حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان إذا خرج حاجاً أو معتمراً قصر الصلاة بذي الحليفة.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أنه ركب إلى ريم فقصر الصلاة في مسيره ذلك، قال مالك: وذلك نحو من أربعة برد.
حدثني عن مالك عن نافع عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- ركب إلى ذات النصب فقصر الصلاة في مسيره ذلك، قال مالك: وبين ذات النصب والمدينة أربعة برد.
وحدثني عن مالك عن نافع عن بن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان يسافر إلى خيبر فيقصر الصلاة.
وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقصر الصلاة في مسيره اليوم التام.
وحدثني عن مالك عن نافع أنه كان يسافر مع ابن عمر -رضي الله عنهما- البريد فلا يقصر الصلاة.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- كان يقصر الصلاة في مثل ما بين مكة والطائف، وفي مثل ما بين مكة وعسفان، وفي مثل ما بين مكة وجدة، قال مالك: وذلك أربعة برد، وذلك أحب ما تقصر إلي فيه الصلاة، قال مالك: لا يقصر الذي يريد السفر الصلاة حتى يخرج من بيوت القرية، ولا يتم حتى يدخل أول بيوت القرية أو يقارب ذلك".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما يجب فيه قصر الصلاة" باب: ما يجب، المعروف من قول مالك أن القصر سنة وليس بواجب، والمراد بالوجوب هنا تأكد الاستحباب، تأكد أن يقرب من الواجب.
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا خرج حاجاً أو معتمراً قصر الصلاة بذي الحليفة" اقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، خرج حاجاً أو معتمراً، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى الظهر بالمدينة أربعاً، وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين، وابن عمر يقتدي بالنبي -عليه الصلاة والسلام- في ذلك فيصلي بالمدينة صلاةً تامة ثم يقصر إذا وصل ذي الحليفة كما فعل -عليه الصلاة والسلام-.(23/28)
قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أنه ركب إلى ريم فقصر الصلاة في مسيره ذلك، قال مالك: وذلك نحو من أربعة برد" من المدينة، ولعبد الرزاق عن مالك: ثلاثون ميلاً، ثلاثون ميلاً من المدينة، الثلاثون الميل يعني قريب من خمسين كيلو، وهنا أربعة برد يعني ثمانين كيلو، الاحتمال أن ريم هذه أرض متسعة جداً بحيث يكون أدناها ثلاثين ميلاً وأقصاها أربعة برد احتمال، وما روى عبد الرزاق عن مالك صحيح، والذي هنا قول مالك: نحواً من أربعة برد أيضاً صحيح، فالاحتمال أن ريم هذه أرضٌ أو مكانٌ أفيح واسع أدناه مسافته ثلاثون ميلاً، وأقصاه أربعة برد.
ثم قال: "حدثني عن مالك .. " الآن قصر بذي الحليفة يعني مجرد ما فارق المدينة قصر، وليس معنى هذا أن هذا نهاية السفر، نهاية السفر هو قاصد مكة حاج أو معتمر هذه نهاية السفر، فلا يقول قائل: إنه يقصر بذي الحليفة لأن مسافة القصر بضعة أميال، لا، إنما هذه بداية السفر، ما ذكره عن ابن عمر أنه يقصر أربعة برد ثمانين كيلاً.
وقال: "حدثني عن مالك عن نافع عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر ركب إلى ذات النصب فقصر الصلاة في مسيره" ذات النصب موضع قرب المدينة، فقصر الصلاة في مسيره ذلك "قال مالك: وبين ذات النصب والمدينة أربعة برد" وكذا رواه الشافعي عن مالك، وروى عبد الرزاق عن مالك قال: بينهما ثمانية عشر ميلاً، وهذه أقرب من المسافة السابقة في كلام عبد الرزاق، وعلى كل حال التنصيص هنا وتأكيد مالك على أربعة برد يدل على أنه يرى هذه المسافة، التحديد بأربعة برد قول مالك كما هنا، وهو أيضاً قول الشافعي وأحمد، فالأئمة الثلاثة على أن المسافة أربعة برد.
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يسافر إلى خيبر فيقصر الصلاة" وبين خيبر والمدينة ستة وتسعون ميلاً، يعني مائة وستين كيلو تقريباً.
ثم قال: "حدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر كان يقصر الصلاة في مسيره اليوم التام" مسيرة اليوم التام تقدر بأربعين كيلاً.(23/29)
الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- ترجم في صحيحه بابٌ: في كم تقصر الصلاة؟ يعني كم المسافة التي تقصر فيها الصلاة؟ وسمَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- يوماً وليلة سفراً، هذا كلام البخاري: "وسم النبي -صلى الله عليه وسلم- يوماً وليلاً سفراً، وكان ابن عمر وابن عباس -رضي الله عنهما أو عنهم- يقصران ويفطران في أربعة برد، وهي ستة عشر فرسخاً، هذا كله في الصحيح، يقول ابن حجر: مسألة مسافة القصر من المسائل التي انتشر فيها الخلاف جداً، فحكى ابن المنذر وغيره فيها نحواً من عشرين قولاً، فأقل ما قيل في ذلك يومٌ وليلة هذا كلامه، أقل ما قيل في ذلك يومٌ وليلة، وأكثره ما دام غائباً عن بلده، وقد أورد المصنف الترجمة بلفظ الاستفهام، وأورد ما يدل على أن اختياره أن أقل مسافة القصر يوم وليلة؛ لأنه قال: في كم تقصر الصلاة؟ على سبيل الاستفهام، والعادة أنه إذا لم يجزم بالحكم وأردف الاستفهام بأثر فاختياره مقتضى ذلك الأثر، اختيار البخاري ما يقتضيه ذلك الأثر، وهذا الأثر أن المسافة ما نقله عن ابن عمر وابن عباس أنهما يقصران ويفطران في أربعة برد أن هذا اختياره، أربعة برد ثمانين كيلو، وقبل ذلك قال: وسمَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم وليلة سفراً، يوم وليلة، وابن عمر وابن عباس يفطران ويقصران في أربعة برد، يعني هل يتفق فعل ابن عمر وابن عباس مع يوم وليلة؟ هنا يقول: وقد أورد المصنف الترجمة بلفظ الاستفهام وأورد ما يدل على اختياره أن أقل مسافة القصر يوم وليلة، هم يقولون: إذا أردف الترجمة التي لم يجزم فيها بحكم بأثر فاختياره مقتضى ذلك الأثر، هنا أورد خبراً مرفوعاً وأثرين عن ابن عمر وابن عباس، وجعل الحافظ ابن حجر اختيار البخاري مقتضى الخبر المرفوع، سمى النبي -صلى الله عليه وسلم- يوماً وليلة سفراً، ويوم وليلة سفر يوم وليلة نصف أربعة البرد؛ لأن الأربعة البرد مسافة يومين قاصدين.(23/30)
وعلى كل حال المعروف من اختيار البخاري أنه يرى أن أقل المسافة يوم وليلة، النووي حكى أن أهل الظاهر ذهبوا إلى أن أقل مسافة القصر ثلاثة أميال، وكأنهم احتجوا بما رواه مسلم من حديث أنسٍ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو فراسخ اختصر الصلاة، لكنه محمولٌ على ابتداء المسافة لا غاية السفر، محمول على ابتداء المسافة أنه لا يقصر حتى يبلغ هذه المسافة ثلاثة أميال، المقصود من ذلك أن يفارق عامر البلد، ويتلبس بالوصف الذي علق عليه الترخص وهو السفر، وإذا فارق السفر وسافر مسيرة ثلاثة أيام يكون سافر بالفعل وإن كانت المسافة لا تسمى مسافة قصر؛ لأنها ليست هي النهاية.
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع أنه كان يسافر مع ابن عمر البريد فلا يقصر الصلاة" عن نافع أنه كان يسافر مع ابن عمر البريد فلا يقصر الصلاة، نافع سمى هذا الخروج سفراً يقولون: توسعاً وإلا في الحقيقة لا يطلق اسم السفر في كلام العرب، ولا يفهم من قولهم: سافر فلان الخروج إلى الميل والميلين والثلاثة، مع أن هذا لفظ نافع، ونافع معروفٌ أنه ليس من العرب، نافع ليس من العرب، فقوله: سافر لا يدل على أنه السفر الذي جاءت حقيقته في لغة العرب.(23/31)
"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس كان يقصر الصلاة في مثل ما بين مكة والطائف" مسافة قصر ثمانين كيلو "وفي مثل ما بين مكة وعسفان -كذلك- وفي مثل ما بين مكة وجدة" كذلك بين مكة وجدة أكثر من ثمانين كيلو، لكن الآن بعد التوسع العمراني قصرت المسافة، "قال مالك: وذلك أربعة برد، وذلك أحب ما تقصر إلي فيه الصلاة" أربعة برد المسافة متقاربة بين مكة والطائفة مكة وعسفان مكة وجدة متقاربة وكلها أربعة برد "يقول مالك: وذلك أحب ما تقصر إلي فيه الصلاة" وهذا هو اختيار الإمام -رحمه الله-، وبه قال الشافعي وأحمد وجماعة، وعن مالك مسيرة يوم وليلة، وهو اختيار الإمام البخاري -رحمه الله-، وقال أبو حنيفة: لا تقصر الصلاة في أقل من ثلاثة أيام، والمقصود بهذا مسافة القصر لا المدة التي إذا أجمع المسافر وعزم على الإقامة فيها، المدة ستأتي لكن هذه هي المسافة، وقال أبو حنيفة: لا تقصر في أقل من ثلاثة أيام، ثلاثة أيام بالكيلوات تقارب مائة وعشرين كيلو؛ لحديث: ((لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم)) فسمى ثلاثة أيام سفراً، وأجيب بأنه لم يسق لبيان مسافة القصر، بل لنهي المرأة عن الخروج وحدها، ولذا اختلفت ألفاظ الخبر، جاء النهي عن السفر مطلق بدون محرم من غير تحديد، وجاء النهي مقيد بيوم وليلة، وجاء النهي مقيداً بثلاثة أيام، واختلاف هذه المدد تجعل مفهوم العدد غير مراد، يعني اختلاف المدد الإطلاق: ((لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم))، ((لا تسافر يوم وليلة إلا مع ذي محرم)) ((لا تسافر ثلاثة أيام بلا محرم)) هذا التفاوت يدل على أن هذه الأحاديث وقائع عينية كأنه قيل للنبي -عليه الصلاة والسلام-: امرأة سافرت ثلاثة أيام بدون محرم، فقال: ((لا تسافر المرأة ثلاثة أيام من غير محرم)) كأنه قيل له: لو سافرت امرأة يوم وليلة؟ قال: ((لا تسافر المرأة يوم وليلة من غير محرم)) وقيل له: إن امرأة سافرت من دون محرم، فقال: ((لا تسافر المرأة بدون محرم)) بإطلاق، وهذا يدل على أن السفر -سفر المرأة- من غير محرم حرام.(23/32)
والسفر: هو أصله البروز والخروج من البلد، من الإسفار وهو الوضوح، فلا يجوز لامرأة أن تسافر تخرج من البلد ولا ميل واحد إلا مع ذي محرم؛ لأن مفهوم العدد غير مراد بدليل اختلاف الأعداد.
"قال مالك: لا يقصر الذي يريد السفر حتى يخرج من بيوت القرية" كلها، يعني يفارق عامر البلد، وعلى هذا جماهير العلماء أنه لا يخرج ما لم يتلبس بالسبب الذي يقتضي القصر، ولا يترخص إلا إذا باشر السبب الذي من أجله شرعت هذه الرخص، فالمرء في بيته لا يسمى مسافراً، المرء في بلده لا يسمى مسافراً، إذاً لا يجوز له أن يترخص، ومن ضمن البلد المطارات، فلا يجوز له أن يترخص وهو في مطار البلد؛ لأنه تابع للبلد، ولا يفارق البلد إلا إذا فارق المطار، فإذا طارت الطائرة من مطار الرياض قيل: غادرنا الرياض، والمغادرة لها صالات معروفة، وإذا وقعت الطائرة في مطار الرياض قيل: وصلنا الرياض، فالمطار من الرياض لا يجوز لأهل الرياض أن يترخصوا فيه، وهو من عامر البلد لا يجوز لهم أن يترخصوا فيه بحال، لم يتلبسوا بالسفر، نعم إذا غادروا المطار تلبسوا بالوصف، فجاز لهم الترخص.
أقول: ذهب بعض السلف إلى أنه إذا أراد السفر قصر ولو في بيته استناداً إلى حديث أنس وأنه أفطر وهو في بيته، لكن الحديث لا يسلم من مقال، والنصوص علقت الرخص على وصف إذا وجد هذا الوصف ثبتت هذه الرخص، ما وجد الوصف ما تثبت الرخص.(23/33)
"قال مالك: ولا يقصر الذي يريد السفر في الصلاة حتى يخرج من بيوت القرية، ولا يتم حتى يدخل أول بيوت القرية أو يقارب ذلك" الإمام مالك كما ترون أكثر من ذكر أقوال الصحابة في مسافة القصر، أكثر من ذكر أقوال الصحابة في ذكر المسافة التي تقصر فيها الصلاة، وركز -رحمه الله- على قضية أربعة برد رددها مراراً فدل على أن هذا رأيه، ولو صح عنده في المسافة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- شيء لو صح في تحديد المسافة عنده عن النبي -عليه الصلاة والسلام- شيء لما تركه، فدل على أنه لم يثبت عنده شيء مرفوع في مسافة القصر، نعم فهمهم من نهي المرأة عن أن تسافر مسيرة ثلاثة أيام، أو مسيرة يوم وليلة أو .. ، على كل حال جمهور الصحابة على هذا، على التحديد بأربعة برد، وكونه ينهض أقوال الصحابة هذه تنهض للإلزام بالأربعة البرد لا تنهض، لا تنهض للإلزام بهذا، وعلى كل حال جمهور أهل العلم على التحديد، ويرون أن فيه احتياطاً للصلاة، وأكثر من يرى التحديد بما فيهم الأئمة الثلاثة التحديد بأربعة برد يعني ثمانين كيلاً، فهذا هو قول الجمهور، يبقى قول البخاري يوم وليلة أربعين، وقول الإمام أبي حنيفة ثلاثة أيام مائة وعشرين، لكن الأئمة الثلاثة على أنه أربعة برد، يعني ثمانين كيلاً.
والأصل ما يطلق عليه السفر مطلق في النصوص، فينبغي أن يفسر بالنصوص إن وجدت وإلا فبلغة العرب؛ لأن النصوص جاءت بلغة العرب، والنصوص جاءت مطلقة، ولذا يقول جمعٌ من أهل التحقيق: إنه يجمع ويقصر ويفطر ويترخص في كل ما يطلق عليه سفر لغةً، وهكذا الشأن في مدة الإقامة في مكانٍ واحد على ما سيأتي، ويقول بهذا شيخ الإسلام ابن تيمية، ويرجحه بعض أهل العلم.(23/34)
وكان الشيخ ابن باز -رحمه الله- يفتي به، يفتي بالإطلاق في مسألة المسافة، وفي مسألة الإقامة، مدة الإقامة، ثم رأى أن المصلحة في اعتماد قول الجمهور؛ لأنه أبرأ للذمة وأحوط للصلاة ((دع ما يريبك إلا ما لا يريبك)) يعني هذا بيقين أنك مسافر، وهو قول جمهور أهل العلم، ويرى الشيخ أنه أحوط للصلاة، وأبرأ للذمة فتخرج من عهدة هذا الواجب بيقين، أما لو تُركت المسافة وتركت المدة لتقدير الناس الناس لا يستطيعون التقدير، والقول بإطلاق السفر كما جاء في النصوص وترك ذلك لتقدير الناس لا شك أنه أوقع في محظورات، ولا يمكن تحديده، ولو أمكن تحديده بشيء يضبطه لما ترك الخلاف إلى وقتنا هذا لم يحسم، عامة أهل العلم على التحديد في المسافة وفي المدة، والنصوص جاءت مطلقة، والصحابة حددوا، والجمهور حددوا من باب الاحتياط للعبادة لهذه الشعيرة العظيمة للصيام للصلاة لهذه الشعائر التي هي أركان الإسلام، والقول بالإطلاق والفتوى به لا شك أنه أوقع في محظورات، فتجد الطالب يسافر السنين، ويبقى يترخص خمس ست عشر سنين يترخص مسافر النصوص مطلقة، وأنا مسافر، وسوف أرجع إلى بلدي، وأيضاً لو خرج ميل أو ميلين أو ثلاثة برز عن البلد يقول: مسافر ترخص، ولا شك أن مثل هذا يفتح باب للمتلاعبين، وهذا هو الذي جعل الشيخ -رحمه الله- يرجع عن قول شيخ الإسلام إلى قول الجمهور.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو يريد أن يطبق ما أثره عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحج والعمرة والقصر بذي الحليفة، هذا من تمام اقتدائه، وإلا يخرج قوله ما. . . . . . . . . ما يوجد قيد.
لو قلنا بهذا الإشكال أن الأمور تضيع، هم عندهم مسافات محددة في أوقات معينة ومنضبطة، وإلا فأهل العلم يقولون: لو قطع هذه المسافة بساعة له أن يترخص، يعني هذا موجود في كتب الفقهاء، المسألة افتراضية في زمنهم، لا يمكن أن تقطع في ساعة، لكن الآن وقعت تقطع في ساعة، بل أقل من ساعة، هو لو قلنا: إن يومين قاصدين أربعة برد ثمانين كيلاً فاليوم الواحد نصف، وإذا قلنا: اليوم أربعين كيلو واليومين ثمانين والثلاثة على مذهب أبي حنيفة مائة وعشرين.(23/35)
أسئلة مهمة يعني حول الموضوع يقول: هل مسافة القصر تحسب من المنزل أم من أطراف المدينة؟
لا، هي من أطراف المدينة تحسب.
وهذا يقول: هل يستحب في السفر تخفيف الصلاة أو تقصير الصلاة؟
النبي -عليه الصلاة والسلام- قرأ في السفر سورة الزلزلة في الركعتين، وعلى كل حال إذا .. ، المسألة تتبع النشاط إذا كان الإنسان متعب ويواجه مشقة لا بأس أن يخفف، والله المستعان.
يقول: أعمل بعيداً عن مكان سكني مائة وعشرة كيلو هل يجوز جمع وقصر صلاتي الظهر والعصر بوقت الظهر؟
نعم المسافة كافية مائة وعشرة كيلو.
هل صحيح أن الذهاب إلى البدو بعد السكن في الحضر من الكبائر أم أن هذا خاص بالمهاجرين؟
التبدي الذي يترتب عليه ترك الواجبات كالجمع والجماعات لا يجوز، اللهم إلا في أوقات الفتن التي يخشى فيها الإنسان على نفسه، فيوشك أن يكون غير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال.
هذا سؤال يقول: بعض طلاب العلم يتناقلون أشرطة فيديو وسيديهات بما تسمى بالجهادية -إيش معنى جهادية؟ - يحتفظون بها، وفيها ما أخرجه أصحاب بعض أصحاب التفجير، وكفروا فيها ... كلام يقوله؟
المقصود أن اعتقاد مثل هذا العمل جهاد هذا ضلال، وفهم خاطئ لنصوص الكتاب والسنة، يعني الإفساد في الأرض يسمى جهاد، هذا إفساد وليس بجهاد، الجهاد شعيرة من شعائر الدين، معلومة في الدين لا يستطيع أحد أن يوقفها فهي ماضية إلى قيام الساعة، لكن ليس هذا هو الجهاد.
نعم، سم.
"باب: صلاة المسافر ما لم يجمع مكثاً:
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول: أصلي صلاة المسافر ما لم أجمع مكثاً، وإن حبسني ذلك اثنتي عشرة ليلة.
وحدثني عن مالك عن نافع أن ابن عمر -رضي الله عنهما- أقام بمكة عشر ليالٍ يقصر الصلاة إلا أن يصليها مع الإمام فيصليها بصلاته.
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: صلاة المسافر ما لم يجمع .. " يجمع: أي يعزم على المكث والإقامة.(23/36)
قال: "حدثني يحيى عن مالك .. " يعني صلاة المسافر ما دام مسافراً ما لم يجمع يعزم على الإقامة في مكانٍ معين مدة حددها الجمهور بأربعة أيام، يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر كان يقول: أصلي صلاة المسافر ما لم أجمع مكثاً" يعني ما لم أعزم على الإقامة "وإن حبسني -منعني ذلك- اثنتي عشرة ليلة" لأن حكم السفر لم ينقطع بل أكثر، وبقي ابن عمر ستة أشهر يترخص؛ لأنه حبسه الثلج، فإذا لم يعزم على الإقامة في هذا المكان أربعة أيام فأكثر فإن له أن يترخص إذا كان لا يدري متى يخرج؟ له أن يترخص، ولو أقام في مكان من غير طوعه ولا اختياره كما حصل لابن عمر لما حبسه الثلج له أن يترخص، الإشكال فيما إذا لو عزم على المقام في مكانٍ بطوعه واختياره مدة أربعة أيام فأكثر فإنه حينئذٍ لا يترخص في قول الأكثر.
"وحدثني عن مالك عن نافع أن ابن عمر أقام بمكة عشر ليالٍ يقصر الصلاة إلا أن يصليها مع الإمام فيصليها بصلاته" تامة، أقام بمكة عشر ليال يقصر الصلاة، إقامته بمكة محددة بعشرين صلاة فقط، يقول الشيخ ابن باز -رحمه الله- في تعليقه على فتح الباري: المحفوظ أنه -صلى الله عليه وسلم- صلى بمكة قبل التوجه إلى منى عشرين صلاةً فقط، أولها ظهر اليوم الرابع وآخرها فجر اليوم الثامن، وأما فجر اليوم الرابع فمختلفٌ فيه، فأهل العلم أخذوا من هذه العشرين الصلاة التي أقامها النبي -عليه الصلاة والسلام- أنها حد فاصل في الفرق بين السفر والإقامة، وأن من عزم على الإقامة بمكة أربعة .. ، بأي مكان في مكانٍ ما أربعة أيام فأكثر أنه لا يترخص، ومن أقوى أدلتهم إذنه -صلى الله عليه وسلم- للمهاجرين بالإقامة بعد تمام نسكهم ثلاثة أيام، مع أنه لا يجوز للمهاجر أن يقوم في البلد الذي هاجر منه، فإذنه ثلاثة أيام يدل على جواز المكث ثلاثة أيام، وأن حكم الثلاثة الأيام تختلف عن الأربعة فدل على أن الأربعة ممنوعة بالنسبة للمهاجر، مع أنه ممنوع من الإقامة إذاً الأربعة إيش؟ إقامة.(23/37)
"أقام بمكة عشر ليالٍ يقصر الصلاة إلا أن يصليها مع الإمام" أن ابن عمر أقام بمكة عشر ليال يقصر الصلاة؛ لأنه لم ينوِ إقامة، لماذا؟ لأنه لو نوى الإقامة دخل في الممنوع؟ لأنه لا يجوز له أن يقيم في البلد الذي هاجر منه أكثر من ثلاث "إلا أن يصليها مع الإمام فيصليها" تامة بصلاة الإمام؛ لأن المسافر إذا ائتم بمقيم لزمه الإتمام، إذا ائتم المسافر بمقيم لزمه الإتمام، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(23/38)
الموطأ – كتاب قصر الصلاة في السفر (2)
شرح: باب: صلاة الإمام إذا أجمع مكثاً، وباب: صلاة المسافر إذا كان إماماً أو كان وراء إمام، وباب: صلاة النافلة في السفر بالنهار والليل والصلاة على الدابة، وباب: صلاة الضحى، وباب: جامع سبحة الضحى، وباب: التشديد في أن يمر أحدٌ بين يدي المصلي
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
نعم، سم.
"باب: صلاة الإمام إذا أجمع مكثاً:
حدثني يحيى عن مالك عن عطاء الخرساني أنه سمع سعيد بن المسيب قال: "من أجمع إقامة أربع ليال وهو مسافر أتم الصلاة" قال مالك: "وذلك أحب ما سمعت إلي" وسئل مالك عن صلاة الأسير، فقال: "مثل صلاة المقيم إلا أن يكون مسافراً".
يقول: "باب: صلاة الإمام إذا أجمع مكثاً" أي عزم على المكث، إذا أجمع مكثاً، وهناك الترجمة التي قبلها: "ما لم يجمع مكثاً" فهذه الترجمة تؤكد مفهوم الترجمة السابقة.
قوله: "حدثني يحيى عن مالك عن عطاء -بن أبي مسلم- الخرساني" وثقه ابن معين، وتكلم بل أدخله الإمام البخاري في الضعفاء، خرّج له الإمام مسلم، على كل حال فيه كلام، لكنه أقل ما يقال فيه: إنه صدوق "أنه سمع سعيد بن المسيب قال: "من أجمع إقامة أربع ليالٍ وهو مسافر أتم الصلاة" لأن من أجمع يعني عزم ونوى على الإقامة أربع ليالٍ وهو مسافر أتم الصلاة؛ لأن ذلك قطع حكم السفر.
"قال مالك: "وذلك أحب ما سمعت إلي" من الخلاف في ذلك، وبهذا قال الشافعي وأحمد، يعني أربع ليالي هو قول مالك، أحب إلي يعني قوله واختياره، وهو أيضاً قول الشافعي وأحمد ودود وجماعة، وحجتهم حديث: ((يمكث المهاجر بعد قضاء نسكه بمكة ثلاثاً)) ومعلومٌ أن مكة لا يجوز لمهاجرٍ أن يتخذها دار إقامة فدل على أن ما زاد على الثلاثة كالأربع تسمى إقامة.(24/1)
وقال الثوري وأبو حنيفة: إذا نوى إقامة خمسة عشر يوماً أتم الصلاة ودونها يقصر، على كل حال التحديد بمدة هو قول الأئمة الأربعة التحديد بالمدة، وهو قولٌ أيضاً التحديد بالمسافة، الخلاف في المسافة تقدم، الثلاثة يرون أربعة برد، أبو حنيفة يرى ثلاثة أيام يعني ستة برد.
بالنسبة للإقامة الأربعة على التحديد، الثلاثة على أربعة أيام، وأبو حنيفة يرى خمسة عشر يوماً، وعلى كل حال التحديد هو قول الأئمة الأربعة سواءً في المسافة وفي المدة، والقول بالإطلاق كما هو مقتضى النصوص هو الأصل، لكن يبقى أنه وإن كان هو الأصل إلا أن عمل السلف على خلافه، فدل على أنهم فهموا من هذا الإطلاق أن مراد الشارع هذا التقييد، وذلكم باللوازم التي ترتبت على الإطلاق.
"وسئل مالك عن صلاة الأسير، فقال: مثل صلاة المقيم" يعني يتم، يعني إذا كان في بلده، إذا كان في بلد وهو أسير "مثل صلاة المقيم إلا أن يكون مسافراً" هو أسير وماكث، لكنه من غير طوعه ولا اختياره، فهل يمكن أن يكون أسيراً وهو في بلده؟ يصير أسير وهو في بلده؟ يعني أسروه في بلده، وحينئذٍ يصلي صلاة مقيم، إذا كان مسافر يعني أسر في غير بلده وإن زادت المدة على أربعة أيام فإنه يصلي صلاة مسافر فيقصر؛ لأن إقامته ليست باختياره، وقل مثل هذا فيمن صار عليه حادث مثلاً في بلدٍ ما وسجن، ارتكب مخالفة وسجن شهر شهرين ثلاثة لا يزال مسافراً؛ لأن إقامته من غير عزمٍ منه، ولا من طوعه ولا من اختياره، وحينئذٍ له أن يترخص.(24/2)
الآن الآثار التي ساقها الإمام مالك عن الصحابة وعند غيره أضعاف ما ذكره الإمام مالك من تقدير المسافة بأربعة برد دل على أن المسافة بهذا التقدير معتبر عند أهل العلم عند السلف على وجه الخصوص، وهي أربعة برد، والأربعة برد معروفة هي ثمانين كيلو، فدل على أن المسافة تحديدها بالكليوات أو بالبرد أو بالأميال أو بالفراسخ معروف عندهم، وإن كان جاء بعض النصوص تقديرها بالمدة باليوم والليلة والثلاثة أيام وباليومين؛ لأن هذه أمور منضبطة عندهم، فاليوم والليلة مسافة ما يقطع في يوم وليلة عندهم منضبط في يومين منضبط وهم يحددون بهذا، بين مكة وجدة يومان، بين مكة والطائف يومين، بين مكة وعسفان يومين، بين مكة و .. إلى آخره، هم يحددون بين مكة وذي الحليفة عشر مراحل، يعني عشر ليال منضبطة عندهم، نعم، سم.
"باب: صلاة المسافر إذا كان إماماً أو كان وراء إمام:
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه -رضي الله عنه- أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان إذا قدم مكة صلى بهم ركعتين، ثم يقول: يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر.
وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- مثل ذلك.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يصلي وراء الإمام بمنى أربعاً فإذا صلى لنفسه صلى ركعتين.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن صفوان أنه قال: جاء عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يعود عبد الله بن صفوان فصلى لنا ركعتين ثم انصرف فقمنا فأتممنا.(24/3)
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: صلاة المسافر إذا كان إماماً أو كان وراء إمام" يريد -رحمه الله تعالى- أن يقرر أن العبرة بالإمام، فإن كان مسافراً صلى قصراً، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- لما صلى بمكة وقال: ((أتموا)) واقتدى به عمر -رضي الله عنه-، كما في الخبر الذي ساقه الإمام مالك، هذا بالنسبة للإمام لا يلزمه الإتمام إذا أمَّ مقيمين، لكن إذا كان وراء إمام المسافر وراء إمام فإن كان الإمام مسافراً فلا إشكال يقصر الصلاة كلٌ من الإمام والمأموم، لكن إذا كان الإمام مقيم والمأموم مسافر فمن ائتم بمقيم فإنه يلزمه الإتمام، وقد أورد الإمام مالك ما يدل على الشقين، إن ائتم بمقيم لزمه الإتمام هذا قول عامة أهل العلم، إن ائتم المسافر بمقيم لزمه الإتمام.
لكن هل الملاحظ في وصف الإمام شخص الإمام أو صلاة الإمام؟ هل الملاحظ صلاته أو شخصه؟ زيد مقيم من الناس وهو إمام دخل مسافر ليصلي العشاء وهذا الإمام المقيم في صلاة الترويح يصلي ركعتين، نقول: يا مسافر أنت ائتممت بمقيم يلزمك الإتمام؟ أو دخل هذا المسافر وراء زيد وهو يصلي العشاء أربع ركعات نقول: يلزمك الإتمام لأنك صليت خلف مقيم، هذه ما فيه إشكالية ائتم بمقيم لزمه الإتمام، لكن هل المنظور وصف الإمام الشخصي أو وصفه الحكمي المرتبط بالصلاة؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم الثاني، وعلى هذا لو دخل مسافر وصلى خلف مقيم يصلي التراويح صلى العشاء ركعتين يلزمه الإتمام وإلا ما يلزمه؟ ما يلزمه، لكن لو صلى خلفه العشاء يصليها أربع ركعات يلزمه يأتي بركعتين، إن ائتم بمقيم لزمه الإتمام.
لكن من الصور النادرة أن يأتي شخص مسافر ويؤم مقيمين، مسافر يؤم مقيمين، ويدخل مسافر ولا يدري هل الإمام مسافر أو مقيم فيصلي خلف هذا، أدرك ركعة الإمام صلى ركعتين وسلم، وهذا أدرك ركعة من هاتين الركعتين وقام الناس يقضون وعلى اعتبار أن هذا الإمام مقيم يصلي كم ركعة هذا المسافر؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(24/4)
لا، هذا ظهر وإلا عصر، بناءً على أن المكان مكان إقامة، الغالب أن الإمام مقيم، يعني في مسجد في داخل أحياء مكة، جاء شاب من الشباب وتقدم وصلى بهم ركعتين -هذا حاصل- فلما سلم قال: أتموا فإنا قومٌ سفر، وليست له أي صفة تميزه بين هؤلاء المأمومين، فقاموا بدءً من المؤذن إلى آخر واحد في المسجد يتمون، وواحد من المسافرين لحق بهم وصلى معهم أربع ركعات والإمام مسافر مثله، مثل هذه التصرفات لا شك أنها توقع المصلين في حرج، المسجد كله عشرة صفوف يقضون للصلاة؟!
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذه حصلت في مسجد داخل مكة، وشاب ليست له أي صفة تميزه، وإلا الرسول -عليه الصلاة والسلام- صلى بمكة وقال: أتموا، عمر -رضي الله عنه- كما هنا صلى وقال: أتموا، إذا كانت له صفة تميزه لا بأس، لكن إذا لم يكن له صفة تميزه فكيف يجعل الناس كلهم في حكم المسبوقين؟!
هنا يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن -أباه- عمر بن الخطاب كان إذا قدم مكة صلى بهم إماماً" لأنه هو الخليفة وهو السلطان وهذا سلطانه، صلى بهم ركعتين "ثم يقول: يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر" سَفر بفتح فسكون جمع سافر كركب جمع راكب، عمر -رضي الله عنه- امتثل فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، قال عمران بن الحصين: "شهدتُ مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الفتح فأقام مكة لا يصلي إلا ركعتين ثم يقول لأهل مكة: ((صلوا أربعاً فإنا قومٌ سفر)) فالإمام لا يلزم بالإتمام إذا أمَّ المقيمين، لكن المسافر إذا ائتم بمقيم لزمه الإتمام.
ثم قال: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب مثل ذلك" فله طريقان كلٌ منهما صحيح.(24/5)
"وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يصلي وراء الإمام بمنى أربعاً" يصلي أربع؛ لأن الإمام متم، النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقصر الصلاة بمنى وجرى على هذا أبو بكر ثم عمر وعثمان في أول أيامه ثم أتم، وتأول -رضي الله عنه- فصار الصحابة معه يتمون، ابن عمر يتم ابن مسعود يتم فيتمون لوجوب متابعة الإمام، وترك الخلاف له، وإن اعتقد أن القصر أفضل، ولذا يقول ابن مسعود: ليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان "فإذا صلى لنفسه صلى ركعتين" يعني على أصل لأنه مسافر.
ثم قال: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن صفوان -بن عبد الله بن صفوان بن أمية القرشي- أنه قال: جاء عبد الله بن عمر يعود عبد الله بن صفوان" جاء عبد الله بن عمر يعود عبد الله بن صفوان بن أمية "فصلى -ابن عمر- لنا" يعني صلى بنا ركعتين لأنه مسافر "ثم انصرف" يعني سلم من الصلاة "فقمنا فأتممنا" لأن المقيم يلزمه إتمام الصلاة ولو صلى خلف من يقصرها، فصلى بهم وهو مسافر ركعتين وهم مقيمون، وحينئذٍ إذا سلم يقومون لإتمام الصلاة.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، يعود عبد الله بن صفوان، ابن عمر من أين جاء؟ جاء عبد الله بن عمر يعود عبد الله بن صفوان، عبد الله بن صفوان معروف أنه بمكة، وابن عمر جاء من المدينة فجاء يعوده، عبد الله بن صفوان كان مع عبد الله بن الزبير وقتل معه وهو متعلقٌ بأستار الكعبة، وعبد الله بن عمر جاء يعوده فهو مسافر، وعبد الله بن صفوان مقيم بمكة.
طالب:. . . . . . . . .
يعني شخص مقيم لزمه صلاة نسيها، نسي صلاة ظهر وهو مقيم، ثم تذكرها حال السفر أو العكس، أهل العلم يرجحون أن تصلى صلاة مقيم لأنه أحوط.
طالب:. . . . . . . . .
لا، الصلاة صلاة مقيم؛ لأنها لزمته في حال الإقامة، نعم.
"باب: صلاة النافلة في السفر بالنهار والليل والصلاة على الدابة:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه لم يكن يصلي مع صلاة الفريضة في السفر شيئاً قبلها ولا بعدها إلا من جوف الليل، فإنه كان يصلي على الأرض وعلى راحلته حيث توجهت.(24/6)
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد وعروة بن الزبير وأبا بكر بن عبد الرحمن كانوا يتنفلون في السفر، قال يحيى: وسئل مالك عن النافلة في السفر فقال: لا بأس بذلك بالليل والنهار، وقد بلغني أن بعض أهل العلم كان يفعل ذلك.
وحدثني عن مالك قال: بلغني عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يرى ابنه عبيد الله بن عبد الله يتنفل في السفر فلا ينكر عليه.
وحدثني عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبي الحباب سعيد بن يسار عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي وهو على حمار، وهو متوجه إلى خيبر.
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي على راحلته في السفر حيث توجهت به، قال عبد الله بن دينار: وكان عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يفعل ذلك.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد قال: رأيت أنس بن مالك -رضي الله عنه- في السفر وهو يصلي على حمار، وهو متوجه إلى غير القبلة يركع ويسجد إيماءً من غير أن يضع وجهه على شيء.
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: صلاة النافلة في السفر بالنهار والليل والصلاة على الدابة"(24/7)
"حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه لم يكن يصلي مع صلاة الفريضة في السفر شيئاً قبلها ولا بعدها" والنفي هذا يتناول الرواتب كما أنه يتناول النفل المطلق "لم يكن يصلي مع صلاة الفريضة في السفر شيئاً لا قبلها ولا بعدها" وهذا يشمل الرواتب ويشمل المطلق، ويشمل أيضاً ما جاء فضله بخصوصه كأربع ركعات قبل العصر، أربع ركعات قبل العصر "إلا من جوف الليل" فقيام الليل النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يترك الوتر ولا ركعتي الصبح سفراً ولا حضراً، وما عدا ذلك فلم يحفظ عنه أنه كان يتنفل إلا ما ذكرته أم هانئ، يعني في البخاري عن أم هانئ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى في بيته يوم الفتح ثمان ركعات، والعلماء يختلفون هل هذه تسمى صلاة الفتح أو تسمى سبحة الضحى؟ وثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى السبحة بالليل في السفر على ظهر راحلته حيث توجهت به، فقيام الليل له شأن ينبغي ألا يترك سفراً ولا حضراً، الرواتب هي التي أثر عن كثير من السلف تركها كما قال ابن عمر -رضي الله عنهما-: "لو كنتُ مسبحاً لأتممت" وحفظ عنه أنه كان لا يصلي مع صلاة الفريضة شيئاً إلا ما كان في جوف الليل.
في البخاري عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "صحبت النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم أره يسبح في السفر، وقال الله -جل ذكره-: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [(21) سورة الأحزاب] " وعلى هذا الأولى ترك التنفل في السفر لا سيما الرواتب، والسبب في ذلك أن المسافر يكتب له ما كان يعمله في إقامته كما أن المريض يكتب له ما كان يعمله في صحته، فإذا كان الله -جل وعلا- رخص للمسافر وخفف عنه صلاة الفريضة من أربع إلى ركعتين، وهذه رخصة يحب الله -جل وعلا- أن تؤتى، فلأن يترك التطوع في السفر من باب أولى، ولذا يقول ابن عمر: "لو كنتُ مسبحاً لأتممت" يعني لو كنت متنفلاً بشيء من النوافل لصليت الفريضة كاملة، الفريضة أولى بالمحافظة من النافلة.(24/8)
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد وعروة بن الزبير وأبا بكر بن عبد الرحمن كانوا يتنفلون في السفر" الثلاثة كلهم من الفقهاء السبعة، وكانوا يتنفلون في السفر "قال يحيى: وسئل مالك عن النافلة في السفر فقال: لا بأس بذلك بالليل والنهار، وقد بلغني أن بعض أهل العلم كان يفعل ذلك" يعني ليس ترك النافلة في السفر من باب العزيمة ومن باب اللازم، بمعنى أن من فعل هذه النوافل يأثم، لا، النصوص العامة تشمل الإكثار من النوافل ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- من باب التخفيف والتيسير في السفر الذي الأصل فيه المشقة كان لا يتنفل في السفر.
"وحدثني عن مالك قال: بلغني عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يرى ابنه عبيد الله بن عبد الله يتنفل في السفر فلا ينكر عليه" وعلى هذا الأمر فيه سعة، والنوافل المطلقة ينبغي أن يحرص عليها، ولا سيما قيام الليل، وأما الوتر وركعتي الصبح فالنبي -عليه الصلاة والسلام- كان يلازمها حضراً وسفراً.
بعضهم يفهم من قول ابن عمر: "لو كنتُ مسبحاً لأتممت" أن من يصلي الصلاة كاملة في السفر لأن الإتمام مع التسبيح مع النافلة فإذا كان يصلي خلف مقيم في السفر فالمطلوب منه أن يتنفل، ما كان يفعله مقيم لأنه يصلي صلاة مقيم إذاً يفعل ما كان يفعله مقيماً فيأتي بالرواتب، لكن كلام ابن عمر ما يفهم منه ذلك، لا يفهم منه ذلك، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
أيوه؟ بلغني عن نافع؟ أيوه؟ آخر خبر؟ وعن مالك قال: بلغني عن نافع؟ إيه وين مكانه؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني بلغني أن عبد الله بن عمر كان يرى ابنه عبيد الله بن عبد الله؟ على كل حال الذي قبله: "وسئل مالك عن النافلة في السفر قال: لا بأس، قد بلغني أن بعض أهل العلم كان يفعل ذلك" يغني عن هذا، بلغني أن عبد الله بن عمر.
طالب:. . . . . . . . .
إذاً قال: عن نافع أن عبد الله بن عمر مباشرة؟ هل المقصود حذف بلغني أو حذف عن نافع؟ الآن أعد الكلام من جديد.
طالب:. . . . . . . . .
إيه كلمة نافع.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ببلغني لكن بدون عن نافع، على كل حال الخبر لسنا بحاجة إليه؛ لأن ما قبله يغني عنه.(24/9)
طالب:. . . . . . . . .
الرخصة: ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح، والعزيمة: ما ثبت على وفق دليل شرعي، مع أن الرخصة لا بد لها من دليل شرعي، لكن هذا الدليل معارض لدليل أو لقاعدةٍ مستقرة.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وحدثني عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبي الحباب سعيد بن يسار عن عبد الله بن عمر أنه قال: رأيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي وهو على حمار، وهو متوجه إلى خيبر" الحديث في صحيح مسلم، لكن قال الدارقطني وغيره: هذا غلط، وهمٌ من عمرو بن يحيى المازني، قالوا: وإنما المعروف في صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- على الراحلة على البعير، والصواب أن الصلاة على الحمار من فعل أنس، كما ذكر ذلك البخاري ومسلم، وسيأتي في هذا الباب "يصلي على حمار أنس"، "رأيتُ أنس بن مالك في السفر يصلي على حمار وهو متوجه إلى غير القبلة" النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يصلي على راحلته في السفر، وهذا سيأتي أيضاً وهو في الصحيحين، والثابت في الصحيحين وغيرهما أن الذي يصلي على الحمار هو أنس بن مالك -رضي الله عنه-.
"رأيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي وهو على حمار وهو متوجهٌ إلى خيبر" وهو ثابتٌ عن أنس، وثبوته عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أعني الصلاة على الحمار في هذا الحديث وهو في صحيح مسلم، فالذي يرى صيانة الصحيح يقول: ما دام ثبت في صحيح مسلم فليس لأحد كلام لا للدارقطني ولا لغيره، والذي لا يرى مانع من أن يقع الوهم حتى من رواة الصحيح يحكم على هذا بأنه غلط، وهم ليسوا بمعصومين، لكن إذا أمكن حمل رواية الصحيح على وجهٍ يصح فهو الأولى.(24/10)
وعلى كل حال هما مسلكان عند أهل العلم، منهم من يرى صيانة الصحيح عن مثل هذا الكلام، وأن جميع ما في الصحيحين صحيح، ومنهم من يرى أنه يحكم للراجح، ويحكم على المرجوح بالوهم ولو كان في الصحيح، وهنا لا يوجد ما يعارض، لا يوجد رواية تخالف هذه الرواية، يعني لم ينفِ أحدٌ من الصحابة كونه يصلي -عليه الصلاة والسلام- وهو على حمار، حتى ولو قدر بل إن وجد من ينفي قيل: هذا على حسب علمه، والمثبت مقدم على النافي، فمثل هذا الموضع الذي يحصل فيه الخلاف بين صاحبي الصحيح ومن ينتقد أحاديث الصحيح كالدارقطني الغالب أن الإصابة مع الشيخين الغالب، فإذا أمكن حمل ما في الصحيح مما حكم عليه الدارقطني أو غيره بأنه خطأ على وجهٍ يصح فلا مناص من القول به، وهنا يمكن ولا معارض ومثل ما ذكرت هما مسلكان لأهل العلم منهم من يحمل جميع ما جاء في الصحيح على أنه هو الصواب وما عداه هو الوهم، ومنهم من لا يرى مانع من القول بأنه قد يقع في الصحيح من الخطأ، ولذا استثنى ابن الصلاح من القطع بصحة ما أخرجه الشيخان قال: سوى أحرف يسيرة تكلم فيها بعض الحفاظ.
في مثل صلاة الكسوف في الصحيحين أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاها ركعتين في كل ركعة ركوعان، وفي صحيح مسلم ثلاثة ركوعات وأربعة، وفي غيره خمسة ركوعات، والحادثة لم تقع إلا مرة واحدة مما يتفق عليه أهل السير، فالذي يرى صيانة الصحيح يقول: ويش المانع أن يكون الكسوف وقع أكثر من مرة؟ والذي يرى الترجيح يحكم لما في الصحيحين بأنه الراجح وما عداه مرجوح، ولا مانع من أن يقع الراوي يقع من الراوي الحافظ الضابط المتقن الوهم.(24/11)
في الصحيحين من حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: ((ورجلٌ تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)) هذا على الجادة لأن الإنفاق باليمين، في صحيح مسلم: ((حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله)) قالوا: هذا قلب، والمقلوب معروف أنه خطأ، والذي يرى صيانة الصحيح يقول: لا مانع من أن تصحح هذه الرواية، كيف تصحح هذه الرواية؟ نقول: يمكن أن تصحح، وأن الرجل المخلص المكثر من الإنفاق قد يحتاج أحياناً أن ينفق بيمينه وهذا هو الكثير الغالب، وقد يحتاج أن ينفق بشماله هذا لا يمنع.
وثبت في الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لو كان عنده مثل أحد ذهب ما يسره أن تأتي عليه ثالثة يعني ليلةٍ ثالثة وعنده منه شيء إلا دينار يرصده لدين إلا أن يقول به هكذا وهكذا وهكذا وهكذا، عن يمينه وعن شماله ومن أمامه ومن خلفه -عليه الصلاة والسلام-، فيمكن تصحيحها بهذه الطريقة.
وقد تصدى الشراح لرد هذه الانتقادات وجاءوا بأوجه وكلٌ على حسب ما يسر له، وما فُتح عليه به، وبعض الأوجه الرد فيها واضح صريح، والإصابة مع الشيخين، وبعضها لا يسلم من تكلف، لكن صيانة الصحيحين أمرٌ لا بد منه؛ لأن الأمة تلقتهما بالقبول، ولذا جزم غير واحد من أهل العلم بأنه لو حلف شخصٌ بالطلاق أن جميع ما في الصحيحين صحيح لما حنث.
على كل حال إذا ثبتت هذه الرواية في صحيح مسلم لا كلام لأحد، لا الدارقطني ولا غيره، نعم إذا وجدت مصادمة صريحة لا يمكن المحيد من القول بالوهم على الراوي ما في مانع ليس بمعصوم، لكن لا نفتح ونتوسع في هذا الباب توسع يجعل صغار المتعلمين يتطاولون على الصحيح، بل لا بد من صيانة الصحيحين.
الصلاة على الدابة سواءً كانت بعير –راحلة- أو حمار أو فرس أو سيارة خاصٌ بالنافلة، لما في البخاري وغيره من حديث عامر بن ربيعة بن عمر وجابر بن عبد الله وغيرهم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان لا يفعل ذلك في المكتوبة، قال ابن البطال: أجمع العلماء على اشتراط ذلك، وأنه لا يجوز لأحدٍ أن يصلي الفريضة على الدابة من غير عذرٍ حاشا ما ذكر في صلاة شدة الخوف، فالصلاة على الراحلة خاص بالنافلة دون الفريضة.(24/12)
يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي على راحلته في السفر حيث توجهت به" استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة شرطٌ لصحة الصلاة استقبال القبلة، لكن في هذا دليلٌ على عدم الاشتراط استقبال القبلة حينئذٍ مع التيسير على هذا الوجه في النافلة كما أنها صححت النافلة من قعود مع أن القيام في الفريضة ركن من أركانها مع القدرة، حيث توجهت به {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} [(115) سورة البقرة] وهذا خاص بالنافلة.
"قال عبد الله بن دينار: "وكان عبد الله يفعل ذلك" يقتدي ويأتسي بالنبي -عليه الصلاة والسلام-. . . . . . . . . الحديث الذي يليه.
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد قال: رأيت أنس بن مالك في السفر وهو يصلي على حمار وهو متوجه إلى غير القبلة يركع ويسجد إيماءً" الحديث السابق ترجم عليه الإمام البخاري: "باب: الإيماء على الدابة" يعني للركوع والسجود لمن لم يتمكن من ذلك.
"إيماءً" يقول ابن دقيق العيد: الحديث يدل على الإيماء مطلقاً في الركوع والسجود معاً، والفقهاء قالوا: يكون الإيماء في السجود أخفض من الركوع، يكون الانحناء في السجود أخفض منه للركوع؛ ليكون البدل على وفق المبدل، على وفق الأصل؛ لأن السجود أشد وأقرب إلى الأرض من الركوع، يقول: وليس في الحديث ما يثبته ولا ينفيه، لكن وقع عند الترمذي من طريق أبي الزبير عن جابر بلفظ: فجئت وهو يصلي على راحلته نحو المشرق السجود أخفض من الركوع، وهو معروف أن في رواية أبي الزبير عن جابر بصيغة العنعنة من الكلام وهذا خارج الصحيح يتجه في هذا الكلام، وعلى كل حال البدل له حكم المبدل، وقول الفقهاء يكون السجود أخفض من الركوع له وجه، وتسنده هذه الرواية وإن أعلت بعنعنة أبي الزبير.
"من غير أن يضع وجهه على شيء" في السجود مثلاً هل يقال له: اجعل بين يديك شيء ترفعه إذا أردت السجود لتضع وجهك عليه؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- لما رأى الذي يسجد على الوسادة نزعه، وهل يقال لمن يصلي على السيارة: اسجد على الطبلون أو على الدركسون؟ ما يلزم، لكن تومئ إيماءً، يكون سجودك أخفض من ركوعك.(24/13)
طالب:. . . . . . . . .
إيه ممكن مع القيام والقعود والسجود سهل، والاتجاه كل هذا ممكن، النافلة على الكرسي سهل إن أمكن نعم، إذا لم يمكن فلا، الحديث الأخير الموقوف على أنس: "رأيت أنس بن مالك في السفر يصلي على حمار" ترجم عليه الإمام البخاري: "باب: صلاة التطوع على الحمار" وفي الحديث الأول رفع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، عبد الله بن عمر قال: "رأيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي وهو على حمار" وفي مسلم، وهنا من فعل أنس بن مالك -رضي الله عنه-، وترجم عليه البخاري: "باب: صلاة التطوع على الحمار".
يقول ابن حجر نقلاً عن ابن رشيد: مقصوده -يعني البخاري بهذه الترجمة- أنه لا يشترط في التطوع على الدابة أن تكون الدابة طاهرة الفضلات، التطوع على الدابة لا يشترط أن تكون طاهرة الفضلات، لكن هل يشترط أن تكون عينها طاهرة؟ طهارة الفضلات لا يشترط، حتى لو أن شخصاً حمل أباه أو أمه وأراد أحدهما أن يتطوع في سفر هو بمثابة الدابة هو طاهر لكن فضلاته ليست بطاهرة، فلا ينظر إلى الفضلات، لكن الإشكال في طهارة عين المركوب، يقول: مقصوده أنه لا يشترط في التطوع على الدابة أن تكون الدابة طاهرة الفضلات، وهذا عندهم عند الشافعية يشمل حتى الراحلة؛ لأن أبوال الإبل وما يؤكل لحمه عندهم نجس، فيستوي هذا مع الحمار، لكن الفرق بين الراحلة وبين الحمار الراحلة طاهرة إجماعاً عرقها وريقها، لكن الحمار مختلفٌ فيه.(24/14)
يقول: بل الباب في المركوبات واحد بشرط ألا يمس النجاسة، الحمار مختلفٌ فيه هل هو نجس العين أو طاهر؟ لما حرمت الحُمر الأهلية وأمر بإطفاء القدور، وقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إنها رجس)) أخذ من هذا جمعٌ من أهل العلم أن الحمار نجس العين، وتبعاً لذلك يكون لعابه وعرقه نجس، يقول ابن دقيق العيد: يؤخذ من هذا طاهرة عرق الحمار؛ لأن ملابسته مع التحرز منه متعذر لا سيما إذا طال الزمان في ركوبه واحتمل العرق، والمتجه أنه طاهر، طاهر العين وإن حرم أكله؛ لأنهم يلابسونه من غير نكير، والأمة جرت على هذا من عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى يومنا هذا، ولم يعهد على أحدٍ أنه أمر بغسل ما يصيبه من عرقه أو ما أشبه ذلك، لكن فضلاته نجسة مثل الآدمي، ولا يجوز أكله.
خص الإمام مالك الصلاة النافلة على الدابة، خص الإمام مالك صلاة النافلة على الدابة في السفر، في السفر الذي تقصر فيه الصلاة، لكن لو كان السفر دون مسافة قصر فإنه لا يصلي على الدابة، والجمهور على جواز ذلك في كل سفر، المسألة في صلاة النافلة وفي السفر، لكن السفر مطلق أي سفر، وهذا من باب التيسر، كأن السر في ذلك تيسير تحصيل النوافل على العباد وتكثيرها تعظيماً لأجورهم، ورحمةً من الله بهم، لكنه خاص بالنافلة وفي السفر أيضاً، وطرد أبو يوسف ومن وافقه التوسعة في ذلك، فجوزه في الحضر أيضاً، وقال به من الشافعية أبو سعيد الإصطخري، المسألة نافلة مبناها على التيسير، فإذا جازت في السفر جازت في الحضر عند هؤلاء، فإذا كان الإنسان في سرة في سيارة وإلا شيء وأراد أن يتنفل يجوز عند هؤلاء عند أبي يوسف وعند الإصطخري من الشافعية.
طالب:. . . . . . . . .
لا مانع من تطبيق السنة على الراحلة على السيارة إذا لم يترتب على ذلك ضرر عليه أو على غيره؛ لأنه يمكن أن يقود السيارة ويجعل ركوعه بانحناء وسجوده أخفض من ذلك وهو يرى.
طالب:. . . . . . . . .(24/15)
نعم، يلزم على ذلك بعض المخالفات مما يقتضيه الحال من كونه يشخص رأسه أثناء الركوع لينظر أمامه، يعني لو خفض وطأطأ رأسه وما نظر إلى أمامه ترتب على ذلك الضرر عليه، وعلى كل حال النافلة مبناها على التيسير، وارتكبت فيها هذه المخالفات تجوز فيها تحصيلاً للأجر.
طالب:. . . . . . . . .
يكون متباعاً عن أنس شاهد هذا، شاهد شاهد، يعني حديث أنس جاء رفعه، لكن وقفه أرجح، وقفه في الصحيحين.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لا ما له علاقة بحديث ابن عمر هذا، يعني هو كيف؟ هذا يسمى شاهد؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، اختلاف هذا، نعم اختلاف في الوقف والرفع.
طالب:. . . . . . . . .
إيه إذا ثبت، يعني نحن ننظر في مخالفة الرفع والوقف، فإذا أثبتنا الرفع قلنا: إن هذا شاهد لحديث ابن عمر، قد يقول قائل: لماذا لا يترجح رواية الرفع ترجح رواية الرفع برواية ابن عمر؟ لا مانع من ترجيح الرفع لما يشهد له من حديث ابن عمر أبداً، بل هو فعل الصلاة على الدابة بلا شك، لكن هل هو على الحمار، على كل حال الاختلاف في رفعه ووقفه، وترجيح الرفع برواية ابن عمر وجه، وإلا هذا أصله اختلاف، ما يقال: إن هذا متابع، ما يقال: إن رواية الس. . . . . . . . . متابعة لما هنا لما في الصحيح من الموقوف، هذا اختلاف في الرفع والوقف فإذا أثبتنا الرفع قلنا: يشهد له حديث ابن عمر، ولا مانع من أن يرد الحديث مرفوعاً وموقوفاً، وأن يفعل الصحابي أو يقول قول يقفه على نفسه ويرويه عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ينشط فيرفع ويكسل فيقف، ما في مانع.
لكن الأئمة نظرهم أبعد من هذا، إذا حكموا على رواية بالوهم فنظرهم أبعد من هذه القواعد التي نسلكها، يحكمون بقرائن شيء ما ندركها.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو إذا أمكن استقبال القبلة هو الأولى إذا أمكن، إذا أدرك الوقت وهو نازل أفضل بلا شك؛ لأن هذا أكمل، لكن لو أوتر على الدابة؛ لأنه لا يدرك الوقت يكفي، أوتر النبي -عليه الصلاة والسلام- على الدابة.
طالب:. . . . . . . . .(24/16)
الصلاة على الراحلة؟ حاجة، الأكمل أن يصلي على الأرض، لكنها حاجة لبيان الجواز، والله الحجر على الصلاة على الراحلة في الحضر الأصل أن الراحلة مبناها على التيسير، فالقول بجوازه له وجه.
"باب: صلاة الضحى:
حدثني يحيى عن مالك عن موسى بن ميسرة عن أبي مرة مولى عقيل بن أبي طالب أن أم هانئ بنت أبي طالب -رضي الله عنها- أخبرته أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى عام الفتح ثماني ركعات ملتحفاً في ثوب واحد.
وحدثني عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله أن أبا مرة مولى عقيل بن أبي طالب أخبره أنه سمع أم هانئ بنت أبي طالب -رضي الله تعالى عنها- تقول: ذهبت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره بثوب، قالت: فسلمت عليه فقال: ((من هذه؟ )) فقلتُ: أم هانئ بنت أبي طالب، فقال: ((مرحباً بأم هانئ)) فلما فرغ من غسله قام فصلى ثماني ركعات ملتحفاً في ثوب واحد ثم انصرف، فقلت: يا رسول الله زعم ابن أمي علي أنه قاتل رجلاً أجرته فلان ابن هبيرة؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ)) قالت أم هانئ: وذلك ضحى.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي سبحة الضحى قط، وإني لأسبحها، وإن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليدع العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم.
وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أنها كانت تصلي الضحى ثماني ركعات ثم تقول: لو نشر لي أبواي ما تركتهن".(24/17)
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: صلاة الضحى" الضحى معروف من ارتفاع الشمس إلى الزوال هذا الضحى، وهو وقت صلاة الضحى، صلاة الضحى، وسبحة الضحى، نافلة الضحى هي الصلاة التي تقع في هذا الوقت مؤداة غير مقضية، بمعنى أنه لو صلى ركعتي الصبح التي فاتته في هذا الوقت ما صارت صلاة ضحى، هذه سبحة الصبح مقضية، ولو قضى وتره الذي فاته بالليل في هذا الوقت لما أغنى ولا أجزأ عن صلاة الضحى؛ لأن العبادات المؤداة لا تدخل في المقضية، فإذا صلى في هذا الوقت من ارتفاع الشمس إلى قرب الزوال إلى دخول وقت النهي حين يقوم قائم الظهيرة فقد صلى الضحى ركعتان أربع ركعات ست ركعات ثمان ركعات كلها صلاة ضحى، والصلاة المسماة بصلاة الإشراق هي صلاة الضحى؛ لأنها واقعة في هذا الوقت، وسواءٌ ثبت الأجر المعلق على البقاء في المصلى بعد صلاة الصبح أو لم يثبت وهو المتجه أنه حسن فهذه الصلاة صلاة الضحى التي يصليها من يمكث في مصلاه حتى ترتفع الشمس.
المكث في المصلى حتى تنتشر الشمس من فعله -عليه الصلاة والسلام- ثابت في الصحيح، لكن الأجر المرتب على ذلك هو محل الخلاف، وابن القيم -رحمه الله- لما شرح حال الأبرار في طريق الهجرتين قال: يمكث في مصلاه حتى يصلي ركعتين، ولما شرح حال المقربين قال: ينتظر حتى تنتشر الشمس فإن شاء صلى وإن شاء خرج من غير صلاة، أيهما أكمل الأبرار أو المقربين؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم المقربون أكمل، لماذا يقول: هؤلاء يصلون ركعتين قبل أن يخرج من المسجد وهؤلاء إن شاءوا صلوا وإن شاءوا لم يصلوا؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم الأبرار قد ينشغلون بدنياهم فينسون ركعتي الضحى، وأما المقربون فعملهم كله عبادة.
طالب:. . . . . . . . .
لا شيء، صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، إذا اشتد الحر، ومقتضى هذا أنهم يمكثون حتى ترمض الفصال، أو يصلون في هذا الوقت الذي رتب عليه الأجر ثم بعد ذلك يصلون حين ترمض الفصال، فإن صلوها مرتين أو مكثوا حتى ترمض الفصال فهو أكمل وأفضل.
طالب:. . . . . . . . .(24/18)
لا، هو إذا أراد أن لا يجمع بين الأمرين، إذا كانت المفاضلة بين الصلاة في مكانه الذي صلى فيه لا سيما إذا كان لا يرى ثبوت الأجر المرتب على ذلك يقال له: انتظر حتى ترمض الفصال، وإذا كان ثبوت الأجر فلا كلام، وإن كان يريد البقاء إلى أن ترمض الفصال فهو أكمل، وإن كان يريد أن يصلي في هذا الوقت وحين ترمض الفصال فهو أكمل.
طالب:. . . . . . . . .
صلاة الضحى سنة فعلها النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في حديث أم هانئ، وأوصى بها أبا هريرة وأبا ذر وأبا الدرداء، أوصى بها بعض الصحابة، وقال: إنهما تجزيان عن الصدقة على كل عضو من أعضاء الإنسان ((يصبح على سلامى كل أحدٍ منكم صدقة)) وعدد السلامى كم؟ المفاصل (360) كل واحد منها يحتاج إلى صدقة، ويجزي من ذلك ركعتان تركعهما من الضحى، وأوصى بها أبا هريرة وأبا ذر وأبا الدرداء صلاة الضحى، وصلاها كما تقول أم هانئ ثماني ركعات عام الفتح، على الخلاف بين أهل العلم هل هذه الثمان تسمى صلاة الفتح أو صلاة الضحى؟ ومع هذا كله لا مجال بالقول بأن صلاة الضحى ليست مشروعة، وإن قال بذلك بعض الصحابة أو بعض السلف؛ لأنه إذا ثبت المرفوع لا كلام لأحد.
يقول -رحمه الله تعالى-: "حدثني يحيى عن مالك عن موسى بن ميسرة -الديلي- عن أبي مرة -يزيد وقيل: عبد الرحمن- مولى عقيل بن أبي طالب" ويقال: مولى أمِّ هانئ "أن أم هانئ -مولاته فاختة- بنت أبي طالب -بن عبد المطلب ابنة عم النبي -عليه الصلاة والسلام- أخبرته أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى عام الفتح -بمكة سنة ثمان في رمضان- ثماني ركعات ملتحفاً في ثوب واحد" وسيأتي أن ذلك ضحىً، يعني في الحديث اللاحق: "وذلك ضحى" فالنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى ثماني ركعات، يسلم من كل ركعتين كما سيأتي.(24/19)
"وحدثني عن مالك عن أبي النضر -سالم بن أبي أمية- مولى عمر بن عبيد الله أن أبا مرة مولى -أم هانئ- عقيل بن أبي طالب أخبره أنه سمع أم هانئ بنت أبي طالب تقول: ذهبت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام الفتح فوجدته يغتسل -يغتسل حال- وفاطمة ابنته تستره -حالٌ ثانٍ- بثوب" المغتسل عليه أن يستتر "قالت: فسلمت عليه" قالت: السلام عليك يا رسول الله "فقال: من هذه؟ " هذا الاستفهام هل يلزم مثل هذا الاستفهام لرد السلام؟ لا يلزم الاستفهام لرد السلام، وإنما مثل هذا السؤال من أجل التنزيل تنزيل الإنسان منزلته؛ ليجاب بما يليق به، وإلا من سلم لا مندوحة ولا مفر من أن تقول: وعليك السلام ورحمة الله، وليس لك أن تنظر في هذا الشخص هل هو موافق أو مخالف؟ لا، نعم إذا شككت في إسلامه قل: وعليك، لكن لا بد من الرد، أما إذا كان مسلم: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى .. } [(94) سورة النساء] نعم، لا بد من الرد، البداءة بالسلام وهو سنة لك مندوحة فيما يغلب على ظنك أن هذا مسلم أو غير مسلم، أو هذا مبتدع أو غير مبتدع يمكن أن يردع ويهجر، البداءة بالسلام أمرها أخف من رد السلام، على أن البداءة بالسلام إذا كان الإنسان ظاهره الإسلام فقد جاء في الحديث: ((وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)) وبعض الناس يسول، تسول له نفسه وشيطانه يقول: لا الحق لي، خله هو يبدأ، أنا أكبر منه، أنا عمه، أنا خاله، خله هو اللي يبدأ، نقول: لا، القاعدة الشرعية: ((خيرهما الذي يبدأ بالسلام)) مع أنه من جهة أخرى الطرف الآخر مطالب بأن يبدأك، لكن إذا لم يبادر والخيرية للبادئ ابدأ أنت ولا يضيرك؛ لأن بعض الناس لا سيما من العامة تأخذه العزة بالإثم يقول: أنا خاله، أنا عمه، أنا أكبر منه، لا، لا الحق لي، خله هو اللي يسلم، نعم الصغير يسلم على الكبير لكن إذا قصر نرجع إلى القاعدة العامة: ((خيرهما الذي يبدأ بالسلام)) فله ما يخصه من النصوص، ولك ما يخصك من النصوص.(24/20)
"فقال: ((من هذه؟ )) فقلتُ: أم هانئ" ما قالت: أنا، جاء النهي عن ذلك، فمن سئل عن اسمه يخبر باسمه الصريح أو الكنية أو اللقب المفصح، المقصود أنه يخبر بوضوح "فقلتُ: أم هانئ بنت أبي طالب، فقال: ((مرحباً بأم هانئ)) ولم يذكر في شيء من الرواية أنه قال: وعليكِ السلام مرحباً بأمِّ هانئ، فأكثر أهل العلم يقولون: إنه رد السلام ولم ينقل للعلم به، رد السلام قال: وعليك السلام، لكنه لم ينقل للعلم به، امتثالاً للأمر {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [(86) سورة النساء] ومنهم من قال: إن كلمة مرحباً تغني عن رد السلام، ولم يذكر في رواية من الروايات أو في طريق من الطرق أنه رد السلام صراحة، لكن من رأى أن مرحباً لا تكفي قال: إنه رد السلام، ولم ينقل للعلم به، ويكفينا في ذلك النصوص الأخرى.
"فلما فرغ من غسله قام فصلى ثماني ركعات" في رواية ابن خزيمة: "يسلم من كل ركعتين"، "ملتحفاً في ثوب واحد" الصلاة في الثوب الواحد الساتر كافي يستر العورة ويستر المنكب يكفي، والصلاة في الثوبين أكمل، ولما سئل عن الصلاة في الثوبين قال: ((أو لكلكم ثوبان؟ )) لأن بعض الناس لا يجد إلا ثوب واحد، والصلاة في الثوب الواحد ويستر العورة والمنكب كاملة، بعض الصحابة كأبي هريرة وجابر صلوا في ثوب واحد والثياب على المشجب.
"ملتحفاً في ثوبٍ واحد، ثم انصرف من صلاته، فقلت: يا رسول الله زعم ابن أمي علي"، زعم ابن أمي علي، طيب، زعم ابن أمي شقيقٌ وإلا أخ لأم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش الدليل على هذا؟ أنها أم هانئ بنت أبي طالب وهو علي بن أبي طالب فهذا معلوم أنها أختٌ له من أبيه، وفي قولها: زعم ابن أمي هي أختٌ له من أمه فهو شقيقٌ لها "أنه قاتلٌ رجلاً" إعراب رجلاً؟
طالب:. . . . . . . . .
لأي شيء؟ لاسم الفاعل، مفعول به لاسم الفاعل، يجوز أن نقول: إنه قاتلُ رجلٍ يجوز؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم قاتلُ رجلٍ يصح وإلا ما يصح؟ يصح، وأيهما أرجح؟ {إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا} [(45) سورة النازعات] ويجوز الوجهان على كل حال، والأفضل يختلف بحسب دلالة اسم الفاعل على الحال أو الاستقبال.(24/21)
"زعم بأنه قاتلٌ رجلاً أجرته" زعم ابن أمي علي لبيان الشفقة؛ لأنهما يشتركان في هذه الجهة المشفقة، ومع ذلك يريد أن يقتل من أجرته، ناسياً هذه الشفقة وهذه المودة التي بيننا، تستثيره بهذا، أجارته يعني أمنته "فلان بن هبيرة" هبيرة هو إيش؟ هبيرة زوجها وفلان بن هبيرة من أولاد هبيرة ابن زوجها، مع أن المحفوظ أنه ليس لزوجها ولدٌ من غيرها، إذاً يكون من أولادها، كأن الشراح ما ارتاحوا إلى أن يكونوا من أولادها، كلام الشراح كثير في هذا، حتى أن بعضهم قدر فلان ابن عم هبيرة، وعلى كل حال هذا لا يعيننا تعينه بقدر ما يعنينا قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((قد أجرنا من أجرتِ يا أمَّ هانئ)).
طالب:. . . . . . . . .
لا أبدوا وجوه من الكلام، وجاءت روايات أنها أجارت حموين لها، وأجارت، بعيد .... تبع الروايات الأخرى.
((قد أجرنا من أجرتِ يا أمَّ هانئ)) قالت: أم هانئ: وذلك ضحى" في الحديث جواز أمان المرأة، وبهذا قال الأئمة الأربعة.
طالب:. . . . . . . . .
يعني بالتبني يعني متبنيه ابنه بالتبني، وهو في الأصل ابن أخيه أو ابن عمه مثلاً، على كل حال كلام الشراح كثير، وهذا لا يعنينا ولا أثر له، لا أثر له في متن الحديث الذي يثبت صلاة الضحى.
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي سبحة الضحى -أي نافلة الضحى صلاة الضحى- قط"، "ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي سبحة الضحى قط، وإني لأسبحها" في رواية: "لأستحبها" في رواية .. ، يقول الشراح: إن رواية يحيى: "لأستحبها" ورواه غيره: "لأسبحها" وهو رواية الصحيح "لأسبحها".(24/22)
وجاء عن عائشة نفي بعض الأمور عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ونفيها على حد علمها -رضي الله عنها وأرضاها-، ولعل ما نفته وأثبته غيرها مما لا يتصور غيبتها عنه لأنها زوجته، وهي في آخر أيامه لها يومان من التسعة، فإذا نفت في مثل -عليه الصلاة والسلام- من فعله، أو نفت صيام العشر نقول: لعلها أخبرت بذلك بعد زمنٍ طويل؛ لأنها عمرت بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- ما يقرب من نصف قرن فنسيت وحفظ غيرها، نسيت وحفظ غيرها.
"ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي سبحة الضحى قط، وإني لأسبحها، وإن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليدع العمل -يعني يترك العمل- وهو يحب أن يعمله خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم" قد يقول قائل: حث النبي -عليه الصلاة والسلام- وبين فضل العمرة في رمضان وما اعتمر في رمضان، وبين فضل صيام داود وهو ما فعل -عليه الصلاة والسلام- جوابه هنا: "وإن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليدع العمل -يترك العمل- وهو يحب أن يعمله خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم" الآن عائشة تخشى أن تفرض صلاة الضحى، وهناك خشية من أن تفرض صلاة قيام رمضان جماعة؛ لأنه تركها خشية أن تفرض عليهم، هذه الخشية ما هذه الخشية مع ما ثبت في حديث الإسراء من قوله تعالى في الحديث القدسي: ((هن خمسٌ وهن خمسون، لا يبدل القول لدي)) يعني لا تزيد على الخمس فما معنى هذه الخشية؟ فإذا أمن التبديل بالزيادة أو بالنقص فكيف يقع الخوف من الزيادة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(24/23)
ليست بمنزلة الصلوات الخمس، وهذا جواب من يوجب الوتر وصلاة العيد بدليل أن الإنسان قد يوجب على نفسه شيء فيلزمه، ينذر أن يصلي فيقال له: إن الصلاة ليست بواجبة بالنذر؛ لأن الصلوات خمس، وجاء في حديث الأعرابي: "هل علي غيرها؟ قال: ((لا، إلا أن تطوع)) هذا إخبار عن الواقع، على كل حال هذا من خشيته وشفقته -عليه الصلاة والسلام- على أمته، وهذا أيضاً يستشف منه المبالغة في هذه الشفقة حتى خشي على أمته أن تكلف بما أمن منه -عليه الصلاة والسلام- ظاهر؟ عليه الصلاة والسلام، خشي -عليه الصلاة والسلام- شفقةً على أمته أن يفرض عليهم ما أمن من فرضه، وهذا من تمام شفقته -عليه الصلاة والسلام-، والحديث مخرجٌ في الصحيحين.
يقول: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عائشة -رضي الله عنها- أنها كانت تصلي الضحى ثماني ركعات ثم تقول: لو نشر لي أبواي" تصلي الضحى ثمان ركعات عائشة -رضي الله عنها-، مستندها في هذا العدد ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهناك تقول: "ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي سبحة الضحى" نعم هي ما رأت، لكنها بلغها أنه صلى الضحى ثماني ركعات.
"لو نشر لي أبواي" يعني أحيي أبواها بعد أن ماتا، وهما أبو بكر -رضي الله عنه- الصديق أفضل هذه الأمة بعد نبيها، وأمها أم رومان "ما تركتهن"، "لو نشر لي أبواي ما تركتهن" هذا مبالغة في المحافظة على هذه الصلاة، أسلوب المبالغة مطروق "لو نشر لي أبواي" أحياناً يقول الإنسان: لو تنزل السماء على الأرض مبالغة يبالغ ويريد بذلك لزوم هذا العمل مهما كلفه من مشقة، مهما خرقت له به العادة.
الحاكم روى عن عقبة بن عامر قال: "أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نصلي الضحى بسورٍ منها: والشمس وضحاها، والضحى" مناسبة السورتين للوقت وضحاها والضحى، ظاهرة جداً المناسبة، لكن يبقى النظر في ثبوت الخبر "أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نصلي الضحى بسورٍ منها: والشمس وضحاها والضحى" أحد يعرف عنه شيء؟
طالب:. . . . . . . . .
سكت عنه الحافظ، ما أحد بحثه على وجه الخصوص؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب جزاك الله خيراً.
إذا أعطى المسلم والمسلمون يسعى بذمتهم أدناهم العهد ... ؟(24/24)
إذا كان الحق لله -جل وعلا- في غير حقوق العباد، أما إذا أجير الإنسان في حقوق العباد ما ينفع، لا بد من أخذها منه مهما كلف الأمر، أما إذا كان في حقٍ من حقوق الله وأجير ما لم يترتب على ذلك تعطيل للحدود، ورأى الإمام الإجارة، ولم يرَ أن الاقتصاص من هذا الشخص متعين؛ لأنه أحياناً يفسد في الأرض ثم يستجير، يفسد في الأرض ويلجأ إلى الحرم.
النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((قد أجرنا من أجرتِ يا أمَّ هانئ)) إذا كان الحق الذي عليه لله -جل وعلا- يعمل بهذه الإجارة، أما حقوق العباد لو قتل شخص واستجار بك يعفى؟ ما يعفى حقوق العباد لا، لو سرق ولجأ إلى شخص فأجاره تترك هذه السرقة ويعطل الحد من أجله؟ لا.
طالب:. . . . . . . . .
إجارة الكافر إذا .. ، لكن لو استجار جمعٌ كبير من الكفار بشخص من المسلمين فأجارهم، وهم محاربون إيش حكم إجارتهم؟ على كل حال المسألة إذا لم يترتب فيها حق من حقوق العباد المبنية على المشاحة فلا مانع من الإجارة.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال ثبتت من فعله -عليه الصلاة والسلام-، وحث عليها، وبين ما يدل على الدوام عليها، ذكر ما يدل .. ، لأنه يصبح، في أحد يمكن يصبح ويمكن ما يصبح يصلي ضحى؟ ((يصبح على كل سلامى أحدٍ منكم صدقة)) يعني كل يوم، مقتضاه أنها كل يوم.
"باب: جامع سبحة الضحى:
حدثني يحيى عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- أن جدته مليكة -رضي الله تعالى عنها- دعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لطعام فأكل منه، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قوموا فلأصلى لكم)) قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد أسود من طول ما لبس فنضحته بماء، فقام عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا، فصلى لنا ركعتين ثم انصرف.
وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه قال: دخلت على عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- بالهاجرة فوجدته يسبح فقمت وراءه فقربني حتى جعلني حذاءه عن يمينه، فلما جاء يرفأ تأخرت فصففنا وراءه".
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: جامع سبحة الضحى"(24/25)
"حدثني يحيى عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة -زيد بن سهل الأنصاري- عن أنس بن مالك أن جدته" جدة من؟ يقولون: إنه يعود على إسحاق جزم به ابن عبد البر وعياض وصححه النووي، وجزم ابن سعد بأنها جدة أنس، وهو ظاهر السياق أن الضمير يعود إلى أقرب مذكور، وإذا قلنا: إنها جدة أنس كانت أيضاً جدةً لإسحاق، مليكة دعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لطعام أي لأجله صنعته للنبي -عليه الصلاة والسلام-، فأكل منه، في رواية: "ثم دعا بوضوء فتوضأ"، "ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((قوموا فلأصلى لكم)) " أي لأجلكم، هنا أكل ثم توضأ ثم صلى، يعني الصلاة بعد الأكل، هنا قدم الأكل على الصلاة، وفي حديث عتبان في قصة عتبان بدأ بالصلاة قبل الطعام، بدأ -عليه الصلاة والسلام- بما دُعي له، هنا دُعي لطعام فبدأ بالطعام ثم صلى، وهناك دعي للصلاة فبدأ بالصلاة ثم أكل -عليه الصلاة والسلام-.
"قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد أسود من طول ما لبس" يعني من كثرة الاستعمال، ولبس كل شيء بحسبه، لبس الفرش بافتراشه، لبس الثوب باستعماله، لبس الآلات باستعمالها، جاب سيارة قديمة يقول لك: هذه تعبانة منتهية من كثرة ما لبست، فلبس كل شيء بحسبه "فنضحته" معلوم أن هذا للنظافة لا للنجاسة، "فنضحته بماء" فقد يقول قائل: إن هذا الذي طال استعماله واسود من طول ما لبس هل نضح هذا ما ينفعه، قد يكون بدون نضح أولى، لكنه نضح يحقق الهدف من النضح؛ لأنه منهم من قال: إن هذا النضح من أجل أن يلين، وإلا لو كان أسود من طول ما لبس مجرد النضح الذي هو الرش ما يكفي يزيد، وينقل هذا السواد من مكان إلى مكان.(24/26)
"فنضحته بماءٍ، فقام عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني يصلي "وصففت أنا واليتيم وراءه" أنا واليتيم من اليتيم؟ أخوه ولد لأبي طلحة "وصففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا" العجوز من هي؟ مليكة، العجوز من ورائنا في هذا صحة مصافة الصبي؛ لأن اليتيم لم يبلغ سن التكليف، إذ لو بلغ سن التكليف ما سُمي يتيم، لأنه لا يُتم بعد احتلام، فمصافة الصبي صحيحة، ومن هذا الحديث أيضاً صحة صلاة المرأة خلف الصف وإن كانت وحدها، وأما ما ثبت من حديث: ((لا صلاة لمنفردٍ خلف الصف)) هذا خاصٌ بالرجال الذين تلزمهم الجماعة، أما هذه المرأة في الأصل لا يلزمها جماعة فهي سواءً صفت بمفردها أو معها نساء لا يختلف.
"والعجوز من ورائنا، فصلى لنا ركعتين" قوله: صلى لنا يعني صلى بنا ركعتين "ثم انصرف".
هل نحن بحاجة إلى أن نقول: في الحديث جواز الصلاة على الحصير كما قاله أهل العلم؟ جواز الصلاة على الحصير، الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- ترجم: "باب: الصلاة على الحصير" يحتاج إلى ترجمة؟ كره الصلاة على الحصير، يقول الحافظ: النكتة في ترجمة الباب "باب: الصلاة على الحصير" الإشارة إلى ما رواه ابن أبي شيبة وغيره من طريق شريح بن هانئ أنه سأل عائشة: أكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي على الحصير والله يقول: {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} [(8) سورة الإسراء]؟ فقالت: لم يكن يصلي على الحصير، فالبخاري -رحمه الله- أراد بهذه الترجمة أن مثل هذا الخبر لا يثبت، وأنه لا أثر لكون جهنم حصير فعيل، حصير بمعنى اسم الفاعل وإلا اسم المفعول؟ يعني محصورة وإلا حاصرة؟ فعيل بمعنى مفعول أو بمعنى فاعل؟ قتيل بمعنى مقتول، جريح بمعنى مجروح {لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} [(8) سورة الإسراء] ما هي لنفسها، نحن عندنا جهنم الآن هل هي حصير بمعنى حاصرة؟ حاصرة لمن يدخلها مانعةٌ له من الخروج منها؟ أو هي محصورة ومحددة؟ يعني هل يمكن أن نقول: إن حصير هنا بمعنى اسم الفاعل واسم المفعول باعتبارين، فنستعمل اللفظ الواحد في معنييه، أو لا بد أن نرجح أحد المعنيين؟
طالب:. . . . . . . . .(24/27)
لا، هو إذا نظرنا باعتبار أصل المادة كل مادة يجتمع فيها هذا وهذا أصل المادة، تأتي حاصرة وتأتي محصورة، لكن إذا نظرنا وربطناها بما جعلت له {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ} [(8) سورة الإسراء] هل تحتمل معنيين؟ واحد، لا بد من معنى واحد، استعمال اللفظ في معنييه لا يجيزه جمهور أهل العلم، يجوز عند الشافعية لكنه لا يجوز عند الجمهور.
"فصلى لنا ركعتين ثم انصرف -عليه الصلاة والسلام-" وهذا من حسن خلقه وتواضعه -عليه الصلاة والسلام- تدعوه امرأة عجوز يجيب الدعوة، الآن لو يدعى شخص من أوساط الناس فضلاً عن الملأ والأعيان وغيرهم، يدعوه شخص أقل منه في المنزلة قد يستنكف عن إجابة دعوته، قد يستنكف، والنبي -عليه الصلاة والسلام- تدعوه المرأة، ويدعوه الصغير، ويدعوه القريب، ويدعوه البعيد ويجيب الدعوة -عليه الصلاة والسلام-.
طالب:. . . . . . . . .
هي باعتبار أنها مجعولة للكفار بهذا الاعتبار حاصرة لهم، حاصرة.
يقول -رحمه الله تعالى-: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة -بن مسعود- أنه قال: دخلت على عمر بن الخطاب بالهاجرة" وهو في موضع لا يعتاد فيه الاستئذان، أو بعد الإذن "بالهاجرة -يعني وقت الحر- فوجدته يسبح أي يتنفل- فقمت وراءه" قام وراءه صف واحد، وراء المصلي، وموقف الواحد عن يمين الإمام لا وراءه "فقربني حتى جعلني حذاءه" يعني إزاءه في مصافته سواءً بسواء، وهذا هو اختيار الأكثر، والشافعية عندهم أنه لا بد أن يتقدم الإمام على المأموم بمقدار ما يتميز به المأموم عن الإمام "حتى جعلني حذاءه عن يمينه" لأن مقام الواحد عن يمين الإمام "فلما جاء يرفا -وهو حاجب عمر- تأخرت" وعلى هذا الذي يصاف الإمام إذا كان وحده وصف عن يمين الإمام ثم جاء ثاني يتأخر المأموم أو يتقدم الإمام، يتأخر المأموم أو يتقدم الإمام، فيقول: "فصففنا وراءه" يعني وقفنا خلفه خلف عمر -رضي الله عنه وأرضاه-.(24/28)
مسألة: وهي تبعاً لكون المأموم عن يمين الإمام وهي واقعة ومسؤول عنها، أظنها عرضت مراراً في الدروس، لكن لا مانع من ذكرها، اثنان يصليان إمام ومأموم فدخل شخص مسبوق ودفع المأموم وتقدم وصلى بهم، دفع الإيمن وكمل الصلاة هذا وصف، صف هذا جنبه، هذه صورة لها حكم، لكن لو اثنين يصليان ودخل ثالث فتقدمهم وصار إماماً لهم، هذه ما وقعت، لكن لو وقعت، ما يستغرب أن يقع مثل هذه الأمور أبداً، ما يستغرب إطلاقاً، يعني هذا الشخص الذي دخل ودفع المأموم وتقدم المأموم ما خالف وافق على طول وكمل الصلاة، والإمام صار مأموم، يعني مثل هذه الصور مع الجهل يعني كون الإمام ينقلب إلى مأموم في صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد أن شرع أبو بكر الصلاة بالناس، إمام أبو بكر صار مأموم فيما بعد، والعكس المأموم يصير إمام في مسألة الاستخلاف يجوز، لكن الصورة الثانية جاء شخص مسبوق يمكن أنه ما أدرك إلا الركعة الأخيرة فتقدم وكمل، جاء وتقدم عليهم أو متأول يقول: أنا أقرأ وهم ولا يمكون يصلون بي، قد يتصور مثل هذا، له ميزة عليهم فجاء وتقدم وصلى بهم، يعني الأصل كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- لما سبق في تبوك صلى خلف عبد الرحمن بن عوف وقضى ركعة التي فاتته، تصحح صلاته وإلا ما تصحح؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هم ما هم زايدين، ذا كملوا ركعتين ينوون الانفراد ...
طالب:. . . . . . . . .
أبد يطاوعون ما يخالفون الناس.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ترى أمور الناس .. ، كثير الناس في أمور الدين سمح، يعني سهل يؤثر وسهل يعني ... ، ولذلك بعض الناس يجي والصف الأول فيه أماكن شاغرة فيجلس في آخر المسجد، لكن لو تقول له:. . . . . . . . . عند خباز أقل الأحوال تقول له: اجلس آخر الناس ما رضي، يعني هل تنفك. . . . . . . . .، هل هناك ارتباط بين المأموم والإمام في صلاته؟ نعم.
طالب:. . . . . . . . .
لا هم يقولون تابعوه فيما بقي لهم من صلاتهم، إيه ينوون الانفراد هم زايدين على الصلاة المفروضة.
طالب:. . . . . . . . .(24/29)
هذا الشخص الذي تقدم وصلى بهم هو لا شك إن تابعوه في جميع صلاته صلاتهم باطلة هذا لا إشكال فيه، لكن إن لم يتابعوه صلى بهم ركعة ونووا الانفراد وسلموا، أو جاءهم ما فات ركعات، أنا أقول: انتقال الإمام إلى مأموم أو العكس له أصله.
طالب:. . . . . . . . .
أبو بكر شرع قبل النبي -عليه الصلاة والسلام- ما في أدنى خصوصية، ترى بعض المذاهب ما يصحح الصلاة مع الافتئات على الإمام، واحد من القضاة دخل فإذا الصلاة قد أقيمت وهو الإمام الراتب انتظر حتى سلموا، قال: يالله صلوا، أعيدوا، أعيدوا الصلاة، لكن مثل هذا لو دخل من خارج المحراب وأخر الإمام وصلى بهم، يعني مثل هذا له وجه، هو الإمام الراتب و ...
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو الكلام على أن المسألة مفترضة ومسألة واقعة وانتهت، ومع الجهل يمكن تصحح، لكن يبقى أن الصلاة المحافظة عليها على هيئتها والاتباع فيها هو الأصل، الاتباع فيها هو الأصل، ولا يترك التلاعب إلى هذا الحد في الصلاة، لا يترك المجال للمتلاعب أن يتلاعب إلى هذا الحد في الصلاة، يعني المسألة لو أمروا بالإعادة من باب التأديب والتعليم له وجه.
سم.
"باب: التشديد في أن يمر أحدٌ بين يدي المصلي:
حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحداً يمر بين يديه، وليدرأه ما استطاع، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان)).
