن تُرَاجِعَنِى.
فَقاَلَتْ:
وقوله: (على رمال حصير) ة مْال ابن القوطية: رملت الحصير رملأ وأرملته: إفا نسجته، تال القاضى: تفممير هذا قوله فى الحديث الأخر: (وإقا الحصير قد أثر فى جنبه)،
(5/40)
كتاب الطلاق / باب فى الإيلاء واعتزال النساء...
إلخ
41
وجاء فى حديث إسحق: (متكئ على رَمْل حصير، قد أثر فى جنبه): أى أثر نسجها فى جنبه.
و(متكئ) هنا بمعنى: مضطجع، فى الحديث الآخر.
وتأثير الرمال فى جنبه يدل عليه.
وكل متمكن متكئ، وعليه تأول الخطابى قوله - عليه السلام -: (أما أنا فل الكل متكثا) (1): اْى متمكنا فى قعودى له كالمتربع ونحوه، بدليل قوله اخر الحديث: " بل آكل كما يثل العبد، وأجلس كما يجلس العبد)، وكما جاء فى الحديث الاّخر: (اْنه كل مقعيأ)، وأنكر تأويل من تأول أنه الميل على جنب.
وقوله: " واجما ساكتأ): أى مطرقا كالمغضب.
(و أُسكُفة المشربة) بضم الهمزة والكاف: عتبة الباب السفلى.
و(فقير الخشب) بتقديم الفاء، ف!ئَره فى الحديث بالجأع يرقى عليه، وهو الذى جعلت فيه فِقَر كالدرج يصعد عليها، أُخذ من فقار الظهر، ومنه: فقار السيف، فقيل للجذع: فقر، بمعنى مفقور، وفقار الظهر: خرزات عظامه التى بطوله، وفقار السئَيف حزوز بظبتيه فى متنه شبهت بفقار الظهر.
وقوله: (يرتقى إليها بعجلة): كذا روايتنا عن ابن عيسى، وعند غيره: (بعجلها)، والأول اْوجه وأبين.
والعجلة: درجة من النخل، قاله القتبى.
وقوله: (حتى تحسر الغضب عن وجهه): اْى زال وانكشف.
وقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لعائشة: ا لا تعجلى حتى تستأمرى أبويك) وقد علم أن اْبوى لم يكونا ليأمرانى بفراقه، لكراهته - عليه السلام - فراقها، وخوفه اْن تبادر بذلك إذا جعل ذلك إليها، لما فى ظاهره من الزهو بثخييرها، وأنفة النساء عند مثل هذا، مع صغر سنها.
وقولها: ا لا تخبر امرأة من نسائك بالذى قلت) غيرة منها، وحرصا على التفرد بالنبى ( صلى الله عليه وسلم )، والاستكثار منه.
وقوله: (إن الله لم يبعثنى معنتا ولا متعنتا، ولكن بعثت معلمأ ميسئرا): اْصل العنت الشدة وإدخال المشقة: أى لم يبعثنى بهذا لغيرى ولا فى خاصتى، وآخر الحديث يدل عليه، وهو قوله: (ميصترا)، ورواه بعضهم: (مبتسرا)، والأول أولى، لمطابقته معناه.
والقرظ: الصمغ، معروف.
والأفيق، بفتح الهمزة: الجلد لم يحّم دباغه.
والإهاب: مالم يدبغ، جمعه اهمث وأَهمث.
و (وينكتون الحصى): أى يضربون به الأرض، فعل المشغول الستر والواجم.
كما قال امرؤ القيس:
أعد الحصى ما تنقضى عبراتى
وتبرَّز: أتى البَراز، بفتح الباء، وهى الأرض البارزة عن البيوت والمساكن، يأتونها
(1) البخارى، كالأطعمة، باجل متكئًا يعا 53).
42 (5/41)
كتاب الطلاق / باب فى الإيلاَ واعتزال النساَ...
إلخ مَاتُنكِرُ أنْ ارَاجِعَكَ ؟ فَوَاللهِ، إِنَّ أَزْوَل النَّبىّ ( صلى الله عليه وسلم ) لَيُرَاجعْنَهُ، وَتَهْجُرُهُ إِ! دَاهُنَّ اليَوْمَ إِلَى اللَّيْلِ.
فَقُلتُ: قَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ فَلك منْهُنًّ وَخَسِرَ، أفَتًأمَنُ إِحْدَاهُنَّ أنْ يَغْضَبَ اللهُ عَلَيْهاَ لِغَضَب رَسُولِه ( صلى الله عليه وسلم )، فَإِفَا هِىَ قَدْ هًلَكًت ؟ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقُلتُ: ياَ رَسُولَ اللهِ، قَدْ دَخًلتُ عَلَىَ حَفْصَةَ فَقُلتُ: لا يَغَرنك أنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِىَ أوْسَمُ مِنْك وَأَحَبُ إِلَى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) مِنْكِ.
فَتَبَسَّمَ اخَرَى.
فَقُلتُ: أسْتأنِسُ يَا رَسُولَ الله.
قَالً: (نَعَمْ)، فَجَلَسْتُ، فَرَفَعْتُ رَأسِى فِى البَيْتِ.
فَوَالثهِ، مَا رَإدتُ فِيهِ شَيْئًا يَرُدُّ البَصًرَ، إٍ لا اقئا ثَلائَة.
فَقُلتُ: ادع اللْهَ ياَ رَسُولَ اللهِ، أنْ يُوَسّعَ عَلَى أمَتِكَ، فَقَدْ وَسَّعَ عَلَى فَارِس وَالرُّوم، وَهُمْ
لقضاَ الحاجة.
وقوله: (أوسم): أى أجمل، والوسا مة: الجمال.
وذكر فى الحديث الأول: أن التى شرب عندها العسل زينب، وفى الحديث بعده:
أنها حفصة، والأول الصواب ؛ بدليل الأحاديث الاْخر فى الباب، والذى بعده أن حفصة إحدى المتظاهرتين عليه.
وفى حديث عمر صاشارته على النبى ( صلى الله عليه وسلم )، لتطليق أزواجه: جواز مثل هذا إذا كان
على وجه المصلحة.
فى تأديب عمر واْبى بكر لبنتيهما: جواز ذلك للاَباء لكبار الأبناء ومتزوجاتهن.
وفيه اهتمام المسلمن لما أهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، واجتماعهم لذلك وبكاؤهم واستعظامهم ذلك.
وفيه وجوب الاستئذان على المرَ فى منزله، وإن عرف أنه وحده، وتكرار الاستئذان إذا لم يؤذن، والعودة لذلك، وسيأتى فى بابه الكلام عليه.
وجواز اتخاذ الأئمة والكبراء الحجاب عند انفرادهم لما يهمهم، وأنه إذا فهم الحاجب بالسكوت المنع لم يستأذن ؛ إذ قد سمع النبى ( صلى الله عليه وسلم ) استئذان عمر فسكت، فنظر إليه الغلام ولم يستأذن ولا أذن لعمر، والغالب من حال النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أنه كان لا يتخذ على بابه بوابأ.
وفى فعل عمر من ملاطفة أمر النبى - عليه السلام - وتسليته بعد استئذانه فى الاستئناس صاضحاكه إياه: ما يقتدى به من فعله، وأنه لا بأس بمثل هذا من التلطف بالكلام الحسن المباح، لا بالسخف والمجانة ومحاكاة الناس.
وقوله: (أستاْنس): من هذا المعنى، لينبسط فى الكلام لئلا يأتى بما لا يوافق النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من حديثه، فيزيده هما وحزنأ فلم يرد أن يحدث بغير ما هم فيه حتى يستأذن، وهو من الأدب اللازم بين يدى الأكابر والعلماَ.
وقال إسماعيل القاضى: معنى يستأنس
(5/42)
كتاب الطلاق / باب فى الإيلاء واعتزال النساء...
إلخ 43 هنا: فى الإذن، واحتج بذلك على قوله: { حَتى تَسْتَأنِسُوا} (1).
وفيه ما كان عليه - عليه السلام - من التقلل من الدنيا والزهد فيها والقناعة بالدّون منها.
وفيه جواز سكنى الغرف، واتخاذ الخزانة لأثاث المرء.
وفيه ما كانوا عليه من الحرص على طلب العلم والتناوب فيه، وحمل بعضهم عن بعض كفعل عمر والأنصارى.
وفى خدمة ابن عباس لعمر ما يجب للاْئمة والعلماء واْهل الفضل من الحق، وخدمة الفضلاء بعضهم لبعض، وبر الصغار بالكبار وهبته تلك المدة عن سواله عن تفسير الآية، لما كانت إحدى المتظاهرات[ على النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ] (2) حفصة ابنته ؛ ولذلك قال له: (واهأ لك يابن عباس): وهى لفظة توضع للتعجب، كما قال فى الرواية الأخرى: (واعجبا لك يا ابن عباس)، ألا ترى الزهرى كيف قال: كره والله، والله ما أسأله عنه ولم يكتمه، وهذا يرد ما تأوله بعضهم فى هذا أنه إنما تعجب، وأنكر عليه أنه لم يعلم من هما إلى الاَن، مع حرصه على العلم.
وفى قوله: (إن كان عتابأ كان خاليا) على ما جاء فى رواية البخارى (3): ما يدل
برفع ابن عباس لذلك.
وفيه ما كان عليه - عليه السلام - من حسن الصحبة وجميل العشرة مع أزواجه والصبر على غيرتهن واْخلاقهن، كما خص عليه - عليه السلام - فى حسن عشرة النساء، والصبر على اعوجاجهن، والاستمتاع بهن على ذلك.
وفيه أن هجرانهن له لم يكن فى منع حق له عليهن، وإنما كان فى ترك الكلام والإعراض وتيسير الوجه بما طبعن عليه من ذلك، وحملتهن عليه الغيرة.
وفيه المخاطبة بأجمل الألفاظ وأحسنها، بقوله: (إن كانت جارتك)، ولم يقل: ضرتك، والعرب تفعل ذلك، لما فى لفظة (الضرةأ من الاسم المكروه.
وفيه جواز قرع الباب للاستئذان، وشدة القرع فيه للأمور المهمة.
وجواز النظر إلى
مالم يستر فى بيت المزور، لا سيما الصاحب، وقد جاء النهى عن فضول النظر وكراهيته عن السلف.
وفيه هجره - عليه السلام - لهن فى غير بيوتهن تأديبأ لهن، قال بعضهم: لما فيه
من الرفق ؛ إذ هجرانهن مع الكون معهن ألم لقلوبهن.
قال القاضى: الأمر بالعكس أولى، بل بعده عنهن أغيظ لهن وأشد حسرة، وهذا
مما اختلف فيه العلماء.
وذهب بعضهم أنه لا يكون ذلك إلا فى بيوتهن، وفيه حديث،
(1) النور: 27.
(2) سقط من الأصل، واستدرك بالهامة.
(3) البخارى، كالمظالم، بالغرفة وللعلية المشرفة وغير المشرفة فى السطوح وغيرها.
الفتح يملأ 24).
1 / 255
44 (5/43)
كتاب الطلاق / باب فى الإيلاء واعتزال النساء...
إلخ لا يَعْبُدُونَ اللهَ.
فَاسْتَوَى جَالسًا ثُمَّ قاَلَ: (أفِى شَلث أنْتَ ياَ ابْنَ الخَطَابِ ؟ اولَئكَ قَوْمٌ عُجَلَتْ لَهُمْ طيِّباَتُهُمْ فِى الحَياَةِ الدُّنْياَ).
فَقُلتُ: اسْتَغْفِرْ لِى ياَرَسُولَ الله.
وَكَانَ أقسَمَ ألا يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ شَهْرم مِنْ شِئَةِ مَوْجِلطَهِ عَلَيْهِنَّ، حتَى عَاتَبَهُ اللهُ - عَر وَجَلًّ.
35 - (1475) قاَلَ الرهرِىوَ: فَا"خْبَرَنِى عُرْوَةُ عَنْ عَائشَةَ، قاَلَتْ: لَمَّا مَضَى تِسعْ وَعشْرُونَ لَيْلَةً، دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم )، بَدَأ بِى.
فَقُلتُ.
ياَ رَسُولَ الله، إِئكَ أقْسَمْتَ ألاًّ تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا، ! اِنَّكَ دَخَلتً مِنْ تِسع وَعِشْرِينَ.
أعُلُّ!نَّ.
فَقاًلَ: (إِن الشَّهْرَ تِسعْ وَعِشْرُونَ) ثُمَّ قَالَ: (يَا عَائِشَةُ إِنِى ذَاكِرُ لَكِ أمْرًا، فَلا عَليْك ألا تَعْجَلِى فيه حَتَّى تَسْتَأمِرِى أبوَيْكِ).
ثُمَّ قَرَأ عَلَى الآيَةَ: { يَا أَيهَا الثبِيُّ قُل لأَنْوَاجَك} حَتَى بَلَغَ: َ أَجْرًا
وهذا حجة عليه، وقد نبه عليه البخارى وترجم به (1)، ورجحِ حديث عمر.
وفيه جواز القسم على مثل هذا، وقد قال تعالى: { وَاللأقِي تَخَافُونَ نُشُوزهُن فَعِظُوهُن وَاهْجُرُوهُن فِي الْمَضَاجِع وَاضْرِبُوهُن} (2) الآية.
وقد اختلفت فى معنى قوله تعالى هذا، فقيل: هجرانها فى المضجع أن ينام معها ولا يجامعها، وقيل: ينام معها فيه ويوليها ظهره ولا يكلمها، وقيل: يهجرها بلسانه ويقلظ لها بالقول ولا يدع جماعها.
وفى قول عمر: (رغم أنف حفصة): جواز قول مثل هذا وقاله عمر بن عبد العزيز وابن حبيب، وقد كرهه مالك، ومعناه: ذل أنفها ولصق بالتراب، وهو الرغام، من الذلة.
وفيه قوله: (إن كانت جارتك) يريد: ضرتك، وكانوا يكرهون تسميتها ضرّة لما
فى لفظه من الضر.
وقوله: (أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم فى الدنيا): يحتج به من يفضل الفقر على الغنى، لما فى / مفهوم هذا أن بمقدار ما يتعجل من طيبات الدنيا يفوته من الاَخرة ما كان يدخر له لو لم يستعجله، وقد يتأوله الاخرون بأن المراد أن حظ هؤلاء من النعيم ما نالوه فى الدنيا، ولاحظ لهم فى الآخرة لكفرهم.
قال الإمام: ذكر مسلم فى هذا الباب: حدثنا عن سفيان بن عيينة[ أبو عبد الله] (3)،
قال البخارى: ولا يصح ابن حنين وهو مولى العباس هكذا يقول ابن عيينة، قال البخارى: ولا يصح قوله، وقال مالك: مولى آل زيد بن الخطاب، وقال محمد بن جعفر
(1) للبخارى، كالنكع، بهجرة للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) نساعه فى غير بيوتهن.
الفتح (5202).
(2) للنساء: 34.
(3) سقط من الأصل، وامشد وك بالهامث!.
(5/44)
كتاب الطلاق / باب فى الإيلاءواعتزال النساء...
إلخ 45 عَظِيمًا (1).
قاَلَتْ عَائِشَةُ: قَدْ عَلِمَ - وَاللّهِ - أن أبَوَىَّ لَمْ يَكُوناَ ليأمُرَانِى بِفِرَاقِهِ.
قاَلَتْ: فَقُلتُ: أوَفِى هَنَا أسْتَأمِرُ أبوَىَّ ؟ فَإِنَّى ارِيدُ اللّهَ !رَسُولَهُ وَالدَارَ الاً خِرَةَ.
قاَلَ مَعْمَر: فَاخبَرَنِى أثوبُ ؛ أنَّ عَائِشَةَ قاَلَتْ: لا تُخْبِرْ نِسَاعَكَ انّى اخْتَرْتُكَ.
فَقاَلَ
لَهاَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِن اللهَ أرْسَلَنِى مُبَلِّغا وَلَمْ يُرْسِلنِى مُتَعنتا لما.
قاَلَ قَتَالحَةُ: { صَفَتْ قُلُوبُكمَا (2): مَالَتْ قُلُوُبكُماَ.
ابن أبى كثير: مولى بنى زريق.
قال القاضى: الصحيح عندهم قول مالك، وحديثه عند أهل المدينة.
وذكر فى الحديث: أنه لى من نسائه شهراً.
الإيلاء: الحلف، وأصله: الامتناع
من فعل الشىء.
الى ابلاء، وتَأثَى تأليا وائتلى ائتلاء، وصار فى عرف الفقهاء مختصأ بالحلف على الاعتزال من جماع الزوجات إلا ما حكى عن ابن سيرين من أنه محمول على كل حلف عليهن، من جماع أو كلام أو إنفاق.
ولا خلاف بين العلماء، أن مجرد الإيلاء، لا يوجب فى حينه طلاقأ ولا حكما.
واختلفوا، هل له تقدير ومدة به يجب حكمه الذى نص عليه بقوله: { لِئذِينَ يُوفونَ مِن ثسَائِهِمْ تَرَئصُ أَرْبَعَةِ اَشْهُر} (3) الاية أم لا ؟ مذهب علماء الحجاز والمدنيين وجمهور الصحابة والتابعين ومن بعدهم: إلى أن ذلك لمن حلف على أكثر من أربعة اْشهر، فمن حلف على أربعة فأقل، فليس بمول.
وذهب الكوفيون إلى أن ذلك لمن حلف على أربعة اْشهر فكثر، لا على اْقل.
وشذ ابن أبى ليلى وابن شبرمة والحسن فى آخرين منهم، فقال: إن حلف على ألأ يجامعها يومأ أو أقل، ثم تركها حتى مضت أربعة أشهر فهو مولي تعلقا بظاهر الاَية.
وروى عن ابن عمر عكس هذا، أن كل من وقت ليمينه وقتأ وضرب مدة وان طالت، فلشى بمول، وانما المولى من حلف[ على] (4) الأبد.
ولا خلاف بينهم اْنه لا يقع عليه طلاق قبل الاَربعة أشهر، ولا خلاف أنه إن اْحنث نفسه قبل تمامها، أن الإيلاء ساقط عنه.
ثم اختلفوا اختلافا اخر: هل بانقضاء الأربعة الأشهر يقع الطلاق ؟ وهو قول الكوفيين كلهم ويقدرون الاَية: فإن فاؤوا فيهن، أم حتى يوقف الزوج ف!مّا فاء وامّا طلق، أو طلق عليه السّلطان ؟ هو قول علماء الحجاز والمدينة ومصر وكافة فقهاء أصحاب الحديث وأهل الظاهر، وتقدير الاَية عند هولاء: فإن فاؤوا بعدهن، وهو مشهور قول مالك وأصحابه،
(1) 1 ياحزلب: 28، 29.
لا) ساقطة بالأصل، واستدركت بالهامث!.
(2)1 لتحريم: 4.
(3) ا لبقرة: 226.
3!2 / ب
46 (5/45)
كتاب الطلاق / باب فى الإيلاء واعتزال النساء...
إلخ وحكى عنه مثل قول الكوف!ن وقال أشهب من اْصحابنا: إن قال: أنا اْفئ، اْمهل حتى تنقضى عدتها، فإن لم يف بانت منه.
ثم اختلف القائلون بوقوع الطلاق بالقضاء الأربعة الأشهر، هل هو بائن أو رجعى ؟
وأما الآخرون فلا خلاف بينهم انها رجعية، إلا أن مالكا يقول: لا يصح فيها الرجعة حتى يطأ الزوج فى العدة، ولم يحفظ هذا الشرط لأحد سواه.
وكذلك اختلفوا إذا وقع الطلاق وقد حاضت ثلاثا فى الأربعة الأشهر، هل تحتاج إلى استئناف عدة ؟ وهو قول الكافة، أم لا تحتاج إليها وتلك تُغنيها وتتزوج مكانها ؟ وهو قول جابر ين زيد، وقال به الشافعى فى القديم.
وكذلك اختلفوا: هل يكون غير قاصد الضرر والحالف فى الرضا وعلى غير الغضب،
موليا أولا ؟ فكافتهم على اْنه يكون موليا بكل وجه.
وذهب مالك والاءوزاعى إلى أنه لا يكون موليأ، إذا حلف لمصلحة ولده حتى تفطمه، وهو قياس قولهم فى شبه هذا، مما لم يقصد به الضرر، وبه قال اْبو عبيد، وعن على وابن عباس قالا: إنما يكون موليا، إذا حلف على وجه الغضب، وأما على وجه الرضا فلا يكون موليأ.
وقوله تعالى فى الاَية: { فَإِن فَ الوا قإِن اللهَ غَفُوز زحِيم} (1) يثعر بأن الإيلاء إنحا له
هذا الحكم، إذا قصد به الإضرار ؛ إذ عنه يكون الغفران والرحمة، وقيل: غفور فى اجترامهم بالحلف على ذلك وتحنيث أنفسهم بالفىء رحيم بهم، وقيل: غفور فيما زاد على الاْربعة الأشهر ؛ إذ قد أباح له التربص فيها فما زاد فهو محظور.
وفيه حجة لمشهور قول مالك والكافة.
وقوله: (فجلست فأدنى عليه إزاره): فيه أن مجالسة الرجل لغيره وإن كان ممن يختص به، بخلاف جلوسه وحده من التحفظ والتستر /، لما تدعو إليه الضرورة من كشف جسده ؛ لاكن ذلك من المروءة والسصت.
وفى بداية النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لعائشة: فضيلتها على غيرها وأثرتها عنده، وكذلك بدايته بالدخول عند تمام الشهر عندها، يحتمل أنها كانت نوبتها بعد التى خرج عنها قبل يمينه، ويحتمل أنه ابتدأ القسم الاَن فبدأ بها، ويحتمل أنه بدأ بالدخول عندها ثم دخل إلى سائر نسائه فسوى بينهن واستمر بعدُ قسمه على ما أراد من ذلك.
وقوله فى الحديث من رواية ابن أبى شيبة: (اللتن تظاهرتا على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ): توقيرأ لهما، وبِرَا أن يقول فى هذا الحديث: تظاهرتا على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فكنى بعهده واكتفى به عن غيره، وقد جاء فى الحديث الآخر مبينأ على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، كما قال: { لَ!ن تَظَاهَرَا عَلَيْه} (2).
(1) ا لبقرة: 226.
(2)1 لتحريم: 4.
(5/46)
كتاب الطلاق / باب فى الإيلاء واعتزال النساء...
إلخ 47 وقوله لعائشة: (إن الشهر تسع وعشرون): فيه حجة لابن عبد الحكم، أن من
عليه صيام شهر، فصامه بالاءيام أنه يجزيه، خلاف قول مالك وأصحابه: أنه يتم ثلاثين ؛ إذ ليس فى هذا الحديث صومه للهلال، بل قول عائشة: (أَ!!ن عدأ) يدل على ما قلناه.
48
(5/47)
كتاب الطلاق / باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها
(6) باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها
36 - (1480) حدثنا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِك عَنْ عَبْدِ الله بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الأسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ أبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ فَاطِمًةَ بِنْتِ قَيْسِ ؛ أنَّ أبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَقَهَا البَئةَ وَهُوَ غَائِبٌ، فَا"رْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلُهُ بِشَعِير، فَسَخطَتْهُ.
فَقَالَ: والله، مَالَك عَلَيْنا مِنْ شَىْء.
فَجَاعَتْ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَذَكَرَتْ فَلكَ لَهُ.
فَقَالً: ا لَيْسَ لَكِ عَلَيْه نَفَقَة لماَ، فَأمَرَهَا أنْ تَعْتًذَ فِى بَيْتِ ائم شَرِيكِ، ثُمَّ قَالَ: (تِلكَ امْرَأَة يَغْشَاهَا أصْحَايِى، اعْتَدًّ ى عنْدَ ابْنِ أمِّ مَكْتُومِ، فَإنَّهُ رَبُئ أعْمَىَ، تَضعِينَ ثِيَابَكِ، فَإذَا حَلَلتِ فاذنينِى).
قَالَتْ: فًلَمَا حَلَلتُ ذَكَرْتُ لَهَُ ؛ أنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أبِى سُفْيَانَ وَأبَاجَهْمِ خًطَبَانِى، فَقَالً رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (أمَّا أبُو جَهْمِ فَلا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتقه، وَأمَا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوذ لا مَالَ لَهُ، انكِحِى أسَامَةَ بْنَ زَيْد لما، فَكَرِهْتُهُ.
ثُمَ قَالَ: (انكًحَى اسَامَةَ)، فَنَكَحْتُهُ.
فَجَعَلَ اللّه فيه خَيْرم، وَاغْتَبَطتُ.
ً
37 - (... ) حدئثنا قُتئبَةُ بْنُ سَعِيدِ، حَدشَا عَبْدَ العَزِيزِ - يَعْنِى ابْنَ أبِى حَازِمِ.
وَقَالَ قُتَيْبَةُ ؟لضًا: حَدثنَا يَعْقُوبُ - يَعْنِى ابْنَ عبدِ الرخْمَنِ القَارِىث كِلَيْهِمَا عَنْ أن
1 / 256
حديث فاطمة بنت قيس
قال الإمام: خرج مسلم فى حديث فاطمة بنت قيس: (أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة)، هكذا يقول ابن شهاب: عن اْبى سلمة وعن عبيد الله بن عبد الله ؛ أن أبا عمرو بن حفص.
وكذا قال مالك: عن عبد الله بن يزيد عن أبى سلمة أبو حفص / بن المغيرة، وهكذا قال الأوزاعى.
عن يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة، وقال شيبان وأبان العطار: عن يحيى أن اْبا حفص بن عمرو، فقلنا: والمحفوظ ما قالت الجماعة، وذكر الدولابى عن النساثى: أن اسم أبى عمرو هذا (اْحمد).
قال القاضى: الاَشهر فى اسمه كنيته.
وقوله: (طلقها): هذا هو الصحيح والذى جاءت به الرواية من الحفاظ، على اختلاف صفة الطلاق، هل ثلاث أو البتة أو آخر ثلاث تطليقاث على ما سيأتى تفسيره.
(5/48)
كتاب الطلاق / باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها
49
حَازِمٍ، عَنْ أن سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ؛ أنَّهُ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فِى عَهْدِ النَبى ( صلى الله عليه وسلم )، وَكَانَ ثونفَقَ عَلَيْهَا نَفَقَةَ!ونٍ فَلَمَا رَأتْ ذَلِكَ قَالَتْ: وَاللّه، لأعْلِمَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَإِنْ كَانَ لِى نَفَقَة أخَذْتُ ائَذِى يُصْلِحُنِى، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِى نَفَقَة لَمْ آخُذْ منْهُ شَيْئًا.
قَالَتْ: فَذَكَرْتُ فَلِكَ لِرَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: ا لا نَفَقَةَ لَكِ، وَلا سُكْنَى).
(... ) حدّثنا قُتيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدثنَا لَيْمث عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أبِى أنَسٍ، عَنْ أبِى سَلَمَةَ ؛
أنَّهُ قَالَ: سَألتُ فَاطِمَةَ بنْتَ قَيْسٍ، فَأخْبَرَتْنِى ؛ أَنَّ زَوْجَهَا المَخْزُومىَّ طَلَّقَهَا، فَا"بَى أنْ ينفِقَ عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ إِلَىَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَاخبَرَتْهُ.
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا نَفقَة لَكِ، فَانْتَقِلِى، فَاف!بِى إِلَى ابْنِ امِّ مَكْتُومٍ، فَكُونِى عنْدَهُ، فَإنَهُ رَجُل أعْمَى، تَضَعينَ ثيَابَك عنْدَ).
ًً
38 - (... ) وحدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعِ، حدثنا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّد، حَدثنَا شَيْبَانُ عَنْ يحيى - وَهْوَ ابْنُ أبِى كَثِيرٍ - أخْبَرَنِى أبُو سَلَمَةَ ؛ أنَّ فَاطِمَةَ بنْتَ قَيْسً - اخْتَ الضَّحَاكَ ابْنِ قَيْسٍ - أخْبرَتْهُ ؛ أن أبَا حَفْصِ بْنَ المُغِيرَةِ المَخْزُومِىَّ طًلَّقَهَا ثَلاَكا، ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى
وقد جاء فى اخر الكتاب فى حديث الجساسة لفظ يوهم أنه مات عنها، وليس هذا على ظاهره، اْو يكون وهما من راويه، وقد تكلمنا عليه بما يستغرب هناك، فانظره.
قال الإمام: خرج مسلم فى حديث فاطمة بنت قيس: أن زوجها طلقها البتة وهو غائب، فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته، فقال: والله مالك علينا من شىء، فجاءت إلى النبى ( صلى الله عليه وسلم )، فذكرت ذلك له، فقال - عليه السلام -: ا ليس لك عليه نفققه، فأمرها أن تعتد فى بيت اْم شريك، ثم قال: (تلك امرأة يغشاها أصحابى، اعتدى عند ابن أم مكتوم، فإنه رجل أعمى، تضعيئ ثيابك، فإذا حللت فأذنينى) قالت: فلما حللت ذكرت له اْن معاوية بن أبى سفيان وأباجهم خطبانى، فقال ( صلى الله عليه وسلم ): (أما اْبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، فانكحى أسامة بن زيد) فكرهته، ثم قال: (انكحى أسامة بن زيد)، فنكحته فجعل الله فيه خيرا، واغتبطت به، وفى بعض طرقه قال: ا لا نفقة لك ولا سكنى)، وفى بعض طرقه: طلقها ثلاثا [ طلاق الماضى فطلق خالد فى فرقه، وقالوا: إن أبا حفص طلق امرأته ثلاثا] (1) فهل
(1) سقط من الأصل، ولستدرك فى الهامث! بسهم.
(5/49)
كتاب الطلاق / باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها
اليَمَنِ.
فَقَالَ لَهَا أهْلُهُ: لَيْسَ لَكِ عَلَيْنَا نَفَقَةٌ.
فَانْطَلَقَ خَالِدُ بْنُ الوَديد فِى نَفَرِ، فَا"تَوْا رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) فِى بَيْت مَيْمُونَةَ.
فَقَالُوا: إِنَّ أبَا حَفْصٍ طَلَقَ امْرَأتَهُ ثَلآَثاَ، فَهَلْ لَهَا مِنْ نَفَقَة ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لَيْسَتْ لَهَا نَفَقَة، وَعَلَيْهَا العدَة).
وَأرْسَلَ إِلَيْهَا: (ألا تَسْبِقينِى بِنَفْسكِ)، وَأمَرَهَا أنْ تَنْتَقِلَ إِلَى أئم شَريك.
ثُمَّ أَرْسَل إِلَيْهَا: (أنَّ امَّ شَرِيك يَا"تيهَا المُهَاجَرُور الأوصلونَ، فَانْطَلقِى إِلَى ابْنِ ائمَ مَكْتومٍ الأعْمَى، فَإنَّك إذَا وَضَعْتِ خِمَاً رَكِ لَمْ يَرَكِ)، فَانْطَلَقَتْ إِلَيْهِ، فًلَمَا مَضَتْ عِئتهَا أنْكَحَهَا رَسُولُ اللً ( صلى الله عليه وسلم ) اسَامَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ.
39 - (... ) حدّثنا يحيى بْنُ أيُّوبَ وَقُتيْبَةُ بْنُ سَعِيد وَابْنُ حُجْرِ، قَالُوا: حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ - يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ - عَنْ مُحَمَدِ بْن عَمْرٍو، عَنًْ أبِى سَلَمَةَ، عَنْ فَاطَمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ.
ح وَحَد 8شَاهُ أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدشَا مُحَفدُ بْنُ بِشْرٍ حَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدثنَا أبُو سَلَمَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْس، قَالَ: كَتبتُ فَلكَ منْ فِيهَا كتَابًا.
قَالَتْ: كنتُ عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ بَنِى مَخْزُومٍ فَطَلَقَنِى البَتةَ، فَأرْسَلتُ إِلَى أهلِهِ أَبْتَغِى الئفًقَةَ.
وَاقْتَصُّوا الحَدِيثَ بمَعْنَى حَدِيثِ يحيى بْنِ أبِى كَثيرٍ عَنْ أبِى سَلَمَةَ.
غَيْرَ أنَّ فِى حَلِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو: الا تَفُوتِينَا بِنَفْسِكِ لا.
40 - (... ) حّدثنا حَسَنُ بْنُ عَلِى الحُلوَانِىُّ وَعبْدُ بْنُ حُمَيْد، جَميعًا عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْراهِيمَ بْنِ سَعْد، حَدثنَا أيِى عَنْ !الِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَاب ؛ أنَّ أً بَا سَلَمًةَ بْنَ عَبْدِ الرخْمَنِ ابْنِ عَوْت أخْبَرًهُ ؛ أن فَاطَمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أخَبَرَتْهُ ؛ أنَهَا كَانًتْ تَحْتَ أبِى عَمْرِو بْنِ حَفْصِ ابْنِ المُغِيرً ةِ، فَطَلقَهَا آخرَ ثَلاَثِ تَطليقَات، فَزَعَمَتْ أنَهَا جَاءَتْ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) تَسْتَفْتيهِ فِى خُرُوجِهَا مِنْ بَيْتهَا، فَأمَرَهَا أنَْ تَنْتَقِلً إِلَى ابْنِ ائمَ مَكْتُومٍ الأعْمَى، فَأبَى مَرْوَانُ أًنْ يُصَذقَهُ فِى خُرُوج الَمُطَلَّقَةِ مِنْ بَيْتِهَا.
وَقَالَ عُرْوَةُ: إِنَّ عَائِشةَ أنكَرَتْ ذَلِكَ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قيسِ.
ص ص !، ص !، 5، ص ص ير، عويص نص ص ه،، 5* صوص ه
(... ) وحدثنِيهِ محمد بن رافِع، حدثنا حجين، حدثنا الليث، عن عقيلٍ، عنِ ابنِ
لها من نفقة ؟ وأرسل إليها: (ألا تسبقينى بنفسك)، وفى بعض طرقه: (طلقها اخر ثلاث تطليقات، فجاَت النبى ( صلى الله عليه وسلم ) تستفتيه فى خروجها من بيتها)، وفى بعض طرقه:(5/50)
كتاب الطلاق / باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها
51
شِهَاب، بِهَنَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
مَعَ قَوْلِ عُرْوَةَ: إَنَّ عَائِشَةَ!رَتْ فَلِكَ عَلَى فَاطِمَةَ.
41 - (... ) حد ثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - واللَّفْظُ لِعَبْد - قَالا: أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّراقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزهْرِىِّ، عَنْ عُبَيْد الله بْنِ عَبْد الله بْنِ عتبَةَ ؛ أن أبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصِ بْنِ المُغيرَةٍ خَرِجً مَعَ عَلِى بْنِ أبِى طَالِبَ إِلَى اليَمَنِ، فَا"رْسَلَ إِلَى امْرَأتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْممبى بتَطليقَة كًانتْ بقيَتْ مِنْ طَلاَقِهَا، وَأمَرَ لَفَا الحَارِثَ بْنَ هِشَابم وَعَيَّاشَ بْنَ أبِى رَبِيعَةَ بنَفَقَة، فَقًالألَهَا: وَالَته، مَالَك نَفَقَةٌ إلا أنْ تَكُونِى حَاملأ.
فَا"تَت النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَذَكَرَتْ لَهُ قًوْلهمَا.
فَقَالَ: ا لا نَفَقَةَ لَك)، فَاسْتَأَذَنَتْهُ فِى الانْتِقَالِ فَاكَلِنَ لَهَا.
فًقَالَتْ: أيْنَ يَارَسُولَ الله ؟ فَقَالَ: (إِلَى ابنِ ائم مَكْتُوبمَ) وَكَانَ أعْمَى، تَضَع ثيَابَهَا عنْدَهُ وَلا يَرَاهَا.
فَلَمَا مَضَتْ عدتهَا أنْكَحَهَا النَّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ) اسَامَةَ بْنَ زَيْد، فَأرْسَلَ إِلَيْهًا مَرْوَاَنُ قَبيصَةَ بْنَ ذُؤَيْب يَسْأدهَا عًنِ الحَديث، فَحَدثتْهُ بِهِ.
فَقَالَ مَرْوَان": لَمْ نَسْمَعْ هَذَا الحَديثً إِلا مِنِ امْرَأة، سَنَأخُذُ بالعصْمَةِ اَلتَىَ وَجَد طا النَّاسَ عَلَيْهَا.
فَقَالَتْ فَاطِمَةُ، حِينَ بَلَغَهَاَ قَوْلُ مَرْوَانَ: فَبَيْنِى وَبَيْنَكُمُ القُرانُ.
قَالَ اللّه - عَر وَجَل -: { لا تخْرِجوهُن مِنْ بيُوتِهِن} (1) الآيَةَ.
قَالَتْ: هَذَا لمَنْ كَانَتْ لَهُ مُرَاجَعَةٌ، فَأى أمْر يَحْدُثُ بَعْدَ الئلاَث ؟ فَكَيْفَ تَقُولُونَ: لا نَفَقَةَ لَهَا إِفَا لَم تَكُنْ حَامِلأ ؟ فَعَلاَمَ تَحْبِسُونَهَا ؟
42 - (... ) خدثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا هُشَيْمٌ، أخْبَرَنَا سَيارٌ وَحُصَيْنٌ وَمُغيرَةُ وَأشْعَثُ وَمُجَالِدُ داسْمَاعيلُ بْنُ أبِى خَالِد وَلحَاوُدُ، كُلهُمْ عَنِ الشَعْبِى، قَالَ: دَخَلتُ عًلَى فَاطمَةَ بنْت قَيْممبى، فًسَألتُهًا عَنْ قَضَاء رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَيْهَا.
فَقَالَتْ: طَلَّقَهَا زَوْجُهَا التتةَ.
فَقَالًتَْ: فَخًاصَمْتُهُ إلَى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فى الَسكْنَى وَالنَّفَقَة.
قَالَتْ: فَلَمْ يَجْعَلْ لِى سُكْنَى وَلا نَفَقَة، وَأمَرَنِى أَنْ أعْتَدَّ فِى بئتِ ابْنِ ائم مَكتُوم.
(... ) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أخْبَرَنَا هُشَيْثم، عَنْ حُصَيْني وَدَاوُدَ وَمُغِيرَةَ! اِسْمَاعِيلَ وَأشْعَثَ عَنِ الشَّعْبِى ؛ أئهُ قَالَ: دَخَلتُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْممبى.
بِمِثْلِ حَدِيثِ زُهَيْر عَنْ هُشيبم.
ط رسل إليها بتطليقة كانت بقيت من طلاقها)، وفى بعض طرقه عن فاطمة عن النبى ( صلى الله عليه وسلم )، فى المطلقة ثلاثأ: أ ليس لها سكنى ولا نفقة)، وفى بعض طرقه قال عمر: " لا
(1) الطلاق: ا.
52
(5/51)
كتاب الطلاق / باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها
43 - (... ) حدّثنا يحيى بْنُ حَبِيب، حَدثنَا خَالدُ بْنُ الحَارِث الهُجَيْمِى، حَد"تنَا قُرَّةُ، حدثنا سَيارٌ أبُو الحَكَم، حَد"تنَا الشَّعْبِىُّ، قَالَ: دَخًلنَا عَلَى فَاطَمَةَ بنْتِ قَيْسٍ فَا"تْحَفَتْنَا بِرُطَبِ ابْنِ طَاب، وَسَقَتْنَا سَويقَ سُلت، فَسَألتُهَا عَنِ المُطَلَّقَةَ ثَلا"لاَ أيْنَ تَعْتَد قَالَتْ: طَلَّقَنِى بَعْلِى ثَكاً، فَاكلِنَ لِى النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) أن أعْتَدَّفِى أهْلِى.
44 - (... ) خدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثئى وَابْنُ بَشَارٍ، قَالا: حدثنا عَبْدُ الرخْمَنِ بْنُ مَهْدئّ، حَدثنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنِ الشَّعْبِىّ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، عَنِ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) فِى المُطَلَقَةِ ثَلآثا، قَالَ: ا لَيْسَ لَهَا سُكْنَى وَلا نَفَقَةٌ ).
45 - (... ) وحّدثنى إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظلِى، أخْبَرَنَا يَحْعصَ بْنُ آدَمَ، حَدثنَا عَمَارُ بْنُ رُزَيْق، عَنْ أَبى إِسْحَقَ، عَنِ الشَعْبى، عَنْ فَاطمَةَ بنْتِ قَيْسٍ، قَالَتْ: طَلَقَنِى زَوْجى ثَكا، فًأرَدْتُ الئقَلَةَ، فَأتَيْتُ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ: (اَنْتَقِلِىَ إِلَى بَيْتِ ابْنِ عَمّكِ عَمْرِو - ابْنِ أَئم مَكْتُومٍ، فَاءْتَئىءِنْمَهُ لا.
46 - (... ) وحّدثناه مُحَمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ، حَدثنَا أبُو أحْمَدَ، حَا شَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ، عَنْ أبى إِسْحَقَ، قَالَ: كنتَ مَعَ الأسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ جَالسئا فِى المَسْجد الأعْظَ!، وَمَعَنَا الشَعْبِى، فَحَدَّثَ الشَّعْبِىُ بِحَدِيث فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسِ ؛ أن رَسُولَ الله غد لَمْ يَجْعَلْ لَهَا سكْنَى وَلا نَفَقَةً، ثُمَ أخَذَ الأسْوَدُ كفا مِنْ حَضى فَحَصَبَهُ بِه.
فَقَالَ: وَيْلَكَ! تُحَدّثُ بِمِثْلِ هَذَا.
قَالَ عُمَرُ: لا نَتْرُكُ كِتَابَ الله وَسُنَّةَ نَبِينّاَ ( صلى الله عليه وسلم ) لِقَولِ امْرَأَة، لا نَدْرِى لَعَلَهَا حَفِظَتْ أَوْ نَسِيَتْ، لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ، قَالَ اللّه - عَزَّ وَجَلَّ -: { لا تُخْرِجُوهُن مِنْ ئيُوتِهِن وَلا يَخْرُجْنَ إِلأَ أَن يَأتِينَ بِفَاحِشَة ئبَينَة} (1).
(... ) وحدثنا أحْمَدُ بْنُءَبْمَةَ الضْ!ىُّ، حَدىثنَا أَبُو!اوُدَ، حَدثنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُعَاذ عَنْ
أبِى إِسْحَقَ، بِهَنَا الإِسْنَادِ، نَحْوَ حَلِيثِ أبِى أحْمَدَ عَنْ عَمَارِ بْنِ رُزَيْقٍ، بِقِضَتِهِ.
نترك كتاب ربنا وسنة نبينا ( صلى الله عليه وسلم )، لقول امرِأة جهِلت أو نسيت لها السكنى والنفقة)، قال الله تعالى: { لا تُخْرِجُوهُن مِنْ بُيُوتِهِن وَلا يخْرُجْن} الآية، وفى بعض طرقه: (أمما مد اوية
(1) الطلاق: ا.
(5/52)
كتاب الطلاق / باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها
53
47 - (... ) وحّدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أن شَيْبَةَ، حَدثنَا وَكِيع، حَدثنَا سُفْيَانُ، عَنْ أبِى بَكْرِ
ابْنِ أبِى الجَهْم بْنِ صُخَيْر العَدَوِىِّ، قَالَ: سَمعْتُ فَاطمَةَ بنْتَ قَيْ!مبى تَقُولُ: إِن زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلألا، فَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) سُكنَى وَلاَ نَفَقَة.
قَالَتْ: قَالَ لِى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِذَا حَلَلت فاذِنِينِى) فاذَنْتهُ.
فَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ وَأبُو جَهْبم وَاسَامَةُ بْنُ زَيْد، فَقَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (أَفَا مُعَاوِيَةُ فَرَجُل تَرِب! لا مَالَ لَهُ، وَأفَا أبُو جَهْبم فَرَجُل ضَرابُ "للئسَاء، وَلَكِنْ اسَامَةُ بْنُ زَيْد).
فَقَالَتْ بيَدهَا هَكَذَا: اسَامَةُ! اسَامَةُ! فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) َ: (طَاعَةُ الله وَطَاعَةُ رَسولِهِ خَيْر لَكِ)َ.
قَالَتْ: فَتَزَؤَجْتُهُ فَاغْتَبَطتُ.
48 - (... ) وحّدثنى إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُور، حَدثنَا عبدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ
أبِى بَكْرِ بْنِ أبِى الجَهْم، قَالَ: سَمِعْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْدمبى تَقُولُ: أرْسَلَ إِلَى زَوْجِى - أبُو عَمْرِو بْنُ حَفْصِ بْنِ المُغِيرَة - عَيَّاشَ بْنَ أبِى رَبِيعَةَ بطَلاَقِى، وَأَرْسَلَ مَعَهُ بِخَمْسَة آصُع تَمْر، وَخَمْسَةِ آصُع شَعِيرَ.
فَقُلتُ: أمَا لِى نَفَقَة إلاَ هَذَا ؟ وَلاَ أعْتَدُّ فِى مَنْزِلكُمْ ؟ قَالَ: لا.
قَالَتْ: فَشَدَدْتُ عَلَى ثِيَابِى، وَأتَيْتُ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ: (كَمْ طَلَقَكَ ؟).
قُلتُ: ثَلالا.
قَالَ: (صدَقَ، لَيْسَ لَكِ نَفَقَة، اعْتَدَى فِى بَيْتِ ابْنِ عَمِّكِ بْنِ أمِّ مَكَتُوبم، فَإِنَّهُ ضَرِيرُ البَصَرِ، تُلقِى ثَوْبَك عنْدَهُ.
فَإذَا انقضتْ عدتك فافِنِينِى).
قَالَتْ: فَخَطَبَنِى خُطَابٌ، منْهُمْ مُعَاويَةُ وَأبُو الجًهْ!.
فَقَالَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ).
(إِنًّ مُعَاوِيَةَ تَرِب! خَفِيفُ الحَالِ، وَأبُو الجَهُمَ مِنْهُ شِلَّة عَلَى النَّسَاءِ - أوْ يَضْرِبُ النِّسَاءَ، أوْ نَحْوَ هَنَا - وَلَكِنْ عَلَيْك بالسَامَةَ ابْنِ فَلْدِ).
فرجل ترب لا مال له، واْما أبو جهم فرجل ضراب للنساَ)، وفى بعض طرقه: (أن عائشة - رضى الله عنها - قالت: ما لفاطمة بنت قيس خير فى اْن تذكر هذا الحديث)، وفى بعض طرقه: (يارسول الله، طلقنى ثلاثا وأخاف أن يقتحم علىّ) فأمرها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فتحولت، قال الإمام: اختلف الناس فى المطلقة البائن الحائل هل لها السكنى والنفقة، فقال بعضهم: لها السكنى والنفقة وقد ذكره مسلم عن عمر، وهو قول أبى حنيفة، وقال آخرون: لا سكنى لها ولا نفقة[ وهو قول ابن عباس وأحمد، وآخرون: لها السكنى ولا نفقة لها] (1) وهو مذهب مالك.
(1) سقط من الأصل، واستدرك فى الهامة.
54 (5/53)
كتاب الطلاق / باب المطلقة ثلاثالانفقة لها 49 - (... ) ود دّثنى إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُور، أخْبَرَنَا أبُو عَاصِمٍ، حَدثنَا سُفْيَانُ الئوْرِى، حَدثنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى الجَهْم، قَالَ: دَخَلت أنَا وَأبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، فَسَألنَاهَا فَقَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ أبِى عَمْرِو بْنِ حَفْصِ بْنِ المُغِيرَة، فَخَرَجَ فِى غَزْوَة نَجْرَانَ.
وَسَاقَ الحَديثَ بِنَحْوِ حَلِيثِ ابْنِ مَهْدِئ.
وَزَادَ: قَالَتْ: فَتَزَوًّ جْتُهُ فَشَرَّفَنِى الله بِأَبِى زَيْدٍ، وَكَرَّمَنِى الله بَأبِى زَيْد.
50 - (... ) ود دّثنا عُبَيْدُ الله بْنُ مُعَاذ العَنْبَرِى، حدثنا أَبِى، حَا شَا شُعْبَةُ، حَدثنِى
أبُو بَكْرٍ، قَالَ: دَخَلتُ أنَا وَأبُو سَلَمَةَ عَلَىً فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، زَمَنَ ابْنِ الزبيْرِ.
فَحَدثتْنَا ؛ أنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا طَلاَقًا بَاتا.
بِنَحْوِ حَلِيثِ سُفْيَانَ.
51 - (... ) وحدّثنى حَسَنُ بْنُ عَلِى الحُلوَانِى، حَا شَا يحيى بْنُ آدَمَ، حَدثنَا حَسَنُ
ابْنُ صَالِحٍ، عَنِ ال!ئُدِّئ، عَنِ البَهِى، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسبى، قَالَتْ: طَلَّقَنِى زَوْجِى ثَلآثا، فَلَمْ يَجْعَلْ لِى رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) سُكْنَى وَلا نَفَقَةً.
فأما من اْثبت لها السكنى والنفتهة، فتعلق بقول الله سبحانه: { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم نِن وُجْدِكُم} (1) واْما النفقة فلأنها محبوسة عليه، وهذا عنده توجب لها النفقة.
وقول عمر: ا لا ندع كتاب ربنا): فالذى يظهر فى كتاب ربنا إثبات السكنى خاصة، وفى قول عمر هذا، إشارة إلى ترك تخصيص القراق بأخبار الآحاد، وإن كان أراد بقوله: (جهلت اْو نسيت)، جواز ذلك عليها، وأما إن كان قطع به فلا إشارة فيه لذلك، ويحتمل أن يكون راْى حكم السكن مستقراً، فيكون هذا الخبر نسخأ، والنسخ لا يكون بأخبار الآحاد باتفاق، بعد زمان النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
وحجة من يقول: لا سكنى لها ولا نفقة ما رواه مسلم ها هنا من قوله: ا لا نفقة
لك ولا سكنى) وحجة مالك، أن إثبات السكنى مأخوذ من ظاهر القرآن كما قدمنا، وهذا خبر واحد[ فقد] (2) لا يخص به العموم، وقد يعتل بما اعتل به ابن المسيب من قوله: تلك امرأة فتنت الناس اْنها كانت لسنة، فوضعت على يد ابن أم مكتوم، وعن ابن المسيب أيضا -: تلك امرأة استطالت على أحمائها بلسانها، فأمرها - عليه السلام - أن
(1) الطلاق: 6.
(2) ساقطة من الأصل، واصتدركت فى الهامش.
(5/54)
كتاب الطلاق / باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها
55
52 - (1481) وحئثنا أبُو كُرَيْب، حَا شَا أبُو اسَامَةَ، عَنْ هشَامِ، حَدثنِى أيِى قَالَ: تَزَوفَيَ يَحْيَى بْنُ سَعيد بْنِ العَاصِ بِنْتً عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ الحَكَم، فَطَلَقَهَا فَاخرَجَهَا مِنْ عنْلِهِ، فَعَابَ فَلِكَ عًلَيهِمْ عُرْوَةُ، فَقالُوا: إِنً فَاطِمَةَ قَدْ خَرَجَتْ.
قَالَ عُرْوَةُ: فَأتَيْتُ عَائِشَةَ فَأخْبَرْتُهَا بذلك فَقَالَتْ: مَا لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسِ خَيْرُ فِى أنْ تَذْكُرَ هَنمَا الحَدِيثَ.
53 - (1482) وحّدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، حَا شَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثِ، حَدثنَا هشَام!
عَنْ أبِيهِ، عَنْ فَاطِمَةَ بنت قَيْس، قَالَتْ: قُلتُ: يَا رَسُولَ الله، زَوْجِى طَلَّقَنِى ثَلاَثًا، وَأخَاتُ أنْ يُقْتَحَمَ عَلَىَ.
قَاَلَ: فَأَمَرَهَا فَتَحَولتْ.
54 - (1481) وحّدثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثَنّى، حَا شَا مُحَفدُ بْنُ جَعْفَر، حدثنا شدْلآُ، مَحصُ 5َ
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِ!، عَيق أبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ ؛ أنَّهَا قَالَتْ: مَا لِفَاطَمَةَ خَيْرٌ أنْ تَذْكُرَ
تنتقل، أو يكون ذلك لاءنها خافت فى ذلك المنزل بدليل ما رواه مسلم من قولها: أخاف أن يقتحم على، وقال: إن المسكن لم يكن لزوجها، ولو كان السكنى ساقطأ، لم يأمرها اْن تعتد فى بيت ابن أم مكتوم، ويقصرها على منزل معيئ.
واْما إسقاط مالك النفقة، فلقول الله تعالى: { وَان كُن أُوْلاتِ حَمْل فَأَنفِقُوا عَلَيْهِن حَتى يَفعْنَ حَمْلَهُن} (1)، ودليل هذا الخطاب: أنهن إن يكن حوامل، فلا يلزمنا الإنفاق عليهن، مع التصريح فى حديث فاطمة بإسقاط النفقة، ولا مدخل للتأويل فى هذا، كما دخل فى السكنى، فكد هذا الخبر دليل خطاب القرآن، فصار مالك إليه.
قال القاضى: ولم يُختلَف فى المتوفى عنهن أزواجهن اْنه لا نفقة لهن، والاجماع على وجوب النفقة والسكنى للمبتوتة كما تقدم.
واختلفوا فى السكنى لها وفى مقامها فى بيتها، فعامتهم على وجوب المقام عليها كالمعتدة وخالف داود واْهل الظاهر فلم يرووا ذلك عليها، وروى عن بعض السلف، ورأى مالك وجوب السكنى لها على الزوج، إذا كان مسكنه، اْو استوجب كراه لمدة على اختلاف بين أصحابه فى التأويل عليه فى اشثراط النقد، وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا سكنى عليه جملة، وعن مالك قولة شاذة نحو هذا، وأشار إليه القاضى أبو الحسن بن القصار وقال: هو القياس كالنفقة.
قال الإمام: وفى هذا الحديث فواثد كثيرة، قال بعض العلماء: فيه دلالة على جواز
(1) للطلاق: 6.
256 / ب
(5/55)
كتاب الطلاق / باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها
56
هَنَا.
قَالَ: تَعْنِى قَوْلَهَا: لا سُكْنَى وَلا نَفَقَةَ.
(... ) وحدّثنى إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أخْبَرَنَا عَبْدُ الرخمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أبيه، قَالَ: قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزبيْرِ لِعَائَشَةَ: ألَمْ تَرَىْ إِلَى فُلاَنَةَ بِنْتِ الحكَم ؟ طَلَقَهَا زوْجُهَا البًتَّةً، فَخَرَجَتْ، فَقَالَتْ: بِئْسمَا صَنَعَتْ.
فَقَالَ: ألَمْ تَسْمَعِى إِلَى قَوْلِ فَاطِمَةَ ؟ فَقَالَتْ: أمَا إِئهُ لا خيرَ لَهَا فِى ذِكْرِ فَلِكَ.
استفتاَ المرأة، وسماع المفتى كلامها، وجواز الخطبة على الغير إذا لم يقع تراكن، وجواز أمر المستشار بغير من استشير فيه، وذكر عيوب / الرجال للضرورة إلى ذلك عند المشورة، من قوله: (صعلوك)، (ولا يضع عصاه)، وجواز التعريض فى العدة من قوله: ا لا تفوتينا بنفسك)، جواز الضرب اليسير للمرأة من قوله: ا لا يضع عصاه)، فإنما ذقه با لكثرة.
وفيه جواز المبالغة فى الكلام، وأن ذلك لا يكون كذبا، ولا فى الأيمان حنثا، كقوله: ا لا يضع عصاه) ومعلوم أنه قد يضعها، وجواز نكاح من ليس بك!َ فى النسب ؛ لأن أسامة مولى وفاطمة قرشية، ودلالة على زيارة الرجال المرأة إذا أمن عليها، لقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (تلك امرأة يغشاها أصحابى).
وزعم بعضهم أن فيه دلالة على جواز الطلاق ثلاثا، وقد تأول بعضهم أن ما وقع فى بعض الطرق من قوله: (طلقها ثلاثا)، معناه طلقها اخر تطليقة كانت له فيها، وقد ذكر مسلم فى بعض طرقه: (فطلقها آخر ثلاث تطليقات).
وقال بعض العلماء: لا يكون فى هذا حجة لأن المطلق غائب فلا يمكن الإنكار عليه،
واْما الطرق الذى ذكرها مسلم عن الشعبى عن فاطمة بنت قيس عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى المطلقة ثلاثا، قال: ليس لها سكنى ولا نفقة، فيحمل هذا عندنا على أن المراد به كما ورد فىْ الأحاديث المتقدمة، دان كان ظاهر هذا العموم، والعموم يمنع تاْويل ما ذكرناه فى السكنى عن فاطمة، لكن إذا حمل هذا على أن المراد به ما تقدم من الأحاديث، من فتوى فاطمة، صح ما تقدم فيه من التأويل.
قال القاضى: وفى هذا الحديث من الفقه سوى ما تقدم: جواز نظرة الفجأة ومنع ما سواها، لقوله ة (يغشاها أصحابى): أى يلمون بها ويزورونها، فلا يؤمن تكرار نظرهم إليها، وعليها هى أيضا من المضرة والحرج إن تحفظت وانقبضت على طول مقامهم وتكرارهم مالا يخفى، ولما يخشى عليها من انكشاف ما لا يجوز للرجل النظر إليه من
(5/56)
كتاب الطلاق / باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها
57
الأجنبية جملة، بكثرة تكرارهم وملازمتهم وتحدثهم عندها، كما جاء فى حديث آخر.
وكانت أم شريك هذه قرشية عامرية اسمها: غزية، ويقال: غزيلة وقد ذكرها بعضهم فى ازواج النبى ( صلى الله عليه وسلم )، وقيل فيها: أنصارية، وقد ذكر مسلم انها من الأنصار بعد آخر الكتاب فى حديث الجساسة، وهناك يأتى الكلام بأتم من هذا.
وذكر هنا عند ابن عمك عمرو بن أم مكتوم وكذلك جاء فى آخر الكتاب: وذلك
رجل من بنى فهر، من البطن الذى هى فه، والمعروف خلاف هذا وليسا من بطن واحد، هى من بنى محارب بن فهر، وهو من بنى عامر بن لوى.
واخحلف فى اسم ابن أم مكتوم، فقيل: عمرو كما هاهنا، وقيل: عبد الله، وكذا ذكره فى الموطأ وآخر الكتاب، وقيل غيره، والخلاف فى ذلك كثير.
وقال بعضهم: وفيه حجة أن نظر المرأة إلى الرجل وكونها معه إذا لم تنفرد به جائز،
وأن ما ينكشف من الرجال للنساء فى تصرفهم لا حرج فيه غير العورات، بخلاف النساء معهم.
فقد تقدم هذا فى الكلام على العورات، وهذا يرد الحديث الآخر من قوله - عليه السلام - لميمونة وأم سلمة: (احتجبا فه) (1) يعنى ابن أم مكتوم، قالتا: إنه أعمى فقال: ا لفعمياودن أنتما) ؛ لأن راوى هذا الحديث نبهان مولى أم سلمة، وهو ممن لا يحتج بحدينهء
قال القاضى: لا يختلف أن على النساء من غض البصر عن الرجال ما على الرجال
من غضه عثهن، كما نص الله تعالى[ عليه، (2)، وامر الكل بذلك، ووجه اسمع بين هذين الحديئين على نسليم صحتهما، وأن غض البصر فى الوجهن عن النظرة الثانية، واجب من الجميع، ثم حديث فاطمة: امرت يالاعتداد[ عندها، (3) وخُم! به دون غيره ؛ إذ لا يرى ما ينكشف منها، ألا تراه كيف قال: (تضعين عنده ثيابك)، وإذا وضعت خمارك لم يرك وأمن نه لعماه، ما يخ!ثمى من غيره من تردد ثظره إليها، بحكم الملازمة والمجاورة، أو لكرة تحفظها هى دادخال المشقة عليها من غيره ممن له بصر، ممن كان يضثى أم شريك.
وأما حديث نبهان فتختص بزيادة حرمة أرواج النيى ( صلى الله عليه وسلم )، وأنهن كما غلظ الحجاب
على الرجال فيهن، غلظ عليهن فى حق الرجال - أيضا - لعظم حرمتهن، دالى هذا أشار أبو داود وغيره من العلماء.
(1، لبو دادد، كاللباس، بنى قول عز!جل: { ؤتُل لِئمُؤنَل!} ا النور: 31، (4112)، اترمنى، كالأدب، بما جاه فى احتجاب النساء من الرجال له 77 لأ)، لحمد 6 لم 296ء
(2، 3) صاقطة من الأعل، داستد ركت فى الهاف!.
58
(5/57)
كتاب الطلاق / باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها
وفيه مراعاة الاْموال فى النكاح، ولا سيما فى حق الاْزواج، إذ بها تقوم حقوق
المرأة.
وفيه جواز إخراج المعتدة إذا آذت وفحشت على أهل الدار، وقد قال الله تعالى: { وَلا يَخْرُجْنَ إِلأ أَن يَأتِينَ بِفَاحِشَةٍ ئبَينَة} (1) قال ابن عباس: هى النشوز وسوء الخلق، ونحو منه عن عائشة، وقيل: هو أن تأتى فاحثة فتخرج لإقامة الحد.
وقيل: معناه: إلا أن يأتن بفاحثة بخروجهن: أى اْن خروجهن هى الفاحثة، فيكون (إلا) هاهنا بمعنى ا لكن).
وقيل: الفاحثة بذاؤها على أهل زوجها، وهو قريب من القول الأول، وقد ذكر فى خبر فاطمة بعض هذا، وهو الاشارة فى كتاب مسلم من قولها: ا لا خير لها فى ذكر ذلك).
وفيه حجة لإخريغ كل مؤذ لجيرانه عنهم من منزله، لإخراج هذه من حقها[ فى] (2) السكنى.
وقد قال مالك وأصحابه فى مثله: إن المنزل يباع عليه أو يكرى.
.
وفيه جواز خروجها إذا خافت من المنزل، أو انتقل أهل الموضع، لقولها: (أخاف أن يقتحم علىّ).
وأما قولهم: فيه جواز التعريض، فبعيد ة إذ ليس فى قوله - عليه السلام -: ا لا تسبقينى بنفسك) غير أمرها بالتربص، ولم يُسمّ لها زوجأ.
وكذلك قوله: (ادنينى) وإنما يكون التعريض من الزوج أو ممن يتوسط له، بعد تعيينه ومعرفته، وأما فى مجهول فلا يصح فيه التعريض ؛ إذ لا يصح فيه مواعدة، ولو أن ولىّ المرأة أو أجنبيا منها قال لها: إذا أكملت عدتك زوجتك، أو لا تتزوجى من أحد إذا أكملت عدتك حتى أعلمه.
وتشاورينى فيه، لما كان تعريضا ولا مواعدة، ولكن دفى الحديث حجة على مغ التعريض والخطبة والمواعدة فى العدة، إذ لم يذكر لها - عليه السلام - مراده، ولا واعدها عليه ولا خطبها لأسامة.
وأجمعوا على أن النكاح فى العدة حرام يفسخ وأن المواعدة فيها حرام كما ا نص الله
عليه فيهما.
واختلفوا فى صداق المدخول بها، فجمهورهم أن لها عليه مهر مقدم الصداق بما استحل منها، وذكر عن مسروق أن صداقها فى بيت المال، وروى عن عمر، وروى عنه الرجوع عنه.
واختلفوا هل يحل له نكاحها بعد تمام العدة ؟ فقال مالك فى مشهور قوله والليث
(1) الطلاق: ا.
(2) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامث! بسهم.
(5/58)
كتاب الطلاق / باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها
59
والأوزاعى: إذا وطئ فى العدة أو بعدها لا يحل له نكاحها أبدأ، قال مالك: ولا تحل له وطوها بملك يميئ.
وقد قضى به عمر بن الخطاب.
وقال أبو حنيفة والشافعى: لابأس أن يتزوجها، وهو قول الثورى وعبد العزيز، وقد قضى به على مرويه، قال ابن نافع من أصحابنا فى المبْسوطة: وقال المغيرة وغيره: إنْ وطئ فى العدة حرمت عليه، ولا تحرم عليه بالوطء بعدها وأشار إليه مرة مالك، وقيل: حرم عليه بالعقد وان لم يطأ، وحكى عن مالك.
واختلف أئمتنا فى القبلة والمباشرة فى العدة، هل هى كالوطء أم لا ؟ واختلف قول مالك فيمن وعد فى العدة وعقد بعدها، هل يفسخ بقضاء أم لا ؟ واختلف عندنا بعد القول بالفسخ إذا وطئ فى هذا العقد هل يتأبد به التحريم أم لا ؟ ويجوز له نكاحها وهو مشهور قوله، ولم يختلفوا أنه لا يفسخ نكاح من وعد فى العدة بخلاف من واعد ؛ لأن المواعدة منهما جميعأ، والوعد من أحدهما مع كونهما سواء فى المغ ابتداء، لكن الوعد مكروه والمواعدة حرام.
واختلف عن مالك إذا تزوجها ووطئها فى العدة عالمأ بالتحريم، هل تحرم للأبد ويعاقب ؟ وهى إن علمت ويلحق به الولد ويجب عليه الصداق، أو حكمهما حكم الزانيين ويحدان، ولا يلحق بهما ولد ولا يحرم عليه ولا يجب فيه صداق ؟
وقوله: (فأتحفتنا برطب ابن طاب وسقتنا سويق سلت): فيه الكرام الفواضل الرجال والأفضال على الزائرين والقاصدين لطلب العلم، وفيه احتجاج عمر بقوله: ا لا ندع كتاب الله لحديث امرأة).
وما ذهب إليه عمر ومسروق وغيرهما حجة لمن رأى من الأصول!ن أن العموم فى القرآن لا يخصص بخبر الاَحاد.
ووجه اختلاف ألفاظها عندى فى سبب خروجها من قولها: (فلم يجعل لى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) سكنى) مع قولها: (أخاف أن يقتحم علىّ) وقولها: (إنه قال لها: لا سكنى لك): أى لهذه العلة التى ذكرت.
وفى إنكار عائشة على فاطمة فتُياها فى المسألة على العموم وجوب الإنكار على من
يفتى بما لم يحط به علما، إذ ظنت فاطمة عمومأ طلاقأ وأيا كان لعلة، وهذا الذى أنكرت عليها عائشة لا غيره، وكذلك إطلاق الفتيا بغير بيان وتعميمها للعامة بما يجب إنكاره على فاعله لأنه يدخل اللبس.
وكذلك إنكار عمر وقوله: ا لا ندع كتاب الله وسنة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، لها السكنى والنفقة!: ليس معناه فى وجوب النفقة دانما يريد فى السكنى.
قال الدارقطنى: قوله: (وسنة نبينا) غير محفوظة لم يذكرها جماعة من الثقات، قال القاضى إسماعيل: الذى فى كتاب ربنا النفقة لذوات الأحمال، ونحسب الحديث: ولها السكنى ؛ لأن السكنى
(5/59)
كتاب الطلاق / باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها
موجود فى كتاب الله بقوله: { أَيكِنُوفن (1) الاَية، وزاد أهل الكوفة فى الحديث عن عُمر: والنفقة.
قال القاضى: وفى تخصيص الله تعالى أولات الأحمال بالنفقة، دليل على أنه لا
نفقة لغيرها، واحتجبها بالاَية: { لا تُخْرِجُوفن مِنْ بُيُوتِهِن} (2) وقولى: { لَعَل اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَس ا} (3)، وقولها هذا لمن كانت له مراجعة بطلاق السبه، وقوله: { لا تُخْرِجُوهُن} عموم فى المطلقات هذه وغيرها، فأى امر يحدث بعد الثلاث لا حجة لها ولا يخالف فيه ؛ لأن هذه العلة لم تأت للإخراج، وإنما جاَت لعلة النهى عن تعدى حدود الله فى الزيادة على طلاق الواحدة ومخالفته، وكذلك قوله: (فخاصمته فى السكنى) (4): أى خاصمت فى تركها والخروج عن المنزل فتتفق الأحاديث على هذا، وكذلك قولها: (أمرنى أن أعتدّ فى أعلى) (ْ) فوافق لقوله: (انتقلى إلى ابن عمك ابن أم مكتوم) (6) إذ هو من أهلها.
ولا حجة للمخالف فى إنكار عمر وعائشة عليها فى إسقاط النفقة ؛ إذ ليس فى ذلك بيان، وإنما أنكر إسقاط السكنى، ويدل عليه قول عمر: ا لا ندع كتاب الله وسنة نبيه).
وفى قوله فى أبى جهم: (ضرآب للنساَ) (7) وفى الرواية الأخرى: (فيه شده على النساَ) (8) حجة لصحة أحد التأويلين فى معنى: ا لا يَضع عصاه عن عاتقه) (9) على أنه قد جاَ فى حديث اخر ما يدل على التأويل الاَخر أن المراد به كثرة أسفاره.
وفيه جواز ضرب النساَ وتأديبهن إذ أخبر عنه بهذه الصفة، ولم ينه عنه إذ لعله كان يؤدبهن فيما يجب كما أمره الله وذمه بالاكثار منه، لكنه من لا يفعل ذلك ويتخلق بالحلم واْخلاق النبى - عليه السلام - أفضل.
قال علماؤنا: ولم يختلف فى ضربهن فيما نص الله عليه من النشوز والامتناع عن الاستمتاع.
قال القاضى أبو عبد الله بن المرابط: واختلف فى ضربهن فيما يجب عليهن من خدمة بيوتهن.
تال القاصْى: وهذا على من أوجب عليهن ذلك، وقد ذكرناه، ولا خلاف أن الإفراط ومجاوزة الحد فى أدبهن ممنوع، والمداومة عليه مكروه.
وقد نهى النبى - عليه السلام - عن ذلك جملة ؛ إذ ليس من مكارم الأخلاق، وفى حديث آخر.
(1) الطلاق: 6.
(3) للطلاق: ا.
(5) حديث (43) با لباب.
(7) حديث (47) با لباب.
(9) حديث (36) با لباب.
(2) الطلاق: ا.
(4) حديث رقم (42) بالباب.
(6) حديث رقم (45) بالباب.
(8) حديث رقم (48) با - لباب.
(5/60)
كتاب الطلاق / باب المطلقة ئلاثا لا نفقة لها
61
وقوله: فى هعاوية (ترب لا مال له) (1): بمعنى فقير، ترب الرجل: إذا افتقر، ورجل ترب.
وقوله: (اْبو جهم) وأبو جهيم المعروف على التكبير، ولا ينكر فى التصغير، وهو
أبو جهم بن حذيفة القرشى[ العذرى] (2)، وهو صاحب الإبنجانية، وكذا رواه جميع الناس: ة اْبو جهم ! ولم ينسبوه، إلا يحيى بن يحيى الأندلسى، فقال: أبو جهم ابن هشام.
وهو غلط لا يعرف فى الصحابة أبو جهم بن هشام، ولم يوافق أحد يحيى ابن يحيى على ذلك من رواة الموطأ وغيرهم.
وقوله: (سنأخذ بالعصمة التى وجدنا الناس عليها) (3): أى بالثقة والأمر القوى الصحيح.
ورواه السمرقندى: (بالقضية) وله معنى يتجه، ولكن لاشك أن الأول الصواب.
وذكر مسلم: حديثأ فى الباب عن سفيان عن أبى بكر بن أبى الجهم بن صخير.
كذا للفارسى والشنتجالى وعند العذرى والهوزانى على التكبير، وعند بعضهم: (حُجير) وهو خطأ والأول الصواب، وبالتصغير ذكره البخارى فى تاريخه (4).
وقولها: (فشرفنى الله بابن زيد وكرمنى بابن زيد): وكذا لكافة الرواة وعند السمرقندى: (بأبى زيد) (5) فيهما وثبتت الروايتان عند ابن[ أبى] (6) جعفر، وكل صحيح، وهو اْسامة بن زيد، ويكنى بأبى زيد، وقيل: اْبو محمد.
(1) حديث رقم (47) بالباب.
(2) ساقطة من الاصل، ولستدركت بالهامة.
(3) حديث رقم (41) بالباب.
(4) البخارى فى التاريخ 8 / 12 من كناب الكنى.
(5) وكذا فى النسخة المطبوعة لدينا للصحيح فى حديث رقم (49).
للا) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامث! بسهم.
62
(5/61)
كتاب الطلاق / باب جواز خروج المعتدة البائن...
إلخ
(7) باب جواز خروج المعتدة البائن، والمتوفى عنها زوجها، فى النهار، لحاجتها
55 - (1483) ود دّثنى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِم بْنِ مَيْمُون، حَدثنَا يحيى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ
ابْن جُريْج.
ح وَحَدشَا مُحَمَدُ بْنُ رَافِع، حدثنا عَبْدُ الرّزّاق، أخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ.
ح ً!،،، صَ ير، َ، ًَ عصَ ير، 5،، صَ نص ص ص ص،، صو.
وحدثنِى هرون بن عبد الله - واللفْظ له - حدثنا حجاج بن محمد، قال: قال ابْن جريجٍ.
أخْبَرنِى أبُو الزْبيْرِ ؛ اً نهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْد اللّه يَقُولُ: طُلّقَتْ خًالَتِى، فَا"رَادَتْ أنْ تَجُدَ نَخْلَهَا، فَزَجَرَهَا رَجُل أَنْ تَخْرُجَ، فَا"تَتِ النَبَىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: (بَلَى، فَجُدّى نَخْلَكِ، فَإِنَّكِ عَسَى أنْ تَصَذَقِى أوْ تَفْعَلِى مَعْرُوفًا).
وقوله - عليه السلام - للمعتدة التى سألته الخروج لجداد نخلها: (بلى، فجدى نخلك، فعسى أن تصدقى وتفعلى خيراً!: حجة لمالك والليث فى جواز خروج المعتدة بالنهار، وأن لزوم منزلهن إنما هو بالليل، وهو قول الثورى والليث والشافعى وابن حنبل، وسواء عند مالك كانت رجعية أو مبتوتة.
وقال الشافعى: فى الرجعية: لا تخرج ليلأ ولا نهاراً، وإنما تخرج نهارأ المبتوتة.
وقال أبو حنيفة: ذلك فى المتوفى عنها، وأما المطلقة فلا تخرج ليلاً ولا نهاراً.
وقال محمد بن الحسن: لا يخرج الجميع ليلاً ولا نهاراً، وقد احتج أبو داود بهذا الحديث فى الباب على أنها تخرج بالنهار لقولنا، ووجه استدلالنا: اْن الجداد الذى يخرج إليه فى الحديث إنما هو بالنهار عرفأ وشرعأ.
وقد نهى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عن جداد الليل، وأيضأ فإن نخل الأنصار واْموالهم ليست من البعد بحيث يحتاج إلى المبيت فيها إذا خرج بالنهار، فظاهره بكل وجه أن استئذانها إنما لخروج النهار.
(5/62)
كتاب الطلاق / باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها...
إلخ
63
(8) باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها، وغيرها، بوضع الحمل
56 - (1484) وحلئنى اَبُو الالاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يحيى - وَنَقَارَبَا فِى اللَّفْظِ - قَالَ حَرْمَلَةُ: حَدثنَا - وَقَالَ أَبُو الطَاهِرِ: أخْبَرَنَا ائنُ وَ! - حَدشْى يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَاب، حَدثنِى عُبيْدُ الله بْنُ عَبْدِ اللْه بْنِ عتبَةَ ئنِ مَ!ئعُود ؛ أنَ أَبَاهُ كَتَبَ إِلى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ اً لأرْقَم الزهْرِى، يَا"مُرُهُ أنْ يدْخُلَ عَلَى سُبَيْعَةَ بنْتً الحَارِثِ الأسْلَميَّةِ، فَيَسْألَهَا عَنْ حَلِيثِهَا وَعَمَا قَالَ لَهَا رَسُولُ الله كله جِنَ اسئمكتتة، فكًتَبً عُمَرُ بْنُ ع!دِ اللَّه إِلَى عَبْدِ الله بْنِ عتبَةَ يُخْبِرُهُ ؛ أنَّ سُبَيْعَةَ أخْبَرَتْهُ ؛ أنهَا كَانَت لختَ سَعْد بْنِ خَوْلَةَ، وَهُوَ فِى بَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، فَتُوُفىَ عَنْهَا فِى حَخة الَوَ!ل وَهْىَ حَامِلٌ، فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِه، فَلَمَا تَعَلَّتْ مِنْ نفَاسِهَا تًجَمَلَتْ لِلخُطَاب، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أبُو السنابِلِ بْنُ بَعكَك - رَجُل مِنْ بَنى عَبْدِ الدَاَرِ - فَقَالَ لَهَا: مَالِى أرَاكَ مُتَجَفلَةً ؟ لَعَلَكِ تَرْجِنَ النَّكَاحَ، إِنَّكِ، وَاللّه، مَا أَنْتِ بِنَاكِح حَتَّى تَمَرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أشْهُرٍ وَعَشْرٌ.
قَالَتْ
حديث أ سبعة] (1) الأسلمية
قال الإمام: ذكر مسلم حديث سبعة لما توفى عنها زوجها فوضعت حملها، فأخبرها النبى - عليه السلام - أنها خلت.
اختلف الناس فى الحامل المتوفى عنها زوجها، فالمشهور عندنا أنها بوضع الحمل تنقضى عدتها دإن وضعت قبل انقضاء أربعة أشهر وعشر ؛ لقول الله تعالى: { وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ اَجَلُهُن أَن يَف!عْنَ حَمْلَفن} (2)، فعم ولم يفرق بين عدة وفاة ولا عدة طلاق لأجل حديث سبيعة هذا.
وقد قال بعض أصحابنا: عليها أقصى الأجلين ؛ لقوله تعالى: { وَالَذِينَ يُتَوَفَوْنَ مِنكُمْ وَيَذَيون ازْوَاجًا يَتَرَئصْنَ بِأَنفُسِهِن[ أَرْبَعَةَ أَشْهُووَعَ!ثْرًا} (3) الاَيهَ ولم يفرق بين أن تكون حاملاً أو حائلاً، فرأى أن هذه الاَية توجب التربص أربعة أشهر وعشر] (4)، فإذا انقضت فلابد من طلب الوضع لأجل الاَية الأخرى، ولأنه لا يصح نكاح الحامل فأخذ بموجب الاثنين (1) فى النسخة المطبوعة للصحيح: سبيعة.
(2) الطلاق: 4.
(3) 1 لبقرة: 234.
(4) سقط من الأصل، والمثبت من ع.
64 (5/63)
كتاب الطلاق / باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها...
إلخ سُبَيْعَةُ: فَلَمَا قَالَ لِى فَلِكَ، جَمَعْتُ عَلَى ثِيَايِى حِينَ أمْسَيْتُ، فَا"تَيْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَسَكتُهُ عَنْ ذَلِكَ ؟ فَا"فتَانِى بِ!نى قَذ حَلَلتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِى، وَأمَرَنِى بِالتزَوجُ إِنْ بَمَا لِى.
قَالَ ابْنُ شِهَاب: فَلاَ أرَى بَأسَا أنْ تَتَزَؤجَ حينَ وَضَعَتْ، وَإِن كَانَتْ فِى!مِهَا، غَيْرَ
الا يَقْرُبهَا زَوْجُهَا حَتىَ تَطهُرَ.
57 - (1485) حئثنا مُحَفدُ بْنُ المُثَتى العَنَزِىفى، حَ الشَا عَبْدُ الوَفابِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى نجنَ سَعِيدِ، أخْبرَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَاو ؛ أن أبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرخْمَنِ وَابْنَ عاس اجْتَمَعَا عتدَ أما هُرَيْرَةَ، وَهُمَا يَذكُران المَرْأَةَ تنفَسُ بَغدَ وَفَاة زَوْجهَا بلَيَال.
فَقَالَ صح
جميعأ، وقد قال ابن مسعود: اية النساء الصغرى نزلت آخراً[ يعنى] (1) سورة الطلاق، وفيها البراعة بالوضع للحمل، فأشار إلى أنها تقضى على آية البقرة.
وهذا ترجيح المذهب المشهور،.
والعمومان إذا تعارضا وجب بناؤهما عند كثر الأصولين، وإن لم يكن فى البناء طرق مختلفة طلب الترجيح.
وقد حصل هاهنا بحديث سبعة وبما قاله ابن مسعود.
قال القاضى: لحديث سبيعة قال جميع العلماء وأئمة الفتوى، إلا ما روى عن على
وابن عباس من اَحَر الأجلين.
واختاره سحنون من أصحابنا، وقد روى عن ابن عباس الرجوع عنه والظاهر من الآية أنها معطوفة على المطلقات، إلا أنه عموم نزل على ما قاله ابن مسعود بعد آية المتوفى ولا دليل على التخصيص، فوجب الحكم بالعموم المتأخر، وعضده خبر سبيعة[ وهذا أولى من قول من قال هى 00.
(2) لآية البقرة 00.
(3)، (4) من آخر حكم النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ لأن قصة سبيعة الأسلمية كانت بعد حجة الود 3.
وزوجها المتوفى هو سعد بن خولة المتوفى بمكة حيحثذ.
وقوله ة (قد حللت حين وضعت)، وقول ابن شهاب: (وإن كانت فى دم نفاسها
لا أرى بأسا لى تتزوج): هو الذى عليه جمهور العلماء وأثمة الأمصار أنها بتمام الوضع وإن كان واحدأ أو اَخر[ وضع] (5) الولدان كان كثر حل، ولو كان روجها بعد لم يقبر ولا ينتظر طهرها وشذ الحسق والشعبى وابراهيم وحماد فقالوا: لا تنكح ما دامت فى دم
(1) صاظة مق الأصل ى واستدوكت بالهامة بسهم.
(2، 3) بياض فى الأول.
41) سقط مق الأول، واستدرك بالهامش بسهم.
(5) صاقطة مق الأول، واستد وكت بالهان!
(5/64)
كتاب الطلاق / باب انقضاءعدة المتوفى عنهازوجها...
إلخ 65 ابْنُ عَبَّاسٍ: عِدتها آخِرُ الأجَلَيْنِ.
وَقَالَ أبُو سَلَمَةَ: قَدْ حَلَّتْ.
فَجَعلا يَتنَازَعَانِ فَلِكَ.
قَالَ: فَقَالَ أبُو هُرَيْرَةَ: أَنا مَعَ ابْنِ أخِى - يَعْنِى أبَا سَلَمَةَ - فَبَعَثُوا كُرَيْبًا - مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ - إِلَى امّ سَلَمَةَ يَسْألُهَا عَنْ فَلكَ ؟ فَجَاعصمْ فَاخبَرَهُمْ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ: إِنَّ سُبَيْعَةَ الأسلَمِيَّةَ نُفِسَتْ بَعَدْ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، ! اِنَهَا ذَكَرَتْ فَلِكَ لِرَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَاع مَرَهَا أنْ تَتَزَوج.
(... ) وخدثناه مُحَمَّدُ بْنُ رُمْح، أخْبَرَنَا اللَيْثُ.
ح وَحَدثنَاهُ أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَعَمْرو الئاقدُ، قَالا: حَدثنَا يَزِيدُ بْن هَرُونَ، كلاهُمَا عَنْ يحيى بْنِ سَعِيد، بِهَذَا الإِسْنَاد، غَيْرَ أنَّ الليْثً قَالَ فِى حَل!يثِهِ: فَأرْسَلُوا إِلَى أمَّ سًلَمَةَ، وَلَمْ يُسَمِّ كُرَيْبًا.
ً
نفاسها.
وهذا الحديث وغيره من الأحاديث يرد عليهم، ولعلهم تعلقوا[ بقوله] (1) فى حديث سبيعة: (فلما تعلّت من نفاسها)[ ومعناه: طهرت من دم نفاسها] (2).
يقال: تعلت المراْة من دم نفاسها فهى تتعلى: إذا طهرت منه.
قال الخليل: ولا حجة فيه لأن النبى - عليه السلام - لم يُعلل جواز النكاح لها بذلك
بل علله بنفس الوضع، دإنما أخبر عنها هى المخبر ؛ اْنها حين تعلت من نفاسها فعَلَتْ ما فعلت، وليس فعلها مما يوجب حكما.
وفى ظاهر قوله: (حللت حين وضعت، ولم تفصثل ولدأ كدلأ أو سقطأ أو غيره، حجة للكافة من أن ذلك يبريها كيف كان من غير مراعاة لتمام خلقه، بل بكل مضغة وعلقة مما يعلم أنه سقط، خلافأ لأحد قولى الشافعى ؛ اْنها لا تنقضى عدتها إلا بوضع ولد كامل.
وقوله: (اْنها ولدت بعد وفاة زوجها بليال فأمرها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن تتزوج !:
يدل اْنها لم تنتظر انقطاع الدم.
وقول أبى السنابل لها: (والله ما أنت بناكح حتى يمر عليك أربعة اْشهر وعشر): قيل: إنما قال لها ذلك لتتربص لقوله: حتى يأتى أولياؤها إذا كانوا غُيبا فيتزوجها هو، إذا كان لزمها غرض، وكان رجلأ كبيرأ ومالت إلى نكاح غيره كما جاَ فى حديث مالك (3).
ويحتمل اْنه حمل الاَية على العموم لكل متوفى عنها كما حملها غيره، حاملأ كانت أو غير حامل كما تقدم.
ولعل الغالْب من أوليائها - على التنزيل الأول - كان ممن ترجع إلى رأيه ولا تخالفه / ؛ إذ لو لم يكن لها ولى حاضر جملة لم يكن بد من انتظاره فى القرب.
(1) ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامث!.
(2) سقط من الأصل، واستدرك بالهامث! بسهم.
(3) للوطأ، كالطلاق، بعدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملأ 2 / 589 (3 مه.
258 / أ
66
(5/65)
كتاب الطلاق / باب وجوب الإحداد فى عدة الوفاة...
إلخ
(9) باب وجوب الإحداد فى عدة الوفاة
وتحريمه فى غير ذلك، إلا ثلاثة أيام
58 - (1486) ود دّثنا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ عَبْد الله بْنِ
أبِى بَكْرٍ، عَنْ حُمَيْد بْن نَافِعٍ، عَنْ زَيْنَبَ بنْت أَبِى سَلَمَةَ ؛ أنَّهَا أخْبَرَتْهُ هَنِهِ الأحًادِيثَ الثَّلاَلَةَ.
قَالَ: قَالت زينًبُ: دَخَلتُ عَلَىَ امَّ حَبيبَةَ زَوْج النَّبغ ( صلى الله عليه وسلم )، حِينَ توُفِّىَ أبُوهَا أبُو سُفْيَانَ، فَدَعَتْ أمُّ حَبيبَةَ بطيب فيه صُفْرَةٌ خَلُوقٌ أوْ غَيْرُه، فَلَ!نَتْ مِنْهُ جَارِيَةً، ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا.
ثُمَّ قَالَت: وًا لَلّه، مًالِىَ بالاليب مِنْ حَاجَة، غَيْرَ انى سَمعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ عَلَى المِنْبَر: ا لا يَحِلُّ لامْرَأة صتؤْمِنُ بِالئه وَاليَوْمً الاَخِرِ، تُحِدُّ عًلَى م!تٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أشْهُرٍ وَعَشْرًاً).
(1487) قَالَتْ زَيْنَبُ: ثمَ دَخَلتُ عَلَى زَيْنَبَ بنْت جَحْشٍ حِينَ تُوُفّىَ أَخُوهَا، فَدَعَتْ بِطِيب فَصَمئَتْ منْهُ، ثُمَّ قَالَتْ: وَالله، مَالِى بِالطَّيبَ مِنْ حَاجَة، غَيْرَ ؟نى سَمعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ عَلًى المِنْبرِ: ا لا يَحِلُّ لاِمْرَأة تُؤْمِنُ بِالثه وَاليَوْمً الاَخِرِ، تُحِذُ عًلَى مئتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ، إِلا عَلَى زَوْج أَرْبَعَةَ أثئهُرٍ وَعَشْرًاً).
وقوله: ا لا يحل لامراْة تومن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث[ إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا] (1))، قال الإمام: الحداد: الامتناع من الزينة والطيب، ويقال منه: أحدت المراْة وحدت، ومنه قيل للبواب: حداد ؛ لمنعه الداخل والخارج[ إلا وفى نزل قو!هـ والى: { عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَر} (3) قالت الكفرة: ما رأينا سجانين بهذه العدة.
فقالت الصحابة: لا تقاس الملائكة بالحداديين، يعنون بالسجانين.
ومنه سمى الحديد حديدأ للامتناع به، أو لامتناعه على من يحاوله.
ومنه حديد النظر بمعنى: امتناع تقلبه فى الجهات، قال النابغة:
إلاسليحان إذقال الإله له قم فى البرية فاحددهاعن الفند
(1) سقط من الأصل، والمثبت من ع.
(3) المدثر: 30.
(2) سقط من ع.
(5/66)
كتاب الطلاق / باب وجوب الأحداد فى عدة الوفاة...
إلخ
67
أى فامنعها، دانما منعت المعتدة فى الوفاة من الزينة والطيب ولم تمنع منع المعتدة فى الطلاق ؛ لأن الزينة والطيب يدعوان إلى النكاح ويوقعان فيه، فنهى عنهما ليكون الامتناع زجراَّ عَن النكاح، لما كان[ من] (1) الزوج فى الوفاة معدومأ لا يحامى عن نسبه، ولا يزجر عن زوجته، بخلاف المطلق الذى هو حى، ويحتفظ على المطلقة لأجل نسبه، فاستغنى بوجوده من زاجر آخر.
قال القاضى: قال علماؤنا: لهذا ما عم الاعتداد فى جميع نساء الموتى مدخول بها وغيرها بخلاف المطلقات، استظهارأ لحجة الميت الغائبة ؛ إذ لعله لو كان حيا لتبيئ أنه قد دخل بها، كما اْنا لا نحكم فيما ثبت عليه من الديون والحقوق إلا بعد تميز الطالب، استظهارأ لحجته لعدمه، قالوا: وهى الحكمة فى الزيادة فى أمر عدتها على عدة المطلقة ؛ لأنه لما عُدم استظهرنا له بأتم البراعة وأوضحها، وهو الأمد الذى يظهر فيه يقيئ الحمل بحركة الجنن وذلك فى الزيادة على الأربعة الأشهر[ قال أبو العالية من السلف الصالح: ضمت العشر إلى الأربعة] (2) لأن فيها ينفخ الروح.
قالوا: ولهذا خصست عدة المتوفى - أيضا - بما تستوى به معرفة الكل من أمد الزمان، ولم يوكل ذلك إلى اْمانة النساء فيجعل بالإقراء كالمطلقات، كل ذلك حَوطَة لموت الزوج، وعدم المحامى عن نسبه، ولما كان الصغار من الاْزواج، ومن لم يبلغ حد الوطء والحمل شاذاً فى الزوجات شملهن الحكم، وعمتهن الحوطة حماية للذريعة، واتقاء للشبهة.
وفى قوله: ا لا تحل لمومنة ": حجة لأحد القولن لمالك أن الإحداد يختص بالمومنات
دون الكتابيات ؛ إذ ظاهره اختصاصه بالمومنات.
وعلى قوله الاَخر: أن الإحداد يلزم الكتابيات فيكون هذا القول على التغليظ للمؤمنات.
وبالقول الأول قال أبو حنيفة والكوفيون وابن نافع وابن كنانة وأشهب من أصحابنا.
وبالثانى قال الشافعى وعامة أصحابنا.
وفى عمومه دليل على وجوب الأحداد لجميع الزوجات المدخول بها وغيرها والصغار والكبار والأماء والحرالْر.
وأجمعوا اْنه لا إحداد على أمة أو أم ولد إذا توفى عنهن ساداتهن وهو قول كافة العلماء فى جميع ما ذكرناه، وقال أبو حنيفة: لا إحداد على الأمة ولا على الصغيرة.
ولا خلاف فى أن المطلقة واحدة لا إحداد عليها.
واختلف فى الإحداد على المطلقات
(1) ساقطة من ع.
(2) سقط من الأصل، واصتدرك بالهاثم بسهم.
68
(5/67)
كتاب الطلاق / باب وجوب الإحداد فى عدة الوفاة...
إلخ
الثلاث، فمذهب مالك والليث والشافعى وربيعة وعطاء وابن المنذر لا إحداد عليها، ومذهب أبى حنيفة والكوفين وأبى ثور والحكم واْبى عبيد ؛ أن المطلقة ثلاثا كالمتوفى عنها فى وجوب الإحداد.
قال الشافعى وأحمد وإسحق: الاحتياط أن تبقى المطلقة الزينة وذهب الحسن البصرى وشذ وحده إلى إبطال الإحداد جملة على المطلقة والمتوفى.
وقوله: (إلا على ميت): يدل على اختصاص ذلك بالأموات دون المطلقات على ما ذهب إليه الجمهور.
وقوله هذا محمول عند القائلن به على الوجوب لا على الندب.
وقد أشار الباجى ان هذا من باب ورود لفظة (أفعل) بعد الحظر أنها تحمل على الوجوب، على ما ذهب إليه بعض الاْصوليين، خلافأ لمن رآها على الاباحة، وليس هذا الحديث من هذا، ولا فيه ورود أمر بعد حظر، دانما فيه استثناء من عموم الحظر، فلولا الاتفاق على حمله على الوجوب وأدلة الحديث الآخر.
وقوله - عليه السلام - فى حديث اْم سلمة فى الكحل: ا لا) وما يبينه فى حديث أم عطمة كانت الاباحة أظهر فيه ؟
وقوله: (اْربعة أشهر وعشراً): وهو لفظ عدد المونث ولو كان هذا على ظاهره لاختصت به الليالى.
وقال المبرد: أنّث العشر لأنه أراد به المدة، وقيل: أراد بذلك الأيام بلياليهن، د إلى هذا ذهب كافة العلماء، وأنها عشرة أيام بعد أربعة أشهر.
وقال الأوزاعى: والأصح[ القول] (1) الاْول واْنها تختص بعشر ليال وتحل فى اليوم العاشر.
وحجتهم: تأنيث العشرة.
وقوله: (أربعة أشهر وعشر): احتج به قوم على أن ما زاد على هذا العدد إذا كانت حاملاً لا يلزم فيه إحداد.
وقد قال اْصحابنا: عليها الإحداد حتى تضع د إن تمادى أمرها.
وقوله فى هذا الحديث: (خلوق أو غيره): الخلوق طيب مختلط.
وقوله: (ثم مسحت بعارضيها): قال ابن دريد: عارضا الإنسان له موضعان: أحدهما: صفحة العنق فى بعض اللغات.
والثانى: ما بعد الاْنياب من الأسنان.
وفى كتاب العن عارضة الوجه: ما يبدو منه، والعارضان: ضقا الفم، والعوارض: الثنايا.
وليس هذا المراد فى الحديث، وإنما هو الأول.
وقوله فى حديث أم سلمة فى المشتكية عينيها فى منعها الكحل: ا لا، إنما هى أربعة أشهر وعشر): ظاهر فى وجوب الامتناع من الزينة والإحداد، وقد نص عليه بعد فى حديث أم عطية من قوله: ا لا تكتحل، ولا تلبس ثوبا مصبوغا إلا ثوب عصب، ولا تمس طيبأ) الحديث، لكنه قد جاء فى حديث أم سلمة الآخر فى الموطأ: (اجعليه بالليل
(1) ساقطة من الأصل، واصتدركت بالهامث!.
(5/68)
كتاب الطلاق / باب وجوب الإحداد فى عدة الوفاة...
إلخ 69 وامسحيه بالنهار) (1)، قالوا: ووجه الجمع بين الحديثن أن النهى عنه بالليل لمن اضطر إليه ليس على الإيجاب لكن على الندب لتركه، والكراهة لفعله، وقد اختلف فى ذلك.
وقد أجاز الكحل للحاد - إذا خافت على عينيها - سالم بن عبد الله وسليمان بن يسار،
وقاله مالك فى المختصر (2) إذا لم يكن فيه طيب، وقال فى غيره: وإن كان فيه طيب إثمد اْو غيره، قال ابن المنذر والأسود وغيره، وقاله الكوفيون والنخعى وعطاء والشافعى قال: وتكتحل ليلاً وتمسحه بالنهار كما جاء فى الحديث.
قال الشافعى: وكل كحل فيه زينة للعين فلا تكتحل به الحادَ إثمد اْو غيره، ولا بأس
بغيره عند الضرورة كالفارسى إذا[] (3) بزينة بل لا يزيد العن إلا فتحا عند الاضطرار كما تقدم.
وقد حكى الباجى ونحوه عن مالك: كان فيه طيب أو لم يكن، فيه سواد أو صفرة، قال: و(ن اضطرت إلى ذلك.
قال الإمام: [ ويتأول هذا الحديث على مذهبنا من نهيه - عليه السلام] (4) أنه لم يتحقق الخوف على عينها، وانما فهم - عليه السلام - أن ذلك على جهة العُذر عنده، لا على أن الخوف ثبت، ولو ثبت الخوف حتى اضطرت[ إليه] (5) لجاز ذلك لها.
وقوله: (قد كانت إحداكن ترمى حولا): دليل على نسخ الحول فى عدة الوفاة.
ولا خلاف فى سقوط حكمه، لكن اختلف فى معناه كيف كان، فقيل: كان لها النفقة من مال المتوفى والسكنى سنة ما لم تخرج، فنسخت النفقة باَية المواريث والحول بقوله: { اَرْبَعَةَ اَشْهُوليَ عَشْرًا} (6).
وقال مجاهد: كانت تعتد عند أهل زوجها سنة واجبا، فأنزل الله تعالى: { ئتَاغا
إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إخْوَابم فَمانْ خَوَجْنَ فَلا جُنَماحَ عَلَيْكُم} الاية (7)، والعدة كما هى عليها واجبة فجعل الله تعالى لها تمام السنة وصية، إن شاءت سكنت وإن شاءت خرجت.
وقال ابن عباس: نسخت هذه الآية عدتها عند أهلها، فتعتد حيث شاءت.
وكثر العلماء على أن اية الأربعة أشهر وعشر ناسخة لها، وهو مما تأخر منسوخه فى التلاوة فى سورة واحدة وتقدم ناسخه، وليس فى القرار غير هذه القصة وحدها، وأما
(1) الموطأ، كالطلاق، بما جاء فى الاحداد 2 / ماه (105).
(2) الموطأ، كالطلاق، بما جاَ فى الإحدلد 2 / 599 (6 0 1).
(3) مطموسة فى الأصل.
(4) فى ع: وهذا يتأول على مذهب مالك.
(5) نى ع: معه بلى الكحل.
(6) البقرة: 234.
(7) البقرة: 240.
70 (5/69)
كتاب الطلاق / باب وجوب الإحداد فى عدة الوفاة...
إلخ المه 14) قَالَتْ زَيْنَبُ: سَمِعْتُ امِّى امَّ سَلَمَةَ تَقُولُ: جَاءَتِ امْرَأَة إِلَى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ ابْممى تُوُفِّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَدِ اشْتَكَتْ كثنُهَا، أفَنَكْحلُهَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا) مَرتيْنِ أوْ ثَلائا.
كُل فَلِكَ يَقُولُ: لا.
ثُمَّ قَالَ (إِنَّمَا هِى أرْبَعَةُ أشْهُرٍ وَعَشْز، وَقَدْ كَانتْ إِحْلَاكُن فِى الجَاهِلِيَّةِ تَرْمِىِ بِالبَعَرَةِ عَلَى رَاسِ الحَوْلى).
(1489) قَالَ حُمَيْا: قُلتُ لِزَيْنَبَ: وَمَا تَرْمِى بِالبَعَرةَ عَلَى رَاسِ الحَوْلِ ؟ فَقَالَتْ زَيْنَبُ: كَانَتِ المَرْأةُ، إِذَا تُوُفَىَ عَنْلَأ زَوْجُهَا، دَخَلَتْ حِفْشًا، وَلَبِسَتْ شَر ثِيَابِهَا، وَلَيمْ تَمَسَّ طِيبًا وَلا شَيْئًا، حَتَّى تَمُر بِهَا سَنَةٌ.
ثُمَ تُؤْتَى بِدَابَّة، حَمِار أوْ شَاة أوْ طَيْرٍ، فَتَفْتَضّ بِمِ! فَقَلَّمَا تَفْتَضّ بشَىْءٍ إِلا مَاتَ، ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعَرَةً فَتَرْمِى بِهَا، ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاعَتْ مِنْ طِيب أو غمرِهِ.
تقديم ذلك وتأخير من سورتين موجود والأجماع متفق على أن الحول منسوخ، واْن عدة المتوفى أربعة اْشهر وعشر، وبينه هذا الحديث المتقدم، وعلم منه أنه نسخه.
وقيل: بل هو خص للأزواج على الوصية بتمام السنة لمن لا يرث من الزوجات، وما تقدم من نسخ الاية أشهر وأعرف.
وقوله: (قد كانت إحداكن فى الجاهلية ترمى بالبعرة على رأس الحول): فسره فى الحديث.
قال الإمام: قال بعض العلماء: معنى رميها بالبعرة إشارة إلى أن طول مقامها فى
سوء تلك الحال أسفا على الزوج هيئ لما توجبه المراعاة وكرم العشرة، كما لهون الرمى بالبعرة.
وقال بعضهم: معناه: أنها رمت بالعدة وراء ظهرها كما رمت بالبعرة.
وقوله: (دخلت حفشأ): الحفش: الخص الحقير.
وفى الحديث أنه قال لبعض من وجهه ساعيا[ فرجع بمال] (1): (هلا قعد فى حفش أمه ينتظر، هل يهدى إليه اْم لا ؟).
قال أبو عبيد: الحفش: الدرج، وجمعه أحفاش.
شبه بيت أمه فى صغره بالدرج.
وقال الشافعى: الحفش: البيت الذليل القريب السمك، سمى به لضيقه.
والتحفش: الانضمام والاجتماع وكذلك قال ابن الأعرابى.
(1) زائدة فى ع.(5/70)
كتاب الطلاق / باب وجوب الإحدادفى عدة الوفاة
.
إلخ 71 59 - (1486) ود دّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، حَدشَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حَدثنَا شُعْبَةُ،
عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِع، قَالَ: سِمْعتُ زَيْنَبَ بِنْتَ ائمَ سَلَمَةَ قَالَتْ: تُوُفِّىَ حَمِيمُ لأمِّ حَبيبَةَ، فَدَعَتْ بِصُفْرَة فَمَسَحَتْهُ بِذرَاعَيْهَا، وَقَالَتْ: إِنَمَا أصْنَعُ هَنَا، لأنّى سَمِعْتُ رَسُولً الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: ا لا يَحِلُّ لاِمْرَأَة تُؤْمِنُ بِالئه وَاليَوْم الآخِرِ، أنْ تُحدَ فَوْقَ ثَلاَث، إِلاَّ عَلَى زَوجْ أرْبَعَةَ أشْهُر وَعَشْزا).
المخ14 / 1487) وَحَدثتهُ زينَبُ عَنْ افَهَا، وَعَنْ زينَبَ زَوجْ النَّبىَ ( صلى الله عليه وسلم )، أوْ عَنِ امْرَأة
مِنْ بَعْضرِ أزْوَلبم الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
َ
0 6 - (488 1) وخدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى، حَدشَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حدثنا شُعْبَةُ،
عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِع، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْنَبَ بنْتَ أمِّ سَلَمَةَ تُحَدِّثُ عَنْ أمِّهَا ؛ أنَّ امْرَأةً تُوُفىَ زَوْجُهَا، فَخَافُوا عَلَى عَيْنِهَا، فَا"توُا النَّبًِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَاسْتأذَنُوهُ فِى اهُحْل.
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (قَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَكُونُ فِى شَر بَيْتِهَا فِى أَحْلاسهَا - أوْ فِى شَر أحْلاَيسِهَا فِى بَيْتِها - حَوْلا، فَإِفَا مَرَّ كَلدب رَمَتْ بِبَعَرَة فَخَرَجَتْ، أَفَلاَ أربَعَةَ أشْهُر وَعَشْزا ؟).
قال القاضى: وقيل: الحفش مثل القفة من الحوض، تجمع المرأة فيه غزلها وأسبابأ،
وهذا عن قول أبى عبيد: هو الدرج.
وقوله: (فى شر بيتها وشر اْحلاسها) يفسره قوله فى الحديث الاَخر: ([ شر] (1) ثيابها)، وهو مأخوذ من أحلاس الدواب، وهى كالمسوح تجعل على ظهورها، وكذلك أحلاس البيوت.
قال صاحب العين: هى كالمسوح.
وقوله: (ثم تؤتى بدابة فتفتض به، فقلما يفتض بشىء إلا مات): كذا روايتنا فى مسلم بالفاء والضاد المعجمة، وهو المعروف فى الحديث.
قال الإمام: قال القتبى: سألت الحجازيين عن الافتضاض، فذكروا أن المعتدة كانت
لا تغتسل ولا تمس ماء ولا تقلم ظفرا ثم تخرج بعد الحول بأقبح منظر، ثم تفتض ؛ أى تكسر ما هى فيه من العدة بطائر يمسح به قبلها وتنبذه، فلا يكاد يعيش، وقال غيره: الفض: الكسر والقطع، ومنه: فض الختم.
وذكر الهروى أن الأزهرى قال: رواه الشافعى: (فتقبص) بالقاف والباء بواحدة والصاد
(1) ساقطة من الاْ صل، ولستدركت بالهامث! بسهم.
258 / ب
72 (5/71)
كتاب الطلاق / باب وجوب الإحداد فى عدة الوفاة
.
إلخ
(
.
) وحّدثنا عُبَيْدُ الله بْنُ مُعَاذ، حَدثنَا أبِ!، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِع، بِالحَديثَيْنِ جَميغا: حَدِيثِ أمِّ سَلَمَة فِى الكُحْلِ، وَحَدِيثِ امَ سَلَمَةَ وَاخْرَ! مِنْ أزْوَل! النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ تُسَمِّهَا زَيْنَبَ.
نَحْوَ حَلديثِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ.
1 6 - (ول 4 1 / 486 1) وخدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَعَمْزو النَّاقِدُ، قَالا: حَدثنَا
يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ، أخْبَرَنَا يحيى بْن سَعِيد عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ ؛ أنَّهُ سَمِعَ زَيْنَبَ بِنْتَ أبِى سَلَمَةَ تُحَذثُ عَنْ امِّ سَلَمَةَ وَأمِّ حَبِيَبَةَ، تَذْكُرَانِ أن امْرَأَةً أتَتْ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَذَكَرَتْ لَهُ أنَّ بِنْتًا لَهَا تُوفىَ عَنْهَا زَوْجُهَا، فَاشْتَكَتْ عَيْنُهَا فَهِىَ تُرِيدُ أنْ تَكْحُلَهَا.
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (قَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُن تَرْمِىِ بِالبَعَرَةِ عِنْدَ رَأسِ الحَوْلِ، ! اِنَمَا هِىَ أرْبَعَةُ أشْهُر وَعَشْر).
62 - (486 1) وحّدثنا عَمْزو الئاقِدُ وَابْنُ أبِى عُمَرَ - وَاللَّفْظُ لعَمْرو - حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُييَنْةَ عَنْ أيُّوبَ بْن مُوسَى، عَنْ حُميْدِ بْنِ نَافِع، عَنْ زَيْنَبَ بِئتِ أًبِى سَلَمَةَ، قَالَتْ: لَمَا أتَى ائم حَبيبَةَ نَعِىُّ أبِى سُفْيَانَ، دَعَتْ فِى اليَوْم الثالث بصُفْرَة، فَمَسَحَتْ به فِرَاعَيْهَا وَعَارِضَيْهَا، وَقَالَتْ: كنتُ عَنْ هَنَا غَنِيَّةً، سَمِعْتُ النًّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: ا لا يَحِلُّ
مهملة، وذكر اْنه مفسر فى بابه ولم يذكر فى باب / القاف[ والباء والصاد] (1) إلا القبض وهو الأخذ بأطراف الأصابع، قال: وقرأ الحسن: { فَقَبضْتُ قَبْضة نمنْ أَثَرِ الرسُولِ} (2)، وفى بعض أحاديث مسلم: (فإذا مر كلب رمت ببعرة)، يريد - والله اْعلم -: إذا مر فافتضت به.
قال القاضى: قال مالك فى تفسير (تفتض): تمسح به جلدها كالنشرة.
وقال ابن وهب: تمسح بيدها عليه أو على ظهره، وقيل: معناه: تمسح به ثم تفتض: اْى تغتسل بالماء العذب.
والافتضاض: الاغتسال بالماء العذب للنقاء وإزالة الوسخ حتى يصير كالفضة.
قال الأخفش: تفتض: تتنظف وتنتقى، مأخوذ من الفضة، شبها بنقائها وبياضها.
وقيل: تفتض: تفارق ما كانت عليه.
وقوله: (توفى حميم لأم حبيبة)، وفى رواية العذرى: (توفى حميمة): الحميم: القريب والخاصة، وأصله: كل من يُحمك أمره: أى يحزنك، وأصله من الحميم، وهو الماء الحار.
(1) زاثدة فى ع.
(2) طه: 96.
(5/72)
كتاب الطلاق / باب وجوب الاحداد فى عدة الوفاة...
إلخ
لامْرَأة تُؤْمِنُ بالته وَاليَوْم الاَخِرِ، أنْ تُحذَ فَوْقَ ثَلاَث إِلا عَلَى زَوْج، فَإنَّهَا تُحدُّ عَلَيْه أزبَعَةَ أشْهُرٍ وَعَشْرًا).
َ "
63 - (1490) وخدثنا يحيى بْنُ يحيى وَقُتيبَةُ وَابْنُ رُمْحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْد، عَنْ نَافِع ؛ أنَّ صَفيَّةَ بِنْتَ أبِى عُبَيْد حَدثتْهُ عَنْ حَفْصَةَ، أوْ عَنْ عَائِشَةَ، أوْ عَنْ كِلتيِهَمًا ؛ أن رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا يَحِلً لامْرَأة تُؤْمِنُ بِاللّه وَاليَوْم الاَخِرِ - أوْ تُؤْمِنُ باللّه وَرَسُولِه - أنْ تُحِدَّ عَلَى ميت فَوْقَ ثَلاَلَةِ أيَّامٍ إِلا غَلَى زَوْجِهَا).
(... ) وحّدثناه شَيْبَانُ بْنُ فَروخَ، حَدثنَا عَبْدُ العَزِيزِ - يَعْنِى ابْنَ مُسْلِمٍ - حَلّثَنَا
عَبْدُ النْه بْنُ !ينَارٍ عَنْ نَافِع.
بِإِسْنَادِ حَلِيثِ اللَّيْثِ، مِثْلَ رِوَايَتِهِ.
64 - (... ) وحّدثناه أبُو غَسَّانَ المِسْمَعِى وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثنَّىّ، قَالا: حَا شَا عَبْدُ الوَفَابِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: سَمعْتُ نَافِعًا يُحَدّثُ عَنْ صَفيَّةَ بنْتِ أبِى عُبَيْد ؛ أنَّهَا سَمِعَتْ حَفْصَةَ بْنتَ عُمَرَ، زَوْجَ النَبىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) تُحَدّثُ عَنِ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِ حَدِيثِ الليْثِ وَابْنِ دِينَارِ.
وَزَادَ: (فَاِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أشْهُرٍ وَعَشْرًا).
ء،، يرص صرص بركل ص ه فض ص ص ص صره،، ص ص صص،
(... ) وحدثنا ابو الربِيع، حدثنا حماد عن ايوب.
ح وحدثنا ابن نميرٍ، حدثنا ال، حَدثنَا عُبَيْدُ اللّه، جَمِيعًا عَنْ نَافِع، عَنْ صفِيَّةَ بِنْتِ أيِى عُبَيْد، عَن بَغضِ أزوَل! دنَّبِى ( صلى الله عليه وسلم )، عَنِ الئيِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمَعْنَى حَلِيثِهِمْ.
65 - (1491) وحّدثنا يَحْيَى بْنُ يحيى وَأبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَعَمْرو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ
ابْنُ حَرْب - وَاللَّفْظُ لِيَحْعىَ - قَالَ يحيى: أخْبَرَنَا - وَقَالَ الاَخَرُونَ: حَدثنَا - سفْيَانُ بْنُ عُيَبْنَة عَنً الزُّهْرِىَّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِثةَ، عَنِ النَّبى ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ: ا لا يَحِل لاِمْرَأة تُؤْمِنُ بِالته وَاليَوْم الاَخِرِ، أنْ تُحِدَّ عَلَى م!تٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ إِلاًّ عَلَى زَوْجِهَا).
66 - (938) وحدتنا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيع، حَدثنَا ابْنُ إِدْرِش!، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ حَفْصَفَ
قال الإمام: رواه الجلودى وغيره: (حميم لأم حبيبة) وهو الصواب، ووقع فى نسخة ابن الحذاء: (حميم لأم سلمة)، وذكر رواية مالك فى حديث، وفيه ما يدل أن صوابه: (أم حبيبة) والله أعلم.
