فلا شك أن رهن كل شيء وقبض كل شيء بحسبه، ويتحايلون الآن على الرهن بغير اسمه، في السيارات على سبيل الخصوص يرهنون السيارة، لكن بغير اسم الرهن، بمعنى أنه يقول: أبيعك هذه السيارة بمائة ألف كل شهر ثلاثة آلاف، ونسمي هذا البيع تأجير، هو بيع في الحقيقة، إذا انتهت الأقساط أخذ صاحب السيارة سيارته، وانتقلت الملكية له تلقائياً بالعقد الأول، هذا بيع، لكنه برهن، يعني تأخير انتقال الاسم في الاستمارة من البائع إلى المشتري؛ لأنه رهن ثبتت باسمه، واستمرت على اسمه رهناً، وإن سموه تأجير، وهو ليس في الحقيقة تأجير؛ لأنه بيع، بيع تام إلا أنهم لا يحولون الاسم في الاستمارة؛ لئلا يتصرف المشتري بالسيارة فيضمن البائع حقه باستمرار اسمه في الاستمارة، هذا بيع برهن، ولو سموه تأجير؛ لأنهم لا يستطيعون أن يهمشوا على الاستمارة، قبل منذ ربع قرن أو أكثر والاستمارات مثل الدفتر فيها عدة أوراق، إذا رهن سواءً كان بدينها بدين السيارة، أو بدين أخر ذهب البائع والمشتري إلى المرور وهمشوا على الاستمارة أن السيارة مرهونة لفلان مما لا يوجد نظيره الآن، بل لا يمكن؛ لأن الاستمارات لا تحتمل الآن، وليس لمحل الرهن حقل.(132/5)
على كل حال مثل هذه الأمور لا شك أنها أمور اصطلاحية، وأعراف تتغير من وقت إلى آخر، فإذا أراد البائع أن يرهن السيارة، ويضمن حقه فإنه حينئذٍ لا يحول الاسم، طيب لا يحول الاسم وقد باع، لا، يتحايل على البيع ويسميه أجرة، وهذه المسألة غير مسألة الإيجار بالتمليك، مسألة ثانية تلك في عقد واحد يبيعه السيارة بمائة ألف وينتهون، وتكون هذه المائة منجمة كل شهر ثلاثة آلاف أربعة آلاف ألفين أكثر أقل، فإذا انتهت انتقل ملك السيارة تلقائياً، وحولت الاستمارة، لكن بالنسبة للإيجار المنتهي بالتمليك هو مشتمل على عقدين: عقد تأجير وعقد تمليك، فهو يُؤجره السيارة كل شهر بألفين، ثم يبيعها عليه بعشرين مثلاً هذا العقد اشتمل على عقدين التأجير والتمليك البيع، والسبب في منعه منع مثل هذه الصورة أن الضمان عائر لا يدرى هل هو على المشتري أو على البائع، فإن قلنا: إنه مستأجر صار الضمان على صاحب السيارة البائع، وإن قلنا: إنه مشترٍ، إذا قلنا: مستأجر صار ضمانه على البائع على صاحب السيارة، وإذا قلنا: إنه مشترٍ فالضمان عليه، ونظراً لهذا وما يوجده من إشكالات لاشتمال العقد على الاحتمالين فإنه يُمنع من هذه الحيثية، وقد أفتى المشايخ بتحريم مثل هذه الصورة.
"قال يحيى: حدثنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب" وهو موصولٌ في غير الموطأ "عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-" والحديث صحيح لا إشكال فيه "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يغلق الرهن)) " يعني من صاحبه، بمعنى أنه لا يؤخذ منه بمجرد حلول الدين من غير رغبته، لا يؤخذ منه، وينتقل تلقائياً إلى المرتهن بمجرد حلول الدين من غير رغبته.
ومالك -رحمه الله تعالى-: قال: "وتفسير ذلك فيما نُرى -والله أعلم-" يعني نظن "أن يرهن الرجل الرهن عند الرجل بالشيء، وفي الرهن فضلٌ عما رُهن به" استدان من زيد مبلغ خمسين ألف وأرهنه بيتاً بمائة ألف فيه فضل "فيقول الراهن للمرتهن: "إن جئتك بحقك إلى أجلٍ يسميه" يعني بعد سنة مثلاً "وإلا فالرهن لك بما رُهن فيه" يعني لك بالمبلغ الأدنى بالخمسين، ولا شك أن هذا لا يقوله إلا مضطر والاضطرار هو الإغلاق، فلا ينفذ مثل هذا.(132/6)
قالوا: وكان الرهن أو غلق الرهن من أفعال الجاهلية، فأبطله النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: ((لا يغلق الرهن)) يعني يفوت على صاحبه بمجرد أن الدين حل عليه، يعني استغلالاً لضعفه ولظرفه، لا.
قال: "فهذا لا يصلح ولا يحل" مثل هذه العبارة وقد جاءت في الحديث الصحيح لا يصلح، أو قال: لا يحل، دليلٌ على أن معنى لا يصلح في النص جاء في الحديث الصحيح، لا يصلح، أو قال: لا يحل، وهنا في كلام الإمام مالك لا يصلح ولا يحل، أن هذه الكلمة يعني لا يصلح إذا أجاب بها العالم فمراده بها التحريم ضد الحلال، بعض المفتين يتورع من قوله: هذا حرام، ويكتفي بقوله: لا يصلح، يا أخي لا يصلح مثل هذا العمل، وإذا قلنا: إنهما بمعنى واحد فليس ورعاً أن يقول: لا يصلح، وإنما يقول مثل ما يقول الإمام أحمد: لا يُعجبني، أما إذا قال: لا يصلح وهو يعرف أن معنى لا يصلح لا يحل، يعني يحرم ما استفاد، نعم جرى العُرف بهذا أن العالم إذا قال: لا يصلح دل على أن في نفسه شيء من الجزم بالتحريم، تستعمل كثيراً، يقول لك: هذه شركة نقية على ما قالوا ونريد أن نساهم فيها، تقول: لا يصلح، ما يصلح، هذا ما يصلح، وتريد أن تكفه وراعاً من أن يدخل في هذه الشركات ولو كانت نقية، وهنا قال: "فهذا لا يصلح ولا يحل" يعني يحرم، "وهذا الذي نُهي عنه" يعني إن كان في الرهن فضل أو في ... ، نعم في الرهن فضل عن الدين، مثلما قلنا: إنه استدان منه خمسين ألف ثم رهنه بيتاً قيمته مائة ألف.
يقول: "وهذا الذي نُهي عنه، وإن جاء صاحبه بالذي رهن به بعد الأجل فهو له" وإن جاء صاحبه بالذي رهن به بعد الأجل فهو له، يعني هذا الرهن الذي فيه فضل عن الدين، وأخذه المرتهن بناءاً على قول الراهن "وإلا فالرهن لك" يعني ما جاء بالمبلغ، تأخر بالمبلغ يصير الرهن على ما اتفق عليه للمرتهن مع فضله وزيادته.
"فهذا لا يصلح ولا يحل، وهذا الذي نُهي عنه، وإن جاء صاحبه بالذي رهن به بالمبلغ المطلوب بعد الأجل فهو له" لأن التصرف الأول غير صحيح "وأرى أن هذا الشرط منفسخاً" يعني الشرط هذا ليس بصحيح، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أيوه؟
طالب:. . . . . . . . .(132/7)
يقول: "وتفسير ذلك فيما نُرى -والله أعلم- أن يرهن الرجل الرهن عند الرجل بالشيء وفي الرهن فضلٌ عما رُهن به" ظاهر وإلا ما هو بظاهر إلى هذا الحد؟
طالب:. . . . . . . . .
استدان مبلغ خمسين ألف مائة ألف مائتين ألف ثلاثمائة ألف نعم فرهنه بيت، بيت بخمسمائة ألف، من أجل ثلاثمائة أو أربعمائة ألف دين، يقول الراهن للمرتهن: إن جئتك بالمبلغ الثلاثمائة وإلا فالبيت لك المرتهن كله، إن جئتك بحقك إلى أجلٍ يسميه بعد ستة أشهر بعد سنة، يعني إلى الأجلٍ المحدد في العقد، أجل الدين وإلا فالرهن لك بما رُهن فيه، قال: فهذا لا يصلح ولا يحل، وهذا الذي نُهي عنه؛ لأن مثل هذا التصرف لا شك أن المشتري لم يجعل هذه العين المرهونة التي قد تستحق ضعف ما رُهن من أجله إلا مضطر، يعني يأتي يقول: والله أنا مضطر لخمسين ألف مائة ألف، تقول: والله يا أخي من يضمنك، إذاً لا بد من رهن، فيقول: أرهن بيتي، الرهن البيت؛ لأنه جازم على السداد، وعازم عليه، ويؤكد ذلك أني إن جئتك بهذا المبلغ على رأس الحول وإلا فالبيت لك، الرهن، البيت المرهون.
يقول: "وإن جاء صاحبه بالذي رهن به" يعني بمائة الألف "بعد الأجل فهو له" يعني الرهن له، والكلام الأول لاغٍ، فسخ، هذا الشرط منفسخ؛ لأن هذا هو الإغلاق بعينه، وقد جاء النهي عنه, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أيوه؟
طالب:. . . . . . . . .
من غير رغبته؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه ما يؤخذ, مالك حمل هذا النهي على الفضل، على ما كان فيه فضل، والسبب في ذلك اضطرار الراهن، الراهن مضطر لهذا المبلغ، فلا تُستغل هذه الضرورة، لكن صورة أو عموم الحديث يشمل جميع الصور أنه لا يُفوت عليه سلعته بغير رغبته هو, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أي فضل، أي فضل كان؛ لأنه ما يترك هذا الفضل إلا لأنه مضطر، ولا يحوز للتاجر أن يستغل ضرورة المحتاج، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(132/8)
معروف الثلث، يعني مسألة الغبن وما الغبن حتى عند الحنابلة، لا يُسمى غبن حتى يزيد عن الثلث؛ لأنه جاء في الحديث: ((الثلث كثير)) مع أن استعمال هذه اللفظة في غير موضعها فيه ما فيه، أقول: فيه ما فيه، يعني جاءت في باب الوصية توصي بالثلث الثلث كثير، ثلث مالك، لكن تغبن بالرُبع حتى الرُبع كثير بالنسبة للغبن اللي عينك عينك، هذا كله كثير، المقصود أنهم يسلكون مثل هذا لهذا النص، ويدخلون هذا النص .. ، هذا النص يقحمونه في غير موضعه، يعني لو استعمل في أبواب أخرى، في أبواب من المعاوضات أخرى، يُقبل؟ لا يُقبل, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
عند مالك ما يضر مثل هذا، ما يضر؛ لأنه فسر غلق الرهن بما فيه فضل، والنص يشمل هذا وغيره، المقصود أنه يُترك البيع لصاحب البيت، ما يقول: لا أنا الذي با أتولاه، وأنا الذي ببيع، وأنت ما لك صنع، لا! ما زال البيت في ملك صاحبه، فهو الذي يتولى بيعه، ويسدد ما بذمته من دين.
نعم.
أحسن الله إليك.
باب: القضاء في رهن الثمر والحيوان
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول فيمن رهن حائطاً له إلى أجلاٍ مسمى فيكون ثمر ذلك الحائط قبل ذلك الأجل: إن الثمر ليس برهن مع الأصل إلا أن يكون اشترط ذلك المرتهن في رهنه، وإن الرجل إذا ارتهن جارية وهي حامل، أو حملت بعد ارتهانه إياها إن ولدها معها.
قال مالك: وفُرق بين الثمر وبين ولد الجارية أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من باع نخلاً قد أُبرت فثمرها للبائع إلا أن يشترطه المبتاع)).
قال: والأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن من باع وليدة أو شيئاً من الحيوان وفي بطنها جنين أن ذلك الجنين للمشتري اشترطه المشتري أو لم يشترطه فليست النخل مثل الحيوان، وليس الثمر مثل الجنين في بطن أمه.
قال مالك: ومما يبين ذلك أيضاً: أن مِن أمر الناس أن يرهن الرجل ثمر النخل، ولا يرهن النخل، وليس يرهن أحدٌ من الناس جيناً في بطن أمه من الرقيق، ولا من الدواب.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في رهن الثمر والحيوان(132/9)
يريد الإمام -رحمه الله تعالى- أن يفرق بين الثمر فيلحقه بالبيع، والثمر إذا كان بعد التأبير وقبل بدو الصلاح فهو للبائع، وإن كان بعده فهو للمشتري، إن كان بعد بدو الصلاح وأمن العاهة.(132/10)
يقول: "قال يحيى: سمعت مالكٍ يقول فيمن رهن حائطاً له" بستاناً "إلى أجلٍ مسمى فيكون ثمر ذلك الحائط قبل ذلك الأجل" يعني يوجد ويطيب ثمر ذلك الحائط قبل ذلك الأجل "إن الثمر ليس برهن مع الأصل" لأنه لو بيع النخل أو الشجر ما دخل معه، فكذلك لو رُهن لا يدخل معه "إن الثمر ليس برهن مع الأصل إلا أن يكون اشترط ذلك" المرتهن اشترط أن يكون الرهن مع أصله "إلا أن يكون اشترط ذلك المرتهن في رهنه" الدين خمسمائة ألف لمدة خمس سنوات كل سنة مائة ألف، وهذا البستان نفترض أن غلته في السنة عشرين ألف، وفي كل سنة يُنتج هذه الغلاة، وتٌجذ وتباع، يجُذها صاحب البستان ويبيعها له ذلك، أو نقول: هذه التابعة لأصلها فتكون رهناً مع أصلها؟ شخص استدان من شخص مليون مثلاً، ورهنه بيتاً، رهنه بيتاً هذا البيت احتيج إليه في مصلحة عامة، كان هذا البيت قيمته مليون، ثم احتيج إليه لمصلحة عامة لتوسعة شارع مثلاً فأخذ نصف البيت يبقى النصف الذي لم يؤخذ ولم يُستغل في توسعة الشارع، النصف الباقي لا يزال رهن لكن صاحب الرهن لا يقتنع بذلك، فيقول: أنا أرهن النصف وقيمة النصف الثاني الذي هو التثمين من الدولة، إما أن تُعطيني إياه، ونسدد عنك بقدره، أو تشتري به شيء يكون داخلاً في ضمن الرهن؛ لأنه جزء من رهنه، الصورة ظاهرة وإلا ما هي بظاهرة؟ ماذا يقول صاحب البيت؟ الآن البيت بعد ما وسع الشارع احتمال أن يكون هذا النصف يقرب من قيمة البيت كامل؛ لأن البيت الذي على شارع خمسة متر مثلاً ما هو مثل البيت الذي صار على شارع عشرين أو خمسة وعشرين تزيد قيمته، فهل نقول: إن هذه الزيادة في قيمة النصف الباقي تكفيك، واترك هذا يتصرف في الدراهم التي ثمّن بها النصف الثاني؟ أو نقول: هذه هذا فرعٌ عن هذا البيت فهو في حكم النماء فهو رهن معه؟ والإمام -رحمة الله عليه- مثلّ ببستان، ومثلّ بجارية، ولكل منهما نماء، فجعل نماء البستان لا يدخل في الرهن، وجعل نماء الجارية يدخل في الرهن، فهل نماء البيت ملحق بنماء البستان أو بنماء الجارية؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني ليس له، ليس للمرتهن.(132/11)
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول فيمن رهن حائطاً له إلى أجلٍ مسمى فيكون ثمر ذلك الحائط قبل ذلك الأجل" يعني موجود وقت الرهن الثمر، قد أٌبر لكنه لم يبدو صلاحه بعد "إن الثمر ليس برهن مع الأصل إلا أن يكون اشترط ذلك" يعني كما في البيع "إلا أن يشترطه المبتاع" يعني المشتري "إلا أن يكون اشترط ذلك المرتهن في رهنه" والمسلمون على شروطهم "وإن الرجل إذا ارتهن جارية وهي حامل أو حملت بعد ارتهانه إياها إن ولدها معها".
"قال مالك: وفُرق بين الثمر وبين ولد الجارية أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من باع ثمراً قد أُبرت فثمرها للبائع)) " وهو هنا للراهن إلا إن يشترطه المبتاع، إلا إن يشترطه المرتهن.
قال: "والأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أنه من باع وليدة -جارية- أو شيئاً من الحيوان، وفي بطنها جنين" باع وليدة، باع جارية، باع ناقة، باع شاة، باع بقرة، وفي بطنها جنين "أن ذلك الجنين للمشتري" لأن المشتري له النماء سواء كان متصلاً أو منفصلاً "إن ذلك الجنين للمشتري اشترطه المشتري أو لم يشترطه" وهو يختلف في هذا عن الثمر؛ لأن الثمر فيه نص يدل على أنه للبائع إلا أن يشترطه المبتاع والمرتهن في حُكمه، فليست النخل مثل الحيوان، وليس الثمر مثل الجنين في بطن أمه.
"قال مالك: ومما يُبين ذلك أن من أمر الناس أن يرهن الرجل ثمر النخل ولا يرهن النخل، وليس يرهن أحدٌ من الناس جنيناً في بطن أمه من الرقيق ولا من الدواب" الفرق بينهما أن الثمر يمكن رهنه على جهة الاستقلال دون الشجر، بينما الجنين لا يمكن رهنه دون أمه، والثمر على الشجر يجوز بيعه على جهة الاستقلال بشرطه، والجنين في بطن أمه لا يجوز بيعه على جهة الاستقلال؛ لأنه غرر وجهالة، المقصود أن هناك فروق بين الثمر وبين ما في بطن الحيوان.
نعم.
أحسن الله إليك.
باب: القضاء في الرهن من الحيوان(132/12)
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا في الرهن أن ما كان من أمرٍ يُعرف هلاكه من أرضٍ أو دارٍ أو حيوان فهلك في يد المرتهن، وعُلم هلاكه فهو من الراهن، وإن ذلك لا ينقص من حق المرتهن شيئاً، وما كان من رهنٍ يهلك في يد المرتهن فلا يُعلم هلاكه إلا بقوله فهو من المرتهن، وهو لقيمته ضامن، يُقال له: صفه؟ فإذا وصفه أحلف على صفته، وتسمية ماله فيه، ثم يقومه أهل البصر بذلك، فإن كان فيه فضل عما سمى فيه المرتهن أخذه الراهن، وإن كان أقل من مما سمى أُحلف الراهن على ما سمى المرتهن، وبطل عنه الفضل الذي سمى عنه المرتهن فوق قيمة الرهن، وإن أبى الراهن أن يحلف أُعطي المرتهن ما فضل بعد قيمة الرهن، فإن قال المرتهن: لا علم لي بقيمة الرهن حُلف الراهن على صفة الرهن، وكان ذلك له إذا جاء بالأمر الذي لا يُستنكر.
قال مالكٌ -رحمه الله-: وذلك إذا قبض المرتهن الرهن ولم يضعه على يدي غيره.
نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في الرهن من الحيوان
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا" تقدم مراراً أنه إذا قال: عندنا فالمراد به أهل المدينة "الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا في الرهن أن ما كان من أمرٍ يُعرف هلاكه من أرضٍ أو دارٍ أو حيوان" يُعرف هلاكه من أرض أو دار أو حيوان، الحيوان يُعرف هلاكه، لكن كيف تهلك الدار؟ تسقط؟ يسقط بنيانها؟ إذا قلنا بهذا فكيف تهلك الأرض؟ احتمال أن تكون الأرض مزروعة نعم، أو اعتدى عليها بغصب أو نحوه، يعني لا يمكن أن يستفاد منها.(132/13)
"أن ما كان من أمرٍ يعرف هلاكه من أرضٍ أو دارٍ أو حيوان فهلك في يد المرتهن وعُلم هلاكه" علم هلاكه يعني قامت البينة بأن تكون هذه العين أُصيبت بما يستطاع إقامة البينة على هذه الإصابة، يعني كل الجيران يعرفون أن الله -جل وعلا- أرسل مثلاً صاعقة على هذه الأرض فخسف بها، خُسفت لا تصلح لزراعة، أو على هذا البيت نزل عليه شيء فسقط أو احتراق، إذا هلك إذا أمكن إقامة البينة أو استفاض بين الناس أنه هلك لا بفعله ولا بتفريطه فهلك بيد المرتهن وعُلم هلاكه يعني انتشر بين الناس هلاكه فهو من الراهن، يعني فهو من ضمان الراهن، يعني لا يضمن المرتهن شيء؛ لأن العين المرهونة في يد المرتهن أمانة، والأمين ليس عليه إلا اليمين، ليس عليه ضمان "فهو من الراهن، وإن ذلك لا ينقص من حق المرتهن شيئاً" يقول: ما دام هذه الدار التي ارتهنتها وهي بيدك حصل لها ما حصل، وبدل من أن تُباع بخمسمائة ألف تُباع بثلاثمائة، لماذا لا ننزل المائتين من دينك؟ "وإن ذلك لا ينقص من حق المرتهن شيئاً" حق المرتهن كامل، ولو حصل للعين ما حصل "وما كان رهنٍ يهلك في يد المرتهن فلا يُعلم هلاكه إلا بقوله" يعني ما يعرف الناس نعم، هلك بسبب غير ظاهر، هلك المرهون، العين، الرهن، بسبب غير ظاهر "فلا يعلم هلاكه إلا بقوله فهو من المرتهن وهو لقيمته ضامن" يقال له: صفه، صف كيفية الهلاك، وما وقع به الهلاك "فإذا وصفه أُحلف على صفته" كل من يُقبل قوله عند أهل العلم لا بد أن يكون مع إيش؟ مع يمينه، يعني لو قُبل قوله من دون يمين تتابع الناس على مجرد الدعوى، لكن إذا عرف أنه مؤتمن على هذا، وأنه حلف أنه ما فرط، ووصف كيفية الهلاك، لا يُقبل قوله المجرد، بل لا بد من يمينه، وأهل العلم يقولون: كل من قُبل قوله فهو مع يمينه "فهو من المرتهن وهو لقيمته ضامن يقال له صفه، فإذا وصفه أُحلف على صفته وتسمية ماله فيه، ثم يقومه أهل البصر بذلك" يؤتى بلجنة تقوم مقدار التلف "فإن كان فيه فضل عما سمى فيه المرتهن أخذه الراهن، وإن كان أقل مما سمى أٌحلف الراهن على ما سمى المرتهن، وبطل الفضل الذي سمى للمرتهن" كان لو يُعطى الناس بدعواهم, نعم ما يعطون بدعواهم المجردة.(132/14)
استغفر الله، استغفر الله.
" ... المرتهن أخذه الراهن" يعني كان فيه قدر زائد على ما سماه المرتهن أخذه الراهن، وإن كان أقل مما سمى أٌحلف الراهن على ما سمى المرتهن، وبطل عنه الفضل الذي سمى المرتهن، يعني هو من ضمانه، لكنه مع ذلك لا يُلزم بأن يدفع شيئاً أخر يدعم به هذا الرهن، أصابته آفة فبدلاً من أن .... ، البيت هذا نزل عليه شيء فسقط، وهو مرهون بخمسمائة ألف، وكانت قيمته خمسمائة ألف، ثم لما جاءه هذا الخلل صار لا يستحق إلا ثلاثمائة، ما يقال: ارهن شيئاً آخر قيمته مائتي ألف أو مائتا ألف تُكمل به الرهن السابق؟ "وإن كان أقل ما سمى أُحلف الراهن على ما سمى المرتهن، وبطل عنه الفضل الذي سمى المرتهن فوق قيمة الرهن، وإن أبى الراهن أن يحلف أُعطي المرتهن ما فضلَ بعد قيمة الرهن" إيش معنى هذا الكلام؟ وإن أبى الراهن أن يحلف أُعطي المرتهن ما فضلَ بعد قيمة الرهن، إيش معناه؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
عرفنا الجملة الأولى وإلا ما عرفناها؟ واضحة وإلا ما هي بواضحة؟ طيب، وإن أبى الراهن أن يحلف أُعطي المرتهن ما فضلَ بعد قيمة الرهن، الآن ما الداعي إلى أن يحلف الراهن؟
طالب:. . . . . . . . .
الراهن، الراهن الذي أودع هذه العين عند صاحب الدين؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .(132/15)
فإن كان فيه فضل عما سمى به المرتهن أخذه الراهن، الآن عندنا غنم وغرم، نعم، الآن لما أصابت هذه الآفة هذا البيت وسقط بنيانه، وبدلاً من أن تكون قيمته مبنياً خمسمائة صارت قيمته ثلاثمائة، هذا فيه فضل وإلا ما فيه فضل؟ فيه فضل، لو أن بيتاً بيت لا يصلح للسكن ولا للتأجير، بيت قديم ثم جاءت آفة أو مطراً شديد وسقط هذا البيت، بدلاً من أن يؤتى بعمال لهدمه أو تكون قيمته وهو قائم مائة ألف، والذي يسومه ويريده يحسب حساب أنه سيحضر عمال يهدمونه بالأجرة، فجاء السيل فهدمه، تزيد قيمته وإلا ما تزيد بعد هذه الآفة؟ تزيد قيمته، وهم يريدون المخالصة بين الراهن والمرتهن، الراهن قال: خذ هذا البيت عن دينك، نعم، وهو مرهون بمائة ألف، ولما هدم أو أنهدم صار يستحق مائة وعشرين ألف، يحلف ويأخذ الزائد، الراهن، "وإن أبى الراهن أن يحلف أُعطي المرتهن ما فضل بعد قيمة الرهن فإن قال المرتهن: لا علم لي بقيمة الرهن حُلف الراهن على صفة الرهن، وكان ذلك له إذا جاء بالأمر الذي لا يُستنكر".
"قال مالك: وذلك إذا قبض المرتهن الرهن ولم يضعه في يد غيره" المهم هذا إذا كانت العين المرهونة بيد المرتهن، وهي أمانة بيده إن فرط فيها ضمنها وإلا فلا.
نعم.
أحسن الله إليك.
باب: القضاء في الرهن يكون بين الرجلين
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: في الرجلين يكون لهما رهن بنيهما فيقوم أحدهما ببيع رهنه، وقد كان الأخر أنظره بحقه سنة، قال: إن كان يقدر على يُقسم الرهن ولا ينقص حق الذي أنظره بحقه بيع له نصف الرهن الذي كان بينهما، فأوفى حقه وإن خيفا أن ينقص حقه بيع الرهن كله فأُعطي الذي قام ببيع رهنه حقه من ذلك، فإن طابت نفس الذي أنظره بحقه أن يدفع نصف الثمن إلى الراهن وإلا حُلف المرتهن أنه ما أنظره إلا ليُوقف لي رهني على هيئته، ثم أُعطي حقه عاجلاً.
قال يحي ى: وسمعت مالكاً يقول في العبد يرهنه سيده وللعبد مال: إن مال العبد ليس برهن إلا أن يشترطه المرتهن.
نعم، يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في الرهن يكون بين الرجلين(132/16)
الرهن يكون بين الرجلين، المقصود الرجلين الراهنين أو المرتهنين؟ هل المقصود أن هذه العين المرهونة لرجلين في ملك رجلين، أو ارتهنها رجلان؟ الثاني وإلا الأول؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني اثنين ذهبا إلى غني فاستدانا منه مالاً ورهناه بيتاً مشتركاً بينهما أو العكس، اشترى من اثنين -هو واحد- اشترى من اثنين ورهنهما بيته, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب.(132/17)
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول في الرجلين يكون لهما رهن بينهما فيقوم أحدهما ببيع رهنه، وقد كان الآخر أنظره بحقه سنة" هذا راهن وليس بمرتهن، أنظره المرتهن بحقه سنة "قال: إن كان يقدر على أن يُقسم الرهن، ولا ينقص حق الذي أنظره بحقه بيع له نصف الرهن الذي كان بينهما، فأوفي حقه" يعني إن كان ممكن أن يُباع نصف البيت، عمارة مكونة من شقق، تمكن قسمتها، عمارة فيها أربع شقق لاثنين لرجلين رهناها عند رجل استدانا منه فأنظر أحدهما لمدة سنة، قال له: لك مدة زيادة سنة، والثاني لم ينظره فحل الدين على واحد دون الثاني، إن أمكن أن يُباع نصيب من حل عليه الدين بمفرده ويُوفى ما عليه من دين فُعل "وقد كان الآخر أنظره بحقه سنة، فإن كان يقدر على أن يقسم الرهن ولا ينقص حق الذي أنظره بحقه بيع له نصف الرهن الذي كان بينهما، فأُفي حقه، وإن خيف أن ينقص حقه بيع الرهن كله" يعني إذا كان النصف الثاني يتضرر ببيع النصف، يعني السوم على هذه العمارة باعتبارها أربع شقق خمسمائة ألف لما قيل له تشتري نصف هذه العمارة؟ قال: أنا حاجتي بالأربع الشقق، قالوا: ما عندنا إلا شقتين فنزل بالقيمة، هو في هذه الحالة يتضرر، إذاً "بيع الرهن كله، فأعطي الذي قام ببيع رهنه حقه من ذلك، فإن طابت نفس الذي أنظره بحقه أن يدفع نصف الثمن إلى الراهن وإلا حُلف المرتهن أنه ما أنظره إلا ليوقف الرهن على هيئته ثم أٌعطي حقه كاملاً" لما بيع الراهن هما اثنان واحد حل عليه الدين وطُولب به، والثاني حل عليه الدين وأُنظر سنة، وبينهما عمارة مكونة من أربع شقق، فقال للذي حل عليه الدين ولم ينظره: بع نصيبك، قال له: إن بعت شقتين تضررت، وإذا بعنا العمارة كاملة ما نتضرر؛ لأنه في زبائن يريدون أربع شقق، المرتهن صاحب الدين يقول: أنا ما أنظرت هذا لمدة سنة إلا رأفة به، وأخشى أن يتضرر بإلزامه بالبيع، والآن البيع طيب بيع النصف ويباع بالنصف الثاني، أنا ما أنظرت إلا من أجل إلا يتضرر ببيع نصيه، والآن ما فيه ضرر عليه "بيع الرهن كله فأُعطي الذي قام بالبيع رهنه حقه من ذلك، فإن طابت نفس الذي أنظره بحقه أن يدفع نصف الثمن إلى الراهن وإلا حُلف المرتهن أنه ما أنظره إلا ليوقف لي رهني على(132/18)
هيئته، ثم أُعطي حقه عاجلاً" نعم أنا أريد أن يستقر أمر هذا البيت المرهون ولا يتصرف فيه، أنا ما أنظرته إلا لهذا.
قال: "وسمعت مالكاً يقول في العبد يرهنه سيده" يعني عند أحدٍ "في العبد يرهنه سيده، وللعبد مالٌ" الجمهور على أن العبد لا يملك، وعند الإمام مالك العبد يملك بالتمليك، وهو جارٍ على مذهبه -رحمه الله-.
يقول: "في العبد يرهنه سيده وللعبد مالٌ، إن مال العبد ليس برهن" مال العبد ليس برهن، لكن هل هو مثل نماء الشجر الذي ينفصل عنه في الرهن، أو مثل ولد الجارية أو ولد الدابة الذي يتبعها في الرهن؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
كله نماء، الثمرة نماء، حمل الجارية نماء، وهنا مال العبد مثله، في حكمه، فإذا ولدت الجارية كان ولدها رهناً معها، الثمر الذي على الشجر لا يتبع الرهن إلا أن يشترطه المرتهن، كما أنه لا يدخل في البيع إلا إذا اشترطه المبتاع، هذا قبل بدو صلاحه، طيب العبد له مال، إن مال العبد ليس برهن، يعني مثل ثمر الشجر،
"إن مال العبد ليس برهن إلا أن يشترطه المرتهن" يقول: شرط، أنا أرهن هذا العبد لكن لا بد أن يكون معه ماله.
طالب:. . . . . . . . .
طيب والله، تقوم بهذا؟ ممكن تقوم بهذا؟
طالب:. . . . . . . . .
يقول: هل أخذ الراهن لأكثر من حقه يُعد من باب القرض الذي جر نفعاً، لذلك جاء النهي عن غلق الرهن؟
نعم إذا اشترط عليه أن يُفوَت عليه وقيمة الرهن أكثر من الدين يكون من هذا، ولذا منعه مالك، وحمله على هذه الصورة، هذا إذا كانت قيمته أكثر من قيمة الدين، واشترط عليه في البداية، أما إذا انتهى الأمر من غير شرط، وتنازل صاحب الرهن بطوعه واختياره، ولو كانت قيمته أكثر من الدين فإنه يكون من حُسن القضاء.
اللهم صل على محمد ....(132/19)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح الموطأ: كتاب الأقضية (6)
باب: القضاء في جامع الرهون
الشيخ: عبد الكريم الخضير
هذا يقول: أشكل علينا مع بعض طلاب العلم ضابط مسألة ما علم من الدين بالضرورة، حيث قالوا: إن ذلك يختلف من بلد إلى بلد بحسب مواريث الآباء من علم لأبنائهم؟
الأمور المجمع عليها بين علماء المسلمين في الغالب لا يخفى حكمها على أحد، الأمور التي اتفق عليها علماء الإسلام المجمع عليها هذه لا تخفى، وهناك أمور عملية يزاولها المسلمون أيضاً لا يخفى أمرها عليهم، أما ما خفي أمره على بعض الناس لا سيما حديث العهد بالإسلام، أو من نشأ في بلاد غير مسلمين فمثل هذا قد يخفى عليه مثل هذه الأمور إلا أنه لا يحكم عليه حتى يعرف حكمها، ويخبر بأن الخمر حرام، والسرقة حرام، وغيرهما من الأمور التي علم من تحريمها من الدين بالضرورة، وكذا ما علم حله من الدين بالضرورة، فمثل هذه الأمور المجمع عليها من عاش في بلاد المسلمين يعرفها، ومن عاش في غير بلاد المسلمين، أو كان حديث الإسلام يُعلم بها –يخبر-، وحينئذٍ تقام عليه الحجة.
طالب:. . . . . . . . .
يعني يدعي أن الصلاة غير واجبة؟
طالب:. . . . . . . . .
هو ادعى أنه لا يعلم أن الخمر حرام؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يصدق، في بلاد المسلمين ما يصدق، اللهم إلا إذا كان في بلادٍ شاع فيها الفجور كشيوعه في بلاد غير المسلمين، وإن ادعوا الإسلام! لأن بعض -مع الأسف الشديد- بعض البلاد الإسلامية لا سيما العواصم تدخل ويمكن تجلس فيها يومين ثلاثة ما تجد فرق، المظاهر هي المظاهر، يعني ما تجد فرق بين العواصم الكبرى الإسلامية مع غيرها ما تجد فرق، اللهم إلا سماع الأذان على ضعف مع الصخب الموجود، وإلا ما تجد لباس الناس هو واحد مع الكفار ومعاملاتهم وأزياؤهم وتصرفاتهم قريبة من ... لا سيما مع تحقق ما أخبر عنه النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لتتبعن سنن من كان قبلكم)) فمثل هذا إذا ادعى أنه لا يعرف الحكم يخبر به.
يقول: هل يشترط لصحة الرهن أن يكون مقبوضاً لظاهر الآية: {فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} [(283) سورة البقرة] أم لا يشترط؟ وهل قاعدة ... ؟(133/1)
المقصود أن الآية نصت على أن يكون مقبوضاً، وقبض كل شيءٍ بحسبه، ما يتم قبضه به يسمى مقبوض، ولو لم يكن في حوزة المرتهن، يعني ولو كان لا بحوزة هذا ولا هذا، لكنها الملك تام للراهن، والوثيقة التي أثبت فيها هذا الملك تكون بيد المرتهن، أو يهمش عليها كالصكوك مثلاً.
هل قاعدة ما جاز بيعه جاز رهنه مضطردة أم هناك ما يخرمها كرهن ما يسرع إليه الفساد كالخضروات والفواكه واللحم ونحوها؟
لا بد أن يتحقق الهدف من الرهن، في المرهون، في العين المرهونة لا بد أن يتحقق الهدف، لو رهنه خضروات على ما ذكر السائل، والأمد بعيد، الأجل سنة مثلاً، خضروات ما تعيش أكثر من يومين ثلاثة أسبوع، اللهم إلا إذا تعب عليها بثلاجات، أو بشيء من هذا، المقصود أنه لا بد من تحقق الهدف من مشروعية الرهن الذي يضمن به المرتهن حقه.
وماذا عن رهن المستعار؟
لا يصح هذا لأنه لا يملكه، ولا يمكن الاستيفاء منه أو من قيمته.
يقول: أحد المساجد بحي السلام جمعت فيه صلاة المغرب والعشاء هذا اليوم بحجة المطر والرياح، فهل فعلهم صحيح؟ وماذا على المأمومين هل يكونون بذمة الإمام يتحمل عليهم، أم أن عليهم أن يتركوا الجمع وينصرفوا؟
مثل هذا التصرف والتسرع لا يليق بمسلم يهتم بدينه، ويحتاط لنفسه، اليوم ما شفنا شيء مقلق أو مؤذي؟ نعم قبل صلاة المغرب حصل شيء من الظلمة والريح، لكن هذا ما يمنع إلى الوصول إلى المساجد بيسرٍ وسهولة.
يقول: طبيبة من الصالحات، وهي تعمل في مستشفى أهلي، وهي تسأل عن حكم علاج المريض الذي يأتي عن طريق شركات تقوم بتأمين موظفيها طبياً؟
يعني هل هذه الشركة تعاقدت شركة التأمين تعاقدت مع هذا المستشفى ليعالج منسوبيها؟ يعني المستشفى معه عقد من هذه الشركة شركة تأمين؟ حينئذٍ لا يجوز للمستشفى أن يعقد مثل هذه الصفقة أو هذا العقد؟ أما إذا جاءها أفراد وحولوا على هذه الطبيبة، أفراد من النساء وعالجتهم، والحساب له جهة مستقلة لا علاقة لها بها ما عندها مشكلة هي، لا إشكال في هذا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في جامع الرهون(133/2)
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول فيمن ارتهن متاعاً فهلك المتاع عند المرتهن، وأقر الذي عليه الحق بتسمية الحق، واجتمعا على التسمية، وتداعيا في الرهن، فقال الراهن: قيمته عشرون ديناراً، وقال المرتهن: قيمته عشرة دنانير، والحق الذي للرجل فيه عشرون ديناراً.
قال مالك -رحمه الله-: يقال للذي بيده الرهن: صفه، فإذا وصفه أحلف عليه، ثم أقام تلك الصفة أهل المعرفة بها، فإن كانت القيمة أكثر مما رهن به قيل للمرتهن: اردد إلى الراهن بقية حقه، وإن كانت القيمة أقل مما رهن به أخذ المرتهن بقية حقه من الراهن، وإن كانت القيمة بقدر حقه فالرهن بما فيه.
قال يحيى: وسمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في الرجلين يختلفا في الرهن يرهنه أحدهما صاحبه فيقول الراهن: أرهنتك هو بعشرة دنانير، ويقول المرتهن: ارتهنته منك بعشرين ديناراً، والرهن ظاهر بيد المرتهن، قال مالك: يحلف المرتهن حتى يحيط بقيمة الرهن، فإن كان ذلك لا زيادة فيه ولا نقصان عما حلف أن له فيه أخذه المرتهن بحقه، وكان أولى بالتبدئة باليمين لقبضه الرهن وحيازته إياه، إلا أن يشاء رب الرهن أن يعطيه حقه الذي حلف عليه ويأخذ رهنه.
قال مالك -رحمه الله-: وإن كان ثمن الرهن أقل من العشرين التي سمى أحلف المرتهن على العشرين التي سمى، ثم يقال للراهن: إما أن تعطيه الذي حلف عليه وتأخذ رهنك، وإما أن تحلف على الذي قلت: إنك رهنته به، ويبطل عنك ما زاد المرتهن على قيمة الرهن، فإن حلف الراهن بطل ذلك عنه، وإن لم يحلف لزمه غرم ما حلف عليه المرتهن.(133/3)
قال مالك -رحمه الله-: فإن هلك الرهن وتناكر الحق، فقال الذي له الحق: كانت لي فيه عشرون ديناراً، وقال الذي عليه الحق: لم يكن لك فيه إلا عشرة دنانير، وقال الذي له الحق: قيمة الرهن عشرة دنانير، وقال الذي عليه الحق: قيمته عشرون ديناراً، قيل للذي له الحق: صفه، فإذا وصفه أحلف على صفته، ثم أقام تلك الصفة أهل المعرفة بها، فإن كانت قيمة الرهن أكثر مما ادعى فيه المرتهن أحلف على ما ادعى، ثم يعطى الراهن ما فضل من قيمة الرهن، وإن كانت قيمته أقل مما يدعي فيه المرتهن أحلف على الذي زعم أن له فيه، ثم قاصه بما بلغ الرهن، ثم أحلف الذي عليه الحق على الفضل الذي بقي للمدعي عليه بعد مبلغ ثمن الرهن، وذلك أن الذي بيده الرهن صار مدعياً على الراهن، فإن حلف بطل عنه بقية ما حلف عليه المرتهن، مما ادعى فوق قيمة الرهن، وإن نكل لزمه ما بقي من حق المرتهن بعد قيمة الرهن.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في جامع الرهون
عرفنا أن الجامع في كل كتاب هو ما يجمع المسائل لا تنطوي ولا تدخل تحت التراجم السابقة الجزئية.
يقول: "قال يحيى: سمعت مالكاً يقول فيمن ارتهن متاعاً فهلك المتاع عند المرتهن، وأقرّ الذي عليه الحق بتسمية الحق" يعني أقر المدين بالمبلغ الذي في ذمته، اعترف، واجتمعا على التسمية، اتفقا عليه، قال: في ذمتك عشرين دينار، قال: نعم في ذمتي عشرين دينار، ما في إشكال، الدين ثابت بقدره، لا اختلاف بين المدعي والمدعى عليه، هذا لا يحتاج إلى إقامة بينة، ولا يحتاج إلى يمين ولا شيء "واجتمعا على التسمية وتداعيا في الرهن، فقال الراهن: قيمته عشرون ديناراً، وقال المرتهن: قيمته عشرة دنانير" قال الراهن: قيمته عشرون ديناراً، وأنا في ذمتي لك عشرين لا لي ولا علي، تلف الرهن بيدك انتهى الإشكال، قال المرتهن: قيمته عشرة دنانير، بقي لي عشرة في ذمتك.(133/4)
"والحق الذي للرجل فيه عشرون ديناراً، قال مالك: يقال للذي بيده الرهن: صفه" اكتب عن هذا الرهن تصور، أنت مقدره بعشرين، بعشرة، وصاحبه مقدره بعشرين، اكتب وصفه بالتفصيل، ثم هذا الوصف يعرض على أهل الخبرة ويقدرونه من خلال الوصف الذي وصفته به.
"يقال للذي بيده الرهن: صفه، فإذا وصفه أحلف عليه" تحلف أنه ليس فيه من الصفات ولا المزايا غير ما ذكرت مما يرفع من قيمته؟ فإذا حلف يقول: "ثم أقام تلك الصفة أهل المعرفة بها" أقام يعني قوّم، ثمّن، كم تستحق هذه العين بهذه الصفة؟ "ثم أقام تلك الصفة أهل المعرفة بها، فإن كانت القيمة أكثر مما رهن به قيل للمرتهن: أردد على الراهن بقية حقه" لما وصفه قال أهل الصنف: هذا يستحق ثلاثين دينار، قيل للمرتهن: أردد عشرة دنانير؛ لأن الذي في ذمته لك عشرين دينار، والراهن يستحق ثلاثين، ترد له عشرة، وإن كانت القيمة أقل مما رهن به أخذ المرتهن بقية حقه من الراهن، لما وصفه وصفاً دقيقاً عرض عليه الصنف، فقالوا: يسوى عشرة أو خمسة شعر دينار، فيقال له: ادفع عشرة دنانير، يقال للراهن المدين: ادفع عشرة دنانير، أو ادفع خمسة فيما لو كان الراهن يستحق خمسة عشر ديناراً "أخذ المرتهن بقية حقه من الراهن، وإن كانت القيمة بقدر حقه فالرهن بما فيه" عشرين بعشرين، لا زيادة ولا نقصان، لا وكس ولا شطط.
"قال يحيى: وسمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في الرجلين يختلفا في الرهن يرهنه أحدهما صاحبه فيقول الراهن: أرهنتك هو بعشرة دنانير، ويقول المرتهن: أرهنته منك بعشرين ديناراً، والرهن ظاهر بيد المرتهن" يعني موجود، الرهن موجود، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
في حال .. الرهن نفسه، ما له الحق أن يحلف؟ نفس الصفة للرهن؟
يعني ما يوافق عليها؟ يعني لو بخس المرتهن حقه، وحلف عليه، للآخر أن يعترض، له أن يعترض إذا بخس ما رهنه، بخس بالصفة.(133/5)
"الأمر عندنا في الرجلين يختلفان في الرهن يرهنه أحدهما صاحبه، فيقول الراهن: أرهنتك هو بعشرة دنانير، ويقول المرتهن: أرهنته منك بعشرين ديناراً، والرهن ظاهر بيد المرتهن، قال: يحلف المرتهن حتى يحيط بقيمة الرهن، فإن كان ذلك لا زيادة فيه ولا نقصان عمّا حُلّف عليه أن له فيه أخذه المرتهن بحقه، وكان أولى بالتبدئة باليمين ... " الخ، إذا قال الراهن: أنا رهنت عندك هذا الرهن بعشرة دنانير، وقال المرتهن: أنا ارتهنته بعشرين ديناراً، الآن هل هذه لها ارتباط بالمسألة السابقة؟ هل الكلام في مقدار الدين؟ الخلاف في مقدار الدين؟ لا، الخلاف في مقدار ما رهن به، وإلا قد يكون الدين عشرة أضعاف، يأتي إلى التاجر ويقول: ديّني مائة ألف وأرهنك السيارة، أو البيت، بيت يستحق خمسمائة ألف، ديني مائة ألف وأرهنك البيت الذي قيمته خمسمائة ألف، قال: طيب هذه بضاعة تسوى مائة ألف خذها، ثم جاءه بعد مدة، قال: ديني مائة ألف أخرى، ثم ثانية، ثم ثالثة، ثم رابعة، ثم خامسة، الآن الرهن هذا البيت الذي بخمسمائة ألف هل هو بالخمسمائة كاملة أو بالمائة الأولى؟
طالب:. . . . . . . . .
مقابل المائة الأولى، لماذا نقول: إنه في مقابل الخمسمائة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يرهن ما دام في قيمته إمكان؟ البيت يستحق خمسمائة ألف، رهنه بالمائة الأولى، أخذ مائة ثانية وثالثة ورابعة وخامسة، فصارت بقدر البيت، لما انتهت الصفقات، قال المرتهن: الرهن بالخمسمائة، قال الراهن: لا، الرهن بالمائة الأولى، ما الذي يستفيده الراهن من قوله: بالمائة الأولى؟ أنه إذا دفع المائة الأولى تحرر البيت، انتهى رهنه، والمرتهن يستفيد من دعواه أنه بالخمسمائة أنه لا ينفك الرهن حتى تنتهي الديون كلها، كيف؟
طالب:. . . . . . . . .(133/6)
بالمائة الأولى، إلا إذا كان مع عقد المائة الثانية ويقول: داخلة في الرهن، والمبلغ داخل في الرهن السابق، والمبلغ الثالث والرابع والخامس كلها تدخل، لا بد أن ينص عليها، فإذا نص عليها لم يتحرر الراهن حتى يدفع الدين كاملاً، يُبدأ بالمرتهن، يقول: "ويقول المرتهن: ارتهنت منك بعشرين ديناراً، والرهن ظاهر بيد المرتهن، قال: يحلّف المرتهن حتى يحيط بقيمة الرهن، فإن كان ذلك يحلّف" يقول: والله إن هذا الرهن في مقابل الخمسمائة، ما هو في مقابل المائة "حتى يحيط بقيمة الرهن، فإن كان ذلك لا زيادة ولا نقصان، إما حلف أن له فيه أخذه المرتهن بحقه، وكان أولى بالتبدئة باليمين" لماذا لا يحلف الراهن إنما يبدأ بالمرتهن؟ "لقبضه الرهن وحيازته إياه، إلا أن يشاء ربّ الرهن أن يعطيه حقه الذي حلّف عليه ويأخذ رهنه" يعني إن تبرع أو بادر الراهن بالتسديد انتهى الإشكال.
قال: "وإن كان ثمن الرهن أقل من العشرين التي سمى أحلف المرتهن على العشرين التي سمى، ثم يقال للراهن: إما أن تعطيه الذي حلف عليه وتأخذ رهنك، وإما أن تحلف على الذي قلت: إنك رهنته به، ويبطل عنك ما زاد المرتهن على قيمة الرهن" إما أن تعطيه الذي حلف عليه، وتأخذ رهنك، حلف على عشرين تعطيه عشرين وتأخذ رهنك، وإما أن تحلف على الذي قلت: إنه مرهون بعشرة، إنه مرهون بالمائة الأولى في صورتنا "وإنما أن تحلف على الذي قلت: إنك رهنت به، ويبطل عنك ما زاد المرتهن على قيمة الرهن" يبطل عنك ما زاد المرتهن على قيمة الرهن، يعني إذا حلفت، يعني ما حلف المرتهن حلف الراهن، نكل المرتهن عن اليمين فردت على الراهن إذا حلف على شيء تم "فإن حلف الراهن بطل ذلك عنه، وإن لم يحلف لزمه غُرم ما حلف عليه المرتهن" الآن المرتهن حلف وإلا نكل؟
طالب:. . . . . . . . .(133/7)
لا، هو على تقريره، تقرير الإمام -رحمه الله- "وإن لم يحلف لزمه غرم ما حلف عليه المرتهن" إذا نكل المرتهن، وردت على الراهن انتهى الإشكال، يعني كسائر الدعاوى، وإن حلف المرتهن قال: والله إن الرهن بالخمسمائة كاملة، والراهن يدعي أن الرهن بالمائة الأولى، حلف المرتهن، نقول للراهن على كلام المؤلف: احلف، إن حلف بطل ذلك عنه، وإن لم يحلف لزمه غرم ما حلف عليه المرتهن.
قال مالك: "فإن هلك الرهن وتناكرا الحق، فقال الذي له الحق: كانت لي فيه عشرون ديناراً، وقال الذي عليه الحق: لم يكن لك فيه إلا عشرة دنانير" يعني كسائر الدعاوى، يعني إذا قال: في ذمة فلان مائة ألف، وقال المدعى عليه: في ذمتي له خمسون ألفاً، ولا بينة لهذا ولا لهذا، يقول: "فإن هلك الرهن وتناكرا الحق فقال الذي له الحق: كانت لي فيه عشرون ديناراً، وقال الذي عليه الحق: لم يكن لك إلا عشرة دنانير"، "قال الذي عليه الحق قيمته عشرون ديناراً، قيل للذي له الحق: صفه، فإذا وصفه أحلف على صفته، ثم أقام تلك الصفة أهل المعرفة بها" يعني مثلما قلنا سابقاً، وصفه وصفاً دقيقاً، ثم عرضت الصفة على أهل الخبرة فقالوا: هذه العين بهذه الصفة قيمتها كذا "فإن كانت قيمة الرهن أكثر مما ادعى فيه المرتهن أحلف على ما ادعى ثم يعطى الراهن ما فضل من قيمة الرهن" يعني هو ادعى أنه رهنه أنه بعشرين، وادعى المرتهن أنه بعشرة، ووصفه المرتهن، وحلف على الصفة، وعرض على أهل الصنف، فقالوا: خمسة عشر "ثم يعطى الراهن ما فضل من قيمة الرهن" يعطى الخمسة الزائدة إذا كان مرهون بعشرة "وإن كانت قيمته أقل مما يدعي فيه المرتهن أحلف على الذي زعم أن له فيه، ثم قاصّه بما بلغ الرهن" قاصّه يعني ينظر في قيمة الرهن، وينظر المبلغ الذي رهن من أجله فتحصل المقاصة، نعم؟
طالب: الآن الحكم. . . . . . . . .
الآن كلهم مقرون، الكلام عند الاختلاف، عند الاختلاف في قدر الدين هذه مسألة، الاختلاف في قدر الرهن مسألة، الاختلاف في قدر ما رهن به، يعني في قيمة الرهن، الآن هذا استدان مائة ألف، ورهنه أرض قيمتها مائة ألف.
طالب:. . . . . . . . .
وش لون يقبلها؟
طالب:. . . . . . . . .(133/8)
وهل قال صاحب الأرض: إن قيمة الأرض مائتين ألف؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن لو قدر أنهم تراضوا في النهاية على أن يأخذ صاحب الدين الأرض، ما هي تقوم من جديد؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن هذا الإغلاق للرهن بالتراضي بينهما من غير زيادة ولا نقصان الذي يقره الإمام مالك، ما الذي يمنعه مالك من صور الإغلاق؟ أن يكون العين المرهونة قيمتها أكثر من الدين، ويأخذها المرتهن يأخذ العين في مقابل الدين، الصورة العكس، يعني أنت تقول: إنه استدان مائتين ألف، وهذه أرض قيمتها مائة ألف، وقال المرتهن، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
فإذا حلّ الدين نقول: أنت رضيت بهذه القيمة، مائتين ودينك بمائتين خذ الأرض بالتراضي، خذ الأرض في مقابل الدين، لو قال: لا، أنا الأرض في ذلك الوقت متسامح في تقيمها، ولا أريد الحقيقة، وإنما أريد أن أشجعك، وإلا في الحقيقة ما تسوى إلا مائة ألف، تقوّم في وقتها، العين قائمة، ويؤتى بأهل الخبرة والصنف فيقومونها؛ لأن العبرة هل هو بالحال أو بالمآل؟ يعني بالحال يعني وقت العقد، بالمآل وقت حلول الدين؛ لأن عندنا عقد أول وعقد ثاني، العقد الأول الذي حصل فيه الدين بداية عقده، وحصل فيه الرهن، العقد الثاني هو عقد بيّن الراهن والمرتهن على هذه العين في مقابل الدين، فلصاحب الدين الذي هو المرتهن أن يقول: والله أنا قومتها في وقتٍ في نظري تسوى، لكن العقار نزل، ما تجيب مائتين ألف، يا الله تسوى مائة، له ذلك، لكن لو شهد أهل الخبرة بأن العقار ما نزل، بغض النظر عن هذه الأرض، قالوا: العقار بزيادة، ما دام أنت مقيمها بمائتين ألف ذاك الوقت يمكن تسوى ثلاثمائة الحين، فكيف تدعي أنها ما تجيب إلا مائة والعقار كله زائد؟ نقول: ما دامت العين قائمة لا يمنع من أن يؤتى بأهل الخبرة ويقومون قيمتها، وتكون في مقابل الدين أو تزيد أو تنقص.
طالب:. . . . . . . . .
هو إذا كانت العين قائمة ما في إشكال، الإشكال فيما لو تلفت.(133/9)
"وإن كانت قيمته أقل مما يدعي عليه المرتهن أحلف على الذي زعم أنه له فيه ثم قاصّه بما بلغ الرهن" إن كان مساوياً أخذه بالمقابل، وإن كان أنقص دفع الفرق، وإن كانت العين أنقص دفع المدين الفرق "ثم أحلف الذي عليه الحق على الفضل الذي بقي للمدعى عليه" يعني المدعى عليه المرتهن؟ الآن الذي عليه الحق ما هو الراهن؟ هو الراهن الذي عليه الدين "على الفضل الذي بقي للمدعى عليه" هاه؟ المرتهن ليش صار مدعى عليه والدين كله بذمة الثاني؟ مدعى عليه باعتبار أن العين بيده "بعد مبلغ ثمن الرهن، وذلك أن الذي بيده الرهن صار مدعياً على الراهن" مستقيم؟
طالب:. . . . . . . . .
شوف إيش يقول؟ "ثم أحلف الذي عليه الحق" الذي عليه الحق هو الراهن الذي عليه الدين، صح وإلا لا؟ "ثم أحلف الذي عليه الحق على الفضل الذي بقي للمدعى عليه" هو نفسه وإلا المرتهن؟ شوف "ثم أحلف الذي عليه الحق" هذا الراهن، الذي عليه الحق هو الذي دفع رهن؟ على الفضل الذي بقي للمدعى عليه، له يعني هو نفسه؛ لأن الجملة الأخيرة تشكل إذا حملنا الجملة الثانية على المرتهن، صح وإلا لا؟ لأنه يقول: بعد مبلغ ثمن الرهن وذلك أن الذي بيده الرهن وهو المرتهن، صار مدعياً على الراهن، إذاً المدعى عليه الراهن، "فأحلف الذي عليه الحق وهو الراهن على الفضل الذي بقي له" وهو المدعى عليه بعد مبلغ ثمن الرهن، "وذلك أن الذي بيده الرهن صار مدعياً على الراهن، فإن حلف بطل عنه بقية ما حلف عليه المرتهن، مما ادعى فوق قيمة الرهن، وإن نكل لزمه ما بقي من حق المرتهن بعد قيمة الراهن" من يصور لنا هذه المسألة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
صورتها؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الذي هو المدعي.
طالب:. . . . . . . . .
والراهن.
طالب:. . . . . . . . .
والمرتهن هو الذي بيده الرهن، على اعتبار أن الرهن مقبوض حقيقة أو حكماً؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
طالب:. . . . . . . . .
ما دام. . . . . . . . . فهو حكمه.
طالب:. . . . . . . . .
يعني الدين مائة ألف والرهن يسوى مائة وخمسين.
طالب:. . . . . . . . .(133/10)
طيب، ما الداعي لمثل هذا الحلف، وهو معترف بأن في ذمته مائة ألف، وأهل الصنف ثمّنوا وقيّموا هذه الأرض بمائة وخمسين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، معترف.
طالب:. . . . . . . . .
الذي عليه الدين؟
طالب:. . . . . . . . .
هو الراهن إيه، والذي له الدين هو المرتهن.
طالب:. . . . . . . . .
هو الراهن ما اختلفنا في هذا، هو الذي عليه الحق، وهو المدعى عليه "ثم أحلف الذي عليه الحق" وهو الراهن "على الفضل الذي بقي للمدعى عليه" يعني له، يحلف على الحق الذي بقي له على الخمسين هذه يحلف عليها.
طالب:. . . . . . . . .
لا أكثر؛ لأنه بقي له، على الفضل الذي بقي للمدعى عليه؛ لأنه هو نفسه المدعى عليه.
طالب:. . . . . . . . .
يعني هل نقول: إنه رهن الدين مائة ألف ويعترف به المدين ولا إشكال، وفي صك، ثم بعد ذلك قومت الأرض بمائة وخمسين، إذا رضوا متفقين على الدين، ورضوا بالتقويم لا داعي لليمين، له داعي وإلا لا؟ لكن إذا قوّمت بمائة وخمسين، إذا قوم بمائة وخمسين الرهن، وقال المرتهن لا يالله يالله يجيب مائة، بغينا بتسعين، أبي زيادة عشرة، هل نقول: إنه في مقابل تردد المرتهن يحلف الذي عليه الحق؟ وعلى هذه الصورة يتنزل كلام الإمام؟
طالب:. . . . . . . . .
وش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
وراه؟
طالب:. . . . . . . . .
في هذه الصورة يصير مدعى عليه؟ يتجه إلى اليمين، شوف "بعد مبلغ ثمن الرهن، وذلك أن الذي بيده الرهن صار مدعياً على الراهن" مدعياً عليه بالفرق الذي هو ينقص، هو يدعي أن هذه الأرض ما تستحق هذه القيمة "فإن حلف بطل عنه بقية ما حلف عليه المرتهن مما ادعى فوق قيمة الرهن، وإن نكل لزمه ما بقي من المرتهن بعد قيمة الرهن" على كل حال إذا لم يرض المرتهن بالقيمة صار مدعياً على الراهن، فعلى هذا تتجه اليمين إلى الراهن.
طالب:. . . . . . . . .(133/11)
لا، أنا صورت على غير هذا، الدين مائة، والعين قائمة أرض، جاءوا أهل الصنف قالوا: مائة وخمسين، قالوا: ادفع خمسين، قال: لا، لا، ما تجيب ولا تسعين، أنا أدعي عليك الآن بعشرة الفرق، صار مدعىً عليه فيحلف، وإلا لو اتفقوا على القيمة التي ثمنت بها ما صار فيها أدنى إشكال، ولا حاجة لليمين، صارت محاسبة ونتيجة مرضية عند الجميع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا مفاد الذي ذكرناه.
طالب:. . . . . . . . .
لا أنت قلبت الدعوة الحين، قلبت الدعوة؛ لأن عندنا كلام مالك واضح "وذلك أن الذي بيده الرهن" من هو؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب صار مدعياً على الراهن.
طالب:. . . . . . . . .
هذا الذي أقوله أنا؟
طالب:. . . . . . . . .
ما صار عكس؛ لأنه نفس الشيء، الآن هي قوّمت بمائة وخمسين، أو قوّمت بمائة وعشرة مثلاً، جابوا أهل الصنف قالوا: مائة وعشرة، قال: لا أنا ما أقتنع أنها بمائة وعشرة، تسعين، أنا أبي عشرة منك، اتجهت اليمين على الراهن، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب، هي زادت الأرقام ونقصت الصورة ما تتغير، يعني سواء ثمناه بمائة مائة وخمسين تسعين مائة وعشرة أو خمسة عشرة عشرين الصورة ما تختلف.
طالب:. . . . . . . . .
هذا الراهن قال.
طالب: على الفضل الذي بقي للمدعى عليه ....
له، له.
طالب:. . . . . . . . .
الراهن الراهن، هو نفسه مدعى عليه هو الراهن، بعد مبلغ ثمن الرهن، وذلك أن الذي بيده الرهن صار مدعياً على الراهن، المرتهن مدعي، المدعي.
طالب:. . . . . . . . .
خلك من هذا، ثم أحلف، اقرأ من ثم أحلف.
طالب: ثم أحلف الذي عليه الحق منه ...
من هو ذا؟
طالب:. . . . . . . . .
الراهن، اكتب الراهن، علشان ما تنحاس، اكتب عليه الراهن.
على الفضل الذي بقي ...
طالب: على الفضل الذي بقي للمرتهن ....
لا، لا، الراهن، المدعى عليه هو الراهن.
طالب:. . . . . . . . .
لأنه بيجيك، وذلك أن الذي بيده الرهن، من هو ذا؟
طالب: للذي بيد المرتهن.
خلاص.
طالب:. . . . . . . . .
صار مدعياً.
طالب:. . . . . . . . .
ثم أحلف الذي عليه الحق على الفضل الذي بقي له.
طالب:. . . . . . . . .(133/12)
هو الأصل أن يكون كذا؛ لأنه لو أراد الراهن لقال: إذا بقي له.
طالب:. . . . . . . . .
لا؛ لأنه يقول: صار مدعياً على الراهن، فهو مدعى، صار مدعي، المرتهن مدعي.
طالب:. . . . . . . . .
يعني تبينا نرجع من أصل المسألة؟ نرجع من أصل المسألة وإلا نقف عند هذه ونصورها من جديد؟
طالب:. . . . . . . . .
وإن كانت قيمتها أقل.
طالب:. . . . . . . . .
أُحلف الذي زعم أنه له فيه، ثم قاصه بما بلغ الرهن.
طالب:. . . . . . . . .
صح الرهن يحلف، يحلف على الفرق الذي بقي لمن؟
طالب:. . . . . . . . .
أقول: إذا صار المرتهن مدعياً يصير الراهن مدعىً عليه، هذا الكلام، بقي للمدعي عليه الذي هو الراهن شلون يصير مدعي ومدعىً عليه في آن واحد؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني في آنٍ واحد هو مدعي ومدعى عليه؟ المرتهن مدعي ومدعىّ عليه في آن واحد؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الراهن، بلى.
طالب:. . . . . . . . .
وراه؟
طالب:. . . . . . . . .
ما زال الإشكال قائم، ما انحل الإشكال.
طالب:. . . . . . . . .
ما انحل عندك؟
طالب:. . . . . . . . .
أنتم تبونه مدعي صوري وإلا حقيقي؟ المرتهن؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن شوف، ثم أحلف الذي عليه الحق، نختلف في كونه الراهن هذا؟ المدين؟ على الفضل الذي بقي للمدعى عليه.
طالب:. . . . . . . . .
ليش حلفوه وهو مدعي؟
طالب:. . . . . . . . .
لا؛ لأنه صار مدعياً على الراهن، بعده مباشرة.
طالب:. . . . . . . . .
وش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
مو قلتم: المدعى عليه هو المرتهن، ونقول: هو الراهن؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
طالب:. . . . . . . . .
الآن من الذي بيحلف؟ شوف الكلام دعونا من الكلام السابق كله، ثم أحلف جملة جملة، ثم أحلف الذي عليه الحق من هو؟ الراهن، على الفضل الذي بقي للمدعى عليه، من الزيادة في تقدير السلعة.
طالب:. . . . . . . . .
لا؛ لأنه صار المرتهن مدعياً.
طالب:. . . . . . . . .
أنا ما ودي أرجع إلى الكلام الذي انتهينا؛ لأنه كثير ستة أسطر.
طالب:. . . . . . . . .
وإن كانت قيمته أقل، انتهينا من قيمته أكثر.
إن كانت قيمة الرهن.
طالب:. . . . . . . . .(133/13)
طيب، المرتهن يقول: بعشرة، صح؟ وقومت بخمسة.
طالب:. . . . . . . . .
أحلف الذي زعم أنه له فيه إيش؟ كيف أحلف على الذي زعم؟
حستونا، إحنا جبناه وانتهينا من هذه، أحلف على الذي زعم أنه له فيه، يعني بمبلغ الدين الذي له في مقابل هذا الرهن.
طالب:. . . . . . . . .
إحنا قلنا: إن كلهم متفقين على أن الدين ما فيه إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
طيب، أنتم تبوا كل هذه الأسطر في مسألة واحدة.
طالب:. . . . . . . . .
طيب نثبتها بالقلم.
فإن هلك الرهن أرهنه دابة، أرهنه فرس دريناه، وتناكرا الحق، قال المرتهن: الدين مائة ألف في مقابل الفرس صح؟ قال الراهن: ثمانين ألف، الآن في الدين، يقول: كانت لي فيه عشرون ديناراً، فقال الذي له الحق: كانت لي فيه عشرون ديناراً التي سميناها مائة ألف، ولتكن عشرون ديناراً بدال المائة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
خلاص عشرين، وقال الذي عليه الحق: لم يكن لك فيه إلا عشرة دنانير، جيد، وقال الذي له الحق: قيمة الرهن عشرة دنانير، الدين هنا وقيمة الرهن كم؟ عشرة دنانير، وقال الراهن: عشرون ديناراً، يعني المسألة متعاكسة في الدين وفي قيمة الرهن، طيب، وقال الذي عليه الحق: قيمته عشرون ديناراً، قيل للذي له الحق: صفه، صف لها هالفرس، فإذا وصفه احلف على أنه لا يزيد ولا ينقص على هذا السعر، سجل لنا الوصف بورقة، في هذه الورقة سجل جميع ما يتصف به من صفات، ثم بعد ذلك احلف على هذه الصفات، حلف.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، هذا المرتهن الذي بيده الرهن، ثم قيل لأهل الصنف: ثمنوا، كم ثمنوه؟ "ثم أقام تلك الصفة على أهل المعرفة بها، فإن كانت قيمة الرهن أكثر مما ادعى فيه المرتهن" التثمين ثلاثين يصير أكثر مما يدعيه المرتهن، أحلف على ما ادعى، من الذي أحلف؟ المرتهن، الآن استحق عشرين والراهن يدعي عشرة؟ لماذا لا يعطى عشرين؛ لأنه ما أقر إلا بعشرة؟
طالب:. . . . . . . . .(133/14)
لا، لا، في نقطة، أحلف على ما ادعى أنه يدعي أن الدين عشرين، والخيل ما يسوى إلا عشرة، خلك منها واحدة واحدة، ادعى المرتهن أن الدين عشرين والفرس ما يستحق إلا عشرة، جيد؟ إذاً هو يحتاج إلى عشرة فقط، والعكس عند الراهن يدعي أن الدين عشرة والفرس يستحق عشرين، الآن إذا قلنا: إنه ما يستحق إلا عشرين، الدين عشرة والفرس بعشرين بإقراره هو الراهن كم يستحق؟ باعترافه هو الراهن أنه ما يستحق إلا عشرة، وبالتثمين مع دعوى المرتهن يستحق عشرة إذاً يعطى عشرة، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ الآن ما هو الراهن صاحب الفرس يقول: الدين عشرة، والفرس يسوى عشرين، هذه نعطيه عشرة من بدايتها أو نعطيه في النهاية نقرّ أن الدين عشرين والفرس يسوى ثلاثين تستحق عشرة، فالراهن يستحق العشرة من الأول، عشرة في البداية أو في النهاية على حسب اعترافه هو وتثمينه للفرس، أو على حسب اعتراف المرتهن وتثمين اللجنة، هو مستحق عشرة على هذا وعلى هذا، ظاهر وإلا مو ظاهر؟ أظن عاد هذا ما يحتاج إلى إعادة، ملينا يا إخوان، واضح.
أحلف على ما ادعى ثم يعطى الراهن ما فضل من قيمة الرهن عشرة، يعني لو ما جبنا لجنة ولا وصفنا على حسب دعواه ما يبي إلا عشرة؟ ومع التعب ما استحق إلا عشرة، انتهى الإشكال، وإن كانت قيمته أقل؟ قيمة الرهن أقل مما يدعي فيه المرتهن، قيمته قيمة الرهن أقل مما يدعي فيه المرتهن، المرتهن يدعي عشرة، المرتهن مو بالراهن، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا عشرة.
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . المرتهن، الدين عشرين وقيمة الرهن عشرة، الرهن العكس، في الصورة الأولى قلنا: يستحق صاحب الفرس عشرة على أي تقدير سواء اختلفوا وإلا اتفقوا، على تقريره هو أو تقرير اللجنة؟ صح وإلا لا؟ لأنه من البداية يقول: أنا ما أبي إلا عشرين، الدين عشرة والفرس بعشرين، ما أبي إلا عشرة الفرق، لكن هل يستقيم هذا مع رضاه يعني هو راضٍ بالعشرة باعتبار أن السلعة ما تجيب إلا عشرين، فتبين أن فرسه يسوى ثلاثين، فهل كون الفرس زادت قيمته يبطل دعواه الأولى، ولو أن ما في ذمته إلا عشرة؟
طالب:. . . . . . . . .
إحنا أبطلنا، الإمام بطلها.
طالب:. . . . . . . . .(133/15)
أحلف المرتهن على ما ادعى، لكن أقول: كون الفرس يسوى ثلاثين يعني كون صاحب الفرس تقديره أقل من الواقع يلغي كونه يستحق أكثر؟ إذاً كيف يقول الإمام: أحلف على من ادعى ثم يعطى الراهن ما فضل من قيمة الرهن، ما فضل من قيمة الرهن يعني بعد حسم الدين العشرة وإلا العشرين؟
طالب:. . . . . . . . .
هو معترف بعشرة وفرسه هو مقدره بعشرين، وصار يسوى ثلاثين، قال: أنا أبي ثلاثين الحين، يعني أنت افترض مسألة ....
طالب:. . . . . . . . .
يحلف المرتهن ..
طالب:. . . . . . . . .
له عشرون على دعواه.
طالب:. . . . . . . . .
وراه ما يحلف ذاك لأنه منكر العشرة الزائدة في الدين؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .(133/16)
المدعي يقول لي: عشرين، مثلما صوروا الإخوان كل واحد مدعي ومدعى عليه، واحد مدعي في الدين والثاني منكر في الدين، الصورة الثانية واحد مدعي بقيمة الفرس والثاني منكر للقيمة، فاللجنة تفصل بقيمة الفرس، ما فصلت بالدين، يبقى الدين على حاله، يعني أنت لو تبي تجيب سيارة، ومع آخر سيارة، وتقدرون السيارة سيارتك بمائة ألف، وسيارتك بتسعين، وتقبل الفرق عشرة، ثم يقول: لا ما أقبل، يقول لك: لا ما أقبل يمكن سيارتي تسوى أكثر من سيارتك، وتروحون لأهل الصنف يقولون: سيارتك بمائة وعشرة وسيارته بثمانين، هل هذا يلغي أن الفرق ثلاثين؟ هل يلزمك أنك ما تدفع إلا عشرة؟ يعني كونك ما تعرف القيمة الحقيقة يحصل أمور ما تخطر على بال، واحد جايب أثاث للحراج، وواحد من الشريطية الذي في الحراج لحظ له سلعة في الأثاث ساعة، وحرج عليها مائة مائتين ثلاثمائة خمسمائة نصيبك، أخذ الساعة وحطها في مخباته مباشرة، وحرج على السيارة وباعها بأربعمائة وخمسين أو خمسمائة بعد، هذا لاحظ أن قيمة الساعة تسوى عشرة أضعاف قيمة الأثاث، هل هذا يبطل حق المسكين الذي اغتر بالحراج، ولا عرف أن قيمة الساعة ... ، يحسب الساعة من الخردوات اللي ما تجيب إلا عشرة ريال، عشرين ريال، فباعها معها، لو يعرف أن الساعة قيمتها خمسة آلاف يبيع البضاعة كلها بخمسمائة؟! ومثل هذا البيع يبطل حقه إذا ادعى أنه ما يعرف قيمتها؟ الآن ما بعد تم العقد في الصورة التي صورناها، جاء زيد بسيارة وعمرو بسيارة، قال زيد: أنا سيارتي تفوق سيارتك بعشرة آلاف، أنا سيارتي بمائة وسيارتك بتسعين، قال عمرو: لا والله أنا ما أرضى بتقديرك أنت، أنت مو من أهل الخبرة، يرضينا فلان شيخ الدلالين روح له وخلاص، قال شيخ الدلالين: سيارة زيد بمائة وعشرة، وسيارة عمرو بثمانين، الفرق ثلاثين ألف، هل نلزم زيد بقبول عشرة فقط؛ لأنه أقر بها أولاً؟ نعم هذه صورتنا، ما هي الصورة نفسها؟ ألزمناه بأن تكون قيمة الفرس عشرين لا ثلاثين، لكن هذا في مقابل دعوى أخرى، تتجه فيها اليمين على المرتهن، فإذا حلف بلغ دينه عشرين مع الثلاثين يصير الفرق عشرة، هو كلام يحتاج إلى نباهة مثل هذا.
طالب:. . . . . . . . .(133/17)
إي بالتقدير لأنه ما دام كلهم حكموه ورضوا بالتقويم خلاص، ولذلك جعلت في باب القضاء، حكموا هذه اللجنة وانتهى صاروا قضاة بالنسبة لهم.
وإن كانت قيمة الرهن أقل بالتقدير، وإن كانت قيمته أقل مما يدعي فيه المرتهن.
طالب:. . . . . . . . .
شوف المرتهن وإن كانت قيمته أقل مما يدعي فيه المرتهن عشرة، المرتهن يدعي عشرة، وإن كانت قيمته أقل مما يدعي فيه المرتهن.
طالب:. . . . . . . . .
طيب خمسة عشر، التقدير خمسة عشر، أحلف الذي زعم أنه له فيه ثم قاصه مما بلغ الرهن، المرتهن بيحلف على دعواه، الدين عشرين، إذاً له خمسة، يأخذ خمسة، ثم قاصه بما بلغ الرهن، ثم أحلف الذي عليه الحق، الراهن على الفضل الذي بقي للمدعى عليه ...
طالب:. . . . . . . . .
طيب هذه الخمسة، بعد مبلغ ثمن الرهن، وذلك أن الذي بيده الرهن صار مدعياً على الراهن بالخمسة، فإن حلف بطل عنه بقية ما حلف عليه المرتهن، بطلت الخمسة.
طالب:. . . . . . . . .
حلف الراهن إيه، مما ادعى فوق قيمة الرهن، وإن نكل لزمه ما بقي من حق المرتهن بعد قيمته، الخمسة، انتهى الإشكال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
على التقرير الأخير لأن صارت دعوى مركبة، ما هي دعوى ... لأن بعض الجمل تحتاج إلى أن تعاد أكثر من مرة، وقد يبين في كل مرة وجه غير ما تقدم، يعني مثلما قلنا في مسألة القرض، القرض إلى الآن وأنا كلما أعدت فيه النظر اختلف القول؛ لأن لها مدارك متعددة، ولذلك مثلما قلنا: الماتن له رأي خالفه الشارح، المحشي خالف الشارح، الشيخ ابن عثيمين وافق الشارح، الشيخ ابن جبرين وافق الماتن، يعني مسألة تحتاج إلى إعادة نظر مراراً، وفي أوقات متفاوتة، ولا يمنع أنها يمكن حملها على وجه يصح فيه قول الماتن، ويمكن حملها على وجه يصح فيه قول الشارح، فمثل هذه المسائل الشائكة تحتاج إلى نظر أكثر من مرة، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(133/18)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب الأقضية (7)
باب: القضاء في كراء الدابة والتعدي بها - باب: القضاء في المستكرهة من النساء
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يقول: ما حكم أخذ قرض عن طريق التورق؟
معروف أن القرض الذي يرجى ثوابه من الله -جل وعلا- هو بدون زيادة من المقترض، فساد بين الناس وروّج بعض الجهات كالبنوك مثلاً أن يسموا معاملاتهم قروض، وهي ليست بقروض في الحقيقة، القرض الذي لا يؤخذ عليه زيادة ولا يرجى ثوابه إلا من الله -جل وعلا-، أما إذا ربحوا عليك فليس بقرض، هذا ليس بقرض.
يقول: عن طريق التورق؟
التورق ليست بقرض.
من البنك الهولندي مع العلم أنهم يوقعون الشخص على وكالة بيع البضاعة التي يجعلونها بينهم وبين الشخص المقترض؟(134/1)
ذكرنا مراراً أن مسألة التورق لا تسلم من ضعف للخلاف القوي فيها، ابن عباس وعمر بن عبد العزيز وشيخ الإسلام ابن تيمية يرون تحريم هذه الصورة من صور البيع، ولا يوجزون إلا إذا كان المشتري بحاجة إلى السلعة، أما إذا كان بحاجة إلى قيمتها فلا يجيزونها، ويجعلونها من التحايل على الربا، والمعروف عند عامة أهل العلم جوازها إذا استوفت الشروط بأن كان البائع مالكاً للسلعة ملكاً تاماً مستقراً، ثم يبيعها على من يريدها، ولو لم يردها لذاتها، وإنما أرادها لقيمتها يبيعها بيع تام بشروطه، تقبض فيه السلعة من قبل المشتري ويتولى المشتري أو وكيله الثقة بيعها على طرف ثاني غير الطرف الأول، أما كون المشتري يوقع على وكالة بيع البضاعة من قبل البنك يتولون بيعها، فلا بد أن يكون الوكيل ثقة؛ لأن مثل هؤلاء الذين يتعاملون بمعاملات محرمة دون تردد بينهم، ما الذي يمنعه أن يشتريها هو؟ أو لا يكون هناك سلعة، أو سلعة صورة، ثم بعد ذلك يفتح المخزن مخزن الدراهم، ويعطيه دراهم فتكون دراهم بدراهم عين الربا، فلا يوكل بمثل هذه العقود إلا ثقة، ويعرف الأحكام، كثير من الناس يوقع على شيء وهو جاهل، أو يبرم عقد وهو جاهل بتفاصيله، أو جاهل بالحكم الشرعي، ثم بعد ذلك يتوب، ولكن قبل أن توقع اعرف الحكم الشرعي في هذه المعاملة، صور المسألة تصويراً دقيقاً واعرضها على أهل العلم، وخذ الجواب، وحينئذٍ تبرأ ذمتك، أما أن تقدم على شيءٍ لا تدري ما حقيقته، ثم يتبيّن لك أنه محرم ثم تقول: أتوب؟ نعم من تاب تاب الله عليه، لكن مع ذلك يجب على المسلم أن يعرف من أحكام الدين ما يلزمه من عبادات ومعاملات، هذه وسائل عينية، ما دام أنت تحتاج إلى هذه المعاملة لا بد من معرفتها، ومن معرفة حكمها.
يقول: ما أفضل الطبعات لكل من فتاوى ابن تيمية -رحمه الله-؟
أفضل الطبعات الطبعة الأولى طبعة الملك سعود.
والمعجم المفهرس لألفاظ الحديث؟
هو ما طبع إلا طبعة واحدة، طبعه المستشرقون في أوروبا، في هولندا، وصور عن هذه الطبعة تصويرات كثيرة، المقصود أن الطبعة الأوروبية هي الأصل، ثم بعد ذلك ما صور عنها لا يختلف عنها.
التحفة؟(134/2)
أي تحفة هذه؟ إن كان يقصد تحفة الأشراف، أو تحفة الأحوذي، أو تحفة المودود، أو تحفة المحتاج؟ أي تحفة؟ لكن الذي يظهر أنه بعد ذكر المعجم المفهرس أنه يريد تحفة الأشراف، الطبعة الهندية عبد الصمد شرف الدين طبعة ممتازة، وطبعة بشار فيها زيادة في الترقيم بحيث يحيلك على الحديث برقمه، وإن كان فيها نقص في الأحاديث، نقص يسير في الأحاديث.
الشرح الممتع؟
هذه طبعة ابن الجوزي أفضل من غيرها.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في كراء الدابة والتعدي بها
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في الرجل يستكري الدابة إلى المكان المسمى ثم يتعدى ذلك المكان، ويتقدم أن رب الدابة يخيّر، فإن أحب أن يأخذ كراء دابته إلى المكان الذي تعدي بها إليه أعطي ذلك، ويقبض دابته، وله الكراء الأول، وإن أحب رب الدابة فله قيمة دابته من المكان الذي تعدى منه المستكري، وله الكراء الأول إن كان استكرى الدابة البدأة، فإن كان استكراها ذاهباً وراجعاً ثم تعدى حين بلغ البلد الذي استكرى إليه فإنما لرب الدابة نصف الكراء الأول، وذلك أن الكراء نصفه في البدأة، ونصفه في الرجعة، فتعدى المتعدي بالدابة، ولم يجب عليه إلا نصف الكراء الأول، ولو أن الدابة هلكت حين بلغ بها البلد الذي استكرى إليه، لم يكن على المستكري ضمان، ولم يكن للمكري إلا نصف الكراء، قال: وعلى ذلك أمر أهل التعدي والخلاف لما أخذوا الدابة عليه، قال: وكذلك أيضاً من أخذ مالاً قراضاً من صاحبه فقال له رب المال: لا تشتري به حيواناً ولا سلعاً كذا وكذا بسلع يسميها، وينهاه عنها ويكره أن يضع ماله فيها فيشتري الذي أخذ المال الذي نهي عنه يريد بذلك أن يضمن المال، ويذهب بربح صاحبه، فإذا صنع ذلك فرب المال بالخيار إن أحب أن يدخل معه في السلعة على ما شرطا بينهما من الربح فعل، وإن أحب فله رأس ماله ضامناً على الذي أخذ المال وتعدى.(134/3)
قال: وكذلك أيضاً الرجل الذي يبضع معه الرجل بضاعة فيأمره صاحب المال أن يشتري له سلعةً باسمها فيخالف فيشتري ببضاعته غير ما أمره به ويتعدى ذلك، فإن صاحب البضاعة عليه بالخيار إن أحب أن يأخذ ما اشتري بماله أخذه، وإن أحب أن يكون المبضع معه ضامناً لرأس ماله فذلك له.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في كراء الدابة والتعدي بها
"قال يحيى: سمعت مالكاً" كراء الدابة إجارتها، والتعدي بها مجاوزة ما استئجرت من أجله من مكان.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في الرجل يستكري الدابة إلى المكان المسمى ثم يتعدى ذلك المكان ويتقدم" يعني استأجر سيارة إلى الخرج بمبلغ كذا، ثم لما وصل الخرج حملها البضاعة ووصل بها إلى الخرج ما انباعت البضاعة يقول: نبيع بالحوطة مثلاً، ويتعدى بها من غير اتفاق مع صاحبها، الاتفاق على الخرج، ثم بعد ذلك معه بضاعة ما انباعت تعدى بها إلى الحوطة، أو تتعطل سيارته فيأتي بصاحب سطحة، يقول: ودنا الصناعية، ويوديه الصناعية ما يجد ورشة تقبلها، يقول: ودنا، اذهبوا بها إلى الصناعية الثانية، والاتفاق على الصناعية الأولى، هذا يتعدى بها فما العمل؟
يقول: "سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في الرجل يستكري الدابة إلى المكان المسمى ثم يتعدى ذلك المكان ويتقدم أن ربّ الدابة يخيّر فإن أحب أن يأخذ كراء دابته إلى المكان الذي تعدي بها إليه أعطي ذلك" يعني إن كان استأجره إلى الخرج بثلاثمائة ريال، ثم لما تعدى إلى الحوطة، قال: أنا أريد خمسمائة له ذلك، إن أحب أن يأخذ كراء دابته إلى المكان الذي تعدي بها إليه أعطي ذلك، ويقبض دابته، يقبضها من الحوطة، وله الكراء الأول، له الكراء الأول الثلاثمائة، وله أيضاً المئتان الزائدتان.(134/4)
"وإن أحب رب الدابة فله قيمة دابته من المكان الذي تعدى منه المستكري" استأجر الدابة إلى الخرج، وعرفنا أنها عليها متاع يريد بيعه فما باعه في الخرج باعه وتعدى بها إلى مكان آخر، يكون الإجارة إلى الخرج ما عدا ذلك أنا لا أسمح لك ولا أريد أجرة ولا شيء، ما أحللك إلا أن تعطيني قيمة الدابة، أنت تصرفت بغير إذني، إجارة منتهية بإيش؟ بالتمليك، يعني إلى الخرج له الأجرة، ثم بعد ذلك في الصورة الثانية يقول: "وإن أحب رب الدابة فله قيمة دابته من المكان الذي تعدى منه المستكري، وله الكراء الأول" له الأجرة إلى الخرج، وله قيمة الدابة مما تصرف فيه الطرف الثاني إلى الجهة الثانية إلى الحوطة أو إلى غيرها من البلدان، يستطيع أن يلزمه بقيمة الدابة على رأي الإمام مالك -رحمه الله-.(134/5)
"وإن أحب رب الدابة فله قيمة دابته من المكان الذي تعدى منه المستكري وله الكراء الأول إن كان استكرى الدابة البدأة" يعني مجرد ذهاب، ما استأجر إلا إلى الخرج، ما استأجرها ذاهباً وراجعاً، لكن إن كان استكراها ذاهباً وراجعاً، ثم تعدى حين بلغ البلد الذي استكرى منه، فإنما لرب الدابة نصف الكراء الأول، استأجرها إلى الخرج، ويبي يحملها من الخرج إلى الرياض، استأجرها ذاهباً واستأجرها راجعاً، هذا لما وصل الخرج تعداها إلى الحوطة، ما انباعت السلعة على رأي الإمام مالك في القول الثاني في الصورة الثانية يقول: له أن يلزمه بقيمة الدابة، لكن هل له أن يلزمه بأجرة ما بين الخرج إلى الرياض في الرجوع؟ له من الرياض إلى الخرج أجرة، لكن هو استأجرها أيضاً من الخرج إلى الرياض آيباً راجعاً، يقول ليس له ذلك، فإن كان استكراها ذاهباً وراجعاً ثم تعدى حين بلغ البلد الذي استكراها إليه فإنما لرب الدابة نصف الكراء الأول، يعني الذهاب فقط، لماذا؟ لأنه في الرجوع صارت ملكاً للمستأجر فلا يستحق صاحب الدابة الأول كراء في الرجعة "وذلك أن الكراء نصفه في البدأة، ونصفه في الرجعة، فتعدى المتعدي بالدابة، ولم يجب عليه إلا نصف الكراء الأول، ولو أن الدابة هلكت حين بلغ بها البلد الذي استكرى إليه لم يكن على المستكري ضمان ولم يكن للمكري إلا نصف الكراء" هلكت الدابة بغير تعدي ولا تفريط ولا تحميلها أكثر مما تطيق، هلكت، وصلت إلى الخرج فماتت، لا يضمن لأنه لم يفرط، والعين بيده أمانة، يحلف أنه لم يفرط فلا يلزمه قيمتها، إنما يلزمه نصف الكراء؛ لأن ما وصلته به إلى الرياض الثانية، الذي هو النصف الثاني "لم يكن على المستكري ضمان، ولم يكن للمكري إلا نصف الدابة" شخص استأجر شقة فاحترقت يضمن المستأجر؟ لا يضمن، استأجر دابة فماتت، طيب استأجر سيارة وخبطت يلزم وإلا ما يلزم؟ يقول: أنا ما فرطت، أنا ماشي في طريقي وما فرطت، وكل شيء تفقدناه مضبوط، الأسلاك ماشية، والماء مناسب، والسرعة مناسبة، والجو معتدل.
طالب:. . . . . . . . . عليه وإلا على راعي السيارة؟
المقصود أنها متفقدة سواء من هذا أو من ذاك؟
طالب: .... هل المستكري. . . . . . . . .؟(134/6)
لكن إن اطلع عليها وعرف أن فيها خلل واستمر؟
طالب: لا، هو لو نبهه ممكن، لكن. . . . . . . . .
ما نبّهه لكن اطلع عليها، وشاف أن الماء ناقص أو ....
طالب: لا أنا أقصد هل هو استلمها؟
أنت افترض أنه هو الذي تفقدها الآن، يعني من زود الحرص علشان ما يضمن ولا يتهم بتفريط تفقدها.
طالب: .... الواجب منه عليه، على المستكري ..(134/7)
لا الواجب ... ، هو سلّم سيارة صالحة للاستعمال، ليستحق صاحبها الأجرة، الآن لما قال الإمام مالك -رحمه الله- يستأجرها مثلاً إلى الخرج، ثم يتعدى بها المستأجر إلى جهةٍ أخرى، يقول: لصاحب الدابة لصاحب السيارة أن يلزم المستأجر قيمة السيارة، يعني صورة هذا العقد أوله أجرة ثم آخره تمليك، فهل تنطبق صورته على صورة الإجارة المنتهي بالتمليك الآن؟ ما تنطبق؟ لماذا؟ لأنه ما اتفق على هذا من الأصل، أنك تستأجرها إلى الخرج، ثم أبيعها عليك بمبلغ كذا، ويتفقون على هذا، البيع هذا طارئ ليس من أصل العقد، أنه يتصرف بغير إذن صاحبها، هو تعدي على كل حال، استعمالها فيما لم يؤذن له به تعدي، المقصود أن هذا رأي مالك في هذه المسألة، والرجل تعدى وقيمتها بسبب الاستعمال نقصت، فلا يخلو من ثلاث وجوه: إما أن يأخذ أجرته بالقدر الزائد إذا رضي بذلك، أو يأخذ أرش نقص السيارة التي نقصت في هذه المسافة، ويمكن تقديره، أو يلزم صاحب المستأجر بدفع قيمتها، وهذا الذي يشير إليه كلام مالك -رحمه الله-، بعض الناس يستأجر حامل يحمل معه متاع، ومن باب ترغيبه يقول: البيت في محل كذا دون الحقيقة، من أجل أن يحثه على قبول الحمل، أو من أجل أن يضع عنه في الأجرة؟ ولو أخبره أن المكان بعيد ما رضي بهذه الأجرة، أو ما رضي بالإجارة من الأصل؟ يقول: ما أتحمل أمشي كل هذه المسافة، فيقول له: إلى كذا، وتشيل هذا المتاع إلى الربوة وهو يبي الملز، لو قال له: للملز قال: لا والله ما عندي وقت، وقتي ما يحتمل، المقصود أنه في مثل هذه الحالة إذا وصل المكان المتفق عليه يضع البضاعة ويستحق الأجرة، أحياناً يحصل خلاف بين هذا النوع من البشر الذين هم الذين يحملون أمتعة الناس، ويكون فيهم الأحمق، موجود فيهم، بعضهم أحمق، ثم يقول له: لا هذا المكان الذي اتفقنا عليه أضعه هنا أو أرجعه للمكان الذي شلته منه، حصل هذا مراراً، ما أتعدى ولا شبر، أضعه في المكان هذا، أو أرجعه إلى المكان الذي شلته منه، تبي تعطيني أجرة هنا نزلت وإلا رجعت، يعني يرجع بدون أجرة ما عنده مانع؟
طالب: .... يكون هو الخسران.
وجد مثل هذا.
طالب:. . . . . . . . .
لا، الحامل خسران من كل وجه.(134/8)
طالب: هو خسران لكن ....
على كل حال ما هو من مصلحة الجميع، هذا التصرف ليس بمصلحة الجميع، والخسارة الأعظم على الأجير المسكين، لكن الحمق يصنع مثل هذا.
طالب:. . . . . . . . .
مجرد وعد ما يضر، بس ما يكتب بالعقد، ويلزم به الطرف الثاني.
طالب:. . . . . . . . .
لا، فرق بين الأجرة التي هي مجرد اسم، وبين حقيقة الأجرة، الآن الأجرة الموجودة عند بعض الوكالات هي بيع، بيع بالتقسيط، لكن لضمان حقه كالرهن تبقى السيارة باسم الوكالة، يعني يعطيك السيارة بثمان وأربعين ألف، كل شهر ثلاثة آلاف أربعة آلاف، فإذا انتهت الأشهر، وانتهت الأقساط انتقلت تلقائياً إلى ملك الطرف الثاني، هذا بيع ذا، ولو سموه أجرة من أجل ضمان حق البائع، هذا ما يؤثر، الإشكال فيما إذا استقل البيع بقيمة، واستقلت الأجرة بقيمة، وتم العقدان في وقتٍ واحد، وتمّ فيها الأجرة والبيع والضمان على من فيما لو تلفت السلعة؟ هذا محل الإشكال، أما إذا قال له: أؤجرك إياها لمدة ثمان وأربعين شهراً إذا انتهت فأنت تملك انتهى الإشكال، هذا بيع، ولو عبّر عنه بالأجرة ليضمن بقاء السيارة باسمه كالرهن، ما يضر هذا.
طالب: قد يكون هناك وعد في السيارة. . . . . . . . . قد يكون وعد أني اشتريها لك، وكل. . . . . . . . . فيكون في هذا أيضاً أنه بعد نهاية الإيجار هناك وعد. . . . . . . . .
بقيمة مستقلة أو بنفس الأجرة السابقة؟
طالب: بباقي الأقساط .... ؟
المهم أنه في النهاية إذا سدد آخر قسط وانتهت الأشهر ملكها، هذا بيع ما فيه إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، الأجرة المنتهية بالتمليك يؤجره كل شهر ألفين وفي النهاية يدفع مبلغ قيمة السيارة، هذه أجرة منتهية بالتمليك، فهي تتضمن عقدين في عقد واحد، والضمان لا يدرى على من؟ لا، هذه ممنوعة من وجوه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أن هذه الأجرة في آخر قسط، وعند تمام المدة يملكها الطرف الثاني تلقائياً، هذه إجارة يسمونها الإجارة وفي الحقيقة بيع بأقساط، ما فيها شيء، وإنما سموها أجرة ليضمنوا حقهم، السيارة تستمر باسمهم إلى أن تنتهي الأقساط.(134/9)
قال: "وعلى ذلك أمر أهل التعدي والخلاف لما أخذوا الدابة عليه" يعني كل من تعدى يعاقب، كل من تعدى وظلم فإنه يعاقب، وتؤخذ منه قيمة ما استؤجر منه.
قال: "وكذلك أيضاً من أخذ مالاً قراضاً من صاحبه" قراضاً مضاربة "فقال له رب المال: لا تشتر به حيواناً ولا سلعاً كذا وكذا" لا تشتر حيوان؛ لأنه يموت، ثم تذهب الدراهم سدى، ولا كذا ولا كذا، لا خضار ولا فواكه؛ لأنها تتلف بسرعة، الذي يخشى من تلفه لصاحب المال أن يمنع منه المضارب، المقارض، احتياطاً لماله "لسلع يسميها وينهاه عنها، ويكره أن يضع ماله فيها، فيشتري الذي أخذ المال الذي نهي عنه" قال: لا تشتر حيوان اشترى حيوان، لا تشتر فواكه اشترى فواكه، لا تشتر خضار اشترى خضار، وغير ذلك مما يسرع إليه التلف والفساد "ويكره أن يضع ماله فيها، فيشتري الذي أخذ المال الذي نهي عنه يريد بذلك أن يضمن المال" يتحايل؛ لأنه تصرف تصرف من غير إذن صاحب المال فيضمن المال لو تلف، يعني مثل من أخذ وديعة ثم تصرف فيها، اشترى بها سلعة، وقام يتاجر بها، وقال: متى ما أرادها صاحبها أردها عليه، الأصل في الأمانة أنها لا تضمن، إذا لم يفرط المؤتمن ولم يتعد فيها أنها لا تضمن، لكن إذا استلمها وقبضها ثم مباشرة أخذ يتاجر بها حينئذٍ يضمن، يضمن حينئذٍ، يريد بذلك أن يضمن المال، ويذهب بربح صاحبه، ليأخذ الربح كامل؛ لأنه إذا ضمن والمال أخذ على جهة الأمانة لا على جهة المضاربة، في الأصل مضاربة لكنه لما تصرف فيها وصارت من ضمانه صار الربح له؛ لأن الغنم مع الغرم.
"فإذا صنع ذلك فرب المال بالخيار إن أحب أن يدخل معه في السلعة على ما شرطا بينهما من الربح" يعني يقبل، نهاه عن شراء حيوان فاشترى حيوان فقال: قبلت، ما دام اشتريت قبلت؛ لأنه لو لم يقبل ليس له إلا رأس ماله، فإذا قبل أن يدخل مع المضارب دخل معه على ما اتفقا عليه "إن أحب أن يدخل معه في السلعة على ما شرطا بينهما من الربح فعل، وإن أحب فله رأس ماله ضامناً على الذي أخذ المال وتعدى" فيكون المال مضموناً من قبل المضارب، قال: "وكذلك أيضاً" ...
طالب:. . . . . . . . .
أصل المتصرف هذا الذي نهي عن شراء الحيوان فاشترى حيوان، هذا تحايل.(134/10)
طالب:. . . . . . . . .
وليش خالف؟ لماذا خالف؟
طالب: .... فرصة ....
لا، ما دام ....
طالب:. . . . . . . . .
ما دام صاحب المال اشترط عليه أن لا يشتري حيوان افترض أنه اشترى حيوان ومات من ضمان من؟
طالب: ... افترض أن جاه واحد وأغراه بالسلعة. . . . . . . . . وشراها وهو لم يقصد. . . . . . . . .
المقصود ما دام نهي يضمن، المراد صاحب المال بالخيار، أنا أدخل معه ويلغي شرطه له ذلك، إن أراد أن يبقى على شرطه وليس له إلا رأس ماله له ذلك.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، إذا ضمن المال الأصل أنه مؤتمن، وليس عليه ضمان، لكن إذا تصرف تصرف غير مأذون له فيه صار متعدياً فضمن، والربح له.
طالب:. . . . . . . . . ليش ما نقول في هذه الحالة أنه قضاء وقدر.
لأنه من نماء ماله.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
نقول: حتى في حالة التعدي ومخالفة الشرط النماء نماء المال، والمال لصاحبه، فنماؤه له.
طالب: لصاحب المال الأصلي؟
أنت تقصد هذا أنت؟
طالب: إيه أنا أقصد هذا.
لأنه نماء ماله.
طالب:. . . . . . . . . إما أن يأخذ صاحب المال ....
إيه؛ لأنهم يربطون الغنم مع الغرم، ما دام هو الغارم فهو الغانم، وأنت تريد أن يعزر بتصرفه في غير ما اتفقا عليه فيؤخذ الربح كاملاً لصاحب المال؛ لأنه نماء ماله، فيعامل معاملة بنقيض قصده، ماشي مالك -رحمه الله تعالى- على القاعدة: الخراج بالضمان، ما دام يضمن المتصرف فالنماء له، ما دام يضمن، ولا مانع إن رأى حاكماً أن يعزره بتفويت الربح عليه فالأمر له، وإلا فمثل هذا الكلام يفتح باب للحيل والتحايل من قبل المتعاملين.
"وإن أحب فله رأس ماله ضامناً على الذي أخذ المال وتعدى".
قال: "وكذلك أيضاً الرجل الذي يبضع معه الرجل بضاعة" يعني العامة يسمون المضاربة والقراض يسمونها بضاعة، معروف عندهم في نجد أن المضاربة بضاعة، يعطيه مال بضاعة، بمعنى أنه يعمل فيه بالتجارة والربح بينهما.(134/11)
وقال: "وكذلك أيضاً الرجل يبضع معه الرجل بضاعة فيأمره صاحب المال أن يشتري له سلعة باسمها" ذاهب إلى جهة فقال: هات لي سلعة معينة من السلعة المباحة، فيخالف فيشتري ببضاعته غير ما أُمر به، أعطاه مبلغ مائة ألف يشتري سيارة، فلما رجع قال له صاحب المال: أين السيارة؟ قال: والله لقيت فرصة مناسبة تركة كتب يقال: إنها تربح أضعاف، والسيارة ما تربح إلا عشرة بالمائة عشرين بالمائة، فاشتريت هذه التركة "فيخالف فيشتري ببضاعته غير ما أمره به، ويتعدى ذلك فإن صاحب البضاعة عليه بالخيار، إن أحب أن يأخذ ما اشتري بماله أخذه، وإن أحب أن يكون المبضع معه ضامناً لرأس ماله فله ذلك" يعني وليس له من الربح شيء كما في الصورة الأولى؛ لأن الذي أخذ المال ضامن والخراج بالضمان، نعم.
باب: القضاء في المستكرهة من النساء
حدثني مالك عن ابن شهاب أن عبد الملك بن مروان قضى في امرأة أصيبت مستكرهة بصداقها على من فعل ذلك بها.
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في الرجل يغتصب المرأة بكراً كانت أو ثيباً: إنها إن كانت حرة فعليه صداق مثلها، وإن كانت أمة فعليه ما نقص من ثمنها، والعقوبة في ذلك على المغتصب، ولا عقوبة على المغتصبة في ذلك كله، وإن كان المغتصب عبداً فذلك على سيده إلا أن يشاء أن يسلمه.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في المستكرهة من النساء
المستكرهة يعني على الزنا نسأل الله السلامة والعافية.
"حدثني مالك عن ابن شهاب أن عبد الملك بن مروان قضى في امرأة أصيبت مستكرهة بصداقها على من فعل ذلك بها" يعني يلزمه صداق مثلها، اغتصبها وزنى بها ينظر مهر مثلها كان مثلها يصدق ثلاثين ألفاً ألزم به، كان مثلها يصدق خمسين ألف ألزم به، وإن كان مثلها يصدق بعشرة آلاف ألزم به.(134/12)
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في الرجل يغتصب المرأة بكراً كانت أو ثيباً أنها إن كانت حرة فعليه صداق مثلها" إن كانت بكر خمسين ألف، وإن كانت ثيب ثلاثين ألف، صداق مثلها، أو أكثر أو أقل على حسب ما هو موجود في وقته، هذا إذا كانت حرة فلها الصداق بما استحل من فرجها "وإن كانت أمة فعليه ما نقص من ثمنها" تقوّم قبل الوطء، قبل الاغتصاب وتقوّم بعده "والعقوبة في ذلك على المغتصب" نعم تلزم عقوبته، ويلزم حده "ولا عقوبة على المغتصبة في ذلك" لأنها مكرهة، والمكره لا حد عليه "وإن كان المغتصب عبداً فذلك على سيده" يعني الآثار المترتبة على جنايته فعلى سيده، اغتصب امرأة، عبد اغتصب امرأة، فالحكم أن لها صداقها، وحينئذٍ يدفعه السيد في صورة العبد "إلا أن يشاء أن يسلمه" اغتصب امرأة وقيل: صداقها خمسون ألفاً، والعبد كله ما يجي عشرة آلاف، فإذا رضي أن يسلمه يقول: خذوه، اكتفي به؛ لأنه ما يعاقب من جهات بعد، السيد نعم يلزمه تربية وتوجيه وحفظ وصيانة بالنسبة لما تحته من عبيد، لكن ليس معنى هذا أنه يغلق عليهم أبواب في غرف بحيث لا يخرجون، فإذا قال: أنا لا أريد العبد خلاص خذوه، وإن كانت قيمته أقل من الصداقة يؤخذ؛ لأن صاحبه لا يكلف أكثر من آلة الجناية.
يقول: رجل من أحد الدول العربية فيه صلاح، وقد تزوج قبل ثلاثة أشهر، ولما تزوج فتاةً تحرى في اختيارها، واختيار عائلتها، واكتشف أنها زانية، والعياذ بالله، وأنها فعلت ذلك عدة مرات، وهو حائر الآن هل يطلقها لعدم قدرتها على إصلاحها وهو ينظر إليها نظرة دونية، أو يصبر عليها ويحاول إصلاحها لكي لا ترجع وتقع فيما وقعت فيه؟(134/13)
الأمر إليه، إن كانت تابت وعقد عليها بعد التوبة فالأمر إليه؛ لأن التوبة تهدم ما كان قبلها، لكن عليهم أن يخبروه بما صدر منها قبل أن يعقد عليها؛ لأن عدم الإخبار غش نسأل الله السلامة والعافية، وهذه مسألة يسأل عنها كثيراً، يقع تقع الهفوة من فتاة ثم بعد ذلك تخطب يتردد عليها الخطاب ولا تقبل، بعضهن تستمر بدون زوج ولا تتزوج، وقد تابت من جريمتها لئلا يكتشف أمرها، ومنهن من يقدم، لا بد من الإخبار؛ لأن هذا غش، فمن يتصور حال الشخص إذا علم فيما بعد؟ إذا تورط بأولاد، أو دخل ودفع الأموال مثل هذا المسكين، وأهل العلم الذين يقولون بوجوب الإخبار ولزومه يستدلون على ذلك بحديث: ((إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إذا زنت يجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إذا زنت الثالثة والرابعة فليبعها ولو بظفير)) قالوا: إن الأمة مهما نزلت قيمتها لا تعادل الحبل المظفور المجدول إلا إذا كانت قد أخبر عنها بأنها زانية، إذا أخبر عنها ما يوجد أحد يشتريها إلا بثمن بخس؛ لأن هذا عيب شديد، فمثل هذا لا بد من إخبار الخاطب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أن هذا يتعلق بالخاطب، الخاطب ما ذنبه يغش بمثل هذا، ولو علم بعد سنين، ومثل هذه الأمور يعني جرت العادة أنها لا تخفى؛ لأن النساء لا صبر لهن على الكتمان، لا بد أن يخرج منها ما يستدل به على شيءٍ من ذلك، إضافة إلى أن مسألة البكارة إذا زالت بهذه الطريقة لا بد أن يكون في نفس الرجل شيء، لا بد أن يكون هناك في النفس شيء، وإن كان الأطباء يقررون أنها قد تزول بدون سبب، أو من وثبة أو ما أشبه ذلك، لا يلزم أن يكون من زنا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الباب السابق؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إن أحب أن يأخذ ما اشتري بماله أخذه، نهاه أن يشتري حيوان فاشترى حيوان قال: أنا آخذه خلاص؛ لأنه بماله.
طالب: .... إذا أعطى الحيوان وهذا الحيوان ....
إيه واضح أن الثاني، اليد الثانية متعدية، ليس لها شيء، ليس لها من الربح شيء.
طالب:. . . . . . . . .(134/14)
الثانية ... ، شوف الآن صاحب المال بالخيار إن أحب أن يأخذ الحيوان ويرضى به يأخذه، وإن أحب أن يتركه ويضمن المتصرف فلوسه له ذلك.
طالب:. . . . . . . . .
هو يعطيه البضاعة ما يعطيه قيمة البضاعة، يعطيه البضاعة سواء كانت أقل أو أكثر المهم يقبل.
طالب:. . . . . . . . .
هو ما يشترك معه في الربح، إن أخذه أخذه بربحه، وإن رده رده بربحه.
طالب: ليش ما قال نفس الكلام. . . . . . . . .
هو إن أخذ البضاعة أخذها بربحها، وإن ردها ردها بربحها، وضمن المشتري المتصرف رأس المال.
بعض الناس يقول: الزنا يحصل من النساء ومن الرجال، هذه المسألة عملية وواقعة وفي البلدان المجاورة تكثر الأسئلة وفي غيرها، حتى في هذه البلاد يحصل ما يحصل، لكن في البلدان الثانية التي لا عقوبة على جريمة الزنا -نسأل الله السلامة والعافية- إذا كان برضى من الطرفين يكثر هذا، المقصود أنه يقول: الزنا يقع من الطرفين، فهل يلزم الرجل أن يخبر أنه سبق أن زنى ثم تاب؟ إذا كنا نلزم المرأة بذلك هل يلزم أن يخبر الرجل أنه سبق أن زنا ثم تاب؟ ما أحد قال بهذا، فما وجه التفريق بين المرأة والرجل؟ أو نقول: إنه كما يستتر الرجل تستتر المرأة؟ يعني إن طولبت بسبب بيّن لذهاب البكارة، وأبدت سبباً يمكن يقبله الزوج ولو لم يكن هو السبب الحقيقي ستراً على نفسها فهي مثل الرجل؟ أو نقول: إن الرجل لا يتأثر بهذا والمرأة تتأثر؟ وأيضاً الرجل يستطيع أن يكتم هذا العيب والمرأة لا بد أن يخرج في ثنايا كلامها ما يستدل به الزوج ولو بعد حين أنه حصل منها شيء؟ ثم بعد ذلك تحصل المصيبة.
في السؤال يقول: اكتشف أنها زانية والعياذ بالله، وأنها فعلت ذلك عدة مرات، وهو حائر الآن هل يطلقها لعدم قدرته على إصلاحها؟ وينظر إليها نظرة دونية أو يصبر عليها ويحاول إصلاحها لكي لا ترجع وتقع فيما وقعت فيه؟(134/15)
على كل حال إذا تابت التوبة تهدم ما كان قبلها، فإن قبلها بهذا العيب فالأمر لا يعدوه، وإن ردها فالأمر إليه ولا أحد يلزمه يعني إن طلقها لا أحد يلزمه بإبقائها، لا سيما وأن بعض الناس بل هذا الأصل في العربي فضلاً عن المسلم أنه تكون لديه حساسية دون هذا العمل، بالنسبة للمرأة إذا نظر إليها بين .. ، بعض الناس يقتل بهذا العمل سواء كانت وقعت فيه الزوجة أو البنت أو ما أشبه ذلك يقتل، نسأل الله السلامة والعافية، لا شك أن هذه غيرة، لكن الغيرة لا بد أن تكون محدودة بحدود الشرع، فسيأتي في بابٍ لاحق من قتل في هذه الصورة يُقتل، سيأتي هذا في أبواب لاحقة -إن شاء الله تعالى-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نقول: التفريق من جهة هذا قول لبعض أهل العلم أنه يلزم، التفريق من جهة أن الرجل لا يتأثر بهذا، والمرأة تتأثر، إن كانت بكر تتأثر بلا شك، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
تتأثر؟ تزول بكارتها،، السبب حسي وأرش البكارة ما هو سهل، يمكن نصف المهر عند أهل العلم، لكن قد يقول قائل مثلاً: إنه احتمال أن يقع منها هذا ثم بعد ذلك أعطيت مهر كامل قال: والله إحنا نريد البركة ونرد لك نصف المهر، فيتجاوزون عن الأرش من غير إخباره أنه أرش، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
عمليات الترقيع؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، ما يصلح الترقيع، لا أبداً، ولا يجوز إقراره، الترقيع لأن هذا يسهل عملية الزنا، ويساعد على نشرها، لا لا، الترقيع هذا كارثة وجريمة هذا.
طالب:. . . . . . . . .
لكنه يسهل، الترقيع والإجهاض كل هذا يسهل أبواب الزنا.
طالب:. . . . . . . . .
ولو وجد يا أخي، وجوده ما يبرر إباحته أبداً.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا يسهل وجود الزنا!
طالب:. . . . . . . . .
يكثروا لأن هذا ما ... خلاص.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، حتى الإجهاض مثله، نعم تفضل.
طالب:. . . . . . . . .
لا غلط هذا، إقراره جريمة؛ لأن هذا يسهل، ومثله الإجهاض، زنت وحملت يسقط ولا صار شيء، وش يصير؟
طالب:. . . . . . . . .(134/16)
لا، لا، في أيضاً العار في العرف يقع على المرأة أكثر من الرجل، وهذا معروف حتى له أصل شرعي، ولذلك قدمت المرأة على الرجل في هذا الباب، قال الله -جل وعلا-: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [(2) سورة النور] فالمرأة أشد عاراً، وأهلها تضررهم بهذا أكثر من تضرر الرجل وأسرة الرجل.
طالب:. . . . . . . . .
لا هو بالإمكان أن تذهب إلى الطبيب وتخبره بما حصل، وتأخذ تقرير؛ لأن الطبيب يعرف أن هذا سبب وليس بسبب، ممكن.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
((لعن الله من سقى ماؤه زرع غيره)) على كل حال المسألة مشكلة ومعضلة، والمسكينة هذه التي وقعت في هذه الهفوة والزلة لا سيما إذا تابت والتوبة معروف أثرها تقع في حرج عظيم بين أن تخبر أو لا تخبر، والأهل من جهة والخاطب من جهة، فالمسألة مشكلة يعني؛ لأن هناك أخطاء تصحيحها شبه مستحيل.
يعني امرأة مكثت مع شخص أكثر من عشرين سنة، وهي في كل سنتين ثلاث تجيب ولد وتقول: منك، والرجل مسكين عقيم كبير سن ما يدري وش اللي حوله؟ وبعد عشرين سنة أو خمسة وعشرين تريد أن تتوب ماذا تصنع؟ لو أخبرت هذا الرجل مات فجأة، نعم، ستة أو سبعة أولاد كلهم يربيهم، وينفق عليهم، وعرضه أهم من ذلك كله، ومع ذلك تقول: تبي تتوب؟ يعني أمور ما يحسب لها حساب، نسأل الله السلامة والعافية، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما في فرق باعتبار أنهم سواء في التكليف والعقوبة، العقوبة واحدة بالنسبة للرجل والمرأة والذنب واحد، إلا أن العار اللاحق بالنسبة للمرأة وأهلها أشد من العار اللاحق بالنسبة للرجل، هذه من جهة، الأثر الحسي يلحق بالمرأة دون الرجل، وإلا فالأصل أن النساء شقائق الرجال، والمسألة يعني مسألة اجتهاد، يعني بعض أهل العلم يفتي بأنها تستر على نفسها ولا تخبر إن اكتشف فيما بعد يتصرف، لكن الأثر عظيم، يعني لو اكتشف فيما بعد أثر وهو على الخاطب شديد جداً.
طالب: إذا قلنا: إنها حتى لا يتفاجئ بعد إذاً هذا الرجل ....(134/17)
لا، لا، يوجد من يقدم، في قضايا نسأل عنها، لكنه أقل من المستوى الذي تريده، فتريد مستوى معين؛ لأنها من طبقة معينة، أو على مستوى معين من الثقافة، أو على كذا فيتقدم عليها أقل من المستوى نظراً لأن المسألة عرض وطلب، هذه موظفة وإلا مثقفة وإلا طبيبة وإلا دكتورة وإلا ... ، يتقدم لها من نظرائها يعافونها لأنهم يجدون في مستواها من هي سالمة من هذا العيب، يتقدم لها من هو دونها في المستوى ويقدم، وجد مثل هذا، أو مثلاً مع اختلاف الجنسية مثلاً، يتقدم واحد مثلاً سعودي يتقدم على غير سعودية أو العكس، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
فيقبل، يقبلون، يوجد، وبعدين هذه جريمتها ترضى بالدون، إذا كان هذا حالها.
طالب:. . . . . . . . .
لا، يضعون يا ابن الحلال، يضعون الآن ترى هذه المسألة الله يعاملنا بالعفو، يحفظ أعراض المسلمين، الآن مع وجود هذه الآلات نسأل الله السلامة والعافية، الأسئلة في هذا الباب كثيرة.
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، بيجي في كلامه -رحمه الله-، هو راض، الإمام مالك ...
باب: القضاء في المستكرهة من النساء
واستدل عليه بصنيع عبد الملك، والذين يترجمون بأحكام شرعية ويريدون تحت هذه الترجمة أخبار سواء كانت مرفوعة أو موقوفة فإنما يستدلون لهذه الترجمة رضاءً بما ذكر، ولذلك قدمت السنة على المسانيد؛ لأن من يورد الخبر في السنن يورده للاحتجاج به على ما ترجم به، وأما من يورد الخبر في المسند فهو يورده تحت اسم هذا الصحابي سواء تقرر ثبوته أو لم يتقرر.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في الرجل يغتصب المرأة بكراً كانت أو ثيباً: إنها إن كانت حرة فعليه صداق مثلها، وإن كانت أمة فعليه ما نقص من ثمنها" الأرش كانت قبل الزنا بعشرة آلاف، وبعده خمسة آلاف "والعقوبة في ذلك على المغتصب، ولا عقوبة على المغتصبة في ذلك" لكن لو تصور أن المرأة هي التي أجبرت الرجل، الآن إذا كان الرجل هو الذي أجبر المرأة وزنى بها العقوبة عليه بلا شك، لكن لو تصور وأهل العلم يختلفون في إمكان إجبار الرجل على الزنا، هل يمكن أو لا يمكن؟
طالب:. . . . . . . . .(134/18)
المقصود أن أهل العلم في أصول الفقه في باب الإكراه يقولون: إن الرجل لا يمكن إكراهه على الزنا؛ لأن الأمر بيده إذا أكره ما انتشر وانتهى الإشكال، إن كان صادق أنه مكره، إن كان ما هو بصادق يدعى أنه مكره هذا شيء ثاني، ومنهم من يرى أنه يمكن، والمسألة ينتابها أكثر من جهة، المسألة غريزة دافعة، ومسألة خوف من الله -جل وعلا-، فإذا وجد مرجح من إكراه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
من يقدر على ذلك، ممن يقدر على ذلك، فإنه إذا تغافل عن مسألة الإكراه، ومسألة الخوف من الله -جل وعلا- يمكن أن ينتشر، احتمال ظاهر يعني؛ لأن المسألة مسألة الغريزة موجودة، إذا كانت فيه قدرة، طيب امرأة اغتصبت رجل فماذا عليها؟ الحد ثابت، لكن هل يلزمها شيء؟ مثل ما يلزمه لو أكرهها؟ ترى الجواب في مثل هذا ينفع في مسألة الإخبار وعدمه في المرأة دون الرجل، إذا أكره الرجل المرأة عليه صداق مثلها، فهل إذا أكرهت المرأة الرجل عليه صداق مثله؟ لا يلزم، إذاً في مسألة الإخبار الغنم مع الغرم، ما دام لها صداق يلزمها الإخبار، وما دام ليس له صداق لا يلزمه الإخبار، هذا مدرك وإلا غير مدرك؟ هذا وجه قوي من أوجه التفريق، فالمرأة ليست كالرجل في هذا الباب من كل وجه.
طالب:. . . . . . . . .
لا هذا شيء أمر خارج عن مسألة الزنا.
"وإن كانت أمة فعليه ما نقص من ثمنها، والعقوبة في ذلك على المغتصب، ولا عقوبة على المغتصبة في ذلك كله" يعني المغتصب هو الذي عليه العقوبة، ولا عقوبة على المغتصبة في ذلك كله، ليس عليها حد، ولا تلزم بدفع شيء "وإن كان المغتصب عبداً فذلك على سيده" اغتصب امرأة لزمه مهر مثلها من أين له المهر وهو لا يملك؟ على سيده، يعني إن كانت قيمة العبد أكثر من المهر يدفع المهر، وإن كانت أقل يدفع العبد وينتهي "إلا أن يشاء أن يسلمه"، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
اشلون. . . . . . . . .؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذا خلاف الأصل، ولا يحل مشكلة، ترى المسألة ... ، التراتيب غير الشرعية لا تحل إشكال شرعي، نقول: لا تحل إشكالاً شرعياً.
طالب:. . . . . . . . .(134/19)
لا بد من المهر ولو قل على الزوج ولو قل، يلزم بالمهر ولو قل، وكونها تدفع إليها أموالاً أو ما تدفع الأمر ما يعدوه، مو مهر هذا.
طالب:. . . . . . . . .
هذا ليس بمهر، المهر ما يدفعه الرجل من أجل أن يتزوج.
طالب:. . . . . . . . .
يعني هل هو عيب ترد به أو لا؟
طالب:. . . . . . . . .
أقول: هل هذا عيب ترد به؟ نعم عيب، وله مهره.
طالب:. . . . . . . . .
حمال من مين؟ يعني زنت بعد العقد أو قبل؟ بعد الزواج إذا فرط يضمن، إذا فرط فلا يستحق شيئاً، إذا ما فرط له أن يعضلها حتى يسترد ماله، نسأل الله السلامة والعافية.
طالب:. . . . . . . . .
وشلون. . . . . . . . .؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، ما ذكر هذا، هو اكتشف أنها زانية والعياذ بالله، وأنها فعلت ذلك عدة مرات، يعني قبل الزواج، وهو حائر الآن هل يطلقها لعدم قدرته على إصلاحها، وينظر إليها نظرة دونية، أو يصبر عليها ويحاول إصلاحها لكي لا ترجع .. ؟
يحاول إعفافها بنفسه فلا تحتاج إلى غيره.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
هو يخشى أن تقع، ما فيه عدم قدرة.
طالب:. . . . . . . . .
وهو حائر الآن هل يطلقها لعدم قدرته يعني توقع هذا، وينظر إليها نظرة دونية، يعني ما زالت تزني؟ من السائل؟
طالب:. . . . . . . . .
أقول: ما زالت تزني حتى في عصمته؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكنه يقول: هل يطلقها لعدم قدرته على إصلاحها؟ أما إذا كانت مستمرة لا يجوز له البقاء معها ألبتة، إن بقي معها فهو ديوث نسأل الله العافية، يقر الخبث في أهله؟! نسأل الله العافية.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا.
طالب:. . . . . . . . .
من غيرته؟
طالب:. . . . . . . . .(134/20)
هو له أن يمسكها شرعاً لا يلزمه أن يطلقها بحديث إذا زنت أمة أحدكم فهو يمسكها، المرة الأولى والثانية ثم في الثالثة والرابعة يبيعها، ما أمر ببيعها من أول مرة، ولذا له إمساكها، ولا شك أن مثل هذه الأمور نسأل الله العافية قد تحصل لشخص يحب زوجته حباً كثيراً، إما لتميزها بجمال وشبهه، ثم لا يستطيع مفارقتها، مثل هذا لا يلزم، أما إذا كان يستطيع مفارقتها كذلك أيضاً لا يلزم إلا أن طلقها رغبة منه، لكن الآن الغيرة في كثير من الناس بحسب كثرة الإمساس بمثل هذه الأمور، ووقوع هذه الجرائم في البيوت من خدم وسائقين، وما أشبه ذلك صار أمر شيء مألوف، يعني شخص يأتي إلى مكان الحسبة ويقول: أنا أضمنها أخرجوها تمتحن تختبر وترجع؟ يعني دياثة هذه، يعني وصل الأمر إلى هذا الحد نسأل الله السلامة والعافية، وإن وجد يعني في مقابل ذلك من يقتل، فلا هذا ولا هذا، دين الله وسط بين الغالي والجافي، القتل لا يجوز ولو كانت ثيب لا يجوز وإن استحقت الرجم؛ لأن هذا افتئات على ولي الأمر، وسيأتي في حديث: أيقتله فتقتلونه؟ يقتل بلا شك، وأيضاً إقرارها على خبثها أو الاعتذار عنها بأعذار باردة كما سمعنا أيضاً لا يجوز هذه دياثة، نسأل الله العافية، وأمور المسلم ينبغي أن تكون وسط، ولذا الذي وجد مع امرأة في قصة اللعان، وجد مع امرأته رجل في الليل ماذا صنع؟ انتظر حتى الصباح، لما أصبح ذهب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا يوصف مثل هذا بدياثة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . عنده غيرة، لكن الناس يتفاوتون في هذا الباب، وينبغي أن تكون الغيرة مزموم بزمام شرع، يعني مخطومة بزمام شرعي.
طالب:. . . . . . . . .
إقرار مين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما أقر، أيقتله فتقتلونه؟ قال: ((نعم)) يعني يقتل به، المقصود أنه سيأتينا في حديث: أيقتله فتقتلونه؟
طالب:. . . . . . . . .
صحيح.
اللهم صل على محمد ....(134/21)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب الأقضية (8)
باب: القضاء في استهلاك الحيوان والطعام وغيره - باب: القضاء فيمن ارتد عن الإسلام - باب: القضاء فيمن وجد مع امرأته رجلاً - باب: القضاء في المنبوذ
الشيخ: عبد الكريم الخضير
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في استهلاك الحيوان والطعام وغيره
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا فيمن استهلك شيئاً من الحيوان بغير إذن صاحبه أن عليه قيمته يوم استهلكه ليس عليه أن يؤخذ بمثله من الحيوان، ولا يكون له أن يعطي صاحبه فيما استهلك شيئاً من الحيوان، ولكن عليه قيمته يوم استهلكه القيمة أعدل ذلك فيما بينهما في الحيوان والعروض.
قال يحيى: وسمعت مالكاً يقول: فيمن استهلك شيئاً من الطعام بغير إذن صاحبه فإنما يرد على صاحبه مثل طعامه بمكيلته من صنفه، وإنما الطعام بمنزلة الذهب والفضة، إنما يرد من الذهب الذهب، ومن الفضة الفضة، وليس الحيوان بمنزلة الذهب في ذلك، فرق بين ذلك السنة والعمل المعمول به.
قال يحيى: وسمعت مالكاً يقول: إذا استُودع الرجل مالاً فابتاع به لنفسه وربح فيه فإن ذلك الربح له؛ لأنه ضامن للمال حتى يؤديه إلى صاحبه.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في استهلاك الحيوان والطعام وغيره(135/1)
مع أنه إذا كان عندك لأحدٍ شيئاً من حيوان أو طعامٍ أو غيره، ثم تلف بيدك ما لم يكن أمانة ولم تفرط فإنك تضمن، أما إذا كان أمانة وديعة عندك ولم تفرط فيها فليس عليك شيء، لكن إذا كان على غير هذه الصفة فإنك تضمن، الحيوان هذا التالف لا يخلو إما أن يكون مثلياً أو متقوماً، فالمثلي يضمن بمثله، والمتقوم يضمن بقيمته، فالطعام المكيل والموزون والذهب والفضة كلها مثلية، أقول: هذا المستهلك بيد غير صاحبه لا يخلو إما أن يكون مثلياً أو متقوماً، فالمثلي هو الذهب والفضة الدراهم والدنانير، والمكيل والموزون؛ لأنه يمكن ضبطه بالكيل والوزن، أما ما عدا ذلك من الحيوان والعروض وغيرها مما لا يمكن أن يؤتي بمثله من كل وجه، بل لا بد أن يحصل الضرر على أحد الطرفين، فإذا ألزم المستهلك بمثله إذا لم يكن مثلياً، فإنه لا بد أن يؤدي أفضل أو أقل، وفي هذا من الضرر على أحد الطرفين ما فيه.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا فيمن استهلك شيئاً من الحيوان" عنده دابة لزيد من الناس، فتلتف بيده بغير إذن صاحبه، أو بإذنه وفرط فيها، إذا كانت بغير إذن صاحبه يضمن مطلقاً، وإذا كانت بإذنه فإنه لا يضمن ما لم يتعدَ ويفرط، وهو فرط في هذه الأمانة وتعدى فيها فإنه يضمن، يضمن القيمة، تقوّم هذه الدابة هذا الحيوان يقوّم ثم يضمن هذه القيمة يوم استهلكه، في اليوم الذي نفق فيه، ليس عليه أن يؤخذ بمثله من الحيوان؛ لأنه ليس بمثلي، وإنما هو متقوّم، ولا يمكن أن تجد حيوان يشبه الآخر من كل وجه، فأنت إذا اشتريت جمل من السوق بثلاثة آلاف، ثم طلع واحد من أقاربك واشترى من السوق نفسه بالقيمة نفسها بثلاثة آلاف، هل تجزم بأن جملك مثل جمله من كل وجه؟ لا يمكن، كما أنك لو اشتريت عبداً نفس الشيء، ولو كانت القيمة واحدة، لكن هذا متقوّم وليس بمثلي؛ لأنه لا يمكن ضبطه "ولا يكون له أن يعطي صاحبه فيما استهلك شيئاً من الحيوان، ولكن عليه قيمته يوم استهلكه، القيمة أعدل ذلك فيما بينهما" يعني أقرب إلى العدل، القيمة هي التي تتحقق بها العدل، يقومه من أهل النظر من يحسن التقويم ثم بعد ذلك يستحق هذا المبلغ، يقول: "القيمة أعدل ذلك فيما بينهما في الحيوان والعروض".(135/2)
قال: "وسمعت مالكاً يقول: فيمن استهلك شيئاً من الطعام بغير إذن صاحبه فإنما يرد على صاحبه مثل طعامه" ما يرد القيمة؛ لأن الضبط بالصاع المكيال والميزان ممكن "فإنما يرد على صاحبه مثل طعامه بمكيلته من صنفه" النوع والصنف والجنس واحد "وإنما الطعام بمنزلة الذهب والفضة" لأنه يمكن ضبطه كضبط الذهب والفضة.
"إنما يرد من الذهب الذهب، ومن الفضة الفضة، وليس الحيوان بمنزلة الذهب في ذلك، فرق بين ذلك السنة" المتوارثة التي عليها العمل عندهم في المدينة "والعمل المعمول به".
"قال يحيى: وسمعت مالكاً يقول: إذا استُودع الرجل مالاً فابتاع به لنفسه وربح فيه فإن ذلك الربح له" أعطيت زيد من الناس ألف ريال أمانة وديعة لو أخذها منك وما غيّر فيها شيء من وضعها كانت مربوطة بحبل أو بكيس ما فك الكيس ولا عدها ووضعها في مكانٍ آمن لو تلفت يضمن وإلا ما يضمن؟ ما يضمن، إذا لم يتعد ولم يفرط، لكن إذا أعطاك الألف أمانة وقلت: فرصة الآن أنا محتاج ألف أتقضى للبيت، وإذا طلع الراتب نعطيه إذا طلب الرد، تضمن وإلا ما تضمن؟ تضمن على أي حال لأنك تصرفت، وكذا لو اشتريت بها سلعة، تقول: هو ما دام هو لا يحتاجها الآن واشتريت بالألف سلعة فإن الربح يكون لك لا له؛ لأن الخراج بالضمان، ما دام تضمن الربح لك "وربح فيه فإن ذلك الربح له" يعني للذي عمل بالدراهم؛ لأنه ضامن، ما دام عليه الضمان فالربح له، والمعروف أن الخراج بالضمان والغنم مع الغرم حتى يؤديه إلى صاحبه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . . إذا تصرف واشترى .... ؟(135/3)
هذا يحصل كثير، بعض الناس يتولى الصدقات وأعمال البر والخير، وتجد المصرف ما هو محتاج إلى الدراهم في هذا الوقت، يأخذ لأسرة دراهم ينفق عليهم لمدة سنة، فيقول: أنا أتصرف في هذا المال وأضمن وأدفع لهم في كل شهر كذا، أو طلبه أحد منه قرض فأعطاه إياه، وقال: متى ما احتيج إليه أنا جاهز، هل يأثم وإلا ما يأثم؟ يعني أنت أخذت من غني أو أعطاك غني ألف ريال قال: هذا للأسرة الفلانية، أخذته ووضعته في جيبك، وصلت للسوق تبي تتقضى للبيت وما معك غيرهن، والرد قريب، تروح تسحب وتعطيهم، تتصرف وإلا ما تتصرف؟ يجوز وإلا ما يجوز؟ هذا شريطة أن .. ، مع الضمان، مع استطاعة الرد؛ لأنه قد يضمن لكن ما يرد في وقته، استطاعة الرد في الوقت المحدد.
طالب:. . . . . . . . .
هذا لكن إذا عمل؟ الآن البنوك والمصارف الإسلامية وغيرها من المصارف التي ما تتعامل بربا، أنت إذا أعطيتهم وديعة، معك مبلغ مائة ألف بعت أرض وأعطيتهم إياه، هم يربطونه برباط ويحطونه بكيس ويكتبون عليها اسمك وإلا بيتصرفون به؟ على علم منك أو على جهل؟ على علم، أنت تلومهم بهذا؟ هذا في مقابل حفظهم، ومع ذلك يضمنون، لكن لو جعلوها في كيس وربطوها وكتبوا عليها اسمك لو تلفت ما يضمنون؟ فالعمل في مقابل الضمان، وهنا يقول الإمام مالك -رحمه الله-: "فإن ذلك الربح له" لأنه ضامن، أنت أفضل لك أنه يضمن، لو اشتغل من كونها إذا تلفت ما ضمن، فكل مستفيد من هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يأخذ، ما يأخذ، لا ما يأخذ إلا لو اتفق صارت مضاربة.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، الله المستعان.
نعم.
باب: القضاء فيمن ارتد عن الإسلام
حدثنا يحيى عن مالكٍ عن زيد بن أسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من غيّر دينه فاضربوا عنقه)).(135/4)
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: ومعنى قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما نرى والله أعلم: ((من غيّر دينه فاضربوا عنقه)) أنه من خرج من الإسلام إلى غيره مثل الزنادقة وأشباههم، فإن أولئك إذا ظهر عليهم قتلوا ولم يستتابوا؛ لأنه لا تعرف توبتهم، وأنهم كانوا يسرون الكفر، ويعلنون الإسلام، فلا أرى أن يستتاب هؤلاء، ولا يقبل منهم قولهم، وأما من خرج إلى الإسلام إلى غيره، وأظهر ذلك فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وذلك لو أن قوماً كانوا على ذلك رأيت أن يدعوا إلى الإسلام ويستتابوا، فإن تابوا قبل ذلك منهم، وإن لم يتوبوا قتلوا، ولم يعن بذلك فيما نرى والله أعلم، من خرج من اليهودية إلى النصرانية، ولا من النصرانية إلى اليهودية، ولا من يغير دينه من أهل الأديان كلها إلا الإسلام، فمن خرج من الإسلام إلى غيره، وأظهر ذلك فذلك الذي عني به، والله أعلم.
وحدثني عن مالكٍ عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله ابن عبد القارّي عن أبيه أنه قال: قدم على عمر بن الخطاب رجل من قبل أبي موسى الأشعري، فسأله عن الناس، فأخبره، ثم قال له عمر: هل كان فيكم من مغرّبة خبر؟ فقال: نعم، رجل كفر بعد إسلامه، قال: فما فعلتهم به؟ قال: قرّبناه فضربنا عنقه، فقال عمر: أفلا حبستموه ثلاثاً، وأطعمتموه كل يومٍ رغيفاً، واستتبتموه لعله يتوب ويراجع أمر الله، ثم قال عمر: اللهم إني لم أحضر، ولم آمر، ولم أرض إذ بلغني.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء فيمن ارتد عن الإسلام
يعني في حكم المرتد فيمن ارتد عن الإسلام فالترجمة تشعر بالتقييد، وأن المرتد المراد به من ينتقل من الإسلام إلى غيره دون العكس، وإن كان لفظ الحديث عاماً: ((من غير دينه فاضربوا عنقه)) ((من بدل دينه فاقتلوه)).(135/5)
قال: "حدثنا يحيى عن مالكٍ عن زيد بن أسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من غيّر دينه فاضربوا عنقه)) " وفي لفظٍ وهو في الصحيح: ((من بدّل دينه فاقتلوه)) يشمل من الصور من انتقل من الإسلام إلى غيره، إلى اليهودية إلى النصرانية إلى الشرك، نسأل الله العافية، ويشمل من غيّر دينه من اليهودية أو النصرانية إلى الإسلام مثلاً، ولفظ الحديث أيضاً يشمل من غير دينه من اليهودية إلى النصرانية أو العكس، كل هذا تغيير، فمن غير دينه من الإسلام إلى غيره، ومن غير الإسلام إلى الإسلام، ومن غير الإسلام إلى غير الإسلام، هذا بدل دينه، فالقسمة كم؟ تجي رباعية؟ من الإسلام إلى الإسلام؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه ثلاثية، القسمة ثلاثية، من الإسلام إلى غيره، من غيره إلى الإسلام، من الغير إلى الغير، فالقسمة ثلاثية.
طالب: من الإسلام إلى لا شيء؟
إلى غيره أياً كان لو يعبد هواه، المهم غير الإسلام، معناه أنه يكفر بعد إسلامه، وإلا لو ذهبنا نفرع في ذلك الغير ما انتهى.
أما من انتقل من غير الإسلام إلى الإسلام، بمعنى أنه دخل في الإسلام فلا يدخل في الحديث بالإجماع، يعني هل نقول: يهودي أسلم يقتل؟ لفظ الحديث يتناول وإلا ما يتناول؟ ألا يصدق عليه أنه بدّل دينه؟ نعم، إذاً هذه الصور لا تدخل في الحديث بالإجماع، وإن كان لفظ الحديث يتناول.(135/6)
((من غيّر دينه)) من الإسلام إلى غيره هذا محل اتفاق أيضاً، أنه داخل في الحديث، بل الحديث نصّ فيه، يعني دخوله في الحديث ظاهر، وأما من غير دينه من غير الإسلام إلى غير الإسلام، من اليهودية إلى النصرانية أو العكس هذا وإن تناوله لفظ الحديث إلا أنه المؤلف لا يرى دخوله في الحديث، يقول: "ومعنى قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما نرى والله أعلم: ((من غيّر دينه فاضربوا عنقه)) أنه من خرج من الإسلام إلى غيره –خاصة- مثل الزنادقة وأشباههم فإن أولئك إذا ظهر عليهم قتلوا ولم يستتابوا" الزنادقة في الاصطلاح عند أهل العلم هم المنافقون في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، يكفرون بالباطل ويظهرون الإسلام، فهؤلاء لا يستتابون، إذا ظهر عليهم وقدر عليهم فإنهم يقتلون حتماً، يقول: لأنه لا تعرف توبتهم، أمرهم عقدي، يظهرون للناس الإسلام ثم بعد ذلك يبطنون خلافه "أنه من خرج من الإسلام إلى غيره مثل الزنادقة وأشباههم فإن أولئك إذا ظهر عليهم قتلوا ولم يستتابوا" لأنه لا تعرف توبتهم، وقل مثل هذا فيمن بدعته مكفرة، مشتملة على كفريات كفر مخرج من الملة، ثم إذا نوقشوا قالوا: نحن لا نقول بذلك، متى تعرف حقائقهم مثل هؤلاء؟ ما يمكن تعرف، معروف مطرد في مذهبهم أنهم يرتكبون هذا المنكر المخرج عن الملة، فإذا قدر عليهم قالوا: لا، يعترفون بأنهم يتبعون هذا المذهب وهذه النحلة إلا أنهم يقولون: لا ما نقول بهذا القول، نقول: من لازم انتسابكم إلى هذا المذهب أنكم تقولون بما عرف عنكم، وإلا إش لون نطلع؟ إذا أراد أن يتقي السيف بالتنصل عن معتقده مؤقتاً إلى أن ينجو من السيف فمثل ذلك لا يمكن أن يطلع عليه، وهو مراد الإمام مالك لأنه لا تعرف توبتهم "وأنهم كانوا يسرون الكفر ويعلنون الإسلام، وهؤلاء هم المنافقون، فلا أرى أن يستتاب هؤلاء ولا يقبل منهم قولهم" طيب النبي -عليه الصلاة والسلام- ما قتل المنافقين مع أنه عرف منهم من عرف؟ نعم؟
طالب: بيّن السبب.
بين السبب لئلا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه، فهو لهذا لم يقتلهم.(135/7)
"فلا أرى أن يستتاب هؤلاء، ولا يقبل منهم قولهم، وأما من خرج من الإسلام إلى غيره وأظهر ذلك" ظاهر أمره ظاهر، يعني بدل من أن يكون مسلماً صار نصرانياً نسأل الله السلامة والعافية، أو صار يهودياً "وأما من خرج من الإسلام إلى غيره، وأظهر ذلك فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل" النوع الأول ما تدري كيف يتوب وكيف ما يتوب؟ لأن عمله سر، وهذا عمله ظاهر "فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وذلك لو أن قوماً كانوا على ذلك رأيتُ أن يدعو إلى الإسلام ويستتابوا فإن تابوا قبل ذلك منهم" يعني يستتابون ثلاثة أيام فإن تابوا قبل ذلك منهم "وإن لم يتوبوا قتلوا، قال: ولم يعنِ بذلك فيما نرى" يعني نظن "والله أعلم من خرج من اليهودية إلى النصرانية" اللفظ يتناول وإلا ما يتناول؟ "ولم يعن بذلك فيما نرى -والله أعلم- من خرج من اليهودية إلى النصرانية" يعني وإن كان لفظ الحديث يتناول إلا أنه لا فرق بين أن يكون يهودياً، أو يكون نصرانياً، ما دام الجميع كفار، لا فرق فمثل هؤلاء لا يقتلون، إذا انتقل من يهوديته إلى نصرانيته، ما دام ذمي لا يقتل "ولا من نصرانيته إلى اليهودية، ولا من يغير دينه من أهل الأديان كلها" مشرك صار نصراني، أو نصراني صار مشرك "فمن خرج من الإسلام إلى غيره، وأظهر ذلك فذلك الذي عني به، والله أعلم" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كلام عمر -رضي الله عنه-.
طالب:. . . . . . . . .
الآتي الآتي، {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ} [(11) سورة التوبة] الحديث هذا كلام عمر، والاستتابة في النصوص الأخرى، {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (5) سورة التوبة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه، بيجينا التفصيل في كلام عمر.(135/8)
((من غير دينه فاضربوا عنقه)) يشمل بعمومه .. ، انتهينا الفئات التي يشملها، من المسلمين من غيّر دينه انتقل من الإسلام إلى غيره، يشمل الذكر والأنثى والهرم والراهب والمتعبد وغيره، يشمل الذكر والأنثى، وهذا محل بحث فهذا عام في الجنسين خاص بالمرتد، والنهي عن قتل النساء والذرية خاص بالنساء عام بالمرتد والأصلي؛ لأن عندنا حديث: ((من بدل دينه فاقتلوه)) ((من غير دينه فاضربوا عنقه)) هذا عام من وجه وخاص من وجه، عمومه في الجنسين، وخصوصه بالمرتدين، وحديث النهي عن قتل النساء عمومه في الكفر الأصلي والناشئ عن ردة، وخصوصه في النساء، فبين هذين النصّين عموم وخصوص وجهي، فما المرجح؟ هل نقتل المرأة إذا ارتدت بناءً على عموم هذا الحديث أو لا نقتلها بناءً على النهي عن قتل النساء؟ نحتاج إلى مرجح خارجي، إذا جئنا إلى عموم هذا الحديث ((من بدل دينه فاقتلوه)) ((فاضربوا عنقه)) وجدنا هذا العموم مخصوص وإلا محفوظ؟ مخصوص بإيش؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، أبي في موطن النزاع، قال: ((من غير دينه فاضربوا عنقه)) هل هو مخصوص وإلا محفوظ العموم؟ هل يخرج منه أفراد؟ جاءت نصوص تخرج بعض الأفراد منه؟
طالب:. . . . . . . . .
إذاً محفوظ، حديث النهي عن قتل النساء محفوظ وإلا مخصوص؟ مخصوص في أمور كثيرة، المرأة التي زنت ترجم، تقتل، المرأة إذا قتلت تقتل وإلا ما تقتل؟ تقتل، إذاً العموم ما دخله الخصوص، فضعف عمومه وعموم حديث الباب محفوظ فهو على قوته؛ لأن المعروف عند أهل العلم أن العام كل ما دخله من المخصصات ضعف، وحديث الباب محفوظ فهو قوي، وحديث النهي عن قتل النساء مخصوص بصور تضعفه، فالمرجح أن المرأة إذا ارتدت عن دينها تقتل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المهم كافرة، أي امرأة كافرة.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، فيه، المهم أنه كافر يقتل، في الجهاد يقتل، لكن هذه يبحث عنها هل هي أصلية أو مرتدة؟ مو المرتدين يحاربون؟ يحاربون، إذاً باقية ... ، هذه المرأة هل هي أصلية وإلا مرتدة؟ إذا كانت أصلية لا تقتل؛ لأنه نهي عن قتل النساء، إذا كانت مرتدة تقتل بهذا الحديث، نعم؟(135/9)
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال الخروج إلى الكفر أو إلى بدعةٍ مكفرة ما يفرق، إذا أقيمت عليه الحجة، والدليل واضح في المسألة، والكفر بيّن مرتد.
طالب:. . . . . . . . . حال الزوجة تضرب .... والقصص ... ، بينما هو علم من حاله أنه في ضلال ...
على كل حال هذا منكر شنيع لا بد من تغييره، فإن كان يعتقد ما يقول هو مرتد، يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وإن كان ما يعتقد يعزّر حتى يكف.
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . على كل حال البدعة المكفرة شأنها عظيم، والصحابة قاتلوا الخوارج وقاتلوا ....
طالب: عمر. . . . . . . . .
هو إذا كان يستتر بهذا فحكمه حكم المنافقين، وإذا كان يعلنه فهو صريح يستتاب منه.
طالب: يا شيخ عمر ما أنظر ولا سأل؟
إيه، لكنه مع النفاق ما رضي حكم الإله، ما رضي، على الحديث الذي يليه:(135/10)
"وحدثني عن مالكٍ عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد القارّي عن أبيه أنه قال: قدم على عمر بن الخطاب رجل من قِبل أبي موسى الأشعري" يعني من جهة اليمن أو البصرة؟ لأنه صار في اليمن وصار في البصرة "فسأله عن الناس فأخبره" سأل عن الأخبار فأعطاه الأخبار "ثم قال له عمر: هل كان فيكم من مغرّبة خبر؟ " يعني من أخبار غريبة "فقال: نعم، رجل كفر بعد إسلامه" ارتد نسأل الله السلامة والعافية "قال: فما فعلتهم به؟ قال: قرّبناه فضربنا عنقه، فقال عمر: أفلا حبستموه ثلاثاً" يعني ثلاث ليالٍ "وأطعمتموه كل يومٍ رغيفاً، واستتبتموه لعله يتوب ويراجع أمر الله" يعني هذا مطلوب أن يستتاب ثلاثاً، ولا يبادر بقتله وتفوّت عليه الفرصة، بل تتاح له فرصة الدخول في الإسلام مرة أخرى، يراجع دينه "لعله يتوب، ويراجع أمر الله، ثم قال عمر: اللهم إني لم أحضر، ولم آمر، ولم أرض إذ بلغني" نعم الأصل أن عمر مسؤول عن رعيته، وأنه لا يولي إلا الأكفأ الذين من أهل الاجتهاد، ومن أهل التحري، فعمر -رضي الله عنه- تبرأ مما حصل، فولي الأمر إذا ولّى الكفء الذي له أهلية النظر في المسائل العلمية واجتهد، وأخطأ كما هنا لا تلحق الملامة من ولاه؛ لأنه مطالب أن يبحث عن أجدر الناس، وأولى الناس في هذا المنصب، ثم بعد ذلك التفاريع ليس مسؤولاً عنها، الجزئيات، إذا اجتهد هذا المولى من قبل ولي الأمر ولي الأمر لا يتحمل أخطاءه، يحتمل أخطاءه لو ولى غير كفء، فهو مسؤول عنه وعن أخطائه إذا ولى غير كفء "فقال عمر: اللهم إني لم أحضر، ولم آمر، ولم أرض إذ بلغني" وعلى هذا برئ من العهدة؛ لأنه ولى من تبرأ الذمة بتوليته، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: القضاء فيمن وجد مع امرأته رجلاً
حدثنا يحيى عن مالك عن سهيل بن أبي صالح السمّان عن أبيه عن أبي هريرة أن سعد بن عبادة قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أرأيت إن وجدت مع امرأتي رجلاً أأمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم)).(135/11)
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن رجلاً من أهل الشام يقال له: ابن خيبري وجد مع امرأته رجلاً فقتله، أو قتلهما معاً، فأشكل على معاوية بن أبي سفيان القضاء فيه، فكتب إلى أبي موسى الأشعري يسأل له علي بن أبي طالب عن ذلك، فسأل أبو موسى الأشعري عن ذلك علي بن أبي طالب، فقال له علي بن أبي طالب: إن هذا الشيء ما هو بأرضي، عزمت عليك لتخبرنّي؟ فقال له أبو موسى: كتب إليّ معاوية بن أبي سفيان أن أسألك عن ذلك، فقال علي: أنا أبو حسن إن لم يأتِ بأربعة شهداء فليعطَ برمّته.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء فيمن وجد مع امرأته رجلاً
وجد مع امرأته رجلاً لا يشك في كونه جامعها جماعاً كاملاً، وليس بحضرته شهود، المرأة مستحقة للرجم لأنها زانية ومحصنة، وهذا أيضاً قد يكون محصناً فهو مستحق للقتل، فهل لآحاد الناس أن يتولوا مثل هذه الأمور؟ يقتلون؟ لا، ليس لهم ذلك، إنما هذا من خصائص ولي الأمر، ليس لأحد ٍأن يتعدى أو يفتات عليه في هذه الأمور.(135/12)
قال: "حدثنا يحيى عن مالك عن سهيل بن أبي صالح السمّان عن أبيه عن أبي هريرة أن سعد بن عبادة" وهو المعروف بغيرته "قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أرأيت إن وجدت مع امرأتي رجلاً أأمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم)) " أتركه حتى تأتي بالشهداء، نعم عليك أن تحول بينه وبينها، ما تقول: والله أنا أتركهم، أنا ما عندي شهود، لكن لا تتصرف تصرف ليس لك، إقامة الحدود من حقوق السلطان، فلا يجوز أن يفتات عليه، أما كونه تحول بينها، أو تقاتله مقاتلة دون عرضك فهذا لك، أما أن تقتله؟ القتل غير المقاتلة ((من قتل دون عرضه فهو شهيد)) هذا وجد مع امرأته شخصاً يعاشرها معاشرةً تامة أيقتله فتقتلونه؟ قال: ((نعم)) وإلا لو تركت المسألة هكذا لكثرت الدعاوى، إذا كان بين شخص وآخر خصومة، أو منافسة في دنيا دعاه إلى بيته إلى وليمة، وأكرمه ثم استدرجه إلى أن يدخله في غرفة النوم ثم يقتله، ثم يقول: إنه وجده مع امرأته؛ لأن هذه الأمور لا تنتهي لو تركت إلى اجتهادات الناس، ولذا قال: أرأيت إن وجدت مع امرأتي رجلاً أو أمهله حتى آتي بأربعة شهداء، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم)) وعلى هذا من استحق القتل على أي وجهٍ كان افترض أنه مرتد، ليس الأمر إليك، افترض أنه ما يصلي، وأنت ممن يرى أن تارك الصلاة كافر يقتل مرتد، أنت ما تنفذ، هذه الأمور إلى السلطان ليست لآحاد الناس، لكن كونك تحول بين المنكر ومن يريده هذا مطلوب منك، كونك تدافع عن عرضك تدافع عن عرضك، كونك تقتل أو تقتل دون عرضك شيء آخر، أما أن تقتل من وقع في المعصية لا؛ لأن هذا حد والحد إنما هو للسلطان، فلا بد من الإتيان بأربعة شهداء ليثبت فيه حقه حد الرجم، أما أن يتولى قتله فلا.(135/13)
"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن رجلاً من أهل الشام يقال له: ابن خيبري وجد مع امرأته رجلاً فقتله أو قتلهما معاً" يعني قتل هذا الزاني وامرأته؛ لأنهما زنيا نسأل الله السلامة والعافية، فأشكل على معاوية بن أبي سفيان القضاء فيه، أشكل عليه القضاء باعتبار أن كل منهما مستحق للقتل، فكيف يقتل شخص بقتل من يستحق القتل؟ أشكل على معاوية -رضي الله عنه- "فكتب إلى أبي موسى الأشعري يسأل له عليّ بن أبي طالب عن ذلك" المنافسة التي بينهما والخصومة والقتال ما منعه من الاعتراف لصاحب الفضل بفضله، ولا حمله ذلك على أن يتجاهل الخصم، بل هو مقرّ له، مذعن له بالفضل وبالعلم، ولذلك أرسل له من يسأله "كتب إلى أبي موسى يسأل علي بن أبي طالب" ومعروف ما بين علي ومعاوية -رضي الله عن الجميع- "فقال له علي" قال لأبي موسى "إن هذا الشيء ما هو بأرضي" هذا ليس بالعراق، فأين وجد؟ "عزمت عليك لتخبرنّي؟ " عزمت يعني أكدت عليك إلا أن تخبرني به، هل أنت السائل بالفعل وجاءك صاحب القضية فرفعت ليّ الأمر، أو القضية عند غيرك ممن كلفك بسؤالي؟ "عزمت عليك لتخبرني؟ فقال له أبو موسى: كتب إليّ معاوية بن أبي سفيان أن أسألك عن ذلك، فقال علي: أنا أبو حسن" هذه كنيته، هذه كنية علي -رضي الله عنه- "إن لم يأتِ بأربعة شهداء فليُعطَ برمّته" يسلم إلى أولياء المقتول، يقتادون منه، أو يقبلون الدية، الأمر إليهم، وهذا لا شك أنه من باب ضبط الأمن وإلا لو ترك مثل هذه الأمور إلى آحاد الناس ما انتهت، فليعط برمته، أن يسلم إلى أولياء المقتول يقتلونه قصاصاً، أو يختارون الدية إن عدلوا عن القصاص، المقصود أنه مستحق للقتل؛ لأن هناك وسائل تثبت بها الحدود، والحدود ليست لأفراد الناس، فإذا تمت هذه الوسائل بالشهود الأربعة، طيب افترضنا أنه وجد مع امرأته رجلاً وعنده أربعة شهود فقتله، هل يقتل به أو لا يقتل؟ مفهوم هذا الكلام أنه لا يقتل، لكن لا يمنع من أن يعزّر، لا يمنع من تعزيره لافتياته عن الإمام، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(135/14)
إيه عنده شبهة؛ لأنه في الأصل مستحق للقتل، والبينة قامت عليه، لكن لو تشاهد أناس على شخص لا يصلي، ومعروف أنه لو تقدم به إلى .. ، لو رفع به إلى الجهات وإلى القضاء ما قتل لكونه لا يصلي، فأحضر شهود يشهدون عليه بما يوجب القتل، وهذا ليس بواقع، لكن يقول: هو مستحق للقتل مستحق، فشهدوا عليه بأنه فعل كذا وكذا مما يوجب القتل، يجوز وإلا ما يجوز؟ ما يجوز بلا شك، هذه الأمور ليست إليك، وأنت تبذل ما عليك، وتؤدي ما عليك، والباقي التنفيذ ما هو لك، التنفيذ ما هو لك، التنفيذ يتولاه ويتحمله من وليّ إياه، على كل حال الاحتجاج في قول عمر وقول علي -رضي الله عنهما- لا شك أنه لما لم يعارض بمرفوع فهو حجة: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين)).
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
هو مستحق، مستحق للقتل، هو جاء بالأربعة الشهود يدرأ عنه الحد، وإذا لم يأت بالشهداء الأربعة يقاد به، فليعط برمته، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: القضاء في المنبوذ
قال يحيى: قال مالك عن ابن شهاب عن سنين أبي جميلة، رجل من بني سليم، أنه وجد منبوذاً في زمان عمر بن الخطاب قال: فجئت به إلى عمر بن الخطاب فقال: ما حملك على أخذ هذه النسمة؟ فقال: وجدتها ضائعةً فأخذتها، فقال له عريفه: يا أمير المؤمنين إنه رجل صالح، فقال له عمر: أكذلك؟ قال: نعم، فقال عمر بن الخطاب: اذهب فهو حر، ولك ولاؤه، وعلينا نفقته.
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في المنبوذ أنه حر، وأن ولاءه للمسلمين هم يرثونه ويعقلون عنه.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في المنبوذ
المنبوذ هو اللقيط الذي وجد بسبب الزنا نسأل الله السلامة والعافية؛ لأن الولد الشرعي لا ينبذ لما جعل الله في قلب والديه من الرحمة والمحبة والمودة، إنما المنبوذ هو اللقيط، وهذا هو الذي يتبرأ منه، وينبذ خشية العار.
"قال يحيى: قال مالك عن ابن شهاب عن سنين أبي جميلة رجلٌ" رجلٌ وإلا رجلٍ؟
طالب:. . . . . . . . .(135/15)
نعم، إذا قلنا: رجلٍ صار بدل أو بيان، وإذا قلنا: رجلٌ قلنا: خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هو رجلٌ "من بني سليم أنه وجد منبوذاً" يعني طفلاً ملقى مطروح منبوذ في زمان عمر بن الخطاب فأخذه، الآن صار لقيط، "قال: فجئت به إلى عمر بن الخطاب، فقال: ما حملك على أخذ هذه النسمة؟ " أخذ هذا الطفل، ما الذي حملك عليه؟ لمَ لم تتركه؟ "فقال: وجدتها ضائعةً فأخذتها، فقال له عريفه: يا أمير المؤمنين إنه رجل صالح" يعني هذه الدعاوى الكبيرة تحتاج إلى تعريف، يعني لو أن إنساناً وجد مبلغ يسير مائة ريال، وراح لمحل الأمانات الرسمي ما يحتاج من يقول له: هذه المائة أنت أخذتها، أنت وجدتها، أنت سرقتها، هات من يعرف بك، الأمر سهل، لكن مثل هذا الطفل، وقل مثل هذا لو أخبر مثلاً اتصل على الشرطة، وقال: أنا وجدت رجل مقتول في المكان الفلاني، هل يكفي أن يقال: جزآك الله خير ولا عليك شيء؟ أو لا بد من أن يساءل ويحقق معه كيف وجدته؟ لأنه قد يقتله ويخبر عنه، إذا كانت المسألة بس يخبر ويمشي، ولذلك هذه الأمور الإخبار له تبعات، لكنه مع ذلك إذا كان صادقاً له أجره؛ إما كل شخص مخبر يخبر عن أمر لو اختلف مع صاحبٍ له ثم أخبر عن صاحبه أنه يروّج مثلاً، ويقال له: جزآك الله خير أنت أخبرتنا بمنكر ما عليك شيء، يمكن إنه شريك، لكن وجد الخصام بينهما والخلاف فبلّغ عنه، فمثل هذا لا بد أن يعرّف، وأنه ليس أهلاً لهذه الأمور.
"فقال عريفه" معروف أن كل فئة من الناس أو مجموعة لهم عريف يعرف بهم، ويتحمل بعض المسؤولية "يا أمير المؤمنين إنه رجل صالح" لا يتوقع منه الكذب، أو أنه اختطفه من أهله وهو ولد شرعي، ثم ندم على ذلك فجاء ليسلمه لا "رجل صالح، فقال له عمر أكذلك؟ قال: نعم، فقال عمر بن الخطاب: اذهب فهو حر" الولد حر، وليس برقيق لك لأنك التقطته، ليس برقيق لك في مقابل التقاطك إياه، بل هو حر "ولك ولاؤه" يعني أنت أولى الناس به، لكن هل هو ولاء نصرة أو ولاء إرث؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم ولاء نصرة وليس ولاء إرث "ولك ولاؤه، وعلينا نفقته" مثل هذا نفقته في بيت المال.(135/16)
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في المنبوذ أنه حر، وأن ولاءه للمسلمين هم يرثونه ويعقلون عنه" فما دام لا يعرف له ورثة، لا من أصحاب الفروض، ولا من أصحاب العصبة، ولا من ذوي الأرحام، فالمسلمون يتولونه، يرثونه، ويعقلون عنه، ومن أهل العلم من يرى أن إرثه وعقله من بيت المال، وهذا قول عند الشافعية، وأن بيت المال وارث لا سيما إذا كان منتظماً، إذا انتظم بيت المال ورث، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الأول؟
طالب: حديث عمر صحيح؟
اللي هو "هل من مغربة خبر؟ "
طالب:. . . . . . . . .
إيه صحيح، معروف هذا عن عمر -رضي الله عنه- ....(135/17)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ – كتاب الأقضية (9)
باب: القضاء بإلحاق الولد بأبيه - وباب: القضاء في ميراث الولد المستلحق
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء بإلحاق الولد بأبيه
قال يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: "كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص -رضي الله تعالى عنه- أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه إليك، قالت: فلما كان عام الفتح أخذه سعد وقال: ابن أخي قد كان عهد إلي فيه، فقام إليه عبد بن زمعة فقال: أخي وابن وليدة أبي، ولد على فراشه، فتساوقا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال سعد: يا رسول الله ابن أخي قد كان عهد إلي فيه، وقال عبد بن زمعة: أخي وابن وليدة أبي، ولد على فراشه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هو لك يا عبد بن زمعة)) ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الولد للفراش، وللعاهر الحجر)) ثم قال لسودة بنت زمعة -رضي الله تعالى عنها-: ((احتجبي منه)) لما رأى من شبهه بعتبة بن أبي وقاص، قالت: فما رآها حتى لقي الله -عز وجل-.(136/1)
حدثنا مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهادي عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن أبي أمية أن امرأة هلك عنها زوجها فاعتدت أربعة أشهر وعشراً، ثم تزوجت حين حلت، فمكثت عند زوجها أربعة أشهر ونصف شهر، ثم ولدت ولداً تاماً، فجاء زوجها إلى عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- فذكر ذلك له، فدعا عمر نسوة من نساء الجاهلية قدماء، فسألهن عن ذلك، فقالت امرأة منهن: أنا أخبرك عن هذه المرأة، هلك عنها زوجها حين حملت منه، فأهريقت عليه الدماء فحش ولدها في بطنها، فلما أصابها زوجها الذي نكحها، وأصاب الولد الماء تحرك الولد في بطنها وكبر، فصدقها عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-، وفرق بينهما، وقال عمر -رضي الله تعالى عنه-: "أما إنه لم يبلغني عنكما إلا خير" وألحق الولد بالأول.
وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- كان يليط أولاد الجاهلية بمن ادعاهم في الإسلام، فأتى رجلان كلاهما يدعي ولد امرأة، فدعا عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قائفاً فنظر إليهما، فقال القائف: لقد اشتركا فيه، فضربه عمر بن الخطاب بالدرة، ثم دعا المرأة فقال: أخبريني خبرك، فقالت: كان هذا لأحد الرجلين يأتيني وهي في إبل لأهلها، فلم يفارقها حتى يظن وتظن أنه قد استمر بها حبل، ثم انصرف عنها فأهريقت عليه دماء، ثم خلف عليها هذا -تعني الآخر- فلا أدري من أيهما هو؟ قال: فكبر القائف، فقال عمر للغلام: والِ أيهما شئت.
وحدثني مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- أو عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه- قضى أحدهما في امرأة غرت رجلاً بنفسها، وذكرت أنها حرة، فتزوجها فولدت له أولاداً، فقضى أن يفدي ولده بمثلهم.
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: والقيمة أعدل في هذا -إن شاء الله-.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء بإلحاق الولد بأبيه(136/2)
بإلحاق الولد بأبيه، وهذا حينما يدعى من أكثر من جهة، يدعيه أكثر من شخص، فيلحق بأبيه بالطرق الشرعية المعتبرة التي منها ما في الحديث المتفق عليه الذي معنا حديث عائشة -رضي الله عنها-.
"قال يحيى: عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: "كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص" الصحابي الجليل، أحد العشرة المبشرين بالجنة، عهد إليه أوصى بأن قال: ترى فلان ولد لي، هو من مائي "عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص أن ابن وليدة زمعة مني" يعني بالزنا -نسأل الله السلامة والعافية- منه، وقع عليها فحبلت به، وجاءت به، بهذا الولد "فاقبضه إليك" استلمه، فأنت عمه.
قالت: "فلما كان عام الفتح أخذه سعد" استلمه، قالت عائشة: "فلما كان عام الفتح أخذه سعد" (كان) هذه تامة وعامُ الفاعل، ويجوز فلما كان عامَ يعني في عام الفتح "أخذه سعد" تنفيذاً لهذه الوصية وصية أخيه، لا سيما وأن الشبه واضح بعتبة بين "وقال: ابن أخي" يعني هذا ابن أخي "قد كان عهد إلي فيه" أوصاني أن أستلمه وأقبضه؛ لأنه ولده، ومن مائه، ولا يعرفون الحكم الشرعي في مثل هذا، وإلا فكيف يقول سعد: إنه ابن أخي؟! والشرع جاء بخلاف ذلك.
"فقام إليه عبد بن زمعة" أخو سودة بنت زمعة أم المؤمنين، فقال: أخي؛ لأنه ابن الأمة التي كانت تحت أبيه، فقال: "أخي وابن وليدة أبي، ولد على فراشه فتساوقا" أي: كل واحد منهما يسوق صاحبه إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام- "فتساوقا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني ليقضي بينهما في هذا الولد، ولأيهما يكون "فقال سعد: يا رسول الله ابن أخي قد كان عهد إلي فيه، وقال عبد بن زمعة: أخي وابن وليدة أبي" دعاوى واضحة، لكن المدعى به أمره خفي، وفي مثل هذا لا بد من قاعدة عامة يرجع إليها؛ لأن مسألة الوطء والحمل والولادة أمور خفية يعتريها ما يعتريها.
"ولد على فراشه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هو لك يا عبد بن زمعة)) " إيش معنى لك؟ نعم أخ لك، وليس معناه أنه ملك لك، إنما هو أخ، وهو في هذه الحالة حر وإلا عبد؟
طالب: حر.(136/3)
حر نعم، ((هو لك يا عبد بن زمعة)) ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضاءً عاماً مبرماً له ولغيره: ((الولد للفراش، وللعاهر الحجر)) الولد للفراش يتبع المرأة، وللعاهر الزاني الحجر، يعني له الخيبة والحرمان، وقيل: له الحجر، يعني يرجم بالحجر الزاني إذا كان محصناً، وللعاهر الحجر، وهنا الفراش، فراش من؟ فراش زمعة، الفراش فراش زمعة، وليس فراش عتبة؛ لأن عتبة ليس له فراش، إنما هو عاهر في هذه الصورة.
"ثم قال لسودة أم المؤمنين -سودة بنت زمعة-: ((احتجبي منه)) لما رأى من شبهه بعتبة بن أبي وقاص" وكان شبهه بين به، يعني لو كان كل منهما يدعي أن هذه الوليدة له، ملك له، ولا بينة، عتبة يدعيها له، وعبد بن زمعة يدعيها لأبيه، ولا بينة ترجح، يؤتى بالقافة حينئذٍ، والشبه البين بعتبة يأخذه عتبة في حكم القافة، والقافة معتبرة في الشرع، لكن الفراش معلوم صاحبه، وهو فراش زمعة، والوليدة وليدته، وذاك لا يدعي الوليدة، وإنما يدعي الولد؛ لأنه من مائه، والشبه البين به، حتى لو جاء بالبينة التامة نعم مع الشبه البين أنه ولده من مائه من مائه، وشهدت البينة أنه من مائه، ولا سبب له يربطه بهذه المرأة، لا سبب شرعي، لا زواج، لا نكاح، لا ملك يمين، فإن الولد ليس له، يعني لو افترضنا أن بنت ما عندها زوج، بكر وطئت زناً مثلاً، ومعروف الذي وطئها، وحبلت منه وولدت، هل يلحق بهذا الفاجر العاهر ولو لم يدعيه غيره؟ لا يلحق به، إنما يلحق بالمرأة ((الولد للفراش)) فإن كانت ذات زوج ألحق به وإلا بها، وهنا يأتي اللعان، إذا ألحق بالزوج وهو يجزم بأنه ليس ولداً له يلاعن؛ لينتفي عنه الولد، وهنا العاهر الزاني له الحجر، والخيبة والحرمان، وليس له نصيب في الولد، وثبت نسبة هذا الولد لفراش زمعة التي هي أمته، فنسب إليه، ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((هو لك يا عبد بن زمعة)).(136/4)
وجود الشبه البين بعتبة يورث شبهة في أن الولد ليس لزمعة، يوجد في النفس شيء في أن الولد ليس لزمعة، هو في الحكم الشرعي له، تثبت جميع الأحكام له، لكن مسألة الاحتياط، واتقاء الشبهات ترد في مثل هذا، ولذا قال -عليه الصلاة والسلام- لسودة بنت زمعة: ((احتجبي منه)) لأن الاحتمال قوي في كونه ليس لأبيك، وليس أخاً لك؛ لأنه ولد زنا، نعم الحكم الشرعي مقرر وممكن أنه ينسب لزمعة؛ لأنه ولد على فراشه، وما لاعن، ولا ينفي الولد في مثل هذه الحالة إلا اللعان، فإذا لم يلاعن نسب إليه شاء أم أبى، للزوجة والسيد، لكن لما وجد الشبه البين بعتبة النبي -عليه الصلاة والسلام- من باب الاحتياط واتقاء الشبهة قال: " ((احتجبي منه يا زمعة)) لما رأى من شبهه بعتبة بن وقاص، قالت: فما رآها حتى لقي الله -عز وجل-" يعني احتجبت منه امتثالاً لأمره -عليه الصلاة والسلام-، وهنا يمكن الاحتياط من الجهتين في مثل هذه الشبهات، فمثلاً امرأة أرضعت صبي رضعتين أو ثلاث ثلاث رضعات مثلاً، الثلاث لا تحرم، فلا يكون محرماً لها، فلا يسافر بها، ولا تكشف له، ومع ذلك تحتاط من الجهة الأخرى أن يقال: لا يتزوج، ولا يتزوج من بناتها، وهذا من باب الاحتياط، واتقاء الشبهة، وإلا فالحكم الشرعي أنه ليس بولد لها، وهذا مثل ما معنا.
قال: "وحدثني مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهادي" في كتب الحديث والمحدثون جروا على هذا يحذفون الياء، ابن الهاد، شداد بن الهاد مثلاً، يزيد بن عبد الله بن الهاد، عمرو بن العاص، والقاعدة اللغوية أنه لا بد من الياء، فتقول: الهادي والعاصي، لكن أهل الحديث درجوا على الحذف وإلا الأصل الهادي، لماذا؟ لأنه مقترن بـ (أل) وحينئذٍ لا يفارق الياء، أما إذا لم يقترن بالياء فإن كان في محل نصب: رأيت هادياً، رأيت عاصياً، تثبت الياء مع التنوين، وإن كان في محل رفع أو جر فإنها تحذف الياء، جاء هادٍ، ومررت بهادٍ.
يقول: هل يلجأ في وقتنا الحاضر إلى تحليل الحمض النووي لإثبات نسب الولد قبل اللجوء إلى اللعان؟(136/5)
إذا أمكنت نسبة الولد إلى أبيه، وحصل ما يؤثر على هذه النسبة بأن كثر المدعون فمثلاً بمثابة القافة، إنما هي بمجرد قرينة يعني، وقد يلجأ إلى الحيلة إذا كان متردد في من ينسب إليه هذا الولد، قد يلجأ إلى الحيلة كما في قضاء سليمان -عليه السلام-؛ لتبين الحقيقة، أما مسألة التحليل هذا، ومسألة الجينات، ومسألة الفصيلة وما الفصيلة، المقصود أن مثل هذه قرائن، وليست أدلة.
"وحدثني مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهادي عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن أبي أمية أن امرأة هلك عنها زوجها، فاعتدت أربعة أشهر وعشراً، ثم تزوجت حين حلت" بناءً على أنه ليس في بطنها شيء، اعتدت أربعة أشهر وعشراً وما تبين في بطنها شيء، ما تحرك ولد ولا .. ، والولد يتحرك في هذه المدة "ثم تزوجت حين حلت، فمكثت عند زوجها أربعة أشهر ونصف شهر، ثم ولدت ولداً تاماً" إذا ولدت المرأة لأقل من ستة أشهر من الدخول فإن الولد حينئذٍ لا ينسب إلى الزوج؛ لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر، فإذا ولدت في أقل من ستة أشهر فإن الولد لا ينسب إليها، امرأة اعتدت أربعة أشهر وعشر ما تحرك في بطنها شيء، ثم تزوجت فولدت لأقل من مدة الحمل لأربعة أشهر ونصف فكيف العمل؟ هل ينسب للأول وقد اعتدت منه عدة تامة وما تبين شيء، أو ينسب للثاني وقد ولدته لأقل من مدة الحمل؟ مسألة مشكلة وإلا ما هي بمشكلة؟ مشكلة.
"ثم ولدت ولداً تاماً" كامل "فجاء زوجها إلى عمر بن الخطاب فذكر ذلك له" إشكال كبير "فذكر ذلك له، فدعا عمر نسوة من نساء الجاهلية قدماء" يعني مسنات، من ذوات الخبرة "قدماء فسألهن عن ذلك" لأن أمور النساء أكثر من يعرفها النساء، هل يحصل مثل هذا أو لا يحصل؟ فأجبنه "فسألهن عن ذلك، فقالت امرأة منهن: أنا أخبرك عن هذه المرأة، هلك عنها زوجها حين حملت منه" يعني الحمل من الأول، لماذا ما تحرك في الأربعة الأشهر وعشر أيام في أيام الإحداد؟ لماذا ما تحرك؟(136/6)
قالت: "هلك عنها زوجها حين حملت منه، فأهريقت عليه الدماء" يعني أصيبت بنزيف، والأصل أن الدماء لا تنزل مع الحمل، ولذا المقرر عند أهل العلم أن الحامل لا تحيض، وإلا لما صارت الحيض علامات لخلو البطن، المقصود أنه أهريقت عليها الدماء، أصيبت بنزيف "فحش ولدها في بطنها" يبس، توقف نموه، توقف نموه كأنه غير موجود "فحش ولدها في بطنها، فلما أصابها زوجها الذي نكحها" الثاني "وأصاب الولد الماء تحرك الولد في بطنها" يعني هل الولد يستفيد من الوطء الثاني بعد أن قُدر من الوطء الأول؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يستفيد وإلا ما يستفيد؟
طالب:. . . . . . . . .
جاء في الخبر، نعم جاء اللعن نسأل الله السلامة ((لعن الله من سقى ماؤه زرع غيره)) فدل على أنه يستفيد، وهنا "فلما أصابها زوجها الذي نكحها، وأصاب الولد الماء تحرك الولد في بطنها" يعني نشط، دل على أنه يستفيد، والأطباء ما يعترفون بمثل هذا، يقولون: خلاص تركب الحيوان مع البويضة، وانتهى الإشكال خلاص، ما في غير هذا.
طالب:. . . . . . . . .
يعني مثل سقي الزرع، إن ما توالى عليه الماء مات.
طالب:. . . . . . . . .
هو لا شك أن التركيبة الأولى، البذرة الأولى تكون بالجماع الأول، ولا يمنع أن يكون يستفيد من الجماع الثاني والثالث .. إلى آخره، المقصود أن الحديث دلالته ظاهرة، الخبر دلالته ظاهرة.
"وأصاب الولد الماء" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
ويش لون يسقط والرحم مغلق؟ كيف يسقط أجل والرحم مغلق؟ وإغلاق الرحم يعني مائة في المائة ما ينفذ لا إليه ولا منه شيء؟ ما أظن، المسألة تحتاج ... نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
إيه مشكلتنا مع الأطباء الذين لا يعترفون بمثل هذا، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
بدليل أنه ...
طالب:. . . . . . . . .
لا هو يمكن يغلق إغلاق بحيث يحفظ هذه النطفة، لكن ما يغلق إغلاق تام بحيث لا ينفذ إليه شيء، ولا يخرج منه شيء، لا احتمال ...
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لا ما هو ببعيد، يعني أمور ما لها إلا مثل ها العجائز اللي ....
طالب:. . . . . . . . .(136/7)
إيه، لكن إذا سقيته ثاني وثالث يستفيد، يستفيد إذا سقي، المسألة تصور الماء الذي تسقى به النخلة يستفيد منه ...
طالب:. . . . . . . . .
لا، أنت لو تصورنا كلامك كان تحمل ثاني وثالث ورابع وخامس، لا ما هو بهذا المراد، يعني نتصور ماء الرجل مثل ماء الذي يسقى به هذا الرزع، هي نبتة واحدة تنمو، شوف الآن التنظير في سقي الماء، .... سقي الرجل ماؤه زرع غيره بالزرع اللي في الأشجار، ما هو بيتصور أن الكمية تزيد؟ لا، هذا الزرع ينمو بهذا الماء بس، فهمت الفرق؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه خلاص، ويش اللي ... ؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يلزم ما في إشكال، حملت وأنجبت ويش يصير؟ ما هو بشرط أن يتعدد الوطء ليحصل الولد، لا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، ما هي. . . . . . . . .، الآن خلاص انتهى.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، إي نعم.
طالب:. . . . . . . . .
لكن الماء، عموم الماء يعني مثل سقي الزرع، لا نقصد أنه يتعدد مثل ما قال الشيخ، لا، لا أنا أقصد أن هذا ينمو، فلما أصابه ناظر وأصاب الولد الماء وتحرك الولد في البطن.
طالب:. . . . . . . . .
سقى سقى، الحديث.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، سقى زرع، زرع، إيش الزرع؟ الزرع انغرس وانتهى، ثم يسقى، وتكون الجنين.
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . ما صار زرع أجل، ما صار زرع يا أخي، ما يصير زرع إلى أن يتكون، ثم بعد ذلك في المدة من بين تكونه إلى ولادته محل السقي هذا.
طالب:. . . . . . . . .
واحد إيه.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه قبل تكوينه لا يسمى زرع، ما بعد زرع إلى الآن، لكن إذا وضعت هذه البذرة هي التي تسقى، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه مزرعة، لكن مزرعة فاضية تصير أرض، ما هي بمزرعة، وغرست فيها هذه البذرة إذا سقيت هذا تنظير مطابق لما جاء.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، الآن إذا أردنا أن نطبق الحديث ما عندنا إشكال في هذا.
طالب:. . . . . . . . .
إيش يقول؟
ابحثها جزاك الله خير.(136/8)
"وأصاب الولد الماء، ثم تحرك الولد في بطنها، وكبر، فصدقها عمر بن الخطاب، وفرق بينهما، وقال عمر: "أما إنه لم يبلغني عنكما إلا خير" وألحق الولد بالأول" لأنه من مائه، ألحق الولد بالأول.
قال: "وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن عمر بن الخطاب كان يليط أولاد الجاهلية بمن ادعاهم" يعني يلحقهم بمن ادعاهم في الإسلام "فأتى رجلان كلاهما يدعي ولد امرأة" ولد واحد يدعيه اثنين، كما في قصة وليدة زمعة "كلاهما يدعي ولد امرأة، فدعا عمر بن الخطاب قائفاً، فنظر إليهما، فقال القائف: لقد اشتركا فيه" كيف يشتركان؟ إلا أن لكل واحد منهما أثر فيه، وهذا يؤيد ما قلناه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لماذا تعتد الحامل؟ نعم لو أن هذه المرأة حبلت من زيد وطلقها، لماذا تمنع حتى تضع؟ خلاص ثبت الولد لفلان، ويش منعها ما له وجه، عندنا هذا هذا تراه صريح، اللي معنا.
"فدعا عمر بن الخطاب قائفاً، فنظر إليهما، فقال القائف: لقد اشتركا فيه، فضربه عمر بن الخطاب بالدرة" كأنه ما تصور الاشتراك ويش يصير؟ "ثم دعا المرأة فقال: أخبريني خبرك، فقالت: كان هذا لأحد الرجلين يأتيني وهي في إبل لأهلها، فلا يفارقها حتى يظن وتظن أنه قد استمر بها حبل" يعني تحقق أنه وجد الحمل "أنه قد استمر بها حبل، ثم انصرف عنها" تركها "فأهريقت عليه دماء" يعني أصابها نزيف فحصل له مثل ما حصل للولد الذي في الخبر السابق "ثم خلف عليها هذا -تعني الآخر- فلا أدري من أيهما هو؟ " مثل القصة السابقة، ما تدري هو للزوج الأول أو للزوج الثاني؟ "من أيهما هو؟ قال: فكبر القائف" يعني كلام المرأة وافق أو صدق كلام القائف "فكبر القائف، فقال عمر للغلام: وال أيهما شئت" لأنه لا يمكن أن ينسب لرجلين، اختر واحد منهما؛ لأنه لا مرجح لأحدهما على الآخر، ولو كان الماء أو الولد ينعقد من ماء الأول فقط، لما قال: "وال أيهما شئت" وهذه المسألة في الجاهلية، قبل حكم الإسلام، وكلاهما عاهر.
طالب:. . . . . . . . .
هذا اللي يظهر.
طالب:. . . . . . . . .(136/9)
. . . هي تقول: الحمل للأول "حتى تظن أو يظن أنه استمر بها حبل" من الأول، ثم بعد ذلك أهريقت عليها الدماء فيبس في بطنها، ثم أثاره الثاني.
طالب:. . . . . . . . .
مسألة جاهلية هذه، ما هي بحكم شرعي بين مسلمين، من أجل ألا يكون لا ولاء له، ويعير بين الاثنين، فحينئذٍ قال: "والِ أيهما شئت" مع أنه لو طبق القاعدة الشرعية نعم لنظر في المدة التي مكثت مع الثاني، فإن كانت تحتمل، يعني مر فيها -هذا إذا كان نكاح- أقل مدة الحمل أمكن إلحاق الولد به، هذا إذا كان نكاح، وإن كان سفاح فلا دعوى لأحدهما به.