وحدثني عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن بسر بن سعيد أن زيد بن خالد الجهني أرسله إلى أبي جهيم يسأله: ماذا سمع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المار بين يدي المصلي؟ فقال أبو جهيم: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه)).
قال أبو النضر: لا أدري أقال: أربعين يوماً أو شهراً أو سنة؟
وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن كعب الأحبار قال: لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يخسف به خيراً له من أن يمر بين يديه.(24/30)
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يكره أن يمر بين أيدي النساء وهن يصلين.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- كان لا يمر بين يدي أحد ولا يدع أحداً يمر بين يديه".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: التشديد في أن يمر أحدٌ بين يدي المصلي" يعني بينه وبين سترته تشديد لما جاء في ذلك من الوعيد، كما في الأحاديث الصحيحة: ((لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين)) يعني بدلاً من أن ينتظر خمس دقائق كان أن يقف أربعين من شدة ما رتب على ذلك من الإثم ((أربعين خريفاً)) في بعض الروايات، في خبر كعب: "لكان أن يخسف به" هذا تشديد في أن يمر بين يدي المصلي.(24/31)
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم -العدوي- عن عبد الرحمن بن أبي سعيد -سعد بن مالك- الخدري -الأنصاري الخزرجي- عن أبيه -أبي سعيد- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا كان أحدكم يصلي)) في رواية: ((إلى شيء يستره)) في رواية: ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحدٌ أن يجتاز فليدفعه)) هنا يقول: ((إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحداً يمر بين يديه، وليدرأه ما استطاع)) إذا كان أحدكم يصلي هذه الرواية تدل على أنه يستوي في ذلك من اتخذ السترة ومن صلى إلى غير سترة ((فلا يدع أحد يمر بين يديه)) لكن تبين ذلك الروايات الأخرى: ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحدٌ أنه يجتاز بين يديه فليدفعه)) يعني لا يتركه يمر بينه وبين سترته، فإذا لم يتخذ سترة مفهوم الحديث أنه ليس له أن يدفعه، وليس له أن يدرأ، لكن المار بين يديه مخاطب بنصوص أخرى؛ لأن كلاً من المصلي والمار له ما يخصه من النصوص، المصلي يستتر، والجمهور على أن اتخاذ السترة سنة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بمنىً إلى غير جدار، يقول الشافعي وغيره: يعني إلى غير سترة، وهي مروية عن ابن عباس، فالجماهير على أن اتخاذ السترة سنة، فالمصلي مخاطب باتخاذ السترة، وقال بعضهم بوجوبها ((ليستتر أحدكم ولو بسهم)) هذا بالنسبة للمصلي فإذا صلى إلى غير سترة إذا صلى إلى سترة لا يجوز لأحدٍ أن يمر بين يديه، وعليه أن يدفع من أراد أن يجتاز بينه وبين سترته.(24/32)
لكن إذا صلى إلى غير سترة هنا يقول: ((إذا أحدكم يصلي فلا يدع أحداً يمر)) يعني سواءً استتر أو لم يستتر، لكن هذا مقيد بما في الروايات الصحيحة التي فيها التصريح بالاستتار، إذا لم يستتر المصلي فالمار بين يديه مأمور بأن لا يمر، منهيٌ عن المرور بين يديه، وهذا ما يخصه من النصوص ((إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحداً يمر بين يديه)) لا يترك أحد يمر بين يديه وعبر باليدان لكونه أكثر الشغل إنما يكون باليدين، لا يدع أحد يمر أمامه بالقرب منه، فإن استتر فما وراء السترة لا بأس به، ويبقى ما دونه هو محل الدفع، وإذا لم يستتر فليس له أن يدفع، إنما إذا أشار إشارة لا تضر بصلاته؛ لأنه فرط في الأمر باتخاذ السترة، كما دلت على ذلك الروايات الأخرى، وليس للمار أن يمر بين يديه بالقرب منه ولو لم يستتر.
((فلا يدع أحداً يمر بين يديه، وليدرأه ما استطاع)) يدفعه حسب استطاعته بالإشارة ولطيف العبارة، يعني بالإشارة المفهمة إلى أنه لا ينبغي أن يمر بين يديه ((فإن أبى فليقاتله)) يزيد في دفعه الأسهل فالأسهل، ثم بعد ذلك إن احتاج إلى الأشد فعل يدفعه إن لم يندفع إلا بقوة دفعه بقوة، حتى قال بعض أهل العلم: إنه لو مات من هذا الدفع دمه هدر، وليس معنى هذا أن يتخذ الإنسان السلاح يتوشح بسيف من مر بين يديه قاتله بالسيف أو بمسدس لا، لا، هذا ينافي مقتضى الصلاة، إنما يدفعه بالأسهل فالأسهل، إن أصر على المرور بين يديه مع هذا الدفع لا شك أنه ليست له حرمة؛ لأنه شيطان يريد أن يفسد عليه صلاته، فالإجماع قائم على أنه لا يجوز المقاتلة بالسلاح، وزعم بعضهم أن قوله: ((فإن أبى فليقاتله)) معناه بالسب والشتم واللعن، قال بعضهم، قاتل الله فلاناً، قاتل الله اليهود والنصارى يعني لعن، فالمقاتلة من هذا الباب، وهذا القول لا شيء كيف يسبه وهو في صلاته؟ كيف يلعنه وهو في صلاته؟ إذا كان ممنوع من الكلام المباح فكيف بالفحش والمحرم من الكلام؟! هذا كلام ليس بصحيح {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} [(10) سورة الذاريات] يعني لعنوا، فهم يريدون أن يكون من هذا الباب.(24/33)
بعض المالكية لهم تفاصيل بعض المالكية يفصلون حول هذا الموضوع، ويجعلون الإثم على المفرط من المصلي أو المار، إذا استتر المصلي وللمار مندوحة يعني له طريق آخر فمر بين يديه فالإثم على المار والمصلي لا إثم عليه، إذا لم يستتر المصلي والمار ليست له مندوحة فالإثم على المصلي، إذا استتر المصلي والمار ليست له مندوحة من هذا الطريق فلا إثم عليهما، إذا لم يستتر المصلي والمار له مندوحة وهناك طريق آخر يمكن أن يسلكه فالإثم عليهما، هذا التفصيل يذكره بعض المالكية.
لكن في حديث أبي سعيد في الصحيح وهو يصلي إلى سترة فجاء شابٌ من بني أبي معيط فأراد أن يجتاز فدفعه أبو سعيد، فنظر فلم يجد مساغاً لم يجد طريقاً يسلكه فدفعه أبو سعيد، هذا الحديث يرد هذا التفصيل وأورد الحديث، فدل على أن هذا الإثم المذكور، وهذه المدافعة، وهذه المقاتلة، والوصف بأنه شيطان مع كونه لم يجد مساغاً، فهذا التقسيم لا يوجد ما يدعمه ولا يشهد له.
وهو لو تقدم المصلي إلى سترته ومر من خلفه كان أولى؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- تقدم للسترة لو فعل لك فمر دونها لا بأس، المقصود أنه لا يمر بين المصلي وبين سترته.
((فإنما هو شيطان)) أي فعله فعل الشيطان، ولا يمنع أن يراد به حقيقة الشيطان، وفي هذا الحال يكون من شياطين الإنس، وكما أنه في الجن شياطين أيضاً في الإنس شياطين {شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ} [(112) سورة الأنعام] فهو منهم الذي يريد أن يفسد الصلاة على المصلي.
طالب:. . . . . . . . .(24/34)
نعم، الحد الذي هو بين يدي المصلي عند أهل العلم يقدر بثلاثة أذرع، فإذا اجتاز من وراء ثلاثة أذرع لا يضر، الأمر الثاني: أن المشقة تجلب التيسير، إذا وجد في أماكن زحام شديدة في الحرمين في مواسم، ولم يستطع رد الناس لكثرتهم المشقة تجلب التيسير، ولذا صلى النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى غير سترة؛ لأنه صلاته إلى سترة توقع الناس في حرج، وتقدر في حال القيام لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما أراد أن يتجاز تقدم حتى صار بينه وبين سترته ممر الشاة، وهم يقدرون ثلاثة الأذرع، فإن قلنا: إنه في حال القيام ممر الشاة وفي حال السجود موضع ثلاثة أذرع كان العكس أولى؛ لأنه يبعد من موضع سجوده ثلاثة أذرع معناه يحتاج إلى أكثر من أربعة أذرع من موضعه، فلعله من موضع قيامه من قدميه ثلاثة أذرع من قدميه.
طالب:. . . . . . . . .
وتخطي الرقاب لا يجوز، لا شك أن هذا امتهان وهذا تعدي، وتخطي الرقاب لا يجوز، نعم جاء في الجمعة التشديد في ذلك، لكن هو في الجملة امتهان للمسلم من غير مبرر، نعم إذا وجد فرجة وأراد أن يصلها من غير أن يؤذي أحداً لا بأس، نعم بعض الناس بقصد أو بغير قصد يؤذي الناس في الصلاة في مكان الطواف وفي مواضع الزحام، هذا لا حرمة له، لا ينتظر حتى يسلم مثل هذا لا ينتظر حتى يسلم.
طالب:. . . . . . . . .
نعم والخط ((إذا صلى أحدكم فلينصب شيء يستره)) يضع عصا ((فإن لم يجد فليخط خطاً)) هذا الحديث مخرج في السنن، وأورده ابن الصلاح -رحمه الله- مثالاً للمضطرب، مثال للمضطرب، والمضطرب من قسم الضعيف، وإن حاول ابن حجر أن ينفي عنه الاضطراب، ويحكم عليه بالحسن، واستدل به الشافعية والحنابلة على أن الخط يكفي، الخط يكفي، ولا شك أنه إذا لم يوجد غيره فيرجى به، أما إذا وجد غيره فلا يكفي.
طالب:. . . . . . . . .(24/35)
إيه النساء أولى بالرد، النساء أولى بالرد؛ لأنه هو المنصوص على أنهن يقطعن الصلاة، لا هو المشقة تجلب التيسير، كونه يصلي والناس يطوفون بين يديه فيهم الرجال وفيهم النساء دل على أن هذا الأمر إذا ترتب عليه مشقة شديدة ودفع الناس فيه أذية لهم وله أمر يتسع -إن شاء الله-، وطرف السجادة حكمها حكم الخط إذا لم يوجد غيره يرجى أن يكفي على أن الحديث قابل للتحسين، وإذا وجد غيره فلا بد أن يكون شاخصاً ماثل بين يديه، مثل مؤخرة الرحل.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما يلزم الخط فيه نزول ما فيه بروز، الخط في الرمل فيه بروز وإلا نزول؟ لا، لا، المقصود أن حكم هذه حكم هذه.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، إذا وجد فيها خط من الأصل، إذا وجد فيها خط من الأصل يكفي، عند القول بأن حديث الخط يصلح للاحتجاج.
طالب:. . . . . . . . .
لا، الحذاء لا ينبغي أن يكون في قبلة المصلي، ينبغي أن يكون عن يساره أو بين قدميه، لا ينبغي أن يكون في قبلة المصلي.
طالب:. . . . . . . . .
هذا الأصل أن تكون مثل مؤخرة الرحل، لها شيء يَشخص مرتفع، لكن إذا لم يوجد إلا الخط أو حكم الخط طرف السجادة مثلاً، وقلنا: بأن حديث الخط يصلح للاحتجاج، وأمكن ترجيح بعض طرقه على بعض كما قال الحافظ ابن حجر، وانتفى عنه الاضطراب يصلح؛ لأن المار يعرف أنك ما دامك تصلي إلى سجادة فيمر من ورائها.
على كل حال ما يقوم مقامه من طرف السجادة كافي، ومثله لو قصد هذا الخط يكفيه، وله أن يدفع من أراد أن يجتاز دونه.
طالب:. . . . . . . . .
إذا صلى إلى حائط أو إلى عمود سارية، جاء في الحديث عند أبي داود وغيره: أن لا يصمد إلى هذه السترة يجعلها عن يمينه أو عن شماله، لكن الحديث ضعيف، فيه ثلاثة علل، لا يثبت به حجة.
يقول: هل يختلف التعامل مع الكافر أو المشرك أو الكتابي؟
الكافر والمشرك .. ، الكتابي من يدفع الجزية، ويقر على البقاء بالجزية، والكافر والمشرك إن لم يكن معاهداً أو مستأمناً فهو حربي.
يقول بالنسبة للخروج للبراري هل يكون الثمانين كيلو ضابطاً للقصر والجمع ولو كان سيرجع من يومه؟
عند الجمهور نعم.
يقول: إذا خلع الرجل خفيه بعد أن مسح عليهما هل يكون لا زال على أصل الوضوء؟(24/36)
لا؛ لأنه ليس متوضئاً وضوءاً شرعياً، هو الآن باقي على طهارة ناقصة، يعني هو بقدمٍ لا مغسولة ولا ممسوحة، يعني كمن توضأ وضوءاً ونسي غسل رجليه.
يقول: ما هو الراجح في التيمم من تراب أم بغيره؟ وما هو غير التراب؟
كل ما على وجه الأرض يجوز التيمم به.
هل الجدار يعتبر من الصعيد؟
نعم إذا كان فيه غبار يعلق باليد إذا ضرب، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(24/37)
الموطأ – كتاب قصر الصلاة في السفر (3)
شرح: باب: الرخصة في المرور بين يدي المصلي، وباب: سترة المصلي في السفر، وباب: مسح الحصباء في الصلاة، وباب: ما جاء في تسوية الصفوف، وباب: وضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة، وباب: القنوت في الصبح، وباب: النهي عن الصلاة والإنسان يريد حاجته، وباب: انتظار الصلاة والمشي إليها.
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
يقول: "وحدثني عن مالك عن أبي النضر -سالم بن أبي أمية- مولى عمر بن عبيد الله عن بسر بن سعيد أن زيد بن خالد الجهني أرسله إلى أبي جهيم" بن الحارث بن الصمة، في بعض الروايات العكس أبو جهيم أرسل بسر بن سعيد إلى زيد بن خالد "يسأله ماذا سمع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المار بين يدي المصلي؟ " يعني أمامه بالقربٍ منه "فقال أبو جهيم: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لو يعلم المار بين يدي المصلي -يعني بالقرب منه- ماذا عليه)) في رواية الكشميهني في صحيح البخاري: ((من الإثم)) وانتقد الحافظ -رحمه الله- انتقد الحافظ ابن حجر صاحب العمدة حينما أدخل هذه اللفظة في الحديث ونسبه إلى الصحيحين، هو لا يوجد إلا من رواية الكشميهني هذه، وهذه الزيادة التي لا توجد في شيء من الروايات وأدخلها الحافظ عبد الغني في العمدة، وانتقده الحافظ ابن حجر، ووقع فيما انتقده فيه في البلوغ أدخلها، أدخلها في البلوغ: ((من الإثم)) وقال: متفق عليه.(25/1)
الانتقاد إذا كان مع الأدب، والمراد منه بيان الحق أمر مطلوب، ولا يعني هذا أن الإنسان الذي ينتقد غيره ليترفع عليهم ويتعالم، ويظهر نفسه، أو يريد الحق من الآخرين، لا، له أن ينتقد لكن يستصحب الإخلاص في ذلك، وأن مراده من ذلك بيان الحق، وأنه كلٌ يؤخذ من قوله ويترك إلا المعصوم -عليه الصلاة والسلام-، لكن إذا صحب ذلك ازدراء المنتقد أو ترفع وتعاظم المنتقد لا بد أن يقع منه مثل هذا الخطأ وأشد، وليس معنى هذا أننا نشير إلى أن الحافظ حينما انتقد صاحب العمدة أنه يقصد بذلك هضم صاحب الكتاب أو الترفع عليه والتعالم عليه، لا، قد يحصل هذا من غير قصد كما حصل للأول.
طالب:. . . . . . . . .
هي في رواية الكشميهني والكشميهني معروف أنه مجرد راوي، ليس من الحفاظ، فإذا اختلف مع غيره من الرواة يقدم غيره عليه.
((لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه)) يعني بين يدي المصلي "قال أبو النضر" سالم بن أبي أمية: "لا أدري أقال" بسر بن سعيد: "أربعين يوماً أو" أربعين "شهراً أو" أربعين "سنة" جاء في الرواية عند البزار: ((أربعين خريفاً)) فتعين المتردد فيه، وترجح بأنه أربعين سنة، أربعين خريف كل سنة فيها خريف واحد إذاً أربعين سنة، وهذا الحديث متفق عليه، وفيه الوعيد الشديد الذي سمعناه لمن أراد أن يجتاز بين يدي المصلي وعليه أن ينتظر.
وبعض الناس من السرعان مجرد ما يسلم الإمام ينفر وينصرف من المسجد ويترتب على ذلك ما يترتب من الإخلال بصلاة الآخرين، فعلى مثل هؤلاء أن ينتظروا ولا يعرضوا أنفسهم لمثل هذا الوعيد.(25/2)
يقول: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن كعب الأحبار قال: لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يخسف به خيراً له من أن يمر بين يديه" نعم الخسف عقوبة وعذاب لكنه عذابه في الدنيا، وعذاب الدنيا مهما عظم أسهل من عذاب الآخرة، ولذا في قصة اللعان حينما ينصح الزوج يبين له أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، يتحمل الحد حد القذف وهو عذاب خيرٌ من أن يثبت عليه عذاب الآخرة بقذفه زوجته وهو كاذب، ثم بعد ذلك تنصح المرأة أن اعترافها بالزنا ورجمها أسهل لها من عذاب الآخرة، ولا شك أن مثل هذا كونه عليه من الإثم ما يكون دون الوقوف أربعين خريفاً لا شك أن الخسف أسهل منه، والله المستعان.
وهذا الخطاب متجه لمن يريد المرور بين يدي المصلي، أما بالنسبة لخطاب المصلي الذي يريد أن يدفع فهو مقيد باتخاذ السترة، الذي لم يتخذ سترة ليس له أن يدفع ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحدٌ أن يجتاز بين يديه فليدفعه)) لكن الطرف الآخر الذي هو المار مخاطب بهذه النصوص.
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر كان يكره أن يمر بين أيدي النساء وهن يصلين" إذا كان مرور المرأة بين يدي المصلي من الرجال مبطل لصلاته وذلك لانشغال قلبه بها فمرور الرجل بين يدي المرأة وبين أيدي النساء مثله أو قريبٌ منه لانشغال قلب المرأة بالرجل، يعني مرور المرأة بين يدي المرأة والرجل بين يدي الرجل أسهل من مرور المرأة بين يدي الرجل والعكس؛ لتعلق قلب أحد الطرفين بالآخر، لا شك أن تعلق قلب الرجل بالمرأة أشد من تعلق قلبه برجل؛ لأن مرور الرجل مجرد انشغال يعرض ويزول، لكن قد يترتب على مرور المرأة بين يديها أمرٌ أعظم يقر في قلبه شيء، وكذلك الرجل إذا مر بين يدي النساء.
يقول الباجي: "خص النساء لأنهن في آخر الصفوف" فابن عمر يكره أن يمر بين يدي النساء وهن يصلين.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان لا يمر بين يدي أحد" يصلي سواءً كان من الرجال أو من النساء، وكان -رضي الله عنه- "لا يدع أحداً يمر بين يديه" وهو يصلي، لا يترك أحد؛ لأنه مأمورٌ بالدفع.
طالب:. . . . . . . . .(25/3)
إيه، ما في شك أن عبيد الله بن عمر لم يدرك عمر، فبينهما واسطة، الداخل غير عبيد الله.
طالب:. . . . . . . . .
يتخلل الصفوف، يتخلل الصفوف ولا يمر بين يدي المصلي هذا أسهل، وإن كان فيه إشغال للمصلين، لكنه أسهل، يتجاوز عنه عند الحاجة، ليس بمرور، هو ليس بالمرور؛ لأن المرور من يأتي من اليمين إلى والشمال أو العكس.
"باب: الرخصة في المرور بين يدي المصلي:
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أنه قال: أقبلت راكباً على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي للناس بمنى، فمررت بين يدي بعض الصف فنزلت فأرسلت الأتان ترتع ودخلت في الصف فلم ينكر ذلك علي أحد.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعد بن أبي وقاص -رضي الله تعالى عنه- كان يمر بين يدي بعض الصفوف والصلاة قائمة.
قال مالك -رحمه الله-: وأنا أرى ذلك واسعاً إذا أقيمت الصلاة وبعد أن يحرم الإمام ولم يجد المرء مدخلاً إلى المسجد إلا بين الصفوف.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- قال: لا يقطع الصلاة شيء مما يمر بين يدي المصلي.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- كان يقول: "لا يقطع الصلاة شيء مما يمر بين يدي المصلي".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: الرخصة في المرور بين يدي المصلي" في الترجمة السابقة التشديد في أن يمر أحدٌ بين يدي المصلي، وهنا الرخصة، والتشديد محمول على حال، والترخيص محمول على أحوال، وليس هناك تعارض، وليس هناك تشديد في أول الأمر ثم ترخيص وتسهيل في آخره، بل الحكم الذي في الباب الأول من التشديد باقي، والحكم الذي في الباب الذي يليه من الترخيص باقي، فهذا محمول على حال وذاك محمولٌ على أحوال أخرى.(25/4)
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس أنه قال: أقبلت راكباً على أتان" الأتان: هي أنثى الحمار "وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام" يعني قاربت الاحتلام، قاربت الاحتلام، في البخاري في كتاب فضائل القرآن: قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا ابن عشر سنين، وقد قرأت المحكم" يعني المفصل، توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. ، القصة التي في حديث الباب في حجة الوداع، يعني في آخر أيامه -عليه الصلاة والسلام-، ابن عباس كما في الصحيح في فضائل القرآن يقول: "توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا ابن عشر سنين، قد قرأتُ المحكم" يعني المفصل، والمفصل كما هو معروف من (ق) إلى سورة الناس في قول الأكثر، وإن قال بعضهم: إنه من الحجرات، لكن ابن عباس عمره عشر سنين قرأ المحكم، فهل قوله: ناهزتٌ الاحتلام عمره عشر سنين أو أقل من عشر سنين؟ هذا في الصحيح في البخاري قال: "توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا ابن عشر سنين، وقد قرأت المحكم" يعني قرأت المحكم وأنا ابن عشر سنين؟ قيل بهذا.
على كل حال الاختلاف في سنه عند وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- معروف عند أهل العلم، وفي المسألة ستة أقوال، وأشهر هذه الأقوال وأقواها: أنه ابن ثلاثة عشر سنة، هم يقولون: يجاب عن قوله: "وأنا ابن عشر سنين" يعني حال قراءته المحكم، لا حال وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، فقوله: "وأنا ابن عشر سنين" إشارةً لوقت حفظه المفصل لا إلى وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام-.(25/5)
على كل حال قد ناهز الاحتلام يعني قاربه، وقد جاء راكباً على أتان، فمرت هذه الأتان بين يدي بعض الصف، يقول: "ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي للناس بمنى" وهذا عند أكثر الرواة أن الصلاة كانت بمنىً، ووقع عند مسلم من رواية ابن عيينة: "بعرفة" قال النووي: يحمل ذلك على أنهما قضيتان، يعني مرتين، مرة بعرفة ومرة بمنى، وهذه طريقة النووي إذا اختلف الرواة ولو كان الخلاف مرده إلى الرواة، ولو كان اختلاف بعض الرواة غير مؤثر يقول بتعدد القصة، وذلك صيانةً للصحيح، وتعقب بأن الأصل عدم التعدد لا سيما مع اتحاد مخرج الحديث، فالحق أن قول ابن عيينة: "بعرفة" شاذ، شاذ كما قال ذلك ابن حجر وغيره.
يقول: "فمررت بين يدي بعض الصف" في كتاب الحج من صحيح البخاري: "الصف الأول"، "فنزلت فأرسلت الأتان ترتع ودخلت في الصف فلم ينكر ذلك علي أحد" الأتان مرت بين يدي بعض الصف، نزل ابن عباس ودخل في الصف فلم ينكر ذلك عليه، استدل ابن عباس بترك الإنكار على الجواز، استدل بترك الإنكار، فلم ينكر ذلك عليه أحد، وترك الإنكار يدل من باب أولى عدم إعادة الصلاة، كونه لم ينكر عليه، هل يفهم من هذا أنهم أعادوا الصلاة؟ ما ينكر، لكن لو قال: فلم يعيدوا الصلاة نفى ذلك إعادة الصلاة لا يمكن، يبقى أنه احتمال أنكر عليه، الاحتمال أنه أنكر عليه لكن يبقى أن الصلاة لم تعد، فاستدلاله بكون ذلك لم ينكر عليه، ولم يستدل بترك إعادتهم الصلاة لأن ترك الإنكار أكثر فائدة؛ لأنه يتضمن ترك إعادة الصلاة وترك الإنكار أيضاً.(25/6)
الإمام البخاري خرج الحديث في كتاب الصلاة في باب سترة الإمام سترة لمن خلفه، من أهل العلم من استدل بهذا الحديث على أن الحمار لا يقطع الصلاة، استدل بهذا الحديث على أن الحمار لا يقطع الصلاة، واستدل بحديث عائشة وأنها كانت تصلي بين يدي .. ، تنام بين يدي النبي -عليه الصلاة والسلام- فإذا سجد غمزها فكفت رجلها، واستدل به على أن مرور المرأة لا يقطع الصلاة، والحديث الثابت في الصحيح أن الصلاة يقطعها المرأة والحمار والكلب الأسود من حديث أبي ذر مخرج في الصحيح، وهو أيضاً عن أبي هريرة التنصيص على أنه يقطعها الثلاثة، فمن أهل العلم من يرى أن الثلاثة كلها تقطع الصلاة، ومنهم من يرى أن الذي يقطع الصلاة هو الكلب الأسود فقط والمعروف هذا عند الحنابلة، يخرجون الحمار بحديث ابن عباس، يخرجون المرأة بقصة عائشة، وأنها كانت تنكر ذلك وتقول: ساويتمونا بالكلاب والحُمر، فيبقى الكلب الأسود؛ لأنه خرج من مفردات الحديث الحمار من حديث ابن عباس والمرأة من حديث عائشة، ومنهم من يرى أنه لا يقطع الصلاة شيء على ما سيأتي ((وادرأوا ما استطعتم)) لا يقطع الصلاة شيء مما يمر بين يدي المصلي، والصواب أن مرور هذه الثلاثة يقطع الصلاة، بمعنى أنه يبطلها، وإن قال بعضهم: إن معنى القطع تقليل الأجر نقص الأجر، ولا يلزم من ذلك الإعادة، لكن الأصل في القطع الإبطال، والحديث صحيح صريح في ذلك.
تبقى الإجابة عن حديث ابن عباس أن المرور بين يدي الصف والصف خلف الإمام، وسترة الإمام سترة لمن خلفه لا أثر له، لا أثر لمرور هذا الحمار بين يدي الصف؛ لأنه لم يمر بين يدي الإمام، ولم يمر بين يدي المنفرد، والمأموم سترته سترة إمامه، فلا دليل في استثناء الحمار.(25/7)
عائشة -رضي الله عنها- وهي تنام بين يدي الرسول -عليه الصلاة والسلام- إذا سجد غمزها، عائشة قارة وليست مارة، القار ليس حكمه حكم المار، المحظور من ذلك والذي يقطع الصلاة هو مرور المرأة بين يدي المصلي، لا أنها تكون قارة بين يديه، باقية جالسة ماكثة أو مضطجعة هذا لا أثر له، على أن بعضهم يقيد المرأة بإيش؟ عائشة حائض إيش معنى حائض؟ الحائض: البالغة، بعضهم قيد المرأة بالأجنبية لتعلق القلب بها دون الزوجة، وعائشة زوجة، فلا تدخل في الحديث، والمراد مرور المرأة يعني الأجنبية، لكن هذا القيد لا يوجد ما يدل عليه، فإذا عرفنا أن حديث: ((يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود)) صحيح وصريح وإخراج الحمار بحديث ابن عباس لا يتجه؛ لأن الحمار لم يمر بين يدي الإمام ولا بين يدي المنفرد، وإنما مر بين يدي بعض المأمومين وسترة الإمام سترة لمن خلفه، وحديث عائشة .. ، إخراج المرأة بحديث عائشة أيضاً لا يتجه؛ لأن عائشة قارة وليست مارة، والكلام في المرور.
. . . . . . . . . الجمهور على أن الصلاة لا يقطعها شيء، هنا الإمام البخاري -رحمه الله- يقول: "باب: سترة الإمام سترةٌ لمن خلفه" هذا واضح في أن الإمام إذا استتر سترته سترة لمن خلفه، إذا لم يستتر ومر أحد الثلاثة بين يديه بين يدي الإمام بطلت صلاته وصلاة من وراءه، من أهل العلم من يقول: الإمام نفسه سترة لمن خلفه، الإمام سترة لمن خلفه، .... ما يلزم أن يكون هذا، ولذا ترجم عليه الإمام البخاري مع دقته وتحريه: "باب: سترة الإمام سترة لمن خلفه".
على كل حال استدل بحديث ابن عباس على أن مرور الحمار لا يقطع الصلاة، فيكون ناسخاً لحديث أبي ذر الذي رواه مسلم في كون مرور الحمار يقطع الصلاة، وكذا مرور المرأة والكلب الأسود وتعقب بأنه مرور الحمار متحقق في حال مرور ابن عباس وهو راكبه، وقد تقدم أن ذلك لا يضر لكون سترة الإمام سترة لمن خلفه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو الكلام في المرور هو الذي يؤثر، أما القرار لا يؤثر.(25/8)
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعد بن أبي وقاص كان يمر بين يدي بعض الصفوف" يعني قدام بعض الصفوف أمامها ولا يؤثر ذلك والصلاة قائمة، فدل على جواز ذلك، لكن لا شك أن المرور وإن كان بين يدي الصفوف يشوش فينبغي اتقاؤه بقدر الإمكان، يعني إذا كان الخيار بين أن يدخل الإنسان مع الباب الأمامي أو مع الباب الخلفي يدخل مع الباب الخلفي؛ لئلا يمر بين يدي بعض الصفوف؛ لأنه يشوش على المصلين، وإن كان لا أثر له في صلاتهم من حيث القطع.
"قال مالك: وأنا أرى ذلك واسعاً -أي جائزاً- إذا أقيمت الصلاة وبعد أن يحرم الإمام ولم يجد المرء مدخلاً إلى المسجد إلا بين الصفوف" يجوز ذلك أن يدخل مع الباب الأمامي لكن كلام مالك "ولم يجد المرء مدخلاً" يدل على أن ذلك مقيد بما إذا لم يكن هناك مدخل غير ما يتطلب المرور بين يدي الصف، فالأفضل أن لا يمر بين أيديهم إذا وجد غير ذلك الطريق.
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن علي بن أبي طالب قال: لا يقطع الصلاة شيء مما يمر بين يدي المصلي" هذا موقوف، وهو أيضاً روي هذا البلاغ بإسناد صحيح عن علي -رضي الله عنه- وعثمان موقوف عليهما في سنن سعيد بن منصور، بأسانيد صحيحة، موقوفٌ عليهما، لا يقطع الصلاة شيء.
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر كان يقول: لا يقطع الصلاة شيء مما يمر بين يدي المصلي" شيء نكرة في سياق النفي فتعم كل الأشياء، بما في ذلك ما نص على أنه يقطع كالمرأة والحمار والكلب الأسود.(25/9)
فمالك رواه موقوفاً على ابن عمر، وأخرجه الدارقطني من وجهٍ آخر عن سالم عن أبيه مرفوعاً، يعني إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، لكن إسناده ضعيف، وجاء أيضاً مرفوعاً عن أبي سعيد عند أبي داود وعن أنس وأبي أمامة عند الدارقطني وعن جابر عند الطبراني في الأوسط، وكلها ضعيفة، والصواب أن الصلاة يقطعها المرأة والحمار والكلب الأسود لحديث أبي ذر مرفوعاً: ((إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره مثل مؤخرة الرحل))، ((فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود)) [رواه مسلم] وله عن أبي هريرة مرفوعاً: ((يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب)) وجاء تقييد المرأة بالحائض، والمراد بالحائض المكلفة، وعرفنا أن الحنابلة أخرجوا الحمار بحديث ابن عباس والمرأة بحديث عائشة، وعرفنا الجواب عما قالوه، والجمهور على عدم القطع لما ذكر من حديث ابن عمر الموقوف والمرفوع، فيكون ناسخاً لحديث أبي ذر.
طالب:. . . . . . . . .
المسبوق إذا قام يقضي ما فاته من الصلاة حكمه حكم المنفرد لا يجوز المرور بين يديه، حكمه حكم المنفرد.
"باب: سترة المصلي في السفر:
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يستتر براحلته إذا صلى.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة أن أباه كان يصلي في الصحراء إلى غير سترة".
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: سترة المصلي في السفر" السفر قد لا يتيسر له شيء يستتر به في الفضاء، فالأمر فيه إذا لم يجد أخف.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر كان يستتر براحلته إذا صلى" خيفة أن يمر بين يديه أحد.
وفي الصحيحين من رواية عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يعرض راحلته فيصلي إليها، يعرض راحلته فيصلي إليها، والراحلة هي الناقة التي تصلح لأن يوضع عليها الرحل، وقال الأزهري: الراحلة المركب النجيب ذكراً كان أو أنثى، والهاء للمبالغة، فمثل هذا يصلح أن يكون سترة، ومثله السيارة لو صلى إلى السيارة وهي واقفة صلحت سترة، وأي شيء شاخص يصلح أن يكون سترة.(25/10)
يقول -رحمه الله تعالى-: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة أن أباه كان يصلي في الصحراء إلى غير سترة" قد يكون لعدم تيسر السترة، ولأنه لا يخشى مرور أحد بين يديه، حديث ابن عباس إن جاء الحديث الذي سبق الذي أورده في الحديث السابق بعض الإخوان، حديث ابن عباس في البخاري قال: "أقبلت راكباً حمارٍ أتان وأنا يومئذٍ قد نهزت الاحتلام، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي بمنى إلى غير جدار" هذا الذي استشكلناه سابقاً، وقلنا: يحتمل أن يكون قصة أخرى، هذه الرواية تدل على أنها نفس القصة، فدل على أن القصة واحدة، ويبقى أن الإمام عند بعض أهل العلم سترة للمأموم، ويبقى أن الإمام في مكانه لو مر أحدٌ بين يديه من الثلاثة قطع صلاته وهو لم يستتر، فالمرور من ابن عباس بين يدي الصف والإمام سترة لهذا الصف؛ لأن في بعض الروايات أنه الصف الأول، فالإمام سترة للصفوف، ويبقى أن عدم استتار الإمام هنا لبيان الجواز، وقول الإمام البخاري -رحمه الله-: "باب: سترة الإمام سترةُ من خلفه" هذا إذا استتر، فإذا لم يستتر كان الإمام نفسه سترة لمن خلفه، فالمطالب بالاستتار ودفع المرور هو الإمام والمنفرد.
طالب:. . . . . . . . .
معنى القطع يعني البطلان، يعيد الصلاة.
طالب:. . . . . . . . .
إلى غير جدار جاء مفسراً يعني إلى غير سترة، وإذا قلنا: إلى غير جدار وهو ناصبٌ عصا أو رمح أو شيء من هذا هذا إلغاء، إلغاء للخبر.
طالب:. . . . . . . . .
جعل الخبر عاري عن الفائدة.
طالب:. . . . . . . . .
عند جمع من أهل العلم أن صلاة المأموم مرتبطة بصلاة الإمام من جهة، والأمر الثاني: أنه ما دام مر بين يدي هذا الإمام وسترته سترة لمن خلفه كأنه مر بينه وبين سترته.
"باب: مسح الحصباء في الصلاة:
حدثني يحيى عن مالك عن أبي جعفر القارئ أنه قال: رأيت عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- إذا أهوى ليسجد مسح الحصباء لموضع جبهته مسحاً خفيفاً.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن أبا ذر -رضي الله تعالى عنه- كان يقول: مسح الحصباء مسحة واحدة، وتركها خير من حمر النعم".(25/11)
"باب: مسح الحصباء في الصلاة" الحصى المشوش على الساجد، وفي حكمه ما على وجه الأرض مما يشوش على الساجد صلاته، من رمل وتراب وحشيش وثيل، وما أشبه ذلك، كل ما يشوش على المصلي هل يمسح أو لا يمسح؟ هل يهيأ المكان؟ ينبغي أن يهيأ المكان قبل الدخول في الصلاة، وإذا كان مما على وجه الأرض يذهب الخشوع ينبغي أن يفرش على هذه الأرض ما يحصل الخشوع ويكمله.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن أبي جعفر القارئ" بالهمز المدني المخزومي "أنه قال: رأيت عبد الله بن عمر إذا أهوى للسجود" أهوى وهوى بمعنىً واحد يعني نزل "للسجود مسح الحصباء لموضع جبهته مسحاً خفيفاً" مسحاً خفيفاً ليزيل شغله عن الصلاة؛ لأن هذا الحصى يشغله عن صلاته؛ ليزيل شغله عن الصلاة بما يتأذى به، وبما يحصل على جبهته من التراب مما يؤذيه، قد يدخل في عينيه أو ما أشبه ذلك، وإن كان الاختيار تركه.
وحكى النووي اتفاق العلماء على كراهة مسح الحصباء وغيرها في الصلاة، أولاً: لأنه حركة في الصلاة، الأمر الثاني: جاء معللاً بأن الرحمة تواجهه.
"عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن أبا ذر كان يقول: مسح الحصباء مسحة واحدة" أي تسوية الموضع الذي يسجد عليه إنما يجوز مسحة واحدة في الصلاة "وتركها" والإقبال على الصلاة يعني ولا واحدة "خيرٌ من حمر النعم" والحمر من الإبل هي أحسن ألوانها، فهي المفضلة عند العرب، فترك هذا أعظم أجراً مما لو كان عند الإنسان هذا النوع من الإبل، وتصدق به، أو حمل عليها في سبيل الله.
روى الخمسة عن سفيان عن الزهري عن أبي الأحوص أنه سمع أبا ذر يرويه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الرحمة تواجهه فلا يمسح الحصى)) ((فلا يمسح الحصى)) هذا نهي، والأصل في النهي التحريم، لكنه محمولٌ على الكراهة بدليل الإذن بالواحدة؛ لأن ما كان نهيه نهي تحريم لا يؤذن منه بشيء، ما دام أذن بواحدة دل على أن النهي محمولٌ على الكراهة.
وعند أحمد عن أبي ذر: ((واحدة أو دع)) وروى الشيخان وأصحاب السنن عن معيقيب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في الرجل يسوي التراب حيث يسجد قال: ((إن كنت فاعلاً فواحدة)) وهذا يصرف النهي من التحريم إلى الكراهة.(25/12)
"باب: ما جاء في تسوية الصفوف:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- كان يأمر بتسوية الصفوف، فإذا جاءوه فأخبروه أن قد استوت كبر.
وحدثني عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه قال: كنت مع عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه- فقامت الصلاة وأنا أكلمه في أن يفرض لي فلم أزل أكلمه وهو يسوي الحصباء بنعليه، حتى جاءه رجال قد كان وكلهم بتسوية الصفوف فأخبروه أن الصفوف قد استوت، فقال لي: استو في الصف ثم كبر".
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في تسوية الصفوف" والمراد تعديل الصفوف لتكون على سمتٍ واحد، والمقياس في هذا المناكب والأقدام، فإذا تساوت المناكب وتساوت الأقدام هذه هي التسوية، وإلا فقد يكون الشخص نضو الخلقة نحيفاً وبجانبه شخصٌ ممتلئ الجسم يساويه بأمامه وإلا بآخره؟ إن تساوى معه في مقدمته تأخر عنه، تأخر عن الصف، وإن ساواه بمؤخرته تقدم عن الصف، فالمنظور إليه والمرد هو المناكب والأقدام، يبقى أنه قد يطلع مثل هذا البدين شيء منه قدام وشيء خلف هذا أمرٌ غير مقدور عليه، ولا ينظر إليه، ولا يرتب عليه حكم، إنما المطلوب التسوية والمحاذاة في المناكب والأقدام، وأن تكون على سمتٍ واحد، ويراد أيضاً سد الخلل في الصفوف هذا من تسويتها قبل الدخول في الصلاة.
روي في هذا الباب أحاديث كثرة من أجمعها حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكب، وسدوا الخلل، ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصل صفاً وصله الله، ومن قطع صفاً قطعه الله)) رواه أبو داود وصححه ابن خزيمة والحاكم، ((أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكب -وفي رواية: الأقدام- وسدوا الخلل، ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصل صفاً وصله الله، ومن قطع صفاً قطعه الله)).(25/13)
قد يتطلب الأمر التنبيه على شيء مخل بالخشوع، أو مخل بكمال الصلاة مما يغلب على الظن وجوده، قد ينبه على أمور لم يرد بها سنة بعينها وإنما التنبيه بمثل هذا الكلام يدل عليها، فلو كان شخص معه طفل يؤذي الناس لا ينضبط بالصف، ولا يحسن يصلي فمثل هذا يقال له: هذا الطفل أبعده عن الصف؛ لأنه إذا صف أبوه مثلاً ودخل في الصلاة وتقدم هذا الطفل أمام المصلين وآذاهم وعبث بالمصاحف، يعني ينبه على الأب قبل ذلك، وهذا يحصل كثير.
أيضاً مسألة الجولات كونها تشغل المصلين، وتفتنهم عن صلاتهم، لا سيما إذا كان منبهها محرماً كالأنغام، النغمات الموسيقية هذه فيها فتوى من اللجنة الدائمة بتحريمها، ومما يؤسف له أن بعض المساجد التي يكثر فيها الناس أشبه ما تكون بالكنائس، يصلون الناس وينتهون والموسيقى هذا يشتغل وهذا يطفي، وبعض الناس يتخذ هذه النغمات المحرمة ومع ذلك ينتظر حتى تنتهي على حد زعمه حفظاً لصلاته؛ لئلا يتحرك في صلاته يغلق .. ، لا يا أخي هذا العبث يسير بالنسبة إلى ما ارتكبته من محرم، وشغلت الناس به، وأشغلت نفسك به، فالذي ينبه على هذه الآلات مأجور -إن شاء الله-، ويشهد له ما جاء في معناه من الأحاديث، الناس بحاجة إلى أن ينبهوا، كثير من الناس يأتي وهو غافل، يأتي إلى المسجد والجوال مفتوح فيرن، غافل ينبغي أن ينبه مثل هذا، مع أن الأصل أن الإنسان إذا دخل في المسجد يغلق الجوال، خلاص يقبل على عبادته، ويترك مشاغل الدنيا وأمور الدنيا، فإذا نبه الناس إلى أمرٍ يحتاجونه دخل فيما يشهد له من هذه الجمل التي ذكرناها.
يعني مجرد التنبيه الجرس لمجرد التنبيه وليس فيه إطراب ما يدخل في هذا؛ لأن المحظور في الجرس جهته المطربة لا جهته المنبهة، ولذا جاء تشبيه الوحي به؛ لأنه لو كان مذموماً من كل وجه ما شبه به المحمود وهو الوحي.
طالب:. . . . . . . . .
النغمات الموسيقية تمنع لأدلة كثيرة، واللجنة أفتت بتحريمها.
طالب:. . . . . . . . .
هو إذا كان صوتها مشبه لصوت الجرس المطرب اتجه ما قلت، وبعض الناس يدخل بصور للمسجد نسأل الله العافية.
طالب:. . . . . . . . .
إيه مطرب، إيه نعم مطرب، وجاء النهي عنه.(25/14)
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عمر بن الخطاب كان يأمر بتسوية الصفوف، فإذا جاءوه فأخبروه أن قد استوت كبر" مقتضاه أن عمر كان يوكل من يسوي الناس في الصفوف وهذا مندوب، لا سيما إذا كثرت الصفوف، ولا يوصلهم صوت الإمام يوكل بهم من يسوي صفوفهم.
روى البخاري وغيره عن أنس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة)) ولمسلم: ((من تمام الصلاة)) وتوعد على ترك ذلك بقوله: ((لتسون صفوفكم أو ليخالفنا الله بين وجوهكم)) الحديث مخرج في الصحيح، فتسوية الصف من تمام الصلاة، والذي يخل بهذه التسوية معرض نفسه لهذا الوعيد ((لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم)).
((من وصل صفاً وصله الله، ومن قطع صفاً قطعه الله)) أوردنا سابقاً في درسٍ مضى أن من يأتي من المسبوقين ولا يجد مكاناً في الصف لو آثره أحد ورجع صف معه قلنا: هذا أنه من الإيثار ليصحح صلاة أخيه وهو محتاجٌ إليه فتصدق عليه، لكن قد يترتب على هذا قطع للصف، وجاء الوعيد على ذلك: ((من قطع صفاً قطعه الله)) فعلى هذا لا ينبغي لشخصٍ أن يؤثر بمثل هذا لهذا الحديث: ((من قطع صفاً قطعه الله)) الذي يتأخر عن مكانه يوجد قطع في الصف، ويوجد خلل في الصف، على هذا لا ينبغي أن يحسن على أخيه ولو كان من باب الإيثار ومن باب الإحسان إلى أخيه بمثل هذا الذي يترتب عليه قطع للصف.
طالب:. . . . . . . . .
الطرف أمره أسهل، لكن يبقى أنه أيضاً قطع، ولذا لَمّن يكون الصف متصل يصير فيه قطع.(25/15)
"وحدثني عن مالك عن عمه أبي سهيل نافع بن مالك عن أبيه -مالك بن أبي عامر- أنه قال: كنت مع عثمان بن عفان فقامت الصلاة وأنا أكلمه في أن يفرض لي" يعني في العطاء يعطيه من بيت المال، يخصص له مبلغ من بيت المال، يفرض له مبلغ معين من بيت المال "فلم أزل أكلمه وهو يسوي الحصباء بنعليه" ليسجد عليها من غير تشويش "حتى جاءه رجال كان قد وكَلهم -أو وكَّلهم- بتسوية الصفوف" يعني كما كان يصنع عمر -رضي الله عنه- "فأخبروه أن الصفوف قد استوت، فقال لي: استو في الصف" يعني قم في مكانك مع الصف، يعني واترك ما أنت بصدده حتى تنتهي الصلاة "استو في الصف ثم كبَّر" وفي بعض النسخ: "ثم كبِّر" يعني كبر عثمان بعد أن قال لهذا: استو في الصف، بعد أن جاءه هؤلاء الوكلاء الذين وكَلهم أو وكَّلهم بتسوية الصفوف قال له: استو في الصف، يعني قف مع الناس، واترك الموضوع إلى بعد الصلاة، ثم كبَّر عثمان -رضي الله عنه- بعد أن أخبر بتسوية هذه الصفوف.(25/16)
والتراص جاء: ((ألا تصفون كما تصف الملائكة؟ )) ثم سئل: كيف تصف الملائكة؟ قال: ((يتراصون في الصف)) التراص، في الصحيح معلق عن الصحابة أنهم كانوا يلزق بعضهم كعبه بكعب أخيه، وهذه سنة تنبغي المحافظة عليها، ولا تترك فرجات للشيطان، وليس معنى هذا أنه إذا كان بينك وبين أخيك فرجة أو خلل أن تمد رجلك وهو يمد رجله إلى أن يصل بعضكم إلى بعض، ما هو بالحل في سد الخلل وسد هذه الفرج أن الإنسان يمد رجليه ويباعد ما بينهما حتى يصل إلى رجل أخيه لا؛ لأنه إذا حصلت المحاذاة بالأقدام في هذه الصورة لم تحصل المحاذاة بالمناكب، والمطلوب المحاذاة بالمناكب والأقدام، فالإنسان عليه أن يأخذ من الصف بقدر جسمه لتتم المحاذاة، وإلا إذا فحج بين رجليه ومد وباعد ما بينهما الفرج موجودة، ولا يتم امتثال المحاذاة محاذاة الرجلين فقط، بل لا بد أن تكون المحاذاة بالأقدام وبالمناكب أيضاً، وبعض الناس يحرص على تطبيق السنة ويؤذي الناس برجليه، وبعض الناس لا يحتمل مثل هذه التصرفات، بعضهم يصير حساس، قد يترك الصلاة إذا مست رجله، بعض الناس حساس، فالإنسان يختبر جاره إذا كان يرتب على تطبيق هذه السنة محظور أعظم يترك هذا، يترك بينه وبينه فرجة يسيرة جداً بحيث لا تكون خلل في الصف، ولا يؤثر على صلاة أخيه، ولا شك أن الالتصاق بين الصفوف والتراص أمرٌ مطلوب، لكن بحيث لا يترتب عليه أثر أشد منه.
طالب:. . . . . . . . .(25/17)
الأسئلة كثيرة عن هذه الخطوط، وأنها بدعة، ويجب أن تزال، وقام سببها في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم تفعل، كل ما قام سببه ولم يفعل يكون بدعة، نقول: لا شك أن هذه الصفوف تحقق مصلحة، ولا يترتب عليها أدنى مفسدة، يعني إذا كان الخط الذي بمحاذاة الركن ترتب عليه مفاسد فيتنازعه أمران: المصلحة والمفسدة، هنا ليس فيه أدنى مفسدة، كون السبب قائم في عهده -عليه الصلاة والسلام-، نعم يقال: نعم السبب قائم، لكن ليس قيام السبب في عهده -عليه الصلاة والسلام- بالمستوى الذي هو السبب الموجود الآن، وإن كان تنفيذ الخط في عهده -عليه الصلاة والسلام- ليس بمستوى إمكان التنفيذ في هذا الوقت، أولاً الصفوف ليست طويلة بمسجده -عليه الصلاة والسلام- مثل ما هو موجود في بعض المساجد الآن، الأمر الثاني: أن مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- مفروش بالرمل فكيف يتسنى خط على الرمل؟ أيضاً وجود حرص الناس في عهده -عليه الصلاة والسلام- أنهم بمجرد ما يأمرهم أن يستووا يستووا، لكن الآن في المساجد الكبيرة التي لا يوجد فيها مثل هذه الصفوف .. ، لو تشوف الناس في الحرمين مثلاً في مكة والمدينة لبعد ما بين الصفوف، تجد الخلل كبير وهذا متقدم وهذا متأخر وهذا .. ، وأخيراً ما وجد الحل إلا أن يوجد فرش فيها هذه الخطوط، وإلا الحرم المدني تعرفون وضعه في طول الصفوف، ثم بعد ذلك الآن يجهزونه بالفرش التي فيها هذه الخطوط التي تحقق هذه المصلحة، فلا شك أن إبقاءها فيه مصلحة، ولا يترتب عليه مفسدة، نعم السبب موجود في عهده -عليه الصلاة والسلام- لكنه ليس بمستوى السبب الداعي في وجودها في عصرنا، وإمكان تحقيقها وإيجادها وإن كان موجوداً في عصره -عليه الصلاة والسلام- إلا أنه ليس بنفس المستوى، فالمنازعة فيها أمرها سهل -إن شاء الله-.
"باب: وضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة:
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الكريم بن أبي المخارق البصري أنه قال: من كلام النبوة: إذا لم تستحي فأفعل ما شئت، ووضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة، يضع اليمنى على اليسرى، وتعجيل الفطر، والاستيناء بالسحور.(25/18)
وحدثني عن مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد أنه قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة.
قال أبو حازم: "لا أعلم إلا أنه ينمي ذلك".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: وضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة" جمهور أهل العلم على ما دلت عليه الأحاديث أحاديث الباب من وضع اليد اليمنى على اليسرى على ما سيأتي شرحه وبيانه، ولم يقل بالإرسال -إرسال اليدين- ممن يعتد بقوله إلا ما يروى عن مالك، وعمل به بعض المالكية، وكثيرٌ منهم، وإلا فهو معروف عند طوائف البدع عند الروافض والإمامية وغيرها، ولذا لما دخل ابن بطوطة نيسابور في رحلته الشهيرة ذكر هذا، أرسل يديه وهو مالكي المذهب، فشك فيه أهلها أنه رافضي، وهم سنة في ذلك الوقت، شكوا فيه واتهموه بالرفض، فدعوه إلى وليمة فيها أرنب؛ لأن الروافض لا يأكلون الأرانب كاليهود فأكل، فتعجبوا قالوا: هذه أرنب، قال: نعم نأكل أرنب، الأرنب حلال بالإجماع، اتهموه بالرفض؛ لأنه أرسل يديه، ثم بين لهم أن هذا قول عند المالكية، وهو معتبر عندهم، فبرئ الرفض بأكله الأرنب عندهم، وهو وإن سلم من هذا المذهب القبيح إلا أنه مبتلىً بأمور يصل بعضها إلى حدِّ الشرك الأكبر، من قرأ رحلته وجد الأمثلة المتوافرة لجميع ما ذكره الشيخ محمد -رحمه الله- وأحفاد الشيخ من أنواع الشرك في توحيد الألوهية، نسأل الله السلامة والعافية.
"باب: وضع اليدين إحداهما على الأخرى" يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الكريم بن أبي المخارق" البصري وهو ضعيف بالاتفاق، والإمام مالك معروفٌ بتحريه وتثبته لا يروي إلا عن ثقة كيف روى عن هذا الضعيف بالاتفاق؟ اغتر الإمام مالك بسمته وكثرة وطول جلوسه في المسجد، فخرج حديثه، الإمام مالك -رحمه الله- من أهل التحري والتثبت والتشديد في انتقاء الرواة إلا أنه اغتر بظاهر هذا الرجل حسن السمت طويل المكث في المسجد، ولا يلزم من هذا أن يكون ثقة في الرواية؛ لأن الرواية مطلوبٌ لها أمران: العدالة في الدين، والحفظ والضبط والإتقان، لا يكفي أن يكون الإنسان عدل في دينه، صالحاً تقياً، بل لا بد من الشرط الثاني وهو الحفظ والضبط والإتقان.(25/19)
أجمع جمهور أئمة الأثر ... والفقه في قبول ناقل الخبر
بأن يكون ضابطاً معدلاً ... أي يقظاً ولم يكن مغفلاً
لا بد أن يكون يقظ في الرواية يضبط، يحفظ ما سمع ويؤدي كما سمع، والإمام مالك بشر ليس بالمعصوم، هو نجم السنن ومعروفٌ بتحريه وتثبته لكن لا يعني أنه معصوم في كل ما يقول -رحمه الله- وكل ما يفعل.(25/20)
"أنه قال: من كلام النبوة الأولى" يعني مما أدركه الناس من كلام النبوة الأولى، كما في الحديث: ((إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى)) أي مما اتفقت عليه النبوات والشرائع السابقة، وهذا مخرج في الصحيح، ((إذا لم تستحي فأفعل ما شئت)) الحديث مخرج في البخاري في كتاب الأنبياء، في كتاب الأدب أيضاً: "بابٌ: إذا لم تستح فاصنع ما شئت" الترجمة بدون ياء لأكثر الرواة، والحديث بالياء ((تستحي)) أيهما الصواب؟ على كل حال هما لغتان: لغة تميم بياءٍ واحدة، أصل الفعل بياءٍ واحدة {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحِي} ولغة قريش بياءين: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي} [(26) سورة البقرة] فعلى هذا إذا دخل الجازم على المضارع حذف الياء التي هي إيش؟ لام الكلمة، فإذا حذفت على لغة تميم ما يبقى شيء هي ياء واحدة، وإذا حذفت على لغة قريش حذف واحدة وبقي واحدة، فالنص بالياء: ((إذا لم تستحي)) والترجمة بدون ياء على لغة تميم في بعض النسخ، ((فافعل ما شئت)) هذا لفظه لفظ الأمر (افعل) ومعناه الخبر، يعني أن الذي لا يستحي من الناس يصنع ما شاء، هذا خبرٌ عنه، لا أنه يجوز له أن يفعل ذلك، ومنهم من يقول: إنه أمر تهديد كما في قوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [(40) سورة فصلت] تهديد، ومنهم من يرى أن العمل إذا كان لا يستحيا منه فإنه مباح، لا يستحيا من إظهاره فإنه مباح، والمقصود من ذلك الشخص السوي الذي ما زال على الفطرة، ليس المراد به الشخص الذي اجتالته الشياطين، وأعجب بالمخالفين، لا، هذا لا يستحي، الذي على الفطرة حياؤه موافق لما يجيء في الشرع إن كان على الفطرة، وعلى كل حال المعنى منه واضح، إما إن كان هذا العمل لا يستحيا منه دل على جوازه فافعله، أو يكون هذا المراد به التهديد والوعيد إذا وصلت إلى هذا الحد بحيث نزع منك الحياء فاصنع ما شئت، يعني لا حيلة فيك.(25/21)
"ووضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة اليمنى على اليسرى -يضع اليمنى على اليسرى-" هذا من قول مالك وليس من الحديث "يضع اليمنى على اليسرى" هذا من قول مالك، وهذا يضعف الرواية التي تنقل عنه من القول بإرسال اليدين في الصلاة، إنما يضع اليمنى على اليسرى، يقول عبد الوهاب -وهو من أئمة المالكية-: المذهب وضعهما تحت الصدر وفوق السرة، وهو من أئمة المالكية، وقال الحنفية والحنابلة: تحت السرة، والحكمة في هذه الهيئة أنها مناسبة للمثول لمثول العبد الضعيف بين يدي الجبار، صفةٌ للسائل الذليل الخائف الوجل المنكسر بين يدي خالقه -جل وعلا-، وهي أيضاً أقرب إلى الخشوع؛ لأنه إذا لم تقبض اليد اليسرى باليمنى تحركت اليدان يميناً وشمالاً.
"وتعجيل الفطر" هذه هي السنة، ((ولا تزال الأمة بخير ما عجلت الفطر، وأخرت السحور)) وهو معنى الاستيناء، يعني تأخير السحور، ومن المخالفين من لا يفطر حتى تشتبك النجوم، وهؤلاء من كان ديدنهم مخالفة السنة الثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويوجد الآن بين أهل السنة مع الأسف الشديد بالنسبة لتأخير السحور توجد مخالفات، كثير من الناس يسهر حتى إذا بقي على الفجر ساعة أو ساعتين تسحر ونام، هذا طبق السنة؟ لا، هذا ما أخر السحور، فخالف السنة في صنيعه هذا.
والشاهد من الحديث وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة، وهذا عن الإمام مالك بدون واسطة، يعني ما هو بنقل بالوسائط عن الإمام مالك هذا كتابه، وكثير ما ينسب إلى الأئمة ما لا يوجد في كلامهم، يعني يوجد في كتب المذاهب ما لم يقله الأئمة صراحة، وإنما يخرج على أقوالهم وعلى قواعدهم من قبل أصحابهم.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟ لا هو ثابت في البخاري: ((إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فاصنع ما شئت)) هذا ما فيه إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟ الإمام مالك -رحمه الله تعالى- لا يرى أدنى إشكال في الإرسال، وبينا هذا مراراً أن المرسل عنده مثل المرفوع ويحتج به، وبعض من تقدم يفضل الإرسال على الوصل، فمثل هذا لا إشكال فيه عند المالكية.
واحتج مالكٌ كذا النعمانُ ... به وتباعوهما ودانوا
به -يعني بالمرسل- وتباعوهما ودانوا(25/22)
ورده جماهر النقادِ ... للجهل بالساقط في الإسنادِ
فرأي المالكية واضح في هذا.
هذا يقول: ينقل الزرقاني -رحمه الله- عن ابن عبد البر ويعزوه أحياناً لكتاب التقصي فهل هو شرحٌ للموطأ؟
لا، ما هو بشرح، هذا أطراف الموطأ، يعني كأنه مجرد أو هو تجريد للتمهيد، هو تجريد للتمهيد، أشبه ما يكون بالفرس للتمهيد، يعني ترتيبه لأحاديث الموطأ هو مجرد ترتيب على طريقة التمهيد، وعرفنا سابقاً أن التمهيد مرتب على شيوخ الإمام مالك.
طالب:. . . . . . . . .
يطلق القول ويراد به الفعل والعكس، يعني في التيمم فقال بيديه هكذا، يعني ضرب بهما الأرض، فهذا فيه شيء من التوسع.
يقول: "وحدثني عن مالك عن أبي حازم بن دينار" سلمة بن دينار الزاهد العابد المعروف الثقة، وهو الذي يروي عن سهل بن سعد الساعدي الأنصاري، أما الذي يروي عن أبي هريرة غيره، عن أبي حازم عن أبي هريرة.
طالب:. . . . . . . . .
سلمان نعم، وهذا سلمة.
"أنه قال: كان الناس يؤمرون" هذا صحابي، وهذه الصيغة لها حكم الرفع عند أهل العلم؛ لأن الصحابي لا يطلق مثل هذه الصيغة لا سيما في مثل هذا الحكم الشرعي إلا ويريد بذلك من له الأمر والنهي وهو النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهذا له حكم الرفع "قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة، قال أبو حازم: لا أعلم إلا أنه ينمي ذلك" وهذه من صيغ الرفع، ينمي ذلك ينميه، بعض النسخ يُنمى، على كل حال ينمي يرفع، يبلغ به، كل هذا دليلٌ على رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-.
قوله: لا أعلم اعترض الداني في أطراف الموطأ على هذا، فقال: هذا معلولٌ لأنه ظنٌ من أبي حازم، وردَّ بأن أبا حازم لو لم يقل: لا أعلمه، لو لم يأتِ بهذه الجملة لكان في حكم المرفوع من قوله: "كان الناس يؤمرون" والآمر في الأحكام الشرعية والناهي هو النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولذا المرجح في قول الراوي الصحابي: أمرنا أو نهينا أنه مرفوع.(25/23)
"كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة" يقول الحافظ ابن حجر: أبهمَ موضعه من الذراع على ذراعه يعني في أوله، في آخره، في أثنائه مبهم، وفي حديث وائل عند أبي داود والنسائي: "ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد" يعني يضع اليد اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد، يعني يكون الرسغ في وسط كفه اليمنى، وطرفها على الكف، وطرفها الثاني على الساعد، والرسغ أين الرسغ؟ هو الكوع؟ أي العظام؟ هذا العظم الناتئ أو .. ؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هو وسط بينهما، أين الكوع من الكرسوع؟
طالب:. . . . . . . . .
الذي يلي الإبهام.
فعظمٌ يلي الإبهام كوعٌ وما يلي ... لخنصره الكرسوع والرسغ ما وسط
يقول أيضاً: هذا حديث موجود عند أبي داود والنسائي وصححه ابن خزيمة وغيره، ولم يذكر محلهما من الجسد، محل اليدين من الجسد، وقد روى ابن خزيمة من حديث وائل أنه وضعهما على صدره، وللبزار: "عند صدره" وفي زيادات المسند من حديث علي أنه وضعهما تحت السرة، وإسناده ضعيف، ضعيف وضعهما تحت السرة.
طالب:. . . . . . . . .
ويش يخالف؟ من الذي يخالف؟ يخالفه أقوى منه؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب والرواية الراجحة ويش هي؟ يعني الزيادة غير مخالفة، صححه ابن خزيمة ما له وجه. . . . . . . . . لو عورضت بما هو أقوى منها ....
طالب:. . . . . . . . .
يضع على ذراعه، على الإطلاق عندنا الذي في حديث الباب، وعلى كفه كأنه قابضها، المقصود أن المسألة فيها سعة "أنه وضعهما على صدره" يعني في القيام من الصلاة في حال القراءة واضح وظاهر، لكن في حال القيام من الركوع الأمر كذلك؛ لأنه في حديث أبي حميد رفع من ركوعه حتى عاد كل فقار إلى مكانه، حتى عاد كل فقار إلى مكانه، ومكانه الأقرب هو ما كان قبل الركوع من القبض، يعني ما هو بعاد كل فقار إلى مكانه قبل الدخول في الصلاة، لا.
"باب: القنوت في الصبح:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان لا يقنت في شيء من الصلاة".(25/24)
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: القنوت في الصبح" القنوت: هو الدعاء في الصلاة في محلٍ مخصوص من القيام، من بين معاني القنوت العشرة التي ذكرها ابن العربي، ونظمها الحافظ العراقي، على كل حال القنوت يطلق ويراد به عشرة معانٍ، وهنا المراد به الدعاء، الدعاء في المحل المخصوص من الصلاة، يعني قبل الركوع أو بعده على ما جاء في الروايات، وليس المراد به الدعاء المطلق في الصلاة الذي يشمل دعاء السجود، واختيار من المسألة بعد الفراغ من التشهد، ليس المراد، إنما يراد به الدعاء في حال القيام في الوتر وفي الفرائض عند حصول النوازل.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان لا يقنت في شيء من الصلاة" وهذا يتناول الفرائض، في شيء من الصلاة، لا الفرائض الخمس ولا الجمعة ولا النوافل بما في ذلك الوتر، بل روي عن ابن عمر أنه بدعة، أن القنوت بدعة.
أما القنوت في الفرائض فقد ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قنت شهراً يدعو على رعلٍ وذكوان في الصبح وفي المغرب، وجاء في غيرهما من الصلوات في غير الصحيح، هذا القنوت في الفرائض، وهو محمولٌ عند الأكثر على النوازل، وما عدا ذلك لا قنوت، والشافعية يرون استمرار القنوت في صلاة الصبح، ويذكرون في هذا الحديث المعروف: "فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا" وفي الصحيح: "قنت شهراً ثم تركه" ثم تركه -عليه الصلاة والسلام-، وهذا أصح، هذا بالنسبة للقنوت في الفرائض.
طالب:. . . . . . . . .
نعم إذا وجد سببه والنازلة التي تنزل بالمسلمين من عدوٍ أو مرض، تفشي مرض، يستثني من ذلك أهل العلم الطاعون لأنه لا يقنت لرفعه لأنه شهادة، فإذا نزل بالمسلمين نازلة شرع القنوت قنوت النوازل في الفرائض، وأيضاً القنوت في الوتر ما ذكر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قنت، لكن في السنن مما صححه الترمذي وغيره أن النبي -عليه الصلاة والسلام- علم الحسن ما يقوله في القنوت: ((اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت)) .. إلى آخره، وهذا مصحح عند الترمذي وغيره.(25/25)
يقول ابن عبد البر -رحمه الله تعالى-: لم يُذكر في رواية يحيى، أو لم يَذكر في رواية يحيى غير ذلك، يعني ما ذكره عن ابن عمر، وفي أكثر الموطآت بعد حديث ابن عمر: مالك عن هشام بن عروة أن أباه كان لا يقنت في شيء من الصلاة ولا في الوتر، إلا أنه كان يقنت في صلاة الفجر قبل أن يركع الركعة الأخيرة إذا قضى قراءته، ثبت أن النبي كما ذكرنا -عليه الصلاة والسلام- قنت شهراً يدعو على رعلٍ وذكوان، وهذا في الصحيح، وثبت أيضاً أنه تركه، فلا ينبغي فعله في الفرائض إلا عند حصول سببه وهو النازلة، وأما بالنسبة للنوافل فلا قنوت في شيء منها إلا الوتر استدلالً بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- علم الحسن ما يقوله في قنوته، والمداومة على القنوت أيضاً خلاف السنة، ما ذُكر شيء بس إنه علم الحسن ما يقوله في قنوت الوتر، وهذا بالنسبة للأمة يكفيهم الاستدلال بهذا، ما دام شرعه لواحدٍ من الأمة إذاً حكمه حكم الجميع، لكن يبقى أنه هل يداوم عليه أو لا يداوم؟ الأولى أن لا يدوام عليه، بعض السلف بعض الصحابة ينقل عنه أنه لا يقنت إلا في النصف الثاني من رمضان، وعلى كل حال ما دام وجد أصله وجدت المشروعية، فالقنوت في الوتر مشروع.
طالب:. . . . . . . . .
في تعليمه القنوت؟ إيه.
على كل حال الذي يضعفه ما عاد له أي دليل يدل على القنوت في الوتر، يصلي ركعات ويقطعها على وتر ولا يدعو في هذا المكان، المقصود أنه ما في شيء مرفوع، ما يذكر في شيء مرفوع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المرفوع ما فيه شيء، ما فيه شيء مرفوع.
طالب:. . . . . . . . .
"فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا" يصححونه بعض الشافعية صححوه، ونص بعض السلف أنه محدث أي بدعة.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا طالت النازلة ونسيها الناس فنسي الناس هي حكمها حكم المصيبة، يعني ما يذكر بها، والدعاء لا شك أنه سلاح ينبغي أن يكون ديدن المسلم سواءً كان منفرداً أو مع جماعة، هو سلاح لا ينبغي أن يغفل، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- قنت شهر، فلعل هذا هو الحد، وإذا تطلب الأمر الزيادة على ذلك فيرجى أنه لا بأس به عندما يستلزم ذلك.
طالب:. . . . . . . . .(25/26)
نعم هو فسر القنوت في صلاة الصبح أنه لم يزل يقنت حتى فارق الدنيا بطول القيام، وهذا من معاني القنوت العشرة.
طالب:. . . . . . . . .
جاء هذا وهذا، يلتمسون لهذا موضع ولهذا موضع، يلتمسون لهذا موضع ولهذا موضع، الدعاء للرفع له موضع، والدعاء للطلب له موضع، المقصود أنه ما في ما يدل على التفريق، في ما يدل على أن الأمر فيه سعة.
"باب: النهي عن الصلاة والإنسان يريد حاجته:
حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن عبد الله بن الأرقم -رضي الله تعالى عنه- كان يؤم أصحابه فحضرت الصلاة يوماً فذهب لحاجته ثم رجع، فقال: إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا أراد أحدكم الغائط فليبدأ به قبل الصلاة)).
وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قال: "لا يصلين أحدكم وهو ضام بين وركيه".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: النهي عن الصلاة والإنسان يريد حاجته" يريد حاجته والحاجة يكنى بها عن الألفاظ المستبشعة التي ينبغي للمسلم أن يترفع عن ذكرها، وقضاء الحاجة معروف، الحاجة المقضية معروفة، فلا يحتاج أن يصرح بها، فإذا احتاج الإنسان إلى قضاء هذه الحاجة وصارت حاجته إلى ذلك قوية بحيث ينشغل بها عن صلاته فالأولى أن ينصرف ويقضي حاجته ثم يقبل على صلاته بالخشوع التام، يفرغ قلبه لصلاته، ويتفرغ من كل ما يشغل باله عن صلاته، سواءً كان من حاجة أو غيرها، حتى لو جاء وذهنه مشغول بأمور الدنيا ينبغي أن يطرح ذلك وراءه فيقبل على صلاته، وقل مثل هذا في كل ما يذهب الخشوع حر شديد، برد شديد، جوع شديد كل هذا ينبغي أن يتخلص منه ويقبل على صلاته، ويؤديها كما أمر.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا وصل إلى حدٍ بحيث يتشوش ذهنه ولا يحضر قلبه في صلاته الحكم واحد العلة معقولة.(25/27)
"حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن عبد الله بن الأرقم" القرشي الزهري الصحابي المعروف مات في خلافة عثمان "كان يؤم أصحابه فحضرت الصلاة يوماً فذهب لحاجته ثم رجع" كثيرٌ من الناس يحمل على نفسه من أجل أن لا تفوته الصلاة، ويصلي وهو يدافع الأخبثين، والجمهور على أن صلاته .. ، جماهير العلماء على أن صلاته صحيحة، لكن ليس له من صلاته إلا ما عقل، ليس له من صلاته إلا ما عقل، يذهب بعضهم إلى إبطالها إلى إبطال الصلاة؛ لأنه تعارض الأمر بالصلاة والنهي عن الصلاة وهو يدافع الأخبثين، إذا تعارض الأمر مع النهي وكل نهي يبطل العبادة عند أهل الظاهر.
((إذا أراد أحدكم الغائط فليبدأ به قبل الصلاة)) والغائط المعروف المكان المطمئن المنخفض الذي تقضى فيه الحاجة، ثم نقل إلى الحاجة نفسها من باب: إطلاق المحل وإرادة الحال، وفي الحديث: أنه لا يصلي وهو حاقن، فإن فعل فقال ابن القاسم عن مالك: أحبُّ أن يعيد في الوقت وبعده، وقال أبو حنيفة والشافعي وهو المعروف عند الحنابلة: إنه لا إعادة عليه إذا لم يترك شيئاً من فرائضه، من فرائض الصلاة، أحياناً قد يضطر في آخر الصلاة أن يترك ركن، ويتجوز في صلاته بحيث يترك ما لا تتم الصلاة إلا به فهذا لا بد من الإعادة، لكن إذا أتى بها بأركانها وشروطها وواجباتها صلاته صحيحة، ويبقى أنه ليس له من ثوابها إلا ما أدركه بعقله.(25/28)
وقال أبو حنيفة والشافعية: لا إعادة إن لم يترك شيئاً من فرائضه، وقال الطحاوي: لا خلاف أنه لو شغل قلبه بشيء من أمور الدنيا أنه لا تستحب له الإعادة فضلاً عن أن تجب إذا شغل قلبه عن أمور الدنيا، وكذا لو شغله أي شاغل سواءً كان من أمور الدنيا أو من أمور الآخرة، نعم ليس له من صلاته إلا ما أعقل، جاء عن عمر أنه كان يجهز الجيوش وهو في الصلاة -رضي الله عنه وأرضاه-، وكما قال الله -جل وعلا-: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [(4) سورة الليل] كلٌ يشتغل بما يهمه، فمن الناس من يهتم بأمور الدين، وقد تشغله حتى في صلاته وهذا ملاحظ، الذي يشتغل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو بصدد قضية معينة، ثم يدخل في صلاته تشغله هذه القضية، وهو خير على خير -إن شاء الله-، كما أن عمر يجهز الجيوش في الصلاة، وقد ينشغل بمباح وهذا كثير، وقد ينشغل بمحظور بمحرم.
من الصور التي تقع: الانشغال بأمرٍ مشروع، بما يشبه عمل المصلي، يعني افترض أن شخص خلف الإمام والإمام يقرأ بآيات مؤثرة فيبكي لا من قراءة الإمام، ولا من الآيات التي يقرأها، ولا بسبب الآيات التي يقرأها الإمام وهذا حصل، شخص في الدور الثاني في المسجد الحرام يطل على المطاف وفي أوقات الزحام، رأى الناس في المطاف يموج بعضهم في بعض فبكى من هذا المنظر، والإمام يقرأ آيات مؤثرة وبعض الناس يبكون بسبب القراءة هذا انشغال بأمر خير، لكن الأولى أن يقبل الإنسان على صلاته، ولا ينشغل بأي أمر ولو كان خيراً؛ لأن الأجر المرتب على الصلاة غير الأجر المرتب على غيرها، فضلاً على أن ينشغل بمباح، فضلاً على أن ينشغل بمحرم، بعض الناس تشغله أموره العادية المباحة، وبعض الناس ممن -نسأل الله العافية- يشتغل بالمحرمات بالمنكرات تشغله هذه المحرمات حتى في صلاته.(25/29)
ثم قال -رحمه الله تعالى-: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب قال: لا يصلين أحدكم وهو ضام بين وركيه" يعني من شدة الحقن والاحتقان والحصر، بعض الناس إذا أصيب بهذا ضم وركيه لئلا يخرج منه شيء، وقلنا: ثبت النهي من حديث عائشة وغيرها قال: ((لا يصلين أحدٌ بحضرة طعام، ولا وهو يدافع الأخبثان)) المقصود أن مثل هذا ينبغي أن يتقى بقدر الإنسان، ويفرغ الإنسان نفسه وقلبه ويقبل على صلاته بقلبٍ فارغ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني صارت عادته مطردة أو احتاج إليه في هذا الوقت؟ الكلام على الحاجة؛ لأن المسألة فيما يشغل القلب عن الصلاة بحيث لو صلى وهو محتاجٌ إلى طعامه، أو محتاجٌ إلى قضاء حاجته، أو محتاج إلى ما يلبسه ليدفع البرد أو الحر لم يعقل من صلاته شيء، هنا يشرع أن يفرغ من هذا الشاغل ثم يلتفت إلى صلاته.
طالب:. . . . . . . . .
عاد هنا مسألة المفاضلة بين الصلاة في وقتها وبين تحصيل الخشوع، والخشوع عند الجمهور سنة وليس بواجب، الخشوع عند الجمهور سنة وليس بواجب، وأوجبه جمعٌ من أهل العلم ابن رجب والغزالي وغيرهما أوجب الخشوع في الصلاة.
"باب: انتظار الصلاة والمشي إليها:
وحدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث: اللهم أغفر له، اللهم أرحمه)).
وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يزال أحدكم في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة)).
قال مالك: لا أرى قوله: ((ما لم يحدث)) إلا الإحداث الذي ينقض الوضوء.
وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يزال أحدكم في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة)).(25/30)
وحدثني عن مالك عن سمي مولى أبي بكر أن أبا بكر بن عبد الرحمن كان يقول: من غدا أو راح إلى المسجد لا يريد غيره ليتعلم خيراً أو ليعلمه، ثم رجع إلى بيته كان كالمجاهد في سبيل الله رجع غانماً.
وحدثني عن مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر أنه سمع أبا هريرة -رضي الله تعالى عنه- يقول: إذا صلى أحدكم ثم جلس في مصلاه لم تزل الملائكة تصلي عليه: اللهم أغفر له، اللهم أرحمه، فإن قام من مصلاه فجلس في المسجد ينتظر الصلاة لم يزل في صلاة حتى يصلي.
وحدثني عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ إسباغ الوضوء عند المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط)).
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب قال: يقال لا يخرج أحد من المسجد بعد النداء إلا أحد يريد الرجوع إليه إلا منافق.
وحدثني عن مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة الأنصاري -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس)).
وحدثني عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال له: ألم أر صاحبك إذا دخل المسجد يجلس قبل أن يركع، قال أبو النضر: يعني بذلك عمر بن عبيد الله، ويعيب ذلك عليه أن يجلس إذا دخل المسجد قبل أن يركع.
قال يحيى: قال مالك -رحمه الله-: "وذلك حسن وليس بواجب".(25/31)
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: انتظار الصلاة والمشي إليها" انتظار الصلاة: يعني في مكانها، يعني في المسجد، والمشي إليها مما يرتب عليه الحسنات بعدد الخطى، انتظار الصلاة قد يقول قائل: إن بعض الناس يفرغ نفسه للصلاة لكنه جالس في بيته ينتظر الأذان ثم يخرج إلى الصلاة هل نقول: إنه في صلاة وهو في بيته؟ لا، والمشي إليها رتب عليه أجر، وفيه: ((بني سلمة دياركم تكتب آثاركم)) ومعلومٌ أن هذا للبعيد من المسجد وهو أعظم أجراً من القريب إذا كان المشي مما تطلبه العبادة، ليس معنى هذا أن الإنسان إذا خرج من بيته وبيته قريب من المسجد أنه يدور الحي لتكثير الخطى، نقول: لا يا أخي هذا ما فيه أجر؛ لأن الأجر الذي يرتب عليه الثواب ما تطلبه العبادة؛ لأن المشقة لذاتها ليست من مقاصد الشرع، لكن لو كان البيت بعيد قلنا: نعم.
"باب: انتظار الصلاة" يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الملائكة تصلي)) " المعنى اللغوي: تدعو، تدعو لمن؟ لمن مكث في مصلاه ((تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه)) ما دام في مصلاه يعني ينتظر الصلاة، والمصلى يحتمل أن يراد به البقعة التي أدى فيها الصلاة، ويحتمل أن يكون المسجد الذي صلى فيه هذان احتمالان، فالمسجد مصلى وقد صلى في هذا المسجد كما أن البقعة التي أدى فيها هذه الصلاة مصلى أيضاً، والحديث هل يتناول الاحتمالين أو يتناول أحدهما دون الآخر؟ لا شك أن الإنسان إذا مكث في البقعة التي أدى فيها الصلاة دخل في النص دخولاً قطعياً، لكن إذا انتقل إلى مكانٍ آخر في المسجد ينتظر الصلاة أو جلس يذكر الله -جل وعلا- صلى بطرف المسجد أو في الصف الثاني الذي ليس فيه تكأة، وجلوسه في هذا المكان يتعبه، وانتقل إلى سارية أو إلى جدار أو إلى شيء يرتاح فيه، نقول: فضل الله واسع، ما دام ما يحبسه إلا الصلاة والذكر فضل الله واسع، وإن قال بعضهم: إن هذا لا يشمله لكن فضل الله واسع.(25/32)
ولو أن امرأة قعدت في مصلاها جلست في مصلاها في بيتها تنتظر الصلاة الثانية ((تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه)) ومعروف أن الخطاب للرجال يتناول النساء، فإذا جلست المرأة في مصلاها التي صلت فيه تذكر الله -جل وعلا- تنتظر الصلاة اللاحقة فالنص يتناولها -إن شاء الله تعالى-؛ لأنها حبست نفسها عن التصرف رغبةً في الصلاة.
يقول -عليه الصلاة والسلام-: ((الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث)) وهناك: ((فجلس في المسجد ينتظر الصلاة)) ((جلس في مصلاه)) مما يدل على أن الجلوس مقصود، وهل المراد به حقيقة الجلوس أو المراد به المكث في المسجد متعبداً لله -جل وعلا- بصلاة؟ لأنه إذا قلنا: إنه جلس معناه أنه لا يقوم ولا يصلي، المكث متعبداً لله -جل وعلا- بصلاة أو ذكر أو تلاوة أو حضور درس كل هذه أمور مطلوبة، لكن لو غلبه النعاس مثلاً وأخذ يذكر الله وهو يمشي في المسجد مستحضراً قول الله -جل وعلا-: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [(191) سورة آل عمران] فبدلاً من أن يجلس وينعس ولا يستحضر من قراءته ولا ذكره شيء يمشي في المسجد، أو كان محتاج إلى المشي مثلاً منصوح بأن يمشي فقال: بدلاً من أن أمشي في شوارع أو غيرها أجلس في المسجد أنتظر الصلاة وأذكر الله -جل وعلا- وأقرأ القرآن وأنا أمشي، نقول: يؤجر -إن شاء الله تعالى- على هذه النية، وعلى هذا البقاء، وعلى هذا المكث وإن نقص أجره عن أجر الجلوس، المقصود أنه ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) يعني لو جلس من غير قصد المكان بارد. . . . . . . . . الشموس، نعم أو دافيء. . . . . . . . .، هذا ما يؤجر عليه.
طالب:. . . . . . . . .
إيه ما يؤجرون إلا على إجابة أمرها بس.
طالب:. . . . . . . . .
لا جلوسه ما له قيمة، المقصود أن يجلس الشخص في مصلاه متعبداً لله -جل وعلا- بذلك.
طالب:. . . . . . . . .
لو قام إيش؟ يطوف؟ إيه نعم هذه عبادة من أفضل العبادات.
طالب:. . . . . . . . .(25/33)
وهو معد للصلاة؟ هذا المكان الذي جلس فيه معد للصلاة التي تلي هذه؟ هو مصلى، ما دام مصلى معد للصلاة التي صليت وما يصلى بعدها هو ينتظر الصلاة في مصلاه جلس في مصلاه مثل المرأة في مصلاها ما يلزم أن يكون المسجد ((ما لم يحدث)) هو ما دام في مصلاه ولو لم ينتظر الصلاة، المقصود أنه في مصلاه يذكر الله -جل وعلا- الذي صلى فيه ((ما لم يحدث)) سئل أبو هريرة -رضي الله عنه- عن الحدث فقال: إيش؟ "فساءٌ أو ضراط".
((اللهم أغفر له، اللهم أرحمه)) يعني هذا تفسير لقوله: ((تصلي على أحدكم)) يعني تستغفر له وتدعو له بالرحمة، وتمامه في البخاري: ((لا يزال أحدكم في صلاةٍ ما دامت الصلاة تحبسه، ولا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة)) وسيأتي هذا عند الإمام مالك مفصولاً عن الحديث، وهو في البخاري سياقه عند البخاري على أساس أنه حديث واحد.
طالب:. . . . . . . . .
مكث في مصلاه في بيته فاتته الصلاة وصلى في بيته، يكتب له -إن شاء الله- الملائكة تصلي عليه، لكن فاته من الأجر بقدر ما فاته من الجماعة إذا كان منفرداً.
" ((ما لم يحدث، اللهم اغفر له، اللهم ارحمه)) قال مالك: لا أرى قوله: ما لم يحدث إلا الإحداث الذي ينقض الوضوء" وجاء في بعض الروايات: ((ما لم يحدث، ما لم يؤذِ)) ولا شك أن الحدث باليد واللسان أشد مما أشير إليه في الكتاب؛ لأن الأذى من اليد واللسان أشد من الأذى بالحدث، نعم الحدث فيه أذى، وفيه رائحة كريهة، لكن الأذى باليد واللسان أبلغ فهو أولى، والحديث مطابقٌ لقوله تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ} [(7) سورة غافر] لمن؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم {لِلَّذِينَ آمَنُوا} [(7) سورة غافر].(25/34)
يقول: "وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يزال أحدكم في صلاة)) " في ثوابها لا في حكمها أنه يحرم عليه أن يتكلم ليس المراد به أنه في صلاة من جميع الوجوه، لكن يمنع مما يمنع منه المصلي من بعض الوجوه فلا يشبك بين .. ما دام ينتظر الصلاة، الآن الذي في طريقه إلى الصلاة في صلاة لا يشبك بين أصابعه، لكن بعد الفراغ من الصلاة وانتظار الصلاة الأخرى يشبك بين أصابعه أو لا يشبك؟ وهو ينتظر الصلاة الأخرى؟ ما يشبك، لكن لو كان لا ينتظر يريد أن يخرج يشبك كما في حديث ذي اليدين.
((ما كانت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة)) وهذا جزءٌ من الحديث السابق، وصنيع مالك يجعلهما حديثين، وأكثر الرواة ضم هذا إلى الأول فجعلوه حديثاً واحداً، يقول ابن حجر: "ولا حجر في ذلك" يعني يجوز هذا وهذا.
طالب:. . . . . . . . .
ينتظر صلاة إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
مطلقة مطلقة، حتى ولو كان في وقت نهي مثلاً وينتظر خروج وقت النهي ليصلي فضل الله واسع، إذا كانت الصلاة تحبسه ولا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة، ويقتضي أنه إذا صرف نيته عن ذلك صارفٌ آخر انقطع عنه الثواب المذكور، وكذلك إذا شارك نية الانتظار أمرٌ آخر صار عنده موعد، طيب لو انقطعت هذه النية هو جالس ينتظر الصلاة صلى الظهر وجلس ينتظر العصر ثم اتصل عليه واحد من التلفون قال: أنا أريد أن أقابلك، قال: خلاص حدد موعد قال: موعدك المكان الفلاني، وهو يتأهب للخروج اتصل عليه مرة ثانية قال: لا، اجلس في المسجد أنا أجيك، هذا قطع النية.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكنه قطع هذه النية، قطعها، أراد أن يخرج لمقابلة هذا الذي اتصل عليه، من نوى الإفطار أفطر.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذا نوى يخرج خلاص تكلم بيقابله بالمكان الفلاني وبيطلع، قبل أن يخرج من المسجد اتصل عليه مرة ثانية قال: اجلس في المسجد أنا أجيك، هذا انتهى هذا، قطع نيته، لكن تستمر نيته لو قال: لا، أنا والله ما أقدر أطلع، تجيني في المسجد وإلا الموعد بعد الصلاة هذا يستمر أجره.
طالب:. . . . . . . . .(25/35)
عاد الضرورات تقدر بقدرها ما منعه إلا أمرٌ ضروري الضرورة تقدر بقدرها معروف.
يقول الناظم -رحمه الله- ابن عبد القوي:
وخير مقامٍ قمت به وحلية ... تحليتها ذكر الإله بمسجدِ
وكثيراً ما يرد في الأحاديث أنه دخل على النبي في المسجد، فجاء إلى المسجد، المقصود أن هذا ديدنه -عليه الصلاة والسلام-.
"وحدثني عن مالك عن سمي مولى أبي بكر أن أبا بكر" يعني مولاه ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أحد الفقهاء السبعة "كان يقول: من غدا -الغدوة في أول النهار- أو راح -يعني في آخره من الزوال- إلى المسجد لا يريد غيره" غدا أو راح لا يريد غير المسجد، لكنه غدا هذا خرج من بيته غدوةً، أو راح من بيته يريد البقالة مثلاً ليقضي حاجة، ثم قابله ولده وقال له: روح اقض الحاجة أنت أنا بأروح المسجد، هذا ما غدا إلى المسجد، لكن عدوله عن هذا الأمر المباح إلى هذا الأمر الفاضل لا يحرم أجره -إن شاء الله تعالى-.