259 / ْ ا
74 (5/73)
كتاب الطلاق / باب وجوب الإحداد فى عدة الوفاة...
إلخ عَنْ أمّ عَطِيّةَ ؛ أنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا تُحِد امْرَأة عَلَى قتتٍ فَوْقَ ثَلاَث، إِلأَ عَلَى زَوْج أَرْبَعَةَ أشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلا تَلبَسُ ثَوبا مَصْبُوغَا إِلا ثَوْبَ عَصْبٍ، وَلا تَكتَحِلُ، وَلا تَصَمنُ طِيبًا، إِلا إِفَا طَهَرَتْ، نبنَه مِنْ قُسْطٍ أوْ أظفَارٍ ).
(... ) وحّدثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا عَبْدُ الله بْنُ نُمَيْرٍ.
ح وَ حدثنا عَمْزو الئاقدُ، حَدثنَا يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ، كِلاَهُمَا عَنْ هِشَامٍ، بَهَنَا الإِسْنَادِ.
وَقَالا: (عِنْدَ أدْنَى طُهْرَهَا.
نبنَه مِنْ قُسْط وَأظفَار).
67 - (... ) وحدثنى أبو الربِيع الزهْرانِى، حدثنا حماد، حدثنا أيوبُ، عن حفصة،
وقوله: (ولا تلبس ثوبا مصبوغا / إلا ثوب عصب!: إشارة إلى خشن الثياب وما لاكثيرزينة فيه من المصبوغ.
قال القاضى: قال ابن المنذر: أجمعوا على اْنه لا يجوز لها لباس المصبغة والمعصرة
إلا ما صبغ بالسواد ورخص فى السواد مإلك والشافعى وهو قول عروة.
وكره ذلك الزهرى وكره عروة والشافعى العصب وهى برود اليمن يعصب غزلها ثم يصبغ معصوبا، ثم ينسج فيتوشى.
واْجاز ذلك الزهرى لها، وأجاز مالك غليظه.
قال أحمد بن نصر: قوله: (ثوب عصب) يعنى: الخضرة وهى الجبر.
وقوله: (الخضرة! ليس بصواب.
قال ابن المنذر: ورخص كل من يحفظ عنه العلم فى البياض.
قال القاضى: ذهب الشافعى إلى أن كل صبغ زينة فلا تلبسه الحاد، غليظأ كان أورقيقا.
ونحوه للقاضى اْبى محمد عبد الوهاب قال: كل ما كان من الألوان يتزين به النساَ لأزواجهن فتمنع منه الحاد، ومغ بعض متأخرى شيوخنا من جيد البيّاض الذى يتزين به ويجمل، وكذلك الرفغ من السواد.
وقوله: (ولا تمس طيبأ إلا إذا طهرت نبذة من قسُط أو أظفار): النبذة: الشىَ اليسير، وأدخل فيه الهاَ لأنه بمعنى القطعة.
وإنما رخص لها فى هذا كما قال فى الحديث: (ورخص للمرأة فى طهرها) لأجل قطع الروائح الكريهة والتنظف، لا على معنى التطيب والتزين، مع اْن القُسط والأظفار ليس من مؤنث الطيب المستعمل نفسه فى ذلك، فرخص فى اليسير منه للضرورة، وظاهره[ التبخر] (1) بهما.
وقال الداودى: معناه: أن تستحق القسط وتلقيه فى الماَ آخر غسلها ليذهب برائحة الحيض، كما قال
(1) صاقطة من الاْصل، واستدركت فى الهامثى بسهم(5/74)
كتاب الطلاق / باب وجوب الاحدادفى عدة الوفاة...
إلخ 75 عَنْ امِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: كُنَّا ننهَى أنْ نُحدَّ عَلَى ميِّت فَوْقَ ثَلاَث، إِلاَّ عَلَى زَوجْ أرْبَعَةَ أَشْهُر وَعَشْرًا، وَلا نَكْتَحِلُ، وَلا نَتَطَيبُ، وَلا نَلبَسُ ثَوْئا مَصْبُوغا، وَقَدْ رخِّصَ لِلمَرْأَةِ فِى طُهْرِهَا، إِفَا اغْتَسَلَتْ إِحْدَانَا مِنْ مَحِيضهَا، فِى بهنَق مِنْ قُسْط وَأظفَار.
للمستحاضة: (خذى فرصة ممسكة فتتبعى بها أثر الدم)، والاءول أظهر.
والقسط ليس بطيب برائحته إلا فى البخور وكذلك الأظفار، لاسيما مع القسط، فهو بخور مستعمل معروف، والقسط معلوم من الأنول المستعملة فى البخور، وأكثر ما يستعمل هو والقسط مع غيره لا بمجرده، وقد رواه بعضهم فى كتاب البخارى: (قسط أظفار) (1) وهو خطأ.
وعند بعضهم: (قسط ظَفَار).
وظفار مدينة باليمن تنسب إليها.
ولهذا وجه، ومن رواه: (وأظفار) أو (أظفار) أحسن - والله أعلم.
(1) للبخارى عن ثم عطية، كالطلاق، بتلبث الحاثة ثياب العصب 7 / 78.
76(5/75)
كتاب اللعان
بسم الله الرحمن الرحيم
19 -كتاب اللعان
ا - (1492) وَحَدثنَا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلى مَالِلث عَنِ ابْنِ شِهَالب ؛ أن سَهْلَ بْنَ سَعْد السَّاعدِ! أخْبَرَهُ ؛ أنَّ عُوَيْمِزا العَجْلانِىَّ جَاءَ إِلى عَاصِم بْنِ عَدِ!لم الأنصَارِ! فَقَالَ لهُ: أرً أيْتَ يَا عَاصِمُ، لوْ أن رَجُلأ وَجَدَ مَعَ امْرَأَته رَجُلأ، أيَقْتُلهُ فَتَقْتُلونَهبم أمْ كَيْفَ يَفْعَلُ ؟ فَسَلْ لِى عَنْ فَلِكَ يَا عَاصِمُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَسَاكَلً عَاصِم رسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) المَسَائِلَ وَعَابَهَا، حَتَى كَبُرَ عَلى عَاصِبم مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللّهَِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَلمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلى أهْله جَاءَهُ عُوَيْمِر فَقَالَ: يَا عَاصِمُ، مَافَا قَالَ لكَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ قَالَ عَاصِمٌ لِعُوَيْمِر: لمْ تًأتَنِى بِخَيْر، قَدْ كَرِهَ رَسُولُ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) المَسْألةَ التِى سَألتُهُ عَنْهَا.
قَالَ عُوَيْمِر: وَاللّهِ، لا انتَهِى حَتَى أَسْألهُ عَنْهَا.
فَا"قْبَلَ عُوَيْمِر حَتَى أتَى رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَسَطَ الئاسِ.
فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، أرَأيْتَ رَجُلأ وَجَدَ مَعَ امْرَأته رَجُلأ، أيَقْتُلهُ فَتَقْتُلونَهُ ؟ أمْ كَيْفَ يَفْعَلُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ النْهِ على: (قَدْ نَزَلَ فِيكَ وَفِى صَاَحَبَتِكَ، فَاف!بْ فَأتِ بِهَا لما.
قَالَ سَهْلٌ: فَتَلاعَنَا - وَأنَا مَعَ النَّاسِ - عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَلمَّا فَرَغَا قَالَ عُويمِرٌ:
أحاديث اللعان
ذكر مسلم حديث العجلانى وامرأته وقوله: (يا رسول الله، أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلأ، أيقتله فتقتلونه ؟) فيه: يجوز السؤال لئلا يصرح بالقذف فيجب عليه الحد فى الرجل، ولا يخلصه منه لزوجته إلا لعانه، خلافأ للشافعى فى إسقاطه عنه الحد فى الرجل بلعان زوجته ؛ لأنه عنده بحكم أشيع (1).
قال الخطابى: وذلك إذا دخله فى لعانه، ولا"نه فى ترك تسميته لا حد عليه حتى يصرح باسمه، خلافا للشافعى فى حده وإن لم يسمه إنْ لم يلتعن، أو لعله كان يعتقد أن ذلك يجب عليه فى زوجته فلذلك لم يصرح، أو
(1) لا تستعمل الدلالة فى مثل هذا المعنى ولا يقضى إلا بالظاهر اْبدأ.
وعبارة الافعى: فأخبر اْن النبى - عليه السلام - لم يستعمل دلالة صدقه عليها وحكم بالظاهر بينه وبينها.
انظر: مختصر المزنى 4 / 152، 153.(5/76)
كتاب اللعان كلا أبهم الأمر حتى يرى كيف يكون الحكم فيه، فيعمل بحسب ذلك من كتمه أو إبدائه.
وقوله: (أيقتله فتقتلونه ؟): يحتمل أن يكون سوالا عن هذا الحكم إذا فعله، ويحتمل أنه علم الحكم ولكنه قاله على سبيل التوصل إلى وجه آخر غيره، يصل به إلى شفاء غيظه، وإزالة غيرته، واحتج بعض الشافعية به على أنه لا حد فى التعريض ولا حجة فيه ؛ إذا لم يسم المعرص! به ولا أشار إليه.
قال الإمام: وجعله بعض الناس حجة على الزوج إذا قتل رجلاً، وزعم أنه وجده مع امرأته، أنه يقتل به ولا يصدق إلا ببينة ؛ لأنه - عليه السلام - لم ينكر عليه ما قال.
قال القاضى: قد يكون سكوته - عليه السلام - لئلا يتسبب بذلك أهل الأذى والشر
إلى القتل، فيدعون هذا السبب لكل من قتلوه.
وقد اختلف العلماء فى هذه المسألة، واختلف فيها فى مذهبنا.
فجمهور العلماء على أنه يقتل به إن لم يأت بأربعة شهداء، وهو قول الشافعى وأبى ثور، قالا: وشمعه فيما بينه وبن الله قتله، قال أحمد وإسحق: يهدر دمه إذا جاء بشاهدين.
واختلف أصحابنا، هل يهدر دمه إذا قامت البينة إذا لم يكن المقتول محصنأ ؟ فهذا
ابن القاسم: هما سواء ويهدر دمه، واستحب الدية فى غير المحصن.
وقال ابن حبيب: إن كان المقتول محصنأ فهذا الذى ينجى قاتله البينة من القتل.
وقد اختلف عن عمر فى هدر دم مثل هذا.
وروى عن على: يقاد منه.
وقوله: (وجد مع امرأته): دليل أن حكم اللعان إنما هو فيمن رماها برؤية ذلك فى
حال الزوجية، لا قبلها ولا بعدها، فعنه وقع السوال، وفيه جاء الحكم.
ولا خلاف فى المذهب فيمن قال لامرأته: زنيت أو رأيتك تزنى قبل اْن اْتزوجك، أنه لا لعان ويحد، وهو قول جماعة العلماء، خلافا لأبى حنيفة: اْنه تلاعن.
وكذلك لو قال لها[ بعد، (1) أن بت طلاقها: رأيتك الاَن تزنى، حذَ.
بخلاف لو قذفها الآن بروْية وقت الزوجية، اْو نفى ولد أو حمل، أو قذفها وهى زوجة، ثم بت طلاقها، فإنه يلاعن عندنا وعند جمهور العلماء.
وأبو حنيفة والثورى يقولان: لا حد فى هذا ولا لعان.
وقالت طائفة: يحد ولا يلاعن، وأجمعوا أنه لو قذفها ثم تزوجها، أنه يحد ولا يلاعن.
وقوله: (فكره رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) المسائل وعابها).
قيل يحتمل: إنه كره قذف الرجل امرأته ورميها من غير بينة، لاعتقاده اْن الحد يجب عليه، وذلك قبل نزول حكم اللعان بذلك، قوله فى الحديث الاَخر لهلال بن أمية: (البئنة صالا حدّ فى ظهرك) الحديث (2)،
(1) ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامث! بسهم.
(2) البخارى، كالشهادات، بإذا دعى أو قذف فله ئن يلتمس البينة 3 / 233.
259 / ب
78(5/77)
كتاب اللعان كَنطتُ عَليْهَا يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ أمْسَكْتُهَا، فَطَلقَهَا ثَلاثا، قبلَ أنْ يَأمُرَهُ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
وفيه فنزل: { وَ الذِينَ رَوْمُونَ ازْوَاجَهُم} ا لآية (1).
ويحتمل أنه كره السوال لما فيه من قُبْح النازلة والفاحشة، وهتك ستر المسلم، أو لما
كان من نهيه عن كثرة السوال، إما سدأ لباب سوال أهل التشغيب من الجهلة والمنافقين واْهل الكتاب، أو لما يخشى من كثرة السؤَال من التضييق عليهم فى الأحكام، التى لو سكتوا عنها لم يلزموها وتركوا إلى اجتهادهم، كما قال: (اتركونى ما تركتكم، فإنما هلك ممن كان قبلكم بكثرة سوالهم أنبيائهم) (2)، ولما جاء عنه:، أعظم الناس جُرما من سأل عما لم يحرم فحرم من أجل مسألته) (3).
قال الإمام: المسائل إذا كانت مما يضطر إليها السائل فلا بأس بها، وقد / كان - عليه السلام - يُسأل عن الأحكام فلا يكره ذلك وإن كان على جهة التعنيت فهو منهى عنه.
وعاصم هذا إنما سأل لغيره، ولعله لم تكن به ضرورة إلى ذلك.
وقوله: (قد أنزل فيك وفى صاحبتك، فاذهب فأت بها)، قال القاضى: يحتمل
أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عرف أن عويمراَ - صاحب المسألة - حيئ كرر السوال له عنها إما بما دل عليه من قوله أو حاله بما لم يذكر فى الحديث، اْو بوحى اْوحى إليه عند نزول اية اللعان.
وقوله: (فتلاعنا): أجمع المسلمون على صحة حكم اللعان بين الزوجن ؛ إذا
ادعى رؤية، وكذلك قال الجمهور: إذا نفى ولداً.
واختلفوا فحما بعد ذلك، فقالت فرقة: لا لعان فى القذف المجرد، وهو أحد قولى مالك وقول الليث وأبى الزناد والبتى ويحيى بن سعيد، وأن فى هذا الحد بكل حال، وقال الكوفيون والشافعى والأوزاعى وفقهاء أصحاب الحديث باللعان فى القذف المجرد، وروى أيضأعن مالك.
واختلفوا إذا اْقام الزوج البينة على زناها، فعند مالك والشافعى: يلاعن ؛ إذ لا
عمل للشهود فى نفى الولد.
وقال أبو حنيفة وداود: إنما اللعان لمن لم يأت بأربعة شهداء، فمن اْتى بهم فلا لعان.
واختلفوا فى اللعان بنفى الحمل وفى وقته، فمذهب الكوفيون (4) إلى أنه لا لعان إلا
أن ينفيه ثانية بعد الولادة، وهو قول عبد الملك بن الماجشون، كذا حكاه عنه أبو عمر بن عبد البر، وذهب الشافعى إلى أن كل من نفى الحمل يلاعن، وهو قول أحمد وداود وأبى
(1) النور: 6.
(2) ئحمد فى مسنده 2 / من عن أبى هريرة.
(3) البخارى، كالاعتصام، بما يكره من كثرة السؤال 9 / 117 عن سعد بن أبى وقاص.
يا) هكذا الأصل، والصواب: الكوف!ن.(5/78)
كتاب اللعان ه 790
ثور وحكى عنه أنه لا يلاعن حتى تلد، وهو المعروف عن عبد الملك، أروى عن مالك وعبد العزيز وأشهب.
وعن مالك وأصحابه فى ذلك ثلاثة أقوال أيضا: يلاعن إذا ادْعى رؤية واستبراء معأ،
ويلاعن بالجملة دون استفسار، ويلاعن بدعوى الاستبراء ولا يلاعن إن لم يدعه إلا أن تلد لأقل من ستة اْشهر من يوم الرؤية، ونحوه عن أبى يوسف وابن الحسن إلا اْن يكون مقرأ بالحمل، أو را فلم ينكره، فلا ينتفى بلعان عندنا فى المشهور، وهو قول العلماء.
وذهب الكوفيون إلى أنه يلاعن.
وعندنا رواية أخرى: أنه إن ادعى رؤية فله نفيه، ورواية ثالثة:
اْنه متى أقر بالحمل لم يلاعن للرؤية ؛ إذ مقتضى اللعان نفى الحمل، حكاها ابن المواز والبغداديون، ثم اختلف على القول بنفيه فى هذه المسألة إذا كان قد لاعن للرؤية، هل يكفيه لعان الرؤية أم لا ينفيه إلا بلعان ثان ؟ وذهب طائفة إلى أن المولود على فراش الرجل لا ينفى بلعان بتة.
وكذلك اختلفوا فى لعان المملوك تزوج الكتابية، فعند مالك: اللعان بين كل زوجين
عبدين اْو حرين، أو أحدهما حر والزوجة كتابية، لكن إنما يكون فى حق زوج الكافرة والأمة فى نفى الحمل لا فى مجرد القذف ة إذ لا حد على قاذفها ولا يلزم الكافرة لعان أو
لا حد عليها إلا أن يشاء لنفى المعرة.
وقال الحسن: لا لعان بين المماليك.
قال أبوحنيفة: وكذلك إن كان أحدهما مملوكا اْو الزوجة ذمية.
وقال البتى: كل قاذف لزوجة يلاعن، ونحوه مذهب الشافعى.
قال الإمام: أصل اللعان فى الشريعة: الضرورة لحفظ الأنساب ونفى المعرة عن
الاْزواج وقد اختلف المذهب فيمن قذف زوجته، هل يلاعن على الجملة ؟ اْو حتى يتبين وجه دعواه ؟ فمن رأى أن نفى الحد عن الزوج إذا رمى زوجته مقصود فى الشرع فى نفسه مكنه من ذلك.
وكذلك اضطرب المذهب - أيضا - إذا ادعى الرؤيا للزنا، هل لا ينتفى الولد حتى
يدعى مع ذلك الاستبراء ؟ اْو ينتفى د إن لم ياع استبراء وإن كان الحمل ظاهرا ؟ فاحد الاْقوال: اْنه ينتفى الولد ولو كان الحمل ظاهرأ، وقال بعض شيوخنا: ليس لهذا وجه، إلا أن تكون مشاهدته لزناها الاَن علما عنده على اعتيادها لذلك، ويغلب على ظنه منه لن الولد الذى هو حمل ظاهر من زنى آخر، فأبيح له نفيه بهذا الظن، كما يباح له نفيه ب!راقة الدم دان كان لا يودى إلى الظن ة لأن الحامل قد تحيض.
ومن اْنكر من أصحابنا لن ينفى الحمل الظاهر قال: فإن الولد للفراش.
وقصارى ما فى هذا التجويز أن تكون خانته قبل، ولا ينتفى الفراش وأحكامه بالتجويز المجرد.
ومن اْصحابنا من لا يوجب الاستبراء ولكنه شرط: ألا يكون الحمل ظاهرأ ؛ لأن ظهوره مع ثبوت الفراش كالشاهد عليه بأنه منه، !اذا لم يكن ظاهراً فلا شاهد عليه يمنعه من نفيه.(5/79)
كتاب اللعان
قَالَ ابْنُ شِهَاب: فَكَانَتْ سنَةَ المُتَلاعِنَيْنِ.
2 - (... ) وَحَدثنِى حَرْمَلةُ بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، أخْبَرَنِى سَهْلُ بْنُ سَعْد الأنْصَارِىُّ ؛ أنَّ عُوَيْمِزا الأنْصَارِىَّ مِنْ بَنِى العَجْلانِ، أتَى عَأصِمَ بْنَ عَدِى.
وَسَاقَ الحد يثَ بِمِثْلِ حَلِيثِ مَالك.
وَأدْرَجَ فِى الحَديث قَوْلهُ: وَكاَنَ فِرَاقُهُ الحاهَا بَعْدُ سُنَّةً فِى المُتَلاعِنَيْنِ.
وَزَادَ فِيهِ: قَالَ سًهْل: فَكَانتْ حَامِلاً، فَكًانَ ابْنُهَا لُدْعَى إِلى امًّهِ، ثُمَّ جَرَتِ السّنَةُ أنَّهُ يَزُدهَا وَتَرِثُ مِنْهُ مَا فَرَضَ اللهُ لهَا.
3 - (... ) وَحَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ رَافِع، حَدثنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيج، أحْبَرَنِى
ابْنُ شِهَاب عَنِ المُتَلاعِنَيْنِ وَعَنِ السنَة فيهمَا، عَنْ حَلِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْد أخِى بنِى سَاعِد ةَ ؛ أنَّ رَجُلأ مِنَ الأنْصَارِ جَاءَ إِلى النَّبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، أرَأيْتَ رَجُلأ وَجَدَ مَعَ امْرَأته رَجُلأ ؟ وَذَكَرَ الحَديثَ بِقِصَّتِهِ.
وَزَادَ فِيه: فَتَلاعَنَا فِى الَمَسْجِدِ، وَأنَا شَاهدٌ.
وَقَالَ فِى اَلَحَديث: فَطَلقَهَا ثَلاَلا قَبْلَ أنْ يأمُرَهُ رَسُولُ الهِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَفَارَقَهَا عِنْدَ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ النَّيِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): َ (فَاكُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ كُل مُتَلاعنينِ).
- عص، ص ص وه وص هَ ه، ص ص عص ص ص عص، ص ه ه،
4 - (1493) حدثنا محمد بن عبد اللّه بن نمير، حدثنا أبى.
ح وحدثنا أبو بكر بن
أبِى شَيْبَةَ - وَاللفْظ له - حَدثنَا عَبْد ال!هِ بْن نمير، حدثنا عبد الملِكِ بْن أبِى سليْمان، عن
وفى بعض طرق الأحاديث: (ما وطيتها مُذ كذا): فتعلق بهذا أصحابنا من لم يمكنه من النفى إلا بالاستبراَ، ومن لم يعتبره من أصحابنا لّعلق بظاهر القرآن ولم يذكر فيه استبراء، وكذلك فى[ بعض] (1) طرق الأخبار لم يذكر فيه استبراَ، وهذا العموم لا يخص بقوله: ة ما وطيتها مذ كذا) لأنه لم يذكر الحكم إذ لم يذكر بذلك، فيكون تخصيصا.
وقوله: (فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) )، قال القاضى: فيه أن سنة التلاعن ألا يكون مكتوما، ويكون مشهوراً بحضرة الناس، وأن سنته اْن يكون بحضرة الإمام، أو من يستثنيه الإمام لذلدً من الحكام، وهذا إجماع أنه لا يكون إلا بسلطان، وقوله: (فى المسجد): يبين اْن سنة كونه فى المسجد، ولم يختلفوا فى ذلدً، إلا قول عبد الملك: أنه يكون فى المسجد اْو عند الإمام، وقد يستحب أن يكون بأثر صلاة وبعد العصر أولى، وأى وقت كان جاز.
(1) ساقطة من الاْ صل، واستدركت بالهامث!.(5/80)
كتاب اللعان 81
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر، قَالَ: سُئِلتُ عَنِ المُتَلاعِنَيْنِ فِى إمْرَة مُصْعَب، أيُفَرقُ بَيْنَهُمَا ؟ قَالَ: فَمَا !رَبْتُ مَا أَقُولأ: فَمَضَيْتُ إِلى مَنْزِلِ ابْنِ عُمَرَ بمَكًّةَ.
فًقُلتُ للًغُلام: اسْتَأذنْ لِى.
قَالَ: إِنَّهُ قَائِل.
فَسَمِعَ صَوْتِى.
قَالَ: ابْنُ جُبَيْر ؟ قُلتُ: نَعَمْ.
قَالَ: َ ادْخُلْ.
فَوَ النهِ، مَا جَاءَ بِكَ، هَذه السَّاعَةَ إِلا حَاجَة".
فَدَخَلتُ، فَإِفَا هُوَ مُفْتَرِش! بَرْذَعَةً، مُتَوَشد وسَالَةً حَشْوُهَا ليف.
قُلتُ: أبَا عَبْد الرَّحْمَنِ، المُتَلاعِنَانِ، أيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا ؟ قَالَ: شبحَانَ اللّهِ! نَعَمْ.
إِنَّ أؤًلَ مَنْ سَألَ عَنْ فَلِكً فُلانُ بْنُ فُلان.
قَالَ: يَا رَسُولَ الله، أرَأيْتَ أنْ لوْ وَجَدَ ا"حَدُنَا امْرَأتَهُ عَلى فَاحشَة، كَيْفَ يَصْنَعُ ؟ إِنْ تَكَلمَ تَكَلم بِائيْ عَظِيمٍ، وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلى مِثْلِ ذَلِكَ.
قَالً: فَئسَكَتَ النَبِى ( صلى الله عليه وسلم ) فَلمْ يُجِبْهُ.
فَلمَّا كَانَ بَعْدَ فَلِكَ ا"تَاهُ فَقَالَ: إنَ الذى سَألتُكَ عَنْهُ قَدِ ابْتُلِيتُ بِهِ، فَائزَلَ اللهُ - عَر وَجَلَّ - هَؤُلاءِ الاَيَاتِ فِى سُورَةِ النُّوَرِ: َ وَالَذِينَ يَرْفونَ أَيْوَاجَفمْ (1) فَتَلاهُن عَليْهِ وَوَعَظَهُ وَذَكَّرَهُ، وَا"خْبَرَهُ أنءَفَابَ الدُنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ
وقوله: (كذبت عليها يا رسول الله إن اْمسكتها، فطلقها ثلاثا، قبل أن يأمرَه رسول الله (صلى الله عليه وسلم)/ قال الإمام: احتج بهذا[ الشاهد] (2) على جواز الطلاق ثلاث فى كلمة واحدة، وانفصل اْصحابنا عن هذا بأنها قد بانت منه باللعان، فوقعت الثلاث على غير زوجة، فلم يكن لها تأثير.
قالوا: لأنه خرج النسائى عن محمود بن لبيد قال: أخبر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عن رجل طلق امراْته ثلاث تطليقات جميعأ، فقام ( صلى الله عليه وسلم ) غضبان فقال: (أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم حى) وقام رجل اخر فقال: يا رسول الله، ألا اقتله (3).
فالأخذ بالمنع بهذا الحديث اْولى من حديث المتلاعنين، مع الاحتمال الذى فيه.
وقد اختلف الناس - أيضا - فى المتلاعنين، هل تقع الفرقة بنفس اللعان، أو حتى يقضى القاضى بالفراق، فقال أبو حنيفة: حتى يقضى القاضى بالفراق، لقوله: (فرق بينهما)، وهذا إشارة للحكم.
وعندنا: أنه لا يفتقر إلى حاكم، لقوله ( صلى الله عليه وسلم ) فى طريق اَخر: (أحدكما كاذب لا سبيل لك عليها)، ولقوله: فَفَارَقها عند النبى ( صلى الله عليه وسلم )، فقال ( صلى الله عليه وسلم ): (ذاكم التفريق بيئ كل متلاعنن)، ولم يعتبر قضية القاضى.
وقوله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا سبيل لك عليها): حمله جمهور العلماء على العموم، فلا تحل
له أبدأ، قال بعض أصحابنا: ومن جهة المعنى كأنه أدخل لبسأ فى النسب فعوقب
(1) النور: 6 - 9.
(2) غير واضحة فى الأصل، ويرجح منها كما أثبت.
(3! النسائى، كالطلاق، بللثلاث للجموعة وما فيه من التغليظ 6 / 142.
262 / ءأ
82(5/81)
كتاب اللعان الاَخِرَةِ.
قَالَ: لا، وَالذى بَعَثَكَ بِالحَق، مَا كَنَبْتُ عَليْهَا.
ثُمَّ دَعَاهَا فَوَعَظَهَا وَذَكَرَهَا وَأخْبَرَهَا أنَّ عَذَابَ الدُئيَاَ أهْوَنُ مِنْ عَنَابِ الآخَرِةِ.
قَالتْ: لا، وَالذِى بَعَثَكَ بالحَقِّ، إِنَهُ لكَاذِب!.
فَبَدَأ بِالرخلِ فَشَهِدَ أرْبَعَ شَهَ ال ات بِالتهِ إِنَهُ لمنَ الصَّادِقِينَ، وَالخَامِسَةُ أَن لعْنَةَ اللهِ عَليْه إِنْ كَانَ مِنَ الكَاذبِينَ.
ثمَ ثَنَّى بِالمَرْأةِ فًشَهِدَتْ أربَعَ شَهَادَاتٍ بِاللّهِ إِنَّهُ لمِنَ الكَافِبِينَ، وَالخًامِسَةُ أنَّ غَضَبَ اللهِ عَليْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّ التِينَ.
ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا.
ص ص ممص - ءه،، 5ءه، ص حمس ص ه،،، - ص حمش عو، ص
(... ) وحدثنِيه علِى بن حجرٍ السعدِى، حدثنا عِيسى بن يونس، حدثنا عبد الملِكِ
ابْنُ أيِى سُليْمَانَ، قَاَلَ: سَمعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ: سُئِلتُ عَنِ المُتَلاعِنَيْنِ - زَمَنَ مُصْعَبِ ابْنِ الزبيْرِ - فَلمْ أدْرِ مَا أقُوَلُ: فَا"تَيْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، فَقُلتُ: أرَأيْتَ المُتَلاعِنَيْنِ أيُفَرقُ بَيْنَهُمَا ؟ ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْر.
5 - (... ) وَحَدثنَا يحيى بْنُ يحيى وَأبُو بَكْرِ بْنُ أيِى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب - وَاللفْظُ لِيَحْىَ - قَالَ يحيى: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الآخَرَانِ: حَا شَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ - عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبير، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) للمُتَلاعِنينِ: (حسَابُكُمَا عَلى اللهِ، أحَدُكُمَا كَاذِب!، لا سَبِيلَ لكَ عَليْهَا).
قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَالِى ؟ قَالً: ا لا مَالَ لكَ،
بالتحريم المؤبد، كأحد التعليلين عندنا فى الناكح فى العدة، وانفرد البتى فقال: بأن اللعان لا يؤثر فى الفراق، وهذا الحديث حجة عليه.
واختلف الناس - أيضا - القائلون بتأبيد التحريم إذا كذب نفسه، هل تحل له أم لا ؟ فعندنا: لا تحل له، وإن أكذب نفسه اْخذأ بعموم قوله: ا لا سبيل لك عليها) ولم يفرق.
وقال أبو حنيفة: إذا كذب نفسه حلت له لارتفاع[ حقيقة] (1) المعنى المانع لإكذابه نفسه.
واختلف المذهب عندنا على قولن، مع قولنا بأن بنفس التلاعن يقع التحريم من غير افتقار لحكم، هل يقع التحريم بلعان الزوج وحده، أم حتى يلتعنا جميعأ ؟ فقيل: بالتعان الزوج وحده ة لاْن التحريم والفراق أمر مقصور عليه، فيختص بما يكون منه، ولا يفتقر إلى ما يكون من شخص اخر.
وقيل: لا يقع ذلك حتى يلتعنا جميعا ؛ لأن هذه الأحاديث إنما وقع فيها الألفاظ الدالة على الفراق بعد التعانهما جميعا، ولا يتعدى ما وقع فيها.
قال القاضى: اختلف العلماء إذا أبى الزوج الالتعان أو إذا التعنَ الزوجُ وأبت هى،
(1) غير واضحة فى الأصل، ولعلها كما هو مثبت.(5/82)
كتاب اللعان 83 إِن كنتَ صَمَتْتَ عَليْهَا فَهُوَ بِمَا امشحْللتَ مِنْ فَرْجِهَا، ياِنْ كنتَ كَنَبْتَ عَليْهَا فَنَاكَ ابعَدُ لكَ مِنْهَا).
فعند الجمهور: يُحَدُ وتُحَدُ، وعند أبى حنيفة: يحبسان أبدا حتى يلتعنا.
وقول ابن شهاب: (فكانت بعدُ سنة المتلاعنيئ): فيه تأويلان:
أحدهما: الفرقة بانقضاء اللعان.
والثانى: استحباب إظهار الطلاق بعد اللعان عليها.
ذهب إليه ابن نافع وعيسى بن
دينار من اْصحابنا فى هذا الحديث واستحباه، فإن لم يفعل فهو فراق.
وفى قوله: (كذبت عليها يا رسول الله إن اْمسكتها) أيضا تأويلان: أنه أراد الدعاء بذلك بفضيحة نفسه إن أمسكها.
والثانى: إن إمساكى لها بعد ما قلته عنها دليل على كذبى.
قال محمد بن أبى صفرة: اللعان لا يقطع العصمة ؛ لقول عويمر: (كذبت عليها إن اْمسكتها)، فأحدث طلاقا يقطع العصمة، ونزه نفسه عن اْن يقوم عليه دليل كذب بإمساكها، فجعل النبى - عليه السلام - فعله سنة.
وتأوله بعض شيوخنا أنه كقول أبى حنيفة، وليس كذلك، بل هو عندى نحو ما تقدم لابن نافع.
وقوله: (قبل أن يأمره رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ): يقتضى أن الفرقة تقع بغير حكم، وهو
قول كافة العلماء كما تقدم.
وقوله: ففارقها، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): (ذاكم التفريق بين كل متلاعنيئ): ومعناه عندنا تبيينه - عليه السلام - الحكم لا إيقاع الفراق، بدليل قوله: (قبل اْن يأمره رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بذلك)، ولقوله: (فكانت تلك سنة المتلاعنين)، وقيل: إشارة إلى تأبيد التحريم، وهو قول كافة العلماء.
وقد جاء فى حديث ابن شهاب من رواية ابن وهب: فمضت سنة المتلاعنيئ أن يفرق بينهما ولا يجتمعا.
وشذ بعضهم فقال: هو ثلاث.
قال ابن لبابة: إن لم يطلق هو[ ثلاثأ] (1)، طلق عليه الإمام.
ولم يمنعه من مراجعتها بعَد زوج، وقال اْبو حنيفة ومحمد بن الحسن وعبيد الله بن الحسن: هى واحدة بائنة وتقدم قول البتى: اْنه لا فرقة به، وحكاه الطبرى عن جابر بن زيد: فإن كذب نفسه بعد اللعان والفراق، جُلد الحدّ، ولم ترجع إليه أبداً عند مالك واْهل الحجاز وفقهاء الأمصار، وخالفه أبو حنيفة فقال: يكون خاطبا من الخطاب وتحل له، وقال عبد العزيز نحوه، وروى عن الشعبى: أنها ترد إليه.
ولم يختلف فقهاء الأمصار بأن مجرد قذف الرجل لزوجِه لا يحرّمها عليه، إلا
(1) ساقطة من الأصل، ولمتدركت فى الهامش بسهم.
84(5/83)
كتاب اللعان
قَالَ زهُيْرٌ فِى رِوَايَتِهِ: حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرو، سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ:
262 / ب
أبا عبيد فقال: إنه يحرم.
وقوله فى الحديث الاَخر: (وكانت حاملأ، فكان / ابنها ابن أمة): حجة بانتفاَ
الحمل بلعان الروْية، وهو مشهور مذهبنا إذا لم يكن الحمل ظاهرأ وادعى استبراء، وقيل: يحتاج إلى لعان ثان.
وقوله: فى الحديث: " فألحق الولد بأمه): أى لا أب له، وقيل: بل أقام أمه
مقام ال ال والاءم، وفى الرواية الأخرى: (فكان لاءمه مثله): اْى لا يدعى لأب إلا لأمه، أو ليس له أب سوى اْفه، وإنما ينسب إلى قوم أمه أو مواليها إن كانت مولاة، على ما يأتى بعد.
وقوله: (ثم جرت السنة أنه يرثها وترث منه ما فرض الله لها): لا اختلاف فى
هذا، ولا فى توارثه مع أصحاب الموارثات من قبل أمه ؛ كجدته واْخوته، اْنهم يتوارثون على أنهم إخوة لاءم، وأما تواْم ولد الملاعنة، فعلى أنهم أشقاء، وما بقى بعد أصحاب السهام منهم فلموالى أمه إن كأنت مولاة، اْو لجماعة المسلمن إن كانت عربية، هذا قول مالك والزهرى والشافعى وأبى ثور.
وقالت طائفة: يرثه ورثة أمه، وقاله الحكم وحماد، وقال اَخرون: عَصمبته عصبة
ا أمه، وروى عن على وابن مسعود وعطاء وابن عمر، وبه قال اْحمد بن حنبل، وقالت طائفة: أمه عَصَبة، فما بقى عن أهل السهام فلها، وقال أبو حنيفة: يردّ ما فضل عن ورثته إن كانوا ذوى اْرحام.
وقوله: (فقال: اللهم افتح، وجعل يدعو) (1): قال الخطابىِ: معناه: اللهمِ
احكبم أو بيق الحكمة، والفتاح: الحاكم، ومنه قوله تعالى: { ثُغ يَفْتحُ بَيْنَنَا يالْحَق وَهُو الْفَتاح الْعَلِيم (2).
وقوله: (فنزلت هذه الآية - يعنى ايات اللعان - فتلاهن عليه، ووعظه) وذكر أئه دعا المراْة، ففعل بها مثل ذلك: سنة فى وعظ المتلاعنين، وذهب الشافعى أن الإمام يعظ كل واحد بعد تمام الرابعة وقبل الخامسة.
قال الطبرى: فيه أنه يجب للإمام أن يعظ كل من يحلفه.
وقوله: (بدأ بالرجل): هى سنة الحكم، البداية به ؛ لأنه القاذف الذى يدرأ الحد
عن نفسه بشهادته، والذى بدأ الله به، وأيمانه كالشهود على دعواه، ويسقط به عنه مالزمه من الحد، ويثبت عليها هى الحد، إلا اْن الله تعالى جعل لها مخرجأ بأيمانها أيضأ، مقابلة لأيمانه كمعارضة الشهادة، فينتفع بذلك ويسقط بها ما وجب عليها، وهذا ما
(1) حديث رقم (10) بالكتاب.
(2) سبأ: 26.(5/84)
كتاب اللعان
سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
85
أجمع عليه العلماء.
وقوله: (فيشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقن، والخامسة أن لعنة الله عليه إن
كان من الكاذبين): قال ابن المنذر فى رواية من رواه فى الحديث: (فجاء فشهد)، وكذا ذكره البخارى (1)، دليل على تلاعنهما قائمين.
ولا خلاف فى وجوب اللعان بهذا القول، وأنه صفة اليمن، لكن اختلف العلماء لْى زيادات وبيانات فى هذه اليمن، حسب دعوى الزوج، من رؤية أو مجرد قذف اْو نفى حمل، اختلافا[ لا يوول إلى تنافر] (2)، وإنما هو حكم بالتمام والكمال، والأمر المتقارب مما هو معروف فى مذهبنا، مشهور من مذهب غيرنا، هل يقول: اْشهد بالله أو أعلم بالله، وهل يزيد بعد قوله: أشهد بالله الذى لا إله إلا هو أم لا ؟، وهل تزيد فى دعوى الرؤية بعد قوله: إنى لمن الصادقين، لرأيتها تزنى كالمزود فى المكحلة، كما يقول الشهود، أم يقتصر على قوله: رأيتها تزنى، فقط ؟ وهل قوله: إنى لمن الصادقين لازم، ام يكفيه الحلف على نص دعواه الذى فيه تصديقه ؟ وكذلك هل يقتصر فى نفى الحمل على قوله: لزنت، أو يزيد: ما هذا الحمل منى ؟ هل يزيد: لقد استبرأت أم لا ؟ ويكون يمين المرأة على تكذيبه بحسب هذا.
وكل هذا مختلف فيه فى مذهبنا.
وهل تجزئ اللعنة فى الغضب أم لا ؟ وهل يقوم قوله: (ما كذب عليها فى الخامسة)
مقام قوله: (إنى لمن الصادقن) ؟ وهى أيضأ فى الخامسة أم لا يجزئ إلا ما نص الله تعالى عليه ؟.
ذهب الشافعى، ونحوه.
مذهب الليث والثورى وأبى حنيفة أنه يقول: (أ شهد بالله
إنى لمن الصادقن فيما رميتها به من الزنا) ويشير إليها، دإن كان نفى حملأ زاد: (وما هذا الحمل منى).
وقال زُفر: مثل هذا، إلا أنه قال: إنه يخاطبها وتخاطبه، بقوله: (فيما رميتك به) وتقول هى: (فيما رميتنى به).
وقوله: (ثم ثنى بالمرأة): هذه سنة هذا الحكم.
واختلف عنه ما إذا ابتدأت المرأة باللعان ثم لاعن الزوج، هل يجزيها ؟ وهو قول أبى حنيفة أم تعيد اللعان ؟
(1) البخارى، كالطلاق، بيبدأ للرجل بالتلاعن 7 / 69 عن ابن عباص.
(2) سقط من الاْصل، واستدرك بالهامش بسهم.
86(5/85)
كتاب اللعان 6 - (... ) وَحَدثنِى أبُو الرئيعِ الرهرَانِى، حَدثنَا حَمَّادٌ، عَنْ أيُّوبَ، عَنْ سَعيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: فَرَّقَ رسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) بَيْنَ أخَوَىْ بَنِى العَجْلانِ.
وَقَالَ.
(اللهُ يَعْلمُ أن أحَدَكُمَا كَاذِب!، فَهَلْ مِنكُمَا تَائِب! ؟).
(... ) وَحَدثنَاهُ ابْنُ أبِى عُمَرَ حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ أيُوبَ، سَمِعَ سَعيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ: سَألتُ ابْنَ عُمَرَ، عَنِ اللعَانِ ؟ فَذَكَرَ عَنِ النَبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ) بِمِثْلِهِ.
263 / ْ ا
وقوله: فى هذا الحديث: (ثم فرق بينهما): حجة الجماعة على ما تقدم.
وقوله: (الله يعلم أن أحدكما كاذب): ظاهره أنه بعد الملاعنة، وحينئذ تحقق الكذب عليهما جميعا، ووجبت التوبة.
وذهب الداودى أنه إنما قاله النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قبل اللعان لا بعده، تحذيرا لهما ووعظأ، والأول أظهر وأولى بمساق الكلام.
وفيه رد على من ذهب من النحاة، اْن أحدئا لا تستعمل إلا فى النفى، وقول بعضهم:
لا تستعمل إلا فى الوصف، وأنها لا توضع موضع واجب، ولا توقع موقع واحد، وقد أجاز هذا المبرد، وجاء فى هذا الحديث فى غير وصف ولا نفى وبمعنى واحد، وقد قال الله تعالى: { فَشَهَ الةُ اَحَل!م} (1).
قال الخطابى: وفيه أن البينتن إذا تعارضتا تهاترتا وسقطتا.
وقال المهلب: فى حديث المتلاعنين من الفقه: أن المختلفين المتضادين اللذين يعلم أن أحدهما كاذب أنهما لا يعاقبان، لعذر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) المتلاعنن ولم يقم عليهما حدأ، وكل واحد مكذب لصاحبه، قال نحوه أبو عبد الله.
جاء فى هذه الاْحاديث هلال بن أمية[ وهو خطأ، والصحيح أنه (عويمر).
وقال الطبرى يستنكر قوله فى حديث هلال] (2): وإنما هو (عويمر) وهو الذى قذفها بشريك ابن سحماء، وكانت هذه القصة / فى شعبان سنة تسع من الهجرة، وقال غيره: هما قصتان، ويحتمل أنهما كانتا متفاوتتى الوقت، فنزل القراَن فيهما، وسميت ملاعنة وفيها لعان وغضب ؛ لاءنها بمعنى من سخط الله دابعاده من رحمته، وغلب لفظ اللعان ة لأنه الذى بدأ به فى الآية، والحكم أو لتغليب الرجل.
وقول ابن جبير: (سئلت عن المتلاعنين، فما دريت ما أقول)، من إنصاف العلم، وحقيقة الورع، حسب ما كان عليه ابن جبير.
وقوله:، ومضيت إلى ابن عمر باحثأ عن المسألة): فيه ما كانوا عليه من الحرص على العلم والأخذ فيه بالحقيقة.
(1) النور: 6.
(2) سقط من الأصل، ولستدرك بالهامث!.
(5/86)
كتاب اللعان 87 7 - (... ) وَ حدثنا أبُو غَسَّانَ المِسْمَعِىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَابْنُ بَشَارِ - وَاللفْظُ لِلمِسْمَعِىِّ وَابْنِ المُثَنَّى - قَالوا: حَدثنَا مُعَا " - وهُوَ ابْنُ هشَامِ - قَالَ: حَدثنِى أَبِى عَنْ قَتَالَةَ، عَنْ عَزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرِ، قَالَ: لمْ يُفَرِّق المُصعَبُ بَيْنَ المُتَلاعِنَيْنِ.
قَالَ سَعِيد: فَذُكِرَ فَلِكَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، فَقَالَ: فَرَّقَ نَىُّ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بَيْنَ أخَوَىْ بَنِى العَجْلانِ.
8 - (1494) وَحَدثنَا سَعيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، قَالا: حَدثنَا مَالِك.
ح وَحَدثنَا يحيى بْنُ يحيى - وَاللفْظُ لهُ - قَالَ: قُلتُ لمَالِك: حَدثَكَ نَافِع عَنِ ابْنِ عُمَرً ؛ أن رَجُلاً لاعَنَ امْرَأتَهُ عَلى عَهْدِرَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَفَرًّقَ رَص!ولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بَيْنَهُمَا وَألحَقَ الوَلدَ بِا4مهِ ؟ قَالَ نَعَمْ.
9 - (... ) وَ حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبى شَيْبَةَ، حدثنا أبُو أسَامَةَ.
ح وَ حدثنا ابْنُ نُمَيْر،
ص محصء ص ص ممرمي، ص ه صَ ص ه، ص ص ص ص ص ص،، - صً ص حدثنا الِى، قالا: حدثنا عبيد الله عن نافِعٍ، عنِ ابنِ عمر، قالا: لاعن رسول اللهِ على بين رَجُلِ مِنَ الأنْصَارِ وَامْرَأتِهِ، وَفَرَّقً بَيْنَهُمَا.
ص ص ممر،، ص ص، 5، محاص ص محو، 5، ص ص ص محص - 5 ص ص، ص ص ص،
(... ) وحدثناه محمد بن المثنى وعبيد اللهِ بن سعيد، قالا: حدثنا يحيى - وهو القطان -
عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بِهَنَا الإِسْنَادِ.
10 - (1495) حدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَعثمَانُ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - وَاللفْظُ لِزُهَيْرٍ - قَالَ إِسْحَقُ: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ اً لاَخَرَانِ: حَدثنَا جَرِيرٌ - عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ
وقول الغلام له: (أنه قائل): أى نائئم القائلة لوقت نومه فيها.
فى ذلك اْنه لا يشق على العالم ومن يحتاج إليه فى اْوقات راحاتهم ونومهم ويترك لهم أوقات لذلك.
وقول ابن عمرلما سمع صوته ابن جبير: (والله ما جاء بك فى هذه الساعة إلا حاجة):
دليل على ما قدمناه، اْن عادتهم كانت اْلا يقصدوا مثله فى هذا الحين.
وقوله: (فوجدته مفترشا بردعة متوسداً مرفقة حشوها ليف) (1)، فى رواية غير مسلم: (برذعة رحله) (2):، اْى رحل بعيره.
فيه ما كانوا فيه من الاقتصاد والتقلل من الدنيا، واهتبال ابن عمر من قصده وسواله عن حاجته وما جاء به.
إذ علم بشاهد الحال أنها مهمة.
(1) للدارمى، كالنكاح، بفى اللعان 2 / 150.
(2) أحمد فى صنده 165 / 5.
مهـ (5/87)
كتاب اللعان إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ.
قَالَ: إِنَّا - ليْلةَ الجُمُعَة - فِى المَسْجدِ، إِذ جَاءَ رَجُل مِنَ الانصَارِ فَقَالَ: لوْ أَنَّ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأته رَجُلاً فَتَكَلمَ جًلد طمُوهُ، أَوْ قَتَلَ قَتَلتُمُوهُ ؛ ! اِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلى غَيْظ.
وَالهِّ، لأسْألنًّ عَنْهُ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَلمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ أتَى رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) فَسَألهُ.
فَقَالَ: لوْ أن رَجُلأ وَجَدَ مَعَ امْرَأتِه رَجُلأ فَتَكَلمَ جَلدْتُمُوهُ، أوْ قَتَلَ قَتَلتُمُوهُ، َ أوْ سَكَتَ سَكَتَ عَلى غَيْظ.
فَقَالَ: (اللهُمَّ، افتَحْ)، وَجَعَلَ يَدْعُو.
فَنَزَلتْ آيَةُ اللعَانِ: وَالَذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَفمْ شُهَدَاغ إِلأَ أَنفًسًهًم} (1) هَذهِ الاَيَاتُ، فَابْتُلِى به فَلِكَ الرَّجُلُ مِنْ بينِ النَّاسِ، فَجَاءَ هُوَ وَامْرَأ - !هُ إِلى رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَتَلاَعَنَا، فَشَهِدَ الرَّجُلَُ أَرْبَعَ شَهَادَات بالئهِ إِنَهُ لمِنَ الصَّادٍ قِنَ، ثُمَّ لعَنَ الخَامِسَةَ أنَّ لعْنَةَ اللّه عَليْه إِنْ كَانَ مِنَ الكَاذبينَ.
فَن!بَتْ لِتَلَعَنَ، فَقَالَ لهَا رسُولُ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَهْ)، فَائتْ فَلَعَنَتَْ.
فَلمَّا أدْبَرَا قَالَ !َ العَلَّهَا أنْ تَجِىءَ بِهِ أسْوَدَجَعْدًا لا فَجَاءَتْ بِهِ أسْوَدَجَعْايم.
(... ) وَحَدثنَاهُ إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا عيسَى بْنُ يُونُسَ.
ح وَحَدثنَا أبُو بَكْرِ بْنُ
أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَاءَبْدَةُ بْنُ سُليْمَانَ، جَمِيعًا عَنِ الأَعْمَشِ، بِهِنَا الاِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
11 - (1496) وَحَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدثنَا عَبْدُ الأعْلى، حَا شَا هشَام!، عَنْ مُحَمَد، قَالَ: سَألتُ أَنَسَ بْنَ مَالِك، وَأنَا أرَى أنَّ عنْمَهُ مِنْهُ عِلمًا، فَقَالَ: إِنًّ هلالَ بْنِ امَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، وَكَانَ أخَا البَرًاءِ بْنِ مَالِك لأمّهِ، وَكَانَ أوًّلَ رَجُل
وقوله: ا لعلها أن تجىَ به أسود جعذ) الحديث: فيه دليل اْنه لا حكم بالظنون والشبه والدلائل، مع وجود ما هو أقوى منها، كما تقدم فى حديث ابن زمعة.
قال الأمام: هذا دليل على جواز لعان الحامل فى حال حملها، وقد قال بعض اْصحابنا: إنه إذا لاعن لنفى النسب لا يحل استبرائه ولم يشاهد زنا، فإنه لا يجب أن يلاعن وهى حامل ؛ لجواز اْن يكون ريحا يتفشق، وانفصل عن هذا الاَخرون ث أن الحمل قد يقطع عليه، والغلط فيه بالريح نادر، وقد علق فى الشرع أحكام على الحمل، منها إيجاب النفقة لها بالحمل، وردها بعيب الحمل ولم يسقط فى الشريعة لاعتبار ذلك.
وقوله: (قذت امرأته بشريك بن سحماء) الحديث، قال الإمام: اختلف الناس إذا قذت الرجل زوجته بشخص بعينه، هل يحد له أم لا ؟ وان لاعن لزوجته، فعند مالك:
(1) النور: 6.
(5/88)
كتاب اللعان 89 لاعَنَ فِى الاسْلام.
قَالَ: فَلاعَنَهَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (أبْصِرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ به أبْيَضَ سَبِطا قَضِىءَ العَيْنَيْنِ فَهُوَ لِهِلالِ بْنِ امَيَّةَ، وَإنْ جَاءَتْ بِهِ كحَلَ جَعْدًا حَمْشً السَّاقَيْنِ فَهُوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ).
قَالَ: فَ النبِئْتُ أئهَا جَاءَتْ بِهِ كحَلَ جَعْدًا حَمْشَ السَّاقينِ.
أنه يحد للرجل ؛ لأن الأصل إثبات الحد على القاذف، دإنما سقط عن الزوج بلعانه لأجل الضرورة إلى ذلك، واْنه لا يستغنى عن ذكر زوجته، واْما الزانى بها فلا ضرورة به إلى ذكره، وهو غنى عن قذفه، فبقى على الأصل فى وجوب الحدّ له.
وقال الشافعى: لا يُحد للرجل إذا أدخله فى لعانه، وتعلق بأنه ( صلى الله عليه وسلم ) لم يحد الزوج لشريك بن سحماء وقد سّماه، وقال بعض أصحابنا: لا حجة له فيه لوجهن: اْحدهما: أن شريكا كان يهوديأ.
والثانى: أن شريكا لم يطلب حده، ولا قام بطلب عرضه، فلم يكن فى ذلك تعلق.
قال القاضى: ! يصح قولي من قال: كان شريك يهوديا، وهو باطل.
وهو شريك
ابن عبدة بن مغيث، وهو بلوىّ حليف للأنصار، وهو أخو البراَ بن مالك لأمّه، كما جاء بعد هذا آخر الباب.
وقوله لرسول الله: الرجل يجد مع امراْته رجلاً أيقتله ؟ فقال ( صلى الله عليه وسلم ): الا)، ففال سعد: بلى والذى كرمك بالحق، فقال ( صلى الله عليه وسلم ): (اسمعوا ما يقول سيدكم) (1)، قال الإمام: معنى ذلك عندى اْن قوله: (بلى) بمعنى: أنه لا تتركه نفسه لذلك، وأن طباعه ربما غلبته، وتستولى عليه الغيرة حتى يقتله، وإن كان عاصيأ لد (2) فى ذلك، لا على اْنه ردَ قول النبى ( صلى الله عليه وسلم )، وقصد مخالفته.
وقوله: (إن جاءت به كحل جعدأ أحمش الساقين): قال الهروى: الجعد فى صفات الرجال يكون مدحأ، ويكون ذمأ، فإذا كان مدحا فله معنيان: أحدهما: معصوب الخلق شديد الأسر، والثانى: أن يكون شعره غير سبط ؛ لأن السبوطة أكثرها فى شعور العجم.
وأما الجعد المذموم فله معنيان: أحدهما: القصير المتردد، والاَخر: البخيل.
يقال: جعد اليدين وجعد الأصابع: اْى بخيل.
وفى حديث اَخر: (إن جاَت به جعداً قططا) (3): القِطط: الشديد الجعودة،
(1) حديث رقم (14) بالكتاب.
(2) فى ع: ذلك.
(3) للبخارى، كالطلاق، بقول الإمام: اللهم بين 7 / 72، والنسائى، كالطلاق، بقول الإمام اللهم لنن، برقم (3471).
263 / ب
90 (5/89)
كتاب اللعان 12 - (1497) وَحَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْح بْنِ المُهَاجِرِ وَعِيسَى بْنُ حَمَّاد المصْرِئانِ - وَاللفْظُ لابْنِ رمح - قَالا: أخْبَرَنَا الليْثُ، عَنْ يحيى بْنِ سَعِيد، عَنْ عَبْدِ ألرًّ حْمَنِ بْنِ القَاس!، عَنِ القَاسِ! بْنِ مُحَمَّد، عَنِ ابْنِ عَئاس ؛ أنَّهُ قَالَ: ذُكِر التَلاعُنُ عِنْدَ رَسُول اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) 5َ فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدئ فِى فَلِكَ قَوْلأ، ثُمَ انْصَرَفَ.
فَاعتَاهُ رَجُل مِنْ تَوْمِه يَشكُو إِليْه أنَّهُ وَجَدَ مَعَ أهْلِه رَجُلأ.
َ فَقَالَ عَاصِثم: مَا ابْنُلِبتُ بِهَنَا إلا لِقَوْلِى.
فَنَ!بَ بهَ إِلى رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَاخبَرَهُ بِاَلذِى وَجَدَ عَليْه امْرَأتَهُ، وَكَانَ فَلِكَ الرَّجُلُ مُصْفَزا، قَليلَ اَللَحْم، سَبْطَ الشَّعَر.
وَكَانَ الذى ادَّعَى عَليْهِ أنَّهَُ وَجَدَ عنْدَ أهْله، خَدْلأ، آ!مَ، كَثِيرَ اللحمِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (اللهُمً، تتنْ) فَوَضَعَتْ شَبِيفَا بِالرًّ جُلِ الذِى ذَكَرَ زَوْجُهَا أنَّهُ وجَدَهُ عِنْلَ!ا،
يقال: رجل جعد، [ وشعر جعد] (1): بيّن الجعودة، وقططٌ: بين القطوطة.
وقوله: (حمش الساقن): أى دقيق الساقن.
قال الهروى: يقال: امرأة حمشاء الساقين، كرعاء اليدين: إذا كانت دقيقتهما.
قال غيره: والحموشة: دقة الساقن.
وقوله: (إن جاءت به سبطا قضىء العن): السبوطة: استرسال الشعر وانبساطه.
ورجل سبْط وسبَط بفتح الباء وكسرها، لغتان من السبوطة، وكذلك شعر سبْط، وسبَط.
وقد سبط شعر الرجل سبوطة، وقضىء العن: أى فاسد العن.
قال ابن دريد فى الجمهرة: يقال: قضيت عين الرجل: إذا احمرت ودمعت، وقد قضيت القربة تقضيا وقضاء فهى قضية، على وزن فَعلة (2) إذا عضنت وتهافتت، قال ابن ولاد: وسقاء قضى: [ إذا طال مكثه فى مكان ففسد وبلىَ، والقضؤ مقصور مهموز: العيب.
قال ابن دريد: [ وقضى] (3) حسب الرجل قضاء وقضوا وقضاة: إذا دخله عيب،
! إن فى حسبه لقضاة.
ولا تفعل كذا قال فيه: قضاه على.
قال الهروى: وقضى الثوب: إذا تفزَّر (4) وتشقق.
قال غيره من طُول البلى.
وقوله فى صفة الذى وجده عند أهله: (خدلا، ادم): الخدل، بخاء معجمة مفتوحة ودال مهملة: الممتلئ الساق والادم: الشديد السُّمرة، وجمعه أُدْم مثل أحمر وحُمْر، وأما آدم إِذا كان اسمأ، فهو مشتق من أدمة الأرض، وادمتها: أى وجهها، فسمىّ بما خُلق منه، وجمعه / آدميون.
قال القاضى: وفى قوله - عليه السلام -: (إن جاءت به على صفة كذا التى ذكرها
(1) سقط من الاْصل، واستدرك فى الهامثى بسهم.
(2) فى ع: فعيلة.
(3) سقط من ع.
(4) فى ع: تفرق.
(5/90)
كتاب اللعان 91 فَلاعَنَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بَيْنَهُمَا.
فَقَالَ رَجُل لابْنِ عَبَّاس فِى المَجْلِسِ: اُّهِىَ التِى قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لوْ رَجَمْتُ أحَدم بنَيْرِ لمجةَ رَجَمْتُ هَنِ! ؟).
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاس: لا، تِلكَ امْرَأَة" كَانَتْ تُظهِرُ فِى الإِسْلام السثُوءً.
(... ) وَحَدثنِيهِ أحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الأزْدِىُّ، حَا شَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أبِى أوَشْ!، حَا شِى سُليْمَانَ - يَعْنى ابْنَ بلال - عَنْ يَحْيَى، حَدثنى عَبْدُ الرخْمَن بْنُ القَاسم، عَنِ القَاسِم بْنِ، َ يرَ!َيص، ً، َ ورًهً، ً ص
محمد، عنِ ابنِ عباس ؛ انه قال: ذكِر المتلاعنان عند رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ).
بمثْلِ حديث الليْث.
وَزَادَ فِيهِ - بَعْدَ قَوْلِهِ كَثِيرَ اللحْم - قَالَ: جَعْدًا قَطً!ا.
ًًً
13 - (... ) وَ حدثنا عَمْرو الثاقِدُ وَابْنُ أبِى عُمَرَ - وَاللفْظُ لعَمْرو - قَالا: حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِى الزنادِ، عَنِ القَاسِم بْنِ مُحَمَد، قَالَ: قَاَلَ عَبْدُ الله بْنُ شَئَاد.
وَذُكِرَ المُتَلاعِنَانِ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاس.
فَقَالَ ابْنُ شَدَاد: أهُمَا اللذَانِ قَالَ النَّبىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) َ: ا لوْ كُنْت رَاجِمًا اُّحَلًما بِنَيْرِ بينةٍ لرَجَمْتُهَا ؟).
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاس: لا، تِلكَ امْرَأَة" اُّعْلنَتْ.
قَالَ ابْنُ
فهو لفلان، يعنى زوجها، يكن جاءت به على صفة كذا فهو لفلان، يعنى الذى رماها به).
وفى الحديث الاَخر: ا لعلها اْن تجىء به كذا على الصفة التى ذكر)، وفى رواية البخارى: (فلا أراها إلا صدقت، و(ن جاءت به كذا فلا أحسبه إلا صدق) (1): ظاهره أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قال ذلك على التفرس وغلبة الظن بقوله: ا لا اْراها) وا لعلها)، ولو كان بوحى واعلام من الله بذلك، لم يقل: أراها وأحسبه.
وفيه النظر بالأشباه، والقيافة إنما هى فى الفراشين المشتبهن، وأما الفراش الذى لا شبهة فيه، فلا حكم له بحال، وأن إقامة الحدود ونفى الأنساب وقطعها لا يحتج فيها بمثل هذا، إلا فى القطع واليقن، وفيه أن ذكر الأوصاف المذمومة للضرورة، والتجلية للتعريف ليس بغيبة.
قال الإمام: وقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (اسمعوا إلى ما يقوله سيدكم).
قال ابن الأنبارى وغيره: السيد: الذى يفوقُ فى الفخر قومه، والسيد أيضا: الحليم، وأيضا: الحسن الخلق، واْيضا: الرئيس، قال الشاعر:
فإن كنت سيدناسدتنا وان كنت للخال فاذهب فخلِ
وأنشد ابن قتيبة:
قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة
(1) كالطلاق، بللتلاعن فى لمسجد 7 / 70.
92
(5/91)
كتاب اللعان
أبِى عُمَرَ فِى رِوَايَتِهِ عَنِ القَاسِم بْنِ مُحَمَّد، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَئاس.
14 - (1498) حَدثنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا عَبْدُ العَزِيزِ - يَعْنِى الدَّرَ الرْدِىَّ - عَنْ سُهَيْل، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أن هُرَيْرَةَ ؛ أَن سَعْدَ بْنَ عُبَ القَ الأنصَارىَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أرَأيْتَ الرخلَ يَجدُ مَعَ امْرَأتهِ رَجُلأ أيَقْتُلهُ ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا).
قَالَ سَعْدٌ: بَلى، وَالنِى كْرً مَكَ بِالحَقِّ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (اسْمَعُوا إِلى مَا يَقُولُ سيدُكُمْ لا.
ص ص كص، 5، 5، ص ه ص كص 5 ص، 5، ص ص مش ص ص
15 - (... ) وحدثنِى زهير بن حرب، حدثنِى إِسحق بن عِيسى، حدثنا مالِكٌ، عنْ سُهَيْل، عَنْ أبيه، عَنْ أَ! هُرَيْرَةَ ؛ أنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَ الةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأتِى رَجُلأ، أ أَمْهِلهُ حَتًّى اَتِى بِأرْبَعَةِ شُهَلَاءَ ؟ قَالَ: (نَعَمْ).
16 - (... ) حَدثنَا أبُو ممْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلد، عَنْ سُليْمَانَ بْنِ بِلال، حَدثنِى سُهَيْل عنْ أبيه، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَأ!ةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لوْ وَجَدْتُ مَعَ أهْلِى رَجُلأ، لم أمَسَّهُ حَتَّى اَتىَ بأزبَعَة شُهَدَاءَ ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (نَعَمْ).
قَالَ: كَلا، وَ ال نِى بَعَثَكَ بالحَقِّ! إنْ كنتُ لَأعَاَجلهُ بِالسَّيْفِ قئلَ فَلِكَ.
قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (ايسْمَعُوا إِلى مَا يَقُولُ سيَدُكُمْ، إِنًّهُ لغَيُورٌ، وَأنَاَ أغْيَرُ مِنْهُ، وَاللهُ أغْيَرُ مِنِّى).
17 - (1499) حَدثنِى عُبَيْدُ الله بْنُ عُمَرَ القَواَرِيرِى، وَأبُو كَامِل فَضَيْلُ بْنُ حُسَيْنِ الجَحْدَرى - وَاللفْظُ لأبى كَامل - قَالً: حَدثنَا أبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْد المَلك بْن عُمَيْر، عَنْ !رّاد - كَاتِب المغِيرَة - عَنْ المغِيرَةِ بْنِ شعْبَةَ، قَالَ: قَالَ سَعْد بْن عبادةَ: لوْ رايْت رجلأ معِ امْرَأِتى لضَربتُهُ بِالسًّيْفِ غَيْرُ مُصْفِح عَنْهُ.
فَبَلغَ فَلِكَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ: (أتَعْجَبُون
وقوله: ا لضربته بالسيفْ غير مصفح): أى غير ضارب بصفح السيف، وصفحا
ا لسيف: وجهاه، وغر ا ره: حلثاه.
قال القاضى: وقول عاصم: (ما ابتليت بهذا إلا لقولى)، وفى أول الحديث: (فقلت
فى ذلك قولأ): قيل: لعله قال نحو قول سعد، أو غير من امتحن بذلك، أو وبخه على ذكره فعوقب بأن أصاب ذلك رجلأ من قومه، حتى احتاج لسوال النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عن أمره.
وقوله فى خبر سعد: (إنه لغيور، وأنا أغير منه، والله أغير منى، من أجل غيرة
الله حرَم الفواحش ما ظهر منها وما بطن) الحديث، الغيرة: أصلها المنع، فأخبر - عليه السلام - أن سعداً غيور، مانع لحرمته، وأنه من خلق أهل الايمان والكمال، وأخبر اْنها
(5/92)
كتاب اللعان 93 مِنْ غَيْرَة سَعْدٍ ؟ فَوَ الله، لأنَا أغَيْرُ مِنْهُ، وَاللهُ أغْيَرُ مِنِّى، مِنْ أجْكِ غَيْرَة الله حَرَّمَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مَنْهَا وَمَا بَطًَ، وَلا شَخْصَ أغْبَرُ منَ اللهِ، وَلا شَخْصَ أحَبُّ إِليْهَ العُنْرُ مِنَ الله، مِنْ أجْلِ فًلِكَ بَعَثَ اللهُ المُرْسَليئَ مُبَشِّرِينَ وَمَنذرِينَ، وَلا شَخْصَ أحَبُّ إِليْهَ المدْحَةُ مِنَ الئَه، مِنْ أجْلِ فَلِكَ وَعَدَ اللهُ الجَنَّةَ).
ًَ
من أوصافه هو - عليه السلام - وخلقه، واْنه أغير منه بحسب منيف منزلته، وأخبر أن الله أغير من الكل، وفَئَر[ ذلك] (1) بقوله: (من اجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن)، وهذا هو حقيقة الغيرة من المنع الذى قدمناه.
وقد جاء فى حديث اَخر مفسَّراً، قال: (وغيرة الله أن يأتى المومن ما حرّم الله) (2)، لكنها فى البشر يقترن بها تغير حال وصفات بطش وانزعاج زائد على مجرد المنع.
إذ هم محل التغيير واختلاف الحال، والله تعالى لايليق به شىءمن ذلك.
وقوله: ا لا شخص أغير من الله): قيل يحتمل أن يكون معناه: لا ينبغى لشخص أن يكون اْغير من الله، وهو تعالى لم يعجل ولم يبادر عقوبة عباده فى اقترافهم ما نهاهم عنه ومنعهم.
منه، بل حذرهم واْنذرهم واْعذر اليهم وأمهلهم، فينبغى أن يتأدب بأدبه، وشق بسنته، وكأن هذا رد لقول سعد: آامهله حتى اتى بأربعة شهداء ؟ وقوله: ا لضربته بالسيف غير مصفح) فصحح هذا التأويل.
وقوله: (ولا شخص أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك بعث المرسلين مبشرين ومنذرين): أى الإعذار والإنذار لخلقه، قبل أخذهم بالعقوبة، وعلى هذا لا يكون فى ذكر الشخص هنا ما يشكل، وقد يكون ذكر الشخص تجوّزأ، والله تعالى متعال عن التشخص، وإنما وقع الشخص على غيره على معنى شىء واحد، وقيل: قد يكون الشخص بمعنى المرتفع: أى لا مرتفع أرفع من الله ؛ لأن الشخص ما شخمى وظهر ونما وارتفع.
وقوله: (ولا أحب إليه المدحة من الله)، قال الإمام: المدحة، بكسر الميم، لا تكون إلا مع إدخال الهاء للتأنيث، فإذا ذهبت الهاء وبقى لفظ التذكَير فتحت الميم، فيقال: هو المدخ وهى المدحة.
قال القاضى: وقوله: (من اْجل ذلك وعد الجنة): معناه - والله أعلم -: أنه لما وعدها ورغب فيها، كثر السؤال له، والطلب إليه، والثناء عليه، ولا يحتج بهذا على
(1) صاقطة من الأصل، واستدركت فى الهامش بسهم.
(2) سيأتى فى مسلم، كالتوبة، بغيرة الله وتحريم الفواحش، برقم (36)، أحمد فى مسنده 2 / 343، 0 52، دلترمذى، كالرضاعة، بما جاء فى الغيرة لاللا 1 1) وقال: حديث أبى هريرة حديث حسن غريب.
94
(5/93)
كتاب اللعان
(... ) وَحَدثنَاهُ أبو ممْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا حُسَيْنُ بْنُ عَلِى، عَنْ زَائِلَةَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، بِهَن! الإِسْنَادِ، مِثْلهُ.
وَقَالَ: غَيْرَ مُصفَحٍ، وَلمْ يَقُلْ عَنْهُ.
جواز اسمجلاب الإنسان الثناء على نفسه ومدحه، فهذا مذموم قصده منهى عنه، فأما حبه بالقلب، فما لا يجد المرء منه بدا، والله تعالى مستحق للمدح ومستوجب له، والعباد فالنقص لهم لازم، وإن استحقوا المدح من جهة ما، مع أن المدح يفسد قلوبهم، ويعظمهم فى نفوسهم حتى يستحقروا غيرهم ة ولهذا قال - عليه السلام -: (احثوا التراب فى وجوه المداحين ! (1)، وقال: ا لو سمعها ما افلح)، وقال تعالى: { فَلا تُزَكوا اَنفُسَكُ!مْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اثقَى} (2).
وقوله: ا لو كنت راجما بغير بينة لرجمت هذه)، وذكر امرأة كانت تظهر السوء
فى الإسلام، وفى الرواية الأخرى: (أعلنت): فيه حجة ألأَ تقام الحدود بكثرة السماع، وغلبة الظنون، إذا لم يكن على أصل شرعى، من بينة اْو إقرار أو ما يقوم مقام ذلك.
وقوله: يا رسول الله، مالى، قال: ا لا مال لك) (3) 0 الحديث: صداق الملاعنة واجب بالإجماع.
قال ابن المنذر: وفيه دليل على أنه لا رجوع عليه بالمهر وإن أقرت بالزنا، لقوله: (وان كنت صادقا عليها، فبم استحللت من فرجها) (4).
قالوا: وحديث هذا الباب يوجب الصداق بالدخول.
واختلف فى الملاعنة إذا لم يدخل بها، فعند جماعة فقهاء الأمصار: أنها كغيرها لها نصف صداقها، وقاله مالك، قال الزهرى: لا صداق لها جملة ة لأنه فسخ، وحكاه البغداديون عن المذهب، وهو على أصل المذهب أنه فسخ، وليس إيجاب نصف الصداق بالذى يقتضى أنه ليس بفسخ على ما أشار إليه بعضهم، بل لتعارض أيمانهما التى قامت مقام تعارض الشهادات فى وجوب الصداق أو إسقاطه، فقسم بينهما لاستواء دعواهما فيه على أصلنا، أو مراعاة لاختلاف العلماء، هل هو فسخ اْو طلاق ؟ وقال الحكم وحماد وأبو الزناد: لها الصداق كله ة إذ ليس بطلاق.
وقوله: (سألت أنسأ وأنا أرى عنده علماء، فقال: إن هلال بن أمية قذف امرأته بشريك بن سحماء وكان أخا البراء بن مالك من أمه).
وفى رواية السمرقندى: (وكان أخاه لأمه) (5) قد شكل هذا ويظن أنه راجع إلى أنس بن مالك ة إذ البراء بن مالك أخوه،
(1) أحمد فى مسنده 6 / 25، مسلم، كالزهد والرقائق، بالنهى عن المدح رقم لعلا)، وأبو داود، كالأدب، بفى كراهية التمادي (4804)، الترمذى، كللزهد، بما جاَ فى كراهية المدحة والمداحين (2393)، ابن ماجة، كالأدب، بالمدح (3742) كلهم عن المقداد بن عمرو.
(2) للنجم: 32.
(3، 4) حديث رقم (5) بالكتاب.
(5) هى رولية النسخة المطبوعة لحديث رقم (11) بالكناب.
(5/94)
كتاب اللعان
18 - (1500) وَحَدثنَاهُ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد وَأبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَعَمْرٌ والنَّاقِدُ وَزهُيْرُ
ابْنُ حَرْب - وَاللفْظُ لِقُتَيْبَةَ - قَالوا: حدثنا سُفيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الرفرىّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَئبِ، عَنْ أن هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلأمنْ بَنِى فَزَارَةَ اِلى النيِىً ( صلى الله عليه وسلم )، فَقَالَ: إِن امْرَأتِى وَلدَتْ غُلامًا أسْوَدَ.
فَقَالَ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ): (َهَلْ لكَ مِن إِبْل ؟) قَالَ نَعَمْ.
قَالَ: (فَمَا ألوَانُهَا ؟ ".
قَالَ: حُمْرٌ.
قَالَ: (هَلْ فِيهَا مِن أوْرَقَ ؟) قَالَ: إِن" فِيهَا لوُرْقًا.
قَالَ: (فَ النَى أتَاَهَا فَلِكَ ؟).
قَالَ: عَسَى أنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرقٌ.
قَالَ: (وَهَناَ عَسَى أنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ).
19 - (... ) وَحَدثنَا إِسْحَقُ بْقُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَفدُ ئقُ رَافِعٍ وَفثدُ بْقُ حُمَيْد - قَالَ ابْنُ
رَافِعٍ: حَا شَا.
وَقَالَ الاَخَرَانِ: أخْبَرَد ا عبد الرزبم قِ - أخبَرَنَا مَعْمَز.
ح وَحَا شَاًا بْنُ رَافِع، حَا شَا ابْنُ أبِى فُدَيْكٍ، أخْبَرَنا ابْنُ أبِى فِئْبص جَميغا عَنِ الرفرِى، بِهَناَ الإِسْنَادِ.
نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
غَيْرَ أن فى حَدِيثِ مَعْمَر: فَفالَ: َ يَا رَسُولَ اللهِ، وَلدَتِ امْرَأتِى غُلاما أسْوَدَ، وَهُوَ حِينَئذ يُعَرّضُ بَا"نْ يَنْفِيَهُ.
!زَادَ فِى آخِرِ الحَدِيثِ: وَلمْ يُرَخّصْ لهُ فِى الانْتِفَاءِ مِنْهُ.
20 - (... ) وَحَدثنِى أبُو الطَاهِرِ وَحَرْمَلةُ بْنُ يحيى - وَاللفْظُ لِحَرْمَلةَ - قَالا: أخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْب، أخبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ أبِى سَلمَةَ بْنِ عَبْدِ الرخمَنِ، عَنْ أن هُرَيْرَةَ ؛ أن أعْرَابِيًا أتَى رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: ً يَا رَسُولَ الله، إِن امْرَأتِى وَلدَتْ غُلامًا أسْوَدَ، وَإِنِّى جمَرْتُهُ.
فَقَالَ لهُ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ): (هَلْ لكَ مِنْ إِبِل ؟)َ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: (مَا ألوَانُهَا ؟) قَالَ: حُمْر.
قَالَ: (فَهَلْ فِيهَا مِنْ أ!رَقَ ؟).
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (فَا+نَى هُوَ ؟)
وقد وهم فى هذا ابن خيثمة فذكرهما فى الاَخوة للأم، ولعله من ظاهر هذا الحديث وَهم واتبعه أبو عمر فيه، وليس كذلك، إنما هو أخوه لاَبيه لا من أمه.
كذا قال البخارى والعُصْفرى وغيرهما / فيه، دإنما أراد بذلك شريك بن سحماء هو اْخو البراء بن مالك لأمه، وهو ظاهر فى الحديث بيّن.
وشريك بلوىّ حليف للاْنصار وقول ابن جبير: (فرق المصْعَب بين المتلاعنن)، كذا لابن الحذاء، ولغيره: ا لم يفرق) (1) قيل: صوابه ا لمَ فرق).
وقوله للذى اْنكر لون ولده: (ألك من الإبل ؟) قال: نعم - الحديث، إلى قوله: (هل فيها من أورق ؟!، قال الإمام: هو الأسمر، وهو من الورقة، ومنه قيل للرماد: اْورق، وللحمامة ورقاء.
(1) حديث رقم (7) بالكناب.
264 / ءأ
96 (5/95)
كتاب اللعان قَالَ: لعَلهُ يَا رَسُولَ اللهِ يَكُونُ نَزَعَهُ عِرْق!لهُ.
فَقَالَ لهُ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): (وَهَذَا لعَلهُ يَكُونُ نَزَعَهُ عِرْق لهُ).
ص ص !، ص ص، 5، ص ص صكص، عن، ص نص ه، ص ه، ص ص ه
(... ) وحدثنِى محمد بن رافِعٍ، حدثنا حجين، حدثنا الليث، عن عقيلٍ، عنِ ابنِ شِهَاب، ؟نهُ قَالَ: بَلغَنَا أنَّ أبَا هُريرةَ كَانَ يُحَدَثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ بِنَحْوِ حَلِيثِهِمْ.
قال القاضى: فى هذا الحديث حجة للقول بالقياس، والاعتماد وضرب الأمثال والأشباه لتقريب الأفهام، وعرض الغامض المشكل على البين الظاهر.
ومعنى قوله: (فلعل عرقا نزعه): أى أشبهه وأظهر لونه.
والعرق هنا: الأصل
من النسب، شبه بعرق الثمرة، يقال: فلان مُعْرِق فى الحمسب وفى اللوم والكرم.
وأصل النزع: الجذب، كأنه جذبه لشبهه به، يقال منه: نزع[ ينزع، وهو مما شذ عن الأصل مما جاء على فَعَل يَفْعلُ فيما عينه من حروف الحلق أو لامه، وأصله المطرد فَعل يفعَلُ، يقال منه: نزع] (1) الولد لأبيه، ونزع إليه، ونزعه أبوه إليه كله.
وفى هذا الحديث أن التعريض اللطيف إذا لم يقصد به المشاتمة، وكان لمعنى وضرورة
أو شكوى أو استفتاء فلا حد فيه، وقد استدل به من لا يرَى الحد فى التعريض والكناية، وهو مذهب الشافعى، ولا فى قول القائل: ليس هذا الولد منى، وهو مذهب الخطابى.
ولا حجة له فى هذا الحديث ؛ إذ ليس فيه شىء من ذلك وإنما فيه إنكاره لونه، لا إنكاره الولد ونفيه له.
تم الجزء الثالث، والحمد لله وحده، وصلواته على سيدنا محمد نبيه واله وصحبه وسلم تسليمأ كثيرأ، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
نتلوه فى الرابع - إن شاء الله - كتاب العتق.
ومن الفرل! من نسخه الثالث والعشرين من شهر رمضان المعظم سنة سبعِن وستمائة.
(1) سقط من الأصل، واستدرك بالهامث!.
(5/96)
كتاب العتق
97
بسأ الله الرحمن الرحيم
20 - كتاب العتق
1 - (1501) حدثنا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قُلتُ لِمَالك: حَدثكَ نَافِع عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله كله: (مَنْ أعْتَقَ شِرْكا لَهُ فِى عَبْدٍ، فًكَاًنَ لَهُ مَال!يَبْلُغُ ثَمَنَ العَبْدِ، قُوّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ العَدْلِ، فَا"عْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ العَبْدُ، وَإِلأَ فَقدْ عَتَقَ مِنْهُ مَاعَتَقَ).
(... ) وحدثناه قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد وَمُحَمَدُ بْنُ رُمْح، جَميعًا عَن اللَيْث بْن سَعْد.
ح
ص ص عص ص ص، 5، ص يرص ص عصَ صً، 5، ص ص ص صصَء، ءَ صي، ً ص ص وحدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا جرِير بن حازِمٍ.
ح وحدثنا ابو الربِيع وابو كامِلٍ، قالا:
كتاب العتق
قوله - عليه السلام -: (من أعتَق شِرْكًا[ له] (1) فى عبد (2)، فكان (3) له ماذ
يبلغ ثمن العبدِ قُوئم عليه (4) قيمة العدْل، [ وأعطى شركاؤه] (5) حِصَصَهُم، وعتق عليه العبدُ)، وفى الرواية الأخرى: (من أعتق شِقْصخا له فى عبد فَخلاصُه فى ماله إن كان له ماذ، فإن لم يكن له مال استُسْعِى العبدُ غير مشقوق عليه !، وفى الرواية الأخرى: (إن لم يكن له ماذ قُوئمَ عليه العبدُ قيمة عَدْلي، ثُتمَ يُسْتَسْعى فى نصيب الذى لم يُعْتِقْ)، وفى الرواية الأخرى - فى المملوك بين الرجليئ فَيُعْتق أحد صما - قال: (يضمنُ)، قال القاضى: فى ذكر الاستسعاء هاهنا خلال.
قال أبو الحسن الدارقطنى: روى هذا الحديث شعبة وهشام عن قتادة - وهما أثبت - فلم يذكرا فيه الاستسعاءَ، ووافقهما هملئم وَفَصَل الاستسعاء من الحديث، فجعله من[ رأى] (6) قتادة، وعلى هذا أخرجه البخارى (7) وهو الصواب، وسمعت أبا بكر النيسابورى يقول: ما أحسن ما رواه هملم وضبطه، ففصل قول قتادة.
(1) صاقطة من ص.
(2) فى ص: عبده.
(3) فى ص: وكان.
(4) فى س: له.
(5) فى ق، والمطبوعة: فأعطى نرك ال.
للا) جاء فى الالزامات: (رواية)، وكئَ!ا للحقق فى تعليقه عليها بأنها فى النسخة الأخرى التى لديه (رواى) ونسخة للقاضى نيما نرى اصوب وئدق.
راجع: الالزامات 183.
(7) كالعتق، ببذا أعتق نصيبا فى عبد وليس له مال استسعىَ العبدُ غير مشقوق عليه على نحو الكتابة صهر190.
98(5/97)
كتاب العتق / باب ذكر سعاية العبد ص يرص ص نص نص، ير، ص ممص ه،، صوص ممصء ص ممص نحو، 1 صءممص حدثنا حماد، حدثنا ايوب.
ح وحدثنا ابن نميرٍ، حدثنا ابِى، حدثنا عبيد اللهِ.
ح وحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَئى، حدثنا عَبْدُ اْلوَهَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْمصَ بْنَ سَعِيد.
ح وَحَدثنِى إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ، اُّخْبَرَنَا عَبْدُ الرَرأقِ، عَنِ ابْنِ جُرَبْجٍ، أخْبَرَنِى إِسْمَاعِيًلُ بْنُ أمَيةَ.
ح وَحَدثنَا هَرُونُ بْنُ سَعِيد الأيْلِى، حَا شَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى اسَامَةُ.
ح وَحَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعِ، حَدثنَا ابْنُ اُّبِى فُلًيْكِ عَنِ ابْنِ أبِى فِئْبٍ، كلُّ هَوُلاَءِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ.
(1) باب ذكر سعاية العبد
2 - (1502) وحدّثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثنى وَابْنُ بَشَّارٍ - وَاللَفْظُ لابْنِ المُثنى - قَالا: حَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الئضْرِ بْنِ أنًس، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيك، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ الئيِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ - فِى المَمْلُوكِ بَيْنَ الرخلَيْنِ فيعْتِقُ اُّحَلُ!مَا - قَالَ: (يَضْمَنُ).
3 - (1503) وحدّثنى عَمْزو الئاقِدُ، حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ أبى عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَ الةَ، عَنِ النَضْرِ بْنِ أنَسِ، عَنْ بَشيِرِ بْنِ نَهِيكِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبَىِّ
قال القاضى: وقال الاْصيلى وابن القصار وغيرهما: من أسقط السِّعاية اْولى ممن ذكرها ؛ لأنها ليست فى الاْحاديث الأخر من رواية ابن عمر.
قال أبو عمر بن عبد البر: الذين لم يذكروا السعاية أثبت ممن ذكرها (1).
قال غيره: وقد اختلف فيه عن سعيد بن أبى عروبة عن قتادة، فمرة ذكر فيه السئعَاية ومَرة لم يذكرها (2)، فدذَ اْنها ليست عنده من مق الحديث كما قال غيره.
ومعنى الاستسعاء فى هذا الحديث: تكليفه الاكتساب والطلب لقيمة شقص الاخر على
قول الاكثرين، وقيل: يخدم سيده بقدر ماله من الرق، فعلى هذا تتفق الأحاديث.
(1) 1 لتمهيد 4 1 / 273، 1 لا ستذكا ر 23 / 0 2 1.
قال: وأصحاب قتادة الذين هم الحجة على غيرهم عند اْهل العلم ثلاثة: شعبة، وهام، وسعيد
ابن أبى عروبة، فإذا اتفق منهم اثنان منهما حجة على الواحد عندهم، وقد اتفق شعبة وهام على ترك ذكر السعاية فى هذا الحديث، فضعف بذلك ذكر السئعاية.
(2) من هؤلاء: روح بن عبادة، ويزيد بن زريع، وعبدة بن سليمان، وعلى بن مسْهر، ومحمد بن بكر، ويحى بن صعيد، ومحمد بن اْبى عدى، هؤلاء اثبتوا السعاية.
الاستذكار 23 / َ.
12.
(5/98)
كتاب العتق / باب ذكر سعاية العبد 99 ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنْ أعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِى عند، فَخَلاَصُهُ فِى مَاله إِنْ كَانَ لَهُ مَال!، فَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَال!، اسْتُسْعِىَ العَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوق عَلَيْهِ ").
ً
وقوله: (غير مشقوق عليه): أى غير مكلف ما فيه مشقة.
وقوله: (شقصاأ، قال الإمام: الشقص: النصيب، ومثله الشقيص، وكذلك قوله: (من أعتق شركا)، الشرك: النصيب، ومنه قول الله تعالى: { وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْك} (1)، أى من نصيب، ويكون الشرك فى غير هذا الشريك، قال الله تعالى: !و لَهُ ثُرَكمَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} (2)، ويكون الشرك - أيضا - الإشراك، يقال: شركته فى الأمر أشركه شركا، ومنه حديث معاذ: (أجاز بين أهل اليمن الشرَك !، أراد الاشتراك فى الأرض.
وقوله: أ فقد عتق منه ما عتق): قال: عتَقَ العبدُ فى نفسه: إذا سار حرا وأعتقه سيده.
قال الق الى: قوله: (من (3) اْعتق شِرْكا له فى مملوك): لفظه عام فى كل معتق من
ذكر أو أنثى، ممن يقع عليه الخطاب أو ينتهى حكمه إليه، وكذلك ألزمنا التقويم (4) إذا كان العبد كافرأ بين مسلمين أو بين مسلم ونصرانى، فأعتق المسلم نصيبَه لحق الشريك معه، ولتوجه الخطاب للمسلم.
وقد اختلف عندنا إذا أعتق النصرانى، هل يُقؤَمُ عليه لحق شريكه المسلم، أم لا ؟ إذ هو حق الله تعالى[ أو بين المعتقُ والمعتقُ وهما نصرانيان لا يتوجه لهما الخطاب، وكذلك اختلف عندنا إن كان العبدَ مسلما بين نصرانين فأعتق أحدهما نصيبه، أو بنِ نصرانى ومسلم، فأعتق النصرانى نصيبه على الخلاف هل الحق للشريك فى تبعيض عبده عليه أو للعبد فى حقه تكملة عتقه ؟ والله أعلم] (5).
قال القاضى أبو محمد: فيه ثلاثة حقوق: حق لله - تعالى - وللشريك، وللعبد،
فعلى مراعاة هذه الحقوق وقع الخلاف، وتصوير الصور فى المسألة على ما تَقذَم، ويأتى إن
(1) سبأ: 22.
(2) 1 ي!عرات: 190.
(3) فلفظة (من) تحتمل ان تكون شرطية، وتحتمل ان تكون موصولة، وهى على كلا الحالن من صيغ العموم، فتتناول كل من يلزم عتقه من الأحرار المسلمين، فكل من اعتق من هؤلاء شركا له فى عبد وهو ملىء فإنه يقؤَم عليه، فلا يقوم على الصبى والمجنون ؛ إذ لا يلزمهما عتق من أعتقاه، وكذلك العبد إلا
أن يأفن له سيده، فإن أفن له ئو أمضى عتقه، لزمه، وقدم عليه، ولاَ يصح العتق الشرعى من الكافر ؛ لأنه ليس بمخاهـ بالفروع على الصحيع ؛ ولأن العتق قربة وليس الكافر من أهلها.
إكمال 4 / 152.
(4) للتقويم: أن يقوم نصيب صاحبه يوم العتق قيمة عدل، ثم يعتق عليه، قال أبو عمر: وكذلك قال داود وأصحابه فى هذه المسألة، إلا أنه لا يعتق عليه حتى يؤدى القيمة إلى شريكه، وهو قول الثافعى فى القديم، وقال الثافعى: من أعتق شركا له فى عبد قوًم عليه قيمة عدل، وأعطى شركاع! حصصهم، وعتق للعبد، دالا فقد عتق منه ما عتق.
التمهيد 14 / ملا 2.
(5) سقط من ق.
100 (5/99)
كتاب العتق / باب ذكرسعاية العبد 4 - (... ) وحلّثناه عَلِى بْنُ خَشْرَم، أخْبَرَنَا عِيسَى - يَعْنِى ابْنَ يُوُنسَ - عَنْ سَعيد
ابْنِ أن عَرُوبَةَ، بِهَنمَا الإِسْنَادِ.
وَزَادَ: (إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قُوَئمَ عَلَيْهِ العَبْدُ قِيَمَةَءَسْل، َ ثُمَ
شاء الله تعالى.
وقوله: (قُوئم عليه): محموذ على الوجوب، ولا تخيير فى الرضا يعم تبعيض العتق لا للعبد ولا للشريك، مراعاة لحق الله - تعالى - فى ذلك.
واختلف عندنا، هل للشريك التخيير فى أن يعتق نصيبه اْو يُقَوئمُ ؟ وهو المشهور، أو ليس له إلا التقويم فى هذا، وأنه قد وجب عتق جميعه على معتق نصيبه بحكم الراية (1) ؟ على ما سيأتى من اختلاف العلماَء والمذاهب فى هذا، ولا خلاف فى بقاء عتق نصيب المعتق بكل حال بين علماَ الأمصار، إلا ما روى عق ربيعة من إبطال عتق المعتق لنصيبه معسرا كان أو موسرًا (2)، وهذا قول لا اْصل له مع مخالفته جميع الأحاديث.
واختلفوا فى الحكم فى نصيب شريكه إذا كان المعتق موسرًا على ستة أقوال:
أحدها: أن العبد عتيق نفسه، ويقؤَم نصيبُ صاحبه عليه بكل حال.
وولاؤه كله
له، هذا قول الثورى والأوزاعى، وابن أبى ليلى، وابن شبرمة، وأبى يوسف، ومحمد ابن الحسن، وأحمد، واسحق، وحكى مثله رواية عندنا فى المذهب (3)، وقاله الشافعى فى الجديد، وأن حرية بعضه قد سرت فى جميعه، وحكمه من يومثذ حكم الحر فى الوراثة وسائر أحكام الأحرار، ولشد للشريك فيه غير قيمته على المعتق، كما لو قثله، وأنه إذا عتق نصيبه كان عتقه باطلا (4)، وأن المعتق إن أعسر قبل أخذه بالقيمة أتبعه الشريك بها دينا، وكدلك لو مات المعتق قبل نهاية عتق جميعه قُوئم عليه، ولو استغرق تركته.
القول الثانى: أنه لا يعتق بالسراية وإنما يعتق بالحكم، وأن العبد بحكم العبودية فى نصيب الشريك حتى يحكم بالتقويم، وأن المعتِق إن مات قبل التقولم لم يُقؤَم عليه ولا على ورثته، وأن الشريك بعد عتقه مخير فى نصيبه إن شاء قوفَه عليه و(ن شاء أعتقه،
(1) هى عتق للبعض عتق الجميع، وسيأتى قريبا إن شاَ الله.
(2) قال لبو عمر: وما أشك أنه لم يبلغه - الحديث - ولا علمه.
الاستذكار 23 / 126، التمهيد 4 1 / 234.
(3) قالوا: يعتق بتلأ - لى قطغا.
التمهيد 4 277 / 1.
(4) يعنى عتق الثنى.
لأنه بعتق الأول صار حرا.
رلجع: التمهيد 4 1 / 279.
قال: وتحصيل مذهب الثافعى ما قاله فى الجديد: أنه إذا كان المعتق لحصته من العبد موسرا، عتق
جميعه حيئ أعتقه، وهو حر من يومئذ، ويورت، وله ولاؤه، ولا سبيل للشريك على العبد، وعليه قيمة نصيب ضريكه، كما لو قتله، وجعل عتقه إتلافا، هذا كله إن كان موسزا فى حيئ العتق للشقص، وسواء أعطاه القيمة أو منعه، وإن كان معسرأ فالشريك على ملكه يقاسمه كسبه، أويخدمه يوما ويخلى لنفسه يوما، ولا سعاية عليه.
الأم 2 / 354، التمهيد 4 1 / 279.(5/100)
كتاب العتق / باب ذكر سعاية العبد
يُسْتَسْعَى فِى نَصِيبِ ائَنِى لَمْ يُعْتِقْ، غمرَمَشْقُوقٍ عَلمهِ).
101
فإن أعتقه كان الولاء بينهما، دان كان المعتق معدما بقى الشريك على نصيبه فى العبد ولم يعتق منه غيرُ حصة العبد، دن كان المعتِق موسرا بقيمة بعضا نصيب شريكه (1) قُؤم عليه منه بقدر ذلك، وَهذا مشهور قول مالك وأصحابه (2)) وقول الشافعى فى القديم، وبه قال داود وأهل الظاهر، ثم اختلفوا هل بمجرد التقويم يكون حرآ أو لا بتمام الحكم ؟ والأول هو الصحيح من مذهبنا.
القول الثالث: قول اْبى حنيفة: إن الشريك مخيَر، إن شاء استسعى العبدَ فى نصف قيمته، وإن شاء اعتق نصيبه والولاء بينهما، دان شاء قَوَتم على شريكه نصيبَه، ثم يرجع المعتق بما دفع إليه العبد يستسعيه فى ذلك، والولاء كله له، قال: والعبد فى هذه السعاية بمنزلة المكاتب فى جميع أحكامه.
القول الرابع: قول عثمان البتى (3): لا شىء على المعتق إلا أن تكون جارية رابعة (4)
تراد للوطء، فيضمن ما أدخل على صاحبه فيها من الضرر.
القول الخامس: حكاه ابن سيرين ؛ أن القيمة فى بيت المال.
وهذان القولان شاذان مخالفان للحديثين جميغا، حديث ابن عمر وحديث أبى هريرة، وكذلك مذهب أبى حنيفة، لم يقل بواحد من الحديثين، وهذه سنة خارج عنها (5).
القول السادس: حكى عن إسحق بن راهويه ؛ أن هذا الحكم فى الذكور من العبيد دون الإناث، ولم يذكر فى الحديث، وهذا اْشد الأقوال.
هذا حكم الموسر.
وكذلك اختلفوأ فى المعسر على أربعة أقوال: فقول مالك والشافعى وأحمد وأبى (6) عبيد: لا يتبع بشىء، وينفذ عتق نصيبه الذى أعتق، كما جاء فى حديث ابن عمر وغيره، ولا سعاية عليه، وعلى هذا جمهور علماء الحجاز ؛ لقوله فى
(1) بأن يكون نصف عبده من ذى رحم محربم.
انظر: البدائع 5 / 22074.
(2) جاء فى التمهيد والاستذكار: د ان كان المعتق موسرَا ببعض نصيب شريكه، قوًم عليه بقدر ما يوجد معه من المال، ورق بقية النصيب لديه، ويقضى بذلك عليه كما يقضى فى سائر الديون.
التمهيد 278 / 14،
ا لاستذكا ر 23 / 121.
(3) فقيه البصرة، ابو عمرو، عثمان البتًى، نسبة إلى بغ البُتوت وهى السية الغليظة، حدث عن أنس بن مالك، والشعيى، والحسن، وعنه شعبة، وسفيان، وهثيم بن سريع، وابن عُليَّة، وعيسى بن يونس.
كان صاحب رئى وفقه.
تهذب الكمال 19 / 492، سير 6 / ما ا.
(4) الرلبعة: الممر جو، وقد نقلها الأبى: رفيعة 4 / 154، وفى الاستذكار: رائعة.
(5) القاض هنا مررًر لكلام ابن عبد البر.
راجع: التمهيد 14 / 234.
(6) فى ا ياصول: وأبو.
202 / ب
102 (5/101)
كتاب العتق / باب ذكرسعاية العبد س ص، 5، ص ص نص ص ه، 5، ص ص !صء ص ص ص ه،
(... ) حدثنى هرون بن عبدِ اللهِ، حدثنا وهب بن جرِيرٍ، حدثنا ابِى، قال: سمِعت قَتَ الةَ يُحَدثُ بِهَنَا الأِسْنَاد.
بمَعْنَى حَديثِ ابْنِ أبِى عَرُوبَةَ، وَذَكَرَ فِى الحَدِيثِ: قُوم عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدل.
ً
الحديث: (وكان له مال يبلغ ثمن العبد قُوثم عليه) إلى قوله: (والا فقد عتق منه ما عتق)، وهذا اللفظ ثابت من رواية مالك وغيره فى الحديث، وسقطت هذه اللفظة عند القعنبى وابن بكير فى رواية، وسقوطها عند الحفاظ وهم ممن سقطت عليه، والمعروف لكافة رواة نافع ورواة مالك عنه ثباتها وصحتها.
واختلف فى قول مالك فى مراعاة العُسْرِ، هل بمجرد يوم العتق ؟ أو باتصاله إلى يوم الحكم ؟ وقال الكوفيون باستسعاء العبد فى حصته لشريكه (1)، وبه قال الأوزاعى و(سحق وابن اْبى ليلى، وابن شبرمة.
ثم اختلفوا فى رجوع العبد يَرُد على المعتق (2)، فقالَ ابن أبى ليلى وابن شبرمة:
رجع عليه، ولم ير اْبو حنيفة وصاحباه الرجوع، وهو عند أبى حنيفة بحكم المكاتب مُئَة السعاية، وعند الآخرين هو حرّ بالسرايا، وقال زفر: يُقؤَم على المعتق، كان معسرا اْو موسرا، يوديها فى العسر متى أيسر (3)، / وقاله بعض البصريين، وقال آخرون: إذا كان معسرًا بطل عتقه.
وهذان القولان شاذان مخالفان للأقوال كلها اْيضا، وفى هذا الحجة القوية: أن من اْعتق بعض عبده اْنه يكمل عليه عتقه، وهل يجبر ذلك بالحكم أو بالسراية فن ذلك ؟ فيه عندنا روايتان، وعلى هذا جماعة علماء أهل الحجاز والعراق دون استسعاء، إلا ما ذهب أبو حنيفة من أنه يستسعى لمولاه فى بقية القيمة، وخالفه صاحباه فى ذلك فقالوا بقول الجماعة، لكنه روى عن ربيعة وطاوُس وحماد والحسن على خلاف عنه نحو قوله، وقاله أهل الظاهر.
وذكر عن الشعبى وعبيد الله بن الحسن يعتق الرجل من عبده ما شاء.
وقوله: (قيمة عدل): يريد: لا زيادة ولا نقص.
وقوله: (عتق عليه)، وفى كتاب أبى داود: (ثم عتق عليه) (4): حجة لقول مالك ومن وافقه إن عتقه بعد التقويم والحكم لأبى السراية.
قال الأمام: الحكم بالتقويم هاهنا لما يلحق الشريك من الضرر بعيب العتق، ولحق
(1) والولاء كله للمعتق، وهو بمنزلة الحر فى جميع أحكامه ما للم فى سعايته من يوم أعتِق، يرثُ، ويورث.
(2) جعل ابن أبى ليلى وابن شبرمة للعبد أن يرجع على المعتق بما سعى فيه متى أيسر.
راجع: الاستذكار 23 / 125.
(3) قال لبو عمر: لم يقل زفر بحديث ابن عمر ولا بحديث اْبى هريرة فى هذا الباب السابق.
(4) أبو داود، كالعتق، بفيمن روى الله لا يستسعى (3947).
(5/102)
كتاب العتق / باب ذكر سعاية العبد
103
الله - تعالى - فى إكمال الحرية.
صان كان للشريك مال، فهل يعتق نصيب من لم يعتق بالسراية أو بالتقويم ؟ فيه اختلاف فى المذهب.
صإن كان الشريك معسرًا، فهل لمن لم يعتق اتباعه بالقيمة فى ذمته صاكمال العتق عليه ؟ فيه - أيضا - قولان فى المذهب.
وعند أبى حنيفة أن المعتق إن كان موسزا كان للاَخر أن يعتق نصيبه، أو يضمن شريكه، اْو يستسعى العبد، وان كان معسرًا كان لشريكه العتق والاستسعاء، وتعلق مالك فى نفى الاستسعاء، بقوله فى طريق ابن عمر: (وإلا فقد عتق منه ما عتق)، وظاهر هذا ينفى الاستسعاء وتعلق أبو حنيفة برواية ابى هريرة فى الاستسعاء، وقد قال بعض أصحابنا: إنها زيادة من كلام قتادة تلبس على بعض الرواة فأضافها إلى نفس الحديث، وقد ذكر ابن المنذر ما يصحح ما قاله أصحابنا، وذكر فى سند الحديث على بعض رواته قال: وكان يفتى قتادة، وذكر الاستسعاء على اْنه يحتمل أن يكون معنى قوله: (يستسعى[ العبد] (1) فى نصيب الذى لم يعتق)، أى يخدمه بقدر نصيبه لئلا يظن أنه يحرك عليه استخدامه، صان كان قد وقع فى بعض الروايات فى الاستسعاء فى القيمة، وهذه الرواية تمنع هذا التأويل.
وقال بعض أصحابنا: لعل الراوى نقل بللعنى ولما سمع الاستسعاء فى النصيب عبر عنه بالقيمة على ما فهم، وهذا عندى لا يعول عليه ؛ لأنه سوء ظن بالرواة، وتطريق إلى إفساد كثر الأحاديث.
وقد قالوا - أيضًا - هم فى تأويل الحديث الذى تعلقنا به: [ إن قوله] (2): (صالا
فقد عتق منه ما عتق) إنما أراد أن العتق برد واستقر، وأن تعذر الاستكمال لا يرفع ما وقع فيه، والذى قالوه يحتمل، صانما يبقى النظر فيما قلناه، هل هو الأظهر من المحتملات ؟ والظواهر يقع بها الترجيح، ويرجح بعضها على بعض، وقد نبهنا على ما فى روايتهم من الاحتمال وما فى روايتنا، ولم يبق إلا التمسك بالاْظهر.
وفى غير كتاب مسلم: عن جابر اْن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قال: (من أعتق عبدًا وله فيه شركاء وله وفاء، فهو حر، ويضمن نصيب شركائه بقيمته لما أساء من مشاركتهم، وليس على العبد شىء) (3).
وفى هذا الحديث ثلاث فوائد: العتق بالسراية ؛ لقوله: (فهو حرب، والتعليل بحق الشركاء ؛ لقوله: الما سار من مشاركتهم)، ونفى السعاية ؛ لقوله: (وليس على العبد شى عه.
وقوله هاهنا فى رواية أبى هريرة: (قوة عليه العبد!: إشارة إلى تقويم العبد كاملأ، ويعطى قيمة نصفه بنسبة قيمة الكل إن كان قادرًا على أن يدعو شريكه لبيع جملته، فيحصل له نصف الثمن الحاصل فى الجميع، فإذا منعه من هذا ضمن له ما منعه منه، وقد
(1) ساقطة من الأصل، والمثبت من ع.
(2) سقط من الاْصل، واستدرك فى الهامث! بسهم.
(3) البيهقى فى السق، كالعتق، بمن ئحتق! شركا له فى عبد وهو موسر 276 / 10.
104 (5/103)
كتاب العتق / باب ذكرسعايهْ العبد قال هذا بعض اْهل العلم.
واختلف المذهب فى الشريكين إذا أعتقا وسهامهما مختلفة، ولهما شريك ثالث، كل يضمنان على التساوى لأنهما اشتركا فى الإتلاف ؟ ولو انفرد كل واحد مثهما فماعتق لضمن جميع نصيب شريكه، من غير ان يعتبر قلة نصيبه او كثرته، أو يكونان يضمنان بعد املاكهما ؛ لأن كونهما مالكن نفذ لهما العتق، فلمالك إفا مدخل فى هذا فوقعت الغرامة لعذره، وقد غلط ابن راهويه وذهب إلى ان معتق نصف الأمة لا يضمن بقيمتها ؛ لاءنه لم يذكر فى الحديث إلا العبد، وأنكر حذاق أهل الأصول هذا، ورأوا اْن الاْمة فى معنى العبد، وأن هذا لا يلتبس على أحد سمع هذا اللفظ، وقالوا: إذا كان الفرع فى معنى الاصل قطغا صار كالمنصوص عليه.
قال القاضى: وقوله: (وإلا فقد عتق منه ما عتق): ظاهره أنه من قول النبى ( صلى الله عليه وسلم )، وكذلك رواه مالك وعبيد الله العمرى، ووصلاه بالحديث من قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
ورواه أيوب عن نافع، فقال: قال نافع: (وإلا فقد عتق منه ما عتق)، ومرة قال ايوب: لا الرى أشىء قاله نافع أم هو من الحديث ؟ ولهذا قال ابن وضاح: إنه ليس من لفظ الحديث، وما قاله مالك وعبيد الله أولى، وقد جوداه، وهما أثبت فى نافع من أيوب عند أهل هذا الشأن، فكيف وقد شك أيوب - كما تقدم - وقد رواه يحيى بن سعيد عن نافع، وقال فى هذا الموضع: ولهذا جاز ما صنع.
فجاء به على المعنى، وهذا كله يرد على من رأى الاستسعاء داكمال عتقه بكل حال ؛ إذ قوله: (فقد عتق فيه ما عتق) إيجاب لما عتق منه، ونفى لما عداه.
(5/104)
كتاب العتق / باب إنما الولاء لمن أعتق
105
(2) باب إنما الولاء لمن أعتق
5 - (1504) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَاْتُ عَلَى مَالِك عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَن عَائِشَةَ ؛ أنَّها أرَادَتْ أنْ تَشْتَرِى جَارِيَة تُعْتقُهَا، فَقَالَ أهْلُهَأ: نَبيعُكِهَا عَلَى أن وَلاَ ها لَنَا.
فَذَكَرَتْ فَلِكَ لرسولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَقَالَ: (لاَ يَمْنَعُكِ فَلِكِ، فَإِئمَا الوَلاَءُ لِمَنْ أعْتَقَ ".
!6 - (... ) وحدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَالب، عَنْ عُرْوَةَ ؛ أنَّ عَائشَةَ أخْبَرَتْهُ ؛ أنَّ بَرِيرَةَ جَاعَتْ عَائِشَةَ!تَسْتَعينُها فِى كتَابَتهَا، وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كتَابَتِهَا شَيْئا.
فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: ارْجِعِى إِلَى أهْلِكِ، فَإِنْ أحَبُّوا أَنْ أقْضِىَ عَنْكِ كِتَابَتَكِ، وًيَكُونَ
حديث بريرة
ذكر فيه أن عائشة أرادت اْن تشترى جارية تعتقها، فقال لعلها: نبيعكها على أن ولاءَها لنا، فذكرت ذلك للنبى ( صلى الله عليه وسلم )، فقال: ا لا يمنعك ذلك، فإن الولاء لمن اْعتق)، وفى الرواية الأخرى: اْنها كانت مكاتبة، وذكر نحوه، وفيه: (ما بال أناس يشترطون شروطا ليست فى كتاب الله) الحديث، قال الأمام أبو عبد الله: حديث بريرَة هذا فيه فقه كثير، والذى يحتاج إلى ذكره هاهنا الكلام فى جواز بيعها ابتداءً.
وقد اختلفت أقوال العلماء فى بيع المكاتب على الجملة، فأجازه بعضهم ومنعه بعضهم، والواز على أنه يتأدى منه المشترى لا على اْنه تبطل كتابته ة لأن هذا لم نعلم من يذهب إليه، وكذلك - اْيضا - أجاز مالك بيع كتابته خاصة ويودى للمشترى، فإن عجز رق له، منع من ذلك ابن أبى سلمة وربيعة، وهو مذهب أبى حنيفة والشافعى ورأوا ذلك غررا وجهلاً بالمشترى ؛ لأنه لا يدرى ما يحصل له، هل نجوم أم رقبة ؟ وأجاز بعض أهل العلم بيع المكاتب للعتق لا للاستخدام، و(ن رضى بالبيع وقد عجز عن الأداء لفقره وضعفه عن التكسب جاز بيعه، وإن كان ظاهر المال ففى رضاه بالعجز[ قولان، فمن مكنه منه اْجاز بيعه إذا رضى بالعجز والبيع، ومن منعه من ذلك لم يجز بيعه، والقولان فى المذهب عندنا، وكذلك إن لم يكن له مال ظاهر، ولكنه قادر على التكسب، وتحصيل النجوم التى تعتق بها فى رضاه بالعجز] (1) اختلاف فى المذاهب.
(1) سقط من الأصل، واستدرك فى الهامثى بمهم.
106 (5/105)
كتاب العتق / باب إنما الولاَلمن أعتق وَلاؤكُ لِى، فَعَلتُ.
فَذَكَرَتْ فَلِكَ بَرِيرة لأهْلِهَا، فَا"بَوْا، وَقَالُوا: إِنْ شَا صكْ أنْ تَحْتَسِبَ
وفى بيع العبد القن بشرط العتق من مشتريه اختلاف بين الناس، أجازه مالك والشافعى، ومنعه أبو حنيفة، ولكنه قال: إن وقع البيع مضى بالثمن، وخالفه صاحباه اْبو يوسف ومحمد بن الحسن، فقالا: يمضى بالقيمة.
فإذا تقرر هذا كله قلنا بعده: لابد من تطلب تأويل لبيع بريرة وهى مكاتبة عند من منع بيع المكاتب، فيقول من حكينا عنه: إن بيعه جائز للعتق لا للخدمة، إنما جازها هنا لاْن عائشة اشترتها للعتق واْنا أجيزه، ومن يجيز بيع كتابة المكاتب يقول: لعلها اشترت كتابتها، ويحتج بقوله هاهنا فى كتاب مسلم: (فإنى اْحب اْن أقضى عنك كتابتك).
وهذا ظاهره أنها لم تشتر الرقبة، ومن يمنع بيع المكاتب وبيع كتابته يقول: عجزت ورضيت بالبيع ة فلهذا اشترتها عائشة، وأما شراَ العبد القن بشرط الإعتاق فيتعلق بهذا الحديث من يجيزه ويقول: قد اشترتها عائشة بشرط العتق، وقال ( صلى الله عليه وسلم ): (ابتاعى واْعتقى)، وهذا يصحح ما ذهبت إليه.
ومن يمنع بيع العبد القن بشرط العتق قد ينازع فى هذا، ويمنع من كون عائشة مشترية، وقد يحمله على قضاَ الكتابة عن بريرة أو على شراَ الكتابة خاصة.
وإن كان أحد جمع بين هذين المذهبين ؛ منع البيع للعتق وجواز بيع الكتابة، هذا وجه من الكلام على هذا الحديث.
وأما الوجه الثانى - وهو المشكل فى هذا الحديث -: فما وقع فى طرق ابن هشام هاهنا، وهو قوله عنه - عليه السلام -: (اشتريها واْعتقيها واشترطى لهم الولاَ)، فيقال: كيف أمرها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بهذا، وفيه عقد بيع على شرط لا يجوز، وفيه تغرير بالبالْعين ة إذ شرطت لهم ما لا يصح وخدعتهم، ولما صعب الانفصال من هذا على بعض الناس أنكر هذا الحديث أصلأ، يحكى ذلك عن يحيى بن كثم، وقد وقع فى كثير من الروايات سقوط هذه اللفظة، وهذا مما يشجع يحيى على إنكارها.