مع أن الخبر عن سليمان بن يسار أن عمر بن الخطاب مرسل، منقطع؛ لأن سليمان بن يسار يحكي قصة لم يشهدها.
"وحدثني مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب أو عثمان بن عفان" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
الأخير؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم مرسل، مرسل ضعيف، وإن كان عند مالك صحيح، الإمام مالك يرى مثل هذا صحيح.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
والله ما ذكروا شيء، لكنهم يهتمون بوصل المرفوعات.
قال: "وحدثني مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب أو عثمان بن عفان قضى أحدهما في امرأة غرت رجلاً بنفسها، وذكرت أنها حرة فتزوجها" فتزوجها يعني وإلا فالأصل أنه لا يجوز للحر أن يتزوج أمة إلا بشرط ألا يجد طول الحرة، إذا لم يجد طول الحرة مهر الحرة فإن له حينئذٍ أن يتزوج الأمة.
ويش الفرق بين زواج الحرة وزواج الأمة؟ ووطء الأمة بملك اليمين؟ نعم؟
أثره على الأولاد، فإن كان زواج حرة فالأولاد له، وإن كان وطء الأمة بملك اليمين فالأولاد له، وإن كان في الزواج والنكاح فالأولاد يتبعون أمهم، حرية ورقاً.
"في امرأة غرت رجلاً بنفسها، وذكرت أنها حرة فتزوجها، فولدت له أولاداً" المسألة استمر الغرر مدة حتى ولدت أولاداً "فقضى أن يفدي ولده بمثلهم" جاءت بخمسة أولاد يأتي بخمسة أنفس من الأرقاء، ويدفعهم لسيد هذه الأمة أرقاء بدل الأولاد، ثم بعد ذلك يصيرون أولاده "فقضى أن يفدي ولده بمثلهم".(136/10)
سبق في كلام الإمام مالك أن الحيوان والرقيق قيمي وإلا مثلي؟ نعم قيمي ليس بمثلي، والمثلي عند مالك إنما هو المكيل والموزون، والخبر يدل على أنه أن الرقيق من المثليات "فقضى أن يفدي ولده بمثلهم".
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: والقيمة أعدل في هذا -إن شاء الله تعالى-" يقوم هؤلاء الأولاد، والله فلان بعشرة آلاف، والثاني بثمانية، والثالث بسبعة، والرابع باثني عشر، وهكذا، تجمع قيمتهم وتدفع لسيدها، لسيد هذه الأمة، ويستحقها؛ لأن المسألة مسألة غرر، وإلا لو كان ما في غرر انتهى الإشكال، الأولاد للسيد يتبعون أمهم.
"والقيمة أعدل في هذا -إن شاء الله تعالى".
نعم.
أحسن الله إليك.
باب: القضاء في ميراث الولد المستلحق
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر المجتمع عليه عندنا في الرجل يهلك وله بنون فيقول أحدهم: قد أقر أبي أن فلاناً ابنه: إن ذلك النسب لا يثبت بشهادة إنسان واحد، ولا يجوز إقرار الذي أقر إلا على نفسه في حصته من مال أبيه يعطى الذي شهد له قدر ما يصيبه من المال الذي بيده.
قال مالك: وتفسير ذلك أن يهلك الرجل ويترك ابنين له، ويترك ستمائة دينار، فيأخذ كل واحد منهما ثلاثمائة دينار، ثم يشهد أحدهما أن أباه الهالك أقر أن فلاناً ابنه، فيكون على الذي شهد للذي استلحق مائة دينار، وذلك نصف ميراث المستلحق لو لحق، ولو أقر له الآخر أخذ المائة الأخرى، فاستكمل حقه، وثبت نسبه، وهو أيضاً بمنزلة المرأة تقر بالدين على أبيها أو على زوجها، وينكر ذلك الورثة، فعليها أن تدفع إلى الذي أقرت له بالدين قدر الذي يصيبها من ذلك الدين، لو ثبت على الورثة كلهم، إن كانت امرأة ورثت الثمن دفعت إلى الغريم ثمن دينه، وإن كانت ابنة ورثت النصف دفعت إلى الغريم نصف دينه، على حساب هذا يدفع إليه من أقر له من النساء.(136/11)
قال مالك: وإن شهد رجل على مثل ما شهدت به المرأة أن لفلان على أبيه ديناً أحلف صاحب الدين مع شهادة شاهده، وأعطي الغريم حقه كله، وليس هذا بمنزلة المرأة؛ لأن الرجل تجوز شهادته، ويكون على صاحب الدين مع شهادة شاهده أن يحلف، ويأخذ حقه كله، فإن لم يحلف أخذ من ميراث الذي أقر له قدر ما يصيبه من ذلك الدين؛ لأنه أقر بحقه، وأنكر الورثة، وجاز عليه إقراره.
. . . . . . . . . من الأم، لأن ما ثبت له، ما يثبت لأولاده تبعاً له.
طالب:. . . . . . . . .
ما له علاقة لا هو ولا من يتعلق به أو ابنه.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في ميراث الولد المستلحق
معروف أن السين والتاء للطلب، يعني المطلوب لحاقه بالمورث، يعني مطلوب لحاقه بالمورث.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر المجتمع عليه عندنا في الرجل" يعني عندهم علماء المدينة "يهلك وله بنون، فيقول أحدهم: قد أقر أبي أن فلاناً ابنه إن ذلك النسب لا يثبت بشهادة إنسان واحد" بل لا بد من اثنين فأكثر، بل لا بد من شاهدي عدل "إن ذلك النسب لا يثبت بشهادة إنسان واحد، ولا يجوز إقرار الذي أقر إلا على نفسه" يعني لا يقر على غيره، نعم يؤخذ بإقراره على نفسه، يعني فيما عليه فيه نقص، لا فيما على غيره فيه نقص، أو له فيه زيادة "ولا يجوز إقرار الذي أقر إلا على نفسه في حصته من مال أبيه يعطى الذي شهد له قدر ما يصيبه من المال الذي بيده" أو يعطي؟ يعطى الذي شَهد أو شُهد له؟ الذي شَهد له قدر ما يصيبه من المال الذي بيده، الصورة واضحة، وذكرها الإمام -رحمه الله-.
"قال مالك: وتفسير ذلك أن يهلك الرجل ويترك ابنين له، ويترك ستمائة دينار" يعني لكل واحد منهما ثلاثمائة، ثم يعترف أحد الابنين بثالث، تقبل شهادة الإنسان على نفسه، اعتراف؛ لأنه متضرر، لكن هل تقبل شهادته له؟ لا لنفسه، ولا لفرعه، ولا أصله، إنما تقبل شهادته على نفسه، وهذا إقرار وتقبل شهادته على أصله وعلى فرعه، لكن ما تقبل شهادته على أخيه، هنا الشهادة على الأخ، إضافة إلى أنها إقرار واعتراف على نفسه.(136/12)
"وتفسير ذلك أن يهلك الرجل ويترك ابنين له، ويترك ستمائة دينار، فيأخذ كل واحد منهما ثلاثمائة دينار، ثم يشهد أحدهما أن أباه الهالك -المتوفى- أقر أن فلاناً ابنه، فيكون على الذي شهد للذي استلحق مائة دينار" لأنه يستحق من نصيب هذا مائة، ومن نصيب الثاني مائة؛ ليكون لكل واحد من الثلاثة مائتا دينار، والستمائة على ثلاثة الناتج مائتين، فلو اعترف الثاني وأقر الثاني انتهى الإشكال، يقسم المال على الثلاثة، لكن الذي اعترف يؤخذ من نصيبه قدر النقص الذي يصيبه لو اعترف الثاني "فيكون على الذي شهد للذي استلحق مائة دينار، وذلك نصف ميراث المستلحق لو لحق" يعني لو لحق لحاقاً تاماً باعتراف الورثة كلهم، نعم هذا نصفه، ويستحق من الثاني أيضاً مائة دينار "ولو أقر له الآخر أخذ المائة الأخرى، فاستكمل حقه وثبت نسبه" لأنهم اثنين يثبت بشهادتهما النسب.
وهذه المسألة لا شك أنها من المسائل .. ، مسألة إثبات النسب أو نفيه من المسائل العظائم، فمن انتسب إلى غير أبيه ثبت لعنه -نسأل الله السلامة والعافية-، وكذلك من أدخل على أهل بيت من ليس منهم، أو أخرج منهم من هو منهم، هذه أمور معضلة، وبعض الناس هداهم الله يعني أحياناً يقر بأن فلان ولده، أحياناً إذا زعل عليه قال: ما أنت بولد لي، دور لك أب، هذه مسألة خطيرة، بعض الناس يتساهل في هذه الأمور، يوجد ترى يوجد مثل هذا، في حال الرضا ولده، وإذا حان الغضب ما هو بولده، مشكلة هذه -نسأل الله السلامة والعافية-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يجوز إطلاقاً، إن كان ولده فهو ولده وإلا فينفيه.
طالب:. . . . . . . . .(136/13)
لا سهل أنا ما أقول لك: إذا غضب على طفله وإلا شيء نعم هذه أمرها سهل، لكن من كبار لكبار تحصل، أما إذا غضب على الطفل قال: دور لك أب أنا ما أنا بأب لك، يهدده بهذا ... ، هو إذا كان القصد منه ليس نفي النسب، وإنما القصد منه التأديب، أو أنك بفعلك هذا الذي هو فعل لا يناسب فعل الولد بأبيه، تستحق أن يقال لك هذا، سهل، الإشكال في كونه يقول ذلك جازماً به، معتقداً له؛ لأنه إذا رضي لا سيما إذا كان هناك شك من الأب في بداية الأمر، تجده في حال الرضا يثبته، وفي حال الغضب ينفيه، وهذه مسألة عظمى -نسأل الله السلامة والعافية-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ومسلمة وثقة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال إذا كانت ما هي بمسلمة لا تقبل. . . . . . . . .، لا دخل لنا فيها، والمسلمة تكون قرينة فيما لو وجد شبه أو وجد شك من الأبوين من المبدل والمبدل به، تكون قرينة.
المقصود أن مثل هذا من المسائل العظيمة حتى التساهل فيه في المستشفيات يورث مثل هذه الإشكالات، ولذلك تجدونهم يحتاطون، فأول ما يسقط الولد من أمه أول ما يستهل يوضع في يده أو رجله ما يدل عليه، فمثل هذا لا بد من العناية به.
امرأة تتصل تقول: من ذو عشرين عاماً ولدت في المستشفى الفلاني، وولدت بنت، فقلت للممرضة: بدلي بها الولد، وبَدَلت، تقول: كيف أصنع؟ أنا أبي بنتي اللحين، كيف أصل إليها؟ والولد هذا ما هو ابننا كيف يصل إلى أهله؟ هناك أخطاء يصعب تصحيحها.
طالب:. . . . . . . . .
إيه مهما كان الإرث وما الإرث صعبة، يعني ولد الرضاعة ما هو أحكامه مثل أحكام ولد النسب.
فكيف يصل إلى أهله؟ وكيف تصل البنت إليهم؟ يعني هناك قضايا يصعب تصحيحها، فهي تسأل عن الوسيلة، ولا يمكن أن يوصل إلى حقيقة الأمر، هي لا تعرف اسم المرأة الثانية، فكيف تستدل عليه؟ وين يودى ما في طرف ثاني يودى إليه؟ ما تعرف.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هي ما تعرف، تقول: والله ما أدري من صاحبة الولد.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .(136/14)
ورفعت القضية، إيه، لو ادعت مثلاً مثل هذه، وقيل: تاريخ الولادة مثلاً، فذهبوا إلى المستشفى ووجدوا في تاريخ الولادة أنه وُلد ولد فلان وفلان وفلان وفلان، وبحثوا واستقصوا ووصلوا إلى شيء مما يقرب من الحقيقة، فالقرائن يعني ممكن ترجح، لكن تقول: لا تعرف تاريخ، يمكن ما تعرف ولا المستشفى.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا في المستشفى.
طالب:. . . . . . . . .
والله عاد الحمد لله الغالب لله الحمد الاحتياط، في بلادنا الغالب الاحتياط، ومع ذلك عليهم المزيد من الاحتياط، أقول: عليهم المزيد من الاحتياط، الله المستعان.
المقصود أن الحكم الشرعي في مثل هذا ظاهر.
قال: "فاستكمل حقه، وثبت نسبه" يعني لو اعترف الثاني لأخذ من نصيبه المائة الأخرى فتم نصيب الولد المستلحق كأخويه، وثبت نسبه؛ لأن البينة تمت "وهو أيضاً بمنزلة المرأة تقر بالدين على أبيها أو على زوجها، وينكر ذلك الورثة" مات زيد من الناس وقسم ميراثه، ثم قالت واحدة من بناتها أو واحد من أولاده: أشهد بأن لفلان مبلغ كذا على والده الميت، فلا بد أن نسدد الدين قبل أن تقسم التركة، فينكر بقية الورثة يقولون: أبداً، إن كان عنده بينة وإلا ما له شيء.
هذا المقر -المعترف- يؤخذ من نصيبه من الإرث بقدر ما يلحقه من الضرر لو اعترف الجميع "وذلك كالمرأة تقر بالدين على أبيها أو على زوجها، وينكر ذلك الورثة، فعليها أن تدفع إلى الذي أقرت له بالدين قدر الذي يصيبها من ذلك الدين" يعني لو أنها أقرت بما يستوعب إرثها، مات شخص عن مائة ألف، وقسمت هذه المائة ألف على الورثة فأقرت هذه البنت أو هذا الولد بأن والده مدين لفلان بمائة ألف، أخذ جميع نصيبه، صار ما له شيء.
طالب:. . . . . . . . .
هو يصيبه بكذا ....
طالب: كله.
كله، إيه؛ لأن المقر به ....
طالب: لو ثبت على الورثة .... يعني لو تخيل أن الورثة ....
الآن هذه البنت أخذت خمسة آلاف، والتركة مائة ألف، اعترفت بمائة ألف يأخذ الخمسة كاملة.
طالب: يعني لو استغرق. . . . . . . . .
لو أقروا كلهم أخذ المائة ألف وترك الورثة بدون شيء.(136/15)
"فعليها أن تدفع إلى الذي أقرت له بالدين القدر الذي يصيبها من ذلك الدين" القدر هذا فيما لو كان المقر به أقل من التركة، لكن إذا كان المقر به يستوعب التركة يأخذ كل ما بيدها، لو ثبت على الورثة كلهم، وما في شك أن بعض الورثة يكون فيه بر بوالديه، معروف هذا من البر، يعني تصور أن بنت بكر صغيرة، والدها مدين بمبلغ تقول: اللي يسدد الدين عن والدي أتزوجه، هذا مهري، من البر، ولا تشترط أي شرط في هذا الزوج إلا الاستقامة مع تسديد الدين، ولو كان كبير وإلا صغير أياً كان؟ هذا يوجد.
"إن كانت امرأة ورثت الثمن دفعت إلى الغريم ثمن دينه، وإن كانت ابنة ورثت النصف دفعت إلى الغريم نصف دينه، على حساب هذا يدفع إليه من أقر له من النساء" وهذا ظاهر.
"قال مالك: وإن شهد رجل على مثل ما شهدت به المرأة أن لفلان على أبيه ديناً أحلف صاحب الدين مع شهادة شاهده، وأعطي الغريم حقه كله" يعني ما يحلف صاحب الدين مع شهادة المرأة، إنما يشهد .. ، يحلف صاحب الدين مع شهادة الولد، نعم، مع شهادة الولد، يعني الدين يثبت بشهادة شاهد مع يمين المدعي صاحب الدين.
"أحلف صاحب الدين مع شهادة شاهده" لكن لو اعترف أو شهد ثنتين من البنات، اثنتان من البنات مع اليمين يكفي وإلا ما يكفي؟ يعني تستقل المرأة بشهادة الأموال؟ يعني لو شهد أربع نسوة يكفي أو لا بد من رجل؟ لا بد من رجل، وعلى هذا لو شهد ثلاث أربع بنات ما يكفي، بل لا بد أن يشهد رجل مع اليمين.
"وأعطي الغريم حقه كله، وليس هذا بمنزلة المرأة؛ لأن الرجل تجوز شهادته، ويكون على صاحب الدين مع شهادة شاهده أن يحلف" يعني تقوم البينة بشاهد مع اليمين "ويأخذ حقه كله، فإن لم يحلف أخذ من ميراث الذي أقر له قدر ما يصيبه من ذلك الدين" كما قلنا في البنت سابقاً "لأنه أقر بحقه، وأنكر الورثة ذلك، وجاز عليه إقراره" يعني يمضى عليه إقراره، وتلحقه تبعته، مما ينقص عليه نصيبه، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(136/16)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ – كتاب الأقضية (10)
باب: القضاء في أمهات الأولاد - وباب: القضاء في عمارة الموات - وباب: القضاء في المياه - وباب: القضاء في المرفق
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
اللهم صل على محمد.
الحديث الذي أشار إليه بعض الإخوان في الدرس الماضي، يقول: ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد، وأخرجه الطبراني من حديث رجاء بن حيوة عن أبيه عن جده عن رويفع بن ثابت أن جارية من خيبر مرت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي إيش؟ مجحاً، يعني حامل، أي حبلى، فقال: ((لمن هذه؟ )) قالوا: لفلان، قال: ((أيطؤها؟ )) قيل: نعم، قال: ((فكيف يصنع في ولدها؟ أيدعيه وليس له بولد، أم يستعبده وهو يغذوه في سمعه وبصره؟ لقد هممت أن ألعنه لعنة تدخل معه في قبره)) قال الهيثمي: فيه خارجة بن مصعب وهو متروك، نعم.
لكن واحد من الإخوان من خلال الجوال معه خرجه من سنن أبي داود يقول، لكن تخريجه في مجمع الزائد يدل على أنه لا يوجد في سنن أبي داود؛ لأن الزوائد على الكتب الستة، بس ما هو بحاضر، .... ما هو بحاضر، على كل حال إذا كان ما له إلا هذا الطريق فهو وجوده مثل عدمه.
طالب: ويروى عن أحمد.
وين؟
طالب: من قول أحمد من وطأ الحبلى يزيد في سمعه وبصره.
يعني من قوله ليس بمرفوع؟ هذا مرفوع، لكنه وجوده مثل عدمه، ما دام فيه راوٍ متروك، فيه راوٍ متروك.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، إن كان من كلام أهل العلم يكون ثابت ما في إشكال، لكن الكلام في الحجة الملزمة التي يستدل بها.
يقول: هذا حصل معه تحرك للمني رغماً عنه من الخصية إلى إيش؟ لكن لم يخرج، وحصل معه احتباس له، وسبب له التعب، وانشغال الذهن والبال، واستمر لمدة يومين تقريباً، يقول: حاولت النوم حتى يحصل احتلام، ولكن بدون فائدة، وبعدها استلقيت على السرير، وتفكرت في خروجه وخرج، فهل علي من حرج؟
يعني جلس يومين؟ إيش معنى الانتقال هذا الذي يجلس ينتقل من مكان إلى مكان ويجلس يومين؟ والله ما أدري.(137/1)
على كل حال الحكم معلق بالخروج، بخروجه، فإن خرج في النوم أوجب الغسل مطلقاً شعر به أو لم يشعر إذا رآه، وإن كان في اليقظة فلا بد أن يكون بلذة، وكونه يخرجه أو يحاول إخراجه بعد احتباسه المضر به والمقلق له هذا حكمه كحكم الحجامة والفصد لا شيء فيه.
هل يستفتح في صلاة الليل لكل ركعتين أم يكفي الاستفتاح في أول تسليمة؟
الأصل أن كل تسليمتين مادام يسلم من كل ركعتين أنها صلاة مستقلة، يستفتح لها، وينوع الاستفتاح؛ لأنه جاء أنواع في الاستفتاح عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في أمهات الأولاد
قال يحيى: قال مالك: عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قال: "ما بال رجال يطؤون ولائدهم ثم يعزلوهن، لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها إلا ألحقت به ولدها، فاعزلوا بعد ذلك أو اتركوا".
وحدثني مالك عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد أنها أخبرته أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قال: "ما بال رجال يطؤون ولائدهم ثم يدعوهن يخرجن، لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها إلا قد ألحقت به ولدها، فأرسلوهن بعد أو أمسكوهن".
قال يحيى: سمعت مالكاً -رحمه الله- يقول: "الأمر عندنا في أم الولد إذا جنت جناية ضمن سيدها ما بينها وبين قيمتها، وليس له أن يسلمها، وليس عليه أن يحمل من جنايتها أكثر من قيمتها".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في أمهات الأولاد
أم الولد هي الأمة التي تأتي من سيدها بولد، ولها أحكام معروفة في كتب الفروع، منها: أنها تعتق بولدها، يعتقها ولدها، لكنه عتق موقوف على موت سيدها، والخلاف في حكم بيع أمهات الأولاد معروف بين الصحابة ومن بعدهم.(137/2)
هنا يبحث الإمام -رحمه الله تعالى-، يورد عن عبد الله بن عمر عن أبيه، يقول: "قال يحيى: قال مالك: عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال: "ما بال رجال" وهذا أسلوب نبوي ستراً على بعض المخالفين بما يؤدي الغرض، الأسلوب الذي يؤدي الغرض، ولا يجرح أحد "ما بال رجال" والنبي -عليه الصلاة والسلام- كثيراً ما يقول: ((ما بال أقوام)) "ما بال رجال يطؤون ولائدهم" يعني أمهات الأولاد إن كن قد أنجبن قبل ذلك، أو هن الإماء، الأمة يقال لها: وليدة "ثم يعزلوهن" العزل معروف، ويحصل مع الأمة كما يحصل مع الحرة، وهو معالجة الجماع مع الزوجة، أو مع ملك اليمين، ثم قبيل الإنزال يكون الإنزال خارج الفرج، وجابر -رضي الله تعالى عنه- قال: "كنا نعزل والقرآن ينزل، ولو كان شيئاً ينهى عنه لنهى عنه القرآن".
وعلى كل حال ما يريده الله ويقدره لا بد أن يكون عزل أو لم يعزل، وكثير من الناس يستعمل الموانع ومع ذلك يحصل الحمل، إذا أراد الله نسمة قد كتبها الله -جل وعلا- لا بد أن توجد، ولو وجد ما يمنع "ثم يعزلوهن" كيف يعزلوهن؟ الأصل يعزلوا عنهن، قال الباجي: "يحتمل أن يريد العزل المعروف أي عزل الماء عن الجماع بصبه خارج الفرج، ويحتمل أن يريد اعتزالهن في الوطء، وإزالتهن عن حكم التسري انتفاءً من الولد".
"لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها إلا ألحقت به ولدها، فاعزلوا بعد أو اتركوا" ما دام هي فراش لسيدها فالولد لاحق له لا محالة، ولا بد أن يلحق به ما لم يجزم بزناها، ويلاعن على ذلك، وإلا فالولد لازم له ما دامت فراشاً له.
قال: "وحدثني مالك عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد" نافع مولى ابن عمر، وصفية بنت أبي عبيد زوجة عبد الله بن عمر، وهي أخت المختار بن أبي عبيد الذي ادعى النبوة، وجاء الخبر بأنه كذاب ((في ثقيف كذاب ومبير)) نعم.
طالب:. . . . . . . . .
لا بد من اللعان ما ينتفي إلا باللعان.
صفية بنت أبي عبيد زوجة عبد الله بن عمر هي أخت المختار بن أبي عبيد.
طالب: الأمة تلاعن؟
نعم؟
طالب: الأمة تلاعن؟
إذا أراد نفي الولد لا بد.
طالب: تلاعن؟
إيه لا بد، لا بد من اللعان.(137/3)
"عن صفية بنت أبي عبيد" ذكرنا أنها زوجة عبد الله بن عمر، وأخوها المختار بن أبي عبيد المعروف الكذاب الذي ادعى النبوة.
"أنها أخبرته أن عمر بن الخطاب قال: "ما بال رجال يطؤون ولائدهم؟ " كسابقه، يعني يطؤون يجامعون الإماء ملك اليمين "ثم يدعوهن يخرجن" يخرجن في الأسواق للخدمة، يخدمون الناس، وهذه عادة جارية بين الناس "ثم يدعوهن يخرجن" وبهذه الخدمة إن لم يكن هناك تدين من هذه الوليدة، أو ممن تخدم عنده قد يحصل ما يحصل كما يحصل الآن في بيوت المسلمين من هؤلاء الخادمات وغيرهم.
المقصود أن هذا لا شك أنه قد ييسر بعض مزاولة الفاحشة -نسأل الله السلامة والعافية-، لكن إذا تربى الناس والمجتمعات على الدين وعلى الفضل والمحافظة والاحتراس من الخلوة المحرمة، أو السفر المحرم إذا بذلت الأسباب الشرعية والاحتياطات التي جاءت عن الشارع خفت المشكلة، وإلا إذا تساهل الناس في مثل هذه الأمور فالكوارث لا بد أن تقع، وقد وقعت -نسأل الله السلامة والعافية-.
"ثم يدعوهن يخرجن، لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها إلا قد ألحقت به ولدها" إلا قد ألحقت به ولدها، يعني هي وليدة يطأها، وقد يعزل عنها ليتجنب الحمل، ثم يتركها تخدم عند الناس، ثم يسمع من كلام الناس أنها تعرض نفسها لشيء من ذلك، ثم يريد أن يتبرأ من الولد، لا تحصل البراءة منه، ولو عزل عنها، ما دام يطأها.
"ثم يدعوهن يخرجن، لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها إلا قد ألحقت به ولدها" لكن لو قدر أن هذا السيد منذ اشتراها إلى أن حبلت ما وطئها، واعترف هو، واعترفت بذلك، لا شك أن مثل هذا حكمه يختلف.
"إلا قد ألحقت به ولدها، فأرسلوهن بعدُ" يعني بعد ذلك "أو أمسكوهن" و (بعد) في هذا الخبر والذي قبله مبنية على الضم؛ لأنها مقطوعة عن الإضافة مع نية المضاف إليه "أو أمسكوهن" اصنعوا ما شئتم، امسكوهن في بيوتكم كما هو الأصل، أو أرسلوهن للخدمة في بيوت الناس، لكن لا بد من أخذ الاحتياطات والحذر من مثل هذه الأمور.(137/4)
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في أم الولد إذا جنت جناية" سواءً كانت أم ولد بالفعل أو أمة أو عبد "إذا جنت جناية ضمن سيدها ما بينها وبين قيمتها" يعني إذا جنت جناية قدرت هذه الجناية بألف، وقيمة هذه الأمة ألفين، نعم يدفع يضمن الألف، لو جنت جناية بألفين قال: خذوا الأمة، ثلاثة آلاف قال: خذوا الأمة ولا يلحقونه بأكثر من هذا، لا يجمع له بين مصيبتين، تؤخذ الأمة، ويغرم مع ذلك، إنما يضمن الجناية بسببه، قد يقول قائل: هي عاقلة لماذا لا تكون جنايتها عليها؟ من أين؟ هي لا تملك، نعم، وأيضاً ما جنت هذه الجناية إلا بسبب إهمالك لها، فأنت تتحمل شيء من المسئولية، لكن أكثر من قيمتها لا، من قيمتها فما دون فتضمن، وما عدا ذلك فلا ضمان.
"الأمر عندنا في أم الولد إذا جنت جناية ضمن سيدها ما بينها وبين قيمتها، وليس له أن يسلمها" ليس له أن يسلمها إذا كانت الجناية أقل من قيمتها "وليس عليه أن يحمل من جنايتها أكثر من قيمتها" يعني لا يحمل أكثر من قيمتها فتفوت عليه، ومع ذلك يضاف إليه مبلغ آخر.
أحسن الله إليك.
باب: القضاء في عمارة الموات
حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أحيا أرضاً ميتة فهي له، وليس لعرق ظالم حق)).
قال مالك: والعرق الظالم كل ما احتفر، أو أخذ أو غرس بغير حق.
وحدثني مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "من أحيا أرضاً ميتة فهي له".
قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في عمارة الموات(137/5)
عمارة الموات، المراد بالموات الأرض الميتة التي لا مالك لها، ولا يحتاج إليها لا بالخصوص ولا بالعموم، يعني لا تحتاج إلى مرفق عام كمسيل مثلاً، أو مما يحتاج إليه الناس كلهم من المرافق العامة مثل المدارس والمساجد وغير هذا، هذه المرافق العامة لا تملك، وكذلك المسايل مسايل المياه لا تملك، فكل ما يحتاج إليه على سبيل العموم يحتاجه أهل البلد من مسجد ومقبرة ومسيل، وما أشبه ذلك هذا لا يملك ولو أحي، أو كان سبق له ملك من خاص أو اختصاص، كل هذا لمن سبق إليه، لا يملكه بالإحياء، وما عدا ذلك من أرض ميتة التي لا مالك لها تملك بالإحياء.
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أحيا أرضاً ميتة فهي له)) " سبق إلى هذه الأرض، وسأل عنها وإذا لا مالك لها، وهل يحتاجها البلد؟ لا يحتاجونها، فأحياها بعمارتها، بزراعتها، بتسويرها سور يمنع من الدخول والخروج يملكها، وهل يشترط في ذلك إذن الإمام أو لا يشترط؟ الجمهور على أنه لا يشترط، بل مجرد إحيائه لها يملكها، وعند الحنفية لا بد من إذن الإمام.(137/6)
ولا شك أن الأصل قول الجمهور بهذا الحديث، وبما جاء في معناه أن الموات يملك بالإحياء، لكن قول الحنفية يتجه إذا وجدت المشاحة، والمشاحنة بحيث لو ترك الناس يحيون ما وقعوا عليه لحصل بينهم الجدال والنزاع والقتال، تجد السيارات تجوب البراري شرقاً وغرباً، ويمين وشمال، وكل واحد يقول: أنا وصلت قبلك، وواحد يقول: أنا وصلت بعدك، حينئذٍ يتدخل الإمام، وإذا خشي من تضييقهم أيضاً على الناس، وعلى طرقهم فلا شك أن الإمام ينظم الناس في مثل هذه الأمور، فلا بد من إذنه من هذه الحيثية، وإلا فالأصل أن الحديث ما فيه قيد، فيبقى الحديث على إطلاقه، ما لم يحصل بالناس ضرر من هذا الإطلاق، فإذا حصل للناس ضرر جاء التقييد، وننظر هذا بتقبيل الحجر مثلاً، جاء الحث عليه، لكن إذا حصل زحام وقتل ودماء وضرر على ضعفاء الناس لا بد أن يتدخل الإمام ويضع من ينظم الناس، فهو من هذه الحيثية له وجه، وإلا فالأصل أن الحديث مطلق ما في لا إذن إمام ولا غيره، فلا يتجه إذن الإمام إلا حيث يحصل الضرر بهذا الإطلاق، وهذه وظيفة الإمام يعني، كف الأذى عن الناس وشر بعضهم على بعض لا بد منه، ومسألة تقبيل الحجر ظاهرة، يعني يوجد عسكري ينظم الناس لو يقول قائل: والله الشرع حثنا ليش يجي ها العسكري؟ يمنع فلان ويقدم فلان ويؤخر فلان؟ نقول: الآن هذه المصلحة تقتضيه، ولولا وجود هذا العسكري كان حصل ضرر عظيم، القوي يظلم الضعيف، فمن هذه الحيثية يتجه قول الحنفية، لا يقال إن هذا تحكم أو تدخل في أحكام الشرع، لا هو من أحكام الشرع؛ لأنه لا ضرر ولا ضرار، ولا بد من دفع الضرر، ولا يمكن يحسم دفع الضرر إلا الإمام، يعني آحاد الناس ما يملكون، يعني لو يجلس شخص ينظم الناس مثلاً، كان واحد يجي يدفعه، وثاني يمين، وواحد يسار ويش دخلك؟ فلا يملك مثل هذا إلا الإمام، هو الذي ينظم الناس.(137/7)
ومعلوم أنه في مثل هذه الظروف كانت الأراضي شبه لا شيء عند الناس، البيوت كانت تؤجر بريال، يأخذه مائة سنة كل سنة ريال، يعني ما تهمهم الناس هذه الأمور، لكن الآن، لو يقال: ((من أحيا أرضاً ميتة فهي له)) يروح وراء خمسين كيلو عن الرياض المتر بكم؟ ليس برخيص، حتى خمسين كيلو ليس برخيص، ما هو مثل أول، كان قبل خمسين أو أربعين سنة يقال: يا الله اطلع النسيم وخط بسيارتك ما شئت، يقول: ويش أبى بالنسيم؟ اطلع الربوة أو الروضة أو روح يمين ما .. ، ويش يبي به؟ يعني ما يتعدون البطحة الناس.
طالب: العلية كانت. . . . . . . . .
نعم، شيء قبل يمكن ثلاثين سنة عرض خمسين صك بخمسين ألف فما قبلت، يعني الأرض بألف، أراضي شاسعة، فما قبلت، لكن الآن لو يفتح المجال للناس من دون تنظيم، ومن دون تدخل الإمام شوف المقاتل ويش تصير؟ فمن باب السياسة الشرعية، وصيانة الناس من الضرر لا شك أن تدخل الإمام لا بد منه، وليس معنى هذا أن الإمام يتحكم ويعطي فلان، ويترك فلان، لا ما هو بهذا المقصود، المقصود أن الإمام ينظم الناس، ويعطي الناس على قدر حاجاتهم، وهذه وظيفة الإمام، أما كون بعض الناس يعترض على رأي الحنفية ويقول: الشرع يطلق ونحن نقيد؟ لا، ليس من هذا، يبقى الإطلاق حينما لا يتضرر الناس بهذا، وعرفنا أن الناس إلى وقت قريب مثل هذه الأمور لا تهمهم، يعني ممكن الإنسان يتنازل عن أرضه لأخيه، ويش المانع؟ لكن الآن من يتنازل لأبيه أو لابنه؟ لأن الدنيا صارت هدف عند الناس، من يتصور أن بدلاً من أن يكون مساحة الرياض كيلو، كيلو واحد مربع بحيث اللي يجلس بجوار الجامع يشوف الدراويز اللي هي البوابات، كل الأربع يشوفهن أو الخمس، لكن الآن وين؟ عن الجامع يمكن تروح ستين سبعين كيلو ما تقدر تلقى لك شبر، فمثل هذا ما يقال بالإطلاق، وإن كان هو الأصل، فإدخال ولي الأمر في مثل هذا للتنظيم، ومنع وصول الضرر إلى بعض الناس من بعض، فيتجه رأي الحنفية في مثل هذه الأوقات.(137/8)
((من أحيا أرضاً ميتة فهي له)) ويكون الإحياء بالزراعة، بالعمارة، بسور، وما أشبه ذلك، أما إذا وضع عليها كثيب من الرمل من الجهات، ردميات هذا ليس بإحياء، قد يقال بأن هذا اختصاص مثلاً، يضرب له مدة إن أحياها وإلا نزعت منه، لكنه لا يملك بهذا.
((وليس لعرق ظالم حق)) الظالم ليس له حق إذا اعتدى على حق أحد وأحياه لا يملكه، الظالم لا يملك، فلو أن شخصاً اعتدى على شخص على أرض شخص سواءً كان بعلمه، أو يعني بقصد أو بغير قصد، فليس له حق في الملك، يعني شخص له أرض في جهة من الجهات، وتوقع أن أرضه هذه فبنى بها، بنى عليها شيد عليها مبنى، ثم لما طبقت الصكوك، وجدت أن هذه ليست أرضه، أرضه الثانية، هذا ليس له حق، فإن كان مخطئاً إن كان قاصد هذا ما فيه إشكال تهدم البناية وليس له أي حق، وإن كان مخطئاً فالصلح، وإلا فالأصل أن الأرض لصاحبها، لو أصر صاحبها هل نقول حينئذٍ: لا ضرر ولا ضرار؟ لو أصر قال: أنا لا أريد عمارة على هذه الأرض، أنا أريد أن أزرع هذه الأرض، لا بد أن يشيل عمارته، هل نقول حينئذٍ: لا ضرر ولا ضرار تصلحون؟ أخذ أرضه ويزيدك يرضيك؟ لا شك أن هذا هو المطلب الأول، لكن إن أصر فأرضه له، وإن زرع هذه الأرض فإنه حينئذٍ يرفع ما وضعه في هذه الأرض وليس له منها شيء.
"قال مالك: والعرق الظالم كل ما احتفر، أو أخذ، أو غرس بغير حق" ولا يملك بالظلم ولا شبر، وقد جاء الوعيد الشديد فيمن اغتصب أو اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طوقه يوم القيامة من سبع أرضين -نسأل الله السلامة والعافية-، يكون طوقاً يلازمه في عنقه من سبع أرضين، فكيف يحمل الإنسان نفسه ما لا تطيق؟! -نسأل الله السلامة والعافية-، لكنه الطمع الذي لا علاج له إلا بمراجعة النفس والقناعة، الله المستعان.(137/9)
تجد بعض الناس -نسأل الله السلامة والعافية- يملك الأراضي الواسعة، يعني الشرع ينظر إلى جميع الأطراف، يعني هذا الظالم ليس له حق، وأيضاً صاحب الأرض إذا أراد أحد أن ينتفع بأرضه من غير ضرر عليه، ولا تفويت لمصلحة من مصالحه، فإن مثل هذا يرد فيه ما جاء في أول الأمر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر الأنصار أن يعيروا أراضيهم لإخوانهم من المهاجرين ليزرعونها بغير مقابل، وهنا إذا كانت هناك أرض مناسبة، بعض الناس يتحرج من أن يخرج في نزهة يسمونها كشتة، يكفت في أرض مملوكة؟ يقول: هذه الدار مغصوبة ما أستطيع أن أصلي فيها؛ لأنه تصرف فيها من غير إذن صاحبها، نعم أنت مأمور بالورع والاحتياط، لكن أيضاً أخوك مأمور بأن يوسع على الناس إذا كان لا يضره، وبعض الناس هذا يتورع، وهذا يظلم أكثر من حقه، فيضرب من يجده في هذه الأرض، فلا هذا ولا هذا، الشرع متوازن، ينظر إلى مصلحة هذا لا تفوت، وينظر أيضاً إلى المسكين المحتاج إلى أنه لا يظلم أيضاً، يعني من وجد في أرضه شخص جالس هو وأسرته يتنزهون ما عليك ضرر يا أخي، فأنت مأمور بالرفق به، وهو أيضاً مأمور بالتحري والاحتياط لأملاك الناس، نعم؟
طالب: لا يفسد.
نعم لا يفسد، ولا يطرد أيضاً أو يضرب، فالشرع فيه التوازن، ويخاطب كل شخص بما يناسبه؛ لأنه وجد من يتعدى ويظلم في مثل هذه الأمور، يجد شخص جالس مع أسرته في رحلة أو نزهة أو شيء ثم يضربه ضرباً مبرحاً لا مبرر له، هو لا يتضرر بذلك، لا شك أن هذا ظالم.
"وحدثني مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قال: "من أحيا أرضاً ميتة فهي له" وهذا كسابقه إذا كانت موات لا ملك لأحد عليها، ولا يحتاج إليها في المصالح العامة فإنه يملكها.
"قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا" يعني عند مالك وعند الشافعية وعند الحنابلة أنه يملكها من غير إذن أحد لا إمام ولا غيره، والحنفية يشترطون إذن الإمام، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: القضاء في المياه
وحدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في سيل مهزور ومذينب: ((يمسك حتى الكعبين))
يمسَك.(137/10)
أحسن الله إليك.
((يمسك حتى الكعبين، ثم يرسل الأعلى على الأسفل)).
وحدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ)).
وحدثني مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يمنع نقع بئر)).
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في المياه
جاء في الحديث: ((الناس شركاء في ثلاثة: في الماء والكلأ والنار)) شركاء في الماء، والمقصود به الماء الذي لم يحزه صاحبه إلى رحله، أو ينفق عليه الأموال، فإذا أنفق عليه الأموال في جلبه أو استنباطه ملكه، لكن الماء الذي لم يتعب عليه هذا الناس فيه شركاء، ولا يجوز أن يمنع بحال، وكذلك العشب، والكلأ الرطب واليابس، ومثله النار لا تملك، من أراد أن يقدح منها أو يوري منها ناراً فله ذلك، أو يستصبح بها لا مانع من ذلك، ما لم يتضرر صاحبها، وقل مثل هذا في جميع ما يمكن أن ينتفع به من غير أن يتضرر صاحبه، فعليه أن يبذله، فالأنوار التي على أسوار البيوت مثلاً لو واحد معه خطاب أو ورقة أو فائدة يريد أن يقرأها فوقف عند تحت سور فأخذ يطالع هذه الورقة، فليس لصاحب البيت أن يمنعه من الاستصباح بهذا المصباح، مثل النار، ليس له ذلك؛ لأنه لا يتضرر بهذا، لكن لو كان المصباح فوق الباب والباب عرضة لأن يفتح، ثم قال: أنا جالس أمام الباب أقرأ هذه الورقة نعم يمنعه، له أن يمنعه؛ لأنه يتضرر بهذا، متى فتح الباب اطلع على عوراتهم، فالمقصود أن مثل هذه الأمور التي لا يتضرر أصحابها بها عليهم أن يبذلوها، ولذا جاء ذم من يمنع الماعون، ومثل الماعون الحبل والدلو، وما أشبه ذلك التي يستفيد منه الناس، وهو لا يتضرر بذلك.
منهم من يقول: إذا ملك الأرض ملك الكلأ، ومنهم من يقول: إن الكلأ على إطلاقه، ما لم يتعب عليه، ويحوزه إلى رحله، وإذا تعب عليه ملكه.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في المياه(137/11)
"حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في سيل مهزور ومذينب" هما واديان يسيلان إذا نزل المطر، قرب المدينة: ((يمسك حتى الكعبين، ثم يرسل الأعلى إلى الأسفل)) معلوم أن الماء يأتي من أعلى إلى أسفل، ولا عكس، فإذا نزل من السماء إلى الأرض ذهب ينساب من الجهة العالية إلى الجهة النازلة، وفي طريقه يمر بمزارع، ويكون الأولى به الأول، ويمسكه حينئذٍ إلى الكعب إلى الجدر، ثم بعد ذلك يرسله إلى من بعده، ولا يقال: يترك على طريقته يمشي من دون إمساك لأنه؛ لأن الأعلى يتضرر، إذا كان مجرد مرور يتضرر، بل لا بد أن يمسكه إلى الكعب، لكي يروى الشجر، ثم بعد ذلك يرسله.
وفي هذا قضية أو قصة الزبير مع الأنصاري في قصة شراج الحرة، والتي اتهم النبي -عليه الصلاة والسلام- بأنه قضى لابن عمته، وحاشاه من ذلك -عليه الصلاة والسلام-، ونزل في ذلك قول الله -جل وعلا-: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [(65) سورة النساء] لا بد من هذا، فالأنصاري قال كلمته المقيتة: إن كان ابن عمتك؛ لأن الزبير ابن صفية عمة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- قضى بقضاء أشبه ما يكون بالصلح فيه مصلحة للأنصاري، ثم بعد ذلك قضى بالحكم الشرعي البات، ((أمسك يا زبير إلى أن يصل الماء إلى الجدر)) يعني مقارب للكعبين في هذا الحديث، ثم يرسله إلى من بعده، فلا يمسكه حتى يتضرر من بعده، ولا يتركه ينساب بحيث لا يبقى منه شيء فيتضرر الأعلى، يمسك حتى الكعبين، ثم يرسل الأعلى إلى الأسفل، يتركه ينزل إلى الأسفل، إذا أخذ كفايته بالحد الشرعي.
وهذا الحديث كما هو معروف فيه .. ، هو بلاغ فيه انقطاع، أو فيه إبهام، وهو موصول عند أبي داود وابن ماجه، على كل حال الحديث له شواهد، وهو صحيح.(137/12)
قال: "وحدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يمنع فضل الماء)) " ((لا يمنعُ)) (لا) هذه نافية، ولو كانت ناهية لجزمت، لا يمنعْ، وهذه النافية المراد منها النهي، وأهل العلم يقولون: إن النفي أبلغ من النهي؛ لأنه على هذا يكون الأصل أن المسلم لا يَمنع، ما يحتاج إلى نهي؛ لأن هذا الأصل في المسلم أنه لا يمنع، لكن إن منع نهي عن ذلك.
قال: ((لا يمنع فضل الماء)) يعني القدر الزائد عن الحاجة ((ليمنع به الكلأ)) فضل الماء الزائد عن حاجة الأعلى إلى ما دونه، الناس يبعلون في البراري لهم بعل أو بعول، فلا يمنع فضل الماء الزائد عن حاجته لبعله، مثل ما جاء في الزراعة؛ ليتضرر، يمنع به الكلأ الذي يليه، تأخذ حاجتك وترسله إلى من بعدك، وتتركه ينساب في الصحاري ليخرج الكلأ.
والقصد من هذه الأمور أن الناس يتعاملون بالانتفاع، كل واحد ينتفع بالآخر، وكل واحد يسدي إلى الآخر، ما ينفعه من غير مشاحة ولا مشاحنة، وتسري روح الأخوة بين المسلمين، لكن إن حصل ما حصل من المشاحة والمشاحنة فلا بد من القضاء؛ ليحسم هذه المشاحنات، ويكون بالحد الشرعي، وهو إلى الجدر أو الكعبين، وبعد ذلك يرسل.
"وحدثني مالك عن أبي الرجال" محمد بن عبد الرحمن، أبو الرجال هذه كنية، محمد بن عبد الرحمن؛ لأنه له كم ولد؟ نعم عشرة، كلهم بلغوا مبلغ الرجال، وصار يشار إليهم بالبنان "عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يمنع نقع بئر)) " يعني بحيث لا يتضرر صاحبه، أو بئر ليست مملوكة لأحد، فإن هذا لا يجوز أن يمنعه أحد، وإن كانت مملوكة لشخص فإن ما فضل عن حاجته ينبغي أن يجود به على غيره، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: القضاء في المرفق
حدثني يحيى عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا ضرر ولا ضرار)).(137/13)
وحدثني مالك عن ابن شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يمنع أحدكم جاره خشبة يغرزها في جداره)) ثم يقول أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه-: "ما لي أراكم عنها معرضين، والله لأرمين بها بين أكتافكم".
وحدثني مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن الضحاك بن خليفة ساق خليجاً له من العريض، فأراد أن يمر به في أرض محمد بن مسلمة فأبى محمد فقال له الضحاك: لم تمنعني وهو لك منفعة تشرب به أولاً وآخراً، ولا يضرك؟ فأبى محمد، فكلم فيه الضحاك عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-، فدعا عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- محمد بن مسلمة -رضي الله تعالى عنه-، فأمره أن يخلي سبيله، فقال محمد: لا، فقال عمر: لم تمنع أخاك ما ينفعه وهو لك نافع تسقي به أولاً وآخراً، وهو لا يضرك؟ فقال محمد: لا والله، فقال عمر: والله ليمرن به ولو على بطنك، فأمره عمر أن يمر به، ففعل الضحاك.
وحدثني مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه قال: كان في حائط جده ربيع لعبد الرحمن بن عوف، فأراد عبد الرحمن بن عوف -رضي الله تعالى عنه- أن يحوله إلى ناحية من الحائط، هي أقرب إلى أرضه، فمنعه صاحب الحائط، فكلم عبد الرحمن بن عوف -رضي الله تعالى عنه- عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- في ذلك فقضى لعبد الرحمن بن عوف بتحويله.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في المرفق
كمجلس، أو المرفَق كمنبر، ضبط بالوجهين، وهو كل ما استفيد منه، وارتفق به، وحصل به الرفق لعامة الناس، والارتفاق هو الانتفاع.(137/14)
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا ضرر ولا ضرار)) " هذا الحديث له طرق كثيرة، وإن كانت مفرداتها لا تسلم من كلام، إلا أنه بمجموع طرقه يثبت، وهو قاعدة من قواعد الشريعة ((لا ضرر ولا ضرار)) يعني لا تضر ابتداءً ولا معاقبة، فلا تضر غيرك ابتداءً بأن توصل إليه الضرر، ولا تزيد في الاقتصاص منه إذا ضرك، لا في البداية ولا في النهاية، الضرر ممنوع، فالضرر هو الابتداء بما يضر، والضرار هو معاقبة من أوصل إليك الضرر بأكثر من ضرره الذي وصلك، وجاء النهي عن الضرر {لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ} [(233) سورة البقرة] {وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ} [(282) سورة البقرة] المقصود أن المضارة لا تجوز من الطرفين، واللفظ في القرآن يحتمل أن الإنسان لا يضارر ولا يضارر؛ لأن الحرف المضعف يحتمل {لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ} لو فكينا الحرف المضاعف المشدد لاحتمل أن تكون: لا تضارر والدة بولدها، فتضر أباه، أو تضر الولد، تضره بولده، أو لا تضارر هذه الأم بولدها فيضرها أبوه، حيث تتضرر، المقصود أنه خطاب للطرفين فلا ضرر ولا ضرار.
ومناسبة هذا للأقضية والمرافق لا شك أنها ظاهرة، فالأقضية كلها مبنية على هذا، على انتفاء الضرر، ورفع الضرر عن المسلمين، وما شرع إقامة الحاكم بدءاً من الإمام الأعظم إلى آخر من ينيبه إلا من أجل رفع الضرر عن المسلمين، وكذلك المرافق العامة يحصل فيها مضارة، يحصل فيها منافسة، مع ذلك بعض الناس إذا جاء إلى مكان مما يرتفق به أخذ منه أكثر من قدر حاجته، حبس منه أكثر من قدر حاجته، وضيق على الناس، ويكون الأمر أشد إذا كان مما يتعبد به، يعني مواطن عبادة، مثل مسجد مثلاً، أو المشاعر، تجد الإنسان يأخذ أكثر من حاجته، والناس يتضايقون، لا شك أنه ضرر هذا، هذا ضرر، لا بد من رفعه؛ لأنه يتضرر به الناس.(137/15)
قال: "وحدثني مالك عن ابن شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يمنع)) " لا ناهية أو لا يمنعُ فتكون نافية والمرد منه النهي؟ ((أحدكم جاره خشبة يغرزها في جداره)) لا شك أن كل جار محتاج إلى جاره؛ لأن الإنسان لا يستطيع أن يستقل بنفسه ((لا يمنع أحدكم جاره خشبة يغرزها في جداره)) لأن الجدار الذي يسقف بواسطته البيوت، يوضع عليه خشبة لصاحبه، وخشبة لجاره، ولا يلزم أن يبنى جدار هذا وجدار لهذا، لكن يبقى أنه يحصل الاتفاق، والبيان على أن هذا الجدار لفلان؛ لئلا يحصل نزاع فيما بعد، الورثة إذا انتهى انقرض هذا الجيل، وجاء الجيل الذي يليهم، أولاد الجار يقولون: الجدار لنا، فلا بد أن يكون الكلام مبيناً، وأن الجدار لفلان؛ لئلا يحصل نزاع ولا شقاق، لكن ليس لمن بنى الجدار أن يمنع جاره من أن يضع عليه الخشب، يغرزها في جداره.
وقل مثل هذا في الوتد، احتاج الناس وتد، معروف الوتد وإلا ما هو معروف؟ نعم خشبة تغرز في جدار يعلق عليها ما يحتاج إلى تعليقه، يغرزها في جداره، وبعض الناس يكون عنده شيء من الدقة والحرص على أمواله وعلى حقوقه بحيث لو استأجر منه شخص بيت وإلا شقة ثم بعد ذلك خرج منه يأتي يناقشه ليش هذا المسمار هنا؟ وليش كذا كذا؟ هذا ما هو بأشد من الخشب من غرز الخشبة في الجدار، أنت محتاج لأن تعلق حاجاتك في هذا الجدار، لكن في أيضاً بالمقابل على المستأجر ألا يضر بصاحب المحل، فيحتاج المحل إلى ترميم بقدر الأجرة، أو قريب منها، ((لا ضرر ولا ضرار)) أنت مطالب بالانتفاع، أنت لك أن تنتفع من هذا المحل المستأجر، ولا يجوز لك أن تضر بصاحبه.
((يغرزها في جداره)) ثم يقول أبو هريرة: "ما لي أراكم عنها معرضين" أي: عن هذه السنة التي حدثتكم بها عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "والله لأرمين بها بين أكتافكم" لأرمين بها يعني السنة، أو بالخشبة على ما قال أهل العلم، المقصود أن هذه السنة ملزمة لأصحاب الجوار، كل واحد يترك صاحبه ينتفع بجداره، وينتفع بما لا يضره.(137/16)
قال: "وحدثني مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن الضحاك بن خليفة ساق خليجاً له من العريض، فأراد أن يمر به" العريض معروف جهة من جهات المدينة معروفة الآن، فأراد أن يمر به في أرض محمد بن مسلمة، خليج نهر صغير، ومثله أو قريب منه الربيع الذي سيأتي في الخبر الذي يليه "فأراد أن يمر به في أرض محمد بن مسلمة" لا يمكن أن يصل إلى مزرعته إلا بواسطة أرض محمد بن مسلمة "فأبى محمد، فقال له الضحاك: لم تمنعني، وهو لك منفعة، تشرب به أولاً وآخراً" الآن إذا مر هذا الخليج في أرضه انتفع، والتكاليف على الضحاك، ما عليك نقص، أنت تنتفع من دون ضرر عليك "تشرب به أولاً وآخراً، ولا يضرك، فأبى محمد، فكلم فيه الضحاك عمر بن الخطاب، فدعا عمر بن الخطاب محمد بن مسلمة، فأمره أن يخلي سبيله، فقال محمد: لا" إن كانت الأرض أرضي فلا أترك، يعني بعض الناس يريد أن يستقصي كل ما يمكن أن يستقصيه من حقه "فقال محمد: لا، فقال عمر: لم تمنع أخاك ما ينفعه، وهو لك نافع؟ " يعني أنت ما تتضرر "تسقي به أولاً وآخراً، وهو لا يضرك فقال محمد: لا والله" النفع اللي يجيني من وراءه لا أريده، لا والله لا يمر، ما أنا بحاجته؛ لأن بعض الناس يتصور أن أخاه ينتفع وهو لا ينتفع إذاً ويش الفائدة؟ الناس، صحيح صحابة وأجلاء وكذا لكنهم بشر، يعتريهم ما يعتري البشر، ومثل هذا الأمر نادر فيهم، لكنه مع ذلك يوجد؛ لأنهم بشر "فقال محمد: لا والله، فقال عمر: والله ليمرن به ولو على بطنك" أطر على الحق "فأمره عمر أن يمر به ففعل الضحاك" هذا قضاء من عمر -رضي الله تعالى عنه-، وهذا في كل ما ينتفع به من جهة، بحيث لا يتضرر به الطرف الآخر بوجه من الوجوه.(137/17)
قال: "وحدثني مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه قال: كان في حائط جده ربيع" نهر صغير، "ربيع لعبد الرحمن بن عوف" يعني يمر وهو لعبد الرحمن بن عوف يمر بحائطه "فأراد عبد الرحمن بن عوف أن يحوله إلى ناحية من الحائط، وهي أقرب إلى أرضه، فمنعه صاحب الحائط" يعني لو تصورنا أن الربيع في هذه الجهة، وهذه أرض الجد، نعم وفي أرض ثانية هو يمر الآن من طول الأرض كلها، من أولها إلى آخرها، وفيه أرض في تلك الجهة لعبد الرحمن بن عوف، فأراد عبد الرحمن أن يحوله من أن يمر من هنا إلى جهة تكون أقرب إلى أرضه التي في هذه الجهة، فبدلاً من أن يمشي في أرضه مائتين ثلاثمائة متر يكفيه خمسين متر، يعني لو أن عبد الرحمن بن عوف مشاه على الأرض من طولها، من أولها إلى آخرها مائتين متر، ثم بعد ذلك جعله ينعطف إلى أرضه، لا شك أنه يتضرر بهذا، وكونه يمر بأرض الجد هذه يستفيدون منها، ويسقي أرضه الثانية من غير ضرر، نعم؟
طالب: تنقص قوة الماء.
مع طول المشي ما في شك أنه الدفع يضعف.
"فأراد عبد الرحمن بن عوف أن يحوله إلى ناحية من الحائط، وهي أقرب إلى أرضه، فمنعه صاحب الحائط، فكلم عبد الرحمن بن عوف عمر بن الخطاب في ذلك، فقضى لعبد الرحمن بن عوف بتحويله" لأنه ما دام يتضرر فلا ضرر ولا ضرار، وأخوه أيضاً ينتفع، وإن كان نفعه أقل من النفع السابق، والله أعلم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ونقف على هذا، وهذا آخر الدروس بالنسبة للموطأ في هذا الفصل.
اللهم صل على محمد ....(137/18)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب الأقضية (11)
باب: القضاء في قسم الأموال - وباب: القضاء في الضواري والحريسة - وباب: القضاء فيمن أصاب شيئاً من البهائم - وباب: القضاء فيما يعطى العمال.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
بسم الله الرحمن الرحيم
باب: القضاء في قسم الأموال
حدثني يحيى عن مالك عن ثور بن زيد الديلي أنه قال: بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أيما دار أو أرض قسمت في الجاهلية فهي على قسم الجاهلية، وأيما دار أو أرض أدركها الإسلام ولم تقسم فهي على قسم الإسلام)) قال يحيى: سمعت مالكاً يقول فيمن هلك وترك أموالاً في العالية والسافلة: إن البعل لا يقسم مع النضح إلا أن يرضى أهله بذلك، وإن البعل يقسم مع العين إذا كان يشبهها، وإن الأموال إذا كانت بأرض واحدة الذي بينهما أنه متقارب أنه يقام كل مال منها، ثم يقسم بينهم، والمساكن والدور بهذه المنزلة.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في قسم الأموال
يعني كيف تقسم الأموال في الشركات والمواريث وغيرها؟ قال -رحمه الله تعالى-: "حدثني يحيى عن مالك عن ثور بن زيد الديلي أنه قال: بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" ثور بن زيد الديلي بينه وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- مفاوز، فبينه من الرواة عكرمة وابن عباس، فالخبر على هذا معضل، وقد وصل من طريق إبراهيم بن طهمان، قال: مالك عن ثور عن عكرمة عن ابن عباس، وإبراهيم بن طعمان ثقة، وعلى كل حال فالخبر صحيح ويشهد له الواقع، حيث أجرى النبي -عليه الصلاة والسلام- العقود على ما كانت عليه، بعد الإسلام أجرى العقود على ما كانت عليه، فالأملاك بيد أربابها، ولم يسأل أحداً كيف وصل إليه هذا الملك، ولم ينظر في عقده، وكذلك عقود النكاح وغيرها، وملك الرقاب ما سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- من بيده رقيق كيف ملكته؟ إنما أجراه على ما كان عليه.(138/1)
قال: "بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أيما دار أو أرض)) " يعني دار معمورة أو أرض غير معمورة ((قسمت في الجاهلية فهي على قسم الجاهلية)) والواقع العملي يشهد بذلك، فلم يذكر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- سأل أحداً عن داره أو أرضه كيف ملكها؟ وكيف تمت قسمتها بينه وبين مشاركيه في الإرث؟ ما سأل أحد، مع أن الأحكام تختلف في الجاهلية عنها في الإسلام.
((وأيما دار أو أرض أدركها الإسلام ولم تقسم فهي على قسم الإسلام)) تقسم على قسم الإسلام، على شريعة الله، مات مورثهم قبل الإسلام، تركت تركته لم تقسم حتى جاء الإسلام فإنها حينئذٍ تقسم على قسمة الله -جل وعلا- في كتابه بين الورثة، للذكر مثل حظ الأنثيين، يعني لو قسمت قبل الإسلام، وحرمت الأنثى مثلاً، وخص بها الذكور، وحرمت الزوجة، وحرم البنات، يعني يترك على قسم الجاهلية؟ مقتضى الحديث، نعم، ولو قسمت الأموال في الجاهلية، وأعطي الذكر نصف نصيب الأنثى على عكس ما هو عليه في الإسلام، فإن القسم مقتضى الحديث يدل على أنه يجرى على ما كان عليه، والواقع يشهد بذلك، ما عرف أن النبي -عليه الصلاة والسلام- سأل أحداً كيف قسمت أمواله؟ أبداً، وكيف ملك هذه الدار؟ وكيف ملك هذا الرقيق؟ فهي على قسم الإسلام، مات المورث، وترك أموالاً ودوراً وأراضٍ وعين، ورقيق، ثم بعد ذلك جاء الإسلام قبل قسمتها، يعني تأخرت قسمتها لنزاع أو شقاق.
طالب:. . . . . . . . .
فإنها تقسم حينئذٍ إذا جاء الإسلام ولما تقسم فإنها تقسم على ضوء ما شرع الله -جل وعلا-.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: فيمن هلك وترك أموالاً بالعالية والسالفة، أن البعل لا يقسم مع النضح"
نعم؟
طالب: أحسن الله إليك: بالنسبة للإسلام الدار وإلا الرسالة؟
المقصود الرسالة بعد مجيء الإسلام، وتحاكموا إلينا إذا كانوا غير مسلمين، وإن كانوا مسلمين فيحكم فيهم بشرع الله.
طالب: لا يجرى عليهم ...(138/2)
ما المقصود بالجاهلية؟ المقصود بالجاهلية ما كان قبل الإسلام، الفترة التي كانت قبل الإسلام، وبعضهم يقول: إن هذا يخص الوثنيين غير المتدينين بدين، فإن الوثنيين تجرى أحكامهم على ضوء أعرافهم، ومن يتدينون بدين فإنهم يردون إلى أديانهم، لكن الحديث عام، يعني يهودي قسم أمواله بينه وبين مشاركيه في الإرث على غير شريعته، فإنه يرد إلى شريعته؛ لأنه يتدين بدين، لكن الحديث عام، يجرى على كيفما اتفقوا واصطلحوا كالجاهلية.
طالب:. . . . . . . . .
هذه المسألة يختلف فيها أهل العلم، فمنهم من يقول: إن المراد بالجاهلية وهو قول الأكثر ما كان قبل الإسلام، ومنهم من يقول: إن المراد بالجاهلية ما كان قبل الهجرة، ويروون في ذلك أن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال له أبوه وهو بمكة في الجاهلية: اسقني ماءاً أو شيئاً من هذا، المقصود أنه قال: في الجاهلية، وابن عباس صغير ما أدرك الجاهلية، إنما ولد في الشعب، فيستدلون بهذا على أن الحكم بعد الهجرة يختلف عن الحكم قبلها، وأكثر أهل العلم على أن المراد بالجاهلية ما كان قبل الإسلام.(138/3)
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول فيمن هلك وترك أموالاً بالعالية والسافلة" يعني جهتان بالمدينة، جهة عالية وجهة سالفة، والعوالي معروفة بالمدينة، والسافلة تقابل العالية "إن البعل لا يقسم مع النضح" البعل: ما يشرب الماء بعروقه، والنضح: ما يسقى بالنواضح، يسقى بكلفة ومؤونة، هذا لا يقسم مع هذا، لماذا؟ لأن الواجب في هذا غير الواجب في هذا، بالبعل يجب العشر، وبالنضح يجب نصف العشر، فإذا قسمنا هذا مع هذا ظلمنا صاحب هذا، وزدنا صاحب هذا، إلا أن يرضى أهله بذلك، فإذا رضوا فإن الأمر حينئذٍ لا يعدوهم، إذا رضوا فإن الأمر حينئذٍ لا يعدوهم، وإن البعل يقسم مع العين، البعل يقسم مع العين، يعني يقسم مع الدراهم والدنانير، إذا كانت العلة في عدم قسم البعل مع النضح اختلاف الواجب في البعل والنضح، فإن الاختلاف ظاهر؛ بل أظهر منه، أظهر في العين منه في النضح؛ لأنه يجب بالنضح نصف العشر، وبالعين ربع العشر، بالعين يجب ربع العشر، اللهم إلا إذا كان من العشور أو غيرها، نعم، على كل حال هذا كلامه، والتفريق ظاهر في عدم ضم ما كان بعلاً مع النضح ظاهر، لكن ظهوره وقسمته مع العين هذا محل إشكال، إذا قلنا: إن السبب في ذلك هو ما ذكر، اختلاف الواجب فيهما، فإذا ضممنا البعل مع العين لا شك أن هذا يتضرر؛ لأن صاحب البعل في الأصل يجب عليه العشر، وصاحب العين يجب عليه ربع العشر، أقل مما يجب بالنضح، إذا كان يشبهها، وجه الشبه؟ ما وجه الشبه؟ إمكان وجه الشبه؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب: إذا كان عروض ...
قلنا: إن البعل يختلف اختلافاً كبيراً مع العين في العلة التي ذكرناها.
طالب: إذا كانت ....
لا لا، انتهينا من النضح، النضح انتهى الكلام فيه، الآن الكلام في البعل مع العين، مع الأموال، يعني ضم البعل مع العين، متى يتم التشابه بينهما؟ وجه التفريق هنا بين النضح والبعل إذا كان السبب في عدم الضم الزكاة فظهوره في العين أكثر، إذا كان هذا هو السبب، وإن كان النظر في ذلك بعد إخراج الزكاة يختلف النضح مع البعل، ويختلف النضح مع العين، ويشترك البعل مع العين، متى؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب: إذا وجده في الكنز.
في الركاز الخمس، صار أشد.(138/4)
طالب:. . . . . . . . .
شوف، الآن إذا نظرنا إلى الزكاة وجدناها متفاوتة بين الأمور الثلاثة، فلا يضم بعضها إلى بعض، وإذا نظرنا إليها بعد إخراج الزكاة، أو أنها لا ينظر إلى الزكاة أصلاً؛ لأنها أموال تقسم، فما كان بعلاً فهو مال خالص، مال خالص كالعين جاهز، ما فيه تبعات، بينما ما كان نضحاً فيه الزرع وفيه النضح، فهل يدخل النضح في الإضافة إذا أردنا أن نضمها إلى العين، أو تستثنى النواضح؟ باعتبار أنه مال غير مصفى، يعني البعل مال في حكم المصفى، ما له توابع، وقد تكون النواضح مستأجرة، نعم، قد تكون النواضح مستأجرة، نعم إذا كان ملك لصاحبها، نعم، ممكن أن يقوم الجميع، الزرع مع الأرض مع النواضح، مع جميع ما يحويه المكان، فيضاف إلى العين، وتقسم، أما إذا كان النواضح مستأجرة والمال لا يستغني عنها فكيف يتم إضافتها أو اقترانها بالعين؟ من هذه الحيثية يتبين الفرق، واضح وإلا ما هو بواضح؟ البعل مال خالص ما فيه شوائب، لكن النضح ما يسقى بالنضح، النواضح الإبل التي يستقى عليها، احتمال أن تكون هذه النواضح ليست ملكاً لصاحب الأرض، مستأجرة، والمال يحتاج إليها، فإذا قوم المال بمفرده دون هذه النواضح ما استقام؛ لأنه بحاجة إلى هذه النواضح، وإذا قومت النواضح معه ليست ملكاً لصاحبها، لصاحب الأرض، وهنا يتبين الفرق، الآن عندك التركة فيها سيارات، منها ما دفعت قيمتها وصارت ملكاً لصاحبها، ومنها ما بقي فيه أقساط، عشر سيارات دفعت قيمتها وحولت ملكيتها إلى صاحبها، وعشر أخذها بالأقساط، وسدد البعض، وبقي شيء يسير، هل نقول: تضم هذه السيارات إلى بعض؟ من أجل أن تقسم بين الورثة؟ ما يمكن تقسم، حتى تحرر من الأقساط؛ لأن فيها تبعات، فما فيه تبعة ما يمكن أن يضم إلى الخالص من أجل القسمة.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، ما دام فيها شوائب فيكون على .. ، أنت تبي تقسم سيارات، هذه يمكن قسمتها.
طالب:. . . . . . . . .(138/5)
هذا على التراضي، إذا رضوا بذلك ما فيه إشكال، لكن كيف تعطي زيد سيارة فيها أقساط، وتعطي عمرو سيارة محررة، وتعطي كذا ما تجئ، افترض أن عند الميت قطعتين من الأرض متساويتين من كل وجه، وخلف ولدين لكل واحد قطعة أرض إذا كانتا محررتين، لكن واحدة مرهونة بدين، والثانية محررة تعطي هذا المرهونة، وتعطي هذا المحررة؟ تضم واحدة إلى الأخرى وتقسم بينهما؟ ما تنضم هذه إلى هذه، فالذي فيه إشكال ما يمكن يضم إلى ما لا إشكال فيه؛ لأنه يتضرر الشريك الذي يؤول إليه ما فيه إشكال.
"إذا كان يشبهها، وأن الأموال إذا كانت بأرض واحدة الذي بينهما متقارب أن يقام كل مال منها ثم يقسم بينهم" يعني متشابهة، إذا كانت أموال بأرض واحدة، الذي بينهما متقارب، فإنه يقام كل مال منها، ثم يقسم بينهم "والمساكن والدور بهذه المنزلة" خلف بيت بالرياض، ونفس المخطط مطبق بالخرج، لزوجة أخرى كان بالخرج، ونفس المخطط مطبق بمكة هل نقول للأولاد الثلاثة: يلزمك أن تأخذ .. ، كل واحد يأخذ واحد؟ نلزمهم بذلك؟ والذي في الرياض مفترض أن يكون ضعف قيمة ما بالخرج، والذي مكة يفترض أن يكون ضعف ما كان بالرياض، وهذا ظلم للورثة، لماذا؟ لأنها لا تتشابه، والأموال إذا كانت بأرض واحدة، الذي بينهما متقارب، لكن لو كان في مخطط واحد، ببلك واحد، ثلاث فلل متقاربة، والمسألة ما تفرق كثير، بخلاف ما إذا كانت الدور متباعدة.
"فالذي بينهما متقارب أنه يقام كل مال منها، ثم يقسم بينهم، والمساكن والدور بهذه المنزلة"(138/6)
على كل حال الرضا أمر لا بد منه، وإذا كان لا يتم إلا بالقرعة يقرع بينهم، إذا كان الفرق يسير، إذا كان الفرق يمكن احتماله، أما إذا كان الفارق كبير فإنه حينئذٍ لا يمكن احتماله، افترض أن الدور الثلاث الذي نظرنا بها، أو مثلنا بها بالرياض وبالخرج وبمكة الآن الثالث قال: أنا ما بي اللي بالخرج، أنا أبي اللي بمكة، قال الأول: لا، أنا أبي اللي بالرياض وهكذا، تشاكلوا، كيف يُعمل؟ تقوم هذه الدور كل دار بما يناسبها، ثم بعد ذلك تحسب على الورثة بهذا، شخص قال: أنا أريد واحدة من هذه الدور التي بالرياض مثلاً، قال الثاني: لا أنا أريدها، أنا باسكن بالرياض، ما لي علاقة بمكة أو العكس، ثم لم يرض كل واحد بالتقويم، تباع هذه الدور وتقسم عليهم، على أساس أنها أموال، إذا لم يمكن قسمتها، حرج عليها شهر شهرين ثلاثة ما سيمت، العقار كاسد، ثم بعد ذلك رضوا بالقسمة الأمر لا يعدوهم.
على كل حال مثل هذه الأمور يضم المتشابهات، وتقوم المختلفات، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: القضاء في الضواري والحريسة
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن حرام بن سعد بن محيصة أن ناقة للبراء بن عازب -رضي الله تعالى عنه- دخلت حائط رجل، فأفسدت فيه، فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار، وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها.
وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن رقيقاً لحاطب سرقوا ناقة لرجل من مزينة، فانتحروها، فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-، فأمر عمر كثير بن الصلت أن يقطع أيديهم، ثم قال عمر: أراك تجيعهم، ثم قال عمر: والله لأغرمنكم غرماً يشق عليك، ثم قال للمزني: كم ثمن ناقتك؟ فقال المزني: قد كنت والله أمنعها من أربعمائة درهم، فقال عمر: أعطه ثمانمائة درهم.
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: وليس على هذا العمل عندنا في تضعيف القيمة، ولكن مضى أمر الناس عندنا على أنه إنما يغرم الرجل قيمة البعير أو الدابة يوم يأخذها.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في الضواري والحريسة(138/7)
الضواري: هي البهائم التي تعدو على أموال الناس فتفسدها، الضواري هي التي تعدو على أموال الناس فتفسدها، وقد تصول على الأموال، وقد تصول على الأنفس، هذه ضواري، عوادي، والحريسة فعيلة، بمعنى مفعولة، التي هي تحرس، إما أن يحرسها صاحبها، أو تمتنع بالجبل، يعني تحرس نفسها بالجبل، فتسمى حريسة الجبل على ما سيأتي، في المصباح يقول: حريسة الجبل الشاة يدركها الليل قبل رجوعها إلى مأواها فتسرق من الجبل.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن حرام بن سعد بن محيصة أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائط رجل فأفسدت فيه، فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار، وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها" الخبر مرسل، جهة الإرسال أن التابعي يحكي قصة لم يشهدها، أن ناقة للبراء بن عازب، لكن لو قال: عن البراء بن عازب أن ... اتصل خلاص انتهى الإشكال، يعني مثلما ذكرناه مثالاً للتفريق بين (أن) و (عن) فلو أن الراوي -ابن شهاب- قال: عن شهاب بن سعد بن محيصة عن البراء بن عازب أن ناقة له، قلنا: الخبر متصل، ما دام قال: إن ناقة للبراء بن عازب فعلت كذا في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو لم يدركه يكون الخبر مرسلاً، يعني منقطع، يقول ابن عبد البر: والحديث من مراسل الثقات، وتلقاه أهل الحجاز بالقبول، وجرى عليه عمل أهل المدينة، على كل حال هو موصول عند غير الإمام مالك، موصول عند غيره.(138/8)
الحكم إذا دخلت الدابة إلى مزرعة فأفسدت، أو دخلت بيتاً مفتوحاً بابه فأفسدت، يقول: "دخلت حائط رجل فأفسدت فيه، فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار" لأن الغالب أن الدواب تترك لترعى بالنهار "وأن ما أفسدت المواشي بالليل" لأن على أهلها حفظها "وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها" يعني مضمون يضمنه أهلها، الحكم ظاهر، والمسألة في الزروع والأموال تهون عند إتلاف الأرواح في الطرق، شخص يمشي السرعة المعتادة، ثم قطع الطريق عليه جمل بالنهار، هل نقول: إن صاحب الجمل لا يضمن؟ وقل مثل هذا بالليل، يعني هذه نوازل، وكثيرة ليست بالقليلة كثيرة، يعني حوادث قليلة، هل نفرق على ضوء ما جاء في هذا الحديث أن على أهل الأموال حفظها بالنهار، وعليه أن يحتاط لهذه السيارات بالنهار؟ لا سيما وأن ضوء النهار يسعفه في رؤيتها، فإذا افترضنا أن شخصاً يسير السرعة المعتادة، ثم قطع الطريق عليه جمل، فمات، مات صاحب السيارة، ومات الجمل أيضاً، الضمان على من؟
طالب:. . . . . . . . .
نهار الآن.
طالب: على صاحب السيارة.
إذا طبقنا الحديث قلنا: على صاحب السيارة يضمن الجمل.
طالب: الطرقات ليست مرعى.
هو إذا تركها للرعي، ولا يؤاخذ على تركها، هي بعد ذلك تتصرف، تروح للمرعى وغيره، لو قلنا: إنها لا تروح إلا للمرعى قلنا: يضمنها؛ لأنه عليه حراستها أن لا تخرج عن المرعى، والمزارع إذا أفسدتها بالنهار التي فيها النص ليست من المرعى، وقضايا كثيرة من هذا النوع، الحادث إما أن يكون بالليل أو بالنهار، إذا أردنا أن نطبق الحديث قلنا: ما على صاحب الجمل شيء.
طالب:. . . . . . . . .
لا بد من السرعة المحددة.
طالب: خرج عليه الجمل وصاحب الجمل هو الضامن.
الآن المسألة تنظر شخص السرعة المحددة سبعون كيلاً في الساعة، يعني خط مزدوج محددين السرعة سبعين، وهذا يمشي مائة وخمسين فاعترض له جمل بالليل من الذي يضمن؟(138/9)
طالب: نقول .... صاحب الجمل هو الذي يضمن، لكن لما فرط صاحب السيارة، وتعدى هو في السرعة الزائدة. . . . . . . . . لأن صاحب السيارة هو الذي تعدى على الجمل بالسرعة الزائدة، إذن صاحب السيارة هو الضامن لأنه هو الذي تعدى بالسرعة الزائدة .... لأن الأصل أنه يسير بالسبعين، وخرج عليه الجمل فمن الذي يضمن؟
معروف على صاحب الجمل حفظه، يضمن، عندنا أيضاً حديث له أثر كبير في هذه المسائل: ((العجماء جبار)) يعني جرحها هدر.
العجماء جبار، يعني جرحها جبار، يعني ما تتلفه جبار؛ لأنها غير مكلفة، يعني هدر ما يضمن ما تتلفه، والحديث في الصحيحين.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما لأحد كلام، هذه الطرق إذا اعتمدت من قبل ولي الأمر، وصارت مرفقاً عاماً للناس كلهم، ما لأحد كلام، تأتي بمراعيهم ولا من .. ؟ لا لا، لا ينظر إلى كلامهم.
يعني الأصل في المسألة الأخيرة أنها على صاحب الجمل؛ لأن عليه حفظه، وهذا الذي ضاعف السرعة مباشر للقتل أو متسبب؟ هو بالنسبة لقتل الجمل مباشر، وبالنسبة لقتل نفسه متسبب، ومعروف أن المباشرة تقضي على أثر التسبب، لكن متى؟ إذا كان المباشر مكلف، يعني لو أن كبيراً مكلفاً أعطى صبياً مسدساً وقال: اقتل فلان وقتله، المباشر غير مكلف، ولا يمكن أن يقتل ويقاد به، من الذي يقاد به؟ المتسبب، يعود الأمر على المتسبب، يعني هذه القضايا ينتابها ما ينتابها من المؤثرات على الطرفين، فالأصل أن على أهل المواشي أن يحفظوها بالليل، وعلى أهل الأموال أن يحفظونها بالنهار؛ لأن الأصل بالمواشي أن ترسل لترعى في النهار، ولو كلف أهلها حفظها بالنهار لتضرروا بذلك، كيف ترعى وهي محفوظة؟ والحديث يقول: "فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار" نعم يستطيعون حفظها، وكل شيء حفظه بما يناسبه، كالحرز "وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها" يعني أن أهلها يضمنون، نعم؟
طالب: حادث الجمل لو كان في النهار؟
المسألة الأخيرة؟
طالب: أنتم ذكرتم الليل فلو كان في النهار؟
المسألة الأخيرة اللي يمشي مائة وخمسين؟
طالب: سواء مائة وخمسين أو مائة وعشرين، النهار ...
المسألة الأولى؟
طالب: نعم.(138/10)
شخص يمشي في طريقه بالسرعة المعتادة على ما قرر لمثل هذا الخط، فاعترضه جمل بالنهار.
أولاً: من المقرر المعروف أن الدم لا يذهب هدراً، دم المسلم لا يذهب هدراً، وفي قصة القسامة لما وجد عبد الرحمن بن سهل مقتول، في قصة القسامة المعروفة، وقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: يحلفون، يعني اليهود، قال: ((تحلفون خمسين يميناً، وتستحقون دم صاحبكم؟ )) قالوا: لا، كيف نحلف ونحن ما شهدنا ولا حضرنا، ما نحلف، قال: ((يحلف يهود خمسون يمنياً ويبرؤون)) قالوا: ما نقبل أيمان يهود، فدفع النبي -عليه الصلاة والسلام- ديته من بيت المال، في مثل هذه الصورة وحوادث السيارات فيها إشكالات كبيرة، قد يكون الخطأ ليس بمحض على جهة من الجهات، قد يقسم، هذا مخطئ من جهة، وذاك مخطئ من جهة، هذا مثل القصة التي ذكرناها، هذا أخطأ في السرعة، محدد له سبعين مشى مائة وخمسين، وهذا عليه حفظ الماشية بالليل وما حفظها، فماذا عن الدية والكفارة؟ على من؟
طالب: وهل تجزئ وإلا ما تجزئ؟
هاه؟
طالب: الكفارة ....
معروف، نقول: في مثل هذه المسائل لا شك أن الاجتهاد في كل مسألة بما يحتف بها، يبقى أن الأصل أن على أهل الأموال الحفظ بالنهار.
طالب: هل النص يخص ....
الأموال، الأموال ...
طالب:. . . . . . . . . ثم خبط البعير أو ضرب البعير في .... يعني أضمن؟
بالليل أو بالنهار؟
طالب:. بالنهار.
بالنهار هدر، هدر، على ضوء الحديث هدر.
طالب: لكن أنا أقصد التنصيص على أهل الحوائط ...
أهل الحوائط قضية هي الأصل في المسألة، يعني هي سبب الحديث، وما عداها افترض أنك صاحب حانوت، دكان دخل بعير وضف كل اللي عندك من المسكرات وغيرها، أو أكل فواكه، وخرب الباقي.
طالب: يضمن صاحب الـ ...
لا، يا أخي يحفظ دكانه بالنهار، يحفظ دكانه، بالنهار، وبالليل يضمن صاحب البهيمة، يعني الحديث ما فيه إشكال، لكن الإشكال يأتي مما يحتف ببعض القضايا، من تفريط صاحب الإبل، أو تفريط الثاني، أو تفريط الطرفين.
طالب: .... الحراسة.
لا بد، ما دام عليه حفظ يقام عليه، قام عليه حائط.
طالب: النهار يفلحون الناس يا شيخ، الناس يفلحون بالنهار.
كل واحد منكم مكلف بحراسة حقله.
طالب:. . . . . . . . .(138/11)
لا وبعدين هو موجود يشتغل بالنهار.
طالب:. . . . . . . . .
"فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" أنت لو خليت إشكالك في السيارة كان له وجه، أنت رجعت إلى المزارع، وفيها النص "فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أهل الحوائط حفظها بالنهار" حائط واحد، شقص من حائط، عشرات الحوائط عليها حفظها.
طالب: أنا أفهم من كلمة الحائط. . . . . . . . .
لا ما تبي حائط، النخيل ما يؤثر به الجمل، إذا صارت عيادين طويلة ما يؤثر بها الجمل، لا يحرسها، لا، لا هذا النص محكم ما فيه إشكال، له حكمة ظاهرة، حكمة ظاهرة، الأصل أن الدواب تهمل بالنهار؛ لكي ترعى، وبالليل .... وتحرس يا أخي.
طالب: وعادة الناس ما زالت تطلق بهائمها بالنهار.
معروف، معروف، حتى كانت إلى عهد قريب في الحواري تمشي.
طالب:. . . . . . . . .
احفظ، احفظ حقلك.
طالب:. . . . . . . . .
احفظ حقك، بالنهار عليك الحفظ، وبالليل على صاحب الماشية الحفظ.
"وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها" أما بالنسبة للقضايا التي فيها إشكال، وما زالت تدرس بالمحاكم، مثل الذي أنا ذكرت، فلن يذكر الحكم يعني؛ لأن هذا من اختصاصهم.
طالب: حادث النهار.
حادث النهار شخص يمشي مائة وعشرين السرعة المقررة فاعترضه جمل، وجد فتحة بالشبك ودخل واعترضه، هل نقول: ((العجماء جبار))؟ وعلى الإنسان في النهار يحرص ... ، في الغالب أن الذي يمشي السرعة المحددة ولو اصطدم بما اصطدم به .. ، النهار السائق يرى ما أمامه، هذه من جهة، فإذا رأى ما يؤثر عليه، أو يضره هدأ السرعة، خفف السرعة، إذا كان السرعة المحددة، لكن الإشكال إذا حدد له مائة وعشرين صار مائة وثمانين، ما يمديه، على كل حال بيروح، ولا يمكن أن يتلافى في مثل هذا، وأكثر الحوادث من هذا النوع.
طالب: .... في حديث العجماء ...
إيه إذا لم يكن على صاحبها حفظها، يعني ما أتلفته بالنهار جبار، هو إذا عرف أن فلاناً من الناس اعتدى وفتح هذه الفتحة، وغلب على ظنه أن الإبل ... ، لا شك أنه يضمن، يضمن بما ترتب على هذه الفتحة.(138/12)
قال: "وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن رقيقاً لحاطب سرقوا" رقيق جمع "أن رقيقاً لحاطب سرقوا ناقة لرجل من مزينة فانتحروها" يعني نحروها وأكلوها "فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب، فأمر عمر كثير بن الصلت أن يقطع أيديهم" لأنهم سرقوا، والأصل أنهم سرقوا من حرز، مع اكتمال الشروط، أمر عمر كثير بن الصلت أن يقطع أيديهم، هذا الحكم الأصلي "ثم قال عمر: أراك تجيعهم" قاله لحاطب، وحاطب معروف أنه بدري "أراك تجيعهم" فسكت ...
طالب:. . . . . . . . .
بدري من أهل بدر، إيه.
طالب: ترك القطع.
ترك القطع "ثم قال عمر: والله لأغرمنك غرماً يشق عليك" عمر -رضي الله عنه- في عام المجاعة، عام الرمادة كما يقولون، ما قطع في السرقة؛ لأن المجاعة تدرأ الحد، الحاجة الشديدة تدرأ الحد، يعني شخص يكاد أن يهلك، وظفر بمال لزيد من الناس، أو بطعام له يأكل، مع نية الضمان.
على كل حال أراد عمر أن .. ، بل أمر أن تقطع أيديهم، ثم بعد ذلك قال عمر: "أراك تجيعهم" فكان الجواب من حاطب الإقرار، أنه يجيعهم؛ لأن العام عام مجاعة، والمجاعة تدرأ الحد "ثم قال عمر: والله لأغرمنك غرماً يشق عليك" الآن عندنا المباشر الرقيق، والمتسبب سيده، المباشر معذور، ينتقل الحكم إلى المتسبب؛ لأن المباشر معذور بالجوع، لكن المتسبب الذي أجاعه ينتقل إليه الحكم "ثم قال عمر: والله لأغرمنك غرماً يشق عليك، ثم قال للمزني: كم ثمن ناقتك؟ فقال: المزني: قد كنت والله أمنعها من أربعمائة مائة درهم" يعني قيمتها تسام أربعمائة درهم، ولا يبيعها بأربعمائة "فقال عمر -يعني لحاطب-: أعطه ثمانمائة درهم" ضعف القيمة، يعني إذا درء الحد لسبب من الأسباب، فإن الحق لا يضيع، والتغريم بالضعف اجتهاد من عمر -رضي الله عنه-؛ لأنه يردع مثل هذا؛ لأن هذا الذي تسبب في هذه السرقة، ودرء الحد لا شك أن له مدخل في القضية.
طالب: نفذ الحد؟
لا ما نفذ وقف "فقال عمر: أراك تجيعهم" ...
طالب:. . . . . . . . .(138/13)
وقف، أرسل في أثره، أثر كثير بن الصلت قال: لا تقطع أيديهم؛ لأن غلب على ظنه أنهم يجوعون، فقال: أراك تجيعهم، فوافق، سكت، ما قال: لا ما أجيعهم، لو كان ما يجيعهم، لو كانوا شبعانيين، وسرقتهم للبعير الحكم الشرعي ما يعطل لا لفلان ولا لعلان، المقصود أن عمر -رضي الله عنه- ضاعف عليه القيمة، نعم، أعطه ثمانمائة درهم، هذه عقوبة، بل عقوبة بالمال، والعقوبة بالمال مما يختلف فيه أهل العلم، منهم من يرى أنه لا تجوز العقوبة بالمال، وعندهم النصوص التي تمنع أن يؤخذ من مال فلان، أو يستولى على مال فلان بغير طيب نفس منه و ((لا يحل مال امرئ إلا بطيبة نفس منه)) هؤلاء يمنعون العقوبة بالمال، ومنهم من يقول: العقوبة بالمال من باب التعزير جائزة، والذي يمتنع من دفع الزكاة ((فإن آخذوها وشطر ماله)) عمر -رضي الله عنه- ضاعف القيمة، فقال: أعطه ثمانمائة درهم.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: وليس على هذا العمل عندنا".
طالب:. . . . . . . . .
لا ما. . . . . . . . . هذه حقوق الناس هذه، هذا حد، هذا تعزير رآه عمر مجتهداً في ذلك، رآه ولو كان بدرياً.
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . يسرقون.
طالب: لا.
غرامة المثل؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن لو كانت أربعمائة ما رضي المزني، ومع ذلك الردع لا بد منه، مثل هذا للزجر.
يقول: "سمعت مالكاً يقول: وليس على هذا العمل عندنا في تضعيف القيمة" العمل عندهم يعني في المدينة، وإذا كان أهل المدينة لا يعملون بسنة عمر فمن يعمل بها؟ وهو الحاكم على المدينة؟ كيف يخالف أهل المدينة سنة عمر؟ "وليس على هذا العمل عندنا في تضعيف القيمة" يعني عنده في اجتهاده؛ لأن ممن لا يرى التعزير بالمال "ولكن مضى الناس أمر الناس عندنا على أنه إنما يغرم الرجل قيمة البعير أو الدابة يوم يأخذها" يعني أربعمائة فقط من غير زيادة، والزيادة لا تجوز إلا بطيب نفس من صاحبها، كما هو قول جمع من أهل العلم، والمسألة خلافية، وإذا كان المال يردع؛ لأن بعض الناس لا يردعه إلا الأخذ من ماله، فإذا كان يرتدع بالأخذ من ماله فجاء ما يدل على ذلك.
طالب:. . . . . . . . .(138/14)
إنما يدرأ الحد، يدرأه الإمام، يدرأه للشبهة، إنما يدرأ للشبهة، أما إذا لم يوجد شبهة، وبلغت الحدود الإمام، كما جاء في الخبر: ((فإن عفا فلا عفا الله عنه)) أما إذا وجدت شبهة يمكن أن يدرأ بها الحد كما فعل عمر يدرأ، وجاء الأمر بذلك، نعم؟
طالب: أحسن الله إليك: الأظهر في التعزيز بالمال؟
والله إذا كان لا يجدي في هذا الشخص إلا أن يؤخذ من ماله ولا يردعه إلا ذلك؛ لأن بعض الناس مستعد لألف جلدة، ولا يؤخذ منه ألف ريال، مثل هذا يعزر بالمال.
طالب: التعويضات المالية يا شيخ؟
إيش فيها؟
طالب:. . . . . . . . .
العكس يعني؟
طالب: لا مثلاً يطالب بحقه فترة طويلة من الزمن، فيطالب في هذه الفترة مراجعة المحاكم وكذا.
لأنه متضرر؟
طالب: متضرر.
لا شك أن الضرر يزال.
طالب:. . . . . . . . .
هذا أصل مسألة السرقة، إذا أقيم الحد -حد السرقة- هل يضمن المسروق وإلا ما يضمن؟ هل يكتفى بالسرقة أو يرد المسروق؟ قد يقول صاحب السرقة: أنا لا تقطعوني. . . . . . . . . فالقطع لله، والحق للمخلوق، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: القضاء فيمن أصاب شيئاً من البهائم
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا فيمن أصاب شيئاً من البهائم أن على الذي أصابها قدر ما نقص من ثمنها.
قال يحيى: وسمعت مالكاً يقول في الجمل يصول على الرجل فيخافه على نفسه فيقتله أو يعقره: فإنه أن كانت له بينة على أنه أراده وصال عليه فلا غرم عليه، وإن لم تقم له بينة إلا مقالته فهو ضامن للجمل.
نعم، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء فيمن أصاب شيئاً من البهائم
وفي حكمها بقية الأموال.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا" يعني في اجتهاده الموافق لعمل أهل المدينة "فيمن أصاب شيئاً من البهائم أن على الذي على أصابها قدر ما نقص من ثمنها" يعني يمشي بسيارته مثلاً، وأمامه جمل، أو شاة، أو بقرة، أو ما أشبه ذلك، ضربها بمقدمة السيارة، أو بمؤخرتها، فانكسرت رجلها مثلاً، حينئذٍ يدفع قدر ما أصابها من نقص، يعني تقوم سليمة، ثم تقوم معيبة، ثم يدفع الأرش.(138/15)
"قال يحيى: وسمعت مالكاً يقول في الجمل يصول على الرجل فيخاف على نفسه فيقتله أو يعقره: فإنه إن كانت له بينة على أنه أراده وصال عليه فلا غرم عليه، وإن لم تقم له بينة إلا مقالته فهو ضامن للجمل" إذا قامت البينة على أنه أراده فإنه حينئذٍ هدر، وإن لم تقم البينة فهو يضمن، إذا دافع عن نفسه، والأصل أن الصائل إنما يدفع بالأسهل، إذا لم يندفع بالأسهل، ولو أدى ذلك إلى قلته فإنه يقتله، ولو كان آدمياً، يعني الدفاع عن النفس لا شك أنه مطلوب ((ومن قتل دون نفسه فهو شهيد)) وإن قتل فالمقتول هدر، إذا قامت البينة بذلك، لا بد من قيام البينة؛ لأن بعض الناس قد يكون بينه وبين زيد خصومة أو مشاحنة أو منافسة على أمر من أمور الدنيا، ثم يدعوه إلى وليمة، فإذا أدخله في بيته ادعى أنه دخل بغير إذنه يريده، أو يريد زوجته فقتله.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
يقبل قوله أو لا بد من البينة؟ لا بد من البينة، لوجود مثل هذا الاحتمال، وإلا فالأصل أنه دخل بيته يعني هناك قرائن يمكن أن يعمل بها، شخص -هذه قضية حادثة- معه مفتاح لبيت شخص، وهو ليس من أهل البلد صديقه إذا جاء إلى بلده فتح الشقة وارتاح فيها؛ لأن صاحب الشقة أعزب، جاء على العادة وفتح الشقة، ودخل فإذا مسدس لصاحب الشقة عبث به فقتل نفسه، هذه دعوى صاحب الشقة، لكن هل تقبل الدعوى بأنه جاء وعبث بالمسدس وقتل نفسه، أو الاحتمال الثاني أنه هو الذي قتله وادعى هذه الدعوى؟ لا بد من قيام البينة، وإلا الدعاوى ((لو أعطي الناس بدعواهم لادعى أناس أموال آخرين ودماءهم)) فلا بد من قيام البينات التي يقوم بها الحق.
"فيخافه على نفسه فيقتله أو يعقره" يعني دون القتل، يضرب رجله بشيء إلى أن يأمن من شره، وهذا في الجمل، وفي الآدمي الصائل، لا شك أنه يبدأ بالأسهل، المصول عليه معه مسدس، هل يبدأ بقتله في رأسه أو في قلبه، أو يبدأ بالرجل مثلاً، نعم يبدأ بالرجل، أو باليد التي هي الوسيلة لهذا الصائل، المقصود أنه يدفع بالأسهل، فإن لم يجد إلا الأشد، وقامت البينة بذلك فهو هدر، وإن لم تكن له بينة إلا المقالة، مقالته ودعواه فإنه حينئذٍ يضمن، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: القضاء فيما يعطى العمال(138/16)
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول فيمن دفع إلى الغسال ثوباً يصبغه، فصبغه، فقال صاحب الثوب: لم آمرك بهذا الصبغ، وقال الغسال: بل أنت أمرتني بذلك، فإن الغسال مصدق في ذلك، والخياط مثل ذلك، والصائغ مثل ذلك، ويحلفون على ذلك، إلا أن يأتوا بأمر لا يستعملون في مثله، فلا يجوز قولهم في ذلك؛ وليحلف صاحب الثوب فإن ردها وأبى أن يحلف حلف الصباغ.
قال: وسمعت مالكاً يقول في الصباغ يدفع إليه الثوب فيخطئ به، فيدفعه إلى رجل آخر حتى يلبسه الذي أعطاه إياه: إنه لا غرم على الذي لبسه، ويغرم الغسال لصاحب الثوب، وذلك إذا لبس الثوب الذي دُفع إليه على غير معرفة بأنه ليس له، فإن لبسه وهو يعرف أنه ليس ثوبه فهو ضامن له.
يقول -رحمه الله-:
باب: القضاء فيما يعطى العمال
من غسال أو صانع أو غير ذلك من أهل المهن والحرف، أعطيت نجار أخشاب، وقلت: اصنع لي دالوب، فلما جئت فإذا به قد صنع ماسة وكرسي، ما الحكم؟ أعطيت الخياط قطعة قماش، قلت: اعملها لي ثوب، فعملها كوت أو العكس، أعطيته يصبغ لك الثوب بلون مناسب أسود، وإلا بني وإلا كحلي، فإذا به قد صبغه صبغ لا يناسبك، فمن تقبل دعواه؟ يقول: هو أمرني بهذا اللون، أعطاه ثوب رجل فصبغه بما يناسب النساء مثلاً، من تقبل دعواه؟ هناك قرائن قد يرجح بها قول المدعي، وهناك قرائن قد يرجح بها قول العامل والمحترف.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول فيمن دفع إلى الغسال ثوباً يصبغه، فصبغه، فقال صاحب الثوب: لم آمرك بهذا الصبغ" اصبغ لون بني، فصبغه له بنفسجي مثلاً، يقول: أنا ما ألبس هذا، أو ثوب لا يلائم الرجال، قال: لا أنت أمرتني، والثوب يختلف، أو أعطى المجلد كتاب وقال: جلده لي باللون الأسود فجلده بني، المسألة أخف من الثوب، وكلما قرب من اللون المطلوب كان الأمر أخف.
"قال الغسال: بل أنت أمرتني بذلك" طيب البينة؟ "فإن الغسال مصدق في ذلك" والخياط مثله، لماذا رجح قول الغسال على قول صاحب الثوب؟
طالب:. . . . . . . . .(138/17)
لأن صاحب الثوب مدعي، والغسال مدعى عليه، ولذا لو جاء بالصباغ مدعى عليه، وصاحب الثوب مدعي، فلو جاء ببينة معه اثنين من زملائه، وقالوا: لا، قال: أنا أريد بني فصبغه أزرق أو أسود أو ما أشبه ذلك، إذا جاء ببينة يقبل قوله ببينة، وعلى كل حال كل من يقبل قوله بغير بينة، لا بد مع ذلك من يمينه.
"فإن الغسال مصدق في ذلك، والخياط مثل ذلك" جاء بقطعة القماش فقال: فصلها لي ثوب، فلما جاء فصلها له ثلاثة سراويل بدل الثوب، أو كوت، أو جوارب، أو ما أشبه ذلك، يصدق الخياط؛ لأن صاحب القماش مدعي، وهذا مدعى عليه إلا إذا كان هناك بينة؛ لأن بعض الناس حتى مع كونه مدعي بعض الناس يصدق ما في نفسه، هو ذاهب على أساس أنه يخيطها ثوب، فسبق لسانه مثلاً فقال: كوت أو شيء من هذا، أو سراويل أو ما .. ، أو عدل عن فكرته الأولى لما رآه يجيد خياطة الأكوات دون الثياب، فقال: فصلها كوت، ثم بعد ذلك ادعى أنه طلب منه يفصلها .. ، على كل حال في مثل هذا يصدق المدعى عليه إذا لم يكن مع المدعي بينة، مع يمين المدعى عليه.
"والصائغ مثل ذلك" الصائغ أعطيته المادة الخام من الذهب أو الفضة، فقلت: اصنعها أسورة، فصنعها خلاخيل أو العكس، فإنه يصدق، لكن إذا كان المطلوب أشد كلفة من المنفذ، والأجرة واحدة، قال له: اصنع هذه المادة أسورة، فصنعها ما هو أشد عليه، خلاليل أو العكس، هل يختلف هذا عن هذا؟ هل نقول: إن الصانع صنعها أسورة لأنها أسهل؟ أسهل عليه؟ فيكون هذا في جانب المدعي بخلاف ما إذا كان المطلوب أخف من المنفذ، فإنه لا مصلحة بوجه من الوجوه للصانع، فيكون ذلك مرجح في جانب الصانع.
طالب: ... زيادة أجرة يا شيخ؟
لا لا، هو ما طلب زيادة أجرة، ما طلب زيادة أجرة، هم متفقين على مبلغ من المال، ما طلب زيادة.
طالب:. . . . . . . . .(138/18)
لا، لا، هم متفقين على الأجرة، ما هو الخلاف على الأجرة، هم متفقين على أن الأجرة خمسين ريال وخرجت بهذه الكيفية، شوف المجلد أنت أعطيته الكتاب، وأعطيته اللون والقيمة، ثم تفنن فيه، تفنن في التجليد، ودخل عليه من المحسنات التي يطلبها جميع الناس، ثم بعد ذلك قال: أنا والله ما أمرتك، وهذه لا أقبلها أنا؛ لأن بعض الأذواق تختلف عن بعض، بعض الناس يبي سادة، ما فيه ولا خطوط مثل هذه الذهبية، يبي سادة، وجاء وتفنن وتذوق فيه، وجعل أحزمة، ويمين وألوان وتكت وأركان، قال: أنا ما أقبل هكذا بهذه الطريقة، وهذا أشق عليه يعني، أشق على المجلد، يلزم بهذا أو نقول: أعد التجليد من جديد؟ لا سيما إذا لم يدع أن هذا طلبه، لكن لو ادعى أن هذا طلبه القول قوله على ما في كلام الإمام.
"والخياط مثل ذلك، والصائغ مثل ذلك، ويحلفون على ذلك" يعني كل من قبل قوله بغير بينة فإن ما يكون مع يمينه إلا أن يأتوا بأمر لا يستعملون في مثله، جاب قطعة قماش ما تصلح لئن تكون ثوباً، إنما تصلح لئن تكون سراويل، أو تصلح كوت، ولا تصلح في عرف الناس كلهم أن تكون ثوب، أو العكس، فإذا خاطه على غير ما يصلح له ضمنه.
طالب: في إشكالية مثلاً يصمم إعلان أو يرسم لوحة ....
هذا إذا كان على الخيار، قال: صمم وانظر فيما يصلح لي، وما لا يصلح، هذا ما فيه إشكال.
طالب: يقول: أنا تعبت عليها ....
ولو تعبت إلا إذا اتفقتم على شيء النماذج كذا.
طالب: ما فيه نموذج ....
لا هذا يقول: أبا أصمم لك، أصمم لك خمسة نماذج، كل أنموذج بعشرين بالمائة من القيمة، فالذي يعجبك تأخذه بالقيمة كامل.
طالب: وإذا ما أعجبني ولا واحد منها؟
إذا ما أعجبك يصمم لك غيره، لكن إذا اتفقوا على شيء، ما يدفع شيء، إلا إذا اتفقوا على شيء للعينات.(138/19)
"ويحلفون على ذلك إلا أن يأتوا بأمر لا يستعملون في مثله، فلا يجوز قولهم" يعني لا يمضي قولهم، ولو مع يمينهم، يعني محل فيه خياط، فيه خياطة، وفيه غسالة، وفيه كوي، وفيه صبغ، وفيه أشياء، يعني أكثر من خدمة يقدم، ثم جاب الشماغ ووضعه على الطاولة وانصرف، ما قال للغسال: اغسله، ولا قال للخياط: أخطه، ولا قال للصباغ: اصبغه، جاب الشماغ وتركه، فلما جاء إذا هو مفصل الشماغ سروال، أخذه الخياط وفصله سروال، هذا يقبل؟ هذا لا يمكن أن يقبل بوجه من الوجوه، وإن كان المحل فيه غسال، وفيه خياط، وفيه صباغ، لا يقبل، لكن إنما يقبل قوله فيما يمكن أن يستعمل فيه.
"فلا يجوز قولهم" يعني ما يمضي قولهم "وليحلف صاحب الثوب" صاحب الثوب يقول: والله ما أعطيتك هذه القطعة تفصلها سراويل، ولا تصلح سراويل هذه، هذه قطعة خشنة، ما يمكن أن تلي الجلد، أنا أعطيتك القطعة هذه صوف تفصلها كوت، فصلها سروال، هذا صوف خشن ما يصلح لئن يكون سراويل، فمن يقبل قوله؟ يقبل قول المدعي؛ لأن الإمام -رحمه الله تعالى- يقول: "إلا أن يأتوا بأمر لا يستعملون في مثله، فلا يجوز قولهم في ذلك" يعني لا يمضي "وليحلف صاحب الثوب أنه ما أراد إلا ما ذكر، فإن ردها وأبى أن يحلف" رد اليمين على المدعى عليه، أبى أن يحلف المدعي، ثم رد اليمين على المدعى عليه "حلف الصباغ" وهذا على كل حال على قول من يرى رد اليمين، وقضاة عصر الإمام مالك كلهم يرون رد اليمين.
"قال: وسمعت مالكاً يقول في الصباغ يدفع إليه الثوب فيخطأ به فيدفعه إلى رجل آخر حتى يلبسه الذي أعطاه إياه: إنه لا غرم على الذي لبسه" أعطيته الثوب أعطاك فاتورة، جاء ثاني وأعطاه ثوب وأعطاه فاتورة، فأعطاه ثوبك، وأعطاك ثوبه، أخذ ثوبك لأنه أفضل ولبسه، نعم، فإن كان على معرفة ضمن، وإن كان على غير معرفة لم يضمن.(138/20)
قال: "حتى يلبسه الذي أعطاه إياه: إنه لا غرم على الذي لبسه، ويغرم الغسال لصاحب الثوب" أخذ الثوب ومشى، هذا الثوب الذي أخذه مفصل بخمسمائة ريال، والثوب الذي بقي، ثوب الذي أخذ الثوب الراجح، هذا الثوب المرجوح ما يستحق ولا مائة ريال، فإنه الغسال يضمن "ويغرم الغسال لصاحب الثوب، وذلك إذا لبس الذي دفع إليه على غير معرفة" لكن إذا قال: فرصة، الحمد لله جاب الله لنا هذا الثوب لا بسرقة ولا بغصب ولا .. ، الحمد لله، جابه الله بطوعه واختياره، لا، يضمن حينئذٍ.
"على غير معرفة بأنه ليس له، فإن لبسه وهو يعرف أنه ليس ثوبه فهو ضامن له".
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب: الغسال.
إذا دفعه؟
طالب:. . . . . . . . .
هو لا يخلو إما أن يكون الغسال عالماً أو جاهلاً، والآخذ لا يخلو إما أن يكون عالماً أو جاهلاً، فإن كان الآخذ للثوب عالم يغرم، وإن كان صاحب الثوب أو الغسال فهما شريكان، والذي لا يعلم منهما لا شيء عليه ....(138/21)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب الأقضية (12)
باب: القضاء في الحمالة والحول - وباب: القضاء فيمن ابتاع ثوباً وبه عيب - وباب: ما لا يجوز من النُحْل - وباب: ما لا يجوز من العطية.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
أحسن الله إليك
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في الحمالة والحول
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في الرجل يحيل الرجل على الرجل بدين له عليه: إنه إن أفلس الذي احتيل عليه أو مات فلم يدع وفاء فليس للمحتال على الذي أحاله شيء، وإنه لا يرجع على صاحبه الأول.
قال مالك -رحمه الله-: وهذا الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا.
قال مالك: فأما الرجل يتحمل له الرجل بدين له على رجل آخر، ثم يهلك المتحمل أو يفلس، فإن الذي تحمل له يرجع على غريمه الأول.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في الحمالة والحول
الحمالة: الضمان، والحميل: هو الضامن، والحول فهي الحوالة.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا" يعني في اجتهاده، وفي عملهم في المدينة "في الرجل يحيل الرجل على الرجل بدين له عليه" يحيل الرجل إذا كان المحال عليه ملياً، فمن أحيل على مليء فليحتل، يعني فليقبل الحوالة، يجب عليه أن يقبل، إذا كان ملياً، وهذا تقدم ذكره، فالحوالة إذا كان لزيد بذمة عمرو مالاً، فجاء زيد يتقاضى المال، فأحاله على بكر بهذا الدين، وبكر لا يخلو إما أن يكون غنياً ملياً أو غير ذلك، فإن كان ملياً لزمه قبول الحوالة، وكثير من أهل العلم تحقيقاً لهذا الأمر لا يشترط رضا المحال، بل عليه أن يقبل الحوالة رضي أم لم يرض؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((فليحتل)) يعني ليقبل الحوالة، شريطة أن يكون ملياً، أما إذا كان غير مليء، فإن ماله يكون عرضة للتلف، فلا يلزمه أن يقبل.(139/1)
"الأمر عندنا في الرجل يحيل الرجل على الرجل بدين له عليه: إنه إن أفلس الذي أحيل عليه" لأنه بالحوالة برئت ذمة المحيل، والمحال عليه ذمته مشغولة، مشغولة بدين المحيل أولاً، ثم بدين المحال عليه ثانياً، فذمته مشغولة، وأما المحيل لا سيما إذا اشترطنا عدم رضا المحال، فإن ذمته قد برئت للخبر الذي فيه الأمر.
"إنه إن أفلس الذي أحيل عليه أو مات فلم يدع وفاء" يعني لم يترك في تركته ما يفي بهذا الدين "فليس للمحتال على الذي أحال أي شيء" لأن ذمته برئت، وانتقل الدين من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه "وأنه لا يرجع على صاحبه الأول" هذا إذا كان ملياً حقيقة وحكماً، أما إذا كان في ظاهر الأمر مليء، ثم تبين في النهاية أنه ليس بمليء؛ لأن بعض الناس يتظاهر بالثراء، ويوحي للناس أن عنده الأموال، وهو ليس كذلك، أو العكس، فإنه حينئذٍ لا يلزمه قبول الحوالة.
يقول: "وهذا الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا".
"قال مالك: فأما الرجل يتحمل -يعني يضمن- له الرجل بدين على رجل آخر" يضمن له، لزيد على عمرو مبلغ من المال، بذمة عمرو مبلغ من المال ألف ريال لزيد، فطالبه زيد، طالب عمرو بالمال، فقال: أنا الآن ما عندي شيء، لكن أحضر لك ضامن، غارم، كفيل، حميل، يغرم المال إذا عجزت ثم يقبله زيد، فبعد ذلك هو مخير بمطالبة أحدهما، وإن لم تبرأ ذمة المحتمل عنه، ما زال الدين في ذمته، وإنما الضامن الحميل إنما هو زيادة في التوثقة، فله أن يطالب هذا، أو يطالب هذا.
"ثم يهلك المتحمل" يعني الضامن الغارم يهلك "أو يفلس، فإن الذي تحمل له يرجع على غريمه الأول" وهذا مثلما ذكرنا أن ذمته لم تبرأ بخلاف من أحيل عليه، فإن ذمته قد برئت من الدين.
طالب:. . . . . . . . .
ما صار مليء.
طالب:. . . . . . . . .
ما صار مليء، المماطل ليس بمليء، المليء الغني المستعد للدفع.
أحسن الله إليك.
باب: القضاء فيمن ابتاع ثوباً وبه عيب(139/2)
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: إذا ابتاع الرجل ثوباً وبه عيب من حرق أو غيره قد علمه البائع، فشُهد عليه بذلك، وأقر به فأحدث فيه الذي ابتاعه حدثاً من تقطيع ينقص ثمن الثوب، ثم علم المبتاع بالعيب فهو رد على البائع، وليس على الذي ابتاعه غرم في تقطيعه إياه، قال: وإن ابتاع رجل ثوباً وبه عيب من حرق أو عوار، فزعم الذي باعه أنه لم يعلم بذلك، وقد قطع الثوب الذي ابتاعه، أو صبغه، فالمبتاع بالخيار إن شاء أن يوضع عنه قدر ما نقص الحرق، أو العوار من ثمن الثوب، ويمسك الثوب فعل، وإن شاء أن يغرم ما نقص التقطيع أو الصبغ من ثمن الثوب ويرده فعل، وهو في ذلك بالخيار، فإن كان المبتاع قد صبغ الثوب صبغاً يزيد في ثمنه، فالمبتاع بالخيار إن شاء أن يوضع عنه قدر ما نقص العيب من ثمن الثوب، وإن شاء أن يكون شريكاً للذي باعه الثوب فعل، وينظر كم ثمن الثوب وفيه الحرق أو العوار؟ فإن كان ثمنه عشرة دراهم، وثمن ما زاد فيه الصبغ خمسة دراهم، كان شريكين في الثوب لكل واحد منهما بقدر حصته، فعلى حساب هذا يكون ما زاد الصبغ في ثمن الثوب.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء فيمن ابتاع ثوباً وبه عيب
اشترى ثوباً فوجد به عيباً، أخذه ولم ينظر فيه النظر الكافي في المحل، فلما وصل إلى البيت وجد به عيب.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: إذا ابتاع الرجل ثوباً وبه عيب من حرق أو غيره" الحرق يتصور بكثرة، خاط الثوب، وجهزه للزبون، وغسله ثم كواه بعد ذلك، ليكون أفضل، ثم المكوى أحرق الثوب، وقال: هذا شيء يسير ما يؤثر، إن شاء الله ما عليه، فعرضه أعجب الزبون فأخذه، لما وصل إلى البيت وجد هذا الحرق.(139/3)
"إذا ابتاع الرجل" يعني اشترى "ثوباً به عيب من حرق أو غيره، قد علمه البائع" البائع عرف أن المكوى أثر في هذا الثوب، أحرق هذا الثوب، لكنه قال: إن شاء الله ما يؤثر هذا ولا عليه، وكتم هذا العيب بعد أن علمه "فشُهد عليه بذلك" يعني مصر على أن لا يخبر المبتاع، المشتري، أو ندم على ذلك فأخبره، ندم على كتمه هذا العيب فأقر به واعترف "فشُهد عليه بذلك، وأقر به، فأحدث فيه الذي ابتاعه حدثاً من تقطيع ينقص ثمن الثوب" جيء بالثوب، الثوب القطعة الكبيرة من القماش، فصار فيها تلف، فيها عيب، فيها خرق، والخرق كثيراً ما يأتي في الأقمشة من المسامير التي توضع في الصناديق، يخرج منها مسمار، فيحدث عيباً في الثوب، يحدث خرقاً في الثوب، وهذا كثير.
"فأحدث فيه الذي ابتاعه حدثاً" الثوب مطوي على هيئة طول، يسمونه طول أو طاقة، العيب في آخره، علمه البائع، فجعله في الآخر، من جهة العصا الذي يطوى عليه، الذي ابتاعه يريد أن يقطعه ثياب، يلبسها، يقطعها تدريجياً، ما يحلها بالكامل، فلا يطلع على العيب إلا بأن يقطع منها أكثر من قطعة، إلى أن يصل إلى الآخر، ولذلك قال: "ثم علم المبتاع بالعيب" ما علم إلا في النهاية " فهو رد على البائع، وليس على الذي ابتاعه غرم في تقطيعه إياه" عقوبة للبائع الذي علم بهذا البيع، فكتمه عن المشتري.(139/4)
قال: "وإن ابتاع" اشترى "رجل ثوباً وبه عيب من حرق أو عوار، فزعم الذي باعه أنه لم يعلم بذلك" ما شُهد عليه ببينة ولا اعترف "زعم أن الذي باعه أنه لم يعلم بذلك" يعني مع .. ، خلت المسألة عن البينة وعن الاعتراف بقي اليمين، يحلف يمنياً أنه ما علم بذلك "وقد قطع الثوب الذي ابتاعه أو صبغه أو أحدث فيه حدث" يعني من الأمثلة الظاهرة ومناسبة بالنسبة لكم، اشترى كتاب، والكتاب يحتاج إلى تجليد، ذهب به إلى المجلد، لما جلده وبدأ يقرأ فيه، وصل إلى نصفه، إذا به سقط ملزمة أو بياض، البائع يغلب على الظن أنه لا يدري، لكن أحياناً يدري، يصير اشتراه شخص آخر ورده عليه، ويدري، بعض الباعة -باعة الكتب- يعرف العيب، يأتي به الزبون الذي اشتراه، ويقول: هذا بياض يا أخي شوف، أو نقص ملزمة، يأخذه منه ويضعه في الدولاب مع الكتب الجديدة، ويبيعه على أساس أنه لا عيب فيه، هذا يحصل، وبعض الناس من ورعه يقول: لا، ما دام فيه عيب خلوه على جنب، وقد يأتي العامل فيأخذه ويرده إلى .. ، وحينئذٍ يتصور أنه لا يعلم، هذا أخذ الكتاب واشتراه وجلده، ثم تبين العيب، والبائع لا يدري.
يقول: "وإن ابتاع رجل ثوباً وبه عيب من حرق أو عوار، فزعم الذي باعه أنه لم يعلم بذلك، وقد قطع الثوب الذي ابتاعه، أو صبغه، فالمبتاع –المشتري- بالخيار، إن شاء أن يوضع عنه قدر ما نقص الحرق أو العوار من ثمن الثوب" اشتراه بمائة وبه حرق، تعادل العُشر، فحط عنه عشرة دراهم، أو ظهر العيب بالكتاب نقص ملزمة، الكتاب سليم يستحق مائة، لكنه معيب ما يستحق إلا خمسين.
"فالمبتاع بالخيار إن شاء أن يوضع عنه قدر ما نقص الحرق أو العوار من ثمن الثوب ويمسك الثوب فعل، وإن شاء أن يغرم ما نقص التقطيع أو الصبغ من ثمن الثوب" قطع والبائع لا يدري بالعيب؛ لأنه لو عرف العيب قبل ذلك في الصورة الماضية يرد عليه، لكن في هذه الصورة لا يدري، يشتركان في جهل هذا العيب، فالمشتري يتصرف، بما ينقص السلعة، وقد يتصرف بما يزيدها، على ما سيأتي، إذا تصرف بما ينقص السلعة، إما أن يمسك الثوب ويأخذ الأرش، أو يرد الثوب، ويدفع الأثر الذي تسبب عن تصرفه.(139/5)
"وإن شاء أن يغرم ما نقص التقطيع أو الصبغ من ثمن الثوب ويرده فعل، وهو في ذلك بالخيار" يعني الخيار لمن؟ للمشتري "فإن كان المبتاع قد صبغ الثوب صبغاً يزيد في ثمنه" مثلما قلنا في الكتاب جلده تجليداً يزيد في ثمنه "فالمبتاع بالخيار، إن شاء أن يوضع عنه قدر ما نقص العيب من ثمن الثوب" يعني أو الكتاب "وإن شاء أن يكون شريكاً للذي باعه الثوب فعل، وينظر كم ثمن الثوب وفيه الحرق أو العوار، فإن كان ثمنه عشرة دراهم، وثمن ما زاد فيه الصبغ خمسة دراهم كان شريكين في الثوب" لما جلد الكتاب بخمسين ريال مثلاً، وقد اشتراه بمائة، فلما ظهر العيب، قيل: كم يستحق الكتاب وبه هذا العيب؟ قيل: يستحق خمسين ريال، كان شريكاً له، النصف للبائع والنصف للمبتاع، وإن اتفق مع البائع وقال: احذف لي، أو اخصم لي من قيمة الكتاب قدر هذا العيب فالأمر لا يعودهما.
"فإن كان ثمنه عشرة دراهم، وثمن ما زاد في الصبغ خمسة دراهم كانا شريكين في الثوب" للبائع لصاحب الثوب الثلثان، وللثاني الذي صبغه وزاد من قيمته له الثلث، وقل مثل هذا في صورة الكتاب "لكل واحد منهما بقدر حصته" لهذا الثلث، والثاني له الباقي أو العكس "فعلى حساب هذا يكون ما زاد الصبغ في ثمن الثوب" وقلنا: إنه لو تكلف وظن أنه محسن، وفعل بالسلعة ما يزيدها عنده، ما يرغب هو، لكن ليس برغبة للناس، فماذا يقال؟ يقال: شريك؟ يعني التجليد مطلوب للكتاب، جلده فزاد ثلث القيمة، هذا مقبول، لكن جلده تجليد لا يريده الناس، تصرف فيه، أحدث فيه عيوب، ذهب إلى المجلد فقصه المجلد من الجهات الأربع، وجلده تجليداً فاخراً، نقول: هذا التجليد يقاوم العيب الذي أحدثه في الكتاب؟ لا يقاومه، بعض الناس ما يستحق شيء، ولا فلس، ما دام مقصوص، على كل حال هذه الأمور تقدر بقدرها، وكل قضية لها حكمها، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: ما لا يجوز من النُحْل
"حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن .... "
النحل: جمع نحلة، يجوز أيضاً المصدر نحْل، نحل ينحل نحلاً، نعم.
أحسن الله إليك.(139/6)
عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف وعن محمد بن النعمان بن بشير أنهما حدثاه عن النعمان بن بشير -رضي الله تعالى عنهما- أنه قال: إن أباه بشيراً أتى به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ )) فقال: لا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فارتجع)).
حدثني مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: إن أبا بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- كان نحلها جاد عشرين وسقاً من ماله بالغابة، فلما حضرته الوفاة، قال: والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إلي غنى بعدي منكِ، ولا أعز علي فقراً بعدي منك، وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقاً، فلو كنتِ جذذتيه واحتزتيه كان لكِ، وإنما هو اليوم مال وارث، وإنما هما أخواك وأختاك، فاقتسموه على كتاب الله، قالت عائشة -رضي الله تعالى عنها-: فقلت يا أبتِ: والله لو كان كذا وكذا لتركته، إنما هي أسماء فمن الأخرى؟ فقال أبو بكر: ذو بطن بنت خارجة، أراها جارية.
وحدثني مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قال: ما بال الرجال ينحلون أبناءهم نحلاً، ثم يمسكونها، فإن مات ابن أحدهم قال: مالي بيدي لم أعطه أحداً، وإن مات هو قال: هو لابني، قد كنت أعطيته إياه، من نحل نحلة فلم يحزها الذي نحلها حتى يكون إن مات لورثته فهي باطل.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما لا يجوز من النُحْل
النحل مصدر، نحل ينحل نحلا، ويجوز النحل جمع نحلة أي عطية بلا عوض، وفي هذا كتاب الملل والنحل، يعني جمع نحلة، فالنحلة جمعها نحل، والنحْل المصدر.(139/7)
قال -رحمه الله-: "حدثنا يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف وعن محمد بن النعمان بن بشير أنهما حدثاه عن النعمان بن بشير أنه قال: إن أباه بشيراً أتى به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" أن أباه بشيراً هذا هو الناحل والمعطي، والمعطى النعمان "أن أباه بشيراً أتى به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي" وفي بعض الروايات: أنه نحله حديقة، وكان ذلك بطلب أمه، أمه طلبت أن ينحله؛ لأنه كان صغيراً رضيعاً، وقالت: إنها لا تربيه حتى تنحله وتخصه بشيء، فنحله هذا الغلام أو تلك الحديقة، على ما جاء في بعض الروايات، أو أنه نحله الحديقة، ثم رجع فيها، ثم نحله الغلام فقالت له: أشهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لئلا ترجع كما رجعت في الحديقة، على كل حال الروايات تدل على شيء من هذا.
"إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ )) " يعني هل لك من ولد غيره؟ نعم له أولاد، ثم بعد ذلك: " ((أكل ولدك نحلته هذا؟ )) فقال: لا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فارتجعه)) " وفي رواية: ((لا تشهدني)) وفي رواية: ((أشهد على هذا غيري، فإني لا أشهد على جور)).
في الخبر -والحديث هو متفق عليه- دليل على وجوب التسوية بين الأولاد في العطية، وأن التفريق بينهم حرام، الميل إلى أحدهم دون بعض حرام، إذا كان لذواتهم، زيد له ثلاثة أبناء عمرو وبكر وخالد، قال: يعطى خالد مبلغ كذا، ولا يعطى زيد ولا عمرو ولا بكر، ما يعطون، هذا لا يجوز بحال، لكن لو قال: يعطى طالب العلم بالوصف لا بالشخص تشجيعاً على العلم، إذا نظرنا إلى الوصف تكون حينئذٍ العلة مرتفعة، ويكون في هذا أيضاً الحث على ما ينفع، ولذا جاء في الحديث: ((لا وصية لوارث)) الوارث لا يستحق وصية، لا يجوز أن يوصي لبعض ولده دون بعض، لكن إذا قال: مصرف الريع -ريع الوقف أو الوصية- لطلاب العلم، يدخل أولاده دخولاً أولياً، لا سيما مع الحاجة.(139/8)
" ((أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ )) فقال: لا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فارتجعه)) " فدل على أن مثل هذه العطية يجب إرجاعها، والعود فيها، اللهم إلا إذا حصلت التسوية بين الأولاد، بأن أعطى ولده ألف ريال، ثم قيل له: حرام عليك تعطي واحد وتترك الباقين، ارتجع هذا الألف، قال: لا، أدفع للباقين على ألف، هذا تسوية، لا مانع من مثل هذا، فالأمر بالارتجاع إذا ارتفعت علته ارتفع حكمه، فإذا دفع لكل واحد؛ لأن المقصود التسوية؛ لأنه جاء في بعض طرق الحديث: ((اتقوا الله، وسووا بين أولادكم)) وفي رواية: ((واعدلوا بين أولادكم)) ويستدل بقوله: ((سووا بين أولادكم)) من يرى أن الولد من الذكر والأنثى سواء، سواء كانت أنثى أو ذكر، فإذا أعطوا يعطون على السواء، أعطي زيد من الأولاد ألف ريال، تعطى فاطمة ألف ريال، سووا هذا مقتضى التسوية، والأولاد يشمل الذكر والأنثى.
طالب: أحسن الله إليك: في العينيات مثل السيارات الآن، مثل الذهب للنساء والزينة؟
الحاجات الأصلية، كل يعطى ما يناسبه، الكبير يحتاج إلى سيارة اشتر له سيارة، يحتاج إلى زواج يزوج، البنت يشترى لها ما يناسبها، الرضيع يعطى حليب وحفايظ، يعطى سيارة؟ لا، ما يلزم التسوية في الحاجات الأصلية، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بالوصف، تقول: ابني فلان؛ لأنه فقير يعطى، لا، يعطى الفقير من الأولاد صح، بالوصف، ما ينص على الاسم.
طالب:. . . . . . . . .
هذا جور، هذا ميل.
طالب:. . . . . . . . .
تخصيص إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
ما فيه إشكال، كأنه وصف، المرض وصف.
طالب:. . . . . . . . .
ما فيه ما يمنع، إذا أعطاه علاج هذه حاجة أصلية، حاجة أصلية، مثلما يعطي هذا مصروف المدرسة، وهذا يعطيه ما يحتاجه.
طالب: لأنه عاجز.
لا، لا، ما يشيل لهم بيت إلا بإذن إخوانهم، لكن لو اشترى بيتاً ووقفه وقفاً منجزاً للمحتاجين من أولاده ما عليه شيء.
طالب:. . . . . . . . .
إذا بنى وملكهم يعطيهم، إذا بنى وملكهم، وإذا كان باسمه وأجرهم أجرة، يعطى البنات مثل الأجرة.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا أذنوا لأبيهم أن يخص واحداً منهم الأمر لا يعدوهم؛ لأن العلة مرتفعة.(139/9)
طالب:. . . . . . . . .
هذا قول الجمهور، لكن أحمد وإسحاق وجمع من أهل العلم ...
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
الجمهور يقولون: أشهد عليه غيري، يجوز يشهد غيره؟ الرسول -عليه الصلاة والسلام- منزلته مرتفعة لا يشهد ولا على المكروه، وما دام أذن لغيره أن يشهد فهو ليس بحرام، مع أن إذنه بالشهادة لغيره إنما هو ردع وزجر {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [(40) سورة فصلت] عاد في هذا إذن؟ لا، لا، قول الجمهور وإن كان قال به كثير من أهل العلم مرجوح.
طالب:. . . . . . . . .
ما يقال: سووا بين البنت والولد ((اتقوا الله، وسووا بين أولادكم)) هذا يؤخذ منه أنه يسوى بين البنت والولد، ما فيه نص يقول: سووا بين البنت والولد، لا.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
الرواية: ((سووا بين أولادكم)).
طالب:. . . . . . . . .
إيه ما يخالف، لكن ما يأتي نص .. ، بعضهم يقول مثل هذا نعم الولد يطلق على الولد والبنت، لكن معارضته لقسمة الله -جل وعلا- في المواريث نخص الولد بالابن، وهذا قول معتبر عند أهل العلم، فتعطى البنت نصف ما يعطى الولد.(139/10)
قال -رحمه الله-: "وحدثني مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: إن أبا بكر الصديق كان نحلها جاد عشرين وسقاً" أي ما يجد منه ويتحصل منه، يعني أعطاها تمراً على رؤوس النخل، لكنه إذا جز وخلص ونقي يصفو منه عشرون وسقاً "من ماله بالغابة" موضع قريب من المدينة، يعني خمسة عشر أو ستة عشر كيلاً أو عشرين كيلاً، موقع هناك اسمه: الغابة، فلما حضرته الوفاة، حضرت أبا بكر الوفاة، ورأى العلامات، وقرب أجله "قال: والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إلي غنى بعدي منك" يعني هو يحب أن تكون ابنته غنية "ولا أعز" يعني لا أشق على نفسي "علي فقراً بعدي منك" وهذا يدل على أن الغنى راجح حتى عند الأخيار، راجح مرجح على الفقر حتى عند الأخيار "وإني كنت نحلتك" أعطيتك بدون مقابل "جاد عشرين وسقاً، فلو كنت جذذتيه واحتزتيه كان لك" لأن الهبة والعطية لا تثبت إلا بالقبض، هي ما قبضت، فلم تثبت لها، وهذا من أدلة الجمهور في عدم وجوب التسوية والتعديل، هذا فعل أبي بكر، وخليفة راشد، وأعطى عائشة دون سائر إخوانها وأخواتها، ومن يقول بالتحريم يقول: إنه برضاهم؛ لتتفق النصوص، أنه أرضاهم، ومع ذلك لما لم تحز ولم تقبض رجع فيه.
وعمر أيضاً وهب ابنه عاصماً دون سائر إخوانه، ويقال فيه ما قيل في هذا: إنه برضاهم، وسنة الخلفاء الراشدين إنما محلها في الاقتداء والاستنان بها فيما لا يعارض المرفوع، فإن عارض المرفوع فاحتمال أن الخبر لم يبلغهم، والاحتمال الثاني أنهم استأذنوا في ذلك، وهذا يدل على أن الهبة لا تثبت إلا بالقبض.
"كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث" لو قالت: الآن أنا أجذه وأقبضه، صارت العطية من الآن، والعطية في مرض الموت لا تصح.
"وإنما هو اليوم مال وارث، وإنما هما أخواك وأختاك" أبو بكر -رضي الله عنه- مات عن هؤلاء الخمسة، اثنان من الذكور وثلاث من البنات "فاقتسموه على كتاب الله" لأنه صار تركة، فيقسم على كتاب الله للذكر مثل حظ الأنثيين.(139/11)
"قالت عائشة: فقلت: يا أبت والله لو كان كذا وكذا لتركته" يعني مراعاة لحقك في البر، وأن يكونوا في برك سواء، وأن لا يجد أحد في نفسه عليك شيئاً، وأيضاً مراعاة لحق الله -جل وعلا-، الذي أمر الولد ببر والده.
"والله لو كان كذا وكذا" يعني لو كنت قد حزته وقبضته لتركته، يعني عندي محيز في بيتي لتركته، لتطيب النفوس، ويرضى الجميع عن الميت.
"إنما هي أسماء فمن الأخرى؟ " لأن ما عندها إلا أسماء، وهي أكبر منها "فمن الأخرى؟ فقال أبو بكر: ذو بطن بنت خارجة" بنت خارجة هذه زوجته الأخرى مع أسماء بنت عميس، والذي في بطنها أراها جارية، أظنها جارية، يعني هل هناك من علامات يستدل بها على ما في البطن؟ هل هو ذكر أو أنثى؟ هو الآن يبي يقتسمونه وينتهون، ميراث الحمل معروف، يترك الأحظ من ذكرين أو أنثيين، يترك الأحظ له، قالوا: إن أبا بكر قد اعتمد في ذلك على رؤيا، فجاءت كما توقع، وإلا لا يعلم ما في الأرحام إلا الله -جل وعلا-، والطرق والوسائل والأجهزة الحديثة يستطيعون تمييز الذكر من الأنثى، بعد نفخ الروح، وبعد إطلاع الملك.
قال: "وحدثني مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري أن عمر بن الخطاب قال: ما بال رجال ينحلون أبناءهم نحلاً ثم يمسكونها" يعطونهم "ثم يمسكونها، فإن مات ابن أحدهم قال: مالي بيدي" يعطيه هذه العطية ويخليه عنده، يتركها عنده، من أجل إيش؟ يستمر في الخدمة، ما دام يذكر هذه النحلة، وأنه كلما أرضى الوالد زاد فيها، أو جادت نفسه بها، لكن لو قبضها، واستلمها احتمال أن يكون مثل غيره، فما خص بهذا إلا ليخدم.(139/12)
فيقول: "ما بال رجال ينحلون أبناءهم نحلاً ثم يمسكونها" إمساكها لا شك أنه وسيلة ضغط على الولد "فإن مات ابن أحدهم" مات الولد "قال: مالي بيدي" لأنه إنما أعطاه ليخدمه وانتهت الخدمة "قال: مالي بيدي" وهو كغيره من الورثة، لم أعطه أحداً "وإن مات هو" يعني دنت وفاته، ما مات فعلاً، وإنما قربت وفاته، ورأى العلامات "قال: هو لابني قد كنت أعطيته إياه" "من نحل نحلة فلم يحزها الذي نحلها حتى يكون إن مات فهو لورثته" فهذه النحلة للورثة "فهي باطل" يقول: "فلم يحزها التي نحلها حتى يكون إن مات لورثته فهي باطلة" يعني لا تنفذ، إنما تعود إلى أصل مال الميت، نعم.
باب: ما لا يجوز من العطية
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول:: الأمر عندنا فيمن أعطى أحداً عطية لا يريد ثوابها، فأشهد عليها، فإنها ثابتة للذي أعطيها، إلا أن يموت المعطي قبل أن يقبضها الذي أعطيها.
قال: وإن أراد المعطي إمساكها بعد أن أشهد عليها، فليس ذلك له إذا قام عليه بها صاحبها أخذها.
قال مالك: ومن أعطى عطية ثم نكل الذي أعطاها، فجاء الذي أعطيها بشاهد يشهد له أنه أعطاه ذلك عرضاً كان أو ذهباً أو ورقاً أو حيواناً أحلف الذي أعطي مع شهادة شاهده، فإن أبى الذي أعطي أن يحلف حلف المعطي، وإن أبى أن يحلف أيضاً أدى إلى المعطى ما ادعى عليه إذا كان له شاهد واحد، فإن لم يكن له شاهد فلا شيء له.
قال مالك -رحمه الله-: من أعطى عطية لا يريد ثوابها، ثم مات المعطى فورثته بمنزلته، وإن مات المعطي قبل أن يقبض المعطى عطيته فلا شيء له، وذلك أنه أعطي عطاء لم يقبضه، فإن أراد المعطي أن يمسكها، وقد أشهد عليها حين أعطاها فليس ذلك له إذا قام صاحبها أخذها.
يقول -رحمه الله-:
باب: ما لا يجوز من العطية
ما لا يجوز من العطية، والباب السابق، ما لا يجوز من النحل، فرق بين العطية والنحل والهبة و ...
طالب:. . . . . . . . .
إيش؟
الطالب: والصدقة.
إيش؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا الوصية معروفة أنها حكمها يختلف، عندنا هبة وعطية وهدية ونحل.
طالب: صدقة.
الصدقة يقصد بها وجه الله -جل وعلا-.
طالب: ما تدخل.(139/13)
لا ما تدخل، يقصد بها وجه الله، والصدقة إنما يتصدق بها على الفقراء والمساكين، الهدية والهبة والعطية كلها تكون للأغنياء، كما تكون لغيرهم، النحل والعطية والهبة والهدية معانيها متقاربة، إلا أن النحل فيما لا يرجى ثوابه، والعطية فيما يرجى ثوابه، والهدية هي التي يتحبب بها إلى الغير، والهبة يخصها بعضهم بما يكون بنية الثواب، يعني إنما أعطاه ليرد عليه.
على كل حال هي ألفاظها متقاربة، وقد يوضع بعضها موضع بعض.
يقول:
باب: ما لا يجوز من العطية
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا فيمن أعطى أحداً عطية لا يريد ثوابها، فأشهد عليها فإنها ثابتة للذي أعطيها" يعني لا يجوز له الرجوع فيها، لكن إن أعطاه بنية الرجوع عليه بالثواب فإنه يرجع فيها إذا لم يثبه، إذا قامت القرائن والشهود الدالة على ذلك.
"فإنها ثابتة للذي أعطيها إلا أن يموت المعطي قبل أن يقبضها الذي أعطيها" كما تقدم "قال: وإن أراد المعطي إمساكها بعد أن أشهد عليها فليس ذلك له" لأنه رجوع وعود في هبته "فليس له ذلك، إذا قام عليه بها صاحبها أخذها" إذا أتى بالبينة بالشهود فإنه يأخذها بالحكم، ما دام الشهود يشهدون بأنه أعطاه إياها انتهى أمرها.
"قال مالك: ومن أعطى عطية ثم نكل الذي أعطاها" جحد وأنكر قال: ما أعطيته شيء "ثم نكل الذي أعطاها فجاء الذي أعطيها بشاهد يشهد له أنه أعطاه ذلك" يعني في كثير من التصرفات يحصل اللبس، فزيد يعطي زميله كتابه بدون صيغة، يمده فيأخذه، فقال زيد المعطي: أنا ما أعطيتك إياه ملك، أعطيتك تستفيد وترجعه، أو تتصفح وتطلع عليه وتعيده، وهذا يحصل كثير، والآخذ يقول: لا، أنا أخذته على أساس أنه عطية، ولا يجوز لك أن ترجع، وقد يكون في نفس الأمر الصادق زيد، وقد يكون الصادق عمرو في نفس الأمر، نعم قد يعطيه العطية ثم يندم على ذلك، ولا صيغة تدل على أنها عطية، ولا أنها عارية، ثم بعد ذلك إذا لم تكن ثمة بينة فإنه يعود فيها، أما إذا كان هناك بينة شهود يشهدون أنه أعطاه إياه تمليكاً فإنه ليس له أن يعود فيها.(139/14)
"ومن أعطى عطية ثم نكل الذي أعطاها فجاء الذي أعطيها بشاهد أنه أعطاه ذلك عرضاً كان أو ذهباً أو ورقاً أو حيواناً، أحلف الذي أعطي مع شهادة شاهد" لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قضى بالشاهد مع اليمين، واليمين في مقام الشاهد الثاني "فإن أبى الذي أعطي أن يحلف حلف المعطي" لأن البينة بشاهد واحد أضعف من أن يقوم بها الحق، لكنها أقوى من لا شيء "فإن أبى الذي أعطي أن يحلف ومعه شاهد حلف المعطي أنه ما أعطى" لأن البينة ضعيفة، لا يقوم بمفردها الحق "وإن أبى أن يحلف أيضاً أدى إلى المعطى ما ادعى عليه" لأن الشهادة وإن كانت ناقصة، البينة وإن كانت ناقصة أقوى من لا شيء، فالأصل أن يحضر البينة بشاهدين، ما وجد إلا شاهد يحلف، شاهد مع يمينه، رفض أن يحلف تعاد، ترد اليمين على المعطي، إن حلف قاوم الشاهد، إن لم يحلف قلنا: لا يهدر الشاهد؛ لأنه أقوى من لا شيء.
"وإن أبى أن يحلف أدى إلى المعطى ما ادعى عليه إذا كان له شاهد واحد، فإن لم يكن له شاهد واحد فلا شيء له" لأنها مجرد دعوى، لا شاهد له لأن هذه مجرد دعوى.
"قال مالك: من أعطى عطية لا يريد ثوابها ثم مات المعطى فورثته بمنزلته" وقلنا: إنه يستحقها إذا قبضها، أو قامت البينة بأنه أعطيها "ثم مات المعطى فورثته بمنزلته، وإن مات المعطي قبل أن يقبض المعطى عطيته فلا شيء له" على ما تقدم "وذلك أنه أعطي عطاء لم يقبضه" عطاء لم يقبضه، وفي قصة أبي بكر مع عائشة دليل على ذلك.
"فإن أراد المعطي أن يمسكها وقد أشهد عليها حين أعطاها فليس له ذلك" إذا وجدت البينة فقد خرجت من يده إذا قام صاحبها أخذها، يعني متى ما أحضر البينة فإنه يأخذها، نعم.
نشوف الأسئلة.
طالب:. . . . . . . . .
هم بينات هم؟
طالب:. . . . . . . . .
هل في مقاضاة، يعني على علم البينة؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، لا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم.
يقول: شخص أقرض إنساناً مبلغاً من المال ثم عفا عنه، وقال: هبة أتقرب بها إلى الله تعالى، ومن ثم عاد عن هبته وطالبه بقرضه؟
على كل حال هذه مقبوضة، فإن أشهد عليها الموهوب فإن الواهب لا يستحق شيئاً لأنها مقبوضة.
يقول: ما صحة حديث: ((البذاذة من الإيمان)).(139/15)
صححه الحافظ ابن حجر في فتح الباري، وأما فقهه فإنه يدل على أن العناية بالجسم والملبس أكثر من اللازم بحيث تكون عنايته على حساب أموره الأهم سواء أن كانت في دينه أو دنياه فإنها حينئذٍ تكون مفضولة، والبذاذة المقصود بها التوسط، ليس المقصود بها أن يقذره الناس، ولا يجالسوه بسبب رائحته، أو رائحة ثيابه أبداً، ولذلك ((الطهور شطر الإيمان)) وإنما يراد بذلك التخفيف من العناية الزائدة، ولذلك جاء الادهان، وجاء الاكتحال، وجاء التسريح، وجاء العناية بالشعر، لكن يكون ذلك غباً، لا يكون كل يوم بحيث يعوقه عن مهماته في أموره دينه ودنياه ((البذاذة من الإيمان)).
طالب:. . . . . . . . .
إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن لا تصل إلى حد يقذره الناس، البذاذة هي التي تكون. . . . . . . . .
طالب:. . . . . . . . .
الرثاثة ثياب رثة بمعنى إذا أردنا أن نحمل عليها الحديث، قلنا: هي التوسط، لا يصل .. ؛ لأنه لا يقر في الشرع أن يكون الإنسان بحيث يقذره الناس، ولا يجالسونه ولا .. ، لا أبداً، ولذلك ((الطهور شطر الإيمان)) ولا يمنع أن يكون أشعث أغبر، لكنه في حال السفر مثلاً، في غير حال الإقامة، فيغتفر في السفر في غير حال الإقامة.
يقول: حادث سيارتين فمات راكب من أحد السيارتين، قرر المرور ثلاثين بالمائة على أحدهما، وسبعين على الآخر، ماذا عن كفارة الصيام على من؟
الصيام على من عليه الغالب، الغالب، غالب الخطأ، بالنسبة.
يقول: سمعنا عن النصراني الذي دنس القرآن، فما حكمه؟
هذا يكون قد نقض عهده.
يقول: وإن كان مسلماً فما حكمه؟
حكمه الردة، والمسألة قضائية يرجع فيها إلى القضاء.
يقول: صلى بعض الإخوة بين السواري صلاة العشاء هنا بسبب الزحام ...
الصلاة بين السواري مكروهة، والزحام حاجة يرفع الكراهة.
يقول: أنزل بعضهم مكتبة الكترونية في الإنترنت وتحوي آلاف الكتب، ولكن صاحبها يقول: إنه لم يستأذن أهل هذه الكتب، فما حكم استعمالها؟
من عُرف أنه يمنع من إنزال الكتاب على هذه الكيفية، فلا يجوز التصرف إلا بإذنه، لا سيما إذا كان يتضرر بذلك، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.(139/16)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ – كتاب الأقضية (13)
باب: القضاء في الهبة - وباب: الاعتصار في الصدقة - وباب: القضاء في العمرى
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
أحسن الله إليك.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في الهبة
حدثني مالك عن داود بن الحصين عن أبي غطْفان
غطفان بالتحريك.
أحسن الله إليك.
عن أبي غطفان بن طريف المري أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قال: من وهب هبة لصلة رحم، أو على وجه صدقة فإنه لا يرجع فيها، ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب فهو على هبته يرجع فيها إذا لم يرض منها.
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر المجتمع عليه عندنا أن الهبة إذا تغيرت عند الموهوب له للثواب بزيادة أو نقصان فإن على الموهوب له أن يعطي صاحبها قيمتها يوم قبضها.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في كتاب الأقضية في:
باب: القضاء في الهبة
الهبة لا تخلو إما أن تكون مما يراد به وجه الله -جل وعلا-، أو يراد بها الدنيا، فالناس إنما يعطون لأحد هذين الأمرين، إما لله أو للدنيا، فإن كانت مما يراد به وجه الله -جل وعلا- طلباً لثوابه، وتأليفاً لقلب المهدى إليه على الحق والخير، أو تكون طلباً لثواب الدنيا، وهذه في الغالب إنما تكون في الهبات والهدايا التي تعطى الكبار من أمراء، أو كبار في قومهم، أو ما أشبه ذلك مما عُرف في العادة أنهم يردون أكثر مما أعطوا، تدل القرائن على أن هذا الشخص ما أعطى هذا الشخص إلا لأنه يريد رد أكثر منها، وهذا موجود من العصور الأولى إلى يومنا هذا، يُهدى على الأمير الفلاني أو الوزير الفلاني كتاباً نفيساً، أو مصحفاً نادراً، أو تحفة من التحف التي انقرضت نظائرها من أجل أن يُعطى أكثر مما تستحق، فإذا كانت الهبة لوجه الله -جل وعلا- فيقول الإمام -رحمه الله تعالى-:(140/1)
"حدثني مالك عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف المري أن عمر بن الخطاب قال: من وهب هبة لصلة رحم" يعني يريد بها وجه الله -جل وعلا- يصل بها رحمه، أو ليدخل بها على قلب رجل يريد دعوته إلى الله -جل وعلا- هذه في حكمها.
"أو على وجه صدقة" يتصدق بها على هذا المحتاج "فإنه لا يرجع فيها" لا يجوز له الرجوع فيها؛ لأنه إنما أخرجها لله -جل وعلا- "ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب" الثواب الدنيوي، يريد المكافأة ممن أهدى له "فهو على هبته يرجع فيها إذا لم يرض منها".
جاء في الحديث الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه)) وإذا أعطي إنسان شيئاً بدون مقابل فما الذي يدريه أنها إنما يراد بها وجه الله، أو يراد بها الثواب؟ لأن الشق الثاني مشكل؛ لأن لفظه عام، نكرة في سياق الشرط "من وهب هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب فهو على هبته" يعني كان في نيته أن يعطيه مقابل، يغلب على ظنه أنه يعطي مقابل هذا الذي أهدي له، ما أعطاه، انتظر انتظر، تنحنح، تلفت، لعل وعسى ما أعطاه شيء، ما صار شيء، هل يقول: أعطني هذا الكتاب لأني ما جئت به إلا لأرجو الثواب الدنيوي منك؟! نعم مقتضى الخبر؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم مقتضى الخبر الذي معنا أن له ذلك، ولو أعطي أقل من قيمتها؟ أهدى كتاباً نفيساً لأمير يعتني بالكتب ويهتم بها، أهداه كتاباً قيمته ثلاثة آلاف فأعطاه ألف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(140/2)
إيه أحياناً يصدم الإنسان، تقع في يد شخص لا يقدرها قدرها، حتى من أهل العلم، أحياناً تأتي له بهدية فيقول: بحقها، دائم هذه على ألسنة بعض الناس، بحقها، ثم يعطيك ألف وهو بثلاثة آلاف؛ ليدفع منتك عليه، ولو لم يعطك شيئاً كان أسهل عليك، فلا شك أن عموم حديث: ((العائد في هبته)) يشمل الصورتين؛ لأن المهدى له مع إرادة الثواب لا يدري هل يريد الثواب أو لا يريد؟ لا سيما إذا كان من عامة الناس، ممن لم يعرف أنه يكافئ، أما من جرت عادته بالمكافأة فهذا ظاهر، من عرفت عادته بالمكافأة ثم أخطأ في تقدير الهدية، أعطي كتاب أو سلعة نفيسة، فأعطى نصف القيمة أو ربع القيمة هذا متوقع؛ لأن الشيء العادي الموجود في المحلات في الأسواق الذي يعرف سعره غالباً مثل هذا لا يهدى؛ لأنه مبذول، يعني قيمته ضعيفة عند الناس ولو كان غالي، يعني هل يأتي شخص لأمير ويهديه سيارة قيمتها خمسمائة ألف مثلاً؟ لا؛ لأنها موجودة في الأسواق تباع، لكن لو وجد سيارة مديل ثلاثين مثلاً، لا توجد في الأسواق، ثم أهداها نعم تقبل مثل هذه الهدية؛ لأنها نادرة، لكن إذا أخطأ المهدى إليه في التقدير، وقد دفع فيها المهدي الأموال الطائلة يريد الأضعاف، ثم ما أعطي إلا نصف القيمة، هذا لم يرض منها، ولذلك يقول: "فهو على هبته يرجع فيها إذا لم يرض منها" لكن الهبة بنية الثواب هذه، الهبة بنية الثواب، يعني يهدي شخصاً ليهدي له أكثر، يطمع فيه بأن يعطيه أكثر.
وفي غير الهبة المدح من قبل الشعراء، هذا كثير من العصور الأولى، والشعراء يتكسبون بشعرهم، فإذا مدح الأمير بقصيدة فأعاد إليه قصيدة أخرى يمدحه فيها، أو أعطاه مبلغاً لا يجزيه ولا يرضيه، وقد أعطى الذي قبله أضعاف ما أعطاه، لا شك أن هذا مما يثير في النفوس الحزازات ويثير .. ، علماً بأن أصل المدح ممنوع شرعاً، وعلى هذه الطريقة مدح ممنوع في أصله ويكافأ عليه يكون المنع من الجهتين، تكسب مما لا يحل التكسب به، ودفع ثمن ما لا يجوز دفع الثمن عليه.
أما بالنسبة للأعيان التي ينتفع بها مما يمكن إهداؤه، فالثواب على مثل هذه الهدية لا شك أنه شرعي، النبي -عليه الصلاة والسلام- يقبل الهدية ويثيب عليها، لكن ذا من غير مشارطة.(140/3)
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
قال: "من وهب هبة" ...
هذا عن عمر -رضي الله عنه-.
"من وهب هبة لصلة رحم" هذا ما فيه إشكال، كما حمل عمر -رضي الله تعالى عنه- على فرس في سبيل الله، فالذي أعطيه أضاعه، ما غزا عليه في سبيل الله، أضاعه، حتى كاد أن يهلك، فعرض عليه عمر -رضي الله عنه- أن يشتريه، فنهاه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وسمى ذلك عوداً في الهبة، مثل هذا لا يجوز.
"وهب هبة لصلة رحم" أعطى عمته أو خالته أو ابن عمه أو ابن خاله أعطاه شيئاً يكسب به قلبه، ويتودد إليه؛ لتدوم الصلة بينهما ولا تنقطع، ولا شك أن الهدايا تجلب المودة والمحبة، مثل هذا لا يجوز له أن يعود بحال، والحديث ينطبق عليه ((العائد في هبته كالكلب)) فإنه لا يرجع فيها.
"أو على وجه صدقة" تصدق بها على فقير ثم عاد فيها، هذا لا يجوز، والحديث الصحيح المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- لا شك أنه يشمل هذه الصور كلها.
طالب:. . . . . . . . .
هي ما قبضتها.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكنها ما قبضت، الهبة إذا لم تقبض للواهب أن يرجع، فلا تلزم الهبة إلا بالقبض.
طالب:. . . . . . . . .
هو مقيد من وجوه، هذا العموم "من وهب هبة" يعني سواءً كانت مقبوضة أو غير مقبوضة هذا لا بد من تقييده بما ثبت، نعم، وهذا كلام عمر -رضي الله عنه-، وقد وهب لولده عاصم ورجع؛ لأنه لم يقبض.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
وما يسلم من انقطاع، لكنه معروف، وكثير من أهل العلم يتبنى هذا القول، يفرق، لكن متى يعرف أن هذه الهبة .. ؟ نعم افترض أن له قريب مسئول كبير يعني، عنده أموال أو غني، أو ما أشبه ذلك، ونوى بهذه الصلة الثواب، وذاك الثاني المعطى نوى أنها صلة رحم، فما أعطاه شيئاً، له أن يعود أو لا يعود؟ لا شك أن عموم الحديث المرفوع الثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه لا يعود في شيء من هذه الصور.(140/4)
كيف يفرق بين الهبة التي يراد بها الثواب والهبة التي لا يراد بها الثواب؟ لا شك أن القرائن من المهدي والمهدى تدل على شيء من ذلك، فإذا جاء فقير وأهدى إلى غني لا شك أنه يريد بذلك الثواب، يعني ثواب الدنيا، والعكس القرائن تدل على أنه لا يريد بذلك ثواباً، إذا جرت عادة المهدي أنه يأخذ أيضاً يؤخذ من حاله أنه يريد الثواب، وإذا جرت عادة المهدى إليه أنه يعطي عُرف بواسطة هذه القرينة أنها لإرادة الثواب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
والله هذا الأصل، هذا الأصل أنه لا يعود.
طالب:. . . . . . . . .
نعم إذا دفعها إليه أعطاه إياها وهبها له لا بنية الثواب، فوجده يبيعها، مثل الفرس الذي أركب عليه عمر -رضي الله عنه- في سبيل الله، ثم أضاعه من أعطيه، قال: لا تشتره، ولو باعه بدرهم؛ لأن هذا رجوع، لكن إذا اشتراه بأكثر مما يراد بيعه به، أهدى له كتاب فعرضه للبيع فطلب بألف، ووقف عند هذا الحد وأراد بيعه بألف، قال: أنا أريده بألف وخمسمائة، يدخل في مثل هذا أو لا يدخل؟ لا شك أن العلة مرتفعة، علة المنع مرتفعة، ويبقى أنه لو تنزه عنها لكان أولى؛ لعموم النص.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر المجتمع عليه عندنا" يعني عند أهل المدينة، وفي عمل أهل المدينة "أن الهبة إذا تغيرت عند الموهوب له للثواب بزيادة أو نقصان" بزيادة أو نقصان يعني سواءً كانت هذه الزيادة متصلة أو منفصلة، أهداه بقرة فولدت، هذه الزيادة منفصلة، أهداه بقرة فسمنت؟ متصلة، أو نقصت هزلت أو مات ولدها في بطنها هذه نقصت "إذا تغيرت عند الموهوب له للثواب بزيادة أو نقصان، فإن على الموهوب له أن يعطي صاحبها قيمتها يوم قبضها" هذه الهبة هي في حقيقتها بيع، وإن لم يصرح بالإيجاب والقبول إلا أن القرائن القوية تقوم مقام الإيجاب والقبول، فهل يلزم من ذلك تطبيق شروط البيع؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، الهبة بنية الثواب مقابلها عوض.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لكنها بنية الثواب، وله أن يعود فيها، وإذا نقصت يأخذ القيمة كاملة، فهي بيع في الحقيقة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(140/5)
الآن ما قلنا: إنها وإن كانت بدون صيغة لا إيجاب ولا قبول إلا أن القرائن القوية، يعني القرائن القوية هي التي جعلت له حق الرجوع، هذه القرائن هي التي جعلت له حق الرجوع، هذه القرائن هل تكفي في أن تكون هذه الصورة بيع؟ بمعنى أن شروط البيع لا بد أن تطبق عليها؟ أهداه مائة صاع من البر، فأعطاه مائة وخمسين أو ثمانين، هل لا بد أن تكون سواءً بسواءً يداً بيد؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه أنا أقول: هل هذا مما تطلب له شروط البيع، أو نقول: إن أصلها هبة، وهي من عقود الإرفاق، ما يشترط لها شيء من ذلك، يعني باعتبار أنها ليست ببيع صريح، لا إيجاب ولا قبول، فلا تلزمه فيها شروط البيع؟ يعني بعض الناس -مثلما ذكرنا- يأتي إلى شخص عرف بالكرم والجود، وأنه إذا أعطي شيء أعطى أكثر منه، وعنده شيء يستحق، يناسب مقام هذا الشخص ويهديه إليه.
أحياناً يقول: جزاك الله خير، ولا يعطيه شيء، فإذا قال: ما دام ما أعطاه شيء له الرجوع؛ لأنه بنية الثواب؛ لأن هذه النية نعم إذا لم تدل عليها علامات ظاهرة كان حكمها المنع، إذا لم يكن هناك علامات ظاهرة تدل على إرادة الثواب فالأصل المنع ((العائد في هبته كالكلب)) وإذا وجد علامات ظاهرة أو قرائن قوية عند من يحكم بالقرائن، قرائن قوية عند من يحكم بالقرائن، فإنه حينئذٍ إذا لم يعط فإنه يأخذ هديته، أو تقوم له إن كانت مما زاد أو نقص.
طالب:. . . . . . . . .
أيوه.
طالب:. . . . . . . . . كون الإنسان يهدي، أعطى هبته، من باب رد السؤال .... هذه مسألة.
الثانية: أنه لو ما رد عليه سيرجع فيها، وعند الرجوع لا يأمن مطلقاً أن يكون هناك تنازع ونزاع بينهم، قد يكون الهبة صغيرة .... أو تكون أعطيتني بنية أنك تطلب وجه الله -عز وجل-. . . . . . . . . إذاً يكون في نزاع، وهذا أيضاً عندنا بالعرف المصري ما يسمى بالقوت، يعني عندما يتزوج واحد من الناس نذهب إليه ونعطيه مالاً، الناس يعطون مالاً من باب الهبة التي. . . . . . . . .
بحيث إذا تزوج الثاني ...
طالب: نعم.
وهذا موجود في عرف كثير من ...(140/6)
طالب: أقصد أن يتحول إلى نزاع وواضح هنا الإشكال أن الثاني الموهوب له إن لم يرد ما أعطي يكون بين الناس مقاطعة ومفارقة وشحناء وبغضاء والآن سبحان الله .... على عشرة جنيه ....
لا، أحياناً يعان المتزوج بخمسة رؤوس من الغنم مثلاً، أو برأس أو رأسين، ثم بعد ذلك إذا تزوج المعين استشرف لهذه الإعانة، وهم يتبادلونها من غير يعني مشاكل، هي موجودة، لكن الإشكال فيما لو زادت أقيام الغنم مثلاً، فبدلاً مما يهديه خمسة رؤوس بألف وخمسمائة ريال من ثلاثمائة ريال احتاج إلى أن يهديه بثلاثة آلاف مثلاً، كمثل هذه الأيام مع ارتفاع قيمة الغنم.
طالب: هذه المسألة ستؤدي إلى نزاع، ليش ما نقول: الله أعلم يعني ليش ما نقول: أليس هذه الصورة لا تجوز بالنظر إلى ما تؤدي إليه، فإن ثمرة هذا الأمر سيؤدي إلى النزاع، والمعروف أن جميع العقود إذا أدت إلى نزاع منعت، لو أدت إلى مخاطرة منعت ....
معروف.
طالب: .... وهو يوجه بعض حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه)) تعطيه لوجه الله -عز وجل- ما تعطيه خلاص ....
حتى لو أعطاها بنية الثواب ما الذي ... ؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هو إذا كانت القرينة قوية فالقرائن القوية يحكم بها عند جمع من أهل العلم، ابن القيم انتصر لهذا.
طالب: أقصد أقصد النزاع الذي ستؤدي إليه هذه المسألة، يعني كون المفسدة تدب بين الناس ونرفعها أفضل من أننا نقول .... سواء. . . . . . . . .
طالب: ما هو بعند الناس كلهم.
هاه؟
طالب: ما هو بعند الناس كلهم يصير نزاع.
لا، لا، أنا أقول: إن عدم الإهداء أصلاً أفضل من الإهداء بنية الثواب.
طالب:. . . . . . . . .
عدم الإهداء أصلاً أفضل من الإهداء بنية الثواب، وأحفظ لماء الوجه للطرفين؛ لأن المهدي بنية الثواب يأتي إلى هذا الكبير، ويعطيه هذه السلعة النفيسة، نعم، ثم بعد ذلك ويش رأيك بها السلعة؟ ويش تسوى؟ ويش تجيب؟ ما أدري إيش؟ وأنا فعلت، ولا بد أن يبدي شيء يدل على أنه يريد مقابل، يجلس، ويطيل الجلوس، ويتنحنح، نعم؟
طالب: ربما يعير المهدى إليه أولاً .... ربما يعير ....
لا، إذا لم يعطه وقع في عرضه، إذا لم يعطه لا بد أن يقع في عرضه هذا الغالب.(140/7)
على كل حال ما دام الإمام ذكرها، وذُكر هذا عن عمر بن الخطاب، وهو خليفة راشد، فنقول: هذا محمول على القرائن القوية، إذا دلت القرائن القوية على أنه يريد الثواب، فإما أن يأخذها المهدى إليه أو يعيد بمقدارها، إذا دلت القرائن القوية على ذلك، والأصل في الهبة أنها تقبل، النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقبل الهدية، ويثيب عليها.
وينبغي أيضاً أن تقيد بما إذا لم تكن إلى العمال، يعني الهدايا للعمال لا شك أنه غلول، وحديث ابن اللتبية الذي يقول: هذا لكم وهذا أهدي إلي، النبي -عليه الصلاة والسلام- أنكر عليه إنكاراً بالغاً ((هلا جلس في بيت أمه ينظر أيهدى إليه أم لا؟ )) ثم بعد ذلك إذا كانت هناك مهاداة بين اثنين، ثم تولى أحدهم منصباً، هل يستمر على إهدائه أو يقطع باعتباره صار احتمال أن يحتاج إليه، فيكون الأثر المرتب على هدايا العمال موجود، ولو كانت الهدايا متبادلة قبل مثل هذا العمل؟
على كل حال على الإنسان أن يراقب ربه، ومع ذلك يتفقد قلبه، وأما الإهداء بنية الثواب فهذا وإن أجازه أهل العلم، وأجازوا عليه الأخذ، وأجازوا فيه الرجوع إلا أنه خلاف الأصل.
الأصل ما جاء في الحديث الصحيح المرفوع ((العائد في هبته)) فيقيد في أضيق نطاق، بحيث تدل القرائن القوية التي تقرب من البينات تدل على أنه يريد الثواب، وأن المهدى إليه يثيب غالباً، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
له أن يردها إيه، له أن يردها.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هذا الفقير أهدى إلى الغني، ويريد الثواب ويش يستفيد؟
يستفيد أنه يرجو أكثر منها، طيب أنت افترض أن المهدى إليه ما قدرها قدرها، وأعطاه نصف قيمتها، وهو يظن أنه بذل أكثر مما تستحق، فعلى كل حال إنما الأعمال بالنيات، حسب ما ينوي بهديته يؤجر عليه، على قدر نيته، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نوى العائد في هبته يحمل على الصورة الأولى في خبر عمر -رضي الله عنه-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو الشرط، الشرط العرفي كالشرط الذكري، كأنه اشترط عليه أن يرد أكثر، فإذا جرى بين الناس تعورف بين الناس أن هذا يرد أكثر كالشرط الذكري، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(140/8)
إيه، حكمه حكم الربا، قرض جر نفعاً، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: الاعتصار في الصدقة
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا الذي لا اختلاف فيه أن كل من تصدق على ابنه بصدقة قبضها الابن، أو كان في حجر أبيه، فأشهد له على صدقته فليس له أن يعتصر شيئاً من ذلك؛ لأنه لا يرجع في شيء من الصدقة.
قال: وسمعت مالكاً يقول: الأمر المجتمع عليه عندنا فيمن نحل ولده نحلاً، أو أعطاه عطاءً ليس بصدقة إن له أن يعتصر ذلك ما لم يستحدث الولد ديناً يداينه الناس به، ويأمنونه عليه من أجل ذلك العطاء الذي أعطاه أبوه، فليس لأبيه أن يعتصر من ذلك شيئاً بعد أن تكون عليه الديون، أو يعطي الرجل ابنه أو ابنته فتنكح المرأة الرجل، وإنما تُنكحه ...
تَنكحه.
أحسن الله إليك
تُنكحه؟
تَنكِحه.
أحسن الله إليك.
وإنما تَنكحه لغناه، وللمال الذي أعطاه أبوه، فيريد أن يعتصر ذلك الأب، أو يتزوج الرجل المرأة قد نحلها أبوها النحل إنما يتزوجها ويرفع في صداقها لغناها ومالها، وما أعطاها أبوها، ثم يقول الأب: أنا أعتصر ذلك، فليس له أن يعتصر من ابنه ولا من ابنته شيئاً من ذلك، إذا كان على ما وصفت لك.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: الاعتصار في الصدقة(140/9)
والعطية والنحلة والحكم واحد، والاعتصار: أخذ الشيء بعد إعطائه إياه، يعطيه الصدقة ثم يرجع فيها، يعطيه العطية ثم يرجع فيها، وفي الغالب أن هذا اللفظ الذي هو الاعتصار إنما يكون عند الضيق، والرجوع يكون في حال السعة، الاعتصار في الصدقة "قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا" الذي في المدينة، وعليه عمل أهل المدينة "الذي لا اختلاف فيه" ما وجد من يخالف فيه من أهل المدينة "أن كل من تصدق على ابنه بصدقة قبضها الابن" لابد من قبضها، لا تثبت إلا بالقبض، ولذا لو أن إنساناً قال لآخر: إذا وصل الراتب أو طلع الراتب أعطيك منه خمسمائة أو ألف، وعده بهذا، أو جاءه فقير قال: انتظر حتى يأتي الراتب، ثم جاءه في الموعد، قال: والله ما عندنا شيء انتهى، هذا مجرد وعد، ولا يلزمه إلا إذا كان في نيته الإخلاف من الأصل، دخل في ((وإذا وعد أخلف)) أو اقترن ذلك بالعهد عاهد الله -جل وعلا- لئن آتاه الله كذا ليصدقن، عاهد الله إذا طلع الراتب ليصدقن، فإن اقترن بالعهد كان الأمر أشد، وتمام الآية يدل على لزوم مثل هذا الوعد المقرون بالعهد.
"أن كل من تصدق على ابنه بصدقة قبضها الابن" لأنه إذا لم يقبض فإنه لا يلزم كما في خبر أبي بكر مع عائشة -رضي الله عنه- "أو كان في حجر أبيه فأشهد له على صدقته" لأنه ما دام في الحجر فإنه لا يعتبر قبضه، وإنما يقبض عنه وليه في المال، وإذا أشهد الأب فكأنه قبض، وهو وليه في المال، كأنه قبض، فالمسألة تعود إلى الأولى، فيكون هذا الطفل الذي في حجر أبيه قد قبض حكماً "فليس له أن يعتصر شيئاً من ذلك" ليس له أن يرجع أو يحبس شيئاً من ذلك عمن تصدق به عليه "لأنه لا يرجع في شيء من الصدقة" الرجوع في الصدقة بعد القبض لا يجوز بحال، وهي وبابها أضيق من الهدية والهبة؛ لأنها إنما أخرجت لوجه الله تعالى.
"قال: وسمعت مالكاً يقول" ...(140/10)
قبل ذلك من أهل العلم من يرى أن للوالد أن يرجع في ما يعطيه ولده ولو قبض، وجاء الاستثناء في حديث العائد في هبته كالكلب إلا الوالد، وإذا كان الوالد له أن يأخذ ابتداءً من مال ولده ما لا يضر به، فعلى هذا قياس هذا له أن يرجع فيما لا يضر به، والإمام مالك -رحمه الله- يفرق بين الصدقة وبين غيرها، فالصدقة لا يجوز الرجوع فيها بحال بعد القبض، وغيرها يجوز ما لم يترتب عليه ضرر متعدٍ.
"قال: وسمعت مالكاً يقول: الأمر المجتمع عليه عندنا فيمن نحل ولده نحلاً، أو أعطاه عطاءً ليس بصدقة" ليس من الصورة الأولى "إن له أن يعتصر ذلك" يعني ولو قبض "ما لم يستحدث الولد ديناً يداينه الناس به" الآن عرف الناس أن عنده مبلغ من المال، نحله قطعة أرض، أعطاه أبوه قطعة أرض، وقالوا: يجوز للوالد أن يرجع في هبته لولده ما لم يتضرر بذلك، فإذا كان لا يتضرر بذلك جاز، وإلا فإنه لا يجوز، أعطاه الناس أموالهم بناءً على أنه غني يملك هذه القطعة من الأرض، أعطاه الناس أموالهم بناءً على أنه غني، ثم سحبها الأب، اعتصرها، فبان فقيراً، الأب في هذه العطية لا شك أنه ورط الابن في تحمل الديون، وأيضاً غرّ الطرف الآخر الدائن، فالدائن ما أعطى هذا الولد إلا لأن له هذه الأرض أو عنده هذا المبلغ.(140/11)
"أن له أن يعتصر ذلك ما لم يستحدث الولد ديناً يداينه الناس به" يعني بناءً على أنه يملك هذه الأرض "ويأمنونه عليه" متى طلبوا أموالهم وعنده هذه الأرض ألزم ببيعها وسددت الديون، لكن إذا سحبت واعتصرت منه من أين يستوفي الدائنون؟ "من أجل ذلك العطاء الذي أعطاه أبوه، فليس له أن يعتصر من ذلك شيئاً بعد أن تكون عليه الديون" يعني شخص اقترض من شخص مائة ألف، صار يتاجر بها، لما اشترى بضاعة قال: رد القرض، والجمهور على أن القرض لا يتأجل، لا يقبل الأجل، يعني أعطاه مائة ألف، وقال: اشتغل بها مدة سنة، انتفع بها، أنا لا أحتاجها، فبعد شهر بعد أن أنفقها كلها في السلع قال له: رد علي المال، له ذلك أو ليس له ذلك؟ الجمهور له ذلك، والقرض لا يقبل التأجيل، وعند مالك -رحمه الله- أنه يقبل التأجيل، والمسلمون على شروطهم، ويرجحه شيخ الإسلام ابن تيمية لا سيما وأنه في بعض الصور يتضرر، نعم لو كان المال باق في يده أو في حسابه الأمر سهل، لكن إذا كان يتضرر، يعني نظير ذلك -وهذه مسألة واقعة- شخص عنده أرض، وآخر عنده آلة لاستنباط الماء، المكينة التي يستخرج بها الماء، فقال صاحب الأرض: لماذا لا تستغل هذه المكينة فتزرع لنفسك لا سيما وأن عندك أرض مناسبة؟ قال: والله السنة هذه ما عندي استعداد أزرع، ما أنا متهيئ للزراعة، قال: أعرني إياها، فأعاره إياها، فلما انتصف، خرج الزرع ولم يطب ليحصد، قبل ذلك قال: أنا أريد المكينة، فاختصموا عند قاض، فقال القاضي: ما على المحسنين من سبيل، رد عليه مكينته، ترد عليه المكينة، فرفعت إلى جهة أعلى فقيل له: حتى يحصد الزرع؛ لأنه تضرر ضرر بالغ، تحمل الديون من أجل هذا الزرع، ثم في النهاية يقال: يقطع عنها الماء! ونظر ذلك بمن استأجر أجيراً معه سيارة قال: توصلني إلى البلد الفلاني، فلما انتصف في الطريق قال: أنا لا أريد أن أوصلك، ولا تعطيني شيئاً من الأجرة، نعم الإجارة على الخلاف فيها في الصحيح أنها عقد لازم فتلزم، لكن لو قال له: يتبرع بحمله إلى البلد الفلاني، هذا التنظير يكون مطابق هنا، إذا تبرع بحمله إلى البلد الفلاني فلما انتصف الطريق قال: انزل، ما على المحسنين من سبيل، أنا طرأ لي أرجع، ما يطاع، هذا(140/12)
يتضرر، المقصود أنه في أول الأمر محسن، وأوصله إلى نصف الطريق بدون مقابل، ومن وجهة نظره محسن.
على كل حال العقود التي يترتب عليها الضرر لا بد من إزالة هذا الضرر، ضرر يزال، لكن لا يزال بضرر، لا يزال بضرر على الطرف الثاني.
"أو يعطي الرجل ابنه أو ابنته فتنكح المرأة الرجل، وإنما تنكحه لغناه" بحث عن زوجة لولده في البلد ما وجد، كل من تقدم إليه ليخطب ابنته لولده قال: الولد عاطل، كيف نزوجه وهو عاطل؟ ثم تحايل على هذه الأعذار فأعطاه أرضاً، أو أعطاه مالاً، قال: لا يا أخي الولد الآن يملك أرض قيمتها مليون ريال، يضارب بها، ويكتسب من ورائها، أو عنده في حسابه الآن مبلغ كذا، ثم إذا أعطي زوجة أو ووفق له على زوجة وزوج من أجل هذه الأرض، أو من أجل هذا المال اعتصر المال، أخذه من يده، أو أخذه الأرض من يده.
"أو يعطي الرجل ابنه أو ابنته فتنكح المرأة الرجل، وإنما تنكحه لغناه، وللمال الذي أعطاه أبوه، فيريد أن يعتصر ذلك الأب، أو يتزوج الرجل المرأة قد نحلها أبوها النحل" تتأخر البنت، يتأخر عنها الخطاب حتى تبلغ الثلاثين والخامسة والثلاثين، وحينئذٍ تصير عبئاً على أبويها، فيتحايل الأب فيعطيها بيتاً، يقول: هذا البيت لك، فإذا عرف الناس أن عندها بيت خطبت، ثم إذا عقد عليها اعتصر البيت، هذه حيل، لا شك أنها وإن كان الأب يبحث عن مصلحة ولده، ويبحث عن مصلحة ابنته، لكن لا يجوز له أن يغرر الناس بهذه الطريقة.(140/13)
"أو يعطي الرجل ابنه أو ابنته فتنكح المرأة الرجل، وإنما تنكحه لغناه، وللمال الذي أعطاه أبوه، فيريد أن يعتصر ذلك الأب، أو يتزوج الرجل المرأة قد نحلها أبوها النحل إنما يتزوجها ويرفع في صداقها لغناها ومالها، وما أعطاها أبوها، ثم يقول الأب: أنا أعتصر ذلك، فليس له أن يعتصر من ابنه ولا من ابنته شيئاً من ذلك إذا كان على ما وصفت لك" يعني إذا كان الولد ممن تبرأ الذمة بتزويجه، ممن يرضى دينه وخلقه وأمانته، والمال لا أثر له في الموازين والمقاييس الشرعية، لكنه عند الناس معتبر، فيقول: أنا ما غششت به بعيب يقدح به شرعاً، الولد ما فيه عيب يقدح فيه شرعاً، الفقر ليس بعيب، فكوني أمشيه بهذا القرض، أو بهذه الهبة أو بهذه العطية أو النحلة لا يضر، لا سيما وأن هذا ليس بعيب، والناس يعيبون بعض الأشخاص بأشياء أحياناً تكون محامد في أعرافهم وموازينهم، تكون محامد، قد يرد الخاطب لأنه متدين ملتزم، هل هذا عذر في الرد؟ لو أبدى للناس أنه غير ملتزم، هل يكون غشهم بهذا حتى يعقد؟ يعني كان أكثر جلوسه في المسجد، فخطب من أكثر من بيت وقالوا: والله هذا عاطل، أكثر وقته في المسجد، ثم ترك المسجد مدة حتى خطب، وأعطي زوجة، ثم رجع إلى المسجد هل يعاب بهذا؟ لا يعاب، فالفقر إذا لم يؤثر على النفقة، فإنه لا نظر له في الشرع، يعني إذا كانت النفقة عنده ما يكفيه ويكفي الزوجة هذا لا يعاب به، أما مزيد الغنى الذي ينظر إليه كثير من الناس، والإمام مالك -رحمه الله- يقول: إذا كانت الإجابة من أجل هذا المال ليس له أن يعتصر؛ لأنه غرر بالطرف الثاني.(140/14)
أحياناً يكسد الولد أو تكسد البنت تعنس البنت، ثم يريد أن يدرجها بشيء من المال أو بالنحل، ثم بعد ذلك يقدم عليها الناس، فإذا هي من أفضل النساء، ما فيها أدنى عيب، بل العكس فيها محاسن ومزايا، لكن ما قدر لها أن تتزوج في وقت مبكر، هل نقول: إن اعتصار المال الذي غرر به الخاطب وقد وجد فيها من الخلال والخصال أفضل من هذا المال، هل نقول: إن هذا تغرير بالخاطب، وليس له أن يعتصر؟ لا سيما وأن المال في الأصل إذا زاد عن الحاجة ليس بمطلوب شرعاً، ليس من مطالب الشرع أن يكون الخاطب غنياً، ليس من أهداف الزوجية أن يكون أحدهما غني والثاني محتاج أبداً، على كل حال إذا غرر بأحد الطرفين فالإمام مالك يرى أنه لا يجوز أن يعتصر من ابنه.
والحيل هذه موجودة من القديم، ومثل هذا التغرير قد يغرر بشخص فيما يسمى بزواج المسيار، إذا قيل: هذه المرأة عندها بيت، أنت ما أنت متكلف شيء لا إيجار، ولا نفقة، ولا قسم، ثم يتبين أن البيت ليس لها، فيجبر على دفع الأجرة، هذا يرى الإمام مالك في هذه الصورة أنه لا يجوز للأب أن يعتصر.
يذكر عن الإمام أبي حنيفة -رحمه الله- يعني عكس ما جاء عن الإمام مالك هنا أن رجلاً فقيراً خطب من أكثر بيوت البلد فيردونه لفقره، فقال: إذا خطبت من أحد فأتِ به، وقل له: يستشير أبا حنيفة، وهل يزوج أو لا يزوج؟ فعل، قال: اذهب إلى أبي حنيفة، أو نذهب أنا وإياك إلى أبي حنيفة واسأله، أبو حنيفة قال له: ضع يدك على شيء من جسدك مما قيمته أو ديته كاملة، ضع يدك على شيء من جسدك ديته كاملة، فوضع يده على أنفه مثلاً أو شيء آخر، المقصود أنه قيل له: ما رأيك يا أبا حنيفة في هذا الرجل وهو فقير؟ قال: ليس بفقير هذا، هذا يملك ما قيمته اثنا عشر ألف درهم، دية كاملة، هذا تغرير وإلا ليس بتغرير؟ يعني هذا ما يمشي بحال عند الإمام مالك، ويذكر عن أبي حنيفة.(140/15)
فإذا كان الرجل الصالح يرد بمثل هذه الأعذار الواهية فالتحايل حينئذٍ بمثل هذا، مثل ما قلنا: إذا كان الرجل ديدنه الجلوس في المسجد، يعني ما ضاع شيء من أمور دينه ولا دنياه، وأكثر مكثه في المسجد، فيعاب بذلك، يقال: هذا شخص عاطل، أكثر وقته في المسجد، فيترك الجلوس في المسجد إلى أن يوافق عليه بيت من البيوت إذا خطب ثم يعود إلى المسجد، هل يقال: إنه غرر بهم هذا؟ هل يقال: إنه غرر بهم؟ ما يقال: غرر بهم؛ لأن هذا شرعي، والمسجد بيت كل تقي، والله المستعان.
على كل حال الحيل والخداع، خداع الناس والتحايل عليهم لا شك أن الأصل أنه ممنوع، لكن إذا كان يؤدي إلى مقصد شرعي فالحيلة حينئذٍ جائزة، إذا كانت تحقق هدفاً شرعياً جازت، وإذا كان القصد منها الإضرار بالآخرين منعت، وهناك حيل شرعية، وحيل شيطانية، فالحيل الشرعية التي يتوصل بها إلى فعل الواجب، أو ترك المحرم، والحيل الشيطانية التي منها حيل اليهود العكس، التي يتوصل بها إلى ترك واجب، أو فعل محرم ((لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود، فتستحلوا ما حرم الله بأدنى الحيل)) فإذا كانت الحيلة يتوصل بها إلى فعل الواجب، الوالد يمنع ولده من الصلاة، فيتحايل عليه حتى يصلي ويعود إليه، هذه حيلة شرعية، أو يلزمه بارتكاب محرم فيتحايل عليه للتخلص من هذا المحرم، هذا لا إشكال فيه، هذه حيل شرعية، والحيلة ذكرت في القرآن في موضع واحد {لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً} [(98) سورة النساء] فالذي يقيم بين أظهر الكفار، ولا يستطيع الانتقال إلى بلاد المسلمين إلا بحيلة حيلته شرعية، فعليه أن يحتال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال لتحصيل أمر مسنون بس لا يترتب عليه محظور، فمثلاً يتحيل على من يمنع في الحج مثلاً، إذا ما جاء بتصريح منعوه، وليس بواجب عليه أن يحج، هذا مسنون، يتحيل حيلة لا يترتب عليها ارتكاب محرم، لا يكذب، له أن يوري، لكن لا يكذب، نعم، ولا يرشي، ولا يرتكب أمراً محظوراً، وحينئذٍ إذا تحايل بتعريض، أو ما أشبه ذلك له ذلك.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .(140/16)
{فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً} [(44) سورة النمل] حيلة لتكشف عن ساقها؟ ليراها؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا كلام، كلام أهل التفسير، هذا ما يثبت به خبر، على كل حال هناك حيل شرعية، لو قلت: حيلة سليمان في القضاء بين المرأتين اللتين ادعتا الولد، فقالت الكبرى: هو ولدي، وقالت الصغرى: هو ولدي، فقال سليمان: نقضي بينكما بأن يؤتى بسكين فيقسم أنصاف بينكما، فقالت الصغرى .. ، الكبرى وافقت، قالت: لا بأس، والصغرى قالت: أبداً، هو لها، فقضى به للصغرى، هذه حيلة، والله المستعان.