"إلى المسجد لا يريد غيره ليتعلم خيراً -من غيره قاصد درس مثلاً- أو ليعلمه -يعلم غيره الخير- ثم رجع إلى بيته كان كالمجاهد في سبيل الله رجع غانماً" يقول ابن عبد البر: وهذا لا يدرك بالرأي والاجتهاد؛ لأنه قطعٌ على غيبٍ من حكم الله وأمره في ثوابه، المقصود أنه يريد ابن عبد البر أن يقرر أن مثل هذا لا يقال بالرأي فله حكم الرفع.
طالب:. . . . . . . . .
هو بعيد من وجه باعتبار أن من أهل العلم من يجعل العلم باباً من أبواب الجهاد، وأجرى عليه بعض أحكام الجهاد في جواز السفر، المقصود أنه باب من أبواب الجهاد، لكن هل يرجع كالمجاهد في سبيل الله الذي ذهب ليقاتل الأعداء، المقصود فضل الله واسع.
جاء في الخبر أيضاً المرفوع من حديث سهل بن سعد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((من دخل مسجدي هذا ليتعلم خيراً أو ليعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله)) هذا مرفوع، حديث أبي أمامة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيراً أو يعلمه كان كأجر حاجٍ تاماً حجه)) أخرجهما الطبراني وإسناد كلٍ منهما حسن كما قال السيوطي.(25/36)
المقصود أن التعلم والتعليم من أفضل أبواب الجهاد، وأجره عظيم لمن أخلص فيه؛ لأن تعلم العلم الشرعي من أمور الآخرة المحضة التي لا يجوز فيها التشريك، فإذا أخلص العبد لربه فليبشر وليؤمل خيراً ((ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)).
"وحدثني عن مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر أنه سمع أبا هريرة يقول: إذا صلى أحدكم" فرضاً أو نفلاً؛ لأن حذف المفعول يدل على التعميم، إذا قلت: لا تعط زيداً أنت ما ذكرت لا تعطه ريال ولا عشرة ولا مائة ولا ألف، مقصوده لا تعطيه شيئاً من هذا كله، فحذف المفعول يدل على التعميم "إذا صلى أحدكم ثم جلس في مصلاه لم تزل الملائكة تصلي عليه" يعني تدعو له "اللهم أغفر له، اللهم أرحمه، فإن قام من مصلاه -يعني البقعة التي صلى فيها- فجلس في المسجد ينتظر الصلاة لم يزل في صلاة -حكماً- حتى يصلي" هناك لم تزل الملائكة تصلي عليه هذا إذا جلس في البقعة التي جلس فيها، إن انتقل إلى مكانٍ آخر فهو في صلاة ما دام ينتظر الصلاة.
يقول ابن عبد البر أيضاً: هذا مثل حديثه المرفوع إلا أنه يشمل الاحتمالين السابقين ذكرهما في المراد بالمصلى، وعند النسائي مرفوعٌ من طريق مالك أيضاً؛ لأنه هذا موقوف على أبي هريرة، لكن مثله لا يقال بالرأي فحكمه حكم الرفع.
على كل حال من جلس في المصلى البقعة التي صلى فيها دخل في هذه النصوص دخولاً قطعياً، فإن انتقل من هذا المكان إلى مكانٍ آخر في المسجد لمبررٍ واضح لا يستطيع أن يجلس بدون تكأة هذا يرجى له أن يكون كما لو جلس في المصلى.
إذا انتقل إلى مكانٍ آخر من دون قصدٍ صحيح وغرضٍ صحيح بل انتقل من مكان إلى آخر لمجرد الانتقال فهذا لا شك أن ثوابه أقل، ومثله لو لم يجلس يعني انتقل من مكان ثم إلى ثالث إلى رابع وهكذا، ولو استغرق الوقت مشياً وهو يذكر الله ويقرأ القرآن أو يصلي فإنه يرجى له الخير العظيم -إن شاء الله تعالى- ما دام جالس في المسجد في بيتٍ من بيوت الله ينتظر الصلاة فهو على خير -إن شاء الله تعالى-.(25/37)
"وحدثني عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب -المدني- عن أبيه -عبد الرحمن بن يعقوب الجهني المدني- .... أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ألا -هذا حرف تنبيه- ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا)) كناية عن غفران الذنوب والعفو عنها، أو محوها من كتب الحفظة ((بما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات)) المراد بها المنازل العالية في الجنة ((إسباغ الوضوء عند المكاره)) يعني في المشقات والشدائد كشدة الحر وشدة البرد ((إسباغ الوضوء عند المكاره، وكثرة الخطى -جمع خطوة- إلى المساجد)) ويكون ذلك ببعد الدار عن المسجد، وجاء في الحديث الصحيح: ((بني سلمة دياركم تكتب آثاركم))، ((وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط)) هذا رباط ومرابطة، وامتثال للأمر {وَرَابِطُواْ} [(200) سورة آل عمران] وإن كان الأصل في الرباط حقيقته الشرعية ملازمة الثغور، لكن الذي لا يتيسر له ذلك فليحرص على هذا؛ لأن المرابطة مأمور بها ((فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط)) يعني المرغب فيه، والحصر يدل على أن هذا النوع أفضل الرباط، وإذا قلنا: إن قوله: ((فذلكم الرباط)) من باب التشبيه يعني كالرباط اقتضى أنه دون الرباط في الثغور لكنه نوعٌ مرغبٌ فيه من أنواع الرباط.
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب قال: يقال: لا يخرج أحد من المسجد بعد النداء إلا أحد يريد الرجوع إليه" حيث خرج لحاجة لضرورة أحدث وأراد أن يجدد الوضوء هذا في حكم من بقي في المسجد، لو كان في درس مثلاً ومكث فيه إلى أن انتهى الدرس وخرج إلى مسجدٍ آخر فيه درس آخر، وأراد أن يدرك الدرس من أوله هذا أيضاً عذر في الخروج، وإن كان الأولى أن يخرج قبل الأذان.(25/38)
"إلا أحدٌ يريد الرجوع إليه إلا منافق" يريد أن ذلك من أفعال المنافقين، يقول ابن عبد البر: مثل هذا لا يقال من جهة الرأي، ولا يكون إلا توقيفاً، مع أن بعض الصحابة حكم على بعض الناس من خلال بعض التصرفات بأنه منافق، فدل على أن الصحابي قد يجتهد في تطبيق هذه الصورة، ويرى أنها من عمل المنافقين وإن لم تكن كذلك، فيمكن أن يقال هذا من جهة الرأي؛ لأن المنافق هو الذي يرغب عن الصلاة ويخرج عنها بعد أذانها هذا من أفعال المنافقين.
فروى مسلم وأبو داود وأحمد عن أبي الشعثاء قال: كنا قعوداً في المسجد مع أبي هريرة، فأذن المؤذن فقام رجلٌ من المسجد يمشي فأتبعه أبو هريرة بصره حتى خرج من المسجد، فقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم-، فالخروج من المسجد بعد الأذان بغير عذر لا يجوز، بل هو محرم، والصحابي صرح بأن هذه معصية.
طالب:. . . . . . . . .
علشان؟ هو إمامه مثلاً؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما هو مبرر هذا، ما هو مبرر لمخالفة هذه النصوص.
هناك خبر ذكروه عن سعيد قال: بلغنا أن من خرج بين الأذان والإقامة لغير الوضوء أنه يصاب، يعني يصاب بما يكره، وهذا من باب الترهيب من مثل هذا العمل، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(25/39)
الموطأ – كتاب قصر الصلاة في السفر (4)
شرح: باب: وضع اليدين على ما يوضع عليه الوجه في السجود، وباب: الالتفات والتصفيق عند الحاجة في الصلاة، وباب: ما يفعل من جاء والإمام راكع، وباب: ما جاء في الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وباب: العمل في جامع الصلاة.
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول هذا يستفسر عن الذي يصير خلال شهر محرم من لطمٍ ونياح وغيره من الكثير من الناس يقصد يوم عاشوراء؟
هذا أمر محرم مخالف للشرع أمرٌ مبتدع والنياحة جاءت النصوص الصحيحة الصريحة بتحريمها على الميت الذي يوجد سببه قائم محرم فكيف بما عدم سببه؟!
هذا يسأل عن أدب الطالب أثناء حضوره إلى الدرس؟
وكأنه يشير إلى ما حصل بالأمس من مكالمة طالت في جوال من أحد الإخوان بصوتٍ مسموع وطالت مرة، سكت سكت أريد أن يقطع ما أفاد، ما نفع، استمرت المكالمة، هذا ليس من الأدب أبداً، إذا ما عنده استعداد يتفرغ لحضور الدرس يريح نفسه لماذا يحضر؟ إذا أراد أن يستغرق جزء كبير من الوقت للمكالمات مثل هذا لا يحضر، ييسر عليه الأمر يأخذ الأشرطة ويسمع ويستفيد -إن شاء الله تعالى-، وإذا حضر الدرس يتفرغ للسماع والإفادة والسؤال عما يشكل لا بأس كل هذا مطلوب في الدرس.
عنده سؤال ثاني يقول: تبيين أحسن طبعات شروح الموطأ، يقول: وقعنا في حيرة فلا ندري أي الطبعات أفضل لا سيما الشروح المطولة كالتمهيد والاستذكار؟
الأصل في الطبعات بالنسبة للتمهيد هي الطبعة المغربية في أربعةٍ وعشرين جزءً، وظهر طبعة أخيرة ذكرها بعض الإخوان، وأنها مقابلة على نسخ لم يطلع عليها من حقق الكتاب من المغاربة، وأنا ما رأيت هذه الطبعة، وأما بالنسبة للاستذكار فالطبعة التي أعتمد عليها هي طبعة القلعجي في ثلاثين جزءً، فيها عناية وفيها تخريج لبعض النصوص، إلا أنه كبرها بالتعليقات المنقولة بحروفها من التمهيد، والتمهيد موجود لو أحال مجرد إحالة على موضع البحث من التمهيد واكتفى به اختصر.(26/1)
من الشروح التي ينبغي لطالب العالم أن يعنى بها: المنتقى للباجي، وهذا كتاب نفيس، والباجي من أئمة المالكية، وشرحه مطبوع في سبعة مجلدات كبار طبع السعادة طبعة قديمة، ومن الشروح المهمة التي انتقى فيها من جميع الشروح شرح الزرقاني وعمدته بالدرجة الأولى على فتح الباري، كتاب طيب نفيس، وأيضاً أخذ من الاستذكار وغيره من الشروح.
ومن الشروح شرح أوجز المسالك للكندهلوي مطبوع في خمسة عشر جزءً، الطبعة الهندية القديمة في ستة مجلدات، لكنه طبع طبعة بالحروف العربية، الطبعة الأولى بالحروف الفارسية الخط الفارسي، وإن كانت اللغة عربية، وكثير من طلاب العلم لا يطيق ولا يصبر على قراءة الخط الفارسي، هو طبع في خمسة عشر جزءً وهو كتابٌ طيب، وفيه نقول نافعة، مما يتميز به هذا الكتاب نقل المذاهب من كتب أصحابها، والشروح كثيرةٌ جداً، ذكرنا منها جملة في بداية الشرح، وأشرنا إلى أنه يوجد من المخطوطات الكم الهائل من شروح الموطأ المطولة والمختصرة، فالموطأ شرح بأكثر من مائة شرح، وهذا مذكور في الكتب التي تعتني بالكتب وشروحها.
يقول: أنا كنت مأموم وصليت خلف الإمام فلما سجد رأيتُ في قدمه لصقه هذا في صلاة المغرب، فلما صلى بنا العشاء كنت خلفه أيضاً ورأيتُ نفس اللصقة في نفس مكانها –مما يعني أنه لم يزلها- وأنا لا أدري إن كان يصلي هذه الصلاة بنفس وضوء المغرب أم لا؟ ولكن تبين لي أنه توضأ لها وضوءً خاصاً، فماذا علي؟ وماذا علي؟ ثانية لعله يريد: فماذا عليه؟ وماذا علي؟(26/2)
إن كانت في باطن القدم يعني كانت اللصقة التي تستعمل للجروح فهذه في الغالب يكون على علمٍ بها، وتكون لحاجة وبقدر الحاجة ويمسح عليها ويكفي، هذه إذا كانت هي اللصقة المعدة للجروح، وإذا كانت مما يلصق بالقدم من غير قصد فهذه لا بد من إعادة الوضوء، الوضوء لا يصح كثيراً ما يوجد مما يلقى على الأرض على سبيل المثال: التسعيرات التي تلصق في البضائع والسلع والكتب وغيرها ينزعها ثم يرميها، ثم تلصق بالقدم هذا كثير هذا، وإذا كانت في باطن القدم في الغالب أنه لا يحس بها فيغسل قدمه .. ، لا بد من إعادة الوضوء في هذه الحالة، وإذا كانت اللصقة المعدة للجروح فالذي يغلب على الظن أنه استعملها للحاجة، ولا شيء عليه إذا مسح عليها.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وحدثني عن مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة الأنصاري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس)) " وهذا الحديث متفق عليه، حديث أبي قتادة في تحية المسجد: ((إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس)) يركع ركعتين وهذا العدد لا مفهوم لأكثره، فلو صلى أربع ركعات، ست ركعات، ثمان ركعات، أوتر بثلاث، أوتر بخمس، أوتر بسبع لا بأس، صلى الفريضة أربع ركعات، أو ثلاث ركعات، أو ركعتين لا بأس؛ لأن المقصود من تحية المسجد كما يقول أهل العلم شغل البقعة، وتتأدى هذه التحية بأي صلاة، ولا مفهوم لأكثره، بمعنى أنه يصلي ركعتين فما زاد، واختلف في أقله بمعنى أنه لو دخل شخص في مثل هذا الوقت وحرصاً منه على الدرس قال: إذا صليت ركعتين فات دقيقتان على الأقل، أوتر بواحدة وتكون هي تحية المسجد وأوفر دقيقة، هذا على أقل الأحوال تتأدى ركعة مجزئة بدقيقة، يقولون: بالنسبة لأقله المفهوم معتبر، بمعنى أنه لو صلى ركعة واحدة ما امتثل هذا الأمر ((فليركع ركعتين)) وحينئذٍ لا تتأدى هذه السنة بأقل من ركعتين، واتفق الأئمة على أن هذا الأمر ((فليركع)) في قوله: ((فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) أنه على الندب، بهذا قال عامة أهل العلم.(26/3)
وذكر ابن حجر وغيره أن الظاهرية قالوا بوجوب الركعتين ركعتي تحية المسجد، وإن صرح ابن حزم بعدم الوجوب، لا يمنع أن يكون واحد من أئمة المذهب يخالف المذهب.
وثبت عن جمعٍ من الصحابة أنهم يدخلون المسجد ثم يخرجون ولا يصلون، ومن أقوى ما يستدل به على عدم الوجوب قول الأعرابي لما سأل عن الخمس قال: هل علي غيرها؟ قال: ((لا، إلا أن تطوع)) هذا يدل على أنه لا يجب غير الخمس على خلافٍ بين أهل العلم في مثل الوتر، مثل صلاة العيد، وصلاة الكسوف عند من يقول بوجوبها، والمسألة استدلال بالعموم يلجأ إليه إذا لم يعارضه ما هو أخص منه، وعلى كل حال الأدلة كثيرة على عدم الوجوب، وإليه ذهب عامة أهل العلم.
ثم قال: "وحدثني عن مالك عن أبي النضر -عن سالم بن أبي أمية أبي النضر- مولى عمر بن عبيد الله عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال له" أبو سلمة بن عبد الرحمن قال لأبي النضر: "ألم أر صاحبك" يعني مولاه عمر بن عبيد الله المذكور "إذا دخل المسجد يجلس قبل أن يركع" ينتقد، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين)) وعمر بن عبيد الله يدخل المسجد ولا يركع ركعتين "قال أبو النضر يعني بذلك عمر بن عبيد الله، ويعيب ذلك عليه أن يجلس إذا دخل المسجد قبل أن يركع" يعني التحية، فإذا كان حكمها الاستحباب والندب فلا يعني أن الإنسان إذا لم يصل هاتين الركعتين يأثم، لكن هذا ليس بمبرر للشخص أن يفرط بمثل هذه السنة المأمور بها وإن لم يأثم، يعاب إذا كان ديدنه ذلك، هذا لا شك أنه حرمان، وعدم اكتراث بالسنة، وأهل العلم يقدحون بالمواظبة على ترك السنن، والذي يترك الوتر وإن كان سنة يقول الإمام أحمد: هذا رجل سوء ينبغي أن لا تقبل شهادته، لكن هل يأثم؟ لا يأثم.(26/4)
((فليركع ركعتين)) هذه تسمى تحية المسجد، وهي من ذوات الأسباب عند أهل العلم، هذا الأمر يتعارض مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس))، ((ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس)) في الأوقات الخمسة المعروفة التي منها هذان، ومنها الثلاثة التي جاءت في حديث عقبة بن عامر: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلى فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا" فإذا دخل المسلم المسجد في هذه الأوقات فهل يترك لما ثبت من النهي أو يمتثل هذا الأمر فيصلي ركعتين؟ ((إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس)) وهذا عامٌ في جميع الأوقات، عام في جميع الأوقات خاص بهذه الصلاة، وأحاديث النهي خاصة في هذه الأوقات عامة في جميع الصلوات، فلو سأل سائل قال: دخلت بعد العصر أو بعد الصبح أو قبيل الغروب أو مع طلوع الشمس أو حين يقوم قائم الظهيرة أصلي وإلا ما أصلي؟ ماذا نقول له؟ نقول له: يصلي وإلا ما يصلي؟ الأئمة الثلاثة يقولون: لا يصلي، أبو حنيفة ومالك وأحمد يقولون: لا يصلي، لماذا؟ يقولون: مثل هذا الحديث عام في جميع الأوقات، وأحاديث النهي خاصة في الأوقات المذكورة والخاص مقدم على العام، يقابل هذا القول قول الشافعية، يقولون: يصلي امتثالاً لمثل هذا الأمر، طيب ماذا عن أحاديث النهي؟ يقولون: أحاديث النهي عامة في جميع الصلوات في جميع الصلوات وهذا خاص بهذه الصلاة، والخاص مقدم على العام، وأنتم تسمعون هذا كثير في كلام من يتصدى للفتوى، أحاديث النهي عامة وحديث ذوات الأسباب خاصة، والخاص مقدم على العام، هذا يسلم وإلا ما يسلم؟ يعني ليس قبول هذا القول بأولى من قبول القول الآخر؛ لأن أولئك يقولون: أحاديث النهي خاصة بهذه الأوقات، وحديث ذوات الأسباب عامة في جميع الأوقات ((إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين)) يعني في غير الأوقات المنهي عنها، فبين النصوص الواردة في ذوات الأسباب ومن أوضح هذه الصلوات تحية المسجد، النصوص الواردة في ذوات الأسباب مع أحاديث النهي عن الصلاة في الأوقات الخمسة بينها إيش؟ عموم وخصوص من وجه، عموم وخصوص وجهي، يعني الثلاثة حينما قالوا: بين هذه النصوص عموم وخصوص مطلق والخاص(26/5)
مقدم على العام فلا يصلي الداخل، وقابلهم الشافعية فقالوا: أحاديث النهي عامة وأحاديث ذوات الأسباب خاصة، والخاص مقدم على العام، نقول: كلاكما مصيب، فبين هذه النصوص عمومٌ وخصوص وجهي، بمعنى أن أحاديث النهي أعمُّ من وجه وأخص من وجه، وأحاديث ذوات الأسباب أعم من وجه وأخص من وجه، وهل حينئذٍ يتسنى أن نقول: الخاص مقدم على العام؟ لا، ما يمكن، ما يمكن أن نقول: الخاص مقدم على العام.
إذا كان التعارض بهذه المثابة التكافؤ في الدلالة لا بد حينئذٍ من مرجحٍ خارجي، تجد كثير من طلاب العلم يعني بعد الثورة على التقليد التي حصلت قبل ربع قرن يسخر من شخص يدخل العصر ويجلس، وين هذا؟ هذا مقلد جامد هذا يسخر منه، ومعه من النصوص مثل ما معك التي تمثل الطرف الآخر، فلا شك أن بين النصوص عموم وخصوص وجهي، أحاديث النهي أعم من وجه وأخص من وجه، وحديث ذوات الأسباب أعم من وجه وأخص من وجه، وحينئذٍ لا نستطيع أن نرجح من النصوص أنفسها بينها، إنما نرجح بأمور خارجية.
أنت قرأت ما كتبه البخاري في صحيحه في الطواف بعد الصبح وبعد العصر؛ لأنه أورد أحاديث النهي تحت هذه الترجمة، وأورد خبر عمر أنه طاف بعد الصبح ولم يصل الركعتين إلا بذي طوى، وأورد أحاديث النهي عن الصلاة، والشارح حشد الأدلة على هذا حديث جابر في المسند: "لم نكن نطوف مع النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد الصبح ولا بعد العصر" طالب العلم إذا بحث مسألة ينبغي أن يستوعبها ويستقصيها، لماذا أخر عمر -رضي الله عنه- ركعتي الطواف إلى أن خرج إلى ذي طوى؟ حتى يخرج وقت النهي، والأمر ليس من السهولة بحيث يأتي آحاد الطلبة ويرجحون ولأن المسألة أعظم من ذلك، هذه يقول أهل العلم: إنها من عضل المسائل، حتى قال بعضهم: لا تدخل المسجد في أوقات النهي، يعني حرج شديد.
طالب:. . . . . . . . .(26/6)
هذا الذي ذكره الأخ الآن، ما يلزم يا أخي، أنت لا تنظر للمسألة بعينٍ واحدة، انظر عليها بالعينين معاً، فإذا نظرنا إلى أن هذا إمام عارضه ثلاثة أئمة لكنها صادفت وقت، هذه المسألة من المسائل التي صادفت وقت في ثورة على التقليد، فصار بعض الناس يسخر ممن يجلس ولا يصلي، يقول: هذا مقلد؛ لأنه ما يعرف إلا مذهب الحنابلة هذا، وكلام شيخ الإسلام:
إذا قالت حذام فصدقوها ... . . . . . . . . .
ولا ينظر في النصوص مع قول شيخ الإسلام، شيخ الإسلام إمام ولا أحد يتطاول على أن يناقش شيخ الإسلام فضلاً على أن ينال منه وليس بالمعصوم، المقصود أن هذه المسألة يقول أهل العلم: إنها من عضل المسائل، ليست بالمسألة السهلة التي تقول فيها: خاص وعام ومقدم .. ، ما هو بصحيح.
يعني إذا نظرنا إلى من قال بالقولين عندنا أئمة ثلاثة، ثلاثة من الأئمة يقولون: لا تصلِ في هذا الوقت وواحد يقول: صل تمسكاً بما جاء في أحاديث ذوات الأسباب، وأولئك عملوا بأحاديث النهي وجعلوها خاصة في هذه الأوقات، وما عدا ذلك صل كيفما شئت، حتى الظاهرية الذين أوجبوا تحية المسجد ماذا يقولون؟ يقولون: تجب تحية المسجد على كل من دخل المسجد طاهراً في وقت تجوز فيه النافلة، أهل الظاهر هذا المذهب نفسه، تبي تقول لي: وين قالوه؟ ما أدري وين قالوه؟ هذا كلام أهل العلم نقلاً عنهم، عندك له كتاب داود؟ إحنا ما عندنا من كتب الظاهرية إلا ابن حزم، ابن حزم صرح بعدم الوجوب، يعني على القول بالوجوب يقولون: وقت النهي لا تصلِّ وهي واجبة عندهم.
نعود إلى أصل المسألة لما قلنا: نطلب مرجح خارجي، الجمهور بم رجحوا قولهم؟ الجمهور قالوا: الحظر مقدم على الإباحة ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) ((إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)) إذاً أيهما أقوى الأمر وإلا الحظر؟ الحظر أقوى، ونحن إذا قال لنا الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((فليركع ركعتين)) في وقت النهي لا نستطيع؛ لأنه نهانا عن هذه الصلاة، الذي أمرنا بهذا هو الذي نهانا على أن نصلي في هذا الوقت، إذاً لا نستطيع أن نخالف نهيه، ونهيه مقدم على أمره، بهذا يرجح الجمهور.
طالب:. . . . . . . . .(26/7)
أنا ودي أن نكمل المسألة ثم بعد ذلك نشوف الإخوان، واضح وإلا ما هو بواضح كلامهم؟
طيب الشافعية عندهم مرجحات، الشافعية يتفقون مع الجمهور بأن الحظر مقدم على الإباحة، وهم يعبرون بالإباحة بما هو أعم من ذلك بما يشمل السنة، الشافعية بما يرجحون قولهم، أنا ودي الإخوان يصيرون على علم من قول البخاري -رحمه الله-: "باب: الطواف بعد الصبح وبعد العصر" وأورد أحاديث النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر في الباب، وأورد خبر عمر -رضي الله عنه- أنه طاف بعد الصبح ولم يصلِّ إلا بذي طوى، يمكن أن يقول هذا ويصح عنده حديث: ((يا بني عبد مناف))؟ يمكن؟ ما يمكن أن يقول هذا.
فالحاصل أن الشافعية عندهم مرجحات، مقرر عند أهل العلم عند الشافعية وغيرهم أن قوة الخبر بقدر حفظه من المخصصات، وضعفه بقدر ما يدخله من المخصصات، فالعموم الذي يدخله من المخصصات أكثر أضعف من العموم الذي يدخله من المخصصات أقل فضلاً عن العموم المحفوظ، نأتي إلى عموم: ((إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين)) هذا عموم دخله من مخصصات .. ، ما فيه إلا خصوص الأوقات الذي مرَّ بنا، الخصوص الموجود في أحاديث النهي في هذه الأوقات، وإذا نظرنا إلى أحاديث النهي دخلها من المخصصات خصوص أحاديث ذوات الأسباب، دخلها فعل الفرائض الفائتة في أي وقت، فإذا تذكر الإنسان الفائتة نسيها أو صلاة تبين له بطلانها يصليها في أي وقت حتى أوقات النهي، إذاً دخل عموم أحاديث النهي من التخصيص أكثر مما دخل أحاديث ذوات الأسباب، فالشافعية يرجحون بهذا.(26/8)
إذا نظرنا إلى أوقات النهي وجدناها قسمين: قسم موسع وقسم مضيق، اثنان موسعان وثلاثة مضيقة، النبي -عليه الصلاة والسلام- أقر من صلى ركعتي الصبح بعد صلاة الصبح، هذا مخصص، النبي -عليه الصلاة والسلام- قضى ركعتي الظهر بعد صلاة العصر هذا مخصص، لكن أن نلاحظ أن مثل هذه النصوص إنما هي في الأوقات الموسعة، والنهي عن الصلاة في الوقتين الموسعين عند بعض أهل العلم كابن عبد البر وابن رجب وغيرهما النهي عن الصلاة فيه من باب سد الذريعة لا لذاته؛ لئلا يتمادى الإنسان في الصلاة حتى يصلي في الوقت المضيق، فإذا كان الأمر كذلك فالصلاة فيهما أخف من الصلاة في الأوقات الثلاثة المضيقة، وعلى هذا فالمرجح عندي -أنتم سمعتم أقوال الأئمة- أن من دخل المسجد في الوقتين الموسعين يصلي، ومن دخل في الأوقات الثلاثة المضيقة لا يصلي، وشاهدنا من أهل العلم الذين تبرأ الذمة بتقليدهم، بل من أهل النظر والتحري من يدخل المسجد قبل أذان المغرب بخمس دقائق ويصلي ولا يعاب عليه هذا، فمن صلى لا يعاب عليه، له سلف ومعه نصوص، والذي لا يصلي له سلف ومعه نصوص، لكن هذا المتوجه عندي أنه إذا دخل في الوقتين الموسعين الأمر فيه سعة؛ لأن النهي عن الصلاة في هذين الوقتين إنما هو من باب سد الذريعة، بينما الأوقات الثلاثة المضيقة لذاتها فلا يصلي، وهي أيضاً وقت يسيرة يعني يحتمل الوقوف، يحتمل أدنى شيء، لو ما صلى جلس ما عليه شيء، امتثل هذا النهي تقرب بذلك إلى الله -جل وعلا-، الذي نهاه من يملك النهي، ولو انتظر واقف الأمر فيه سعة.
الظاهرية وهو اللائق بمذهبهم ولا أدري هل قالوه بالفعل أو هو من باب الإلزام قالوا: إذا دخل في وقت النهي يضطجع، إذا دخل المسجد في وقت النهي يضطجع؛ لأنه ما جلس قبل أن يجلس هو ما جلس، يعني مثل ما يقال له: انتظر واقف، عندك خمس دقائق أوقف ما يضرك علشان ما تقع في الحرج، الوقوف بالفعل ما جلس، لكن إذا اضطجع؟ يقول الظاهرية: ما عليه خلاص المقصود أنه ما جلس قطعاً ما خالف النص، يعني لو دخل واحد يبي يدخل المسجد يأخذ له حاجة وإلا شيء نقول له: صل ركعتين ما جلست وهو ما هو بجالس، وفيه النهي أيضاً، فيه النهي.(26/9)
ماذا تستشف من قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) ((إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه))؟ يعني النهي فيه قوة، يعني مخالفة النهي لا شك أنها أعظم من مخالفة الأمر في الجملة، وإن كان شيخ الإسلام يرجح العكس -رحمه الله- يرجح العكس؛ لأن معصية آدم فعل محظور، ومعصية آدم ترك مأمور، على كل حال من أهل العلم من يرى أنه لا يدخل المسجد في أوقات النهي.
طالب:. . . . . . . . .
حينما تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول، وحين تتغيب الشمس للغروب حتى تغرب هذه الأوقات المضيقة.
طالب:. . . . . . . . .
لا الإنسان عليه أن يرجح ويفعل ما يدين الله به؛ لأن هذا تعارض ما هو بتنوع أبداً، هذا تعارض.
طالب:. . . . . . . . .
هم بعد يستدلون بمن دخل وتخطى رقاب الناس فقال له: ((اجلس فقد آذيت)) ما قال له: اركع ركعتين.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، الأدلة كثيرة على عدم وجوبها، أيضاً الثلاثة النفر الذين أقبلوا، فأقبل اثنان وأدبر الثالث، ما حفظ أنهم صلوا تحية مسجد، جلسوا على الحلقة على طول.
طالب:. . . . . . . . .
لا الأدلة متظافرة على عدم وجوبهما، مصلى العيد النبي -عليه الصلاة والسلام- ذهب إلى المصلى وصلى وخطب ولم يصل قبلهما ولا بعدهما.
أقول: مصلى العيد، المصلى له أحكام تخصه، والمسجد له أحكامه، فإذا كانت صلاة العيد بالمسجد وهما يشتركان في بعض الأمور ويختلفان في بعض الأمور، المقصود أنه إذا كانت صلاة العيد في المسجد، ومثلها في حكمها عند أهل العلم الاستسقاء إذا كانت في المسجد فالمسجد له أحكامه تصلي ركعتين، ويكون حتى في مسجد مصلى العيد الذي أمر الحيض باعتزاله حكمه حكم المسجد، وعلى هذا إذا دخل المأموم يصلي ركعتين، وكونه -عليه الصلاة والسلام- لم يصلِّ ركعتين إيه دخل إلى الجمعة وما صلى ركعتين، المسجد الذي أمر الناس .. ، الذي أمر الداخل بأن يصلي ركعتين وهو ما صلى ركعتين، فالإمام له ما يخصه من الأحكام، والمأموم له ما يخصه من الأحكام.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم(26/10)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اجز شيخنا عنا خير الجزاء.
قال الإمام أبو عبيد الله فيما يرويه عن أبيه في روايته لموطأ مالك -رحمهم الله أجمعين-:
"باب: وضع اليدين على ما يوضع عليه الوجه في السجود:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان إذا سجد وضع كفيه على الذي يضع عليه جبهته، قال نافع: ولقد رأيته في يوم شديد البرد وإنه ليخرج كفيه من تحت برنس له حتى يضعهما على الحصباء.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول: من وضع جبهته بالأرض فليضع كفيه على الذي يضع عليه جبهته، ثم إذا رفع فليرفعهما فإن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: وضع اليدين على ما يوضع عليه الوجه في السجود" من سجد على فراش أو حصير أو على الخمرة يضع اليدين على ما وضع عليه الوجه، فإذا كان الوجه مباشراً للأرض تباشر اليدان، وإذا كان هناك حائل فليكن للجميع؛ لأن حكم الوجه واليدين واحد بخلاف بقية أعضاء السجود السبعة ((أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء)) ما هي؟ الجبهة وأشار إلى نفه، واليدين والركبتين وأطراف القدمين، فاليدان حكمهما حكم الوجه، تباشر ما يباشره الوجه وهذا على سبيل الوجوب وإلا الاستحباب؟ يعني إذا كان يشق عليه إخراج اليدين من برد شديد مثلاً وسجد وهما في ثوبه أو في بشته.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا سجد وضع كفيه على الذي يضع عليه جبهته" لأن حكم اليدين حكم الوجه بخلاف سائر أعضاء السجود، فيستحب أن يباشر بجبهته ويديه الأرض؛ لأن السجود يكون عليهما "قال نافع: ولقد رأيته في يوم شديد البرد وإنه ليخرج كفيه من تحت برنس له حتى يضعهما على الحصباء" تحصيلاً لهذه السنة، وكان سالم وقتادة وغيرهما يباشرون بأكفهم الأرض، وأمر بذلك عمر -رضي الله عنه-، وأما حديث: "صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مسجد بني عبد الأشهل فرأيته واضعاً يديه في ثوبه إذا سجد" هذا إيش؟ ضعيف؛ لأن فيه إسماعيل بن أبي حبيبة قال الحافظ: فيه ضعف.(26/11)
حديث وائل عن إيش؟ عن ابنه: أنه رآهم يسجدون وعلى أيديهم جل الثياب، يسجدون وأيديهم في ثيابهم، هذا المثال الذي يمثل به لرواية الأكابر عن الأصاغر، المقصود أن هذا ليس على سبيل اللزوم والوجوب، إنما هي كراهة والكراهة تزول بأدنى حاجة، لكن إذا تحمل الإنسان المشقة وأبرز يديه في وقت البرد الشديد له أجره كما كان ابن عمر يفعل، وهو من أصحاب العزيمة -رضي الله عنه وأرضاه-.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: من وضع جبهته في الأرض فليضع كفيه على الذي يضع عليه جبهته" يعني لأن حكمهما واحد "ثم إذا رفع فليرفعهما" يعني إذا رفع من السجود يرفع يديه، ما يبقي يديه في مكانهما حتى يسجد السجدة الثانية، لماذا؟ لأنه لا يتم الاعتدال من السجود إلا برفع اليدين، ما هو معنى رفع اليدين أنه يرفعهما كما يرفع إذا كبر للإحرام أو إذا ركع أو إذا رفع من الركوع، لا، يرفعهما عن الأرض؛ لأنه لا يتم الاعتدال من السجود إلا برفعهما عن الأرض "فإن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه" وهذا تعليلٌ للأمر بوضعهما على الأرض، وفي الصحيحين وغيرهما: ((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم)) ومعلومٌ أن الركبتين يجب سترهما والصلاة بالخفين أمرها مستفيض معروف، فلا يلزم لها كشف القدمين، وأما الركبتان فهما تبعاً للعورة في قول كثير من أهل العلم.
طالب:. . . . . . . . .
هم يفرقون بين الحائل المتصل والحائل المنفصل، الحائل المنفصل ما يرون فيه بأس، تفرش سجادة ما في بأس، لكن تسجد على شماغك وإلا على شيء متعلق بك ينفصل بانفصالك مثل هذا متصلٌ بك يكرهونه، لكن إذا وجدت الحاجة تزول هذه الكراهة، فإذا كان هناك حر شديد أو برد شديد، أو شيء يذهب الخشوع غبار أو الفرشة قديمة وفيها روائح وإلا فيها شيء بعض الناس ما يتحمل.
نعم اقرأ.
"باب: الالتفات والتصفيق عند الحاجة في الصلاة:(26/12)
حدثني يحيى عن مالك عن أبي حازم سلمة بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم وحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- فقال: أتصلي للناس فأقيم؟ قال: نعم، فصلى أبو بكر فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف في الصف فصفق الناس، وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته، فلما أكثر الناس من التصفيق التفت أبو بكر فرأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأشار إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أمكث مكانك، فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ذلك، ثم استأخر حتى استوى في الصف، وتقدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلى ثم انصرف، فقال: ((يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك؟ )) فقال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((مالي رأيتكم أكثرتم من التصفيح، من نابه شيء في صلاته فليسبح، فإنه إذا سبح التفت إليه وإنما التصفيح للنساء)).
وحدثني عن مالك عن نافع أن بن عمر -رضي الله عنهما- لم يكن يلتفت في صلاته.
وحدثني عن مالك عن أبي جعفر القارئ أنه قال: كنت أصلي وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- ورائي ولا أشعر فالتفت فغمزني".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: الالتفات والتصفيق عند الحاجة في الصلاة" الالتفات والتصفيق عند الحاجة، الالتفات بالوجه عند أهل العلم مكروه، وهو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد، والكراهة تزول عند الحاجة، وأما التصفيق فقد فعلوه وأنكر عليهم وبين أن الرجال لهم التسبيح -عليه الصلاة والسلام-، والتصفيق هو اللائق بالنساء.(26/13)
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن أبي حازم سلمة بن دينار عن سهل بن سعد" قلنا مراراً: إن أبا حازم الذي يروي عن سهل بن سعد هو سلمة بن دينار الزاهد المعروف "عن سهل بن سعد" الأنصاري الخزرجي "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذهب إلى بني عمرو بن عوف -بن مالك بن الأوس- ليصلح بينهم" لخلافٍ وقع وشجار ونزاع "وحانت الصلاة" وهي صلاة العصر "فجاء المؤذن" وهو بلال "إلى أبي بكر الصديق" لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال له -لبلال-: ((إن حضرت الصلاة ولم آتك فمر أبا بكر فليصلِّ بالناس)) فجاء بلال امتثالاً لهذا الأمر "إلى أبا بكر الصديق، فقال: أتصلي للناس؟ " عنده أمر من النبي -عليه الصلاة والسلام- ((فمر أبا بكر فيصلّ بالناس)) ثم بعد ذلك حضرت الصلاة وحانت فجاء بلال امتثالاً لهذا الأمر "فقال: أتصلي للناس؟ " وهكذا ينبغي أن يكون إذا كان الخطاب من الصغير إلى الكبير أن يكون على سبيل العرض لا على سبيل الإلزام، هو عنده أمر من النبي -عليه الصلاة والسلام-، ما قال: قم يا أبا بكر صل بالناس "أتصلي للناس فأقيم؟ " يعني لو قال أبو بكر: لا، ابحث عن غيري، بين له أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمره، فإذا فعل ما عرض عليه من غير مرادة ولا محاورة ذلك المطلوب، ويكون هذا هو الأسلوب المناسب في مثل هذه الظروف.(26/14)
"أتصلي للناس فأقيم؟ -على سبيل العرض- قال: نعم، فصلى أبو بكر" صلى أبو بكر (صلى) فعل ماضي، والأصل في الماضي أنه يراد به الفراغ من الفعل، لكن المراد به هنا شرع في الصلاة وأخذ فيها، دخل في الصلاة "فصلى أبو بكر، فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والناس في الصلاة -جملةٌ حالية- فتخلص حتى وقف في الصف -عليه الصلاة والسلام-" تخلص: شق الصفوف، وفي رواية مسلم: "فخرق الصفوف" يعني لأنه -عليه الصلاة والسلام- جاء من الخلف "حتى وقف في الصف" ولا شك أن النبي -عليه الصلاة والسلام- له من الخصوصية مما جعله يستثنى من بعض الأحكام، وإلا لو فعل غيره تخلخل الصفوف خمسة صفوف ستة صفوف حتى وقف بجانب الإمام، هو الإمام الراتب وكلف شخص يصلي بالناس، ثم قال: لا، أنا أقتدي بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، وآذى الناس، وتخلخل الصفوف، ووقف بجوار الإمام، وصلى هو، يكون حينئذٍ أحسن وإلا أساء؟ هذا من النبي -عليه الصلاة والسلام- مقبول؛ لأنه له ما يخصه،. . . . . . . . . مبرر في كونه يؤم الناس، هو الإمام الأعظم، هو القدوة والأسوة.
"فصفق الناس" والتصفيق والتصفيح ضرب إحدى اليدين بالأخرى "وكان أبو بكر -رضي الله عنه- لا يتلفت في صلاته" لا يلتفت في صلاته هذه مما يعد في مناقب أبي بكر -رضي الله عنه وأرضاه-، لكن إذا سمعها الصغير من طلاب العلم يقول: أبو بكر أفضل الأمة بعد نبيها يقال: إنه لا يلتفت في صلاته، آحاد الناس لا يلتفت في صلاته فكيف مما يذكر من مناقب أبي بكر أنه لا يلتفت في صلاته؟! أنت طيب لو يصلي عندك بزر ويتلفت كنت تلومه، ما تلومه وتقول له: ليش تلفت يا أخي اخشع والتفت إلى صلاتك؟ حتى لو حدث أمرٌ عظيم، لو قدر أن هناك جيش غازي لا يمكن أن يلتفت أبو بكر -رضي الله عنه-، لا يمكن أن يلتفت في صلاته أبو بكر مهما عظم الأمر.(26/15)
"فلما أكثر الناس من التصفيق" فظن أبو بكر أن هذا لخلل في صلاته، ولم يقدر هذا الخلل، "التفت -رضي الله عنه وأرضاه-" على خلاف المعتاد "فرأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأشار إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن امكث مكانك" امكث: فعل أمر "فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" ظاهره أنه تلفظ بالحمد، وادعى بعضهم أنه أشار بيده بما يدل على الحمد ولم يلفظ، لكن ظاهر اللفظ أنه تلفظ به "فحمد الله على ما أمره به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ذلك" لا شك أن هذه مزية ومنقبة لأبي بكر أن يأمره النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يستمر إماماً ويصلي خلفه.
"ثم استأخر حتى استوى في الصف" أبو بكر -رضي الله عنه- امتثل الأمر وإلا خالف الأمر؟ خالف الأمر، النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: "امكث مكانك" وأبو بكر أفضل الأمة خالف هذا الأمر "حتى استوى في الصف" لأنه فهم من هذا الأمر إيش؟ التكريم له، فعندنا أمر نبوي ومخالفة لهذا الأمر من أجل احترام النبي -عليه الصلاة والسلام-، وننتبه لهذا؛ لأن بعض المبتدعة يستمسك بمثل هذا، وعنده أوامر صريحة يقول: لا، أنا ما .. ، أبو بكر قدوة، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم)) نقول: لا، نطريه ونغلو فيه من باب احترامه؛ لأن أبا بكر خالف، خالف الأمر احتراماً للنبي -عليه الصلاة والسلام-، نقول: فعل أبي بكر اكتسب الشرعية من إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- هل لأحدٍ أن يخالف أمره، من أين يكتسب الشرعية في المخالفة بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-؟ فهمنا أن فعل أبي بكر صحيح من إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن إذا جاءنا أمر صريح وقلنا: لا، نحترم الرسول -عليه الصلاة والسلام- لأننا أمرنا بنصوص قطعية: تعزروه وتوقروه.(26/16)
المقصود أن عندنا أمر: امكث مكانك، يعني الزم مكانك، خالف أبو بكر هذا الأمر احتراماً للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وبعض المبتدعة يقول: إن الاحترام مقدم على امتثال الأمر، فإذا قيل له: لماذا تقول في التشهد: "اللهم صلِّ على سيدنا محمد" والعبادات توقيفية؟ يقول: هذا من باب الاحترام، أبو بكر خالف الأمر الصريح وهذا ما فيه أمر ولا نهي، نقول: العبادات توقيفية، أبو بكر خالف وأقر على المخالفة، واكتسبت مخالفته الشرعية بإقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-، فمن أين لعملك ما يدل على الشرعية؟ لأن هذا مدخل لبعض المبتدعة فلا بد من الوقوف عنده.
"استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف، وتقدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلى ثم انصرف، فقال: ((يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك؟ )) فقال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة" تواضع ما قال: ما كان لي، ما كان لأبي بكر، لا، "ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، وفي رواية: "أن يؤم النبي -صلى الله عليه وسلم-" "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. " يعني لم يستدرك ولم يثرب ولم يعتب على أبي بكر، إنما اتجه إلى المصلين "فقال: ((مالي رأيتكم أكثرتم من التصفيح)) " هذا الإنكار متجه إلى أصل التصفيح والتصفيق أو هو متجه إلى كثرته؟ بمعنى أنهم لو صفقوا مرة واحدة ما يثرب عليهم؟ ظاهر اللفظ أن الإنكار للإكثار، من الإكثار، لكن التعليل في ختام الحديث يدل على أن التصفيح والتصفيق بالنسبة للرجال مما ينبغي أن ينكر {وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً} [(35) سورة الأنفال] فالمكاء: هو الصفير، والتصدية: أي التصفيق.
((من نابه شيء في صلاته فليسبح)) (من) من صيغ العموم ((من نابه شيء في صلاته فليسبح، فإنه إذا سبح التفت إليه، وإنما التصفيح للنساء)) من نابه من صيغ العموم، لكن النساء يخرجن بقوله: ((وإنما التصفيح للنساء)) طيب لو وجد خنثى في المصلين يسبح وإلا يصفق؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
يجمع؟ لا، هذا مشكل، ما في غالب ولا مغلوب.
طالب:. . . . . . . . .(26/17)
شلون أدرى بحاله؟ هو يسأل يسأل يقول: ويش أسوي؟ أسبح وإلا أصفق؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو الخنثى المشكل هو لا بد أن يصير لا مع الرجال ولا مع النساء، في صفٍ متوسط، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يسكت؟ ما في غيره، ما انتبه غيره إيش يسوي؟
طالب:. . . . . . . . .
اللي هو إيش؟ لا ما هو بالأصل الذكورة هو مشكل، لا هو عندنا ما يشمله في النص، عندنا ما يشمله في النص ((من نابه)) يشمل الجميع ((من نابه شيء في صلاته فليسبح)) يشمل الجميع الرجال والنساء والخناثى وكل المصلين، لكن خرج من هذا النص النساء بالنص، يبقى من عداهم على التسبيح.
طالب:. . . . . . . . .
على الأصل أنه يسبح هذا الأصل أن يسبح ((من نابه شيء)) شيء نكرة في سياق الشرط تعم.
طالب:. . . . . . . . .
الأصل أن يسبح، لكن إذا جهر بالذكر فلا شيء فيه، إذا ما عرف المطلوب يلتفت.
طالب:. . . . . . . . .
ما يدري إيش يسوي يلتفت إيش المانع؟ لأن هذا مكروه والكراهة تزول بمثل هذا.
طالب:. . . . . . . . .
عندك هنا وهي في الصحيحين: "فحمد الله على ما أمره به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
على كل حال في الحديث فضل الإصلاح بين الناس، وتوجه الإمام بنفسه لهذا الإصلاح وتقديم هذه المصلحة على مصلحة إقامة الإمامة بالناس؛ لأنها مصلحة عظمى، وجواز الصلاة الواحدة بإمامين، واستحباب حمد الله -جل وعلا- والشكر له سبحانه لمن تجددت له نعمة، وجواز ذلك في الصلاة؛ لأنه ذكر، هكذا قال أهل العلم، لكن هل هذا الكلام يقبل على إطلاقه؟ بمعنى أن للإنسان أن يذكر الله في أي موضع من مواضع صلاته؟ بين السجدتين عطس فحمد الله مشروع وإلا غير مشروع؟ هذا ذكر يعني حديث أبي بكر يدل على جوازه، موطن دعاء ما هو بموطن ذكر، ((من شغله ذكري عن مسألتي))؟
طالب:. . . . . . . . .
دعاء عبادة، يعني دعاء عبادة ما هو بدعاء مسألة، على كل حال إذا عرض له مثل هذا يحمد الله في نفسه في سجود، بين السجدتين وهكذا، في التشهد يحمد الله في نفسه.
طالب:. . . . . . . . .
لا ينكر عليه.
طالب:. . . . . . . . .(26/18)
جواز إمامة المفضول للفاضل من أين يؤخذ هذا؟ "امكث"؛ لأن الأصل لو مكث صلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وراءه، فدل على جواز ذلك، وجواز العمل اليسير في الصلاة كونه تأخر هذا عمل لكنه يسير.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن ابن عمر لم يكن يلتفت في صلاته" لشدة اتباعه -رضي الله عنه وأرضاه-، ولا ننظر إلى الظروف التي بعد وقته -عليه الصلاة والسلام- لما استتب الأمن، لظرف وقتهم قد يكون الالتفات تستدعيه الحاجة، تطلبه الحاجة، أما الإنسان يدخل المسجد يصلي ويطلع الأشهر بل السنين ما نابه شيء ولله الحمد، لكن في وقتهم هناك أعداء يتربصون بهم، وحروب قائمة.
طالب:. . . . . . . . .
المهم لا يلتفت بشيء من بدنه غير الوجه.
طالب:. . . . . . . . .
إيه إذا انحرف عن جهة القبلة بطلت صلاته.
يقول: "وحدثني عن مالك عن أبي جعفر القارئ أنه قال: كنت أصلي وعبد الله بن عمر ورائي ولا أشعر فالتفتَ فغمزني" يعني من جهة قفاه، أو فالتفتُ فغمزني فالتفتُ هذا هو الشاهد، فغمزني من جهة الخلف، إشارة إلى نهيه عن ذلك، وسببه كراهة الالتفات لنقص الخشوع أو لترك الاستقبال ببعض البدن، يعني اللي هو الوجه، "ولا أشعر" يعني ما علم به هو وراه، يقول: "وعبد الله بن عمر ورائي ولا أشعر" ومعروف أنه "به" هو موجود عندكم؟ هو المقصود ظاهر يعني، هو لا يشعر به، لم يعلم به، بوجوده.
سم.
"باب: ما يفعل من جاء والإمام راكع:
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه قال: دخل زيد بن ثابت المسجد فوجد الناس ركوعاً فركع ثم دب حتى وصل الصف.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- كان يدب راكعاً.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(26/19)
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما يفعل من جاء والإمام راكع" يفعل ما أمر به ((إذا جاء أحدكم والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام)) فإذا جاء والإمام راكع يركع، فإن كان في الصف فهذا هو الأصل، وإن كان قبل وصوله إلى الصف وأراد إدراك الركعة وركع دون الصف ثم لحق في الصف ففي إخبار الباب ما يدل على جوازه، وهو ثابت من فعل أبي بكرة -رضي الله عنه-، وإقرار النبي -عليه الصلاة والسلام- له، جاء أبو بكرة والنبي -عليه الصلاة والسلام- راكع فركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف، لما سلم النبي -عليه الصلاة والسلام- قال له: ((زادك الله حرصاً ولا تَعُد)) أو ((لا تُعِد)) كما في بعض الروايات، أو هي اختلافٌ في ضبط لفظٍ واحد "تَعُد وتُعِد وتَعْدُ" على كل حال النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يأمره بالإعادة، فدل على أن فعله صحيح، لكن هل هو الأولى أو الأولى أن ينتظر إلى الصف ويركع دون حركة أثناء الصلاة؟
هنا يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن أبي أمامة -أسعد أو سعد- بن سهل بن حنيف -الأنصاري- أنه قال: دخل زيد بن ثابت المسجد فوجد الناس ركوعاً فركع ثم دب حتى وصل الصف" يعني راكعاً، فعل زيد بن ثابت يوافق فعل أبي بكرة، الذي أقره عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-.
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود كان يدب راكعاً" يقول ابن عبد البر: لا أعلم لهما مخالفاً من الصحابة، وهذا موقوف على زيد بن ثابت وابن مسعود -رضي الله عنهما-، والاستدلال بخبر أبي بكرة أولى وأقوى؛ لأن فيه إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-.
أبو هريرة -رضي الله عنه- يقول: لا يركع حتى إيش؟ أو يقول: "لا تركع حتى تأخذ مقامك من الصف" لكن مثل هذا الكلام لا يعارض به ما جاء في حديث أبي بكرة، وإن كان الأولى أن ينتظر الإنسان إلى أن يصل إلى الصف، وما أدركه يصليه، وما فاته يتمه.
ويقول: لا أعلم مخالفاً إلا ما يذكر عن أبي هريرة، يعني لو جاء والإمام راكع وبينه وبين الصف عشرين متر مثلاً في آخر المسجد يركع عند باب المسجد ويدب يمشي عشرين خطوة حتى يصل إلى الصف ولو أدرك الإمام ساجد؟ يعني إيش المقدار المتجاوز عنه في مثل هذا؟ سؤال.(26/20)
طالب:. . . . . . . . .
أهل العلم وضعوا ضوابط للحركة في الصلاة، وأنها إذا كانت أكثر من ثلاث حركات في ركنٍ واحد أن لها أثر في الخشوع والطمأنينة، وثلاث حركات فما دون أو دون ثلاث حركات على خلاف بينهم لا يؤثر، فعلى هذا إذا قلنا: ثلاث خطى فما دون لا بأس، وأكثر من ذلك يكون حركة داخل ركن واحد، يمكن أن نرجع ما أطلق إلى مثل هذا؟
أهل العلم قيدوا هذا قيدوا، يكادون يتفقون على أن الحركات إذا كثرت .. ، إذاً ما يكون الضابط في الحركة في الركن الواحد؟ هل نقول: أي حركة مبطلة للصلاة أو بدون تقييد أو العرف إذا رآه شخص قال: هذا يصلي أو لا يصلي؟ يكفي هذا؟ يعني لو تحرك عشر مرات في ركنٍ واحد، ومن رآه يقول: يصلي، واضعٍ يديه
على صدره ويحك رجله برجله مثلاً عشر مرات أو أكثر، من رآه قال: يصلي؛ لأن بعضهم جعل الضابط أن يكون من رآه قال: يصلي أو لا يصلي، إذا رؤي قيل: يصلي هذا حركته لا تبطل صلاته، لكن لا يكفي هذا، معلوم أهل العلم قدروا ذلك بالحركات الثلاث في كل ركن، فعلى هذا إذا كانت ثلاث خطوات يتجاوز فيه وأكثر من ذلك .. ؛ لأن مثل هذا لا ينضبط لو أطلق، لو مثلاً شخص دخل مع باب المسجد الحرام مع أحد الأبواب ووجد الإمام راكع ركع فما وجد ناس يصف معهم إلا تحت الكعبة، هذا ينضبط ذا؟ ما ينضبط، أو في مسجد من المساجد الكبيرة يحتاج إلى عشرين ثلاثين خطوة أحياناً.
إذاً لا بد من ضابط، لا بد من شيء يضبطه، وضبطه بما يراه أهل العلم؛ لأن أيضاً تحديد أهل العلم عرف لكنه عرف خاص، والتقييد بعرف أهل العلم أولى من التقييد بعرف غيرهم.
طالب:. . . . . . . . .
يعني إذا أدرك الركوع يعني.
طالب:. . . . . . . . .
إيه بس يحتاج هذا أيضاً، هو ما انفرد، هو نوى الائتمام به من أول لحظة، من أول ركوع.
طالب:. . . . . . . . .
لا يصير ما أدرك الركعة ستبطل ركعته، يعني لو سجد الإمام ورفع ثم سجد ثانية والمأموم ما سجد السجدة الأولى بطلت صلاته، ركعته.
طالب:. . . . . . . . .
هو الآن دخل مع الإمام، ويصنع كما يصنع الإمام، يبي يركع مع الإمام وهو يمشي، ويبي يرفع مع الإمام وهو يمشي، ويبي يدرك الإمام في السجود يسجد معه ويش نقول؟(26/21)
طالب:. . . . . . . . .
إيه المسألة تحتاج إلى ضابط تحتاج، المسألة تحتاج إلى ضابط.
طالب:. . . . . . . . .
إلا دليل حديث أبي بكرة لكن ما فيه بيان لعدد الخطى.
طالب:. . . . . . . . .
إيه هذا يدركهم في الرفع لو مشى خطوتين احتمال، طيب بيدركهم بالتهجد، بيدركهم، بالتهجد بيدرك، أو بالكسوف بيدرك، أقول: المسألة تحتاج إلى ضابط، نعم النص جاء مطلق ما فيه تقيد بشيء، ومثلها الطمأنينة ما لها حد محدود، الحركة ليس لها حد محدود فتقيد بالعرف، عرف من؟ عرف أهل العلم، عرف أهل العلم أقرب من فهم النصوص من عرف عامة الناس.
طالب:. . . . . . . . .
يبقى أنه ما أمر بالإعادة، أبو بكرة ما أمر بالإعادة.
طالب:. . . . . . . . .
لا غيره ثابت عن الصحابة قاطبة، ثابت عن الصحابة كلهم إلا ما يذكر عن أبي هريرة، فوجد الناس ركوعاً فركع ثم دب حتى وصل الصف، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
وجد الناس ركوع فركع ثم دب حتى وصل الصف، بس ما يدري هل رفع وإلا ما رفع؟ ما ذكر شيء.
على كل حال فعله صحيح، ومنقول عن الصحابة كلهم إلا ما يذكر عن أبي هريرة، يعني لا يعرف لهؤلاء مخالف، فلا إشكال في كون الإنسان يركع قبل الصف، لا إشكال في ذلك، لكن هل هو فاضل أو مفضول؟ أو ينتظر حتى يصل إلى الصف بطمأنينة ثم يركع؟ ((ما أدركتم فصلوا)) إذا المجيء هذا إلى المسجد أو لمكان الصلاة الذي هو الصف؟ ((فليصنع كما يصنع الإمام)) وعلى هذا هل نقول: هل الأفضل أن يركع دون الصف أو ينتظر إلى أن يصل إلى الصف ولو فاتت الركعة؟ لا شك أن هذا من حرص أبي بكرة، وحرص كثير من الناس يدعوهم إلى مخالفة السنة، أبو بكرة أسرع وأخذه البهر يعني النفس عنده يتردد بسرعة، وهذا مكروه، فلا شك أن عمله وإن كان صحيحاً مجزئاً مسقطاً للطلب لا يؤمر بالإعادة إلا أنه خلاف الأولى، لا سيما مع ثبوت رواية: ((ولا تَعُد)).
طالب:. . . . . . . . .
لا لا،. . . . . . . . . زيد بن ثابت دخل وجد الناس ركوعاً فركع، وأيضاً ابن مسعود، ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة، هذا ما فيه إشكال -إن شاء الله تعالى-.
طالب:. . . . . . . . .(26/22)
وشلون نضبطها هذه الحالة؟ ما يضبطها إلا الذي رأى أبا بكرة ومقدار ركوعه بينه وبين الصف، أما الذي يسمع كلام ولا يعرف المقدار ما يستطيع أن يضبط.
طالب:. . . . . . . . .
الصلاة خلف الصف دون ركعة أقل من ركعة إذا لم تتم الركعة، ولذلك استثني ما دون الركعة من أمر من صلى خلف الصف بالإعادة.
طالب:. . . . . . . . .
تفوت الجماعة على قول، هل يدرك؟ الحديث ((ما أدركتم فصلوا)) والأمر بالسكينة والوقار والطمأنينة يجعل الإنسان ينتظر حتى يقف في الصف، ويكبر مطمئن خاشع مخبت، وما يدركه يصليه، وما فاته يقضيه.
تشوف بعض الناس من طلبة العلم، ويعرف ما جاء من النهي عن الإسراع، وتجده إذا سمع الإقامة وخشي فوت الركعة يجري، هذا من الحرص بلا شك، عاد إما من الحرص أو من الخجل من الناس لئلا يراه الناس يقضي هذا يمكن، يمكن هذا، المقصود أن مثل هذا مفضول، الأمر بالطمأنينة والسكينة والوقار هو الأصل.
"باب: ما جاء في الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-:
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن أبيه عن عمرو بن سليم الزرقي أنه قال أخبرني أبو حميد الساعدي -رضي الله تعالى عنه- أنهم قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال: ((قولوا: اللهم صلّ على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد)).
وحدثني عن مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر عن محمد بن عبد الله بن زيد إنه أخبره عن أبي مسعود الأنصاري -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: أتانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مجلس سعد بن عبادة -رضي الله عنه- فقال له بشير بن سعد -رضي الله عنه-: أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك؟ قال: فسكت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال: ((قولوا: اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم)).(26/23)
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار قال: رأيت عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يقف على قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فيصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى أبي بكر وعمر".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-" جاء الأمر بها في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] ولذا اختلف أهل العلم في حكم الصلاة عليه، ذكر أهل العلم في المسألة عشرة مذاهب، وجاء الترهيب من سماع اسمه وذكره -عليه الصلاة والسلام- من غير صلاة ولا سلام، أهل العلم يختلفون في هذه المسألة ونقل الإجماع، ادعى ابن جرير الإجماع على أن الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- مستحبة، ونقل ابن القصار وغيره أنها واجبة الإجماع على أنها واجبة، وعلى كل حال لا هذا ولا هذا، المسألة خلافية، من أهل العلم من أوجبها، والجمهور على أنها مستحبة في الجملة، وإن وجبت في بعض الأحوال، ومنهم من أوجبها في العمر مرة، ومنهم من أوجبها في التشهد بعد التشهد، بل من الحنابلة يقولون بركنيتها في الصلاة، وفي خطبة الجمعة، المقصود أن المسألة خلافية، ولا شك أن من سمع ذكره -عليه الصلاة والسلام- ولم يصل عليه أنه محروم.
الصلاة عليه -عليه الصلاة والسلام- مقرونة بالسلام بها تتأدى السنة المتفق عليها، ويتم بها امتثال الأمر في آية الأحزاب، ولا يتم امتثال الأمر بإفراد الصلاة عليه -عليه الصلاة والسلام- أو بالسلام فقط، وصرح النووي بكراهة إفراد الصلاة دون السلام والعكس، وإن خصه ابن حجر وخص الكراهة بمن كان ديدنه ذلك، يعني عمره كله يصلي ولا يسلم، أو يسلم ولا يصلي، هذا لا شك أنه صرح بالكراهة من كان ديدنه ذلك لا شك أنه لم يمتثل الأمر، لكن من كان يجمع بينهما تارة ويفرد الصلاة تارة ويفرد السلام تارة أنه ممتثل للأمر، أنه ممتثل للأمر ولا يدخل في الكراهة.(26/24)
الرمز للصلاة عليه -عليه الصلاة والسلام- لا يكفي ولا يحصل به الأجر، ولا يتم به الامتثال، فلا يتم الامتثال بكتابة "ص" ولا اختزال حرف من كل كلمة "ص ل ع م" ويذكر في كتب أهل العلم أن أول من كتبها قطعت يده، وما زال الناس يكتبونها ويكتبون الصاد، لكن لا يتم بذلك الامتثال، ولا يترتب عليه الأجر حتى يلفظ بالصلاة والسلام، -عليه الصلاة والسلام-.
معنى الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- من الله -جل وعلا- ومن عباده {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [(56) سورة الأحزاب] جاء في البخاري يقول: قال أبو العالية: صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة وصلاة الملائكة الدعاء، وقال ابن عباس: يصلون يبركون، وفي البخاري أيضاً عن ابن عباس أن معنى صلاة الرب الرحمة، وصلاة الملائكة الاستغفار، يعني معنى الصلاة صلاة الرب على النبي -عليه الصلاة والسلام- الرحمة وصلاة الملائكة الاستغفار.
جاء الأمر بالصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] ويتم الامتثال بقولك: "صلى الله عليه وسلم" أو "عليه الصلاة والسلام" بهذا فقط يتم امتثال الأمر بالآية.
وسئل النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في هذا الحديث سألوه يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن أبيه عن عمرو بن سليم الزرقي قال: أخبرني أبو حميد -المنذر بن سعد بن المنذر- الساعدي" شهد أحد وما بعدها "أنهم -يعني الصحابة- قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ " الصحابة جاء ذكرُ بعضهم في بعض الطرق، منهم أبي بن كعب وبشير بن سعد وزيد بن خارجة وطلحة بن عبيد الله، منهم أبو هريرة وكعب بن عجرة وغيرهم هؤلاء قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ أي ما اللفظ اللائق بك؟ كيف نصلي عليك امتثالاً لما أمرنا به؟ "قال: ((قولوا: اللهم صلّ على محمد وأزواجه وذريته)) في بعض الروايات كما سيأتي: ((قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد)) وفي هذا دليل على أن الأزواج والذرية تدخل دخولاً أولياً في الآل، الأزواج والذرية من الآل دخولها قطعي للتنصيص عليها.(26/25)
ويختلف أهل العلم في المراد بـ (الآل) على أقوال، منهم من قال: الذين تحرم عليهم الصدقة ((أنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد)) فمن حرمت عليه الصدقة من بني هاشم وبني المطلب هم الآل، ومنهم من قال: إن الأهل أعم من ذلك، بل هم الأتباع على الدين، وجاء ما يدل على ذلك، ومنهم من قصر الآل على الأزواج والذرية كما في هذه الرواية، ورأى أن هذه الرواية مفسرة للرواية الأخرى، وعلى كل حال ما جاء في تفسير الآل والاختلاف فيه اختلافه اختلاف تنوع فكلهم داخلون في الآل، والآل كما يطلق على الأهل كما هو الأصل الأهل ومن يرجع إليهم الإنسان ويؤول إليهم، ولذا يصغرون الآل على أهيل فأصل (آل) أهل، ومنهم من يقول: أصلها أَوْل من الأَوْل وهو الرجوع، وقلبت الواو ألف، وأهل اللغة يختلفون في الأصل، وكلٌ منهم يضعُ هذه المادة على حسب اختياره؛ لأن أهل توضع في غير موضع أَوْل في كتب اللغة وترتيبها.
((صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم)) وفي بعض الروايات: ((على إبراهيم وعلى آل إبراهيم)) وعلى كل حال ذكر إبراهيم أو لم يذكر -عليه الصلاة والسلام- هو يدخل دخولاً أولياً في آله، فإذا ذكر الآل دخل الشخص من باب أولى الذي هم في آله، {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [(46) سورة غافر] يعني فرعون يدخل معهم وإلا ما يدخل؟ هو أولى منهم.
((كما صليت على آل إبراهيم وبارك)) من البركة وهي الزيادة من الخير والكرامة ((على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد)) حميد: فعيل بمعنى المفعول، وهو المحمود على كل حال وكل لسان، ومجيد: فعيل أيضاً من الجود بمعنى ماجد، والمجد هو الشرف.
جاء هذا الكلام منه -عليه الصلاة والسلام- تفسيراً لما أمروا به من الصلاة عليه -عليه الصلاة والسلام-، وتفسير النبي -عليه الصلاة والسلام- للنص على وجوه:(26/26)
فمنه: ما يفسره -عليه الصلاة والسلام- يفسر به النص أو يفسر النص ببعض أفراده؛ اهتماماً بهذا الفرد الذي نص عليه، وقد يفسر النص بجميع مدلوله، ببعض أفراده يفسر النص بالمثال، ولا يعني هذا أن النص لا يتناول غير هذا المثال، كما سمعنا أن الصيغة المجزئة المسقطة للطلب إذا قال الإنسان: صلى الله عليه وسلم، أو عليه الصلاة والسلام امتثل الآية، ولا يلزم في غير هذا الموضع في غير الصلاة أن يقول: صلى الله عليه وآله وأزواجه وذريته لا يلزم، إنما امتثال الآية، الآية تتناول الصلاة عليه -عليه الصلاة والسلام- داخل الصلاة وخارج الصلاة، فكون النبي -عليه الصلاة والسلام- يفسر الآية ببعض أفرادها، بعض ما تتناوله لا يعني أنها لا تتناول غيره، النبي -عليه الصلاة والسلام- فسر الظلم بالشرك، وهل يعني هذا أنه لا يوجد نوع من أنواع الظلم غير الشرك؟ بل جاءت النصوص ما يدل على أن هناك ظلمٌ من العبد لنفسه، وظلمٌ منه لغيره، لولده، لزوجه، لوالديه، لجيرانه، فالظلم أعم من الشرك، لكن يفسر ببعض أفراده للاهتمام بهذا الفرد، بشأنه.(26/27)
((ألا إن القوة الرمي)) {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [(60) سورة الأنفال] فسر النبي -عليه الصلاة والسلام- القوة بالرمي، هل يعني أننا لا نستعد ولا نعد للعدو قوة سوى الرمي؟ أو التفسير ببعض الأفراد لا يقتضي الحصر وقصر العموم على هذا الفرد؟ نعم الاهتمام بشأن هذا الفرد واضح، وعلى هذا نقول: لا يلزم امتثالاً لقوله -جل وعلا-: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] أن نلتزم بهذه الصيغة في غير موضعها الذي هو الصلاة، ونتمثل الآية بقولنا: صلى الله عليه وسلم، لكن لا يقول قائل: إن الآية يتم امتثالها بقولنا: صلى الله عليه وسلم، ونكتفي بهذا في الصلاة، الصلاة جاءت فيها الصيغة الواردة المتعبد بلفظها، فلا يجوز الزيادة عليها ولا النقصان منها، فلا نقول: صلى الله على سيدنا محمد أو على محمد دون آله، لا بد من الصلاة على الآل، وإن قال جمهور أهل العلم أن الصلاة على الآل .. ، جمهور من يقول: بأن الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- واجبة الصلاة على الآل مستحبة حتى في الصلاة؛ لأن السياق واحد، السياق سيق مساقاً واحداً، فالحكم واحد ((قولوا)) وهذا الأمر للوجوب وهذا في الصلاة.(26/28)
يقول: "أنه أخبره عن أبي مسعود .. " يقول: "حدثني عن مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر عن محمد بن عبد الله بن زيد -بن عبد ربه الأنصاري- أنه أخبره عن أبي مسعود -عقبة بن عمرو بن ثعلبة- الأنصاري" البدري، الأكثر على أنه لم يشهد بدراً، وإنما نزل بها فنسب إليها، وعده الإمام البخاري من البدريين "أنه قال: أتانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مجلس سعد بن عبادة -سيد الخزرج- فقال له بشير بن سعد -بن ثعلبة الأنصاري-: أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله" يعني بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] "أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك؟ قال: فسكت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، سكت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كثيراً ما يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- فيسكت، والاحتمال أنه ينتظر ما يوحى به إليه، واحتمال أنه يربي من يجيء بعده ممن يتولى إرشاد الناس وتوجيههم وإفتاءهم أن لا يستعجلوا بالجواب قبل تأمل السؤال "فسكتنا" ويحتمل أن يكون أيضاً حياءً وتواضعاً لأن هذا الأمر يخصه -عليه الصلاة والسلام-، "فسكت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى تمنينا –وددنا- أنه لم يسأله" مخافة أن يكون كره ذلك، أو شق عليه -عليه الصلاة والسلام- "ثم قال: ((قولوا)) " الأصل في الأمر الوجوب ((اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، والسلام كما عَلِمْتم)) يعني عرفتم أو ((عُلِّمتم)) بالتشديد، في التشهد وهو: ((السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته .. )).(26/29)
((قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد)) وبهذا يستدل من يرى وجوب الصلاة على الآل معه -عليه الصلاة والسلام- باطراد، يعني لا يصلى عليه إلا ومعه آله؛ لأن الأمر ((قولوا: اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد)) وعرفنا أن هذا التفسير من النبي -عليه الصلاة والسلام- فرد من أفراد العام، وفي محلٍ خاص وهو التشهد، ولا يقتضي أن يعمم مثل هذا الكلام لنقدح في أئمة الإسلام؛ لأن من يعنى بهذا الشأن يقول: تجب الصلاة على الآل تبعاً له كل ما ذكر؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((قولوا: اللهم صلّ على محمد)) أولاً: هذه الصيغة صيغة التشهد، وعرفنا أن الآية ليس فيها أكثر من الصلاة والسلام عليه -عليه الصلاة والسلام- وبذلك يتم الامتثال.
((وعلى آل محمد)) الصنعاني ويتبعه صديق وحسن خان يتهمون أئمة الإسلام بأنهم تركوا الصلاة على الآل مداراة للولاة، كيف؟! يعني كتب السنة كلها ما فيها: "اللهم صلّ على محمد وآله وسلم" يقول: لا، تركوها مداراة للولاة، التصنيف متى؟ في عهد من؟ في عهد بني العباس، وبنو العباس من الآل، فكيف تترك الصلاة المأمور بها على الآل مداراة للولاة وهم من الآل؟
صديق استطرد وقال: إن هذا وإن كان في عصر بني العباس إلا أنهم من باب محادة علي وآل علي -رضي الله عن الجميع-، من باب: اقتلوني ومالكاً معي، يعني نتهم أئمة الإسلام قاطبة بهذا على أساس أننا عشنا في بيئة تأثرت بمثل هذا الكلام؟ نقول: هذه الصيغة فرد من أفراد العام المأمور به، هكذا فهم أئمة الإسلام، فهموا الصلاة على الآل في التشهد، ويتم الامتثال بقولنا -صلى الله عليه وسلم- كما هو مطلوب الآية، والصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- في التشهد فرد من أفراد العام، ولا يقتضي قصر العام عليه كما مثلنا ونظرنا في تفسير الظلم وفي تفسير القوة وتفسير ...
طالب:. . . . . . . . .(26/30)
الصلاة على الآل لا شك أن الآل هم وصية النبي -عليه الصلاة والسلام-، {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [(23) سورة الشورى] وإذا كان الآل لهم حق والأمر كذلك بلا شك، وهم يستحقون أن يصلى عليهم تبعاً له -عليه الصلاة والسلام-، لكن ماذا عن صحابته -رضوان الله عليهم-، إذا صلينا على الآل في خارج الصلاة نصلي على الصحب؛ لأن لهم من الحق مثل ما للآل؛ لأنهم بواسطتهم وصل إلينا الدين بالكلية، وهم الذين حملوا رايات الدين معه -عليه الصلاة والسلام- وبعده إلى أن وصلنا صافياً نقياً، فإذا قلنا: صلى الله عليه وآله نقول: وصحبه وسلم ويش المانع؟ ولا يعني هذا أننا نقول: لا نصلي على الآل، نصلي على الآل نصلي عليهم تبعاً خارج الصلاة، أما في الصلاة لا بد من هذه الصيغة داخل الصلاة، خارج الصلاة إذا صلينا على الآل نصلي على الصحب، ولا نقتصر على الآل ولا نقتصر على الصحب، لماذا؟ لأن الاقتصار على الآل صار شعاراً لبعض المبتدعة، والاقتصار على الصحب صار شعاراً لمبتدعةٍ آخرين "النواصب"، فإذا صلينا على الآل خارج الصلاة نصلي على الصحب، ولا نتهم أئمة الإسلام بأنهم تركوا الصلاة على الآل مداراة للولاة ما هو بصحيح هذا.
وعلى كل حال ما جاء في هذه الصيغة فرد من أفراد العام، وهو خاصٌ بالصلاة، في بعض الروايات: "كيف نصلي عليك يا رسول الله إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا؟ " كما في بعض الروايات، ولا يعني هذا أننا لا نصلي، نحذر، لا أبداً، نصلي على الآل ولهم الحق العظيم علينا، كما نصلي على الصحب وحقهم وعظم حقهم ظاهر، وإذا كنا نصلي على الآل من باب السياسة في الدعوة، وما أشبه ذلك فنصلي على الصحب، الذي لا يرضى بالصلاة على الصحب لا يرضى أبد، الذي لا يرضيه الصلاة على الصحابة لا يرضى أبداً، حق الصحابة علينا أعظم من حق هؤلاء -لا أعني الآل- أعني من يتشبث بدعوى محبة الآل.(26/31)
يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار قال: رأيت عبد الله بن عمر .. " يعني اللي يسمع تهويل الصنعاني في هذه المسألة، وتهويل صديق من بعده يعني يظن المسألة كل أئمة الإسلام من عصر التابعين إلى يومنا هذا كلهم داروا الحكام، كلهم حذفوا الصلاة على الآل عمداً مداراة للولاة، هذا اتهام خطير للأئمة، كيف وفيهم العلماء، وفيهم العباد، فيهم الأتقياء، فيهم البررة ونتهمهم بأنهم يطبقون على هذا الأمر، المقصود أننا لا نخلط أن هذه الصيغة إنما هي في الصلاة، ولا يمنع أن تكون هذه الصيغة في الصلاة أن يصلى على الآل خارج الصلاة لا يفهم هذا، لكن إذا صلينا على الآل خارج الصلاة نصلي على الصحب، هؤلاء لهم حق وهؤلاء لهم حق.
يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار قال: رأيت عبد الله بن عمر يقف على قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فيصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى أبي بكر وعمر" يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى أبي بكر وعمر، رواه القعنبي وابن بكير وسائر الرواة، رواة الموطأ: فيصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام- ويدعو لأبي بكر وعمر، وهنا عندنا في رواية يحيى: "وعلى أبي بكر وعمر" يعني يصلي عليهما، ففرقوا -يعني غير يحيى- بين أن يصلي وبين أن يدعو، ولا خلاف في جواز الصلاة على غير النبي -عليه الصلاة والسلام- على سبيل التبعية، تقول: اللهم صلِّ على محمد وعلى آله وصحبه، وصلِّ على محمد وعلى أبي بكر وعمر تبعاً، فعلى سبيل التبعية لا خلاف في جواز ذلك.
لكن محل الخلاف الصلاة على غيره -عليه الصلاة والسلام- استقلالاً، فهل تقول: أبو بكر -صلى الله عليه وسلم-، أو عمر -صلى الله عليه وسلم-، أو علي -صلى الله عليه وسلم-، الجمهور على أن هذا مكروه كراهة شديدة، وإن جاء قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((اللهم صلِّ على آل أبي أوفى)) وجاء الأمر بالصلاة على من دفع الزكاة {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [(103) سورة التوبة] لكن أطبق أهل العلم على أن الصلاة على غيره -عليه الصلاة والسلام- مكروهة على سبيل الاستقلال من غيره -عليه الصلاة والسلام-.(26/32)
فهناك عرف عند أهل العلم فيخصون الله -جل وعلا- بـ (عز وجل) مثلاً، فلا يقال: محمد -عز وجل-، اللي يسمع هذا الكلام يستسيغ مثل هذا الكلام محمد -عز وجل-؟ وإن كان عزيزاً جليلاً -عليه الصلاة والسلام-، يعني من حيث المعنى ما في إشكال، لكن العرف عند أهل العلم من السلف فمن بعدهم خصوا (عز وجل) بالله -جل وعلا-، وخصوا (الصلاة والسلام) به -عليه الصلاة والسلام-، كما أنهم خصوا الصحابة بالترضي، ومن دونهم بالترحم، وهذا عرف خاص عند أهل العلم.
والخلاف في الصلاة على غيره -عليه الصلاة والسلام- مسألة طويلة جداً، استوفاها ابن القيم -رحمه الله تعالى- في جلاء الأفهام، وهناك بحوث ينبغي لطالب العلم أن يقف عليها في هذه المسألة.
طالب:. . . . . . . . .
طيب المبتدعة الآخرين وليه ما نألفهم بعد؟ نصلي على الصحب ولا نصلي على الآل، كلهم موجودون، وفيهم كثرة، ولكل قومٍ والٍ، هؤلاء حقهم علينا يعني الآل والأصحاب أعظم من حق هؤلاء الذين نماريهم ونداريهم أبداً، نعم المداراة مطلوبة، وسلوك الأسلوب المناسب للدعوة، وعدم الإثارة أيضاً مطلوب، لكن يبقى أننا علينا حقوق، حملوا الدين إلى شرق الأرض وغربها، ونهملهم من أجل أن يستجيب فلان أو علان أبداً، يا أخي نصلي على الآل ولا أحد يتردد من أهل السنة في الصلاة على الآل أبداً، ما في أحد من أهل السنة يتردد في الصلاة على الآل، لكن أيضاً الصحب لهم حق.
طالب:. . . . . . . . .
بهذا المعنى الأعم لكن أنت بهذا توافق هذا الأسلوب المتبع عند بعض المبتدعة، وكأنك توافقهم في عدم الصلاة على الصحب، وإذا احتمل اللفظ معنىً صحيحاً وغير صحيح يجتنب.
طالب:. . . . . . . . .
الإمام أحمد -رحمه الله- ذكر عنه أنه يصلي في نفسه، إما لضيق الورق، أو لضيق الوقت، أو ما أشبه ذلك.
طالب:. . . . . . . . .
الأفضل أن تثبت كتابةً لئلا .. ، قد يبيض لها ويرجع إليها في وقت السعة، لكن قد ينساها، نعم إذا كان الدرس درس إملاء، ويخشى أن يفوته شيء من الكلام وبيض لها ثم رجع إليها بعد نهاية الدرس مباشرة، وسدد هذه الفراغات وصلى في نفسه يتم ذلك -إن شاء الله تعالى-.
"باب: العمل في جامع الصلاة:(26/33)
حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين وبعد المغرب ركعتين في بيته وبعد صلاة العشاء ركعتين وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيركع ركعتين.
وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أترون قبلتي هاهنا فوالله ما يخفى علي خشوعكم ولا ركوعكم، إني لأراكم من وراء ظهري)).
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأتي قباء راكباً وماشياً.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن النعمان بن مرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما ترون في الشارب والسارق والزاني؟ )) وذلك قبل أن ينزل فيهم، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((هن فواحش وفيهن عقوبة، وأسوأ السرقة الذي يسرق صلاته)) قالوا: وكيف يسرق صلاته يا رسول الله؟ قال: ((لا يتم ركوعها ولا سجودها)).
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم)).
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول: إذا لم يستطع المريض السجود أومأ برأسه إيماء، ولم يرفع إلى جبهته شيئاً.
وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان إذا جاء المسجد وقد صلى الناس بدأ بصلاة المكتوبة ولم يصل قبلها شيئاً.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- مر على رجل وهو يصلي فسلم عليه فرد الرجل كلاماً فرجع إليه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- فقال له: إذا سلم على أحدكم وهو يصلي فلا يتكلم وليشر بيده.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول: من نسي صلاة فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام فإذا سلم الإمام فليصل الصلاة التي نسي ثم ليصل بعدها الأخرى.(26/34)
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان أنه قال: كنت أصلي وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- مسند ظهره إلى جدار القبلة، فلما قضيت صلاتي انصرفت إليه من قبل شقي الأيسر، فقال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: ما منعك أن تنصرف عن يمينك؟ قال: فقلت: رأيتك فانصرفت إليك، قال عبد الله: فإنك قد أصبت إن قائلاً يقول: انصرف عن يمينك فإذا كنت تصلي فانصرف حيث شئت إن شئت عن يمينك وإن شئت عن يسارك.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن رجل من المهاجرين لم ير به بأساً أنه سأل عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-: أأصلي في عطن الإبل؟ فقال عبد الله: لا، ولكن صل في مراح الغنم.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال: ما صلاة يجلس في كل ركعة منها؟ ثم قال سعيد: هي المغرب إذا فاتتك منها ركعة، وكذلك سنة الصلاة كلها".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: العمل في جامع الصلاة" جامع الصلاة يعني أحاديث وأخبار تضم أو تدل على مسائل يجمعها مسمى الصلاة، لا ترتبط برابط واحدٍ.
يقول: حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين وبعد المغرب ركعتين في بيته وبعد العشاء ركعتين، وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيركع ركعتين" دلالة على الصلاة الراتبة، الرواتب جاء في حديث ابن عمر وغيره أنها عشر، وهنا قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين وبعد المغرب ركعتين وبعد العشاء ركعتين بقي منها ركعتا الصبح فتكون عشراً، وجاء أيضاً من حديث أم المؤمنين أن الرواتب اثنتى عشرة، أربع قبل الظهر وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وركعتان قبل الصبح ثنتا عشر ركعة من حافظ عليها كان أجره وثوابه إيش؟ يبنى له قصرٌ في الجنة، فإذا داوم على هذه الركعات الاثنتي عشرة مع الفرائض وهي سبع عشرة ركعة مع الوتر إحدى عشر ركعة يكون المجموع أربعين.(26/35)
ويقول ابن القيم: "إن من طرق الباب أربعين مرة في اليوم والليلة يوشك أن يفتح له" فأربعين ركعة كم تستغرق من عمر الإنسان؟ فإذا أضاف إليها أربع قبل العصر التي جاء الحث عليها، وأيضاً الصلوات المرغب فيها عند وجود أسبابها، نعم الضحى على الخلاف في عددها وقد تقدمت، وجاء أيضاً الترغيب في بعض الصلوات، وأهل العلم من سلف هذه الأمة وخلفها لا زالوا يكثرون التنفل امتثالاً لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)).
وذكر عن بعضهم أعداد قد تكون في حساباتنا مبالغات، فذكر عن الإمام أحمد أنه كان يصلي في اليوم والليلة ثلاثمائة ركعة، والحافظ عبد الغني -رحمه الله- ذكر عنه أنه يصلي كذلك، لكن هناك ما يقبله العقل وما لا يقبله العقل ولا يستوعبه الوقت، ذكر ابن المطهر الرافضي عن علي -رضي الله عنه- أنه كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، هل يستوعب الوقت ألف ركعة؟ ألف ركعة، يعني الركعة كم دقيقة؟ أقل شيء دقيقة واحد، والوقت لا يستوعب ألف ركعة.
وعلى كل حال الدين يسر، ولن يشاد الدين أحدٌ إلا غلبه، فعلى الإنسان أن يأخذ منه بقدر طاقته، وما لا يجعل النفس تمل الدين وتمل العبادة، يأخذ منه بقدر ما يمتثل به ((اعني على نفسك بكثرة السجود)) ويحرص أشد الحرص على ما جاء فيه النص الخاص ويزيد من ذلك ما شاء.(26/36)
فإذا استغل أوقات الفراغ لا سيما في الليل بالصلاة، فهذا من خير ما تفنى فيه الأعمار {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [(9) سورة الزمر] هذه إشارة إلى أن أهل هذه الصلاة التي هي قيام الليل هم أهل العلم {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [(16) سورة السجدة] وجاء الحث: ((عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين))، ((نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل)) ومع الأسف كثير من طلاب العلم بل بعض من ينتسب إلى العلم لا نصيب له من قيام الليل، وهذا لا شك أنه تقصير وخلل، والإنسان مأمور بالفرائض بلا شك ويأثم بتركها، ولا يأثم بترك النوافل، لكن هذه الفرائض يعتريها ما يعتريها من خلل ونقص فيجبر من هذه النوافل ((انظروا هل لعبدي من تطوع)) يجبر، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قام -عليه الصلاة والسلام- حتى تفطرت قدماه، ولا شك أن هذا من شكر النعمة، ولذا قال -عليه الصلاة والسلام-: ((أفلا أكون عبداً شكوراً)) هذا شكر النعمة، وبهذا تقر النعمة، والله المستعان.
وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيركع ركعتين يعني في بيته، وثبت عنه أنه يصلي أربع ركعات بعد الجمعة، وهو محمولٌ على ما إذا صلاها في المسجد، وإذا صلاها في البيت فركعتان، وإن قال بعضهم بالجمع بينهما، فيصلي ركعتين في المسجد وأربع في البيت.
وأما ما قبل الجمعة فالمعروف عن الصحابة أنهم يصلون، يصلون قبل الجمعة ويغتنمون مثل الوقت حتى يدخل الإمام، وأما بالنسبة له -عليه الصلاة والسلام- فلم يحفظ عنه أنه صلى قبل الجمعة، وإنما كان ينشغل بالخطبة أول ما يدخل المسجد يصعد المنبر وينشغل بالخطبة ثم الصلاة ...(26/37)
الموطأ – كتاب قصر الصلاة في السفر (5)
تابع شرح: باب العمل في جامع الصلاة، وباب: جامع الصلاة.
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا يقول: إذا دعا الإمام إلى صلاة الاستسقاء وكنتُ مقيماً في بلدٍ الأمطار فيه غزيرة هل يستحب لنا إقامة صلاة الاستسقاء؟
نعم يستحب لكم صلاة الاستسقاء؛ لأن الاستسقاء ليس لبلدٍ واحد من بلدان المسلمين بل لعموم البلدان، فإذا احتيج إلى نزول المطر في بلدٍ من البلدان شرعت صلاة الاستسقاء، وإذا دعا إليها الإمام تأكدت، وقد يكون نزول المطر في بلد أو في منطقة من المناطق لا يعني اكتفاء هذه المنطقة من المخزون من المياه الجوفية لا سيما وأن المخزون من المياه مهدد فيه نقصٍ كبير، فالمطر يطلب نزوله للخصب، وأيضاً ليدخر في الأرض عند الحاجة إليه.