وأما المحصلون من أهل العلم فطلبوا لذلك تأويلأ، واختلفوا فيه، فقال بعضهم: الهم) هاهنا بمعنى (عليهم)، فيكون معناه: اشترطى عليه الولاَ، وعبر عن (عليهم) بلفظ طهم)، كما قال تعالى: { أُوْلًكَ لَهُغ اللعْنَةُ} (1) بمعنى: عليهم، { لَانْ اَسَأتُمْ فَلَهَا} (2) ئى فعليها.
وقال اخرون: معنى (اشترطى) هاهنا: أظهرى حكم الولاَ.
قال أوس بن حجر يذكر رجلأ تَدَلَى من راْس جبل يحمل إلى بيعه ليقطعها فيتخذ منها قوسئا، واشترط فيها نفسه وهو معهم، واْلقى بأسباب له وثوكلأ، ومعناه: جعل نفسه علما لذالىًا لأمر.
وفيه قيل: أشراط الساعة، بمعنى: علاماتها.
ومنه سموا: اْصحاب الشرط ؛ لأنه كان
(1) الرعد: 25.
(2) 1 ل! سرلَ: 7.
(5/106)
كتاب العتق / باب إنما الولاء لمن أعتق 107 عَلَيْكِ فَلتَفْعَلْ، وَيَكُونَ لَنَا وَلاؤُكِ.
فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ
لهم فى القديم علامات يعرفون بها.
ومن الشرط فى كذا، بمعنى: أنه علم عليه.
وقال آخرون: إنما المراد بهذا الزجر والتوبيخ ؛ لأنه ( صلى الله عليه وسلم ) بين لهم أن هذا الشرط، فلما أخذوا يتقاحمون على مخالفته قال لعائشة هذا اللفظ بمعنى: لا تبالى بشرطهم لأنه باطل مردود، وقد سبق بيانى لهم ذلك لا على الإباحة لهم والأمر لها بذلك.
وقد ترد لفظة "افعل) وليس المراد اقتضاء الفعل، ولا الإذن فيها، كما قال تعالى: { ) عْمَلُواطَ يثِثتم} (1)، { قُلْ كونُوا حِجَارَةً أَوْ حَمِيدًا} (2).
وأما الوجه الثالث: فإنه الكلام على قوله: (الولاء لمن أعتق) ولا خلاف بين العلماء
فى معتق عبده عن نفسه أن ولاعه له.
واختلفوا إذا أعتقه عن غيره رجل بعينه، أو عن جميع المسلمن، فمذهبنا: أن الولاء للمعتق عنه، كان رجلأ بعينه أو جماعة المسلمن.
وقال ابن نافع من أصحاب مالك فى المعتق عن جماعة المسلمن: أن الولاء له دونهم، قال بعض شيوخنا: ويلزمه على ما قال أن يقول بمذهب المخالف: إن الولاء للمعتق وإن أعتق عن رجل بعينه.
واحتج من رأى الولاء للمعتق وإذا اْعتق عن غيره بقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (الولاء لمن أعتق)، فعم، وحمله مالك على أن المراد به: من أعتق عن نفسه، بدليل اْن الوكيل إذا أعتق بإذن موكله على العتق، كان الولاء لمن وكله وإن كان هو المعتق.
وقد وقع هاهنا سوال مشكل وهو: لو قال: أنت حر ولا ولاء لى عليك، واْما ابن القصار فالتزم فى هذا السوال أن يكون الولاء للمسلمين، ونرل هذا القول منزلة قول القائل: أنت حر عن المسلمن.
وكان بعض شيوخنا يخالفه فى هذا، ورأى أن بقوله: أنت حر، استقر الولاء له، واستئنافه بعد ذلك جملة ثانية هى قوله: ولا ولاء لى عليك، لا بغير حكم الجملة الأولى ؛ لأنه إخبار على أن حكم الجملة الأولى المستقرة بالشرع على خلاف ما حكم الله به، فيكون إخباره كذبًا وفتواه باطلأ، والباطل والكذب لا يلتفت إليه، ولا يعول فى مثل هذه الأحكام عليه.
وأما الوجه الرابع - من الكلام على هذا الحديث - فقوله: (فخيرها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
وقد كان زوجهاَ بدًا): فلا خلاف بين أهل العلم فى أن الأمة إذا أعتقت تحت عبد أن لها الخيار فى فسخ نكاحه.
واختلف الناس فى الحر، هل تخير إذا عتقت تحته ؟ فعندنا لا تخير ؛ ولاءن هذا الحديث قد ذكر فيه هاهنا اْن زوجها كان عبلمًا، والأصل ثبوت الأنكحة، ولا سبيل إلى إثبات الفسخ عند طريان حوادث إلا بشرع يدل على ذلك، وقد دل هاهنا على العبد، فيبقى الحر على الأصل.
واْما المخالف الموجب لها الخيار - وإن كان زوجها
(1) فصلت: 40.
(2) 1 لاسراَ: 50.
108 (5/107)
كتاب العتق / باب إنما الولاءلمن أعتق ( صلى الله عليه وسلم ): (ابْتَاعِى فَاعتِقِى، فَإِنَّمَا الوَلاَءُ لِمَنْ أعْتَقَ)، ثُمَ قَامَ رَسُولُ النْهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: (مَا بَالُ
حرا - فيتعلق برواية من روى: أن زوجها كان حرا، ونحن نرجح مذهبنا عليه بأن نقول: راوى حال هذا الزوج ابن عباس وعائشة، وأما ابن عباس فلم يختلف الرواة عنه أنه قال: كان زوجها عبدًا، وأما عائشة فاختلف الرواة عنها، هل قالت: عبدأ أو حرْا ؟ والذى لا خلاف[ فيه] (1) عنه أولى أن يتعلق بروايته ممن اختلف عنه.
وأما وجه الخلاف من جهة الاعتبار والمعنى، فإن مالكًا رأى أن العلة ما يدركها من معرة لما صارت حرة يكون زوجها عبلمًا، لإذا كان زوجها حرأ فلا معرة عليها ولا وجه لتخييرها.
وأما المخالف فيرى أن العلة كونها معقوذا عليها بالجبر أولا لحق العبودية، د ذا صارت إلى حال من لا يجبر لملكها نفسها كان لها حل العقد، ويتعلق فى ذلك مما قيل فى بعض الطرق: (وهلكت نفسِك فاختارى،، وكما قال، فأشار إلى أن العلة ملكة النفس، وهذا يوجب المساواة بين الحر والعبد، د إذا أثبت لها الخيار فإنها إذا أمكنت الزوج من وطئها سقط خيارها، وإن زعمت اْنها جاهلة بحكم الخيار، هذا المعروف من المذهب.
وقال بعض أصحابنا: فإن هذا بناءً على انها ادعت، والآيسة من الجهل بالحكم لاشتهار هذا الحكم عند سائر الإماء، ولو كانت ممن يتبين جهلها - كحديثة العهد، كالسبى من السودان وغيرهم - لجرت على القولن فيمن زنى جاهلاً بحكم تحريم الزنى، هل يحد أوْ لا ؟ وقد تعلق بعض أصحابنا بأن فى بعض الأحاديث على الخيار لها بألا توطأ، ولم يعرف من وطثها جاهلة أو عالمة، والصحيح من هذا أنه إن لم يثبت أثر يسقط تخييرها إذا جهلت الحكم اْنها باقية على حقها، ولا معنى لتخريجهم الخلاف فى ذلك، ولأن كل من يثبت له حق فلا يسقط إلا بنصه على إسقاطه، وفعل يقوم مقام النص، وتمكين العالمة بالحكم قائم مقام النص منها على إسقاط حقها فيسقط، وإذا كانت جاهلة لم يصدر عنها ما يدل على سقوط حقها، فبقيت على الأصل فى حقها فى ثبوته.
وأما الوجه الخامس: فقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (كل شرط ليس فى كتاب الله فهو بباطل، د إن
كان مائة شرط): فيجب أن يعلم أن الشروط المقارنة للبيع لا تخلو من ثلاثة أقسام: أحدها: أن يكون من مقتضى العقد كالتسليم، وجواز التصرف فى البيع.
وهذا لا خلاف فى جواز اثشراطه ؛ لأنه يقضى به وإن لم يشترط.
والثانى: اْلا يكون من مقتضاه، ولكنه من مصلحته كالحميل والرهن، واشتراط الخيار، فهذا - أيضًا - يجوز اثشراطه لأنه من مصلحته، وأشبه ما كان من مقتضاه، لكنه
(1) فى هامث! الأصل.
(5/108)
كتاب العتق / باب إنما الولاء لمن أعتق 109 انَاس يَشْتَرِطُونَ شُرُوطا لَيْسَتْ فِى كِتَابِ اللهِ ؟ مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطا لَيْسَ فِى كِتَابِ اللّهِ، فَثبسَ لَهُ، !اِنْ شَرَطَ مِالةَ مَرة، شَرْطُ اللهِ أحَق وَاوْثَقُ).
إنما يقضى به مع الاشتراط، وإن لم يشترط فلا يقضى به، وبهذا فارق القسم الأول.
والثالث: أن تكون خارجة عن ذلك مما لا يجوز اشتراطه فى العقود، وأن يمنع من مقتضى العقد أو يوقع فيه غررًا، أو غير ذلك من الوجوه الممنوعة.
فهذا موضعاضطراب العلماء، ومسائل المذهب مضطربة فيه، ولكن المشهور فيه على الجملة فى القول المطلق: أن البيع والشرط جميعًا ينقفحان ويبطلان لقوله ( صلى الله عليه وسلم ): ! من أحدث فى ديننا ما ليس منه فهو ردا (1) ؛ لأنه قد وضعمن الثمن لاءجل الشرط، فصار له حصة من المعاوضة، فيجب بطلان ما قابله من العوض لفساده، والذى ينويه من العوض مجهول، وهذا يؤدى إلى الجهالة مما يقابل ما سواه فى العوض، فوجب فسخ الكل لذلك.
وقد قال بعض العلماء بأن الشرط خاصة هو المختص[ بالبطلان لأجل حديث بريرة] (2).
وقد وقع فى المذهب مسائل خرج فيها بعض الشيوخ هذه الطريقة، وجعلها قولا فى المذهب.
ووجه المشهور ما قلناه من الخبر والقياس، وهو مقدم عندهم على هذا الحديث، على أن حديث بريرة لم ينص فيه على صحة البيع، إنما ذكر الشروط خاصة.
ففى البيع يؤخذ حكمه من مواضعأخر فى الشريعة.
واْما شراء عائشة، فقد ذكرنا وجوفا من التأويل فى قوله ( صلى الله عليه وسلم ): (اشترطى لهم الولاء)، وإذا ثبتت تأويلات الحديث سقط تعلقهم بظاهره.
وأما الوجه السادس: فما ذكره من كله ( صلى الله عليه وسلم ) مما تصدق به عليها.
وقد تقدم الكلام
عليه فيماسبق.
قال القاضى: حديث بريرة كثير السق والعلم وال الب /.
ومعنى قول عائشة: (كانت فى بريرة ثلاث سق)، وفى حديث ابن عباس: (أربع سق) وزاد: وأمرها أن تبدأ فى اْنها سنت وشرعت بسبب قصة، أو عند وقوع قصتها، وحكم بها فى قصتها وما فيها من غير ذلك، مما كان علم قبل ذلك من غير خبرها وقصتها، ولكن معها الحجج لسق كثيرة وآداب من الشرع عديدة.
وقد كئر كلام الناس فيه وجمع أبو جعفر الطبرى فيه ستة أجزاء فى كتابه، ولأبى بكر بن خزيمة - أيضا - عليه تأليف
(1) البخارى، كالصلح، بإذا اصطلحرا على صلح جور فالصلح مردود (!269)، مسلم، كالأقضيق! بنقض الأحكام الباطلة صرد محدثات الأمور (17).
(2) سقط من الأصل، والمثبت من ع.
204 / ب
110 (5/109)
كتاب العتق / باب إنما الولاءلمن أعتق 7 - (... ) ! دّثنى أبُو الطَّاهِرِ، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَاب،
عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزبيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ - زَوْج النبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ) - أئهَا قَالَتْ: جَاءَتْ بَرِيْرة إِلَى،
كبير، ولغيرهما وبلغة بعضهم نحو مائة فائدة، وسنذكر من فوائده مما لم يتقدم ذكره قبل، ومما هو ظاهر لمستفيده إن شاَ الله.
فى ذلك: جواز كتابة الأنثى وذات الزوج من الإماَ، ودخولهن فى الخطاب العام والخبر الشامل من قوله تعالى: { وَالذِينَ د!نُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ اَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُم} (1)، وأن الزوج لا يدخل فى كتابتها، وأنه لا حق للزوج فى منعها من الكتابة، وإن آل ذلك إلى فراقها باختيارها إن كانَ بدا على قول الجمهور، أو كيف كان على قول الآخر، وأنه ليس له منعها من السعى.
وقد يستدل به[ على] (2) اْنه لا حق له فى خدمتها ة إذلو كان ذلك لكان له منعها منه.
وجواز المكاتبة وإن لم يكن للعبد مال.
وجواز كتابة الأمة غير ذات الصنعة ومن لا حرفة له من العبيد إن لم يستعملهم النبى عن شق من ذلك، ولو كان مشترطا لسأل عنه وبينه.
وهذا كله مذهب مالك والثورى والشافعى وجماعة من العلماَء وغيرهم.
واختلف عن مالك فى كتابة من لا حرفة له، وكرهها الأوزاعى وأحمد وإسحق، وروى مثله عن ابن عمر، خلافا لمن قال من السلف: إن للراد به فى الآية المال، وهو عند كثرهم الدين والأمانة، والقدرة على الكسب عند جميعهم، وبين أن المكاتب غير عتيق، وأنه عبد ما بقى عليه درهم، وهو قول عامة العلماَء وفقهاَ الأمصار عن بعض السلف، وأنه حر بنفس الكتابة، وهو عديم بالكتابة ولا يرجع إلى الوراَ، وحكى مرصد عن امرأته فى عتق منه، وروى عن على بن اْبى طالب، وحكى عن بعضهم أنه إذا أدى الشطر من كتابته فهو جائز ويتبع بالباقى.
وعن عمر بن الخطاب وابن مسعود وشريح مثل هذا إذا أدى الثلث، وعن عطاَ مثله إذا أدى الثلاثة الأرباع، وقال: إذا أدى قي!شه فهو حر عديم بالكتابة، وروى عن شريح وعن ابن مسعود إذا أدى قيمته، وأن الكتابة على النجوم جالْزة لقولها: (أوقية فى كل سنة)، ولا خلاف فيه، ويجوز عند عامتهم على نجم واحد، ولكن شأنها عند مالك بالثنجيم ؛ لاْنه إذا لم يسم أجلاً ولا نقدأ نجمت عنده بقدر السعاية وقوته د ان كره السيد، ومنعها الشافعى جملة وقال: ليست بكتابة.
وفى قوله: (الله أحق، وشرط الله أوثق !: جواز السجع غير المتكلف.
وانما نهى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عن سجع الكهان وما اْشبهه مما فيه من تكلف وبأقسام على مطوى الغيب.
قال
(1) ا لنور: 33.
(2) ساقطة من الاْصل، والمثبت من س.
(5/110)
كتاب العتق / باب إنما الولاءلمن اْعتق 111 فَقَالَتْ: يَا عَائِشَةُ، إنّى كَاتَبْتُ أهْلِى عَلَى تِسعْ أوَاق، فِى كُلّ عَام اوقِيةٌ.
بِمَعْنَى حَدِيث اللَّيْثِ.
وَزَادَ: فَقَالَ: (لاَ يَمْنَعُكِ فَلِك مِنْهَا، ابْتَاعِى وَأعْتِقِىِ).
وَقَالَ فِى الحَدِيثِ: ثُمً قَامَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى النَّاسِ فَحَمِدَ اللهِ وَاَ!شَى عَلَيْهِ، ثُمَ قَالَ: (أمَا بَعْدُ).
8 - (
.
) وحدّثنا أبُو كُرَيْمب مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ الهَمْدَانِىُ، حَا شَا أبُو اسَامَةَ، حَدثنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، أخْبَرَنِى أبِى عَنْ، عَائِشَةَ، قَالَتْ: دَخَلَتْ عَلَى بَرِيرَةُ فَقَالَتْ: إِن أهْلِى كَاتَبُونِى عَلَى تسْع أوَاق فِى تِسع سِنِينَ، فِى كُلِّ سَنَة اوقيَّة!، فَاغِينِينِى.
فَقُلتُ لَهَا: إِنْ شَاءَ أهْلُكِ أنْ أَعُلًفَا لَهُمْ عَلَّة وَاحِدَةً، وَأعْتِقَكِ، وَيَكُونَ اَلوَلاَءُ لِى، فَعَلتُ.
فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لأهْلِهَا، فَائوْا إِلاَّ أنْ يَكُونَ الوَلاَءُ لَهُمْ.
فَأتتنِى فَذَكَرَتْ فَلِكَ.
قَالَتْ: فَانْتَهَرْتُهَا.
فَقَالَتْ: لاَهَا اللهِ إِفا.
قَالَتْ: فَسَمِعَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَسَألَنِى فَاخبَرْتُهُ.
فَقَالَ: (اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، وَاشْتَرِطِى لَهُمُ الوَلاَءَ، فَإِنَّ الوَلاَءَ لِمَنْ أَعْتَقَ)، فَفَعَلتُ.
تَالَتْ: ثُمَّ خَطَبَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَشِيَّة، فَحَمدَ اللهَ وَأثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أهْلُهُ، ثُمَّ تَالَ: (أمَّا بَعْدُ فَمَا بَالُ أقْوَامِ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطا تَثسَتْ فِى كِتَابِ اللهِ ؟ مَا كَانَ مِنْ شَرْط لَيْسَ فِى كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُو بَاطِلٌ، لَ!نْ كَانَ مائَةَ شَرْط، كِتَابُ الله أحَقُّ، وَشَرْطُ اللهِ أوْثَقُ، مَا بَالُ رِجَال مِنكئم يَفو! أحَلُ!مْ: أعْتِقْ فُلاًدا وَالوَلاَءُ لِى، إِنَمَا اَلوَلاَء لِمَنْ أعْتَقَ لا.
الداودى: وشرط الله هنا اْراد - والله اْعلم - قوله تعالى: { فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدى في} ( وقوله: { لَ!ذْ تَقُولُ لِئذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْه} (2)، وقال فى موضع آخر: هو قوله: { وَلا تَكلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِل} (3)، وقوة: { وَمَا آتَاكُمُ الرسُولُ فَخُنُوه} الآية (4).
قال القاضى: وعندى أن الأظهر هو ما أعلم به أنه - عليه السلام - من قوله: (إنما الولاء لمن أعتق)، و(مولى القوم منهم)، و(الولاء لحمة كالنسب)، قال: وقوله فى بعض الروايات: (كتاب الله اْحق) يحتمل أن يريد حكمه، ويحتمل اْن يريد القرآن،
(1) ا ياحزلب: ه، والتوبة: 11.
(2) 1 يا حزلب: 37.
(3) البقرة: ههـ ا.
(4)1 لخر: 7.
112 (5/111)
كتاب العتق / باب إنما الولاءلمن أعتق 9 - (
.
) وحدّثنا أبُو بَكْر بْنُ أبى شَيْبَةَ وَأبُو كُرَيْب، قَالا: حدثنا ابْنُ نُمَيْر.
ح
ص ص عكلصء،، صوص عكلص ص كلَ صَ ص محص، عن، 5، ص هً ص ه ص، 5، 5 ص صً وحدثنا ابو كريب، حدثنا وكِيع.
ح وحدثنا زهير بن حربٍ وإِسحق بن إِبراهِيم، جميعا عَنْ جَرِيرٍ، كُلُّهُمْ لَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، بهَنَا الإِسْنَادٍ، نَحْوَ حَديث أَبِى أسَامَةَ، غَيْرَ أنًّ فِى حَدِيثِ جَرِيرٍ: قَالَ: وَكَان زَوْجُهَا عَبْدآَ، فَخَيَّرَهَا رسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا، وَلَوْ كَانَ حُرّا لَمْ يُخمرْهَا، وَلَيْسَ فِى حَدِيثِهِمْ: (أمَّا بَعْدُ).
10 - (
.
) حدّثنا زهُيْرُ بْنُ حَرْب وَمُحَمَدُ بْنُ العَلاَءِ - وَالفَفْظُ لِزُهَيْرٍ - قَالا: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدثنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ الرخمَنِ بْنِ القَاسِ!، عَنْ أبِيه، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ فى بَرِيرَةَ ثَلاَثُ قَضِيَّات: أرَادَ أهْلُهَا أَنْ يَبيعُوهَا وبشْتَرِطُوا وً لاَعَ! ا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ للِنَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ: (اشْتَرِيهَا وً أعْتِقِيهَا، فَإِنَّ الوً لاَءَ لِمَنْ أَعْتَقَ).
قَالَتْ: وَعَتَقَتْ، فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا.
قَالَتْ: وَكَانَ النَّاسُ يَتَصَدَّقُونَ عَلئهَا وَتُهْدِى لَنَا، فَذَكَرْتُ فَلِكَ لِلنَّبِى ( صلى الله عليه وسلم )، فَقَالَ: (هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَهُوَ لَكُمْ هَدِئةٌ، فَكُلُولما.
11 - (... ) وحئثنا أبُو بَكرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَا شَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِى عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ سِمَاك، عَنْ عَبْدِ الرخمَنِ بْنِ القَاسِ!، عَنْ أبِيه، عَنْ عَائشَةَ ؛ أنَهَا اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ منْ انَاسٍ مِنَ الًأنْصَارِ، وَاشْتَرَطُوا الوَلاَءَ.
فَقَالَ رَسُوَلُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (الوَلاءُ لِمَنْ وَلِىَ النَعْمَةَ)، وَخَيرَهَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
وَكَانَ زَوْجُهَا غئدآ وَأهْدَتْ لِعَائشَةَ لَحْمًا.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): الَوْ صَنَعْتُمْ لَنَا مِنْ هَنمَا اللَحْم ؟).
قَالَتْ عَائِشَةُ: تُمَدًّقَ بِهِ عَبَى بَرِيرَةَ.
فَقَالَ: (هُوَ لَهَا صَدَقةي، وَلَنَا هَدِيَّة!).
12 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى، حَا شَا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرِ، حَدثنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ عبدَ الرخمَنِ بْنَ القَاسِ! قَالَ: سَمِعْتُ القَاسِمَ يُحَدِّثُ عَنْ عَائشَةَ ؛ أتَهَا أرَادَتْ أنْ تَشْتَرِىَ بَرِيرَةَ لِلعِتْقِ، فَاشْتَرَطُوا وَلاَعَ! ا.
فَذَكَرَتْ فَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ: (اشْتَرِيهَا
ويرجع إلى ما تقدم من قوله: { فَ!ض انُكُمْ فِي النِينِ} (1) والاَيتين الأخرتن.
وفحِه جواز إعطاء الصدقات لموالى قريش دان كانت هذه الصدقة تطوعًا، فقد يحتج به
من يرى صدقة التطوع جائزة لمواليهم أو لجميعهم، وإن قلنا لهذا زكاة واجبة، فيحتج به (1) الأحزاب: ه.
(5/112)
كتاب العتق / باب إنما الولاء لمن أعتق 113 وَأعْتِقيهَا، فَإِن الوَلاَءَ لِمَنْ أعْتَقَ).
وَاهْدِىَ لِرَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) لَحْمٌ، فَفَالُوا لِلنّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ): هَنَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ.
فَقَالَ: (هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَهُوَ لَنَا هَدِئةٌ).
وَخيرَتْ، فَقَالَ عَبْدُ الرخمَنِ: وَكَانَ زَوْجُهَا حُرا.
قَالَ شُعْبَةُ: ثُمَ سَ التُهُ عَنْ زَوْجِهَا فَقَالَ: لاَ أدْرِى.
(... ) وحدّثناه أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ الئوْفَلِىُّ، حدثنا أبُو دَاوُدَ، حدثنا شُعْبَةُ، بِهَذَا
ا لإِسْنَ ال نَحْوَهُ.
13 - (... ) وحدّثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثَئى وَابْنُ بَشَّار، جَمِيعًا عَنْ هِشَامٍ.
قَالَ ابْنُ المُتتى: حَد!شَا مُغِيرَ 6 بْنُ سَلَمَةَ المَخْزُومِى وَأبُو هِشَامٍ، حَدثنَا وُهَيْ! ث، حَدثنَا عُبَيْدُ الله، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ عَبْلأ.
14 - (... ) وحدّثنى أبُو الطَاهِرِ، حَدثنَا ابْنُ وَهْبٍ، أخْبَرَنِى مَالِكُ بْنُ أنَس عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ القَاسم بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْج النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أنَّهَا قَالَتْ: كَانَ فِى بَرِيرَةَ ثَلاَثُ سُنَني: خيرَتْ عَلَى زَوْجِهَا حِينَ عَتَقَتْ، وَاهْدِىَ لَهَا لَحْم فَدَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَالبُرْمَةُ عَلَى النَّارِ، فَدَعَا بِطَعَامٍ، فَ التِىَ بِخُبْزٍ وَادُبم مِنْ ادُم البَيْتِ، فَقَالَ: (ألَمْ أرَ بُرْمَة عَلَى الئارِ فيهَا لَحْم ؟) فَقَالَوا: بَلَى، يَا رَسُولَ النهِ، فَلِكَ لَحْمٌ تُصُدَقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَكَرِهْنَا أنْ نُطَعمَكَ مِنْهُ.
فَقَالَ: (هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ وَهُوَ مِنْهَا لَنَا هَدِيَّة!).
وقَالَ النَّيِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) فِيهَا: (إِنَّمَا الوً لاَءُ لِمَنْ أعْتَقَ).
من لا يرى تحريم ذلك على الموالى منهم، أو يرى اختصاص تحريم الصدقة لبنى هاشم وبنى عبد المطلب لقول عائشة: اْهدته لنا بريرة، واْنت لا تأكل الصدقة، ولم يقل لها النبى: وأنت لا تأكليها، وإنما يحتمل اْنها هدية للجميع.
وفيه جواز الاكل مما أهدى للفقير والتصدق به عليه.
وقوله: (ألم أر برمة على النار فيها لحم ؟) فيه سؤال الرجل عما يراه فى بيته، وليس هذا من الذم وغير مكارم الأخلاق الذى جاء فى حديث أم زرع.
وقوله: ولا يساْل عما عهد لأن هذا إنما هو بحث عما عدهه فى بيته.
والسؤال أين ذهب وما صنع به ؟ وأما شىء يجده فيقول وما هو هنا فليس منه، مع أى سؤاله - عليه السلام - لهم هنا ليبيئ لهم ما
114
(5/113)
كتاب العتق / باب إنما الولاء لمن أعتق
15 - (1505) وحدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أيِى شَيْبَةَ، حَدثنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَد، عَنْ سُلَيْمَانَ
جهلوه ؛ لأنه - عليه السلام - علم أنهم كانوا لا يبخلون عليه بما يعتقدون جوازه له، وأنهم إنما قدموا له أدم البيت، وتركوا اللحم الذى هو سيد الأدم لأمر اعتقدوه فيه، فيسألهم ليعرف ما اعتقدوه، ويبين لهم ما جهلوه كما كان.
وفيه من حسن الأدب والعشرة، قوله - عليه السلام -: (ما بال رجال)، ولم يواجههم بالخطاب، ولا حرج بأسمائهم.
وفيه جواز الصدقة على العبد ؛ لاستسعائها عائثة، ولم ينكر ذلك النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وذلك
فى التطوع، وكذلك معونة المكاتب من التطوع.
واختلف فى معونته من الفرض.
وفيه جواز بيع المراْة وشرائها بغير إذن زوجها.
وجواز عتقها لعبدها وأمتها، ما لم ترد على تلف مالها وبرده زوجًا.
وفيه دليل على أن بيع الأمة المزوجة ليس بطلاق وكذلك عتقها، خلافًا لابن المسيب الذى يرى بيعها طلاكا.
وفيه جواز اكتساب المكاتب بالسوال كما فعلت بريرة.
وفيه أن البيان بالفعل أقوى منه بالقول ؛ ولهذا أمر - عليه السلام - عائثة باشتراط الولاء لهم ؛ ليبين لهم ذلك القول والتوبيخ على رأى بعضهم، كما قال - عليه السلام -: (إنى لأنسى - أو أنسى - لأسن) (1)، لاسيما على رأى من راْى أنه نسى عمدًا ليبين صورة السهو، وهذا الوجه أظهر التأويلات فى الحديث وهو لفظه، وقد جاء من رواية أيمن عن عائثة: (اشتريها ودعيهم يشترطون ما شاؤوا)، فاشترتها وأعتقتها، وشرط أهلها الولاء.
قال محمد بن داود الأصبهانى: أما قول النبى لها: (اشترطى لهم الولاء) إنما معناه: أن ذلك بعد علمهم، والنبى عنى غيرها بذلك، ولا نافع لهم، ولم يأمرها - عليه السلام - باشتراطه، ثم يبطل الشرط ويصحح البيع وهم غير عالمن ببطلانه، وإنما كان هذا منه تهديدًا لمن رغب عن حكمه وخالف أمره.
وإليه مال الأصيلى وأبى أنه على ظاهره، وأنه أمرها بذلك ليقع البيع ويصح، ويبطل الشرط ويصح، ويكون ما قابل الشرط من الثمن، وحط له عقوبة فى المال لما خالفوا اْمره، كما منع القاتل من الميراث عقوبة له.
وقال الطحاوى: رواية الشافعى عن مالك فى هذا الحديث: (اشترطى لهم الولاء) بغير تاء، أى أظهرى لهم حكمه.
وعلمهم سنته - كما تقدم - وليس من
(1) مالك فى الموطأ، كللسهو، بالعمل فى السهو 1 / 100 (2).
قال ابن عبد للبر: لا اْعلم هذا الحديث روى عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) مسنئا ولا مقطوغا من غير هذا الوجه،
وهو ئحد الأحاثيث الأربعة فى الموطاْ التى لا توجد فى غيره مسندة ولا مرسلة، ومعناه صحيح فى
ا لأصول.
(5/114)
كتاب العتق / باب إنما الولاءلمن أعتق 115 ابْنِ بِلَ!، حَدثنِى سُهيلُ بْنُ أبِى صَالِح، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: أرَادَتْ عَائِشَةُ أنْ
الاشتراط، وما تقدم أظهر لفظا ومعنى.
وفيه جواز نكاح العبد الحرة اذا رضيت بذلك لتخييرها.
قال بعضهم: وفيه دليل
على تعجيز المكاتب نفسه بغير أمر السلطان.
وقد اختلف قول مالك فى ذلك، ودليل على رضاه بالعجز على الجملة، إذ لم يأت فى الحديث ذكر عجزها ولا استبهم النبى ذلك من حالها.
وقد اختلف أئمتنا فى رضاه تعجيز نفسه وإن كان له مال.
وقال ابن شهاب وربيعة واْبو الزناد: إذا رضى بالبيع فهو عجز وجاز بيعه.
وقال مالك: لا يجوز ذلك لعجزه عن الأداء، وألا يكون له مال.
وقد تأول بعضهم عجز بريرة ولذلك استعانت بعائشة.
وفيه مما لم يذكره مسلم: أن المخيرة إذا مكنت زوجها من الاستمتاع بها انقطع خيارها ؛ لقوله: (وان قربك فلا يخار لك)، ذكره أبو داود.
وفيه جواز الشفاعة من الحاكم للمحكوم عليه، وللزوج فى رد المطلقة إذا امتنعت، وأنه لا حرج على الزوج فيما يبديه من حبها ؛ إذ لم يزجره النبى عن ذلك، وأنه لا حرج على المرأة فى الامتناع إذا كرهته وإن أضر حبها بالزوج ؛ لقوله: فرأيته يطوف خائفا يبكى.
وقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ): (اْلا أرجعتيه)، وقولها للنبى: تأمرنى ؟ فقال: (إنما اْنا شفيع) خرجه النسائى (1).
/ وفيه أن الشفاعة، وطلب الحاجة لا يكون فيما يضر ويشق إلا على وجه الإلزام، بل بالرغبة والتعرض، وفيه جواز خدمة المعتق، وفيه جواز قبول الهدية من الفقير وممن أنعم الرجل عليه العتق بقوله: (وهو لنا هدية)، وفيه إدخال الرجل فى مال من يعلم أنه يسر بإدخاله فيه وطلبه، وكله له بغير إذنه ؛ إذ ليس فى الحديث أن بريرة كانت قد اْهدته إلى النبى ( صلى الله عليه وسلم )، فلما أهدته إلى عائشة سأل، فقالوا: لحم تصدق به على بريرة، فقال: (هو لها صدقة ولنا هدية).
قال الإمام: ذكر فى حديث بريرة: ا لاها الله لا اْفعل ذلك): فيه لغتان: أحدهما: إثبات الألف، والأخرى: منعها هنا لسكونها وسكون اللام فى القاسم، فيصير اللفظ: هلا الله، بمعنى: والله.
قال القاضى: قد جاء فى المعلم، واللفظ الذى فى مسلم فقالت: ا لاها الله إذا)، قالت: فسمع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، فسألنى.
وفى اللفظ الأول إشكال ؛ إذ يدل أنها هى قالت: إن القائل بريرة وغير عائشة، وانما هو من قول عائشة فأخبرت عن نفسها بقولها اشترتها، ثم قال المخبر عنها: فقالت: لاها الله ؛ ولذلك قال بعضهم: صوابه:
(1) كتداب القضاء، بشفاعة لطاكم الخصوم قبل فصل الحكم (5417).
205 / ب
116 (5/115)
كتاب العتق / باب إنما الولاءلمن أعتق تَشْتَرِى جَارِيَة تُعْتِقُهَا، فَا+بى أهْلُهَا إِلأَ أنْ يَكُونَ لَهُمُ الوَلاَءُ، فَذَكَرَتْ فَلَكَ لِرَسُولِ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ: (لاَ يَمْنَعُكِ فَلِكِ، فَإِنَّمَا الوَلاَءُ لِمَنْ أعْتَقَ).
بالله، لكن قد وجهنا تصويب قولها: وقالت: مع أنه المذكور فى جميع النسخ.
وأما قولها: ا لاها الله إفَّاَ) فهكذا يقول هذا اللفظ المحدثون بمد هاء، وإذا به يصير صوابه: الاها الله) زائذا.
قال إسماعيل القاضى: وحكاه عن المازنى وغيره من أهل اللسان بالقصر وحذف الألف قبل الذال وغيره خطأء قال: ومعناه: ذا يمينى.
وعلى هذا وقع غيره فى الأم من روايهَ العذرى والهوزنى، وصوب اْبو زيد وغيره بالقصر والمد، قال: و(ذا) صلة فى الكلام، وليس فى كلامهم: أى الله إذ أوى.
وفى التاريخ: قال أبو حاتم: يقال: لاهاء الله، فى القسم.
والعرب تقوله بالهمزة.
والقياس تركه، والمعنى: لا والله اْقسم به، فأدخل اسم الله بين ها وذا.
وقوله: (إن شاعت أن تحتسب عليك فلتفعل) (1): معناه: تفعل ذلك احتسائا لله، وطلب الأجر لا طلب الولاء.
وقوله فى الحديث: (أعدها لهم وأعتقها) ومثله من اللفظ يدل أنه إنما اشثرى الرقبة
لا الكتابة.
قال بعضهم: وظاهره بأنها إنما أرادت أن تشترى منهم الولاء وتولى جميع الكتابه لهم.
وفى قوله: (اْعدها) قيل: فيه جواز المعاملة بالدنانير والدراهم عمدأ، إذا كانت معروفة العدد والضرب، وهذا مما لاخلاف فيه ؛ لكونها استرسال من هذا الحديث فيه بضروب ؛ إذ العادة أن العد هنا على الأواقى.
(1) حديث رقم (6) بالباب.
(5/116)
كتاب العتق / باب النهى عن بغ الولاء وهبته
117
(3) باب النهى عن بيع الولاء وهبته
16 - (1506) حدثنا يحيى بْنُ يحيى التَّمِيمِىُ، أخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ، عَنْ عبدِ اللهِ
ابْنِ !ينَار، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أن رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنْ بَيْع الوَلاَءِ وَعَنْ هِبَتِهِ.
قَالَ مُسْلِم: النَاسُ كُلُهُمْ عِيَال!، عَلَى غئدِ اللهِ بْنِ !ينَار، فِى! نَا الحَلِيثِ.
(... ) وحدئنا أَبُو بَكْر بْنُ أبى شَيْبَةَ وَزهُيْرُ بْنُ حَرْب، قَالا: حَدثنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ.
ح
ءص نص ص ه ص ه، + ص ص !حَوء، ءهَ،، 5 ص، ء!صً ه ص، 5، ص ه ص ص ص كر وحدثنا يحيى بن ايوب وقتيبة وابن حجر، قالوا: حدثنا إِسماعِيل بن جعفر.
ح وحدثنا
وقوله - عليه السلام -: (نهى عن بغ الولاء وهبته) تقدم فى الباب، وتقدم الكلام على قوله: (إنما الولاء لمن أعتق)، وعامة العلماء والسلف، وفقهاء الأمصار على أن الولاء لا يباع ولا يوهب ولا ينتقل، وهو كلحمة النسب، لا ينقل عمن ثبت له، كما لا ينقل النسب وأجاز بعض السلف من الصحابة نقله، ورأى بعضهم أن الحديث لم يبلغهم.
وفيه دليل على أن لا ولاء لمن أعتق على يديه وكملتقط اللقيط وهو قول مالك، والشافعى والثورى، والأوزاعى، وأحمد، وداود، وميراث هؤلاء إذا لم يكن لهم وارث لجماعة المسلمين، خلافًا لأبى حنيفة وأصحابه أن من أسلم على يديه رجل فولاؤه له، وهو قول الليث صربيعة، وقال يحيى بن سعيد مثله لا فيمن كان (1) من اْهل الذمة، وخلافًا لإسحاق فى قوله: (ولا اللقيط لملتقطه)، وخلافًا لأبى حنيفة - أيضئا - فى أن لكل اْحد أن يوالى من شاء فيوارثه، وحجتهما قوله: (الولاء لمن أعتق).
وهى صيغةٌ جلية (2) عند معظم أهل الأصول فى الخصر بالحكم لمن ذكر ونفيه عمن عداه، ويعبر عنها بعضهم بتحقيق المتصل وتمحيص المنفصل.
واختلف العلماء فى ولاء من أعتق سباية، فقيل: هو لجماعة المسلمين، وكأنه أعتق، وهذا قول مالك وجماعة من أصحابه وكثير من السلف، وقيل: بل ولاؤه لمعتقه، وهو قول: الحسن، والشعبى، وغيره من التابعين، وبه قال الشافعى وابن الماجشون، وابن نافع من أصحابنا.
وقال جماعة من السلف: إنه يوالى من شاء، فإن مات قبل ذلك
(1) فى الأصل: جاَ، والمثبت من س.
(2) فى س: جليلة.
118 (5/117)
كتاب العتق / باب النهى عن بيع الولاَوهبته ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدثنَا أبِى، حدثنا سُفْيَانُ بْنُ سَعيد.
ح وَحَدثنَا ابْنُ المُثَئى، حَا شَا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدثنَا شُعْبَةُ.
ح وحَدثنَا ابْنُ المُثَنَىَ، ً قَالَ: حَدىتنَا عَبْدُ الوَفَابِ، حَدىتنَا عُبَيْدُ الله.
ح وَحَدثنَا ابْنُ رَافِعٍ، حَدثنَا ابْنُ أبِى فُلَيْكٍ، أخْبَرَنَا الضخاكَ - يَعْنِى ابْنَ عثمَانَ - كُل هَوُلاَءِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ !ينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَبِىّ ( صلى الله عليه وسلم )، بمثْله.
غَيْرَ أنَ الئقَفِى لَيْسَ فِى حَدِيثِهِ عَنْ عُبيدِ اللهِ، إِلا البَيع، وَلَمْ يَذْكُرِ: الهِبَةَ.
ًً
1 / 206
فولاؤه للمسلمين، وقيل: يشترى بتركته رقاب تعتق.
واختلف فى ولاء المكاتب، والعبد يشترى نفسه من سيده / فقيل: ولاوْه لسيده، وهو قول مالك، وأكثر العلماء.
وقيل: لا ولاء عليه.
(5/118)
كتاب العتق / باب تحريم تولى العتيق غير مواليه
119
(4) باب تحريم تولى العتيق غير مواليه
17 - (1507) وحدثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدثنَا عَبْدِ الرَّزَّاقِ، 3خْبَرنَا ابْنُ جُرَيْج، أَخْبَرَنِى أَبُو الزبيْرِ ؛ أ!لهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ يَقُولُ: كَتَبَ النَّبِىُ ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَى كُلِّ بَطنٍ عُقُولَهُ، ثُمَّ كَتَبَ: (أَنَّهُ لاَ يَحِل لِمُسْلِمٍ أنْ يَتَوَالَى مَوْلَى رَجُلٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ إِذنِهِ)، ثُمَّ اخْبِرْتُ: ؟نهُ لَعَنَ فِى صَحِيفَتِهِ مَنْ فَعَلَ فَلِكَ.
18 - (1508) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حدثنا يَعْقُوبُ - يَعْنِى ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَارِىِّ - عَنْ سُهَيْل، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنَّ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنْ تَوَئَى قَوْفا بِغَيْرِ إِفنِ مَوَالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلاَدكَةِ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ عَدْل! وَلاَ صَرْتٌ).
19 - (... ) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِى الجُعْفِى، عَنْ زَائِدَفَ
عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أيِى صَالِح، عَنْ يِر هُريرَةَ، عَنِ النَبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: (مَنْ تَوَلَّى قَوْمًا بغَيْرِ إِفنِ مَوَالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللّهِ وَالمَلاَدكَةِ وَالئاسِ أجْمَعِنَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَدْل! وَلاَ صَرْت!).
(... ) وَحَدثنِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ، حَدثنَا عُبَيْدُ ال!هِ بْنُ مُوسَى، حدثنا شَيْبَانُ، عَنْ الأعْمَشِ، بِهَنَا الإِسْنَ ال غَيْرَ انَهُ قَالَ: (وَمَنْ وَالَى غَيْرَ مَوَالِيهِ بِغَيْرِ إِفنِهِمْ).
20 - (1370) وحدّثنا أبُو كُرَيْب، حدثنا أبُو مُعَاوِيَةَ، حَدثنَا الأعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهيمَ التَّيْمِىِّ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: خَطَبَنَا عَفِى بْنُ أيِى طَالِب فَقَالَ: مَنْ زَعَمَ أنُّ عِنْمَنَا شمئئًا نَقْرَاهُ إِلاَّ كِتَابَ اللهِ وَهَنِهِ الضَحيفَة - قَالَ: وَصَحِيفَة مُعَلَّقَة فِى قِرَاب سَيْفه - فَقَدْ كَذَبَ، فِيهَا أسْنَانُ الإِبِلِ، وَأشْيَاء! مِنَ الجِرَاحَاتِ.
وَفِيهَا: قَالَ النَّيِىُ ( صلى الله عليه وسلم ): َ (المًل!ينَةُ حَرَمٌ
وقوله: (وكتب - عليه السلام - على كل بطن عقوله): اى دياته، ونهيه عن تولى الرجل قومًا بغير إذن مواليه، ولعنه فاعله، وقد ذهب قوم أن المولى الأعلى إذا أذن للأسفل فى موالاة غيره جاز ؛ لظاهر الحديث.
120
(5/119)
كتاب العتق / باب تحريم تولى العتيق غير مواليه
مَا بَيْنَ عَيْر إِلَى ثَوْرٍ، فَمَنْ أحْدَثَ فِيهَا حَدكالا أوْ اوى مُحْدِئا، فَعَلَيْه لَعْنَةُ اللّه وَالمَلاَئِكَة وَالئاسِ أجْمَعِينَ، لاَ يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَوْمَ القيَامَةِ صَرْفًا وَلاَ عَدْلأ، وَفِمًّةُ المُسْلَمينَ وَاحدَه! يَسْعىَ بِهَا أ!نَاهُمْ، وَمَنِ ادَّعَى إِلىَ غَيْرِ أَبِيهِ، أوِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ، فَعًلَيهِ لَعْنَةَُ اللهِ
وقوله: ! المدينة حرام ما بين عَيْر إلى ثَوْر (1)، فمن أحدث فيها حدثا أو آوى جمحدلا) وقوله ة " لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلا): تقدم الكلام على هذه القضية فى صدر الكتاب وفى كتاب الحج (2).
قال الإمام: خرج مسلم فى باب الولاء حديئا عن الأعمش، عن أبى صالح، عن
أبى هريرة، عن النبى - عليه السلام - ثم قال بعده: وحدثنيه إبراهيم بن دينار، نا عبيد الله ابن موسى، قال: نا شيبان - يعنى النحوى أبا معاوية، وفى نسخة ابن ماهان: حدثنا إبراهيم، نا عييد الله، قال: نا سفيان، عن الأعمش، [ جعل (سفيان) بدل (شيبان!ه، والصواب: شيبان، ومثله فى المناقب: حدثنا القاسم بن زكريا، قال: نا عبيد الله بن موسى، عن شيبان، عن الأعمش] (3)، عن مالك بن الحارث، عن
(1) قال ياقوت: ذكر لى بعض أهل الحجار أن بالمدينة جبلين يقال لأحدهما: عير الوارد، والآخر: عير الصادر، وهما متقاربان، ثم قال: فى هذا لطديث (عير إلى ثور)، وهذه رواية لأ معنى لها لأن هذا ب!جماعهم غير محرم - يعنى أن ئورْا جبل بمكة معروت - قال: وقاق بعض أهل الحديث: إنما للرواية الصحيحة اْنه - عليه السلام - حرم ما بين عير أحد، وهما بالمدينة، والعير واد فى قوله:
وولد كجوت العير قفر هبطته
رلجع معجم البلدان.
قال اْبو عبيد فى الحديث: وهذا حديث اْهل العراق، وأهل المدينة لأ يعرفون بالمدينة جبلأ يقال له:
ثور، لانما ئور بمكة، فيرى أن الحديث بكا أصله: (ما بين عير إلى ئحد).
قال: سألت عن هذا أهل المدينة فلم يعرفوه...
وأما عير فبالمدينة معروت وقد ر) يته.
انظر غريب
الحديت لأبى عبيد 1 / 315، 316.
وفى النهاية: هما جبلان، أما عير فجبل معروت بالمدينة، وئما ثور فالمعروت اْنه بمكة، وفيه الغار
النى بات به للنيى ( صلى الله عليه وسلم ) لما هاجر، قال: وفى رواية قليلة: (ما بين عير واْحد) وئحد بالمدينة، فيكون ثور غلطا من الراوى د ان كان هو الأشهر واكثر.
وقيل: إن عيرأ جبل بمكة، ويكون المراد: ئنه حرم من المدينة قدر ما بيئ عير وثور من مكة، أو حرم المدينة تحريمْا مثل تحويم ما بيئ عير وثور من مكة على حذت المضاف ووصف المصدر المحذوت.
النهاية.
وفى الدر المنثور: ال ثوزا جبل بالمدينة سوى الذى بمكة، وهو صغير إلى الحمرة بتدوير خلف أحد
من جهة الشمال.
قلت: ولا وجود له ظاهر فيما رأيت بالمدينة.
(2) ولم يتعرض لتحديد مكان الجبلين هناك.
راجع كالحج، بفضل المدينة ودعاء النبى لها بالبركة.
(3) سقط من الأصل، والمثبت من س، ع.(5/120)
كتاب العتق / باب تحريم تولى العتيىّ غير مواليه
وَالملاَدكَةِ وَالنَاسِ أخمَعِنَ، لاَ يَقبَلُ اللهُ مِنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ!رْفأ وَلا عَدْلأ).
121
أبى الأحوص - الحديث فى مناقب عبد الله بن مسعود (1)، وليس عندهم فى هذا الموضع خلاف.
(1) ! يأتى فى كفضاثل للصحابة، بعن فضائل عبد للله بن مسعود وجه رضى الله تعالى عهما (113).
122
(5/121)
كتاب العتق / باب فضل العتق
(5) باب فضل العتق
21 - (1509) حقثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنَى العَنَزِىُّ، حَدَّثنَا يحيى بْنُ سَعِيدِ عَنْ عَبْدِ اللهِ
ابْنِ سَعِيد - وَهُوَ ابْنُ أى هنْد - حَدثنِى إِسْمَاعِيلُ بْنُ أبِى حَكيمِ، عَنْ سَعيدِ بْنِ مَرْجَانَةَ، عَنْ أىِ هرَيْرَةَ، عَنِ النَّبَى ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنْ أعْتَقَ رَقَبَةَ مُؤْمِنَةً، أَعْتَقَ اللهُ بِكُلَّ إِرْبٍ مِنْهَا إِر!دا مِنْهُ مِنَ النَّارِ).
22 - (... ) وحدّثن الاوُدُ بْنُ رُشمَيْدٍ، حَدثنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مُحَمَدِ بْنِ مُطَرِّفٍ
أيِى غَسثَانَ المُدَنِى، عَنْ زَيْد بْنِ أسْلَمَ، عَنْ عَلِى بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَرْجَانَةَ، عَنْ أىِ هُريرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنْ أعْتَقَ رَقَبَةٍ، أعْتَقَ اللهُ بِكُل عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوم مِنْ أعْضَائِهِ مِنَ النَّارِ، حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِه.
قوله: (من أعتق رقبة مؤمنة، أعتق الله بكل إرب منها إرئا منه من النار)، قال القاضى: الإرب بكسر الهمزة: العضو، ألا تراه كيف قال: (حتى فرجه بفرجه).
فيه فضل العتق، وأنه من أرفع الأعمال، ومما يوجب الجنة، وينجى من النار، ويكفر الخطايا الموجب عليها العقاب بالنار، وفيه حجة لمن استحب ألا يكون العبد خَصيا، اْو ناقص عضوليكمل عتق أعضاء معتقه.
وظاهر قوله: (من أعتق رقبة)، وقوله: (اْيما امرىْ[ مسلم] (1) أعتق امرأ مسلفا)[ فإنه فى كل معتق، لكن أبا داود، والترمذى والنسائى.
ذكروا حديثا عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قال: (أيما رجل أعتق رجلأ مسلما] (2)) بمعناه، (وأيما امراة أعتقت امرأة مسلمة) بمعناه، (وائما رجل أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار، يجزى كل عضو منها عظفا فى عظامه) وصححه الترمذى (3)، وعلى هذا اختلف العلماء، أيهما أفضل عتق الذكور، أو الإناث ؟ فعلى هذا الحديث قد نص على فضل عتق الذكور وجعله كفاء أنثيين.
(1) ساقطة من الأصل، وللثبت من س.
(2) سقط من الأصل واستدركت بالهامث! بسهم.
(3) أبو داود، كالعتق، بأى الرقاب أفضل ؟ (3967)، الترمذى، كالنذور والأيمان، بما جاء فى فضل من أعتق (1547)، النسائى فى الكبرى، كالعتق، بفضل العتق (1 ملا / من، ابن ماجه، كالعتق، بالعتق (2522).
(5/122)
كتاب العتق / باب فضل العتق 123 23 - (... ) وحدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا لَيْ!ث، عَنِ ابْنِ الهَادِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِى
ابْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ سَعِيدٍ بنِ مَرْجَانَةَ، عَنْ أً بِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُول: (مَنْ أعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ، عُضْوًا مِنَ النَّارِ.
حَتَى يُعْتِقَ فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ).
24 - (... ) وحدّثنى حُمْيدُ بْنُ مَسْعَلَةَ، حَدثنَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، حَا شَا عَ المُ -
وَهُوْ ابْنُ مُحَمَّدٍ العُمَرِىُّ - حَا شَا واقِد - يَعْنِى أخَاهُ - حَدثَّنِى سَعيدُ بْنُ مَرْجَانَةَ - صَاحِبُ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْن - تَالَ: سَمِعْتُ أبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (أئما امْرِفي مُسْلِبم أعْتَقَ امْرأمُسْلمًا، اسْتَنْقَذَ اللّهُ بِكُلّ عُضْو مِنْهُ، عُضْوم منْهُ مِنَ النَار لا.
قَالَ: فَانطَلَقْتُ حِينَ سَمِعْتُ الحًلِيثَ مِنْ أبِى هُرَيْرَةَ، فَذَكَرْتُهُ لِعَلِىِّ بْنِ الَحُسَيْنِ، فًا"عْتَقَ عَبْدًا لَهُ قَدْ أعْطَاهُ بِهِ ابْنُ جَعْفَرٍ عَشْرَةَ آلاَفِ !رْهَبم، أوْ ألفَ !ينَارٍ.
ومن جهة المعنى ما فى الذكر من المعانى العامة المنفعة التى لا توجد فى الإناث من الشهادة، والحكم، والجهاد، وغير ذلك مما يختص بالرجال، إما شرعًا، دإما عادةً، ولأن الغالب أن الطاعة فيهم أوجد، ولأن الرق فى الرجال الكبار أكثر من الجوارى.
[ ومن الجوارى] (1) من لا يرغب فى العتق وتضيع مع العتق وحجة الاَخر من جهة المعنى سراية (2) الحرية فيمن تلده الأنثى وتنقيله، كيف كان زوجها من حرية أو عبودية.
وقوله: (مؤمنة): يدل أن هذا الفضل ليس إلا لعتق المومنين دون غيرهم، ولا خلاف فى جواز عتق المؤمنين والفضل فيه، لكن الفضل التام، فى عتق للؤمنين.
وقد روى لمالك أن الأعلى ثمنا أفضل، دإن كان كافرأ (3)، وخالفه فيهم غير واحد من أصحابه، وغيرهم وهو أصح.
(1) فى هامث! س.
(2) قيدها الأبى: روْية، وهو وَهْم.
(3) والحجة له فيه حديث أبى داود: سئل ( صلى الله عليه وسلم ): أى الرقاب أفضل ؟ فقال: (أنفسها عند أهلها، وكثرها ثمنا).
124
(5/123)
كتاب العتق / باب فضل عتق الوالد
(6) باب فضل عتق الوالد
25 - (1510).
حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أمِ! ش!يبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب، قَالا: حَدثنَا جَرِير!،
عَنْ سُهيل، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أيِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (!لاَ يَجْزِى وَلَد والِايم إِلأَ أنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ).
وَفِى رِوَايَةِ ابْنِ أيِى شَيْبَةَ: (وَلَد والِدَهُ).
(... ) وح!ثناه أبُو كُريب، حدثنا وَكِيع.
ح وَحَدثنَا ابْنُ نُمَيْر، حَدثنَا أبِى.
وقوله: " لا يجزى ولد والدا، إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه " وفى بعض طرقه:
(ولد والده)، قأل الإمام: اختلف الناس فى عتق الأتارب إذا ملكوا (1)، فأنكره جملةً بعض اْهل الظاهر، وتعلقوا بهذا الحديث، واْثبته جمهور الأمة واختلفوا فيمن يثبت ذلك فيه، فعندنا فى المذهب ثلاثة أقوال:
المشهور منها عن مالك: أن العتق يختص بعمودى النسب.
والإخوة، ويدخل فى قولنا: (عمودى النسب) الآباء والأجداد، والأمهات والجدات وإن علوا، والولد وولد الولد دان سفلوا.
والقول الثانى: إثبات العتق فى عمودى النسب خاصة دون الإخوة، ذكره ابن خويزمند ا د.
والقول الثالث: عتق ذوى الأرحام المحرمة، ذكره ابن القصار وبما حكاه ابن خويزمنداد تال الشافعى، وبما حكاه ابن القصار قال أبو حنيفة (2).
فأما تعلق من اْنكر العتق أصلا بقوله: (إلا أن يشتريه فيعتق) وتقديره أنه لما أضاف العتق إلى الولد اقتضى أن يكون باختياره، وذلك ينفى عتقه[ عليه] (3) جبرا (4)، فإن هذا لا حجة لهم فيه ومحمله عندنا على أن يعتق باشترائه، فأضاف العتق إليه لما كان عن أمر يكتسبه ويفعله وهو الشراء.
(1) انظر: المدونة للكبرى 3 / ول ا - 200، وقد نقل سحنون عن ابن نافع، عن ابن ثبى الزناد، عن أبيه، عن السبعة ؛ أنهم كانوا يقولون: إذا ملك الولد الوالد عتق الوالد، والعكس صحيح، وما سوى ذلك من القرابات فاختلف فيه للناس، وهم سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن إسحاق، مع مشيخة من نظراثهم ئ!ل فقه وفضل.
(2) والشحسن اللخمى مذهب أبى حنيفة للحديث المذكور، ويدخل فى (ولد الولد) ولد البنت، بخلات الوصية وللتحييس على الأولاد، فإنه لا يدخل ولد البنت.
(3) ساقطة من ع.
(4) هكذا فى ع، وفى نسخ اجممال: إجبلىم.
(5/124)
كتاب العتق / باب فضل عتق الوالد 125 َ! ص،، صصعص،،، صصهـ،،، ير،، ص، 55صصصصص،، صصصصص
ح وحدثنِى عمْرو الناقِد، حدثنا ابو أَحْمَد الزبيرِى، كلهمْ عنْ سفيان، عنْ سهيْل، بِهذا ا لإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
وَقَا لُوا: (وَلَد وا لِدَهُ).
وقد خرج الترمذى، والنسائى، وأبو داود، عن سمرة أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قال: (من ملك ذا رحم محرم فهو حر) (1) وعند الترمذى: (ذات محرم)، وهذا يمنع من التعلق بالحديث الذى ذكروه /، ولو كان الأظهر فى معناه ما قدروه ؛ لأن النصوص أولى من الظواهر ؛ ولهذا الحديث حملنا قوله: (فيعتقه) على ما قلناه من التأويل، وهو الحجة للقول الذى حكاه ابنِ القصار، وقد تعلق اصحابنا بقوله تعالى: { إن كُل مَن فِي السمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلأ آقِي الزحْمنِ عَبْدًا (2) ورد بهذا إضافة الكفرة الولد إليه سبحانه وتعالى، فدل على منافاة البنوة للعبودية.
وتعلقوا فى الأخوة بقوله: { لا اَمْلِكُ إِلأ نَفْسِ! وَأَفِي} (3)، فلما استحال ملك نفسه استحال ملك أخيه.
وتعلقهم بهذه الآية فى الأخوة ضعيف، ولهذه الآى وقع الاختصار فى المذهب المشهور على عتق عمودى النسب والاكخوة لا أكثر، وكأن الحديث لم يثبت عنده، ولأجل ضعف التعلق بقوله: لا أملك إلا نفسى وأخى نفى عتق الأخوة وأثبت عتق البنوة لقوة (4) الظاهر الوارد به فى القرآن، واْثبت عتق الأبوة لقوله تعالى: { وَبِالْوَالِدَيْنِ احْسَانًا} (5)، وبقوله تعالى: { فَلا تَقُل لهُطَ اُث} (6)، وليس من الإحسان إليها ا سترقا قهما.
فهذه وجوه الأقوال الثلاثة المذكورة فى المذهب التى قال بجميعهما فقهاء الأمصار الثلاثة.
وقد اختلف المذهب عندنا، هل يفتقر عتق الأقارب إلى حكم أم لا ؟ فقيل: لا يفتقر إلى حكم لقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (من ملك ذا رحم محرم فهو حر)، وظاهر هذا الاقتصار على مجرد الملك دون الحكم، وقيل: بل يفتقر ذلك إلى حكم لاءجل اضطراب العلماء فى هذه المسألة، واختلاف المذهب فيها، فيكون حكم الحاكم رافعًا للخلاف (7).
(1) اْبو داود، كالعتق، بفيمن ملك ذا رحم محرم لا 394)، للترمذى، كالاْحكام، بما جاء فيمن ملك ذا رحم محرم (1365)، النسائى فى البهرى، كللعتؤ، بمن ملك ذا رحم محرم يعا 48 / 1).
(2) مريم: 93.
(3) 1 لما ئد ة: 5 2.
(4) فى ع: لقوله، وهو وَهْم.
(5) ا لبقرة: 83، وللنساء: 36، وا لاسراء: 23.
(6) ا ل! سرلء: 23.
(7) جاَ فى س عقبها: (تم لبزء لفام!عشرمن) صل المؤلف المتنتج منه).
206 / ب
126
(5/125)
كتاب البيوع / باب إبطال الملامسة والمنابذة
بسم الله الرحمن الرحيم
21 - كتاب البيوع
(1) باب إبطال الملامسة والمنابذة
ا - (1511) حدثنا يحيى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِىُّ قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِك، عَنْ مُحَمَّدِ
ابْنِ يَحْيَى بْنِ حبَانَ، عَنِ الأعْرَج، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى لَنِ المُلاَمَسَةِ وَا لمُنَا بَنَقِ.
(... ) وحدثنا ثُو كُريبٍ وَابْنُ أبِى عُمَر قَالا: حَدثنَا وَكِيع عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أبِى الزناد
عَنِ الأعْ!ج، عَنْ أبِى هُريرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، مِثْلهُ.
كتاب البيوع
[ قال القاضى] (1): بدأ مسلم فيه بحديث مالك عن محمد بن يحيى بن حبان فى النهى عن الملامسة والمنابذة.
ووقع عند رواة عبد الغافر الفارسى من الطريقن اللتن انتهت إلينا روايته عنهما، عن أبى عبد الله الطبرى، وأبى الفتح السمرقندى عن مالك، عن نافع، عن محمد بن يحيى بن حبان عنه بزيادة نافع، فيه خطأ محض، والحديث فى الموطأ وغيره معروف (2).
وقول الراوى: (نهى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عن بيعتيئ: عن الملامسة والمنابذة) وفسره فى الحديث بما أغنى عن إعادته، لكن فى قوله: (ويكون ذلك بيعهما من غير نظر ولا تراض) أى من غير تأمل واختيار يرضيان به بسلعتهما قبل العقد، وقد يكون معنى (تراض) اْى أن يكون ذلك على الرضا والخيار عند زوال الظلام، وبنشر الثوب على الالزام بما فعلاه من نبذ، ولمس، ولو فعلا هذا على أنه ينظر إليها بعد ويتأملها، فإن رضى أمسك[ و] (3) كان جائزا (4)، ولم يكن بيعًا منهيًا عنه.
(1) سقط من س.
(2) الموطأ، كالبيوع، بالملامسة والمنابذة 2 / 666، البخارى، كالبيوع، ببيع المنابذة للا 4 1 2)، الترمذى، كالبيوع، بما جاء فى الملامة والمنابذة (1310) وقال: حديث حسن صحيح، النسالْى،
!ك9 إلبيوع، بالملامة لا 45)، ابن ماجه، كالتجارات، بما جاء فى النهى عن المنابذة ولللامسة (3) يقتضيها السياق.
(4) وهو المسمى بالبغ على خيلى الرؤية.
الأبى 4 / 175.(5/126)
كتاب البيوع / باب إبطال الملامسة والمنابذة 127 (... ) وحدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ.
حَدشَا ابْنُ نُمَيْرِ وَأبُو اسَامَةَ.
ح وَحَدثنَا مُحَمَّدُ
ابْنُ عَبْد الله بْن نُمَيْر، حدثنا أبِى.
ح وَحَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ المُثنى، حَدشَا عَبْدُ الوَهَّابِ، كُلُهُمْ عًنْ عُبَيْدِ الله بْنِ عُمَرَ، عَقْ خُبَيْبِ بْنِ محَبْدِ الرخمَني، عَن حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ، عَنْ أن هُرَيْرَةَ، عَنِ الئبَى على، بِمِثْلِهِ.
(
.
) وحدّثناقُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَدثنَابُ !يَفنى أئقِ عبدالرخمَنِ - عَنْ سُهَيْلِ
ابْنِ !!!الِح، عَنْ ي بِيهِ، عَقْ أَ! هُريرَه، فَي ا، مئلَهُ.
2 - (
.
) وحذثنى فحَمَدُ بْنُ وَا، سعن!ثعَا محَثدُ الررأقِ، أخْبَرَنَا ابْن جُرَيْبم، أخْبَرَنِى عَمْرٌو بْنُ دِينَار عَنْ عَطَاءِ ئنِ مَبنَاءَ ؛ أنه" بَثُ عَقْ أبِى هُريرَةَ ؛ أنَهُ قَالَ:
قال الإمام: الأحاديث الواقعة فى البيوع هاهنا كثيرة، ونحن نقدم فصلا حسنا يشتمل على عقد جئد، ونطلع منه على أسرار فى الشرع.
واعلم أن العرب لبلاغتها وحكمتها، وحرصها على تأدية المعانى إلى الأفهام بأدنى ضروب الكلام، تخصصُّ كل معنى بعبارة دان كان مشاركا للآخر فى كثر وجوهه، فلما كانت الأملاك تنتقل عن أيدى مالكها بعوض وبغير عوض سموا المتنقل بعوض بيغا.
فحقيقة البيع نقل الملك بعوض (1)، ولكن المعاوضة إن كانت على الرقاب خصوها بتسمية البيع، دان كانت على المنافع خصوها بتسمية الإجارة، إلا أن تكون المنافع منافع الفروج، فخصثُوها - أيضا - بتسميتها نكاخا.
! اذا علمت حقيقة البيع ومعانى هذه التسميات فاعلم أن البيع يفتقر إلى أربعة أركان: أحدها (2): متعاقدان، ؟ من فى معناهما، وقولنا: (من فى معناهما) احتراز من
اْب عقد على ولديه أو وصى[ عقد] (3) على يتيمة.
والثانى: معقود به.
والثالث: معقود عليه.
وللرابع: العقد فى نفسه.
(1) اختلفت الطرق فى تعريف الحقاثق الشرعية، فمنهم من عرفها من حيث صدقها على الصحيح والفاسد، كتعريف البغ بأنه دفع عوض فى معوض، ومنهم من عرفها من حيث صدقها على الصحيح فقط لأنه المقصود، كما فعل الإمام هنا فى تعريف البغ، لاعتقاده اْن البغ الفاسد لا ينقل الملك وانما يتتقل شبهة
لا لك.
ا لأبى 4 / 172.
(2) فى الأصول: أحدهما، والصواب ما أثبتناه.
(3) ساقطة من المال ولعض نسخ ع.(5/127)
128 كحَاب البيوع / باب إبطال الملامسة والمنابذة نُهِىَ عَنْ بَيْعَتَيْؤ: المُلاَمَسَةِ والمُنَابَنَةِ.
أفَا المُلاَمَسَةُ فَا"نْ يَلمس! كُل وَاحد منْهُمَا ثَوْبَ صَاحبِه بِغَيْرِ تَا"فل.
وَالمُنَابَنَةُ أنْ يَنْبِذَ كُلُّ وَاحِد مِنْهُمَا ثَوْبَهُ إِلَىَ الاَخَرِ، وً لَم يًنْظُرْ وَاحِا مِنْهُمَاَ إِلًى ثَوْبِ صَاحِبهِ.
فأما المتعاقدان، فمن حقهما أن يكونا مطلقى اليد والاختيار.
فقولنا: يكونا مطلقى
اليد احترازا ممن يحجر عليه، وهم أربعة أصناف:
أحدهم: من يحجر عليه بحق نفسه وهو السفيه، ويدخل فيه المجنون والصغير والعاقل البالغ الذى لا يميز أمور دنياه.
والثانى: من يحجر عليه لحىَ غيره ممن ملك أعيان ما فى يديه كالسيد مع عبده.
والثالث: من يحجر عليه لمن يخاف أن يملك عن ما فى يديه كالمريض مع ورثته،
وقد تلحق به الزوجة مع زوجها، والمرتد مع المسلميئ.
والرابع: من يحجر عليه لحق من يملك ما فى فِقَته كالمديان مع غرمائه.
ولكن طرق الحجر تختلف مع هولاَ ونستقصى كل فصل فى موضعه إن شاَ الله.
والسفيه يمغ من البيع رأسا.
وكذلك العبد إذا شاَ سيده، وكذلك المرتد، والمديان
إذا ضرب على أيديهما، والمريض والزوجة يمنعان إذا حييا محاياةً تزيد على ثلثهما.
وعندنا اختلاث فى السفيه إذا كان مهملأ، فقيل: تمضى بياعاته، وقيل تُردَ، وقيل: تُردَ إن كان ظاهرَ السفه، وتمضى إن كان خفيه.
وكان المحققون من شيوخنا يختارون الردَ ؛ لأن السفيه المحجورَ[ عليه] (1) رُدَ بيعه اتفافا.
فكأن المحققين رأوا أن الرد من مقتضى السفه، فردوا أفعال المهمل، ورأى بعض أصحاب مالك الرد من مقتضى الحجر، فأجازوا أفعاله ؛ إذ لا حجر عليه.
والأصح عند شيوخنا أنه من مقتضى السفه ؛ لأن الحجرَ كان عن السفه، ولم يكن السفه عن الحجر، واذا كان[ الحجر عن السفه] (2) ومن مقتضاه وجب اْن يكون الرد فى السفيه المحجور عليه لاْجل السفه لا لأجل الحجر.
وكان شيخى - رحمه الله - يقول: فإن السفه علَة فى رد الأفعال، بدليل الاتفاق على رد اْفعال الصغير، والمجنون، ومن بلغ سفيهًا ولمَ يبلغ الخمسة والعشرين عافا، فإن الاتفاق على رد فعل هولاَ إذا كانوا فى الحجر وإذا ثبت رشدُ السفيه وجب تسليمُ ماله إليه، فدل ذلك على أنَ العفةَ وجود السفه، والعلة حيثما وجدت اقتضت حكمها، هذا المعنى
(1) من المال.
(2) جاءت فى نخ المال: السفه عن لطجر، والمئبت من ع وهو الصواب.(5/128)
كتاب البيوع / باب إبطال الملامسة والمنابذة 129 3 - (1512) وحئثنى أبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى - وَاللَّفْظُ لِحَرْمَلَةَ - قَالا:
الذى كان يشير إليه.
وكذلك اختلف المذهب فى المحجور عليه إذا رشد ولم يُفَلث الحجرُ عنه، هل تمضى أفعاله، وهو عكس السفيه المهمل ؟ والنظر عند شيخنا يقتضى جواز أفعاله، لوجود علة الجواز وهى الرشد، وارتفاع علة الرفض وهى السفه، وهكذا يجرى الاختلاف فى المرتد إذا باع قبل الحجر عليه، قياسئا على السفيه المهمل.
؟ الرشد عندنا المطلوب هاهنا فى تدبير الدني الإصلاحها لا فى إصلاح الدين.
وقال بعض أصحابنا: بل الرشد إصلاحهما جميعا، والأول أولى، إذا كان الفاصق ممسكا لماله مُنَحيًا له لا يتلفه فى المعاصى، ولا أعظم فسفا من الكافر، وفسقه لم يوجب ردَ بياعاته إذا تحاكم إلينا، وقد باع على الصحة من مسلم.
وقد حد ( صلى الله عليه وسلم ) الزناة، وقطع السُراق، وضرب شُرَاب الخمر، ولم ينقل إلينا أنه ( صلى الله عليه وسلم ) حجر عليهم، وهذا هو الأصح لهذا الذى قلناه ولغيره.
وأما قولنا: (مطلق الاختيار) فلأن المكره المقصور الاختيار لا يلزمه عقده ؛ لأن الله - سبحانه - أباح إظهار كلمة الكفر لذكراه، فدزَ على أن الاكراه يُصئر المكره كغير القاصد، ومن لا قصد له لا يلزمه بيعه، وقد ألزمه المخالف طلاقه وعتقه.
وهذا التعليل يرد قوله، ويرده - أيضا - قوله ( صلى الله عليه وسلم ): (رفع عن أمتى خطوها ونسيانها وما استكرهوا عليه) (1).
وأما السكران، فإن الحدود تلزمه (2).
وقد حكى بعض الناس الإجماع على أنه إذا
قَتل قُتل.
وقال بعض الناس: إنما فارق المجنونَ فى ذلك لاْنه متعذ فى شرب ما أزال عقله، ومكتسحث لما أدى إلى ذلك، فكانت أفعاله كأفعال المكتسب، القاصد، وقال بعضهم: فإن رَفع التكليف عن المجنون رخصة وتخفيف، وهذا عاصٍ بشربه، ْ "والعاصى لا يُرخَصُ له.
وأما عقوده، فإن كان طلاقًا أو عتافا فالمشهور عندنا لزوم ذلك ؛ لأن ذلك من ناحية الحدود، فألحق بها فى الحكم، وقد رويت عندنا رواية شاذة فى طلاقه أنه لا يلزم قياشا
(1) معنى حديث أخرجه ابن ماجه فى كالطلاق، بطلاق المكره والناسى عن ابن عباس، ولفظه: (إن الله وضع عن أمتى لططأ والنسيان وما اصتكرهوا عليه)، وقال فى الزوائد: إسناده صحيح إن سلم من الانقطاع، وقد أخرجه الطبرلنى عن ابن عمر بلفظ: لرضمع عن ثمتى الخطأ والنسيان وما اصتكرهوا عليه)، وقال الهيثمى: إنه فى الصغير، وفيه محمد بن مصفى، وثقه ابن حبان وغيره، وفيه كلام لا يضر، ويقية رجاله رجال الصحيح، مجمع 6 / 250.
(2) هذا إذا كان متعدئا بسكره.
130(5/129)
كتاب البيوع / باب إبطال الملامسة والمنابذة أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُوُنسُ عَنِ ابْنِ شِهَاب، أخْبَرَنِى عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أبِى وَفاصبى ؛ أن أبَا سَعِيد الخدْرِىَّ تَالَ: نَهَانَا رَسُولُ اللهِ كلق!عَنْ بَيْعَتَيْنِ وَلِبْسَتَيْنِ: نَهَى عَنِ المُلاَمَسَةِ
207 / ب
على المجنون، وسلَم بعض اْصحابنا اْنه لو صب فى حلقه الخمرُ حتى ذهب عقله اْن طلاقه لا يلزم حينئذ ؛ لاْنه غير متعد فى الشرب.
واْما بياعتُه، ففيه عندنا قولان: جمهور اْصحابنا على أنها لا تلزمه ؛ لاْنه بسكره يقصُر ميزه فى معرفته بالمصالح عن السفيه، والسفيه لا يلزمه بيعه، وإن كان يقام الحدُ عليه كما يقام على السكران.
وذهب بعض اصحابنا إلى أنه تلزمه بياعته كما تلزمه الحدود.
وأما هباته فتجرى على القولن فى بياعته.
وهذا حكم اْحد الأركان، وهو المتعاقدان.
واْما المعقود به / والمعقود عليه، فحكمهما واحد، وإنما تحسيئ التقسيم اْدى إلى إفرادهما بالذكر، وإلا فكل معقود به معقود عليه ؛ فيجب أن تعلم أن ما لا منفعة فيه اْصلأ لا يجوز العقد له ولا عليه ؛ لاْن ذلك يكون من كل المال بالباطل، ولم يقصد بالخمر ما ينتفع به إلى الهبة فيجوز له.
وهذا الذى لا منفعة فيه أصلا لا يصح ملكه إذا كان مما نهى الشرع عن تملكه كالميتة، والدم، ولحم الخنزير، والخمر، إلا أن الخمر إذا أجزنا تخليلها فقد سهل فى إمساكها للتخليل بعض اْصحابنا.
وأما ما فيه منفعة مقصودة فلا يخلو من ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يكون سائر منافعه محرمة.
والثانى: اْن يكون سائر منافعه محللة.
والثالث: أن يكون بعضها محللأ وبعضها محرما.
فإن كانت سائر منافعه محرمة صار هو القسم الأول الذى لا منفعة فيه كالخمر والميتة دان كانت سائر منافعه محللة جاز بيعه إجماغا، كالثوب والعبد، والعقار، والثمار، وغير ذلك من ضروب الأموال.
فإن كانت منافعه مختلفة فهذه المواضع المشكلات فى الأفهام ومذلة الأقدام، وفيه ترى العلماَء يضطربون واْنا كشف لك عن سره إن شاَ الله ليهون عليك اختلافهم فيه.
فاعلم أنه قد تقدم لك أصلان: جواز البغ عند تحليل سائر المنافع وتحريمه عند تحريم جميعها، فإذا اختلفت عليك فانظر فإن كان جل المنافع والمقصود فيها محرما حتى صار المحلل من المنافع كالمطرح فإن البغ ممنوع، وواضح إلحاق هذا بأحد الأصلين المتفق عليهما ؛ لأن المطرح من المنافع كالعدم، وإذا كان كالعدم صار كأن الجميع محرم.
وان كان الأمر بعكس ذلك كان الحكم بعكسه، وهو أن يكون المقصود من المنافع وجلها مباخا والمحرم مطرحًا فى المقصود، فواضح إلحاق هذا بالأصل الثانى.
وهو ما حل سائر منافعه، وأشكل من هذا القسم أن يكون فيه منفعة محرمة مقصودة مراده، وسائر منافعه سواها(5/130)
كتاب البيوع / باب إبطال الملامسة والمنابذة 131 وَالمُنَابَنَة فِى البَيعْ.
وَالمُلامَسَةُ لَمْسُ الرخلِ ثَوْبَ الآخَرِ بِيَده بالليْلِ أوْ بِالئهَارِ، وَلا يُقَلبُهُ إِلا بِنَلِكً.
وَالمُنَابَنَةُ أنْ يَنْبِذَ الرخلُ إِلَى الرخلِ بِثَوْبِهِ وَيَنْبِذَ اَلاً خَرُ إِلَيْهِ ثَوْبَهُ، وَيَكُونُ فَلِكً بَيْعَهُمَا مِنْ غَيْرِ نَظَر وَلاَ تَرَاضبى.
محلل مقصود، فإن هذا ينبغى أن يلحق[ فيه] (1) بالقسم الممنوع ؛ لأن كون هذه المنفعة المحرمة مقصودة تؤذن بأن لها حصة من الثمن، واْن العقد اشتمل عليها، كما اشتمل على سائر المنافع سواها.
وهو عقد واحد على شىء واحد لا سبيل إلى تبعيضه، والمتعاوض على المحرم منه ممنوع.
فمنع الكل لاستحالة التميز، وأن الباقى من المنافع المباحة يصير ثمنه مجهولا لو قدر جواز انفرداه بالتعاوض.
وربما وقع فى هذا النوع مسائل تشكل على العالم فيلحظ المسألة بعيئ فكرته، فيرى المنفعة المحرمة ملتبسَّاَ أمرها، هل هى مقصودة أم لا ؟ ويرى ما سواها منافع مقصودة محللة فامتنع من التحريم لأجل كون المقصود من المنافع محللأ ولا ينشط لإطلاق الإباحة لأجل الإشكال فى تلك المنفعة المحرمة أهى مقصودة أم لا ؟ فيقف هاهنا المتورع ويتساهل آخر فيقول بالكراهة، ولا يمنع ولا يحرم، ولكنه يكره لأجل الالتباس.
فاحتفظ بهذا الأصل فإنه من مذهبات العلم ومن قتله علمًا هان عليه جميع مسائل الخلاف الواردة فى هذا الباب وأفتى[ وهو] (2) على بصيرة فى دين الله.
ويكفيك من أمثلة هذا الباب على اتساعها وكثرتها ما وقع لأصحابنا من الاختلاف فى
بيع كلب الصيد، فإنه من لم يسمع فيه حديثًا فى النهى عن بيعه، واستعمل هذا الأصل خرج له حكمه فيه، فيقول: فى الكلب من المنافع كذا وكذا، ويعدد سائر منافعه، ثم ينظر هل جميعها محرم فيمنع البيع ؟ أو محلل فيجيز البغ ؟ أو مختلفة فينظر هل المقصود المحرم اْو المحلل، ويجعل الحكم للغالب على ما بسطناه ؟ اْو يكون منفعة واحدة محرمة خاصة وهى مقصودة فيمنع على ما بيناه اْو ملتبس كونها مقصودة فينف اْو يكره على ما بيناه ؟ والعرض على هذا الأصل هو سبب اضطراب أصحابنا فيه وكذلك بيع النجاسات ليذبل بها النبات ما وقع فيه فى المدونة، وفى الموازية ولابن القاسم ولأشهب على هذا الأصل يعرض ومنه يعرف الحق فيه.
وقد نبه ( صلى الله عليه وسلم ) بأحسن عبارة، واْقرب اختصار على هذا المعنى الذى بسطناه بقوله: ( صلى الله عليه وسلم ) /
فى الخمر: (إن الذى حرم شراءها حرم بيعها)، ومن كلامه ( صلى الله عليه وسلم ) اقتضينا هذا الذى هو الأصل العظيم، وذلك أنه أشار إلى أن المنفعة المقصودة من الخمر هى الشرب لا كثر،
(1) ساقطة من ع.
(2) ساقطة من الأصل، والمثبت من ع.
208 / أ(5/131)
132 كتاب البمِوع / باب إبطال الملامسة والمنابذة ص ص لكل ص ه ! ص، ص يرص 5،، 5، 5 ص ص ه ص ه ص سر، ص ه
(... ) وحدثنيه عمرو والناقد، حدثنا يعقوب بن إِبراهِيم بنِ سعد، حدثنا ابِى عن صَالِح، عَنِ ابْنِ شَهًابٍ، بِهَنَا الإَسْنَادِ.
فإذا حرمت حرمت المعاوضة ؛ لأن المشترى منعه الشرع من الانتفاع بها، فإذا بذل ماله وهو مطيع للشرع فى ألا ينتفع بها، فقد سفه وضل رشده، وصار من أكل المال بالباطل، وهكذا - أيضا - نبه على هذا فى الحديث الاَخر ؛ الذى لعن فيه اليهود لما حرم عليهم الشحم فباعوه وكلوا ثمنه (1) ؛ لأن الشحم المقصود منه اجل، فإذا حَرُم حَرم الثمن، فهذا من وضوحه كاد يلحق بالعقليات ؛ ولهذا قال: ا لعن اليهود حرمت عليهم ا لشحوم 11 لحديث.
وقد نبه ( صلى الله عليه وسلم ) على القسم الآخر المشكل لأنه لما قيل له فى شحم الميتة: يا رسول الله،
إنما نطلى بها السفن (2)، فأورد ما دل على المغ من البيع ولم يعذرهم بذلك، ولا أباح البيع لاعتلالهم له، ولحاجتهم إليه فى بعض المنافع.
فهذا على طريقة من يجيز استعمال ذلك فى مثل هذه المواضع، فتكون بعض المواضع محللة.
و لكن المقصود الذى هو الأصل محرم، فلم يرخص فى البيع لذلك.
ويلحق بهذا المعنى بياعات العزر لأنه قد لا يحصل المبيع فتصير المعاوضه على غير منتفع به ويلحق بالقسم الأول الذى هو المعاوضة على ما لا منفعة فيه أصلأ وقد تقدم، ولكن ذلك يكون عدم المنفعة فيه تحقيفا، وهذا يكون عدم المنفعة فيه تقديرًا وتجويزًا.
وأما العقد فمن شرطه أن يخلص عن المنهيات كلها، وهى محصورة فيما تقدم وفيما
شذ منه مما يرجع إلى أصول اخر ؛ كالنهى عن العقد عند صلاة الجمعة، إلى غير ذلك مما نبه عليه إن شاَ الله عند وروده فى أحاديث هذا الباب، نستقصى كل فصل فى موضعه إن شاء الله تعالى.
(1) البخارى، كالبيوع، بلا يذاب شحم الميتة ولا يباع ودكه (2224) 3 / 07 1، وسيأتى فى مسلم، كالمساقاة، بتحريم بيع الخمر ولليتة والخنزير والأصنام (72)، مالك، كصفة النبى ( صلى الله عليه وسلم )، بجامع ما جاَ فى الطعام والشراب 2 / 1 93 للا 2)، أحمد 7 / 2 1 1.
(2) للبخارى، كالبيوع، ببيع الميتة والأصنام (2236) 3 / 0 1 1، مسلم، كل!س!قاة، بتحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام (71)، لبو دلود، كالبيوع، بفى ثمن لطمر والميتة للأ 348)، الترمذى، كالبيوع، بما جاء فى بيع جلود الميتة والأصنام (1297) وقال: حديث حسن.(5/132)
كتاب البيوع / باب بطلان بيع الحصاة، والبيع الذى فيه غرر
133
(2) باب بطلان بيع الحصاة، والبيع الذى فيه غرر
4 - (1513) وحئثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا عَبْدُ الله بْنُ إِدْرِش! وَيَحْىَ بْنُ سَعِيد وَأبو أسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللْهِ.
ح وَحَدثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب - وَالَلَّفظُ لَهُ - حَدثنَا يحيى ابْنُ سَعِيد عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، حَدثنِى أبُو الزَنَاد، عَنِ الأعْرجَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ بَيعْ الحَصَاةِ، وَعَنْ بَيْع الَغَرَرِ.
قال الإمام: وقوله: (نهى ( صلى الله عليه وسلم ) عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرر)، وفى حديث اَخر: (نهى عن بيع حبل الحبلة)[ وفسره ابن عمر فى الحديث] (1) أن أهل الجاهلية كانوا يتبايعون لحم الجزور إلى حبل الحبلة، وهو أن تنتج الناقة ثم تحمل التى نتجت، فنهاهم - عليه السلام - عن ذلك.
قال القاضى: وهذا من الغرر فى الأصل، وهذا تأويل مالك والشافعى فى الحديث،
وقد جاء فيه بتفسيره مأخوذ أن يبيع حبل الحبلة نفسه إلى نتاج النتاج قد يكون - أيضًا - من هذا، أو من بيع ما ليس عنده له ومن بيع الأجنة وبيع أمها الحامل بمعرفته، وهو تأويل أحمد وإسحق، وأبى عبيد، وهو الذى يدل عليه الحديث الاخر.
والنهى عن الملاقيح والمضامين، وحبل الحبلة، قال أبو عبيد (2): المَجْر ما فى بطن الناقة، والثانى حبل الحبلة، وقيل: هو بيع الأجنة، وما فى بطون الأمهات وهو الحبلة، جمع حبلة، والحبل يختص ببنى آدم وفى غيرهم حمل.
قال أبو عبيد: لا يقال لشىء من الحيوان حبل، إلا ما جاء فى هذا الحديث.
وقال المبرد: معنى (حبل الحبلقه عندى: حمل الكرمة قبل أن تبلغ، والحبلة الكرمة بسكون الباء وفتحها.
قال الأخفش الحبلة جمع حابل يقال: حبلت المرأه فهى حابل، ونهى عن بيع حمل الحوامل.
وقال ابن الأنبارى: الهاء فى حبلة للمبالغة، كقولهم: مسخرة.
ورواه بعضهم حبل الحبلة بسكون الباء، والصواب الفتح فى الاسم والمصدر.
قال الإمام: تضمنت هذه الأحاديث النهى عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر، وعن بيع
حبل الحبلة: فأما الغرر فهو اسم جامع لبياعات كثيرة، منها هاتان البيعتان: بيع الحصاة وحبل الحبلة، على اْحد التأويلات فيها، فأما الغرر وبما تردد فبيئ السلامة والعطب وما فى معنى ذلك ؛ وذلك أنه يلحق بمعنى إضاعة المال لأنه قد لا يحصل المبيع، ويكون بذل
(1) فى ع: قال لبن عمر.
(2) لنظر: غريب الحديث 1 / 206.
208 / ب
134(5/133)
كتاب البيوع / باب بطلان بغ الحصاة، والبيع الذى فيه ض ر ماله باطلأ.
وقد نبه ( صلى الله عليه وسلم ) على هذه العلة بقوله فى بغ الثمرة قبل الزهر: (أرأيت إن منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم ممال اْخيه).
وقد رأينا العلماَء اْجمعوا على فساد بعض بياعات الغرر واْجمعوا على صحة بعضها، واختلفوا فى بعضها.
فيجب أن يبحث عن الأصل / الذى يعرف منه اتفاقهم واختلافهم، فنقول: إنا لما راْيناهم اجمع على منع بغ الأجنة، والطير فى الهواء، والسمك فى الماء، ثم رأيناهم أجمعوا على جواز بغ الجبة دان كان حشوها مغيبًا عن الأبصار، ولو بغ حشوها على انفراده لم يجز، وأجمعوا على جواز إجارة الدار مشاهرة، مع جواز أن يكون الشهر ثلاثين أو تسعًا وعشرين، وأجمعوا على دخول الحمام، مع اختلاف الناس فى استعمال الماء وطول لبثهم فى الحمام، وعلى الشرب من الساقى، مع اختلاف عادات الناس فيه - أيضا - قلنا: يجب اْن يفهم عنهم أنهم منعوا بغ الأجنة لعظم غررها وشدة خطرها، وأن الغرر فيها مقصود يجب أن يفسد العقود.
ولما رأيناهم أجمعوا على جواز المسائل التى عددناها، قلنا: ليس ذلك إلا لأن الغرر فيها نزر يسير غير مقصود، وتدعو الضرورة إلى العفو عنه.
فإذا أثبت هذا ووضح ما استنبطناه من هذين الأصلين المختلفين قلنا: يجب ان ترد جميع مسائل الخلاف الواقعة بين فقهاَ الأمصار فى هذا المعنى إلى هذا الأصل، فمن أجاز قدر أن الغرر فيما سئل عنه غير مقصود، وقاسه على ما تقدم.
فمن مغ قدر أن الغرر مقصود، وقاسه على ما تقدم أيضا.
وأما بغ الحصاة فاختلف فى تأويله اختلافًا كثيرًا.
واحسن ما قيل عنه تأويلات منها:
أن يكون المراد أن يبيع من أرضه قدر ما انتهت إليه رمية الحصاة.
ولا شك اْن هذا مجهول لاختلاف قوة الرامى، وعوائق الرمى.
وقيل: معنل!: أى ثوب وقعت عليه حصاة رمى فهو المبيع.
وهذا - أيضا - مجهول، كا لأول.
وقيل: معناه: ارم بالحصاة، فما خرج كان لى بعدده دنانير أو دراهم، وهذا - أيضا - مجهول.
هذه ثلاث (1) تأويلات تتقارب وكلها يصح معها المغ.
وقد قيل تأويل رابع وخامس، قيل: معنل!: أنه إذا أعجبه الثوب ترك عليه حصاة.
وهذا إذا كان بمعنى الخيار، وجعل ترك الحصاة علمًا على الاختيار لم يجب أن يمنع، إلا أن تكون عادتهم فى الجاهلية أن يضيفوا لذلك أموزا تفسد البيع، ويكون ذلك عندهم معروفًا ببيع الحصاة، مثل أن يكون متى ترك حصاه - د ان كان بعد عام - وجب له البيع فهذا فاسد.
وقيل - أيضا -: كان الرجل يسوم الثوب وبيده حصاة، فيقول: إذا سقطت
(1) فى س: عدة، والمثبت من ع.(5/134)
كتاب البيوع / باب بطلان بيع الحصاة، والبيع الذى فيه غرر
135
من يدى فقد وجب البيع، وهذا - أيضا - إن كان معناه: إذا سقطت باختياره وجب البيع، فهذا بيع الخيار، إذا وقع على صفة بيع الخيار ؛ من مراعاة أجله وغير ذلك، إلا أن يكون الثمن لم يقدراه، وسقوطها من يده او بوضعه إياها على التأويل الذى قبله يجب البيع، ولكن على القيمة وهى مجهولة فيمنع هذا للجهالة بالثمن.
وقد يكون هذا هو المعنى فى القولن الآخرين.
136(5/135)
كتاب البيوع / باب تحريم بيع حبل الحبلة
(3) باب تحريم بيع حبل الحبلة
5 - (1514) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، قَالا: أخْبَرَنَا اللَيْثُ.
ح وحدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث، عن نافِعٍ، عن عبد الله، عن رسولِ اللّه كلية ؛ انهُ نَهى ص ص صر!حوص، 5، ص ص صض صء ص ه ص ص ه ص ص ه ص، ا -، ء ص عَنْ بيع حَبَلِ الحَبَلَةَ.
ًً
6 - (... ) حدّثنى زهُيْرُ بْنُ حَرْب وَمُحَمَدُ بْنُ المُثَنّى - وَاللفْظُ لِزُهَيْرٍ - قَالا: حَدثنَا يحيى - وَهُوَ القَطَانُ - عَنْ عُبثد الئًه، أخْبَرَنى نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
قَالَ: كَانَ أهْلُ الجَاهِلِئةِ يَتَبَايَعُونَ لَحْمَ الجَزُور إلى حًبَلَ الحَبَلَةِ.
وَحَبَلُ الحَبَلَةِ أنْ تنتَجَ الئاقَةُ ثُمَ تَحْمِلَ الَتِىِ نُتِجَتْ، فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ فَلِكَ.
واْما بيع حبل الحبلة، فقيل فيه تأويلان:
أحدهما: أن المراد ما حكاه مسلم من تفسير ابن عمر - رضى الله عنه - أن البيع
إلى نتاج نتاج الناقة، فيكون ذلك تنبيها على أن الثمن - د ان كان معلوما فى نفسه وجنسه - فإنه توثر فيه الجهالهّ ببعض صفاته، ويصير هذا اْصلأ فى النهى عن البيع بثمن إلى أجل مجهول.
وقد اختلف المذهب عندنا فى مسائل كالبيع إلى العطاء، وهو خلاف فى حال لا خلاف فى فقه، فمن أجاز البيع إلى العطاء راة معلومًا فى العادة، ومن أباه رآه يختلف فى ا لعا دة.
والتأويل الثانى: اْن يكون المراد ببيع نتاج نتاج الناقة، فيكون ذلك جهلاً بالمبيع وصفته وفيه - اْيضا - الجهالة بزمن تسليمه، وكل ذلك ممنوع.
والهاء فى حبل الحبلة للمبالغة.
قاله ابن الأنبارى وغيره.(5/136)
كتاب البيوع / باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه
.
إلخ 137
(4) باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه، وسومه على سومه
وتحريم النجش، وتحريم التصرية
7 - (1412) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِك عَنْ نَافِعِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أن رَسُولَ اللهِ كله قَالَ: (لاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بيع بَعْض!).
8 - (... ) حدثنا زُهيْرُ بْنُ حَرْب وَمُحَمَدُ بْنُ المُثنى - وَاللَفْظُ لِزُقئرِ - قَالا: حَا شَا
يَحْىَ عَنْ عُبَيْد الله، أخْبَرَنِى نَافِع عَنِ ابْنَ عُمَرَ، عَنِ النَّيِى ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: (لاَ يَبِع الرخلُ عَلَى بَيعْ أخِيهِ، وَلاً يَخطُبْ عَلَى خِطبَةِ أخِيهِ، إِلأَ أنْ يَكَ نَ لَهُ).
9 - (1515) حدّثنا يَحْيَى بْنُ أثوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد وَابْنُ حُجْر، قَالُوا: حَدثنَا إِسْمَاعيلُ - وَهُوَ ابْنُ جَعْفَر - عَنِ العَلاَءِ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أَن2 رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (َلاَ يَسُم المُسْلِمُ عَلَى سَوْم أخِيهِ).
ص ص !5، 5 ص ص يرَيرَ!َ، يرً محص
10 - (... ) وحدثنِيهِ أحْمَدُ بن إِبراهِيم الدوْرقِى، حدثنى عبْد الصمد، حدثنا شُعْبَةُ، عَنِ العَلاَء وَسُهَيْلِ عَنْ أبيِهِمَا، عَنْ أن هُرَيْرَةَ، عَنِ الئبِىَِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
ح وَحَا شًاهُ مُحَمَدُ ابْنُ المُثَنَّى، حَدبرَشَا عَبْدُ الضَمَدِ، حَدعشَا شُعْبَةُ، عَنْ الأعْمَشِ، عَنْ أبِى صَالِحِ، عَنْ أيِى
قمال للقاضى: ذكر مسلم حديث النهى عن سوم الرجل على سوم أخيه، والخطبة على خطبته، وعن النجش، وعن بيع حاضر لباد، وعن سوال المرأة طلاق أختها.
وقد تقدم الكلام على هذا فى النكاح فسبق هناك.
وقوله فى الباب: نا أحمد بن إبراهيم الدورقى، نا عبد الصمد، نا شععبة عن العلاء، وسهيل عن أبيهما.
كذا الرواية عند جميع شيوخنا بكسر الباء، وليس بصواب، إذ ليسا بأخوين، ووقع فى بعض الروايات: ! عن أبويهما)، وهو / الصواب.
قال بعضهم: ا لعله عن أبيهما) لغة بعضهم فى تثنية أب، وقد سبق مثله فى كثاب النكاح.
وبعده: وحدثنا محمد بن المثنى، ثنا عبد الصمد، نا شععبة، عن الأعمش، عن أبى صالح، عن أبى هريرة، عن النبى - عليه السلام.
وبعده حديث عبد الله بن معاذ، ثبت هنا فى الحديث، هكذا قيل حديث عبيد الله للسمرقندى، والطبرى والسجزى وسقط لغيرهم.
1 / 209
138(5/137)
كتاب البيوع / باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه...
إلخ هُرَيْرَةَ، عَنْ النَبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ).
ح وَحَدشَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذ، حَدثنَا أبِى، حَدثنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدىّ - وَهُوَ ابْنُ ثَابِتٍ - عَنْ أن حَازِمٍ، عَنْ أن هُريرَةَ ؛ أًن رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى أنْ يَسْتَامَ الرخلُ عَلَى سَوْم أخِيهِ.
وَفِى رِوَايَةِ الدَ!رَقِن: عَلَى سِيَمة أخِيهِ.
11 - (... ) حئثنا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَاتُ عَلَى مَالك عَنْ أبِى الزنادِ، عَنِ الأعْرَج، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (لاَ يُتَلَقَىَ الركبَانُ لِبَيْع، وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى تئع بَعْضٍ، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ يَبِعْ حَاضِركبَاد، وَلاَ تُصَرُّوا الإبِلَ والغَنَمَ، فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلكَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ، بَعْدَ أنْ يَحْلُبَهًاً، فَماِنْ رَضِيَهَا أمْسًكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَفَ!ا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ ).
12 - (... ) ! دّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذ العَنْبَرِى، حَدثنَا أبِى، حَدثنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدىّ -
وَهُوَ ابْنُ ثَابتٍ - عَنْ أبِى حَازِمٍ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنِ الَتَلَفى لِلركْبَانِ، وَأَنْ يَبيِعَ حَاضِز لبَادٍ، وَأنْ تَسْاكلَ المَرْأةُ طَلاَقَ اخْتِهَا، وَعَنِ النَجْشِ، وَالتَّصْرِيَفِ وَأنْ يَسْتَامَ الرخلُ عَلَى سَوْمَ ثخِيهِ.
(... ) وَحَدثنِيهِ أبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ، حَدثنَا غنمَر.
ح وَحَدثنَاهُ مُحَمَدُ بْنُ المُثنى، حَدشَا
وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ.
ح وَحَدثنَا عَبْدُ الوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ ة حَدثنَا أبِى، قَالُوا جَمِيعًا: حَدثنَا شُعْبَةُ، بهَنَما الإِسْنَادِ.
فِى حَلِيثِ غندَرٍ وَوَهْبٍ: نُهِىَ.
وَفِى حَدِيثِ عَبْدِ الصَّمَدِ: اُّن! رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى.
بِمِثْلِ ! دِيثِ مُعَاذٍ عَنْ شُعْبَةَ.
13 - (1516) حدثنا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنِ الئجْشِ.
وقوله: (اْلا يُتلقى الركبان لبيع، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا تناجشوا،
ولا يبع باد لباد، ولا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين) الحديث.
قال الإمام: تضمن هذا الحديث النهى عن خمسة فصول تكلمنا فيها على ثلاثة[ فيما
تقدم عند الكلام على الخطبة وهى البيع على بيع أخيه، والنجش، ولا يبع حاضر لباد] (1)، ونتكلم هاهنا على الفصلين الباقين: التلقى، والمصراة.
(1) سقط من الأصل، والمثبت من ع.(5/138)
كتاب البيوع / باب تحريم تلقى الجلب
139
(5) باب تحريم تلقى الجلب
14 - (1517) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَا لنَا ابْنُ أبِى زَائِلةً.
ح وَحَدثنَا ابْنُ المُثنى، حَا شَا يحيى - يَعْنِى ابْنَ سَعِيد - ح وَحَدثنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدثنَا أبِى، كُلهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أنّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى أَنْ تُتَلَقَّى السِّلَعُ حَتَّى تَبْلُغَ الأسْوَاقَ.
وَهَذَا لَفْظُ ابْنِ نُمَيْرٍ.
وَقَالَ الاَخَرَانِ: إِنَّ النَّبِىَّ كلتا نَهَى عَنِ التَّلَفى.
(... ) وحدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ لَاسْحَاقُ بْنُ مَنْصُور، جَمِيفا عَنِ ابْنِ مَهْدِئ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّيَىّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِ حَلِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ.
15 - (1518) وحدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أن شَ!مَةَ، حَدثنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُبَارَك، عَنِ التَّيْمِىّ،
فأما التلقى، فإن النهى عنه معقول المعنى، وهو ما يلحق الغير من الضرر، ولكن يقدح هاهنا فى نفس المتأمل معارض فنقول: المفهوم من منع بيع الحاضر للبادى ألا يتلقى للبادى وأن يوجر السبيل لغبنه، والمفهوم من النهى عن التلقى: ألا يغبئ البادى، بدليل قوله هاهنا: (فإفا أتى سيده السوق فهو بالخيار).
والإشكال عن هذا: اْنا كنا قدمنا أن الشرع فى مثل هذه المسألة وأخواتها بنى على مصلحة الناس، والمصلحة تقتضى أن ينظر للجماعة عن الواحد، ولا يقتضى أن ينظر للواحد على الواحد.
ولما كان البادى إذا باع بنفسه انتفع سائر أهل السوق، فاشتروا ما يشترونه رخيصًا وانتفع به سائر سكان البلد تضطر لأهل البلد عليه.
ولما كان إنما ينتفع بالرخص المتلقى خاصة، وهو واحد فى قبالة الواحد الذى هو البادى، لم يكن فى إباحة التلقى مصلحة، لاسيما وتضاف إلى ذلك علة ثانية ؛ وهى لخوف الضرر بأهل السوق فى انفراد اتملقى عنهم بالرخص، وقطع المواد عنهم كثر من المتلقى فنظر لهم عليه، وعادت المسألة إلى المسألة الأولى، فصار واحلًا، وانقلب ما ظنه انطلق فى هذا من التناقض بأنه صارا مثلين يوكد بعضها بعضا.
وقد اختلف المذهب عندنا فيمن لم يقصد التلقى ولم يبرز إليه خارج المدينة، بل مر به على بابه بعض البُداة، هل يشترى منه ما يحتاج إليه قبل وصوله إلى السوق ؟ قيل بالمغ لعموم الحديث، وقيل: الجواز لاْن هذا لم يقصد الضرر ولا الاستبداد دون أهل السوق، فلم يمنع، وقد جعل له فى بعض هذه الطرق هاهنا الخيار إذا جاء السوق ولم يفسخ البيع، لما كان النهى لحق الخلق لا لحق الله سبحانه.
وقوله: ثبت عنده هذه الزياثة، ورأى أن النهى يدل على فساد المنهى عنه فسخ البيع.
140(5/139)
كتاب البيوع / باب تحريم تلقى الجلب عَنْ أن عثمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ انَهُ نَهَى عَنْ تَلَقِّى البُيُوع.
16 - (1519) حدثنا يحيى بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ هشَامِ، عَنِ ابْنِ سيرِينَ،
عَنْ أن هُرَيْرَةَ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أنْ يُتَلقَى الجَلَبُ.
17 - (... ) حدّثنا ابْنُ أبِى عُمَرَ، حَدثنَا بْنُ هِشَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِى هشَام! القُرْ! وسِىُّ عَنِ ابْنِ سِيريِنَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: إِن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَاً: (لاَ تَلَقوُا الجَلَبَ، فَمَنْ تَلَقَاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ، فَإِفَا أَتَى ستتدُهُ السئُوقَ، فَهُوَ بِالخِيَارِ).
وفى ذلك اضطراب فى المذهب.
وفى هذا الحديث من الفوائد أيضا إثبات الخيار للمغبون ؛ لاْنه إذا ثبت أن النهى عن التلقى لا لئلا يغبئ الجالب، لم يكن لإثبات الخيار له معنى إلا لأجل الغبئ، أو لأنه يرجو الزيادة فى السوق.
قال القاضى: وقوله فى الحديث الآخر: (نهى أن يتلقى الجلب) بمعنى الأول، ما يجلب للأمصار غيرها.
واختلف أبو حنيفة فى هذا، فلم يأخذ بهذا الحديث، وأجازوا التلقى إلا أن يضر بالناس فيكره، وقال الأوزاعى مثله.
واختلف فيه إذا وقع، فعن مالك وبعض أصحابه: أنه ينهى ولا تنتزع منه شىء، ورأى بعض اْصحابنا فسخ بيع التلقى.
والشافعى وأحمد يريان للبالْع الخيار كما جاء فى الحديث.
ومال إليه بعض أصحابنا، والمشهور عن مالك، وأكثر أصحابه، أو يعرض على أهل السوق فإذا لم يكن سوق قليل المصر يشترك فيها من شاء.
وقال الإصطخرى: إنما يكون البائع بالخيار إذا اضتريت بأقل من ثمنها.
واختلف عندنا فى حد التلقى الممنوع، فعن مالك: قوامة ذلك على مسيرة يومين.
وعن مالك تخفيفه وإباحته على ستة اْميال، ولا خلاف فى منعه إذا كان قرب الضرر وأطرافه.
وقال بعض المثأخرين: وكذلك يجوز تلقيها فى اْول السوق لا فى خارجه، وكذلك إذا لم تكن فى السلعة عيوب فشراؤها إذا دخلت البلد جائز وإن لم يبلغ أسواقه فلا.(5/140)
كتاب البيوع / باب تحريم بيع الحاضر للبادى
141
(6) باب تحريم بيع الحاضر للبادى (1)
18 - (1520) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَعَمْرٌ والنَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب، قَالُوا: حَدثنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَعيدِ بْنِ المُسَيَّبِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: (لاَ يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَاد).
وَقَالَ زُقير: عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أَتهُ نَهَى أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَاد.
19 - (1521) وحدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعبدُ بْنُ حُمَيْد، قَالا: حَدثنَا عَبْدُ الرَّزَّاق، أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُس، عَنْ أبيه، عَنِ إبْنِ عَبَّاس، قَاذَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أن تُتَلَقَّى الرُّكْبَانُ.
، وَأنْ يَبِيعَ حَاضِز لِبَادٍ*
قَالَ: فَقُلتُ لاِبْنِ عَئاسٍ: مَا قَوْلُهُ: حَاضِزلِبَادٍ ؟ قَالَ: لاَ يَكُنْ لَهُ سِمْسَازا.
20 - (1522) حدغنا يحيى بْنُ يحيى التَّميمى، أخْبَرَنَا أبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ أبى الزبيْر،
ص ه ص ص ص حمر 5 ص، 5،،، ص ص حمل، ص ! ص حمر،، يوص ه صَ ص ص صَ ص عن جابِر.
ح وحدثنا أحمد بن يونس، حدثنا زهير، حدثنا ابو الزبيرِ عن جابِرٍ، قال: قال رَسُولُ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ): (لاَ يَبِعْ حَاضِزلِبَاد، دَعُوا الئاسَ يَرْزُقِ اللهُ بَعْضَهُمُ مِنْ بَعْضٍ ).
غَيْرَ أن فِى رِوَايَةِ يحيى: (يُرْزَقُ).
(... ) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبى شَيْبَةَ وَعَمْزو الئاقدُ، قَالا: حَدثنَا سُفْيَانُ بْنَ عُيَيْنَةَ، عَنْ
أن الزْبيرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّى ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
21 - (1523) وحدّثنا يحيى بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا هُشَيْثم، عَنْ يُونُسَ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ.
قَالَ: نُهِينَا أنْ يَبِيعَ حَاضِزلِبَاد، وَإِنْ كَانَ أخَاهُ أوْ أبَاهُ.
22 - (... ) حدثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثنى، حَدىثنَا ابْنًُ أبِى عَدِئ، عَنِ ابْنِ عَوْدط، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ انسٍ.
ح وَحَدثنَا ابْنُ المُثنى، حَا لنَا مُعَا ؟، حَا لنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَد، قَالَ: قَالَ: أًنَسُ بْنُ مَالِكٍ: نُهِينَا عَنْ أنْ يَبِيعَ حَاضِزلِبَاد.
(1) سبق الحديث عنه فى كللنكاح، باب تحريم لفطبة على خطبة أخيه.
209 / ب
142(5/141)
كتاب البيوع / باب حكم بيع المصراة
(7) باب حكم بيع المصراة
23 - (1524) حدثنا عبدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَب، حَدثنَا دَاوُدُ بْنُ قَيْس عَنْ مُوسَى
ابْنِ يَسَار، عَنْ أن هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنِ اشْتَرَى شَاة مُصَرّاة فَليَنْقَلِبْ بِهَا، فَليَخْثبهَا، فَإِنْ رَضِىَ حِلاَبَهَا أمْسَكَهَا، وَإِلَأَ رَدَهَا وَمَعَهَا صَاع مِنْ تَمْربا.
24 - (... ) حدئمنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدطحدَثنَا يَعْقُوبُ - يَعْنِى ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَارِى -
عَنْ سُهَيْل، عَنْ أبيه، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أن رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنِ ابْتَاعَ شَاة مُصَراة فَهُو فِيهَا بِالخِيَارِثَلاًثةَ أَيَّاَم، إِن شَاءَ أمْسَكَهَا صاِنْ شَاءَ رَ!ا، !رَدَّ مَعَهَا صَاغا مِنْ تَمْر).
وقوله: (ولا تصروا الإبل) كذا ضبطنا هذا الحرف / على المتقنن من شيوخنا: (تُصَرّوا) بضم التاء وفتح الصاد المهملة وتشديد الراء وواو وألف وفتح لام (الإبل) (1) على المفعول.
وكان بعضهم - وهو شيخنا اْبو محمد بن عتاب - وحكاه لنا عن اْبيه يقول: الالتصريقأ ليقرب نهمه على الطلبة، مثل: { فَلا تزَكوا اَنفُسَكُم (2)، وهو الصواب على مذهب الكافة فى شرح المصراة واشتقاقها.
وذِكْره فى الحديث الاَخر التصرية، يدل أنها من الجمع من الصرر، من صرى لا من صر.
وقد رويناه عن بعضهم فى غير مسلم: (تَصُروا الإبل) بفتح التاء وضم الصاد من الصر.
وعن بعضهم بضم لام (الإبل) و(تصر) بغير واو بعد الراء على ما لم يسم فاعله من الصر أيضا، وهو لذلك على تفسير الشافعى ومن اتبعه.
قال الإمام: معناه: لا تجمعوا اللبن فى ضرعها حتى يعظم، ومنه: صريت الماء فى الحوض، أى جمعته.
والصراة: المياه المجتمعة، وصرر الماء فى الظهر: إذا حبسه سنين لا يتزوج.
واْهل اللغة يقولون: لا تصروا.
وقد اختلف عن مالك، فقيل عنه مثل هذا، وما وقع فى الحديث الذى ذكرناه من ذكر المحفلة.
والمحفلة: هى المصراة بعينها، سميت محفلة لاْن اللبن جعل فى ضرعها، وكل شىء كثرته فقد حفلته، ومنه قيل: احتفل القوم: إذا كثروا أو اجتمعوا.
قال القاضى: قال الخطابى: اختلف أهل العلم واللغة فى تفسير المصراة، ومن اْين أخذت واشتقت، فقال الشافعى: التصرية: أن تربط أحلاب الثاقة والشاة ويترك حلبها
(1) تقدم برقم (11).
(2) للنجم: 32.(5/142)
كثاب البيوع / باب حكم بيع المصراة 143 25 - (...
! حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ بْنِ أبِى رَوَّاد، حَدثنَا أبُو عَامِر - يَعْنِى العَقَدِى - حَدىتنَا قُرة، عَنْ مُحَمَد، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَبِىّ! ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنِ اشْتَرَى شَاة
اليومن والثلاثة حتى يجتمع لبنها، فيزيد مشتريها فى ثمنها ؛ لما يرى من ذلك.
وقال أبو عبيد: إنه من صرى اللين فى ضرعها، بمعنى حفيه فيه.
واْصل التصرية حبس الماء وجمعه.
قال اْبو عبيد: ولو كان الربط لكانت مصرورة اْو مصررة.
قال الخطابى: وقول أبى عبيد: حسن.
وقول الشافعى صحيح، والعرب تصر ضروع المحلوبات، ويسمى ذلك الرباط صرازا.
واستشهد محتخا لقول الشافعى بقولهم: العبد لا يحسن الكر، إنما يحسن الحلب والصر.