أحياناً الحيل تكون مطلوبة من القضاة للتوصل إلى الحق، ويتمايزون أحياناً بمثل هذه الحيل، وأحياناً تكون الحيل من بعض الخصوم، شخص مدين بمبالغ كبيرة، وليس عنده ما يدفعه للدائنين، ومفلس، ويريد أن يحصل على صك إعسار، فلما أحضر عند القاضي أحضره خصمه قال المدعى عليه: صحيح أنا مدين لفلان بمبلغ كذا ملايين، قال: لماذا لا تدفع؟ قال: أريد النظرة حتى أبيع العمائر اللي على شارع كذا، والبساتين اللي في كذا، والأراضي التي في مكان كذا، لا بد أنا أنظر، قال الدائن: يكذب، لا عنده أراضي ولا عمائر ولا شيء، قال المدين: سجل شهادته أني مفلس، يعني لو ادعى الفلس مباشرة ما وافق هذا، ولا بحث عن شهود يشهدون، لكن الآن هو شهد بأنه مفلس، فلا شك أن مثل هذه الحيل يحتاج إليها في مثل هذه المواطن التي تخلو عن البينات.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال حج الفريضة مثل الهجرة، يعني ركن من أركان الإسلام إذا منع منه بحيث يكون المانع منه غير الموانع المعروفة التي تعفيه من الحج الزاد والراحلة، ومستطيع وقادر، والمنع يعني لا لأنه لا يقدر فله أن يتحايل، أما إذا كان الحج نفل فلا، إلا بشيء من المعاريض، أو ما أشبهها، أما يكذب أو يرشي فلا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
خلع ما ... ، يعني ارتكب المحظور عامداً، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم على حسب الحج، إذا كان الحج ندب لا يجوز بحال.
طالب: قال له: افسخ إحرامك والبس ثوبك وعاد كيف. . . . . . . . .؟(140/17)
إيه، لكنه يرتكب المحظور الذي منع منه شرعاً عمداً من أجل حج نفل، هذا فيه ما فيه، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: القضاء في العمرى
حدثني مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن جابر بن عبد الله الأنصاري -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه فإنها للذي يعطاها، لا ترجع إلى الذي أعطاها أبداً؛ لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث)).
وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم أنه سمع مكحولاً الدمشقي يسأل القاسم بن محمد عن العمرى، وما يقول الناس فيها؟ فقال القاسم بن محمد: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم، وفيما أعطوا.
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: وعلى ذلك الأمر عندنا أن العمرى ترجع إلى الذي أعمرها، إذا لم يقل هي لك ولعقبك.
وحدثني مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- ورث من حفصة بنت عمر -رضي الله تعالى عنهما- دارها، قال: وكانت حفصة قد أسكنت بنت زيد بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- ما عاشت، فلما توفيت بنت زيد قبض عبد الله بن عمر المسكن، ورأى أنه له.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في العمرى
العمرى: أن يمكن صاحب العين عينه من غيره لينتفع بها مدة عمره، مدة حياته، فإذا قال: هي لك مدة عمرك، فإذا مات رجعت العين إلى صاحبها، إذا قال: هي لك ولعقبك، فإنها للذي يعطاها، يعني ما تناسلوا، فإن انقطع العقب مقتضى ذلك أنها ترجع إلى من أعمرها، إلى صاحبها الأول.(140/18)
يقول -رحمه الله تعالى-: "حدثني مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه)) " إذا قال: هي لك ولعقبك، نعم تنتفع بها حياتك، وينتفع بها عقبك من بعدك ((فإنها للذي يعطاها لا ترجع إلى الذي أعطاها أبداً)) لأنها مفترضة في شخص يستعملها، يفيد منها مدة حياته، وتورث عنه، يستفيد منها ورثته وورثتهم وهكذا ((له ولعقبه، فإنها للذي يعطاها لا ترجع إلى الذي أعطاها أبداً)) وهذا لا شك أنه مطابق لقول الواهب أو المعمر: "لك ولعقبك" لكن المسألة فيما إذا انقطع العقب، مقتضى الحديث: ((فإنها للذي يعطاها لا ترجع إلى الذي أعطاها أبداً)) نعم ((لا ترجع إلى الذي أعطاها أبداً)) مقتضاه أنها لا ترجع ولو انقطع العقب، خلاص خرجت من يده، وهل للذي أعمرها مدة حياته، أو له ولعقبه بهذه الصيغة، وأنها لن ترجع إلى صاحبها أبداً؟ هل له أن يتصرف فيها؟ هو مُكن من منفعتها من رقبتها، هل له أن يتصرف فيها، أو حكمها حكم الوقف عليه وعلى ذريته؟ هي لن ترجع إلى صاحبها أبداً الذي أعطاها.
طالب:. . . . . . . . .
له أن يبيعها؟ يعني ملكها؟
طالب: حكمها حكم الوقف إذا تعطلت منافعها، وما صلحت للسكنى.
هل له أن يبيعها أو ليس له ذلك؟ لأنه ما دام عرف الصيغة: "له ولعقبه" وعرف الحديث: ((فإنها للذي يعطاها لا ترجع إلى الذي أعطاها أبداً)) نعم، فقال: بهذا النص انتهت، صارت لي.
طالب: مثل الوقف يا شيخ لا ترجع؛ لأنها هبة منافع، العمرى هبة منافع.
طيب.
طالب: فكأنه حبس الأصل، وسبل المنفعة.
((فإنها للذي يعطاها)).
طالب: هل تملك منفعة وإلا تملك عين؟ هو يملك منفعتها، لكن هل يملك عينها؛ لأنهم يعني قالوا ...
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(140/19)
طيب اللام هنا ((للذي يعطاها)) هل هي لام الملك كما قال بعض أهل العلم؟ أو هي لشبه الملك الذي هو مجرد اختصاص؟ لأن اللام كما تأتي للملك تأتي لشبهه "اللام للملك وشبهه" يعني كما تقول: القفل للباب، والجل للفرس، هذه ما هي بملك، إنما شبه ملك، يعني من أهل العلم من يرى أنها في حكم الهبة ((للذي يعطاها)) فصارت عطية ((فإنها للذي يعطاها، لا ترجع إلى الذي أعطاها أبداً)) لا سيما وقد ضبط الصيغة التي في الحديث، وطبقها على صيغة المعمِر، يعني المعمِر قال له: هي لك ولعقبك عمرى، عمرى لك ولعقبك.
طالب: الأظهر أحسن الله إليك؟
من يقول: إن اللام هذه ((فإنها للذي يعطاها، لا ترجع إلى الذي أعطاها أبداً)) يقول: تمليك، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
((للذي يعطاها، لا ترجع إلى الذي أعطاها أبداً)) هي أقرب ما تكون بصورة الوقف؛ لأنها هبة منافع، عطية منافع، لا عطية عين، ولو أراد أن يعطيه إياها عطية عين لعبر بما يدل على ذلك؛ لأنه أُعمر عمرى.
طالب: ليش يقول: لعقبك، كان يقول: هي لك وخلاص، عقبه يدخلون ... ، كان يقول: هي لك وأنت .... ثم يرثونه عقبه.
إي بس الذي أشكل عند جمع من أهل العلم ((فإنها للذي يعطاها)) واللام كما تأتي للملك تأتي للاختصاص، لكن إذا قلنا: إنها للاختصاص صار أحق بها من غيره، فعلى هذا لو انقطع عقبه ما دام موجودين هم أحق، فإذا انقطع لا ترجع إلى صاحبها كالوقف، ما يملكها، إنما تكون لأقرب الناس شبهاً به.
طالب: تعطلت منافع العمرى، وتنزل منزلة أقرب الناس إليه مثل الوقف.(140/20)
على كل حال الأقوال معتبرة في المسألة، وموجودة عند أهل العلم، منهم من يقول: ما دام وجد أو وُجد في صيغة المعمِر ما تترتب عليه النتيجة في الحديث، قال: أعمر عمرى له ولعقبه، هذه الدار عمرى لك ولعقبك، خلاص ضمن، النتيجة في الحديث: ((فإنها للذي يعطاها)) قال: هذه لي ((لا ترجع إلى الذي أعطاها أبداً)) بمعنى أنها خرجت من يده، لكن خرجت من يده على سبيل التمليك للمعمَر، أو على سبيل الاختصاص، وأنه أولى بها وأحق، هل له أن يبيعها أو لا كالوقف؟ هذا محل الخلاف بين أهل العلم، والذي يظهر أنه ما ملكه إياها تمليك، وإنما أراد أن لا تخرج من يده، ثم بعد ذلك يحتاج إلى بيت آخر، أو يُخرج من بيت إلى بيت، وهذا حكمه حكم يعني لو كان على نفسه وذريته، الوقف الذري نعم، الذي عليه وعلى ذريته، لكن هنا يطلب فيه الثواب؛ لأنه تعدى نفعه إلى غيره، أما الوقف الذري الذي يختلف فيه أهل العلم يقولون: ما في فائدة، ليس فيه فائدة إلا أنه ليمنع هذا البيت لئلا يخرج من يده أو يد ولده، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الفرق بينها وبين الوقف؟ يعني الوقف المعين على فلان، أنت تقصد الوقف المعين على شخص بعينه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، نعم مثل هذا، ما هو ببعيد منه، إذا قلنا: إن اللام للاختصاص ليست للملك، قلنا: ليس ببعيد هذا، يدفع إلى أقرب نشاط مماثل.
طالب: يا شيخ ما هو بعض الفقهاء جعل باب العمرى من ضمن باب الوقف بعضهم؟
هو الكلام على الخلاف في اللام.
قال: "لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث" وهذا ليس من أصل الحديث، إنما هو مدرج، يفسر فيه ما جاء في الخبر؛ لأنه انتقل من شخص إلى شخص، بالموت ينتقل من المعمَر إلى ذريته، فوقعت فيه المواريث، وحينئذٍ الإرث للمنافع أو للعين؟
طالب: للمنافع.
نعم؟
طالب: للعين فقط.
يعني يملكونها ملك، ويقتسمونها ويبيعونها.
طالب: قوله -عليه الصلاة والسلام- لعمر في الهبة التي وهبت له ....
إيه الهبة أعم من أن تكون للعين، مثل من أعطيها، أعم من العطية.
لا حول ولا قوة إلا بالله ....(140/21)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب الأقضية (14)
باب: القضاء في اللقطة - وباب: القضاء في استهلاك العبد اللقطة - وباب: القضاء في الضوال.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يقول: امرأة ماتت، وتركت تركة، وليس لها أولاد، وعندها إخوان، ومن بين الإخوان أخت لها، وهذه الأخت ماتت بعدها، وولدت بنتاً لها، هل هذه البنت ترث من عمتها أم لا؟
هذه المرأة التي ماتت ولم تخلف أولاد لا ذكور ولا إناث لا تخلو: إما أن يكون لها أبوان أو لا، إن كان لها أبوان فالأب يحجب الإخوة، ويمنعهم من الإرث، وإن لم يكن لها أب ولها أم فيرث الإخوة مع الأم، ويحجبونها من الثلث إلى السدس، المقصود أن بقية الورثة؛ يعني ما ذكر الصورة كاملة، لكن محل السؤال عند السائل هل هذه البنت ترث من عمتها أم لا؟ إذا كان الأخت وارثة من أختها بمعنى أنها مع إخوانها، قد ماتت أختهم التي لا يرثها غير الإخوة مع الأخوات فالأخت ترث من أختها، ما دام ماتت بعدها فهي ترث منها، ثم ما ورثته من أختها ترث منه بنتها.
يقول: لماذا قدم الرسول -صلى الله عليه وسلم- تغيير المنكر باليد في حديث: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده)) مع العلم أن المطلوب الدعوة إلى الله بالتي هي أحسن؟
كأن الأخ فهم من التغيير باليد الضرب، ليس المراد من التغيير باليد الضرب، وإنما المراد منه الحيلولة بين المنكر وبين من يريد ارتكابه، الحيلولة بينهما بالفعل، فإن لم يستطع الحيلولة بالفعل باليد، فإنه ينتقل إلى القول باللسان، فإن لم يستطع فبالقلب، نعم؟
طالب: ولو كان الضرب هو وسيلة. . . . . . . . . لكن ....
على كل حال التعزير شرعي، لكنه. . . . . . . . .
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال مثل هذا يبدأ بالحسنى، يحال بينه وبينه فيغير باليد بالحيلولة، ثم بعد ذلك يأتي دور التوجيه والنصح والإرشاد إذا لم ينته إلا بالتعزير يعزر.
هذا يقول: أريد معرفة جدول الدروس اعتباراً من هذا التاريخ مع غرفة البالتوك؟
هو موجود ومنشور في بعض المواقع.
تفسير السجستاني (نزهة القلوب) هل هو كامل أم لم يفسر القرآن كاملاً؟(141/1)
هو خاص بغريب القرآن، يعني نظر في الكلمات التي يصعب معرفتها على المتعلمين، فاستخرجها من القرآن وشرحها، وهو في جزء لطيف مطبوع ومتداول، وليس بتفسير كامل.
يقول هذا أيضاً: هل يجوز إفراد يوم الجمعة بالصيام لقضاء رمضان؟
الرسول -عليه الصلاة والسلام- لم يستفصل من أم المؤمنين حينما قالت: إنها صائمة يوم الجمعة، بل قال لها: ((صمت أمس؟ )) قالت: لا، قال: ((تصومين غداً)) قالت: لا، قال: ((إذن فأفطري)) فتخصيص الجمعة بالصيام من خلال هذا الحديث من أمرها بالإفطار لا يجوز، وإن كان الفرض له شأنه، لا سيما إذا ضاق الوقت، إذا ضاق عليه الوقت فأرجو أن لا بأس به -إن شاء الله تعالى-.
طالب:. . . . . . . . .
الخميس؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال لا يخصص يوم الجمعة بالصيام، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الذي يظهر -والله أعلم- أنه لا يجوز التنفل قبل أداء الفريضة، قبل الفريضة.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
العلة كونها لا تقضي إلا في شعبان، لماذا لا تقضي إلا في شعبان؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني ما له مكان في صيام النفل؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنها ما دامت تؤخر لمكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمكانه في الفرض والنفل سواء.
طالب:. . . . . . . . .
قولها: كان يكون عليه القضاء هذا لا يلزم منه الاستمرار، الأصل في (كان) أنها للاستمرار، لكن جاء بنصوص كثيرة لا تدل على الاستمرار، يعني قد يكون عليها قضاء فلا تستطيع قضاؤه إلا في شعبان.
طالب:. . . . . . . . .(141/2)
على كل حال المسألة مسألة موازنة بين العبادات المتنوعة، جاءت العبادات متنوعة، تنوع العبادات مقصد شرعي، ومن فضل الله -جل وعلا- أن جعل العبادات متنوعة، والتنسيق بينها والنظر إليها على حد سواء، والأخذ من كل نوع هذا مقصد شرعي، وحينئذٍ لا ينهمك ويترك عبادات هي أولى منه، مثل طلب علم، أو تعليم، بعض الناس لا يستطيع أن يجمع بين طلب العلم والصيام، نقول: اترك الصيام، وبعض الناس لا يستطيع الجمع بين التعليم والصيام، لا يستطيع أن يتصدى لقضايا حوائج الناس لأنهم يحتاجونه إلا بالفطر، نقول له: افطر، وعليه يحمل ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من الحث على الصيام لا سيما مثل صيام داود، وأنه أفضل الصيام، وما فعله -عليه الصلاة والسلام-، نقول: لأن هذا يعوقه عما هو أهم، ويبقى أن فضل صيام داود فيما لا يتعارض مع غيره من العبادات وهكذا.
طالب:. . . . . . . . .
ما فيه مشكلة، صم واحد وعشرين يوم بعد رمضان، أو في شوال.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال المشقة تجلب التيسير، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه؛ لأن من شرط التداخل كما نص على ذلك ابن رجب -رحمه الله- أن لا تكون إحداهما مقضية، والأخرى مؤداة، فلا تتداخل.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن شخص عليه واجب وقصد أن يكون قضاء الواجب في أيام الاثنين المستقبلة؛ لأنه يوم جاء تخصيصه بالنصوص، يعني ما يؤجر على قدر هذه النية؟ لا يؤجر، يؤجر -إن شاء الله-، الأجر باعتبار هذا المقصد لا شك أنه يؤجر، لكن ما نقول: كمن صام يوم الاثنين نفل مع الفرض، لا، لكن تخصيصه هذا اليوم بالقضاء لأنه يوم ورد تخصيصه بالنص يؤجر على قدر هذه النية.
طالب: الفرق بينه وبين العاشر من محرم؟
يؤجر على يوم عاشوراء، لا كمن صام يوم عاشورا، يؤجر على نية التخصيص لا على نية الصيام.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما تحصل، لا، لكنه يؤجر لتخصيص هذا اليوم الخاص المفضل شرعاً.
طالب: الآن لو صام القضاء يوم. . . . . . . . .
تؤجر، لكن ليست كمن صام الست مثلاً، أو من صام الاثنين والخميس. . . . . . . . .(141/3)
هذا من الكويت يقول: بعض الناس عندنا يقولون: إن كتب الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب لا ينبغي أن تدرس لطلبة العلم؛ لأنها سهلة، ويعرفها المسلمون، ولا تفيد طلبة العلم، فما رأيكم فيمن يقول ذلك؟
مؤلفات الإمام المجدد -رحمه الله- لا سيما المختصرات مثل الثلاثة الأصول، والقواعد الأربع، وكشف الشبهات، وآداب المشي إلى الصلاة، لا شك هي اللبنات الأولى، والأسس التي يبنى عليها العلم، فلا بد من دراستها وتدريسها، أما كونها سهلة لأنها مناسبة لصغار المتعلمين.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، لا بد من أن يبدأ بالأصول الثلاثة.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما هو ما ذكر عاد ما يلزم أن يكون كتاب التوحيد منها، هو ما يبي الأصول الثلاثة يقول: سهل، من ربك؟ ما دينك؟ هذا كيف يلقى على الناس؟ يلقى، لا بد من إلقائه.
يقول: نرجو ذكر الأسئلة المطروحة من قبل الحضور؛ لأننا نسمع الجواب دون سماع السؤال مما يسبب لنا إشكال أحياناً.
تبي إذا سأل واحد من الإخوان، أنا أقوله مرة ثانية أو القارئ يقوله باعتبار أنه لديه المكبر، ثم يجاب عليه، ولذا يفضل أن تكون الأسئلة مكتوبة.
هذا يقول: ما الفرق بين العمرى والعقبى؟
لعله يقصد الرقبى، نعم؟ الرقبى، الرقبى من المراقبة، فإذا كانت من طرف واحد، أعطاه هذه الدار ليسكنها مدة حياته، فإن المعطي يترقب ويرقب موت المعطى، تسمى رقبى من هذه الحيثية، وإذا كانت من طرفين كل واحد أعطى الثاني داره ليسكنها مدة حياته، فكل منهما يراقب أو يرقب موت الآخر.
يقول: ما رأيكم فيمن ادعى تحديد ليلة القدر قبل قدوم شهر رمضان؟ هل يدخل هذا في علم الغيب، أم أنه داخل في معنى تحري ليلة القدر؟(141/4)
أما من يرى أن ليلة القدر ثابتة، في ليلة معينة من الشهر، من العشر؛ لأن بعض أهل العلم رجح، منهم قال: هي ليلة واحد وعشرين من كل سنة، ومنهم من قال: ثلاث، ومنهم من قال: سبع، ومنهم من قال .. ، إلى آخره، فمثل هذا محددة، مفروغ منها بالنسبة له، بالنسبة لمن يقلده أيضاً هي مفروغ منها، لكن الذي يرى أنها تنتقل فلا سبيل له إلى تحديدها، ولا شك أنه بهذا التحديد يجني على غيره، وقل مثل هذا فيمن يتداول رسائل تحديد ليلة القدر بناء على رؤى، الرسول -عليه الصلاة والسلام- المؤيد بالوحي ما حددها، بل قصد تعميتها، ولذلك تجده -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((التمسوها في العشر الأواخر))، ((في السبع الأواخر))، ((التمسوها في الأفراد))، ((ليلة إحدى وعشرين))، ((ثلاثة وعشرين)) ((التمسوها في سابعة تبقى، خامسة تبقى، ثالثة تبقى)) كل هذا من أجل أن يجتهد الناس أكبر قدر ممكن، ولو عرفت ليلة القدر بعينها لقامها الناس، وتركوا ما عداها، والمطلوب من المسلم أن يتعبد هذه الليالي كلها.
طالب:. . . . . . . . .
هذه مثله، لا سبيل له إليها، لا يمكن أن يصل إليها.
طالب:. . . . . . . . .
هذا قاله أهل العلم، لكن مع ذلك لا يمكن أن يقطع بهذا إلا بالعلامات التي وردت في النصوص، وهذا بعد انقضائها، لا سيما الشمس التي هي أصح العلامات بعد انقضائها.
طالب:. . . . . . . . .
في تلك السنة.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن عندهم من يكسب هذه الرؤى شرعية، من أين لنا من يكسب هذه الرؤى شرعية؟ اكتسبت الشرعية بإقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، الأذان شعيرة من شعائر الإسلام، أصله برؤيا، لكن كل من رأى رؤيا يصير شرعي؟ أبداً، صارت رؤياه وشرعية بإقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، فإذا وجد الإقرار من النبي -عليه الصلاة والسلام- من المعصوم، من المؤيد بالوحي صارت شرع وإلا فلا، لا يبنى عليها أي حكم.
طالب: بالنسبة لقضية الصيام؟
لا.
طالب: لو أنها صامت مثلاً وجاء اثنين ما هو برمضان، وصامت هذا الاثنين على أنه من رمضان، وفي نفس الوقت أنه اثنين يستحب صيامه؟
لا، لا ما يلزم خلاص رمضان يقضي على كل شيء.
طالب: إذن ما جاز ...(141/5)
ليه؛ لأنه ما فيه خيار، مثل هذا ما فيه خيار تنتقل من الأحد إلى الاثنين، لكن في القضاء بعد رمضان فيه خيار، تنتقل من الأحد إلى الاثنين، من الثلاثاء إلى الخميس تنتقل، فيه خيار، أما في رمضان بقدر الواجب، لكن أنت يمكن تتصور مسألة أخرى، تقول: هذا شخص عنده سفر يوم واحد في رمضان، ويريد أن يفطر إذا سافر، هل يسافر يوم الاثنين أو يسافر يوم الأحد؟ يعني مثل هذه الصورة يمكن تنعكس، يعني هي مطردة في القضاء، لكن تنعكس في مثل هذه الصورة، لو قال: أنا ما أسافر الاثنين؛ لأن يوم الاثنين مرغب في صيامه، وإن كان فرضاً، أما عموم رمضان، رمضان الكامل هذا ما فيه خيار لأحد، لا يختار، لا ينتقل من أحد ولا من جمعة ولا إلى اثنين ولا شيء، بقدر الحاجة، فالتفاضل هنا في حال الاختيار، إذا أراد أن يختار يوماً لسفره في رمضان هل يسافر الثلاثاء أو يسافر الخميس؟ أو يسافر الاثنين أو الأحد؟ يقول: والله ما أنا مسافر الاثنين؛ لأنه جاء الحث على صيامه في غير رمضان، فكيف برمضان؟ نقول: لن يحرمك الله أجر هذه النية، في القضاء فيه اختيار تصوم الأحد أو الاثنين، إن اخترت الاثنين لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- حث على صيام الاثنين وإن كان قضاء لن تحرم هذه النية.
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
مسألة التداخل معروف، لكن لا يعني أنه ما دامت هذه مقضية وهذه مؤداة، أننا نقول: كمن صام الاثنين، لا، إنما لم يحرم أجر هذه النية.
سم.
طالب: ما خلصت الباب ....
العمرى؟
يقول الإمام -رحمه الله تعالى-: "عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم أنه سمع مكحولاً" الدمشقي الإمام "يسأل القاسم بن محمد بن أبي بكر عن العمرى" عبد الرحمن بن القاسم بن محمد سمع مكحولاً يسأل أباه القاسم بن محمد عن العمرى "وما يقول الناس فيها، فقال القاسم بن محمد: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم وفيما أعطوا" قال: هي لك ولعقبك ليس له أن يرجع فيها، هي لك مدة عمرك ليس له أن يرجع قبل موته، الناس على شروطهم، ما أدركت الناس إلا شروطهم وفيما أعطوا.(141/6)
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: وعلى ذلك الأمر عندنا أن العمرى ترجع للذي أعمرها إذا لم يقل: هي لك ولعقبك، وإنما قال: هي لك مدة عمرك، فإنه إذا مات ترجع إلى صاحبها".
قال -رحمه الله-: "حدثني مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر ورث من حفصة بنت عمر دارها، قال: وكانت حفصة قد أسكنت بنت زيد بن الخطاب ما عاشت" يعني عبد الله بن عمر ورث من أخته حفصة أم المؤمنين دارها، التي آلت إليها بعد النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني دارها التي كانت في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو أنها اشترت داراً بعده؟ يعني هل عرف أن أمهات المؤمنين خرجن من بيوتهن بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-؟
طالب: ما هي بدار النبي ....
يعني غير الدار التي تسكنها، مما ملكته، وليس لها وارث غير أخيها عبد الله "ورث من حفصة بنت عمر دارها" رضي الله عنهم وأرضاهم "قال: وكانت حفصة قد أسكنت بنت زيد بن الخطاب ما عاشت" يعني أعمرتها مدة عمرها "فلما توفيت بنت زيد قبض عبد الله بن عمر المسكن، ورأى أنه له" العمرى ترجع للذي أعمرها إذا لم يقل: لك ولعقبك، وهي أسكنتها مدة عمرها فقط، فلما ماتت رجعت، وهنا رجعت إلى الوارث لا إلى المعمِر.
أحسن الله إليك.
باب: القضاء في اللقطة
حدثني مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني -رضي الله عنه- أنه قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن اللقطة، فقال: ((اعرف عفاصها ووكاءها، ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها)) قال: فضالة الغنم يا رسول الله؟ قال: ((هي لك أو لأخيك أو للذئب)) قال: فضالة الإبل؟ قال: ((ما لك ولها، معها سقاؤها وحذاؤها، ترد الماء، وتأكل الشجر، حتى يلقاها ربها)).
وحدثني مالك عن أيوب بن موسى عن معاوية بن عبد الله بن بدر الجهني أن أباه أخبره أنه نزل منزل قوم بطريق الشام، فوجد صرة فيها ثمانون ديناراً، فذكرها لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فقال له عمر: عرفها على أبواب المساجد، واذكرها لكل من يأتي من الشام سنة، فإذا مضت السنة فشأنك بها.(141/7)
وحدثني مالك عن نافع أن رجلاً وجد لقطة، فجاء إلى عبد الله بن عمر فقال له: إني وجدت لقطة، فماذا ترى فيها؟ فقال له عبد الله بن عمر: عرفها، قال: قد فعلت، قال: زد، قال: قد فعلت، فقال عبد الله: لا آمرك أن تأكلها، ولو شئت لم تأخذها.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في اللقطة
واللقطة بضم اللام وفتح القاف، والأصل في هذا الوزن أنه للفاعل، كالهمزة واللمزة، الهامز واللامز، واللقطة الأصل فيها أنه اللاقط، ووهم بعضهم من ضبطها بهذا، وقال: الأصل التسكين، اللقْطة؛ لأن الفتح إنما هو للاقط، وليس للملقوط الملتقط، وهناك فرق بين اللقطة وبين اللقيط، وإن كان الاشتراك في أن كلا منهما ملقوط وملتقط، إلا أن هذا اللقيط في الولد الذي لا يعرف أبوه، يرمى في مكان بحيث لا يعرف أبوه، ولا من ينتسب إليه، وفي الغالب أنه يكون لغير رشدة، إنما هو ولد زنا مثلاً، أو تضيق بوالديه الدنيا ذرعاً، بحيث يخافون أن يموت من الجوع إذا مكث عندهم، ولا شك أن مثل هذه التصرفات محرمة، سواء كان الولد ولد رشدة أو ولد زنية، لا يجوز أن يرمى بحال؛ لأنه نفس لها من الحقوق ما لغيرها، ولا جناية منه إنما جني عليه، جنى عليه من أوجده بطريقة غير شرعية، فعلى هذا لا يجوز الاعتداء عليه بحال، ومن تعرض له أو قتله، وقد حكم بإسلامه، ففيه ما في قتل المسلم، هذا اللقيط، أما اللقطة فهي ما يوجد من الأموال والأمتعة والأعيان التي ينتفع بها، وما يوجد من بهيمة الأنعام يقال له: ضوال، فهذا تفريق عرفي شرعي بين هذه الأمور، فما كان من بني آدم يقال له: لقيط، ومن كان من الإبل فهو ضال، ضالة الإبل، ضالة الغنم، من الإبل أو الغنم أو البقر، يقال له: ضال؛ لأنه يضل، بمعنى أنه يتيه بنفسه، وأما غيره فيُضل يعني يضيع، فيلتقط فهو لقطة.
قال -رحمه الله-: "حدثني مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن" ربيعة الرأي شيخ الإمام مالك
"عن يزيد مولى المنبعث" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الشيء الذي يلتقط.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب: هذا لغة.
إيه لغة وعرفاً وشرعاً.
طالب: شو شرعاً اللقيط؟(141/8)
إيه، هذه الأحكام التفصيلية، يعني في الأحكام التفصيلية يأتي هذا، إذا كان مما تلتفت إليه همة أوساط الناس دخل في الأحكام، إذا كان لا تلتفت إليه همة أوساط الناس، فإنه لا يدخل في هذه الأحكام.
"حدثني مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن يزيد مولى المنبعث" كان اسمه: المضطجع، فسماه النبي -عليه الصلاة والسلام- المنبعث "عن زيد بن خالد الجهني أنه قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وفي بعض الروايات ما يدل على أنه بلال، لكن يبعد هذا أنه جاء في رواية أصح منها: أنه أعرابي، وجاء ما يدل على أنه من جهينة، من جماعة زيد بن خالد.
"جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن اللقطة" يعني ما حكمها؟ وماذا يصنع بها؟
"فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((اعرف عفاصها)) " يعني الوعاء الكيس الذي توضع فيه، ((ووكاءها)) الحبل الذي يربط به الكيس، هذا هو الوكاء، ثم عرفها سنة، يعني ابحث عن صاحبها سنة، في المجامع وعند أبواب المساجد، تقول: من ضاع له كذا، بحيث لا يعرف، بحيث يدعيها غير صاحبها، من ضاع له شيء من المال أو شيء من المتاع، فإذا وصف وصفاً دقيقاً يغلب على الظن أنها له، أعطيها بدون بينة، ومن أهل العلم من يرى أنه لا بد من إقامة البينة، لا يكفي أن يعرف؛ لأنه كما يقولون قد يقع الحافر على الحافر، قد يصفها بدقة، وهي ليست له، لكن هذا نادر، نادر جداً، والنادر لا حكم له، فليس فيه ذكر للبينة، وإن كانت الدعاوى لا بد أن تكون مقرونة بالبينات، هذا هو الأصل، لكن إذا عرفها بدقة، لو جاء شخص قد أضاع ولده أو بنته، أو جاء أكثر من شخص، وولد صغير، طفل رضيع، في الثانية أو في الثالثة من عمره، لا يعرف أباه ولا يعرف .. ، ثم ادعاه أكثر من واحد، ثم وصفه أحدهم بوصف يخفى على غيره، لو قال: فيه أثر في بطنه أو في ظهره، ثم كشف ووجد كما هو، هل يكفي مثل هذا أو لا يكفي؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(141/9)
قرينة مرجحة، لكن لا يقطع بها، لماذا؟ لأنه يحتمل أنه رآه قبل ذلك، واطلع على ما في جسده، ثم أرسله، ليدعي هذه الدعوى المقرونة بما يؤيدها، احتمال قائم، لكن هل يفعل مثل هذا في الأموال، أنه يجد مال، ويفتح الكيس، ويكتب العدد، ويضبط الأرقام والوكاء والعصاف ثم يرميه، ويرقبه من بعيد، بحيث إذا جاء أحد يأخذه قال: هذا مالي، ثم يسرد جميع ما يدل على اختصاصه به، يكفي هذا وإلا ما يكفي؟
طالب: ما يحتاج هذا ....
يأخذها مباشرة.
طالب: يأخذها مباشرة.
لا هو يريد أن يأخذها بحق مثل الشمس، يعني ببينة واضحة، يعني لو أخذها وقد رآه شخص يأخذها وادعاها عليها، وقال: إن هذا أخذ لقطة غير كونه يأتي إلى الملتقط، ويقول: أنا أضعت مالاً مقدراه كذا، في كيس كذا، وفي عفاصه كذا ووكاؤه كذا، لا يتردد أحد في أنه يملكه، على كل حال.
طالب:. . . . . . . . .
لكنه متصور يعني.
طالب:. . . . . . . . .
هاه، لكنه متصور، يعني شخص رأى مال، وليكن في المسجد الحرام مثلاً، وهو ليس عنده من الورع ما يمنعه من هذا، فجاء وفتح المال، ورأى الكيس وعده وكتب الأرقام إلا إذا كان فيه ما يكذب دعواه، ولو جاء بالأرقام، وجدنا بطاقة صاحب المال، وقال: هذا مالي وهذه أرقامه، وهذا كيس، وهذا كذا، فوجدنا بطاقة، هذه الدعوة مقرونة بما يكذبها، وعلى كل حال مثل هذه التفصيلات متصورة ومتوقعة، فعلى الإنسان لا سيما مع فساد الزمان وأهله أن يتحرى أكثر، فعليه أن يتحرى أكثر.
"جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن اللقطة، فقال: ((اعرف عصافها ووكاءها)) " اعرف الوعاء والحبل الذي يربط به ((ثم عرفها سنة)) في المجامع، في محافل الناس، في أماكن اجتماعهم، في أبواب الجوامع، وما قرب من موارد المياه، وما أشبه ذلك، ويقوم مقام ذلك في هذه الأيام الصحف، يعني لو أعلن في وسائل الإعلام أنه لديه مالاً أو متاعاً وجده، ثم بعد ذلك إذا جاءه من يدعيه يختبره، اعرف، ثم عرف.(141/10)
((اعرف عفاصها ووكاءها، ثم عرفها سنة)) وجاء العكس: ((عرفها سنة، ثم اعرف عفاصها ووكاءها)) منهم من يقول: إن (ثم) هذه بمعنى الواو، لا تفيد ترتيب، سواء عرف أو عرف قبل هذا أو هذا ما يضر، المقصود أنه لا بد من الأمرين، يعني حتى لو ما عرف، وقال: عندي مال، قال: صفه لي، ما عفاصه؟ وما وكاؤه؟ ثم رجع إليه وتأكد، نعم، فيكون معرفتها إذا لم يأت أحد خلال سنة، وأراد أن يتملكها يتعرف فيما بعد، فهل التعرف قبل التعريف أو العكس؟ جاء هذا وهذا، فمنهم من يقول: إن (ثم) بمعنى الواو.
طالب: أحسن الله إليك: لو أعلن بالصحف الإعلان على من؟ إذا جاء صاحبها من يدفع قيمته؟
وين؟
طالب: لو أعلن بالصحف أنه ضايعة شنطة بها قروش ... أو وجدت مبلغ من المال من يدفع قيمة الإعلان هل صاحبه ... ؟
لا، إذا أعلن بنية الرجوع، والإعلان لا يضر بالمال يرجع على صاحبه، إيه، كما لو أخذ شيء مما له نفقه، على ما سيأتي في الضوال، وأنفق عليه بنية الرجوع يرجع.
طالب:. . . . . . . . .
لا إذا وضعها في مكان بحيث لا تختلط؛ لأنه جاء نص صحيح: ((عرفها سنة، ثم اعرف وكاءها وعفاصها)) يعني عند إرادتك التصرف فيها، بحيث إذا جاء صاحبها يوماً من الدهر تعيد إليه مثلها، لكن إذا كان التعرف بعد التعريف سنة، وعند إرادة التصرف ما الفائدة في معرفة العفاص والوكاء؟ إنما هو لمجرد اختبار صاحبها.
((فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها)) يغريه بها، منصوب على ... ((وإلا فشأنك بها)) يعني تصرف فيها، وجاء ما يدل على أن هذا التصرف مع الضمان، بحيث لو جاء صاحبها يوماً من الدهر فإنه يدفعها إليه.
طالب:. . . . . . . . .
إغراء.(141/11)
"قال: فضالة الغنم يا رسول الله؟ " عنز أو شاة أو تيس أو خروف ضل عن صاحبه "قال: ((هي لك أو لأخيك أو للذئب)) " لأنه لا يحمي نفسه من صغار السباع، ولا يقوم بما تقوم به حياته بنفسه استقلالاً، فإذا وجدها بعيدة عن أهلها، وخشي عليها من التلف بأن يأكلها الذئب، وفي حكمه بقية السباع، أو يأخذها أخوه، غيره من الناس، فإنه له أن يأخذها "قال: ((هي لك أو لأخيك أو للذئب)) " ويختلفون في ضمانها إذا جاء صاحبها، لكن ليس معنى هذا أنه يتتبع أمثال هذه الضوال القريبة من أهلها التي يغلب على الظن أن أهلها قريبون منها، بحيث يتمكنون من الحصول عليها ووجودها قبل أن تتلف، ليس أن يتربص بها مثل هذا.
((لك أو لأخيك أو للذئب)) هل يضمن أو لا يضمن؟ اقترانه بالذئب، الذئب لا ضمان عليه، فكما أن الذئب لا ضمان عليه إذن هو لا ضمان عليه، وبهذا يقول بعض العلماء، ومنهم من يقول: يأكلها بنية الضمان، بحيث لو جاء صاحبها كغيرها من الأموال، فإنه يضمنها.
((أو لأخيك)) يعني المسلم.
طالب: .... ولا بعد سنة.
لا، لا ما تحتاج سنة، تأكل أكثر من قيمتها خلال سنة.
طالب:. . . . . . . . .
وأنفق عليها بنية الرجوع يأخذ ما أعلفها ويدفعها له.
" ((أو لأخيك أو للذئب)) قال: فضالة الإبل؟ قال: ((ما لك ولها؟ )) " بعض الروايات: غضب النبي -صلى الله عليه وسلم-.
((ما لك ولها)) وفي رواية: ((دعها، معها سقاؤها وحذاؤها)) سقاؤها بطنها، الذي يستوعب الماء الكثير، بحيث تبقى أيام لا تحتاج إلى ماء، وحذاؤها: أخفافها التي تقيها الشوك والحر والحصى، وما أشبه ذلك ((ترد الماء، وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها)) يعني ما عليها خطر، تمتنع من صغار السباع، وتستطيع العيش الأيام بما ركب فيها -جل وعلا-، من ارتفاع وطول بحيث تتناول من الأشجار، وطول في الرقبة ما يمكنها من شرب الماء النازل، أو الأكل من الشجر العالي.
طالب: ضمانها لسنة ....
على كل حال المسألة مسألة غلبة ظن، متى ما جاء يعطى، غلبة ظن.
طالب:. . . . . . . . .
وعرفه.
طالب: عرفه بأوصافه. . . . . . . . . صاحب المال.(141/12)
إذا كانت التركة قد قسمت فلا يعود عليهم، إذا كانت التركة باقية يعود عليها، لا، أحياناً يتضرر الملتقط ضرراً بالغاً، نعم، يجد لقطة مثلاً ألف ريال في كيس، ثم يتصرف بها، ثم يأتي صاحبه بعد سنين والألف كأنه مليون، ما هو الأيام دول؟ الألف أحياناً قيمته مليون، فنقول: ادفع له ألف بالقيمة الماضية أو بالقيمة الحاضرة؟
طالب: كالديون يا شيخ.
كالديون، عليه أن يعطي بقدرها لا زيادة ولا نقصان، ألف، ألف، ما يزيد ولا ينقص، وهذا كما لو نقصت، وصار الألف ما يسوى عشرة، نفس الشيء.
طالب: .... خشي عليها اللصوص.
إذا خشي عليها اللصوص يبلغ عنها؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- غضب غضباً شديداً.
طالب:. . . . . . . . .
لا هو يبلغ عنها، أو بوسيلة مناسبة بحيث لا يخالف النص، لا يلتقطها، إنما يسعى لحفظها بقدر إمكانه.
طالب: سبب غضب النبي -عليه الصلاة والسلام-؟
لأنه كأنه فهم من السائل أنه يريد أن يستولي على أموال الناس التي لا تتلف، ما يتلف مثل الغنم ((لك أو لأخيك أو للذئب)). . . . . . . . . يحمي نفسه، هو يعرف السائل أن الإبل إذا ضلت تعيش، حتى يلقاها ربها، صاحبها.
قال: "وحدثني مالك عن أيوب بن موسى عن معاوية بن عبد الله بن بدر الجهني أنه أباه أخبره أنه نزل منزل قوم بطريق الشام، فوجد صرة فيها ثمانون ديناراً" يعني ذهب مبلغ كبير "فذكرها لعمر بن الخطاب، فقال له عمر: عرفها على أبواب المساجد، واذكرها لكل من يأتي من أهل الشام سنة" يعني عرفها سنة "فإذا مضت السنة فشأنك بها" يعني تصرف فيها بنية الضمان لصاحبها، متى جاء يوماً من الدهر.
"وحدثني مالك عن نافع أن رجلاً وجد لقطة، فجاء إلى عبد الله بن عمر فقال له: إن وجدت لقطة فماذا ترى فيها؟ فقال له عبد الله بن عمر: عرفها، قال: قد فعلت، قال: زد" يعني عرفها الأصل أن يعرفها سنة، فإذا كان عرفها سنة فما معنى قوله: زد؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(141/13)
"قال له: عرفها، قال: قد فعلت" عرفتها "قال: زد، قال: قد فعلت" زدت، نعم؛ لأنه قد فعل من قبل، يعني هذا يدل على أنه أكثر من سنة، أن الزيادة على السنة، وإلا كيف عرف أنها زيادة؟ لو افترضنا أنه عرفها شهر ثم جاء لعبد الله بن عمر قال: زد، قال: زدت، زدت على إيش؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما قال له: عرفها شهر، قال: زدت على الشهر.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذا يدل على أنه عرفها سنة، فقال له: زد، قال: قد فعلت، ولا ما فيه مزيد ومزيد عليه إذا كانت أقل من سنة.
طالب: .... مرتين.
زاد "فقال عبد الله: لا آمرك أن تأكلها، ولو شئت لم تأخذها" أمره بالزيادة، كأنه فهم من حاله التقصير في التعريف، يعني ما عرفها كما ينبغي التعريف الشرعي، أو في المكان الذي ينبغي أن تعرف به "فقال: زد" كما أمر المسيء في صلاته، النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر المسيء، قال: ((صل فإنك لم تصل)) جاء ثانية، فقال: ((صل فإنك لم تصل)) لأنه لم يصل الصلاة الشرعية، وهنا لم يعرف التعريف الشرعي "فقال عبد الله: لا آمرك أن تأكلها" هو يريد فتوى من ابن عمر أن يأكلها، فتوى "قال: لا آمرك" اصنع بها ما شئت؛ لأنك في الأصل لست ملزماً بأخذها، فتلزم بأكلها، أنت من الأصل يعني لو وجدتها وتركتها.
طالب: حتى لو غلب على ظنه. . . . . . . . .
هو في هذه الحالة محسن، لكن لا يلزم، فإذا كان الأصل غير لازم، فالفرع غير لازم.
طالب: يعني ما يلزم من كون الملتقط لا يلزمه أن يلتقط أنه لا يلزمه أن يأخذها، بدليل النذر، الإنسان لا يلزمه النذر، ولكن إذا نذر يوفي.
لا هذا على خلاف أصل جميع الفروع، النذر جاء على خلاف الأصل، معروف يعني، ومن أعجب المسائل أن تكون الوسيلة مكروهة والغاية واجبة، لكن هنا لو قال: أنا أريد أن أحتفظ بها مدة العمر، ما أنا متصرف، يلزم بأكلها؟
طالب:. . . . . . . . . الحج والعمرة، فهو لا يلزمه ابتداء ...
الآن هو لحظه هذا، الشرع يبيح له أن يتصرف، يقول: ما أنا متصرف، يلزم بالتصرف؟ يقول: أنا عرفتها سنة، وزدت على ذلك، ومستعد أعرفها عشرين سنة، ثلاثين سنة، نقول: إلا تتصرف؟ يقول: "لا آمرك أن تأكلها، ولا شئت لم تأخذها" نعم؟(141/14)
طالب: إذا عرفها سنة.
بنية الضمان، إن جاء صاحبها يوماً من الدهر فتردها إليه.
طالب:. . . . . . . . .
أول الأمر يومي لمدة أسبوع، ثم في الأسبوع مرتين ثلاث، ثم في كل أسبوع، ثم في كل شهر؛ لأنه كلما الفرصة تتضاءل في وجوده.
طالب: يلزم الفور في التعريف بها.
إيه لا بد من تعريفها؛ لئلا يتفرق الناس.
طالب:. . . . . . . . .
يعرفها أول ما يلتقطها، ثم في اليوم الثاني، ثم في الثالث، وهكذا، نعم.
أحسن الله إليك:
باب: القضاء في استهلاك العبد اللقطة
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في العبد يجد اللقطة فيستهلكها قبل أن تبلغ الأجل الذي أجل في اللقطة وذلك سنة: إنها في رقبته، إما أن يعطي سيده ثمن ما استهلك غلامه، وإما أن يسلم إليهم غلامه، وإن أمسكها حتى يأتي الأجل الذي أجل في اللقطة، ثم استهلكها كانت ديناً عليه يتبع به، ولم تكن في رقبته، ولم يكن على سيده فيها شيء.
العبد المملوك عند الجمهور أنه لا يملك ولا يتصرف، وعند مالك أنه يملك بالتمليك، وله شيء من التصرف أوسع مما له عند جمهور أهل العلم، فإذا وجد العبد لقطة فتصرف فيها قبل أن يعرفها، أو قبل الحول، قبل السنة، ثم جاء صاحبها، فالسيد مخير بين أن يدفع هذه اللقطة، هذا المال أو يدفع العبد؛ لأن اللقطة أحياناً تكون أكثر من قيمة العبد، فيتضرر السيد، يدفع العبد، وأحياناً تكون اللقطة أقل من قيمة العبد فيدفعها، إذا كان التصرف فيها من قبل العبد بعد تمام السنة، فليس على السيد شيء، لماذا حمل السيد في الصورة الأولى دون الثانية؟ لأن تصرفه في الصورة الثانية شرعي، تصرفه في الصورة الأولى غير شرعي، فعلى السيد أن يكفه عن هذا التصرف، إذا عرفها سنة ثم استمتع بها، تصرف فيها، فإن السيد يبرأ من عهدتها، وتكون ديناً على العبد يتبع به متى حصله، وقلنا: يملك أو متى عتق، وصار يملك على قول الجمهور، ولم تكن في رقبته لم تتبع رقبته، وإنما دين في ذمته، ولم يكن على سيده فيها شيء.
طالب: .... عند السيد.
لكن على السيد أن يحيط بما يتصرف فيه العبد، لا لا الغنم مع الغرم، هو مستفيد منه عليه أن يحفظه.
طالب:. . . . . . . . .
كما لو جنى، نعم.
أحسن الله إليك.(141/15)
باب: القضاء في الضوال
حدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن ثابت بن الضحاك الأنصاري أخبره أنه وجد بعيراً بالحرة فعقله، ثم ذكره لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فأمره عمر أن يعرفه ثلاث مرات، فقال له ثابت: إنه قد شغلني عن ضيعتي، فقال له عمر: أرسله حيث وجدته.
وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال وهو مسند ظهره إلى الكعبة: من أخذ ضالة فهو ضال.
وحدثني مالك أنه سمع ابن شهاب يقول: كانت ضوال الإبل في زمان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إبلاً مؤبلة تناتج لا يمسها أحد، حتى إذا كان زمان عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أمر بتعريفها، ثم تباع، فإذا جاء صاحبها أعطي ثمنها.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القضاء في الضوال
إذا كانت اللقطة في الأموال غير بهيمة الأنعام فالضوال إنما هي في بهيمة الأنعام، في الإبل والبقر والغنم، والإبل والغنم جاء بيانها في النصوص، وأما بالنسبة للبقر فهل حكهما حكم الإبل؟ أو حكمها حكم الغنم؟ شخص وجد بقرة ضالة، في مكان ليس حوله أحد، هل نقول: هي لك أو لأخيك أو للذئب؟ أو نقول: دعها ما لك ولها؟ أو نلحقها بالأموال الأخرى؟ تؤخذ وتعرف سنة، فنحتاج في مثل هذا إلى قياس الشبه، فنلحق البقرة بأقرب الأموال شبهاً بها، هل هي مثل الغنم لا تمتنع من صغار السباع؟ أو مثل الإبل تمتنع بقرونها، وبطنها يحتمل من الماء أكثر مما تحتمله الغنم؟ أو نقول: في الأصل مثل الغنم لا تصبر صبر الإبل؟ فهي مترددة بين أصلين، بين الإبل وبين الغنم.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكنها في الغزو تختلف عنها، في المغانم قسم المغانم الإبل عن عشرة، والبقرة عن سبعة، يعني لو نظرنا إلى واقع البقر هل هي مثل الإبل ترد الماء وتأكل الشجر، وتمتنع من السباع؟ ليست مثلها، أبداً، حتى صبرها عن الأكل والشرب ليست كالإبل، فهل تأخذ حكم الغنم، لك أو لأخيك أو للذئب؟ أو نقول: هي أقوى من الغنم؟ ليست مثل الغنم، فإذن يكون حكمها حكم الأموال الأخرى؟(141/16)
طالب: هي مترددة بين أصلين فتكون أقرب إلى الأصل، مثلاً إذا كانت في مكان فيه ماء وفيه سباع، هي تستطيع أن تدافع عن نفسها في السباع .... فتأخذ حكم الإبل، وإذا كانت ليس فيه سباع .... العكس ...
يعني يغلب على الظن أنها تبقى، فتأخذ حكم الإبل، أو يغلب على الظن أنها تتلف فتأخذ حكم الغنم.
طالب: حتى الإبل يا شيخ إذا كانت في مكان فيه سباع ....
لكن المسألة مسألة حكم أغلبي، وهذا نص من الشارع.
طالب: التفريق ما. . . . . . . . .
لا التفريق عند أهل العلم معروف في مسألة الامتناع من صغار السباع معتمد عندهم، وجعلوا الدليل عليه الإبل.
طالب: بالنسبة للبقر ما ينطبق عليه.
على كل حال هي مترددة بين الأصلين، فتلحق بأقربهما شبهاً، فهل هي أشبه بالغنم أو أشبه بالإبل؟ أو نقول: على حد سواء؟ يعني فيها من الضعف ما يلحقها بالغنم، وفيها من القوة ما يلحقها بالإبل، والضعف والقوة على حد سواء، فيستمر الإشكال، يعني لولا أن النص جاء في الغنم لصارت مثل الدراهم والدنانير؛ لأنها مال، ولولا أن النص جاء في الإبل لقلنا: إنها مثل الدراهم والدنانير؛ لأنها مال، فالإبل والغنم أخرجها النص فتبقى البقر على الأصل.
طالب: الصقور. . . . . . . . .
لا، إذا استرسلنا في الطيور فالطيور التي في البيوت، نعم، تطير من هذا البيت وتنتقل إلى البيت الآخر، أو الثاني أو الثالث أو إلى حي آخر، فيه بعد أنواع من الحمام تجذب غيرها.
إيش يقول أبو عبد الله؟
نعم أصحاب الخبرة يحرصون على الجذاب.
طالب:. . . . . . . . .
لكن أدركت شيئاً من هذا، كان موجود ومستفيض عند الناس، هذا جذاب وهذا جذب، يسمونه جذب، وأنا ذهبت إلى بلد من البلدان فوجدت إعلان مكتوب ببخاخ على الجدار "من ضاع له حمام جذب فهو موجود عندنا".
طالب:. . . . . . . . .
لا جذب، يعني مجذوب، والجذاب صيغة فاعل، لا هذه تدخل دخول واضح فيما نحن فيه، دخولها واضح، يعني طارت الحمامة ووقعت على الجيران أو غيرهم، نعم؟
طالب: لقت حب زين وقعدت فين تروح؟
لا أحياناً يضعون لها ماء بسكر فتبقى.(141/17)
على كل حال مثل هذه تعرف بطريقة هذا الشخص، لكنها بطريقة مشوهة للجدار، ببخاخ وكاتب بخط كبير "من ضاع له حمام فهو لدينا، الجذب موجود عندنا" حتى بطريقتهم وتعبيرهم، فهذا يحتاج إليه مثل هذا التعريف، لا نقول: إن الحمام مثل الغنم أو مثل الإبل أو مثل .. ، تعاد إلى القاعدة العامة في الأموال.
طالب:. . . . . . . . .
وعليها ما يدل على صاحبها؟
طالب: لا، لا، رموز .... مهاجرة فوجودها ...
إيه لمالك أو ليست لمالك؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال تُبحث في وقت إن لقيت شيء؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، اللي يكثر مسألة الحمام كثير هذا عند الناس، أما مسألة الصقور فهي ...
الضوال يمدينا -إن شاء الله- والذي يليه.
قال مالك -رحمه الله-: "عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار" أحد الفقهاء السبعة "أن ثابت بن الضحاك الأنصاري أخبره أنه وجد بعيراً بالحرة فعقله" الأصل أن يتركه "ثم ذكره لعمر بن الخطاب فأمره أن يعرفه" ما دام عقله وتصرف فيه يتحمل التبعة، وإلا الأصل أن يتركه "فأمره عمر أن يعرفه ثلاث مرات" يعني ثلاث مرات في اليوم، أو ثلاث مرات فقط ثم بعد ذلك يتصرف فيه؟ فعرفه "فقال له ثابت: إنه قد شغلني عن ضيعتي" يعني افترضنا شخص مثلاً ذاهب إلى عمله في دوامه أو في دكانه، ثم وجد لقطة فقيل له: عرفها، فقال: هي تشغلني عن عملي "فقال له عمر: أرسله حيث وجدته" لأن الأصل فيه أنه لا يلتقط، لكن لو وجد مبلغ من المال وأخذه، فقيل له: عرفه، في كل يوم تأتي إلى هذا المكان وتعرف، قال: هذا يشق علي، هل نقول: ضعه في مكانه؟ أو نقول: لا بد أن تعرفه؟ لأن الأصل في الإبل أنها ترسل، تترك.
فقال له عمر لما اعتذر قال: اتركه، لكن وبعدين عقله في مكانه، بحيث لو جاء صاحبه وجده، أما بالنسبة للمال الذي أخذه الملتقط، وجد كيس فيه نقود، فذهب فيه إلى بيته باعتبار أنه يتملكه، فقيل له: لا، لا بد أن تعرفه لمدة سنة، قال: لا، ما لي وله أرجعه، لكن المكان بعيد، اليوم ما يمدينا بكره أرجعه، نقول: لا، يلزمك تعرف ما دام أخذت، يلزمك أن تعرفه ما دام أخذته، أما لو تركته فلا أحد يلزمك بأخذه.(141/18)
"وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قال وهو مسند ظهره إلى الكعبة: من أخذ ضالة فهو ضال".
والحديث صحيح مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهذا يدل على التحذير من أخذ الضالة لا سيما الإبل، التي غضب النبي -عليه الصلاة والسلام- لما قيل عنها.
طالب:. . . . . . . . .
مثل هذه تودع في بيت المال.
طالب: الأراضي ....
على كل حال إذا كان الموهوب يعرف أنها ملك لأناس خاص، ملك خاص لا يجوز له تملكها، ولا يجوز للواهب أن يهبها، أن يقطعها.
طالب:. . . . . . . . .
أعرف الدولة لا يجوز لها أن تقطع شيئاً مملوكاً لأناس خاصين.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه يكتب عليها أن هذه ....
طالب:. . . . . . . . .
إيش يدريهم أنها مملوكة؟
طالب: .... تكون مملوكة.
إيه هذا يروح إلى المحكمة ويدبر نفسه.
طالب: وضاعت أوراقه.
إيه يروح المحكمة.
طالب: بس فيه ناس تلتقط من هذا.
هذه عند المحكمة، قضائية المسألة، إخراج الصكوك، وحجج الاستحكام كلها عند المحكمة.
قال: "وحدثني مالك أنه سمع ابن شهاب يقول: كانت ضوال الإبل في زمن عمر بن عمر الخطاب إبلاً مؤبلة" يعني مقتناة لأناس معروفة، وفي الغالب أن عليها الوسم، لكن إذا اشتراها للقنية، ثم بعد ذلك انفلتت منه وضلت قبل أن يسمها، أو وسمها بوسم قبيلة فادعاها أكثر من واحد من هذه القبيلة "إبلاً مؤبلة تنتاج" يعني ينزو بعضها على بعض، فيحصل منها النتاج.
"لا يمسها أحد" تترك، للنهي عن التقاطها "حتى إذا كان زمان عثمان بن عفان" وكثرت المخالفة من الناس لما طال بهم العهد، فصاروا يلتقطون، إما مخالفة عن عمد أو جهل "فصاروا يلتقطون أمر عثمان بتعريفها" كما أمر عمر -رضي الله عنه- ثابت بن الضحاك أن يعرفها، ما دام التقطها يلتزم باللازم يعرف، ولو تركها ما أمر بأخذها.(141/19)
"حتى إذا كان زمان عثمان بن عفان أمر بتعريفها ثم تباع" في زمن عمر لا يمسها أحد، لكن هناك قضايا فردية مثل قضية ثابت عقلها، فقال له: عرفها، في زمان عثمان فطال العهد بالناس، وجهل الناس الحكم، وبعضهم يتعمد مخالفة للتساهل، المقصود أن عثمان -رضي الله عنه- عاملهم معاملة سائر الأموال، فأمر بتعريفها ثم تباع "فإذا جاء صاحبها أعطي ثمنها".
طالب: كان يعمل ....
من؟
طالب: عثمان.
مقتضى النص لا، أن الناس التقطوها، فأمرهم بتعريفها، أو أخذها منهم، أخذها منهم -رضي الله عنه وأرضاه- ثم بعد ذلك جعل من يعرفها.
طالب: أبلغ يا شيخ وإلا أكمل؟
بلغ، بلغ ....(141/20)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ – كتاب الأقضية (15)
باب: صدقة الحي عن الميت
وكتاب: الوصية - باب: الأمر بالوصية
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا وللسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: صدقة الحي عن الميت
حدثني مالك عن سعيد بن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة عن أبيه عن جده أنه قال: خرج سعد بن عبادة -رضي الله عنه- مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض مغازيه، فحضرت أمه الوفاة بالمدينة، فقيل لها: أوصي، فقالت: فيم أوصي؟ إنما المال مال سعد، فتوفيت قبل أن يقدم سعد، فلما قدم سعد بن عبادة -رضي الله عنه- ذكر ذلك له، فقال سعد: يا رسول الله هل ينفعها أن أتصدق عنها؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم)) فقال سعد: حائط كذا وكذا صدقة عنها لحائط سماه.
وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رجلاً قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن أمي افتلتت نفسها، وأراها لو تكلمت تصدقت، أفأتصدق عنها؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم)).
وحدثني مالك أنه بلغه أن رجلاً من الأنصار من بني الحارث بن الخزرج تصدق على أبويه بصدقة، فهلكا، فورث ابنهما المال، وهو نخل، فسأل عن ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((قد أجرت في صدقتك، وخذها بميراثك)).
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: صدقة الحي عن الميت(142/1)
وماذا عن صدقة الحي عن الحي؟ إنسان يتصدق من ماله لأبيه أو لأمه سواء كان حيين أو ميتين، الأخبار التي ذكرها المؤلف -رحمه الله تعالى- تحت هذه الترجمة مطابقة للترجمة، وهي صدقة حي عن الميت، والصدقة يصل ثوابها بالاتفاق، كما أن الدعاء أيضاً مجمع عليه بين أهل العلم، والحج والعمرة عمن عجز عنهما كذلك، والخلاف فيما عدا ذلك من سائر القرب، مما يتقرب به إلى الله -جل وعلا-، هل يصل أو لا يصل؟ الجمهور على أن من كسب ثواباً من جراء قربة وبسببها، ثم أهدى الثواب لحي أو ميت وصلت، وصل الثواب، فلو قرأ القرآن مثلاً وختمه، وقال: ثواب هذه الختمة لأبي أو لأمي أو لجدي أو لخالي، على قول الأكثر يصل، على أنهم يتفقون أنه لا يصلي أحد عن أحد، والصيام محل خلاف بين أهل العلم، وفيه حديث: ((من مات وعليه صوم صام عنه وليه)) في الحديث الصحيح، فمنهم من يقول: الصيام كالصلاة عبادة بدنية لا تصح النيابة فيها، وإنما المراد بالحديث: من مات وعليه صوم صام عنه وليه فيخرج عنه ما يقوم مقام الصيام، يقول: الصيام متعذر في حق المنوب عنه بموته، فهو متعذر في حق النائب، وإذا تعذر في حق المنوب عنه أخرج عنه الطعام، فلو أخرج عنه طعاماً كان كمن صام عنه؛ لأن البدل له حكم المبدل، ولا شك أن هذا تكلف ظاهر، وظاهر الحديث يدل على أن الصيام يقبل النيابة في مثل هذه الصورة.(142/2)
فمن مات وعليه صوم جمع من أهل العلم يرون أنه لا يصام عنه، بل يطعم عنه؛ لأن الصيام عبادة بدنية كالصلاة لا تقبل النيابة، ومنهم من يقول: يصام عنه مطلقاً، مات وعليه سواء كان الصوم واجباً بأصل الشرع، أو مما أوجبه الإنسان على نفسه، مات وعليه قضاء من رمضان يصام عنه، يصوم عنه وليه، مات وعليه نذر يصوم عنه وليه، والمعروف عند الحنابلة أن مثل هذا إنما يكون في صوم النذر خاصة؛ لأن ما وجب بأصل الشرع من الصيام كالصلاة لا يقبل النيابة، وأما ما أوجبه الإنسان على نفسه فإنه حينئذٍ يقبل النيابة، لا سيما وأن في بعض طرق الحديث ما يدل على أن الصوم المسؤول عنه صوم نذر، فرق بين ما وجب في أصل الشرع مثل هذا لا يقبل النيابة، وما أوجبه الإنسان على نفسه كالنذر فإنه يقبل النيابة، وهذا معروف عند الحنابلة، ورجحه شيخ الإسلام وابن القيم، وجمع من أهل العلم، ويقولون: إنه هو الجاري على القواعد، واختصاصه بالنذر لأنه ورد في بعض طرق الحديث ما يدل على أن المسوؤل عنه نذر، هذا بالنسبة إلى الصلاة والصيام، وأما الحج ففيه: أن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة، فقال: ((حج عن أبيك)) وفي رواية: ((حجي عن أمك)) المقصود أنه ورد فيه أكثر من نص، وأنه يقبل النيابة في مثل هذه الصور، وفي رواية: ((واعتمر)) والعمرة حكمها حكم الحج تقبل النيابة في حال العجز عنها، لكن في حال الصحة تقبل النيابة أو لا تقبل النيابة؟ أبوه صحيح شحيح، لكنه لا يريد أن يكلف نفسه، فيريد ابنه أو يدفع لمن يحج عنه أو يعتمر عنه؟
طالب: نفل أو فرض؟
نعم المسألة مفترضة في الفريضة، الفريضة لا تقبل النيابة، ولذا لا بد فيها بالنسبة للمستطيع ما هي محل نزاع، النافلة مثلاً.
طالب: محل الخلاف في النافلة؟
هل يحج عنه ويعتمر عنه وهو قادر على ذلك؟ أو شخص مثلاً وهذا يجري كثيراً الآن لأنه في ليالي العشر من رمضان، تجد من الطلاب المغتربين هناك في مكة من يحج عنك في رمضان بمائة ريال.
طالب: يعتمر.
يعتمر عنك نعم، وهي حجة، عمرة في رمضان تعدل حجة.
هذا تبرير لسبق اللسان ما يخالف.(142/3)
على كل حال يريد أن يعتمر عنه، في رمضان بمائة ريال، ويقول: سهل أنا أدفع مائة ريال، لكن هل هذا مشروع أو غير مشروع؟ نعم؟
طالب: .... صدقة الحي عن الحي.
أيو؟
طالب:. . . . . . . . .
خلنا نشوف هذا. . . . . . . . .
طالب:. . . . . . . . . لأن الحج عبادة بدنية مالية، وبعضهم قال: إنها بدنية مالية بما أنه بماله فينيب عنه. . . . . . . . .
يعني المال يقبل النيابة كالصدقة، المال المحض يقبل النيابة بلا خلاف، والعبادة المحضة لا تقبل النيابة، والعبادة المشوبة بين المال والبدن تكون مترددة بين أصلين، فهل تلحق بالمال باعتبار أن فيها نفقة وفيها بذل للمال، أو تلحق بالعبادة البدنية باعتبار أن العمل كله بل جله على البدن؟ المسألة معروفة أنها خلافية، هل يحج عن والده المستطيع؟ هل يحج عن أمه المستطيعة القادرة؟ أو يحج عمن مات من أبويه وقد حجا حج الفريضة، ولم يبق سوى النافلة؟ والسؤال الوارد في أصل المسألة الذي هو حديث وقبول النسك للنيابة إنما هو في الفريضة "إن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً، لا يثبت على الراحلة" فقبوله النيابة في مثل هذه الصورة لا إشكال فيه، لكن ما عدا ذلك من الصور إما ميت قد حج الفريضة، أو حي حج الفريضة وأراد ولده أن يبر به فيحج عنه نفلاً، أو يستأجر من يحج عنه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذه ما فيها إشكال، قلنا: إهداء الثواب أي قربة، جمهور أهل العلم على وصولها.
طالب:. . . . . . . . .
انتهينا من مسألة إهداء الثواب بجميع التفاصيل، لو صلى وقال: ثواب هاتين الركعتين لفلان عند الجمهور صحيحة، ما دام ملك الثواب فيما يغلب على ظنه المرتب على هذه العبادة، ثم أهداه إلى غيره، الجمهور على أنه يصل.
طالب:. . . . . . . . .(142/4)
لا، ما هو ... ، يقول: لبيك عن فلان، لا ونأتي إلى مسألة تكثر وهي مسألة حج وعمرة الصبيان، يعني الناس عموماً يعني أعرف، بل كل من عرفته ممن يسأل وممن لا يسأل، يحجون بصبيانهم، ويعتمرون بهم، ويقولون: حجة فلان لفلان، لجدي فلان، وعمرة فلان لجدتي فلانة، ولخالي فلان الذي لم يحج، وهكذا، يفعلون هذا بكثرة، بحيث يقال للصبي: قل: لبيك عمرة عن فلان، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما رفعت له المرأة الصبي، قالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: ((نعم، ولك أجر)) فهل الذي يهدى لهذا القريب من جد أو أب أو عم أو خال هل الذي يهدى الحج؟ قال: ((نعم)) له حج، من الذي يملك إهداء هذا الحج الذي لهذا الصبي؟ ((ولك أجر)) إن أهدت أجرها الذي حصلت عليه بسبب حجها بهذا الصبي هذا يدخل في المسألة الأولى، إهداء الثواب.
طالب: أصحاب البدع يا شيخ من وين دخلوا في مسألة الإهداء؟ هل هو من الاستئجار؟
ما هم أهل البدع، إهداء الثواب ما فيه إشكال، يعني جمهور أهل العلم.
طالب: أنا أعلم يا شيخ، لكن مثلاً. . . . . . . . .
هو قول معتبر عند أهل العلم أنه لا يصل ثواب أي عبادة ولا إهداء ولا شيء إلا ما جاء فيه النص، إلا ما ورد فيه النص، وبعض المشايخ ممن يرى هذا القول، ويرى هذا الرأي، وفي جماعة المسجد الذي يأمه شخص عامي كثيرة التلاوة، يقرأ القرآن باستمرار، وإذا انتهى من ختمة قال: أهدي ثوابها لوالدي، وإذا انتهى من الثانية لأمي، لخالي، لعمي، لجدتي ... الخ، فينكر عليه هذا الشيخ ويقول: إن هذا بدعة، ما ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا عن سلف هذه الأمة، يقول: بدعة، قال: أنا لا أحتكم إليك، ولا آخذ رأيك، أنا الآن حصلت على الثواب وأهديته لأبي، والله -جل وعلا- لن يظلمني، إن قبله عن فلان وإلا رجع إلي، إن كان يصل بها ونعمت، ما يصل بيرجع لي ما هو بضايع.
طالب:. . . . . . . . . هذه حجة العامي هذا بيع وشراء. . . . . . . . .(142/5)
لكن مسألة الثقة بالله -جل وعلا- شيء، ومسألة الاتباع شيء آخر؛ لأن الدين دين اتباع، شرط قبول العمل أن يكون موافقاً لما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني مثل هذا قد يعجب الله -جل وعلا- لحاله ويجري ما أراد على ما أراد سبحانه، الله -جل وعلا- فضله عظيم، ومثل هذا أيضاً العامي، إذا كان قد اقتدى بمن تبرأ الذمة بتقليده من شيوخه، كلهم يقولون بهذا، معروف هذا، ما هو بمستحيل، ما جاءت من فراغ يعني، يعني العامي ما ابتدعها من نفسه، إنما أفتاه من أفتاه ممن تبرأ الذمة بتقليده، فكون الإنسان لا يرى هذا الرأي لا يعني أن الناس كلهم يلزمون به، لا، المقصود أن مثل هذه المسائل التي يختلف فيها أهل العلم، يعني يحرص الإنسان على ما اتفقت عليه الأمة، وما ورد فيه النص، فالصدقة لا إشكال فيها، ولا يخالف فيها أحد، أيضاً الصيام صيام النذر ورد فيه الحديث الصحيح، الحج حج الفريضة إذا كان المكلف عاجزاً عنها وحج عنه، فلا شك أن هذا الحج صحيح، وما عدا ذلك مما يختلف فيه من العبادات البدنية التي يختلف هل تقبل النيابة وإلا لا تقبل؟ لا يلزم أن يقوم بها بنفسه، وإن أهدى ثوابها بعد حصوله عليه، فقول أكثر أهل العلم على وصوله، ولو كانت بدنية محضة.
شخص مريض، وعنده أموال طائلة، مريض وعنده أموال طائلة، فأصيب بإغماء فقيل لولده: إن الصدقة ... ((داووا مرضاكم بالصدقة)) فتصدق عن هذا المريض من ماله، من مال المريض، الصدقة صحيحة وإلا ليست صحيحة؟
طالب: ليست بصحيحة.
نعم؛ لأنه تصرف بما لا يملك، وبمجرد ارتفاع التكليف عنه لا يصح التصرف بماله، إلا في الواجبات التي تلزمه شرعاً على نظر الحاكم، على نظر القاضي، التصرفات والنفقات الواجبة عليه تخرج، الزكوات تخرج، وأما ما عدا ذلك من الصدقات والنوافل فلا، نعم إن تصدق الولد من ماله عن أبيه فيحمد على هذا، ويرجى قبوله -إن شاء الله تعالى-.
طالب:. . . . . . . . .(142/6)
والله لو أهدى الثواب كان نوع من البر لوالديه، والله -جل وعلا- فيما يغلب على الظن أن هذا له حكم الدعاء، يدعو لفلان، ولا يقول: شح بهذا الدعاء، وادع لنفسك. لا يقال: شح بهذا الدعاء، فإذا أهدى الثواب لغيره لن يعدم -إن شاء الله تعالى- لأن حكمه حكم الدعاء، أن يكون له مثله، نعم؟
طالب: ما الفرق بين الصدقة بالمال بين إهداء الثواب. . . . . . . . .
الصدقة بالمال؟ تخرج هذا المال صدقة لله -جل وعلا- عن فلان.
طالب:. . . . . . . . .
إهداء الثواب تتصدق بها عن نفسك، ثم بعد ذلك تقول: ثواب هذه الصدقة لفلان، في مثل الصورة قريب من الصوري.
طالب:. . . . . . . . .
بلى.
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . ما شرع الله -جل وعلا-؛ لأن لهذا الولد ذمة يؤاخذ عليها، ويؤجر عليها، مستقلة عن ذمة والده.
من عوام المسلمين وهذا موجود بكثرة إذا قدم الطعام سواء كان للأسرة أو لضيوف، يقول: اللهم اجعل ثوابه لفلان، أو تقول المرأة هذا مسلوك عندهم.
طالب: وعشاء الوالدين؟
نعم عشاء الوالدين هذا في الاثنين والخميس، كل اثنين وخميس من رمضان، يهدى ثواب هذا الطعام للوالدين، مسألة إهداء الثواب معروفة، لكن التحديد بيوم معين، أو بنوع معين من الطعام، أو بلون معين، يحتاج إلى نص.
طالب:. . . . . . . . .
ذكرنا هذا، ورد في رواية الخبر ما يدل على أنه نذر.
طالب:. . . . . . . . .
إيه؛ لأن العموم هذا معارض بنصوص أخرى، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الحج باعتبار أنه ورد فيه ما يدل على قبول النسك للنيابة في الجملة، ما يدل على قبول النسك للنيابة فبابه أوسع من الصيام، والصيام أوسع من الصلاة وهكذا.
الزكاة لو وجبت الزكاة على الوالد والوالد شحيح، فتبرع بها الابن تجزئ وإلا ما تجزئ؟
طالب:. . . . . . . . .
هي تجب في عين المال ولها تعلق بالذمة.
طالب: العين. . . . . . . . .
هو مسألة عين المال ترى ظهورها في الزروع والثمار وغيرها ظاهر، لكن في التجارات؟ حينما نقول: عين المال صاحب بقالة نقول: طلع من كل عين من أعيان المال زكاته؟
طالب:. . . . . . . . .(142/7)
حينما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- عن زكاة العباس: ((هي علي ومثلها)) هذا لفظ الصحيح، نعم فيه روايات أخرى تدل على أنه تعجل زكاة سنتين، اللي هو العباس، أخذها منه النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن مثل هذا لا يدل على أنها تقبل النيابة، لو دفعها إنسان بطوعه واختياره، وكذلك الكفارات، وقل مثل في زكاة الفطر، أب له أبناء مكلفون يستطيعون على دفعها، أو ابن كبير يريد أن يدفع عن والديه يقال: لا تدفع؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هل الكفارات لو تبرع بها أحد؟ لو تبرع عليه كفارة يمين قال: أنا أدفعها عنك تجزئ وإلا ما تجزئ؟ مع علمه بذلك، وانتفاء المنة؟
طالب:. . . . . . . . .
هو بيدفع لو ما وجد أحد يدفع عنه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، كثير من الأولاد من شفقتهم على أبيهم، وعظم الزكاة، عظم شأن الزكاة في الشرع، يقول: زكاة والدي مثلاً خمسة وعشرين ألف عنده مليون بخزنه، أنا أدفع إذا كانت تقبل النيابة، فيستصحب مسألة ما إذا لو لم يوجد مثل هذا لدفعها الأب، الأمر سهل، لكن إذا كان رافضاً الدفع، ثم دفعها الابن مثل هذا تقبل النيابة، إذا رفض الأب دفع الزكاة فأخرجها الابن حينئذٍ لا تبرأ ذمته، وإذا مات الأب وعليه زكاة، مات الأب وأولاده يعرفون أنه خلال عشرين سنة الزكاة ما يخرج ربعها، وهذا يوجد عند الناس، يوجد، يعرف الابن الحريص صاحب التحري أن والده ما يخرج الزكاة بدقة، فلما مات قالوا: نحسب السنوات الماضية، ونخرج الزكاة إبراءً لذمة الوالد، المال معروف أنه انتقل من ملك الوالد إلى ملك الورثة، فإن جادوا به، واتفقوا على ذلك، وسألوا الله -جل وعلا- أن يبرئ والدهم، وأن يعفو عنهم لعل وعسى مثل تصحيح الوصية التي فيها جنف، تصحح بعد وفاته، ويرجى أن يصله شيء من آثار هذا التصحيح.
طالب:. . . . . . . . .
لكن لو قالوا: إن الزكاة الأخيرة لكن هو مصر على عدم إخراج الزكاة خلال سنوات.
طالب: هذا ما يزكى عنه يا شيخ، ليش يزكى عنه وهو مصر؟
من شفقة الولد.(142/8)
طالب: يتصدقون عنه، يتصدقون عنه صدقة، لكن هو إذا كان مصر ما يزكي هذا بينه وبين الله، هذا تحت المشيئة، لكن يتصدقون عنه لعل الله يعفو ويصفح.
لا، المسألة يعني حتى لو قيل: إنه هل يلزمهم؟ هل يلزم الأولاد أن يخرجوا باعتبار أنها دين؟ يعني مثلما قالوا: في الحقوق المتعلقة بالتركة الخمسة المعروفة: مؤونة التجهيز، والديون المتعلقة بعين التركة، ثم دين فيه رهن، ثم الحق الثالث: الديون المطلقة، ومنها حقوق الله -جل وعلا- كالكفارات، وديون الآدميين.
طالب: ... الكفارات شيء؛ لأنها غير مقيدة، أما الزكاة إذا هو مفرط .... لم يتوب وهو حي، لكن مات وما عنده نية يتوب، الكفارة لا، كثير منا ينسى .... ما هي مقيدة بوقت معين .... باغته الأجل، بخلاف الزكاة معروف وقتها، ومعروف قدرها، وهذا ترك الزكاة عمداً فريضة من فرائض الله ...
على كل حال المسألة، هذه مسألة من مات وعليه زكوات، معروف عند أهل العلم ومبحوثة، والخلاف ظاهر فيها، لكن ما الذي يترجح؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يصلى عنه، من ترك الصلاة عمداً لا يصلى عنه.
طالب:. . . . . . . . .
لكن هذا ماله، الذي وجبت الزكاة بعينه موجود، يعني لو أخر الزكاة عمداً، وجمع عشر سنوات ما زكى، هل يقال له: لا تزكي، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يزكي بلا شك، لكن باعتبار أن المال انتقل من ملك الموروث إلى ملك الوارث لا بد من إذن الورثة، فإذا أخرجوا فالله -جل وعلا- يتولاه.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
أقول: المال انتقل الآن من ملك المورث إلى ملك الوارث، فإذا جادت به أنفسهم كتصحيح الوصية، لو جنف مال في وصية، ثم صححوها ينتفع الموصي.
على كل حال هذه أمور يعني إذا اصطلح الورثة عليها، وجادت أنفسهم لوالدهم فيرجى.
طالب:. . . . . . . . .
ما أتردد في مثل هذا، أنا عندي أنه ينفع، ينفع -إن شاء الله-.(142/9)
يقول: "حدثني مالك عن سعيد بن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة عن أبيه عن جده أنه قال: خرج سعد بن عبادة مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض مغازيه، فحضرت أمه الوفاة بالمدينة" أم سعد بن عبادة "فقيل لها: أوصي، فقالت: فيم أوصي؟ إنما المال مال سعد" يعني ما عندها مال، المال مال ولدها، والذي يملك الوصية هو صاحب المال "فتوفيت قبل أن يقدم سعد، فلما قدم سعد بن عبادة ذكر ذلك له، فقال سعد: يا رسول الله هل ينفعها أن أتصدق عنها؟ فقال رسول -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم)) " ولذا أهل العلم يتفقون على أن الصدقة عن الميت تنفعه "فقال سعد: حائط كذا وكذا صدقة عنها، لحائط سماه" يعني من ماله، فتصدق به عن والدته فيصل، ومثل هذا لو بنى مسجداً عن أبيه مثلاً، أو أوقف بيتاً وجعل غلته فيما ينفع أبيه بعد موته، يصرف في المصارف النافعة فإنه حينئذٍ يصل -إن شاء الله تعالى-.
يقول: "وحدثني مالك" ...
النيابة عن الميت؟
طالب:. . . . . . . . .
الصورة الثانية يقول بها أكثر ممن يقول بالصورة الأولى من أهل العلم، لكن الصيغة واردة، لبيك عن فلان باعتبار ... الصيغة وصحة الحج نيابة في الجملة كأنه الأقرب، وإلا من يقول بالصورة الثانية أكثر ممن يقول بالصورة الأولى، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا الصدقة متفق عليها بين أهل العلم، بخلاف الحج إذا كان مستطيعاً أو نفل، نعم.
قال: "وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رجلاً قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن أمي افتلتت نفسها" يعني أخذت بغتة فلتة، يعني ماتت فجأة "وأراها لو تكلمت" يعني لو ترك لها فرصة مدة، يعني مرضت وطالت بها المدة حتى تمكنت من الوصية، أو الصدقة لفعلت "وأراها" يعني أظنها "لو تكلمت تصدقت" لكنها فجأة "أفأتصدق عنها؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم)) ".
وهذا أعني موت الفجأة، هو الذي يخشى منه، أن يؤخذ الإنسان على غرة قبل أن يتصرف التصرف الذي ينفعه، ويكون زاداً له يوم القيامة، ولذا شرعت الوصية، وأمر بها، لا سيما على ما سيأتي التفصيل فيه، إذا كانت الوصية واجبة.(142/10)
الآن مثل هذه التي أخذت على غرة، أخذت بغتة، ومثلها كثير، وموت الفجأة يكثر، لا سيما مع حوادث السيارات وغيرها، يعني لو الإنسان في حال السعة يحاسب نفسه، ويتصدق بما يريد الصدقة به، ويبرأ من عهدة بعض .. ، من عهدة ما يلزمه من حقوق لله -جل وعلا-، أو لعباده، كثير من الناس يؤجل مسألة الكفارات، ويتراخى فيها، ومع ذلك لا يكتبها، يعني مثل هذه الأمور إذا نسيت، وهي واجبة في ذمته يعاقب عليها، وامرأة تسأل عن كفارة جماع في نهار رمضان، قالت: لو لم أكفر ويش اللي يصير؟ تسأل؛ لأنه إن كان له أثر على علاقتها بزوجها، يعني تبي تسأل، وإن كان المسألة حساب في الآخرة ما هي معتبرة، طيب لو ما كفرت ويش يصير؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، هي لزمتها الكفارة.
طالب:. . . . . . . . .
هي لزمتها الكفارة قلت: العتق، قالت: من أين العتق؟ قلت: الصيام، قالت: الصيام الله المستعان يبدو أن الصيام هو السبب، قلت: الإطعام، قالت: طيب لو ما أكفر ويش يصير؟ المسألة مسألة دين، الذمة، الله المستعان، بعض الناس ما يهتم إذا كان الحق لله -جل وعلا-، ودين الله أحق بالقضاء.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
أيو؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، الحديث السابق يدل على أن الصدقة تنفع سواءً كان فجأة أو غير فجأة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا.
"وأراها لو تكلمت تصدقت، أفأتصدق عنها؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم)) " يعني تصدق عنها.
"وحدثني مالك أنه بلغه أن رجلاً من الأنصار من بني الحارث بن الخزرج تصدق على أبويه بصدقة، فهلكا" يعني ماتا، والموت يعبر عنه بالهلاك {حَتَّى إِذَا هَلَكَ} [(34) سورة غافر].
طالب: {فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا} [(34) سورة غافر].
نعم.(142/11)
{حَتَّى إِذَا هَلَكَ} [(34) سورة غافر] فقول الناس الآن: هلك فلان، هل هو بمعنى مات؟ أو حتى في التواريخ كتب التواريخ إذا قيل: هلك، يعني في الفرائض واضح، يستعملون هلك هالك، وفي النصوص ماشي في القرآن، وجاء مثله عندنا هنا "فهلك" لكن الاستعمال العرفي لهلك، يعني حينما يقال في التواريخ وتراجم الرجال: هلك في سنة كذا، هل يمكن أن تقال هذه الكلمة لرجل مرضي، أو إنما يعبر بها أو تطلق في حق من هو غير مرضي؟
طالب: غير مرضي.
نعم، هذا عرف واصطلاح خاص حادث، فهل يسوغ أن يقال: هلك مثلاً ابن باز سنة عشرين؟ هلك الألباني سنة عشرين؟ هلك فلان؟ العرف يعني ما في شك أن النص وارد، قيلت في حق يوسف، نعم {حَتَّى إِذَا هَلَكَ} [(34) سورة غافر] وهنا هلك، وهما من الصحابة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب، هو ما في شك أن الاصطلاح الخاص يقضي على المعنى العام، ويبقى أنه إذا كان المخاطب يعرف معنى الكلمة، وأنها استعملت استعمالاً شرعياً صحيحاً، وإذا قيلت له لم يكن في نفسه شيء، لا ما نع من استعماله، لكن إذا كان الاصطلاح الخاص قضى عليها، بحيث لا تعرف بين الناس، ولا يعرفها المخاطب، وإذا استعملت في حقه أنكرها، فحينئذٍ تكون مجرد اصطلاح، ولا مشاحة في الاصطلاح.
يعني مات الأب المهدى إليه سيارة مثلاً، اشترى سيارة وأهداها لأبيه، فمات الأب عن خمسة من الأولاد، وخلف تركة، فكانت هذه السيارة من نصيب من أهداها، على مقتضى الحديث ما في إشكال، أقول: لا إشكال في ملكه لها بالإرث، لكن لو قال: هذه الصدقة مني على أبي لو بحثتم عن غيرها، فعوضتموني؛ لئلا أدخل فيمن عاد في صدقته، هل يحسن مثل هذا أو نقول: إن المسألة انتهت بوفاة المهدى إليه؟ وأجرك ثبت عند الله -جل وعلا-، وعادت إليك بالميراث، ولا فرق بينك وبين غيرك؟
طالب: الثاني أوجه يا شيخ.
نعم، هو الماشي على الحديث.
طالب: والأول ورع.(142/12)
لكن لو قال هو ضد هذا، أهديت لأبي سيارة، وهي عزيزة على قلبي، ونفيسة عندي، لكنه أغلى منها، و {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} [(92) سورة آل عمران] وأنا أحب هذه السيارة، وأهديتها له، فمات وخلف هذه السيارة وسيارات أخرى، وأثاث وأمتعة وأموال، فقال: أنا أريد هذه السيارة، يعني عكس الصورة التي ذكرناها، هل يكون هذا من العود في الصدقة في الهبة؟
طالب: ما فيها عود؛ لأنها ملك له يتخير، مثله مثل غيره، يا شيخ بالإهداء انتهت ملكيته، بالوفاة تجددت ملكيته.
إيه، لكن قلنا: إنه في الصورة الأولى ما في إشكال حينما وصلت إليه من غير قصد، لكنه الآن قصدها يريدها.
طالب: حتى لو قصدها مثل الأول يخير يقول: والله أنا بيت في بريدة ما أبيه وأبي بيت في الرياض، وهو يقصد. . . . . . . . .، بل انتهت، الأول انتهى راح بينه وبين الله. . . . . . . . . والثاني هو الآن يخير بين أنواع الأموال، بلغت محلها الأولى.
بلغت، نفترض المسألة في غير الموت والإرث، أهدى لزيد من الناس كتاب ثم مات، فوجد الكتاب يباع، يعني في وقت حياته وجده يباع لا يشتريه، لكن بعد موته يشتريه وإلا ما يشتريه؟
طالب: خلاص انتقل الملك إلى ملك الورثة لبيع الورثة، ما هو للمهدى.
لكن أليس من الورع أن يترك؟ لأنه لا بد أن يحابى في مثل هذه الصورة.
طالب: من يحابيه؟
يحابيه إخوانه.
طالب: الورثة؟
الورثة إيه.
طالب:. . . . . . . . .
هذه المسألة مسألة، أجل لو اشترى من وهبه أو تصدق به بأكثر من قيمته؟
طالب:. . . . . . . . .
انتفت العلة.
طالب: إيه، لكن حديث عمر النص، لكن هنا الآن ما فيها نص لأنه مات.
المقصود أنه قد توجد المحاباة الشبهة واردة.
طالب:. . . . . . . . .
الشبهة واردة، فكونه يعود إليه مع إمكان تعويضه بغيره لا شك أن هذا أولى، أما إذا لم يوجد غير هذه السلعة التي وهبها، وآلت إليه في الإرث، النص ظاهر في هذا.
طالب:. . . . . . . . .
صدقة، صدقة تصدق بها، نوى الثواب بذلك.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن هذا قدر زائد على النفقة، صدقة.
طالب:. . . . . . . . .
صدقة، صدقة، إذا كان يرجو الثواب من الله -جل وعلا- صدقة، نعم؟(142/13)
طالب:. . . . . . . . .
على أبوه.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، المعنى ينقلب، كيف تعود إليه؟ ما ترجع له في الميراث.
طالب:. . . . . . . . .
تصدق عن أبويه بمعنى أنها دفعت إلى غيرهما، كيف تعود إليه بالميراث؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا غلط، غلط.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن ويش لون تبي ترجع إليه بالميراث؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما يصح المعنى.
سم.
أحسن الله إليك.
كتاب: الوصية
باب: الأمر بالوصية
حدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده مكتوبة)).
قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا أن الموصي إذا أوصى في صحته، أو مرضه بوصية فيها عتاقة رقيق من رقيقه، أو غير ذلك فإنه يغير من ذلك، ما بدا له، ويصنع من ذلك ما شاء، حتى يموت، وإن أحب أن يطرح تلك الوصية ويبدلها فعل إلا أن يدبر مملوكاً، فإن دبر فلا سبيل إلى تغيير ما دبر، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده مكتوبة)).
قال مالك: فلو كان الموصي لا يقدر على تغيير وصيته، ولا ما ذكر فيها من العتاقة، كان كل موص قد حبس ماله الذي أوصى فيه من العتاقة وغيرها، وقد يوصي الرجل في صحته وعند سفره.
قال مالك: فالأمر عندنا الذي لا اختلاف فيه أنه يغير من ذلك ما شاء غير التدبير.
يقول المؤلف -رحمه الله- تعالى-:
كتاب: الوصية
باب: الأمر بالوصية
الوصية: فعيلة بمعنى المفعول، فالوصية هي الموصى به، وقد يراد بها الفعل، الفعل الذي هو الإيصاء، والحديث: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده مكتوبة)) فوصيته يحتمل أن يراد بها الموصى به مدون، أو أن فعل الوصية الذي هو الإيصاء مسجل مدون، ولا انفكاك بين الإيصاء والوصية إلا أن الوصية المصدر هنا يراد به الفعل، فعل الموصي، والوصية أكثر ما تطلق على اسم المفعول ما يوصى به.(142/14)
قال -رحمه الله-: "وحدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر" هذا أصح الأسانيد عند الإمام البخاري -رحمه الله- "-رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما حق امرئ)) " يعني ليس من حقه وعنده شيء يوصي به أن يؤخر الوصية، فيبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده.
ابن عمر بادر، فما نام تلك الليلة إلا وقد كتب وصيته، وهو معروف بالمبادرة ((نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل)) فكان لا ينام من الليل إلا القليل.
في الحديث: ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) حديث ابن عمر، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) فقال ابن عمر مباشرة: "إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح" فابن عمر -رضي الله عنهما- صاحب مبادرة، وهذه دليل على قوة الإيمان، قوة الاقتداء والائتساء، وعرف بذلك -رضي الله عنه-، ولا شك أن المبادرة تدل على القوة والعزم، وأخذ الدين {خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ} [(63) سورة البقرة] لذا فرق كبير بين من أمر بذبح ابنه فتله للجبين، هذا تمام الامتثال، يكون بمثل هذا، وبين أمة تؤمر بذبح بقرة {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ} [(71) سورة البقرة].(142/15)
ابن عمر يبادر إلى الامتثال ((ما حق امرئ)) ليس من حقه ((حق امرئ مسلم له شيء يوصي)) أو ((يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده مكتوبة)) ليلتين النص صحيح، لا شك أن مفاد الخبر الأمر بالمبادرة بالإيصاء، لماذا لم يقل ليلة؟ ليلتين يمكن أن يموت قبل الليلتين، وإذا قلنا: ليلة لماذا لم يقل قبل ذلك لاحتمال أن يموت قبل مجيء الليل؟ ليس المقصود لا الليلة ولا الليلتين ولا الثلاث، إنما المقصود من الخبر المبادرة إلى كتابة الوصية، فليس من حقه أن يؤخر ويؤجل الوصية، ليس من حقه الواجب أو المستحب على حسب حكم الوصية، فإن كانت الوصية واجبة لزمه أن يكتب وصيته، ويدون ما له وما عليه، الذي عنده أموال يكتب وصيته، وبين ما له وما عليه، المدين يكتب أنه مدين لفلان ولفلان ويبين؛ لأنه لو مات من غير بيان ومن غير وصية لا شك أنه يعرض نفسه للسؤال عن هذا الحق، وديون الخلق أمرها وشأنها عظيم، مثل هذا لا بد أن يكتب، لو أن إنسان بينه وبين جاره جدار مثلاً، ويخشى من الورثة إذا مات أن ينازعوا الجار، فيقولون: الجدار لنا، فعليه أن يبين أن الجدار ليس له، إن لم يكن لهم، وهكذا لو أن إنساناً طلق زوجته طلقة مثلاً، ويخشى من طول العهد أن ينسى هذه الطلقة، عليه أن يكتبها، ويشهد عليها، وهكذا في الأمور الواجبة تجب الوصية، في الأمور المستحبة تستحب الوصية.
((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة)) في بعض الروايات: ((عند رأسه)) يكتبها، ويحافظ عليها، شخص من الأشخاص كتب الوصية ووضعها امتثل ووضعها تحت وسادته وحافظ عليها، فجعل يتقلب الليل كله ما نام، الليلة الأولى والثانية إلى أن مزق الوصية خاف من الموت؛ لأن الوصية غالباً أنها تقرن بالموت.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه تصور أنه بيهجم عليه الموت ليلتين.
طالب:. . . . . . . . .
فمثل هذا أقول: فيما يجب على الإنسان بيانه يجب أن يثبته، أنت افترض أن شخص طلق امرأته بعد الزواج بشهر شهرين سنة سنتين، ثم بعد خمسين سنة طلق الثانية، ثم بعد سنة أو سنتين طلق الثالثة، نسي الأولى، إذا لم يكتبها ينساها مع طول العهد، فقد يطلق رابعة وهو ناسي ... نعم؟(142/16)
طالب: أكثر ما يورد سؤال. . . . . . . . .
المقصود أن مثل هذه الأمور لا بد من تقييدها وبيانها.
"قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا" يعني في المدينة "أن الموصي إذا أوصى في صحته أو مرضه بوصية فيها عتاقة رقيق من رقيقه، أو غير ذلك، فإنه يغير من ذلك ما بدا له" يعني الوصية عند أهل العلم إنما تثبت بالموت، فقبل أن يموت الموصي له أن يغير، وله أن يزيد، وله أن ينقص؛ لأن الوصية مرتبطة بالموت، لا تلزمه إلا بالموت، وقبل لزومها يجوز له أن يزيد، ويجوز له أن ينقص، ويجوز له أن يغير، ما في إشكال، بخلاف الوقف، الوقف من حين كتابته، أو من حين الإشهاد عليه، من حين إخراج ما يوقف من يده فإنه حينئذٍ يلزم، ولا يجوز له أن يزيد ولا ينقص ولا يغير.
"أو غير ذلك فإنه يغير من ذلك ما بدا له، ويصنع من ذلك ما شاء حتى يموت، وإن أحب أن يطرح تلك الوصية ويبدلها فعل" لماذا؟ لأنها لم تلزم بعد "إلا أن يدبر مملوكاً" يعني ما الفرق بين أن يقول: بيته هذا وصية، والوصية تثبت بالموت، وبين أن يقول: رقيقه هذا مدبر؟ يعني يعتق عن دبر حياته، يعني إذا مات، كلاهما مرتبط بالموت، يعدل في الوصية، ويرجع فيها، لكن لا يرجع في العتاقة.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لماذا؟ لأن الشرع يتشوف للعتق، وإلا فكأنه علق عتقه.
لو قال: هذا البيت إذا مت فهو وقف، يعني علق إيقافه على موته، حكمه حكم الوقف، أو حكمه حكم الوصية؟ الوصية لا تثبت إلا بالموت، والتدبير يثبت باللفظ الذي يخرج من يده باللفظ، لكن له أن يستعمله حتى يموت، ولا يعتق إلا بموته، فإذا قال: بيته هذا وقف إذا مات، فهل حكمه حكم الوصية يغير فيه، أو نقول: إنه وقف معلق بشرط؟ يعني كما لو قال: إذا جاء رمضان فبيته وقف؟
طالب: يختلف يا شيخ، كلام مالك نص، كلام مالك بأنه وصية لجميع الورثة. . . . . . . . .
هذا إذا قال: وصية، إذا كانت وصية، الوصية لا تثبت إلا بالموت، لكن الوقف المعلق على شرط؟
طالب: تثبت بشرط.
شرط سواءً كان دخول رمضان أو وفاته.(142/17)
طالب: إيه، لكن هذا إذا كان هو يريده وقفاً أصلاً، لكن إذا هو أوصى أن يكون هذا البيت وقف، فهو نوع من الوصية، هنا الإشكال، ما هو مثل لو قال: ها البيت هذا إذا مت أنا فهو وقف، وبينا وأنا أكتب وصيتي أني أوصي أن بيتي اللي يعادل ثلث مالي أنه يكون وقف، أو يكون ريع، يعني نوع من أنواع ....
لا، المدبر انتهى؛ لأن الشرع يتشوف، لكن الطلاق إذا قال: إذا جاء رمضان فزوجته طالق، وأراد أن يرجع قبل وقوعه، قبل وقوع الطلاق، يرجع وإلا ما يرجع؟
طالب: يرجع.
يرجع وإلا ما يرجع؟
طالب: على الصحيح أنه يرجع.
يعني إذا علق على شرط محقق، إذا علق الطلاق على شرط محقق، عامة أهل العلم على أنه يقع، الجمهور على أنه يقع، مجرد دخول رمضان تطلق المرأة، علقه على شرط محقق، فإذا أوقف بيته وعلقه على شرط محقق؟
طالب: يقع.
يعني هل وقوع الطلاق من النطق أو من حصول الشرط؟ من حصول الشرط بلا شك، لو مات قبل رمضان فهي زوجة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن عندنا صور، إذا أوصى بثلث ماله، وكتب هذا وصية، معروف أن مثل هذه الوصية له أن يتصرف فيها، فيزيد وينقص، ويلغي ويبدل، له أن يرجع عن الوصية بالكلية، لم تلزم بعد، وبين أن يقول: إذا مت فغلامي حر، يعني دبر حياته يكون تدبير، وليس له أن يرجع كما قال الإمام مالك، وإن كانتا متقاربتين، لكن بالنسبة للعتق الشرع يتشوف لمثل هذا، لكن لو قال: إذا مات فزوجته طالق يقبل كلامه؟ ما يقبل بالكلية، لا يمكن أن يقع مثل هذا الطلاق، لكن لو قال: إذا دخل رمضان فزوجته طالق، فالجمهور على أنها تطلق؛ لأنه شرط علق على شرط محقق.
وهل يقصد بذلك بحال من الأحوال أنه يريد أن يحث هذه الزوجة أو يمنعها؟ لا، إنما يريد إيقاع الطلاق، فهذا الطلاق واقع لا محالة.
إذا قال: إذا جاء رمضان فبيتي وقف، أو إذا مت فبيتي وقف، ويش الفرق بينهما؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش يصير وصية وإلا وقف؟
طالب: هذه وصية.
طيب والثاني إذا جاء رمضان؟
طالب: إذا جاء رمضان لأنه. . . . . . . . .
مما تكرر ....
طالب:. . . . . . . . .
المسألة العلم عند الله -جل وعلا-، لكن المقدمات معلومة الآن.
طالب:. . . . . . . . .(142/18)
المقدمات معلومة لنا، مات قبل رمضان هل هذا وقف وإلا ما هو بوقف؟
طالب: مثل الذي قال: إذا جاء رمضان فزوجتي طالق ومات قبل رمضان تطلق وإلا ما تطلق؟
الزوجة ما تطلق؛ لأن ما علق عليه لم يقع.
طالب: طيب، لو هو قال: أنا بيتي إذا جاء رمضان فهو وقف ومات قبل رمضان هل يدخل ضمن التركة أو يدخل ضمن الوقف؟
لا، هو انتقل إلى الوارث قبل نفوذ الوقف.
طالب: قبل نفوذ الوقف، لكن لو قال: لو مت هذا البيت وقف، لو مت هذا البيت قبل الوقف وأفلس ومات. . . . . . . . .
ومات قبل الرجوع؟
طالب: لا هو ما بعد أفلس. . . . . . . . . ليس عنده شيء؟
عنده البيت هذا.
طالب:. . . . . . . . .
هذا تصرف، لكن إن قلنا: وقف لا يجوز له التصرف، وإن قلنا: وصية يجوز له التصرف.
طالب:. . . . . . . . .
والفرق بينهما.
طالب:. . . . . . . . .
"ويصنع من ذلك ما شاء حتى يموت، وإن أحب أن يطرح تلك الوصية ويبدلها فعل، إلا أن يدبر مملوكاً، فإن دبر فلا سبيل إلى تغيير ما دبر، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده مكتوبة)) ".
"قال مالك: فلو كان الموصي لا يقدر على تغيير وصيته ولا ما ذكر فيها من العتاقة كان كل موص قد حبس ماله الذي أوصى فيه من العتاقة وغيرها، وقد يوصي الرجل في صحته وعند سفره" يعني يوصي على أي حال من الأحوال، حتى في مرض موته المخوف له أن يوصي بالثلث فأقل على ما سيأتي.
قال مالك.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب: هذا ما لم يضر وإلا لا؟
الثلث يملكه ولو أراد الإضرار.
"قال مالك: فالأمر عندنا الذي لا اختلاف فيه أنه يغير من ذلك ما شاء غير التدبير" لأنه ينفذ فوراً، ويبقى ينتفع به إلى مجيء الشرط.
اللهم صل على محمد ....(142/19)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب الأقضية (16)
باب جواز وصية الصغير والضعيف والمصاب والسفيه - وباب: الوصية في الثلث لا تتعدى
الشيخ: عبد الكريم الخضير
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: جواز وصية الصغير والضعيف والمصاب والسفيه
حدثني مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن أبيه أن عمرو بن سليم الزرقي أخبره أنه قيل لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: إن هاهنا غلاماً يفاعاً لم يحتلم من غسان، ووارثه بالشام، وهو ذو مال، وليس له هاهنا إلا ابنة عم له، قال عمر بن الخطاب: فليوص لها، قال: فأوصى لها بمال يقال له: بئر جشم، قال عمرو بن سليم: فبيع ذلك المال بثلاثين ألف درهم، وابنة عمه التي أوصى لها هي أم عمرو بن سليم الزرقي.
وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن حزم أن غلاماً من غسان حضرته الوفاة بالمدينة، ووارثه بالشام، فذكر ذلك لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فقيل له: إن فلاناً يموت أفيوصي؟ قال: فليوص، قال يحيى بن سعيد: قال أبو بكر: وكان الغلام ابن عشر سنين، أو اثنتي عشرة سنة، قال: فأوصى ببئر جشم، فباعها أهلها بثلاثين ألف درهم.
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر المجتمع عليه عندنا أن الضعيف في عقله والسفيه والمصاب الذي يفيق أحياناً تجوز وصاياهم إذا كان معهم من عقولهم ما يعرفون ما يوصون به، فأما من ليس معه من عقله ما يعرف بذلك ما يوصي به، وكان مغلوباً على عقله فلا وصية له.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: جواز وصية الصغير
يعني الذي لم يبلغ الحلم.
والضعيف
في رأيه الذي لا يمنعه من النظر.
والمصاب
يعني في عقله ورأيه، بحيث يمنعه النظر في وقت دون وقت.
والسفيه.
الذي لا يحسن التصرف في المال، وإن كان عاقلاً.(143/1)
"حدثني مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن أبيه أن عمرو بن سليم الزرقي أخبره أنه قيل لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إن ها هنا غلاماً يفاعاً" إن ها هنا غلاماً يعني لم يبلغ الحلم "يفاعاً" يعني: يافعاً، واليفاع المكان المرتفع، هذا اليفاع، واليافع: الغلام الفتي القوي، إلا أنه لم يبلغ الحنث، لم يبلغ الحلم، وبعضهم ينكر إطلاق يفاع على اليافع إلا أنه من حيث أصل الكلمة، وأن اليفاع إنما يطلق على المرتفع، فلعل هذا كان له شيء من الوصف بالارتفاع، إما في بدنه بأن يكون طوالاً، أو في رأيه بأن يكون مرتفعاً على أقرانه، بحسن تصرف، وما أشبه ذلك، المقصود أن إطلاقه عليه من هذه الحيثية.
"لم يحتلم" يعني لم يكلف، هل يلزم من كونه لم يحتلم أنه لم يكلف؟ أو من لازم عدم الاحتلام عدم التكليف؟ هل يمكن أن يكلف بغير احتلام؟ بالإنبات أو ببلوغ السن؟ لكن إذا قالوا: لم يحتلم، ما الفائدة من نفي الاحتلام هنا مع أنه مكلف بغيره؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
لا فائدة منه.
طالب: لكن هل ينص على أنه كان بالغاً، مكلف ... ؟
لا، إذا قيل: لم يحتلم ...
طالب: ينفي التكليف.
هنا ينفي عدم الاحتلام صراحة، وعدم الاحتلام صراحة نفيه لا يقتضي نفي أن يكون مكلفاً بغير الاحتلام، مكلفاً ببلوغ السن، مكلفاً بالإنبات ولو لم يحتلم.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، لا فائدة من نفي الاحتلام إلا نفي التكليف، لا فائدة ألبتة من نفي الاحتلام، ولو قيل: إن لم يحتلم نص في عدم التكليف لما بعد، لماذا؟ لأن الاحتلام أمر خفي، يعرفه نفس من كلف به، أو من حوله، لكن الذي قال: هذا الكلام، ونفى عنه الاحتلام من؟ من الذي نفى عنه الاحتلام؟
طالب:. . . . . . . . .
أن عمرو بن سليم أخبره أنه قيل لعمر بن الخطاب: إن ها هنا ... ، الراوي المبهم، نعم، المبهم، أنه قيل لعمر بن الخطاب، الآن إبهام مثل هذا يضر في الخبر وإلا ما يضر؟
طالب: يضر.
يعني من القائل لعمر؟ عمرو بن سليم أخبره، الزرقي أخبره، أخبر أبا بكر بن حزم أنه قيل يعني أخبره بالقصة، والقائل هل هو من الإسناد أو من المتن؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(143/2)
لننظر مدى تأثير جهالة الشخص في الخبر، الآن أبو بكر بن حزم يروي القصة عن عمرو بن سليم.
طالب:. . . . . . . . .
أبو بكر هو الأب، أبو بكر بن حزم يروي الخبر عن عمرو بن سليم، وأمه هي طرف في القضية، أنه قيل لعمر بن الخطاب، فهل القائل لعمر الذي كني عنه، بل أبهم في الخبر، هل هو من السند، فيتأثر السند بإبهامه، أو من المتن فلا أثر له؟
طالب: .... قال: فأوصى لها بمال.
لكن عمرو بن سليم الزرقي أدرك عمر؟ هل هو أدرك عمر ليحكي قصة أدركها؟ أو لم يدرك هذه القصة فيكون قد رواها عن صاحبها أو غيره؟ وكل منهما لم يسم، وحينئذٍ يتأثر الخبر، فإن كان عمرو بن سليم أدرك القصة، ولا سيما أن أمه طرف في القضية، هي التي أوصي لها، والذي يغلب على الظن أنه أدركها.
طالب: أدرك أمه وإلا أدرك عمر؟
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
اللي هو عمرو بن سليم.
طالب:. . . . . . . . .
إيه أدرك القصة فيما يغلب على الظن.
"أنه قيل لعمر -يعني بحضرته- إن ها هنا غلاماً يفاعاً لم يحتلم من غسان، وارثه بالشام، وهو ذو مال" هذا بالمدينة وورثه بالشام "وليس له ها هنا إلا ابنة عم له، فقال عمر بن الخطاب: فليوصِ لها" يعني قرب الوارث هل له أثر؟ هل له أثر أو ليس له أثر؟ وارثه في الشام، يعني سواء الوارث قريباً أو بعيداً، الأحكام الشرعية لا تتغير بهذا "وليس له ها هنا إلا ابنة عم له" إن كان ذكر ابنة العم، وذكر قربها منه في المكان من باب إذا حضر القسمة أولو القربى، نعم، لكن هل هذا وقت القسمة أو قبل القسمة؟
طالب: قبل.
يعني إذا كان بعيداً، قد يكون بعيداً في المكان، أو بعيداً أيضاً في النسب، إلا أنه من العصبة الوارثين، وهذه أقرب منهم في النسب إلا أنها من ذوي الأرحام مثلاً، فلها قرب المكان، ولها قرب النسب، فهي حرية بهذه الوصية.
"وليس له ها هنا إلا ابنة عم له، قال عمر بن الخطاب: فليوص لها" يعني من غير الميراث، يعني مما يملكه من الثلث فأقل "قال: فأوصى لها بمال يقال له: بئر جشم، قال عمر بن سليم الزرقي: فبيع ذلك المال بثلاثين ألف درهم، وابنة عمه التي أوصى لها هي أم عمرو بن سليم الزرقي" الراوي.(143/3)
عندنا مسألة وصية الصغير، هل للصغير أن يوصي أو ليس له أن يوصي؟ عمر -رضي الله عنه- أمره بأن يوصي لها، فماذا عن وصية الصغير؟ الترجمة في الكتاب، يقول: باب جواز وصية الصغير، الثلث فما دون لا ينازع فيه سواء كان صاحبه كبيراً أو صغيراً، ولا يشاحح فيه، فهل لهذا القدر الذي لا ينازع فيه ولا يشاحح فيه من الثلث فأقل هل للصغر والكبر فيه أثر؟ إذا كان يصح من المريض الذي يتهم بحرمان الورثة، المريض الذي يتهم، يعني إذا اتهم إنسان بوصيته أن يحرم الورثة من هذا الثلث، تنفذ وإلا ما تنفذ؟
طالب:. . . . . . . . .
الثلث يملكه، فعلى هذا لا أثر للصغر ولا للكبر، ما دام يملكه، وينفذ من الكبير الذي اتهم بحرمان الوارث، فلا أن ينفذ من الصغير الذي لم يتهم يعني من باب أولى، وقل مثل هذا في الضعيف، ضعيف الرأي، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن افترض أنه كبير، ومحجور عليه.
طالب: ما يتبرع، هل يجوز تبرع المحجور؟
ما يقبل تبرعه إذا كان يضر بمن حجر من أجله، إذا كان الحجر لمصلحته هو شيء، إذا كان الحجر لمصلحة غيره شيء آخر، إذا كان يضر بالآخرين ما ينفذ، لكن هذا لمصلحته.
طالب: لكن هنا في الحديث منفي؛ لأن عمر هو الذي أذن؛ لأنه ليس له وارث، يعني ليس له ولي، فعمر ولي أمر المسلمين أنفذ وصيته.
إيه، لكن البحث في أصل المسألة، هذا الصبي غير مكلف، هذا غلام غير مكلف، تصح وصيته وإلا ما تصح؟
طالب: تصح، تنفذ.
هو في الأصل محجور عليه، لكنه محجور عليه لحظه أو لحظ غيره؟
طالب: لحظه.
فرق بين من يحجر عليه لحظه، وبين من يحجر عليه لحظ غيره.
قال: "وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن حزم أن غلاماً من غسان حضرته الوفاة في المدينة ووارثه بالشام، فذكر ذلك لعمر فقيل: إن فلاناً يموت أفيوصي؟ قال: فليوص" والقصة واحدة.
"قال يحيى بن سعيد: قال أبو بكر: وكان الغلام ابن عشر سنين، أو اثنتي عشرة سنة" وهذا يؤكد أن معنى لم يحتلم لم يكلف "قال: فأوصى ببئر جشم فباعها أهلها بثلاثين ألف درهم" عرفنا الموصي والموصى له والموصى به، وكل أطراف القضية في هذه الطرق.(143/4)
"قال يحيى: سمعت مالكا يقول: الأمر المجتمع عليه عندنا أن الضعيف في عقله" ما لم يصل إلى حد الجنون المطبق، أما الجنون المتقطع فينفذ تصرفه إذا أفاق، وقت إفاقته ينفذ تصرفه؛ لأنه مكلف، ووقت جنونه وعدم إدراكه لا ينفذ "قال: والمصاب الذي" "الضعيف في عقله والسفيه والمصاب الذي يفيق أحياناً تجوز وصاياهم، إذا كان معهم من عقولهم" الصبي الذي يناهز الاحتلام والمصاب في عقله الذي يفيق أحياناً، والسفيه والضعيف في عقله الذي لا يصل إلى حد الجنون، هؤلاء "معهم من عقولهم ما يعرفون ما يوصون به" فأما من ليس معه من عقله ما يعرف بذلك ما يوصي به، وكان مغلوباً على عقله فلا وصية له، نجد بعض الناس لا يصنف مع العقلاء، وإن تصرف التصرفات التي هي في الأصل من تصرفات العقلاء، يعني شخص مرفوع عنه التكليف، معتوه، ومع ذلك إذا صلى يصلي صلاة صحيحة، وأحياناً يؤم الناس، فهل تصح صلاته؟ وهل تصح إمامته؟ لأن مثل هذا وإن لم يكن لديه عقل قد يكون عنده قوة مدركة يدرك فيها ما ينفعه وما يضره، ويستطيع بها أن يقلد من أراد تقليده، و .... والمسألة نعاني منها، شخص عندنا في المسجد، من جماعة المسجد، يعني ما يصنف مع المكلفين، لكنه مع ذلك ما تنقد عليه شيء في صلاته إلا أنه أحياناً يسجد قبل الإمام، وكثيراً ما يؤم المتخلفين، فيسألون عن صحة صلاتهم؟ يصلي صلاة صحيحة،. . . . . . . . . فيه شيء مما يلاحظ عليه، تصح صلاته وإلا تصح؟ تصح إمامته؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن هذا أقل، أقل من. . . . . . . . .، بس أحياناً يسجد قبل الإمام، وأحياناً ....
طالب:. . . . . . . . .
عمرو بن سلمة.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا معروف تمييزه واضح، لكن أحياناً يجيك ناس ما يدرون عن واقعه، ويصفون وراءه، ويصلي بهم، لا سيما في السرية، أما الجهرية ما أظن ...
طالب:. . . . . . . . . أطفال التوحد المنغوليين. . . . . . . . .(143/5)
إيه مشكلتهم مشكلة، هؤلاء إن نظرت إليهم من جهة إلا أنهم يدركون بعض الأشياء، أمس في السؤال على الهاتف جاء سؤال، تقول: عندها بنت منغولية، وكلفت وتصف وتصلي، وما عندها إشكال، إذا ناداها أحد جاءت وهي تصلي، نسأل الله السلامة، يعني مثل هؤلاء يبتلى فيهم المسلم، ويؤجر عليهم بقدر صبره عليهم، وإحسانه إليهم، لكن مسألة الأحكام الشرعية.
طالب: الأطباء يصنفونهم أنهم غير أسوياء.
هم غير أسوياء، لكن عندهم قوات مدركة تدرك، إذا كان بعض البهائم تدرك بعض الأمور.
طالب: يعني الأوربي التوحدي ممكن، لكن لو أهمل، لا ولا شيء، نسأل الله العافية والسلامة، قريب من المجنون.
طالب: بعض هؤلاء يا شيخ الأمور المالية ما. . . . . . . . . والعبادات والمخالفات الشرعية ....
يضبط المال دون العبادة؟
طالب: ما هو بضبط مال، قصده في حوزته، لكن لو. . . . . . . . . ممكن يؤخذ. . . . . . . . .
طالب: يحرص عليه ....
طالب: إيه.
لا هم أحرص الناس.
طالب: .... لأنهم ربوا على هذا الشيء، لا يضيع ريالك، لا يجئ ريالك، راح ريالك ... لا يضحك عليك فلان، ربي ... لكن لو جاء طفل .... وأخذ رياله واللي معه.
لا هو الإشكال في قول مالك: الضعيف في عقله والسفيه والمصاب الذي يفيق .. ، المصاب الذي يفيق أحياناً لا شك أن هذا ما فيه إشكال؛ لأنه وقت الإفاقة مكلف تكليفاً كاملاً.
طالب: الضعيف في عقله ما يحمل على مثل الذي يخدع في بيعه؟
يعني تصرفه ليس تصرف الأسوياء، لكنه عنده أموال ومكلف، ومثله السفيه، السفه في المال معروف، هذا يحجر عليه لحظه، فمثل هذه الوصية على مقتضى حكم أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- أنها تنفذ وصيته.
ولذلك يقول الإمام مالك: "الأمر المجتمع عليه عندنا أن الضعيف في عقله والسفيه والمصاب الذي يفيق أحياناً تجوز وصاياهم" يعني تصح "إذا كان معهم من عقولهم ما يعرفون ما يوصون به" يعني عندهم إدراك لهذا التصرف، فأما من ليس معه من عقله ما يعرف بذلك ما يوصي به، وكان مغلوباً على عقله فلا وصيه له، إلا إذا كان جنونه مطبق هذا لا وصيه له.
طالب:. . . . . . . . .
يوصي بنفسه تحت نظر والده، يعني لوليه أن يعترض.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟(143/6)
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه تحت نظره، لا يتصرف أكثر من تصرفه الشرعي.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لمثله، يعني لما يصح لمثله، أو شخص مكلف تام التصرف يوصي بثلثه إلى ....
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، هذا ينافي مقتضى الوصية، ينافي مقتضى العقد، الوقف الشرعي، فالذي لا يحقق الهدف الشرعي من الوصية ومن الوقف لاغي، لا قيمة له.
طالب:. . . . . . . . .
هذه عقوبة لاغية، لا قيمة له، الآن تأتي كتب -كتب البخاري مثلاً-، أو تفسير الطبري وغيره موقوف على قبر، على ضريح الشيخ فلان، أو موقوف على الزاوية التيجانية في كذا، بلدة كذا، هل نقول: إنها أوقاف صحيحة وتصرف إلى مصرف شرعي بدلاً من أن يكون على الضريح يكون على مسجد؟ بدلاً ما يكون على زاوية صوفية يكون على رباط علمي، أو نقول: إن الوقف باطل؟ وحينئذٍ يباع ويشترى كأنه لم يوقف؟
طالب: باطل.
يعني هل تعديل المكان من المحظور إلى المباح أو المطلوب هل هو مثل تصحيح الوصية التي فيها جنف، ومن إصلاح الوصية، فيبقى الوقف وقف؟ خرج من يد المالك، ومن يد وارثه، إلا أنه بدلاً من أن يكون على ضريح يكون على مسجد، وبدل من أن يكون على زاوية صوفية يصرف إلى مدرسة علمية.
طالب:. . . . . . . . . سداً لباب الذريعة يا شيخ، وهذا يخالف لأصل الوقف، يمنع. . . . . . . . . دخل في الأوقاف ...
لكن ما ينظر إلى هذا الواقف هل هو معذور بجهله؟
طالب: لا هذا شيء آخر.
لا، لا، من أجل أن ينفذ، تنفذ قربته، تكون مقبولة عند الله -جل وعلا-.
طالب: لكنه مثل إذا علم، إحنا نتكلم ممن يخدمون مثل هذه الأماكن، يعني ونصح، وبين له، لكنه مصر على أن هذه حق، سواء مثله مثل ما يقول الأخ: إنه يوقف على جمعية الحمول وما شابهها، أو ما سمعنا أن يوقف أرضه يبنى عليها سينما،. . . . . . . . . نعوذ بالله.
لا، هذا ما ينوي التقرب، لا فنون ولا سينما ما ينوي التقرب، هذا من الأصل مضاد لما شرع الوقف من أجله.
طالب: وهذا يتقرب للقبر ألعن منهم كلهم.
هذا متقرب للميت.(143/7)
هذا أسهل من جهة، الذي يوقف على سينما أو على فنون أو أغاني أو مجون، أو ما أشبه ذلك، أسهل ممن يقف على قبر من جهة، لكن ذاك ما ينوي القربة وهذا ينوي القربة، ذاك قد يكون معذور بجهله، وهذا ...
طالب: لا العذر بالجهل شيء، لكن هذا ينوي القربة لمن؟ لصاحب القبر.
لا، لا، يتقرب إلى الله -جل وعلا- بجعل صحيح البخاري عند هذا القبر، يتقرب إلى الله -جل وعلا-.
طالب: هو معذور، لكنه حسم المادة والمنهج ....
شيخ الإسلام يقرر إذا كان الوقف لا يحقق الهدف الشرعي الذي من أجله شرع الوقف فإنه ليس بوقف، ولذلك الآن والأمور الآن يصعب تحقيقها وتمحيصها، أوقاف بالملايين، نعم أوقاف ريعها بالملايين، وإذا جئت إلى الوقف فإذا هو سوق مختلط، فيه ما يجوز بيعه وما لا يجوز بيعه، أو أبراج سكنية، فيها من يجوز تأجيره، ومن لا يجوز تأجيره، هل نقول: إن هذا لا يحقق الهدف الشرعي فهو باطل؟ يعني سوق كامل ريعه ثلاثين مليون وقف، من تاجر محسن، ويصرف على الدعوة، وعلى تحفيظ القرآن، وعلى مصارف البر، ومع ذلك المحلات فيها الدشوش، وفيها المنكرات.
طالب: هذا يا شيخ ما هو البلوى من الوقف، من ناظر الوقف هو المفسد.
لا، لا، الواقف موجود.
طالب: موجود.
موجود.
طالب: إذن يبصر، يقال له: اتق الله في وقفك وأن هذا ما يجوز، وتقرب إلى الله بالطاعة.
تتصور عمارة بكاملها وقف أسفلها الدور الأرضي بنك، والأدوار الأخرى مؤجرة على أناس ...
طالب:. . . . . . . . . الوقف.
فمثل هذا لا يحقق الهدف الشرعي.
طالب: إن الله تعالى طيب.
فهل نقول: إن الوقف نفذ ويصحح على مقتضى أن نظر الشرع، أو نقول: إن الوقف باطل باعتبار لا يحقق الهدف الشرعي؟
طالب: لا يحقق الهدف الشرعي.
طيب، افترض أن صاحب الوقف يفرح بمثل هذا الكلام، إذا قلنا: باطل، ولا يحقق الهدف الشرعي، بيرجع له.
طالب:. . . . . . . . .
ندم ندم على ذلك ...
طالب: ندم؟
ندم، فهل يرجع إليه أو نقول: خرج من يدك ويُصحح؟ المسألة تحتاج إلى حكم، لا وموجود أيضاً الأمثلة كثيرة، ما هي بقليلة.
طالب: لكن هو الحديث: ((إن الله تعالى طيب)) هذا ما هو مستفيد في شيء، ويش الثمرة منه طال عمرك؟(143/8)
يعني شخص وقف أرض مقبرة، أوقفها مقبرة، فلما ارتفعت قيمة الأراضي، وعنده ورقة تملك، وكتب خلفها أني وقفتها مقبرة، فألصق عليها ورقة ثانية، من أجل أن .. ، هو رجع عن الوقف، ولا يجوز له أن يرجع بحال، عاد في الوقف، وهذه المسألة قائمة، فالقاضي تحايل على هذه الورقة وفصلها، وأثبت الوقف، فالآن لو كان هذا الوقف الذي أوقفه مقبرة، ونص على أنها تزاول فيها شيء من البدع، أو شيء من التي لا تجوز شرعاً، في الأمور التي لا تجوز، لا شك أن هذا يخالف مقتضى الوقف، إذا كان الخلل موجود محل عقد، إذا كان مصاحب للعقد فالوقف باطل، إذا كان الخلل متأخر عن العقد.
طالب:. . . . . . . . .
لا هذا يصحح ولا فيه إشكال، والوقف ثابت، فمثل هذه الأمور لا بد من مراعاتها؛ لأن الأمور مختلطة الآن، والإنسان يحتار إذا أراد أن يتصرف تصرف شرعي يحتار، يعني ما يدري أنه .... ، الآن شخص عنده أموال يريد أن يستغلها فيما يستفيد منه في دينه ودنياه، في دنياه وأخراه، يصعب عليه، نعم الحمد لله الأبواب كثيرة، لكن يبقى أن صاحب التحري والورع يصعب عليه مثل هذا.
طالب: لو كان عمارة، عمارة وقف أجرت على مكان إدارة السجون، فينبغي لراعي الوقف أن يتحرى من كل السجون. . . . . . . . .
لا لا مفردات الأمور ما يبحث عنها.
طالب: فيه من يبيع الملابس هذه تحصل، ناظر الوقف يدور عليهم دائماً ....
يبيع دشوش مثلاً.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه إذا كان يزاول فيه المحرم فلا يجوز.
طالب: .... من أجل يدور ناظر الوقف كل يوم يدور على. . . . . . . . .
طالب: هو مؤجر، مؤجر الدكان يبيع دشوش.
طالب: أو على راعي المحل إذا كان .... ويش دخله ....
شوف مفردات الأمور ما يبحث عنها، لكن الكلام في الإجمال، جاءك شخص تعرف أنه يغلب على الظن أنه يستعمله فيما حرم الله -جل وعلا- ما تأجره، لكن شخص عرفته عليه علامات الخير، ويغلب على ظنك أنه يستعمله فيما أباحه الله، فخرج من أولاده من عنده مخالفات، إيش تقول: ما أجره؟ مفردات الأمور ما يبحث فيها ودقائقها، لكن الكلام في الجملة.
طالب:. . . . . . . . . على المحلات التي تبيع حلال ما تبيع حرام يقال ...(143/9)
خليها تحت، إذا تعطلت منافعه ينقل.
طالب:. . . . . . . . .
إلى أقرب مصر، إلى أقرب جهة قريبة.
نعم اقرأ.
أحسن الله إليك
باب: الوصية في الثلث لا تتعدى
حدثني مالك عن ابن شهاب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه قال: جاءني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي، فقلت: يا رسول الله قد بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا)) فقلت: فالشطر؟ قال: ((لا)) ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الثلث، والثلث كثير، إنك أن تذر ورثتك أغنياء، خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت حتى ما تجعل في في امرأتك)) قال: فقلت: يا رسول الله أأخلف بعد أصحابي؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنك لن تخلف فتعمل عملاً صالحاً إلا ازددت به درجة ورفعة، ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام، ويضر بك آخرون، اللهم أمض لأصحابي هجرتهم، ولا تردهم على أعقابهم، لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن مات بمكة)).
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول في الرجل يوصي بثلث ماله لرجل ويقول: غلامي يخدم فلاناً ما عاش، ثم هو حر، فينظر في ذلك فيوجد العبد ثلث مال الميت، قال: فإن خدمة العبد تقوم ثم يتحاصان، يحاص الذي أوصي له بالثلث بثلثه، ويحاص الذي أوصي له بخدمة العبد بما قوم له من خدمة العبد، فيأخذ كل واحد منهما من خدمة العبد، أو من إجارته إن كانت له إجارة بقدر حصته، فإذا مات الذي جعلت له خدمة العبد ما عاش عتق العبد.
قال: وسمعت مالكاً يقول في الذي يوصي في ثلثه فيقول: لفلان كذا وكذا، ولفلان كذا وكذا، يسمي مالاً من ماله، فتقول ورثته: قد زاد على ثلثه، فإن الورثة يخيرون بين أن يعطوا أهل الوصايا وصاياهم، ويأخذوا جميع مال الميت، وبين أن يقسموا لأهل الوصايا ثلث مال الميت، فيسلموا إليهم ثلثه، فتكون حقوقهم فيه إن أرادوا بالغاً ما بلغ.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الوصية في الثلث لا تتعدى(143/10)
الوصية لا تتعدى هذا المقدار الذي حده النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثلث، والثلث كثير.
قال -رحمه الله-: "حدثني مالك عن ابن شهاب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه" سعد، أحد العشرة المبشرين بالجنة "أنه قال: جاءني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعودني عام حجة الوداع" زيارة المريض سنة مؤكدة، جاء الأمر بها، وأنها من حق المسلم على أخيه، ونقل الإجماع على أنها سنة، والبخاري -رحمه الله- يقول: باب وجوب عيادة المريض، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يعود أصحابه، فعاد سعداً وعاد غيره، وعاد جابر بن عبد الله، وهو مغماً عليه، وترجم الإمام البخاري: باب عيادة المغمى عليه، وبعض الناس لا يعود المغمى عليه، لماذا؟ لأنه لا يعرفه، إذا لم يعرفك فالله يعرفك، وأجرك ثابت على الله -جل وعلا-، وإن لم يعرفك.
طالب: لوجدتني عنده.(143/11)
لو الناس في الجملة كثير منهم تخفى عليه مثل هذه المعاني، فتكون عياداتهم حتى دخل في العبادات، يعني الصلاة، الصلاة على الميت، إذا كان بينه وبين أهل الميت معرفة صلى عليه وإلا فلا، إن كان بينه وبينه معرفة تبع الجنازة وإلا فلا، إن كانت بينه وبينه معرفة سلم عليه وإلا فلا، وهنا النبي -عليه الصلاة والسلام- عاد جابراً وهو مغمى عليه، فتوضأ ونضح عليه من وضوئه، وفاق -رضي الله عنه وأرضاه-، فالمقصود أن عيادة المريض قال بوجوبها البخاري -رحمه الله-، قال: باب وجوب عيادة المريض، ونقل النووي الإجماع على أن عيادة المريض سنة، ومعروف بتساهله في نقل الإجماع، فعلى الإنسان أن يحرص، يحرص أشد الحرص على مثل هذه الأمور، ولا شك أن هذا من علامات التوفيق، يعني كون الإنسان يحرص على عيادة المريض، يحرص على زيارة المقابر، يحرص على الصلاة على الجنائز، يحرص على اتباع الجنائز، يحرص على أبواب الخير كلها، هذا من العناية الإلهية لتوفيق الشخص، وهذا لا يعوق عن أمر، عن أي أمر من أمور الدنيا فضلاً عن أمور الآخرة؛ لأنه من أمور الآخرة، بعض الناس تجده يحرص بل يومياً يصلي في المساجد التي فيها الصلاة على الجنائز، وبعض الناس لا يرفع بذلك رأساً، بل العكس وجد بعض الناس في مسجد والصلاة على الجنازة قد شرع فيها الإمام وهو جالس، كسل وحرمان، بل أنا كلمت شخصاً، قلت: لماذا لم تصل على هذا الجنازة ولك قيراط، والقيراط مثل جبل أحد؟ قال: أمس صليت على واحد، الحرمان ما له نهاية، فمثل هذه الأمور تجد إن سعيكم لشتى، تجد الجنازة بين يديه ولا يصلي عليها، تجد آخر يضرب آباط الإبل من أجل أن يصلي على الجنازة، فمثل هذه الأمور ينتبه لها، والرسول -صلى الله عليه وسلم- زار سعداً وعاده في مرضه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، الأصل أن يكون العمل لله -جل وعلا-، هذا الأصل، والباعث والناهز له التقرب إلى الله -جل وعلا-، ثم إن تبع ذلك ما يرجح ويزيد من كونه صلة رحم، وكونه يترتب على الترك أمور، أو على الفعل أيضاً أمور هذه أمور تحتف بالمسألة لا من أصلها.
طالب: .... يعود كل مريض ...(143/12)
لعل الوجوب في مثل هذا، الوجوب الكفائي، بحيث يستحيل في حق الناس كلهم أن يقوموا بهذه الواجبات بأعيانهم في كل قضية من القضايا، يعني مات شخص بالرياض مثلاً، هل يتعين على جميع أهل الرياض أن يصلوا عليه؟ ما يلزم، ولا يقول بهذا أحد.
طالب: بدليل المرأة لما ماتت ولم يخبروا النبي -صلى الله عليه وسلم-.
نعم.
طالب: يعني من باب لو فرضت أن فلان توفي قريب هل أذهب أصلي من باب .... بغض النظر، لكن من باب ....
يعني إذا استحضرت هذا لا شك أنك امتثلت.
طالب: لكن ليس فرض.
هو في الأصل على تقرير الإمام البخاري -رحمه الله-: باب وجوب زيارة المريض، لا يتصور أن الإمام البخاري يوجب على أعيان الناس كلهم أن يزورا هذا المريض، لا يتصور أنه يوجب هذا على جميع الناس، إنما وجوب كفائي، فيما يدخل السرور عليه وينفعه، يعني لا شك أن المريض ينتفع بهذه الزيارة، والزائر أيضاً ينتفع.(143/13)
"جاءني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعودني عام حجة الوداع، من وجع اشتد بي" يعني حتى أنه خيل إليه أنه يموت في هذا المرض، من شدة وجعه "فقلت: يا رسول الله، قد بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مال" يعني صاحب مال "ولا يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق بثلثي مالي؟ " لأنه توقع أن هذه البنت يكفيها الثلث، لو أن معها أخاً لها ما استحقت أكثر من الثلث، والآن تفردت بالمال، إذن يكفيها الثلث "فقال: أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا)) " مثل هذه الأمور الشرعية إنما هي لجميع الناس، وإلا لو نظر إلى أفرادهم فثلث بعضهم يعادل أضعاف أضعاف أموال كثير من الناس، نعم، ما ينظر إلى كل شخص بعينه، القاعدة الثلث والثلث كثير، سواء كان المال كثير أو قليل، ما يقال: هذا والله يملك مليار بدل ما يتصدق بثلث ما عنده إلا ولد يكفيه مائة مليون الولد ذا، يتصدق بالباقي، وش اللي يسوي بهذه الدراهم؟ لا هذه قاعدة شرعية، ما ينظر فيها إلى الأفراد؛ لأن الأفراد لو نظر إليهم لاحتجنا إلى نص في كل فرد فرد، وقل مثل هذا في: ((مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر)) يعني ما وكل الأمر إلى التمييز، يعني التمييز قد يميز الطفل لأربع سنوات، وقد لا يميز إلا لعشر سنوات، لكن الغالب يعني ما يشذ عن هذا إلا نادر التمييز في السبع، فالأحكام العامة ينظر فيها إلى العموم، ما ينظر فيها إلى الأفراد، يعني ينظر إلى قدر ينضوي تحته أكثر الأفراد، وهنا: "أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا)) " ما نظر إلى أن هذه بنت واحدة، الثلث يكفيها ويزيد عليها، لا، قعد قاعدة عامة، قال: ((لا)) قال: قلت: فالشطر؟ قال: ((لا)) ثم قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((الثلث والثلث كثير)) وأبو بكر -رضي الله عنه- أوصى بما رضي الله به لنفسه وهو الخمس، ومنهم من يوصي بالربع، ومنهم من يوصي بدون ذلك، كل له ملحظه، لكن الثلث كثير، هذا النص بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((الثلث كثير)) بعض الناس أدخله في جميع الأبواب، ومفهومه أن ما دون الثلث قليل، الربع قليل، وأدخله في كثير من الأبواب، حتى أنهم أدخلوه في باب الربا مثلاً، قالوا:(143/14)
إذا كان أقل من الثلث ما فيه إشكال، من يقل بهذا؟ هل سبق إليه أحد من أهل العلم؟ الثلث، إذا قيل: أقل من الثلث بقليل خلاص، صار قليل يوصف بأنه قليل، والقليل لا حكم له، لا يا أخي، نعم؟ هذا ما يدخل تحت هذا، ومنهم من يجعل القدر المؤثر الشيء اليسير، ويقول: إن هذا مثل النجاسة يعفى عن يسيرها، على خلاف بينهم في القدر اليسير، الحنفية يقولون: الدرهم البغلي، وبعضهم يقول كذا، إلى أن يصل الأمر عند بعض أهل العلم أن يقول: إن ما لا يدركه الطرف لا يعفى عنه، وهؤلاء يتخيرون من المذاهب ما يناسبهم.
الأمر الثاني: أن تعمد الشيء، يعني هل الحنفية يقولون: يجوز أن تأتي بنجاسة تقصدها وتضعها على ثوبك أو بدنك ويعفى عنها؟ أو أنها إذا أصابتك من غير قصد عفي عنها؟
الأمر الثاني: أن النجاسات تتفاوت، نجاسة البول ليست مثل نجاسة الدم، ولذا فالمسائل الماردينية لشيخ الإسلام ابن تيمية السؤال عن المذي هل هو طاهر أو نجس؟ وهل يعفى عن يسيره كالدم أو لا كالبول؟ فالنجاسات متفاوتة، اللي يقول: يسير النجاسة معفو عنها ليس على إطلاقه، إذا كان مما لا يدركه الطرف، يعني مثل رؤوس الإبل ما يعفى عنه عند الحنابلة والشافعية، كيف أختار مذهب لأنه يوافق هواي، وهنا يجعلون الثلث والثلث كثير، أقل من الثلث قليل، يعني يتجاوز عنه، ويتخلص منه، وما أدري كيف أدخلوا مسألة التخلص في هذا الباب؟ والتخلص عند أهل العلم إنما هو من تمام التوبة، يعني ورد عليك شيء لا تدري عنه من غير قصد، تخلص منه، عندك أموال دخلت عليك من شبهات، أو من محرمات، ثم تبت منها، وتحققت فيك الشروط كلها، ندمت، وعزمت على أن لا تعود، نعم، والشرط الثالث؟ نعم الإقلاع فوراً، هؤلاء الذين يستعملون هذه الأمور هل تحقق فيهم شرط واحد؟ ولا شرط واحد، إذن التخلص لا ينفع مع الإصرار.(143/15)
((الثلث، والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)) وإذا كان هذا في فعل الخير فالذي يتصرف في أمواله تصرفاً غير شرعي ينهى من باب أولى، وإذا أراد أن يتصرف تصرفاً مباحاً، الآن منع من الصدقة بأكثر من الثلث، وأراد شخص أن يتصرف، فيشتري من الأمور المباحة ما يجعل ورثته عالة يتكففون الناس، يأثم ولا ما يأثم؟ نعم إن قصد الحرمان يأثم، لكن هذا ما قصد، هذا شخص مغرم بالمباحات، ويكثر منها، وصارت النهاية أنه صار أولاده عالة بعد أن كان غنياً، يقول -عليه الصلاة والسلام-: ((إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)) وخير هذه في الأصل أفعل تفضيل، فهل نقول: إن تركهم أغنياء خير وتركهم عالة خير؟ نعم؟ تركهم أغنياء خير وتركهم عالة خير، إلا أن تركهم أغنياء أفضل من تركهم عالة؛ لأن هذا مقتضى أفعل التفضيل.
طالب: هذا ما يفهم من الحديث، يفهم من الحديث؟
لا، يفهم من أفعل التفضيل.
طالب:. . . . . . . . .
{أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [(24) سورة الفرقان] أصحاب النار ما عندهم خير بالكلية، فأفعل التفضيل ليست على بابها، إذن إذا ارتفع الخير يبقى شر؟ يعني تركهم عالة يتكففون الناس شر؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا مفروغ منه، إذا قصد حرمانهم والإضرار بهم هذا مفروغ منه، لكن هذا منع من التصرف الذي يجعلهم عالة وتصرفه خير بلا شك وصية ونفع، فكيف بمن يبذر أمواله في المباحات فضلاً عن المحرمات، فينتبه الإنسان لمثل هذا.
((وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت)) تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها، النفقة كما تكون على الأباعد، فالصدقة تكون أيضاً على الأقارب بالنفقات الواجبة والمستحبة ((إذا أجرت بها حتى ما تجعل في في امرأتك)) يعني ما تضعه في فمها، يعني الإنسان مأجور، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
((إنك إن تذر)) نعم.(143/16)
ما ينفقه الإنسان على نفسه وعلى أهله ينوي بذلك التقوي على طاعة الله -جل وعلا- لا شك أنه أجر حتى ما تجعل في في امرأتك، يعني في فمها، فعلى هذا كثير من الناس محروم من أجور عظيمة، تجده في كل شهر يخرج من راتبه بقدر أسرته اللي يخرج ألف، واللي يخرج ألفين، واللي يخرج عشرة، واللي يخرج أكثر، للمصروف الشهري من النفقات، ويعبي المستودع بعشرة آلاف، بخمسة عشر ألف، على قدر أسرته، بخمسة آلاف بأكثر أقل، لكن ما يستحضر شيء، ما يستحضر مثل هذه النصوص، وأنه يتقرب بذلك إلى الله -جل وعلا-، حتى أن بعض الناس يتحرى في مثل هذه النفقة الأوقات الفاضلة، يعني أغراض وحاجات رمضان مثلاً، كثير من الناس يأمنها قبل رمضان بخمسة أيام ستة أيام خشية الزحام، هذا يقول: إذا دخل رمضان ... لتكون هذه النفقة في الوقت الفاضل، لكن بعض الناس ينتبه إلى مثل هذه الأمور، وجل الناس غافل، فمثل هذه الأمور إذا استحضرت النية فيها أجر عليها الإنسان أجراً عظيماً.
((حتى ما تجعل في في امرأتك)) قال: فقلت: يا رسول الله ...
هل المقصود بذلك حقيقة اللفظ أو المراد بذلك تأمين ما يؤكل للمرأة؟
طالب: التأمين.
يعني هل المقصود أن يأخذ من الطعام ويضع في في امرأته؟ ويؤكلها كما يؤكل الطفل؟ أو أن الأمر يكنى بذلك عن تأمين ما تحتاج إليه المرأة بحيث لا تنظر إلى غيره؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب، وإذا امتثل هذا الأمر وشال الملعقة وأكل امرأته؟
طالب:. . . . . . . . .
النص في المرأة، هو أنت تتصور أن الأم موجودة مثلاً، يؤجر على مثل هذا؟
طالب:. . . . . . . . .
على الإطلاق، لكن النص لو أنت .. ، ابن حزم قال هذا، ولو كانت الأم والأب حاضرين، نعم، ولو كان الأمر يغيظهما، حتى أنه قال: لو لم يرد من النصوص غير قوله -جل وعلا-: {فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ} [(23) سورة الإسراء] لجاز قتلهما، لكن ورد من النصوص ما يمنع من ذلك.
طالب:. . . . . . . . .
عند الظاهرية جمود على اللفظ، المقصود أن مثل هذا قد لا يراد به حقيقة الفعل، لكن لو كان الزوج مع زوجته بمفردهما منفردين، ووضعها ما فيه ما يمنع بل ...
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . بل من الواجب.(143/17)
طالب:. . . . . . . . .
تدخل إيه تدخل، ... هذا مجرد تمثيل.
"قال: فقلت: يا رسول الله أأخلف بعد أصحابي؟ " لأنه كأنه فهم ((إنك إن تذر ورثتك)) فهم من هذا أنه يولد له غير هذه البنت؛ لأن الورثة أكثر من واحد، أكثر من وارث، ففهم من ذلك أنه يخلف، يعني يعيش "أأخلف بعد أصحابي؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنك لن تخلف فتعمل عملاً صالحاً، إلا ازددت به درجة ورفعة)) " وهذا المسلم حياته له خير، يزداد بها من الزاد الحقيقي من التقوى، من الأعمال الصالحة، مما يزيد في منازله ودرجاته في الجنة ((إلا ازددت بها درجة ورفعة، ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام، ويضر بك آخرون)) ينتفع بك أقوام ممن يسلم بسببك؛ لأنه قاد الجيوش في الجهاد، ودخل الناس بسببه وبسبب ما معه من المسلمين في دين الله أفواجاً، وقتل من قتل من المشركين على يده، وعلى يد من معه من المسلمين، لا شك أنه انتفع به أقوام، وتضرر به آخرون، انتفع به من دخل في دين الله، وتضرر به من قتل.
((ويضر بك آخرون، اللهم أمض لأصحابي هجرتهم)) لأن الحسرة التي يجدها سعد -رضي الله عنه- أن يموت في البلد الذي تركه لله -جل وعلا- وهو مكة.(143/18)
((اللهم أمض لأصحابي هجرتهم)) يعني فلا تمتهم في المكان الذي تركوه لك، لله -جل وعلا- ((ولا تردهم على أعقابهم)) ناكصين مرتدين، تاركين لما عهدتهم عليه من هجرة وجهاد وغيرهما ((لكن البائس)) يرثي له النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويتوجع عليه، ويتألم لوضعه ((لكن البائس سعد بن خولة، يرثي له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن مات بمكة)) لأنه تركها لله -جل وعلا-، ولا يجوز له المقام بمثل هذا البلد أكثر من ثلاثة أيام، النبي -عليه الصلاة والسلام- أذن لهم بعد الحج بثلاثة أيام فقط، ويرد على هذا أن بعض الإخوان الوافدين من بعض الجهات ناوين للهجرة، يعني بعض الإخوان الوافدين إلى هذه البلاد ينوون الهجرة بذلك، فيقولون: إذا ذهبنا لزيارة أهلنا ما نجلس أكثر من ثلاثة أيام، لكن هل الأمر بأيديهم؟ لو صدر أمر بتزفيرهم مثلاً إلى بلده الأصلي، يملك مثل هذا؟ هل يمكن أن يحتج يقول: أنا هاجرت ولا يجوز أن أرجع ولا كذا؟ مثل هذا الأمر لا يملكه، لكن فيما يملك، شخص جاءته الظروف قدر له على ما يريد، وتيسر له البقاء، هل يجوز له الرجوع إلى البلد الذي تركه لله -جل وعلا-؟ أما إذا كان البلد بلد كفر، ودار حرب، هذا لا يجوز له الرجوع إليه، لكن إذا تصورنا أنه بلد إسلام، هل نقول: إنه مثل مكة صارت دار إسلام، وحينئذٍ لا يجوز البقاء فيها؛ لأنه تركها لله؟ أو نقول: إن هذا خاص بالهجرة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وحكم غيرها يختلف عن حكمها؟ ولا هجرة بعد الفتح، لا شك أن الانتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام هذا باقي إلى قيام الساعة، واجب من بلد الكفر.
طالب: .... سنة شرعية.
نقول: واجب يجب عليه أن ينتقل من بلاد الكفر، من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام، من بلاد الإسلام التي تكثر فيها المعاصي إلى بلد الإسلام التي تقل فيها المعاصي هذا سنة عند أهل العلم، ويؤجر عليه بلا شك.
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . من مكة؛ لأنها صارت دار إسلام، لكن دور الإسلام الأخرى؟ الآن شخص قال: أنا أبى أهاجر من الرياض إلى مكة؟ إيش تقول؟ نقول: لا يجوز لك أن ترجع الرياض أكثر من ثلاثة أيام؟
طالب:. . . . . . . . .(143/19)
هذا يقول: لو رن الجوال وأنت في درس، ثم نظر فإذا هي أمه، هل يجب أن يرد أو يؤخر حتى بعد الدرس؟ وهل يرد في الدرس؟
على كل حال طلب الأم واجب، وإذا كان الإنسان في صلاة نفل فعند جمع من أهل العلم أنه يقطعها، ويرد على أمه، فمثل هذا الأم لا تؤخر حتى ينتهي الدرس، لكن عليه أن لا يؤثر ولا يشوش على الدرس.
طالب:. . . . . . . . .
ولو كان. . . . . . . . .، هي أهم من الدرس، لكن لا يشوش على الدرس.
طالب:. . . . . . . . .
((ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام، ويضر بك آخرون، اللهم أمض لأصحابي هجرتهم، ولا تردهم على أعقابهم، لكن البائس سعد بن خولة)) لكن مخففة، ولذلك لم تعمل، لم تنصب المبتدأ، ولكن مثل (إن) إذا خففت قل عملها، ويجوز أن تعمل، لكن الأكثر عدم {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [(63) سورة طه] "وخففت إن فقل العملُ" يعني يكون عملها أقل، ولو أهملت لما كان فيه بأس، وهنا خففت (لكن) فلم تعمل، ولذا قال: ((البائس سعد بن خولة، يرثي له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-)) ويتوجع عليه أن مات بمهجره، في المكان الذي تركه لله -جل وعلا- ....(143/20)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ – كتاب الأقضية (17)
باب: أمر الحامل والمريض والذي يحضر القتال في أموالهم - وباب: الوصية للوارث والحيازة - وباب: ما جاء في المؤنث من الرجال، ومن أحق بالولد
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يقول: إمام مسجد جاء إليه اثنان وقالوا: إنهما وجدا أربعة عشر جنيهاً مصرياً، فأخذها الإمام وسأل أكثر الناس الحاضرين ومن صلى فلم يتعرف على صاحبها في هذا اليوم، مع أن المسجد يرتاده أناس مختلفون، وهي عنده الآن، فماذا يفعل هذا الإمام؟ وجزاكم الله خيراً، وما هي وسائل تعريف اللقطة؟
هذا المبلغ الذي وجده أربعة عشر جنيهاً، يعني يعادل تسعة ريالات، يعني في الغالب أن مثل هذا لا تلتفت إليه همة أوساط الناس، فهذا لا يعرف مثل تعريف المبلغ الذي يبحث عنه صاحبه بشدة إذا فقده، فمثل هذا يتصدق به عن صاحبه، ويصل -إن شاء الله تعالى- على نية أنه إذا جاء صاحبه يوماً من الدهر يرده إليه، فمثل هذا لا تلتفت إليه همة أوساط الناس.
طالب: في بلادهم.
كذلك حتى في بلادهم ما أحد يلتفت إلى مثل هذا المبلغ، اليوم هذا المبلغ لا يساوي شيئاً.
يقول: هل فتاوى كبار العلماء في هذا البلد ملزمة لطالب العلم، وكذلك بالنسبة للعوام؟ أو أن الإنسان مخير بين علماء البلد وغيرهم من علماء البلدان الأخرى؟(144/1)
السائل لا يخل إما أن يكون عامياً، أو في حكمه، طالب علم مبتدئ، ليست لديه أهلية النظر، أو يكون ممن لديه أهلية النظر في أقوال أهل العلم بأدلتها، والتوفيق بينها، فإن كان عامياً أو في حكمه، فتبرأ ذمته إذا سأل من يثق بعلمه ودينه وأمانته وورعه، لا بد أن تتوافر مع العلم والدين ينضم إلى ذلك الورع، وإذا توافرت هذه الصفات الثلاث العلم والدين والورع، فإنها تبرأ الذمة بتقليد مثلهم، هذا بالنسبة للعامي، ومن في حكمه، ممن ليست لديه أهلية النظر، أما من لديه أهلية النظر في أقوال أهل العلم بأدلتها، والموازنة بينها، وترجيح الراجح بدليله، فهذا لا يسعه إلا أن يعمل بما يؤديه إليه اجتهاده، أما مسألة التخير، هذه لم يقل بها أحد، إلا في حالة ما إذا تردد بين عالمين، وكلاهما تبرأ الذمة بتقليده، ولم يجد مرجح بينهما، فله أن يختار ما لا يوافق هواه من قوليهما؛ لئلا يكون قد عمل بمقتضى الهوى.
يقول: رجل كتب العقد على امرأة ولم يدخل بها، وسيطلقان ...
كيف سيطلقان؟
طالب:. . . . . . . . .
هو هو ما لها نصيب في الطلاق.
اتفق أهل الشأن على تحديد المهر، وتم دفع بعض منه للزوجة أثناء كتابة العقد، فالآن هل يجب عليه إكمال المهر للزوجة قبل تطليقها، أم نصف المهر الذي معها أم المحدد؟
إذا كان قد دفع نصف المهر يكتفي به؛ لأنه إذا طلقها قبل الدخول، وقد حدد المهر فلها نصفه.
هذه أم سهلة السلفية امرأة من فرنسا تقول: زوجي يريد أن يشتري كفنه، ويحتفظ به في البيت من باب تذكر الموت، والاستعداد له، فهل هذا العمل جائز؟
هذا إذا كان لا أثر له في نفقته، بمعنى أنه لا يؤثر على نفقته بنفسه، يعني قدر زائد على نفقته وحاجته الأصلية، مع من يمون، فلا يوجد ما يمنع من ذلك، إلا أن التذكر يحصل بغيره، إن كان قصده تذكر الموت والاستعداد له، قد يحصل به ويحصل بغيره، فزيارة القبور تذكر الموت.
سؤال آخر تقول: هل إذا أسقط الجنين وعمره أربعة أشهر وثلاثة أيام يغسل ويدفن؟
الأحكام المتعلقة بالجنين إنما هي إذا نفخت فيه الروح، وهذه المدة تنفخ فيه الروح؛ لأنها مائة وثلاثة وعشرين يوم، ينفخ فيه الروح، فحينئذٍ يُغسل ويدفن.(144/2)
وأما الأحكام المتعلقة بأمه فحكمها يتعلق بالتخليق، إذا وجد فيه خلق الإنسان فإن الأحكام المرتبطة بالأم تثبت بتخليقه.
حكم تغيير النية في أثناء الصلاة؟ وهل الرواتب تتداخل؟
أولاً: الرواتب لا تتداخل لا بد منها، حكمها سنة مؤكدة تكمل منها الفرائض، ولا تتداخل؛ لأن كل واحدة منها مطلوب لذاته، وجاء تحديدها وعددها بالنص، فمثل هذه لا تتداخل، تغيير النية في أثناء الصلاة من نفل إلى فرض لا يجوز، ولا تجزئ، ومن نفل مطلق إلى نفل مقيد كذلك عند أكثر العلماء؛ لأن النفل المقيد يحتاج إلى نيته الخاصة، ومن نفل مقيد إلى نفل مطلق بمعنى أنه شك هل صلى الراتبة أو لم يصلها؟ فلما كبر وشرع في الصلاة تذكر أنه صلى الراتبة، ينتقل، من فرض إلى نفل، يقول أهل العلم: وإن قلب منفرد فرضه نفلاً في وقته المتسع جاز.
ما هي أحسن المختصرات في العقيدة والفقه؟
أما بالنسبة للعقيدة فمؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، شيخ الإسلام، الإمام المجدد: الأصول الثلاثة، وكشف الشبهات، والتوحيد، ثم بعد ذلك الواسطية لشيخ الإسلام، ولمعة الاعتقاد، والحموية، والتدمرية، والطحاوية، هذه متون معروفة عند أهل العلم.
والفقه يبدأ الطالب بعمدة الفقه؛ لأنها من أخصر الكتب المؤلف في هذا الباب، وأسلوبها واضح، ومؤلفها إمام، وقد بنى أحكامه على أدلة صحيحة، يوردها في صدر الباب، فيتفقه طالب العلم على العمدة، ثم بعد ذلك يقرأ في دليل الطالب، ثم زاد المستنقع.
هذا من فرنسا يقول: زوجتي كثيرة الشجار مع والدتي، ووالدتي تريد مني أن أطلقها، وأنا حائر بين أطفالي وقرار والدتي، علماً بأن شاب متدين والحمد لله، وأحب زوجتي، ولا أريد أن أغضب الله بالطلاق، أو أغضب والدتي التي أمر الله بطاعتها، فماذا أفعل؟ انصحوني.(144/3)
على كل حال إذا كانت الزوجة متدينة، وقد رضيت دينها، وأقدمت على زواجها بهذا السبب فالطاعة بالمعروف، احرص على أن تؤلف بينها وبين والدتك، ولو بعزل كل واحدة منهما بمنزل مستقل إذا لم يتم الوفاق بينهما بمنزل واحد، والأمر إليك إن أردت أن تمسك كما هو الأصل حفاظاً على أولادك فلا إثم عليك؛ لأن الطاعة بالمعروف، وإن أردت أن تطيع والدتك .. ، قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لعبد الله بن عمر: ((أطع أباك)) لكن من مثل عمر بن الخطاب في تقدير المصالح والمفاسد؟
يقول: عن الهيثم بن حنش قال: كنا عند عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- فخدرت رجله، فقال له رجل: اذكر أحب الناس إليك، فذكر محمداً، فكأنما نشط من عقال.
وعن مجاهد -رحمه الله-: قال: خدرت رجل رجل عند ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: اذكر أحب الناس إليك، فقال: محمد، فذهب خدره، ذكره ابن القيم في الوابل الصيب، فهل هذا الأثر صحيح؟ وهل يقال مثل هذا الذكر؟ وما أفضل طبعات الوابل الصيب؟
أفضل طبعات الوابل الصيب فيما أظن هي طبعة المؤيد، أنا قرأتها قديماً، نسخة صحيحة وسليمة، ما فيها أخطاء، هي مطبوعة من أكثر من عشرين سنة، طبعة طيبة، وحقق بعد ذلك، لكني لم أطلع على هذه النسخ المحققة.
أما ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- عند ما يحصل للرجل ما يحصل من خدور فليس فيه شيء مرفوع، وهذا وإن كان عن صحابيين جليلين، فالعبرة بما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.
طالب:. . . . . . . . .
مرفوع ما فيه شيء مرفوع، والعبرة بما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: أمر الحامل والمريض والذي يحضر القتال في أموالهم(144/4)
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: أحسن ما سمعت في وصية الحامل، وفي قضاياها في مالها، وما يجوز لها أن الحامل كالمريض، فإذا كان المرض الخفيف غير المخوف على صاحبه، فإن صاحبه يصنع في ماله ما يشاء، وإذا كان المرض المخوف عليه لم يجز لصاحبه شيء إلا في ثلثه.
قال: وكذلك المرأة الحامل أول حملها بشر وسرور، وليس بمرض ولا خوف؛ لأن الله -تبارك وتعالى- قال في كتابه: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ} [(71) سورة هود] وقال: {حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [(189) سورة الأعراف] فالمرأة الحامل إذا أثقلت لم يجز لها قضاء إلا في ثلثها، فأول الإتمام ستة أشهر، قال الله -تبارك وتعالى- في كتابه: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [(233) سورة البقرة] وقال: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [(15) سورة الأحقاف] فإذا مضت للحامل ستة أشهر من يوم حملت لم يجز لها قضاء في مالها إلا في الثلث.
قال: وسمعت مالكاً يقول في الرجل يحضر القتال: إنه إذا زحف في الصف للقتال لم يجز له أن يقضي في ماله شيئاً إلا في الثلث، وإنه بمنزلة الحامل والمريض المخوف عليه ما كان بتلك الحال.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: أمر الحامل والمريض والذي يحضر القتال في أموالهم
يعني من يغلب على الظن هلاكه.(144/5)
"الحامل" في آخر الحمل على خطر "والمريض" الذي مرضه مخوف أيضاً لا ينفذ من تصرفه إلا في الثلث، وكذلك الذي يحضر القتال، إذا شرع فيه، وحمي وطيسه، فإنه حينئذٍ لا يتصرف إلا في الثلث؛ لأن نَفاقه غلبة ظن، فليس له من ماله إلا الثلث، كالمرض المخوف، بخلاف ما إذا كان الحمل في أوله، فهو بشر كما قال المؤلف -رحمه الله- على ما سيأتي، أو كان المرض غير مخوف مزكوم مثلاً، هذا يتصرف بماله كيفما شاء، أو مرض خفيف يرجى برؤه، فإن هذا يتصرف كالسليم، في ماله كيف شاء، ولا حجر عليه، إذا كان حراً رشيداً مكلفاً.
"والذي يحضر القتال مثلهم" لأنه في الغالب في موقف قتله سهل، فيغلب على الظن أنه يموت، وليس المراد بغلبة الظن بالنظر إلى كثرة من يسلم من الحوامل، أو من يسلم من المرضى الشديدي المرض، ولا بالنظر إلى كثرة من يرجع من القتال سالماً؛ لأننا كيف نقول: غلبة ظن؟ نعم؟ والحوامل يسلم منها أكثر من تسعة وتسعين بالمائة؟ والمرضى يسلم منهم من يسلم، وقد يكون مرضه خفيفاً يسيراً ويموت فيه، وكذلك من حضر القتال يرجع منهم الأكثر، فليس هذه غلبة الظن في مقابلهم، ممن تسلم من الحوامل أو المرضى أو من يحضر القتال، المقصود أن نفقاهم سهل يعني، يعني لا يستغرب أن يقال: فلان قتل في المعركة، ولا يستغرب أن يقال: فلانة ماتت في ولادة، وإن كان هناك تسعة وتسعين بالمائة من الحوامل ما يموت، فليست غلبة الظن هنا مثاره إلى المقابل، فإننا لا ننظر إلى كثرة من يقتل، بالنسبة إلى من يرجع، فنقول: غلبة الظن أنه يرجع، لا، لكن لسهولة الموت في مثل هذه الصورة.(144/6)
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: أحسن ما سمعت في وصية الحامل، وفي قضاياها في مالها، وما يجوز لها أن الحامل كالمريض، فإذا كان المرض الخفيف" يعني إذا وجد المرض الخفيف - (كان) هنا تامة- غير المخوف على صاحبه، فإن صاحبه يصنع في ماله ما شاء، كالسليم الصحيح السالم العاري من المرض، يتصرف فيه كيفما شاء، شريطة أن يكون حراً مكلفاً رشيداً، وإذا كان المرض المخوف عليه لم يجز لصاحبه شيء إلا في ثلثه، مريض مرض مخوف، الغالب فيه العطب، فإن هذا لا يتصرف إلا في الثلث؛ لأن الاحتمال قائم أن تصرفه في ماله في أكثر من الثلث أنه يقصد به حرمان الورثة، ولو عري عن هذا القصد إلا أن المال تبعاً لغلبة الظن ليس له، هو ما زال يملكه، لكن ملكه في حكم المنتقل؛ لأن موته غلبة ظن، بخلاف ما لو كان المرض خفيفاً.
قال: "وكذلك المرأة الحامل أول حملها بشر وسرور، وليس بمرض ولا خوف؛ لأن الله -تبارك وتعالى- قال في كتابه: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ} [(71) سورة هود] " بشر وسرور يعني ما هو مخوف في أول الأمر، امرأة طبيعية، تزاول من الأعمال ما يزاوله غيرها بشر وسرور، {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ} [(71) سورة هود] وليس بمرض فضلاً عن أن يكون مخوفاً، لكن إذا أثقلت وقربت الولادة، وأقعدها الحمل عن العمل، فإنه يكون حكمها حكم المرضى.
وقال: {حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً} [(189) سورة الأعراف] والضمير عند أكثر المفسرين يعود إلى آدم وحوى، وبعضهم ينزع إلى أن المراد به جنس الإنسان.(144/7)
{لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [(189) سورة الأعراف] فالمرأة الحامل إذا أثقلت لم يجز لها قضاء إلا في ثلثها؛ لأن نفاقها وموتها متصور، لا أن الغالب من الحوامل يموت، وإن كانت الظروف والأحوال والنساء والولدان والأزمان تختلف الحوامل فيه باختلاف هذه التغيرات، والناس إلى وقت قريب والمرأة الحامل في الشهر التاسع ترعى الغنم، وتجذ النخل، وتزاول ما يزاوله الرجال فضلاً عن النساء، نعم قد تكون في طريق، في سفر، وأسماء بنت عميس أصابها الطلق بالمدينة قبل أن يخرجوا من المدينة، وخرجت إلى الحج مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، وولدت بالميقات، بذي الحليفة، عشرة كيلو عن المدينة، يعني ظروف الناس اختلفت، الآن إذا خرجت النتيجة قيل: على ظهرك على السرير، لا تتحركي، لا تركبي، لا تنزلي، فوكلوا إلى مثل هذا الهلع وهذا الخوف، فصار الإسقاط لأدنى سبب.
"فالمرأة الحامل إذا أثقلت لم يجز لها قضاء إلا في ثلثها، فأول الإتمام ستة أشهر" يعني يولد الولد تاماً لستة أشهر، وقد جيء بامرأة ولدت بعد زواجها بستة أشهر عند عمر وإلا عثمان؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، علي اللي احتكم إليه فيما بعد؟ نعم القصة تقول: عند عمر، نعم، فهم برجمها، فقال علي -رضي الله عنه-: الولادة ممكنة في ستة أشهر، والولد تام، فاستدل بالآيتين اللتين ذكرهما المؤلف، ولا شك أن هذا فقه دقيق من علي -رضي الله عنه-، وقد يعزب عن الفاضل ما يحضر المفضول، كما أن الدليل بكامله قد يعزب، عمر -رضي الله عنه- في خبر الاستئذان أنكر على أبي موسى حتى شهد له أبو سعيد، لا يلزم أن يكون الإنسان الفاضل أفضل من غيره من كل وجه، لا يلزم أن يكون أفضل من غيره، لكن في الجملة يكون أفضل من غيره، بالمجموع يكون أفضل من غيره.(144/8)
يقول: "فأول الإتمام ستة أشهر، قال الله -تبارك وتعالى-: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [(233) سورة البقرة] وقال: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [(15) سورة الأحقاف] " إذا حذفت الحولين الكاملين، الأربعة والعشرين شهراً من الثلاثين بقي كم؟ بقي ستة، فإذا مضت للحامل ستة أشهر من يوم حملت لم يجز لها قضاء في مالها إلا في الثلث؛ لأن حكمها حكم المريض "من يوم حملت" يوم ظرف أضيف إلى جملة صدرها مبني فيبنى على الفتح في محل جر، كيومَ ولدته أمه، ظرف أضيف إلى جملة صدرها مبني فيبنى، لكن لو أضيف إلى جملة صدرها معرب أُعرب {هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ} [(119) سورة المائدة].
قال: "وسمعت مالكاً يقول في الرجل يحضر القتال: إنه إذا زحف في الصف للقتال لم يجز له أن يقضي في ماله شيئاً إلا في الثلث" كالمريض المرض المخوف؛ لأن نفاقه وموته قريب، فلا يستغرب أن يقال: قُتل فلان إذ المعارك لا تخل من قتل، ولا يلزم أن يكون العدد المقتول بالنسبة للسالم أكثر ليغلب على الظن، ما يلزم هذا، لكن لا يستغرب أن يقال: قُتل، فهذا الذي يغلب على الظن أنه في حكم المريض مرضاً مخوفاً.
"لم يجز له أن يقضي في ماله شيئاً إلا في الثلث، وإنه بمنزلة الحامل الذي أثقلت، والمريض المخوف عليه، ما كان بتلك الحال" يعني وإن كان قبل التحام الصفوف، وبدء القتال قبل ذلك، يجوز له أن يتصرف؛ لأنه قال: "إنه إذا زحف في الصف للقتال صار حكمه حكم المريض المرض المخوف" لكن قبل ذلك؟
طالب: مثل السليم المعافى.
مثل الحمل الخفيف، ومثل المرض غير المخوف؟ يعني الفرق بينهما أن هذا بإمكانه أن يترك القتال، وهذا ليس بإمكانه؟
طالب: إيه هذا ما يجوز أن يولي الدبر، إذا التقى الصفان ما يجوز أن يولي الدبر.
هل قوله: "إذا زحف" بمعنى أنه حصل الزحف والتولي حرام، من الموبقات، فقبل الزحف، قبل زحف القتال يجوز له أن يرجع؟
طالب: لا، لا يجوز، لكنه على حسب اكتتابه ووضعه، لكن ممكن ما يكون في المقدمة، ممكن يكون في المؤخرة، يمكن يكون في الحراسة.
طيب إذا زحفوا في المؤخرة هم، بطرف الناس.
طالب: ممكن يكون في الحراسة، وما في زحف، وهو مكتتب.(144/9)
هذا أذن له الإمام، إذا أذن له الإمام شيء، افترض أن شخصاً استنفره الإمام، وهو في طرف الجيش، هل يكون حكمه حكم من كان بين الصفين في الزحف؟ أو أن هذا حكمه حكم من يغلب على الظن سلامته؟ لأن الجند تتفاوت مواقعهم، مواقعهم متفاوتة، فالإمام قيده بما إذا زحف في الصف للقتال، يعني باشر، باشر القتال، -رحمه الله-.
نعم.
أحسن الله إليك.
باب: الوصية للوارث والحيازة
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: في هذه الآية إنها منسوخة قول الله -تبارك وتعالى-: {إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180] نسخها ما نزل من قسمة الفرائض في كتاب الله -عز وجل-.
قال: وسمعت مالكاً يقول: السنة الثابتة عندنا التي لا اختلاف فيها أنه لا تجوز وصية لوارث إلا أن يجيز له ذلك ورثة الميت، وأنه إن أجاز له بعضهم، وأبى بعض جاز له حق من أجاز منهم، ومن أبى أخذ حقه من ذلك.
قال: وسمعت مالكاً يقول في المريض الذي يوصي فيستأذن ورثته في وصيته، وهو مريض ليس له من ماله إلا ثلثه، فيأذنون له أن يوصي لبعض ورثته بأكثر من ثلثه: إنه ليس لهم أن يرجعوا في ذلك، ولو جاز ذلك لهم صنع كل وارث ذلك، فإذا هلك الموصي أخذوا ذلك لأنفسهم، ومنعوه الوصية في ثلثه، وما أذن له به في ماله.
قال: فأما أن يستأذن ورثته في وصية يوصي بها لوارث في صحته، فيأذنون له، فإن ذلك لا يلزمهم ولورثته أن يردوا ذلك إن شاءوا، وذلك أن الرجل إذا كان صحيحاً كان أحق بجميع ماله يصنع فيه ما شاء إن شاء أن يخرج من جميعه خرج فيتصدق به، أو يعطيه من شاء، وإنما يكون استئذانه ورثته جائزاً على الورثة إذا أذنوا له حين يحجب عنه ماله، ولا يجوز له شيء إلا في ثلثه، وحين هم أحق بثلثي ماله منه، فذلك حين يجوز عليهم أمرهم، وما أذنوا له به، فإن سأل بعض ورثته أن يهب له ميراثه حين تحضره الوفاة فيفعل، ثم لا يقضي فيه الهالك شيئاً، فإنه رد على من وهبه إلا أن يقول له الميت: فلان -لبعض ورثته- ضعيف، وقد أحببت أن تهب له ميراثك، فأعطاه إياه، فإن ذلك جائز إذا سماه الميت له.(144/10)
قال: وإن وهب له ميراثه، ثم أنفق الهالك بعضه وبقي بعض فهو رد على الذي وهب، يرجع إليه ما بقي بعد وفاة الذي أعطيه.
قال: وسمعت مالكاً يقول فيمن أوصى بوصية فذكر أنه قد كان أعطى بعض ورثته شيئاً لم يقبضه، فأبى الورثة أن يجيزوا ذلك، فإن ذلك يرجع إلى الورثة ميراثاً على كتاب الله؛ لأن الميت لم يرد أن يقع شيء من ذلك في ثلثه، ولا يحاص أهل الوصايا في ثلثه بشيء من ذلك.
نعم، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الوصية للوارث والحيازة
طالب: يا شيخ بالنسبة لهذا ....
مرد ذلك إلى حديث سعد الماضي، مرده إلى حديث سعد، فكل من كان بهذه المثابة بحيث يغلب على الظن هلاكه فإنه لا يتصرف إلا بالثلث، ولو وجد صورة غير الصور التي ذكرها الإمام مالك كذلك، فالمسألة كلها ترد إلى حديث سعد.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الوصية للوارث والحيازة
الوصية للوارث، {إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180] فالوالدان من الورثة، فالوصية لهما وللأقربين، والأقربين أعم من أن يكونوا ورثة أو غير ورثة، والآية منسوخة.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول في هذه الآية -إنها منسوخة- قول الله تعالى" قولُ ولا قولِ؟ يقول في هذه الآية؟ ما لها ما تصير بدل من اسم الإشارة؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم هذا هو الأصل، أنها بدل من اسم الإشارة، بدل ثاني في هذه الآية بدل أو بيان، ثم بعد ذلك قول الله -تبارك وتعالى-، ويجوز الرفع على إضمار مبتدأ هي، أو وهي قول الله -تبارك وتعالى-.(144/11)
{إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180] نسخها من نزل من قسمة الفرائض في كتاب الله -عز وجل-، ومن ذلك مما يذكر في هذا المجال حديث: ((لا وصية لوارث)) وهو حديث كما يقول الشافعي في رسالته: رواه الكافة، وهو ما يعبر عنه عند من جاء بعد الإمام الشافعي بالتواتر، وحينئذٍ يكون الحديث نسخ الآية ((لا وصية لوارث)) عند من يقول: بأن السنة تنسخ القرآن هذا ما فيه إشكال، لكن عند الأكثر أن السنة لا تنسخ القرآن، ومن ذالكم الشافعي، فالذي نسخ الآية ما ذكر الإمام -رحمه الله-، نسخها ما نزل من قسمة الفرائض في كتاب الله -عز وجل-، نسختها آية المواريث، لكن هل في آيات المواريث ما يدل على إلغاء هذا الحكم؟ ألا يمكن أن يأخذ الأب ما كتب له، ما قسم له في كتاب الله، وتأخذ الأم ما كتب لها وقسم لها في كتاب الله، ثم تأخذ الوصية؟ هل في الفرائض ما يدل على إلغاء الوصية للوالدين؟ إنما الصريح في النسخ ورفع الحكم هو قوله: ((لا وصية لوارث)) وقد أجمع عليه أهل العلم، والإجماع لا يَنسخ ولا يُنسخ، إنما دليل الإجماع هو الناسخ، على كل حال من يقول بنسخ الكتاب بالسنة هذا ما عنده إشكال، الإشكال عند من يقول: بأن السنة لا تنسخ القرآن، فيقول: إن الإجماع قطعي، وما يستند إليه، قطعية الإجماع تعطي ما يستند إليه في الإجماع القطيعة، والقطعي عندهم ينسخ القطعي، ولذلك الخبر: ((لا وصية لوارث)) يقول الإمام الشافعي: إنه رواه الكافة عن الكافة، ويقصد بذلك التواتر عند أهل الاصطلاح، منهم من يقول: إن الآية ليست منسوخة، بمعنى أنه لم يرفع حكمها بالكلية؛ لأن النسخ رفع كلي للحكم، والتخصيص رفع جزئي للحكم، فتبقى الوصية للأقربين استدلالاً بالآية؛ لأننا لو قلنا بالنسخ لقلنا: إنه لا وصية للوالدين ولا الأقربين، فهل نسخ الأقربون مع الوالدين أو ما نسخوا؟ الوارث منهم مثل الوالدين، وغير الوارث له وصية، ما نسخ حكمه، فالتخصيص رفع جزئي، وعلى بعد أيضاً يمكن حمل الآية على بلفظها على وجه يصح، كيف؟ هل يمكن أن يوجد والدان غير وارثين؟ يمكن أن يوجد؟ نعم الجد، الجد والد، والأب موجود يوصى له، والجد أب، كما في النصوص، لكن هل يمكن(144/12)
أن يحمل هذا على الجد؟ لأن الأب لا يمكن أن يوصى له بالإجماع إذا كان وارث، ويمكن أن يحمل على الأب المخالف في الدين {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ} [(8) سورة الممتحنة].
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هذا بعيد جداً، لكن الجد أب في النصوص {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِي} [(38) سورة يوسف] وأيضاً غير الوارث كما في حديث أسماء: إن أمها جاءت وهي راغبة، تقول: أفأصلها؟ قال: ((نعم)) المقصود أن الوارث لا يجوز أن يوصى له، وأما غير الوارث فبلى.
قد يوصى لوارث لا باسمه بل بوصفه، يوصي بثلث ماله لطلاب العلم، بالوصف لا بالاسم؛ لأن مثل هذا إذا أوصى بالوصف يدخل فيه ورثته من باب أولى، طلاب علم يأخذون بالوصف لا بالاسم، لا بالتعيين، والحكمة التي من أجلها منعت الوصية للوارث ارتفعت، نسخها ما نزل من قسمة الفرائض في كتاب الله -عز وجل-.
قال: "وسمعت مالكاً يقول: السنة الثابتة عندنا التي لا اختلاف فيها أنه لا تجوز وصية لوارث إلا أن يجيز ذلك ورثة الميت" فالوصية لا تجوز بأكثر من الثلث، ولا تجوز لوارث إلا إذا أجازها الورثة؛ لأن الأمر لا يعدوهم، الحق لهم تنازلوا عنه، إن أجازها جميعهم نفذت الوصية كاملة، إن أجازها بعضهم نفذ بعضها بحسب نصيب من أجاز دون من لم يجز.
"إلا أن يجيز ذلك ورثة الميت، وأنه إن أجاز له بعضهم وأبى بعض جاز له حق من أجاز منهم" الآن الجواز هنا ويش معناه الإباحة أو النفوذ؟ يعني يباح له حق من أجاز منهم، أو ينفذ حق من أجاز منهم؟ من أبى أخذ حقه من ذلك؟(144/13)
لو قلنا: إن الأب إذا وهب أحد أولاده هبة وقبضها الولد، وتصرف فيها، إذا قلنا: جازت هذه الهبة، ويش معنى الجواز هنا؟ النفوذ لا الإباحة، وهنا: "وأنه إن أجاز له بعضهم، وأبى بعض جاز له حق من أجاز منهم" نعم "ومن أبى أخذ حقه من ذلك" بينهما تلازم، النفوذ الشرعي لا بد له من إباحة، لكن مع ذلك قد .. ، الجواز أصله العبور، يقال: جاز النهر يعني عبره، والنفوذ من هذا النوع، يرجع إلى هذا، وهناك تلازم بين الجواز بمعنى العبور والنفوذ وبين الإباحة، فالتصرفات الشرعية التي تنفذ على مقتضى نظر الشرع لا بد لها من إباحة أقل الأحوال، وقد يحصل التنفيذ مع الخلاف في الحكم، أو مع المنع في الحكم.
على كل حال هذا يحتمل الأمرين، وهما متلازمان في مثل هذه الصورة.
قال: "وسمعت مالكاً يقول في المريض الذي يوصي فيستأذن ورثته في وصيته وهو مريض: ليس له من ماله إلا ثلثه" مريض يستأذن الورثة، ليس له من ماله إلا الثلث "فيأذنون له أن يوصي لبعض ورثته بأكثر من ذلك إنه ليس لهم أن يرجعوا في ذلك، ولو جاز ذلك لهم صنع كل وارث ذلك، فإذا هلك الموصي أخذوا ذلك لأنفسهم، ومنعوه الوصية في ثلثه، وما أذن له به في ماله" الآن فرق بين أن يستأذن الصحيح وبين أن يستأذن المريض، الصحيح له أن يتصرف في ماله كيفما شاء، ولا يحد بثلث، والمريض ليس له من ماله إلا الثلث يوصي به، فإذا استأذن الصحيح يختلف حكمه عما لو استأذن وهو مريض؛ لأن استئذان الصحيح عند الإمام وفي كلام الإمام لا قيمة له؛ لأنه يستأذنهم في أمر لا يملكونه، بينما لو كان مريضاً مرضاً لا يرجى برؤه، فإنهم يملكون الإذن؛ لأن المال لا محالة آيل إليهم بخلاف الصحيح.(144/14)
قال -رحمه الله-: "وسمعت مالكاً يقول في المريض الذي يوصي فيستأذن ورثته في وصيته وهو مريض: ليس له من ماله إلا الثلث، فيأذنون له أن يوصي لبعض ورثته بأكثر من ثلثه" ليس له من ماله إلا الثلث هذا وصف بالنسبة للمريض، فإذا أذنوا له أن يوصي لبعض ورثته بأكثر من ثلثه صحت الوصية، يعني ليس له من ماله إلا الثلث، ليس خبراً لقوله: "المريض الذي يوصي" نعم، ليس وصفاً له، هو وصفاً له وليس خبراً عنه، يعني ما يصح أن تقف على قوله: "ليس له من ماله إلا الثلث" ما بعد جاء الخبر؛ لأن الخبر الجزء المتم الفائدة، وإنما هو وصف له، هو في الأصل ليس له من ماله إلا الثلث؛ لأنه مريض، فإذا أوصى أو استأذن أن يوصي لبعض ورثته أو بأكثر من ثلثه أنه ليس لهم أن يرجعوا في ذلك إذا أذنوا؛ لأنه خرج، تنازلوا في وقت يحق لهم أن يأذنوا أو يمتنعوا، لكن في حال الصحة ليس لهم حق أن يأذنوا أو يمتنعوا؛ لأن المال ماله، بينما هو في هذه الحالة المال شبه خرج من يده، ولذلك لا يجوز له أن يوصي بأكثر من الثلث.
يقول: إنه ليس لهم أن يرجعوا في ذلك، ولو جاز ذلك لهم صنع كل وارث ذلك، فإذا هلك الموصي أخذوا ذلك لأنفسهم، ومنعوه الوصية في ثلثه، وما أذن له به في ماله.