يقول: هل يجوز قول: الله أخفى قدرته خلف إبداعه؟ وقول: شاءت الأقدار؟
الله أخفى قدرته .. ، الله أيضاً أظهر قدرته، الله -جل وعلا- أظهر قدرته، وأخفى منها ما شاء، فيظهر لبعض المخلوقين ما لا يظهر لغيره، كل شيء من هذه المخلوقات يدل على قدرة، على قدرة الخالق -جل وعلا-، فأظهر منها ما شاء، وأخفى منها ما شاء.
قول: "شاءت الأقدار" المشيئة من صفات الله -جل وعلا-، فالله -سبحانه وتعالى- هو الذي يشاء، والأقدار إن كان المراد بها ما قدره الله وقضاه فنسبة المشيئة إليها تجوز، وإلا فالذي يشاء هو الله -جل وعلا- مقدر هذه الأقدار.
يقول: هل جهاد الدفع يسقط عند تمكن العدو من الدولة؟
هو يسقط عند العجز يعني، فإذا تمكن العدو من الدولة من بلد من بلدان المسلمين، وإذا نوزع هذا العدو خشي منه أن يقضي على المسلمين بالكلية هذا عجز بلا شك.
هل الإسبال حرام أم مكروه؟
الإسبال حرام، الإسبال حرام، فإن كان من غير خيلاء ففي النار، وإن كان مع الخيلاء فالأمر أشد، نسأل الله العافية.(27/1)
"وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أترون قبلتي هذه؟ )) " وهذا استفهام إنكاري لما يلزم منه أنهم يظنون أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يراهم، بدليل: ((أترون قبلتي هاهنا)) أتظنون قبلتي هنا فقط؟ ((فوالله ما يخفى علي خشوعكم)) يعني في جميع الأركان من الصلاة، وقال بعضهم: إن هذا العلم وعدم الخفاء إما بوحي وإما بإلهام، لكن هذا فيه نظر، للتصريح الآتي بأنه -عليه الصلاة والسلام- يراهم من وراء ظهره ((فوالله ما يخفى علي خشوعكم ولا ركوعكم إني لأراكم)) رؤية حقيقية خاصة به -عليه الصلاة والسلام- من باب خرق العادة له -صلى الله عليه وسلم- ((من وراء ظهري)) يراهم -عليه الصلاة والسلام- من وراء ظهره، ومن المعلوم المقطوع به أن عينيه كغيره في وجهه، لكن خرق الله له العادة فجعل ينظر مَن وراءه مِن وراء ظهره كما ينظر من هو أمامه، وهل هذا خاص بالصلاة أو في جميع الأوقات؟ النص يدل على أنه في الصلاة، بعضهم يقول: إنه كان له -عليه الصلاة والسلام- عين خلف ظهره، وبعضهم يقول: بين كتفيه، لكن لم يدل على هذا دليل، ويستغل بعض المبتدعة مثل هذا النص ويجعل أن الإبصار غير متعلق بالبصر، أن البصر مجرد سبب والسبب لا قيمة له عند هذا المتكلم، ولا أثر له، وإنما الله -جل وعلا- يجعل الأثر عنده لا به، يعني لا فرق في الإنسان بين وجهه وقفاه ما في فرق، ولذا يقررون وهذا مذكور عندهم بالحرف ما هو بإلزام أنه يجوز أن يرى أعمى الصين بقة الأندلس، هذا عندهم عند الأشاعرة، الأسباب لا أثر لها، ولا قيمة لها، وإنما توجد المؤثرات والمسببات عندها لا بها، ويستدلون بمثل هذا الحديث: "يراهم من وراء ظهره" لكن هل يوجد عند غيره مثل هذا، هل هو مطرد؟ غير مطرد، هذا خاص به -عليه الصلاة والسلام- إكراماً له، وخرقاً للعادة من أجله -عليه الصلاة والسلام-، فمثل هذا الكلام لغو لا قيمة له.
طالب:. . . . . . . . .(27/2)
لكي يقبلوا على صلاتهم، هذا من باب التخويف لهم أن لا ينشغلوا بغير الصلاة، لكي يقبل الصحابة على صلاتهم بكليتهم، ومن لازم الإقبال بالقلب الإقبال بالجوارح، وإلا انصراف القلب لا يُرى بمثل هذا النص لكن إذا أقبل القلب لا شك أن الجوارح تبع له، ولذا ترجم الإمام البخاري على هذا: "باب: عظة الإمام للناس في إتمام الصلاة وذكر القبلة"، ومسلم: "باب: الأمر .. " يعني في صحيح مسلم، وإن كانت الترجمة لغيره: "باب: الأمر في تحسين الصلاة وإتمامها والخشوع فيها" على كل حال الخشوع سبق الكلام فيه، وهو عند جمهور أهل العلم سنة، وأوجبه بعضهم، وأطال ابن رجب والغزالي في تقرير وجوبه.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأتي قباء راكباً وماشياً" يأتي قباء راكباً تارةً وماشياً، وقباء بضم القاف وبالموحدة الباء وهو ممدود (قباء) بالهمز عند أكثر اللغويين، وأنكر بعضهم القصر، وهو موضع على ميلين أو ثلاثة من المدينة، موضع معروف فيه المسجد مسجد قباء، وهو أول مسجد بناه النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد هجرته قبل دخوله المدينة، ولذا يختلف أهل العلم في المسجد الذي أسس على التقوى، أول مسجد أسس على التقوى، وكثيرٌ بل أكثر أهل العلم على أنه قباء، وإن كان النص في مسجده -عليه الصلاة والسلام- أصح، لكن إذا نظرنا إلى الواقع هل نقول: قباء أسس على التقوى وإلا ما أسس على التقوى؟ أسس على التقوى، هل هو قبل مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- أو بعده؟ قبله، ولا يمنع أن يكون هناك أول وأول، أول أولية مطلقة، وأول أولية نسبية، وإلا فالنص في كون المسجد الذي أسس على التقوى ولعله المراد به المنصوص عليه في الآية في سورة التوبة، ولا ينفي أن يكون مسجد قباء أول مسجد أسس على التقوى؛ لأن هذا وصفه، أسسه النبي -عليه الصلاة والسلام- ومن المحال أن يكون على غير تقوى، ووجوده في الأعيان قبل مسجده -عليه الصلاة والسلام-.(27/3)
"راكباً وماشياً" راكباً تارة وماشياً أخرى، جاء في البخاري من طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن ذلك كل سبت، فليحرص المسلم على هذه السنة إذا انتشرت الشمس يوم السبت يذهب إلى مسجد قباء، ويصلي فيه ركعتين، وليس في ذلك شدٌ للرحل وإن كان راكباً، كان يأتي قباء راكباً، ليس في هذا شد رحل؛ لأنه ليس بسفر، فلا معارضة بين هذا وبين قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد)) لأن هذا ليس بسفر، وليس فيه شدٌ للرحل.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه هل نقول: إن هذا الأمر مشروع الذهاب إلى قباء وإلا غير مشروع؟ كونه كل سبت منه -عليه الصلاة والسلام-، يعني الاتفاق يحصل مرة، لكن كونه يتكرر منه مراراً يدل على أنه مقصود، فالسبت أولى من غيره.(27/4)
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد –الأنصاري- عن النعمان بن مرة" الأنصاري الزرقي، ثقةٌ من كبار التابعين، وهم من عده في الصحابة "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما ترون في الشارب؟ )) " هذا تابعي من كبار التابعين يقول: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال، فهو مرسل، لكنه حديث صحيح مسند من وجوه عن أبي هريرة وعبد الله بن مغفل وأبي قتادة وأبي سعيد وعمران بن حصين، المقصود أن له طرق كثيرة يصح بها "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما ترون في الشارب؟ )) من الخمر؛ لأن هذا أمر يتعاظمونه ((والسارق والزاني؟ )) كل هذه من الفواحش، ما ترون في مثل هذا؟ ويريد أن يقرر شيء كأن شأنه عندهم أخف، يعني مثل ما قرر الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- قال لشخص خرج من المسجد يوم الجمعة فوقع على أمه بين الناس، ما رأيكم في هذا؟ أمر عظيم في غاية السوء والقبح، لكن ما رأيكم في شخص نزل بيت جديد فذبح كبش على عتبته أيهم أشد؟ الشرك، الشرك أكبر، فإذا أراد أن يقرر الإنسان شناعة أمرٍ فليقرنه بل يجعله أشد مما يستبشعه الناس في حياتهم، هنا سأل قال: ((ما ترون في الشارب والسارق والزاني؟ )) وذلك قبل أن ينزل فيهم، قالوا: الله ورسوله أعلم" هذا من أدب الصحابة حيث ردوا العلم إلى الله -جل وعلا-، وإلى رسوله، إلى عالمه "قال: ((هن فواحش، وفيهن عقوبات)) لا شك أنها فواحش وكبائر ((وأسوأ السرقة)) بكسر الراء، ويضبط بفتحها السرَقة، السرِقة المعروفة، وهي أخذ الشيء خفية هذه سرقة، والسرَقة جمع سارق، أسأ هؤلاء السرَقة جمع سارق مثل كتبة ومثل حفظة ومثل فسقة جمع فاسق وحافظ وكاتب ((أسوأ السرَقة الذي يسرق صلاته)) قالوا: وكيف يسرق صلاته يا رسول الله؟ " كيف يسرق صلاته؟ يعني هل يتصور أن الصلاة تسرق يعني بالمعنى الحسي؟ لا، الذي يسرق صلاته .. ، حقيقتها الشرعية بينها النبي -عليه الصلاة والسلام-، الذي يسرق صلاته يا رسول الله .. ، "قالوا: وكيف يسرق صلاته يا رسول الله؟ قال: ((لا يتم ركوعها ولا سجودها)) يعني كأنه يبخس منها ما وجب عليه، وهذه حقيقة شرعية للسرقة، سرقة الصلاة، طيب سرقة الأحاديث كيف تكون سرقة الأحاديث؟ هل يأتي شخص(27/5)
إلى بيت شخص ويجد أحاديثه مكتوبة فيسرقها منه هذه المكتوبة في الصحف وفي الكتب؟ هذه سرقة حسية معروفة، لكن هل السرقة التي يرمى بها الرواة؟ السرقة واضحة هذه ولا يسرقها راوي بهذه الطريقة، الرواة ما يسرقون يسرقها السراق يأخذ كتاب يسرقه من بيته يبيعه، لكن سرقة الأحاديث بالرواية غير هذه، يعني تركيب إسناد أو ..
طالب:. . . . . . . . .
نعم، نعم، بلا شك، فهذه حقائق خاصة.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم)) وجاء النهي عن تشبيه البيوت بالقبور، وجاء أيضاً بيان أن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ((اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم)) لأن هذا أبعد عن الرياء، وأقرب إلى الإخلاص، وليقتدي بالمصلي عوامر البيوت من نساء وأطفال، ولا شك أن المراد بذلك النافلة، أما الفريضة فالنسبة للرجال لا بد أن تؤدى في المساجد حيث ينادى بها، فلا يسوغ لمن يسمع النداء أن يصلي في بيته أو في دكانه أو في مقر عمله إلا أن يصليها في المسجد حيث ينادى بها.
قد يعرض لبعض الأماكن كمحل العمل مثلاً أو محل حراسة بحيث يضيع ما وكل إليه حفظه يسوغ له أن يصلي في مكانٍ في مقر عمله، وإذا كان بعيداً عن المسجد فالأرض جعلت مسجداً وطهوراً، كما في حديث الخصائص، يستثنى من ذلك ما جاءت النصوص باستثنائه.
وذكرنا أن التخصيص لحديث: ((جعلت لي الأرض مسجداًَ وطهوراً)) هو قول جمهور أهل العلم، فمما تخص به هذه الجملة من حديث الخصائص المقبرة، فالنهي عن تشبيه البيوت بالمقابر دليلٌ على أن المقابر لا يصلى فيها ((لا تصلوا إلى القبور)) وإن قال بعضهم: إن حديث الخصائص لا تقبل التخصيص كابن عبد البر، لكن قوله مرجوح، وبينا ذلك في مناسبات كثيرة.(27/6)
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: إذا لم يستطع المريض السجود أومأ برأسه إيماء" يعني إلى الأرض، يومئ برأسه، وكذلك إذا لم يستطع الركوع والسجود أومأ بهما، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه، ومر بنا هذا "ولم يرفع إلى جبهته شيئاً" يعني يسجد عليه من وسادة أو تكأة أو شيء من ذلك، ولا يضع يده أيضاً يسجد عليها؛ لأن بعض الناس يرفع يده هكذا ليسجد عليها، هذا ليس بمشروع، النبي -عليه الصلاة والسلام- رأى الذي يسجد على وسادة فرمى بها، وأمره بالإيماء، فبعض الناس إذا أجرى عملية في عينيه أو في إحداهما، ونهاه الطبيب عن السجود وعن الركوع يومئ إيماءً، بقدر ما يستطيع، ولا يلزمه أن يرفع شيئاً يسجد عليه، لكن إذا كان هذا الشيء الذي يمكن السجود عليه ما يحتاج إلى رفع ولا وضع ولا حمل بأن يكون شخص يقرأ على مكتب يقرأ القرآن، يقرأ القرآن على مكتب ثم مر بآية سجدة هل يلزمه أن ينزل على الأرض أو يسجد على نفس المكتب لأنه مناسب يعني كأنه على الأرض ولم يرفع شيئاً ولا يعوقه هذا على السجود الكامل؟ أما كونه يرفع شيئاً يسجد عليه فهذا مكروه عند جمهور العلماء.
يقول: "وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن عبد الله بن عمر كان إذا جاء المسجد وقد صلى الناس بدأ بصلاة المكتوبة ولم يصل قبلها شيئاً" جاء في وقتٍ الاحتمال أن يكون متسع، وأن يكون الاحتمال الآخر أن يكون قد ضاق عليه الوقت، ابن عمر النقل عنه بهذا الإسناد الصحيح أنه كان يبدأ بالمكتوبة، يعني يأتي وقد صلى الناس الظهر، وبقي على خرج وقتها ساعتان يبدأ بالمكتوبة، ثم بعد ذلكم يقضي الرواتب القبلية والبعدية.(27/7)
أقول: ابن عمر -رضي الله عنهما- إذا جاء المسجد والناس قد انتهوا من صلاة الفريضة، كان إذا جاء المسجد وقد صلى الناس (كان) هذه تدل على إيش؟ على استمرار، وهل هذا من ديدن ابن عمر أنه يجيء والناس قد صلوا؟ أو قد تقال هذه الكلمة مع أنه لم يحصل إلا مرة واحدة مثلاً؟ ولا يظن بابن عمر أن حاله مثل حالنا وحال كثير من طلاب العلم الذين لا تجد فرقاً بينهم وبين عوام الناس في كونه ركعة ركعتين أحياناً الصلاة كلها وأحياناً يركب السيارة ويصلي قدام، وتفوته الصلاة بهذه الطريقة هذا كثير في أوساط طلاب العلم، مع الأسف الشديد يوجد هذا، فكان ابن عمر -رضي الله عنهما- "إذا جاء إلى المسجد وقد صلى الناس بدأ بصلاة المكتوبة" يعني لا فرق بين أن يدرك الإمام وقد أقيمت الصلاة يصلي مع الإمام وبين أن تفوته الصلاة فيبدأ بالمفروضة اهتماماً بشأنها، اهتماماً بالفريضة قبل النافلة مع سعة الوقت، ومع هذا لم يصلِّ قبلها شيء، هذا رأي ابن عمر، لكن لو بدأ بالنافلة القبلية مع سعة الوقت، لا سيما وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما فاته وقت صلاة الصبح بدأ بالنافلة، يعني مع فوات الوقت، فعندنا صور لهذه المسألة، يأتي الإنسان وقد صلى الناس وبقي من الوقت ما يستوعب النوافل كلها مع الفريضة ويزيد عليها، هل الأولى أن يأتي بالنوافل القبلية ويبدأ بالفريضة؟ نعم الأولى أن يأتي بالنوافل؛ لأن الوقت فيه متسع، وكون النوافل تؤدى أفضل من كونها تقضى؛ لأن الإتيان بها بعد الصلاة قضاء، ولذا تقدم عليها النافلة البعدية، يعني لو شخص جاء والصلاة قد أقيمت صلاة الظهر مثلاً، والقبلية أربع ركعات وبعدها ركعتان، إذا سلم وجاء بالأذكار الموقوتة في هذا الوقت يصلي النافلة البعدية أداءً، ثم بعد ذلك يقضي النافلة القبلية، الراتبة القبلية، هنا إذا جاء والوقت فيه متسع يبدأ بالنوافل القبيلة ثم الفريضة ثم البعدية، ومثله لو نام عنها حتى خرج وقتها يأتي بها على هذا الترتيب؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى ركعتي الصبح قبل صلاة الصبح وقد طلعت الشمس، لكن إذا انتبه من نومه وقد بقي من الوقت ما يكفي للفريضة فقط نقول: يبدأ بالفريضة؛ لأنه يؤدي الفريضة أفضل من أن ينشغل(27/8)
بنافلة، فلو قدم النوافل القبلية مع اتساع الوقت كان أولى، وعلى كل حال هذا اجتهاد ابن عمر، وابن عمر صحابي من أهل التحري والاقتداء والائتساء لكن لا يعني أن قوله راجح في كل شيء.
طالب:. . . . . . . . .
يعني هو مصلي النافلة في بيته أو يبي يؤجلها إلى أن ينتهي؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
مصليها ومنتهي؟ طيب ويشلون يصليها والناس يصلون؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، ما يمكن أن ينشغل ابن عمر يصلي النافلة في بيته ويعرف وقت الإقامة، طيب الآن إذا عرف جزم يقيناً أن الصلاة انتهت يذهب إلى المسجد ليؤدي الفريضة أو يصليها في بيته؟
طالب:. . . . . . . . .
فله مثل أجرهم، هذا إذا جاء لكن إذا عرف يقيناً جزم يقيناً أن الناس قد صلوا ما يلزم إتيان المسجد؛ لأن المسجد إنما جعل لأجل الجماعة والجماعة انتهت، صلاة في المسجد مشروعيتها لأجل الجماعة، والصلاة قد انتهت.
على كل حال هذا اجتهاد ابن عمر حرصاً على الفريضة ومبادرة ومسارعة لإبراء الذمة من عهدتها، لكن لا يعني أنه هو الراجح.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لعله من باب التأديب، إنك طالع طالع، كونك تتأخر ما ينفعك هذا، نعم؟
ابن عمر -رضي الله عنهما- إذا تأخر عن أول الوقت وجاء والناس قد صلوا هو يفترض أن الناس لم يصلوا، فأول ما يبدأ به الفريضة حرصاً عليها، فكأن الناس لم يصلوا فينشغل بالفريضة، فكما أنه ينشغل بالفريضة لو لم يسلم الإمام فكذلك ينشغل بالفريضة إذا سلم الإمام.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر مر على رجل وهو يصلي فسلم عليه فرد الرجل كلاماً" يعني قال: "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته" وهو يصلي بكلامٍ يسمع "فرجع إليه عبد الله بن عمر فقال له: إذا سلم على أحدكم وهو يصلي فلا يتكلم" يعني برد السلام؛ لأنه مفسد للصلاة عند الجمهور، هذا كلام، والصلاة لا يصلح فيها كلام الناس، رجع إليه عبد الله بن عمر فقال له: إذا سلم على أحدكم وهو يصلي فلا يتكلم، يعني هل ابن عمر خاطب هذا الرجل قبل أن يسلم من صلاته أو بعد السلام؟ فرجع إليه عبد الله بن عمر فقال له: إذا سلم على أحدكم وهو يصلي فلا يتكلم.
طالب:. . . . . . . . .(27/9)
إيه رجع، مشى خطوتين ورجع، يوم سمعه يرد كلام رجع عليه، على كل حال هو احتمال؛ لأنه ما يدرى هل هو بالركعة الأولى باقي عليها ثلاث ركعات، أو قبيل السلام هذا احتمال، وفي مثل هذه الحالة إذا احتيج إلى تنبيه المصلي إذا احتيج إلى تنبيه المصلي يكلم بكلام وإلا ما يكلم؟ لأنه احتمال يجي واحد ثاني يسلم عليه ويرد -عليه السلام- وهو بالصلاة، فيكلم وهو في الصلاة؟ يعني نظير لما حولت القبلة وجاء إلى أهل قباء وهم يصلون كلمهم لمصلحة الصلاة.
يقول: "وهو يصلي فلا يتكلم" طيب لو قدر أن واحد سلم رد عليه وقال له مثل هذا الكلام، إذا سلم على أحدكم وهو يصلي فلا يتكلم فقال: جزاك الله خير، ويش بيقال له. . . . . . . . .؟ هذا ترى يصير، ويش نقول: بطلت صلاته وإلا .. ؟
طالب:. . . . . . . . .
فلا يتكلم يا أخي، هو ينهاه، الآن أخبره بالحكم، لمَ .. ؟
طالب:. . . . . . . . .
رد السلام مبطل للصلاة يعني مع العلم به، رد السلام مبطل للصلاة، لكن هذا جاء له قال له: لا ترد على أحد، لا تتكلم، فقال له: جزاك الله خير.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، عرف الحكم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذا عرف الحكم قيل له: إذا سلم على أحدكم وهو يصلي فلا يتكلم، وليشر بيده، النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يرد السلام بالإشارة، ثم بعد هذا هل يشرع السلام على المصلي وعلى قارئ القرآن أو لا يشرع؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- يسلمون عليه ويرد بالإشارة ولم ينكر عليهم، نعم يحصل بعض التصرفات من بعض الناس من لا شعور، واحد دخل المسجد فلما وصل الصف قال: كما صلوا؟ يسأل واحدٍ جنبه. . . . . . . . .، يعني ما أدري، يعني مسبوق مثله ما يدري، هذه إشارة مفهمة، هذه لها أثر في الصلاة أو لا أثر لها؟ هذا من لا شعور يعني ما يشعر.(27/10)
على كل حال إذا كان مغلوب على أمره من غير .. ، أقول: تكلم من لا شعور أو مغلوب، يعني مثل لو جاء واحد وضربه، ضربه بيده فتكلم كلاماً مثل ما يقول أي مضروب قال: أح مثلاً، هذا يحصل لا سيما من المراهقين يحصل كثير هذا، المراهقين يحصل منهم كثير، هل تقول له: أعيد الصلاة؟ الصلاة لما نزل قوله -جل وعلا-: {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(238) سورة البقرة] أمروا بالسكوت ونهوا عن الكلام، وهذه الصلاة لا يصلح فيها كلام الناس، فالكلام الذي ليس من أصل الصلاة يبطلها، تبطل الصلاة بالكلام، لكن الكلام المقصود المراد به المقصود، ولذا مر علينا في درس الآجرومية في تعريف الكلام: هو اللفظ المركب المفيد بالوضع، يعني بالقصد، فغير المقصود لا يسمى كلام ككلام النائم مثلاً، وبعض الشراح يقول: بالوضع يعني بالوضع العربي، فيخرج كلام الأعاجم، لكن هل كلام الأعاجم تبطل به الصلاة أو لا تبطل؟ تبطل به الصلاة بلا إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
في النافلة؟ والله الفريضة يجب الاحتياط لها، لكن إذا كان هناك هلكة خطر من النار أن تحرق من حولها أو ذهب إليها طفل أو شخص هذا لا بد منه حتى في الفريضة.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
والله حسب علمها وجهلها، إذا كانت جاهلة تنبه إلى أن مثل هذا لا يصلح.
على كل حال رد السلام مفسد للصلاة عند الجمهور، وقال قتادة والحسن وطائفة: يجوز رده كلاماً، وأما النبي -عليه الصلاة والسلام- فكان يرد السلام بالإشارة.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: من نسي صلاة فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام" نسي صلاة الظهر ثم لما دخل مع الإمام في صلاة العصر ذكر أنهم ما صلوا الظهر، هل تجزئه هذه الصلاة عن الظهر؟ تجزئ؟
طالب:. . . . . . . . .
لماذا؟ لأنه دخلها بنية العصر؛ لأنه المسألة مفترضة فيمن نسي الظهر لكن من فاتته الظهر وعرف أنها فاتته ورأى الناس يصلون العصر دخل معهم بنية الظهر تجزئ على القول الراجح، وإن كان المسألة خلافية.(27/11)
شخص دخل المسجد فوجدهم يصلون العشاء، وفي ظنه أنهم يصلون المغرب، هو صلى المغرب مع الجماعة ونسي أنه صلى المغرب فدخل والناس يصلون العشاء، وفي ظنه أنهم يصلون المغرب، لما قاموا إلى الرابعة جلس وسبح -هذه واقعة- وقبيل ركوع الإمام تذكر أنها العشاء فقام ليأتي معهم بالرابعة، صلاته صحيحة وإلا غير صحيحة؟
طالب:. . . . . . . . .
لماذا؟ النية هو ما نوى صلاة العشاء.
هنا يقول: "من نسي صلاة فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام" يعني نسي الظهر فصلى العصر مع الإمام بنية العصر مقتضى كلامه أنه لا يقطع الصلاة "فإذا سلم الإمام فليصل الصلاة التي نسي" يصلي الصلاة التي نسي، يصلي الظهر إذا سلم الإمام "ثم ليصل بعدها الأخرى" يعني يعيد الصلاة الأخرى، لماذا؟ لأن الترتيب واجب، بهذا قال الأئمة الثلاثة والشافعي -رحمه الله- يقول: يعتد بالصلاة التي صلاها مع الإمام، وكتب الفقه لبيان أن الترتيب واجب، يقولون: ولا يسقط الترتيب إلا بنسيانه أو بخشية فوات وقت اختيار الحاضرة، فإذا نسي وصلى العصر قبل الظهر ناسياً صحت صلاة العصر ولا يلزمه إعادتها، وهنا في الصورة التي معنا نسي لكن هل نسي حتى صلى العصر أو ذكرها في أثناء الصلاة؟ فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام، هنا ذكرها وهو مع الإمام، طيب إذا نسي صلاة الظهر ودخل مع الإمام في صلاة العصر وصلى ركعتين مع الإمام ثم تذكر، هل يقطع الصلاة أو يكملها؟ مقتضى كلامه أنه يتمها، لا يقطع صلاته، لكن هل يعتد بها عن الظهر أو العصر؟ لا، لا يعتد بها عن شيء، لكن يلزمه متابعة الإمام، وهذا اجتهاد من ابن عمر -رضي الله عنه-، لكن لو قطعها وأدرك ركعتين بنية الظهر وأكملها ثم جاء بالعصر يدرك الجماعة أولى وإلا ما هو بأولى؟ إي نعم كان هذا هو المتجه.
طالب:. . . . . . . . .
الحاجة، الحاجة، الحاجة نعم.
طالب:. . . . . . . . .
وهي نافلة؟ أنت افترض أن المسألة ما هو مع إمام هو نفسه المأموم، ناوٍ يصلي يوتر بإحدى عشرة، ضاق عليه الوقت وخشي أن يطلع عليه الصبح زاد ركعة توتر له ما قد صلى من غير سلام تصح صلاته وإلا ما تصح؟ ((فإذا خشي أحدكم الصبح فليصل ركعة توتر له ما قد صلى)).
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟(27/12)
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، من باب متابعة الإمام لا بأس، لا سيما وأنها المسألة صلاة الليل يعني فصلها عن الوتر والوتر جزءٌ منها، ويجوز وصله وفصله الأمر فيه سعة.
يقول: "وحدثني .. " نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش في؟
طالب:. . . . . . . . .
والله إذا خشي أن يكون سبباً في بطلان صلاته لا يسلم عليه، إذا ما خشي وعرف أن هذا يعرف الحكم وأنه سوف يرد بالإشارة يجوز.
طالب:. . . . . . . . .
إن في الصلاة لشغلاً، هو منشغل بصلاته، هو منشغل بصلاته، يعني كون النبي -عليه الصلاة والسلام- ما أنكر عليه دليل على الجواز، وإلا فالأصل ((إن في الصلاة لشغلاً)).
طالب:. . . . . . . . .
والله إن كان يترتب عليه انشغال المصلي يبي ينشغل الأحسن الترك، لكن السلام عليه جائز بلا شك.
طالب:. . . . . . . . .
هذه لا تجزئ لا ظهر ولا عصر؛ لأن الترتيب واجب ولا يسقط إلا بنسيانها، الآن هو نسي إيش؟ نسي أنه ما صلى الظهر حتى فرغ منها؟
طالب:. . . . . . . . .
حتى فرغ منها هذه منصوص عليها، النسيان يسقط الترتيب، ثم يأتي بالظهر، ما في إشكال، منصوص عليها إلا بنسيانها.
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد -يعني الأنصاري- عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان قال: كنت أصلي وعبد الله بن عمر مسند ظهره إلى جدار القبلة" كنت أصلي هذا واسع بن حبان بن منقذ المازني قال: "كنت أصلي وعبد الله بن عمر مسندٌ ظهره إلى جدار القبلة، فلما قضيت صلاتي انصرفت إليه من قبل شقي الأيسر، فقال عبد الله بن عمر: ما منعك أن تنصرف عن يمينك؟ قال: فقلت رأيتك فانصرفت إليك، قال عبد الله: فإنك قد أصبت" الآن ابن عمر وين وجهه؟ وعبد الله بن عمر مسندٌ ظهره إلى جدار القبلة، ما هو بمسألة جهة الغرب، القبلة غير الغرب، خلونا لجهة القبلة أنه مستدبر أو مستقبل إيش يصير؟
طالب:. . . . . . . . .(27/13)
ابن عمر؟ ابن عمر مستدبر القبلة، لو كان مستقبل أو مستدبر ابن عمر كان هذا ينصرف يمين وإلا شمال ما يفرق، يقول: "كنت أصلي وعبد الله بن عمر مسندٌ ظهره إلى جدار القبلة" ما في ما يدل على أنه يسار ولا يمين إلا من خلال انصراف المصلي، يقول: "كنتُ أصلي وعبد الله بن عمر مسندٌ ظهره إلى جدار القبلة" مسندٌ ظهره متكئ إلى جدار القبلة "فلما قضيتُ -يعني أتممت الصلاة- انصرفت إليه من قبل شقي الأيسر" من جهة الشق الأيسر، انصرف إليه هكذا.
طالب:. . . . . . . . .
كيف مستقبل القبلة؟ هذا الخبر يقول: "انصرفت إليه من قبل شقي الأيسر" فقال: "ما منعك .. "
طالب:. . . . . . . . .
لا، إذا كان خلفه؟ يستوي؛ لأن الحركة واحدة، الدورة واحدة، هو إن كان ابن عمر في الجهة هذه مستقبل الشام، وينصرف إليه هكذا، لكن هو بالنسبة للمدينة يستقبل مصر إيه، نفترض أنه هذا المسجد؛ لأن هذا ما له أثر في تغيير المكان، نفترض أنه في هذا المسجد، إذا أراد أن ينصرف إلى جهته اليسرى يكون بالجهة هذه، إلى الجهة هذه يسار القبلة يكون، لكن هل يمكن أن يسمى جدار القبلة ذاك؟ لأنه لو كان في جدار القبلة الذي هو أمامه ما احتاج إلى الانصراف أصلاً، وإن كان خلف ظهره يستوي يمين وإلا يسار الدورة واحدة.
طالب:. . . . . . . . .
نحن نريد تحليل نص أمامنا الآن "فلما قضيت الصلاة انصرفت إليه من قبل شقي الأيسر" يعني استدار إليه من جهة شقه الأيسر "فقال عبد الله بن عمر: ما منعك أن تصرف عن يمينك؟ قال: فقلت رأيتك فانصرفت إليك، قال عبد الله: فإنك قد أصبت، إن قائلاً يقول: انصرف عن يمينك، فإذا كنت تصلي فانصرف حيث شئت، إن شئت عن يمينك، وإن شئت عن يسارك" وهذا يخاطب به الإمام والمنفرد، إن شئت عن يمينك وإن شئت عن يسارك، وجاء في حديث أنس: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- ينصرف عن يمينه" وجاء في حديث ابن مسعود: "أكثر ما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينصرف عن شماله" فدل على أن المسألة فيها سعة، انصرف عن يمينه أو عن شماله لا إشكال -إن شاء الله تعالى-.
الآن ظهر موقع ابن عمر من المصلي؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .(27/14)
كان ينصرف عن يمينه ويساره. . . . . . . . . أنت تقول. . . . . . . . . هو خلفه مباشرة؟ إذا كان عن يساره سواءً على الجدار ذا أو الجدار ذاك ما يفرق.
طالب:. . . . . . . . .
ها؟ ويش تقول؟. . . . . . . . . على كل حال هذاك جدار القبلة، هو جدار القبلة، ويمكن أنه عن يساره فانحرف إليه قليلاً من أجل أن يستقبله، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الانصراف الاستدارة عن جهة القبلة، ليس المراد به السلام، السلام اليمين قولاً واحداً، الانصراف عن جهة القبلة الاستدارة، أو مجرد الانحراف المهم أنه لا. . . . . . . . . إلى جهة القبلة إذا سلم، يعني نفترض أن هذا المسجد، المسجد الأصلي جيد، والتوسعة من أمامه، طيب ابن عمر الأظهر على جهة القبلة وإلا جهة الشرق الجهة المعاكسة؟ وجهه وجهه، وجهه إلى جهة الشمال لا إلى جهة القبلة، وهذا بينه وبينه جدار، طيب وشلون يشوفهم؟ ويشلون يستدير ليراهم؟ يعني بالباب الذي يدخل في التوسعة؟ على كل حال الصورة ما هي بواضحة إلا أنه عن يساره، ابن عمر يقع عن يسار واسع بن حبان، ولذا انصرف إليه سواءً كان خلفه أو أمامه، المقصود أن الانحراف إليه من جهة اليسار أقرب من الانحراف إليه من جهة اليمين، هذا كل ما في المسألة، والمقصود من سياق الخبر واضح، وهو أنه يستوي أن ينصرف المصلي عن يمينه أو عن شماله، وثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- كان ينصرف عن يمينه وثبت عنه أنه كان ينصرف عن شماله.
يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن رجل من المهاجرين لم ير به بأساً" من المهاجرين يعني صحابي وإلا من أبنائه؟ شلون لم ير به بأساً يحتاج أن يقال هذا؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟ يقول عن رجل من المهاجرين: "إنه لم ير به بأساً" أنه سأل عبد الله بن عمرو بن العاص .. وين المهاجرين الأولين .. ؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
احتمال أن تكون الهجرة غير الهجرة الأولى، احتمال أنه هاجر بعد ذلك، وقد يحتمل أن يكون بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- ويش المانع؟
طالب:. . . . . . . . .(27/15)
من المهاجرين، لا ما يلزم من مكة، من البوادي، من البوادي مهاجر، إيه ما يلزم؛ لأن قوله: "لم يرَ به بأساً" يدل على أنه لو كان من المهاجرين الأولين ما يحتاج إلى أن يقال فيه مثل هذا، وإن كان أبو حاتم الرازي قال في بعض الرواة: من المهاجرين الأولين مجهول.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، عاد أبو حاتم يطلق الجهالة بإزاء إطلاقات كثيرة.
طالب:. . . . . . . . .
لم يرَ به بأساً لا سيما وأن الإمام مالك من أهل التحري، على كل حال يأتينا .. ، الخبر يقول: "أنه سأل عبد الله بن عمرو بن العاص: أأصلي في عطن الإبل؟ " يعني موضع بروكها عند الماء خاصة، وقيل: مأواها مطلقاً "فقال عبد الله: لا" يعني لا تصلي فيها "ولكن صل في مراح الغنم" والمراد مجتمعها في آخر النهار وموضع مبيتها، والنبي -عليه الصلاة والسلام- سئل عن الصلاة في مرابض الغنم وعن الصلاة في مبارك الإبل، فمنع من الصلاة في مبارك الإبل وأذن في الصلاة في مرابض الغنم، فدل على أن هناك فرق بين مبارك الإبل ومرابض الغنم، وأرواثها وأبوالها طاهرة، الجميع أبوالها وأرواثها طاهرة، لكن أهل العلم يلتمسون حكم من هذا التفريق، منهم من يقول: إن الإبل لا تكاد تهدأ فإذا صلى في مباركها وبقربها خشي عليه أن يتضرر إذا نفرت، ومنهم من يقول: إن مباركها مأوى للشياطين بخلاف مرابض الغنم، المقصود أنها استنباطات من أهل العلم، ويبقى أن الحكم في هذا هو النص، الحكم في هذا هو النص، وأما العلة الحقيقية فتحتاج إلى نقل، لا سيما وأن مثل هذه الأمور مما يخفى، يعني ظاهراً فيما يظهر للناس هل هناك فرق؟ المكان طاهر سواءً كان في مبارك الإبل أو في مرابض الغنم كلها طاهرة، والذين يقولون: بنجاسة أبوال وأرواث الإبل يقولون بنجاسة أرواث وأبوال الغنم لا فرق، والذين يقولون بطهارة هذه يقولون بطهارة هذه، فالأمر الحسي لا فرق.
يعني جاء في بعض الأخبار مثل ما قيل في الوضوء من لحم الإبل وعدم الوضوء من لحم الغنم، التمسوا قيل: فيهن شياطين أو جن خلقت من جن، أو أمور يعني .. ، كلام، استنباطات من أهل العلم، الدسومة زائدة أو الدهونة تخفف بالوضوء.(27/16)
على كل حال الكلام كثير لأهل العلم في هذا، والأصل والمعول عليه هو النص الذي فرق بين الأمرين.
جاء في بعض الأخبار أنها -لا أعلم صحته الآن- أنها جن خلقت من جن، لكن .. ، جنٌ خلقت من جن بهذا اللفظ، لكنه لا أخاله يثبت، ولا يمكن أن ترد الشريعة بالتفريق بين المتماثلات أو الجمع بين المختلفات، لكن قد يكون عدم إدراكنا هذا لقصورنا أو تقصيرنا، ما ننسب هذا للشريعة، فيبقى الحكم المعقولة مؤثرة، بولها طاهر وروثها طاهر ويش المانع من الصلاة؟ يعني كونها في باب الهدي والأضحية ملحقة بالإبل هذا أمر ثاني.
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال: ما صلاة يجلس في كل ركعة منها؟ " سعيد بن المسيب يطرح هذه المسألة، وطرح العالم للمسألة على جلسائه وطلابه له أصل، ترجم البخاري -رحمه الله-: "باب: طرح الإمام المسألة" وأورد حديث النخلة من حديث ابن عمر تشبيه النخلة بالمؤمن، على كل حال هذا له أصل لكن لا يقصد بذلك التعنيت والتعجيز، ولا يبالغ في التعمية، إنما يقصد بذلك معرفة قدرات الطلاب ومدى استيعابهم، وشحن هممهم أيضاً، وهنا يقول سعيد بن المسيب: "ما صلاة يجلس في كل ركعة منها؟ " يعني بعد كل ركعة تشهد، وأقول: "ما صلاةٌ التشهد فيها أكثر من عدد الركعات؟ " هو جوابها المغرب، وفي سؤالنا أيضاً المغرب، يعني جلس مع الإمام التشهد الأول، فاته ركعتان وأدرك التشهد الأول يتشهد معهم، ثم يتشهد معه ثانية، ثم يأتي بركعة فيتشهد ثم يأتي بالثانية فيتشهد فيكون أربع تشهدات في ثلاث ركعات، وهنا يقول: "هي المغرب إذا فاتتك منها ركعة" تتشهد ثلاث مرات، ونقول: يمكن أن تصور بأربع تشهدات كما سمعنا "وكذلك سنة الصلاة كلها" الثنائية ما فيها إشكال إذا فاتك ركعة، الثنائية ما فيها إشكال، لكن الرباعية كيف يتصور أن تجلس في كل ركعة في الرباعية؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا أدركت الرابعة؟ أيوه؟ يجلس مع الإمام هذا أول تشهد، ثم يأتي بركعة .. ، ثم يأتي بركعتين ويتشهد، صح؟ ثلاث تشهدات، والركعات أربع، أقول: كيف نتصور أن الرباعية يأتي فيها أربع تشهدات؟ يعني الثلاثة متصور أن تأتي أربع تشهدات.
طالب:. . . . . . . . .
يعني يسهو ويتشهد؟(27/17)
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، يطرح المسألة على أساس أنها تشهد مع الذكر، مقصود وإلا مع السهو بعد .. ، الله المستعان، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن ما يجلس في كل ركعة منها، تشهدين متواليين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، الآن بيجي يتشهد في كل ركعة منها هي المغرب إذا فاتتك، وكذلك سنة الصلاة كلها، الفجر، الفجر كذلك.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لا أنا الإشكال عندي في الرباعية، يقول: "وكذلك سنة الصلاة كلها".
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا يعني طريقتها، طريقة الصلاة كلها.
طالب:. . . . . . . . .
ذكرنا تو في السهو يعني متصور أنه يتشهد ما لا نهاية هين، لكن يبقى أنه في الذكر هنا وهو ذاكر، وهذا مما يثبت تبعاً، لكن لو صلى شخصٌ المغرب استقلالاً بثلاثة تشهدات بطلت صلاته، أما هذا يثبت تبعاً.
طالب:. . . . . . . . .
لا هو المغرب انتهينا منها، يعني وفي حكمها جميع الصلوات، في حكمها جميع الصلوات، في من الشراح ذكر شيء؟ أظن إذا سبقه الحدث من الضرورة، ثم خرج بعد الثالثة ثم عاد.
طالب:. . . . . . . . .
نعم أدرك مقيم من صلاة مسافر ركعة هذه مسألة مستقلة هذه غير ذيك، طيب أدرك مقيم من صلاة مسافر ركعة، الآن المقيم يلزمه الإتمام وإلا يكفيه القصر؟ مقيم يلزمه الإتمام أدرك ركعة يجلس معه للتشهد، ثم يأتي بركعة ويجلس للتشهد، ما في فرق، ما في فرق، لكن خلونا في مسألة الرعاف كيف يتصور في الرعاف أن يتشهد أربع تشهدات؟ طيب يبني كيف يبني؟ كيف يتصور أربع تشهدات؟ يعني يتشهد معهم التشهد الأول، ثم سبقه الحدث فذهب ليتوضأ وبنى على ما مضى، وأدركهم في التشهد الثاني، تشهد معهم التشهد الأول، هو فاته كم ركعة الحين؟
طالب:. . . . . . . . .
ها؟ كيف؟ يعني ما نستفيد، لا، ترى أهل العلم ما هو من فراغ يتكلمون، لا سيما الباجي ترى في غاية الدقة.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، تأملوها جيداً، قد يختلف تصويرها في مذهبهم عن المالكية عن بقية المذاهب، لكن لا بد من أن يكون لها أصل، يعرفون يعني كيف يحررون المسائل ويضبطونها.(27/18)
فإذا أدرك التشهد الأول معهم، يعني ما أدرك شيء أبد إلا التشهد الأول، جاء والإمام جالس أو فاتته الركعة الثانية فلحق بهم فأدرك التشهد الأول، تشهد معهم، ثم سبقه الحدث، ثم جاء وقد فاتته الرابعة.
طالب:. . . . . . . . .
أعد أعد.
طالب:. . . . . . . . .
يعني ما أدرك شيء من الأولات الثنتين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، إذا أدرك طاحت عنه و. . . . . . . . . تشهد، الثانية أولى تشهد معهم ثم لما أنهى التشهد الأول سبقه الحدث وذهب، ثم رجع وهم في التشهد الأخير، طيب هي أربع تشهدات، لكن ما يتسنى أن تكون يجلس في كل ركعة.
طالب:. . . . . . . . .
لا،. . . . . . . . . بين كل ركعتين يرعف ويطلع يتوضأ إذا جلس للتشهد أرعف وطلع ثم. . . . . . . . . ما هو بتصوير مسائل علمية.
طالب:. . . . . . . . .
أولى بالنسبة له، ويبقى له ثنتين، إذا سلموا يجيبهن؟ يجيب ثنتين؟ يبقى له ثنتين بيجيبهن سرد بدون تشهد، ما يصلح، ويقول: تجلس في كل ركعة، يعني ما يتم هذا التصوير أبداً.
طالب:. . . . . . . . .
طيب الآن فاته ركعة وإلا أدرك ركعة؟ فاته ركعة رباعية ترى.
طالب:. . . . . . . . .
إيه بيدرك الثالثة والرابعة ما بينهن تشهد مع الإمام.
طالب:. . . . . . . . .
ما يلزم لا، لا، ما في أحد يقول: يلزمه الجلوس حتى عند من يقول: إن ما يدركه المسبوق آخر صلاته، ما يلزمه الجلوس.
طالب:. . . . . . . . .
هاته.
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . . من غير تعرض لصورة ما يدركه مع الإمام؛ لأنه بيدرك مع الإمام الثالثة والرابعة ما بينهن تشهد، ثم ينخرم كلامه.
طالب:. . . . . . . . .
طيب، بدون ركعة، طيب.
طالب:. . . . . . . . .
لكن يصير ركعتين متواليتين بدون تشهد، فما ينفع، ما يجي على كلامه يجلس في كل ركعة، يجلس في كل ركعة منها، على كل حال ما هو بنص هذا، أقول: ما هو بنص هذا.
طالب:. . . . . . . . .
إيه ما هو بنص هذا.
طالب:. . . . . . . . .
هذا ما هو بنص.
طالب:. . . . . . . . .
الظاهر أن سعيد قاصداً أهل الكلام هذا.
طالب:. . . . . . . . .
الثاني، ثم قام قضى ركعة فجلس، ثم عاد ثنتين متواليات، يبقى الإشكال هو هو.(27/19)
طالب:. . . . . . . . .
أربع تشهدات.
طالب:. . . . . . . . .
أربع تشهدات، لكن لا ما يفصل بينهم بالتشهد، ما يمكن تصويره هذا.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
أعد يا شيخ أبو عبد الرحمن.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لا إحنا ما تصورنا أن المسألة في السهو، وإلا السهو اللي بيفتح باب السهو ما ينتهي.
طالب:. . . . . . . . .
مسائل صور السهو ما تنتهي إطلاقاً.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال تصورها صعب، يعني تصور أربع تشهدات في المغرب سهل، يعني سهل، لكن الرباعية تصور تشهد بعد كل ركعة فيه صعوبة.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول: ما رأيكم فيمن يقول بأفضلية صيام أربعة أيام ليتحقق من عاشوراء يوم الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء، ولو أضف فيها السبت والخميس تصير خمسة أو ستة؟
المسألة عبادة، إن كان يتعبد بهذا وهو على .. ، هو مخالف، إذا كان يتعبد بهذا في عبادة مؤقتة بوقتها هذه مخالفة، المنصوص عليه يوم عاشوراء، ثم في الأخير قال -عليه الصلاة والسلام-: ((لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع)) يعني مع العاشر، ولولا رواية: ((صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده)) لما قلنا: إن الأحوط أن ينظر في هلال محرم، فإن لم يرَ الهلال فليكمل ذي الحجة، أو يصوم إن كان الشهر مكملاً ولو بالتقويم يصوم التاسع والعاشر، وإن كان ناقصاً يصوم العاشر والحادي عشر ليصيب العاشر بيقين، يعني في مثل شهرنا هذا إذا صام الاثنين والثلاثاء أصاب عاشوراء بيقين، لكن لو كان ذي الحجة كاملاً يعني في التقويم أو في عرف الناس لقلنا: يصام الأحد والاثنين، ونكون حينئذٍ أصبنا العاشر بيقين، وذلك بإكمال شهر ذي الحجة؛ لأنه لم يرد عليهم من يثبت رؤيته فأكملوه، وهذا هو الأصل، وهذا هو الأصل في الأشهر الشرعية إن رؤي الهلال وإلا فأكملوا، كما في هلال رمضان، لا يحصل. . . . . . . . .، على كل حال على الإنسان أن يتحرى يتحرى، وإذا أمكنه صيام العاشر بيقين فلا مفر منه، لا بد من هذا.
طالب:. . . . . . . . .(27/20)
لا هو إذا تردد كما لو قال: إن كان غداً من رمضان فهو فرضي؛ لأنه ليس بإمكانه أكثر من هذا، ولن يكلف أكثر من هذا.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: جامع الصلاة.
حدثني يحيى عن مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة الأنصاري -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي وهو حاملٌ أمامة بنت زينب بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولأبي العاص بن ربيعة بن عبد شمس: فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها.
وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون)).
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((مروا أبا بكر فليصل للناس)) فقالت عائشة: إن أبا بكر يا رسول الله إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء، فمُر عمر فليصل للناس، قال: ((مروا أبا بكر فليصل للناس)) قالت عائشة: فقلت لحفصة: قولي له إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء فمر عمر فليصل للناس، ففعلت حفصة فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنكن لأنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل للناس)) فقالت حفصة لعائشة -رضي الله عنهما-: "ما كنت لأصيب منك خيراً".(27/21)
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيد الله بن عدي بن الخيار أنه قال: بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس بين ظهراني الناس إذ جاءه رجل فساره فلم يدر ما ساره به حتى جهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإذا هو يستأذنه في قتل رجل من المنافقين، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين جهر: ((أليس يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله؟ )) فقال الرجل: بلى، ولا شهادة له، فقال: ((أليس يصلي؟ )) قال: بلى ولا صلاة له، فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((أولئك الذين نهاني الله عنهم)).
وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)).
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن محمود بن الربيع الأنصاري أن عتبان بن مالك -رضي الله عنه- كان يؤم قومه وهو أعمى، وأنه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنها تكون الظلمة والمطر والسيل وأنا رجل ضرير البصر، فصل يا رسول الله في بيتي مكاناً أتخذه مصلى، فجاءه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((أين تحب أن أصلي؟ )) فأشار له إلى مكان من البيت فصلى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عباد بن تميم عن عمه أنه رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مستلقياً في المسجد واضعاً إحدى رجليه على الأخرى.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان -رضي الله عنهما- كانا يفعلان ذلك.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال لإنسان: إنك في زمان كثير فقهاؤه، قليل قراؤه، تحفظ فيه حدود القرآن، وتضيع حروفه، قليل من يسأل، كثير من يعطي، يطيلون فيه الصلاة، ويقصرون الخطبة، يبدون أعمالهم قبل أهوائهم، وسيأتي على الناس زمان قليل فقهاؤه، كثيرٌ قراؤه، يحفظ فيه حروف القرآن، وتضيع حدوده، كثير من يسأل، قليل من يعطي، يطيلون فيه الخطبة ويقصرون الصلاة، يبدون فيه أهواءهم قبل أعمالهم.(27/22)
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: بلغني أن أول ما ينظر فيه من عمل العبد الصلاة فإن قبلت منه نظر فيما بقي من عمله، وإن لم تقبل منه لم ينظر في شيء من عمله.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: كان أحب العمل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي يدوم عليه صاحبه.
وحدثني عن مالك أنه بلغه عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: كان رجلان أخوان فهلك أحدهما قبل صاحبه بأربعين ليلة، فذكرت فضيلة الأول عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((ألم يكن الآخر مسلماً؟ )) قالوا: بلى يا رسول الله، وكان لا بأس به، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((وما يدريكم ما بلغت به صلاته؟ إنما مثل الصلاة كمثل نهر غمر عذب بباب أحدكم يقتحم فيه كل يوم خمس مرات، فما ترون ذلك يُبقي من درنه؟ فإنكم لا تدرون ما بلغت به صلاته)).
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عطاء بن يسار كان إذا مر عليه بعض من يبيع في المسجد دعاه فسأله ما معك؟ وما تريد؟ فإن أخبره أنه يريد أن يبيعه قال: عليك بسوق الدنيا، وإنما هذا سوق الآخرة.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- بنى رحبة في ناحية المسجد تسمى البطيحاء، وقال: من كان يريد أن يلغط أو ينشد شعراً أو يرفع صوته فليخرج إلى هذه الرحبة".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: جامع الصلاة" والترجمة التي قبلها: "باب: العمل في جامع الصلاة" وهذه الترجمة: "باب: جامع الصلاة" يقول الشراح في الفرق بين الترجمتين: إن الأحاديث التي أوردها في تلك -الترجمة الأولى- تتعلق بذات الصلاة، والأحاديث التي أوردها في هذه الترجمة لا تتعلق بذاتها، وإنما تتعلق بأمورٍ خارجةٍ عنها كحمل الصبية، وتعاقب الملائكة، وتقديم الأفضل للإمامة وما أشبه ذلك.(27/23)
يقول -رحمه الله تعالى-: "حدثني يحيى عن مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير -بن العوام- عن عمرو بن سليم الزرقي –الأنصاري- عن أبي قتادة الأنصاري -الحارث بن ربعي الأنصاري- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي وهو حاملٌ أمامة بنت زينب بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" أمامة: إعرابها؟ مفعول لاسم الفاعل، والإضافة ما يمكن؟ حاملُ أمامةَ {مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا} [(45) سورة النازعات] بالإضافة، أو "منذرٌ من يخشاها؟ " {إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ} [(3) سورة الطلاق] طيب والقراءة الثانية؟ بالغٌ ..
طالب:. . . . . . . . .
أو أمرُهُ؟ يجوز الوجهان، وهناك صور يترجح فيها الإضافة، وصور يترجح فيها العمل، وبنت: نعت أو بدل أو بيان من أمامة، وعلى رواية العمل تكون بنتَ، وعلى الإضافة تكون بنتِ، زينبَ بنتِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، نسبت لأمها لشرف النسبة إليه -عليه الصلاة والسلام-، وإلا فأبوها معروف، ولذا قال: "ولأبي العاص بن ربيعة بن عبد شمس" ذكر أبوها أمامة بنت أبي العاص "لأبي العاص بن ربيعة" أبو العاص أبوها أسلم قبل الفتح وهاجر، وأسلمت قبله زينب وبقيت، وردها النبي -عليه الصلاة والسلام- عليه بالعقد الأول "ولأبي العاص بن ربيعة" وهذه رواية الجمهور عن مالك، ورواه يحيى بن بكير ومعن بن عيسى القزاز وأبو مصعب الزهري وغيره من الرواة عن مالك فقالوا: (ابن الربيع) "ولأبي العاص بن الربيع" وهو الصواب، وزعم الكرماني أن المخالفة من البخاري، في البخاري: "ولأبي العاص بن ربيعة" يعني إذا تسنى للكرماني أن يقول: إن المخالفة من البخاري في كتابه هل يتسنى له أن يقول: إن المخالفة من البخاري في الموطأ؟ ما يمكن، هذا وهم زعم الكرماني أن المخالفة من البخاري، والصواب أنه ممن روى عن مالك ممن ذكر، وزعم بعضهم أنه منسوبٌ إلى جده، وأنه ابن الربيع بن ربيعة، ورده عياض والقرطبي وغيرهما لإطباق النسابين على خلافه، هو أبو العاص بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد الشمس، النسابون يتفقون على هذا.(27/24)
أمامة هذه تزوجها من؟ علي -رضي الله عنه- بعد وفاة فاطمة "فإذا سجد وضعها" وهذا صريح في كون العمل منه -عليه الصلاة والسلام-، وأنه هو الذي يحملها، وهو الذي يضعها "وإذا قام حملها" لأن منهم من زعم كالخطابي أنها تعلق به من غير عملٍ منه، تتعلق به، ألفته -عليه الصلاة والسلام- فكانت تتعلق به إذا قام وإذا .. ، فصريح الرواية تردها "فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها".
وأشكل مثل هذا العمل على بعض العلماء لا سيما من المالكية؛ لأن هذا العمل لا يجوز عندهم في الصلاة أشكل عليهم مثل هذا، فمنهم من قال: هذا في النافلة لا في الفريضة، جاء في رواية: أنه يؤم الناس، وفي رواية: كنا ننتظر النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاة الظهر أو العصر إذ خرج علينا وهو حاملٌ أمامة، هذه نافلة وإلا فريضة؟ فريضة، روى أشهب عن مالك أن ذلك للضرورة لعدم وجود من يكفيه أمرها، وهذا الكلام ليس بصحيح؛ لأن بيوته -عليه الصلاة والسلام- معمورة.
روى عبد الله بن يوسف التنيسي عن مالك أن الحديث منسوخ، يقول ابن عبد البر: لعله نسخ بتحريم العمل في الصلاة، لكن لا داعي للقول بالنسخ، لا داعي إلى القول بالنسخ؛ لأن هذا العمل عند جمهور أهل العلم لا إشكال فيه، صحيح فيه حركة لكنها غير متوالية، والآدمي طاهر، وما في جوفه معفوٌ عنه، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- يفعل مثل هذا الفعل لبيان الجواز، الطمأنينة موجودة، ولولا مثل هذا العمل منه -عليه الصلاة والسلام- الذي فعله لبيان الجواز لتحرج كثيرٌ من الناس حينما يحتاجون إلى مثل هذا العمل، يعني لولا وجود هذا الأصل الذي يبيح مثل هذا العمل لوجد الحرج والمشقة من كثيرٍ من الناس، لا سيما أهل التحري والحرص؛ لأنه قد يوجد الحاجة إلى مثل هذا العمل، وإذا لم يوجد له أصل لا شك أنهم سوف يتحرجون.
على سبيل المثال قد لا يوجد من يقرأ القرآن عن ظهر قلب، لكن يوجد من يقرأ القرآن نظر، وأراد أن يصلي بالناس ومعه المصحف نقول: الحديث أصل في جواز القراءة في المصحف وحمله ووضعه عند الحاجة؛ لأن مثل هذه الأمور تقدر بقدرها، ولا يتوسع فيها.(27/25)
على كل حال النبي -عليه الصلاة والسلام- فعل هذا لبيان الجواز، ولرفع الحرج والمشقة عن أمته، هو فعله -عليه الصلاة والسلام- لبيان الجواز، فإذا وجد الشخص في مجتمعٍ أو بين أناس يشددون في هذا الأمر، وأن الإنسان إذا تحرك ظنوا به الظنون، أو يعني ممن يراد تخفيف مثل هذا الأمر عندهم، وبيان السنة لهم لا بأس من فعله، نقول: هذا من باب التعليم؛ لأن هذه النصوص وينبغي أن يعنى بها طلاب العلم والعلماء في تطبيقها علاجاً لمشاكل الناس، يعني لو رأيت واحدٍ يتحرك قلت: قوموا لله قانتين، والحركة .. ، وتكلم عن الحركة، وأنها مؤثرة في الصلاة، لكن لو وجدت شخص يبالغ في هذا الأمر، ويرى أن كل حركة مبطلة للصلاة، لا مانع أن تحمل طفل وتقول. . . . . . . . .، والنبي -عليه الصلاة والسلام- حمل.
يقول: "وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج" حدثني عن مالك عن أبي الزناد اسمه؟ ها؟ عبد الله بن ذكوان، عن الأعرج عبد الرحمن بن هرمز لا نخلط بينهما "عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار)) يتعاقبون فيكم: أي تأتي طائفة عقبت الطائفة الأخرى، يتعاقبون فيكم بمعنى أن الطائفة الثانية تأتي عقب الطائفة الأولى، وهذا يرد عليه قوله: ((ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر)) كيف يتعاقبون وهم يجتمعون؟! أن عددهم كبير بحيث يكون بعضهم يأتي عقب ذهاب البعض، وبعضهم يجتمع مع بعض الدفعات ((يتعاقبون فيكم ملائكة)) من يعرب يتعاقبون؟ ملائكة: بدل، لكن من قال: إن الملائكة هم الفاعل، يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار على لغة بلحارث التي يسمونها لغة: أكلوني البراغيث، وهذه لها ما يشهد لها من النصوص، وفي لغة العرب أيضاً.
الحديث في بدء الخلق من صحيح البخاري: ((الملائكة يتعاقبون ملائكة بالليل وملائكة بالنهار)) وفي مسلم: ((والملائكة يتعاقبون فيكم)) وحينئذٍ لا يكون فيه شاهد لهذه اللغة، لكن هذا المثال يذكر في كتب النحو على هذه اللغة "يتعاقبون فيكم" بل بعضهم جعل هذه اللغة منسوبة إلى هذا الحديث، على لغة: يتعاقبون فيكم، وعلى كل حال هي لغة قبيلة من العرب، ولها شواهدها من النصوص ومن الشعر.(27/26)
يلومونني في اشتراء النخيل أهلي ... . . . . . . . . .
ولها الشواهد موجودة في شروح الألفية وغيرها.
((ملائكة بالليل وملائكة بالنهار)) وهل هؤلاء الملائكة هم الحفظة أو غيرهم؟ خلافٌ بين أهل العلم، لكن المرجح أنهم هم وإلا غيرهم؟ غيرهم، لماذا؟ لأن الحفظة لا يفارقون.
((ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر)) يجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر، صلاة الفجر لا إشكال فيها لأنها مشهودة، هذا مع كون صلاة الفجر مشهودة {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [(78) سورة الإسراء] والمراد بقرآن الفجر صلاة الفجر، وهي مشهودة يشهدها الملائكة ملائكة الليل والنهار، لكن ماذا عن صلاة العصر؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن هل هي مشهودة وإلا غير مشهودة؟ ويش معنى تخصيص الفجر بكونها مشهودة والمعنى الموجود فيها موجود في العصر على هذا الحديث؟ هو المقصود بالقرآن الصلاة، القرآن المقصود به الصلاة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما تكون مشهودة على هذا؟ إذا صارت سرية ما تكون مشهودة؟! ها النص، الحديث اللي عندنا: ((يجتمعون)) معنى الشهود في صلاة الصبح موجود في صلاة العصر إيش معنى كون الفجر مشهودة والعصر غير؟ يعني ما جاء في صلاة العصر معروف ومحفوظ، وكونها إحدى البردين معروف مع الصبح، لكن إشكالنا واضح ومحدد، صلاة الفجر مشهودة إيش معنى مشهودة؟ يجتمع فيها ملائكة الليل والنهار، إذاً لمَ خصت بكونها مشهودة دون العصر؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، إيه، يعني كون العصر تجمع جمع تقديم في أول صلاة الظهر مثلاً إذا زالت الشمس، يعني هل تشهد والنهار باقٍ فيه؟ لأن معنى التعاقب هذا ملائكة ليل وملائكة نهار، فإذا جمعت صلاة العصر في منتصف النهار يحصل هذا التعاقب وإلا ما يحصل؟ يعني باقي على النهار نصفه.(27/27)
على كل حال النص الذي بين أيدينا يدل على أنها مشهودة، ويبقى أن كونها مشهودة يعني على أصلها في وقتها، يعني كون من يشهدها أكثر، وتسمية صلاة الفجر بقرآن الفجر يدل على أن القراءة لها لها مزية، وجاء أيضاً مقروناً بمثل هذا الحديث: ((فإن استطعتم أن لا تضاموا عن صلاةٍ -أن لا تغلبوا- على صلاةٍ قبل طلوع الشمس وصلاةٍ قبل غروبها)) ولذا جاء في الخبر أن الرؤية للباري -جل وعلا- في طرفي النهار، وأن أسعد الناس بها من يحافظ على هاتين الصلاتين، وهما البردان، وذكرنا أن ابن القيم -رحمه الله تعالى- في طريق الهجرتين وهو يصف حال المقربين، ويصف حرصهم على القرب من الإمام في صلاة الصبح، وتدبرهم لقراءته له أثرٌ كبير في صلاح القلب؛ لأن هذه الصلاة مشهودة.
يقول: ذكر السيوطي استدراكاً على ابن حجر أن الحفظة يفارقون الإنسان وذكر على ذلك أحاديث.
هم لا يفارقونه إلا في حال غير كمال، لا يفارقونه إلا حال غير كمال، يعني في قضاء حاجة، وهو جنب، لكنه مع ذلك هؤلاء يتعاقبون بمعنى أنهم يفارقون، ملائكة ينزلون، وملائكة يصعدون.
لو قلنا: إنهم هم الحفظة لما صار لصلاتي الصبح والعصر مزية، الحفظة موجودين في الظهر، موجودين في صلاة المغرب، موجودين في صلاة العشاء، لو قلنا: إنهم هم الحفظة، موجودون في كل الصلوات، موجودون في النوافل.
((ثم يعرج الذين باتوا فيكم)) هذا دليلٌ على أنهم الذين شهدوا صلاة الفجر، الذين باتوا فيكم ثم شهدوا صلاة الفجر يعرجون، الذين شهدوا صلاة الفجر، يعني هل يمكن أن يقال مثل هذا في الذين شهدوا صلاة العصر باتوا؟ نعم؟ كيف؟ البيتوتة بالليل ((ثم يعرج الذين باتوا فيكم)) هم قالوا: تخصيص الذين باتوا دون الآخرين من باب الاكتفاء، كما في قوله تعالى: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [(81) سورة النحل] يعني والبرد، ومراده بهذا أن الذين يعرجون الذين باتوا هذا بالنسبة لصلاة الصبح، ويعرج الذين شهدوا صلاة العصر، ممن وجد في النهار غير الذين باتوا، الذين كانوا هذه أشمل.(27/28)
على كل حال تخصيص هؤلاء يقول أهل العلم: إن الليل مظنة معصية؛ لأن فيه استتار، وفيه خفاء، اختفاء عن الأنظار، فالتنصيص على هؤلاء الذين باتوا؛ لتحذير العصاة، تظنون أنكم ما كتب عليكم شيء في هذا الليل لخفاء فعلكم؟ هؤلاء الذين باتوا فيكم يعرجون، مسجلين ما صنعتم، ومع ذلكم يسألهم الله -جل وعلا- وهو بهم أعلم لإظهار الحكمة في خلق الإنسان ((يسألهم وهو أعلم بهم)) يسأل الملائكة ((كيف تركتم عبادي؟ )) ليظهر في عالم الشهود للملائكة، ويبين لهم أن قولهم السابق {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء} [(30) سورة البقرة] أنه له حقيقة وإلا ما له حقيقة؟ نعم؟ ليس على إطلاقه؛ لأنهم عمموا {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا} [(30) سورة البقرة] لأنه وإن وجد من يفسد إلا أنه وجد ((تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون)) فيوجد من يفسد، ويوجد من يتعبد، كما قال الله -جل وعلا-: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [(4) سورة الليل].
((كيف تركتم عبادي؟ )) كيف تركتموهم؛ لأن الأعمال بالخواتيم، ولم يقل: كيف وجدتموهم، يعني لما وصلتم إليهم كيف وجدتموهم؟ المقصود كيف تركتموهم في آخر الأمر؛ لأن الأعمال بالخواتيم ((فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون)) فبدأوا بالترك؛ لأن ختم العمل أولى من بدايته، وإن كانت البداية من حيث الزمن متقدمة، لكن من حيث الأهمية الختم أولى من البداية.
هذا يسأل يقول: هل يسن الخروج إلى المسجد إذا تيقن فوات الجماعة الأولى، وكان يرجو أن يدرك جماعة أخرى بعدها؟
نعم، إذا كان يرجو جماعة أخرى فالخروج له مبرر؛ لأن صلاة الرجل مع آخر أزكى من صلاته وحده، وفيه تحصيل لأجر الجماعة، ولا شك أن هذا هدفٌ صحيح، ومقصدٌ شرعي.
يقول: أفضل الكتب لإعراب القرآن؟(27/29)
ذكرنا مراراً أن المتقدمين لهم كتب لإعراب القرآن للنحاس وللعكبري، وللمتأخرين أيضاً مساهمات جيدة، كتب مبسوطة في إعراب القرآن، يحسن أن يتمرن عليها طالب العلم، ولعل من أجودها: (إعراب القرآن) لمحي الدين درويش معاصر، هناك كتب منها ما يبلغ العشرات المجلدات، ومنها ما يزيد، فهذه الكتب نافعة كتاب محي الدين درويش هذا إعراب تفصيلي لكل كلمة من كلمات القرآن.
هناك كتب من كتب التفسير تعنى بإعراب القرآن ووجوهه العربية والبلاغية منها: (البحر المحيط) لأبي حيان، عنايته بالنحو فائقة والإعراب، هناك أيضاً: (بيان وجوه المعاني والبيان) في تفسير أبي السعود، والكتب في هذا كثيرةٌ جداً، وحريٌ بطالب العلم أن يعنى بها؛ لأنه بهذه الطريقة يضبط العربية، ويستعين بذلك على فهم كتاب الله -عز وجل-.
هذا يقول: أنا طالب في الهند وعائش مع عائلة يقول: مسيحية يعني نصارى؛ ليتعلم اللغة الإنجليزية، ويأكل ويشرب معهم فما الحكم الشرعي؟
هذا شخص عائش في بيت فيه رجال ونساء ليسوا من محارمه لا يجوز له البقاء معهم ولا لحظة، إلا إذا كان في قسم الرجال فقط، ولا يدخل على النساء؛ لأنهن لسن من محارمه.
يقول: قناة فضائية تبث مجموعة من البنات يعرضن أنفسهم للزواج على التلفاز، وتقوم القناة بعرض تصرفاتهن من أكلٍ وشرب ولبس، ومعظم الناس تتحدث عنهم، السؤال: هل متابعة مثل هذه القناة حرام؟
أقول: عرض هذه الصور صور النساء في مثل هذه القنوات لا شك أنه يتيح النظر إليهن من قبل الرجال الأجانب، وهذا بحد ذاته حرام، فضلاً على أن تعرض هذه النساء على أوضاعٍ تغري بهن، المقصود أن مثل هذا لا يجوز النظر إليه بحال، والله المستعان.
يقول: هل يجوز للفتاة نصح الشباب من المسلمين للدين الإسلامي عبر الإنترنت بحيث يسمعون صوتها؟ تقول: تدخل مواضع الدردشة وتنصحهم بما يفيدهم في دينهم؟(27/30)
هذه يخشى عليها من أن تفتن، فخيرٌ لها أن لا تكلم الرجال، وكلامُ المرأة للرجال الأجانب لا يجوز إلا بقدر الحاجة، إذا لم يوجد لها من يقضي حاجتها، وكان صوتها طبيعياً، بمعنى أنه ليس فيه خضوع تقضي حاجتها، تشتري ما تضطر إلى شرائه، المقصود أن مثل هذا التوسع غير مرضي في الشرع، ويفتح أبواب من الشرور لا يمكن السيطرة عليها، فعليها أن تقتصر بالدعوة على محيطها من النساء.
يقول: هل الذي ملك على خطيبته وسجل المبلغ في العقد، ومن ثم طلبوا الزيادة هل الزيادة تكتب في العقد أم لا؟ الزيادة تكتب في العقد؟
يعني الآن عقد على مهرٍ معين على مبلغ معين هو المهر والصداق لا يجوز لهم أن يطلبوا الزيادة بعد ذلك، وإذا طلبوا وألحقها بالمهر وأراد كتابتها بالعقد من أجل أن تحفظ له حقوقه فيما لو طلبوا الفراق فهي جزءٌ من المهر، إذا كانت هذه الزيادة بقصد المهر لا على سبيل الإهداء، إذا كانت تبعاً للمهر فإذا أرادوا حل هذا العقد بخلع يلزمهم دفع جميع ما دفعه إليهم.
يقول: امرأةٌ تأخذ حبوب منع الحمل من وراء زوجها، يعني خفيةً عليه لتمنع الإنجاب وذلك لتضررها منه، وتسأل هل يجوز لها ذلك؟
لا يجوز لها إلا بموافقته؛ لأن الولد حقٌ للطرفين، لا يجوز له أن يجبرها، ولا يجوز لها أن تأخذ هذه الحبوب من غير علمه؛ لأنه حقٌ للجميع، لكن إذا ثبت أنها تتضرر بتقريرٍ طبي من طبيبٍ ثقة لا يجوز له أن يلزمها بما يضرها، لكن الشرع لم يتركه دون حل، لم يتركه الشرع دون حل، له أن يتركها حتى تنظم إنجابها بما لا يتعارض مع صحتها وقدرتها، وله أن ينظر إلى زوجةٍ أخرى للإنجاب، على كل حال الشرع ما ترك مثل هذه الأمور دون حل ولا ....
يقول: امرأة منفصلة عن زوجها ولديها طفلين منه طفلان، لكنه يهددها بأنه سيأخذ - الظاهر - أبناءه منها؛ لأنهم تعلمهم الدين الإسلامي وهو لا يرديهم أن ينشأوا على الدين فكلما يذهب هذا الولد إلى أبيه -أخطاء مطبعية كثيرة- كلما يذهب هذا الولد إلى أبيه يعود وقد تغير تفكيره ويقول: لوالدته لا أريدك والدي اشترى لي جوال وسأتحدث معه، وسأذهب إليه، فما نصيحتكم؟(27/31)
إذا خشي على الولد ومن أعظم ما يخشى عليه في أمر دينه إذا خشي عليه من والده أو من والدته فللطرف الآخر المطالبة عند القضاء برفع يده عن الحضانة، وحينئذٍ لها ذلك، لها أن تطالب برفع يد الأب إذا كان غير موثوق في تربيته لولده فالحضانة تنتقل منه، وكذلك الأم إذا خشي على الولد أو على البنت منها فإنها ترفع يدها عن الحضانة.
يقول: في هذا الوقت ارتفعت أسعار الحديد وأنا أريد بناء بيت في المستقبل القريب -إن شاء الله تعالى- فهل يجوز لي دفع عربون لحجز كمية الحديد التي أريد على أن أدفع بقية الثمن عند الطلب حتى يكون شرائي للحديد بالسعر المعتاد؟
على كل حال إذا اشتريت من الآن عقدت الصفقة مع صاحب الحديد من الآن ودفعت له عربون، ورضي بتأجيل الثمن، ورضيت بتأجيل المثمن على أن يكون دفع الثمن عند استلام البضاعة ما فيه شيء، وأهل العلم يختلفون في العربون هل هو ملزم بمعنى أنه يضيع على الدافع في مقابل حجز السلعة أو هو من أكل أموال الناس بالباطل؟ على كل حال الحديث الوارد فيه ضعيف، والقضاة كلٌ له اجتهاده في هذه المسألة؛ لأنها اجتهادية، لا شك أن من أمضاه له حظٌ من النظر باعتبار حبس السلعة وتفويت الزبائن، ومن قال: إنه أخذٌ مالٍ من غير عوضٍ مقابل أيضاً له وجه، فالمسألة اجتهادية.
يقول: شاب عمره تسعة عشرة سنة، يقول: إن أمه تكون معه بوجهين، إذا أرادت مني شيء تستلطفني وتدلنني، وإذا رأت مني شيئاً لا تريده تصيح علي وتغضب، علماً بأن هذا الشاب يريد أن يقيم بعداً عن والدته ومقصر في الصلاة ولا يعلم عن الدين الإسلامي كثيراً؟
على كل حال الأم لها حقوق، وبرها واجب، بل من أوجب الواجبات بعد حق الله -جل وعلا- حقها أعظم من حق الأب، فإذا طلبت منك شيئاً تستطيعه لا تتردد في تلبية طلبها بما لا يضرك، وعليها أن تغير من أسلوب معاملتها، ولا يلزم أن تصيح وتغضب؛ لأن المؤمن ليس على هذه الشاكلة، بل عليه أن يسلك الأسلوب المناسب للطلب، والأسلوب المناسب للتربية، فالرفق الرفق، والرفق ما دخل في شيء إلا زانه، والعنف لا يأتي بخير، والغضب مذموم، وهو من الشيطان.(27/32)
يقول: أنا لا أحضر من العمل إلا مع أذان المغرب، فأصلي وأنام لآخذ قسطاً من الراحة، وأوصي أهلي بإيقاظي إلى أذان العشاء للصلاة وحضور الدرس فهل عليه شيء؟
لا هم قالوا: كراهية النوم قبلها لمن يخشى عليه فوات الصلاة.
يقول: من أحس بأنه سب نفسه ثم انتبه لما قال واستغفر فهل يمحو ذلك ما سب من نفسه؟
إن شاء الله تعالى.
هل معنى ذلك وجود بدعة حسنة وبدعة سيئة؟
ذكرنا أنه ليس في البدع ما يمدح ولا يستحسن؛ لأن الحديث يقول: ((وكل بدعة ضلالة)).
ما حكم من يسب الله أو الدين، والنبي -عليه الصلاة والسلام- .. يقول: وماذا أعمل إذا كنتُ واقفاً عنده؟
سب الدين وسب الله -جل وعلا- هذا نسأل الله العافية خطرٌ عظيم، وكفر عند أهل العلم، وبعضهم يقول: إنه لا تقبل توبته، لا تقبل من سب الله وسب الرسول -عليه الصلاة والسلام- وسب الدين، نسأل الله العافية، وإذا كنت واقفاً عنده عليك الإنكار.
ما حكم من تأخر عن الصلاة ثم لم يدرك الإمام إلا في الركعة الأخيرة، ثم سلم الإمام وقام ليكمل ما تبقى عليه من الصلاة، ثم عاد الإمام ليسجد سجود السهو، فهل يجب عليه أن يسجد مع الإمام أو يكمل ما تبقى عليه من الصلاة؟
إذا كان قد انفصل عن الإمام وشرع في الركعة ركعة القضاء فيسجد بعد ما يسلم هو.
يقول: أنا على أبواب الزواج -هذا من امرأة- تقول: أنا على أبواب الزواج من خطيبي الذي دامت خطبتنا سنة كاملة، وخطبتها ... ، وكان لا زال أبوها على قيد الحياة، وتوفاه الله قبل فترة قصيرة، قبل أن يتم العقد بيننا، وليس لها إخوة نهائياً سوى أربع أخوات كلهن متزوجات، ولها خال وأبناء الخال ولها أبناء العم فمن الأولى؟
الأولى أبناء العم، لكن بعد أن يعينوا من قبل القاضي والحاكم؛ لأن السلطان ولي من لا ولي له، فإذا عين الحاكم أحداً وليكن ابن العم؛ لأنه عاصب، أما الخال ليست له ولاية إلا بالوصية، إذا أوصى الأب.
يقول: هل ورد شيء في السنة عن صيام يوم عاشوراء وأنه يجب أن تصوم يوماً قبله ويوماً بعده؟(27/33)
جاء في السنة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((أحتسب على الله أن يكفر السنة الماضية)) هذا بالنسبة ليوم عاشوراء، ثم من باب مخالفة اليهود قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع)) يعني مع العاشر، وجاء أيضاً قوله: ((صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده)) أما وجوب أن يصام يوم هو الصيام هو ليس بواجب فضلاً عن اليوم قبله أو يوماً بعده.
امرأة تسأل وتقول: بأنه كان لديها أربع خواتم فضية لم تكن تعرف قيمتها، ومكثت معها قرابة الخمس والثلاثين عاماً لم تخرج زكاتها، وتقول: أنها لم تكن تلبسها وتحتفظ بها، بل كانت مهملة مما أدى لضياعها، وقبل سبع سنين وجدت شبيهاً لها في السوق وكانت قيمتها ستون ريالاً؟
أربع خواتم من ستين مائتين وأربعين ريال أقل من النصاب فلا زكاة فيها، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(27/34)
الموطأ - كتاب قصر الصلاة في السفر (6)
تابع شرح: باب: جامع الصلاة.
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال -يعني في مرضه-: ((مروا أبا بكر فليصل للناس)) يصلي لهم إماماً، يأتمون به وإلا فصلاته له بهم "فقالت عائشة: إن أبا بكر يا رسول الله إذا قام في مقامك لم يسمع الناس" في رواية: "رقيق" يعني رقيق القلب، وفي رواية: "أسيف" يعني شديد الحزن "لم يسمع الناس من البكاء، فمُر عمر فليصل للناس" نعم هذا الكلام صحيح أبو بكر رجل رقيق القلب، لكن هل هذا مما يمدح به ويستحق به التقديم في الإمامة أو هذا يقال: لا غيره أولى منه؟ الرجل الذي ليس برقيق القلب أولى منه؟ هذا مما يستحق به التقديم، هذا مما يستحق به أبا بكر التقديم وفي حكمه غيره، إذا وجد شخص يتأثر بالقراءة ويؤثر بالناس هو أولى منه، أولى من يؤم الناس، وهل معنى هذا أن عمر -رضي الله عنه- قاسي القلب؟ لا، عمر -رضي الله عنه- إذا قام في مصلاه له أزيز، لا يكاد يسمع الناس من البكاء، هذا الرجل الجلد القوي الأمين إذا وقف بين يدي خالقه -جل وعلا- تغير وضعه.(28/1)
"فمر عمر فليصل للناس" وهي في البخاري كلها: "فليصلِّ" بدون ياء؛ لأن اللام لام الأمر تجزم المضارع، "فليصل للناس، قال: ((مروا أبا بكر فليصل للناس)) تأكيد ((مروا أبا بكر فليصل للناس)) قالت عائشة: فقلت لحفصة: قولي له" يعني كأنها رأت أن قولها لا يقبل في أبيها "قولي له: إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء، فمر عمر فليصل للناس، ففعلت حفصة" قالت للنبي -عليه الصلاة والسلام- ما قالت لها عائشة "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنكن لأنتن صواحب يوسف)) يعني كصواحب يوسف، مثل صواحب يوسف في إظهار خلاف ما في الباطن، يعني عائشة لما قالت هذا الكلام هل العلة الحقيقية في كلامها كون أبيها أسيف لا يسمع الناس من البكاء، أو لأنها ترى أنه إذا قام مقام النبي -عليه الصلاة والسلام- يتشاءم الناس به، هذا موجود عند الناس، إذا عزل شخص كفؤ من منصبه وعين مكانه بدله ممن لا يقاربه ولا يدانيه لا شك أنه يكون محل تشاءم من الناس، محل يعني ازدراء، فأبدت عائشة -رضي الله عنها- هذه العلة وأظهرت غيرها، فشبه النبي -عليه الصلاة والسلام- بصواحب يوسف، وجه المشابهة ((إنكن لأنتن صواحب يوسف)) المخاطب به حفصة، وتدخل فيه عائشة؛ لأنها قالت ذلك قبل ذلك، وجه المشابهة كما قال ابن حجر: أن زليخة استدعت النسوة، وأظهرت لهؤلاء النسوة الإكرام للضيافة، ومرادها أن ينظرن إلى يوسف فيعذرنها، وعائشة أظهرت أن السبب كون أبيها رقيقاً، ومرادها أن لا يتشاءم به الناس فأظهرت خلاف ما تبطن، نظير ما فعلته امرأة العزيز، قال: ((صواحب)) ما قال: صاحبة يوسف ((لأنتن صواحب يوسف)) وهذا من التشبيه البليغ، حذفت فيه الأداة فكأن المشبه عين المشبه به.(28/2)
((مروا أبا بكر فليصل للناس)) فقالت حفصة لعائشة: "ما كنت لأصيب منك خيراً" هذا يحتمل في حال الغضب وإلا أصابت منها خيراً كثيراً، وإن كانت ضرتها، لكن في حال الغضب وفي حال المواقف التي .. , في مثل هذه المواقف يتجوز في مثل هذه العبارة، والنساء عموماً هذا الأسلوب مطروق عندهن، كثير من النساء ما رأيتُ خيراً قط، ومع الأسف أنه يوجد كثير في الرجال، وقد يكون في مواجهة مخلوق، وقد يكون أعظم من ذلك في مواجهة الخالق، قد يتبرم الإنسان من القدر، ويبدي للناس أنه ما أصاب خيراً، وهو يشكو بذلك ربه -جل وعلا-.
على كل حال على الإنسان أن يشكر النعمة التي هو فيها؛ لأنه ما من نقمة إلا ويوجد عند غيره ما هو أعظم منها، يعني لو نظرت إلى أبأس الناس في الوجود، من تراكمت عليه الديون، وغزته الأمراض، لا بد أن تجد في بعض الجوانب من حياته من هو أسوأ منه في هذا الجانب، وإن كان أسوأ من غيره في بعض الجوانب، فإذا نظر الإنسان إلى الجوانب المشرقة في حياته شكر الله على ذلك، والشكر لازم للعبد، وإن كان يعيش حياةً دون غيره، ومبتلىً بأمراض لا توجد عند غيره؛ لأن هذا الشكر في مقابل نعم لا تعد ولا تحصى، يعني إن ابتلي الإنسان بنقم معدودة فالله -جل وعلا- أسبغ عليه من النعم ما لا يعده ولا يحصيه.
"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيد الله بن عدي بن الخيار -بن عدي بن نوفل القرشي من كبار التابعين، وعده بعضهم في الصحابة- قال: بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس بين ظهراني الناس" هذا مرسل، هل يختلف في تسميته مرسل؟ هل يختلف في تسميته مرسل؟ لماذا؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، اترك كونه من الصحابة، يعني على أنه تابعي وهذا قول الأكثر، يختلف في كونه مرسلاً؟ هذا مرفوع تابعي، وتابعي كبير؛ لأن من أهل العلم من لا يرى مراسيل صغار التابعين مراسيل، لا يدخلها في حد المرسل.
مرفوع تابع على المشهورِ ... فمرسلٌ أو قيده بالكبيرِ
فما يرفعه التابعي الكبير مرسل اتفاقاً، متفق على تسميته مرسلاً، ويختلفون فيما عدا ذلك من مراسيل الصغار، وما يكون فيه سقطٌ في إسناده -في أثنائه- بعضهم يسميه مرسلاً.(28/3)
أو سقط راوٍ ذو أقوالِ ... والأول الأكثر في استعمالِ
أنه قال: "بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" أصلها بين، وأشبعت النون، وأضيفت إليها الميم بينما، وقد يقال: بين بدون ميم "بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس بين ظهراني الناس" بين ظهراني الناس يعني هم محيطون به "إذ جاءه رجل -هو عتبان بن مالك- فساره -ناجاه بكلام- فلم يدر ما ساره به -لأنه لم يجهر به- حتى جهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني بقوله: ((أليس يشهد أن لا إله إلا الله؟ ... أليس يصلي؟ )) لما جهر النبي -عليه الصلاة والسلام- عرف ما ساره به "فإذا هو يستأذنه في قتل رجلٍ من المنافقين" يقول ابن عبد البر والباجي هو: مالك بن الدغشم، يجعلون مثل هذه القضية هي في .. ، لما دعا عتبان بن مالك النبي -عليه الصلاة والسلام- ليصلي له في مكان -في موضع- من بيته، وحصل كلام عن مالك بن الدغشم، لكن ليس في سياق القصة ما يدل على أنها هي تلك القصة، يقول ابن حجر: وليس فيه دليلٌ على ما ادعاه من أن الذي سار هو عتبان، ولم يختلف في شهود مالك بن الدغشم بدراً، بدري فكيف يقال: إنه من المنافقين؟(28/4)
"فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين جهر: ((أليس يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟ )) فقال الرجل: ((بلى)) " قد يكون وصفه بالنفاق على حدِّ زعم من ساره، يعني توقع أنه منافق؛ لأن ميله وهواه كما قالوا في قصة عتبان ووجهه إلى المنافقين، فحكموا عليه بالنفاق من خلال هذا الميل، لكن مثل هذا لا يكفي إلى أن يحكم عليه وهو يشهد أن لا إله إلا الله، ويصلي مع الناس، ويقول: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه "فقال الرجل: بلى، ولا شهادة له" تصور أنه يقولها في الظاهر من غير اعتقاد، ويستدل بذلك يستدل على ذلك بفعله؛ لأن ميله إلى المنافقين "بلى، ولا شهادة له، فقال: ((أليس يصلي؟ )) قال: بلى، ولا صلاة له" لأنه ارتكب أمراً عظيماً محبطاً للعمل على حد توهمه "فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((أولئك الذين نهاني الله عنهم)) لأنه نهي عن قتل المصلين، النبي -عليه الصلاة والسلام- نهي عن قتل المصلين، وكلِّم مراراً في قتل المنافقين المعلوم نفاقهم فامتنع -عليه الصلاة والسلام-، معللاً بأن لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه.
ما موقف الأعرابي البعيد عن مخالطة النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا بلغه أنه قتل أناس يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويصلون معه ولو كانوا لا يعتقدون ذلك، في هذا صد عن دين الله، فإذا تحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه، قال: لا، ندخل في دينٍ يقتل أصحابه! فيكون في هذا صد عن الدين.
يعني على سبيل التنزل أنك قلت: لا شهادة له، والشهادة أمرٌ قلبي، وأنت لا تعرف عن حقيقة قوله، وعلى سبيل التنزل لو افترضنا أنه منافق، هؤلاء الذي لا أقتلهم؛ لئلا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه، وما دام يصلي فقد نهيت عن قتل المصلين.
هذا المنافق ما دام يشهد أن لا إله إلا الله ويصلي مع الناس، ونفاقه في قلبه، وبين قومه من مثله ممن لا يشهد عليه بالنفاق، وبما ينقض الشهادة يترك، لكن إذا شهد عليه أنه جاء بمكفر، ارتكب مكفراً، أو بما ينقض شهادة أن لا إله إلا الله بالبينة يستتاب ثلاثاً إن تاب وإلا قتل، تكون ردة نعم.(28/5)
وفي نصوص: "دعني أضرب عنق فلان فإنه مقاتل" قيلت في بعض البدريين، في بعض الظروف يحتمل من الشخص ما لا يحتمل منه في وقت سعة مثلاً بلا شك، هذا في حديث عتبان معروف، وعقب ذلك بأن ((من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه دخل الجنة)) هو اعتذر اعتذر، لولا العذر كان عمله خطير.