وبقول مالك بن نويرة:
فقلت لقومى هذه صدقاتكم مصررة أخلافهالم تُحَرد
قال: وقد يحتمل أن تكون المصراة أصلها: مصررة، أبدل إحدى الرائين ياء، كقوله: تفضى البادى، دانما هو: تفضض، كما قال تعالى: { وَتَدْ خَابَ مَن دَسثاهَا} (1)، كرهوا اجتماع ثلاثة حروف من جنس واحد.
قال الإمام: واْما التصرية، فإن النهى عنها - اْيضًا - لحق الغير.
وهى أصل فى تحريم الغش، وفى الرد بالعيب.
وقد كان شيخنا اْبو محمد عبد الحميد - رحمه الله - يجعلها اْصلأ فى النهى إذا كان لحق الخلق لا يوجب فساد البيع ؛ لأن الأمة أجمعت على تحريم الغش فى البيع، ووقع النهى عنه هاهنا ثم خيره ( صلى الله عليه وسلم ) بعد ذلك فى ان يتماصك بالبيع، والفاسد لا يصح التماسك به.
وفى هذا الحديث دلالة على اْن التدليس محرم، ويوجب الخيار للمشترى صان كان لتحسين المبيع الذى يودى إلى الخدع والغرور، رأن الفعل يقوم مقام النطق فى مثل هذا ؛ لأن قصارى ما فيه أن المشترى راْى ضرغا مملوءم، فقدر اْن ذلك عادتها.
فحل ذلك محل قول البائع: إن ذلك عادتها، فجاَ الأمر بخلافه، وصار البائع لما دلس كالقائل لذلك.
وقد قال بعض الناس: لو كان الضرع مملوئا لحمًا وظنه المشترى لبنا لم يكن له خيار من هذه الجهة ؛ لاجل اْن البائع لم يدلس عليه.
واْما رد الصاع من التمر فقد ذكره أهل العراق، ومال إليه بعض اْصحابنا ؛ لأنه جاء عندى بخلاف الأصول من الغرامة عن اللين تمرًا، ومتلف الشىَ إنما يغرم مثله أر قيمته، واْما جنسًا آخر من العروض فلا.
وأيضئا فإن الأصل[ ليس] (2) اْن الخراج بالضمان، وأن المغتل لا يرد الغلة إذا رد بالعيب، وهذا قد أمرها هنا بالرد.
(2) زيدت فى ق.
1 / 210
144(5/143)
كتاب البيوع / باب حكم بيع المصراة مُصَرأةً فَهُوَ بِالخِيَارِ ثَلاَثَةَ أئامٍ، فَإِنْ رَفَ!ا رَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، لاَ سَمْرَاءَ لما.
وجواب الجمهور من أصحابنا عن هذا: أن يقولوا: أما الرد للتمر عن اللبئ فإنما
ذلك لأنه قوت بلدهم حينئذ، وكأنه ( صلى الله عليه وسلم ) رأى أن اللبئ كانوا يريدونه للقوت، وهذا يحل محله، / وهو أصل كسبهم للقوت، فقضى به، وإن كان عيش بعض البلاد غيره من الطعام قضى بالغالب من عيشهم.
وقد روى عنه ( صلى الله عليه وسلم ): (من ابتاع محفلة فهو فيها بالخيار ثلاثة أيام، فإن ردها ردها مثل أو مثلى لبنها قمخا) (1).
وقد ذكر مسلم هاهنا: (صاغا من طعام لا سمراَ).
وهذا يدل على ما قلناه من مراعاة حال قوت أهل البلد.
وأما اقتصاره ( صلى الله عليه وسلم ) على الصاع مع اختلاف لبن الشاة والناقة، واختلاف لبن النوق فى نفسها، مع أنه لا يصح أن يلزم المتلف للكثير مثل ما يلزم المتلف اليسير، فقال بعض أهل العلم: إنما ذلك لاءنه ( صلى الله عليه وسلم ) أراد أن يكون ذلك حدا يرجع إليه ؛ ليرتفع الخصام ويزول التنازع والتشاجر.
وقد كان ( صلى الله عليه وسلم ) حريضا على رفع التشاجر عن أمته، وهذا كما قضى فى الجنن بالغرة،
ولم يفصل بين الذكر والأنثى، مع اختلافهما فى الدياث ؛ لأن هذه المواضع لما كان يتعزر ضبطها عند البينات كثر التنازع فيها، فرفعه ( صلى الله عليه وسلم ) بأن جعل القضاَ فى ذلك واحذا.
وقد مر أبو يوسف وابن أبى ليلى على مقتضى القياس وقالا: يرد قيمة اللين وحملا الحديث على أنه وقع بحكم الاتفاق لكون القيمة وقت قضائه ( صلى الله عليه وسلم ) بذلك صاع من تمر.
وقد قال بعض أهل العلم: إذا علا الصاع حتى صار يستبشع القضاَ به عوض اللبئ ؛ لكونه مقارئا بالقيمة الشاة كلها، فإنه حينئذ لا يقضى، وإن عزم المشترى قيمة أعلى ما يرى أنه كان فيها من اللبئ، لم يكن عليه كثر من ذلك.
واستلوح هولاَ أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إنما قضى بصاع واحدِ فى لبن الشاة والناقة مع اختلافهما ؛ لاْنه دإن قل لبن الشاة فهو أجود، دإن كثر لبن الناقة فهو أدنى، فصارا بهذا كالمتساويين، فلا يكون فى هذا حجة للأولن الذين جعلوا القضية بالصاع ضربة لازب.
واْما رد عوض اللبئ مع كون الخراج بالضمان، وأن المشترى لا يرد الغلة إذا رد بالعيب ة فلان المصراة كان فيها لبن حين البيع، ولم تكن غلة حينئذ فتكون للمشترى، بل هو على ملك البائع كأحد أعضاَ الشاة، فردها إذا رد بالعيب واجب قلنا: استحال رده بعينه كاختلاطه بما يحدث عند المشترى، وجب اْن يرد العوض عنه ويصير كالفائت،
(1) أحمد 254 / 2.(5/144)
كتاب البيوع / باب حكم بيع المصراة 145 26 - (.
.
) حقثنا ابْنُ أبِى عُمَرَ.
حَا شَا سُفْيَانُ، عَنْ أيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): مَنِ اشْتَرَى شَاةً مُصَرأةً فَهُوْ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنً، إِنْ شَاءَ أمْسَكَهَا، ياِنْ شَاءَ رَفَ!ا.
وَصَاغا مِنْ تَمْر، لاَ سَمْرَاءَ).
ويقدر العوض عنه لرفع التنازع فى ذلك كله لما بيناه، ولكن إنما يلزم على هذا أن يقال: فإذا ردها بعيب اخر غير التصرية وجب أن يرد عوض اللبئ أيضا لما قلتموه.
وقد قال محمد: لا يرد عوض اللبئ إلا إذا رده بالتصرية، قيل: هذا الذى قلتموه يلزم، وقد التزمه بعض شيوخنا، ولم يصوب ما قاله محمد فى هذا.
وكأن محمدأ رأى أنه شرع جاء فى التصرية خاصة، فلم يتعد فيه ما ورد الشرع به.
واختلف أيضا إذا كانت الغنم التى صريت كثيرة، هل يرد لجميعها صاعًا واحدًا، اْو
لكل شاة صاعًا ؟ والأصوب أن يكون حكم الكثير منها خلاف حكم الواحد ؛ لأنه من المستبشع فى القول على مقتضى الأصول ؛ أن يغرم متلف لبن ألف شاة، كما يغرم متلف لبن شاة واحدة، دإن احتج علينا بأنه ( صلى الله عليه وسلم ) ساوى بين لبن الشاة والناقة مع كون لبن الناقة كثر، قلنا: تقدم الجواب عن ذلك والانفصال عنه.
قال القاضى: اختلف قول مالك فى الأخذ بحديث المصراة على ما ورد، فمشهور قوله الأخذ به.
وقال: أو آخذ فى هذا الحديث رأى، وهو قول الليث، والشافعى، وأبى ثور وأبى يوسف، وابن أبى ليلى فى إحدى الروايتين عنه، وفقهل! أصحاب الحديث.
ومرة لم يقل به.
وقال: ليس بالموطأ ولا الثابت، يريد العمل به، قال: وقد جاء الخراج بالضمان وهو قول أبى حنيفة والكوف!ن، وقالوا: هو منسوخ.
ورأى مالك أن الأصول تخالفه من الغلة بالضمان، وهو قوله فى العتبية.
ويختص ابن عبد الحكم واختلافه فيه على اختلاف أصحاب الأصول فى تقدمة خبر الواحد على قياس الأصول المتفق عليها، وهو مشهور مذهب مالك وأصحابه، وعامة الفقهاء والأصولين.
أو تقدمة القياس عليها إذا اختلفت الأصول، وهو / مذهب أبى حنيفة واْصحابه، وحكم بعض أئمتنا البغدادلن على المذهب وعلى هذا الأصل حمل اختلاف قوله فى الاْخذ بحديث غسل الإناء من ولوغ الكلب (1) والقرعة والعربة، ومثل هذا من أخبار.
(1) البخارى، كالوضوَ، بالماء الذى يغسل به شعر الإنسان (172)، مسلم، كالطهارة، بحكم ولوغ الكلب لا 27 / 9 هأ، ئبو داود، كالطهارة، بالوضوء بسؤر الكلب (73، 74)، للترمذى، كالطهارة، بما جاَ فى سؤر الكلب (91)، وقال: حسن صحيح، النسالْى، كالطهارة، بسؤر للكلب (63، 64)، ابن ماجه، كالطهارة، بغسل الإناء من ولوغ الكلب (363، ى 3).
ولفظه عند مسلم: (إذا ولغ الكلب فى إناَ أحدكم فليرقه ثم ليغسله مغ مرار).
من حديث أبى هريرة - رضى الله عنه.
210 / ب
146(5/145)
كتاب البيوع / باب حكم بيع المصراة 27 - (... ) وحدّثناه ابْنُ أبِى عُمَرَ، حَدىئنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، عَنْ أئوبَ، بِهَنمَا الإِسْنَاهـ
غَيْرَ انَهُ قَالَ: (مَنِ اشْتَرَى مِنَ الغَنَم فَهُوَ بِالخِيَارِ).
ثم اختلف الكوفيون، فذهب أبو حنيفة ومحمد بن الحسن فى حديث المصراة: اْنه
ليس له ردها، وليس التصرية بعيب وتمليكها.
وحكى الخطابى عن اْبى حنيفة: أنه يرجع بأرْش التصرية وقال زُفر: يرد صاعًا من تمر أو نصف صاع من بر.
ثم اختلف الآخرون بهذا الحديث ممن تقدم، فذهب مالك إلى أن صاع التمر إنما هو حيث هو عيش قوم، فأما فى كل بلد فيخرج من غالب قوتهم صاغا، وقاله الطبرى.
وأما الشافعى والباقون فقالوا: لا يخرج إلا بالصاع تمرا، دون عدم عندهم ثم أخرج قيمته.
وتقدم قول اْبى يوسف وابن أبى ليلى ب!خرلمجع القيمة.
وروى عن مالك قولة شاذة: يودى له قدر مكيلة ما حلب من اللبئ تمرأ أو قيمته.
وحجة أبى حنيفة ومذهبه: أن حديث المصراة منسوخ بحديث الغقَة بالضمان.
ومخالفته عنده الأصول من وجوه:
منها: مخالفة الأصل من أن الغلَة بالضمان، وقد مضى الجواب عنه من أنها ليست
بغلة إنما كان مجملاً فيها فلزم رده.
وأيفئا فيكون هذا خاضا فيه.
ومسألتنا، وحديث الخراج بالضمان عام، والخاص يقضى على العام.
ثانيها: تقدير القيمة.
وقد اختلف المذهب عندنا، ومضى الجواب عنه - أيضا - بقطع التشاجر كدية الشجاج، وهى مختلفة فى الكبير والصغير، فقد تكون موضحة تستوفى جلدة الرأس وأخرى لم توضح من العظم لها فرد مدخل مسألة، وكذلك المأمومة وغيرها ؛ ولهذا أمثلة فى الشرع كثيرة.
وثالثها: كون القيمة تمرأ وقيم المتلفات فى الأصول إنما هى بالين، وقد تقدم الجواب عليه.
وقد وجدنا الشرع جعل الديات على اْهل الإبل إبلأ ؛ إذ هى جل أموالهم، وجعل فى الجنن غرة.
ورابعها: دفع الطعام عن الطعام غير يد بيد، وهذا غير لازم هاهنا ؛ إذ ليس فى هذا مبايعة وهى الممنوعة فى الباب، وإنما هو حكم اْوجبه الشرع ليس باختيارهما (1) فيتهمهما بالذريعة فيه.
خأمسئا: إن جزم للمكيل اْو الموزون بمثله، وقد عدل هنا عن المثل، والجواب: إنا
(1) فى ق: باختيار هنا.(5/146)
كتاب البيوع / باب حكم بيع المصراة 147 28 - (... ) حئثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع، حَدثنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدثنَا مَعْمَر، عَنْ هَمَّام بْنِ
لو دفعنا عن اللبئ لبنًا خفنا التفاضل والمزابنة ؛ لأن ما كان فى ضرعها لا يتحقق تقديره بالصاع المردود لو كان لبنا، ولو رد جميع ما حبس منها لخفنا فيه الزيادة بما تولد عنده من الغلة.
وقد أجمعوا أنه لا يرده مع لبئ التصرية إلا ما اختلف فيه أصحابنا، إذا رضى بائعها بقبولها بلبنها، فأجازه بعضهم وقال: هى إقالة.
وقال غيره: لا يجوز لأن اللبئ غير متعين، ولو تعين جاز.
وفى هذا اعتراض من وجوه: أحدها: أن حقيقة لبن التصرية مما تولد فى الضرع بعد الشراء لا يتحقق، فكيف تصح منها الإقالة، ولا يدرى تحقيق الزيادة فيه ولا قدرها ؟ وقوله فى إحدى الروايات: (صاعًا من طعام) يحتج به من قال بظاهره أو عند عدم التمر.
وقال الداودى: معناه: تمرًا فسره الحديث الاَخر.
وقوله فى الحديث: " فهو بالخيار ثلاثة أيام) دليل على صحيح المذهب أن الحلبة الثالثة لا تقطع الرد وتمنعه، وهو قول مالك، وظاهر المدونة خلاف ظاهركتاب محمد ؛ من أن الحلبة الثالثة رضًا، لكن مالكا لا يأخذ بذكر الثلاثة الأيام ؛ إذ لم يكن فى روايته، ولكن فى معناها الثلاث الحلبات ؛ لاءن الأولى هى الدلسة والثانية فيها ظهرت الدلسهَ، والثالثة فيها تحققها.
إذ قد يظن فى الثانية أن اختلافها من الاْولى لاختلاف مرْعاها...
وما يعتيرها من إمساكها مرة التشوف بها وبقاَ لبنها الأول غير محلوب فيدَل الضرع فى الحلبة الثانية للأولى.
وهذه الحجة هنا أن الحلبة الثالثة ليست برضئا.
وجعل المخالفون هذا اللفظ أصلأ فى ضرب أجل الخمِار، وأنه لا زيادة فيه على ثلاثة أيام، وهو قول أبى حنيفة والثافعى.
وقال ابن أبى ليلى، واْبو يوسف ومحمد بن الحسن: قليل الخيار وكثيره / جائز.
ومالك لا يرى للخيار أجلا محدوئا لا يتعدى، بل قدر ما يختبر فيه المشترى واختلف فى ذلك باختلافها لتيسر اختبار الثوب كاختيار العبد وسكنى الدار.
وبيع الخيار عندنا جالْز ضرب له أجل أم لا، ويضرب الحاكم للمبيع من الأجل قدر ما يختبر فيه مثلهما، خلافا لأبى حنيفة والثافعى فى إبطاله إذا لم يضرب له أجل وهو رخصة خاصة من الأصل للضرورة الداعية للبحث عن المشترى، وتقصى معرفته وأخذ راْى من يريد مشورته فيه، وسيأتى الكلام على بيع الخيار بعد هذا.
وحديث المصراة أصل فى الرد بالعيب، كان فى ذات المبيع وغلته، وأن التدليس لا يفسد البغ، وأنه يوجب الخيار، خلافا لأبى حنيفة فى حكمه برد قيمة العيب دون المعيب، وأصل فى كل ما يشتريه من هاهنا وغلته فيه ظاهرة كالصوف على ظهور الغنم، والتمر فى رؤوس النخل، إنه إن ردها أنه يرده معها.
وليس حكمه حكم إلغالْها، فإن
211 / َ ا
148(5/147)
كتاب البيوع / باب حكم بغ المصراة مُنبه، قَالَ: هَنَا مَا حَدثنا أبُوهُرَيْرَةَ عَنْ رَسُول اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَرَ أحَاديثَ مِنْهَا.
وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِذَا مَا أحَدُكُمْ اشْتَرَى لِقْحَة مُصَرَّاة أوْ شَاة مُصَرًّا ةً، فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أنْ يَحْلُبَهَا.
إِمَّا هِىَ، وَإِلاَّ فَليَرُ!!ا وَصَاكا مِنْ تَمْر).
أصله رد مثله إن عرف قدره أو قيمته، بوقوع حصة من الثمن عليه، بخلاف ما توالد عنده.
وقد استدل بعضهم من هذا الحديث على كون الاستطهار بعد الحيض ثلاثا، وعلى اْن أقل مدة الحيض فى العدد والاستبراء ثلاث، وهو استدلال بعيد فيه نظر.
وقوله: ا لا سمراء) أى[ بزا] (1)، وأما البيضاء والشعير فأثبته هنا بمعنى الحنطة
أو الحبة.
وفى الباب: نا ابن أبى عدى عن ابن عون عن محمد، عن أنس، ونا ابن مثنى، نا معاذ، نا ابن عون، عن محمد، قال: قال اْنس بن مالك: (نهينا أن يبع حاضر لباد).
ثبت هذا للكافة من الرواة، وسقط للسمرقندى، وتقدم الكلام على معناه.
(1) فى ق: لا بُرْا.(5/148)
كتاب البيوع / باب بطلان بيع المبيع قبل القبض
(8) باب بطلان بيع المبيع قبل القبض
149
29 - (1525) حدئمنا يحيى بْنُ يحيى، حَدثنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْد.
ح وَحَدثنَا أبُو الرَّبِيع العَتكىُّ وَقُتَيْبَةُ، قَالا: حَدثنَا حَمَاد، عَنْ عَمْرِو بْنِ !ينَار، عَنْ طَاوُس، عَنِ ابْنِ عَبَّاس ؛ أن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنِ ابْتَاعَ طَعَافا فَلاَ يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوئيَهُ لما.
قَالَ ابْنُ كثاس: وَأخسِبُ كُلَّ شَىء مِثْلَهُ.
(... ) !صلثنا ابْنُ أبِى عُمَرَ وَأحْمدُ بْنُ عبلَةَ، قَالا: حَا شَا سُفْيَانُ.
ح وَحَدثنَا أبُو بَكْرِ
ابْنُ أيِى شَيْبَةَ وَأبُو كُريب، قَالا: حَا شَا وَكِيع، عَنْ سُفْيَانَ - وَهُوَ الثَّوْرىُّ - كِلاَهُمَا عَنْ
وقوله: (من ابتاع طعافا فلا يبعه حتى يستوفيه): قال ابن عباس: (وأحسب كل شىَ مثله)، وفى بعض طرقه: (حتى يقبضه)، وفى بعضها: (حتى يستوفيه ويقبضه) وهما بمعنى واحد.
وكان هذا فى كتاب اْبى بحر: (حتى يستوفيه يقبضه) بغير واو، وفى بعضها: (حتى يكتباه)، قال ابن عباس: ألا تراهم يبتاعون بالذهب والطعام، مرجأ، اْى موخرًا، بهمزة وبغير همزة، وقرىْ بهما جميعًا.
وعن ابن عمر: (كنا نبتاع الطعام فى زمن النبى - عليه السلام - فيبعث علينا من يأمرنا بانتقاله من المكان الذى ابتعناه فيه، إلى مكان سواه قبل أن نبيعه)، وفى حديث آخر: (كانوا يضربون على عهد النبى - عليه السلام - إذا اشتروا طعافا جزافا اْن يبيعوه فى مكانه حتى يحولوه)، وفى رواية: (حتى يوووه إلى رحالهم)، وفى حديث اَخر: (وكنا نشترى الطعام من الركبان جزافا، فنهانا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن نبيعه حتى ننقله من مكانه)، جعل الراوى هذا الحديث مفسرا لغيره مما لم يأث مبينا، وأن ذلك فى الجزاف فيما تلقى من الركبان ؛ بدليل رواية: (من قام حتى ينقله حيث يباع الطعام) وأن ذلك الرفق باْهل الأسواق وعامة الناس، وفيه حجة لمن لا يرى فسخ ما تلقى من البيع على ما تقدم الخلاف فيه.
ومعنى (جزافا): أى بغير كيلٍ، ظاهره أن النهى فيما اختص بالبيع، وفى حكمه
ما أخذ عن معاوضة فى صداق أو خلع أو ثوب هبة، اْو إجارة، أو صلح عزم، وكذلك إن كان من بيع فلا يجوز دفعه فى شىء من هذه الأمور، بخلاف قبضه أو دفعه هبة أو صدقة، هذا مذهب مالك والشافعى والسفيانين ومحمد بن الحسن بقوله: (من ابتاع)، وقوله: (فلا يبعه).
وذهب أبو حنيفة إلى أن كل ما أخذ فى مهر، أو خلع، اْو جعل
211 / ب
150(5/149)
كتاب البيوع / باب بطلان بيع المبيع قبل القبض
عَمْرِو بْنِ لِينَار، بِهَنَا الاِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
30 - (... ) حلغّنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَدُ بْنُ رَافِع وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - قَالَ ابْنُ رَافِعٍ: حَدثنَا.
وَقَالَ الآخَرَانِ: أخْبَرَنَا كئدُ الرَرأق - أخْبَرَنَا معْمَر، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنِ ابْنِ عبَاسبى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنِ ابْتَاعَ طَعَاما فَلاَ يَبِعْهُ حتَى يَقْبِضَهُ).
قَالَ ابْنُ عبَاسبى: وَأحْسِبُ كُل شَىْءٍ بِمَنْزِلةِ الطعَام.
31 - (... ) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَأبُو كُرَيْب ! اِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - قَالَ إِسْحَاقُ: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدثنَا وَكِيعٌ - عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ طَاوُسيى، عَنْ أبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَئاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلاَ يَبِعْهُ حتَى يَكْتَالَهُ).
فَقُلتُ لابْنِ عبَاسٍ: لِمَ ؟ فَقَالَ: ألاَ تَرَاهُمْ يَتَبَايَعُونَ بِالنفًبِ، والالعَامُ مُرْجأ ؟
فيجوز بيعه قبل قبضه، بخلاف ما ملك بشراء اْو إجارة.
قال الإمام: اختلف الناس فى جواز بيع المشتريات قبل قبضها، فمنعه الشافعى فى
كل شىء، وانفرد عثمان البتى فأجازه فى كل شىء.
ومنعه أبوحنيفة فى كل شىء إلا العقار وما لا ينتقل، ومنعه آخرون فى سائر المكيلات والموزونات[ ومنعه مالك فى سائر المكيلات والموزونات] (1) إذا كانت طعاما، فتعلق من مغ على الإطلاق بقوله: (نهى عن ربح ما لم يضمن) (2)، ولم يفرض، وعضد ما قاله - أيضًا - بما ذكره ابن عمر هاهنا من مغ بيع الطعام الجزاف حتى يوووه إلى رحالهم، واستثنى أبو حنيفة ما لا ينقل لتعزر الاستيفاء فيه، المشار إليه فى قوله: (نهى عن بيع الطعام حتى يُستوفى).
وأما القولان الآخران فمأخوذان / من قوله: (نهى عن بيع الطعام حتى يستوفى) فنقول: من مغ سائر المكيلات يقتضب من هذا علة فلا يصح التعليل إلا بالكيل.
وقد نبه عليه بقوله: (حتى يكتاله)، فأجرى سائر المكيلات مجرئ واحدا.
ويقول مالك: فإن دليل خطاب الحديث يقتضى جواز غير الطعام، ولو كان سائر المكيلات ممنوغا بيعهما قبل قبضها لما خص الطعام بالذكر، فلما خصه دل على أن ما عداه بخلافه، ويمغ من تعليل
(1) سقط من الأصل، واستدرك بالهاثم بسهم.
(2) ئخرجه الترمذى، كالبيوع، بما جاء فى كراهية بغ ما ليس عندك، عن عمرو بن شعيب بلفظ: الا يحل سلف وبغ ولا شرطان فى بغ، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بغ ما ليس عندك) رقم (1234)، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وكذا لبن ماجه فى التجارلت، 2 / 737 برقم (مهـ ا 2)، أحمد
فى المسند 179 / 2، 205.(5/150)
كتاب البيوع / باب بطلان بيع المبيع قبل القبض 151 وَلَمْ يَقُلْ أبُو كُرَيْ! ب: مُرْجأ.
32 - (1526) حدّثنا ددُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ القَعْنَىُّ، حَا لنَا مَالِدث.
ح وَحَدثنَا يحيى
ابْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِلث عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛، انَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنِ ابْتَاعَ طَعَاما فَلاَ يَبِعْهُ حَتَى يَسْتَوْفِيَهُ).
33 - (1527) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَاًتُ عَلَى مَالِلث عَنْ نَافِع، عَنْ ابْنِ
هذا الحديث بالكيل ؛ لأنه تعليل ينافى دليل الخطاب المعلل، والدليل كالنطق عند بعض اْهل الأصول.
وقد اْشار بعض أصحاب مالك إلى أن العلة العينة، واستدل بقول ابن عباس الذى ذكرناه لما سئل، فقال: ألا تراهم يتبايعون بالذهب والطعام مرجأ، اْى موخر، وكأنهم قصدوا إلى أن يدفعوا ذهبًا فى كثر منه والطعام محلل، وفى البخارى عنه: (دراهم بدراهم والطعام مرجأ) (1)، وقد ترجح بعض أصحابنا فى الطعام إذا أمن فيه من العِينة التى هى سبب المنع على ما قال ابن عباس، هل يمنع بيعه قبل قبضه لظاهر الخبر أو يسهل فيه ؟ ورأيته يميل للتسهيل فى مقتضى كلامه إذا وقع البيع فيه بالنقد، وما أظن أن عثمان البتى سلك فى إجازته بيع كل شىء قبل قبضه إلا هذه الطريقة، وإن كان مذهبنا انفرد به، وهذا شاذ عند العلماء، أضرب عن ذكره كثير منهم.
وإذا وضح مأخذ كل مذهب من هذه المذاهب فيتفصل اْصحابنا عن تعلق الثافعى بقوله: (نهى عن ربح ما لم يضمن) بجوابين:
أحدهما: أن يحمل على بيع الخيار، وأن يبيع المشترى قبل اْن يختار.
والثانى: أن يحمل ذلك على الطعام[ ويخص عموم هذا إذا حملناه على الطعام] (2) بإحدى طريقتن ؛ إما دليل الخطاب من قوله: (عن بيع الطعام حتى يستوفى)، فدل على أن ما عداه بخلافه، اْو يخص ما ذكره ابن عمر من أنهم كانوا يبيعون الإبل بالدراهم ويأخذون عنها ذهئا، أو بالذهب ويأخذون عنها دراهم، وأضاف إجازة ذلك إلى النبى ( صلى الله عليه وسلم )، وهذه إجازة ربح ما لم يضمن فى الين، ونقيس عليه ما سوى الطعام، ويخص به النهى عن ربح ما لم يضمن، ويحمل قول ابن عمر الذى قدمناه على الاستحباب، والرواية التى فيها ذكر ضربهم تحمل على اْنه فعل ذلك حماية للذريعة، اْو على أنهم اتخذوا ذلك عينة ممنوعة.
(1) للبخارى، كالبيوع، بما يذكر فى بغ للطعام والحكرة برقم (2132).
(3) سقط من الأصل، واسثدرك بالهامش بسهم.
152(5/151)
كتاب البيوع / باب بطلان بيع المبيع قبل القبض عُمَرَ، قَالَ: كُنَّا فِى زَمَانِ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَبْتَاعُ الطعَامَ، فَيَبْعَثُ عَلَيْنَا مَنْ يَأمُرُنَا بِانْتِقَالِهِ مِنَ المَكَانِ ال نِى ابْتَعْنَاهُ فِيهِ، إِلَى مَكَانٍ سِوَاهُ، قَئلَ أنْ نَبِيَعُ!
34 - (1526) حدثّنا أبُو بَكْر بْنُ أبى شَيْبَةَ، حَدثنَا عَلى بْنُ مُسْهر، عَنْ عُبَيْد الله.
ح
ص ص حمص، ص ص، 5، عوه، !وَص يرَه ص، ص حمرعَ ص حمصَ نحو، 1 ص هَ صَ وحدثنا محمد بن عبدِ اللهِ بنِ نميرٍ - واللفظ له - حدثنا ابِى، حدثنا عبيد اللهِ، عن نافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنِ اشْتَرَى طَعَامًا فَلاَ يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْلمجلا.
(1527) قَالَ: وَكنا نَشْتَرِى الطَّعَامَ مِنَ الركبَانِ جِزَافًا، فَنَهَانَا رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أنْ نَبِيعَهُ حتَى نَنْقُلَهُ مِنْ مَكَانِهِ.
وقول أبى هريرة لمروان: (احللت بيع الصكاك) يريد صكوك الجاد المذكورة فى المدونة، وهى كتب يكتب لهم فيها طعام يأخذونه.
والصكاك والصكوك جمع صك، وهو الكتاب.
قال القاضى: الذى نهى عنه من بيع صكوك الجار، عند أهل العلم من أئمتنا وغيرهم، اْن يبيعها مشترى ما فيها لا الذى خرجت له فى اْرزاقه ليقبضها فى الجار ؛ لاْن الذى خرجت فى أرزاقه ليس حكمه حكم المشترى وهو كمن وهبت له، ورافعها من أرضه، فله بيعها قبل كيلها وقبضها، وإنما كانوا يبيعونها من غيرهم ثم يبيعها المشترى من غيرهم قبل قبضها، فمنعوا من ذلك، وهكذا جاء فى الحديث مفسرأ فى الموطأ ؛ أن صكوكًا خرجت للناس فى زمان مروان من طعام الجار فيتبايع الناس ذلك الصكوك بينهم قبل أن يستوفوها (1)، وذكر الحديث وهو فى مسلم مختصر.
وفى الموطأ - أيضا - ما هو أبن، اْن حكيم بن حزام ابتاع طعامًا أمر به عمر بن الخطاب للناس، فباع حكيم الطعام قبل أن يستوفيه، فبلغ ذلك عمر فرده عليه، وقال: ا لا تبع طعاما ابتعته حتى تستوفيه)، وقد ذكر بعضهم أنه يحتمل أنه فسخ البيعتين بقوله اَخر الحديث فى الموطأ: بيعة مروان، الحرس ينتزعونها من أيدى الناس ويردونها[ إلى اْهلها ولو كان إنما نقص بيعة المشترين الآخرين لقال: أتردونها] (2) إلى من ابتاعها من أهلها.
قال القاضى: ولفظه يحتمل أن يريد بأهلها، فيستحق رجوعها إليه وأما قوله فى الحديث: (كنا نشترى الطعام من الركبان جزافأ، فنهانا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن نبيعه حتى ننقله من مكانه) فقد اختلف العلماء فيما بيع من الطعام جزافا، هل هو مثل ما بيع على الكيل والعدد والوزن، يجوز بيعه قبل استيفائه ونقله أم لا ؟ فمشهور مذهب مالك جوازه ؛ (1) مالك فى الموطأ، كالبيوع، بالعينة وما يثمبهها 2 / 641 رقم (44).
(2) سقط من الأصل، واستدرك بالهامثى بسهم.(5/152)
كتاب البيوع / باب بطلان بيع المبيع قبل القبض 153 35 - (1526) حدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْب، حَدثنِى عُمَرُ ئنُ مُحَمَّد، عَنْ نَافِع، عَنْ عبد اللهِ بْنِ عُمَرَ ؛ أنْ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنً اشْتَرَى طَعَامًا فَلاَ يَبِعْهُ حَتَى يَسْتَوْفِيَه وَبَقْبِضَهُ).
36 - (... ) حلئثنا يحيى بْنُ يحيى وَعَلِى بْنُ حُجْرٍ - قَالَ يحيى: أخْبَرَنَا إِسْمَاعيلُ
ابْنُ جَعْفَر، وَقَالَ عَلىّ: حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ - عَنْ عبدِ اللهِ بْنِ !ينَارٍ ؛ أئهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ قَالً: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلاَ يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَملا.
37 - (1527) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا عَبْدُ الأعْلَى، عَنْ مَعْمَر، عَنِ الزهرِئ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ اثنِ عُمَرَ ؛ أئهُمْ كَانَوا يُضْرَبُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، إِفَا
لأنه بتمام العقد / صار فى ضمان البائع، فخرج من النهى عن ربح ما لم يضمن، وتأول هذا الحديث أنه فيما بيع بكثرة، بل معناه فى تلقى الركبان.
وبجوازه قال عثمان وسعيد ابن المسيب والحسن والحكم، وبهذا على داسحاق.
وذهب الكوفيون والشافعى واْبو ثور وأحمد وداود إلى منعه على إضرابهم فى منعه فى كل شىَ، لها ما استثناه بعضهم إلى ما تقدم ومما يزيد بيانا وحكاه الوقار عن مالك على اْصله فى اختصاصه فى المطعومات.
وقال ابن عبد الحكم: هو استحسان من قوله، ونحوه فى العتبية.
وقال أحمد: هى أن يوخذ بالحديث وذكره.
وحجتهم ظاهر هذه الأحاديث.
وقد تقدم التأويل لها والجمع بينها.
واختلف عندنا فى تعليل بيع قبل قبضه، هل هو شرع غير معلل اْو علته العينة وهو إشارة.
قال ابن عباس: إنهم يتبايعون بالذهب والطعام مرجأ، وعليه يدل إدخال مالك أحاديث الباب فى باب العينة فى الموطأ (1).
وقد بقى من الخلاف فى أصل المسألة ما روى عن مالك أن ذلك يختص فيما لا يجوز فيه التفاضل والطعام.
ورواه عنه ابن وهب إن كان قد ذكر غير واحد أن العلماء لم يختلفوا فى مغ ذلك فى جميع الطعام، وقد تقدم قول عثمان البتى، والمشهور عن مالك عمومه فى جميع المطعومات، وهو قول أحمد، وأبى ثور فى كل ما يقع عليه اسم مطعوم.
وذهب الشافعى إلى عموم ذلك فى أنو 3 المبيعات، وواققه أبو حنيفة، واسسّنى العقار وحده.
وقال اَخرون: كل بيع على الكيل والوزن - طعام اْو غيره - فلا يباع حتى يقبض.
وروى عن عثمان، والحسن، والحكم، وداود، وسعيد بن المسيب، وقال به سحنون من أصحابنا.
وقال أبو عبيد: وهو قول يحيى بن سعيد وربيعة وعبد العزيز، وقالوه فى العدد، وقاله ابن حبيب.
واستثنى العلماء من هذا (1) الموطا، كالبيوع، بللعينة وما يشبهها 2 / 640.
1 / 212
154(5/153)
كتاب البيوع / باب بطلان بيع المبيع قبل القبض اشْتَرَوْا طَعَامًا جِزَافًا، أنْ يَبِيعُوهُ فِى مَكَانِهِ حَتَى يُحَؤَلوهُ.
38 - (... ) وحدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدثنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، أخْبَرَنى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ ؛ أن أبَاهُ قَالَ: قَدْ رَأيْتُ النَاسَ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، إِذَا ابْتَاً عُوا الطعَامَ جِزَافًا، يُضْرَبُونَ فِى أنْ يَبيعُوهُ فِى مَكَانِهِمْ، وَذَلكَ حَتَى يُؤْوُوهُ إِلَى رِحَا لِهِمْ.
قَالَ ابْنُ شِهَاب: وَحَدثنِى عُبَيْدُ الله بْنُ عَبْد الله بْنِ عُمَرَ ؛ أنَّ أبَاهُ كَانَ يَشْتَرِى الطعَامَ جِزَافا، فَيَحْمِلُهُ إِلىَ أًهْلِمِى
39 - (1528) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وابْنُ نُمَيْرٍ وَأبُو كُرَيْبٍ، قَالُوا: حَدثنَا
زَيْدُ بْنُ حُبَاب، عَنِ الضَّحَاكِ بْنِ عثمَانَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الأشَبئَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أبِيً هُرَيْرَةَ، أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنِ اشْتَرَى طَعَاما فَلاَ يَبِعْهُ حَتَى يَكْتَالَهُ لما.
وَفِى رِوَايَةِ أيِى بَكْرٍ: يا مَنِ ابْتَاعَ).
الأصل الإقالة والشرك والتولية واتفق مالك، والشافعى، وأبو حنيفة على إجازته فى الأقالة، ومشهور قول مالك جوازه فى الشرك والتولية وخالفاه فيهما.
وقد روى عنه منعه فى الشرك.
وفى قوله: (حتى يقبضه ويكتاله) دليل على أنه لا يلزمه كيله ثانية للمشترى، وبهذا يقول مالك: أنه يجوز أن يبيعه بالكيل الأول ولا يحتاج إلى كيل ثالط إذا حضر المشترى أو صدقه، إلا أن يكون باعه منه بنسيئة، فلا يجوز على التصديق مخافة وقع السلف والتأخير، وذهب أبو حنيفة والشافعى، وأحمد د إسحق، إلى أنه لابد من أن يكتاله على المشترى ثانيًا، وروى مثله عن الحسن وابن سيرين، واحتجوا بما روى فى بعض طرق هذا الحديث: (حتى يجرى فيه الصاعان صاع البائع وصاع المشترى)، وفى حديث ابن عمر: (أنهم كانوا إذا اشتروا طعامًا جزافًا يضربون أن يبيعوه فى مكانهم حتى يؤووه إلى رحالهم)، وجواز بيع الجزاف إذ لم ينهوا عن شرالْه، دانما نهوا عن بيعه قبل نقله، وقد تقدم تأويله، وهو جائز فى القليل والكثير من المعدود والموزون ؛ لأن التحرى [ يحده ويحصره] (1)، [ دانما جاز] (2) لأنه ليس فى كل حيئ يحضر الكيل والميزان.
(1) سقط من الأصل، ومكانه بياض، وقيد من إكمال الإكمال 4 / 192.
(2) من الاْبى، والسياق يقتضيها.(5/154)
كتاب البيوع / باب بطلان بيع المبيع قبل القبض 155 40 - (... ) حدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الحَارِثِ المَخْزُومِىُّ، حَدثنَا الضَحَّاكُ بْنُ عثمَانَ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْد اللهِ بْنِ الأشَبئ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَار، عَنْ أبى هُرَيْرَةَ ؛ أئهُ قَالَ لمَرْوَانَ: أحْلَلتَ بَيع الربا.
فَقَالَ مَرْوَانُ: مَا فَعَلتُ.
فَقَالَ أبُو هرَيْرَةَ: أَحْلَلتَ بَيعْ الصكَاكَ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ بَيعْ الطَّعَام حَتَى يُسْتَوْفَى.
قَالَ: فَخَطَبَ مَرْوَانُ النَّاسَ، فَنَهَى عَنْ بَيْعِهَا.
قَالَ سُلثمَانُ: فَنَظَرْتُ إِلَى حَرَس يَا"خُنُونَهَا مِنْ إددِى النَّاسِ.
41 - (1529) حدّثنا إسْحَقُ بْنُ إبْرَاهيمَ، أخْبَرَنَا رَوْح، حَدثنَا ابْنُ جُريج، حَدَّثنى
ابو الزبيْرِ، أنه سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقول: كَانَ رَسولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (إِذَا ابْتَعْتَ طَعَامًا، فَلاَ تَبِعْهُ حتَى تَسْتَوْفِيَهُ).
وكذلك ما كثر من العدد.
وأما ما قل منه فلا يجوز بيعه جزافًا ؛ لأنا نصل إلى حقيقة معرفته دون جهالة تبقى ولا ضرورة تمنع فيه.
وقد أدخل مسلم فى الباب حديث ابن عمر: أنه كان يشترى الطعام جزافا، فيحمله
إلى إماء ليرى العمل به من راوى الحديث.
156(5/155)
كتاب البيوع / باب تحريم بيع صبرة التمر المجهولة القدر بتمر
(9) باب تحريم بيع صبرة التمر المجهولة القدر بتمر
42 - (1530) حدّثنى أبُو الطَاهِرِ أحْمَد بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرح، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، حَدثنِى ابْنُ جُرَيْجٍ ؛ أنَّ أبَا الزْبيْرِ أخْبَرَهُ قَالَ: سَمعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْد اللهِ يَقُولُ: نَهَى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ بَيعْ الصُّبْرَةِ مِنَ التَّمْرِ، لاَ يُعْلَمُ مَكِيَلتُهَا، بِامَيْلِ المُسَمًّى مِنَ التَّمْرِ.
ص عص "ص، 5، 5 ص ص ص عاص ه، 5، ور - ص حمص ه، ءصءه ص ص
(... ) حدثنا إٍ سحق بن إِبراهيم، حدثنا روحِ بن عبادة، حدثنا ابن جريج، اخبرنِى
أبُو الزبيْرِ أنَهُ سَمِع جَابرَ بْنَ عبد التَهِ يَقُولُ: نَهَى رسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، بِمِثْلِهِ.
غَيْرَ أنَهُ لَمْ يَذْكُرْ: مِنَ التَمْرِ فِى آخِرِ الحَمَيثِ.
وقوله: (أنهى عن بيع الصبرة من التمر لا يعلم مكيلتها بالكيل المسمى من التمر).
قال الإمام: [ إنما نهى عن] (1) هذا لأنه قد يقع فى الربا، ولا فرق بين تحقق التفاضل أو تجويزه فى منع العقود، وهو أيفئا نوع من المزابنة، وسنتكلم على المزابنة فيما بعد إن شاءالله.
(1) من ع.(5/156)
كتاب البيوع / باب ثبوت خيار المجلس للمتبايعن
157
(10) باب ثبوت خيار المجلس للمتبايعين
43 - (1531) حدثنا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِك عَنْ نَافِع، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ؛ أن رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (البيِّعَانِ، كُل وَاحِد مِنْهُمَا بِالخِيَارِ غَلَى صَاحِبِه، مَا لَمْ يَتَفَرقا، إِلاَّ بَيع الخِيَاَرِ).
(... ) حدّثنا زهُيْرُ بْنُ حَرْب وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَالا: حَد"ثنَا يحيى - وَهُوَ القَطَّانُ.
ص ص فحص،، ص ه ه، صوص ص ص ص، ص ص، 5، 5 ص ص فحص ه،، عوص فحص
ح وحدثنا ابو بكرِ بن أبِى شيبة، حا شا محمد بن بشر.
ح وحدثنا ابن نمير، حدثنا أبِى كُلُهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَبِىِّ عيق!.
ح وَحَد"شِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب
وقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (البيعان كل واحد منهما على صاحبه ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار) فى
غير حديث مالك بعد قوله: (ما لم يتفرقا): (وكانا جميعا، أو يخير أحدهما الآخر، فإن خير أحدهما الاَخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع)، قال القاضى: هذا حديث / متفق على صحته والعمل به، لكن اختلف فى تأويله، فذهب الشافعى والثورى - فى أحد قوليه - والليث، وربيعة والأوزاعى وأهل ألظاهر وسفيان بن عيينة وابن المبارك وهما أصحاب الحديث[ وفقهاء أصحاب الحديث] (1) إلى الاْخذ بظاهره، وإلى أن المراد منه الافتراق بالأبدان، وهو قول سعيد بن المسيب والزهرى وابن أبى ذئب من المدنيين وجماعة من الصحابة والتابعن، واْن المتبايعن إذا عقدا بينهما بالخيار ما داما فى مجلسهما.
وترك العمل به مالك واْبو حنيفة ومحمد بن الحسن وأبو يوسف والثورى - فى رواية - وربيعة، وروى عن النخعى، قال بعضهم: ومعنى التفرق بالأقوال وإنما إذا عقد البيع بينهما ولم يكن لاءحد منهما خيار، وقال طائفة من أصحابنا وغيرهم: إنه على ظاهره، لكن على الندب والترغيب لا على الوجوب، كما جاء فى الحديث الآخر: (من أقال نادمًا بيعته أقال الله عسرته) (2)، وكان ذلك قبل التفرق أخف وبعده أصعب لاختلاف الأحوال بعد التفرق بالزيادة والنقصان واغتباط النفس به واْلفها له.
وهذا التأويل لا يساعده لفظ الحديث ويبعد منه.
(1) سقط من الأصل، واصتدرك بالهامث! بسهم.
(2) بهذا اللفظ فى نصب الراية، كالبيوع، بالاقالة 4 / 30 وهو فى أبى داود، كالبيوع، بفضل إلاقالة، بلفظ: (من اْقال مسلفا أقال الله عثرته) 2 / 246، وكذا لابن ماجه، كالتجارات، بالإقالة
212 / ب
158(5/157)
كتاب البيوع / باب ثبوت خيارالمجلس للمتبايعين وَعَلَى بْنُ حُجْر، قَالا: حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ.
ح وَحَدثنَا أبُو الرَّبِيع وَأبُو كَامِل، قَالا: حدثنا واختلف القائلون بشرط الافتراق للأبدان، فأخذه مذهب الأوزاعى إلى أنه يتوارى أحدهما عن صاحبه.
وقال الليث: هو أن يقوم أحدهما، وقال الباقون: هو افتراقهما عن مجلسيهما ومقامهما.
قالَ الإمام: اختلف الناس فى ايأخذ بظاهر هذا الحديث، فأخذ به الشافعى وجماعة
غيره من الأئمة، ورأوا أن خيار المجلس ثابت فى البغ، ولم يأخذ مالك به، واعتذر أصحابه عن مخالفته إياه مع أنه رواه بنفسه بمعاذير، منها: أنهم قالوا: لعله حمل التفرق هاهنا على التفرق بالأقوال، فيكون معنى قوله: (المتبايعان) أى المتساومان مكانهما بالخيار، ما داما يتساومان حتى يفترقا بالإيجاب والقبول، فيجب البغ دإن لم يفترقا بالأبدان، قالوا: الافتراق بالأقوال تسميته غير مستنكرة، وقد قال تعالى: { وَإِن يَتَفَزَتَا يُغْنِ اللهُ كُلأً ئِن سَعَتِهِ} (1) يعنى المطلق، والطلاق لا يشترط فيه فرقة الأبدان.
واستدلوا على هذا لما وقع فى الترمذى والنسائى وأبى داود من قوله: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، إلا أن تكون صفقة خيار، ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله) (2) ولو كان له الفسخ قبل التفرق جبرًا لم يحتج إلى أن يسمتقيله، ولا وجه لحمل الاستقالة على الفسخ ؛ لأن ذلك بعيد عن مقتضاها فى اللسان، ولأنه - اْيضا - إذا قال أحدهما لصاحبه: اختر، فاختار، وجب البغ.
ولا فرق بين[ هذا] (3) الالتزام الثانى والالتزام الأول ؛ لأن المجلس لم يفترقا عنه، فإذا وجب بالقول الثانى وجب بالقول الأول.
واعتذر آخرون بأن قالوا: العمل إذا خالف الحديث وجب الرجوع إلى العمل ؛ لأن
من تقدم لا يتهمون بمخالفة هذا الحديث الظاهر، إلا أنهم علموا الناسخ له فتركوه لأجله.
وقال اخرون: لعل المراد به الاستحثاث على قبول استقالة أحد المتبايعين داسعاده بالفسخ، وتكون الأقالة فى المجلس سنة بهذا الحديث، وبعد الافتراق من المجلس تفضلأ واستحبابًا.
وهذه التأويلات عندى لا يصح الاعتماد عليها.
أما استعمال التفرق فى الأقوال، فلا شك أن استعماله فى الأبدان أظهر منه، والأخذ بالظاهر أولى، وأيضا فإنه المتساومين لم يكن بينهما عقد ولا إيجاب فيعلم أنهما بالخيار، وإنما يعلم الخيار بعد الإيجاب بهذا الحديث.
(1)1 لنساء: 130.
(2) أبو داود، كالبيوع، بفى خيلى المتبايعين 2 / 245، وكذا الترمذى، كالبيوع، بما جاء فى البيعيئ بالخيار ما لم يتفرقا (1247) وقال: هذا حديث حسن، النسائى، كالبيوع، بوجوب الخيار للمتبايعين قبل افتراقهما بأبدانهما (4483).
(3) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامث! بسهم.(5/158)
كتاب البيوع / باب ثبوت خيار المجلس للمتبايعين !159 حَمَّادث وَهُوَ ابْنُ زَيْد - جَمِيعًا عَنْ أيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ).
وأما قول بعض أصحابنا إنه مخالفة للعمل فلا يعول عليه - لْيضا - لافي العمل إذا لم
يرد به عمل الأمة بأثرها، أو عمل من يجب الرجوع إلى عمله، فلا حجة فيه ؛ لأن قصارى ما فيه أن يقول عالم لاَخر: اترك علمك لعلمى، وهذا لا يلزم قبوله إلا ممن تلزم طاعته فى ذلك، وكذلك حمل هذا على الندب بعيد، لأنه نص على إثبات الخيار فى المجلس من غير أن يذكر استقالة ولا محلق ذلك بشوط،
وأمثل ما وقع لأصحابنا فى ذلك عندى: اعتماث!م على قوله: (ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله / ) فإن الاستقالهَ فيما قالوه لم أظهر منها فى الفسخ بالجبر الذى يقوله المخالف، وإنما يبقى النظو فى طريق هذه الزيادة وثبوتها، ثم يجمع بينها وبين ما تقدم ويبنى بعضها على بعض، اْو يستعمل الترجيح إن تعذر البناء وجهلت التواريخ.
هذا هو الإنصاف والتحقيق فى هذه المسألة وقد يتعلق أصحابنا بحديث اختلاف المتبايعين أنهما حكم فيهما بالتحالف والتفاسخ، ولم يفرق بين المجلسى وغيره، فلو كان لهما ما احتاجا إلى التحالف، ويحمل هذا عند المخالف على التحالف فى الثمن فى بغ وجب واستقر حتى لا يمكن فسخه، وحديثهم أخص من هذا، فيكون بيانا له، مع أن الغرض فى حديث اختلاف المتبايعن تعليم حكم الاختلاف فى الثمن، والغرض فى البيعن بالخيار تعليم مواضع الخيار وأخذ الأحكام من المواضع المقصود فيها تعليمها أولى من أخذها، مما لم يقصد فيه ذلك.
قال القاضى: لا خفاء اْن مقتضى قوله: ا لا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله) ظاهره الوجوب على ما جاء فى بعض الروايات، لكن ترك معظم السلف وأهل المدينة ممن روى الحديث وبلغه العمل به من اْقوى ما يتمسك به فى أنه غير واجب.
وهذا ابن عمر - وان كان قد عمل به - قد خالف مقتضى هذه الزيادة مما ذكره عنه مسلم بعد هذا، ورجوعه القهقرى عند مبايعته لعثمان، مخافة أن يستقيله، ثم قال فى حديث ذلك: (وكانت السُنة يومئذ أن البيعن بالخيار ما لم يفترقا)، فدل أن السنة حيئ تحدث بهذا لم تكن كذلك، ولا كان يعمل بها، ولو كان الأمر واجئا لأنكر هذا ابن عمر، وحملت أولأ على الوجوب لما تركت.
وقوله: (إلا بيع الخيار): أصل فى جواز بيع الخيار المطلق والمقيد[ ولا خلاف] (1)
فيه على الجملة.
واختلف هل يجوز إذا أطلق وإذا قيد ؟ وهل البائع والمشترى سواء فى
(1) فى ق: ولاختلاف.
10 / 213
160(5/159)
كتاب البيوع / باب ثبوت خيارالمجلس للمتبايعين ح وَحَدثنَا ابْنُ المُثَنَّى وَابْنُ أبِى عُمَرَ، قَالا: حَدثنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ يحيى بْنَ سَعِيد.
ح وَحَدثنَا ابْنُ رَافِعٍ، حَدثنَا ابْنُ أبِى فدَيْكٍ، أخْبَرَنَا الضَّحَّاك، كِلاَهُمَا عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ): نَحْوَ حَلِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ.
اشتراطه ؟ وهل له حد لا يتعداه أم لا حد له إلا ما[ ضرياه] (1) ؟ أم حده بمقدار ما تختبر فيه السلعة ؟ فذهب مالك فى المشهور عنه إلى أنه لا حد له لا يتعدى، لكن يجوز أن يضرب لكل سلعة من الأجل مقدار ما تختبر فيه بالثوب اليوم واليومان، والعبد إلى الجمعة، وروى عن ذلك شهر، والدابة تركب اليوم وشبهه، والدار الشهر ونحوه.
قال الداودى: وقيل: الشهران والثلاثة[ وشبهه] (2)، وحكى عنه الخطابى فى الضيعة (3) السُّنةُ.
قال بعض اْصحابنا: وهذا معنى قول مالك فى الموطأ فى حديث (البيعن بالخيار ما لم يتفرقا) لهذا عندنا حد.
معروف ولا أمر معمول به فيه (4)، وإن هذا اللفظ راجع إلى قوله فى آخر الحديث: (إلا بيع الخيار) وهو أولى ما تأول على مالك لا سواه.
قال [ بعض] (ْ) أصحابنا: وهذا إن كان خيارهما للاختبار، وإن كان خيارهما للشورى فهذان قول مالك فى الموطأ ما يشاوش ون فيه (6).
وعلى هذا المعنى يترتب عند أصحابنا مدة الخيار فى طولها وقصرها، وهذا يصح كله فى المشترى.
وأما خيار البائع فهو - اْيضا - مقدار ما يحتاج فيه الخيار فى أخذ الرأى والمشاورة،
فإن ضرب فى الآجل أبعد ما تقدم بكثير فسخ البيع عند مالك، وأجاز الثورى اشتراط عشرة أيام فى الخيار للمشترى، ولا يجوز شرطه للبائع، فإن شرطه فسد البيع.
وأجاز الأوزاعى اشتراط الخيار شهرًا وأكثر، وروى مثله لمالك، ونحوه قول ابن اْبى ليلى والعنبرى والحسن بن صالح وأبى يوسف ومحمد بن الحسن وإسحاق واْبى ثور وفقهاء أصحاب الحديث وداود ؛ أن الشرط لازم إلى الوقت الذى شرطاه.
وذهب اْبو حنيفة والشافعى وزفر والأوزاعى - فى أحد قوليه - إلى أن الخيار لا يعدو
(1)
(3)
(5)
فى اللسان: ضرِى به ضَرا وضراوة، وفى الحديث: (إن للسلام ضراوة) لى عادة ولهجا به لا يصبر عنه.
وفى حديث على - كرم الله وجهه - أنه نهى عن الرب فى الاند الضارى، وهو الذى ضُرً ىَ !د لمر وعود بها.
قال نبو زيد: الضراوة العادة، ضرى الثىَ بالىَ: إذا اعتاده، فلا يكاد يصبر عنه.
اللسان، ما دة (ضرا).
من ق.
الضيعة: هى اْن يضع المال فى يدى المشترى، ثم يخير البائع بين المال ئو الثمن، فقد روى سعيد بن منصور، عن خالد بن عبد الله، عن عبد العزيز بن حكيم قال: رأيت ابن عمر اشرى من رجل بعيرأ، فاخرج ثمنه فوضعه بين يديه، فخيره بين مبيعه لو الثمن.
راجع: الفتح 4 / 385.
مالك فى الموطأ، كالبيوع، ببغ لفيار 2 / 671 برقم (79).
من ق.
للا) انظر: السابق.(5/160)
كتاب البيوع / باب ثبوت خيارالمجلس للمتبايعن 161 44 - (... ) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا لَيْدث.
ح وَحَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْح، أخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أنَّهُ قَالَ: (إِفَا شَبَايَعَ الرخلاَنِ فَكُلُّ وَاحِد مِنْهُمَا بِالخِيَارِ مَالَمْ يَتَفَرَّقَا، وَكَانَا جَمِيغا، أَوْ يُخَيَّرُ أَحَد!مَا الاَخَرَ.
فَإِنْ خَيَّرَ أَحَل!مَا الاَخرَ فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ وَجَبَ البَيع، ياِنْ تَفَرَقَا بَعْدَ أَنْ تَبَايَعَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَاحِد مِنْهُمَا البَيع، فَقَدْ وَجَبَ البَيع).
45 - (... ) وحدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَابْنُ أبِى عُمَرَ، كلاَهُمَا عَنْ سُفْيَانَ.
قَالَ زهُيْز: حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْبم، قَالَ: أمْلَى عَلَىًّ نَافِع ؛ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِفِا تَبَايَعَ المُتَبَايِعَانِ بِالبَيعْ فَكُلُّ وَاحد مِنْهُمَا بِالخِيَارِ مِنْ بَيْعِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أَوْ يَكُونُ بَيْعُهُمَا عنْ خِيَار، فَإِفَا كَانَ يَبْعُهُمَا عَنْ خِيَاَر، فَقَدْ وَجَبمَلا.
زَادَ ابْنُ عُمَرَ فِى رِوَايَتِهِ: قَالَ نَافِع: فَكَانَ إِفَا بَايَعَ رَجُلأ فَا"رَادَ ألا يُقِملَهُ، قَامَ فَمَشَى
ثلاثة أيام ولا تجوز الزيادة عليه، فإن زاد فسخ البغ، وحجتهم حديث منقذ بن حبان، وحديث المصراة، وفيه ذكر ثلاثة أيام (1) قال الشافعى: ولولا ما جاء فيه ما زاد ساعة (2).
وكذلك اختلفوا إذا أطلق الخيار وتبايعا عليه ولم يسميا مدة، فعند مالك أن البغ جائز ويضرب للسلعة: مقدار ما تختبر فيه كما لو ضرباه وبيناه.
وقال اسحاق وأحمد: يجوز البغ ويلتزم الشرط وله الخيار أبلمًا حتى يرد أو يأخذ.
قال ابن أبى ليلى والأوزاعى: البغ جائز والشرط باطل، وشسقط الخيار.
وقال أبو حنيفة وصاحباه والثورى / والشافعى: البغ فاسد، قال أبو حنيفة: إلا فى هذه الثلاث فيجوز، ولا يجوز بعد الثلاث، وقال صاحباه: يجوز متى اْجازه، وقال الشافعى: لا يجوزه إن أجازه فى الثلاث.
وقال الطبرى: البغ صحيح، والثمن حال ويوقف، فإما اْجازه فى الحين أورده.
وقوله: (فمان خَيرَ أحدهما الاَخرَ فتبايعا على ذلك فقد وجب البغ، وإن تفرقا بعد
اْن يتبايعا ولم يترك واحد منهما البغ، فقد وَجَبَ البغُ): كل من أوجب الخيار للمتبايعن يقول: إذا خيره فى المجلس فاختار، فقد وجب البغ دإن لم يفترقا، فالمقتضى هذا اللفظ لاستثناء النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بيع الخيار من تخير المتبايعن قبل الافتراق، وزيادته هذا البيان.
وقوله عن ابن عمر: (وكان إذا بايع رجلأ فأراد اْلا يقبله مشى هنيهة ثم رجع إليه):
(1) ا نظر: ا لاستذكا ر 20 / 247.
(2) راجع: الأم للشافعى 2 / 132.
213 / ب
162(5/161)
كتاب البيوع / باب ثبوت خيارالمجلس للمتبايعين هُنيَةً، ثُمَ رَجَعَ إِلَيْهِ.
46 - (... ) حدثنا يحيى بْنُ يحيى وَيَحْىَ بْنُ أئوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْر - قَالَ يحيى
ابْنُ يحيى: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الآخَرُونَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ - عَنْ عَبْد اللّهِ بْنِ دينَار ؛ أنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (كُل بيعَيْقِ لاَ بَيع بَيْنَهُمَا حَتًى يَتَفَرئاَ، إِلأَ بَيع الخِيَارِ).
أى مئى شيئًا يسيرًا ليقع الافتراق، وهذا يدل على أخذ ابن عمر بالحديث، وأن التفرق بالأبدان، وهو معنى قوله فى الحديث الآخر: (ما لم يتفرقا وكانا جميغا) والهنيهة: الشىء القليل، تصغير هنية، وهى كلمة يعبر بها عن كل شىء، وأظهر تضعيف الهاء فيها عند التصغير.(5/162)
كتاب البيوع / باب الصدق فى البيع والبيان
163
(11) باب الصدق فى البيع والبيان
47 - (1532) حدثنامُحَمَدُ بْنُ المُثَئى، حَاشَا يَحْيَى بْنُ سَعِيد عَنْ شُعْبَةَ.
ح وَحَدثنَا عَمْرُو بْنُ عَلِى حدثنا يحيى بْنُ سَعِيد وَعَبْدُ الرخمَنِ بْنُ مَهْدِىُّ، قَالا: حَدثنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَاقً، عَنْ أن الخَليلِ، عَنْ عَبْدِ الثًه بْنِ الحَارِثِ، عَنْ حَكيم بْنِ حِزَامٍ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: (البيعَانِ بِالخَيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإنْ صَدَقَا وَبَينَا بُورِكً لَهُمَا فِى بَيْعِهِمَا، !اِنْ كَنَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا).
(... ) حدّثنا عَمْرُو بْنُ عَلِى، حَدثنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِئ، حَدثنَا هَمَّام!عَنْ
أبى التياح، قَالَ: سَمعْتُ عَبْدَ الله بْنَ الحَارِث يُحَدِّثُ عَنْ حَكِيم بْنِ حزَامٍ، عَنِ النَّيِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
ًَ
قَالَ مُسْلِمُ بْنُ الحَجَّاج: وُلِدَ حَكِيمُ بْنُ حِزَام فِى جَوْفِ اهَعْبَةِ، وَعَاشَ مِاثَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً.
ومعنى: محق بركة بيعهما: أى نقص ذلك وقلل.
164(5/163)
كتاب البيوع / باب من يخدع فى البيع
(12) باب من يخادع فى البيع
48 - (1533) حدثنا يحيى بْنُ يحيى وَيَحْىَ بْنُ أيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْر - قَالَ
يَحْىَ ئنُ يحيى: أَخْبَرَنَا.
وَقَالَ الاَخَرُونَ: حَدثنَا إِسْمَاعيلُ بْنُ جَعْفَر - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دٍ ينَار ؛ 3نَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ ذَكَرَ رَجُل لِرَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أنَهُ يُخْدَعُ فِى البُيُوع.
فَقَالَ رسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): لمَنْ بَايَعْتَ فَقُلْ: لاَ خِلاَبةَ).
فَكَانَ إِفَ! بَايَعَ يَقُولُ: لاَ خِيَابَةَ.
(... ) ! دثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شتئبَةَ، حَا لنَا وَكِيع، حَا شَا سُفْيَانُ.
ح وَحَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَى، حَا شَا هُحَمَدُ بْنُ جَعْفَر، حدثنا شُعْبَةُ، كِلاَهُمَا عَنْ عَبِدِ اللهِ بْنِ دِينَار، بِهَذَا
وقوله - عليه السلام - للذى كان يُخْدعُ فى البيوع: (إذا بايعت فقل لا خلابة)،
وكان إذا بايع يقول: ا لا خيابة): كذا هى الكلمة الأخيرة بياء باثنتين من تحتها بدل اللام عند أكثر شيوخنا فى هذا الحديث فى مسلم وغيره، وهو الصحيح ؛ لأنه كان أنفع، وعبر بعضهم: ا لا خيانة) بالنون، وهو تصحيف، وفى بعض الروايات فى غير مسلم: وكان يقول: ا لا خذاب) بالذال المعجمة.
قال الإمام: غبن المسترسل وهو المستشلم لبيعه ممنوع، د اذا وقع فله القيام ولا يلزمه الغبن، دان لم يستسلم لبيعه وماكَسه، وكان بصيرًا بالقيمة عارفا بها فلا قيام له ؛ لأنه يكون حينئذ كالواهب لما غبن فيه.
وان كان غير بصير بالقيمة فهذا موضع اختلاف الأئمة، وقد تجاذبوا الاستدلال بالكتاب والسنة، واستدلوا أجمعون بقوله تعالى: { لا تَثُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إلأ أَن تَكُونَ تِجَارَة عَن تَرَافبى ئِنكُم} (1)، فقال من أثبت الخيار بالمغابنة: إن أمضاها عليه كل المال بالباطل فقد نهت عنه هذه الاَية، وقال: من أمضى البيع عليه فإن ذلك عن لّراض، وقد اسشته هذه الآية.
وكذلك - أيضا - تجاذبوا هذا الحديث، فقال بعضهم: فإنه - عليه السلام - أثبت له الخيار فى بعض طرق هذا الحديث.
وذلك يدل على ما قلناه من إثبات الخيار للمغبون.
وقال من أمضى عليه المغابنة: لو كان له ذلك مجرد الغبن ما افتقر إلى الشرط وهو قوله: الا خلابة).
صرجح من اثبت الخيار مذهبه بما قدمناه فى حديث النهى عن تلقى الركبان ؛ لأنه -
(1) 1 لنساء: 29.(5/164)
كتاب البيوع / باب من يخدع فى البيع
الإسْنَادِ، مِثْلَهُ.
وَتثسَ فِى! دِيِثهِمَا: فَكَانَ: إِفَا بَايَعَ يَقُولُ: لاَ خِيَابَةَ.
165
عليه السلام - أثبت للجالب الخيار إذا جاَ إلى السوق، قالوا: وليس ذلك إلا للغبن، وقد تقدم كلامنا على هذا الحديث فى موضعه.
يإذا قلنا بإثبات الخيار بالمغابنة، فإنها ذلك فيما خرج عن المعتاد منها، الذى لا يكاد تسلم منه البياعات.
وقد حده بعض أصحابنا بالثك ؛ لأن كثر البياعات لا تكاد تسلم من الغبن اليسير ؛ ولهذا انتصب التجار، وعليه تقع كثر البياعات.
فكأن المغبون على ذلك دخل.
وقد قال بعض الناس: فى هذا الحديث دلالة على أن الكبير إذا سفه لا يحجر عليه.
وقال بعضهم: وهذا لا تعلق لهم فِه ؛ لأنه لا يجب الحجر على المغبون وانتغ ماله
من يده إذا كان ممسكًا له، ولكنه ينهى عن التجارة المودية لإضاعته.
وقوله: (كان الرجل إذا بايع يقول (1): لا خيابة): أشار بعضهم إلى أنه كان ألثغ ؛ فلهذا غير الكلمة.
قال القاضى: وهذا الرجل هو حبان بن منقذ بن عمرو الأنصارى، والد يحيى، وواسع بن حبان، شهد أحدأ، وقيل: بل هو منقذ أبوه، وكان قد أتى عليه مائة وثلاثون سنة، وكان شج فى رأسه فى بعض مغازيه مع النبى - عليه السلام - على بعض الحصون بحجر مأمومة، تغير منها لسانه وعقله، وذكر الدارقطنى: أنه كان ضرير البصر، وروى أن النبى - عليه السلام - جعل له هذه الثلاث، وكان كثر مبايعته بالدقيق شهر فيها وتبين غبنه.
وقد روى - اْيضًا - أن النبى - عليه السلام - / جعل له مع هذا خيار ثلاثة أيام فيما اشتراه، أو فى كل سلعة ابتعاها.
وقد اختلف الناص فى معنى هذا الحديث، فبعضهم جعله خاصئا لهذا الرجل وغيره،
وأن المغابنة بين الناس ماضية وإن كئرت وهو قول مالك والشافعى وأبى حنيفة، وقيل: للمغبون الخيار لهذا الحديث إذا كثرت، د اليه ذهب البغداديون من المالكين وحددوها بالثلاث، وصار الحديث عاما متعديا.
وقد اختلف الأصوليون فى قضايا الغين، هل تعدى أم تقصر إلا بدليل ؟ وقد اختلف المذهب عندنا فيمن يخدع فى البيوع، هل يضرب على يديه أم لا ؟ وقال بعضهم: فيه حجة على إمضاء بيع من لا يحسن النظر لنفسه وشرائه ما لم يحجر عليه، وفى مذهبنا فى ذلك وغيره اختلاف معلوم.
وقوله: (ذكر لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه يخدع فى البيوع)، وفى حديث اخر: (ممكا)
(1) فى نسخ المال: قال، والمثبت من الصحيحة المطبرعة، ع.
1 / 214
166(5/165)
كتاب البيوع / باب من يخدع فى البيع يدل اْنه ممن لم يبعد ميزه ولا النظر لنفسه بالكلية، ولعله إنما كان يعتريه هذا ويلبس عليه، وأنه تبيئ له ذلك إذا ثبت فيه، اما الذى يضرب على يديه ممن لا يتهم ذلك من نفسه أو من لا يعد المال شيئًا ولا يرجع عن شهوته.(5/166)
كتاب البيوع / باب النهى عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها...
إلخ
167
(13) باب النهى عن بيع الثمار قبل بدوّ صلاحها بغير شرط القطع
49 - (1534) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلى مَالِك عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أن رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنْ بَيعْ الثَّمَرِ حتَى يَبْدُو صَلاَحُهَا، نَهَى ألبَائِعَ وَالمبتَاعَ.
(... ) حدّثنا ابْنُ نُمئر، حَدشَا أبِى، حَدشَا عُبَيْدُ الله عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
50 - (1535) وحدّثنى عَلِىُّ بْنُ حُجْر ال!ئَعْدِىُّ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب، قَالا: حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ أئوبَ، عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أنَّ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنْ بيع الئخْلِ حتَى وقوله: (نهى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن بيع الثمر حتى يطيب)، وفئ حديث اَخر:
(حتى يبدو صلاحه)، وفى بعض طرقه: (عن بيع النخل حتى يزهو) كذا رويناه هنا: (وعن السنبل حتى يبيض، ويأمن العاهة)، وفى رواية اْخرى: (وتذهب عنه الاَفقه - وهما بمعنى - وفى حديث آخر: (حتى يأكل منه اْو يوكل وحتى يوزنأ، وفسر فى الحديث معنى (يزن) أى يخرج، قال الإمام: قال ابن الأعرابى: يقال: زها النخل يزهو: إذا ظهرت ثمرته، وأزها: إذا احمر أو اصفر.
قال غيره: يزهو خطأ فى النخل، إنما هو يُزْهِى.
قال القاضى: قال الأصمعى: لا يقال فى النخل: أزهى، لإنما يقال: زها، وحكاه أبو زيد معا.
وقال الخليل: أزها الثمر: بدا صلاحه.
قال غيره: هو ما احمر واصفر، وهو الرهو والزُهو معًا.
قال الإمام: بيع الثمر قبل الزهو على التبقية ممنوع، وعلى القطع جائز، وفيه خلاف
إذا وقع على الإطلاق، فحمل بعض شيوخنا على المدونة الجواز، وحمل عبد الوهاب على المذهب المنع، وذكر اْن الإجازة هى مذهب المخالف، واحتج للمنع بإطلاق النهى، وهو قوله: الا تبيعوا الثمر حتى يبدو صلاحه)، ولم يفرق.
فخص شرط الجد بالاتفاق على جوازه، وبقى الباقى على عمومه، وتعلق من أجاز بأنه علل المنع بما وقع فى بعض الأحاديث من قوله: (أرأيت إن منع الله الثمرة، فيما يأخذ أحدكم مال اْخيه ؟) (1) دماذا
(1) بهذا اللفظ فى الموطأ، كالبيوع، بالنهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها 618 / 2 برقم (11)، وأخرجه مسلم فى المساقاة، بوضع الحوائج رقم (1555).
بلفظ: (اْرأيتك إن منع الله الثمرة بم تستحل مال اْخيك ؟).
214 / ب
168(5/167)
كتاب البيوع / باب النهى عن بيع الثمارقبل بدوصلاحها
.
إلخ يَزْهُوَ، وَعَنِ السئُنْبُلِ حتَى يَبْيَضَّ وَيَأمَنَ العَاهَةَء نَ! البَائِعَ وَالمُشْتَرِىَ.
جدها فى البيع على الإطلاق امن من هذا الذى علل به ( صلى الله عليه وسلم ) النهى، فوجب الجواز.
وسبب الاختلاف من جهة المعنى: أن الأصلين المتقدمن قد اتفقنا فى أحدهما على
المنع وفى الآخر على الجواز، فيجب أن يعتبر هذا الفرع المختلف فيه بأى الأصلين يلحق ؟ فالأصح عند شيخنا - رحمه الله - إلحاقه بأصل الجواز ؛ لأن الإطلاق فى البيع لا يقتضى التبقية ؛ لأنها انتفاع بملك آخر لم يشترط ولم يقع البيع عليه، فللبائع أن يمنع من بقائها فى نخله إذا لم يشترط ذلك عليه، ولا هو من مقتضى الإطلاق.
[ فإن] (1) كان مقتضى الإطلاق القطع - على ما بينا - كان الجواز أولى، وكمن باع صبرة طعام فى داره، فأراد المشترى أن يبقيها فى دار البائع شهرا، فليس ذلك له باتفاق ؛ لأنه ليس من مقتضى الإطلاق، وكذلك مسألتنا، وكان من منع يرى أن العوائد فى الثمار بقاؤها إلى الطياب، فصار ذلك كالمشروط، ولو اشترى صبرة طعام بالليل بحيث يتعذر نقلها قبل الصباح، لم يلزم المبتاع إخراجها من دار البائع فى الوقت الذى لا يمكن الإخراج فيه ث لأجل اْنه كالمستثنى بقاؤها الزمن المعتاد.
وإذا كان محمل البيع على التبقية عند هولاَ وجب المنع بلا شك.
واْما إذا بيعت الثمرة بعد الزهو مطلفا فعندنا تجب التبقية، وعند أبى حنيفهّ يجب القطع، وكذلك إذا بيعت بعد الزهو[ ب!شرط التبقية] (2) فيجوز عندنا، ويمنع جمند أبى حنيفة، وكان عنده النماَ الحادث بزيادة لم توجد ولم تتحصل، فلا يصح العقد عليها وقد يعارض فى هذا الموضع بأن يقال: إن مذهبكم أنها بعد الزهو / على التبقية، وليس ذلك من مقتضى الإطلاق عندكم كما قلتموه فى مسألة بيعها قبل الزهو على الإطلاق.
قلنا: كأن مالكًا واْصحابه رأوا العادة مطودة فى مشتريها بعد الزهو ؛ أنه لا يشتريها إلا للتبقية وحتى تصير إلى حال يمكن ادخارها فيها، فيحمل الإطلاق على المعتاد فى ذلك، ويوكد جواز اشتراط التبقية بعد الزهو.
قوله: (نهى عن بيع الثمر حتى يزهو): فجعل غاية النهى الزهو، وإذا وقع الزهو وقعت الإجازة على الاطلاق وبخلاف ما قبل الزهو ؛ لأنه نهى عن ذلك - أيضا - مطلفا، ولم تجر فى ذلك عادة واضحة فوقع فيه الاضطراب لذلك.
قال القاضى: وقوله: (وعن السنبل حتى يييض): دليل على جواؤ بيعه إذا ابيض
فى سنبله واشتد، جاز بيعه قبل حصاده، وهو قول مالك والكوفين وكثر العلماَء وقال به
(1) فى جميع نسخ المال: فإذا، وكذا بعض نسخ ع، والمثبت من الصحيحة المطبوعة، ع.
(2) سقط مق الأصل، رامشد رك من الهامة بسهم.(5/168)
كتاب البيوع / باب النهى عق بيع الثمار قبل بدو صلاحها
.
إلخ 169 51 - (1534) حلّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا جَرِير!، عَنْ يحيى بْنِ سَعِيد، عَنْ نَافِعِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (لاَ تَبْتَاعُوا الثمَرَ حَتَى يَبْدُوَ ضَلاَحُهُ، وَتَنْ!بَ عَنْهُ الآفَةُ).
قَالَ: يَبْدُوَ صَلاَحُهُ، حُمْرَتُهُ وَصُفْرَتهُ.
(... ) وحدثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثَنَّى، وَابْنُ أبِى عُمَرَ، قَالا: حَدثنَا عَبْدُ الوَهَّابِ عَنْ يحيى، بِهَنَا الإِسْنَادِ، حَتَى إ ؟ !وَ صَلاَحُهُ، لَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ.
(... ) حدثنا ابْنُ رَافِعِ، حَدثنَا اثنُ أبِى فُلَيْكِ، أخْبَرَنَا الضَحَّاكُ، عَنْ نَافِعِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ الئىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثلِ حَدِيثِ عَبْدِ الوَفَابِ.
(... ) حلئنا سُوَيْدُ بْنُ سَعيد، حَدثنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، حَدثنِى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِ صَدِيثِ مَالِكِ وَعُبَيدِ اللهِ.
52 - (... ) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى ويَحْىَ بْنُ أيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرِ - قَالَ يحيى
ابْنُ يَحْمىَ: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الآخَرُونَ: حَا شَا إِسْمَاعيلُ - وَهُوْ ابْنُ جَعْفَر - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ !ينَارِ ؛ أَدهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
(لاَ تَبِيعُوا الثَّمَرَ حَتَىَ يَبْدُوَ صَلاَحُهُ).
ص ص نص، ص ه، 5، ص ه ص ممص عو، يرص ص، ص ص ص ص يهص ه،
(... ) وحدثنِيهِ زهير بن حربِ، حدثنا عبد الرحْمنِ، عنْ سفْيان.
ح وحدثنا ابن المُثَئى، حدثنا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرِ، حدثنا شُعْبَةُ، كِلاَهُمَا عَنْ عَبْد اللهِ بْنِ دِينَار، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
!زَادَ فِى حَدِيث شُعْبَةَ: فَقِيلَ لابْنِ عُمَرَ: مَا صَلاَحُهُ ؟ قَاً: تَنْ!بُ عَاهَتهُ.
الشافعى مرة، وقال - أيضًا -: لا يجوز حتى يحصد ويدرس ويصفى من تبنه وهو اول قوليه، ولا خلاف لا يجوز إذا اختلط فيه الأندر للدراسى، أو كدس بعضه على بعض قبل تصفيته.
واختلف عندنا إن كان حزما أو قفصًا يأخذها الحزر والتحرى، ولا تخفى فى تعيينها على قولن.
ولم يختلف عندنا فى جواز بيعه قائمًا فى سنبله فى فداء دينه بعد طيبه ويبسه، وتفريقه - عليه السلام - بين الزرع فى هذا والثمار، فأجاز بيع الثمار بأول طيبها، ولم يجزه فى الزرع حتى يتم طيبه ؛ لأن الثمار توكل غالبا، وتسمتعمل من أول طيبها، وهذا معنى قوله فى رواية: (وتوكل منه)، والزرع إنما يؤكل ويستعمل غالبًا بعد يبسه وتمامه.
واختلف العلماَء فى معنى نهيه - عليه السلام - عق بيع الثمار قبل بدو صلاحها،
170(5/169)
كتاب البيوع / باب النهى عن بيع الثمارقبل بدوصلاحها
.
إلخ 53 - (1536) حئثنا يحيى بْنُ يحيى، أَخْبَرَنَا أبُو خئثَمَةَ، عَنْ أن الز!لير، عَنْ جَابر.
- ص محصءه ص، 5،،، - ص محص، ص " - محصء، يي ص صَ ص صَ ص - َ ءً ه ح وحدثنا احمد بن يونس.
حدثنا زهير، حدثنا ابو الزبيرِ، عنِ جابِرٍ، قال: نهى - او نَهَانَا - رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ بَيع الثمَرِ حتَى يَطِيبَ.
ص محص "ص، 5، نص ص ص ه ص يرص محص، ص - ص !، صء،
54 - (... ) حدثنا أَحمد بن عثمان النوفلى.
حدثنا أَبو عام م.
ح وحدثنى محمد ه، - - يره، ص، ص محص ص ه " ص صَ محص ص ص ير، 5، 5َ صً ص ص محرَص 5، 5، ابن حاتِم - واللفظ له - حدثنا روح.
قالا: حدثنا زكرِياء بن إِسحاق، حدثنا عمرو بن دِينَارٍ ؛ أنّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: نَهَى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ بَيْع الثمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهُ.
55 - (1537) حدثنا مُحَفدُ بْنُ المُثثى وَابْنُ بَشَارٍ، قَالا: حَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدثنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أبِى البَخْثَرِئِ، قَالَ: سَألتُ ابْنُ عَئاس عَنْ بَيْعِ الئخْلِ ؟ فَقَالَ: نَهَى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ بَيعْ النخْلِ حتى يَكُلَ مِنْهُ أوْ يُؤْكَلَ، وَحَتى يُوزَن.
قَالَ: فَقُلتُ: مَا يُوزَنُ ؟ فَقَالَ رَجُل عِنْدَهُ: خثى يحْزَرَ.
56 - (1538) حدّثنى أبُو كُريب مُحَمَدُ بْنُ العَلاَء، حَا شَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ أبِيهِ، عَنْ ابْنِ أبِى نُعْمٍ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةً، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (لاَ تَبْتَاعُوا الئمَارَ حتَى يَبْل!وَ صَلاَحُهَا).
57 - (1534) حَدثنَا يحيى بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَن الرفرئ.
ح
ص ص محص ه،، كاص، صر، 5، ص ه ص ه،، ص ص ص محص، 5 ص، صَ محص ص ه ووحدثنا ابن نميرٍ، وزهير بن حرب - واللفظ لهما - قالا: حدثنا سفيان حدثنا الزهرِص! عَنْ سَالِمٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ؛ أنَّ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنْ بَيعْ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُو صَلاحُهُ، وَعَنْ بَيعْ الئمَرِ بِالئمرِ.
فذهب اْبو حنيفة اْن ذلك على الندب لا على الوجوب، وأمضى بيعها إذا ظهرت وان لم يبد صلاحها، سواء وبرت أو لم توبر، اشترط جذها أو لم يشترطه، وعلى المشترى جذها وقطعها ما لم يشترط تبقيتها إلى الجذاذ، فيفسد به البيع، وهذا كأحد القولن عندنا.
وقال جمهور العلماء بفساد البيع إلا أن يشترط الجذ وهو أظهر القولن عندنا، وروى عن الثورى وابن أبى ليلى أنه لا يجوز بيع الثمار قبل بدو صلاحها جملة، شرط(5/170)
كتاب البيوع / باب النهى عن بيع الثمارقبل بدوصلاحها...
إلخ 171 (1539) قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَحَدثنَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) رَخَّصَ فِى بَيعْ العَرَايَا.
زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ فِى رِوَايَتِهِ.
أنْ تُبَاعَ.
58 - (1538) وحدّثنى أبُوالطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ - وَاللَّفْظُ لِحَرْمَلَةَ - قَا لاَ: أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شهَابٍ، حَدثنِى سَعيدُ بْنُ المُسَيَّبِ وَأبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْد اً لرَّحْمَنِ ؛ أن أبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: َ قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) 5َ (لاَ تَبْتَاعُوا الثمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاً حُهُ، وَلاَ تَبْتَاعُوا الثَّمَرَ بِالتَّمْرِ).
قال ابْن شِهابٍ: وحدثنِى سالِم بْن عبْد اللّه بْنِ عمر عنْ أبيه، عَنِ النّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم )، مثْلَه، سَوَاءً.
ًً
جذها أو لم يشترطه، وقول الجماعة أصح عنهما، وأما إذا بدا صلاحها فجائز عند جميعهم شرط نهايتها، ويلزم الشرط إلا عند أبى حنيفة وأبى يوسف، فيفسد عندهم البيع بهذا الشرط، وعند مالك: اْنه يلزم البائع تبقيتها إلى الجذاذ دان لم يشترط البقاء.
وقال ابن حبيب هى على الجذ حتى يشترط البقاء.
172(5/171)
كتاب البيوع / باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا فى العرايا
(14) باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا فى العرايا
59 - (1539) وحدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافع، حَدثنَا حُجَيْنُ بْنُ المُثَثى، حَدثنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْل، عَنِ ابْنِ شهَاب، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّب ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنْ بَيعْ المُزَابَنَة وَالمُحَاقَلَة.
وَالمُزَابَنَةلم أنْ يُبَاعَ ثَمَرُ النَّخْلِ بالتًّمْرِ.
وَالمُحَاقَلَةُ أنْ يُبَاعَ الزَّرْعُ بالقَمْح، وَاسْتِكْرَاءُ اَلأرْضِ بِالقَمْح.
قَالَ: وَأخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عبد اللهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) انَهُ قَالَ: (لاَ تَبْتَاعُوا الثَّمَرَ حَتَى يَبْمُوَ صَلاَحُهُ، وَلاَ تَبْتَاعُوا الثَّمَرَ بِالتَّمْرِ).
وَقَالَ سَالِئم: أخْبَرَنِى غثدُ اللّهِ عَنْ زيدِ بْنِ ثَابِت، عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أنَّهُ رَخصَ بَعْدَ
وقوله: (ونهى عن المزابنة والمحاقلة).
والمزابنة: اْن يباع ثمر النخل بالتمر.
والمحاقلة: أن يباع الزرع بالقمح واستكراء الاَرض بالقمح، وفى الحديث الآخر: (نهى عن بغ الثمر بالتمر)، وقال: (ذلك الربا) فلغى المزابنة، وفى الحديث الاخر مكان (الربا): (الزبن) وهو من معنى المزابنة.
والخرص بالفتح اسم الفعل، وبكسر الخاء اسم الشىء المخروص، كالنتح والنئح.
وقوله: (حتى ياْمن العاهة) (1) هى الافة تصيب الثمار والزرع فتفسده.
قال الخليل: العاهة: البلية تصيب الزرع والناس، قال غيره: هى الافة تصيب المال.
قال الأمام: ذكر هاهنا النهى عن المزابنة، وفسرها بتفاسير مختلفة يجمعها عندنا أصل واحد، وإن كان بعضها أوسع من بعض وأبسط، وقال فى طريق: (إنها بيع ثمر النخل بالتمر)، وزاد فى طريق اَخر: (الكرم بالزبيب كيلاً)، وفى طريق آخر: (بيع الزرع بالحنطة كيلأ)، وقال فى بعض طرقه: (عن كل ثمر بخرصه).
وعقد المذهب فى المزابنة عندنا أنها بيع معلوم بمجهول من جنس واحد، أو بيع مجهول بمجهول من جنس واحد أيضا، فإن كان الجنس مما فيه الربا دخله وجهان من التحريم: الربا والمزابنة.
أما دخول الربا فيه، فلجواز أن يكون أحدهما كثر من الاَخر، ولا فرق بين تجويز ذلك أو تيقنه فى المنع.
(1) تقدم بالباب للسابق برقم (50).(5/172)
كتاب البيوع / باب تحريم بيع الرطب بالتمرإلافى العرايا كي ا فَلِكَ فِى بَيعْ العَرِئةِ بِالرُّطَبِ أوْ بِالتَمْرِ، وَلَمْ يُرَخصْ فِى غَيْرِ فَلِكَ.
60 - (... ) حئثنا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِك عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ،
وأما دخول المزابنة فيه، فلأن أصل الزبن فى اللغة الدفع، ومنه قوله تعالى:
{ سَنَدْغ الزَّ ؟ يِخَ!} (1) يعنى ملائكة النار ؛ لأنهم يدفعون الكفرة فيها للعذاب، ومنه قيل للحرب: ذبون ؛ لأنها تدفع بنيها للموت، ومنه قول معاوية: ربما زبنت، يعنى الناقة فكسرت أنف حالبها /، يقال للناقة إذا كانت عادتها اْن تدفع حالب!ا عن حلبها: زبون، فكأن كل واحد من المتبايعيئ يزبن صاحبه عن حقه بما يزداد منه، أو إذا وقف أحدهما على ما يكره تدافعا، فحرص على فسخ البيع، وحرص الآخر على إمضائه، وهذا ثمبيه بتسميته ما يوخذ عن العيب أرشا، لما فيه من التنازع والخصومة، يقال: أرشت بين القوم تأريثثا: إذا أفسدت.
وألقيت بينهم الشر، والأرش مأخوذ من التأريش، وإذا ثبت أن هذا أصله، وإذا كانت الأشياء متجانسة انصرفت الأغراض إلى القلة والكثرة، فيقول كل واحد: لعل ما آخذه كثر فأغبئ صاحبى، وهذا لا يرتفع حتى يكونا جميغا معلومين، وأما إن كانا مجهولن أو أحدهما فهذا التدافع حاصل، فمنع لذلك وإن لم يكن ما وقع عليه التبايع فيه الربا.
وقوله فى بعض الطرق: (وعن كل تمر بخرصه " يوكد ما قلنا فى تفسيرها، لكن إذا تباين الفضل أنه فى أحد الجانبين جاز ذلك فيما يجوز فيه التفاضل ويقدر المغبون واهبا للفضل لظهوره له، واذا كانت الأشياء مختلفة ولا مانع يمنع من العقد عليها لم يدخلها التزابن ؛ لصحة انصراف الأغراض ؛ لاختلاف المعانى فى الأعواض.
قال القاضى: ما فسر به المزابنة فى الحديث هو أحد أنواعها كما ذكر، ونبه بذلك
على غيره، كما فسره مالك فى الموطأ من قوله فى المزابنة: إن كل شىء من الجزاف الذى لا يعلم كيله ولا وزنه ولا عدده لا يباع بشىء من المكيل أو الموزون أو المعدود، إلى آخر ما ذكره فى الموطأ (2) من أنول المخاطرة فى تقرير المبيع من المطعوم وغيره، وقد عقد فيه قبل ما يكفى.
قال ابن حبيب: الزبن والمحاقلة الخطر، وقيل: هو من الزبن وهو الدفع، كأنه دفع عن البيع الشرعى وعن معرفة التساوى.
ومعنى لّوله: (بيع الزرع بالحنطة كيلأ "، وكذلك قال فى العنب والزبيب والثمر والتمر والظاهر اْن الكيل إنما هو فى أحدهما، وهو الذى يتأتى منه الكيل مما يبس ويقع المخاطر فى الاَخر، ولذلك نهى عنه، إذ لا يدرى مقدار ما يدفع منه، ألا تراه كيف قال فى الحديث: (إن زاد فلى، د ان
(1)1 لعلق: 18.
(2) كالبيوع، بما جاَ فى المزابنة والمحاقلة 2 / 625.
1 / 215
215 / ب
174(5/173)
كتاب البيوع / باب تحريم بغ الرطب بالتمرإلافى العرايا عَنْ زَيْد بْنِ ثَابِ!ت: أن رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) رَخصَ دصَاحبِ العِرية أنْ يَبيعَهَا بخِرْصِهَا مِنَ التَمْرِ.
ًًَ
61 - (... ) وحدثنا يحيى بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا سُلممَانُ بْنُ بِلاَل، عَنْ يحيى بْنِ سَعِيد،
نقص فعلى) ؛ ولهذا قلنا فى غير الطعام الذى لا يجوز فيه التفاضل: لو حقق أن ما وقع إليه أكثر أو أقل لجاز، وقد ارتفع.
وأجمع العلماء على أنه لا يجوز بيع الزرع قبل حصده بالطعام، ولا بيع العنب والنخل قبل جذه بالتمر أو الزبيب.
واختلفوا فى بغ رطب ذلك تبايعه مجذوذ، فحمله بعضهم على منعه، لا يجوز متفاضلا ولا متماثلا.
وأجازه أبو حنيفة متماثلا، وخالفه صاحباه، ومنعه أصحابنا فى كل رطب ويابس من الثمار، وأجاز بعضهم ذلك فيما يجوز فيه التفاضل إذا تبيئ الفرق، وهو الصحيح وعليه حمل مجمل قول الأخرين.
قال الإمام: وأما قوله: (والمحاقلة اْن يباع الزرع بالقمح واستكراء الأرض بالقمح)
هذا الذى وقع فى التفسير فى هذا الحديث، وبعض اْهل اللغة يقول: الحقل اسم للزرع الأخضر، والحقل اسم للأرض نفسها التى تزرع فيها.
وفى الحديث: (فما تصنعون بمحاقلكم) (1) أى بمزارعكم، يقال للرجل: أحقل، أى أزرع.
وقال الليث: الحقل الزرع إذا تشعب من قبل اْن تغلظ سوقه.
فإن كانت المحاقلة مأخوذة من هذا فهو من بغ الزرع قبل إدراكه.
قال: والحقلة: المزرعة، ويقال: لا تنبت البقلة إلا الحقلة.
وقال اْبو عبيد: هو بغ الطعام وهو فى سنبله بالبر مأخوذ من الحقل، وهو الذى يسميه الناس بالعِرَاق: القراح.
وقال قوم: هى المزارعة بالجزء مما تنبت الأرض.
قال الإمام: الذى وقع فى الحديث من التفسير يجمع هذا كله ة لأنَّا إنْ قلنا: إن ذلك تسميته للزرع الأخضر فكأنه نهى عن بيعه بالبرث إذ بيعه بالعروض والعن يجوز إذا كان معلوما، وكأن المحاقلة تدل على ذلك لأنها مفاعلة ؛ ولذلك قال أبو عبيد فى تفسيرها: إنها بغ الطعام فى سنبله بالبر، وظن الآخرون أنها بيعه قبل زهوه /، فكأنه قال: نهى عن بيع الزرع الأخضر، وهذا يطابق قوله: (نُهى عن بغ النخل حتى يزهو، وعن السنبل حتى يبيض)، فهذه طريقة من صرف التسمية إلى الزرع الأخضر.
ووقع الاختلاف بينهم هل المراد بيعه وهو أخضر قبل زهوه، أم المراد بيعه فى سنبله بقمح اَخر لا يعلم حصول التماثل بينهما ؟ والوجهان نوعان اذا بغ فى الوجه الأول على التبقية، وطريقهّ من صرفه إلى الأرض نفسها اختلف - أيضا - هل المراد اكتراؤها بالحنطة
(1) سيأتى فى باب كراء الأرض برقم (114).(5/174)
كتاب البيوع / باب تحريم بيع الرطب بالتمرإلافى العرايا 175 أخْبَرَنِى نَافِع ؛ أنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَ يُحَدَفُ: أن زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ حَدثهُ ؛ أن رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) رَخصَ فِى العَرِيهةِ يَأخُنُ!ا أهلُ البَيْتِ بِخَرْصِهَا تَمْرًا، يَاكُلُونَهَا رُطئا.
(... ) وحدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ المُثَئى، حدثنا عَبْدُ الوَفَاب، قَالَ: سَمعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: أخْبَرَنِى نَافِع، بِهَنَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
أم اكتراؤها بالجزء مما تنبت ؟ والوجهان - أيضا - ممنوعان عندنا، وخالفنا فى جواز ذلك غيرنا من العلماء.
وسنتكلم عليه فيما بعد إن شاء الله.
قال القاضى: اختلف العلماء فى اكتراَ الأرض بالحنطة والطعام، وبما تنبته الأرض، وبالجزء مما يخرج منها.
وسيأتى الكلام على هذا مستوعئا فى بابه إن شاَ الله تعالى.
وقوله: (ورخص فى بيع العرية بالرطب اْو بالتمر) وفى الرواية الأخرى: (رخص
فى العرية يأخذها أهل البيت بخرصها تمرا، يأكلونها رطئا)، وفى رواية أخرى: (رخص فى العرية يأخذها أهل البيت)، وفى الرواية الأخرى: (والعرية النخلة، تجعل للقوم فيبيعونها بخرصها تمرا)، وفى الرواية الأخرى: (أن توخذ بخرصها)، وفى حديث مالك: (فيما دون خمسة أوسق، أو فى خمسة أوسق)، قال الإمام: اختلف الناس فى حقيقتها، فمذهبنا أنها هبة الثمر ثم اشتراؤه بتمر إلى الجذاذ يفعل ذلك للرفق بمعراها، وحمل المؤنة عنه ويفعل ذلك لنفى تجشم بدخوله وخروجه للحائط.
وعند الشافس أنها النخلة، يبيع صاحبها رطبها بتمر إلى الجذاذ على ما وقع من تفسير يحعا هاهنا فى كتاب مسلم.
وفى بعض الروايات: أنهم شكوا للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) اْنهم لا ثمر عندهم، وعندهم فضول أقواتهم من التمر فأرخص لهم أن يشتروا بذلك الرطب لحاجتهم إليه، وعند أبى حنيفة أنها إعطاء التمر هبة كما قال مالك، ولكنه يرى أن للواهب أن يرجع فى هبته قبل القبض، ولا يلزمه إياها، وبأنها باقية على ملكه، فاسترجع ملكه وأعطى للموهوب المرتجع منه تمرَا تفضلأ منه وهبة أخرى.
وهذا الذى قاله ساقط من وجوه ؛ لاَن ذلك لا تحريم فيه على أهله فيعبر عنه بالرخصة.
فإن قيل: إنما عبر عن ذلك لارتجاعه هبته قلنا: الهبة عندكم لا تلزم، والانسان ليس بممنوع أن يرجع فيما لا يلزم على أن الترخيص بعد ذكر المزابنة، وتفسيرها بأنها: بيع الثمر بالتمر، يشعر بأن فيها معنى من هذا الممنوع وعلى أصلهم لا معنى فيها من هذا الممنوع.
وقد وقع فى بعض الطرق: (رخص فى بيع العرايا) فسمى ذلك بيعًا، وعلى أصلهم ليس هناك بيع، إذ لا يبيع الانسان ملكه بملكه، وأيضا فإنه حدد الرخصة بخمسة
176(5/175)
كتاب البيوع / باب تحريم بغ الرطب بالتمرإلافى العرايا 62 - (... ) وحدتمناه يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أخْبَرَنَا هُشَيْم، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيد، بِهَذَا الإِسْنَادِ غَيْرَ أنَهُ قَالَ: وَالعَرِئةُ النَخْلَةُ تُجْعَلُ للِقَوْم فَيَبِيعُونَهَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا.
63 - (... ) وحدّثناه مُحَمَدُ بْنُ رُمْح بْنِ المُهَاجِرِ، حَد، شَا اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيد.
عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ، حَدثنِى زَيْاُ بْنُ ثَابِت ؛ أَن رَيولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) رَخصَ فِى بَيْعً العَرِيَّةِ بِخِرْصِهَا تَمْرًا.
قَالَ يحيى: العَرِئةُ أنْ يَشْتَرِىَ الرَجُلُ ثَمَرَ النَخَلاَتِ لِطَعَام أهْلِهِ رُطما.
بِخَرْصِهَا تَمْرم.
1 / 216
أوسق أو دونها.
ولا معنى للتحديد على أصله ؛ لأن للإنسان عندهم أن يرتجع الهبة قلّت اْو كثرت.
وقد اختلف أهل اللغة فى هذه التسمية، فقال بعضهم: ذلك مأخوذ من عروت الرجل: إذا أتيته تسأل معروفه، فأعراه نخله على هذا: أعطاه ثمرها، فهو يعروها، أى يأتيها ليثل ثمرها (1).
وهم يقولون: سألنى فأسألته، وطلبنى فأطلبته، فعلى هذه الطريقة هى التى فسرها بها بعض أهل العلم، وهى التى صوب أبو عبيد فى التفسير وهو من أئمة اللغة، يتضح ما قاله مالك ؛ لأن ما قاله الشافعى وأجازه ليس فيه هبة، ولا عطية.
وقد قال بعض أهل اللغة: إنها مأخوذة من كون المعرى قد أخلى ملكه عنها، وأعراها عن ملكه.
وعلى هذا يصح صرف العرية إلى إخلائه ملكه من الثمر، اْو من بعض الشجر.
ويكون لما قاله الشافعى على طريقة هولاء فى الاشتقاق وجه.
ويوكد الشافعى - أيضا - ما قاله بما ذكرناه من التفسير الذى حكاه مسلم فى كتابه.
وأما ما ذكرنا اْنه وقع فى بعض الطرق هاهنا: أنه أرخص بعد ذلك / فى بغ العرية بالرطب أو بالتمر، ولم يرخص فى غير ذلك، فهذا مخالف فى ظاهره لما أصلناه ؛ لأنه لا يجوز بيعها بالرطب، دإنما هى رخصة فلا تجوز إلا على ما وردت به، وجل الأحاديث لم يذكر فيها إلا شراؤها بالتمر وهذا ينفى الذى وقع هاهنا بالرطب، أو بالتمر، لو تركنا، ومقتضى اللسان لاحتمل أن يكون شكا من الراوى هل قال النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بالرطب أم قال بالتمر ؟ وشك الراوى يمنع من التعلق به فى الرطب.
وقد وقع فى غير كتاب مسلم: عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه ؛ أنه ( صلى الله عليه وسلم ) رخص فى بغ العرايا بالتمر والرطب (2).
بخلاف ما رواه مسلم عن سالم بن عبد الله عن (1) انظر: الاستذكار 19 / 118.
(2) أبو داود، كالبيوع، بفى بيع العرايا رقم (3362)، النسائى، كالبيوع، ببيع الكرم بالزبيب رقم -(5/176)
كتاب البيوع / باب تحريم بيع الرطب بالتمرإلافى العرايا كلا ا 64 - (... ) وحل!ثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدثنَا أبِى، حَدثنَا عُبَيْدُ اللهِ، حدثنى نَافِع عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِت ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) رَخَّصَ فِى العَرَايا أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا كئلأ.
65 - (... ) وحدّثناه ابْنُ المُثنى، حَا شَا يحيى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبيدِ اللهِ، بِهَنَا الإِسْنَادِ.
وَقَالَ: أنْ تُؤْخَذَ بِخَرْصِهَا.
زيد بحرف لأ أو)، وقد قال بعض أصحابنا: فى حديث خارجة هو حديث انفرد به راويه، وجاء بخلاف سائر الأحاديث وذلك يقدح فيه، وأشار بعض أصحابنا إلى حمله على الوجه الجائز المطلق لسائر الأحاديث، وأن المراد بهذا اللفظ شراء الرطب ليوكل بالتمر، ويكون المعنى على قولهم: أنه قصد إلى ذكر الجنسن المتبايع بهما على الجملة، وكان العرايا وقع فيها التبايع بالرطب والتمر أحدهما بالآخر، ولكن الصفة التى يقع ذلك عليها يوجد بيانها من الأحاديث الاْخر.
قال القاضى: العرية مشددة الياء، وليست من العارية.
واختلف فى اشتقاقها، فقيل: إنه من الطلب كما ذكر، فيكون هنا عرية فعيلة بمعنى مفعولة، أى عطية، وتكون - أيفئا - على هذا المعنى مأتية ومطروقة ؛ لأن الذى أعطيها يختلف إليها من عرو فى الرجل إذا ألممت به، وقيل: لأنها أعريت من السوم عند البيع للتمر، فتكون فى كل هذا اسفا للثمرة، وقد تكون بمعنى أن النخل عريت[ عن الثمر بهذه الهبة، وقيل: لأن مالكها أخلى ملكه منها، فعلى هذين القولن الأخيرين يصح ما فسرها به الشافعى من النخلة، وهى على هذا لاشتقاق فعيلة بمعنى فاعلة] (1)، وقيل: لأنها عريت من جملة التحريم وعلة المزابنة، وقيل: هى النخلة للرجل فى نخل الغير، فيتأذى به صاحب النخل، فرخص له فى شرائها منه بخرصها ومضى مذهب الانفراد، يقال: أعريت هذه النخلة: إذا أفردتها بالبيع، أو بالهبة، وقيل: هو شراء من لا نخل له ثمر النخلة من صاحب النخل لها كلها هو وعياله رطئا.
وعليه يدل ظاهر تفسيرها فى حديث زيد: (النخلة يأخذها أهل البيت بخرصها تمرا يأكلونها رطبً ال على ما ذهب إليه المخالف.
وهذا يأتى على معنى إفرادها من البيع المتقدم.
وقيل: مرادها التمرة إذا أرطبت سميت بذلك ؛ لأن الناس يعرونها أى يأتونها لالتقاط ثمرها، ولا فرق فى المعنى، واسمها عطية أو هبة، أو منحة، أو عرية.
- (4537)، والبيهقى فى السق الكبرى 5 / 311.
(1) سقط أن الأصل، واستدرك فى الهامث!.
216 / ب
178 (5/177)
كتاب البيوع / باب تحريم بيع الرطب بالتمرإلافى العرايا 66 - (... ) وحدّثنا أبُو الرئيع وَأبُو كَامِلٍ، قَالا: حَدثنَا حَمَّاد.
ح وَحَدثنِيه عَلِىّ بْنُ حُجْرٍ، حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ، كِلاَهُمَا عَنْ ؟لوبَ، عَنْ نَافِعٍ، بِهَنَا الإِسْنَادِ ؛ أن رَسُولً اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) رَخصَ فِى بَيعْ العَرَايَا بِخِرْ!هَا.
وأما فى الحكم المرخص فيه فيها فلم يحكم لها جل أصحابنا به إلا إن منحها بلفظ العرية، وعرفها خصوصا لا بغيرها من الأسماء.
وابن حبيب منهم لا يراعى الاسم ويجرى الحكم فيما منح بهذه ال اللفاظ.
قال القاضى: ومعنى قوله: (بخرصها): قال مالك: إنما صاع العرايا بخرصها من التمر بتمر ذلك، ويخرص فى رؤوس النخل، وليست له مكيلة، وانما رخص فيه لأنه أنزل بمنزلة التولية، والإقالة والشركة، وقد ذهب أحمد بن حنبل فى تأويل العرايا إلى ما ذهب إليه مالك (1)، إَلا اْنه خالفه فى جواز بيعها من ربها وغيره.
وهو قول الأوزاعى لظاهر إطلاق الحديث، وعموم بيعها، ومشهور مذهب مالك قصر جواز بيعها من ربها لخرصها تمرا إلى الجذاذ، وذلك بعد صلاح العرية، وروى عنه: لا يجوز بخرصها ويجوز بغيره، وروى عنه: اْنها تجوز بخرصها، وبغيره وبالعروض، وبالطعام يريد على الجذ، وروى عنه: أنه لا يجوز شراؤها إلا بخرصها، ولا يجوز بيعه من دنانير أو دراهم أو غير ذلك ؛ لاءنه من باب العود فى الهبة وبالخرص رخصة لا تتعدى قبل اختلاف قوله فى ذلك على اختلاف الأصل فى تقديم خبر الواحد على القياس على الأصول، وتقديمها عليه، وعلى الاْصل فى اْن الرخص لا يتعدى بها معها، فإذا منع بالخرص يقدم القياس على الأصل فى النهى عن بيع ثمر النخل بالتمر كيلاً، مع اختلاف الناس فى تفسير / الحديث، لكن هذا القول ضعيف وشاذ من قوله ؛ لأن فى تفسير هذا الحديث هذا الاستثناء، وليس الاْخذ لبعضها أولى من الأخذ بنا فيه.
وأما مشهور قوله بأنها لا تجوز إلا بخرصها إلى الجذاذ، فلم ير تعدى الرخصة عن وجهها وهو اْظهر، ورأى فى قوله عموم شرائها بكل شىء بالقياس على الرخصة بالخرص، وأنه إذا جاز به كان أولى بغيره، مع اْنها هبة منافع.
والحديث فى منع الرجوع فى الهبة إنما جاء فى الرقاب وما لم يبق فيه للواهب تعلق.
وشراء العرية هنا زيادة معروف لكفايته الموونة وضمانه المنفعة، ولدفع المضرة عن نفسه.
وقد روى ابن نافع فى تفسير العرية عن مالك (2) غير المعروف من قوله اْنها النخلة، تكون للرجل فى حائط الآخر يريد صاحب الحائط شراءَها إذا أزهت بخرصها تمرًا عند الجذاذ، وهذا نحو قوله فى المدونة من
(1) انظر: الاستذكار 9 / 120 وما بعدها.
(2) لفظر: المصدر للسابق 19 / 129.
(5/178)
كتاب البيوع / باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا فى العرايا 179 67 - (1540) وحدّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ القَعْنَبِى، حدثنا سُلَيْمَان - يَعْنِى ابْنِ بلاَل - عَنْ يحيى - وَهُوَ ابْنُ سَعِيد - عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَار، عَنْ بَعْضِ أصْحَابِ رَسُول اللّهِ كَلم! مِنْ أهْلِ !ارِهِمْ - مِنْهُمْ سَهْلئنُ أبِى حَثْمَةَ - أنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنْ بَيعْ الَثمَرِ بِالتَّمْرِ.
وَقَالَ: (ذَلكَ الرلّاَ، تِلكَ المُزَابَنَةُ)، إِلأَ أَنَّه رخَّصَ فِى بَيعْ العَرِيَّة، النَخْلَة والنَّخَلَتَيْنِ، يَاخنُ!ا أهْلُ البَيْتِ بِخِرْ!هَا تَمْزا، يَاكُلُونَهَا رُطما.
رواية ابن القاسم فى هذه المسألة: لا بأس بذلك إذا كان على وجه الرفق والكفاية، لا على وجه دفع الضرر وعكس هذا الجواب والتعليل عند الملك، وهذا كله نحو قول الشافعى، إلا أنه يجيز بيعها من رب الحائط وغيره، ولا يجيز تأخير التمر.
وذهب أبو حنيفة (1) وأبو يوسف فى تفسير العرية أنها النخلة يهب صاحبها*لمرها للرجل فلا يقبلها، ثم يبدو لصاحبها أن يمسكها ويعوضه ثمرها خرصها تمرا.
وقوله فى الحديث فى تفسير العرية: أنها النخلة (2) تجعل للقوم: يدل على ما ذهب
إليه مالك فى مشهور قوله، وجمهور العلماء موافقون لمالك أنها لا تباع بخرصها إلا بعد الزهو.
وشرط مالك فى ذلك كون الخرص إلى الجذاذ، وهو قول جل أصحابه، ولم يجيزوا بالنقد، وأجازه بعضهم إذا وقع، ومنع الشافعى وأحمد التأخير فى ذلك وقالا: لا يجوز بالنقد ونصه على النخلة فى نفسها، وكذلك استثناؤه العرية من بيع ثمر النخل بالتمر.
وقوله: (بخرصها): يدل على اختصاصها بالنخل وما فيه الخرص، وكذلك قصرها مالك على النخل والعنب ؛ لأنه الذى فيه الخرص، وهو قول الشافعى.
وأجازها مرة فى كل ما يبقى ويدخر من الثمار، ويحتج بقوله: (نهى عن بيع كل لْمر بخرصه)، ثم استثنى العرية.
وقال بعض أصحابنا: هى جائزة فى كل ثمرة مدخرة اْو غير مدخرة، وقاله الأوزاعى (3)، وقال الليث: لا تجوز إلا فى النخل خاصة.
وفى قوله: (أرخص فى العرايا): ما يدل على أنها رخصة مخصوصة، وقد أبان
العلة بقوله: (يثلها أهلها رطئ ال، فدل أن علتها الرفق وهو أحد عللها عندنا، وقيل: رفع الضرر، وقيل بهما جميعًا.
وعلى هذا اختلف عندنا فى فروع من مسائلها.
وإذا كانت الرخصة معللة بحديث وهو الصحيح، وكثيرا ما يقول كثير من العلماء: أن الرخص لا تعدى ولا يقاس عليها، وهذا فيما لم يشر الشرع إلى علته.
وبحسب هذا وقع الاختلاف فى قصر العرية على النخل أو تعديتها إلى غيرها، وفى شراء غير المعرى من
(1) لفظر: ا لاصتذكار 19 / 130.
(3) انظر: المصدر الابق 19 / 128.
(2) انظر: المصدر الابق 19 / 126.
217 / َ ا
180 (5/179)
كتاب البيوع / باب تحريم بغ الرطب بالتمرإلافى العرايا هلا - (... ) وحدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حدثنا لَيْثٌ.
ح وَ حدثنا ابْنُ رُمْح، أخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يحيى بْنِ سَعِيد، عَنْ بُشيرِ بْنِ !يَسَار، عَنْ أصْحَاب رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنَّهُمْ قَالُوا: رَخَّصَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى بًيعْ العَرِئةِ بِخَرْصِهَا تَمْرم.
69 - (... ) وحدّثنَا مُحَمَدُ بْنُ المُثَنَّى لَاِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ أبِى عُمَرَ، جَمِيعًا
عَنِ الثَّقَفِىِّ، قَالَ: سَمعْتُ يحيى بْنَ سَعِيد يَقُولُ: أخْبَرَنى بُشَيْرُ بْنُ يَسَار عَنْ بَعْض! أصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، مِنْ أهْلِ ! ارِهِ ؛ أن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى.
فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَليثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلي عَنْ يحيى.
غَيْرَ أنَّ إِسْحَقَ وَابْنَ المُثنى جَعَلاَ مَكَانَ (الربا): (الزَّبْنَ !.
وَقَالَ ابْنُ أمِ! عُمَرَ: الرَبا.
(... ) وحدّثناه عَمْزو النَّاقِدُ و، بْنُ نُمَيْرٍ، قَالا: حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يحيى بْنِ
المعرى، أو شراء المعرى ممن اشتراها من المعرى، أو شراء بعضها، ونحو ذلك من فروع
الباب.