يأذنون مجاملة، يأذنون له مجاملة، أو يأذنون له أن يوصي بالثلث لوارث، يعني لو كان لهم أن يرجعوا فقالوا: لا نقر الوصية للوارث، والأمر إلينا نرجع، فيسلم لهم جميع المال، متصور وإلا ما هو متصور؟ نعم؟ هم أذنوا له أن يوصي بالثلث لواحد من أولاده، قالوا: أذنا، ثم لما مات قالوا: هذا وارث ولا وصية لوارث، إذا كان لهم أن يرجعوا صار هناك مجال للتحايل على إبطال الوصية؛ لأنهم قد يتواطئون على هذا، نقول: يوصي لجهة أو لشخص لا تصح الوصية إليه، أو شخص أراد أن يوصي بالثلث، أوصى بالثلث، واستشار الأولاد فيما يكون مصرف هذه الوصية، فقالوا: نرى أن يكون مصرف الوصية على المدرسة الفلانية، وهم يعرفون في قرارة أنفسهم ماذا تزاول هذه المدرسة، مما لا يحقق الهدف الشرعية من مشروعية الوصية، قالوا: يكتب الوصية لهؤلاء، ثم إذا مات أبطلناها بحجة الشرعية، أو يوصي لوارث وإذا مات قلنا: هذا وارث ولا تصح الوصية له.(144/15)
بالنسبة للوارث إذا أجازوا انتهى الإشكال، ولذلك يقول: "ولو جاز ذلك لهم صنع كل وارث ذلك، فإذا هلك الموصي أخذوا ذلك لأنفسهم، ومنعوه الوصية في ثلثه" تحايلوا عليه، فأوصى إلى من لا تجوز الوصية له، فتحايلوا فمنعوه من الوصية في ثلثه "وما أذن له به في ماله" أظن هذا ظاهر؟ يعني افترض أنهم قالوا: توصي ثلثك خله على هذه المدرسة، مدرسة تدرس البدع، والوصية لا تصح لها، جاء بعض الكتب التي أوصي بها، أو أوقفت على جهات الوقف عليها باطل، صحيح البخاري مخطوط نفيس وقف على الضريح الزينبي مثلاً، نعم، موجود، أو على ضريح الخليل -عليه السلام-، الوقف باطل، أو وصية على الزاوية التيجانية بمحل كذا.
قد يتحايل الأولاد في مثل هذه الصورة من أجل أن يبطلوا الوصية بعد وفاة والدهم، ويقولون له: لا مانع أن توصي لأخينا فلان لأنه له أولاد ومدين ولا درس ولا توظف ولا كذا خلي الثلث ينتفع به، ثم إذا مات قالوا: لا، هذا وارث ولا وصية لوارث، هذا الأمر فات من أيديهم، الوصية تثبت، والوقف يثبت، لكنه يصحح إذا كان على جهة لا يصح الوقف عليها، ولا تصح الوصية لها، فهمنا كلام الإمام -رحمه الله-؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هو ما له إلا الثلث.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يرجعون له، يرجعون في الأكثر.
قال: "قال فأما أن يستأذن ورثته في وصية يوصي بها لوارث في صحته فيأذنون له فإن ذلك لا يلزمهم" لأن إذنهم وجوده مثل عدمه، المال ماله، بخلاف ما إذا استأذنهم في مرضه المخوف؛ لأن المال حكماً في حكم الآيل إليهم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
في مرض موت؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال الإنسان يكلف بما .. ، يؤاخذ بما ينطق به، وكم من حق ضاع بسبب المجاملة، لكن الناس ما لهم إلا الظاهر.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، تنازلوا والأمر لا يعدوهم.(144/16)
"فأما أن يستأذن ورثته في وصية يوصي بها لوارث في صحته فيأذنون له، فإن ذلك لا يلزمهم، ولورثته أن يردوا ذلك إن شاءوا، وذلك أن الرجل إذا كان صحيحاً كان أحق بجميع ماله يصنع فيه ما شاء إن شاء أن يخرج من جميعه خرج فيتصدق به، أو يعطيه من شاء، وإنما يكون استئذانه ورثته جائزاً على الورثة إذا أذنوا له حين يحجب عنه ماله" وذلك في مرضه المخوف، لكن إذا أوصى وهو صحيح شحيح لواحد من ورثته دون غيره من الورثة، ألا يأخذ هذا حكم العطية لأحد الأولاد دون غيره؟ ويجب عليه أن يعدل بينهم في هذه الصورة، وعلى القاضي الذي يتولى الحكم في هذه المسألة أن يعدل في الوصية.
"ولا يجوز له شيء إلا في ثلثه، وحين هم أحق بثلثي ماله، فذلك حين يجوز عليهم أمرهم، وما أذنوا له به، فإن سأل بعض ورثته أن يهب له ميراثه حين تحضره الوفاة فيفعل، ثم لا يقضي فيه الهالك شيئاً فإنه رد على من وهبه".
"فإن سأل بعض ورثته أن يهب له ميراثه حين تحضره الوفاة فيفعل، ثم لا يقضي فيه الهالك شيئاً فإنه رد على من وهبه" لماذا؟ لأن الهبة لا تلزم إلا بالقبض، وهنا ما قضي فيها بشيء "إلا أن يقول له الميت: فلان -لبعض ورثته- ضعيف، وقد أحببت أن تهب له ميراثك فأعطاه إياه فإن ذلك جائز إذا سماه الميت له" يعني الأب له خمسة أولاد، نفترض أن الكبير منهم عنده زوجة وأولاد كثر، وعليه ديون والذي يليه تاجر، عنده الأموال الطائلة، وإرثه من أبيه لا يساوي شيئاً بالنسبة لماله، فقال له: لو تبرعت بمالك بنصيبك من الإرث لأخيك المدين، وهذا يحصل كثير، فتبرع به، يرجع وإلا ما يرجع؟ ليس له أن يرجع.
يقول: "إلا أن يقول له الميت: فلان -لبعض ورثته- ضعيف، وقد أحببت أن تهب له ميراثك فأعطاه إياه فإن ذلك جائز إذا سماه الميت له" بخلاف ما لو قال: لو تتبرع بميراثك لمن يحتاج من إخوانك، ما سماه، حينئذٍ له أن يرجع؛ لأنه لم يسم، ولم يعين، أما إذا قيل: لفلان، لأخيك فلان المدين، رب العائلة، رب الأسرة عليه التزامات، وعليه ديون، وعليه مصاريف، وأنت لست بحاجة، فإذا عين لزم.
طالب:. . . . . . . . .(144/17)
هم يفرقون بين ما إذا كان الرجل صحيحاً سليماً، مر بنا في كلام مالك، ما يملكون، لكن إذا كان في مرضه المخوف فالملك شبه انتقل، ولذلك لا يجوز له التصرف فيه.
قال: "وإن وهب له ميراثه ثم أنفذ الهالك بعضه، وبقي بعض فهو رد على الذي وهب يرجع إليه ما بقي بعد وفاة الذي أُعطيه" الوالد قال: لو تبرعت بميراثك لفلان، ميراثك لفلان، ثم تبرع فيه، ثم تصرف "أنفذ الهالك بعضه، وبقي بعض، فهو رد على الذي وهب" يعني كأنه تصرف به قبل وفاته، قال: أنت نصيبك من التركة مائة ألف، أخوك مدين، فلو نأخذ هذه المائة الذي هي ميراثك ونعطيها الأخ، فأعطاه خمسين وتصرف بخمسين قبل أن يموت يقول: "فهو رد على الذي وهب يرجع إليه ما بقي بعد وفاة الذي أعطيه" هذه الخمسين الذي تصرف فيها الميت تعاد إلى التركة، كأنها أرجعت إلى التركة، فتعود إلى صاحبها.
قال: "وسمعت مالكاً يقول فيمن أوصى بوصية فذكر أنه قد كان أعطى بعض ورثته شيئاً لم يقبضه، فأبى الورثة أن يجيزوا ذلك، فإن ذلك يرجع إلى الورثة" لأن الهبة لا تثبت إلا بالقبض، وتقدم خبر عائشة -رضي الله عنها-.
"يرجع إلى الورثة ميراثاً على كتاب الله؛ لأن الميت لم يرد أن يقع شيء من ذلك في ثلثه، ولا يحاص أهل الوصايا في ثلثه بشيء من ذلك" يعني ما يحسم على أهل الوصايا، وإنما يعود إلى أصل التركة، على ما تقدم.
نعم.
أحسن الله إليك.
باب: ما جاء في المؤنث من الرجال، ومن أحق بالولد
حدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن مخنثاً كان عند أم سلمة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لعبد الله بن أبي أمية ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسمع: يا عبد الله إن فتح الله عليكم الطائف غداً، فأنا أدلك على ابنة غيلان، فإنها تقبل بأربع، وتدبر بثمان، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يدخلن هؤلاء عليكم)).(144/18)
وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: سمعت القاسم بن محمد يقول: كانت عند عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- امرأة من الأنصار، فولدت له عاصم بن عمر، ثم إنه فارقها، فجاء عمر -رضي الله تعالى عنه- قباء، فوجد ابنه عاصماً يلعب بفناء المسجد، فأخذ بعضده، فوضعه بين يديه على الدابة فأدركته جدة الغلام فنازعته إياه حتى أتيا أبا بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه-، فقال عمر -رضي الله تعالى عنه-: ابني، وقالت المرأة: ابني، فقال أبو بكر -رضي الله تعالى عنه-: خل بينها وبينه، قال: فما راجعه عمر الكلام.
قال: وسمعت مالكاً يقول: وهذا الأمر الذي آخذ به في ذلك.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في المؤنث من الرجال، ومن أحق بالولد
يعني من فيه شبه من النساء في عدم رغبته في النساء، أو من التابعين غير أولي الإربة، ليس له نظر في النساء، وهو المعبر عنه في الخبر: "أن مخنثاً".
ومن أحق بالولد
يعني إذا حصل الفراق بين الزوج والزوجة وبينهما ولد من الأحق به؟
قال: "حدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن مخنثاً كان عند أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-" اسمه على ما ذكر الشراح "هيت" يقال: مانع، يقال: ماتع، أقوال كثيرة، لكن الذي رجحه ابن حجر وغيره أنه اسمه: "هيت".
"كان عند أم سلمة" أم المؤمنين، يعني هؤلاء لا نظر لهم في النساء كالأطفال، يدخلون على النساء؛ لأنه لا ضرر منه عليهن.
"فقال لعبد الله بن أبي أمية ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسمع: يا عبد الله" يعني ابن أبي أمية "إن فتح الله عليكم الطائف غداً" يعني وهم محاصرون للطائف "إن فتح الله عليكم الطائف غداً فأنا أدلك على ابنة غيلان".
طالب:. . . . . . . . .
إيه معهم، كان يخرج معهم النساء، وأمثال هؤلاء.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه قال هذا الكلام حاضر.
طالب: لكن أقصد يعني خروجه هو ليس مكلف.
هو ليس بمجنون.
طالب: غير الجنون، لكن أنا أقصد أنه يعني في طبيعته أقرب إلى النساء ....
إذا كان النساء يخرجن وهن الذي لا جهاد عليهن، يمكن، المقصود أنه موجود أثناء حصار الطائف.
طالب: يعني ما هو من أهل الطائف هو؟
لا، لا.(144/19)
"يا عبد الله إن فتح الله عليكم الطائف غداً" ويحتمل أنه قال ذلك قبل أن يخرجوا، والمراد بالغد ليس الغد القريب؛ لأن بين الطائف وبين المدينة الرسول خرج إلى الطائف من مكة، يعني بينهما مسافة، على كل حال المقصود بالغد ما يأتي، ما يستقبل من الأيام، فيحتمل أنه لم يكن معهم كأم سلمة، والاحتمال القائم أنه حاضر معهم حين حصار الطائف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
محاصر الطائف ما في إشكال، نعم محاصر الطائف جاءت في الخبر.
"إن فتح الله عليكم الطائف غداً، فأنا أدلك على ابنة غيلان" وقوله: "إن فتح الله عليكم" يدل على عدم مشاركته، ولو كان مشاركاً لقال: إن فتح الله علينا، المقصود أنه موجود أثناء الحصار.
"فأنا أدلك على ابنة غيلان" غيلان الثقفي الذي أسلم عن عشر من النسوة، فأمره النبي -عليه الصلاة والسلام- بإمساك أربع، ومفارقة سائرهن.
"على ابنة غيلان، فإنها تقبل بأربع، وتدبر بثمان" المراد بالأربع هنا العكن، عكن البطن، وهي أربع طبقات، وأطرافها من الخلف ثمانية، كل طبقة لها طرفان واحد من اليمين وواحد من الشمال، كناية عن أنها بدينة، وكانت البدانة مرغوبة عند العرب، وهناك أوصاف أخرى لا يليق ذكرها في هذا المكان.
"فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يدخلن هؤلاء عليكم)) " كان يدخل على النساء باعتبار أنه ليس من أولي الإربة، ولم يطلع على عورات النساء، ولا نظر له فيهن، لكن لما وصف هذا الوصف الدقيق دل على أن مثل يجب منعه، وعلى هذا إذا وجد مجنون، يحتجب منه وإلا ما يحتجب؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، يقول بعض أهل العلم: إنه أشد من العاقل، يحترز منه أكثر من العاقل؛ لأن العاقل عنده ما يردعه ويمنعه، لكن المجنون إذا أعجب بشيء من يردعه فهو أشد.
هذا المخنث لما عُرف أن له إربة، وله معرفة، وله خبرة، يعني عن دقة، الوصف الذي ذكره في بعض طرق الحديث يدل على أنه ليس من هذا النوع الذي لا يحتجب منه.(144/20)
"فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يدخلن عليكم هؤلاء)) " فهم ثلاثة يقولون في المدينة من هذا النوع، فمنعهم، بل نفاه النبي -عليه الصلاة والسلام- خارج المدينة، نفاه، فلما مات النبي -عليه الصلاة والسلام- طلب من أبي بكر أن يرده فرفض، ومن عمر أن يرده فرفض، ثم في آخر ولاية عمر قالوا: إنه لا بد أن يدخل ليسأل، يتكفف الناس، فقير ما عنده شيء أو يموت، قالوا: فأذن له يدخل يوم الجمعة ليسأل فقط.
طالب:. . . . . . . . .
كافية.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما يلزم، لا، يميزون يا أخي.
طالب:. . . . . . . . .
يميزون، لا، لا يميزون عندهم تمييز، عندهم قوة مدركة، ما يلزم أن يكون عقل، عندهم قوة مدركة، يعني أعطه ريالاً ثم خذه منه ما تقدر.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لكثرة ما يقال له، من كثرة ما .. ، المقصود أن عندهم قوة مدركة، ولو لم يوجد العقل.
طالب:. . . . . . . . .
مثل ما يحصل عند البهائم يا أخي، البهائم عندها إدراك.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا عندهم، عندهم إدراك، لكن إذا وجد هذا الإدراك، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال إذا وجد هذا عند شخص هذا يحتاط منه، مثل هذا يحتاط منه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(144/21)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ – كتاب الأقضية (18)
باب: العيب في السلعة وضمانها - وباب: جامع القضاء وكراهيته - وباب: ما جاء فيما أفسد العبيد أو جرحوا
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:(145/1)
"حدثني مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: سمعت القاسم بن محمد بن أبي بكر" الفقيه، أحد الفقهاء السبعة "يقول: كانت عند عمر بن الخطاب امرأة من الأنصار، فولدت له عاصم بن عمر" جد عمر بن عبد العزيز لأمه من خيار التابعين، لم تثبت له رؤية، ولد لسنتين بقيتا من حياة النبي -عليه الصلاة والسلام- "ثم إنه فارقها" فارق هذه المرأة الأنصارية "فجاء عمر قباء" يعني كأن هذه المرأة تسكن في حي قباء "فوجد ابنه عاصماً يلعب بفناء المسجد، فأخذ بعضده فوضعه بين يديه على الدابة" وموضوع الحديث الحضانة، إذا حصلت الفرقة بين الزوجين لمن تكون؟ الأصل أنها للأم ما لم تتزوج، فإذا تزوجت انتهى حقها، ثم من يلي الأم، هل الذي يليها أمها أو الأب؟ يقول: "فأخذ بعضده فوضعه بين يديه على الدابة، فأدركته جدة الغلام، لأمه، فنازعته إياه" يعني اختصموا فيه لمن تكون الحضانة؟ "حتى أتيا أبا بكر الصديق فقال عمر: ابني" يعني فأنا أحق به منها "وقالت المرأة: ابني" الجدة قالت: ابني، والجدة أم بلا شك "فقال أبو بكر: خل بينها وبينه" يعني هي أولى به منك؛ لأن النساء أعرف بتدبير شئون الصبيان من الآباء، من الرجال، لكنه إذا بلغ من العمر مبلغاً بحيث يخشى عليه من الضياع إذا مكث عند أمه أو جدته، فأبوه أولى به، وعلى هذا يراعى في الحضانة مصلحة المحضون، فإن كانت مصلحته في بقائه عند أمه فهو الأصل، وإذا ادعى الأب أنه يضيع، وأن أمه ليست قادرة على رعاية مصالحه، فإنه يسقط حقها؛ لأن الملاحظ فيها حق المحضون، والأصلح له، فإذا رأى أن الأم ليست لديها من الكفاية ما يجعلها أحق سقط حقها كسائر الحقوق، يعني كولاية الأب على بناته في تزويجهن إذا لم يكن كفؤاً لهذه الولاية، انتقل حقه إلى غيره وهكذا؛ لأن من شرع الحق بسببه فملاحظته أولى من ملاحظة غيره، يعني حينما يقال: إن الحضانة حق للأم هل معنى أنها هي المستفيدة منه من هذا الحق؟ المستفيد الولد، فملاحظة فائدة هذا المستفيد أولى من ملاحظة حق ذي الحق، لا سيما إذا ظهرت عليه أمارات عدم الكفاءة "فقال أبو بكر: خل بينها وبينه" يعني المنازعة بين عمر والجدة، هل هي تطلب هذا الولد لنفسها، أو تطلبه لبنتها التي هي أم الولد؟ إن كانت(145/2)
تطلبه لبنتها هذا ما فيه إشكال، هي أحق به ما لم تتزوج بالنص، ما في أدنى إشكال، لكن إذا كانت تطلبه لنفسها بغض النظر عن الأم فأيهما أولى الجدة أو الأب؟ الأم موجودة في هذه القصة، في هذه القصة الأم موجودة، فهل طلبت الجدة الحق لأن ابنتها تزوجت، أو لأنها تطلب هذا الحق لبنتها؟ ومن لازم طلبه لبنتها أن يكون لها؛ لأن البنت عندها، فالنزاع الآن وإن كانت الصورة في الظاهر بين الجدة وبين عمر -رضي الله تعالى عنه- إلا أنه في الواقع إن كانت الأم عند أمها ولم تتزوج فإنما هي تطالب بحق بنتها، وحق البنت هو حق لوالديها كما هو معروف، يعني الإنسان يملك ما يملكه ولده من حقوق ما لم يضر به، فما الذي يظهر من هذه الصورة؟ ليس لها، لكن قالوا: "فما راجعه عمر -رضي الله عنه-" الكلام، ما راجع أبا بكر، واقتنع بالحكم، ورضي وترك الولد.
قال: "وسمعت مالكاً يقول: وهذا الأمر الذي آخذ به في ذلك" أنه إذا اختصمت الجدة مع الأب حُكم للجدة، الشراح قالوا هذا، أخذاً من الصورة الظاهرة، الآن الخصام بين الأب والجدة، فالجدة قال: خل بينها وبينه، لكن إن كانت الأم عند أمها في بيتها، لا شك أنها تطلب حق بنتها، افترضنا أن الأم ليست بكفء للحضانة، يعني تصرفاتها عليها ملاحظة في هذا الباب، ويخشى من تضييع الولد، لكن هي عند أمها الحاذقة في تربية الأطفال الجدة، فالجدة تكمل النقص الذي عند الأم، يبقى حقها أو ينتقل؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
حق الأم لعدم كفاءتها، لكن هي في كنف أمها الحاذقة التي تستطيع فهي من ورائها ومن دونها كما يقولون، على كل حال القاعدة في هذا وأشباهه أن المنظور له رعاية حق المحضون، ولذا شيخ الإسلام قد يتجاوز في مثل هذا، ويتعدى الأقرب إلى الأبعد نظراً لأن وجوده عند الأبعد أحفظ له وأصون، فالمسألة معروفة عند أهل العلم كسائر الولايات.
قال: "وسمعت مالكاً يقول: وهذا الأمر الذي آخذ به في ذلك" يعني أنا كأن الإمام مالك يميل إلى أن الجدة أحق بالولد من الأب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .(145/3)
الآن الكتاب كتاب الوصية فالمخنث هذا "هيت" أوصى، جامع الوصية، يعني سواءً كانت في الحياة في الممات فيما يوصى به، المقصود أنها وصية، نعم، وهذا باعتبار أن أبا بكر -رضي الله عنه- أوصى بأن تكون .. ، إن لم يكن حكم نعم في مثل هذه الصورة، فالولد إذا حصل الفراق من يوصى به له؟
طالب: هو الباب الذي بعده أشد، ويش علاقته بالوصية؟ الذي بعده أشد.
يأتي، يأتي، نعم.
سم.
أحسن الله إليك.
باب: العيب في السلعة وضمانها
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول في الرجل يبتاع السلعة من الحيوان أو الثياب أو العروض فيوجد ذلك البيع غير جائز فيرد ويؤمر الذي قبض السلعة أن يرد إلى صاحبه سلعته.
قال مالك -رحمه الله-: فليس لصاحب السلعة إلا قيمتها يوم قبضت منه، وليس يوم يرد ذلك إليه، وذلك أن ضمانها من يوم قبضها، فما كان فيها من نقصان بعد ذلك كان عليه، فبذلك كان نماؤها وزيادتها، وإن الرجل يقبض السلعة في زمان هي فيه نافقة مرغوب فيها، ثم يردها في زمان هي فيه ساقطة، لا يريدها أحد، فيقبض الرجل السلعة من الرجل فيبيعها بعشرة دنانير، ويمسكها وثمنها ذلك ثم يردها، وإنما ثمنها دينار، فليس له أن يذهب من مال الرجل بتسعة دنانير، أو يقبضها منه الرجل فيبيعها بدينار أو يمسكها، وإنما ثمنها دينار، ثم يردها وقيمتها يوم يردها عشرة دنانير، فليس على الذي قبضها أن يغرم لصاحبها من ماله تسعة دنانير، إنما عليه قيمة ما قبض يوم قبضه.
قال: ومما يبين ذلك أن السارق إذا سرق السلعة فإنما ينظر إلى ثمنها يوم يسرقها، فإن كان يجب فيه القطع كان ذلك عليه، وإن استأخر قطعه إما في سجن يحبس فيه حتى ينظر في شأنه، وإما أن يهرب السارق ثم يؤخذ بعد ذلك فليس استئخار قطعه بالذي يضع عنه حداً قد وجب عليه يوم سرق، وإن رخصت تلك السلعة بعد ذلك ولا بالذي يوجب عليه قطعاً لم يكن وجب عليه يوم أخذها إن غلت تلك السلعة بعد ذلك.(145/4)
كأن المؤلف -رحمه الله تعالى- في هذا الباب والذي قبله والذي بعده رجع إلى القضاء، إلى الأقضية، فالذي قبل الوصايا هي الأقضية، فقصة عمر مع المرأة قضى فيها أبو بكر، وهذه أيضاً فيها قضاء، والذي يليه باب جامع القضاء وكراهيته ... إلى آخره، فكأنه رجع، يعني أدخل الوصايا بين أبواب القضاء، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويليه باب جامع القضاء وكراهته.
طالب:. . . . . . . . .
إيه كأنه رجع عاد إلى كتاب القضاء.
باب: العيب في السلعة وضمانها
مضمون الباب أن الشخص يشتري السلعة بمائة مثلاً، ثم يتبين فيها عيب، فيردها على صاحبها، وبين العقد وبين الرد مدة يزيد فيها السعر أو ينقص، السلعة بمائة يوم العقد، ويوم الرد تستحق ألف أو يوم الرد تستحق عشرة، إذا قلنا: الرد شرعي بالعيب، وأنه يستحق ردها لو لم تزد ولم تنقص، فإنه يردها بقيمتها، بمائة، لا يردها بما تستحقه يوم الرد، وينضوي تحت ذلك من المسائل ما لا يحصى، يعني من المسائل القائمة غلاء السلع، وضعف النقود أمام هذه السلع، اشترى بيت بمائة ألف، ثم تبين فيه عيب بعد سنين شهد من شهد أن البيت ليس على قواعد، وهذا عيب، فأراد رده، البيت في حاله الراهنة في وقت الرد قيمته يقدر بخمسمائة ألف، خمسة أضعاف، هل يرده بقيمته الأولى، وهل لبائعه أن يقول: هذا البيت فيه عيب فلا بد من رده؟ وإذا رضي المشتري بالعيب هل يلزم بالرد؟ وقل مثل هذا بالعكس، بيت اشتراه بمليون ثم تبين فيه عيب، ثم لو سلم من العيب قيمته خمسمائة مثلاً نصف القيمة، يرد بقيمته التي اشتري بها من غير زيادة ولا نقصان، أقول: مثل هذا فيما لو ضعفت الأقيام، بمعنى أن الليرة مثلاً اللبنانية كانت بريال ونصف، هذا شيء أدركناه، في التسعينات كانت بريال ونصف، والآن؟ نعم، كم؟ خمسمائة ضعف، أكثر من خمسمائة ضعف، فالقضية قائمة عندهم، عندهم المؤخر في المهر، يعني كانت تتزوج المرأة فيدفع لها مثلاً عشرة آلاف ليرة مقدم، وعشرة آلاف ليرة مؤخر، يعني العشرة آلاف لها وقع في ذلك الوقت، لكن الآن لا قيمة لها.
طالب:. . . . . . . . .(145/5)
المقصود أنه ليس لهم إلا ما نص عليه في العقد، زادت القيمة أو نقصت، ليس لهم إلا ذلك، شخص أقرض شخص مائة ألف ليرة سنة تسعين أو واحد وتسعين، وأراد أن يوفيها إياه الآن، ماذا يوفيه؟ مائة ألف لا تزيد ولا تنقص، ولو كان العكس لكان هو الحكم، والغنم مع الغرم.
باب: العيب في السلعة وضمانها
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
طالب:. . . . . . . . .
ورضي المشتري بعيبها.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما يطاع، إذا رضي هو بعيبه البيت لزم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا الخيار للمتضرر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن لو قيل بغير ذلك، لو قيل مثلاً: إنه لما أخبره بمثل هذا الخبر قال: نعم البيت معيب، وأنا أريد الأرش، أنا ما أرجع البيت، أنا أريد الأرش، يثمن قيمته سليم وقيمته معيب وأخذ الأرش، قال: لا، الآن نريد الخلاص تبي هكذا وإلا هكذا؛ لأنه قبل كان راغباً في فسخ البيع؛ لأنه مستفيد، ثم عوقب نعم بنقيض قصده، فقيل له: تدفع الأرش، ما دام أنت بائع وعالم بالعيب عليك الأرش.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، نعم يأخذ زود، ويش المانع؟
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول في الرجل يبتاع السلعة من الحيوان أو الثياب أو العروض فيوجد ذلك البيع غير جائز" تبين مثلاً أن البائع لم يملك السلعة، غير مالك لها، أو اختل أي شرط من شروط صحة البيع، "فيوجد ذلك البيع غير جائز، فيرد ويؤمر الذي قبض السلعة أن يرد إلى صاحبه سلعته".
"قال مالك: فليس لصاحب السلعة إلا قيمتها يوم قبضت منه" يعني سواءً زادت قيمتها أو نقصت "وليس يوم يرد ذلك إليه" يعني المسألة في شخص اشترى سلعة من حيوان أو ثياب أو عروض، فتبين أن البائع لا يملك، ثم بعد ذلك هو تصرف في هذه السلعة، البيع باطل وإلا صحيح؟ باطل، ماذا يضمن؟ يضمن مثل أو يضمن قيمة؟ في المثليات يضمن المثل، وفي المقومات يضمن القيمة، هنا بيضمن القيمة، يضمن القيمة حال قبضها من صاحبها أو حال تلفها؟ حال قبضها، نعم؟(145/6)
يقول: "فليس لصاحب السلعة إلا قيمتها يوم قبضت" يعني سواءً كانت أكثر أو أقل "وليس يوم يرد ذلك إليه، وذلك أنه ضمنها من يومَ قبضها" مثلما ذكرنا، ظرف أضيف إلى جملة صدرها مبني فيبنى "فما كان فيها من نقصان بعد ذلك كان عليه، فبذلك كان نماؤها وزيادتها له" يعني فرق بين النماء المتصل والمنفصل.
اشترى دابة فلما تبين بعد مدة أنها ليست ملك لمن باعها، فعليه ردها، ومعها ولد، ولدت في حوزة المشتري، نماء منفصل، هو له وإلا ليس له؟ النماء المنفصل؟ نعم؟ المتصل ما فيه إشكال، سمنت وزاد وزنها هذا عاد ترد بنمائها، لكن المنفصل؟ نعم الخراج بالضمان، بمعنى أنه أنفق عليها، وتعب عليها، وحفظها، فيكون له النماء، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني للمشتري الولد.
يقول: "فبذلك كان نماؤها وزيادتها له، وإن الرجل يقبض السلعة في زمان هي فيه نافقة" يعني رائجة، كل يبحث عنها، مرغوب فيها "ثم يردها في زمان هي فيه ساقطة" يعني مرغوب عنها، لا يريدها أحد، تعرفون السلع العقار أحياناً يتقاتل الناس عليه، ولا يجلس لحظة إذا عرض للبيع، وأحياناً يجلس عشر سنوات ما وجد من يسومه، فهو أحياناً يكون رائج، وأحياناً يكون ساقط.
"لا يريدها أحد، فيقبض الرجل السلعة من الرجل فيبيعها بعشرة دنانير، ويمسكها وثمنها ذلك ثم يردها، وإنما ثمنها دينار" يعني اشترى السلعة، وقيمتها عشرة دنانير، ثم لما ردها بالعيب أو بتبين عدم ملك البائع لها ما تسوى إلا دينار، يردها، ولا يأخذ منه تسعة، يعني يقول: بعتها عليك بعشرة وهي ما تسوى إلا دينار، هات الأرض وهات تسعة معها، يقول: لا، كما أنه لو كان العكس باع عليه بدينار، وردت عليه بالحكم بالقضاء باعتبار أن البائع لا يملك، فلا يقول له المشتري: أعطني تسعة دنانير، وخذ الأرض في مقابل دينار، كل هذا ليس بصحيح.(145/7)
يقول: "فليس له أن يذهب من مال الرجل بتسعة دنانير" ما يقول له: أعطني تسعة دنانير، أو المشتري يقول: أعطني تسعة دنانير في حال الكساد، أو يقبضها منه الرجل فيبيعها بدينار أو يمسكها، وإنما ثمنها دينار، ثم يردها وقيمتها يوم يردها عشرة دنانير، فليس على الذي قبضها أن يغرم لصاحبها من ماله تسعة دنانير، إنما عليه قيمة ما قبض، يعني هذا في حال تبين، بطلان البيع ظاهر، لكن إذا كان في حال تبين عيب في المبيع، والسلعة بدينار، ثم صارت تستحق عشرة دنانير، المشتري يرد وإلا ما يرد؟ له الرد، لكن في الغالب أنه ما يرد، أقل الأحوال تبي تسوى لها سبعة ثمانية، ففي هذه الصورة لا يلزم بالرد إذا رضي بالعيب.
قال: "ومما يبين ذلك أن السارق إذا سرق السلعة إنما ينظر إلى ثمنها يوم يسرقها، فإن كان يجب فيه القطع كان ذلك عليه" لأن العبرة بالحال لا بالمآل "فإن كان يجب فيه القطع كان ذلك عليه، وإن استأخر قطعه إما في سجن يحبس فيه حتى ينظر في شأنه، وإما أن يهرب السارق، ثم يؤخذ بعد ذلك، فليس استئخار قطعه بالذي يضع عنه حداً قد وجب عليه يوم سرق" لما سرق السلعة تباع بدينار، عند إقامة الحد السلعة لا تساوي درهم، قد يقول السارق: الدرهم لا يوجب قطع، يقال له: حينما سرقتها توجب قطع، والعكس، يعني لو سرقها وهي لا تستحق درهم، ثم عند القطع أو عند تنفيذ الحد تستحق دينار، ينفذ عليه وإلا ما ينفذ؟ ما ينفذ؛ لأن العبرة بالحال في حال السرقة.
طالب:. . . . . . . . .
في إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
الشبهة؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما تدرأ، باعتبار أنه سرقها يوم سرقها من حرزها النصاب المفترض؛ لأن الحكم ينبغي ألا يتأخر، الحكم المفترض أنه صدر في وقته.
"فليس استئخار قطعه بالذي يضع عنه حداً قد وجب عليه يوم سرق، وإن رخصت تلك السلعة بعد ذلك، ولا بالذي يوجب عليه قطعاً لم يكن وجب عليه يوم أخذها وإن غلت تلك السلعة بعد ذلك" وهذا ظاهر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ربع دينار أو ثلاثة دراهم.
طالب: في واقعنا؟
يسأل عن الدينار كم يسوى ويشاف ربعه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، ما هو بشرعي هذا، هذا ما هو بشرعي.
طالب:. . . . . . . . .(145/8)
لا، لا الشرع يسأل عن الدينار؛ لأن الأصل، الخلاف بين الأهل العلم هل الأصل الدينار أو الدرهم؟ ثم بعد ذلك يقوم، أو هما أصلان ينظر في أقلهما أو أعلاهما؟
طالب: أعلاهما.
نعم، درأ الشبهة إذا قلنا: إنهما أصلان نظرنا إلى الأعلى، وإلا ...
طالب:. . . . . . . . .
في مثل هذا الدرء بالشبهة ظاهر.
نعم.
أحسن الله إليك.
باب: جامع القضاء وكراهيته
حدثني مالك عن يحيى بن سعيد أن أبا الدرداء -رضي الله تعالى عنه- كتب إلى سلمان الفارسي -رضي الله تعالى عنه-: أن هلم إلى الأرض المقدسة، فكتب إليه سلمان -رضي الله تعالى عنه-: إن الأرض لا تقدس أحداً، وإنما يقدس الإنسان عمله، وقد بلغني أنك جعلت طبيباً تداوي، فإن كنت تبرئ فنعما لك، وإن كنت متطبباً فاحذر أن تقتل إنساناً فتدخل النار، فكان أبو الدرداء -رضي الله تعالى عنه- إذا قضى بين اثنين ثم أدبرا عنه نظر إليهما، وقال: ارجعا إلي، أُعيدا ...
أَعيدا، أعيدا.
أحسن الله إليك.
وقال: ارجعا إلي، أعيدا علي قصتكما متطبب والله.
قال: وسمعت مالكاً يقول: من استعان عبداً بغير إذن سيده في شيء له بال، ولمثله إجارة فهو ضامن لما أصاب العبد إن أصيب العبد بشيء، وإن سلم العبد فطلب سيده إجارته لما عمل فذلك لسيده، وهو الأمر عندنا.
قال: وسمعت مالكاً يقول في العبد يكون بعضه حراً وبعضه مسترقاً: إنه يوقف ماله بيده، وليس له أن يحدث فيه شيئاً، ولكنه يأكل فيه، ويكتسي بالمعروف، فإذا هلك فماله للذي بقي له فيه الرق.
قال: وسمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا أن الوالد يحاسب ولده بما أنفق عليه من يوم يكون للولد مال ناضاً كان أو عرضاً إن أراد الوالد ذلك.
وحدثني مالك عن عمر بن عبد الرحمن بن دلاف المزني عن أبيه أن رجلاً من جهينة كان يسبق الحاج فيشتري الرواحل، فيغلي بها، ثم يسرع السير فيسبق الحاج فأفلس، فرفع أمره إلى عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- فقال: أما بعد: أيها الناس فإن الأَسيفع ...
الأُسيفع.(145/9)
فإن الأسيفع أسيفع جهينة رضي من دينه وأمانته بأن يقال: سبق الحاج، ألا وإنه قد دان معرضاً، فأصبح قد رين به، فمن كان له عليه دين فليأتنا بالغداة نقسم ماله بينهم، وإياكم والدين، فإن أوله هم، وآخره حرب.
نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: جامع القضاء
يعني المسائل التي لا تدخل في الأبواب السابقة، مما له تعلق بالقضاء، وكراهيته لأنه مزلة قدم، وما زال أهل التحري يكرهونه ويتوقونه من الصدر الأول إلى يومنا هذا، أعني أهل التحري، وأما أهل التساهل فلا شك أنهم يدفعون الوسائط للحصول عليه، وقد يدفع بعضهم الرشاوى -نسأل الله السلامة والعافية-، فعلى الإنسان أن يسعى لخلاص نفسه، والله المستعان.
يقول: "حدثني مالك" ...
وكم من إمام ضرب بسببه، بسبب القضاء ((من تولى القضاء فقد ذبح بغير سكين)) و ((القضاة ثلاثة: اثنان في النار، وواحد في الجنة)) لكن إن عدل، وكان أهلاً لذلك فأجره عظيم، والغنم مع الغرم.
قال: "حدثني مالك عن يحيى بن سعيد أن أبا الدرداء" عويمر "كتب إلى" أخيه "سلمان الفارسي" وقد آخى بينهما النبي -صلى الله عليه وسلم- "أن هلم إلى الأرض المقدسة" تعال إلى الأرض المقدسة، يعني في الشام، وهذا ملحظ يلحظه بعض الناس، فيحرص على أن يسكن في الأراضي المقدسة، في بلاد الحرمين مثلاً بمكة أو بالمدينة، نظراً للمضاعفات، وفضيلة المكان، ويغفل أيضاً عن الضد، وأن الذنوب فيها أعظم، لا يلاحظ أن الصحابة تفرقوا في الأمصار بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- لأمور: منها المصلحة الراجحة في تفرقهم، دعاة خير، يقتدى بهم، وينفعون الناس في أمور دينهم ودنياهم، وأبو الدرداء كتب إلى سلمان: أن هلم إلى الأرض المقدسة، بعض الناس إذا مات أوصى أن يدفن في مكة أو في المدينة، ويسأل عنه هل تنفذ وصيته أو تترك؟ لا شك أنه إذا ترتب على ذلك تأخير فجاء الأمر بالتعجيل، يعني قبل هذه الوسائل الحديثة أحياناً يصل إلى المدينة بساعة، هذا ما يترتب عليه تأخير مثلاً، أما قبل لا شك أن التأخير ظاهر، ولو كانت قرية بجوار البلدة، يحتاجون إلى وقت.(145/10)
ابن بطوطة ذكر في أول رحلته أنهم خرجوا من طنجة وبعد عشرة أيام مات القاضي فرجعوا به إلى طنجة، عشرة أيام مشي، والله المستعان، هذا يترتب عليه تأخير فلا يجوز.
"أن هلم إلى الأرض المقدسة، فكتب إليه سلمان: إن الأرض لا تقدس أحداً" وجاء في الحديث الصحيح: ((إن سلمان أفقه منك)) يقوله الرسول -عليه الصلاة والسلام- لأبي الدرداء "إن الأرض لا تقدس أحداً، وإنما يقدس الإنسان عمله" يعني هو الذي يصحبه، هو الباقي، هو الذي يحاسب عليه، أما الأرض فلا تنفعه ولا تقدسه، وبعضهم يحرص أن يكون بجوار رجل صالح في قبره، وهذا أيضاً لا ينفعه إن بطأ به عمله، مثل هذا لا ينفعه.
"وقد بلغني أنك جعلت طبيباً تداوي" يعني قاضي، جعلت قاضياً تقضي بين الناس، والقاضي مثل الطبيب، إما أن يصلح، وإما أن يفسد، إما أن يصلح كالطبيب، أو يقتل بغير حق، كالطبيب الذي يصف العلاج غير المناسب للمرض.
"وقد بلغني أنك جعلت طبيباً تداوي، فإن كنت تبرئ فنعما لك" يعني إن كنت تعلم الحق ومن أهله، وتجتهد بحيث تصيب فنعم ما لك "وإن كنت متطبباً" يعني تدعي الطب، تدعي معرفة الفصل بين الخصومات "فاحذر أن تقتل إنساناً فتدخل النار" نعم قد يحكم على إنسان بالقتل وهو لا يستحق، يعني من قبل القاضي، قد يتساهل في المقدمات فتخرج النتيجة بالحكم على المحكوم عليه بالقتل، وهذا سببه تقصير القاضي، أو عدم معرفته بمن تقبل شهادته، أو بكيفية الدعاوى والبينات وغيرها "فاحذر أن تقتل إنساناً فتدخل النار" لكن إذا كان أهلاً للقضاء مجتهداً، وبذل جهده، واستفرغ وسعه، وحكم على واحد ممن لا يستحق إذا استقصى الوسائل والمقدمات الشرعية فإنه يعذر.
"فاحذر أن تقتل إنساناً فتدخل النار، فكان أبو الدرداء إذا قضى بين اثنين" استحضر هذه الوصية "إذا قضى بين اثنين، ثم أدبرا عنه، نظر إليهما، وقال: ارجعا إلي، أعيدا علي قصتكما" يتأكد "متطبب والله" يعني يرمي نفسه بأنه مدعي، وأنه ليس أهلاً لهذا المكان، وإن أجبر عليه، والله المستعان.
قال: "وسمعت مالكاً يقول" والشاهد أن القضاء ليس بمرغوب، لذلك في كلام سلمان ما يدل على أن القضاء ليس بمرغوب.(145/11)
قال: "وسمعت مالكاً يقول: من استعان عبداً بغير إذن سيده في شيء له بال" طلب من العبد أن يعينه على شيء في الغالب يؤخذ عليه أجرة "ولمثله إجارة فهو ضامن لما أصاب العبد، إن أصيب العبد بشيء" لأنه استعمله من غير إذن سيده، قال له: تعال احمل معي هذا الصندوق، أو هذا المتاع إلى الدور الثاني، طاح وانكسر، يضمن؛ لأن في هذا افتيات على سيده.
"إن أصيب العبد بشيء، وإن سلم العبد فطلب سيده إجارته لما عمل فذلك لسيده" قال: هذا الصندوق ما يحمل إلى الدور الثاني إلا بخمسين ريال، له ذلك "وهو الأمر عندنا".(145/12)
كثير من الناس يستفيد من غيره، تجده سائق عند الجيران، وهذا سائق في وقت راحته ونومه يطرق عليه الباب الجار ويقول: عندي متاع، ويطلعه إلى الدور الثاني تعال، يشتغل عنده ساعة ساعتين، شيء ذو بال، ويستحق عليه أجرة، أو مثلاً عامل المسجد يستغله الإمام أو المؤذن بتغسيل السيارة، وحمل المتاع، أو غيرهما، هذا شيء ذو بال، وله أجرة في الغالب، في العادة، فهل الأجرة في مثل هذه الصورة .. ؟ الرقيق لسيده على كل حال، لكن الحر الأجير مثل عامل المسجد، أو سائق الجيران، أو ما أشبه ذلك، يمسحون سيارات، ويخدمون الناس الأجرة لهم أو لمن استأجرهم واستقدمهم؟ نعم؟ نعم إذا كان خارج وقت العمل، ولا يضر بالعمل فهي لهم، إذا اشترط عليه أنك ما تشتغل عند غيري، تشتغل عندي ثمان ساعات، والباقي ما تشتغل عند أحد يملك وإلا ما يملك؟ وقل مثل هذا في الأجير عند الدولة مثلاً، له دوام من ثمان إلى اثنتين، وينتهي الدوم، ثم يزاول أعمال في العصر، أو المغرب أو الليل مما لا يضر بعمله له ذلك أو ليس له ذلك؟ وهل لمن استأجره أن يمنعه في غير ما يملكه من وقت؟ نعم؟ إنما استؤجر على مدة معينة، الآن الدولة تمنع الموظفين من أن يزاولوا الأعمال التجارية، هل المنظور في هذا أنه يسبب إخلال بالعمل، أو لتتاح الفرصة لأكثر من شخص يعملون هذا في العمل الحكومي وهذا في العمل الحر، وتوزع الأمور على الناس كلهم ليستفاد من الأعمال؟ كأن هذا هو المنظور عند الجهات، نعم كأنه هذا هو المنظور، وإلا فكثير من الأعمال لا أثر له في العمل، وقد يزيد من جودة الأداء في العمل؛ لأنه في إطار ما يخدم العمل، المقصود أن مثل هذا لا شك أنهم يمنعون، ولولي الأمر أن يمنع.
فمثل عامل المسجد اللي ما عنده شغل إلا إذا قرب الأذان بقي ربع ساعة جاء يفتح اللمبات والمراوح، ثم بعد ذلك ما عنده شغل أبد، الأجرة لا شك أنها له؛ لأنه حر، ويؤدي عمله على الوجه المطلوب، أما إذا أدى ذلك إلى خلل في العمل فإنه يمنع.(145/13)
قال: "وسمعت مالكاً يقول في العبد يكون بعضه حراً وبعضه مسترقاً" يعني مبعض "إنه يوقف ماله بيده" يكتسب في اليوم مائة مثلاً، وهو مبعض نصفها له، ونصفها لمن يملك نصفه، يوقف ماله. . . . . . . . . جمع هذه الخمسينات على مدى شهر شهرين "يوقف ماله بيده، وليس له أن يحدث فيه شيئاً" ولكنه في حاجاته الضرورية يصرف منه، يكتسي بالمعروف، ويأكل ويشرب، "فإذا هلك فماله للذي بقي له فيه الرق" لأنه في حكم العبد، وإن كان في حكم الحر في نصفه الثاني، فإنه يرث ويورث بقدر ما فيه من الحرية، والذي يظهر الإمام -رحمه الله- يقول: "للذي بقي له فيه الرق" هذا إن كان مكاتباً هذا ما فيه إشكال؛ لأنه رق ما بقي عليه درهم، وإن كان مبعضاً بالفعل عتق بعضه، وبقي بعضه، فما اكتسبه ببعضه الحر هو بحكم ماله، يورث منه كما يورث الحر.
قال: "وسمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا أن الوالد يحاسب ولده بما أنفق عليه من يوم يكون للولد مال ناضاً كان أو عرضاً إن أراد الوالد ذلك" يعني الوالد أنفق على الولد من ولادته إلى أن توظف، أنفق عليه مدة اثنين وعشرين سنة، قدر الوالد هذه النفقة بمائة ألف، توظف هذا الولد وجاءته مكافئة مائة ألف، أو بدل تعيين خمسين ألف، وجاءه أمور أخرى، اجتمع عنده مائة ألف، هل للوالد أن يحاسبه من بداية الأمر، من ولادته فيأخذ منه هذه المائة؟ من غير مسألة ((أنت ومالك لأبيك)) هذه .. ، ولذلك أدخلت في القضاء، يعني مما يلزم، أو تبدأ المحاسبة بما أنفق عليه من يوم يكون له مال؟ للولد مال؟ الآن إلى أن تخرج ما في حساب، من توظف وتأخرت الرواتب مثلاً شهرين ثلاثة وصار الوالد ما زال ينفق على الولد، وعلى زوجته إن كان متزوج، قبض الولد الرواتب المتأخرة، يحاسبه الوالد من يوم يكون للولد مال، ولذلك قال هنا: "من يومِ" لماذا أعربت؟ لأنها أضيفت إلى جملة صدرها معرب "من يوم يكون للولد مال ناضاً كان أو عرضاً" المقصود أنه مما يتمول ويطلق عليه "إن أراد الوالد ذلك" وإن ترك وعفا عنه، فهذا هو الأصل بين الوالد وولده، الأمور مبنية على المسامحة.
قال: "وحدثني مالك ... "(145/14)
هذه المسألة تجر مسائل، وهي أن هل على الوالد أن يزوج ابنه؟ هل عليه أن يعلمه التعليم الزائد على الضروري؟ هل عليه أن يشتري له سيارة أو بيت أو ما أشبه ذلك من الحوائج الأصلية؟ مسائل تحتاج إلى وقت، ولعل الله أن ييسر لها مناسبة أخرى.
قال: "وحدثني مالك عن عمر بن عبد الرحمن بن دلاف المزني أن رجلاً من جهينة كان يسبق الحاج، فيشتري الرواحل فيغلي بها" ولكل قوم وارث، تجد الناس في آخر يوم، يعني اليوم الأول من أيام النفر تجده يلزم الحوض، ويرمي أول الناس، ويذهب إلى الحرم ليطوف ليقال: إنه وصل قبل الناس، هذا موجود، وهذه نهمة في قلوب بعض الناس، المقصود "أن رجلاً من جهينة كان يسبق الحاج، فيشتري الرواحل فيغلي بها" يعني يشتري بثمن غالي؛ لأنها تتميز بالسبق، نعم "ليصل قبل الناس" نعم "ثم يسرع السير فيسبق الحاج فأفلس" أفلس من كثر ما يشري من الراحل السريعة "فأفلس، فرفع أمره إلى عمر بن الخطاب فقال: أما بعد: أيها الناس فإن الأَسيفع" الأسيفع تصغير أسفع، والأنثى سفعاء، وجاء في خطبة يوم العيد: "سفعاء الخدين" وهذا أسيفع "أسيفع جهينة رضي من دينه وأمانته بأن يقال: سبق الحاج" يعني بعض الناس ....
طالب:. . . . . . . . .
نعم بعض الناس إذا ذهب إلى تلك المواطن يبحث عن أغلى الحملات، لماذا؟ ليقال: والله حج بعشرين ألف بثلاثين ألف، خمسة آلاف، ستة آلاف، نعم، المقصود أن مثل هذا إذا كان هذا هو الهدف فهذه لا شك أنها حقيقة مرة، وبعض الناس يستأجر في الفنادق الغالية ليقال: إنه سكن العشر الأواخر بمائة ألف غافلاً عن الهدف الذي من أجله ذهب، وهذا خلل كبير في القصد والنية، فعلى الإنسان أن يهتم بما ذهب من أجله، ولذلك كثير من هؤلاء لا يوفق، يعني يبحث عن أفخر الفنادق، ثم ماذا؟ والغالب أنه ليقال: سكن في كذا؛ لأن ما بين أفخر الفنادق والمتوسط منها كبير في الخدمة أو في الراحة، نعم قد يكون الأقل فيه خدمة ضعيفة أو شيء من هذا، فيبحث عن أفضل منه لا إشكال، لكن يبحث عن أفخر الفنادق ليقال: سكن في اليوم عشرة آلاف، عشرين ألف، هذا موجود يعني، لكن هذه لا شك أن هذا خدش في القصد.(145/15)
"رضي من دينه وأمانته بأن يقال: سبق الحاج، ألا وإنه قد دان معرضاً" معرضاً عن النتيجة ما فكر بالعواقب "فأصبح قد رين عليه" يعني أحاطت به الديون من كل وجه، كما أن القلب إذا ران عليه الران بسبب الكسب فإنه يغطى بالغشاوة.
"قد رين عليه فمن كان له عليه دين فليأتنا بالغداة، نقسم ماله بينهم وإياكم والدين" نعم الإمام يتولى مثل هذه الأمور، يحجر على المدين، ويتولى قسم أمواله على الغرماء "وإياكم والدين" تحذير "فإن أوله هم" بلا شك "وآخره حَرَب" أو "حرْب" بفتح الراء وسكونها، أي: أخذ مال الإنسان وتركه لا شيء له، كما يسلب في الحرب، كما تسلب الأموال في الحرب، فتؤخذ أمواله، ولا يبقى له شيء، وجاء في الدين أيضاً أنه ظل بالنهار، وهم بالليل، وجاء فيه التحذير من النصوص الشيء الكثير، وأن الشهادة على عظمها تكفر كل شيء إلا الدين، والنبي -عليه الصلاة والسلام- امتنع أن يصلي على المدين.
نعم.
أحسن الله إليك.
باب: ما جاء فيما أفسد العبيد أو جرحوا
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: السنة عندنا في جناية العبيد أن كل ما أصاب العبد من جرح جرح به إنساناً أو شيء اختلسه أو حريسة احترسها أو ثمر معلق جذه، أو أفسده، أو سرقة سرقها لا قطع عليه فيها، إن ذلك في رقبة العبد لا يعدو ذلك الرقبة، قل ذلك أو كثر، فإن شاء سيده أن يعطي قيمة ما أخذ غلامه أو أفسد، أو عقل ما جرح أعطاه، وأمسك غلامه، وإن شاء أن يسلمه أسلمه، وليس عليه شيء غير ذلك، فسيده في ذلك بالخيار.
يقول -رحمه الله-:
باب: ما جاء فيما أفسد العبيد أو جرحوا
في الجنايات، في الأروش، في قيم المتلفات على من تكون إذا كان المباشر عبد والعبد لا يملك؟ فهل تبقى في ذمته، ويبرأ السيد منها؟ أو تكون على السيد؟ لأن الخراج بالضمان، والغنم مع الغرم؛ لأنه المستفيد منه، أو يخير السيد بين أن يدفع العبد لمن جني عليه، أو يدفع أرش الجناية أو قيمة المتلف؟ تقدم ما يشير إلى أنه إن كانت الجناية بأقل من قيمته فإن السيد يدفع، وإذا كانت بأكثر من قيمته فلا يكلف أكثر من قيمته، بأن يدفعه هو.(145/16)
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: السنة عندنا في جناية العبيد أن كل ما أصاب العبد من جرح جرح به إنساناً أو شيء اختلسه" شيء اختلسه يعني أخذه بخفية "أو حريسة احترسها" يعني ما يحترس بنفسه، أو يحرس من قبل غيره، يعني إذا أخذ مال من حرزه، أو ما يسمى بحريسة الجبل، التي يأويها الليل إلى الجبل، فتمتنع به "أو حريسة احترسها، أو ثمر معلق جذه" مر ببستان فأخذ من هذا التمر جذ له عذقاً "أو ثمر معلق جذه، أو أفسده، أو سرقة سرقها لا قطع عليه فيها" ليس هذا هو الجواب وإنما هو وصف لسرقة "أو سرقة سرقها لا قطع له" يعني لم تبلغ النصاب، يعني هل مفهوم هذا أن العبد لا يقطع لو أخذ الأموال؟ يقطع، نعم يقطع لكن هذا وصف لهذه السرقة، وليس خبراً عنها، سرق سرقة لم تتوافر فيها الشروط، شروط القطع.
"إن ذلك في رقبة العبد لا يعدو ذلك الرقبة قل ذلك أو كثر، فإن شاء سيده أن يعطي قيمة ما أخذ غلامه، أو أفسد أو عقل ما جرح أعطاه" يعني قيمته عشرة آلاف، وما أتلفه قيمته ألف يدفع ألف، لكن لو قيمته عشرة آلاف، وأتلف ما قيمته عشرون ألفاً؟ يقول له: خذ العبد، ما لي به لازم، ولا يكلف أكثر من هذا عندهم.
طالب:. . . . . . . . .
نعم "فإن شاء سيده أن يعطي قيمة ما أخذ غلامه أو أفسد أو عقل ما جرح".
طالب:. . . . . . . . .
قوله: "إن ذلك في رقبة العبد" هذا، أما المسألة الأخيرة لا، كغيره.
"فإن شاء سيده أن يعطي قيمة ما أخذ غلامه أو أفسد أو عقل ما جرح أعطاه، وأمسك غلامه، وإن شاء أن يسلمه أسلمه" يعطيهم إياه "وليس عليه شيء غير ذلك، فسيده في ذلك بالخيار" حادث تصادم بين سيارتين، سيارة قيمتها مائة ألف، وسيارة قيمتها عشرة آلاف، والخطأ على صاحب السيارة الرخيصة، قيمته عشرة آلاف، صدم هذه السيارة، فجيء بأهل الخبرة، كم تقدر هذه الصدمة؟ قالوا: عشرين ألف، هل لصاحب السيارة أن يقول: خذ سيارتي؟ يعني مثل العبد؟
طالب: به نفع العبد، السيارة نقص. . . . . . . . .
نعم؟
طالب: به نفع، وبعدين نقص السيارة. . . . . . . . .(145/17)
شوفوا التنظير يا الإخوان، الآن الإمام -رحمه الله- يقول: يخير إما أن يدفع قيمة المتلف، أو أرش الجناية، أو يدفع العبد، هل نقول لصاحب السيارة الذي قرر عليه الخطأ مائة بالمائة: أنت مخير إما أن تدفع قيمة المتلف، أو أرش الجناية، أو تدفع السيارة مثل العبد؟ أو نقول: لا، المبلغ يلزم كاملاً؟ وما المبلغ اللازم؟ لأن الآن يقدرون قيمة الإصلاح فقط، والأصل ...
طالب:. . . . . . . . .
حتى القِطع يضمنونها.
لكن الأصل أن يقدر الأرش، سيارة بهذه الحال تستحق مائة ألف، صدمت ولو أصلحت، أصلحت بعشرة آلاف، تنزل ثلاثين ألف، أو عشرين ألف، وهذا هو الأصل أن الذي يدفع الأرش.
الفرق بين الصورتين: أن العبد يباشر، والسيارة لا تباشر، فالمباشرة هو السائق، فالقيمة لازمة له، وليست لازمة للسيارة؛ لأن المباشر إذا لم يكن مكلفاً انتقل الحكم إلى المتسبب.
طالب:. . . . . . . . .
مر علينا هذا، ومتى يجب حفظها؟ ومتى يهدر؟ متى تهدر جنايتها؟ هذا مر، نعم.
باب: ما يجوز من النُحل
حدثني مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه- قال: من نحل ولداً له صغيراً لم يبلغ أن يحوز نحله، فأعلن ذلك له، وأشهد عليها، فهي جائزة، وإن وليها أبوه.
قال مالك: الأمر عندنا أن من نحل ابناً له صغيراً ذهباً أو ورقاً، ثم هلك وهو يليه، إنه لا شيء للابن من ذلك، إلا أن يكون الأب عزلها بعينها، أو دفعها إلى رجل وضعها لابنه عند ذلك الرجل، فإن فعل ذلك فهو جائز للابن.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: ما يجوز من النُحل
النحل: مصدر نحله ينحله نحلاً، تقدم مراراً.
قال: "حدثني مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عثمان بن عفان قال: من نحل ولداً له صغيراً لم يبلغ أن يحوز" يعني لا يستطيع القبض "نحله" إنما يقوم مقامه وليه في المال، يقبض عنه، وهو في هذه الصورة الأب "فأعلن ذلك له، وأشهد عليه" قال: ولدي فلان الصغير له كذا، وحازها عن ماله "وأشهد عليها فهي جائزة، وإن وليها أبوه" بمعنى، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف نافذة؟ فهي جائزة له، يعني ما هي الكلام في الإباحة وعدمه، نعم؟(145/18)
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، قبضها وكيله، وليه في المال، الآن ... ؛ لأنه الآن القبض للأب "لم يبلغ أن يحوز نحله، فأعلن ذلك له" هذا قبض، نعم "وأشهد عليها، فهي جائزة، وإن وليها أبوه" ويفسره قول مالك -رحمه الله-، يعني فرق بين أن يقول: اشهدوا يا إخوان تراه نحل ابنه فلان مائة ألف وما طلعها من حسابه، وبين أن يفتح حساب باسم هذا الطفل، برقم مستقل، ويشيلها ويحطه معه، أو يفتحه باسمه، وفي قرارة نفسه وكتاباته أنه لهذا الولد، لكن حساب مستقل.
"قال مالك: الأمر عندنا أن من نحل ابناً له صغيراً ذهباً أو ورقاً ثم هلك وهو يليه إنه لا شيء للابن من ذلك" لأنه مع أمواله، ما قبضه عنه "إنه لا شيء للابن من ذلك إلا أن يكون الأب عزلها بعينها" يعني جعلها في حساب مستقل، وصار يضارب بها بنفسه فهي للابن "أو دفعها إلى رجل وضعها لابنه عند ذلك الرجل" يعني أمانة عند فلان، شالها من ماله وحطها عند فلان "فإن فعل ذلك فهو جائز للابن" يعني ينفذ هذا.
الصغار لا شك أنهم في كفالة وحضانة الأبوين، وأحياناًَ يأتي لواحد من هؤلاء الصغار من بيت المال ما يخصه، نفترض أن شخصاً عنده عشرة أولاد، وعنده ولد معوق يصرف له من بيت المال مثلاً، يصرف له من بيت المال مرتب شهري، لا شك أن حاجاته الأصلية، حاجاته مقدمة على حاجة كل أحد من هذا المال حتى حاجة الأبوين، لكن الزائد هل يحفظ لهذا الطفل أو ينفقه الأب على بقية متطلباته؟ لا سيما حوائج البيت؛ لأنه قد يكون الأب فقير، فهل ينفق على نفسه وزوجته وأولاده من هذا المال أو نقول: لا هذا المال خاص بهذا الطفل المعوق يصرف منه ما يصرف ويحفظ له الباقي؟ هذه مسألة ترد كثيراً، وشبيهة بمسألتنا، إلا أن هذه من الأب، وهذه للأب.
هو إذا كان يصلح هذا المال يأكل منه بالمعروف، لكن إذا كان لا يصلحه، ويقبض في كل شهر ألف ألفين ثلاثة على حسب ما يعطى، وقل مثل هذا في الضمان، والأمور التي ترد من بيت المال، أو العوائد السنوية التي تصرف من بيت المال، الأب يصرف على هذا الولد وغيره من الأولاد وأنت ومالك لأبيك، هل نقول بمقتضى هذا أن الأب يأخذ هذا المال أو القدر الزائد منه ويجعل هذا الولد أسوة غيره، أو نقول: الخراج بالضمان؟ لأنه إن احتاج الولد أكثر من هذا فإن على الأب أن يصرف عليه، فله أن يأخذ ما زاد عن حاجته، وكأن هذا هو الأقرب.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(145/19)
شرح: الموطأ - كتاب العتق والولاء
باب مصير الولاء لمن أعتق - باب جر العبد الولاء إذا أعتق - باب ميراث الولاء - باب ميراث السائبة وولاء من أعتق اليهودي والنصراني
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يقول: ما الضابط في صلة الأرحام من جهة قربهم وبعدهم؟
أهل العلم يذكرون الضابط في مثل هذا الاجتماع بأحد الأصلين الأم، أو الأب، فالأم أو الأب ويكون البعد والقرب بحسب الكثرة والقلة، فإذا كان العدد كثيراً اقتصر على الأقارب الذين يجمعهم الأب والجد، إذا كان يشق صلة من فوقهم في الطبقة، وإذا كان عددهم قليلاً ارتقي بعد ذلك إلى من يجمعهم جد الأب، وهكذا، ففرق بين من كانت أقاربه بالعشرات، وبين من كانت أقاربه بالآحاد، أو بالمئات يتفاوتون، والمشقة تجلب التيسير، فإذا كان للإنسان عشرة أعمام مثلاً، يختلف وضعه عمن كان له عم واحد، ومن كان له ستة أخوال، ولهم أولاد يختلف وضعه عمن كان له خال واحد، وهكذا، والخالة الواحدة أسهل صلة من الخالات المتعددات، فأهل العلم يجمعون بين القرب وبين الكثرة، وكلما كثروا تكون الصلة إلى الأقرب، ويتجاوز عن الأبعد للمشقة، وإذا قلوا ينتقل إلى الطبقة التي تليهم بحسب القلة والكثرة.
وعلى كل حال المسألة مسألة فضل عظيم مرتب على هذه الصلة، ونفع دنيوي وأخروي، وجاء في القطعية ما جاء، فعلى الإنسان أن يبذل جهده في مثل هذا، ولو شق عليه الأمر قليلاً سوف يحمد العاقبة، والآن وسائل الاتصال ما تركت لأحد عذر، يعني عم الأب إذا كنت لا تراه إلا من العيد إلى العيد مثلاً، فبإمكانك أن تتصل به، وتسلم عليه، وتقطع الهجرة بالسلام في كل أسبوع، أو في كل شهر مرتين مثلاً وهكذا، فهذه المسألة يحكمها أمران: القرب والكثرة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال معروف أن الأم حقها أوفر في هذا الباب، لكن ينبغي أن يكون للعم نصيبه، ولا تعارض في هذا وهذا.
طالب:. . . . . . . . .(146/1)
لا شك أن الأم أعظم حقاً من الأب، لكن لو كانت المسألة عمة وخالة، الخالة أقرب، أما بالنسبة للعم والخال فمثل هذا يترتب عليه أمور خارجية قد ترجح؛ لأنه إذا فقد في مناسبة الخال الذي لا يجمعك معه اسم واحد قد يكون الأثر أقل مما يفقد في مناسبة العم الذي يجمعك معه الاسم الواحد، يعني إذا فقدت في مناسبة خال مثلاً، ما رأى الناس أنك تخلفت عن مناسبة آل فلان الذين يجمعك معهم الاسم الواحد، بخلاف مناسبات من يربطك به الاسم الواحد كالعم.
وإذا تعارض حق الأب مع حق الأم، يعني هذا مرده إلى حق الأب مع حق الأم، إذا كانت الأم في عصمة الأب، فالأب لا شك أنه يأمر عليها، ويكون حقها من حقه، وتكون ملاحظته أشد من هذه الحيثية، أما إذا حصل الفراق بينهما والمشاحة فلا شك أن الأم أولى بالبر.
وسئل الإمام مالك قيل له: أمرني أبي ونهتني أمي، فقال: أطع أباك ولا تعص أمك، يعني سدد وقارب وحاول يعني جاهداً أن ترضي الطرفين بقدر الإمكان.
طالب:. . . . . . . . .
الصلة الأصل فيها المواجهة، لكن القدر الذي يشق، يعني أنك مرتب للعم أو للخال زيارة في العيد، من العيد إليه، والأصل أنه لو تأخرت بين العيدين بين عيد الأضحى وعيد الفطر كم؟ تسعة أشهر، أو أكثر من تسعة أشهر، عشرة أشهر تقريباً، فإذا تأخرت يلومك، في هذه الفترة إن لم تستطع الصلة بالوصول إليه فلا أقل من رفع الهجرة بالسلام بواسطة التليفون، وكان الناس في السابق يتواصلون بالخطابات، الآن جاء الله بهذه الآلات التي ترفع مثل هذا.
طالب:. . . . . . . . .
إي نعم هذا الأصل، شوف الدعوة وليمة العرس الواجب إجابتها، إذا كانت التعارض مع القريب والبعيد في دعوة واجبة ومستحبة تقدم الواجبة، تقدم وليمة العرس ولو كانت لبعيد على دعوة يستحب إجابتها ولو كان قريباً، أما إذا تساووا كلها واجبة فيقدم القريب.
طالب: القريب ما يقدم؟
لا، يقدم القريب، يقدم القريب.
يقول: هناك من ينكر قضاء راتبة الفجر بعد أداء صلاة الفجر ويقول: أن ما جاء في ذلك لا يثبت هل هذا صحيح؟
ما جاء في ذلك هو تقرير النبي -عليه الصلاة والسلام- لمن يصلي بعد صلاة الصبح، وهو مقبول عند أهل العلم، فلا إنكار هنا.(146/2)
يقول: هل الوقت الذي يكون بين دخول الفجر وأداء الصلاة وقت نهي لا تجوز فيه الصلاة غير راتبة الفجر؟
نعم هو وقت نهي، فإذا طلع الفجر فلا صلاة إلا ركعتي الفجر، لكنه وقت نهي مخفف، بمعنى أنه لو صلى الراتبة في بيته، وجاء ليصلي التحية ما في ما يمنع -إن شاء الله تعالى-.
على أن من أهل العلم من يجعله وقتاً سادساً، يعني أنه أخف من الوقتين الموسعين لقوة الخلاف فيه، ومن أهل العلم من لا يراه وقت نهي، لكن المرجح أنه وقت نهي، لكن الحديث في أوقات النهي تبدأ من طلوع الصبح، بخلاف العصر فإنه من صلاة العصر، وإن جاء في بعض الألفاظ من صلاة الصبح، لكن ما ينفي أن يكون بدؤه من طلوع الفجر، وأيضاً من صلاة الصبح وقت نهي، فلا تنافي ولا تناقض.
يقول: بماذا ينصح طالب العلم المتوسط أن يبدأ أولاً بألفية السيوطي أم بألفية العراقي؟
أولاً: الجمع بينهما ليس بوارد أن يحفظ الألفيتين أو يدرس الألفيتين لا، هو يقتصر على ألفية العراقي، ويأخذ زوائد ألفية السيوطي.
يقول: وهل صحيح أن ألفية السيوطي فائقة ألفية العراقي كما وصفها الناظم؟
نعم فائقة في الجمع والإيجاز، والترتيب أحياناً.
فائقة ألفية العراقي ... في الجمع والإيجاز واتساقِ
يعني المقصود أنها فائقة في هذا الباب، لكن إمامة الحافظ العراقي، وسهولة نظمه، وبسطه للتعريفات، والأمثلة والخلاف أكثر من ألفية السيوطي؛ لأن الزيادات التي وضعها السيوطي في ألفيته لا شك أنها على حساب تفصيلات تركها، وهي موجودة في ألفية العراقي، فالمقصود أن طالب العلم يحفظ ألفية العراقي، ويأخذ ما زاد عليها في ألفية السيوطي، وهو موجود، وعلم عليها الشيخ أحمد شاكر بقوسين، يعني هذه الزوائد، ولو اقتصر على دراستها ولو لم يحفظها لكفى، وعلى كل حال الألفية آخر المحطات، آخر المراحل؛ لأنه يقول: طالب علم متوسط، أولاً: يبدأ طالب العلم بالنخبة مع شروحها، وإن بدأ قبلها بقراءة البيقونية مع شروحها دون حفظ لها أجود يعني لأنها مختصرة جداً، ثم النخبة مع شروحها، ثم اختصار علوم الحديث للحافظ ابن كثير مع ما كتب حوله، ثم الألفية.
يقول: أيهما يقدم طالب العلم "زاد المستقنع" أم "دليل الطالب"؟(146/3)
يقدم بالنسبة لمن أراد أن يجمع بينهما يقدم الدليل؛ لأنه أسهل وأوضح تقسيمات، وأسهل عبارة، ثم بعد ذلك يثني بالزاد، أما من أراد الاقتصار على أحدهما فالزاد أكثر مسائل، لكن لا يكون البداية، يبدأ بالعمدة قبله، ثم الزاد.
يقول: ما المذهب المرجح في الاحتجاج بمراسيل الثقات قبولها أم ردها؟
الجماهير على ردها؛ لأنه لا يعلم الساقط، لا يعرف هل هو واحد أو اثنين أو ثلاثة وقد يكون أكثر من ذلك، والاحتمال أن يكون فيهم أحد ضعيف، والتدرج الزمني يدل على أن أهل العلم ما زالوا من بداية الأمر يقبلون ثم يشترطون في القبول ثم يردون، يعني إلى آخر التابعين والقول الجاري هو قبول مراسيل الثقات، ولا يعرف الخلاف حتى جاء الإمام الشافعي، ثم بعد ذلك وضع الشافعي القيود، ثم بعد ذلك أحمد ومن بعده ردوا المراسيل.
طالب: أحسن الله إليك هل يقال: الأحاديث الضعيفة أو المرسلة والله ما هذا إلا من مشكاة النبوة، ما خرج هذا الحديث .... ؟
هذا يدل على جزمه بما قال، وقد يثبت عند غيره.
طالب: مثلاً وردت شواهد يعني. . . . . . . . .
على كل حال يبقى هذا قوله، وإن جزم به، وقد يكون الراجح قول غيره.
طالب: إذا وقع في أحوال الناس وهو ضعيف؟
يعني هل يصدقه الواقع؟
طالب: نعم.
يعني هل الواقع يقوى به الحديث؟ على كل حال ليس كل قول صحيح يصح رفعه، يعني ما يركب عليه إسناد، وهو وإن كان صحيحاً مثل الشمس، لا بد أن يكون الحديث مدوناً في دواوين الإسلام المعتبرة.
هذه امرأة تقول: هل يجوز لبس بكلة شعر تحوي على وصلات من الشعر للزينة؟ وما حكم لبس الرموش الاصطناعية؟
لعل هذا كله مما يدخل في الوصل المنهي عنه.
هذه من المغرب تقول: بالنسبة لوقت البث المباشر هو وقت مكان البث يعني على المستمع أن يتحرى الوقت المقابل له في بلده ... ؟
تسأل وإلا تقترح؟ وإلا ...
بالنسبة لوقت البث المباشر، هو وقت مكان البث يعني على المستمع أن يتحرى الوقت المقابل له في بلده.
طالب:. . . . . . . . .
إيه طيب.
ما هي حدود التشبه بالغرب؟ وماذا نفعل نحن المغتربين حيث نجد الصعوبة البالغة في إيجاد ما يخالف ألبستهم، ونضطر للبسها؟ وكذلك هل يجوز أن ألحق بأبنائي ... إلى آخره.(146/4)
أما بالنسبة للحرج في الألبسة ففي بلاد المسلمين حرج عظيم بالنسبة لألبسة الصغار، إذ لا يخلو أكثرها من مخالفة، والصور عمت وطمت في هذه الألبسة بحيث يجد الإنسان إذا بحث عن لباس لولده أو بنته يجد حرجا ًوعنتاً شديداً بحيث يصل إلى شيء ما فيه مخالفة، لكن إذا وصل الأمر إلى هذا الحد فما في حل إلا التفصيل، يفصل لولده أو بنته الموديل الذي لا مخالفة فيه، وأما بالنسبة للمغتربين فعليهم أيضاً هذا من ... ، لا شك أن من هذا أجه المنع -منع البقاء بين أظهر الكفار- كون الإنسان يوافقهم في الظاهر، ثم بعد ذلك هذه الموافقة تجر إلى الموافقة في الباطن، فالأصل أن البقاء في بلاد الكفار لا يجوز، والهجرة واجبة، أما من عجز فعليه أن يحرص على الثبات على دينه.
وماذا نفعل؟
التشبه بالغرب إذا كان من ألبستهم التي لا يشتركون فيها مع المسلمين هذا تشبه، أما إذا كان اللباس مشترك بين المسلمين وغيرهم فليس بتشبه، وكذا لو كان اللباس أصله من الغرب ثم شاع في بلاد المسلمين، فكان اللابس يقلد أباه أو عمه أو خاله أو جده في لبسه، ولا ينظر في ذلك إلى الكفار يكون حينئذٍ ارتفع وصف التشبه، فهو متشبه بالمسلمين.
طالب:. . . . . . . . .
الأصل المنع، الأصل المنع.
يقول: نحن نجد الصعوبة البالغة في إيجاد ما يخالف ألبستهم ونضطر للبسها؟
عرفنا أنه لا بد من أن يستقل المسلم بشخصيته ظاهراً وباطناً، ولا بد من الاعتزاز بالدين {وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [(33) سورة فصلت] ومع الأسف أن بعض المسلمين في بلاد المسلمين فضلاً عن غيرها لا يجرؤ أن يصف نفسه بأنه ملتزم مستقيم على دين الله، بل أحياناً يماري ويجاري بعض المخالفين، إذا كان في مجالسهم، فكيف بمن يجالس الكفار -نسأل الله السلامة والعافية-؟!
وهل يجوز أن أحلق أبنائي للدراسة في مدارسهم حيث أنها مختلطة؟(146/5)
لا يجوز الدراسة في مدارسهم؛ لأنهم على ملل مخالفة لدين الإسلام، فهم يدرسون المواد التي على دينهم، وهو الكفر -نسأل الله السلامة والعافية-، وأيضاً فيها مسألة الاختلاط، يعني لو لم يكن فيها إلا أنها تدرس الكفر هذا كافي، وإن لو لم يكن فيها إلا الاختلاط، يعني حتى لو وجد في بلاد المسلمين مدرسة تدرس الدين الإسلامي، ولا تدرس ما يضاده، وفيها الاختلاط لا يجوز الالتحاق بها.
تقول: أولادي يتأثرون بما يرونه من سوء وفساد الأخلاق في الخارج، وهل آثم إذا لم أعلمهم العربية، حيث أنهم لا يتكلمون العربية ولا يعرفون نطقها؛ لأن والدهم كذلك يتكلم الفرنسية، فأضطر أنا للتحدث معهم بالفرنسية، ولا يعرفون نطق العربية؟
المسلم عليه أن يتعلم العربية، كيف يقرأ كتاب الله؟ وكيف يتعلم سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو لا يعرف العربية؟ العربية هي لغته، هي لغة المسلمين، ومع الأسف أن مثل هذا الكلام يوجد ويصر الناس على البقاء في بلاد الكفر، بل بعض الناس يهاجر من بلاد المسلمين إلى بلاد الكفر، وأحد المشايخ ألقى محاضرة ما أدري –والله- في كندة أو في أي جهة من الجهات، ثم قال له: إن عندي بنت أريد أن أهديها لك، فقال له: ما الداعي؟ أنا تشوف السن كبير، ويمكن ما أناسب وكذا، قال: لا بد من هذا؛ لأني جئت مع خمسة من أقراني من بلدي الأصلي بلاد المسلمين، وكلهم ارتدوا وأولادهم نصارى الآن، ما بقي إلا أنا وهذه البنت وأخشى عليها، أخشى عليها إذا مت، فإيجاب الهجرة، وتحريم تكثير سواد الكفار هذا ما جاء من فراغ.
هذه من المغرب تقول: هل يجوز الأكل من الاحتفالات البدعية إذا أتتنا ممن يحتفلون بها أم أنه يرمى؟
لا يجوز، بل ترد عليهم، ويشعرون أن هذا أمر محرم، وبهذا يكون الإنكار.
إذا أرادت المرأة إرضاع طفل فهل يجب عليها أن تستأذن زوجها؟ وإن رفض الزوج فهل يحرم عليها أن ترضع هذا الطفل من غير علمه؟
على كل حال الزوج له نصيب في اللبن، وله أيضاً نصيب في هذا المرضع الذي مستقبلاً يريد أن يدخل على محارمه، ويدخل بيته من غير استئذان أحياناً؛ لأنه ولده، فلا بد من استئذانه.(146/6)
هذه أمة الله من مصر تقول: هل يجوز صلاة المرأة بالبنطلون؟ حيث أنني أرى في موقع العمل بعض الزميلات يرتدين البنطلون ويصلين به، ويقلن: إن البنطلون واسع، وما حكم لبسه؟ وما حكم لبس الجلباب؟
الأصل أن البنطلون لباس الكفار كما هو معلوم، وإذا كانت المرأة في بلد كلهم يلبسون البنطلون وهم مسلمون، فمسألة التشبه تخف قليلاً إلا أنه لا بد من الحدود والضوابط الشرعية، ألا يبين شيئاً من تفاصيلها، ألا يبين شيئاً من حجمها، ولا يعرف ما تحته من حيث النحافة والبدانة، وما أشبه ذلك، بل يكون واسعاً فضفاضاً يشبه الجلباب، وإذا كان سابغاً مغطياً لليدين والرجلين وما أشبه ذلك، ولا يخرج منه إلا الوجه، صحت الصلاة فيه، ومع ذلك على المرأة التي ترجو ثواب الله -جل وعلا-، وتخاف عقابه، وتتقرب إليه بهذه الصلاة أن تكون صلاتها على وفق ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وما كان عليه نساء المسلمين من عهده إلى يومنا هذا، والله المستعان.
يقول: هل التداوي بالرقية نافع لجميع الأمراض فيقتصر الإنسان عليه؟
الرقية إذا كانت بالقرآن لا شك أن القرآن شفاء، {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء} [(44) سورة فصلت] {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء} [(82) سورة الإسراء] فإذا كانت الرقية بالقرآن والأدعية الشرعية المأثورة فلا شك أنه نافع لأمراض الأبدان والقلوب.
هذا يوسف من فرنسا يقول: إذا أردت الزواج من امرأة مسلمة لكن والدها وأهلها غير مسلمين، فمن يكون وليها؟ هل تستطيع أن توكل أحداً بتزويجها من غير أقاربها؛ لأن جميعهم غير مسلمين، وإذا وكلت أحداً بتزويجها هي بفرنسا وهو من المملكة لا تمت لهم بصلة هل يصح هذا العقد؟ وهل للعاقد ضوابط وحدود ينبغي ألا يتعداها مع زوجته؟
على كل حال إذا كان الولي ليس بكفء تنتقل الولاية إلى أقرب الناس إليه، بنقل الحاكم لها، الحاكم الشرعي ينقل الولاية من هذا الولي الأقرب غير الكفء إلى أقرب الناس إليه، وهذه مردها إلى الحاكم.
طالب:. . . . . . . . .(146/7)
عندهم يا أخي، عندهم، أقرب الناس إلى هذا الوصف، أقرب الناس، وإذا لم يجد إلا إمام مسجد، أو رئيس مركز، أو ما أشبه ذلك هو أقرب الناس إلى هذا الوصف.
يقول: إذا وكلت أحداً بتزويجها هي بفرنسا وهو من المملكة لا تمت لهم بصلة هل يصح هذا العقد؟
هو يحضر وإلا ما يحضر؟ ووكل بطريقة معتبرة يصح ولو كان بعيداً، إنما لا بد من حضوره أثناء العقد؛ لأنه يحصل تلاعب كبير إذا أجري العقد بوسائل الاتصال الحديثة، وكمن عقد أجري بهذا وتبين عدم صحته؛ لأن المتكلم غير ولي أصلاً.
وهل للعاقد ضوابط وحدود ينبغي ألا يتعداها مع زوجته، مثل التقبيل وغيره؟ وهل يجوز لوليها أن يمنعه؟
إذا عقد عليها فهي زوجته، يفعل فيها ما شاء، يفعل معها ما يفعله الزوج مع زوجته، وإذا منع الولي من الاتصال بها خشية عليها؛ لأن بعض الناس يعقد ولا يعلن نكاح ولا شيء، ثم بعد ذلك يستمتع بها مدة، ثم يتركها، هي زوجته على كل حال، لكن إذا كان من مصلحتها ألا تمكنه من نفسها حتى يمكن لها السكن والنفقة، وجميع ما يلزم الزوج فهو من حقها، لكن إذا أمن لها لا يجوز لها أن تمتنع، ولا يجوز منعه منها.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب مصير الولاء لمن أعتق:
حدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: "جاءت بريرة فقالت: إني كاتبت أهلي على تسع أواق، في كل عام أوقية فأعينيني، فقالت عائشة: إني أحب ...
إن أحب
أحسن الله إليك.(146/8)
"إن أحب أهلك أن أعدها لهم عنك عددتها، ويكون لي ولاؤك فعلت، فذهبت بريرة إلى أهلها، فقالت لهم ذلك، فأبوا عليها، فجاءت من عند أهلها ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس، فقالت لعائشة: إني قد عرضت عليهم ذلك فأبوا علي إلا أن يكون الولاء لهم، فسمع ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسألها فأخبرته عائشة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((خذيها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق)) ففعلت عائشة، ثم قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((أما بعد: فما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله، ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق)).
وحدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أم المؤمنين أرادت أن تشتري جارية تعتقها، فقال أهلها: نبيعكها على أن ولاءها لنا؟ فذكرت ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((لا يمنعنك ذلك، فإنما الولاء لمن أعتق)).
وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أن بريرة -رضي الله تعالى عنها- جاءت تستعين عائشة -رضي الله تعالى عنها- أم المؤمنين فقالت عائشة -رضي الله تعالى عنها-: "إن أحب أهلك أن أصب لهم ثمنك صبة واحدة، وأعتقك فعلت، فذكرت ذلك بريرة لأهلها، فقالوا: لا، إلا أن يكون ولاؤك لنا".
قال يحيى بن سعيد: فزعمت عمرة أن عائشة -رضي الله تعالى عنها- ذكرت ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اشتريها وأعتقيها، فإنما الولاء لمن أعتق)).
وحدثني مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الولاء وعن هبته.(146/9)
قال مالك -رحمه الله- في العبد يبتاع نفسه من سيده على أنه يوالي من شاء: إن ذلك لا يجوز، وإنما الولاء لمن أعتق، ولو أن رجلاً أذن لمولاه أن يوالي من شاء ما جاز ذلك؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الولاء لمن أعتق))، ونهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الولاء، وعن هبته، فإذا جاز لسيده أن يشترط ذلك له، وأن يأذن له أن يوالي من شاء فتلك هبة.
فتلك الهبة.
فتلك الهبة.
أحسن الله إليك.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب مصير الولاء لمن أعتق.
قال -رحمه الله-:
"حدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- -رضي الله تعالى عنها- أنها قالت: "جاءت بريرة فقالت" بريرة هذه كانت مولاة لقوم من الأنصار، أرادوا .. بل كاتبوها، فعلوا ذلك، كاتبوها على تسع أواق كما في الحديث، وعرضت على عائشة -رضي الله تعالى عنها- المساعدة، تسع أواق منجمة كل سنة أوقية، فقالت عائشة: إن أراد أهلك أن أعدها لهم، أو أصبها لهم، يعني تدفعها كاش حالة، ويكون الولاء لعائشة، فحصل ما حصل من تعنت مواليها في أول الأمر، ثم دفعتها عائشة وصار الولاء لها في النهاية، ثم صارت تخدمها وتتردد عليها، وصارت من الثقة في بيت النبي -عليه الصلاة والسلام- بالمكان المعروف، حيث سألها النبي -عليه الصلاة والسلام- عن عائشة في قصة الإفك، ويتصدق عليه وهي في بيت النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكما جاء في الحديث الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وجد لحماً في البرمة فسأل عنه فقيل: هذا لحم تصدق به على بريرة، فقال: ((هي عليها صدقة، ولنا هدية)).
المقصود أنها دخلت في بيت النبوة، وصار لها شأن، وهي مولاة، فالنسب لا يقدس صاحبه، كما أن البلد كذلك كما تقدم في حديث سلمان مع أبي الدرداء، فعلى الإنسان أن يهتم لدينه علماً وعملاً وبهذا يرتفع، فمن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه، هذه بريرة مولاة تسأل عن أم المؤمنين بحيث تزكي أم المؤمنين! والتزكية إنما تطلب من الزكي، العدل، الثقة.(146/10)
"جاءت بريرة فقالت: إني كاتبت أهلي على تسع أواق، في كل عام أوقية" هذه المكاتبة، الأصل فيها أنها تكون منجمة على آجال، ومقادير يتفق عليها "فأعينيني، فقالت عائشة: "إن أحب أهلك أن أعدها لهم عنك" يعني أدفعها حالاً، "عددتها، ويكون ولاؤك لي، أو يكون لي ولاؤك" ما الفائدة من الولاء؟ هل عائشة تقصد الإرث المترتب على الولاء؟ يعني عائشة تريد أن تعتق رقبة، فجاءتها بريرة فقالت: أعدها لهم، وأعتقك ويكون الولاء لي، قالوا: لا، الولاء لنا، فأيهما المعتق حقيقةً الذي كاتب أو الذي دفع القيمة؟ الذي دفع القيمة؛ لأن المكاتِب بيع وشراء المسألة، لكن لو لم يوجد دافع، جرت المكاتبة على ما اتفق عليه، وبعد تسع سنوات تحررت، الولاء لمن؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هل فيه ولاء أو نقول: حكمها حكم الأحرار ما في ولاء؟ هي اشترت نفسها؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
هي حكمها حكم الأحرار من هذه الحيثية، لكن يبقى أنه هل لها ولاء أو لا ولاء لها كالأحرار؟
المكاتب رق ما بقي عليه درهم، لو افترض أنها في السنة الثامنة أدت النجم الثامن ثم عجزت عن التاسع، ترجع رقيقة، نعم، كأن لم تدفع شيئاً ولم تكاتب، فهل لمثل هذا أثر في الولاء في حال المكاتبة أو نقول: إن المكاتبة اشترت نفسها وأعتقت نفسها؟ فلا ولاء لأحد؟
في باب سيأتي -إن شاء الله تعالى- خاص بالكتابة، كتاب المكاتب، ولعلنا نتعرض لهذه المسألة هناك، لكن إذا تعارض الإنعام بالعتق دون مقابل مع الكتابة فلا كلام في مثل هذا الحديث، الكلام في المكاتبة غير المعارضة، وهذا سيأتي -إن شاء الله تعالى-.(146/11)
"فعلت، فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم ذلك، فأبوا عليها" يبي يكاتبون، ويأخذون القيمة ويبون الولاء، "فأبوا عليها، فجاءت من عند أهلها ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس فقالت لعائشة: إني قد عرضت عليهم ذلك فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم، فسمع ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسألها" يقول: ما القصة؟ ما الخبر؟ فأخبرته عائشة بالواقع "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((خذيها واشترطي لهم الولاء)) " لأن هذا الاشتراط لا يغير من الواقع شيئاً، يعني كأن شخصاً بيده ولده الحر، فجاء شخص يدعيه وغلبه عليه، يتغير الحكم وإلا ما يتغير؟ ما يتغير، ولو تراخى معه وتساهل، لو تساهل معه، لا يغير من الواقع شيئاً؛ لأن الولاء لحمة كلحمة النسب، لا يتنازل عنه على ما سيأتي.
"فقال: ((خذيها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق)) ففعلت عائشة" قد يقول قائل مثلاً: إن هذا فيه خديعة لمواليها، أنهم أقدموا على أساس أن الولاء لهم، ثم تبين أن الولاء لغيرهم، ولو علموا حقيقة الحال ما كاتبوها، ولا قبلوا من عائشة ما عرضت، فهل في مثل هذا خديعة؟ أو في هذا عقوبة؟ هل في هذا عقوبة وتنكيل لمن خالف شرط الله -جل وعلا- وحكمه؟
"قال: ((خذيها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق)) " منطوقه أن من أعتق له الولاء على أي وجه كان العتق، سواءً كان تبرر أو كفارة، نعم، لكن مفهومه أن المكاتب لا ولاء له، وهذا سيأتي -إن شاء الله تعالى-.(146/12)
" ((فإنما الولاء لمن أعتق)) ففعلت عائشة، ثم قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الناس فحمد الله وأثنى عليه" كما هي عادته -عليه الصلاة والسلام- في الخطب "ثم قال: ((أما بعد)) " وهذه أيضاً ثبتت عنه في أكثر من ثلاثين خطبة، أنه يقول: " ((أما بعد: فما بال رجال)) " الفاء واقعة في جواب (أما) ((فما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله؟ )) هذه خطبه -عليه الصلاة والسلام- بالتلميح لا بالتصريح، ما قال: ما بال فلان، أو آل فلان فعلوا كذا وكذا؟ فينبغي أن تكون الخطب على هذا الهدي، فلا يشهر بالناس على المنابر، لكن قد يقول قائل: إذا كان هؤلاء القوم أصروا وعاندوا، وخُطب عنهم مرة ومرتين وثلاث، ومع ذلك أصروا على خطأهم، ولا يفيد فيهم إلا التصريح والتشهير، يصلح وإلا ما يصلح؟ يعني إذا لم يكن ثم علاج إلا أن ينص عليه في الخطبة، نعم، النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((ما بال رجال)) يعني هل هذا أسلوب مطرد مع كل أحد، أو أن المعاند المجاهر هذا لا يفيد فيه مثل هذا الكلام؟ لأنه هو الذي فضح نفسه، فكيف يستر عليه؟ نعم؟ نعم إذا كان لا يرتدع إلا بمثل هذا يعني عرض به مرة ومرتين وثلاث، ويزداد إصرار وتعنت فما المانع؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(146/13)
لكن إذا أصر، أما إذا انتهى من أول وهلة هذا لا داعي للتصريح، نعم وقع قضية وصار لها صدى في جهة من الجهات في حلاق ويزاول بعض المنكرات في محله، أنكر عليه مرة مرتين ثلاث، وتدخل أناس، المقصود أنه أصر على .. ، وعجز الناس عنه، وفي الخطبة قال الخطيب -وهو عضو حسبة- قال: إن فلاناً هذا –يشير إليه- يفعل كذا وكذا، وفعلنا معه كذا وكذا ... إلى آخره، فصارت قضية ورفعت إلى القضاء، فهذا وافد سفر يعني ما في إشكال، وهذا أيضاً الذي شهر به نقل؛ لأن من المصلحة في مثل هذا الظرف رأى القاضي أنه ينقل اجتهاده أن مثل هذا التشهير لا ينبغي مثلاً، فعلى كل حال هل مثل هذا التشهير نقول: الحق معك يا عضو الهيئة حينما عجزتم بالطرق المتاحة، بالطرق التي فيها الستر على مثل هؤلاء؟ وهذه مسألة كبرى يعاني منها رجال الحسبة، في غير الخطبة مثلاً، هل الستر علاج دائم، أو أنه قد يحتاج إلى التصريح والكشف؟ نعم قد يحتاج إليه، إذا لم يرتدع الجاني ما الذي يردعه؟ والستر المطلق لا سيما مع عدم العقوبة الستر المطلق مع عدم العقوبة معناه إباحية، وما الفائدة من الأمر والنهي؟ فعلى هذا إذا لم يُجْدِ الستر فلا بد من الكشف، لا بد من الإشهار، وأهل العلم يحملون حديث: ((من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة)) على غير .. ، نعم على غير صاحب السوابق، يعني من وقعت منه هفوة أو زلة لا مانع من الستر عليه، بل هذا هو الأصل، لكن إذا كان في كل شهر أو في كل أسبوع، أو في .. ، تكرر على هذا المنكر، ولا يردعه الستر عليه، مثل هذا تجري له ولغيره، وما شرعت الحدود إلا من أجل أن يقضى على المنكرات وعلى أهلها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(146/14)
لا، {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ} [(2) سورة النور] لا بد من هذا، هذا أمر؛ لأن بعضهم يقول: إن مثل هذا من إشاعة الفاحشة، فالذي يشهر يحب أن تشيع الفاحشة، نقول: فرق بين إشاعة فعل الفاحشة، وبين إشاعة ذكر الفاحشة من أجل محاربة الفاحشة، الذي يريد أن تشيع الفاحشة معناه يحب أن تنتشر الفاحشة في الناس، وهذا لا يجوز بحال، لا يجوز بحال أن يحب شخص أن تنتشر الفاحشة في الناس، لكن إذا كان ذكر الفاحشة لا فعلها ذكرها مما يردع صاحبها هذا للقضاء عليها، هذا عكس الاستدلال.
الاستدلال بالنص، نعم، يحبون أن تشيع الفاحشة، إيش معنى يحبون أن تشيع؟ يحبون أن تنتشر الجريمة، هذا من يحبه؟ نعم؟ هذا لا يمكن أن يتصور من متدين، انتشار فعل الفاحشة لشخص فاجر يريد أن يكثر سواده، ويسهل عليه أمرها إذا كثر الناس في مثل عمله، لكن ذكر الفاحشة ليس من إشاعتها، اللهم إلا إذا كان ذكرها في مجتمع يتنبه لها بواسطة ذكرها، يعني إذا ذكرت هذه الفاحشة، وأنا وجدنا في المحل الفلاني كذا وكذا، وفي المجلس من يلتقط مثل هذا الكلام فيذهب إلى ذلك المكان الذي ذكرت فيه الفاحشة نعم، هذا من محبة إشاعتها.
طالب:. . . . . . . . .
أو كانت أمراً خفي ويسير يعني مما ينبغي الستر عليه، فرق بين أن تشيع الفاحشة وبين إشاعة ذكرها لردع مرتكبها.
((أما بعد: فما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله، ما كان من شرط ليس في كتاب الله)) يعني في حكمه، وليس المراد به القرآن، وإنما ما هو أعم من ذلك مما يشمل الكتاب والسنة.
((ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل)) ((ليس في كتاب الله فهو باطل)) يعني الناس في عقودهم يستحدثون شروط، هل نقول: جميع الشروط غير المنصوصة باطلة؟ اشترطت المرأة ألا يسافر بها زوجها، هذا في كتاب الله هذا الشرط؟
طالب:. . . . . . . . .
إذن باطل وإلا ليس بباطل؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب: ليس المقصود المقصود. . . . . . . . .؟
((ليس في كتاب الله فهو باطل))
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف مفهوم؟ مفهوم الحديث أن أي شرط غير منصوص عليه في الكتاب والسنة باطل، نعم؟(146/15)
طالب:. . . . . . . . .
هذا منطوقه، منطوقه أن أي شرط ليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله فهو باطل.
طالب:. . . . . . . . .
ليس في حكمه المستند إلى النصوص، أو ما استنبط من النصوص؛ لأن في ((ليس في كتاب الله)) معناه حكم الله، فهذا الشرط الذي لم ينص عليه بعينه في الكتاب والسنة مأخوذ من أدلة أخرى، ((المسلمون على شروطهم)) يعني ((إلا شرط أحل حراماً أو حرم حلالاً)) فهو مأخوذ من كتاب الله ((وإن كان مائة شرط)) يعني لو وثق بجميع العهود والمواثيق فإنه لا قيمة له، ((قضاء الله أحق)) يعني حكم الله أحق من حكم الناس، ((وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق)) يعني يترتب عليه النصرة، والاعتراف بالفضل للشخص المعتق، والإرث، كل هذا إنما يكون لمن أعتق.
قال -رحمه الله-:
"وحدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عائشة أم المؤمنين"
طالب:. . . . . . . . .
إيه، عقوبة له.
طالب: هل يجوز. . . . . . . . .
لكن إذا كان يجهل الحكم الشرعي، ولو عرف أن هذا يؤثر في عقده ما فعله، يعني مثل هذه الصورة، هذا يجوز تطبيقه لآحاد الناس الذين لا يقدرون المصالح والمفاسد في العقوبات؛ لأن بعض الناس ينظر إلى مصلحته هو، ما ينظر إلى الحكم الشرعي، فإذا كان الشخص ينظر إلى مصلحته هو، وأراد تطبيق مثل هذا لا، لكن إذا كان النظر فيه إلى رسوخ الحكم الشرعي في قلوبهم، فلا شك أن هذه مصلحة راجحة، يعني هل يتصور أنهم يشترطون مرة ثانية؟ وجاء في بعض الروايات ما يدل على أن هذا الأمر تكرر مراراً، وأنهم بلغهم هذا الحكم.
اللهم صل وسلم ...
نعم، يقول: قد يتحايل بعض الناس فيعمد إلى من يتعامل بالربا، ويأخذ منه بربا، ثم بعد ذلك يقول: هذه فائدة محرمة وليس له إلا رأس ماله، وقد أقدم بطوعه واختياره على العقد الذي تترتب عليه اللعنة؟
اللعنة استحقها بمجرد العقد.
وأقدم على العقد بطوعه، وأقدم بطوعه واختياره على هذا العقد المحرم متخطياً بذلك النصوص الدالة على تعظيم تحريم الربا، وأنه حرب لله ورسوله، وأن آكله وموكله ملعون.(146/16)
فمثل هذا يفوت عليه، تفوت عليه هذه الفائدة، يدفع المبلغ كاملاً، وتفوت على الطرف الآخر فلا يستحقها؛ لأنه أخذها بعقد باطل، فليس له إلا رأس ماله، تفوت على الطرفين جميعاً، وليست مما معنا أبداً، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
عند الحنابلة لها ذلك ((المسلمون على شروطهم)) لها أن تشترط عليه ألا يتزوج عليها، مسألة اشتراط ألا يسافر بها قد مرت بالأمس في التفسير {وَسَارَ بِأَهْلِهِ} [(29) سورة القصص] للزوج أن يسافر بزوجته؛ لأن له القوامة عليها، وعرفنا أنه إن اشترطت فالمسلمون على شروطهم، إن لم تشترط فهذا الأصل له أن يسافر بها إلا سفر محرم؛ لأن هذا مستثنى شرعاً، لا يجوز أن يسافر بنفسه فضلاً عن زوجته، وبقيت مسألة فيما إذا خطب الكفء المرضي من كل وجه، إلا أنه في بلد غير بلد الزوجة، فهل كونه من غير البلد نفسه، وتغريب البنت إلى بلد الزوج مبرر لرده وهو كفء؟ لأنه جاء الوعيد على من رد الكفء، فهل هذا يكفي يعني مبرر في أن يرد الكفء بهذا العذر؟ لا نقول: إن المسألة تحتاج إلى المسألة الغربة البعيدة التي تحتاج جوازات، وتحتاج إلى .. ، لا، يعني افترض أن طرف في نجد والثاني في الحجاز مثلاً، أو في نجد من بلد إلى بلد، هي تقول: لا أريد أن أبعد عن هلي، وأهلها يقولون: لا نريد أن تبتعد بنتنا عنا، هل هذا كافي في رده أو لا يكفي؟ الذي يرد الكفء في هذه الصورة آثم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا إذا كانت تتضرر هذا ما فيه إشكال، إذا كانت تتضرر يرد بلا إشكال، لكن إذا كان ما هناك ضرر، البلدان متساويان من كل وجه، سواءً في الرياض أو في القصيم.
طالب:. . . . . . . . .
إذا كانت تتضرر أو تخاف على نفسها هذا ما فيه إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
لكنه من حقها في أمر مباح، يعني له أن يقتصر على واحدة.
مسألة التخيير بين الواحدة والتعدد ما فيه إشكال، لكن لو اشترطت أن يطلق ضرتها هذا لا يجوز بلا شك.(146/17)
قال: "وحدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عائشة أم المؤمنين أرادت أن تشتري جارية تعتقها، فقال أهلها: نبيعكها على أن ولاءها لنا؟ فذكرت ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((لا يمنعنك ذلك، فإنما الولاء لمن أعتق)) " يعني لا لمن كاتب، ولا لمن باع إنما الولاء لمن أعتق.
ثم قال: "وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أن بريرة جاءت تستعين عائشة أم المؤمنين، فقالت عائشة -رضي الله تعالى عنها-: "إن أحب أهلك أن أصب لهم ثمنك صبة واحدة" يعني تعدها في مكانها عدة واحدة، تشبيهاً لها بصب الماء والعسل والسمن الذي يتدفق، وإن كان إمكان الدفعات في مثل هذه في المشبه به ممكنة، نعم، لكنها إذا تركت وشأنها انصبت بكاملها، فشبهت بها من هذه الحيثية "صبة واحدة، وأعتقك فعلت، فذكرت ذلك بريرة لأهلها، فقالوا: لا، إلا أن يكون ولاؤك لنا" قال يحيى بن سعيد: فزعمت عمرة أن عائشة ذكرت ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اشتريها وأعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق)) " عائشة تملك تسع الأواقي في زمن النبي -عليه الصلاة والسلام- وجاء في عيشه -عليه الصلاة والسلام- ما جاء، وأنه كان -عليه الصلاة والسلام- يمر به الهلال والثاني والثالث في شهرين لا يوقد في بيته نار، فهل في مثل هذا تعارض؟ عائشة عندها تسع أواقي! نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم أحياناً النبي -عليه الصلاة والسلام- تأتيه الأموال الطائلة، نعم، لكنه كما قال -عليه الصلاة والسلام-: ((ما يسرني أن لي مثل أحد ذهباً تأتي علي ثالثة وعندي منه دينار إلا دينار أرصده لدين، إلا أن أقول به هكذا وهكذا وهكذا)) فقد يجتمع المال في لحظة أو في وقت ويعدم ويفقد في أوقات، وعلى كل حال عيشه -عليه الصلاة والسلام- مبسوط في الصحاح والسنن وغيره.
طالب:. . . . . . . . .
إيش هذا القوت الذي يدخر لمدة سنة؟
طالب:. . . . . . . . .
التمر، التمر.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن يمر عليه الأشهر الثلاثة، وتمر به الليالي والجوع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(146/18)
لا حتى الجوع الجوع، أخرجه مرة الجوع، فعيشه -عليه الصلاة والسلام- معروف، مدون، وقد مسه الجوع، وهو أشرف الخلق، وأكرم الخلق على الله -جل وعلا-، ليوفر له أجره كاملاً يوم القيامة، ولا يعجل له شيء منه.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، نعم من التجار، يتكسب أبو بكر.
قال: "وحدثني مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الولاء وعن هبته" نهى عن بيع الولاء وعن هبته، الولاء الذي يستحقه المعتق ما يباع، يعني زيد أعتق بكر، فاستحق الولاء فجاء عمرو فقال: يا زيد بعني هذا الولاء، أو هبنيه، أعطني إياه؛ ليكون ولاء بكر لي، هذا لا يجوز بيعه ولا هبته؛ لأنه لحمة كلحمة النسب، كما لو جاء وقال: بعني هذا الولد، أو هبني هذا الولد، لا يملك.
طالب:. . . . . . . . .
الزعم والقول بمعنىً واحد، الزعم والقول في لغة العرب بمعنىً واحد، وفي كتاب سيبويه في مواضع كثيرة يقول: زعم الكسائي ويوافقه، ويقول: زعم الكسائي ويوافقه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
فائدته قلنا: النصرة والاعتراف بالمنة التي تجود بها في مجال الخدمة؛ لأن بريرة صارت تتردد على عائشة وتخدمها، ويتصدق عليها، ويشتركون معها في الأكل، وأوضح من ذلك الإرث، نعم.(146/19)
"قال مالك في العبد يبتاع نفسه من سيده" يعني يكاتب، يكاتب سيده "يبتاع نفسه" يعني يشتري نفسه من سيده "على أنه يوالي من شاء: إن ذلك لا يجوز، وإنما الولاء لمن أعتق" يقول: يبتاع، يشتري نفسه من هذا السيد الذي لا يرغب البقاء عنده، ثم يذهب إلى شخص آخر يود أن يرتبط به، ويود أن يخدمه، أو يستفيد من عمل عنده، وما أشبه ذلك، يقول: ترى الولاء لك، يقول: ولائي، أنا اشتريت نفسي فولائي لك، على أنه يوالي من شاء أن ذلك لا يجوز، وإنما الولاء لمن أعتق، حصر، يعني ما في ولاء إلا بالعتق، ولا في ولاء، كان في ولاء في أول الإسلام بمالمؤاخاة، كانوا يتوارثون بالمؤاخاة ثم نسختها المواريث، كان الولاء لمن أسلم على يديه، فمن شيوخ الإمام البخاري عبد الله بن محمد المسندي الجعفي، والبخاري جعفي، لكنه مولاهم؛ لأن جده أسلم على يد جد عبد الله بن محمد شيخه، فهذا جعفي أصالة من أنفسهم، وذاك جعفي بالولاء، ولكن لا توارث بمثل هذا، كان هذا في أول الأمر ثم نسخ.
طالب:. . . . . . . . .
الآن لو تنظر في كتب الرجال، في التقريب، أصغر كتب الرجال، وجدت أن الموالي من الرواة أكثر، يعني ما يمر ثلاثة تراجم متوالية أو ترجمتين متواليتين ما في إحداهما مولاهم، فالموالي من الرواة أكثر من غيرهم، فهذا يدل على أن الشرف بالعلم والدين، بالدين والعلم.
طالب: ينسب إليه.
ينسب إليهم مولاهم، لكن على أن يقال: مولاهم.
طالب: يا شيخ عائشة على الولاء. . . . . . . . .
من؟
طالب: عائشة يشترط السبب؟
لتبقى الرابطة بينها وبين بريرة؛ لأنها يمكن لحظت في بريرة صفات لا تود الانقطاع عنها، لكن من وجبت عليه كفارة ثم أعتق له ولاء وإلا ما له ولاء؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب: سبب العتق.(146/20)
مكاتب سبب العتق، على كل حال يقال له: معتق وإلا ما يقال له: معتق؟ نعم، هو معتق، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إنما الولاء لمن أعتق)) فلو افترض أن شخص عليه كفارة ثم اشترى عبداً وأعتقه لله يروح يتابعه وين راح؟ وين جاء؟ على شان نشوف متى ما مات نأخذ الإرث وإلا، وإلا هذا آخر خبره به وينتهي الإشكال؟ فهل هذه مسئولية السيد معرفة ومتابعة المعتق أو هي مسئولية الرقيق؟ مسئولية من عليه الحق.
طالب:. . . . . . . . .
والله عموم ((إنما الولاء لمن أعتق)) هو معتق على كل حال.
طالب: لكن ما يفرق بين الولاء وبين. . . . . . . . .
يعني كالمكاتب؛ لأنه في مقابل أعتقه، أعتقه في مقابل ما أعتقه لله ابتداءً.
طالب: لكن ما ألزم الشرط. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا الذي أنا قلت، فهمت ما أريد؟ أنا أقول: فرق بين من أعتق ابتداءً لوجه الله -جل وعلا-، وبين من لزمته كفارة ثم أعتق، والنص ظاهر في أنه معتق، فمن أعتق في كفارة يقال له: معتق، والولاء لمن أعتق، يعني عموم اللفظ يشمله.
"ولو أن رجلا أذن لمولاه أن يوالي من شاء ما جاز ذلك" لماذا؟ لأن الولاء كالنسب، لا يباع ولا يوهب ولا يتنازل عنه؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الولاء لمن أعتق)) وتعريف جزئي الجملة يدل على الحصر كما ورد الحصر بـ (إنما) ورد الحصر يعني لا لغيره "ونهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الولاء، وعن هبته، فإذا جاز لسيده أن يشترط ذلك له، أو أن يأذن له أن يوالي من شاء فتلك هبة" يعني تلك الهبة التي جاء منعها بالنهي الصحيح الصريح.
طالب:. . . . . . . . .
هو يذكر أن له جزء في جمع أطرافه.
طالب:. . . . . . . . .
ثلاث؟ في حديث بريرة ثلاث سنن؟
طالب:. . . . . . . . .
هو نفسه، نفسه منها هذه، هذه سنة من السنن.
سم.
أحسن الله إليك.
باب جر العبد الولاء إذا أعتق:(146/21)
حدثني مالك عن ربيعة بن عبد الرحمن أن الزبير بن العوام -رضي الله تعالى عنه- اشترى عبداً فأعتقه ولذلك العبد بنون من امرأة حرة، فلما أعتقه الزبير قال: هم موالي، وقال: موالي أمهم، بل هم موالينا فاختصموا إلى عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه- فقضى عثمان للزبير بولائهم.
وحدثني مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب سئل عن عبد له ولد من امرأة حرة لمن ولاؤهم؟ فقال سعيد: إن مات أبوهم وهو عبد لم يعتق فولاؤهم لموالي أمهم.
قال مالك -رحمه الله-: ومثل ذلك ولد الملاعنة من الموالي ينسب إلى موالي أمه، فيكونون هم مواليه إن مات ورثوه، وإن جر جريرة عقلوا عنه، فإن اعترف به أبوه ألحق به، وصار ولاؤه إلى موالي أبيه، وكان ميراثه لهم وعقله عليهم، ويجلد أبوه الحد.
قال مالك: وكذلك المرأة الملاعنة من العرب إذا اعترف زوجها الذي لاعنها بولدها، صار بمثل هذه المنزلة إلا أن بقية ميراثه بعد ميراث أمه وإخوته لأمه لعامة المسلمين، ما لم يلحق بأبيه، وإنما ورث ولد الملاعنة الموالاة موالي أمه قبل أن يعترف به أبوه؛ لأنه لم يكن له نسب ولا عصبة، فلما ثبت نسبه صار إلى عصبته.
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في ولد العبد من امرأة حرة وأبو العبد حر: أن الجد أبا العبد يجر ولاء ولد ابنه الأحرار من امرأة حرة يرثهم ما دام أبوهم عبداً، فإن عتق أبوهم رجع الولاء إلى مواليه، وإن مات وهو عبد كان الميراث والولاء للجد، وإن العبد كان له ابنان حران فمات أحدهما وأبوه عبد جر الجد أبو الأب الولاء والميراث.
قال مالك في الأمة تعتق وهي حامل وزوجها مملوك ثم يعتق زوجها قبل أن تضع حملها أو بعدما تضع: إن ولاء ما كان في بطنها للذي أعتق أمه؛ لأن ذلك الولد قد كان أصابه الرق قبل أن تعتق أمه، وليس هو بمنزلة الذي تحمل به أمه بعد العتاقة؛ لأن الذي تحمل به أمه بعد العتاقة إذا عتق أبوه جر ولاءه.
قال مالك في العبد يستأذن سيده أن يعتق عبداً له فيأذن له سيده: إن ولاء العبد المعتِق
المعتَق.
أحسن الله إليك.
إن ولاء العبد المعتَق لسيد العبد لا يرجع ولاؤه لسيده الذي أعتقه وإن عتق.
لقد قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب جر العبد الولاء إذا أعتق:(146/22)
قال: "حدثني مالك عن ربيعة بن عبد الرحمن أن الزبير بن العوام اشترى عبداً فأعتقه، ولذلك العبد بنون من امرأة حرة" أولاً: إذا كان أحد الأبوين حراً، فالولد يتبع من؟ يتبع الحر، فهو تابع لأمه مطلقاً حرية ورقاً.
طالب:. . . . . . . . .
هو يتبع الأم حرية ورقاً، ولو قدر أن حراً تزوج أمة لعدم قدرته على طول الحرة، يجوز أن يتزوج الحر أمة شريطة ألا يجد طول الحرة وإلا فلا، والسبب في ذلك أن الأثر على الأولاد، الأثر ينجر على الأولاد فيكونوا عبيد لسيد هذه الزوجة.
هنا يقول: "اشترى عبداً فأعتقه، ولذلك العبد بنون من امرأة حرة، فلما أعتقه الزبير قال: هم مواليه" أعتقه وصار حراً، كأمهم "وقال: موالي أمهم، بل هم موالينا، فاختصموا إلى عثمان بن عفان فقضى عثمان للزبير بولائهم".
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لكنها حرة، كانت رقيقة ثم صارت حرة، وهو كان رقيق ثم صار حراً، ويش الفرق بينه وبينها؟
طالب: فلما أعتقت صارت معتقة الولاء لمن أعتقها؟
وهو؟ وهو؟
طالب: هو كان عبداً ...
إيه ثم أعتق.
طالب: هو يقول بالنص أمه حرة. . . . . . . . . لكن بين بعد ذلك.
شوف "أن الزبير بن العوام اشترى عبداً فأعتقه، ولذلك العبد بنون من امرأة حرة" كلهم أحرار، لا الزوج ولا الزوجة، كلهم مسهم الرق، وكلهم تحرروا من الرق، كلاهما مسه الرق، هي حرة بعد أن أعتقت وإلا كانت أمة بدليل موالي أمه، فكلاهما كان عبداً مسه الرق ثم حرر، فالأولاد يتبعون من؟
طالب: الأولاد في حال. . . . . . . . . وديونه عالقة فيه.
هو أعتقه، والأم معتقة من قبل، يعني وجودهم، يعني وجود الأولاد في حال حرية أمهم أو في حال رقها؟
طالب: في حال رقها أكيد، لا يمكن عبد يتزوج حرة ....
ممكن إذا رضيت ويش المانع؟ ولذلك النبي خير بريرة لما ... ، نعم لما عتقت تحت مغيث، هي حرة وهو عبد، وهذا الذي معنا.
"أن الزبير بن العوام اشترى عبداً فأعتقه، ولذلك العبد بنون من امرأة حرة، فلما أعتقه الزبير قال: هم مواليه" يعني المسألة فيما إذا كان أحد الأبوين حر والثاني رقيق، وعرفنا أن الولد يتبع أمه حرية ورقاً، بينما في الدين يتبع خير أبويه ديناً.(146/23)
فلما أعتقه الزبير قال: هم مواليه، هؤلاء الأولاد ها العبد الذي أعتقت "وقال: موالي أمهم، بل هم موالينا، فاختصموا إلى عثمان بن عفان فقضى عثمان للزبير بولائهم".
يعني تبعاً لأبيهم، تبعاً لأبيهم لا تبعاً لأمهم، لماذا؟ لأنهم اشتركا في الحرية، الأب والأم اشتركا في الحرية، والأصل أن الولد يتبع أباه ينسب لأبيه أو يتبع أمه ينسب إليها؟
طالب: الأب.
الآن هم اشتركوا في الحرية، ما يقال: والله الزوج عبد والزوجة حرة، فينظر إلى المسألة .. ، هم مشتركان في هذا، فجعلهم عثمان -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- تبعاً لأبيهم، وجعل ولاءهم للزبير؛ لأنهم اشتركا في الحرية والأصل أن الانتساب للأب لا للأم.
"وحدثني مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب سئل عن عبد له ولد من امرأة حرة لمن ولاؤهم؟ فقال سعيد: إن مات أبوهم وهو عبد لم يعتق فولاؤهم لموالي أمهم" إن مات أبوهم وهو عبد لم يعتق فولاؤهم لموالي أمهم، يعني حرة كانت أو أمة، والمسألة مفترضة من امرأة حرة، نعم؛ لأنهم يتبعونها في .. ، يتبعونها في مثل هذه الصورة، وقد أعتقت وولاؤها لمن أعتقها وهم تبع أمهم.
"قال مالك: ومثل ذلك ولد الملاعنة من الموالي" الولد في حال الملاعنة ينفى عن أبيه، ولا ينتسب إليه، والفائدة العظمى من اللعان انتفاء الولد "ولد الملاعنة من الموالي ينسب إلى موالي أمه" لأنه انقطعت صلته بأبيه باللعان "ينسب إلى موالي أمه، فيكونون هم مواليه" لأنه حتى الأحرار في حال الملاعنة، حر ما مسه رق، وامرأة حرة ما مسها رق، فحصل ما حصل من اللعان، وانتفى الانتساب إلى الأب، ينتسب لمن؟ لأمه، ينتسب لأمه "فيكونون هم مواليه، إن مات ورثوه، وإن جر جريرة عقلوا عنه" يعني ارتكب ما يلزمه بدية أو جزئها "وإن جر جريرة عقلوا عنه" لأن الغنم مع الغرم، ما دام يغنم الإرث فيغرم العقل، عقلوا عنه، يعني دفعوا دية ما ارتكب "فإن اعترف به أبوه ألحق به" اعترف به أبوه بعد ذلك، أكذب نفسه، واعترف به ألحق به "وصار ولاؤه إلى موالي أبيه، وكان ميراثه لهم، وعقله عليهم ويجلد أبوه الحد" لماذا؟ لأنه قذف؛ لأنه قذف زوجته بالزنا، ونكل عن؟
طالب:. . . . . . . . .(146/24)
لا، نكل عن الملاعنة، فيثبت الحد؛ لأنه حق آدمي، وينتفي أثر الملاعنة؛ لأنه تبين أنها في غير محلها، وهذا جارٍ على قول من يقول: إنه إذا أكذب نفسه يقام عليه الحد، وكأن شيئاً لم يكن، بمعنى أنه يخطب هذه المرأة، وليست الفرقة مؤبدة، والولد يرجع إليه، وينتسب إليه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو رفع إلى السلطان، وبلغ السلطان، فلا عفو هنا، الحد بلغ السلطان، قالوا: فإن عفا فلا عفا الله عنه.
طالب:. . . . . . . . .
حق مخلوق، لكن إذا بلغ السلطان انتهى، لا بد من إقامته.
"قال مالك: وكذلك المرأة الملاعنة من العرب" يعني التي ما مسها رق "إذا اعترف زوجها الذي لاعنها بولدها صار بمثل هذه المنزلة" يعني ينتسب إليه "إلا أن بقية ميراثه بعد ميراث أمه وإخوته لأمه لعامة المسلمين، ما لم يلحق بأبيه" الآن المرأة الملاعنة من العرب إذا اعترف زوجها الذي لاعنها بولدها، اعترف به، كيف يعترف في صورة يكون معها اللعان، وثبوت الزنا، وسقوط الحد باللعان، ويعترف به أبوه، يعني فيما إذا كان الحبل قبل الزنا، حملت من زجها، نعم، ثم قذفها بالزنا مع أنه في مثل هذه الصورة اللعان له أثر وإلا ما له أثر؟ ليس له أثر، عند الحمل ما دام الحمل له ثابت لا يجوز نفيه بحال، زنت -نسأل الله السلامة والعافية- في مثل هذه الصورة إن شاء أن يمسكها، وإن شاء أن يطلق، نعم، وهذا الأمر راجع إليه، يعني لا يلزم بطلاقها، وإن كانت غيرته قد تدعوه إلى طلاقها، وهذا هو الأكثر، لكن إن كانت قد وقعت من قلبه الموقع التي لا يستطيع فراقها، لا يلزم شرعاً أن يطلقها إذا زنت، نسأل الله العافية.(146/25)
يقول: "وكذلك المرأة الملاعنة من العرب إذا اعترف زوجها الذي لاعنها بولدها" يقول: إن الولد منه حصل قبل الزنا "صار بمثل هذه المنزلة" انتسابه إليه "إلا أن بقية ميراثه بعد ميراث أمه وإخوته لأمه لعامة المسلمين" كيف؟ ما لم يلحق بأبيه، الآن اعترف به، إذا اعترف زوجها بأن الولد له، ثم لاعنها فمسألة الإلحاق به وعدم الإلحاق به كأنها مسألة اجتهادية؛ لأن من فوائد اللعان انتفاء الولد، نعم، فالولد ينتفي بمجرد اللعان، ولا يلزم نفيه عند جمع من أهل العلم، ولا يتعرض له أثناء الأيمان، فهو منتف، من فوائد اللعان انتفاء الولد، اعترف به، فالحاكم إن كان ممن يرى أنه يلحق به إذا اعترف به يرثه أبوه، وإن كان يرى أنه لا يلحق به ولو اعترف به، فإن بقية إرثه إذا ورثته أمه وأخوته لأمه لعامة المسلمين، وإلا يكون تناقض، لا بد من هذا التوجيه وإلا يكون تناقض، كيف يعترف به؟ ويش الفائدة من الاعتراف؟ يعني تصورنا المسألة سابقاً، وقلنا: إن هذا شخص وجد رجلاً يزني بامرأته، وقد حبلت منه، من الزوج نفسه قبل ذلك، فقذفها، وقلنا: إن هذا خلاف الأولى، ألا يقذف ويستر على نفسه، وعلى ولده ويفارق إن شاء، لا أحد يلزمه بالبقاء معها، بل الأصل أن يفارق؛ لأنها صارت خبيثة ما لم تتب، لكن إن أمسكها له ذلك.
يستدل أهل العلم على هذا بحديث: ((إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إذا زنت فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إذا زنت فليجلدها الحد، ثم إذا زنت بعد ذلك يبيعها ولو بضفير)) قالوا: لا يلزمه فراقها، والمسألة مفترضة في أمة توطأ من قبل السيد، نعم إذا كانت توطأ من قبل السيد فلا فرق بينها وبين الحرة، نعم؟
طالب: الآن تحليل. . . . . . . . . إذا زنت ولاعنها وبعد ذلك يثبت عن طريق تحليل. . . . . . . . . بأنه ولها حقيقي، هل ينتفي بالملاعنة؟
ينتفي؛ لأن هذه قرينة وليس بدليل، الحمض هذا قرينة قد يحتاج إليها عند تساوي البينات.
طالب: يا شيخ لكن لا يمكن أن يخطئ.
ولو كان، ليست من الأمور المعول عليها شرعاً، إنما هي مجرد قرائن.
طالب: يختلفون بأخذ الحمض هل يمكن أن يكون له مدة معينة وساعة معينة؟(146/26)
المقصود أنه ليس من الأدلة الشرعية المعترفة التي يحكم بها، المعتبرة التي يحكم بها، إنما هي قرائن، كغيرها، طيب لو افترض أنه لاعن ولاعنت ثم طلع الولد شبهه بأبيه الذي لاعن هل يقال ... ؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يمشي.
طالب:. . . . . . . . . أصبح له مالاً أو جاه، فأتى واعترف به، في المقابل الابن يريد أيضاً النسب بأبيه هل. . . . . . . . .؟
بعض الناس -نسأل الله السلامة والعافية- مبتلى بمثل هذه التصرفات، تجده إذا غضب على ولده قال: اذهب أنا لست بأب لك، وإذا رضي عليه استدعاه ونسبه إليه، بعض الناس سهل عنده مثل هذه الأمور.
طالب: يوافق شرعاً عليه يا شيخ؟
لا ما يوافق حرام هذا، حرام فهو إما ولد أو ليس بولد، المسألة ما تتبع الغضب والرضا.
طالب: قصة زياد بن أبيه.
نعم لما صار له شأن نسبه، على كل حال مثل هذه الأمور -نسأل الله السلامة والعافية- عرفنا أن التصوير وهو ما ذكرنا ما لم يلحق بأبيه، إن ألحق بأبيه، فرئي أن الدعوة متجهة، وأن كلام الأب صحيح، ودلت القرائن عليه، وإلا فالأصل أن فائدة اللعان انتفاء الولد.
"وإنما ورث ولد الملاعنة الموالاة موالي أمه" إيش ورث؟ "وإنما ورث ولد الملاعنة الموالاة موالي أمه قبل أن يعترف به أبوه، أما إذا اعترف به أبوه وألحق به فإنه يرثه موالي أبيه تبعاً لأبيه؛ لأنه لم يكن له نسب ولا عصبة" إذا تبرأ منه أبوه، ولاعن أبوه فإنه لم يكن له نسب ولا عصبة "فلما ثبت نسبه صار إلى عصبته"
صاروا إلى عصبته الذين أعتقوا أباه.
"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في ولد العبد من امرأة حرة، وأبو العبد حر" كيف يتصور الجد حر وولده عبد؟
طالب:. . . . . . . . .
أعتق قبل؟ نعم، أو هذا ما أسر، يعني حصل جهاد فأسر الولد واسترق، والأب ما أسر، يبقى حر.
"الأمر المجتمع عليه عندنا في ولد العبد من امرأة حرة وأبو العبد حر أن الجد أبا العبد يجر ولاء ولد ابنه الأحرار من امرأة حرة" لماذا؟ لأنه أب؛ لأن الجد أب "من امرأة حرة يرثهم ما دام أبوهم عبداً" طيب هم من امرأة حرة فكيف يكون عليهم ولاء؟
طالب: يعني إذا كانت الحرة أعتقت، هي من قبل عبدة ...
هي أمة ثم أعتقت.
طالب: فصار ولدها أحرار.(146/27)
يتبعونها في الحرية، لكن ولاؤهم؟
طالب: ولاؤها هي لمن أعتقها.
وولاؤهم هم؟
طالب: وولاؤهم هم لأبوهم اللي هو الجد.
جدهم؛ لأن الجد أب.
طالب: مثل قصة الزبير.
يرثهم ما دام أبوهم عبداً، لماذا؟ لأن الرق من موانع الإرث، فإن عتق أبوهم رجع الولاء إلى مواليه، موالي الأب، يعني لو افترضنا أن الجد أعتق قبل، فولاء هؤلاء لموالي الجد أو لم يمسه رق أصلاً فإرثه للجد، هذا الأب المحجوب بالرق صار حراً، وانتفى الوصف الذي من أجله حرم من الميراث، نعم، يأخذ الميراث ويحجب الجد "فإن عتق أبوهم رجع الولاء إلى مواليه" إلى موالي الأب؛ لأنهم هم الذين منوا عليه "وإن مات وهو عبد كان الميراث والولاء للجد، وإن العبد كان له ابنان حران فمات أحدهما وأبوه عبد جر الجد أبو الأب الولاء والميراث" لأنه مات وهو رقيق لا يستحق إرث.
"قال مالك في الأمة تعتق وهي حامل" يعني الحمل إنما طرأ في حال الرق.
"قال مالك في الأمة تعتق وهي حامل، وزوجها مملوك، ثم يعتق زوجها قبل أن تضع حملها أو بعدما تضع: إن ولاء ما كان في بطنها للذي أعتق أمه" لأن وجود هذا الحمل في حال رق أبيه، وحرية أمه، إن ولاء ما كان في بطنها للذي أعتق أمه، لكن لو كان الحمل بعد عتق الأب، نعم كان الانتساب إليه "لأن ذلك الولد قد كان أصابه الرق قبل أن تعتق أمه، وليس هو بمنزلة الذي تحمل به أمه بعد العتاقة؛ لأن الذي تحمل به أمه بعد العتاقة إذا عتق أبوه جر ولاءه".
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب: ما سبب ضعف. . . . . . . . . الأولاد من الأم؟
كيف؟
طالب: المسألة التي راحت كانت الأم الولد من الأم وهي معتقة ...
وهي معتقة نعم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما في اختلاف.
"وليس هو بمنزلة الذي تحمل به أمه بعد العتاقة؛ لأن الذي تحمل به أمه بعد العتاقة إذا عتق أبوه جر ولاءه" لأنه ما لها ميزة عليه، ليس لها ميزة عليه.
"قال مالك في العبد يستأذن سيده أن يعتق عبداً له" هذا على رأي مالك أنه يملك، ملك عبداً فأراد أن يعتقه، العبد ملك عبد فأراد أن يعتقه على مذهب مالك في أنه يملك، ومذهب غيره من الأئمة أنه لا يملك.(146/28)
"قال مالك: في العبد يستأذن سيده أن يعتق عبداً له، فيأذن له سيده: إن ولاء العبد المعتَق لسيد العبد" لأن العبد لا يرث، فينتقل نصيبه من الولاء لسيده "لا يرجع ولاؤه لسيده الذي أعتقه وإن عتق" لماذا؟
طالب: هذا مركب على ولاء. . . . . . . . .
لأنه هو موروث، فكيف يرث؟
سم.
أحسن الله إليك.
باب ميراث الولاء:
حدثني مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبيه أنه أخبره أن العاصي بن هشام هلك وترك بنين له ثلاثة، اثنان لأم، ورجل لعلة، فهلك أحد اللذين لأم، وترك مالاً وموالي فورثه أخوه لأبيه وأمه ماله وولاءه مواليه، ثم هلك الذي ورث المال وولاءه الموالي، وترك ابنه وأخاه لأبيه، فقال ابنه: قد أحرزت ما كان أبي أحرز من المال وولاء الموالي، وقال أخوه: ليس كذلك، إنما أحرزت المال، وأما ولاء الموالي فلا، أرأيت لو هلك أخي اليوم ألست أرثه أنا؟ فاختصما إلى عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه-، فقضى لأخيه بولاء الموالي.
وحدثني مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم أنه أخبره أبوه أنه كان جالساً عند أبان بن عثمان فاختصم إليه نفر من جهينة، ونفر من بني الحارث بن الخزرج، وكانت امرأة من جهينة عند رجل من بني الحارث بن الخزرج يقال له: إبراهيم بن كليب، فماتت المرأة وتركت مالاً وموالي، فورثها ابنها وزوجها، ثم مات ابنها فقال ورثته: لنا ولاء الموالي، فقد كان ابنها أحرزه، فقال الجهنيون: ليس كذلك، إنما هم موالي صاحبتنا.
تِنا.
أحسن الله إليك.
سم.
صاحبتِنا.
أحسن الله إليك.
إنما هم والي صاحبتِنا، فإذا مات ولدها فلنا ولاؤهم، ونحن نرثهم، فقضى أبان بن عثمان للجهنيين بولاء الموالي.
وحدثني مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب قال في رجل هلك وترك بنين له ثلاثة، وترك موالي أعتقهم هو عتاقة، ثم إن الرجلين من بنيه هلكا وتركا أولاداً، فقال سعيد بن المسيب: يرث الموالي الباقي من الثلاثة فإذا هلك هو فولده وولد إخوته في ولاء الموالي شرع سواء.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب ميراث الولاء:
الولاء من أسباب الإرث.(146/29)
أسباب ميراث الورى ثلاثة ... كل يفيد ربه الوراثة
وهي نكاح وولاء ونسب ... . . . . . . . . .
فالولاء يرث به المعتق، ويرث به عصبته، المتعصبون بأنفسهم، وترث المعتقة أو من أعتقها.
وليس في النساء طراً عصبة ... إلا التي منت بعتق الرقبة
هذا ما يتعلق بإرث الولاء.
يقول -رحمه الله-:
"حدثني مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبيه" أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أحد الفقهاء المعروف "أنه أخبره أن العاصي بن هشام" العاصي هذا هو الأصل في الاسم؛ لأنه منقوص اقترن بـ (أل) وتظهر فتحته لخفتها، بخلاف الضمة والكسرة التي تقدر للثقل.
"أن العاصي بن هشام" وهذا هو الأصل فيه؛ لاقترانه بـ (أل)، وإلا لو لم يقترن بـ (أل) لقيل: إن عاصياً، وإذا اقترنت به (أل) تثبت الياء، وقد تحذف لكثرة دورانها على الألسنة، عمرو بن العاص، الأصل عاصي، شداد بن الهاد، الكبير المتعال، مراعاةً لرؤوس الآي.
"أن العاصي بن هشام هلك وترك بنين له ثلاثة، اثنان لأم، ورجل لعلة" يعني ضرة جارة، فالضرة علة، وجاء في الحديث: ((نحن معاشر الأنبياء أولاد علات، ديننا واحد)) الأصل واحد، الذي هو بمنزلة الأب، وأما الشرائع التي بمنزلة الأمهات مختلفة.
"ورجل لعلة، فهلك أحد اللذين لأم" يعني أحد الشقيقين "وترك مالاً وموالي فورثه أخوه لأبيه وأمه" لماذا؟ أقرب وإلا أقوى؟ نعم أقوى، الشقيق أقوى من الأخ لأب "فورثه أخوه لأبيه وأمه" يعني الشقيق، ورثه ماله وولاءه مواليه، يعني ورثه المال، وورث مع المال الولاء، ممن أعتقهم أبوه "ثم هلك الذي ورث المال وولاء الموالي وترك ابنه وأخا لأبيه" تصير مناسخة هذه وإلا ويش تصير؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
ثم هلك الذي ورث المال، يعني بقي ولد لعلة، على هذا التمثيل.
"ثم هلك الذي ورث المال وولاء الموالي وترك ابنه وأخاه لأبيه" رجل العلة هذا، مع الابن "فقال ابنه: قد أحرزت ما كان أبي أحرز من المال وولاء الموالي" يعني أنا أنزل منزلة أبي؛ لأنه لا يشاركني أحد، ولا شك أن الابن يحجب الأخ.(146/30)
"فقال ابنه: قد أحرزت ما كان أبي أحرز من المال وولاء الموالي، وقال أخوه: ليس كذلك، إنما أحرزت المال" صحيح أحرزت المال؛ لأنك تحجب الأخ "وأما ولاء الموالي فلا، أرأيت لو هلك أخي اليوم ألست أرثه أنا؟ " لماذا؟ "أرأيت لو هلك أخي اليوم ألست أرثه أنا؟ "
طالب: الأقرب.
ما عندنا، الابن أقرب صح، لكن الأخ للشقيق أقوى من الأخ لأب.
"أرأيت لو هلك أخي اليوم ألست أرثه أنا؟ فاختصما إلى عثمان بن عفان فقضى لأخيه بولاء الموالي" نعم يقصد بذلك لو هلك الهالك الأول، ولا يوجد له شقيق إلا أنا الأخ لأب، نعم، ألست أرثه أنا؟ فاختصما إلى عثمان بن عفان فقضى لأخيه بولاء الموالي.
الآن فرقوا بين الإرث الذي ملكه الأخ بنفسه، فصار لولده من بعده، وأما بالنسبة لولاء الموالي لماذا حُكم به للأخ ولم يُحكم به للابن؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا؛ لأن الذي حجبه مات، الذي حجبه عن إرث ولاء الموالي في أول مسألة مات، فرجع له.
طالب: يعني هذا ما ينزل على الولاء. . . . . . . . .
لا، لا ما هو مثل التركة، لا لا، بينهما فروق.
قال: "وحدثني مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم أنه أخبره أبوه أنه كان جالساً عند أبان بن عثمان" أبانِ وإلا أبانَ؟ كلاهما صحيح، لكن الصرف أولى، ويمنعه ابن مالك من الصرف.
"فاختصم إليه نفر من جهينة، ونفر من بني الحارث بن الخزرج، وكانت امرأة من جهينة عند رجل من بني الحارث بن الخزرج يقال له: إبراهيم بن كليب، فماتت المرأة وتركت مالاً وموالي، فورثها ابنها وزوجها، ثم مات ابنها فقال ورثته: لنا ولاء الموالي، وكان ابنها أحرزه، فقال الجهنيون: ليس كذلك إنما هم موالي صاحبتنا، فإذا مات ولدها فلنا ولاؤهم" يعني الذي حجبنا عن إرثها من؟ الولد "فمات هذا الولد الذي حجبهم، فلنا ولاؤهم ونحن نرثهم، فقضى أبان بن عثمان للجهنيين بولاء الموالي" يعني مثل الصورة السابقة، مات الحاجب عاد الإرث.(146/31)
"وحدثني مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب قال في رجل هلك وترك بنين له ثلاثة، وترك موالي أعتقهم هو عتاقة، ثم إن الرجلين من بنيه هلكا وتركا أولاداً، فقال سعيد بن المسيب: يرث الموالي الباقي من الثلاثة" لأنه أصل بنفسه "فإذا هلك هو فولده وولد إخوته في ولاء الموالي شرع سواء" لأن منزلتهم من الميت الأول واحد.
سم.
أحسن الله إليك.
باب ميراث السائبة وولاء من أعتق اليهودي والنصراني:
حدثني مالك أنه سأل ابن شهاب عن السائبة؟ قال: يوالي من شاء، فإن مات ولم يوالي أحداً فميراثه للمسلمين وعقله عليهم.
قال مالك -رحمه الله-: إن أحسن ما سمع في السائبة أنه لا يوالي أحداً، وأن ميراثه للمسلمين، وعقله عليهم.
قال مالك في اليهودي والنصراني يسلم عند ...
عبد
أحسن الله إليك.
يسلم عبد أحدهما فيعتقه قبل أن يباع عليه: إن ولاء العبد المعتق للمسلمين، وإن أسلم اليهودي أو النصراني بعد ذلك لم يرجع إليه الولاء أبداً، قال: ولكن إذا أعتق اليهودي أو النصراني عبداً على دينهما ثم أسلم المعتق قبل أن يسلم اليهودي أو النصراني الذي أعتقه، ثم أسلم الذي أعتقه، رجع إليه الولاء؛ لأنه قد كان ثبت له الولاء يوم أعتقه.
قال مالك: وإن كان لليهودي أو النصراني ولد مسلم ورث موالي أبيه اليهودي أو النصراني إذا أسلم المولى المعتق قبل أن يسلم الذي أعتقه، وإن كان المعتق حين أعتق مسلماً ...
أُعتِق
أحسن الله إليك.
أعتِق مسلماً، لم يكن لولد النصراني أو اليهودي المسلمين من ولاء العبد المسلم شيء؛ لأنه ليس لليهودي ولا للنصراني ولاء، فولاء العبد المسلم لجماعة المسلمين.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب ميراث السائبة وولاء من أعتق اليهودي والنصراني:
السائبة إيش معنى السائبة؟ ميراث السائبة، السوائب التي جاء ذكرها في القرآن جمع سائبة، وهي من بهيمة الأنعام ما يترك، ترفع عنه اليد، والسائبة هنا المراد به الرقيق الذي أهمله سيده وتركه، وترك ولاءه، وتنازل عنه، هذا يقول ابن شهاب الزهري عن السائبة:(146/32)
"حدثني مالك أنه سأل ابن شهاب عن السائبة؟ قال: يوالي من شاء" ولاء إرث وإلا ولاء نصرة؟ لكنه تحت الترجمة في الإرث، يعني في الترجمة إرث، لا مجرد نصرة، يعني السائبة سواءً كان المعتق تنازل عنه، وقال: نصيبي للمسلمين، ألا يدخل هذا في هبة الولاء؟ التنازل هذا ما الفرق بينه وبين الهبة، وقد نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- عن بيع الولاء وهبته؟ إلا أن الهبة لمعين، والسائبة في مثل هذه الصورة لغير معين، هل يختلف هذا عن هذا؟ ألا يحتمل أن يكون السائبة من عرف رق نفسه وأنه معتق، لكنه بسبب انقراض من أعتقه، أو انتقاله من بلد على بلد بحيث لا يصل خبره إلى من أعتقه، ولا يعرفه كمن وجد مالاً لا يعرف صاحبه؛ لأنه هنا يقول: "يوالي من شاء، فإن مات ولم يوالي أحداً فميراثه للمسلمين، وعقله عليهم" مفهومه أنه لو والى من شاء لكان إرثه له "يوالي من شاء، فإن مات ولم يوالي أحداً فميراثه للمسلمين، وعقله عليهم" مثلما تقدم أن الغنم مع الغرم.
"قال مالك: إن أحسن ما سمع في السائبة أنه لا يوالي أحداً، وأن ميراثه للمسلمين، وعقله عليهم" يعني رأي ابن شهاب أن له أن يوالي من شاء، هذا جار على ما كان في أول الأمر، وأنه يرث بهذا الولاء، وإن لم يكن بسبب حقيقي، موالاة حقيقية، منّ عليه بالعتق، يعني الآن إذا وجد شخص فقال: ولائي لبني فلان، ولا يدرى هو حر وإلا رقيق، وإلا معتق، وإلا حر أصلي؟ قال: ولائي لبني فلان، سكن بينهم، وأكرموه، ولا يعرف له وارثاً، فقال: ولائي لبني فلان، هؤلاء الذين أكرموني، يحق وإلا ما يحق هذا؟ يصح وإلا ما يصح؟ لهم إرثه وإلا ما لهم إرثه؟ نعم على رأي ابن شهاب واضح، لكن على رأي غيره من أهل العلم.
طالب:. . . . . . . . .
ما في عتق، ولا نكاح، ولا نسب، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا شك أن مثل هذا ليس ولاءه لأحد، ولا يورث إلا من باب أن بيت المسلمين يرث مثل هذا، وبيت المال يرث عند الشافعية بشرط انتظامه، بشرط أن يكون منتظماً، وقد أيسوا من انتظامه منذ قرون.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب: سلمان منا.
سلمان منا آل البيت، ويش فيه؟
طالب: يدخل في هذا يا شيخ.
يعني يرث ويورث؟
طالب: سلمان كان عند يهودي.(146/33)
إيه لكن هل يورث بقوله: ((سلمان منا))؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا.
"قال مالك: إن أحسن ما سمع في السائبة أنه لا يوالي أحداً، وأن ميراثه للمسلمين، وعقله عليهم" يعني ميراثه لبيت المال، وعقله على بيت المال.
"قال مالك في اليهودي والنصراني يسلم عبد أحدهما فيعتقه قبل أن يباع عليه: إن ولاء العبد المعتق للمسلمين" يعني مثل السائبة، لماذا؟ يسلم العبد فيمنع اختلاف الدين الإرث، اختلاف الدين يمنع الإرث؛ لأنه من الموانع الثلاثة.
"إن ولاء العبد المعتق للمسلمين، وإن أسلم اليهودي أو النصراني بعد ذلك لم يرجع إليه الولاء أبداً" يعني أسلم بعد أن أخذ بيت المال الإرث بالولاء، لكن لو أسلم قبل أن يأخذ بيت المال المال؟
طالب: هو كلام على العبد المسلم في الصورة التي بعدها. . . . . . . . .
طيب "قال: ولكن إذا أعتق اليهودي أو النصراني عبداً على دينهما ثم أسلم المعتق قبل أن يسلم اليهودي أو النصراني الذي أعتقه، ثم أسلم الذي أعتقه، رجع إليه الولاء" لكن هذا ما بعد مات، قبل أن يموت يرجع الولاء إليه، لكن هذا مات "لأنه قد ثبت له الولاء يوم أعتقه" المسألة يعني ما يقرر أهل العلم أن اختلاف الدين مانع من الميراث؟ ما قالوا: إنه إذا أسلم المخالف قبل قسمة التركة أنه يرث ترغيباً له في الإسلام، السؤال خلونا نربط مسألتنا بما تقرر في علم الفرائض، المسألة أنه الأصل أنه لا يرث الكافر المسلم، ولا المسلم الكافر، انتهى، والمال بوفاة الموروث انتقل إلى الوارث، فإذا لم يسلم المفترض فيه الإرث قبل موت المورث ما يستفيد؛ لأنه في وقت الإرث هذا كافر وهذا مسلم فلا إرث، لكن من أهل العلم من يرى أنه إذا أسلم قبل قسمة التركة أنه يرث ترغيباً له في الإسلام، هذا قول معروف عند أهل العلم.
وهنا يقول: "ولكن إذا أعتق اليهودي أو النصراني عبداً على دينهما ثم أسلم المعتق قبل أن يسلم اليهودي أو النصراني الذي أعتقه، ثم أسلم الذي أعتقه، رجع إليه الولاء" قبل أن يموت، قبل أن ينتقل المال من حوزة المعتق "لأنه قد كان ثبت له الولاء يوم أعتقه".(146/34)
"قال مالك: وإن كان لليهودي أو النصراني ولد مسلم، ورث موالي أبيه" اليهودي أو النصراني إذا أسلم المولى المعتق قبل أن يسلم الذي أعتقه، يقول: "وإن كان لليهودي أو النصراني ولد مسلم ورث موالي أبيه اليهودي أو النصراني" إذا أسلم المولى المعتق، من الذي يحجب الولد عن إرث الولاء؟ الأب، والأب وجوده كعدمه؛ لأنه مخالف في الدين، فيرث "ورث موالي أبيه اليهودي أو النصراني إذا أسلم المولى المعتق، قبل أن يسلم الذي أعتقه، وإن كان المعتق حين أعتق مسلماً لم يكن لولد النصراني أو اليهودي المسلمين" يعني سواءً ولد يهودي أو ولد نصراني فهما اثنان "من ولاء العبد المسلم شيء؛ لأنه ليس لليهودي ولا للنصراني ولاء، فولاء العبد المسلم لجماعة المسلمين" لماذا؟ لأنه في الصورة الأولى الولد مسلم قبل موت العبد، في الصورة الثانية، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب: الولد مسلم الأصل ....
هاه؟
طالب: الصورة الثانية العبد مسلم، الصورة الثانية مسلم.
الآن يقول: "إن كان لليهودي أو النصراني ولد مسلم، ورث موالي أبيه اليهودي أو النصراني إذا أسلم المولى المعتق قبل أن يسلم الذي أعتقه" هذه فرغنا منها، نعم؛ لأن الأب محجوب حجب حرمان؛ لأنه يختلف معه في الدين، والولد موافق للعبد في الدين فيرث منه "وإن كان المعتق حي أعتق مسلماً لم يكن لولد النصراني أو اليهودي المسلمين من ولاء العبد المسلم؛ لأنه ليس لليهودي ولا للنصراني ولاء".
طالب: بسبب إرث الابن المسلم سبب إرثه سبب الأب. . . . . . . . .
إذا أسلم المولى المعتق قبل أن يسلم الذي أعتقه فوجد الاختلاف، وفي الصورة الثانية: وإن كان المعتق حين أعتق مسلماً لم يكن لولد النصراني أو اليهودي المسلمين من ولاء العبد المسلم شيء؛ لأنه ليس لليهودي ولا للنصراني ولاء، فولاء العبد المسلم لجماعة المسلمين.
طالب:. . . . . . . . .
المعتق سبق إسلامه، طيب في الصورة الأولى أو الثانية؟
طالب: الثانية الآن.
طيب.
طالب: سبب إرث الابن هو الأب، الأب الكافر، ما ورثنا الأب الكافر لاختلاف الدين فورثنا الابن.
في الصورة الأولى؟
طالب: في الثانية، في الأولى.
في الأولى، ورثنا الابن لأن الأب محجوب لاختلاف الدين.(146/35)
طالب: أما الثانية أصلاً الأب لا يأخذ الولاء لأنه كافر، فما يؤخذ ابنه من باب أولى.
نعم، واضح؟ لأن الكافر ليس له ولاء على المسلم؛ لأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، فلا يستحقه ولده من بعده ولو كان مسلماً، نقف على هذا الكتاب (باب المكاتب) والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(146/36)
شرح: الموطأ - كتاب المكاتب (1)
باب القضاء في المكاتب
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يقول: سمعتكم لا تحبون صيام يوم الجمعة، لذا عمدت إلى هذه الحيلة لتفادي الجمعة كالتالي:
أصوم من أول الأسبوع السبت، ثم أفطر الأحد، ثم أصوم الاثنين، ثم أفطر الثلاثاء، ثم أصوم الأربعاء، وإذا جاء يوم الخميس أقول: هذا يوم فاضل، وأصومه ثم أفطر الجمعة، ثم أصوم السبت وهكذا، فهل ينطبق علي أني أصوم يوماً وأفطر يوماً، وهل هذه الحيلة جائزة؛ لأن هذه الأيام ستثبت معي بدون قصد، اللهم إلا تفادياً لصيام الجمعة؟
أولاً: صيام الجمعة معروف أنه لا يجوز إفراده، فلا بد من صيام الخميس معه أو السبت؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لأم المؤمنين وقد صامت يوم الجمعة: ((أصمت بالأمس؟ )) قالت: لا، قال: ((تصومين غداً؟ )) قالت: لا، قال: ((إذن فأفطري)) فإفراد الجمعة لا يجوز بالصيام.(147/1)
ما يقتضيه صيام داود -عليه السلام- من صوم يوم وإفطار يوم لا شك أنه يقتضي بعمومه أن تفرد الجمعة، وقل مثل هذا لو صادف يوم الجمعة مثل هذه السنة يوم عرفة مثلاً يعني هل يصام بمفرده أو لا بد أن يصام معه الخميس؟ لا شك أن الدليل الخاص بالجمعة يقتضي ألا تفرد الجمعة مهما كان الداعي إلى ذلك، لكن عموم حديث تفضيل صيام داود، والعموم صيام داود -عليه السلام-، صيام يوم وفطر يوم لا شك أنه مخصوص بما شرعنا من النهي عن إفراد الجمعة، مخصوص بما جاء في شرعنا من النهي عن إفراد يوم الجمعة، وشرع من قبلنا لا شك أنه المسألة خلافية بين أهل العلم هل هو شرع لنا أو لا؟ لكن يتفقون على أنه إذا جاء شرعنا بخلافه أنه ليس بشرع لنا، شرعنا مقدم على شرع من قبلنا حتى على القول بأنه شرع لنا، فإذا كان يقتضي إفراد الجمعة بالصيام فلا، وعلى هذا لو ثبت الإنسان في أسبوع مثلاً يصوم مثلاً الأحد والاثنين، يفطر الجمعة والسبت مثلاً، أو يفطر الجمعة ويصوم السبت، وعلى كل حال هو يوم بعد يوم متتابعة، يوم فطر ويوم صيام على ما هو الظاهر من الحث على صيام داود أظن غير ممكن، مع التوفيق مع ما جاء في شرعنا، لكن يؤخذ بالممكن منه، فهذه الجمعة تستثنى، اللهم إلا إذا صام الإنسان معها الخميس، فيصوم الخميس والجمعة.(147/2)
ويأتيه أيضاً جاء أيام جاء الحث عليها، لو اقتضى صوم داود -عليه السلام- أن يصوم الأحد ويفطر الاثنين، مع أن الاثنين أفضل عندنا في شرعنا، فهل نقول: إنه يصوم الأحد والثلاثاء والخميس من أسبوع، ثم يصوم السبت والاثنين والأربعاء من أسبوع وهكذا؟ أو نقول: ينتقي من الأيام التي جاء الحث عليها في شرعنا؟ يثبت الاثنين والخميس ويشوف يوم ثالث وليكن السبت، السبت والاثنين والخميس مثلاً، على كل حال في كل خير، وإذا اعتمد ما في شرعنا مما يبلغ مجموعه نصف الدهر، لا شك أنه يحصل على مثل صيام داود -عليه السلام-، وإن اختل التنظيم والترتيب؛ لأن الظاهر من سياق صيام داود أنه يصوم يوماً ويفطر يوماً أنه هكذا بالتتابع، السبت صيام، الأحد لا، الاثنين صيام، الثلاثاء لا، نعم، الأربعاء صيام والخميس لا، فطر، الجمعة صيام وهكذا يدور مع الأيام، لكن إذا جاء شرعنا بخلافه لا شك أن يقدم ما هو في شرعنا.
وجمع من السلف التزموا صيام، صياماً معيناً كصيام داود ثم صاروا يجمعون الأيام، يصوم الأسبوع كامل، ثم يفطر أسبوع، ويصدق عليه أنه صام نصف الدهر؛ لأن مؤدى صيام داود صيام نصف الدهر، فإذا اعتنى بالاثنين والخميس والبيض وما أشبه ذلك يدرك -إن شاء الله تعالى-، على أن تبلغ العدة نصف الشهر، فعندنا الاثنين والخميس ثمانية أيام، والبيض ثلاثة إن لم يكن فيها أحد من اليومين، لا بد أن يكون فيها إما الاثنين أو الخميس، أو لا؟ إن كانت الجمعة والسبت والأحد سلم الاثنين والخميس.(147/3)
على كل حال الإنسان إذا اجتهد، ووفق بين النصوص لا شك أنه يؤجر أجر صيام داود -عليه السلام-، قد يقول قائل: النبي -عليه الصلاة والسلام- ما عرف عنه أنه كان يصوم صيام داود، وإنما عرف عنه أنه كان يسرد الصوم، فكان يصوم حتى يقال: إنه لا يفطر، وكان يفطر حتى يقال: إنه لا يصوم، فهل هذا أفضل أو صيام داود؟ نقول: لا، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: أفضل الصيام صيام داود، ولو لم يفعله -عليه الصلاة والسلام-، فعلى الإنسان أن يتحرى مثل الأيام الفاضلة التي جاء الحث عليها، ويوفق بين هذه الأيام، مع ما جاء في صيام داود مما يقتضيه النص ظاهره وباطنه أيضاً؛ لأن ظاهره فطر يوم وصيام يوم، وباطنه صيام نصف الدهر، يعني مفاده صيام نصف الدهر، فإذا حصل العدة حصل له الأجر -إن شاء الله تعالى-.
هذا يقول: ما حكم بناء المحراب في المسجد؟ وإذا وجد فما حكم صلاة الإمام فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا جاء شرعنا بخلافه، يعني الجمعة دخل في عموم صيام داود، والنهي عنه والأمر بفطره هذا شرعنا.
طالب:. . . . . . . . .
هذا شرعنا، لا.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، هذا شرعنا، شرعنا نهي عن إفراد يوم الجمعة، وإن كان يتمنى ولو صيام داود بعمومه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو قال لها، سألها ما في لا تخصيص ولا شيء، ((صمت بالأمس؟ )) قالت: لا، قال: ((تصومين غداً؟ )) قالت: لا، قال: ((افطري)) فدل على أن إفراد الجمعة بالصيام لا يجوز، لا بد أن يصام معه.
مسألة صوم يوم عرفة مثل هذه السنة أشكل كثيراً، واحد يقول: ما أنا بصائم إلا يوم عرفة، صيام فاضل، ويكفر سنتين، وأنا ما قصدت الجمعة، قصدت يوم عرفة، لا شك أن الأنظار تباينت في مثل هذا أنه لا بد أن يصوم الخميس معه، أو يفرده بناءً على أنه ما قصده، وقد أفتي بذلك.
طالب:. . . . . . . . .
والله عندي أنا لا بد يصوم الخميس، إذا فرط في الخميس هو فرط في أمر عظيم.
طالب:. . . . . . . . .
يعني الفتوى الثانية تشمله -إن شاء الله-.
طالب: لو نظرنا إلى هذا، لو أن يوم العيد وافق يوم الاثنين أو قال واحد: أنا أصوم هذا اليوم؟
لا، لا عاد العيد محرم صيامه ما يدخل في هذا.
طالب: هذا نهي، وهذا نهي.(147/4)
لا، لا فرق، فرق بين هذا وهذا، النهي متفاوت، والأوامر متفاوتة، ومعروف هذا عند أهل العلم، من الأوامر ما يقتضي الركنية، ومن الأوامر ما يقتضي السنية، وبينهما الاشتراط والوجوب.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا الأوامر مختلفة.
من يقرأ؟
اتفضل.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
كتاب المكاتب:
باب القضاء في المكاتب:
حدثني مالكٍ
مالك ٌ، مالك ٌ.
حدثني مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: "المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء".
وحدثني مالك أنه بلغه أن عروة بن الزبير وسليمان بن يسار كانا يقولان: المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء.
قال مالك: وهو رأيي.
قال مالك -رحمه الله-: فإن هلك المكاتب وترك مالاً أكثر مما بقي عليه من كتابته وله ولد ولدوا في كتابته، أو كاتب عليهم ورثوا ما بقي من المال بعد قضاء كتابته.
وحدثني مالك عن حميد بن قيس المكي أن مكاتباً كان لابن المتوكل هلك بمكة، وترك عليه بقية من كتابته وديوناً للناس، وترك ابنته، فأشكل على عامل مكة القضاء فيه، فكتب إلى عبد الملك بن مروان يسأله عن ذلك، فكتب إليه عبد الملك: أن ابدأ بديون الناس، ثم اقض ما بقي من كتابته، ثم اقسم ما بقي من ماله بين ابنته ومولاه.
قال يحيى: قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا أنه ليس على سيد العبد أن يكاتبه إذا سأله ذلك، ولم أسمع أن أحداً من الأئمة أكره رجلاً على أن يكاتب عبده، وقد سمعت بعض أهل العلم إذا سئل عن ذلك فقيل له: إن الله -تبارك وتعالى- يقول: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [(33) سورة النور] يتلو هاتين الآيتين، {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} [(2) سورة المائدة] {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ} [(10) سورة الجمعة].
قال مالك -رحمه الله-: وإنما ذلك أمر أذن الله -عز وجل- فيه للناس، وليس بواجب عليهم.(147/5)
قال مالك -رحمه الله-: وسمعت بعض أهل العلم يقول في قول الله -تبارك وتعالى-: {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [(33) سورة النور] إن ذلك أن يكاتب الرجل غلامه ثم يضع عنه من آخر كتابته شيئاً مسمى.
قال مالك -رحمه الله-: فهذا الذي سمعت من أهل العلم، وأدركت عمل الناس على ذلك عندنا.
قال مالك -رحمه الله-: وقد بلغني أن عبد الله بن عمر كاتب غلاماً له على خمسة وثلاثين ألف درهم، ثم وضع عنه من آخر كتابته خمسة آلاف درهم.
قال مالك: الأمر عندنا أن المكاتب إذا كاتبه سيده تبعه ماله، ولم يتبعه ولده إلا أن يشترطهم في كتابته.
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول في المكاتب يكاتبه سيده وله جارية بها حبل منه لم يعلم به هو ولا سيده يوم كتابته، فإنه لا يتبعه ذلك الولد؛ لأنه لم يكن دخل في كتابته وهو لسيده، فأما الجارية فإنها للمكاتب؛ لأنها من ماله.
قال مالك في رجل ورث مكاتباً من امرأته هو وابنها: إن المكاتب إن مات قبل أن يقضي كتابته اقتسما ميراثه على كتاب الله، وإن أدى كتابته ثم مات فميراثه لابن المرأة، وليس للزوج من ميراثه شيء.
قال مالك في المكاتب يكاتب عبده قال: ينظر في ذلك، فإن كان إنما أراد المحاباة لعبده وعرف ذلك منه بالتخفيف عنه فلا يجوز ذلك، وإن كان إنما كاتبه على وجه الرغبة، وطلب المال، وابتغاء الفضل والعون على كتابته فذلك جائز له.
قال مالك في رجل وطئ مكاتبة له: إنها إن حملت فهي بالخيار، إن شاءت كانت أم ولد، وإن شاءت قرت على كتابتها، فإن لم تحمل فهي على كتابتها.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا في العبد يكون بين الرجلين إن أحدهما لا يكاتب نصيبه منه، أذن له بذلك صاحبه أو لم يأذن، إلا أن يكاتباه جميعاً؛ لأن ذلك يعقد له عتقاً، ويصير إذا أدى العبد ما كوتب عليه إلى أن يعتق نصفه، ولا يكون على الذي كاتب بعضه أن يستتم عتقه، فذلك خلاف لما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أعتق شركاً له في عبد قوم عليه قيمة العدل)).(147/6)
قال مالك -رحمه الله-: فإن جهل ذلك حتى يؤدي المكاتب، أو قبل أن يؤدي رد إليه الذي كاتبه ما قبض من المكاتب، فاقتسمه هو وشريكه على قدر حصصهما، وبطلت كتابته وكان عبداً لهما على حاله الأولى.
قال مالك -رحمه الله- في مكاتب بين رجلين فأنظره أحدهما بحقه الذي عليه، وأبى الآخر أن ينظره فاقتضى الذي أبى أن ينظره بعض حقه، ثم مات المكاتب وترك مالاً ليس فيه وفاء من كتابته، قال مالك -رحمه الله-: يتحاصان بقدر ما بقي لهما عليه، يأخذ كل واحد منهما بقدر حصته، فإن ترك المكاتب فضلاً عن كتابته أخذ كل واحد منهما ما بقي من الكتابة، وكان ما بقي بينهما بالسواء، فإن عجز المكاتب، وقد اقتضى الذي لم ينظره أكثر مما اقتضى صاحبه كان العبد بينهما نصفين، ولا يرد على صاحبه فضل ما اقتضى؛ لأنه إنما اقتضى الذي له بإذن صاحبه، وإن وضع عنه أحدهما الذي له ثم اقتضى صاحبه بعض الذي له عليه، ثم عجز فهو بينهما، ولا يرد الذي اقتضى على صاحبه شيئاً؛ لأنه إنما اقتضى الذي له عليه، وذلك بمنزلة الدين للرجلين بكتاب واحد على رجل واحد، فينظره أحدهما ويشح الآخر، فيقتضي بعض حقه، ثم يفلس الغريم، فليس على الذي اقتضى أن يرد شيئاً مما أخذ.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب المكاتب:
الكتاب مر التعريف به مراراً، وأنه مصدر كتب يكتب كتابة وكتاباً وكتباً، والمكاتب هذه الصيغة التي هي المفاعلة، المكاتَب اسم مفعول من المكاتبة، والمكاتِب اسم فاعل منها، والمكاتبة تقتضي أكثر من طرف، طرفين فأكثر، فتقتضي اسم فاعل مكاتِب، واسم مفعول مكاتَب، كما هنا، فالسيد مكاتِب، والعبد مكاتَب.(147/7)
ولو قيل: كتاب الكتابة يختلف وإلا ما يختلف؟ يعني في المكاتبة في علوم الحديث التي هي قسم من أقسام التحمل، الكتابة والمكاتبة، المكاتبة تقتضي طرفين، الراوي يكتب إلى الشيخ أن يكتب له بأحاديث، ثم الشيخ يكتب له بما طلب، فتكون مفاعلة من الطرفين، ولو كتب الشيخ ابتداءً إلى الطالب من غير طلب منه صارت كتابة ما صارت مكاتبة، وهنا يرد المقصود هنا هل يرد من طرف واحد؟ هل يملك العبد أن يكاتب دون إذن سيده؟ وهل يملك السيد الكتابة دون إذن العبد؟ أو لا بد من اتفاق الطرفين؟ لا بد من اتفاق الطرفين، إذاً هي مكاتبة وليست كتابة؛ لأنه إن قلنا: كتابة جازت من طرف واحد، وهنا لا تجوز، فإذا صح في باب التحمل الكتابة؛ لأنها تجوز من طرف واحد، يكتب الشيخ إلى الطالب أحاديث يرويها عنه هذه كتابة، وإذا بدأه الطالب بأن يكتب له أحاديث يرويها عنه، ثم كتب له الشيخ هذه صارت مكاتبة، وهنا لا بد، في بابنا هذا لا بد من اتفاق الطرفين فهي مكاتبة بين اثنين، أحدهما مكاتِب وهو السيد، والثاني مكاتَب وهو العبد.
واشتقاقها من الكتابة، اشتقاقها من الكتب والكتابة؛ لأن هذه الاتفاقية بين السيد وعبده تكتب وتدون كسائر العقود، فباعتبارها تكتب فهي كتابة، لكن لماذا لا يقال في سائر العقود: كتابة التي تكتب؟ عقد النكاح كتابة؟ عقد البيع كتابة؟ عقد الإجارة كتابة؟ لأنها تكتب، أو نقول: إن الكتب هنا بمعنى الوجوب {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [(183) سورة البقرة] يعني وجب عليكم، فالعقد ملزم للطرفين؛ لأنه موجب، يمكن أن يقال هذا؟
السؤال الآن هل يمكن أن يقال: إنه من باب الإيجاب؟ نعم؟(147/8)
سيأتي كلام الإمام -رحمه الله تعالى-، والتنظير بالأوامر التي تدل على الإباحة {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [(33) سورة النور] هذا فيه استثناء، نعم، فدل على أن الكتابة ليست واجبة مطلقاً، وأيضاً: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا} [(10) سورة الجمعة] {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا} [(53) سورة الأحزاب] {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} [(2) سورة المائدة] كل هذه الأوامر لا تدل على الوجوب، فكذلك قوله -جل وعلا-: {فَكَاتِبُوهُمْ} [(33) سورة النور] إذاً عقد الكتابة ليس بواجب، هذا من جهة، الأمر الثاني: هو ليس بملزم، لماذا؟ لأن العبد له أن يعجز نفسه في أي لحظة، ثم يعود رق، كما في الخبر الأول "المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء".
يقول:
باب القضاء في المكاتَب:
يعني حكمه، حكم المكاتب، حكمه، يقول: "حدثني مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: "المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء" مقتضى عقد الكتابة والمكاتبة أنها شراء العبد نفسه من سيده، ومعلوم أن بيع الحر محرم، ومجمع عليه، وجاء في الحديث: ((ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة)) وفيه: ((رجل باع حراً فأكل ثمنه)) هذا بالنسبة لبيع الحر، فماذا عن بيع أبعاضه وأجزائه؟ إذا كان لا يجوز بيعه بالكلية هل يجوز بيع أبعاضه؟ يجوز بيع عينه؟ يجوز بيع إذنه؟ يجوز بيع قلبه؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا الأصل؛ لأنه لا يملك نفسه، ولا يملكه أحد، لا يملك نفسه، ولا يملكه أحد يمكن أن يبيعه.
ومسألة نقل الأعضاء، وما أفتي به من قبل بعض المجامع وبعض أهل العلم لا شك أنها داخلة في هذا النطاق؛ لأن الإنسان لا يملك نفسه، فلا يجوز له أن يبيع نفسه من أحد، يكون رقيقاً له، عبداً له، كما أنه لا يجوز له أن يبيع شيئاً من أبعاضه، ولا يجوز لأحد أن يتصرف فيه فيبيع منه شيء.(147/9)
شيخ الإسلام -رحمه الله- ذكر في مجموع الفتاوى: أنه لو أن حربياً بدون حرب، بدون جهاد، باع ولده لمسلم، باعه بيع، حربي باع ولده لمسلم، هذا ولدي بدون قتال وبدون شيء، هات مبلغ من المال وخذه، له أن يسترقه؟ له أن يشتريه أو لا؟ كلام شيخ الإسلام يدل على أن له ذلك، لكن هل هذا الولد حر وإلا عبد قبل الاسترقاق؟ قبل الجهاد وقبل الاسترقاق حر، فهل يدخل في تحريم بيع الحر؟ ((ورجلاً باع حراً فأكل ثمنه)) وإذا حرم على أبيه أن يبيعه وهو لا يتدين بدين، وخالف هذا الأمر، أو خالف هذا التحريم وباعه، هل يجوز التعامل معه على هذا العقد المحرم؟ هو مخاطب بفروع الشريعة، وهذا فرع من فروعها، إذاً محرم عليه أن يبيع ولده؛ لأنه باع حراً فأكل ثمنه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا يبيعه بيع، كل الرقيق بيع منفعة، نعم، حتى لو باع حر ويش بيسوي؟ بيأكله؟
طالب: لا بس يا شيخ يملك له منافع عمله. . . . . . . . .
مثل الحر، يملك وإلا ما يملك؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، المسألة مسألة .. ؛ لأن هذه المسألة يعتريها أمران، يعتريها أنه حر في الأصل فأبوه ممنوع من بيعه، ويعتريه أيضاً أنه بصدد أن يقاتل يؤسر ويسترق، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم باعتبار أنه ما دام يمكن أن يملك بالحرب، فلا مانع من أن يملك بغير حرب، افترض أنه صار صلح، صار حرب بين المسلمين، أو استعداد لحرب، ثم تصالحوا على أن يعطوهم أولادهم ونساءهم وذراريهم سبي من دون قتال، اصطلحوا على هذا، شيخ الإسلام -رحمه الله- نظر إلى أنه بيعه وشراؤه متصور بسبب الجهاد؛ لأن الرق عجز حكمي سببه الكفر، والكفر موجود، مو هذا بتعريف الرق عند أهل العلم؟ الكفر موجود، وهذا حربي بصدد أن يقاتل ويسبى ويكون رقيقاً، هذه وجهة نظر شيخ الإسلام -رحمه الله-، وأن له أن يشتريه منه بغير حرب، لو تقاتل الكفار مع الكفار، وسبى بعضهم بعضاً، وباعوا للمسلمين، نعم؟
طالب: لا يمكن أن ....
لكن لو قال: هذا رقيق لي هل تسأله عن سبب ملكه؟
طالب: لا، أسأله هل هو سبي من سبايا الجهاد؟(147/10)
يعني لو جلب الكفار أرقاء عندنا، وباعوا، وكانوا يجلبون ويشترون ويباعون، نعم، نمتنع من الشراء؟ يعني الرسول -عليه الصلاة والسلام- ما أقر من كان بيده رقيق في الجاهلية وما سأله؟
طالب: ما في مانع.
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لأنهم أجريت عقودهم قبل الإسلام، ما سئلوا عن شيء، وهم كفار كلهم، نعم، هم كفار، كيف وصل إليه هذا الرقيق؟
طالب:. . . . . . . . .
مسألة التخليص غير مسألة البيع والشراء، التخليص غير، يعني لو أسر من المسلمين شخص وجب على المسلمين فكه، وجب على المسلمين أن يفكوه، وهذا هو العاني، هو الأسير.
على كل حال كلام شيخ الإسلام باعتبار أنه بصدد أن يحارب ويسترق، فالنتيجة ليست بلازمة في مثل هذه الصورة، والوسيلة ليست بلازمة، والنتيجة ما فيها إشكال عنده.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيه؟
طالب: بيع للمسلمين ...
من قبل كفار، إذا حصل بينهم ما حصل .. ، افترض أنه بسرقات ما هو بجهاد بينهم، بين الكفار، سرق بعضهم من بعض، واستولوا عليهم، وصاروا أرقاء لهم، كثير من الرق المدعى بين الكفار هذه طريقته، هذه وسيلته، عصابات تسرق ويبيعون، لكن هل نقول: إن البيع والشراء في مثل هذه الصورة تعاون مع أولئك الذين يعتدون على الأحرار؟ نعم؟
طالب: إذا كان مسروق. . . . . . . . .
ما يدري عن شيء، مثل حربهم مع بعض، ما يدري عنهم.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال هذا كلام شيخ الإسلام مطول ومفصل، وفيه كلام أوضح من هذا بعد، وقد يكون أغرب من هذا.
"المكاتب عبد ما بقي من كتابته شيء" وسيأتي في كلام المؤلف -رحمه الله- أنه إذا وطئ الجارية بعد الكتابة ما الحكم؟ إذا وطأ الجارية بعد الكتابة فإن حبلت لها حكم، وإن لم تحبل لها حكم، هل يجوز له أن يطأها في وقت الكتابة؟
طالب: هي لا تزال رقيقة.
كيف؟
طالب: لا تزال رقيقة.(147/11)
هل نقول: إنها في وقت الكتابة في حكم المعتدة فهي زوجة؟ حكم المعتدة الرجعية باعتبار أن لها أن تعود، وهي رقيقة ما بقي عليها درهم، أو نقول: إنها اشترت، ومقتضى الشراء ترتب الأحكام عليه؟ يعني لو أنت اشتريت سيارة أقساط، وبقي مفتاح معك، ومفتاح مع صاحب السيارة الأول؛ ليضمنها، ثم جاء وشغلها ومشى، يملك وإلا ما يملك؟ ما يملك، فهل وضع الجارية المكاتبة وضع السلعة المباعة أو وضع المرأة الزوجة الرجعية؟ لأن لها أن ترجع، خلاص تعجز نفسها وتنتهي؛ لأنه يقول: المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء، وهذا من كلام ابن عمر، مالك عن نافع عن ابن عمر بأصح الأسانيد، ويروى مرفوعاً من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وما يروى بهذه السلسلة أقل أحواله أنه حسن.
المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء، هذا بالنسبة للعبد له أن يعجز نفسه، يقول: عجزت، لكن هل للسيد أن يقول: رجعت في الكتابة، ويكون ما أداه له؟ كأنه عمل في التجارة وهو في حكم السيد، يعني ما كاتبه، قال له: ابحث عن شغل، وأعطنا اللي تكسب، يملك وإلا ما يملك؟ شخص عنده عبد قال: ادخل الأسواق واشتغل، وهات اللي تكسب، يملك وإلا ما يملك؟ يملك، فهل له أن يرجع في كتابته؟ وبمعنىً آخر، أو بأسلوب آخر هل نقول: الكتابة عقد لازم أو جائز؟ من طرف واحد أو من الطرفين؟ يعني هل هي ملزمة للسيد غير ملزمة للعبد؟ أو ملزمة للطرفين؟ أو غير ملزمة للطرفين؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني قوله: " المكاتب عبد ما بقي من كتابته شيء" يعني عبد من جهته هو، أو من جهة السيد أيضاً؟ ما زال عبد ما دام ما كمل، وما يؤديه من نجوم الكتابة كأنه قال له: اكتسب وهات، يعني مقتضى قوله: المكاتب عبد؛ أنه غير ملزم من الطرفين، غير ملزم للطرفين.(147/12)
قال: "وحدثني مالك أنه بلغه أن عروة بن الزبير وسليمان بن يسار كانا يقولان: المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء" يعني عندنا كلام ابن عمر، وهو يروى مرفوع، فهل نحن بحاجة إلى قول عروة وسليمان بن يسار وهم من الفقهاء؟ ثم "قال مالك: وهو رأيي" ليبين أن العمل على مر العصور، يعني من عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم في عهد الصحابة، ثم في عهد التابعين إلى عصر مالك هذا الحكم جاري، هو أن المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء.
"قال مالك: فإن هلك المكاتب، وترك مالاً مما بقي عليه من كتابته" هلك المكاتب قبل فراغ نجوم الكتابة، كوتب على عشرة آلاف كل شهر ألف، بعد ستة أشهر مات "فإن هلك المكاتب وترك مالاً أكثر مما بقي عليه من كتابته" بقي عليه من كتابته أربعة آلاف، وعنده عشرة آلاف "وترك مالاً أكثر مما بقي عليه، وله ولد ولدوا في الكتابة -خلال الستة الأشهر- أو كاتب عليهم" يعني ولدوا قبل الكتابة، ورثوا ما بقي من المال بعد قضاء كتابته، يعني يعطى السيد ما بقي من النجوم، وتحل النجوم بوفاته، النجوم تحل، وخلاص الذمة صارت غير قابلة، فيعطى الأربعة، ويبقى لولده ما بقي من مال أبيهم يقتسمونه، يقتسمونه مع سيده بالولاء، الولاء متى يرث؟ نعم إذا لم يكن عاصب، صار له بنت أخذت النصف والباقي للسيد، وإن كان بنت وولد ما للسيد شيء.
"قال: وحدثني مالك عن حميد بن قيس المكي أن مكاتباً كان لابن المتوكل هلك بمكة، وترك عليه بقية من كتابته وديوناً للناس" يعني عليه، ديوناً للناس يعني عليه، بقي أربعة آلاف في الصورة السابقة من دين الكتابة، وديوناً للناس أيضاً تبلغ خمسة آلاف أو ستة آلاف مثلاً "وترك ابنته، فأشكل على عامل مكة القضاء فيه، فكتب إلى عبد الملك بن مروان" وهو من أهل العلم "يسأله عن ذلك، فكتب إليه عبد الملك: أن ابدأ بديون الناس، ثم اقض ما بقي من كتابته" لماذا قدمت الديون على ما بقي من الكتابة؟
طالب: من لازمه.
أيو من لازمه؟
طالب:. . . . . . . . .(147/13)
وهذا دين، وهذا دين يمكن الرجوع فيه، يعني عقد الكتابة أقل من عقد البيع، نعم عقد الكتابة أقل من عقد البيع، ولذلك قال: "ابدأ بديون الناس، ثم اقض ما بقي من كتابته، ثم اقسم ما بقي من ماله بين ابنته ومولاه" يعني عليه ديون، عليه أربعة آلاف نجوم كتابة، وعليه عشرة آلاف للناس، وعنده عشرين ألف، يبدأ بديون الناس، وما فائدة البداءة بديون الناس وعنده من المال أكثر، عنده مما يفي بدين الكتابة وغيرها "ابدأ بديون الناس" هذا لبيان أهمية الديون الناتجة عن البيع والشراء، ثم بعد ذلك يليها الديون –النجوم- التي بسبب الكتابة "ثم اقسم ما بقي من ماله بين ابنته ومولاه" البنت تأخذ النصف، والمولى النصف الثاني.
"قال مالك: الأمر عندنا أنه ليس على سيد العبد أن يكاتبه إذا سأله ذلك" يعني لا يجب على السيد أن يكاتب مولاه إذا طلب الكتابة.(147/14)
قال: "ولم أسمع أن أحداً من الأئمة أكره رجلاً على أن يكاتب عبده" لكن لو افترضنا أن عبداً عند شخص، عبد متميز فيه الذكاء، فيه الحفظ، فيه الفهم، ويتوقع أن يكون من علماء الأمة، وهو عند شخص مشغله بمهنة حرفية، ورأى مثلاً أحد من المسلمين، أو ولي الأمر، أو ما أشبه ذلك، أن مثل هذا لا يسوغ به أن يُشغل في مثل هذه الأشغال، بل يفرغ لطلب العلم والعلم والتعليم وما أشبه ذلك، وكم من مولى بز سيده، ومن هو أشرف من سيده، كثير من الرواة، يعني لو استعرضت التقريب، وجدت نسبة كبيرة جداً، يمكن تكون أكثر من النصف، فلان بن فلان بن فلان مولاهم، والبخاري مولاهم، وقصة من؟ الرشيد وإلا؟ اللي قال: من يحكم البصرة؟ من يسود أهل البصرة؟ من يسود أهل بغداد؟ من يسود أهل مصر؟ من يسود كذا وكذا؟ إلى أن عدد البلدان كلهم، أمن العرب أم من الموالي؟ قال: من الموالي، إلى أن جاء الأخير، قال: من العرب، قال: الآن فرجت عني، لكن ويش يفرج عنه إذا ما عدد عشرة أو أكثر ثم جاء بواحد من العرب من أنفسهم؟! هذا يدل على أن شرف العلم لا ينال بالنسب، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه، فعلى طالب العلم أن يهتم لهذا، ولهذا لا يعتمد على أن والده شريف أو وضيع، أو عالم، أو جاهل، لا، يهتم بنفسه هو، الفتى من يقول: ها أنا ذا، وإلا كثير من يقول: كان أبي، كان أبي، ثم النتيجة؟ لا شيء.
يقول: "ولم أسمع أن أحداً من الأئمة أكره رجلاً على أن يكاتب عبده" لكن هل له أن يلزم هذا السيد أن يكاتب عبده ليعتقه ويفرغه للعلم والتعليم؟ نعم له أن يغريه بمبالغ تجعله يتنازل عنه، وأما الإكراه فلا، ولذا قال: "ولم أسمع أن أحداً من الأئمة أكره رجلاً على أن يكاتب عبده".
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك.
ثم قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:(147/15)
"وقد سمعت بعض أهل العلم إذا سئل عن ذلك" يعني قيل له: هل يجب على السيد أن يكاتب عبده إذا طلب الكتابة استجابة لقوله -جل وعلا-: {فَكَاتِبُوهُمْ} [(33) سورة النور]؟ " قال: وقد سمعت بعض أهل العلم إذا سئل عن ذلك، فقيل له: إن الله -تبارك وتعالى- يقول: {فَكَاتِبُوهُمْ} [(33) سورة النور] " وهذا أمر {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [(33) سورة النور] فإذا علم الخير من هذا العبد هل تلزم مكاتبته؟ "يتلو هاتين الآيتين {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} [(2) سورة المائدة] " يعني هل يقول أحد بوجوب الاصطياد؟ {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا} [(10) سورة الجمعة] صلينا الجمعة، هل يلزمنا أن نذهب إلى الأسواق نبيع ونشتري؟ وإنما هو أمر بعد حظر، والأمر بعد الحظر عند أهل العلم، عند جمع من منهم يقتضي الإباحة، وعند آخرين أن الأمر يعود إلى ما كان عليه قبل الحظر، {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا} [(53) سورة الأحزاب] ابن حزم يوجب الانتشار بعد الطعام، يقول: لا تجلس إذا طعمت خلاص امش، لكن هل يوجب إذا قضيت الصلاة فانتشروا، اذهبوا إلى الأسواق بيعوا واشتروا {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ} [(2) سورة المائدة] كل واحد يأخذ بندقيته ويصيد بعد الحل؟ ما يوجب هذا.
{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ} [(10) سورة الجمعة] ليستدل بذلك على أن من الأوامر الشرعية ما لا يقتضي الوجوب.
"قال مالك: وإنما ذلك أمر أذن الله -عز وجل- فيه للناس" أذن، يعني أباح، وليس بواجب عليهم.
"قال مالك: وسمعت بعض أهل العلم يقول في قول الله -تبارك وتعالى-: {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [(33) سورة النور]: إن ذلك أن يكاتب الرجل غلامه ثم يضع عنه من آخر كتابته شيئاً مسمى" يعني على عشرة نجوم، يخفف عنه العاشر، الأخير يتركه "ثم يضع عنه من آخر كتابته شيئاً مسمى" يتفق عليه من أول الأمر أو في آخره؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(147/16)
نعم؛ لأنه لو كان من أول الأمر صار على تسعة نجوم، ما صار على عشرة، من باع سلعة أقساط هل يؤمر بأن يسمح ويعفو عن القسط الأخير أو لا يؤمر؟ نعم إن كان من باب الإحسان فالندب حاصل، أما بالنسبة للإلزام فلا.