طالب:. . . . . . . . .
بلا شك بلا شك، لكنه اعتذر، ويشفع له كونه بدرياً، وهذه العلة لا توجد في غيره، يعني لو فعل شخص مثل فعل حاطب، وقال بالعلة التي ذكر حاطب، أنى له أن يكون من أهل بدر؛ لأن السبب الذي درأ عنه الحد كونه من أهل بدر ((وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر)).
طالب:. . . . . . . . .
لكن الأمور بمقاصدها، لماذا يتحدث؟ هو إذا كان يتحدث لولي أمر يملك إنفاذ الحدود لا بأس، تدعي دعوى على شخص، ولي الأمر يسمعها ويوقعها موقعها من الشرع، إن كانت لها حظ من النظر استدعاه، وطلب منك البينة، وطلب منه ما يدرأ عنه، وإن كان ليس لها حظ من النظر أقنعك، وإلا لو قيل: إنه لا يتحدث في أحد ما ثبت دعوى، فمثل هذا يغتفر من أجل إقامة الحدود.
يقول: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد)) وثناً ((اللهم)) أصلها: يا الله، حذفت ياء وعوض عنها بالميم ((لا تجعل)) يعني لا تصير ((قبري وثناً يعبد)) قلنا: هذا وصف كاشف؛ لأن الوثن هو الذي يعبد من دون الله، لا تجعل قبري وثناً، ومعلوم أن الوثن هو الذي يعبد من دون الله سواءٌ كان مصوراً أو غير مصور.
هذه الدعوة: ((اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد)) مع النظر إلى واقع قبره -عليه الصلاة والسلام-، وما يفعل حوله من مخالفات هل أجيبت الدعوة أو لم تجب؟ يعني إذا وجدنا شخص يسجد تجاه القبر والقبلة في قفاه ويش نقول؟ هذا موجود ومرئي يعني، يعني هل هذا مبرر أن نقول: القبر ليس بمسجد؟ يعني هذا مبرر؟ يعني إذا وجد غيره، كقبر الحسين وإلا غيره محوطٌ بجدران أخرى يصير فيه شيء؟
طالب:. . . . . . . . .(28/6)
شلون لا؟ المسألة تقرير مسألة شرعية؛ لأنها معضلة، ما هي بمسألة سهلة، يعني لولا أنه وجد هذا الفعل من عصر سلف الأمة من القرن الأول إلى يومنا هذا وتواطئ عليه العلماء والعباد وخيار الأمة من الصحابة، من صغار الصحابة والتابعين ومن دونهم كان الوضع غير.
على كل حال ابن القيم -رحمه الله تعالى- يرى أن الله أجاب دعاءه، قال:
فأجاب رب العالمين دعاءه ... فأحاطه بثلاثة الجدرانِ
يعني وضعه على هذا الشكل كون الجدران مثلثة، يقول أهل العلم: إنه لا يمكن استقبالها، على كل حال كلام أهل العلم في المسألة طويل، والقبر لن يصل إليه أحد، الحجرة الأولى والجدران الثلاثة والشبوك الحديدية، لن يصل إلى القبور أحد، ولن يستطيع أحد أن يعبد هذه القبور؛ لأنها محاطة بأمورٍ كثيرة.
لكن من يصلي في الدكة التي يستقبل فيها الحجرة ويش وضعه؟ دعونا يا الإخوان ممن يقصد الاتجاه إلى هذه الجهة معتقداً ذلك؛ لأنه لو قصده وهو بالهند أو بالسند أثر على صلاته، ولو قصد ولو كان في الصفوف الأولى والحجرة خلفه أثر في صلاته، لكن من لا يقصد، وصارت هذه القبور وهذه الحجرة بينه وبين القبلة، لا شك أن عمل سلف الأمة بعد إدخاله في عهد الوليد بن عبد الملك من المائة الأولى من أواخر المائة الأولى إلى يومنا هذا من غير نكير، يعني أنكر في أول الأمر ثم انقطع الإنكار، هذا يدل على أن الأمر فيه سعة، وتواطئ الأمة على هذا وهي لا تجتمع على ضلالة، لا تجتمع على ضلالة.
قد يقول قائل: إن في هذا مستمسك من توجد القبور في مساجدها، ويتذرعون بهذا، ويقول: إن مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- فيه قبور، وما دامت هذه القبور في سور المسجد إذاً المسجد فيه قبور؟ كيف يجاب عنهم؟ كيف يرد عليهم؟ أنت مقتنع من هذا الكلام وإلا مدري؟ يا أخي كلام.
شوفوا يا الإخوان المسألة ويش هي؟ المسألة وجود هذا العمل من سلف الأمة إلى يومنا وكافي، أنكر في أول الأمر ثم تواطئ الناس عليه وسكتوا.
طالب:. . . . . . . . .(28/7)
لا، داخل مائة بالمائة وفيه، بعض المسجد وراه بعد، بينه وبين السور، هو من جهة البقيع فيه، فيه، فيه، لكن هو مغلق لئلا يتم الطواف عليه، هو مغلق لئلا يتم الدوران عليه كامل، وإلا الحجرة داخل المسجد.
نتفق جميعاً على أن القبور لن يصل إليها أحد، ولن يسجد إليها أحد؛ لأنها محاطة بأسوار وليست بسور ولا سورين.
الأمر الثاني: أن القبور في غير هذه البقعة لا تخلو من أحد أمرين: إما أن تكون طارئة على المسجد أو متقدمة على المسجد، والحكم عند أهل العلم في هذا أنه إذا كان المسجد متقدم تنبش القبور، وإذا كانت القبور متقدمة يهدم المسجد، فماذا نقول حينئذٍ؟ الحلول سهلة، ما تصير ملعبة، ما تصير معلبة للملوك، واحد يوسع من اليمين واحد يوسع من اليسار، وواحد يهدم وواحد يعمر، وعندنا الإمام أحمد ما صلى في هذا المسجد بعد دخول القبور، على سبيل المثال، مالك ما صلى في المسجد بعد دخول هذه القبور، أئمة الإسلام كلهم، المقصود المسجد ها الحين المسجد كله المسجد الإشكال في المسجد، ما صلى خيار الأمة في هذا المسجد بعد إدخالها في عهد الوليد؟ إلا صلوا، فتواطؤ هؤلاء الأئمة والأمة معصومة عن وقوعها في مثل هذا الخطأ يدل على تصحيح الصلاة، يدل على تصحيح الصلاة في هذه البقعة، أما كون الإنسان يعتقد أن يتجه إلى هذه الجهة معتقداً عبادة هذه القبور هذه مسألة ثانية؛ لأن لو اعتقد وهو بالهند أو بالسند خلاص صلاته باطلة.
أقول: أئمة الإسلام مالك وأحمد والشافعي الأمة كلها تواردت على هذا المكان وصلت فيه.
طالب:. . . . . . . . .
ويش تقول بشخص مستقبل القبور يسجد والقبلة في ظهره؟
طالب:. . . . . . . . .
صحيح، هذه مشكلة لا بد من تجليتها، يعني شراح كتاب التوحيد من أئمة الدعوة لا شك أنهم من أشد الناس غيرة على التوحيد فيما نحسبهم والله حسيبهم، والشيخ محمد -رحمه الله- يعني جلَّى هذه المسائل بأجلى صورها، وغار عليها، ودافع عنها، وصلى في المسجد النبوي -رحمه الله- فضلاً عن الأئمة المتقدمين أحمد ومالك وشيخ الإسلام ابن تيمية، يعني الأمة كلها.
طالب:. . . . . . . . .(28/8)
لا، لا، لا، لا، هذه مساجد إما أن تكون مؤسسة على قبور، أو تكون القبور مدفونة في مساجد، وفي كلا الحالتين إما أن يهدم المسجد أو ينبش القبر، القبر ومكانه ليست له خصوصية بالنسبة لغير النبي -عليه الصلاة والسلام-، إنما النبي -عليه الصلاة والسلام- إنما يدفن في البقعة التي مات فيها.
وكونه ما يجوز وجد الإنكار في أول الأمر، ثم درءً للمفاسد سكت الناس، مسألة ثانية ذي، لكن نحن نقرر أن الصلاة في المسجد الذي فيه قبر باطلة، ما هو هذا المعروف عند أئمة الدعوة؟ هذا المعروف، ويتذرع المسلمون في الأخطار بما في مسجده -عليه الصلاة والسلام-، وعرفنا أن هذا مع الفارق، في فارق يعني، وهذا ما حصل؟
المقصود ابن القيم -رحمه الله تعالى- يقول:
فأجاب رب العالمين دعاءه ... فأحاطه بثلاثة الجدرانِ
وأولى ما يقال: إنه يسعنا ما وسعهم، أقول: يسعنا ما وسعهم.
هنا مسألة وهي مسألة الروضة: ((ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة)) الحديث في البخاري، من أهل العلم من يرى أنه لا مزية لها، أن هذا مجرد خبر، وهذا الكلام لا شك أنه يعري الخبر من فائدته، يعني بعض الناس يحرص على أن يصلي في الروضة، يحرص على أن يمكث في الروضة، ينتظر الصلاة في الروضة، يقرأ القرآن في الروضة؛ لأنها روضة من رياض الجنة بالنص الصحيح، وبعضهم يقول: هذا مجرد خبر، الصف الأول أفضل منها، يمين الصف أفضل منها، وهذا مجرد خبر، هذه بقعة من رياض الجنة وبعدين؟
نقول: إن كونها لا مزية لها هذا إعراء للخبر عن فائدته، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا)) قد يقول قائل: رياض الجنة فسرت بأنها حلق الذكر، نقول: تفسير العام ببعض أفراده لا يقتضي الحصر، مثل ما قلنا سابقاً في تفسير القوة بالرمي، وتفسير الظلم بالشرك وغيرها.(28/9)
يقول قائل مثلاً: إن النيل والفرات من أنهار الجنة نروح نسبح هناك؟ له وجه وإلا ما له وجه؟ ويش معنى كون النيل والفرات من أنهار الجنة؟ هل لها مزية؟ هل نقول: إن مزية هذه الأنهار مثل مزية الروضة؟ لا، لأن الأنهار ما هي محل عبادة أصلاً، ولا مما يتقرب إلى الله -جل وعلا- بالانغماس فيها، هذا محل عبادة، فهناك فرق بين هذا وهذا، إيه ما يخالف هذا كونها أبرك من غيرها، نعم.
نعم يقول بعضهم: إنه لا يتسنى السلام عليه من وراء الجدران، وثبت عن ابن عمر أنه يأتي إليه ويصلي ويدعو كما سيأتي هنا في الحديث الذي يليه أو تقدم؟ لا، تقدم، ابن عمر كان يأتي، وما زال عمل الأئمة على هذا، أنهم يأتون ويسلمون عليه، اللهم صلِّ وسلم على محمد، وعلى صاحبيه.
طالب:. . . . . . . . .
بعد، بعد، بعد القرون الأخرى التي تليه، يسلمون بلا شك.
وفي هذا ردٌ على من يقول: إذا مررت بمقبرة لا تسلم حتى تدخل المقبرة، وعلى هذا إذا مررت بالحجرة لا تسلم حتى تدخل الحجرة، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ الحجرة هي بمثابة المقبرة، فإن كنت لا تسلم إذا مررت به -عليه الصلاة والسلام- فلا تسلم على القبور إذا مررت بالمقبرة.
طالب:. . . . . . . . .
إذا دخل المسجد لكن ما دخل الحجرة من وراء السور، نظير لو وقفت على الرصيف عند المقبرة هذه، وقلت: السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين، أنت ما دخلت المقبرة إنما وقفت عليها.
طالب:. . . . . . . . .
درءً للمفسدة، نعم بلا شك، وإلا هذه البناية منهي عنها، قالوا: هذا في مقابلة الغلاة، وإلا لو جاء شخص ومر على القبور قال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك .. ، ينكر عليه وإلا ما ينكر؟ ما ينكر.(28/10)
((اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) أي جعلوها مساجد، بالبناء عليها، والصلاة عندها، ((اشتد)) يعني عظم غضبه، فيه إثبات صفة الغضب لله -جل وعلا-، جاءت بها نصوص الكتاب والسنة على ما يليق بجلاله وعظمته ((اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) وفي حديث: ((قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) وفي رواية: ((وصالحيهم)) و ((لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة)) ووجد من يتخذ قبور الصالحين مساجد، وهذا كثيرٌ في الأمة، ووجد ضريح يقال له: ضريح الشعرة، من أكبر الأضرحة في العالم، ضريح الشعرة، وله سدنة، ويباع الماء والتراب بالتولة، وهي شعرة، شعرة من من؟ من عبد القادر الجيلاني، وهذا لا شك أنه من اتباع سنن اليهود والنصارى.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟ كشمير.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن محمود بن الربيع -بن سراقة- الأنصاري" صحابي صغير أدرك النبي -عليه الصلاة والسلام- "أن عتبان بن مالك -بن عمرو صحابي شهير- كان يؤم قومه وهو أعمى، وأنه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-" العطف هذا عطف جملة على جملة، جملة من حيث الترتيب الزمني أيهما الأولى؟ "كان يؤمُّ قومه وهو أعمى، وأنه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنها تكون الظلمة والمطر" إلى آخره، يعني يستأذن النبي -عليه الصلاة والسلام- في أن يصلي في بيته، هل كان هذا بعد أن كان يؤمُّ قومه أو قبل ذلك؟ قبل ذلك، فعلى هذا يكون قوله: "كان يؤمُّ قومه وهو أعمى" يعني حين لقيه محمود، بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- "وأنه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-" مشافهةً قبل ذلك؛ لأنه كان يصلي مع النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل ذلك، قبل هذا القول "إنها تكون الظلمة والمطر" وقد أنكر بصره كما في بعض الروايات: "تكون الظلمة والمطر والسيل وأنا رجل ضرير البصر" وفي رواية: "أنكرت بصري" ضرير البصر هل يعني هذا أنه أعمى عمىً مطبق أو أنكر بصره بمعنى أنه ضعف بصره فصار لا يسعفه في تجاوز ما يعترضه في طريقه وقت الظلمة والمطر ووقت السيل؟(28/11)
"فصلِّ يا رسول الله في بيتي مكاناً أتخذه مصلى" يعني موضعاً للصلاة، أتخِذُه أو أتخذْه؟ بالوجهين، الجزم ظاهر، أتخذْه جواب الطلب "فصل يا رسول الله مكاناً أتخذْه" وأتخذُه جملة صفة لإيش؟ للمكان، مكاناً يكون وصفه أني أتخذُه مصلى "أتخذُه مصلىً -يعني موضعاً للصلاة- فجاءه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- -في بيته- فقال: ((أين تحب أن أصلي؟ )) فأشار له إلى مكان من البيت فصلى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" بدأ بالصلاة، هنا بدأ بالصلاة؛ لأن الدعوة كانت للصلاة.
في حديث مليكة السابق من حديث أنس: "دعي للطعام فبدأ بالطعام ثم صلى" هنا قدم الصلاة في حديث عتبان لأن الدعوة كانت من أجل الصلاة، وبدأ بالأكل في حديث أنس في قصة مليكة، ثم صلى؛ لأن الدعوة كانت للأكل.
((أين تحب أن أصلي؟ )) فأشار إلى مكانٍ من البيت فصلى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" والحديث متفق عليه، وفيه قصة تأتي الإشارة إلى بعضها، قصة طويلة.
لما اعتذر عتبان بأنه أنكر بصره، وأنه تعترضه في طريقه ما يعترضه في وقت الظلمة والمطر والسيل، أيهما أشد عذر هذا وإلا ابن أم مكتوم؟ أيهما أقوى في العذر عتبان أو ابن أم مكتوم؟ ابن أم مكتوم في طريقه إلى المسجد -هو رجلٌ أعمى- وفي طريقه إلى المسجد وادٍ فيه هوام وفيه سباع، وله قائد لا يلازمه، فلم يعذره النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهنا جاء إليه النبي -عليه الصلاة والسلام- محققاً رغبته، وعذره وصلى في بيته مكاناً، فما الفرق بينهما؟ لأن من لا يرى وجوب صلاة الجماعة إذا أورد عليه حديث ابن أم مكتوم قال النبي -عليه الصلاة والسلام- عذر عتبان وهو أقل منه في العذر، فما الفرق بينهما؟ لا شك أن العميان يتفاوتون، منهم في الدلالة وعدم المشقة من هو أشد من المبصرين، أو من بعض المبصرين، ومن العميان لا سيما من فقد البصر وهو كبير من يعثره أدنى شيء، ويضل الطريق مهما قصر أو طال.(28/12)
ومن وجهٍ آخر لعل عتبان لا يسمع النداء، النبي -عليه الصلاة والسلام- يعرف مكان عتبان، وأنه من البعد بحيث لا يسمع فيه النداء، النبي -عليه الصلاة والسلام- أراد أن يعذر ابن أم مكتوم، بل عذره لما ولى دعاه: ((أتسمع النداء؟ )) قال: نعم، قال: ((أجب، لا أجد لك رخصة)) فلعل عتبان من بعد المكان بحيث يغلب على الظن أنه لا يسمع النداء، وحينئذٍ لا يلزمه الإجابة، ولذا في صحيح مسلم الترجمة: "باب: الرخصة في التخلف عن الجماعة".
طالب:. . . . . . . . .
لا، في الفريضة معروف، وهو من أدلة من يرى عدم وجوب صلاة الجماعة.
طالب:. . . . . . . . .
هو كبر، كبرت سنه فضعف بصره، ومعلومٌ أن من ضعف البصر أو فقد البصر في آخر عمره يتكلف كثيراً، ما هو مثل الأعمى من الصغر، أو من ولد أكمه أعمى، لا، على كل حال عذره واضح، ومن كان ظرفه مثل ظرف عتبان له أن يصلي في بيته.
طالب:. . . . . . . . .
هو اتخذ الجماعة بعد أن عذر عن حضور جماعة النبي -عليه الصلاة والسلام-.
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عباد بن تميم عن عمه -عبد الله بن زيد بن عاصم المازني- أنه رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مستلقياً في المسجد، واضعاً إحدى رجليه على الأخرى" الحديث مخرج في الصحيحين من طريق مالك "مستلقياً في المسجد، واضعاً إحدى رجليه على الأخرى" جاء النهي عن الاستلقاء في المسجد، في صحيح مسلم في كتاب اللباس من صحيح مسلم جاء النهي عن الاستلقاء في المسجد، والنهي محمولٌ على ما إذا خشي من انكشاف العورة، وما جاء في الحديث من كونه -عليه الصلاة والسلام- مستلقياً، واضعاً إحدى رجليه على الأخرى إذا أومن انكشاف العورة، إذا أومن انكشاف العورة، وإن كان الخطابي يرى أن النهي منسوخ بهذا الحديث، لكن إذا أمكن الجمع لا يصار إلى النسخ، إذا أمكن الجمع لا يصار إلى النسخ، والجمع ممكن، بأن يحمل النهي على ما إذا خشي من انكشاف العورة، ويحمل الجواز فيما جاء في هذا الحديث على ما إذا أومن انكشافها.(28/13)
النبي -عليه الصلاة والسلام- مستلقي في المسجد، المكث في المسجد تقدم، وأنه إن كان لانتظار الصلاة هو لا يزال في الصلاة، وإذا مكث في مصلاه الذي صلى فيه صلت عليه الملائكة، ودعت له، واستغفرت له، فهل ينقطع انتظاره للصلاة واستغفار الملائكة له والدعاء له بمثل هذا التصرف الاستلقاء ووضع رجل على رجل على الأخرى؟ هل يمكن أن ينتظر الإنسان الصلاة ويمكث في مصلاه مستلقياً واضعاً إحدى رجليه على الأخرى؟ أو نقول: إنه ارتاح لحاجته إلى الراحة، والتزم ما ترتب على هذه الراحة؟ يعني قطع انتظار الصلاة بهذا الاستلقاء، أو قطع المكث في مكانه في مصلاه بهذا الفعل.
أو نقول: إنه يجري له ما وعد به ولو كان مستلقياً، ما دام في مصلاه الذي صلى فيه وهو المسجد، وبعض الناس يحتاج إلى مثل هذا مع طول الوقت، يحتاج إلى أن يرتاح، فهل نقول له: إذا أردت الراحة اذهب إلى بيتك خلاص انقطع عنك الأجر؟ هذا ثبت من فعله -عليه الصلاة والسلام- وهو القدوة وهو الأسوة، فإذا تعب الإنسان وهو جالس يذكر الله، يقرأ القرآن، وأراد أن يرتاح يرتاح، وأجره جارٍ -إن شاء الله تعالى- إذا قصد بهذا الاستلقاء وهذه الراحة الاستعانة بها على متابعة هذا العمل من طاعة الله -عز وجل-، والأمور بمقاصدها، والوسائل لها أحكام المقاصد.
طالب:. . . . . . . . .
يكتب له أجره -إن شاء الله تعالى- على أن في قوله -جل وعلا-: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [(191) سورة آل عمران] ما يشمل هذه الصورة، وعلى هذا إذا مكث في المسجد ينتظر الصلاة يذكر الله -جل وعلا- سواءٌ كان جالساً أو مستلقياً عند الحاجة إلى الاستلقاء والجلوس أكمل، أو واقفاً {قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [(191) سورة آل عمران] وقد جاء مدحهم مع اختلاف أحوالهم، ولا شك أنه كلما كانت الجلسة أهيب وأكمل كان الأجر أعظم.(28/14)
لكن لا يحرم الأجر لأنه استلقى وأراد أن يرتاح، وواصل عمل الطاعة من ذكر وتلاوة، أو خشي من النوم إن طال مكثه في المكان، فأخذ يدور في المسجد مع احترام المكان، وعدم إصدار شيء يخل بقدسية المكان، {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [(191) سورة آل عمران] والماشي قائم بحكم القائم، والأمور بمقاصدها، فإذا قصد بمشيه طرد النوم مثلاً، وقصد باستلقائه في مثل هذا الحديث قصد الاستعانة به على استمرار الطاعة يؤجر على ذلك -إن شاء الله تعالى-، فأجر اللابث في المسجد والماكث فيه الذاكر التالي لا ينقطع بهذا الفعل -إن شاء الله تعالى-.
طالب:. . . . . . . . .
النوم في المسجد جائز، جائز لكن ينقطع أجر المكث وأجر الانتظار بالنوم، فإن أراد أن يستعين بهذه الغفوة أو النوم اليسير على الاستمرار في العمل يؤجر على هذه النية، لكن أجرها غير أجر الانتظار، كل عملٍ له أجره.
"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان كانا يفعلان ذلك" قد يقول قائل: النبي -عليه الصلاة والسلام- نهى عن ذلك، وفعله فيحمل هذا على أنه من خصائصه -عليه الصلاة والسلام- أن يفعل هذا، من خصائصه أن يفعل هذا، لكن في الخبر الذي يليه أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان كانا يفعلان ذلك، فدل على أن هذا ليس خاصاً بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، بل هو جائزٌ مطلقاً حيث يؤمن انكشاف العورة.
لو لم يرد مثل هذا هل نستطيع أن نوفق بين الحديثين بما ادعاه بعضهم أن هذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-؟ أو نقول: الفعل لبيان الجواز والنهي يحمل على الكراهة وخلاف الأولى؟ أو يحمل هذا على أمنِ انكشاف العورة وذاك على خوف انكشافها؟ وهل لقائلٍ يقول: إن هذا من خصائصه -عليه الصلاة والسلام- والنهي للأمة؟
طالب:. . . . . . . . .
الأصل عدم الخصوصية، لكن يلجأ إليها إذا استغلقت وجوه التوفيق بين النصوص، إذا استغلق الجمع بين النصوص، ما وجدنا جمع إلا بهذا.(28/15)
حينما ندعي أن هذا من الخصائص لا بد أن ننظر إلى هذا العمل الذي نريد أن نخص به النبي -عليه الصلاة السلام- هل هو أكمل أو تركه أكمل؟ يعني هل الاستلقاء أكمل من الجلوس أو الجلوس أكمل؟ الجلوس أكمل، إذاً كيف نقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو أكمل الخلق يليق به هذا العمل المفضول ولا يليق بأمته؟ يعني كل كمال يطلب من الأمة فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى به، النبي -عليه الصلاة والسلام- أولى به، لا نقول: إن هذا العمل المفضول خاص به -عليه الصلاة والسلام-، هو أكمل الخلق يليق به أكمل الأعمال وأصدقها، يعني نظير ما قيل في أن كشف العورة كشف الفخذ خاص به -عليه الصلاة والسلام-، و ((غطِّ عورتك)) هذا عام للناس كلهم، نقول: تغطية الفخذ أكمل، ولا نقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- يطلب منه الأقل، ويطلب من الأمة الأكمل.
هذا يقول: ما حكم مد الرجل في المسجد إلى القبلة؟
لا بأس به، لا بأس به، لا سيما عند الحاجة إليه، لكن إذا كان في جهة القبلة مصاحف مسامتة للرجل فلا يجوز مد الرجل إلى المصحف، لكن لو كان هذا المصحف على كرسي مرتفع فوق مستوى الرجل فلا بأس -إن شاء الله تعالى-.
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن عبد الله بن مسعود قال لإنسان -لم يسمِّ هذا الإنسان- إنك في زمان كثيرٌ فقهاؤه" أو "كثيرٍ فقهاؤه" يجوز الجر والرفع، إذا قلنا: كثيرٌ فقهاؤه يكون كثير خبر مقدم، وفقهاؤه مبتدأ مؤخر، والجملة وصف للزمان، وإذا قلنا: "كثيرٍ" صارت وصف للزمان، في زمانٍ كثيرٍ، "فقهاؤه" نعت حقيقي وإلا نعت سببي؟ إذا قلت: جاء زيدٌ القائم أبوه، جاء زيدٌ القائم أبوه المنعوت زيد، لكن في الحقيقة هل هو وصف لزيد القائم أبوه؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم الإسناد للأب ما هو له، الإسناد للأب، وهنا الكثرة للزمان أو للفقهاء؟ الكثرة للفقهاء، فهو نعت سببي، هذه صفةٌ جرت على غير من هي له.(28/16)
"كثيرٌ فقهاؤه" يعني العلماء "كثيرٌ فقهاؤه -كثير أهل العلم- قليل قراؤه" مثل كثير فقهاؤه من حيث الإعراب، هذه جملة مدح وإلا ذم؟ كلاهما "كثيرٌ فقهاؤه" واضح أنها مدح، والثاني: "قليلٌ قراؤه" مدح وإلا ذم؟ يعني قلة القراءة قلة القراء في الزمان وفي المكان مدح وإلا ذم؟ ذم، مدح وإلا ذم؟ الآن الحملة على مكافحة الأمية هذه مما يمدح بها أو يذم؟
طالب:. . . . . . . . .
"قليلٌ قراؤه" يعني إذا وجدنا من يقرأ وهذا موجود مع الأسف في صفوف القراء بكثرة، يقرؤون ويكتبون وتقوم عليهم الحجة، لكنهم لا يتعلمون، بمعنى أنهم قد يحفظون القرآن، ويقرؤون القرآن، ويمهرون بقراءة القرآن، لكنهم من حيث العمل بدون عمل، فإذا كثر القراء بهذه الصفة كثر القراء مع عدم العمل والاستنباط والتفقه هذا ذم بلا شك؛ لأنه تقوم عليه الحجة ولا يستفيد من هذه القراءة.
فالمطلوب من القراءة الفائدة العظمى من القراءة التفقه، فإذا وجد التفقه تبعاً لهذه القراءة صار مدح، إذا خلت هذه القراءة عن التفقه والاستنباط والتدبر والاعتبار والعمل صارت ذم، وحينئذٍ تكون هذه من النعم التي لم تشكر، فإذا وجدت النعمة وخلت عن الشكر صارت وبالاً على صاحبها.
"كثيرٌ فقهاؤه، قليلٌ قراؤه، تحفظ فيه حدود القرآن" بإقامتها، لكن ما الفائدة أن يكثر القراء ويقل الفقهاء ولا تحفظ فيه حدود القرآن؟ يعني إذا كان الشخص من أمهر الناس بالقرآن، وإذا نظرت إليه في مظهره ومخبره مخالف تماماً لما يقرأ، يتأكل بالقرآن، يجعل هذا القرآن للمآتم والمناسبات، ويخالف ما يقرأ، وهذا موجود مع الأسف الشديد في هذه الأزمان، وقبل هذه الأزمان، مثل هذا يكون مذموم؛ لأن القرآن لم ينزل لأن يقرأ مجرد قراءة مجردة عن الفائدة والانتفاع بها، فضلاً عن كونه يتأكل به؛ أنزل دستور عمل، تحفظ فيه حدود القرآن بإقامتها.(28/17)
"وتضيع حروفه" يعني في الصدر الأول تضيع حروف القرآن؟ نعم تحفظ حدوده مدح، لكن تضيع حروفه المقصود به التضييع النسبي ما هي بتضيع حروفه بالكلية؛ لأنه كيف تحفظ حدوده مع تضييع الحروف بالكلية؟ لأن الشخص أو المجموعة بكاملها إنما يحكم عليها بالأغلب، يحكم عليها بالأغلب، فإذا وجدت قوم يعنون بالقرآن بفهم القرآن وتدبر القرآن، والاستنباط من القرآن، والعمل بالقرآن، وجدت من هذا ديدنهم لكنهم لا يتيسر لهم أن يقرؤوا القرآن في الشهر مرة مع هذه العناية، وتجد شخص يقرأ القرآن في الشهر عشر مرات مثلاً بدون الوصف الأول، هؤلاء القوم الأول هؤلاء يوصفون بأنهم قراء للقرآن؟ نعم ما يوصفون بأنهم، إنما يوصفون بأنهم ممن يحفظ حدود القرآن، ويعمل بالقرآن، ويتفقه بالقرآن، في الوصف الممدوح هنا، بينما القوم الآخرين الذين يعنون بمجرد التلاوة المجردة عن تدبر عن استنباط عن فهم هؤلاء يكونون قراء حروف، قراء حروف.
أيضاً هؤلاء ذمهم نسبي إذا خلوا عن المخالفات الشرعية فذمهم نسبي بالنسبة لمن قرنوا معه، وإلا فهناك أجر مرتب على مجرد قراءة الحروف؛ لأن القرآن متعبد بتلاوته، لو شخص من عوام المسلمين يقرأ القرآن بكثرة، ديدنه قراءة القرآن، وليس متفرغاً للفهم والتدبر والاستنباط، هذا إذا قارناه فالذم نسبي، إذا قارناه بمن تفرغ لتدبر القرآن، وفهم القرآن، والتفقه في القرآن، والعمل بالقرآن صار ناقصاً، ونقصه نسبي، لكن إذا كان لا يقرأ إلا الحروف ولا يلتفت إلى المعاني، ومع ذلك يرتكب مخالفات كما هو واقع بعض القراء اليوم حينئذٍ يذم.
يوجد في بعض البلدان الإسلامية من يحفظ القرآن، ويقرأ القرآن ليل نهار، لكن بالأجرة في المآتم والأفراح، وإذا نظرت إلى عمله وجدته من أقل عوام المسلمين في العمل، الذين لا يقرؤون ولا يكتبون.
هناك قصص وأخبار عن ويش يسمونه الفقيه وإلا .. ؟ الذي يقرئ الناس القرآن وعنده مخالفات وعنده، يوجد هذا، ويوجد قراء على الطريقة المعهودة الشرعية الذين هم أهل الله وخاصته موجودون ولله الحمد، لكن النوع الثاني هو المذموم.
في قصة شخص من كبار الأدباء وليست بثقة فيما ينقل، حينما حفظ القرآن على واحد يسميه فقيه، ويش يسمون القارئ فقيه؟(28/18)
طالب:. . . . . . . . .
هو مقرئ لكن في بعض .. ، هو يسميه فقيه، وهو ليس بفقيه، ليس عنده من الفقه شيء البتة، ولا من العمل بالقرآن، فيقول: إنه حفظ عليه القرآن، وكان أبو هذا الشخص من الحريصين على حفظ القرآن وضبطه وإتقانه، فقال له: خلاص أنت انتهيت من حفظ القرآن، الولد فرح، شاب في تسع سنوات، بدل من أن يرتدد على هذا الشخص قال: خلاص حفظ القرآن، اختبره أبوه وجده ما حفظ شيء، فاستدعى هذا المقرئ أو اللي يسميه الفقيه فحلف بالطلاق الثلاث أنه حفظ القرآن، نعم يريد الأجرة كاملة ولا عليه حفظ ما حفظ، اختبروه وجدوه ما حفظ شيء، ويذكر من حاله ومن أفعاله مخالفات كثيرة، وهذا مع الأسف أنه قد يوجد في هذا المحيط.
لكن مع ذلك في الأصل أن أهل القرآن هم أهل الخير والفضل والاستقامة، لا يصير هذا مدخل إلى ذمهم أو .. ، لكن هذا موجود لكنه نادر.
طالب:. . . . . . . . .
المسألة مسألة تخصص، لو نظرنا إلى الأقسام العلمية مثلاً، وجدنا أهل قسم القرآن أهل ضبط للحروف وقراءات وتجويد، وهم في هذا العمل على خيرٍ عظيم، ومنهم أيضاً من يعنى بالفهم والاستنباط هذا موجود ولله الحمد، وهؤلاء هم أهل القرآن وخاصته، لكن من يأخذ القرآن على أساس أنه وظيفة، دخل هذا القسم ليتعيش على ما يقولون، هذا قد يوجد في بعض الجهات.
مثل هذا لا شك أنه بالنسبة لأهل العمل والاستنباط يذم باعتبار أن التبعة عليه أكثر، نعم قد يكون مبعث ذلك الخلاف العقدي، نعم يكون مبعث ذلك ناشئ عن مذهب عقدي، وأيضاً تسويل الشيطان وتزيينه في بعض الأمور، والعمل بلا شك شاق.
المقصود أنه لا يعني هذا أننا ما جاء في هذا الخبر من الإخبار بأنه في الصدر الأول أهل عمل، مع العلم عمل، في العصور المتأخرة وجد العلم، ووجدت القراءة وانتشرت، وكادت أن تنمحي الأمية بالكلية، لكن العمل أين؟ العمل تخلف، والعلم بلا عمل لا شك أنه لا قيمة له، العلم من غير عمل العمل هو الثمرة من العلم، فإذا تخلف العمل عن العلم صار لا قيمة له، بل صار وبال على صاحبه.
طالب:. . . . . . . . .(28/19)
بلا شك مع السفرة الكرام البررة ما لم يوجد مانع من إلحاقه بهم، لكن قد يكون بارع بقراءة القرآن وماهر فيه لكن مع ذلك يرتكب محرمات.
طالب:. . . . . . . . .
هو معصوم؟ لا، لكن يرتكب محرمات ظاهرة، مثل هذا لا يستحق مثل هذا الوصف، ينطبق عليه الوصف الذين يأتون فيما بعد، بعد كلام ابن مسعود، أما من وجد في عهد ابن مسعود وفي الصدر الأول كما قال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين يقرئوننا القرآن، وسمى منهم من سمى، قال: كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموا ما فيها من علم وعمل، هذه طريقتهم، لكن في السنين الأخيرة العصور المتأخرة تجد ابن سبع ابن ثمان سنوات يقرأ القرآن قد يعرضه من أوله إلى آخره ولا يخطئ خطأ واحد، ومع ذلك لسنه ما يعرف شيء من المعاني أو من العمل به، وقد يستمر على هذه الطريقة فيتخلف العمل كثيراً كما هو موجود.
طالب:. . . . . . . . .
أولاً: القرآن نزل على الصحابة في الصدر الأول، على النبي -عليه الصلاة والسلام- في عصر الصحابة، وكثيرٌ منهم قد تقدمت به السن، ولذا من حفظ القرآن في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- كاملاً نفرٌ يسير، جمع القرآن في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- أربعة، المقصود أنهم نفرٌ يسير، لكن فيما بعد والحمد لله يعني بعد جمع القرآن وضبط القرآن بين الدفتين تيسر حفظه وضبطه، وكثر في عصر صغار الصحابة والتابعين ومن بعدهم كثر، ولذا يندر أن يوجد في ترجمة شخص أنه لا يحفظ القرآن من أهل العلم، ما ذكر إلا عن ابن أبي شيبة، ونصوا عليه أنه لا يحفظ القرآن، كيف ينص على هذا الشخص؟ إلا أنه لا يوجد غيره في التراجم.
طالب:. . . . . . . . .
وأيضاً إذا نسبت من يحفظ القرآن في عهد ابن مسعود إلى من جاء بعدهم، أنت لو تنظر إلى نسبة من يحفظ القرآن الآن إلى من يحفظ القرآن قبل ثلاثين سنة، تجد نسبة؟ ما في نسبة، الآن أكثر بكثير، أضعاف مضاعفة، لا سيما في بلدنا.(28/20)
لا شك أن حفظ القرآن من نعم الله -جل وعلا- على المسلمين، هو كلام الله، كلام الله وفضله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه، والجوف الذي ليس فيه شيء من القرآن كالبيت الخرب، و ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن .. )) معروف، و ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه))، و ((من قرأ القرآن كان له بكل حرف عشر حسنات)) هذه أمور مفروغ منها، لكن المسألة ما هي بمفترضة في حافظ عارف بالقرآن وبحدود القرآن عامل بالقرآن هذا خارج عن النزاع، المسألة مفترضة بين شخصٍ عالم عامل ونصيبه من ضبط القرآن وإتقانه أقل ممن يقيم الحروف ويمهر فيه دون عمل، المفاضلة بين هذا، ما هي مفاضلة بين شخص جمع الأمرين، لا، الحفظ مع المهارة في درجات.
بعض الإخوان اللي لهم عناية بهذا الشأن ذهبوا إلى بعض البلاد الإسلامية، فجيء بعشرة أطفال لا يتجاوزون السابعة والثامنة من العمر، تفتح المصحف وتقول صفحة كذا السطر كذا منتصف السطر كلمة إيش؟ يجيبها لك، آخر السطر الثالث قبل الأخير يجيب لك الكلمة، هذا موجود، لكن هل يوجد مثل هذا في عصر الصحابة؟ وهل يذم الصحابة بمعرفة هذه الأمور بدقة؟ لكن إذا وجد مثل هذا مع العمل نظير عمل الصحابة بالقرآن هذا نورٌ على نور.
فلا شك أن العلم مطلوب، لكن ثمرته العمل، ثمرته العمل، لكن قد يحفظ القرآن، ويحفظه من أوله إلى آخره، لكن لو تسأله عن أول الصفحة كذا ما يدري، أو تسأله عن دليل هذه المسألة وهو في القرآن ولا يدري، فعلى هذا المطلوب مع الحفظ الضبط والإتقان والتدبر والاستنباط والفهم والعمل، هذه الثمرة العظمى من القراءة، وإلا ما الفرق بين شخص قرأ كتب الدنيا كلها ولا يعمل بين عامي من العوام؟ ويش الفرق؟ ما في فرق، بالعكس العامي الذي ما قامت عليه الحجة في كثيرٍ من الأمور أفضل من مثل هذا، والتبعة على ذلك أعظم.
طالب:. . . . . . . . .
وجد من يقرأ القرآن منكس، حتى هؤلاء الشباب الصبيان اللي ذكرت قرؤوه منكس.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .(28/21)
هذا الاختبار اختبار ضبط وجودة الحفظ لا للتعبد، لا التعبد بهذا، إنما يختبرونه بهذا، ما هو بيتعبد بهذا، من أجل أن يختبر ضبطه وإتقانه؛ لأنه إذا اختبر عكساً ليس بحاجة إلى أن يختبر طرداً، زيادة في الضبط والإتقان، وعلى كل حال التوسط في الأمور والاعتدال فيها هو المطلوب.
على طالب العلم أن يفعل الأنفع له علماً وعملاً، لو قيل لشخص: أنت الآن سوي مثل ابن عمر، ثمان سنين في البقرة، بحيث إذا انتهيت من البقرة وأنت كثرت عليك العائلة ومشاكل الدنيا وطلب العيش أردت أن تحفظ آل عمران عجزت، أو نقول: احفظ القرآن في أقرب مدة ممكنة ثم بعد ذلك اضمن الحفظ، ثم عد إلى الفهم والتدبر والاستنباط؟ لأن الحفظ له وقت، الحفظ في الصغر غير الحفظ في الكبر، نعم الحفظ ينبغي أن يساند هذا الحفظ حفظ الحروف فهم للمعاني بواسطة تفسير من التفاسير الميسرة المبسطة الموثوقة التي تخلو عن مخالفات، أو على أقل الأحوال كلمات القرآن تمر عليك (جرزا) وتمر عليك كلماتٍ ما تدري ويش معناها؟ فإذا ضبطتها وأنت تحفظ خلاص أتقنتها، وهذا يعينك على الفهم والتدبر.
على كل حال الكلام حول القرآن كثير جداً، لكنه هو أول وآخراً هو شرف هذه الأمة {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ} [(44) سورة الزخرف] لا يكون مثل هذا الكلام الذي نقرأه مجال أو باب ينفتح على الأمة يستغله بعض المغرضين وبعض المفسدين، وبعض الذين .. ، بعض المنافقين الذين يغيظهم وجود -ولله الحمد- هذه النابتة التي تعنى بحفظ كتاب الله -جل وعلا-، وجود هؤلاء المجاهدين الذين يتولون تحفيظ هذه الناشئة لكتاب الله -جل وعلا-، لا يكون مثل هذا الكلام مدخل لبعض المنافقين أن يلبس على الناس أو يشوش، لا.
لكن المسألة مفاضلة بين علم وعمل، العمل ولو كان قليلاً، العمل بالعلم ولو كان قليلاً أفضل من العلم الكثير المجرد هذا مفاده.(28/22)
"قليل من يسأل" من يسأل: إما يكون قليل من يسأل المال تعففاً، أو قليل من يسأل أهل العلم تعنتاً، أو قليل من يسأل عما يشكل عليه؛ لأنه لا يقرأ شيء يشكل عليه ويتجاوزه، لكنك إذا قرأت مثلاً خمس آيات من القرآن وحفظتها وتعلمت ما فيها من معاني وفهمتها وتدبرتها، وعملت ما فيها لست بحاجة إلى أن تسأل، لكن لما تقرأ جملة كبيرة من المقروء سواءً من القرآن أو من غيره تضل عندك الإشكالات كثيرة، وكلما هذه الإشكالات تزداد فتكثر من السؤال عن الإشكالات والثاني كذلك والثالث كذلك، ثم يكثر من يسأل.
"كثير من يعطي" يعطي إما أن يعطي المال، يعني يبذل المال لمن يسأل ومن لم يسأل {لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [(25) سورة المعارج] أو يعطي يعني يبذل العلم لمستحقه.
"يطيلون فيه الصلاة" وليست الإطالة المنهي عنها في حديث معاذ: ((أفتانٌ يا معاذ؟ )) ((من أَمَّ الناس فليخفف)) لكنها الإطالة التي تشبه إطالة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وتقرب منها، لا يسمع أحدٌ هذا الكلام ويقول: يطيلون الصلاة ثم يشرع بالبقرة وهو إمام يؤم الناس، وحينئذٍ يقع في مخالفة نهيه -عليه الصلاة والسلام-.
"ويقصرون الخطبة" وهذا من فقه الرجل، من علامات فقهه إطالة الصلاة وقصر الخطبة، ولا شك أن الإطالة إطالة الصلاة نسبية، وقصر الخطبة أيضاً نسبية، ما يصعد للمنبر يقول له جملتين ثلاث وينزل، يقول: من فقه الرجل أن يقصر الخطبة، يأتي بخطبته ما ينفع الناس، وينبه على الأخطاء التي يقع فيها الناس، ويحرك القلوب بالموعظة الصالحة والخالصة، ثم لا يملِّ الناس، ولا يضجر الناس بحيث كل إنسان ينظر ساعته، منهم من ينعس، ومنهم من يتغافل، لا هذا ولا هذا.
"يبدأون أعمالهم قبل أهوائهم" ...
طالب:. . . . . . . . .
نعم، أمور نسبية، يعني متصور أن خطيب يخطب ساعة هذا أطال الخطبة، لكن الذي اعتاد الناس على هذا فالذي يخطب بربع ساعة ثلث ساعة قصيرة الخطبة، فهذه أمور نسبية، لكن الصلاة -الصلاة العادية- تكون بربع ساعة، هذه صلاة متوازنة، فالذي يزيدها إلى نصف هذا أطال الناس، وهو مأمورٌ بالتخفيف، لكن الذي يصلي صلاته الرباعية بخمس دقائق هذا صلاته طويلة؟ .... فهذه أمور نسبية.(28/23)
"يبدأون أعمالهم قبل أهوائهم" يقدمون العمل الصالح المستند على الدليل قبل الهوى، فيقدمون أعمالهم قبل أهوائهم ورغباتهم.
"وسيأتي على الناس زمان قليل فقهاؤه" عكس الزمان الأول؛ لاشتغالهم بحظوظ أنفسهم، واكتفائهم بالعلم دون العمل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يبدون أي يقدموا، يبدأون يبدون ما في إشكال.
"وسيأتي على الناس زمانٌ قليلٌ فقهاؤه -بخلاف الزمان الأول- كثيرٌ قراؤه" يعني لو نظرنا في واقعنا الذي أدركناه، يعني قبل ثلاثين سنة يعني زمن أدركناه، القراء في البلد عددهم قليل، لكن أهل العلم، العلم، أهل الفتوى، العلم المؤصل المقعد المضبوط المتقن فيهم كثرة بالنسبة لعدد الناس، بينما القراء عددهم قليل، وأهل العمل حتى من عوام المسلمين وأهل العبادة وأهل الزهد والورع، ويوجد قبل خمسة وعشرين سنة وثلاثين سنة من .. ، أناس لا نستبعد ولا نستغرب إذا قرأنا في ترجمة سفيان أو الفضيل أو غيره، والله ما نستبعد إذا رأيناهم، الآن كثر القراء، وكثر من يقرأ، وكثر من يطلع على الخلاف، وتوسعوا في العلم، لكن العمل قلَّ، العمل قلَّ، انشغل الناس كثير من الناس لا أقول يوجد -ولله الحمد- أهل خير، والعلماء والعباد موجودين ولله الحمد، والخير في أمة محمد، لكن انشغل كثيرٌ من الناس بالمفضول عن الفاضل، واقتصر كثيرٌ من الناس على العلم دون العمل، فهذا مثال شيء أدركناه.
"وسيأتي على الناس زمانٌ قليلٌ فقهاؤه، كثيرٌ قراؤه، يحفظ فيه حروف القرآن" يقيمون حروف القرآن كما تقام الأقداح، يضبط ضبط بحيث يقرأ القارئ من أول القرآن إلى آخره لا يوجد عليه خطأ "يحفظ فيه حروف القرآن، وتضيع حدوده" لا يعمل بالقرآن، ومن نظر واقع المسلمين اليوم في كثيرٍ من الأقطار تضيع حدود القرآن، وهذا لا يحتاج إلى تمثيل الظاهر.(28/24)
"وتضيع حدوده، كثير من يسأل" لقلة الصبر والتعفف، أو لقلة العلم "كثيرٌ من يسأل، قليل من يعطي" لانتشار الشح بالمال وبالعلم أيضاً، يعني على كثرة ما عندنا وعند غيرنا ما انتشر من طلاب العلم ومن أهل العلم تجد الإنسان لا يجد من يفتيه مع الأسف الشديد، وتجد من ينتسب من أهل العلم -وهذا يوجد- من إذا دخل جدع السماعة، التبعة ليست بالسهلة، هذه أمانة أمانة حملت إياها، وهذه هبة من الله -جل وعلا-، ونعمة تحتاج إلى شكر، والعلم يحتاج إلى زكاة، ونماؤه بزكاته.
"قليلٌ من يعطي، يطيلون فيه الخطبة" يوجد من يخطب ساعة الآن يوجد، والنصف ساعة كثير، خطبة نصف ساعة هذا كثير، لكن يوجد من يخطب ساعة "ويقصرون الصلاة -مخالفةً للسنة- يبدون فيه أهواءهم قبل أعمالهم" حباً لاتباع الهوى ورغبات النفس، وإذا لاح لهم أمرٌ من أمور الدنيا ضيعوا العلم، تجد الإنسان يسمع المؤذن وبيده شيء من عمل الدنيا، ثم يسمع الإقامة وتفوته الصلاة وهو في شيء يسير من أعمال الدنيا، وقد يكون لا يعود عليه بالنفع لا في دينه ولا في دنياه، يوجد الآن من يعكف على بعض الآلات ليل نهار، والله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؛ لأنه خبرٌ عن مستقبل، خبر عن مستقبل لا يقوله ابن مسعود برأيه، يعني إذا ساغ له أن يتحدث عن زمانه فلن يتيسر له أن يتحدث عن المستقبل.(28/25)
وفي خبر ابن مسعود -رضي الله عنه-: الحث على العمل بالعلم، وليس مراده التقليل من شأن العلم أبداً، ولا من شأن التعلم، ولا من شأن القراءة، لا يعني الأمة إذا كثر فيها طلاب العلم والقراء أنها تصرف البقية عن طلب العلم، لا، بل الجميع مطالب بأن يتعلم، الجميع مطالب بأن يتعلم ليعبد الله على بصيرة، لا على جهل، لكن مع ذلكم مطالبون بالعمل، فلا يفهم من كلام ابن مسعود أنه إذا كثر القراء مع وجود -ولله الحمد- الإقبال على حفظ كتاب الله وحفظ السنة، والتعلم العلم الشرعي على الجواد المعروفة عند أهل العلم، هذا شيء -ولله الحمد- كثير، وشيء محسوس، فلا يقال: إن هذا التعلم على ضوء ما أخبر به ابن مسعود -رضي الله عنهما- أنه من وصف الزمان اللاحق، والزمان الأول بخلافه، ابن مسعود يريد أن يحث طالب العلم على العمل، وأن لا يقتصر على التعلم، لا يقتصر على القراءة فقط دون فهم وتدبر واستنباط وعمل، لكن قد يكون الواقع هكذا، قد يكون يحكي واقع، لكن هل حكاية الواقع تعني الذم من كل وجه؟ نعم الواقع المخالف مذموم، والواقع الموافق ممدوح.
فلا يقال: إن كثرة القراء صفة ذم، نعم هي صفة ذم إذا تجردت هذه القراءة عن العمل، أما إذا اقترن العلم بالعمل فهو من أفضل ما يتقرب به إلى الله -جل وعلا-، وتعلم العلم الشرعي من أعظم أبواب الجهاد.(28/26)
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد –الأنصاري- أنه قال: بلغني أن أول ما ينظر فيه من عمل العبد الصلاة" يعني الصلوات الخمس المفروضة، وإذا كان فيها شيء من نقص كملت من النوافل، كما جاء في الخبر من عمل العبد والمراد به الإنسان حراً كان أو رقيقاً، ذكراً كان أو أنثى، أول ما ينظر من عمله في الصلاة "فإن قبلت" بأن صارت مسقطة للطلب، ترتبت آثارها عليها، مكتملة الشروط والأركان، أديت بنية خالصة لله -جل وعلا- قبلت "نظر فيما بقي من عمله" لأن الصلاة أم العبادات "وإن لم تقبل منه لم ينظر في شيء من عمله" ما دامت أم العبادات إذا قبلت نظر في العمل الثاني، لكن إذا رد الأعظم هل ينظر في الذي يليه، لا ينظر في الذي يليه، لا سيما وأن هذه الصلاة ركن الإسلام الأعظم بعد الشهادتين، الذي لا يرى الصحابة من الأعمال شيء تركه كفر إلا الصلاة، وهذا يدل مما يقوي القول بأن تارك الصلاة كافر؛ لأنه ما دام كافر ويش الفائدة بأن ينظر إلى زكاته؟ إلى صيامه؟ إلى حجه؟ ما في فائدة، لكن إذا قبلت وضمن إسلامه نظر في بقية الأعمال، ومثل هذا لا يقال بالرأي، وهو أيضاً ورد معناه في حديثٍ مرفوع عن أبي هريرة مخرجٌ عند أصحاب السنن الأربعة.(28/27)
"وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: كان أحب العمل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي يدوم عليه صاحبه" ترجم الإمام البخاري في كتاب الإيمان من صحيحه: "باب: أحب الدين إلى الله أدومه" ثم ذكر حديث عائشة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل عليها وعندها امرأة، قال: ((من هذه؟ )) قالت: فلانة، جاءت تسميتها في بعض طرق الحديث أنها: الحولاء بنت تويت، تذكر من صلاتها يعني تذكر أنها تصلي، وتطيل الصلاة، وتكثر الصلاة، وأنها تقوم الليل كله، تذكر من حرصها على عمل الخير لا سيما الصلاة، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((مه)) بمعنى: كفوا، ((عليكم بما تطيقون)) أما مثل هذا العمل الذي لا يطاق الذي يؤدي إلى الانقطاع مثل هذا مفضول ((عليكم بما تطيقون، فوالله لا يمل الله حتى تملوا، وكان أحب الدين إلى الله ما دام عليه صاحبه)) والأحب هنا يقول: "قالت: كان أحب العمل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وفي حديث البخاري: ((وكان أحب الدين إلى الله)) ولا تنافي بينهما؛ لأن المحبوب إلى الله هو المحبوب إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام-.
يقول النووي: بدوام العمل القليل تستمر الطاعة بالذكر والمراقبة والإخلاص والإقبال على الله -جل وعلا-، يعني من عمل طول الأربعة والعشرين ساعة، طول اليوم والليلة عمل مناسب لا يشق عليه، ولا يكلفه ولا يحمله على الترك لا شك أنه أفضل من أن يعمل هذا العمل في وقتٍ قصير بحيث تكون العبادة عليه مكروهة وثقيلة، ثم يؤديه ذلك إلى تركها.(28/28)
بخلاف الكثير الشاق، يقول النووي: بدوام العمل القليل تستمر الطاعة بالذكر والمراقبة والإخلاص والإقبال على الله -جل وعلا-، بخلاف الكثير الشاق، بحيث ينمو العمل القليل الدائم حتى يزيد على الكثير المنقطع، يعني لو ضربنا مثال بحفظ القرآن، شخص يقول: أريد أن أحفظ في هذا اليوم جزء كامل وأرتاح عشرة أيام، وآخر يريد أن يحفظ هذا الجزء في العشرة الأيام كل يوم ورقة، أيهم أفضل؟ هذا الذي يريد أن يحفظ خلال العشرة الأيام يكرر النظر في عهد الله وفي كتابه، ويحمله ذلك على الارتباط بهذا الكتاب، لكن الذي يجلس يوم ويحفظ جزء، ثم عشرة أيام يغفل، أولاً: مكثه الساعات الطوال لحفظ الجزء في يومٍ في وقتٍ ينضغط فيه لا شك أن هذا يولد كراهية لهذا العمل؛ لأنه حمل على نفسه أمر ثقيل، فيمل ويسأم ويترك، بينما الذي يأخذ الأمر بالتوقيت والتدريج مثل هذا يستمر ولا ينقطع.
يقول: بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافاً كثيرة، يقول ابن الجوزي: إنما أحب الدائم لمعنيين: أحدهما: أن التارك للعمل بعد الدخول فيه كالمعرض بعد الوصل، إيش معنى هذا؟ كأنه بلسان حاله هذا الذي يقول: أنا أحفظ جزء في يوم وأرتاح عشرة أيام وإن لم يقل بلسان مقاله، يقول: دعنا نرتاح من ها الجزء ونتفرغ عشرة أيام لأمورنا الأخرى، هذا أقبل ثم أدبر، لكن الذي عمله دؤوب، كل يوم يحفظ ورقة بالراحة مثل هذا عمله متواصل لا ينقطع، فالتارك للعمل بعد الدخول فيه كالمعرض بعد الوصل فهو متعرض للذم، ولهذا ورد الوعيد في حق من حفظ آيةً ثم نسيها، وإن كان قبل الحفظ لا يتعين عليه.(28/29)
ثانيهما: أن مداوِم الخير ملازمٌ للخدمة، وليس من لازم الباب في كل يومٍ وقتاً ما كمن لازم يوماً كاملاً ثم انقطع، كمن لازم يوماً كاملاً ثم انقطع، يعني شخص عنده عمال، خصص اثنين منهم للقهوة مثلاً، واحدٍ منهم في يوم من الأيام سوى له عشر قلال وعشر برقان وقال: خلاص ارتاح عشرة أيام، والثاني كل يوم دلة وإبريق هذا يقولون: هذا مداوم للخدمة، مداوم للخدمة وليس من لازم الباب في كل يوم وقتاً ما يعني بالتدريج ليس كمن لازم يوماً كاملاً ثم انقطع، هذا مثال محسوس، لكن من حفظ هذا الجزء في هذا اليوم وأسعفته الحافظة وضبطه وأتقنه، وانصرف بعد ذلك لأعمالٍ أخرى شرعية لا يذم، وقل مثل هذا فيمن لزم علماً واحداً وترك العلوم الأخرى حتى ضبطه وأتقنه، يختلف وضعه عمن أدخل علوم كثيرة في يومٍ واحد، ونوعها وأخذها بالتدريج.
على كل حال كلام ابن الجوزي مفاده أولاً: أن من عمل عمل خير ثم تركه لا شك أنه يشبه ولو لم يقع في هذا يشبه من خدم ثم أعرض وترك، وسئم ومل، مثل هذا مذموم، وأيضاً: قسمة الخدمة على الوقت بحيث يلازم الخدمة الوقت كله أفضل ممن يخدم مقدار ما خدمه الآخر في وقتٍ يسير ثم ينقطع.
وعلى كل حال العمل الذي يشق على الإنسان بحيث يحمله على الترك عمله مفضول، بخلاف العمل الذي يؤخذ بالتدريج ومع الوقت لكنه يستمر، فالاستمرار بالخدمة مطلوب بقدر ما يتحمله الإنسان ويطيقه.(28/30)
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه قال: كان رجلان أخوان فهلك أحدهما" هلك يعني مات، وهذه اللفظة هلك في النصوص مستعملة {حَتَّى إِذَا هَلَكَ} [(34) سورة غافر] في حق من؟ في حق يوسف نبي من الأنبياء {حَتَّى إِذَا هَلَكَ} [(34) سورة غافر] لكن في عرف الناس اليوم لو يذكر لك شيخ من كبار العلماء المسلمين، تقول: هلك فلان، استعمالها العرفي منكرة، في استعمالها العرفي منكرة، هل تستطيع أن تقول لشخصٍ من أهل العلم والعلم: هلك فلان، أو فلان الهالك، في كتب التراجم بالنسبة للمخالفين الذين عندهم مخالفات كبيرة يقال: هلك فلان، هلك، هلك الجهم سنة كذا، لا مانع، لكن تقول: هلك أحمد بن حنبل لا يمكن، فاستعمالها الشرعي في مقابل مات، واستعمالها العرفي إنما تطلق في حق من عنده مخالفات، لا سيما إذا كانت كبيرة، هلك هالكٌ، لكن هل تستطيع أن تقول: هلك أبي عن زوجة وثلاثة أبناء؟ تستطيع تقول هكذا؟ إيه ما تستطيع، لكن شخص مجهول أمره سهل.
المقصود أنها تستعمل في النصوص بإزاء مات، وجاء استعمالها في القرآن بحق نبي، لكن استعمالها العرفي خصها بمن عنده مخالفات كبيرة.(28/31)
"فهلك أحدهما قبل صاحبه بأربعين ليلة، فذكرت فضيلة الأول" يعني جاء في بعض الروايات ما يدل على أنه مات شهيداً، يعني قتل في سبيل الله، ذكرت فضيلته ومدح، هنيئاً له مات في سبيل الله "فذكرت فضيلة الأول عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((ألم يكن الأخر؟ )) أو الآخِر أو الآخَر، الآخِر يعني المتأخر، والآخَر يعني الثاني الذي تأخر عن أخيه ((ألم يكن مسلماً؟ )) قالوا: بلى يا رسول الله، وكان لا بأس به" يعني هذا اللفظ يفهم أن هذا الرجل من أوساط المسلمين لا بأس به، رجل لا بأس به، يعني من أوساط المسلمين "وكان لا بأس به، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((وما يدريكم ما بلغت به صلاته؟ )) يعني خلال مدة الأربعين يوماً، كم صلى في الأربعين؟ صلى من الفرائص مائتي صلاة، ومن النوافل ما الله به عليم، هذه في ميزان حسناته إذا فعلها مخلصاً لله -جل وعلا- ((وما يدريكم ما بلغت به صلاته؟ )) يعني خلال المدة التي قضاها بعد أخيه ((إنما مثل الصلاة كمثل نهرٍ غمرٍ -يعني كثير الماء- عذبٍ بباب أحدكم)) كمثل نهر غمر كثير الماء وصف، لا شك أن له أثره في إزالة الدرن والأوساخ، لكن عذب يعني هل العذب أبلغ في إزالة الأوساخ والأدران من غيره؟ مقتضى الخبر نعم ((كمثل نهرٍ غمرٍ عذبٍ باب أحدكم يقتحم فيه كل يوم خمس مرات)) هذا الشخص الذي يغتسل خمس مرات في اليوم يبقى من وسخه شيء؟ لا ((فما ترون ذلك يُبقي من درنه؟ )) الدرن: المقصود به الوسخ ((فإنكم لا تدرون ما بلغت به صلاته)) والجواب: لا، ما يبقى من درنه شيء ولا من وسخه شيء إذا كان يغتسل في اليوم والليلة خمس مرات ((فإنكم لا تدرون ما بلغت به صلاته)) أعاده زيادة تأكيد في البعد عن التفضيل بلا علم، يعني كونك تجزم بأن هذا مات، نعم هو على خير -إن شاء الله تعالى-، لكن لا يلزم منه أن يكون أفضل ممن بقي بعده.(28/32)
بقي حديثان، يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عطاء بن يسار كان إذا مرَّ عليه بعض من يبيع في المسجد دعاه فسأله ما معك؟ " يبيع في المسجد "دعاه فسأله ما معك؟ وما تريد؟ فإن أخبره أنه يريد أن يبيعه قال: عليك بسوق الدنيا، وإنما هذا سوق الآخرة" نعم المسجد ما بنيت المساجد للبيع والشراء، إنما بنيت لذكر الله، الصلاة، لتلاوة القرآن، للذكر، لتعليم العلم، هذا سوق الآخرة، فينبغي أن تخصص لما يبتغى به وجه الله -جل وعلا-؛ أخذاً من قول الله تعالى: {يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ} {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ} [(29) سورة فاطر] هذه تجارة الآخرة، وتجارات الدنيا أبوابها مشرعة، لكن في غير المساجد، فمن أراد تجارة الآخرة فليحضر إلى المسجد، من أراد تجارة الدنيا يذهب إلى الأسواق.
والصلاة من أفضل ما تلتمس به وتبتغى تجارة الآخرة كما في آية فاطر، وكذلك التلاوة والإنفاق في سبيل الله، وكذلك انتظار الصلاة {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ} [(29) سورة فاطر] هذه التجارة، يعني لو إنسان حسب ووزان بين تجارة الدنيا وتجارة الآخرة قال: يا أخي الختمة الواحدة ثلاثة ملايين حسنة، وإذا ذهبنا سوق التجارة وضاربت في الأسهم وما الأسهم افترض أنك كسبت المكاسب كم تكسب؟ الجزء الواحد بربع ساعة فيه مائة ألف حسنة، هل يستطيع أرباب الدنيا أن يكسبوا .. ؟ دعنا من الذين يتاجرون بأمورٍ الله أعلم بها، لكن الذين يطلبون التجارة من وجهها بحقوقها وحدودها الشرعية بربع ساعة يكسبون مائة ألف؟ ما يمكن إلا في القليل النادر، عاد إذا كان هناك صفقات كبرى، الله أعلم.(28/33)
لكن عموم الناس إذا وازنا بين تجارة الدنيا وتجارة الآخرة صارت تجارة الدنيا كلا شيء بالنسبة لتجارة الآخرة، ولذا جاء في الحديث: ((من نفس عن مسلمٍ كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربةً من كرب الآخرة)) ما قال: كرب الدنيا والآخرة؛ لأن كرب الدنيا كلا شيء بالنسبة لكرب الآخرة، بينما الشق الآخر من الحديث: ((من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة)) الستر مطلوب في الدنيا، لكن الكرب -كرب الدنيا- لا شيء بالنسبة لكرب الآخرة، وهكذا نقول: إن تجارة الدنيا كلا شيء بالنسبة لتجارة الآخرة.
وجاء في الحديث: ((إذا رأيتم الرجل يبيع ويشتري في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك)).
ثم قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه" كذا ليحيى ولغيره: مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن سالم بن عبد الله عن أبيه "أن عمر" يعني متصل "بنى رحبة في ناحية المسجد تسمى البطيحاء" تصغير بطحاء "وقال: من كان يريد أن يلغط" يعني مكان ألحقه بالمسجد وإن لم يكن منه، لمن أراد أن يلغط، ويتحدث فيما لا ينفع، ومن يريد أيضاً تجارة الدنيا أو من تريد المكث فيه من أهل الأعذار ممن يمنع دخوله في المسجد "من كان يريد أن يلغط" يتكلم بكلامٍ فيه لغط وجلبة واختلاط "أو ينشد شعراً" والمراد به الشعر غير المباح، أما الشعر المباح فقد كان ينشد بين يدي النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولذا أنكر حسان على عمر -رضي الله عنهما- لما أنكر عليهم إنشاد الشعر، فقال: أنشدته بين يدي من هو خيرٌ منك، يعني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "أو ينشد شعراً، أو يرفع صوته فليخرج إلى هذه الرحبة" تعظيماً للمسجد؛ لأن المساجد إنما بنيت للصلاة، وإقامة ذكر الله -جل وعلا-.
يقول: نرجو أن تتحدثوا عن الهدي النبوي في قنوت النوازل، وهل ينبغي أن يستفتح الداعي الثناء على الله أو يبدأ بالدعاء مباشرة؟ وهل يجوز تسمية الأشخاص والدعاء على جميع الكفرة بالهلاك؟(28/34)
أما قنوت النوازل فهو مشروع، قد قنت النبي -عليه الصلاة والسلام- شهراً يدعو على أحياء من العرب، ثم تركه، ودعا لأقوام مستضعفين ثم تركه؛ لأنهم قدموا، فقنوت النوازل مشروع بلا شك، خلافاً لمن لم يره من أهل العلم كالحنفية مثلاً، لكن تقدر هذه النوازل بقدرها، ويستفتح الدعاء بالثناء -وهو من آدابه- على الله -جل وعلا-، ويصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويدعو بكشف هذه النازلة ويسميها، يسمي هذه النازلة التي يراد كشفها، ويدعو على من أراد الدعاء عليهم من قبائل ومن أفراد، ويدعو على عموم الكفرة بالهلاك.
وقد مرَّ بنا في الموطأ قول التابعي: "أدركتُ الناس وهم يدعون على اليهود والنصارى بالهلاك" مرَّ بنا هذا في هذا الكتاب، والله المستعان، ومراده بالناس الصحابة، لكن على وجه الخصوص من زاد شره وطغى وبغى وتجبر.
طالب:. . . . . . . . .
هي نازلة، كلها نوازل، الأمة ما زالت في نوازل، والله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .
لعن المعين، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: اللهم العن فلاناً وفلاناً، ثم نزل قوله -جل وعلا-: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} [(128) سورة آل عمران] لأن منهم من أسلم.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال من آداب الدعاء الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو أدعى للقبول.
يقول هذا: وعليكم السلام ورحمة الله هل ورد شيء في السنة عن صيام يوم عاشوراء وأنه يجب أن تصوم يوماً قبله ويوماً بعده؟
جاء في السنة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((أحتسب على الله أن يكفر السنة الماضية)) هذا بالنسبة ليوم عاشوراء.
ثم من باب مخالفة اليهود قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع)) يعني مع العاشر، وجاء أيضاً قوله: ((صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده)) أما وجوب أن يصام يوم .. ، هو الصيام هو ليس بواجب فضلاً عن يوم قبله أو يوماً بعده.
امرأة تسأل وتقول: بأنه كان لديها أربع خواتم فضية، ولم تكن تعرف قيمتها، ومكثت معها قرابة الخمس والثلاثين عاماً لم تخرج زكاتها، وتقول: أنها لم تكن تلبسها وتحتفظ بها، بل كانت مهملة مما أدى لضياعها، وقبل سبع سنين وجدت شبيهاً لها في السوق وكانت قيمتها ستون ريالاً؟
أربع خواتم من ستين مائتين وأربعين ريال أقل من النصاب، فلا زكاة فيها، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(28/35)
الموطأ - كتاب قصر الصلاة في السفر (7)
شرح: باب: جامع الترغيب في الصلاة.
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: جامع الترغيب في الصلاة:
حدثني يحيى عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه سمع طلحة بن عبيد الله -رضي الله تعالى عنه- يقول: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أهل نجد ثائر الرأس يسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول، حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((خمس صلوات في اليوم والليلة)) قال: هل علي غيرهن؟ قال: ((لا، إلا أن تطوع)) قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((وصيام شهر رمضان)) قال: هل علي غيره؟ قال: ((لا، إلا أن تطوع)) قال: وذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الزكاة فقال: هل علي غيرها؟ قال: ((لا، إلا أن تطوع)) قال: فأدبر الرجل وهو يقول: "والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه" فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أفلح الرجل إن صدق))
وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب مكان كل عقدة عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقده، فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان)).
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(29/1)
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: جامع الترغيب في الصلاة" المراد بالترغيب الحث على فعل الشيء المرغب فيه، ووجه الترغيب في الحديث الأول أن هذه الصلوات الخمس مكتوبة مفروضة، ولا أعظم في الترغيب في الشيء من كونه مفروضاً على المكلف، محذر من تركه، رتب على تركه العقوبة، وأيضاً الترغيب في القيام من النوم ظاهر في الحديث الثاني من أجل الصلاة، لأن مثل هذا الحديث لا يدرجه -أو مثل هذه الأحاديث- لا يدرجها من يصنف في الترغيب والترهيب؛ لأن مفهوم الترغيب والترهيب عند المتأخرين أخص مما يفهمه المؤلف هنا، قد يقرأ القارئ ترجمة يذكر بعدها أحاديث يظنها هذا القارئ أنها لا مناسبة بينها وبين هذه الترجمة، لكن إذا أمعن النظر إذا أمعن النظر وجد ولو من وجه بعيد.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عمه أبي سهيل -بن أبي عامر الأصبحي حليف طلحة بن عبيد الله- عن أبيه أنه سمع طلحة بن عبيد الله يقول: جاء رجل" هذا الحديث رواه الإمام البخاري من طريق إسماعيل بن أبي أويس عن خاله مالك عن عمه عن أبيه عن حليفه، هذا من الطرائف.
يقول طلحة بن عبد الله أحد العشرة يقول: "جاء رجلٌ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" زعم ابن بطال وغيره أنه ضمام بن ثعلبة، وقصته في الصحيحين، وهذه القصة أيضاً في الصحيحين، نعم ضمام جاء يتثبت، سمع هذه الشرائع قبل أن يسلم، فجاء يعرضها على النبي -عليه الصلاة والسلام-، زعم رسولك أنك تقول كذا، آالله بعثك بكذا؟ المقصود أنه جاء يتثبت، يعرض ما سمعه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- عليه، وهو حجة أهل العلم في جواز الرواية بالعرض.
هذه القصة التي معنا رجلٌ من أهل نجد ثائر الرأس لم يسم، فزعم بعض الشراح منهم ابن بطال لتشابه القصتين من وجه أنها قصةٌ واحدة، وأن الرجل في هذا الحديث هو ضمام بن ثعلبة، والصواب أنه غيره؛ لأن سياق القصتين مختلف، والأسئلة فيها شيء من التباين، وإن اتفقت في بعض الأشياء، فالصواب أنه غيره.(29/2)
"جاء رجلٌ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أهل نجد ثائرُ الرأس" أو ثائرَ الرأس، يجوز فيه الرفع والنصب، الرفع على إيش؟ على أنه صفة لرجل، والنصب على أنه حال، الآن رجل معرفة وإلا نكرة؟ نكرة، هل يجوز مجيء الحال من الصاحب النكرة أو لا يجوز؟ وهل الفاعل أو .. ، الفاعل هنا وهو نكرة بحاجة إلى وصف أو بحاجة إلى معرفة بيان الهيئة؟ النكرة هل هو بحاجة إلى وصف أو بحاجة إلى بيان هيئته؟ بحاجة إلى وصف، ولذا يقول أهل العلم: إن الجمل بعد المعارف أحوال، وبعد النكرات صفات، فالنكرة بحاجة إلى صفة، وهنا "جاء رجلٌ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أهل نجد" هذا أيضاً صفة، هذا وصفٌ له، فهو نكرةٌ موصوفة، نكرة موصوفة، والنكرة الموصوفة نعم لا تكون هذه الصفة تجعلها بمنزلة المعرفة، لكنها لا تبقى على هيئتها نكرة محضة، ولذا يجيز بعضهم مجيء الحال من النكرة الموصوفة كما هنا.
"ثائر الرأس" المراد به أن شعره متفرق من ترك الرفاهية، وهذه حال من يأتي من بعيد، حال المسافر ((فذكر الرجل أشعث أغبر يطيل السفر)) هذا وصفه، الغالب أن المسافر تختلف هيئته عن هيئة المقيم.
في حديث جبريل: ((إذ طلع علينا رجلٌ شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يعرفه منا أحد، ولا يرى عليه أثر السفر)) ما يعرف وليس بمسافر، هذا محل استغراب من الجميع، استغربوا من هذه الشخصية اللي طلعت عليهم، لا تعرف وليس عليها أثر السفر، فالمسافر له هيئة تخصه وتميزه عن المقيمين.
"يسمع دوي صوته" الدوي: صوتٌ مرتفع متكرر لا يفهم؛ لأنه في الغالب يكون من بعد "ولا نفقه ما يقول" في بعض الروايات: "نسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول" بـ (النون) في الموضعين، وفي بعضها: "يسمع دوي صوته، ولا يفقه ما يقول" بـ (الياء) في الموضعين، وعلى كل حال الأمر سهل "حتى دنا" يعني من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "فإذا هو -هذا الصوت- فإذا هو يسأل عن الإسلام" يسأل عن الإسلام يعني يسأل عن شرائع الإسلام، هل هو يسأل عن حقيقة الإسلام وتعريف الإسلام؟ لا، يسأل عن شرائع الإسلام بدليل التفصيل.(29/3)
"فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((خمس صلوات في اليوم والليلة)) يعني المطلوب منك خمس صلوات في اليوم والليلة "قال: هل علي غيرهن؟ قال: ((لا، إلا أن تطوع)) " يعني لا يجب في اليوم والليلة إلا خمس صلوات، وبهذا يستدل من يقول بعدم وجوب صلاة غير هذه الصلوات الخمس، فماذا عن صلاة العيد؟ ماذا عن صلاة الكسوف؟ ماذا عن صلاة الجنازة؟ الصلوات كثيرة، صلاة الوتر قيل بوجوبها، وحينئذٍ يحمل هذا الحديث على أن الصلاة الثابتة الدائمة المتكررة في كل يوم خمس صلوات، ولا يمنع أن يزاد على هذه الخمس شيء غير ثابت ولا متكرر، أو يزاد عليها من الواجب ما لا يكون وجوبه كوجوب هذه الصلوات الخمس، خمس صلوات في اليوم والليلة وجوبها على سبيل الفرض والتأكيد بخلاف ما يجب من الصلوات غير الخمس عند من يقول بالوجوب، قال الحنفية بوجوب الوتر ووجوب صلاة العيد، وقال بعضهم بوجوب صلاة الكسوف للأمر بها، وصلاة الجنازة معروفة واجب على الكفاية عند عامة أهل العلم.
"قال: هل علي غيرهن؟ قال: ((لا، إلا أن تطوع)) إلا أن تطوع استثناء منقطع وإلا متصل؟ ما معنى الاستثناء المتصل والمنقطع؟ المتصل من جنس المستثنى به، والمنقطع من غير جنسه، كما تقول: قام القوم إلا زيداً هذا متصل، وقام القوم إلا حماراً منقطع، هنا ((لا، إلا أن تطوع)) استثناء متصل وإلا منقطع؟ هل التطوع من جنس ما أوجب الله على المسلم في اليوم والليلة؟ إذاً الاستثناء؟ منقطع، بعضهم يقول: هو استثناء متصل، الخمس مكتوبة مفروضة، وما عداها تطوع فكيف نقول: واجب من أجل أن يكون الاستثناء متصل؟ بعضهم قال هذا، قال: إن الاستثناء متصل "قال: ((لا، إلا أن تطوع)) أصلها تتطوع، قال بعضهم: الاستثناء متصل، وهذا التطوع واجب؛ لأنه استثني من الواجب، ومتى يجب من التطوع؟ بالشروع، بمعنى أنه إذا شرع في نافلة لزمه إتمامها، إذا دخل في نافلة تطوع لزمه إتمامها، فيكون في الأصل تطوع لكنه إذا شرع فيه وجب عليه، ولا يجوز له حينئذٍ الخروج منه إلا بعذر، فيكون هذا التطوع واجباً بالشروع، وعلى هذا يكون الاستثناء متصلاً.(29/4)
الشروع في غير الحج والعمرة للأمر بإتمامهما هل هو ملزم أو غير ملزم؟ هل كل العبادات يمكن أن يقال فيها: المتطوع أمير نفسه، إن شاء أتم وإن شاء انصرف، جاء في الصوم ما يدل على ذلك، جاء في الصيام ما يدل على ذلك، لكن الصلاة شرع في صلاة نافلة ثم قال تذكر شيء ليس بذي بال، قال: الصلاة لاحقين بعدين، نصلي بعدين وقطعها، جاء النهي عن إبطال العمل {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [(33) سورة محمد] فهل هذا يتناول ما هو في أصله تطوع أو نقول: إنه ما دام شرع في العبادة لا يجوز له أن يبطلها، وحينئذٍ يكون التطوع هذا واجب بالشروع ويشمل جميع العبادات، أما الصيام فجاء فيه ما يدل على أنه يجوز قطعه.
طالب:. . . . . . . . .
تغيير النية في إيش؟ ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) هذا الأصل ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) لكن أهل العلم يقولون: إذا قلب المنفرد فرضه نفلاً في وقته المتسع يجوز، يجوز إذا كان هناك غرض صحيح، كبر فاتته الصلاة فكبر منفرداً، ثم سمع أحد دخل المسجد فأراد أن يصلي معه جماعة قلبها إلى نفل وصلى معه؛ لأنه لو صلاها منفرداً صارت هي الفريضة والجماعة نافلة، على هذا القول: كل ما تشرع فيه من نوافل يجب عليك إتمامها على هذا الكلام، لكن القاعدة عند أهل العلم أن المتطوع أمير نفسه، ولا يلزم إلا بالحج والعمرة التي جاء الأمر بإتمامهما.
طالب:. . . . . . . . .
حتى الصلاة هو في نفل.
طالب:. . . . . . . . .
هذا إذا قلنا: إن النوافل كلها تلزم بالشروع صار متصل، استثنى واجب من واجب، وإذا قلنا: إنها لا تلزم هذه النوافل بالشروع قلنا: الاستثناء منقطع.
طالب:. . . . . . . . .
هو الاستدلال باللفظ تَطَوع أو تطَّوع على أن الاستثناء منقطع، هو الاستدلال به على أن الاستثناء منقطع.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لا أزيد عليه فلا أشرع فألزم به، ما يزال يعني الإشكال قائم، لكن واضح من لفظ التطوع أنه يختلف عن الواجب.(29/5)
"قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((وصيام شهر رمضان)) قال: هل علي غيره؟ قال: ((لا، إلا أن تطوع)) مثله، وعلى هذا لا يجب من الصيام غير رمضان، نعم ما يجب لعارض مما يوجبه الإنسان على نفسه بنذر أو ارتكاب ما يوجب كفارة بالصيام هذا أمره يختلف عما وجب في أصل الشرع "وذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الزكاة فقال: هل علي غيرها؟ قال: ((لا، إلا أن تطوع)) نظير ذلك، وبقي الحج لم يذكر، لما لم يذكر الحج؟ لم يفرض بعد، وعلى القول بأنه فرض يجيب بعضهم بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- عرف من حاله أنه غير مستطيع.
"قال: فأدبر الرجل وهو يقول: "والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه" هذا رجلٌ مقتصد، والمقتصد من يفعل الواجبات ويترك المحرمات ولا يتطوع بقدرٍ زائد على الواجبات، هذا يسمى إيش؟ مقتصد، ويقابله السابق السابق: وهو الذي يزيد على الواجبات النوافل، ويزيد على ترك المحرمات المكروهات، هذا سابق، ودونهما الظالم لنفسه الذي قد يترك بعض الواجبات ويفعل بعض المحظورات، وهو في دائرة الإسلام، وهذا الخلل قابل للغفران، والثلاثة الأقسام كلهم من المصطفين، كلهم من المصطفين {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ} [(32) سورة فاطر] ومنهم ومنهم، كلهم من المصطفين، يعني حتى الظالم لنفسه مصطفى؛ لأن مآله إلى الجنة، وهؤلاء المصطفون الأصناف الثلاثة جزاؤهم إيش؟ كمِّل {جَنَّاتُ عَدْنٍ} [(33) سورة فاطر] لا سورة فاطر {مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ} [(33) سورة فاطر] إذا كان هؤلاء الأصناف الثلاثة بما فيهم الظالم لنفسه يحلون بالذهب، فجنات الفضة لمن؟ ما فيه جنات من ذهب وجنات من فضة؟ لمن جنات الفضة؟ أو أن الحلية غير بناء الجنة؟
إيه، ابن القيم -رحمه الله- له كلامٌ طويل في هذه المسألة ينبغي مراجعته في: (طريق الهجرتين) وهو كتابٌ نفيس لا يستغني طالب علم عن مطالعته ومراجعته وإدامة النظر فيه، في كلامٍ طويل له حول هذا.
طالب:. . . . . . . . .
مطبوع، طبعة منير فاخرة.
طالب:. . . . . . . . .(29/6)
لا فاخرة طبعة منير، طبعة منير، تعرف منير؟ الطبعة السلفية أيضاً طيبة، الطبعة السلفية لطريق الهجرتين جيدة، لكن المسألة يبقى مسألة الذوق في اختيار الكتب مسألة ثانية.
"فأدبر الرجل وهو يقول: "والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه" فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أفلح الرجل إن صدق)) " هكذا في الموطأ وفي البخاري أيضاً، وفي مسلم وقع عند مسلم: ((أفلح –وأبيه- إن صدق)) الفلاح: البقاء، والمراد به في الشرع: البقاء في الجنة؛ لأنه هو البقاء الدائم في الخير الدائم، ومن معاني الفلاح الفوز والسعادة، ولا شك أن من فعل ما أمر به، وترك ما نهي عنه فإنه مفلح، يعني فائز وباقٍ في النعيم الدائم -إن شاء الله تعالى-.
((أفلح الرجل إن صدق)) وقع عند مسلم: ((أفلح –وأبيه- إن صدق)) أو ((دخل الجنة –وأبيه- إن صدق)) هل نستطيع أن نقول: إن الواو عاطفة؟ هي قسم بلا شك، هي قسمٌ بلا شك، أجيب عن هذا بأن مثل هذا القسم إنما وقع قبل النهي عن الحلف بالآباء، الحلف بغير الله، وأن ((من حلف بغير الله فقد أشرك)) في رواية: ((كفر وأشرك)) المقصود أن هذا أمرٌ عظيم الحلف بغير الله -عز وجل-، فهذا كان قبل النهي عن الحلف بالآباء، أو أنها كما يقول بعض الشراح كلمة تجري على اللسان ولا يراد معناها، لا يراد بها التعظيم، لكن هذا الجواب ضعيف؛ لأن كل من حلف بغير الله قال: إنه يجري على لسانه ولا يتسنى لأحدٍ الإنكار؛ لأنه يجري على اللسان والذي في القلوب في القلوب.
حكى السهيلي عن بعض مشايخه أن ((وأبيه)) تصحيف أصلها: "والله"، "أفلح والله إن صدق" فقصرت اللامان فتصحفت الكلمة؛ لأن الكتابة قريبة وأبيه قريبة من والله، إلا أن أبيه كلمة قصيرة اللام أطول من ضرس أو سنة الباء والياء، فصرت اللامان فتصورت هكذا.
طيب لفظ الجلالة ما تحته نقط وأبيه تحتها ثلاث نقط.
طالب:. . . . . . . . .
نعم قبل النقط، هذا قبل النقط.(29/7)
المقصود أن الذي نهى عن الحلف بالآباء ((لا تحلفوا بآبائكم)) يخالف نهيه، المشرّع ينبغي أن يكون هو القدوة هو الأسوة، فكيف يقال لما حرم الربا وعصم الدماء في حجة الوداع قال -عليه الصلاة والسلام-: ((وأول رباً أضعه ربا العباس)) ربانا، ربا العباس بهذا تكون القدوة، أما ينهى ويكون ما في تعظيم ليس له نفاذ.
طالب:. . . . . . . . .
يقال بالنسخ؛ لأن هذا حكم من الأحكام ينسخ، هو حكم وإن كان متصل بالعقيدة، يعني مثل ما قيل في العطف، قال: بئس الخطيب .. ، ومن يعصهما، يعني جمع ضمير النبي -عليه الصلاة والسلام- قيل: إن هذا خاصٌ به -عليه الصلاة والسلام-، لكن مثل هذا ما .. ، النبي -عليه الصلاة والسلام- أولى الناس بالابتعاد عن مثل هذه الألفاظ الموهمة، على كل حال عندنا نصٌ محكم وهو النهي عن الحلف بالآباء، نصٌ محكم، والاحتمال قائم أن هذا قبل النهي.
يقول: "وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يعقد الشيطان)) يعقد الشيطان، الشيطان جنس يشمل الشيطان الأكبر الذي هو إبليس، ويحتمل أنه من الشياطين غير إبليس من جنود إبليس، نسأل الله العافية ((يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم)) أي مؤخر عنقه، وقافية كل شيء مؤخره، ومنه قافية القصيدة آخرها ((أحدكم)) أحدكم: عموم المخاطبين من الصحابة فمن جاء بعدهم ممن يمكن أن يوجه إليه الخطاب فهو شامل، وهو من العام؛ لأنه مفرد مضاف، عام، لكن يراد به الخصوص، فيخص منه الأنبياء، يخص منه من يتناوله قوله -جل وعلا-: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [(42) سورة الحجر] يخص منه أيضاً من قرأ آية الكرسي، من قرأ آية الكرسي لا يقربه شيطان ((إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب مكان كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد)) يضرب بيده على العقدة تأكيداً وإحكاماً ((يضرب مكان كل عقدة)) إذا عقد انتهى ضرب العقدة من أجل إيش؟ أن تتأكد ((عليك ليلٌ طويل)) وكل إنسان إذا انتبه في أثناء الليل لا سيما مع برودة الجو أو الحرارة وقصر الليل يكاد أن يسمع بهذا الكلام، يكاد أن يسمع مثل هذا الكلام، تونا، باقي، عليك ليلٌ طويل، ولو لم يكن طويلاً لو بقي ... نعم؟(29/8)
طالب:. . . . . . . . .
إيه بعد الأذان أو بقي شيء يسير بحيث لا يدرك إلا شيء يسير من الوتر ويقول: تونا، عليك ليلٌ طويل، واللذة فيما بقي من الوقت ولو كان يسيراً أعظم من كل ما مضى، يعني إذا انتبه الإنسان وباقٍ على الوقت نصف ساعة، هذه النصف الساعة هذه هي اللذة والمتعة، والله المستعان، بينما لذة تجار الآخرة بخلاف ذلك، والله المستعان ((عليك ليلٌ طويل فارقد، فإن استيقظ)) خالف هذا الأمر ((استيقظ فذكر الله انحلت عقدة)) واحدة من الثلاث ((فإن توضأ انحلت عقدة -الثانية- فإن صلى انحلت عقده)) بلفظ الجمع، أو انحلت عقدة وهي الثالثة، وتكون العقد انتهت، فإذا صلى انحلت العقد الثلاث، وإن كانت الأولى والثانية قد انحلتا قبل ذلك لكن بقيت الثلاث انحلت ((فأصبح نشيطاً طيب النفس)) مسروراً بما وفقه الله -جل وعلا- له من الطاعة ((طيب النفس)) يقول ابن حجر: "والذي يظهر أن في صلاة الليل سراً في طيب النفس" أن في صلاة الليل سراً في طيب النفس "وإن لم يستحضر الإنسان –المصلي- الثواب" سر مودع في صلاة الليل، كما قال بعضهم أنها علاجٌ مجرب لبعض الأمراض المستعصية صلاة الليل ((وإلا أصبح خبيث النفس كسلان)) لترك ما طلب منه من فعل الخير ((خبيث النفس)) وقد جاء النهي عن قول الإنسان خبثت نفسي، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يخبر عن هذا الشخص أنه خبيث النفس، وفرقٌ بين أن ينسب الإنسان الخبث لنفسه، والخبث: فساد الدين، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يصف بذلك من هذه حاله للتنفير، للتنفير من هذا العمل.