والعرية رخصة مستثناة عندنا من اْربعة أصول: من المزابنة، والغرر - وهو شراء الجزاف بالمكيل، والرطب باليابس على ما تفسر - ومن بيع الطعام بالطعام متفاضلاً، ومن بيع الطعام بالطعام إلى أجل ومن الرجوع فى الهبة.
وجوازها عندنا بشروط عشرة، ستة متفق عليها: أن يكون مشتريها هو معْرِيها من معْرَاها، وأن تكون قد طابت، وألا يشترى إلا بخرصها، ولا يكون إلا بنوعها، ولا يكون إلا باليابس منه لا برطبه، واْن يكون موخرا إلى الجذاذ، لا نقدئا، خلافا للشافعى فى قوله: أيكون التمر إلا حالا.
وبقولنا قال أحمد د سحق، والأوزاعى.
واْربعة مختلف فيها: اْلا تكون إلا مما كان باسم إلعرية، وأن يكون خمسة أوسق فأدنى من جملة ماله، وأن يكون المشترى جملتها لا بعضها، واْن يكون مما يخرص أو مما ييبس ويدخر جملة.
وتحصيل المذهب فى العرية وخصوصا بذلك كله عندنا من غيرها اْو مما / يختص من ذلك عند غيرهم.
وقاس (1) يحيى بن عمر من اْصحابنا[ على حديث ابن عمر، فرخص لصاحب العرية اْن يبيعها] (2) كلها بخرصها إذا طابت إلى الجذاذ وشذ فى ذلك شذوفًا[ متركًا ومتباينًا من تناهى ما هو] (3) مخالف للحديث فى النهى عن المزابنة، وقد فسرها فى الحديث بهذا الذى اْجازه هو، وأجمع العلماء.
(1) نقلها، ا ل ال!، ويأتى.
(2، 3) بياض فى الأصل، ولعلها تكون كما قيدت.(5/180)
كتاب البيوع / باب تحريم بيع الرطب بالتمرإلافى العرايا 181 سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أيِى حثمَةَ، عَنِ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ).
نَحْوَ حَدِيثِهِمْ.
70 - (... ) حد ثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَحَسَنٌ الحُلوَانِىُّ، قَالا: حَدثنَا أبُو اسَامَفَ
عَنِ الوَلِيدِ بْنِ كَثِير، حَدثنى بُشَيْرُ بْنُ يَسَار مَوْلَى بَنِى حَارِثَةَ ؛ أنَّ رَافِعَ بْنَ خَديج وَسَهْلَ ابْنَ أبِى حَثْمَةَ حَدثاهُ ؛ أنًّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنِ المُزَابَنَةِ، الثمَرِ بِالتَّمْرِ.
إِلَاَّ أَصْحَابَ العَرَايَا.
فَإِنَّهُ قَدْ أفِنَ لَهُمْ.
!ص ص، 5، ص ه ص ص ص ه ص ه ص ص لكل ص ! ص ص نكص ص ه ص
71 - (1541) حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، حدثنا مالك.
ح وحدثنا يحمص
ابْنُ يَحْمصَ - وَاللَفْظُ لَهُ - قَالَ: قُلتُ لِمَالكٍ: حَدثكَ دَاوُدُ بْنُ الحُصًيْنِ عَنْ أبِى سُفْيَانَ - مَوْلَى ابْنِ أبِى أَحْمَدَ - عَنْ أيِى هُرَيْرَةَ ؛ أن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) رَخَّصَ فِى بَيْع العَرَايَا بِخَرْصِهَا فِيمَ الونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، أوْ فِى خَمْسَةِ - يَشُلث دَاوُدُ قَالَ: خَمْسَةٌ أوْ دُونَ خَمْسَة - ؟ قَالَ: نَعَمْ.
72 - (1542) حدّثنا يَحْمصَ بْنُ يَحْمصَ التَميمِىُّ.
قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِك عَنْ نَافِع،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنِ المُزًا بَنَة - وَالمُزَابَنَةِ بَيع الثمَرِ بِالتمْرِ كَيْلاً، وَبيعُ اهَرْم بالزَّبِيبِ كَيْلاً.
وقوله: (فيما دون خمسة أوسق، أو فى خمسة أوسق) مما يدق أنه يختص بما يوسق ويكال، ويحتج به بأحد القولن اختصاص ذلك بالتمر والزبيب ومما فى معناه مما ييبس ويدخر ويأخذه الكيل.
وقد ذكر ائو داود عن اْبى هريرة الحديث، وفيه: (مما دون خمسة أوسق!، فقد قصر - عليه السلام - الرخصة والحكم فى العرية على هذا القدر المذكور فى الحديث فلا يزاد عليه، وكأن الخمسة الأوسق هو أول مقادير المال الكثير الذى تجب فيه الزكاة من هذا الجنس، فقصر المرفق بمن لا مال له وأجيز له تيسير العرية على التأويل الواحد، أو بيعها على التأويل الاَخر على هذا القدر، فاستخف فى هذا القدر للمرفق والمتفكّه.
فإذا زاد على هذا القدر وخرج عن القليل إلى حد المال الكثير وما يطلب فيه البحر وتنمية المال، منع فيه لكثرة الغرر والمزابنة فيه، بكثرته وخروجه عن فقد المرفق لقصد التنمية، ويمكن أن يكون هذا القدر الذى جرى عندهم العرف زمان الإعراء فيه غالبًا.
وقد اختلف قول مالك فى إجراء حكم العرية فى خمسة أو سق، وقال به فى مشهور
قوله اتباغا، كما وجد عليه العمل عندهم بالمدينة وقال - أيضا - لا يجوز فى الخمسة وتجوز فيما دونها ؛ لأنه المحقق فى الحديث، والخمسة مشكوك فيها.
وبهذا قال الشافعى، إلا
182(5/181)
كتاب البيوع / باب تحريم بغ الرطب بالتمرإلافى العرايا 73 - (... ) حلئثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أيِى شَيْبَةَ وَمُحَمَدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُميْر.
قَالا: حَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ بِشْر، حدثنا عُبَيْدُ اللهِ عَنْ نَافِع ؛ أن عَبْدَ الله أخْبَرَهُ ؛ أن النَبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنِ المُزَابَنَةُ - بَيْع ثَمَرِ الئخْلِ بِالتَمْرِ كَيْلأ - وَبَيعْ العِنَبِ بِالزًّ بِيبِ كَيْلأ، وَبَيْع الزَرعْ بِالحِنْطَةِ كيلأ.
(... ) وحلئثناه أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا ابْنُ أبِى زَائلَةَ عَنْ عُبَيْد الله، بِهَذَا
ا لإِسْنَادِ.
مِثلَهُ.
74 - (... ) حدثنى يحيى بْنُ مَعين وَهَرُونَ بْنُ عَبْد الله وَحُسَيْنُ بْنُ عيسَى، قَالُوا:
ص عص، نص ص ص ص ممص، ص، ص هَ صء ص ه، صً ص ص ص ص، َ، - - ص حدثنا أبو اسامة، حدثنا عبيد الله، عن نافِع، عنِ ابنِ عمر، قال: نهى رصول اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عن المُزَابَنَةِ.
وَ المُزَابَنَةُ: بَيع ثَمَرِ الَئخْلِ بِالتَّمْرِ كَيْلأ، وَبَيْعُ الرئيبِ بِالعِنَبِ كَيْلأ، وَعنْ كُل ثَمَر بِخِرْصَهِ.
75 - (... ) حدثنى عَلِى بْنُ حُجْرٍ السَّعْدىُّ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب، قَالا: حَئثَنَا إِسْمَاعِيلُ - وَهُوَ ابْنُ إِثرَاهِيمَ - عَنْ أيوبَ، عَنْ نًافِع، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ؛ أًن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنِ المُزَابَنَةِ.
وَالمُزَابَنَةُ: أنْ يُبَاعَ مَا فِى رُؤُوسِ الئخْلِ بِتَمْرٍ، بِكَيْلٍ مُسَمَى، إِنْ زَادَ فَلِى، ياِنْ نَقَصَ فَعَلَى.
(... ) وحد ثّناه أبُو الرئيع وَأبُو كَامِلٍ، قَالا: حَدثنَا حَمَادٌ، حَدثنَا أئوبُ، بِهَذَا الإِسْنَ ال نَحْوَهُ.
76 - (... ) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَد 8لنَا لَيْثٌ.
ح وَحَدثنِى مُحَمَدُ بْنُ رُمْحٍ، أخْبَرَنَا اللَث، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قًالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنِ المُزَابَنَةِ: أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ، إِنْ كَانَتْ نَخْلأ، بِتَمْر كَيْلاً، وَإِنْ كَانَ كَرْمًا، أَنْ يَبِيعَهُ بِزَبِيبٍ كَيْلاً، ياِنْ كَانَ
أنه قال: لا فسخ البيع فى مقدار خمسة اْوسق، ولا حجة فيما راة.
وحكى ابن القصار عنه اختلاف قوله كاختلاف قول مالك، وهذا فى شرائها بخرصها تمرا و(ما بسراي(ما بالدنانير والدراهم والعروض على مشهور قول مالك وغيره، وإن جاوزت خمسة أوسق.
قال الإمام: أما شك الراوى فى الخمسة الأوسق، فعندنا اختلاف فى جواز البلوغ إليها، وقد قال بعض المخالفن: إذا شك الراوى بين خمسة فما دون، فلا وجه للتحلق(5/182)
كتاب البيوع / باب تحريم بغ الرطب بالتمر إلا فى العرايا 183 زَرْعًا، أنْ يَبِيعَهُ بِكيلِ طَعَامٍ.
نَهَى عَنْ فَلِكَ كُفهِ.
وَفِى رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ: أوْ كَانَ زَرْعًا.
ص ص ممص !وءَ ص ص، ص ه - ممص،،، - ص صص، 5، ص
(... ) وحدثنيه ابو الطاهر ؛ أخْبرنا ابْن وهب، حدثنى يون!س.
ح وحدثناه ابن رافِع،
- صص ه،،، صَ 5 - صً ص ص، - صً ممص، ص، 5، - - ص!ص ه، هً، حدثنا ابن ابِى فديكٍ، أخبرنِى الضحاك.
ح وحدثنِيه سويد بن سعِيدٍ، حدثنا حفص بن ميسَرَةَ، حَدثنِى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، كُلُهُمْ عَنْ نَافِعٍ، بِهَنًا الإِسْنَادِ، نَحْوَ حَلِيثِهِمْ.
بروايته فى تحديد مقدار ما دون الخمسة الاْوسق، ولكن وقع فى بعض الروايات: أ أربعة أوسق) (1) فوجب الانتهاَ إلى هذا المتيقن وإسقاط ما زاد عليه، وإلى هذا المذهب مال ابن المنذر، وألزم المزنى الشافعى أن يقول به.
(1) الهيثمى فى مجمع الزواثد، كالبيوع، بفى العرليا 4 / 106، وقال: رواه أبو يعلى، وفيه ابن إسحاق وهو لْقة، ولكنه مدلل، وبقية رجاله رجال الصحيح.(5/183)
184
كتاب البمِوع / باب من باع نخلا عليها تمر
(15) باب من باع خلايا تمر
77 - (1543) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالك عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ ابّرَتْ، فَثَمَرَتُهَا لَلِ!ائِع، إِلأَ أنْ يَشْتَرِطَ المبتَاعُ).
78 - (... ) ! قثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثنى، حَدشَا يحيى بْنُ سَعِيد.
ح وَحَدثنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حدثنا أبِى، جَمِيعًا عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ.
ح وَحَدثنَا أبُو بَكْرِ بْنُ أيى ش!يْبَةَ - وَاللَفظُ لَهُ - حَدثنَا مُحَقَدُ بْنُ بِشْر، حَدثنَا عُبَيْدُ اللّهِ عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (أيُّمَا نَخْل اشْتُرِىَ اصُولُهَا وَقَدْ ابّرَتْ، فَإِنَّ ثَمَرَهَا لِلَنِى اَبرَهَا، إِلاَّ أنْ يَشْتَرِطَ ائَذِى اشْتَرَاهَا).
217 / ب
وقوله: (أيما نخل اشترى أصولها وقد أبرت، فإن ثمرها للذى أبرها، إلا أن يشترط الذى اشتراها) قال القاضى: الإبار فى النخل والتذكير لها، وهو أن يجعل فى طلعفا أول ما يطلع من طلع فحل النخل ويعلق عليه لئلا يسقط، وهو اللقاح - اْيضا - يقال: أبَرت النخل، أبره أبره مخفف وأبرته أيضًا وقال ابن حبيب: الإبّار: شق الطلع عن التمرة.
وفى قوله - عليه السلام - جواز الإئار والتذكير للنخل وغيره من الثمار، ولا خلاف فى هذا.
وقد كان - عليه السلام - قال للأنصار: ما عليكم ألا تفعلوا فتركوا التذكير فنقصست ثمارهم فقال عليه السلام: (اْنتم أعلم بأمر دنياكم) قال: (وما حدثتكم عن الله فهو حق) (1).
والإبار فى غير النخل من الثمار عقد ثمره وثبات ما يثبت منه، وسقوط ما يسقط من نوره إلا ما يذكر منه، فحكمه حكم النخل.
واختلف فى الزرع، هل إباره الظهور من الأرض أو الإفراك ؟ ويسرى هذا الحديث فى موضعه.
قال الإمام[ قد] (2) نص فى هذا الحديث على كونها مع الإطلاق للبائع بعد الابار،
إلا أن يشترط، ودليل هذا الخطاب أنها قبل الإتار للمشترى، وهذا مذهبنا.
وخالف فى ذلك أبو حنيفة ورأى أنها قبل الإبار للبائع كما هى له بعد الإبار.
وسبب الاختلاف بين الفقيهين أن مالكا يرى اْن ذكر الإبار / هاهنا القصد به تعلق الحكم عليه ليدل على أن ما (1) سيأتى إن شاء للله فى كالفضاثل، بوجوب امتثال ما قاله شرعًا.
وهو فى ابن ماجه، كالرهون، بتلقيح النخل رقم (2471)، وكذا أحمد فى المسند 6 / 123،
كلهم عن عائثة - رضى الله عنها.
(2) من ع.(5/184)
كتاب البيوع / باب من باع نخلاعليهاتمر 185 79 - (... ) وحدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَدتنَنَا لَيْثٌ.
ح وَ حدثنا ابْنُ رمح، أَخْبَرَنَا اللَيْثُ، عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أنَ النَّبِىًّ! ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (أيمَا امْرِفي اَبرَ نَخْلاً، ثُمَّ بَاعَ أصْلَهَا، فَلِلَنِى أَبزَ ثَمَرُ الئخْلِ، إِلأَ أنْ يُشْتَرِطَ الميتَاعُ لما.
عداه بخلافه، ويرى أبو حنيفة أن تعلق الحكم به إما للتسمية به على ما يوبر ولغير ذلك، ولم يقصد به نفى الحكم على من سوى المذكور.
وقال بعض أصحابنا: هذا منه دعوى، إذ لا يمكن التنبيه بالموبر على ما لم يوبر، وإنما نبه بالأدنى على الأعلى، وبالمشكل على الواضح، وهذا خارج عن هذين القسمين، مع ال الذى قاله مالك له شبه فى الشرع، وذلك أن المرة قبل الإبار تثبه الجنيئ قبل الوضع، وبعد الإثار تشبه الجنن بعد الوضع.
فلما كانت الأجنة قبل وضعها للمشترى وبعد وضعها للبائع وجب أن يجرى الثمر هذا المجرى.
وأما إذا لم تؤبر وظهر أنها للمشترى - كما بيناه - فهل يجوز للبائع أن يشترطها ؟ المشهور فى المذهب عندنا أن ذلك لا يجوز، وعلى إحدى الطريقتن عندنا أن المستثنى منها يجوز ذلك، هكذا بناه بعض شيوخنا وبالإجازة قال الشافعى.
وتلخيص مآخذ اختلافهم من الحديث أن أبا حنيفة استعمل الحديث لفظا ومعقولأ، واستعمله مالك والشافعى لفظا[ و] (1) دليلأ، ولكن الشافعى استعمل دلالته من غير تخصيص، وشمتعملها مالك مخصصة.
وبيان ذلك: أن أبا حنيفة جعل التمر للبالْع فى الحالن، وكأنه رأى أن ذكر الإئار تنبيه على ما قبل الإبار للمبتاع، إلا أن يشترطها البائع، وخص مالك بعض هذا الدليل بأنها قبل الإئار على إحدى الطرق التى ذكرنا عنه وهذا المعنى يسمى فى الأصول معقول الخطاب.
واستعمله مالك والشافعى على أن للسكوت عنه حكمه غير حكم المنطوق به، وهذا يسميه اْهل الأصول دليل الخطاب، فإذا كان النطق: من باع ثمرأ بعد الإبار فهى للبائع إلا أن يشترطها المشترى (2)، كان دليله أنها قبل الإبار للمبتاع، إلا أن يشترطها البائع.
وخص مالك بعض هذا الدليل بأنها قبل الإبار تثبه الأجنة، فلا يجوز اشتواطها، وتقوى هذه الطريقة مع القول بأن المستثنى مشترى وإن أبر بعضها ولم يوبر بعض، بأن كانا متناقضين، بل كل واحد منهما حكم نفسه، وإن كان أحدهما كثر من الآخر فقيل الحكم كذلك اْيضا، وقيل: الأقل تبع للابهثر ولو كان المبيع أرضا يزرعها وهو لم يظهر، وفيه
(1) ماقطة من ع.
(2) فى ع: المبتاع.
186(5/185)
كتاب البيوع / باب من باع نخلاعليهاتمر (... ) وحدّثناه أبُو الرثيع وَأبُو كَاملٍ، قَالا: حَدثنَا حَمَاد!.
ح وَحَدثنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ، كِلاَهُمَا عَنْ أيُّوَبَ، عَنْ نَافِعٍ، بِهَنَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
80 - (... ) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى وَمُحَمَدُ بْنُ رُمْحٍ، قَالا: أخْبَرنَا اللَيْثُ.
ح وَحَدثنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدهَّلنَا ليمث، عَنِ ابْنِ شهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ بنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ، قَاًلَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (مَنِ ابْتَاعَ نَخْلاً بَعْدَ أنْ تُوئر فَثَمَرَتُهَا للَذى بَاعَهَا، إِلاَّ أنْ يَشْتَرِطَ المبتَاعُ.
وَمَنِ ابْتَاعَ عَبْدًا فَمَالُهُ لِلَذِى بَاعَهُ، إِلأَ أنْ يَشْتَرِطَ الَمبتًاعُ).
قولان: قيل: للمشترى كالثمر إذا لم يوبر، وقيل: بل هو للبائع لاءنه من الجنس الذى لا يتأثر ولا يتكرر، فأشبه ما دفن فى الأرض وخالف الثمر.
قال القاضى: بظاهر هذا الحديث وما قاله مالك قال الشافعى والليث، وأن الثمرة إذا
لم تشترط تبقى لصاحبها إلى جذاذه ال إذا كانت مأبورة.
وكما جاز استثناؤها فى الشراء عند مالك جاز شراؤها بعد شراء الأصل، إذا لم يشترطها فى شراء الأصل فى مشهور قوله، وعنه أنه لا يجوز له إفرادها بالشراء ما لم تطب، وهو قول جماعة من كبراء اْصحابه، وقول الشافعى والثورى واْهل الظاهر وفقهاء أصحاب الحديث.
وأبو حنيفة يراها إذا لم يشترطها المشترى قبل الإبار وبعده إذا كانت قد ظهرت للبالْع، إلا أن عليه قلعها لحينه، وليس له تركها للجذاذ والقطاف، فمتى اشترط بقاعها فسد عنده البيع.
قال ابن الحسن: إلا أن يكون بدا صلاحها فيجوز له اشتراط بقائها.
وقال ابن أبى ليلى: سواء اْبرت اْو لم توبر الثمر للمشترى شرط اْو لم يشترط.
وهذان القولان مخالفان لسنة النبى - عليه السلام.
وأما لو اشترط المبتاع بعض هذه الثمرة فلا تجوز عند مالك، وأجازه بعض أصحابه.
1 / 218
وإذا جاز اشتراط المبتاع لها إذا أبرت فهل يجوز اشتراط البائع لها إذا لم توبر ؟ لم يجز ذلك مالك، ورأى اْن البيع إذا وقع على هذا فسد وأنه لما كان مغيئا كاستثناء الجنن، ورأى أن المستثنى مشترى.
وقال أبو حنيفة والشافعى: استثناؤه جائز وإن لم يوبر، وهذا على اْن المستثنى ينبغى على ملك المشترى.
وقوله: (من باع عبده فما له للذى باعه، إلا أن يشترط المبتاع، /، قال الإمام:
اعلم اْن ملك العبد يزول عن سيده على أربعة اْوجه:
أحدها: أن يزول بعقد معاوضة كالبيع والنكاح فالمال فى ذلك للسيد، إلا أن يشترط(5/186)
كتاب البيوع / باب من باع نخلا عليها تمر 187 (... ) وصدثناه يحيى بْنُ يحيى وَأبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب - قَالَ يحيى: أخْبَرَنَا وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ - عَنِ الرفرِىِّ، بِهَنَا الأِسْنَ ال مِثْلَهُ.
عليه، خلافا للحسن البصرى والزهرى فى قولهما: إن المال يتبع العبد فى البيع، وهذا الحديث يرد عليهما.
والوجه الثانى: العتق، وما فى معناه من العقود التى تفضى إلى العتق، وتسقط
النفقة عن السيد كالكتابة، فالمال للعبد إلا أن يشترط، خلافا لأبى حنيفة والشافعى فى قولهما: إنه للسيد فى العتق، ودليلنا قوله ( صلى الله عليه وسلم ): (من أعتق عبدا وله مال فماله له، إلا أن يشترطه السيد) (1) فيمن يعيد الضمير فى قوله: ا له) على العبد لأنه المذكور نطقا، وإنما ذكر السيد بكناية عنه ترجع إليه عند قوله: (من أعتق) فلابد أن يضمر عقيب قوله: (أعتق) عالْد يعود إلى (السيد) بحكم مقتضى لفظة (من)، وعود الضمير والكناية على الصريح أولى من عوده على الكناية والإضمار، ولأن الكناية يملك بها ماله وهى بسبب العتق، فنفس العتق أولى.
والوجه الثالث: الجناية، فالمال فيها يتبع الرقبة، وينتقل بانتقالها.
والوجه الرابع: الهبة والصدقة، وفيهما قولان عندنا، وإنما اختلف فيهما لأخذهما
شبفا من العتق الذى يتبع العبد فيه المال وشبها من البيع الذى لا يتبعه فيه، فالبيع خرج من ملك إلى ملك بعوض على جهة الاختيار، والعتق خرج من ملك إلى غير ملك بغير عوض.
والهبة خرجت بغير عوض فأشبهت العتق، ومن ملك إلى ملك فأشبهت البيع.
ويجوز عندنا أن يشترطه المشترى وإن كان عينا والثمن عين، وكأنه لا حصة (2) له من الثمن فلا يدخله الربا، وهذا على أنه اشترطه للعبد وأبقاه على ملكه، فكأنه لم يملك هو عينا دفع عوضها عينا أخرى، ولو اشترط لنفسه ما جاز لتحقق الربا حينئذ، وصار كمن اشترى سلعة وذهبا بذهب، وذلك لا يجوز.
قد قال أصحابنا: فى هذا الحديث دلالة على أبى حنيفة والشافعى فى قولهما: إن العبد لا يملك ؛ لأنه أضاف المال للعبد بلام الملك، واللام (3) ترد للملك ولليد والتصرف، كقولهم: الولاية لفلان فى المال، هكذا قيل فى هذا.
وعندى فيه نظر ؛ لأن الولاية لفلان ضرب من الملك والتصرف، فلا يعد فيها ثالثا هذا المثال، وترد اللام للاختصاص كقولهم: الحركة للحجر، والباب للدار.
(1) لبو ددود، كالعتق، بفيمن أعتق عبلْا وله مال (3962) لبن ماجه، كالعتق، بمن اعتق عبدأ وله مال (2529) من حديث عبد الله بن عمررض الله عنه.
(2) فى نسخة من نسخ ع: حظ.
(3) فى نسخة المال: المال، والمثبت من ع، وهو الصولب.
مهـ ا(5/187)
كتاب البيوع / باب من باع نخلاعليهاتمر (... ) وحذثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، اخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدءَّلنِى سَالِمُ بْنُ عَبْد الله بْنِ عُمَرَ ؛ أنَّ أبَاهُ قَالَ: سَمعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ.
بِمِثْلِهِ.
ًَ
وهذا مبسوط فى كتب النحاة.
قال القاضى: ذكر مسلم هذا الحديث من رواية الزهرى عن سالم عن عبد الله بن عمر، عن اْبيه: سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول: (من ابتاع نخلا) الحديث، وفيه: (ومن ابتاع عبئا فماله للذى باعه، إلا اْن يشترطه المبتاع) وثبتت هذه الزيادة عند جميع الرواة، وسقطت من رواية شيخنا أبى محمد الخشنى من طريق اْبى عبد الله الباجى عن ابن ماهان، وهى صحيحة ثابتة فى الحديث.
وقال أبو الحسن الدارقطنى: خرج البخارى ومسلم هذا الحديث عن الزهرى، عن سالم، عن أبيه، عن النبى - عليه السلام - (ومن باع عبدمًا وله مال)، وخالفه نافع عن ابن عمر.
قال النسائى.
سالم أجل فى القلب، والمّول قول نافع (1).
(1) الإلزلمات والتتبع ص 294 (145).(5/188)
كتاب البيوع / باب النهى عن المحاقلة والمزابنة...
إلخ 189
(16) باب النهى عن المحاقلة والمزابنة، وعن المخابرة وبيع الثمرة
قبل بدوّ صلاحها، وعن بيع المعاومة وهو بيع السنين
81 - (1536! حدثنا أبُو بَكْر بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب، قَالُوا جَمِيعًا: حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عًطَاء، عَنْ جَابِرِ بْنِ عبدِ اً لثهِ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَنِ المُحَاقَلَةِ وَالمُزَابَنَة وَالمُخَابَرَة، وَعَنْ بَيْع الثَّمَرِ حَتَى يبدُوَ صَلاَحُهُ، وَلاَ يُبَاعُ إِلَأَ بِالدِّينَارِ وَالدّرْهَم، إِلاَّ العَرَايًا.
(...
! وحدّثنا عبْدُ بْنُ حُمَيْد، أخْبَرَنَا أبُو عَاصِم، أخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْبم، عَنْ عَطَاء وَأبِى الزبيْرِ ؛ أنَّهُمَا سَمِعَا جَابِرَ بْنَ كئدَ اللهِ يَقُولُ: نَهَى رَسولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ.
82 - (...
! حدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِى، أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ الجَزَرِى،
وذكر فى الحديث الآخر فى الباب النهى عن المحاقلة، والمزابنة، والمعاومة، والمخابرة،
وعن بيع السنن، وعن الثنيا، ورخص فى العرايا، وفى رواية: عن بيع الثمر سنين، قال الإمام: تقدم الكلام عن المزابنة والمحاقلة والعرايا، ونتكلم الآن عن المعاومة والمخابرة والثنيا.
وأما بيع المعاومة، فهو بيع الثمر سنين، وقد فسره فى كتاب مسلم.
ووجه المنع فيه
بيق ومأخوذ مما تقدم من النهى عن بيع الثمر قبل زهوه ؛ لأنه إذا باع ثمرته سنينًا فمعلوم أن ثمرة السنة الثانية والثالثة لم تخلق، وهى لو خلقت ولم تزهو لم يجز العقد عليها، فإذا لم تخلق أولى اْن لا تجوز.
وأما المخابرة: فقد فسرها جابر فى كتاب مسلم بأنها الأرض يدفعها / الرجل إلى الرجل فينفق فيها، ثم يأخذ من الثمر.
وفسر المحاقلة ببيع الزرع القائم بالحب كيلاً، وهذا فيه معنى حسن يوخذ مما تقدم، وذلك أنا قدمنا أن المحاقلة تنطلق على بيع الزرع الأخضر بالحب وعلى كراء الأرض بالجزئى، فلما ذكرت هاهنا مع للخابرة وفسرها بأنها المعاوضة بالجزئى عاد إلى تفسير المحاقلة بأنها بيع الزرع بالحب ة لئلا يفسرها هنا بالمعنى الآخر فيكون تكريرًا لمعنى المخابرة.
وقال اْهل اللغة: المخابرة: هى المزارعة على النصيب كالثلث وغيره، والخبرة النصيب قال الشاعر:
إذا ما جعلت الشاة للناس خبرة فشأنك إنى ذاهب لشؤونى
218 / ب
190(5/189)
كتاب البيوع / باب النهى عن المحاقلة والمزابنة...
إلخ حدثنا ابْنُ جُرَيْبم ؟ أحبَرَنِى عَطَاء!، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْد الله ؛ أنَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنِ المُخَابَرَةِ وَالمُحَاقَلَة رَالمُزَابَنَة، وَعَنْ بَيْع الئمَرَةِ حَتًى تُطعِمَ، وَلاَ تُبَاعُ إِلاَّ بِالدَرَاهِم وَالدنانِيرِ، إِلأَ العَرَايَاَ.
قَالَ عَطَاء!: فَسئَرَ لَنَا جَابِر! قَالَ: أفَا المُخَابَرَةُ فَالآرْضُ البَيْضَاءُ يَدْفَعُهَا الرَّجُلُ إلَى الرخلِ فَينفقُ فيهَا، ثُمَ يَأخُذُ مِنَ الثَّمَرِ، وَزَعَمَ أن المُزَابَنَةَ بَيْعُ الرطُبِ فِى الئخْلِ بِالتًّمْرِ كَيْلأ، وَالمُحَاقًلَةُ فِى الررعْ عَلَى نَحْوِ فَلِكَ، يَبِيعُ الررع القَائِم بِالحَبِّ كَيْلأ.
83 - (... ) حدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ وُمُحَمَدُ بْنُ أحْمَدَ بْنِ أبِى خَلَف، كِلاَهُمَا عَنْ زَكَريَّاءَ، قَالَ ابْنُ أبِى خَلَف: حَئَثَنَا زَكَرِئاءُ بْنُ عَدِئ، أخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أبِى انَيْسَةَ، حَدثنَا أبُو الوَديد ئالمَكى - وَهُوَ جَالس!عنْدَ عَطَاء بْنِ أيِى رَبَاحِ - عَنْ جَابرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنِ المُحَاقَلَةَ والمُزَابَنَةِ وَالَمُخَابَرَةِ، وَأنْ تُشْتَرَى الَنَّخْلُ حَتَّى تُشْقهَ - وَالاِشْقَاهُ أنْ يَحْمَر أوْ يَصْفَرَّ أوْ يُؤْكَلَ مِنْهُ شَىءث وَالمُحَاقَلَةُ: أنْ يُبَاعِ الحَقْلُ بكًيْل منَ الالعَام مَعْلُوم، وَالمُزَابَنَةُ: أنْ يُبَاعَ النَخْلُ با"وْسَاق منَ التَمْر، وَالمُخَابَرةُ يو، ً س!!وًَ، ًًً
الثلث والربع واشْباه ذلِك.
قَالَ زَيْد!: قُلتُ لِعَطَاءِ بْنِ أبِى رَبَاحِ: أسَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ غئدِ اللهِ يَذْكُرُ هَنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ قَالَ: نَعَثم.
وقال الأزهرى: الخبر يكون زرغا ويكونوا إكارًا.
وقال ابن الأعرابى: أصل المخابرة مأخوذ من خبر ؛ لأن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) كان أقرها فى أيدى أهلها على النصف، فقيل: خابره، اْى عامله فى خيبر.
وسنتكلم على معاملة أهل خيبر فى موضعها إن شاء الله.
وأما قوله: (وعن بيع الثنيا)، فمحمله على ثنيا لا تجوز، أو على ما يؤدى إلى الجهالة بالمبيع.
وقد اتفق الجميع على جواز بيع الصبرة واستثناء الجزء منها، وأن ذلك سائغ واختلفوا إذا استثنى مكيلة معلومة، فمنعه أبو حنيفة والشافعى ؛ أخذًا بظاهر هذا الحديث، وتمسكًا بعموم نهيه عن بيع الثنيا، وأجاز مالك أن يستثنى منها من المكيلة ما يعلم أنه لا يزيد على ثلث جميعه ؛ لأن ذلك عنده فى حكم اليسير الذى لا يودى إلى الجهالة بالمبيع، فوجب أن يجوز.
قال القاضى: أصل السّنى من الاسشد، وهو الرجوع إلى ما سلف، ومنه: ثنى(5/190)
كتاب البيوع / باب النهى عن المحاقلة والمزابنة...
إلخ 191
عنانه، وثنية الحديث.
وكأن المستثنى رجع إلى بعض ما عم من كلامه قبل.
ووقوعه هنا فى الثنى الممنوعة وهى ضروب، كقوله: إن جئتنى بالثمن إلى وقت كذا أو متى جثتنى به رددت عليك مالك.
فهذا متى عقد البيع عليه كان فاسدئا.
ومنه قول المشترى: إن لم تأت بالثمن يوم كذا فلا بيع بينى وبينك.
فاختلف فيه العلماء، فبعضهم أبطل الشرط وصحح البيع، ومنهم من ألزم فاعله ما شرط وجعل الآخر بالياو، والوجهان مرويان عن مالك.
وما كان من ذلك على التطوع بعد العقد لزم الومْاء به.
وأما ثنيا المشترى بعض ثمرة النخلة التى باع، فلا يجوز أن يكون على الكيل والجؤء او ثمرة نخلات معينات.
فأما النخلات المعينات بلا خلاف فى جواؤ العتثناثه ؛ لأنه لم وقع محليهن بيع الجملة.
وإن استثنى بعضها على الكيل فمذهب عامة العلماء وء المْتيا بالأمصاو انه لا يجوز من ذلك قليل ولا كثير، وذهب مالك فى جماعة أهل المدينة إلى جوار ذلك ما بينه وبين ثلث الثمرة لا يزيد على ذلك، وان اسشى جزَ ا مشاغا فيجوز عند مالك وعامة اْصحابه قل اْو كثر، وذهب عبد الملك إلى أنه لا يجوز استثناَ اعثر، والخلاف فى ذلك مبنى على جواز استثناَ الاكثر من الاْقل.
وقد اختلف فى ذلك النحاة والأصوليون، وكتاب الله يشهد بجوازه، قال الله تعالى حاكئا عن إبليس: { فَبِعِزتِكَ لأُغْوِيَئهُمْ أَجْمَعينَ.
إِلأ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصينَ} (1)، ثم قال تعالى: { إن عِبَالِيط لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَان إلأَ مَنِ اثبَعَكَ مِنَ الْغَاوِين} (2)، فقد استثنى كل صنف من الآخر وأحدها كثر بلا مرية، لاسيما ما وردت به الاَثار فى تكثير الغاوين.
وأما بيع الثنى، فقال الهروى: هو أن يستثنى من المبيع شيئا مجهولا فيفسد البيع.
وقال القتبى: هو أن يبيع شيثًا جزافا فلا يجوز أن يستثنى منه شيئا، وفى المزارعة أن يستثنى بعد الجزَ شيئًا معلومًا، ومن الثنى اشتراط البائع على المبتاع متى جاَه بالثمن، فالسلعة له.
قال أ القاضى] (3): هذا الذى يسميه الموثقون بيع الثنى.
قال الإمام: خرج مسلم فى هذا الباب حديثا عن زيد بن اْبى اْنيسة، قال: حدثنا اْبو الوليد المكى عن جابر، ثم اْردف / عليه: حدثنا عبد الله بن هاشم، نا بهز، ثنا سليم بن حيان، حدثنا سعيد بن ميناء، عن جابر، ثم عطف بعده بحديث حماد بن زيد عن أيوب، عن أبى الزبير، وسعيد بن ميناء عن جابر قال.
قال بعضهم: أبو الوليد المكى الذى فى الإسناد الأول هو سعيد بن ميناء، وزعم الحاكم اْن اْبا الوليد الذى فى هذا الإسناد اسمه يسار وقال مثل ذلك ابن أبى حاتم الرازى ورد ذلك عبد الغنى وقال هو وَهْم،
(1) ص: 82، 83.
.
(3) صاقطة من الأصل، ولستدركت فى الهامش بسهم.
(2)1 لحجر: 42.
1 / 219
192(5/191)
كتاب البيوع / باب النهى عن المحاقلة والمزابنة...
إلخ 84 - (... ) وحدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ هَاشِبم، حدثنا بَهْز، حَدثنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ، حَدثنَا سَعيدُ بْنُ مِينَاءَ، عَنْ جَابِر بْنِ عَبْدِ اللهِ.
قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنِ المُزَابَنَةِ وَالمُحَاقَلَةِ وَالَمُخَابَرِةِ، وَعَنْ بَيعْ الثمَرَةِ حَتَى تُشْقِحَ.
قَالَ: قُلتُ لِسمَعِيد: مَا تُشْقِحُ ؟ قَالَ: تَحْمَار وَتَصْفَارُّ وُبؤْكَلُ مِنْهَا.
85 - (... ) حئثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ القَوَاريرِى وَمُحَمَدُ بْنُ عُبَيْدِ الغُبَرِى - وَاللَفْظ لِعُبَيْدِ اللهِ - قَالا: حَدثنَا حَمَادُ بْنُ زَيْد، حدثنا أَئوبُ، عَنْ أبِى الزبيْرِ وَسَعِيدِ بْنِ مينَاءَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْد اللهِ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَنِ المُحَاقَلَة وَالمُزَابَنَةِ وَالمُعَاوَمَة وَالمُخَابَرَةِ - قَالَ أَحَلُصمَا: بَيْعُ السئَنِنَ هِىَ المُعَاوَمَةُ - وَعَنِ الثُّنْيَا، !رَخصَ فِى العَرَايَا.
إنما هو سعيد بن ميناء الذى يروى عنه أيوب السختيانى وابن أبى اْنيسة.
قال البخارى فى تاريخه: سعيد بن ميناء ائو وليد المكى سمع جابرًا وأبا هريرة، وروى عنه سليم بن حيان وزيد بن أبى أنيسة (1).
وتابعه على ذلك مسلم، ولعل الحاكم إنما نقل ذلك فى كتاب أبى حاتم.
وقوله: (نهى عن بغ الثمرة حتى تشقح) (2): قال الأصمعى: إذا تغير البسر إلى الحمرة قيل: هذه مشقحة، وقد اْشقحت.
قال القاضى: قد جاء فى الحديث نفسه فى كتاب مسلم تفسيرها من قول سعيد بن
ميناء راوى الحديث عن جابر، قال الراوى عنه: قلت لسعيد: ما تشقحت ؟ قال: تحمارّ وتصفار ويؤكل منها.
قال الخطابى: والشقحة لون غير خالص للحمرة والصفرة إنما هو تغير لونه لهما فى كمودة ؛ ولهذا قال: تحمار وتصفار، لم يرد به اللون الخالص، دإنما يستعمل ذلك فى اللون المتميل، يقال: ما زال يحمار مرة ويصفار أخرى، فإذا أرادوا استقرار لونه قالوا: احمر واصفر.
وجاء هذا اللفظ فى الكتاب - اْيضًا - وفى حديث عطاء عن جابر: (حتى تشقه) بالهاء، كذا ضبطناه على سفيان بن العاص بسكون الشين، وعلى القاضى الشهيد بفتحها.
وتفسيره - أيضًا - فى الحديث، قال: والإشقاه أن يحمر ويصفر ويوكل منه شىء.
قال بعضهم: روى: (تشقنح) بالحاء.
وقال غيره: الهاء تبدل من الحاءِ كما قيل: مدحه ومدهه.
(1) البخارى فى الت!يخ للكبير 3 / 512 (1701).
(2) حديث رقم (84) بالباب.
(5/192)
كتاب البيوع / باب النهى عن المحاقلة والمزابنة...
إلخ 193 (... ) وحدّثناه أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَعَلَى بْنُ حُجْر، قَالا: حَدثنَا إِسْمَاعيلُ - وَهُوَ
ابْنُ عُلَية - عَنْ أيوبَ، عَنْ أن الزْبيْرِ، عَنْ جَابِر، عَنِ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم )، بِمِثْلِهِ 5َ غَيْرَ ألهُ لاَ يَذْكُرُ: بَيع الئنِنَ هِىَ المُعَاوَمَةُ.
وفيه دليل أنه[ لا يشترط فى بدو الصلاح تمام الطيب] (1)، وأنه لا يعتبر بها الوقت
الذى جرت عادة الطيب فيه.
وقد ذهب العلماء إلى اعتبار الوقت.
د انما يغير فى غير هذه الثمرة مما تجاورها فتباع بطيها.
واْما هى فى نفسها فإن بكرت عن الوقت بيعت ولم يعتبر الوقت.
(1) نقلت هنه الحبارة من الأم ة لأنها مطموسة فى النخ التى لدينا.
194
(5/193)
كتاب البيوع / باب كراء الأرض
(17) باب كراء الأرض
87 - (... ) وحدّثنى أَبُو كَامِل الجَحْدَرىُّ، حَدهَّشَا حَمَّاد - يَعْنِى ابْنَ زَيْد - عَنْ مَطَر الوَرَّاقِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ غئدِ اللّهِ ؛ أنَّ رَسُولَ الثهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنْ كِرَاءِ الأرْضِ.
88 - (... ) وحدثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الفَضْلِ - لَقَبُهُ عَارِم، وَهُوَ
أبُو النُّعْمَانِ السُّدُوسِىُّ - حدثنا مَهْدِى" بْنُ مَيْمُون، حَدثنَا مَطَر الوَرَاقُ، عَنْ عَطَاء، عَنْ جَابِرِ ثنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (ًمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْض! فَليزْرَعْهَا، فًإِنْ لَمْ يَزْرَعْهَا فَليزْرَعْهَا أخَاهُ).
89 - (... ) حدّثنا الحَكَمُ بْنُ مُوسَى، حَا لنَا هِقْل - يَعْنِى ابْنَ زِيَادٍ - عَنِ الأوْزَاعِىِّ،
219 / ب
أحاديث كراء الأرض
ذكر مسلم حديث جابر ؛ اْن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) نهى عن كراء الأرض، ومن رواية أخرى: (من كانت له أرض فليزرعها أو يمنحها أخاه، فإن أبى فليمسك أرضه)، وفى رواية أخرى (ولا يؤاجرها إياه) ومعنى (يمنحها): يعطيها إياه ليزرعها سنة، ومن رواية أخرى: (نهى أن يؤخذ للأرض اْجر أو حظ) ومعناه: يمسك، وفى رواية اْخرى: (ولا تبيعوها) قال جابر: يعنى الكراء، وفى رواية أخرى: كنا نخابر على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، فنصيب من القصرى، ومن كذا، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): (من كانت له أرض) الحديث، كذا رويناه عن كثرهم بكسر القاف والراء وصاد مهملة.
وعن الطبرى بفتح القاف والراء مقصور، وعن ابن الحذاء بضم القاف مقصور، والصواب الأول.
قال أبو عبيد: القصارة ما يبقى من الحب فى السنبل.
وقال ابن دريد: القصارة: ما يبقى فى السنبل بعد ما يدرس.
واْهل الشام يسمونه القصرى، ومنهم من يقول: قصرى بكسر القاف، على وزن فعلى، وفى الرواية الأخرى: كنا فى زمان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) نأخذ الاْرض بالثلث والربع والماذيانات، فقام رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فى ذلك فقال: (من كانت له أرض) الحديث، وفى وواية أخرى: كنا نكرى أرضنا ثم تركنا ذلك حين سمعنا حديث رافع بن خديج.
وفى رواية أخرى: نهى عن المزابنة والحقول، وكراء الأرض، وفى بعض طرقه: نهى عن المزارعة، كذا رواية الصدفى / والخشنى من شيوخنا.
وعند الأسدى: عن كراء المزارع، وذكر حديث أبى سعيد، وفيه النهى عن المحاقلة، قال: والمحاقلة: كراء الأرض.
(5/194)
كتاب البيوع / باب كراءالأرض 195 عَنْ عَطَاء، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْد الله، قَالَ: كَانَ لِرِجَال فُضُولُ أرَضِينَ مِنْ أصْحَاب رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، "فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): َ (مَنْ كَانَتْ لَهُ فَضْل أرْضبى فَليزْرَعْهَا أوْ لِيَمْنَحْهَاَ أَخَاهُ، فَإِنْ أن فَليُمْسِكْ أرْضَهُ).
90 - (... ) وحدتنى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِبم، حَدثنَا مُعَلَى بْنُ مَنْصُور الرأزِى، حَدةَشَا
خَالِىٌ أخْبَرنَا الشَّيْبَانِى، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأخْنَس، عَنْ عَطَاء، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْد الله قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أنْ يُؤْخَذَ للأَرْضِ أجْزأوْ حَظّ.
"
91 - (... ) حدينا ابْنُ نُمَيْر، حَدثنَا أبى، حَدثنَا عَبْدُ المَلِكِ، عَنْ عَطَاء، عَنْ جَابِر
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَليزْرَعْهَا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَزْرَعَهَا،
ذكر حديث ابن عمر: كنا لا نرى بالخبر بأسا، أو الكراء، شك إبراهيم بن مسلم
حتى كان عَامَ أول، فزعم رافع أن النبى - عليه السلام - نهى عنه، كذا ضبطناه بالكسر وهو من الأسدى، والصدفى، ورويناد من طريق الطبرى: (الخبر) بالفتح.
وفى كتاب التميمى: الخبر) بالضم، وكله بمعنى المخابرة، ووجهه الكسر والفتح، [ كذا قاله أبو عبيد] (1) كذا قال بعد هذا ابن عباس وهو الحقل، وهو بلسان الأنصار: (المحاقلقه.
وفى الرواية الأخرى: اْن ابن عمر كان يؤجر الأرض[ فأخذ] (2) حديثا عن رافع وذكر الحديث.
وفى أخرى: فتركه ابن عمر ولم يأجره.
كذا جاءت الرواية عند كافتهم، وعند السمرقندى: (يأخذ)، وصوابه (يؤجر) فى الموضعن.
وقد يخرج (يأجر) على اللغة الأخرى.
فيمن قال: أجرته بغير مد.
وفى الرواية الأخرى: فقال ابن عمر: لقد كنت أعلم فى عهد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن الأرض تكرى، ثم خشى أن يكون رسول الله أحدث فى ذلك شيئا لم يكن علمه، فرَك كراء الأرض.
وذكر حديث رافع: كنا نحاقل الأرض على عهد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فنكريها بالثلث والربع والطعام المسمى، ثم ذكر عن بعض عمومته: نهانا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن نحاقل الأرض فنكريها على الثلث والربع والطعام المسمى، وأمر رب الاَرض أن يزرعها أو بزرعها، وكره كراءها وما سوى ذلك.
وفى رواية اْخرى: عن عمه نافع بن ظهير، أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) سألنى: (كيف تصنعون بمحاقلكم ؟) فقلت: نؤاجرها على الربع والأوسق من التمر والشعير قال: (فلا تفعلوا، ازرعوها أو أزْرِعوها،.
كذا رويناه من طريق السجزى
(1) سقط من الأصل، واستدرك بالهامش بسهم.
(2) مثبتة من مق الحديث.
196
(5/195)
كتاب البيوع / باب كراَ الأرض
وَعَجَزَ عَنْهَا، فَليَمْنَحْ! أخَاهُ المُسْلِمَ، وَلاَ يُؤَاجِرْهَا إِئاهُ).
ص ص عص ص ص، 5، ص، ص عص ص ص ملاص ص ص ص، 5 ص، 5،، ص ص ص ص 92 (... ) وحدثنا شيبان بن فروخٍ، حدثنا همام، قال: ساممل سليمان بن موسى عطاء فَقَالَ: أحَدثكَ جَابِرُ بْنُ عَبْد الله ؛ أنَّ الئبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنْ كَانَتْ لهُ أرْضن فَليَزْرَعْهَا، أوْ ليَزْرَعْهَا أخَاهُ، وَلا يُكْرِهَا) ؟ قَاَلَ: نَعَمْ.
93 - (... ) حئثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أِيى شميبَةَ، حَدشَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ ؛ أن النَّيِى ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنِ المُخَابَرَةِ.
94 - (... ) وحئثنى حَخاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَدثنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ المَجيدِ، حَدشَا سَلِيمُ بْنُ حَيانَ، حَدثنَا سَعيدُ بْنُ مِينَاءَ، قَالَ: سَمعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولَُ: إِن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنْ كَانَ لَهُ فًضْلُ أرْض فَليزرَعْهَا، أو لِيُزْرِعْهَا أخَاهُ، وَلاَ تَبِيعُوهَا).
فَقُلتُ لسَعيد: مَا قَولهُ: وَلاَ تَبيعُوهَا ؟ يَعْنِى اً مِرَاءَ ؟ قَالَ: نَعَمْ.
ًَ - َ ءه ص، 5،،، ص ص عص، صرءص عص، فرص ه ص ص ص 95 - (... ) حد ثنا احمد بن يونس، حدثنا زهير، حدثنا أَبو الزبيرِ، عن جابِرٍ، قال:
كُئا نُخَابِرُ عَلَى عَهْدِ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَنُصيبُ مِنَ القِصْرِئ وَمنْ لَنَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ كَانَتْ لَهُ أرْضنَ فَليزرَعْهَا أوْ فَليُحْرِثهَا أخَاهُ، وَإِلأَ فَليًدَعْهَا).
والفارسى.
وعن العذرى وابن ماهان: (الربع) مكان (الربيع،.
والربيع الساقية.
وفى رواية أخرى: نهى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن كراَ المزارع (1)ً قلت: أبالذهب والورق ؟ قَال: (أما بالذهب والورق فلا بأس به)، وفى لخرى: إنما كان الناس يوْاجرون على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الماذيانات، وإقبال الجداول، وأثياَ من الزرع، فيهلك هذا وشولم هذا، وشولم هذا ويهلك هذا، فلم يكن للناس كراَ لكل هذا، فلذلك.
زجر عنه فأما بثىَ معلوم مضمون فلا بأس به.
وفى رواية أخرى: كنا نكرى على أن لنا هذه ولهم هذه.
وذكر حديث ثابت بن الضحاك أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) نهى عن المزارعة، زاد فى آخره: وأمرنا بالمواجرة، وقال: لا بأس بها.
وذكر حديث ابن عباس ان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لم ينه عنه قال: ا لأن يمنح الرجل أخاه أرضه خير له من أن يأخذ عليها خرخا معلوثا).
(1) فى مق الحل يث رقم (115): (الأرض).
فانظره.
(5/196)
كتاب البيوع / باب كراء الأرض 197 96 - (... ) حدثنى أبُو الطَاهِرِ وأحْمَدُ بْنُ عِيسَى، جَميعًا عَنِ ائنِ وَهْب.
قَالَ ابْنُ عِيسَى: حَدثنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْب، حَدثنِى هِشَامُ بْنُ سَعْد ؛ أَنى أبَا الزوبيْرِ المَكِّى حَد!لهُ، قَالَ: سَمعْتُ جَابرَ بْن عَبْد الله يقول: كنا فى زمَان رَسُولً الله ( صلى الله عليه وسلم ) نَأخُذُ الأرْضَ بالثثث صَ، !
أوِ الررربع بِالمَاذِيَانَاتَ، فًقَامَ رً سُوَلُ الهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِىَ فَلكَ فًقَالَ: (مَن كَانَتْ لَهُ أرْضر فليَزرَعْهَا، فَ!نْ لَمْ يَزْرَعْهَا فَليَمْنًحْهَا أخَاهُ، فَإِنْ لَمْ بَمْنَحْهَا أَخَاهُ فَليُمْسِكْطَ).
97 - (... ) حدثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثنى، حَا شَا يَخعصَ بْنُ حَمَاد، حَدثنَا أبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، حَدثنَا أبُو سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (مَنْ كَانَتْ لَهُ أرْضر فليَهمهَا أوْ لِيُعِرْهَا).
98 - (... ) وَحَدثنِيه حَخاجُ بْنُ الثمئاعِرِ، حَدثنَا أَبُو الجَؤابِ، حَا شَا عَفارُ بْنُ رُزَيْقٍ، عَنِ الأعْمَشِ، بِهَنمَا اَلاِسْنَادِ.
غَيْرَ!نَهُ قَالَ: (فَليزْرَعْهَا أوْ فَلبزْرِعْهَا رَجُلاً).
99 - (... ) وحدّثنى هَرُورُ بْنُ سَعيد الأبْلِى، حَد!شَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى عَمْزو -
وَهُوَ ابْنُ الحَارِثِ - أنى بحَيْرم حَد!لهُ ؛ أَنىَ عَبدَ الله بْنَ أن سَلَمَةَ حدثه عَنِ النعْمَانِ بْنِ أيِى عياشٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ؛ أنى رَسُولَ الهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنْ كِرَاءِ الأرْضِ.
قَالَ بُكَيْرٍ: وَحَدثنِى نَافِع أنَاُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: كُنَا نَكْرِى أَرْضَنَا ثمَ تَرَكْنَا فَلِكَ
حِينَ سَمِعْنَا حَدِيثَ رَافِع بْنِ خَدِيجٍ.
100 - (... ) وحدثنا يحيى بْنُ يَحْعصَ، أخْبَرَنا أبُو خيثَمَةَ، عَنْ أن الزكربيرِ، عَنْ جَابر،
قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ بَيعْ الأرْضِ البَيْضَاءِ سَنَتثيئِ أوْ ثَ!.
ًَ 101 - (... ) وحدّثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَعمْرو الئاقِدُ وَزُهَيْرُ
ابْنُ حَرْب، قَالُوا: حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ حُمَيْد الأعْرَج، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ، عَنْ جَابِرٍ.
قَالَ: نَهَى النَمِى ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ بيع السَّنِينَ.
قال الإمام: الماذيانات: ما ينبت على الأنهار الكبار وليست بالعربية، ولكنها سوادية.
والسواقى دون الماذيانات.
قال القاضى: ضبطنا هذا الحرف فى كتاب مسلم بكسر الذال، وضبطناه عن بعض شيوخنا فى غير مسلم بفتحها.
قيل: هى مسائل المياه.
وقال سحنون: الماذيانات: ما ينبت
198
(5/197)
كتاب البيوع / باب كراء الاْرض
وَفِى رِوَايَةِ ابْنِ أن شَيْبَةَ: عَنْ بَيعْ الئمَرِ سِنِيئَ.
102 - (1544) حدّثنا حَسَنُ بْنُ عَلِى الحُلوَانِىُّ، حَد!شَا أبُو تَوْبَ! حَدثنَا مُعَاوِبَةُ، عَنْ
يَحْىَ بْنِ أبِى كَثِير، عَنْ أن سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرخمَنِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ كَانَتْ لَهُ أرْض!أرْضبى فَليزْرَعْهَا أوْ لِيَمْنَحْهَا أخَاهُ، فَإِنْ أَ! فَليُمْسِكْ أرْ!لا.
103 - (1536) وحدئنا الحَسَنُ الحُلوَانىُّ، حَد!تنَا أبُو تَوْبَةَ، حدثنا مُعَاوِبَةُ، عَنْ
يَحْىَ بْنِ أن كَثِير ؛ أنَّ يَزِيدَ بْنَ نُعَيْبم أخْبَرَهُ ؛ أنًّ جَابِرَ بْنَ عَبْد اللهِ أخْبَرَهُ ؛ أنَهُ سَمِعَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَنْهَى عَنِ المُزَابَنَةِ وَالحُقُولِ.
فَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ التَهِ: المُزَابَنَةُ: الثمَرُ بِالتَّمْرِ، وَالَحُقُولُ: كِرَاءُ الأرْضِ.
104 - (1545) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا يَعْقُوبُ - يَعْنِى ابْنَ عَبْدِ الرخْمَنِ القَارِىَّ - عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أن صَالِحٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنِ المُحَاقَلَةِ وَالمُزَابَنَةِ.
105 - (1546) وحدّثنى أبُو الطَّاهِرِ، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى مَالِكُ بْنُ أنَسٍ،
عَنْ دَاوُدَ بْنِ الحُصَيْنِ ؛ أنَّ أبَا سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أبِى أحْمَدَ أَخْبَرَهُ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أبَا سَعيد الخُمْرِى يَقُولُ: نَهَى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَنِ المُزَابَنَةِ وَالمُحَاقَلَةِ، وَالمُزَابَنَةُ: اشْتِرَاءُ الثًّمَرِ فِى رُؤُوسِ النَّخْلِ، وَالمُحَاقَلَةُءَ كِرَاءُ الأرْضِ.
106 - (1547) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى وَأبُو الرَّبِيع العَتَكِىُّ - قَالَ أبُو الرَّبِيع: حَدثنَا.
وَقَالَ يحيى: أخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْد - عَنْ عَمْرو.
قَالَ: سَمعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: كنَا لاَ نَرَى بِالخِيْرِ بَا"سئا، حَتَّى كَانَ عَامُ أوَّلً، فَزَعَمَ رَافِع أنَّ نَيِىَّ الثهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عنهُ.
107 - (... ) وحدّثنا أبُو بَكْر بْنُ أبى شَيْبَةَ، حَد!شَا سُفْيَانٌ.
ح وَحَدَثَنى عَلىُّ بْنُ
، 5 ص ه ص، 5، ص ص ص ص عصَ 5 صَ، ص، ص ه، محيص ص ه يرصَ صَ ص ممص حجرٍ وإِبراهِيم بن ! ينارٍ، قا لا: حدثنا إِسماعِيل - وهو ابن علية - عن أيوب.
ح وحدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا وَكِيع، حَدهَّشَا سُفْيَانُ، كُلُّهُمْ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
!زَادَ فِى حَلِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: فَتَرَكْنَاهُ مِنْ أجْلِهِ.
على حافتى مسيل الماء، وقيل: ما ينبت حول السواقى من الخصب.
(واْقبال الجداول) بفتح الهمز، أوايلها.
والجداول: السواقى، ومثله الربيع.
قال ابن الالمحرابى: هو الساقية
(5/198)
كتاب البيوع / باب كراء الأرض
199
108 - (... ) وحدّثنى عَلِى بْنُ حُجْر، حدثنا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أئوبَ، عَنْ أبِى الخَلِيلِ، عَنْ مُجَاهِدٍ.
قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَقَدْ مَنَعَنَا رَافِع نَفع أرْضِنَا.
109 - (... ) وحدّثنا يحيى بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيع، عَنْ أيوبَ، عَنْ نَافِعٍ ؛
أنَّ ابْنُ عُمَرَ كَانَ يُكْرِى مَزَارِعَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وفِى إِمَارَةِ أبى بَكْر وَعُمَرَ وَعثمَانَ، وَصَدْزا مِنْ خِلاَفَة مُعَاوبَةَ، حَتَى بَلَغَهُ فِى اَخِرِ خِلاَفَة مُعَاوِيًَ ؛ أن رَافِعَ بْنَ خَديبم يُحَدِّثُ فِيهَا بِنَهْي عَنِ اَلنَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، فَدَخَلَ عَليْهِ وَأنَا مَعَهُ، فَسًألَهُ، فَقَالَ: كَانَ رسُولُ اللهَِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَنْهْى عَنْ كِرَاءِ المَزَارِع، فَتَرَكَهَا ابْنُ عُمَرَ بَعْدُ.
وَكَانَ إِفَ! سُئِلَ عَنْهَا، بَعْدُ، قَالَ: زَعَمَ رَافِعُ بْنُ خَلِيح أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنْهَا.
(... ) وحدّثنا أبُو الرَّبِيع وَأبُو كَامِل، قَالا: حَدثنَا حَمَاد.
ح وَحَدثنِى عَلِىُّ بْنُ حُجْر، حدثنا إٍ سمَاعِيلُ، كِلاَهُمَا عَنْ أئوبَ، بِهَذَا الإِسْنَاد، مِثْلَهُ.
وَزَادَ فِى حَدِيثِ ابْنِ عُلَية: قَالَ: فتَرَكَهَا ابْنُ عُمَرَ بَعْدَ فَلِكَ فَكَانَ لاَ يُكْرِيهَا.
110 - (... ) وحدئنا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدثنَا أيِى، حَدثنَا عُميدُ الله، عَنْ نَافِع.
قَالَ: فَ!بتُ
مَعَ ابْنِ عُمَرَ إِلَى رَافِع بْنِ خَلِيج، حَتَّى اتَاهُ بِالبَلاَطِ، فَاخبَرَهُ أنًّ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنْ كِرَاءِ المَزَارِع.
(... ) وحئثنى ابْنُ أبِى خَلَف وَحَخاجُ بْنُ الشَاعِرِ، قَالا: حَدثنَا زَكَرِئاءُ بْنُ عَدِى، أخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ زيد، عَنِ الحَكَم، عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ ؟نهُ أتَى رَافعًا.
فَذَكَرَ هَنَا الحَلِيثَ عَنِ النَّبِىِّ علته.
111 - (... ) حدئنا مُحَفدُ بْنُ المُثنى، حَا شَا حُسَيْن - يَعْنِى ابْنَ حَسَنِ بْنِ يَسَار -
حدثنا ابْنُ عَوْلط، عَنْ نَافِعٍ ؛ أنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَالجُرُ الأرْضَ.
قَالَ: فَنمئَ حَدِيثًا عَنْ رَافِع ابْنِ خَديبم.
قَالَ: فَانْطَلقَ ! مَعَهُ إِليْه.
قَالَ: فَذَكَرَ عَنْ بَعْضِ عُمُومَتِهِ، ذَكَرَ فِيهِ عَنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ): اً نهُ نَهَى عَنْ كِرَاءِ الأرْضِ.
قَالً: فَتَرَكَهُ ابْنُ عُمَرَ فَلمْ يَاخرَهُ.
الصغيرة بلغة أهل الحجاز، وجمعه الربعان، وقال الخليل: الأربعاء: الجداول، جمع ربيع.
وقال غيره: هى خطوط الماء فى الاْرض.
وحكى عن القابسى أنه قال: معناه: أن لصاحب الأرض من النبات الذى يزرع على جانبى الربيع، ونحوه قول أبى عبيد وغيره،
200 (5/199)
كتاب البيوع / باب كراء الأرض ص ص ! لم صءلم ه لم صءعصء،.
، ء، " ص صص.
، "ه ص "
(... ) وحدثنِيهِ محمد بن حاتِ!، حدثنا يزيد بن هرور، حدثنا ابن عون، بهذا الإِسْنَادِ، وَقَالَ: فَحَمثهُ عَنْ بَعْضِ عُمُوقتِهِ، عَنِ النَيِىَّ (صلى الله عليه وسلم).
112 - (... ) وحدّثنى عَبْدُ المَلِكِ نجنُ شُعَيب بْنِ الفيْث بْنِ سَعْدِ، حَدثنِى أبِى، عَنْ جَدى، حَدثنِى عُقَيْل بْنُ خَالد، عَنِ ابْنِ شِهَاب؛ اَنهُ قَالَ: أخبَرَنِى صَالمُ بْنُ عَئدِ اللهِ؛ أن عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يحْرِىَ أرً ضِيه، حَتَّى بَلَغَهُ أنَ رَافِعَ بْنَ خَلِيج الأنصَارِى كَانَ يَنْهَى عَنْ كِرَاءِ الأرْضِ.
فَلَقيَهُ عبدُ ال!هِ فًقَالَ: يَا ابْنَ خَلِيجِ، مَاذَا تُحَدِّثَُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى كِرَاءِ الأرْض ؟ قَالً رَافِعُ بْنُ خَديجِ لَعبدِ اللهِ: سَمِعْتُ عَمَّىَ - وَكَانَا قَدْ شَهِدا بَدْرًا - يُحَدثانِ أهْلَ الئَارِ ؛ أنه رَسُولَ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنْ كرَاءِ الأرْضِ.
قَالَ عَبْدُ الله: لَقَدْ كُنْتُ أعْلَمُ - فى عَفدِ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) - أنَّ الأرْضَ يخرً ى.
ثُئم خَشِىَ عَبْدُ اللهِ أنْ يًكُونَ رَسُولُ الةِ ( صلى الله عليه وسلم ) أحمَثَ فِى فَلِكَ شَيَئا لَنم يَكُنْ عَلِمَهُ، فَتَرَكَ كِرَاءَ الأرْضِ.
قالوا: كاثت تشرف على المزارع يزرعها خاصة لرب المال صوى شرط الثلاث والربع.(5/200)
كتاب البيوع / باب كراء الأرض بالطعام
201
(18) باب كراء الأرض بالطعام
113 - (1548) وحئثنى عَلِى بْيق حُجْرٍ ال!ئَعْدى9 وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهيمَ، قَالا: حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ - وَهُوَ ابْنُ عُلَئةَ - عَنْ أَيوبَ، عَنْ يَعلَى بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ رَافِع بْنِ خَلِيج، قَالَ: كُئا نُحَاقِلُ الأرْضَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الثه ( صلى الله عليه وسلم )، فَنُكْريهَا بِالثلث وَللربع وَالطعَام المسَمى.
فَجَائا فَاتَ بَوْم رَجُل مِنْ عُمُومَتِى، فَقَاَلَ: نَهَانَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ أمْر كَانَ لَنَا نَافِعًا - وَطَواعيَةُ الله !رَسُولِهِ ثونفَعُ لَنَا - نَهَانَا أنْ نُحَاقلَ بِالأرْضِ فَنُكرِيهَا عَلَى الثثثِ وَالرئعْ وَالطَّعَام المُسَفىَ، وَأمَرَ رَبئَ الأرْضِ أنْ يَزْرَعَهَا "اوْ يُزْرعَهَا، وَكَرِهَ كِرَا هًا، وَمَا سِوَى فَلِكَ.
(... ) وَحلّثناه يحيى بْنُ يحيى، أَخْبَرَنَا حَمَادُ بْنُ زَبْدٍ، عَنْ أئوبَ، قَالَ: كَتَبَ إِلَى بَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ قَالَ: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنُ يَسَارٍ بُحَدِّثُ عَنْ رَافِع بْنِ خَلِيِجٍ، قَالَ: كُئا
وقوله: (أمر كان بنا رافقا): أى ذا رفق كما قال /:
كلينى لهم يا أميمة ناصب
أى: ذا نصب.
وقوله: (فليزرعها هو أو يمنحها أخاه، ويجعلها له مزرعة، فإن اْبى فليمسك هذا أرضه، فقلت: ذلك معه) (1)، قال الإمام: اختلف الناس فى منع كراء الأرض على الإطلاق، فقال به طاووس والحسن.
أخذا بظاهر الحديث الذى ذكرناه ث أنه نهى عن كراء الأرض فعم، وأنه نهى عن المحاقلة، وفسرها الراوى بكراء الأرض، وأطلق أيفئا.
وقال جمهور العلماء: إنما يمغ على التفسير دون الإطلاق.
واختلفوا فى ذلك، فعندنا أن كراع!ا بالجزء لا يجوز من غير خلاف، وهو مذهب أبى حنيفة والثافعى، وقال بعض الصحابة وبعض الفقهاء بجوازه ؛ تشبيها بالقراض، وأما كراؤها بالطعام مضمونًا فى الذمة فأجازه أبو حنيفة والثافعى لقول رافع فى آخر حديثه: فأما بثىء معلوم مضمون فلا بأس به.
وحمل ذلك أصحابنا على تفسير الراوى واجتهاده فلا يلزم الرجوع إليه، وقال ابن رافع من أصحاب مالك: يجوز كراؤها بالطعام أو غيره، كأن ينبت فيها اْو،، إلا الحنطة
(1) حديث رقم (102) بالباب للسابق.
220 / 1
202(5/201)
كتاب البيوع / باب كراء الأرض بالطعام نُحَاقِلُ بِالأرْضِ فَنُكْرِيها عَلَى الثُّلُثِ وَالربع.
ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ ! دِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ.
(... ) وحدّثنا يحيى بْنُ حَبيب، حَدثنَا خَالدُ بْنُ الحَارث.
ح وَحَدثنَا عَمْرو بْنُ عَلِى،
ص حض صو، 5 ص ص ص صرًَه ص، 5، هَ ص صءَه صَ - ص ص،، سُ وص ه
حدثنا عبد الأعلى.
ح وحدثنا إِسحق بن إِبراهِيم، اخبرناعبدة، كلهمْ عنِ ابنِ أبِى عَرُوبَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، بِهَنَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
(... ) وَحَدثنِيه أبُو الطَّاهِرِ، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب أخْبَرَنَى جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ
حَكِيمٍ، بِهَنَا الاِسْنَادَ، عَنْ رَافِع بْنِ خَلِيجٍ، عَنِ الئيًىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
وَلَمْ يَقُلْ: عَنْ بَعْضِ عُمُومَتِهِ.
114 - (... ) حدّثنى إسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أخْبَرَنَا أبُو مُسْهِرٍ، حَدثنِى يحيى بْنُ حَمْزَةَ، حَدثنِى أبُو عَمْرو الأوْزَاعِى، عَنْ أيِى الئجَاشِىث مَوْلَى رَافِعِ بْنِ خَلِيج عنْ رَافِعٍ ؛ أنَّ ظُهَيْرَ بْنَ رَافِعٍ - وَهُوَ عَمُهُ - قَالَ: أتَانِى ظُهَيْز فَقَالَ: لَقَدْ نهَى رَسُول اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ أمْرٍ كَانَ بِنَا رَافقًا.
فَقُلتُ: وَمَا فَاكَ ؟ مَا قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَهُوَ حَق.
قَالَ: سَألَنِى كَيْفَ تَصْنَعُونَ بِمًحَاقِلِكُمْ ؟ فَقُلتُ: نُؤَاجِرُهَا، يَا رَسُولَ اللهِ عَلَى الرئيع أوِ الأوْسُقِ مِنَ التَمْرِ أوِ الشَّعير.
قَالَ: (فَلاَ تَفْعَلُوا، ازْرَعُوهَا - أوْ أزْرِعُوهَا - أوْ أمْسِكُوهَا لما.
(... ) حلّفنا محَمد بْن حاتِمٍ، حدثنا عبد الرحمنِ بن مهدِى، عنْ عِكْرِمة بْنِ عمارٍ،
عَنْ أبِى الئجَاشِى، عَنْ رَافِعٍ، عَنِ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) بِهَنَا.
وَلَمْ يَذْكُرْ: عَنْ عَفهِ ظُهَيْرٍ.
وأخواتها إذا كان ما تكرى به خلاف ما يزرع فيها.
وقال ابن كنانة من أصحاب مالك: لا تكرى بشىء إذا أعيد فيها نبت، ولا بأس بغيره، كان طعافا أو غيره.
وقد اْضيف هذا القول إلى مالك.
وقد تعلق أصحابنا بما روى اْنه نهى عن كراء الأيض بالطعام فَعم، وكان الناهى عنها يقرر أنه على ملك رب الاْرض، كأنه باعه بطعام فصار كبيع الطعام بالطعام إلى أجل، وكذلك المشهور من مذهبنا النهى عن كرائها بما تنبته وإن لم يكن طعافا، لما روى أنه نهى عن كراء الاْرض بما يخرج منها.
وقد قال ابن حنبل: حديث رافع فيه ألوان ؛ لأنه مرة حدث به عن عمومته، ومرة عن نفسه.
وهذا الاضطراب يوهنه عنده.
(5/202)
كتاب البيوع / باب كراَ الأرض بالذهب والورق
203
(19) باب كراء الأرض بالذهب والورق
115 - (1547) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ رَبيعَةَ بْنِ
ابِى عَبْدِ الرخْمَنِ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْس ؛ أنَّهُ سَ اللَ رَافِعَ بْنَ خَدِيج عَنْ كِرَاء الأَرْضِ ؟ فَقَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ كِرَاءِ الأرضِ، قَالَ: فَقُلتُ: أبِالن!بِ وَالوَرِقَ ؟ فَقَالَ: أمَّا بِالنَّ! بِ وَالوَرِقِ، فَلاَ بَا"سَ بِهِ.
116 - (... ) حدّثنا إِسْحَاقُ، أخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُوشُ!، حَدثنَا الأوْزَاعِى، عَنْ رَبِيعَةَ
ابْنِ أبِى عَبْد الرَّحْمَنِ، حَدثنِى حَنْظَلَةُ بْنُ قَيْسبى الأنْصَارِىُّ، قَالَ: سَألتُ رَافِعَ بْنِ خَدِيج، عَنْ كِرَاءِ الأَرْضِ بِالنَّ! بِ وَالوَرِقِ ؟ فَقَالَ: لاَ بَأسَ بِهِ.
إِنَّما كَانَ النَاسُ يُؤَاجِرُونَ، عَلَى
وقد خرج مسلم أن رافغا سئل عن كراَ الأرض بالذهب والورق، فقال: الا بأس
به، إنما كان الناس يواجرون على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على الماذيانات واْقبال الجداول، وأشياَ من الزرع، فيهلك هذا وشولم هذا فلم يكن للناس كراَ إلا هذا فلذلك زجر عنه، فأما بشىَ معلوم مضمون فلا بأس به)، وهذا إشارة منه إلى اْن النهى تعلق بهذا الغرر، وما يقع فى هذا من الخطر ؛ ولهذا اضطرب أصحاب مالك فيه، وقالوا فيه ما ذكرنا عنهم من الاختلاف.
وفى بعض طرف مسلم: (كنا نكرى الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه، فربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه، فنهانا عن ذلك، واْما الورق فلم ينهنا)، قال القاضى: اختلفت الأحاديث بما ذكرناه.
واختلفت فيها علل المنع، هل ذلك لاشتراطهم ناحية منها، وما زرع على الجداول والسواقى، أو لأنهم كانوا يكرونها على الجزَ، أو لاءنهم كانوا يكرونها بالطعام والأوسق من التمر.
وهذا كله من الغرر والخطر، أو لقطع الخصومة والتشاجر على ما جاَ فى حديث عروة: أتى رجلان من الأنصار وقد اقتتلا، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع) (1)، فكان نهيه نهى تأديب وللرفق والمواساة كما قال ابن عباس: لم يحرم النبى ( صلى الله عليه وسلم ) المزارعة، ولكن أراد أن يرفق بعضهم
(1) أحمد فى مسنده 5 / 82 1، أبو داود، كالبيوع، بفى المزارعة (0 339)، النسائى، كالمزارعة، بذكر الأحاديث المختلفة فى للنهى عن كراَ الأرض بالثلث والربع واختلاف الفاظ الناقلين للخبر (3927)، ابن ماجه، كالرهون، بما يكره من المزارعة!!2461).
204 (5/203)
كتاب البيوع / باب كراء الأرض بالذهب والورق عَهْدِ الثبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، عَلَى المَاذيَانَاتِ، وَأقْبَالِ الجَدَاولِ، وَأشْيَاءَ مِنَ الررعْ، فَيَهْلِكُ هَنَا وَيَسْلَمُ هَنَا، وَيَسْلَمُ هَنَا وَيَهلِكُ هَنمَا، فَلَمْ يَكُنْ لِلئاَسِ كِرَاء!إِلأَ هَنَا، فَلِنَلِكَ زُجِرَ عَنْ! فَا"فَا شَىء!مَعْلُومُ مَضْمُون!، فَلاَ بَأسَ بِهِ.
117 - (... ) حَدثنَا عَمْرُو الئاقِدُ، حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يحيى بْنُ سَعِيد، عَنْ حَنْظَلةَ الزرقِىُ ؛ أَئهُ سَمِعَ رَافِعَ بْنَ خَلِيجٍ يَقُولُ: كنَا كَثَرَ الأنصَارِ حَقلاً.
قَالَ: كنَا نًكْرِى الأرْضَ عَلى أن لنَا هَنِهِ وَلهُمْ هَنهٍ، فَربمَا أخْرَجَتْ هَذِهِ وَلمْ تَخْرِجْ هَنهِ، فَنَهَانَا عَنْ فَلِكَ، وَأفَا الوَرِقَ فَلمْ يَنْهَنَا.
ص مش ممر يرص فرص ير، ص ص نص ه، وريرص فرص، 5، "، ص
(... ) حدثنا أبو الربِيع، حدثنا حماد.
ح وحدثنا ابن المثنى، حدثنا يزِيد بن هرون، جَمِيعًا عَنْ يحيى بْنُ سَعِيدٍ، بِهَنَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
ببعض وبهذا ترجم البخارى (1) على الحديث: ما كان أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يواسى بعضهم بعضا فى المزارعة، وفى الثمر والجداول.
واختلافهم فى كراء الأرض سوى ما تقدم، فذهب ربيعة إلى أنه لا يجوز اْن يكرى
بغير الذهب والورق واعتمادا - والله أعلم - على حديث رافع، وأجازها بالجزء الليث، على خلاف عنه، واْتبعه من أصحابنا يحيى بن يحيى والأصيلى، وهو قول الشافعى ومحمد بن الحسن واْبى يوسف وأحمد بن حنبل فى آخرين.
وقال المغيرة صاحب مالك: لا بأس بكراء الأرض بطعام ولا يخرج منها، حكاه عن ابن سحنون وحكى غيره عنه مثل ما قال اْصحابه: لا يجوز بالطعام.
(1) للبخارى، كالحرث، بما كان من اصحاب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) يواسى بعضهم بعضئا فى الزراعة والتمر تعليفا (الفتح 22 / 5).
(5/204)
كتاب البيوع / باب فى المزارعة والمؤاجرة
205
(20) باب فى المزارعة والمؤاجرة (1)
118 - (1549) حدثنا يحيى بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحد بْنُ زِيَادٍ.
ح وَحَدثنَا
أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حدثنا عَلِى بْنُ مُسْهِر، كِلاَهُمَا عَنِ الشًيبَانِىِّ عَنْ عَبْد الله بْنِ السئَائِبطِ قَالَ: سَألتُ عبدَ الله بْنَ مَعْقِلٍ عَنِ المُزًا رَعَةِ ؟ فَقَالَ: أخْبَرَنِى ثَابِتُ بْنُ الضخًاك ؛ أن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنِ المُزَارَعَةِ.
وَفِى رِوَايَةِ ابْنِ أبِى شَيْبَةَ: نَهَى عَنْهَا.
وَقَالَ: سَألتُ ابْنُ مَعْقِلٍ.
وَلَمْ يُسَمِّ عَبْدَ اللهِ.
119 - (... ) حدثنا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أخْبَرَنَا يحيى بْنُ حَمَاد، أخْبَرَنا أبُو عَوَانَةَ،
عَنْ سُلئمَانَ الشَيْبَانِىِّ، عَنْ غئدِ الله بْنِ السئَائِبِ، قَالَ: دَخَلنَا عَلَى عَبْدَ اللهِ بْنِ مَعْقِل فَسَألنَاهُ عَنِ المُزَارَعَة ؟ فَقَالَ: زَعَمَ ثَابت! أن رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنِ المُزَارَعَة، وَأمَرَ بالمُؤَاجَرَف وَقَالَ: (لاَ بَاشً بِهَا).
ً
(1) سبقت الإشارة إليه فى باب كراء الأرض.
206
(5/205)
كتاب البيوع / باب الأرض تمنح
(21) باب الأرض تمنح (1)
120 - (1550) حدّثنا يحيى بْنُ يَحْيى، أخْبَرَنَا حَمَادُ بْنُ زَيْد، عَنْ عَمْرٍو ؛ أنَّ مُجَاهِدًا قَالَ دطَاوُسٍ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى ابْن رَافِع بْنِ خَدِيجٍ، فَاسْمَعْ منْهُ اً لحَديثَ عَنْ أبِيهِ، عَنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: فَانْتَهَرَهُ.
قَالَ: إِنِّى وَاللهِ، لَوْ أعْلمُ أنَّ رَسُولً اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنْهُ مَا فَعَلتُهُ، وَلَكِنْ حَدثنى مَنْ هُوَ أعْلَمُ بِه مِنْهُمْ - يَعْنِى ابْنَ عَئاسٍ - أنَّ رَيولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: الأنْ يَمْنَحَ الرخلُ أَخَاهُ أرْضَهُ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أنْ يَأخُذَ عَلَيْهَا خَرْجًا مَعْلُومًا).
121 - (... ) ود دّثنا ابْنُ أِبِى عُمَرَ، حَدثنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، وَابْنُ طَاوُسٍ عَنْ طَاوُسٍ ؛ أئهُ كَانَ يُخَابِرُ.
قَالَ عمْرٌ و: فَقُلتُ لَهُ: يَا أبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، لَوْ تَرَكْتَ هَنِهِ المُخَا بَرَةَ، فَإِنَهُمْ يَزْعُمُونَ، أن النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنِ المُخَابَرَة.
فَقَالَ: أىْ عَمْرُو، أخْبَرَنِى أعْلَمُهُمْ بِنَلكَ - يَعْنِى ابْنِ عَئاسٍ - أن النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) لَمْ يَنْهَ عَنهَا، إِنَمَا قَالَ: (يَمْنَحُ أحَدُكُمْ أخَاهُ، خَيْركهُ مِنْ أنْ يَاْخُذَ عَلئهَا خَرْجًا مَعْلُومًا).
! ه، ء، ص ص ص ير يص يرص ه 3 ص ص ص عص ج، ص ه "، صه ص ص
(... ) حدثنا ابن ايِى عمر، حدثنا المقفِى، عن ايوب.
ح وحدثنا ابو بكرِ بن أيِى شيبة
! اسْحَقُ ثنُ إِبْرَاهِيمَ، جَمِيعًا عَنْ وَكِيع، عَنْ سُفْيَانَ.
ح وَحَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ رُمْحٍ، أخْبَرَنَا اللًّيْثُ، عَنِ ابْنِ جُريْج، وَحَدثنِى عَلِىُّ ثنُ حُجْرٍ، حَدثنَا الفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَن شَرِيئط عَنْ شُعْبَمع كُلُهُمْ عَنْ عَفرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوسُ، عَنِ ابْنِ عَئاسٍ، عَنِ النَبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ).
نَخوَ حَدِيثِهِمْ.
122 - (... ) وحدثنى عَبْدُ بْنُ حُمَيْد وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ - قَالَ عَبْدٌ: أَخبَرَنَا.
وَقَالَ
ابْنُ رَافِعٍ: حَدثنَا عبدُ الرَّرأقِ - أخْبَرَنَا مَعْمرٌ، عَنِ طَاوُسٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَئاسٍ ؛ أن النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لأنْ يَفنَحَ أحَدَغُ أخَاهُ أرْضَهُ، خَيْر لَهُ مِنْ أنْ يَا"خُذَ عَلَيْهَا كَنَا وَكَنَا) لِشَىءٍ مَعْلُومٍ.
قَالَ: وَقَال ابْنُ عبَاسٍ: هُوَ الحَقْلُ.
وَهُوَ بِلِسَانِ الأنصَارِ المُحَاقَلَةُ.
(1) سبقت الإشارة بليه نى باب كراَ الأرض.
(5/206)
كتاب البيوع / باب الأرض تمنح
207
123 - (... ) وحدّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِى، أخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَر الرَّفىُّ، حَدثنَا عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ عَمْرو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أبِى أنَيْسَةَ، عَنْ عَبْد المَلِكِ بْنِ زَيْد، عَنْ طَاوس، عَنِ ابْنِ عَثاس، عَنِ النَبىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنْ كَانَتْ لَهُ أرْض! فَإِنَّهُ أنْ يَمْنَحَهَأ أخَاهُ خَيْرٌ ).
220 / ب
208 (5/207)
كتاب المساقاة / باب المساقاة والمعاملة بجزء...
إلخ
بسم الله الرحمن الرحيم
22 - كتاب المساقاة
(1) باب المساقاة والمعاملة بجزء من الثمر والزرع
ا - (1551) حئثنا أحْمَدُ بْنُ حَنْبَل وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب - وَاللَفْظُ لِزُهَيْرٍ - قَالا: حَدثنَا يحيى - وَهُوَ القَطَانُ - عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، أخْبَرَنِى نَافِع عَنِ اً بْنِ عُمَرَ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَامَلَ أهْلَ خَيْيَرَ بِشَطرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أوْ زَرْعٍ.
2 - (... ) وحتثنى عَلِى بْنُ حُجْرٍ ال!ئعْدِىُ، حَدثنَا عُلىّ - وَهُوَ ابْنُ مُسْهِرٍ - أَخْبَرنا عُبَيْدُ اللهِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أعْطَى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) خَيْبَرَ بِشَطرِ مَا يَخْرُجُ مِنْ ثَمَرٍ أوْ زَرْعٍ، فَكَانَ يُعْطِى أزْوَاجَهُ كُل سَنَةٍ مِائَةَ وَسْقٍ: ثًمَانِنَ وَسْقًا مِنْ ثَمْرٍ، وَعِشْرِينَ
[ كتاب المساقاة] (1)
وقوله: (أن النبى عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من تمر وزرع)، وفى الرواية الأخرى: (على أن يعملوها (2) / من أموالهم ولرصول الله ( صلى الله عليه وسلم ) شطر ثمرها "، قال الإمام: ذهب مالك والشافعى إلى جواز المساقاة لأجل هذا الحديث، وأنكرها أبو حنيفة لأجل ما فيها من الغرر، وبيع الثمر قبل الزهو، وحمل حديث خيبر على أنهم كانوا عبيدا له فما أخذ له وما أبقى له، وهذا لا نسلمه له ؛ لأننا لو سلمنا له أنه فتحها عنوة، وأنه أقرنهم على نحو ما قال، لم يجز الربا بين العبد وسيده، فلا يغنيه ما قال.
والقالْلون بجواز المساقاة اختلفوا، فمنعها داود إلا فى النخل[ خاصة، (3)، ومنعها الشافعى إلا فى النخل والكرم، وأجازها مالك فى سائر الشجر إذا احتيج فيها للمساقاة.
والمشهور عندنا منعها فى الزرع إلا إذا عجز عنه صاحبه، وأما داود والشافعى فرأياها رخصة، ءفقصراها على ما وقعت عليه، فلم يتحقق داود إلا النخل خاصة، ولم يتحقق الشافعى إلا النخل والكرم، ونحن قسنا بقية الشجر عليهما لكونهما فى معناهما، ولا مانع من القياس إذا عُقل المعنى، ومتى تجوز المساقاة فمذهبنا جوازها ما لم تطيب الثمرة.
وعندنا فى جوازها بعد أن طابت قولان، وعند الشافعى: لا تجوز المساقاة وقد ظهرت الثمرة،
(1) من ع.
(2) هكذا فى الأصل، وعند النووى: يعتملوها.
(3) من ع.
(5/208)
كتاب المساقاة / باب المساقاة والمعاملة بجزء...
إلخ 209 وَسْقًا مِنْ شَعير.
فَلَمَا وَلِىَ عُمَرُ قَسَمَ خَيْبَرَ، خَيرَ أزْوَاجَ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، أنْ يُقْطِعَ لَهُن الأرْضَ وَالمَاَءَ، أوْ يَضْمَنَ لَهُن الأوْسَاقَ كُل عَامٍ.
فَاخْتَلَفْنَ، فَمِنْهُن مَنِ اخْنَارَ الأرْضَ وَالمَاءَ، وَمنْهُنَّ مَنِ اخْتَارَ الأوْسَاقَ كُل عَامٍ، فَكَانَتْ عَائثةُ وَحَفْصَةُ ممَنِ اخْتَارَتَا الأرْضَ وَا لمَاءَ.
3 - (... ) وحدثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدثنَا أَبِى، حَدثنَا عُبَيْدُ اللهِ، حَدثنِى نَافِع عَنِ عَبْدِ اللهِ
ابْنِ عُمَرَ ؛ أن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَامَلَ أهْلَ خَيْبَرَ بشَطرِ مَا خَرَجَ مِنْهَا مِنْ زَرع أوْ ثَمَرِ.
وَاقْتَضَ الحَدِيثَ بِنَحْوِ حَلِيث عَلِىِّ بْنِ مُسْهِرٍ.
وً لَمْ يَذْكُرْ: فَكَانَتْ عَائشَةُ وَحَفْصَةُ مِمَنِ اخْتَارَتَا الأرْضَ وَالمَاءَ.
وَقَالً: خَيرَ أزْوَاجَ الئبىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) أنْ يُقْطِعَ لَهُن الأَرْضَ.
وَلَمْ يَذْكُر المَاءَ.
َ
4 - (... ) وحدثنى أبُو الطَّاهِرِ، حَدثنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى أسَامَةُ بْنُ زَيْد اللَيْثِى، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَا افْتُتِحَتْ خَيْبَرُ سَألَتْ يَهُودُ رَسُولَ اللهً
وقد رأى الظاهر منها مملوك جميعه لرب النخل وهو عين قاثمة، فكأنه باع نصفه قبل الزهو لخدمة العامل.
وعندنا أن المعاملة إنما وقعت على التنمية بنصف النَامى وذلك غير موجود، والموجود قبل هذا غير مقصود، فلا يوثر فى جواز المساقاة.
قال القاضى: اختلف فى افتتاح خيبر، هل كانت عنوة أو صلحًا، أو جلاء اْهلها
عنها بغير قتال، أو بعضها صلح وبعضها عنوة، وبعضها خلا عنه أهله رغبًا، اْو بعضها صلحا وبعضها عنوة ؟ وهذا أصح الأقاويل، وهى رواية مالك ومن تابعه وقول ابن عقبة، وفى كل وجه ترمز فيه رواية مسلم أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لما ظهر على خيبر ئراد إخراج اليهود منها، وكانت الأرض حين ظهر لله ولرسوله وللمسلمن يدل ظاهره على العنوة ؛ إذ حق المسلمن إنما هو فى العنوة، وهو قول من قال: صلحًا، اْنهم صولحوا على ترك الأرض.
وقد يكون معنى قوله: ا لله ولرسوله وللمسلمن) يعنى بمجموع قسمتها، اْى قد كان منها عنوة فهذا حكمه، وما كان صلحًا فلله ولرسوله.
وقوله: (من ثمر أو زرع): يحتج الليث والشافعى، ومن قال بقولهما فى كراء الأرض بالجزء منها، وفى جواز المساقاة والمزارعة معًا.
ومالك فى اَخرين يمنعون من اجتماعهما، ويمنعون المزارعة بالجزء، ويجيزون المساقاة إلا ما كان تبعًا من الأرض يبقى الثمار، فيجوز عند مالك دخوله فى الشرط أو إلغاؤه للعامل.
وأبو حنيفة وزفر يمنعانهما
221 / 10
210 (5/209)
كتاب المساقاة / باب المساقاة والمعاملة بجزء...
إلخ ( صلى الله عليه وسلم ) أنْ يُقِرهُمْ فيهَا، عَلَى أنْ يَعْمَلُوا عَلَى نِصْفِ مَا خَرَجَ مِنْهَا مِنَ الئمَرِ والررعْ.
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) 5َ (اقِرُّكُمْ فِيهَا عَلَى فَلِكَ، مَا شِئْنَا لا ثُمَ سَاقَ الحَديثَ بنَحْوِ حَلِيثِ ابْنِ نُمَيْر وَابْنِ مُسْهِر عَنْ عُبَيْد الله.
وَزَادَ فيه: وَكَانَ الئمَرُ يُقْسَمُ عَلَىَ الممئهْمَانِ مِنْ نصْف خَيْبَرَ، فَيَأخُذُ رَسولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) الَخُمُسَ.
ً
5 - (... ) وحدّثنا ابْنُ رُمْح، أخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ مُحَمَدِ بْنِ عَبْدِ الرخمَنِ، عَنْ نَافِع،
عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أئهُ دَفَعَ إِلَى يَهُودِ خَيْبَرَ نَخْلَ خَيْبَرَ وَأرْضَهَا، عَلَى أنْ يَعْتًمِلُوهَا مِنْ أمْوالِهِمْ، وَلِرَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) شَطرُ ثَمَرِهَا.
مجتمعين أو مفترقن ولا يجيزونهما.
وابن أبى ليلى فى بقية الكوفين وفقهاء أصحاب الحديث يجيزونهما مجتمعين ومفترقين ويقضى على ظاهر هذا الحديث عندنا الحديث المتقدم فى النهى عندنا عن المخابرة وكراء الأرض بجزء، ويتأول على الحديث تأويلات ؛ إما أن يكون الزرع تبغا للنخل، أو يكون كل عقد منفرد فزارع قوما بالشروط الجائزة فى المزارعة وشساقى آخرين.
وقوله: (أقركم بها على ذلك ما شئنا)، وفى الموطأ: (ما اْقركم الله): عائد
على إقرارهم فى خيبر ؛ إذ كان فى نيته - عليه السلام - إخراجهم منها، ! إجلاء أهل الأديان من جزيرة العرب، كما صرح به وأمر آخر عمره، وكما دل عليه هذا الخبر وغيره من إنذاره بذلك.
ولا حجة عليه لأهل الظاهر فى إجارتهم المساقاة المبهمة لأجل هذا اللفظ، أو فلأجل المجهول، ومالك والثورى والشافعى وجمهور علماء المدينة وغيرهم - ممن يجيز المساقاة - لا يجيزونها إلا لأمد معلوم، وسنين معدودة.
وقال أبو ثور: إذا وقعا فهو لسنة واحدة.
وحكى ابن المنذر عن بعضهم جوازه، وقيل: ذلك خصوص للنبى - عليه السلام - وفى أول الاسلام، وقيل: جاز ذلك لأن الكل جاز عنوة وهم عبيد له، ويجوز بين العبد وسيده / [ ما لا يجوز بين] (1) الأجنبين، وقيل: ليس فيه دليل على إلزام الاْجل، وأن مقتضاها ليست موبدة، ولأن الحكم ال لنا إخراجكم، وهذا حكم المساقاة والمزارعة ؛ أن تمام الثمرة وحصاد الحرث[ ينقضى أمرهما، إلا أن يستأنفا عاما آخر] (2)، إلا أن يشاء المستلف عمل عام آخر أو زرع بطن[ استئنافا] (3) آخر وعن تنبيه على اْنهم.
0.
(4) وقد جاء بأفسرمن هذا فى غير الأم.
وقوله: (على أن يعتملوها من أموالهم): أصل وحجة فى اْن سنة المساقاة كلها على
(1، 2) بياض فى الأصل ومنقولة من إكمال المال للأبى 4 / 228.
(3) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامة.
(4) ما بين للكلمتن بياض بالمسودة.
(5/210)
كتاب المساقاة / باب المساقاة والمعاملة بجزء...
إلخ 211 6 - (... ) وحدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع ! اسْحَاقُ بْنُ مَنْصُور - وَاللَّفْظُ لابْن رَافع - ًحمصَ، يريرً، لمً ممص لمَ عو، ًًًًً قالا: حدثنا عبْد الرزاق، أخْبرنا ابْن جريْجٍ، حدثنِى موسى بْن عقْبة عنْ نافِعٍ، عنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّاَبِ أَجْلَى اليَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ أرْضِ الحِجَازِ، وَأن رَسُولَ اللهِ
العامل وجميع المؤونة والنفقة والأجر والدواب والاَلات، إلا ما كان منها فى الحائط حيئ المساقاة فهو عندنا للعامل ينتفع به دإن لم يشترط.
وقوله: (شطر ما يخرج منها): دليل على تسمية الجزء فى المساقاة، وأنها لا تجوز مبهمة، وهذا أيسر ما روى فى حديث مالك عنهما: (على أن الأرض بيننا وبينكم) (1)، فإن كان على هذه كما تقدم، فمؤونة الشركة والمساقاة جائزة عند من يجيزها من العلماء بما اتفق عليه من الجزء قل أوكثر.
وقوله: (فكان يعطى أزواجه كل سنة مائة وسق، ثمانين وسفا من تمر، وعشرين
من شعير) يصحح أن البياض كان أقل من التمر، هكذا كان قسمه - عليه السلام - لمن قسم له من ماله وغيرهم من مال خيبر، الذى أقره ولم يقسمه والذى وجب فى الخمس، وقد قسم منها على من افتتحها ومن غاب من أهل الحديبية، خاصة ما قسم منها وهو الذى افتتح عنوة، والخبر فى ذلك معروف.
وفيه حجة على جواز قسمة الأرض العنوة، وهو مذهب الشافعى، تقسم على مفتتِحيها كما تقسم الغنائم، وحُجّته هذا الحديث، وقسم النبى خيبر على من حضرها ومن غاب من أهل الحديبية، وعموم قوله تعالى: وَاعْلَمُوا أَثمَا غَنِمثم ئِن ثمَعْ فَأَن لِئهِ خُمُسَهُ (2).
ومالك وأصحابه يرون إبقاءها للمسلميئ لمن حضرها ومن لم يحضرها، ومن يأت
من المسلمن إلى يوم القيامة، على ما صنع عمر بأرض العراق ومصر والشام، واحتج بقوله ثعالىِ: { وَالَنِينَ جَاعُوا مِنْ بَعْل!م} (3)، وشأول عطفه على قولى: { لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِين} (4) وذهب الكوفيون إلى تخيير الإمام فى قسمتها أو إقرارها بيد أهلها، وتوظيف الخرج عليها، وتصير ملكا لهم كأرض الضلح.
وقوله: (وكان الثمر يقسم على السهمان من نصف خيبر فيأخذ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الخمس) فبين اْنها عنوة، ومنها على ما تقدم أولا بخمس إلا ما أخذ عنوة، وهذا كما قال فى نصف خيبر، وهذا يدل أن المسلمين كلهم مع النبى عاملوهم فى جميع الأرض، فما
(1) مالك، كالمساقاة، بما جاء فى المساقاة 703 / 2.
(3)1 لخر: 10.
(2) 1 لأنفال: 41.
(4)1 لخر: 8.
212 (5/211)
كتاب المساقاة / باب المساقاة والمعاملة بجزء...
إلخ ( صلى الله عليه وسلم ) لَمَّا ظَهَرَ عَلَى خَيْبَرَ أرَادَ إِخْرَجَ اليَهُود مِنْهَا، وَكَانَتِ الأرْضُ، حِينَ ظُهرَ عَلَيْهَا، دثهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِلمُسْلِمِيئَ، فَاعرَادَ إِخْرَجَ اليَهُودَِ مِنْهَا، فَسَألَتِ اليَهُودُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أنْ يُقِرفُمْ
كان عنوة أخذ النبى ( صلى الله عليه وسلم ) خمسه، وأقسم أهل السهام أربعة اْخماس.
وقد تقدم اقتسامهم ما كان من اْرض خيبر، واْنها اقتسمت على السهام، فإن كان ذلك القسم إنما هو كان عرف كل واحد ما يصير له من الأرض على الإشاعة، فعليه يأتى ظاهر هذا اللفظ المتقدم، د ان كانت السهام ضربت على الأرض فقد تميزت لكل واحد أرضه، فيكون معنى قوله: (إن الثمر تقسم على السهمان): أى ثمر كل سهم يقسم بين عامله وصاحبه.
وفى فرض النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ما فرض لأرواجه ما ذكر، وكذلك فرض لبنى هاشم وبنى المطلب على ما ذكر أصحاب السير وغيرهم: جواز إرضاخ الإمام من الفىء والخمس لقريش ولذوى القربى ولأهل الفضل والدين والستَن، وتفضيل بعضهم على بعض حسبما روى فى ذلك.
وفيه حجة أنه ليس لأولى القربى فيه خمس الخمس، ولأنه على التسوية، الغنى والفقير سواء، وللفارس الذكر منهم سهمان، وللأنثى سهم فى هذا كله، بل ذلك موكول إلى اجتهاد الإمام.
قال عمر بن عبد العزيز.
لم يعمهم - عليه السلام - بذلك، ولم يخص قريبًا دون ما هو أحوج منه.
وقوله: (ولما ولى عمر قسم خيبر): يعنى اْجلى عنها يهودها لما بلغه من قوله -
عليه السلام - فى مرضه: الا يبقين دينان فى جزيرة العرب) (1)، وسيأتى الكلام على هذا بعد إن شاء الله.
وقوله: (خير أزواج النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أن يقطع لهن الأرض والماء أو يضمن لهن الأوساق
كل عام) إذ المال فيه إلى كفايتهن الموونة.
قوله فى الآخر: (فلما ولى عمر قسم خيبر): يعنى قسم السهم الذى كان له ( صلى الله عليه وسلم ) وكان وقفه لعياله وعامله، وكان قسم هذا بعد أن أجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز، وإنما خيرهن بين الإقطاع وضمان الأوساق مبالغة فى صيانتهن وكفايتهن التبذل فى تحصيل ذلك، ولم يكن هذا الإقطاع لمن اختاره منهن إقطاع تمليك ث لأنه لو كان كذلك لكان تغييرا لما فعل النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
وقد قال عمر لعلى والعباس: لا أغير من أرضها شيئًا، فإن غيرت من أمرها شيئًا أخاف أن أزيغ.
وقد كان النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قال: (ما تركت بعد نفقة عيالى ومونة عامله صدقة) ووقف الأرض لذلك، لانما كان إقطاع انحلال، وذلك أنه قسم الأوساق المائة على عدد الأزواج، فمن اختارت الأوساق ضمنها لها، ومن اختارت
(1) مالك، كلبامع، بما جاء فى إجلاء اليهود من المدينة 2 / 892 (17، 18)، أحمد 6 / 275.
(5/212)
كتاب المساقاة / باب المساقاة والمعاملة بجزَ...
إلخ 213 بِهَا، عَلَى أنْ يَكْفُوا عَمَلَهَا، وَلَهُمِْ نِصْفُ الثَّمَرِ.
فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ الثهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (نُقِرُّكُمْ بِهَا عَلَى فَلِكَ، مَا شِئْنَا)، فَقروا بِهَا حتى أجْلاَهُمْ عُمَرُ إِلَى تيمَاءَ وَأرِيحَاءَ.
النخلة اْقطعها قدر ذلك لتتصرف فيها تصرف المستعمل (1).
واختلف اْصحاب الشافعى فى إقطاع التمليك، والأظهر هنا ان يكون إقطاع استغلال لترفع عنهن فى ذلك اليد العليا عليهن، ويتحكمن فيما أقطعن تحكم المالك.
وقد جاَ فى الاَثار عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بفعل الوجهن.
تيماَ وأريحاَ ممدودان: موضعان.
(1) من إكمال المال، نقلا عن القرطبى فى المفهم 4 / 226.
214
(5/213)
كتاب المساقاة / باب فضل الغرس والزرع
(2) باب فضل الغرس والزرع
7 - (1552) حدّثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدثنَا أبِى، حدثنا عَبْدُ المَلِكِ، عَنْ عَطَاء، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله على: (مَا مِنْ مُسْلِم يَغْرِسُ غَرْسًا إِلاَّ كَانَ مَا الِلَ منْهُ لَهُ صًدَقَقً! وَمَا سُرِقَ مِنْهُ لَهُ صَدَقَة!، وَمَا ثَلَ السبعُ منْه فَهُوْ لَهُ صَدَقَة!، وَمَا كًلَت اَلطَّيْرُ فَهُوَ لَهُ صَدَقَةى، وَلاَ يَرْزَؤُهُ أحَدٌ إِلاَّ كَانَ لَهُ صَدَقَه!لا.
َ
8 - (... ) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا لَيْمث.
ح وَحَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أبِى الزبيْرِ، عَنْ جَابِرٍ ؛ أنًّ النَّبِىَّ على دَخَلَ عَلَى أمّ مُبَشِّرٍ الأنصَارِيَّة فِى نَخْلٍ لَهَا، فَقَالَ لَهَا النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ غَرَسَ هَذَا النَّخْلَ ؟ أمُسِلمٌ أمْ كَافِرٌ ؟)، فَقَاَلَتْ: بَلْ مُسْلِم.
فَقَالَ: (لاَ يَغْرِسُ مُسْلِم غَرْسًا، وَلاَ يَزْرعُ زَرْعًا، فَيَاكُلَ مِنْهُ إِنْسَان!وَلاَ دابَّةٌ وَلاَ شَىء!، إِلاَّ كَانَتْ لَهُ صَدَقَة!).
وقوله: (ما من مسلم يغرس غرسًا إلا كان ما كك منه صدقة) الحديث: فيه الحض
على الغرس واقتناء الضياع، كما فعله كثير من السلف، خلافا لمن منع ذلك.
واختصاص الثواب على الأعمال بالمسلمن دون الكفار.
وفيه أن المسبب للخير أجر بما تنفع به، كان من أعمال البر أو مصالح الدين.
وقيل: وفيه حجة أن من زرع فى أرض غيره أن الزرع له، وعليه كراء الأرض لما عم الزرع وخصه بذلك.
وفيما قال نظر، وليس فيه بيان.
قال الإمام: خرج مسلم فى هذا الباب حديثا عن الليث، عن أبى الزبير، عن جابر ؛
أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) دخل على اْم بشر.
هكذا فى رواية أبى العلاء عند الجلودى: (أم مبشر)، وفى النسخة عند السجزى وأبى العباس الرازى: (أم معبد واْم مبشر) على الشك، والمحفوظ فى حديث الليث بن سعد: (أم بشر (1)).
وذكر مسلم فى حديث ابن جريج عن أبى الزبير عن جابر: أخبرتنى أم مبشر أنها سمعت - الحديث.
قال بعض العلماء: أم مبشر الأنصارية امرأة زيد بن حارثة، يقال: إنها أم مبشر بنت البراء، من كبار الصحابة، روى عنها جابر بن عبد الله.
قال القاضى: كذا فى النسخ الداخلة إلينا من المعلم، والذى قال اْبو على الجيانى الذى نقل كلامه: إن الصواب: (اْم بشر) قال: وكذا فى ديوان الليث بن سعد قال:
(1) فى نسخة من نسخ ع: لم مبشر.
(5/214)
كتاب المساقاة / باب فضل الغرس والزرع 215 9 - (... ) وحدّثنى مُحَمَدُ بْنُ حَاتِمٍ وَابْنُ أيِى خَلَف، قَالا: حَدثنَا رَوْح، حَدثنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أخْبَرَنِى أبُو الزْبيْرِ ؛ انَهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهً يَقُولُ: سَمعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (لاَ يَغْرِسُ رَجُل مُسْلِم غَرْسًا، وَلاَ زَرْعًا، فَيَاكُلً مِنْهُ سَيُع أو طَائِر! أوْ شَىء!، إِلاَّ كَانَ لَهُ فِيهِ أجْر).
وَقَالَ ابْنُ أيِى خَلَفٍ: طَائِر!شَى!.
10 - (... ) حئثنا أحْمَدُ بْنُ سَعيد بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدثنَا رَوْحُ بْنُ عُبَ الةَ، حَدثنَا زَكَرِيَّاءُ
ابْنُ إِسْحَاقَ، أخْبَرَنِى عَمْرو بْنُ !ينَارٍ ؟نَهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْد اللهِ يَقُولُ: دَخَلَ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَى امّ مَعْبَد حَائطا.
فَقَالَ: (يَا ائمَ مَعْبَد، مَنْ غَرَسَ هَنمَا الَنَّخْلَ ؟ أمُسْلم أمْ كَافرٌ ؟) فَقَالَتْ: بَلْ مُسْلِم.
قَالَ: (فَلاَ يَغْرِسُ الًمُسْلِمُ غَرْسًا، فَيَاكُلَ مِنْهُ إِنْسَان! ولاَ! ابَّة!، وَلاَ طَيْز، إِلاَّ كَانَ لَهُ صَمَتَةً إِلَى يَوْم القِيَامَةِ).
وقال لى أبو عمر (1): أم مبشر الأنصارية بنت البراء بن معرور زوج زيد بن حارثة، ويقال لها: اْم بشر.
قال القاضى: وهكذا هو فى كتاب أبى عمر، يقال لها: أم بشر، فى باب اْم بشر.
وذكرها - اْيضا - فى باب اْم مبشر، فقال: ويقال لها - أيضًا -: أم بشر، واسمها - فيما قيل -: خليدة، ولم يصح.
ولم نجد فى النسخ التى وصلت إلينا من مسلم ما ذكر شيخنا أبو على عنه، عن ابن جريج، عن أبى الزبير، عن جابر، أخبرتنى أم مبشر، ولا فى هذا السند عندنا فى كتاب مسلم، لا من طريق شيخنا اْبى على المذكور ولا غيره ذِكْر لأم مبشر، ولا نرى أم بشر، ولا لاءم معبد، لإنما قال فيه ابن جريج: أنا أبو الزبير اْنه سمع جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول: الا يغرس رجل مسلم غرسًا) الحديث، دونما ذكر مسلم من رواية عمرو بن دينار.
سمع جابر بن عبد الله يقول: دخل النبى - عليه السلام - على أم معبد أيفخا، فقال: (يا اْم معبد) وذكر الحديث، وذكر - أيضا - من رواية الأعمش عن أبى سفيان، عن جابر، عن أم مبشر، وفى رواية ابن فضيل عنه، عن امرأة زيد بن حارثة، وذكر - أيفخا - من رواية أنس بن مالك ؛ (أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) دخل نخلأ لأم مبشر، امرأة من الأنصاري.
قال الإمام: وخرج مسلم فى الباب - أيفخا -: أخبرنى أحمد بن سعيد بن إبراهيم،
نا روح بن عبادة، نا زكريا بن إسحق، عن عمرو، عن جابر، قال: (دخل النبى - عليه
(1) انظر: ا لاستيعاب 4 / 1926.
216 (5/215)
كتاب المساقاة / باب فضل الغرس والزرع 11 - (... ) وحئثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَا شَا حَفْصُ بْنُ غِيَاث.
ح وَحَدثنَا أبُو كُرَيْبِ !اِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، جَمِيعَا عَنْ أبِى مُعَاوِيَةَ.
ح وَحَدثنَا عَمْزوَ الئاقِدُ، حَدثنَا عَمَارُ بْنُ مُحَمَد.
ح وَحَدثنَا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا ابْنُ فُضَيْلِ، كُل هَؤُلاَءِ عَنِ الأعْمَشِ، عَنًْ أبِى سُفْيَانَ، عَنْ جَابر.
زَادَ عَمْزو فى رِوَايَتِهِ عَنْ عَمَارٍ، وَأبُو كُرَيْب فِى رِوَايَتِهِ عَنْ أبِى مُعَاوِيَةَ، فَقَالاَ: عَنَْ أمً" مُبَشئرِ.
وَفِى رِوَايَةِ ابْنِ فُضَيْلٍ: عَنِ امْرَأة زيها بْنِ حَارِثَةَ.
وَفِى رِوَايَةِ إِسْحَقَ، عَنْ أبِى مُعَاوِيَةَ، قَالَ: ربَمَا قَالَ: عَنْ أمِّ مُبَشِّرٍ عَنِ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ).
!ربَمَا لَمْ يَقُلْ.
وَكُلُهُمْ قَالُوا: عَنِ الئيِى ( صلى الله عليه وسلم ).
بِنَحْوِ حَلِيثِ عَطَاءٍ وَأبِى الزرربيْرِ وَعَمْرِو بْنِ لحِينَارِ.
12 - (1553) حئثنا يحيى بْنُ يحيى وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد وَمُحَفَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الغُبَرِىفى - وَالفَفْظُ لِيحْىَ - قَالَ يحيى: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدثنَاَ أبُو عَوَانَةَ - عَنْ قَتَ الةَ، عَنْ أنَس، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَا مِنْ مُسْلِمِ يَغْرِسُ غَرْسَا، أوْ يَزْرعُ زَرْعَا، فَيَاكُلُ مِنْهُ طَيْزَأوْ إِنْسَان!أوْ بَهِيمَة.
إِلأَكَانَ لَهُ بِهِ صَمَتَآ!).
13 - (... ) وحئثنا عبدُ بْنُ حُمَيْد، حَا شَا مُسْلمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدثنَا أبَانُ بْنُ يَزِيدَ، حَدثنَا قَتَالحَةُ، حَدثنَا أنَسُ بْنُ مَالك ؛ أًن نَبِى اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) دَخَلَ نَخْلاَ لأمِّ مُبَث!ئرٍ - امْرَأة مِنَ الأنْصَارِ - فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) َ: (مَنْ غَرَسَ ! نَا الئخْلَ ؟ أمُسْلِم أمْ كَافِر ؟) قَالُوا:
السلام - على أم معبد...
الحديث.
قال الدمشقى: هكذا هذا الاشاد - أيضئا - عند أبى الأزهر، يعنى عن روح، عن زكريا، عن عمرو، عن جابر، والمشهور: عن زكريا، عن أبى الزبير، عن جابر، لا عن عمرو بن دينار.
وأبو الأزهر هو اْحمد بن الأزهر بن منيع النيسابورى، سمع عبد الرزاق واْبا أسامة وروح بن عبادة، ووهب بن جرير وغيرهم.
قال القاضى: وفى هذا السند فى رواية الطبرى: نا زكريا بن أبى إسحق، بزيادة (أبى)، وهو وَهْم، د انما هو زكريا بن إسحق الذى خرج عنه البخارى ومسلم عن عمرو بن دينار وغيره.