طالب: مسألة. . . . . . . . . أصل الوجوب ....
ما فيه إلا أنه مقرون بالآيات الأخرى التي تدل على أن الأوامر قد تأتي للإباحة، وهو ملكه كغيره من السلع، ولا يؤمر أن يخرج أي سلعة من يده إلا بطوعه واختياره، إنما البيع عن تراض، وقلنا: إن المكاتبة شراء العبد نفسه.
طالب:. . . . . . . . .
هذا الأصل أيوه.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال أهل العلم قد يفتي بالنظير ما يفتي بالمطابق.
"قال مالك: فهذا الذي سمعت من أهل العلم، وأدركت عمل الناس على ذلك عندنا".
قال مالك: "وقد بلغني أن عبد الله بن عمر كاتب غلاماً له على خمسة وثلاثين ألف درهم، ثم وضع عنه من آخر كتابته خمسة آلاف درهم" ولا شك أن هذا على سبيل الوجوب وإلا الاستحباب؟
طالب: الاستحباب.
الاستحباب.
"قال مالك: الأمر عندنا أن المكاتب إذا كاتبه سيده تبعه ماله" لكن إن وعده وقال: إن سددت النجوم في وقتها حسمت لك حسم يرضيك، وإن تأخرت في بعض النجوم ما حصل لك شيء، فهل هذا الوعد ملزم؟ بأن سدد له على رأس كل شهر نجم ثم في النهاية قال: والله هذا بيع وشراء، ولن أفي بوعدي، يعني مثلما يقال في الشركات وغيرها، تعطي مغريات، ثم إذا جاء النتيجة،. . . . . . . . . ما هنا شيء، لو قال له: أبداً على كل رأس شهر تسدد على المواعيد، وأرضيك في النهاية، هل هذا ملزم أو غير ملزم؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا نفسه، هذا مثلما قلنا، لكن هل يلزم أو لا يلزم؟ هل نقول: إنه عقد وإلا وعد؟ هل هو عقد وإلا مجرد وعد؟ وإذا كان وعد هل يلزم الوفاء به أو لا يلزم؟ وإذا أخلفه هل يكون من خصال المنافقين وإلا لا؟ إذا كان من البداية، أراد أن يحثه على التسديد ولا نوى ينزل عنه شيء، هذا فعل المنافقين، إذا وعد أخلف، وإذا وعده ثم اعتراه ما اعتراه مما يقتضي الإخلاف يقول أهل العلم: لا يدخل فيه إذا وعد أخلف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(147/17)
إيه لكن هل هذا على سبيل الوجوب أو الاستحباب؟ هو يريد أن يحثه على أن يدفع له ماله، ولا يكون إلا خير، يعني بعض الناس يكون له دين على شخص، ثم يقول له: أنت دبر لي الدين الأول، عنده مائة ألف، أنت دبر لي الدين الأول، خليني أنتهي منه، وأعدك أني أدينك أكثر، ثم يروح يتحايل ويتدين مائة ألف على أساس أنه يسدده من المائتين اللي بيأخذها منه، ويقول: والله ما عندي لك شيء، الحمد لله الذي طلع اللي عندك، بإمكانه إذا رأى عليه علامات التلاعب والمطل، يمكن أن يقول له مثل هذا الأمر، والتجار لهم أساليبهم في استخراج حقوقهم، وأيضاً الطرف الثاني لهم طرقهم وحيلهم في المطل بالحقوق، والله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .
إيه ما يجوز يزيدون، ما يجوز، الكلام على ما اتفق عليه، إذا وعده إذا سدد شيء، لكن إن قال له: إن تأخرت زدت عليك صار هذا الربا.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن إن كانت البضاعة في قرارة نفس البائع، أنها بخمسة عشر، وزاد ها الأربعة من أجل التأخير فهذا ربا الجاهلية.
طالب: ومع ذلك يخالف ....
على كل حال الله المستعان، أقول: عقود اليوم وتعاملات اليوم فيها شيء من الخلل.
"قال مالك: الأمر عندنا أن المكاتب إذا كاتبه سيده تبعه ماله ولم يتبعه ولده" له مال، هذا إذا قلنا: إنه يملك على رأي الإمام مالك، وإذا قلنا: لا يملك إنما ماله ثوبه الذي على بدنه وفراشه وما أشبه ذلك، يعني ما يتبعه عادة، ما يتبعه في العادة، لو قلنا: إنه رقيق وطالب علم وله كتب، ويحضر بها الدروس، ويعلق عند المشايخ، ثم كاتبه سيده، يقول السيد: لا، الكتب لي؟ نعم؟ يقول: الكتب لي؟ يقول: لا، هذه لي، اقتنيتها، وأنا تسببت فيها، أو طلبتها من الجهات اللي توزع، وحضرت بها الدروس وعلقت عليها ما هي لك، وتنازعوا عند هذا، ماذا نقول؟
طالب:. . . . . . . . .(147/18)
إيه لكن هل يملك؟ راح وسأل الناس، وأعطوه كتب، استعان بها على طلب العلم، وحضر الدروس، وعلق عليها، وقال: هذه كتبي، وقال السيد: لا، أنت ومالك كلكم لي، فإذا بعتك أنت الكتب لي تصير، هذا إذا كانت الكتب لا تملك بأن كانت أوقاف مثلاً، فلا حظ فيها للسيد بوجه من الوجوه، وإن كانت مما يملك فينظر على رأي الجمهور لا يملك إذاً هي لسيده, وعلى قول مالك هي تبعه.
يقول: "تبعه ماله ولم يتبعه ولده، إلا أن يشترطهم في كتابته" يعني يدخلهم في الكتابة، أدخلهم في الكتابة نعم يتبعونه، وإلا فالأصل أنهم لسيده، أرقاء مثله.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول في المكاتب يكاتبه سيده وله جارية بها حبل منه لم يعلم به هو ولا سيده" يعني قبل ظهور نتيجة التحليل، ما يدري أحد، يعني في اليوم الأول أو الثاني أو الثالث، يعني حتى لو حلله ما بان شيء، ولا علموا به لا هو ولا سيده يوم كتابته، لم يعلم به فيشترطه، ولم يعلم به سيده فيستثنيه "فإنه لا يتبعه ذلك الولد؛ لأنه لم يكن دخل في كتابته وهو لسيده" لأنه وقت إجراء الكتابة موجود، ولا شك أن الحمل موجود؛ لأنه حصل من وطء قبل عقد الكتابة، ولو لم يبن في التحليل "وهو لسيده، فأما الجارية فإنها للمكاتب؛ لأنها من ماله" كيف صارت من ماله؟ كل هذا على رأي الإمام مالك أنه يملك، واشتغل وعمل واشترى هذه الجارية "فإنها للمكاتب؛ لأنها من ماله" لكن لو كانت مما اشتراه السيد وزوجه إياها، لا شك أن عقد الكتابة لا يتناولها.
"قال مالك في رجل ورث مكاتباً من امرأته هو وابنها: إن المكاتب إن مات قبل أن يقضي كتابته اقتسما ميراثه على كتاب الله، وإن أدى كتابته ثم مات فميراثه لابن المرأة، وليس للزوج من ميراثه شيء" لأنه أجنبي عنه "ورث مكاتباً من امرأته هو وابنها" لأن الابن كيف يرث هذا المكاتب؟ الزوج بعيد، ما يرث، يعني هل زوج المرأة يرث المكاتب هذا بالولاء؟ لا يرث، الابن؟ يرث "فميراثه لابن المرأة، وليس للزوج من ميراثه شيء"، "قال مالك في المكاتَب يكاتب عبده" إذاً المكاتِب، المكاتِب ما هي بالمكاتَب إيش عندكم؟
طالب: مكاتَب.(147/19)
مكاتَب كذا عندنا بالفتح، لكن كيف مكاتَب يكاتب عبده؟ يعني هل المكاتَب عمل حتى اشترى عبداً، يعني هو نجومه ألف، صار يكتسب ألفين، اشترى بالنصيب الزائد عبد، يعني يتصور هذا، لكن تشوف النتيجة، "قال مالك في المكاتب يكاتب عبده، قال: ينظر في ذلك، فإن كان إنما أراد المحاباة لعبده، وعرف ذلك منه بالتخفيف عنه فلا يجوز ذلك" يعني هذا المكاتب العبد الذي كوتب من قبل سيده، اشترى عبداً فكاتبه، إن كانت مكاتبته له بثمن بخس بحيث يفوته على سيده إذا أعجز نفسه مثلاً، يقول: "فإن كان إنما أراد المحاباة لعبده، وعرف ذلك منه بالتخفيف عنه فلا يجوز ذلك" لأن هذا فرار من حق السيد "وإن كان إنما كاتبه على وجه الرغبة وطلب المال وابتغاء الفضل والعون على كتابته فذلك جائز له" المكاتَب اشترى عبد ثم كاتبه ينظر في قصده، والقرائن تدل على أنه إنما قصد من مكاتبته له تفويته على السيد، إذا كان بثمن بخس فالمقصود التفويت على السيد، وإن كان بثمنه بسعره بقيمته صحت كتابته كسائر تصرفاته.
طالب: إذا كان برضا السيد.
كيف؟
طالب: إذا كان برضا السيد الكتابة، ما له حق بعدين المطالبة ...
إذا كان إيش؟
طالب: إذا كان برضا السيد.
إذا رضي السيد الأمر لا يعدوه، لكن لو قال مثلاً: أنت والله الآن أعجزت نفسك، ها العبد اللي أنت بعت بألف وهو يسوى عشرة آلاف، هذا ما قصدك إلا تفوته علي.
"وإن كان إنما كاتبه على وجه الرغبة وطلب المال وابتغاء الفضل والعون على كتابته فذلك جائز له".
"قال مالك في رجل وطئ مكاتبة له: إنها إن حملت فهي بالخيار، إن شاءت كانت أم ولد، وإن شاءت قرت على كتابتها، فإن لم تحمل فهي على كتابتها" هذا يدل على أن له أن يطأ أو ليس له أن يطأ؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش النسخة اللي معك؟
طالب:. . . . . . . . .(147/20)
إيه نقول: هل يلزم من أن يكون الوطء مباح أو غير مباح؟ هل يلزم من السياق أن يكون الوطء مباح؟ "في رجل وطئ مكاتبة له: إنها إن حملت فهي بالخيار، إن شاءت كانت أم ولد، وإن شاءت قرت على كتابتها، فإن لم تحمل فهي على كتابتها" على كل حال بالنسبة للحد حتى لو قيل بتحريمه شبهة بلا شك، شبهة، كمن وطئ أمة زوجته، حرام عليه أن يطأ أمة زوجته، لكنه يعزر تعزيراً بليغاً لا يصل إلى الحد.
"وإن شاءت قرت على كتابتها، فإن لم تحمل فهي على كتابتها".
"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في العبد يكون بين الرجلين إن أحدهما لا يكاتب نصيبه منه أذن له بذلك صاحبه أو لم يأذن إلا أن يكاتباه جميعاً؛ لأن ذلك يعقد له عتقاً؛ ويصير إذا أدى العبد ما كوتب عليه إلى أن يعتق نصفه، ولا يكون على الذي كاتب بعضه أن يستتم عتقه فذلك خلاف ما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أعتق شركاً له في عبد قوم عليه قيمة العدل)) " يعني لو افترض أن هذا الغلام بين رجلين، واحد كاتب وواحد رفض، نعم، لو صححنا مثل هذا نكون خالفنا ما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((من أعتق شركاً له في عبد قوم عليه قيمة العدل)) فعليه أن يحرر النصف الثاني، أو يشتريه من صاحبه فيكون العقد كله له.
"قال مالك: فإن جهل ذلك حتى يؤدي المكاتب، أو قبل أن يؤدي رد إليه الذي كاتبه" يعني جهل، جاء العبد وقال له: إن فلان كاتبني، هو ما كاتبه، هو بين اثنين زيد وعمرو، جاء العبد لزيد وقال: إن عمراً كاتبني من أجل إيش؟ أن يستدرجه فيكاتبه، وجهل هذا حقيقة الحال وكاتبه، ما الذي يحصل؟ وذاك ما كاتب، يقول: "فإن جهل ذلك حتى يؤدي المكاتب، أو قبل أن يؤدي رد إليه الذي كاتبه" لماذا؟ لأنه غره "ما قبض من المكاتب، فاقتسمه هو وشريكه على قدر حصصهما، وبطلت كتابته" هذا الذي جمع بهذه الحيلة يقسم بين السيدين، ويبطل عقد الكتابة "وكان عبداً لهما على حاله الأولى".(147/21)
"قال مالك في مكاتب بين رجلين، فأنظره أحدهما بحقه الذي عليه، وأبى الآخر أن ينظره، فاقتضى الذي أبى أن ينظره بعض حقه، ثم مات المكاتب" المكاتب بين رجلين، وكلاهما كاتبه، وعلى نجوم، لمدة سنة مثلاً، اثنا عشر نجم، واحد ملح إلا أن يحضر النجوم في وقتها، والثاني: متسامح، ينظره، يقول: اللي يجي الشهر وإلا يجي الثاني وإلا الثالث، ما الحكم؟
"قال مالك في مكاتب بين رجلين فأنظره أحدهما بحقه الذي عليه، وأبى الآخر أن ينظره، فاقتضى الذي أبى أن ينظره بعض حقه، ثم مات المكاتب" يعني لما تم ستة أشهر من عقد الكتابة أحدهما استوفى ستة أقساط، ستة نجوم، والثاني ما استوفى إلا واحد أو اثنين؛ لأنه ينظر "ثم مات المكاتب وترك مالاً ليس فيه وفاء من كتابته، قال مالك: يتحاصان بقدر ما بقي لهما عليه" يتحاصان بقدر .. ، هذا سدد له ستة وبقي له ستة، هذا سدد له اثنين وبقي له عشرة "بقدر ما بقي لهما عليه، يأخذ كل واحد منهما بقدر حصته" يعني يأخذ الذي استوفى وبقي له النصف، والثاني الذي بقي له خمسة الأسداس بالنسبة، فيأخذ هذا خمسة أسداس ما ترك، أو نجمع النصف مع خمسة الأسداس؟
طالب: نجمع.
نجمع نعم، ثم نقسم المال المتحصل عنده عليهما.
"بقدر حصته، فإن ترك المكاتب فضلاً عن كتابته أخذ كل واحد منهما ما بقي من الكتابة" هذا يأخذ النصف الباقي، وهذا يأخذ خمسة الأسداس الباقية "وكان ما بقي بينهما بالسواء" هو بقي، أخذ هذا ستة آلاف بقيت له، وهذا أخذ عشرة بقيت له، ستة عشر ألف، وبقي أربعة يقسم بينهما بالسوية على أي أساس وقد استوفيا حقهما؟ بالولاء "فإن عجز المكاتب، وقد اقتضى الذي لم ينظره أكثر مما اقتضى صاحبه كان العبد بينهما نصفين، ولا يرد على صاحبه فضل ما اقتضى" يعود رقيق؛ لأنه عجز "لأنه إنما اقتضى الذي له بإذن صاحبه" يقول: أنا ما قلت لك: انظره، أنا ما قلت لك، أنت فرطت بكيفك يفوتك.(147/22)
"وإن وضع عنه أحدهما الذي له، ثم اقتضى صاحبه بعض الذي له عليه، ثم عجز فهو بينهما" مثل الصورة السابقة "ولا يرد الذي اقتضى على صاحبه شيئاً؛ لأنه إنما اقتضى الذي له عليه" يعني على حسب ما اتفقا، ما تعدى على صاحبه "وذلك بمنزلة الدين للرجلين بكتاب واحد على رجل واحد، فينظره أحدهما، ويشح الآخر، فيقتضي بعض حقه، ثم يفلس الغريم، فليس للذي اقتضى أن يرد شيئاً مما أخذ" مائة ألف دين على زيد لعمرو وخالد، كل واحد له النصف، نعم، وهي مقسطة أقساط كل شهر ألفين، الأصل أن يكون لكل واحد منهما ألف، فإذا جاءه عمرو أعطاه الألف، وإذا جاءه الآخر صار أقل منه في الحزم رده، وقال: تأتينا غير هذا الوقت، ثم بعد ذلك في النهاية مات، وقد سدد لأحدهما أربعين ألف، وسدد للثاني عشرة مثلاً، الحازم أخذ من دينه الخمسين أربعين، والمتساهل الذي ينظر ما أخذ من الخمسين إلا عشرة، ما الحكم؟ كل واحد له ما بيده؛ لأنه ما غره "ويشح الآخر، فيقتضي بعض حقه، ثم يفلس الغريم، فليس للذي اقتضى أن يرد شيئاً مما أخذ" والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(147/23)
شرح: الموطأ - كتاب المكاتب (2)
باب الحمالة في الكتابة - باب القطاعة في الكتابة - باب جراح المكاتب
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب الحمالة في الكتابة:
قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا أن العبيد إذا كوتبوا جميعاً كتابة واحدة فإن بعضهم حملاء عن بعض، وإنه لا يوضع عنهم لموت أحدهم شيء، وإن قال أحدهم: قد عجزت، وألقى بيديه، فإن لأصحابه أن يستعملوه فيما يطيق من العمل، ويتعاونون بذلك في كتابتهم حتى يعتق بعتقهم إن عتقوا، ويرق برقهم إن رقوا.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا أن العبد إذا كاتبه سيده لم ينبغِ لسيده أن يتحمل له بكتابة عبده أحد، إن مات العبد أو عجز، وليس هذا من سنة المسلمين، وذلك أنه إن تحمل رجل لسيد المكاتب بما عليه من كتابته، ثم اتبع ذلك سيد المكاتب قبل الذي تحمل له أخذ ماله باطلاً، لا هو ابتاع المكاتب فيكون ما أخذ منه من ثمن شيء هو له، ولا المكاتب عتق فيكون في ثمن حرمة ثبتت له، فإن عجز المكاتب رجع إلى سيده، وكان عبداً مملوكاً له، وذلك أن الكتابة ليست بدين ثابت يتحمل لسيد المكاتب بها، وإنما هي شيء إن أداه المكاتب عتق، وإن مات المكاتب وعليه دين لم يحاص الغرماء سيده بكتابته، وكان الغرماء أولى بذلك من سيده، وإن عجز المكاتب وعليه دين للناس رد عبداً مملوكاً لسيده، وكانت ديون الناس في ذمة المكاتب، لا يدخلون مع سيده في شيء من ثمن رقبته.(149/1)
قال مالك -رحمه الله-: إذا كاتب القوم جميعاً كتابة واحدة، ولا رحم بينهم يتوارثون بها، فإن بعضهم حملاء عن بعض، ولا يعتق بعضهم دون بعض حتى يؤدوا الكتابة كلها، فإن مات أحد منهم وترك مالاً هو أكثر من جميع ما عليهم، أدي عنهم جميع ما عليهم، وكان فضل المال لسيده، ولم يكن لمن كاتب معه من فضل المال شيء، ويتبعهم السيد بحصصهم التي بقيت عليهم من الكتابة التي قضيت من مال الهالك؛ لأن الهالك إنما كان تحمل عنهم، فعليهم أن يؤدوا ما عتقوا به من ماله، وإن كان للمكاتب الهالك ولد حر لم يولد في الكتابة، ولم يكاتب عليه لم يرثه؛ لأن المكاتب لم يعتق حتى مات.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب الحمالة في الكتابة:
الحمالة يراد بها الضمان، الضامن والحميل والزعيم والكفيل، متقاربة، كلها ألفاظ متقاربة.
يقول مالك: "الأمر المجتمع عليه عندنا" يعني في مذهبهم، وفي بلدهم المدينة؛ لأن عمل أهل المدينة أصل عند الإمام مالك "الأمر المجتمع عليه عندنا أن العبيد إذا كوتبوا جميعاً كتابة واحدة" يعني دفعة واحدة، خمسة من العبيد كاتبهم سيدهم على أن يؤدوا إليه في كل شهر ألف، خمسين ألف، يؤدوا إليه في كل شهر ألف دفعة واحدة بعقد واحد، لم يعرف ما كتب عليه زيد ولا عبيد ولا عمرو ولا خالد ولا بكر، دفعة واحدة، كوتبوا جميعاً كتابة واحدة.
"فإن بعضهم حملاء عن بعض" يعني كما لو استدان بعضهم، جمع من الناس خمسة اشتروا سيارة، كتب عليهم العقد جميعاً، فإن كل واحد منهم يضمن ما على الآخر "فإنهم حملاء" لأنه لا يعرف نصيب كل واحد منهم، ولا قيمة كل واحد من هؤلاء الأرقاء.
"فإن بعضهم حملاء عن بعض، وإنه لا يوضع عنهم لموت أحدهم شيء" كوتبوا على خمسين ألف، ومات واحد، يذهبون إلى السيد يقولون: نزل قيمة واحد، يقول: لا، أنا ما كاتبت على واحد بعينه، أنا كاتبت الجميع بهذا المبلغ، بعضهم ضامن لبعض، فلا ينزل شيء إلا بطيب نفس منه.(149/2)
"وإنه لا يوضع عنهم لموت أحدهم شيء، وإن قال أحدهم: قد عجزت" كما لو مات شخص ممن اشتروا السيارة باسمهم جميعاً، خمسة اشتركوا في سيارة مات واحد منهم، يذهبون إلى صاحب الوكالة يقولون: نزل عنا ما بذمة فلان؟ قد يقول قائل: إن التنظير غير مطابق؛ لأن الثمن إما هو في مقابل الأشخاص في حال الكتابة، والثمن في حال البيع إنما هو في مقابل السيارة السلعة، فالتنظير غير مطابق.
على كل حال هم دخلوا في العقد على هذا الأساس، على أساس الاشتراك بينهم، اشتروا أنفسهم، فعدوا أنفسهم بمثابة السيارة، فهم المشتري وهم المبيع، فوجه الشبه بينهم وبين الذين اشتركوا في شراء سيارة أن العقد وقع معهم، هم الذين اشتروا، ووجه الاختلاف بين عقد الكتابة وعقد البيع أن البيع وقع على نفس المشتري، على عين المشتري في الكتابة وعلى غيره في حال البيع، ففيها وجه شبه باعتبار أن المشتري في الحالتين هم الخمسة الشركاء، هم شركاء في شراء أنفسهم، وهم شركاء أيضاً في الصفقة الثانية في شراء السيارة.
"وإن قال أحدهم: قد عجزت، وألقى بيديه" يعود رقيق وإلا ما يعود؟ أعجز نفسه، لو كان واحداً يعود رقيق، لكن واحد من خمسة، أربعة التزموا بالعقد، وهم متضامنون حملاء، نعم، هذا لا يعود رقيق، وإذا عجز يستعمله الأرقاء، يستعملونه يعني يؤجرونه بما لا يشق عليه، فيما يطيق من العمل، ويأخذون الأجرة ويدفعونها من ضمن ما يدفعون، سواءً كانت أقل أو أكثر.(149/3)
"وإن قال أحدهم: قد عجزت، وألقى بيديه فإن لأصحابه أن يستعملوه فيما يطيق من العمل، ويتعاونون بذلك في كتابتهم" يعني سواءً دفع أقل أو أكثر؛ لأن المال مطلوب من كل واحد منهم بعينه، مقابله أصالة، وقيمة غيره بسبب الضمان، يعني لو أن شخصاً باع سيارة على شخص آجل، نسيئة، يكون مديناً له، وإذا ضمن المال شخص آخر عليه فإن صاحب السلعة الدائن له أن يطالب الضامن، وله أن يطالب الأصيل، المدين الأصلي له أن يطالبه، وله أن يطالب الضامن؛ لأنه ضمن المال، وهكذا في الكتابة "ويتعاونون بذلك في كتابتهم، حتى يعتق بعتقهم" يعتقون جميعاً؛ لأن الصفقة حصلت جميع، فينفك العقد بانفكاك الجميع، ويرق برقهم إن رقوا، يعني إن اجتمعوا كلهم وقالوا: عجزنا نعم يرق برقهم، لكن لو أن أربعة قالوا: عجزنا، وواحد قال: أنا عندي استعداد، أنا مستعد، يلزمهم ويستعملهم كما لو استعمل الواحد، لو عجز الواحد يستعمل هؤلاء الأربعة، ويعتقون بعتقه، ويرقون برقه؟ أو نقول: إن الحكم للغالب؟ نعم هو ضامن، وهو مطالب بالمبلغ كله في حال الضمان، وإذا عجز نعم بإمكانه أن يقول: عجزت ويرقون كلهم، وإذا كان عنده استعداد أن يوفي دين الكتابة، ولو باستعمالهم بما لا يشق عليهم، فهو ضامن لهم، كما أنهم ضامنون له.
"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن العبد إذا كاتبه سيده لم ينبغِ لسيده أن يتحمل له بكتابة عبده أحد إن مات العبد أو عجز، وليس هذا من سنة المسلمين" يعني هل للسيد أن يقول: هات من يضمنك؟ هل له وإلا ليس له ذلك؟ ليس له ذلك؛ لأن أصل العقد غير ملزم، فيكف يلزم بغير لازم؟ لأن له أن يقول في أي لحظة يقول: عجزت، ويعود رقيق.
"إن مات العبد أو عجز، وليس هذا من سنة المسلمين، وذلك أنه إن تحمل رجل لسيد المكاتب بما عليه من كتابته، ثم اتبع ذلك سيد المكاتب قبل الذي تحمل له أخذ ماله باطلاً" ما الذي استفاده الضامن؟ لا هو ابتاع المكاتب، يقول: ما اشتريت المكاتب على شان تأخذ مني قيمة، فيكون ما أخذ منه من ثمن شيء هو له، يعني هذا الضامن على أي أساس يغرم؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(149/4)
ما له وجه، نعم لو اشترى العبد ضمن، لكن هو لا يطلب حميل على المكاتب؛ لأن للمكاتب أن يعجز نفسه متى شاء.
"ولا المكاتب عتق فيكون في ثمن حرمة ثبتت له، فإن عجز المكاتب رجع إلى سيده، وكان عبداً مملوكاً له، وله أن يعجز نفسه" على ما تقدم في أي وقت "وذلك أن الكتابة ليست بدين ثابت يتحمل لسيد المكاتب بها" ليست بدين ثابت؛ لأنها عرضة لئن يلغى في أي لحظة يعجز المكاتب فيها نفسه، إنما هو شيء إن أداه المكاتب عتق، وإن مات المكاتب وعليه ... ، إن أداه المكاتب عتق، وإن عجز عنه عاد رقيقاً؛ لأنه ليس بدين ثابت، وعلى هذا إذا كاتب عبده على مبلغ من المال، على عشرة آلاف، فهل تجب الزكاة في هذا المال؟ نعم؟ لماذا؟ لأن شرطها استقرار الملك، وهذا ليس بملك مستقر.
"وإن مات المكاتب وعليه دين لم يحاص الغرماء سيده بكتابته" مات المكاتب وعليه دين، دين لآخرين، وأيضاً عليه شيء من دين الكتابة.
"لم يحاص الغرماء سيده بكتابته، وكان الغرماء أولى بذلك من سيده" لماذا؟ لأن دينهم مستقر ثابت، ودين الكتابة ليس بمستقر ولا ثابت، كما قرر بالأمس.
"وإن عجز المكاتب وعليه دين للناس رد عبداً مملوكاً لسيده، وكانت ديون الناس في ذمة المكاتب لا يدخلون مع سيده في شيء من ثمن رقبته" الآن كوتب صار يتصرف فأثقلته الديون، وعجز عن سدادها، ومن باب أولى يعجز عن دين الكتابة، إذاً يرجع رقيق، ماذا عن ديون الناس؟ تذهب هدراً أو تبقى في ذمة الرقيق متى عتق، ومتى حصل له شيء من المال يسدد؟ أو نقول: إن هذه مثل الأروش -أروش جنايته- يخير السيد بين أن يقبل العبد بعد عجزه ويسدد الديون إذا كانت أقل من قيمته؟
طالب:. . . . . . . . .(149/5)
نعم، خلونا ننظر المسألة بأروش الجنايات، هم قالوا: إذا جنى على شيء سواءً كان على نفس أو طرف أو مال يلزمه، لكن سيده لا يغرم أكثر من قيمته، فإما أن يدفعه ويقول: لكم، إذا كانت الأروش أكثر من قيمته، أو يقول: يسدد عنه السيد إذا كانت أقل من قيمته، هل نقول: إن هذه الديون يسددها السيد لأنها أقل من قيمته، وإن كانت أكثر من قيمته يقول: خذوه، لا سيما وأن الديون الثابتة المستقرة أولى وأقدم من دين المكاتبة، نجوم المكاتبة، ما هو مضى في مواضع متعددة أن العبد إذا جنى ترتب على جنايته مال يخير السيد بأن يدفع العبد إذا كانت هذه الجناية أعظم من قيمته، أكثر من قيمته، نعم، أو يدفع الأروش هذه إذا كانت أقل من قيمته؟ يعني مثلها تماماً، ما يبين فرق؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يقول: "إن عجز المكاتب وعليه دين الناس رد عبداً مملوكاً لسيده، وكانت ديون الناس في ذمة المكاتب، لا يدخلون مع سيده في شيء من ثمن رقبته" عند الإمام ما يصير مثل هذا، يختلف الوضع عنده -رحمه الله-.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني ما نذكر يا الإخوان أن العبد إذا جنى أن السيد يخير، فإن كانت الأموال -الأموال المترتبة- على جنايته أكثر من قيمته يدفعه للمجني عليه، ولا يتحمل أكثر من ذلك، ما يتحمل أكثر من مصيبة، يفوت عليه العبد ويدفع دراهم، هذا ما هو بعقل، نعم، وبين أن يمسك العبد إذا كانت الجناية أقل من قيمته ويدفع عن عبده، طيب افترضنا أن القيمة، الأروش أقل من قيمته، وقال السيد: أنا والله ما أملك إلا هو، من أين لي أدفع؟ نقول: يباع العبد ويدفع من قيمته الأروش، ويرد الزائد على السيد.
في مثل هذه الحالة إذا كانت الديون أقل من قيمته هل نقول: يباع وتسدد الديون من قيمته ويرد الباقي إلى السيد. في مثل هذه الصورة لو قال السيد: أنا والله ما عندي شيء أدفعه.(149/6)
الإمام -رحمه الله- فرق بين الصورتين، فرق بين صورة الجناية، وبين صورة الاستدانة، الجناية معروف تقدم كلامه فيها، وفي مسألة الاستدانة قال: "وإن عجز المكاتب وعليه دين الناس رد عبداً مملوكاً لسيده، وكانت ديون الناس في ذمة المكاتب، لا يدخلون مع سيده في شيء من ثمن رقبته" هذا يمكن أن يتصور على رأي الإمام -رحمه الله تعالى- أن العبد يملك، وحينئذٍ يتصور أن تكون ذمته مؤهلة للدين، أما الذي يقول: إن العبد لا يملك هل هي مؤهلة للدين؟ لا، ليست مؤهلة للدين؛ لأنه ...
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن على رأي الجمهور أن العبد لا يملك، كيف نقول: إن ديون الناس في ذمته وهو رقيق؟ هل يتصور أن يسدد على مذهب الجمهور؟ لن يملك إطلاقاً، فكيف تكون الديون في ذمته؟ على رأي الإمام مالك أنه يملك بالتمليك، نعم تبقى الديون في ذمته، وإذا ملك شيئاً سدد به، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
أجل كيف يسدد؟ كيف يسدد؟ وكيف ينفق على نفسه وولده؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
وإن مات المكاتب وعليه دين حاص الغرماء ... إلى آخره، لا هو المسألة مفترضة أنه استدان بعد المكاتبة، استدان بعد المكاتبة؛ لأن له حرية التصرف، ويش مقتضى الكتابة؟ مقتضى الكتابة أن يتصرف ويشتغل، ويسدد نجوم الكتابة، وينفق على نفسه وولده إن كان له ولد، وقد يدخر بعض الأموال لنفسه.
الآن حتى عند الإمام مالك أن الديون الثابتة المستقرة أقوى من دين الكتابة وتقدم عليها، يقدم على دين الكتابة، فالصورة المتجهة الآن أنه إذا كان عليه ديون وعجز أنه يباع وتسدد الديون، قبل دين الكتابة؛ لأن دين الكتابة أضعف من الديون المستقرة.(149/7)
"قال مالك: إذا كاتب القوم جميعاً كتابة واحدة -يعني بعقد واحد- ولا رحم بينهم يتوارثون بها، فإن بعضهم حملاء عن بعض، ولا يعتق بعضهم دون بعض حتى يؤدوا الكتابة كلها" افترضنا أنهم خمسة كوتبوا على خمسين ألف، وأخذوا يضربون في الأرض، يتكسبون فصار يكسب بعضهم ضعف ما يكسبه الآخر، بعضهم يكسب ضعف، هم كوتبوا على خمسين ألف بعقد واحد، فيكون نصيب كل واحد لو قسمنا المبلغ عليهم عشرة آلاف، واحد منهم حصل العشرة آلاف بشهر، قال: أنا هذا نصيبي مقدم خذ أبي اعتق، ولا علي من زملائي، يقال: لا، أنتم كوتبتم بعقد واحد ما تعتقون إلا دفعة واحدة "إذا كاتب القوم جميعاً كتابة واحدة ولا رحم بينهم يتوارثون بها، فإن بعضهم حملاء عن بعض، ولا يعتق بعضهم دون بعض حتى يؤدوا الكتابة كلها" ويش دخل لا رحم بينهم يتوارثون بها؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان بينهم رحم يتوارثون بها فإن هذا الذي كسب العشرة آلاف في شهر لن يعتق قبلهم؛ لأنه يلزمه عتقهم يعتقون عليه، إذا ملك ذا رحم يعتق عليه، فلا يتصور أن يعتق قبله، فالمسألة مفترضة في غير هذه الصورة أنهم لا رحم بينهم، ولذلك هذه الجملة لها مفهوم وإلا لا مفهوم لها؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني إذا كان بينهم رحم يتوارثون بها فمن باب أولى، ألا يعتق بعضهم دون بعض؛ لأنه إذا عتق واحد منهم نعم يعتق عليه الآخر، كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يلزمه عتقه، لا سيما إذا كان والد وولد يلزم عتاقه.
على كل حال يقول: "فإن بعضهم حملاء عن بعض ولا يعتق بعضهم دون بعض، حتى يؤدوا الكتابة كلها" لأن العقد واحد، ولا يتجزأ، إذا أبرم العقد واحد، ولا عرف قيمة فلان عن فلان، هم نعم لو قسم عليهم المبلغ الكامل لصار قيمة كل واحد منهم عشرة آلاف، لكن بعضهم يمكن يسوى خمسة عشر، والثاني يسوى خمسة، وثالث يسوى سبعة، وذا رابع يسوى ثمانية وهكذا، يعني أقيامهم متفاوتة، ما هي بقيمتهم واحدة، فأعقد عليهم بعقد واحد فيعتقون دفعة واحدة.(149/8)
"فإن مات أحد منهم وترك مالاً هو أكثر من جميع ما عليهم" واحد منهم من الخمسة اكتسب في سنة واحدة، اكتسب في سنة واحدة ستين ألف، والكتابة خمسين ألف "فإن مات أحد منهم وترك مالاً هو أكثر من جميع ما عليهم أدي عنهم جميع ما عليهم، وكان فضل المال لسيده، ولم يكن لمن كاتب معه من فضل المال شيء" وكان فضل المال لسيده، كيف؟
طالب: لأنه مات ولم يعتقه.
لا، عتق بالموت ... شوف "فإن مات أحد منهم وترك مالاً هو أكثر من جميع ما عليهم أدي عنهم جميع ما عليهم، وكان فضل المال لسيده، ولم يكن لمن كاتب معه من فضل المال شيء، ويتبعهم السيد بحصصهم التي بقيت عليهم من الكتابة التي قضيت من مال الهالك؛ لأن الهالك إنما كان تحمل عنهم، فعليهم أن يؤدوا ما عتقوا به من ماله، وإن كان للمكاتب الهالك ... " إلى آخره، نعم؟
طالب: سيد. . . . . . . . . بالولاء.
كيف؟
طالب: سيد يأخذه بالولاء ...
يأخذه بالولاء، يأخذ المال الزائد على نصيبه أو المال الزائد على قيمة الجميع؟ نعم، ولذلك قال: "وكان فضل المال لسيده" يعني بالإرث بالولاء "ولم يكن لمن كاتب معه من فضل المال شيء" نعم؟
طالب: يسدد عنه قبل موته هل يطالب؟
إيه، هل يطالب ... ، سدد يعني سدد الخمسين وبقي عنده عشرة، عتقوا كلهم.
طالب: يطالبهم لأنه يسدد عنهم.
كلهم عتقوا.
طالب:. . . . . . . . .
من مال هذا الذي اكتسب دونهم، لكنهم باعتبار أنهم في عقد واحد ليشكل ويتبعهم السيد بحصصهم التي بقيت عليهم.
طالب: الآن سدد عنهم بعد وفاته، الآن للسيد أن يطالبهم وهو المنصوص.
معروف.
طالب: لكن لو أنه سدد من قبل موته ما يطالبهم.
ما يطالبهم، ما يطالبهم، لكن الباقي له بالإرث، بالولاء.
طالب:. . . . . . . . .
نعم.
طالب:. . . . . . . . .
نعم.(149/9)
"ويتبعهم السيد بحصصهم التي بقيت عليهم من الكتابة التي قضيت من مال الهالك؛ لأن الهالك إنما كانت تحمل عنهم -يعني ضمنهم- فعليهم أن يؤدوا ما عتقوا به ما عتقوا به من ماله" الآن ما قلنا: إنهم كلهم بعقد واحد، نعم فلا يعرف قيمة واحد من الثاني منهم، كل واحد منهم حميل وضامن على غيره، هذه نعم عليهم أن يعدوا ما عتقوا من ماله إذا عرف إذا عرفت قيمة كل واحد بعينه، إذا عرفت قيمة كل واحد بعينه، إلا إذا قوموا بعد ذلك وعرفت، يعني إذا قوموا بعد ذلك وقيل: إن هذا اللي مات بخمسة عشر ألف والباقين على عشرة، سبعة ثمانية وهكذا يطالبون بالزائد.
على كل حال "لأن الهالك إنما كان يتحمل عنهم فعليهم أن يؤدوا ما عتقوا به من ماله، وإن كان للمكاتب الهالك ولد حر لم يولد في الكتابة، ولم يكاتب عليه لم يرثه"؛ لأنه عبد، لم يولد في الكتابة ولم يكاتب عليه إذاً يستمر رقه؛ لأن المكاتب لم يعتق حتى مات، فالولد رقيق لا يرث إنما الذي يرثه السيد، نعم.
أحسن الله إليك.
باب القطاعة في الكتابة:
حدثني مالك أنه بلغه أن أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تقاطع مكاتبيها بالذهب والورق.(149/10)
قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا في المكاتب يكون بين الشريكين فإنه لا يجوز لأحدهما أن يقاطعه على حصته إلا بإذن شريكه، وذلك أن العبد وماله بينهما، فلا يجوز لأحدهما أن يأخذ شيئاً من ماله إلا بإذن شريكه، ولو قاطعه أحدهما دون صاحبه ثم حاز ذلك، ثم مات المكاتب وله مال أو عجز، لم يكن لمن قاطعه شيء من ماله، ولم يكن له أن يرد ما قاطعه عليه، ويرجع حقه في رقبته، ولكن من قاطع مكاتباً بإذن شريكه، ثم عجز المكاتب فإن أحب الذي قاطعه أن يرد الذي أخذ منه من القطاعة، ويكون على نصيبه من رقبة المكاتب كان ذلك له، وإن مات المكاتب وترك مالاً استوفى الذي بقيت له الكتابة حقه الذي بقي له على المكاتب من ماله، ثم كان ما بقي من مال المكاتب بين الذي قاطعه وبين شريكه على قدر حصصهما في المكاتب، وإن كان أحدهما قاطعه، وتماسك صاحبه بالكتابة ثم عجز المكاتب قيل للذي قاطعه: إن شئت أن ترد على صاحبك نصف الذي أخذت، ويكون العبد بينكما شطرين، وإن أبيت فجميع العبد للذي تمسك بالرق خالصاً.
قال مالك -رحمه الله- في المكاتب يكون بين الرجلين فيقاطعه أحدهما بإذن صاحبه، ثم يقتضي الذي تمسك بالرق مثل ما قاطع عليه صاحبه أو أكثر من ذلك، ثم يعجز المكاتب قال مالك -رحمه الله-: فهو بينهما؛ لأنه إنما اقتضى الذي له عليه، وإن اقتضى أقل مما أخذ الذي قاطعه ثم عجز المكاتب، فأحب الذي قاطعه أن يرد على صاحبه نصف ما تفضله به، ويكون العبد بينهما نصفين فذلك له، وإن أبى فجميع العبد للذي لم يقاطعه، وإن مات المكاتب وترك مالاً، فأحب الذي قاطعه أن يرد على صاحبه نصف ما تفضله به، ويكون الميراث بينهما فذلك له، وإن كان الذي تمسك بالكتابة قد أخذ مثل ما قاطع عليه شريكه أو أفضل فالميراث بينهما بقدر ملكهما؛ لأنه إنما أخذ حقه.(149/11)
قال مالك -رحمه الله- في المكاتب يكون بين الرجلين، فيقاطع أحدهما على نصف حقه بإذن صاحبه، ثم يقبض الذي تمسك بالرق أقل مما قاطع عليه صاحبه، ثم يعجز المكاتب، قال مالك -رحمه الله-: وإن أحب الذي قاطع العبد أن يرد على صاحبه نصف ما تفضله به، كان العبد بينهما شطرين، وإن أبى أن يرد فللذي تمسك بالرق حصة صاحبه الذي كان قاطع عليه المكاتب.
قال مالك -رحمه الله-: وتفسير ذلك أن العبد يكون بينهما شطرين فيكاتبانه جميعاً، ثم يقاطع أحدهما المكاتب على نصف حقه بإذن صاحبه، وذلك الربع من جميع العبد، ثم يعجز المكاتب فيقال للذي قاطعه: إن شئت فاردد على صاحبك نصف ما فضلته به، ويكون العبد بينكما شطرين، وإن أبى كان للذي تمسك بالكتابة ربع صاحبه الذي قاطع المكاتب عليه خالصاً، وكان له نصف العبد فذلك ثلاثة أرباع العبد، وكان للذي قاطع ربع العبد؛ لأنه أبى أن يرد ثمن ربعه الذي قاطع عليه.
قال مالك -رحمه الله- في المكاتب يقاطعه سيده فيعتق، ويكتب عليه ما بقي من قطاعته ديناً عليه، ثم يموت المكاتب وعليه دين للناس، قال مالك -رحمه الله-: فإن سيده لا يحاص غرماءه بالذي عليه من قطاعته، ولغرمائه أن يبدءوا عليه.
قال مالك -رحمه الله-: ليس للمكاتب ...
يُبدَّءوا، يُبدَّءوا، ولغرمائه ...
فإن سيده لا يحاص غرماءه بالذي عليه من قطاعته، ولغرمائه أن يُبدَّءوا عليه.
قال مالك -رحمه الله-: ليس للمكاتب أن يقاطع سيده إذا كان عليه دين للناس فيعتق ويصير لا شيء له؛ لأن أهل الدين أحق بماله من سيده، فليس ذلك بجائز له.(149/12)
قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا في الرجل يكاتب عبده ثم يقاطعه بالذهب، فيضع عنه مما عليه من الكتابة على أن يعجل له ما قاطعه عليه، أنه ليس بذلك بأس، وإنما كره ذلك من كرهه لأنه أنزله بمنزلة الدين يكون للرجل على الرجل إلى أجل، فيضع عنه وينقده، وليس هذا مثل الدين، إنما كانت قطاعة المكاتب سيده على أن يعطيه مالاً في أن يتعجل العتق، فيجب له الميراث والشهادة والحدود، وتثبت له حرمة العتاقة، ولم يشترِ دراهم بدراهم، ولا ذهباً بذهب، وإنما مثل ذلك مثل رجل قال لغلامه: ائتني بكذا وكذا ديناراً وأنت حر، فوضع عنه من ذلك، فقال: إن جئتني بأقل من ذلك فأنت حر، فليس هذا ديناً ثابتاً، ولو كان ديناً ثابتاً لحاص به السيد غرماء المكاتب إذا مات أو أفلس، فدخل معهم في مال مكاتبه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب القطاعة في الكتابة:
القطاعة والمقاطعة ما زالت لفظة مستعملة، يعني إذا جيء بعامل وطلب منه عمل شيء معين فمقاولته على الأجرة مقاطعة، يقولون: قاطعته وإلا قاطعه وإلا قطوعه، نعم، يعني لفظ مستعمل، المقصود أنه يقال له: احضر هذا المال، إذا أحضرته فأنت حر، مبلغ معين يحدد من الذهب أو الورق حر، إذا أحضرت هذا المال خلال سنة فأنت حر، عشرة آلاف خلال سنة فأنت حر.
يقول: "حدثني مالك أنه بلغه أن أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تقاطع مكاتبيها بالذهب والورق" وقد كاتبت عدة من الأرقاء منهم سليمان، وعطاء، وعبد الله، وعبد الملك، سليمان بن يسار، أحد الفقهاء السبعة، وإخوته، عطاء بن يسار، إمام من أئمة المسلمين، وعبد الله وعبد الملك، كلهم ممن كاتبتهم أم المؤمنين أم سلمة.(149/13)
قال مالك: "الأمر المجتمع عليه عندنا في المكاتب يكون بين الشريكين فإنه لا يجوز لأحدهما أن يقاطعه على حصته إلا بإذن شريكه" لأن العبد إذا قوطع انشغل بتحصيل ما قوطع عليه عن العمل للشريك، فلا بد أن يتأثر الشريك بهذه المقاطعة، يعني المقاطعة لا يظن أنها المفاصلة وكذا يعني مثل مقاطعة السلع، ومثل مقاطعة كذا، اللفظ الدارج الآن، لا، غيره، إذا كان بكر هذا رقيق لزيد وعمرو قاطع زيد قال: نصيبي تحضر لي خمسة آلاف خلال سنة وتصير حر، لا بد أنه سوف ينشغل بتحصيل هذه الخمسة عن العمل للشريك، فلا بد من إذنه، فإذا أذن فإن الأمر لا يعدوه.
"وذلك أن العبد وماله بينهما" يعني حتى إذا حصل ما حصل من المال فإن الشريك له نصيب من هذا المال الذي حصله، الذي لم يقاطعه.
"فلا يجوز لأحدهما أن يأخذ شيئاً من ماله إلا بإذن شريكه، ولو قاطعه أحدهما دون صاحبه ثم حاز ذلك، ثم مات المكاتب، وله مال أو عجز لم يكن لمن قاطعه شيء من ماله، ولم يكن له أن يرد ما قاطعه عليه، ويرجع حقه في رقبته، ولكن من قاطع مكاتباً بإذن شريكه ثم عجز المكاتب فإن أحب الذي قاطعه أن يرد الذي أخذ منه من القطاعة، ويكون على نصيبه من رقبة" يعني ما صار شيء، قاطعه على خمسة آلاف ثم عجز عنها، أو حصل بعضها، قال: أنا الآن حصلت ألفين خذهن، ثم مات أو عجز هو بالخيار، إن أراد أن يستمر على مقاطعته إذا كان مستأذناً لشريكه له ذلك، وإن ردها إلى ملك الرقيق لتأخذ عنه أو تورث عنه من قبل السيدين معاً فالأمر لا يعدوه.
"ولكن من قاطع مكاتباً بإذن شريكه ثم عجز المكاتب فإن أحب الذي قاطعه أن يرد الذي أخذ منه من القطاعة، ويكون على نصيبه من رقبة المكاتب كان ذلك له، وإن مات المكاتب وترك مالاً استوفى الذي بقيت له الكتابة" يعني أداه ألفين ومات العبد وترك أموال هو بالخيار إن أحب أن يأخذ من المال المتروك ثلاثة آلاف تمام القطاعة له ذلك، وإن أراد أن يرد الألفين ويصير شريك مع الثاني فلا بأس.(149/14)
يقول: "وترك مالاً استوفى الذي بقيت له الكتابة حقه، ثم بقي له على المكاتب من ماله، ثم كان ما بقي من مال المكاتب بين الذي قاطعه وبين شريكه على قدر حصصهما في المكاتب، وإن كان أحدهما قاطعه وتماسك صاحبه بالكتابة ثم عجز المكاتب" يعني واحد قاطعه قال: احضر لي خمسة آلاف خلال سنة، والثاني: قال: لا، أنا أكاتبك على عشرة آلاف كل شهر خمسمائة، فمات في أثناء المدة، وقد دفع للمقاطع ألفين، ودفع للمكاتب ألف، يعني خلال شهرين دفع ألفين للمقاطع؛ لأنه يريد أن يتخلص منه بسرعة، بخلاف المكاتب فإنه باقٍ على نجومه "على قدر حصصهما في المكاتب، وإن كان أحدهما قاطعه وتماسك صاحبه بالكتابة ثم عجز المكاتب قيل للذي قاطعه: إن شئت أن ترد على صاحبك نصف الذي أخذت" أنت أخذت ألفين أعطه ألفاً ثاني "ويكون العبد بينكما شطرين، وإن أبيت فجميع العبد للذي تمسك بالرق خالصاً" نعم، الذي تمسك هذا ما كاتب، هذا في صورة عدم المكاتبة.
"قال مالك في المكاتب يكون بين الرجلين فيقاطعه أحدهما بإذن صاحبه" نريد أن نسرد هذا سرد؛ لأن الفائدة منه أقل من الأبواب اللاحقة "في المكاتب يكون بين الرجلين فيقاطعه أحدهما بإذن صاحبه، ثم يقتضي الذي تمسك بالرق مثل ما قاطع عليه صاحبه أو أكثر من ذلك، ثم يعجز المكاتب، قال مالك: فهو بينهما؛ لأنه إنما اقتضى الذي له عليه، وإن اقتضى أقل مما أخذ الذي قاطعه ثم عجز المكاتب، فأحب الذي قاطعه أن يرد على صاحبه نصف ما تفضل به، ويكون العبد بينهما نصفين، فذلك له" لأنه إلى الآن ما تحرر، هو ما زال رق، لكن لو قاطعه ودفع المبلغ كامل الذي اتفق عليه، له أن يرجع وإلا ليس له أن يرجع؟ نعم؟ عتق، يعني إن دفعت خمسة آلاف فأنت حر، ادفع خمسة آلاف، علقت الحرية على دفع المبلغ ودفع، خلاص يعتق، ليس له خيار.
"وإن أبى فجميع العبد للذي لم يقاطعه، وإن مات المكاتب وترك مالاً، فأحب الذي قاطعه أن يرد على صاحبه نصف ما تفضله به، ويكون الميراث بينهما فذاك، وإن كان الذي تمسك بالكتابة قد أخذ مثل ما قاطع عليه شريكه أو أفضل، فالميراث بينهما بقدر ملكهما؛ لأنه إنما أخذ حقه"(149/15)
على كل حال في مثل هذه الصورة إذا تم العقد، وانتفى الخيار لأحد الطرفين، يبقى الخيار للطرف الثاني، فإن شاء أدخله، وإن شاء لم يدخله.
"قال مالك في المكاتب يكون بين الرجلين فيقاطع أحدهما على نصف حقه بإذن صاحبه، ثم يقبض الذي تمسك بالرق أقل مما قاطع عليه صاحبه، ثم يعجز المكاتب، قال مالك: إن أحب الذي قاطع العبد أن يرد على صاحبه نصف ما تفضله به، كان العبد بينهما شطرين، وإن أبى أن يرد فللذي تمسك بالرق حصة صاحبه الذي قاطع عليه المكاتب".
على كل حال مثلما ذكرنا الذي قاطع إن استوفى حقه كاملاً انتهى خياره، وعتق عليه، لكن إن أراد أن يرد على صاحبه نصف ما أخذه، نعم إن أراد أن يرد نصف ما أخذه من القطاعة فالخيار للأول وإلا للثاني؟ للمقاطع وإلا للثاني؟ للثاني، لكن لو أراد الثاني أن يأخذ من المقاطع النصف ويكون بينهما نصفين، لا سيما إذا كان المتروك إرثاً للثاني أقل مما أخذه المقاطع فالخيار لمن؟ للمستفيد منهما في الصورتين.
"قال مالك -رحمه الله-: وتفسير ذلك أن العبد يكون بينهما شطرين فيكاتبانه جميعاً" يعني على عشرين ألف، ولكل واحد منهما عشرة، فيقول أحدهما: عجل لي خمسة وتكفي، وتصير حر من نصيبي، والثاني يستمر عشرة كل شهر ألف "فيكاتبانه جميعاً، ثم يقاطع أحدهما المكاتب على نصف حقه بإذن صاحبه، وذلك الربع من جميع العبد" يعني الخمسة ربع العشرين، نعم، وكل واحد له عشرة، تنازل عن النصف على أن يعجل له "من جميع العبد، ثم يعجز المكاتب فيقال للذي قاطعه: إن شئت فاردد على صاحبك نصف ما فضلته به" يعني نصف ما زدته، ما زادك، ما فضلته يعني ما زدت على صاحبك؛ لأن هذا إذا افترضنا أن هذا هما كاتباه على عشرين، كل واحد له عشرة منجمة كل شهر ألف جيد، قال أحدهما: أعطني خمسة خلال شهرين، جاء بالشهر الأول بألفين وخمس، نعم وأعطى ذاك ألف.(149/16)
"ثم يعجز المكاتب فيقال للذي قاطعه: إن شئت فاردد على صاحبك نصف ما فضلته به" فضله بكم؟ بألف وخمس، ادفع له سبعمائة وخمسين، ويكون العبد بينكما شطرين؛ لأنه عجز وصار رقيق "وإن أبى كان للذي تمسك بالكتابة ربع صاحبه الذي قاطع المكاتب عليه خالصاً، وكان له نصف العبد وذلك ثلاثة أرباع العبد" يعني مادام أخذ الزائد ينظر إلى قيمته التي آل إليها الأمر، فيقال لك أنت اللي قاطعت: ما لك إلا ربع العبد؛ لأنك رضيت بخمسة، وصاحبكم ثبت على العشرة له النصف، إذا عجز وعاد رقيق إما أن تدفع الفرق سبعمائة وخمسين، أو يقسم العبد على هذا الأساس.
"وإن أبى كان للذي تمسك بالكتابة ربع صاحبه الذي قاطع المكاتب عليه خالصاً، وكان له نصف العبد فذلك ثلاثة أرباع العبد" يصير له الربع الذي تنازل عنه مع النصف حقه ثلاثة أرباع "وكان للذي قاطع ربع العبد؛ لأنه أبى أن يرد ثمن ربعه قاطع عليه".
"قال مالك -رحمه الله- في المكاتب يقاطعه سيده فيعتق، ويكتب عليه ما بقي من قطاعته ديناً عليه، ثم يموت المكاتب وعليه دين للناس" الآن قاطعوا وانتهوا، ما في إلا أنه علق عتقه بالسداد.
"قال مالك: فإن سيده لا يحاص غرماءه بالذي عليه من قطاعته، ولغرمائه أن يُبدّءوا عليه" لماذا؟ لأنه صار ديناً، في المقاطعة صار ديناً مستقر، وفي المكاتبة ليس بدين مستقر.
"قال مالك: ليس للمكاتب أن يقاطع سيده إذا كان عليه دين للناس فيعتق ويصير لا شيء له؛ لأن أهل الدين أحق بماله من سيده، فليس ذلك بجائز له".
لأنه إذا قاطعه وقلل عليه المبلغ لتقليل المدة حرص على أن يجمع هذا المبلغ ليعتق، وترك ديون الناس، فليس له ذلك، ليس ذلك بجائز.(149/17)
"قال مالك: الأمر عندنا في الرجل يكاتب عبده ثم يقاطعه بالذهب فيضع عنه مما عليه من الكتابة" وهو الأصل الكتابة عشرة، وقال: هات خمسة، يجوز وإلا ما يجوز؟ على رأي الإمام مالك يجوز؛ لأنه من باب ضع وتعجل، لكن الذين منعوه وجهة نظرهم أنه خمسة في مقابل عشرة، دراهم بدراهم، استقر ثمن العبد ثم صارت الخمسة في مقابل العشرة، دراهم بدراهم مع زيادة، فهذا الربا عند بعضهم، الآن لو قيل لك: هذا الكتاب بمائة نقد ومائتين نسيئة، وكتب العقد على هذا الأساس، يجوز وإلا ما يجوز؟ لا يجوز، ما يجوز، لكن لو قيل لك: أنت اختر الآن أي الثمنين شئت بمائة أو بمائتين؟ مجرد خيار؟ يجوز؛ لأنه ما ثبت العقد، لو كتب العقد بمائتين لمدة سنة، ثم قال صاحب الكتاب: هات لي مائة وأنزل عنك الباقي، من باب ضع وتعجل، يجوز، لكن منهم من قال: لو قيل مثل هذا الكلام صارت المائة بمقابل المائتين الآجلة، السلعة الآن انتهت، انتهت ما لها ذكر خلاص، الآن الذي يدور بين المتقاولين ما هو بالكتاب، يدور الثمن الأقل مع الثمن الأعلى في مقابل الأجل، فمن منع له وجه، يعني من منع له وجه؛ لأنه مال كثير بمال أقل معجل، وهذا هو عين الربا، لكن هم يقولون: إن هذا لا يدخل في العقود، يعني ضع وتعجل لا يدخل في العقود التي يطلب فيها المساواة، وإنما شوف ويش يقول مالك؟
"الأمر عندنا في الرجل يكاتب عبده ثم يقاطعه بالذهب، فيضع عنه مما عليه من الكتابة على أن يعجل له ما قاطعه عليه أنه ليس بذلك بأس" يعني إلا من باب ضع وتعجل، وجاء الخبر بذلك "وإنما كره ذلك من كرهه".
طالب:. . . . . . . . .
ما هو بمسألة إجماع، لكن الخبر ثابت.(149/18)
"وإنما كره ذلك من كرهه؛ لأنه أنزله بمنزلة الدين يكون للرجل على الرجل إلى أجل" الرسول -عليه الصلاة والسلام- أشار إلى الغرماء: أن ضعوا، لكن هل هو على سبيل الإلزام والعقد أو من باب الإرفاق؟ إذا قلنا: من باب الإرفاق انتهى ما دخل في باب الربا "وإنما كره ذلك من كرهه؛ لأنه أنزله بمنزلة الدين يكون للرجل على الرجل إلى أجل، فيضع عنه وينقده، وليس هذا مثل الدين، إنما كانت قطاعة المكاتب سيده على أن يعطيه مالاً في أن يتعجل العتق، فيجب له الميراث والشهادة والحدود" هو يريد أن يحصل على حقوق الأحرار، فيتعجل هذا في مقابل تعجيل القيمة "وتثبت له حرمة العتاقة، ولم يشترِ دراهم بدراهم، ولا ذهباً بذهب، وإنما مثل ذلك مثل رجل قال لغلامه: ائتني بكذا وكذا ديناراً وأنت حر، فوضع عنه من ذلك، قال: إن جئتني بأقل من ذلك فأنت حر" يعني قال: إن جئتني بخمسة آلاف خلال ستة أشهر بدل عشرة آلاف في سنة فأنت حر، استقروا على خمسة آلاف خلال ستة أشهر، ثم قال له: إن جئت بثلاثة آلاف خلال شهرين فأنت حر، هل يكون باع عليه الخمسة آلاف بثلاثة أو يكون وضع من دينه بطوعه واختياره؟ يعني لو سامحه، لو انتظر إلى الأجل إلى ستة أشهر، وقال: أنا ما دام أنا أبي منك خمسة آلاف هات أربعة ولك ألف؟ هل هذا من السماحة في البيع والشراء والقضاء والاقتضاء أم من باب الربا؟ لا، من باب السماحة بلا شك.
"فوضع عنه من ذلك، قال: إن جئتني بأقل من ذلك فأنت حر، فليس هذا ديناً ثابتاً، ولو كان ديناً ثابتاً لحاص به السيد غرماء المكاتب إذا مات أو أفلس، فدخل معهم في مال مكاتبه".
نعم.
أحسن الله إليك.
باب جراح المكاتب:
قال مالك -رحمه الله-: أحسن ما سمعت في المكاتب يجرح الرجل جرحاً يقع فيه العقل عليه، أن المكاتب إن قوي على أن يؤدي عقل ذلك الجرح مع كتابته أداه، وكان على كتابته، فإن لم يقوَ على ذلك فقد عجز عن كتابته، وذلك أنه ينبغي أن يؤدي عقل ذلك الجرح قبل الكتابة، فإن هو عجز عن أداء عقل ذلك الجرح خير سيده، فإن أحب أن يؤدي عقل ذلك الجرح فعل، وأمسك غلامه وصار عبداً مملوكاً، وإن شاء أن يسلم العبد إلى المجروح أسلمه، وليس على السيد أكثر من أن يسلم عبده.(149/19)
قال مالك -رحمه الله-: في القوم يكاتبون جميعاً فيجرح أحدهم جرحاً فيه عقل، قال مالك -رحمه الله-: من جرح منهم جرحاً فيه عقل قيل له وللذين معه في الكتابة: أدوا جميعاً عقل ذلك الجرح، فإن أدوا ثبتوا على كتابتهم، وإن لم يؤدوا فقد عجزوا، ويخير سيدهم، فإن شاء أدى عقل ذلك الجرح، ورجعوا عبيداً له جميعاً، وإن شاء أسلم الجارح وحده، ورجع الآخرون عبيداً له جميعاً بعجزهم عن أداء عقل ذلك الجرح الذي جرح صاحبهم.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن المكاتب إذا أصيب بجرح يكون له فيه عقل، أو أصيب أحد من ولد المكاتب الذين معه في كتابته، فإن عقلهم عقل العبيد في قيمتهم، وأن ما أخذ لهم من عقلهم يدفع إلى سيدهم الذي له الكتابة، ويحسب ذلك للمكاتب في آخر كتابته، فيوضع عنه ما أخذ سيده من دية جرحه.
قال مالك -رحمه الله-: وتفسير ذلك أنه كاتبه على ثلاثة آلاف درهم ...
أنه كأنه كاتبه.
أحسن الله إليك.
وتفسير ذلك كأنه كاتبه ...
أنه كأنه.
وتفسير ذلك أنه كأنه كاتبه على ثلاثة آلاف درهم، وكان دية جرحه الذي أخذها سيده ألف درهم، فإذا أدى المكاتب إلى سيده ألفي درهم فهو حر، وإن كان الذي بقي عليه من كتابته ألف درهم، وكان الذي أخذ من دية جرحه ألف درهم فقد عتق، وإن كان عقل جرحه أكثر مما بقي على المكاتب أخذ سيد المكاتب مما بقي من كتابته وعتق، وكان ما فضل بعد أداء كتابته للمكاتب، ولا ينبغي أن يدفع إلى المكاتب شيء من دية جرحه فيأكله ويستهلكه، فإن عجز رجع إلى سيده أعور أو مقطوع اليد أو معضوب الجسد، وإنما كاتبه سيده على ماله وكسْبه، ولم يكاتبه على أن يأخذ ثمن ولده، ولا ما أصيب من عقل جسده، فيأكله ويستهلكه، ولكن عقل جراحات المكاتب وولده الذين ولدوا في كتابته، أو كاتب عليهم يدفع إلى سيده، ويحسب ذلك له في آخر كتابته.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب جراح المكاتب:(149/20)
"قال مالك: أحسن ما سمعت في المكاتب يجرح الرجل جرحاً يقع فيه العقل عليه" يعني الدية "أن المكاتب إن قوي على أن يؤدي عقل ذلك الجرح مع كتابته أداه" كوتب على عشرة آلاف في كل شهر ألف، ويستطيع أن يكسب أكثر من ذلك، فيؤدي الدية، دية هذا الجرح مع قسط الكتابة "إن قوي على أن يؤدي عقل ذلك الجرح مع كتابته أداه" وكان على كتابته، ما صار شيء، العقد ما تأثر "فإن لم يقوَ على ذلك" لا شك أن العقد يتأثر "إن لم يقوَ على ذلك فقد عجز عن كتابته" إذا كان لا يستطيع أن يوفر من كسبه أكثر من نجم الكتابة فمتى يؤدي عقل الجرح؟ لا شك أن هذا مؤثر على العقد "فقد عجز عن كتابته، وذلك أنه ينبغي أن يؤدي عقل ذلك الجرح قبل الكتابة" وإذا أدى عقل الجرح، الجرح مثلاً خمسة آلاف، قدرت الجناية بخمسة آلاف، وهو مطلوب منه شهرياً يدفع ألف كتابة، لن يستطيع أن يؤدي، بيتأخر، تتأخر النجوم، فإنه قد عجز في هذه الحالة، لكن إن رضي السيد، قال: بدلاً من أن يدفع لي من الآن ننتظر شهرين ثلاثة خمسة إلى أن يؤدي عقل الكتابة، وتكون عقل الجراحة والكتابة تستأنف بعد ذلك، فالأمر لا يعدوه "وذلك أنه ينبغي أن يؤدي عقل ذلك الجرح قبل الكتابة؛ لأنه مستقر والكتابة غير مستقرة".
"فإن هو عجز عن أداء عقل ذلك الجرح خير سيده" يقول: أنا والله ما أقدر أدفع شيء، وأيضاً هذه الجراحة قد تكون أكثر من قيمته وأكثر من كتابته.
"فإن هو عجز عن أداء عقل ذلك الجرح خير سيده، فإن أحب أن يؤدي عقل ذلك الجرح فعل وأمسك غلامه وصار عبداً مملوكاً، وإن شاء أن يسلم العبد إلى المجروح أسلمه" يعني دهس حراً، ودية الحر أكثر من قيمة العبد أضعاف، نعم، يكلف السيد أن يدفع القيمة كاملة الدية كاملة؟ أو يقول: خذوه، استرقوه، أو استوفوا من ثمنه من قيمته وما أشبه ذلك؟ المقصود أنه لا يكلف أكثر من قيمة العبد، فلا يجمع له بين مصيبتين.
"فإن أحب أن يؤدي عقل ذلك الجرح فعل وأمسك غلامه وصار عبداً مملوكاً، وإن شاء أن يسلم العبد إلى المجروح أسلمه، وليس على السيد أكثر من أن يسلم عبده".(149/21)
لأنه لا تزر وازرة وزر أخرى، لكن يكفي أنه يفوت عليه العبد، الآن إذا زنت البكر تغرب سنة مع الجلد مائة، طيب، هل تغرب بدون محرم؟ نعم لا تغرب بدون محرم، طيب ما ذنب المحرم أن يغرب معها؟ قال العلماء: لأنه فرط في حفظها فتغريبه معها من جنايته، لا من جنايتها، فرط في حفظها، ألا نقول: إن السيد الآن يلزمه أن يدفع أكثر لأنه فرط في تمكينه من الأداة أو من الآلة؟ أعطي سيارة فيضمن، أعطى العبد سيارة وهو ما يحسن التصرف، أعطى الولد يعني لو مثلاً الأب أعطى الولد الذي لا يسوغ له نظاماً أن يقود السيارة، أعطاه سيارته وذهب ودهس آدمي، الدية على من؟ هي في الأصل على العاقلة، لكن العاقلة الآن ما لها وجود الآن، تفرق الناس، ولا يعرف أحدهم عاقلته، لكن هل الذي يضمن الأب أو الابن؟ هو مكلف الابن؟ نعم؟ هو مكلف ومباشر، لكنه الأب نظاماً مفرط، أعطى الولد الذي لم يبلغ السن النظامية، لكن هل بلوغ السن النظامية له أثر في تصرفات الولد أو لا أثر له؟ يعني الولد مكلف عمره خمسة عشر ستة عشر، هل نقول: إن كل مكلف يصلح لكل عمل؟ فيكون إعطاؤه الآلة تفريط ولو كان مكلفاً، وما دام الأب مفرط، وأعطى الولد الذي لا يصلح لهذا العمل؛ لأنه حتى التكليف تكليف بعض الناس وإن كان مكلفاً إلا أنه لا يمكن من بعض الأعمال التي لا يحسنها، فإذا مكن من بعض الأعمال التي لا يحسنها فلا شك أن من مكنه مفرط، ولا شك أنه يضمن أثر تفريطه، مثلما قلنا فيمن فرط في حفظ موليته فيغرب معها.
"قال مالك في القوم يكاتبون جميعاً فيجرح أحدهم جرحاً فيه عقل" دية، "قال مالك: من جرح منهم جرحاً فيه عقل قيل له وللذين معه في الكتابة: أدوا جميعاً عقل ذلك الجرح" لماذا؟ لأن عقدهم واحد، فلا يتحرر أحدهم دون الآخر "فإن أدوا ثبتوا على كتابتهم" ما صار شيء، والعقد لم يتأثر "وإن لم يؤدوا فقد عجزوا، ويخيرهم سيدهم، فإن شاء أدى عقل ذلك الجرح ورجعوا عبيداً له جميعاً، وإن شاء أسلم الجارح وحده"، هذا الذي اعتدى وجنى يسلم للمجروح "وحده، ورجع الآخرون عبيداً له جميعاً بعجزهم عن أداء عقل ذلك الجرح الذي جرح صاحبهم".(149/22)
طيب لو قالوا: يسلم هذا الجاني، والقيمة خمسين ألف بدل ما هي على خمسة تصير على أربعة، إحنا ملتزمين بدين الكتابة، بعقد واحد اعتبره مات، وكل واحد حميل، كل واحد ضامن لصاحبه، هل لهم ذلك وإلا ليس لهم ذلك؟ يعني هل السيد يتضرر سواءً كانوا أربعة أو خمسة؟ ما يتضرر.
ومن صور الوفاء والسداد لهذا الدين دين الدية هذه أن يسلم الجاني، سلم الجاني التزم الأربعة بما التزم به الخمسة، لا شك أنهم إذا كانوا يستطيعون والسيد هو الذي يقدر مثل هذه الأمور، قد يقول: إنهم لا يستطيعون أن يؤدوا، وهم أربعة دين خمسة، لا يستطيعون، فله أن يعجزهم فيرجعوا أرقاء، ولهم أن يتحملوا ويكسبوا كسب الخمسة ويستمرون على الكتابة.
"قال مالك -رحمه الله-: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن المكاتب إذا أصيب بجرح يكون له فيه عقل" هذيك جناية المكاتب على غيره، وهنا جناية الغير على المكاتب عكس.
"إذا أصيب بجرح يكون له فيه عقل، أو أصيب أحد من ولد المكاتب الذين معه في كتابته، فإن عقلهم عقل العبيد في قيمتهم" يعني ...
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم على حسب القيمة.
"فإن عقلهم عقل العبيد في قيمتهم، وأن ما أخذ لهم من عقلهم يدفع إلى سيدهم -الذي له الكتابة- ويحسب ذلك للمكاتب في آخر كتابته" يحسم هذا المبلغ مبلغ الجناية على العبد يحسم من قيمة الكتابة "فيوضع عنه ما أخذ سيده من دية جرحه".
"قال مالك: وتفسير ذلك أنه كأنه كاتبه على ثلاثة آلاف درهم، وكان دية جرحه الذي أخذها سيده ألف درهم، فإذا أدى المكاتب إلى سيده ألفي درهم فهو حر؛ لأنه استوفى الألف من الدية، وإن كان الذي بقي عليه من كتابته ألف درهم، وكان الذي أخذ من دية جرحه ألف درهم فقد عتق" ما بقي عليه إلا ألف، واستوفى ألف من هذه الجناية خلاص انتهى، الألف في مقابل الألف.(149/23)
"وإن كان عقل جرحه أكثر مما بقي على المكاتب أخذ سيد المكاتب ما بقي من كتابته وعتق" ويرد الزائد على المكاتب "وكان ما فضل بعد أداء كتابته للمكاتب، ولا ينبغي أن يدفع إلى المكاتب شيء من دية جرحه فيأكله ويستهلكه" نعم ما يعطى هو وعليه دين، دين الكتابة، يعطى السيد؛ لأنه احتمال أن يأكله ثم بعد ذلك يعجز نفسه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
له أن يعجز نفسه، لكن الجناية لسيده ما هي له، دية الجناية لسيده.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هو بيأخذها يحتسب، يحتسبها من الكتابة، إلا إذا أعجز نفسه انتهى الإشكال، يعود رقيق ولا له شيء.
"فإن عجز رجع إلى سيده أعور أو مقطوع اليد أو معضوب الجسد" المعضوب الذي لا يستطيع التصرف، يعني مثل المقعد أو المشلول أو ما أشبه ذلك، يعني ناقص، مع ما أخذه سيده من الدية، هذا في مقابل هذا، "وإنما كاتبه سيده على ماله وكسبه، ولم يكاتبه على أن يأخذ ثمن ولده، ولا ما أصيب من عقل جسده، فيأكله ويستهلكه، ولكن عقل جراحات المكاتب وولده الذين ولدوا في كتابته، أو كاتب عليهم يدفع إلى سيده، ويحسب ذلك له في آخر كتابته" والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(149/24)
شرح: الموطأ - كتاب المكاتب (3)
باب بيع المكاتب - باب سعي المكاتب - باب عتق المكاتب إذا أدى ما عليه قبل محله - باب ميراث المكاتب إذا عتق
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب بيع المكاتب:
قال مالك -رحمه الله-: إن أحسن ما سمع في الرجل يشتري مكاتب الرجل أنه لا يبيعه إذا كان كاتبه بدنانير أو دراهم، إلا بعرض من العروض يعجله ولا يؤخره؛ لأنه إذا أخره كان ديناً بدين، وقد نهي عن الكالئ بالكالئ.
قال: وإن كاتب المكاتب سيده بعرض من العروض من الإبل أو البقر أو الغنم أو الرقيق فإنه يصلح للمشتري أن يشتريه بذهب أو فضة، أو عرض مخالف للعروض التي كاتبه سيده عليها يعجل ذلك ولا يؤخره.
قال مالك -رحمه الله-: أحسن ما سمعت في المكاتب أنه إذا بيع كان أحق باشتراء كتابته ممن اشتراها إذا قوي أن يؤدي إلى سيده الثمن الذي باعه به نقداً، وذلك أن اشتراءه نفسه عتاقة، والعتاقة تُبدّأ على ما كان معها من الوصايا، وإن باع بعض من كاتب المكاتب نصيبه منه، فباع نصف المكاتب أو ثلثه أو ربعه أو سهماً من أسهم المكاتب، فليس للمكاتب فيما بيع منه شفعة، وذلك أنه يصير بمنزلة القطاعة، وليس له أن يقاطع بعض من كاتبه إلا بإذن شركائه، وأن ما بيع منه ليست له به حرمة تامة، وأن ماله محجور عنه، وأن اشتراءه بعضه يخاف عليه منه العجز لما يذهب من ماله، وليس ذلك بمنزلة اشتراء المكاتب نفسه كاملاً، إلا أن يأذن له من بقي له فيه كتابة، فإن أذنوا له كان أحق بما بيع منه.
قال مالك -رحمه الله-: لا يحل بيع نجم من نجوم المكاتب، وذلك أنه غرر إن عجز المكاتب بطل ما عليه، وإن مات أو أفلس وعليه ديون للناس لم يأخذ الذي اشترى نجمه بحصته مع غرمائه شيئاً، وإنما الذي يشتري نجماً من نجوم المكاتب بمنزلة سيد المكاتب، فسيد المكاتب لا يحاص بكتابة غلامه غرماء المكاتب، وذلك الخراج أيضاً يجتمع.
وكذلك.
أحسن الله إليك.(148/1)
وكذلك الخراج أيضاً يجتمع له على غلامه فلا يحاص بما اجتمع له من الخراج غرماء غلامه.
قال مالك -رحمه الله-: لا بأس بأن يشتري المكاتب كتابته بعين أو عرض مخالف لما كوتب به من العين أو العرض، أو غير مخالف معجل أو مؤخر.
قال مالك -رحمه الله- في المكاتب يهلك ويترك أم ولد وولد له صغاراً منها أو من غيرها، فلا يقوون على السعي، ويخاف عليهم العجز عن كتابتهم، قال: تباع أم ولد أبيهم إذا كان في ثمنها ما يؤدى به عنهم جميع كتابتهم أمهم كانت أو غير أمهم، يؤدى عنهم ويعتقون؛ لأن أباهم كان لا يمنع بيعها إذا خاف العجز عن كتابته، فهؤلاء إذا خيف عليهم العجز بيعت أم ولد أبيهم، فيؤدى عنهم ثمنها، فإن لم يكن في ثمنها ما يؤدى عنهم ولم تقو هي ولا هم على السعي رجعوا جميعاً رقيقاً لسيدهم.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا في الذي يبتاع كتابة المكاتب ثم يهلك المكاتب قبل أن يؤدي كتابته أنه يرثه الذي اشترى كتابته، وإن عجز فله رقبته، وإن أدى المكاتب كتابته إلى الذي اشتراها وعتق فولاؤه للذي عقد كتابته، ليس للذي اشترى كتابته من ولائه شيء.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب بيع المكاتب:
المكاتب الذي اشترى نفسه من سيده، كما فعلت بريرة مع مواليها، اشترت نفسها بتسع أواق ثم اشترتها عائشة -رضي الله عنها- فأعتقتها، فجاز بيع المكاتب، كاتبوها ثم باعوها إلى عائشة -رضي الله عنها-، فالمكاتب يجوز بيعه ومشتريه إما أن يستمر على نجوم الكتابة التي كانت على المكاتب من قبل من سيده الأول، أو يعتقه هو أفضل، لكن إذا اشتراه الثاني بعد أن كاتبه الأول هل يشتريه بنفس العملة التي كوتب عليها أو لا؟ الإمام مالك يقول: لا.
"قال مالك: إن أحسن ما سمع في الرجل يشتري مكاتب الرجل أنه لا يبيعه إذا كاتبه بدنانير أو دراهم، إلا بعرض من العروض يعجله ولا يؤخره؛ لأنه إذا أخره كان ديناً بدين، وقد نهي عن الكالئ بالكالئ".(148/2)
أولاً: لا بد من التغاير، إذا كوتب على دراهم ودنانير يشترى بعرض من العروض، يعني يشترى بما تباع به نسيئة؛ لأنه لو كوتب على عشرة آلاف كوتب على عشرة آلاف منجمة كل شهر ألف، ثم جاء المشتري فقال: أنا أريد أن أشتري هذا المكاتب بثمانية آلاف نقد، فكأنه اشترى العشرة المنجمة بثمانية نقد، وهذا هو الربا، يشتريه بعرض، يحصل هذا في معاملات الناس اليوم، يقدم الإنسان على صندوق التنمية العقاري، وينتظر سنين ثم يأتيه الدور ويصرف له ثلاثمائة ألف منجمة فيأتي من يقول: أنا أعطيك بمائتين وخمسين حالة، أعطيك بمائتين وخمسين حالة بها، أو يقول: أدخل مدخالك بالتنجيم ولو زدت علي ما شئت، أنا أعطيك مكسب مثلاً بها الثلاثمائة أعطيك خمسين وتطلع وأنزل منزلتك، هذا لا يجوز بحال؛ لأنه يشتري دراهم بدراهم أقل أو أكثر منها، لكن اشتراها بعروض، ثلاثمائة ألف قال: أعطيك خمس سيارات، أو أعطيك هذه السيارة معي تسوى خمسين أو ستين أو أربعين، وتطلع وأدخل مدخالك أنا اللي أسدد عنك.
في الصورة الأولى المبلغ كامل بعروض كاملة هذه ما فيها إشكال، في الصورة الثانية فيها إشكال وإلا ما فيها إشكال؟ نعم؟
طالب: فيها.
نعم، من جهة؟
طالب: من جهة الأخير.
ثلاثمائة بثلاثمائة وزيادة، فصارت نظير مد عجوة، ثلاثمائة بثلاثمائة وزيادة، فمثل هذه الصورة لا تجوز، إذا أراد أن يدخل مدخاله ويعطيه سيارات، ويعطيه عروض لا بأس في مقابل مبلغ كامل، أما أن يأخذ المبلغ ومعه زيادة فلا.
الإمام -رحمه الله تعالى- لحظ هذا، وقال: "إلا بعرض من العروض يعجله ولا يؤخره" لأنه لو باعه بعشرة آلاف منجمة كل شهر ألف، ثم اشتراه مشترٍ .. ، كاتبه على عشرة آلاف منجمة، ثم اشتراه مشتر بعشرة آلاف منجمة مثلاً أو بأحد عشر ألف أطول مدة، أو بعشرين ألف أطول مدة، أو بثمانية آلاف أقل مدة، هذا دين بدين، ولا يجوز بيع الكالئ بالكالئ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الصورة الأخيرة؟
طالب: هذه الصورة.
لا، لا ما هي بتورق.
طالب:. . . . . . . . .(148/3)
لا، لا لا، هي بيع دين بدين، كيف؟ لأن الذي اشترى العبد العبد مكاتب، لن يعود إلى الرق، فهو اشترى المبلغ الذي بذمة العبد من سيده، اشترى النجوم بنجوم أخرى فصار دين بدين، لكن لو قال له: أنت كاتبته على عشرة آلاف في كل شهر ألف، أنا أعطيك الآلة هذه تسوى ثمانية آلاف خذها الآن، وتستافي دفعة واحدة، هذا ما في ما يمنع، لكن لو قال: يعجله ولا يؤخره، لو قال: أنا أعطيك سيارة كاتبه على مائة ألف مثلاً، نعم كل شهر عشرة آلاف، قال: بدل ما تنتظر عشرة أشهر، انتظر سيارة مديل 2008م تبي تجي -إن شاء الله- بعد عشرة أشهر، وأعطيك إياها تسوى مائة ألف، صار هذا باع الدين بالدين، ينتفي المحظور من جهة؛ لأنه عرض بدراهم ما فيه إشكال، لكن يبقى دين بدين من هذه الحيثية يمنع.
طالب:. . . . . . . . . صورتين ما الذي يمنع؟
لا، هو ملك.
طالب:. . . . . . . . .
لو ألغي رجع إليه.
طالب:. . . . . . . . .
هو جرت العادة بهذا، ومن بيت المال الضمان معروف.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا مستقر، ما هو مثل دين الكتابة، دين الكتابة أقرب إلى عدم الاستقرار؛ لأنه في أي لحظة من اللحظات يعجز نفسه وينتهي، يرجع رقيق، فإذا جاز بيع دين الكتابة -بين المكاتب- مع عدم استقراره الاستقرار التام فلئن يجوز ذاك من باب أولى.
قال: "وإن كاتب المكاتب سيده بعرض من العروض من الإبل أو البقر أو الغنم أو الرقيق فإنه يصلح للمشتري أن يشتريه بذهب أو فضة، أو عرض مخالف للعروض التي كاتبه سيده عليها" يعني مما لا يشترك معه في علة الربا، يجوز؛ لأنه يجوز يباع به نسيئة، فلا مانع، يعجل ذلك ولا يؤخره، لماذا؟ لئلا يكون بيع دين بدين.
قال مالك: "أحسن ما سمعت في المكاتب أنه إذا بيع كان أحق باشتراء كتابته ممن اشتراها" من الأحق؟ المكاتب نفسه، "إذا قوي أن يؤدي إلى سيده الذي باعه به نقداً" يعني يدخل مدخل البائع الشاري، الآن الكتابة هل من شرطها أن تكون نجوم أو يجوز أن تكون حالة؟ جمهور أهل العلم على أنها لا بد أن تكون نجمين فأكثر، ما تكون حالة دفعة واحدة؛ لأنه لا يستطيع، متى يجمع المبلغ؟
طالب:. . . . . . . . .(148/4)
لا، خلنا على قول الجمهور، لكن متى يستطيع أن يدفع نقداً؟ اسمع يقول: "إذا قوي أن يؤدي لسيده الثمن الذي باعه به نقداً" نعم ماشي على مذهبه أنه يملك، لكن قولهم نجمين هل المراد النجمين أو الوقت المتسع لجمع الثمن؟ نعم لأنه لو قال نجم واحد، لكن بعد سنة صح، نعم؛ لأنه يمكنه أن يجمع خلال السنة نجوم الكتابة.
"وذلك أن اشتراءه نفسه عتاقة" يعني هو يعتق نفسه، ولذلك بيع الرقيق على من يعتقه أولى من بيعه على من يسترقه أو يكاتبه؛ لأن الشرع يتشوف إلى العتق.
"والعتاقة تُبدّأ على ما كان معها من الوصايا" يعني لو أوصى زيد بثلث ماله، منه ما يعتق منه الرقاب، ومنه ما يصرف على طلاب العلم، ومنه كذا وكذا في وجوه الخير تقدم إيش؟ العتاقة؛ لأنها فك رقبة.
"تبدأ على ما كان معها من الوصايا، وإن باع بعض من كاتب المكاتب نصيبه منه، فباع نصف المكاتب أو ثلثه أو ربعه أو سهماً من أسهم المكاتب، فليس للمكاتب فيما بيع منه شفعة" يعني دين الكتابة لا تدخله الشفعة، "وذلك أنه يصير بمنزلة القطاعة" التي تقدم الحديث عنها بالأمس، يعني لو صار الرقيق –العبد- بين اثنين، نعم كاتباه على عشرة عشرين ألف مثلاً، كل شهر ألف لكل واحد لمدة عشرة أشهر، فقال أحدهما: أنا أريد خمسة معجلة، وخمسة أشهر بدل عشرة أشهر، أو ستة أو سبعة، هذه يسمونها إيش؟ قطاعة، طيب هل للثاني أن يشفع؟ قال: لا أنا أريده بستة بدل ما .. ، أنا أعطيك الآن ستة وتصير المكاتبة كلها لي.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما في دين بدين، ما هو قلنا: إن القطاعة من باب ضع وتعجل، صح وإلا لا؟ الثاني اللي ما قاطع هذا الذي له عشرة آلاف كل شهر ألف قال: أنا أعطيك نصيبك ستة آلاف الآن، وأنا أتولى الكتابة، تصير الألفين كلهن لي لمدة عشرة أشهر.
طالب: ربا.
ويش لون ربا؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني ما يدخل فيه مسألة ضع وتعجل؟
طالب: يبيعها للشخص نفسه.(148/5)
للمدين نفسه، اسمع ويش يقول الإمام: "وإن باع بعض من كاتب المكاتب نصيبه منه، فباع نصف المكاتب أو ثلثه أو ربعه أو سهماً من أسهم المكاتب، فليس للمكاتب فيما بيع منه شفعة" يعني لو أن المكاتب نفسه نعم سدد بعض نجوم الكتابة، واستحق عتق النصف مثلاً، وبقي النصف الثاني، فباع النصف الثاني على شخص آخر من نجوم الكتابة، ما هو بيع المكاتب جائز؟ لو قال: الرقيق أنا أشفع، أنا أدفع المبلغ يصح وإلا ما يصح؟ على كلام الإمام "فليس للمكاتب فيهما بيع منه شفعة، وذلك أنه يصير بمنزلة القطاعة، وليس له أن يقاطع بعض من كاتبه إلا بإذن شركائه" لأنه يجوز لهم في هذه الصورة بإذن الشريك، يعني ما تؤخذ منه قهراً من الشريك كما في الشفعة، بينما القطاعة بإذن الشريك على ما تقدم "وأن ما بيع منه ليست له به حرمة تامة" يعني ما زال الرق متصور أن يعود إلى الرق في كل لحظة، يعجز عن الكسب وخلاص يرجع إلى الرق "وأن ما بيع منه ليست له به حرمة تامة، وأن ماله محجور عنه" يعني لا يتصرف فيه؛ لئلا يفوت مصلحة المكاتب "وأن اشتراءه بعضه يخاف عليه منه العجز" إذا اشترى بعضه مع النجوم -نجوم الكتابة- الثانية نعم إذا قال: أنا أدفع لك خمسة آلاف كاش، وهي نجوم عشرة، يمكن يتصور منه العجز في وقت من الأوقات، ثم يعود رقيقاً "وأن اشتراءه بعضه يخاف عليه منه العجز؛ لما يذهب من ماله، وليس ذلك بمنزلة اشتراء المكاتب نفسه كاملاً، إلا أن يأذن له من بقي له فيه كتابة" لأن الحق لا يعدوهم، فإن أذنوا له كان أحق بما بيع منه، لماذا؟ لأنه عتق، إذا اشترى شيئاً من نفسه وقدم قيمته هذا يعتق منه بقدره.
"قال مالك: لا يحل بيع نجم من نجوم المكاتب" الآن باع الرقيق على نفسه، كاتبه على اثنا عشر ألف، بدءاً من محرم إلى نهاية ذي الحجة، نعم، فقال واحد: أنا أشتري منك قسط رمضان ما هو بألف، أنا أعطيك ها الكتاب يسوى ثمانمائة، خذه الآن، يجوز إلا ما يجوز؟
طالب: لا يجوز.
لماذا؟
طالب: لأنه اشترى مال بمال.
لا، لا ما هو مال بمال، هذا دراهم وهذا كتاب، ألف بكتاب يسوى ثمانمائة، ما هو المنع من هذه الحيثية؛ لأن الدين ليس بثابت، يمكن يعجز نفسه في رجب، نعم الدين ليس بثابت.(148/6)
"لا يحل بيع نجم من نجوم المكاتب، وذلك أنه غرر إن عجز المكاتب بطل ما عليه، وإن مات أو أفلس وعليه ديون للناس لم يأخذ الذي اشترى نجمه بحصته مع غرمائه شيئاً، وإنما الذي يشتري نجماً من نجوم المكاتب بمنزلة سيد المكاتب" يضيع عليه مثلما يضيع على السيد "فسيد المكاتب لا يحاص بكتابة غلامه غرماء المكاتب" لماذا؟ "لأن دينه ليس بمستقر، وديونهم مستقرة، فتقدم عليه، وكذلك الخراج أيضاً يجتمع له على غلامه فلا يحاص بما اجتمع له من الخراج غرماء غلامه" لأن الخراج أيضاً ليس بثابت، إذا قال للغلام: أنا أتركك تروح تترزق الله، وأنت تملك يعني على مذهب الإمام -رحمه الله- يملك، فيتركه يشتغل، يقول: على أن تؤمن لي كل شهر ألف، خراج، وأنت اكسب ألفين، ثلاثة آلاف، ألف وخمس، خمسمائة ما علي منك، هذه خراج يسمونه، هل له أن يحول على هذا الألف الذي خارجه عليه؟ لا، ليس بمستقر.
نأتي إلى العمال مثلاً، أتى بعامل وكفله، وضمن له أسباب القدوم إلى هذا البلد مثلاً، وقال له: خلاص أنا مقابل أتعابي والفيزة، والمطالبات والمراجعات، أنا أتركك، روح للسوق اشتغل الله يرزقك، لكن تأمن لي كل شهر ألف، يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز له أن يأخذ أجرة المثل فقط، وما عدا ذلك فهو على الجاه، وهل يجوز الأخذ في مقابل الجاه أو لا يجوز؟ يعني هو الآن خسر عليه ستة آلاف فيزة وأتعاب ومكاتب، وما أدري إيش؟ خسر عليه ستة آلاف، وقال: خلاص أنت جيت سنتين أمن لي كل شهر ألف، يعني أربعة وعشرين ألف في السنتين، يجوز وإلا ما يجوز؟ ما يجوز، ليس له إلا ما تعب عليه، يعني أجرة المثل، يعني يأخذ الستة التي دفعها وتعبه عليه وروحاته وجيئاته وتقدر وما عدا ذلك فلا يجوز، ولا يقال هذا مثل خراج الرقيق، ليس برقيق هو حر.
"قال مالك: لا بأس بأن يشتري المكاتب كتابته بعين أو عرض مخالف لما كوتب به من العين أو العرض" يعني سواءً اشتراه هو أو اشتراه غيره لا بد أن يكون بما يجوز أن يباع به نسيئة.
"أو عرض مخالف لما كوتب به من العين أو غير مخالف" المهم أنه من العرض، يعني سواءً يشترك مع في علة الربا أو لا يشترك، لكنه معجل أو مؤخر.(148/7)
شوف الآن "لا بأس بأن يشتري المكاتب كتابته بعين أو عرض مخالف لما كوتب به من العين أو العرض، أو غير مخالف، معجل أو مؤخر" الآن ويش الفرق بين هذه المسألة والمسألة الأولى؟ المسألة الأولى قال الإمام مالك: لا يجوز؛ لأنه يصير ربا، والتأخير يصير من بيع الدين بالدين، وهنا قال: يجوز مخالف وغير مخالف، معجل أو مؤخر؛ لأن الصورة الأولى في ثلاثة أطراف، والصورة الأخيرة فيها طرفان، المكاتب نفسه، الآن كوتب على اثنا عشر ألف، كل شهر ألف، نعم لو عجل قال: لا، أنا بدل اثنا عشر ألف بأعطيك عشرة آلاف بثمانية أشهر، نعم، أو أبعطيك كذا مؤخر، لكن هل يجوز أن يقول: بأعطيك عشرين ألف لمدة ثلاث سنين؟ لأنه قال: مخالف أو غير مخالف، معجل أو مؤخر.
طالب:. . . . . . . . .
على كلامه نعم، لكن هل يجوز؟ يجوز وإلا ما يجوز؟ التعجيل ضع وتعجل سهل يعني ما في إشكال، لكن التأخير، هذا ما هو بربا الجاهلية؟ نعم؟ هذا ربا الجاهلية وإلا لا؟ الآن نظرنا أمس قريب من هذه الصورة ويش قلنا؟ قلنا: لو أن شخصاً اشترى سيارة بخمسين ألف لمدة ثلاث سنوات، ولما دفع قسط قسطين وجد أن الراتب ما يفي، ويشق عليه، قال: خمس سنوات، وقلل القسط، يصير شيء يتحمله ويزيد في المدة، يجوز وإلا ما يجوز؟
طالب: يجوز.
لا، لا ما هو بنفس المبلغ، لا لا يزيد عليه؛ لأنه قال هنا: "بعرض مخالف لما كتب، معجل أو مؤخر" يجوز وإلا ما يجوز؟ ما يجوز، هنا يجوز ليش؟
طالب:. . . . . . . . .
لأنه كأنه رجع السيارة على صاحبها، وقال: بعها علي من جديد، أنا والله عجزت خذ سيارتك، قال: خلاص قبلت، ثم باعها عليه مرة ثانية؛ لأن الرقيق بمثابتها، الرقيق هل هو بمنزلة المشتري وإلا بمنزلة السيارة؟
طالب: السيارة.(148/8)
بمنزلة السيارة، هناك فرق دقيق بين الصورتين، ولذا قال الإمام: لا ما في فرق بين يعجل ولا يقدم ولا يؤخر بنفس العرض وإلا بغيره ما يختلف، فصار بمنزلة كأنه هو السلعة، قال: خلاص أنا أرجع السلعة، هو ما هو السلعة؟ العبد هو السلعة، قال: خلاص أنا أرجع إلى الرق بدل ما هي لمدة سنة تشق عليه خلها سنتين وزد، كما لو رجع السيارة قال: أنا والله ما أستطيع ثلاثة آلاف، وراتبي خمسة آلاف، ما أستطيع، لكن خذ سيارتك، أقلني جزاك الله خير يقيله، ثم بعد ذلك يقول: بعها علي لمدة خمس سنوات كل شهر ألف، يعني يختلف الوضع هذا عن هذا، يعني التنظير تنظير العبد في السيارة، لا تنظيره بالمشتري، وإن كان في حقيقة الأمر مشتري؛ لأنه اشترى نفسه، ففيه شبه من المشتري من جهة، وشبه من السلعة من جهة، وحينئذٍ يستعمل فيه قياس الشبه، قياس الشبه، هو في الحقيقة هو السلعة، فهو مثل السيارة، وهو في الحقيقة هو المشتري فهو بمثابة المشتري للسيارة، لكن هو أقرب إلى السلعة، ولذلك لما استعملوا فيه قياس الشبه هل يلحق بالإنسان؛ لأنه له إرادة، وله تصرف، وله عقل يدرك به ما ينفعه، ويدفع عنه ما يضره، أو مثل السلع التي تباع وتشترى، هو ما دام في الرق أقرب ما يكون إلى السلع.
"قال مالك في المكاتب يهلك ويترك أم ولد، وولداً له صغاراً منها أو من غيرها" كيف يترك أم ولد؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم عنده يملك، عند مالك، كل هذا على رأي مالك، لكن ما يجي هذا على رأي الجمهور أنه لا يملك، نعم، "في المكاتب يهلك ويترك أم ولد وولداً له صغاراً منها أو من غيرها، فلا يقوون على السعي" يعني كوتبوا وكوتبت معهم، كوتب الأولاد الصغار معه، هم لا يستطيعون الكسب "فلا يقوون على السعي، ويخاف عليهم العجز عن كتابتهم" وحينئذ يعودون أرقاء، "قال: تباع أم ولد أبيهم تباع" لماذا قدمت ولا قدم الأولاد؟ نعم؟
طالب: تابع لأبوهم.
كيف تابع؟
طالب: يعني. . . . . . . . .
الآن ما خلصت تباع رقيق، تبي ترجع رقيقة ثانية، تباع على واحد يسترقها.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .(148/9)
لأنه يمكن استقلالها بالعقد دون الأولاد؛ لأنهم كوتبوا تبعاً لأبيهم، ويمكن أن تستقل بعقد، الأمر الثاني: أنه من باب .. ، من حيث النظر أصلها مملوكة، وهي زوجة، والأولاد ألصق بأبيهم من زوجته، يمكن أن يستغني عنها في يوم من الأيام فتصير أجنبية بعيدة كل البعد عنه، بخلاف أولاده مهما فعل ومهما بذل من أي سبب من الأسباب، لا يمكن أن يستغني عنهم ويستغنوا عنه، فكتابة أم الولد أسهل من كتابة الأولاد.
قال: "تباع أم ولد أبيهم، إذا كان في ثمنها ما يؤدى به عنهم جميع كتابتهم، أمهم كانت أو غير أمهم، يؤدى عنهم ويعتقون؛ لأن أباهم كان لا يمنع بيعها إذا خاف العجز عن كتابته" لكن يمنع بيع أولاده، نعم، هو يدافع عن أولاده، لكن هذه المرأة الأجنبية التي في يوم من الأيام تنفصل عنه، ويتصور انفصالها انفصالاً تاماً "لأنه لا يمنع بيعها إذا خاف العجز عن كتابته، فهؤلاء إذا خيف عليهم العجز بيعت أم ولد أبيهم، فيؤدى عنهم ثمنها، فإن لم يكن في ثمنها ما يؤدى عنهم ولم تقوَ هي ولا هم على السعي رجعوا جميعاً رقيقاً لسيدهم" الآن ما في حل إلا أن يرجعوا.(148/10)
"قال مالك: الأمر عندنا في الذي يبتاع كتابة المكاتب ثم يهلك المكاتب قبل أن يؤدي كتابته أنه يرثه الذي اشترى كتابته" لأنه هو المولى الحقيقي، الأول ببيعه على الثاني انتهى، مثل موالي بريرة بعد شراء عائشة لها، الآن إذا تداول الناس الرقيق عشرة تبايعوه، لمن ولاؤه؟ للأخير منهم، وهنا "الأمر عندنا في الذي يبتاع كتابة المكاتب ثم يهلك المكاتب قبل أن يؤدي كتابته أنه يرثه الذي اشترى كتابته، وإن عجز فله رقبته" يعني هذا متصور قبل الهلاك "وإن أدى المكاتب كتابته إلى الذي اشتراها وعتق فولاؤه للذي عقد كتابته، ليس للذي اشترى كتابته من ولائه شيء" كيف؟ ليس للذي اشترى كتابته من ولائه شيء، لماذا؟ الآن الشراء والبيع على الكتابة أو على الرقيق؟ نعم ما هو على الرقيق، لو كان البيع والشراء على الرقيق صار الولاء للآخر، لكن لما كان الشراء والبيع على الكتابة صار الولاء للأول، ترى المسألة تحتاج إلى نباهة شوي، بينهم فرق، كيف؟ يعني تأتي إلى الرقيق شخص عنده رقيق، فيقول: أكاتبك على اثنا عشر ألف، كل شهر ألف، وبعد سنة يتحرر يصير حر، ويبقى ولاؤه لمن؟ للذي كاتبه، جاء شخص قال: أنا با أشتريه منك، بعشرة آلاف خذهن الآن، أبا أشتري منك الرقيق بعشرة آلاف الآن، يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز؛ لأنه اشترى الرقيق ما اشترى المكاتبة، دين المكاتبة، يجوز، ويكون ولاؤه للثاني، طيب جاء وقال: أنا أشتري منك الاثنا عشر ألف دين الكتابة بيشتري، ما يشتري المكاتب، بيشتري ها الاثنا عشر ألف بسيارة وإلا بآلة من الآلات، فاشترى دين الكتابة ما اشترى الرقيق، فولاءه للأول، فمن هنا يأتي الفرق.
سم.
أحسن الله إليك.
باب سعي المكاتب:
حدثني مالك أنه بلغه أن عروة بن الزبير وسليمان بن يسار سئلا عن رجل كاتب على نفسه وعلى بنيه ثم مات، هل يسعى بنو المكاتب في كتابة أبيهم أم هم عبيد؟ فقالا: بل يسعون في كتابة أبيهم ولا يوضع عنهم لموت أبيهم شيء.
قال مالك -رحمه الله-: وإن كانوا صغاراً لا يطيقون السعي لم ينتظرُ
لم ينتظرْ، لم ينتظرْ.(148/11)
لم ينتظرْ بهم أن يكبروا، وكانوا رقيقاً لسيد أبيهم، إلا أن يكون المكاتب ترك ما يؤدى به عنهم نجومهم إلى أن يتكلفوا السعي، فإن كان فيما ترك ما يؤدى عنهم أدي ذلك عنهم، وتركوا على حالهم حتى يبلغوا السعي، فإن أدوا عتقوا، وإن عجزوا رقوا.
قال مالك -رحمه الله- في المكاتب يموت ويترك مالاً ليس فيه وفاء الكتابة، ويترك ولداً معه في كتابته وأم ولد، فأرادت أم ولده أن تسعى عليهم: إنه يدفع إليها المال إذا كانت مأمونة على ذلك قوية على السعي، وإن لم تكن قوية على السعي ولا مأمونة على المال لم تعطَ شيئاً من ذلك ورجعت هي وولد المكاتب رقيقاً لسيد المكاتب.
قال مالك -رحمه الله-: إذا كاتب القوم جميعاً كتابة واحدة، ولا رحم بينهم فعجز بعضهم، وسعى بعضهم حتى عتقوا جميعاً، فإن الذين سعوا يرجعون على الذين عجزوا بحصة ما أدوا عنهم؛ لأن بعضهم حملاء عن بعض.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب سعي المكاتب:
يعني سعيه وعمله من أجل خلاص رقبته.
قال: "حدثني مالك أنه بلغه أن عروة بن الزبير وسليمان بن يسار -وهما من الفقهاء السبعة من التابعين- سئلا عن رجل كاتب على نفسه وعلى بنيه" عبد عنده خمسة أولاد قال لسيده: أكاتب على نفسي وعلى أولادي بمائة ألف كل شهر ألف، تصح الكتابة وإلا ما تصح؟ تصح الكتابة "كاتب على نفسه وعلى بنيه ثم مات، هل يسعى بنو المكاتب في كتابة أبيهم أم هم عبيد؟ فقالا: بل يسعون في كتابة أبيهم" يعني إذا كانوا يستطيعون ذلك، يسعون في كتابة أبيهم، يعني معهم المائة ألف ما ينزل منها شيء، ما يقال: راح الأب اللي نصيبه في الكتابة عشرين ألف مثلاً، تنزل العشرين؟ لا "بل يسعون في كتابة أبيهم، ولا يوضع عنهم لموت أبيهم شيء" وجاء في الخبر أنه يوضع عن المكاتب الربع، يوضع عنه الربع، فإذا لم يبق عليه إلا الربع يتنازل عنه المكاتِب؛ لأنه يعان على هذا.(148/12)
هؤلاء إذا كانوا يستطيعون، إن كانوا يستطيعون يسعون في كتابة أبيهم "وإن كانوا صغاراً لا يطيقون السعي لم ينتظر بهم أن يكبروا" لأن هذا يضر بسيدهم، لكن إن استطاعوا بالسؤال، أو تبرع أحد من المسئولين يسأل، يسأل الناس يقول: هؤلاء كوتبوا ومات والدهم ونسعى في خلاصهم، نعم، يجوز ذلك ما في إشكال.
"وكانوا رقيقاً لسيد أبيهم" يعودون أرقاء "إلا أن يكون المكاتب ترك ما يؤدى به عنهم نجومهم" ترك بيت، أبوهم ترك بيت، وهذا على رأي الإمام مالك في كونه يملك، ترك بيت قيمته مائة ألف، يدفع البيت ويكونون أحرار "أدي ذلك عنهم، وتركوا على حالهم حتى يبلغوا السعي، فإن أدوا عتقوا، وإن عجزوا رقوا" هذا واضح أنهم إن أدوا من قيمة هذا البيت ما يقابل دين الكتابة فإنهم يتحررون، ويعتقون، وإن عجزوا بأن كان البيت لا يستحق من الثمن ما يؤدى به دين الكتابة رجعوا إلى الرق.
"قال مالك في المكاتب يموت ويترك مالاً ليس فيه وفاء الكتابة، ويترك ولداً معه في كتابته وأم ولد" في المكاتب يموت ويترك مالاً ليس فيه وفاء الكتابة، يعني الكتابة قلنا: مائة ألف، والبيت ما يجيب خمسين ألف، "ويترك ولداً معه في كتابته وأم ولد، فأرادت أم ولده أن تسعى عليهم: إنه يدفع إليها المال" الخمسين الألف تعطى إياها "إذا كانت مأمونة على ذلك، قوية في السعي" يقال: يا الله اشتغلي بها الخمسين، على شان إيش؟ تنمو هذه الخمسين وتسدد دين الكتابة "وإن لم تكن قوية على السعي، ولا مأمونة على المال لم تعط شيئاً من ذلك، ورجعت هي وولد المكاتب رقيقاً لسيد المكاتب" لأنه إن أمكن العمل بهذا المال الذي يقل عن دين الكتابة؛ لأن الشرع يتشوف إلى العتق، فيشتغل بهذا المال وبعد ذلك يعتقون، لكن لا بد أن يكون الذي يعمل قادر على السعي، وأيضاً مأمون، ثقة.
"قال مالك: إذا كاتب القوم جميعاً كتابة واحدة، ولا رحم بينهم فعجز بعضهم، وسعى بعضهم حتى عتقوا جميعاً" يعني إذا كان بينهم رحم، وبعضهم يستطيع أن يشتغل، وبعضهم ما يستطيع، وأدى واحد منهم عن الجميع انتهى الإشكال، لكن ما بينهم رحم، بعيدين كل البعد، كل واحد بعيد عن الآخر، ثم بعد ذلك سعى عليهم وأعتقهم يرجع عليهم فيما صرف عليهم.(148/13)
يقول: "وسعى بعضهم حتى عتقوا جميعاً، فإن الذين سعوا يرجعون على الذين عجزوا بحصة ما أدوا عنهم؛ لأن بعضهم حملاء عن بعض" كما تقدم في باب سبق، الحمالة في الكتابة، نعم.
أحسن الله إليك.
باب عتق المكاتب إذا أدى ما عليه قبل محله:
حدثني مالك -رحمه الله- أنه سمع ربيعة بن أبي عبد الرحمن وغيره يذكرون أن مكاتباً كان للفرافصة بن عمير الحنفي، وأنه عرض عليه أن يدفع إليه جميع ما عليه من كتابته فأبى الفرافصة، فأتى المكاتب مروان بن الحكم -وهو أمير المدينة-، فذكر ذلك له، فدعا مروان الفرافصة فقال له ذلك فأبى، فأمر مروان بذلك المال أن يقبض من المكاتب فيوضع في بيت المال، وقال للمكاتب: اذهب فقد عتقت، فلما رأى ذلك الفرافصة قبض المال.
قال مالك -رحمه الله-: فالأمر عندنا أن المكاتب إذا أدى جميع ما عليه من نجومه قبل محلها جاز ذلك له، ولم يكن لسيده أن يأبى ذلك عليه، وذلك أنه يضع عن المكاتب بذلك كل شرط أو خدمة أو سفر؛ لأنه لا تتم عتاقة رجل وعليه بقية من رق، ولا تتم حرمته، ولا تجوز شهادته، ولا يجب ميراثه، ولا أشباه هذا من أمره، ولا ينبغي لسيده أن يشترط عليه خدمة بعد عتاقته.
قال مالك -رحمه الله- في مكاتب مرض مرضاً شديداً، فأراد أن يدفع نجومه كلها إلى سيده؛ لأن يرثه ورثة له أحرار، وليس معه في كتابته ولد له، قال مالك -رحمه الله-: ذلك جائز له؛ لأنه تتم بذلك حرمته، وتجوز شهادته، ويجوز اعترافه بما عليه من ديون الناس، وتجوز وصيته، وليس لسيده أن يأبى ذلك عليه بأن يقول: فر مني بماله.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب عتق المكاتب إذا أدى ما عليه قبل محله:(148/14)
افترضنا أن هذا الرقيق كوتب على اثنا عشر ألف، ثم جاء بها منجمة كل شهر ألف، ثم جاء بها دفعة واحدة، يلزم القبول وإلا ما يلزم القبول؟ لو أن لزيد على عمرو دين قيمة سيارة، خمسين ألف كل شهر خمسة آلاف، لمدة عشرة أشهر، ثم جاء بالمبلغ كامل قال: خذ، يلزم وإلا ما يلزم؟ إذا قال: لا، أنا ما أبيهن الآن، أنت أعطيتني إياها الآن أبا أكلهن وأجلس عشرة أشهر ما عندي شيء، لكن خلهن خمسة آلاف شهري آكلهن بالتوقيت أفضل لي، أو أخشى عليهن يسرق المال، يلزم وإلا ما يلزم؟ هاه؟ عقد لو قال: أنا والله الخمسين الألف لو جبت لي خمسة آلاف أو خمسين ما في فرق، أيام وهن منتهيات، فخلهن عندك أنا ما أبيهن، أنا ما تعاقدت، أوفوا بالعقود، العقد بيننا وبينك عشرة أشهر، وإذا جاءنا خمسين ألف أكلتهن بيوم، وبعد ذلك جلست عشرة أشهر ما عندي شيء، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا خلنا بدين عادي.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، بعض الناس عنده تخطيط تدريجي يختلف عنه فوري، يقول بعض الناس: الآن أنا ما أنا بحاجة بيت، أشتري بيت أقساط، أنا عندي بيت ما أحتاجه، ولو زاد علي مائة ألف، لكني أستطيع أن أوفر بهذا البيت، أستطيع أن أوفر لو أجلس عشر سنين ما جمعت قيمة بيت، وكونه يزيد على البيت بخمسمائة يصير بستمائة خلال عشر سنين، أنا في النهاية عندي خمسمائة ألف، لكن لو أتركه، وأصرف خمسمائة آلاف، عشرة آلاف في الشهر ما في فرق، وفي نهاية عشر سنين ما عندي شيء، قل مثل هذا في التعجيل، يقول: أعطاني الخمسين ألف أكلتهن بيوم؛ لأن بعض الناس أخرق، ما يستطيع يتصرف، فيقول: أنا أخليهن عندك، أنا ما أبيهن أنا، هل يلزم بأن يتركها؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(148/15)
ما هم اتفقوا على أن الدين لمدة عشرة أشهر، قال: خذهن الآن، قال: ما أبيهن، على حسب ما اتفقنا، يختلف الأمر فيما إذا كان حفظها يحتاج إلى مئونة، أو لا يحتاج إلى مئونة، يعني لو شال ها الخمسين الألف ووداهن بنك، وقالوا: نأخذ في مقابل حفظها عشرة بالمائة، يلزمه وإلا ما يلزمه؟ وهي محفوظة في ذمة المدين، الآن لو أن شخصاً في مسألة القرض أو في مسألة الدين، أدانه بمبلغ أو أقرضه مبلغ على أن يسلمه المبلغ في مكة، وهو في الرياض، التخطيط على أنه في وقت الوفاء يكون بمكة، وقت الوفاء إجازة مثلاً، وقد اعتاد أن يكون في الإجازات بمكة، حصل له مانع ما راح لمكة جلس بالرياض، أن يلزمه الوفاء؟ لو كانوا كلهم بالرياض مثلاً، ومن مصلحة الجميع أن يسدده بالرياض، نعم، إذا اصطلحوا على ذلك الأمر لا يعدوهم، لكن إذا قال: لا، أنا ما أسلمك إلا بمكة، يلزمه أن يسلمه بالرياض؟ ما يلزمه، ولو قال: أنا ما أستلمه منك إلا بمكة، وهم كلهم بالرياض ما يلزم، فهم على شروطهم، إذا كان قبض المال، إذا كان وجود المال، حفظ المال نعم يحتاج إلى مئونة، ويحتاج إلى كلفة ما يلزمه قبوله قبل حلوله، هذا في الدين الحر، هنا الآن ماذا يقول؟ إذا أدى ما عليه قبل محله، القصة معروفة قصة الفرافصة قال: "حدثني مالك أنه سمع ربيعة بن أبي عبد الرحمن وغيره يذكرون أن مكاتباً كان للفرافصة بن عمير الحنفي، وأنه عرض عليه أن يدفع إليه جميع ما عليه من كتابته فأبى الفرافصة، فأتى المكاتب مروان بن الحكم -وهو أمير المدينة-، فذكر ذلك له، فدعا مروان الفرافصة، فقال له ذلك فأبى، فأمر مروان بذلك المال أن يقبض من المكاتب فيوضع في بيت المال، وقال للمكاتب: اذهب فقد عتقت، فلما رأى ذلك الفرافصة قبض المال.
الآن مروان نظر إلى أن الشرع يتشوف إلى العتق، ويخشى أن يتصرف هذا الرقيق بهذا المال ثم يعود رقيقاً.
الفرافصة قال: لا، أنا لا أقبل المال؛ لأنه احتمال أنه يسيء تصرفه، أو يذهبه بمدة يسيرة، احتمال أن يكون يريد خدمة، شرط عليه خدمته أثناء الكتابة، أو يتوقع أنه يعجز في وقت من الأوقات ويعود رقيق، نعم، هذه احتمالات، لكن مروان ألزمه به.(148/16)
"قال مالك: فالأمر عندنا أن المكاتب إذا أدى جميع ما عليه من نجومه قبل محلها جاز ذلك له، ولم يكن لسيده أن يأبى ذلك عليه" لماذا؟ لأنه وفاء وزيادة، التعجيل زيادة، وليس بنقص، بدليل أن التأخير يتطلب مزيد في القيمة، فدل على أن التعجيل فيه الوفاء والزيادة "وذلك أنه يضع عن المكاتب بذلك كل شرط أو خدمة أو سفر؛ لأنه لا تتم عتاقة رجل وعليه بقية من رق" يعني ما زال الرجل ناقص، ولو بقي عليه نجم واحد، نعم "ولا تتم حرمته، ولا تجوز شهادته، ولا يجب ميراثه، ولا أشباه هذا من أمره، ولا ينبغي لسيده أن يشترط عليه خدمة بعد عتاقه" يعني بعد العتاق انتهى، ليس له عليه سلطان، أما قبل العتاقة يشترط الخدمة.
"قال مالك في مكاتب مرض مرضاً شديداً، فأراد أن يدفع نجومه كلها إلى سيده؛ لأن يرثه ورثة له أحرار، وليس معه في كتابته ولد له، قال مالك: ذلك جائز" يقول: مرض مرضاً شديداً، مكاتب مرض مرضاً شديداً، فأراد أن يدفع نجومه كلها إلى سيده، يعني تصور في مكاتب عنده أموال كثيرة، وعنده ما يفي به الدين؛ لأن يرثه ورثة له أحرار، وليس معه .. ، يخشى أن يموت ثم يرثه السيد، الآن هو يريد أن ورثته أولاده يرثونه، وليس معه في كتابته ولد له، يعني الكتابة به فقط، وأما أولاده كلهم أحرار قبل ذلك، أعتقوا قبل ذلك "قال مالك: ذلك جائز له؛ لأنه تتم بذلك حرمته، وتجوز شهادته" لا شك أن الحرية وتمامها أمر مطلوب شرعاً، وهو كمال، والشرع يطلب الكمال "ويجوز اعترافه بما عليه من ديون الناس، وتجوز وصيته، وليس لسيده أن يأبى ذلك عليه بأن يقول: فر مني بماله" يعني مثل هذه الصورة يعاقب بنقيض قصده؟ لا؛ لأنه يطلب الكمال، والكمال مطلوب شرعاً، نعم.
أحسن الله إليك.
باب ميراث المكاتب إذا عتق:
حدثني مالك -رحمه الله- أنه بلغه أن سعيد بن المسيب سئل عن مكاتب كان بين رجلين فأعتق أحدهما نصيبه، فمات المكاتب، وترك مالاً كثيراً، فقال: يؤدى إلى الذي تماسك بكتابته الذي بقي له، ثم يقتسمان ما بقي بالسوية.(148/17)
قال مالك -رحمه الله-: إذا كاتب المكاتب فعتق فإنما يرثه أولى الناس بمن كاتبه من الرجال يوم توفي المكاتب من ولد أو عصبة، قال: وهذا أيضاً في كل من أعتق، فإنما ميراثه لأقرب الناس ممن أعتقه من ولد أو عصبة من الرجال يوم يموت المعتق، بعد أن يعتق ويصير موروثاً بالولاء.
قال مالك -رحمه الله-: الإخوة في الكتابة بمنزلة الولد إذا كوتبوا جميعاً كتابة واحدة، إذا لم يكن لأحد منهم ولد كاتب عليهم، أو ولدوا في كتابته، أو كاتب عليهم ثم هلك أحدهم، وترك مالاً، أدي عنهم جميع ما عليهم من كتابتهم وعتقوا، وكان فضل المال بعد ذلك لولده دون إخوته.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب ميراث المكاتب إذا عتق:
إذا عتق لا شك أن الولاء من أسباب الإرث، لكن إذا لم يوجد من هو أقوى منه، وأقرب منه، إذا لم يوجد عصبه فإنه يرث بالولاء.
يقول: "حدثني مالك ... " يرث المولى المعتق، ويرث أيضاً لو قدر أنه مات المولى المعتق يرث ورثته من العصبة المتعصبون بأنفسهم لا بغيرهم، ولا مع غيرهم، يعني العصبة بالنفس هم الذي يرثون بعد المولى المعتق.
قال: "حدثني مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب سئل عن مكاتب كان بين رجلين فأعتق أحدهما نصيبه، فمات المكاتب، وترك مالاً كثيراً، فقال: يؤدى إلى الذي تماسك بكتابته" يعني ما تنازل، كاتبوه على عشرين ألف، لكل واحد ألف، فقال واحد: أنا خلاص تنازلت، والثاني تمسك، فقال: "يؤدى إلى الذي تماسك بكتابته الذي بقي له، ثم يقتسمان ما بقي بالسوية" سدد خمسة آلاف لهذا، وخمسة آلاف لهذا، فقال أحدهما: أنا تنازلت عن الخمسة الباقية، وواحد تماسك، مات الرقيق وعنده عشرة آلاف، وعليه لهذا خمسة، يأخذ الخمسة وتقسم الخمسة الباقية بين الاثنين.
"قال مالك: إذا كاتب المكاتب فعتق فإنما يرثه أولى الناس بمن كاتبه من الرجال يوم توفي المكاتب من ولد أو عصبة" الآن الذي مات الرقيق أو السيد؟ إذا كاتب المكاتب فعتق فإنما يرثه أولى الناس بمن كاتبه، إذا كاتب المكاتب فعتق، المكاتب يعني، فإنما يرثه أولى الناس بمن كاتبه من الرجال، يوم توفي المكاتب من ولد أو عصبة، يعني هل المقصود ورثة المكاتَب الرقيق أو ورثة المكاتِب؟ هاه؟(148/18)
طالب:. . . . . . . . .
إذا كاتب المكاتَب فعتق انتهى سدد الديون، أو أعتق تنوزل عما بقي من دين الكتابة، فإنما يرثه أولى الناس بمن كاتبه من الرجال، الضمير يرثه يعود إلى المكاتب، ما زال السياق له، أولى الناس بمن كاتبه، السيد، نعم، إذا كان .. ، إذا افترضنا أنه توفي قبله، نعم يرثه ورثته المتعصبون بأنفسهم، يوم توفي المكاتب من ولد أو عصبة.
قال: "وهذا أيضاً في كل من أعتق، فإنما ميراثه لأقرب الناس ممن أعتقه، وهم عصبته، من ولد أو عصبة من الرجال" لا المتعصبون بغيرهم ولا مع غيرهم؛ لأن البنت قد تكون عصبة مع أخيها، والأخت قد تكون عصبة مع البنت ثم "يوم يموت المعتق بعد أن يعتق ويصير موروثاً بالولاء".
"قال مالك: الإخوة في الكتابة بمنزلة الولد إذا كوتبوا جميعاً كتابة واحدة" خمسة من الإخوة بعقد واحد، كوتبوا بمائة ألف، وإن كان بعضهم يسوى عشرين، وبعضهم ثلاثين، وبعضهم عشرة، وبعضهم خمسة عشر، نعم "إذا كوتبوا جميعاً كتابة واحدة، إذا لم يكن لأحد منهم ولد كاتب عليهم، أو ولدوا في كتابته" يعني أثناء الكتابة، يعني ولدوا وقت الكتابة، أو وجدوا في وقت الكتابة، أو كانوا موجودين في وقت الكتابة، أو وجدوا في أثناء الكتابة "أو كاتب عليهم ثم هلك أحدهم وترك مالاً، أدي عنهم جميع ما عليهم من كتابتهم وعتقوا، وكان فضل المال بعد ذلك لولده دون إخوته" يعني واحد منهم، هم خمسة أخوة واحد منهم له أولاد، وفضل عنده مال؛ لأنه يملك عند مالك، فضل عنده مال بعد عتاقته فماله لورثته، لأولاده دون أخوته الذين عتقوا معه، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(148/19)
شرح: الموطأ - كتاب المكاتب (4)
باب الشرط في المكاتب - باب ولاء المكاتب إذا أعتق - باب ما لا يجوز من عتق المكاتب - باب ما جاء في عتق المكاتب وأم ولده - باب الوصية في المكاتب.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
حدثني مالك في رجل كاتب عبده بذهب أو ورق، واشترط عليه في كتابته سفراً أو خدمة أو ضحية، إن كل شيء من ذلك سمى باسمه، ثم قوي المكاتب على أداء نجومه كلها قبل محلها، قال: إذا أدى نجومه كلها وعليه هذا الشرط عتق فتمت حرمته، ونظر إلى ما شرط عليه من خدمة أو سفر، أو ما أشبه ذلك مما يعالجه هو بنفسه، فذلك موضوع عنه، ليس لسيده فيه شيء، وما كان من ضحية أو كسوة أو شيء يؤديه فإنما هو بمنزلة الدنانيرَ والدراهمَ.
الدنانيرِ.
فإنما هو بمنزلة الدنانيرِ والدراهم يقوم ذلك عليه فيدفعه مع نجومه، ولا يعتق حتى يدفع ذلك مع نجومه.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا الذي لا اختلاف فيه أن المكاتب بمنزلة عبد أعتقه سيده بعد خدمة عشر سنين، فإذا هلك سيده الذي أعتقه قبل عشر سنين، فإن ما بقي عليه من خدمته لورثته، وكان ولاؤه للذي عقد عتقه ولولده من الرجال أو العصبة.(150/1)
قال مالك -رحمه الله- في الرجل يشترط على مكاتبه أنك لا تسافر، ولا تنكح، ولا تخرج من أرضي إلا بإذني، فإن فعلت شيئاً من ذلك بغير إذني فمحو كتابتك بيدي، قال مالك -رحمه الله-: ليس محو كتابته بيده إن فعل المكاتب شيئاً من ذلك، وليرفع سيده ذلك إلى السلطان، وليس للمكاتب أن ينكح ولا يسافر، ولا يخرج من أرض سيده إلا بإذنه، اشترط ذلك أو لم يشترطه، وذلك أن الرجل يكاتب عبده بمائة دينار، وله ألف دينار أو أكثر من ذلك فينطلق فينكح المرأة فيصدقها الصداق الذي يجحف بماله، ويكون فيه عجزه، فيرجع إلى سيده عبداً لا مال له، أو يسافر فتحل نجومه وهو غائب فليس ذلك له، ولا على ذلك كاتبه، وذلك بيد سيده إن شاء أذن له في ذلك، وإن شاء منعه.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب الشرط في المكاتب:
الشرط الذي يشترطه السيد على عبده إذا كاتبه.
يقول: "حدثني مالك في رجل كاتب عبده بذهب أو ورق، على مائة دينار، أو على ألف درهم، واشترط عليه في كتابته سفراً أو خدمة أو ضحية" اشترط عليه أن يسافر إلى البلد الفلاني؛ لأمر من الأمور، أو أن يخدمه، وكأن يوصل أولاده إلى المدارس مثلاً مدة الكتابة، إضافة إلى الأقساط والنجوم التي هي من أصل الكتابة، أو ضحية، بمعنى أنه يكاتبه على ألف كل سنة مائة وضحية، ألف وعشر أضاحي في عشر سنوات، في كل سنة ألف درهم أو دينار وضحية أيضاً "إن كل شيء من ذلك سمى باسمه" يعني ذكر باسمه، سمى المكاتب ذلك المسمى باسمه "ثم قوي المكاتب على أداء نجومه كلها قبل محلها" يعني إذا أدى النجوم قبل محلها "قال: "إذا أدى نجومه كلها وعليه هذا الشرط عتق فتمت حرمته، وعليه هذا الشرط عتق" ونظر إلى الشرط نفسه، إن كان متعلقاً ببدنه الذي تمت حريته، فهذا لا يوفى به، وإن كان مما يؤول إلى المال، أو كان مالاً أو يؤول إلى المال فإن ذلك يلزمه كنجوم الكتابة.(150/2)
يقول: "ونظر إلى ما شرط عليه من خدمة أو سفر أو ما أشبه ذلك مما يعالجه هو بنفسه" مما يعالجه هو بنفسه يعني مما يتعلق ببدنه الذي تمت حريته، وإذا تمت حريته لا كلام لأحد عليه "فذلك موضوع عنه" يعني ينتهي هذا الشرط بتمام حريته "ليس لسيده فيه شيء، وما كان من ضحية أو كسوة أو شيء يؤديه فإنما هو بمنزلة الدنانيرِ والدراهم يقوم ذلك عليه فيدفعه مع نجومه" يعني عشرة أقساط كل سنة ألف، وعشر أضاحي، كم هذه الأضاحي؟ تقوم بقيمتها وتدفع عن النجوم، وكذلك الكسوة، وما عدا ذلك مما يتعلق بالبدن فلا يقوم، وإنما ينتهي بعتقه، وهذه المسألة مفترضة فيما إذا قدم النجوم قبل محلها، ولا يعتق حتى يدفع ذلك مع نجومه، لأنه كأنه بقي عليه شيء من نجومه؛ لأن هذه مال إذا قومت صارت مالاً، تلزمه مع النجوم.
قد يقول قائل: إن هذه الأمور البدنية يمكن أن تؤول إلى المال، إذا اشترط عليه أن يوصل الأولاد إلى المدارس كل يوم مع النجوم لمدة عشر سنين، وقدم النجوم خمس سنين، ما يتعلق بالبدن يسقط، ليس له أن يكلفه بالخدمة، لكن هذه تؤول إلى المال، ألا يمكن أن يقال: هذه مثل الأضحية، ما دام الأضحية تقوم، ويدفعها مع النجوم لماذا لا تقوم هذه الخدمة وتؤول إلى المال فتدفع مع النجوم؟
أولاً: هي كما هو الظاهر متعلقة بالبدن، صح وإلا لا؟ هي متعلقة بالبدن، فهل يمكن أن نقول: إن ما يلزمه هو المال المتفق عليه، وأما ما يؤول إلى المال من منفعة ونحوها فإنها لا تلزم، المنفعة متعلقة بالبدن، ليست متعلقة بالمال، فالمال حكمه حكم النجوم، والمنفعة حكمها حكم البدن، ينتهي بانتهاء السلطة على البدن، فإذا قلنا: إن المقصود الذي يلزمه ويؤديه هو المال وقت العقد دون ما يؤول إلى المال من منفعة ونحوها، اتجه التفريق على قول الإمام -رحمه الله تعالى-، وإذا قلنا: إنه يلزمه المال وما يؤول إلى المال فالمنفعة تؤول إلى المال، يمكن أن تقوم خدمة السنين الباقية، ثم بعد ذلك يدفعه، أو ينيب عنه من يقوم بهذه الخدمة، لكن رأي الإمام متجه إلى أن ما يتعلق بالبدن ينتهي بالعتق، وما هو في حقيقته مال حكمه حكم النجوم يلزمه أداءه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(150/3)
إيه لأنه لو انتظر إلى المحل لزمه كل ما قيل عليه، أنت الآن النجوم عشر سنين، إذا قدمها في خمس سنين نقول: تعال اخدمه وأنت حر؟ عتق وانتهى ما يخدمه وهو حر، ضحِ له وأنت حر؟ على كلام الإمام مالك يقدم الأضاحي.
طالب: لو عليه خدمة في أثناء النجوم، لكن هو تأخر في تنفيذ هذه الخدمة، وسدد النجم الأخير
إيه
طالب:. . . . . . . . . الباقي يخدمه؟
طيب.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هو على المنصوص عليه، على ما نص عليه، لو قال مثلاً: النجوم عشر سنين، والخدمة عشر سنين تنتهي الخدمة بعشر سنين، لكن لو تأخر بتسديد النجم أخذ في كل نجم سنتين، وبدل ما هي بعشر سنين صار عشرين سنة، نقول: يخدمه عشرين سنة؟ لا هو نص في الخدمة على عشر سنين.
طالب: لكن ما كان ارتباط الخدمة بالنجوم؟
لا، الخدمة مرتبطة بما اتفق عليه، عشر سنين، فإذا قدمت فما يتعلق بالبدن ينتهي بالحرية، وما يتعلق بالمال حكمه حكم النجوم، وواضح كلام الإمام -رحمه الله-، إلا إذا قلنا: إن الخدمة تؤول إلى المال باعتبارها منفعة، ولذا يجوز أن تدفع في مقابل المال، في كثير من الأبواب.
"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا الذي لا اختلاف فيه أن المكاتب بمنزلة عبد أعتقه سيده بعد خدمة عشر سنين، فإذا هلك سيده الذي أعتقه قبل عشر سنين فإن ما بقي عليه من خدمته لورثته" يعني هو يخدم عشر سنين، والنجوم عشرة سنين، يوصل الأولاد للمدارس عشر سنين، معناه يوصل أولاد الورثة؛ لأن الحكم انتقل إليهم عشر سنين، والنجوم يؤديها إلى الورثة؛ لأن الملك انتقل إليهم عشر سنين "وكان ولاؤه للذي عقد عتقه" ولاؤه للميت أو للحي؟ يعني ننظر الكلام بمجموعة، كلام الإمام -رحمه الله تعالى-، هل جعل العبرة بالحال؟ يعني حال العقد أو بالمآل؟ انتبهوا يا الإخوان، يعني عندك القاعدة، هل العبرة بالحال أو بالمآل؟ إذا قلنا: بالحال كل شيء للميت، كل ما تضمنه العقد للميت، وإذا قلنا: العبرة بالمآل كلما يتعلق بالعقد للوارث، لكن هو في الحقيقة بالحال، وكله للميت، ويورث عنه، يورث عنه كسائر متروكاته.(150/4)
"فإذا هلك سيده الذي أعتقه قبل عشر سنين، فإن ما بقي عليه من خدمته لورثته" يورث عنه هذا كالأموال، "وكان ولاؤه للذي عقد عتقه" للميت وأيضاً؟ نعم؟ "ولولده من الرجال أو العصبة" لأن الذي يرث من الموالي هو المعتق فقط، أو عصبته المتعصبون بأنفسهم.
"قال مالك في الرجل يشترط على مكاتبه أنك لا تسافر، ولا تنكح، ولا تخرج من أرضي إلا بإذني، فإن فعلت شيئاً من ذلك بغير إذني فمحو كتابتك بيدي" معناه: أني ألغي الكتابة.
"قال مالك: ليس محو كتابته بيده إن فعل المكاتب شيئاً من ذلك، وليرفع سيده ذلك إلى السلطان" يعني كما رفع أمر مكاتب الفرافصة إلى مروان بن الحكم إن شاء أمضى، وإن شاء أبقى "وليرفع سيده ذلك إلى السلطان، وليس للمكاتب أن ينكح، ولا يسافر" يعني ليس الحكم متجه إلى الطرفين، الحكم متجه إلى الطرفين، بالنسبة للذي التزم بهذا الشرط عليه أن يفي، وليس له أن يسافر ولا ينكح ولا يخرج من أرضه إلا بإذن سيده.
الطرف الثاني باعتبار هذا حكم شرعي لا يستطيع أن يلزم بنفسه إنما هذه من اختصاصات ولي الأمر السلطان، وليس للمكاتب أن ينكح، لماذا؟ لأن من لازم النكاح بذل المال، والانشغال، فقد يعود رقيقاً، يعجز بسبب النكاح، وبسبب بذل المال للنكاح، ولا يسافر أيضاً؛ لأنه قد يحل عليه القسط والنجم وهو غير حاضر.(150/5)
"ولا يخرج من أرض سيده إلا بإذنه اشترط ذلك أو لم يشترطه" فيمنع المكاتب من جميع ما يضر بمكاتبه، كما يمنع المدين من جميع ما يضر بدائنه، يقول له: لا يحج إلا بإذنه، ولا يجاهد إلا بإذنه، ولا يتصدق إلا بإذنه، وهذا مثله "اشترط ذلك أو لم يشترطه، وذلك أن الرجل يكاتب عبده بمائة دينار، وله ألف دينار، أو أكثر من ذلك" يعني له مال، العبد له مال، على اعتبار أنه يملك على رأي الإمام مالك، فمثل هذا لا يرد على قول الجمهور "يكاتب عبده وله ألف دينار أو أكثر من ذلك، فينطلق فينكح المرأة فيصدقها الصداق الذي يجحف بماله" هو له ألف دينار، يمكن أن يعمل بهذا الألف فيكسب كل سنة مائة دينار النجم، ولا يتأثر المال، وحينئذٍ يمشي في أقساطه على ما اتفق عليه، لكن إذا دفع منها خمسمائة، وما بقي إلا خمسمائة، احتمال يضعف كسبه هذا هو الأصل أنه يضعف كسبه ثم يعجز عن أداء ما اتفق عليه.
"فينطلق فينكح المرأة فيصدقها الصداق الذي يجحف بماله، ويكون فيه عجزه" يعجز يسدد "فيرجع إلى سيده عبداً لا مال له، أو يسافر فتحل نجومه وهو غائب فليس ذلك له، ولا على ذلك كاتبه" يعني لو أنهم اتفقوا على هذا الأمر، قال: لا مانع أن تتزوج، ولا مانع أن تسافر، المسلمون على شروطهم "وذلك بيد سيده إن شاء أذن له في ذلك، وإن شاء منعه" كما أن المدين لا يحج إلا بإذن الدائن، والأمر إليه إن شاء أذن له، وإن شاء منعه، نعم.
ترى يا إخوان نبي ودنا نمشي شوي، ننتهي من أبواب المكاتب والرق كله، نعم، وهو ما بقي فيه إلا الشيء اليسير -إن شاء الله-، ونقف على الحدود يعني، الحدود أهم من هذا؛ لأن ....
طالب:. . . . . . . . .
إن شاء الله الأربعاء في درس، نعم.
أحسن الله إليك.
باب ولاء المكاتب إذا أعتق:
قال مالك -رحمه الله-: إن المكاتب إذا أعتق عبده إن ذلك غير جائز له إلا بإذن سيده، فإن أعتق بلا إذنه وأجاز ذلك سيده له، ثم عتق المكاتب، كان ولاؤه للمكاتب، وإن مات المكاتب قبل أن يعتق كان ولاء المعتق لسيد المكاتب، وإن مات المعتق قبل أن يعتق المكاتب ورثه سيد المكاتب.(150/6)
قال مالك -رحمه الله-: وكذلك أيضاً لو كاتب المكاتب عبداً فعتق المكاتب الآخر قبل سيده الذي كاتبه، فإن ولاءه لسيد المكاتب ما لم يعتق المكاتب الأول الذي كاتبه، فإن عتق الذي كاتبه رجع إليه ولاء مكاتبه الذي كان عتق قبله، وإن مات المكاتب الأول قبل أن يؤدي، أو عجز عن كتابته، وله ولد أحرار لم يرثوا ولاء مكاتب أبيهم؛ لأنه لم يثبت لأبيهم الولاء، ولا يكون له الولاء حتى يعتق.
قال مالك -رحمه الله- في المكاتب يكون بين الرجلين فيترك أحدهما للمكاتب الذي له عليه، ويشح الآخر ثم يموت المكاتب، ويترك مالاً، قال مالك -رحمه الله-: يقضي الذي لم يترك له شيئاً ما بقي له عليه، ثم يقتسمان المال كهيئته لو مات عبداً؛ لأن الذي صنع ليس بعتاقة، وإنما ترك ما كان له عليه.
قال مالك -رحمه الله-: ومما يبين ذلك أن الرجل إذا مات وترك مكاتباً، وترك بنين رجالاً ونساءً، ثم أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب، إن ذلك لا يثبت له من الولاء شيئاً، ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم.
قال مالك -رحمه الله-: ومما يبين ذلك أيضاً أنهم إذا أعتق أحدهم نصيبه ثم عجز المكاتب لم يقوم على الذي أعتق نصيبه ما بقي من المكاتب؛ ولو كانت عتاقة قوم عليه حتى يعتق في ماله، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أعتق شركاً له في عبد قوم عليه قيمة العدل، فإن لم يكن له مال عتق منه ما عتق)).
قال -رحمه الله-: ومما يبين ذلك أيضاً أن من سنة المسلمين التي لا اختلاف فيها أن من أعتق شركاً له في مكاتب لم يعتق عليه في ماله، ولو عتق عليه كان الولاء له دون شركائه، قال: ومما يبين ذلك أيضاً أن من سنة المسلمين أن الولاء لمن عقد الكتابة، وأنه ليس لمن ورث سيد المكاتب من النساء من ولاء المكاتب وإن أعتقن نصيبهن شيء، إنما ولاؤه لولد سيد المكاتب الذكور أو عصبته من الرجال.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب ولاء المكاتب إذا أعتق:
يعني المكاتب أعتق عبداً له، لمن يكون ولاء العبد المعتق؟ هل يكون للمكاتب أو يكون لمكاتبه، لسيده؟(150/7)
يقول: قال مالك: "إن المكاتب إذا أعتق عبده إن ذلك غير جائز له إلا بإذن سيده" لأن عتقه لعبده يضر به من حيث المال، كما قيل في نكاحه، وكما قيل في سفره، وكما قيل في هبته وصدقته؛ لأنه مدين لسيده، فإذا أعتق عبده تضرر السيد، فإذا أذن فالأمر لا يعدوه "فإذا أجاز ذلك سيده له ثم عتق المكاتب" يعني بعد أن أدى نجوم الكتابة كلها عتق "كان ولاؤه للمكاتب" لماذا؟ لأنه صار قابلاً للولاء، صار حراً يقبل الولاء، إذا عتق، لن لو أعتق بإذن سيده ثم عجز عن أداء الكتابة الولاء له؟ هو رقيق! هو رقيق لا يكون له الولاء.
"ثم عتق المكاتب كان ولاؤه للمكاتب، وإن مات المكاتب قبل أن يعتق كان ولاء المعتق لسيد المكاتب" وكذا لو أعجز نفسه، فإنه يكون لسيد المكاتب؛ لأن المولى لا يكون مولى، وإن مات المعتق قبل أن يعتق المكاتب ورثه سيد المكاتب، لماذا؟ لأن المعتق وهو المكاتب حكمه حكم الرقيق، ما زال إلى الآن، ما تحرر، والمكاتب عبد ما بقي عليه درهم.
"قال مالك: وكذلك أيضاً لو كاتب المكاتب عبداً" عنده عبد في الصورة الأولى أعتقه قلنا: لا ينفذ إلا بإذن سيده، الثانية ما أعتقه، كاتبه، يعني هل يتضرر السيد بمكاتبة عبده؟ يتضرر بعتقه، لكن لو كاتبه، سيد كاتب عبده على ألف في الشهر، والمكاتب كاتب عبده على خمسمائة في الشهر، يتضرر السيد أو ينتفع؟ ينتفع نعم ما يتضرر.
وكذلك أيضاً لو كاتب المكاتب عبداً فعتق المكاتب الآخر قبل سيده الذي كاتبه؛ لأن عندنا السيد الأصلي رقم واحد، المكاتب الأول رقم اثنين، المكاتب الثاني رقم ثلاثة، لو كاتب المكاتب اللي هو رقم اثنين عبداً رقم ثلاثة فعتق المكاتب الآخر رقم ثلاثة قبل سيده الذي كاتبه، رقم إيش؟
طالب: اثنين.
نعم، فإن ولاءه لسيد المكاتب، رقم كم؟ رقم واحد، ما لم يعتق المكاتب الأول الذي كاتبه، فإن عتق الذي كاتبه رجع إليه ولاء مكاتبه الذي عتق قبله، يرجع إليه؛ لأنه صار أهل، أهل لأن يكون مولى من أعلى.
طالب: يا شيخ حتى لو تأخر؟
لو تأخر، نعم؛ لأنه صار أهل، أما إذا لم يكن أهل فإن ولاءه يكون لسيده.(150/8)
"وإن مات المكاتب الأول قبل أن يؤدي، أو عجز عن كتابته وله ولد أحرار لم يرثوا ولاء مكاتب أبيهم" لأنهم في حكمه، إنما يرثون من أبيهم، وأبوهم ليس عنده ما يورث؛ لأنه عجز وصار رقيق، الرقيق يورث وإلا ما يورث؟ ما يورث ماله لسيده "لأنه لم يثبت لأبيهم الولاء، ولا يكون له الولاء حتى يعتق".
"قال مالك في المكاتب يكون بين الرجلين فيترك أحدهما للمكاتب الذي له عليه، ويشح الآخر ثم يموت المكاتب ويترك مالاً" يعني العبد بين زيد وعمرو، كاتباه على ألف في كل شهر أو في كل سنة لكل واحد منهما أحدهما تنازل، والثاني تمسك بماله، شح بماله، قال مالك: يقضي، يترك مالاً "ثم يموت المكاتب ويترك مالاً" قال مالك: "يقضي الذي لم يترك له شيئاً ما بقي له عليه" يعني ما بقي من نجومه وأقساطه يأخذها؛ لأنه ما تنازل عن شيء "ثم يقتسمان المال" يعني الباقي "بعد أخذ الذي شح نصيبه، كهيئته لو مات عبداً؛ لأن الذي صنع ليس بعتاقة، وإنما ترك ما كان له عليه" إيش معنى هذا الكلام؟ لأن الذي صنع ليس بعتاقة؟
طالب: عن ماله ولم يتنازل عن نصيب من الإرث؟ نعم؛ لأن الذي صنع، الذي تنازل، الذي ترك ما تنازل عن حقه في الولاء، وإنما تنازل عن نصيبه من المال.
"قال مالك: ومما يبين ذلك أن الرجل إذا مات وترك مكاتباً، وترك بنين رجالاً ونساءً، ثم أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب إن ذلك لا يثبت له من الولاء شيئاً، ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم" مو قلنا: إنه لا يرث إلا العصبة من الرجال؟ إذا باشر العتق من الرجال أو النساء له الولاء كما في حديث بريرة: ((اشترطي لهم الولاء، فإن الولاء لمن أعتق)) والولاء لعائشة بالنسبة لبريرة، المقصود أن تخصيص الذكور بالذكر، العصبة من الرجال المتعصبون بأنفسهم لا بغيرهم ولا مع غيرهم، هذا في حال إرث الولاء، نعم إذا أعتقه من يرثونه، فلا يدخل معهم النساء، أما النساء يرثن بالولاء إذا أعتقن.(150/9)
يقول: "ومما يبين ذلك أن الرجل إذا مات وترك مكاتباً، وترك بنين رجالاً ونساءً، ثم أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب أن ذلك لا يثبت له من الولاء شيئاً، ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم" مات وترك مكاتب، ترك بنين، رجال ونساء، يعني ورثوا المكاتب، ورثوا، يعني نزلوا منزلة أبيهم بالنسبة للمكاتب، ثم أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب، أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب، يعني كيف أعتق نصيبه من المكاتب؟ تنازل عن النجوم التي تخصه، تنازل عن نصيبه "تنازل عن نصيبه أن ذلك لا يثبت له من الولاء شيئاً، ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم" كيف؟ أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب "أن ذلك لا يثبت له من الولاء شيئاً، ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم".
طالب: الظاهر أنه تنازل عن نصيبه من المال فقط يا شيخ؟
من المال إيه.
طالب: ولو أراد أن يتنازل عن العتاقة الحقيقية. . . . . . . . .
ويش لون يعني؟
طالب: قد يكون تنازل العبد بينهم بين إخوة ذكور وإناث فما تنازل عن المال فقط، وإنما تنازل كذلك عن ...
يعني وهب نصيبه لإخوانه من الورثة؟ حينئذٍ لا يكون له شيء، لا يكون له إرث، لكن لو تنازل عن نصيبه من الكتابة فقط ما صار هذه عتاقة، فيثبت له نصيبه من الإرث كما في الصورة السابقة.
"ثم أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب، أن ذلك لا يثبت له من الولاء شيئاً، ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم" أظن الصورة ما هي بواضحة وإلا واضحة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
واضحة وإلا ما هي بواضحة؟
يقول: "ومما يبين ذلك" يعني انتهينا من المسألة، وهي أن العبد بين زيد وعمرو، كاتباه على نجوم عشرة، لكل واحد منهم ألف، أدى نجمين، ثلاثة، خمسة، ثم تنازل زيد، وبقيت نجوم عمرو، ثم مات العبد وعنده عشرة آلاف، بقي لعمرو خمسة آلاف، يأخذ الخمسة آلاف من هذه العشرة ويقسم الباقي بينهما.(150/10)
قال: "ومما يبين ذلك أن الرجل إذا مات وترك مكاتباً" يعني قبل أن تنتهي نجوم الكتابة "وترك بنين رجالاً ونساءً، ثم أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب إن ذلك لا يثبت له من الولاء شيئاً، ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم".
طالب: مفهوم أعتق نصيبه؟
أعتق نصيبه من المكاتب، يعني تنازل عنه، كأنه وهبه، الآن لو أعتق نصيبه في الصورة السابقة التنازل ظاهر في المال، وهنا التنازل عن المال والولاء، والولاء لحمة كلحمة النسب، لا يباع ولا يوهب.
طالب: تنازل ليس للعبد.
تنازل لإخوانه؟ لا هو يقول: "ثم أعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب إن ذلك لا يثبت له من الولاء شيئاً، ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم من رجالهم ونسائهم" هو كلامه "ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن أعتق منهم" يدل على أنه ليس بعتق حقيقي، وإنما هو تنازل عن نصيبه من نجوم الكتابة كالسابقة.
طالب: إنما سموا عتاقة اسماً فقط؟
نعم، إي مثل الصورة السابقة.
"قال مالك: ومما يبين ذلك أنهم إذا أعتق أحدهم نصيبه ثم عجز المكاتب لم يقوم على الذي أعتق نصيبه ما بقي من المكاتب؛ ولو كانت عتاقة قوم عليه حتى يعتق في ماله" يعني لو كانت المكاتبة على عشر سنين، كل سنة نجم ألف والورثة خمسة، كل واحد له مائتين، واحد من الورثة تنازل، فبقي عليه نجوم كل سنة ثمانمائة، بعد أن أدى خمسة نجوم، أربعة آلاف، قال: والله عجزت ما أقدر، يقوم على الذي أعتق ويقال: ادفع لإخوانك؛ لأنك تنازلت وهو عجز والعبد رجع إلينا أو لا يقوم؟(150/11)
يقول الإمام: "ثم عجز المكاتب لم يقوم على الذي أعتق نصيبه ما بقي من المكاتب؛ ولو كانت عتاقة" يعني يريد الإمام أن التنازل في كل هذه الصور إنما هو تنازل عن المال فقط "ولو كانت عتاقة قوم عليه حتى يعتق في ماله" كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من أعتق شركاً له في عبد قوم عليه قيمة العدل)) يعني يدفع لإخوانه، يلزمه أن يدفع لإخوانه لو كانت عتاقة، كما لو كان العبد بين اثنين بدون كتابة، جاء واحد قال: أنا نصيبي حر لله -جل وعلا-، يقوم عليه ويدفع نصيب صاحبه، هذا إذا كان يستطيع ذلك، وإذا كان لا يستطيع يستسعى العبد، فإن كان لا يستطيع السعي يكون مبعضاً.
((من أعتق شركاً له في عبد قوم عليه قيمة العدل، فإن لم يكن له مال عتق منه ما عتق)) يعني يكون مبعض.
طالب: أحسن الله إليك، الحديث هذا ما يرد على كلام الإمام مالك الأول؟
ويش هو؟
طالب: أنه لا يجوز العتق البعض، بعض العتق؟
لا، الإمام مالك كل كلامه يدور على أنه ليس بعتق.
طالب: ما في تبعيض؟(150/12)
إيه، الإمام مالك يريد أن يبين أن عتق الشقص الخمس مثلاً ليس بعتق، هو ما قصد عتق، إنما قصد التنازل عن نجم من نجوم الكتابة، يعني الظاهر بالنسبة للمكاتب في حياة سيده، أو وارثه الذي يستوفي نجوم الكتابة نعم أنه مدين، كالحر المدين، يعني ما يلوح في الأفق أنه متى ما مات ورثناه، ما يحسبون الناس لمثل هذا الأمر، نعم، إنما حسابهم للشيء المحقق الذي هو النجوم التي تدفع كل شهر وكل سنة، أما كونه يتعلقون ويأملون بإرث يكون ما يدرى من يموت الأول ومن الآخر؟ وهل يوجد له ورثة؟ هل يتزوج ويولد له فيحرم؟ لا، ما يحسبون لهذا، فالصورة الظاهرة عند هؤلاء نجوم الكتابة، يعني مسألة ولاء وإرث بالولاء كثير من الناس ما يحسب لها، كما أن حياة الناس اليومية الآن تجد الولد يتدين وعلى راتبه، ويحسب حساب لدين وكذا، لا يخطر على باله أن أبوه يموت، ويبي يرث أموال، ويبي .. ، فلذلك هؤلاء الخمسة الذين ورثوا الكتابة عن أبيهم حينما يعتق أحدهم نصيبه إنما يريد أن يحرر هذا العبد من نصيبه من نجوم الكتابة، لا يلتفت إلى مسألة أنه متى ما مات يكون لي ولاؤه، وأرث وما أشبه ذلك، والتنظير ظاهر، يعني كثير .. ، يندر أن يوجد لئيم، ولد لئيم يتدين على أساس أنه يرث من والده وكذا، يعني هذا حمق، نعم، حمق، ما يدرى من يموت الأول، فكثير من الناس يتصرف ولا يخطر بباله أنه سوف يرث من والده، أو يسدد هذه الديون من تركة والده، وهذا الذي يخطر على البال بالنسبة لهؤلاء الخمسة، في تصوير الإمام مالك.
قال: "ومما يبين ذلك أيضاً" بخلاف ما إذا كان العبد بين زيد وعمرو وأعتق أحدهما، في نجوم ينتظرها ثم يعفو عنها؟ لا، اللي فيها النص ما فيها نجوم، تحول دون القصد، هو حينما أعتقه يريد بذلك وجه الله -جل وعلا-، يريد أنه يعتق به من النار؛ لأن من أعتق عبداً أعتقه الله به من النار، الرجل يعتق الرجل، يعتقه الله بكل عضو منه عضو من النار، ويعتق امرأة يعتق نصفه من النار، وذكرنا أن هذه من المواضع الخمسة التي تكون فيها المرأة على النصف من الرجل.(150/13)
قال: "ومما يبين ذلك أيضاً أن من سنة المسلمين التي لا اختلاف فيها أن من أعتق شركاً له في مكاتب لم يعتق عليه في ماله" لم إيش؟ "أن من سنة المسلمين التي لا اختلاف فيها أن من أعتق شركاً له في مكاتب" شركاً له في مكاتب، ما هو في عبد "لم يعتق عليه في ماله، ولو عتق عليه كان الولاء له دون شركائه" يعني ما يقال: أنت والله أعتقته وشركائك كاتبوه، يلزمك عتقه، ما يدخل في الحديث، يعني الذي في الحديث أن واحد من الشركاء يعتق، والبقية يتمسكون بالرق، ولا يدخل في الحديث أن واحد منهم يعتق، والبقية يكاتبوه، لكن لو حصل العتق قبل المكاتبة صار الحكمة للعتق، حصلت المكاتبة قبل العتق صار الحكم للمكاتبة، للسابق منهما.
"ولو عتق عليه كان الولاء له دون شركائه، ومما يبين ذلك أيضاً أن من سنة المسلمين أن الولاء لمن عقد الكتابة" مثلما تقدم أن العبرة بالحال "وأنه ليس لمن ورث سيد المكاتب من النساء من ولاء المكاتب"؛ لأنه لا يرث الولاء إلا العصبة المتعصبون بأنفسهم، وهذا لا يدخل فيه النساء.
وليس في النساء طراً عصبة ... إلا التي منت بعتق الرقبة
والمراد بذلك بعصبة يعني بالنفس، أما العصبة بالغير أو مع الغير يوجد في النساء كما ذكرنا أن البنت مع أخيها عصبة بالغير، والأخت مع البنت عصبة مع الغير.
"وأنه ليس لمن ورث سيد المكاتب من النساء من ولاء المكاتب، وإن أعتقن نصيبهن شيء، ليس لهن نصيب في الولاء، إنما ولاؤه لولد سيد المكاتب الذكور أو عصبته من الرجال" نعم.
أحسن الله إليك.
باب ما لا يجوز من عتق المكاتب:
قال مالك -رحمه الله-: إذا كان القوم جميعاً في كتابة واحدة لم يعتق سيدهم أحداً منهم دون مؤامرة أصحابه الذين معه في الكتابة، ورضا منهم، وإن كانوا صغاراً فليس مؤامرتهم بشيء، ولا يجوز ذلك عليهم.
قال: وذلك أن الرجل ربما كان يسعى على جميع القوم، ويؤدي عنهم كتابتهم؛ لتتم به عتاقتهم، فيعمد السيد إلى الذي يؤدي عنهم، وبه نجاتهم من الرق، فيعتقه فيكون ذلك عجزاً لمن بقي منهم، وإنما أراد بذلك الفضل والزيادة لنفسه، فلا يجوز ذلك على من بقي منهم، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا ضرر ولا ضرار)) وهذا أشد الضرر.(150/14)
قال مالك -رحمه الله- في العبيد يكاتبون جميعاً: إن لسيدهم أن يعتق منهم الكبير الفاني، والصغير الذي لا يؤدي واحد منهما شيئاً، وليس عند واحد منهما عون ولا قوة في كتابتهم، فذلك جائز له.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب ما لا يجوز من عتق المكاتب:
ما لا يجوز من عتق المكاتب، الآن عتق مصدر، والمكاتب فاعل وإلا مفعول للمصدر؟
طالب: مفعول.
هل المقصود أن المكاتب يُعتِق أو المقصود أن المكاتب يُعتَق؟ نعم؟ ننظر في كلامه -رحمه الله-.
قال مالك: "إذا كان القوم جميعاً في كتابة واحدة" يعني خمسة ستة من الأرقاء في عقد واحد، كوتبوا على مائة ألف يدفعون منها كل شهر ألف، بعقد واحد، لم يعتق سيدهم أحداً منهم دون مؤامرة أصحابه الذين معه في الكتابة، يعني هم كم؟ قلنا: عشرة أو خمسة، أو أكثر أو أقل، أراد أن يمن على واحد منهم بالعتق، فيختار منهم.
طالب: بعد المكاتبة يا شيخ؟
بعد المكاتبة.
يقول: "لم يعتق سيدهم أحداً منهم دون مؤامرة أصحابه الذين معه في الكتابة، ورضاً منهم" لماذا؟
طالب: لا يكون في عقد ثاني ...
لأنهم متضامنون "وإن كانوا صغاراً فليس مؤامرتهم بشيء" يعني أخذ إذنهم ليس بشيء؛ لأنهم لا يملكون الإذن، ولا يتصرفون في أنفسهم فضلاً عن غيرهم، ما يملكون الإذن، ولا يجوز ذلك عليهم.
المسألة إذا كانوا كبار واستأذنوا في أن يعتق واحد منهم، وأذنوا، الأمر لا يعدوهم، وإذا كانوا صغار لا يملكون الإذن، المكلف لا يأذن في مثل هذه الأمور.
"قال مالك: وذلك أن الرجل ربما كان يسعى على جميع القوم" يمكن هذا الذي أعتق هو اللي بيحررهم، هو الذي يسعى عليهم، هو أنشطهم، وأجودهم، وأعرفهم، وأفهمهم، فيتضررون بعتقه.
"وذلك أن الرجل ربما كان يسعى على جميع القوم، ويؤدي عنهم كتابتهم؛ لتتم به عتاقتهم، فيعمد السيد إلى الذي يؤدي عنهم، وبه نجاتهم من الرق فيعتقه" لكن لو قدر أنه عمد إلى أضعفهم، الذي ما فيه حراك للسعي، ولا للكسب ولا شيء، قال: هذا وجوده مثل عدمه نعتقه؟ يعتقه بدون إذنهم وإلا لا؟ لا بد من إذنهم، وهم بدورهم في الغالب أنهم يأذنوا؛ لأنهم ما يتضررون بعتقه، بخلاف الأول، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟(150/15)
طالب:. . . . . . . . .
دون مؤامرة أصحابه الذين معه.
طالب:. . . . . . . . .
طيب.
قال: "وذلك أن الرجل ربما كان يسعى على جميع القوم، ويؤدي عنهم كتابتهم؛ لتتم به عتاقتهم، فيعمد السيد إلى الذي يؤدي عنهم، وبه نجاتهم من الرق فيعتقه، فيكون ذلك عجزاً لمن بقي منهم، وإنما أراد بذلك الفضل والزيادة لنفسه، فلا يجوز ذلك على من بقي منهم، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا ضرر ولا ضرار)) " ولا شك أن إعتاق مثل هذا يضر بالبقية، وهذا أشد الضرر.
"قال مالك في العبيد يكاتبون جميعاً: إن لسيدهم أن يعتق منهم الكبير الفاني، والصغير الذي لا يؤدي واحد منهما شيئاً، وليس عند واحد منهما عون ولا قوة في كتابتهم، فذلك جائز له" هذا كلام مالك باعتبار أنه مثل هذا لا يسمن ولا يغني من جوع، لكن لو أن الإمام مالك نظر إليهم من ناحية أخرى، أنه يمكن هذا الكبير الفاني هو الذي يعتقهم، وهو الذي يحررهم، باعتبار أن الناس يعطفون عليه، ويتصدقون عليه، ويسعى في تحريرهم، فهذا لا يختلف عنه، فلا بد من إذنهم؛ لأنهم متضامنون في الجميع، فكما أن القوي المكتسب يحررهم بكسبه، فإن الكبير الفاني الذي لا يستطيع الكسب يمكن أن .. ، بسببه يعتقون، نعم.
أحسن الله إليك.
باب ما جاء في عتق المكاتب وأم ولده:
قال مالك -رحمه الله- في الرجل يكاتب عبده ثم يموت المكاتب، ويترك أم ولده وقد بقيت عليه من كتابته بقية، ويترك وفاء بما عليه، قال مالك -رحمه الله-: إن أم ولده أمة مملوكة حين لم يعتِق المكاتب حتى مات
يُعتَق المكاتب.
أحسن الله إليك.
قال مالك -رحمه الله-: إن أم ولده أمة مملوكة حين لم يُعتَق المكاتب حتى مات، ولم يترك ولداً فيعتقون بأداء ما بقي فتعتق أم ولد أبيهم بعتقهم.
قال مالك -رحمه الله- في المكاتب يعتق عبداً له أو يتصدق ببعض ماله، ولم يعلم بذلك سيده حتى عتق المكاتب، قال مالك -رحمه الله-: ينفذ ذلك عليه، وليس للمكاتب أن يرجع فيه، فإن علم سيد المكاتب قبل أن يعتق المكاتب فرد ذلك ولم يجزه، فإنه إن عتق المكاتب وذلك في يده لم يكن عليه أن يعتق ذلك العبد، ولا أن يخرج تلك الصدقة، إلا أن يفعل ذلك طائعاً من عند نفسه.(150/16)
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب ما جاء في عتق المكاتب وأم ولده:
"قال مالك في الرجل يكاتب عبده ثم يموت المكاتَب" يعني قبل استكمال أداء نجوم الكتابة "ويترك أم ولده" التي وطئها، فولدت له ولداً "وقد بقيت عليه من كتابته بقية" الآن مات وهو حر وإلا مات وهو رقيق؟ نعم مات وهو رقيق؛ لأنه عبد ما بقي عليه درهم، وقد بقي عليه دراهم "وقد بقيت عليه من كتابته بقية، ويترك وفاء بما عليه" باقي عليه خمسة أقساط، وخمسة آلاف، وجد في تركته خمسة آلاف، وهذا كله بناءً على مذهب الإمام مالك في كونه يملك، نعم، أو كان هذا من كسبه، نعم، هذا من كسبه بعد الكتابة، المقصود أنه ترك وفاءً، وفاءً يمكن أن يسدد عنه، ويعتق به لو كان حياً، لكنه مات وهو رقيق لم يتحرر.
"يترك وفاءً بما عليه أن أم ولده أمة مملوكة حيث لم يعتق المكاتب حتى مات" لأن العبرة بالموت الذي تنتقل به الأموال من الميت إلى وارثه، وهو لما مات هو حر وإلا عبد؟ عبد، نعم، هل نقول: إنه حكمه حكم المبعض؟ يورث منه بقدر ما فيه من حرية؟ أو نقول: هو عبد ما زال عبداً؟ نعم؟ ما زال عبد، نعم، عبد ما بقي عليه درهم.
"أن أم ولده مملوكة حيث لم يعتَق المكاتب حتى مات، ولم يترك ولداً فيعتقون بأداء ما بقي فتعتق أم ولد أبيهم بعتقهم" إيش الفرق بين أم الولد والولد؟ يعني تقدم التفريق من جهة الإمام أنه إذا عجز عن الاكتساب وعنده أم ولد، وعنده أولاد أن أم الولد تباع، من أجل أن يعتق الجميع، فكيف هنا يقول: لو ترك ولداً يعتقون بأداء ما بقي بعد موت أبيهم.
طالب: يتابعون أبيهم، يؤدون ما عليهم ...
يعني كوتبوا معه، أو كاتب عليهم معه؟ نعم ممكن أن يكون معه في عقد الكتابة، طيب لو كانت أم الولد معه في عقد الكتابة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(150/17)
نعم، قلنا في التفريق السابق: إن هذه أم الولد ما دام حياً فهي رقيقة تباع، بينما لو كان .. ، إذا مات حررها ولدها، يحررها ولدها الحر أو العبد؟ الحر، يحررها ولدها الحر، وهذه مات سيدها قبل أن يعتق، فلم تتحرر بموته، وبقيت ملكاً لسيده، وهو مات وهو لم تتم حريته، فيرثه سيده، بينما الأولاد ليسوا ملكاً لأبيهم بخلاف أم ولده، فيعتقون إذا أدوا بقية النجوم، ولو بعد موت أبيهم، هذا هو الفرق بينهم.
"قال مالك في المكاتب يعتق عبداً له، أو يتصدق ببعض ماله، ولم يعلم بذلك سيده حتى عتق المكاتب، قال مالك: ينفذ ذلك عليه" لماذا؟ لأنه لم يتضرر به، لو أن مديناً تصدق بصدقة لا تضر بدائنه، يجوز وإلا ما يجوز؟ لو حج، لو قال: أنا علي أقساط وماشية، أقساطي ماشية شهرية، كل شهر ألف، وأنا أدفع ألف من راتبي، وحج، هل يلام وإلا ما يلام؟ النجوم ما حلت عليه، لكن إذا كان حجه يؤثر على الأقساط، لا شك أنه يمنع، يمنع من الحج، فهذا مثله يقول: "في المكاتب يعتق عبداً له أو يتصدق ببعض ماله، ولم يعلم بذلك سيده حتى عتق المكاتب، قال مالك: ينفذ ذلك عليه"؛ لأن المنع إنما هو من أجل صيانة حق المكاتب، وليس للمكاتب أن يرجع فيه "فإن علم سيد المكاتب قبل أن يعتق المكاتب فرد ذلك ولم يجزه، فإنه إن أعتق المكاتب وذلك في يده لم يكن عليه عتق ذلك العبد" يعني إذا علم السيد أنه أعتق، له أن يمنع احتياطاً لنجوم الكتابة "لم يكن عليه أن يعتق ذلك العبد، ولا أن يخرج تلك الصدقة إلا أن يفعل ذلك طائعاً من عند نفسه".
ويش لون؟ لأنه الآن العبد أعتق بدون إذن السيد، ولا علم السيد حتى انتهت نجوم الكتابة، قال العبد: أنا ما دريت أنه لازم استأذن السيد، أبرجع الآن بالعبد، يرجع وإلا ما يرجع؟ لا يرجع.(150/18)
"وليس للمكاتب أن يرجع فيه، فإن علم سيد المكاتب قبل أن يعتق المكاتب فرد ذلك ولم يجزه، فإنه إن عتق المكاتب وذلك في يده لم يكن عليه أن يعتق ذلك العبد" لا يلزمه أن يعتق ذلك العبد، والفرق بين الصورتين: أن السيد علم قبل العتاقة قبل تمام نجوم الكتابة في الصورة الثانية، في الصورة الأولى لم يعلم إلا بعد العتق، بعد تمام العتق، ولا أن يخرج تلك الصدقة إلا أن يفعل ذلك طائعاً من عند نفسه، إذا أخرجها طائعاً من عند نفسه الأمر لا يعدوه.
الوصية في المكاتب يمدينا عليها وإلا .. ؟
طالب:. . . . . . . . .
يا الله، يا الله أعطينا إياها؟
أحسن الله إليك.
باب الوصية في المكاتب:
قال مالك -رحمه الله-: إن أحسن ما سمعت في المكاتب يعتقه سيده عند الموت، أن المكاتب يقام على هيئته تلك، التي لو بيع كان ذلك الثمن الذي يبلغ، فإن كانت القيمة أقل مما بقي عليه من الكتابة وضع ذلك في ثلث الميت، ولم يَنظر إلى عدد الدراهم.
يُنظر، يُنظر
ولم ينظَر إلى عدد الدراهم التي بقيت عليه، وذلك أنه لو قتل لم يغرم قاتله إلا قيمته يوم قتله، ولو جرح لم يغرم جارحه إلا دية جرحه يوم جرحه، ولا ينظر في شيء من ذلك إلى ما كوتب عليه من الدنانير والدراهم؛ لأنه عبد ما بقي عليه من كتابته شيء، وإن كان الذي بقي عليه من كتابته أقل من قيمته لم يحسب في ثلث الميت إلا ما بقي عليه من كتابته، وذلك أنه إنما ترك الميت له ما بقي عليه من كتابته، فصارت وصية أوصى بها.
قال مالك -رحمه الله-: وتفسير ذلك أنه لو كانت قيمة المكاتب ألف درهم، ولم يبق من كتابته إلا مائة درهم، فأوصى سيده له بالمائة درهم التي بقيت عليه، حسبت له في ثلث سيده، فصار حراً بها.
قال مالك -رحمه الله- في رجل كاتب عبده عند موته: إنه يقوم عبداً، فإن كان في ثلثه سعة لثمن العبد جاز له ذلك.(150/19)
قال مالك -رحمه الله-: وتفسير ذلك أن تكون قيمة العبد ألف دينار فيكاتبه سيده على مائتي دينار عند موته، فيكون ثلث مال سيده ألف دينار، فذلك جائز له، وإنما هي وصية أوصى له بها في ثلثه، فإن كان السيد قد أوصى لقوم بوصايا، وليس في الثلث فضل عن قيمة المكاتب، بدئ بالمكاتب؛ لأن الكتابة عتاقة، والعتاقة تبدأ على الوصايا، ثم تجعل تلك الوصايا في كتابة المكاتب، يتبعونه بها، ويخير ورثة الموصي، فإن أحبوا أن يعطوا أهل الوصايا وصاياهم كاملة، وتكون كتابة المكاتب لهم، فذلك لهم، وإن أبوا وأسلموا المكاتب وما عليه إلى أهل الوصايا فذلك لهم؛ لأن الثلث صار في المكاتب؛ ولأن كل وصية أوصى بها أحد، فقال الورثة: الذي أوصى به المكاتب.
أوصى به صاحبنا
أحسن الله إليك.
فقال الورثة؟ نعم؟ الذي أوصى به صاحبنا أكثر من ثلثه.
فقال الورثة: الذي أوصى به صاحبنا أكثر من ثلثه، وقد أخذ ما ليس له، قال: فإن ورثته يخيرون فيقال لهم: قد أوصى صاحبكم بما قد علمتم، فإن أحببتم أن تنفذوا ذلك لأهله على ما أوصى به الميت، وإلا فأسلموا أهل الوصايا ثلث مال الميت كله، قال: فإن أسلم الورثة المكاتب إلى أهل الوصايا كان لأهل الوصايا ما عليه من الكتابة، فإن أدى المكاتب ما عليه من الكتابة أخذوا ذلك في وصاياهم على قدر حصصهم، وإن عجز المكاتب كان عبداً لأهل الوصايا، لا يرجع إلى أهل الميراث؛ لأنهم تركوه حين خيروه.
خُيروا، خُيروا.
أحسن الله إليك.
لا يرجع إلى أهل الميراث؛ لأنهم تركوه حين خيروا؛ ولأن أهل الوصايا حين أسلم إليهم ضمنوه، فلو مات لم يكن لهم على الورثة شيء، وإن مات المكاتب قبل أن يؤدي كتابته، وترك مالاً هو أكثر مما عليه، فماله لأهل الوصايا، وإن أدى المكاتب ما عليه عتق، ورجع ولاؤه إلى عصبة الذي عقد كتابته.(150/20)
قال مالك -رحمه الله- في المكاتب يكون لسيده عليه عشرة آلاف درهم، فيضع عنه عند موته ألف درهم، قال مالك -رحمه الله-: يقوم المكاتب فينظر كم قيمته؟ فإن كانت قيمته ألف درهم فالذي وضع عنه عشر الكتابة، وذلك في القيمة مائة درهم، وهو عشر القيمة، فيوضع عنه عشر الكتابة فيصير ذلك إلى عشر القيمة نقداً، وإنما ذلك كهيئته لو وضع عنه جميع ما عليه، ولو فعل ذلك لم يحسب في ثلث مال الميت إلا قيمة المكاتب ألف درهم، وإن كان الذي وضع عنه نصف الكتابة حسب في ثلث مال الميت نصف القيمة، وإن كان أقل من ذلك أو أكثر فهو على هذا الحساب.
قال مالك -رحمه الله-: إذا وضع الرجل عن مكاتبه عند موته ألف درهم من عشرة آلاف درهم، ولم يسم أنها من أول كتابته أو من آخرها، وضع عنه من كل نجم عشره.
قال مالك -رحمه الله-: وإذا وضع الرجل عن مكاتبه عند موته ألف درهم، من أول كتابته أو من آخرها، وكان أصل الكتابة على ثلاثة آلاف درهم، قوم المكاتب قيمة النقد، ثم قسمت تلك القيمة، فجعل لتلك الألف التي من أول الكتابة حصتها من تلك القيمة بقدر قربها من الأجل وفضلها، ثم الألف التي تلي الألف الأولى بقدر فضلها أيضاً، ثم الألف التي تليها بقدر فضلها أيضاً، حتى يؤتى على آخرها تفضل كل ألف بقدر موضعها في تعجيل الأجل وتأخيره؛ لأن ما استأخر من ذلك كان أقل في القيمة، ثم يوضع في ثلث الميت قدر ما أصاب تلك الألف من القيمة على تفاضل ذلك إن قل ذلك أو كثر، فهو على هذا الحساب.
قال مالك -رحمه الله- في رجل أوصى لرجل بربع مكاتب أو أعتق ربعه فهلك الرجل، ثم هلك المكاتب، وترك مالاً كثيراً مما بقي عليه، قال مالك -رحمه الله-: يعطى ورثة السيد والذي أوصى له بربع المكاتب ما بقي ...
ما بقي لهم.
أحسن الله إليك.
قال مالك -رحمه الله-: يعطى ورثة السيد والذي أوصى له بربع المكاتب ما بقي لهم على المكاتب، ثم يقتسمون ما فضل، فيكون للموصى له بربع المكاتب ثلث ما فضل بعد أداء الكتابة، ولورثة سيده الثلثان، وذلك أن المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء، فإنما يورث بالرق.(150/21)
قال مالك -رحمه الله- في مكاتب أعتقه سيده عند الموت، قال: إن لم يحمله ثلث الميت عتق منه قدر ما حمل الثلث، ويوضع عنه من الكتابة قدر ذلك، إن كان على المكاتب خمسة آلاف درهم، وكانت قيمته ألفي درهم نقداً، ويكون ثلث الميت ألف درهم عتق نصفه ويوضع عنه شطر الكتابة.
قال مالك -رحمه الله- في رجل قال في وصيته: غلامي فلان حر، وكاتبوا فلاناً، قال: تُبدّأ العتاقة على الكتابة.
طويل إيه، غداً -إن شاء الله- ...(150/22)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب المكاتب (5)
باب: الوصية في المكاتب - باب: القضاء في المدبر - باب: جامع ما جاء في التدبير.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الوصية في المكاتب
الوصية في المكاتب، ما معنى الوصية في المكاتب؟ يعني يوصي بالمكاتب؟ نعم؟ يوصي بالمكاتب أو ما يدخل فيه المكاتب من صور الوصية، بحيث لو أوصى بثلث ماله، وأراد عتق العبد عند موته هل يملك أو لا يملك؟ أوصى بالثلث له الثلث، له أن يوصي بالثلث، ولو كان في مرض موته، الثلث من حقه، لكن أوصى بعتق المكاتب عند موته هل يحسب من الثلث أو لا يحسب؟
طالب: يحسب من الثلث.
نعم هذا المقصود بهذه الترجمة.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: "إن أحسن ما سمعت في المكاتب يعتقه سيده عند الموت" يعني حينما لا يصح تصرفه بأكثر من الثلث "أن المكاتب يقام على هيئته تلك التي لو بيع كان ذلك الثمن الذي يبلغ" المكاتب يعتقه، الآن المكاتب لا يخلو إما أن يكون قد أدى بعض نجوم الكتابة، أو لم يؤدِ بعضها، إن لم يؤدِ شيئاً لا شك أنه يقوم كامل بالثمن الذي يبلغ، وإن كان قد أدى بعض نجوم الكتابة فأعتقه وأعفاه مكاتبه من بقية النجوم فإن الذي يحسب من الثلث الباقي، الباقي لا كل القيمة، باعتبار أنه دفع بعض النجوم، وبقي عليه شيء، فلا يحسب كامل على الوصية.
إذا كان ثمن العبد أو بقية النجوم تستوعب الثلث فما الحكم؟ وقد أوصى بثلث ماله لطلاب العلم مثلاً؟ يحسب من الثلث ويكون دين الكتابة ونجوم الكتابة يصرف مصرف الوصية.(151/1)
يقول: "يقام على هيئته تلك التي لو بيع كان ذلك الثمن الذي يبلغ، فإن كانت القيمة أقل مما بقي عليه من الكتابة وضع ذلك في ثلث الميت، ولم ينظر إلى عدد الدراهم التي بقيت عليه" لماذا؟ كأن الإمام مالك يقول: يقوم كامل، ويحسب من الثلث، لماذا؟ لأنه ما زال رقيقاً، وهذا إنما يتجه إذا قلنا: إن عقد المكاتبة أو الكتابة ينفسخ بالموت، إذا قلنا: إنه ينفسخ بالموت عاد رقيقاً رقاً كاملاً، وإذا قلنا: إن عقد الكتابة لا ينفسخ بالموت، وقلنا: إنه يورث كما تقدم، وإن كان غير مستقر استقراراً تاماً فلا تجب فيه زكاة، إلا أنه من سائر الديون، قد يقول قائل: إن هذا الرقيق بصدد أن يعجز نفسه في أي لحظة، فهو رقيق، والمكاتب عبد ما بقي عليه درهم، هذا من وجهة نظر الإمام مالك أنه يقام عن هيئته تلك التي لو بيع كان ذلك الثمن الذي يبلغ، يعني كاملاً.
"فإن كانت القيمة أقل مما بقي عليه من الكتابة" إن كانت القيمة يعني قيمة العبد لو بيع أقل مما بقي عليه من الكتابة، يعني لو حرج عليه وباع مع التركة فهو مكاتب بعشرة آلاف، كل شهر ألف، أدى منها خمسة وبقي خمسة، لو بيع نقد ما جاب خمسة "فإن كانت القيمة أقل مما بقي عليه من الكتابة وضع ذلك في ثلث الميت، ولم ينظر إلى عدد الدراهم التي بقيت عليه" يعني يجيب أربعة نقد، ما ينظر إلى أن عليه من الدراهم خمسة من نجوم الكتابة "وذلك أنه لو قتل لم يغرم قاتله إلا قيمته يوم قتله" لا يضمن إلا أربعة، ما يقال: والله هو مكاتب بعشرة فتغرم عشرة، وأدى منها خمسة وبقي منها خمسة تغرم عشرة؛ لأن كتابته ... ؛ لأن المكاتبة كالدين ينظر فيها إلى الأجل، لو أن شخصاً عنده بيت اشتراه بخمسمائة ألف، وهذه قيمته ما تزيد، لو قوم ما زادت قيمته على خمسمائة ألف، وجاءت مصلحة حكومية واستأجرته بمائة ألف مثلاً، ثم اعتدى شخص على هذا البيت وعابه، أو سعى إلى مغتصب يغتصبه، المقصود أنه أذهب منافعه بالكلية، هل نقول: تضمن القيمة التي يستحقها خمسمائة ألف أو نقول: البيت مؤجر بمائة ألف فلا يكفي خمسمائة ألف؟ لأن المائة ألف في الغالب ريع المليون، أنت تضمن لأنه مؤجر بكذا، دعونا من البيت التي لا تذهب عينه مثلاً لو ذهب بناؤه بقيت أرضه.(151/2)
لو سيارة مثلاً أو آلة ثمينة نفيسة أتلفها، وهذه الآلة مؤجرة بأكثر مما تستحقه في الظروف العادية، فهل نقول: ينظر إلى الأجرة أو إلى قيمته الحقيقية؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب هو حرمه من إيجار الضعف، كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
فيه أجل، لكن الآن هذا الذي تسبب لهذه المدرسة وأتلفها، أو لهذه السيارة المؤجرة بضعف ما تستحق وأتلفها، يعني إذا كان صاحبها لا يريد أن يبيعها بهذا الثمن؛ لأنه أجرها، يلزم بذلك؟ أو تقوم على أن هذه قيمتها وينظر إلى أجرتها فيزاد بنسبته، لا يزاد الضعف مثلاً، إنما يزاد ما يغلب على الظن أنها تستمر أجرتها فيه؟ احتمال بعد سنة سنتين يطلعون، فتضاف نسبة هاتين السنتين أو الثلاث بحيث لو خرجوا منها يمكن ما تسوى خمسمائة، يمكن تسوى أربعمائة، تحتاج إلى مائة ترميم مثلاً، فيقال: ينظر في الأجرة مع القيمة الحقيقية، وما يؤول إليه الحال، فتقوم من هذه الحيثيات كلها.
وهنا العبد إذا اعتدي عليه فإنما يقوم بقيمته الراهنة، ما يقال: إنه بنجوم عشرة آلاف؛ لأنه ينظر إلى الأجل، فينظر إلى قيمته الحقيقية، ويكون حسابها بالنسبة للوصية.
"وذلك أنه لو قتل لم يغرم قاتله إلا قيمته يوم قتله، ولو جرح لم يغرم جارحه إلا دية جرحه يوم جرحه" يعني لو اعتدى عليه قتل هل نقول: إن هذا باعتبار المآل حر، فعليك دية حر، أو باعتبار الحال أنه عبد، فعليك قيمة العبد؟ أو نقول: كل شيء بحسابه، أدى نصف النجوم فيبقى نصف حر، فيغرم نصف قيمة عبد ونصف دية حر؟ إذا تصورنا أن الحر بمائة ألف ديته، وقيمة العبد خمسين ألف، نقول: يلزمك خمسة وسبعين ألف؛ لأنه نصف حر، نقول كذا وإلا لا؟ ما نقول، لماذا؟ لأنه عبد ما بقي عليه درهم.(151/3)
"ولا ينظر في شيء من ذلك إلى ما كوتب عليه من الدنانير والدراهم" ما ينظر إلى أنه كوتب على هذا المبلغ وأدى منه ما أدى "لأنه عبد ما بقي عليه من كتابته شيء، وإن كان الذي بقي عليه من كتابته أقل من قيمته لم يحسب في ثلث الميت إلا ما بقي عليه من كتابته" لو كوتب على عشرة آلاف أدى ثمانية بقي ألفان، وقوم بأربعة آلاف ما الذي يحسب من الثلث؟ الألفان فقط، يقول: "وإن كان الذي بقي عليه من كتابته أقل من قيمته لم يحسب في ثلث الميت إلا ما بقي عليه من كتابته، وذلك أنه إنما ترك الميت له ما بقي عليه من كتابته، فصارت وصية أوصى بها".