البخاري -رحمه الله تعالى- خرج الحديث من طريق عبد الله بن يوسف في كتاب التهجد: "باب: عقد الشيطان على قافية الرأس إذا لم يصلِّ بالليل" فيها إشكال الترجمة وإلا ما فيها إشكال؟ يعني هل العقد عقد الشيطان على قافية الرأس خاص بالذي لم يصلِّ أو عام للجميع ومن قام وتوضأ انحلت عقدة، ومن ذكر الله انحلت عقدة، ومن توضأ انحلت عقدة، ومن صلى انحلت العقد؟ يعني هل هو خاصٌ بمن لم يصلِّ بالليل؟(29/9)
يقول: "باب: عقد الشيطان على قافية الرأس إذا لم يصلِّ بالليل" هو الإشكال في كون البخاري ربط عقد الشيطان على قافية الرأس بعدم الصلاة، مفهومه أن الذي يصلي بالليل لا يعقد عليه الشيطان أصلاً، ما هو مفهوم الحديث أن كل نائم يعقد على قافيته؛ لأن أحدكم مفرد مضاف يفيد العموم إلا ما استثني، يعقد على الجميع، لكن استمرار هذه العقد لمن لم يصلِّ، لكن من قام فذكر الله انحلت عقدة، من توضأ انحلت عقدة، صلى انحلت العقد، فدل على أن الشيطان يعقد على الجميع من يصلِّ ومن لم يصلِّ، لكن الفرق بينهما أن الذي يصلي تنحل العقد، والذي لا يصلي لا تنحل العقد.
قال ابن التين وغيره: قوله: إذا لم يصل مخالفٌ لظاهر حديث الباب؛ لأنه دالٌ على أنه يعقد على رأس من صلى ومن لم يصلِّ؛ لأنه دالٌ على أنه يعقد على رأس من صلى ومن لم يصلِّ، لكن من صلى تنحل عقده بخلاف من لم يصل.
وأجاب ابن رشيد: بأن مراد البخاري: باب بقاء عقد الشيطان بالنسبة لمن لم يصلِّ، ابن رشيد السبتي الفهري له عناية بتراجم البخاري، وكتابه من أنفع ما كتب في بيان التراجم، والكتاب ناقص ما كمُل، لكنه لو كمل لأغنى عن غيره، أشار إليه ابن حجر ونقل منه كثيراً، مراده مراد البخاري بـ (باب: بقاء عقد الشيطان) لأن البقاء بالنسبة لمن لم يصلِّ ظاهر، لكن من قام وذكر الله وتوضأ وصلى انتهت العقد، لكنه يعقد عليه قبل ذلك.
طالب:. . . . . . . . .
لكنه يبقى خبيث النفس، الشخص الذي ينام إلى طلوع الصبح هذا جاء وصفه بأنه بال الشيطان في أذنه.
طالب:. . . . . . . . .
هو تظن أن هذه العقد أثرها أثر المحرمات؟ بدليل أنه استيقظ فذكر الله، الذكر واجب؟ ذكر الله واجب؟ ليس بواجب، انحلت عقدة، فدل على أن هذه العقد تنحل بالتطوع بما فيها الذكر، والوضوء للتطوع، وتنحل كلها بالتطوع، الكلام إلى أن يصبح، يصبح خبيث النفس لكن إذا صلى الصبح مع الجماعة، وقدم انتهت يا أخي، إذا قرأ آية الكرسي طرد الشيطان، لأنه إذا أصبح طلع عليه الصبح، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(29/10)
صلى أول الليل؟ قلنا: إنه إذا قرأ آية الكرسي لا يقربه شيطان، ومن صلى أول الليل وهذا صنيع الخليفة الصديق يكفيه -إن شاء الله-، لكن هذا مفاده الحث على قيام الليل الحث على قيام الليل، لا أن مثل هذا الفعل محرم.
طالب:. . . . . . . . .
لا يقربه شيطان هذه أسباب، هذه أسباب، والأسباب تترتب عليها آثارها إذا انتفت الموانع، لكن قد يوجد مانع أيضاً من قبول هذه الأسباب، فلا تترتب عليها آثارها.
طالب:. . . . . . . . .
أصبح خبيث النفس هذا قبل الصلاة، قبل صلاة الصبح، يعني دخل في الصباح طلع الصبح عليه، لا أصبح يعني دخل في الصباح طلوع الفجر ....(29/11)
الموطأ - كتاب العيدين (1)
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
كتاب العيدين: باب العمل في غسل العيدين، والنداء فيهما، والإقامة:
حدثني يحيى عن مالك أنه سمع غير واحد من علمائهم يقول: لم يكن في عيد الفطر، ولا في الأضحى نداء ولا إقامة منذ زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليوم، قال مالك: وتلك السنة التي لا اختلاف فيها عندنا.
وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب العيدين: العيدين: تثنية عيد، والعيد مشتقٌ من العود، سمي بذلك لتكرره في كل عام، أو عود السرور بعوده، أو لكثرة عوائد الله -جل وعلا- على عباده فيه، وجمعه: أعياد، العيد: أصله من العود، فهو واوي، أصله الواو، وجمعه: أعياد، والأصل أنه واوي، فيجمع على أعواد، فالتزمت الياء للزومها في المفرد، ومنهم من يقول: أنه جمع على أعياده للفرق بينه وبين أعواد الخشب.
باب العمل في غسل العيدين، والنداء فيهما، والإقامة: باب العمل في غسل العيدين، والنداء اللي هو الأذان والإقامة فيهما.
يقول: حدثني يحيى عن مالك أنه سمع غير واحد من علمائهم، الإمام مالك -رحمه الله- لم يسند الخبر إلى معين؛ لكنه أسنده إلى جمع، ووصفهم بالعلماء، وهذا عنده أقوى من الإسناد إلى الواحد؛ لأنه حتى لو أسنده إلى جمع من غير توثيق، أسند الخبر إلى جمعٍ من المجاهيل من غير توثيق ولا تسمية، هؤلاء جمع يشد بعضهم بعض، فكيف إذا كان الإسناد من مالك وهو من أهل التحري والتثبت، ووصفهم بكونهم علماء، ولذا مثل هذا الأٍسلوب عند الإمام مالك أقوى من مجرد الإسناد إلى واحد، قاله الباجي في شرحه.
يقول: لم يكن في عيد الفطر ولا في الأضحى نداء في الأذان ولا إقامة، منذ زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليوم، بل مجرد ما يدخل الإمام يكبر من غير تقدم أذان ولا إقامة.(30/1)
في البخاري عن ابن عباس وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهم- قالا: "لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى" ما فيهما أذان، وعند مسلم من حديث جابر: "فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة" وعنده أيضاً عن جابر قال: "لا أذان للصلاة يوم العيد ولا إقامة ولا شيء" وبهذا يعلم أن النداء للعيد بدعة بأي لفظٍ كان، سواءٌ قيل: الله أكبر الله أكبر الأذان المعروف، أو ببعض جمله أو الصلاة جامعة، أو صلاة العيد، كل هذا من المبتدعات من المحدثات؛ لكن إذا احتمل أن هناك من يرقد عن هذه الصلاة، ولا يسمع تكبير الإمام فنبه من غير موقع المؤذن، ولا من قبل المؤذن، نبه الناس بعضهم بعضاً، الأمر فيه سعة؛ لكن من محل الأذان المرتب المشروع ينادى لصلاة العيد أو لصلاة الجنازة هذه من المحدثات.
الشيخ ابن باز -رحمه الله- في تعليقه على فتح الباري لما ذكر البخاري الأحاديث التي تدل على أنه ليس لها أذان ولا إقامة، قال: وبهذا يعلم أن النداء للعيد بدعة بأي لفظٍ كان.
الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- يقول: "أحب أن يقول: الصلاة فقط، أو الصلاة جامعة، فإن قال: "هلموا إلى الصلاة لم أكرهه"، فإن قال: حي على الصلاة أو غيرها من ألفاظ الأذان كرهتُ له ذلك"، يعني لا ينادي لها بألفاظ الأذان المعروف.
يقول الإمام مالك -رحمه الله تعالى-: "وتلك السنة التي لا اختلاف فيها عندنا -يعني في المدينة-، قال الباجي: ولا خلاف فيه بين خلفاء الأمصار، أن صلاة العيد ليس لها نداء.
واختلف في أول من أحدث الأذان للعيد، فروى ابن أبي شيبة بسند صحيح عن سعيد بن المسيب أنه معاوية، وقيل: الحجاج، وقيل: زياد بالبصرة، وقيل: مروان، وقيل: ابن الزبير، وعلى كل حال إذا لم يثبت مثله عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا عن خلفائه الراشدين المهديين فإنه بدعة ممن جاء به، ولو عمله الصحابي إذا لم يوافق عليه.(30/2)
قال: وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى، تابع مالك على روايته عن نافع موسى بن عقبة، وروى أيوب عن نافع: ما رأيتُ ابن عمر اغتسل للعيد قط، هنا يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى، روى أيوب عن نافع: ما رأيتُ ابن عمر -كلاهما عن نافع- ما رأيتُ ابن عمر اغتسل للعيد قط، كان يبيت بالمسجد ليلةَ الفطر، ثم يغدو منه إذا أصبح إلى المصلى، يعني من معتكفه إلى المصلى، بثياب اعتكافه، وهذا يختاره بعض الفقهاء، الحنابلة يختارون مثل هذا، أن الإنسان يبيت ليلة العيد، والفقهاء أيضاً يستحبون إحياء ليلة العيد بخبرٍ ضعيف ورد في ذلك، فإذا أحيا ليلة العيد ومكث في الليلة، وخرج من معتكفه إلى المصلى لا يغتسل، بل يصلي العيد بثياب اعتكافه، هذا عندهم.
ما رأيتُ ابن عمر اغتسل للعيد قط، كان يبيت في المسجد ليلة الفطر، ثم يغدو منه إذا أصبح إلى المصلى، يمكن حمل هذا على ما إذا اعتكف، ورواية مالك محمولة على إذا لم يعتكف، إن اعكتف بات ليلة العيد في المسجد وخرج إلى المسجد من غير اغتسال بثياب اعتكافه، وإذا لم يعتكف وبات في بيته اغتسل ولبس أحسن ثيابه، وتنظف وتطيب، وخرج إلى المصلى، وهذه هي السنة، وهذا مطلوبٌ للجمعة، والاجتماع للعيد أكبر من الاجتماع للجمعة.
باب الأمر بالصلاة قبل الخطبة في العيدين:
حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي يوم الفطر ويوم الأضحى قبل الخطبة.
وحدثني عن مالك أنه بلغه: أن أبا بكر وعمر -رضي الله عنهما- كانا يفعلان ذلك.(30/3)
وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال: شهدت العيد مع عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- فصلى ثم انصرف فخطب الناس، فقال: إن هذين يومان نهي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صيامهما يوم فطركم من صيامكم، والآخر يوم تأكلون فيه من نسككم، قال أبو عبيد: ثم شهدت العيد مع عثمان بن عفان -رضي الله عنه- فجاء فصلي، ثم انصرف فخطب، وقال: إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان، فمن أحب من أهل العالية أن ينتظر الجمعة فلينتظرها، ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له، قال أبو عبيد: ثم شهدت العيد مع علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- وعثمان محصور فجاء فصلى، ثم انصرف فخطب.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب الأمر بالصلاة قبل الخطبة في العيدين:
حدثني يحيى عن مالك عن شهاب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي يوم الفطر ويوم الأضحى قبل الخطبة، النبي -عليه الصلاة والسلام- خرج لصلاة العيد فصلى ركعتين، ثم خطب، أول ما بدأ به الخطبة.
عن ابن شهاب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا مرسل، وهو متصل من وجوه صحاح في الصحيحين وغيرهما.
قال: وحدثني عن مالك أنه بلغه أن أبا بكر وعمر كانا يفعلان ذلك، يدل على الاستمرار، استمرار العمل بعده -عليه الصلاة والسلام-؛ لئلا يدعى النسخ.(30/4)
في الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس قال: شهدتُ العيد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يصلون قبل الخطبة، واختلف في أول من غير ذلك، يعني من خطب قبل الصلاة، ففي مسلم عن طارق بن شهاب أن أول من بدأ بالخطبة قبل الصلاة مروان، وأنكر عليه، أنكر عليه من قبل بعض الصحابة، وهو على المنبر، القاعدة المقررة: أن المنكر لا بد من إنكاره؛ لكن أيضاً مقرر عند أهل العلم أنه إذا ترتب على هذا الإنكار منكر أعظم منه فلا، المقرر عند أهل العلم ارتكاب أخف الضررين، معروف مقرر في الشرع، فإذا ترتب على هذا الإنكار منكر أعظم منه يترك ويعدل عنه، وإلا ففي حديث أبي عبادة بن الصامت: بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، على أن نقوم بالحق لا نخاف في الله لومةَ لائم" لكن متى؟ هذا إذا خشيت مفسدة، أما إذا ترتب على ذلك مفسدة فلا، أنكر أبو سعيد ولم ينكر أبو هريرة، دخل أبو هريرة ومعه مروان وجلس في المقبرة، فجاء أبو سعيد وشال مروان بيديه: قم، وفيه النهي عن الجلوس وأبو هريرة حاضر حتى توضع.
المقصود أن مثل هذه الأمور تقدر بقدرها، مصالح ومفاسد، إن كانت المفاسد أعظم فمعروف المسألة في الشرع، على كل حال هذه أمور معروفة ومبحوثة ومقررة عند أهل العلم، ولا يمكن أن يقدم عالم على أمرٍ يجزم بأنه يترتب عليه ضرر عام، أما ضرر على الشخص نفسه، فهناك ما يسمى بالعزائم والرخص، المسألة معروفة.
اختلف في أول من غير ذلك، ففي مسلم عن طارق بن شهاب: أول من بدأ بالخطبة قبل الصلاة مروان، قال الباجي: "من بدأ بالخطبة قبل الصلاة أعادها بعد الصلاة، فإن لم يفعل فذلك مجزئٌ عنه، وقد أساء، قاله: أشعب".(30/5)
افترضنا شخص في يوم العيد جاء وقدم الخطبة ثم صلى، هل لتقديم الخطبة على الصلاة؟ نعم ينبغي أن يعيد الخطبة لتقع في موقعها؛ لكن لو جاء شخص يوم الجمعة فبدأ بالصلاة ثم خطب، يعيد الصلاة وإلا ما يعيد؟ يعيد الصلاة؛ لأن من شرط صحة صلاة الجمعة تقدم خطبته، بينما الخطبة لصلاة العيد ليس شرطاً لصحتها، ما الداعي لمثل مروان أن يقدم الخطبة على الصلاة؛ لأنهم لحظوا انصراف الناس عن خطبهم، فأرادوا أن يربطوا الناس بالصلاة، ما في أحد يجي مصلى العيد وينصرف بدون صلاة، ومن لازم انتظار الصلاة انتظار الخطبة وسماعها؛ لكن هذا لا يعني أن الإنسان يبتدع بالدين من أجل أن يحقق مصلحة هو يراها، لا، الدين مبني على التوقيف التسليم.
يقول: وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن أبي عبيد سعد بن عبيد الزهري تابعي كبير، مولى عبد الرحمن بن أزهر، قال: شهدتُ صلاة العيد -عيد الأضحى- مع عمر بن الخطاب فصلى قبل أن يخطب، بلا أذان ولا إقامة، ثم انصرف فخطب الناس، فقال: إن هذين -تغليب للحاضر للإشارة- إن هذين يومان، الأصل أن الإشارة تكون إلى موجود، موجود في الأعيان؛ لكن إذا كان أحدهما موجود والآخر مفقود يغلب الموجود وتكون الإشارة إلى غيره إشارة إلى ما في الأذهان لا إلى ما في الأعيان.(30/6)
إن هذين يومان نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صيامهما -والنهي نهي تحريم- يوم فطركم من صيامكم، يوم: خبر مبتدأ محذوف تقديره أحدهما، يوم فطركم من صيامكم، والآخر يوم تأكلون فيه من نسككم، يوم فطركم، أضافه إلى الفطر وأضاف الفطر إليهم يوم فطركم، والثاني تأكلون، يعني أشار إلى العلة في الإفطار، ما دام هذا يوم فطر إذاً لا يجوز صيامه، الثاني يوم أكل، والأكل منافٍ للصيام إذاً لا يجوز صيامه، فأشار بالعبارتين إلى العلة، العلة الموجبة للفطر، والآخر يوم تأكلون فيه من نسككم، وفيه أن الضحايا تسمى نسك، والواحدة: الضحية والنسيكة، وأن الأكل منها مستحب، تطوع، تأكلون، يعني على سبيل الاستحباب عند الجمهور، وإن أوجبه أهل الظاهر، يعني لو أن شخصاً صام يوم عيد الفطر ما صار هناك فرق بين يوم الصيام ويوم الفطر، ما في فرق بين يوم صومكم وبين يوم فطركم، والإشارة بالحديث إلى العلة، ولو شرع في صوم يوم الأضحى لم يكن لمشروعية الذبح في هذا اليوم معنى، في الحديث تحريم صوم يومي العيدين، ويستوي في ذلك المندوب وقضاء الواجب والنذر والكفارة والقضاء وغير ذلك، فهذا محل إجماع، يحرم صوم يومي العيدين، ولا صوم متعة ولا قران، كلها حرام، صوم يوم العيدين.
رخص في صيام أيام التشريق لمن لم يجد الهدي؛ لأنها من أيام العيد، لكن يوم العيد يوم الحج لا يجوز صومه البتة، لا يوم الفطر ولا يوم الأضحى، لا يجوز له بحال أن يصوم في يوم العيدين، ولو عدم ولو صام ظاهراً، لم يجد ما يأكل ولا ما يشرب، لا يجوز له أن ينوي الإمساك، بل يجب عليه أن ينوي الفطر.
طالب:. . . . . . . . .
الحظر مقدم على الإباحة، لو صامها باعتبار أن من قدر على بعض المطلوب يفعله يؤجر عليه، المقصود أنه غير داخل في المنهي عنه، الرابع عشر والخامس عشر غير داخل، يعني لو قضى هذا باعتبار أنه ممنوع من صيامه يرجى، لكنه ليس من البيض.
قال أبو عبيد المذكور، مولى ابن أزهر: ثم شهدت العيد مع عثمان بن عفان فجاء فصلى ثم انصرف فخطب، وقال في خطبته: "إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان"، يقصد الأضحى والفطر؟
طالب:. . . . . . . . .(30/7)
نعم، العيد الحقيقي والجمعة، والجمعة من أعياد المسلمين إلا أنها غير العيدين المقررين في الشرع، الذي أبدلنا الله بهما عن أعياد الجاهلية.
"إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان فمن أحب من أهل العالية" واحدة العوالي: وهي القرى المجتمعة حول المدينة، أبعدها عن المدينة ثمانية أميال، "فمن أحب من أهل العالية أن ينتظر الجمعة" ليصلي الناس، ولا يحمل نفسه المشقة بالذهاب والرجوع فلينتظرها حتى يصليها، "ومن أحب أن يرجع فقد أذنتُ له"، يرجع ولو لم يحضر للجمعة، فيجوز ذلك، وبعضهم كالإمام مالك يخص هذا بمن أذن له الإمام، "ومن أحب أن يرجع فقد أذنتُ له"، يقتصر الحكم على من أذن له الإمام، أما من لم يأذن له الإمام فإنه لا يجوز له أن يترك الجمعة، ولو حضر العيد؛ لكن الجمهور يجيزون لغير الإمام إذا حضر العيد أن لا يحضر الجمعة، بل يصليها ظهراً، وأما القول بأنه لا تلزمه الجمعة ولا الظهر، وأنه يكتفى بالعيد فإنه قولٌ شاذ، لا يعول عليه.
قال أبو عبيد: ثم شهدت العيد مع علي بن أبي طالب وعثمان محصور -رضي الله عنه وأرضاه-، فجاء فصلى ثم انصرف فخطب.
شهدت العيد مع علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وعثمان محصور، جملة حالية، فجاء فصلى، يعني قبل الخطبة، ثم انصرف فخطب، قال أبو عمر: إذا كان من السنة أن تقام صلاة العيد بلا إمام فالجمعة أولى؛ لأنها آكد، الجمعة آكد من العيد، فإذا صاغ أن تقام العيد بدون إمام فالجمعة من باب أولى، إذاً لا يشترط لإقامة صلاة العيد أو الجمعة إذن الإمام، من أين أخذ هذا؟ علي -رضي الله عنه- صلى وعثمان الذي هو الإمام الحقيقي محصور، بهذا قال مالك والشافعي، معروف عند الحنابلة أن الجمعة لها شروط ليس منها إذن الإمام، ومنع ذلك أبو حنيفة، فلا تقام الجمعة عنده إلا بإذن الإمام.(30/8)
وعلى كل حال قول أبي حنيفة من حيث النظر له وجه، يعني لو سمح لأي شخص يقيم الجمعة في أي مكان في أي ... نقول: يترتب عليه بعض الأشياء، بعض المفاسد، فالإمام له أن يتدخل في مثل هذه الأمور؛ لكن ليس له أن يمنع من إقامة الشعائر بحال، له أن ينظم ويرتب ويشرف ويمنع القدر الزائد على الكافي، له ذلك، والعمل على هذا، لا يمكن أن تقام جمعة في مسجد إلا بعد الرفع للجهات المسئولة.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال تعرف أنت الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد، ليسوا ممن يهادنوا الإمام؛ لكن في مثل هذه الظروف، مثل اضطراب الأحوال في بعض الأماكن، وفي بعض الأزمان الناس بحاجة إلى شيء من التنظيم لو تدخل الإمام وعمل بمذهب أبي حنيفة له وجه.
طالب:. . . . . . . . .
نقول: أن الإمام يعني الذي هو الأصل إمام الحي يلزمه تلزمه صلاة الجمعة، المقصود أن الرخصة في هذا للتيسير والتخفيف، فإذا كان يترتب على الصلاة إقامتها في المسجد مشقة على الناس، أو اضطراب وتشويش، مسجد يخطب، ومسجد يصلي الظهر، فتصلى في البيت لا بأس؛ لأن كل هذا مبني على التسهيل والتيسير.
ومنع ذلك أبو حنيفة كالحدود لا يقيمها إلا السلطان، وقد صلى علي -رضي الله عنه- بالناس في حصار عثمان، وصلى أيضاً في حصار عثمان طلحة وأبو أيوب وسهل بن حنيف وأبو أمامة ابنه ابن سهل بن حنيف، المقصود أن هؤلاء صلوا مع وجود الإمام، فلا شك أنه إن أمكن استئذانه فهو الأصل؛ لأنه هو صاحب الشأن، وهو الإمام، الإمامة العظمى، وهو الإمام أيضاً الإمام في إمامة الصلوات؛ لأن الأصل أن من يتولَّ الإمامة هو الذي يتولى إمامة الناس في الصلاة، والذي يخطب، والذي يقيم الجمع والأعياد، ويتصدر الناس في الحج والجهاد وغيره.
طالب:. . . . . . . . .
أهل العالية هم حضروا الآن، ثمانية أميال هل يسمعون النداء؟ ما يسمعون النداء، إذاً لو كانوا باقين في أماكنهم ما لزمهم، ما دام لا يسمعون النداء على أن الجمعة تختلف عن الصلوات العادية، يعني الجمعة فرض مرة في الأسبوع، لو ألزم الناس بحضورها ولو من بعيد، بعد لا يشق على الناس، بخلاف الصلوات الأخرى المربوطة بسماع النداء، كما في حديث ابن أمِّ مكتوم.(30/9)
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب الأمر بالأكل قبل الغدو في العيد:
حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أنه كان يأكل يوم عيد الفطر قبل أن يغدو.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه أخبره: أن الناس كانوا يؤمرون بالأكل يوم الفطر قبل الغدو، قال مالك: ولا أرى ذلك على الناس في الأضحى.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب الأمر بالأكل قبل الغدو في العيد:
قبل الغدو إلى صلاة العيد، وهو الذهاب إليها بالغداة أول النهار.
حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يأكل يوم عيد الفطر قبل أن يغدو، قبل أن يغدو يعني إلى الصلاة، اقتداءً بفعله -صلى الله عليه وسلم-، وقد روى البخاري عن أنس -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهن وتراً" هذا ثابت من فعله -عليه الصلاة والسلام-، وأورده الإمام مالك مقطوعاً، يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يأكل، أيش معنى مقطوع؟ يعني من قول التابعي، فهو مقطوع، وهو ثابت من فعله -عليه الصلاة والسلام-.(30/10)
ثم قال: وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه أخبره أن الناس كانوا يؤمرون، الناس من هم؟ الصحابة، أو من في عهده من الصحابة والتابعين، فيكون الأمر أعم، كانوا يؤمرون بالأكل يوم الفطر قبل الغدو، كانوا يؤمرون، فإذا قال التابعي: كنا نؤمر، أو كان الناس يؤمرون، كانوا يؤمرون بالأكل يوم الفطر قبل الغدو، أولاً: الخبر وهو الفعل ثابت عنه -عليه الصلاة والسلام- من حديث أنس في البخاري، وكفى بهذا حجة في مشروعية الأكل قبل الغدو إلى صلاة العيد يوم الفطر، كانوا يؤمرون بالأكل، كان لا يغدو هذا مجرد فعل منه -عليه الصلاة والسلام-، وهو دالٌ على الاستحباب، وهنا أمر: كانوا يؤمرون بالأكل يوم الفطر، وهو أيضاً أمر استحباب، وإذا قيل: كانوا يؤمرون، أو كنا نؤمر، والقائل هو الصحابي هذا مرفوع؛ لأنه لا ينصرف إلا إلى من له الأمر والنهي وهو النبي -عليه الصلاة والسلام-، أما إذا قاله التابعي فيحتمل أن الآمر غير النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكنه لا ينسبه إلى جيل التابعين، ما قال: كنا نؤمر، قال: كانوا، يعني من تقدموا من سلف، يؤمرون، ويقصد بذلك الصحابة، وحينئذٍ يكون الآمر هو النبي -صلى الله عليه وسلم-.
حتى يأكل تمرات، والاستحباب لأكل التمر في هذا اليوم، فإن وجد التمر وإلا فغيره؛ لأن الأكل مقصود ليختلف يوم الفطر عن يوم الصوم، إن وجد التمر وإلا فغيره، ويفضل أن يكون حلواً كالعسل مثلاً لمشابهته التمر، وإلا فما تيسر، المقصود أنه يحصل ما يخرج به المسلم من مشابهة الصائم؛ لأن هذا يومٌ يحرم صومه، فلئلا يتشبه بالصوام يأكل.(30/11)
كانوا يؤمرون بالأكل يوم الفطر قبل الغدو إلى صلاة العيد؛ لئلا يظن ظانٌ لزوم الصوم حتى يصلي العيد، وكأنه أريد بذلك سد الذريعة، وعدم مشابهة الصوام، قال مالك: ولا أرى ذلك على الناس في الأضحى، عيد الفطر يسبقه الصيام، يسبقه صيام رمضان، وعيد الأضحى؟ إذاً هو الحكم واحد؟ ليس الحكم واحداً، يقول: ولا أرى ذلك على الناس في الأضحى -عند المالكية- بل إن شاء فعل، وإن شاء ترك في الأضحى، إن شاء أكل قبل العيد، وإن شاء ترك، وقال غيرهم غير المالكية يرون أنه يستحب أن لا يأكل يوم الأضحى، حتى يأكل من أضحيته، لما روى الترمذي والحاكم عن بريدة قال: "كان -صلى الله عليه وسلم- لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي" يعني وينحر، "كان -صلى الله عليه وسلم- لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي" فيكون أول ما يأكل من أضحيته.
يقول: ما حكم تناول القهوة مع التمر قبل الذهاب إلى صلاة العيد؟
المعول عليه التمر، ثم إن أتبعه بغيره من قهوة أو ماء أو ما أشبه ذلك فلا بأس، حديث أنس عند البخاري ((ويأكلهن وتراً)).
طالب:. . . . . . . . .
السبع جاء الترغيب فيها وأنها ((من تصبح بسبع تمرات)) فالنصوص مجتمعة تدل على أن السبع لها شأن، يعني إذا نظرنا إلى النصوص مجتمعة قلنا: أن الشرع يفضل السبع حتى في غير الصبح، يعني لو إنسان بيجدع الظهر مثلاً، وآثر السبع لأنها جاءت على لسان الشرع كان. . . . . . . . .
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟ أو لا يوجد تمر، لا يكلفون، لكن قلنا: إن لم يوجد التمر فغيره، ويفضل أن يكون حلو؛ لأن الحلو على خلو المعدة طيب، لذا جاء تفضيل الفطور بعد الصيام على التمر.
فطور التمر سنة
رسول الله سنَّه
فاز بالأجر من يحلي منه سنة.
طالب:. . . . . . . . .
المقطوع غير المنقطع، عن هشام بن عروة عن أبيه،
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، الموقوف على الصحابي يسمى موقوف، الموقوف على التابعي يسمى مقطوع؛ لكن إذا أضيف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو مرفوع سواء كان بسند متصل أو منقطع
طالب:. . . . . . . . .
عروة، هشام بن عروة عن أبيه، يعني عن عروة، وهو من فعل عروة، وعروة تابعي.(30/12)
باب ما جاء في التكبير والقراءة في صلاة العيدين:
حدثني يحيى عن مالك عن ضمرة بن سعيد المازني عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- سأل أبا واقد الليثي -رضي الله تعالى عنه- ما كان يقرأ به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الأضحى والفطر، فقال: كان يقرأ بـ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} [(1) سورة ق] و {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ} [(1) سورة القمر].
وحدثني عن مالك عن نافع مولى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: شهدت الأضحى والفطر مع أبي هريرة -رضي الله عنه- فكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة، وفي الآخرة خمس تكبيرات قبل القراءة، قال مالك -رحمه الله-: وهو الأمر عندنا قال مالك -رحمه الله-: في رجل وجد الناس قد انصرفوا من الصلاة يوم العيد إنه لا يرى عليه صلاة في المصلى، ولا في بيته، وإنه إن صلى في المصلى أو في بيته لم أرَ بذلك بأساً، ويكبر سبعاً في الأولى قبل القراءة، وخمساً في الثانية قبل القراءة.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب ما جاء بالتكبير والقراءة في صلاة العيدين:
التكبير يسن في ليلتي العيدين، ويستمر بالنسبة للفطر من غروب الشمس ليلة العيد {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [(185) سورة البقرة] وهذا من شكر نعمة إتمام الصيام، ويستمر التكبير إلى صلاة العيد، هذا التكبير ليلة العيد ويوم العيد إلى الصلاة، وهذا غير التكبير في الصلاة، هذا بالنسبة لعيد الفطر.
عيد الأضحى التكبير يبدأ من دخول العشر، ويستمر إلى نهاية أيام التشريق؛ لأنها أيام بهيمة الأنعام، العشر أيام وعرضها في الأسواق وبيعها وشرائها، وأيام العيد والتشريق أيام النحر والأكل فيشرع فيها التكبير.(30/13)
التكبير في صلاة العيد جاء في حديث ابن عمر وغيره، والقراءة جاءت في الحديث الأول، هذا ثابت عن الصحابة، مأثور عن سلف هذه الأمة، التكبير المطلق الذي يبدأ من دخول العشر إلى نهاية أيام التشريق، هذا غير مقيد بوقت معين، والتكبير المقيد الذي يبدأ من فجر يوم عرفة، هذا ثابت عن بعض الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمة، حتى بالغ بعضهم مثل الحسن البصري -رحمه الله- يرى أن المسبوق يكبر مع الإمام بعد السلام، ثم يقضي ما فاته، محافظاً على ما فات من هذه السنة المأثورة، على كل حال ما دام ثبتت عن سلف هذه الأمة فلا كلام فيها، من فجر يوم عرفة إلى عصر أيام التشريق، هذا غير الحاج، أما الحاج فمن ظهر يوم النحر عند أهل العلم.
يقول: حدثني يحيى عن مالك عن ضمرة بن سعيد المازني، ثقة مخرج له في صحيح مسلم، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أحد الفقهاء السبعة.
فخذهم عبيد الله -هذا أولهم-
فخذهم عبيد الله عروة قاسم ... سعيد أبو بكر سليمان خارجة
هذا أحد الفقهاء السبعة، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي، عبيد الله بن عبد الله لم يدرك عمر، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن عمر بن الخطاب، عبيد الله لم يدرك عمر لكنه أدرك أبا واقد، ولذا خرجه مسلم من طريق ضمرة عن عبيد الله عن أبي واقد قال: سألني عمر، بما يحكم على رواية مالك وعلى رواية مسلم، رواية مالك متصلة وإلا منقطعة؟
طالب:. . . . . . . . .(30/14)
لماذا؟ هو لو رواها عن عمر قلنا: له شأنٌ ثاني؛ لكن هو يحكي قصة لم يشهدها، عبيد الله يحكي قصة لم يشهدها، فهي منقطعة، وفي رواية مسلم متصلة يروي عن صاحب القصة، رواية مالك منقطعة، ورواية مسلم متصلة، هل مرد الاتصال والانقطاع أن الصيغة في رواية مالك "أنّ" والصيغة في رواية مسلم "عن"؟ ابن الصلاح نقل عن الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة أنهما يفرقان بين هاتين الصيغتين، فيقولان: "عن" متصلة، و"أنّ" منقطعة باطراد، ويأتي بمثالٍ نظير ما عندنا، الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة حكما على حديثٍ من طريق محمد بن الحنفية أن عماراً مرَّ به النبي -صلى الله عليه وسلم-، قالا: هذه منقطعة، وحكما على الحديث من طريق أخرى عن محمد بن الحنفية عن عمارٍ أنه مرَّ به النبي -عليه الصلاة والسلام-، قالوا: متصلة، وابن الصلاح يرى أن حكم هذين الإمامين سبب اختلاف الحكم هو اختلاف الصيغة، يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى:
. . . . . . . . . ... كذا له ولم يصوب صوبه
يعني ما أدرك السبب الحقيقي للحكم، وهو أنهما حينما حكما بالاتصال حكما على روايةٍ متصلة، يحكيها الراوي عن صاحبها، وحكما على الرواية المنقطعة؛ لأن الراوي يحكي قصةً لم يشهدها لا عن صاحبها، ونظيره ما عندنا، عبيد الله يقول: أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد، هو ما شهد، إذاً القصة منقطعة، في رواية مسلم عن عبيد الله عن أبي واقد، وقد أدرك أبا واقد، قال: سألني عمر فهي متصلة بلا شك، وليس مرد ذلك باختلاف الصيغة، وإنما السبب في حكاية الراوي، فإذا حكى القصة عن صاحبها الذي أدركه فهي متصلة، وإذا حكى قصةً لم يشهدها فهي منقطعة، "كذا له ولم يصوب صوبه" ما أدرك حقيقة الأمر، وعلى هذا.
. . . . . . . . . ... وحكم (أن) حكم (عن) فالجلُّ
سووا وللقطع نحا البرديجي ... حتى يبين الوصل في التخريجِ(30/15)
المقصود أنه لا أثر للصيغة هنا، شوف الآن لو أن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود هنا، أما عن عبيد الله عن أبي واقد قال: سألني عمر، لو قال: عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن أبا واقد سأله عمر، متصل؛ لأنه أدرك أبا واقد، وأخذ عنه، كما لو قال: عن أبي واقد في رواية مسلم لا فرق؛ لكنه يحكي القصة أن عمر سأل أبا واقد، الإسناد إلى شخصٍ لم يدركه، فيحكي عنه قصة؛ لكن لو أسند القصة إلى من أدركه بأي صيغة كانت صارت متصلة.
أيش الفارق بين الشاهد والمتابع؟ نحن نقول: الحديث صحيح؛ لأنه ثبت من طريقٍ متصلة في صحيح مسلم وانتهى الإشكال؛ لأن مالك -رحمه الله- الإرسال والاتصال قريبٌ من السواء عنده.
واحتج مالك كذا النعمانُ ... به وتابعوهما ودانوا
المرسل ما فيه إشكال عنده، ولذلك ما يحرص على الاتصال.
طالب:. . . . . . . . .
هل أورده متصلاً؟ الإمام مالك هل أورده متصل؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، جميع كثيرٍ من المواضع التي مرت بنا تخرج في موطأ مالك مرسلة، ما عنده مشكلة.
طالب:. . . . . . . . .
عموم الرواة يروى عنه الحديث المتصل، ويروى عنه مرسل، مثل هاهنا، أحياناً يرسل الراوي، وأحياناً يصل، وأحياناً يرفع، وأحياناً يقف، تروى الأحاديث من طرق متصلة، ومن طرق مرسلة، ومن طرق مرفوعة، ومن طرق موقوفة، نفس الراوي، الراوي يلاحظ قد يرويه المتصل، ويرويه المنقطع.(30/16)
أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي الحارث بن مالك الليثي ما كان يقرأ به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الأضحى والفطر، فقال: كان يقرأ بـ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} [(1) سورة ق] في الركعة الأولى، و {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ} [(1) سورة القمر] في الركعة الثانية، عمر -رضي الله عنه- وموقعه من النبي -عليه الصلاة والسلام- معروف، وحرصه على الصلاة خلف النبي -عليه الصلاة والسلام- معروف، يسأل أبا واقد، وهو دونه بمراحل، ما قال: أنا أكبر أو أشرف، "لا يتعلم العلم مستحٍ ولا مستكبر"، عمر -رضي الله عنه- يسأل أبا واقد، كلامها من الصحابة؛ لكن أين منزلة أبي واقد من عمر؟ فلا يلزم، ما يلزم أن يكون العلم كله عند الأكابر، بل عند الأصاغر ما لا يوجد عند الأكابر، فيؤخذ منهم.
الشراح يقولون: إن هذا السؤال للاختبار؛ لأنه لا يحفظ أن عمر تخلف عن صلاة العيد في يومٍ من الأيام، أو لكون عمر -رضي الله عنه- نسي ما كان يقرأ به النبي -عليه الصلاة والسلام-، والنسيان وارد، فأراد أن يتذكر، ويبعد أن يكون عمر -رضي الله عنه- لم يعلم ذلك مع كونه ممن حافظ على صلاة العيد مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، النسيان وارد، نسي مع طول العهد، بعد سنين من وفاته -عليه الصلاة والسلام- يسأل أبا واقد؛ لكن مثل هذا الأمر يحتمل النسيان؛ لأنه إذا نسي هذه السنة تجدد في السنة التي تليها، ثم يتجدد ثم يتجدد في كل سنة، نعم، احتمال أن يكون اختبار أبي واقد، هل حافظ وضبط، تعليم إلى الآخرين بأسلوب الحوار، أسلوب السؤال والجواب .. ، هو إذا قلنا: أنه نسي وأراد أن يتذكر، أو شك وأراد أن يتأكد، لا بأس، أو أراد أن يعلم الحاضرين؛ لأن الإنسان قد يسأل عن شيء وهو يعرفه؛ لتعليم الحاضرين، والأصل في هذا حديث جبريل حينما جاء يعلم الصحاب الدين، ولا مانع أن يكون شخص من طلاب العلم الذين يعرفون حكم الإسبال، فإذا وجد في المجلس أحد من أهل العلم، ودخل مسبل يسأل الشيخ يقول له: ما حكم الإسبال، وهل فيها رخصة؟ وهل كذا وكذا؟ من أجل أن يتقرر في ذهن السامع، هذه مسألة حاصلة واقعة.(30/17)
النسيان وارد؛ لكن العيد يتكرر، ما هو شيء يقع مرة واحدة، ثم ينسى، المسألة احتمال، على كل حال الاحتمال قائم، يكون للتعليم أو للاختبار أو نسي أو شك أو أراد أن يتأكد.
وحدثني عن مالك عن نافع مولى بن عبد الله بن عمر قال: شهدتُ الأضحى والفطر مع أبي هريرة، فكبر في الأولى سبع تكبيرات، قبل القراءة، وفي الآخرة خمس تكبيرات، قبل القراءة، هذا موقوف عن أبي هريرة، ولا يمكن أن يكون هذا من جهة الرأي والاجتهاد؛ لأن مثل هذه الأفعال توقيفية، ولا يظن بأبي هريرة أنه ابتدع أمراً لم يؤثره عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.
سبع تكبيرات في الأولى، وست تكبيرات في الثانية، هنا يقول الإمام مالك: وهو الأمرُ عندنا، يعني بالمدينة وقد روى أحمد وأبو داود عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعاً، يعني إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ((التكبير في الفطر سبع في الأولى، وخمسٌ في الآخرة، والقراءة بعدهما كلتيهما)) قال الترمذي في علله: سألتُ محمداً -يعني البخاري عن هذا الحديث- فقال: صحيح.
وعلى كل حال هو من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وصححه البخاري في جوابه للترمذي، صحح ما جاء من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في هذا الحديث، لهذا سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال: صحيح.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، هو معروف من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، هذا رأي من يقول بالتوسط، لكن هناك نص أحمد يصحح، الإمام أحمد يصحح، والبخاري سئل عن هذا الحديث فقال: صحيح.(30/18)
وفي الترمذي أنه -صلى الله عليه وسلم- كبر بعد القراءة، هنا في حديث أبي هريرة قبل القراءة في الأولى، وفي الثانية قبل القراءة، في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: ((والقراءة بعدهما كلتيهما)) فيكون التكبير ثم القراءة في الركعتين، في الترمذي أنه -عليه الصلاة والسلام- كبر بعد القراءة، وبهذا أخذ أبو حنيفة، لا سيما في الركعة الثانية يقول: "ليوالي بين القراءتين" يكبر في الأولى ثم يقرأ، يقرأ في الثانية ثم يكبر "ليوالي بين القراءتين" استناداً إلى هذا الحديث، لكنه حديث موضوع، وهو أسوأ ما روى الترمذي من الأحاديث، التكبير قبل القراءة عند الجمهور عملاً بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وعمل أبي هريرة، والتكبير سبع في الأولى وخمس في الثانية.
سبع بعد تكبيرة الإحرام أو مع تكبيرة الإحرام؟ خمس بعد تكبيرة الانتقال أو مع تكبيرة الانتقال؟ يعني ثمان يصير ثمان.
طالب:. . . . . . . . .
وقت الركوع هذه بعد القراءة، ما لها علاقة. . . . . . . . .
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، انتهينا أن التكبير قبل القراءة، هذا المرجح، سبع وخمس، في الأولى سبع، وفي الثانية خمس، كبير للإحرام كم يكبر بعدها؟ ست، طيب كبر للانتقال في الثانية من السجود إلى القيام كم يكبر أربع وإلا خمس؟ خلونا في مفهوم الحديث: كبر في الأولى سبع وفي الثانية خمس، هل يسوغ لنا أن نقول: سبع بتكبيرة الإحرام فيكون ست والمجموع سبع؟ إذاً ماذا نقول عن الثانية؟ أربع مع تكبيرة الانتقال فيكون المجموع خمس؟ أو خمس دون تكبيرة الانتقال؟ يعني هذه التكبيرات زائدة على ما عرف من الصلاة، إذاً الخبر مؤسس لحكم جديد، قدر زائد على ما في الصلاة، تكبيرة الإحرام، ثم سبع تكبيرات، تكبيرة الانتقال، ثم خمس تكبيرات، هذا ممكن يفهم من الحديث، ولا يبعد أن يفهم هذا.(30/19)
طيب أيش رأيكم بمن يفرق بينهما؟ مالك كبر في الأولى تكبيرة الإحرام وست تكبيرات، ليكون المجموع سبع، وقال الشافعي: سبع سواها، واللفظ يحتمل المذهبين، وأما في الثانية فخمسٌ غير تكبيرة الانتقال، المذهب عند الحنابلة يوافق قول مالك وإلا قول الشافعي؟ قول مالك، سبع مع تكبيرة الإحرام، وخمس بعد تكبيرة الانتقال، وعلى كل حال اللفظ لفظ الخبر يحتمل المعنيين.
طيب ما مذهب أبي حنيفة؟ سبع مع تكبيرة الإحرام وإلا خمس؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هم عندهم "ليوالي بين القراءتين" يكبر قبل القراءة ويقرأ قبل التكبيرة الثانية، والمعروف عندهم أن التكبيرات ثلاث ما هي سبع، فالمخالفة من وجوه،
طالب:. . . . . . . . .
يعني مرة يفعل كذا، ومرة يفعل كذا، يصير تنوع، لو جاء حديث يدل على هذا، وآخر يدل على هذا قلنا: تنوع.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن لا بد من ترجيح، الحق واحد، الحق لا يتعدد.
طالب:. . . . . . . . .
المالكية والحنابلة عندهم ست ومختلفين بين السبع والخمس؛ لأن اللفظ يحتمل، قد يقول قائل: إذا قلنا: ست في الأولى لماذا لا نقول: أربع ليطرد المذهب؟ لكن هذا ما قال به أحد، خمس كاملة.
طالب:. . . . . . . . .
هو لعل سبب التفريق بين تكبيرة الإحرام وأنها معدودة من السبع وعدم عد تكبيرة الانتقال الاتفاق على أن تكبيرة الإحرام مثل التكبيرات من قيام؛ لكن هل تكبيرة الانتقال من الأولى إلى الثانية في القيام مع هذه التكبيرات، أو أنها أثناء الانتقال فنحتاج إلى سبعٍ غيرها؟ يعني بعبارة أخرى هل تكبيرة الانتقال تتميم للركعة الأولى، أو افتتاح للركعة الثانية؟ يعني لو قلنا: افتتاح للثانية ما نكبر إلا لنقف؛ لكنها قبل إتمام القيام، إذاً لا تبع هذه ولا هذه، فاصل بينهما، إذا لا تعد، ما هي مثل تكبيرة الإحرام، وحينئذٍ يظهر وجه قول المالكية والحنابلة في عد تكبيرة الإحرام وعدم عد تكبيرة الانتقال.(30/20)
قال مالك في رجلٍ وجد الناس قد انصرفوا من الصلاة يوم العيد، جاء إلى المصلى فوجدهم قد صلوا، يقضي وإلا ما يقضي؟ قال مالك في رجلٍ وجد الناس قد انصرفوا من الصلاة يوم العيد: أنه لا يرى عليه صلاةً في المصلى؛ لأنها عندهم سنة، وعند الشافعية والحنابلة فرض كفاية، وقد قام بها من يكفي في هذه الصورة، وصارت في حكم هذا المسبوق سنة كقول مالك، إذاً لا يلزمه القضاء ما دام صارت سنة، يعني مثل صلاة الجنازة جاء ووجد الناس قد صلوا فرض كفاية، خلاص ما يلزمه أن يصلي؛ لأن الصلاة في حكمه سنة.
يقول: وإنه إن صلى في المصلى، أو في بيته، يعني قضاها في مكانها، أو في بيته لم أرَ بذلك بأساً، يجوز؛ لأنها سنة، إن فعلها فقد أحسن، وإن تركها فلا شيء عليه.
عند الحنفية واجبة على الأعيان، واجبة على كل من تجب عليه صلاة الجمعة، واجبة، يأثم كل من تركها، وإليه ميل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-.
طيب إذا قضاها، يقضي ركعتين لا صفةَ لهما زائدة، أو يقضيهما على صفتهما، يقضي صلاة العيد على صفتها، الإمام مالك يقول: وإنه إن صلى في المصلى لم أرَ في ذلك بأساً، ويكبر سبعاً في الأولى قبل القراءة وخمساً في الثانية قبل القراءة، يعني من قضاها يقضيها على صفتها.
وقال الثوري وأحمد: إن قضاها يصليها أربعاً، ليش يصليها أربعاً وهي ركعتين؟ يعني كالجمعة إذا فاتت صلاها أربعاً.
طالب:. . . . . . . . .
هذا قول، صلاة الجمعة صلاة عيد، يوم الجمعة يوم عيد، فهناك وجه شبه بين صلاة الجمعة؛ لأنها ركعتين إذا فاتت تقضى أربع، إذاً صلاة العيد تقضى أربع، والمقرر عند أهل العلم أن القياس لا يدخل في العبادات، هذا قول لا حظ له من النظر، مع إمامة قائله
طالب:. . . . . . . . .
يصلون صلاة من دون خطبة، يصلونها على صفتها، يقضونها على صفتها فرادى أو جماعة فلا بأس.
طالب:. . . . . . . . .(30/21)
فرض كفاية، لكن إذا قام بها من يكفي أيش تصير في حكم الباقين؟ سنة، تصير في حكم الباقين سنة، فعلى هذا. . . . . . . . . فضلاً على أن تكون واجبة على كل الأعيان كما يقول الحنفية، يأثم كل مكلف بتركها، إذا عرفنا أن من أهميتها أن أمر العواتق وذوات الخدور والحيض أمرنَ بالخروج إلى صلاة العيد، هؤلاء عواتق وذوات خدور، يعني ما هن عجائز، حيض لا يلزمها الصلاة الخمس لا تلزمها، أمرنَ أن يخرجن إلى العيد يشهدن الخير ودعوة المسلمين، ويعتزل الحيض المصلى، فأمر صلاة العيد أمرٌ عظيم، الصلاة شعيرة من شعائر الدين، والقول بوجوبها كقول الحنفية له وجه ظاهر.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو الآن إذا قلنا: أن المتجه هو القول بوجوبها كقول الحنفية. . . . . . . . . وهذا هو المترجح -إن شاء الله-. . . . . . . . .
طالب:. . . . . . . . .
يشرع نعم رفع اليدين مع التكبيرات الزوائد يشرع، مروي عن ابن مسعود: الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً وسبحان الله ... إلى آخره.
طالب:. . . . . . . . .
الصارف عن الوجوب، يعني عرفنا أن الجمهور على أنها غير واجبة، بل منهم من يقول: فرض كفاية، ومنهم من يقول: سنة مؤكدة، ولم يقل بوجوبها إلا الحنفية، النبي -عليه الصلاة والسلام- داوم عليها، وداوم عليها خلفاؤه، وأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بإخراج الحيض والعواتق وذوات الخدور، فكيف يعذر الرجال؟ أنا لا أعرف صارف، ولذا المتجه قول الحنفية؟ هم يقولون: هذه شعار، تسقط بقيام البعض كالجهاد، كلام، هذا كلامهم، شعار يسقط بقيام البعض كالجهاد، وأيضاً من الصوارف الحديث الذي مر ((هل علي غيرها؟ )) قال: ((لا، إلا أن تتطوع)).
ويعتزل الحيض المصلى، ومن باب أولى إذا صُليت في مسجد، أمرنَ هذا أمر؛ لكن عدا الجمهور على أنه أمر استحباب لا أمر وجوب؛ لأنه إذا قلنا: بوجوب الصلاة فالحيض لسن من أهلها.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، حتى ما يدخلن ولا المصلى، خارج سور المسجد.
هذا يقول: شخص يعمل في مستوصف أهلي، فعلمَ أنه سيخصم منه من الراتب بغير حق ثم يفصل، فأخذ بعض الأشياء العينية من المستوصف وبعض المعدات فهل يجوز له ذلك؟ وإذا كان لا يجوز له فماذا يفعل؟(30/22)
إذا خصم عليه؛ لأن مسألة الخصم أنه يقول: علم أن سيخصم عليه، الآن هو مسألة ظن، والظن لا يبنى عليه شيء، لكن إذا خصم عليه من راتبه شيء من غير حق ثم أراد أن يأخذ بقدر ما خصم عليه من غير علم صاحبه، فهذه المسألة تسمى عند أهل العلم مسألة الظفر، والمسألة خلافية عند أهل العلم، من أهل العلم من يرى أنه يجوز لك أن تأخذ بقدر حقك، بحيث لا تزيد عليه، بقدر حقك تأخذ ولو من غير علمٍ صاحبك، ويستدلون بحديث هند زوجة أبي سفيان، وأنه لما قالت للنبي -عليه الصلاة والسلام-: "أن أبا سفيان رجلٌ شحيح لا يعطيني ما يكفيني ويكفي أولادي" فقال: ((خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف)) يعني ولو من غير علمه، فإذا كان الزوج مقصر في حق زوجته، وتيسر لها أن تأخذ ما يكمل نفقتها ونفقة ولدها من مال زوجها ولو لم يعلم، فمثل هذا إذا حصل الخصم، وأراد أن يأخذ من محتويات المستوصف الذي خصم عليه بغير حق، وبقدر ما أخذ منه على هذا القول يجوز.
ومن أهل العلم من لا يرى جواز ذلك، ويستدلون بحديث: ((أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك)) وحينئذٍ لا يجوز قبل أن يحصل الحق، لا يجوز استيفاء الحق قبل حصوله، فلا يجوز بحالٍ أن يأخذ من محتويات هذا المستوصف قبل أن يخصم عليه، فإذا خصم عليه فرأى أن يأخذ بالقول الذي هو مبني على حديث امرأة أبي سفيان، وقال به جمعٌ من أهل العلم، وإن تورع فهو الأفضل، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(30/23)
الموطأ - كتاب العيدين (2)
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء.
قال المؤلف -رحمه الله-: باب ترك الصلاة قبل العيدين وبعدهما:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- لم يكن يصلي يوم الفطر قبل الصلاة ولا بعدها.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب: كان يغدو إلى المصلى بعد أن يصلي الصبح قبل طلوع الشمس.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول الإمام -رحمه الله تعالى-: باب ترك الصلاة قبل العيدين وبعدهما:
ثبت في الصحيحين عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصلِّ قبلهما ولا بعدهما" وبهذا قال الإمام أحمد: أنه لا صلاة قبل العيد ولا بعدها، سواءٌ صليت العيد في المصلى أو في المسجد، إذا دخل يجلس؛ لأنه لا صلاة للعيد، الشافعي -رحمه الله- يرى الكراهة في الصلاة، لا قبلها ولا بعدها.
النبي -عليه الصلاة والسلام- لما خرج ودخل المصلى فصلى مباشرة كما يدخل يوم الجمعة، ثم يصعد المنبر، فعله -عليه الصلاة والسلام- باعتباره إمام أو باعتبار هذا تشريع عام؟ باعتباره إمام، إذاً المأمون مخاطبٌ بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) لو قلنا: بهذا أن المأمون لا يصلي، ولو كانت في مسجد، لقلنا أيضاً في يوم الجمعة لا يصلي؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- الملحوظ عنه أنه يصعد المنبر، لو قلنا: بهذا ما يصلي.(31/1)
المقصود أن النبي -عليه الصلاة والسلام- في مثل هذه الأحوال باعتباره إمام، فيقتدي به الأئمة، فلا يصلون لا قبلها ولا بعدها، من دخل إلى الجمعة يصعد المنير، من دخل إلى العيد يصعد إلى الصلاة، نعم. يعني مثل ما قيل في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد)) هل المأمون يقول: سمع الله لمن حمده كما يقول الشافعية؟ ما يقول، لكن هذا قاله باعتباره إمام، فمن أفعاله -عليه الصلاة والسلام- ما يمكن حمله على حالٍ دون حال.
يقول: حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر لم يكن يصلي يوم الفطر قبل الصلاة ولا بعدها، يعني اتباعاً للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا هو المعروف في مذهب الحنابلة، أنه لا صلاة قبل العيد، لا قبلها ولا بعدها، وعندهم أيضاً سواءٌ صليت في المسجد أو في المصلى، ومنهم من يفرق بين المسجد والمصلى، فيقول: المسجد له تحية؛ لأن مجرد ترك النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يُعارض به مثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) ولا شك أن دخول المصلى أسهل من دخول المسجد، يعني لو دخل شخص مصلى العيد وما صلى ما يثرب عليه؛ لكن لو دخل المسجد لا بد أن يصلي ركعتين تحية المسجد، ومجرد ترك النبي -عليه الصلاة والسلام- لانشغاله بصلاة العيد، وفي حكمه الأئمة.
قال الشافعي: لا كراهة في الصلاة لا قبلها ولا بعدها، وهذا محمولٌ على المأموم، كما قاله النووي. والكوفيون يصلون بعدها لا قبلها، والبصريون يصلون قبلها لا بعدها، والمدنيون لا يصلون لا قبلها ولا بعدها.
والحاصل أن صلاة العيد ليس لها سنة لا قبلها ولا بعدها؛ لكن من جاء وصلى تحية المسجد لا سيما إذا كان في المسجد فهذا أحسن، هذا امتثال الأمر.
والأولى أن لا يصليها في مكانها، ينتقل إلى بيته، ويصلي ما شاء، حتى أن بعض أهل العلم يقول: ولا في بيته يصلي، ما في صلاة بعد العيد،
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال هذه محمولة على أنها صلاة الضحى.(31/2)
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب كان يغدو إلى المصلى بعد أن يصلي الصبح قبل طلوع الشمس، يعني مبادرة إلى صلاة العيد، يبادر إلى صلاة العيد قبل طلوع الشمس؛ لكن من صلى في المسجد صلاة الصبح، وجلس في مصلى يذكر الله حتى ترتفع الشمس، وصلى ركعتين، ثم ذهب إلى صلاة العيد، لا شك أنه استعمل جميع السنن وما فاته شيء؛ لكن لو خشي فوات صلاة العيد ما انتظر إلى أن ترتفع صلاة الشمس ثم تفوته صلاة العيد يقال لهذا: بادر إلى صلاة العيد؛ لأنها تفوت، وصلاة الضحى لا تفوت.
باب الرخصة في الصلاة قبل العيدين وبعدهما:
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم أن أباه القاسم كان يصلي قبل أن يغدو إلى المصلى أربع ركعات.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يصلي يوم الفطر قبل الصلاة في المسجد.
يقول -رحمه الله تعالى-: باب الرخصة في الصلاة قبل العيدين وبعدهما:
الرخصة ترك الصلاة قبل العيد وبعدها من فعله -عليه الصلاة والسلام-، والرخصة ينبغي أن تكون أيضاً من فعله -عليه الصلاة والسلام-، لكن فعل السلف أيضاً له اعتبار عند علماء الإسلام، لا سيما مع عدم المخالف.
يقول: حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم أن أباه القاسم -أحد الفقهاء السبعة- كان يصلي قبل أن يغدو إلى المصلى أربع ركعات في المسجد قبل طلوع الشمس؛ لأنه يجلس حتى ترتفع الشمس اقتداءً بالنبي -عليه الصلاة والسلام- ثم يصلي أربع ركعات، إن صح حديث: ((من جلس في مصلاه بعد الصبح إلى أن تطلع الشمس وصلى ركعتين كان له أجر حجة)) هذا واضح إذا صح، فينبغي أن يحرص طالب العلم على هذا، ويعظ عليه بالنواجذ؛ لكن إذا كان يرجح عدم صحة ذلك فليجلس حتى تنتشر الشمس اقتداءً بالنبي -عليه الصلاة والسلام- كما ثبت في الصحيح، ثم إن شاء صلى أو إن شاء انصرف، على أن لا يترك صلاة الضحى، وإن صلى الركعتين بعد طلوع الشمس وارتفاعها بنية الضحى ساغ له ذلك ولو لم يثبت الخبر.(31/3)
فهذا القاسم أحد الفقهاء كان يصلي قبل أن يغدو إلى المصلى أربع ركعات، وينبغي أن يبادر بها إذا أمكن بحيث لا يترتب عليه فوات صلاة العيد لماذا؟ لأنه يخشى أن ينشغل بعد صلاة العيد عن صلاة الضحى فيبادر بها.
يقول: وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يصلي يوم الفطر قبل الصلاة في المسجد، يعني عروة بن الزبير والقاسم، وهما من الفقهاء السبعة، وسعيد أيضاً منهم كان لا يصلي؛ لأنه يبادر بالذهاب إلى صلاة العيد قبل أن يحل وقت صلاة الضحى، قبل أن ترتفع الشمس، وهذان ينتظران حتى ترتفع الشمس ثم يصليان يوم الفطر قبل الصلاة في المسجد؛ لأنهما يمكثان، وهذا أمرٌ معروف، وديدن عند سلف هذه الأمة اقتداءً بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، المكث في المسجد حتى طلوع الشمس، معروفٌ حتى عند علماء الإسلام مشهور، وشيخ الإسلام يقول: هذه غدوتي، يعني لو تركها انهارت قواه فماذا يفعل؟! واغتنام أوائل الأوقات المباركة هذا أمرٌ ينبغي أن يحرص عليه المسلم لا سيما طالب العلم، لا يفرط في مثل هذا.
وذكر البغوي في شرح السنة آثار كثيرة عن سلف هذه الأمة، حتى قال النخعي: إن الملائكة لتعج إلى خالقها من نوم العالم بعد الصبح، هذا لا ينبغي أن يفرط به، لا سيما وقت مبارك، ووقت فراغ بال، وجاء الحث عليه، وفعله النبي -عليه الصلاة والسلام-.
وبعض الناس إذا ضعف عنده الخبر خلاص انتهى، مُسح العمل بالكلية، حتى قال بعضهم - هذه مسألة يخشى عليه منها- قال: تبي تطلع وإلا تبي تصلي صلاة العجائز، صلاة الإشراق، بالحرف الواحد، أنا ما أدري ما عنده من العلم، هل وصل إلى ضعف الخبر بنفسه؟ أو سمع من يقول: الخبر ضعيف، وتشبث بمثل هذا الكلام، وتطاول على هذا الفعل؟ وما يخال بطالب العلم أن يقول مثل هذا الكلام، أقل الأحوال أن تصلى بنية الضحى يعني إذا ضعف الخبر، يعني أقل أحواله الحسنى أنه حسن لغيره، وصححه بعضهم.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال هما سنتان متداخلتان في وقت واحد متداخلتان، يعني يصلي بهذه النية، أو تلك هي تغني عن سنة الضحى، وإن صلاها بنية الضحى فقد أتى بما حث عليه وحض عليه.(31/4)
على كل حال المسألة طالب العلم ينبغي أن يحتاط لمثل هذه الأمور، ويحرص على هذه السنة، ابن القيم -رحمه الله تعالى- وقد ذكرناه مراراً لما شرح حال الأبرار، قال: إنهم يمكثون في المسجد بعد صلاة الصبح يذكرون الله حتى إذا ارتفعت الشمس صلوا ركعتين ثم انصرفوا، وقال عن المقربين: أنهم ينتظرون طلوع الشمس هذا إذا طلعت الشمس إن شاءوا صلوا وإن شاءوا انصرفوا من دون صلاة.
وعرفنا بماذا تفرق بين هؤلاء وهؤلاء؟ ولا شك أن المقربين أحرص من الأبرار؛ لأن المقربين سوف ينصرفون إلى عبادات، وأولئك سوف ينصرفون إلى أعمال الدنيا، فيخشى عليهم من فوات هذه الصلاة، وهذا يوحي بأن ابن القيم يرى أن الخبر فيه شيء عنده.
أما التكبير الجماعي فقد صرح جمعٌ من أهل العلم بأنه بدعة، يعني التكبير الجماعي المرتب، بمعنى أن البداية تكون مع البداية والنهاية تكون مع النهاية، أما كون منى تضج بالتكبير من تكبير الناس بتكبير عمر -رضي الله عنه- فلا يلزم، عمر يذكرهم بالتكبير ثم يكبر كل واحد منهم، يعني أنت إذا دخلت المسجد في يوم الجمعة، والناس يقرؤون، لهم أصوات مرتفعة بالقراءة؛ لكن هل يعني هذا أنهم يقرؤون قراءة جماعية، من مجموع الأصوات يحصل هذا الضجيج.
باب غدو الإمام يوم العيد وانتظار الخطبة:
حدثني يحيى قال مالك: مضت السنة التي لا اختلاف فيها عندنا في وقت الفطر والأضحى أن الإمام يخرج من منزله قدر ما يبلغ مصلاه، وقد حلت الصلاة، قال يحيى: وسئل مالك عن رجل صلى مع الإمام، هل له أن ينصرف قبل أن يسمع الخطبة؟ فقال: لا ينصرف حتى ينصرف الإمام.
يقول -رحمه الله تعالى-: باب غدو الإمام يوم العيد وانتظار الخطبة:
يسن تعجيل الأضحى، وتأخير الفطر، يعني لا تؤدى هذه في الوقت الذي تؤدى فيه هذه، وليس معنى تأخير الفطر أنهم يؤخرونها إلى أن تشتد الشمس، على كل حال تكون صلاة الأضحى يبادر بها من أجل أن يتسع وقت النحر، وتؤخر صلاة الفطر من أجل أن يتناول ما يتناولون من أكل مما سبقت الإشارة إليه، وليس معنى هذا أن يكون الفارق كبير.(31/5)
باب غدو الإمام يوم العيد وانتظار الخطبة: من إضافة المصدر لمفعوله، أي انتظار الناس سماع الخطبة؛ لأن الذي يفهم أو يسمع هذه الترجمة يظن أن الإمام يغدو إلى المصلى، ويجلس في المصلى ينتظر الخطبة، ألا يمكن يفهم هذا من الترجمة؟ ممكن، لكن الذي ينتظر الخطبة هو المأموم، على أن المقصود بانتظار الخطبة ما هو بالتبكير إلى الصلاة قبل الصلاة بوقت لا، انتظار الخطبة بعد الصلاة، ويدل عليه الأثر الثاني.
يقول: حدثني يحيى قال مالك: مضت السنة التي لا اختلاف فيها عندنا بالمدينة، يعني الطريقة، والعرف الذي مشوا عليه في وقت الفطر والأضحى أن الإمام يخرج من منزله قدر ما يبلغ مصلاه، وقد حلت الصلاة، يعني ارتفعت الشمس، يعني حلت الصلاة بارتفاع الشمس، وخروج وقت النهي، وآخر وقت صلاة العيد زوال الشمس، وآخر وقتها زوال الشمس، تبدأ من ارتفاع الشمس وانتهاء وقت النهي إلى زوال الشمس.
قال يحيى: وسئل مالك عن رجل صلى مع الإمام هل له أن ينصرف قبل أن يسمع الخطبة؟ فقال: لا ينصرف حتى ينصرف الإمام، أي يكره ذلك لمخالفة السنة؛ لأن الخطبة إنما شرعت لتسمع، ويفاد منها، فإذا أذن للناس على حدٍ سواء أن ينصرفوا إذا صلوا ما أدت الخطبة الغرض التي من أجلها شرعت، إنما شرعت لإفادة الناس، فلا ينبغي للمسلم أن ينصرف قبل انتهاء الخطبة.
الطريق من بيته أو مسجده -الإمام- إلى المصلى كم؟ كم تفترض؟ قل: ربعة ساعة مثلاً، عليه أن يخرج من منزله أو من مسجده بحيث يكون المسافة مقدار ربع ساعة حتى ترتفع الشمس من مصلاه من مسجده من بيته مكان الخروج، قدر ما يبلغ مصلاه وقد حلت الصلاة فيبادر بها.
أسئلة كثيرة جداً منها من الإخوة الحضور، ومنها من المجتمعين في الإنترنت؛ لكن نجيب على أسئلة الإنترنت قبل؛ لأنها كثيرة.
إن لم يعلم بالعيد إلا بعد الزوال؟
يصلونها من الغد.
ويش الزكاة؟
الفطر؟ على كل حال يؤديها قبل صلاة العيد.
طالب: لو صلوها من الغد ووافق يوم الغد جمعة ما تسقط.؟
الشيخ: تسقط العيد؟
طالب: الجمعة تسقط؟
الشيخ: تسقط مثل لو ما شهد العيد مثله.(31/6)
يقول هذا: أنا مقيم في الرياض وأريد أن أتزوج على سنة الله ورسوله، ولكن أبي رفض ذلك، وقال: إنه بريء مني إذا تزوجت، فهل إذا تزوجت أكون عاقاً لوالدي، مع العلم أن الأسرة التي سوف أتزوج منها أسرة محافظة؟
إذا منع الأب ابنه من الزواج فليس له حق الطاعة؛ لأن الطاعة بالمعروف، ومنع الابن من الزواج ليس من المعروف، ولا يعتبر حينئذٍ عاق، إلا إذا كان لأمرٍ وجيه يراه الأب إما لأن الأسرة هذه لا تناسبه، أو لما يخشى على ولده، لأمر من الأمور، إذا أبدى سبباً وجيهاً، أو كان الابن بعد عنده تعارض في بعض الأمور عليه أن يسعى في رضا والديه، أما إذا اضطر إلى الزواج، واحتاج إليه فليس لأبيه أن يمنعه، وإذا أقدم على الزواج مع عدم رضا والده فليس بعاق.
يقول: هل التجارة في العملات حلال أو حرام؟
العملات في حكم بيع الذهب والفضة، حكم بيع النقود تباع إذا كانت يداً بيد، إذا اختلفت هذه العملات، لا بد أن تكون يداً بيد.
التجارة بالأسهم .. ؟
الأسهم إن كانت هذه عبارة عن سيولة كأسهم بعض الشركات التي تكثر فيها السيولة، أو بعض المصارف فمثل هذه لا تباع بالدراهم، إنما تباع بعروض لا يجوز بيعها بالدراهم، أما إذا كانت هذه الأسهم عبارة عن عروض تجارة فتباع كغيرها، وقبضها كقبض غيرها من الأمور المشاعة.
يقوم معلمو الأحياء بدرس تشريح لحيوان كالأرنب، ويتطلب ذلك تخديره بمادة كيميائية بدون ذكاة، فهل ذلك جائز؟
التشريح عموماً أجازه العلماء للحاجة، أجازه أهل العلم للحاج، وإلا مثل هذا تعذيب للحيوان، يعني لغير الحاجة لا يجوز؛ لكن إذا دعت الحاجة إلى ذلك فلا بأس -إن شاء الله تعالى-.
يقول: هل مشروع مقاهي الإنترنت حلالٌ أو حرام؟
على كل حال على حسب ما يعرض فيها من مادة، إذا كانت هذه المقاهي الإنترنت تعرض دروس علمية فهي حلال، بل تعد من دور العلم، إذا كانت لا تعرض إلا دروس علمية، أما إذا كانت تعرض خنا وفجور فهي مثل الخانات وغيرها، يحرم الدخول فيها، فهي على حسب ما تعرضه.
الشافيات العشر لمحي الدين عبد الحميد، والكتاب يحوي أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والغزالي وسيد قطب.
ما أعرفه، هذا الكتاب لا أعرفه.(31/7)
يقول: إذا كان أحد تزوج من مشركة ما يكون حكمها؟ هل يجوز له إذا دعاها وجعلها تسلم .. ؟
عليه مفارقتها، والعقد باطل، وعليه مفارقتها، فإذا فارقها فوراً ودعاها إلى الإسلام فأسلمت وحسن إسلامها فله أن يتزوجها بعقدٍ جديد بعد الاستبراء.
إذا توفي فلان هل نقول: رحمة الله عليه، أم يرحمه الله، أو رحمه الله؟
لا فرق، يرحمه الله، رحمه الله، لا فرق بينهما.
يقول: ما حكم قراءة القرآن بالتجويد؟
أهل التجويد يوجبون التجويد، ويؤثمون من قرأ بغير تجويد، على كل حال إذا لم يكن هناك لحن ولم يكن هناك ما يحيل المعنى فالصحابة قرؤوا كما أنزل عليهم، وفيهم الكبير الذي لا يستطيع أن يجود، وفيهم من حديث العهد بالإسلام، المقصود أن المسألة ليست كما يقول أهل التجويد، مع أن على المسلم لا سيما طالب العلم أن تكون قراءته على الوجه المأمور به من الترتيل والتجويد والتدبر إلى غير ذلك.
كيف أحافظ على ثباتي على الحق؟
بصدق التوجه إلى الله -جل وعلا-، والانطراح بين يديه، واختيار الرفقة الصالحة، والمداومة على العبادات الخاصة كالصلاة والصيام وقراءة القرآن والأذكار وغير ذلك.
يقول: ذكر محقق مسند أبي حنيفة مع شرحه للملا علي القاري بالمقدمة أن أبا جعفر الطبري -رحمه الله- قال: رد المرسل مطلقاً بدعة ظهرت في أوائل المائتين؟
كيف أوائل المائتين؟
هذا الكلام أبو جعفر الطبري نقل الاتفاق على قبول المراسيل بين التابعين بأسرهم، وأنه لا يعرف لهم مخالف إلى رأس المائتين، هذا نقله عمر بن عبد البر في مقدمة التمهيد، ومراده بالمخالف الشافعي -رحمه الله تعالى-، وكون التابعين بأسرهم يقبلون المراسيل رده معروف عن سعيد ونقله ابن عبد البر في مقدمة التمهيد أيضاً، وسعيد رأس التابعين، ولا يرد على هذا نقل الطبري؛ لأن الطبري ينقل الاتفاق والإجماع ويراد بذلك قول الأكثر ...(31/8)
الموطأ - كتاب صلاة الخوف
شرح: باب صلاة الخوف
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للحاضرين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله-: كتاب صلاة الخوف: باب صلاة الخوف:
حدثني يحي عن مالك عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات عمن صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم ذات الرقاع صلاة الخوف: أن طائفة صفت معه وصفت طائفة وجاه العدو، فصلى بالتي معه ركعة، ثم ثبت قائماً، وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا، فصفوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته، ثم ثبت جالساً، وأتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات أن سهل بن أبي حثمة حدثه: أن صلاة الخوف أن يقوم الإمام ومعه طائفة من أصحابه، وطائفة مواجهة العدو فيركع الإمام ركعة ويسجد بالذين معه ثم يقوم فإذا استوى قائماً ثبت وأتموا لأنفسهم الركعة الباقية ثم يسلمون وينصرفون والإمام قائم، فيكونون وجاه العدو، ثم يقبل الآخرون الذين لم يصلوا فيكبرون وراء الإمام فيركع بهم الركعة ويسجد ثم يسلم، فيقومون فيركعون لأنفسهم الركعة الباقية ثم يسلمون.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان إذا سئل عن صلاة الخوف قال: يتقدم الإمام وطائفة من الناس فيصلي بهم الإمام ركعة، وتكون طائفة منهم بينه وبين العدو لم يصلوا، فإذا صلى الذين معه ركعة استأخروا مكان الذين لم يصلوا ولا يسلمون، ويتقدم الذين لم يصلوا فيصلون معه ركعة ثم ينصرف الإمام وقد صلى ركعتين فتقوم كل واحدة من الطائفتين فيصلون لأنفسهم ركعة ركعة بعد أن ينصرف الإمام، فيكون كل واحدة من الطائفتين قد صلوا ركعتين، فإن كان خوفاً هو أشد من ذلك صلوا رجالاً قياماً على أقدامهم أو ركباناً مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها.
قال مالك قال نافع: لا أرى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- حدثه إلا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.(32/1)
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد بن المسيب أنه قال: ما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الظهر والعصر يوم الخندق حتى غابت الشمس.
قال مالك -رحمه الله-: وحديث القاسم بن محمد عن صالح بن خوات أحب ما سمعت إليّ في صلاة الخوف.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب صلاة الخوف أو "كتاب صلاة الخوف" كتاب صلاة الخوف المراد صفتها، صفة صلاة الخوف، الخوف مصدر خاف يخوف خوفاً إذا فزع، وهو ضد الأمن، والخوف والفزع والذعر معانيها متقاربة، الخوف يطلب من المسلم أن يكون خائفاً من الله -جل وعلا-، راجياً له -سبحانه وتعالى-، أما ما يدعو إلى الخوف والذعر والفزع هذه أمور محرمة، وهي أشد الخوف على الإنسان، بل والحيوان أشد عنده من الجوع والعطش، فالأمن شأنه عظيم الأمن في شريعة الإسلام وفي غيرها وعند العقلاء كافة شأنه عظيم، ولذا جاء تقديمه على الجوع {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ} [(155) سورة البقرة] فدل على أن الأمن أهم من الأكل والشراب، وبعض المفسرين أراد أن يطبق هذه الآية على الحيوان فجاء بحيوان كسير مربوط ووضع عنده العلف وربط أمامه ذئب، فلما أصبح جاء والطعام -العلف- على حاله ما أكل؛ لأنه لم يأمن، فإذا كان هذا في الحيوان فما شأن الإنسان؟! كيف يأمن الإنسان على نفسه؟ كيف يأمن على عرضه؟ كيف يأمن على دينه؟ كيف يؤدي .. ؟ كيف يعبد ربه على الوجه المطلوب منه وهو خائف؟ ولذا الأمن من أعظم النعم من الله -جل وعلا-، والذي يتعرض لزعزعته أو خلله متعرض لأمرٍ عظيم، وحفظ الأمن من أوجب الواجبات على ولي الأمر، كما هو مقرر في كتب أهل العلم، فالأمن شأنه عظيم، والخوف والذعر شأنه خطير أيضاً، فنهتم بهذا الأمر.(32/2)
ومن أسباب الخوف، الأسباب المؤدية للخوف: الإخلال بأوامر الله -جل وعلا-، لا سيما ما يتعلق بالتوحيد {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ} [(82) سورة الأنعام] يعني لهم الأمن التام، وهو مطلق يشمل أمن الدنيا والآخرة {وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا} لماذا؟ {يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [(55) سورة النور] ولا شك أن المحافظة على التوحيد الذي هو أصل الدين سببٌ لاستمرار الأمن، وخلط هذا التوحيد ومزجه بشيء من الشرك لا شك أنه من أعظم أسباب زوال الأمن وحصول الخوف.
على كل حال إذا حصل هذا الخوف والمفترض أن يكون من عدو، المفترض أن يكون الخوف من عدو، وما جاء في هذه الأحاديث كله في غزوات مع الأعداء.
صلاة الخوف شرعت في غزوة ذات الرقاع، في ذات الرقاع، ووردت على وجوه وصفات متعددة، يقول الإمام أحمد -رحمه الله-: تفعل هذه الوجوه كلها؛ لأنها كلها ثابتة واختلافها اختلاف تنوع، وهي على حالات أحوال يتحرى فيها الأحوط للصلاة، والأبلغ في الحراسة، كل صورة من هذه الصور تنزل على الوضع المناسب لها.
هذه الصلاة مشروعة للنبي -عليه الصلاة والسلام- ولأمته من بعده خلافاً لأبي يوسف الذي يقول: إنها لا تصلى مع غيره -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن الله -جل وعلا- قال: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ} [(102) سورة النساء] .. إلى آخر الآية، ففعل هذه الصلاة مشروط بكونه -عليه الصلاة والسلام- فيها، فدل على أنها لا تفعل مع غيره، والجمهور على أنها تفعل مع غيره في حياته وبعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-، وفعلها الصحابة من بعده، فدل على أنها ليست خاصة به.
وأما قوله -جل وعلا-: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ} [(102) سورة النساء] فهو نظير قوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [(103) سورة التوبة] هل يقول قائل: إن الصدقة لا تؤخذ بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- لأن الأمر متجه إليه؟ لا يقوله أحد، إذاً صلاة الخوف مستمرة.(32/3)
وهل تفعل في الحضر والسفر؟ الجمهور على أنها تفعل في الحضر والسفر، ابن الماجشون منعها في الحضر وهو قولٌ عند مالك لقوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} [(101) سورة النساء] وأيضاً جاء فعلها في الغزوات، الغزوات التي تتطلب الأسفار، وسيأتي أنه -عليه الصلاة والسلام- في غزوة الخندق في آخر أحاديث الباب أخر الصلوات حتى غابت الشمس، ولو كانت تجوز في الحضر لما أخر هذه الصلوات حتى غابت الشمس فدل على أن صلاة الخوف لا تفعل في الحضر إنما تفعل في السفر، والأكثر على أنها تفعل حضراً وسفراً عند الحاجة إليها، إذاً لماذا أخر النبي -عليه الصلاة والسلام- الصلوات عن وقتها حتى غربت الشمس؟ أخر الظهر والعصر حتى غابت الشمس؟ وأهل العلم يقررون تبعاً لأهل المغازي والسير أن غزوة ذات الرقاع قبل الخندق، لكن ابن القيم -رحمه الله تعالى- يقول: وكونها في السنة الرابعة قاله ابن إسحاق وغيره من أهل السير والمغازي وتلقاه الناس عنهم، يقول ابن القيم: وهو مشكلٌ جداً، فإنه قد صح أن المشركين حبسوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الخندق عن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء فصلاهن جميعاً، وذلك قبل نزول صلاة الخوف، والخندق بعد الرقاع سنة خمس، قال: والظاهر أن أول صلاة صلاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الخوف في عسفان، ولا خلاف بينهم أن عسفان كانت بعد الخندق، إذا كانت أول صلاة صلاها صلاة الخوف بعسفان وعسفان كانت بعد الخندق، إذاً ماذا عن ذات الرقاع تكون قبلها وإلا بعدها؟ بعدها، وهل يكون هناك إشكال إذا كانت ذات الرقاع وعسفان كلها بعد الخندق يكون في إشكال؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم أخر الصلوات لأن صلاة الخوف لم تكن شرعت، فلما شرعت صلاة الخوف صليت الصلوات في أوقاتها، وتجوز حينئذٍ لا يعكر على القول بجوازها في الحضر كونه أخر الصلوات في الخندق؛ لأن الخندق متقدمة على عسفان وعلى ذات الرقاع.(32/4)
صنيع الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه يؤيد كلام ابن القيم؛ لأن البخاري -رحمه الله- رتب الغزوات في أولويتها تبعاً لأوليتها فجعل غزوة الخندق متقدمة في الترتيب على غزوة ذات الرقاع، فالخندق عنده رقم تسعة وعشرين في كتاب المغازي، وذات الرقاع رقم واحد وثلاثين، فدل على أنه يرى أن ذات الرقاع كانت بعد الخندق، وحينئذٍ يرتفع الإشكال الذي يريده مثل ابن الماجشون.
أشار البيهقي إلى أن ذات الرقاع اسمٌ لغزوتين مختلفتين، فالذي قال: إن ذات الرقاع قبل الخندق سنة أربع يقصد بها الأولى من غزوتي ذات الرقاع، والذي قال: إنها بعد الخندق يقصد بها الثانية التي حصلت فيها صلاة الخوف، هذا ما أشار إليه البيهقي.
عرفنا أن صلاة الخوف جاءت على وجوه متعددة، يقول الإمام أحمد: ستة أو سبعة كلها صحت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعلى هذا تفعل كلها في الأحوال المناسبة لكل صفة، على أن يراعى في ذلك الأحوط للصلاة والأبلغ في الحراسة.
وذكر ابن حبان في صحيحه تسع صور لصلاة الخوف، أما من حيث الورود فكما سمعتم الإمام أحمد ست أو سبع وابن حبان تسع، لكن من حيث التصوير تبعاً لعدد ركعات الصلاة وتبعاً لاختلاف مواقع العدو فيمكن أن تصل الصور إلى أكثر من ذلك؛ لأن المسألة مسألة محافظة على الصلاة، وأداء الصلاة على وجهٍ يكون أقرب إلى الوجه الذي شرعت عليه في الأمن، ومع ملاحظة الحراسة والاحتياط من العدو، فإذا افترضنا أن هذه الصلاة في ثنائية إذا كانت الصلاة ثلاثية يزيد صورة، إذا كانت الصلاة رباعية يزيد صورة وهكذا، وإذا كان العدو في جهة جهة اليمين جهة الشمال جهة الخلف، الأمام، المقصود أن هذه الصور أصلها ما صح عنه -عليه الصلاة والسلام-، والتصرف تبعاً لذلك ملاحظةً لأداء الصلاة في وقتها، وهذا من أهم المهمات أن تؤدى الصلاة في وقتها، وأن تؤدى جماعة، وهذا من أقوى الأدلة مشروعية صلاة الخوف من أقوى الأدلة على وجوب صلاة الجماعة؛ لأنها إذا لزمت المحافظة على صلاة الجماعة في هذا الظرف مع شيء من الخلل اللاحق بالصلاة من أجل المحافظة على الجماعة فالمحافظة عليها في الأمن من باب أولى.(32/5)
يقول الإمام -رحمه الله تعالى-: باب صلاة الخوف، عندنا هو كتاب واحد كتاب صلاة الخوف، وباب واحد باب صلاة الخوف، كتاب صلاة الخوف وباب صلاة الخوف، الترجمة واحدة، الكبرى والصغرى بلفظٍ واحد كتاب صلاة الخوف وباب صلاة الخوف، ويحتاج إلى الباب إذا كان معه أبواب أخرى، إذا كان الكتاب مشتمل على أبواب يحتاج له إلى الترجمة الصغرى، لكن إذا كان هو الباب نفسه هل نحتاج إلى ذكر الباب؟ يعني مثلاً لو كان: كتاب صلاة الخوف، باب مشروعية صلاة الخوف، باب صفة صلاة الخوف، باب في صفةٍ أخرى وهكذا نحتاج إلى هذا التباين، لكن فيما معنا: كتاب صلاة الخلاف نحن نحتاج إلى هذه الترجمة الكبرى لأن صلاة الخوف مستقلة، لا يمكن إدخالها مع صلاة العيد ولا مع صلاة الكسوف ولا مع صلاة الجمعة، هي صلاة مستقلة يحتاج إفرادها إلى ترجمة كبرى كغيرها من الصلوات، لكن كون هذا الكتاب لا يوجد تحته أبواب متعددة نحتاج إلى ذكر هذه الترجمة الصغرى، وهي أيضاً بلفظ الكبرى نحتاج إليها؟ ما نحتاج إلا لو كان في هناك تراجم فرعية غير هذه.
وعلى كل حال المتقدمون لا يمكن أن يحاسبوا على دقة التصنيف والترتيب كمحاسبة المتأخرين، وأشرنا مراراً أن المتقدمين لهم طرقهم وتصرفاتهم في كتبهم، قد يكون فيها شيء من الاختلاف عما جرى عليه المتأخرين.
طالب:. . . . . . . . .
هل يحتاج إليها فؤاد عبد الباقي؟ هل يحتاج إليها وهو رقم الكتاب على ما جاء في المعجم المفهرس؟ هو تبع -فؤاد عبد الباقي- تبع في ترقيمه ما جاء في المعجم المفهرس لألفاظ الحديث، فهذه الشروح القديمة ويش فيها؟ الباجي معكم وإلا الاستذكار؟ ويش فيه من التراجم؟ الاستذكار وإلا الباجي؟ ويش فيه من التراجم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟ ويش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
باب صلاة الخوف، وفي كتاب صلاة الخوف.
طالب:. . . . . . . . .
بعد ما ندري عن الطابع احتمال يصير تبع فؤاد عبد الباقي ليرتاح في الترقيم، قد يكون هذا، يمكن يتصرف.
طالب:. . . . . . . . .(32/6)
هذا لو وجدت الترجمة، لو وجد ترجمة أخرى ولم يذكر تحتها حديث قلنا: إنه بيض لهذه الترجمة ولم يوجد حديثاً على شرطه، لكن ما وجد ترجمة أصلاً، على كل حال هذه مسألة يسيرة ما فيها شيء.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن يزيد بن رومان" المدني مولى آل الزبير "عن صالح بن خوات" بن جبير بن النعمان الأنصاري المدني من ثقات التابعين "عمن صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" هذا مبهم وإبهام الراوي يضر وإلا ما يضر؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم جهالة ذات إبهام الراوي، لكن إذا كان صحابي "عن رجل صحب النبي -عليه الصلاة والسلام-" فجهالته لا تضر، وهنا يقول: "عمن صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" فهو صحابي، واختلف في تعيينه فقيل: هو سهل بن أبي حثمة بدليل الحديث الذي يليه عن صالح بن خوات أن سهل بن أبي حثمة حدثه أن صلاة الخوف.
طالب:. . . . . . . . .
يقول: المحقق بشار عواد المعروف يقول: "لا أصل لها في النسخ أو الشروح" أي عبارة: كتاب صلاة الخوف، الترتيب الفني للتأليف يقتضيها، يقتضي هذه الترجمة الكبرى لأنها صلاة مستقلة لا علاقة لها بصلاة العيدين، كما أنها لا علاقة لها بصلاة الكسوف، إذاً تحتاج إلى ترجمة كبرى كصلاة العيدين وكصلاة الكسوف، على كل حال هذا أمرٌ سهل.