- " س
وفى الباب فى حديث الأعمش زاد عمرو فى روايته عن عمار، واْبى بكر فى روايته
عن أبى معاوية، كذا فى النسخ كلها عن أبى سفيان، وعند ابن الحذاء: وأبى كريب.
قال
(5/216)
كتاب المساقاة / باب فضل الغرس والزرع
مُسْلِثم.
بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ.
217
بعضهم: الصواب: وأبو كريب.
وذلك أن أول السند لأبى بكر بن أبى شيبة عن سفيان، ولاْبى كريب وإمحق بن إبراهيم عن أبى معاوية وابن أبى شيبة - أيضا - عن ابن فضيل، ولعمرو الناقد عن عمار بن محمد عن ال العمش، فالراوى عن أبى معاوية هو أبو كريب.
218
(5/217)
كتاب المساقاة / باب وضع الجوالْح
(3) باب وضع الجوائح
14 - (1554) حدثنى أبُو الطَّاهِرِ، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهُب عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ؛ أنَّ أبَا الزوبيْرِ أخْبَرَهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إٍ ن بِعْتَ مِنْ أخِيكَ ثَمَرًا ".
ح وَحَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّاد، حَاَئنَا أبُو ضَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ جُريْجٍ، عَنْ أبِى الزبيْرِ ؛ أنَهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ.
قَالَ رَسُولُ الله كله: ا لَوْ بِعْتَ مِنَ أخيكَ ثَمَرًا، فَأصَابَتْهُ جَائِحَة، فَلاَ يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، بِمَ تَأخُذُ مَالَ أخِيكَ بِغَيْرِ حَق ؟).
(... ) وحدثنا حَسَن الحُلوَانِى، حَا شَا أبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، بِهَنَا الاسْنَادِ، مثْلَهُ.
وقوله: (إن بعت من أخيك ثمرًا فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا،
بم تأخذ مال أخيك بغير حق ؟،، قال القاضى: هذا يدل أن هذه اللفظة فى الحديث الاخر: (أرأيت إن منع الله الثمرة، من كلام النبى ( صلى الله عليه وسلم )، أو بمعناه، د ان كان قد جاء فى كتاب مسلم بعد هذا من قول أنس.
وذكره من حديث مالك من قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
وهذا الحديث الأول رفع الإشكال، ويصحح رواية مالك.
قال الدارقطنى: وقد خالف مالكا فيه جماعة، فقالوا: قال أنس: أرأيت إن منع الله الثمرة (1).
وقد خرج البخارى - أيضا - الروايتين (2) جميعًا كما فعل مسلم.
وذكر مسلم حديث محمد بن عباد عن الدراورْدى، عن حميد عن أنس ؛ أن النبى كلنى قال: (إن لم يثمرها الله فبم يستحل أحدكم مال أخيه) قال الدارقطنى: وهم ابن عباد والدراوردى فى حيئ سماع ابن عباد منه.
قال إبراهيم بن حمزة: رواه عن الدراوردى مفصولا من كلام أنس، وهو الصواب وأسقط ابن عباد كلام النبى ( صلى الله عليه وسلم ) منه، وأتى بكلام أنس فرفعه وهو خطأ (3).
وذكر مسلم فى الباب اْمر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بوضع ا لجوا ئح.
قال الإمام: اختلف الناس فى الئمرة إذا[ اشتريت] (4) فأجيحت، فقال بعضهم:
(1) الالزامات والتتبع ص 360.
(2) الأول: البخارى، كالبيوع، بإذا باع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، ثم أصابته عاهة فهو من البائع (الفتح يا ا 2).
الثانية: للبخارى، كللبيوع، ببغ للخاضرة (2280).
(3) الالزامات والتتبع ص 363.
(4) من المعلم.
(5/218)
كتاب المساقاة / باب وضع الجوائح 219 ءا - (5ءه ا) حدتمنا يحيى بْنُ أئوبَ وَقُتَيْبَةُ وَعَلَى بْنُ حُجْرٍ، قَالُوا: حدثنا إِسْمَاعيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْد، عَنْ أنَسٍ ؛ أن الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنْ بَيعْ ثَمَرِ الئخْلِ حَتَى تَزْهُوَ 5َ فَقُلنَا لأنَسٍ: مَا زَهْوُهَاً ؟ قَالَ: تَحْمَر وَتَصْفَر، أرَأَيْتَكَ إِنْ مَنَعَ اللّهُ الثَّمَرَةَ، بِمَ تَسْتَحِل مَالَ أخِيكَ ؟
(... ) حدّثنى أَبُو الطَاهِرِ، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِىِ مَالِكٌ، عَنْ حُمَيْد الطوِيلِ،
عَنْ أنَسِ بْيؤ مَالِك ؛ أن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنْ بَيعً الثمَرَة حتى تُزْهِىَ.
قَالُوا: وً مَا تُزْهِىَ ؟ قَالَ: تَحْمَر.
فَقَالً: إِفَا مَنَعَ اللهُ الثَّمَرَةَ، فَبِمَ تَسْتَحِل مَالَ أَخِيكَ ؟
16 - (... ) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ عَئاد، حَدثنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُحَمَد، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أنَسٍ ؛ أنَّ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِنْ لَمْ يثمِرْهَاًا للهُ، فَبِمَ يَسْتَحِلُّ أحَدُكُمْ مَالَ أًخِيه ؟).
17 - (4ء ه ا) حدثنا بِشْرُ بْنُ الحَكَ! وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ لمحينَارٍ وَعَبْدُ الجَئاَرِ بْنُ العَلاَءِ - وَاللَّفْظُ لِبِشْرٍ - قَالُوا: حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنةَ، عَنْ حُميدٍ الأعْرَج، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ،
توضع الجائحة على الإطلاق، قلت أو كثرت ؛ لقوله: (أمر بوضع الجوالْح) وللحديث الاَخر المتقدم وهو قوله: ا لا يحل لك اْن تأخذ منه شيئا) الحديث.
ومن جهة الاعتبار أنها بقى السعى فيها على البائع لتنميتها، فكان ذلك كالتوفية بالكيل والوزن والمكيل أو الموزون إذا تلف قبل الكيل أو الوزن فهو من البائع، فكذلك هذا.
وقال اَخرون: لا توضع الجوائح قلّت أو كثرت، وقد ذكر ها هنا: إن أصيب فى ثمار ابتاعها فكثر دينه، فأمر ( صلى الله عليه وسلم ) بالصدقة عليه، ودفع لغرمائه.
فلو كانت توضع لم يفتقر إلى هذا.
وقال الأولون: قد تكون أصيبت بعد الجذاذ، وعليه دين من غيرها احتاج معه للصدقة، قالوا: وقد قال فى آخر الحديث لغرمائه: (وليس لكم إلا ذلك!، ولو كانت الجوائح لا توضع لكان لهم الطلب بالبقية، وينفصل هؤلاء عن هذا بأن يحملوه على أن ليس الآن إلا ذلك لفلسه، واْنه ينظر إلى ميسرة، كحا قال تعالى (1).
وأما ماللظ فقال بوضعها إذا بلغت الثلث، وكأنه خص فى الظواهر الأول بضرب من الاستدلال، وذلك أن الثمر لا تنفك من سقوط يسير منه، أو غير ذلك من الأسباب المتلفة للحقير منها، فكأن المشترى دخل على ذلك فلا قيام له به.
وإذا وجب العفو عن اليسير فما قصر عن الثلث فى حكم اليسير
(1) بثارة بلى قوله: { خَؤِ! (نن صسَرَ ؟} [ البقرة: 280،.
220(5/219)
كتاب المساقاة / باب وضع الجوائح
عَنْ جَابِرٍ ؛ أنَّ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) أمَرَ بِوَضْع الجَوَائِح.
قَالَ اوربو إِسْحَاقَ - وَهُوَ!احِبُ مُسْلِمِ -: حَدثنَا عَبْدُ الرخْمَنِ بْنُ بِشْرِ، عَنْ سُفْيَانَ، بِهَنَا.
على ما دلت عليه الأصول.
وقد قال بعض البغداديين من أصحابنا: الجالْحة كاسمها، يشير إلى أن اليسير المغتفر لا يكاد يسمى فى العرب جائحة، فلا يجب حمل الحديث عليه.(5/220)
كتاب المساقاة / باب استحباب الوضع من الدين 221
(4) باب استحباب الوضع من الدين
18 - (1556) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدثنَا لَيْث، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ
اللهِ، عَنْ أيِى سَعِيدٍ الخُدْرِىِّ قَالَ: أصِيبَ رَجُل فِى عَهْدِ رَسُول اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى ثِمَار ابْتَاعَهَا، فَكَثُرَ دصشُهُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (تَصَئَتُوا عَلَيْهِ)، فَتَمَئَقَ النًاسُ عَلَيْهِ.
فَلَمْ يبلُغْ فَلِكَ وَفَاءَ دصشِهِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) لِنُرَمَائِهِ: (خُذوا مَا وَجَدْتُمْ، وَتيسَ لَكُمْ إِلأَ فَلِكَ).
(... ) حدثنى يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأعْلَى، أخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى عَمْزو بْنُ الحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الأشَبئ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
19 - (1557) وحدثنى غَيْرُ وَاحد مِنْ أصْحَابنَا قَالُوا: حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أبى أوَيْسٍ، حَدثنِى أخِى عَنْ سُلَيْمَانَ - وً هُوَ ابْنُ بِلاَل لى عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِى
قال القاضى: أما الحديث الآخر الذى ذكر مسلم فى الذى أصيبت ثماره التى ابتاع،
فقال النبى ( صلى الله عليه وسلم ): (تصدقوا عليه)، وقال لغرمائه: (خذوا ما وجدتم عليه فليس لكم إلا ذلك) ولا حجة فيه للشافعى فى قوله الذى رجع إليه وهو قول أبى حنيفة، والكوفين والليث فى لّرك القول بوضع الجوائح وهذا حكم فى عين، ولعله اشتراها بعد تمام طيبها وإمكان جذاذها وسقوط حكم، ولا معارضة فيه للحديث الأول العام المقصود به البيان لوضح الجوائح منها على قول من يقول بالجوائح، إلا ما ورد لابن كنافة من أصحابنا فى أنها توضع بكل حال، أخذ بعموم الحديث ونحوه لابن القاسم.
وفى هذا الحديث الحض على الصدقة على المديان ليقضى منه دينه، واْن الحر لا يباعِ فىِ الدين على ما كان فى اول الإسلام ثم نسخ بقوله تعالى: { لَان كَان فُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَة إلَئ ميْسرَةٍ } (1).
وقوله - عليه السلام -: (خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك): / فيه أنه لم يصرح لهم بلزومه، خلافا لأبى حنيفة، ولاسحق خلاف الشافعى من قوله: يستحق أبدا حتى يودى غرمه، وخص الاَية بالربا الذى صردت فيه 000 (2).
وفيه: للحاكم أن يسلم للغرماَ جميع ما يملكه، ويسوغه لهم الحاكم إن كان دينهم
من جنس دينهم، دولا باعه لهم الحاكم وقسم بينهم بمثله، أو اشترى لهم ما لهم من
(1) ا لبقرة: 280.
(2) بياض فى الأصل لم نستطع قراعته.
222 / ب
222(5/221)
كتاب المساقاة / باب استحباب الوضع من الدين الرّجَالِ مُحَمَدِ بْنِ عَبْدِ الرخْمَنِ ؛ أن امَّهُ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: سَمِعَ رَسُول" اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) صَوْتَ خُصُوبم بِالبَابِ، عَالِيَةِ أ!وَاتُهُمَا، صإذَا أحَلُصمَا
عروض، إن كان دينهم عروض او ما بلغ، إلا أن يرضوا اْخذه فى جميع دينهم، ودينهم كثر مما يبلغ فى البيع فهم أخذته ما لم يكن مما لا يجوز قبضه عن دينهم.
وفى قوله فى حديث أنه، ينهى عن بيع النخل حتى يزهو، ثم قال: (إذا مغ
الله الثمرة، بم يستحل أحدكم مال اْخيه ؟) (1) ولعل ظاهر هذا أن هذا الحديث فيما يبلغ قبل زهوه.
وهذا مما لا يختلف فيه، إنما هو بيع الثمر قبل زهوه، والمقتفون الأثر وهم الكافة، فإن جائحته من بائقه ؛ لاَنه بيع فاسد لم يقبضه فيشتريه فيفوت بقبضه وهو فى ضمان بالْعه بعد.
قال الإمام: خرج مسلم فى باب الجوائح حديثين مقطوعن: أحدهما: قوله: حدثنا
غير واحد من أصحابنا، حدثنى إسماعيل بن أبى أوين، قال: حدثنى أخى - الحديث.
وهذا الحديث يتصل لنا من طريق البخارى.
ورواه البخارى عن إسماعيل بن أبى أوشك (2).
وقد حدث مسلم عن إسماعيل دون واسطة فى كتاب الحج، وفى اخر كتاب الجهاد.
وروى - أيضئا - عن أحمد بن يوسف عن إسماعيل بن اْبى أوشك الأزدى فى كتاب اللعان، وفى كتاب الفضالْل.
واْما الحديث الثانى المقطوع - أيضًا - فى هذا الباب فهو قوله: روى الليث بن سعد، حدثنى جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز - الحديث.
قال القاضى: أما قول الراوى: حدثنى غير واحد، اْو حدثنى البتة، أو حدثنى بعض أصحابنا، فهذا لا يدخل فى باب المقطوع ولا المرسل ولا المعضل عند أهل الصناعة، ! إنما يدخل فى باب المجهول.
ولعل البخارى أخذ الحجة من مسلم له.
وقوله: (يسمع النبى صوت خصوم بالباب): خصوم تجمع خَصْم، وتجمع - أيضئا - خصمًا.
والخصم يقع للواحد والجمع، قال الله تعالى: { وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأ الْخَصْم إذْ تَسَو!وا الْمِحْرَابَ} (3) وقال: { خَصْمَانِ بَغَئ بَعْضُنَا عَلَئ بَعْضٍ } (4).
ومعنى قوله: ا دإذا أحدهما يستوضع الآخر وشترفقه): أى يطلب منه اْن يضع له
من دينه، ويحطه ويرفق به.
وهذا جائز، وهو فعل معروف وسؤاله معروف أيضئا.
وقد جاء مرة لمالك كراهته لما فيه الاستهزاء والامتهانة، إلا أن تدعو إليه ضرورة.
(1) تقدم فى الباب السابق.
(2) البخارى، كالصلح، بهل يئير الإمام بالصلح ؟ (2705).
(3) ص: 21.
(4) ص: 22.(5/222)
كتاب المساقاة / باب استحباب الوضع من الدين 223 يَسْتَوْضِعُ الآخَرَ وَيَسْتَرْفقُهُ فى شَىء، وَهُوَ يَقُولُ: وَاللهِ، لاَ افْعَلُ.
فَخَرَجَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَيْهِمَا.
فَقَالَ: (أيْنَ الَمُآلَّى عَلَىأدتهِ لاَ يَفْعَلُ المَعْرُوفَ ؟ لا قَالَ: أنَا يَا رَسُولَ اللهَِ، فَلَهُ أى فَلِكَ أحَبَّ.
20 - (1558) حدّثنا حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، أخْبَرَنا فثدُ اللأِ ننُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُوُنسُ،
عَنِ ابْنِ شهَاب، حَدثنِى عَبْدُ اللهِ بْنُ كَعْبِ ئنِ مَالك، أخْبَرَهُ محَنْ أبيه ؛ أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أن حَدْرَد!يْئا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ، فى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فِى المَئجِدِ، فًارْتَفَعَتْ أصْوَاتُهُمَا، حَتَى"سَمِعَهَا رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَهُوَ فِى بَيْته.
فَخَرَجَ أِ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) حَتَّى كَشَفَ سجْفَ حُجْرَتِهِ، وَنَادَى كَعْبَ بْنَ مَالِك "َ فًقَالَ: (يَا كَعْبُ) فَقَالَ: لَبيْكَ يَا رَسُولَ اللّه.
فَأَشَارَ إِلَيْه بيَلِهِ أنْ ضَع الشَّطرَ مِنْ دينِلث.
قَالَ كَعْبٌ: قَدْ فَعَلتُ يَا رَسُولَ اللّهِ.
قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (َقُمْ فَاقْضِهِ ".
21 - (... ) وحدثناه إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا عثمَانُ بْنُ عُمَرَ، أخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِئ، عَنْ عَبْدِ اللٍ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِلث ؛ أنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِلث أخْبَرَهُ ؛ ألَهُ تَقَاضَى لَئئا لَهُ
وقوله: (أين المتألى على الله لا يفعل المعروف): أى الحلاف.
والألية اليمن، ومثله الألوة، والألوى، وا لألوة، ولم يعرف الأصمعى إلا الفتحٍ، يقال: كيت، بالمد، والحليت وتأليت، تال الله تعالى: { لِئذِينَ يُؤثونَ مِن ئسَائِهِمْ توبصُ اَرْلَعَةِ أَشْهُرُ} (1) وتال: { وَلا يَأتَلِ اُوثوا الْفَفمْلِ} (2)، وذكر الحديث فى الموطأ، ولم يذكر فيه سماع النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لهم.
وقد جاءت أم المشترى إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فذكرت ذلك له، فقال للمتألى: (ألا يفعل خيرًا) (3)، فيحتمل الجمع بين تعارض الحديثين: أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) سمع أصواتهما - كما ذكر مسلم - ولم يتبين كلامهما حتى أخبرته به أم أحدهما، كما قال مالك (4).
وقال فى كتاب مسلم: يا رسول الله، له أى ذلك أحب، وهذا تفسير ما جاء فى رواية مالك: يا رسول الله، هو له.
قال مالك فى العتبية: لا أدرى قوله: (هو له) الوضيعة أم بكل ماله.
قوله فى حديث كعب بن مالك: (تقاضى ابن أبى حدرد دينا له) وذكر ارتفاع
(1) 1 لبقرة: 226.
(2) 1 لنو ر: 22.
(3) موطأ مالك، كالبيوع، بلبائحة فى بغ للثمار والزروع 2 / 621 (15).
(4) انظر: السابق رقم يلا 1).
223 / 1
224(5/223)
كتاب المساقاة / باب استحباب الوضع من الدين
عَلَى ابْنِ أن حَدْرَدٍ.
بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ.
(... ) قَالَ مُسْلِم: وَرَوَى الفيْثُ بْنُ سَعْد: حَدثَنِى جَعْفَرُ بْنُ رَبيعَةَ، عَنْ عَبْد الرخمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالكً، عَنْ كَعبِ بْنِ مَالِكٍ ؛ انَهُ كَانَ لَهُ مَال" عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ أبِى حَدْرَد الأَسْلَمِىِّ، فَلَقِيهُ فَلًزِمَهُ، فَتَكَلَّمَا حتَى ارْتَفَعَتْ أصْوَاتُهُمَا، فَمَر بِهِمَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ: (يَا كَعْبُ) فَا"شَارَ بيَده.
كأنَّهُ يَقُولُ النِّصْفَ.
فَأخَذَ نِصْفًا مِمَّا عَلَيْهِ، وَتَرًكَ نِصْفًا.
أصواتهما فى المسجد: فيه جواز المخاصمة فى المسجد وطلب الحقوق فيه، وحكم الحاكم فيه بين الناس ؛ لأن ذلك كله من إقامة شرائع الدين ومصالح المسلمن.
وفى إشارة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) له أن: (ضع الشطر) بيان أن الإشارة تقوم مقام اللفظ، وبهذا نجيز عقود البكم وأنكحتهم، وبيوعهم وشهاداتهم.
وفيه حض الإمام على الصلح بالاشارة والندب لا بالاماء (1).
وفيه أن الصلح على النصف مرغب فيه وعدل بين المتصالحيئ / (وسجف حجرته): مشرها، يقال بفتح السين وكسرها.
(1) هكذا فى الأص.(5/224)
كتاب المساقاة / باب من اْدرك ما باعه عند المشترى...
إلخ
(5) باب من أدرك ما باعه عند المشترى،
225
وقد أفلس، فله الرجوع فيه
22 - (1559) حئثنا أحْمَدُ بْنُ عَبْد اللهِ بْنِ يُونُسَ، حَدثنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا
يَحْىَ بْنُ سَعيد، أخْبَرَنِى أبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمًد بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ؛ أن عُمَرَ بْنَ عَئدِ العَزِيزِ أخْبَرَهُ ؛ أَن أبًا بًكْرِ بْنَ عَبْد الرخْمَنِ بْنِ الحًارِثِ بْنِ هشَامٍ أَخْبَرَهُ ؛ أ!لهُ سَمِعَ أبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) - أوْ سَمعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ -: (مَنْ أدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أفْلَسَ - أوْ إِنْسَانٍ قَدْ أفلَسَ - فَهُوَ أحَقّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ).
(... ) حدثنا يحيى بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا هُشَيْمٌ.
ح وَ حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد وَمُحَمَدُ بْنُ رُمْحٍ، جَمِيغا عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ.
ح وَحَدثنَا أبُو الرئيع وَيَحْىَ بْنُ حَبِيبٍ الحًارِثِى قَالا:
وقوله: (من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس، فهو أحق به من غيره)، وفى رواية: (من الغرماء)، وفى الرواية الأخرى فى الذى يُعْدم إذا وجد عنده المتاع ولم يفرقه: (اْنه لصاحبه الذى باعه) يقال: اْفلس الرجل، بفتح اللام، إذا أعدم المال.
وأصله صار ذا فلوس بعد أن كان دنانير ودراهم، فهو مفلس.
قال الإمام: اختلف الناس فى مشترى السلعة إذا مات أو أفلس، ولا وفاَ عنده بثمنها وهى قائمة، فقال الشافعى: بائعها أحق بها فى الموت والفلس.
وقال اْبو حنيفة: هو اْسوة فيهما.
وقال مالك: هو أحق به فى التفليس (1) وأسوة فى الموت.
وحمل أبو حنيفة هذا الحديث على أن المتاع وديعة أو غصب ؛ لأنه لم يذكر البيع فيه.
وتأويله هذا يرد ما خرجه أبو داود أنه ( صلى الله عليه وسلم ) قال: (أيما رجل باع متاغا ما فلس الذى ابتاعه ولم يقبض الذى باعه من ثمنه شيئا، فوجد متاعه بعينه، فهو أحق به، فإن مات المشترى فصاحب المتاع، أسوة غرماَ) (2).
وقال أيفئا: (فإن قضاه من ثمنها شيئًا فما بقى فهو أسوة غرماء، وأيما امرىْ هلك وعنده متاع امرئ بعينه اقتضى منه شيئا أو لم يمّتض، فهو اْسوة غرماء) (3)، فقد قصرها (4) هنا على البيع، ولا معنى لقول من قال منهم: قد يكون البيع هاهنا بمعنى
(1) فى تسخة للعلم: للفلس.
(2) ئبو داود، كالبيوع، بفى الرجل يفلس فيجد الرجل متاعه بعينه (3520).
(3) أبو داود، كالبيوع، بفى للرجل يفلس فيجد الرجل متاعه بعينه (3522).
(4) فى المعلم: نص.
226(5/225)
كتاب المساقاة / باب من أدرك ما باعه عند المشترى...
إلخ حَدثنَا حَمَادٌ - يَعْنِى ابْنَ زيد.
ح وَحَا شَا أبُو بَكْرِ بْنُ أن شَيْبَةَ، حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ.
ح وَحَا شَا مُحَمَدُ بْنُ المُثَنَى، حدثنا عَبْدُ الوَفَابِ، ويَحْىَ بْنُ سَعِيد، وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، كُل هَؤُلاَءِ عَنْ يحيى بْنِ سَعِيد، فِى هَنَا الإِسْنَاد بمَعْنَى حَديث زُهَيْر.
وَقَالَ ابْنُ رُمْحٍ، منْ بينِهِمْ فِى رِوَايَتِهِ: أئمَا امْرِفي فُفًسَ.
ًً
التساوم كما قلتم أنتم فى البيعن بالخيار، أن معنله: المتساومان، وأنه قد ذكرها هنا، ولم يقض الذى باع من ثمنه شيئا، وقال: فإن قضاه من ثمنها شيئًا ولا يصح أن يقضى من ثمنها شيئًا وهما متساومان.
فإذا أوضح الرد على أبى حنيفة عندنا بعد ذلك إلى مالك والشافعى، فيقول مالك: قد فصل فى هذا الحديث بين الموت والفلس، والشافعى ساوى بينهما، فيقول الشافعى: إنه قد خرج أبو داود فقال: أتينا أبا هريرة فى صاحب لنا اْفلس، قال: لاْقضيئ فيكم بقضاء رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): 9 إن فلس أو مات، فوجد رجل متاعه بعينه، فهو أحق به) (1) فقد ساوى هاهنا بين الموت والفلس، وأنتم تفرقون بينهما، فلابد من طلب الترجيح، فيقول: قد يحتمل ما تعلق به الشافعى أنه فى الودائع لا فى البيع ؛ لأنه إنما ذكر: فوجد رجل متاعه بعينه، وقد يكون ذلك غصبًا اْو تعديًا، وقال بعض أصحابنا: لعله مات وقد تبين فلسه وطلب هذا سلعته، فبادره الموت، على أنه لم ينقل لفظ النبى ( صلى الله عليه وسلم )، ويمكن أن يكون لو نقله لتأولناه على غير ما حمله عليه، هذه طريقة الترجيح لنا على الشافعى.
وأما قوله فى الحديث: (فان قضاه من ثمنها شيئا، فما بقى فهو أسوة الغرماء)، وظاهره أنه ليس له استرجاع السلعة، وقد قال بعض من أخذ بهذا الحديث: إن هذا الظاهر منه متروك بالقياس ث لأنه إذا ثبت أنه أحق بالكل كان أحق بالجزء، وإنما كان له ارتجاعها فى التفليس لعيب الذمة التى دخل عليها، فصار كمن وجد فمِما اشتراه عيبا فله رده، وإنما لم يرد فى الموت، وإن غابت الذمة لانقطاعها رأسًا فيعظم ضرر بقية الغرماء وفى الفلس لا يعظم ضرر إذا قدم عليهم لبقاء ذمة غريمهم.
وإذا وضح هذا من جهة القياس كان له رد ما قبض وارتجاع السلعة، فإن أراد الغرماء
دفع الثمن إليه ليمنعوه من أخذ سلعته كان ذلك لهم ؛ لأنه إنما كان به ارتجاع السلعة لعلة فقد الثمن، فإذا زالت العلة زال حكمها، واْبى ذلك الشافعى، ولم يسقط حقه فى الارتجاع بدفعهم الثمن إليه، واعتل له بأنه قد يطرأ غريم اخر، فلا يرضى بما صنعه
(1) اْبو داود، كالبيوع، بفى الرجل يفلس فيجد الرجل متاعه بعينه (3523).(5/226)
كتاب المساقاة / باب من أدرك ما باعه عند المشترى...
إلخ 227
23 - (... ) حدّثنا ابْنُ أبِى عُمَرَ، حَدثنَا هِشَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ - وَهُوَ ابْنُ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِد المَخْزُومِىُّ - عَنِ ابْنِ جُرَيْج، حَدثَّنِى ابْنُ أبِى حُسَيْن ؛ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمِ أَخْبَرَهُ ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْد العَزِيزِ حَدةَلهُ عَنْ حَدِيثِ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرخمَنِ، عَنْ حديث أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم )، فِى الرَّجُلِ ائَذِى بُعْدِمُ، إِفَا وُجِدَ عِنْدَهُ المَتَاعُ وَلَمْ يُفَرئهُ: اي نَهُ لِصَاحِبِهِ ائَنِى بَاعَهُ).
24 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى، حَا شَا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَر وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِئ، قَالا: حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَ الةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أنَسبى، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيلث، عَنْ أن هُرَيْرَةَ، عَنِ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِذَا أفْلَسَ الرَّجُلُ، فَوَجَدَ الرخلُ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ أحَق بم).
الغرماء من تسليم بعض مال الغريم فى هذه السلعة وتفاوت سلعتها، فيلحقه الضرر فى
ذلك.
خرج مسلم فى هذا الباب: حدثنا ابن أبى عمر، حدثنا هشام بن سليمان، عن ابن جريج، الحديث.
هكذا فى رواية أبى العلى والكسائى، واْما فى رواية الجلودى، فجعل (ابن نمير) بدل (ابن أبى عمر)، والصواب: ابن أبى عمر، وقد تقدم فى كتاب الحج حديثان: أولهما: حدثنا ابن أبى عمر، حدثنى هشام بن سليمان أحدهما فى حديث حفصة: (ما شاء الناس حلوا) (1).
والثانى: حديث ا لا تسافر المرأة إلا مع / ذى محرم)، وفى كتاب الأشربة حديث اخر رواه ابن أبى عمر عن هشام بن سليمان.
وابن أبى عمر هذا هو محمد بن يحيى العدنى، يعد فى أهل مكه.
وهشام بن سليمان مكى أيضًا.
وخرج مسلم - أيضًا - فى كتاب التفليس حديث شعبة عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبى هريرة عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قال: (إذا أفلس الرجل، فوجد متاعه بعينه، فهو أحق به)، ثم عقب بعده حديث زهير بن حرب، قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا سعيد بن أبى عروبة، عن قتادة بهذا الإسناد مثله.
هكذا روى أبو أحمد الإسنادين.
الأول من حديث شعبة، والثانى من حديث سعيد.
ووقع فى رواية ابن ماهان فى الإسناد الثانى (شعبة) مكان (سعيد)، والصواب ما رواه أبو أحمد، هكذا قال بعضهم.
(1) سبق فى كتاب الحج.
223 / ب
228(5/227)
كتاب المساقاة / باب من أدرك ما باعه عند المشترى...
إلخ (... ) وحدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا إسْمَاعيلُ بْنُ إبْرَاهيمَ، حَد، شَا سَعيدٌ.
ح
َ! وَ ووَ ََئحس، َ، ًًً!َءََصصوصصصصص -
وحدثنِى زهير بن حرب ايضا، حدثنا معاذ بْن هشامٍ، حدثنِى ابِى، كِلاهما عن قتادة، بِهَنَا الأِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
وَقَالًاَ: (فَهُوَ أحَقُّ بِهِ مِنَ الغُرً مَاعِلا.
25 - (... ) وحدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ أحْمَدَ بْنِ أبِى خَلَف وَحَخاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، قَالا: حدثنا أَبُو سَلَمَة الخُزَاعِىُّ - قَالَ حَخاج: مَنْصُورُ بْنُ سَلَمًةَ - أخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بلاَل، عَنْ خُثَيْم بْنِ عِرَاك، عَنْ أبِيمع عَنْ أبِى هُريرَةَ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِذَا أفْلَسَ الرًّ جُل، فَوَجَدَ الرَّجُل عِنْدَلم سِلعَتَهُ بِعًيْنِهَا، فَهُوَ أحَقُّ بِهَا).
قال القاضى: ما ذكره عن أبى داود فى الحديث من ذكر البيع والنص على الفرق بالفلس والموت، هو نص حديث مالك فى الموطأ، لم يختلف أصحاب الموطأ فيه (1)، ومن رواية القعنبى عنه أدخله أبو داود واللخمى، ورواية مالك فى موطئه أقوى لنا من غيره، ولا يعارضه الحديث الآخر الذى يقول فيه: (بين الموت والفلس)، فرواية أبو معمر: وقد قال أبو داود بأثره: من يأخذ بهذا ؟ وأبو المعتمر من هو ؟ أى لا يعيم ف، مع أن أحاديث الفلس صحيحة مشهورة من رواية الكافة من المنصفين الثقات، وعن رواية مالك وغيره من النص على زيادة الموت والتفريق بينه وبن الموت مثل هذا القياس، ولا يضطر فيه إلى تأويل ما عارضه من الحديث المحمول بهذا كالاحتجاج به، ولا ينبعث إلى من أخذ هذا الحديث من الكوف!ن وما رووه فيه عن على وابن مسعود على ضعف طريق ذلك ؛ إذ لا يعارض بمثل هذا ولا بمقايسهم وتسهيلاتهم للسق الثابتة الصحيحة.
وذكر مسلم فى الباب: حدثنا محمد بن اْحمد بن أبى خلف وحجاج بن الشاعر،
قال: حدثنا أبو سلمة الخزاعى، قال حجاج: حدثنا منصور بن سلمة.
كذا فى كثر نسخ مسلم، وكذا عند شيوخنا كلهم.
أما عند ابن عيسى: قال حجاج: هو منصور بن سلمة، وهو الصواب ؛ لأن منصور بن سلمة اسم أبى سلمة الخزاعى.
بَيَّنهُ حجاج فى حديثه، وغير ذلك خطأ، إلا أن يُتأول قوله: نا منصور بن سلمة ؛ أن ابن أبى خلف وحده وهو الذى كناه، فقد يخرج على هذا ؛ إلا أنه بعيد بُعْد قوله: قالا: نا، أى أبو سلمة.
قال البخارى: منصور بن سلمة أبو سلمة الخزاعى بغدادى (2).
وفى سند الحديث الأول أربعة من التابعين، روى بعضهم عن بعض: يحيى ببئ سعيد، عن أبى بكر بن محمد بن حزم، عن عمر بن عبد العزيز، عن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن أبى هريرة.
(1) مالك فى الموطأ، كالبيوع، بما جاء فى إفلاس الغريم 2 / 678 (7 لمأ.
(2) للبخارى فى للتاريخ الكبير 348 / 7 (2 0 15).(5/228)
كتاب المساقاة / باب فضل إنظار المعسر
229
(6) باب فضل إنظار المعسر
ء، 5 ص، 5، 5،، ص ص صص، ص ! ص عص ص، ءص ه
26 - (1560) حدثنا احمد بن كئد اللهِ بنِ يونس، حدثنا زهير، حدثنا منصور عن رِبْعِى بْنِ حِرَاش ؛ أن حُنَيْفَةَ حَدئمهُمْ قَالً: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (تَلَقَتِ المَلاَتكَةُ رُوحَ رَجُل ممَنْ كَانَ قئلَكُمْ.
فَقَالُوا: أعَملتَ مَنَ الخَيْرِ شَيْئَا ؟ قَالَ: لاَ.
قَالوا: تَذَكَرْ.
قَالَ: كنت ادًا ينُ الئاسَ، فآمُرُ فِتْيَانِى أنْ يَنظِرُوا المُعِسَر وَيَتَجَؤَزُوا عَنِ المُوسِرِ.
قَالَ: قَالَ اللهُ عَر وَجَل: تَجَوَزوُا عنهُ).
27 - (... ) حدثنا عَلى بْنُ حُجْرِ! اِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - وَاللَفْظُ لاِبْنِ حُجْرِ - قَالا: حَدثنَا جَرِير"، عَنِ المُغِيرَة، عَنْ نُعَيْ! بْنِ أبى هنْد، عَنْ رِبْعِى بْنِ حرَاشِ، قَالَ: اجْتَمَعَ حُذيفَةُ وَأبُو مَسْعُود.
فَقَالً حُنَيْفَةُ: (رَجُل لَقِىً رَبَهُ فَقَالَ: مَا عَملتً ؟ قَالَ: مَا عَملتُ مِنَ الخَيْرِ، إِلأَ أئى كنتُ رَجُلاَ فَا مَالِ، فَكنتُ اطَالِبُ بِهِ الئاسَ* فَكُنْتُ أقْبَلُ المَيْسُورَ
وذكر مسلم حديث حذيفة فى ثواب إنظار المعسر والتجاوز عن الموسر.
ومعنى الإنظار: التأخير، وهو بمعنى قوله فى الرواية الأخرى فى رواية أبى قتادة: (فلينفس عن معسر)، أى يوخر ويملى له فى الأجل، ومنه: قوله تعالى: { وَالمئبْح إفَا تَنفسَ} (1) أى إذا امتد حتى يصير نهارًا بينا، ومنه: نفس الله فى أجله، وقد يكون معنى (ينفس عن معسر): أى يُفَرفي.
وفيه فى الحديث: ! من نفس عن مسلم كربة) (2) أى فرج، وفى الرواية الأخرى: (فاَمر فتيانى)، وفى الرواية الأخرى: (غلمانى أن ينظروا المعسر، ويتجوزوا عن الموسر): والتجاوز والتجوز: المسامحة فى الاقتضاء، كما فى الرواية الأخرى.
والتجاوز فى هذا كله.
فجعل التجاوز والمسامحة والإنظار للمعسر وحسن المعاملة، وأن الله قد تجوز عنه بذلك، وغفر ذنوبه، واْنه لا يُستحقر شىء من فعل الخير، أو لأمرهم بالحض عليه، وأن الله قد يفسح لعبده ويتجاوز عنه، وينجيه من عذابه بالقليل من عمل الخير، كمثل هذا الذى قد اعترف أنه لم يعمل من الخير شيئا إلا هذه المسامحة والإنظار.
وفيه جواز الإذن للمعسر فى التجارة، وتوكيله عليها وعلى الهبات والتأخير.
وقوله فى الحديث الاَخر: (أقْبَلُ الميسور ؟ اْتجاوز عن المعسور): قال شيوخنا: اْقبل
(1) ا لتكوير: 18.
(2) سيأتى فى كالذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، بفضل الاجتماع على تلاوة للقرآن.
224 / ءأ
230(5/229)
كتاب المساقاة / باب فضل إنظار المعسر وَأتَجَاوَزُ عَنِ المَعْسُورِ.
فَقَالَ: تَجَاوَزُوا عَنْ عَبْدِى) قَالَ أبُو مَسْعُود: هَكَنا سَمِعْتُ رَسُولَ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ.
28 - (... ) حدّثنامُحَمَدُبْنُ المُثنى، حَا شَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ
عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِى بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُنَيْفَةَ، عَنْ النَّبى ( صلى الله عليه وسلم ): (أن رَجُلاً مَاتَ فَدَخَلَ الجَنَّةَ، فَقيلَ لَهُ: مَا كنتَ تَعْمَلُ ؟ - قَالَ: فَإمَّا ذَكَرَ! امًّا ذُكِّرَ - فَقَالَ: إِنِّى كنتُ ابَايِعُ النَاسَ، فَكنَتُ انظِرُ المُعْسِرَ وَأتَجَوَّزُ فِى السكََّةَ أوْ فِى النَّقد، فَغُفِرَ لَهُ لما.
فَقَالَ أبُو مَسْعُودٍ: وَأنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
29 - (... ) حدثنا أبُو سَعِيدٍ الأشَجُّ، حَا شَا أبُو خَالِدٍ الأحْمَرُ، عَنْ سَعْد بْنِ طَارِق،
عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: (اتِىَ اللهُ بغئد مِنْ عبَاده، آتَاهُ اللهُ مَالأَ.
فَقَالَ لَهلم: مَاذَا عَملتَ فِى اللنيَا ؟ - قَالَ: وَلا يَكْتُمُونَ الفًةَ حًدِيثًا} (اَ) - قَالَ: يَارَبِّ، آتَيْتَنِى مَالَكَ، فًكُنْتُ ابَايِعُ النَّاسَ، وَكَانَ مِنْ خُلُقِى الجَوَازُ، فَكُنْتُ أتَيَسئَرُ عَلَى المُوسِرِ وَانظِرُ المُعْسِرَ.
فَقَالَ اللهُ: أنَا أحَق بِنَا منْكَ، تَجَاوَزُوا عَنْ غئدِى لما.
فَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِر الجُهَنِى، وَأبُو مَسْعُود الأنْصَارِى: هَكَنَا سَمعْنَاهُ مِنْ فِى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
ى
30 - (1561) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى وَأبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأبُوكُرَيْبٍ !اِسْحَقُ
بفتح الهمزة وسكون القاف وبعدها باء بواحدة مفتوحة من المعسور.
والميسور هاهنا وصف لما يسر من الدين.
ووقع عند ابن أبى جعفر: (أُقِيل) بضم الهمزة وكسر القاف وياء باثنتين / تحتها، من الإقالة.
ويتأول مكانهما الميسور فى صاحب الشىء الميسور، وكذلك التجاوز عن المعسور والشىء المعسور ؛ لأنه لا يقال للغريم: ميسور ولا معسور.
وقوله فى الحديث الآخر: (وأتجوز فى السكة أو فى النقد): كذا لهم، كان شك
من الراوى، أى وأحد اللفظن.
وعند السمرقندى: أو التقديم، وهو خطأ وَوَهْم.
قال الإمام: وخرج مسلم فى إنظار المعسر والتجاوز عن الموسر: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا لو خالد الاْحمر، عن سعد بن طارق، عن ربعى بن حراش، عن حذيفة قال: (أتى الله بعبد من عباده آتاه الله مالا) وذكر الحديث إلى اخره.
وعن عقبة بن عامر
(1)1 لنساء: 42.(5/230)
كتاب المساقاة / باب فضل إنظارالمعسر 231 ابْنُ إِبْرَاهِيمَ - وَاللَّفْظُ لِيَحْىَ - قَالَ يحيى: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الآخَرُونَ: حَدثنَا أبُو مُعَاوِبَةَ - عَن الأعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ أبِى مَسْعُود.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (حُوسِبَ رَجُلٌ ممَن كَانَ قَبْلَكُمْ، فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مِنَ الخَيْرِ شًىءٌ، إِلأَ ؟نهُ كَانَ يُخَالطُ الئاسَ، وَكَانَ مُوسِر" فًكَانَ يَا"مُرُ غِلمَانَهُ أنْ يَتَجَاوَزُوا عَنِ المُعْسِرِ.
قَالَ: قَالَ اللهُ عَرَ وَجَل: نَحْنُ أحَقُّ بذلك مِنْهُ، تَجَاوَزُوا عَنْهُ).
31 - (1562) حدثنا مَنْصُورُ بْنُ أبِى مُزَاحمٍ وَمُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَاد - قَالَ مَنْصُور: حَدثنَا إِبْرَاهيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزهْرِىَ.
وَقَاَلَ ابْنُ جَعْفَرٍ: أخْبَرَنَا إبْرَاهيم - وَهُوَ ابْنُ سَعْد - عَنِ ابْنَِ شِهَابٍ - عَنْ عُبَيْد الله بْنِ عَبْد اللهِ بْنِ عتبَةَ، عَنْ أَبِى هريْرَةَ ؛ أَن رَسُولَ الًلّه ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (كَانَ رَجُل يُلاينُ الئاسَ، فًكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ: إِفَا أتَيْتَ مُعْسِرًا فَتَجَاوَزَ عَنْه، لَعَل اللهَ يَتَجَاوَزُ عنَا، فَلَقِىَ اللهَ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ).
(... ) حدثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْب، أخْبَرَنى يُونُسُ عَن ابْنِ
ص وحههصصاههصصصص50نصصصصصص!، +،، صََص+،، ءص**لممصصه،، صَ،
شِهاب ؛ ان عبيد الله بن عبد الله بنِ عتبة حدثه ؛ انه سمِع ابا هريرة يقول: سمعت رسول اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ.
بِمِثْلِهَ.
ً
32 - (1563) حدّثنا أبُو الهَيْثَم خَالدُ بْنُ خِلَماشِ بْنِ عَجْلاَنَ، حَدثنَا حَمَادُ بْنُ زيد،
عَنْ أيوبَ، عَنْ يحيى بْنِ أن كَثير، عَنْ عًبْد الله بْنِ أن قَتَ الةَ ؛ أن أبَا قَتَ الةَ طَلَبَ غَرِيمًا لًهُ فَتَوَارَى عَنْهُ، ثُمَ وَجَدَهُ.
فَقَالَ+ إنى مُعْسِرءَ فَقَاَلَ: اللهِ ؟ قَالَ: ألئه.
قَالَ: فَإِنَى سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ كله يَقُولُ: (مَنْ سَرةَُ أنْ ينجِيَهُ اللهُ مِنْ كُرَبِ يَوْم القِيَامَةَ فَليُنَفسْ عَنْ مُعْسِرٍ، أوْيَضَعْ عَنْهُ).
الجهنى وأبى مسعود الأنصارى، هكذا سمعناه من فِى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ).
هكذا روى هذا الإسناد فى كتاب مسلم، والحديث محفوظ لأبى مسعود وعقبة بن عمرو الأنصارى وحده، لا لعقبة بن عامر الجهنى، والوَهْم فى هذا الإسناد من أبى خالد الأحمر، قاله الدارقطنى.
وصوابه: فقال عقبة بن عمرو أبو مسعود الأنصارى، كذلك رواه اْصحاب أبى مالك سعد ابن طارق، وتابعهم نعيم بن أبى هند وعبد الملك بن عمير، ومنصور وغيرهم عن ربعى ابن خراش (1) عن حذيفة، قالوا فى اخر الحديث: فقال عقبة بن عمر (2) أبو مسعود.
(1) فى نسخة من نسخ ع: خراس.
وهو وهم.
لنظر: تهذيب التهذيب 3 / 236.
(2) قيدت فى (ح) من (عا، وفى نسخة المال: عمرو، والصولب ما أثبت من ع.
232(5/231)
كتاب المساقاة / باب فضل إنظار المعسر (... ) وَحَدثنِيهِ أبُو الطَّاهِرِ، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبِ، أخبَرَنِى جَرِيرُ بْنُ حَازِبم، عَنْ أئوبَ،
بِهَنَما الاِسثنَادِ، نَحْوَهُ.
وهذه الأحاديث خرجها مسلم فى الباب، أعنى حديث منصور ونعيم بن أبى هند وعبد الملك بن عمير.
(5/232)
كتاب المساقاة / باب تحريم مطل الغنى...
إلخ
233
(7) باب تحريم مطل الغنىّ، وصحة الحوالة، واستحباب قبولها
إذا أحيل على ملىّ
33 - (1564) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالك عَنْ أبِى الزَنادِ، عَنِ الأعْ!جَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أن رَسُولَ الله علما قَالَ: (مَطلُ الغَنِىِّ ظُلبم، ! اِذَا البِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِىءفَليتبَعْ).
قال القاضى: وقوله - عليه السلام -: (مطل الغنى ظلم): المطل: منع قضاء ما استحق أداؤه.
وفيه دليل على أن مطل غير الغنى ليس بظلم دان كان مضطرا يجوز.
وقد قال الله تعالى: لأن كَانَ فُو عُسْرَةنجَنَظِرَة إلَن مَيْسَرَةٍ } (1)، وإنما فصل بمطله من النظرة إلى ميسرة، مما يوجب الحكم وأمر به الله تعالى.
وفيه حجة لمالك والشافعى وعامة العلماء، اْنه إذا كان معسرًا فلا يلزم سَجنه (2) ولا ملازمته، ولا مطالبته حتى يكتسب مالا ؛ إذ قد أنظر إلى الميسرة، فكأنه من عليه دين إلى أجل وقد تقدم هذا.
وإذا كان واجذا ومنع صاحب الحق استعمال حقه لغير عذر فهو ظالم له.
[ وقد اختلف أصحابنا وغيرهم فى أن المماطل هل يفسق وترد شهادته بمطله مرة واحدة
أم لا ترد شهادته حتى يتكرر ذلك منه ويصير عادة مستمرة ومقتضى مذهبنا اشتراط التكرار، وجاء فى الحديث الاَخر فى غيو مسلم: ا لَى الواجد يُحل عرضه وعقوبته)] (3).
قال سفيان: عِرْضُه (4) أن ية إل: مطلنى، وعقوبته الحبس.
وهذا الحديث يدل على أن المراد بمطل الغنى ظلم ما تقدم وهو ظاهو، وتأويل كافة العلماء، خلافا لما ذهب إليه بعضهم من أن المراد أن الغنى هو الممطول، وأنه وإن كان غنيا فمطله ظلم.
وهو تعسف فى التأويل من قالْله (5).
وقوله: ا داذا اتبع أحدكم على ملىء فليتبع): معناه: إذا أحيل على ملىء فَليَحْتَل هذا هو اتبع، و(فليتبع) ساكنة التاء فيهما، وبعض المحدثن يشددها فى الحديث الاَخر.
والوجه إسكانها، يقال من ذلك: تبعت الرجل، بمعنى أتبعه تباعة: إذا طلبته
(1) للبقرة: 280.
(2) لأن الحبس إما أن يكون لإثبات عثرته أو لقضاء دينه، وعثرته ثابتة والقضاَ متعذر، فلا فائدة فى لطبع.
را جع: ا لمغنى 6 / 585.
(3) نقلها للنووى عن للقاضى، وهى فى الأصل مضطردة، والمثبت مما نقله النووى عن القاضى.
(4) ئى!باحة عرضه.
(5) لأنه يلزم ئن يكون المصدر مبنيا للمفعول، وفيه خلاف.
234
(5/233)
كتاب المساقاة / باب تحريم مطل الغنى...
إلخ
(... ) حدئنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونَسَ.
ح وَحَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ رَافِع،
224 / ب
به، فإذا له تبيع، قال الله تعالى: { ثُنمَ لا تَجِ!وا لَكُمْ عَلَيْنَا، تَبِيعًا} (1)، ومض !شوخشا حملوا قوله: (فليتبع) على الندب.
وقد ذهب بعضهم إلى أنه على الإباحة، وأنه ليس على الندب، وحكى الداودى أنه قيل: إنه غرم.
وفى قوله: (مطل الغنى ظلم) قيل: هذا دليل أن الحوالة لا تصح إلا عن دين حال،
إذ لا يكون ظاثا ولا مطولا من لم يحل عليه الدين.
قال الإمام: الكلام فى الحوالة فى ثلاثة فصول:
أحدها: هل يجبر المحال على التحول ؟
والئانى: هل يشترط فى ذلك رضا المحال عليه ؟
والثالث: هل تبرأ ذمة المحيل بالحوالة ؟
فأما الفصل الأول: فجمهور العلماء على أنه لا يجبر على التحول، وحملوا هذا الحديث على الندب، وقال داود: يجبر على التحول، وحمل الحديث على الوجوب، وأهل الاْصول مختلفون فى الأمر المجرد، هل يحمل على الوجوب أم الندب ؟ وأكد مذهبهم من حمله على الندب بأن قال: إنما عامل على هذه الذمة، وقد قال ( صلى الله عليه وسلم ): (المسلمون عند شروطهم) (2) ؛ ولأن أحدًا لا يجبر على بغ سلعته، وهذا مَلَكَ ثمنه فى هذه الذمة فلا يجبر على بيعه بذمة أخرى، فدل هذا الاستدلال على أن المراد بالحديث الندب.
وكد هذا الاستدلال دلالة مجردة عند من قال: إنه على الندب، أو نقله إلى الندب بهذه الدلالة من يقول: إن الأمر على الوجوب /.
وأما الفصل الثانى: فإن اشتراط رضا المحال عليه لا يعتبر عند أبى حنيفة، والشافعى أطلق ذلك من غير تفصِل.
وقال الإصطخرى: بل يعتبر رضا المحال عليه، وقال مالك: لا يعتبر - أيضا - إلا أن يكون المحال عليه عدوًا له، أو من تضر به حوالته عليه، فلا يجبرحينئذ على تمكينه من مطالبته.
والرد على الإصطخرى قوله ( صلى الله عليه وسلم ): (وإذا أتغ اْحدكم على ملىء فليتبع)، ولم يشترط رضا المحال عليه، وقياسًا على ما لو وكل أحدًا يقبض دينه، فمان ذلك لا يعتبر فيه رضا الموكل عليه.
ووجه اشتراط مالك ؛ ألا تكون عداوة: أن فى إحالة عدوه عليه
(1) 1 لاسراَ: 69.
(2) البخارى، كالاجارة، بأجر السمسرة معلقا (الفتح 4 / 451)، أبو داود، كالأقضية، بفى الصلح (3594) بلفظ (على) بدلا من (عند) وكذا عند الترمذى، كالأحكام، بما ذكر عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فى الصلح بين للناس (1352).
(5/234)
كتاب المساقاة / باب تحريم مطل الغنى...
إلخ 235 حَدثنَا عَبْدُ الرَراَقِ، قَالا جَميعًا: حدثنا مَعْمَر، عَنْ هَمَام بْنِ منّبه، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
ًَ
إضرارًا به، ولم يعامل على ما يؤذيه ويضر به، فكان من حقه أن يمنع من ذلك.
وأما الفصل الثالث: فإن ذمة المحيل تبرأ على الإطلاق عند الشافعى، ولا تبرأ عند زفر، ومالك يشترط فى البراءة ألا يكون غره من فلس المحال عليه.
ودوجيه ما قاله مالك ينتظم الرد على المذهبن بوجه ما قاله مالك ؛ أن الحوالة كالبيع، فلهذا جعلت رخصة من الدين بالدين، والبيع ينقل الأملاك، ويبرأ كل واحد من المتعاملين، إلا عند الاطلاع على ما يوجب التراجع كالاستحقاق فى البيع أو العيب، فإذا كان هذا قد باع ذمة بأخرى لم يكن له رجوع على مبايعه، إلا أن يطلع على أنه غره وخدعه، وأحاله على فقير يعلم فقره ويخفى عن المحال، ويكون ذلك عيبا يوجب له الرجوع.
قال القاضى: قال القاضى اْبو الوليد الباجى: إن الإحالة ليست من باب الدين، إذا
قلنا بهذا لا تصح إلا من دين حالٍ فى دين ثابت للمحيل على المحال عليه، دإنما هو من باب البيع (1)، أن المحيل تبرأ ذمته بنفس الإحالة.
وقال القاضى ابن نصر: هى استثناء من الدين بالدين، كما استثنيت العرية من بيع الرطب بالتمر.
(1) من الأبى، وقد جاعت فى الاكمال: النقد.
236
(5/235)
كتاب المساقاة / باب تحريم بغ فضل الماء...
إلخ
(8) باب تحريم بيع فضل الماء الذى يكون بالفلاة ويحتاج إليه لرعى الكلأ وتحريم منع بذله، وتحريم بيع ضراب الفحل
34 - (1565) وصدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، أخْبَرَنَا وَكِيع.
ح وَحَدثنِى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدثنَا يحيى بْنُ سَعيد، جَمِيغا عَنِ ابْنِ جُرَيْبم، عَنْ أبِى الزبيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْد اللهِ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ كلنا عْنْ بَيعْ فَضْلِ المَاءِ.
35 - (... ) وحدّثنا إسْحَقُ بْنُ إبْرَاهيمَ، أخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَ ال ةَ، حَدثنَا ابْنُ جُرَيْج، أخْبرنِى أبو الزبيْرِ ؛ انه سمِع جابِر بن عبدِ اللهِ يقول: نهى رسولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ بَيعْ ضِرابِ
وقوله: (نهى عن بغ فضل الماء)، وفى الحديث الاَخر: (نهى عن ضراب الجمل، وعن بغ الماء والأرض لتحرث)، وفى الحديث الآخر: ا لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ)، وفى الآخر: ا لا يباع فضل الماء ليباع به الكلأ): فأما نهيه عن ضراب الجمل وعن بغ الماء، فقد يحتمل أن بغ الماء هاهنا عائد إلى ماء الجمل، وتفسير لمعنى ضرابه وبيان لعلة النهى ؛ إذ إنما هو ماء قد يكون من جمل أو لا.
وقد ينزل أو لا ينزل، على ما فسره بعد، كما قال فى الحديث الاَخر: (نهى عن عسب الفحل) (1) وهو ماؤه.
وإن كان قوله بعده: (والأرض لتحرث) يشعر أنه راجع إلى اكتراء الأرض وما بها على ما تقدم، والله أعلم.
واختلف العلماء فى استئجار الفحل للضراب، فذهب الشافعى واْبو حنيفة واْبو ثور -
إلى منعه جملة لجهالته، وراْوه من باب الغرر، وتمسكًا بظاهر الحديث.
وذهب مالك فى جماعة من الصحابة والشاسن إلى جوازه إذا كان لأمر معلوم أو ضربات معدودة لا بشرط عقول الأنئى، ورخص فيه عطاء للمكترى إذا احتاج إليه ولم يكن عنده فحل، وأن يعطى الأجر عليه، وكره أخذ الأجر لصاحبه، وحملوا النهى فيه على الحث على مكارم الأخلاق، كما حمل على ما اقترن به من اكتراء الأرض، وقد تقدم.
قال الإمام: أما النهى عن ضراب الجمل فهو بغ نزوه على الناقة فأجازه مالك، وقال:
لا بأس بتجارة الفحل.
ومنعه أبو حنيفة والشافعى لهذا الحديث، وقال بعض أصحابنا:
(1) البخارى، كالاجارة، بعسب الفحل (الفتح 2284)، أبو!اود، كالبيوع، بفى عسب الفحل رقم لا 342)، الترمذى، كالبيوع، بما جاء فى كراهية عسب الفحل (1274).
(5/236)
كتاب المساقاة / باب تحريم بيع فضل الماء.
.
إلخ كم 2 الجَمَلِ، وَعَنْ بَيعْ المَاءِ وَالأرْضِ لِتُحْرَثَ.
فَعَنْ فَلِكَ نَهَى النَّبِىُ ( صلى الله عليه وسلم ).
36 - (1566) ! دّثنا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالك.
ح وَحَدثنَا قُتَيْبَةُ، حَدثنَا لَيْثُ كِلاَهُمَا عَنْ أن الز"تاد، عَن الأعْرَج، عَنْ أبى هُرَيْرَةَ ؛ أنَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (لاَيُمْنَعُ فَضْلُ المَاءِلِيُمْنَعَ بِهِ اهًلألما.
37 - (... ) ود دّثنى أبُو الطَاهِرِ وَحَرْمَلَةُ - وَاللَّفْظُ لحَرْمَلَةَ - أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، حَدثنِى سعَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبَ وَأبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْد الرخْمَنِ ؛ أَنَّ أبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (لاَ تَمْنَعُوا فَضْلَ المًاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ اهَلأً لا.
نحن إنما نجيز إجارته، وهذا إنما نهى عن بيعه وقد يكون هذا مخالفا لذلك، كما يجيز إجارة الظئر للرضاع ويمنع بيع لبنها، فكذلك يجوز إجارة الفحل للنزو بخلاف بيعه، ولعل هولاء يرون أن لفظة (البع) لا تتضمن إنزاء محدوفا ولا أمرا معلوما ينتفع به، فيحملون الحديث على المنع على ذلك.
وقد تعلق المخالف بقوله: (نهى عن عسب الفحل) لاَجل أنه لم يذكر فيه لفظة البيع، وهذا - أيضا - فيه إضمار محذوت.
ولاْ صحابنا أن يقولوا فيه ما قالوا فى الأول، واعتمد المخالف فى المنع على أن المقصود غير معلوم ولا محصل، وذلك يلحقه بالغرر والخطر فيمنع.
وأصحابنا لا يسلمون ذلك ويجعلون المعاوضة وقعت على معلوم، والضرورة تدعو لجواز إجارته، فوجب حمل الحديث على ما تأولناه، أو يحمل على الحث على مكارم الأخلاق والندب إلى إعارته لذلك ؛ ليكثر التناسل فى الحيوان /.
وأما نهيه عن بيع الماء، وفى الطريق الآخر: عن فضل الماء، فاعلم أن من الناس من
زعم أن الإجماع قد حصل على أن من اْخذ من دجلة ماء فى إنائه وحازه دون الناس أن له بيعه، إلا قولا شاذا ذكر فى ذلك لا يعتد بخلافه عنده، ومحمل النهى عن بيع الماء مطلفا أنه باع مجهولا منه، أو باع ما لا يحتفره فى أرضه واحتفره للسبيل، او على أن النهى ندب للإسعاف به لاحتقار ثمنه وعظيم حاجة الناس إليه.
وقد اختلف الناس فيمن حفر بئرًا للماشية فى الفيافى، هل له منع فضله ؟ فعندنا ليس
له منع ذلك بل يبذله بغير عوض، ومن الناس من قال: لا يمنعه، ولكن ليس عليه بذله بغير عوض بل بقيمته، قياسا على المضطر لطعام غيره لإحياء نفسه، فمانه لا يحل له منعه، ولكن لا يلزمه بذله بغير عوض، وما وقع هاهنا من نهيه عن بيع فضل الماء يدل على صحة ما قلناه: إن الفضلة لا تمنع.
225 / أ
238(5/237)
كتاب المساقاة / باب تحريم بغ فضل الماء...
إلخ 38 - (... ) وحدثنا أحْمَدُ بْنُ عثمَانَ التوْفَلِى، حَدثنَا أبُو عَاصِمٍ الضَّحَاكُ بْنُ مَخْلَد، حَدثنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أخبرَنِى زِيَادُ بْنُ سَعْد ؛ أنَّ هِلاَلَ بْنَ أسَامَةَ أخْبَرَهُ ؛ أنَّ أبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبدِ الرَّحْمَن أخْبَرَهُ ؛ انَهُ سَمِعَ أبَا هُريرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (لاَ يُبَاعُ فَضْلُ المَاءِ لِيُبَاعَ بِهِ اهَلأ).
وأما إلزام المخالف بذلها بالقيمة قياسا على ما قالوه فى الطعام فقياس غير صحيح ؛
لاكن الطعام يضر به بذله، ولا يخلف ما بذله إلا بسعى ومشقة، والماَ ما ذهب منه عاد إليه مثله، وتفجرت به الأرض، فافترق الأصلان.
وقوله: ا لا يباع فضل الماَ ليباع به الكلأ)، وقوله أيضا: ا لا يمنع فضل الماَ ليمنع به الكلأ): معناه: أن أصحاب الماشية إذا منعوا الماء لم يردوا عليه، د اذا لم يردوا عليه امتنعوا من رعى ما حوله لعدم الشرب، فيكون منعه الماَ قصدأ لمنع الكلا الذى حوله لا فيه ة إضرار بالمسلمين ومنعا لهم من حقوقهم، وذلك غير جائز.
وقريب من هذا.
يتأول فى اللفظ الاَخر: ا لا يباع فضل الماء ليباع به الكلا).
الكلأ: مهموز مقصور بفتح الكاف هو الرعى.
قال بعض اْئمة - اللغة: الكلأ: النبات.
قال: ومعنى الحديث: أن البئر تكون فى البادية أو فى صحراَ ويكون قربها كلأ.
فإذا ورد عليها وارد فغلب على مالْها ومغ من يأتى بعده من الاستيفاَ منها، كان بمنعه الماَ مانعا للكلأة لأنه متى ورد رجل بإبله فأرعاها ذلك الكلا ثم لم يَسْقِها قتلها العطش.
والذى يمنع ماَ البئر يمنع النبات القريب منه، وهو مثل الحديث الاَخر: الا يمنع فضل الماَ ليمنع به الكلا).
قال أبو القاسم الزجاجى: الكلأ: اسم يقع على جميع النبات والمرعى، فإذا فصل بنِ الرطب واليابس منه، قيل للرطب: خَلَى مقصور، ورطب بضم الراَ ياسكان الطاَ، ولليابس حشيش، ومنه يقال: أحشت الناقة ولدها: إذا ألقته يابسا، وحشت يد فلان: إذا يبست.
قال القاضى: فى قوله: ا لا يمنع فضل الماَ ليمنع به الكلأ) أصل لنا، وحجة فى
مغ الذرائع وسد بابها، وأن مغ فضل الماَ لا لحاجة إليه لكن ليتذرع به إلى مغ الكلأ الذى لا يمكن حوزه والحياطة عليه وكل فيه سبب لمخلوق يتسبب به إلى منعه كما يتسبب صاحب بئر الماشية لمنع فضلها بحفره له.
وهذا كله فيما حفره فى غير ملكه، فأما ما حفره فى ملكه ونسيه ولم يخرجه صدقة به ولا أباحَهُ للناس فله منعه.
وقد اختلف شيوخنا فى مغ الرجل الكلأ الذى اْنبته الله فى أرضه، وهل يكون أحق
به أو هو وغيره فيه سواء وهو أحق به إذا احتاجه لنفسه ورعى ماشيته ؟ على تفصيل فى كتب الفقه.
(5/238)
كتاب المساقاة / باب تحريم ثمن الكلب...
إلخ 239
(9) باب تحريم ثمن الكلب، وحلوان الكاهن، ومهر البغىّ
والنهى عن بيع السنور
39 - (1567) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِك، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ،
عَنْ أبِى بَكْرِ بْنِ عَبْد الرخْمَنِ، عَنْ أَ!ى مَسْعُودِ الأنصَارِىِّ ؛ أن رَسُولً اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنْ ثَمَنِ اهَلبِ، وَمَهْرِ اَلبَغِى، وَحُلوَانِ اهَاهِنِ.
(... ) وحدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، عَن اللَّيْثِ بْنِ سَعْد.
ح وَحَدئنَا أبُو
بَكْرِ بْنُ أن شَيْبَةَ، حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيينَةَ، كِلاَهُمَا عَنِ الزُّهْرِىِّ، بِهَنَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
وفِى حَدِيثِ اللَّيْثِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ رُمَحٍ ؛ أَنَهُ سَمِعَ أبَا مسْعُودٍ.
40 - (1568) وحدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدثنَا يحيى بْنُ سَعِيد الفَطَّانُ، عَنْ مُحَفدِ بْن يُوسُفَ، قَالَ: سَمعْتُ السَّائبَ بْنَ يزِيدَ يُحَدِّثُ عَنْ رَافِع بْنِ خًدِيجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النًّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (شَرّ اهَسْبِ: مَهْرُ البَغِىِّ، وَثَمَنُ اهَلبِ، وَكَسْبُ الحَجَّام).
41 - (... ) حدثنا إسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِ!، عَنِ الأ!زَاعِى، محَقْ
يَحْىَ بْنِ أيِى كَثِيرٍ، حَدثًّنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ قَارِظٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يزِيدَ، حَدثنِى رَافِع بْقُ
وقوله: (نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغى، وحلوان الكاهن)، وفى الحديث الآخر: (ثمن الكلب خبيث، ومهر البغى خبيث، وكسب الحخام خبيث)، وفى الحديث الاَخر: (شر الكسب مهر البغى، وثمن الكلب، وكسب الحجام): اختلف شيوخنا فى تأويل قول مالك فى كراهة ثمن الكلب، هل هو على التنزيه أو على التحريم ؟ وهذا قول الشافعى.
قال الإمام: قد تقدم فى الذى ذكرناه فى افتتاح البيوع ما تعرف منه علة النهى عما نهى
عن بيعه، وعلة الجواز لما أجيز بيعه، وأشرنا هناك لمسألة بعالكلب، فمن أراد حقيقتها فليقف عليها هناك، ولكن نلحق هاهنا ما يتعلق بالمسألة حتى لا تمر بنا فتخلَيها من فائدة.
فاعلم أن كل حيوان ليس بنجس ولا ذى حرمة وينتفع به فى الحال وفى المآل، فإن بيعه جائز، وانما قلنا: ليس بنجس / لهذا الحديث.
225 / ب
240 (5/239)
كتاب المساقاة / باب تحريم ثمن الكلب...
إلخ خَديج عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (ثَمَنُ اهَلبِ خَبِيثٌ، وَمَهْرُ البَغِىِّ خَبِيثٌ، وَكَسْبُ الحًخام خَبِيثٌ ).
(... ) حدئنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْراَهِيمَ، أخْبرَنَا عَبْدُ الرَراقِ، أخْبَرَنَا مَعْمرٌ، عَنْ يحيى بْنِ
أبِى كَثِير، بِهَذَ! الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
(... ) ود دّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا الئضْرُ بْنُ شُمَيْل، سَدّثنَا هِشَامٌ، عَنْ يَضىَ
ائنِ أن كَثير، حَدثنى إِبْرَاهيمُ بْنُ عَبْد الله، عَنِ السئَائِبِ بْنِ يَزِيدَ، حَدثنَا رَافِعُ بْنُ خَدِيج، عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِصًَِ
42 - (1569) حدّثنى سَلَمَةُ بْنُ شَبيب، حدثنا الحَسَنُ بْنُ أعْيَنَ، حَدعشَا مَعْقلٌ،
ص ممص
عَنْ أن الزبيْرِ، قَالَ: سَألتُ جَابِزا عَنْ ثَمَنَ افَلبِ وَالسنوْرِ ؟ قَالَ: زَجَرَ النَّبِىُ ( صلى الله عليه وسلم ) عَيق ذَلكَ.
قال القاضى: قال أبوه عمر بن عبد البر: [ فمنع بيع السنور لا يثبت رفعه، وحديث
أبى الزبير عن جابر فى ذلك لم يروه إلا حماد بن سلمة] (1).
[ قال القاضى: اْنت ترى فى كمّاب مسلم رواته غير حماد عن أبى الزبير هو معقل بن
عبد الله عنه.
قال أبو عمر: وروى الأعمش عن أبى سفيان عن جابر مثله.
وحديث أبى سفيان عن جابر لا يصح ؛ لاءنها صحيفة، ورواية الأعمش فى ذلك عندهم ضعيفة] (2).
(1) طمس وبياض فى اْصل المخطوطة، ونقلناه من التمهيد لابن عبد البر 8 / 403 وعن إكمال اجممال للأبى (2) طمس وبياض فى اْصل للخطوطة، ونقلناه من التمهيد والاكمال.
(5/240)
كتاب المساقاة / باب الأمر بقتل الكلاب...
إلخ
241
(10) باب الأمر بقتل الكلاب، وبيان نسخة، وبيان تحريم اقتنائها
إلا لصيد أو زرع أو ماشية ونحو ذلك
43 - (1570) صدّثنا يَحْمصَ بْنُ يَحْمصَ، قَالَ: قَراتُ عَلَى مَالِك، عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أن رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أمَرَ بِقَتْلِ اهِلاَبِ.
44 - (... ) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حدثنا أبُو اسَامَةَ، حَدثنَا عُبَيْدُ اللّه، عَنْ
نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أمَرَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بِقَتْلِ اهِلاَبِ، فَأرْسمَلَ فِى أقْطَارِ المَدِينَةِ أنْ تُقْتَلَ.
45 - (... ) وحلّثنى حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدثنَا بِشْرٌ - يَعْنِى ابْنَ المُفَضَّلِ - حَا شَا إِسْمَاعِيلُ - وَهُوَ ابْنُ امَيةَ - عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الله، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَأمُرُ بقَتْلِ الكلاَبِ، فَنَنْبَعِثُ فِى المَدِينَة وَأطرَافِهَا فَلاَ نَدَعُ كًلبًا إِلاَّ قَتَلنَاهُ، حَتَى إِنَّا لَنَقْتُلُ كًلبَ المُرَيَّةِ مِنْ أهْلِ البَاديَةِ، يَتْبَعُهَا.
وقوله: (أمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بقتل الكلاب)، وفى الحديث الآخر: " إلا كلب صيد، أو كلب غنم، أو ماشية)، وفى حديث اخر: (عليكم بالأسود البهيم ذى النقطتيئ، فإنه شيطان)، وفى الاَخر: (ما بالهم وبال الكلاب، ثم رخص فى كلب الصيد وكلب الغنم)، وفى الحديث الآخر: (وكلب الزرع)، قال الإمام: أما إذا حبست الكلاب لغير منفعة وحاجة إليها، فإن ذلك ممنوع منه ؛ لما فيها من ترويع المسلمين والتوثب عليهم، وإذا دعت الضرورة لاقتنائها للتكسب بها فى الصيد أو حراسة المال، كانت الحاجة إليها فى تكسب المال أو حراسته تدعو لإجازة اقتنائها.
وقد اختلف الناس فى اتخاذها لحراسة الدور، هل يجوز ذلك ؟ قياسا على ما وقع فى الحديث من إجازة اتخاذها لحراسة الزرع والضرع، أم لا يجوز ذلك ؟ وقد اعتل بعض أصحابنا للنهى عن اتخاذها لحراسة الديار باْن فى ذلك مضرة وترويعا للناس، وهى إنما تتخذ حراسة من السارق، وقد تؤذى - إذا كانت فى الديار - من ليس بسارق ومن لم يسرق بعد.
وفى الحديث: (أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب) (1) وهذا المعنى هو المفرق بين اتخاذها فى الديار واتخاذها لما ذكر فى الحديث، وكذلك - أيضا - تنازع العلماء فى كلب
(1) ! يأتى، كاللباس، بتحريم تصوير صورة الحيوان.
242 (5/241)
كتاب المساقاة / باب الأمر بقتل الكلاب
.
إلخ 46 - (1571) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا حمَادُ بْنُ زيد، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أَن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أمَرَ بِقَتْلِ امِلاَب، إِلأكَلبَ صًيْد أوْ كَلبَ غَنَمٍ، أوْ مَاشِيَة.
فَقِيلَ لاِبْنِ عُمَرَ: إِن أبَا هُرَيْرةَ يَقُولُ: أوْ كًلبَ زَرع.
فَقَالً ابْنُ عُمَرَ: إِنَّ لأبِى هُريرَةً زَرْعًا.
47 - (1572) سدّثنا مُحَمَدُ بْنُ أحْمَدَ بْنِ أَبِى خَلَف، حَا شَا رَوْح.
ح وَحَدثنى إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أخْبَرَنَا رَوح بْنُ عُبَ الةَ، حَدثنَا ابْنُ جُرَيجٍ، أخْبَرَنى أبُو الزبيْرِ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْد الله يَقُولُ: أمَرَنَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بقَتْلِ اهلاَب، حَتًّى إِن المَرْأةَ تَقْلَمُ مِنَ البَ اليَة بِكَلبِهَا فَنًقْتُلُهُ.
ثُئم نَهَى الئيِى ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ قتلِهَا، وَقَالَ.
(عَلًيكُمْ بِالأسْوَدِ البَهِي! شِ النقْطَتثنِ، فَإِئهُ شَيْطَان! دا.
!! س وحه، 51،، ء ص عص، ص عص، 5 ص، ص هء صص
48 - 1573 حدثنا عبيد الله بن معاذ، حدثنا ايِى، حدثنا شعبة، عن اىِ التياح، سَمِعَ مُطَرِّتَ بْنَ عَبْد الثه عَنِ ابْنِ الَمُغَفلِ، ً قَالَ: أمَرَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) بقَتْلِ اهلاَب.
ثُمَ قَالَ: (مَا بَالهُمْ وَبَالُ اَهلَاَبِ ؟) ثُمَ رَخَّصَ فِى كَلب الصَيْد وَكَالَبِ الغَنً!.
َ!ً، ً !صً !ًً!
49 - (... ) وحدثنيه يحيى بن حبيبص حدثنا خالد - يعْنى ابْنَ الحَارث.
ح وحدثنى محمد بْن حاتِمٍ، حدثنا يحيى بن سعِيدٍ.
ح وحدثنِى محمدُ بْنُ الوَلِيدِ، حَا شَا مُحَمد بْن
الصيد إذا اتخذه من ليس بصايد، هل يجوز ؟ أخذا بظاهر هذا الحديث أو ينهى عن ذلك، ويكون معنى الحديث إلا كلب صيد للصائد به.
قال القاضى: ذهب كثير من العلماَء إلى الأخذ بالحديث فى قتل الكلاب، إلا ما استثنى من كلب الصيد وما ذكره معه، وهو مذهب مالك وأصحابه.
ثم اختلف القائلون بهذا، هل حكم كلب الصيد وما ذكر معه منسوخ من العموم الأول، واْن القتل كان عاما فى الجميع ؟ أم كان مخصوصا على ما جاَ فى بعض الأحاديث ؟ وذهب اَخرون إلى جواز اتخاذ جميعها ونسخ الأمر بقتلها والنهى عن اقتنائها، إلا ما خصه اَخرا من الأسود البهيم.
وقوله: (ما لى والكلاب) والذى عندى فى تنزيل هذه الأحاديث اْو ظواهرها تقتضى اْولا النهى العام عن اقتنائها والاْمر بقتلها، ثم تحمل الاْحاديث الاْخر على نسخ العموم باقتصار القتل على الأسود، ومنع الاقتناء إلا لكلب الصيد والضرع والماشية، وقد اْشار بعضهم إلى منع القتل فيماِ عدا الأسود يدل على جواز اقتنائه وليس نهى وجوب.
وقول ابن عمر - لما سمع فى حديث أبى هريرة: (أو كلبَ زرع) -: (رحم الله
(5/242)
كتاب المساقاة / باب الأمر بقتل الكلاب...
إلخ 243 جَعْفَرٍ.
ح وَ حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ.
ح وَ حدثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثَنّى، حَدثنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، بِهَنَا الإِسْنَادِ.
وَقَالَ ابْنُ حَاتِمٍ فِىِ حَلِيثِهِ عَنْ يَضىَ: وَرَخصَ فِى كَلبِ الغَنَ! وَالصَّيْدِ وَالررعْ.
50 - (1574) حدئنا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِك عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنِ اقْتَنَى كَلئا إِلأَ كَلبَ مَاشِيَةٍ أَوًْ ضَارِى، نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ، كُل يَوْمٍ قِيرَاطَانِ لما.
51 - (... ) وحدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَابْنُ نُمَيْرٍ، قَالُوا: حَدثنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّفرِى، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبيهِ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، قًالَ: (مَنِ اقْتَنَى كَلبًا إِلا كَلبَ صَيْدٍ أوْ مَاشِيَةٍ، نَقَصَ مِنْ أجْرِهِ كُلًّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ).
52 - (... ) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى وَيَحْىَ بْنُ أيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ - قَالَ يحيى
ابْنُ يحيى: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الآخَرُونَ: حَدثنَا إِسْمَاعيلُ - وَهُوْ ابْنُ جَعْفَرٍ - عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ دينَارٍ ؛ أنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنِ اقْتَنَى كَلبًا إِلاَّ كَلبَ ضَارِيَةٍ أوْ مَاَشِيَةٍ، نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ).
53 - (... ) حدثنا يحيى بْنُ يحيى وَيَحْىَ بْنُ أيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ - قَالَ يحيى: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الاَخَرُونَ: حدثنا إِسْمَاعيلُ عَنْ مُحَمَد - وَهُوَ ابْنُ أبى حَرْمَلَةَ - عَنْ سَال! ابْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أبيه ؛ أنَّ رَسُولَ الثه ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنً اقْتَنَى كَلبًا إِلأً كَلبَ مَاشِيَةٍ أوْ كَلبً صَيْدٍ، نَقَصَ مِنْ عًمَلَهِ كُل يَوْم قِيَرَاطَ"".
قَالَ عبد اللهِ: وَقَالَ أبُو هُريرَةَ: (أوْ كَلبَ حَرْثٍ ).
54 - (... ) حَدثنا إِسْحَقُ بْن إِبْراهيم، أخْبَرَنا وَكِيع، حَدثنا حَنْظَلةُ بْنُ الى سُفْيَانَ،
عَنْ سَالِم، عَنْ أبِيه، عَنْ رَسُولِ اللّهِ على قَالَ: (من اقْتَنى كَلبأ إِلا كَلبَ ضَارٍ أوْ مَاشِيَةٍ، نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُل يَوْمٍ قِيرَاطَانِ لما.
أبا هريرة كان صاحب زرع) ليس على تكذيبه واتهامه، وأن ما قال تصحيح لروايته ؛ لأنه كما كان صاحب زرع أثبت بحفظ هذه الزيادة، ويدل على صحتها رواية غير أبى هريرة، وقد ذكرها مسلم من رواية عنده، ومن رواية سفيان بن أبى زهير عن النبى - عليه السلام.
244
(5/243)
كتاب المساقاة / باب الأمر بقتل الكلاب...
إلخ
226 / َ ا
قَالَ سَالِمٌ: وَكَانَ أبُو هُريرَةَ يَقُولُ: (أوْ كَلبَ حَرْث لا وَكَانَ صَاحِبَ حَرْثٍ.
55 - (... ) حدّثنا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْد، حَد، شَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِبَةَ، أخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ
ابْنِ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ، حدثنا سَالمُ بْنُ عَبْدِ اللّه عَنْ أبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (أئمَا أهْلِ دَارٍ اتًّخَنُوا كَلإً إِلأَ كَلبً مَاشِيَة أوْ كًلبَ صَائِد، نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِمْ، كُل يَوْم، قِيرَ ا طَانِ).
56 - (... ) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى وَابْنُ بَشَارٍ - وَاللَفْظُ لابْنِ المُثَنّى - قَالا: حَدثنَا مُحَفدُ بْنُ جَعْفَر، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَ الةَ، عَنْ أبِى الحَكَمَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يُحَدِّثُ عَنِ النَبِىً ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَن اتَخَذَ كَلبًا إِلأَكَلبَ زَرع أوْ غَنَمٍ أوْ صَيْد، يَنْقُصُ مِنْ أجْرِهِ كُل يَوْم قِيرَاطٌ لما.
57 - (1575) وحدّثنى أبُو الطَاهِرِ وَحَرْمَلَةُ، قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ سَعِيدٍ بنِ المُسَيَّبِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُوذِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وذكرها مسلم - أيضا - من رواية أبى الحكم، وهو عبد الرحمن بن أبى نُعم البَجَلى، عن ابن عمر.
فلعل ابن عمر لما سمعها من أبى هريرة وتحقق هذه اللفظة عن النبى - عليه السلام - زاده فى حديث بعد - والله أعلم.
وقوله فى حديث داود بن رشيد: (إلا كلب صائد): حجة لأحد القولن، على اختصاص جواز اتخاذ كلب الصيد لمن يصيد لا لمن لا يصيد، على ما تقدم.
وكثر الاْحاديث إنما فيها كلب صيد، وفى حديث يحيى بن يحيى، ويحيى بن أيوب ومن ذكر معه: (إلا كلب ضارية) وتخريجه فى العربية: إلا كلب ذى كلاب ضارية أو إلا كلب كلاب ضارية.
وجاء فى حديث إسحق بن إبراهيم: (من اقتنى كلبا إلا كلب ضارية) فى رواية العذرى وغيره.
ويخرج على إضافة الشىَ إلى نفسه كقوله /: كماَ بارد ومسجد الجامع، أو يكون (ضار) هنا وصفا للرجل المعتاد للصيد[ كقوله: أو ضارى.
هو للعذرى دون ياَ ولغيره دون ياَ وللسجزى هنا ضاريا بياَ منونة وبعدها ألف وتخريج الأولى والثانية على إضافة الشيَ إلى نفسه] (1) الضارى: هو المعلم للصيد.
وقوله: (أو ضرع) مثل قوله: (أو ماشيقا، [ وأجاز غير مالك اتخاذها للتحفظ
من السارق] (2).
وأما إن اتخذ الكلب ليحفظ الدار من السراق، فليس مما أبيح اتخاذه عنده، وكذلك كلب الزرع، إنما هذا إذا كان يحفظه من الوحوش بالليل أو بالنهار لا من الحشرات.
(1) مطموسة فى الأصل، ونقلت بتصرف من الأبى 4 / 255.
(2) طصى وبياض فى جميع النسخ، والمثبت من الأبى بتصرف 4 / 253.
(5/244)
كتاب المساقاة / باب الأمربقتل الكلاب...
إلخ 245 قَالَ: (مِنِ اقْتَنَى كَلئا لَيْسَ بِكَلبِ صَيْد وَلاَ مَاشِيَة وَلاَ أرْضبى، فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ قِيرَاطَانِ، كُلَّ يَوْبم ".
وَلَيْسَ فِى حَدِيثِ أبِى الطَّاهِرِ: (وَلاَ أرضبى).
58 - (... ) حدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، حَدثنَا عَبْدُ الرَّزَّاق، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الرفرِى،
عَنْ أَبِى سَلَمَةَ، عَنْ أبِى هُرَيوَةَ، قَالَ ": قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنِ اتَّخَذَ كَلبًا، إِلاَّ كَلبَ مَاشِيَة أوْ صَيْل! أوْ زَرع، انْتَقَصَ مِنْ أجْرِهِ كُل يَوْبم قِيَراطُ).
قَالَ الرفرِى: فَذكرَ لاِبْنِ عُمَرَ قَوْلُ أبِى هُرَيْوَةَ.
فَقَالَ: يَرْحَمُ اللهُ أبَا هُرَيْوَةَ، كَانَ صَاحِبَ زَرع.
59 - (... ) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْلب، حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حدثنا هِشَامٌ الدَسْتَوَائى، حَدثنَا يحيى بْنُ أيِى كَثِير، عَنْ أيِى سَلَمَةَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) َ: (مَنْ أمْسَكَ كَلئا، فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْبم قِيرَاطٌ، إِلاَّ كَلبَ حَرْث أوْ مَاشِيَة).
وقوله: (انتقص من أجره كل يوم قيراط)، وفى الرواية الأخرى: (قيراطان)،
وفى الرواية الأخرى: (نقص من عمله قيراطان): ومعنى نقص من اْجره: [ قيل: إنه يحتمل ب(القيراطان) جزبم ما فى نوعن من كلاب] (1) أحدهما اْشد أذى من الاَخر لهم، وبسبب الترويع للمسلمين والأذى لهم يكتسب من الإثم ما ينقص من أجر عمله هذا.
[ وقوله: (نقص من عمله) وقيل: ينقص مما مضى من عمله، وقيل: من مستقبله] (2) لاتخاذه ما نهى عنه وعصيانه فى ذلك.
وقيل: بل من امتناع دخول الملائكة بيته بسببه[ وقيل: بل لما يلحق من ترويع الكلاب] (3) ومراقبة أحكام اتخاذه من غسل الإناء من ولوغها، ومن نجاستها عند من يراها نجسة فى الاتجار للتملك منه، ولا يرعى ذلك، فيدخل عليه الإثم من أجله فيدخل عليه فى هذه الوجوه من السيئات ما ينقص من أجره فى يومه، فيحتسب أجره فى إحسانه إليه، لما جاَ من أن (فى كل ذى كبد رطبة أجر) (4)، فقد يمحو أجره فى ذلك، أو ينقصه ما يلحق مقتنيه من السيئات بترك أدائه العبادات فيه، ولمراعاة أحكامه، أو لترويع غيره.
وقيل: يختص هذا النقص من البر ما يطابق
(ا - 3) طمس وبياض فى جميع النسخ، والمثبت من الأبى بتصرف 4 / 253.
(4) صيأتى فى كتاب السلام برقم (153).
246 (5/245)
كتاب المساقاة / باب الأمر بقتل الكلاب...
إلخ (... ) حدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ، أخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَقَ، حَدثنَا الأوْزَاعِىُّ، حَدثنِى
يَحْىَ بْنُ أبِى كَثِيرٍ، حَدثنِى أبُو سًلَمَةَ بْنُ كئد الرخْمَنِ، حَدثنِى أبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
َ
(... ) حدّثنا أحْمَدُ بْنُ المُنْذرِ، حَا شَا عَبْدُ الضَمَد، حَدثنَا حَرْبٌ، حَدثنَا يحيى بْنُ
أبِى كَثِير، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
60 - (... ) حدئنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَدئنَا عَبْدُ الوَاحِدِ - يَعْنِى ابْنَ زِيَاد - عَنْ إِسْمَاعيلَ بْنِ سُمَيع حَدثنَا أَبُو رَزِييق، قًالً: سَمِعْتُ أبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنِ اتًّخَذَكَلبًا لَيْسَ بِكَلبِ صَيْدٍ وَلاَ غَنَمٍ، نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاط!).
61 - (1576) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ ؛ أن السئَائِبَ بْنَ يَزِيدَ أَخْبَرَهُ ؛ أئهُ سَمِعَ سُفْيَانَ بْنَ أَبِى زُهَيْر - وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ شَنُوءَةَ مِنْ أصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) - قَالَ: سمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (مَنِ اقْتَنَى كَلبًا لاَ يُغْنِى عَنْهُ زَرْعًا وَلاَ ضَرْعًا، نَقَصَ مِنْ عَمَله كُلَّ يَوْبم قيرَاطٌ) قَالَ: اَنْتَ سَمعْتَ هَنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ قَالَ: إِى، وَرَبِّ هَنَا المَسجِدِ.
الإثم، وهو أجره من تغيير المنكر كل مرة، فينقص منه ذلك القدر لموافقته فى اتخاذ الكلب مثله، والله أعلم بما أراد رسوله.
وذكر القيراط هنا تقرير لمقدار الله أعلم به، والمراد نقص جزء ما، وما جاء فى الحديث الاَخر من جعله قيراطا، وقيل: يحتمل أن يكون فى نوعين من الكلاب ؛ أحدهما أشد أذى من الاَخر ولمعنى فيهما، أو يكون فى اختلاف المواضع، فيكون القيراطان فى المدينة خاصة، والقيراط فى غيرها، اْو القيراطان فى المدائن والحواضر، والقيراط فى غيرهما، أو يكون ذلك فى زمنن فذكر القيراط أولا، ثم زاد التغليظ فذكر القيراطين، والله أعلم بمراده.
وفى جملة هذه الأحاديث جواز اتخاذها للأشياء المستثناة من الصيد وغيره، على ما تقدم.
وقد استدل بعضهم من تنبيه النبى على هذه المنافع على جواز اتخاذها لكل منفعة فى
نحو من ذلك، وأن النهى[ إنما هو لاتخاذها لغير منفعة مقصودة، واستدل بعضهم بقوله: ! نقص من أجره، ومن عمله) على أن النهى ليس نهى تحريم، وإنما] (1) نهى كراهة ؛
(1) سقط من الاْصل، ولستدرك بالهامش.
(5/246)
كتاب المساقاة / باب الأمر بقتل الكلاب...
إلخ 247 (... ) حدّثنا يحيى بْنُ أئوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْر، قَالُوا: حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ يَزيدَ
ابْنِ خُصَيفَةَ، أخْبَرَنى السئَائِبُ بْنُ يَزِيدَ ؛ أنَهُ وَفَدَ عَلَيْهِمْ سُفْيَانُ بْنُ أبِى زُهْيَر الشنَئِى.
فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهَِ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
إذ ليس وعيد المحرمات نقص الأجور وفى هذا نقص.
وفى الباب حديث يحيى بن يحيى وقتيبة وابن حجر، ذكر سفيان بن أبى زهير الشنئى، بفتح الشين المعجمة والنون بعدها همزة مكسورة، منسوب إلى أزد شنوءة، وقد وقع مبينا فى الحديث قبله.
قال: وهو رجل من شنوعة، ووقع عند السمرقندى: (الشنوى! بدون الهمزة على التسهيل، ورواه بعض رواة البخارى: (الشنُوى) بضم النون على الأصل، وذكر بعده ابن أبى علية السبائى، بسين مهملة وباء موحدة، منسوب إلى سبأ.
248
(5/247)
كتاب المساقاة / باب حل أجرة الحجامة
(11) باب حل أجرة الحجامة
62 - (1577) حدّثنا يحيى بْنُ أيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد وَعَلِىُّ بْنُ حُجْر، قَالُوا: حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ - يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ - عَنْ حُمَيْد، قَالَ: سُئِل أنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ كَسْبِ الحَجَّام ؟ فَقَالَ: احْتَجَمَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
حَجَمَه أَبُو طَيْبَةَ، فَافَرَ لَهُ بِصَاعَيْنِ مِنْ طَعَام، وَكَلَّمَ أهْلَهُ فَوَضَعُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجه.
وَقَالَ: (إِن أَفْضَلَ مَا تَدَاوَبْتُمْ به الحجَامَةُ، أوْ هوَ مِنْ أمْثَلِ ! وَائِكُمْ).
ًً
63 - (... ) حدّثنا ابْنُ أن عُمَرَ، حَا شَا مَرْوَانُ - يَعْنِى الفَزَارِىَّ - عَنْ حُمَيْد، قَالَ: سُئِلَ أنَسٌ عَنْ كَسْب الحَخام ؟ فَذَكَرَ بِمِثْلِه.
غَيْرَ أنَّهُ قَالَ: (إِنَّ أفْضَلَ مَا تَدَاوً يْتُمْ به الحِجَامَةُ وَالقُسْطُ البَحرِى، وَلاَ تُعَنبوا صِبْيَانًكُمْ بِالغَمْزِ).
226 / ب
وقوله: (احتجم رسول الله.
.
! الحديث، وثناؤه على منفعة الحجامة: دليل على جواز الحجامة للحاجم والمحجوم، وجواز المعاناة داعطاء الأجر عليها على ما تقدم.
وأبو طيبة: هو بطاء مهملة، ثم ياء اثنتين تحتها على الباء.
بواحدة.
وسؤال النبى -
عليه السلام - سيده أن يخففوا عنه من ضريبته، فيه جواز إلغاء الضريبة على العبيد الذين لهم صناعة، وجواز سؤال ساداتهم التخفيف عنهم.
قوله: (ولا تعذبوا صبيانكم بالغَمْزِ): يعنى من العذرة، وقوة اللداد.
كذا فسره
فى حديث آخر.
والعذرة: وجع الحلق، وهو سقوط اللهاة.
وحضه على معاناته بالقسط البحرى حكم على الرفق فى المعاناة، ولا سيما بالصغار، وقد فسر صفة معاناته بالقسط البحرى، وهو العود الهندى المذكور فى هذا الحديث وقال: يسعط به من العذرة! وفيه بقايا المعاناة / والاستعاط: ضم بالعرض فى الدماغ، وقد ذكر مسلم أنه - عليه السلام - احتجم وأعطى الحجام أجرة واستعطى.
(5/248)
كتاب المساقاة / باب تحريم بيع الخمر
249
(12) باب تحريم بيع الخمر
67 - (1578) حَدثنَا عُبَيْدُ الله بْنُ عُمَرَ القَوَارِيرِى، حَدثَّنَا عَبْدُ الأعْلَى بْنُ
عَبْد الأعْلى أَبُو هَمَّامٍ، حَا شَا سَعيدٌ الجُرَيْرِى، عَنْ أيِى نَضْرَةَ، عَنْ أبِى سَعيد الخُدْرىِّ، قَالً: يسَمعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَخْطُبُ بِالمَلِيَنةِ قَالَ: (يَا أيُّهَا النَّاسُ، إِن اللهَ تَغَالَى يُعَرًّضُ بالخَمْرِ، وَلَعَل اللهَ يم!ينزِلُ فِيهَا أمْرًا، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا شَىْءُ فَليَبعْهُ وَليَنْتَفِعْ بِهِ).
قَالَ: فًمَا لَبِثْنَا إِلأَ يَسِيرًا حتَى قَالَ النَىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّ الله تَعَالَى حَرئَمَ الخَمْرَ، فَمَنْ أدْرَكَتْهُ هنِهِ الآيَةُ وَعِنْدَهُ مِنْهَا شَىْء!فَلاَ يَشْرَبْ وَلاَ يَبِعْ).
قَالَ: فَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ بِمَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا فِى طَرِيقِ
وقوله (1) - عليه السلام -: (إن الله يُعر صبذكر الخمر، ولعله سَيُنْزِلُ فيها أمراً،
فمن كان عنده منها شَىْء فليبعها (2) وينتفع به): دليل على أن الأشياء على الإباحة فى جميع المنتفعات إلا ما حرمه الشرع، واْنها على ما كانت عليه قبل زمن الشرب.
وقوله: النصيحة اللازمة للعامة فى أمر دينها ودنياها ؛ لاْنه لما أحس - عليه السلام - أنه سيحدث فيها أمر بنصحهم فى تعجيل الانتفاع بها، ما دام لهم ذلك حلالا.
وقوله: (إن الله حرم هذه الخمر، فمن أدركته هذه الآية وعنده منها شىء فلا يشرب
ولا يبع) ويروى: (ولا ينتفع).
وفى الحديث الاَخر: (إن الذى حرم شربها حرم بيعها): فيه حجة!ن ما حرم مقصود المنفعة منه وعظمها فما بقى منه من المنافع تابع للتحريم، والمقصود من الخمر الشرب، فلما حرم حرم الانتفاع بها جملةً ومالا منفعة فيه لا يجوز بيعه، وقد جاء فى حديث ابن عباس: أن الله إذا حرم على قوم كل شىء حرم عليهم ثمنه.
وهذا يحمل على ما بيناه مما المقصود منه جل منفعية اجل، بخلاف ما المقصود منه غير ذلك، كالحيوان والطير عند من يعتقد تحريمها والحُمر الأهليه وشبهها ؛ إِذْ الممّصود مز جميعها منفعة غير الاكل، فلم يجز بيعه بإجماع.
وقوله: (فمن أدركته هذه الآية): أى من أدركته حيا، ولزمه الخطاب، يريد قوله تعالى: { إنمَا الْخَمْرُ وَاتة سِي} الآية (3)، ؟ سيأتى الكلام على هذه الآية، ومقتضى حكمها، وما يتعلق بها من أحاديث الخَمْر والمسكر فى الأضمربة إن صفاء الله.
وقوله: (فاستقبل الناس بما كان عنده منها فى طريق المدينة فسفكوها): أى صبوها.
(1) باب جديد.
وكنب فى أصل للخطوطة: أول الجزء السابع عر.
(2) فى مق الصحيحة: فليبعه.
250(5/249)
كتاب المساقاة / باب تحريم بيع الخمر
المَدِيَنةِ فَسَفَكُوهَا.
* - (1579 لحدئنايسُوَيْدُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ زيد بْنِ أسْلَمَ،
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ - رَجُل مِنْ أًهْلِ مِصْرَ - أنَّهُ جَاءَ عَبْدَ الله بْنَ عًئاسِ.
ح وَحَدثنَا أبُو الطَاهِرِ - وَاللَفْظُ لَهُ - أخْبَرَنَا ابْن وَهْب، أخْبَرَنِى مَالِكُ بْنُ أنس وَغَيْرُهُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرخمَنِ بْنِ وَعْلةَ السبئىِّ - منْ أهْلِ مِصْرَ - أنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ الله بْنَ عَبَّاسِ عَمَّا يُعْصَرُ مِنَ العنَب ؟ فَقَالَ ابْنُ كثاس: إِنًّ رَجُلاَ أهْدَى لِرَيسولِ اور4 ( صلى الله عليه وسلم ) رَاوِيَةَ خَمْرِ.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (هَلْ عَلِمْتَ أن اللّه قَدْ حَرمهَا ؟ لا قَالَ: لا، فَسَار إِنْسَانَا.
فيه دليل على منع الانتفاع بها البتة، وعلى منع تخليلها.
ولو كان جائزأ لبين لهم النبى ( صلى الله عليه وسلم ) هذا، وبينه للآخر الذى نهاه عن بيعها وصبها، ولنصحهم فى ذلك ونهاهم عن إضاعة أموالهم، كما نصحهم عند مخافة تحريمها فى الحديث قبل هذا، وكما نبه أهل الميتهَ على الانتفاع بجلدها.
وقد حكاه فى حديث اخر: (صبها)، وجاء فى حديث اَخر ذكره مسلم بعد هذا إلخ.
سئل - عليه السلام - عن تخليلها فقال: الا).
ويمنع تخليلها قاله مالك والشافعى وأحمد والعنبرى، وأجاز تخليلها أبو حنيفة والأوزاعى والليث، وحكى عن مالك.
وكذلك قال أبو حنيفة: إن عولج بالملح والسمك.
حتى صار مديا جاز، وخالفه صاحبه ابن الحسن وقال: إنما يجوز التخليل فقط.
وهو قول أكثر من اْجاز تخليلها.
ثم اختلف المانعون لذلك إذا فعل ذلك، فعن مالك فى ذلك قولان ؛ أسْهرهما: اْن توكل.
وقال السْافعى: خلها حيئذ محرم نجس كما كان قبل تخليله، وقاله كبراء أصحابنا.
وقال الجمهور: إذا صارت خلاً من ذاتها بغير معالجة آدمى أنها توكل، وهو قول مالك والشافعى وعامة أصحابهما، وروى عن عمرو بن شهاب وجماعة من السلف والخلف.
وحكى القاضى عبد الوهاب وغيره أنه لا يختلف فى جوازه، لكن روى ابن وضاح عن سحنون أنه منع ذلك وإن تخللت من غير صنع ادمى.
وفى هذا - أيضأ - يمنع الانتفاع بها للتداوى وغير ذلك من العطش عند عدم الماء أو لتجويز لقمة غص بها.
وهذا قول مالك والشافعى وغيرهما.
وأجاز ذلك أبو حنيفة وأحمد، وقاله بعض أصحابنا، وروى عن الشافعى نحوه إذا خاف التلف، وقاله أبو ثور.
وقوله: (هل علمت أن الله حرمها ؟ !: دليل على جهالة الرجل بهذا الحكم، فلعله
كان بإثر التحريم وقبل انتشاره، وقد جاء فى حديث آخر: (أشعرت أن الله حرم الخمر(5/250)
كتاب المساقاة / باب تحريم بيع الخمر 251 فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (بِمَ سَارَرْتَهُ ؟ ثا.
فَقَالَ: أَمَرْم! بِبَيْعِهَا.
فَقَالَ: (إِن ائَذى حَرئَمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا).
قَالَ: فَفَتَحَ المَزَادَ حَتَّى فَ!بَ مَا فِيهَا.
(... ) حدّثنى ا"بُو الطَّاهِرِ، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَل، عَنْ يحيى
ابْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَفَ عَنْ عَبْدِ الثًه بْنِ عَئاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللهً ( صلى الله عليه وسلم )، مِثْلَه.
بعدك ؟) (1) فهذا يدل على قرب المال.
وقوله فى هذه الرواية هل يفسر قوله فى رواية مالك: (هل علمت اْن الله حرمها ؟) (2) وأنه على الاستفهام ليبيئ الحال، لا على التوبيخ على ما ذهب إليه بعضهم.
وفيه دليل على أن الجاهل / قبل هذا لا إثم عليه بالتحريم، ما لم يفرط فى التعليم بعد إمكانه.
وقوله: لا.
فسار إنسانأ، وقال له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): (بم ساررته ؟)، قال: أمرتُه ببيعها: الامر هنا والمسؤول هو المهدى الاْغر، كذلك جاَ مفسرأ فى رواية غسان على زيد ابن اْسلم فى هذا الحديث، وفيه: أن رجلاً من دوس جاَ إلى النبى ( صلى الله عليه وسلم )، وذكر القصة، وفيه: فأمر الدوسى غلامه ببيعها، فلما ولى بها قال له النبى - عليه السلام -: (ماذا أمرت بها ؟) قال: أمرته ببيعها - الحديث.
هنا خلاف ما ظنه بعض الشارحن، يوهم ظاهر اللفظ أن الذى ساره واْمره وخصه النبى - عليه السلام - هو رجل أجنبى غيره، وفيه: أن على العالم أن يكشف عما يظن أن باطنه فاسِد.
وقيل عن ذلك: أن يجرى فيه ما لا يجوز، كما سأل النبى - عليه السلام - عن مسارته فى شأنها وعلم من جهله بحكمها، لما قد جريه قداح منه فاستكشفه عن ذلك، فإذا به كما ظنه.
ولم يكن هذا من التجسس والكشف عن الاَسرار وكثرة السوال ؛ لأن المذموم من ذلك كله والمنهى عنه فيما لا يختص بالإنسان ولا بما يلزمه القيام به، وأما ما يختص بالإنسان منفعته أو مضرته اْو يكون النظر والإسناد فيه والعضاَ له فعليه البحث فى كل ذلك ومعرفة صحيحه وسقيمه والكشف عن الأسرار ؛ لئلا يجرى من ذلك شىَ يضره، أو يضاف إليه مما لا يرضاه ولا يسيغه.
وقوله: (إن الذى حرم شربها حرم بيعها): قال بعضهم: فيه دليل على منع بيع الذبول والعذرة وغيرها من النجاسات، وهو قول مالك والشافعى، وأجاز ذلك الكوفيون والطبرى وبعض متقدمى أصحابنا، واْجازه آخرون منهم للمشترى دون البائع، وكذلك يقول الشافعى فى اْبعار ما يؤكل لحمه وروثه لقوله: (نجاسته)، ومالك يجيز بيعه
(1) أحمد فى المسند 4 / 227.
(2) مالك فى الموطأ، كالأشربة، بجامع تحريم الخمر 2 / 6 لمه رقم (12).
227 / 10
252 (5/251)
كتاب المساقاة / باب تحريم بيع الخمر 69 - (1580) حّدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب ! اِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - قَالَ زُهَيْز: حَد 8شَا.
وَقَالَ إِسْحَقُ: أخْبَرَنَا جَرِير! - عَنْ مَنْصُور، عًنْ أبِى الضحى، عَنْ مَسْرُوق، عَنْ عَائِشَةَ،
227 / ب
لقوله: (بطهارته)، ويحتمل أن يريد قوله: (إن الذى حرم شربها حرم بيعها)، أى أن الله قد حرم الحكمين لا أن معناه: أن السبب الموجب بتحريم شرائها أوجب تحريم بيعها ؛ لأن موجب تحريم الشرب ما نص الله عليه من إلقاء العداوة والبغضاء، والصد عن ذكر الله، وعن الصلاة، ومن لا يمنع البيع أدى بيعها من الكفار وممن لا يمنع من ذلك.
والأظهر أنه على الخبر عن الله لا على ذكر التعليل بدليل الحديث الآخر: لما نزلت
آخر سورة البقرة خرج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على الناس، فأقبل على الناس، ثم نهى عن التجارة فى الخمر، وقد يحتمل أن الحكم فيمن حرم شربه أو كله مما هو المقصود من تحريم بيعه وسائر منافعه، كما جاء فى حديث شحوم اليهود، وفى سفكهم لها فى طرق المدينة ما يحتج به ربيعة، ومن قال بقولهم فى طهارة الخمر، دإليه ذهب سعيد بن الحذاء والهروى لو كانت نجسة لتنجست بها الطرق، وتأذى بها المسلمون كما لا يباح إجراء الأقذار فى الطرق، ويمنع من فعله، وكافة السلف والخلف على نجاسة الخمر والدليل على نجاستها مع إجماع الكافة عليها قديما وحديثأ إلا من شذ تحريم بيعها، وما حرم بيعه لا يخلو تحريمه أن يكون لحرمته كالجرو، ولا حرمة للخمر، فيقال: منع من بيعها مذهبنا ومالا منفعة فيه اْصلا كالجعلان والخمر، فقد تخلل على ما تقدم وينتفع بها، اْو لنجاسته كالميتة والدم والخمر من هذا القليل، ويتأول معنى صبها فى طرق المدينة اْن الطرق كانت واسعة يفى منها من حيث يمر المار، ولا يتأذى بذلك، وكذلك كانت طرق المدينة، وقد قيل: فعل ذلك ليشتهر الأمر ويذيع حكمه فيها بالأذقة ويمنع البيع.
وقوله: (ففتح المزادتين حتى ذهب ما فيهما) ولم يذكر أنه شقهما، وفى ظاهره
حجة لمن لا يرى كسر أوانى الخمر، ويرى غسلها واستعمالها.
وقد اختلف العلماء فى ذلك.
وعن مالك فيه قولان ؛ فقال: من وجد عنده خمر من آنية كسرت الظروف وشقت.
فقيل: لعل ذلك عقوبة له فى القول بالعقوبة فى الأموال، وقيل: لأن ما فيها لا يظهر بالغسل / لتداخله فيه ولو كان يوجد الغسل لم يفسد، ونحوه لمالك إذا طبخ فيها الماء وغسلت أنها تستعمل، وقد يحتمل أن يكون اْمر مالك بكسرها فيمن خيف منه العود إلى عملها دإن ضاربه ليستعين بذلك على معصية، وحديث أبى طلحة فى كسرهم الجراب حجة.
ولمالك وليس فى هذا الحديث تصريح اْنها لم تشق، دإنما قال: (ففتح)، وقد يكون الفتح بشق أجوافها.
(5/252)
كتاب المساقاة / باب تحريم بيع الخمر 253 قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتِ الآياتُ مِنْ آخِرِ سُورَة البقَرَة، خَرَجَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) فَاقْتَرَأهُنَّ عَلَى الئاسِ، ثُمَّ نَهَى عَنِ التِّجَارَةِ فِى الخَمْرِ.
َ
70 - (... ) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَأبُو كُرَيْب وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - وَاللَّفْظُ لأبِى كُرَيْب - قَالَ إِسْحَقُ: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الاَخَرَانِ: حَدثَنَا أَبُو مُعَاوِبَةَ - عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمِ، عَنْ مَسْرُوقِ، عَنْ عَائشَةَ.
قَالَتْ: لَمَّا انزِلَت الآيَاتُ مِنْ آخرِ سُورَة البَقَرَة، فِى الر"تا، قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) إِلَى المَسْجِدِ، فَحَرئَمَ الئجَارَةَ فِى الَخَفرِ.
َ
وقوله: (ففتح المزادة)، وفى أول الحديث: (الراوية) هما بمعنى.
[ هذا قول أبى عبيد.
وقال يعقوب: لا يقال: راوية، إنما الراوية البعير، وانما يقال: مزادة.
وهذا الحديث وغيره يشهد لما قال أبو عبيد] (1)، لكن لفظ (راوية) يستعمل فى القربة الكبيرة التى يحمل فيها الماء والخمر وشبهه مما يشرب وتروى صاحبها، وبهذا سميت.
وقد تستعمل توسطا فيما يحمل فيه غير ذلك، وكذلك المزادة لما يثزود فيه الماء من ذلك للسفر لكبرها، وقيل: بل سميت بذلك ؛ لأنه يزاد فيها الجلد لتتسع، وقيل فى الراوية مثله.
وقوله: ا لما نزلت الآيات من اَخر سورة البقرة اقترأهن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على الناس،
ثم نهى عن التجارة فى الخمر): يحتمل أن يكون هذا متصلأ بعد تحريم الخمر ومنها فهم، أو أوصى إليه بمنع بيع الخمر بظاهر الحديث ؛ لأن سورة الماثدة التى فيها تحريم الخمر من آخر ما نزل من القرار، وآية الربا اَخر ما نزل.
قال ذلك عمر، قال: ومات رسول الله ولم يفسرها لنا، ويحثمل أن يكون هذا بعد بيان النبى تحريم له فى الخمر.
فلما نزلت آية الربا وقد اشتملت على تحريم ماعدا البيع الصحيح كد تحريم ذلك، ولا علم أن التجارة فى الخمر من جملة ذلك، والله أعلم.
كما كرر تحريمه والإعلام بذلك عام الفتح، كل ذلك تأكيد.
ولما جمع عام الفتح من كافة المسلمن وأهل البوادى والأعراب الذين يجهلون الاْ حكام.
(1) سقط من الاْصل، ولستدرك فى الهائل.
254
(5/253)
كتاب المساقاة / باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام
(13) باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام
71 - 15811) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا لَيْمث، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبِى حَبيب، عَنْ عَطَاء بْنِ أبِى رَبَاحٍ، عَن جَابرِ بْنِ عَبْد الق ؛ ً أَئهُ سَمِعَ رَسُولَ الق ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ عَامَ الَفَتْحً وَهُوَ بِمَكَّةً: (إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ حَرئًمَ بَيْعَ الخًمْرِ وَالمَيْتَة وَالخِنْزِيرِ وَالأَضنَام).
فَقِيلَ: يَا رسُولَ اللهِ، أَرَأيْتَ شُحُومَ المَيْتَةِ فَإِنَّهُ يُطلَى بِهَا السئُفُنُ، وبل!نُ بِهَا الجُلُودُ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا
وقوله: (إن الله حرم بيع الخمر والميسر والخنزير والاْصنام).
فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة تطلى بها السفن، وتدهن بها الجلود، وشمتصبح بها الناس.
فقال: الا، هو حرام) الحديث.
ثم قال عند ذلك: (قاتل الله اليهود، إن الله لما حرم عليهم شحومها أجْمَلُوه، ثم باعوه، فثلوا ثمنه)، قال الإمام: قد تقدم فى العقد الذى افتتحنا به البيوع الكلام على هذا الحديث، واْصلنا ما يعرف منه ما يجوز بيعه مما لا يجوز، وكشفنا عن علة ما يجوز بيعه مما لا يجوز، فلا فالْدة من إعادته.
وقد قال الطبرى: فى المحرمات ما يجوز بيعه، فإن اعترض به على ما يتضمنه قوله ( صلى الله عليه وسلم ) فى هذا الحديث من إشارته إلى اْن ما حرم بيعه، قيل: إنما هذا لنجاسته.
واليهود ترى الشحم نجسأ، والذى أحللنا بيعه من المحرمات ليس بنجس، والذى أراد بقوله: ا لا، فهو حرام) تحريم البغ لا تحريم ما ذكره من منفعة، وإنما ظنوا اْن هذه المنافع تكون سببا للرخصة لهم فى البغ، فذكروا ذلك للنبى ( صلى الله عليه وسلم )، لعله أن يبيح البغ لذلك، فلم يفعل.
وقد تقدم فى العقد الذى ذكرناه نحن فى افتتاح البيوع الوجه الذى من أجله لم يعذرهم ( صلى الله عليه وسلم )، ولم يرخص لهم فى البغ، قال: فإن قيل: فإن فى بعض الأحاديث كما قيل له ( صلى الله عليه وسلم ) فى شحوم الميتة: إنها تدهن بها السفن، فقال: ا لا تنتفعوا من الميتة بشىء).
قيل: هذا على الكراهية، وتحرزأ من النجاسة أن تمسه، بدليل ما وقع فى حديث اَخر أنه أباح الانتفاع بالسمن الذائب إذا وقعت فيه الفأرة (1) وإن طعنوا فى بعض رواة هذا الحديث.