قال مالك: "وتفسير ذلك أنه لو كانت قيمة المكاتب ألف درهم، ولم يبق من كتابته إلا مائة درهم، فأوصى سيده له بالمائة درهم التي بقيت عليه حسبت له في ثلث سيده فصار بها حراً" يعني لو كانت الوصية هذه المائة للمكاتب نفسه، لو كانت وصية الميت للمكاتب، وثلث المال مثلاً خمسمائة، وبقي عليه من نجومه مائة، يصير حراً ويأخذ أربعمائة؛ لأن الثلث أوصي للمكاتب، وبقي من نجومه مائة، والوصية خمسمائة، وكلها للمكاتب يعتق ويعطى من المال أيضاً أربعمائة.
"قال مالك في رجل كاتب عبده عند موته" بحيث لا يتمكن العبد من أداء ولا نجم واحد، كاتبه عند موته: "إنه يقوم عبداً فإن كان في ثلثه سعة لثمن العبد جاز له ذلك" لأنه إذا كان ثلثه ألف، وقوم العبد بألفين، الثلث ألف وقوم العبد بألفين، وكاتب على الألفين، يقول في رجل كاتب عبده عند موته: "إنه يقوم عبداً فإن كان في ثلثه سعة لثمن العبد جاز له ذلك" يعني إن كان قيمة العبد تساوي الثلث أو أقل جاز له ذلك، وإن كانت أكثر لا يجوز له ذلك؛ لأنه لا يملك إلا الثلث.
"قال مالك: وتفسير ذلك أن تكون قيمة العبد ألف دينار فيكاتبه سيده على مائتي دينار عند موته، فيكون ثلث ماله ألف دينار فذلك جائز" لأنها أقل من الثلث "وذلك جائز له، وإنما هي وصية أوصى له بها في ثلثه، فإن كان السيد قد أوصى لقوم بوصايا، وليس في الثلث فضل عن قيمة المكاتب بدئ بالمكاتب؛ لأن الكتابة عتاقة، والعتاقة تبدّأ على الوصايا".(151/4)
يعني لو قال: ثلث مالي لطلاب العلم، فأوصى لطلاب العلم بما فيهم المكاتب هذا، فالمكاتب يحرر قبل نصيب طلاب العلم؛ لأن الشرع يتشوف إلى الحرية.
"ثم تجعل تلك الوصايا في كتابة المكاتب يتبعونه بها" يعني يحرر ثم يتبعونه بما كوتب عليه، مما يستوعبه الثلث، طلاب العلم هل نقول: إنهم يعطون من النقود الحاضرة والمكاتب تلغى الكتابة؛ لأنها بأكثر من الثلث، أو نقول: يُبَدّأ المكاتب ويحرر ثم أرباب الوصايا يرجعون إليه بما كوتب عليه إذا كانت بحدود الثلث؟
"ثم تجعل تلك الوصايا في كتابة المكاتب يتبعونه بها، ويخير ورثة الموصي فإن أحبوا أن يعطوا أهل الوصايا وصاياهم كاملة وتكون كتابة المكاتب لهم فذلك لهم، وإن أبوا وأسلموا المكاتب وما عليه إلى أهل الوصايا فذلك لهم" يعني يخير ورثة الموصي بأن يدفعوا للموصى لهم من مال الميت من إرثهم بقدر الوصية وهم يتبعون المكاتب بنجوم الكتابة فالأمر لا يعدوهم، وإن قالوا: لا والله إحنا ما إحنا مطلعين الدراهم اللي بأيدينا، وأهل الوصايا يتبعون المكاتب فالأمر أيضاً إليهم.
"لأن الثلث صار في المكاتب، ولأن كل وصية أوصى بها أحد، فقال الورثة: الذي أوصى به صاحبنا أكثر من ثلثه، وقد أخذ ما ليس له، فإن ورثته يخيرون فيقال لهم: قد أوصى صاحبكم بما قد علمتم" الآن الوصية تقدم على الإرث وإلا تؤخر؟
طالب: تقدم.
تقدم، {مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [(12) سورة النساء] الحقوق المتعلقة بالتركة الرابع منها الوصية فهي مقدمة على الإرث، كيف نقول: إن الورثة يخيرون ولا يخير الموصى لهم والوصايا مقدمة على الإرث؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، افترضنا أن الوصية بقدر نجوم الكتابة، ثلث نجوم الكتابة بقدر الوصية، وأوصى لطلاب علم وخيرنا الورثة، قالوا: نبي المال الذي بأيدينا، والموصى لهم يتبعون المكاتب، والأمام مالك يقول: ذلك لهم، صح وإلا لا؟ هذا إلى الورثة، مع أن المعروف عند أهل العلم أن الحق الرابع من الحقوق المتعلقة بالتركة الوصايا والخامس الإرث، وهو منطوق الكتاب.(151/5)
يفرع على هذا لو أن الميت له أموال حاضرة، نقود ذهب وفضة جاهزة، وله عروض، وله ديون، وأوصى بثلث ماله، وقال الورثة: نريد النقود، العروض والديون هذه للوصايا، الأمر لهم وإلا لا؟ إذاً كيف الإمام مالك قدم حق الورثة على الوصايا؟
طالب:. . . . . . . . .
الوصايا، هل قيمة الكتابة تختلف عن الدين؟ أنت افترض أن الكتابة خمسين ألف، نجوم كل شهر ألفين وخمس على عشرين شهر، جيد، أو قسط سيارة بخمسين ألف، كل شهر ألفين ونصف، في فرق وإلا ما في فرق؟ هل نقول: إن الوصايا لها الأقساط، والأموال غير الجاهزة، والأموال الجاهزة المصفاة للورثة؟ أو نقول: إنهم يتحاصون؟ الورثة لهم نصيب من هذا ونصيب من هذا، والوصية لها نصيب من هذا ونصيب من هذا؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا يزيد الإشكال ترى، يعني لو حول، لو قال الورثة: ما نبي المكاتب، نبي الأموال الجاهزة، لهم ذلك وإلا ما لهم؟ على كلام الإمام؟ لهم ذلك، افترض أنه في آخر القسط قال: أنا والله عاجز، يعود رقيق؟ يعني هل هذا من مصلحة الوصايا أو ليس من مصلحتها؟ من مصلحة الموصى لهم وإلا ما هو من مصلحتهم؟ يعني ما بقي عليه إلا نجم أو نجمين ويعود إليهم كامل، يبيعونه بقيمته الكاملة، يعني في حال الرقيق لن يتضرروا، إن أدى النجوم وإلا عادت إليهم، العادة الرقيق كامل، في حال تقسيط السيارة قد يذهب المال ولا يرجع إليهم شيء، قد يقول قائل: ترجع إليهم السيارة، والسيارة ما تسوى شيء، بعد مدة طويلة ما تسوى شيء، بخلاف الرقيق فإنه يعني أسوأ الاحتمالات أن يعود إليهم كامل، يعني أن يعجز نفسه، يقول: والله ما أستطيع أسدد، فيعود إلى مكانه، وهذا لا شك أنه من مصلحة الوصية، ففرق بين هذا وهذا.
طالب: هنا الإشكال لماذا قدم الوصية هنا؟(151/6)
يمكن هذا مذهبه، أنا ما أدري عن مذهب الإمام مالك في هذا، احتمال أن يكون تقديم الإرث على الوصايا؛ لأن وجه تقديم الإرث لا شك أن الوصايا مقدمة بالنص، والدين مقدم حتى على الوصايا، والدين المتعلق بعين التركة مقدم حتى على الديون المطلقة، ومئونة التجهيز مقدمة على الجميع، هذا الترتيب المعروف عند أهل العلم، لكن كأنه لا يرى يعني في مسألة العبد على وجه الخصوص يقدم حق الورثة على الوصايا؛ لأن الوصايا لا تتضرر بوجه من الوجوه، لا تتضرر، اللهم إلا أن تضررها بتأخر المبالغ فقط، وإلا أسوأ الاحتمالات أن يعجز نفسه ويعود كامل لهم، لكن لو كان مثلاً سلعة أخرى تنقص كثيراً بالاستعمال، أو مماطل أو شخص مات، دين على شخص مات انتهت ذمته، ذمة غير قابلة، ولا من الزكوات يسددون، هذا يختلف اختلاف كبير عن العبد، لكن ألا يقول قائل: إنهم لو اختار الورثة المال، وتركوا المكاتب للوصايا ومات المكاتب يعود الإشكال وإلا ما يعود؟ نعم؟ يعود الإشكال، فينظر في مذهب الإمام -رحمه الله- في تقديم الوصية على الإرث، ولا شك أنه من حيث النظر أن الإرث مفروض بالكتاب لكل وارث نصيبه، والوصية منها الواجب، ومنها المستحب، فإن كان -رحمه الله- نظر إلى هذا، ولا إخاله ينظر مثل هذا النظر مع قول الله -جل وعلا-: {مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [(12) سورة النساء] {مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [(11) سورة النساء] {مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [(12) سورة النساء] يعني كُررت مراراً، فدل على أن الوصية أهم من الإرث.(151/7)
يقول: "لأن الثلث صار في المكاتب؛ ولأن كل وصية أوصى بها أحد فقال الورثة: الذي أوصى به صاحبنا أكثر من ثلثه، وقد أخذ ما ليس له، قال: فإن ورثته يخيرون، فيقال لهم: قد أوصى صاحبكم بما قد علمتم، فإن أحببتم أن تنفذوا ذلك لأهله على ما أوصى به الميت وإلا فأسلموا أهل الوصايا ثلث مال الميت كله" هذا ميت عنده أموال، وعنده عقارات، وعنده عمائر مستغلة، فأوصى بعمارة ثمينة، قال: هذه ثلث مالي، لما مات الميت قالوا: لا، هذه أكثر من الثلث، ولا نرضى بالوصية بأكثر من الثلث، الأمر لهم وإلا لا؟ الأمر لهم فيما زاد على الثلث إذا ادعوا ذلك، نقول: كم تقومونه، الآن ثلث الرجل مليون، وأوصى بهذه على حسب ظنه أنها مليون، ثلث ... ، قالوا: لا، هذه تسوى مليون ونصف، يقال: خذوا المليون ونصف وأعطوهم من ثلث التركة مما عندكم، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ لأنه يقول: "لأن كل وصية أوصى بها أحد، فقال الورثة: الذي أوصى به صاحبنا أكثر من ثلثه، وقد أخذ ما ليس له" القدر الزائد على الثلث ليس له "فإن ورثته يخيرون فيقال لهم: قد أوصى صاحبكم بما قد علمتم، فإن أحببتم أن تنفذوا ذلك لأهله على ما أوصى به الميت، وإلا فأسلموا أهل الوصايا ثلث مال الميت كله" يعني مما عندكم، ومثل هذا يقال للورثة بعضهم مع بعض، يعني حين القسمة قسمة العقار يعني الأموال ما فيها إشكال يمكن قسمتها بدقة، لكن قسمة العقار عنده عشر أراضي؛ لأنه وجد من عنده ألوف من الأراضي بصكوكها، هذا عنده عشر أراضي، وعنده خمسة أولاد وزوجة وبنتين وكذا، وعند عمارة، وعنده كذا، ومزرعة، وأموال، الأموال تقسم بدقة، لكن الأراضي، يعني لو قسموا الأراضي، وادعى واحد أن هذه الأرض أغلى قيمة من غيرها، نقول: كم تثمنها؟ إذا قال: بكذا، قل: خذها بهذا المبلغ الذي ثمنتها به، إذا رضي مشاركوه، ولذلك من يقسم يخير، إيش معنى هذا؟ الذي تولى القسمة يخير شريكه، من أجل إيش؟ أن يتحرى في قسمته؛ لأنه إذا خير يبي يفوته الأغلى، وهذا الذي ادعى أنها أكثر، وهي في الحقيقة أقل عند غيره، يقال له: خذها.
لماذا يقول أكثر؟ من أجل أن يزاد مبلغ من المال، فإذا قيل له: خذها ما تطاول على مثل هذا.(151/8)
قال: "فإن أسلم الورثة المكاتب إلى أهل الوصايا كان لأهل الوصايا ما عليه من الكتابة، فإن أدى المكاتب ما عليه من الكتابة أخذوا ذلك في وصاياهم على قدر حصصهم، وإن عجز المكاتب كان عبداً لأهل الوصايا" يعني هل بإمكانه أن يقول الورثة: نحن وإياكم فيه شركاء؛ لأن قيمته أكثر من الثلث، هم دفعوه بطوعهم واختيارهم، برضاهم دفعوه.
قال: "وإن عجز المكاتب كان عبداً لأهل الوصايا لا يرجع إلى أهل الميراث؛ لأنهم تركوه حين خيروا؛ ولأن أهل الوصايا حين أسلم إليهم ضمنوه؛ فلو مات لم يكن لهم على الورثة شيء" والغنم مع الغرم، والخراج بالضمان "وإن مات المكاتب قبل أن يؤدي كتابته وترك مالاً هو أكثر مما عليه فماله لأهل الوصايا" لأنهم قبلوه، والورثة تركوه بطوعهم واختيارهم "وإن أدى المكاتب ما عليه عتق، ورجع ولاؤه إلى عصبة الذي عقد الكتابة" يعني أهل الوصايا لهم ولاؤه؟ لا، ليس لهم ولاؤه، إنما الولاء لمن أعتق، وفي حكمه من كاتب.
"قال مالك -رحمه الله- في المكاتب يكون لسيده عليه عشرة آلاف درهم، فيضع عنه عند موته ألف درهم، قال مالك: يقوم المكاتب فينظر كم قيمته، فإن كانت قيمته ألف درهم، فالذي وضع عنه عشر الكتابة" يقوم المكاتب، الآن في المكاتب يكون لسيده عليه عشرة آلاف درهم، هذه نجوم الكتابة وإلا دين؟
طالب: دين.(151/9)
نعم، ألا يحتمل أنه بعد ما كاتبه أعطاه مبلغاً يتجر به مضاربة مثلاً؟ أو أي تصرف من التصرفات؟ لأنه يقول: "في المكاتب يكون لسيده عليه عشرة آلاف درهم، فيضع عنه عند موته ألف درهم" لكن الذي يظهر من السياق اللاحق أن العشرة آلاف نجوم الكتابة، بدليل قول مالك -رحمه الله-: "يقوم المكاتب فينظر كم قيمته، فإن كانت قيمته ألف درهم، فالذي وضع عنه عشر الكتابة، وذلك في القيمة مائة درهم وهو عشر القيمة فيوضع عنه عشر الكتابة فيصير بذلك إلى عشر القيمة نقداً، وإنما ذلك كهيئته لو وضع عنه جميع ما عليه، ولو فعل ذلك لم يحسب في ثلث مال الميت إلا قيمة المكاتب ألف درهم، وإن كان الذي وضع عنه نصف الكتابة حسب في ثلث مال الميت نصف القيمة، وإن كان أقل من ذلك أو أكثر فهو على الحساب" يعني هو ما يسوى إلا مائة درهم، وكوتب على ... ، ما يسوى إلا ألف درهم، وكوتب على عشرة آلاف، نعم، يعني قوله: فالذي وضع عنه عشر الكتابة، دليل على أن الكتابة كم؟ عشرة آلاف، وذلك في القيمة مائة درهم وهو عشر القيمة، قيمة الكتابة، فيوضع عنه عشر الكتابة فيصير ذلك إلى عشر القيمة نقداً، الآن وضع عنه عشر الكتابة، ثم بعد ذلك مات أو أعجز نفسه، ثم بعد ذلك مات، كم الذي يحسب؟ من عفو السيد؟ الآن الكتابة انتهت، عندما أعجز نفسه انتهت الكتابة، ينظر إليه على أنه عبد أعجز نفسه، على أنه عبد كم قيمته؟ بدل عشرة آلاف نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، يُقوّم، عَرَض هو، يقوم، خمسة آلاف، نقول: المعفو عنه خمس القيمة، ألفين، المعفو عنه نصف القيمة، أو العكس؟ العكس، إذا قُوّم بخمسة آلاف قلنا: يدفع من قيمته، يكون عليه أربعة آلاف وخمسمائة؛ لأن الخمسمائة هي عشر الخمسة التي كانت ألف عشر العشرة، يعني لو قُوّم بألف كان المعفو عنه كم؟ مائة، بألفين المعفو عنه مائتين وهكذا.(151/10)
"قال مالك في المكاتب يكون لسيده عليه عشرة آلاف درهم فيضع عنه عند موته ألف درهم، قال مالك: يقوم المكاتب فينظر كم قيمته؟ فإن كانت قيمته ألف درهم، فالذي وضع عنه عشر الكتابة، وذلك في القيمة مائة درهم، وهو عشر القيمة، فيوضع عنه عشر الكتابة فيصير ذلك إلى عشر القيمة نقداً، وإنما ذلك كهيئته لو وضع عنه جميع ما عليه، ولو فعل ذلك لم يحسب في ثلث مال الميت إلا قيمة المكاتب ألف درهم" ما يحسب على الثلث عشرة آلاف، نعم، ما يحسب على الثلث عشرة آلاف باعتبار أن النجوم هو رضي بها؛ لأنها منجمة وميسرة، فلا يحسب على الثلث؛ لأنه يجتاحه، ويصير في حيف على الثلث، وإنما يحسب عشر قيمته.
"ولو فعل ذلك لم يحسب في ثلث مال الميت إلا قيمة المكاتب ألف درهم، وإن كان الذي وضع عنه نصف الكتابة حسب في ثلث مال الميت نصف القيمة، وإن كان أقل من ذلك أو أكثر فهو على الحساب".
"قال مالك: إذا وضع الرجل عن مكاتبه عند موته ألف درهم من عشرة آلاف درهم، ولم يسم أنها من أول كتابته أو من آخرها وضع عنه من كل نجم عشره".
كاتبه على عشرة آلاف، وسامحه بألف، وما قال: القسط الأول النجم الأول، النجم الثاني، النجم العاشر، لا، يكلف بدفع تسعمائة في كل نجم، يكون الألف مشاع بين النجوم.
"قال مالك: ولو وضع الرجل عن مكاتبه عند موته ألف درهم من أول كتابته أو من آخرها، وكان أصل الكتابة على ثلاثة آلاف درهم قوم المكاتب قيمة النقد، ثم قسمت تلك القيمة فجعلت لتلك الألف التي من أول الكتابة حصتها من تلك القيمة بقدر قربها من الأجل وفضلها، ثم الألف التي تلي الألف الأولى بقدر فضلها أيضاً، ثم الألف التي تليها بقدر فضلها أيضاً ثم يؤتى على آخرها" إيش معنى هذا الكلام؟
طالب:. . . . . . . . .(151/11)
أقل؛ لأنه أقرب، نعم، الآن في المعاملات اليوم يقول لك مثلاً التاجر أو البنك أو المؤسسة: أنا أدين الناس بنسبة خمسة بالمائة، تبي دين مدة خمس سنوات، يعطيك الخمس السنوات بخمسة بالمائة؟ لا، لكل سنة، فالأولى الخمسة بالمائة، الثانية عشرة بالمائة، الثالثة خمسة عشر وهكذا، وبالعكس لو استدنت سيارة منه على هذا الأساس، خمسين ألف، أو مائة ألف على خمس سنوات، السنة الأولى خمسة بالمائة، الثانية عشرة، الثالثة عشرة، أنت بعد سنة رجعت السيارة، ويش لون يحاسب عليك؟ النقص في السيارة؟ العكس، يأخذ عنك عن الشهر الأول، كم القسط ألفين مثلاً؟ يأخذ خمسة عشر ألف في الشهر الأول؛ لأن استعمال السيارة في الشهر الأول ينزل من قيمتها هذا المبلغ، هذا متعارف عليه، الشهر الثاني اثنا عشر ألف، الثالث: تسعة آلاف، وهكذا يعني طرداً وعكساً المسألة ماشية، طرداً وعكساً، وبهذا نفهم كلام -رحمه الله-.
"ثم الألف التي تليها بقدر فضلها أيضاً، ثم يؤتى على آخرها تفضل كل ألف بقدر موضعها" يعني بقدر قربها من الأجل وبعدها "في تعجيل الأجل وتأخيره؛ لأن ما استأخر من ذلك كان أقل في القيمة" يعني أيهما أغلى عليك الدراهم التي تدفع لك بعد شهر أو بعد شهرين، أو بعد ثلاثة أو بعد سنة؟ بعض الناس يظن الأجل كالمجان، يعني تقول له: ادفع قيمة هذه السيارة خمسين ألف، وإلا بمائتين ألف بعد عشر سنين؟ يقول: لا، بعد عشر سنين كأنها مجان، بعض الناس ما يقدر هذه الأمور بقدرها، المهم أن الحاجة تنقضي، فبقدر قربها تكون قيمتها أعلى.
"لأن ما استأخر من ذلك كان أقل في القيمة، ثم يوضع في ثلث الميت قدر ما أصاب تلك الألف من القيمة على تفاضل ذلك إن قل أو كثر فهو على هذا الحساب".
قد يقول قائل: إحنا لنا مدة طويلة في المكاتب والرقيق والعبد ولا وجود له، ومسائل متعبة، ولا فيها شيء مرفوع، حتى ولا آثار، كلها من كلام الإمام مالك، بعض الناس يقلل من قيمة هذا الكلام، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(151/12)
مسألة الوقوع بيقع -إن شاء الله-، وبيعود عز الإسلام بإذن الله كما بدأ، لكن مع ذلك ما في هذا رياضة عقلية تورث الإنسان فقه نفس؟ بلا شك، يعني على مثل هذا الكلام يتربى طلاب العلم، ولو لم يكن له واقع عملي، ولو قلنا: الرجال كيف يدرسون كتاب الحيض؟ والنساء تدرس كتاب الجهاد؟ ويش الفائدة؟ فلا بد أن يقرأ العلم بكامله، يأخذ التصور التام عن العلم بجميع أبوابه؛ لأن بعض الناس يقلل من قيمته، ويش الفائدة؟ قيل وقال، وفعلنا، وعشر، ورايح وجاي، كلام طويل ما لنا فيه مصلحة، إلا لك فيه مصلحة، يعني تستطيع أن تطبق مثل هذا الفهم على سائر أبواب الدين، لو تولدت عندك الملكة الفقهية، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا إذا ترك يعني.
طالب:. . . . . . . . .
لا، الأمر لا يعدوه.(151/13)
"قال مالك في رجل أوصى لرجل بربع مكاتب أو أعتق ربعه فهلك الرجل ثم هلك المكاتب، وترك مالاً كثيراً أكثر مما بقي عليه" في رجل أوصى لرجل بربع مكاتب، يعني بربع نجوم الكتابة "أو أعتق ربعه فهلك الرجل" من الرجل الذي هلك؟ في رجل أوصى لرجل عندنا اثنين، موصي وموصى له "فهلك الرجل" الموصي أو الموصى له؟ لأن النكرة إذا أعيدت معرفة كانت عينها {كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [(15 - 16) سورة المزمل] الرسول هو الرسول ذا، وهنا يقول: "في رجل أوصى لرجل بربع مكاتب أو أعتق ربعه فهلك الرجل ثم هلك المكاتب، وترك مالاً كثيراً أكثر مما بقي عليه، قال مالك: يعطى ورثة السيد والذي أوصى له بربع المكاتب ما بقي لهم على المكاتب، ثم يقتسمون ما فضل" يعني ما بقي لهم على المكاتب، يعني يعطى الموصى له ما أوصي له به من نجوم ما بقي لهم على المكاتب من تركة الميت، الآن كاتبه على اثنا عشر ألف، وأوصى لرجل بربع مكاتب، بثلاثة آلاف، ثم هلك المكاتب وهلك الموصي الموصى له كم يأخذ؟ يأخذ ثلاثة آلاف من تركة الميت، يعني على أن تكون في إطار الثلث فأقل، يقول: "يعطى ورثة السيد والذي أوصى له بربع المكاتب ما بقي لهم على المكاتب، ثم يقتسمون ما فضل، فيكون للموصى له بربع المكاتب ثلث ما فضل بعد أداء الكتابة ولورثة سيده الثلثان، وذلك أن المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء، فإنما يورث بالرق" يورث بالرق، قال مالك، ويش معنى هذا الكلام؟
"قال مالك: يعطى ورثة السيد والذي أوصى له بربع المكاتب ما بقي لهم على المكاتب" الآن هلك المكاتب وترك مالاً كثيراً أكثر مما بقي عليه، من هذا المال الكثير الذي تركه يقتسم، فيكون ثلثه للموصى له، والثلثان للورثة، يُعطى ورثة السيد والذي أوصى له بربع المكاتب ما بقي لهم على المكاتب، ثم يقتسمون ما فضل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وترك مالاً كثيراً، هلك المكاتب وترك مالاً كثيراً أكثر مما بقي عليه.
طالب: يعني الذي ترك المال المكاتَب؟
المكاتب الذي ترك المال، إيه، إيه، ويش قلنا؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا.
طالب: تركة السيد.(151/14)
خلي تركة السيد الآن بقي عنده مال العبد، ما الذي فعل؟ قال مالك: "يعطى ورثة السيد والذي أوصى له بربع المكاتب ما بقي لهم على المكاتب" يأخذون ما بقي لهم.
طالب: من دين الكتابة؟
من دين الكتابة، من إيش؟ مما تركه المكاتب بعد موته.
"ثم يقتسمون ما فضل، فيكون للموصى له بربع المكاتب ثلث ما فضل بعد أداء الكتابة".
طالب: تقصد يا شيخ يأخذ الربع من الموصى له؟
وين؟ الآن الموصى له بربع الكتابة أخذ نصيبه، وأخذ ورثة السيد ما بقي لهم من نجوم الكتابة، من هذا المال الذي تركه المكاتب، ثم بعد ذلك يقتسمون ما فضل، المكاتب مكاتب بعشرة آلاف، أو اثنا عشر ألف، أوصي لشخص بربعها ثلاثة آلاف، هذا سدد كم؟ أربعة آلاف، ثم مات، والموصى له ...
طالب: الأربعة التي بعدها.
بربع المكاتب ثلاثة آلاف ما أخذ شيء، مات المكاتب وعنده عشرين ألف، يعطى الثلاثة، ويعطى الورثة بقية النجوم، كم؟
طالب: ستة.
كم سدد؟ سدد أربعة؟
طالب: خمسة.
خمسة، يأخذ خمسة، ثم بعد ذلك يقتسمون ما فضل، فيكون للموصى له بربع المكاتب ثلث ما فضل بعد أداء الكتابة، كيف يأخذ ثلث ما فضل بعد أداء الكتابة؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أوصى له بربع المكاتب، لا ربع ... ، ليش ما يأخذ ربع ما فضل؟ ليش يأخذ ثلث ما فضل بعد أداء الكتابة؟
طالب: أوصى له بربع المكاتب.
هو أوصى له بربع المكاتب، وأخذ نصيبه، لكن قال بعد ذلك: فيكون للموصى له بربع المكاتب ثلث ما فضل بعد أداء الكتابة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أو أعتق، (أو) يحل الإشكال نعم، إذا قلنا: وأعتق ربعه يكون إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
تأملوا معي، تأملوا.
طالب: فرق بين أوصى بربع المكاتب وإلا؟
يقول: أوصى بربع المكاتب وأعتق ربعه، فيكون لهم النصف، للورثة النصف، نصف ما بقي، والموصى له ثلث ما بقي، والفرق الذي بينهما يكون هو الربع، ثلث ما فضل بعد أداء الكتابة، ولورثة سيده الثلثان، وذلك أن المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء، فإنما يورث بالرق.
في إشكال وإلا ما في إشكال؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(151/15)
الربع ثلث الباقي من ثلاثة الأرباع، يكون الربع الباقي إذا تصورناه أرباع، إذا شلنا ربع يبقى ثلاثة أرباع، فيأخذ ثلث هذا الموصى له، والورثة يأخذون النصف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
صحيح، صحيح.
طالب:. . . . . . . . .
بلا شك انتهينا، نعم وأعتق.
طالب:. . . . . . . . .
"قال مالك في مكاتب أعتقه سيده عند الموت قال: إن لم يحمله ثلث الميت عتق منه قدر ما حمل الثلث" أعتقه سيده عند الموت، أراد أن يموت قال: فلان حر، فنظر الورثة فإذا فلان قيمته عشرة آلاف، والتركة خمسة وعشرين ألف، يعني أكثر من الثلث، قال: إن لم يحمله ثلث الميت عتق منه قدر ما حمل الثلث، إذا نظرنا إلى ... ، إذا ترك أربعة وعشرين ألف -خلوا المسألة تصير قابلة للقسمة- وقيمة العبد عشرة آلاف، العشرة ثلث الثلاثين، ثلث الأربعة والعشرين ثمانية، فيعتق منه أربعة أخماسه، ثمانية على عشرة "ويوضع عنه من الكتابة قدر ذلك، إن كان على المكاتب خمسة آلاف درهم، وكانت قيمته ألفي درهم نقداً، ويكون ثلث الميت ألف درهم عتق نصفه ويوضع عنه شطر الكتابة" وفي صورتنا يوضع عنه أربعة أخماس الكتابة.
"قال مالك في رجل قال في وصيته: غلامي فلان حر وكاتبوا فلاناً: تُبدّأ العتاقة على الكتابة" لأنها حرية فورية، والمكاتب عبد، فتبدأ العتاقة لأن بها تتم الحرية.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا والسامعين والحاضرين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
كتاب: المدبر
باب: القضاء في المدبر
حدثني مالك أنه قال: الأمر المجتمع عندنا فيمن دبر جارية له فولدت له ولداً بعد تدبيره إياها، ثم ماتت الجارية قبل الذي دبرها، إن ولدها بمنزلتها قد ثبت لهم من الشرط مثل الذي ثبت لها، ولا يضرهم هلاك أمهم، فإذا مات الذي كان دبرها فقد عتقوا إن وسعهم الثلث.(151/16)
وقال مالك -رحمه الله-: كل ذات رحم فولدها بمنزلتها إن كانت حرة فولدت بعد عتقها فولدها أحرار، وإن كانت مدبرة أو مكاتبة أو معتقة إلى سنين أو مخدمة أو بعضها حراً، أو مرهونة، أو أم ولد، فولد كل واحدة منهن على مثال حال أمه، يعتقون بعتقها، ويرقون برقها.
قال مالك -رحمه الله- في مدبرة دبرت وهي حامل ولم يعلم سيدها بحملها: إن ولدها بمنزلتها، وإنما ذلك بمنزلة رجل أعتق جارية له وهي حامل، ولم يعلم بحملها.
قال مالك -رحمه الله-:
قال مالك في مدبرة.
أحسن الله إليك.
قال مالك -رحمه الله- في مدبرة دبرت وهي حامل ولم يعلم سيدها بحملها.
هي عندكم ولم يعلم؟
طالب: رواية.
نعم، مدبرة دبرت إن ولدها بمنزلتها.
طالب:. . . . . . . . .
ولم يعلم؟
طالب:. . . . . . . . .
ولم يعلم سيدها بحملها، إي معروف في الجارية، نعم.
أحسن الله إليك.
تثبت الجملة هذه يا شيخ؟
نشوفها مع الشرح.
قال مالك -رحمه الله- في مدبرة دبرت وهي حامل ولم يعلم سيدها بحملها: إن ولدها بمنزلتها، وإنما ذلك بمنزلة رجل أعتق جارية له وهي حامل، ولم يعلم بحملها.
قال مالك -رحمه الله-: فالسنة فيها أن ولدها يتبعها، ويعتق بعتقها.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: وكذلك لو أن رجلاً ابتاع جارية وهي حامل، فالوليدة وما في بطنها لمن ابتاعها اشترط ذلك المبتاع أو لم يشترطه.
قال مالك -رحمه الله-: ولا يحل للبائع أن يستثني ما في بطنها؛ لأن ذلك غرر يضع من ثمنها، ولا يدري أيصل ذلك إليه أم لا؟ وإنما ذلك بمنزلة ما لو باع جنيناً في بطن أمه، وذلك لا يحل له لأنه غرر.
قال مالك -رحمه الله- في مكاتب أو مدبر ابتاع أحدهما جارية فوطئها فحملت منه وولدت قال: ولد كل واحد منهما من جاريته بمنزلته، يعتقون بعتقه، ويرقون برقه.
قال مالك -رحمه الله-: فإذا أعتق هو فإنما أم ولده مال من ماله يسلم إليه إذا أعتق.
يقول -رحمه الله تعالى-:
كتاب المدبر
المدبر: هو الرقيق الذي يعلق سيده عتقه على موته، يقول: إذا مت ففلان حر، مدبر يعني دبر حياته، يعني خلف حياته، بعد حياته.
باب القضاء في المدبر:
باب القضاء في المدبر يعني كيف يحكم؟ وما حكمه؟
طالب:. . . . . . . . .
ولده؟(151/17)
طالب:. . . . . . . . .
كل الكلام في ولده، الكلام في ولده، لكن باعتبار أن الولد يتبع تجوز الترجمة، لا مانع من أن يكون القضاء في المدبر وولده تبعاً له، والكلام كله في ولده.
"حدثني مالك أنه قال: الأمر عندنا فيمن دبر جارية له" إذا مت فهي حرة "فولدت له أولاداً بعد تدبيره إياها" يعني وقبل موته "ثم ماتت الجارية قبل الذي دبرها إن ولدها بمنزلتها قد ثبت لهم من الشرط مثل الذي ثبت لها" يعني يعتقون بموته؟ "إن ولدها بمنزلتها قد ثبت لهم من الشرط مثل الذي ثبت لها، ولا يضرهم هلاك أمهم" يعني لا يؤثر عليهم "فإذا مات الذي كان دبرها فقد عتقوا إن وسعهم الثلث" لماذا؟ لأن التدبير حكمه حكم الوصية؛ لأنه معلق بالموت، ولا يملك من الوصية إلا الثلث فأقل، كذلك لا يملك من التدبير إلا الثلث فأقل، يقول: "إن وسعهم الثلث"، وقال مالك ... ، الآن هؤلاء الذين ولدوا من جاريته هل هم أولاده أو أولاد غيره؟ أولاد غيره، من حر أو من عبد؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا من عبد ما في إشكال، من حر؟
طالب: يتعبون أمهم.
يتبعون أمهم في الحرية والرق، لكن إن أشترطهم؟ يفيد الشرط وإلا ما يفيد؟ لو لم يجد طول حرة فتزوج أمة، لا يجوز زواج الحر بالأمة ...
طالب:. . . . . . . . .
الحر إذا لم يجد طول حرة يتزوج أمة، وإذا وجد طول الحرة فإنه لا يجوز له أن يتزوج الأمة، لماذا؟ لأن أولاده أرقاء، والولد يتبع أمه حرية ورقاً.
طالب:. . . . . . . . .
ورآه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، الأكفاء في الدين يا أخي، المكافئة في الدين، ولذلك لما عتقت بريرة خيرها النبي -عليه الصلاة والسلام- ستبقى مع العبد أو لا تبقى؟ وترجم الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: باب الأكفاء في الدين، وضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب بنت عم النبي -عليه الصلاة والسلام- تحت المقداد وكان مولى، وفاطمة بنت قيس قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((انكحي أسامة)) مولى ابن مولى.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذا الكلام كله لا أصل له، ولا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى.
طالب:. . . . . . . . .
إذا اشترط حريته.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، النص ما فيه قيد.(151/18)
"وقال مالك: كل ذات رحم فولدها بمنزلتها إن كانت حرة فولدت" يعني أن الولد يتبع أمه حرية ورقاً، يتبع خير أبويه ديناً "إن كانت حرة فولدت بعد عتقها فولدها أحرار، وإن كانت مدبرة أو مكاتبة أو معتقة إلى سنين" يعني مؤجل عتقها إذا جاء سنة كذا فهي حرة، يعني علق عتقها بسنين معينة "أو مخدمة" يعني يعتقها على أن تخدمه "أو بعضها حراً" يعني مبعضة، يعني والبعض الثاني رق "أو مرهونة أو أم ولد، فولد كل واحدة منهن على مثال حال أمه" يعني الولد مدبر، مكاتبة الولد مكاتب، معتقة إلى سنين الولد معتق إلى سنين، أو مخدمة كذلك، أو بعضها حر، الولد مبعض، مرهونة الولد مرهون، أم ولد يصير الولد أم ولد؟ كل واحدة منهن على مثال حال أمه، تصير البنت أم ولد حكمها حكم الولد تعتق بعتق أمها.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
فولدت بعد عتقها فولدها أحرار ... إلى آخره.
"يعتقون بعتقها، ويرقون برقها".
"قال مالك في مدبرة دبرت وهي حامل: إن ولدها بمنزلتها، وإنما ذلك بمنزلة رجل أعتق جارية له وهي حامل، ولم يعلم بحملها" الآن هذه حامل، النماء متصل أو منفصل؟
طالب:. . . . . . . . .
حامل هي، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
متصل، لكن لو كان ولدها مولود معها يمشي قلنا: إيش؟ منفصل، والمتصل له حكم، والمنفصل له حكم.
"في مدبرة دبرت وهي حامل: إن ولدها بمنزلتها -يكون مدبراً- وإنما ذلك بمنزلة رجل أعتق جارية له وهي حامل، ولم يعلم بحملها" القيد هذا "لم يعلم بحملها" هل هو للجملة الأخيرة فقط أو للجملتين معاً كما تدل عليه بعض النسخ؟ وهل له مفهوم أو لا مفهوم له؟ وإذا لم يعلم بحملها يتصور أنه يكون حكمه حكم أمه، لكن إذا علم بحملها وسكت، لم يستثنه، حكمه حكم أمه؛ لأنه نماء منفصل يتبع أمه، وأما إذا علم به واستثناه له ذلك أو ليس له ذلك؟
طالب:. . . . . . . . .
إذاً ما فائدة لم يعلم بحملها؟
طالب:. . . . . . . . .(151/19)
عندنا هل القيد لم يعلم بحملها له مفهوم وإلا مفهوم له؟ يعني له مفهوم موافقة وله مفهوم مخالفة، مفهوم الموافقة أنه إذا علم وأجراه مجرى أمه أنه من باب أولى، إذا علم بحملها واستثناه هذا له مفهوم مخالفة، لكن هل القاعدة أن المولود يتبع أمه حرية ورقاً على إطلاقها؟ أو ما دام متصلاً بها؟ إذا انفصل، رجل اشترى جارية، ومعها ولد ابن عشرين سنة، وباع الولد بمفرده، وأعتق الأم، هل نقول: يعتق الولد عليه لأنه أعتق أمه؟ لا، ما يعتق عليه.
طالب: لو بقي معه؟
لو بقي عنده في بيته ما أعتقه، يعتق؟ لا يعتق.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هو الجهالة بيتكلم عليها -رحمه الله-.
"قال مالك: فالسنة فيها أن ولدها يتبعها ويعتق بعتقها" يعني ولدها المتصل.
"قال مالك: وكذلك لو أن رجلاً ابتاع جارية وهي حامل، فالوليدة وما في بطنها لمن ابتاعها" اشترى ناقة وفي بطنها حمل، اشترى شاة وفي بطنها حمل، الولد للبائع وإلا للمشتري؟ للمشتري "فولدها وما في بطنها لمن ابتاعها، اشترط ذلك المبتاع أو لم يشترطه" لأن الشرط صحيح وإلا باطل؟ باطل، لماذا؟ للجهالة والغرر، وقد نهى عن الثنيا إلا أن تعلم، لو قال: الولد لي، هذه في مسألة البيع لكن مسألة العتق؟ لو أعتقها وقال: الولد لي؟ أما بالنسبة للبيع فالثنيا منهي عنها إلا أن تعلم، وهذا مجهول فيه غرر وجهالة، فلا يصح استعماله، هل يقال: إن المعتق محسن فلا يلزم بغير ما التزم؟ أو نقول: إن الشرع يتشوف إلى العتق، وما دام أعتق الأم والولد يتبع أمه حرية ورقاً يعتق عليه؟ أيهما؟
طالب:. . . . . . . . .
لأنه يقول مالك -رحمه الله-: "ولا يحل للبائع أن يستثني ما في بطنها؛ لأن ذلك غرر يضع من ثمنها" يعني في مسائل البيع الغرر مؤثر، لكن في مسائل الإرفاق مؤثر وإلا غير مؤثر؟ غير مؤثر "ولا يدري أيصل ذلك إليه أم لا، وإنما ذلك بمنزلة ما لو باع جنيناً في بطن أمه، وذلك لا يحل له؛ لأنه غرر" هذا واضح، في مسائل البيع واضح، لكن في مثل هذه المسائل إرفاق، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، حتى ... ، لا يحل للبائع أن يستثني ما في بطنه.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .(151/20)
شوف أثره على القيمة، يعني هل المشتري بيشتري بنفس القيمة بدون استثناء؟ إذاً الفرق بينهما هو قيمة الحمل.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما دخل على بصيرة، الكلام في البائع نفسه، هل المشتري بيقدم على شراء الحامل مع ما في بطنها بنفس القيمة فيما لو استثني الحمل؟ لا، لن يقدم، إذاً كم اللي يحسم؟ يبي يقول: حامل بألف وخمس، وبدون حمل بخمس، هذه الخمس في مقابل الغرر والجهالة تصح وإلا ما تصح؟ ما تصح، فلا تصح طرداً ولا عكساً.
"وذلك لا يحل لأنه غرر".
"قال مالك في مكاتب أو مدبر ابتاع أحدهما جارية -يعني اشترى- فوطئها فحملت منه وولدت قال: ولد كل واحد منهما من جاريته بمنزلته، يعتقون بعتقه، ويرقون برقه" يعتقون بعتقه فيما إذا أدى نجوم، أو أدت نجوم الكتابة "فحملت منه وولدت".
"في مكاتب أو مدبر ابتاع أحدهما جارية، فوطئها فحملت منه وولدت قال: ولد كل واحد منهما من جاريته بمنزلته، يعتقون بعتقه، ويرقون برقه".
بمنزلته؛ لأنه مكاتب، إن سدد نجوم الكتابة عتق، وإن مات سيده قبله يعني المدبر يعتق.
"قال مالك: فإذا أعتق هو فإنما أم ولده مال من ماله يسلم إليه إذا أعتق" قال مالك: فإذا أعتق هو، اللي من؟
طالب: المدبر.
نعم اللي في أول أصل المسألة.
"فإنما أم ولده مال من ماله يسلم إليه إذا أعتق" يعني يستلم الأم وولدها، على ما سيأتي في حكم بيع أمهات الأولاد، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: جامع ما جاء في التدبير
قال مالك في مدبر قال لسيده: عجل لي العتق، وأعطيك خمسين ديناراً منها منجمة علي، فقال سيده: نعم أنت حر، وعليك خمسون ديناراً تؤدي إلي كل عام عشرة دنانير، فرضي بذلك العبد، ثم هلك السيد بعد ذلك بيوم أو يومين أو ثلاثة، قال مالك -رحمه الله-: يثبت له العتق، وصارت الخمسون ديناراً ديناً عليه، وجازت شهادته، وثبتت حرمته وميراثه وحدوده، ولا يضع عنه موت سيده شيئاً من ذلك الدين.(151/21)
قال مالك -رحمه الله- في رجل دبر عبداً له فمات السيد، وله مال حاضر ومال غائب، فلم يكن في ماله الحاضر ما يخرج فيه المدبر، قال: يوقف المدبر بماله، ويجمع خراجه حتى يتبين من المال الغائب، فإن كان فيما ترك سيده من ثلث المال مما يحمله الثلث عتق بماله، وبما جمع من خراجه، فإن لم يكن فيما ترك سيده ما يحمله عتق منه قدر الثلث، وترك ماله في يده.
يده وإلا يديه؟
وترك ماله في يديه.
يقول الإمام -رحمه الله تعالى-:
باب: جامع ما في التدبير
هكذا الترجمة؟
طالب:. . . . . . . . .
باب جامع؟
طالب:. . . . . . . . .
فيما جاء عندكم؟
طالب:. . . . . . . . .
يقول: باب أو بابٌ جامعٌ؟
طالب:. . . . . . . . .
عندك ما جاء، الشروح، الشروح، معكم شرح؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لا تكون من الشرح، يعني بعض الطباعين يرجع إلى الشروح ويدخل ما كان خارج القوس، وإنما هو ذكر لمجرد التوضيح.
طالب:. . . . . . . . .
إيه؛ لأن بعض الطباعين يعتمد على الشروح، ويراجع الشروح أثناء الطبع، ثم يأتي بكلمة توضيحية من الشرح ويقحمها في المتن، وهي مجرد توضيح.
طالب: إن صح التعبير ....
باب جامع ما جاء ما في التدبير، أو ما جاء في التدبير، أنا أخشى أن تكون "جاء في التدبير" هذه متعلق الجار المجرور إنما ذكرت من الشروح للتوضيح، وهذا يفعله كثير من اللي يطبعون الكتب يتصرفون؛ لأن يقصدون التوضيح من أجل هذا.
على كل حال المعنى ما يختلف سواءً ذكر المتعلق أو لم يذكر.
"قال مالك في مدبر قال لسيده: عجل لي العتق" مدبر قال: إذا مت فأنت حر، قال: الآن يا أخي أعتقني، وأعطيك خمسين منها منجمة علي، كأنه قال: كاتبني على خمسين، بدلاً من أن أنتظر عبد إلى أن تموت، والأعمار بيد الله ما يدري من يموت أولاً، قال سيده: "نعم أنت حر، وعليك خمسون ديناراً تؤدي إلي كل عام عشرة دنانير، فرضي بذلك العبد، ثم هلك السيد بعد ذلك بيوم أو يومين أو ثلاثة" لأنه اجتمع عندنا أمران: تدبير وكتابة، فهل يستمر مكاتب إلى أن يتم ما عليه، ويحل الورثة محل مورثهم؟ أو نقول: التدبير أقوى من الكتابة لأنه أسرع في الحرية، وتبقى الكتابة دين من الديون عليه باعتباره حر؟ نعم؟(151/22)
"قال سيده: نعم أنت حر وعليك خمسون ديناراً تؤدي إلي كل عام عشرة دنانير، فرضي بذلك العبد ثم هلك السيد بعد ذلك بيوم أو يومين أو ثلاثة، قال مالك: يثبت له العتق" لأن العتق أقوى من الكتابة، والتدبير أقوى من الكتابة؛ لأنه دون مقابل، وهو أسرع في الحرية، والشرع يتشوف إلى الحرية "وصارت الخمسون ديناراً ديناً عليه، وجازت شهادته -لأنه صار حراً- وثبتت حرمته" يعني بدلاً من أن يكون رقيقاً له أحكام الأرقاء، لا شك أنه يكون حراً، تثبت له جميع أحكام الحرية "وميراثه وحدوده" يعني يرث ويورث، والرقيق لا يرث ولا يورث، إنما يورث بالولاء، ويورث هو أيضاً باعتباره مال، وحدوده، ليست على النصف من حدود الحر، صار كامل "ولا يضع عنه موت سيده شيئاً من ذلك الدين" لماذا؟ لأن الدين انتقل من كونه للسيد إلى ورثته.
"قال مالك في رجل دبر عبداً له فمات السيد وله مال حاضر ومال غائب، فلم يكن في ماله الحاضر ما يخرج فيه المدبر" كيف يخرج فيه المدبر؟ يعني من الثلث؛ لأن حكم المدبر حكم إيش؟ الوصية، قال: "يوقف المدبر بماله، ويجمع خراجه حتى يتبين من المال الغائب، فإن كان فيما ترك سيده مما يحمله الثلث عتق بماله" هو وماله حر "وبما جمع من خراجه، فإن لم يكن فيما ترك سيده ما يحمله عتق منه قدر الثلث، وترك ماله في يديه" يعتق منه قدر الثلث، ويبقى الثلثان رق، يورث عن الميت "وترك ماله في يديه" لأنه يملك عند الإمام مالك، وإلا عند الجمهور لا يترك ماله لأنه مال له، بل هو مال لسيده، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(151/23)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب المدبر (1)
باب: الوصية في التدبير - باب: مس الرجل وليدته إذا دبرها.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الوصية في التدبير
قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا أن كل عتاقة أعتقها رجل في وصية أوصى بها في صحة أو مرض أنه يردها متى شاء، ويغيرها متى شاء، ما لم يكن تدبيراً، فإذا دبر فلا سبيل له إلى رد ما دبر.
قال مالك -رحمه الله-: وكل ولد ولدته أمة أوصى بعتقها ولم تدبر، فإن ولدها لا يعتقون معها إذا عتقت وذلك أن سيدها يغير وصيته إن شاء، ويردها متى شاء، ولم يثبت لها عتاقة، وإنما هي بمنزلة رجل قال لجاريته: إن بقيت عندي فلانة حتى أموت فهي حرة.
قال مالك: فإن أدركت ذلك كان لها ذلك، وإن شاء قبل ذلك باعها وولدها؛ لأنه لم يدخل ولدها في شيء مما جعل لها، قال: والوصية في العتاقة مخالَفة للتدبير.
مخالِِفة.
أحسن الله إليك.
قال: والوصية في العتاقة مخالِفة للتدبير فرق بين ذلك ما مضى من السنة.
قال مالك -رحمه الله-: ولو كانت الوصية بمنزلة التدبير كان كل موص لا يقدر على تغيير وصيته، وما ذكر فيها من العتاقة، وكان قد حبس عليه من ماله ما لا يستطيع أن ينتفع به.
قال يحيى: قال مالك -رحمه الله-: في رجل دبر رقيقاً له جميعاً في صحته، وليس له مال غيرهم، قال: إن كان دبر بعضهم قبل بعض بدئ بالأول فالأول حتى يبلغ الثلث، وإن كان دبرهم جميعاً في مرضه فقال: فلان حر، وفلان حر، وفلان حر، في كلام واحد، إن حدث بي في مرضي هذا حدث موت، أو دبرهم جميعاً في كلمة واحدة، تحاصوا في الثلث، ولم يُبدّأ أحد منهم قبل صاحبه، وإنما هي وصية، وإنما لهم الثلث يقسم بينهم بالحصص، ثم يعتق منهم الثلث بالغاً ما بلغ، قال: ولا يبدأ أحد منهم إذا كان ذلك كله في مرضه.(152/1)
قال مالك -رحمه الله- في رجل دبر غلاماً له فهلك السيد ولا مال إلا العبد المدبر وللعبد مال، قال: يعتق ثلث المدبر، ويوقف ماله بيديه.
قال مالك -رحمه الله- في مدبر كاتبه سيده فمات السيد، ولم يترك مالاً غيره، قال مالك -رحمه الله-: يعتق منه ثلثه، ويوضع عنه ثلث كتابته، ويكون عليه ثلثاها.
قال مالك -رحمه الله- في رجل أعتق نصف عبد له وهو مريض فبت عتق نصفه، أو بت عتقه كله، وقد كان دبر عبداً له آخر قبل ذلك.
قال مالك -رحمه الله-: يُبدّأ بالمدبر قبل الذي أعتقه وهو مريض، وذلك أنه ليس للرجل أن يرد ما دبر، ولا أن يتعقبه بأمر يرده به، فإذا عتق المدبر فليكن ما بقي من الثلث في الذي أعتق شطره حتى يستتم عتقه كله في ثلث مال الميت، فإن لم يبلغ ذلك فضل الثلث عتق منه ما بلغ فضل الثلث بعد عتق المدبر الأول.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الوصية في التدبير
المدبر: هو الذي يعلق عتقه بموت سيده، يعني عن دبر حياته، الوصية في التدبير، ما الفرق بين الوصية والتدبير؟ وكيف تكون الوصية في التدبير؟ نعم؟
الإمام -رحمه الله- من كلامه يظهر أنه يفرق بين الوصية وبين التدبير، وأن له أن يغير في وصيته ما شاء، الوصية لا تثبت إلا بالموت بخلاف التدبير، فهو كالعتق على شرط، كأنه قال: إذا جاء رمضان ففلان حر، إذا مت ففلان حر، يعني إذا علق العتق على شرط محقق، مر بنا مراراً أنه إذا علق الطلاق على شرط محقق هل له أن يرجع في طلاقه قبل حلول الشرط؟ إذا قال لزوجته: إذا جاء رمضان فهي طالق، له أن يرجع أو ليس له أن يرجع؟ نعم؟ شرط محقق الوقوع، الجمهور على أنه ليس له أن يرجع، الجمهور ليس له أن يرجع، بينما اختار بعضهم كشيخ الإسلام ابن تيمية فيما نقله عنه صاحب الفروع والإنصاف أن له أن يرجع ما لم يقع، يحضر الشرط، وها الفرق هنا أن الوصية يرجع فيها، والتدبير لا يرجع فيه، الوصية لا يثبت حكمها إلا بالموت، والتدبير عتق، إلا أنه معلق بشرط محقق الوقوع، فلا يرجع فيه كالطلاق.(152/2)
يبقى أنه قد يجامع الوصية في اعتبار الثلث، فمن أعتق ستة من العبيد وهو لا يملك غيرهم عن دبر وهذه المسألة وقعت في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام-، فباع أربعة، وعتق اثنان، فليس له أن يعتق أكثر من الثلث، إذا كانوا يستوعبون المال كله، وإذا كانوا يستوعبون نصف المال يعتق منهم بقدر الثلث، ويعاد إلى المال السدس، فهناك فرق بين الوصية والتدبير، فكيف تكون الترجمة بهذه الصيغة: باب الوصية في التدبير؟ يعني التدبير يجامع الوصية من وجه ويخالفها من وجه، يجامع الوصية باعتبار أنه لا يعتق إلا بالموت، كالوصية لا تثبت إلا بالموت، فيجامعها في كونه لا يزاد فيه على الثلث كالوصية، ويفارق الوصية بأنه لا يملك الرجوع في التدبير، ويملك الرجوع في الوصية.
نشوف كلام الإمام -رحمه الله- يوضح.
يقول: "قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا" يعني عند أهل بلده وفي مذهبه "أن كل عتاقة أعتقها رجل في وصية أوصى بها في صحة أو مرض أنه يردها متى شاء، ويغيرها متى شاء، ما لم يكن تدبيراً" إذا أوصى بالعبيد، إذا أوصى بهم وصية لا تدبير، ولم يقل: إنهم يعتقون إذا مات، كيف يوصي كل عتاقة أعتقها رجل في وصية أوصى بها في صحة أو مرض أنه يردها متى شاء، ويغيرها متى شاء، يعني هل الوصية لهم أو بهم؟ الوصية بهم إلى من؟ الموصى به العبيد، لكن الموصى لهم؟
طالب: الورثة.
لا، لا ما هو بالورثة.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذا الموصى إليه، الموصى لهم المستفيد من الوصية، يعني إذا أوصى بثلث ماله لأعمال البر ووجوه الخير، وليكن منها بعض العبيد، هؤلاء الموصى بهم، والموصى إليهم من يستفيد من هذه الوصية، ولا يلزم من هذه الوصية أن يكونوا أحراراً، إنما يدفعون إلى الموصى إليهم يتصرفون بهم، إن شاءوا استرقوهم، وإن شاءوا أعتقوهم، وإن شاءوا كاتبوهم.
"أن كل عتاقة أعتقها رجل في وصية أوصى بها في صحة أو مرض أنه يردها متى شاء" لأن الوصية لا تلزم إلا بالموت "ويغيرها متى شاء، ما لم يكن تدبيراً" يعني عتق عن دبر، يعلق عتقهم بالموت "فإذا دبر فلا سبيل له إلى رد ما دبر" مثلما قلنا في الطلاق: إذا علق على شرط محقق الوقوع.(152/3)
"قال مالك: وكل ولد ولدته أمة أوصى بعتقها ولم تدبر" أوصى بعتقها كيف أوصى بعتقها ولم تدبر؟ ما الفرق بين من أوصي بعتقه وصية فيعتق بالموت؛ لأن الوصية تنفذ في الموت، وقتها وقت لزومها الموت، أو يعتقها عن دبر؟
قال: "وكل ولد ولدته أمة أوصى بعتقها" إذا أوصى بعتقها صارت قابلة للعتق وغير العتق، من أي وجه؟ ينظر فيها كسائر الوصايا هل هي أكثر من الثلث أو أقل من الثلث؟ هل هي لوارث أو لغير وارث؟ محل النظر، يمكن ترد، بينما لو دبر ما في رد هنا، يعني هناك وجه تشابه بين من أوصي بعتقه وبين من دبر؛ لأن كل معلق بالموت، لزوم الوصية بالموت، والعتق إنما يكون عن دبر بالموت، لكن الوصية محل للنظر من الموصي حيث أن له أن يزيد وينقص ما لم يحن وقت اللزوم، الذي هو الموت، ومن جهة النظر في الموصى به هل هو بالثلث فما دون، أو أكثر من الثلث؟ فيرد ما زاد على الثلث، أما المدبر فلا نظر فيه، يلزم من حين النطق، لكنه موقوت، العتق يلزم من حين النطق، لكن نفوذه إنما هو بالموت.
"فإن ولدها لا يعتقون معها إذا عتقت" يعني مات، وهذه وصية، ووجد أنها دون الثلث، فوصيته تلزم حينئذٍ، "ولكن ولدها لا يعتقون معها إذا عتقت، وذلك أن سيدها يغير وصيته إن شاء، ويردها متى شاء، ولم يثبت لها عتاقة، وإنما هي بمنزلة رجل قال لجاريته: إن بقيت عندي فلانة حتى أموت فهي حرة" ما الفرق بين أن يقول: إن بقيت عندي فلانة حتى أموت فهي حرة، أو يقول: إذا مت فهي حرة؟
طالب:. . . . . . . . .
هو شرط على كل حال، علق عتقها بموته، إن بقيت عندي فلانة حتى أموت فهي حرة.
طالب: يمكن يتصرف.
إيه لفظ البقاء، يعني لو تصرف فيها قبل ذلك ما صدق عليها أنها بقيت حتى يموت، يعني الأثر في قوله: إن بقيت، يعني مثلما قال: إن شاء الله كذا، إن شاء الله أفعل كذا، يعني إن لم يفعل فالله -جل وعلا- ما شاء أن يفعل، فالتعليق بمثل هذا الشرط لا يلزم منه النفوذ.
"قال مالك: فإن أدركت ذلك كان لها ذلك، وإن شاء قبل ذلك باعها وولدها" وعلى هذا تكون ما بقيت "لأنه لم يدخل ولدها في شيء مما جعل لها" ما قال: إن بقيت هي وولدها، ما أدخل ولدها في التعليق.(152/4)
قال: "والوصية في العتاقة مخالِفة للتدبير، فرق بين ذلك ما مضى من السنة" ما الذي مضى من السنة؟ نعم؟
طالب: التدبر لا رجوع فيه.
أن التدبير لا رجوع فيه؛ لأنه عتق لازم، وجد سببه، وتأخر وقته، هل يمكن أن يدخل في القاعدة: أنه مال له سبب وجوب ووقت وجوب، يعني يلزمه من سبب الوجوب، يعني مثلما يقال في زكاة الفطر، سبب الوجوب غروب شمس آخر يوم من رمضان، ووقت الوجوب؟ نعم؟
طالب: بعد صلاة الصبح ....
ووقت الوجوب من بعد صلاة الصبح إلى صلاة العيد.
سبب الوجوب غروب شمس آخر يوم من رمضان، فتلزم زكاة الفطر بغروب الشمس، وعلى هذا من ولد بعد غروب الشمس له حكم، ومن مات قبل غروب الشمس له حكم، من مات قبل غروب الشمس تلزمه زكاة الفطر وإلا ما تلزم؟ ما تلزم، لكن من ولد بعد غروب الشمس تلزم وإلا ما تلزم؟ ما تلزم؛ لأنه بعد سبب الوجوب، فسبب الوجوب العتق المعلق بدبر الحياة، ويختلف في هذا عن الوصية، يعني العتق على شرط غير الوصية بالعتق.
قال: "ولو كانت الوصية بمنزلة التدبير كان كل موص لا يقدر على تغيير وصيته، وما ذكر فيها من العتاقة وكان قد حبس عليه من ماله ما لا يستطيع أن ينتفع به" يعني لو قدر أن إنسان كتب وصيته، أوصى بثلث ماله، وعينه العمارة الفلانية، والأرض الفلانية، وكذا وكذا، لا يستفيد منه، لو قيل: إنه لا يغير ولا يبدل، وأن نفاذ الوصية من حين إبرام الوصية والنطق بها، أو كتابة الوصية، وأنها لا تغير ولا تبدل، لا يجوز له أن يتصرف؛ لأنه أخرجها من يده كالوقف، وفرق بين الوقف وبين الوصية، الوقف يلزمه من حين النطق به، والوصية إنما تلزم متى؟
طالب: بالموت.
بالموت.
يقول: "ولو كانت الوصية بمنزلة التدبير كان كل موصٍ لا يقدر على تغيير وصيته، وما ذكر فيها من العتاقة وكان قد حبس عليه من ماله ما لا يستطيع أن ينتفع به" ما دام أوصى بها لا ينتفع بها، والمعروف مما مضى من السنة أن الموصي ينتفع بما أوصى به مدة حياته، وله أن يزيد فيه وينقص في إطار الثلث، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(152/5)
كل ولد ولدته أمة أوصى بعتقها، ما يلزم، يكون عبد، ما يلزم أن يكون منه، يمكن يكون عبد، كلهم عبيد له، ما يلزم أن يكون السيد من الولد، لو كان من السيد ما له علاقة، هو حر حر على كل حال، ما هو الكلام في هذا.
طالب:. . . . . . . . .
إيه من عبد، نعم.
"قال مالك في رجل دبر رقيقاً له".
أو من حر لا يملك طول الحرة؛ لأنه يتبع أمه في الرق.
"قال مالك في رجل دبر رقيقاً له جميعاً في صحته، وليس له مال غيرهم إن كان دبر بعضهم قبل بعض بدئ بالأول فالأول حتى يبلغ الثلث" لأن الحديث التي فيه ستة أعبد باع أربعة وأعتق اثنين "حتى يبلغ الثلث، وإن كان دبرهم جميعاً -يعني دفعة واحدة في مرضه- فقال: فلان حر، وفلان حر، وفلان حر" في كلام واحد
"إن حدث بي في مرضي هذا حدث موت، أو دبرهم جميعاً في كلمة واحدة تحاصوا في الثلث، ولم يبدأ أحد منهم قبل صاحبه، وإنما هي وصية، وإنما لهم الثلث يقسم بينهم بالحصص، ثم يعتق منهم الثلث بالغاً ما بلغ" يعني هل يعتق ثلث كل واحد منهم، أو يعتق ثلثهم؟
طالب: كل واحد منهم.
تحاصوا في الثلث، لأنه يقول في الأصل: وليس له مال غيرهم، هم جميع ما يملك، فهل نقول: يعتق ثلثهم؟ بمعنى إن كانوا ثلاثة يعتق واحد؟ أو ستة يعتق اثنان، أو تسعة يعتق ثلاثة، أو من كل واحد يعتق ثلثه؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم في الحديث، الحديث نص، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
دفعة واحدة أعتق ستة عن دبر، دفعة واحدة في كلام واحد.
قال .... هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني كل واحد ثلثه وإلا ثلث المجموع؟
طالب: إذا كانوا ثلاثة كل واحد ثلثه.
أو يعتق واحد من الثلاثة؟
طالب: إذا تراضوا في ذلك.
نعم؟
طالب: في العتق ما يجوز.
ما في شيء اسمه مبعض؟
طالب: ….
لا هو إذا كان في شركاء ...
طالب: … ..
الرسول باع فيمن يزيد، باع أربعة وأعتق اثنين.
طالب: … ..
يتحاصون، قال: تحاصوا في الثلث، بمعنى أن كل واحد يعتق منهم ثلثه.
"ولم يبدأ أحد منهم قبل صاحبه، وإنما هي وصية، وإنما لهم الثلث يقسم بينهم بالحصص، ثم يعتق منهم الثلث بالغاً ما بلغ" يعني الثلث من كل واحد منهم، ولو كانوا مائة، نعم.(152/6)
قال: "ولا يبدأ أحد منهم إذا كان ذلك كله في مرضه" لكن لو كان في الصحة يعتقون كلهم؟ ولو كانوا يأتون على جميع المال؟
طالب: ….
نعم، صحيح كامل القوى، ما عنده أدنى مشكلة، يعني شخص أوقف جميع ماله، شخص تصدق بجميع ماله، المسألة معروفة أنها خلافية بين أهل العلم في حال الصحة، أما في حال المرض ما يملك إلا الثلث، الثلث والثلث كثير، وقصة سعد ظاهرة في هذا، وقصة أبي بكر لما جاء بجميع ماله وتصدق به ظاهرة عند من يقول: إن له أن يتصدق بجميع ماله، ولو أوقف جميع ماله، أو أعتق جميع عبيده ولا يملك غيرهم، وهو في حال الصحة ما في ما يمنع عند جمع من أهل العلم، وقصة أبي بكر مع عمر واضحة، ظاهرة في هذا حينما جاء أبو بكر بجميع ماله، لكنهم مع ذلك يشترطون ألا يضيع من يمون، يضيع نفسه، ويضيع من يمون، بأن يكون له سبب يكتسب به، فيعف به نفسه ومن تحت يده، ويكون أيضاً عنده من التوكل واليقين ما يقيه من إفساد أجره؛ لأن بعض الناس يأتي إلى هذه العزائم ثم بعد ذلك يندم، ويتحدث، وأنا فعلت، وتركت، ولو أني فعلت، ولو أني تركت، لو أني فعلت، بعض الناس يترك فعل الأسباب ما يعالج مثلاً، ولا يسترقي، ثم في المجالس يقول: الحمد لله أنا متوكل، ما فعلت، ولا تركت، ثم إذا زاد عليه المرض أخذ يتسخط وليتي فعلت، وليتي سويت، مثل هذا أفضل له أن يباشر الأسباب، والثاني أيضاً أفضل له أن يبقي من ماله ما يكفيه، ويكفي ولده، المقصود أنهم يفرقون بين ما كان في زمن الصحة، وما كان في زمن المرض، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، إذا أراد حرمان الورثة لا شك أنه يعامل بنقيض قصده.
طالب: عتاقته يا شيخ وقت صحته نافذة.
وين؟
طالب: العتاقة في حال الصحة.
لكن لو أعتقهم دفعة واحدة أكثر من الثلث؟
طالب: لا زال حي ...
اسمع يقول: "في رجل دبر رقيقاً له جميعاً في صحته، وليس له مال غيرهم، إن كان دبر بعضهم قبل بعض بدئ بالأول فالأول حتى يبلغ الثلث" يعني رأي الإمام مالك واضح أنه لا يتصرف في أكثر من الثلث، ولو كان في حالة الصحة.
طالب: .... كلام الإمام مالك واضح الآن هل يوافق عليه؟(152/7)
لا، الكلام الفرق بين حال الصحة يعني من يحتج بفعل أبي بكر، يقول: ما في ما يمنعه أن يخرج من جميع ما يملك، سواءً كان ذلك بصدقة أو بوقف منجز، ما في ما يمنع، استدلالاً بقصة أبي بكر، لكن هم يشترطون أيضاً أن تكون الحال مثل حال أبي بكر.
طالب: صعب ....
إيه صعب، أجل لا يترك الناس عالة بعد، ((كفى بالمرء إثماًَ أن يضيع من يمون، أو يقوت)) على كل حال لا بد من مراعاة هذه الأمور.
يعني لو أعدنا النظر في عبارة الإمام -رحمه الله-: "قال مالك في رجل دبر رقيقاً له جميعاً في حال صحته" يعني هذا يختلف عما لو أعتقهم مباشرة؛ لأن التدبير يقتضي أن ينتفع بهم في حال حياته، ثم بعد ذلك يفوتهم على الورثة، يعني كلام الإمام -رحمه الله- ليس على ما فهم بعضهم في أول الأمر "دبر رقيقاً له جميعاً في حال صحته" يعني ما أعتقهم فوراً، ما قرر عتقهم في حال صحته، لا.
طالب: هذا اللي .... الفرق بين العتاقة والتدبير.
إيه لكن هو دبرهم في حال صحته، يعني فرق بين أن يقول: عبيده العشرة أحرار، فوراً يعني، وبين أن يقول: عبيده العشرة يعتقون عن دبر، فيظهر جلياً أنه إذا دبرهم في حال صحته، وعلق عتقهم بموته أنه يريد أن ينتفع بهم في حال حياته، ويفوتهم على الورثة، فهنا يعامل بنقيض قصده، لكن لو فوتهم على نفسه قبل الورثة هذه المسألة الأخرى.
"قال مالك في رجل دبر غلاماً له فهلك السيد ولا مال إلا العبد المدبر وللعبد مال قال: يعتق ثلث المدبر، ويوقف ماله بيديه" هذا على قوله في أن العبد يملك، يعتق ثلث المدبر، ويوقف ماله بيديه؛ لأنه لا يزيد على الثلث، لكنه يختلف عن الوصية في كونه لا يرجع فيه.
"قال مالك في مدبر كاتبه سيده فمات السيد ولم يترك مالاً غيره، قال مالك: يعتق منه ثلثه، ويوضع عنه ثلث كتابته" يعني ثلث الذي عتق منه "ويكون عليه ثلثاها" لأن العبارة قد يفهمها البعض أنه يعتق منه ثلث، ويوضع عنه ثلث، ويبقى الثلثين، صاروا أربعة أثلاث، يجي وإلا ما يجي؟ ما يجي، لكن يعتق منه ثلثه ويوضع عنه ثلث كتابته في مقابل الثلث الذي عتق، ويبقى ثلثاه في حكم الكتابة.(152/8)
"قال مالك في رجل أعتق نصف عبد له وهو مريض فبت عتق نصفه" يعني ما علقه ولا أوصى به، بت، أعتق "فبت عتق نصفه، أو بت عتقه كله، وقد كان دبر عبداً له آخر قبل ذلك".
"قال: يبدأ بالمدبر الذي قبل الذي أعتقه وهو مريض" لماذا؟ لأن المدبر لزمه عتقه بموته وهو السابق، فلا شك أن الأولية لها دخل في الأولوية، وهذا المدبر دبر قبل عتق الثاني، فيكون عتق المدبر أولى من عتق المنجز.
"في رجل أعتق نصف عبد له وهو مريض فبت عتق نصفه، أو بت عتقه كله، وقد كان دبر عبداً له آخر قبل ذلك، قال: يبدأ بالمدبر قبل الذي أعتقه وهو مريض، وذلك أنه ليس للرجل أن يرد ما دبر، ولا أن يتعقبه بأمر يرده به" يعني لا أن يتعقبه بأمر يؤثر على تدبيره، يعني لو أن شخصاً دبر مكاتباً له، ليس له أن يرده، ويحسب هذا المدبر من الثلث، من الثلث وإلا لا؟ نعم؟ أو يعتق جميعه إذا مات؟ ولو أتى على التركة كلها؟ من الثلث، وعلى هذا ليس للرجل أن يرد ما دبر، ولا أن يتعقبه بأمر يرده به، افترضنا أن هذا المدبر كامل بقدر ثلث التركة، وعمارة بقدر الثلث، وأرض بقدر الثلث، دبر هذا الغلام، وأوقف هذه العمارة على جمعية تحفيظ القرآن مثلاً، وقال: الورثة يكفيهم الأرض، ينفذ إيقاف العمارة وإلا ما ينفذ؟
طالب: لا ينفذ.
لا ينفذ، لماذا؟
طالب:. . . . . . . . .
لأنه تعقبه بأمر يرده به، فإذا عتق المدبر فليكن ما بقي من الثلث في الذي أعتق شطره، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وهو مريض، يقول: هو مريض، إيه نعم.
فإذا عتق المدبر فليكن ما بقي من الثلث في الذي أعتق شطره حتى يستتم عتقه، إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
عندنا في أكثر من مسألة، أو بت عتقه، الضبط الضبط، يا الإخوان، كله، حتى يستتم عتقه كله، التأكيد للعتق أو للضمير؟ هذا كله في الموضعين؛ لأن الضمير مضاف إليه، الضبط عندكم في الكتاب؟ أو بت عتقَه كلَه، حتى يستتم عتقُه كلُه، التأكيد للعتق أو للضمير؟ كل الرقيق أو كل العتق؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يلزم، ما إحنا ملزمين بضبطهم، لسنا ملزمين بضبطهم، السياق هو الذي يحدد المراد، فهل التأكيد بكله في الموضعين للعتق كل العتق أو كل الرقيق؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(152/9)
إذاً كلِه في الموضعين؛ لأن الضمير مضاف إليه مجرور، والتأكيد تابع.
يتبع في الإعراب الأسماء الأول ... نعت وتوكيد وعطف وبدل
"حتى يستتم عتقه كلِه في ثلث مال الميت، فإن لم يبلغ ذلك فضل الثلث عتق منه ما بلغ فضل الثلث بعد عتق المدبر الأول" يعني ينظر المدبر الأول؛ لأنه سابق، ثم بعد ذلك ينظر ما بقي بعد ذلك إن بقي لمن عتق شيء من الثلث عتق منه بقدره وإلا عاد رقيقاً، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كلَه، حتى يستتم عتقه كلُه، صح وإلا لا؟
طالب:. . . . . . . . .
كلِه في الموضعين لأنه تأكيد للضمير، نفس الشيء، هو تأكيد للضمير الذي يعود إلى العبد، كل العبد، ما هو بكل العتق، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: مس الرجل وليدته إذا دبرها
قال مالك -رحمه الله-: حدثني نافع أن عبد الله بن عمر دبر جاريتين له فكان يطأهما وهما مدبرتان.
وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أن سعيد بن المسيب كان يقول: "إذا دبر الرجل جاريته فإن له أن يطأها، وليس له أن يبيعها ولا يهبها وولدها بمنزلتها".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: مس الرجل وليدته إذا دبرها
عرفنا المدبر، فإذا كان المدبر جارية أنثى، وهي في الأصل أمة، توطأ بملك اليمين، ولم تخرج من ملكه بمجرد اللفظ، وإنما تخرج من ملكه بوجود الشرط الذي علق عليه العتق، وهو الموت، وما دامت في ملكه له أن يطأها {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [(6) سورة المؤمنون] وهذه منها.
قال: "حدثني مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر دبر جاريتين له فكان يطأهما وهما مدبرتان" لأن حكم الرق ما زال، ولا يتم التحرير والعتق إلا بالموت.
"وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أن سعيد بن المسيب كان يقول: "إذا دبر الرجل جاريته فإن له أن يطأها، وليس له أن يبيعها" لأنه لا يجوز له أن يرجع في المدبر، بخلاف الموصى به "وليس له أن يبيعها، ولا يهبها وولدها بمنزلتها" يعني له أن يتصرف فيه، يستخدمه، يستعمله في الخدمة؛ لأنه بمنزلة أمه، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: بيع المدبر(152/10)
قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا في المدبر أن صاحبه لا يبيعه، ولا يحوله عن موضعه الذي وضعه فيه، وأنه إن رهق سيده دين فإن غرماءه لا يقدرون على بيعه ما عاش سيده، فإن مات سيده ولا دين عليه فهو في ثلثه؛ لأنه استثنى عليه عمله ما عاش، فليس له أن يخدمه حياته، ثم يعتقه على ورثته إذا مات من رأس ماله، وإن مات سيد المدبر، ولا مال له غيره عتق ثلثه، وكان ثلثاه لورثته، فإن مات سيد المدبر وعليه دين محيط بالمدبر بيع في دينه؛ لأنه إنما يعتق في الثلث.
قال: فإن كان الدين لا يحيط إلا بنصف العبد بيع نصفه للدين، ثم عتق ثلث ما بقي بعد الدين.
قال مالك -رحمه الله-: لا يجوز بيع المدبر، ولا يجوز لأحد أن يشتريه إلا أن يشتري المدبر نفسه من سيده، فيكون ذلك جائزاً له، أو يعطي أحد سيد المدبر مالاً ويعتقه سيده الذي دبره، فذلك يجوز له أيضاً.
قال مالك -رحمه الله-: وولاؤه لسيده الذي دبره.
قال مالك -رحمه الله-: لا يجوز بيع خدمة المدبر لأنه غرر، إذ لا يدرى كم يعيش سيده؟ فذلك غرر لا يصلح.
قال مالك -رحمه الله- في العبد يكون بين الرجلين فيدبر أحدهما حصته: إنهما يتقاومانه، فإن اشتراه الذي دبره كان مدبراً كله، وإن لم يشتره انتقض تدبيره، إلا أن يشاء الذي بقي له فيه الرق أن يعطيه شريكه الذي دبره بقيمته، فإن أعطاه إياه بقيمته لزمه ذلك، وكان مدبراً كله.
قال مالك -رحمه الله- في رجل نصراني دبر عبداً له نصرانياً فأسلم العبد، قال مالك: يحال بينه وبين العبد، ويخارج على سيده النصراني، ولا يباع عليه حتى يتبين أمره، فإن هلك النصراني وعليه دين قضي دينه من ثمن المدبر، إلا أن يكون في ماله ما يحمل الدين فيعتق المدبر.
يعني عرفنا فيما تقدم أن المدبر خرج من يد صاحبه بالتدبير، وأنه لا يملك الرجوع في التدبير، ولذا قال: باب: بيع المدبر، وأن صاحبه لا يملك بيعه على ما تقدم.(152/11)
"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في المدبر أن صاحبه لا يبيعه، ولا يحوله عن موضعه الذي وضعه فيه" كيف لا يحوله عن موضعه الذي وضعه فيه؟ يعني يغير التدبير إلى أمر آخر إلى كتابة، أو إلى مخارجة أو ما أشبه ذلك، أو لا يغيره من موضعه من مكانه الذي هو فيه إلى مكان آخر؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إي نعم الاحتمال ظاهر.
"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في المدبر أن صاحبه لا يبيعه، ولا يحوله عن موضعه الذي وضعه فيه" قلنا: إن الاحتمال يدور بين أنه لا يغير العمل الذي كلفه به، ولا يغير المكان الذي يوجد فيه، ولا يتصرف فيه بعقد يفوت عليه التدبير، فلا يكاتب، ولا يوهب، ولا يخارج ولا شيء من هذا، إنما يبقى في عمله السابق قبل التدبير إلى أن يحين وقت العتق بموت السيد، لكن ما الذي يمنع أنه يغير العمل، بأن يكون، كان يحتاجه في عمل تجاري، ثم وضعه في عمل زراعي، أو العكس، أو عمل ثالث أو رابع، على حسب حاجته، وما دام هو رقيق ما حان عتقه فلسيده أن يتصرف فيه، ما لم يكن العمل أشق من الأول؛ لأن بعض الناس إذا رأى الشيء يفوت عليه يزيد في تكليفه ما يزعم أنه يستوفي حقه منه قبل عتقه، كل هذا بيرد.
"لا يحوله عن موضعه الذي وضعه فيه" إما من العمل، أو من التدبير، الذي وضعه فيه من عمل سابق، أو التدبير الذي فوت به على نفسه هذا العبد بموته، وعلى ورثته بأن يهبه أو يكاتبه، أو يخارجه، وما أشبه ذلك مما يفوت عليه ما دبره به، أو يحتمل أيضاً أن يكون الموضع المكان الذي يعمل به.(152/12)
وعلى كل حال العمل إذا كان مماثل أو قريب منه لا أثر له، يعني بدل ما هو مزارع يجعله في محل تجاري أو العكس، هل لهذا أثر أو ليس له أثر؟ ليس له أثر، اللهم إلا إذا جاء في نيته أنه يستوفي منه أو يستفيد منه بأكبر قدر من الإفادة قبل أن يفوت عليه، فلا شك أن هذا ما يليق، وأيضاً المكان يعني كان في محل للسيد في مزرعة بالمدينة، قال: ننقله إلى مزرعة مكة، أو العكس، أو بالرياض أو بالخرج، أو يمين أو شمال، المقصود أنه اللفظ يحتمل ولا يحوله عن موضعه الذي وضعه فيه، لكن إذا كان العمل الأول مثل الثاني فلا أثر له، أما أن يغير ويحوله عن الموضع الذي هو فيه مما يؤثر فيه على العقد عقد التدبير فلا، كالهبة والمكاتبة، وما أشبه ذلك.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، إذا أن العامل مثلاً، تقصد العمال؟ عامل أتي به على أن يعمل في الرياض، أو في مكة ثم نقل إلى الرياض، بمكة قد يكون له مقصد، حينما وافق على العمل في بلده، يقول: أستفيد من بقية الوقت أعمل عند الكفيل ثمان ساعات، وبقية الوقت أستغله في العبادة، وهذا مقصد شرعي، فلا ينزل عن ذلك، لكن لو جيء به إلى الرياض وقيل: والله المصلحة تقتضي أنك تعمل بمكة؟ فهل له أن يعترض؟ والعمل هو هو؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
والله إذا قال العامل: أنا والله بالرياض سعة طول العام، وبمكة أربعة أشهر ضيق وزحام، أو حر شديد في الصيف، أو برد، وما أشبه ذلك، يعني هناك أمور قد تؤثر على بعض العمال، وهي ليس لها أثر شرعي، هو يريد منها مأرب، يقول: تعاقدت معك على أساس أن العمل في الرياض، ووضعتني في بلد صغير، أنا لا أريد أن أعمل في بلد صغير، أنا أريد أن أعمل في بلد كبير، وهذا حصل على شان إيش؟
طالب:. . . . . . . . .(152/13)
لا، هذا مقصد حسن، لكن عاملة يعني جيء بها على أساس أنها تشتغل في الرياض، ووديت بلد صغير من البلدان التابعة للرياض، قالت: لا، أنا ما تعاقدت، أريد بلد كبير، وكان في نيتها الهرب؛ لأنه إذا هربت في الرياض ما تلقى، وإذا هربت بالبلد الصغير كل بيخبر عنها، يعني هناك مقاصد صحيحة ما فيها إشكال، ومقاصد باطلة بلا إشكال، وبينهما ما ينتابه هذا وهذا، وما يقرب من هذا، وما يقرب من هذا، فعلى كل حال إذا كان الغرض صحيح الذي أبداه العامل يفوت عليه مصالح قال: أنا والله ما تعاقدت على العمل بالرياض إلا على شان إخواني هناك، نجتمع وإياهم ونشوفهم، أو زوجتي تعمل مثلاً في الرياض، فهذا غرض صحيح ملزم، المكان له حظ، لكن إذا كان ما له هدف ولا قصد ولا شيء، ووجوده في الرياض مثل وجوده في الخرج، أو في القصيم، أو في مكة ما يفرق، لكن لو قال: والله أنا ما أنا مشتغل بمكة، مكة زحام، أربعة أشهر ضيق وزحام، يعني ومواسم، وعمل شاق، مقصد صحيح، وإن لم يكن شرعي، لكنه صحيح بالنسبة له، فيوفى به.
"وأنه إن رهق سيده دين فإن غرماءه لا يقدرون على بيعه ما عاش سيده، فإن مات سيده ولا دين عليه فهو في ثلثه؛ لأنه استثنى عليه عمله ما عاش، فليس له أن يخدمه حياته، ثم يعتقه على ورثته" يقول: فإن غرماءه لا يقدرون على بيعه، المدبر لا يباع، ما عاش سيده، فإن مات سيده ولا دين عليه فهو في ثلثه، يعني ما يزاحم به نصيب الورثة، وقد استفاد منه السيد؛ لأنه استثنى عليه عمله ما عاش، فليس له أن يخدمه حياته، ثم يعتقه على ورثته، إذا مات من رأس ماله، وإن مات سيد المدبر، ولا مال له غيره عتق ثلثه، وكان ثلثاه لورثته؛ لأن حكم المدبر من هذه الحيثية حكم الوصية يكون في الثلث، فإن مات سيد المدبر وعليه دين محيط بالمدبر، يعني يأتي على جميع ماله، يعني ماله مال، خلاص انتهى، يعني عليه دين مائة ألف وتركته مائة ألف، وهذا المدبر، بيع في دينه؛ لأنه إنما يعتق في الثلث، ولا ثلث له، وهذا كله ظاهر.(152/14)
قال: "فإن كان الدين لا يحيط إلا بنصف العبد بيع نصفه للدين، ثم عتق ثلث ما بقي" يعتق السدس، فإن كان الدين لا يحيط إلا بنصف العبد، هذا إذا كان الدين يحيط بالعبد كامل خلاص يباع، لكن إذا كان الدين إنما يحيط بنصف العبد بيع نصفه للدين، يباع النصف ويسدد به الدين، ويبقى النصف الثاني تركة، منه الثلث الذي يعادل سدس العبد، ومنه ثلثاه الذي يعادل ثلث التركة للورثة.
"قال مالك: لا يجوز بيع المدبر، ولا يجوز لأحد أن يشتريه" معروف أنه إذا منع البيع منع الشراء، إلا في مسائل، قد يعذر المشتري لحاجة، لكن لا يعذر البائع، عند من يمنع بيع المصحف يجيز الشراء للحاجة، عند من يمنع بيع الكلب يجيز الشراء للحاجة، لكن ما حرم دفعه حرم أخذه؛ لأن الطرف الأول هو المقصود بالمعنى، لكن الثاني متعاون معه، ولذا جاء لعن آكل الربا وموكله، يعني أكثر النصوص في آكل الربا، لكن جاء لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه؛ لأنهم يتعاونون على الإثم والعدوان.
"قال مالك: لا يجوز بيع المدبر، ولا يجوز لأحد أن يشتريه، إلا أن يشتري المدبر نفسه من سيده" وهذا على القول بأنه يملك، فيكون ذلك جائزاً له "أو يعطي أحد سيد المدبر مالاً ويعتقه سيده الذي دبره، فذلك يجوز له أيضاً"، "أو يعطي أحد سيد المدبر مالاً -يعني بقدر قيمته- ويعتقه سيده الذي دبره" أعطيك عشرة آلاف وتحرر ابن هالحلال، فذلك يجوز له أيضاً، هل هذا شراء أو لا؟ والولاء يكون لمن؟
طالب:. . . . . . . . .
أو يعطي أحد سيد المدبر مالاً ويعتقه سيده الذي دبره، فذلك يجوز له أيضاً.
يعتقه سيده إذا أعطاه مالاً هذا المال يحتمل أن يكون بقدر قيمته فيكون شراء، أو يكون بقدر ما يحرره بالنظر إلى التركة، صار أكثر من الثلث يأتي على النصف، يجي واحد يدفع الفرق ويعتق، يقول: أنا أدفع لك الفرق وتعتق هذا المسكين، وحينئذٍ يكون العتق لمن؟ لسيده الأصلي.
طيب تنازل بعض الورثة قالوا: نعم العبد يأتي على النصف، ونحن نتنازل عن السدس، يعني إذا كان الوصية بأكثر من الثلث بإجازة الوارث تجوز وإلا ما تجوز؟ تجوز؛ لأن الأمر لا يعدوهم، وكذلك في حال التدبير، فذلك يجوز له أيضاً.(152/15)
"قال مالك: وولاؤه لسيده الذي دبره" لأنه ليست هذه معاوضة، ليس هذا بيع، وإنما هو لتتميم أمر العتق، والإعانة عليه.
"قال مالك: لا يجوز بيع خدمة المدبر لأنه غرر" إذا قال: هذا مدبر يعتق عن دبر، ويخدمني الآن، فأبا أبيع خدمته عليك إلى أن يعتق، أعطني ألف أو ألفين وخدمته لك، هذا غرر وإلا ما فيه غرر؟ غرر وجهالة؛ لأنه لا يدرى متى يموت السيد، احتمال يموت بعد يوم، واحتمال أن يموت بعد عشر سنين، هذه آجال، أو أكثر أو أقل، فحينئذٍ لا يجوز لأنه غرر "إذ لا يدرى كم يعيش سيده، فذلك غرر لا يصلح".
"وقال مالك في العبد يكون بين الرجلين فيدبر أحدهما حصته: إنهما يتقاومانه، فإن اشتراه الذي دبره كان مدبراً" الآن التأكيد لاسم كان وإلا لخبرها؟ التقدير: كان العبد مدبراً؟
طالب:. . . . . . . . .
لا تقلدون الطباعين أنتم، شوفوا المعنى، الآن الجملة الكاملة التامة "كان العبد مدبراً" وإذا أكدنا نؤكد العبد كل العبد لا بعضه، أو نؤكد التدبير؟ إذاً نقول: كلُه، كان مدبرا كلُه، تابع للمؤكد، أيهما المؤكد اسم كان وإلا خبر كان؟ اسم كان يا أخي المستتر، كان واسمها ضمير تقديره هو يعود إلى العبد، وإذا أظهرناه قلنا: كان العبد مدبراً كله "وإن لم يشتره انتقص تدبيره" يعني إن تقاوماه، واشتراه الذي دبره اشترى باقيه سرى عليه التدبير، فيكون مدبراً كله، وإن لم يشتره انتقص تدبيره إلا أن يشاء الذي بقي له فيه الرق، الذي هو الشريك، أن يعطيه شريكه الذي دبره بقيمته، فإن أعطاه إياه بقيمته لزمه ذلك، وكان مدبراً كله.
إن أعطاه إياه بقيمته لزمه ذلك؛ لأنه يعني العبد المشترك إذا أعتق أحدهما نصفه وبقي ... ، يقوم عليه إن كان يستطيع، وإن كان لا يستطيع يستسعى العبد، إذا كان العبد عاجز عن السعي يكون مبعضاً.
"وقال مالك في رجل نصراني دبر عبداً له نصرانياً" كلاهما على دين النصرانية "فأسلم العبد، قال مالك: يحال بينه وبين العبد" لماذا؟ لأن الإسلام يعلو {وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [(141) سورة النساء].(152/16)
"قال مالك: يحال بينه وبين العبد، ويخارج على سيده النصراني، ولا يباع عليه حتى يتبين أمره، فإن هلك النصراني وعليه دين قضي دينه من ثمن المدبر، إلا أن يكون في ماله ما يحمل الدين فيعتق المدبر" ولا شك أن هذا من حسن تعامل الإسلام وأهل الإسلام مع المخالفين، لا يباع عليه، يعني ما يشترى منه، يخارج على سيده النصراني، ويقال له: اشتغل، وأعطه من عملك، يخارج عليه، ولا يباع عليه، يعني لا يشترى منه حتى يتبين أمره.
"فإن هلك النصراني وعليه دين قضي دينه من ثمن المدبر، إلا أن يكون في ماله ما يحمل الدين" نعم في ماله ما يسدد منه الدين فيعتق المدبر، مال من؟ مال السيد النصراني أو مال العبد الذي أسلم؟ إلا أن يكون في ماله ما يحمل الدين فيعتق المدبر.
طالب: ....
مال السيد أو مال العبد؟
طالب: السيد.
أو مال أحدهما؟ يعني إذا كان في مال السيد ما يحمل الدين، وقد دبر العبد انتهى الإشكال، خلاص يقضى الدين من ماله ويبقى نفاذ التدبير بموته، وإذا كان في مال العبد على رأي الإمام مالك أنه يملك ما يسدد عنه الدين، يعتق وإلا ما يعتق؟ يقضى دينه ويعتق.
طيب ما الذي يلزم العبد بقضاء دين السيد وقد دبره وحان الوقت؟
طالب:. . . . . . . . .
"فإن هلك النصراني وعليه دين قضي دينه من ثمن المدبر" شوف من ثمن المدبر، يعني يباع؛ لأن المدبر إنما يكون بالثلث، والثلث إنما يكون بعد قضاء الدين، وعلى هذا يقضى دينه من ثمن المدبر إلا أن يكون في ماله -يعني في مال المدبر- ما يحمل الدين فيعتق المدبر، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(152/17)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ – كتاب المدبر (2)
باب: جراح المدبر - باب: ما جاء في جراح أم الولد.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يسال يستفهم يقول: هل سبب الوجوب في زكاة الفطر دخول شهر رمضان أم غروب الشمس ليلة العيد؟ يقول: فقد عقلت عنكم سابقاً أن سبب الوجوب دخول رمضان، ووقت الوجوب غروب الشمس ليلة العيد؟
نعم هذا هو الظاهر أن سبب الوجوب دخول الشهر، ووقت الوجوب التي تلزم به الفطرة هو غروب الشمس ليلة العيد، وعلى القاعدة إذا كان للعبادة سبب وجوب ووقت وجوب لم يجز فعلها قبل السبب، ويجوز بعد الوقت كما هنا، والخلاف فيما بينهما، يعني هل تخرج زكاة العيد قبل وقت الوجوب؟ جاء عن الصحابة أنهم كانوا يخرجونها قبل العيد بيوم أو يومين، وهذه القاعدة ماشية هنا، لكن قبل ذلك هل يجوز أخراجها بين السبب والوقت مطلقاً؟ لا، الأصل أنها لا تخرج إلا في وقت الوجوب، وجوزوا إخراجها قبل ذلك بليلة أو ليلتين.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، هي تجب فيما زاد على قوت اليوم، يعني ليس معناها أنها لا تجب إلا من ملك نصاباً كالزكاة، لا.
طالب:. . . . . . . . .
هذا الأصل إيه.
طالب:. . . . . . . . .
يخرج شيء، إذا أخرجها وما فيها منة تجزئ.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، هي متعلقة برقبته، لا بعين ماله، ما لها ارتباط بالمال، ما هي بزكاة مال هي، زكاة بدن.
طالب:. . . . . . . . .
يقولون: يخرجها عن نفسه وعمن يمونه، ولو رمضان، هذا لا على سبيل الوجوب، وإلا فالأصل أن كل إنسان مكلف بنفسه.
طالب:. . . . . . . . .
نعم من تلزمه نفقته تلزمه فطرته.
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان ممن تصرف له الزكاة يأخذ نعم، يعني ولو أخذ، زكاة الجماعة يأخذها واحد ما في إشكال يجوز، والعكس.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: جراح المدبر(153/1)
حدثني مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز قضى في المدبر إذا جرح أن لسيده أن يسلم ما يملك منه إلى المجروح فيختدمه المجروح، ويقاصه بجراحه من دية جرحه، فإن أدى قبل أن يهلك سيده رجع إلى سيده.
قال مالك -رحمه الله-: والأمر عندنا في المدبر إذا جرح ثم هلك سيده وليس له مال غيره أنه يعتق ثلثه، ثم يقسم عقل الجرح أثلاثاً، فيكون ثلث العقل على الثلث الذي عتق منه، ويكون ثلثاه على الثلثين اللذين بأيدي الورثة، إن شاءوا أسلموا الذي لهم منه إلى صاحب الجرح، وإن شاءوا أعطوه ثلثي العقل، وأمسكوا نصيبهم من العبد، وذلك أن عقل ذلك الجرح إنما كانت جنايته من العبد، ولم تكن ديناً على السيد، فلم يكن ذلك الذي أحدث العبد بالذي يبطل ما صنع السيد من عتقه وتدبيره، فإن كان على سيد العبد دين للناس مع جناية العبد بيع من المدبر بقدر عقل الجرح وقدر الدين، ثم يُبدّأ بالعقل الذي كان في جناية العبد، فيقضى من ثمن العبد، ثم يقضى دين سيده، ثم ينظر إلى ما بقي بعد ذلك من العبد فيعتق ثلثه، ويبقى ثلثاه للورثة، وذلك أن جناية العبد هي أولى من دين سيده، وذلك أن الرجل إذا هلك وترك عبداً مدبراً قيمته خمسون ومائة دينار، وكان العبد قد شج رجلاً حراً موضحة، عقلها خمسون ديناراً، وكان على سيد العبد من الدين خمسون ديناراً، قال مالك -رحمه الله-: فإنه يبدأ بالخمسين ديناراً التي في عقل الشجة فتقضى من ثمن العبد ثم يقضى دين سيده، ثم ينظر إلى ما بقي من العبد فيعتق ثلثه، ويبقى ثلثاه للورثة، فالعقل أوجب في رقبته من دين سيده، ودين سيده أوجب من التدبير الذي إنما هو وصية في ثلث مال الميت، فلا ينبغي أن يجوز شيء من التدبير، وعلى سيد المدبر دين لم يقض، وإنما هو وصية، وذلك أن الله -تبارك وتعالى- قال: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12].
قال مالك -رحمه الله-: فإن كان في ثلث الميت ما يعتق فيه المدبر كله عتق، وكان عقل جنايته ديناً عليه يتبع به بعد عتقه، وإن كان ذلك العقل الدية كاملة، وذلك إذا لم يكن على سيده دين.(153/2)
قال مالك -رحمه الله- في المدبر إذا جرح رجلاً فأسلمه سيده إلى المجروح، ثم هلك سيده وعليه دين، ولم يترك مالاً غيره، فقال الورثة: نحن نسلمه إلى صاحب الجرح، وقال صاحب الدين: أنا أزيد على ذلك، إنه إذا زاد الغريم شيئاً فهو أولى به، ويحط عن الذي عليه الدين قدر ما زاد الغريم على دية الجرح، فإن لم يزد شيئاً لم يأخذ العبد.
قال مالك -رحمه الله- في المدبر إذا جرح وله مال فأبى سيده أن يفتديه، فإن المجروح يأخذ مال المدبر في دية جرحه، فإن كان فيه وفاء استوفى المجروح دية جرحه، ورد المدبر إلى سيده، وإن لم يكن فيه وفاء اقتضاه من دية جرحه، واستعمل المدبر ما بقي له من دية جرحه.
بما، بما.
أحسن الله إليك.
واستعمل المدبر بما بقي له من دية جرحه.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: جراح المدبر
جراح المدبر، والجراح جمع جرح، والجرح مصدر جرح يجرح جرحاً، فالمدبر مضاف إليه، وهذا من إضافة المصدر إلى فاعله أو مفعوله؟ إلى فاعله، يعني المدبر جارح وليس بمجروح.
"حدثني مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز قضى في المدبر إذا جرح أن لسيده أن يسلم ما يملك منه إلى المجروح" فيختدمه المجروح، يعني بقدر ما يقوم به الجرح، جرح اعتدى فجرح إنساناً، أو أتلف شيئاً فإنه يقوم، يقوم بألف مثلاً، ألف ريال، فلسيده أن يسلم ما يملك منه إلى المجروح، ما الذي يملكه السيد؟ الخدمة، فيقول: استعمله اختدمه لمدة شهر بهذا الألف، أو أجرّه إلى أحد يستعمله بألف، وتستوفي منه، أن يسلم ما يملك منه إلى المجروح فيختدمه المجروح، قد يقول المجروح: أنا لا حاجة لي بخدمته، يقال: أجره، واستوف منه أجرته "ويقاصه بجراحه من دية جرحه، فإن أدى قبل أن يهلك السيد رجع إلى سيده" قال له: خذه لمدة شهر اختدمه أو أخدمه بالأجرة في مقابل قيمة الجرح، بعد شهر يعود إلى سيده، فإن كان سيده موجوداً عاد ما يملكه منه وهو الخدمة إليه، وإن كان قد مات؟ ماذا يحصل؟ عتق المدبر، يعتق المدبر.(153/3)
"قال مالك: والأمر عندنا في المدبر إذا جرح ثم هلك سيده وليس له مال غيره" في الصورة الأولى عاد إلى سيده؛ لأن سيده بقي بعد خدمة المجروح، وهنا هلك سيد وليس له مال غيره، أنه يعتق ثلثه، لماذا؟ لأنه في هذه المسألة حكمه حكم الوصية، فلا يجوز بما زاد على الثلث، ثم يقسم عقل الجرح أثلاثاً، قدرنا الجرح بألف أو ألف ومائتين أو بتسعمائة، أثلاث، ثلث ثلاثمائة وثلاثمائة وثلاثمائة، فيكون ثلث العقل على الثلث الذي عتق منه، يلزمه ثلاثمائة ريال متعلقة بما عتق منه، بالبعض الذي عتق منه، وثلثاه، ويكون ثلثاه على الثلثين اللذين بأيدي الورثة، ثم بعد ذلك الورثة؛ لأنه بقي ثلثاه رق بأيدي الورثة، بإمكانهم أن يبيعوا نصيبهم، فإذا باعوه وفي الثلثان من قيمة الثلثين، ثلثا العقل من ثلثي القيمة، من ثلثي قيمة الثلثين "إن شاءوا أسلموا الذي لهم منه إلى صاحب الجرح، وإن شاءوا أعطوه ثلثي العقل" لأنه يلزمهم إلا إذا كان الثلثان من العقل أكثر من قيمة ثلثي العبد، فليس عليهم إلا أن يسلموا العبد للمجروح، ما قلنا فيما سبق: إنه إذا جنى العبد جناية أكثر من قيمته، فإن سيده لا يلزم بأكثر من قيمته، يسلمه للمجني عليه وينتهي الإشكال "وإن شاءوا أعطوه ثلثي العقل، وأمسكوا نصيبهم من العبد، وذلك أن عقل ذلك الجرح إنما كانت جنايته من العبد، ولم تكن ديناً على السيد".
قد يقول قائل: إن السيد عليه كفل من جناية العبد، لماذا لم يؤدبه؟ لماذا لم يحفظه من ... ؟ ترك له التصرف حتى يجني؟ نقول: نعم عليه كفل، وهذا الكفل يفوت عليه قيمة العبد، أو العبد نفسه، إذا طلب بحيث كانت قيمته أقل من الجناية، أو مساوية للجناية، ولكن أكثر من ذلك لا يلزم "فلم يكن ذلك الذي أحدث العبد بالذي يبطل ما صنع السيد من عتقه وتدبيره" قد يقول المجني عليه: الآن الثلث الذي عتق منه يلزمه به ثلث الدية، والثلثان من عقل الدية يتبعان الثلثين الذين بأيدي الورثة.(153/4)
يقول: "فلم يكن ذلك الذي أحدث العبد بالذي يبطل ما صنع السيد من عتقه وتدبيره" ما يقول المجني عليه: الآن أنا جنايته بألف ومائتين، وهو ما يسوي إلا ألف بأخذه كامل، ويبقى لي مائتين، السيد لا يلزمه أن يدفع المائتين الزائدة على ثمنه، ولو لم يدبره، لا يلزمه، لا يلزمه أكثر من قيمته، والثلث الذي عتق منه خرج من يد السيد، وخرج من يد صاحب الجرح، المجروح، إلا أنه يتبعه به ديناً عليه، تبعاً لما تحرر به.
"فلم يكن ذلك الذي أحدث العبد بالذي يبطل ما صنع السيد من عتقه وتدبيره" لأن التدبير عقد لازم وإلا جائز؟ لازم "فإن كان على سيد العبد دين للناس مع جناية العبد بيع من المدبر بقدر عقل الجرح وقدر الدين" لماذا؟ أيهما أولى الدين أو عتق المدبر؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هل المقدم عتق المدبر أو الدين؟ شخص أعتق عبده عن دبر ثم لحقه دين؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
قلنا في دروس مضت: إن التدبير حكمه حكم الوصية إلا أنه لا يجوز الرجوع فيه، حكمه حكم الوصية من جهة أنه لا يثبت إلا بالموت، لكنه لا يجوز أن يزيد فيه أو ... ، يجوز أن يزيد لكن لا يجوز أن ينقص منه، ما قلنا هذا في درس مضى؟ قلنا هذا، وذكر هذا الإمام -رحمه الله- أنه من جهة لزومه بالموت، وثبوته بالموت، يكون حكمه حكم الوصية، ومن جهة أنه لا يتصرف فيه بخلاف الوصية، الوصية له أن يلغيها، أما التدبير ليس له ذلك، وهنا يقول: "فإن كان على سيد العبد دين للناس مع جناية العبد بيع من المدبر بقدر عقل الجرح وقدر الدين، ثم يُبدأ بالعقل الذي كان في جناية العبد فيقضى من ثمن العبد، ثم يقضى دين سيده، ثم ينظر ما بقي بعد ذلك من العبد فيعتق ثلثه" الآن بيع العبد بعشرة آلاف، وعقل الجرح ألفين، ودين السيد خمسة آلاف، يبقى من قيمته ثلاثة آلاف، يبقى من قيمته ثم يبدأ بالعقل، تسدد الألفين "الذي كانت في جناية العبد، فيقضى من ثمن العبد ثم يقضى دين السيد" الألفين "ثم ينظر إلى ما بقي بعد ذلك من العبد" كم؟ ثلاثة آلاف "فيعتق ثلثه، ويبقى ثلثاه للورثة" ثلث إيش؟ يعتق ثلثه، ثلث المال وإلا ثلث العبد؟
طالب:. . . . . . . . .(153/5)
يعتق من العبد بقدر ثلث ما بقي من المال، يعني يبقى ثلاثة آلاف وقيمته عشرة آلاف، يعتق منه واحد من عشرة، يعتق منه واحد من عشرة، كيف خرجت هذه النتيجة؟ لأنه يقول: "ثم يبدأ أو يبدأ بالعقل الذي كان في جناية العبد فيقضى من ثمن العبد، ثم يقضى دين سيده" لماذا قدم العقل على دين السيد؟ لأن العقل تعلقه بالسلعة، تعلقه بالعبد، بخلاف الديون فهي مرسلة، فحكم الجناية والعقل حكم الدين الذي برهن، ما قلنا هناك حقوق متعلقة بالتركة مرتبة، الأول: مئونة التجهيز، والثاني: الديون المتعلقة بعين التركة، كالديون التي برهن وهذا منها، هذا متعلق بعين التركة بالعبد، فهو مقدم على الدين المرسل، ثم بعد ذلك الديون المرسلة، ثم الوصايا ثم الإرث، وهذا الترتيب ماشي، قدم الدين المتعلق بعين التركة الجناية، جناية العبد، ثم الدين المرسل ديون السيد غير الجناية، ثم بعد ذلك ما كان في حكم الوصية، وهو العتق، ثم الإرث، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ لكن ما هو بقال: يعتق ثلثه؟ يعتق ثلثه هل يعتق ثلث العبد، ونقول: الثلاثة آلاف كلها في باب العتق؟ أو نقول: ثلث الباقي وهو الألف؟ إذا قلنا: ثلث الباقي ساوينا الوصية مع الإرث، أو نقول: إن هذا الباقي لا يملك منه الموصي إلا الثلث؛ لأنه لا تجوز الزيادة بأكثر من الثلث، فعلى هذا يعتق منه ثلث الباقي، ولا نكون بهذا ساوينا بين الوصية والإرث إلا حينما ضاق المال عن الوصية والإرث معاً؛ لأنه لا يملك في مثل هذه الحالة إلا الثلث فقط، فيعتق منه بقدر الألف الباقي، وبقدر الألفين يبقى للورثة.(153/6)
"وذلك أن جناية العبد هي أولى من دين سيده" عرفنا وجه ذلك أن جناية العبد متعلقة بعين التركة بخلاف الديون المرسلة "وذلك أن الرجل إذا هلك وترك عبداً مدبراً قيمته خمسون ومائة دينار، وكان العبد قد شج رجلاً حراً موضحة عقلها خمسون ديناراً، وكان على سيد العبد من الدين خمسون ديناراً، قال مالك: فإنه يبدأ بالخمسين ديناراً التي في عقل الشجة" وهذا مثل ما ذكرنا أنها متعلقة بعين التركة "فتقضى من ثمن العبد، ثم يقضى دين سيده" لأن الديون مقدمة على الوصايا وعلى الإرث، ثم ينظر إلى ما بقي من العبد فيعتق ثلثه، على ما قررناه في العشرة آلاف، فيعتق ثلثه، ويبقى ثلثاه للورثة، فالعقل أوجب في رقبته من دين السيد، ودين سيده أوجب من التدبير الذي إنما هو وصية في ثلث المال، وهذه من وجوه التشابه بين التدبير والوصية "فلا ينبغي أن يجوز شيء من التدبير، وعلى سيد المدبر دين لم يقض، وإنما هو وصية، وذلك أن الله -تبارك وتعالى- قال: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] ".
في كل الآيات تقديم الوصية على الدين بالذكر، وأهل العلم قاطبة يقدمون الدين على الوصية، لماذا؟ {مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [(11) سورة النساء] أو {تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [(12) سورة النساء] أو {يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12].
طالب:. . . . . . . . .
نعم؛ لأن الدين له من يطالب به، وأيضاً من جهة أخرى أن الدين مفروض على صاحبه فكأنه محسوم من التركة في الأصل، فقوة نفوذه أقوى من قوة نفوذ الوصية، فقدمت الوصية للاهتمام بها، وإن كان شأن الدين أعظم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذه بمعنى الواو:
"ربما عقابت الواو إذا" هاه؟ الألفية؟
خير أبح قسم بـ (أو) وأبهمِ ... . . . . . . . . .
إلى أن قال: "وربما عاقبت الواو" يعني جاءت بمعنى الواو.
"قال مالك: فإن كان في ثلث الميت ما يعتق فيه المدبر كله عتق، وكان عقل جنايته ديناً عليه" الآن صار حر يطالب هو، ما يطالب سيده "يتبع به بعد عتقه، وإن كان ذلك العقل الدية كاملة، وذلك إذا لم يكن على سيده دين" لأنه إن كان على سيده دين يعتق وإلا ما يعتق؟(153/7)
"فإن كان في ثلث الميت ما يعتق فيه المدبر كله عتق، وكان عقل جنايته ديناً عليه" لأنها متعلقة بعينه، عقل الجناية متعلق بعين العبد "يتبع به بعد عتقه، وإن كان ذلك العقل الدية كاملة، وذلك إذا لم يكن على سيده دين" لماذا؟
طالب:. . . . . . . . .
لأن الدين يمنع من سراية العتق؛ لأن العتق بالتدبير حكمه حكم الوصية، والدين مقدم عليها، أما إذا عتق كاملاً؛ لأنه لم يكن على سيده دين، فيكون أهل أن تكون ذمته مؤهلة للحوق الدين، فيتبعه المجني عليه ديناً عليه، لماذا لا يقول المجني عليه: ما دام هذا دين في رقبته يباع وآخذ من قيمته؟ الآن السيد الآن يكلف بشيء من جناية العبد؟ نعم، أكثر من أن يسلمه كاملاً، ما يكلف أكثر من ذلك، وبعتقه بموت سيده صارت ذمته، مؤهلة للحوق الدين، فيتبعه المجني عليه.
"وقال مالك في المدبر إذا جرح رجلاً فأسلمه سيده إلى المجروح" المدبر، كل المسائل في المدبر، ما هو في الرقيق، في المدبر "إذا جرح رجلاً فأسلمه سيده إلى المجروح، ثم هلك سيده وعليه دين، ولم يترك مالاً غيره، فقال الورثة: نحن نسلمه إلى صاحب الجرح، وقال صاحب الدين: أنا أزيد على ذلك" الآن عندنا دين متعلق بعين التركة وهو الجناية، ودين مرسل أيهما المقدم؟ المتعلق بعين التركة، لكن الدين المرسل إذا قال: أنا أدفع أكثر يقدم وإلا ما يقدم؟ افترضنا أن شخصاً مات وعليه ديون منها خمسمائة ألف برهن البيت، وسبعمائة ألف مرسلة، عرض على صاحب البيت الخمسمائة، قال: خذ البيت عن الخمسمائة، قال صاحب السبعمائة: أنا آخذه بسبعمائة، من يقدم؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم يقدم الأحظ للميت، يعرض على صاحب الرهن إن قبل فهو أولى، وإن لم يقبل فالذي يزيد أولى، ومثله هنا صاحب الجناية جنايته خمسمائة دينار، والديون الأخرى ألف دينار، إذا قالوا: نقبله عن الألف هم أولى به من المجني عليه، وإن كان دينه متعلق بعين التركة.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه ما يضيع يبقى.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه إذا كان ما يبي يضيع، المسألة عرض وطلب، يأخذه بسبعمائة.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .(153/8)
شوف ويش يقول الإمام -رحمه الله-، يقول: "ثم هلك سيده وعليه دين، ولم يترك مالاً غيره، فقال الورثة: نحن نسلمه إلى صاحب الجرح، وقال صاحب الدين: أنا أزيد على ذلك، إنه إذا زاد الغريم شيئاً فهو أولى به، ويحط عن الذي عليه الدين قدر ما زاد الغريم على دية الجرح، فإن لم يزد شيئاً لم يأخذ العبد".
يعني إذا لم يزد شيء فلا شك أن المجني عليه أولى؛ لأن دينه متعلق بعين التركة.
الآن في صورة البيت، رهن البيت بخمسمائة، والديون الأخرى بسبعمائة، لو قال صاحب الدين، صاحب السبعمائة: أنا آخذ البيت بسبعمائة، قلنا: إنه ينظر في الأحظ للميت، الغريم؛ لأن البيت لا شك أن المرتهن أولى من غيره، لكن إذا زيد عليه، لو زاد لو قال: بسبعمائة كان أحق به؛ لأنه عنده مرجح، لكن إذا رفض أن يزيد، أو رفض أن يأخذ بالسعر الذي دفع أكثر من دينه، لا شك أنه مفرط، لو أن شخص في مسألة الشفعة، شريك باع شريكه نصيبه بخمسمائة ألف، قال صاحب الشفعة: أنا والله ما يصلح لي إلا بأربعمائة، يطاع وإلا ما يطاع؟ ما يطاع، وإن كان أحق من صاحبه؛ لأن الفوات حاصل حاصل، إما على المرتهن أو على الغرماء الآخرين، الفوات حاصل حاصل، لو قلنا مثلاً: إن هذا له وجه مرجح، والدين الآخر له وجه مرجح بالزيادة، فقلنا بالمحاصة، يأخذ من قيمة البيت بنسبة دينه، وذاك يأخذ من قيمة البيت بنسبة دينه، يتجه وإلا ما يتجه؟ لأن كل واحد منهما له وجه ترجيح.
الآن إذا انهدمت الذمة بالموت ألا يمكن أن يتنازل الدائن أو المرتهن أو غيره عن أكبر قدر ممكن يحصل له ما يمكن أن يأخذه؟ يعني هل يمكن أن يقول إنسان: أنا فلان مدين لي بمائتين ألف، ويعرض عليه مائة ألف، يقول: لا، أنا أبي ذمته؟ نعم؟ سفه هذا، فكونه يأخذ البيت بسبعمائة ويبيعه بخمسمائة وتسدد المائتين، يجيه من ماله ثلاثمائة أفضل من أن يضيع بالكامل.(153/9)
"ويحط عن الذي عليه الدين قدر ما زاد الغريم على دية الجرح، فإن لم يزد شيئاً لم يأخذ العبد" إيش معنى هذا؟ الآن عندنا العبد قوم بألف، وصاحب الجراحة كم؟ كم قدرت الجراحة؟ نعم؟ خلوه يأتي على جميعها، بألف، والدائن الآخر ألف وخمسمائة، وقال: أنا آخذه بألف وخمسمائة، صاحب الدين المرسل المطلق، قال: أنا آخذه بخمسمائة ... ، بألف وخمسمائة قدر دينه، والثاني قال: لا، أنا لا أزيد على الجراحة، يسلم لمن؟ إذا زاد الغريم شيئاً ... ، أنا أزيد على ذلك ... ، أنه إذا زاد الغريم شيئاً فهو أولى به، يعني أولى بالعبد.
"ويحط عن الذي عليه الدين قدر ما زاد الغريم على دية الجرح، فإن لم يزد شيئاً لم يأخذ العبد" كيف؟
ويحط عن الذي عليه الدين، من هو اللي عليه الدين؟ السيد، قدر ما زاد الغريم على دية الجرح، فإن لم يزد شيئاً لم يأخذ العبد.
إيش معنى هذا الكلام؟ يعني هل هذا الكلام قدر زائد على ما شرحناه سابقاً وإلا ما فيه جديد، إيش معنى يحط عن الذي عليه الدين قدر ما زاد الغريم، قدر ما زاد وإلا قدر الدين كله؟ الدين المرسل، قلنا: الدين المرسل ألف وخمسمائة، هل نقول: إن الغريم يحط عنه الخمسمائة التي زادها صاحب الدين المرسل؟ أو الخمسمائة كاملة؟ نعم؟ أو ألف وخمسمائة؟ يقول: قدر ما زاد الغريم على دية الجرح، قدر ما زاد على دية الجرح، خمسمائة، فإن لم يزد شيئاً لم يأخذ العبد؛ لأن إيش معنى هذا الكلام؟ لأنه بيحط عن الغريم الخمسمائة، ثم ينظر في الألف الباقي ...
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما يعود، يعود للمجروح؟ وصاحب الدين الذي دفع عنه؟ إيش يجيه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو بيأخذ العبد بالألف والخمسمائة الذي له الدين، هو بيأخذ العبد هنا؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن ما هو بيأخذ العبد؟ ما إحنا نسلم له العبد بألف وخمسمائة؟ طيب.
طالب:. . . . . . . . .
اتجهت المسألة الآن، الذي سام العبد ألف وخمسمائة، بدينه، يقال له: خذ العبد وألف وخمسمائة، يدفع ألف وخمسمائة، والجراحة تؤخذ من ها الألف والخمسمائة ويعطى صاحب الجراحة ألف وخمسمائة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(153/10)
والخمسمائة تبقى قيمة للعبد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ورآه؟
طالب:. . . . . . . . .
إي نعم إيه، ما يدفعه يطلب ألف وخمسمائة، ويش لون بيدفع؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا الأصل، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
طيب، وبعدين؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يسلم ألف ثاني، من أين؟ ليش يسلم ألف؟ تصير ألفين وخمس، تصير ألفين وخمس.
طالب:. . . . . . . . .
وألف، هو بيأخذ العبد بالألف والخمس اللي يطلبه، ويش تطلبونه زيادة بعد؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش لون؟
طالب:. . . . . . . . .
حصل دينه كامل بالعبد ألف وخمس، ما نقول: يسلمه العبد في مقابل الدين ألف وخمس؟ خلاص انتهى الإشكال.
طالب: يأخذ العبد له وإلا الأصل أنه لصاحب الجرح ....
إيه يصير بألفين وخمس، ما تصير ألف وخمس، يعني يسلم الدين كامل ألف وخمس مع الألف اللي بيسلمه لصاحب الجرح.
طالب:. . . . . . . . .
ما يسوى ألف، هذاك رافضه بأكثر من ألف.
طالب:. . . . . . . . .
صاحب الجراح.
طالب:. . . . . . . . .
إيه زاد خمس، ما زاد ألف وخمس.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
يرى أن قيمة العبد ألف وخمس ولن يزيد ريال واحد، ولا أخذه بألف وخمس إلا لأنه بيستافي، ما أخذه ... ، ما يسوى أكثر من ألف، وصاحب الجراحة رفض يزيد، فقلنا: هذا من باب مصلحة المدين، وإبراء ذمته يأخذ العبد.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
المهم صاحب الجرح متعلق بالعبد.
طالب:. . . . . . . . .
من اللي يدفع؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يدفع، هو يقول: زين أني دفعت ألفين وخمس، هو ما يسوى إلا ألف، كيف أدفع خمسمائة زيادة؟
طالب:. . . . . . . . .
إلا إذا قلنا: إنها تعادلت الديون هذا متعلق بعين التركة، وهذا زاد لمصلحة المدين فتعادلت، إذا ثمن بألف وخمس كل يأخذ بنسبته، يتحاصان بينهم، صاحب المجني عليه مع الدائن، كل بنسبته.
طالب:. . . . . . . . .
ساويناه لأنه زاد، ومثلما قلنا في البيت، البيت ما يسوى إلا خمس، وواحد يطلبه سبع، قال: ما نبيع بالسبع.
طالب:. . . . . . . . .
لكن السعي لإبراء ذمته، ألا يتجه أن يقال: إن البيت يسوى سبعمائة؟(153/11)
طالب:. . . . . . . . .
ويش معنى هذا؟ ويش معنى هذا الكلام هنا؟ ترى التنظير مطابق مع معنا، التنظير مطابق في الدين الذي برهن.
طالب:. . . . . . . . .
بعين العبد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
دين في ذمته، لكن هل ذمته وهو عبد قابلة للدين؟ غير قابلة، ديته على سيده، جراحته على سيده، إلا إذا أراد أن يسلمه السيد للمجني عليه.
نعود إلى قراءة المسألة "قال مالك في المدبر إذا جرح رجلاً فأسلمه سيده إلى المجروح، ثم هلك سيده وعليه دين، ولم يترك مالاً غيره، فقال الورثة: نحن نسلمه إلى صاحب الجرح، وقال صاحب الدين: أنا أزيد على ذلك، أنه إذا زاد الغريم شيئاً فهو أولى به" أولى بأي شيء؟ بالعبد "أولى به، ويحط عن الذي عليه الدين قدر ما زاد الغريم على دية الجرح، فإن لم يزد شيئاً لم يأخذ العبد".
طالب:. . . . . . . . .
هذا الأصل، وقيمة العبد ألف، قال: أنا ما أزيد ولا ريال عن اللي لي.
طالب:. . . . . . . . .
الدين، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
كيف حط عنه خمسين؟
طالب:. . . . . . . . .
هو مدين بألف وخمس والجناية، طيب.
طالب:. . . . . . . . .
السيد مدين بجناية العبد؛ لأنها عليه.
طالب:. . . . . . . . .
وألف وخمسمائة دين مرسل، قلنا: المجروح أولى به كما تقدم، وقال صاحب الدين المرسل: أنا أزيد، أنا ديني ألف وخمسمائة يكفيني ديني، قيل لصاحب الجناية: تأخذه بألف وخمس؟ مثل سوم صاحبك، أنت أولى به إن تأخذه بألف وخمس، ويدفع خمسمائة لصاحب الدين، فيحط عنه في هذه الصورة خمسمائة، إن أخذه المجني عليه بألف وخمسمائة، يحط من دين السيد خمسمائة.
طالب:. . . . . . . . .
إيه يحط منها الخمسمائة الزائدة هذه ما فيها إشكال، لكن الكلام على العكس إذا أخذه الزائد.
طالب: والآن يأخذ الزائد يا شيخ دفع عن السيد خمسمائة إذا سلم العبد للمجني عليه صار في ذمة السيد ألف وخمسمائة لصاحب ....
صح.
لكن لما أخذه صاحب المال صار الآن في ذمة السيد ألف فقط للمجني عليه، فسقط عنه خمسمائة، ألفين وخمسمائة، وصل المجموع ألفين وخمسمائة.
نعم المجموع ألفين وخمسمائة، وسقطت قيمة العبد ألف وخمسمائة بقي ألف.(153/12)
طالب: بقي عليه ألف هي في الحالتين ما يبقى عليه شيء، إما للمجروح وإما للدائن؟
وإما للدائن، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
المدين، نعم.
طالب: فإذا كان إذا أخذ المجروح .... العبد أصبح عليه خمسمائة ريال، تدفع لصاحب الجرح ....
هذا واضح، هذا ما فيه أدنى إشكال، لو يأخذ المجني عليه بألف وخمس انحلت المسألة، سقط من دينه خمسمائة.
طالب: في .... بين الورثة وصاحب الدين .... ؟ وقال أنا أزيد ....
طيب، وقال: أنا با أزيد، با أدفع زيادة.
طالب:. . . . . . . . .
لكن هو ويش استفاد؟
طالب: أنه أخذ العبد.
آخذاً العبد بزيادة، بزيادة خمسمائة، ويدفع بعد ألف ...
طالب:. . . . . . . . .
العبد ما يسوى إلا ألف، وزيادة خمسمائة من أجل أن يظفر بشيء من دينه.
طالب: أحسن الله إليك يا شيخ .... قدر ما زاد الغريم على دية الجراح لأن الألف والخمسمائة كلها، قدر ولا يعني هو يمكن يقصد المبلغ الزائد الذي زاد به ....
ويحط عن الذي عليه الدين قدر ما زاد الغريم، كم زاد؟ زاد خمسمائة على دية الجرح، فإن لم يزد شيئاً لم يأخذ العبد.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لأنه إذا لم يزد شيئاً فالمجني عليه أولى به منه، لم يأخذ العبد، لكن الكلام ... ، فيها شيء من الاضطراب.
طالب: هناك ألف وخمسمائة وهناك العبد من الواقع أن العبد هو ....
هو في مقابل الألف وخمسمائة، فكيف يلزم بدفع ألف ثانية؟ خسران من كل وجه هذا، الآن هو العبد قلنا: إنه ما يستحق أكثر من ألف، والجراحة بألف، والدين ألف وخمسمائة، قال الدائن: العوض ولا القطيعة، نأخذ العبد ونبيعه بألف أو بتسعمائة أو ثمانمائة عن ألف وخمس أحسن من لا شيء، ثم نقول له: ادفع للمجني عليه ألف؟ لا هذا ظلم ذا.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
كما لو أخذه بألف ذهب حق الثاني، موثق، قلنا: التوثقة لا شك أن لها ... ، لكن أيضاً عورضت.
طالب:. . . . . . . . .(153/13)
إيه لكن عورضت؛ لأنه ويش معنى التقدير بألف؟ ويش مرد التقدير بألف، أو البيت بخمسمائة ألف؟ ما هي مسألة عرض وطلب، هذا قال: بخمسمائة ما أزيد، قال الثاني: بسبعمائة: أكيد أنه يسوى سبعمائة، في هذا الظرف الذي يعيشونه يسوى سبعمائة؛ لأن قيمة السلع تختلف باختلاف الظروف، أنت الآن بإمكانك تشتري كتاب من شخص بألف، والثاني ما تشتريه ولا بخمسمائة؛ لأن بينك وبينه شيء.
طالب:. . . . . . . . .
وش لون يبيعه؟ من الذي يبيعه؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يجيب أكثر من خمسمائة.
طالب:. . . . . . . . .
بيسومه بمليون، ولا يروح عليه الخمسمائة يمكن، ما شفت معاملات الناس ويش يسوون في الوفاء بالديون؟ يأخذ اللي يجيه، أبداً، بمليون ويقنع بثلاثمائة.
طالب:. . . . . . . . .
المسألة ضايعة ضايعة على هذا وإلا على هذا، لكن ينظر إلى الأحظ بالنسبة للميت.
"وقال مالك في المدبر إذا جرح وله مال، فأبى سيده أن يفتديه فإن المجروح يأخذ مال المدبر في دية جرحه، فإن كان فيه وفاء استوفى المجروح دية جرحه، ورد المدبر إلى سيده، وإن لم يكن فيه وفاء اقتضاه من دية جرحه، واستعمل المدبر بما بقي له من دية جرحه" يأخذ المال، المدبر له سبعمائة، والجراحة بألف، إذا كانت سبعمائة انتهى الإشكال، إذا كانت ألف يأخذ السبعمائة ويستعمله بمقدار الثلاثمائة، وهذه واضحة.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
السيد عنده حلول، له أن يضربه، له أن يؤدبه، له أن يحرمه كالولد، إذا أراد الإضرار بولده ويش سوى به؟ أقول: العبد له بيده أمور كثيرة، المسألة فيها الحل الشرعي؛ لأن هذا ملك بإمكانه أن يأبق يشرد ويتركه، ويفوت عليه، له أن يقتل نفسه يفوت عليه، المقصود أن هذه التصرفات غير الشرعية ما تنظر في مثل هذا.
سم.
أحسن الله إليك.
باب: ما جاء في جراح أم الولد(153/14)
قال مالك -رحمه الله- في أم الولد تجرح: إن عقل ذلك الجرح ضامن على سيدها في ماله، إلا أن يكون عقل ذلك الجرح أكثر من قيمة أم الولد، فليس على سيدها أن يخرج أكثر من قيمتها، وذلك أن رب العبد أو الوليدة إذا أسلم غلامه أو وليدته بجرح أصابه واحد منهما، فليس عليه أكثر من ذلك، وإن كثر العقل، فإذا لم يستطع سيد أم الولد أن يسلمها لما مضى في ذلك من السنة، فإنه إذا أخرج قيمتها فكأنه أسلمها، فليس عليه أكثر من ذلك، وهذا أحسن ما سمعت، وليس عليه أن يحمل من جنايتها أكثر من قيمتها.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في جراح أم الولد
وعرفنا أنه من باب إضافة المصدر إلى الفاعل، فأم الولد هي التي تجرح كالسابق المدبر.
"قال مالك في أم الولد تجرح -أو تجني على إنسان أو حيوان مملوك، أو مال-: إن عقل ذلك الجرح ضامن على سيدها في ماله" ضامن يعني مضمون، اسم الفاعل يأتي ويراد به اسم المفعول، كما أن العكس وارد أيضاً، اسم المفعول يأتي ويراد به اسم الفاعل {عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} [(21) سورة الحاقة] يعني مرضية {مَّسْتُورًا} [(45) سورة الإسراء] يعني ساتراً، ويأتي المصدر، ويراد به اسم الفاعل، ويأتي المصدر أيضاً، ويراد به اسم المفعول، وهذه الأمور تتقارض، يعني ينوب بعضها عن بعض.
"إن عقل ذلك الجرح ضامن على سيدها في ماله، إلا أن يكون عقل ذلك الجرح أكثر من قيمة أم الولد" يعني قيمتها ألف والجراحة ألف وخمسمائة يعني يقال: ادفع ألف وخمسمائة، طيب أم الولد تعتق بموت سيدها، والمدبر يعتق بموت سيده، فإذا جنى قبل موت سيده يعتق بموت سيده وإلا ما يعتق؟ إذا مات سيده يعتق ويكون ديناً عليه، أم الولد كذلك وإلا لا؟ مثله إذا عتقت بمعنى أنه مات سيدها قبل أن يدفع المبلغ تعتق ويكون ديناً عليها.
الآن جنى العبد بجناية أكثر من قيمته وهو مدبر، قال السيد: خذوه، ما لنا به لازم، ما عندنا استعداد ندفع أكثر من ثمنه، أو أم الولد جنت فقال سيدها: خذها، يعني المجني عليه، فهل يبقى أثر التدبير، وأثر الولادة بعد أن ينتقل الملك من المالك الأصلي إلى المجني عليه أو لا يبقى؟
طالب: يبقى.(153/15)
يبقى؟ يعني في المدبر يقول: إذا عتق يبقى ديناً في ذمته، أو يستخدمه بمقدار الجناية.
يقول: "وكذلك أم الولد يستخدمها مدة تناسب أجرتها -أجرة هذه المدة- جنايتها، يستعملها مثلاً جنايتها بألف وخمسمائة مثلاً، وقيمتها ألف، ورفض السيد أن يدفع الألف وخمسمائة وسلمها للمجني عليه، يجعل هذه الألف والخمسمائة في مقابل الخدمة؛ لأن أم الولد يعتقها ولدها، وعلى القول بجواز بيع أمهات الأولاد -لأن المسألة خلافية- يملكها الثاني ولا تعتق بموت سيدها الأول؛ لأنه لا فرق بين أن تباع من قبل السيد أو تنتقل من ملكه إلى ملك غيره بسبب جنايتها.
"إلا أن يكون عقل ذلك الجرح أكثر من قيمة أم الولد، فليس على سيدها أن يخرج أكثر من قيمتها" لأنه لا يجمع عليه بين مصيبتين، بين غرمين "وذلك أن رب العبد أو الوليدة إذا أسلم غلامه أو وليدته بجرح أصابه واحد منهما فليس عليه أكثر من ذلك، وإن كثر العقل فإذا لم يستطع سيد أم الولد أن يسلمها لما مضى في ذلك من السنة، فإنه إذا أخرج قيمتها فكأنه أسلمها".
إذا قال: والله أنا لا أستطيع أن أسلمك الأمة؛ لأنها أم ولدي، وماذا يكون مصير ولدي؟ وهي ما تسوى إلا ألف، أنا أعطيك ألف، ويروح عليك الخمس، كأنه حينئذٍ أسلمها، واضح معنى الكلام وإلا لا؟
يقول: إذا سلم قيمته كأنه سلمه، فإذا دفع القيمة التي تستحقها، قومناها بألف والجناية ألف وخمسمائة، إذا سلم الألف كأنه أسلمها.
يقول: "فإذا لم يستطع سيد أم الولد أن يسلمها لما مضى في ذلك من السنة" إيش معنى هذا؟ من منع بيع أمهات الأولاد "فإنه إذا أخرج قيمتها فكأنه أسلمها، فليس عليه أكثر من ذلك" يعني الضرر يكون على السيد أو على المجني عليه؟ أو يشتركان في الضرر؟ نعم؟ هما مشتركان في الضرر، المجني عليه راح عليه من دية الجناية الثلث، والسيد ضاع عليه الثلثان، ضاع عليه قيمتها ألف، لو قدرنا الجناية بألف وخمسمائة وقيمتها ألف فذهب على المجني عليه الثلث، وذهب على السيد الثلثان.(153/16)
"فإنه إذا أخرج قيمتها فكأنه أسلمها، فليس عليه أكثر من ذلك" عرفنا أنه عند من يجيز بيع أمهات الأولاد، والخلاف معروف قديم بين الصحابة، الخلاف بين الصحابة معروف، الذي يجيز ذلك هل يسلمها إلى المجني عليه ليسترقها؟ نعم؟ كما لو كانت أمة ليست أم ولد، ما دام يجوز بيعها له أن يسلمها إلى المجني عليه ليسترقها، ما دام يجوز له بيعها، ويخرجها من ملكه بالبيع، تخرج من ملكه بالجناية، كما لو لم تكن أم ولد.
ومن يجيز بيع المدبر يجعل حكمه حكم الوصية له أن يغير فيه ما شاء، أيضاً يجيز له أن يدفع المدبر في مقابل الجناية ليسترقها، والذي لا يجيز بيع أم الولد ولا المدبر يقول: يسلمها لتخدم المجني عليه بقدر جنايتها، وكذلك المدبر.
"فإنه إذا أخرج قيمتها فكأنه أسلمها، فليس عليه أكثر من ذلك، وهذا أحسن ما سمعت، وليس عليه أن يحمل من جنايتها أكثر من قيمتها" وهذا معروف أنه لا يجمع له بين المصيبتين، إخراج العبد من يده والزيادة على ذلك.
الشرح قال شيء بالنسبة للسنة؟ لما مضى في ذلك من السنة، أنه يجب عليه فداؤها، فداؤها بقدر قيمتها لا أكثر من ذلك، لكن لو قال: يجب علي قيمتها، لكن أنا ما عندي شيء، كيف يصنع؟ يخدمها، تكون بالخدمة، فإذا عتقت تعلق الدين بذمتها كالمدبر.
كم باقي على الإقامة؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن هل ملكه؟ لا شك أن ملكه يفوت عليه شيء من خدمة سيده، يعني مثل الاستسعاء مثلاً، إذا قيل: إنه يملك مثلاً، وقيل له: اذهب وابحث عن عمل تسدد به، هذا مثل الخدمة، مثل خدمة المجني عليه، يعني لا فرق بين كونه يستسعى فيأتي بقيمة الجناية من غيره أو منه، قلنا: إن له أن يخيره بين أن يعمل عنده أو عند غيره.
هذا سؤال يقول: إذا قال الحاكم في مستدركه: هذا حديث على شرط البخاري، ولم يخرجه، وأقره الذهبي على ذلك، وقال الذهبي عن الحديث: إنه صحيح، فهل يعتمد على مثل هذا الحديث حينئذ؟ وهل يحتج به كما يحتج بأي حديث في الصحيحين؟(153/17)
لا، مهما بلغ من درجات الصحة في غير الصحيحين لن يصل إلى حد ما خرجاه الشيخان على كل حال، وكون الحاكم يصحح، أو يقول: على شرط الشيخين لا يلزم منه الصحة، والاستدراكات عليه كثيرة، من الذهبي ومن غيره، ومجرد سكوت الذهبي ليس موافقة، حتى يصرح بأنه صحيح، وإذا قال الحاكم: على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي بالتصريح لا يلزم من ذلك أن يكون صواباً، نعم الغالب الصواب، لكن لا يلزم أن يكون صواباً، نعم يلزم في حق المقلد، أما في حق من لديه الأهلية، أهلية النظر فإنه يبحث بنفسه، ثم بعد ذلك يعمل بما يصل إليه حكمه الخاص.
طالب: ….
لا، ما يلزم.
يعني كون الحديث مخرج بسند خرج له الشيخان نعم هو على شرط الشيخين، لكن يبقى مزية الصحيحين في شفوف نظر الشيخين، وأن البخاري له نظر خاص في الرواة والمرويات، فقد يكون الراوي متكلم فيه، ويخرج له البخاري، وقد يكون الراوي متكلم فيه ويخرج له مسلم، لكن ينتقي الإمام البخاري، وينتقي الإمام مسلم مرويات هذا الراوي، وقد تكون روايته عن هذا الشيخ في هذا الظرف بعينه في البلد الفلاني لها شأن غير ما رواه عنه في حال مثلاً في أول الأمر، في آخره، في أثنائه، كل هذه ملاحظ يلحظها الأئمة، ولها أثر كبير في الرواية.
يقول: فاقد الذاكرة والمغمى عليه هل تلزمهما التكاليف الشرعية، وإذا كان الشخص فقد وعيه كالغيبوبة لمدة أربعة أيام، هل يلزمه قضاء الصلاة في الأربعة الأيام، أم أنها تسقط عنه؟ وماذا عن الصيام في حقه؟
فاقد الوعي والمغمى عليه ليس بمكلف، وينظر في أمره، فإن زاد الإغماء على ثلاثة أيام كان حكمه حكم المجنون لا يلزمه القضاء، وإذا نقص ذلك عن الثلاثة الأيام قالوا: حكمه حكم النائم يلزمه القضاء، ولا يرتفع التكليف عنه.
هل يجوز أن تصلى صلاة الكسوف والخسوف في وقت النهي؟
أما في وقت النهي المغلظ وهو عند طلوع الشمس وغروبها، وعند قيام قائم الظهيرة ينتظر بها، وهي أوقات قصيرة ومغلظة، وشأنها أشد من غيرها، ينتظر بها حتى يخرج وقت النهي، وأما في الوقتين الموسعين فلا مانع؛ لأن الصلاة علقت بالرؤية، فإذا رأيتموهما فصلوا.(153/18)
هل يشترط أن تصلى جماعة في المسجد؟ وهل يجوز للنساء أن تصليها في المنزل لوحدها لو تعذر عليها الصلاة في المسجد؟
الأصل أنها تصلى في المسجد كما فعلها النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإذا فعلها الناس فرادى بحيث لا يتمكن الإنسان من الوصول إلى المسجد، أو في مكان لا يوجد معه غيره وصلاها بمفرده أصاب السنة -إن شاء الله تعالى-.
هذا يقول: لا يخفى عليكم ما حل بصدام حسين، وقد تضاربت الأقوال في الحكم عليه بالكفر من عدمه فما هو القول الفصل فيه؟
على كل حال انتماؤه إلى الحزب الخبيث حزب البعث، وقد صدرت بشأنه فتاوى قديمة، بمجرد انتمائه إلى الحزب؛ لأنه حزب كفري -نسأل الله العافية والسلامة-، لكن خاتمته بهذه الطريقة، يعني كونه حسنت حاله فيما بعد، ونطق بالشهادة عند موته، يجعل الإنسان يتوقف عن مسألة التكفير، وإلا فشرط التوبة في مثل هذا البيان، الإصلاح مع البيان {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ} [(160) سورة البقرة] لا بد من البراءة من الحزب الذي ينتمي إليه، ولم يحصل ذلك، لكن نطقه بالشهادة، لا شك أن له شأن، على أن الأمر في مثل هذا الذي تضطرب فيه الأقوال، وتتباين فيه الأنظار، ولكل وجه التوقف في مثله أولى، فلا يحب ولا يسب.
وأقرب نظير له عندي الحجاج بن يوسف، يعني مسرف مبير، ظالم غاشم، ومع ذلك عنده كلمة التوحيد، له توحيد كما يقول الحافظ الذهبي وغيره، وقيل: ولا نحبه بل نسبه، وسبه وبغضه من أوثق عرى الإيمان كما يقول الحافظ الذهبي.
وعلى كل حال مثل هذه الأمور التي الإنسان غير مسئول عنها، فإذا حفظ لسانه، وكف عن مثل هذه الأمور فهو أولى، والحجاج معروف ظلمه وغشمه وإهانته للصحابة، وخيار الأمة، وقتله لخيار الناس، قتل عشرات الألوف -نسأل الله السلامة والعافية- وهذا قريب منه يعني، مثل هذا حقيقة هو مستحق للقتل من قديم يعني، لكن على يد من؟ يقتل بسيف الشرع، لا يقتل بيد الأعداء، وهذا الذي يجعل الأمر يحز في النفس، وتجعل الشعوب تتعاطف معه، والناس يتعاطفون معه؛ لأنه قتل في يوم عيد، وضحي به لغير الله -جل وعلا-، لا لدين الله، ولا لإقامة شرع الله.(153/19)
المقصود أن مثل هذا الأمر على الإنسان أن يحفظ لسانه، يعني كلمة التوحيد التي قالها في آخر لحظة هذه لها شأن عظيم عند الله -جل وعلا-، وتاريخه الأسود معروف المظلم والظلم والعدوان هذا أيضاً له في الميزان شأن عظيم -نسأل الله السلامة والعافية-.
يقول: هل أكل اللحم النيئ حرام؟ وما الدليل على ذلك؟
ليس بحرام، إلا إذا كان يضر، إذا كان يضر بالبدن حرم من هذه الحيثية وإلا فليس بحرام.
يقول: هل يجوز قراءة القرآن جماعة بعد صلاة الفجر وصلاة المغرب؟
إيش معنى جماعة؟ يعني أن واحد يقرأ ويرددون وراءه، هذا في حال التعليم لا بأس به، لكن في حال التعبد بقراءة القرآن، الأصل أن يقرأ واحد وينصت البقية {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ} [(204) سورة الأعراف] أما القراءات الفردية فكل إنسان يقرأ لنفسه، أما القراءة الجمعية لغير التعليم فهي بدعة.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك ....(153/20)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب الحدود (1)
باب: ما جاء في الرجم
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا والسامعين والحاضرين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
كتاب الحدود
باب: ما جاء في الرجم
حدثنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: "جاءت اليهود إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكروا له أن رجلاً منهم وامرأة زنيا، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ )) فقالوا: نفضحهم ويجلدون، فقال عبد الله بن سلام -رضي الله عنه-: كذبتم إن فيها الرجم، فأتوا بالتوراة فنشروها، فوضع أحدهم يده على آية الرجم، ثم قرأ ما قبلها وما بعدها فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك، فرفع يده فإذا فيها آية الرجم، فقالوا: صدق يا محمد فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجما، فقال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: "فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة".
قال مالك -رحمه الله-: يعني يحني يكب عليها حتى تقع الحجارة عليه.
حدثني مالك -رحمه الله تعالى- عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن رجلاً من أسلم جاء إلى أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- فقال له: إن الآخر زنى، فقال ...
إن الأخر بالقصر.(154/1)
فقال له: إن الأخر زنى، فقال له أبو بكر -رضي الله عنه-: هل ذكرت هذا لأحد غيري؟ فقال: لا، فقال له أبو بكر: فتب إلى الله، واستتر بستر الله، فإن الله يقبل التوبة عن عباده، فلم تقرره نفسه حتى أتى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فقال له مثل ما قال لأبي بكر، فقال له عمر مثل ما قال له أبو بكر، فلم تقرره نفسه حتى جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال له: إن الأخر زنى، فقال سعيد: فأعرض عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاث مرات، كل ذلك يعرض عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حتى إذا أكثر عليه بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى أهله، فقال: ((أيشتكي أم به جنة؟ )) فقالوا: يا رسول الله، والله إنه لصحيح، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أبكر أم ثيب؟ )) فقالوا: بل ثيب يا رسول الله، فأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجم.
حدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل من أسلم يقال له: هزال: ((يا هزال لو سترته بردائك لكان خيراً لك)) قال يحيى بن سعيد: فحدثت بهذا الحديث في مجلس فيه يزيد بن نعيم بن هزال الأسلمي فقال يزيد: هزال جدي، وهذا الحديث حق.
حدثني مالك عن ابن شهاب أنه أخبره أن رجلاً اعترف على نفسه بالزنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وشهد على نفسه أربع مرات، فأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجم.
قال ابن شهاب: فمن أجل ذلك يؤخذ الرجل باعترافه على نفسه.
حدثني مالك عن يعقوب بن زيد بن طلحة عن أبيه زيد بن طلحة عن عبد الله بن أبي مليكة أنه أخبره أن امرأة جاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبرته أنها زنت وهي حامل، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اذهبي حتى تضعي)) فلما وضعت جاءته، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اذهبي حتى ترضعيه)) فلما أرضعته جاءته، فقال: ((اذهبي فاستودعيه)) قال: فاستودعته، ثم جاءت فأمر بها فرجمت.(154/2)
حدثني مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني أنهما أخبراه أن رجلين اختصما إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال أحدهما: يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله، وقال الآخر -وهو أفقههما-: أجل يا رسول الله فاقض بيننا بكتاب الله، وأذن لي في أن أتكلم؟ قال: ((تكلم)) فقال: إن ابني كان عسيفاً على هذا فزنى بامرأته، فأخبرني أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة وبجارية لي، ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني أن ما على ابني جلد مائة، وتغريب عام، وأخبروني أنما الرجم على امرأته، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أما والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله، أما غنمك وجاريتك فرد عليك)) وجلد ابنه مائة، وغربه عاماً، وأمر أنيساً الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر، فإن اعترفت رجمها، فاعترفت فرجمها.
قال مالك -رحمه الله-: والعسيف: الأجير.
حدثني مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن سعد بن عبادة -رضي الله عنه- قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أرأيت لو أني وجدت مع امرأتي رجلاً أأمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم)).
حدثني مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: سمعت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول: "الرجم في كتاب الله حق على من زنى من الرجال والنساء، فإذا أحصن ...
إذا أحصن، أذا أحصن.
أحسن الله إليك.
الرجم في كتاب الله حق على من زنى من الرجال والنساء إذا أحصن، إذا قامت البينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف".
حدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار عن أبي واقد الليثي أن عمر بن الخطاب أتاه رجل وهو بالشام فذكر له أنه وجد مع امرأته رجلاً، فبعث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أبا واقد الليثي إلى امرأته يسألها عن ذلك، فأتاها وعندها نسوة حولها، فذكر لها الذي قال زوجها لعمر بن الخطاب، وأخبرها أنها لا تؤخذ بقوله، وجعل يلقنها أشباه ذلك لتنزع، فأبت أن تنزع، وتمت على الاعتراف، فأمر بها عمر فرجمت.(154/3)
حدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه سمعه يقول: لما صدر عمر بن الخطاب من منى أناخ بالأبطح، ثم كوم كومة بطحاء، ثم طرح عليها رداءه واستلقى، ثم مد يديه إلى السماء، فقال: اللهم كبرت سني، وضعفت قوتي، وانتشرت رعيتي، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط، ثم قدم المدينة فخطب الناس، فقال: أيها الناس قد سنت لكم السنن، وفرضت لكم الفرائض، وتركتم على الواضحة، إلا أن تضلوا بالناس يميناً وشمالاً، وضرب بإحدى يديه على الأخرى، ثم قال: إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم، أن يقول قائل: لا نجد حدين في كتاب الله، فقد رجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجمنا، والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس: زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله تعالى لكتبتها: "الشيخ والشيخة فارجموهما ألبتة" فإنا قد قرأناها.
قال مالك -رحمه الله-: قال يحيى بن سعيد: قال سعيد بن المسيب: فما انسلخ ذو الحجة حتى قتل عمر -رحمه الله-.
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: قوله: الشيخ والشيخة يعني الثيب والثيبة فارجموهما ألبتة.
وحدثني مالك أنه بلغه أن عثمان بن عفان أتي بامرأة قد ولدت في ستة أشهر، فأمر بها أن ترجم، فقال له علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: ليس ذلك عليها، إن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [(15) سورة الأحقاف] وقال: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [(233) سورة البقرة] فالحمل يكون ستة أشهر، فلا رجم عليها، فبعث عثمان بن عفان في أثرها فوجدها قد رجمت.
حدثني مالك أنه سأل ابن شهاب عن الذي يعمل عمل قوم لوط، فقال ابن شهاب: عليه الرجم، أحصن أو لم يحصن.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الحدود(154/4)
الكتاب مضى تعريفه مراراً، وأنه مصدر كتب يكتب كتاباً وكتابة وكتباً، والحدود جمع حد، والمراد بها ما يمنع ويفصل ويحجز بين شيئين، والحدود المشروعة لتمنع من الوقوع في هذه المعاصي التي حددت لها، الحد المراد به القدر المحدد شرعاً المرتب على معصية، لتمنع من الوقوع فيها، أو من المعاودة إليها ممن وقع فيها، فالحدود إنما شرعت لردع الجاني ولاعتبار غيره به؛ لئلا يقع في مثل ما وقع فيه، والحدود المقدرة الزنا، والسرقة، والقذف، والخمر، والردة، والسرقة.
الزنا، والقذف به، والسرقة، والشرب، والردة.
طالب: اللواط.
اللواط ملحق، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
حد وإلا قصاص؟
طالب: قصاص.
قصاص هذا.
طالب:. . . . . . . . .
قطع الطريق.
طالب:. . . . . . . . .
الساحر مرتد، نعم؟
طالب: التعزير.
لا، التعزير غير الحد، التعزير قسيم وليس بقسم.
هذه العقوبات المقدرة المحددة التي ثبتت فيها الحدود لا شك أنها رتبت على جرائم تعد من كبائر الذنوب عند أهل العلم؛ لأن ضابط الكبيرة عندهم ما رتب عليه حد في الدنيا، أو توعد عليه بدخول النار في الآخرة، وحرمان الجنة، أو جاء في حقه اللعن، وغير ذلك من الضوابط التي ذكرها أهل العلم.
ثم بدأ بحد الزنا.
باب: ما جاء في الرجم
وهو الحد الأغلظ في جريمة الزنا؛ لأن الزاني لا يخلو إما أن يكون محصناً فحده الرجم ثيباً، أو يكون بكراً فيكون حده الجلد مع التغريب.
في حديث عبادة بن الصامت ((خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، الثيب بالثيب جلد مائة والرجم، والبكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة)) فإذا زنا المحصن وهو من وطأ في نكاح صحيح فإن حده الرجم، وإذا زنا غير المحصن وهو من لم يطأ في نكاح صحيح، ولو وطئ بنكاح فاسد أو بزنا -نسأل الله العافية- فلا يسمى ثيب، إنما يقال له: بكر، سواءً كان رجل أو امرأة، أما من وطئ بنكاح صحيح هذا ثيب، ولو طلق من ليلته، نعم؟
طالب:. . . . . . . . . الثيب بالثيبث. . . . . . . . .
جلد مائة والرجم إيه.
طالب:. . . . . . . . .
بيجي الكلام فيه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(154/5)
لا، لا ما يكفي، العقد ما يكفي، يعني لو طلق قبل الدخول ليس بثيب، ولو طُلقت قبل الدخول ليست بثيب، إنما الثيب من وطئ بنكاح صحيح.
طالب:. . . . . . . . .
أشمل نعم، هذا اصطلاح عند أهل العلم، اصطلاح خاص، وإلا فحدود الله جاء فيها لا تعتدوها ولا تقربوها، فلا تتعدى الحدود ولا تقرب، فما أمر به لا يتعدى، وما نهي عنه لا يقرب، وهي أعم من أن تكون مقدرة أو غير مقدرة، لكن يراد بها في مثل هذا الكتاب المقدرة، في مقابل التعزيرات، وفي مقابل ما لا حد فيه ولا عقوبة له فيه في الدنيا.
باب: ما جاء في الرجم(154/6)
أي في حكمه، والرجم المراد به رجم الزاني المحصن بالحجارة حتى يموت، والحدود إنما شرعت لمصالح عظيمة؛ لتطهير المجتمعات الإسلامية من هذه القاذورات، فلو لم تشرع هذه الحدود لما وجد ما يردع الناس عن مقارفتها، ولا اشترك الناس المسلمون وغيرهم، والحيوانات في اقتراف هذه الجرائم وهذه القاذورات، وما يرمى به الإسلام بسبب تشريع هذه الحدود من الهمجية ومن الوحشية هذا يقوله المغرضون، دعاة الإباحية، الذين يسعون في الأرض الفساد، ليستبيحوا محارم الناس وأموالهم ودماءهم، وإلا فمن الذي يردع؟ يعني إذا كان في قول الله -جل وعلا-: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [(179) سورة البقرة] ويقولون: إن القتل وحشية، متى يرتدع القاتل إذا لم يقتل؟ ومتى يرتدع غيره إذا لم يقتل الجاني؟ الناس لا يردعهم إلا الحزم، والمناداة بالستر المطلق كما يقول بعضهم، نعم جاء في الحديث الصحيح الستر على المسلم: ((من ستر مسلماً ستره الله)) وجاء أيضاً إعراض النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ماعز ليستتر بستر الله، لكن هذا في حق من؟ في حق من حصلت منه الهفوة أو الزلة، أما من اجترأ على حدود الله، واستمرأ المعاصي، أو انتشرت هذه الجرائم في مجتمع من المجتمعات لا يردعها إلا إقامة شرع الله، إقامة الحدود بعزم وحزم وجد، ولذا لا يجوز للسلطان أن يعفو إذا بلغه الحد، فإن عفا فلا عفا الله عنه، ومن ينادي بالستر المطلق لجميع الناس، وجميع الأصناف هذا لا شك أنه توطئة للإباحية، وإلغاء لحدود الله -جل وعلا-، وإلا فلماذا شرعت الحدود؟ إلا للقضاء على هذه الجرائم، تقام الحدود ومع ذلك يقع ما يقع، فكيف بما لو عطلت الحدود؟ كيف يأمن الناس على أنفسهم وعلى أموالهم وعلى أعراضهم إذا عطلت هذه الحدود؟(154/7)
فمن محاسن الشرع تشريع هذه الحدود بهذه القوة وبهذه الصرامة، ولا شك أن الأمور تختلف من شخص إلى شخص، هذه الحدود تدرأ بالشبهات، تختلف من شخص إلى شخص، ومن مجتمع إلى مجتمع، فالشخص الذي تقع منه الهفوة والزلة ويتوب، ويستتر بستر الله، هذا لا يبحث عنه، حتى لو اطلع عليه، اطلع عليه من اطلع، وستر عليه يكون مأجوراً، ((من ستر مسلماً في الدنيا ستره الله في الدنيا والآخرة)) لكن أصحاب الجرائم، وأرباب المنكرات والسوابق مثل هؤلاء لا يجوز الستر عليهم بحال، وكذا لو انتشرت الفواحش في بلد من البلدان لا يستر على أحد، بل لا بد من أن يؤخذ الناس بعزم وحزم، ولذا جاء قتل الشارب في المرة الرابعة، ((إذا شرب فاجلدوه، ثم إذا شرب فاجلدوه، ثم إذا شرب فاجلدوه)) ثم في الرابعة قال: ((اقتلوه)) ومن أهل العلم من يرى أنه منسوخ الحد، ومنهم من يرى أنه محكم، فقتل المدمن شرعي، ومنهم من يرى أنه تعزير كقول شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، يقول: تعزير إذا استشرى الشرب في بلد من البلدان، ولم يردع الناس الحد يقتل الشارب حتى يرتدع الناس، والله المستعان.
يقول: "حدثنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال: "جاءت اليهود إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكروا له أن رجلاً منهم وامرأة زنيا، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ )) " رجل وامرأة زنيا، والسياق يدل على أنهما إيش؟ أنهما محصنان "فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ )) " هذا يدل على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، ويجري عليهم حكم الإسلام إذا تحاكموا إلينا، وإذا تحاكموا إلى الحاكم المسلم هو مخير بين أن يحكم بينهم أو أن يعرض عنهم.
"فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ )) فقالوا: نفضحهم ويجلدون" يعني ما في رجم في التوراة، فيه يفضحون، نفضحهم ويجلدون، يطاف بهم في الأسواق، وتذكر معايبهم، ويقال: إنهم زنوا، ولا رجم "ثم يجلدون" في بعض الطرق ما يدل على أنهم يسودون، تسود وجوههم.(154/8)
"نفضحهم ويجلدون، فقال عبد الله بن سلام -وقد كان يهودياً ثم أسلم-: كذبتم إن فيها الرجم، فأتوا بالتوراة فنشروها" كذبتم إن فيها الرجم، يعني في التوراة، فالرجم ما توطأت عليه الشريعة الإسلامية مع شريعة موسى -عليه السلام- "فأتوا بالتوراة فنشروها" قد يقول قائل: إن الذي نفى وجود الرجم في التوراة اعتمد على نسخة محرفة، مسحت منها آية الرجم، والذي أثبت اعتمد على الأصل أن الرجم موجود في النسخ الموثقة الصحيحة، وإن كان فيها تحريف في مسائل أخرى؛ لأن التحريف قديم عند اليهود وعند النصارى؛ لأنهم استحفظوا على الكتابين فما حفظوا، حرفوا وصحفوا وزادوا ونقصوا، وكتابنا محفوظ، تكفل الله بحفظه فلم يحصل له شيء إلى قيام الساعة.
"كذبتم إن فيها الرجم، فأتوا بالتوراة فنشروها" يعني بسطوها وفتحوها وقلبوا في صفحاتها "فوضع أحدهم يده على آية الرجم" اسمه: "عبد الله بن صوريا" كما في الصحيحين، وضع يده على آية الرجم.
"ثم قرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك، فرفع يده فإذا فيها آية الرجم، فقالوا: صدق يا محمد فيها آية الرجم" صدقوه بعد إيش؟ بعد أن فضحهم، بعد أن اطلع على الحقيقة.
"فأمر بهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجما" لأنهم جاءوا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- لأنهم يعرفون عنه ما جاء في وصفه في كتبهم أنه نبي الرحمة، فقالوا: لعل محمداً يأتي بشرع أخف من الرجم، يكتفي بالجلد، أو يكتفي بتوبيخ، أو يكتفي بغرامة، أو يكتفي بتعزير بالمال أو نحوه، ويسلمان؛ لأنه نبي الرحمة، لكنه نبي الرحمة وهذا عين الرحمة، تطبيق الحدود هو عين الرحمة، التي جاء بها النبي -عليه الصلاة والسلام-.
"فقالوا: صدق يا محمد" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هل يحكمون بشرع الله بشرع محمد -عليه الصلاة والسلام- أو بشرعهم هم؟ لأنه قال لهم: ((ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ )).
طالب:. . . . . . . . .
فماذا يصنع؟ لو كان في التوراة الجلد؟
طالب:. . . . . . . . .(154/9)
وهو يحكم بينهم بحكم الله، لكن لعله مما أخبر بأن الرجم موجود في شريعتهم، فأراد أن يقررهم بشريعتهم، وإلا شرعهم منسوخ، لا يحكم به، ولا يتحاكم إليه، لكنه أراد أن يقررهم بشرعهم، وإذا أردي الخصم بسلاحه كان أنكى، وأقبل له، ويذعن أكثر مما لو كان بسلاح غيره.
"فإذا فيها آية الرجم، فقالوا: صدق يا محمد، فيها آية الرجم" نعم؟
طالب: النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ )) ....
الحكم، في شأن الرجم، ((ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ )) يعني في شأن هذا الحد، هم قالوا: ما فيه شيء، ما عندنا شيء اسمه رجم، يفضحون أو يجلدون؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هو حكم عليه بالرجم ابتداءً، فماذا تجدون في شأن الرجم؟ يعني ما سألهم عن حكم الزاني في شرعهم، ما قال: ما حكم الزاني في شرعكم؟ إنما قال: ما تجدون في شأن الرجم، هو محكوم عليه بالرجم.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، إي نعم، إيه بلا شك.
طالب: سألهم على حالة ....
لأنه قال: ((ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟ )) أولاً: ما في شك أن القصة فيها اختصار، وهي مبسوطة في الصحيحين وغيرهما بأبسط من هذا، المقصود أن الرجم شرع محكم جاء به موسى -عليه السلام-، وجاء به محمد الخاتم -عليه الصلاة والسلام- "فقالوا: صدق يا محمد، فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجما" فدل على أن أهل الكتاب تقام عليهم الحدود.
"فقال عبد الله بن عمر: "فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة" يحني بالحاء يعطف عليها وينثني، وبعض الروايات: "يجني" وأكثر الرواة على أنها: "يجنأ عليها" المعنى واحد، يجنأ عليها يعني يميل وينثني وينحني عليها لكيلا تصاب بأذى.
"قال مالك: يعني يحني يكب عليها حتى تقع الحجارة عليه" يعني يفديها بنفسه، والله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .
إذا تُمكن منهم، وأعلنوا بالمخالفات تقام عليهم.
طالب:. . . . . . . . .
حتى من التزم بحكم الإسلام بلا شك تقام عليه، لكن لا يطالبون بالواجبات، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما في شك أنها بعدها، لو لم يكن في شرعنا رجم، ما قال: ((ما تجدون في شأن الرجم؟ )).
طالب:. . . . . . . . .(154/10)
معروف يعني حتى ... ، مبينة في حديث عبادة.
"حدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن رجلاً من أسلم" اسمه ماعز بن مالك "جاء إلى أبي بكر الصديق فقال له: إن الأخر" يعني الأرذل المتأخر المؤخر "إن الأخر زنى، فقال له أبو بكر: هل ذكرت هذا لأحد غيري؟ " يعني جاء في بعض الروايات التصريح، قوله: إني زنيت، مثل هذا الأدب في التعبير ألا ينسب الأمر المكروه إلى النفس، ومع ذلك تواطأ الرواة على نقل قول ماعز: إني زنيت؛ لأن هذا وإن كان من حيث الأسلوب خلاف الأدب المتقرر إلا أنه يترتب عليه حكم شرعي، فلا بد من صريح الاعتراف، ولما كان الأمر غير لازم في قصة أبي طالب قال: هو على ملة عبد المطلب، والرواة يقولون كلهم: هو على ملة عبد المطلب، لكن هنا في إقامة حد، والحد لا يقوم إلا بصريح الاعتراف.
"فقال: هل ذكرت ذلك لأحد غيري؟ فقال: لا، قال له أبو بكر: فتب إلى الله، واستتر بستر الله، فإن الله يقبل التوبة عن عباده" هذه هفوة وزلة وقعت من ماعز، وتاب إلى الله -جل وعلا-، وأناب وصدق في توبته، وقدم نفسه، مثل هذا لو استتر ما يلام، لكنه أراد العزيمة، ولم يكتفِ بالرخصة، أراد العزيمة؛ لأن الحدود كفارات، وإنه الآن لينغمس في أنهار الجنة، كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-، هذه عزيمة، ولا يلام من طلب العزيمة، ومع ذلك يمكن أن يدل على الرخصة، والدين فيه فسحة لمثل هذا.
"فقال أبو بكر: هل ذكرت هذا لأحد غيري؟ فقال: لا، فقال له أبو بكر: فتب إلى الله، واستتر بستر الله، فإن الله يقبل التوبة عن عباده، فلم تقرره نفسه" فلم تقرره: أي لم تمكنه نفسه من الاستتار، والاكتفاء بالتوبة دون إقامة الحد والتطهير؛ لأنه يريد الكفارة لما حصل من ذنبه، فالحدود كفارات.
"لم تقرره نفسه حتى أتى عمر بن الخطاب، فقال له مثل ما قال لأبي بكر، فقال له عمر مثل ما قال له أبو بكر، فلم تقرره نفسه حتى جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" ما اطمأن، يعني النفس ما زال يحيك فيها إثم ما اقترف، فجاء إلى أبي بكر، ثم إلى عمر، فلم تطمئن نفسه إلا بأن يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويعترف بين يديه، ويلتزم باللازم.(154/11)
"حتى جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال له: إن الأخر زنى، فقال سعيد: فأعرض عنه" الحديث موصول في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- "فأعرض عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاث مرات، كل ذلك يعرض عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حتى إذا أكثر عليه" فتمت الإقرارات الأربعة، واستفهم عما يمكن الاستفهام عنه مما يدرأ الحد "كل ذلك يعرض عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى إذا أكثر عليه بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى أهله، فقال: ((أيشتكي؟ )) " يعني يشتكي من شيء يدرأ عنه الحد؟ ((أم به جنة؟ )) يعني فيه جنون، والحدود والتكاليف، مناطها العقل، فإذا كان به جنة فإنه يرتفع عنه الحد، وإذا كان يشتكي من شيء يدفع عنه الحد مؤثر على العقل، يعني هل فيه جنون مرض؟ أو فيه جنون بسبب تلبس الجنة به؟ سأل عنه النبي -عليه الصلاة والسلام- وسأل: " ((ما تقولون في ماعز بن مالك؟ هل به من علة؟ )) قالوا: ما رأيناه إلا وفي العقل، من صالحينا" وفي رواية قال: ((استنكهوه)) شربت خمراً استنكهوه، فكل هذا ليدرأ عنه الحد، ومثل هذا يشرع أن يدرأ عنه مثل هذا الحد؛ لأنه جاء تائباً منيباً صادقاً في توبته، مقدماً نفسه، ومع ذلك أصر.
"فقالوا: يا رسول الله والله إنه لصحيح، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أبكر أم ثيب؟ )) قالوا: بل ثيب يا رسول الله، فأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجم" ذهبوا به فرجموه، في رواية: حفر له حفيرة، والروايات والألفاظ كثيرة في قصة ماعز إلا أن هذه خلاصتها، أنه اعترف ولقن ولم يقبل، عُرض عليه ما يدرأ عنه الحد فلم يقبل ارتكاباً للعزيمة، وليس هذا من عفو السلطان؛ لأنه لما انتفت عنه جميع الشبهات أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- به فرجم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما يسأل، ما سئل، ولو قال: إنه زنى بفلانة ...
طالب:. . . . . . . . .
نعم لا بد من اعترافها ما يكفي رميه بها، ولا يجلد حد القذف؛ لأنه لم يأتِ قاذفاً، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
معروف بالإفساد أبداً، هذا لا بد من تطبيق حد الله عليه، تطبيق الشرع عليه، مثل هذا يختلف وضعه عن وضع ماعز.(154/12)
طالب:. . . . . . . . .
لا يقرر ولا يلقن، لا يضر ولا ينفع، مثل هذا يتوسط في أمره، نعم؟
طالب: إذا. . . . . . . . . ذهب إلى السلطان أبلغ عنه ما فعل، يعني يلزم أن يقام عليه الحد؟
واعترف كم؟
طالب: اعترف بالحادثة ....
يعني بحضور الناس أو بعدم حضورهم، يعني السلطان يحكم بعلمه أو لا يحكم؟ السلطان لا يحكم بعلمه، لكن هذا إذا اعترف بين الناس، وأقر أربع مرات، وشهد على نفسه أربع شهادات فرجم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا أربع أربع مرتين يعني ثلاث مرات يعني بثلاثة مجالس، أربع مرات، أو مرتين، ثنى على ذلك مرتين، يعني كرر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إي نعم لما أذلقته الحجارة فر، قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لو تركتموه لعله يتوب)) وهو تائب من الأصل.
على كل حال مثل هذا لا يعني أن من طبق عليه الحد أن كل إنسان بمنزلة ماعز، ماعز له ظروفه، وجاء تائب ومنيب، والقضايا كل القضايا في عصره -عليه الصلاة والسلام- خمس، يعني على طول مدة الرسالة ثلاثة وعشرين سنة، خمس قضايا، قضايا الزنا، والآن يطنطنون ويقولون: إن المجتمعات لا بد أن يقع فيها الهفوات، وعصر النبوة ما سلم، بينما وقع في عصر النبوة مما يقع في عصرنا في بلادنا وفي غيرها أكثر وأشد، هذه الخمس تحصل من شخص فضلاً عن بلد، أو عن ... ، وبعضهم يقرر أن عشرة بالمائة هذه ما هي بظاهرة مقلقة، عشرة بالمائة شيء يسير، يعني إذا كان الرياض خمسة ملايين بخمسمائة ألف ما هي ظاهرة هذه، على كلامه -نسأل الله السلامة والعافية- نعم؟
طالب: الأولى يا شيخ فيمن يقع في هذا أنه يستر على المسلم ... ؟
والله الأمر إليه، لكن إن ارتكب العزيمة كفرت سيئته، الحدود كفارات، وإن استتر بستر الله، وأكثر من الحسنات، وترك المعاصي، والتزم بشرع الله، واستكثر من القربات هذا بعد أيضاً كله طيب.
طالب: في آخر الزمان يكثر الزنا عند المسلمين وإلا في العالم ... ؟
جاء عموماً، جنسه.
طالب: أحسن الله إليك بالنسبة لقضية الزنا يطلق على من أتى من القبل يشترط له ذلك أو من أي جهة .... ؟(154/13)
الزنا الأصل القبل مع القبل، الإيلاج في القبل هذا هو الزنا، والإيلاج في الدبر بالنسبة للذكور هذا يسمونه اللواط، وبالنسبة للإناث إتيان المرأة مع دبرها محرم إجماعاً، وهو اللوطية الصغرى كما يقول أهل العلم، فلا شك في تحريمه.
طالب: سعيد بن المسيَب أو المسيِب؟
هو مشهور عند أهل العلم بالفتح، والدعوة التي تذكر عنه ما تثبت، نعم؟
طالب: أحسن الله إليك من القاضي ....
لا، الحاكم هو القاضي، كل هؤلاء أعوان، الهيئات والشرط أعوان، الحاكم والسلطان، السلطان نائبه القاضي، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا إذا عفوا هذا تعاون على الإثم والعدوان، يعني مثل هذا يأتي من باب آخر، نعم.
قال: "حدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل من أسلم" يعني من جماعة ماعز "يقال له هزال: ((يا هزال لو سترته بردائك لكان خيراً لك)) " لو سترته بردائك يعني حال الرجم؟
طالب: حال الزنا ....
((لو سترته بردائك لكان خيراً لك)) يعني هل يكنى بهذا عن الستر على ماعز؟ نعم؟ عن الاعتراف ومنعته من الاعتراف، أو أنه لو سترته بردائك حين إقامة الحد؟ أما بالنسبة للاعتراف جاء هو بنفسه يعترف، يعني هل معنى هذا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اطلع على أن هزالاً عرف الواقعة قبل مجيئه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وصرفه عن المجيء؟ هو يمكن أن يكون كناية عن هذا، مو بصريح كناية عن هذا، أن يستتر بالرداء ما يمنع من الاعتراف.
طالب: قد يكون من المصيب بجنون ....
يقول: نعم يقول: به جنون وهو ليس بمجنون؟ لا، لا ما يمكن هذا.
طالب: في رواية النسائي: أن هزالاً كانت له جارية، وأن ماعزاً وقع عليها فقال له هزال: انطلق إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-.
انطلق فأخبر أو أنطلق ... ؟
طالب: أنطلق وأخبر ....
يعني هو صاحب الجارية المزني بها؟
طالب: فانطلق فأخبره فأمر به فرجم.
على كل حال مسألة الستر بالرداء كناية عن صده عن الاعتراف، والحيلولة دونه ودون هذا الاعتراف الذي ألزمه بالحد.(154/14)
" ((لكان خيراً لك)) قال يحيى بن سعيد: فحدثت بهذا الحديث في مجلس فيه يزيد بن نعيم بن هزال الأسلمي فقال يزيد: هزال جدي وهذا الحديث حق" والحديث من مراسيل سعيد، وهو موصول عند أبي داود.
قال: "حدثني مالك عن ابن شهاب أنه أخبره أن رجلاً اعترف على نفسه بالزنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وشهد على نفسه أربع مرات، فأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجم" يلزم الاعتراف أربع مرات أو يكفي الاعتراف مرة واحدة؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكنه مجمل، حديث ماعز صريح بالاعتراف أربع مرات، وقياساً على الشهود الأربعة، وبهذا قال جمع من أهل العلم، وهو الراجح، وأما من يقول بأنه يكفي الاعتراف مرة واحدة وليس بأشد من القتل وغيرها من الحدود قياساً مع النص، يعني في مقابل نص فهو فاسد الاعتبار.
جاء في الزنا الاعتراف الإجمالي من غير عدد، ولا شك أن التفصيل يقضي على الإجمال.
"وشهد على نفسه أربع مرات، فأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرجم" قال ابن شهاب: فمن أجل ذلك يؤخذ الرجل باعترافه على نفسه.
ولا شك أن الاعتراف أقوى من البينة؛ لأن الإنسان أعرف بنفسه، وأدرى بما حصل منه من غيره.
قال: "حدثني مالك عن يعقوب بن زيد بن طلحة عن أبيه زيد بن طلحة عن عبد الله بن أبي مليكة" وبعض النسخ بدل عن ابن، "ابن عبد الله بن أبي مليكه أنه أخبره أن امرأة جاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأخبرته أنها زنت وهي حامل، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اذهبي حتى تضعي)) " يعني فلا ترجم الحامل، ولا يقام عليها الحد حتى تضع الحمل؛ لئلا يتعدى الضرر إلى غيرها "فلما وضعته جاءته، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اذهبي حتى ترضعيه)) " لأنه يتضرر برجمها قبل رضاعه "فلما أرضعته جاءته، فقال: ((اذهبي فاستودعيه)) " أي: اجعليه عند من يحفظه ويحضنه "قال: فاستودعته ثم جاءت، فأمر بها فرجمت" في بعض الروايات: أنها جاءت به وفي يده كسرة خبز، على كل حال مثل هذا لا بد منه، لا بد أن تؤجل الحامل حتى تضع، ثم ترضع، فإذا وجد من يكفله فإنها يقام عليها الحد.(154/15)
لو قالت: ما وجدت، استودعيه قالت: ما أجد من أودعه عنده، يقام عليها حد وإلا ما يقام عليها حد؟
طالب:. . . . . . . . .
لأنه قال: ((اذهبي حتى ترضعيه)) ((اذهبي فتستودعيه)) الآن الصيغة اختلفت، ما جعل الاستيداع غاية مثل ما جعل الوضع والرضاعة؛ لأنه قال: ((اذهبي حتى تضعي)) يعني ما في إقامة حتى تضعي ((اذهبي حتى ترضعيه)) يعني لا يقام الحد حتى ترضعيه، ثم قال: ((اذهبي فاستودعيه)) قال: فاستودعته، ما قال: اذهبي حتى تستودعيه، لا يقام الحد حتى ... ، لا ((اذهبي فاستودعيه)) يعني ضعيه عند أحد يكفله ويحضنه، ثم جاءت فأمر بها فرجمت.
طالب: الآن هذه المرأة كانت محصنة؟
محصنة نعم.
طالب: طيب في غير المحصنة لو جاءت مثلاً وبها الحمل؟
يقال: حتى تضع؛ لأنه قد يسقط الحمل، ويتعدى الضرر.
طالب: والحد كيف يقام؟
جلد، جلد ما دامت بكر تجلد ولو حبلت.(154/16)
قال: "حدثني مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني أنهما أخبراه أن رجلين اختصما إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال أحدهما: يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله، وقال الآخر -وهو أفقههما-: أجل يا رسول الله فاقض بيننا بكتاب الله، وأذن لي أن أتكلم؟ " من أين جاء وصفه بالفقه؟ نعم كونه استأذن، أذن لي أن أتكلم "فقال: ((تكلم)) فقال: إن ابني كان عسيفاً على هذا" يعني أجيراً عنده، ومعروف أن الأجير يعني يخالط المستأجر مخالطة تختلف عن غيره، ولذا أكثر ما يوجد من المصائب والمشاكل في المخالطة، الأجير والمستأجر، فتجد السائق له دالة على البيت وأهل البيت أكثر من غيره، سائق الأسرة، وكذلك الخادمة في الأسرة، يعني بينهم صلة ودالة ويمونون عليها أكثر من غيرها، والتساهل جر المصائب والنكبات إلى البيوت، فلا بد من الاحتياط، وإذا وجد هذا في عصر النبوة فكيف يأمن الإنسان على نفسه وعلى ولده وبنته وزوجته؟! لا بد من أخذ الاحتياط الشديد في هذا الباب؛ لأنها إذا وقعت المصيبة ما يمكن أن تستدرك، العار لن يرتفع، نعم الإثم يجبه التوبة، يجبه إقامة الحد، لكن العار، الألم يعتصر القلب مدى الحياة، ومصائب وكوارث لا يمكن تصحيحها، كثيراً ما يسأل يعني بسبب التساهل مع الخدم والسائقين، الأسئلة تكثر عن مسألة الستر عن النفس، والإخبار بما حصل، أو لا يخبر عند الخطبة؟ يعني إذا حصل من البنت هفوة وإلا زلة مع سائق أو نحوه، تقول: هل أخبر الخاطب أو لا أخبره؟ هذه مسألة كارثة حقيقة، إن أخبرت تعطلت، وإن لم تخبر غشت، وإذا علم الخاطب فيما بعد ماذا يكون مصيره؟ وماذا يكون وضع أولاده فيما بعد؟ كل هذه جرائم يصعب تصحيحها فالاحتياط هو الواجب، وهو المتعين؛ لئلا يقع مثل هذا نسأل الله السلامة والعافية.
وأدخل على بعض الناس ممن هم محسوبين على الأخيار بسبب تساهلهم، أدخل عليهم ما ليس منهم، وحصل من الخدم في البيوت من عبث الصبيان والأولاد وما أشبه ذلك، كل هذا بسبب التساهل، فعلى المسلم أن يكون حازماً، لا سيما فيما يتعلق بالأعراض، الأموال أمرها سهل، الإشكال في الأعراض، والله المستعان.(154/17)
وهذا الأجير وهذا العسيف زنى بامرأة مستأجره "فأخبرني" يعني الزوج، زوج المرأة المزني بها قال لوالد العسيف: إن على ابني الرجم "فافتديت منه" يعني من الرجم، بدل الرجم بمائة شاة وبجارية لي، ظن أن الحدود تباع وتشترى لا، الحدود حق لله -جل وعلا- لا يتصرف فيها ولا يتدخل، وأخذ البدل عنها لا شك أنه تغيير لشرع الله، وهذا موجود في بعض البلدان -نسأل الله السلامة والعافية-.
"فافتديت منه بمائة شاة وبجارية لي، ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني" شوف لما أخبره هذا الجاهل بأن على ابنه الرجم ذهب يفتدي من الرجم بمائة شاة وبجارية ليفدي ولده بذلك "ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني أن ما على ابني جلد مائة وتغريب عام" هذا هو الصحيح، وتغريب عام ((البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة)) ولا بد من النفي سنة في بلد يبعد عن بلده أكثر من مسافة قصر، مسافة قصر فأكثر ليسمى تغريب، وقد يقول قائل: إنه إذا غرب الزاني ذكراً كان أو أنثى، فإنه يفقد أهله وعشيرته الذين يستحيي منهم، فقد يزيد شره، ولا شك أن التغريب جزء من الحد لا يعطل بمثل هذه التعليلات، وإلا فالحنفية لا يرون التغريب بمثل هذه الأمور، بهذه التعليلات، وأيضاً لو كان المغرب امرأة لزم أن يغرب معها المحرم، ومن أهل العلم من يرى أن السجن يقوم مقام التغريب، المقصود أنه يحال بينه وبين وقوع الفاحشة مرة ثانية، والمجال للاجتهاد لا سيما في السجن، وإن سجن في بلد يجتمع فيه السجن مع التغريب كان أولى؛ لئلا يقع في الجريمة مرة أخرى.
طالب:. . . . . . . . .
مثل هذا ما هو لهذا يا أخي، ينتقل إلى بلد يكون فيه أهل الصلاح أكثر، ويبعد عن رفقة السوء، كما قيل للتائب الذي قتل مائة: انتقل إلى بلد كذا فإنه ... ، من باب المشورة لا على سبيل الإلزام.
"فأخبروني أنما الرجم على امرأته، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أما والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله)) " يعني بحكم الله " ((أما غنمك وجاريتك فرد عليك)) " يعني مردودة عليك، ولا يلزمك أن تبذل فداء لولدك، ولا يقبل منك لو بذلت، وجلد ابنه مائة، وغربه عاماً "وأمر أنيساً الأسلمي، فقال: واغدوا يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها".(154/18)
"وأمر أنيساً الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر فإن اعترفت رجمها، فاعترفت فرجمها" اعترفت الاعتراف المعتبر في هذه الجريمة، وهي أن تعترف أربع مرات، كما جاء في حديث ماعز المبين المفصل المفسر، فيرجع إليه، وليس فيه أنه جلدها ولا أمر بجلدها، والقضايا التي ذكرت الخمس في عصره -عليه الصلاة والسلام- ليس فيها أنه جلد، وفي حديث عبادة وهو في الصحيح: ((الثيب بالثيب جلد مائة والرجم)) ولذا جمهور أهل العلم لا يرون الجلد بالنسبة للزاني المحصن، وإنما يكتفى برجمه، والمعروف عند جمع من أهل العلم منهم الحنابلة يرون الجلد، والجمع بين الجلد والرجم، وعلي -رضي الله عنه- جلد شراحة يوم الخميس، ورجمها يوم الجمعة، ولا شك أن حديث عبادة صريح في الموضوع، وما عداه فيه عدم الذكر فقط، ما فيه نفي، فيه عدم الذكر، والحكم يثبت بخبر واحد، فإذا لم يذكر حمل على الأحاديث التي فيها الذكر، والحجة تقوم بخبر واحد، فالمرجح أنها تجلد، يجلد الزاني المحصن ثم يرجم.