يقول: "عمن صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" الحديث الذي يليه عن صالح بن خوات أن سهل بن أبي حثمة حدثه أن صلاة الخوف، لكن هل في الطريق الأخرى ما يدل على أن سهل بن أبي حثمة صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف؟ "أن سهل بن أبي حثمة صلى مع النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاة الخوف، والرواية الأخرى تدل على ذلك وإلا ما تدل؟ ليس فيها ما يدل، فالقول بأنه سهل بن أبي حثمة قيل به والاستدلال بالحديث الثاني يعني كونه روى الخبر عن سهل بن أبي حثمة لا إشكال فيه، لكن هل يقال: إن سهل بن أبي حثمة هو الذي صلى مع النبي -عليه الصلاة والسلام- فيفسر به المبهم؟
طالب:. . . . . . . . .
وشلون؟
طالب:. . . . . . . . .(32/7)
هذه الصلاة مع النبي -عليه الصلاة والسلام- فهي مرفوعة، صلاة ذات الرقاع النبي -عليه الصلاة والسلام- هو الإمام لا إشكال في هذا، ما هو البحث يا أخي في هذا، لكن الواسطة بين صالح بن خوات ومن صلاها مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، صالح بن خوات يروي الحديث عمن؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، في هذه في الرواية الثانية سهل بلا شك وصرح به، لكن سهل هذا هو الذي صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ لأن الرواية الثانية ما قال: صليت صلاة الخوف مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لنقول هو هو؛ لأنه قال: إن سهل بن أبي حثمة حدثه أن صلاة الخوف، وعلى كل حال يقول ابن حجر: الراجح أنه أبوه خوات بن جبير، إذاً ما الذي يمنع أن يكون المبهم هو سهل بن أبي حثمة؟ وتفسره الرواية الأخرى، يقول: الراجح أنه أبوه خوات بن جبير ويؤيده أن سهلاً لم يكن في سن من يخرج في تلك الغزوة، يؤيده أن سهلاً لم يكن في سن من يخرج في تلك الغزوة لصغره، لكن لا يمنع أن يروي سهل بن أبي حثمة هذه الصفة عن غيره من الصحابة الذين حضروا، حضروا صلاة غزوة ذات الرقاع مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فيكون من مراسيل الصحابة، ولذا ما جاء بصيغةٍ تدل على أنه حضر، هو أن سهل بن أبي حثمة حدثه أن صلاة الخوف، ولذا يمكن أن يروي صالح بن خوات الخبر عن اثنين، يروي عن سهل بن أبي حثمة وسهل بن أبي حثمة لم يحضر إذاً روى هذه القصة عن صحابيٍ آخر ممن صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فتكون من مراسيل الصحابة، ويكون صالح بن خوات كما في الطريق الأخرى رواها عمن صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والاحتمال الأقوى أنه أبوه كما قال ابن حجر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش اللي يمنع أنه قال: عن صالح بن خوات عن أبيه وقد صلى مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، وحذف من بعده عن أبيه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لأمرٍ من الأمور لأن الإبهام -أقول-: له أهداف ومقاصد، قد يكون في وقت أو في ظرف أو في مناسبة لو صرح باسمه لما قبل الخبر، بينه وبين من يسمعون الخبر شيء فيبهم، وهذه من أهداف الإبهام.(32/8)
على كل حال الخبر لا إشكال في ثبوته، وهو في الصحيحين وغيرهما، وسواءً عرفنا هذا المبهم أو لم نعرفه فلا فرق؛ لأنه صلى مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إذاً هو صحابي، والصحابة كلهم عدول.
"عمن صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم ذات الرقاع" غزوة وقعت في مكانٍ من أرض نجد بأرض غطفان، وعرفنا سابقاً متى وقعت؟ وهل كانت قبل الخندق أو بعد الخندق؟ وسميت ذات الرقاع لأن أقدام المسلمين نقبت من الحفاء فكانوا يلفون عليها الخرق، أو لأنهم رقعوا راياتهم، أو لأن أرضها ذات ألوان تشبه الرقاع، أو لشجرة نزلوا تحتها، يعني فيها ألوان أوراقها ملونة، أو جبل هناك فيه بياض وحمرة وسواد، وزعم ابن حبان أنها سميت ذات الرقاع لأن خيلهم كان بها سواد وبياض فلعله تصحف عليه الجبل بخيل، لجبلٍ كان هناك فظنها خيل، والخير لا تشبه الرقاع إلا إذا كانت ذات ألوان، على كل حال هذا تصحيف وارد، ورجح السهيلي الأول أقدام المسلمين نقبت من الحفاء لم ينتعلوا وليس عليهم خفاف، وكانت تباشر الأرض، والأرض فيها الحصى والشوك فحفيت ونقبت من الحفاء فلفوها بالخرق بالرقاع التي هي الخرق، السيهلي رجح هذا لثبوته عن أبي موسى في الصحيحين وغيرهما وكذا النووي، يحتمل أن يكون السبب هذا وأن يكون غيره؛ لأن الأرض ذات ألوان، أو لجبل هناك فيه ألوان أو للجميع، على كل حال ما نص عليه الصحابي أولى ما يفسر به ما يحتاج إلى تفسير.
"صلاة الخوف، أن طائفة الطائفة" القطعة من الجيش، وأقلها واحد، وأقل ما تقوم به صلاة الخوف ثلاثة: إمام ومأموم وحارس، هذا أقل ما تقوم به صلاة الخوف، إمام ومأموم وحارس {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ} [(2) سورة النور] يعني يكفي واحد؛ لأن أقل ما يطلق عليه طائفة الواحد.(32/9)
"أن طائفة صلت معه -عليه الصلاة والسلام-، وصفت طائفة وجاه -يعني مواجهة- العدو" كل هذا حرص على الاقتداء به -عليه الصلاة والسلام-، والمحافظة على الصلاة في وقتها، والمحافظة على الصلاة جماعة، "وجاه العدو، فصلى بالتي معه ركعة، ثم ثبت قائماً" صلى ركعة ركع قام وسجد سجدتين ثم قام الركعة الثانية فثبت قائماً -عليه الصلاة والسلام- "ثم ثبت قائماً وأتموا لأنفسهم" الركعة التي بقيت لهم، ثم تشهدوا وسلموا ثم جاءت .. ، انصرفوا هؤلاء وجاه العدو، ثم جاءت الطائفة الأخرى -الذين كانوا وجاه العدو- فصلى بهم الركعة وثبت جالساً حتى أتموا الركعة الثانية، ثم تشهد بهم وسلم بهم، وهذا تمام العدل بين الأتباع، صلى بكل طائفة ركعة، وأولئك أدركوا أول الصلاة وهؤلاء أدركوا آخرها "وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو فجاء الطائفة الأخرى" التي كانت تحرس في وجاه العدو "فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالساً" لم يسلم، استمر جالس -عليه الصلاة والسلام- وأتموا لأنفسهم الركعة الثانية ثم سلم بهم -عليه الصلاة والسلام-، وهذه الصفة واضحة جداً، وقد ذهب إليها جماعة ورجحها الشافعي لا سيما إذا كان العدو في غير جهة القبلة، وهذا في الصلاة الثنائية، فالثلاثية ماذا يصنع ليعدل بين الأتباع؟ هل نقول: يصلي الركعة الأولى كاملة والثانية إذا ركع وقام رفع من الركوع ينتظر يصلي بهم ركعة ونصف؟ أو نقول: إن العدل بقدر الإمكان ينتظر في التشهد الأول مثلاً ثم يتمون لأنفسهم ويسلمون، وتأتي الطائفة الأخرى فيسلم بهم؟ قال: "وهذا في الثنائية وإن كانت ثلاثية انتظر في التشهد الأول، كذلك في الرباعية على القول بأنها تصل في الحضر، وينتظر في التشهد أيضاً" الرباعية ما فيها إشكال مثل الثنائية يتم فيها العدل، وظاهر القرآن مطابقٌ لما دل عليه هذا الحديث، ظاهر القرآن مطابق لما دل عليه هذا الحديث بقوله تعالى: {وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ} [(102) سورة النساء] فهذه الكيفية أقرب إلى موافقة المعتاد من الصلاة في تقليل الأفعال المنافية للصلاة والمتابعة للإمام؛ لأن من الصور مما صح أن يصلي بالطائفة الأولى ركعة ثم(32/10)
ينصرفون من غير إتمام لصلاتهم، ثم تأتي الطائفة الأخرى فيصلي بهم الركعة الثانية فيتمون ثم يذهبون للحراسة ويرجع أولئك لإتمام صلاتهم هذه صورة من الصور، لكن الصورة التي جاءت في حديث الباب هي أقرب إلى تقليل الأفعال المنافية للصلاة، وقلنا: إن المختار من هذه الصلوات الأحوط للصلاة والأبلغ في الحراسة، وعلى كل حال هذه الصورة واضحة إذا كان العدو في غير جهة القبلة فمثل هذه الصورة واضحة، على كل حال ثبت قائماً لينتظر هذه الطائفة تتم صلاتها وتأتي الطائفة الأخرى، وثبت قائماً ولا يدرى هل كان ساكتاً أو كان يقرأ ويطيل القراءة؟ على كل حال هذا أمرٌ مسكوتٌ عنه، ثم ثبت قائماً وأتموا لأنفسهم؛ لأنه لو تصور طول القراءة هنا كيف يتصور طول التشهد في آخر الصلاة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
اقتداء اقتداء، وإلا لو قسموا أكثر من جماعة لو صاروا جماعات لا شك أن الجماعة الواحدة أهيب وأجمع للكلمة وأهيب عند العدو، لكن لو قسموا قسمين أو أقسام حسب ما يتيسر الأمر فيه سعة، لكن لا يتم الاقتداء إلا بهذا، وليعرف العدو أننا .. ، أن الكلمة مجتمعة، والله المستعان.
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن القاسم بن محمد -بن أبي بكر أحد الفقهاء- عن صالح بن خوات أن سهل بن أبي حثمة" عبد الله، وقيل: عامر "حدثه: أن صلاة الخوف" صفتها "أن يقوم الإمام -مستقبل القبلة- ومعه طائفة من أصحابه وطائفة مواجهة العدو" أي وجوههم إلى العدو "فيركع الإمام ركعة ويسجد بالذين معه" يركع ركعة ثم يسجد بالذين معه "ثم يقوم فإذا استوى قائماً ثبت وأتموا لأنفسهم الركعة الباقية -في مكانهم- ثم يسلمون وينصرفون" الآن الرواية الثانية مطابقة للأولى؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(32/11)
طائفة صلت معه وطائفة وجاه العدو، فصلى بالتي معه ثم ثبت قائماً وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا، ثم إلى أن جاءت الطائفة الأخرى وصلى بهم الركعة التي بقيت ثبت جالساً حتى أتموا لأنفسهم ثم سلم بهم، هذه الصورة يقوم الإمام مستقبل القبلة ومعه طائفة من أصحابه وطائفة مواجهة العدو فيركع الإمام ركعةً ويسجد بالذين معه كما سبق ثم يقوم فإذا استوى قائماً ثبت وأتموا لأنفسهم الركعة الباقية ثم يسلمون، ثبت قائماً وأتموا لأنفسهم، فإذا استوى قائماً ثبت وأتموا لأنفسهم الركعة الباقية في مكانهم ثم يسلمون، إلى هذا الحد فيه اختلاف وإلا ما فيه؟ ما في اختلاف، ثم يسلمون وينصرفون والإمام قائم، نعم في فرق؟
طالب:. . . . . . . . .
ما في فرق، وين؟
طالب:. . . . . . . . .
كلها قائم، ثبت قائماً، الركعة الأولى ثبت قائماً، الركعة الثانية ثبت جالساً، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هنا ثم سلم ..
طالب:. . . . . . . . .
لا ما بعد جينا، الكلام في الطائفة الأولى، ثبت قائماً إلى أن أتموا لأنفسهم فسلموا وانصرفوا للحراسة ثم جاءت الطائفة الثانية، "ثم يسلمون وينصرفون والإمام قائم فيكونون وجاه العدو ثم يقبل الآخرون الذين لم يصلوا فيكبرون وراء الإمام فيركع بهم الركعة ويسجد بهم ثم يسلم" هذا محل الاختلاف "فيقومون فيركعون لأنفسهم الركعة الباقية ثم يسلمون" في الطريق الأولى: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت جالساً وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم، في الطريق الثانية سلم قبلهم سلم ثم قاموا فأتموا لأنفسهم الركعة الباقية ثم سلموا.(32/12)
قال ابن عبد البر: "وهذا القول الذي رجع إليه مالك" الصورة الثانية، عرفنا الفرق بين الصورة الأولى والثانية، في الصورة الأولى انتظر حتى سلم بهم، وفي الصورة الثانية سلم قبلهم وأتموا لأنفسهم، يعني قضوا ما فاتهم على الجادة، ولذا يقول ابن عبد البر: "وهذا الذي رجع إليه مالك بعد أن قال بحديث يزيد بن رومان -الأول- وإنما رجع إليه -رجع إلى الثاني- للقياس على سائر الصلوات أن الإمام لا ينتظر المأموم" يعني وإن انتظر في الركعة الأولى انتظر الطائفة الثانية ليصلي بهم مثل ما صلى بالطائفة الأولى إلا أنه في الركعة الثانية لا ينتظر في التشهد حتى يصلي الطائفة الثانية الركعة الثانية وإنما يسلم، ثم إذا سلم قاموا لقضاء ما فاتهم على الجادة، يقول: "للقياس على سائر الصلوات أن الإمام لا ينتظر المأموم وأن المأموم إنما يقضي بعد سلام الإمام، ولذا رجع الإمام مالك -رحمه الله تعالى- إلى هذه الصورة، وعلى كل حال هذه الصور كلها ثابتة وصحيحة يجوز العمل بها كلها.(32/13)
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل عن صلاة الخوف" عن صلاة الخوف يعني عن صفتها، "قال: يتقدم الإمام وطائفة من الناس" يعني بحيث لا يبلغهم سهام العدو، بحيث يكونون في مأمن من أن يرشقهم النبال والسهام "فيصلي بهم الإمام ركعة، وتكون طائفة منهم بينه" أي بين الإمام ومن معه "وبين العدو ولم يصلوا" لأنهم يحرسون، يحرسون هؤلاء المصلين من سهام الأعداء "فإذا صلى الذين معه ركعة استأخروا مكان الذين لم يصلوا" فحينئذٍ يكونون في وجه العدو، "ولا يسلمون" بل يستمرون في الصلاة، ينتقلون إلى الحراسة وهم في صلاة "ولا يسلمون ويتقدم الذين لم يصلوا" يتقدمون إلى جهة الإمام "فيصلون معه ركعة ثم ينصرف الإمام -من صلاته بالتسليم- وقد صلى ركعتين، فتقوم كل واحدة من الطائفتين فيصلون لأنفسهم ركعة ركعة" الصورة واضحة وإلا ما هي بواضحة؟ يصلي ركعة بهذه الطائفة، بالطائفة الأولى والطائفة الأخرى تحرس، إذا صلوا ركعة معه -عليه الصلاة والسلام- انصرفوا إلى الحراسة من غير إتمام للصلاة، يحرسون وهم في الصلاة، ثم تأتي الطائفة الأخرى فيصلي بهم الركعة التي بقيت له ثم بعد ذلك يقضي الأولون والآخرون ما فاتهم، أو ما بقي عليهم من الصلاة ركعة ركعة، على حسب ما تقتضيه مصلحة الحراسة، وهم بهذه الركعة التي صلوها معه -عليه الصلاة والسلام- أدركوا فضل الجماعة، وكونهم يصلون ما بقي لهم فرادى أو كل اثنين أو كل خمسة أو كل مجموعة الأمر فيه سعة، الجماعة وأدركوها والأمر فيه سعة، كمن فاته شيء مع الإمام إذا وجد أكثر من شخص فاتهم ركعة أو ركعتين يقتدي بعضهم ببعض في الصلوات في حال الأمن لا بأس، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(32/14)
نعم يؤذن ويقام لها؛ لأن لو كان العدو في جهة القبلة جاء في بعض الصفات ما يناسب أنه يصلي يجعلهم صفين فيصلي الركعة الأولى بالصف الأول ثم يستأخر أصحاب الصف الأول إلى الصف الثاني ويتقدم أصحاب الصف الأول ويصلي بهم الركعة التي بقيت، ثم بعد ذلك يتمون لأنفسهم، المقصود أنه مثل ما ذكرنا الوجوه كلها صحيحة والصور ثابتة، ستة أو سبعة أو تسعة على ما قال ابن حبان, وعلى الإمام أن يفعل الأحوط للصلاة، الأقل مخالفة للصلاة، الأحوط لها والأبلغ في الحراسة.
ويتقدم الذين لم يصلوا للإمام فيركعون معه ركعة ثم ينصرف الإمام من صلاته بالتسليم وقد صلى ركعتين، فتقوم كل واحدة من الطائفتين فيصلون لأنفسهم ركعة ركعة، وبالتكرار؛ لأن كل واحد منهم يصلي لنفسه ركعة، يعني كل واحد منهم تخصه ركعة، ليس معنى هذا أن الجميع يصلون ركعة، لا، بل كل واحد منهم يصلي ركعة وهذه فائدة التكرار.
بعد أن ينصرف الإمام من الصلاة فيكون كل واحدة من الطائفتين قد صلوا ركعتين، وهنا يقول الحافظ ابن حجر: "لم تختلف الطرق عن ابن عمر في هذا، وفي ظاهرهم أنهم أتموا في حالة واحدة" يعني في ظاهر اللفظ يدل على أنهم أتموا في حالة واحدة في آنٍ واحد الطائفة الأولى والطائفة الثانية، ويحتمل أنهم أتموا على التعاقب وهو الراجح من حيث المعنى، وإلا لو أتموا في آنٍ واحد للزم على ذلك تضييع الحراسة المطلوبة، وإفراد الإمام وحده، ويرجحه ما رواه أبو داود عن ابن مسعود ولفظه: ثم سلم فقام هؤلاء -أي الطائفة الثانية- فقضوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا ثم ذهبوا ورجع أولئك إلى مقامهم فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا، ظاهر حديث ابن مسعود أن الطائفة الثانية لما سلم الإمام أتموا في مكانهم، ثم انصرفوا إلى جهة الحراسة فأتت الطائفة الأولى فأتموا لأنفسهم، وظاهره أن الطائفة الثانية والت بين ركعتيها ثم أتمت الطائفة الأولى بعدها وهذه الصفة اختارها أشهب والأوزاعي والحنفية، ورجحها ابن عبد البر لقوة إسنادها، ولموافقتها الأصول في أن المأموم لا يتم صلاته قبل سلام إمامه.(32/15)
فإن كان الأمر خوفاً أشد من ذلك، يعني هنا يتمكنون من أن يصلي بهم طائفة، لكن هناك صور من صور الخوف يزداد فيها الخوف بحيث لا يستطيعون الصلاة على هذه الطريقة، الأمر أعظم من ذلك، فإن كان الأمر خوفاً أو أشد من ذلك لكثرة العدو فخيف من قسمهم لذلك، يعني نصف الجيش لا يكفي لصد العدو، إنما لا بد أن يكون الجيش كله أو جله في مواجهة العدو، فإن كان الأمر أشد وأشد خوفاً من ذلك لكثرة العدو فخيف من قسمهم لذلك صلوا رجالاً قياماً على أقدامهم أو ركباناً، يعني بحسب الإمكان، يعني لو قدر أنهم إذا جلسوا يخفى أمرهم على العدو يصلون جلوس، إذا ركبوا برزوا للعدو يصلون وقوف، وهكذا على ما يتيسر لهم قياماً على أقدامهم أو ركباناً على دوابهم، مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها، يعني إلى جهة القبلة أو إلى غير جهة القبلة، حسب ما يتيسر و {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [(286) سورة البقرة] وبهذا قال الجمهور، لكن قال المالكية: لا يصنعون ذلك حتى يخشوا فوات الوقت، يعني لا يفرطون بأركان الصلاة وواجبات الصلاة إلى هذا الحد إلا إذا خشوا فوات الوقت، لا شك أن الصلاة ولو في آخر الوقت مع كمال الصلاة أفضل من الصلاة في أول وقتها مع الخلل في الصلاة، يعني كصلاة من ينتظر وجود الماء ينتظر وجود الماء إذا كان يغلب على ظنه وجوده ولو في آخر الوقت أفضل من أن يصلي بالتيمم في أول الوقت.(32/16)
ثم قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب أنه قال: ما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الظهر والعصر يوم الخندق حتى غابت الشمس" وعرفنا أن صلاة الخوف شرعت أو لم تشرع؟ خلاف، فالذي يقول: إنها لم تشرع صلاة الخوف يقول: ما صنعه في غزوة الخندق منسوخ، ولا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها، بل تصلى الصلاة على أي حال أمكنت من الوجوه الجائزة، وإذا قلنا: إن صلاة الخوف مشروعة قلنا: غزوة الخندق بالحضر، وصلاة الخوف لا تصلى بالحضر، وقد قال به جمعٌ من أهل العلم، وعرفنا أن غزوة الخندق متقدمة على ذات الرقاع فتكون لم تشرع بعد، فيكون ما صنعه في غزوة الخندق منسوخاً "أنه قال: ما صلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- الظهر والعصر يوم الخندق حتى غابت الشمس" عمداً لانشغاله بالقتال، وذلك قبل شرعية صلاة الخوف على الخلاف السابق، أو لأنها لا تشرع في الحضر على قول، وهذا كله تقدم.
"ما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الظهر والعصر" وعند النسائي عن ابن مسعود أنهم شغلوه عن أربع صلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء، هذا عند النسائي من حديث ابن مسعود، شغلوه عن أربع صلوات في الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله، وقوله: أربع تجوز لماذا؟ لأن العشاء لم يخرج وقتها، لأن العشاء لم تفت، ومقتضى حديث علي وجابر في الصحيحين وغيرهما أنه لم يفت غير العصر، عند النسائي أربع صلوات، وعندنا من كلام سعيد أنهم شغلوه عن الظهر والعصر، حديث ابن مسعود عند النسائي أربع صلوات، وجاء عن جابر وعلي في الصحيحين وغيرهما أنه لم يفت غير العصر، فمال ابن العربي إلى الترجيح، فقال: إنه الصحيح، لأنه لم يفت إلا العصر لأنها هي المتفق عليها، لم يفت إلا العصر لأنها في الصحيحين، فهي أرجح.(32/17)
وجمع النووي بعد أن أراد أن يثبت أن كل ما ذكر صحيح، شغلوه عن العصر وحدها، شغلوه عن الظهر والعصر معاً، شغلوه عن الأربع الصلوات كما في حديث ابن مسعود عند النسائي، النووي يقول: الجمع ممكن، كيف يمكن الجمع؟ لأنه يقول: يوم الخندق، إيش معنى يوم الخندق؟ الخندق يوم وإلا أيام؟ أيام، الخندق أيام، فيحتمل أنه في يوم شغلوه عن العصر فقط، وفي اليوم الثاني عن الظهر والعصر، وفي اليوم الثالث شغلوه عن أربع أوقات والعكس أيضاً، ويش اللي يمنع هي غزوة وكلها صحيحة؟ المقصود أنها أيام ما هو بيوم، يعني يوم كيوم الخندق هل يراد به الأربع والعشرين ساعة يوم الخندق؟ لا، يقصد به في غزوة الخندق المشتملة على أيام، فالقول هذا متجه.
طالب:. . . . . . . . .
إشلون؟
طالب:. . . . . . . . .
اختلف نعم، هنا جابر قال كلام، علي قال كلام، ابن مسعود قال كلام، صح وإلا لا؟ ابن مسعود تحدث عن يوم من الأيام، جابر تحدث عن اليوم الثاني، علي تحدث عن اليوم الثالث وهكذا، سهل، تصوره واضح.
على كل حال صلاة الخوف من إضافة الشيء إلى سببه، فسببها الخوف فمتى وجد الخوف -نسأل الله السلامة والعافية- يوجد المسبب.
"قال مالك: وحديث القاسم بن محمد عن صالح بن خوات أحب ما سمعت في هذا" أحب ما سمعت إلي في صلاة الخوف، اللي هو إيش؟ الثاني، الحديث الثاني، أحب ما سمعت إلي في صلاة الخوف فيقتضي أن سمع في كيفيتها صفات متعددة، وهي كذلك، فقد جاءت عنه -عليه الصلاة والسلام- صفات حملها بعض العلماء على اختلاف الأحوال، وآخرون على التوسع والتخيير، يعني أن الإمام مخير بأن يصلي هذه الصلاة وهذه الصلاة، ووافقه على ترجيح الصفة التي رجحها في الحديث الثاني الشافعي وأحمد وداود لسلامتها من كثرة المخالفة، وكونها أحوط لأمر الحرب مع تجويزهم الصفة الأخرى، وتقدم النقل عن الإمام أحمد أنه جوز الأوجه كلها.(32/18)
هذا يقول: حصلت لخبطة اليوم في صلاة المغرب حيث وقف الإمام في الركعة الأولى على {وَهُمْ يَسْجُدُونَ} [(113) سورة آل عمران] فركع الإمام وركع أغلب المأمومين وسجد بعضهم، فلما قال: سمع الله لمن حمده تنبه من سجد، وسؤالي من قام من سجوده وركع لوحده قبل أن يسجد الإمام هل تعتبر صلاته صحيحة أم لا، أم يجب عليه الإعادة؟
الركوع يرى جمعٌ من أهل العلم أن الركعة تفوت بفواته، وأنه هو الركن الوحيد الذي تفوت الركعة بفواته بمفرده، وأما ما عداه فلا بد من فوات ركنين، فإذا سجد الإمام ورفع من السجود سجد المأموم بعده يدرك السجدة ولو رفع ما لم يسجد للثانية، أما الركوع إذا رفع الإمام فاته، فات الركوع وبفواته تفوت الركعة، هذا قول جمع من أهل العلم، ومنهم من يقول: إن الركوع شأنه شأن غيره، كون الركعة إذا جاء والإمام راكع ورفع الإمام قبل أن يركع فوات الركعة لا لأنه الركوع الذي فات، بل لأنه فات ركنان الذي هو ركن القراءة وركن الركوع، لكن الأحوط في مثل هذه الصورة أن تعاد الركعة.
يقول: من ألغى هذه الركعة واستأنف من جديد من بداية الركعة الثانية هل عمله صحيح؟
إيش معنى ألغى؟ هو إذا فاته الركوع وقلنا: إن الركعة لا تدرك بعد فوات الركوع هي تلتغي تلقائياً، وعليه متابعة الإمام، ثم يأتي بركعة بدل هذه الركعة، كونه ألغى هذه الركعة واستأنف من جديد؛ أي أنه قطع الصلاة وكبر للإحرام مرة ثانية لتكون بداية الركعة الثانية هي أول صلاته، على كل حال صلاته صحيحة، لكن لا ينبغي له أن يقطع صلاته لمجرد هذا.
يقول: ما الواجب على من سجد هو السؤال الأول؟
يعني إن سجد وسمع الإمام يقول: سمع الله لمن حمده إن علم قبل ذلك وأدرك الركوع مع الإمام أدرك الركعة، وإن فاته الركوع فالأحوط أن يعيد الركعة، أن يأتي بركعة بدل هذه الركعة.
طالب:. . . . . . . . .
إذا طال الفصل يستأنف الصلاة من جديد.
هذا يقول: شرح الزرقاني على الموطأ طبعة دار الكتب العلمية فيه أخطاء مطبعية كثيرة في المتن وفي الشرح فهل هناك طبعة أحسن منها؟(32/19)
نبهنا مراراً على طبعات دار الكتب العلمية طبعات تجارية لا تصحح، قد يكتبون صححها لجنة بإشراف الناشر، لكن الواقع أنها لا تصحح وليس فيها أحد ممن يعتمد عليه في التصحيح، فطبعاتها تجارية ليست طبعات محققة علمية بحيث يعتمد عليها طالب العلم، ونبهنا على هذا مراراً، وأكثر المطابع الموجودة الآن لا يوجد فيها لجان علمية تتولى تصحيح الكتب، إنما الطبعات القديمة صححت بواسطة لجان علمية من أهل العلم صححوها، والذي يغلب على الظن أن الهدف من بداية الطباعة ليس هو التجارة وإنما نشر العلم بدليل الدقة، وما يصرف على هذه الكتب من أوقات، قد يستمر الكتاب عشر سنوات يطبع، أو عشرين سنة أحياناً الكتب الكبار لتضمن دقتها ولا يخرج حرف إلا مُتأكد منه.
أما الآن أبداً المطابع يطبع شباب وشابات كثيرٌ منهم غير مسلمين من غير شاشات، ما ينظرون ما يطبعون، بس يضربون الأرقام الحروف يطلع اللي يطلع لأن القصد التجارة؛ لأنه لو تأخروا في التصحيح والمراجعة وكذا الموظفون هؤلاء يحسبون عليهم، حسابهم يحتاجون إلى أموال، والمسألة تجارية، فالطبعات الجديدة لا يعتمد عليها إلا إذا عرف أن هذه الطبعة اعتني بها، وجمع لها نسخ، واطلع على أصول لم يطلع عليها في الطبعات القديمة، وهذا نبه عليه مراراً.
في طبعة المكتبة التجارية مصطفى محمد سنة (54) طيبة، وبعدها أيضاً سنة (73) من مطبعتهم مطبعة الاستقامة جيدة، هناك طبعة قديمة المطبعة الخيرية أيضاً طبعة نفيسة، وعلى هامشها سنن أبي داود، طبعة طيبة، وقبلها الطبعة الكستلية في أربعة مجلدات كبار سنة ألف ومائتين وحدود ثمانين أو خمسة وثمانين هذه طبعة نفيسة، لكن يبقى أن الطبعات المتداولة الآن الصف الجديد لا يوثق بها.
يقول: هل القرطبي صاحب المفهم هو صاحب التفسير المعروف وإن لم يكن هو فمن هو؟
صاحب التفسير أبو عبد الله القرطبي معروف من أئمة المالكية، وشيخه أبو العباس صاحب المفهم، أبو العباس شيخ صاحب التفسير، صاحب المفهم شيخ لصاحب التفسير، وكثيراً ما يقول في تفسيره: ولقد سمعت شيخنا أبا العباس يعني نظير ما يقوله ابن القيم في كتبه، ويقصد بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، هل هو يقلد ابن القيم وإلا .. ؟(32/20)
طالب:. . . . . . . . .
بعد ابن القيم؟
طالب:. . . . . . . . .
شيخ الإسلام بعده، بعد القرطبي بلا شك، من الطرائف واحد من الباحثين نقل رأي لشيخ الإسلام من تفسير القرطبي، يقول: إن القرطبي يقول: سمعت شيخنا أبا العباس يظنه شيخ الإسلام.
يقول: موظف في إحدى الإدارات الحكومية جاءنا شخص في أحد الأيام فأصبح يوزع هدايا على منسوبي هذه الإدارة، وكنتُ من ضمن من أعطاهم تلك الهدايا علماً أن هذا الشخص له معاملات عندنا، ويعلم أن هذه الهدية لن تقدم ولن تؤخر شيئاً هل يجوز لي قبولها؟
لا يجوز قبول هذه الهدايا، ولو كانت في تقديرك أنها لا تؤثر على العمل، لا يجوز قبولها بحال.
يقول: يسأل بعض الأخوات هل هناك دعاء يساعد في تسهيل الولادة؟
يذكر في كتب الطب وابن القيم يذكر لعسر الولادة وغيرهم، لكن المسألة مسألة دعاء، ومنهم من يقول: إذا كتبت سورة الزلزلة وقرئت على من تعسرت ولادتها تسهل ولادتها، المسألة مسألة تجربة وإلا فالقرآن شفاء.
يقول: ما أفضل تحقيق لمسند الإمام أحمد -رحمه الله-؟
أفضل التحقيق لمسند أحمد هو تحقيق الأرناوط الذي ظهر في خمسين مجلد، طبعة كاملة ومحققة ومدروسة الأسانيد، ولا يعني أن كل ما فيها صواب، لكن هي أفضل الموجود، وأكمل الموجود.
يقول: هل الفرق صحيح بين القرآن الكريم والحديث القدسي أن معناه ولفظه من عنده الله، والحديث القدسي معناه من عند الله ولفظه من الرسول -عليه الصلاة والسلام-؟(32/21)
هذا قال به جمعٌ من أهل العلم وهو الظاهر؛ لأنه لو كان لفظه من الله -جل وعلا- كالقرآن لما جاز التصرف فيه من قبل الرواة، لمَّا جازت روايته بالمعنى، لمَّا جازت روايته بالمعنى علم أن اللفظ الموجود في دواوين الإسلام ليس من الله -جل وعلا-، بدليل أن الحديث الواحد حديث أبي ذر: ((يا عبادي)) الحديث القدسي المشهور يوجد في مسلم بلفظ، ويوجد في غيره بألفاظ مختلفة، فدل على أنه تجوز روايته بالمعنى كالحديث النبوي، نفرق بينهما من حيث النسبة، الحديث النبوي نقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والحديث القدسي نقول: فيما يرويه عن ربه، أو قال الله -تبارك وتعالى- أو هكذا، كلاهما {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [(3 - 4) سورة النجم].
هل يجوز حضور دروس فقه أو توحيد أو علم حديث للمشايخ أو طلبة العلم ...
من بعض الإخوان اللي لهم اجتهاد في بعض الأمور، نقول: لهم اجتهادات في بعض الأمور مما يوجد الخلاف بينهم، لعل هذا من فئة يريد أن يطلب العلم على فئة لا مانع كلهم -إن شاء الله- من أهل العلم، وكلهم على خير وفضل وإن اختلفت اجتهاداتهم واختلفت طرقهم ووسائلهم في تحقيق الهدف الصحيح، وكلهم على عقيدة واحدة ومذهبٍ واحد ما بينهم اختلاف إلا اختلاف في بعض وجهات النظر، لا تقتضي أن يحذر البعض من البعض الآخر إلا من كانت لديه بدعة ظاهرة أو بدعة مغلظة مثل هذا يُكف ضرره، يحذر منه، مثل هذا يحذر منه.
هل يستثنى من النهي عن الصلاة قبل الظهر بربع ساعة صلاة الجمعة .... صلاة منهي عنها؟
بالنسبة ليوم الجمعة ما زال الصحابة يصلون من دخولهم المسجد إلى دخول الإمام، فالذي يظهر أنه يوم الجمعة ليس فيه وقت للنهي بل هو مستثنى.
يقول: ما حكم صباغة المرأة لشعرها؟
صبغ المرأة لشعرها بغير الأسود وإذا سلم من التشبه لا شيء فيه -إن شاء الله تعالى-.
يقول: ما الذي يقبل من مرويات ابن عباس؟
ما ثبت عنه بالأسانيد الصحيحة يقبل، سواءً سمعه من النبي -عليه الصلاة والسلام- مباشرة أو لم يسمعه لصغر سنه، أقل أحواله أن يكون من مراسيل الصحابة، ومراسيل الصحابة نقل الاتفاق على أنها حجة.
هذا يسأل عن شرح الأوبي على صحيح مسلم؟(32/22)
وهو شرحٌ مكمل هو إكمال إكمال المُعِلم، الأصل المعِلم للمازري، ثم إكمال القاضي عياض، ثم إكمال إكمال المعلم للأوبي، ومكمل إكمال الإكمال للسنوسي، هذه سلسلة في مجموعها يحصل شرح لا بأس به لصحيح مسلم، إذا ضمَّ إليها النووي والقرطبي في المفهم، وفتح الملهم، ولا يزال الكتاب بحاجة إلى شرحٍ يحل جميع الإشكالات، وعلى كل حال هو شرحٌ من الشروح، ونقل من الشروح التي سبقته وهو جيد في الجملة.
هذا عنده اقتراح يقول: الملاحظ أننا نمشي في الفترة الأخيرة من الدروس ببطء، على نية وصف أضافه بعض الإخوان بالتنوين هذا ببطءٍ يحتاج إلى وصف ببطءٍ شديد كما قال بعض الإخوان، حيث أنه من المقرر أننا دخلنا في كتاب العيدين من ثلاثة أسابيع، لكن تأخذنا كثيراً الإطالة في مسائل لا يترتب عليها كبير فائدة.(32/23)
العادة جرت بأن نمشي على هذا، وأن نشرك الإخوان والطلاب في الدرس، أنا لا يهمني أن نأخذ قدر معين من الكتاب أو ننهي كتاب ونحن ما فهمناه، أما كون ها المسائل لا يترتب عليها كبير فائدة، الفائدة ... لكن إيش دخل كتاب الخوف وباب الخوف هنا؟ يعني إن كان القصد أن الصلاة لا تصلى هذه معضلة مشكلة، وإن كان القصد أنه لماذا ذكر باب الخوف وأفرد بباب بعد كتاب الخوف فهذه منهجية يحتاجها كل طالب علم، كون الإنسان يدركها أو لا يدركها هذه يمكن يدركها بعدين -إن شاء الله-، وأما كون المسائل لا. . . . . . . . .، المسائل متفاوتة ولو اقتصرنا على ما فيه فائدة دون غيره لاختلفنا في تقدير الفائدة، تقدير الفائدة نسبي، ولاقتصرنا على كلمة التوحيد هذه أعظم فائدة نعم؛ لأن استغراقنا في بيان الصلاة وكتاب الصلاة على حساب كلمة التوحيد، لكن لا بد من المرور على جميع أبواب الدين، نعم كوننا نخفف الشرح هذا سهل يعني ما يعجز عنه أحد تخفيف الشرح، كوننا نمشي على أي طريقة ما هي مشكلة هذه، أنا أعرف واحد من المشايخ بدأ بعدنا بالبخاري بأربع سنوات وتقدمنا بمراحل، هذه طريقة ومنهج، هناك شرح للبخاري في مجلد لطيف، وشرح في عشرين ثلاثين مجلد، كلٌ له فائدته، اللي بينتهي على طول ينتهي، القراءة لا يعجز عنها أحد لا سيما من الحاضرين، يعرفون كلهم يقرؤون، لكن الكلام في الفائدة وتقرير الفائدة.
يقول: كثير على حساب الوقت ومسائل أهم؟(32/24)
هو لا شك أن كل شيء له ضريبة، إن أردنا البسط والتوسع لا شك أنه على حساب الوقت، وعلى حساب الأبواب اللاحقة والكتب الأخرى والعلم، على أن نجعل في بالنا أن العلم لا ينتهي ولن ينتهي، ما يمكن أن ينتهي العلم، كوننا نمشي على طريقة واحدة وعلى وتيرة واحدة، ونشرك الإخوان، وتفتق المسائل وتوضح وتبسط وهذا مطلب لكثير من الإخوان، يعني إذا طلب مثل هذا الاختصار فبعض الإخوان يطلب لماذا نختصر هكذا؟ لأنه سمع بعض الدروس أوسع من هذا الشرح، والطريقة الحوارية هي التي نستعملها الآن ونشرك الإخوان طريقة من أنفع الطرق لطلاب العلم، أنا كوني أمسك الكتاب وأشرح وأنا ماشي هذا يمشي الكتاب لا بأس، لكن فهم من فهم ولم يفهم من يفهم هذه مشكلة بعد، فإذا رأيتم أن نمشي مشينا، المسألة لكم أنا ما يخصني شيء في الباب.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما هو معناه أننا نمشي أننا نقرأ قراءة ما هو بصحيح بعد، لا أنا أقول: حتى كلامي أنا ما هو معناه أننا نقرأ قراءة، نشرح ولا نلتفت للإخوان كلهم يعني، اللي يمسك يمسك واللي يكتب يكتب، أنا يا الإخوان لا يضيرني أن أسرع أو أخفف أو أطيل، ما يضيرني هذا، لكن أنا أشوف كثير من الإخوان نصر على أن نطيل، وسمعنا ونسمع كثيراً أن ميزة هذه الدروس بالبسط، وإلا الاختصار ما يعجز عنه أحد، أنا أقدر أشرح لكم الكتاب هذا بشهر ويش المانع؟ وهناك دورة وضعت .. ، تعجبون كثيراً يعني لما أقل لكم: إن واحد من المشايخ وضع دورة لمدة شهر قرئت عليه الكتب الستة شهر واحد، شوف كون الواحد يسكت ويقرأ عليه هذا ما يعجز عنه أحد سهل، يعني ما هي مبالغة ترى واقعة يعني، يقرؤون اثنا عشر ساعة باليوم متواصلة ولا يتكلم بكلمة تسمى دورة، يسمونها دورة، موجود هذا موجود.
يقول: رجوع الإمام مالك للحديث الثاني أي أن الإمام لا ينتظر المأمومين قياساً على باقي الصلوات كيف نأخذ بالقياس هنا والمعلوم أن القياس لا يعتد به في العبادات؟(32/25)
المقصود بذلك القياس الذي لا يستند إلى دليل، هذا يستند إلى دليل نص في الموضوع، لكن كون القياس يؤيد هذا الحديث دون الحديث الآخر هو مرجح ولا يعتمد عليه، وهذه الكلمة كون القياس لا يعتد به في العبادات ولا يدخل في العبادات هذه مسألة نظرية، يتفق عليها أهل العلم لكنهم عند التطبيق تجدون في كتب المذاهب كلها استعمال القياس في العبادات.
يقول: ظهر في بعض المحلات إمكانية توصيل قناة المجد، يقول: وهي إسلامية هادفة خاصة للأطفال، ولكن الاشتراك الرسمي بـ (1800) لمدة ثلاث سنوات، وهناك محلات في الخفاء تركب الجهاز الخاص بها بـ (500) ريال فقط فهل يجوز لي أن أركبها بسعر خمسمائة ومفتوح الاشتراك؟
على كل حال هذه حقوقهم، وتكاليفهم كبيرة جداً، لا يناسبهم إلا هذا السعر، والهدف من إنشائها كما عرفنا منهم ليس الهدف منها الكسب المادي، هذا أصل المقصد الأصلي .. ، وعلى كل حال كلامنا فيها وفي غيرها سئلت عنها مراراً وجوابي واحد: أن السلامة لا يعدلها شيء، والمعافى من هذه الآلات هو بخير على كل حال، لكن إذا كان مبتلى بآلات أخرى فهي خير الموجود الآن، هي خير الموجود، أما كون أحد بدون علمهم وبدون رضاهم يوصل هذه الإفادة من هذه القناة بمبلغٍ أقل لا شك أنه مضرٌ بهم، ولا ضرر ولا ضرار في الشرع، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(32/26)
الموطأ - كتاب صلاة الكسوف
شرح: باب: العمل في صلاة الكسوف، وباب: ما جاء في صلاة الكسوف.
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء.
كتاب: صلاة الكسوف: باب العمل في صلاة الكسوف:
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب صلاة الكسوف: باب العمل في صلاة الكسوف:
حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: خسفت الشمس في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالناس، فقام فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم قام فأطال القيام وهو دون القيام الأول، ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فسجد، ثم فعل في الركعة الآخرة مثل ذلك، ثم انصرف وقد تجلت الشمس فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وتصدقوا)) ثم قال: ((يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته، يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً)).(33/1)
وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: خسفت الشمس فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والناس معه فقام قياماً طويلاً نحواً من سورة البقرة، قال: ثم ركع ركوعاً طويلاً، ثم رفع فقام قياماً طويلاً، وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم سجد ثم قام قياماً طويلاً، وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فقام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول ثم سجد، ثم انصرف وقد تجلت الشمس فقال: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله)) قالوا: يا رسول الله رأيناك تناولت شيئاً في مقامك هذا، ثم رأيناك تكعكعت، فقال: ((إني رأيت الجنة فتناولت منها عنقوداً، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا، ورأيت النار فلم أرَ كاليوم منظراً قط أفظع، ورأيت أكثر أهلها النساء)) قالوا: لم يا رسول الله؟ قال: ((لكفرهن)) قيل: أيكفرن بالله؟ قال: ((ويكفرن العشير، ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئاً قالت: ما رأيت منك خيراً قط)).(33/2)
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-: أن يهودية جاءت تسألها فقالت: أعاذك الله من عذاب القبر، فسألت عائشة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أيعذب الناس في قبورهم؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عائذاً بالله من ذلك، ثم ركب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات غداة مركباً فخسفت الشمس فرجع ضحى فمر بين ظهراني الحُجَر، ثم قام يصلى وقام الناس وراءه، فقام قياماً طويلاً ثم ركع ركوعاً طويلاً، ثم رفع فقام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فسجد ثم قام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فقام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم رفع ثم سجد ثم انصرف، فقال ما شاء الله أن يقول، ثم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "كتاب صلاة الكسوف" الكسوف: مصدر كسف يكسف كسوفاً، وكسفت الشمس تكسف كسوفاً، وحكي ضم الكاف كُسفت وهو نادر، والكسوف في اللغة: التغير إلى سواد، ومنه كسف وجهه وحاله، وكسفت الشمس اسودت وذهب شعاعها.
وفي مسلم عن عروة: "لا تقولوا: كسفت الشمس، ولكن قولوا: خسفت" الحديث الأول هنا في حديث الباب: خسفت الشمس، وجاء في الأحاديث الصحيحة من طرق كثيرة إطلاق الكسوف على الشمس، والمشهور في استعمال الفقهاء أن الكسوف للشمس والخسوف للقمر، واختاره ثعلب، ليخص كل آية بلفظ، فيقال: كسفت الشمس وخسف القمر، وذكر الجوهري أنه أفصح، وحكي عكسه، وهو مقتضى كلام عروة أن الخسوف للشمس والكسوف للقمر، لكنه غلط لا سيما ما يتعلق بالقمر {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ} [(7، 8) سورة القيامة] هذا نص على أن ما يحدث للقمر يقال له: خسوف، وأما بالنسبة للشمس فجاءت النصوص باللفظين، هل جاء بالنسبة للقمر لفظ الكسوف في النصوص؟
طالب:. . . . . . . . .(33/3)
نعم يعني يقال: لا ينكسفان كما أنه يقال: لا ينخسفان على وجه التبعية للشمس جاء ذلك، وإلا فهل حصل القمر أن خسف في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ لم يحصل، وهل كسفت الشمس أكثر من مرة في عهده -عليه الصلاة والسلام-؟ نعم أهل السير مطبقون على أنها لم تكسف الشمس إلا مرة واحدة في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- يوم موت إبراهيم ابن النبي -عليه الصلاة والسلام-، لا شك أن مدلول الكسوف من حيث اللغة مدلول الكسوف .. ، هم قالوا: إنه يطلق الكسوف والخسوف على كلٍ من الشمس والقمر بدليل لا ينكسفان في بعض الروايات، ولا ينخسفان في روايات أخرى.
ولا شك أن معنى الكسوف غير معنى الخسوف من حيث اللغة، الفقهاء يقولون: إذا غابت الشمس كاسفة، أو طلعت والقمر خاسف لم يصلوا، إذا غابت الشمس كاسفة أو طلعت والقمر خاسف، هذا من باب تخصيص كل آية بلفظ، لم يصلوا، لماذا لا يصلون؟ تعليلهم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟ إذا غابت الشمس كاسفة غابت انتهى وقت النهي، هم يقولون لذهاب الانتفاع بهما، كأن المسألة من أجل مشروعية صلاة الكسوف من أجل أن ننتفع بهاتين الآيتين، والعلة المنصوصة التخويف، فإذا قلنا: إنه يصلى بعد غروب الشمس وهي كاسفة نحن لا ندري هل انجلى الكسوف أو لم ينجلِ؟ والحكم والأمر بالصلاة معلق برؤية الكسوف ((فإذا رأيتموهما فصلوا)) وإذا طلعت الشمس والقمر خاسف انتهى لا يُرى، فهذا هو السبب الحقيقي في كون صلاة الكسوف لا تصلى إذا غابت الشمس كاسفة وطلعت والقمر خاسف.(33/4)
مدلول الكسوف في اللغة غير مدلول الخسوف؛ لأن الكسوف التغير إلى السواد كما تقدم، والخسوف: النقصان، فإذا قيل في الشمس: كسفت أو خسفت لأنها تتغير ويلحقها النقص، يحلقها المعنيان معاً، وكذلك القمر، وحينئذٍ يصوغ إطلاق اللفظين على كلٍ من الآيتين، ولا يلزم من ذلك ترادف اللفظين، نظير ما نحن فيه، وإن كان استطراد، ولعله يفيد -إن شاء الله تعالى- ما قيل بترادف الفرد والغريب، ترادف الفرد والغريب قالوا: هم مترادفان من حيث الأصل، ولا شك أن الفرد في اللغة له معنى، والغريب في اللغة له معنى، لكن من حيث الإطلاق الاصطلاحي كلٌ منهما يطلق على تفرد الراوي برواية الخبر، كون هذا يكثر إطلاقه في التفرد المطلق وهذا في النسبي هذا أمر ثاني، لكن يقال: تفرد به فلان وأغرب به فلان، وإن كان اللفظ من حيث اللغة هذا له معنى وهذا له معنى، كما عندنا الآن.
بعض أهل الهيئة أهل الفلك يرون أن الكسوف لا حقيقة له، الآية لا تتغير، الشمس يبقى نورها موجود، القمر يبقى نوره موجود، إنما هو مجرد تغير بالنسبة للرائي، يقول: لا حقيقة له فإنها لا تتغير في نفسها وإنما القمر يحول بيننا وبينها هذا بالنسبة لكسوف الشمس، قولهم في كسوف القمر: إن الأرض تقع بينه وبين الشمس، إذا حال القمر بيننا وبين الشمس تغطى جزء منها أو جميعها، ويأتي ما في الكلام من قبل ابن العربي، هم يقولون: إن كسوف القمر حقيقي؛ لأنه يلزم من القول بأن الأرض تحول دون رؤية القمر؛ لأنه يستمد ضوءه من الشمس، فإذا حالت الأرض بينهما خسف القمر، قولهم هذا يلزم عليه أو هو متفرعٌ من القول بدوران الأرض، لكن المتقدمون منهم لا يرون دوران الأرض، وهم يرون أن كسوف القمر حقيقي، بينما كسوف الشمس غير حقيقي، هؤلاء أهل الهيئة اللي هم علماء الفلك.
ابن العربي يقول: كلامهم غير صحيح، لماذا؟ لأن القمر أصغر بكثير من الشمس، حتى هم يذكرون أرقام نعم أصفارها ما تأخذها الأسطر، أرقام أرقام خيالية، لا يمكن أن .. ، يمكن ما تقرأ، يعني نسبة الأرض إلى الشمس، أو نسبة القمر إلى الشمس أضعاف أضعاف لا يحاط بها، فابن العربي يقول: كيف الصغير يحجب الكبير؟ الصغير كيف يحجب الكبير؟
طالب:. . . . . . . . .(33/5)
بعد المسافة، لو توضع يدك أما المنبر هل في نسبه بين يدك وبين المنبر ذا؟ تغطيه لقرب مسافة القمر وبعد مسافة الشمس.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لا ما هو بحجب الأشعة، الحجب لمصدر الأشعة.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو حجب مصدر الأشعة، الآن الحجب للمصدر،. . . . . . . . . هذا أكبر من هذا، فإذا قربتهم بالنسبة لك قد تكون الأشعة من الجهات الأخرى على أقطار أخرى منتشرة، فالحجب الآن للمصدر مصدر الأشعة، فكلام ابن العربي فيه ما فيه، وإن كنا قد لا نوافق على ما يقولون؛ لأن هذا أمر قد لا ندركه يعني، وخلافنا معهم إلا أنه بالنسبة لدوران الأرض هذا أمر لا نقول به لمخالفته الصريحة، أما كون الشمس بعد هم يقولون: الشمس ثابتة، وجريانها منصوص عليه في كتاب الله -جل وعلا-، فنحن لا نوافقهم فيما يقولون، هذه المسألة أنا أقول: قد لا يكون علمنا بها تاماً وتصورنا كامل لها، إلا أننا نتعامل معها من خلال النصوص، الشمس تجري بالدليل القطعي، ومن قال: إنها لا تجري هذا يكفر بلا شك، أما مسألة دوران الأرض فهي مسألة خلافية، حتى بينهم هم يختلفون في هذا، ولا شك أنها راسية في أدلتنا الشرعية، وهل يختلف أو يتناقض ويتنافى دورانها مع كونها راسية أو لا يتناقض؟ المسألة عاد قابلة للنظر؛ لأنهم من حيث الاستعمال يقولون: هذه السيارة راسية، راسية وهي تمشي مائتين، وليست ثابتة وواقفة وهي راسية بالفعل، لكن الكلام عندنا نصوص وتفسيره باللغة التي نزل فيها، ما هو باستعمالنا إحنا، يعني ما نستدل بكون الأرض تدور وهي راسية باستدلالنا بكلام بعضنا لبعض أن السيارة راسية وهي تمشي، على كل حال المسألة .. ، وهي مسألة عقيمة لا يترتب عليها عمل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(33/6)
الكسوف عندهم هو بالنسبة للرائي؛ لأنه شيء يحجب شيء وينتهي ضوءه، لكن الذي بين أيدينا من النصوص هو أنهما آيتان من آيات الله وجد هذا الكسوف من أجل التخويف، يخوف بهما عباده، وإذا قلنا مثل هذا الكلام -كلام أهل الهيئة- وأضفنا إلى ذلك أنه يدرك بالحساب، وعلمنا به قبل وقوعه ذهبت الحكمة من وجوده كما هو الواقع، قبل شهر يعلنون: أن الشمس تبي تكسف في يوم كذا في الدقيقة كذا عن مكان كذا وتنجلي في وقت كذا، هل يدرك بالحساب؟ مسألة خلافية والواقع يشهد بأنه يدرك، لكن الإخبار بهذا الكسوف وبذلك الخسوف ليس من مصلحة المكلف؛ لأن الحكمة الشرعية من وجود الكسوف تنتفي، النبي -عليه الصلاة والسلام- أفضل الخلق وأعلم الخلق وأتقى الخلق وأخشاهم لله -عز وجل- خرج يجر رداءه يظنها الساعة، فمثل هذا والفزع إلى الصلاة دليل على أن هناك شيء مخيف، وطلب كشف هذا الأمر يدل على أنه لا ينتظر وجوداً ولا انتهاءً؛ لأنا نطلب كشفه، إذا عرفنا أنه بينكشف في ساعة كذا إذاً دعاؤنا عبث، إذا كان وجوده في الساعة الفلانية وانكشافه في الدقيقة أو الثانية الفلانية إذاً دعاؤنا عبث ننتظر حتى ينكشف كما يقول كثير من الناس الآن، والذي أوجد هذا التغير في هذا الجرم الكبير قادر على أن يوجد ما هو أعظم منها، هذا اختلال في سير هذه المخلوقات العظيمة، والذي أوجد هذا الاختلال قادر على أن يوجد ما يتعلق بالبشر، ما يضرهم، والله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .
يعني مسألة إدراكه هل يدرك بالحساب أو لا يدرك؟ نقول: على كل حال سواءً أدرك أو لم يدرك إعلانه لعموم الناس خطأ؛ لأنه بهذا الإعلان تذهب الفائدة والحكمة التي من أجلها وجد هذا الكسوف وهي التخويف.
طالب:. . . . . . . . .
الجمهور على أن صلاة الكسوف سنة مؤكدة، ونقل النووي الإجماع على ذلك، وصرح أبو عوانة في صحيحه بوجوبها قال: "باب وجوب صلاة الكسوف" وحكي عن مالك أنه أجراها مجرى الجمعة، ونقل عن أبي حنيفة الوجوب أيضاً، وفي الكسوف من الحكم ... نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
عامة أهل العلم على أنها سنة مؤكدة، لكن الأمر صريح: ((فإذا رأيتموهما فصلوا)) الأمر صريح، والأصل فيه الوجوب.
طالب:. . . . . . . . .(33/7)
نعم ما نعرف صارف إلا ((هل علي غيرها؟ )) ما في إلا ((هل علي غيرها؟ )) قال: ((لا، إلا أن تتطوع)).
في الكسوف من الحكم ظهور التصرف الإلهي في هذين الخلقين العظيمين، وإزعاج القلوب الغافلة، وإيقاظ هذه القلوب المنصرفة، يقولون: فيه تنبيه على خوف المكر، ورجاء العفو، والإعلام بأنه قد يؤخذ من لا ذنب له فكيف بمن له ذنب؟! لأن هذه الأمور يخوف فيها المطيع والعاصي، وأشد من خاف النبي -عليه الصلاة والسلام-.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب العمل في صلاة الكسوف:
"حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: "خسفت الشمس في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" أي في زمنه، في اليوم الذي مات فيه إبراهيم ابن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فقال القائل: إنها انكسفت لموت إبراهيم، والعرب كانت تزعم أنهما لا ينكسفان إلا لموت أحد، لموت عظيم "فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالناس"، "خسفت الشمس في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلى" العطف بالفاء يدل على أنه مباشرة، حتى أخذ بعضهم أنه -عليه الصلاة والسلام- كان يحافظ على الوضوء فلهذا لم يحتج إلى الوضوء مباشرة صف، صلى على طول، لكن الحافظ ابن حجر يقول: فيه نظر؛ لأن في السياق حذف، الرواية الأخرى تدل على أنه تمهل، وحدث منه بعض التصرفات مروراً بالحجر وغيرها على ما سيأتي.
"فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالناس فقام فأطال القيام نحواً من سورة البقرة" كما في الحديث اللاحق حديث ابن عباس "نحواً من سورة البقرة" وجاء أيضاً في حديث ذكره الفاكهاني أنه في القيام الأول قرأ سورة البقرة، وفي القيام الثاني قرأ آل عمران، وفي الثالث قرأ النساء، وفي الرابع قرأ المائدة، هذا ذكره الفاكهاني، أيهما أطول آل عمران وإلا النساء؟ النساء أطول، فهل هذا مؤيد بما معنا من أحاديث أو مردود؟
"فأطال القيام ثم ركع" نعم لأنه يأتينا في الروايات كلها: "وهو دون القيام الأول"، "وهو دون القيام الأول"، "وهو دون القيام الأول" هذه نعرض لها في وقتها في الحديث الثاني -إن شاء الله تعالى-.
طالب:. . . . . . . . .(33/8)
قرأ آل عمران ثم النساء هم يجيبون عن هذا، يعني إن ثبتت هذه الرواية بأنه يحتمل أنه رتل سورة آل عمران حتى صارت أطول من النساء؛ لأنه معروف من فعله -عليه الصلاة والسلام- أنه يرتل، ويمد بعض السور حتى تكون أطول من أطول منها، ولا يكون حينئذٍ فيه تعارض.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال على فرض صحتها.
"فأطال القيام ثم ركع" يقول ابن حجر: ولم أرَ في شيء من الطرق بيان ما قاله فيه -يعني في الركوع- إلا أن العلماء اتفقوا على أنه لا قراءة فيه، وإنما فيه الذكر كالتسبيح ونحوه، وقد جاء النهي عن القراءة في الركوع والسجود، النهي عن القراءة في الركوع والسجود، "ثم ركع فأطال الركوع ثم قام قائلاً: سمع الله لمن حمده، فأطال القيام" يعني وقرأ بعد ذلك الفاتحة ثم السورة "وهو دون القيام الأول" المراد بالقيام الأول هنا الذي قرأ فيه سورة البقرة، خلونا مع القيامات الأربعة بالسورة من أجل أن نميز بينها؛ لأنه دون الأول دون الأول دون الأول، لا نستطيع أن نميز إلا بالسور، فنسمي القيام الأول: قيام سورة البقرة، والثاني: آل عمران، والثالث: النساء والرابع: المائدة، خلونا على هذا من أجل أن نفهم الحديث وما جاء بعده.
"وهو دون القيام الأول" اللي هو قيام سورة البقرة، هذا ما فيه إشكال "ثم ركع فأطال الركوع -بالتسبيح ونحوه- وهو دون الركوع الأول" وهذا ما فيه إشكال أولية مطلقة "ثم رفع فسجد سجوداً طويلاً" كما في بعض الروايات "ثم فعل في الركعة الآخرة" يعني الثانية المشتملة على ركوعين، وقد فصلت في رواية: عمرو الآتية "ثم فعل في الركعة الآخرة مثل ذلك، ثم انصرف -من صلاته- وقد تجلت الشمس" عاد إليها نورها وضوؤها "فخطب الناس" وعظهم وذكرهم وكشف الشبهة أزال الشبهة التي في أذهانهم، "فحمد الله وأثنى عليه" تفريعية، "فحمد الله وأثنى عليه ثم قال .. " واستدل بهذا من يقول: بأن صلاة الكسوف لها خطبة كالجمعة، "فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال .. " إلى آخره هذه خطبة، وهذا معروف عند الإمام الشافعي وإسحاق، والأكثر على أنه لا خطبة لصلاة الكسوف.(33/9)
كيف نجيب عن مثل هذا؟ "فخطب الناس، حمد الله، وأثنى عليه" نقول: في كلمة، في موعظة اقتضتها الحاجة لا أنها مرتبطة بالصلاة، إنما اقتضتها الحاجة لكشف لبس وموعظة وتذكير يقتضيه المقام، لكن إذا لم يقتضي المقام تذكير، إذا لم يوجد من يقول: إن الشمس تنكسف لموت أحد، وعلى هذا لو حصل الكسوف في يوم الجمعة وعظ الناس وذكروا في خطبة الجمعة هل هم بحاجة إلى خطبة ثانية؟ على القول بأن لها خطبة يقتضي على قول الشافعي وإسحاق، على القول الآخر أنه تم وعظهم وتذكيرهم في خطبة الجمعة ولا داعي لأن يخطبوا مرة ثانية، الظاهر أنها موعظة، يعني في مكانه يتكلم الإمام بما يراه مناسباً للحاجة، وهذا قول الأكثر.
"ثم قال: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات)) يعني علامتان من آيات الله الدالة على وحدانيته -جل وعلا- وعظمته ((لا يخسفان لموت أحد)) لأنه ذكروا أنها إنما انكسفت لموت إبراهيم ابن النبي -عليه الصلاة والسلام- فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يجتث هذه الشبهة من قلوبهم ((لموت أحدٍ ولا لحياته)) هل في أحد قال: إن الشمس تنكسف لحياة أحد؟ نعم ممكن؟
طالب:. . . . . . . . .
الموت لكن لحياة؟!
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لا يعدم أن يوجد من يقول لحياة إلا أن الموت أظهر، العظيم تعرف عظمته قبل موته، لكن كيف نعرف أن هذا الذي ولد عظيم؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هو مجرد اعتقاد، ومنهم من يقول: إنه مبالغة في الإنكار، كما في حديث: "لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول القراءة ولا في آخرها" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الاعتقاد ممكن أن يعتقد لا على التعيين، ما يقال: إن هذا الذي ولد اليوم هذا عظيم، يعني لا على التعيين ممكن، لكن الذي مات على التعيين لمن علم به.(33/10)
((ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله، وكبروا، وتصدقوا)) ((إذا رأيتم ذلك)) في رواية: ((فإذا رأيتموهما فصلوا)) ((فادعوا الله، وكبروا، وتصدقوا)) وهناك: النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى، وفي بعض الروايات -وهي صحيحة في الصحيح-: ((فصلوا)) وهذا أمرٌ بالصلاة، ومقتضاه أنها مرتبطة برؤية الكسوف، وعلى هذا لو حصل الكسوف في وقت نهي على القول بوجوبها لا إشكال، تصلى في وقت النهي، لكن على القول بأنها سنة، فمن يقول: لا تفعل ذوات الأسباب في وقت النهي ما تصلى، وهذا معروف عند الحنابلة والحنفية هذا قول، والمالكية في الجملة، لكن هذه الصلاة بعضهم يرى وجوبها فلا تدخل.
على كل حال مسألة فعل ذوات الأسباب في أوقات النهي مسألة خلافية، لكن هذه الصلاة فيها من القوة والأمر الخاص وترتيب هذا الأمر على هذه الحادثة فيه ما يصلح لمقاومة أو لمعارضة أحاديث النهي، فالأظهر أنها تصلى.
((فادعوا الله، وكبروا، وتصدقوا)) من أجل؟ يعني قدموا شيئاً يكون سبباً لكشف ما بكم، كما أنه تسن الصدقة قبل صلاة الاستسقاء، الإنسان لا بد أن يقدم بين يدي طلبه شيء، الآن الصلاة طلباً لانكساف أو لانكشاف ما بهم، ويقدم بين يدي هذا الطلب ما يقرب إلى الله -جل وعلا-.(33/11)
مسألة سجود الشمس كل ليلة واستئذانها تسجد تحت العرش كل ليلة وتستأذن ولا يلزم من ذلك أن تفارق فلكها؛ لأن هذه أمور غيبية، ولو قلنا: إنها تفارق الفلك والآن بعد أن اكتشفت جميع أجزاء الأرض وأن الشمس لا تغاب عن الأرض، إذا غابت عن جزء طلعت على جزءٍ آخر، فأقول: إن هذا من الأمور الغيبية التي لا تدرك بالرأي، فإذا صحت عندنا الأخبار علينا التسليم، يعني كما نقول في النزول الإلهي؛ لأن بعضهم يورد -هذا حديث صحيح- الله -جل وعلا- ينزل آخر كل ليلة في الثلث الأخر بالأدلة القطعية وصلت إلى حد القطع، والثلث الأخير متفاوت من بلد إلى بلد، وأيضاً قد يكون فيه شيء من المعارضة، وجه معارضة لأحاديث الاستواء، وأدلة العلو، والذي قرره شيخ الإسلام أنه ينزل في آخر كل ليلة، وأنه لا يخلو منه العرش، سمعنا وأطعنا، هذا شيء لا يمكن أن نحيط به، وعلينا أن نعمل، وهذا من باب امتحان المكلف، وقدم الإسلام لا تثبت إلا على قنطرة التسليم.
"ثم قال: ((يا أمة محمد)) وفيه معنى الإشفاق، يعني كما يخاطب الوالد ولده ((والله -هذا قسم- ما من -من زائدة- أحد أغير من الله)) ((ما من أحد أغير من الله -جل وعلا-)) الله -جل وعلا- يغار أن تنتهك محارمه، ((ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته)) ولذا ظهور هذه الفاحشة مؤذن بخطر عظيم، مؤذن بتعجيل العقوبة، كثرة الزنا، وانتشار الفاحشة مؤذن بتعجيل العقوبة، ((يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم)) من عظيم قدرة الله -جل وعلا-، وانتقامه من المجرمين، وهذا هو الظاهر، وهو المناسب للبكاء، ومنهم من يقول: لو تعلمون ما أعلم من عظيم سعة رحمته وحلمه لبكيتم على ما فاتكم من ذلك، لكن الأول أقرب هو المناسب للبكاء ((لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً)) لتفريطكم، وهذا المواجه به الصحابة أفضل الأمة، فكيف بمن جاء بعدهم ممن جمع بين سوء العمل مع حسن الظن وطول الأمل؟ جاء في الوصف وصف خيار الأمة أنهم {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ} [(60) سورة المؤمنون] فجمعوا بين الخوف والوجل مع حسن العمل، على ضد ما نحن عليه، ونحن أولى بأن يوجه لنا هذا الكلام.(33/12)
وعلى كل حال الطبيب الحاذق -كما يقول أهل العلم- يقابل العلة بما يضادها لا بما يزيدها، يقابل العلة بما يضادها، يعني رأيت الناس منصرفين عن الدين تعالجهم بنصوص الوعيد، ما داموا منصرفين يحتاجون إلى من يردهم، ما تقابلهم بفقه التيسير، لكن إذا وجدت أو عشت في بلدٍ فيه تشديد وغلو ومبالغة، أو أمامك شخص يتصف بهذا الوصف تعالجه بنصوص الوعد بسعة رحمة الله -جل وعلا-، لتكسر ما عنده، ولذا جاءت النصوص بهذا وهذا، جاءت بالوعد والوعيد، والموفق من يجمع بينهما، فلا يرجح الوعيد فيحمله ذلك على الخوف والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله، ولا يرجح الوعد فيأمن من مكر الله، وعلى هذا ينبغي أن يعالج كل إنسان بما يناسبه من النصوص.
ثم قال: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس أنه قال: "خسفت الشمس" يعني على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصلى الناس معه، فقام قياماً طويلاً نحواً من سورة البقرة" يقول هذا من؟ ابن عباس، واستدل بهذا من يقول: بأن قراءة صلاة الكسوف سرية، إذ لو كانت جهرية لعلم ابن عباس، لكن لا يمنع أن تكون جهرية ولبعده لم يسمع.
طالب:. . . . . . . . .
بعض الصحابة صلى من الزلزلة، بعضهم صلى، والجمهور على أنه لا يصلى إلا للكسوف.(33/13)
يقول: "فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وصلى الناس معه، فقام قياماً طويلاً نحواً من سورة البقرة، قال: ثم ركع ركوعاً طويلاً، ثم رفع من الركوع فقام قياماً طويلاً -يعني بنحو آل عمران كما تقدم- وهو دون القيام الأول" وهذا القيام الثاني، والأول هنا أولية مطلقة، الأول الذي لم يتقدمه شيء "ثم ركع ركوعاً طويلاً دون الركوع الأول -الذي لم يتقدمه ركوع- ثم سجد -يعني سجد سجدتين- ثم قام قياماً طويلاً -يعني بنحو سورة النساء- وهو دون القيام الأول" القيام الأول أي أول؟ الذي قبله أو الأول أولية مطلقة؟ يعني الأولية هنا بيحتمل أن تكون أولية نسبية؛ لأن كل شيء أول بالنسبة للذي يليه، وهناك أولية مطلقة، يكون عندنا واحد أول والثلاثة التي تليه دون القيام الأول أولية مطلقة، أو دون القيام الأول الذي قبله، وعلى هذا يكون كل قيام دون الذي قبله، فالقيام رقم واحد أطولها، ثم الثاني يليه، ثم الثالث يلي الثاني، ثم الرابع يلي الثالث وهكذا، لكن إذا قلنا: دون القيام الأول أولية مطلقة قلنا: يمتاز الأول بالطول والثلاثة مساوية، طولها واحد لماذا؟ لأنه قيل في وصف الثاني والثالث والرابع دون القيام الأول، إذاً هي مستوية، واللفظ محتمل.
طالب:. . . . . . . . .
هذا إن ثبت، إن ثبت، لكن جاء ما يدل على أنه كل واحد دون الذي يليه، وأيضاً سنة الصلاة أن كل ركعة دون التي قبلها، الركعة الأولى أطول من الثانية، والثالثة أقصر من الثانية وهكذا.
"ثم سجد" بعض الروايات: "سجوداً طويلاً" سجد سجوداً طويلاً، يقول: "ثم قام قياماً طويلاً" يعني بنحو النساء "وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً دون الركوع الأول، ثم رفع فقام قياماً طويلاً" يعني بنحو المائدة "وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً دون الركوع الأول، ثم سجد سجدتين، ثم انصرف" من صلاته يعني بالسلام "وقد تجلت الشمس" الواو واو الحال، الحال أن الشمس قد تجلت قبل انصرافه منها، قبل انصرافه من الصلاة، لو انصرف من الصلاة والكسوف لم ينجلِ ينشغل بالذكر ولا تعاد الصلاة، ينشغل بالأذكار والتلاوة والدعاء والتضرع ولا تعاد الصلاة.(33/14)
"فقال: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته)) " بل هما مخلوقان من مخلوقات الله -عز وجل- ((فإذا رأيتم ذلك -الكسوف- فاذكروا الله)) قالوا: يا رسول الله: رأيناك تناولت شيئاً في مقامك هذا؟ " تقدم وهو في محرابه تقدم "رأيناك تناولت شيئاً في مقامك هذا، ثم رأيناك تكعكعت -يعني تأخرت وتقهقرت- فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((إني رأيت الجنة)) " رؤية حقيقية عينية، كشفت له -عليه الصلاة والسلام-، ورفعت الحجب بينه وبينها إكراماً له -عليه الصلاة والسلام-، ولا يمنع من إرادة المعنى الحقيقي أي مانع، ((إني رأيت الجنة فتناولت منها عنقوداً)) فيه دليلٌ على وجود الجنة والنار، وأنهما مخلوقتان خلافاً للمعتزلة، ((عنقوداً)) أي أردت أن أضع يدي عليه، وفي روايةٍ: ((فحيل بيني وبينه)) ((ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا)) لماذا؟ لأن ثمار الجنة لا مقطوعة ولا ممنوعة، وهذا من ثمارها ((ورأيت النار فلم أرَ كاليوم)) يعني كالوقت الذي هو فيه ((منظراً قط أفظع)) يعني أقبح ولا أشنع ((من ذلك المنظر، ورأيت أكثر أهلها النساء)) قالوا: لم يا رسول الله؟ قال: ((لكفرهن)) " الكفر اللغوي الستر والتغطية، تغطية الجميل والمعروف، ويشارك النساء من يتصف بهذا الوصف من الرجال، فكيف بمن يتصف بما هو أعظم منه؟! لأن الرجل إذا سمع هذا الكلام انبعثت عنده آمال كثيرة، ورأى فضله على النساء بمجرد أنهن يكفرن العشير، عند الرجال من المخالفات ما هو أعظم من ذلك، فإذا وجد مثل ذلك أو ما هو أعظم منه استوجب دخول النار، نسأل الله العافية " ((لكفرهن)) قيل: أيكفرن بالله تعالى؟ قال: ((ويكفرن العشير)) الذي هو الزوج المعاشر ((ويكفرن الإحسان)) أي ..
طالب:. . . . . . . . .(33/15)
لا أكثر الروايات ما فيها هذا ((يكفرن العشير)) هذا تفسير، ((ويكفرن الإحسان)) إحسان الزوج، وهو عطف تفسيري يسمونه عطف تفسيري ((لو أحسنت)) هذه شرطية، ويحتمل أنها امتناعية ((لو أحسنت)) المخاطب ((لو أحسنت)) هذا خطاب لمفرد لكنه متجه لكلِّ من يتأتى خطابه بمثل هذا الكلام ((لو أحسنت لإحداهن الدهر كله)) يعني مدة عمرها ((ثم رأت منك شيئاً)) والتنكير للتقليل، هذا واقع النساء قليلاً لا يوافق غرضها من أي نوعٍ كان، لو كانت خراجة ولاجة، تخرج في كل يوم، ثم منعت في يوم واحد، قالت: العمر كله محبوسة في هذا البيت، ولو أنفقت عليها الأموال ومنعت مما تريد في يوم من الأيام لادعت أنها ما رأت خيراً قط، نعم، والعبارة التي يرددنها: "أنها ما رأيت نوح، ولا باب مفتوح" هذه مشهورة عند الحريم، ثم رأيت منك شيئاً قليلاً لا يوافق غرضها من أي نوع كان ((قالت: ما رأيت منك خيراً قط)) وهذا بيان للتغطية المذكورة والستر وكفر الإحسان المذكور في الحديث.
والإمام البخاري -رحمه الله- ترجم على الحديث: باب: صلاة الكسوف جماعةً، يعني وإن لم يحضر الإمام الراتب فيؤمُّ لهم بعضهم عند الجمهور، وعن الثوري إن لم يحضر الإمام صلوا فرادى، البخاري هذه الترجمة من أين أخذها من الحديث؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- هو الإمام الراتب وهو الذي صلى بهم؟
طالب:. . . . . . . . .(33/16)
((إذا رأيتم ذلك فصلوا)) نعم، وهذا مقتضٍ لأمر الجميع، وفي الحديث المبادرة إلى الطاعة عند رؤية ما يحذر منه، واستدفاع البلاء بذكر الله تعالى وأنواع طاعته، وفيه معجزة ظاهرة للنبي -عليه الصلاة والسلام- حينما كشفت له الجنة والنار، وما كان عليه -عليه الصلاة والسلام- من نصحٍ لأمته وتعليمهم ما ينفعهم، وتحذيرهم مما يضرهم، ومراجعة المتعلم العالم فيما لا يدركه فهمه، راجعوه حينما تقدم وتناول شيئاً، قالوا: رأيناك تناولت شيئاً في مقامك هذا، ثم رأيناك تكعكعت، يسألونه ما السبب في هذا؟ فهي مراجعة من المتعلم العالم فيما لا يدركه، هؤلاء لا يدركون ما حصل، والتحذير من كفران المعروف، وجحد الحقوق، ووجوب شكر المنعم، فإذا وجب مثل هذا للزوج على زوجته فكيف بمن لا تحصى نعمه؟! وإطلاق الكفر على ما يخرج من الملة يعني كفرٌ دون كفر، وتعذيب العصاة من هذه الأمة، وجواز العمل القليل في الصلاة تقدم وتأخر هذا عملٌ قليل داخل الصلاة، وفيه: أن الجنة والنار مخلوقتان موجودتان خلافاً للمبتدعة الذين يقولون: إنما تخلق عند الحاجة إليها، وهذا قول المعتزلة.
طالب:. . . . . . . . .
هذا مجرد استفهام وإلا جاء في النصوص ما يدل على هذا وهذا على حدٍ سواء، جاء فيه هذا وجاء فيه ذاك، لكن أكثر ما يراد بالأكبر المقترن بـ (أل)، وإذا خلا من (أل) فالغالب أنه يراد به الأصغر دون كفر.(33/17)
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن -بن سعد بن زرارة الأنصارية- عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يهودية" وفي رواية عند البخاري: "دخلا عجوزان من يهود المدينة" يعني على عائشة، وهو محمولٌ على .. ، الآن يهودية، واللي دخل ثنتين لا يمنع أن يكون الداخل اثنتين والمتكلم واحدة "أن يهودية جاءت تسألها" شيئاً تعطيه إياها "فقالت" اليهودية لعائشة: "أعاذك الله من عذاب القبر" هذا أمرٌ مقرر في الشرائع السابقة "فسألت عائشة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" قائلة: "أيعذب الناس في قبورهم؟ " فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((عائذاً بالله من ذلك)) ((عائذاً بالله من ذلك)) منصوب على المصدرية بفعل محذوف بلفظ المصدر: أعوذ بالله عائذاً به من ذلك ((عائذاً بالله من ذلك)) أي من عذاب القبر، والمعتزلة ينكرون عذاب القبر، وقد طلب من شخص من أهل السنة أن يصلي على معتزلي فرفض، رفض، بإلحاح شديد قبل، وكأنه ليس من أهل العلم، فلما قَبِل كبر التكبيرة الثالثة فقال: "اللهم إن عبدك فلان ممن ينكر عذاب القبر فأذقه إياه" نسأل الله العافية.(33/18)
"ثم ركب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات غداة مركباً" يعني ركب إلى تجهيز هذه الجنازة التي إبراهيم ابن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ركب بسبب موت إبراهيم "فخسفت الشمس فرجع -من الجنازة- ضحى، فمر بين ظهراني -على التثنية- الحجر" أي بيوته -عليه الصلاة والسلام- "ثم قام يصلى صلاة الكسوف، وقام الناس وراءه يصلون فقام قياماً طويلاً" نحو البقرة على ما تقدم "ثم ركع ركوعاً طويلاً" قريباً من قيامه "ثم رفع فقام قياماً طويلاً" وتقدم ما يدل على أنه بقدر آل عمران "وهو دون القيام الأول"، "ثم ركع ركوعاً طويلاً" يقرب من قيامه "وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فسجد، ثم قام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول" هذا كله تقدم "ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم رفع فقام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول" وعرفنا المراد بالأولية في هذه المواضع هل هي مطلقة أو نسبية؟ "وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعاً طويلاً وهو دون الركوع الأول، ثم رفع -رأسه من السجود- ثم سجد -سجدتين طويلتين- ثم انصرف" من صلاته بعد التشهد بالسلام "فقال ما شاء الله أن يقول" يعني مما تقدم ذكره في حديث عائشة وغيره "ثم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر" قال ابن المنير: مناسبة ذلك أن ظلمة النهار بالكسوف تشابه ظلمة القبر وإن كان نهاراً، والشيء بالشيء يذكر، وفيه: أن عذاب القبر حق خلافاً للمعتزلة، قصة الأعرابي التي استدل بها في قوله -جل وعلا-: {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} [(2) سورة التكاثر] على البعث لما سمع القارئ يقرأ: {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} [(2) سورة التكاثر] قال الأعرابي: "بعث القوم ورب الكعبة" من أين أخذ؟ من الزيارة الزائر لا بد أن يقفل ويرجع.(33/19)
وفي جميع هذه الروايات أن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعةٍ ركوعان، هذا ما اتفق عليه الشيخان، وجاء في صحيح مسلم ثلاث ركوعات، وجاء أربعة، وجاء ما يدل على أنها خمسة في كل ركعة، وأهل العلم يختلفون في كيفية التوفيق بين هذه الروايات، ومنهم من يرى أن الصواب ما اتفق عليه الشيخان، وما عدا ذلك وهم، ومنهم من يصحح الجميع ويقول: بتعدد القصة، وهذا مسلك من يجبن عن توهين رجال الصحيح، وعلى كل حال الجبن في هذا الموضوع محمود، لكن يبقى أن شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- أقسم أو ذكر أن الكسوف لم يحصل إلا مرة، وأن إبراهيم لم يمت إلا مرة واحدة.
وعلى كل حال هما مسلكان في مثل هذا الاختلاف، منهم من يجزم ويحكم للأصح بأنه هو المحفوظ، وما يقابله يحكم عليه بالشذوذ ولو صح سنده، ولو وجد في الصحيح، ومنهم من يقول بتعدد القصة، وعلى كل حال أهل السير متفقون على أنها لم تحصل إلا مرة واحدة.
باب: ما جاء في صلاة الكسوف:
"حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما- أنها قالت: أتيت عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- حين خسفت الشمس، فإذا الناس قيام يصلون، وإذا هي قائمة تصلي، فقلت: ما للناس؟ فأشارت بيدها نحو السماء، وقالت: سبحان الله، فقلت: آية؟ فأشارت برأسها: أن نعم، قالت: فقمت حتى تجلاني الغشي، وجعلت أصب فوق رأسي الماء، فحمد الله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأثنى عليه، ثم قال: ((ما من شيء كنت لم أره إلا قد رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار، ولقد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور مثل أو قريباً من فتنة الدجال -لا أدري أيتهما قالت أسماء- يؤتى أحدكم فيقال له: ما علمك بهذا الرجل؟ فأما المؤمن أو الموقن -لا أدري أي ذلك قالت أسماء- فيقول: هو محمد رسول الله، جاءنا بالبينات والهدى، فأجبنا وآمنا واتبعنا، فيقال له: نم صالحاً، قد علمنا إن كنت لمؤمناً، وأما المنافق أو المرتاب -لا أدري أيتهما قالت أسماء- فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته)) ".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في صلاة الكسوف" يعني غير ما تقدم.(33/20)
"حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة" عن زوجته فاطمة "بنت" عمه "المنذر" بن الزبير بن العوام "عن أسماء" جدتهما، جدة هشام وزوجته لأبويهما "عن أسماء بنت أبي بكر الصديق" ذات النطاقين صحابية جليلة من فضليات الصحابة، تأخرت وفاتها إلى سنة ثلاثٍ وسبعين، ماتت عن مائة سنة، قالوا: لم يسقط لها سن، ولم يتغير لها شيب، متعت إلى أن عاشت مائة سنة .... والله المستعان "أنها قالت: أتيت عائشة" تعني أختها "زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- حين خسفت الشمس" وذهب ضوؤها "فإذا الناس قيام يصلون" للكسوف "وإذا هي -تعني عائشة- قائمة تصلي، فقلت: ما للناس؟ " سألتها وهي تصلي، ما للناس؟ عائشة تصلي فسألتها أسماء ما للناس؟ مخاطبة المصلي ما حكمها؟ وإجابة المصلي بالإشارة المفهمة؟ جئنا بمثال قبل كم درس وقلنا: لو وقف متأخر في الصف وقال: كم صلوا قال جاره هكذا يعني ما أدري، جائز وإلا ما هو بجائز؟ المسألة حكم شرعي، سؤال يحتاج إلى جواب، والجواب بالإشارة هنا وهنا، يعني ما فعلته أسماء جائز وإلا ما هو بجائز؟ وإشارة عائشة جائزة وإلا غير جائزة؟ جائزة، إذاً ما الذي يجيز هذه ولا يجيز تلك الصورة؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني يتوسع في النافلة، لا، افترض أنها نافلة، قال: كم صلوا؟ صلاة التراويح كم صلوا؟، على القول بوجوب صلاة الكسوف لا فرق، لكن يبقى أنه لو جاء في صلاة التراويح أو التهجد وقال: كم صلوا؟
طالب:. . . . . . . . .
الداعي، الداعي مختلف، الداعي للكلام مختلف، طيب لو شخص مشغل المسجل يقرأ قرآن ويسمع هذا المصلي، يستمع وهو يصلي أليس فيه ما يشغله كشغل من يسأله بل أشد؟ المقصود أن على المصلي أن يقبل على صلاته هذا الأصل، عليه أن يقبل على صلاته بقلبه وقالبه، وأن يحضر قلبه، ويستحضر ما يقرأ وما يسمع من الإمام إن كان مأموماً ليرجع بصلاته كلها إن أمكن وإلا فما قرب من الكل.(33/21)
"وإذا هي -تعني عائشة- قائمة تصلي، فقالت: ما للناس؟ " قائمين مضطربين فزعين ما لهم؟ ما شأنهم؟ "فأشارت عائشة بيدها نحو السماء" تشير إلى الكسوف "وقالت: سبحان الله" من التي قالت: سبحان الله؟ عائشة، المرأة إذا نابها شيء في صلاتها تسبح؟ تصفق هذا الأصل، لكن هل نابها شيء الآن؟ من التي قالت: سبحان الله أسماء وإلا عائشة؟ "فأشارت بيدها نحو السماء وقالت: سبحان الله" هذا يدل على أنها عائشة، "فقلت" هذا تعجب بذكرٍ مشروع، أقول: هذا تعجب بذكر مشروع لا يسمعها رجال، وجاء العموم: ((من نابه شيء في صلاته فليسبح)) هو شامل للرجال والنساء، ثم جاء المخصص للنساء، المقصود أن مثل هذا ليس مجالاً للتصفيق إنما هو للتعجب، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أن هذا ليس مقامه مقام التصفيق "فقلت: هذه آية؟ " علامة للتخويف، من قوله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا} [(59) سورة الإسراء] "فأشارت برأسها: أن نعم" برأسها هذه إشارة ثانية "فقلتٌ: آية؟ " أسماء تقول: هذه آية؟ "فأشارت -عائشة- برأسها نعم" إشارة ثانية وسؤالٍ ثاني، وفي رواية: "أي نعم"، "قالت: فقمت" أسماء "قالت: فقمت حتى تجلاني" قمت في الصلاة يعني معهم "حتى تجلاني" غطاني "الغشيُ" "حتى تجلاني الغشي" والغَشْي والغُشيّ نوع من الإغماء سببه طول التعب، تعب الوقوف، والمراد به هنا الحالة القريبة من الإغماء، حالة قريبة من الإغماء، يعني مثل الدوخة، وهذا يصاب به الإنسان إذا بلغه أمرٌ لا يحتمل، لا سيما إن وجد معه ضعف في البنية أو في الاحتمال والصبر، أو فقر دم يصاب بمثل هذا، "وجعلت أصب فوق رأسي الماء" في تلك الحالة يعني وهي تصلي؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
فقمتُ قمت للصلاة، يعني معهم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، معهم "حتى تجلاني الغشي .. " نعم؟ كيف؟
طالب:. . . . . . . . .(33/22)
"وجعلتُ أصب فوق رأسي الماء" في تلك الحالة ليذهب هذا الغشي، وهذا يدل على أن حواسها موجودة ومدركة، يعني ما هو بإغماء كامل قريبٌ منه، دوخة يسمونها دوخة، "فحمد الله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأثنى عليه" من عطف العام على الخاص "ثم قال: ((ما من شيء من الأشياء كنت لم أره إلا قد رأيته)) " رؤية حقيقية كما هو الأصل "في مقامي هذا" (هذا) صفة صلة لإيش؟ لمقامه، الإشارة يوصف به وإلا يوصف؟ يوصف وإلا يوصف به؟ يوصف به، من يحفظ كلام ابن مالك؟ اللي يحفظ كلام ابن مالك نعطيه هذا الكتاب.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا.