وكذلك حديثهم الذى عارضوا به - اْيضا - يطعن فى بعض رواته هذا الذى علق بحفظتى من معنى كلام الطبرى.
قال القاضى: فى هذا الحديث إبطال الحيل، والحجة على من قال بها فى هذا إسقاط حدود الشرع من الكوفين.
وفيه الحجة لمالك فى مراعاة الذرائع، وسد بابها.
وقد اختلف الناس فى الانتفاع بالنجاسات، وقد ذكرناه.
واختلفوا فى الانتفاع بشحوم الميتة.
(1) البيهقى فى السق الكبرى، كالضحايا، بمن اْباح الاستصباح به 9 / 354.
(5/254)
كتاب المساقاة / باب تحريم بغ الخمر والميتة والخنزير والأصنام 255
وأما ما اثبت فيه ميتة من زيت اْو سمن وعسل ذائب أو تمسه نجاسة، هل يستصبح به
أو يجعل من الزيت صابون، ويعلق العسل النحل، أو يطعم الميتة بكلابه، أو الطعام النجس لماشيته، أو تطلى به السفن ؟ / يتحقق من مذهب مالك وكثير من اْصحابه استعمال الزيت وغيره مما وقعت فيه النجاسة فى غير اجل.
واختلف فى ذلك أصحابه ومنعه بعضهم، قياسأ على شحم الميتة، وهو قول محبد الملك وأحمد بن حنبل وأحمد بن صالح.
وأجاز بعضهم بغ الدهن إذا بين به ممن يدفع به، و!جاو بعضهم استعماله وبيعه بعد غسله والادهان به، وروى نحوه عن مالك، وأن الغس!ع يطهوه.
ومنعه بعضهم، دان غسل لتعذر ذلك، ولو كاذ لم يخفط على من مغثى، لالى م الب إليه مالك من جواز الانتفاع به ذهب الشافعى والثورى، وووى نحوه محق ابت عمو وعلى.
وممن أجاز الانتفاع به فيما عدا الاكل وبيعه إذا بين به أبو حئيفة وأصحابه والليث، وروى عن أُبى والقاسم وسالم، وهو قول ابن وهب من أصحابنا، وقد جاء فى الحديث من رواية معمر فى الفأرة تقع فى السمن: ا دإن كان مائعًا، فلا تقربوه) (1).
وجاء من رواية أُخرى عنه: ادان كان مائعا فانتفعوا به واستصبحوا) (2).
وأما شحوم الميتة، فجمهورهم على أنه لا ينتفع بها البتة بشىء ؛ لأن عينها نجس،
خلاف ما هو اَت عن النجاسة لعموم نهيه - عليه السلام - عن الانتفاع من الميتة بشىء، فخصت المحئنَة من ذلك الجلد، وبقى سائرها على التحريم، إلا عطاء بن أبى رباح، فأجاز أن يستصبح به، وتطلى به السفن.
د إلى نحوه أشار الطبرى، وتأول الحديث بما أشار إليه قبل من النهى عن البيع لا عن غيره، وتأول عموم النهى على الندب والتنزه ؛ لئلا تتنجس بمباشرته، وفى تحريم بغ الميتة حجة على مغ بغ جثة الكافر إذا قتلناه من الكفار واقترابهم منا له.
وقد امتنع من ذلك النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى غزوة الخندق، وقد بذلوا له فى جسد نوفل بن عبد
الله المخزومى عشرة إلا درهفا فيما ذكر ابن هشام، فدفعه إليهم ولم يقبل ذلك منهم، وقال: ا لا حاجة لنا بجسده ولا ثمنه).
وقد خرج الترمذى فى هذا حديثا نحوه.
وفى النهى عن ثمن الأصنام مغ بغ الصور المقصود شراؤها كيف كانت، إذا كان ما فيها تبعا لها، بخلاف إذا كانت هى تبعا، كتصاوير الثياب والبسط وغيرها مما جاءت فيها الرخصة، وكذلك لعلة ما كان تبعا للمبيع مما لم تأت فيه رخصة وكره، كصور الأباريق والمناور والأسرة ؛ لأنها تغ لا يفسد البيع، لكن كره اتخاذها ويلزم طمسها وتغييرها.
وقد رخص
(1) اْبو داود، كالأطعمة، بفى الفأرة تقع فى للسمن.
(2) البيهقى فى الق، كالضحايا، بمن الجع الاستصباح به 9 / 354.
228 / 1
256 (5/255)
كتاب المساقاة / باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام النَّاسُ ؟ فَقَالَ: (لاَ، هُوَ حَرَاثم).
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عِنْدَ فَلكَ: (قَاتَلَ اللّهُ اليَهُودَ، إِن اللهَ عَزَّ وَجَل لَمَّا حَرئَمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا، أجْمَلُوهُ ثُمًّ بَاعُوهُ، فَاكَلُوا ثَمَنَهُ).
(... ) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبى شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ، قَالا: حدثنا أبُو أسَامَةَ، عَنْ عَبْد الحَميد بْنِ جِعْفَر، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيب، عَنْ عَطَاء، عَنْ جَابرٍ، قَالَ: سَمعْتُ رَسُولً اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَامَ الفَتْحً.
ح وَحَد!شَا مُحَمَّدُ بْنُ اً لمُثنى، حَدصئنَا الضَّحَّاَكُ - يَعْنى أَبَا عَاصِمٍ - عَنْ عَبْدِ الحَميدِ، حَدثنِى يَزِيدُ بْنُ أبى حَبِيب، قَالَ: كَتَبَ إِلَىَّ عَطَاء" ؛ أنَّهَُ سَمِعَ جَابِر بْنَ عَبْدِ الله يَقُولُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَامَ الفًتْح بِمِثْلِ حَدِيثِ اللَّيْثِ.
72 - (1582) حّدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى ش!يبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ !اِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - وَاللَّفْظ لأبِى بَكْرٍ - قَالُوا: حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ طَاوسُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، قَالَ: بَلَغَ عُمَرَ أَنَ سَمُرَةَ بَاعِ خَمْرًا.
فَقَالَ: قَاتَلَ الله سَمُرَةَ، ألَمْ يَعْلَمْ أنَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لَعَنَ الله اليَهُودَ، حُرِّمتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا).
(... ) حدثنا امَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ، حَدثنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيعْ، حَدثنَا رَوْح - يَعْنِى ابْنَ القَاسِ! -
عَنْ عَمْرِو بْنِ !ينَارٍ، بِهَنَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
اْهل العلم فى بيع البنات 5س شرائها للجوارى للرخصة فى ذلك، د!باحة لعبهن بها.
وجاء عن مالك كراهية شرائها، ورأى الرخصة فى الاستعمال لا تقتضى أن تتخذ متجراً، ولعموم التغليظ فهـ! عملها.
وقوله: (أجملوها) وفى الرواية ا لأخرى: (جملوها)، قال الإمام: معناه: أذابوها، يقال: جملت الشحم واْجملته: إذا اْذبته.
وانشد ابن الأنبارى للبيد:
فامشوى ليلة رمح واجتمل
قال الهروى وغيره: الجميل والطهارة عند العرب: ما أذيب من الشحم، والحم:
ما اْذيب من الالية، قال الراجز: أنثد يعقوب:
يهم فيها القوم هَم الْحَم
قوله: (يهم فِيها) أى يذوب فيه.
قال القاضى: كثير ما يعرض ملاعن اليهود واهل الزيغ على هذا الحديث بتحريم وطء سرية الأب على الابن، وجواز بيعها له وكل ثمنها، وهذا إنما يموه به على غير محصول
(5/256)
كتاب المساقاة / باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام 257 73 - (1583) حدثنا إِسَحقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِىّ، أخْبَوَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَ الةَ، حَدثنَا
ابْنُ جُرَيْجٍ، أخْبَوَنِى ابْنُ شِهَاب، عَنْ سَعيد بْنِ المُسَيبِ ؛ أتهُ حَد 8لهُ عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: (قَاتَلً اللهُ اليَهُوَدَ، حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهمُ الشُّحُومَ فبَاعُوهَا، وَ"كَلُوا ؟لمَانَهَا).
74 - (... ) حلّثنى حَرْمَلةُ بْنُ يحيى، أخْبَوَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شباب، عَنْ سَعيد بْنِ المُسَيَّبِ، عَنْ أبى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالًَ رَسُوذ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (قاَتَلَ اللهُ إليًهُودَ، حُرّمَ عَلَيهِمُ الشَّحْم فَبَاعُوهُ، وَفَلوا ثَمَنهُ).
عنده من العلم، فجارية الأب لم يحرم منها إلا الاستمتاع على!ذا الولد وحده من بين سائر الناس، وسائر منتفعاتها حلال والجميع حلال لغيره فلم يحرم عليه جميعها ولا على غيره.
والشحوم محرم المقصود منها وهو الاكل على جميع اليهود، فكان ما عداه تبعأ له، فلا تشاكل بينها وبين سرية الأب.
258
(5/257)
كتاب المساقاة / باب الربا
228 / ب
(14) باب الربا
75 - (1584) حّدثنا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالك، عَنْ نَافِع، عَنْ أَ! سَعِيد الخُدْرِئ ؛ أَن رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا تَبِيعُوا النفًبَ بِاَلنفَبِ إِلأَ مِثْلأ بِمِثْل، وقوله: ا لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض) وذكر فى الورق مثله، وقال: ا لا تبيعوا منها غائبا بناجز) وقوله /: (ولا الورق بالورق إلا وزنا بوزن، سواء بسواء)، وفى الحديث الاَخر: (ولا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمئل، ولا تُشفوا...
)، وفى حديث آخر: (الورق بالذهب ربا إلا هاء وهاء، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربا إلا هاَ وهاء، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء)، وفى الحديث الآخر: أنه نهى - عليه السلام - عن (بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح إلا سواَ بسواء، عينا بعين، فمن زاد او ازداد فقد أربى)، وفى الرواية الانحرى: (يدا بيد، فماذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدا بيد)، وفى الرواية الأخرى: (فمن زاد أو استزاد فقد اْربى، الآخذ والمعطى سواء)، وفى الرواية الأخرى: (إلا ما اختلفت ألوانه)، وفى الرواية الأخرى: (الدينار بالدينار لا فضل بينهما، والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما)، وفى الحديث الاخر: (نهى عن بيع الورق بالذهب دينا) وفى الحديث الآخر: (ما كان يدا بيد فلا بأس به، وما كان نسيئة فهو ربا)، قال الإمام: التبايع يقع على ثلاثة أوجه: عرض بعرض، وعن بعين، وعرض بعين.
ويقع التبايع بهذه الأجناس على ثلاثة اْوجه أيضا: يوخران جميعا، وينقدان جميعا، وينقد أحدهما ويوخر الآخر.
فإن نقدا جميعا كان ذلك بيعا بنقد، فإن بيع العين بمثله كالذهب بالذهب سمى مواكلة، وإن بيع بعين خلافه كالذهب بالورق سمى مصارفة، فإن بيع العرض بعين سمى العيئ ثمنا والعرض مثمونا، وإن كانا مؤخرين جميعا، فذلك الدين بالدين وليس ببيع شرعى ؛ لأنه منهى عنه على الجملة، وإن نقد أحدهما وأخر الآخر ؛ فإن كان الموخر هو العين والمنقود هو العرض سمى ذلك بيعا إلى أجل، دإن كان المنقود العيئ والموخر العرض سمى ذلك سلما، ويسمى - أيضا - سلفا، ولو كانا عرضين مختلفين سمى ذلك سلما - أيضا - وسلفا ولا تبال ما تقدم منهما أو تأخر.
واعلم بعد ذلك أن الربا محرم فى الشرع، قال الله تعالى: { وَاَحَل اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَزمَ الزِبَا} (1)، ولعن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) كل الربا ومؤكله، الحديث (2).
فإذا ثبت تحريمه وجب اْن (1) ا لبقرة: 275.
(2) سيأتى كالمساقاة، بلعن كل الربا ومؤكله.
(5/258)
كتاب المساقاة / باب الربا 259
نعقد أصلا فيه سائر فروعه.
فاعلم أنا قدمنا أن البيع يقع نقدا ويقع نسيئة، فأما بيع النقد وهو ما تناقدا فيه العوضن جميعا، فيجوز التفاضل فيه والتماثل والبيع كيف يشاءان، ما لم يكن التبايع فى الأثمان والأطعمة المقتاتة، فلا يجوز فيها التفاضل مع الجنسية ولا يباع منه المثل بمثله إلا متساويا، وإن اختلفت جاز التفاضل وما سوى هذين القسميئ يجوز بيعه على الإطلاق، فيحصل من هذا أن التفاضل مع الاختلاف فى بياعات النقود يجوز على الإطلاق، والتفاضل مع التماثل يجوز إلا فيما قدمناه الأثمان والمقتاتات.
والدليل على الجواز مع اختلاف الأجناس على الإطلاق قوله عز وجل: { وَأَحَل الذُ
الْبَيْعَ وَحَزمَ الوِئا} (1)، وقوله ( صلى الله عليه وسلم ): ! إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم).
والدليل على جواز التفاضل فيما سوى الثمن والمقثات، قوله تعالى: { وَأَحَلَّ اللهُ
للْبَيْعَ وَحَومَ الزِبَا}.
وأيضا فإنه لو كان التفاضل فى سائر الأشياء ممنوعا لم يكن لتخصيص النبى ( صلى الله عليه وسلم ) هذه
الستة بثحريم التفاضل معنى، ولقال: التفاضل حرام عليكم فى كل شىء، ولكن لما خص هذه الستة دل ذلك على أن التحريم ليس بعام فى سائر الأشياء، وإنما ينفى النظر فى هذه الستة، هل التحريم مقصور عليها ويكون كشريعة غير معقولة المعنى، أو يكون لاختصاصها بالتحريم معنى فيطلب ذلك المعنى فحيثما وجد حرم قياسا على الستة ؟ فأما أهل الظاهر النفاة للقياس فإنهم قصروا التحريم عليها، وأباحوا التفاضل فى سائر الأشياء سواها، وهذا بناء منهم على[ فاسد] (2) أصلهم فى نفى القول بالقياس، والرد عليهم مذكور فى أصول الفقه.
فأما جمهور العلماء المثبتون للقياس فإنهم تطلبوا لذلك معنى.
وأما مالك فإنه يعتقد / أنه إنما حرم التفاضل فيها لأمرين: أما الذهب والفضة فلكونهما ثمينين، وأما الأربعة المطعومة فلكونها تدخر للقوت أو تصلح المَوت، وقد قدمنا أن ذلك كله مع تماثل الجنس.
واما الشافعى فوافقه على العلة فى الذهب والفضة وخالفه فى الأربعة، فاعتقدوا أن
العلة كونها مطعومة.
وأما أبو حنيفة فخالفهما فى الجميع، واعتقد أن العلة فى الذهب والفضة الوزن،
وفى الأربعة الكيل، فخرج من مضمون ذلك أن مالكا تطلب علته، فحرم التفاضل فى الزبيب ؛ لأنه كالتمر فى الاقتيات، وحرم التفاضل فى القطنية ؛ لأنها فى معنى القمح والشعير
(1) للبقرة: 275.
(2) من المعلم.
229 / ْ ا
260 (5/259)
كتاب المساقاة / باب الربا فى الاقتيات، ويرى أن العلة الثمينة لم يتفق وجودها إلا فى الذهب والفضة ولو اتفق اْن يجيز الناس بينهم الجلود لنهى عن التفاضل فيها.
وأما الثافعى فتطلب علته فحرم التفاضل فى كل مطعوم، وأبو حنيفة يحرمه فى كل مكيل أو موزون.
فأما مالك فإنه استلوح ما قال لأجل أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لو اْراد الكيل أو الوزن لاكتفى بأحد
هذه الأربعة فى الكيل، ولا تظهر للزيادة على الواحد فائدهّ، وكلامه ( صلى الله عليه وسلم ) كله فوائد، لاسيما فى تعليم الشرائع وبيان الأحكام، وكذا كان يقتصر على واحد منها لو كانت للعلة كوتها مطعومة ؛ لأن الواحد منها كمايم!واه مما ذكر معه فى الحديث.
ونقول: لما علم ( صلى الله عليه وسلم ) اْن المراد الاقتيات أراد أن يبينه (1) عليه ليبُقى للعلماء مجالا فى الاجتهاد، ويكون داعيا لبحثهم الذى هو من أعظم القرب إلى الله - سبحانه - وليوسع لأمته فى التعبد على حسب سعة أقوال علمائها، وربما كانت التوسعة اْصلح للخلق اْحيانا، فنص على البر الذى هو أعلى المقتاتات، ثم نص على الشعير الذى هو اْدناها لينبه بالطرفيئ على الوسط وتنظيم الحاشيتين ما بينهما، وإذا أراد إنسان ذكر جملة الشىء فربما كان ذكر طرفيه ونهايته دل على استيعابه من اللفظ الثامل له.
ولما عهد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) َ ادة الناس فى زمنه كل البر مع السعة (2) والاختيار والشعير مع الضرورة والإقتار كان ذكره لهما تنبيها على السلت والأرز والذرة والدخن ؛ لاءن من اعتاد كلها فى بعض البلاد، إما أن يثلها فى حال سعته ؛ فيكون ذكر القمح منبها له على حكمها، أو فى حال صفته، فيكون ذكر الشعير منبها له.
ولو اتفق أن يكون الدخن أو غيره هو الغالب فى زمنه فى قوت أهل الأقتار، لاْمكن ان ينبه به بدلا من الشعير.
وأما التمر فإنه كان كان يقتات ففيه ضرب من التفكه، والطبع يستحيله حتى أن يوكل على غير جهة الاقتيات، فأراد ( صلى الله عليه وسلم ) أن يرفع اللبس لأجل هذا المعنى الذى انفرد به وينص عليه مشيرا إلى أن كل مقتات دن كان فيه زيادة معنى فان ذلك لا يخرجه عن بابه.
ولما علم ( صلى الله عليه وسلم ) أن هذه الأقوات لا يصح اقتياتها إلا بعد إصلاحها، داذا لم تكن مصلحة تكاد أن تلحق بالعدم الذى لا ينتفع به فى القوت، أعطى ما لا قوام لها إلا به حكمها، ونبه بالملح على مايم!واه مما يحل محله فى إصلاحها ؛ لأنه لا يقتات منفردا، ولكنه يجعل ما ليس بقوت قوتا.
وأما الثافعى فإنه امشلوح ما ذهب إليه من قوله ( صلى الله عليه وسلم ) فى حديث آخر: (الطعام
(1) فى ع: ينبه، وللثبت من المال.
(2) فى ع: السلعة، وللثبت من المال.
(5/260)
كتاب المساقاة / باب الربا 261
بالطعام، مثلا بمثل) فيقول: إنى وإن لم أزاحمكم فى تطلب التعليل، فإن عموم هذا نص مذهبى دإن زاحمتكم فيه، فإنه يشير إلى ما قلت ؛ لأنه علق الحكم بالطعام وهو مشتق من الطعم، ومعنى الاشتقاق أو علة الأحكام.
وأما أبو حنيفة فإنه - أيضا - سلك قريبا من هذا المسلك فقال: فإن عامل خيبر لما
باع الصاع بالصاعن اْنكر ذلك ( صلى الله عليه وسلم )، فقال: ا لا تفعلوا، ولكن مثلا بمثل، وبيعوا هذا، واشتروا بثمنه من هذا، وكذلك الميزان).
ومعلوم انه لم يرد نفس الميزان، وإنما اراد نفس الموزون، فكأنه قال: (وكذلك الموزون)، فيقول - أيضا -: إن لم نزاحم فى التعليل استدللت بعموم قوله ؛ " وكذلك الموزون)، د ان زاحمتكم فيه كان ذكر الوزن مشيراللعلة.
وقال أصحابنا فى الرد عليه: إن علته تجيز / الربا فى القليل الذى لا يتأتى فيه الكيل، وعموم قوله ( صلى الله عليه وسلم ): (البر بالبر) الحديث يوجب منع الربا فيه، فقد صارت العلة اْخذت من اْصل تنقصها عمومه، وذلك مما يبطل العلل، هذا الكلام فى الربا فى بياعات النقد.
وأما القسم الثانى: وهو الربا فى النسيئة، فنتكلم عليه فى الحديث المذكور فيه السلم، إن شاء الله تعالى.
وقد اشتمل الحديث على اْن الربا فى النقد فى هذه الستة المذكورة، وذكر عن ابن عباس أنه أجاز دينارا بدينارين نقدا، وذكر أنه رجع عنه، وإن ثبت عنه انه كان يجيزه فيقسط هذا القسم على أصله، ولا يكون ربا عنده إلا فى القسم الآخر الذى وعدنا بالكلام عليه، وذكر عنه مسلم ما ظاهره أنه تعلق بقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (الربا فى النسيئة)، وفى بعض طرق مسلم: (إنما الربا فى النسيئة)، وفى بعض طرقه: ا لا ربا فيما كاك يدا بيد)، وروى البخارى: ا لا ربا إلا فى النسيئة) (1).
فإن ثيل: كيف الوجه فى بناء هذه الأحاديث مع قوله: (الذهب بالذهب) الحديث، لى فى آخره: (مثلا بمثل، سواء بسواء، يدا بيد) فقد أثبت الربا مع كونه يدا بيد، وهذ! يمنع من حمله على أن المراد به النسيئة حتى يكون مطابقا لما تعلق به ابن عباس، واْيضا قوله للذى كان يبيع الصاعن من التمر بصاع: ا لا صاعن تمر بصاع) الحديث.
قيل عنه ثلاثة أجوبة:
أحدها: أن يقال: قوله: ا لا ربا إلا فى النسيئة)، يعنى فى العروض وما فى معناها، مما هو خارج عن الستة المنصوص عليها وعما يقاس عليها، ولا شك أن العروض يدخلها الربا نسيئة، على ما سنبينه فيما بعد، إن شاء الله تعالى.
-
(1) البخارى، كالبيوع، بييع الدينار بالدينار نساَ لا 217).
229 / ب
262
(5/261)
كتاب المساقاة / باب الربا
والثانى: أن يكون المراد الاْجناس المختلفة من هذه الستة أو ما فى معناها، فإنه لا ربا
فيها إلا مع النسيئة، فيحمل ما تعلق به ابن عباس على هذا، حتى لا يكون بين الأحاديث تعارض وتناقض.
والجواب الثالث: أنه إنما أراد بقوله: (إنما الربا فى النسيئة) إثبات حقيقة الربا، وحقيقة كيكون فى الشىء نفسه، وهو الربا المذكور فى القرار فى قوله: { أن تُبثمْ فَلَكُمْ رُكلُوسُ امْوَالِكُم} (1) لأنهم كانوا يقولون: إما أن تقضى أو تربى.
هذه طريقة فى الجواب سلكها بعض العلماء، ولما عورض بما وقع من إطلاقاته ( صلى الله عليه وسلم ) كقوله: (فمن زاد أو استزاد فقد أربى!، وقد ذكر الذهب بالذهب والفضة بالفضة، قال: هذا على جهة المجاز والتشبيه له بالربا، وهذا عندى بعيد مع قوله فى حديث بلال لما باع الصاع بالصاعين، فقال ( صلى الله عليه وسلم ): (أوه عين الربا)، فنص على أنه عيئ الربا، وهذا يبعد معه أن يكون أراد أنه يشبه الربا.
قال القاضى: قوله: ا لا تبيعوا الذهب بالذهب، ولا الورق بالورق.
.
" الحديث
عام فى جميع أجناسها من مشكول ومصنوع وتبر وجيد وردىء، ولا خلاف فى هذا.
واختلف عند أئمتنا لعلة ربا الأربع من المطعومات المذكورة فى الحديث، هل هى علة الاقتيات من المدخر مما هو أصل العيش غالبا، اْم للاقتيات والادخار بمجرده دون التفات إلى غلبة العيش به ؟ وعلى هذا الاختلاف فى العلة اختلف قول مالك فى الربا بالتفاضل فى الجوز واللوز وث!بهه، وطرد ابن نافع من أصحابنا هذه العلة بمجرد الادخار والاقتيات فيما قد يخدخر نادرا كالخوخ والكمثرى والرمان، فلم يجز فيها التفاضل وهو ال للسبب التحريم فى ذلك على ما يكاك ويوزن من المطعومات والمشروبات دون غيرها، وهو قول الشافعى فى القديم، وبه قال أحمد بن حنبل.
قال الإمام: وقوله: (هاء وهاء) (2): بعض المحدثين يقولونها مقصورة، وحذاق
أهل اللغة يمدونها ويجعلون ذلك بدلا من الكاف.
لأن أصلها هاك، يقولون: هاك السيف، بمعنى: خذه، ويقال للاثنين: هاؤما، وللجماعة: هاؤم، قال الله تعالى: { هَاؤُمُ اقْرَكلُوا كِعابِيَ! (3)، ويقال: هاءِ، بالكسر.
قال القاضى: وحكى ثابت وغيره من أهل اللغة: ها بالقصر والسكون، مثل: خف، وا لاثنين: هاء ا، مثل: خافا، وللجميع: هاؤوا، مثل: خافوا، وللمونث:
(1) 1 لبقرة: 279.
(2) ستأتى للرواية فى للباب التالى.
(3) لطاقة: 19.
(5/262)
كتاب المساقاة / باب الربا 263 تُشفوا بَعْلضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلا تَبِيعُوا الوَرِقَ بِالوَرِقِ إِلأَ مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلا تُشِقُوا بَعْضَهَا عَلَىَ بَعْضٍ، وَلا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ ).
76 - (... ) حدّثنا قُت!مةُ بْنُ سَعيدٍ، حَدثنَا لَيْ!ث.
ح وَحَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ رُمْح، أخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافعٍ ؛ أن ابْنَ عُمَرَ قَالَ لًهُ رَجُلى مِنْ بَنِى لَيْث: إِن إلا سَعِيد الخُدرِىّ يَأثُرُ هَنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فِى رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ: فَنَ!بَ عبْدُ الله وَنَافًع مَعَهُ، وَفِىً حَديثِ ابْنِ رُمْحٍ: قَالَ نَافِع! فَنَ!بَ عَبْدُ الله وَأنَا مَعَهُ وَاللَّيْثِىُّ، حَتَّى دَخَلىَ عَلَى أبِى سَعِيدٍ الخُدْرئ، فَقَالَ:
هاك، ومنهم من لا يثنيها ولا يجمعها على هذه اللغة / ولا يغيرها فى التأنيث، ويقول فى الجميع: ! ها) بلفظ واحد.
قال السيرافى: كأنهم جعلوها صوتا مثل: صه، ومن ثَنَى وجمع قال للمونث: هائى، وبعضهم يقول: هاك، قال: وفيه لغة ثالثة: هاءِ، بالكسر مهموزة، الذكر والأنثى سواء، لكن يزيد فى المونث ياء، فيقول: هائى، وفيه لغة رابعة حكاها بعضهم: هأ، بالألف، كما يقول المحدثون، وكثر أهل اللغة ينكرونها.
قال القاضى: فرواية المحدثن: (ها، وها) بالقصر على هذا اْو على اللغة الثانية سهلت الهمزة.
وفيه لغة خامسة: (هاءك) ممدود بعده كاف، وتكسرها للمونث.
قال الهروى: وقيل: معناه: أن يقول كلءواحد منهما لصاحبه: ها، فيعطيه ما بيده، وهذا - أيضا - يصحح رواية المحدثين.
قال الخطابى: قوله: (ها وها).
معناه: التقابص.
وقال هو وغيره: إن الصواب
المد والفتح، وقد ذكرنا خلافه.
وقوله: (ولا تُشِفوا بعضها على بعض)، قال الإمام: بمعنى لا تفضلوا، وقد يكون الشف فى اللغة بمعنى: النقصان، وهو من الأضداد.
قال القاضى: فيه دليل على أن الزيادة - دإن قلت - منهى عنها حرام ؛ لأن لفظ الشفوف يقتضى الزيادة غير الكثيرة، ومنه: شفافة الاناء، وهى البقعة القليلة فيه من الماء.
وقوله: (غائبا بناجز): الناجز: الحاضر، والغائب: ما كان إلى أجل وغاب عن المجلس.
ولم يختلف العلماء فى منع المبايعة فى الذهب والفضةْ على هذا.
واختلفوا فى اقتضاء أح!دهما عما فى الذمة أو مض!اة أحدهما إذا كان مشتقا فى الذمة بالاَخر إذا استقر
230 / 1
264 (5/263)
كتاب المساقاة / باب الربا إِنَّ هَذَا أخَبَرَنِى أنَّكَ تُخْبِرُ أنَّ رَسُولَ الله نَهَى عَن تجئع الوَرِقِ بِالوَرِق إِلأَ مثْلاً بِمِثل، وَعَنْ بَيعْ ال ئ! بِ بِالدئَ!بِ إِلا مِثْلاً بِمِثْلِ+ فَأشَارَ ابو سَعيد بإصْبَعْيهِ إِلَى عَيْنًيه وَاذَنَيْم! فَقَالَ: أبْصَرَت عَيْنَاىَ، وَسَمِعَتْ أفُنَاىَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: ئا لَا تَبِيعُوا النَّ!بَ بِالنَّ!بِ، وَلا تَبِيعُوا الوَرِقَ بالوَرِقِ، إِلا مِثْلاً بِمِثْلٍ، وَلا تُشِفوا بَعْضَهُ عَلَى بَعْضبى، وَلا تَبِيعُوا شَيْئًا غَائِبًا مِنْهُ بِنَاجزٍ، إِلاَ يَلًما بِيَدٍ !.
(... ) حلطنايثتئبَانُ بْنُ فَرؤُخَ، حَدثنَا جَرِير! - يَعْنِى ابْنَ حَازِبم.
ح وَحَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، حَا شَا عَبْدُ الوَفَابِ، قَالَ: سَمعْتُ يحيى بْنَ سَعِيدِ.
ح وَحَدثنَا مُحَمَدُ بْن المُثنّى، حَدبرشَا ابْنُ أيِىءَول عَن ابْنِ عَوْن، َ كُلُهُمْ عَنْ نَافِعِ.
بنَحْوِ حَديث اللَّيْث عَنْ نَافِعِ، عَنْ أن سَعِيدٍ الخُدْسٍّ، عَنِ النَّيَىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
ًَ
فى الذمة، وهل حكم هذا حكم الحاضر أو الغالْب ؟ فمذهب مالك واْصحابه جواز أقتضاء الدراهم ممن لك عنده دنانير حلت عليه، ومصارفته بها وإن لم يحضر الذهب، ولابد من حضور الدراهم، وكذلك ذهب عن دين دراهم، وكذلك أجار اْن يتصارف رجلان لأحدهما على الآخر ثراهم، ولهذا على ذلك دنانير إذا حلتا جميعا، إذا تناجزا فى جميع ذلك بالحن وتراضيا فى الحن على ما شاء من قليل وكثير.
وأجاز ذلك كله اْبو حنيفة وأصحابه، حل الاجل اْم لا، وراعوا فى ذلك براءة النحم.
وأجاز ذلك الشافعى والليث فى اقتضاء أحدهما من الآخر، ومنعاه فى الذهبن، وقاله ابن وهب وابن كنانة وأصحاب!نا، وأجاز ذلك فى الاقتضاء ابن أبى ليلى وعثمان البتى بسعر يومهم من الصرف لا بغيره.
ولم ير أحد من هولاء المجيزين) ن فى ذلك غائبا بناجز ولا غالْبا بغائب، وكل هولاء يشترطون التفاضل والتناجز فى المجلس.
وذكر عن ابن شبرمة: لا يجوز أخذ عين عن عين أخرى، وروى مثله عن ابن عباس وابن مسعود واليث، ومنعه طاووس من بغ وإجازة وفرض وما لم يحضر فهو غائب عنل!م، وعند الجمهور إذا كان دالا فهو كالحاضر، ولأنهما متفاضلان برئت ذممهما فكان كما لو حضر، وقد روى أبو داود وغيره عن ابن عمر عن النبى - عليه السلام - فى جواز إلاقتضاء فى ذلك حديثا مبينا، وذكر فى بعض طرقه بسعر يومها (1)، كما اختار عثمان
(1)) بو داود، كالبيوع، بفى اقتضاء الذهب من الورق (3354)، النسائى، كالبيوع، ببيع الفضة بالنمب وبيع الذهب بالفضة (4582)، الدارس، كالبيوع، بالرخصة فى اقتضاه الورق من الذهب
(5/264)
كتاب المساقاة / باب الربا
265
77 - (... ) وحدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدثنَا يَعْقُوبُ - يَعْنِى ابْنَ عبْدِ الرخمَنِ القَارِىَّ - عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أبيه، عَنْ أبِى سَعيد الخُدْرِئ ؛ أَن رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا تَبِيعُوا النبَ بالدئ! بِ، وَلا الَوً رِقَ بِالوَرِقِ، إِلأً وَز.
ئا بِوَزْنٍ، مِثْلأ بمثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ ).
78 - (مه ه ا) حئثنا أبُو الطَاهِرِ، وَهَرُونُ بْنُ سَعِيد الأيْلِىُّ، وَأحئمَدُ بْنُ عِيسَى، قَالُوا: حَدثنَا ابْنُ وَهْبٍ، أخبَرَنِى مَخْرَمَةُ، عَنْ أبِيهِ.
قَالً: سَمعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يَقُولُ: إِنَّهُ سَمِعَ مَالِكَ بْنَ أبِى عَامِرٍ يُحَدِّثُ عَنْ عثمَانَ بْنِ عَفَّانَ ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: الا تَبِيعُوا الدينَارَ بِالدينَارَيْنِ، وَلا الدّرْهَمَ بِالدرْهَميْنِ).
البتى، وبعضهم لم يذكر هذه الزيادة.
وقوله: (وزنا بوزن، مثلا بمثل، سواء بسواء): يحتمل أن يكون تكراره تكيدئا وبيانا، وقد يكون اشتراط السواء فى المثلية فى العن وهو غير السواء فى الوزن، ويكون قوله: (سواء بسواء) عائدا على الوجهيئ.
وقد اختلف فى ذلك فى المماطلة، هل يشترط مع استواء الوزن مماثلة العين أم لا ؟ كما سيأتى بعد.
266
(5/265)
كتاب المساقاة / باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدا
(15) باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدا
79 - (1586) حّدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدثنَا لَيْمث.
ح وَحَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْح، أخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ مَالِكِ بْنِ أوْسِ بْنِ الحَلثًانِ ؛ اَئهُ قَالَ: أقْبَلتُ أَقُوذ: مَنْ يَصْطَرِفُ الدَّرَاهِمَ ؟ فَقَالً طَلحَةُ بْنُ عُبَيْدِ الله - وَهُوَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ -: أرِنَا فَ!بَكَ.
ثُمَّ ائْتنَا، إِذَا جَاءَ خَادمُنَا، نُعْطكَ وَرِقَكَ.
فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَابِ: كَلأَ، وَاللّه، لَتُعْطِيَنَّهُ !رقَهُ، أوْ لَتَرُ! نَّ إِلَيْه فَ!بَهُ، فَإِن رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (الوَرِقُ بالن!بِ رِبًا إلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالبُر بِالبُرّ رِبًا إِلاَّ هَاءً وَهَاءَ، وَالشَّعيرُ بالشَّعيرِ رِبًا إِلأَ هَاءَ وَهَاءً، وَالتَّمْرُ بالتًمْرِ رِبًا إِلاَهَاءَوَهَاءَ).
ًَ
(... ) وحدّثنا أبُو بَكَرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب لَاِسْحَقُ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِىّ، بِهَنَا الإِسْنَادِ.
80 - (1587) حدّثنا عُبَيْدُ الله بْنُ عُمَرَ القَوَارِيرِىُّ، حَدثنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْد، عَنَ أيوبَ، عَنْ أن قِلاَبَقَأ قَالَ: كنتُ بِالشَّاَم فِى حَلقَةٍ فِيهَا مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ، فَجَاءَ أَبُو الأشعَثِ.
230 / ب
وقول أوس بن الحدثان: (اْقبلت اْقول: من يصطرف): حجة لجواز النداء فى الصرف، وطلبه وطلب الزيادة فيه، وما يستقر عليه لمن احتاج إلى ذلك ما لم تجزه متجرا وصناعة.
فقد كره ذلك جماعة من السلف والعلماء لضيق امره، وكثرة حرجه، وقلة التوقى، والتخلص منه من الربا إلا مع سعة العلم وثخانة الدين.
وقول طلحة: أرنا ذهبك ثم ائتنا إذا جاء خادمنا نعطك /.
قوله: ا لتعطينه ورقه، اْو لتردن إليه ذهبه) ثم ذكر الحديث، فيه الحجة على وجوب المناجزة فى المجلس، وهو عند مالك وأصحابه مجلس عقد الصرف لا يتأخر عنه !ان لم يقوما من مجلسهما، وأنها إن تأخرت قبل أن يقوما من مجلسهما اْو أحدهما فى المجلس أو قاما إلى موضع آخر بطل الصرف وفسد.
وروى عن مالك التخفيف للقيام إلى الصراف ليزنها فيما قرب دكانه، ولا مما لم يفترقَا لقرب ذلك من مجلسهما.
وقد روى عن مالك جواز الخيار فى الصرف، ومشهور مذهبه منعه، وذهب أبو حنيفة والشافعى واْصحابهما أن مراعاة المناجزة فى ذلك ما لم يفترقا بأبدانهما دان قاما من مجلسهما.
(5/266)
كتاب المساقاة / باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدا 267 قَالَ: قَالُوا: أبُو الأشْعَثِ، أبُو الأشْعَث.
فَجَلَس! فَقُلتُ لَهُ: حَدِّثْ أخَانَا حَليثَ عُبَ الةَ بْنِ الصَّامِت.
قَالَ: نَعَمْ، غَزَوْنَا غَزَاةً، وَعًلَى النَّاسِ مُعَاوَبةُ، فَغَنِمْنَا غَنَائمَ كَثِيرَةً، فَكَانَ فِيَما غَنِمْنَا، آَنيَة!مِنْ فِضَّة، فَافَرَ مُعَاوِبَةُ رَجُلاً أنْ يَبيعَهَا فِى أعْطِيَاتِ الئاسِ، فَتَسَارعً النَّاسُ فِى ذَلِكَ، فَبًلَغَ عُبَ الةَ بنَ الصَّامِت، فَقَامَ فَقَاً: إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَنْهَى عَنْ بَيْع النئَ!ب بالنصب، وَالفِضَّةِ بِالفَضَّة، وَالبُرّ بِالبُرِّ، وَالشَّعيرِ بِالشَعِيرِ، وَالتَّمْرِ بالتَّمْرِ، وَالمِلحَ بَالمِلح، إلا سَوَاءً بِسَوَاء، عَيْنًا بغين، فَمَنْ زَادَ أَوِ ازْ! ادَ فَقَدْ أرْبى.
فَرَدًّا لنَّاسُ مَا أن نُوا، فَبَلغَ فَلِكً مُعَاوَبةَ، فَقَاًمَ خَطِيبًاَ فَقَالً: ألا مَا بَالُ رِجَال يَتَحَدثونَ عَنْ رَسُول اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) أحَالِيثَ، قَدْ كُنَّا نَشْهَدُهُ وَنَصْحَبُهُ فَلَمْ نَسْمَعْهَا منْهُ.
فقامَ عُبَ الةُ بْنُ الصَّامِتِ فَا"عَادَ القِصَّةَ، ثُمَ قَالَ: لَنُحَدثن بِمَايسَمِعْنَا مِنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) صاِنْ كَرِهَ مُعَاوَبةُ - أوْ قَالَ: داِنْ رَكِمَ - مَا ابَالِى أنْ لا أصْحَبَهُ فِى جندِهِ لَيْلَةً سَوْ!اءَ.
قَالَ حَمَّاد: هَنَما أوْ نَحْوَهُ.
(... ) حدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْراهِيمَ وَابْنُ أبِى عُمَرَ، جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الوَهَّابِ الثَقَفِىّ، عَنْ أئوبَ، بِهَنَما الأِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
81 - (... ) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، وَعَمْزو النَّاقِدُ، وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - وَاللَّفْظُ لابْنِ أبِى شَيْبَةَ - قَالَ إِسْحَقُ: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الاَخَرَانِ: حَدثنَا وَكِيع - حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ خَالد الحَنّمَاء، عَنْ أبِى قَلاَبةَ، عَنْ أبِى الأشْعَث، عَنْ عُبَ الةَ بْن الضَامِتِ، تَالَ: قَالَ رَسُولُ اً دته ( صلى الله عليه وسلم ) َ: (النص بُ بالذَّهَب، وَالفِضَّةُ بِالفِضًّة، وَالبُرُّ بِالبُرَّ، وَالشَعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَمْرِ، وَالمِلحُ بِالَمِلح، َ مِثْلاً بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ.
فَإِذَا
ويحتمل أن طلحة خُفيت عليه هذه السنة، ويحتمل اْنه كان يرى جواز المواعدة فى الصرف، وأن قبضه للذهب لم يكن ليمسكها ويسن بها، لكن ليعلمهما، كما قال مالك فى الموطأ: واْخذ الذهب لينقلها.
وقد اختلف عندنا فى المواعدة فى الصرف على قولن.
وفى قوله: (البر بالبر، والشعير بالشعير): مما يحتج به الشافعى وأبو حنيفة والثورى وابن علية واصحابهم ؛ أن البر والشعير صنفان لتسمية النبى لهما مغا.
268 (5/267)
كتاب المساقاة / باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدا اخْتَلَفَتْ هَنِهِ الأصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إِفَا كَانَ يَلًا بِيَدٍ ).
82 - (1584) حدّثنا أبُو بَكْر بْنيُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثتَا وَكِيع، حدثنا إِسْماعِيلُ بْنُ مُسْلمٍ العبدى!، حَدبرشَا أبُو المُتَوَكِّلِ الثاَجِى، عَنْ أيى سَعيد الخُدْرِىِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (الئصبُ بالنَّصبِ، وَالفِضَّةُ بِالفِضَّفِ وَالبُرَُّ بالبُرِّ، وَالشَّعِير بالشَّعِيرِ، وَالتَمْرُ بالتَّمْرِ، وَالمِلحُ بِالمِلح، مثْلأ بِمثْل، يَدا بيَدٍ.
فَمَنْ زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى، الاَخذُ وَالَمُعْطِى فِيهِ سَوَاء).
ً
وقوله فى الحديث الآخر: (فماذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شتم يدا بيد)
وهو قول أصحاب الحديث، وذهب مالك والأوزاعى والليث ومعظم علماء المدينة والشام[ من المتقدمن أنها صنف واحد] (1)، وهو قول مروى عن عمر وسعيد وغيرهما من السلف، ولم يختلف قول مالك، إذ الدخن صنف، والذرة صنف، والاءرز صنف، وهو قول كافة العلماء.
وكذلك العلس عند كثر المالكية صنف منفرد.
وقال الشافعى: هو من أصناف الحنطة، وقاله بعض أصحابنا.
واختلف قول مالك فى الفطاتينى، هل هى كلها صنف واحد أو كل جنس منها صنف على حياله ؟ وذهب الشافعى إلى أن الشلت صنف مفرد، وقال الليث: الشلت والدخن والذرة والأرز صنف واحد، وقاله ابن وهب، من أصحابنا.
وقوله: (وكان فيما غنمناه آنية من فضة.
فأمر معاوية ببيعها)، وذكر إنكار عبادة
ابن الصامت لهذا، وذكر نهيه - عليه السلام - عن الذهب بالذهب - الحديث: يحتج بهذا من يجيز اقتناء هذه الاْوانى، إذْ لو لمْ يجز ذلك لجاز بيعه.
وقد اختلف العلماء فى ذلك مع اتفاقهم على منع استعمالها وتحريم الاكل والشرب منها.
فذهب الشافعى إلى جواز اتخاذها واقتنائها، وأشار إليه بعض شيوخنا، وتأوله على مذهبنا، وقال غير واحد من شيوخنا: اقتناؤها حرام، وظاهر قول بعضهم الكراهة.
وقوله: (فمن زاد أو استزاد فقد اْربى): أى فعل الربا المنهى عنه.
وقوله: (فردَّ الناس ما أخذوا): يدل على فسخ هذه البيوع الفاسدة، وأنها إذا وقعت على الفساد فسخت، ولم يصح تقويمها على الواجب والصحة إلا بعد فسخها.
ويحتمل أن معاوية لم يبلغه هذه السُنة إنما يرى إنكاره لها.
(1) غير واضحة فى ز، وهى مئبتة مق صحيح النووى فى سياق شرحه للحديث.
(5/268)
كتاب المساقاة / باب الصرف وبغ الذهب بالورق نقدا 269 (... ) حديثنا عَمْرو النَاقد، حدثنا يزيد بْنُ هَرُونَ، أخْبَرَنَا ستقممَانُ الربعى، حَدثنا أبُو
، ص صص ص،
المُتَوَكَلِ الئاجِى، عَنْ أبِى سًعيد الخُمْرِى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (النًفَبُ بالنفًبِ مِثْلاً بِمِثْلٍ ! فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ.
ًَ
83 - الميه ا) حدّثنا أبُو كُرَيْب مُحَمَدُ بْنُ العَلاَءِ وَوَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الأعْلَى، قَالا: حَدثنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أبيه، عَنْ أبِى زرعَةَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (التَّمْرُ بِالتَمْرِ، وَالحِنْطَةُ بِاَلحنْطَةِ، وَالشَّعِيرُ بالشَعيرِ، وَالملحُ بالملح، مثْلاً بمثْلَ، يَدًا بِيَدٍ.
فَمَنْ زَادَ أوِ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبى، إِلا مَا اخْتًلَفَت !لوَا"لهُ).
ًًًَ (... ) وَحَدثنِيهِ أبُو سَعِيد الأشَج، حَد!ننَا المُحَارِبِئُ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وَلَمْ يَذْكُرْ: (يَلًا بِيَدًٍ).
84 - (.
:.
) حّدثنا أبُو كُريبٍ وَوَاصلُ بْنُ كئدِ الأعْلَى، قَالا: حَا لنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنِ ابْنِ أبِى نُعْمٍ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (النصًّب بِالنَّ!بِ
وقوله: (ما بال رجال يتحدثون بأحاديث) إلى قوله: ا لم نسمعها) ويحتمل اْنه تأول اْن النهى فى المصكوك والذى فى منعه من التجارة به والحرص على اقتنائه مصلحة للمسلمين، إذ به التعامل وهو قيم المتعلقات، فإذا كان مملوكا كان كساثر العروض.
وقول معاوية: ا لنحدثن بما سمعنا، دان كره) اْو قال: ادان زعم معاوية): ما يجب
مما اْخذ الله على العلماَء ليبيننه للناس ولا يكتمونه وليكونوا قوامين بالقسط شهداَ لله، ! اغلاظه فى اللفظ لمعاوية لمقابلة له على إنكارهما حرمانه مع تحققهم حلم معاوية وصبره.
ومعنى (رغم): كره، ودل لهذه الكراهة كأنه لصق بالرغام وهى الأرض.
وقوله: (فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدا (1)): حجة لقول الجمهور فى تحريم التفاضل والنسيئة فى هذه الأصناف، ولا بأس بعضها لبعض على من تعمل فى جواز النسيئة فى ذلك من التكليف كما تقدم.
وقد أجمع بعد علماَ الأمصار / كلهم واْئمة الفتوى على منعها وحجة فى قولهم - أيضا - فى تحريم النسيئة فيها جميعا، لاجازة التفاضل فيه، واْن عمر بن علية فى شذوذه بإجازة النسيئة مع إتلافها ولا النسيئة،
(1) هكذا فى ز.
231 / 1
270 (5/269)
كتاب المساقاة / باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدا وَزْنا بِوَزْل!، مِثْلأ بِمِثْل، وَالفِضَّةُ بِالفِضةِ وَزْنا بِوَزْل!، مِثْلأ بِمِثْل، فَمَنْ زَادَ أوِ اسْتَزَادَ فَهُوَ رِلًا).
85 - (... ) خدثنا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ القَعْنَبِى، حَد!شَا سُلَيْمَانُ - يَعْنِى ابْنَ بلاَل -
عَنْ مُوسَى بْنِ أبِى تَمِي!، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَار، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَاذَ: (الدَيَنارُ بِالارشارِ لا فَضْلَ بَيْنَهُمَا، وَالدِّرْهَمُ بِالدَرْهَم لا فَضْلَ بَيْنهُمَا لا.
(... ) حَدثنيه أبُو الطَّاهر، أخْبَرَنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْب، قَالَ: سَمعْتَ مَالكَ بْنَ أنَس يقول: حدثنِى موسى بْنُ أبِى تَمِيمٍ، بِهذا الإِسْنادِ، مِثْله.
ورد على جميع هؤلاَ المخالفن لها، الذى يكد يقطع اْنها لو بلغتهم لما تركوها لفضلهم وعلمهم.
واستثنى مالك من هذه الجملة الشعير مع البر لكونه صنفا واحداً ؛ بدليل عمل السلف فى ذلك.
وقال اْبو حنيفة: تجوز إذا تقابضا بالقرب و(ن افترقْا، وأما مالك والشافعى والليث والجمهور فيجيزون التقابض فى ذلك فى المجلس مثل الصرف، إلا أن الشافعى يجزىْ فى ذلك على مذهبه فى الصرف ما لم يفترقا.
(5/270)
كتاب المساقاة / باب النهى عن بيع الورق بالذهب دينا
271
(16) باب النهى عن بيع الورق بالذهب دينا
86 - (1589) ! دثنا مُحَمَدُ بْنُ حَاتم بْنِ مَيْمُولط، حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرو، عَنْ أبِى المنْهَال، قَالَ: بَاعَ شَرِيلث لِى وَرفا بنَسِيئَةٍ إِلَى المَوْسِ!، أوْ إلَى الحَبئَ، فَجاء إلَىَّ فَأخْبَرَنِىءَ فَقُلَتُ: هَنَا أمْر لايَصْلُحُ قَالَ: َ قَدْ بعْتُهُ فى السُّوقِ.
فَلَم يُنكِرْ ذلِكَ عَلَىَّ أَحَد.
فَا"تيْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِب فَسَألتُهُ.
فَقَالَ: قَلِمَ النًبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) المَدينَةَ وَنَحْنُ نَبِيِعُ هَنَما البَيع.
فَقَالَ: (مَا كَانَ يَئا بِيَد، فًلاَ بَأسَ به، وَمَا كَانَ نَسيئَة فَهُوَ رِئاَ)، وَائْتِ زيْدَ ابْنَ أرْقَمَ فَلنَّهُ أعْظَمُ تِجَارَة مِنِّى.
فَائيْتُهُ، فَسَألتُهُ، فًقَالَ مِثْلَ فَلِكً.
87 - (... ) ! دّثنا عُبَيْدُ الله بْنُ مُعَاذ العنبَرِىُّ، حَا شَا أن، حَا شَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيم! ؛
أنَهُ سَمِعَ أبَا المنْهَال يَقُولُ: سَأَلتُ البَرًاءَ بْنَ عَازِب عَنِ الضَرْف ؟ فَقَالَ: سَلْ زَيْدَ بْنَ أرْقَمَ فَهُوَ أعْلَمُ 5َ فَسَأَلتُ زيايم، فَقَالَ: سَلِ البَرَاءَ فَإِنَّهُ أعْلَم.
ثُمَ قَالَا: نَهَى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ بيع الوَرِقِ بِالنَّ!بِ دَئئا.
لمه - (1590) ! دّثنا أبُو الرئيع العَتَكِىُّ، حَا شَا عَئادُ بْنُ العَوَّام، أخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ
أبِى إسْحَقَ، حَدثنَا عَبْدُ الرخْمَنِ بْنُ أبِى بَكْرَةَ عَنْ أبِيه، قَالَ: نَهَى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَنِ الفِضًّة بِالفِضَّةِ، وَالنفًب بِالنفَب، إلا سَوَاءً بِسَوَاء، وً أمَرنَا أنْ نَشْتَرِىَ الفِضةً بِالنفَب كَيْفَ شَئْنَا، وَنَشْتَرىَ الئ!بَ بِالفَضةَ كَيْفَ شِئْنَا.
قَالَ: فَسَألَهُ رَجُل فَفَالَ: يَدأ بِيَد ؟ فَقَالَ: هًكَذَإسَمِعْتُ.
(... ) حلّفنى إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أخْبَرَنَا يحيى بْنُ صَالِح، حَدثنَا مُعَاوِيَةُ، عَنْ يحيى
وقوله: (باع شريك لى ورقا بنسيئة إلى الموسم)، وقول البراء: قدم النبى ( صلى الله عليه وسلم ) المدينة ونحن نبيع هذا البغ، فقال: (ما كان يدأ بيد فلا بأس، وما كان نسيئة فهو ربا): ظاهره إن باعها بذهب إلى اْجل ؛ بدليل الحديث الآخر.
ومعنى قوله: (نهى عن بيع الذهب والورق دينا) أى موجلأ.
وقوله فى الحديث: (اْمرنا أن نشترى الفضة بالذهب كيف شئنا) الحديث، وسؤال
272 (5/271)
كتاب المساقاة / باب النهى عن بيع الورق بالذهب دينا - وَهُوَ ابْنُ أن كَثِير - عَنْ يَحْيَى بْنِ أبِى إِسْحَقَ ؛ أنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أبِى بَكْرَةَ أخْبَرَهُ ؛ أنَّ إتا بَكْرَةَ قَالَ: نَهَانَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) بِمِثْلِهِ.
السائل له: يدأ بيد، فقال: أ هكذا سمعت) فيحتمل أن يرجع على قوله: " يدا بيد) كما جاء فى الاْحاديث الأخر، ويحتمل اْن يقول: كذا سمعت ما حدثت به بغير زيادة.
(5/272)
كتاب المساقاة / باب بيع القلادة فيها خرز وذهب
273
(17) باب بيع القلادة فيها خرز وذهب
89 - (1591) حتثنى أبُو الطَّاهِرِ أحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحِ، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبِ، أخْبَرَنِى أبُو هَانط الخَوْلانِىُّ ؛ أنَهُ سَمِعَ عُلى بْنَ رَبَاحٍ اللَخْمِىَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْد الأنصَارِىًّ يَقُولُ: أتِىَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَهُوَ بِخَ!رَ بِقَلاَدة فِيهَا خَرَزٌ وَفَ! ث، وَهْىَ مِنَ المَغَانِم تُبَاعُ، فَافَرَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) بِالنَّ!بِ الَذِى فِى القِلأَ!قِ فَنُزِعَ وَحْدَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ الثه ( صلى الله عليه وسلم ): (الثر بُ بِالنًّ! بِ وَز!نا بِوَزْنِ).
وقوله: أتى رسول الله وهو بخيبر بقلادة فيها خرز وذهب من المغانم تباع، فأمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بالذهب الذى فى القلادة فنزع وحده، ثم قال: (الذهب بالذهب وزنا بوزن)، وفى الرواية الأخرى عن فضالة ؛ أنه اشتراها، وفيها اثنا عشر دينارأ، وفيها ذهب وخرز، ففَضَلها فوجد فيها كثر من اثنى عشر دينارأ، فذكر ذلك للنبى ( صلى الله عليه وسلم )، فقال: ا لا تباع حتى تفصئَل): كذا عند كافة شيوخنا: (فيها اثنى عشر دينازا)، وسقطت هذه الجملة مت أصل ابن عيسى، وأراها ساقطة عن ابن الحذاَ، وسقوطها الصواب.
وقال بعضهم: لعله فيها: اثنا عشر، ووجدتها مُصقحة عند بعض أصحاب الثيخ أبى على الغسانى باثنى عشر دينازا، وهذا له وجه حسن، وبه لصح إثبات اللفظ إن شاَ الله.
هذا حكم ما كان من الحلى منظوما أن يفصل ويباع على الانفراد ؛ ذهبه وعرضه،
ولا يجمعان فى عقد واحد على مذهب مالك، إلا أن يكون مع الذهب تبغا أو مع العرض من الذهب تبغا، فيباع بخلاف ذلك من الين.
ولا يجوز أن يباع بما فيه من الين، فإن كان مصبوغا بالعرض مربوطا به لا يفصل فيه إلا بفساد أو نفقة ومؤنة.
فإن كان مما لا يجوز اتخاذه كان حكمه حكم ما تقدم.
د ان كان مما يجوز اتخاذه كحلى النساَ والمصحف والسيف والخاتم وجميع الة الحرب - على خلاف عندنا فيما عدا السيف - جاز بيعه، بخلاف ما فيه من الين ناجزأ كيف كان من فيه، ما يبين الين أو كثرته، ويجرى فى بيعه مجرى الصرف فيما يحل ويحرم.
وأما بيعه بجنس ما فيه من الين فيجوز إذا كان ما فيه من الين تبعأ الثلث، فأدى
نقدأ عند مالك، وجمهور اْصحابه وكافة العلماء.
وروى عن عمر وابن عمر منع ذلك،
231 / ب
274 (5/273)
كتاب المساقاة / باب بيع القلادة فيها خرز وذهب 90 - (... ) حتثنا قُتَ!ةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا ليث، عَنْ أن شُجَاع سَعيد بْنِ يَزِيدَ، عَنْ
خَالِدِ بْنِ أبِى عِمْرَانَ، عَنْ حَنَشٍ الضنْعَانِىِّ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْد، قَالً.
اشْتَريْتُ يَوْمَ خَيْبَرَ قِلاَ!ةً بِالنَىْ عَشَرَ دِينَارم، فيهَا فَ!بٌ وَخَرَز، فَفَضَلتُ!، فَوَجَدتُ فِيهَا كْثَرَ مِنِ اثْنَىْ عَشَرَ لحِينَارم، فَذَكَرْتُ فَلِكَ للنَىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ: ا لا تُبَاعُ حَتَّى تُفَضَلَ).
(... ) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَأبُو كُرَيْبٍ، قَالا: حدثنا ابْنُ مُبَارَكٍ، عَنْ سَعِيدِ
ابْنِ يَزِيدَ، بِهَنَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
91 (... ) خدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ أن جَعْفَرٍ، عَنِ الجُلاح أِبِى
كَثِيرٍ، حَدثنِى حَنَشٌ الضَنْعَانى، عَنًِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يوْمَ خَيْبَرَ نُبَايِعُ اليَهُودَ، الوُقيةَ اللئً!بَ بِالدِّينَاريْنِ وَالثَّلاَثَةِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا تَبِيعُوا النَّ!بَ بِالنَّ!بِ، إلا وَز!د ا بِوَزْنٍ ).
وروى عن جماعة من السلف، وقاله محمد بن عبد الحكم من أصحابنا، وهو قول الشافعى وأحمد داسحق.
وقال أبو حنيفة: يجوز بيعه بأكثر مما فيه من الفضة، كثرت فضته أو قلت، ولا يجوز بمثلها أو أقل منها، ويقبفحصة الفضة والسيف على اْصلهم فى العن والعرض بعيْن كثر منها، وهذا قول الثورى والحسن بن حمى، وقال حماد بن أبى سليمان: يجوز بيعه بما فيه، قل أو كثر، وهو منكر من القول لمخالفته السنة.
واختلف فيه ثانية، فمنعه مالك وأجازه ربيعة والأوزاعى.
وكذلك اختلفوا إذا بيع هذا بغير ما فيه بنسيئة.
واختلف قول مالك وأصحابه فى فسخه إذا وقع، ولم يختلف إذا ييع بغير ما فيه نقدأ بدنانير.
واختلف قول مالك إذا كان محلى / [ بالنقدين أو مصوغا منهما، هل يجوز بيعه بأقلهما ولا يجوز إلا بغيرها ؟ فإن كان معهما عرض وهما الأقل بيع بأقلهما اتفاقا، د ان كان ما فى السيف من ذلك تمويها أو مسبوكا فيه مستهلكا، قال بعض شيوخنا: هو تبع بكل حال، وأجاز بيعه كيفما كان.
وعلى هذا قاس شيوخنا جواز بيع الثياب المعلمة بالذهب إذا كان ما فيها من الذهب الثلث من قيمتها فأدنى بالدنانير نقدأ، أو بالدنانير والدراهم نسيئة، على الخلاف المتقدم] (1).
قال الإمام - رحمه الله -: مذهب مالك: أن الذهب إذا كانت معه سلعة فلا يجوز
بيعها بذهب، [ وكذلك إذا كانت فضة وسلعة فلا يجوز بيعه بفضة] (2) لأن ذلك يودى
(1) من الأبى، وقد اْتت عليها الأرضة والضياع بجميع للنسخ.
(2) هذه العبارة سقطت من الأصل، وهى مثبتة من المعلم.
(5/274)
كتاب المساقاة / باب بيع القلادة فيهاخرزوذهب 275 92 - (... ) حدّثنى أَبُو الطَّاهِرِ، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، عَنْ قُرَّةَ بْنِ عَبْدِ الرخْمَنِ المَعَافِرِ! وَعَمْرِو بْنِ الحَارِثِ وَغَيْرِهِمَا ؛ أنَّ عَامِرَ بْنَ يحيى المَعَافِرِ! أخْبَرَهُمْ عَنْ حَنَشٍ ؛ أنَّهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْد فِى غَزْوَة، فَطَارَتْ لِى وَلأصْحَابِى قِلاَدَة فِيهَا فَصَث وَوَرق وَجَوْهَز، فَا"رَدْتُ أنْ أشْتَرِيَهَا، !فَسَألتُ فَضالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ فَقَالَ: انْزِعْ فَ!بَهَا فَاجْعَلهُ فِى كِفَّةَ،
فى التفاضل بين الذهبن.
والذهب للمنفرد جميع أجزائه مقابل للذهب والسلعة، فلم يقع التماثل، ولا بيع الذهب بمثله سواء بسواء، ولكن مالك استثنى السيف المحلى إذا كانت حليته تبعأ له، أن يباع بالفضة دإن كانت حليته فضة، وأجاز ذلك ؛ لأن الشرع أباح تحليته ونزعه يشق وهو قليل تبع، والاتباع غير مقصودة فى العقود.
وأما أبو حنيفة فيجيز ذلك إذا كان الذهب المنفرد، ونحن نمنع فى الحديث فالشرط الذى يكون فى الذهب المنفرد أكثر من الذهب المنظم للسلعة، ! إنما يمنع هذا التأويل على المخالف الذى ذكرنا أنه يجيز ذلك على الاطلاق.
ورأيت الطحاوى يفصل عن حديث القلادة بأنه إنما نهى عن ذلك لئلا يغين المسلمون
فى المغانم، وأنه ( صلى الله عليه وسلم ) تخوف من الغبئ، وقد ظهر ما تخوف منه ؛ لاَنه وجد فى ذهبه كثر من الثمن، وقد تعسف عندى فى هذا التأويل ؛ لأنه قد ذكر أنه ( صلى الله عليه وسلم ) لما أمر بنزع الذهب الذى فيها قال له: (الذهب بالذهب وزن بوزن)، وهذا كالنطق بالعلة، وكأنه ( صلى الله عليه وسلم ) قال لهم: إنما أمرتكم بذلك حتى يحصل الذهب بالذهب، سواء بسواء، ولو كان إنما أمر بذلك للغبئ لقال ( صلى الله عليه وسلم ): الغبئ لا يجوز فى المغانم، أو ما يكون هذا معناه.
قال الق الى: وقوله فى حديث فضالة: (انزع ذهبها فاجعله فى كفة، واجعل ذهبك
فى كفة، ثم لا تأخذن إلا مثلا بمثل ": المراطلة فى الذهبن والفضتين جائزة، كانا مسكوكن، أو مصوغين، أو تبرين، أو احدهما مخالف لصاحبه، اتفق الذهبان فى الجودة أو اختلفا إذا استوت الكفتان.
هذا هو المشهور فى المسألة لثيوخنا، خلافا فى مراطلته بنفسه أو بغيره ؛ إذ لا يجوز بيعه جزافا حتى يعلم وزن ما فى الكفة أو عدده إذا كان يجزى عددا.
وكذلك إذا اختلفا فى المراطلة بالذهب الجيدة بالرديئة والمغشوشة، ومشهور عندنا مذهب المدونة، ولمالك عند ابن شعبان فهو.
كذلك اختلف شيوخنا فى مراطلة المسكولىً بالمصوغ اْو أحدهما بجنسه لاختلاف الذهبن فى الجودة وبمنع ذلك كله أجيز، والخلاف فى هذه الوجوه مبنى على السكة والصياغة فيهما كالعرضين مع الدنانير أم لا، وهل تجيز
232 / 1
276 (5/275)
كتاب المساقاة / باب بيع القلادة فيها خرز وذهب وَاجْعَلْ فَ!بَكَ فِى كِفة، ثُمَّ لا تَا"!نَنَّ إِلا مِثْلاَ بِمِثْلٍ، فَإنى سَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالته وَاً ليَوْم الآخِرِ فَلاَ يَأخُذن إِلا مِثْلاَ بِمِثلٍ ).
الدنانير أم لا ؟ وكذلك اختلفوا فى جواز المراطلة بالمثاقيل فقيل: لا تجوز، وقيل: تجوز بالمثاقيل وهذا أكثر وأصوب، [ ولكفة، بكسر الكاف، وكل شىء مستدير، وللثوب والصائد، وكل شىء مستطيل بالسهم، وقيل بالوجهين فى الجميع] (1).
وقوله: " ثم لا يأخذن إلا مثلا بمثل !: لا خلاف أنه متى رجح أو زاد[ شيئا - قل
أو كثر - فسد] (2) المراطلة، ودخله التفاضل بين الجنسن.
وقوله: كنا نبايع اليهود الأوقية الذهب بالدينارين والثلاثة.
فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ):
الا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل): يدل أن التحريم لهذا كان لخيبر، وعليه يدل حديث بيع التمر وسنذكره /.
(ولا تساكنوا اليهودي: هو نهى النبى - عليه السلام - وسنذكره، ويحتمل أنهم تأولوا جواز الربا مع الكفار.
(1) مثبتة من الأبى ؛ لأنها فى النسخ التى أمامنا قد لتت عليها الأرضة 273 / 4.
(2) من الأبى.
(5/276)
كتاب المساقاة / باب بيع الطعام مثلا بمثل
277
(18) باب بيع الطعام مثلا بمثل
93 - (1592) حئثنا هَرُونُ بْنُ مَعْرُوف، حَدثنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى عَمْرو.
ح وَحَدثنِى أبُو الطَّاهر، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، عَنْ عَمْرِو بْنِ الحَاَرِثِ ؛ أنَّ !أبَا الئضْرِ حَدبرلهُ ؛ أن بُسْرَ بْنَ سَعِيد حَدَةًلهُ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدًا للّهِ ؛ أئهُ أرْسَلَ غُلاَمَهُ بِصَاع قَمْح.
فَقَالَ: بِعْهُ ثُمَّ اشْتَرِ به شَعِيرًا.
فَنَ!بَ الغُلاَمُ فَا"خَذَ صَاعًا وَزِيَالَةَ بَعْضِ !اعٍ، فَلما جَاءَ مَعْمَرًا أخْبَرَهُ بِنَلِكً.
فَقَالَ لَهُ مَعْمَرٌ: لمَ فَعَلتَ فَلِكَ ؟ انْطَلقْ فَرُدَهُ، وَلاَ تَأخُنَن إِلا مِثْلاً بِمِثْل، فَلزِّ كنتُ أسْمَعُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (الطعَامُ بِالطعَام مثْلاً بِمِثْلٍ ).
قَالَ: وَكَانَ طَعَامنَا يَوْمئِذٍ الشَعِيرَ.
قِيلَ لَهُ: فَإِنًّهُ لَيْسَ بِمِثْلِهِ.
قَالَ: إِنى أخَافُ أَنْ يُضَارِعَ.
94 - (1593) حدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَب، حَدثنَا سُلَيْمَانُ - يَعْنِى ابْنَ
بِلاَلٍ - عَنْ عَبْدِ المَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرخْمَنِ ؛ ً أنَهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ المُسَيَّبِ
وقوله فى حديث معمر بن عبد الله: أنه اْرسل غلاما له بصاع قمح ليبيعه ويشترى بثمنه شعيراً، وأنه أخذ به صاعأ وزيادة، واْن معمراً قال لداود: ولا تأخذن إلا مثلا بمثل.
واحتج بقوله - عليه السلام -: (والطعام بالطعام مثلا بمثل) قال: وكان طعامنا يومئذ الشعير، فقيل له: إنه ليس بمثله، قال: أخشى اْن يضارع: فيه حجة للمالكية فى جعلها صنفة واحدأ.
قال الإمام: مذهب مالك: أن الشعير مع القمح صنف واحد، لا يجوز التفاضل به لتقارب المنفعة فيه، وسنبين فى كلامنا على السلم وجه مراعاته المنفعة دون مجرد الذوات، ونوضح ذلك: فإن القمح قد يستدل به فى نفسه فيبين أعلاه وأدناه من التقارب قريب مما بين القمح والشعير، ثم حصل الاتفاق على أن أعلى القمح وأدناه لا يجوز التفاضل بينهما لتقارب الغرض فيهما، وكذلك القمح والشعير.
ومذهب الشافعى جواز التفاضل بين القمح و، لشعير، ومال إليه بعض شيوخنا المحققين، واعتمد على أنه يخالف القمح فى الصورة والتثنية كما يخالف القمح التمر، فوجب أن يكون صنفين، وقد قال ( صلى الله عليه وسلم ) عقيب الحديث: (فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم)، وقد ذكر الترمذى: 9 بيعوا البر بالشعير كيف شئتم، يدا يد) (1)، وبهذا احتج الشافعى.
(1) كللبيوع، بما جاء أن الحنطة بالحنطة مثلا بمثل 3 / 541 برقم (1240).
278 (5/277)
كتاب المساقاة / باب بغ الطعام مثلا بمثل يُحَدِّثُ ؛ أن أبَا هُرَيْرَةَ وَأبَا سَعِيد حَدثاه ؛ أنَّ رَسُولَ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) بَعَثَ أخَا بنى عَد! الأنصَارِىَّ فَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى خَيْبَرَ، فَقَدِمَ بِتَمْر جَنيب.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) َ: (اممَلل تَمْرِ خَيْبَرَ هكَنَا ؟).
قَالَ: لا، وَال!ه، يَارَسُولَ النَه، إِنَّا لَنَشْتَرِ! الصَّاعَ بِالضًاعَيْنِ مِنَ الجَمْع.
فَقَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا تَفْعَلُوا، وَلَكِنْ مِثْلاً بِمِثْل، أوْ بِيُعوا هَذَا وَاشْتَرُوا بَثَدنِهِ مِنْ هَذَا، وَلَنَلِكَ المِيزَانُ لما.
وقوله للذى قدم بتمر جنيب، وذكر أنه اشترى منه الصاع بالصاعن من الجمع: الا تفعلوا، ولكن مثلأ بمثل، بيعوا هذا واشتروا بثمنه من هذا، وكذلك الميزان)، قال الإمام: الجنيب: صنف من أعلى التمر، والجمع صنف من اْدناه.
وقيل: خلط من أنو 3 النمر.
قال القاضى: قيل: الجنيب ليس من التمر، والجمع كل لون لا يعرف اسمه، وقيل: كل لون من التمر جمع، وقد جلس فى مسلم فى نفس الحديث تفسيره: أنه الخلط من التمر، وقد جاء فى حديث أبى سعيد نفسه فى مسلم مكان (الجنيب): (برانيا) وهو من أعلى التمر وأفضله.
قال الإمام: تعلق بعموم هذا الحديث من لا يحمى الذريعة، فيقول: قد أجاز هاهنا
أن يبغ الجمع بالدراهم، ثم يشترى به جنيبا.
ولم يفرق بين أن يشتريه ممن باع الجمع منه أو من غيره، ولم يتهم على كون الدراهم لغوأ، ومن يحمى الذريعة يخصه بأدلة أخر.
قال القاضى بجواز ذلك من البائع أو كل.
قال الشافعى واْبو حنيفة وكافض!.
دمانما راعى الذريعة فى ذلك مالك، وظاهر فعل هذا أن تحريم التفاضل فى مثل هذا بعد لم يكن فاشيا دإلا قيس، كأن يحصى على فاعله وهو عامل النبى بخيبر، وكان - عليه السلام - والأئمة بعده لا يقدمون على الناس فى أمر إلا من فقه فيه وعلمه، وعلم صلاح حاله ؛ ولهذا لم يوبخه النبى ولا أدبه على مخالفة ما نهى عنه، ولا أنكر ذلك عليه أحد من اْصحابه، لاسيما على رواية مالك فى الموطأ ؛ أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لما نهاهم عن بغ التمر بالتمر، قالوا له: إن عاملك على خيبر يأخذ الصاع بالصاعن، وذكر الحديث (1)، فهذا يدل أن الأمر كان أول التحريم، وعليه يدل حديث القلادة المتقدم.
وقوله: (وكذلك الميزان): مما يستروح إليه الحنفى فى علة الربا، لذكره هنا الكيل
(1) الموطأ، كالبيوع، بما يكره من بغ التمر، 623 / 2 (0 2).
(5/278)
كتاب المساقاة / باب بيع الطعام مثلا بمثل 279 95 - (... ) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِك، عَنْ عَبْدِ المَجيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرخمَنِ بْنِ عَوْف، عَنْ سَعيد بْنِ المُسَئبِ، عَن أبِى سَعِيدٍ الخُدرِىِّ، وَعَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) اسْتْعَملً رً جُلأ عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيب.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (اكلل تَمْرِ خثبَرَ هَكَنمَا ؟).
فَقَالَ: لا، وَاللّه، يَارَسُولَ اللهِ، إِئا لَنَأخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَنَا بِالضاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ بِالثلاَثَةِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (فَلاَ تَفْعَلْ، بِع الجَمع بِالئَرَاهِم، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَرَاهِم جِنَيِئا).
96 - (1594) حدثنا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أخْبَرَنَا يحيى بْنُ صَالِح الوُحَافِئُ، حَا شَا مُعَاويَةُ.
ح وَحَدثَّنِى مُحَمَّدُ بْنُ سْهلٍ التَمِيمِى، وَعَبْدُ الله بْنُ عَبْدِ الرخْمَنِ الدَارمِى - وَاللَفظُ لَهُمَا - جَميغا عَنْ يحيى بْنِ حَسَّانَ، حَدثنَا مُعَاوِيَةُ - وَهُوَ ابْنُ سَلاَّم - أخبَرَنِى يحيى - وهُوَ ابْنُ أَيِى كَثيرٍ - قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبةَ بْنَ عَبْد الغَافرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أبَا سَعيد يَقُولُ: جَاءَ بِلالٌ بِتَمْر بَرْنِى.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مِنْ أَيْنَ هَنَا ؟).
فَقَالَ بلاَلَ!.
تَمْرٌ، كَانَ عنْدَنَا رَدى،، فَبِعْتُُمِنْهُُصَاعَيْنِِبِصَاععلمَطعَممالنَبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ).
.
فَقَالََرَسُولُُاللهِ -
عِنْدَ فَلِكَ -: (أَوًّهْ، عَيْنُ الر!با، لا تَفْعَلْ، وَلَكن إفَا أرَدْتَ أنْ تَشْتَرىَ التَمْرَ فَبعْهُ بِبَيْع اَخَرَ، ثَمَ اشْتَرِ بِهِ لا.
لَمْ يَذْكُرِ ابْنُ سَهْل فِى حَدِيثِهِ: عِنْدَ فَلِكَ.
97 - (... ) وخدثنا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدثنَا الحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ، حَا شَا مَعْقِلٌ، عَنْ
أيِى قَزَعَةَ البَاهِلِىّ، عَنْ أيِى نَضْرَةَ، عَنْ أيِى سَعِيدٍ، قَالَ: أتِىَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بِتَمْرٍ.
فَقَالَ:
والميزان وتسميته عليه.
ولنا أن نقول: إنما نبه - عليه السلام - اْن حكم الميزان فيما لا يجوز التفاضل فيه من المطعومات حكم الكيل.
وقوله - عليه السلام - فى الرواية الأخرى: (أؤَه، عين الربا): هى كلمة تحزن وتوجع، مشددة الواو، ويقال بالمد والضم، وقيل - أيضا -: (أووه) بضم الواو ومدها.
وقد قيل فى قوله: { أَؤَاة ئنِيب} (1) ابن كثير: التأوه: خوفا وشفقة، وهو من هذا صحيح.
وقوله: (عين الربا): أى هو الربا المحرمة نفسه من الزيادة، لا ما يشبهه ويغامر عليه.
(1) هود: 75.
232 / ب
280(5/279)
كتاب المساقاة / باب بيع الطعام مثلا بمثل (مَا هَذَا التَمْرُ مِنْ تَمْرِنَا لا.
فَقَالَ الرخلُ: يَا رَسُولَ الد، بِعْنَا تَمْرَنَا صَاعَيْنِ بِصَاع مِنْ هَنَا.
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (هَنَا الربا، فَرُ! وهُ، ثُمَّ بِيعُوا تَمْرَنَا وَاشْتَرُوا لَنَا مِنْ هَنَ!لم ال 98 - (1595) حدّثنى إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدثنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ شمبَانَ،
عَنْ يحيى، عَنْ أبِى سَلَمَةَ، عَنْ أبِى سَعيدٍ، قَالَ: كنَا نُرْزَقُ تَمْرَ الجَمعْ عَلَى عَهْدِ رَسُول اللْهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَهُوَ الخِلطُ مِنَ التَّمْرِ، فَكُنَاَ نَبِيعُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ، فَبَلَغَ فَلِكَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) 5َ فَقَالَ: ا لا صَاعَىْ تَمْرٍ بِصَاعٍ، وَلا صَاعَىْ حِنْطَةٍ بِصَاعٍ، ول الرْهَمَ بِدِرْهمينِ).
99 - (1594) حدثنى عَمْرو النَّاقدُ، حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سَعِيد الجُرَيْرىّ، عَنْ أبِى نَضْرَةَ، قَالَ: سَألتُ ابْنَ عَئاس عَنِ الصرْف ؟ فَقَالَ: أيَايم بِيَدٍ ؟ قُلتُ: نَعَمْ.
قَالَ: فَلاَ بَا"سَ به.
فَأخْبَرْتُ أبَا سَعيد.
ً فَقُلتُ: إِنّى سًألتُ ابْنَ عَئاسٍ عَنِ الصَّرْف ؟ فَقَالَ: أيدًا بيَد ؟َ قُلتُ: نَعَمْ.
قَاً: فًلاَ بَأسَ بِهِ.
قَالَ: أوَ قَالَ ذَلِكَ ؟ إِئا سَنَكْتُبُ.
إِلَيْهِ فَلاَ يُفْتِيكمُوَهُ.
ً قَالَ: فَوَالله، لَقَدْ جَاءَ بَعْضُ فِتْيَان رَسُول اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بِتَمْرٍ فَأنكَرَهُ.
فَقَالَ: (كأن هَنَا لَيْسَ منْ تَمْرِ أرْضِنَا).
قَالَ: كَانَ فِى تَمْرِ أزَضِنَا - أوْ فِى تَمْرنَا - العَامَ بَعْضُ الشَىْءِ، فَا"خَذْت" هَنَ الزِدْتُ بَعْضَ الز+نالَةِ.
فَقَالَ: (أضْعَفْتَ، أرْبَيْتَ، لا تَقْرَبَنَّ هَظَ، إِفَا رَابَكَ مِنْ تَمْرِكَ شَىْء فَبِعْهُ، ثُمَّ اشْتَرِ الَّذِى تُرِيدُ مِنَ التَمْرِ).
وقوله فى حديث بلال: (ردوه، ثم بيعوا تمرنا، واشتروا لنا من هذا): دليل
على فسخ البيوع ال الفاسدة، وردها ورد المثل فى المكيل / والموزون، وجواز الوكالة فى بيعه، وجواز مثله من غير البائع الأول.
وفى هذا الحديث جواز اختيار طيب الطعام وتفضيله على رديئه.
وقول اْبى نضرة وابن عمر وابن عباس عن الصرف: فلم يريان بأسأ، وقوله: سألت
عنه أبا سعيد عن الصرف فقال: هو ربا، وقوله: إنَا سنكتب إليه فلا يفتيكموه يعنى ابن عباس، وقوله: فأتيت ابن عمر بعد فنهانى، وقوله عن أبى الضَهباءِ: أنه سأل ابن عباس عنه بمكة فتركه (1)، قطع للخلاف فى هذا، اْو رجوع من ابن عمر وابن عباس عما روى عنهما: لاربا إلا فى النسيثة.
(1) فى المطبوعة: فكرهه.
(5/280)
كتاب المساقاة / باب بيع الطعام مثلابمثل 281 100 - (... ) حدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْراهِيمَ، أخَبَرنَا عَبدُ الأعْلَى، أخْبَرنَ ال اوُدُ، عَنْ أبِى نَضْرَةَ، قَالَ: سَألتُ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاس عَنِ الصَّرْف ؟ فَلَمْ يَرَيَا بِه بَأسًا، فَإنِّى لَقَاعِدٌ عِنْدَ أَبِى سَعِيد الخُدْرِئ، فَسَألتُهُ عَنِ الصَّرْفِ ؟ فَقَالَ.
مَازَادَ فَهُوَ رِبًا، فَامجَرْتَُ ذَدكَ، لِقَوْلِهِمَا.
فَفَاذَ: لا احَديبكَ إلا مَا سَمِعْتُ منْ رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ).
جَاءَهُ صَاحِبُ نَخْلِه بَصَاعٍ منْ تمْر طيب، وَكَانَ تَمْرُ النَىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) هَنَا اللًّوْنَ.
فَقَالَ لَهُ النَّيىُ ( صلى الله عليه وسلم ): (ألَى لَكَ هَنًا ؟).
صء
قًالَ: اً نْطَلَقْتُ بِصَاعيْنِ فَاشْتًرَيْتُ بِه هَذَا الصَّاعَ، فَإِنَّ سِعْرً هَنَا فِى السُّوق كَنَا، وَسعْرَ هَنَما كَنَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (وًيْلَكَ! أرْبَيْتَ، إِفَا أرَدْتَ فَلِكَ فَبِعْ تَمْرَكَ بِسِلعَةٍ، ثُمَّ اشْتَرِ بِسلعَتِكَ أَى تَمرٍ شِئْتَ).
قَالَ أبُو سَعِيدٍ: فَالتَّمْرُ بِالئمْرِ أحَقُّ أنْ يَكُونَ رِبًا أم الفضةُ بالفضَّة ؟ قَالَ: فَأتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ بَعْدُ فَنَهَانِى، وَلَمْ آتِ ابْنَ عَئاسٍ.
قَالَ: فَحَدثنِى أبُو اَلصهْبًاءَِ، دنهُ سًألَ ابْنَ عبَاسٍ عَنْهُ بِمَكَةَ، فكَرِهَهُ.
01 ا - (1596) حئثنى مُحَفدُ بْنُ عبَاد وَمُحَمَّدُ ئنُ حَاتِ! وَابْنُ أن عُمَرَ، جَمِيفا
عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُمينَةَ - وَالففْظُ لابْنِ عباد - قَالً: حَدثنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أيِى صَالِ!، قَالَ: سَمغتُ الا سَعِيد الخُمْرِى يَفُولُ+ الا+ننارُ بِالدّينَارِ، وَالئرْهَمُ بِالدِّرْهَم، مِثْلاً بِمِثْلٍ، مَنْ زَادَ أوَ ازْدَادَ فَقَدْ أَرى.
فَقُلتُ لَهُ: إِنى ابْنَ عباسٍ يَقُولُ غَيْرَ هَذَا.
فَقَالَ ة لَقَدْ لَقِيتُ ابْنَ عَئاسٍ فَقُلتُ: أَرَأيْتَ !نَا ائذِى تَقُولُ، أشَىْءٌ سَمِعْتَهُ منْ رَسُول اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أوْ وَجَمْتَهُ فى كتَابِ الله عَر وَخل ؟ فَقَالَ: لَمْ أسْمَعْهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَلَمْ أَجِمْوُ فِى كِتَابِ ال وتَكِن حَدثنِى أسَاهَةُ بْنُ زيدٍ ؛ أنَّ النيِى ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (الربا فِى الئسِيئَةِ).
102 - (... ) حئثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَ! شَيْبَةَ وَعَمْرٌ والنَاقدُ وَإِسْحَقُ بْنَ إبْرَاهِيمَ وَائنُ
أن عُمَرَ - وَالففْظُ لعَمْرِو - قَالَ إسْحَقُ: أخْبَرَنَا.
وَلالَ اَلآخَرُونَ: حَد!شًا سُفْيَانُ بْيق عُيَيْنَةَ - عَنْ عُبَيْدِ الله ئنِ أيِى يَزِيدَ ؛ أًنهُ سَمِعَ ابْنَ عبَاسٍ يَقُولُ: أخْبَرَنِى أسَاهَةُ بْنُ زبدٍ ؛ أَن
وللراد بالصرف هنا بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة متفاضلأ ولهذا، دالا يدإً بيد، ولحجة أبى سعيد بقوله: التمر بالتمر أحق أن يكون ربا أم الفضة بالفضة ؟ وهذه الأحاديث تدل أنها لم تبلغ ابن عباس ولا ابن عمر قبل، فلما بلغتهما وجع إليها ولا رأى
282
(5/281)
كتاب المساقاة / باب بغ الطعام مثلا بمثل
النَّىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِنَّمَا الربا فِى النَّسِيئَةِ).
103 - (... ) حدّثنا زُهْيرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا عَفَّانُ.
ح وَحَدثنى مُحَمَدُ بْنُ حَاتمٍ،
ص كص ص ه نص ص ممش، صوت ص كره ص ص، ص هء ص 5َ سَ ص 45ً ص ص حدثنا بهز، قالا: حدثنا وهيب، حدثنا ابن طاوسٍ، عن ابِيهِ، عنِ ابنِ عباس، عن اسامة ابْن زَيْدٍ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) تَالَ: ا لا رِبًا فِيمَا كَانَ يَايم بِيَد).
104 - (... ) حدّثنا الحَكَمُ بْنُ مُوسَى، حَد!شَا هِقْل، عَنِ الأوْزَاعِىِّ، قَالَ: حَدثنِى عَطَاءُ بْنُ أبِى رَبَاحٍ ؛ أنَّ أبَا سَعيد الخُدْرىَّ لَقَى ابْنَ عَبَّاس فَقَالَ لَهُ: أرَأيْتَ قَوْلَكَ فِى الصَّرْفِ، أشَيْئًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اً ل!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) َ ؟ أمْ شَئئا وَجَدْتَهُ فِى كِتَابِ الله عَزَّ وَجَلَّ ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاس: كَلاَّ، لا أقُولُ.
أمَّا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَانتُمْ أعْلَمُ به، وَأَمَّا كتَابُ الله فَلاَ أعْلَمُهُ، ولكِنْ حدثنِى اسامة بن زيد ؛ أن رسولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (ألا إِنَّمَا الربا فِى النسِيئةِ).
لأحد مع النسيئة ولا قياس بعدها، وإنما كان احتج ابن عباس بعموم حديث أسامة: ا لا ربا إلا فى النسيئة) على ما ذكر مسلم، وقد تقدم الكلام على هذا ووجه التأويل فيه.
وقيل: هو منسوخ بهذه الاَلْار، وبه إجماع المسلمين بَعْدُ على ترك الأخذ به برده، ويصحح نسخه إن صح رفعه.
(5/282)
كتاب المساقاة / باب لعن اكل الربا ومؤكله
283
(19) باب لعن آكل الربا ومؤكله
105 - (1597) حدثنا عثمَانُ بْنُ أن شَيْبَةَ! اِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ - وَاللَّفْظُ لعثمَانَ -
قَالَ إسْحَقُ: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ عثمَانُ: حَد!شَا جَرِيرٌ - عَنْ مُغِيرَةَ، قَالً: سَاكلَ شِبَاذ إِبْرَاهِيمَ، فَحَئَثَنَا عَنْ عَلقَمةَ، عَنْ عبَد الله، قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) آكِلَ الربا وَمُؤكِلَه.
قَالَ: قُلتُ: وَكَاتِبَهُ وَشَاهِليهِ.
قَالَ+ إِنَّمَا نُحَدِّثُ بِمَا سَمِعْنَا.
106: يعاه ا) حدثنا مُحَمَدُ بْنُ الصبَاح وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَعثمَانُ بْنُ أن شَيْبَةَ، قَالُوا: حَدثنَا هُشَيْئم، أخْبَرَنَا أبُو الزبيْرِ عَنْ جَابِر، قَالَ: لَعَنَ رَس!ولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) اَكِلَ الرىبا، وَمُوكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِلغهِ، وَقَالَ: (هُمْ سَوَاءٌ لما.
قال الأمام: خرج مسلم فى (باب كل الربا) حديثا عن جرير، عن مغيرة، قال: سألت إبراهيم، فحدثنا عن علقمة.
هكذا فى نسخة ابن ماهان، وعند الجلودى: عن جرير، عن مغيرة، قال: سأل شباك إبراهيم، فحدثنا علقمة، فجعل السائل هو شباك، وفى رواية أبى العلاء وابن ماهان: أن السائل هو المغيرة، وشباك هذا هو صبى كوفى مشهور بالرواية عن إبراهيم النخعى.
قال القاضى: شِباك هذا، بكسر الشن المعجمة.
قال البخارى: شباك الضبى الكوفى عن إبراهيم روى عنه مغيرة فى مسلم.
وشباك، بفتح الشين وكسر الباء غيره، هو شباك بن عائز بن المنخل الأزدى، ويقال: هو قيسى بصرى، حدث عنه نصر بن على وهدْبة، ذكره البخارى، والدارقطنى، قال عبد الله: لعن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) آكل الربا وموكله، قلت - يعنى علقمة -: وكاتبه وشاهديه، قال: إنما نحدث بما سمعنا، وفى حديث جابر: لعن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) اكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: (هم سواء)، كذا لعامة شيوخنا، وللطبرى قال: قلت: وشاهديه، قال: (هم سواء) فهذا يحتمل أنه من قول النبى ( صلى الله عليه وسلم )، والسائل جابر، ويحتمل أنه من قول جابر والسائل غيره، لكن ذكر الكاتب والشهيدين فى الحديث، وروى عن ابن المسيب.
وقد ذكره البخارى فى الترجمة، ودخل الكاتب والشاهد هنا لمعونته على هذه المعصية ومشاركته فيها.
!هم 2 / ْ ا
(5/283)
كتاب المساقاة / باب أخذ الحلال وترك الشبهات
284
(20) باب أخذ الحلال وترك الشبهات
107 - (1599) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْر الهَمْدمَانِى، حَدثنَا أبِى، حَدثنَا زَكَرِياءُ، عَن الشَعْيىِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشيرٍ، قَالَ: سَمعْتُه يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ - وَأَهوَى اَلئعْمَانُ بإصْبَعَيْه إلَى افُنَيْه -: (إنًّ الحَلالَ بميئ، دان الحَرَامَ بَهن، وَبَيَنْهُمَا مُشْتَبِهَات!، لا يَعْلَمُهن كَثِيز مِنَ الئاسِ، فَمَنِ اتقَى الشبهاتِ اسْتبْراْ لِلِينِهِ
قوله - عليه السلام -: (الحلال بين، والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات) الحديث: اختلف الناس فى ذكر المشتبهات، فقيل: مواقعتها حرام، وقيل: حلال، لكنه يتورع عنه لاشت!باهه، وقيل: لا يقال فيها: حلال ولا حرام ؛ لقوله - عليه السلام -: (الحلال بين، والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات) فلم يحكم لها بثىَ من الحكمئ.
وقوله: لا يعلمها كثير من الناس): فقد دل هذا أن ثَمَ من يعلمها، فمن علمها
لابد أن يلحق عنده أحد الوجهن، فيكون لها حكمه.
قال القاضى: وما حصل عند العلماَء فى هذا الحد فقد خرج من المثتبه إلى البن،
وإنما الكلام فيما لم يتبين لا فى طريق رد، أو لم يظهر له دلالة لأحد الوجهين.
قال الإمام: هذا الحديث جليل الموقع عظيم النفع فى الشرع، حتى قال بعض الناس
بأنه ثلث الإسلام، وذكر حديثين آخرين هما الثلثان الباقيان.
قال القاضى: ما أشار إليه - رحمه الله - هو ما روى عن أبى داود السجستانى،
قال: كتبت عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) خمسمائة اْلف حديث، الثابت منها أربعة آلاف حديث، وهى ترجع إلى أربعة أحاديث، قوله - عليه السلام -: (إنما الأعمال بالنيات)، وقوله: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)، وقوله: ا لا يكون المومن مؤمنأ حتى يرضى لأخيه ما يرضى لنفسه) الحديث، وقوله: (الحلال بين والحرام بين) الحديث.
وقد روى فيها مكان حديث: ا لا يكون المومن مؤمنا) حديث: (ازهد فى الدنيا يحبك الله /، وازهد فيما فى أيدى الناس يحبك الناس).
وقد نظمها اْبو الحسن طاهر بن مفوز فى بيتين بقوله:
عمدة الدين عندنا كلمات اتق المث!بهات وازهد ودع
أربع من كلام خير البرية ما ليس يعنيك وعملن بنييما
(5/284)
كتاب المساقاة / باب أخذالحلال وترك الشبهات 285 وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِى الشبهَاتِ وَقَعَ فِى الحَرَام، كَالراعِى يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ
قال الإمام: وإنما نبه أهل العلم على عظم هذا الحديث ؛ لأن الإنسان إنما يعتبر بطهارة
قلبه وجسده، فأكئر المذام والمحظورات إنما تنبعث من القلب، فأشار ( صلى الله عليه وسلم ) لإصلاحه، على ان صلاحه هو صلاح الجسد، وأنه الأصل.
وهذا صحيح، يومن به حتى من لا يومن بالشرع، وقد نص عليه الفلاسفة والأطباء.
والأحكام والعبادات التى ينصرف الإنسان عليها بقلبه وجسمه، تقع فيها مشكلات وأمور ملتبسات التساهل فيها، وتعويد النفس الجرأة عليها يكتسب فساد الدين والعرض، فنبه ( صلى الله عليه وسلم ) على تَوفى هذه، وضرب لها مثلا محسوسا ؛ لتكون النفس له أشد تصورأ، والعقل أعظم قبو،، فأخبر - عليه السلام - أن الملوك لهم حمية، لاسيما وهكذا كانت العرب تعرف فى الجاهلية، أن العزيز فيهم يحمى مروجأ وأبنية، فلا تجاسر عليها، ولا يدنى منها، مهابة من سطوته، وخوفأ من الوقوع فى حوزته، وهكذا محارم الله - سبحانه - من ترك منها ما قرب فهو من متوسطها أبعد، ومن تحامى طرف الشىء أمن عليه أن يتوسط، ومن طرف توسط.
وهذا كله صحيح، وإنما بقمى أن نتكلم على هذه المشتبهات [ فنقول:
قد كثر العلماء من الكلام على تفسير المشتبهات] (1)، ونحن ننبهكم على أمثل طريقة، فاعلم أن الاشتباه هو الالتباس، وإنما يطلق فى مقتضى هذه التسمية هاهنا على أمر ما أشبه أصلأ ما، ولكنه مع هذا يشبه أصلأ اَخر يناقض الأصل الاَخر، فكأنه كثرت أشباهه، وقيل: اشتبه بمعنى اختلط، حتى كأنه شىء واحد من شيئين مختلفين.
لهذا اْحطت بهذا علما فيجب أن تطلب هذه الحقيقة، فنقول: قد تكون أصول الشرع المختلفة تتجاذب فرعا واحدأ تجاذبا متساويا فى حق بعض العلماء، ولا يمكنه تصور ترجيح، ورده لبعض الأصول يوجب تحريمه، ورده لبعضها يوجب تحليله، فلا شك اْن الأحوط تجنب هذا، ومن تجنبه وصف بالورع والتحفظ فى الدين، وما أخذه من المسلمن بعيب فاعل هذا، بل المعلوم انتظار الألسنة بالثناء عليه والشهادة له بالورع إذا عرف بذلك.
وقد سئل مالك عن خنزير الماء فوقف فيه، وكان شيخنا - رحمه الله - يقول: لما تعارضت الاَى عنده فنظر إلى عموم قوله تعالى: { حُزِمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدغُ وَلَحْمُ الْخِنزِ - رو} (2) فخاف أن يدخل فى عمومه فيحرم، ونظر إلى عموم قوله تعالى: { أحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ
(1) سقط من الأصل، ولستدرك بالهامش بسهم.
(2) ا لما ندة: 3.
233 / ب
286 (5/285)
كتاب المساقاة / باب أخذ الحلال وترك الشبهات
وَطَطَ مُه} (1) وأمكن عنده أن يدخل فى عموم هذه الآية فيحل، ولم تظهر له طرق الترجيح الواضحة فى أن يمدم آية على آية، ووقف فيه، ومن هذا المعنى أن يعلم أصل الحكم، ولكنه يلتبس وجود شرط الإباحة حتى يتردد بينه وبين شرط التحريم، وذلك أن الإنسان يحل له أن يأكل ملكه أما فى معنله مما أبيح له تملكه، ويحرم عليه ال ملك غيره وما فى معناه.
وقد وجد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) تمرة ساقطة فترك كلها واعتل بأنه لولا أنه يخاف أن تكون صدقة لأكلها، فلما كانت الصدقة محرمة عليه وشك، هل حصل هذا التحريم فى هذه التمرة تركها، ولحقت بالمشتبهات، وهذا إذا كان الاشتباه من جهة أصول الشرع بعد نظر صحيح فيها، أو فى القسم الأخير الذى ذكرناه مع فقد أصول ترد إليها، وعدم أمارات وظنون يعول عليها.
وأما إذا كان الأمر خلاف ذلك، فليس من الورع التوقف بل ربما خرج بعضه إلى ما يكره، وبيان ذلك بالمثال: اْن من أتى إلى ماَ لم يجد سواه ليتوضأ منه فقال فى نفسه: لعل نجاسة سقطت فيه قبل أن أرد عليه، وامتنع من الطهارة به، فإن ذلك ليس بممدوح، وخارج عما وقع فى الحديث ؛ لأن الأصل طهارة المياه وعدم الطوارى، واستصحاب هذا كالعلم الذى يظن أنه لم يسقط منه شىَ، مع أن هذه الفكرة إذا / أمر معها تكررت ولم يقف عند حد وأدى ذلك إلى انقطاع عن العبادات.
وكذلك لو أن إنسانا اشتهى النساَ ثم قال: لعل فى العالم من رضع معى فلا يلقى امرأة إلا والعقل يجوز ذلك فيها إذا كانت فى سن يمكن أن ترضع معه، فاجتنبت جميع النساَ لهذا الخاطر الفاسد لم يكن مصيبا، كمثل ما قلناه فى الماَ من استصحاب الحال فى عدم هذه الأمور.
وما يقع من الضرر بالإصغاَ إلى هذه الخواطر قد يتسع فيها الخرق فقد صارت الشكوك
التى لا أصول لها، وتتكرر[ على] (2) نفسه ويعظم الضرر بالمرور على موجبها ساقطة فى الشرع حتى كانت المداواة عند بعض الفقهاَ، والمستحسن إضراب النفس عنها والتغافل عن إخطارها بالبال، كما يقولون فى الموسوس فى الحدث بعد الوضوَ: إنه يومر بأن ينهى عن ذلك ويعرض عنه، حتى إذا اعتاد الإعراض عنه لم يتكرر عليه.
وقد يكون هذا الشك له مستند ولكن الشرع عفى عنه لعظم الضرورة ؛ كمن تحفق أن
امرأة أرضعت معه والتبست عليه بنساَ العالم، فأنا إن قطعنا عليه شهوته وحرمنا عليه نساَ
(1) ا لما ندة: 96.
(2) من ع، وفى نسخة المال: فى.
(5/286)
كتاب المساقاة / باب أخذ الحلال وترك الشبهات 287 العالم جملة كان ذلك إضراراً عظيما وكلهن محلل، فلا يغلب حكم محرمة واحدة على مائتى ألوفٍ محللات، ولو اختلطت هذه الرضيعة بنساء محصورات لنهى عن التزوج منهن ؛ لاكن الشك ههنا له مستند وهو العلم باْن هناك مضيعة وقد ثك فى عينها، وله قدرة على تحصيل غرضه، مع القطع بسلامته من الوقوع فى الحرام بأن يتزوج من نساء قوم آخرين، وليس من الحرام فى الدين أن يكون له طريقان فى تحصيل غرضه: أحدهما: محلل هو أسهل وكثر، فإن وقع فيه قطع على عيئ التحلعلي.
والطريقة الأخرى، أقل واْندر وإن وقع فيه خاف أن يقع فى عيئ الحرام، مْيعدل عن المتحلل بما يجوز أن يكون محرما.
وبهذا فارقت هذه المسألة التى قبلها ؛ لأنه متى اختلطت بنساَ العالم لم يقدر على تحصيل غرضه بطريق أخرى، فوجب ألا يكون للمث!ك تأثير، دانما أريتك بهذه المسألة طريقة تسلكها، والا فمسائل هذا النوع لا تحصى كثرة، ولكن أصول جميعها لا تنفك عن الأصول التى مهدت لها، وقد يقل الضرر بالتحريم فى بعض المسائل ويعظم فى أخرى، ويتضح كون الشك له مستند فى بعض المسائل وتخفى فى أخرى، [ وقد تكثر أصول بعض المسالْل، وقد تتضح مساواة الفرع للأصل وقد تخفى] (1).
ومن مجموع هذا كله واختلاف نظر الفقهاء فيه يقع به بينهم التنازع والاختلاف.
من
ذلك مسالْل الشاك فى عدد الطلاق، والشاك هل حنث فى يمينه اْم لا ؟ والشاك فى زوجته هل هى تحبه أم لا ؟ وقد حلف على أنها تحبه والشك فى الإناءين أيهما النجس ؟ والشاك هل أصاب ثوبه نجاسة أم لا ؟ والثاك فى موضعها مع علمه بعصابتها ثوبه.
إلى غير ذلك من المسائل التى كثر اضطراب العلماء فيها، وطريقتهم فيها هى التى نبهناك عليها.
وأنت إذا أحطت بهذه الطريقة علما اْغنتك عن اضطراب الفقهاء - أيفئا - فى هذا الحديث، هل المشتبهات المذكورات فيه واجمت اجتنابها ؟ وهل قوله: (من وقع فى الشبهات وقع فى الحرام " دلالة على اْن اجتنابها واجب، أم يكون المراد اْنه قد يقع فى الحرام لقوله بعد ذلك: (كالراعى يرعى حول الحمى يوشك اْن يرتع فيه)، ولم يقل: (يرتع فيهه، فلابد مع وضعه إياها جاز اجتنابها استبراء للدين والعرض، والاستبراء يشير إلى أنها ليست بنفس الحرام الذى يجب أن يجتنب ؛ لأن هذه المسائل التى نصصنا على بعضها، وأشرنا إلى بقيتها تختلف طرق الاشثباه فيها على ما أشرنا إليه به، فقد يقتضى بعضها التحريم وأن الاجتناب واجب، وقد تدق طرق الاشتباه وتضعف فيكون الاجتناب حينئذ مستحئا غير واجب، ولكنه ( صلى الله عليه وسلم ) أتى بلفظ دال على استحباب التوقى.
ولا شك أن استحسان التوقى يعم جميعها ما لم تكن من الشكوك الفاسدة التى أشرنا إليها.
(1) سقط من الأصل، واستدرك فى الهامث! بسهم.
مه 2 (5/287)
كتاب المساقاة / باب أخذ الحلال وترك الشبهات أن يَرْتَعَ فِيه، ألان اِنَّ لكُلِّ مَلك حفى، ألان اِنَّ حِمَى اللّهِ مَحَارِمُهُ، ألان انَ فى الجَسَدِ مُضغَة، إِذًا صَلَدَت صَلًَالخسًدُ كُلُّهُ، ! اِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُفهُ، ألا وَهىَ القَلبُ).
234 / ْ ا
وقد يقال هذه المشتبهات إئَا أن تكون حرافا أو حلالا، وقد قال ( صلى الله عليه وسلم ): (إن الحلال بين، دان الحرام بين)، فإن كانت محرمة فيجب أن تكون بينة على ظاهر قوله، دإن كانت محللة فيجب أن تكون بينة على ظاهر قوله أيفئا.
قيل: قد يقع منها ما هو مكروه وهو كثير فيها فلا يقال: / إنه حرام بين، ولا حلال بين لا كراهية فيه.
وأيفئا فقد يكون المراد ما استقر عليه الشرع من تحريم وتحليل وما نزل بيانه واضحًا بينا، وإليه أشار بقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (الحلال بين، والحرام بنِ)، ولا شك اْن تحريم الربا والميتة والدم ولحم الخنزير بين، ولا شك أن تحليل الاكل من طيبات ما اكتسبنا، وتزويج النساء، حلال بين.
وإلى هذا وأمثاله أشار، دان كانت المشتبهات لها أحكام ما ؛ ولهذا قال: ا لا يعلمهن كثير من الناس)، ولو كانت لا حكم[ إلا] (1) لله فيها لم يقل: الا يعلمهن كثير من الناسأ ؛ لأن الكل حينئذ لا يعلمونها، وقد يدخل هذا الحديث فى الاستدلال على حماية الذريعة وصحة القول به كما ذهب إليه مالك ؛ لقوله - عليه السلام: (كالراعى يرعى حول الحمى يوشك اْن يرتع فيه).
قال القاضى: ما ذكره - رحمه الله - صحيح، لكن قوله فى ذكر الأخت من الرضاعة إذا كانت هى بين من يرضع معه، كلام لا وجه له، ورُلث أخوين من الرضاعة يمكن أن يكون أحدهما فى سن أمى الأخرى كبر لتقدم رضاع البر لاءم الأصغر فى شبابها وأول بطونها وليس من حكم الرضاع عند أحد، أو يكون فى لبن ولادة واحدة وبطن واحلإ، ولا أعلم ما اضطره إلى ذكر هده الزيادة ائتى لا معنى لها وأتيا هنا (2) خطأ.
وقوله: (ألا وإن فى الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، أل الهى (3) القلبأ: المضغة: القطعة من اللحم، وسميت فى الحديث مضغة إشارة إلى تصغير هذا العضو ؛ لأن أصل المضغة قدر ما يمضغه الإنسان في فيه كاملة للقمة.
تصغير هذا العضو يهنا اللفظ لإضافته إلى سائر الجسد.
قال الإمام: واختلف الناس فى محل العقل من الانسان، فذهب بعض الألْمة من المتكلمين أنه فى القلب، واليه صار جمهور الفلاسفة، ويحكى عن أرسطاطاليس - وهو (1) من ع.
(2) هكذا رسمت من الأصل.
(3) فى للخطوطة: وهو، وليثبت من الصحيحة المطبوعة.
(5/288)
كتاب المساقاة / باب أخذ الحلال وترك الشبهات 289 (... ) وحدئنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا وَكِيعٌ.
ح وَحَدثنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُوُنسَ، قَا لا: حَدثنَا زَكَرِئاءُ، بِهَنمَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهَ.
(... ) وحدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُطَرث وَأبِى فَرْوَةَ الهَمْلَدنِى.
رئيس الفلاسفة، وقالت الأطباء: إنه فى الدماغ، ويحكى هذا عن أبى حنيفة.
وقد احتج بعض الأئمة من المتكلمن على اْنه فى القلب بقوله سبحانه وتعالى:
{ كًكُونَ لَهُمْ تُلُوبئ يَعْقِلُونَ بِهَا} (1) فأضاف العقل إلى القلب، وقال تعالى: { ان فِي ذَلِكَ لَذِكر! لِمَن كَانَ لَهُ قَلْب} (2)، واحتجوا - أيضا - بهذا الحديث، وقد جعل النبى ( صلى الله عليه وسلم ) صلاح الجسد كله وفساده كله تابغا للقلب[ والدماغ من جملة الجسد، فاقتضى ظاهر الحديث كون فساده وصلاحه تبعًا للقلب] (3)، وهذا يدل على أنه ليس بمحل العقل.
واْمَّا الأطباء، فإنما عمدتهم أن الدماغ يفسد فيفسد العقل، ويكون منه الصرع والهوس عندهم، ويتغير مزاجه فيتغير العقل، ويكون فيه عندهم المالنخونيا، وغير ذلك من العلل التى يسمونها، فاقتضى ذلك عندهم كون العقل فى الدماغ.
ولا حجة لهم فى هذاث لأن الله - سبحانه - قد يُجرى العادة بفساد العقل عند فساد الدماغ دإن لم يكن العقل فيه، لاسيما على أصولهم فى الاشتراك الذى يذكرونه فى كتبهم بين الدماغ والقلب، نعم وهم يجعلون بين راْس المعدة والدماغ اشتراكًا وينصون (4) فى كتبهم على أن المالنخونيا على قسمين شرا سبعية وهى اْبخرة عندهم تصعد من نواح قريبة من المعدة، وقد يكون براْس المعدة خلط يبخر لأعلى فيتغير العقل، وهذا منهم نقفى لاستدلالهم، والنوع الآخر دماغية وهو من فساد مزاج الدماغ، والعلم عندهم عليهما أن ما دام على وتيرة واحدة وهو من الدماغ وما كان تختلف الأزمان فيه فهو من أسفل البدن، فإذا صعد البخار تحرك وإذا سكن سكن.
قال القاضى: تأمل قول النعمان بن بشير فى هذا الحديث: سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول، وأهوى بأصبعيه إلى أذنيه، يصحح سماع النعمان بن بشير عن النبى - عليه السلام - كما قال أهل العراق، ويرد ما ذكر يحيى بن معين عن أهل المدينة أنهم لا يصححون له سماعأ من النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
وقد ذكر البخارى (5) حديثه هذا من طرق، وفى
(1) لطج 46.
(2) ق: 37.
(3) سقط من الأصل، واستدرك فى الهامث! بسهم فى ظ.
(4) فى ع: وتصدق.
(5) البخارى، كالبيوع، بالححل لأن والحى ام بين وبينهما صثتبهات (2051).
290 (5/289)
كتاب المساقاة / باب أخذ الحلال وترك الشبهات ح وَ حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا يَعْقُوبُ - يَعْنِى ابْنَ عَبْد الرَّحْمَنِ القَارِىَّ - عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ، عَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ سَعيد، كُلُهُمْ عَنِ الشَّعْبِىِّ، عَنِ النُّعْمَان بْنِ بَشير، عَنِ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم )، بِهَنَما اَلحَدِيثِ.
غَيْرَ أن حَدِيثَ زَكَرِياءَ أتَمُّ مِنْ حَدِيثِهِمْ، وَثْثًرُ.
َ !
108 - (... ) حدّثنا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْد، حَدثنِى أبِى، عَنْ جَدِّى، حَدثنِى خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، حَدثنِى سَعِيدُ بْنُ أبِى هِحَل، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْد الله، عَنْ عَامِر الث!ئَعْبِىِّ ؛ أنَهُ سَمِعَ نُعْمَانَ بْنَ بَشِيرِ بْنِ سَعْد - صَأحبَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) - وَهُوَ يَخْطبُ الناسَ بِحِمْصَ، وَهُوَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَممولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (الحَلاَلُ بين، والحَرَامُ بينٌ ).
فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ زَكَرِئاءَ عَنِ الشَّعْبِى.
إِلَى قَوْلِهِ: (يُوشِكُ أنْ يَقَعَ فيه).
بعضها: عن النبى ( صلى الله عليه وسلم )، وفى بعضها: فإن النبى قسمها على علة الحديث.
وقد جاء فى الحديث الاَخر فى صدقة ابن علية د شهاده النبى له وقول النبى: (متى ذلك ؟) وقد حكاه.
(5/290)
كتاب المساقاة / باب بيع البعير واستثناء ركوبه
291
(21) باب بيع البعير واستثناء ركوبه
109 - (715) حدثنا مُحَمَدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ، حَدثنَا أن، حَدثنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنْ عَامِرٍ، حَدثنِى جابرُ بْنُ عَبْدِ الله ؛ أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ عَلَى جَمَلٍ لَهُ قَدْ أعْيَا، فَا"رَادَ أنْ يُسيَبهُ.
قَالَ: فَلَحِقَنِى النَّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم )، فَدَعَا لِى وَضَرَبَهُ، فَسَارَ سَيْرًا لَمْ يَسِرْ مثْلَهُ.
قَالَ: (بعْنيه بِوُقيَّة).
قُلتُ: لا.
ثُمَّ قَالَ: (بِعْنِيهِ)، فَبِعْتُهُ بِوُقِيَّةٍ.
وَاسْتَثْنَيْتُ عَلَيْهِ حُمْلاَنَهُ إِلَىَ أهلَى، َ فَلًمَّا بَلَغْتُ أتَيْتُهُ بِالجَملِ، فَنَقَدَنِى ثَمَنَهُ، ثُمَّ رَجَعْتُ، فَا"رْسَلَ فِى أثَرِى.
فَقَالَ: (أَتُرَانِى مَاكَسْتُكَ لاَخُذَ جَمَلَكَ ؟ خُذْ جَمَلَكَ وَ!رَاهِمَكَ، فَهُوَ لَكَ).