"حدثني مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن سعد بن عبادة -رضي الله عنه- قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أرأيت لو أني وجدت مع امرأتي رجلاً أأمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نعم)) ".
لا بد من الشهداء، وإلا لو أعطي الناس بدعاواهم لادعى أناس أموال أناس ودماءهم، المقصود أن مثل هذا لا يترك لاجتهاد الأفراد، فلو اكتفى بعلمه وقتله بمجرد وجوده مع امرأته، أو مع ولده، أو مع بنته، ولو كان مستحقاً للقتل، بأن كان زانياً محصناً، وتأكد من الفعلة بنفسه، لا يجوز له أن ينفذ الحد؛ لأن هذا من حق السلطان، ولي الأمر، وهذا افتيات عليه، ولو ترك المجال لأفراد الناس لكان من كانت بينه وبين غيره خصومة أو مشاحنة يذهب به إلى بيته، ويدعي عليه ثم بعد ذلك يقتله، ويقول: إنه وجده على بنته أو على امرأته، وليس له ذلك، ولو كان مستحقاً للقتل بأن كان محصناً، وفي حديث القذف في حديث اللعان، الرجل يجد مع امرأته رجلاً أيقتله فتقتلونه؟ قال: ((نعم)) يقتل به، بلا شك؛ لأن هذا يفضي إلى فوضى، لو أن كل إنسان ترك له الأمر ليحكم بنفسه وينفذ بنفسه كانت الأمور فوضى.(154/19)
"حتى آتي بأربعة شهداء" نعم لا بد أن يأتي بأربعة شهداء، ولو نقصوا واحداً لجلدوا حد القذف.
قال: "حدثني مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس أنه قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: "الرجم في كتاب الله حق على من زنى من الرجال والنساء، إذا أحصن إذا قامت البينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف".
في حديث العسيف وفي آخره: ((واغدوا يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها)) فيه دليل على أن الحسبة من أعمال الرجال، وليست من أعمال النساء، ولو كانت من أعمال النساء، لقال: اغدي يا فلانة وفلانة وفلانة من الصالحات إلى امرأة هذا؛ لأن الأمر متعلق بامرأة، إن اعترفت فارجموها، لا، الحسبة من خصائص الرجال، وليس للنساء فيهن دخل، نعم للمرأة أن تأمر وتنهى وتنكر على غيرها، لكن في مثل هذه المواطن التي فيها التنفيذ هي من خصائص الرجال.
طالب:. . . . . . . . .
ما هو بوالد.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟ ويش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
ولو كان غني ويش الفرق؟
طالب:. . . . . . . . .
يكون ابنه خادم ولو كان غني؛ لأنه ما يلزمه أكثر من نفقته، يكون أجير ويش المانع؟
طالب: الآن في مسألة الشخص ....
لا، لا بد من الرجوع إلى الإمام، إذا خولهم الإمام وقال: من رأى منكم منكراً يغير يغير، وإلا فالتغيير باليد من خصائص الإمام.
نعم إذا عرف أن الإمام لا ينكر ذلك، يعني كان الناس في السابق ينكرون، ويعرفون أن الإمام لا يكره مثل هذا، إذا عرفوا من حال الإمام أنه لا يكره مثل هذا ولا ينكره، لا مانع، وهو الأصل؛ لأنهم يأتمرون بأمر نبوي، ((فليغيره بيده)) لكن إذا عرفوا أن السلطان يمنع من هذا، لكن لا بد أن يقوم بهذا الأمر أحد، هذا فرض كفاية، لا بد أن يقوم به السلطان، من مهماته، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
والناس ....
طالب: وقام به بيده ...
لا شك أن مثل هذا، وأراد أن يتحمل الآثار المترتبة عليه الأمر لا يعدوه، يتحمل ....
طالب:. . . . . . . . .
لكن يتحمل ما يأتيه من قبل السلطان، نعم؟
طالب: الطرف الأول هل يدخل في الحديث الطرف الأول إذا ذهب إلى الوالي أن اليوم .... فإن اعترف .... ؟(154/20)
مثل ما قال، يعني لو لم تعترف ما أقيم عليها حد، ما يكفي أن يعترف عليها غيرها، ما يكفي، وسيأتي ما يدل على أنها قد تصرف وتلقن ويستر عليها، يأتي ما يدل على هذا، نعم؟
طالب: لو مثلاً أحد العبيد زنا بأمة ....
إيه لا ما يغرب العبد، العبد ينصف عليه العذاب ولا يغرب، وجاء في الحديث: ((إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إذا زنت فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إذا زنت فليبعها ولو بضفير))
طالب: حتى لو كان محصن؟
نصف، نصف العذاب، فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب.
طالب: نعم محصن.
محصن محصن، الرجم لا يتبعض ولو كان محصناً.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال إن أراد أن يتحمل العزيمة، وإلا فالأصل أن الأمر معلق بالاستطاعة.
يقول: "حدثني مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس أنه قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: "الرجم في كتاب الله حق على من زنى من الرجال والنساء إذا أحصن إذا قامت البينة" حق في كتاب الله، يعني الآية التي ذكرت في الصحيح المنسوخة اللفظ، منسوخة التلاوة مع بقاء حكمها: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة" وستأتي.
"على من زنى من الرجال والنساء إذا أحصن إذا قامت البينة" يعني شهد عليه أربعة" أو كان الحبل" يعني الحمل "أو الاعتراف" يعني إذا حملت المرأة غير ذات زوج لا شك أنها زانية، هذا من أقوى البينات، إذا حملت من غير زوج لا شك أنها زانية، فهو يقوم مقام البينة، وكذلك إذا تقيأ الخمر على ما سيأتي، فلا يمكن أن يتقيأها حتى يشربها، أو الاعتراف على نفسه أربع مرات، فإنه يقام عليه الحد حينئذٍ.(154/21)
قال: "حدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار عن أبي واقد الليثي أن عمر بن الخطاب أتاه رجل وهو بالشام فذكر له أنه وجد مع امرأته رجلاً، فبعث عمر بن الخطاب أبا واقد الليثي إلى امرأته يسألها عن ذلك، فأتاها وعندها نسوة حولها، فذكر لها الذي قال زوجها لعمر بن الخطاب، وأخبرها أنها لا تؤخذ بقوله" يعني الاعتراف عليها ما يكفي، يعني كون زوجها أخبر ما يكفي، لا بد من اعترافها هي "وجعل يلقنها أشباه ذلك لتنزع" يعني لتنكر وترجع عن الاعتراف "فأبت أن تنزع" أصرت على الاعتراف "وتمت على الاعتراف" يعني ثبتت عليه "فأمر بها عمر فرجمت".
قال بعد ذلك: "حدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه سمعه يقول: لما صدر عمر بن الخطاب من منى أناخ بالأبطح" يعني لما انتهى حجه أناخ بالأبطح كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم كوم كومة بطحاء، ثم طرح عليها رداءه واستلقى، يعني جعله له من البطحاء وساد، وجعل عليها الرداء واستلقى، يجوز النوم مستلقياً إذا أمن من انكشاف العورة، جاء النهي عن النوم مع الاستلقاء، ولا شك أنه محمول على ما إذا خشي من انكشاف العورة.
"ثم مد يديه إلى السماء، فقال: اللهم كبرت سني" ثلاثة وستين، أبو ثلاثة وستين يخطط لستين ثانيات، والله المستعان، طول الأمل صحيح، كثير من الناس تخطيطه من قرار التعيين ماذا يفعل بعد التقاعد؟ يخطط مشاريع تجارية، وبعضهم في العلمية، بيألف إذا تقاعد بيسوي بيفعل ويترك، نعم، حب الدنيا، شب ابن آدم ويشب منه خصلتان: حب الدنيا وطول الأمل.
"اللهم كبرت سني، وضعفت قوتي، وانتشرت رعيتي" شعور بالمسئولية "انتشرت رعيتي، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط، ثم قدم المدينة" يعني بعد حجه "فخطب الناس، فقال: أيها الناس قد سنت لكم السنن، وفرضت لكم الفرائض، وتركتم على الواضحة" يعني ما في شيء يحتاج إلى بيان بعد موت النبي -عليه الصلاة والسلام-، بين وبلغ البلاغ المبين الواضح، إلا أن تضلوا بالناس يميناً وشمالاً؛ لأنكم حملة الدين، يعني أنتم إن استقمتم استقام الناس، وإن ضللتم ضل الناس، بكم يقتدون، أنتم حملة الدين، أنتم صحابة الرسول -عليه الصلاة والسلام- ... إلى آخر ما قال.(154/22)
"ثم ضرب بإحدى يديه على الأخرى، ثم قال: إياكم" تحذير "أن تهلكوا عن آية الرجم، أن يقول القائل: لا نجد حدين في كتاب الله" ما نجد إلا حد واحد وهو الجلد {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} [(2) سورة النور] لا نجد إلا واحد "يقول القائل: لا نجد حدين في كتاب الله، فقد رجم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورجمنا معه، والذي نفسي بيده" يقسم عمر -رضي الله عنه-، ويحلف من غير استحلاف على أمر في غاية الأهمية "لولا أن يقول الناس: زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله تعالى لكتبتها: "الشيخ والشيخة فارجموهما ألبتة" فإنا قد قرأناها".
هو يخشى الناس وإلا يخشى الله؟ لولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله تعالى لكتبتها، هو يخشى الناس وإلا يخشى الله -جل وعلا-؟ يخشى الله -جل وعلا-، لكن من الناس من لا يدرك مثل هذه الأمور فيقع في مثل ما يقع فيه، مثل هذا عمر -رضي الله تعالى عنه- يخشى الله -جل وعلا-، والآية ثابتة عنده، إلا أنه لم يؤمر بكتابتها في المصحف، وإلا فهي مما أنزل على النبي -عليه الصلاة والسلام-، فإنا قد قرأناها.
"قال مالك: قال يحيى بن سعيد: قال سعيد بن المسيب: فما انسلخ ذو الحجة" الحجة بكسر الحاء، عكس القَعَدة "فما انسلخ ذو الحجة حتى قتل عمر -رحمه الله-" ورضي عنه وأرضاه.
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: قوله: الشيخ والشيخة يعني الثيب والثيبة فارجموهما ألبتة" يعني إذا زنيا، وهذه الآية مما نسخ لفظه وبقي حكمه، نعم؟
طالب: إيش معنى ألبتة؟
ألبتة يعني بدون تردد، يعني من دون تردد، ألبتة، إعرابها؟ الهمزة همزة قطع، حال، يعني باتين في أمركم.
طالب:. . . . . . . . .
قطع، نعم.(154/23)
"وحدثني مالك أنه بلغه أن عثمان بن عفان أتي بامرأة قد ولدت في ستة أشهر، فأمر بها أن ترجم، فقال له علي بن أبي طالب" يعني عثمان استقر في ذهنه كما استقر في أذهان الناس كلهم، أن أقل الحمل تسعة أشهر؛ لأن هذا هو الغالب، فلما ولدت لستة أشهر أمر بها أن ترجم، فقال له علي بن أبي طالب، يعني تزوجت في محرم وولدت في آخر جماد، يعني ستة أشهر، قبل رجب، أو على دخول رجب، ولدت في ستة أشهر، استقر في أذهان الناس بناءً على العادة المطردة أن الحمل مدته تسعة أشهر، فأمر بها أن ترجم؛ لأنها ثبت أن هذا الوطء، وهذا الولد قبل النكاح.
"فقال له علي بن أبي طالب: ليس ذلك عليها" ليس عليها الرجم "إن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [(15) سورة الأحقاف] وقال: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [(233) سورة البقرة] " فإذا حسمنا الحولين أربعة وعشرين من الثلاثين بقي ستة أشهر، فالدليل مستنبط من آيتين "فالحمل يكون ستة أشهر، فلا رجم عليها" وهذا من فقه علي -رضي الله عنه وأرضاه-، وعرف بذلك، لكن ليس هذا قدح بعثمان؛ لأنه قد يخفى على الفاضل ما يعرفه المفضول، وخفي على أبي بكر ما يعرفه غيره، وخفي على عمر ما عرفه أبو موسى وأبو سعيد وغيرهم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم المقصود أنه قد يخفى على الفاضل ما يدركه المفضول، فليس في هذا مطعن أو طعن في عثمان، لكنه أيضاً منقبة لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، فبعث عثمان بن عفان في أثرها فوجدها قد رجمت، لكن، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
هذه لو قالت: ما زنيت ما حدت.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
ليش؟
طالب:. . . . . . . . .
زوجها يريد؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه يريدها نعم لقنها.
طالب:. . . . . . . . .(154/24)
إيه هذيك حبلت من الزنا فلا بد من اللعان، وهذه ما حبلت الطلاق يكفي يا أخي، فرق بين الأمرين، يعني اللعان إنما يشرع لانتفاء الولد بالدرجة الأولى، يعني هل كل من زنت امرأته يلزمه أن يخبر؟ ما عنده مندوحة، يطلقها وينتهي الإشكال، لكن إذا حبلت لا بد من اللعان، لا بد أن يخبر ويلاعن.
يقول: "فبعث عثمان بن عفان في أثرها فوجدها قد رجمت" الشرح ويش يقول؟ الشارح بعد فرجمت؟
طالب: الجهني. . . . . . . . . عثمان في ستة أشهر، فانطلق إلى عثمان، فأمر برجمها فقال له علي: أما سمعت الله يقول: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [(15) سورة الأحقاف] وقال: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [(14) سورة لقمان] فلم نجد بقي إلا ستة أشهر، قال عثمان: والله ما فطنت لهذا.
روى عبد الرزاق في المصنف عن الأسود الديلي قال: رفع إلى عمر امرأة ولدت لستة أشهر، فسأل عنها أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال علي: ألا ترى أنه يقول: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [(15) سورة الأحقاف]، وقال: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [(14) سورة لقمان] فكان الحمل ها هنا ستة أشهر فتركها، فلعل عثمان -رضي الله عنه- لم يحضر هذه القصة في زمن ....
لكن الكلام على "فوجدها قد رجمت".
طالب:. . . . . . . . .
معروف إيه قبل، هذا قبل.
قال: "حدثني مالك أنه سأل ابن شهاب" يعني خطأ القاضي، خطأ الحاكم إذا كان من أهل الاجتهاد فخطأه معفو عنه، والدية تقع في بيت المال، معفو عنه، وإذا لم يكن من أهل الاجتهاد أثم إثماً عظيماً؛ لأنه قتل من لا يستحق القتل.
"حدثني مالك أنه سأل ابن شهاب عن الذي يعمل عمل قوم لوط، فقال ابن شهاب: عليه الرجم أحصن أو لم يحصن" والمسألة خلافية بين أهل العلم في حد اللواط، والحنابلة عندهم أن حد اللوطي كالزاني "وحد لوطي كزان" يعني إن كان محصناً يرجم، وإن كان بكراً يجلد، ومنهم من يرى أنه يقتل على كل حال، أحصن أو لم يحصن، ومنهم من يرى أنه يرجم، ومنهم من يرى أنه يلقى من شاهق، ويتبع بالحجارة، ومنهم من يرى أنه يحرق بالنار، ومنهم الحنفية يرون أن فيه التعزير، وليس فيه الحد، وعلى كل حال ... ، نعم؟
طالب: الصحابة؟(154/25)
الصحابة أجمعوا على قتله، لكن اختلفوا في كيفية القتل، على كل حال المسألة خلافية، والمتجه هو القتل، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
طالب:. . . . . . . . .
المرأة يحفر لها أستر لها.
طالب:. . . . . . . . .
أعمق إيه ....(154/26)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب الحدود (2)
باب: ما جاء فيمن اعترف على نفسه بالزنا - باب: جامع ما جاء في حد الزنا - باب: ما جاء في المغتصبة - باب: الحد في القذف والنفي والتعريض.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء فيمن اعترف على نفسه بالزنا
حدثني مالك عن زيد بن أسلم أن رجلاً اعترف على نفسه بالزنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فدعا له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسوط، فأتي بسوط مكسور، فقال: ((فوق هذا)) فأتي بسوط جديد لم تقطع ثمرته، فقال: ((دون هذا)) فأتي بسوط قد ركب به ولان، فأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجلد، ثم قال: ((أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله، من أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله، فإنه من يبدي لنا صفحته نقم عليه كتاب الله)).
وحدثني مالك عن نافع أن صفية بنت أبي عبيد أخبرته أن أبا بكر الصديق أتي برجل قد وقع على جارية بكر فأحبلها، ثم اعترف على نفسه بالزنا، ولم يكن أُحصن ....
أَحصن.
أحسن الله إليك.
ولم يكن أَحصن، فأمر به أبو بكر فجلد الحد، ثم نفي إلى فدك.
قال مالك في الذي يعترف على نفسه بالزنا، ثم يرجع عن ذلك ويقول: لم أفعل، وإنما كان ذلك مني على وجه كذا وكذا، لشيء يذكره: إن ذلك يقبل منه، ولا يقام عليه الحد، وذلك أن الحد الذي هو لله لا يؤخذ إلا بأحد وجهين، إما ببينة عادلة تثبت على صاحبها، وإما باعتراف يقيم عليه حتى يقام عليه الحد، فإن أقام على اعترافه أقيم عليه الحد.
قال مالك -رحمه الله-: الذي أدركت عليه أهل العلم أنه لا نفي على العبيد إذا زنوا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول: المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء فيمن اعترف على نفسه بالزنا(155/1)
من اعترف على نفسه يحد كما تقدم في قصة ماعز، وقصة العسيف، بالنسبة لاعتراف الرجال واعتراف النساء كله سبب لإقامة الحد، فمن اعترف على نفسه بالزنا فإنه يحد، إذا أقر واعترف وشهد على نفسه أربع شهادات، أقر أربعة اعترافات يحد.
يقول -رحمه الله-: "حدثني مالك عن زيد بن أسلم أن رجلاً اعترف على نفسه بالزنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" هذا ماعز أو غير ماعز؟
طالب: غير ماعز.
لماذا؟ هذا دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسوط فأتي بسوط، لا هذا فيه دليل على أنه بكر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب، والمحصن ما يجلد؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا اللي رجحناه أمس أنه يجلد، وعلي -رضي الله عنه- جلد شراحة يوم الخميس، ورجمها يوم الجمعة، حديث عبادة صحيح مفسر ما فيه أدنى إشكال، ما فيه إجمال، ولا إبهام ولا ... ، جلد مائة والرجم، يعني كون الجلد لم يذكر في الوقائع لا يعني أنه لم يقع، فإذا ثبت الحكم بدليل شرعي لزم القول به، كونه لا يذكر في قصص أخرى ما يلزم يا أخي.(155/2)
يقول: "اعترف على نفسه بالزنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فدعا له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني طلب من أجله "دعا له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسوط، فأتي بسوط مكسور" يعني لا يؤثر في المجلود "فقال: ((فوق هذا)) فأتي بسوط جديد لم تقطع ثمرته" يعني قوي، لم تقطع ثمرته يعني جديد، فيه عقده لم تذهب هذه العقد من الاستعمال، كأنه قطع من الشجرة الآن، وقد روي بالماء، هكذا يقول الشراح، لكن الذي يغلب على الظن أن قوله: "لم تقطع ثمرته" مبالغة في جدته، كأن ثمرته عليه، مبالغة في جدته كأنه أخذ من الشجرة الآن، فرق بين سوط يابس، وبين سوط رطب، الرطب لا شك أنه أنكى، وأشد في الضرب، وعلى كل حال بين هذين الوسط "فأتي بسوط جديد لم تقطع ثمرته، فقال: ((دون هذا)) " يعني كأنه لم تقطع ثمرته "فقال: ((دون هذا)) فأتي بسوط قد ركب به ولان" ركب به يعني ركوب كل شيء بحسبه، واستعمال كل شيء بحسبه، ولبس كل شيء بحسبه، يعني أنه مستعمل، الاستعمال أعم من الركوب، وقد يقال: إنه ركب به الدابة، وضربت به، ركب به يعني اصطحب في ركوب الدابة، واستعمل في ضربها فيكون مستعملاً، وقد يطلق الفعل ولا يراد حقيقته، إنما يراد ما هو أعم من ذلك، فركب استعمل، والحصير لبس يعني جلس عليه، ولبس كل شيء بحسبه.(155/3)
"قد ركب به ولان، فأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجلد، ثم قال: ((أيها الناس)) " خطب بهم وقال: " ((أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا)) " والعادة في مثل هذه المناسبة أن يحمد الله -جل وعلا-، ويثني عليه، ثم يقول: أما بعد: ((أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله)) وهذا اختصار، أو لعله ذكر هذا لبيان الجواز أنه يجوز أن تكون الخطبة بمراسمها الشرعية المعتادة، وقد يكون هذا مجرد تنبيه على أمر من الأمور دون خطبة، ((أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله)) آن لكم: حان قوت الانتهاء عن حدود الله؛ لأن الشرائع قد كملت، والحجة قد بلغت، ولم يبق لأحد عذر، قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله، {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [(16) سورة الحديد] وإذا خشعت قلوبهم لذكر الله انتهت عن حدود الله.
((من أصاب من هذه القاذورات)) أي القبائح، كل ما يستقبح من قول أو فعل قاذورات، لكن هذه التي فيها الحدود، وهو المناسب لكتاب الحدود، أو يقال: أعم من ذلك مما يقتضي الحد أو التعزير، ((من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله، فإنه من يبدي لنا صفحته)) يعني لا يستتر، بل يفضح نفسه، ويأتي إلينا، وإن كان محموداً؛ لأنه قد تاب وأناب، والتوبة تهدم ما كان قبلها، والحدود كفارات، ((فإنه من يبدي لنا صفحته)) يعني يظهر لنا فعلته ((نقم عليه كتاب الله)) نقم عليه الحد.
قال: "حدثني مالك عن نافع أن صفية بنت أبي عبيد" زوج عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-، وهي أخت المختار ابن أبي عبيد الذي ادعى النبوة "أن صفية بنت أبي عبيد أخبرته أن أبا بكر الصديق أتي برجل قد ... " قد يقول قائل، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما هو موصول لكنه معروف يعني، هو الآن مرسل، والمرسل حجة عند الإمام مالك -رحمه الله-، وهو موصول من طرق.
على كل حال الوسط معمول به في الشرع في جميع الأمور، التوسط في الأمور مطلوب في جميعها.(155/4)
"أن صفية بنت أبي عبيد" قلنا: إنها أخت المختار بن أبي عبيد الذي ادعى النبوة، وهي زوج العبد الصالح عبد الله بن عمر، قد يقول قائل: هذا ابن عمر على شدة تحريه يتزوج هذه المرأة التي أخوها، وخال أولاده يدعي النبوة؟! فلا ضير علينا أن نبحث عن الزوجة مهما كانت أسرتها، أو مهما كان وضعها، أو مهما كانت تربيتها، نقول: لا يا أخي، ادعاؤه النبوة طارئ، ولا شك أن الخال مؤثر، وأهل الزوجة لهم أثر على الأولاد، وعليك أن تنتقي من الأسر أطيبها، ومن النساء أفضلها، ((فاظفر بذات الدين تربت يداك)) لكن إذا كانت دينة صينة، وأهلها أقل من المستوى التي ترغبه وترتضيه، ووجد دونها في الديانة، ومستوى أهلها أشد، أو أقرب إلى شرطك، فلا شك أن ذات الشأن هي الزوجة نفسها، وأهلها مطلوب صلاحهم وحياطتهم وسترهم وصيانتهم، لكن صاحبة الشأن هي المرأة، وبعض الناس يقول: ما دام ابن عمر تزوج هذه المرأة وأخوها يدعي النبوة ما لنا شأن أننا نتزوج المرأة التي يقع الاختيار عليها، والدعوة بابها مفتوح، لكن ليعلم القائل: إن عمران بن حطان كان على المنهج السليم المستقيم، ثم بعد ذلك تزوج امرأة من الخوارج فدعته فاستجاب فصار من دعاتهم نسأل الله العافية، فيحتاط الإنسان لدينه، والزوجة من أعظم من يؤثر على الزوج، كما أن الزوج له أثر عظيم في حياة الزوجة، المسألة مغالبة الذي يغلب ينتصر على صاحبه، فإذا كان لديها شيء مما يغري هذا الزوج مما يجعله يتنازل، أقول: إذا كان في الزوجة ما يغريه بها، ويفتنه بها، ويعلق قلبه بها لا شك أنه يتنازل، وقد شوهد هذا من تأثير الزوجات على الأزواج والعكس، إذا كانت عندها ما تستطيع التأثير عليه، ولو كان دونها في المستوى لا شك أنه مع الوقت تحصل له الهداية بإذن الله، وقد يستمر ويتمادى في ظلمه وطغيانه لنفسه ولغيره، وعلى كل حال الهداية بيد الله -جل وعلا-، لكن على الإنسان أن يحرص على ذات الدين، فهي وصية النبي -عليه الصلاة والسلام- لتعينه على أمر دينه ودنياه.(155/5)
"أن صفية بنت أبي عبيد أخبرته أن أبا بكر الصديق أتي برجل قد وقع على جارية بكر فأحبلها، ثم اعترف على نفسه بالزنا، ولم يكن أحصن" أحصن نفسه، ولا أحصن زوجة، لم يطأ بنكاح صحيح فهو بكر.
"فأمر به أبو بكر فجلد الحد -مائة جلدة- ثم نفي إلى فدك" أتي برجل يعني حر، فأقيم عليه الحد مائة جلدة ونفي، غرب سنة، فالرجل يقال له: أحصن، ولذا قال: محصنين غير مسافحين، وأما بالنسبة للمرأة فهي محصنة، ولذا قال: محصَنات، وما قال محصِنات، وما سيأتي في الرواية التي تلي هذا، ولم تحصِن بإسناد الإحصان إليها، باعتبار أن كل واحد من الزوجين يحصن الآخر تكون به حصانة الآخر، ومع ذلك فالأصل أن الذكر هو المحصِن، والمرأة محصَنة، وبذلك جاءت النصوص.
"قال مالك في الذي يعترف على نفسه بالزنا" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يقال: أحصنت، لكن يأتي في الباب الذي يليه، سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصِن، وإلا فالأصل لم تحصَن؛ لأن اللائق بالمرأة اسم المفعول، محصنات، واللائق بالرجل اسم الفاعل محصنين.
"قال مالك في الذي يعترف على نفسه بالزنا".
طالب: أحسن الله إليك، حديث زيد بن أسلم .... مصلحة الستر أعظم من مصلحة إقامة الحد؟
لا، هو على حسب إذا كان يغلب على ظنه أنه لا يعاود المعصية، وأن حاله سوف تتبدل من هذا السيئ إلى أحسن يكون الاستتار بستر الله أفضل له، لكن إذا غلب على ظنه أنه يعاود هذه المعصية، وأنه لا يكون حاله أفضل، فلا شك أن إقامة الحد عليه تطهير.
طالب: من حيث السياسة الشرعية .... هل يقال: إن مصلحة الستر أفضل؟
مصلحة الستر من الشخص على نفسه؟
طالب: لا ...
على غيره؟
طالب: يعني خلاف الحسبة ....
هذا ذكرناه فيما سبق قلنا: إن من وقعت عليه هفوة أو زلة مرة واحدة مثل هذا من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، أما أصحاب الجرائم، أصحاب السوابق مثل هؤلاء لا بد من تطهيرهم، وإلا فتركهم والستر عليهم يفضي إلى تعطيل الحدود.(155/6)
"قال مالك -رحمه الله- في الذي يعترف على نفسه بالزنا، ثم يرجع عن ذلك ويقول: لم أفعل، وإنما كان ذلك مني على وجه كذا وكذا" يعتذر بشيء يذكره، يذكر عذراً مقبولاً "إن ذلك يقبل منه" إذا أبدى عذراً مقبولاً يقبل منه، يتذرع به، ولو كان كاذباً في نفس الأمر، المقصود أن الناس ما لهم إلا الظاهر، هذا إذا اعتذر عن اعترافه السابق لا يقام عليه حد، وإن ثبت عليه أقيم عليه حد "وإنما كان ذلك مني على وجه كذا وكذا لشيء يذكره" يعني لعذر يقبله، يذكره "إن ذلك يقبل منه" توكل سريرته إلى الله -جل وعلا-.
"ولا يقام عليه الحد، وذلك أن الحد الذي هو لله لا يؤخذ إلا بأحد وجهين" يعني الزنا لا يثبت إلا بأحد أمرين: "إما ببينة عادلة تثبت على صاحبها" من قيام أربعة شهداء يشهدون بأنه زنا الزنا الكامل الحقيقي الإيلاج، "وإما باعتراف يقيم عليه" ولا شك أن ثبوت الزنا بالبينة في غاية الصعوبة، ولذلك أكثر القضايا وجل القضايا، بل جميع القضايا التي حصلت في عصره -عليه الصلاة والسلام- كانت بالاعتراف "وإما باعتراف يقيم عليه" يعني يثبت عليه ولا يرجع عنه "حتى يقام عليه الحد، فإن أقام على اعترافه أقيم عليه الحد" يعني إن ثبت على اعترافه يقيم عليه الحد.
"قال مالك: الذي أدركت عليه أهل العلم أنه لا نفي على العبيد إذا زنوا" لماذا؟ لأن هذا إضرار بالسيد، وقطع للمنافع المتعلقة بالرقيق، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال التحاليل هذه قرائن ما هي ... ، ما تثبت به، هذه قرائن، ما في إلا بينة واعتراف، ((بينة وإلا حد في ظهرك)) نعم؟
طالب: .... ما هو الأصل هل يقال: الأصل الستر ... ؟
والله الأصل على حسب ما يحتف بهذا الرجل، وما يحيط بالمجتمع، إذا كانت الجرائم كثيرة، والناس لا يردعهم إلا إقامة الحدود، فالراجح أن يقام عليه الحد، ليرتدع غيره، وإذا كان الغالب في الناس الصلاح والاستقامة وهذه الهفوات نادرة يغلب الستر، نعم؟
أحسن الله إليك.
باب: جامع ما جاء في حد الزنا(155/7)
حدثني مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن، فقال: ((إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير)).
قال ابن شهاب: لا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة؟
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: والضفير الحبل.
وحدثني مالك عن نافع أن عبداً كان يقوم على رقيق الخمس، وأنه استكره جارية من ذلك الرقيق، فوقع بها فجلده عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ونفاه، ولم يجلد الوليدة لأنه استكرهها.
وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أن سليمان بن يسار أخبره أن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي قال: أمرني عمر بن الخطاب في فتية من قريش فجلدنا ولائد من ولائد الإمارة، خمسين خمسين في الزنا.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
بابُ جامع، أو بابٌ جامع، أو بابُ جامعٍ ما جاء في حد الزنا:
قال: "حدثني مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن" قلنا: إن الأصل في النساء، واللائق بهن اسم المفعول، فيقال: لم تحصَن، لكن باعتبار أنها صارت سبباً في إحصان الزوج نسب إليها، وإلا فالنص محصنات، وفي الرجال: محصنين، فهذا هو اللائق بالرجال اسم الفاعل، واللائق بالنساء اسم المفعول.
"فقال: ((إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير)) " هذا الحديث متفق عليه، في الصحيحين ((إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد، ولا يثرب عليها)) يعني لا يزيد على الحد ولا بالكلام، الحد رادع، ((ثم إن زنت فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إن زنت ... )) إلى آخره.(155/8)
يقول ابن شهاب: "لا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة؟ " يعني قوله: ((ثم بيعوها ولو بضفير)) إذا تكرر منها الزنا صارت غير مرغوبة، ونزلت قيمتها، ولا يمكن أن تصل قيمتها إلى الضفير إلا بإخبار المشتري بالعيب، هي بيعت لعيب شرعي، وهو تكرر الزنا منها، وبهذا يستدل جمع من أهل العلم على أنه لا بد من بيان العيب، بيان العيب للمشتري بالنسبة للأمة، والخاطب بالنسبة للحرة، إذا وقع منها هذا مثلها لا بد أن يخبر الخاطب، وأن عدم إخباره غش له، ولا شك أن المسألة ينتابها أمران عظيمان:
إخبار الخاطب لا شك أنه يجعل هذه المرأة تجلس بدون زوج، إذ لا يقدم على الزواج بها إلا شخص متنازل عن أمر مهم، يهتم به أهل الصيانة والديانة، وعدم إخباره أمر عظيم أيضاً وهو غش له، وغش لولده من بعده، والنساء السر عندهن ضعيف، مهما كان السر عندها، وإن كان متعلقاً بها، ولو كان في ... ، يترتب عليه مصيرها يمكن أن تتحدث في يوم من الأيام وتفلت منها كلمة في وقت أنس تتكدر حياته، وتنقلب سعادته إلى شقاء؛ لأن الناس لا يطيقون مثل هذا.
وعلى كل حال جمع من أهل العلم يرون أنه لا بد من الإخبار اعتماداً على هذا الحديث؛ لأن الأمة مثل الزوجة موطوءة، وعرض الرجل في أمته مثل عرضه في زوجته، عرضه معلق بالموطوءة، سواءً كانت أو زوجة، وعلى هذا لا يمكن أن يصل الثمن إلى هذا الحد، الضفير الحبل المضفور، حتى يخبر عن العيب، ومنهم من يقول: إن قوله: ((ولو بضفير)) يعني أنك لا بد تتخلص منها بأي قيمة كانت، ولا يلزم من ذلك الإخبار؛ لأنه ينافي الستر، وعلى كل حال هم القولان محل الاجتهاد، وعلى كل من الأمرين يترتب أمر عظيم، والأسئلة تكثر من النساء عند الخطبة، إذا خطبت هل تخبر أو لا تخبر؟ وبعضهن راضية مطاوعة، وبعضهن مكرهة مغتصبة، وبعضهم مصرة، وبعضهن تائبة.
على كل حال التوبة لا بد منها، والإخبار أمر اجتهادي، والحديث دليل على أنه يخبر، وأيضاً السكوت غش -نسأل الله السلامة والعافية-، وغش عظيم بالنسبة للخاطب، وبعض الناس ولو نزل عن شرطها الذي تريده، أو نزل أبوها عن شرطه الذي يريده، لا شك أنه يتنازل عن بعض الأمور؛ لأمر يحتاجه أو يخطط له، أو ما أشبه ذلك.(155/9)
امرأة تقول: إنها اغتصبت في صباها، ثم بعد ذلك يطرق الخطاب الباب وتردهم، خشية من هذا، ولا تستطيع أن تخبر، ولا تريد أن تغش، إلا أنه اتصل بها شخص ليس من أهل البلد، ويريد منها أن تكفله ليقيم في البلد وكذا، وشيء من هذا، وأخبرته فقبل، لكن أباها رفض، قال: ما أزوج واحد ما هو من البلد، وهو لا يدري الأب، ما يدري عن شيء، فمشكلة الإحراج من جميع الجهات، إحراج يعني الضرائب المترتبة على هذه الجريمة يعني أمور لا تطاق، يعني كم من إنسان أصيب ببلاء بمرض عضال بسبب مثل هذه التصرفات، فعلى الأولياء أن يحفظوا من تحت أيديهم من بنات ومن زوجات، ومن أولاد حتى الخادمات، هذه أمانة في عنقه، لا يجوز أن يفرط فيها، وكذلك على الشباب والشابات أن يتحصنوا، ولا يتورطوا في مثل هذه الأمور التي لا يمكن تصحيحها، فالأمر عظيم وخطير جداً، ولا شك أن بعض الناس إما أن يصاب بانهيار أو تتدهور صحته، أو يصاب بمرض عظيم عضال، وهذا حصل من بعض من حصل منهم بعض التفريط، ويتركون المجال لأولادهم وبناتهم يسرحون ويمرحون مع من يشاءون، هذا ما هو بصحيح، هذه أمانة في عنقك، نعم قد يقول القائل: إن إغلاق الأبواب الآن ليس بالممكن، وإذا كان الأب مشغول بعلمه، بوظيفته، بتعليمه، بعلمه، ثم بعد ذلك هل هو يستطيع أن يقفل الأبواب كلما خرج؟ لكن إذا شدد الرقابة، وعرف هؤلاء أن وراءهم من يتفقدهم أعين على ذلك، يعان على ذلك، الإشكال في الإهمال والتفريط.
وإذا حصل شيء بعد الاحتياط ذمته تبرأ، إذا عمل جميع الوسائل التي تقي أولاده وبناته من هذا الضرر هو تبرأ ذمته، والله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .
يعني في نظر الناس والآثار المترتبة عليه وإلا بذاته؟
طالب:. . . . . . . . .
نظر الشارع، النصوص تدل على أن الربا أعظم، حرب لله ورسوله، هذا حرب لله ورسوله، وآكل الربا يبعث يوم القيامة مجنون، نسأل الله السلامة والعافية.
طالب:. . . . . . . . .
ويش فيهم؟
طالب:. . . . . . . . .(155/10)
عذاب عظيم -نسأل الله السلامة والعافية، ويعذبون في ... ، كما جاء في حديث الرؤيا أنهم في تنانير -نسأل الله العافية-، يعذبون في النار، الأمر ليس بالسهل، لكن أيضاً ما جاء في الربا، وأن درهم الربا أشد من ثلاثين أو ست وثلاثين زنية، وقد يقال: إن هذا للتنفير؛ لأن الناس بصدد التساهل والتعامل في الربا، بينما الأعراض يحتاطون لها، لكن لا شك أن كلاهما خطير ومن الموبقات الذنوب نسأل الله العافية، من الكبائر.
طالب:. . . . . . . . .
محسن عند أهل العلم.
طالب:. . . . . . . . .
إي نعم محسن، إيه.(155/11)
"قال ابن شهاب: لا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة؟ " لا يعني هذا أننا نرى تساهل الناس في الربا، وننظر إلى من تساهل في عرضه أنه أمره أخف أو أهون لا، لا شك أن الآثار العملية المترتبة على الزنا أعظم بكثير من الآثار المترتبة على الربا، لكن شأن الربا خطير في الإسلام، ((لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه)) وأيضاً: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [(275) سورة البقرة] {فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ} [(279) سورة البقرة] أمور عظيمة، ليست بالسهلة، ومع ذلك جاء في الزنا حيث قرن بالشرك والقتل، {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} [(68) سورة الفرقان] كلها من عظائم الأمور هذه، لكن لا شك أن الآثار المترتبة على الزنا أعظم، لذلك بعض الوعاظ قال كلمة ضحك منها الحاضرون وهي في الحقيقة لها دلالتها، هو قال -هو واعظ أقرب ما يكون إلى العامي- قال: يا الإخوان ترون الدخان أسهل من الربا، الدخان إذا انتهيت تمضمض وانتهى الإشكال، واستغفر وتب، والتوبة تهدم ما قبلها، ولا تعد إلى ذلك، لكن الربا الذي بنيت عليه جسدك، وبنيت منه بيتك، ونشأت عليه أولادك، هذا ويش يحله؟ فالأمور على حسب الآثار المترتبة عليها، ((وكل جسد نبت على سحت فالنار أولى به)) نسأل الله العافية، وشأن الزنا عظيم، ليس بالسهل يعني، لا يقال: والله نشوف الناس يتساهلون بالربا وهو أعظم من الزنا، إذا. . . . . . . . . نتساهل لا لا أبداً.
طالب:. . . . . . . . .
والله كل معصية لها غريزة تدفعها، فقد يكون هذا غريزته بالمال، وهذا غريزته تدفعه إلى الشهوة والجنس، وما أشبه هذا، المقصود -نسأل الله السلامة والعافية-.
"قال ابن شهاب: لا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة؟ " يعني قال: ((ثم بيعوها ولو بضفير)).
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: والضفير الحبل" الضفير الحبل المضفور المجدول، والحبل إذا أدخل بعضه في بعض ثم صار كضفيرة المرأة، يجدل مثل ضفيرة المرأة ليستعمل.(155/12)
ثم قال: "وحدثني مالك عن نافع أن عبداً كان يقوم على رقيق الخمس" السبايا "وأنه استكره جارية من ذلك الرقيق، فوقع بها، فجلده عمر بن الخطاب ونفاه" جلده عمر الحد نصف حد المحصن خمسين جلدة، ونفاه، وقلنا فيما تقدم: إن الرقيق لا ينفى؛ لأن الضرر يلحق سيده، ولا شك أن مثل هذا من عمر -رضي الله عنه- سياسة، كما نفى غيره من المعاصي التي دون الزنا، عمر -رضي الله عنه- ينفي تعزيراً؛ لئلا يفتتن أو يفتتن به "ونفاه ولم يجلد الوليدة؛ لأنها مستكرهة" والمستكره لا حد عليه، والاستكراه أثره معفو عنه، والمرأة يتصور منها الاستكراه على الزنا، يتصور من المرأة الإكراه على الزنا، لكن هل يتصور من الرجل أن يكره على الزنا؟ يتصور وإلا ما يتصور؟
طالب:. . . . . . . . .
المسألة خلافية بين أهل العلم، منهم من يقول: إنه لا يتصور؛ لأنه إذا أكره هو بالفعل مكره، لا ينتشر، الأمر بيده، ومنهم من يقول: لا، إذا رأى بارقة السيف وحصل له ما حصل وخشي على نفسه، قال: أنا مكره، واستصحب هذا الإكراه والإثم معفو عنه، يمكن.
على كل حال المكره لا شيء عليه، الله عفا عن أمتي .... وما استكرهوا عليه.
"حدثني مالك عن يحيى بن سعيد أن سليمان بن يسار أخبره أن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي قال: أمرني عمر بن الخطاب في فتية من قريش فجلدنا ولائد من ولائد الإمارة، خمسين خمسين في الزنا" الولائد جمع وليدة وهي الإماء، الوليدة الأمة، فجلدوها نصف ما على المحصنات، خمسين خمسين، وهذا نص القرآن.
"أمرني عمر بن الخطاب في فتية من قريش فجلدنا ولائد من ولائد الإمارة" لماذا لا يجلد النساء النساء، كما يقال: إنما يطب النساء النساء، يطب الرجال الرجال، لماذا عمر جعل الفتية يجلدون هؤلاء الإماء؟ نعم؟
طالب: الحسبة من عمل الرجال.
نعم؛ لأن الحسبة من عمل الرجال، التنفيذ والنيابة عن الإمام إنما هو من عمل الرجال، نعم؟
أحسن الله إليك.
باب: ما جاء في المغتصبة(155/13)
قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا في المرأة توجد حاملاً ولا زوج لها، فتقول: قد استكرهت، أو تقول: تزوجت، إن ذلك لا يقبل منها، وإنها يقام عليها الحد، إلا أن يكون لها على ما ادعت من النكاح بينة، أو على أنها استكرهت، أو جاءت تدمى إن كانت بكراً، أو استغاثت حتى أتيت ....
أُتيت، أو استغاثت ....
أحسن الله إليك.
أو استغاثت حتى أتيت وهي على ذلك الحال، أو ما أشبه هذا من الأمر الذي تبلغ فيه فضيحة نفسها، قال: فإن لم تأتِ بشيء من هذا أقيم عليها الحد، ولم يقبل منها ما ادعت من ذلك.
قال مالك -رحمه الله-: والمغتصبة لا تنكح حتى تستبرئ نفسها بثلاث حيض، قال: فإن ارتابت من حيضتها فلا تنكح حتى تستبرئ نفسها من تلك الريبة.
تَنكح أو تُنكح ما في إشكال.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في المغتصبة
يعني المستكرهة.(155/14)
"قال مالك: الأمر عندنا" يعني في بلده وعلماء بلده، المدينة "في المرأة توجد حاملاً ولا زوج لها" تقدم في قول عمر: "أو كان الحبل أو الاعتراف" توجد حاملاً دليل على أنها زانية، إذا وجدت حاملاً ولا زوج لها، سواءً كانت مختارة أو مكرهة، أو موطوءة بشبهة، فتقول: قد استكرهت، أو تقول: تزوجت "إن ذلك لا يقبل منها" يعني الدعاوى المجردة لا تكفي في تعطيل الحدود، نعم إذا دل دليل على ذلك، وقامت قرينة تدل على صدقها لا يقام عليها الحد "إن ذلك لا يقبل منها، وإنها يقام عليها الحد، إلا أن يكون لها على ما ادعت من النكاح بينة" يؤتى بالشهود، إقامة البينة على أنها تزوجت، تقبل معها البينة بالشهود "أو على أنها استكرهت" تأتي ببينة على أنها استكرهت، أو تأتي بقرينة، يقولون: القرنية أنها إذا استغاثت، أو جاءت تشتكي لن تقدم على فضيحة نفسها، وهي طائعة مختارة، لن تقدم إلا إذا كانت بالفعل مكرهة؛ لأن الفضيحة لا شك أنها تكون بانتشار الخبر، وعلى هذا لو حصل إكراه مثلاً، وترتب على الإخبار فضيحة، وإذا سكتت ما علم عنها، سواءً كانت من الذكور أو من الإناث، بعض الناس يستروح إلى أنه إذا حصل ما حصل فالستر في هذا أولى، لا سيما إذا كان الفاعل المكره غير مقدور عليه؛ لأنه ما في فائدة، فعل وهرب، ولا يعرف من هو، ولا ... ، فمثل هذا هل يقال: إنها تشتكي، ترفع أمرها إلى الوالي، أو نقول: تستتر والأثر المترتب على ذلك يعني من الفضيحة أعظم؟ وتتوب إن كانت اقترفت شيئاً من ذلك، أما بالنسبة للمكرهة لا ذنب عليها؛ لأن الذنب عنها مرفوع، لكن مسألة الستر هل هو أفضل أو الفضيحة؟ تكشف وتشتكي وتطالب.(155/15)
لا شك أن النظر من جهتين: مصلحة عامة، ومصلحة خاصة، يترتب على مثل هذا مصلحة عامة ومصلحة خاصة متعارضتان، إن اشتكت حتى لو أقيم الحد على المكره، هل يقاوم هذا الحد فضيحتها بين أهلها ومجتمعها؟ نعم؟ ما يقام ولو أقيم الحد عليه، لكن المصلحة العامة لا شك أنها في إقامة الحد على هذا المغتصب، يعني حصل بعض القضايا بحيث جعلت ولي الأمر مع جميع أسرته يتركون البلد بالكلية ينتقلون إلى بلد آخر؛ لأن الفضيحة والفعلة انتشرت ولو كانت مكرهة أو مغتصبة، فهل يقدم في مثل هذا المصلحة العامة أو الخاصة؟
يعني إذا قيل: إن هذا الولد أو هذه البنت اغتصبت ولا إثم عليها، ولا حيلة لها، ولا، والفاعل نفترض افتراضاً أنه معروف مثلاًً، هل يقال: يشتكى ومن أجل أن يردع ويردع غيره أو يترك من أجل الفضيحة للمصلحة الخاصة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
افتراض أنه أقل الأحوال يعزر، أو يقرر فيعترف، لا سيما إذا كان مع الأمر إكراه واغتصاب؛ لأن هذا شأنه عظيم في الشرع، يعني إذا كانت مطاوعة هذه جريمة من الطرفين، لكن إذا ترتب على ذلك امرأة عفيفة تكره على الزنا، ويفجر بها -نسأل الله العافية- هذا الأمر خطير، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إي والله إذا اقتضى نظر ولي الأمر ذلك يقتل، إيه، وقد حصل، حصل قضايا قتل، يعني اغتصاب يقتل به، في بلدنا ولي الأمر اقتضى نظره القتل فقتل.
طالب:. . . . . . . . .
ولا شك أن المصلحة العامة الحق العام مترتب بالمصلحة العامة، لكن إذا رأى ولي الأمر أن هذه يعني نفترض أنها رفعت الأمر وما تابعوا، ستراً على أنفسهم، يعني أعطوا المسئولين خبر، وتركوا الموضوع يسري بنفسه، وما تابعوه، على ولي الأمر أن يتابع في هذا، لا سيما إذا كان مع استكراه؛ لأن انتشار الجريمة كارثة، إذا عرف هذا أنه يترك ولا يطالب، مثل هذا يغريه فعله هذا على أن يتعدى شره، ويكرر جريمته، وإذا أوقف عند حده من أول الأمر، انقطع دابره، ودابر من يقتدي به.
طالب:. . . . . . . . .
لا هو افترض أنه بكر، غير محصن، فقتله على كل حال تعزير.
طالب:. . . . . . . . .(155/16)
نقول: مثل هذا الأمر ينتابه أمران: الستر، وفيه مصلحة خاصة، والإشهار والرفع إلى ولي الأمر لردع هذا الجاني لا شك أنها مصلحة عامة، فهل نقدم هذه أو هذه؟ أو هذا يختلف باختلاف الأشخاص؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا شك أن الناس يقدرون مصالحهم، ويختلف أيضاً بمسألة القدرة عليه، ومعرفة الجاني وعدم معرفته، يعني هل يحسن أن يقال لامرأة اغتصبت ويقال لها: من الذي اغتصبك؟ وتقول: والله لا أدري واحد هرب ولا أعرفه، ولا أدري ويش اسمه؟ ولا ... ، نعم؟ هل يقال لها: ارفعي أمرك على ولي الأمر؟ نعم؟ مثل هذه إلى الله المشتكى، يعني لا دليل يدل عليه بحيث يؤخذ الحق منه، ويؤطر على الحق، أما إذا عرف واشتهر بالجرائم وكذا، لا يمكن أن يستر عليه، تغلب المصلحة العامة، ولا شك أن مثل هذه إذا حسنت نيتها بالقضاء على دابر الفساد وأهله أن هذه تُعان بقية حياتها، ولا يكون الأثر الذي تتوقعه.
"أو جاءت تدمى إن كانت بكراً، أو استغاثت حتى أتيت وهي على ذلك الحال، أو ما أشبه هذا" هذه قرائن تدل على صدقها "أو ما أشبه هذا من الأمر الذي تبلغ فيه فضيحة نفسها" لأنها لن تفضح نفسها وهي مطاوعة، قال: "فإن لم تأتِ بشيء من هذا أقيم عليها الحد، ولم يقبل منها ما ادعت من ذلك" لأن الدعاوى المجردة لا يلتفت إليها.
"قال مالك: والمغتصبة لا تنكح حتى تستبرئ نفسها بثلاث حيض" قال: "فإن ارتابت من حيضتها فلا تنكح حتى تستبرئ نفسها من تلك الريبة" يعني تتأكد حتى تحيض ثلاث مرات.
يقول الموفق -رحمه الله- في المقنع: عدة الموطوءة بشبهة عدة المطلقة، كذلك عدة المزني بها، يعني عدة المطلقة تكون إيش؟ ثلاث حيض، ويقول: عدة الموطوءة بشبهة عدة المطلقة، وكذلك عدة المزني بها، وعنه أنها تستبرأ بحيضة، وعنه أنها تستبرأ بحيضة، في الحاشية حاشية المقنع للشيخ سليمان بن عبد الله قوله: وعدة الموطوءة بشبهة، يعني ثلاث حيض كالمطلقة، هذا المذهب، وهو من مفرداته، قاله في الإنصاف، وكذلك الموطوءة في نكاح فاسد.
واختار الشيخ تقي الدين أن كل واحدة منهما تستبرأ بحيضة؛ لأن هذا ليس بطلاق، وإنما هو للعلم ببراءة الرحم، استبراء.(155/17)
قوله: وكذلك عدة المزني بها، وهذا المذهب وبه قال الحسن والنخعي، وهو من مفردات المذهب، وعنه تستبرأ بحيضة أيضاً، وهو قول مالك، واختاره الحلواني، والشيخ تقي الدين؛ لأن المقصود بها براءة الرحم.
قال: وعدة المطلقة ثلاث حيض المقصود بها أن يعلم براءة الرحم بحيضة، لكن التكرار ثلاث مرات إنما هو لتطويل المدة من أجل الرجعة، لكن أورد على هذا في البائن، طلاق البائن المطلقة ثلاثاً، يقول: يكفي حيضة واحدة؟ لا؛ لأنها مطلقة والنص يتناولها.
على كل حال الاستبراء هو الأصل، أنها ليست بمطلقة، والمقصود من ذلك معرفة براءة الرحم، وأنها ليست بحامل، وعلى هذا يظهر قوة قول من يقول: إن الحامل لا تحيض، إذ لو كانت الحامل تحيض لما كان الحيض دليلاً على براءة رحمها، لو كانت تحيض ما كان الحيض دليل على براءة رحمها.
طالب:. . . . . . . . .
من إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يكفي لا بد من الاستبراء، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: الحد في القذف والنفي والتعريض
حدثني مالك عن أبي الزناد أنه قال: جلد عمر بن عبد العزيز عبداً في فرية ثمانين، قال أبو الزناد: فسألت عبد الله بن عامر بن ربيعة عن ذلك فقال: أدركت عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان والخلفاء كلهم جرا.
هلم جراً.
أحسن الله إليك.
أدركت عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان والخلفاء هلم جراً، فما رأيت أحداً جلد عبداً في فرية أكثر من أربعين.
حدثني مالك عن زريق بن حكيم الأيلي أن رجلاً يقال له: مصباح استعان ابناً له فكأنه استبطأه، فلما جاءه قال له: يا زان، قال زريق: فاستعداني عليه، فلما أردت أن أجلده، قال ابنه: والله لئن جلدته لأبوءن على نفسي بالزنا، فلما قال ذلك أشكل علي أمره، فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز وهو الوالي يومئذٍ، أذكر له ذلك، فكتب إلى عمر أن أجزه عفوه.
أن أجز عفوه.
أحسن الله إليك.
فكتب إلى عمر أن أجز عفوه، قال زريق: وكتبت إلى عمر بن عبد العزيز أيضاً: أرأيت رجلاً افترى ...
افتري، افتري.
أحسن الله إليك.(155/18)
أرأيت رجلاً افتري عليه أو على أبويه وقد هلكا أو أحدهما، قال: فكتب إلي عمر إن عفا فأجز عفوه في نفسه، وإن افتري على أبويه وقد هلكا أو أحدهما فخذ له بكتاب الله، إلا أن يريد ستراً.
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: وذلك أن يكون الرجل المفترى عليه يخاف إن كشف ذلك منه أن تقوم عليه بينة، فإذا كان على ما وصفت فعفا جاز عفوه.
حدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال في رجل قذف قوماً جماعة: إنه ليس عليه إلا حد واحد.
قال مالك -رحمه الله-: وإن تفرقوا فليس عليه إلا حد واحد.
حدثني مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن بن حارثة بن النعمان الأنصاري ثم من بني النجار عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن أن رجلين استبا في زمان عمر بن الخطاب، فقال أحدهما للآخر: والله ما أبي بزان، ولا أمي بزانية، فاستشار في ذلك عمر بن الخطاب فقال قائل: مدح أباه وأمه، وقال الآخرون: قد كان لأبيه وأمه مدح غير هذا، نرى أن تجلده الحد، فجلده عمر الحد ثمانين.
قال مالك -رحمه الله-: لا حد عندنا إلا في نفي أو قذف أو تعريض، يرى أن قائله إنما أراد بذلك نفياً أو قذفاً، فعلى من قال ذلك الحد تاماً.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا إذا نفى رجل رجلاً ...
أنه، أنه.
أحسن الله إليك.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا أنه إذا نفى رجل رجلاً من أبيه فإن عليه الحد، وإن كانت أم الذي نفي مملوكة فإن عليه الحد.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الحد في القذف
القذف بالزنا الصريح.
والنفي والتعريض
النفي أن يكون فلان ابناً فلان، والتعريض غير التصريح من الكنايات ونحوها، أو الكلام الذي لازمه وقوع الفاحشة.
قال: "حدثني مالك عن أبي الزناد أنه قال: جلد عمر بن عبد العزيز عبداً في فرية ثمانين" فحد القذف ثمانين {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [(4) سورة النور] لكن هل ينصف على العبد أو لا ينصف كالزنا؟
عمر بن عبد العزيز جلد عبداً في فرية ثمانين فلم ينصف، ولعله جلده الأربعين والأربعين الأخرى تعزير كما قيل في الخمرِ.(155/19)
"قال أبو الزناد: فسألت عبد الله بن عامر بن ربيعة عن ذلك فقال: أدركت عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان والخلفاء هلم جراً" ابن الأنباري في الزاهر ذكر أصل هذه الكلمة، وهو أن الإبل المحملة يجر بعضها بعضاً، ويسوق بعضها بعضاً؛ لكونها متتابعة، يعني تتابع الخلفاء على هذا الأمر.
"فما رأيت أحداً جلد عبداً في فرية أكثر من أربعين" لأن هذا تنصيف، وهو مقتضى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [(25) سورة النساء] فهل يقاس الحدود بعضها على بعض؟ وأبو ثور يقول: لو سبقني أحد إلى رجم العبد إذا زنا لقلت به؛ لأن النص في الأمة، {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [(25) سورة النساء] وإلحاق الذكر بالأنثى إنما هو من باب القياس لعدم الفارق عند الجمهور، وهنا يقول: فما رأيت أحداً جلد عبداً في فرية في قذف أكثر من أربعين.
وهذا هو مقتضى التنصيف، نعم.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"حدثني مالك عن زريق بن حكيم الأيلي أن رجلاً يقال له: مصباح استعان ابناً له" يعني أرسله في أمر يعينه بإحضاره، أو ما أشبه ذلك، فكأنه استبطأه، أو طلبه ليعينه على أمر بين يديه "فكأنه استبطأه، فلما جاءه قال له: يا زان، قال زريق: فاستعداني عليه" الولد استعدى زريقاً على أبيه، فلما أردت أن أجلده ليقيم عليه الحد، زريق هذا ويش موقعه؟ إيش قال عنه؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
ما ذكر شيء، الشرح.
"فلما أردت أن أجلده، قال ابنه: والله لئن جلدته لأبوءن على نفسي بالزنا" يعني لأعترف بالزنا، ثم بعد ذلك تجلد لأنك جلدته وتعديت عليه، قال: "فلما قال ذلك أشكل علي أمره" لأنه سمع، قامت الحجة على من لزمه الحد وهو الأب، هذه شهادة لا بد من أدائها، لكن حد القذف يملكه المقذوف، حق للمقذوف إن طالب به بالبينة أقيم، وإلا فالأمر لا يعدوه.(155/20)
قال: "فلما قال ذلك أشكل علي أمره، فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز وهو الوالي يومئذ" هل هو الوالي على المدينة أو الوالي العام؟ كان والياً على المدينة قبل أن يتولى الخلافة "فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز وهو الوالي يومئذ أذكر له ذلك، فكتب إلي عمر أن أجز عفوه" لأن الحق له لا يعدوه، لا سيما وأن القاذف الأب، فإقامة الحد على الأب من أجل الابن لا شك أن فيه نوع عقوق إذا طالب الابن، وهو حق شرعي على كل حال، لكن الأمر لا يعدو المقذوف لأنه له.
ينتابه أمران، لكن إذا رفع الحد، إذا رفع الأمر إلى ولي الأمر وبلغ السلطان، وإن كان حقاً للمخلوق يجوز يتنازل وإلا ما يجوز؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن الأصل أن الحد هو للمقذوف، وفيه حق لله -جل وعلا- الذي شرع هذا الحد، فإذا وصل الحد للسلطان فإنه لا يجوز له العفو، وهذا داخل في عموم: ((أتشفع في حد من حدود الله؟ )) وهذا حد، لكن هنا ما رفع إلى السلطان، إنما رفع على أساس أنه فتوى، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني إذا تنازل المسروق منه، والحق لا يعدوه، ممكن؟ ما يمكن، هلا قبل أن تأتيني في رداء صفوان، صفوان سرق رداءه في المسجد تحت رأسه، فلما اتجه إقامة الحد بقطع يد السارق قال: لا، عفوت عنه، قال: ((هلا كان قبل أن تأتي)).
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه هذا قصاص، هذا حق محض.
طالب:. . . . . . . . .
إلا.
طالب: ثم تراجع.
ثم تراجع قبل أن يصل إلى السلطان.
"قال زريق: وكتبت إلى عمر بن عبد العزيز أيضاً: أرأيت رجلاً افتري عليه، أو على أبويه، وقد هلكا أو أحدهما" يعني قذف الميت هل يأخذ حكم قذف الحي؟ يعني قذف الميت، يعني إذا قال لشخص حي: يا زان، خلاص يجلد الحد، إذا قال: يا ابن الزاني.
قال: "أرأيت رجلاً افتري عليه، أو على أبويه، وقد هلكا أو أحدهما، قال: فكتب إلي عمر إن عفا فأجز عفوه في نفسه، وإن افتري على أبويه وقد هلكا أو أحدهما فخذ له بكتاب الله، إلا أن يريد ستراً" يعني يريد يتنازل؛ لأن العار اللاحق بالقذف إنما يلحق الحي، الآن قذف شخص بعينه، إذا قال: زيد بن فلان بن فلان زاني، أو قذف أهل بلد، أيهما أشد التخصيص وإلا التعميم؟(155/21)
طالب:. . . . . . . . .
والله الظاهر ما في نتيجة، واحد يقول: التخصيص، وواحد يقول: التعميم.
أيهما أشد؟ لو قال: أهل البلد الفلاني زناة؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، وعموماً إذا جاء النص العام هو أضعف من الخاص، لما يقال: أهل البلد الفلاني زناة، يعني ما يتجه إلى كل واحد بعينه، وإذا قيل: فلان زان لا شك أن الاتهام بالقذف متجه إلى شخصه، نعم هذا واحد في مقابل جماعة أيضاً من هذه الحيثية يكون القذف الجماعي أشد، ويمكن أن يرجع في تأصيل هذه المسألة إلى الفرق أيهما أشد إمراً أو نكراً؟ إمراً أشد من نكراً؟ الآن قتل شخص محقق قيل فيه: نكراً، وتعريض جمع من الناس للهلاك قيل فيه: إمراً، هذا شخص واحد وهؤلاء جماعة عرضوا للهلاك، لكن ما هلكوا، أيهما أشد؟ احتمال أنهم يهلكون، فيكون أعظم من قتل واحد، واحتمال أن ينجوا فيكون قتل الواحد أشد من تعريضهم للهلاك، ولذا يختلف أهل العلم أيهما أشد قوله: نكراً أو إمراً؟ فإذا كان إمراً أعظم من نكراً قلنا: إن الضرر المظنون لحوقه بالجماعة أشد من الأمر المتحقق وقوعه بالواحد، وإذا قلنا بالعكس قلنا: العكس.
ويمكن أن يخرج على هذا من المسائل الشيء الكثير، أحياناً الإنسان يدرأ مفسدة عظمى لكنها مظنونة بمفسدة أقل منها لكنها متحققة، يدرأ المفسدة العظمى لكن يمكن ما تصير، وقوعها مظنون وليس بمتحقق، بمفسدة محققة الوقوع لكنها دونها، يمكن أن تخرج على هذا، فهل ندفع المظنون بالمتحقق وإن كان أعظم منه، أو نقول: علينا بالمحقق؟ قتل واحد خلاص نكراً، وأولئك عرضوا للقتل لكن ما مات منهم أحد، وأيضاً ندرأ المفسدة المحققة وإن ترتب على درأها تعريض لمفسدة أعظم منها، لكنه مظنون، يمكن يقع أو لا يقع، ويخرج عليه قذف الواحد وقذف الجماعة بلفظ واحد؛ لأن اللفظ العام لا يفيد قطع، لكن إذا قال: فلان زنا، هل يحتمل؟ ما في احتمال، وإذا قال: أهل البلد الفلاني زنوا هذا تعميم والتعميم ضعيف، ما هو مثل التخصيص، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
فيه قوة من وجه، وضعف من وجه نعم، يعني نظير ذلك تعارض المفهوم الخاص مع المنطوق العام، هذا له وجه قوة ووجه ضعف، وهذا أيضاً كذلك.(155/22)
طالب:. . . . . . . . .
عاد هذا يخفف قليلاً؛ لأن الله وصفهم بأنهم يقولون ما لا يفعلون.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، عاد مسألة الثبوت والاستمرار عاد هذه أمور خارجة عن أصل المسألة، وإلا لقلنا: إن القذف المكتوب أعظم من القذف المنطوق؛ لأن هذا كلام يطير به الهواء، وهذا مكتوب مسجل مسطر، لا، هذه أمور هذه عوارض هذه ليست من أصل المسألة، هذه عوارض.
طالب:. . . . . . . . .
يهجو قبيلة نعم؛ لأنهم كلهم عرضهم للكلام، كلهم تكلم فيهم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال قذف الجماعة أمره عظيم، ولذلك تركيب النكت على البلدان هذا ليس بالسهل، يعني تعريض لمجموعة من الناس قد يكون فيهم من أذكياء العالم، وتتهمهم ... ، يعني ركب على بعض الجهات أشياء غير مقبولة أصلاً، وفاعلها ينبغي أن يعزر، والله المستعان.
نأتي إلى مسألتنا:
"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: وذلك أن يكون الرجل المفترى عليه يخاف إن كشف ذلك منه أن تقوم عليه بينة" لو قال: يا زاني، قال: خلاص أنا أرفع أمرك، أنت قذفت، قال: ارفع، أنا عندي شهود على ما أقول، يقول: "وذلك أن يكون الرجل المفترى عليه يخاف إن كشف ذلك منه أن تقوم عليه بينة، فإن كان على ما وصفت فعفا جاز عفوه" يعني بدلاً من أن يكون قذف يكون إيش؟ زنا محقق بالبينة.
"حدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال في رجل قذف قوماً جماعة: إنه ليس عليه إلا حد واحد.
قال مالك: وإن تفرقوا فليس عليه إلا حد واحد" يعني ما دام قذفهم بلفظ واحد يكفي حد واحد، لكن لو قال: فلان زاني، وفلان زاني، وفلان زاني، وعدد الجماعة، يكفي حد واحد؟ نعم؟ أو نقول: حدود تتداخل؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم هذه حقوق المخلوقين مبنية على المشاحة، وكل واحد له حقه إن طالب به حد عنه.
"حدثني مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن بن حارثة بن النعمان الأنصاري ثم من بني النجار عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن أن رجلين استبا في زمن عمر بن الخطاب، فقال أحدهما للآخر: والله ما أبي بزان" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
"قال مالك: وإن تفرقوا فليس عليه إلا حد واحد" ذكرنا هذه.(155/23)
"رجلين استبا في زمن عمر بن الخطاب، فقال أحدهما للآخر: والله ما أبي بزان، ولا أمي بزانية، فاستشار في ذلك عمر بن الخطاب فقال قائل: مدح أباه وأمه" مدحهما بالعفة "وقال آخرون: قد كان لأبيه وأمه مدح غير هذا" يعني المدح بمثل هذا الأسلوب لا شك أنه ذم بما يشبه المدح، يعني هل يكفي أن يقول الشخص في حق أبيه: إنه ليس بزان؟ نعم؟ لأنه كأنه ينفي ما اتهم به، وهو ما حصل اتهام، يعني إذا مدحت الكبير بمدح دونه بكثير هذا قدح، يعني إذا قيل: السيف أمضى من العصا، ينقص قدره، وإذا قيل: فلان العالم الفلاني يحفظ الفاتحة، من مناقبه أنه يحفظ الفاتحة، يعني من الطرائف ترجم لشخص يعلم الناس الخير التفسير وكتب السنة والعقائد منذ ستين سنة يعلمهم، ترجم له في كراسة فذكر من أول مناقبه أنه مأذون أنكحة، ومن مناقبه أيضاً أنه يبدأ بخطبة الحاجة، يعني ما هو بافتراض هذا حقيقة واقع، ومن مناقبه قول فلان، يعني من صغار الطلاب، يعني بدون مبالغة طالب ما أظنه جامعي، لكن أقل، إن فلاناً قال فيه: إنه بقية السلف، هذه كلها تحط من قيمة الرجل، يعني هذه ترجمة اطلعت عليها، بمثل هذا يترجم لهذا الرجل، هذا مدح وإلا ذم؟ هذا ذم، يعني إذا ما وجد فيه إلا هذا الأمر معناه خلو من المناقب، ما عنده شيء، فمثل هذا الكلام لا شك أنه يزري بالممدوح.
الحين أبوه مات وقد يكون من خيار الناس يقول في مجلس: إن أبوه ليس بزاني، يعني اللي ما انتبه ينتبه، أمور تجعل في النفس أحاسيس ومشاعر تجاه هذا الأب، يمكن يريد أن ينفي تهمة حاصلة، ومن باب: كاد المريب أن يقول: خذوني، فلا شك أن هذا قدح وليس بمدح، نعم؟
طالب: يعني كأن يقول عن نفسه: أبي وأمي ليسا بزانيين كأنه يقول: أبوك أنت ....
لا، هو إذا فهم هذا له حكمه، لكن الآن اللي عنده اللي حاضرين اختلفوا.
طالب: استخدام التعريض أثناء النزاع .... يعني التعريض؟(155/24)
التعريض إذا قصد بذلك الحط من خصمه، وفهم الحاضرون هذا الأمر، ودلت القرائن على أنه يقصد صاحبه، لا شك أن مثل هذا له حكمه، لكن الحاضرين قال قائل: مدح أباه وأمه، وقال آخرون: قد كان لأبيه وأمه مدح غير هذا، يعني مثلما قلنا في حق هذا العالم، يعني ما عنده إلا إنه مأذون ينكح، يا أخي كونه يعلم الناس خمسين سنة هذا منقبة عظيمة هذا، تكفيه عن كونه مأذون.
"قد كان لأبيه وأمه مدح غير هذا، نرى أن تجلده الحد، فجلده عمر الحد ثمانين" يعني هذا تصريح وإلا تعريض؟ تعريض وليس بتصريح "فجلده عمر الحد ثمانين" لماذا جلده ثمانين؟ لعظم حق الوالد.
"قال مالك: لا حد عندنا إلا في نفي" يقول: لا أبداً لست بولد لفلان، يعني من لازمه أنه ولد زنا "إلا في نفي أن قذف" يعني صريح "أو تعريض، يرى أن قائله إنما أراد بذلك نفياً أو قذفاً، فعلى من قال ذلك الحد تاماً" يعني التعريض إذا أفهم السامع ما يفهمه اللفظ الصريح فالحد فيه تام، وإذا لم يكن مفهماً مثل ما يفهم القذف الصريح فإنه لا يكون تاماً.
"قال مالك: الأمر عندنا أنه إذا نفى رجل رجلاً من أبيه فإن عليه الحد" يعني إذا استفاض بين الناس أن فلان ابن فلان، والاستفاضة كافية في مثل هذا "إذا نفى رجل رجلاً من أبيه فإن عليه الحد، وإن كانت أم الذي نفي مملوكة فإن عليه الحد" يعني لا أثر للأم سواءً كانت حرة أو مملوكة، نعم؟
طالب: هناك ولد لفلان ....
يعني مثلما يقول الأب في بعض الحالات أنت ما أنت بولد لي، أنا ما أنا أب لك، لا يريد بذلك النفي، وإنما يريد أن يستثير العاطفة عنده.
طالب: لكن لو قيل في مجلس. . . . . . . . . هل يقام الحد عليها وإلا .... ؟
وين؟
طالب: قد يفهم منها. . . . . . . . .
على كل حال إذا وجد من يفهم يعاقب عليها، إذا لم يوجد فالأمر لا يعدو صاحبه، قد يفهم الذي قيل في حقه مثل هذا أنها سب له، وقد يفهم أنها مدح لأبيه من غير تعرض لسبه هو.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك ....(155/25)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب الحدود (3)
باب: ما لا حد فيه - باب: ما يجب فيه القطع - باب: ما جاء في قطع الآبق والسارق.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
واحد من الإخوان يقول: فهمنا أن المحصن لا يجلد، بل يكتفى برجمه هذا صحيح وإلا لا؟
قلنا: إن الجمهور على أنه لا يجلد، بل يكتفى برجمه؛ لأن الوقائع الخمس التي حصلت في عهده -عليه الصلاة والسلام- ليس فيها إشارة إلى الجلد، لكن الصواب أنه يجمع بينهما فيجلد ثم يرجم، بدليل حديث عبادة وهو صريح نص مفسر مفصل مبين، ((جلد مائة والرجم)) وعلي -رضي الله عنه- جلد شراحة يوم الخميس، ورجمها يوم الجمعة، هذا الذي قررناه، لا أذكر أني قلت غير هذا الكلام، لكن بعض الإخوان يقول: إنا فهمنا العكس، على كل حال يصحح الفهم.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما لا حد فيه
قال مالك -رحمه الله-: إن أحسن ما سمع في الأمة يقع بها الرجل، وله فيها شرك أنه لا يقام عليه الحد، وأنه يلحق بها الولد، وتقوّم عليه الجارية حين حملت، فيعطى شركاؤه حصصهم من الثمن، وتكون الجارية له.
قال مالك -رحمه الله-: وعلى هذا الأمر عندنا بالمدينة.
قال مالك -رحمه الله- في الرجل يحل للرجل جاريته: إنه إن أصابها الذي أحلت له قومت عليه يوم أصابها حملت أو لم تحمل، ودرئ عنه الحد بذلك، فإن حملت ألحق به الولد.
قال مالك -رحمه الله- في الرجل يقع على جارية ابنه أو ابنته: إنه يدرأ عنه الحد، وتقام عليه الجارية حملت أو لم تحمل.
حدثني مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن عمر بن الخطاب قال لرجل خرج بجارية لامرأته معه في سفر فأصابها فغارت امرأته فذكرت ذلك لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فسأله عن ذلك، فقال: وهبتها لي فقال عمر: "لتأتيني بالبينة أو لأرمينك بالحجارة" قال: فاعترفت امرأته أنها وهبتها له.(156/1)
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما لا حد فيه
"قال مالك -رحمه الله-: إن أحسن ما سمع في الأمة يقع بها الرجل وله فيها شرك" يعني له نصفها، له ربعها، له ثلثها، له ثلثاها، المقصود أنه شريك فيها "أنه لا يقام عليه الحد" لوجود الشبهة؛ لأنه يظن أنها ملك يمينه، وأنها أمته، وملك اليمين والأمة إنما تتم إذا كانت كاملة، لكن الحد يدرأ بمثل هذه الشبهة إذا ادعى أنها أمته باعتبار أن له نصيب منها.
"أنه لا يقام عليه الحد، وأنه يلحق به الولد" كسائر نكاح الشبهات، نكاح الشبهة يلحق به الولد، يلحق الولد بأبيه، ولو أمر بتجديد العقد، ولو فرق بينهما لوجود الشبهة.
لو تزوج رجل امرأة فولدت منه أولاد، ثم تبين أنها أخته من الرضاعة يفرق بينهما؛ لأنها أخته، والأولاد؟ الأولاد له، ينسبون إليه؛ لأن النكاح نكاح شبهة، وهكذا في سائر الأنكحة التي من هذا القبيل، هذا له شبهة ملك فوطئها على هذا الأساس فيلحق به الولد.
طالب: يا شيخ بالنسبة لبعض الأنكحة المنهي عنها يعني هل تلحق بالشبهة مثل نكاح الشغار أو المتعة، أو ما يسمى الآن .... ؟
يعني على الخلاف في نكاح الشغار هل هو باطل أو غير باطل؟ نكاح المحلل هل هو باطل أو غير باطل؟ فنكح بالتحليل فحملت، نكح مريداً التحليل، نكح شغار المسألة بين أهل العلم خلافية، والصواب أنه باطل، لكن مع ذلك إذا ادعى أنه اقتدى بإمام يرى صحة مثل هذا النكاح، وبنى على هذا الأمر، أو جهل حقيقة الحال، وأن النكاح باطل شبهة يلحقون به، نكاح شبهة يلحقون به.
من ظن أن نسكه قد تم، وأنه يجوز له أن يعقد، ثم عقد ودخل بها وحملت منه، نقول: نكاح شبهة، وإن كان النكاح باطلاً، لكن الأولاد يلحقون به.(156/2)
يقول: "وأنه يلحق به الولد" وتقوم عليه الجارية حين حملت، يعني وقت الحمل كم تسوى؟ فيعطى شركاؤه حصصهم من الثمن، أن له الثلث، وقومت بثلاثة آلاف يعطي شريكيه كل واحد ألف، وتكون خالصة له، "وتكون الجارية له" يعني خالصة "وعلى هذا الأمر عندنا" يعني في بلدهم ومذهبهم وهذا ظاهر أنه وطء شبهة، والولد يلحقون به، ويدرأ عنه الحد، وتقوم عليه؛ لأنه أفسدها على شريكيه، صارت أم ولد بالنسبة له، فأفسدها على شريكيه فيضمن نصيبهم منها، نعم هل يفرق بين العالم والجاهل إذا ادعى أنه لا يدري أن هذا مجرد ملك يمين؟ هناك دعوى تقبل ودعوى لا تقبل، هنا الدعوى مقبولة، باعتبار أن له نصيب منها، لكن لو نكح أي مملوكة له بمسمى ملك اليمين كما يذكر عن بعضهم في كتب الأدب من المجان وغيرهم أنه نكح دابة له قال: هذه ملك يمين، أو غلاماً له قال: هذا ملك يمين، مثل هذا لا يقبل مثل هذه الدعاوى، هذه دعاوى باطلة، لكن مثل الصورة التي ذكرها الإمام -رحمه الله تعالى- الدعوى ظاهرة، فهل يفرق بين من علم ومن جهل؟ هو يعرف أنه لا يجوز له أن يطأ ما دام له شركاء، وعرف ذلك، هل يدرأ عنه الحد أو لا يدرأ عنه الحد؟ نقول: له نصيب منها، له الثلث، أو يقام عليه من الحد بقدر ما لشريكيه إن كان له النصف يدرأ عنه حد النصف؟ هل يمكن أن يقال بمثل هذا؟ إذا كان له نصف الأمة يقال: عليه نصف حد؟ نعم؟ لا، إذا حرمت عليه يقام عليه الحد كامل، لكن شريطة أن يعلم أنها لا تحل له.(156/3)
"قال مالك في الرجل يحل للرجل جاريته: إنه إن أصابها الذي أحلت له قومت عليه يوم أصابها" أهل العلم يقولون: يسن القرض في كل شيء إلا في بني آدم، يعني ما تقرض زيد من الناس جارية عندك قرض، لماذا؟ خشية عليها؛ لأنها ليست محرماً له، فإذا أحلها له الرجل يحل للرجل جاريته أنه إن أصابها الذي أحلت له قومت عليه يوم أصابها، كيف يحلها له؟ يحل له وطئها أو يحل له منفعتها؟ إذا أحل المنفعة هل هناك شبهة؟ نعم؟ ما في شبهة، إذا قال: تخدم في بيت آل فلان، فجاء فلان فوطئها صاحب البيت هل هناك شبهة؟ ما في شبهة، لكن إن أحل له وطئها، والمحل والمحل له كلاهما جاهل في حقيقة الحال، لا شك أن مثل هذا شبهة، قال: الذي أحلها له ممن يملك، هو يملك بضعها فأباحه له، أحل له الوطء فقط، ما أوهبه إياها.
على كل حال يقول: "إنه إن أصابها الذي أحلت له قومت عليه يوم أصابها، حملت أو لم تحمل، ودرئ عنه الحد بذلك، فإن حملت ألحق به الولد لأنه وطء شبهة" تزوج اثنان أختين في ليلة واحدة دخل بهما في ليلة واحدة، وهذا يقع، والأب وهو يوصل الاثنين إلى الغرفتين غلط فأدخل هذا على زوجة أخيه، والثاني على زوجة أخيه، فحصل الوطء، لا سيما وأن الناس في السابق على المذهب الإجبار وعدم الرؤية، ما يدري ويش زوجته؟ لأنها بنت فلان، صحيح هذه بنته، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه بعضهم يعني ممن بقي على طبعه وطريقته، وسنة البلد المعمول بها، لكنها تغيرت الأحوال الآن، تغيرت تغير جذري، بل توسع الناس أكثر من ... ، ياليتهم لما اتبعوا الشرع اقتصروا عليه، لا، زادوا عليه، المقصود أنه يحصل مثل هذا وقد حصل، تزوج اثنان أختين، فأدخل كل واحد منهما على زوجة الآخر، وحصل الوطء والحمل، ما الحل؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن الوطء وطء شبهة، والولد يلحق بأبيه، ثم بعد ذلك يفرق بينهم، فإما أن يطلق كل واحد منهما زوجته، ويكون طلاقه لها قبل الدخول، تحتاج إلى عدة وإلا ما تحتاج؟ ما تحتاج إلى عدة.
الموطوءة بشبهة تحتاج إلى استبراء وإلا ما تحتاج؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(156/4)
إيه تقدم لنا بدرس الأمس أن عدتها عدة المطلقة، لكن المطلقة في هذه الصورة قبل الدخول لا عدة عليها، أما بالنسبة للاستبراء للعلم ببراءة الرحم لا بد منه، ولو بحيضة، فإذا تبين الحمل فكيف يصنع كل واحد منهما؟ ينتظر تسعة أشهر؟ نعم؟ الآن المسألة افترضت في رجلين دخل كل واحد منهما على زوجة أخيه، وحصل الوطء، وحصل الحمل، الأولاد لهم، بلا شك؛ لأنهم أولاد شبهة، والوطء وطء شبهة، ويقال لكل واحد منهما، طلق زوجتك، والطلاق حينئذٍ يكون قبل الدخول، هذا إذا تطاوعا وإن اختلفا، قال: طلق، قال: أنا لا أطلق، قال: واحد أنا لا أريد إلا زوجتي التي عقدت عليها، ويش الحل؟
طالب:. . . . . . . . .
فإن تبين حملها تنتظر حتى تضع، ثم بعد ذلك تعود إليه، بعقد جديد وإلا بالعقد الأول؟ بالعقد الأول، يلزمها أن تطهر من النفاس وإلا ما يلزم؟ نعم؟ لا يلزم، بمجرد الوضع تخرج من عدة الشبهة.
على كل حال يحصل مثل هذا، وإن تطاوعا بأن طلق كل واحد منهما زوجته، وعقد على هاتين الزوجتين الموطوءتين بشبهة؛ لأنه لا يلزم عدة من النكاح الأول؛ لأنه قبل الدخول، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لا بد من استبراء.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا بد من استبراء في حالة الرفض، تبين حامل الولد له، وأخوه طلقها قبل الدخول ما له عدة، فيعقد له من جديد.
"قال مالك في الرجل يقع على جارية ابنه أو ابنته: إنه يدرأ عنه الحد" للحديث: ((أنت ومالك لأبيك)) فإذا تشبث بهذا، وقال: جارية ابني جاريتي، وجارية ابنتي جاريتي، لا شك أنه يدرأ عنه الحد، وتقوّم عليه الجارية حملت أو لم تحمل، وإذا تنازل الابن عن قيمتها، أو البنت تنازلت عن قيمتها، فالأمر لا يعدوهم.
ثم بعد ذلك قال: "حدثني مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن عمر بن الخطاب قال لرجل خرج بجارية لامرأته معه في سفر فأصابها فغارت امرأته" جارية المرأة تحتاج إلى محرم في السفر وإلا ما تحتاج؟
طالب:. . . . . . . . .(156/5)
لكن ما زال الناس يملكون الجواري لهم ولأولادهم ولنسائهم، المرأة تملك الجارية، فإذا أرادت أن تسافر ما تصنع بها؟ تقول: ابحثوا لها عن محرم أبوها أو أخوها، أو تزوج من أجل أن تسافر بها؟ أو ما زال الأمر عند المسلمين على التسامح في مثل هذا يسافر؟ لكن شريطة أن تكون معه سيدتها، هل أنكر عليه أنه خرج بجارية امرأته في السفر فأصابها؟ هو المحظور من الإصابة وقد حصل، هل قال عمر -رضي الله عنه-: لماذا لم تسافر بها بدون محرم لها؟ حصل إنكار وإلا ما حصل؟ لأن بعض من ينتسب إلى العلم يقيس الخادمات على الجواري، ويقول: يسافر بها من غير محرم، مع الأسرة، وحكمها حكم الجارية، هل هذا القياس صحيح وإلا لا؟ ليس صحيح؛ لأنهن أحرار، أحرار لا يجوز السفر بهن من غير محرم، لكن إذا نظر الإنسان إلى مصلحة ومفسدة، هي جاءت ووصلت إلى البلد لا يلزم أن في بقائها البلد يكون عندها محرم، إنما يمتنع الخلوة في مسألة بقائها في البلد، أما السفر فلا بد من المحرم.
الآن هي جاءت وعصت وخالفت، ومن أقدمها عصى وخالف وحصل المقصود هنا، وأراد أن يسافر، جاءت العطلة، وقالوا: ما إحنا بجالسين في الرياض، تترك في البيت وحدها أو يسافر بها؟ يعني من باب ارتكاب أخف الضررين، ولا شك أن مثل هذا يلجأ له لمثل هذه الظروف، وإلا فالأصل أن المقدمات إذا كانت غير شرعية لا يرجى منها نتائج شرعية، فتكون هذه حالة ضرورة وحاجة تقدر بقدرها، ما يتوسع فيها، يسافر بالخادمة وهو مرتاح، لا، يسافر بها وهو على مخالفة شرعية، لكن هو أمام الأمر الواقع، يرتكب أخف الضررين، وقد قال بهذا من أهل العلم من قال، ومنهم من قال: أبداً، لا تسافر إلا بمحرم على أي حال كان، نعم الضرورات تبيح المحظورات، يعني لو مات المحرم في منتصف الطريق، نقول: تجلس بالبر ولا تسافر إلا بمحرم، أو تسافر إلى أقرب بلد تأمن فيه على نفسها؟ أو تسافر مع أهلها وذويها ومن تنتسب إليهم إلى أن يأتي محرمها؟(156/6)
سافر شخص من الوافدين مع زوجته من الرياض إلى مكة، لما وصلوا منتصف الطريق حصل لهم حادث مات الزوج، فكلم أخوها من بلده ليحضر، فلما وصلوا إلى ... ، حضر أخوها إلى هذا المكان، وسافر بها ليكمل الطريق من أجل أن يصلوا إلى مكة ثم إلى جدة، ثم يسافرون إلى بلدهم، في أثناء الطريق حصل حادث ومات الأخ، نعم المسألة واقعة، فمثل هذه الظروف لا شك أن لا بد لها من حل شرعي، لا يمكن أن يقال: تمكث هذه في منتصف الطريق ولا أهل لها ولا أنيس، فمثل هذه يطلب لها من الأقوال الأخرى، أو من القواعد العامة، أو من قواعد الشرع العامة، هذه ضرورة، تجلس في البر بعد؟ لا، لا هذه ضرورة.
طالب:. . . . . . . . .
إيه المسألة التي طرحت بالأمس وخرجت على نكراً وإمراً، لا شك أن من المفاسد المحققة، محقق، لكنه مغمور في بحار المفاسد المظنونة، فتتفاوت هذه المصالح والمفاسد، هناك مفسدة يسيرة تكون مغمورة في مفسدة عظمى، وإن لم تكن محققة، والعكس قد تكون المفسدة المحققة منكية، مع أن المفسدة المظنونة عظيمة، لكن لا تغمر في بحارها هذه المفسدة المحققة، فلا بد من النظر في المفسدتين قوة وضعفاً.
طالب:. . . . . . . . .(156/7)
إيه ما في إشكال، ما في إلا أن مسألة انتفاء الخلوة بس، إيه لكن إذا ما وجدوا أو قالوا: يحتاجونها بأسفارهم، وبدل ما هي جالسة عند أسرة تسير معهم، على كل حال للنظر في هذا مجال، وأهل العلم قد يفتون بشيء من هذا، والله المستعان، وكل هذا نتيجة للمقدمات غير الشرعية، يعني مع الأسف أنه يسافر الآن جمع من المدرسات مع سائق ليس بمحرم لهن، وقد وجد من يفتيهن، لكن هذه مقدمة لا شك أنها غير شرعية، وما العمل الذي يبيح ارتكاب مثل هذا المحرم، هذا من أجل الكسب كما هو مقرر، ما عند الله لا ينال بسخطه، يا أخي إذا كان ما هناك وظيفة إلا أن تسافر بغير محرم بدون الوظيفة، ومع الأسف أنه من منتصف الليل والسائق يدور بأحياء الرياض يجمع هذه المدرسات على طول الرياض وعرضه ثم يخرج بهن مسافة مائتين كيلو أو أكثر أو أقل، ثم يقول: لا نستطيع أن نقف في أثناء الطريق لأداء الصلاة، أنا واحد ومعي عشر مدرسات خائف عليهن، فلا يصلون إلا إذا وصلوا المدرسة بعد طلوع الشمس، ويسأل عن هذه النتيجة، نقول: أبداً المقدمة مرفوضة شرعاً فكيف بالنتيجة؟ وهذا من شؤم المخالفة، يوقع في مثل هذه الأمور، والله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .
الإنسان يفتي بما يدين الله به، إذا كان المحرم شرط لوجوب الحج ما تحج، لكن لو حجت وخالفت وعصت هو سقط عنها الواجب، لكن لو قالت: هي مذهبها مذهب الشافعي -رحمه الله-، الغالب اللي يجون من اندونيسيا وغيرهم على مذهب الإمام الشافعي ويجيزون السفر مع جمع من النسوة، مع أمن الفتنة.
طالب:. . . . . . . . .
شوف العقد إذا خالف الشرع لاغي، كل شرط يخالف كتاب الله فهو باطل، هذا باطل من حيث الجملة، لكن لو قيل: إن هذا مذهبها، ولو كانت في بلدها جاءت مع نسوة، وتفتى في بلدها بهذا، وتبرأ ذمتها بتقليد من أفتاها، هل نلزمها بما نعتقد؟ أو نقول: مذهبها يسعها وهم عايشين على هذا، والله المستعان، المسألة تحتاج إلى أنظار ما هو بنظر، نعم، طيب.(156/8)
يقول: "حدثني مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن عمر بن الخطاب قال لرجل خرج بجارية لامرأته في سفر فأصابها فغارت امرأته، فذكرت ذلك لعمر بن الخطاب، فسأله عن ذلك، فقال: وهبتها لي" يعني تهبها له وتغار عليه، يحصل وإلا ما يحصل؟ يحصل، يحصل نعم، تهبها له وتغار عليه "فقال عمر: لتأتيني بالبينة أو لأرمينك بالحجارة" لأنه محصن يحتاج إلى إقامة الحد عليه وهو الرجم، لكن لو ادعى أن جارية زوجته جارية له، كما لو ادعى أن جارية ابنه أو جارية ابنته في المسألة السابقة جارية له، يوافق وإلا ما يوافق؟ لا يوافق؛ لأن ولده وابنته هو وما يملك لأبيه، لكن الزوجة لا.
بعض العامة يتحايل على الزوجة في مثل هذا، فامرأة طلبت من زوجها أن يكتب البقرة باسمها، ما دام بقرة قالت: لازم تصير لي، قال: تراها لك، قالت: لازم يكتب المطوع، وراحوا للمطوع قال: اكتب أن البقرة لها، وهي والبقرة لي، هذا ما هو بشرعي هذا، لن تكون له بحال من الأحوال، لكن حديث: ((أنت ومالك لأبيك)) بالنسبة للولد والبنت هذا معروف وظاهر.
"أو لأرمينك بالحجارة، قال: فاعترفت امرأته أنها وهبتها له" وهبتها له يعني قبل الوطء، لكن لو وهبتها له بعد الوطء ينفع وإلا ما ينفع؟ ما ينفع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا بد من هذا نعم، يقيدونه بهذا، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: ما يجب فيه القطع
حدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم.
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا قطع في ثمر معلق، ولا في حريسة جبل، فإذا آواه المراح أو الجرين فالقطع فيما يبلغ ثمن المجن)).
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة بنت عبد الرحمن أن سارقاً سرق في زمان عثمان أترجة فأمر بها عثمان بن عفان أن تقوم، فقومت بثلاثة دراهم من صرف اثني عشر درهماً بدينار، فقطع عثمان يده.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: "ما طال عليّ وما نسيت، القطع في ربع دينار فصاعداً".(156/9)
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها قالت: خرجت عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى مكة، ومعها مولاتان لها، ومعها غلام لبني عبد الله بن أبي بكر الصديق، فبعثت مع المولاتين ببرد مرجل قد خيط عليه خرقة خضراء، قالت: فأخذ الغلام البرد ففتق عنه فاستخرجه، وجعل مكانه لبداً أو فروة، وخاط عليه، فلما قدمت المولاتان المدينة دفعتا ذلك إلى أهله، فلما فتقوا عنه وجدوا فيه اللبد، ولم يجدوا البرد، فكلموا المرأتين فكلمتا عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو كتبتا إليها، واتهمتا العبد، فسئل العبد عن ذلك فاعترف، فأمرت به عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- فقطعت يده، وقالت عائشة: "القطع في ربع دينار فصاعدا".
وقال مالك -رحمه الله-: أحب ما يجب فيه القطع إلي ثلاثة دراهم، وإن ارتفع الصرف أو اتضع، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم، وأن عثمان بن عفان قطع في أترجة قومت بثلاثة دراهم، وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما يجب فيه القطع(156/10)
يعني في السرقة، ما يجب فيه القطع، والقطع حد للسرقة إذا توافرت الشروط، والسرقة أخذ المال خفية من حرز، فإذا لم يكن ثم حرز فلا سرقة، وهل الحرز قيد شرعي لمسمى السرقة، أو قيد لغوي؟ يعني على قولهم: من حرز، من حد السرقة اللغوي، يعني لا تسمى سرقة لغة إلا إذا كان في حرز، أو أنه مما أضافه الشرع لحقيقة السرقة الشرعية؟ ومعلوم أن الحقائق الشرعية تأتي على الحقائق اللغوية، وتضيف لها بعض القيود، فالحرز هل هو من إضافة الشرع لتسمية الفعل سرقة، أو أنه من مسماها اللغوي؟ بعض اللغويين يقول هذا، يقول: إنها لا تسمى سرقة إلا إذا كانت من حرز؛ لأن هناك فرق بين النهبة، وبين السرقة، وبين الغصب، فرق بين هذه الأمور، فالذي يؤخذ خفية لا شك أنه سرقة، لكن هل يشترط في ذلك الحرز أو لا يشترط؟ ولا إشكال في كونه مشترطاً في الشرع، وإن قال الظاهرية: إنه لا يشترط، الحرز، لكن عامة أهل العلم على اشتراطه، وأن حرز كل شيء بحسبه، فالأموال لا بد من الإغلاق عليها، بما تحفظ به عادة، وبهيمة الأنعام بما تحفظ به غالباً، وهكذا سائر الأموال.(156/11)
يختلف العلماء في السيارة، حرز السيارة هل يكفي أن تكون مغلقة، مقفل الباب والزجاج، وتترك في الشارع للمارة الرائح والغادي، أو لا بد من إحرازها في البيوت، يعني لو جاء شخص وكسر زجاج السيارة وسرقها يقطع وإلا ما يقطع؟ هل هذا حرزها؟ كما نقول في حرز الإبل أنه لو وضع أربع خشبات وقرنها، قرن هذه الأخشاب ووضعها فيها، أنها حرز؛ لأن هذا حرز مثلها، فهل حرز السيارات إبقاؤها خارج البيوت أو لا بد من الإغلاق عليها؟ ولا يتيسر لكل الناس، يعني ما كل الناس عندهم بيوت كبيرة واسعة تستوعب هذه السيارات، ولا شك أن أبواب السيارات، إغلاق الأبواب والزجاج يمنع من استعمالها إلا بقدر زائد على الاستعمال الصحيح، الاستعمال الصحيح يمنع منه الباب والغلقة، بالزجاج وغيره، لكن القدر الزائد على الاستعمال الصحيح الكسر وما الكسر، هل هذا من مما يتيسر لسائر الناس؟ لا، لو ضاع المفتاح لا بد من الكسر، فمثل هذا لعله كاف في إحرازها، ولا شك أن من أهل العلم من أفتى أن وجودها في الشوارع ليس بحرز، وأنه لا قطع فيها، لكن الذي يظهر -والله أعلم- أن هذا حرزها، وحرز كل شيء بحسبه.(156/12)
ما يجب فيه القطع، يعني المقدار المسروق، متى يبلغ ما يجب فيه القطع؟ عامة أهل العلم على أنه في ربع دينار أو ثلاثة دراهم، وكلاهما أصل، إذا سرق ما قيمته ربع دينار قطع، إذا سرق ما قيمته ثلاثة دراهم قطع، إذا تفاوت الصرف، يعني إذا كان الدينار اثنا عشر درهم، يستوي الأمران، سواءً سرق فضة وإلا ذهب ما في فرق، لكن إذا تفاوت الصرف بأن كان الدينار خمسة عشر درهماً، أو عشرة دراهم، فكيف تقوم السلع؟ يعني سرق ما قيمته أربعة دراهم، لكن سألنا عن الدينار فإذا به خمسة عشر، يقطع وإلا ما يقطع؟ يقطع، لماذا؟ لأن الأربعة أكثر من الربع دينار، أكثر وإلا أقل؟ أكثر، لكن لو كان الدينار عشرين درهم، الأربعة خمس ليست بربع، وحينئذٍ لا يقطع، فهل الأصل الدراهم بغض النظر عن الدنانير، أو الدنانير بغض النظر عن الدراهم؟ أو كلاهما أصل؟ وإذا اختلف المسروق قيمة بالنظر إلى الدراهم أو الدنانير فكيف نعمل؟ الذي يظهر أن كلاً منهما أصل؛ لأن كلاً منهما ورد في النصوص، لكن مع ذلك إذا سرق ما قيمته أقل من ربع الدينار ولو زاد على ثلاثة دراهم فإنه إيش؟ يقطع وإلا ما يقطع؟ لا يقطع درءاًَ للحد بالشبهة، والعكس لو سرق ما قيمته ربع دينار لكنه لا يبلغ ثلاثة دراهم، بمعنى لو كان الدينار عشرة دراهم فإنه حينئذٍ لا يقطع، ومنهم من يقول: الأصل الذهب، ومنهم من يقول: الأصل الفضة، وكل على أصله، ومنهم من يرى أن النصاب خمسة دراهم، وقال: لا تقطع الخمس إلا في خمس، ومنهم من يقيس اليد على الفرج فيجعل النصاب عشرة دراهم؛ لأن عنده أن أقل الصداق عشرة دراهم، وكل هذه الأقوال لا تستند إلى دليل، والأقوال كثيرة في هذا.
على كل حال الذي تدل عليه النصوص الصريحة أنه ثلاثة دراهم أو ربع دينار، كما في هذا الباب.
"حدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قطع في مجن" المجن هو ما يجن المقاتل، يعني يستره كالترس "ثمنه ثلاثة دراهم" فجعل المجن حد لما يقطع فيه، فإذا بلغت قيمته قيمة المجن قطع فيه، فضلاً عن كونه يزيد على ذلك.(156/13)
قال: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا قطع في ثمر معلق)) " معلق في شجره، التمر، لو جذ من النخل ما قيمته ثلاثة دراهم أو ربع دينار لا قطع فيه، ((في ثمر معلق، ولا في حريسة جبل)) وهي الدابة إذا أواها الليل إلى جبل، ولجأت إليه فاحتمت به لا قطع؛ لأنه ليس بحرز ((فإذا آواه المراح أو الجرين)) فإذا آواه المراح الذي هو الموضع الذي يبيت فيه الإبل والغنم والبقر وبهيمة الأنعام، أو الجرين الموضع الذي يجفف فيه الثمار ((فالقطع فيما يبلغ ثمن المجن)) يعني ما دام على رؤوس النخل، وما دام في الجبل يرعى فإنه لا قطع فيه، لكن إذا آواه المراح وهو مكان المبيت المحوط بما يحفظ مثل هذه الدواب أو الجرين الذي تجفف فيه الحبوب والثمار فحينئذٍ يكون القطع فيما يبلغ النصاب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وجاء بالنسبة للثمار والحيطان أن المار له أن يأكل غير متخذاً خبنة، له أن يأكل بفمه ولا يتخذ منه شيئاً، فهذه الإباحة أن يأكل لا شك أنها شبهة تدفع عنه الحد، الثمر المعلق على الشجرة ما فيه قطع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
عاد إن كان محتاجاً له حكم، وإن كان غير محتاج ... ، إن كان مفسد له حكم، وإن كان ... ، ينظر في كل إنسان بحسبه.
قال: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة بنت عبد الرحمن أن سارقاً سرق في زمان عثمان أترجة" الأترج معروف وإلا ما هو معروف؟ معروف يا الإخوان وإلا غير معروف؟ يعني أقرب ما يكون إلى الليمون، الليمون الأصفر إلا أن حجمه كبير، وقشره غليظ، "فأمر بها عثمان أن تقوم" كم تسوى الأترجة؟ "فأمر بها عثمان أن تقوم، فقومت بثلاثة دراهم من صرف اثني عشر درهماً بدينار، فقطع عثمان يده" هل السرقة تمت وهي في الشجرة أو بعد جنيها ووضعها في المكان الذي تحفظ به؟
طالب:. . . . . . . . .
بلا شك أنه بعد قطعها من الشجرة، وحفظها في مكانها اللائق بها، وإلا ما دامت على الشجرة فلا قطع.
طالب:. . . . . . . . .
ورآه ما يوجد، يوجد.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب: الناس ما يعرفون.(156/14)
ها الحين ما يعرفون؛ لأنه شوي، وفي الحديث: ((مثل المؤمن يقرأ القرآن مثل الأترجة)) هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه معروف كان كثير جداً، وهو فاكهة الناس يعصر، ويضع عليه شيء من السكر والماء ويشربونه، ويقطع شحم قشره ويوضع فيه، أبو عبد الله يذكر هذه الأمور ما شاء الله عليه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما هو إلى الآن، خلاص انتهى.
طالب:. . . . . . . . .
هو موجود لكن استعماله على الطريقة السابقة ما ...
طالب:. . . . . . . . .
إيه معروف، كان المسألة يعوزهم التمر فضلاً عن الفاكهة، لكن يسر الله على المسلمين، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو موجود وجوده ما أحد ينكره، لكن استعماله على ما كان الاستعمال عليه سابقاً أكثر ما يستعمل بهذه الطريقة أو مع الحنيني، يعرف أبو عبد الله هذا، الآن استغنى الناس عنه بالليمون، ووظيفته وظيفة الليمون، نعم كان الشحم الذي في القشر؛ لأن القشر سميك، الظاهر أصفر هذا يلقى، يقشر ويلقى، شحمه الأبيض وهو أيضاً سميك يقطع، فإذا عصر هذا الليمون ووضع عليه الماء والسكر، وطرح فيه هذا الأبيض اللي هو شحم القشر، وتشرّب من هذا الماء صار من أطيب الفواكه.
قال: "فقومت بثلاثة دراهم من صرف اثني عشر درهماً بدينار" هذا يتوافق فيه الفضة مع الذهب، لكن لو كان قوبل ثلاثة دراهم من صرف خمسة عشر درهم للدينار الواحد، يكون فيه قطع وإلا ما في؟ ما فيه قطع، إلا على القول بأن الأصل الفضة.
"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: "ما طال علي وما نسيت" ما الداعي لهذا الكلام؟ لأنها عاشت بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- ما يقرب من نصف قرن "ما طال علي وما نسيت، القطع في ربع دينار فصاعداً" وجاء عنها أنها كانت تقول: "لا قطع في الشيء التافه" يعني الذي يقل عن الربع دينار.
طالب:. . . . . . . . .
يعني قطع من الشجر وهو يزيد، الخبرة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب خضراء بعد، خضراء تبقى وتصفر، ما شاء الله، ترى الذي يقرأ القرآن هو شُبه من حيث الرائحة والطعم، إيه لا يعني أنه يكبر، بعد المسلمين تبي تكبر أنت بعد؟(156/15)
طالب:. . . . . . . . .
لا، كان يعني هناك أشياء أبو عبد الله يدرك ريشة النعام هذه إذا وضعوها في المصحف تكبر وإلا ما تكبر؟ إيه عندهم تصورات كانت موجودة، لكن ما لها حقيقة هذه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه تنتفش لا سيما إذا سحبت بقوة، أبو عبد الله مخضرم يعرف كل هذه الأمور ما شاء الله.
يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها قالت: خرجت عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى مكة، ومعها مولاتان لها، ومعها غلام لبني عبد الله بن أبي بكر" لبني أخيها عبد الله بن أبي بكر "فبعثت مع المولاتين ببرد مرجل" أو برد مرحل، وهذا الأكثر بالحاء المهملة، يعني فيه تصاوير رحال التي توضع على ما يركب "قد خيط عليه خرقة خضراء" هذا البرد خيطت عليه خرقة خضراء "قالت: فأخذ الغلام البرد ففتق عنه فاستخرجه، وجعل مكانه لبداً أو فروة" جعل مكانه شيء ثاني، أخذ البرد ووضع مكانه لبداً، إما صوف أو شعر أو ما أشبه ذلك، أو قطن، المهم أنه وضع فيه شيء يستوعب الظرف، أو فرو "وخاط عليه، فلما قدمت المولاتان المدينة دفعتا ذلك إلى أهله" وهذه جناية بلا شك وخيانة.
واحد من المشايخ جلس في مصر مدة طويلة يدرس، وهو في هذه المدة ينتقي عيون الكتب، وجمعها في كراتين كثيرة جداً، فلما بعثها وصلت إليه الكراتين بنفسها مكتوب عليها كتابته، لكن هذه الكتب شيلت كلها ووضع مكانها القاموس العصري، ما أدري يمكن ألف نسخة من القاموس العصري،. . . . . . . . . بالمستودع وعبأ الكراتين وشال الكتب هذه، مثل صنيع الغلام ذا، لكن أخذ الكتب وتغيير الكتب كارثة، وهذا يحصل أحياناً في المكتبات العامة، يأتي اللص ويأخذ الكتاب النفيس، ويضع في مكانه كتاباً آخر لا يسوى شيء بالنسبة له، لا شك أن هذه خيانة مع كونها سرقة خيانة.(156/16)
"وجعل مكانه لبداً أو فروة، وخاط عليه، فلما قدمت المولاتان المدينة دفعتا ذلك إلى أهله" هو أمانة يوصل إلى بني فلان "فلما فتقوا عنه وجدوا فيه اللبد ولم يجدوا البرد، فكلموا المرأتين" يعني المولاتين، فكلمتا عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنها بالمدينة، أو كتبتا إليها؛ لأنها لم تصل المدينة، واتهمتا العبد؛ لأنه ما في معهما إلا هو "فسئل العبد عن ذلك فاعترف، فأمرت به عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- فقطعت يده" هذا دليل على أن السيد يقيم الحد على مولاه، سواءً كان ذكر أو أنثى، ((إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب عليها)) يقيم الحد عليها ولو بالقطع، أما الأحرار فلا يقيم الحد عليهم إلا السلطان.
"وقالت عائشة: "القطع في ربع دينار فصاعدا" لأنه قوم البرد فإذا بقيمته أكثر من ربع دينار.
"وقال مالك: أحب ما يجب فيه القطع إلي ثلاثة دراهم، وإن ارتفع الصرف أو اتضع" فجعل الأصل في النصاب الفضة، ارتفع الصرف أو اتضع، يعني سواءً كان الدينار بعشرة دراهم أو بعشرين درهماً، فالقطع في ثلاثة دراهم عملاً بحديث المجن، وهذا رأي الإمام مالك.
"أحب ما يجب فيه القطع إلي ثلاثة دراهم، وإن ارتفع الصرف أو اتضع، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم، وأن عثمان بن عفان قطع في أترجة قومت بثلاثة دراهم، وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك" ومن أهل العلم من يرى أن الأصل الذهب فلا يقطع إلا في ربع دينار، ولو كان المسروق قيمته أكثر من ثلاثة دراهم ما لم تصل إلى ربع دينار، ومنهم من يقول: إن كلاً منهما أصل برأسه.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
الدرهم؟
طالب:. . . . . . . . .
الدرهم ويش يساوي من الريال؟ أنت إذا شفت ربع الدينار، الدينار أربعة أسباع الجنيه، فربعه سبع الجنيه، ربع الدينار سبع الجنيه، والجنيه الآن يمكن بخمسمائة وإلا بستمائة؟ كم الجرام؟
طالب: خمسمائة وستين.
خمسمائة وستين الجنيه؟ خمسمائة وستين، سبعها؟ سبعة في ثمانية كم؟
طالب:. . . . . . . . .(156/17)
إي نعم ثمانين، يسرق البيضة فتقطع يده، يسرق الحبل فتقطع يده، هذا على التنفير من السرقة والتحذير منها، ومنهم من يقول: إن المراد بالبيضة البيضة تضع على الرأس في الحرب، وقيمتها أكثر من ثلاثة دراهم، والحبل حبل السفينة وقيمته أكثر، لكن السياق يأبى هذا التأويل.
نعم.
سم.
أحسن الله إليك.
باب: ما جاء في قطع الآبق والسارق
حدثني عن مالك عن نافع أن عبداً لعبد الله بن عمر -رضي الله عنه- سرق وهو آبق، فأرسل به عبد الله بن عمر إلى سعيد بن العاص وهو أمير المدينة ليقطع يده، فأبى سعيد أن يقطع يده، وقال: "لا تقطع يد الآبق السارق إذا سرق" فقال له عبد الله بن عمر: "في أي كتاب الله وجدت هذا؟ ثم أمر به عبد الله بن عمر فقطعت يده".
وحدثني عن مالك عن زريق بن حكيم أنه أخبره أنه أخذ عبداً آبقاً قد سرق قال: فأشكل علي أمره، قال: فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز أسأله عن ذلك وهو الوالي يومئذ، قال: فأخبرته أنني كنت أسمع أن العبد الآبق إذا سرق وهو آبق لم تقطع يده، قال: فكتب إلي عمر بن عبد العزيز نقيض كتابي، يقول: كتبت إلي أنك كنت تسمع أن العبد الآبق إذا سرق لم تقطع يده، وإن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [(38) سورة المائدة] فإن بلغت سرقته ربع دينار فصاعداً فاقطع يده.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وعروة بن الزبير كانوا يقولون: "إذا سرق العبد الآبق ما يجب فيه القطع قطع".
قال مالك -رحمه الله-: وذلك الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا، أن العبد الآبق إذا سرق ما يجب فيه القطع قطع.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في قطع الآبق والسارق
في قطع الآبق والسارق كذا بالعطف كأنه عطف تفسير، كأن هذا عطف تفسيري، قطع الآبق، الآبق يقطع بمجرد إباقه أو يقطع إذا سرق؟ إذا سرق، والسارق لا شك أنه يقطع، يعني لو قلنا: إن العطف على نية تكرار العامل، وقلنا: باب قطع الآبق وقطع السارق يقطع بدون سرقة، والسارق يقطع بدون إباق.(156/18)
قال الشارح شيء؟ شوف الترجمة.
هو لا شك أن الباب معقود للعبد إذا أبق عن سيده وسرق أثناء إباقه.
الشبهة التي ترد على العبد الآبق إذا سرق أن السرقة بالنسبة له الذي يدعوه إليها في الغالب الحاجة، فقد يقال: إن هذا العبد البعيد عن سيده لا يجد من ينفق عليه، فيضطر إلى السرقة، فيدرأ عنه الحد، ولا شك أن درأ الحد بالحاجة عمر -رضي الله عنه- لم يقطع عام الرمادة للمجاعة والحاجة، لكن هل هذا عزيمة وإلا رخصة؟ رخصة، والرخص لا تستعمل في حق من عصى الله -جل وعلا-، ولذا الجمهور على أن العاصي في سفره لا يترخص، والآبق عاصي، فيقطع إذا سرق، ويضيق عليه، ولا يمكن من البقاء حال كونه آبقاً عن سيده، بل يضيق عليه حتى يرجع إلى سيده، وقل مثل هذا في الولد إذا هرب عن أبويه، لا يجوز إيوائه، وقد يقال بمثل هذا في العامل إذا كانت إقامته غير نظامية، فلا شك أن المسألة ينتابها أمور، يعني هؤلاء الذين يأتون بغير ... مع مخالفة النظام، ويقيمون لا شك أنهم لا يجدون أعمال، لا يمكنون من العمل بغير إقامة، وكثيراً ما يتعرضون لسؤال الناس من الصدقات والزكوات، فإن أعطوا أعينوا على البقاء مع المخالفة، وإن لم يعطوا حملوا على السرقة، يعني إذا لم يعطوا حملوا على السرقة، وإن أعطوا أعينوا على هذه المخالفة، ففي مثل هذا هل يقال بارتكاب أخف الضررين؟ وأن إقامتهم بدون إقامة نظامية أسهل من كونهم يسطون على البيوت ويسرقون، أو أن عدم إعانتهم على البقاء يضطرهم إلى الرجوع إلى بلدانهم؟ يعني هذه ... ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(156/19)
لا هم في الغالب يأتون من أجل الكسب، من أجل الرزق يأتون، فمثل هذا لا شك أنه ينتابه الأمران، وكلاهما مُر، يعني لو فتح المجال للعمالة، وفتح الباب على مصراعيه، وكل واحد تستر على عامل، لا شك أن هذا التنظيم مثل هذا لمصلحة الناس؛ لأنه لو أعين مثل هذا ... ، العامل الذي في كفالة شخص، وهو مسئول عنه وعن جميع تصرفاته؛ لأن العمال يأتون من بلدان شتى، أعرافهم تختلف عن أعراف البلد، وهناك عندهم أمور ليست بشيء في نظرهم، وهي عندنا عظائم، وهناك أمور بالعكس اختلاف الأعراف لا شك أنه موجود، فإذا ترك من دون رقيب أو هرب من كفيله وآواه شخص آخر وعطف عليه، هذه أيضاً يعني لا بد من أن يكون أمام المسئولين، شخص مسئول عن هذا الشخص، وإلا تكون المسألة فوضى.
يعني تصور أن عندنا من العمالة أكثر من خمسة ملايين مثلاً، واضطربت أحوالهم، هذا هرب عن كفيله، وهذا استتر بمكان، وهذا ... ، يعني معروفة أوضاعهم والتزامهم بالدين، وعدم التزامهم، كثير منهم يأتي من بلدان شبه إباحية، فتركهم بدون رقابة، وبدون حسيب، وبدون كفيل يكون مسئول عن تصرفاتهم هذا فيه إخلال بالبلد، هذا ما فيه شك أن هذه الأنظمة إنما سنت للمصلحة، روعي فيها المصالح، ولا شك أن المصالح المرعية لها شأن في الشرع.
على كل حال هل من المصلحة أن يعطى هذا العامل لا سيما إذا ظهرت عليه أمارات الصلاح، وأنه ما جعله يقيم إقامة غير نظامية إلا الشدة التي طردته من بلده، لكن إن لم يعط ماذا يصنع؟ لا شك أنه قد يضطر إلى سرقة أو انتهاب أو شيء من هذا وقد حصل، فمثل هذه الأمور لا شك أنها تحتاج إلى دراسة واعية ممن يقوم على هؤلاء، سواءً كان من المسئولين، أو من غيرهم ممن يقدمهم إلى هذه البلاد.
يقول: "حدثني عن مالك عن نافع أن عبداً لعبد الله بن عمر سرق وهو آبق، فأرسل به عبد الله بن عمر إلى سعيد بن العاص وهو أمير المدينة ليقطع يده" الآن الأصل أن ابن عمر يقيم عليه الحد؛ لأنه سيده، لكنه من باب احترام السلطان وصاحب الأمر بعث به إليه.(156/20)
"فأبى سعيد أن يقطع يده، وقال: "لا تقطع يد الآبق السارق إذا سرق" لعل الشبهة في ذلك أنه يحتاج لبعده عن سيده الذي ينفق عليه "إذا سرق، فقال له عبد الله بن عمر: "في أي كتاب الله وجدت؟ " يعني عندك دليل على هذا وإلا ما عندك إنما هو مجرد اجتهاد؟ "ثم أمر به عبد الله بن عمر فقطعت يده" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
في أي كتاب الله وجدت هذا، في أي كتاب يعني من كتب الله -جل وعلا-.
"فقطعت يده" الآن أيهما أفضل بالنسبة لعبد الله بن عمر أن يبعث به إلى الوالي ويجتهد الوالي، ويكون اجتهاد ابن عمر مخالف، أو من الأصل ابن عمر نفذ الحد وانتهى بدون ما يرفع؟ هو لا شك لو أنه اتفق الاجتهادان، وقطعت يده بأمر الوالي أن هذا ما في شك أنه من باب احترام الوالي وتقديره وإن كان الأصل أن الذي يقيم الحد السيد، لكن لما اختلف الاجتهاد؟
طالب:. . . . . . . . .
هو أصل المسألة مبنية على احترام الوالي صح وإلا لا؟ فاجتهاد الوالي ما وافق، فهل نقول: في مثل هذه الصورة أنت تبي تجتهد وتحترم الوالي وتقدم هذا الرقيق إلى الوالي ليقيم عليه الحد، ثم الوالي بعد ذلك يخالف اجتهادك، ثم تخالف اجتهاد الوالي؟ فأنت من الأصل لا ترفع؛ لوجود هذا الاحتمال؛ لأنه مع المخالفة ما الذي يكون نفسه الوالي؟ هل يبي يحفظ لعبد الله بن عمر هذا التقدير أو يبي ينعكس الوضع؟
طالب: يمكن ينعكس.
ما في شك أنه ينعكس؛ لأنه خالفه، لكن على كل حال الحق مقدم على كل أحد، فمثل هذا يحتاج إلى معرفة هذا الشخص هل هو من أهل الاجتهاد أو ليس من أهل الاجتهاد؟
طالب: يعني في زمان عبد الله بن عمر ما في والي يقيم الحدود فأقامه عليه ....
لا، لا في والي، هذا سعيد أمير المدينة، هو أمير المدينة، فدفع به عبد الله بن عمر إلى الوالي سعيد بن العاص ليقطع يده، ما عنده تردد عبد الله بن عمر في أنه مستحق للقطع، فدفع به إليه لا ليجتهد في أمره إنما ليقطع يده، فالذي حصل أن الاجتهاد اختلف، اجتهاد الوالي عن اجتهاد ابن عمر، فرجع ابن عمر إلى اجتهاده وهو أن الرقيق في مثل هذه الصورة يقطع، تقطع يده؛ لأنه لا شبهة له.(156/21)
"وحدثني عن مالك عن زريق بن حكيم أنه أخبره أنه أخذ عبداً آبقاً قد سرق قال: فأشكل علي أمره" يعني الشبهة واردة، الشبهة موجودة، الشبهة التي عرضت لسعيد بن العاص عرضت هنا، مما يدل على أنها لها حظ من النظر، يعني ما تفرد بها شخص، بل هي موجودة عند كثير من الناس أن العبد الآبق قد يحتاج، وإذا سرق محتاجاً لا قطع عليه.
"قال: فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز أسأله عن ذلك، وهو الوالي يومئذ" فمنهم من يقتضي نظره أنه يقطع، ولو كان محتاجاً، ولو كان بعيداً عن سيده؛ لأنه لا يعان في معصيته على السرقة، ولا تيسر أموره كالعاصي في بسفره، ومنهم من يقول: إنه ما دام مستحق للإعانة، وهو محتاج فلا مانع من أن يدرأ عنه الحد، وتكون حينئذٍ الجهة منفكة كالعاصي في سفره هل له أن يأكل من الميتة إذا اضطر؟ هذه المسألة معروف قول الجمهور لا، والحنفية يرون أن له أن يأكل، نعم؟
طالب: يا شيخ أحسن الله إليك ماذا يقال بإقامة الحد على العبد الآبق عندما يسرق تأديباً لغيره حتى ما يأبق؟
هو مقتضى النظر نظر عمر بن عبد العزيز، ونظر عبد الله بن عمر أنه يقطع، هذا الأصل فيه أنه يقطع، ولا يعان على إباقه، فيردع هو ويردع من يريد الاقتداء به، هذا الاجتهاد الذي حصل، لكن اجتهاد سعيد بن العاص واجتهاد غيره الذي في هذا الحديث، فأشكل علي أمره ...
طالب: أنهم بحاجة إلى ذلك أصلاً.
نعم.
"فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز أسأله عن ذلك، وهو الوالي يومئذٍ، قال: فأخبرته أنني كنت أسمع أن العبد الآبق إذا سرق وهو آبق لم تقطع يده" يعني هذه الشبهة اشترك فيها أكثر من شخص، يعني مال إليها واستروح إليها أكثر من شخص، وهي شبهة ظاهرة أنه بعيد عن سيده الذي تلزمه نفقته فلا تقطع يده للحاجة.(156/22)
قال: "فكتب إلي عمر بن عبد العزيز نقيض كتابي" يعني أنه تقطع يده؛ لأنه سارق، والآية تنطبق عليه، يقول: "كتبت إلي أنك كنت تسمع أن العبد الآبق إذا سرق لم تقطع يده، وأن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللهِ} [(38) سورة المائدة] أل هذه جنسية تشمل الآبق وغير الآبق، {وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} فإن بلغت سرقته النصاب ربع دينار فصاعداً فاقطع يده.
قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وعروة بن الزبير" والثلاثة كلهم من الفقهاء السبعة "كانوا يقولون: "إذا سرق العبد الآبق ما يجب فيه القطع قطع" لأنه ما يوجد ما يستثنيه من النصوص.
"قال مالك: وذلك الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا" يعني هذا مما نتفق عليه مع علماء بلدنا أن العبد الآبق إذا سرق ما يجب فيه القطع قطع، وأنه لا يوجد ما يستثنيه من النصوص التي توجب إقامة الحد عليه، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(156/23)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح الموطأ - كتاب الحدود (4)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ترك الشفاعة للسارق إذا بلغ السلطان
وحدثني مالك عن ابن شهاب عن صفوان بن عبد الله بن صفوان أن صفوان بن أمية قيل له: إنه من لم يهاجر هلك، فقدم صفوان بن أمية المدينة، فنام في المسجد، وتوسد رداءه، فجاء سارق فأخذ رداءه، فأخذ صفوان السارق، فجاء به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أسرقت رداء هذا؟ )) قال: نعم، فأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تقطع يده، فقال له صفوان: إني لم أرد هذا يا رسول الله، هو عليه صدقة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فهلا قبل أن تأتيني به)).
وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن الزبير بن العوام لقي رجلاً قد أخذ سارقاً، وهو يريد أن يذهب به إلى السلطان، فشفع له الزبير ليرسله، فقال: لا، حتى أبلغ به السلطان، فقال الزبير -رضي الله عنه-: "إذا بلغت به السلطان فلعن الله الشافع والمشفع".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمة الله تعالى-:
باب: ترك الشفاعة للسارق إذا بلغ السلطان(157/1)
الحدود إذا بلغت السلطان لا يجوز لأحد كائناً من كان أن يشفع فيها، وأن يسعى في تعطيل حدود الله، إذا بلغت السلطان فلا شفاعة، وفي الصحيح من حديث المرأة التي كانت تستعير المتاع وتجحده، فلما رفعت على النبي -عليه الصلاة والسلام- فأمر بقطع يدها شفع لها أسامة بن زيد، كلّم النبي -عليه الصلاة والسلام- لمكانته منه، فهو حب النبي -عليه الصلاة والسلام- وابن حبه، حتى قال الأعيان والملأ من قريش، قالوا: لا يمكن أن يشفع إلا أسامة، كلموا أسامة فكلم النبي -عليه الصلاة والسلام-، فأنكر عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-، ((أتشفع في حد من حدود الله؟ )) غضب عليه، ((والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)) فلا بد من تطبيق الحدود بقوة وحزم ليقطع دابر الفساد، ولا يمكن أن يقضى على الفساد والمفسدين إلا بهذه الطريقة، وإلا لو دخلت الواسطات والشفاعات في الحدود ما قام منها شيء، ولآل الأمر إلى ما آل إليه بنو إسرائيل، إذا سرق فيهم الضعيف قطعوه، وإذا سرق فيهم الشريف تركوه.
يقول: "إذا بلغ السلطان" السلطان هو ولي الأمر، الإمام الأعظم، أو من ينوب منابه، ويقوم مقامه من القضاة ونحوهم، وأما قبل ذلك فمن الأعوان والهيئات والشرط، وما أشبه ذلك، لكن مع ذلك يجب أن يكون عفوهم وشفاعة الشافعين لديهم في الأمور الممكنة، لا يشفعون للمفسدين، لأهل السوابق، وأهل الجرائم هذا لا يجوز أن يشفع لهم، ولا يجوز أن يتركوا، وأن يفلتوا من حكم الله -عز وجل-، أما إذا بلغت السلطان فلا شفاعة لأحد كائناً من كان، ولا شفاعة في أحد كائناً من كان.(157/2)
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن صفوان بن عبد الله بن صفوان أن صفوان بن أمية قيل له: إن من لم يهاجر هلك" ولا شك أن الهجرة لها شأن عظيم في أول الإسلام، الهجرة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- لها شأن عظيم، واستمر حكمها على الوجوب إلى قيام الساعة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام "فقدم صفوان بن أمية المدينة" مهاجراً، أول ما قدم ليس له بيت يؤويه "فنام في المسجد وتوسد رداءه" توسد رداءه "فجاء سارق فأخذ الرداء من تحت رأسه" وهذا حرز، كون الإنسان يتوسد الشيء، أو يتكئ عليه، أو يجعله في جيبه هذا حرزه "فأخذ صفوان السارق، فجاء به إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" ولا يدري ما العاقبة؟ وما النتيجة؟ يظن أن هذا حق مالي ثبت في ذمة هذا السارق كسائر الديون، وسائر الحقوق يستخرج منه، ولا يدري أنه يترتب عليه قطع يد "فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" ليقرره: ((أسرقت رداء هذا؟ )) يقوله للسارق "فقال: نعم، فأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تقطع يده" لأنها حق لله -جل وعلا-، وإن عفا المسروق منه، قد يعفو عن المال، لكن لا يعفو عن الحد، ولذا في بعض الجهات من ولاة أمور المسلمين بعض أهل الذمة سرق، فقيل له: كم دية اليد؟ قيل: نصف الدية، قال: هذه نصف الدية أنا. . . . . . . . .، فاستلم نصف الدية التي قيمة اليد، فقطعها وأعطاها إياه، قال: أنتم اشتريتم اليد، ما اشتريتم الحد، اشتريتم اليد ولم تشتروا الحد، الحد لا يباع ولا يشترى، ولا يساوم عليه "فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أسرقت رداء هذا؟ )) قال: نعم، فأمر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تقطع يده" هذا حكمه، الذي سرق ما يبلغ النصاب من حرزه الذي أخذه خفية، فإنه يجب القطع حينئذٍ.
"فقال له صفوان: إني لم أرد هذا يا رسول الله" أنا لا أريد القطع، أنا أريد أن يرد علي ردائي، لا أكثر ولا أقل "هو عليه صدقة" تنازل عنه "فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فهلا قبل أن تأتيني به)) ".(157/3)
يعني لو تنازلت قبل ما تجي ما دورناك، لكن ما دام بلغ الحد السلطان، فلا يجوز له حينئذٍ أن يعفو، جاء في بعض الأخبار: إن عفا فلا عفا الله عنه، لا يجوز له أن يعفو بحال عن الحدود بعد أن تصدر وتقرر بجميع متطلباتها.
قال: "وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن" ربيعة الرأي شيخ الإمام مالك "أن الزبير بن العوام" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كل شيء بحسبه، كل شيء بحسبه، هذا حرز.
طالب:. . . . . . . . .
هذا الذي قررناه أنه حرز، حرز، نعم، هذا الذي قررناه سابقاً.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال ترى القضاة عندهم فتوى أنه ليس بحرز، والسيارة ليست بحرز، ولا يقطعون بها، معروف هذا، لكن مع ذلك المتجه أنه حرز، يعني مع أن المسألة ما هي محل اتفاق بين أهل العلم حتى من أهل العلم الكبار من يرى أنها حرز، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال إذا أغلقت وأحكمت بزجاجها، وأقفالها هذا حرزها، وأما المطالبة بأن تدخل في البيوت فليس كل أحد يملك البيت، هذا عرفي، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بل بعض الأموال تحفظ بما هو دون ذلك بكثير، المواشي تحفظ بأخشاب تقرن بحبل، يحل هذا الحبل وتساق، هذا حرز، يقطع به، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
النصاب ثلاثة دراهم، أو ربع دينار.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما هو بأقل، الأترجة أكثر من ثلاثة دراهم فضلاً عن الريال.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يلزم أن يكون ... ، أن يعلم الحكم، لا صاحب المال ولا السارق، وإذا عرف أن الحكم التحريم فلا يلزم أن يعرف ما يترتب على الحكم.
طالب:. . . . . . . . .
ما يعرف أن السرقة محرمة؟
طالب: لا، يعرف يا شيخ.
خلاص انتهى، لا لو ما عرف أن في قطع، لو ما عرف، هذا حق لله -جل وعلا-.
طالب: صاحب المال يا شيخ.
هو صاحب المال ليس له أن يطالب بالقطع، ليس له أن يطالب إلا بماله.
طالب:. . . . . . . . .
القول معروف، لكن مع ذلك له ماله، هذا الأصل أن الأموال تثبت بالذمم المتعدية.(157/4)
قال: "وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن الزبير بن العوام لقي رجلاً قد أخذ سارقاً وهو يريد أن يذهب به إلى السلطان، فشفع له الزبير ليرسله" شفع له عند من أخذه، سواءً كان صاحب المال أو غير صاحب المال، المقصود أنه من رفعه لولي الأمر ليحد، شفع له الزبير "فقال: لا حتى أبلغ به السلطان، فقال الزبير: إذا بلغت به السلطان فلعن الله الشافع والمشفع" انتهى، انتهى الموضوع إذا بلغت السلطان، وهكذا ينبغي أن تؤخذ الأمور بجد، وأن يؤخذ الكتاب بقوة، بدون تلاعب، أو تفريق بين الناس، أو شفاعات، أو محسوبيات، أو وساطات، كل هذا لا يدخل في هذا الباب، والله المستعان، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: جامع القطع
حدثني مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن رجلاً من أهل اليمن أقطع اليد والرجل، قدم فنزل على أبي بكر الصديق فشكا إليه أن عامل اليمن قد ظلمه، فكان يصلي من الليل فيقول أبو بكر: وأبيك ما ليلك بليل سارق، ثم إنهم فقدوا عقداً لأسماء بنت عميس امرأة أبي بكر الصديق، فجعل الرجل يطوف معهم ويقول: اللهم عليك بمن بيت أهل هذا البيت الصالح، فوجدوا الحلي عند صائغ زعم أن الأقطع جاءه به، فاعترف به الأقطع، أو شهد عليه به، فأمر به أبو بكر الصديق فقطعت يده اليسرى، وقال أبو بكر الصديق: والله لدعاؤه على نفسه أشد عندي عليه من سرقته.
قال مالك: الأمر عندنا في الذي يسرق مراراً ثم يستعدى عليه إنه ليس عليه إلا أن تقطع يده لجميع من سرق منه إذا لم يكن أقيم عليه الحد، فإن كان قد أقيم عليه الحد قبل ذلك ثم سرق ما يجب فيه القطع قطع أيضاً.
وحدثني مالك: إن أبا الزناد أخبره أن عاملاً لعمر بن عبد العزيز أخذ ناساً في حرابة، ولم يقتلوا أحداً، فأراد أن يقطع أيديهم أو يقتل، فكتب إلى عمر بن عبد العزيز في ذلك، فكتب إليه عمر بن عبد العزيز: لو أخذت بأيسر ذلك.(157/5)
وسمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في الذي يسرق أمتعة الناس التي تكون موضوعة بالأسواق محرزة، قد أحرزها أهلها في أوعيتهم، وضموا بعضها إلى بعض: إنه من سرق من ذلك شيئاً من حرزه، فبلغ قيمته ما يجب فيه القطع فإن عليه القطع كان صاحب المتاع عند متاعه أو لم يكن، ليلاً ذلك أو نهاراً.
قال مالك –رحمه الله- في الذي يسرق ما يجب عليه فيه القطع ثم يوجد معه ما سرق فيرد إلى صاحبه إنه تقطع يده.
قال مالك -رحمه الله-: "فإن قال قائل: كيف تقطع يده، وقد أخذ المتاع منه، ودفع إلى صاحبه فإنما هو بمنزلة الشارب يوجد منه ريح الشراب المسكر، وليس به سكر فيجلد الحد.
قال مالك -رحمه الله-: وإنما يجلد الحد في المسكر إذا شربه، وإن لم يسكره، وذلك أنه إنما شربه ليسكره، فكذلك تقطع يد السارق في السرقة التي أخذت منه، ولو لم ينتفع بها ورجعت إلى صاحبها، وإنما سرقها حين سرقها ليذهب بها.
قال مالك -رحمه الله- في القوم يأتون إلى البيت فيسرقون منه جميعاً، فيخرجون بالعدل يحملونه جميعاً، أو الصندوق أو الخشبة أو بالمكتل، أو ما أشبه ذلك، مما يحمله القوم جميعاً: إنهم إذا أخرجوا ذلك من حرزه وهم يحملونه جميعاً فبلغ ثمن ما خرجوا به من ذلك ما يجب فيه القطع، وذلك ثلاثة دراهم فصاعداً، فعليهم القطع جميعاً.
قال مالك -رحمه الله-: وإن خرج كل واحد منهم بمتاع على حدته فمن خرج منهم بما تبلغ قيمته ثلاثة دراهم فصاعداً فعليه القطع، ومن لم يخرج منهم بما تبلغ قيمته ثلاثة دراهم فلا قطع عليه.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا أنه إذا كانت دار رجل مغلقة عليه، ليس معه فيها غيره فإنه لا يجب على من سرق منها شيئاً القطع حتى يخرج به من الدار كلها، وذلك أن الدار كلها هي حرزه، فإن كان معه في الدار ساكن غيره، وكان كل إنسان منهم يغلق عليه بابه، وكانت حرزاً لهم جميعاً، فمن سرق من بيوت تلك الدار شيئاً يجب فيه القطع فخرج به إلى الدار، فقد أخرجه من حرزه إلى غير حرزه، ووجب عليه فيه القطع.(157/6)
قال مالك –رحمه الله-: والأمر عندنا في العبد يسرق من متاع سيده أنه إن كان ليس من خدمه ولا ممن يأمن على بيته، ثم دخل سراً فسرق من متاع سيده ما يجب فيه القطع، فلا قطع عليه، وكذلك الأمة إذا سرقت من متاع سيدها لا قطع عليها.
وقال في العبد لا يكون من خدمه ولا ممن يأمن على بيته فدخل سراً فسرق من متاع امرأة سيده ما يجب فيه القطع إنه تقطع يده.
قال: وكذلك أمة المرأة إذا كانت ليست بخادم لها، ولا لزوجها، ولا ممن تأمن على بيتها فدخلت سراً فسرقت من متاع سيدتها ما يجب فيه القطع فلا قطع عليها.
قال مالك -رحمه الله-: وكذلك أمة المرأة التي لا يكون من خدمها ولا ممن تأمن على ...
لا تكون، لا تكون.
أحسن الله إليك.
تكون؟
تكون التي لا تكون.
وكذلك أمة المرأة التي لا تكون من خدمها ولا ممن تأمن على بيتها فدخلت سراً، فسرقت من متاع زوج سيدتها ما يجب فيه القطع أنها تقطع يدها.
قال مالك –رحمه الله-: وكذلك الرجل يسرق من متاع امرأته، أو المرأة تسرق من متاع زوجها ما يجب فيه القطع، إن كان الذي سرق كل واحد منهما من متاع صاحبه في بيت سوى البيت الذي يغلقان عليهما، وكان في حرز سوى البيت الذي هما فيه، فإن من سرق منهما من متاع صاحبه ما يجب فيه القطع فعليه القطع فيه.
قال مالك –رحمه الله- في الصبي الصغير والأعجمي الذي لا يفصح أنهما إذا سرقا من حرزهما أو غلقهما فعلى من سرقهما القطع، وإن خرجا من حرزهما وغلقهما فليس على من سرقهما قطع، قال: وإنما هو بمنزلة حريسة الجبل والثمر المعلق.
قال مالك -رحمه الله-: والأمر عندنا في الذي ينبش القبور أنه إذا بلغ ما أخرج من القبر ما يجب فيه القطع فعليه فيه القطع.
وقال مالك -رحمه الله-: وذلك أن القبر حرز لما فيه كما أن البيوت حرز لما فيها، قال: ولا يجب عليه القطع حتى يخرج به من القبر.
يقول المؤلف -رحمه الله-:
باب: جامع القطع
يعني الباب الذي يجمع مسائل متفرقة من مسائل القطع في السرقة.(157/7)
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن رجلاً من أهل اليمن أقطع اليد والرجل قدم" كأنه سرق مرتين فقطعت يده اليمنى في المرة الأولى، ثم رجله اليسرى في المرة الثانية "قدم المدينة من اليمن، فنزل على أبي بكر الصديق" الخليفة "فشكا إليه أن عامل اليمن قد ظلمه، فكان يصلي من الليل" ليغر الخليفة الراشد بتنسكه، ويبرهن على ظلم من قطعه "فكان يصلي من الليل، فيقول أبو بكر: وأبيك ما ليلك بليل سارق" يعني هذا عبد صالح يقوم من الليل، كيف يتهم بسرقة؟ يعني الناس يحسنون الظن بالعابد الذي يتعبد، يحسن الناس به الظن كثيراً، وهذا هو الأصل، كما تقدم في كتاب الموطأ أن الإمام مالك -رحمه الله- خرج لعبد الكريم بن أبي المخارق أبي أمية، وهو ضعيف، ومن شرطه ألا يخرج إلا لثقة، فسئل، فقال: غرني بكثرة جلوسه في المسجد.
لا شك أن الناس يغترون وينخدعون بمن ظاهره الصلاح، أو من يزيد على غيره في هذا الصلاح، ولو ظاهراً، والسرائر إلى الله -جل وعلا-، فلا شك أن التعامل إنما هو على الظاهر، والسرائر موكولة إلى الله -جل وعلا-، هذا بالنسبة لغير حقوق المخلوقين، يعني الأمور التي يكون فيها أكثر من طرف لا يؤثر مثل هذا العمل على الحكم في هذه القضية، لا بد أن تؤخذ بالعدل والمقدمات الشرعية، ثم تخرج النتائج شرعية، أما الأمور التي ليس فيها أطراف فإنه يعمل فيها بالظاهر، والأصل في المسلم العدالة، إذا لم يظهر منه علامات تدل على فسقه، فإنه إنما يعمل بظاهره، وفي حقوق العباد يطلب فيها التزكية، العدالة الباطنة، الخبرة الباطنة التي هي التزكية، ولذا الرواة يُطلب من يزكيهم، الشهود يُطلب من يزكيهم، لا بد، ولا يُكتفى بالظاهر إلا على قول من لا يشترط مزيداً على الإسلام في الراوي، فهذا قول معروف عند بعض أهل العلم.(157/8)
على كل حال كان يصلي من الليل "فيقول أبو بكر: وأبيك ما ليلك بليل سارق" هذا مشكل؛ لأن الذي يظهر أن الواو واو قسم، وهو قسم بغير الله -جل وعلا-، وهذا شرك، فهل يقال: إن الخليفة الراشد قصد به القسم؟ أو جرى على لسانه هذا الكلام من غير إرادة كما يجاب بهذا عن بعض الأحاديث التي جاء فيها القسم بغير الله؟ جاء ((أفلح وأبيه إن صدق)) يقولون: هذا لا يقصد به التعظيم، وإنما هو شيء يجري على اللسان دون قصد، بالنسبة للنصوص المرفوعة تُخرج على أنها كانت قبل التحريم، أو كما جاء في صحيح مسلم: ((أفلح وأبيه إن صدق)) أن السهيلي قال: إنه وقف على نسخة عتيقة من صحيح مسلم تصحفت فيها الكلمة، أصلها (والله) فقصرت اللامان فأشبهت في الصورة وأبيه، وإلا أصلها (والله) لكن هنا ماذا نقول: وأبيك؟ هل نقول: إنها أصلها والله ثم تصحفت إلى أبيك؟ احتمال، ولا يظن بالخليفة الراشد أنه يخالف ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو يقال: إن أبا بكر .. ، يتصور أن أبا بكر -رضي الله عنه وأرضاه- ما بلغه النهي؟ نعم؟ عمر -رضي الله عنه- أقسم بأبيه، فلما سمع النهي كف، فهل نقول: إن أبا بكر ما بلغه النهي؟ احتمال؛ لأنه خفي عليه أشياء من النصوص، ما وجد عند غيره من صغار الصحابة، ولا يشترط في الفاضل أن يكون أفضل من غيره من كل وجه، أو أعلم من غيره في كل باب من أبواب الدين، هذا ما يمكن، فاحتمال أن يكون ما بلغه النهي، احتمال أن تكون مصحفة عن (والله) كما قال السهيلي في الحديث الآخر.
"ما ليلك بليل سارق" يعني الذي يصلي الليل هل يتصور منه أنه يسرق؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش المانع؟ عندك أوجه منها؟ عندك أوجه منها؟ أو نقول: يجوز القسم بغير الله؟
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . اللي بعده، الصورة واحدة، ترى لو تأملت، ما في نقط في وقتهم، في وقتهم ما في شيء اسمه نقط.
طالب:. . . . . . . . .
ويش تقول؟ مثل إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا تصحيف، الباء هذه بس لو رفعت اللام هذه، الباء والياء لو رفعتا صارت والله.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن هذا إذا كان يعلم نعم فهو شرك، هذا شرك أمره عظيم ما هو بسهل، من خير الأمة بعد نبيها.(157/9)
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
"يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن رجلاً" يعني القاسم بن محمد هل لقي أو لحق بجده؟ يعني أدرك جده؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا ما في إشكال، الضعيف لا يتكلف اعتباره، لكن ويش سبب الضعف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو ما فيه إلا إن كان القاسم بن محمد ما أدرك أبا بكر، هو ما أدركه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، إيه، أبوه محمد بن أبي بكر ولد عام حجة الوداع بالمحرم، فإدراكه لأبيه محمد هذا نعم إدراكه لأبيه بعيد يعني عمره سنتين، نعم، أو سنتين ونصف، ما يدرك، فضلاً عن ابنه، وكون القاسم بن محمد يروي هذه القصة وهو لم يدركها بصيغة (أن) أن رجلاً، هذا منقطع بلا شك؛ لأنه يذكر قصة لم يدركها.
طالب:. . . . . . . . .
نعم هو تابعي بلا شك، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
معروف، معروف هذا، وقد يقولون: إننا لا نقصد التعظيم، هذه حجتهم، والنسيان شيء يجري على ألسنتهم، ولذلك القول بأنه شيء يجري على اللسان ضعيف، فما عندنا إلا أنه إن صح الخبر ما بلغ أبا بكر، وإن صح النهي ما بلغ، وإلا مصحفة، ولا يظن بخير الأمة بعد نبيها أنه يعرف النهي ويتعداه، وعلى كل حال ما دام الخبر يرويه القاسم بن محمد، وهو لم يدرك جده، بيقين لم يدرك جده، هو بيقين لم يدرك جده، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
قريبة ترى الشكل، الكاف قريبة، الكاف قريبة من الهاء؛ لأن الهاء تكتب على صور كثيرة إذا كانت متطرفة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هو بالنسبة لهذا الحديث ممكن، أما بالنسبة لحديث مسلم والسهيلي إمام، وقد يقول: وقفت على نسخة عتيقة من صحيح مسلم فيها: "وأبيه" انتهى الإشكال، يعني مجرد دعوى، لكن ما دام وقف عليها ما هي بدعوة هذه حقيقة.
على كل حال القاسم بن محمد لم يدرك جده بيقين، فالخبر منقطع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هي؟
طالب:. . . . . . . . .
ما أظن، ما أظن، الواو. . . . . . . . . القسم.(157/10)
"ما ليلك بليل سارق" يعني هذا الذي يقوم الليل يتصور منه أن يسرق، والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وجيء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقيل له: إن فلاناً يقوم الليل، ويفعل الفواحش بالنهار، قال: سينهاه ما ذكرت، فقيام الليل لا شك أنه ينهى، والصلاة عموماًَ تنهى عن الفحشاء والمنكر إذا أديت على الوجه الشرعي.
"ثم إنهم فقدوا عقداً لأسماء بنت عميس امرأة أبي بكر الصديق" يعني القصة متصورة، يعني تصورها ممكن، يعني أن السارق يلبس على الناس، وكذلك العاصي يلبس على الناس، ويظهر نفسه مظهر البريء، فيقوم الليل، ويدعو على فعل من هذه الجرائم "فجعل الرجل يطوف معهم ويقول" يطوف يبحث عن هذا العقد، نعم، يبحث عنه، ولذلك الآن من حيل السراق الآن أنه يسرق ثم يهرب، فإذا تبعه الناس اختلط بهم، وصار يبحث عن السارق معهم، أمسكوه، امسكوه، وهو هو، فهذه من حيلهم.
يقول: "اللهم عليك بمن بيت أهل هذا البيت الصالح، فوجدوا الحلي عند صائغ زعم أن الأقطع جاءه به، فاعترف به الأقطع أو شهد عليه به فأمر به أبو بكر الصديق فقطعت يده اليسرى" يعني اللفظ ويش فيه ما ينكر الآن؟ ما في إلا القسم بغير الله -جل وعلا-، وإلا القصة يمكن أن تحصل، ولها نظائر "زعم أن الأقطع جاء به، فاعترف به الأقطع أو شهد عليه به فأمر به أبو بكر الصديق فقطعت يده" يعني دعوى الصائغ أن الذي جاء به الأقطع تكفي وإلا ما تكفي؟ ما تكفي؛ لأنها قرينة، إنما العبرة باعترافه، أو الشهادة عليه "فأمر به أبو بكر الصديق فقطعت يده اليسرى، وقال أبو بكر الصديق: والله لدعاؤه على نفسه أشد عندي عليه من سرقته" كيف يدعو على نفسه؟! "اللهم عليك بمن بيت أهل هذا البيت الصالح" يعني إذا كانت السرقة تفقده يده، فالدعوة قد تفقده نفسه.
"قال يحيى: قال مالك: الأمر عندنا في الذي يسرق مراراً" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه ما في وسيلة يتصرف فيه إلا بهذا، أنت تصور أنه لو دفنه في مكانه إلى أن يقفل، ويرجع إلى بلده، ويبيعه هناك، أو إلى وقت بحيث ينسى، تنسى فيه القصة، نعم، لكن من كان ديدنه مثل هذا الأمر، ولو تصنع لا بد أن ينكشف، لا بد أن يفتضح.(157/11)
"قال يحيى: قال مالك: الأمر عندنا في الذي يسرق مراراً ثم يستعدى عليه إنه ليس عليه إلا أن تقطع يده لجميع من سرق منه" يعني إذا سرق مراراً وما أقيم عليه الحد في المرة الأولى والثانية والثالثة والعاشرة، في الحادية عشرة، يقطع مرة وإلا مرار؟ مرة واحدة، الحدود تتداخل.
زنا مراراً وما قدر عليه إلا في المرة المائة مثلاً يحد مرة واحدة.
"ثم يستعدى عليه إلا أن تقطع يده لجميع من سرق منه إذا لم يكن أقيم عليه الحد" يعني لو أقيم عليه الحد قبل ذلك، ثم سرق يقام عليه الحد مرة ثانية، يعني الحدود والكفارات كلها تتداخل، إذا اتحدت أسبابها، ولم يحد من ارتكب الحد، أو يكفر من ارتكب المخالفة التي تقتضي التكفير "إذا لم يكن أقيم عليه الحد، فإن كان قد أقيم عليه الحد قبل ذلك ثم سرق ما يجب فيه القطع قطع أيضاً" لأن التداخل إنما يكون إذا لم يقم عليه الحد في المرة الأولى، أو لم يكفر الكفارة المترتبة على ذنبه في المرة الأولى، أما إذا كفر في المرة الأولى، أو أقيم عليه الحد في المرة الأولى فإنها حينئذٍ لا تتداخل.(157/12)
قال: "وحدثني عن مالك أن أبا الزناد أخبره أن عاملاً لعمر بن عبد العزيز أخذ ناساً في حرابة" حدثني عن مالك أن أبا الزناد أخبره أن عاملاً لعمر بن عبد العزيز أخذ ناساً في حرابة، قطاع طريق، أخذهم "ولم يقتلوا أحداً" قبل أن يتمكنوا من قتل أحد أخذوا "فأراد أن يقطع أيديهم أو يقتل" أراد أن يقطع أو يقتل؛ لأن الآية آية الحرابة جاءت بـ (أو) والخلاف في (أو) هذه هل هي للتخيير أو للتقسيم؟ فكونه تردد في معنى (أو) أراد أن يقطع أو يقتل، كتب إلى عمر بن عبد العزيز لبراءة ذمته "في ذلك فكتب إليه عمر بن عبد العزيز: لو أخذت بأيسر ذلك" يعني أيسر ما ذكر في الآية، وهو إيش؟ النفي، النفي هؤلاء ما قتلوا أحداً، ولا يدرى هل سرقوا المال أو ما سرقوا؟ المقصود أنهم لم يقتلوا أحداً، فأراد أن يقطع أيديهم أو يقتل، تردد، فكتب إلى عمر بن عبد العزيز في ذلك، فكتب إليه لو أخذت بأيسر ذلك، ما دام ما قتلوا، ومثل هذا التصرف من هذا الخليفة الراشد مناسب جداً لوقتهم؛ لأن الناس في وقته أمنوا على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم، ولم يذكر شيء مما يخل بالأمن؛ لإقامته العدل بدقة، وبحزم بين الناس، فأمن الناس على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، فما وجد مخالف في عهده -رحمه الله-، فإذا أخذ الناس بأيسر الأمور في مثل هذا العصر هذا الأصل، لكن لو كان الوضع يختلف كل يوم ممسوك مجموعة من الذين يقطعون الطريق، ويحاربون الناس، ويتحصنون بالجبال والكهوف، وما أشبه ذلك مثل هؤلاء الآية تحتمل؛ لأنها جاءت بـ (أو) والاجتهاد بابه مفتوح، فلولي الأمر أن يستعمل الأشد في مثل هذا، وتبعاً للاختلاف في معنى (أو) يختلف أهل العلم هل هي للتقسيم؟ {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ} [(33) سورة المائدة] ويكون لكل حكم نظيره مما يستحق هذا الحكم من فعل المحارب {أَن يُقَتَّلُواْ} هذا إذا قتل ما في إشكال {أَوْ يُصَلَّبُواْ} إذا قتلوا وسرقوا المال، وأخافوا الناس يصلبون، ومن لازم الصلب أن يقتل بدون صلب، أو(157/13)
يصلب بعد قتله أو قبله، وبعض أهل العلم أنه يصلب قبل ثم يرمى بالسهام حتى يموت، فيقتل وهو مصلوب، ومنهم من يقول: لا، يقتل ثم يصلب، {أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ} إذا سرقوا المال، ولم يقتلوا أحداً تغلظ عليهم العقوبة نظراً لإخافتهم السبل {أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ} ويختلف أهل العلم في (أو) هذه، وتبعاً للخلاف يختلف الحكم، فعندنا مثلاً في عند الحنابلة في مختصر الخرقي يقول: "باب قطاع الطريق والمحاربون هم الذين يعرضون للقوم بالسلاح في الصحراء فيغصبونهم المال مجاهرة، فمن قتل منهم وأخذ المال قتل، وإن عفا صاحب المال يعني قتل وصلب حتى يشتهر، ودفع إلى أهله، يعني يقتل قتل وأخذ المال يقتل ويصلب، حتى يشتهر ويدفع إلى أهله، ومن قتل منهم ولم يأخذ المال قتل ولم يصلب، ومن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده اليمنى، ثم رجله اليسرى في مقام واحد، ثم حسما وخلي، ولا يقطع منهم إلا من أخذ ما يقطع السارق بمثله، ونفيهم أن يشردوا، ولا يتركون يأوون في بلد، فإن تابوا من قبل أن يُقدر عليهم سقطت عنهم حدود الله تعالى، وأخذوا بحقوق الآدميين من الأنفس والجراح والأموال، إلا أن يعفى لهم عنها.
الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في الآية يقول: قوله: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ} [(33) سورة المائدة] الآية، المحاربة هي المضادة والمخالفة، وهي صادقة على الكفر وعلى قطع الطريق، وإخافة السبيل، وكذا الإفساد في الأرض يطلق على أنواع من الشر، حتى قال كثير من السلف منهم سعيد بن المسيب: إن قبض الدراهم والدنانير من الإفساد في الأرض، ما هو قبض هذا، الظاهر أنه تزوير الدراهم والدنانير، أو قص الدراهم والدنانير، يعني الأخذ منها؛ لأنها إنما بالوزن تكون، أو قرض، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .(157/14)
لا، لا، الدراهم والدنانير عملات وزنها معروف ذهب وفضة، الذي يقرضها بالمقراض ويقص منها هذا تزوير، نعم.
قال: إن قبض الدراهم والدنانير من الإفساد في الأرض، الذي يظهر أنها قرض، يعني قرضها بالمقراض، أو قصها والأخذ منها، قال الله تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ} [(205) سورة البقرة] ثم قال بعضهم: نزلت هذه الآية الكريمة في المشركين إلى أن قال: والصحيح أن هذه الآية عامة في المشركين وغيرهم ممن ارتكب هذه الصفات، كما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي قلابة واسمه عبد الله بن زيد الجرمي، ثم ذكر قصة العرنيين، ثم قال: إنها نزلت فيهم الآية، ثم قد احتج بعموم هذه الآية جمهور العلماء في ذهابهم إلى أن حكم المحاربة في الأمصار وفي السبلان، يعني في السبل على السواء، يعني داخل الأمصار وفي الطرق والصحاري، لقوله: {وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا} [(33) سورة المائدة] وهذا مذهب مالك والأوزاعي والليث بن سعد والشافعي وأحمد بن حنبل، حتى قال مالك في الذي يغتال الرجل فيخدعه حتى يدخله بيتاً فيقتله، ويأخذ ما معه أن هذه محاربة، ودمه إلى السلطان لا إلى ولي المقتول، ولا اعتبار بعفوه عنه في إسقاط القتل، وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا تكون المحاربة إلا في الطرقات، فأما في الأمصار فلا؛ لأنه يلحقه الغوث إذا استغاث بخلاف الطريق لبعده ممن يغيثه ويعينه.
قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس في الآية: من شهر السلاح في فئة الإسلام، وأخاف السبيل، ثم ظفر به وقدر عليه فإمام المسلمين فيه بالخيار، إن شاء قتله، وإن شاء صلبه، وإن شاء قطع يده ورجله، وهذا بناءً على أن (أو) للتخيير، وكذا قال سعيد بن المسيب ومجاهد وعطاء والحسن البصري وإبراهيم النخعي والضحاك، وروى ذلك كله أبو جعفر ابن جرير، وحكى مثله عن مالك بن أنس، ومستند هذا القول أن ظاهر (أو) للتخيير كما في نظائر ذلك من القرآن.(157/15)
وبعد ذلك قال: وقال الجمهور: هذه الآية منزلة على أحوال، الآن ذكر أنها للتخيير، ثم قال .. ، هذا كلام ابن عباس وحكى مثله عن مالك، ثم قال: وقال الجمهور: وهذه الآية منزلة على أحوال، كما قال أبو عبد الله الشافعي عن ابن عباس في قطاع الطريق إذا قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا، وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا ولم يصلبوا، وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا المال نفوا من الأرض.
ثم قال بعد ذلك في النفي: وقال آخرون: قال بعضهم ينفوا من الأرض، قال بعضهم: هو أن يطلب حتى يقدر عليه فيقام عليه الحد، أو يهرب من دار الإسلام، رواه ابن جرير عن ابن عباس وأنس بن مالك ... إلى آخره، ثم قال: وقال آخرون أنه ينفى من بلده إلى بلد آخر، يعني كما ينفى الزاني البكر، أو يخرجه السلطان أو نائبه من معاملته بالكلية، وقال الشعبي: ينفيه كما قال ابن هبيرة من عمله كله، يعني إلى إقليم آخر.
وقال عطاء الخراساني: ينفى من جند إلى جند سنين، ولا يخرج من دار الإسلام؛ لأنه خطر عليه أن يرتد، وكذا قال سعيد بن جبير وأبو الشعثاء والحسن والزهري والضحاك ومقاتل بن حيان أنه ينفى ولا يخرج من أرض الإسلام، وقال آخرون: المراد بالنفي ها هنا السجن، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، واختار ابن جرير أن المراد بالنفي هنا أن يخرج من بلده إلى بلد آخر فيسجن فيه، لا بد أن يسجن؛ لأنه لو ترك ما أمن على تكرار هذه الجريمة.
"قال يحيى: وسمعت مالكاً يقول: الأمر عندنا في الذي يسرق أمتعة الناس التي تكون موضوعة بالأسواق محرزة، قد أحرزها أهلها في أوعيتهم، وضموا بعضها إلى بعض إنه من سرق من ذلك شيئاً من حرزه، فبلغ قيمته ما يجب فيه القطع، فإن عليه القطع كان صاحب المتاع عند متاعه أو لم يكن، ليلاً كان ذلك أو نهاراً".(157/16)
يعني عندهم أكياس، أصحاب العيش مثلاً يحضرون هذا العيش في أكياس، وترص هذه الأكياس بعضها فوق بعض في السوق، هؤلاء كأنهم أحرزوا أموالهم في هذه الأكياس، فهل هذا حرز وإلا ليس بحرز؟ يقول: "الأمر عندنا في الذي يسرق أمتعة الناس التي تكون موضوعة بالأسواق محرزة قد أحرزها أهلها في أوعيتهم" يعني ليس في أماكن يغلق عليها، إنما هي في الأوعية في أكياس "وضموا بعضها إلى بعض" يعني رصوا هذه الأكياس بعضها إلى بعض "أنه من سرق من ذلك شيئاً من حرزه فبلغ قيمته ما يجب فيه القطع فإن عليه القطع كان صاحب المتاع عند متاعه أو لم يكن، ليلاً كان ذلك أو نهاراً" يعني سواءً كان ذلك في الليل أو في النهار، يعني على هذا أهل المحلات الذين يضعون أمتعتهم خارج محلاتهم لا يلزمهم عسس، ولا يلزمهم حراس، ولا يلزمهم، هذه محرزة؛ لأن بعض الناس يضيق محله ببضاعته ثم يرص بعض البضاعة بعضها على بعض خارج الدكان، خارج المحل، يقول: هذا حرز، لكن الذي يظهر -والله أعلم- أن مثل هذا ليس بحرز؛ لأنه متروك، يعني لو جاء واحد بسيارته وأخذ له كيس من هذه الأكياس التي مرمية ومركوم بعضها على بعض في السوق، يقال: أخذه من حرزه؟ لا هذا ليس بحرز.
"قال مالك في الذي يسرق ما يجب عليه فيه القطع، ثم يوجد معه ما سرق فيرد إلى صاحبه إنه تقطع يده" يعني يرد إلى صاحبه لأن هذا حق الآدمي، وأما القطع فإنه حق لله -جل وعلا-، ما دام بلغ النصاب، وكان من حرزه.
"قال مالك: فإن قال قائل: كيف تقطع يده وقد أخذ المتاع منه؟ " الآن المال أخذ منه كيف تقطع يده؟ قطع اليد في مقابل إيش؟ في مقابل الجناية، وهي حق لله -جل وعلا-، وأما المال إذا رد إلى صاحبه فانتهى حقه، يبقى أن حق الله -جل وعلا- باق، ولا يجوز العفو عنه إذا وصل إلى السلطان.
"كيف تقطع يده وقد أخذ المتاع منه ودفع به إلى صاحبه؟ قال: فإنما هو بمنزلة الشارب يوجد منه ريح الشراب المسكر وليس به سكر فيجلد الحد" يعني إذا استنكه الإنسان الذي شرب الخمر، فوجدت منه رائحة الخمر، ولو كان بعد إفاقته، ولو كان ذلك بعد إفاقته، أو لم يسكر منه أصلاً لاعتياده على ذلك، يقول: ما دام شرب فالحد مرتب على الشرب، فيحد.(157/17)
قال: "وإنما يجلد الحد في المسكر إذا شربه وإن لم يسكره" هو الأصل أن السكر والخمر ما يغطي العقل، لكن قد يكون بعض الناس ممن اعتاد نسأل الله السلامة والعافية الشرب، قد لا يغطي عقله ما يغطي عقول سائر الناس، فإن هذا لا شك أنه يجلد الحد "وذلك أنه إنما شربه ليسكره، فكذلك تقطع يد السارق في السرقة التي أخذت منه، ولو لم ينتفع بها، ورجعت إلى صاحبها، وإنما سرقها حين سرقها ليذهب بها" لينتفع بها، وإن أخذت منه فإن هذا على خلاف مقصوده ومراده، ولو كان مقصوده أن يأخذها ويعيدها إلى صاحبها ما صارت سرقة.
طالب:. . . . . . . . .
نعم إذا وجدت الإخافة فهي حرابة، فإن صحبها قتل أو سرقة صار حرابة تامة، وإن وجد الإخافة فقط ولم توجد السرقة ولا القتل هذه حرابة، وإن كانت ناقصة.
طالب:. . . . . . . . .
من ليش؟
طالب:. . . . . . . . .
هذه نهبة، ولا ينتهب نهبة وهو مؤمن، هذه نهبة، يعني السرقة علانية نهبة، بعض الناس يدخل في المحلات فيسرق بفمه، يدخل محل مكسرات ويأكل ما قيمته نصابين أو ثلاثة، ويمر هذا كأنه يجربه، فإذا شبع خرج، هذه ليست بسرقة، لكنه يغرم، ويعز أيضاً، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما قلنا: حرز هذه، هذه نهبة، يعني يعزر عليها.
المسألة التي يختلف فيها أهل العلم: جحد العارية التي جاء فيها الحديث الصحيح، جحد العارية، يستعير المتاع ثم يجحده، لا شك أن بالنسبة لحد أو تعريف السرقة ينطبق عليه وإلا ما ينطبق؟ هل أخذ المال خفية؟ ما أخذه خفية، لكنه بحيث يصعب على صاحب العارية المعير إقامة بينة على دعواه، ومن باب ردع من يفعل مثل هذا قطع النبي -عليه الصلاة والسلام- يدها.(157/18)
"قال مالك في القوم يأتون إلى البيت فيسرقون منه جميعاً" يدخل مجموعة خمسة ستة عشرة فيسرقون شيئاً لا يستطيع حمله الشخص الواحد، يشتركون في حمله "فيخرجون بالعدل يحملونه جميعاً" العدل الكيس الكبير الذي فيه المتاع أو الطعام "أو الصندوق أو الخشبة أو بالمكتل أو ما أشبه ذلك مما يحمله القوم جميعاً" يعني لا يستطيع الواحد أو الاثنين، وإنما يحمله مجموعة "مما يحمله القوم جميعاً: إنهم إذا أخرجوا ذلك من حرزه وهم يحملونه جميعاً، فبلغ ثمن ما خرجوا به من ذلك ما يجب فيه القطع، وذلك ثلاثة دراهم فصاعداً، فعليهم القطع جميعاً" لا يقال: إن قيمته تقسم عليهم، فإذا بلغ نصيب كل واحد منهم نصاب يقطعون وإلا فلا، لا، لكن لو كانت أمور مفرقة، ودخلوا جميعاً، وهذا سرق جوال، وهذا سرق قلم، وهذا سرق كذا، وهذا كذا، ينظر فيما سرقوا كل على حدة، لكن لو حملوها جميعاً، هذه الأمور التي سرقت مجموعة في إناء واحد، في زنبيل واحد، واجتمعوا عليه فحملوه واشتركوا فيه، يقطعون كلهم، لكن لو دخل العشرة وهذا سرق قلم، وهذا سرق مسطرة، وهذا سرق جوال، وهذا سرق شيء، ينظر فيما سرقوا، فكل واحد على حدة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، الكلام في أخذها من حرزها، يعني لو سرقوا كل واحد سرق قلم، وقيمة كل قلم درهم، ثم في النهاية لما أخرجوها من الحرز قالوا: كل ها الأقلام لك يا فلان، يقطع؟ لا ما يقطع، لكن لو كانت هذه الأقلام محزومة بحبل، ومحرزة في مكان، وأخرجها واحد منهم عليه القطع.
هناك الأماكن العامة مثل المسجد مثلاً، لو جاء واحد وأخذ الأجهزة في المسجد، وأقيامها عالية، يقطع وإلا ما يقطع؟ يعني سرق من بيت المال مثلاً؟
طالب:. . . . . . . . .
في شبهة، المسجد حرز وإلا ما هو بحرز؟
طالب:. . . . . . . . .
ومالكه شخص وإلا مآله إلى بيت المال؟ وغرمه على بيت المال؟
طالب:. . . . . . . . .(157/19)
لكن غرمه على بيت المال، ومآله لو استغني عنه يرجع إلى بيت المال، فهل يأخذ حكم بيت المال، ويقال: له فيه شبهة وإلا لا؟ هو ما في شك أن القول بعدم القطع معروف عند أهل العلم، سواءً كان من بيت المال أو من المسجد أو الأماكن العامة من المدارس ونحوها، لكن من أهل العلم من يجري القطع في مثل هذا من باب التعزير.
طالب: المراقب يا شيخ اللي يراقب للمجموعة يقطع معهم؟
إيش يراقب؟
طالب:. . . . . . . . .
وهو برع.
ينظر لهم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذا يعزر؛ لأنه ما أخرج مال من حرزه، يعزر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
التعزير بالقطع؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يظهر، ما يظهر؛ لأنه لا يكون هناك فرق بين الحد والتعزير في مثل هذا.
قال: "وإن خرج كل واحد منهم بمتاع على حدته فمن خرج منهم بما تبلغ قيمته ثلاثة دراهم فصاعداً فعليه القطع" يعني سرق قلم قيمته درهم هذا لا يقطع، لكن من سرق متاع قيمته ثلاثة دراهم فأكثر مثل هذا يقطع، "ومن لم يخرج منهم بما تبلغ قيمته ثلاثة دراهم فلا قطع عليه".
"قال يحيى: قال مالك: الأمر عندنا أنه إذا كانت دار رجل مغلقة عليه" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
كل واحد سرق، إذا سرقوا مجموع كلهم مشتركون في هذا المجموع الذي أكثر من نصاب، لكن واحد دخل وأخذ قلم ومشى، هذا ما أخذ نصاب، سرقته مستقلة عن غيره.
طالب:. . . . . . . . .
ولو كان، ولو كان، ما دام ما سرق ما يبلغ النصاب لا قطع.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، ما هم شركاء، حتى لو كانوا شركاء، لكن كل واحد منهم سرق ما تبلغ قيمته نصاب هذا يقطع، واللي ما تبلغ قيمته .. ، إلا على قول الظاهرية الذين لا يشترطون النصاب.
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . ما عندهم إلا أقلام، بدرهم أمرها سهل.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
يا رجال الله المستعان، الأمور الصريحة لو نفذت كفت، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إي من أهل العلم من يقول: إنه يعزر، يشدد عليه في الحكم ويقطع.
طالب:. . . . . . . . .(157/20)
على كل حال مثل هذا أصل الخلاف موجود بين أهل العلم، مال محرز يبلغ النصاب، ويش المانع من القطع فيه؟ بغض النظر عن مالكه.
طالب:. . . . . . . . .
لا صفوان لو كان صاحي قلنا هذه نهبة، لكن نائم صفوان، تختلف النهبة عن السرقة، وهذا ما هو بيأخذ خفية، الذي أخذ الرداء خفية خشية أن ينتبه صاحبه.
"قال يحيى: قال مالك: الأمر عندنا أنه إذا كانت دار رجل مغلقة عليه ليس معه فيها غيره فإنه لا يجب على من سرق منها شيئاً القطع حتى يخرج به من الدار كلها" يعني لو طلع المسروق من الغرفة إلى الصالة، أو من الصالة إلى الحوش يجب قطع وإلا ما يجب قطع؟ ما يجب قطع حتى يخرجها من البيت، لما وصل الحوش مُسك ما بعد طلع، هذا فيه قطع وإلا ما فيه؟ ما في قطع، هذا إذا كان مستقلاً بالبيت، أما إذا كان البيت مسكون من قبل مجموعة، كل شخص بغرفة، فأخرجه من الغرفة خلاص يقطع، ولذا يقول: "فإنه لا يجب على من سرق منها شيئاً القطع حتى يخرج به من الدار كلها، وذلك أن الدار كلها هي حرزه، فإن كان معه في الدار ساكن غيره، وكان كل إنسان منهم يغلق عليه بابه، وكانت حرزاً لهم جميعاً، فمن سرق من بيوت تلك الدار" يعني من الغرف "من بيوت تلك الدار شيئاً يجب فيه القطع، فخرج به إلى الدار" يعني من هذه الغرف "فقد أخرجه من حرزه إلى غير حرزه، ووجب عليه فيه القطع" لأن الصالة ما تصير حرز إذا كانت الغرف مشتركة، والحوش ما يصير حرز إذا كانت الغرف مشتركة.
قال مالك –رحمه الله-: "والأمر عندنا في العبد يسرق من متاع سيده أنه إن كان ليس من خدمه ولا ممن يأمن على بيته، ثم دخل سراً فسرق من متاع سيده ما يجب فيه القطع فلا قطع عليه" يعني هذا عبد لزيد من الناس وجعله يخدم فلان بالأجرة، فدخل بيت سيده في يوم من الأيام وسرق، وهذا لا يأمنه على بيته، "وليس ممن يخدمه، ثم دخل سراً فسرق من متاع سيده ما يجب فيه القطع فلا قطع عليه، وكذلك الأمة إذا سرقت من متاع سيدها لا قطع عليها" ويش الفرق بين كونه ممن يأمنه ومن لا يأمنه؟ كونه يخدمه أو لا يخدمه؟(157/21)
وقال في العبد: "لا يكون من خدمه ولا ممن يأمن على بيته فدخل سراً فسرق من متاع امرأة سيده ما يجب فيه القطع إنه تقطع يده" يعني الفرق هنا بين كونه مال السيد أو مال زوجة السيد، إن سرق من مال سيده فلا قطع عليه، وإن سرق من مال زوجة سيده قطع.
قال: "وكذلك أمة المرأة إذا كانت ليست بخادم لها ولا لزوجها ولا ممن تأمن على بيتها فدخلت سراً، فسرقت من متاع سيدتها ما يجب فيه القطع فلا قطع عليها" ويش الفرق بين كونها مما يؤمن وممن لا يؤمن؟
طالب:. . . . . . . . .
الذي يؤمن لا يحذر منه، الذي يؤمن لا يحذر منه، نعم والذي لا يؤمن يحذر منه، ويحترز منه.
"قال مالك: وكذلك أمة المرأة التي لا تكون من خدمها، ولا ممن تأمن على بيتها، فدخلت سراً فسرقت من متاع زوج سيدتها ما يجب فيه القطع أنها تقطع يدها" مثل المسألة السابقة.
"قال مالك: وكذلك الرجل يسرق من متاع امرأته أو المرأة تسرق من متاع زوجها ما يجب فيه القطع إن كان الذي سرق كل واحد منهما من متاع صاحبه في بيت سوى البيت الذي يغلقان عليهما" يعني بيت خاص بالزوجة، وبيت خاص بالزوج، سرقت الزوجة من البيت الخاص، أو الزوج من البيت الخاص لزوجته، هذا له حكم، أما إذا سرق أحدهما من البيت المشترك بينهما له حكم "إن كان الذي سرق كل واحد منهما من متاع صاحبه في بيت سوى البيت الذي يغلقان عليهما، وكان في حرز سوى البيت الذي هما فيه فإن من سرق منهما من متاع صاحبه ما يجب فيه القطع فعليه القطع فيه" يعني ولو كانت زوجته، ولو كان زوجها، لو كان المال لولده، أو سرق الولد من مال أبيه يقطع وإلا ما يقطع؟ لا قطع، لماذا؟ لأن الولد وما يملك لأبيه، والولد له شبهة في مال أبيه.
"قال مالك في الصبي الصغير والأعجمي الذي لا يفصحان أنهما إذا سرقا من حرزهما أو غلقهما فعلى من سرقهما القطع" يعني دخل بيت تسور بيت فأخذ صبي لا يتكلم، أو أعجمي لا يدرى ما يقول، حيث لو وقف أمام التفتيش ما يدري كيف يخبرهم أنه مسروق وإلا شيء، أو حتى رأى شخص من الناس ما يستطيع أن يفهمه.(157/22)
"إذا سرقا من حرزهما أو غلقهما فعلى من سرقهما القطع" في الصبي الصغير والأعجمي، يعني من العبيد أو من الأحرار؟ لأن السرقة خاصة بالأموال "وإن خرجا من حرزهما وغلقهما" الباب مفتوح، وخرج هذا الصبي الصغير الذي لا يتكلم أو لا ينطق بالعربية "فليس على من سرقهما قطع" لأنه ما دام خرجا من باب البيت فليس بحرز.
"قال: وإنما هما بمنزلة حريسة الجبل والثمر المعلق" هذا ليس من حرزه، وقد تقدم الكلام في حريسة الجبل، وهي التي يأويها الليل إلى جبل تتحصن فيه، هو ليس بحرز، وكذلك الثمر المعلق الذي ليس عليه سور.
"قال مالك: والأمر عندنا في الذي ينبش القبور أنه إذا بلغ ما أخرج من القبر ما يجب فيه القطع فعليه فيه القطع" وهذا يوجد في بعض الأزمان، وفي بعض الأماكن من ينبش القبور ليسرق الأكفان، حتى أن منهم من يفتي بأن الأكفان تخرق؛ لتفسد على السراق، إذا خرقت ولوثت ما يسرقها السارق، ما ينتفع بها، من أجل أن ... ، هذا موجود بكثرة في بعض العصور وفي بعض البلدان، ويذكر هذا أيضاً في كتب الأدب والتواريخ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا سرق الميت وباعه لأهل الطب من أجل إيش؟ أن يشرح، يتمرن عليه، هل يختلف فيما إذا كان حراً أو عبداً؟ لا يختلف، الحكم لا يختلف، وهل يختلف فيما إذا كان مسلماً أو غير مسلم؟ لا شك أن الأمر يختلف، يعني جيفة كافر مثل مسلم ميت محترم؟ لا شك أن مثل هذا بالنسبة للقطع غير متجه؛ لأنه حر لا يجوز بيعه، لكن فيه التعزير، التعزير الشديد.
"أنه إذا بلغ ما أخرج من القبر ما يجب فيه القطع فعليه فيه القطع".
"قال مالك: وذلك أن القبر حرز لما فيه، كما أن البيوت حرز لما فيها، قال: ولا يجب عليه القطع حتى يخرج به من القبر" يعني لو قبض عليه وهو متلبس بهذه السرقة قبل أن يخرج من القبر، كما لو قبض عليه وهو متلبس بالسرقة قبل أن يخرج من البيت.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(157/23)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب الحدود (5)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما ينهى أن ينبذ فيه
حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطب الناس في بعض مغازيه، قال عبد الله بن عمر: فأقبلت نحوه فانصرف قبل أن أبلغه، فسألت: ماذا قال؟ فقيل لي: نهى أن ينبذ في الدباء والمزفت.
وحدثني مالك عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن ينبذ في الدباء والمزفت.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: ما ينهى أن ينبذ فيه
يعني ما ينهى أن يبنذ فيه من الأوعية، جاء النهي عن النبيذ في الدباء والمزفت والمقير والحنتم، وغير ذلك من الأواني الصلبة التي لا تدل على تغير ما فيها، بخلاف الأسقية فإنه إذا تغير ما فيها فإنها تنتفخ، أما الأوعية الصلبة لا تتأثر إذا تغير ما في جوفها، فنهي عن الانتباذ فيها، ثم بعد ذلك نسخ النهي، وجاز الانتباذ في كل وعاء، وصار المرد في ذلك إلى الاشتداد إذا اشتد وغلى، وقذف بالزبد، ولو لم يصل إلى حد الإسكار هذا يسمى نبيذ، لكنه ليس فيه الحد الذي في الخمر ومحرم عند الجمهور؛ لأنه يغلب على الظن أنه يسكر، لغلبة الظن أنه يسكر، ويجيزه الحنفية ما لم يصل إلى حد الإسكار.(158/1)
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطب الناس في بعض مغازيه، قال عبد الله بن عمر: فأقبلت نحوه" يعني دنوت منه، ووجهت وجهي صوبه، "فانصرف قبل أن أبلغه" انصرف قبل أن يصل إليه "فسألت ماذا قال؟ " يسأل ماذا قال؟ لأنه لم يسمع، كان بعيداً عنه، فلما اقبل إليه ووصل إليه انصرف النبي -عليه الصلاة والسلام- وانتهى من خطبته "فسالت ماذا قال؟ " والسبب في ذلك البعد؛ لأنه لا يسمع ما قال، وهذا أمر طبيعي أن البعيد لا يسمع الكلام، وإلا لو كان قريباً ويسمع ثم يسأل ماذا قال؟ هذه صفة المنافقين {مَاذَا قَالَ آنِفًا} [(16) سورة محمد] ومن نعم الله -جل وعلا- أنهم لا يحفظون ما يسمعون؛ لأن الله طبع على قلوبهم، ولهذا بعض المغرضين، وبعض من في قلوبهم مرض، يقولون: كيف نفرق بين المنافق وغيره؟ كلهم هؤلاء الذين يروون الأحاديث كلهم سمعوا النبي -عليه الصلاة والسلام-، فما الذي يدرينا أن هذا منافق وهذا غير منافق؟ لا سيما في الصحابة المقلين، الذين لا يعرفون، في الأعراب منهم، نعم المنافقون لا يثبت في أذهانهم شيء مما يقوله النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويسمعون ويحضرون ثم يقولون: {مَاذَا قَالَ آنِفًا} [(16) سورة محمد] لأن الله طبع على قلوبهم، وعلى هذا فلا .. ، لا يوجد أدنى شك في النصوص التي تنقل لنا ممن سمع النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه صحابي، وأنه على الجادة، وأنه عدل؛ لأن بعض الناس مثلما ذكرنا يقول: ما الفرق بين أن يروي هذا ويروي هذا؟ وفي الصحابة من يجالسهم حضراً وسفراً، ويحضر مجامعهم وهو منافق، فلماذا لا يكون بعض هذه النصوص نقلت عن طريق بعض المنافقين؟ نقول: أبداً، المنافق لا يمكن أن يستقر في قلبه شيء من الحديث، أو مما يقوله النبي -عليه الصلاة والسلام-.(158/2)
"فأقبلت نحوه، فانصرف قبل أن أبلغه، فسألت ماذا قال؟ فقيل لي: نهى أن ينبذ في الدباء والمزفت" الدباء القرع كما هو معروف، والمزفت المطلي بالزفت، في بعض الألفاظ المقير، يعني المطلي بالقار، وذكرنا في البداية أنها إنما نهي عنها؛ لأنها أوانٍ صلبة، لا يتغير وضعها إذا تغير ما في جوفها، بخلاف الأسقية من الأدم فإنها تنتفخ إذا تغير ما فيها، وذكرنا سابقاً أيضاً أن النهي عن الانتباذ بهذه الأوعية نسخ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
عندهم، عندهم، الزفت والقار موجود.
طالب:. . . . . . . . .
الله أعلم عاد يمكن عندهم شيء من البترول يمكن أنه يطفح على الأرض، يمكن ما هو بعيد.
طالب:. . . . . . . . .
ما في فرق الدباء هو القرع، ويقال له أيضاً: اليقطين، إلا أنه أنواع، يعني بعضهم يطلق الدباء على .. ، القرعة مثلاً يسميها المصري ...
طالب:. . . . . . . . .
لا، اليقطين هذا اللي نسميه النجد، تعرف النجد الطويل هذا، في شيء طويل، وفي شيء عريض، في شيء قشره رخو، وفي شيء قشره صلب، معروفة أنواعه.
طالب: اليقطين هو الدباء اللي يكون مجوف ما يبقى فيه شيء ...
هذا إذا جوف صار كذا.
طالب: لكن القرع ما يجوف.
لا، ممكن يجوف، ويش المانع؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا إذا أخذ ما في جوفه صار مجوف.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال إذا فرقتم وإلا الشراح كلهم يقولون: الدباء هو القرع، وقد يقال له: اليقطين في بعض الأقطار.
طالب:. . . . . . . . .
أعرف أن القرع هذا الذي عندنا ينقسم إلى قسمين: قرع نسميه مصري، وقرع نجدي، المصري جوفه وشحمه أصفر، وذاك شحمه أبيض، معروف هذا، فرق بينها، كله قرع، كله نسميه قرع، في أيضاً قرع يأتي من الشرق، من المشرق، من الفلبين، ومن تلك الجهات، هذا كله قرع، يعني فصيلة واحد، وإن اختلفت الأنواع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش لون؟
طالب:. . . . . . . . .(158/3)
قلنا: إنها أوعية صلبة ما يدرى هل تغير اللي فيها وإلا ما تغير؟ ما هو بالقرع إذا أخذ ما في جوفه صار مثل الخشب، أو أصلب من الخشب؟ ما يتغير اللي بوسطه وأنت ما تدري، يمكن يسكر وأنت ما تدري، لكن الوعاء من الأدم الأسقية إذا تغيرت في جوفه انتفخت؛ لأنها لينة.
قال: "وحدثني عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن ينبذ في الدباء والمزفت" على ما تقدم، والسبب في ذلك مثلما قلنا: إنها أواني صلبة، لا يستدل بها على تغير ما في جوفها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إلى التغير قبل الإسكار، التغير هذا يمنع عند الجمهور خلافاً للحنفية، أما الإسكار فهو مجمع عليه، والسبب في النهي عن المتغير قبل مرحلة الإسكار، نعم إذا غلا وقذف بالزبد وتغير هذا لا شك أنه مظنة للإسكار، فالجمهور يمنعونه لأنه مظنة، وضعوا المظنة موضع المئنة، كما يقول أهل العلم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا بالنسبة للجائز، هذا النبي -عليه الصلاة والسلام- ينتبذ له، الرسول -عليه الصلاة والسلام- ينتبذ له، فإذا كان يوم واحد ما يتغير، لكن إذا جلس يومين ثلاث يتغير بلا شك.
طالب:. . . . . . . . .
يعني ما غلا ولا قذف؟ لأن هذا يختلف باختلاف الظروف، الشتاء يختلف عن الصيف، الشمس تختلف عن الظل وهكذا، فإذا تغير هذا لا إشكال فيه أنه لا يجوز عند الجمهور خلافاً للحنفية، لكن الثلاثة الأيام، وما زاد على اليوم أكثر من يوم ثاني، يومين أو ثلاثة لا شك أنه مظنة للتغير، فالإنسان لا يجرب، يقول: والله با أذوقه هو يسكر وإلا ما يسكر؟ ما يصلح هذا؛ لأنك بين أمرين، بين محرم وبين الذي أقل أحواله الشبهة، الشبهة القوية، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هي السوبيا؟ هذا على طريقة اللي يصنعونها الآن بالحوافظ والأواني المحكمة وإلا على طريقة .. ؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يتغير؟
طالب:. . . . . . . . .
لأكثر من يوم؟
طالب: يتغير يا شيخ.(158/4)
هذا العنب، أما ما يعتصر من العنب فهذا مجمع عليه بين الحنفية وغيرهم، ويفارقون الجمهور فيما عدا العنب، وإذا كان أمره قريب أقل من يوم هذا ما يتغير إلا إذا وضع عليه مواد ثانية فتغيره، فهو في الغالب ما ما يتغير، ولذلك ينبذ للنبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن أكثر من ذلك مظنة للتغير فيمنع؛ لأنه مظنة للإسكار، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: ما يكره أن ينبذ جميعاً
وحدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن ينبذ البسر والرطب جميعاً، والتمر والزبيب جميعاً.
وحدثني عن مالك عن الثقة عنده عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن عبد الرحمن بن الحباب الأنصاري عن أبي قتادة الأنصاري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يشرب التمر والزبيب جميعاً، والزهو والرطب جميعاً.
قال مالك -رحمه الله-: وهو الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا أنه يكره ذلك لنهي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنه.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: ما يكره أن ينبذ جميعاً
يعني الخليط، يعني يخلط بين مادتين، تمر وعنب، بسر وزبيب، نعم، أو مثل ما قال: التمر والزبيب والزهو والرطب جميعاً، هذه يتفاعل بعضها مع بعض، فيسرع إليها التغير، هذه إذا خلطت من أكثر من نوع تتفاعل بعضها مع بعض، ثم بعد ذلك يسرع إليها التغير.
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن ينبذ البسر والرطب جميعاً" البسر: معروف، قبل أن يصير تمراً، البسر والرطب، الرطب: اللين من التمر، جميعاً.
والتمر الجاف، مع الزبيب، وهو العنب إذا جف، ينبذ البسر والرطب، بمعنى أنه يخلطا جميعاً فينبذان، ينقعان بالماء، فلا شك أن التغير يسرع أكثر إلى النوعين منه إلى النوع الواحد، والتمر والزبيب جميعاً؛ لما يخشى من تفاعل النوعين مع بعض، فيتغير ثم يسكر وهو لا يشعر.(158/5)
"وحدثني عن مالك عن الثقة عنده عن بكير بن عبد الله بن الأشج" بعض الناس لا يهتم بهذا الأمر، إما رقة في دينه، أو شحاً بماله، بعض الناس يتغير عنده المأكولات، وقد تصل إلى حد الإسكار فيأكل منها لرقة في دينه، أو شح بماله ما يلقيها ويرميها خشية أن يضطر لشراء غيرها، ولا شك أن الدين هو رأس المال، إذا اشتبهت بشيء فارمه، لا تعرض دينك للخلل لتوفير مالك، وبعض الناس تجد عنده التمر الذي يصل، قد يصل إلى حد الإسكار تجده منذ أيام جالس، وأحياناً بعض الناس ما يحسن صنع التمر، كنز التمر، يكثر عليه الماء، ثم بعد ذلك يكون ليناً، ليناً زائداً، ثم يعرضه لأمر يجعله يتغير بسرعة، حتى التمر الرطب إذا جاءه شيء من الماء، وطال به الوقت يتغير ولا يستساغ، ما أدري كيف يستسيغون هذه الأنبذة وهذه الأشربة المتغيرة؟ إذا تغير طعم التمر عن حد الاعتدال لا يستساغ، فكيف يعمد الإنسان إلى هذه الأشياء، وينتبذها ويطيل بقاءها حتى تتغير وتزبد؟! يعني من يقدم على شرب شيء مزبد من التغير، والله المستعان، لكن {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا} [(8) سورة فاطر] نعم الانتباذ ليوم أو ليلة وما أشبة ذلك، وضع التمر في الماء أو الزبيب في الماء ليكون الماء حلواً، والتمر إذا كانت فيه شيء من القساوة يلين، أو الزبيب أو شيء من هذا لا بأس، وقد كان يصنع للنبي -عليه الصلاة والسلام- مثل هذا، لكن الإشكال فيما إذا تغير، أنا ما أدري كيف يستسيغ الإنسان يأكل شيء متغير؟ يعني هو فاسد في الحقيقة، إذا خرج عن حد الاعتدال فسد، يعني إذا كان هذا النوع من الناس اللحم إذا أنتن يأكل وإلا ما يأكل؟ ما يأكله، فكيف يقدم على مثل هذا فيشربه ويأكله؟ مع أن اللحم إذا أنتن جاء فيه، نعم؟ ((كله ما لم ينتن)) وأضيف النبي -عليه الصلاة والسلام- على خبز شعير، وإهالة سنخة، يعني متغيرة، منتنة قليلاً، فالمنهي عنه من المنتن الذي يضر بالصحة، فإذا كان النتن شيئاً يسيراً لا يضر بالصحة فإن هذا لا يمنع منه، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أكل من الإهالة السنخة.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
علشان؟
طالب:. . . . . . . . .
الدمياطي وإلا ...(158/6)
طالب:. . . . . . . . .
.... له ذوق عندهم، له طعم عندهم، الناس يتفاوتون، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش ميزته هذا؟
طالب:. . . . . . . . .
التعتيق معروف من القدم، أبو نصر الفارابي جاور وطلق الدنيا، وجاور في الحرم، في المسجد الحرام، وهو يقوم الليل، ويصوم النهار، ويفطر على أفئدة الحملان، والخمر المعتق، نسأل الله العافية، نسأل الله السلامة والعافية.
"وحدثني عن مالك عن الثقة عنده عن بكير بن عبد الله بن الأشج" من المراد بالثقة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ابن الأعجم متقدم، متقدم عن هذا.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال يختلفون فيه، لكن إذا قال: عن بكير فالغالب على الظن أنه ابن لهيعة "عن الثقة عنده" مالك من أهل التحري في ... ، والتشديد في نقد الرواة، فهل يكفي التوثيق مع الإبهام أو لا يكفي؟ هو ما سماه، نعم؟ ما يكفي.
ومبهم التعديل ليس يكتفي ... به الخطيب والفقيه الصيرفي
التعديل على الإبهام لا يكفي، بل لا بد أن يذكر اسمه، لا بد أن يسميه؛ لأنه قد يكون عنده ثقة، لكنه عند غيره ضعيف، فلا يقبل الإبهام ولو صرح بأنه ثقة، ولو قال: إن جميع أشياخه ثقات، ما يكفي؛ لأنهم قد يكونون ثقات عنده، وعند غيره ضعفاء، لكن من يقلد الإمام مالك في الأحكام؟ المالكية الذين يتبعون الإمام مالك، ويقلدونه في الأحكام، إذا قال: حدثني الثقة يقبلون هذا التوثيق وإلا ما يقبلونه؟ يقبلونه؛ لأنهم يقلدون الإمام في الأحكام التي هي الغاية، فكيف لا يقلدونه في التوثيق؟! وأما عند غيرهم فلا، لا بد أن يسمى.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، موصول، متصل، لكن في إسناده مجهول.
طالب:. . . . . . . . .
إذا جزمنا بذلك، لكن المسألة غلبة ظن؛ لأنهم يقولون: إذا قال الثقة: عن فلان، الثقة عن فلان، الثقة عن فلان فهو فلان أو فلان أو فلان، يختلف عندهم، هذه موجودة في كتب المصطلح.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما تجزم، ما تجزم.(158/7)
"عن عبد الرحمن بن الحباب الأنصاري عن أبي قتادة الأنصاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يشرب التمر والزبيب جميعاً، والزهو والرطب جميعاً" التمر الجاف والزبيب أيضاً الجاف من العنب، والزهو الذي بان لونه من البسر والرطب اللين منه، والحديثان الأول والثاني مخرجان في الصحيحين، يعني سواءً كان ثقة أو ليس بثقة، فالمعول على ما في الصحيحين.
"قال مالك: وهو الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا، أنه يكره ذلك لنهي رسول الله -صلى الله عليه وسلم عنه" يعني مجرد الخلط يعني مجرد الخلط يكره، الآن عندهم اللي يسمونه الكوكتيل، يجمعون فيه أنواع من الفواكه ويخلطونها ويشربونها، هل تدخل في هذا أو لا تدخل؟ لكن الفساد يسرع إليها أكثر، لو تركت تخمرت، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
جميع، لكنه يشرب فوراً.
طالب:. . . . . . . . .
إيه ما يترك حتى يتخمر.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يترك هذا لا بأس.
"قال مالك: وهو الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا أنه يكره ذلك لنهي رسول الله -صلى الله عليه وسلم عنه-".
سم.
أحسن الله إليك.
باب: تحريم الخمر
وحدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: سئل رسول -صلى الله عليه وسلم- عن البتع، فقال: ((كل شراب أسكر فهو حرام)).
وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الغبيراء، فقال: ((لا خير فيها)) ونهى عنها، قال مالك –رحمه الله-: فسألت زيد بن أسلم: ما الغبيراء؟ فقال: هي الأسكركة.
الأسْكَر، الأسْكَر.
أحسن الله إليك.
فقال: هي الأسكركة.
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة)).
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: تحريم الخمر
الخمر سبق تعريفه، وأنه ما خامر العقل وغطاه من أي مادة كان.(158/8)
"وحدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- رضي الله تعالى عنها- أنها قالت: سئل رسول -صلى الله عليه وسلم- عن البتع" البتع هو شراب العسل، سئل عنه، فأجاب بالقاعدة العامة التي تشمله وتشمل غيره، فقال: ((كل شراب أسكر فهو حرام)) شراب (كل) هذه من صيغ العموم، وشراب له مفهوم أو لا مفهوم له؟ بمعنى أنه لو أسكر الطعام؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن البتع شراب العسل، هذا السؤال، فقال: ((كل شراب)) لأن السؤال عن الشراب، فقال: ((كل شراب أسكر فهو حرام)) وأهل العلم يقولون: إن السؤال معاد في الجواب حكماً، السؤال معاد في الجواب، فكأنه سئل عن الأشربة، عن نوع من أنواع الأشربة وهو البتع، فأجاب عن الأشربة، فقال: ((كل شراب أسكر فهو حرام)) وعلى هذا لا يخرج الطعام إذا أسكر؛ لأن السؤال عن الشراب، فهو جواب مطابق من جهة، غير مطابق من جهة، من جهة الجواب بالشراب هنا مطابقة، ومن جهة التعميم في الجواب والسؤال خاص عن نوع من الأشربة جاء عدم المطابقة، ومن أهل العلم يقولون: لا بد من أن يكون الجواب مطابق للسؤال، ومرادهم بذلك أن لا ينقص الجواب عن السؤال، لا ألا يزيد عليه، وقد جاء في نصوص كثيرة من الكتاب والسنة الجواب بما هو أعم وأشمل من السؤال، فكل شراب أسكر فهو حرام.
قال: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الغبيراء" سئل عن الغبيراء، الغبيراء كما قالوا: نبيذ الذرة "فقال: ((لا خير فيها)) ونهى عنها" نبيذ الذرة، ونبيذ الشعير يسمى إيش؟ يعني الاسم المتعارف عليه الآن البيرة، يسمونها بيرة، البيرة الشعير.
الغبيراء نبيذ الذرة، فقال: ((لا خير فيها)) ونهى عنها؛ لأنها تتغير، وأيضاً هل لها طعم وإلا لا طعم لها؟ يعني إذا كان نبيذ التمر له طعم، نبيذ العنب، نبيذ الزبيب، نبيذ البسر، نبيذ الزهو، الأنبذة المتخذة من الأطعمة الحلوة، يعني فيها فائدة، وفيها لذة، لكن الغبيراء هذه قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا خير فيها)) يعني لا طعم لها، ويسرع إليها التغير، وقد تسكر وشاربها لا يشعر، ونهى عنها.(158/9)
"قال مالك: فسألت زيد بن أسلم" الراوي "ما الغبيراء؟ " فقال: هي الإيش؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، الأُسْكركة، الأسكركة، ويقال لها: السكركة أيضاً بدون همزة.
"قال أبو عبيد: هي ضرب من الشراب يتخذه الحبش من الذرة يسكر" يسكر، فإذا كان يسكر فهو خمر، سواءً سمي بهذا الاسم أو بغيره، وجاء أن الناس في آخر الزمان يشربون الخمرة، ويسمونها بغير اسمها، الآن يسمونها مشروبات روحية، ويتداولونها في بعض بلاد المسلمين من غير نكير، نسأل الله السلامة والعافية، ولهذا جاء التحذير والوعيد الشديد، ولعن النبي -عليه الصلاة والسلام- في الخمر عشرة.
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة)) " نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني فيها طعم، أقل شيء أن فيها لذة، أقل الأحوال أن فيها لذة كما هي، أن الخمر فيها منافع، نعم فيه منافع دنيوية، لكن شرها وضررها أعظم.
طالب:. . . . . . . . .
إيش معنى التوبة؟ إذا تركها نادماً على ذلك، عازماً على عدم العود إليها، وأقلع عن ذلك هذه هي التوبة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الأطياب، كل ما يسكر حكمه حكم الخمر، الذي يسكر حكمه حكم الخمر.
يقول: ((من شرب الخمر في الدنيا)) نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذه الذرة، الغبيراء الذرة، وأما الشعير فهو شراب الشعير، أو نبيذ الشعير، يسمونه في العرف أو في الاستعمال الحالي البيرة.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان ما فيها أدنى نسبة من المسكر ما فيها إشكال -إن شاء الله-.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذه اللي ما نص عليه، لا سيما وأنه عرف بالعادة المطردة أنه لا يغير ولا يسكر، ما في إشكال -إن شاء الله-.
يقول: ((من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة)) الجزاء من جنس العمل، كما أن من سمع الغناء في الدنيا حرم سماع غناء الحور العين يوم القيامة، فالجزاء من جنس العمل، فعلى الإنسان أن يتوب، من تلبس بمخالفة عليه أن يتوب.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟(158/10)
طالب:. . . . . . . . .
أيهم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما هو في مسلم، في الصحيحين، في الصحيحين.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، مالك عن نافع عن ابن عمر، في الصحيحين الحديث ما في إشكال، نعم، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: جامع تحريم الخمر
حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن ابن وعلة المصري أنه سأل عبد الله بن عباس عما يعصر من العنب، فقال ابن عباس: أهدى رجل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- راوية خمر، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أما علمت أن الله حرمها؟ )) قال: لا، فساره رجل إلى جنبه، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((بم ساررته؟ )) فقال: أمرته أن يبيعها، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الذي حرم شربها حرم بيعها)) ففتح الرجل المزادتين حتى ذهب ما فيهما.
وحدثني عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: كنت أسقي أبا عبيدة بن الجراح وأبا طلحة الأنصاري وأبي بن كعب شراباً من فضيخ وتمر، قال: فجاءهم آت، فقال: إن الخمر قد حرمت، فقال أبو طلحة: يا أنس قم إلى هذه الجرار فاكسرها، قال: فقمت إلى مهراس لنا فضربتها بأسفله حتى تكسرت.
وحدثني عن مالك عن داود بن الحصين عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ أنه أخبره عن محمود بن لبيد الأنصاري أن عمر بن الخطاب حين قدم الشام شكا إليه أهل الشام وباء الأرض وثقلها، وقالوا: لا يصلحنا إلا هذا الشراب، فقال عمر: اشربوا هذا العسل، قالوا: لا يصلحنا العسل، فقال رجل من أهل الأرض: هل لك أن نجعل لك من هذا الشراب شيئاً لا يسكر؟ قال: نعم، فطبخوه حتى ذهب منه الثلثان، وبقي الثلث، فأتوا به عمر فأدخل فيه عمر إصبعه، ثم رفع يده فتبعها يتمطط، فقال: هذا الطلاء، هذا مثل طلاء الإبل، فأمرهم عمر أن يشربوه، فقال له عبادة بن الصامت: أحللتها والله، فقال عمر: كلا والله، اللهم إني لا أحل لهم شيئاً حرمته عليهم، ولا أحرم عليهم شيئاً أحللته لهم.(158/11)
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أن رجالاً من أهل العراق قالوا له: يا أبا عبد الرحمن إنا نبتاع من ثمر النخل والعنب فنعصره خمراً فنبيعها، فقال عبد الله بن عمر: إني أشهد الله عليكم وملائكته ومن سمع من الجن والإنس أني لا آمركم أن تبيعوها ولا تبتاعوها ولا تعصروها، ولا تشربوها ولا تسقوها، فإنها رجس من عمل الشيطان.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: جامع تحريم الخمر
"حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن ابن وعلة المصري أنه سأل عبد الله بن عباس عما يعصر من العنب" عما يعصر من العنب، وعصير العنب إذا أسكر هذا هو المجمع عليه، وإذا تخمر، يعني النبيذ المتخذ من العنب إذا اشتد هذا مجمع عليه، إنما الذي يبيحه الحنفية ما كان من غير العنب، وينازعون في إطلاق الخمر على ما يسكر من غير العنب، نعم يقولون: حرام، ومسكر، لكن ليس بخمر، فحقيقة الخمر ما يتخذ من عصير العنب عند الحنفية، وعند الجمهور كل ما أسكر فهو خمر، من أي مادة كان، وكما جاء في الحديث أن الخمرة حرمت وسميت خمراً، وليس في المدينة عنب، إنما فيها التمر.
"فقال ابن عباس: أهدى رجل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- راوية خمر" الراوية: هي المزادة الكبيرة، القربة الكبيرة "فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" لأنه يتروى بها الماء، ينقل بها الماء "فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أما علمت أن الله حرمها؟ )) قال: لا" يعني الرجل ما بلغه تحريم الخمر، ولذلك أهداه للنبي -صلى الله عليه وسلم- "قال: لا، فساره رجل إلى جنبه، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((بم ساررته؟ )) فقال: أمرته أن يبيعها" وهذا لا يدري أن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه "فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الذي حرم شربها حرم بيعها)) " فالذي لا يجوز استعماله لا يجوز بيعه، فإذا عرف الصائغ أن هذا الرجل الذي يريد شراء خاتم إنما يشتريه للاستعمال يجوز أن يبيعه وإلا ما يجوز؟ لا يجوز؛ لأنه حرام.
طالب: ولو كان غير مسلم؟(158/12)
ولو كان غير مسلم، ولو قال: إنها لهم في الدنيا؛ لأنهم مخاطبون في الفروع، لكنهم يستحلونها، إذا عرف أن هذا الرجل يريد أن يشتري هذا المحرم للاستعمال لا يجوز أن يتعاون معه بحال، إذا أراد أن يستأجر المحل ليبيع فيه، أو يستعمل فيه ما حرم الله -جل وعلا- لا يجوز أن يؤجر عليه؛ لأن هذا هو التعاون على الإثم والعدوان، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المسألة مسألة غلبة ظن، يعني إذا غلب على ظنه أنه يستعمله إذا سأله وقال: لا، يريد أن يفعل به كذا أو يلبسه نساءه أو ما أشبه ذلك لا بأس، أما إذا غلب على ظنه أنه لا يستعمله لا يحتاج سؤال.
"فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الذي حرم شربها حرم بيعها)) ففتح الرجل المزادتين حتى ذهب ما فيهما" ولما حرمت الخمر كسرت الدنان، وشقت الأسقية، وسال الخمر في سكك المدينة، ويستدل بهذا من يقول بطهارة الخمر؛ لأن إلقاء النجاسات في طرق الناس محرم، ((اتقوا الملاعن)) فهذا منه، ولو كانت نجسة ما أراقوها في الشوارع، في سكك المدينة، يستدل بهذا من يقول بطهارتها، لكن القول بالتنجيس هو قول عامة أهل العلم، حتى أنه نقل عليه الإجماع، وإن كان الدليل لا ينهض، لكن مع ذلك لا شك أن مثل هذا الإطباق والاتفاق من أهل العلم يورث عند طالب العلم وقفة، ويهاب مثل هذا الكلام، لا نقول مثلما يقول الشوكاني -رحمه الله-: إن دعاوى الإجماع التي يذكرها أهل العلم تجعل طالب العلم لا يهاب الإجماع، لا، على طالب العلم أن يهاب الإجماع، يعني ولو تخلف، لو خرق، لو وجد مخالف من نزر يسير، لا بد أن يهاب الإجماع، يعني وعلى الإنسان أن يتهم نفسه، يعني فرق بين دليل وجودي ودليل عدمي، يعني طالب العلم ينبغي أن يكون مع الدليل يدور حيثما دار، فإذا وجد الدليل يتمسك به حتى يجد ما يخالفه ويعارضه مما هو أقوى منه، لكن إذا عدم الدليل ووجد قول لأهل العلم قوي في المسألة وتواطئوا عليه، يتهم نفسه.
طالب:. . . . . . . . .(158/13)
إيه في حالة، على حد علمنا، لكن أين الأئمة الأربعة وأتباعهم؟ ما عندهم دليل؟ لا، الإنسان في الدليل العدمي يتهم نفسه، لكن في دليل وجودي، وجدنا عند أبي حنيفة القول بكذا، ووجدنا عند الثلاثة قول يخالف عند أبي حنيفة دليل نقول بالدليل يا أخي؛ لأنه دليل وجودي بين أيدينا، أما الدليل العدمي لا يمنع أن نتهم أنفسنا بعدم الوقوف عليه.
طالب:. . . . . . . . .
على كلامه عينية نعم، يعني لا يمكن تطهيره إلا بالاستحالة والتغير، إذا تخلل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
كذلك الدم أيضاً نقل عليه الإجماع.
طالب:. . . . . . . . .
مثل؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، ويش فيه؟ هم أقوى ما يستدلون به أن عمر -رضي الله عنه- صلى وجرحه يثعب، هذا مثل من حدثه دائم ... ، بيقف؟ مثل المستحاضة، يبي يصلي على حسب حاله.
قال: "وحدثني عن مالك" نعم؟
طالب: أحسن الله إليك: ألا يقال قوله. . . . . . . . . من إراقة الخمر امتثالاً وليس. . . . . . . . .
هو ما في شك أن هذه مبادرة، مبادرة إلى الامتثال، لكن أيضاً الامتثال لا يكون بارتكاب محظور، إلا أنه قد يغلب الإنسان ومن مبادرته وشدة امتثاله أنه يخفى عليه الأمر الأخر، لكن ينبه عليه، على كل حال المسألة معروفة عند أهل العلم، ومن أرادها موجودة في مظانها.
قال: "وحدثني عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أنه قال: كنت أسقي أبا عبيدة بن الجراح" يعني هل يلام من شرب قبل التحريم؟ ما يلام، ما يلام من شرب قبل التحريم، وإن كان العقل يأبى هذا، يعني كون الإنسان يخرج مما شرفه الله به، وميزه على سائر المخلوقات وهو العقل إلى ضده، لا شك أنه بالنسبة للعقل ملوم، لكن الناس يتعاطون أشياء توارثوها من غير نظر ولا روية، وقد يكون فيها شيء مما يدعو إليها من لذة وشبهها، الله أعلم، المقصود أن مثل هذا لا يلام عليه ما دام قبل التحريم.(158/14)
"كنت أسقي أبا عبيدة بن الجراح وأبا طلحة الأنصاري وأبي بن كعب" خيار الأمة بعد نبيها، وبعد الخلفاء، "وأبي بن كعب شراباً من فضيخ وتمر، فجاءهم آت فقال: إن الخمر قد حرمت، فقال أبو طلحة: يا أنس قم إلى هذه الجرار فاكسرها" مبادرة في الامتثال، يعني فرق بين امتثال وامتثال، يعني لو غيرهم وبين أيديهم الشراب قالوا: هذا لا بد نتأكد، وهذا مال، ونهى عن إضاعة المال، ونكمل ونسأل بعد -إن شاء الله- ما يكون، لا، لا ما يمكن، الامتثال لا بد أن يؤخذ الكتاب بقوة، يؤخذ بقوة، وإبراهيم -عليه السلام- لما أمر بذبح ابنه تله للجبين، ما في خيرة، والله المستعان.
"يا أنس قم إلى هذه الجرار فاكسرها، قال: فقمت إلى مهراس لنا فضربتها بأسفله حتى تكسرت" المهراس هو الذي يهرس به الحب، يدق فيه الحب ويكسر ليكون جريشاً وإلا طحيناً؟ دقيق وإلا جريش؟ جريش نعم؛ لأن الطحين لما يكون بالرحاء، والجريش يكون بالمهراس.(158/15)
قال: "وحدثني عن مالك عن داود بن الحصين عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ أنه أخبره عن محمود بن لبيد الأنصاري أن عمر بن الخطاب حين قدم الشام شكا إليه أهل الشام وباء الأرض وثقلها" وباء الأرض، الوباء: هو المرض الذي ينتشر في الجو، ويتأثر به الناس، وثقلها، الوباء يورث الثقل بلا شك، ثقل البدن "وقالوا: لا يصلحنا إلا هذا الشراب، فقال عمر: اشربوا هذا العسل" الذي فيه شفاء للناس "اشربوا هذا العسل، قالوا: لا يصلحنا العسل، فقال رجل من أهل الأرض" يعني من أهل الشام "هل لك أن نجعل لك من هذا الشراب شيئاً لا يسكر؟ " الشراب المشار إليه هو الذي يأتي ذكره "لا يسكر، قال: نعم، فطبخوه حتى ذهب منه الثلثان وبقي الثلث" معلوم أن الطبيخ إذا وضع على النار نعم يتبخر ماؤه، ثم يغلظ "حتى ذهب منه الثلثان وبقي الثلث، فأتوا به عمر، فأدخل فيه عمر إصبعه، ثم رفع يده فتبعها يتمطط" يتمطط يعني يتمدد، تبعه وصار متصلاً من إصبعه إلى الإناء "يتمطط، فقال: هذا الطلاء، هذا مثل طلاء الإبل" يعني الذي تطلى به الإبل من القطران إذا أصابها الجرب "هذا مثل طلاء الإبل، فأمرهم عمر أن يشربوه، فقال له عبادة بن الصامت: أحللتها والله" ما دام أمرهم أن يشربوه مفاده أنها حلال، ولو كانت حراماً ما أمرهم أن يشربوها، "فقال عمر: كلا والله، اللهم إني لا أحل لهم شيئاً حرمته عليهم، ولا أحرم عليهم شيئاً أحللته لهم" يعني كلام عبادة أوجد في نفس عمر -رضي الله عنه- توقف، وهكذا ينبغي أن يكون المسلم لا سيما طالب العلم إذا أفتى بشيء، ثم قيل له أو أورد عليه ما يجعله يتوقف يتوقف، وإن أورد عليه ما يقتضي الرجوع يرجع.
"فقال عمر: كلا والله، اللهم إني لا أحل لهم شيئاً حرمته عليهم، ولا أحرم عليهم شيئاً أحللته لهم" يعني شأنكم به، افعلوا به ما شئتم، اصنعوا ما كنتم تصنعون، ما دام لا يسكر، لكنه لم يصرح بإباحته لهم.
طالب:. . . . . . . . .
قال: أحللتها والله، فأمرهم عمر أن يشربوها، مقتضى أمره أن يشربوها أنها حلال، فقال له عبادة ابن الصامت: أحللتها والله.
طالب:. . . . . . . . .(158/16)
فقال عمر: كلا والله، اللهم إني لا أحل لهم شيئاً حرمته عليهم، اللهم إني لا أحل لهم شيئاً حرمته عليهم، ولا أحرم عليهم شيئاً أحللته لهم.
مثلما قيل للنبي -عليه الصلاة والسلام- لما نهى عن الثوم والبصل، فقال: رجل: أحرام هي يا رسول الله؟ قال: أنا لا أحرم ما أحل الله، لكن قد يقتضي أو لأمر من الأمور يمنع الإنسان من شرب شيء، أو من أكله وإن كان حلالاً في الأصل، والعكس تبعاً للمصالح والمفاسد المترتبة عليه، فقد يمنع بعض الناس من شرب اللبن؛ لأنه يضر بمعدته موجود عند بعض الناس، بعض الناس يمنع من التمر، وهو حلال ما أحد يستطيع يقول: إن التمر حرام، يمنع من الرز، يمنع من الخبز، يمنع من شيء يضره، هو بعينه هو، ويبقى هو حلال، ومثل هذا إذا ما دام لا يسكر، فالأصل أنه حلال.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
ما رد عليه عمر، ما رد عليهم؛ لأنهم جربوه وما استفادوا منه؛ لأن العسل، العسل فيه شفاء بلا شك، فيه شفاء، وفيه شفاء من وجع البطن على وجه الخصوص الذي ورد فيه النص، لكن هل يلزم أن يكون فيه شفاء من كل شيء؟ ما يلزم.
طالب:. . . . . . . . .
هو الطلاء.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هو الطلاء، إلا هذا الشراب يعنون الطلاء.
طالب:. . . . . . . . .
ألا نجعل لك من هذا الشراب شيئاً لا يسكر؟ قال: نعم، ما هو الشراب الذي لا يسكر؟
طالب:. . . . . . . . .
بعد الطبخ، فهذا هو الذي عليه الإشارة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، يعني مركز؟ جاف وإلا؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه علشان، من أجل أن يقل حجمه.
طالب:. . . . . . . . .
إيه من أجل أن يقل حجمه، يعني لو عند الاستعمال يضاف إليه أضعافه من الماء، لو أضيف في بلده بدل البرميل يصير عشرة براميل.
طالب:. . . . . . . . .
إيه هذا الكلام، المقصود أنه ليقل حجمه، ولا يتأثر بنقص الماء وزيادته، هو ما يتأثر، مثل الطلاء، هذا لما ذهب ثلثا الماء ما تأثر.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هم قالوا: إنه ما يسكر، شيئاً لا يسكر، خبرهم، خبر ثقات، فيهم عبادة بن الصامت خيار الناس.
طالب:. . . . . . . . .(158/17)
لا، قبل خبرهم، إيه بس يبي يختبر هل هو غليظ وإلا خفيف وإلا شيء؟ من باب الاختبار.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، المهم ثم ليقرنه بطلاء الإبل.
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رجالاً من أهل العراق قالوا له: يا أبا عبد الرحمن إنا نبتاع من ثمر النخل والعنب فنعصره خمراً فنبيعها" فيه شخص كبير السن في سوق التمر أثنى على شخص ثناءً زائداً في مجلس، وقال: إن ذاك الشخص وهو ما عليه آثار الصلاح سمح في بيعه وشرائه، يأتي إلي ويشتري ما يتبقى عندي من التمر بما أطلبه من دراهم، هو يبقى عنده التمر الذي ما عاد يجي له إلا ...
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما هو بحشف، ليته حشف، اللي ما بقي عليه إلا ربع درجة ويصير خمراً، فقيل له: يا ابن الحلال ذاك يستعمله خمر، كبير سن ما يدري عن شيء هذا، وهو بالفعل لما تتبع وجد هكذا.
يقول: "يا أبا عبد الرحمن إنا نبتاع من ثمر النخل والعنب فنعصره خمراً فنبيعها، فقال عبد الله بن عمر: إني أشهد الله عليكم وملائكته ومن سمع من الجن والإنس أني لا آمركم أن تبيعوها ولا تبتاعوها، ولا تعصروها ولا تشربوها ولا تسقوها، فإنها رجس من عمل الشيطان" هل يكفي أن يقول: لا آمركم؟ بل لا بد أن ينهاهم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
لا بد منه، لا يكفي عدم الأمر، يعني هذا الأسلوب ضعيف بالنسبة لهذا الأمر، لكن قوله: "فإنها رجس من عمل الشيطان" يبين المراد، وأنها محرمة، وأن بيعها وشراءها وعصرها وشربها كله محرم، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(158/18)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب الحدود (6)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما لا قطع فيه
وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان أن عبداً سرق ودياً من حائط رجل فغرسه في حائط سيده، فخرج صاحب الودي يلتمس وديه، فوجده فاستعدى على العبد مروان بن الحكم، فسجن مروان العبد، وأراد قطع يده، فانطلق سيد العبد إلى رافع بن خديج فسأله عن ذلك، فأخبره أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا قطع في ثمر ولا كثر)) والكثر: الجمار، فقال الرجل: فإن مروان بن الحكم أخذ غلاماً لي وهو يريد قطعه، وأنا أحب أن تمشي معي إليه فتخبره بالذي سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمشى معه رافع إلى مروان بن الحكم، فقال: أخذت غلاماً لهذا؟ فقال: نعم، فقال: فما أنت صانع به؟ قال: أردت قطع يده، فقال له رافع: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا قطع في ثمر ولا كثر)) فأمر مروان بالعبد فأرسل.
كثر، كثر بالثاء، معروف هذا، نعم.
حدثني مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أن عبد الله بن عمرو بن الحضرمي جاء بغلام له إلى عمر بن الخطاب، فقال له: اقطع يد غلامي هذا فإنه سرق، فقال له عمر: ماذا سرق؟ فقال: سرق مرآة لامرأتي ثمنها ستون درهماً، فقال عمر: أرسله فليس عليه قطع، خادمكم سرق متاعكم.
وحدثني مالك عن ابن شهاب أن مروان بن الحكم أتي بإنسان قد اختلس متاعاً، فأراد قطع يده، فأرسل إلى زيد بن ثابت يسأله عن ذلك، فقال زيد بن ثابت: ليس في الخلسة قطع.(159/1)
وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: أخبرني أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه أخذ نبطياً قد سرق خواتم من حديد فحبسه ليقطع يده، فأرسلت إليه عمرة بنت عبد الرحمن مولاة لها يقال لها: أمية، قال أبو بكر: فجاءتني وأنا بين ظهراني الناس، فقالت: تقول لك خالتك عمرة: يا ابن أختي أخذت نبطياً في شيء يسير ذكر لي فأردت قطع يده؟ قلت: نعم، قالت: فإن عمرة تقول لك: لا قطع إلا في ربع دينار فصاعداً، قال أبو بكر: فأرسلت النبطي.
قال مالك -رحمه الله-: والأمر المجتمع عليه عندنا في اعتراف العبيد أنه من اعترف منهم على نفسه بشيء يقع الحد والعقوبة فيه في جسده فإن اعترافه جائز عليه، ولا يتهم أن يوقع على نفسه هلاكاً.
قال مالك -رحمه الله-.
ولا يتهم؟
أحسن الله إليك.
ولا يتهم أن يوقع على نفسه هلاكاً.
هكذا عندك؟ هذا؟
طالب: وين موقعها يا شيخ؟
ولا يتهم أن يوقع على نفسه هذا، لكن هلاكاً أوضح، هكذا كل النسخ؟
طالب:. . . . . . . . .
هلاكاً محققة عندكم؟ من المحقق؟ ويش يقول؟
طالب:. . . . . . . . .
هلاكاً يقول؟ هو ظاهر، معناها واضح، وهي أظهر من هذا، وإن كان هذا عوده على ما تقدم من العقوبة في جسده واضح يعني، كلاهما واضح، لكن هلاكاً أوضح، سليم الهلالي محقق الكتاب؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش يقول؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا، على كل حال نقول: في نسخة هلاكاً، والمعنى واحد.
أحسن الله إليك.
قال مالك -رحمه الله-: وأما من اعترف منهم بأمر يكون غرماً على سيده فإن اعترافه غير جائز على سيده.
قال مالك -رحمه الله-: ليس على الأجير ولا على الرجل يكونان مع القوم يخدمانهم إن سرقاهم قطع؛ لأن حالهما ليست بحال السارق، وإنما حالهما حال الخائن، وليس على الخائن قطع.
قال مالك -رحمه الله- في الذي يستعير العارية فيجحدها إنه ليس عليه قطع، وإنما مثل ذلك مثل رجل كان له على رجل دين فجحده ذلك فليس عليه فيما جحده قطع.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا في السارق يوجد في البيت قد جمع المتاع، ولم يخرج به إنه ليس عليه قطع، وإنما مثل ذلك كمثل رجل وضع بين يديه خمراً ليشربها فلم يفعل، فليس عليه حد.(159/2)
ومثل ذلك رجل جلس من امرأة مجلساً، وهو يريد أن يصيبها حراماً، فلم يفعل، ولم يبلغ ذلك منها، فليس عليه أيضاً في ذلك حد.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا أنه ليس في الخلسة قطع بلغ ثمنها ما يقطع فيه، أو لم يبلغ، والله أعلم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما لا قطع فيه
قال: "وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان أن عبداً سرق ودياً من حائط رجل" قالوا: الودي: هو النخل الصغار، يعني تؤخذ من الأرض أو من أماتها؟
طالب: من أماتها.
نعم؛ لأن النخلة يخرج منها فروع اثنين وثلاثة وخمسة أو أكثر أو أقل، فسرق هذا من هذا النوع من النخل الصغار يقال له في الخبر الودي "من حائط رجل، فغرسه في حائط سيده" ما الذي يستفيده هذا العبد من هذه السرقة؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(159/3)
هو يحظى عند سيده، لكن وشر الناس من باع دينه بدنيا غيره، لا شك أن مثل هذا نسأل الله العافية خاب وخسر، خسر دنيا وأخرى، ومثل هذا كثير، تجد بعض الناس يقرب ويقدم ليحظى عند من يريد الحظوة عنده من مدير أو رئيس أو ما أشبه ذلك، يقدم له أمور محرمة، ثم في النهاية ينقلب عليه، يعينه على ظلمه، ثم بعد ذلك يسلط عليه، وهذا المسكين، هذا العبد الذي سرق وغرس في حائط سيده، الآن في احتمال أن يكون تكون هذه السرقة بأمر من السيد، الآن العبد والسيد كلاهما مجهول، يعني لو اتهمنا السيد بأنه أمر عبده بهذا، هل يأثم من يتهمه؟ هو مجهول، والاحتمال قائم، والعبد ينفذ، لكن هل يلزم السيد قطع باعتباره هو الآمر؟ وله الأمر على هذا العبد أو لا يقطع؟ يعني لو أن شخصاً أمر شخص غير مكلف بأمر فيه حد، أعطى طفلاً صغيراً وقال: اقتل فلان، أو أعطى شخصاً مكلفاً آلة وقال: اقتل فلان، في الصورة الأولى إذا كان المباشر غير مكلف ينتقل الحكم إلى المتسبب، وإذا كان المباشر مكلفاً فإنه يؤاخذ به، يؤاخذ بجنايته، ولو كان مأموراً، ولو هدد، ولو أكره على ذلك، إذا ترتب على ذلك إزهاق روح، فليس حفظ نفسه بأولى من حفظ غيره، فإذا أكره على القتل وأجبر عليه فإنه يضمن؛ لأنه هو المباشر، المتسبب لا يترك، لكن ليس عليه حد، ما لم يشترك في المباشرة، وهنا هذا العبد الذي سرق، إن كان بأمر سيده السيد بلا شك آثم، قد يعزر، لكن المباشر هو العبد، وهو الذي عليه التبعة.
"فغرسه في حائط سيده، فخرج صاحب الودي يلتمس وديه فوجده" بحث عنه في المزارع، وين يبي يودى هذا؟ نعم؟ يبي يغرس بمزرعة، فبحث عنه في المزارع فوجده "فاستعدى على العبد مروان بن الحكم" استعدى عليه يعني طلب منه أن ينصفه، مروان بن الحكم "فسجن مروان العبد، وأراد قطع يده، فانطلق سيد العبد إلى رافع بن خديج" الآن السيد يريد أن يسلم العبد من القطع مع أنه محدث، فهل نقول: إن هذا قد آوى هذا المحدث فتحل عليه اللعنة المرتبة على ذلك؟ نعم؟ الآن هذا ولي الأمر هو الأمير مروان وأراد القطع، سجنه وأراد قطعه.
"فانطلق سيد العبد إلى رافع بن خديج، فسأله عن ذلك" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(159/4)
لا، الاحتمال قائم أنه عنده شبهة يريد أن يتبين الحق، ويلتزم بالحق أياً كان، أو أنه يريد أن يدافع عن هذا العبد.
على كل حال "انطلق سيد العبد إلى رافع بن خديج، فسأله عن ذلك فأخبره أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا قطع في ثمر ولا كثر)) والكثر: الجمار" الآن الودي حكمه حكم الجمار اللي هو شحم الكافور، الطلع، ((لا قطع في ثمر ولا كثر)) والكثر الجمار، الجمار معروف أنه إذا قطع تموت النخلة، ولا قطع فيه، والعلة في ذلك؟ ما العلة في هذا أنه لا قطع فيه؟ أنه من حيث أنه يؤكل، ونعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يمكن حتى الثمر يمكن ينتفع به، كلاهما ينتفع به، لكنه أذن له أن يأكل غير متخذ خبنة.
"والثمر: الجمار، فقال الرجل: فإن مروان بن الحكم أخذ غلاماً لي وهو يريد قطعه، وأنا أحب أن تمشي معي إليه فتخبره بالذي سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فمشى معه رافع إلى مروان بن الحكم، فقال: أخذت غلاماً لهذا؟ فقال: نعم، فقال: فما أنت صانع به؟ قال: أردت قطع يده" لأنه سارق، قد سرق ما يزيد على النصاب "فقال له رافع: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا قطع في ثمر ولا كثر)) فأمر مروان بالعبد فأرسل" أطلق هذا العبد، ولم يقطع، لكن هل يبرأ بالكلية أو يلزمه رد ما سرق؟ وقد يعزر؛ لأنه تعدى، ليس معنى هذا أنه إذا دفع عنه الحد، ودرء عنه الحد أنه لا يأثم؛ لأنه سرق مال غيره، ولا يلزم من ذلك أن يرد ما سرق، إن وجد بعينه أو بدله أو قيمته، ولا يلزم من ذلك أن يسلم من التعزير، مروان امتثل، مروان من أهل العلم كما هو معروف، وإن كانت الإمارة غيرت وأثرت عليه، لكنه في الجملة هو من أهل العلم، أرسل هذا العبد امتثالاً لهذا الخبر فلم يقطع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو مأذون بالأكل من الثمر، إذا مر بحائط يأكل منه غير متخذ خبنة، يعني ما يأخذ معه شيء، ما يخرج شيء معه، فما دام مأذون بالأكل منه فلا قطع فيه، مثله يؤكل، الجمار يؤكل.
طالب: إلحاق العبد بالمال. . . . . . . . .(159/5)
لا، لا، لا، هو مكلف، هو مثل ما يقال أهل العلم يستعملون في الرقيق قياس الشبه، يعني هل يلحق بالمكلف من الأحرار باعتبار أنه من بني آدم، وأن له إرادة، وله قوة مدركة، عقل، مناط التكليف، أو أنه ملحق بالحيوانات البهائم التي تباع وتشترى، هم نظروا إلى أن شبهه بالسلع أكثر، فألحقوه بالسلع، لكن لا يعني أنه سلعة من كل وجه، لا يجري عليه قلم التكليف؟ يجري عليه، إذاً التبعات تلحقه، فمثلاً الجناية عليه مثل الجناية على السلع، وليست مثل الجناية على بني آدم، تقوّم ويؤخذ الأرش وهكذا.
قال: "حدثني مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أن عبد الله بن عمرو بن الحضرمي جاء بغلام له إلى عمر بن الخطاب فقال له: اقطع يد غلامي هذا" الأول بحث عن الأسباب التي تعفي الغلام من القطع، والثاني ذهب بالغلام إلى عمر ليقطع، فرق بين تصرف هذا وهذا "فإنه سرق" ولا شك أن الاحتمال أنه دافع عنه في الحديث الأول الاحتمال قائم في كونه يريد أن يدرأ عنه الحد ليسلم له، فتتوفر قيمته، أو أنه انقدح في ذهنه شبهة، فأراد أن يستفهم ولا يعترض عن الحكم، وأيضاً الخبر الثاني احتمال أن يكون تقديمه للعبد ليقطع لتبرأ ذمته مقدماً في ذلك شرع الله على مصلحته؛ لأن بقاء العبد سليماً سليم الأطراف أوفر في قيمته، مما إذا كان مقطوع بعض الأطراف.
"فقال له عمر: ماذا سرق؟ فقال: سرق مرآة لامرأتي ثمنها ستون درهماً" هل يمكن أن يقال: إن هذا بسبب تأثير المرأة على الرجل، أنها قالت: ما دام سرق منا لا بد أن يقطع وينكل؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
"ثمنها ستون درهماً، فقال عمر: أرسله فليس عليه قطع، خادمكم سرق متاعكم" الآن مثل هذا الخادم الذي يخدمهم، ولا يحترزون منه، ويصل إلى ما لا يصل إليه غيره، فقد تكون هذه المرآة في غير حرز مما يحرز عن هذا العبد، على كل حال هذا كلام عمر "فقال عمر: أرسله فليس عليه قطع، خادمكم سرق متاعكم" لكن لو كان المال محرز يقطع وإلا ما يقطع؟ نعم؟ يقطع كما يقطع الزوج إذا سرق من مال الزوجة المحرز عنه، والعكس.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب: ولو كان مؤتمن؟
إيش لون مؤتمن؟
طالب:. . . . . . . . .
أمنوه، يعني على ما تقدم؟(159/6)
طالب:. . . . . . . . .
لكن في مثل هذه الصورة المتوقع أنه لم تحرز عنه المرآة؛ لأنها لو أحرزت وأتمنوه على أموالهم لا شك أنه سارق يقطع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، وتقدم لنا نظير هذه الصورة إلا أنها محمولة على أنه سرق من حرز.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
قال: "وحدثني مالك عن ابن شهاب أن مروان بن الحكم أتي بإنسان قد اختلس متاعاً" الخلسة غير السرقة، اختلس متاعاً دخل بإذن، دخل البيت، أو دخل المحل الدكان، إنسان دعي إلى ضيافة، فلما راح صاحب البيت دخل إلى البيت ليحضر الطعام، وجد هذا شيئاً نفيس اختلسه وضعه في جيبه، هذه خلسة، ومثل هذا لو دخل المحل، وقال: عن إذنك التلفون، قال: اتفضل، وجلس على الماسة، ويبي يتصل، وفتح الدرج، وأخذ ما خف، هذه سرقة وإلا خلسة؟ مفتوح الدرج ما هو مقفول، لو كان مقفول سرقة، لكن الدرج مفتوح، هذه خلسة.
طالب: اللي يسمونه نشال.
نعم؟
طالب: اللي يسمونه نشال.
هذيك نهبة النشال، علانية يأخذها، النهبة غير الخلسة.
"أتي بإنسان قد اختلس متاعاً، فأراد قطع يده، فأرسل إلى زيد بن ثابت يسأله، فقال زيد بن ثابت: ليس في الخلسة قطع" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لكنه علانية ظاهر قدام الناس، إيه.
طالب: الذي ذهب بالعبد إلى عمر ليقيم عليه الحد وقام هو. . . . . . . . .
هو الأصل أنه يقيم، يقيم الحد بنفسه، لكن إذا كان الوالي من مثل عمر، فلا شك أن براءة الذمة تكمن بإسلامه أو تسليمه إلى عمر من حيث العلم، نعم العلم، ولا يساوره أدنى شك في أن قطعه أو تركه شرعي، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يلزم بعد أن تذكر القصة بتفصيلها، ما يلزم أن تذكر القصة مفصلة، لكن إحنا نحمل على هذا.
طالب:. . . . . . . . .
إيه سرق متاعكم الذي يتمكن منه بحيث لا يرده عنه راد، ولا يصده عنه صاد، وليس بحرز، واضح هذا.
"فأرسل إلى زيد بن ثابت يسأله عن ذلك، فقال زيد بن ثابت: ليس في الخلسة قطع".(159/7)
قال: "وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: أخبرني أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه أخذ نبطياً قد سرق خواتم من حديد، فحبسه ليقطع يده، فأرسلت إليه عمرة بنت عبد الرحمن مولاة لها يقال لها: أمية" الذي يظهر من السياق أن الخواتم لا تصل قيمتها إلى النصاب "يقال لها: أمية، قال أبو بكر: فجاءتني وأنا بين ظهراني الناس" جاءت وهو جالس مع الناس "فقالت: تقول لك خالتك عمرة: يا ابن أختي أخذت نبطياً في شيء يسير ذكر لي، فأردت قطع يده؟ قلت: نعم، قالت: فإن عمرة تقول لك: لا قطع إلا في ربع دينار فصاعداً" فدل على أن قيمة الخواتم أقل من ربع الدينار "قال أبو بكر: فأرسلت النبطي" يعني تركته، أطلقته، وأطلقت سراحه.
"قال مالك -رحمه الله-: والأمر المجتمع عليه عندنا في اعتراف العبيد أن من اعترف منهم على نفسه بشيء يقع الحد والعقوبة فيه على جسده أو في جسده فإن اعترافه جائز عليه، ولا يتهم أن يوقع على نفسه هذا" يعني هذا الضرر والعقوبة على الجسد؛ لأن الإنسان قد يعترف بشيء له في اعترافه مصلحة، وقد يعترف بشيء فيه على نفسه مضرة، وقد يعترف بشيء أو يدعي شيئاً فيه مفسدة وفيه مصلحة، وقد يعترف أو يدعي شيئاً لا مصلحة فيه ولا مفسدة، فالقسمة رباعية.
إذا اعترف بشيء عليه فيه الضرر، ولا ضرر على غيره يؤاخذ باعترافه وإلا ما يؤاخذ؟ يؤاخذ، إذا اعترف بشيء له فيه مصلحة ولا ضرر عليه لا بد من البينة، إذا كان الأمر المعترف به يشتمل على مصلحة ومفسدة بالنسبة له يصدق في ما فيه مضرته دون ما فيه مصلحته، وإذا اعترف بشيء لا مصلحة فيه ولا مفسدة فالاعتراف وجوده وعدمه سواء.
لو ادعى شخص أنه شريف من نسل النبي -عليه الصلاة والسلام- نصدقه من وجه ولا نوافقه من وجه، نمنعه من الزكاة، ولا نعطيه من الخمس إلا ببينة؛ لأن هذا اعتراف على نفسه؛ لأن الذي يعترف على نفسه يؤاخذ، اعترف على نفسه بما يضره، أما إذا ادعى شيئاً ينتفع به دون مضرة عليه فلا بد فيه من البينة.(159/8)
هذا إن اعترف العبد على شيء يلحقه الضرر في بدنه، هذا لا شك أنه يؤاخذ بهذا الاعتراف، ولا يتهم أن يوقع على نفسه هلاكاً أو هذا، فإن اعترف على نفسه بأنه سرق، وتوافرت الشروط يؤاخذ بهذا الاعتراف ولو تضرر السيد؛ لأن ضرره أكثر من ضرر السيد؛ لأنه قد يقال: إن سبب الاعتراف إرادة الضرر بالسيد، نقول: لا، الضرر عليه واقع أكثر من ضرر السيد، لكن لو اعترف أنه جنى جناية توجب مالاً، وجناية العبد على سيده، يصدق وإلا ما يصدق؟
قال: "وأما من اعترف منهم بأمر يكون غرماً على سيده فإن اعترافه غير جائز على سيده" إذاً يبقى للمجني عليه لإثبات الجناية أن يأتي ببينة.
لو قال الصبي لأبيه: اشتر لي هذه الآلة، قال: أبي دباب مثلاً، وقال أبوه: والله ما عندي استعداد أشتري لك دباب، والدباب ضرره واضح على الأطفال في أبدانهم وفي سلوكهم أيضاً، فاتفق مع شخص فقال له: نتفق أنا وإياك أني كسرت لك متاع قيمته كذا، ويكون المال بيني وبينك نصفين، من أجل إذا أخذت المال الكامل لك تعطيني نصفه أشتري به دباب، يصدق في هذا الاعتراف وإلا ما يصدق؟
طالب: ما يصدق.
ما يصدق، لكن دعوى صاحب المتاع المكسور لا بد من إحضار بينة، طيب افترض أن هذا ما استطاع أن يحضر بينة، تتجه اليمين على من أنكر، من الذي يحلف الصبي وإلا وليه؟ يحلف بإيش؟
طالب:. . . . . . . . .
يحلف على نفي العلم يكفي؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني تقف المسألة بسد، وإلا لا بد من حل شرعي؟ يعني هل يقرر الصبي ويشدد عليه حتى ينفي، أو يقرر هذا الشخص الذي ليس عنده بينة ويشدد عليه، ويخوف حتى يرجع وينكل عن دعواه، فإن رجع وإلا تتجه اليمين على المدعى عليه؟ المدعى عليه لا يستطيع أن يثبت ولا ينفي لأنه لم يحضر، فإن نكل عن اليمين ردت إلى المدعي.
مثل هذه الدعاوى التي لازمها إلحاق الضرر بغير المدعي، أو غير المقر لا شك أنها لا تقبل.
"وأما من اعترف منهم بأمر يكون غرماً على سيده فإن اعترافه غير جائز على سيده".(159/9)
"قال مالك: ليس على الأجير ولا على الرجل يكونان مع القوم يخدمانهم إن سرقاهم قطع؛ لأن حالهما ليست بحال السارق، وإنما حالهما حال الخائن، وليس على الخائن قطع" لأنه في الغالب أنه مثل الخادم هذا والأجير أنه يمكن من الوصول إلى هذا المال، أما إذا لم يمكن منه يخدم في البيت، أجير يخدم في البيت، جئت بسباك وإلا كهربائي ووريته اللي تحتاج من الأدوات الكهربائية، والدورات التي تحتاج إلى صيانة، وأغلقت الأبواب على الأمتعة، فكسر باب وسرق، نقول: هذا أجير ما يقطع؟ لا، لكن لو سرق من الآلات التي أحضرت له ليصلحها، يقطع وإلا ما يقطع؟ هذه ليست سرقة، وإنما هي خيانة، فرق بين هذا وهذا.
يقول: "ليس على الأجير ولا على الرجل يكونان مع القوم يخدمانهم إن سرقاهم قطع؛ لأن حالهما ليست بحال السارق، وإنما حالهما حال الخائن، وليس على الخائن قطع".
"قال مالك -رحمه الله- في الذي يستعير العارية فيجحدها: إنه ليس عليه قطع، وإنما مثل ذلك مثل رجل كان له على رجل دين فجحده ذلك، فليس عليه فيما جحده قطع" التنظير مطابق وإلا غير مطابق؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني استعار كتاب من زميله، استعار كتاب، ومع طول العهد نسيه فجحده، قال: الكتاب كتابي، قال: لا ما هو بكتابك هذا لي، كأنه في ذمته له دين، ومع طول المدة نسي، فجحده، التنظير مطابق وإلا غير مطابق؟
طالب: مطابق.
مطابق، مطابق، لكن الذي يشكل على هذا ويعكر عليه الحديث، الحديث في الصحيحين أن امرأة كانت تستعير متاعاً فتجحده، فأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بقطعها، وقال: ((لو أن فاطمة بنت محمد سرقت)) فدل على أن مثل هذا الصنيع حكمه حكم السرقة، امرأة عرفت بكونها تسرق المتاع، وتكرر منها هذا مراراً، فقال بعضهم: إنها لم تقطع من أجل جحد العارية وإنما سرقت ...
طالب:. . . . . . . . .(159/10)
لا، سرقت وكانت موصوفة بين الناس بأنها تجحد المتاع، تستعير المتاع وتجحده، فكونها تستعير المتاع وتجحده ليست هذه هي الجناية التي قطعت من أجلها، وإنما صار وصفاً لها، سرقت وهي معروفة بهذا العمل، فقطعت من أجل السرقة، ولم تقطع من أجل جحد العارية، وعلى كل حال المسألة خلافية بين أهل العلم، والنص الظاهر في أنها قطعت من أجل؟ ظاهر النص أنها من أجل جحد العارية، وإن كان القول الثاني أقعد، القول الثاني أنها لا تقطع في جحد العارية مثلما نظر الإمام -رحمه الله تعالى- هنا، نعم، لكن إنما قُطعت هذه المرأة لأنها اتصفت بكونها تستعير المتاع وتجحده، فكل من رآها قال: هذه هي التي تستعير المتاع وتجحده، هذه المرأة التي تستعير المتاع، لا تعيرونها، هذه المرأة التي تستعير المتاع فتجحده، فسرقت في يوم من الأيام فقطعت من أجل السرقة، لا من أجل جحد العارية، لكن ظاهر السياق يدل على أنها إنما قطعت من أجل جحد العارية.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا التفريق هذا ما هو بظاهر، لكن يبقى أنها فعلت هذا مرة أو مرتين أو عشر، يعني ما يفرق؛ لأنها لو تكرر منها هذا العمل وما أقيم عليها الحد تتداخل كمن سرق مرة واحدة.
على كل حال هذه المسألة لا شك أنها الخلاف فيها قوي، وظاهر سياق الحديث يدل على أنها إنما قطعت من أجل الجحد، لكن هل سياق الخبر من أجل الجحد أو من أجل القطع؟ لأن هناك من الدلالات ما هو دلالة أصلية ودلالة تبعية.
طالب:. . . . . . . . .
لا بد من هذا، والمسألة لا شك أنها معضلة، يعني شروط السرقة ما تنطبق عليها، وجحد العارية إلى الخيانة أقرب منه إلى السرقة، وليس على خائن قطع، فهل نقول: إن السياق إنما سيق من أجل القطع، ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لو أن فاطمة بنت محمد سرقت)) والحقيقة الشرعية واللغوية للسرقة لا تنطبق على جحد العارية، إنما الوصف المؤثر هو السرقة، وهل يمكن أن يقال: إن القطع كان تعزيراً لتكرر الأمر منها؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(159/11)
طيب، نقول: هل الوصف المؤثر في الحكم هنا الذي هو القطع كونها تستعير المتاع وتجحده، أو كونها سرقت؛ لأنه قال: ((لو أن فاطمة بنت محمد سرقت)) فدل على أن هذه سارقة، لو أن فاطمة -رضي الله عنها- وصلى الله وسلم على محمد -عليه الصلاة والسلام- لو أنها فعلت مثل فعل هذه المرأة سرقت لقطعت يدها، فدل على أن الوصف المؤثر هو السرقة، وأما كونها تستعير المتاع وتجحده فإنما هو وصف لزمها من تكراره، وهذه أقعد وأقرب إلى النصوص الأخرى، فجحد العارية ليس من السرقة لا اللغوية ولا الشرعية ولا العرفية، لا ينطبق عليه أي حقيقة من الحقائق.
لو أن شخصاً استعار كتاباً من زميله، استعار الروض المربع، وقال: دامي أدرس في الكلية أبد، وإذا انتهيت وتخرجت أرده عليك، درس في الكلية أربع سنوات، وقد رسب في بعض السنوات، وصارت الكلية سبع سنوات، ونسي أنه لفلان، وقال: كتابي، قال: ما عندي لك كتاب، نسي، طيب هذا كتابي وعليه ختمي، ناظر اسمي عليه، الختم موجود، قال: لا، أنا شاريه منك، وقد استعمل هذا الكتاب، وسبع سنوات، وعلق عليه، وكل من رآه قال: هذا كتاب فلان، هذه المسألة فيها تعارض الأصل مع الظاهر، الأصل أن الكتاب لصاحب الختم، والظاهر أنه ما دام بيده مدة طويلة وفي مكتبته وفي بيته أنه له، فهنا تعارض الأصل والظاهر، فلا بد من مرجح، الأصل أن الكتاب لفلان، والظاهر أنه لمن هو بيده لا سيما مع طول المدة، واستعماله، الكتاب استعمال الملاك، استعماله استعمال الملاك، فك التجليد الأول، وجلده من جديد، وعلق عليه، وذاك يراه ولا ينكر عليه، فنحتاج إلى مرجح في هذا التعارض، فإن كان من عادة صاحب الختم أنه يبيع من كتبه ما زاد عن حاجته فيرجح قول من هو بيده، عملاً بالظاهر، وإن كان ليس من عادته أن يبيع، وإنما من عادته أن يعير فيترجح قول صاحب الأصل الذي الختم، ختمه على كتابه.
"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في السارق يوجد في البيت" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(159/12)
والذي يظهر لي أنا أنه ما قطعت من أجل الجحد؛ لأن الجحد لا ينطبق عليه اسم السرقة، والسرقة معروف حكمها وحدها {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا} [(38) سورة المائدة] والسرقة تعريفها لغة وشرعاً وعرفاً يختلف عن جحد العارية.
"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في السارق يوجد في البيت قد جمع المتاع ولم يخرج به" يتردد على هذه الغرف ويجمع، ويكومهن عند الباب من داخل ما هو من برع، على شان إيش؟ هو موقف السيارة في الشارع الثاني، يبي إذا كمل جمعهن جاب السيارة وشالهن، مُسك قبل أن يأتي بالسيارة، ويشيل المتاع، هذا عليه قطع وإلا ما عليه قطع؟ ما عليه قطع، لكن لو كان يجمع في الشارع عليه القطع.
يقول: "الأمر المجتمع عليه عندنا في السارق يوجد في البيت قد جمع المتاع ولم يخرج به إنه ليس عليه قطع، وإنما مثل ذلك كمثل رجل وضع بين يديه خمراً ليشربها فلم يفعل" لأن الحد معلق بالشرب، وحد السرقة معلقة بالسرقة، ولم تتم "فلم يفعل فليس عليه حد".
"ومثل ذلك رجل جلس من امرأة مجلساً" يعني مجلس الرجل من زوجته، وهو يريد أن يصيبها حراماً فلم يفعل ولم يبلغ ذلك منها فليس عليه أيضاً في ذلك حد.
لأن الحد مرتب على التقاء الختانين، على الإيلاج، وأما بالنسبة للإثم فهو تبعاً للمانع الذي منعه المانع الذي منعه من إخراج المتاع، ومن شرب المسكر، ومن الوقوع على هذه المرأة، لو كان ذكر الله -جل وعلا- فتركها لله هذا يؤجر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الإيلاج وإلا التقاء الختانين؟ إذا جلس بين شعبها ثم جهدها فقد وجب الغسل.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال بالتقاء الختانين، التغييب هذا عندهم بالتغييب.
"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أنه ليس في الخلسة قطع" وتقدم الخبر السابق "بلغ ثمنها ما يقطع فيه أو لم يبلغ" سواءً اختلس ما قيمته ثلاثة دراهم أو ثلاثمائة درهم، أو ثلاثة آلاف درهم، ما دام أخذها خلسة هذا ليس فيه قطع كما تقدم.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب: الأشربة
باب: الحد في الخمر(159/13)
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أنه أخبره أن عمر بن الخطاب خرج عليهم، فقال: إني وجدت مع فلان ريح شراب، فزعم أنه شراب الطلاء، وأنه سائل عما شرب، فإن كان يسكر جلدته، فجلده عمر الحد تاماً.
وحدثني مالك عن ثور بن زيد الديلي أن عمر بن الخطاب استشار في الخمر يشربها الرجل، فقال له علي بن أبي طالب: نرى أن تجلده ثمانين، فإنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، أو كما قال، فجلد عمر في الخمر ثمانين.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه سئل عن حد العبد في الخمر، فقال: بلغني أن عليه نصف حد الحر في الخمر، وأن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبد الله بن عمر قد جلدوا عبيدهم نصف حد الحر في الخمر.
وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: ما من شيء إلا الله يحب أن يعفى عنه ما لم يكن حداً.
قال يحيى: قال مالك: والسنة عندنا أن كل من شرب شراباً مسكراً فسكر أو لم يسكر فقد وجب عليه الحد.
نعم.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب: الأشربة
الكتاب مر تعريفه مراراً، والأشربة جمع الشراب، وهو مما يشرب من مباح أو حرام، وهو ما يقابل الطعام، الشراب هو السائل، وضده المتماسك هو الطعام، والأشربة تشمل الأشربة المباحة والمحرمة، إلا أنه يبحث في هذا الموضع الأشربة المحرمة، مما يترتب عليه الحد، ومما لا يصل إلى ما يجب فيه الحد.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: الحد في الخمر(159/14)
"حدثني مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أنه أخبره أن عمر بن الخطاب خرج عليهم، فقال: إني وجدت من فلان ريح شراب، فزعم أنه شراب الطلاء" الطلاء يعني ما يعتصر من الفواكه، ثم يطبخ، حتى يغلظ، فمنه ما يصل إلى حد الإسكار إذا حبس بعد ذلك أياماً، ومنه ما لا يصل إلى حد الإسكار إذا شرب فوراً، إلا أنه قد يعالج بمواد تحفظه، وبطريقة تحفظه إلى أن يصل إلى حد الإسكار فيستمر الأيام الطوال والأشهر ولا يسكر، ولو كان في الأصل مسكراً، مثل عصير العنب إذا وضعت فيه المواد الحافظة، وأحكم تعليبه في المعلبات الموجودة الآن لا يسكر، وغيره من الفواكه، لكن لو لم يحكم غطاؤه، أو لم يوضع عليه بعض المواد التي تحفظه الأصل فيه أنه مسكر، ولذا جاء تحريم النبيذ، ولو لم يصل إلى حد الإسكار عند جمهور أهل العلم خلافاً لأبي حنيفة، هنا الطلاء يطبخ من العصير، عصير الفواكه، وأكثر ما يكون من التمر والعنب، سئل عنه فجاء بالقاعدة، الجواب القاعدة العامة بغض النظر عن المادة التي استخلص منها، وإن كان الحنفية يخصون الخمر حقيقة الخمر بالعنب، والجمهور ينظرون إلى القاعدة الشرعية وهي الإسكار، فالخمر ما أسكر، وغطى العقل سواءً كان من العنب أو من التمر أو من أي مادة كان، ولو كان غراء مثلاً، أو كان حشيش مثلاً، أو غير ذلك، فالحشيشة محرمة بالإجماع فيما نقله جمع من أهل العلم، ومنهم شيخ الإسلام، وليست مادتها من العنب.
قد يقول قائل: إن البنج مثلاً يغطي العقل، ويستعمل بين المسلمين من غير نكير؛ لماذا لا يرتب عليه الحد ويحرم ويمنع؟ ليس فيه نشوة ولا طرب، والحاجة داعية إليه، فهو إلى النوم أقرب، ولذلك هو جائز عند عامة أهل العلم.
"أنه أخبر أن عمر بن الخطاب خرج عليهم، فقال: إني وجدت من فلان ريح شراب، فزعم أنه شراب الطلاء، وأنا سائل" إيش؟ "وأنا سائل عما شرب، فإن كان يسكر جلدته، فجلده عمر الحد تاماً" لأنه وجد يسكر، فالمدار كله على الإسكار، العلة المؤثرة هي الإسكار، وهو تغطية العقل، فإذا وجد بأي مادة كانت.(159/15)
"وحدثني عن مالك عن ثور بن زيد الديلي أن عمر بن الخطاب استشار في الخمر يشربها الرجل" لأن الجلد في أول الأمر كان أربعين جلدة، فلم يرتدع الناس "فاستشار عمر -رضي الله تعالى عنه- الناس، فقال له علي بن أبي طالب: نرى أن تجلده ثمانين" لماذا؟ قال: "لأنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، وحد الفرية ثمانون جلدة" حد الفرية القذف ثمانون جلدة، أو كما قال، فجلد عمر في الخمر ثمانين.
ويختلف أهل العلم في حد الخمر هل هو الأربعون جلدة على ما كان عليه في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- وعهد أبي بكر، وصدر من خلافة عمر؟ أو هو الثمانون بما آل إليه الأمر في عهد عمر واتفق عليه الصحابة؟ أو يقال: إن الحد الأربعون والزيادة التعزير؟ المسألة خلافية بين أهل العلم، وعلى كل حال الصحابة اتفقوا في عهد عمر على الثمانين، وكون الأربعين الثانية حد أو تعزير، المسألة محل نظر، لكن الأوجه من الاحتمالين أنها تعزير، والحد هو الذي استقر عليه الأمر في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام- وعهد أبي بكر أنه أربعون جلدة، ثم زاد عمر أربعون جلدة تعزيراً.
والتعزير في الخمر لا يقتصر على الثمانين، بل لو وجدت هذه الظاهرة وكثرت بين الناس، ولم يرتدع الناس بالثمانين لوصل الحد إلى القتل، في حديث معاوية وغيره أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((إذا شرب الخمر فاجلدوه، ثم إذا شربها فاجلدوه، ثم إذا شربها فاجلدوه، ثم إذا شربها فاقتلوه)) مخرج في السنن عند الترمذي وغيره، والترمذي -رحمه الله تعالى- يقول: ليس في كتابي مما أجمع على ترك العمل به إلا هذا الحديث، وحديث جمع في المدينة بين الصلاتين بلا .... نعم؟ ليس فيه مما أجمع على ترك العمل به إلا هذين الحديثين.
هذا الحديث عند عامة أهل العلم منسوخ، ومن أهل العلم من يرى أنه محكم، وأن كل من تكرر منه الشرب أربع مرات يقتل، وللشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- رسالة اسمها: كلمة الفصل في قتل مدمن الخمر، وابن حزم يرى أنه أيضاً محكم، وابن العربي أيضاً يميل إلى هذا، والسيوطي يميل إليه، وأنه يقتل في المرة الرابعة، المدمن يقتل.(159/16)
شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم رأيهم أنه لا مانع من قتله تعزيراً، لا على سبيل الحد، يقتل تعزيراً، فإذا لم يرتدع الناس بالحد للإمام أن يقتله، ولعل الفتوى بقتل المروج مروج المخدرات يرجع إلى مثل هذا؛ لأنه من الإفساد في الأرض.
طالب:. . . . . . . . .
كلمة الفصل في قتل مدمن الخمر.
طالب:. . . . . . . . .
هو من سنة الخلفاء الراشدين بلا إشكال، وقد أمرنا بالاقتداء به، مع أبي بكر، لكن فيما لم يوجد فيه مرفوع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الأربعين؟ إيه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إي نعم إيه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، فيه جلد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أربعين، وجلد أبو بكر أربعين.
طالب:. . . . . . . . .
والله على حسب، إذا قلنا: إنه تعزير لا بد من النظر من جهات، النظر في المسألة من جهات.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، إيه، هذا يدل على أنه تعزير، واحد أو اثنين يسكرون في المجتمع ما يضر.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
يدل على حتى أن القتل تعزير وليس بحد، يدل على أن القتل تعزير.
طالب:. . . . . . . . .
وبعضهم يقول: إن هذا ناسخ، ناسخ لحديث القتل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
منهم من يقول: إنها إذا أفردت إذا كانت تسكر بحيث لو أفردت يعني بمفردها تلحق، يعني لو خلصنا هذه النسبة بمفردها، وشربها إنسان سكر يجلد، ومنهم من يقول: إنها استحالت فيما خلطت معه، فلا توجب السكر، لكن هل تعتبر طاهرة وإلا نجسة؟ عامة أهل العلم على أن الخمرة نجسة، وعلى هذا يتقى ما فيه نسبة الكحول المسكرة، بما لو أفردت.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن هل .. ؟ حرام لكن هل يوجب الحد؟ ما يوجب الحد إلا إذا أسكر، من أهل العلم من يقول: إنها استحالت، وينه؟ راحت، كما لو وضعت نقطة نجاسة في ماء، سطل ماء، وهذا جار على قول من يقول: إن الماء لا يتأثر إلا بالتغير، يعني مجرد مخالطة الماء للنجاسة أو السائل للنجاسة لا تؤثر فيه النجاسة إلا بالتغير.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .(159/17)
على القول بنجاسته هذا ظاهر، القول بطهارته وأنه استحال، استحالت هذه النسبة اليسيرة في الماء، وأنه .. ، على كل حال اتقاؤه اتقاء الشبهة، ولو كان واحد بالمائة.
قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه سئل عن حد العبد في الخمر، فقال: بلغني أن عليه نصف حد الحر في الخمر" حد الحر {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [(4) سورة النور] إذاً يكون حد العبد النصف الأربعون، "وأن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبد الله بن عمر قد جلدوا عبيدهم نصف حد الحر في الخمر" وكفى بهؤلاء الأئمة عمر وعثمان وعبد الله بن عمر مع أنهم من أهل التحري في هذا الباب، ومع ذلك جلدوا عبيدهم نصف حد الحر، فدل على أن حد الخمر يتنصف كحد الزنا والقذف.
قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: ما من شيء إلا الله يحب أن يعفى عنه ما لم يكن حداً" الله -جل وعلا- عفو كريم، ويحب العافين عن الناس، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، يجلد أربعين.
الله -جل وعلا- يحب العافين عن الناس، وكل شيء يحب الله -جل وعلا- أن يعفى عنه، ما لم يكن حداً؛ لأن تضييع الحدود لا شك أنه مفسدة عظيمة، وتعطيل لشرع الله -جل وعلا-.
"قال يحيى: قال مالك: والسنة عندنا أن كل من شرب شراباً مسكراً فسكر أو لم يسكر فقد وجب عليه الحد" لأن المدمن بعض المدمنين يصل إلى مرحلة أنه لا يؤثر فيه الخمر، لا يؤثر فيه، شرب ما يؤثر فيه، قد يقول قائل: إذا كان يعرف أنه لا يؤثر فيه لماذا يشرب؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم البدن إذا اعتاده لا يصبر عنه، وأيضاً من باب العقوبة وإلا إذا كان لا يتلذذ به على حد زعمه، وإن كانت هذه لذة مجانين، يعني تعطيل العقل الذي شرف الله به وكرم به بني آدم، رفع هذه الميزة وهذا العقل الذي ميزه الله به عن الحيوانات لا شك أنه سخف، وإن استعمل من شخصيات كبار من المتقدمين والمتأخرين، لكن هذا لا شك أنه إلحاق للنفس العاقلة بالمجانين وبالبهائم، لا شك أن هذا نقص في العقل، وإن ادعى صاحبه أنه من أعقل الناس.
طالب:. . . . . . . . .
لا، المدمن، لا.
طالب:. . . . . . . . .
في بيته، هو اطلع عليه وإلا ما اطلع عليه؟
طالب:. . . . . . . . .(159/18)
ما اطلع عليه بكيفه، أمره إلى الله -جل وعلا-، عامة أهل العلم على نجاسته، وإن كان الدليل لا يقوى على القول بنجاسته، لكن ما دام عامة أهل العلم عليه يمكن عندهم شيء ما اطلعنا عليه.
طالب:. . . . . . . . .
والله الاحتياط اجتنابه.
في المناظرة التي حصلت عند محمود بن سبكتكين مناظرة بين حنفي وإمام من أئمة الشافعية، محمود هذا كان حنفياً، فأراد هذا الشافعي وأظنه القفال أراد أن يحول السلطان من مذهب الحنفية إلى مذهب الشافعية، فأراد أن يصلي ركعتين عند السلطان تجعله يترك مذهب أبي حنيفة، فدعا بنبيذ فتوضأ به، النبيذ حلو، الحنفية يجيزون الوضوء بالنبيذ، فاجتمعت عليه الحشرات، الذبان وغير الذبان، وجاء بجلد ميتة، وجعل مكان السلخ إلى الظاهر والصوف والشعر إلى الداخل، فاجتمع عليه من الحشرات أكثر، ثم بعد ذلك نقر ركعتين؛ لأن الطمأنينة ليست بركن عند الحنفية، نقر ركعتين نقر، وبعد أن أنهى التشهد أحدث، ما سلم، فمحمود سأل الحنفي قال: الصلاة صحيحة عندكم وإلا ما هي بصحيحة؟ يعني مقتضى المذهب بالتجزئة لا بالمجموع، يعني يمكن أبو حنيفة لو شاف هذا قال: صلاته باطلة، نعم، بالتجزئة تصح، فتحول السلطان من مذهب أبي حنيفة إلى مذهب الإمام الشافعي.
بعض من يدافع عن مذهب الحنفية يقول: ثم ماذا إذا توضأ بنبيذ، النبيذ كحول، والكحول مطهر يزيد في الطهارة ولا ينقصها، وعلى كل حال إن ثبتت القصة فلا شك أن اجتماع هذه الأمور لا يقول به أبو حنيفة ولا من يقرب ولا يداني أبا حنيفة، ما يمكن أن يقول أبو حنيفة بهذه الصورة مجتمعة بصحة الصلاة، ولو صحح أفرادها؛ لأن بعض الأمور قد يغتفر بمفرده، لكن إذا انضم إلى غيره لا يغتفر؛ لأن الحركة والحركتين تغتفر عند جمهور أهل العلم، لكن إذا زاد منها هل يقال: يغتفر؟ فكون الأمور التي ليست من هديه -عليه الصلاة والسلام- يجتمع بعضها إلى بعض، ولو كانت مفرداتها قد يقول بها بعض أهل العلم، أو يلزم بها إلزام، فلا شك أن مثل هذه الصلاة لا تصحح.
طالب:. . . . . . . . .
السلام ما هو بواجب.
طالب:. . . . . . . . .
أحدث، ضرط، وخلاص وانتهى الإشكال، الله المستعان، وكل هذا من باب التنفير.(159/19)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب العقول (1)
باب: ذكر العقول - وباب: العمل في الدية - وباب: ما جاء في دية العمد إذا قبلت وجناية المجنون - وباب: ما جاء دية الخطأ في القتل.
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يقول: إذا كنت أدرس في الأحساء وبلدي الأصلي الخفجي، فهل تعتبر الأحساء لي دار إقامة والخفجي دار سفر بحيث أتم في الأحساء، وأقصر في الخفجي؟
إذا كان الخفجي لك بها تعلق، أهلك والدك ووالدتك وبيتك في بلدك الأصلي فهو دار الإقامة، هو دار الاستيطان، فهذا لا يسوغ لك أن تترخص فيه.
الأحساء لا يخلو إما أن يكون دار سفر أو دار إقامة، فإن كنت تتردد ولا تمكث فيه أربعة أيام فأكثر فلك أن تترخص فيه، وإن كنت تقيم فيه أربعة أيام فأكثر فلا يجوز لك أن تترخص فيه، فلك دار استيطان الذي هو الخفجي إلا إذا كنت انتقلت منه نقلة تامة، وتذهب إليه زيارات أحياناً، فهو ليس بدار إقامة ولا استيطان.
على كل حال قد يكون للشخص أكثر من دار، فالدور على ما قسم أهل العلم ثلاثة: دار استيطان، وهي البلد الأصلي الذي يستقر فيه الإنسان، ولو سافر عنه، ثم رجع إليه، والبلد الثاني دار الإقامة، وليس بلده الأصلي وإنما يقيم فيه إقامة عند أكثر أهل العلم أربعة أيام فأكثر، هذا لا يترخص فيه، حكمه حكم المستوطن، وأما دار السفر التي لا ينوي فيها الإقامة أكثر من أربعة أيام، ولو أقام فيها أربعة أيام فأكثر، لكن الكلام على النية إذا كان لا يدري متى يرجع وجلس في هذا البلد ينتظر عملاً يفرغ منه فهذا مسافر، ولو أقام أشهر، وكذا لو حصل له ما يمنعه بغير طوعه ولا اختياره، فإنه يقصر، حينئذٍ يترخص، ولو علم أنه يقيم أكثر من أربعة أيام، لو قطع إشارة سجن شهر هذا مسافر ليس بمقيم؛ لأنه لا ينوي الإقامة متى ما أفرج عنه يسافر، هذا مثال، ولو مرض ودخل مستشفى فهو مسافر؛ لأن إقامته ليست بطوعه واختياره.
على كل حال الدور كما قال أهل العلم ثلاثة، وعلى المسافر هذا أخونا صاحب السؤال إن كان بلده الأصلي تركه تركاً لا رجعة فيه، وليس له به تعلق، فإنه كغيره من البلدان التي يسافر إليها.
سم.(160/1)
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
كتاب: العقول
باب: ذكر العقول
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن حزم في العقول: أن في النفس مائة من الإبل، وفي الأنف إذا أوعى ...
أوعي، أوعي.
أحسن الله إليك.
أوعي يعني استوعب.
أن في النفس مائة من الإبل، وفي الأنف إذا أوعي جدعاً مائة من الإبل، وفي المأمومة ثلث الدية، وفي الجائفة مثلها، وفي العين خمسون، وفي اليد خمسون، وفي الرجل خمسون، وفي كل أصبع مما هنالك عشر من الإبل، وفي السن خمس، وفي الموضحة خمس.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
بسم الله الرحمن الرحيم.
بدأ كعادته في الكتب بالبسملة كما هو شأن الأئمة كالبخاري وغيره، إلا أن البخاري أحياناً يقدم البسملة على الكتاب، وأحياناً يؤخرها عن الكتاب، فيقول: كتاب العقول، بسم الله الرحمن الرحيم، ووجه هذا عند بعض أهل العلم أن تقديمها هو الأصل، والبداءة بها هي الأصل، وتأخيرها عن الكتاب ليكون الكتاب الترجمة كاسم السورة في القرآن، وهو متقدم على البسملة، وعلى كل حال الأمر سهل.
يقول -رحمه الله تعالى-:
كتاب: العقول
الكتاب تكلمنا عنه مراراً، وعرفناه، وذكرناه.
وأما العقول: فهو جمع عقل، العقل يقال: عقلت القتيل عقلاً إذا دفعت ديته، فالعقل هو الدية، والقتيل والمقتول الذي بسببه تجب الدية لا يخلو إما أن يكون قد قتل عن عمد بقصد، بقاتل، وهذا شأنه عظيم في الشرع {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ} [(93) سورة النساء] نسأل الله العافية.(160/2)
وفيه القود القصاص إلا إذا عفا أهل القتيل، وتنازلوا عن القتل، على خلاف بين أهل العلم هل يعدلون إلى الدية، أو إذا سلم القاتل نفسه وقال: أنا ما عندي ما أدفع، خذوا واقتصوا، فإذا تنازلوا والحال هذه هل تجب الدية على القاتل أو لا تجب؟ مسألة خلافية بين أهل العلم؛ لأن الواجب القصاص، ومنهم من يقول: أقل أحواله أن يكون الخطأ وشبه العمد، فإذا عفي عن القتيل من القصاص فإنه لا بد من الدية إذا طلبها أهلها، وإذا تنازلوا عنها فالأمر لا يعدوهم، وأما إذا كان القتل عن عمد لكنه بغير قاتل، يعني ما قصد القتل، لكن قصد الأذى، فضرب أو جرح بغير قاتل ثم مات، هذا يسميه أهل العلم شبه عمد، والنوع الثالث هو القتل الخطأ، وهذا هو الذي يحصل كثيراً لا يقصد القتل، ثم يحصل من غير قصد هذا خطأ، فأنواع القتل ثلاثة عمد وشبه عمد والخطأ، فالعمد فيه القصاص النفس بالنفس، أو العدول إلى الدية إذا عفا أهله، وأيضاً فيه بالنسبة للكفارة خلاف بين أهل العلم، منهم من يقول: إنه أعظم من أن يكفر، فلا تجب الكفارة كاليمين الغموس أعظم من أن تكفر فلا يجب فيها الكفارة.
ومنهم من يقول: هو قتل على كل حال، وإذا عوقب القاتل خطأ من غير قصد بالكفارة إضافة إلى الدية فلئن يعاقب القاتل عن عمد من باب أولى، والنظر فيها لأهل العلم معروف.
قتل شبه العمد تجب فيه الدية والكفارة عند أهل العلم، وكذلك قتل الخطأ، وفي النساء آيتين، أولاهما في قتل الخطأ {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا} [(92) سورة النساء] والآية في قتل الخطأ وفيها التنصيص على الدية والكفارة {وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [(92) سورة النساء] هذا بالنسبة لقتل المسلم، مما لا خلاف فيه أنه تجب فيه الدية والكفارة، وأما قتل الكافر المعصوم الذي لا يجوز قتله فالخلاف بين أهل العلم في دخوله في هذه الآية معروف؛ لأن الأقسام التي ذكرت في الآية قتل المؤمن خطأً فيه الدية والكفارة بلا إشكال {وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ} [(92) سورة النساء] فأيضاً دية، فيه إيش؟
طالب:. . . . . . . . .(160/3)
نعم، وفيه الكفارة {فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ} فإيش؟ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [(92) سورة النساء] فيه الكفارة فقط ولا دية له، الدية تهدر وإلا ما تهدر؟ الآن الأقسام الثلاثة الأول مؤمن بلا شك، مؤمن مقتول خطأ فيه الدية والكفارة، الثاني: هل هو مؤمن وإلا كافر؟ مؤمن أهله كفار بيننا وبينهم ميثاق، فهذا فيه؟ نعم؟ {فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [(92) سورة النساء].
القسم الثالث: مؤمن من قوم عدو لنا، كفار، هذا فيه الكفارة، من أهل العلم من يرى أن القسمين، القسم الأول مؤمن إذا قتل فيه الدية والكفارة، القسم الثاني والثالث في قتل الخطأ في الكافر معصوم الدم الذي لا يجوز قتله، غير الحربي، هذا فيه كفارة على كل حال، فإن كان من قوم بيننا وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله، وإن كان من قوم عدو لنا فلا دية له.
لكن الظاهر من الآية أنها في قتل المؤمن بأقسامه الثلاثة، أو تتناول المؤمن والكافر بنوعيه؟ هو في أصل الآية، في رأس الآية نصت على. . . . . . . . . {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا} [(92) سورة النساء] فهل الأقسام الثلاثة الموجودة للمؤمن أو القسم الأول للمؤمن والثاني والثالث للكافر معصوم الدم؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن عندنا {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [(92) سورة النساء] هذا ما فيه إشكال ولا خلاف، الإشكال في القسم الثاني وهو إيش؟ {فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ} [(92) سورة النساء] أيضاً هذا ما فيه نعم إشكال؛ لأنه هو مؤمن، لكن قومه كفار، فهذا فيه الكفارة.(160/4)
القسم الثالث: {وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ} [(92) سورة النساء] هل هذا مؤمن وإلا كافر؟ هذا مؤمن وإلا كافر؟ التنصيص على الدية وإلا الكفارة؟ الكفارة {وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ} [(92) سورة النساء] هذا ما فيه تنصيص على أنه مؤمن، فهذا يختلف فيه أهل العلم، هل فيه كفارة أو لا كفارة له؟ والظاهر من السياق -وهو المرجح عندي وقال به جمع من أهل العلم- أنها خاصة بقتل المؤمن، وأن فيه الكفارة على كل حال، قتل المؤمن فيه الكفارة على كل حال، لكن إن كان من قوم بيننا وبينهم ميثاق وهم كفار نعم يعطون ديته، وإن كان من قوم عدواً لنا لا يعطون دية يتقون بها علينا، وجمع من أهل العلم، وكثير من أهل التفسير يقسمون، يقولون: ما نص على أنه مؤمن مؤمن، وما لم ينص عليه فكافر، والآية فيها قتل المؤمن، وقتل الكافر، وكل هذا عن طريق الخطأ.
الآية التي تليها في قتل العمد، وليس فيها إلا أنه خالد مخلد في النار -نسأل الله السلامة والعافية-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بيننا وبينهم ميثاق، تسلم إلى أهله، دية مسلمة إلى أهله، وهذا يستوي فيه سواءً كان كافر أو مؤمن، الدية لا بد منها، منصوص عليها، وليس الاحتمال في الدية، الاحتمال في الكفارة التي لم ينص عليها، في القتل الأخير في القسم الثالث.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، يرثونه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا إشكال {فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [(92) سورة النساء] {وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً} [(92) سورة النساء] الأهل هؤلاء مسلمون وإلا كفار؟
ظاهر السياق على أنهم كفار؛ لأنه لو لم يكونوا كفار كانوا في القسم الأول، نعم؟ كان في القسم الأول، إلا إذا قلنا: إنه كافر مثلهم، ويرثون هذه الدية عنه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(160/5)
ما يحتاج إلى التنصيص ... بيننا وبينهم ميثاق إذا كانوا مؤمنين ما يحتاجون إلى تنصيص، فيرثونه على كل حال، وتجب الدية على كل حال كالقسم الأول، لكن الكلام إذا كانوا مخالفين له في الدين، فهل نقول: إن هذا إرث يرثون هذه الدية كسائر أمواله؟ ومعلوم أن اختلاف الدين مما يمنع الميراث، أو نقول: إنه كافر مثلهم كما قال جمع من أهل العلم -ولعلهم الأكثر-؟ يقولون: فيه الدية وفيه الكفارة، إذا كان من قوم بيننا وبينهم ميثاق، أو نقول: إن أخذهم الدية لا على سبيل الإرث؟ ويش تكون إذا لم تكن على سبيل الإرث؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
معاوضة باعتبار أنه لو جنى لكانت عليهم الدية؛ لأنهم هم عاقلته، والغنم مع الغرم، وعلى كل حال كلام أهل التفسير في الآية كثير جداً، ومنهم من يرى أنها خاصة بالمؤمن إذا قُتل خطأً، ومنهم من قال: إن القسم الثالث يتناول الكافر.
يقولون: سميت الدية عقلاً لأن الأصل فيها الإبل، وهي تعقل، فإذا سلمت وودي القتيل عقلت عند دار أهله، فسميت بهذا تسمية لها بالمصدر، ثم توسع في استعمال هذا اللفظ حتى شمل الديات كلها إبلاً كانت أو دراهم أو دنانير، فإنها تسمى دية، وتسمى أيضاً عقل.
قال -رحمه الله-:
باب: ذكر العقول
العقول: جمع عقل، والمراد به أيضاً الديات، ديات النفوس التي تختلف باختلاف الأجناس بين ذكر وأنثى، ومسلم وغير مسلم، وديات أيضاً الأعضاء.(160/6)
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه -أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم- أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لجده عمرو بن حزم" أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن حزم، طريقة التحديث هنا أولاً: أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم صحابي وإلا غير صحابي؟ نعم غير صحابي، وجده عمرو بن حزم صحابي، وهو يحكي القصة، يحكي الكتاب الذي كتب لجده، ولم يلق جده "أن في الكتاب" ويحكيها بصيغة (أن) فهو مرسل عند أهل العلم، الحديث مرسل؛ لأنه من رواية تابعي لقصة لم يشهدها، قد يكون وقف على الكتاب، والكتابة والمكاتبة طريق من طرق التحمل المعروفة عند أهل العلم الثمانية منها: الكتابة والمكاتبة، وهذا منها، كتب النبي -عليه الصلاة والسلام- لعمرو بن حزم، فروايته لهذه الكتابة هو ليس بكاتب، ولا مكتوب له، وليس بطرف في الكتابة، إنما يروي هذه الكتابة عن طريق الوجادة، إذا قلنا: إنه اطلع على الكتاب قلنا: وجادة، فهو وجد في الكتاب الذي كتبه النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى جده عمرو بن حزم، ولا شك أن مثل هذا يحكم بانقطاعه، وإن كان فيه شوب اتصال كما يقول أهل العلم، الأصل فيه الانقطاع؛ لأنه لم يلق المكتوب له، يعني كما نجد بخط عالم نعرف خطه، وجدنا بخط شيخ الإسلام، أو وجدنا بخط شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، أو عالم لم ندركه، ونحن لا نشك أن هذا خطه هذه وجادة، لكن لا يحكم باتصالها، إنما هي منقطعة، إلا لو وجدنا بخط الشيخ يعني إذا وجد الإنسان الواجد بخط شيخه الذي لا يشك فيه، باعتبار أنه لقيه، وروى عنه يروي عنه هذا، بخطه الذي لا إشكال فيه، أما أن يروي عن شخص لم يعاصره بمجرد الوجادة، هذا يحكم عليه أهل العلم بالانقطاع، لكن قالوا: فيها شوب اتصال باعتبار أن الخط لا يشك فيه، وأن الإنسان وقف على هذا الخط كما يوجد في الكتب وفي حواشي الكتب دائماً نقف ويقف غيرنا في المخطوطات على حواشي كتبت بخط عالم من أهل العلم تنسب إليه، النسبة إليه صحيحة بحيث لا يشك في الخط، أما إذا وجد أدنى نسبة للشك فلا.
طالب:. . . . . . . . .(160/7)
لا، يروي بالوجادة، يقول: وجدت بخط فلان.
عبد الله بن الإمام أحمد كثيراً ما يقول: وجدت بخط أبي، وهو يروي عنه، وجدت بخط أبي، وهذا أولى ما يقال؛ لأنه بيان للواقع بدقة، وجدت بخط أبي، وجدت بخط الشيخ فلان، وجدت بخط شيخ الإسلام، ومعروف خطه، نعم، فهذه أولى ما يقال؛ لأن فيها بيان الواقع، لكن إذا وجد بخط شيخه الذي لا يشك فيه، أو بخط والده وقل مثل هذا في الوصايا والأوقاف، وما أشبه ذلك إذا كان لا يشك بخطه، فأهل العلم يقررون أنه له أن يحلف عليه؛ لأنه غلبة ظن، ويجوز الحلف على غلبة الظن، إذا وجد بخط أبيه الذي لا يشك فيه أن له ديناً على فلان ابن فلان، نعم فإنه يحلف عليه بناءً على جواز الحلف على غلبة الظن، وهذا منه، وإن كان التقليد وارد، تقليد الخطوط وارد، كما أن تقليد الأصوات أيضاً موجود، لكن الكلام فيما إذا لم يساوره أدنى شك.
وعلى كل حال على أن الخبر مرسل إلا أنه متلقى بالقبول عند أهل العلم، وابن حجر -رحمه الله تعالى- يقول: تلقي العلماء للخبر بالقبول أقوى من مجرد كثرة الطرق.
"أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" عرفنا وجه الانقطاع أنه يحكي قصة لم يحضرها، وإنما وقف عليها مكتوبة "أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" الرسول يكتب وإلا ما يكتب؟
طالب: ما يكتب.
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن الرسول يكتب وإلا ما يكتب؟
طالب: ما يكتب.
{وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [(48) سورة العنكبوت] معروف أنه لا يكتب هذا بالنص القطعي، الرسول لا يكتب، وإنما أمر بالكتابة، والفعل ينسب إلى من أمر به، كما أنه ينسب إلى من باشره، واختلفوا هل كتب النبي -عليه الصلاة والسلام- يوم الصلح أو لم يكتب؟ لأن علياً رفض -رضي الله عنه- أن يمسح من محمد رسول الله، فأخذ النبي -عليه الصلاة والسلام- القلم فمحاه وكتب، في الصحيح، فهل هذه كتابة أو أمر كما هنا؟ أمر عند أكثر أهل العلم، وإن كان أبو الوليد الباجي يقول: إنه كتب بخطه، وكتابة الكلمة والكلمتين لا تخرجه عن كونه أمياً -عليه الصلاة والسلام-، ورد على الباجي، بل ضلله بعض أهل العلم، وردوا عليه بقوة وقسوة.(160/8)
"أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن حزم في العقول" يعني في الديات "أن في النفس" يعني في قتل النفس "مائة من الإبل" وهذا في قتل الخطأ وشبه العمد، ومثله العمد إذا عدل عن القود إلى الدية "في النفس" كاملة مائة من الإبل "وفي الأنف إذا أوعي جدعاً" يعني استوعب كله، مسح مسحاً "مائة من الإبل" دية كاملة، فالإنسان كامل فيه الدية كاملة، وفي كل عضو منه غير متعدد، يعني واحد الدية كاملة، وما كان فيه منه اثنان ففي كل واحد منهما نصف الدية، وما كان فيه منه ثلاثة ففي كل واحد ثلث الدية وهكذا، وما كان فيه منه عشرة فيه عشر الدية.
يتصور أن تكون الجناية على الشخص مع بقاء روحه في جسده أن يحكم له بديات، يعني لو كان القتل كامل إزهاق للنفس دية واحدة، جدع أنفه كاملاً، وقطع أذنيه، وفقأ عينيه، وقطع يديه، ورجليه، وقطع ذكره، وأنثييه، كم من دية هذه؟ نعم؟ وخلع أسنانه، نعم؟ كمن من ديات؟
طالب: ثمان.
ثمان، لو قال قائل: هل في هذا تسويغ للقاتل أن يجهز عليه؛ لأنه بدلاً من أن يدفع ثمان ديات دية واحدة؟
طالب:. . . . . . . . .
لا يجوز، نعم عندك الآن الأنف إذا أوعي جدعاً كم فيه؟ مائة من الإبل، دية كاملة، اليد الواحدة كم فيها؟ نصف الدية، العين الواحدة نصف الدية، وفي كل شيء منه شيئان نصف الدية، وثلاثة ثلث الدية وهكذا، إذا اجتمعت تجمع الديات.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
في كل حاسة من الحواس دية، لكن في العين؟ نصف الدية، في العينين؟ دية، يجتمع ثمان ديات، وقد حصلت، حكم بها، حكم بها ثمان ديات معروفة، شخص معروف اعتدي عليه فضرب، فتعطلت منه حواسه، وتلف بعض أطرافه وحكم له بديات.(160/9)
أولاً: لا يسوغ للإنسان أن يجهز على مثل هذا، فإن قتله بعد ذلك كله صار قتله عمداً -نسأل الله السلامة والعافية-، ما دامت الروح في الجسد، وهو إنسان كامل الحقوق، ومثل هذا لو كان في العناية، وعايش على الأجهزة، وروحه في جسده، قتله قتل عمد، وهذا شرع، لا بد من التسليم، نعم يوجد في الأنظمة الوضعية أنه مع ذلك ينفق عليه حتى يموت، وهذا يدعوهم إلى الإجهاز عليه، المسألة ما تنتهي، يدعوهم إلى الإجهاز عليه، يتخلص من الإنفاق عليه إلى أن يموت، فمثل هذا كل شيء له حكمه في الشرع، وهناك مسائل لا يملك المسلم إلا أن يرضى ويسلم، كما قيل في قطع اليد في السرقة، ربع دينار تقطع بها اليد، ثلاثة دراهم أترجة قيمتها ثلاثة دراهم قطعت بها اليد، .... في عهد عثمان -رضي الله عنه-، وديتها كم؟
طالب: خمسون.
خمسين من الإبل، أو خمسمائة دينار، ومع ذلك تقطع بهذا المبلغ اليسير، لا نقول: التافه؛ لأن اليد لا تقطع في الشيء التافه كما قالت عائشة، الشيء اليسير، ثلاثة دراهم، ومع ذلك هذا كله شرع علينا أن نرضى ونسلم، وإذا تصورنا المعنى وجدناه عين الحكمة؛ لأنها لما كانت أمينة كانت ثمينة، ولما خانت هانت.
"أن في النفس مائة من الإبل، وفي الأنف إذا أوعي جذعاً مائة من الإبل" مائةٌ وإلا مائةً؟ إيش عندكم؟ الأولى مائةً، والثانية مائةٌ كذا عندكم؟ يجوز وإلا ما يجوز؟
"وفي المأمومة ثلثُ أو ثلثَ، وفي الجائفة مثلها، وفي العين خمسون" ما قال: خمسين، وفي اليد خمسون، وهكذا في الرجل، وفي كل أصبع، يجوز الرفع على معمول (إن) مرفوعاً، العطف على معمول (إن) بالرفع شريطة أن تستوفي خبرها، أما إذا لم تستوف فلا يجوز.
يقول: "إن في النفس وفي الأنف إذا أوعي جدعاً مائةً من الإبل" لا بد أن تستوفي الجملة، أما إذا لم تستوف، تستوفي ركنيها المبتدأ والخبر، الاسم والخبر فإنه لا يجوز.
وجائزٌ رفعك معطوفاً على ... معمول (إن) بعد أن تستكملا
يعني إذا استكملت الخبر لا بأس.(160/10)
"أن في النفس مائة من الإبل، وفي الأنف إذا أوعي جذعاً مائةٌ من الإبل" أو مائةً من الإبل "وفي المأمومة ثلث الدية" المأمومة: هي الشجة التي تصل إلى .. ، تخترق الجلد واللحم والعظم، وتؤم الدماغ وتقصده، فيها ثلث الدية "وفي الجائفة" ما يصل إلى الجوف، تخترق البدن فتصل إلى الجوف "وفي الجائفة مثلها، وفي العين خمسون" نصف الدية؛ لأن في البدن كم؟ عينين، لو إنسان على غير ما أجرى الله -جل وعلا- من العادة وجد له أكثر من عضو، له ثلاث عيون مثلاً، أو أنفين، أو يد ثالثة، أو أصابع زائدة، هل تؤثر في الحكم أو ما تؤثر؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا حكم له إنما فيه حكومة، يعني ما يأخذ حكم الأصلي.
"وفي العين خمسون، وفي اليد خمسون، وفي الرجل خمسون، وفي كل أصبع مما هنالك عشر من الإبل" يعني لأن في اليدين عشرة أصابع، لكل واحد عشر الدية "وفي السن خمس" خمس، كم عدد الأسنان لنقسم عليها الدية؟ كم؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن التقدير خمس على أساس أن في الفم عشرين، ولعل هذا هو المتوسط؛ لأن الناس متفاوتون في عدد الأسنان، الناس يتفاوتون، منهم من يصل إلى الثلاثين، ومنهم من يقنص عن ذلك، والكل يتفقون على أن فيهم عشرون سناً.
"وفي الموضحة خمس" الموضحة هي ما يوضح العظم، نعم.
سم.
أحسن الله إليك.
باب: العمل في الدية
حدثني عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب قوم الدية على أهل القرى فجعلها على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثني عشر ألف درهم.
قال مالك -رحمه الله-: فأهل الذهب أهل الشام وأهل مصر، وأهل الورق أهل العراق.
وحدثني يحيى عن مالك أنه سمع أن الدية تقطع في ثلاث سنين أو أربع سنين.
قال مالك -رحمه الله-: والثلاث أحب ما سمعت إلي في ذلك.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا أنه لا يقبل من أهل القرى في الدية الإبل، ولا من أهل العمود الذهب ولا الورق، ولا من أهل الذهب الورق، ولا من أهل الورق الذهب.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: العمل في الدية(160/11)
قال: "حدثني مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب قوم الدية على أهل القرى" هذا بلاغ، وهو موصول "قوم الدية على أهل العراق" موصول من طريق ويش الشرح معكم؟ الشرح؟
طالب:. . . . . . . . .
الزرقاني انقطع نفسه انتهى .... ، ما هو بهذا المرتب هذا؟ ويش يقول عندك؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه في غير الموطئات يذكر هذا، نعم بينه وبين مالك واحد وإلا اثنين؟ اثنين، فهذا يكون معضل، لكن البلاغ لا بد له من مبلغ، فهل ذكر في روايات أخرى من روايات الموطأ؟ على كل حال مقتضاه معمول به عند أهل العلم، يعني تقويم الدية الأصل فيها أنها مائة من الإبل، وتقويم المائة في عهد عمر بألف دينار أو اثني عشر ألف من الفضة ما فيه إشكال، باعتبار أن كل واحدة من الإبل عشرة دنانير، ماشية، لكن الآن كم تقوم الإبل؟ إذا قلنا: المتوسط ألفين؟ المائة بمائتي ألف، كان التقويم بأقل من ذلك، كان بستة عشر ألف، ثم أربعة وعشرين ألف، ثم مائة ألف، نعم والآن أظن مائة وعشرين؟ مائة وعشرين، وعلى كل حال هذا لا إشكال فيه، ألف ومائتين من الإبل ... ، الواحد من الإبل بألف ومائتين في وقت التقويم ماشي، وقد يحتاج إلى رفعها؛ لأن الأصل في الديات الإبل، لكن لو جئنا إلى ألف دينار، الدينار قيمته ثلاثمائة ريال من الذهب، الدية على هذا ثلاثمائة ألف، فهل نقول: إن ما دام ألف دينار يمكن أن تقوم الدية بثلاثمائة ألف ريال، أو نعود على الأصل الذي هو الإبل؟ نعم نعود إلى الأصل، ما نقوم على فرع.
على كل حال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قوم الدية على أهل القرى، من وين يجيبون الإبل؟ ما عندهم، لو كلفوا بجمع هذه الإبل لكلفوا ما يشق عليهم "فجعلها على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثني عشر ألف درهم" التقويم هذا مناسب جداً بين الذهب والفضة؛ لأن كل ثلاثة دراهم تعادل ربع دينار، إذاً الدينار اثني عشر درهم، ألف دينار اثني عشر ألف درهم "وعلى أهل الورق اثني عشر ألف درهم".
"قال مالك: فأهل الذهب أهل الشام وأهل مصر، وأهل الورق أهل العراق".
اللهم صل على محمد ...(160/12)
على كل حال كون الدية مائة من الإبل هذا نص، وأما تقويمها وتقديرها بما تقابله وتساويه من العملات المختلفة في البلدان والأوقات والأزمان هذه مسائل اجتهادية.
قال: "وحدثني يحيى عن مالك أنه سمع أن الدية تقطع في ثلاث سنين أو أربع" يعني تنجم، كل سنة ثلث الدية، أو ربع الدية على السنين.
"قال مالك -رحمه الله-: والثلاث أحب ما سمعت إلي في ذلك" الثلاث عند مالك أرجح من الأربع؛ لأن إلزام الجاني، أو عاقلة الجاني بدفعها في وقت واحد يشق عليه {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [(78) سورة الحج] وهو لم يقصد القتل، ما قصد القتل، ولو كان في حق الله -جل وعلا- لكان إثمه مرفوعاً، ومع ذلك هو في حق آدمي الإثم مرفوع، لكن إلزامه بالدية والكفارة من باب ربط السبب بالمسبب، فهو حكم وضعي وإلا تكليفي؟ وضعي لا تكليفي، ولذا يقول أهل العلم: إن عمد الصبي والمجنون حكمه حكم الخطأ، حكمه حكم قتل الخطأ من البالغ، ولو كان متعمداً؛ لأن الإثم مرفوع عنه، فهو كالجاني الكبير إذا أخطأ فقتل.
"قال مالك: المجتمع عليه عندنا" يعني المتفق عليه عندهم في بلدهم "أنه لا يقبل من أهل القرى في الدية الإبل" لأن عمر لما حددها بالدراهم والدنانير صار حكمه ملزماً، باعتبار أنه واحد من الخلفاء الراشدين الذين أمرنا بالاقتداء بهم ((اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر)) ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي)) فكأنه يرى أن حكم عمر ملزم.
"أنه لا يقبل من أهل القرى في الدية الإبل، ولا من أهل العمود" الذين هم أهل البادية، يعني العمود عمود البيت بيت الشعر أو الخيمة، وما أشبه ذلك لا يقبل منهم الذهب ولا الورق، وإنما يقبل منهم الإبل "ولا من أهل العمود الذهب والورق، ولا من أهل الذهب الورق" يعني ما يقبل من أهل مصر والشام الفضة، كما أنه لا يقبل من أهل الورق الذهب لا يقبل من أهل العراق الذهب باعتبار أن هذا نص ملزم توقيفي، أمرنا بالاقتداء به وإتباعه، أعني من قام بالمعادلة، وهو عمر -رضي الله تعالى عنه-، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: ما جاء في دية العمد إذا قبلت وجناية المجنون(160/13)
حدثني يحيى عن مالك أن ابن شهاب كان يقول: في دية العمد إذا قبلت خمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون جذعة.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن مروان بن الحكم كتب إلى معاوية بن أبي سفيان: أنه أتي بمجنون قتل رجلاً فكتب إليه معاوية: أن اعقله ولا تقد منه، فإنه ليس على مجنون قود.
قال مالك -رحمه الله- في الكبير والصغير إذا قتلا رجلاً جميعاً عمداً: إن على الكبير أن يقتل، وعلى الصغير نصف الدية.
قال مالك -رحمه الله-: وكذلك الحر والعبد يقتلان العبد، فيقتل العبد، ويكون على الحر نصف قيمته.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في دية العمد إذا قبلت
يعني عفي عن القصاص، عفي عن القود، وعدل إلى الدية "إذا قبلت وجناية المجنون" يعني وما جاء في جناية المجنون، وحكمه كالصبي، عمده حكم الخطأ بالنسبة للكبير.
قال -رحمه الله-: "حدثني يحيى عن مالك أن ابن شهاب كان يقول: في دية العمد إذا قبلت خمس وعشرون بنت مخاض" يعني إذا عدل عن القود والقصاص إلى الدية يعني إذا قبلت الدية فإنها تنوع، إذ لو كانت من سن واحدة لشقت، لو قال: عليه مائة جذعة، مائة بنت لبون، مائة بنت مخاض، يشق عليه أن يجتمع عنده هذا، وإنما تنوع رفقاً به، ومن باب التوسط في الأمور، إذ لو شرعت كلها من الكبار لأجحفت بالجاني، ولو اتفق أو صنفت كلها من الصغار لأضر بأولياء المقتول المجني عليهم.
ابن شهاب كان يقول: "في دية العمد إذا قبلت خمس وعشرون بنت مخاض" وهي التي تمت لها سنة ودخلت في الثانية "وخمس وعشرون بنت لبون" كملت الثانية ودخلت في الثالثة، وبعدها الحقة والجذعة أرباع، بنت مخاض خمس وعشرين، بنت لبون خمس وعشرون، حقة خمس وعشرون، جذعة خمس وعشرون، فيكون المجموع مائة.
قوله: "بنت مخاض، بنت لبون، حقة، جذعةً" منصوبة على إيش؟ على التمييز، كلها منصوبة على التمييز.(160/14)
قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن مروان بن الحكم كتب إلى معاوية بن أبي سفيان: أنه أتي بمجنون قتل رجلاً" عن مالك عن يحيى بن سعيد أن مروان بن الحكم كان عامل لمعاوية على المدينة "كتب إلى معاوية بن أبي سفيان: أنه أتي بمجنون قتل رجلاً فكتب إليه معاوية: أن اعقله ولا تقد منه" يعني لا تقتله بسبب القتل، قد يقول قائل: إن العاقل أكمل من المجنون، ما دام مجنون قتل عاقلاً، فلماذا لا يقاد به وهو أكمل منه؟ وقد جرت العادة أن الأدنى يقاد منه دون العكس، لو أن حراً قتل عبداً يقاد به أو ما يقاد؟ لا يقاد، لكن العكس يقاد، فلماذا لا يقال: بأن المجنون يقاد؟ الصغير يقاد؟ لأن الكبير أكمل منه دون عكس.
لو أن عاقلاً مكلفاً قتل مجنوناً يقاد منه أو لا يقاد؟ أو قتل صغيراً عمداً يقاد وإلا ما يقاد؟ يقاد، فلماذا لا نقول: إنه العكس؟ النظر في مثل هذا إلى التكليف ورفع القلم، فالمكلف يقاد وغير المكلف رفع عنه القلم.
"فكتب إليه معاوية: أن اعقله" يعني خذ الدية من أولياء القاتل، وتدفع إلى أولياء المقتول "ولا تقد منه" يعني لا تقتله به، يقول: "فإنه ليس على مجنون قود" باعتبار أن ما فعله مرفوع عنه القلم، لكن إلزامه بالدية إنما هو كما تقدم من باب ربط الأسباب بالمسببات، هو ليس من باب الحكم التكليفي، وإنما هو من باب الحكم الوضعي.(160/15)
"قال مالك في الكبير والصغير إذا قتلا رجلاً جميعاً عمداً" كبير وصغير اجتمعا على قتل رجل "أن على الكبير أن يقتل وعلى الصغير نصف الدية" هذا له شريك، فكيف يقاد به وهو لم يتفرد بقتله؟ لأن الجماعة يقتلون بالواحد، لو اجتمع لو تمالأ أهل صنعاء -كما جاء في الخبر- على قتله لقتلوا، فالمجموعة يقادون، فإذا اجتمع على قتل مقتول من يستوفى منه القود ومن لا يستوفى منه فإن من يستوفى منه يقتل به، والثاني يلزم بدية كاملة أو نصف دية؟ نصف دية، لماذا؟ لأن القتل لا يتبعض بالنسبة للكبير الذي اشترك في قتله ما يقال: يقتل نصفه، لا، لا يتبعض، بينما الدية تتبعض، ويؤخذ نصفها، وعلى هذا لو اجتمع عشرة، أحد عشر واحد كبير وعشرة صبيان، اجتمعوا على شخص فقتلوه، نعم يقتل الكبير؛ لأنه مكلف، والعشرة الصغار تقسم عليهم الدية، نعم، لو عفي عن الكبير ماذا يحصل؟ هل يأخذون أكثر من دية؟ ما يأخذون أكثر من دية، تقسم بينهم.
"أن على الكبير أن يقتل، وعلى الصغير نصف الدية".
"قال مالك: وكذلك الحر والعبد" الحر والعبد يقتلان العبد، فيقتل العبد لوجود التكافؤ؛ لأنه يقاد به {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} [(178) سورة البقرة] فلوجود التكافؤ يقتل العبد، ولعدم وجود التكافؤ بين الحر والعبد لا يقتل الحر، ويكون على الحر نصف قيمته؛ لأنه لم يستقل بقتله، وإنما قتله مع شريك.
طالب:. . . . . . . . .
المقتول وش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه نصف القيمة.
طالب:. . . . . . . . .
لا نصف الدية.
سم.
أحسن الله إليك.
باب: ما جاء دية الخطأ في القتل
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عراك بن مالك وسليمان بن يسار أن رجلاً من بني سعد بن ليث أجرى فرساً فوطئ على إصبع رجل من جهينة، فنزي منها فمات، فقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- للذي ادعي عليهم: أتحلفون بالله خمسين يميناً ما مات منها؟ فأبوا وتحرجوا، وقال للآخرين: أتحلفون أنتم؟ فأبوا، فقضى عمر بن الخطاب بشطر الدية على السعديين.
قال مالك -رحمه الله-: وليس العمل على هذا.(160/16)
وحدثني عن مالك أن ابن شهاب وسليمان بن يسار وربيعة بن أبي عبد الرحمن كانوا يقولون: دية الخطأ عشرون بنت مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون ابن لبون ذكراً، وعشرون حقة، وعشرون جذعة.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا أنه لا قود بين الصبيان، وإن عمدهم خطأ، ما لم تجب عليهم الحدود، ويبلغوا الحلم، وإنْ قَتَل الصبي لا يكون إلا خطأً.
وإنَّ، وإنَّ.
أحسن الله إليك.
وإنَّ قَتْل الصبي.
وإنَّ قَتْل الصبي لا يكون إلا خطأً، وذلك لو أن صبياً وكبيراً قتلا رجلاً حراً خطأً كان على عاقلة كل واحد منهما نصف الدية.
قال مالك -رحمه الله-: ومن قتل خطأً فإنما عقله مال لا قود فيه، وإنما هو كغيره من ماله يقضى به دينه، ويجوز فيه وصيته، فإن كان له مال تكون الدية قدر ثلثه، ثم عفي عن ديته، فذلك جائز له، وإن لم يكن له مال غير ديته جاز له من ذلك الثلث إذا عفي عنه وأوصى به.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء دية الخطأ في القتل
عرفنا أن العمد فيه القود إلا إذا عدل عنه، فيكون كشبه العمد، فيه الدية المغلظة، وأما الخطأ ففيه الدية المخففة.
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عراك بن مالك وسليمان بن يسار أن رجلاً من بني سعد بن ليث أجرى فرساً، فوطئ على إصبع رجل من جهينة، فنزي منها فمات" نزي منها: يعني أصيب بسراية أو نزيف، أو ما أشبه ذلك؛ لأن سراية الجناية تابعة لها.
لو أن إنساناً قطع يد إنسان فنزف حتى مات ما يقال: نصف الدية، لا يقال: نصف الدية، إنما يقال: الدية كاملة؛ لأنه قتله، وسراية الجناية تابعة لها.(160/17)
"فنزي منها فمات، فقال عمر بن الخطاب للذي ادعي عليهم" على الجهنيين: "أتحلفون بالله خمسين يميناً ما مات منها؟ " جعل الحكم حكم القسامة، جعلها قسامة، فيبدأ بالمدعى عليهم، يحلفون خمسين يميناً، ويستحقون الدية، كما هو شأن القسامة، إن حلفوا استحقوا، وإن نكلوا يعاد، تعاد الأيمان إلى ولي من؟ المدعى عليه، الآن فقال عمر للذي ادعي عليهم وهم أولياء القاتل، نعم، هم الذين ادعي عليهم أولياء القاتل: "أتحلفون بالله خمسين يميناً ما مات منها" على السعديين؛ لأن القاتل من بني سعد، وهو القاتل "فأبوا وتحرجوا" وهكذا ينبغي أن يكون المسلم، لا يجعل الله عرضة ليمينه، حتى يتأكد ويغلب على ظنه، على القول بجواز الحلف على غلبة الظن.
"فأبو وتحرجوا، وقال للآخرين: أتحلفون أنتم؟ " تعاد عليهم الأيمان "فأبوا" فالتورع عن مثل هذا هو الأصل، لا يسارع الإنسان باليمين؛ لأن الشواهد شواهد الأحوال في وقتنا الحاضر أحياناً يسارع الإنسان بنفي الأمر مع يمينه، لو جاء الولد إلى أبيه فقال: صدمني فلان، طلع علي مع الشارع وصدمني، خرج الأب مسرعاً إلى موقع الحادث وأدى الأيمان المتتابعة أن فلان خرج من الشارع وهو ما حضر، وهذا يصير، نعم يحدث كثيراً هذا؛ لأنه سمع أول ما سمع من الكلام هذا فصدقه، إضافة إلى أنه بمنزلة ولده، والسيارة سيارته، يقسم الأيمان أن هذا خرج عليه من الشارع هذا وصدمه، ويمكن الولد هو الذي طلع عليه، المقصود أن مثل هذه الأمور لا بد من التحري والتثبت فيها، ولا بد من التورع عن ابتذال اليمين.
"وقال للآخرين: أتحلفون أنتم؟ فأبوا، فقضى عمر بن الخطاب بشطر الدية على السعديين" بشطر الدية، لماذا حكم بشطر الدية؟ يعني ما حكم بدية أصبع الذي هو محل الجناية وتلف ويكفي؟ لأن الاحتمالين على حد سواء، واحتمال أن يكون مات منها فتلزم الدية كاملة، واحتمال أن يكون ما مات منها فلا تلزم الدية، والاحتمالان على حد سواء، وإذا دار الأمر بين الاحتمالين وسمت تبعاته على اثنين، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟(160/18)
هذا وجه هذا الحكم، ولكن مالكاً قال: "وليس العمل على هذا" فإنه إنما أن يكون مات بسببها فيستحق الدية كاملة، أو يكون مات بانتهاء مدته ولم يكن بسببه، وحينئذٍ لا يستحق إلا دية الأصبع التي وطئها.
وعلى هذا لو أن طفلاً أزعج والديه في النوم، فجاءت به الأم فوضعته بينهما، بين الأب وبين الأم، فلما أصبحا وجداه ميتاً، ولا يدرى أيهما الذي قتله، المتسبب في هذه الصورة الأم التي نقلته من مكانه؛ لئن يكون بينهما، لكن لو كان بأمر الأب قال: هاتيه بيننا إلى أن يسكت، الاحتمال قائم أن يكون الأب وأن يكون الأم، لماذا لا يقال: إن الأصل براءة الذمة، فلا تلزم الكفارة إلا بيقين؟ هذا إذا تصورنا الولد سليم، لكن إذا تصورناه مريض، واحتمال أن يكون مات من مرضه الذي هو فيه، فهذا لا شك أنه يضعف الإلزام بالكفارة، ولذا قال مالك -رحمه الله-: "وليس العمل على هذا" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا عند عدم وجود الأدلة، هذه قرائن، قرائن قد يحتاج إليها ....(160/19)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ - كتاب العقول (2)
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
وحدثني عن مالك أن ابن شهاب وسليمان بن يسار وربيعة بن أبي عبد الرحمن كانوا يقولون: دية الخطأ عشرون بنت مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون بن لبون ذكر، وعشرون حقة، وعشرون جذعة.
وتقدم في التحديد دية العمد إذا قبلت خمس وعشرون، خمس وعشرون، يعني أرباع، ودية الخطأ كم؟ أخماس، عشرون، عشرون، عشرون، والسبب في هذا أن دية الخطأ أخف من دية العمد؛ لما تكون دية العمد أرباع فيكون ربعها كبار، وربعها من السن الذي يليه، والربع من السن الذي يليه، وربع من الصغار، لما تكون أخماس تخف على أهلها، يخف البحث عنها، وتخف قيمتها من جهة أسنانها، ولا شك أن الخطأ أسهل من العمد.
"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا" وش الذي اختلف هنا؟ بنت مخاض، وهناك أيضاً؟ بنت مخاض، وبنت لبون، وهناك أيضاً بنت لبون، وابن لبون ذكر، هذا لا يوجد في دية العمد إذا عفي عن القود.
يقول الإمام مالك -رحمه الله تعالى-: "الأمر المجتمع عليه عندنا أن لا قود بين الصبيان، وأن عمدهم خطأ" وهذا قول عامة أهل العلم؛ لأنهم غير مكلفين، فعمدهم من قبيل الخطأ، وكذلك سائر إتلافاتهم، ولو تعمدوا الإتلاف، فإنما يعاملون معاملة المخطئ؛ لأن قلم التكليف مرفوع عنهم، وإلزامهم بالتعبات بالديات، وأروش الجنايات، وقيم المتلفات، كل هذا من باب ربط الأسباب بالمسببات، فهو من باب الحكم الوضعي، لا من باب الحكم التكليفي؛ لأنهم غير موجه خطاب الله -جل وعلا- لرفع القلم عنهم.(161/1)
"وأن عمدهم خطأ" كذلك تجب عليهم الزكوات كالمجانين، تجب في مال الصبي والمجنون، من هذه الحيثية، "ما لم تجب عليهم الحدود، ويبلغوا الحلم" يعني ما لم يكلفوا، ويجري عليهم قلم التكليف، وتكليفهم يكون ببلوغ الحلم، وإجراء الحدود عليهم إذا بلغوا وكلفوا، والتكليف يكون ببلوغ بتمام الخامسة عشرة أو بالاحتلام، أو بالإنبات، وتزيد المرأة الحيض "وإن قتل الصبي لا يكون إلا خطأ" حيث لا يكون عن عمد ولو تعمد، لو تعمد القتل فإنه في الحكم حكمه قتل الخطأ، وذلك لو أن صبياً عرفنا أنه في قتل الخطأ يلزم الدية والكفارة، قتل عمد الصبي والمجنون، قلنا: إن حكمه حكم الخطأ، فهل تلزم فيه الدية والكفارة؟ وهل يحرم من الميراث بسببه أو لا يحرم؟ الدية تجب، هذا ما فيه إشكال؛ لأنه كخطأ البالغ، لكن هل تجب كفارة على الصبي إذا قتل؟ بحيث تبقى في ذمته متى كلف؟ أو نقول: إنه غير مكلف والكفارة عبادة لا يلزم بها كما لو حلف وحنث؟ يلزمه كفارة أو ما يلزمه؟ ما يلزمه كفارة، فإذا قتل هل يلزمه كفارة أو ما يلزمه؟ الدية حق لمخلوق، لكن الكفارة حق الخالق فهل تلزم أو ما تلزم؟ يعني مقتضى قولهم: عمدهم خطأ، وعمد الصبي والمجنون كخطأ الكبير، مقتضى الإطلاق أنه يلزمهم؛ لأنه لازم لخطأ الكبير الدية والكفارة، لكن باعتبار أنها حق لله، ولم يجر عليه قلم تكليف، فإنها حينئذٍ لا تلزمه، وذلك لو أن صبياً وكبيراً قتلا رجلاً حراً خطأ كان على عاقلة كل واحد منهما نصف الدية، ما يقال: على عاقلة الكبير النصف، وليس شيء على عاقلة الصغير لأنه غير مكلف، لا، لما قررنا من أن الصبي والمجنون حكمه حكم الكبير في هذا، اشتركا في قتل، قتلوا رجلاً حراً كبير مكلف وصغير، فعليهم الدية نصفين، الكفارة على من؟ على الكبير، كفارة كاملة وإلا نصف كفارة؟ لماذا؟ نعم؟ تتبعض وإلا ما تتبعض؟ نقول: يصوم هذا شهر وهذا شهر؟ هذا عليه نصف الرقبة وهذا عليه نصف الرقبة؟ يتبعض وإلا ما يتبعض؟ هذا يمكن أن يجرى فيه الخلاف أن صيام المدة عبادة واحدة أو أكثر من عبادة، مثل ما قلنا في رمضان، هل شهر رمضان كله عبادة واحدة أو عبادات؟ بمعنى أنه لو وطء في ثلاثين يوم من رمضان، كل يوم يطأ، ولم يكفر عن الأولى،(161/2)
وقلنا: إن كل يوم عبادة مستقلة، يكفر بعدد الأيام، وإذا قلنا: إن رمضان كله عبادة واحدة، وهذه موجبات للكفارة سببها واحد، فكفارة واحدة تتداخل، مسألة معروفة عند أهل العلم، وتبحث هذه المسألة، هل تتبعض أو لا تتبعض؟ ويراجع فيها كلام ابن رجب في القواعد، وكلام غيره من أهل العلم، وتحضر في الأسبوع القادم.
"قال مالك: ومن قتل خطأ فإنما عقله مال لا قود فيه" معروف أن قتل الخطأ فيه الدية والكفارة وليس فيه قود "وإنما هو كغيره من ماله يقضى به دينه" من قتل خطأ فإنما عقله مال أو قتل خطأ؟ نعم؟ وش عندكم؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن عندنا من قتل، والطبعات الثانية؟
طالب:. . . . . . . . .
عندك قتل؟ أي طبعة؟
ارفع ارفع أشوف؟
ألهذا حج؟
ارفع الكتاب ... ، من اللي اعتنى به؟ أنا داري الحديث، أشوف اللي عندك.
إيه تجارية هذه.
تجارية ما في ...
شوف اللي عندك؟
كلها الاثنين؟ يعني مكرر؟
وش لون. . . . . . . . .؟
الطبعة هذه موزعة؟
وش لون موزعين جزأين؟
الثاني؟
وغيره؟ طبعات ثانية؟
خلنا نشوف على الاحتمالين.(161/3)
"قال مالك: ومن قتل خطأ" خلونا نشوف الضمير هل هي متسقة وإلا لا؟ "فإنما عقله مال لا قود فيه، وإنما هو كغيره من ماله يقضى به دينه" هل مناسب مثل هذه الكلام؟ أو من قُتل خطأ فإنما عقله مال، ديته مال، لا قود فيه "وإنما هو كغيره من ماله يقضى به دينه" المقتول عليه دين، ديته مائة ألف، نعم الأصل أن الدية تسلم إلى أهله {وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [(92) سورة النساء] هل تسلم لهم على سبيل التمليك أو أنها كمال الميت المقتول تقضى بها ديونه؟ عليه دين خمسين ألف مثلاً، ستين ألف، والبقية يكون للورثة؟ أوصى بثلث ماله هل يؤخذ من الدية وصية وإلا ما يؤخذ؟ لأنه قال: "وإنما هو كغيره من ماله يقضى به دينه" الآن لو كان له دين على إنسان آخر مات أو قتل، أهله يستوفون هذا الدين من المدين، ثم تقضى به ديونه، وتنفذ به وصاياه، وهذا كغيره من ماله "يقضى به دينه، ويجوّز فيه وصيته" الآن بالنسبة للوصية تثبت متى؟ بالموت، والدية تثبت بالموت، يعني لو ضربه ضربة لم يمت منها في اللحظة هذه، مات بعد يوم أو يومين لكن بها، تثبت الدية بالموت، الآن تعلق الدية بالموت، وتعلق الوصية بالموت، موردهما واحد، فهل نقول: إن ثبوت الوصية بعد ثبوت الدية أو قبله؟ هي ما ثبتت إلا بالموت.
طالب:. . . . . . . . .(161/4)
إيه أوصى بها قبل أن يملك هذا المال؛ لأنه ينظر هل تدخل الدية في ما يوصي به بعد موته؟ لأن استقرار الوصية إنما هو بعد الموت، والدية إنما تكون في حكم ماله بالموت، ترى فيها خيط رقيق، قد يعتبر فاصل وقد لا يعتبر فاصل، الآن بينهما خيط رقيق، قد يعتبر وقد لا يعتبر، قد يعتبر فاصل وقد لا يعتبر، يعني من باب التقريب النبي -عليه الصلاة والسلام- في حديث المواقيت، وفي إمامة جبريل صلى به جبريل صلاة الظهر، صلاة العصر في اليوم الأول، عندما صار ظل كل شيء كطوله، وصلى به الظهر في اليوم الثاني عندما صار ظل كل شيء كطوله، ولذا قال المالكية: إن فيه وقت يتسع لأربع ركعات، يصلح للظهر أداء ويصلح للعصر أداء، فيجتمع الأمران، الآن اجتمعت الوصية والدية في هذا القدر المشترك بينهما، انتبهوا للتنظير، اشتركا، فقالوا: فيه وقت يصلح للصلاتين، ونقول هنا: وقت الذي وقت خروج الروح يصلح للأمرين، وهو ملك الدية ووجوب .. ، أو لزوم الوصية في هذا الوقت، في وقت الخيط الرقيق، المالكية قالوا: في وقت مشترك بين الصلاتين، الجمهور قالوا: ما في وقت مشترك؛ لأنه في حديث عبد الله بن عمرو قال: "ما لم يحضر وقت العصر" إذاً كيف يجيبون عن وقت إمامة جبريل؟ قالوا: فرغ من صلاة الظهر حينما صار ظل كل شيء كطوله، وفي اليوم الأول شرع في صلاة العصر حينما صار ظل كل شيء كطوله فصار هكذا، فيه اتصال وثيق، لكن ما فيه اشتراك، المالكية على أنه هكذا، نعم فيه اشتراك، الجمهور لا هكذا، ما فيه فاصل، لكن فيه اشتراك، فهل نقول في المسألة التي معنا: الوصية تدخل فيها الدية باعتبار أن فيه قدر مشترك وهو وقت خروج الروح؟ أو نقول: ما في وقت مشترك باعتبار أنه انتهى من هنا وشرع من هنا؟ مثل ما نظرنا في صلاتي الظهر والعصر، هنا من أهل العلم من يقول: إنها ما تدخل؛ لأنها ما ملكها في وقت حياته، والدية في الأصل مسلمة إلى أهله، ومنهم من يقول: إنها ما دامت بدلاً عن حياته فملكه لها أولى من غيره من أمواله، والإمام مالك يقول: "وإنما هو كغيره من ماله" الآن لو افترض أنه قدم طلب منحة من السلطان، وله وصية أوصى بثلث ماله، السلطان ما أمر بهذه الوصية إلا بعد شهر من وفاته، ما الحكم؟ هل(161/5)
نقول: إنها باعتبارها من سعيه كأمواله، وتورث عنه، وتدخل في وصاياه؟ أو نقول: ما اشتركت؟ يعني وقت لزوم الوصية ما ملكها، فلا تدخل، كل هذه محل نظر، ولعلها تراجع كسابقتها، ويحضر فيها كتاب، أو نريد أكثر من كتاب، لا يتكل بعضكم على بعض، ثم في النهاية ما نجد شيء.
الآن تصورنا المسألة؟ يقضى بها دينه، على رأي الإمام مالك المسألة واضحة ومنتهية.
"ويجوّز فيه وصيته، فإن كان له مال تكون الدية قدر ثلثه، ثم عفي عن ثلثه فذلك جائز له، وإن لم يكن له مال غير ديته جاز له من ذلك الثلث إذا عفي عنه وأوصي به" وهذا باعتبار أن وارث الميت يملك العفو أو لا يملك؟ أو يملك بقدر الثلث؟ الله -جل وعلا- من يخاطب في قوله: {إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ} [(92) سورة النساء] أولياء الميت فلهم أن يعفوا، وإذا عفوا عن القود، فعفوهم عن الدية من باب أولى، الإمام مالك يقول: لا "فإن كان له مال تكون الدية قدر ثلثه، ثم عفي عن ديته، فذلك جائز له" عفي أو عفا؟ هذه مسألة أيضاً هل له أن يعفو؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا فإن عفي ... "فذلك جائز له" يعني لو في آخر رمق قال: الله يحلل ها اللي قتلني، أو دهسني، بحل، ترى يا الإخوان ما نحتاج دية، يملك وإلا ما يملك؟ إلا بخروج روحه، وهو في وقت .. ، ولذلك أنا أقول: لعل الضبط: "ثم عفا عن ديته، فذلك جائز له" وإن كانت قدر الثلث يجوز؛ لأنه يملك الثلث "وإن لم يكن له مال غير ديته" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
عفا؟
طالب:. . . . . . . . .
صحيح، وذلك ضبطها "عفا" لأنه لا يملك العفو عن الدية كاملة؛ لأنه لا يملكها إلا بعد خروج روحه "وإن لم يكن له مال غير ديته جاز له من ذلك الثلث" لأنه لا يملك أكثر من الثلث، إذا عفا عنه، وأوصى به.
طالب:. . . . . . . . .
إيش لون؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، الظاهر أن الحكم واحد، وأوصى به.
هذه أسئلة بعضها من دروس سابقة.
يقول: لدي صديق يشرب الدخان، وقد علم والده بهذا الأمر فحلفه برؤوس أولاده أن لا يشرب مرة أخرى، والولد متولع بالدخان، فكيف يفعل لأنه من مدمني الدخان، فلا يستطيع تركه، وهو قد حلفه أبوه وأرجوكم أعينوني كي أعطيه الخلاصة.
الآن كيف حلف برؤوس أولاده؟(161/6)
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، هذا صنيع الأب أشنع من صنيع الابن، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال إذا كان مفاده الحلف بغير الله -جل وعلا- فالدخان بالنسبة له لا شيء، مع أن القول الصحيح أنه محرم، لكن أسهل بكثير من الحلف بغير الله، فعليه أن يتوب إلى الله -جل وعلا-؛ لأنه شرك ((من حلف بغير الله فقد أشرك)) وإن كانت الصيغة حلف بالله -جل وعلا-، لكنهم يذكرون صيغة يدخل فيها مثل هذا لا على سبيل أنه محلوف به، فلا بد من البيان، وعلى كل حال على هذا الولد أن يقلع فوراً عن هذا الدخان، ويتوب إلى الله -جل وعلا-.
يقول: بسم الله الرحمن الرحيم
شاب أسأل الله أن يقبله في زمرة الشباب الملتزمين، هادئ جداً، ذو طبع خجول، من الله علي بنعمة الزواج منذ أربعة أشهر، والحمد لله من ابنة خالي -رحمه الله-، أعمل الآن في أحد الدول الأوربية، حيث أتممت دراستي، ولا أنوي الاستقرار فيها -إن شاء الله-، أرجو توجيه النصح لي إذا كنت جاهلاً، والضرب على رأسي وتأديبي إذا كنت مخطئاً.
أقول: سؤالي عن كثرة طلب زوجتي الخروج للذهاب، إما إلى بيت أهلها، أو لزيارة رفيقاتها، علماً بأنها تقيم الآن في بيت والدي، ريثما أرتب للعودة للاستقرار في جدة -إن شاء الله-، هذا من هولندا، هي طيبة محافظة على صلواتها صراحة، لا أريدها أن تخرج من البيت كثيراً {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [(33) سورة الأحزاب] ولي أسباب أهمها هو تخبيبها علي من قبل بعض النسوة، وبعض صويحباتها اللاتي يترددن على بيت أهلها، وقد عانيت من هذا الأمر الأسبوع الذي سبق الزواج أشد المعاناة، والآن بدأن معها من جديد، فقائلة لها: لقد تكبرت بعد الزواج، هل إذا منعتها أو قللت من ذهابها إلى بيت أهلها أكون ممن استعمل القوامة فيما لا يرضي الله، وأكون لها ظالماً؟ أريد أن أحافظ على بيتي في ظل الشرع، دونما ظلم لأحد، ودونما تفريط في القوامة التي أمر الله بها، ودونما خيانة لأمانة الله، ووصية رسوله -عليه الصلاة والسلام-، وهل أكون خالفت أمر الله في قوله: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} [(9) سورة الضحى] الآية؟ وأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((واستوصوا بالنساء خيراً))؟(161/7)
على كل حال عليها أن تقر في البيت، ولا تخرج إلا بإذنك، ولك منعها من الزيارة إلا بقدر ما تصل بها أبويها، وتصل أرحامها، وما زاد على ذلك فلك منعها، وأما كونها يتيمة، فإن كانت مكلفة فليست بيتيمة، ارتفع عنها وصف اليتم.
يقول: النووي هل به تصوف؟ أو هو متأثر بالقوم أو شيء من ذلك؟ لأنه ينقل عن الغزالي، ويستحسن أقواله، وأيضاً قرأت له كلاماً عن عبادة العبيد، وعبادة الأحرار، يقول: من يفعل الطاعة خوفاً من الله فهذه عبادة العبيد، ومن يفعل ذلك طلباً للجنة والثواب فهذه عبادة الأحرار، ومن يفعل ذلك حياء من الله، وتأدية لحق العبودية فهذه الأحرار.
تكرار.
لا شك أن مثل هذه الاصطلاحات مستعملة عند من بهم شوب تصوف، مستعملة عندهم، وكون الإنسان ينقل عنهم فابن القيم ينقل عنهم كثيراً، فيما لا مخالفة فيه، وشيخ الإسلام يثني على بعضهم، لا سيما ممن لم يعرف عنده شطحات مخلة، أو عظائم مخلة بالاعتقاد، ومخالفة النصوص، وعلى كل حال مثل هذه العبارات ينبغي اجتنابها، ولا شك أنهم ينقلون عن مثل هؤلاء، لا سيما من كان ميله ونفسه إلى العبادة، ولذلك تجدون ترجمة النووي للراوي غير ترجمة ابن حجر للراوي، حينما يترجم النووي لراوٍ تختلف اختلاف كبير جداً عن ترجمة ابن حجر لهذا الراوي، فتجد النووي ينظر إلى جانب العبادة، ويشيد به من هذه الحيثية، ولو كان فيه ضعف في الرواية، وتجد ابن حجر بالعكس ينظر إلى جانب الرواية، وهل هو ممن تقبل روايته أو ترد؟ بينما الأمور الأخرى لا يلتفت إليها كثيراً.
يقول: هناك بعض الألفاظ المشتهرة بين العوام، فنود أن نسأل عن حكمها، وهي مثل قولهم إذا ذكر شيء سيء يقولون: فأل الله ولا فألك، فهل هذا جائز؟
وأيضاً إذا ذكر شيء سيء يقولون: الله لا يقوله -هذا موجود عندهم- وإذا حصل شيء غير مراد قالوا: الله ما يرضى، فمثلاً إذا قلت لأحدهم وهو يأكل: أعطني مما تأكل منه، ثم لم يفعل فسقط صحنه أو شيء يقولون: الله ما يرضى، فهل هذه الألفاظ جائزة؟(161/8)
هذه الألفاظ: فأل الله ولا فألك، يقصدون بها الفأل الحسن، وأنه من الله -جل وعلا-، وأن الله هو الذي يقدر الخير، كما أنه هو الذي يقدر الشر، لكن يتفاءلون بالخير، كما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه يعجبه الفأل، وأن الخير هو الذي يضاف إلى الله -جل وعلا- دون الشر، على كل حال إذا كانت الألفاظ موهمة، ومحتملة لمعاني غير جيدة، فينبغي تركها، وإلا فالأمور بمقاصدها.
وإذا ذكر شيء سيء يقولون: الله لا يقوله، نعم الله -جل وعلا- لا يأمر بالفحشاء، ولا يقول السوء، ولا يقول: الشيء السيئ، وكونه لا يرضى، لا يرضى أيضاً بالأمور القبيحة، ولا يرضى المعاصي، ولا يرضى الفسوق والفجور، نعم الله -جل وعلا- لا يرضى هذه الأمور.
معلوم أن هناك فرق بين قول الراوي: سمعت فلان أو عن فلان أو حدثني فلان، فهل هذا في حق الصحابي أيضاً؟
لا، الصحابة كلهم عدول، وأينما عبروا بأي صيغة من صيغ الأداء فروايتهم مقبولة، وأسوأ الاحتمالات أن يكونوا قد رووه عن غيرهم، يكون فيه سقط .... ، فهو مرسل صحابي، وهو حجة عند عامة أهل العلم.
أما الذي أرسله الصحابي ... فحكمه الوصل على الصوابِ
أي هل هناك فرق بين قول الصحابي: عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال.
لا فرق؛ لأنها كلها العنعنة والأنأنة محمولة على الاتصال في الأصل، ولو قدر أنه سقط من سقط، وكانت الرواية بواسطة كما هو كثير في رواية صغار الصحابة، أو ممن تأخر إسلامهم، يكونون رووا عن صحابي آخر، ولا إشكال فيه.
قولهم: شاءت الأقدار، أو سيرت الأقدار وحكمت الأقدار وقيضت، والتكلم على الأقدار كأنها فاعل، وهل يجوز أن يقول الرجل عمن مات أو عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: اللهم بلغهم مني السلام؟ وما حكم قول: قدس الله روحه عن من مات؟ وهل يجوز قول عن من مات صغيراً من طلاب العلم أو كذا: لو عمر لكان آية؟(161/9)
شاءت الأقدار، وسيرت الأقدار، المقدر هو الله -جل وعلا-، والأقدار كلها بتقديره وبيده يصرفها كيف يشاء، فليست لها مشيئة مستقرة مستقلة، إنما هي مشيئة الله -جل وعلا-، وهو الذي يسير، وهو الذي يحكم، ولا شك أن مثل هذا التعبير ينبغي أن لا يستعمل، ولو كان واضحاً مراد المتكلم به.
وهل يجوز أن يقول الرجل عن مات أو عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: اللهم بلغهم مني السلام؟
إذا سلم عليه رد الله روحه وأجاب، ورد السلام -عليه الصلاة والسلام-، وأما من مات فإذا دخل المقبرة وسلم على الأموات، هذا هو المشروع، فيقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين ... إلى آخر ما جاء في الذكر المعروف.
ما حكم قول: قدس الله روحه؟
ما في شيء، يعني طهر الله روحه، وهذا يستعمله أهل العلم كثيراً، يعني أهل التحقيق يستعملونه، المتصوفة يستعملون قُدس سره، هذا الذي فيه ما فيه، أما قدس الله روحه ما فيه إشكال.
هل يجوز القول عن من مات صغيراً من طلاب العلم أو كذا لو عمر لكان آية؟
إذا دلت الدلائل على أنه عنده المقومات مكتملة، عنده حافظة قوية، وعنده الفهم ثاقب فيرجى له هذا، يعني لو قدر أنه عاش يحتمل أنه يكون كذا، والخواتيم بيد الله -جل وعلا-، ويحتمل أن ينحرف أيضاً، ويحتمل أن يرجع عن طلب العلم فيعود عامياً، المقصود أن كل هذا غيب، لكن لو تحدث الإنسان عن المقدمات التي لمسها منه، مع أن قوله: (لو) هذه تفتح عمل الشيطان.
ما هي الأمور التي تسقط عن المأموم ويتحملها الإمام؟
السنن والواجبات إذا تركها عن غير عمد يتحملها الإمام.
ما صحة ما نقل عن الإمام مالك أنه كره القبض في الصلاة؟
القبض في الصلاة، ووضع اليمنى على اليسرى على الصدر، أو فوق السرة، هذا سنة جاءت بها الأخبار، وتحت السرة خبر ضعيف، يذكر عن علي -رضي الله عنه-، وأما ترك القبض فهو خلاف السنة، ويذكر في كتب المالكية أنه رواية عن الإمام مالك لا سيما في كتب المتأخرين، ومنهم من يثبتها، ومنهم من ينفيها، ومنهم من يقول: إن الإمام مالك -رحمه الله- لما ضرب، وأوذي صار لا يستطيع أن يقبض فهذا هو السبب، لا أنه استنكاف عن السنة.
يقول: ما حكم الضرب على الدف في غير الزواج؟(161/10)
يعني في أيام الأفراح كالأعياد وما أشبهها؛ ليعلم المخالف أن في ديننا فسحة، لا بأس -إن شاء الله تعالى-.
أريد طريق الله، لكن نفسي تقودني إلى عكسها.
عليك بجهاد نفسك، ومقاومة شيطانك، والاستعانة بالله -جل وعلا-، ثم بالرفقة الصالحة، {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [(28) سورة الكهف] ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي.
رأي الشيخ في قناة الفجر القرآنية قناة متخصصة في القرآن وعلومه، ولكن يظهر فيها بعض النساء، وهن كاشفات وجوههن، ويصاحب هذه القناة في الإعلانات وغيره المؤثرات الصوتية، فما رأيكم ... ؟
أنا ما شاهدت هذه القناة، ولا اقتنيتها، فلذا لا استطيع أن أحكم عليها، وما دام يخرج فيها نساء، ويعرضن لنظر الرحال فيكفي هذا في منعها.
يقول: إذا قال الرجل عن شيء ظنه حدث أو سيحدث ولم يحدث فهل يعتبر هذا كذب؟ مثلاً إذا سٍأل أحد عن أبي وظننته في البيت، ثم قلت: هو في البيت، ولما رجعت تبين لي أنه لم يكن في البيت فهل أعتبر أني ... ؟
نعم إذا غلب على ظنك أنه في البيت وقلت: في البيت، فالأحكام مبنية على غلبة الظن، لكن لو جئت بشيء يدل على التردد، وقلت: أظنه في البيت كان أولى.
وأيضاً إذا قلت: عندي امتحان غداً، ثم أجله الدكتور فهل أعتبر كاذباً لأنه لم يحدث؟
لا لست بكاذب، إذا قلت ذلك قبل التأجيل.
لأن مثل هذا يحدث معي كثيراً أقول الشيء أظنه حدث ولم يكن حدث، أو أقول: سيحدث ولا يحدث، وأنا لا أنوي الكذب في قولي، وظننت نفسي صادقاً فهل اعتبر كاذباً؟
لا لست بكاذب.
حكم الرد على خطيب الجمعة إذا أخطأ بآية مثلاً في الخطبة؟
مخاطبة الخطيب جائزة، ورد الخطيب على من يخاطبه جائز، فإن السائل الذي سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- وأراد منه أن يستسقي ما أنبه النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا خطئه، وإنما أجابه إلى طلبه، فيجوز الكلام من الخطيب وإليه.
يقول: أرجو الإفادة عمن وقع في نكاح الشغار كيف يتخلص من ذلك؟ علماً بأن كلاً من الزوجين قد رزق بأطفال، نرجو التوضيح.(161/11)
أولاً: نكاح الشغار مختلف بين أهل العلم في صحة العقد مع إجماعهم على تحريمه، لكن صحة العقد مختلف فيها، وما دام الأمر كذلك فهو عقد شبه، لا بد من تصحيحه، يعاد العقد والأولاد أولاد شبهة، ينسبون إلى آبائهم.
يقول: سؤالي: ما حكم إفرازات المرأة بعد الجماع، بعد أن تغتسل بحيث أنها في بعض الأحيان بعد الجماع وبعد أن تغتسل يخرج منها بقية سوائل؟ فهل عليها إعادة الغسل والوضوء؟ وجزاكم الله خيراً عن مثل هذا.
طيب أما بالنسبة للغسل فلا، فلا إعادة عليها، وأما بالنسبة للوضوء فتعيد الوضوء.
يقول: امرأة أخذت ابنتيها معها للحج، وأعمارها عشر وثمان تقريباً، وحين أدائهم لطواف الإفاضة طافوا؛ لكنه تعبوا، فتوقفوا بعد خمسة أشواط، لكنهم بعد ذلك طافوا طواف الوداع تماماً، فهل عليهم شيء تجاه هذا الطواف الناقص لركن الحج أم يكفيهم طواف الوداع للوداع؟
إذا نووا بطواف الوداع طواف الإفاضة يكفيهم قولاً واحداً، إذا لم ينووا فإن جمعاً من أهل العلم يرون أن الطواف إذا فسد من غير قصد فإن أول طواف بعده يقوم مقامه، ولو من غير نية، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(161/12)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: الموطأ – كتاب العقول (3)
باب: عقل الجراح في الخطأ - وباب: عقل المرأة - وباب: عقل الجنين - وباب: ما فيه الدية كاملة
الشيخ: عبد الكريم الخضير
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا وللسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
باب: عقل الجراح في الخطأ
حدثني مالك أن الأمر المجتمع عليه عندهم في الخطأ أنه لا يعقل حتى يبرأ المجروح ويصح، وأنه إن كسر عظم من الإنسان يد أو رجل أو غير ذلك من الجسد خطأ فبرأ وصح وعاد لهيئته فليس فيه عقل، فإن نقص أو كان فيه عثل ففيه من عقله بحساب ما نقص منه.
قال مالك -رحمه الله-: فإن كان ذلك العظم مما جاء فيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عقل مسمى فبحساب ما فرض فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وما كان مما لم يأتِ فيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عقل مسمى، ولم تمض فيه سنة، ولا عقل مسمى فإنه يجتهد فيه.
قال مالك -رحمه الله-: وليس في الجراح في الجسد إذا كانت خطأ عقل إذا برأ الجرح وعاد لهيئته، فإن كان في شيء من ذلك عثل أو شين فإنه يجتهد فيه إلا الجائفة فإن فها ثلث دية النفس.
قال مالك -رحمه الله-: وليس في منقلة الجسد عقل، وهي مثل موضحة الجسد.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر المجتمع عليه عندنا أن الطبيب إذا ختن فقطع الحشفة إن عليه العقل، وأن ذلك من الخطأ الذي تحمله العاقلة، وأن كل ما أخطأ به الطبيب أو تعدى إذا لم يتعمد ذلك ففيه العقل.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: عقل الجراح في الخطأ(162/1)
يعني دية الجراح في الخطأ غير العمد، قال -رحمه الله-: "حدثني مالك إن الأمر المجتمع عليه عندهم في الخطأ أنه لا يعقل حتى يبرأ المجروح ويصح" لماذا؟ لأن السراية لها حكم الأصل، فيخشى أن يزيد ويسري ويتجاوز الموضع إلى غيره، فلا يتقرر العقل إلا بعد أن يثبت الأمر، إما أن يبرأ، أو يأتي على شيء آخر، وقد يأتي على النفس بكاملها، فإذا جرح جرحاً مؤثراً ينتظر فيه حتى يبرأ، وقد يأتي على بقية النفس، فيموت منها، من هذا الجرح إذا كان مما يموت منه، فتلزم الدية حينئذٍ، وقد يبرأ فلا يثبت فيه ما قرر له، وإنما ينتظر فيه حتى يبرأ المجروح ويصح، وإذا برئ المجروح وصح، ماذا يكون فيه؟ "أن الأمر المجتمع عليه عندهم في الخطأ أنه لا يعقل حتى يبرأ المجروح ويصح" ينتظر فيه حتى يبرأ خشية أن يسري ويتعدى مكانه، فإذا قرر فيه ما يقرر من عقل قرر في هذه الجراحة، أو في هذا الكسر عشر من الإبل، مثل عُشر الدية، ثم بعد ذلك سرى وتعدى موضعه، ويكون المعتدى عليه، قد استلم وقبض العقل فكيف في حالة ما إذا زاد الجرح؟ هل يطلب من الجاني زيادة على ما دفع أو لا؟ المسألة الأصل أن ينتظر، فإذا أُنتظر فيه، وأمنت السراية، وبرء المجروح وصح حينئذٍ يقدر بقدره.(162/2)
"وأنه إن كسر عظم من الإنسان يد أو رجل أو غير ذلك من الجسد خطأ فبرأ وصح وعاد لهيئته فليس فيه عقل" معروف اليد نصف الدية، الرِجل نصف الدية، وهكذا، لكن متى؟ إذا تلفت وعطبت وذهبت منفعتها، لكنها إذا برئت وصحت وعادت لهيئتها من غير نقص فإنه حينئذٍ ليس فيها عقل، وهل يبرأ المعتدي من كل وجه؟ لا يبرأ، وإنما يلزمه ما يلزمه مما تسبب فيه من تعطيل لهذا المجروح، أو هذا المكسور، من عمله وكسبه لنفسه ولأولاده، وما تسبب فيه من ألمه، كل هذا يقدر فيه حكومة، ولا يقدر فيه القدر المقرر لليد أو الرجل، أو ما أشبه ذلك، لو أن شخصاً اعتدى على شخص في عينه، وذهب بصرها، الأصل أن عليه نصف الدية، لكن لو عالج، وعاد إليه البصر، هل يعفيه من عقل العين أو لا يعفيه؟ صح وبرئ، يقول: ومن برئ وصح وعاد لهيئته فليس فيه عقل، أو نقول: يلزمه تكاليف العلاج، وما تسبب له بالنسبة لهذا المعتدى عليه من تعطيل من كسب، وما آثره ذلك من ألم، كل هذا يقدر بقدره ويدفع إليه؟ لأن الإمام هنا يقول: "فبرأ وصح وعاد لهيئته فليس فيها عقل" ليس فيه الدية، لو اعتدى على شخص وأذهب بصره بالكلية تلزم فيه الدية كاملة، هذا الأصل، لكن إن عاد وبرئ وصح وعاد لهيئته فإنه حينئذٍ ليس فيه عقل، وإنما يكون فيه حكومة، تقدر بقدرها مما تسبب فيه، والأضرار الناتجة عن هذا الاعتداء لا شك أنه يضمنها.
طالب:. . . . . . . . .
نعم لو أنه عالج البصر بما هو أكثر من قيمة دية الإنسان، سوى عملية في عينه، أو أكثر من عملية، أو زرع شبكية وقرنية وما أدري إيش؟ وقال له: مائتين ألف، بدل ما هي بمائة وعشرين صارت بمائتين، هل يلزم الجاني بمائتين أو لا يلزم إلا الدية؟ لا يلزم إلا بالدية، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
من المتسبب؟ الجاني هو المباشر ما هو المتسبب، هو الجاني المباشر، ما نقول: متسبب، مباشر للاعتداء، لكن أكثر ما يكون عليه الدية، افترض أنه عالج في جميع أنحاء العالم وما أبصر، وش يلزم الجاني؟ يلزمه الدية، لا يلزمه أكثر من الدية، ولا هي المسألة مسألة مقايضة أو مسألة بيع وشراء؛ لأن الإنسان لو قيل له: أصبعك بمليون؟ قال: لا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(162/3)
الإنسان ما يطيع وهو في عشر الدية كما تقدم، لكن المسألة مسألة شرع، نعم؟
طالب: لو ذهب جمالها وبقي بصرها حكومة؟
إيه تقدر بقدرها.
"فإن نقص أو كان فيه عثل ففيه من عقله بحساب ما نقص منه" فإن نقص أو كان فيه عثل، يعني أثر، تشويه "ففيه من عقله بحساب ما نقص منه" مثل هذا يقدر بقدره.
"قال مالك: فإن كان ذلك العظم مما جاء فيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عقل مسمى فبحساب ما فرض فيه النبي -عليه الصلاة والسلام-" يعني يوقف عند النص، بمعنى أنه لا يزاد عليه، ولا ينقص منه، "وما كان مما لم يأت فيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عقل مسمى، ولم تمض فيه سنة ولا عقل مسمى فإنه يجتهد فيه" يعني ما وجدنا فيه نص من كتاب ولا سنة، ولا حكم به الخلفاء الراشدون، ولا حكم به أحد ممن يعتد بقوله فإنه حينئذٍ يجتهد فيه.
"قال مالك: وليس في الجراح في الجسد إذا كانت خطأ عقل، إذا برئ الجرح وعاد لهيئته" إذا برئ الجرح عاد لهيئة، هل نقول للجاني: اذهب لا شيء عليك؟ لا، ليس فيه العقل المقرر لمثل هذا الجرح، فإنما عليه بحسابه "فإن كان في شيء من ذلك عثل أو شين -تشويه- فإنه يجتهد فيه إلا الجائفة فإن فيها ثلث دية النفس" على ما تقدم.
"قال مالك: وليس في منقلة الجسد عقل" منقلة الرأس فيها عقل وإلا ما فيها؟ التي تنتقل فيها العظام عن أماكنها، يعني هل هي أشد من الموضحة أو أقل؟ ننظر في حديث عمرو بن حزم، نعم؟
في الجائفة مثلها، في المأمومة ثلث الدية، في الموضحة خمس، نعم، وفي المنقلة؟ ما تقدم الكلام فيها؟ التي تنتقل فيها العظام عن أماكنها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما تقدمت، تقدمت الجائفة والمأمومة والموضحة، كلها تقدمت، لكن المنقلة أعظم من الموضحة، فإن فيها ما يزيد عليها.
يقول -رحمه الله-: "قال مالك: وليس في منقلة الجسد عقل، وهي مثل موضحة الجسد" وإن كانت أشد منها، يعني فرق بين الموضحة التي توضح العظم فقط، ولا تكسره، ولا تهشمه، ولا تنقل شيء من عظامه، والمنقلة التي تنقل بعض العظام عن أماكنها، بمعنى أنها تكسر شيء من العظام فتنتقل عن أماكنها، ولا شك أنها أشد من مجرد الموضحة.(162/4)
"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن الطبيب إذا ختن فقطع الحشفة أن عليه العقل، وأن ذلك من الخطأ الذي تحمله العاقلة، وأن كل ما أخطأ به الطبيب أو تعدى إذا لم يتعمد ذلك ففيه العقل" والمقصود بذلك الطبيب المشهود له بالخبرة، ما هو بالمتطبب الذي يتعلم في أبدان الناس، لا، هذا خطأه عمد، نسأل الله العافية، لكن الطبيب المشهود له بالخبرة إذا أخطأ فإنه حينئذٍ عليه العقل، لكن ما يقاد به، والعقل على عاقلته، تحمله العاقلة، طيب إذا اجتهد الطبيب وقرر عملية فمات منها؟ نعم؟ على كلام الإمام -رحمه الله- يقول: "الأمر المجتمع عليه عندنا أن الطبيب إذا ختن فقطع الحشفة أن عليه العقل، وأن ذلك من الخطأ الذي تحمله العاقلة، وأن كل ما أخطأ به الطبيب أو تعدى إذا لم يتعمد ذلك ففيه العقل" وقل مثل هذا في خطأ القاضي مثلاً، أخطأ في حكمه فقتل بسبب الحكم شخص لا يستحق القتل، نقول: هل الدية في هذه المسألة على العاقلة أو على بيت المال؟
طالب: بيت المال، القاضي؟
أما بالنسبة للقاضي فلا شك أنه في بيت المال؛ لأنه مولى من قبل ولي الأمر، أما الطبيب فالدية على عاقلته لأنه متسبب.
طالب: هل اليوم يا شيخ نقول: وزارة الصحة تتكفل به؛ لأنها هي التي أذنت له، ورخصت له، وزكته، هي التي تكفله، مثل الآن ما يسمونها الهيئة الطبية العليا، وهي التي تدفع ديته؟(162/5)
أما إذا كان معروف بالخبرة، وأجرى عمليات كثيرة ونجحت، وأخفق في هذه العملية، لا شك أن مثل هذا بالنسبة للمريض هذا أجله، وهل يكفي في مثل هذا أن يكتب اعتراف وإقرار أن الطبيب برئ من ذلك ويؤخذ توقيع المريض أو توقيع ولي أمره؟ هم يفعلون هذا الآن، يفعلون هذا، وهل يملك التنازل عن ديته أو لا يملك؟ على كل حال كل هذه من المسائل المختلف فيها، ومر شيء منها، يعني هل الدية مما يملكها المعتدى عليها أو هي حق الورثة باعتبار أنها ما ثبتت إلا بالموت؟ وذكرنا في الدرس الماضي علاقة الدية بالوصية، فعلى كل حال مثل هذا خطأ الطبيب على ما قرره الإمام تحمله العاقلة، أما إذا كان قد بين للمريض أن احتمال نجاح العملية كذا، وأقدم عليها بطوعه واختياره، وهو حر مكلف رشيد فلا شيء على الطبيب، وهناك ممن يزعم الطب وليس بطبيب، والهيئة التي أشار إليها الشيخ يكتشفون من الشهادات المزورة الشيء الكثير، لكن مثل هؤلاء ينبغي أن يزاد في عقوبتهم، لا يكتفى بالعقوبات القائمة أنه يلغى عقده، أو يسفر إلى بلده، ما يكفي شيء من هذا، بل لا بد من أن ينكل به؛ ليكون عبرة لمن خلفه، يشرد به من خلفه؛ لئلا يدعي أحد مثل ما أدعى؛ لأنه يعرض أبدان الناس إلى الخطر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا هو ما يجوز له أن يقدم على هذا ما لم يغلب على الظن السلامة، لا يجوز له أن يقدم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يرى أنه لا يعقل حتى يبرأ، فإذا برئ شاف.
طالب: الحديث؟
وين؟
طالب: الرجل الذي ....
فمات؟
آتي به، أحضره، نعم.
إذا كان المريض في طوعه واختياره، وتمام عقله ورشده، وأقدم على العملية بعد أن يقول الطبيب: إن السلامة غلبة ظن، أما إذا كانت غلبة الظن على العطب ما يجوز للطبيب أصلاً.
طالب:. . . . . . . . .
يأخذ إقرار، لكن وش يأخذ إقرار والنسبة ضعيفة؟ ما يمكن، لا بد أن يبين، على كل حال إذا تنازل بطوعه واختياره، وهو حر مكلف رشيد عاقل ما فيه إشكال، الطبيب يبرأ من ذلك، لكن لا يجوز له أن يخفي على المريض، نسوي لك عملية، وتكتب إقرارك، والإقرار عند كثير من الناس روتيني يعني؛ لما يرون من غلبة السلامة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(162/6)
نعم كثير من الأطباء يصرف دواء ثم لا يكون مناسباً لهذا المريض، فيزداد مرضه أو يموت بسببه، على كل حال يفرق بين الطبيب الماهر، وبين المتطبب الذي يتعلم في أبدان الناس.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن إذا كان احتمال، شوف بقوة الاحتمال إذا كان نجاح العملية غلبة ظن لا مانع، إذا كان الوفاء والهلاك غلبة ظن ما يجوز لأحد، لا للطبيب ولا للمريض ولا لأوليائه، ما يجوز بحال أن يعجل به، نعم.
أحسن الله إليك
باب: عقل المرأة
وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: تعاقل المرأة الرجل إلى ثلث الدية، أصبعها كأصبعه، وسنها كسنه، وموضحتها كموضحته، ومنقلتها كمنقلته.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب، وبلغه عن عروة بن الزبير أنهما كانا يقولان مثل قول سعيد بن المسيب في المرأة إنها تعاقل الرجل إلى ثلث دية الرجل، فإذا بلغت ثلث دية الرجل كانت إلى النصف من دية الرجل. قال مالك: وتفسير ذلك أنها تعاقله في الموضحة والمنقلة، وما دون المأمومة والجائفة وأشباههما مما يكون فيه ثلث الدية فصاعداً، فإذا بلغت ذلك كان عقلها في ذلك على النصف من عقل الرجل.
وحدثني عن مالك أنه سمع ابن شهاب يقول: مضت السنة أن الرجل إذا أصاب امرأته بجرح أن عليه عقل ذلك الجرح، ولا يقاد منه.
قال مالك: وإنما ذلك في الخطأ أن يضرب الرجل امرأته فيصيبها من ضربه ما لم يتعمد، كما يضربها بسوط فيفقأ عينها، ونحو ذلك.
قال مالك في المرأة يكون لها زوج وولد من غير عصبتها ولا قومها فليس على زوجها إذا كان من قبيلة أخرى من عقل جنايتها شيء، ولا على ولدها إذا كانوا من غير قومها، ولا على أخوتها من أمها إذا كانوا من غير عصبتها ولا قومها، فهؤلاء أحق بميراثها، والعصبة عليهم العقل منذ زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليوم، وكذلك موالي المرأة ميراثهم لولد المرأة، وإن كانوا من غير قبيلتها، وعقل جناية الموالي على قبيلتها.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: عقل المرأة(162/7)
يعني دية المرأة في النفس وما دونها، معروف أن ديتها بالنسبة للنفس على النصف من دية الرجل، ويقول -رحمه الله-: "حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: تعاقل المرأة الرجل إلى ثلث الدية، أصبعها كأصبعه، وسنها كسنه، وموضحتها كموضحته، ومنقلتها كمنقلته" يعني ثلاثة أصابع من الرجل فيها كم؟ ثلاثون من الإبل، والمرأة كذلك، لكن الأربعة من الرجل فيها أربعون، ومن المرأة عشرون؛ لأنه زاد على الثلث، زادت على الثلث، فما الحكمة في ذلك؟ يعني الثلث حد فيما تتساوى فيه المرأة مع الرجل، لكن لو قال: إن قطع أربعة أصابع أسهل من قطع ثلاثة أصابع، الجناية على أربعة أصابع أسهل من الجناية على ثلاثة أصابع، ولو قلنا: إن ستة أصابع تعادل ثلاثة، ماشي مع الحكمة والتعليل وإلا ما هو بماشي؟ نعم؟ لا يمشي مع الحكمة والتعليل، لماذا؟ لأنه لا يمكن أن يقول عاقل: إن ستة من الأصابع تعادل ثلاثة من المرأة نفسها، يعني لو قطع منها ثلاثة أصابع كم فيها؟ ثلاثون من الإبل كالرجل سواء بسواء، فإذا زيد على ذلك صارت على النصف، الأربعة فيها عشرون، الخمسة فيها خمسة وعشرون، الستة فيها ثلاثون كالثلاثة، هذا ما يدل على أن الشرع فيه ما تدرك حكمته وعلته وهو الكثير الغالب، وفيه ما يجب له التسليم من غير نظر في حكمة ولا علة، ولا تثبت قدم الإسلام -كما يقول أهل العلم- إلا على قنطرة التسليم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يجي مع بقية الكلام.(162/8)
"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب وبلغه عن عروة بن الزبير أنهما كانا يقولان مثل قول سعيد بن المسيب في المرأة أنها تعاقل الرجل إلى ثلث دية الرجل، فإذا بلغت ثلث دية الرجل كانت إلى النصف من دية الرجل" لحديث عمرو بن حزم: "وفي كل أصبع مما هناك عشر من الإبل، وفي السن خمس" عشر من الإبل من غير استفصال هل هي للرجل أو للمرأة؟ ما قيل: عشر الدية لتنسب إلى أصل الدية، وإنما في الأصبع عشر من الإبل؛ لكنها إذا زادت على الثلث فلا شك أنها قد تصل إلى الدية كاملة، لو قلنا: إن المرأة يستمر عقل أصابعها كعقل أصابع الرجل زادت أصابعها على دية النفس كاملة، وإن كان ما دون ذلك من الثلث فأقل مما يندرج في حديث عمرو بن حزم: "في الأصبع عشر من الإبل" فإذا زادت بحيث تزيد على ديتها فإنها ترجع إلى التنصيف.
"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب وبلغه عن عروة بن الزبير أنهما كانا يقولان مثل ذلك" مثل قول سعيد بن المسيب "في المرأة أنها تعاقل الرجل إلى ثلث دية الرجل، فإذا بلغت ثلث دية الرجل كانت إلى النصف من دية الرجل".
"قال مالك: وتفسير ذلك أنها تعاقله في الموضحة والمنقلة، وما دون المأمومة والجائفة وأشباهها مما يكون فيه ثلث الدية فصاعداً، فإذا بلغت ذلك كان عقلها في ذلك النصف من عقل الرجل".(162/9)
"وحدثني عن مالك أنه سمع ابن شهاب يقول: مضت السنة أن الرجل إذا أصاب امرأته بجرح أن عليه عقل ذلك الجرح ولا يقاد منه" الآن فيما تقدم من أنها تعاقل الرجل إلى الثلث؛ لئلا تصل إلى النصف الذي يبلغ ديتها كاملة، وما لم يبلغ النصف -نصف الدية- الذي يعادل دية المرأة كاملة يندرج في النصوص السابقة، فهو من هذه الحيثية كلامه متجه، وإذا قلنا: إن ما ذكر في حديث عمرو بن حزم خاص بالرجل الذي ديته مائة من الإبل، كما نص عليه بذلك، وش يقول؟ "أن في النفس مائة من الإبل" هل يقول قائل: إن هذا في الرجل والمرأة؟ "وفي الأنف إذا أوعي جدعاً مائة من الإبل" هذا بالنسبة للرجل، النفس بالنسبة للرجل، في المأمومة ثلث الدية، الإجمال مثل هذا يدخل فيه المرأة، لكن ليس ثلث دية .. ، لا يلزم من ذلك أن يكون ثلث دية الرجل "وفي الجائفة مثلها، في العين خمسون" هذا بالنسبة لإيش؟ للرجل "وفي اليد خمسون للرجل، وفي الرجل خمسون بالنسبة للرجل" لأنها نصف الدية "وفي كل أصبع مما هنالك عشر من الإبل، وفي السن خمس، وفي الموضحة خمس" هذا بالنسبة .. كأن الحديث يشير إلى الرجل فقط بغض النظر عن المرأة بجميع التفاصيل، وإذا قلنا بهذا لا شك أن المرأة تخالف الرجل، فإذا خالفت الرجل في الدية الكاملة فلئن تخالفه في الأبعاض من باب أولى، لكن ماذا عن سن المرأة؟ إذا كان في سن الرجل خمس فماذا يقال عن سن المرأة؟ يقال فيه: اثنين ونصف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
مثله على ما قرره المؤلف هنا، أنها تعاقل الرجل إلى الثلث، ثم بعد ذلك تكون على النصف؛ لئلا تبلغ دية الأجزاء والأبعاض دية النفس كاملة، إذا قلنا: إن حديث عمرو بن حزم خاص بالرجل والمرأة على النصف صار كل شيء بحسابه، لكن الذي عليه الأئمة الفقهاء من التابعين الذين ذكرهم سعيد بن المسيب وابن شهاب وعروة بن الزبير، وهم من الأئمة الفقهاء السبعة، كلهم يقولون: إنها تعاقل الرجل إلى الثلث، نعم؟
أحسن الله إليك: تقدير الدية الآن بمائة وعشرين ألف مع أنه لا توجد إبل بألف ومائتين.(162/10)
هذا ذكرناه في الدرس الماضي، وأن المسألة تقدير اجتهادي، يعني لو قيل: إن متوسط الإبل الآن بألف وخمسمائة الرديء يمكن تجد بألف ومائتين، يمكن تجد بألفين صارت مائة وخمسين، ولو قدرت ألف وستمائة صارت مائة وستين وهكذا، وأهل الاجتهاد من أهل العلم مرد الأمر إليهم، فإذا زادوا لهم ذلك، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، حتى أهل العلم يعايون بهذا، يعني يلغزون، يقولون: أربعة أصابع أسهل من ثلاثة، هذا معروف عندهم، لكن هل نقول: إن في هذا مبرر أن الجاني إذا قطع ثلاثة يزيد رابع من أجل أن تنقص عليه التكاليف؟ مثل ما ذكرنا في أنه بالإمكان أن يؤخذ للإنسان ممن جنى عليه ثمان من الديات، وهل في هذا مبرر أن يجهز عليه ليأخذ دية كاملة؟! هو مع أخذ ثمان ديات منه الإثم باعتباره قتل خطأ، أو جنايات خطأ ما عليه إثم، نعم، لكن لو أجهز عليه دخل في الآية الثانية التي تليها في سورة النساء، قتل عمد نسأل الله العافية، قتل عمد، أيهما أسهل أن يقتل عمداً أو يؤخذ منه ثمان ديات؟ نعم إذا قتل عمد يقتل به، وإثمه وجرمه عند الله عظيم، والله المستعان.
الشرح موجود مع أحد؟
وش قال على هذا؟
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
يعني من قول سعيد "هي السنة" والأئمة إيش قالوا؟ ما في نقل للمذاهب؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف يجمع بينهما؟
طالب:. . . . . . . . .
ولذا قال سعيد: "من السنة" فالثلث فما دون يخرج بالسنة، وما عدا ذلك يبقى على الأصل أن المرأة على النصف من الرجل.
قال: "وحدثني عن مالك أنه سمع بن شهاب يقول: مضت السنة أن الرجل إذا أصاب امرأته بجرح أن عليه عقل ذلك الجرح، ولا يقاد منه".
"قال مالك: وإنما ذلك في الخطأ" لكن لو كان متعمداً؟ يقاد، إن لم تتنازل فإنه يقاد "فإنما ذلك في الخطأ أن يضرب الرجل امرأته فيصيبها من ضربه ما لم يتعمد، كما يضربها بصوت فيفقأ عينها ونحو ذلك" هو لا يريد العين إنما يريد أن يؤدبها بالأمر الذي جاء به النص، الضرب الذي جاء به النص، بحيث لا يتعدى هذا، فأصاب منها ما يتلفه السوط كالعين مثلاً، فإنه حينئذٍ لا يقاد منه.(162/11)
"قال مالك في المرأة يكون لها زوج وولد من غير عصبتها ولا قومها" امرأة من قريش أو من تميم تزوجت من هذيل مثلاً، والدية على العاقلة، والعاقلة هم العصبة، فليس هؤلاء من عصبتها ولا من قومها لا الزوج ولا أولاده منها، فإنه لا يلزمهم شيء من عقلها "فليس على زوجها إذا كان من قبيلة أخرى من عقل جنايتها شيء، ولا على ولدها إذا كانوا من غير قومها" يعني من أولاد هذا الزوج الذي ليس من قبيلتها "ولا على إخوتها من أمها إذا كانوا من غير عصبتها" يعني هذه أمها تزوجت برجلين واحد من قريش وواحد من تميم، إخوانها من الأم الذين هم من تميم لا يعقلون عنها "إذا كانوا من غير قومها، ولا على إخوتها من أمها إذا كانوا من غير عصبتها ولا قومها، فهؤلاء أحق بميراثها" هؤلاء أحق بميراثها، زوجها وأولادها أحق بميراثها، وما يبقى من ذلك فهو لعصبتها، الذين هم قومها "فهؤلاء أحق بميراثها، والعصبة عليهم العقل منذ زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليوم، وكذلك موالي المرأة ميراثهم لولد المرأة، وإن كانوا من غير قبيلتها وعقل جناية الموالي على قبيلتها" موالي المرأة يعني عبيدها أو هي أمة عندهم؟ يعني موالي من أعلى أو من أسفل؟ يعني الموالي هؤلاء هم الأرقاء، والمرأة حرة، ميراثهم لولد المرأة، يعني يورثون هم؟ نعم؟ ميراثهم لولد المرأة، وإن كانوا من غير قبيلتها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يقول: "وكذلك موالي المرأة ميراثهم لولد المرأة".
طالب:. . . . . . . . .
هي أعتقتهم، لكن إذا كانت موجودة هي؟ نعم؟ ترثهم هي؛ لأنها هي التي منت بعتق الرقبة، لو قدر أنها ماتت يرثهم أولادها، وإن كانوا من غير قبيلتها، وعقل جناية الموالي على قبليتها، إرثهم لولدها، وعقلهم على قبيلتها، يعني نظير ما تقدم في زوجها وولدها، أن إرثها لولدها وزوجها، وعقلها على قبيلتها، واضح كلامه، مطرد، نعم.
أحسن الله إليك
باب: عقل الجنين
وحدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى فطرحت جنينها، فقضى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بغرةٍ عبد أو وليدة.(162/12)
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى في الجنين يقتل في بطن أمه بغرة عبد أو وليدة، فقال الذي قضي عليه: كيف أغرم ما لا شرب ولا أكل، ولا نطق ولا استهل، ومثل ذلك بطل؟! فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما هذا من إخوان الكهان)).
وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه كان يقول: الغرة تقوّم بخمسين ديناراً، أو ستمائة درهم، ودية المرأة الحرة المسلمة خمسمائة دينار، أو ستة آلاف درهم.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: فدية جنين الحرة عشر ديتها، والعشر خمسون ديناراً أو ستمائة درهم.
قال مالك: ولم أسمع أحداً يخالف في أن الجنين لا تكون فيه الغرة حتى يزايل بطن أمه، ويسقط من بطنها ميتاً.
قال مالك: وسمعت أنه إذا خرج الجنين من بطن أمه حياً، ثم مات أن فيه الدية كاملة.
قال مالك: ولا حياة لجنين إلا بالاستهلال، فإذا خرج من بطن أمه فاستهل، ثم مات ففيه الدية كاملة، ونرى أن في جنين الأمة عشر ثمن أمه.
قال مالك: وإذا قتلت المرأة رجلاً أو امرأة عمداً والتي قتلت حامل لم يقد منها حتى تضع حملها، وإن قتلت المرأة وهي حامل عمداً أو خطأ فليس على من قتلها في جنينها شيء، فإن قتلت عمداً قتل الذي قتلها وليس في جنينها دية، وإن قتلت خطأ فعلى عاقلة قاتلها ديتها، وليس في جنينها دية.
وحدثني يحيى سئل مالك عن جنين اليهودية والنصرانية يطرح، فقال: أرى أن فيه عشر دية أمه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: عقل الجنين
الجنين: الحمل الذي في بطن أمه، والجنين معروف أن له أطوار، والأحكام إنما ترتب على الجنين بعد نفخ الروح، الأحكام المتعلقة به بعد نفخ روحه، فإذا أعتدي عليها قبل نفخ الروح، وبعد نفخ الروح له حكم، أحكام الأم تتعلق بالتصوير، يعني إذا وجد فيه ما يدل على أنه إنسان، شيء من خلق الإنسان تتعلق به أحكام الأم، فتخرج به من العدة إلى غير ذلك من الأحكام المتعلقة بها، الأحكام المتعلقة بالجنين تثبت بنفخ الروح به، فإذا سقط قبل نفخ الروح فإنه حينئذٍ لا يكفن ولا يغسل ولا يصلى عليه، وكذلك ما يجب فيه.(162/13)
يقول -رحمه الله تعالى-: "وحدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى فطرحت جنينها، فقضى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بغرة عبد أو وليدة" يعني يعطى في مقابله عبد أو وليدة، أو يقوّم، تقوّم هذه الغرة بعشر دية الأم، يعني خمس من الإبل.
قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى في الجنين يقتل في بطن أمه بغرة عبد أو وليدة، فقال الذي قضي عليه" اعترض الذي قضي عليه، يعني هذا قضاء من النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو من المتفق عليه صحيح، كسابقه، متفق عليه، فاعترض المقضي عليه "فقال الذي قضي عليه: كيف أغرم ما لا شرب ولا أكل، ولا نطق ولا استهل، ومثل ذلك بطل؟! " يعني يذهب هدراً، أو يطل، يعني يترك بدون مقابل "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما هذا من إخوان الكهان)) " في رواية: ((هذا من سجع الكهان)) ولا شك أن الاعتراض بمثل هذا الكلام المسجوع لا قيمة له، بل مخالفة واضحة وصريحة، ومصادمة للنص بكلام لا قيمة له.
طالب: هذا من شيوخ العقلانية -أحسن الله إليك- في هذا الزمن.
هذا مثلهم "كيف أغرم ما لا شرب ولا أكل؟! " بالمقابل قد يقول قائل: كيف أقبل خمس من الإبل عشر دية في مقابل حمل انتظره سنين طويلة؟! لأنه قد يكون أمه وأبوه ينتظرانه عشر سنين أو أكثر، ثم بعد ذلك ما يعطى إلا خمس من الإبل، لو يعطى خمسمائة ما قبل، لو كان الدين بالرأي، لكن لا هذا ولا هذا، المسألة شرع، وعلى الجميع أن يرضى ويسلم حتى لا يجد في نفسه شيء من هذا الحكم.
"فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما هذا من إخوان الكهان)) " لأن كلامه يشبه كلامهم؛ لأنهم يعتنون بالأسجاع، ويعارضون بها الشرع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يذم السجع والشعر ما يذم، والبيان عموماً لا يذم ((إن من البيان لسحراً)) على حسب ما يستعمل فيه، فإن استعمل في نصر الحق فهو حق، وإن استعمل في نصر الباطل فهو باطل.(162/14)