(... ) وحدثناه عَلِىُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أخْبَرَنَا عَيسَى - يَغنِى ابْنَ يُوُنسَ - عَنْ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ عَامِرٍ، حَدثنِى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ.
بِمِثلِ حَلِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ.
110 - (... ) خدثنا عثمَانُ بْنُ أن شَيْبَةَ صاِشحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - وَاللَّفْظُ لِعثمَانَ - قَالَ إِسْحَقُ: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ عثمَانُ: حَا شَا جَرِير! - عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبىَ، عَنْ جَابِرِ ثنِ عَبْد الله.
قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَتَلاَحَقَ يِى، وَتَحْتِى نَاضِح لِى قَدْ أعْيَا وَلاَ يَكَادُ يَسِيرُ.
قَالَ: فَقَالَ لِى: (مَا لبَعِيرِكَ ؟ لما قَالَ: قُلتُ: عَلِيلٌ.
قَالَ: فَتَخَلَّفَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَزَجَرَهُ وَدَعَا لَهُ، فَمَا زَالَ بَيق يَدَىِ الإِبِلِ قُلمَّامَهَا يَسِيرُ.
قَالَ: فَقَالَ لِى: (كَيْفَ تَرَى
وذكر مسلم حديث جابر وجمله وبيعه له من النبى ( صلى الله عليه وسلم )، على أن له فقار ظهره إلى المدينة، وزجر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) له وانطلاقه أمام الإبل بعد قد أصابته ببركته ( صلى الله عليه وسلم ).
وفى قوله: (بل بعْنيه) جواز طلب البيع من الرجل سلعته إبراء وإن لم يعرضها للبيع.
وقد مضى الكلامَ عَلى ما يسمى بأحكام النكاح والخلاف فى معنى قوله: (تُلاعِبُكَ وتلاعبُها) والحض على ركعتى المسافر إذا قدم.
وفيه جواز الزيادة والرجحان فى ثمن المبيع كثرَ أو قل، كان فى مجلس القضاء أو بعده، وبهذا قال مالك وكافة العلماء، واخثلف أصحاب مالك فى الزيادة فى الاقتضاء من السلف فى المجلس، إذا كانت الزيادة عدداً أو زيادة وزن وأجازوه فى غير المجلس، وأجاز ذلك بعض أصحابنا بكل حال فى الوزن والكيل فى المبيع على البائع وفى الثمن على المشترى، إذ توفيه ما يأخذ من كل واحد منهما عليه.
292 (5/291)
كتاب المساقاة / باب بيع البعير واستثناء ركوبه قال الإمام: من الناس من أجاز بيع الدابة واستثناء البائع ركوبها ؛ أخذأ بظاهر هذا الحديث، وأما مالك فيجيزه بشرط أن تكون مسافة هذا الركوب قريبة ويحمل هذا الحديث عليه، وأمَّا أبو حنيفة والشافعى فيمنعانه أصلاً لنهيه ( صلى الله عليه وسلم ) عن بيع الثنيا وعن بيع وشرط، وكأنهما يريان أن هذا لم تكن فيه حقيقة البيع ؛ لأنه أعطاه الجمل والثمن لما وصل إلى المدينة، أو كان شرط الركوب لم يكن مقارنا للعقد، ويرون أن التعلق بنهيه ( صلى الله عليه وسلم ) عن بيع الثنيا وعن بيع وشرط أولى من هذه الفعلة المحتملة، ونحن نخص الحديثين بهذه الفعلة ؛ لأنهما عمومان وهذه أخص منها، والخاص يقضى على العام.
ورده الجمل عليه لا يناقض كون الأول بيعأ، وليس من وهب ما اشتراه بعد حجة اشترائه رافعأ لكونه مشتريأ له أولا، ولو ارتفع شراؤه وسقط لارتفعت هبته وسقطت، فلا يصح حمل الحديث على أنه لم يقارن البيع هذا الشرط مع قوله: (فبعته إياه على أن لى فقار ظهره)، وهذا نص فى الاشتراط عند البيع.
وقد اختلفت الأحاديث فى الشروط، ومن لم يكن يتفطن ذلك ونيابها اضطرب الأمر عليه.
وقد حكى أن رجلا استفتى أبا حنيفة عن بيع وشرط، فقال: هما باطلان، ثم استفتى ابن شبرمة فقال: هما صحيحان، ثم استفتى ابن أبى ليلى فقال: البغ صحيح والشرط باطل.
قال السائل: فقلت: سبحان الله، ثلاثة من فقهاء القرآن اختلفوا على فى مسألة واحدة هذا الاختلاف! وأتى أبا حنيفة فأعلمه بما قال صاحباه، فقال: نهى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عن بيع وشرط، وائى ابن شبرمة فاحتج له بحديث جابر هذا، وأتى ابن أبى ليلى فاحتج له بحديث بريرة المتقدم.
ونحن نبين الأحاديث فنقول: من الشروط ما يفسد العقد، ومنها مالا يفسده.
فما
كان منهما من مقتضى العقد - كالتسليم - أو مصلحته - كالرهن والجعل - صح البيع والشرط، وما كان ينافى موجب العقد ويدخل فى الغرر والجهالة بالمبيع فسد العقد والشرط.
وكان شيخنا - رحمه الله - يقول: ما لا فائدة فيه ولا يؤدى إلى فساد فى البيع ولا يزاد فى الثمن ولا ينقص منه لأجله، فهذا الذى قد يقول فيه بعض أصحابنا: البيع صحيح والشرط باطل.
وقال بعض الناس: قول جابر: (وزن لى ثمن البعير فأرجح لى فيه) دلالة على جواز هبة المجهول.
وقوله: (أفقرنى ظهره !: الإفقار فى اللغة: إعارة الظهر للركوب.
قال القاضى: [ المماكسة] (1) معناها: المكالمة فى النقص من الثمن.
وأصلها من النقص، ومنه: مكس العشار، وهو ما ينتقصه ويأخذه من أموال الناس.
والناضح:
(1) هكذا فى الأصل، وفى الأبى: المكايسة.
(5/292)
كتاب المساقاة / باب بيع البعير واستثناَ ركوبه 293 بَعِيرَكَ ؟).
قَالَ: قُلتُ: بِخَيْر، قَدْ أَ!ابَتْهُ بَرَكَتُكَ.
قَالَ: (أفَتَبِيعُنِيه ؟) فَاسْتَحْيَيْتُ، وَلَمْ يَكُنْ لَنَا نَاضِح غَيْرُهُ.
قَالَ.
فَقُلتُ: نَعَمْ، فَبِعْتُهُ الَّاهُ، عَلَى أنَّ لِى فَقًارَ ظَهْرِهِ حَتَى ابلُغَ المَلِيَنةَ.
قَالَ: فَقُلتُ لَهُ: يَا رَسُولَ الله، إِنّى عَرُوس، فَاسْتأفَنْتُهُ، فَأفِنَ لى، فَتقَلَفْتُ النَّاسَ إِلَى المَلِينَة، حَتَّى انْتَهَيْتُ.
فَلَقِيَنَى خَالى فَسَألَنِى عَنِ البَعِيرِ، فَاخبَرْ - لَهُ بِمَا صَنَعْتُ فيه، فَلاَمَنى فيه.
قَالَ: وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ لِى حينَ اسْتَأذصنتُهُ: (مَا تَزَؤَجْتَ ؟ أَبِكرًا أَمْ ثتماَ ؟).
فَقُلتُ لَهُ: تَزَؤَجْتُ ثَيما.
قَالَ: (َأَفَلاَ تَزَوَّجْتَ بِكْرًا تُلاَعِبُكَ وَتُلاَعِبُهَا ؟).
فَقُلتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللّه، تُوُفّىَ وَالدى - أوِ اسْتُشْهِدَ - وَلِى أخَوَات! صِغَار، فَكَرَهْتُ أنْ أَتَزَوَّجَ إِلَيْهِنَّ مِثْلَهُن، فَلاَ تُؤَدبهُن وً لاَ تَقُومُ عَلئهِنَّ، فَتَزَوَّجْتُ جما لعكُومَ عَلَيْهِنَّ وَتُؤَدتهُنَّ.
قَالَ: فَلمَّا قَدمَ رَسُولُ الثه ( صلى الله عليه وسلم ) المَدينَةَ، غَدَوْتُ إِلَيْه بالبَعيرِ، فَا"عطَانِى ثَمَنَهُ، وَرَده عَلَىَّ.
ً
111 - (... ) حدّثنا عثمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَا شَا جَرِيرٌ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ سَالم
ابْنِ أبِى الجَعْدِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أقْبَلنَا منْ مَكَةَ إِلَى المَلِينَة مَعَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَاعْتًلَّ جَمَلِى.
وَسَاقَ الحَديثَ بقضَتِه.
وَفِيهِ: ثُمً قَالَ لِى: (بِعْ دى جًمَلَكَ هَنَا).
قَالَ: قُلتُ: لاَ، بَلْ هُوَ لَكَ.
قَالً: (لَاً، بَل بِعْنِيهِ).
قَالَ: قُلتُ: لاَ، بَلْ هُوَ لَكَ، يَارَسُولَ اللّه.
قَالَ:
الجمل، ومن تفسيره: ومضى أهل قسيمته بذلك.
وفى حديث جابر ابتداَ المثشرى بذكر الثمن.
وقوله: (على أن لى فقار ظهره): كناية عن الركوب عليه، كما بينه فى الحديث الآخر.
وفقار الظهر: مفاصل عظامه.
وصرار، بكسر الصاد المهملة وتخفيف الراَ، وكذا رواه بعض رواة البخارى: هو موضع قريب من المدينة.
وقيده الدارقطنى والخطابى وغيرهما، وكذا عند كثر شيوخنا، وقال الخطابى: هى بئر قديمة على ثلاثة أميال من المدينة على طريق العراق، والأشبه عندى أنه موضع لا بئر، بدليل قول الشاعر:
لعل صراراً أن تجيش بيارها
وإليها ينسب محمد بن عبد الله الصرارى.
وعند الصدفى والعذرى: (ضرارأ) بضاد معجمة، وعند الصدفى عن العذرى وهو خطأ وكذا لابن الحذاَ فيما ر ؟ اه البخارى وحجة فى نفس الروايات.
235 / ب
294 (5/293)
كتاب المساقاة / باب بيع البعير واستثناء ركوبه (لاَ، بَلْ بعْنيه).
قَالَ: قُلتُ: فَإِنَّ لِرَجُلٍ عَلَىَّ اوقِيَّةَ فَ!ب، فَهُوَ لَكَ بِهَا.
قَالَ: (قَدْ أخَنْ!لهُ، فَتًبَلَّغ عًلَيْهِ إِلَى المَدِينَة).
قَالَ: فَلَمَا قَلِمْتُ المَدِينَةً، قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) لبلاَل: (أعْطه اوقِيةً مِنْ فَ!ب، يَزِدْهُ).
قَالَ: فَأعْطَانِى اوقِيَّةً مِنْ فَ!ب، !زَ النِى قيرَاطما قَالً: فَقُلتُ.
لاَ تُفَارِقُنِى زِيَادً ةُ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ: فَكَانَ فِى كِيسٍ لِىً، فَاخنه أهلُ الشَام يَوْمَ الحَرَّةِ.
112 - (...
! حدئمنا أبُو كَامِلٍ الجَحْدَرِى، حدثنا عَبْدُ الوَاحدِ بْنُ زيَادٍ، حَدثنَا الجُرَيْرِى، عَنْ أبِى نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ الَئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) فى سَفَرٍ، فَتَخَلَّفَ نَاضِحِى.
وَسَاقَ الحَلِيثَ.
وَقَالَ فِيهِ: فَنَخَسهُ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
ثُمًّ قَالَ لِى: (ارْكَبْ بِاسْم اللهِ) !زَادَ أيْضًا: قَالَ: فَمَا زَالَ يَزِيدُنِى وَيَقُولُ: (وَاللّهُ يَغْفِرُ لَكَ).
113 - (...
! وحدّثنى أبُو الرَّبِيع العَتَكىُّ، حدثنا حَمَّاد، حدثنا أَيُّوبُ عَنْ أبِى الزْبيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: لَمَّا أتى عَلَى النَبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم )، وَقَدْ أعْيَا بَعيرِى، قَالَ: فَنَخَسَهُ فَوَثَبَ، فَكنتُ بَعْدَ فَلِكَ أحْبِسُ خِطَامَهُ لأسْمَعَ حَديثَهُ، فَمَا أقْدرُ عَلَيْهَ، فَلَحِقَنِى النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: (بِعْنِيه)، فَبِعْتَهُ منْهُ بخَمْسِ أوَاق.
قَالَ، قُلتُ: عَلَىَ أنَّ لِىَ ظَهْرهُ إِلَى المَدِينَةِ.
قَالَ: (وَلَكً ظَهْرُهُ إِلَى اَلمَدَينَقِلا.
قَالَ: فَلَمَا قَلِصْتُ المَدِينَةَ أتَيْتُهُ بِهِ، فَزَادَنِى وُقِيَّةً، ثُمَّ وَهَبَهُ لِى.
وقوله: أنه باعه بخمس أواق /، فزادنى أوقية، وفى بعضها: بأوقيتين ودرهم أو درهمن، وفى بعضها: بأوقية ذهب، وفى رواية: بأربعة دنانير، وفى الأخرى: بأوقية، ولم يقل: ذهبا.
وقد ذكر البخارى (1) اختلاف بعضى الروايات، وزاد قول من قال عن سالم عن جابر: بمائتى درهم، وقول أبى نضرة عن جابو: بعشرين دينار، وقول ابن القاسم عنه: أحسبه بأربع اْواق.
قال البخارى: وقول الشعبى: بأوقية، إنما هو الاكثر.
قال أبو جعفر الداودى: ليس أوقية الذهب وزن يحفظ، وأفَا أوقية الفضة فأربعون درهما.
أما اختلاف هذه الروايات فبسببه الحديث على المعنى، وبمثل هذا يحتج من غير ذلك.
وقال: أما فى الحديث الواحد قد حدث به جماعة من الصحابة والتابعين بالألفاظ مختلفة وعبارات متقاربة ترجع إلى معنىً واحد، وإنما قاله النبى - عليه الصلاة والسلام - مرة
(1) للبخارى، كالروط، بإذا اشترط البئع ظهر الدابة إلى مكان مسمى جاز يه ا 27).
(5/294)
كتاب المساقاة / باب بيع البعيرواستثناَركوبه 295 114 - (... ) حدّثنا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ العَمِّىُّ، حَا شَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَقَ، حَدثنَا بَشِيرُ
ابْنُ عُقْبَةَ، عَنْ أمِ! المُتَوَكِّل الئاجِىّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْد الله، قَالَ: سَافَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى بَعْضِ أسْفَارِه - أظُئهُ قَالَ: غَازِيًا - وَافتَضَ الَحَديثَ وَزَادَ فيه: قَالَ: (يَا جَابرُ، أتَوَفَّيْتَ الثَّمَنَ ؟) قُلتُ: نَعَمْ.
قَالَ: ا لَكَ الئمَنُ وَلَكَ الجَمًلُ، لَكَ الئمَنُ وَلَكَ الجَمَلُ).
115 - (... ) حدثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذ العَنْبَرِى، حدثنا أبِى، حَد، شَا شْعْبَةُ، عَنْ مُحَارِب ؛ أنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولَُ ! اشْتَرَى مِنِّى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) بَعِيرم بِوُقيَّتْنِ وَدرْهَمًٍ أوْ!رْهَميْنِ.
قَالَ: فَلَمَّا قَدمَ !رَارًا أمَرَ بِبَقَرة فَنبُحتْ، فَاكلَوا مِنْهَا.
فَلَمَّاَ قَلِمَ ال دَينَة أمَرَنِى أنْ آتِى المَسْجِدَ فَ الصَلِّىَ رَكْعَتَيْن، وَ!زَنَ لًى ثَمَنَ البَعِيرِ فَأرْجَحَ لِى.
واحدة وفى قصة متعددة.
فأفَا ذكر ذهب الأوقية المهملة فيفسرها قوله: (أوقية ذهب)، وإليه يرجع اختلاف الألفاظ ؛ إذ هى فى رواية سالم بن أبى الجعد[ عن جابر] (1) مفسرة بقوله: (إن لرجل على أوقية ذهب) فهولاء بها، ويكون قوله فى الرواية الأخرى: (فبعته منه بخمس أواق) اْى من فضة، صرف أوقية الذهب حينثذ، كأنه أخبر مرة عما وقع به البيع أوقية الذهب، اْو لأمره عما كان به القضاء من عدلها فضة أخرى - والله أعلم.
وبعد هذا قوله: (خذ جملك ودراهمك)، ورواية من قال: (ماثتى درهم) ؛ لاءنه خمس اْواق، أو يكون هذا كله زيادة على الأوقية كما قال: (فماذا لو زيد).
وأما ذكر الأربعة الدنانير فموافقة للأوقية ث إذْ قد يحتمل أن يكون وزن أوقية الذهب حينئذ وزن أربعة دنانير كبار ؛ لأن دنانيرهم كانت مختلفة، وكذلك دراهمهم على ما بيناه فى الزكاة ث ولأن اْوقية الذهب غير مخففة الوزن بخلاف الفضة، ويكون المراد بذلك أنهما صرف اْربعن درهما، فأربعة دنانير موافقة لأوقية الفضة ث إذ هى غير قيمته.
ثم قال: لأ أوقية ذهب) كأنه أخذ عن ا الْوقية عدلها من الذهب الدنانير المذكورة، وإلى هذا نحا البخارى (2) فى الجمع بين الروايتين، أو يكون ذكر الأربعة الدنانير فى ابتداَ المماكسة وانعقد البيع بوقية.
(1) سقط من الأصل، واستدرك بالهامث!.
(2) البخارى، كالشروط، ببؤا لشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مسمى جاز يه ا 27).
236 / 1
296 (5/295)
كتاب المساقاة / باب بيع البعير واسئثناء ركوبه 116 - (... ) حئثنى يحيى بْنُ حَبيب الحَارِثِى، حَدئنا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، حَا شَا شُعْبَةُ، أخْبَرنا مُحَارِب!، عنْ جَابر، عَنِ النبِئئ ( صلى الله عليه وسلم ) بِهَنِ! القِضَة.
غَيْرَ أئهُ قَالَ: فَاشْتَرَاهُ مِئى بِثَمَني قَدْ سَمَّاهُ.
وَلَمْ يَذْكُرِ الوُقِيتيْنِ وَالدرْهَمَ وَالدِّرْهَميْنِ.
وَقًالَ: أمَرَ بِبَقَرَة فَنُحِرَتْ، ثُمَ قَسَمَ لَحْمَهَا.
117 - (... ) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَا شَا ابْنُ أبِى زَائِدَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْج،
وأما قوله: (أوقيتان!: يحتمل اْن الواحدة هى التى وقع بها البيع، والثانية زاده إياها، ألا تراه كيف قال فى الرواية الأخرى: (فزادنى الأوقية)، وذكره الدرهم اْو الدرهمن مطابقة لقوله: (وزادنى قيراطأ).
فى بعض الروايات: أنه أرجح له فى كل دينار قيراطا، وإنها الزيادة التى زاده أولا، فذكر مرةً قيراطأ فى هذه الرواية وشك فى هذه الرواية فى مقدار الزيادة، إذ صرف قيراط الذهب على ما كان قبل درهم ونحوه ؛ لأن دنانيرهم كان بعضها من عشرة قراريط، وبعضها من عشرين قيراطا، فوجد بناء هذه الروأيات المختلفة لهما مرويا.
والجمع بينها وترتيب منازلها أنه - عليه السلام - اْوتر أو أعطاه أربعة دنانير حيئ ساومه به، ولم ينعقد البيع بذلك ولا أمضاه جابر، دانما أمضاه له بأوقية الذهب، ألا تراه إنما قال له: (قد اْخذت منك أربعة دنانير) ولم يرد فى هذا الحديث على ذلك.
وفى الحديث أئه ماكسه فى البيع ثم أمضاه له بأوقية ذهب، وبها انعقد البيع، كما
بينه فى حديث سالم بن أبى الجعد، وهذا يضاعف تأويل البخارى أن الأوقية دراهم توافق أربعة دنانير، وقول البخارى (1) هذا يكون على حساب الدينار بعشوة دراهم، وقد تفسر فى الحديث أنها أوقية ذهب ؛ وبدليل قوله فى الرواية الأولى: (عشرلن دينارا) إذْ كانت دنانيرهم مختلفة، فيها ما هو من درهم وثلثن، ومن درهم وثلاثة إصاع، ومن ثلاثة دراهم.
فقد يحتمل إذا اجتمعت منها عشرون كان وزنها أربعين درهما وهى أوقية، ويكون ما فى الرواية الأخرى من ذكر الخمس الأواقى خبراً عما وقع به الاقتضاء، وأن هذه الخمسة الأواقى دراهم ؛ بدليل قوله فى الرواية الأخرى: (خذ جملك ودراهمك)، وفى الرواية الأخرى: (مائتى درهم) وذلك صرف العشرين دينارأ لكل دينار عشرة دراهم، وذكره أوقية الذهب.
وأفَا رواية (أربع)، فغير شك فيه روايتان، ولا تعتبر.
وكذلك الرواية باقتضاء أربعة، دنانير وهم، / ولأن سائر الروايات تخالفهما، وكذلك في الرواية
(1) البخارى، كالبيوع، بإذا اشترط الباثع ظهر الدلبة طم ما 2.
(5/296)
كتاب المساقاة / باب بيع البعير واستئناَ ركوبه 297 عَنْ عَطَاء، عَنْ جَابِرٍ ؛ أنَّ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ لَهُ: (قَدْ أخَذْتُ جَمَلَكَ بِا"رْبَعَةِ!نَانِيرَ، وَلَكَ ظَهْرُ إِلَىًا لمَدِينَةِ).
الأخرى: (أوقيتيئ)، أى الأولى التى وقع بها البيع من الذهب، وزاده كما بين ذلك فى الحديث المتقدم: (وزادنى أوقية) فيحتمل اْن يكون ذهبا، ويحتمل أن تكون فضة، ألا تراه قال: (فما زال يزيدنى)، وتكون زيادة الأوقية زيادة فى عدد الأواقى، كل ذلك تفضل منه ياحسان، ثم زاده زيادة فى الوزن والرجحان.
وقوله: (فزادنى قيراطا) وهو وفق الدرهم اْو الدرهمن فى الرواية الأخرى، كما بيناه - والله أعلم.
وقوله: (فما زال يزيدنى ويقول: والله يغفر لك.
) جاَ فى هذه الرواية فى كتاب النكاح: قال أبو نضرة: وكانت كلمةً يقولها المسلمون: افعل كذا وكذا والله يغفر لك.
وقوله فى حديث ابن نمير: (أترانى ماكستك لاَخذ جملك ؟ خذ جملك ودراهمك):
كذا عند كافة شيوخنا وعامة الرواة، وغيره زاد: (على اثنى عشر لآخذ جملك ؟ خذ جملك).
298
(5/297)
كتاب المساقاة / باب من استسلف شيئا فقضى خيرا منه...
إلخ
(22) باب من استسلف شيئا فقضى خيرا منه
و (خيركم أحسنكم قضاء!
118 - (1600) حئثنا أبُو الطَاهِرِ أحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب،
عَنْ مَالكِ بْنِ أنَسٍ، عَنْ زَيْد بْنِ أسْلَمَ، عَنْ عَطَاء بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أيِى رَافِعٍ ؛ أنَّ رَسُولَ اً لئهِ ( صلى الله عليه وسلم ) استَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكرَا، فَقَلمَتْ عَلَيْه إِبَلٌ منْ إِبِلِ الضَدَقَة، فَافَرَ أبَا رَافِعٍ أنْ يَقْضِىَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ، فَرَجَعَ إِلَيهِ أبُو رَافِعِ فَقَالً: لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلاَّ خَيَارَا رَبَاعِيَا.
فَقَالَ: (أعْطِهِ ائَاهُ، إِنَّ خَيَارَ الئاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءَ).
119 - (... ) حئفنا أبُوكُرَيْبٍ، حَاشَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدِ، عَنْ مُحَمَدِ بْنِ جَعْفَرٍ، سَمِعْتُ زَيْدَ بَنَ أسْلَمَ، أخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ يَسَارِ عَنْ أيِى رَافِع - مَوْلَى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) - قَالَ: وقوله: (استسلف بكرأ، فقضى جملأ[ خيارأ] (1) رباعيا)، وفى رواية الطبرى:
لا رباعأ) الحديث: فيه جواز الاستسلاف والأخذ بالدين للضرورة.
وقد كان - عليه السلام - يستقرض الدين والمغرم، لكن دعته الضرورة إلى ما كان يكره من ذلك لحكم زهده فى الدنيا ورغبته عنها، ولو ضاَ لكان على غير ذلك ؛ إذ خيره الله - تعالى - فى ذلك، فاختار التقلل والقناعة.
وقد قال اْبو عبيد الهروى: الدين ما كان لأجل، والغرم ما ليس لأجل.
وفيه جواز استسلاف الحيوان، وهو قول كافة العلماء، ولا خلاف بينهم فى جواز استسلاف ما له مثل فى العيش والمكيل والموزون.
وأجاز جمهور العلماَء استسلاف صائر الأشياَ من الحيوان والعروض، واسشوا من ذلك الجوارى، وعلته اْنه قد يردها بنفسها فتكون من عارية الفروج.
وأجازه بعض أصحابنا بشرط أن يرد غيرها، وأجاز استقراض الجوارى الطبرى والمزنى، وروى عن داود الأصبهانى.
ومنع الكوفيون، فدخل جميع الحيوان، وهذا الحديث حجة عليهم، وليس للسنة موقع وليس دعواهم (2) النسخ بغير حجة تدفعها.
وذهب اْهل الظاهر إلى اْنه لا يجوز استقراض غير المكيل والموزون، وذكر عن داود.
(1) ساقطة من الأصل، واستدركت من الهامش بسهم.
(2) هكذا فى الأصل، ولعلها: دعواه.
(5/298)
كتاب المساقاة / باب من استسلف شيئا فقضى خيرا منه...
إلخ 299 اسْتَسْلَفَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بَكْزا.
بِمِثْلِهِ.
غَيْرَ ؟نَهُ قَالَ: (فَإِنَّ خَيْرَ عِبَادِ اللّهِ أحْسَنُهُمْ قَضَاء).
120 - (1601) حدثنا مُحَمَدُ بْنُ بَشَارِ بْنِ عُثْمَانَ العَبْدِىُّ، حدثنا مُحَمدُ بْنُ جَعْفَر، حُدثنا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْل، عَنْ أبِى سَلَمَةَ، عَنْ أبى هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ لِرَجُل عَلَى رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حَق، فَا"غْلَظَ لَهُ، فَهَمَّ به أ!حَابُ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ النَبىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): (إن لِصَاحِبِ الحًقِّ مًقَالآ).
فَقَالَ لَهُمُ: (اشْتَرُوا لًهُ سنا فَا"عْطُوهُ ائَاهُ).
فَقَالُوا: إِنًا لا نَجِدُ إِلأً سنا هُوَ خَيْر مِنْ سِنهِ.
قَالَ: (فَاشْتَرُوهُ فَا"عْطُوهُ إِئاهُ، فَإِن مِنْ خَيْرِكُمْ - أوْ خَيْرَكُمْ - ئحْسَنًكُمْ قَضَاء).
قال الإمام: قد نهى - عليه السلام - عن سلف جر منفعة، وهذا سلف جر منفعة، فلابد من بناء الحديثين فيقول: النهى محمول على ما كان من المنفعة اشترط فى أصل القرض، وهذا لم يشترط ؛ فلهذا اْجاز، لكن المشهور عندنا فى المذهب فى العدد منهى عنها وان لم تشترط فى أصل القرض، وكأنهم يرون هذا اطديث مخصصا لحديث النهى ولم يرد إلا فى زيادة الصفة فلم يتعد به ما ورد فيه.
والبكر من الإبل كالغلام من الناس.
والقلوص ههنا كالجارية من اشساء، والذى استكمل منها ست سنين ودخل فى السابعة يقال له: رباع، والأنثى رباعية، بتخفيف الياء.
قال القاضى: قال أبو عبيد: إذا ألقى البعير رباعيته - وذلك فى السابعة - فهو رباع، والرباعيات - بتخفيف الياء - أربع أسنان تلى الثنايا من جوانبها خرجوا فيها.
وقد استدل بهذا الحديث من يجيز تقدم الصدقة قبل الحول ؛ لأنه - عليه السلام - لم يستسلف لنفسه، إذْ لو استسلف لنفسه لم يقضه من إبل الصدقة إذ كانت لا تحل له، فدل اْنه إنما استسلفها لأصلها من أرباب الأموال.
قالوا: ويحتمل أن يكون هذا الذى استسلفت منه مما لا زكاة فيه، إذْ لو كان ذلك لما ردها النبى، وحجة من لا يجيز تعجيلها.
ومعنى الحديث عندهم: إمَّا أن يكون استقرضها غيره على ذمته بأمره، فلما حانت الصدقة وقبضت دفعها إليه وكان من الغارمن، كما جاء فى حديث عبد الله بن عمرو: أنه أمره - عليه السلام - بتجهيز جيش فنفدت الابل فأمرنا اْن يأخذ على قلائص الصدقة (1)، وبهذا يندفع اعتراض من اعترض كيف ترد من أموال المساكن ما هو خير واْفضل وإنما يفعل المرء ذلك فى ماله، وذلك أنا قلنا: إنه إذا كان المستقرض غريما حل له ما أخذ من الصدقة، وان كان فوق حقه.
وقد يكون المستقرض منه من تحل له الصدقة ؛ إما لأنه لم يكن له مال إلا ما أقرض اْو أصابته جائحة بعد الاقتضاء عند الانتظار من أهل الصدقة /، فكانت الزيادة له من أموال (1) الدارقطنى، كالبيوع 3 / 0 7 (263).
236 / ب
300 (5/299)
كتاب المساقاة / باب من استسلف شيئا فقضى خيرا منه...
إلخ 121 - (... ) حدّثنا أبُو كُريمب، حَا شَا وَكِيع، عَنْ عَلِىِّ بْنِ صَالِح، عَنْ يعَلَمَةَ بْنِ كُهَيْل، عَنْ أبِى سَلَمَةَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: أسْتَقْرَضَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) سِنا، فَا"عْطَى سِنا فَوْقَهُ.
وَقَالَ: (خِيَارُكُمْ مَحَاسِنُكُمْ قَضَاء).
122 - (... ) حّدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْر، حدثنا أيى، حَدثنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْل، عَنْ أىِ سَلَمَةَ، عَنْ أبِى هُريرَةَ.
قَالَ: جَاءَ رَجُل يَتَقَاضَى رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) بَعِيزا.
فَقَالَ: (أعْطُوهُ سِنا فَوْقَ سِنّهِ لما.
وَقَالَ: (خَيْرُكُمْ أحْسَنُكُمْ قَضَاء).
المساكن جائزة، وقيل: بل كان هذا كله قبل تحريم الصدقة على النبى ولله وتحريمها على الأغنياء.
وفيه حجة على جواز استقراض الإمام للمساكن والمسلمن، كما يجوز ذلك لوصى الأيتام لاَنه الناظر لهم.
وفيه حجة لجواز السلم فى الحيوان أنه إذا جاز قرضه بصفة تحصره ويرد مثله جاز السلم فيه، والخيار: المختار من الإبل، يقال للذكر والأنثى.
وقوله: (فأغلظ له، فهغَ به أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) !: يحتمل أن اغلاظه إياه كان
فى طلب حقه وتشدده فيه لا فى كلام موذ يسمعه إياه، فإن ذلك يُعَدُ مَعْبَة مع النبى - عليه السلام - وقد يكون الفاعل هذا غير مسلم من اليهود أو غيرهم، كما جاء مفسراَ منهم فى خبر هذا الحديث.
وقوله: (خيركم محاسنكم قضاء): أى ذوى المحاسن، سماهم بالصدقة والمعروف.
أحاسنكم جمع أحسن، كما جاء فى حديث اَخر: (أحسنكم قضاءه وقيل: يكون محاسنكم جمع محسن، بفتح الميم، وجاء فى هذا الخبر فى حديث محمد بن بشار: (إنا لا نجد الا سنا هو خير من سنه) وكان عند الصدفى: أ لا نجد إلا سنا إلا هو خير من سنه)، والصواب إسقاط (إلا) الواحدة منها على الروايتين المتقدمتن، وأفَا مجمعهما فيحتمل بهم الكلام.(5/300)
كتاب المساقاة / باب جواز بيع الحيوان بالحيوان...
إلخ
301
(23) باب جواز بيع الحيوان بالحيوان، من جنسه، متفاضلا
123 - (1602) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى التَّميمىُ وَابْنُ رُمْح، قَالا: أخْبَرَنَا اللَّيْثُ.
َممص مصَ،، ً صصًَ !ًًًَ
ح وحدثنيه قتيبة بْن سعيد، حدثنا ليْثٌ، عنْ أمِ! الزبيْرِ، عنْ جابِر.
قال: جَاءَ كئدٌ فَبَايَع الئبِىَّ على عَلَى الهِجْرً ةِ، وَلَمْ يَشْعُرْ أَلهُ عَبْد.
فَجَاءَ سيِّمُوُ يُرِياُهُ.
فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): (بِعْنِيمِه، فَاشْتَرَاهُ بِعَبْقثنِ أَسْوَدَيْنِ، ثُمَّ لَمْ يُبَايِعْ أحَايم بَعْدُ، حتَى يَسْألهُ: (أعبد هوَ ؟).
وقوله: جاَ عبد فبايع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ولم يشعر أنه عبد، فجاَ سيده يريده، فقال: (بعنيه)، فاشتراه بعبدين اْسودين، ثم لم يبايع أحدا بعد حتى يسأله: (أعبدٌ هو ؟): ظاهره أن مولاه كان مسلما، وكان النبى سرّحه فاستحقه مولاه بصحة ملكه له، ثم أراد - عليه السلام - بما جبل عليه من مكارم الأخلاق ألا يرده، ولا ينقض ما عقد له، فاشتراه من مولاه.
ويدل أن مولاه مسلم دَفْعه له العبدين دإلا فقد بايع - عليه السلام - من نزل إليه من عبيد أهل الطائف وغيرهم ولم يصرفهم على مواليهم.
وشرائه العبد بالعبدين أصل فى هذا الأسلوب، ولا خلاف فى شراء العبد بعبدين نقدا وسائر الأشياَ والتفاضل بها وإن كانت من جنس واحد، ماعدا ما تقدم من العن وما نص معها فى الحديث وليس عليها مما تقدم.
واختلف الناس فى بيع ما عدا ذلك من الجنس الواحد باختلاف العدد والصفة إلى الأجل، أو باتفاقهما ثمَا لم يفصل بذلك سلفا جر نفعا والزيادة فى السلف - كان هذا ربأ عند الجميع، إذا كان ظاهراً معلومأ مقصوداً، فلا يرى أن ما كان فى حكمه أو ذريعة إليه فلا يجيزه، إلاَّ أن تختلف الصفات والأغراض فيصيرا والجنسن ونظيرهما مقصد البغ والمعاوضة، واغتنى أولى المنافع من المتبايعين لا مقصد الزيادة فى السلف كاختلاف الإبل والنجابة أو الحمولة أو الخيل بالسبق والفراهة (1)، والعبيد بالتجارات والفصاحة والصنعة، والجوارى بالطبخ والصناعة والفراهة على الصحيح من القولن، والئياب بالرقة والصباقة، والشيلوف بالقطع والجوهر[ وجعل الجوة] (2) فى جهة وكثرة العدد فى الجهة الأخرى اختلاف فى الاغراض ويجيزه.
والشافعى لا يكره شيئا من ذلك فى الحيوان وغيره، اختلف أم لم يختلف، ولا ربا غيره فى شىء إلا ما تقدم وهو قول أبى ثور وداود والمروزى، وروى عن ابن المسيب وابن عباس وغيرهما.
واختلف فى ذلك عن
(1) يعنى المواهب، وئن تلد، اللسان.
(2) فى الأبى: فيجعل الأجود.
302
(5/301)
كتاب المساقاة / باب جواز بغ الحيوان بالحيوان...
إلخ
على وابن عمر والزهرى، وروى عنهم كراهة ذلك وجوازه، وحجتهم حديث عمرو بن العاص: أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) (أمره بأن يجهز جيثأ فنفدت الإبل، فأمره أن يأخذ فى قلائص الصدقة البعير بالبعيرين إلى الصدقة) (1)، ونحن نتأول الحديث على ظاهره باختلاف أجناسها ة لأن القلائص الفتيان من الأبل، وهى كثر ما يوخذ فى الصدقات، واْنَ الاستلاف فيما هو أسن منها وأقوى على الحمل، ويشجن الاختلاف عن هؤلاء باختلاف الأحوال كنحو ما ذهب مالك منع ذلك فى الحيوان على كل حال.
ومنه فى العروض نحو مذهب مالك، وحجتهم عموم نهيه بغ الحيوان بالحيوان نسيئة، وقد تكلم فى هذا الحديث ورده بعضهم، ونحن ننزله على ما اتفقت فيه الأغراض، وخشى منه زيادة الصنف، ويحْص عمومه بحديث عبد الله بن عمرو بن العاص المتقدم، أو بحمل بغ الحيوان بالحيوان فى المضمونيئ، ويجمع بيئ الأحاديث، وتبقى الأصول من مسائل الربا وفى الزيادة فى السلف مختصة بعللها ومواجهتها فتستعمل النفس ولا يطرح منها شىء إلا ما ثبت نسخه أو ضعف أصله، وسيأتى من المعلم فى هذا بكل شىء أيضا.
(1) الدلرقطنى، كالبيوع 3 / 0 7 (263).
(5/302)
كتاب المساقاة / باب الرهن وجوازه فى الحضر والسفر
303
(24) باب الرهن وجوازه فى الحضر والسفر
124 - (1603) حَدثنَا يحيى بْنُ يحيى وَأبُو بَكْرِ بْنُ أَىِ ضبَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ - وَاللَفْظُ لِيَحْىَ - قَالَ يحيى: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الاَخَرَانِ: حَدثنَا أبُو مُعَاوِيَةَ - عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ إِبْرَل!يمَ، عَنِ الأسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتِ: اشْتَرَى رَسُولُ اللهِ كله مِنْ يَهُو! ئ طَعَامًا بِنَسِيئَة، فًأعْطَاهُ !رْعًا لَهُ، رَهْئا.
125 - (... ) حَدثنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلى وَعَلِى بْنُ خَشْرَم، قَالا: أخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتِ: اشْتَرى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مِنْ يَهُو! ئ طَعَافا، يَرَهَنَهُ ! رْعًا مِنْ حَدِيد.
126 - (... ) حدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِى!، أخْبَرَنَا المَخْزُومِى، حَدىثنَا عبْدُ الوَاحدِ بْنُ زِيَاد، عَنِ الأعْمَشِ، قَالَ: ذَكَرْنَا الرهنَ فى السئَلَ! عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِى، فَقَالَ هَ حَدثنَا الأسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ ؛ أن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) اشْتَرَى مِنْ يهُوسٍّ طَعَافا إِلَى أجَلٍ، !رَهنه !رْعًا لَهُ مِنْ حَدِيد.
وقوله: أنه - عليه السلام - اشترى من يهودى طعامأ بنسيئة ورهنه درعه): فيه معاملة اليهود وأهل الذمة وسائر الكفار، وحل ما يوخذ منهم مع قيض، حيث مكاسبهم ومعاملاتهم.
وجواز ادخار القوت، وجواز التجارة معهم بالنقد والنسيئة ؛ ا"لها إذا جازت بالنسيئة فهى بالنقد أجوز، وجواز شراء الطعام بالنسيئة إذا لم يكن الثمن طعاما، أو كان الطعام المشترى نقدأ، وفيه جواز الرهن فى الحضر وهو قول الكافة، خلافا لدلود ومجاهد.
قال الإمام: شذ بعض الناس فمنع الرهن فى الحضر ؛ تعلقأ بدليل الخطاب من قوله تعالى: { لَ!ن كُنتُمْ عَلَئ سَفَرٍ وَلَمْ تَجِمُوا كَاتِبًا فَوِقان ئقبوضة} (1)، فاشترط السفر، فدل أن الحضر بخلافه.
وقال أصحابنا: هذا الحديث حجة عليه فى جواز الرهن فى الحضر، وفيه دلالة على جواز معاملة اليهود وإن كانوا يستحلون من المكاسب ما لا يستحل.
وقد كثر الناس القول فى وجه مبايعة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لليهودى ورهنه درعه عنده، وأمثل ما يقال فيه: إنه
(1) البقرة: 283.
304 (5/303)
كتاب المساقاة / باب الرهن وجوازه فى الحضر والسفر (... ) حَدثنَاه أبُو بَكْر بْنُ أبى شَيْبَةَ، حدثنا حَفْصُ بْنُ غيَاث، عَن الأعْمَش، عَنْ إِبراهِيم، قال: حدثنِى الأسْوَدُ عن عائِشة، عنِ للنَّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم )، مِثْلَهُ.
ولمْ يذْكرْ: مِن حدِيدٍ.
فعل ذلك ليريه ( صلى الله عليه وسلم ) جواز معاملة اليهود، أو فعل ذلك ؛ لأنه لم يحضره حينئذ من عنده طعام سوى هذا اليهودى، أو يكون - عليه السلام - علم أن أصحابه - رضى الله عنهم - لا يقبلون منه الرهن إكراما له، أو لا يقتضونه فى الثمن إذا حلَّ تقربا إليه، فعدل إلى معاملة من يفعل ذلك معه لئلا يجحف بأصحابه.
قال القاضى: أجمع العلماَء على جواز معاملة اْهل الذمة وجواز معاملة المشركين، إلا
ما يتقوى به أهل الحرب على محاربة المسلمن كسلاح الحرب وآلاتها وما تصرف فيها، أو ما يستعيئ به جميعهم على إقامة شريعتهم، واظهار تصرفهم وما لا يجوز تملكه لهم لحرمته كالمسلم والمصحف.
ومنع ابن حبيب بيع الحرير والكثان والبسط والطعام من أهل الحرب، وتأول ذلك إما عند الشدائد فيطمع أن يتمكن منكم بضعف الجوع، فإن ما ذكر من الكتان والحرير والبسط مما يتحملون به فى حروبهم.
ورهن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) الدرع عند اليهودى أنه لم يكن من أهل الحرب، وممن كان بين ظهرى الإسلام، وإلا فرهنها ممن يخشى منه التقوى بها كبيعها.
وظاهر الخبر ما كان عليه - عليه السلام - من التقلل من الدنيا والاكتساب، وأنه لو
كان عنده غير الدرع لباعه أو رهنه مكان درعه، وفيه اتخاذ الدروع والعدد للأعداَ والتحصن منه، واْدت ذلك غير قادح فى التوكل.
واستدل إبراهيم النخعى بهذا الحديث على جواز الرهن فى السلم ؛ لأن المسلم دين فى الذمة فلا فرق بينه وبين السلف، وهو مذهب مالك وكافة السلف والعلماَ، وكذلك الكفيل.
وذهب زفر والأوزاعى وأحمد إلى كراهة ذلك فيهما، وروى عن بعض السلف.
وكره مالك الكفالة برأس مال السلف إذا كان فى العقد، ويفسد بذلك السلم على تفصيل فيه فى كتب الفقه.
(5/304)
كتاب المساقاة / باب السلم 305
(25) باب السلم
127 - (1604) حَدثنَا يحيى بْنُ يحيى وَعَمْرو الئاقِدُ - وَاللَّفْظُ لِيَحْىَ - قَالَ عَمْرو: حَدثنَا.
وَقَالَ يحيى: أخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ - عَنِ ابْنِ أبِى نَجِيح، عَنْ عبد اللّهِ بْنِ كَثير، عَنْ أيِى المِنْهَالِ، عَنِ ابْنِ عَتاس.
قَالَ: قَلِمَ الثبِى ( صلى الله عليه وسلم ) المَدِينَةَ، وَهُمْ يُسْلفُونَ فِى الئمَارِ، السئنَةَ وَالسنتَيْنِ.
فَقَالَ: (مَنْ أسْلَفَ فِى تَمْرٍ، فَليُسْلِفْ فِى كَيْل مَعْلُومٍ، وَوَزْلط مَعْلُومٍ، إِلَى أجَل مَعْلُومٍ ).
128 - (... ) حَدثنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرّوخَ، حدثنا عَبْدُ الوَارِث، عَنِ ابْنِ أبِى نَجِيحٍ،
حَد 8شِى عَبْدُ اللهِ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ أبِى المِنْهَالِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالً: قَلِمَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم )
وقوله: (من استلف فى تمر فليسلف فى كيل معلوم، إلى أجل معلوم)، وفى رواية السجزى: (من سلم)، وكلاهما بمعنى.
سمى سلما ؛ لتسليمه راْس المال دون قبض عوضه، وسمى سلفا بتغريمه رأس المال على العوض، ومنه: سلف الرجل، لمتقومن اْمامه.
وحكى الخطابى عن عمرو فى رواية ابن عمر كراهة تسمية السلم سلفا، وقال: هو الإسلام لله، كأنه ضن بالاسم أن يمتهن فى غير هذا /.
قال الإمام: قد تقدم الكلام فى ربا بيع النقد، ونحن نتكلم الآن على الربا فى النسيئة.
فاعلم اْن الربا يدخل فى بيع النسيئة فى الستة المذكورة فى الحديث وما قيس عليها، سواء اتفقت الأجناس أم اختلفت، وما سوى الستة وما قيس عليها لا يدخل الربا فى بيع النسيئة فيه إذا اختلفت الأجناس ؛ كسلم عبد فى ثوبن.
فإن تساوت الأجناس فاختلف الناسق، فمنعه اْبو حنيفة، وأجازه الشافعى، وقال مالك: إذا اتفقت المنافع فى الجنس منع، لان اختلفت جاز.
وأمّا أبو حنيفة فحجته قول الله تعالى: { وَحَزمَ الزِ ؟} (1).
والربا الزيادة، وهذا موجود فى هذا البيع، فمنع بحق عموم الآية.
د انما خصَّ منها اختلاف الأجناس بما قدمناه من الحديث وبغير ذلك.
(1) ا لبقرة: 275.
237 / 1
306 (5/305)
كتاب المساقاة / باب السلم وَالئاسُ يُسئلفُونَ.
فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ أسْلَفَ فَلاَ يُسْلفْ إِلأَ فِى كَيْل مَعْلُوبم، وَوَزْلط مَعْلُوبمَ).
واْفَا الشافعى فإنه يحتج بأنه أمر ( صلى الله عليه وسلم ) بعفأصحابه بأن يعطى بعيراً فى بعيرين إلى
اْجل (1)، وهذا يخص قوله تعالى: { وَحَزمَ الربَا} (2) إذا قلنا: إن الزيادة فى عوض الشىء تسمى ربا حقيقة، وجماعة من أهل الأصول يذهبون إلى تخصيص العموم بخبر الواحد، وبعضهم يمنع منه.
واْفَا مالك، فإنه توسط بين القولن، وعدل بين المذهبين، وسلك حماية الذريعة، وأصله القول بها، فينظر إلى أن الأجناس إذا اختلفت جاز التفاضل فيها نسيئة، والغرض من المتملكات الانتفاعات، واْمَا نفس الذوات فلا يملكها إلا الله الذى يوخرها ويقدمها، وإنما ملك الخلق الانتفاع بها، فإذا كانت المنافع مختلفة وهى المقصودة التى يتعلق بها الملك، وجب أن تحل محل اختلاف الأجناع!.
وإذا كان الغرض فى دابة الحمل عليها، والغرض من اْخرى الجرى بها، صار فى الاْنفس كدابة يراد ركوبها، وثوب يراد لباصه.
فإذا تساوت المنافع نظر إلى قوله: إن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) نهى عن سلف جر نفعا.
فإذا دفع ثوبا فى ثوبين الغرض فيهما كالغرض فى الثوب مكانه، أسلفه واشترط عليه أن ينتفع بالزيادة.
ولو أسلم ثوبين فى ثوب تتفق الأغراض فيها لأئها - أيضا - على أن يكون أعطاه أحد الثوبين ليضمن له الثانى فى ذمته أجلأ سمياه، فيصير ذلك مُعاوضة على الضمان وسلفا لينتفع بالضمان، وذلك لا يجوز.
ولوتحققنا حصول السلف والغرض على وجه لا منفعة فيه محققة، وهى الزيادة المحسوصة، ولا منفعة فيه محققة ليتهم الناعم عليها - لأجزنا ذلك إذا سلك به مسلك الفرض.
وقد وقع عندنا اضطراب فى المذهب فى التبايع بما اتفقت أجناصه ومنافعه ولم تقع فيه زيادة، هل يجوز اْم لا، كسلم ثوب فى مثله ؟ فأجيز ؛ لاْن تقدير منفعة فى ذلك يهم الناس عليها يبعد فى النفوس، ومنع لئلا يقصد الانتفاع بضمان القابض عوضأ عن منفعته بماقبض.
وأقَا الشافعى فيجيز ذلك، وهو يجيزه وإن حصل فيه التفاضل الذى هو منفعة
(1) للبخارى، كللبيوع، ببيع للعبد والحيوان بالحيولن نسيئة، تعليقأ.
الفتح 4 / 419.
(2) البقرة: 275.
(5/306)
كتاب المساقاة / باب السلم 307
(... ) اثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ صاِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِيم، جَمِيعًا عَنِ
ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أبِى نَجِيحٍ، بِهَذَا الاِسْنَادِ، مِثْلَ حَلِيثِ عَبْدِ الوَارِثِ.
وَلَمْ يَذْكُرْ:
محققة، فكيف به مع التساوى الذى لا منفعة فيه محققة ؟ فإذا ثبت جواز الئساء فيما اختلفت أجناسه مما عدا الستة وما فى معناها بالسلم يجوز فى كل شىء تضبطه الصفة.
وقد وقع اختلاف بين مالك وأبى حنيفة، وبين مالك والشافعى فى مسائل، هل
يجوز السلم فيها أم لا، وهو اختلاف فى حال، فمن يمنع السلم يعتقد أن الصفة لا تحصر ما مغ منه، ومن يجيزه يعتقد أن الصفة تحصره.
وهذا مثل ما يقول أصحاب أبى حنيفة: كيف يجيزون السلم فى الجوارى مع اختلافهن فى الرشاقة والملاحة، واْنهن يتفاوتن فى ذلك تفاوتأ عظيما يختلف الثمن باختلافه ؟ ومالك لم يثبت عنده ما قالوا، ورأى أن ذلك مما يضبط المقصود منه أجاز السلم فيهن.
وعلى هذا الاختلاف جرى الأمر فى اختلافهم فى غير ذلك من المسائل.
وأقَا قوله - عليه السلام -: (إلى أجل معلوم): فقد تعلق به بعض اصحابنا فى
افتقار صحة السلم إلى اْجل، والمشهور عندنا مغ السلم الحال.
وكان بعض شيوخنا يخرج من المدونة القول بجواز من سأله إذا اشرى بعروض وباع بمثلها مرابحة، وهو مذهب الشافعى.
/ ومن أجاز السلم الحال يحمل الحديث على أن المراد به: إن كان أجلأ فليكن معلوما.
واختلف القائلون من أصحابنا بإثبات الأجل، فقال بعضهم: ثلاثة أيام، وقال بعضهم: بل أكثر من ذلك مما تتغير فيه الأسواق ؛ كنصف الشهر ونحوه، إذا كان يقبض السلم فى البلد بعينه.
قال القاضى: لم يجر فى الأحاديث فى هذا الباب ذكر للصفة، وهى مما اْجمع العلماء على شرطها فى صحة السلف، لكن لما كانت العادة فى التمر اْنه اْجناس وأنو 3، ولكل نوع منه اسم وصفة والعرف فى شرائه أن يسمى بجنسه - قام مقام الصفة، ومثل هذا فيما له عرفَ جائز عندنا.
وشروط السلم عندنا التى لا تصح إلا بها على مشهور مذهبنا خمسة: كونه مضمونأ، وموصوفا بصفة تحصر، ومؤجلاً لأجل معلوم، ومما لا يتعذر وجوده عند أجله، وكونه معلوم القدر من وزن أو كيل أو عدد أو تجر أو مساحة أو درع أو سن، وأن يكون رأس ماله معجلاًاْو فى حكم المعجل حتى لا يبعد قبضه بعد اليومين والثلاثة.
ولم يجز الكوفيون والشافعى تأخيره عن العقد، والافتراق كالضرب عندهم.
وليس من شرطه أن
237 / ب
308
(5/307)
كتاب المساقاة / باب السلم
(إِلَى أجَلٍ مَعْلُومٍ ).
(... ) حدثنا أبُو كُرَيْبٍ وَابْنُ ابِى عُمَرَ، قَالا: حدثنَا وَكِيِع.
ح وَ حدثنا مُحَمَدُ بْنُ بَشَّارٍ، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْن مَهْدِىلم، كِلاَهُمَا عَنْ سُفْيَان، عَنِ ابْنِ ابِى نَجِيحٍ، بِإِسْنَ ال مْ.
مِثْلَ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
يَذْكُرُ فِيهِ: (إِلَى أجَل مَعْلُوبم).
يكون المسلم وليه مالك، خلافا لبعض السلف، وأن يكون مما لا ينقطع من أيدى الناس جملة، خلافا لمن شرط ذلك، وأن يكون موجودأ حيئ العقد إلى الأجل، خلافا لأبى حنيفة، وكل من شرطه ذكر موضع القبضى عندنا، وعند فقهاء أصحاب الحديث، خلافأ للكوفين فى اشتراطهم ذلك لما له حمل وموونة.
وعندنا إن لم يشترط فموضع البيع موضع القبضى، وليس من شرطه عندنا ألا يكون رأس السلم جزافا فيما يجوز فيه الجزاف، خلافا لأبى حنيفة فى منعه ذلك فى كل شىء، وليس من شرط المسلم فيه أن يكون حيوانأ، خلافا لأبى حنيفة ة إذ لا تحصر عنده الصفة، ولا من شرطه ألا يكون من الجواهر كالدر والياقوت، خلافا للشافعى ؛ إذْ لا تحصر الصفة.
قال الإمام: خرج مسلم فى الباب: نا يحيى بن يحمى واْبو بكر بن أبى شيبة !إسماعيل بن سالم، جميعا عن ابن علية، قال بعضهم، هكذا فى نسخة أبى العلاء بن ماهان عن مسلم عن شيوخه عن ابن علية، وهو إسماعيل بن إبراهيم، وفى رواية (1) الجلودى: (ابن عيينة) بدل 9 ابن علية)، والصواب رواية أبى العلاء، ومن تأمل الباب بان ذلك له.
قال القاصْى: لأنه ذكر أول الباب حديث ابن عيينة عن ابن أبى نجيح، وفيه ذكر الاْجل، ثم ذكر حديث عبد الوارث عن ابن أبى نجيح، وليس فيه ذكر الأجل، ثم ذكر حديث ابن علية عن ابن اْبى نجيح، وقال بمثل حديث عبد الوارث، ولم يذكر: (إلى أجل معلوم)، ثم ذكر حديث سفيان عن الثورى عن ابن أبى نجيح، وقال بمثل حديث ابن علية، فذكر فيه: (إلى أجل معلوم) وهو بين.
(1) فى ع: روايتنا.
(5/308)
كتاب المساقاة / باب تحريم الاحتكار فى الأقوات 309
(26) باب تحريم الاحتكار فى الأقوات
129 - (1605) حدّثنا عَئدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَب، حَدةنَنَا سُلَيْمَانُ - يَعْنى ابْنَ بِلاَل - عَنْ يحيى - وَهُوَ ابْنُ سَعيد - قَالَ: كَانَ سَعيدُ بْن المُسَيَّبِ يُحَدِّثُ ؛ أً مَعْمزا قَالًَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنِ احنًكَرَ فَهُوَ خَافِىٌ ).
فَقيلَ لسَعيد: فَإنَّكَ تَحْتَكِرُ ؟ قَالَ سَعِيدٌ: إِنَّ مَعْمَزا الَّذِى كَانَ يُحَدِّثُ هنَا الحَدِيثَ كَانَ يَحتَكِرُ.
َ !
130 - (... ) حدّثنا سَعِيدُ بْنُ عَمْرو الأشْعَثِىُ، حَا شَا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلاَنَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيًّبِ، عَنْ مَعْمَرِ
وقوله: (من احتكر فهو خَاطى، فقيل لسعيد: فإنك تححكر قال سعيد: إن[ معمرا الذى كان يحدث هذا الحديث كان يحتكر] (1)!، قال الإمام: أصل هذا مراعاة الضرر بكل ما أضرَّ بالمسلمن، وجب أن ينفى عنهم، فإذا كان شراء الشىء بالبلد يُغلى سعر البلد ويضر بالناس ؛ منع المحتكر من شرائه نظراً للمسلمين عليه كما قال العلماء: إنه إذا احتيج إلى طعام رجل واضطر الناس إليه ألزم بيعه منهم.
فمراعاة الضرر هى الأصل فى هذا، وقد قال بعض أصحاب مالك: إن احتكار الطعام ممنوع على كل حال ؛ لأن أقوات الناس لا يكون احتكارها أبدا إلاَّ مضر بهم، ومحمل ما روى عن رواة هذا الحديث من أنهم كانوا يحتكرون: أنهم احتكروا ما لا يضر بالناس، وحملوا قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) على ذلك، وحمله على هذا يوكد ما قلناه.
قال القاضى: الاحتكار: هو الادخار مما كان لقوت الإنسان، وليس بممنوع ولا مكروه، وما كان للبيع والتجارة ئمَا كان منه مُضرا بالناس ومتعلقا بشرائه أسعارهم مُنِع، وأشرك فيه أهل السوق والمشترون بما اشتراه به.
وما لم يضر لم يمنع، على مشهور المذهب فى أىّ شىء كان، وهو قول الشافعى وأبى حنيفة، خلافأ لابن حبيب من أصحابنا فى قوله: إن حكرة الطعام والحبوب كلها، والغلو فى السمن والزيت والعسل واللبئ ممنوع، اْى وقت كان، أضر اْو لم يضر، وهذا ما اشترى فى أسواقهم، فأفَا ما جلب فلا / يبيع من مدخره إلاَّ عند الضرورة الفادحة وحاجة الناس إليه، ولم يوجد سواه
(1) سقط من جميع نسخ المال التى لدينا، وأثبتناها من المعلم والحديث رقم له 12).
238 / أ
310 (5/309)
كتاب المساقاة / باب تحريم الاحتكار فى الأقوات ابْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: ا لا يَحْتَكِرُ إِلا خَاطِئ لما.
(...
! قَالَ إِبْرَاهِيمُ: قَالَ مُسْلِمٌ: وَحَدثنِى بَعْضُ أصْحَابِنَا عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْن، أخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يحيى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعيد بْنِ الًمُسَئبِ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ أبِى مَعْمَرٍ - أحَدِ بَنِى عَدِىِّ بْنِ كَعْبٍ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الئَهِ.
فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَلِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِحَلٍ عَنْ يحيى.
فيؤخذ بيعه.
وما ذكر عن سعيد ومعمر أنهما كانا يحتكران، قال ابن عبد البر: إنما كانا يحتكران الزيت، وحملا النهى على أنه فى القوت عند الحاجة إليه، وكذلك قال الشافعى وأبو حنيفة: إنه مما يختص بالطعام المقتات الذى هو مصالح أجسام الناس، وليس هذا فى الأدم والزيت والفاكهة.
ومعمر هذا هو ابن عبد الله بن نضلة العدوى قديم الإسلام، كان مُعَمَرأ، وقد قبله مسلم، وهو معمر بن اْبى معمر، وقد ذكره كذا مسلم فى الحديث الاخر.
قال الإمام: خرج مسلم فى الباب: نا بعض أصحابنا عن عمرو بن عون، حدثنا خالد بن عبد الله، عن عمرو بن يحيى، عن محمد بن عمرو وعن سعيد بن المسيب، عن معمر بن عبد الله، أحد بنى عدى بن كعب، [ عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ] (1) الحديث.
وهذا حديث مقطوع[ الإسناد، وهو] (2) اْحد الاْربعة عشر حديثا المقطوعة فى كتاب مسلم.
وأما أبو داود فرواه عن وهب بن بقية عن خالد بن عبد الله، عن عمرو بن يحيى (3).
قال القاضى: قد تكلمنا على مثل هذا قبلُ، واْنه لا يدخل فى باب المقطوع ما يكفى.
وقوله: عن معمر بن عبد الله، ليس هو فى هذا الحديث، كذا فى هذا السند، وإنَمَا
فى معمر بن أبى معمر، اخد بنى عدى بن كعب، د إنما جاء ذلك فى حديث سعيد بن عمرو الأشعثى، وفيه عن معمر بن عبد الله عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ليس فى هذا اْحد بنى كعب.
(1، 2) سقط من المخطوطة، وزيادة من مخطوطة كماب (المعلم) للمايرى.
(3) أبو داود، كالبيوع، بفى النهى عن الحكرة برقم (3447).(5/310)
كتاب المساقاة / باب النهى عن الحلف فى البيع
311
(27) باب النهى عن الحلف فى البيع
131 - (1606) حدّثنا زُهيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا أبُو صَفْوَانَ الأمَوِى.
حِ وَحَدثنِى
أبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، كِلاهُمَا عَنْ يُونُس، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنِ ابْنِ المُسَيب ؛ أن أبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (الحَلفُ مَنْفَقَة ئِلسئلعَةِ، مَمْحَقَة لِلربح لما.
132 - (1607) حذثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْب ! اِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - وَاللَفْظُ لاِبْنِ أيِى شَيْبةَ - قَالَ إِسْحَقُ: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الاَخَرَان: حدثنا أبُو اسَامَةَ - عَنِ الوَليد بْنِ كَثيرٍ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْب بْنِ مَالِك، عَنْ أَبِى قَتَ الةَ الَأنْصَارِئ ؛ ؟نهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (الَّاكُمْ وَكثْرَةَ الحَلِفِ فِى البَيع، فَلنَّهُ يُنَفقُ ثُمَ يَمْحَقُ لما.
قوله: (الحلف منفقة للسلعة ممحقة للربح): قال الله تعالى: { يَمْحَقُ اللهُ الزِبَا وَيُرْبِي الصدَقَات} (1)، كل: هذا اتق هو فى الآخرة كما تربو الصدقة حتى 2 تى مثل اْحد وذلك يمحق الربا حسناته، إقَا برجحانه عليه فى الميزان أو بهذا من أجلها، أو لأن من تصدق به أو كل من الربا لا يؤجر فيه كذلك إثمان لما أخره بالحلف الفاجر وزين به سلعته، وحلف أننى أعطى فيهما ما لم يعط، وغر بذلك كله اْخاه المسلم، وقيل: بل المحق فى الدنيا والآخرة ممحقة فى الدنيا ترفع البركة منه، أو تكون لتسليط الجواثح عليه حتى يمحق - والله أعلم.
(1) ا لبقرة: 276.
312
(5/311)
كتاب المساقاة / باب الشفعة
(28) باب الشفعة
!! س، 5 ص، 5 و، لمء ص صكص، صء ص صكص لم صكي ص ه ص
133 - 1608 حدثنا احمد بن يونس، حدثنا زهير، حدثنا أبو الزبيرِ، عن جابِرٍ.
حِ وَحَدثنَا يحيى بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا أبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ أبِى الزّبيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ+ رسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ كَانَ لَهُ شَرِيلث فِى رَبْعَة أوْ نَخْلٍ، فَلَيْسَ لَهُ أنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذنَ شَرِيكَهُ، فَإِنْ رَضِىَ أخَذَ، وَإِنْ كَرِهَ تَرَكَ).
134 - (... ) حدثنا أبُو بَكْر بْنُ أيى شَيْبَةَ وَمُحَمَدُ بْنُ عَبْد اللّه بْن نُمَيْر! اسْحَقُ بْنُ إِبراهِيم - واللفْظ لاِبْنِ نميرٍ - قال إِسْحق: أخْبرنا.
وقال الآخرانِ: حدثنا عبد اللهِ بن
قوله - عليه السلام -: (من كان له شريك فى ربعة أو نخِل، فليس له أن يبيع حتى يوذن شريكه، فإن رضى أخذ، وإن كره ترك)، وفى بعض طرقه: (قضى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بالشفعة فى كل شركة لم تقسم، ربعة أو حائط، لا يحل له اْن يبيع حتى يوذن شريكه، فإن شاء اْخذ و(ن شاء ترك، فإذا باع ولم يوذن فهو أحق به)، وفى بعض طرقه: (الشفعة فى كل شرك، فى ربع اْو أرض أو حائط، لا يصلح أن يبيع حتى يعرض على شريكه فيأخذ أو يدع، فإن اْبى فشريكه أحق به حتى يوذنه)، قال الإمام: اختلف فى اشتقاق الشفعة، فقيل: لاْنه شفع فى اْخذ نصيب غيره، وقيل: لأن نصيبه كان وترأ فصار شفعا.
قال القاضى: قيل: أصلها اْن أهل الجاهلية كان الرجل إذا باع منزلا أو حائطا أتاه الجار، أو الشريك يشفع إليه فيما باع فيشفعه، ويجعله أولى ممن يعد شريكه، فسميت القضية: شفعة، وطالبها: شفيعا، وقيل: لأنه كثر نصيبه بما ضم إليه بالشفعة، وزا ده.
وأصل الشفعة: الزيادة.
وقيل ذلك فى قولى تعالى: { مَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لهُ نَصِيب ئِنْهَا} (1)، قيل: [ من يزدد عملا صالحا] (2)، وقد أجمع العلماء فى وجوب الشفعة للشريك فى الربع المبيع فيما لم يقاسم.
واختلفوا فيما وراء ذلك.
والربعة،
(1)1 لنساء: 85.
(2) فى الأبى: من يزد عملا صالحا إلى عمله.
(5/312)
كتاب المساقاة / باب الشفعة 313
بسكون الباء وفتح الراء، يكون تأنيث ربع وهو الدار والمسكن، وأصله: المنزل الذى كانوا يربعون فيه، وقد يصح اْن يكون الربعة هو الواحد، والربع جمعه، ثم يجمع رباعا مثل تمر وتمرة وذر وذرة.
قال الإمام: الاْصل أن الشفعة إنما أثبتت فى الشرع لنفى الضرر، ولما كان الضرر يختلف باختلاف الأنول خص بذلك العقار ؛ لأنه أشد ضررا من غيره من السلع ؛ لأنه قد يدعوه المشترى إلى المقاسمة أو إلى البيع، أو يضر به ويسىء جواره.
ومنه المعانى يعظم صوره فى العقار.
وقد اختلف أصحابنا فى إثبات / الشفعة فى مسائل، وسبب اختلافهم: ما وقع فيها
من إشكال، هل تشبه العروض والسلع التى لا شفعة فيها، أو هى بالعقار أشبه، مثل اختلافهم فى التمر إذا بيع منفردأ ؟ وقيل: فيه الشفعة، لأنه من جملة الحائط وكأحد أجزائه، وقيل: لا شفعة فيه ؛ لأنه مما ينقل ويزال به فأشبه العروض.
وقد اختلف الناس فى الشفعة فى المقسوم، فمذهبنا أن لا منفعة فيه، وعند!بى حنيفة إثبات الشفعة فى المقسوم، ورأى اْن الشفعة تكون بالجوار ؛ لأنهم يضطربون فى ترتيب الجوار، ويقدمون الشريك على من سواه، والشريك فى الطريق على الجار.
وقد اختلفت الأحاديث، فالذى فى كتاب مسلم هاهنا إثبات الشفعة للشركة، وفى طرقه: أ كل يثركة لم تقسم)، وفى غير كتاب مسلم: أ الشفعة فى كل ما لم يقسم، فعفا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا ضفعة)، واعتمد أصحابنا على هذا الحديث.
والرد على أبى حنيفة، بقوله: (فى كل ما لم يقسم)، حصر الشفعة فيما لم يقسم، ودليله: أنه إذا قسم فلا شفعة.
وقوله: (فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق فلا شفعة): فلو اقتصر على قوله: (فعفا وقعت الحدود) ولم يضف إليه قوله: (وصرفت الطرق)، لكان ذلك حجة لاصحاب مالك فى الرد على أبى حنيفة ؛ لأن الجار بينه وبين جاره حدود، ولكنه لما أضاف قوله: " وصرفت الطرق) تضمن أنها تنتفى بشرطن: ضروب الحدود، وضروب الطرق، فيقول أصحابنا: ضرب الطرق يراد به صرف الطرق، التى كانت قبل القسمة.
ويقول أصحاب أبى حنيفة: المراد به ضرب الطرق التى يشعترك فيها الجاران، فينبغى النظر فى أى التأويلين أظهر.
وقد روى - أيفما - عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) اْنه قال: (الجار أحق بصقبه) (1)، وخرج
(1) البخارى، ك الرله، بلحتيال العامل ليهدى له 9 / 36 ولحمد 6 / 0 39.
وروى: (بسقبه) بالسين.
انظر ة البخارى 3 / 15 1، أبا داود رفم (3516)، النسالْى 7 / ْ 32 "
لبن ماجه (2495).
238 / ب
314
(5/313)
كتاب المساقاة / باب السْفعة
الترمذى واْبو داود: قال النبى ( صلى الله عليه وسلم ): (جار الدار أحق بجار الدار والأرض) (1)، واحتج أبو حنيفة بظاهر هذا الحديث.
ونقول نحن: لم يبين بماذا يكون أحق ؟ هل بالشفعة أو بغيرها من وجوه الرفق والمعروف ؟ ونقول أيضا: يحتمل أن يحمل الجار على الشريك والمخالط قال الشاعر:
ايا جارتى يبقى ما بك طالعة
فسمى الزوجة لمخالطتها له.
وقد خرج أبو داود والترمذى: قال ( صلى الله عليه وسلم ): (الجار أحق بشفعته ينظر به د إن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدأ! (2)، وهذا من أظهر ما يستدلون به ؛ لأنه بين بماذا يكون الحق، ونبه على الاشتراك فى الطريق، ولكن هذا الحديث لم يثبت عند أصحابنا، ورأيت من بعض المحدثين الطعن فيه، وقال فى رواية: إنه لو روى حديثا آخر مثله تركت حديثه.
والصقب بالصاد والسن: القرب، قال الشاعر:
لا ئمم دارها ولا صقب
قال القاضى: حمل بعض شيوخنا قوله: (الجار أحق بصقبه) أنه على الندب للبائع، وحضه على إيثار جاره لا على وجه القضاء والحق الواجب، وهذا كما تقدم فى الحديث، فلا يحل له اْن يسعى حتى يوذن شريكهُ، وحمله آخرون على معنى: احق بالبر والإتحاف والصلة لجواره.
قال الإمام: وقد خرج الترمذى - اْيضأ - قال ( صلى الله عليه وسلم ): (الشريك شفيع، والشفعة فى
كل شىء) (3)، وهذا - أيضا - ظاهر مع القول بالعموم ؛ يثبت الشفعة فيما سوى العقار من العروض، وقد شذ بعض الناس ما أثبتها فى العروض.
وحكى بعض أصحاب الشافعى عن مالك نحوأ من هذا، قال شيخنا - رحمه الله -: وما أدرى أين وقف لمالك على هذا، ولعله راْى قولنا فى الحائط إذا بيع وفيه حيوان أن الشفعة فيه وفى حيوانه، فظن من ذلك أن الشفعة تثبت فى العروض، وليس كما ظن لأن الحيوان هاهنا لما كان من مصلحة الحائط اْعطى حكمه فى الشفعة لها لما بيع مضافأ إليه.
والملك ينتقل فى الرباع على ثلاثة اْقسام: بمعاوضة وفيها الشفعة باتفاق، وبغير معاوضة وهى على قسمين ؛ اختيارية وغير اختيارية، فالاختيارية: الهبة والصدقة، وغير الاختيارية: الميراث، وقد حكى بعض اْصحابنا باتفاق على اْن لا شفعة فى الميراث،
(1) اْبو داود، كالبيوع، بالشفعة رقم (3517)، الترمذى، كالأحكام، بما جاء إذا حُدت الحدود ووقعت السهام فلا شفعة طم 653 رقم (1370).
(2) أبو داود، كالبيوع، بالشفعة رقم له ا 35)، للترمذى، كالأحكام، بمما جاَ فى للشفعة للغائب.
(3) الترمذى، كالأحكام، بما جاء أن الشريك شفيغ 3 / 4 65 رقم (1 137).
(5/314)
كتاب المساقاة / باب الشفعة 315 إِدْريسَ - حَدثنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أبِى الزبيْرِ، عَنْ جَابِر، قَالَ: قَضَى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) بِالشفْعَة فى كُل شِرْكَة لَمْ تُقْسَمْ، رَبْعَةٍ أوْ حَائِط، لا يَحو لَهُ أنْ يَبِيعَ حَتَى يُؤْفِنَ شَرِيكَهُ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءً تَرَكَ، فَلنَا بَاعَ وَلَمْ يُؤْفِنْهُ فًهُوَ أحَق بِهِ.
وانفرد الخطابى فحكى عن مالك / إثبات الشفعة فى الميراث، وهو قول شاذ لم يسمع إلا منه فيما أعلم، وأما الهبة والصدقة فى إثبات الشفعة ففيها قولان مشهوران بالإثبات لقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (الشفعة فيما لم يقسم).
ولم يفرق بينها إلا مالك، ولأنها لنفى الضرر، والضرر لا يختلف باختلاف طرق الملك.
ووجه نفيها قوله فى كتاب مسلم: ا لا يحل له اْن يبيع حتى يوذن شريكه) (1)، فكأنه أشار إلى أن ما تقدم فى صدر الحديث من إثبات الشفعة إنما يكون فى البيع لتركه المبيع فى اخر الحديث، ولو كان غير البيع كالبيع لقال: لا يحل أن يخرج ملكه.
وقال بعض شيوخنا: قوله: ا لا يحل له أن يبيع حتى يوذن شريكه، فإن شاء أخذ وإن شاء ترك): فيه إشارة إلى وجوب الشفعة قبل البيع.
واْما ما لا يقسم من العقار فهل فيه شفعة أم لا ؟ فيه قولان عندنا بإثبات الشفعة لقوله -
عليه السلام: (الشفعة فيما لم يقسم) (2)، وهذا لم يقسم، ولأن الضرر يلحق فى ذلك بسوء المعاشرة والدعاء إلى البيع، ووجه نفيها أن الشفعة فيما لم يقسم يشعر ال ذلك مما يحتمل القسم، ولأن من الضرر المعتبر الدعاء إلى المقاسمة وهى مفقوصة هاهنا.
[ قال القاضى: قوله: (قضى بالشفعة فى كل شركة ما لم تقسم): يدل أن الشفعة
فيما تصح فيه القسمة، وما لا تصح فيه فلا يقال فيه: ما لم يقسم.
وما يقسم نوعان: فيما ينقسم مما لا ينقل، وما يقسم بالعدد والوزن والكيل، وما فى معناه مما ينقل، كما جاء فى الحديث.
وما لا ينقسم لا قسم فيه، ويحتج لنفى الشفعة فيه، قوله: (فيما لم يقسم) يشعر أن ذلك فيما يحتمل القسم، ويحتج لثبوتها فيه بقوله: (الشفعة فيما لم يقسم وهذا لم يقسم) أجمعوا على ذلك، واختلفوا فى ثبوتها فيما بيع بعد القسم، فأثبتها أبو حنيفة حتى إنه أثبتها للجار - على ما تقدم - ثم إذا اختصت مما ينقسم، فظاهر الحديث - سواء انقسم بالحدود ولا ينتقل كالعقار أو انقسم بعدد أو كيل اْو وزن - يدل على تخصيصها بما ينقسم بالحدود ؛ لأن الحكم إذا علق بصفة يدل على أن تلك الصفة هى علة الحكم عند كثير من الأصولين، لاسيما وقد وقع الاجمال بقوله: (ربعة حائط)] (3).
(1) مسلم فى المساقاة، حديث رقم (صهس! ا).
(2) لخرجه النسائى 7 / 321.
(3) نقلت عبارة القاضى هذه من الأبى.
239 / ب
316 (5/315)
كتاب المساقاة / باب الشفعة 135 - (... ) وحدّثنى أبُو الطَاهِرِ، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، عَنِ ابْني جُرَيْجٍ ؛ أنَّ أبَا الزوبيْرِ أَخْبَرَهُ ؛ أنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْد الله يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ لجف!: (الشّفْعَةُ فِى كُلِّ شِرْك فِى أَرْضبى أوْ رَبع أوْ حَائِط، لاَ يَصلُحُ أنْ يَبِيعَ حَتَى يَعْرِضَ عَلَى شَرِيكِهِ فَيَأخُذَ أوْ يَدعً، !فَإِنْ أبى فَشَرِيكُهُ أحَق بِهِ حتى يُؤْفِنَهُ).
وقوله: (حتى يوذن شريكه، فإن رضى اْخذوا، د ان كره تركه): واختلف العلماء
إذا أذن فى البيع وتسلم المبيع منه ثم بدا له، فقال مالك وأبو حنيفة واْصحابه وعثمان البتى وابن اْبى ليلى، أن ذلك له، وهو مذهب الشافعى.
وقال الثورى والحكم وأبو عبيد: ليس ذلك له.
ولأحمد فى ذلك القولان معا.
وحجة هولاء قوله: ا دان كره ترك، ويأخذه إن رضى، وما ترك لا يرجع فيه)، وحجتنا: أن الشفعة له حق، لم يجب له إلا بعد مضى البيع فحيسئذ ينظر فيه، وليس ذلك الشىء أولأ بالذى يوجب إسقاط ما وجب له بعده.
وقوله: (فإن أبى فشريكه أحق به): ظاهره اْنه أحق به إن وقع به التبايع من نقدِ
اْو أجل، وهو قول مالك وأصحابه، وذهب أبو حنيفة والشافعى إلى أنه لا يشفع إلى أجل، ولكنه إن شاء شفع الآن فيأخذ بالنقد، دان شاء صبر إلى الأجل، فيشفع به عند حلوله بالنقد.
واختلف أصحابنا إذا لم يقم الشفيع إلا بعد حلول الأجل، هل يضرب له مثل ذلك الأجل أو يأخذ بالنقد ؟
وقوله: (من كان له شريك): عموم فى المسلم والذمى، واْن الشفعة بينهم وبين المسلمن[] (1).
11) بياض فى الأصل.
(5/316)
كتاب المساقاة / باب غرز الخشب فى جدار الجار
317
(29) باب غرز الخشب فى جدار الجار
136 - (1609) حدثنا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالك، عَنِ ابْنِ شهَاب،
عَنِ الأعْرجَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا يَمْنَعْ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أن يَغْرِزَ خَشَبَة فِى جِدَارِهِ).
قَالَ: ثُمَّ يَقُولُ أبُو هُرَيْرَةَ: مَالِى أرَاكُمْ عَثهَا مُعْرِضِينَ ؟ وَالله، لأرْمِيَن بِهَا بَيْنَ
وقوله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا يمنع أحدكم جاره أن يغرز خشبة فى جداره)، قال الإمام: اختلف المذهب عندنا، هل هذا النهى على الإلزام أم على الندب ؟ فالمشهور عندنا أنه على الندب، والحث على حسن الجوار، وقيل: بل هو على الإلزام، وبين أهل الأصول اختلاف فى الأصل، قد تقدمت الإشارة إليه.
وقد قال بعض أهل العلم: يحتمل أن يكون الضيعة من جداره عائدأ على الجار، فكأنه قال: لا يمنع اْحد جاره أن يغرز خشبة فى ملك نفسه، وهذا التحيل فى التأويل لئلا يكون فيه حجة على القول المشهور.
قال القاضى: وبأنه على الإلزام قال الشافعى وأحمد، وبأنه على الندب قال
ا لكوفيون.
قوله: (خشبة): رويناه فى غير الأم وغيرها بوجهن ؛ بلفظ الإفراد، و(خشبه) بلفظ الجمع.
قال عبد الغنى: كان الناس يقوله بالجمع إلا الطحاوى.
وقال روح بن الفرج: سألت أبا زيد الحارث بن بكير ويونس وكلهم يقوله: (خشبة)
با لإفرا د.
وقوله: (مالى أراكم عنها معرضين): حجة للندب ؛ لأن الصحابة - رضى الله عنهم - لا تعرض عن واجب، لكن لما فهموا الندب تساهلوا.
قال الباجى: ويحتمل اْن مذهب أبى هريرة الندب ؛ إذ لو كان عنده للوجوب لوبخ الحكام على تركه، ولحكم به لأنه كان مستخلفأ بالمدينة.
واختلف إفا احتاج الاذن بجداره لمنفعة له فيه أيحل له إزالته، أو حكم لزمه دإن كان لغير حاجة، بل لإرادة الضرر، فلم يختلف أن ليس له ذلك ؛ لأنه لا يرجع فيما أبيح، إلا أن يكون أباحه عارية لأمد انقضى.
وقوله: ا لأرمن بها بين كتافكم): قال القاضى: (كتافكم) هو بالتاَ المثناة من
318
(5/317)
كتاب المساقاة / باب غرز الخشب فى جدار الجار
كْمَافِكُمْ.
(... ) حدثنا زُهيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ.
ح وَحَدَئنِى أبُو الطَاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، قَالا: أخْبَرنَا ابنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ.
ح وَحَدثنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أخْبَرَنَا عَبْدُ الررأقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَر، كُلُهُمْ عًنِ الزُّهْرِىِّ، بِهَنَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
فوق، والمعنى: أصرح بها لكم وأرجعكم بالتوبيخ على ترك ما رغب فيه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ).
ورواه بعض رواة الموطأ: (أكنافكم) بالنون، ومعناه: بينكم، والكنف: الجانب.
(5/318)
كتاب المساقاة / باب تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها
319
(30) باب تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها
137 - (1610) حدّثنَا يحيى بْنُ إئوبَ وَقُنئبَةُ بْنُ سَعِيدِ وَعَلىُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالُوا: حَدثنَا اِسْمَاعِيلُ - وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ - عَقِ العَلاَءِ ننِ عمل! الرخْمَنِ، عَقْ عَبَّاصِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْد السَّاعِدِىِّ، عَنْ سَعيد بْنِ زَيْدِ نجنِ عَفرِو نجنِ نُفئلٍ ؛ أنى وَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنِ اقْتَطَغَ شِبْرم مِنَ الأرْضِ ظُالَمًاَ، طَوقاُ الله إداهُ يَؤمَ القِيَامَةِ مِن مدبع أوَضِينَ لما.
138 - (... ) حدثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، أخبَونا عَبدُ اللأ نجنُ وَهْب، حَدثنِى عُمَرُ بْنُ مُحَمَّد ؛ أنَّ أبَاهُ حَا لهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زيدِ ئنِ عَمرو ئنِ نُفيلٍ ؛ أ!ىْ أرْوَى خًاصَمَتْهُ فِى بَعْضرِ
وقوله: (من اقتطع شبرا من الأرض ظلما، طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أرضين)، قال الإمام: كان شيخنا أبو محمد عبد الحميد - رحمه الله - كتب إلى بعد فراقى له: هل وقع فى الشرع ما يدل على كون الاْراضين سبعا ؟ فكتبت إليه قول الله تعالى: { الذِي خَلَقَ سنبْحَ سَمَوَد! وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُن} ا (1)، وذكرت ده هذا الحديث الذى رواه سعيد بن زيد وأبو هريرة وعائشة فى كتاب مسلم، فأعاد كتابه الذى يذكر فيه أن الاَية محتملة: هل مثلهن فى الشكل والهيئة ؟ أو مثلهن فى العدد ؟ وأن الأخبار من أخبار الاَحاد، والقرآن إذا احتمل، والأثر إذا لم يتواتر لم يصح القطع بذلك، والمسألة ليست من العمليات فيتمسك فيها بالظواهر وأخبار الآحاد، فأعدت إليه المجاوبة فاحتج لبعد الاحتمال عن الفراق، وبسطت القول فى ذلك، وترددت له فى اَخر كتابى فى احتمال ما قال أو بقطع المجاوبة.
قال القاضى: وقوله: (طوقه من سبع أرضين): يحتمل ظاهر لفظه إليه مثله (من
سبع أرضين).
قيل: هو من الطاقة، والمعنى: يكلف أن يطيق حمل مئله من سبع أرضين، كما قال تعالى: { وَمَن يَنللْ يَاتِ بِمَا غَل يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (2)، ويشهد له قوله فى غير الأم: (جاء يحمله يوم القيامة إلى سبع أرضين)، وفى أخرى: (كلف أن يحمل ترابها إلى المحشر).
وقيل: هو من الطوق.
والمعنى: جعل مثله من سبع أرضين أطواقأ فى عنقه.
وغير بعيد اْن يطول عنقه لمثل ذلك، كما جاء فى غلظ جلد الكافر، وغلط
(1) للطلاق: 12.
(2)+ عمرلن: 161.
320 (5/319)
كتاب المساقاة / باب تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها لَاره، فَقَالَ: دَعُوهَا وَإِئاهَا، فَإِنّى سَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (مَنْ أخَذَ شِبْرًا مِنَ الأرًضِ بِغَيْرِ حَقَه، طُؤَقَهُ فِى سَبْع أرَضِنَ يَوْمَ القِيَامَةِ).
اللّهُمَّ، إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً، فَاغْم بَصَرَهَا، وَاجْعَلْ قبرَهَا فِى!ارِهَا.
قَالَ: فَرَأيْتُهَا عَمْيَاءَ تَلتَمِس! الجُدُرَ، تَقُولُ: أصَابَتْنِى دَعْوَةُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ.
فَبَيْنَمَا هِىَ تَمْشِى فِى الدَّارِ مَرت عَلَى بِئْرٍ فِى الدَّارِ، فَوَقَعَتْ فيهَا، فَكَانَتْ قَبْرَهَا.
139 - (... ) حدثنا أبُو الرئيع العَتَكِى، حَد!شًا حَمَّادُ بْنُ زَيْد، عَنْ هشَام بْنِ عُرْوَةَ،
عَنْ أبِيهِ ؛ أن أرْوَى بِنْتَ اوَيْس ادَعَتْ عَلَى سَعيدِ بْنِ زَيْد أنَّهُ أًخَذَ شَيْئًا مِنْ أرْضهَا، فَخَاصَمَتْهُ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الحَكَمً.
فَقَالَ سَعِيد: أَنَا كُنْتُ آخذُ مِنْ أرْضهَا شَيْئًا بَعْدَ اَئَذِى سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ قَالَ: وَمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ قَالَ: سَمِعْتُ ضرسه، كما قال تعالى: { سَيُطَوَّتُونَ مَا بَخِلُوا به يَوْمَ الْقِيَامَة} (1)، ويشهد له حديث عائشة: (طوقه من سبع أرضين)، ويحتمل أَنَ يريد أنه يلزم إثم ذلك كلزو! الطوق العنق.
وقل: المعنى: خسف به ومثل الطوق منها.
ويشهد له قوله فى الاَخر: (إلى سبع اْرضين) وفى البخارى: (خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضينأ (2).
وقوله: (من سبع أرضن): قال القاضى: الأراضون سبع طباق، وإنما الخلاف هل
فتق بعضها من بعض ؟ قال الداودى: الحديث يدل اْنها لم تفتق ؛ لأنها لو فتقت لم يطوق بما ينتفع به غيره.
وجاَ فى غلظهن وفيما بينهن خبر ليس بصحيح، واستدل به بعضهم على اْن من ملك ظاهر الأرض يملك ما تحتها مما يقابله، فله منع من تصرف فيه أو يحفر.
وقد اختلف العلماَء فى هذا الأصل فيمن اشترى دارًا فوجد فيها كنزًا، اْو وجد فى أرضه معدنا، فقيل: له، وقيل: للمسلمين.
ووجه الدليل من الحديث اْنه غصب شبراً فعوقب بحمله من سبع أراضين، وكذلك يملك مقابل ذلك من الهواء يرفع فيه من البناَ ما شاَ مالم يضربأحد.
وتأول بعضهم الحديث على أن المراد بالسبع اْراضِن: السبعة أقاليم، وهو تأويل
أبطله العلماء ؛ لأنه لو كان المراد ذلك لم يطوقه من غصب شبرًا من إقليم شبراً من إقليم آخر، بخلاف طباق الأرض فإن من ملك شبراً من الأرض ملك تحته.
(1)+ عمران: 180.
(2) البخارى، كالمظالم، بإثم من ظَلَم شيئأ من الأرض 3 / 170، وكذا فى بدَ الخلق، بما جاء فى شع أرضين 4 / 130.
(5/320)
كتاب المساقاة / باب تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها 321 رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (مَنْ أخَذَ شِبْزا مِنَ الأرْضِ ظُلمًا طُوِّقُه إِلَى سَبعْ أرَضِينَ).
فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: لا أسْألُكَ جمة بَعْدَ هَنَا.
فَقَالَ: اللهُمَّ، إِنْ كَانَتْ كَافِبَة فَعَمِّ بَصَرَهَا وَاقْتُلهَا فِى أرْضِهَا.
قَالَ: فَمَا مَاتَتْ حَتَّى فَ!بَ بَصَرُهَا، ثُمَّ بَيْنَا هِىَ تَمْشِى فِى أَرْضِهَا إِذ وَقَعَتْ فِى حُفْرَة فَمَاتَتْ.
140 - (... ) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا يحيى بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أبِى زَائله،
عَنْ هشَابم، عَنْ أبيه، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْد، قَالَ: سَمعْتُ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (مَنْ أخَذَ شِبْرم مِنَ الَأرْضِ ظُلمًا، فًإِنَّهُ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ سَبْع أَرَضِ!دنَ).
141 - (1611) وحلينى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا جَرِير!، عَنْ سُهَيْل، عَنْ أبِيهِ،
عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (لاً يَا"خذُ أحَدٌ شِبْرًا مِنَ الأرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ، إِلا طَوَّقَهُ الله إِلَى سَبْع أرَضِينَ يَوْمَ لالقِيَامَةِ).
142 - (1612) حدّثنا أحْمَد بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِىُّ، حَدثنَا عَبْدُ الضَمَدِ - يَعْنِى
ابْنَ عَبْدِ الوَارِثِ - حَا شَا حَرْبٌ - وَهُوَ ابْنُ شَدَّاد - حَدثنَا يحيى - وَهُوَ ابْنُ أن كَثِير - عَن مُحَمَّد بْنِ إِبْرَاهِيمَ ؛ أنَّ أبَا سَلَمَةَ حَا لهُ، وَكَانَ بَيْنَةُ وَبَيْنَ قَوْمِه خُصُومَةٌ فِى أرْضبى، وَانهُ دَخَلَ عًلَى عَائِشَةَ فَذَكَرَ فَلِكَ لَهَا.
فَقَالَتْ: يَا أبَا سَلَمَةَ، اجْتَنِبِ الأرْضَ، فَإِنَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْر مِنَ الأرْضِ طُوَّقَهُ مِنْ سَبْع أرضِينَ).
(... ) وحلينى إسْحَقُ بْنُ مَنْصُور، أخْبَرَنَا حَبَّانُ بْنُ هلاَل، أخْبَرَنَا أبَان!، حَدثنَا يحيى ؛ ير، َ صَّ هَ هًَ !وصّءًٍَ!، !، ًً ءًِ ص ص ص ص ص ص و
أن محمد بن إِبراهِيم حدثه ؛ أن أبَا سلمة حدثه، انه دخل على عائِشة.
فذكر مِثْله.
قال الإمام ؟.
مسلم في اخر باب الشفعة حديثا رواه يحيى بن أبى كثير عن محمد
ابن إبراهيم ة أن أبا سلمة حدثه: أن عائشة قالت: اجتنب الأرض - الحديث، ثم أردف عليه: نا إيسحق، نا حبان، نا أبان، نا يحيى بن محمد بن إبراهيم، حدثه - فذكر الحديث.
وفى نسخة ابن ماهان ؛ نا أبان، نا يحيى بن آدم ؛ أن محمد بن إبراهيم حدثه.
قال بعضهم: وهذا خطأ، دإنما هو يحيى بن أبى كثير المذكور فى الحديث الأول لا يحيي بن آدم.
322
(5/321)
كتاب المساقاة / باب قدر الطريق إذا اختلفوا فيه
(31) باب قدر الطريق إذا اختلفوا فيه
143 - (1613) حدّثنى أبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الجَحْدَرِىُّ، حَا لنَا عَبْدُ العَزِيزِ
ابْنُ المُخْتَارِ، حَا ثنَا خَالدٌ الحَئاءُ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ الله، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أن الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِفَا اخْتًلَفْتُمْ فِى الطَرِيقِ، جُعِلَ عَرْضُهُ شئعَ أفرُع).
وقوله: (إذا اختلفتم فى الطريق جعل عرضه سبعة أذرع)، قال القاضى: قال الخطابى: هذا حديث معمول به عند العلماء وذلك بشرطن: اْن يبقى لكل من الشركاء بعد ذلك ما ينتفع به دون مضرة.
وأما أن يبقى لاْحدمم ما لا ينتفع به فغير داخل فى ذلك.
قال غيره: وهذا فى أصحاب الأفنية إذا أرادوا البنيان أن يجعلوها سبعة أذرع ؛ قدر ممر الأحمال وتلاقيها.
قال القاضى: وهذا كله عند التشاجر والاختلاف لما نص عليه فى الحديث، وأما إذا
اتفق أهل الأرض عند قسمها على طريق لم يعرض لهم لاْنها ملكهم، وقيل: الحديث جاء فى اْمهات الطرق، واْما بنيات الطرق فاتفقوا عليه جاز وإن قل، فإن أراد هذا القائل بأمهات الطرق إلى قريتهم التى يقسمونها فهو ما قلناه: إنه مما يتراضون عليه، إلا أن يقال: إن هذا التراضى فى أمهات الطرق مما يضر بجميعهم فيحد لهم ما فيه مصلحتهم.
وان أراد بأمهات الطرق العامة للمسلمين فى أرض لهم، أرادوا بناع!ا فألزم أن يخرجوا للمسلمين ما ذكر فى الحديث قبل.
وهذا فى القرى والمدن، وأما الفيافى وخارج المدن فيجب أن تكون الطرق فيها أوسع لمجرى الجيوش ومسارح الاْنعام.
وقد جاء فى ذلك اثار نحو هذا - والله أعلم.
قال الإمام: لم يأخذ مالك وأصحابه بهذا الحديث، وزاْوا أن الطرق تختلف بحسب الحاجة إلى سعتها بقدر اختلاف أحوالها، وأن ذلك معلوم بالغالب، وليس طريق الممر كطريق الأحمال والدواب، وليس المواضع العامرة التى يتزاحم عليها الوارد كغيرها، ولعل الحديث عنده ورد فيما كانت الكفاية فيه بهذا القدر، وتنبيها على الوسط والغالب.
قال: وذكر مسلم فى سند هذا الحديث: عن خالد الحذاء، عن يوسف بن عبد الله، عن أبيه، [ وعند ابن ماهان: سفيان بن عبد الله (1)]، وهو تصحيف، إنما هو يوسف بن عبد الله وهو يوسف بن عبد الله بن الحارث بن أخت ابن سيرين.
(1) سقط من الأصل، واستدرك فى الهامثى بسهم.
(5/322)
كتاب المساقاة / باب قدر الطريق إذا اختلفوا فيه
323
قال القاضى: قال البخارى: يوسف بن عبد الله بن الحارث ابن أخت ابن سيرين، سمع أباه، روى عنه خالد الحذاء، وعاصم الأحول وغيرهما.
قال غيره: وهو يوسف ابن أخت ابن سيرين، نسب إلى ابن سيرين وأمه كريمة بنت سيرين (1).
(1) اللوحة (240) كثرها مطموس أو بياض فى الأصل، وقد تم نقل كثير من أجزائها من المعلم، وكتاب الأبى (إكمال ال مال).
(5/323)
324
كتاب الفرائض
بسم الله الرحمن الرحيم
23 - كتاب الفرائض
ا - (1614) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى وَأبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَإِسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ - وَاللَّفْظُ لِيَحْىَ - قَالَ يحيى: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدثنَا ابْنُ عُييْنَةَ - عَنِ الزّهْرِئ عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْن، عَنْ عَمْرِو بْنِ عثمَانَ، عَنْ اسَامَةَ بْنِ زَيْد ؛ أنَّ الئبى ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (لاَ يَرِثُ المُسْلِمُ اهَافِرَ، وَلاَ يَرِثُ اهَافِرُ المُسْلِمَ).
بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وأله وصحبه وسلم.
كتاب الفرائض
قوله: ا لا يرث المسلم الكافر، ولا[ يرث] (1) الكافر المسلم !: مفهومه الذى اتفق
عليه المسلمون: أن المراد به أنهما لا يتوارثان ميراث أهل الإسلام بعضهم من بعض (2) وعلى حكمهم، بخلاف لو كان الكافر عبد المسلم فمات فماله للمسلم ليس بحجة التوارث، بل لأنه ماله ؛ لأن مال عبده مالُه، إن شاء تركه بيده د إن قبضه وانتزعه عنه، فإذا مات العبد بقى لسيد المال العبد، ولو أعتق ثم مات على كفره لم يرثه، وكان ميراثه لجماعة المسلمين.
ولا خلاف فى هذه الجملة إلا ما أجازه بعض السلف من ميراث المسلم الكافر، وهو قول النخعى وإسحاق (3) بخلاف الكافر من المسلم، وكأن هذا الحديث لم يبلغهم.
قال الإمام - رحمه الله -: اْما ميراث الكافر ضن المسلم، فالاجماع قد انعقد عليه،
وأما ميراث المسلم من الكافر فمسألة اختلاف، ولها أورد مالك الحديث فى الموطأ مختصرأ تنبيفا على موضع الخلاف، فقال: ا لا يرث المسلم الكافر) (4).
ولم يزد على هذا اتفاق الجمهور من العلماء: ا لا يرث المسلم الكافر) ؛ اْخذا بهذا الحديث، وبه قال عمر وعلى وزيد وابن مسعود وابن عباس وجمهور التابعين - رضى الله عنهم - بالحجاز والعراق.
من الفقهاء: مالك والشافعى وأبو حنيفة وداود وابن حنبل وعامة العلماء (5).
وقال بتوريث المسلم من الكافر: معاذ ومعاوية وابن المسيب ومسروق (6) وغيرهم (7)،
(1) ساقطة من الاْصل.
(2) انظر: الاستذكار 15 / 494.
(3) ا نظر: لطا وى 8 / 78.
(4) الموطأ، كالفرالْض، بميراث ئ!ل الملل 2 / 519 (10).
(5) الاستذكار 15 / 492، الحاوى 8 / 81.
(6) الاستذكار 15 / 491.
(7) كمحمد بن على بن الحنفية، ومحمد بن على بن حسيئ، ويحص بن عمرو، ورواية عن إسحق بن را هويه 10 نظر: ا لسا بق.
(5/324)
كتاب الفرائض 325
وروى عن أبى الدرداء والشعبى والزهرى والنخعى نحوه على اختلاف عنهم فى ذلك، والصحيح عن هولاء خلافه، وحجة هولاء أن أخوين اختصما إلى يحيى بن يعمر مسلفا ويهودئا فى ميراث أخ يهودى، فورث المسلم، وذكر أن معاذ بن جبل قال: سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول: (الإسلام يزيد ولا ينقص) (1)، واحتجوا اْيضًا بقوله - عليه السلام -: (يعلو ولا يعلى عليه) (2)، وهذا لا حجة فيه ؛ لاكن المراد به فضل الإسلام على غيره، ولم يصرح فى هذا بماثبات التوريث، ولا يصح أن يرد النص فى قوله: " لا يرث المسلم الكافر) بمثل هذه الاحتمالات.
وأما أهل الكفر فهم عند مالك - رحمه الله - أصحاب ملل مختلفة، فلا يرث اليهودى النصرانى ولا النصرانى اليهودى، وكذلك المجوسى لا يرث هذين ولا يرثانه، وذهب الشافعى وأبوحنيفة وداود إلى أن الكفر ملة واحدة (3)، وأن الكفار كلهم يتوارثون، والكافر يرث الكافر على أى كفر كان، وقد قال ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا يتوارث أهل ملتين) (4).
فلما اعتقد مالك أن أنول الكفر ملل مختلفة منع التوارث بين اليهودى والنصرانى، وقد
قال تعالى: { لِكُل جَعَلْنَا مِنكُمْ ثِرْعَة وَمِنْهَاجًا} (5).
ولما اعتقد الشافعى ومن ذكرنا معه أن اْنول الكفر ملة واحدة، ورث اليهودى من النصرانى، والنصرانى من اليهودى، وقد قال تحالى: { وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلا الئصَارَى حَتق تَتبِعَ مِئتَهُمْ} (6)، فوحد الملة، وقال تعالى: { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِطَ دِينِ} (7)، فوحد الدين ولم يقل: أديانكم، وقالوا: قوله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا يتوارث أهل ملت!ن) كقوله ( صلى الله عليه وسلم ): / 1 لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر من المسلم)، وقد قال بعض من رأى أن الكفر ملل مختلفة: إن السامرية مع اليهود اْهل ملة واحدة والصالحن مع النصارى أهل ملة ثانية، والمجوس ومن لا كتاب له أهل ملة، وتكون هذه عندهم ثلاث ملل سوى ملة الإسلام.
يحكى هذا المذهب عن شريح وشريك وابن أبى ليلى (8).
(3) أبو داود، كالفرائض، بهل يرث المسلم الكافر 2 / 113.
للض ارى، كالجنائز، بإذا لسلم الصبى فمات هل يصلى عليه 218 / 3.
قول مالك والثافعى.
انظر: الحاوى 8 / 79، الاستذكلى 15 / 494.
أبو ثاود، كالفرائض، بهل يرث المسلم الكافر بلفظ: ا لا يتوارث أهل ملتين شتى) 2 / 113، الترمذى، كالفرائض، بلا يتوارث أهل ملتين 4 / 424، ابن ماجه، كالفرائض، بميرلث أهل الاصلام من السْرك 2 / 912، عن عمرو بن سْعيب عن أبيه عن جده، إلا الترمذى عن جابر، وقال: لا نعرفه من حديث جابر إلا من حديث لبن اْبى ليلى.
ا لما ئدة: 48.
للبقرة: 120.
للكافرون: 6.
انظر: الاستذكلى 15 / 495.
(5) (6) (7) (8)
1 / 2
(5/325)
326
كتاب الفرائض
قال القاضى - رحمه الله -: وقوله: ا لا يرث المسلم الكافر) عموم، فيدخل فيه الكافر الأصلى والمرتد، وهو قول مالك وربيعة وابن اْبى ليلى والشافعى ؛ أن ميراث المرتد لجماعة المسلمن، وذهب الكوفيون والأوزاعى وإسحق إلى اْن ورثته من المسلمن يرثونه، صروى عن على وابن مسعود وجماعة من السلف إلآ الثورى وأبا حنيفة قال: ما اكتسب من ردته فهو فىء للمسلمين، والآخرون يرون الجميع لورثته من المسلمين.
(5/326)
كتاب الفرائض / باب ألحقوا الفرائض بأهلها...
إلخ
327
(1) باب ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقى فلأوْلى رجل ذكر
2 - (1615) حدّثنا عبدُ الأعْلَى بْنُ حَمَاد - وَهُوَ الئرْسىُّ - حَا شَا وَهَيْمث عَنِ ابْنِ طَاوُس، عَنْ أبيه، عَنِ ابْنِ عبَاس، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ءَ (ألحقُوا الفَرَائضَ باهْلِهَا، فَمَا بَقِىَ فَهُوَ لأَوْلًى رَجُل ذَكَر).
ً
3 - (... ) حدّثنا امَيةُ بْنُ بِسْطَامَ العَيْشِىُّ، حَدممصثنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيع، حدثنا رَوْحُ بْنُ القَاسِ! عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ طَاوُس، عَنْ أبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، عَنْ رَسولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ:
وقوله: (ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقى فهو لاءولى رجل ذكر): كذا رواية كافة شيوخنا فى هذا الحديث: (فالأولى) بسكون الواو وفتح اللام الآخرة، ووقع عند ابن الحذاء عن ابن ماهان: (فلأدنى رجل ذكر) وهو تفسير (أولى)، أى أقرب وأقعد بالميت.
قال الإمام - رحمه الله -: العصبة بينه وبين الميت نسب يَحُوز المال إذا انفرد، ويرث
ما فضل معا إن لم ينفرد كالاْخ والعم، فإن كل واحد منهما يحوز المال إذا انفردت إن كان مع ذوى سهام اْخذ ما فضل، والأب والجد كذلك إ، أنهما يفرض لهما مع ذوى السهام لمعنى فيهما غير التعصيب.
والتعصيب يكون بالبنوة والأبوة والجدودة، فتعصيب البنوة أولا جاء ثم تعصيب الأبوة ثم تعصيب الجدودة، فالابن أولى من الأب، لكن الأب يفرض له السدس بمعنى غير التعصيب، وهو أيضا اْولى من الأخوة وبنيهم ؛ لأنهم إنما ينتسبون بالمشاركة فى الأبوة، وقد قدمنا أن تعصيب البنوة أولى فكذلك أيضا يقدمون على العمومة ؛ لأن تعصيب العمومة بالمشاركة فى الجدودة والبنوة اْولى.
والبنوة أولى من الاْخوة ومن الجد ؛ لأنهم به ينتسبون فيسقطون مع وجوده، والجد اْولى من بنى الأخوة ؛ لاْنه كالأب معهم، ومن العمومة ؛ لأنهم به ينتسبون.
والأخوة وبنوهم أولى من العمومة وبنيهم ؛ لأن تعصيب الأخوة بالأبوة والعمومة بالجدودة، وقد قدمنا أن الأبوة اْو،.
هذا ترتيبهم فى الطبقات وإن اختلفوا، وهم فى طبقة واحدة من الطبقات التى ذكرنا،
وهم مختلفون فى القرب ؛ فالأقرب أولى كالأخوة مع بنيهم ؛ لأنهم كلهم ينتسبون بالمشاركة فى الاَبوة، ولكن مشاركة الأخوة أقرب من مشاركة بنيهم، وكذلك العمومة مع بنيهم، دإن تساووا فى الطبقة والقرب ولأخوهم زياده ترجيح قدم الأخ ؛ كالأخ الشقيق مع
328 (5/327)
كتاب الفرائض / باب ألحقوا الفرائض بأهلها...
إلخ (ألحِقُوا الفَرَائِض! بِا"هْلِهَا، فَمَا تَرَكَتِ الفَرَ، لضُ فَلأوْلَى رَجُل ذَكَر).
4 - (... ) حدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِع وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - وَاللَفْظُ لاِبْنِ رَافِع - قَالَ إِسْحَقُ: حَدثنَا.
وَقَالً الآخَرَانِ: أخْبَرَنَا عَبْدُ الرراقِ - أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنْ ابْنِ طَاوُس، عَنْ أبِيهِ، عَنِ ابْنِ عبَاس، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (اقْسِمُوا المَالَ بَيْنَ أفلِ الفَرَائِضِ عَلَى كِتَابِ اللّهِ، فَمَا تَرَكَتِ الفَرَائِضُ فَلأَوْلَى رَجُل ذَكَر).
الأخ للأب ذاتهما، وان استوت طبقاتهما ومشاركتهما فى الأب الذى يقع به التعصيب فالشقيق زيادة قربهم بمشاركته فى الاْم والرحم ة فكان أولى، وهكذا يجرى الأمر فى بنيهم وفى العمومة وبنيهم.
وهذا إذا كان الترجيح بمعنى مناسب بجهة التعصيب مثل ما قلنا فى الأخ الشقيق مع
الأخ للأب، فإن الإجماع على أن الشقيق أولى بلليراث من الأخ لاْب ؛ لأنهما اشتركا فى الأخوة من الأب والأم بالشقيق اْخوه من الاْم فهى أخوة كلها فكأنها أخوة أقوى من أخوة ؛ فلهذا قدم الشقيق باتفاق.
وإن كان زيادة الترجيح بمعنى غير ما هما فيه كما بين عم أحدهما أخ لأم فإنها مسألة اختلاف، فقال: يكون بالترجح هنا قياسا على ما تقدم فى الأخ الشقيق مع الأخ للاْب، وحكموا بللال كله لابن العم الذى هو أخ لأم، السدس بالفرض والباقى (1) بالتعصيب.
وروى ذلك عن عمر وابن مسعود، وبه قال شريح والحسن وابن سيرين والنخعى وأبو ثور وداود والطبرى، ولم يثبت آخرون بذلك ترجيحا فى التعصيب، وحكموا بأن للأخ للأم السدص والباقى يقسم نصفين بينه وبن العم الآخر، روى ذلك عن على وزيد وابن عباص، وذكر عن عمر ما يدل عليه، وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعى وجمهوو الفقهاَ، والفرق على اْهل هؤلاَ بين الاْخ الشقيق والأخ للأب وبن هذه المسألة ما قدمناه من التنبيه على طريق الترجيح (2).
وقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (فلأولى رجل ذكر): المراد بأولى هاهنا: أقرب، ولا يراد به:
أحق، مثل ما يراد بقولهم: زيد أولى بماله ؛ لاْنه لو حمل على هذا الخلاَ من المكايدة المرادة به ؛ لأنه لا يعلم من هذا أن يكون أحق وهو المراد ببابه، وهما اْولى الناص بالسوال عن مثل قوله هاهنا: (فلأولى رجل ذكر)، وقوله فى حديث الزكاة: ا لابن لبون ذكر) (3) والتكيد إنما يحسن إذا كان مقدما.
ومعلوم أن الرجل لا يكون إلأ ذكرأ، كما أن المرأة لا تكون إلآ أنثى، فلِمَ حَسُن
(1) قيد قبلها بالفرض.
(2) انظر: الاصتذكلى 15 / 2 من.
(3) ابق ماجه، كالزكاة، بصدقة الإبل 1 / 574.
(5/328)
كتاب الفرائض / باب ألحقوا الفرائض بأهلها...
إلخ 329 (... ) وَحَد"شِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ أَبُو كرَيْب الهَمْلَانِى، حدثنا زَيْدُ بْنُ حُبَاب، عَنْ
يَحْىَ بْنِ أيوبَ، عَنِ ابْنِ طَاوُس، بِهَنَا الإِسْنَادِ، نَحْوَ حَلِيثِ وُهَيْمب وَرَوْح بْنِ القَأسِم.
هاهنا وصف الرجل بأنه ذكر، مع العلم بأنه لا يكون إلا كذلك ؟ وقد أجاب بعض الناس عن حديث الزكاة بأن الابن قد يوضع موضع الولد، ألا تراهم يقولون: بنو تميم، يريدون الأنثى منهم والذكر، وإذا أمكن أن يوضع (ابن ! موضع (ولد) وكان الولد ينطلتى على الذكر والأنثى، حَسُن التثيد هاهنا ؛ لئلا يظن أنه أطلق الابن على الذكر والأنثى.
ورأيت بعض الناس زعم: إنما قال: (ابن لبون ذكر) لوجود خنثى فى الأولاد اللبون وفى غيرها من الإنسان، فقيل بالذكورية لتسير إلى منع أحد الخنثى.
وهذان الجوابان لا يتلقاهما الفهم بالقبول، والذى يلوح لى فى ذلك جواب ينتظم الحديثين جميعَا وهو: أن قاعدة الشرع قد استقرت على أن الانتقال من سن إلى أعلى منه إنما يكون عند الانتقال من عدد إلى اْكثر منه، فالعدد الكثير أحمل للمواساة، فإذا زاد العدد زاد قدر المخرج، ولهذا كانت فى الخمسة والعشرين بنت مخاض، وفى الست والثلاثن بنت لبون التى هى السن من البنت مخاض، وفى الستة والأربعن بما هو أسن وهى الحقة، فلما استقر الأمر على هذا وجعل ( صلى الله عليه وسلم ) فى الخمسة وعشرين وهو عدد واحد سنا، وعلى منه وهى بنت مخاض، وأعلى منها وهو ابن لبون، توقع أن يهجس فى النفوس أن ذلك خارج عما اْصل، فنبه على أن المخرج عق العدد الواحد من اْنهما كالسن الواحد ؛ لأن ابن لبون وإن كان اْعلى سنا فهو اْدنى قدزا لأجل الذكورية، فنبه بقوله: (ذكر) على اْن ذلك يبخسه حتى يصير كبنت مخاض التى هى اْصغر سنا لكنها أنثى، وكذلك لما علم أن الرجال أرباب القيام بالأمو.
وفيهم معنى التعصيب، وكانت العرب ترئ لهم القيام بأمور لا نراها للنساء، ذكر كلفه الذكورية ليجعلها كالعلة التى لأجلها خص بذلك، لكنه ذكرها هاهنا تنبيها على الفضل، رفى الزكاة تنبيها على النقص.
330
(5/329)