ونعتوا بمشتقٍ كصعبٍ وذرب ... وشبهه كذا وذي والمنتسب
وين العربية يا الإخوان؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟ ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
((في مقامي هذا حتى الجنةُ والنارُ)) (حتى الجنةَ والنارَ) (حتى الجنةِ والنارِ) ضبطت بالحركات الثالث، فعلى رواية الرفع ها؟ حتى إيش؟ تكون إيش؟ ابتدائية، الجنة: مبتدأ خبره محذوف تقديره إيش؟ مرئية، حتى الجنة والنار مرئيتان، أو حتى الجنة مرئية والنار كذلك، والنصب على أنها عاطفة على ضمير النصب في (رأيته)، إلا قد رأيته حتى الجنةَ، حتى رأيت الجنةَ، والعطف على نية تكرار العامل، والجر على أنها جارة أو عاطفة على المجرور وهو إيش؟ ما من شيء، وإذا قلنا: عاطفة على (شيء) إما أن نجرها على لفظ (شيء) أو؟ أو إيش؟ على محله، ويش محله شيء؟ ما شيءٌ الأصل نعم مرفوعة.
((ولقد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور)) تمتحنون تختبرون في القبور، أوحي إليه وأعلم بذلك في ذلك الوقت ((مثل فتنة الدجال أو قريباً منها)) فتنة الدجال الكذاب "قالت" فاطمة -فاطمة بنت المنذر-: "لا أدري أيتهما قالت أسماء" مثل أو قريباً هل بينهما فرق من حيث المعنى في فرق؟
طالب:. . . . . . . . .
مثل نعم مطابقة، طيب أو قريباً؟ لكن هل تمكن المماثلة التامة من كل وجه؟ هل هي ممكنة؟
طالب:. . . . . . . . .
مثل أو قريباً، على كل حال هذا تحري ودقة في التعبير.(33/23)
"لا أدري أيتهما قالت أسماء" ((يؤتى أحدكم)) الآتي الملكان أسودان أزرقان، جاء تسميتهما بأنهما منكر ونكير، يعني على ما قيل في الخبر المتضمن التسمية ((يؤتى أحدكم في قبره فيقال له: ما علمك؟ )) ما: مبتدأ وعلمك: خبره ((بهذا الرجل)) محمد -صلى الله عليه وسلم-، ما قالوا: ما رأيكم برسول الله؟ لأن هذا تلقين للجواب، تلقين للجواب، إنما قالوا: بهذا الرجل ليجيب بما يعتقد ((فأما المؤمن أو الموقن)) المصدق بنبوته -عليه الصلاة والسلام- "لا أدري أي ذلك قالت أسماء" المؤمن أو الموقن وكذلك هذا تحري ((فيقول: هو محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، جاءنا بالبينات -المعجزات الدالة على نبوته- والهدى -الدلالة والإرشاد- فأجبنا وآمنا)) وهذا يرجح المؤمن أو الموقن؟ المؤمن ((واتبعنا)) بحذف ضمير المفعول للعلم به، يعني فأجبناه وآمنا به واتبعناه ((فيقال له: نم صالحاً -صالحاً حال- قد علمنا إن كنت لمؤمناً)) من يعرب هذه: ((إن كنت لمؤمناً)) (إن) هذه مخففة من الثقيلة، واسمها؟ ضمير الشأن، و ((كنتَ لمؤمناً)) جملة كاملة، والجملة في محل إيش؟ محل خبر (إن)، (إن) عاملة هذه وإلا مهملة؟
طالب:. . . . . . . . .
عاملة وإلا مهملة؟ إذا خففت (إن) لكن أيهما أفضل؟ {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [(63) سورة طه]
وخففت (إن) فقل العملُ ... . . . . . . . . .
((وأما المنافق)) من لم يصدق بقلبه بنبوة محمد -عليه الصلاة والسلام- ((أو المرتاب)) الشاك، "لا أدري أيتهما قالت أسماء" وهذا أيضاً فيه تحري في موضعٍ ثالث ((فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته))، فيقال له: لا دريت ولا تليت، فيضرب بمطرقة من حديد)) نسأل الله السلامة والعافية.
طالب:. . . . . . . . .
يسأل المؤمن امتحاناً له، ويسأل المنافق ليظهر زيف دعواه، لكن الكافر أصلاً ما ادعى أنه يتبع محمد -عليه الصلاة والسلام-.
طالب:. . . . . . . . .
واليهود تفتن إيه، يفتنون؛ لأنهم يزعمون أنهم على دينٍ صحيح فيظهر لهم زيف دعواهم، على كل حال هذه أمور غيبية يدار فيها مع النصوص.(33/24)
((سمعتُ الناس يقولون شيئاً فقلته)) يستدل بهذا من يذم التقليد، لا سيما في الأصول والعقائد، ولا شك أن الخبر ذمٌ لمن قلد في الأمور الظاهرة الجلية، لكن هناك من أمور العقائد مسائل دقائق لا يمكن إدراكها من جميع الناس، قد يدركها بعض الناس أما جميع الناس لا يمكن، فهل التقليد يذم من كل وجه؟ عوام المسلمين فرضهم التقليد، نعم الأمور الكلية المعروفة من الدين بالضرورة لا تحتمل التقليد، مثل الإيمان بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، هل يقول: أنا والله أنا عشت ببلدٍ يقولون: إن نبينا محمد وأقول أنا مثلهم؟ أو لا بد من الاعتقاد الجازم بأنه نبيٌ مرسل مصدق بلغ الرسالة وأدى .. ؟ نعم لا بد من الاعتراف بهذا، واعتقاد مثل هذا الأمر، وتصديقه بجميع ما أخبر به، وطاعته فيما أمر، المقصود أن الإيمان بالأمور الكلية لا بد منها، ولا يحتمل التلقيد، أما الجزئيات ولو كانت في الأصول يسوغ فيها التقليد.
طالب:. . . . . . . . .
العقيدة فيها مسائل كبرى لا يسع أحد جهلها، وفيها مسائل دقائق لا يدركها إلا أفراد الناس، لو كلف بها عموم المسلمين ما مشى أحد، صح وإلا لا؟ حتى الفروع أيضاً فيها ما لا يحتمل التقليد، وفيها ما يلزم فيه التقليد.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنك تعتقد، يكفيك استفاضتها، وأنها بلغتك بطريقٍ ملزم مفيدٍ للعلم.
طالب:. . . . . . . . .
أما مسألة عدم الجزم بها المسائل الكبرى لا بد من اعتقادها والجزم بها، أما معرفة أدلتها فكونها يدركها هذا العامي بطريقٍ ملزم استفاضة بين المسلمين كلهم تكفيه، العامي الذي لا يحفظ من النصوص شيء كيف يلزم بأدلة؟ وقد لا يستطيع الحفظ أصلاً، لو حفظ ليل نهار ما قدر.
طالب:. . . . . . . . .
الأصول الثلاثة كانت يمتحن بها الناس، ويحفظون إياها في المساجد، كثير من العوام لا يستطيع حفظها، يعني إذا سألته من ربك؟ قال: ربي الله، وإذا سألته من نبيك؟ اكتفى بالأجوبة الثلاثة، والله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .
الكسوف عرفنا صفة الكسوف، وأنها ركعتان في كل ركعة ركوعان، من جاء والإمام راكع أو قبل الركوع الثاني هو انتهى من الركوع الأول وقام إلى القراءة للركوع الثاني من الركعة الأولى يقول أهل العلم: إن الركوع الثاني زائد لا تدرك به الركعة، والعبرة بالركوع الأول الذي هو ركن الصلاة ...(33/25)
الموطأ ـ كتاب الاستسقاء (1)
باب العمل في الاستسقاء
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
كتاب: الاستسقاء باب: العمل في الاستسقاء:
"حدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم أنه سمع عباد بن تميم يقول: سمعت عبد الله بن زيد المازني يقول: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المصلى فاستسقى، وحول رداءه حين استقبل القبلة.
وسئل مالك -رحمه الله- عن صلاة الاستسقاء كم هي؟ فقال ركعتان، ولكن يبدأ الإمام بالصلاة قبل الخطبة، فيصلي ركعتين، ثم يخطب قائماً، ويدعو ويستقبل القبلة، ويحول رداءه حين يستقبل القبلة، ويجهر في الركعتين بالقراءة، وإذا حول رداءه جعل الذي على يمينه على شماله، والذي على شماله على يمينه، ويحول الناس أرديتهم إذا حول الإمام رداءه، ويسقبلون القبلة وهم قعود".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "كتاب الاستسقاء" السين والتاء للطلب كالاسترقاء والاستشفاء طلب الشفاء وطلب الرقية، وطلب السقيا كما هنا من الله -جل وعلا-، السقيا بضم السين وهي المطر تطلب من الله -عز وجل- عند الجدب على وجه مخصوص، وصلاة الاستسقاء جمهور أهل العلم على شرعيتها.
الاستسقاء: طلب السقيا مشروع اتفاقاً، لكن هل له صلاة؟ جمهور أهل العلم أن له صلاة، وأنها ركعتان يجهر فيهما بالقراءة، وقال أبو حنيفة والنخعي وطائفة: لا يصلى لها، وإنما هو الدعاء والتضرع الخاص، النبي -صلى الله عليه وسلم- استسقى بالدعاء عند أحجار الزيت، واستسقى في خطبة الجمعة من غير صلاة خاصة، وخرج بالناس إلى المصلى وصلى ركعتين، فدل على أنها على صور، واستسقاءاته -عليه الصلاة والسلام- أنواع، ستة أنواع ذكرها ابن القيم -رحمه الله- في الهدي، لكن منها الصلاة، ولذا جمهور أهل العلم على أن صلاة الاستسقاء مشروعة.(34/1)
باب: العمل في الاستسقاء: حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم" المدني قاضي المدينة "أنه سمع عباد بن تميم" بن غزية المازني الأنصاري "يقول: سمعت عبد الله بن زيد -بن عاصم بن كعب- المازني" راوي حديث الوضوء، لا راوي خبر الأذان كما زعم ابن عيينة، وقد وهمه البخاري في صحيحه، البخاري -رحمه الله- لما ساق الحديث قال: إن ابن عيينة يرى أن عبد الله بن زيد هذا هو راوي حديث الأذان وقد وهم "يقول: خرج رسول الله إلى المصلى" لأنه أبلغ في التواضع، وأوسع للناس، فيخرج الإمام بالناس متخشعاً متذللأً متضرعاً مظهراً الحاجة، مظهراً الفاقة، مظهراً المسكنة لله -جل وعلا-، مجتنباً موانع قبول الدعاء، هو ومن معه، عليهم أن يجتنبوا ما يمنع قبول الدعاء وإلا صار هذا استخفاف ما هو باستسقاء، والله المستعان.
وليتحرى أتقى الناس وأورعهم وأبعدهم عن أكل الحرام أن يستسقي بالناس، وأن يدعو لهم، وأن يصلى بهم، والناس في هذا المقام ليسوا بحاجة إلى مقامات وخطب رنانة، هم بحاجة إلى قلوب مقبلة خاشعة متذللة ضارعة إلى الله -جل وعلا-، ولذا كانوا يستسقون بالنبي -صلى لله عليه وسلم- بدعائه أفضل الخلق، وسيأتي أنه دعا فمطروا في الحال، ثم استسقى عمر -رضي الله عنه- بالعباس، يعني بدعائه لا بذاته، واستسقى معاوية بيزيد بن الأسود، المقصود أن الناس بحاجة إلى رجلٍ مخلص يستسقي لهم، وليسوا بحاجة إلى خطيبٍ يصف الكلام وينمقه ويرتبه، ويكثر من الأسجاع هذه لها مقامات، لكن في مثل هذا الموضع يختلف الوضع، والله المستعان.(34/2)
"فاستسقى" وذلك في رمضان سنة ست من الهجرة "وحول رداءه حين استقبل القبلة" وفي البخاري من راوية الزهري عن عباد: "فقام فدعا الله قائماً، ثم توجه قبل القبلة وحول رداءه"، وتحويل الرداء للتفاؤل بتحويل الحال وتغييرها، وبهذا جزم كثير من أهل العلم، وتعقبهم ابن العربي: بأن من شرط الفأل أن لا يقصد إليه، يعني يحصل مفاجأة، يحصل لك أمر تستحسنه وتستحسن اسمه، أو ما يقارنه فتتفاءل به خيراً، يقول: "من شرط الفأل أن لا يقصد إليه" قال: "وإنما التحويل أمارة بينه وبين ربه" بين النبي -عليه الصلاة والسلام- وبين ربه، قيل له: "حول رداءك لتتحول حالك" قال ابن حجر: "وتعقب بأن الذي جزم به يحتاج إلى نقل، ما الدليل على أن هذه أمارة بين النبي -عليه الصلاة والسلام- وبين الله؟ ثم إذا كانت هذه أمارة جعلت بينه وبين ربه فماذا عن أتباعه هل نقول: هذه أمارة بين المسلمين وبين ربهم؟ هذا يحتاج إلى نقل، والذي رده هو التفاؤل، ورد في حديث رجاله ثقات كما يقول ابن حجر أخرجه الدارقطني والحاكم، فهو أولى من القول بالظن.
"وسئل مالك عن صلاة الاستسقاء كم هي؟ فقال ركعتان" في حديث ابن عباس -رضي الله عنه- قال: "خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متواضعاً متبذلاً متخشعاً مترسلاً متضرعاً فصلى ركعتين كما يصلي في العيد، لم يخطب خطبتكم هذه" [رواه الخمسة وصححه الترمذي وابن حبان] صلى ركعتان كما يصلي في العيد، يعني صفة صلاة الاستسقاء كصفة صلاة العيد، وصلاة العيد قبل الخطبة وإلا بعدها؟ قبل الخطبة، إذن صلاة الاستسقاء؟ قبل الخطبة، مقتضى قياسه على صلاة العيد أنها قبل الخطبة، وعلى هذا يكبر في أولها سبعاً، وفي الركعة الثانية خمساً، على ما تقدم من تفصيل.
"فقال: هي ركعتان، ولكن يبدأ الإمام بالصلاة قبل الخطبة" يبدأ بالصلاة قبل الخطبة، يعني مثل صلاة العيد، في البخاري: "فاستسقى فاستقبل القبلة، وقلب رداءه فصلى ركعتين، فاستسقى فاستقبل القبلة، فقلب رداءه فصلى ركعتين، قد استدل بهذه الرواية من يقول بتقديم الخطبة، لكن وقع عند أحمد التصريح بأنه بدأ بالصلاة قبل الخطبة، تصريح بأنه بدأ بالصلاة قبل الخطبة.(34/3)
"ثم يخطب قائماً، ويستقبل القبلة" إذا فرغ من الخطبة "ويحول رداءه حين يستقبل القبلة، ويجهر في الركعتين بالقراءة" لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- جهر فيهما بالقراءة، وحكي في الإجماع على ذلك، "ويحول الناس أرديتهم" يعني هذا لا يختص بالإمام يحول الناس أرديتهم، وبهذا قال الجمهور، وقال الليث وأبو يوسف يحول الإمام وحده، ولا يحول المأموم، واستثنى ابن الماجشون النساء فقط، فقال: لا يستحب في حقهن، لا شك أن المرأة إذا صلت في مصلى الرجال من غير حاجز ولا فاصل أنه لا ينبغي لها أن تحول رداءها؛ لأنه يترتب على ذلك مفسدة، تنكشف أمام الرجال، لكن إذا كان النساء في مكان منعزل بحيث تستطيع أن تقلب رداءها وعباءتها من غير رؤية رجال أجانب فالأصل الإقتداء، وأن هن شقائق الرجال.
"إذا حول الإمام رداءه، ويستقبلون القبلة وهم قعود" الأصل أنهم قعود والإمام يخطب، فهل نقول: إذا أرادوا تحويل الرداء يقومون ويدعون قيام؟ أو يدعون وهم قعود؟ أو نقول: الأمر فيه سعة إن دعوا وهم قعود إن دعوا وهو قيام؟ هذا إذا أمكنهم تحويل الأردية وهم قعود.
وتحويل الرداء يكون بجعل طرفه الأيمن على الأيسر والعكس، ولا يلزم تنكيسه كما يقول الإمام الشافعي -رحمه الله-، يجعل أعلاه أسفله أو أسفله أعلاه ما يلزم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الموجود يعني الذي عليه عباءة، بشت، رداء يحول، والذي ليس عليه إلا الشماغ مثلاً لا بأس، هو نوع من التحويل، يحصل به بعض المقصود.
طالب:. . . . . . . . .
نعم تحويل الحال نعم.
طالب:. . . . . . . . .
إيه جاء في السنن ما يدل أن الخطبة واحدة للعيد، لكن عامة أهل العلم جروا على أنها خطبتان، وفي الخبر ما يدل على ذلك، نعم وتشبيه صلاة الاستسقاء بصلاة العيد لا يعني أنه تشبيه من كل وجه، نعم ولذا قال ابن عباس: "لم يخطب خطبتكم هذه".
طالب:. . . . . . . . .
نعم الأمر فيه سعة، فإذا كان القيام أقرب إلى الخشوع والتواضع لا بأس، مثل الدعاء في يوم عرفة وغيره يكون أولى.(34/4)
يقول: نحن موظفون تصل إلينا تقاويم هدايا من قبل بعض المؤسسات والشركات التي لها تعاقد مع وكالتنا فهل يجوز أخذ هذه التقاويم؟ وهل يجوز أيضاً استخدامها في المنزل أو جعلها في المسجد؟
الورع ألا تأخذ هذه التقاويم، الورع ألا تأخذ، لكن إن كانت تبذل لجميع الناس على حد سواء فأنت واحد من الناس، لكن الورع تركها.
يقول: هل من السنة أن تغطي المرأة رأسها عند شدة الألم؟
كيف تغطي رأسها؟ العصابة ما فيها شيء، عصب الرأس؟ ما في شيء.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
هل من السنة أن تغطي المرأة رأسها؟ هذه مسألة حاجة إن احتيج للعصابة فعلت كعلاج، وإن لم يحتاج إليها فلا داعي لها.
الحديث الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أوصاه بصيام ثلاثة أيام من كل شهر بمعناه، لقد سمعنا بتضعيف هذا الحديث، فما مدى صحة هذا الكلام؟
هذا الكلام ليس بصحيح، وقد أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا ثلاثة من أصحابه.
وإذا كان ضعيف فقد سمعنا منكم أن على طالب العلم أنه إذا ضعف هذا الحديث ألا يزهد في تحصيل هذا الأفعال كغيره من الناس؟
مدري والله إيش الكلام هذا؟ على كل حال الحديث لا إشكال فيه، "أوصاني خليلي بثلاث" لا إشكال فيه، أما تعيين الثلاثة الأيام بالبيض فهذا ورد فيه أحاديث أقل منه، وهو حسن لغيره -إن شاء الله تعالى-.
يقول: هل تارك جنس العمل كافر كفر مخرج من الملة؟ مع الخلاف الموجود في حكم تارك الصلاة، فما قولكم فيمن يقول: إنه ليس بكافر ولا مبتدع؟
على كل حال العمل شرط صحة لصحة الإيمان، والمراد جنسه كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية، إذ لا يتصور مسلم لا يعمل، يأمر بأوامر، وينهى عن نواهي ولا يعمل شيئاً البتة، هذا ما قرره شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في كتابه الإيمان.
هل يجوز قتل النصارى الموجودين في المملكة؟ وما رأيكم فيمن يقول: إن العهد نقض بقتالهم المسلمين؟ وإن العهد له شروط: وأن يسمعوا كلام الله، وأن يكون تجاراً، ولا تزيد مدة الإقامة على سنة، وأنه يجوز لأي أحد أن ينقض العهد كما في قصة خزاعة وبني بكر، نرجو التعليق -أثابكم الله- لأنه أمر خطير، ووجد من يفتي به خارج المملكة؟(34/5)
على كل حال تعريض الأمن لأي بلد آمن لا يجوز بحال، لا سيما إذا ترتب عليه ضرر على المسلمين، فكيف بهذه البلاد التي هي مصدر الإسلام، ومرجعه ومأواه، ومعقل المسلمين؟! لا يجوز بأية حال أن يتعرض لأحد، من استحق القتل فالذي ينفذ ولي الأمر فقط، هذا بالنسبة لمن استحق القتل، لا يجوز لأحد أن ينفذ وإن كان مستحق للقتل من غير جهة ولي الأمر، فإن الحدود إليه لا إلى غيره، والأمن كما ذكرنا في مقدمة صلاة الخوف شيء لا يعدله شيء، أمر في غاية الأهمية في حياة الناس كلهم، للمسلمين وغيرهم، كيف يأمن على نفسه؟ كيف يأمن على عرضه؟ كيف يأمن على ماله؟ كيف يأمن على دينه؟ كيف يؤدي؟ كيف يتعبد وهو خائف؟ فتعريض هذا الأمن لأي خلل جريمة من أعظم الجرائم، نسأل الله العافية.
يقول: لدينا آلة تصوير في المدرسة نصور فيها أوراق تخص المدرسة، وكذلك الطلاب هل في ذلك شيء؟
أوراق تخص المدرسة، وهي آلة للمدرسة من أين تأتي الشبهة؟
نعم وكذلك الطلاب هل في ذلك شيء؟
أذا كانت يصور للطلاب جمعياً من غير تخصيص لبعضهم دون بعض، أو لبعضهم دون بعض بالرسوم التي تعود إلى مصلحة المدرسة لا بأس.
طالب:. . . . . . . . .
كيف. . . . . . . . .؟ آلة تصوير للمدرسة ويصور فيها أوراق تخص المدرسة؟ نعم على كل حال إذا كانت لا تطيق ما يطلب من تصويرها فهي أولويات، يبدأ بالأهم فالأهم، نعم، كذا؟
طالب:. . . . . . . . .
يبدأ بالأهم فالأهم، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(34/6)
الموطأ - كتاب الاستسقاء (2)
شرح: باب: ما جاء في الاستسقاء
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا يقول: هل يصح الاستدلال بحديث بريرة -رضي الله تعالى عنها- وشراء عائشة -رضي الله عنها- على جواز بيع التقسيط، حيث أن بعض العلماء المعاصرين استدلوا به على ذلك، وقد تتبعته على حسب الطاقة راويات الحديث فلم أجد فيه أن هناك اختلاف في القيمة من حيث التأجيل أو التعجيل، وقد ذكر الحافظ من فوائد هذا الحديث: وفيه جواز الكتاب على قدر قيمة العبد وأقل منها أو أكثر؛ لأن بين الثمن المنجز والمؤجل فرقاً، ومع ذلك فقد بذلت عائشة المؤجل ناجزاً فدل على أن قيمتها كانت بالتأجيل أكثر مما لو كوتبت به، وكان أهلها باعوها بذلك.
ثم قال أيضاً: وجواز شراء السلعة للراغب في شرائها بأكثر من ثمن مثلها؛ لأن عائشة -رضي الله تعالى عنها- لما بذلت ما قرر نسيئة على جهة النقد مع اختلاف القيمة بين النقد والنسيئة انتهى كلامه.
نرجو التوضيح وهل الأولى بالمسلم التعامل ببيع التقسيط أم يتركه تورعاً لحديث: ((من باع بيعتين)) .. إلى آخره؟
أولاً: البيع إلى أجل، بيع السلع مما يملكها على محتاج لها إلى أجل محل إجماع بين أهل العلم، والزيادة من أجل الأجل أيضاً لا خلاف فيها بين أهل العلم {إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [(282) سورة البقرة] هذه مسألة لا خلاف فيها، الخلاف فيما لو احتاج قيمة هذه السلعة، هو لا يتحاج السلعة يحتاج قيمتها، هذا يعرف بمسألة التورق، عامة أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة على جوازها إذا استوفت شروطها، من مالكٍ للسلعة يبيعها على جائز التصرف بثمن معلوم إلى أجل معلوم، يبيع المشتري على طرف ثالث بعد القبض الشرعي المعتبر لا إشكال في جوازها إذا استوفت هذه الشروط، وهو قول الأئمة الأربعة وأتباعهم، بقي أن من أهل العلم كابن عباس وعمر بن عبد العزيز وشيخ الإسلام ابن تيمية يرون أن مسألة التورق احتيال على الربا، لكنها عند عامة أهل العلم جائزة ودخلة في البيع إلى أجل.(35/1)
الإنسان إذا اشترى السلعة هو حر يتصرف فيها كيف يشاء، كونه محتاج لقيمتها لا أحد يمنعه أن يدفع حاجته بطريق مشروع، ولا يحل الإشكالات القائمة، ولا يقضي على حوائج الناس إلا بهذه الطريقة، نعم السلم فيه حل لهذا الإشكالات، لكن كثر من الناس يصعب عليه أن يلتزم بسلعة يحضرها في وقت محدد، وهو يجد مثل هذه المعاملة التي سهلة ميسرة، وتحل كثير من إشكالات الناس.
ابن القيم -رحمه الله تعالى- يقول: راجعت شيخنا مراراً من أجل أن يقول بـ .. ، أو يعدل عن رأيه في تحريم مسألة التورق فلم يستجب لذلك.
على كل حال إذا استوفت جميع الشروط فالبائع الأول مالك للسلعة ملك تام مستقر، هي من ضمانه لو تلفت يبيعها على شخص راغب فيها أو في ثمنها لا فرق، ثم يقبضها المشتري الثاني قبضاً شرعياً معتبراً، بثمن معلوم إلى أجل معلوم، ويبعها من طرفٍ ثالث لا إشكال فيها -إن شاء الله تعلى-، سواءً كانت بثمن يدفع دفعة واحدة عند حلوله، أو على نجوم يعني أقساط، لا شيء في هذا.
طالب:. . . . . . . . .
لا تصير مسالة العينة، لو باعها على البائع لصارت العينة المحرمة نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
باعها ثم أشتراها ممن باعها منه؟ الآن التاجر الأول باعها على شخص محتاج هذا المحتاج باعها على ثالث ثم وجدها الأول مع الثالث ما في إشكال، المقصود إنه لا يشتريها ممن باعها منه؛ لأن الحيلة حينئذٍ تكون ظاهرة هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
ولو حازها؛ المهم ما ترجع من المشتري الثاني إلى البائع الأول؛ لأن هذه هي مسألة العينة.
طالب:. . . . . . . . .
اشلون وكيل؟
طالب:. . . . . . . . .
يبعها إلى البائع الأول أو ولده ما يجوز البيع لا لوكيله ولا .. ؛ لأن وكيله بمنزلته، وولده في حكمه، على كل حال إن استمر على جهله ولم يعرف هذا معفو عنه، لكن إذا عرف فيما بعد يسترجعه، يسترجعه، العقد محرم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وش فيه؟ الأسهم؟
طالب:. . . . . . . . .(35/2)
الأسهم لا بد من التثبت في ماهيتها، إن كانت هذه الأسهم عبارة عن أموال سيولة في البنوك لا يجوز بيعها بالدراهم أبداً؛ لأن هذا عين الربا، وإن كانت عروض تجارية فتباع ممن يقبضها القبض الشرعي المعتبر، أما مجرد كلام في الشاشات ولا يدرون وش السلعة لا، لا هذا ما يصلح، هذا لا يجوز، أما كلام البنوك وكلنا ونبيع لك فهذا ليس بصحيح أبداً.
هذا يسأل: ما هو النطق الصحيح والمشهور لإسحاق بن راهويه يقول: حيث إنني سمعت لها أكثر من نطق لبعض العلماء؟
أهل الحديث يقولون: راهويه، إسحاق بن راهويه، ويتحاشون النطق بـ (ويه) ويزعمون أنه من أسماء الشيطان، ويذكر فيه حديث لكنه لا أصل له، والصواب أن نطقه على الجادة، كما يقال: سيبويه ونفطويه يقال: راهويه.
يقول: رأيكم فيمن يصحح النقل عن أهل البدع بأن البخاري يروي عن أحد الرواة وهو قد مدح قاتل عمر وما أشبه ذلك؟
مدع قاتل عمر؟! ما يمكن أن يمدح قاتل عمر، ما يمكن بحال أن يمدح قاتل عمر، لكن خرج الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- لعمران بن حطان، وقد مدح قاتل علي، وهو من رؤوس الخوارج ودعاتهم، وحال الخوارج في الرواية عند أهل العلم هم من أوثق الرواة، هم أفضل أهل البدع في الرواية على الإطلاق؛ لأنهم يرون تحريم الكذب، بل يعدونه من عظائم الأمور، بل يكفرون مرتكب هذه الكبيرة، فعندهم الكذب من الكبائر، ومرتكب الكبيرة كافر عندهم، إذاً هم يلتزمون الصدق، ولذا يقول الحافظ ابن حجر: "وما المانع إذا خُرج لمبتدعٍ إذا عرف بصدق اللهجة؟ " واستدرك عليه العيني بقوله: "وأي صدق في لهجة من يمدح قاتل على -رضي الله عنه-؟ "(35/3)
نقول: مثل هذا لا يرجع إلى الصدق والكذب، المدح هذا والذم لا يرجع إلى أصل الصدق والكذب، يرجع إلى الخطأ، هم أخطئوا، وهم على خطر عظيم، بل جمع من أهل العلم يرون تكفير الخوارج للحديث الصحيح: ((يمرقون من الدين)) وإن كان شيخ الإسلام ينقل عن جمهور السلف أنهم ليسوا بكفار، والخلاف في المبتدع الذي لا يكفر ببدعته معروف عند أهل العلم من حيث قبول الرواية وعدمها، والأكثر أن المردود الدعاة فقط، وإن كان المذكور عن ابن حزم العكس أن الدعاة أولى بالقبول من غيرهم من الأتباع، وما من مسألة كما ترون اجتهادية إلا وفيها أقوال متضادة ابن حزم يقول: الدعاة أولى بالقبول، ابن حبان نقل الاتفاق على رد الدعاة، وابن حزم يقول: إن الدعاية أولى بالقبول من المقلد في هذا الباب؛ لأنه ينصر ما يراه الحق، وعلى كل حال بدعة الخوارج عند عامة أهل العلم لا أثر لها في روايته؛ لأنهم عرفوا بصدق اللهجة، خلاف الروافض، فلا شك أن كتب السنة منها الصحيحان طافحة بالرواية عن المبتدعة، إذا لم يرووا ما يؤيد بدعتهم أما إذا رأى المبتدع ما يؤيد بدعته أوجسنا منه خيفة، وتوقفنا في قبول روايته.
على كل حال عندنا النقل عن عمران بن حطان وهو من رؤوس الخوارج القعدية ودعاتهم، وابن حبان نقل الاتفاق على رد الدعاة، البخاري -رحمه الله تعالى- إنما خرج له فيما له شاهد، فلم يعتمد عليه البخاري -رحمه الله-، ومنهم من يقول: إنه رجع عن بدعته، ومنهم من قال: إن الحديث الذي خرجه البخاري عنه إنما نقل عنه قبل أن يتلبس ببدعته، ومعروف أن عمران بن حطان كان على الجادة من أهل السنة من أول الأمر إلا أنه تزوج امرأة خارجية ليكسب أجرها على ما يقول بعض الإخوان؛ يبحث عن امرأة لو كانت ديانتها أقل فيكسب أجراها، يدعوها إلى الله، وهذا خطر عظيم، ومنزلق خطير، وكم من شخص انحرف بسبب الزوجة أراد عمران بن حطان أن يدعوها إلى مذهب أهل السنة فدعته فصار من رؤوس الخوارج، نسأل الله السلامة والعافية.
يقول: ما رأيكم في من يقول لأخيه صلي على النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ -اللهم صل وسلم عليه .. - هل هذا مشروع أو له أصل من الشرع أثابكم الله؟(35/4)
الأمر بالصلاة عليه -عليه الصلاة والسلام- في القرآن: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] ومن صلى عليه -عليه الصلاة والسلام- صلى الله عليه بها عشراً، والنصوص متضافرة على الأمر بالصلاة والحث عليها، فمن يذكر -لا سيما عند الغفلة- من يذكر بهذا الأمر لا بأس به، مثل ما يقال له: سبح، أذكر الله، يعني يريد أن يصرفه عن هذا الموضوع الذي لا خير فيه.
يقول: ما أفضل الطبعات الموجودة حالياً لتفسير الطبري؟
أما القسم الذي حققه الشيخ محمود شاكر فلا نظير له، ولا يغني عنه أي تحقيق، يبقى بقية الكتاب، وهو من أثناء سورة إبراهيم الظاهر إلى آخر القرآن، يعني الذي لم يصل إليه شاكر في التحقيق، الذي يصبر على الطبعات القديمة ويقتصر على طبعة بولاق كاملة، الكتاب كامل، نفيسة طبعة بولاق، لكن الذي لا يصبر على الطبعات القديمة فأمثل الموجود الآن كامل التي حققها الشيخ عبد الله التركي.
فتح الباري أشرنا مراراً إلى أفضل الطبعات طبعة بولاق وما صور عنها إن وجدت وإلا فالسلفية الأولى، وما صور عنها.
شرح النووي على مسلم إن وجدت أو صبر الطالب على مراجعة ما بهامش إرشاد الساري الطبعة السادسة فهي طبعة متقنة، إن كان لا يصبر على ذلك فعليه بالطبعة المصرية البهية في ثمانية عشر جزءاً صغاراً، وما صور عنها.
يقول: ما رأيكم في هذا الصورة في البيع رجل يعمل في بيع الأسمنت وهو يشتريه لأجل مسمى، ولا يدفع الثمن إلا بعد أن يبيعه؟ وهو المعروف في مسألة التورق، لكن المشكلة أنه لا يقبضها القبض الشرعي، فهو يشتريها ثم يبيعها وهو في نفس المصنع، لكنه يمتلك سند قبض، لكن هذا الرجل لن يضمن السلعة إذا تلفت فهذا من نواقض الحيازة للسلعة.(35/5)
يقول: هذا رجل يعمل في بيع الإسمنت يشتريه لأجل مسمى، ولا يدفع الثمن إلا بعد أن يبعه، يعني هذا أجل مسمى؟ نعم؟ هو إذا كان بيع تصريف غير مسألة التورق، وهو المعروف بمسألة التورق هذا خلط، مسألة التورق: أن يأتي شخص محتاج إلى نقود إلى شخص عنده سلعة، والثاني لا يريد السلعة إنما يريد قيمة هذه السلعة، فيبيع عليه هذه السلعة بثمن زائد على قيمتها نقداً إلى أجل مسمى، ثم يقبضها المشتري، يبيعها الأول الذي ملكها ملكاً تاماً مستقراً بحيث تكون من ضمانه إذا تلفت، ثم يبيعها إلى الثاني فيقبضها كذلك، وتصير من ضمانه فبيعها عليه بثمن مسمى معين إلي أجل مسمى، ثم يبيعها الثاني على طرف ثالث، هذه مسألة التورق، وعامة أهل العلم على جوازها، ولم يعرف لهم مخالف إلا ما يذكر عن ابن عباس وعمر بن عبد العزيز، وشيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ ابن عثيمين.
المقصود أن الخلاف فيها نادر والأئمة الأربعة كلهم وأتباعهم على جوازها إذا استوفت شروطها.
يقول: لكن المشكلة أنه لا يقبضها القبض الشرعي، فهو يشتريها ثم يبيعها وهي في نفس المصنع لكنه يمتلك سند قبض، لكن هذا الرجل لن يضمن السلعة؟
الذي لم يضمن السلعة معناه أنه ما اشترى السعلة، إذا اشترى السلعة وقبضها صارت من ضمانه، وحينئذٍ يجوز له أن يتصرف فيها، أما إذا لم يكن ضمانه عليه فليس بملك له، فالضمان على المالك، قبل تمام العقد على البائع، وبعد تمام العقد على المشتري.
لكن هذا الرجل لن يضمن السلعة إذا تلفت، فهذا من نواقض الحيازة للسلعة.
لا يكفي سند القبض في حيازة السلع، وقد نهى -عليه الصلاة والسلام- أن تبتاع السلع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، فلا بد من الحيازة، ومن أهل العلم من يرخص فيما عدا الطعام، يتسامح فيه، يجعل القبض فيه أخف بالعد، أو باستلام ما يدل عليها، أو بالتخلية، أو ما أشبه ذلك، لكن إذا كانت السلعة طعام فهم متفقون على حيازتها، أما غير الطعام فبعض أهل العلم يرخص أو يتساهل في كيفية القبض لا في القبض، لكن الأحوط أن يكون الطعام وغيره سواء.(35/6)
يقول: يسمع كثيراً من العلماء هذه المقولة: "لا إنكار في مسائل الخلاف" هل لهذه العبارة أصلاً عند الفقهاء؟ وما هو مصدرها؟ وإذا صحت ما القول في مسالة التصوير مع ما فيها من خلاف؟ وكذلك مسألة الحجاب، وما فيها من خلاف؟ وكثيراً من الأحكام التي ورد فيها الخلاف هل ننكر على مرتكبيها، أما ماذا نفعل، أفتونا مأجورين؟
نعم وردت كثيراً على ألسنة أهل العلم أنه لا إنكار في مسائل الخلاف، والمراد بذلك المسائل الاجتهادية التي مردها الاختلاف في فهم النص، أو في كيفية تنزيل المسألة على النص، أو استنباطها من القاعدة، على كل حال المسائل المنصوص عليها من الشارع ولو خالف فيها من خالف من أهل العلم ينكر عليه، ينكر على من خالف فيها، إذا كانت المسألة محسومة بنص شرعي.
الأمر الثاني: إذا كان القول المعمول به في بلد من البلدان والمعتمد في بلد، والقول الثاني له آثار فالأصل الإنكار، فمثلاً مسألة الحجاب، مسألة التصوير مع ما فيها الخلاف كثر، لا لأن التصوير فيه خلاف، التصوير حرام، الخلاف في هذا النوع من التصوير هل يدخل في النصوص أو لا يدخل؟ ولا شك أنه تصوير، وهو داخل في النصوص فهو محرم، لكن يبقى أن من اقتدى بعالم تبرئ الذمة بتقليده وفرضه التقليد هو من العوام أو أشباه العوام واقتدى بمن تبرأ الذمة بتقليده ورأى أن .. ، لا لهوى في نفسه، فرق بين أن تقتدي بالعالم الفلاني لأنه إمام تبرأ الذمة بتقليده حتى لو قال لك: حرام اعتمدت أنه حرام، وبين أن تعتمد هذا القول لأنه يوافق هوى نفسك، أنت الآن ما قلدت العالم اتبعت هواك، فإذا قلد الإنسان من تبرأ الذمة بتقليده برئت عهدته من الإثم.(35/7)
مسألة الحجاب: عرفنا أنها وإن كان فيها خلاف إلا أن الراجح بأدلته المتظاهرة المتكاثر أنه يشمل الوجه والكفين، "وكان يعرفني قبل الحجاب" "إذا مر بنا الرجال أسدلت إحدانا جلبابها" المقصود النصوص كثيرة في الصحيحين وغيرهما، القول الآخر له أدلته، والإجابة عنها ممكنة ما فيها أدنى إشكال، هناك أدلة ملتبسة على بعض أهل العلم فجوز من خلالها كشف الوجه، لكن يبقى أنه إذا خشيت الفتنة فتغطيت الوجه إجماع، إذا كان القول المعتمد في بلد من البلدان حمل الناس على القول الأحوط هذا إذا افترضنا أنهم على حد سوى مع أن المسألة في الحجاب لا، ليست الأقوال مستوية، النصوص صريحة في وجوب تغطية الوجه والكفين، إذا فرضنا أن المسألة على حد سوى، الأدلة متعادلة واعتمد قول وأفتى به في بلد من البلدان، لا شك أن هذا القول هو المعتمد، وأن الذي يثير غيره لا سيما إن كان القول الآخر تترتب عليه آثار عملية مؤثرة سلبية فإنه لا حظ له من النظر، بل ينكر على من أفتى به.
"من تعلم لغة قوم أمن مكرهم"
هذا ليس بحديث.
يقول: في أي يد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يضع الخاتم؟
يضعه في يمينه في الخنصر، وهذا أكثر، وجاء في الأحاديث ما يدل على وضعه في الشمال، والمسألة في سعة لكن وضعه في خنصر اليمنى أكثر.
وهل لبس الساعة في اليمين عليها أجر لأنها مخالفة للكافرين؟
لبس الساعة بعض الناس يجعلها في اليسار؛ لأن اليمين هي محل العمل، الأخذ والعطاء، اليد القوية التي تزاول بها الأعمال، فيخشى عليها من أن تتأثر أو تتلف هذا مقصد حسن، وإذا وضعها في يمينه مخالف في ذلك الكفار أجر على ذلك -إن شاء الله تعالى-، وإن قاسها على الخاتم قال: الخاتم باليمين والساعة في حكمه علماً بأن الساعة لا أصل لها في الشرع، لكنها من الأمور المباحة، من الأمور العادية، نعم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للحاضرين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى: "باب: ما جاء في الاستسقاء:(35/8)
حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب أن رسول -صلى الله عليه وسلم- كان إذا استسقى قال: ((اللهم اسق عبادك وبهيمتك، وانشر رحمتك، واحي بلدك الميت)).
"وحدثني عن مالك عن شريك بن عبد الله بن أبي نَمْر ...
نَمِر، نَمِر.
أحسن الله إليك.
"عن شريك بن عبد الله بن أبي نَمْر عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله هلكت المواشي، وتقطعت السبل، فادع الله، فدعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمطرنا من الجمعة إلى الجمة، قال: فجاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله تهدمت البيوت، وانقطعت السبل، وهلكت المواشي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اللهم ظهور الجبال والآكام وبطون الأودية ومنابت الشجر)) قال فنجابت عن المدينة انجياب الثوب قال مالك في رجلٍ فاتته صلاة الاستسقاء وأدرك الخطبة فأراد أن يصليها في المسجد أو في بيته إذا رجع قال مالك: "هو من ذلك في سعة إن شاء فعل أو ترك".(35/9)
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في الاستسقاء" يعني في دعائه وما يتبع ذلك، يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد -الأنصاري- عن عمرو بن شعيب -بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا استسقى قال: ((اللهم اسق عبادك وبهيمتك)) عمرو بن شعيب مرسلاً، وهو عند أبي داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وهذه السلسلة معروفة عند أهل العلم، روي بها أحاديث كثيرة، واختلف أهل العلم في المروي بها، وسبب الخلاف في مرجع الضمير في أبيه وجده، فعمرو بن شعيب معروف، أبوه شعيب، وجده محمد، وعبد الله بن عمرو جد أبيه، وعمرو بن العاص جد جده، فإذا قلنا: عمرو بن شعيب عن أبيه ما في إشكال أنه شعيب، وعن جده من؟ إذا كان محمد فالخبر مرسل، محمد تابعي، فلا يقبل حينئذٍ، وإذا قلنا: الضمير يعود إلى جده يعني أقرب مذكور الجد هو عبد الله بن عمرو، نعم ويكون المراد عن أبيه شعيب عن جده يعني عن جد شعيب عبد الله بن عمرو بن العاص، يعني إذا وحدنا الضمير في أبيه وجده وجعلنا مردهما واحد صار الخبر منقطع، يصير أبو شعيب وجد .. ، أبو عمرو وجد عمرو شعيب ومحمد، وإذا قلنا: عن أبيه شعيب عن جده يعني عن جد شعيب جد الأب لا جد عمرو، فيكون عن عمرو بن شعيب عن أبيه شعيب عن جده عبد الله عمرو بن العاص، نعم الخبر الآن متصل على القول بسماع شعيب عن جده عبد الله بن عمرو، وهذا قال به جمع من أهل العلم، وعلى الحالين عند من يقول بعدم سماع شعيب من جده يكون منقطع، فهو ضعيف على كل حال، ولذا ضعفه بعضهم مطلقاً، حتى فيما صرح به باسم الجد؛ لأنه جاء عند النسائي وغيره: "عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص" نعم هذا يدل على أن مراده الجد عبد الله بن عمرو، لكن يبقى في سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو فمن أثبته قال: الخبر لا شك فيه، صالح، ومن نفى سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو قال: يبقى ضعيف، ولذا ضعفه بعضهم مطلقاً، والقول الوسط أنه إذا صح السند إلى عمرو فأقل الأحوال أن يتوسط فيه، فيكون من قبيل الحسن، القول الوسط أنه إذا صح السند إلى عمرو فيتوسط في قبول هذه السلسلة، وتكون من قبيل الحسن، الخلاف قوي فلا يوصل(35/10)
به إلى درجة الصحيح، وأيضاً هي سلسلة متصلة على هذا القول، ورجالها ماثلون، يعني أقل ما فيهم الصدوق، أقل ما يقال فيه: الحسن، ليس من الصحيح البالغ أعلى درجات القبول، ولا ينزل عن درجة القبول فهو حسن لذاته.
بهز بن حكيم عن أبيه عن جده الكلام هناك ما هو في اختلاف الضمير، الضمائر ما فيها إشكال هناك، بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة ما فيهم إشكال؛ لأن حيدة ليس بصحابي، فلا يرد الإشكال في الضمائر، الإشكال في بهز نفسه فيه كلام، وقال البخاري لما سأله الترمذي عن حديث روي بهذا الإسناد، فقال: صحيح، صحح حديثاً روي بهذا الإسناد، وعلق حديثاً عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، ولذا اختلف أهل العلم في الأرجح من السلسلتين، منهم من يقول: تصحيح البخاري ولو خارج الصحيح أقوى من مجرد ذكره في الصحيح، ومنهم من يقول: إدخاله في هذا الكتاب الذي تلقته الأمة بالقبول، وتحرى فيه الإمام البخاري ما تحرى أقوى ولو كان معلقاً، والذي يظهر أن عمرو بن شعيب أقوى من بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عند التعارض، "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا استسقى قال: ((اللهم اسق عبادك وبهيمتك)) البهيمة: كل ذات أربع من الدواب، وكل حيوان لا يميز، وعند ابن ماجه: ((لولا البهائم لم تمطروا)) ((وانشر -ابسط- رحمتك)) وفيه إثبات الرحمة -صفة الرحمة- لله -جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته، كما في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ} [(28) سورة الشورى] ((وأحي بلدك الميت)) أو الميّت بالتخفيف والتشديد، قال -جل وعلا- {وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا} [(11) سورة ق] بالتخفيف وإلا بالتشديد؟ بالتخفيف، إيش الفرق بين الميت والميّت؟ ميت سيموت، وميّت قد فارق روحه جسده.
ليس من مات فستراح بميتٍ ... إنما الميّت ميّت الإحياءِ
هذا ميت وإلا سيموت؟ هاه؟(35/11)
يعنى موت معنوي ما هو بموت حسي، يعني إذا لم يرد بذلك مفارقة الروح الجسد فالمسألة فيها سعة إن شئت قلت: ميت وإلا ميّت، أما إذا أريد بالموت مفارقة الروح الجسد فيفرق بينهما على ضوء ما قيل: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} [(30) سورة الزمر] إنك ميت: يعني ستموت، وإنهم ميتون: يعني سيموتون.
((رحمتك)) المراد بها المطر، المقصود أن الله -جل وعلا- موصوف بهذه الصفة، وقلنا: مراراً أنه لو قاله من يثبت صفة الرحمة، رحمتك المراد بها المطر من قاله من عرف من عقيدته أنه يثبت ما يلام، إذا فسر باللازم، كما في: ((والذي نفسي بيده)) إذا قال من يثبت صفة اليد لله -جلا وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته: روحي في تصرفه، قلنا: ما في أحد روحه ليست في تصرف الله -جل وعلا-، لكن إذا كان الشخص لا يعرف حاله لا بد أن يثبت، إذا عرف ممن يثبت لا يتصور منه أنه ينفي، وعلى كل حال إثبات صفة الرحمة إثبات صفة اليد أمور قطعية.
((واحي بلدك الميت)) وهذا الحديث مخرج في سنن أبي داود متصلاً من طريق عبد الله بن مسلمة عن مالك.(35/12)
يقول: "حدثني عن مالك عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر" نمر فعل، والنسبة إليه نمري بفتحتين، وهكذا كل مكسور الثاني يفتح، لماذا؟ لئلا تتوالى الكسرات، لا تقل: نمِرِي، النسبة إلى ملِك ملَكِي لا تقل: ملِكِي، نعم سلِمة سلَمي وهكذا "عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر" القاضي المعروف له أوهام، عدت أوهامه لا سيما في حديث الإسراء له عشرة أوهام في حديث الإسراء، بينها ابن القيم في الهدي، وابن حجر في فتح الباري وغيرهما، وأشار الإمام مسلم إلى أنه زاد ونقص، وقدم وأخر "عن أنس بن مالك أنه قال: جاء رجل" قال الحافظ: لم أقف على اسمه، فدخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر "إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله هلكت المواشي -يعني من الجدب- وتقطعت السبل" لضعف الإبل، لقلت القوت لا تجد ما تأكله في الطرق، في هذه الحالة لا يركب عليها، ما يسافر عليها؛ لئلا تهلك "تقطعت السبل فادع الله" يغيثنا أو يغثنا؟ وين اللي جاوب؟ إيش؟ يغيثنا بالياء وإعرابها؟ ما هو بالإعراب يكون برد الجملة، إعرابها "فادع الله يغيثنا أو يغثنا؟ إعرابها؟ هاه؟ إيش؟ جواب الطلب أو جواب شرط مقدر كله واحد، القاعدة يغثنا، لكن الذي في الصحيح: "يغيثنا" في بعض روايات الصحيح: "يغيثنا" وحينئذٍ ماذا نقول؟ على الإشباع، ما يمنع أنه على الإشباع، مثل؟ {إنه من يتقي ويصبر} [(90) سورة يوسف] "فدعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((اللهم اسقنا)) ثلاثاً"، "اللهم اسقنا، اللهم اسقنا، اللهم اسقنا" "فمطرنا من الجمعة إلى الجمعة" أسبوع، في البخاري: "والله ما رأينا الشمس سبتاً" يعني أسبوعاً "قال: فجاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" ظاهر السياق أنه غير الأول؛ لأن النكرة إذا أعيدت نكرة صارت غيرها، وفي البخاري: "قال شريك: سألت أنساً أهو الأول؟ قال: لا أدري" وفي بعض الروايات ما يدل على أنه هو الأول "فدخل ذلك الرجل" فدل على أنه هو الأول، وعلى كل حال تسميته لا يترتب عليها شيء "فجاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله تهدمت البيوت، وانقطعت السبل، وهلكت المواشي" وفي المرة الأولى هلكت من الجدب، وهنا هلكت غرقاً "فقال رسول(35/13)
الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اللهم ظهور الجبال والآكام)) " ظهور نعم اسق ظهور الجبال، أو اجعل المطر على ظهور الجبال، الأمر فيه سعة، الآكام: جمعة أكمة بفتحات، قال الخطابي: الهضبة الضخمة، وقيل: الجبل الصغير، هناك أقوال كثيرة في معنى الآكام، ((وبطون الأودية، ومنابت الشجر)) قال: فانجابت -خرجت عن المدينة- كانجياب الثوب" يعنى خرجت كما يخرج الثوب عن لبسه "قال مالك في رجل فاتته صلاة الاستسقاء، وأدرك الخطبة، فأراد أن يصليها في المسجد أو في بيته إذا رجع، قال مالك: هو من ذلك في سعة" يعني الأمر فيه سعة "إن شاء" قضاها وإن شاء تركها لأنها سنة "إن شاء فعل أو ترك" إذ شأن النوافل ذلك، إن شاء فعلها، وإن شاء ترك.
يقول: هل يشرع الاستسقاء مع عدم وجود الجدب يحدث كثيراً عندما يأمر الإمام بها؟
على كلٍ الإنسان لا ينظر إلى نفسه، المقصود رفع الضرر عن المسلمين، الآن لو قيل: إن هذه السنة نزلت أمطار كثيرة وكثر الكلأ والعشب ولسنا بحاجة إلى الاستسقاء نقول: لا يا أخي بعض جهات المسلمين ما جاءها مطر، فنستسقي من أجلهم، الأمر الثاني: أن المخزون من المياه الجوفية مهدد، فلا يمنع أن يستسقى حتى مع نزول المطر.
طالب:. . . . . . . . .
والله لو استعملت أنواع الاستسقاءات التي فعلها النبي -صلى الله عليه وسلم- الستة، ورئي تكرارها لا مانع ما في بأس -إن شاء الله-.
طالب:. . . . . . . . .
نعم إذا اجتمعت الجمعة والاستسقاء، أما تجتمع في خطبتها، يستسقى في خطبة الجمعة الحديث الذي معنا نص، لكن يصلى لصلاة الاستسقاء في يوم الجمعة هذا ما فعله أحد ممن سبق، وإن كان لا يوجد ما يمنع، لكن ما فعله أحد، وإذا كانت تترك الجمعة لاجتماعها مع العيد فلئن تترك الاستسقاء من باب أولى.
سم.
"باب: الاستمطار بالنجوم:(35/14)
حدثني يحيى عن مالك عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن زيد بن خالد الجهني -رضي الله عنه- أنه قال: صلى لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل، فلم انصرف أقبل على الناس فقال: ((أتدرون ماذا قال ربكم؟ )) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب)).
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: ((إذا أنشأت بحرية ثم تشاءمت فتلك عين غديقة)).
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن أبا هريرة -رضي الله عنه- إذا أصبح وقد مطر الناس مطرنا بنوء الفتح، ثم يتلو هذا الآية: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ} [(2) سورة فاطر].
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: الاستمطار بالنجوم" يعني بيان حكمه، وأنه أمر خطير قد يودي بقائله إلى الشرك الأكبر المخرج عن الملة على ما سيأتي.
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود -أحد الفقهاء- عن زيد بن خالد الجهني أنه قال: صلى لنا" يعنى لأجلنا واللام بمعنى الباء "رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الصبح في الحديبية" بالتخفيف عند الأكثر، وإن كان أكثر المحدثين يشددونها "على إثر سماء" إثر عقب، بعد سماء يعني مطر، والسماء هنا يراد به المطر؛ لنزوله من جهة السماء، من جهة العلو.
إذا نزل السماء بأرض قومٍ -يعني المطر- رعينها وإن كانوا غضابا.(35/15)
"على إثر سماء كانت من الليل، فلم انصرف -من صلاته- أقبل على الناس بوجهه فقال لهم: ((أتدرون ماذا قال ربكم؟ )) " استفهام للتنبيه "قالوا" فيه طرح الإمام المسألة على أصحابه بهذه الطريقة يثبت العلم بالمناقشة بإلقاء الأسئلة وتلقي الأجوبة وتسديدها وتصويبها "الله ورسوله أعلم" ردوا ووكلوا العلم إلى عالمه، وهذا من أدبهم ما اجتهدوا "قال: ((قال ربكم: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي)) وهذه الإضافة (من عبادي) إضافة تعميم، بخلاف الإضافة في مثل قوله -جل وعلا-: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [(42) سورة الحجر] هذه إضافة تشريف، هذه إضافة تعميم فتعم المؤمن والكافر ((قال: من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي)) لأنه نسب هذه النعمة إلى مسديها وهو الله -جل وعلا- ((كافر بالكوكب)) بالإفراد الذي ينسب إليه نزول المطر عند أولئك القسم الثاني ((وأما من قالوا: مطرنا بنوء)) يعني كوكب ((كذا وكذا)) وعند النسائي من حديث أبي سعيد: ((بنوء المجدح)) الذي هو الدبران ((فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب)) حيث نسب هذه النعمة التي هي من الله -جل وعلا- إلى غير مسديها، هذا كفر النعمة نسأل الله العافية، وإن اعتقد على أن الكوكب يقدر على إنزال المطر، ويستقل بإنزاله دون الله -جل وعلا- فهذا كفره أكبر مخرج عن الملة، فيحتمل أن يكون الكفر أكبر إذا اعتقد أن النوء يستقل بإنزال المطر، أو أصغر وهو كفر النعمة لما عند مسلم: ((ما أنعمت على عبادي من نعمة إلا أصبح فريق منهم بها كافرين)) يعني بهذه النعمة.(35/16)
وعلى كل حال هو خطر عظيم، لكن إذا قال: مطرنا في نوء كذا، مطرنا في المرانية مثلاً، يعني المقصود الوقت، مطرنا في الوسم، مطرنا في رمضان، مطرنا في شعبان، يعني نزل علينا المطر في ذلك الوقت، لا منه ولا بسببه، باعتبار أنه مظنة بالمطر والممطر هو الله -جل وعلا-، هذا مجرد إخبار لا يتعلق به اعتقاد إذا قلت: لي مبلغ في ذمتك في شيء؟ يقسم بها؟ يريد القسم؟ هذا قسم إذا قال: بذمتك، لكن لو قال: بذمتك مبلغ من المال ويش فيه؟ المقصود أن الأمور بمقاصدها، والسياق يبين المراد، وهنا: ((كافر بي مؤمن بالكوكب)) كثير من الأمور تنسب إلى الظواهر الطبيعية، وأحياناً إلى الأوقات، الآن مستفيض عند الناس أن البحر يكثر مده في منتصف الشهر صحيح وإلا لا؟ ما يكثر المد في منتصف الشهر أو كذا؟ المقصود أن هذه تصرفات مربوطة بالشهر بنصفه بآخره، هل هذا مخالف؟ يعني إذا اطردت به العادة، إذا اطردت العادة بذلك هل نقول: إن القمر له تأثير؟ نعم يقولون: إن ضوء القمر له تأثير في هذا، والمؤثر هو الله -جل وعلا-، هذا إن اطرد وإلا فالأصل النفي، لكن إن اطرد فالله -سبحانه وتعالى- هو المؤثر وحده، كونه جعل هذا الأثر في هذا الوقت كما أنه يجعل القمر بدراً في منتصف الشهر، وهلالاً في آخره هذه إليه -جل وعلا-.
طالب:. . . . . . . . .
إيش هي؟ الجاذبية؟ الجاذبية لها ارتباط بالقمر وإلا بأين؟ على كل حال إذا اطرد هذا واعتقدنا أن المؤثر الذي جعل الجاذبية في هذا هو الله -جل وعلا- أصبح في هذا اليوم وحكم هذا اليوم حكم غيره من الأيام.(35/17)
"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: ((إذا أنشأت بحرية)) " أي ظهرت سحابة بحرية أي من جهة البحر ((ثم تشاءمت)) أخذت إلى جهة الشام، يعني جاءت من الغرب ثم مالت إلى جهة الشمال ((فتلك عين غديقة)) أي غزيرة، تصغير غدقة، كما في قوله تعالى: {مَّاء غَدَقًا} [(16) سورة الجن] أي كثيراً، وهذا الخبر أحد أحاديث أربعة بقيت منقطعة، ابن عبد البر -رحمه الله- تولى وصل جميع ما في الموطأ من المقاطيع إلا أربعة أحاديث هذا واحد منها، ووصله ابن الصلاح في جزء له مطبوع، على كل حال ((إذا أنشأت بحرية ثم تشاءمت فتلك عين غديقة)) الآن الارتباط بين كثرة المطر والريح، هل نقول: إن زيادة هذه العين وهذا الماء الكثير سببه الرياح التي ساقتها من جهة الغرب إلى جهة الشمال؟ أو نقول: هذا سبب والمسبب هو الله –جلا وعلا- كما نقول: إننا أصبنا ببردٍ شديد بسبب الريح الشمالية النسرية الغربية الذي يقوله الناس؟ نعم، هذه أسباب والمسبب هو الله -جل وعلا-، يقول ابن عبد البر: هذا الحديث لا أعرفه من وجه من الوجوه في غير الموطأ إلا ما ذكره الشافعي في الأم، يعني عن محمد بن إبراهيم بن أبي يحيى عن إسحاق .. إلى آخره، وسنده ضعيف حتى عند الشافعي -رحمه الله-.
"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن أبا هريرة كان يقول إذا أصبح وقد مطر الناس: "مطرنا بنوء الفتح" بنوء الفتح هل هناك نوء يقال له: الفتح؟ نجم يقال له: الفتح؟ ما في، إذاً ما الفتح؟ فتح ربنا، رداً لما عليه المشركون من إضافة المطر إلى الأنواء يعني مخاطبة القوم باصطلاحهم، بعبارة وأسلوب شرعي، هم قالوا: بنوء، وهو قال: بنوء، ما يخالف، لكن بدل ما هو بنوء كذا وكذا يعني المجدح، نعم نوء الفتح، "ثم يتلو هذا الآية: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ} [(2) سورة فاطر] " هذا هو الفتح الذي مطرنا بنوئه، {مِن رَّحْمَةٍ} [(2) سورة فاطر] مطر ورزق وهذا مثل السابق، وفيه إثبات الرحمة لله -جل وعلا- {فَلَا مُمْسِكَ لَهَا} [(2) سورة فاطر] أي لا يستطيع أحد أن يمنعها عنهم، {وَمَا يُمْسِكْ} [(2) سورة فاطر] يمنع من الرحمة فإنه لا مرسل ولا مطلق لهذه الرحمة إذا أمسكها أحد من بعده، فيكف يصح إضافته للأنواء وهي مخلوقة؟!
سم ...(35/18)
الموطأ - كتاب القبلة (1)
شرح: باب: النهي عن استقبال القبلة والإنسان على حاجته
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
كتاب القبلة: باب: النهي عن استقبال القبلة والإنسان على حاجته:
"حدثني يحيى عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن رافع بن إسحاق مولى لآل الشفاء، وكان يقال له: مولى أبي طلحة أنه سمع أبا أيوب الأنصاري صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو بمصر يقول: "والله ما أدري كيف أصنع بهذه الكرابيس؟ وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا ذهب أحدكم الغائط أو البول فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها بفرجه)).
وحدثني عن مالك عن نافع عن رجل من الأنصار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن تستقبل القبلة لغائط أو بول".
يقول -رحمه الله تعالى-: "كتاب القبلة: باب: النهي عن استقبال القبلة والإنسان على حاجته" يقضي حاجته من بولٍ أو غائط أو جماع؛ لئلا يفضي بفرجه إلى جهة القبلة المعظمة المكرمة شرعاً.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة -الأنصاري المدني- عن رافع بن إسحاق -المدني أيضاً تابعي ثقة- مولىً لآل الشفاء" وفي بعض الروايات: "مولى الشفاء بنت عبد الله بن عبد شمس" صحابية "وكان يقال له: مولى أبي طلحة" مولى أبي طلحة جد إسحاق المذكور "أنه سمع أبا أيوب -خالد بن زيد بن كليب- الأنصاري -البدري- صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" من كبار الصحابة، نزل عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما قدم المدينة، وشهد المشاعر كلها، وتوفي سنة خمسين ببلاد الروم بالقسطنطينية يقول: "وهو بمصر يقول: والله ما أدري كيف أصنع بهذه الكرابيس؟ " المراحيض، مواضع قضاء الحاجة، واحدها: كرباس "كيف أصنع بهذه الكرابيس؟ " هي الكنف التي يقضى فيها الحاجة "وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا ذهب أحدكم الغائط أو البول .. )) " الأصل أن الفعل (ذهب) لازم وإلا متعدي؟ لازم، وهنا نُسب الغائط على حذف الخافض من باب التوسع ((إذا ذهب أحدكم الغائط أو البول)) و (أو) هذه للشك أو للتقسيم؟
طالب:. . . . . . . . .(36/1)
نعم للتقسيم، في بعض النسخ: ((إذا ذهب أحدكم إلى الغائط أو البول)) على الجادة، والأصل في الغائط المكان المطمئن المنخفض الذي يقصد لقضاء الحاجة؛ لأن المكان المطمئن أستر من غيره، ثم نقل من المكان إلى ما يوضع في المكان، من باب إطلاق المحل وإرادة الحال، ويش يسمونه هذا؟ مجاز؟ يسمونه مجاز مرسل، علاقته؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم كلاهما الحالية والمحلية ((فلا يستقبل القبلة)) المراد بها الكعبة ((ولا يستدبرها)) أي يجعلها مقابل ظهره ((ولا يستدبرها بفرجه)) أي حال قضاء الحاجة، لا يستقبل القبلة ولا يستدبرها بفرجه أي حال قضاء الحاجة،
في الصحيحين قال أبو أيوب: "وقدمنا الشام فوجدنا مراحيض بنيت قبل القبلة فننحرف ونستغفر الله" ننحرف ونستغفر الله، هذه المراحيض وهذه الكنف التي تبنى منها ما يمكن استعماله مع تغيير الجهة، منها ما يمكن استعماله مع تغيير الجهة، ومنها ما لا يمكن استعماله إلا على نفس الجهة أو السمت الذي بنيت عليه، نعم؟ صحيح وإلا لا؟ فإذا أمكن استعمالها مع تغيير الجهة تعين، على الخلاف في المنهي عنه هل هو على الإطلاق أو في الفضاء دون البنيان أو كان النهي قبل ثم نسخ؟
هذا يقول: الكرابيس المراحيض قيل: تختص بمراحيض الغرف وأما مراحيض البيوت فيقال لها: الكنف؟
على كل حال التفريق ما يذكر له أصل.
يقول أبو أيوب: "فوجدنا مراحيض بنيت قبل القبلة فننحرف ونستغفر الله" الانحراف اليسير يكفي وإلا ما يكفي؟ الانحراف اليسير انحراف يسير نعم لا يكفي؛ لأنه لا يؤثر في الصلاة، فهي قبلة، ما تزال قبلة، لا تزال قبلة الانحراف اليسير لا يكفي، إذاً لا بد من انحراف يبطل الصلاة، لا يبقى معه مسمى القبلة، انحراف لا يبقى معه مسمى القبلة.
((إذا ذهب أحدكم الغائط أو البول فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها بفرجه)) ارتباط الذهاب بالغائط والبول وترتيب النهي على هذا يجعل النهي خاص في حال قضاء الحاجة، لو إنسان متجرد عريان يغتسل هل يُمنع من استقبال القبلة؟ نعم؟ ((ولا يستدبرها بفرجه)) أو هذا خاص بالبول والغائط؟ هل يلحق به أو فيه نص يتناول الجماع مثلاً؟ هاه؟(36/2)
الحديث الذي يليه يقول: "وحدثني عن مالكٍ عن نافع -مولى ابن عمر- عن رجلٍ من الأنصار أن رسول الله" كذا رواه يحيى، والصواب قول سائر الرواة: "عن رجلٍ من الأنصار -عن أبيه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن تستقبل القبلة لغائطٍ أو بول" جاء عن رجلٍ من الأنصار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن تستقبل القبلة لغائطٍ أو بول هذا متصل وإلا غير متصل؟ عن رجلٍ من الأنصار هل يلزم من كونه رجلاً من الأنصار أن يكون صحابي أو من أولادهم؟ يعني أولاد الأنصار يقال لهم: أنصار؟ وأولاد المهاجرين يقال لهم: مهاجرون؟
طالب:. . . . . . . . .
عن أبيه.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن حتى على القول عن أبيه يحتمل أنه وأبوه صحابيان، ما يمنع.
طالب:. . . . . . . . .
هو نافع لقي جمع غفير من الصحابة "نهى أن تستقبل القبلة لغائطٍ أو بول" نهى أن تستقبل القبلة هذا "تُستقبل" على البناء للمجهول و "القبلة" يكون حينئذٍ نائب الفاعل "لغائطٍ أو بول" يعني في حالة الغائط أو البول، وهذا التقييد يجعل أنه لا مانع من أن تستقبل القبلة بالعورة المنكشفة بالسوءة ما لم يكن حال قضاء الحاجة.
ثم بعد ذلك قال: "باب: الرخصة في استقبال القبلة لبولٍ أو غائط" والرخصة كما قلنا مراراً: ما جاء على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح، نعم اقرأ.
"باب: الرخصة في استقبال القبلة لبولٍ أو غائط:
حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان يقول: إن أناساً يقولون: إذا قعدت على حاجتك فلا تستقبل القبلة ولا بيت المقدس، قال عبد الله: لقد ارتقيت على ظهر بيت لنا فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على لبنتين مستقبل بيت المقدس لحاجته، ثم قال: لعلك من الذين يصلون على أوراكهم، قال: قلت: لا أدري والله، قال مالك: يعني الذي يسجد ولا يرتفع على الأرض يسجد وهو لاصق بالأرض"
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: الرخصة في استقبال القبلة لبولٍ أو غائط" الأصل المنع كما في الباب السابق، ثم جاءت الرخصة على خلاف ذلك الأصل بدليل، وهذا الدليل معارض لما تقدم.(36/3)
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد -يعني الأنصاري- عن محمد بن يحيى بن حَبان -بفتح المهملة- عن عمه واسع بن حبان عن عبد الله بن عمر أنه -يعني ابن عمر- كان يقول: إن أناساً يقولون: إذا قعدت على حاجتك" وفي حكم القعود القيام، لو قضى حاجته من قيام الحكم واحد، لكن الغالب القعود "إذا قعدت على حاجتك" وهذا كناية عن التبرز ونحوه "فلا تستقبل القبلة، ولا بيت المقدس" أو المقدَّس "قال عبد الله" إن أناساً، كان يقول: "إن أناساً كأبي أيوب وأبي هريرة ومعقل وغيرهم ممن يرى بعموم النهي في استقبال القبلة واستدبارها، قال عبد الله مستدلاً على رأيه: "لقد ارتقيت -يعني صعدت- على ظهر بيت لنا" وهو بيت أخته حفصة أم المؤمنين، فتجوّز في نسبته إليهم، أو لأنه آل إليه فيما بعد، فقد ورثه عنها "فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على لبنتين" تثنية لبنة، ما يصنع من الطين "مستقبل بيت المقدس" يريد أن يرد على أولئك الأناس الذين منعوا ونهوا عن ذلك، فأثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه استقبل بيت المقدس "لحاجته" أي لأجل حاجته أو وقت حاجته "ثم قال" ابن عمر: "لعلك" يعني يا واسع "من الذين يصلون على أوراكهم، قال: قلت لا أدري والله" أنا منهم أم لا؟ لعلك من الذين يصلون على أوراكهم، قال واسع: قلت: لا أدري والله، هذا يدل على أن واسع فقيه وإلا ليس بفقيه؟
طالب:. . . . . . . . .(36/4)
ما يدري هو من الذين يصلون على أوراكهم "قال مالك" مفسراً ذلك: "يعني الذي يسجد ولا يترفع عن الأرض" كالذي يسجد وهو لاصقٌ بالأرض وهو خلاف السنة؛ لأن السنة المجافاة، يرفع بطنه عن فخذيه ويجافي يديه عن جنبيه هذه السنة، لماذا قال ابن عمر: "لعلك من الذين يصلون على أوراكهم؟ " ويش الفرق بين كونه يجافي أو يلتصق وينضم ويش علاقته باستقبال القبلة؟ يقول الكرماني: "لعل مراد ابن عمر بذلك أن الذي خاطبه لا يعرف السنة، إذ لو عرفها لعرف الفرق بين الفضاء وغير الفضاء" لو كان يعرف هو استدل بكونه لا يعرف السنة بكونه يصلي وهو لاصق، يصلي على وركه، فاستدل بذلك على أنه لا يفرق بين الأمر المشروع وغير المشروع نعم، الذي خاطبه لا يعرف السنة إذ لو عرفها لعرف الفرق بين الفضاء وغيره، أو الفرق بين استقبال الكعبة وبيت المقدس كذا قال الكرماني، لكن ابن حجر يقول: "ولا يخفى ما فيه من التكلف"
الآن لو شخص اعترض في مسألة علمية وقيل له: أنت لا تحسن الفاتحة، أو هل تحسن الفاتحة؟ كناية عن رميه بالجهل، فإذا كنت ممن يمكن أن يوجه إليه هذا الكلام فلست بأهل أن تنقاش المسائل التي أدق منها، روح تعلم الفاتحة قبل أن نتناقش، إذا كان يمكن مواجهته بمثل هذا الكلام فحاله أنه جاهل، فلا ينبغي له أن يناقش في مثل هذه المسألة، ولذلك قال له ابن عمر: "لعلك من الذين يصلون على أوراكهم" اللي ما يفهمون، ما يفرقون بين السنن وغيرها، يقول ابن حجر: "ولا يخفى ما فيه من التكلف" إذاً على ما يحمل كلام ابن عمر الذي واجه به واسع؟ لماذا يصلي على وركه ويلتصق؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو استدرك على كونه ما يعرف، كلام الكرماني يقول: "لا يخفى ما فيه من التكلف" وإن كان فيه وجه ظهور، لكن ابن حجر يرى ..
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(36/5)
إذا تجافى الآن هل معنى أنه في حال سجوده يستقبل القبلة بفرجه أو يستدبر بيت المقدس أو .. ؟ ابن حجر يقول: "ولا يخفى ما فيه من التكلف ولعل الذي يسجد وهو لاصقٌ بطنه بوركيه كان يظن امتناع استقبال القبلة بفرجه في كل حال حتى في السجود" أيهما أقرب كلام الكرماني وإلا كلام ابن حجر؟ كان كلام الكرماني أوضح من كلام ابن حجر؛ لأن هل يتصور أن إنسان ساجد سواءً كان لاصق أو مجافي عريان؟ يستقبل القبلة أو يستدبرها بفرجه؟ يعني لو قلنا بهذا الكلام قلنا: لا يجوز أن يستقبل القبلة إطلاقاً؛ لأنه إذا كان ممنوع من استقبال القبلة حتى بثيابه إذاً لا يستقبلها أبداً ولا يستدبرها، ولا يصلي جهة القبلة إذا قلنا بهذا، يعني إذا قلنا: إن المنظور إليه كونه إذا سجد والتصق وانضم بعضه إلى بعض ستر بعضه بعضاً من الأصل مستتر بالسترة، سواءً جافى واتبع السنة أو التصق، لكن لو كان هذا مثل هذا الكلام يوجه إلى عراة مثلاً، يقال: إن الالتصاق أفضل من المجافاة بالنسبة لهم لأنه أستر أمكن هذا الكلام، أنا عندي أن كلام الكرماني أوضح من كلام ابن حجر، يقول: "ولعل الذي يسجد وهو لاصقٌ بطنه بوركيه كان يظن امتناع استقبال القبلة بفرجه في كل حالة حتى في السجود، يا أخي هو في حالة السجود مستتر، والممنوع استقبال القبلة بالعورة المكشوفة، على كل حال استقبال القبلة واستدبارها في البول والغائط جاء فيها ما سمعتم من المنع والنهي، وجاء فيها الترخيص، ولذا ذهب أهل العلم أو بعضهم إلى أن حديث ابن عمر ناسخ لحديث أبي أيوب، فالنهي متقدم وحديث ابن عمر متأخر، إذاً يجوز استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة في الفضاء والبنيان على حدٍ سواء؛ لأن النهي منسوخ، قال بهذا بعضهم.(36/6)
ومنهم من قال: مثل هذا العمل خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، يبقى أن النهي للأمة، وفعله -عليه الصلاة والسلام- المخالف لهذا النهي خاصٌ به، وعرفنا مراراً أن كل كمالٍ يطلب من الأمة فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى به، وعدم استقبال القبلة بمثل هذا بالعورة المكشوفة حال قضاء الحاجة لا شك أنه أكمل، العدم أكمل، إذاً هو مطلوب منه -عليه الصلاة والسلام- أولى من غيره؛ لأنه أولى من يعظم شعائر الله -عليه الصلاة والسلام-، أولى من يعظم شعائر الله، فكيف يقول: إنه يستثنى من تعظيم شعائر الله -جل وعلا- الرسول -عليه الصلاة والسلام-، هذا القول وإن قيل به ضعيف.
وأيضاً الخصوصية لا تثبت بمجرد الاحتمال، وأما النسخ الذي قيل به فهو إلغاء، إلغاء لنصٍ ثابت مع إمكان الجمع، الجمع ممكن بأن يحمل على الفضاء والبنيان، فالفضاء تشمله أحاديث النهي، والبنيان يشمله أحاديث الترخيص، فيجوز استقبال القبلة واستدبارها بالبول والغائط في البنيان دون الفضاء، ومنهم من يقول: يجوز الاستدبار دون الاستقبال، ولحديث ابن عمر مستقبل بيت المقدس، ومقتضى ذلك أنه مستدبر الكعبة، حمل بعضهم حديث ابن عمر على الاستدبار دون الاستقبال، لكن روى أحمد وأبو داود وابن خزيمة من حديث جابر هذا: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نستدبر القبلة أو نستقبلها بفروجنا إذا أهرقنا الماء"، قال: "ثم رأيته قبل موته بعام يبول مستقبل القبلة".
القول بالتفريق بين الفضاء والبنيان هو قول الجمهور مالك والشافعي وأحمد وإسحاق، والقول بالتفريق بين الاستدبار والاستقبال هو قول الإمام أبي حنيفة، وقال قومٌ بالجواز مطلقاً، وآخرون بالتحريم مطلقاً، فالذين قالوا بالجواز قالوا بالنسخ، والذين قالوا بالتحريم حملوا فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- على الخصوصية، وعرفنا أنه إذا أمكن الجمع فهو أولى من القول بالنسخ، والخصوصية لا تثبت بالاحتمال.
طالب:. . . . . . . . .
الاستغفار على وجود المخالفة؛ لأن المخالفة موجودة، فإما أن يستغفر لنفسه لأنه لا يرى أن هذا الانحراف كافي، أو يستغفر لمن بنى هذه المراحيض.
طالب:. . . . . . . . .
الراجح التفريق بين الفضاء والبنيان.(36/7)
طالب:. . . . . . . . .
والله هذا يدل على العموم، حتى أن بعضهم ألحق الجماع في هذا، ألحق الجماع بالبول والغائط، لكن هو من مقتضى النهي عن استقبال البيت واستدباره، هو من مقتضاه لا سيما في خطاب أهل المدينة، فهو من مقتضاه، إذا قلنا: بمنع الاستقبال واستدبار الكعبة بالمدينة من مقتضى ذلك جواز إيش؟ استقبال واستدبار بيت المقدس مقتضى ذلك جوازه، أو مقتضى منعه نعم؟ منعه، نعم هو من مقتضى منع الاستقبال واستدبار الكعبة؛ لأنه إذا استقبل الكعبة استدبر بيت المقدس، وإذا استدبر الكعبة استقبل بيت المقدس، لكن هل هذا النهي مقصود أو أنه حصل تبعاً؟ يعني حصل من غير قصد تبعاً للنهي عن استقبال .. ، هذا محل بحث.
طالب:. . . . . . . . .
لا، الفقهاء يسترسلون في هذا، حتى يمنعون من استقبال النيرين الشمس والقمر، قالوا: لما فيهما من نور الله، لكن هذا ما له أصل؛ لأنه ما يثبت بنص والإلحاق ما له وجه.
سم.
باب: النهي عن البصاق في القبلة:
"حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى بصاقاً في جدار القبلة فحكه، ثم أقبل على الناس فقال: ((إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قبل وجهه، فإن الله -تبارك وتعالى- قبل وجهه إذا صلى)).
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى في جدار القبلة بصاقاً أو مخاطاً أو نخامة فحكه".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: النهي عن البصاق في القبلة" البصاق بالصاد والبزاق والبساق يعني نظير ما قيل في الصراط بالحروف الثلاثة، صراط وسراط وزراط، وهنا بصاق وبساق وبزاق، والباء مكسورة في الجميع، والمراد به ما يخرج من الفم، وما يسيل منه.(36/8)
"حدثني يحيى عن مالك عن نافع -عن ابن عمر- عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى بصاقاً" أبصره في جدار المسجد في جهة قبلته فحكه -عليه الصلاة والسلام- بيده إما مباشرة أو بواسطة شيء، المقصود أنه باشر الحك بيده أو بشيء كان في يده، ثم أقبل على الناس بوجهه، منهم من يقول: إنه أبصره على المنبر يخطب فحكه ثم أقبل على الناس بوجهه، هل يتصور أن يبصر البصاق وهو على المنبر يخطب ينزل فيحكه؟ نزل فحكه بيده الشريفة -عليه الصلاة والسلام-، كيف يتصور أنه على المنبر ويرى البصاق في جدار القبلة هذا على القول بأن الرؤية بصرية، وإذا قلنا: إنها علمية علم فنزل، وأزال هذا المنكر -عليه الصلاة والسلام-.
فنزل فحكه بيده ثم أقبل على الناس بوجهه فقال: ((إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق)) هذا نهي والأصل في النهي التحريم ((فلا يبصق قبل وجهه)) قِبَل يعني جهة قدام وجهه، ومفهومه أنه يجوز له أن يبصق في الجهات الأخرى، يجوز له أن يبصق في الجهات الأخرى ((فإن الله قبل وجهه إذا صلى)) وهذا فيه دليل على تحريم البصاق في القبلة إذا كان يصلي، وهذا شامل ((إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قبل وجهه)) هذا يشمل المسجد وخارج المسجد، لكنه خاص بجهة القبلة، وسيأتي النهي عن البصاق في المسجد، وما بين النصوص من عمومٍ وخصوص، فالحديث دليلٌ على تحريم البصاق في القبلة سواءٌ كان في المسجد أم لا إذا كان يصلي، هذا خاص فيما إذا كان داخل الصلاة، لكنه عامٌ في كونه في المسجد أو غير المسجد، وسيأتي النهي، أقول: ورد النهي عن البصاق في المسجد وأنه خطيئة في أي جهة كانت في داخل الصلاة وخارجها.
يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبصر في جدار القبلة بصاقاً أو مخاطاً أو نخامة، وهذا شك من الرواة، بصاقاً أو مخاطاً أو نخامة، البصاق تقدم أنه ما يسيل من الفم، والمخاط ما يسيل من الأنف، والنخامة ما يخرج من الصدر، وقيل: من الرأس، والنخاعة بالعين من الصدر، فإذا قلنا: النخامة من ينزل من الرأس والنخاعة ما يخرج من الصدر.(36/9)
"فحكه -عليه الصلاة والسلام-" بيده، بآلةٍ أو باليد مباشرة، وفي رواية: "بعرجون" وهو المظنون، أقول: هو الذي يغلب على الظن أنه بواسطة آلة لم يباشره بيده، اللهم إلا إن كان من باب المبالغة بإزالة المنكر والمبادرة لم ينتظر حتى يجد شيئاً يحكه به؛ لأن إزالة المنكر على الفور، والحديث فيه وجوب تنزيه المساجد عن كل ما يستقذر وإن كان طاهراً.
الآن البصاق منهيٌ عنه ما يخرج من الفم، وما يخرج من الأنف، وما يخرج من الصدر، وما ينزل .. ، كل الفضلات ممنوعة، وهذا مع أنها طاهرة، فكيف بالنجس الذي يدل حديث بول الأعرابي على منعه، هذا إذا كان يلوث المسجد، إذا كان لا أثر له في تلويث المسجد مثل إرسال الريح مثلاً، إرسال الريح مقتضى المنع من أكل ما له رائحة يقتضي منع إرسال الريح لا سيما إذا كان لغير حاجة، مع أن حديث: ((لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)) يدل على أنه يمكن أن يحصل في المسجد، ولذا يقول ابن العربي في شرح الترمذي: "يجوز إرسال الفساء والضراط في المسجد للحاجة" يعني إذا كان شخص ملازم للمسجد معتكف واحتاج إلى أن يرسل شيئاً من ذلك هل يلزمه أن يخرج من المسجد؟ أو نقول: ما دام محتاج ولا في أحدٍ يتأذى بهذا وإن كان الأصل أن احترام المسجد مطلوب؟ لكن إذا كان يشق عليه الخروج لبرودة جو وما أشبه ذلك، على كل حال أجازوه للحاجة.
فيجب تنزيه المساجد من كل ما يستقذر وإن كان طاهراً، طيب شخص طلب ماء فجيء له بالماء فلما شرب منه وجده شديد البرودة، ويتضرر بشربه فبصقه في المسجد، بصق الماء يجوز وإلا ما يجوز؟ أراد أن يخرج هذا الماء لئلا يتضرر به يقع وإلا ما يقع؟ طلب ماء جابوا له وما يدري وشرب، طلع صار ثلج، وليس في قربه منديل ولا شيء ....
طالب:. . . . . . . . .(36/10)
لا هذا المسألة مفترضة في شخص عالم مثلاً شيخ من الشيوخ قال: أعطونا ماء نشرب ماء أدخله في فمه ثم أخرجه، الاستقذار يا الإخوان تروه نسبي، ويختلف من مكان إلى مكان، ومن بلد إلى بلد، ومن جيل إلى جيل، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما أخذ الحسن التمرة من تمر الصدقة وأدخلها في فمه أخرجها النبي -عليه الصلاة والسلام- بلعابها وأعادها إلى تمر الصدقة، يعني لو يسمع واحد منا، يقول: يا أخي ويش ذا التمر اللي أنت شايله؟ بلعابها من يبي يشتري؟ لكن المسألة تختلف باختلاف الأحوال والزمان والظروف، وقد مج النبي -عليه الصلاة والسلام- في وجه محمود بن الربيع، لكن لو جاء شخص الآن في بعض الجهات وهذا حصل في بعض الجهات يوقظون النوام بالماء بإخراجه من الفم، بخ الماء، موجود وإلا ما هو موجود؟ يالله بخ علينا والمصحف امتلأ قال، علشان يوقظ نائماً، نعم لكن الكلام في المسجد.
نعم أما بالنسبة لإخراج الماء لحاجة لأنه يتضرر به فأنا حضرت مجلس شخص من أكبر العلماء فعل هذا، لما دعا بماء فوجده بارداً مجه في المسجد.
يقول: "وجوب تنزيه المساجد من كل ما يستقذر وإن كان طاهراً، إذ لو كان نجساً لأمر بغسله، وأباح -صلى الله عليه وسلم- للمصلي أن يبصق ويتنخم في ثوبه وعن يساره، وقال: ((إن أحدكم إذا قام إلى الصلاة فإنما يناجي ربه، وإن ربه بينه وبين قبلته، فليبصق عن يساره أو تحت قدمه)) وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((البصاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها)) رواهما الشيخان.
قال عياض: "إنما يكون خطيئة إذا لم يدفن" البصاق خطيئة إذا لم يدفن، أما من أراد دفنه يعني بصقه وفي نيته أن يدفنه فلا، ورده النووي بأنه خلاف صريح الحديث؛ لأن الأصل صيانة المسجد، والإقدام على الخطيئة وإن كان لها كفارة إصرار عليها مع سابق علم، وإلا كل ذنب له كفارة، قد يقدم على الزنا ويطهر بالحد، يقدم على اليمين ويكفر، يقدم على ما يوجب كفارة ويكفر، نعم الخطيئة لا يجوز الإقدام عليها بحال، لا يجوز الإقدام على الخطيئة، لكن إذا حصلت وندم صاحبها وفعل كفارتها انتهى أثرها.(36/11)
الحافظ ابن حجر يقول في البصاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها مع أن أحدكم إذا قام إلى الصلاة فإنما يناجي ربه، إن ربه وبين قبلته فليبصق عن يساره أو تحت قدمه؛ لأنه إذا بصق عن يساره أو تحت قدمه مقتضاه أنه ارتكب هذه الخطيئة، قوله: ((فليبصق عن يساره أو تحت قدمه)) نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكنه في المسجد يشمل المسجد، عمومه يشمل المسجد، وكون البصاق في المسجد خطيئة بينهما شيء من التعارض، البصاق في المسجد خطيئة يقتضي المنع من البصاق بالكلية لا عن يمينه ولا عن يساره، ولا تحت قدمه ولا خلفه ولا أمامه في كل الجهات، يشمل جميع الجهات البصاق في المسجد خطيئة، وفليبصق عن يساره أو تحت قدمه يستثني هذه الجهة يساره أو تحت قدمه، والحافظ ابن حجر يقول: "هما عمومان تعارضا" ((البصاق في المسجد خطيئة)) وقوله: ((فليبصق عن يساره أو تحت قدمه)) فالنووي يجعل الأول عام ويخص الثاني بما إذا لم يكن في المسجد، يبصق عن يساره أو تحت قدمه يعني إذا لم يكن في المسجد، ويحمل الثاني أن البصاق في المسجد خطيئة على عمومه، ويجعل الثاني خاص بما إذا كان خارج المسجد، وعياض يجعل الثاني عام ويخص الأول بما إذا لم يرد دفنه؛ لأنه إذا أراد دفنها لا شيء عليه عند عياض، وعرفنا أن النووي هي خطيئة، هو إقدامٌ على خطيئة، كونه يرتكب هذه الخطيئة ثم يكفر عن هذه الخطيئة بدفنها لا يعني أنه فعل فعلاً مباحاً.
طالب:. . . . . . . . .
الراجح أن البصاق في المسجد خطيئة سواءً كان عن يمينه أو عن شماله أو تحت قدمه، أراد دفنه أو لم يرد هو خطيئة، إذا دفنه كَفَّر، لكن الإقدام على الخطايا ولو كان لها كفارات في الأصل لا يجوز، لكن إذا حصلت فندم صاحبها وكفرها إمحا أثرها.
طالب:. . . . . . . . .
إذا اضطر؟ إذا اضطر إليها ماذا يصنع؟ بثوبه، بثوبه أو بمنديل أو شيء.
طالب:. . . . . . . . .
المصلي إذا قلنا: له أحكام المسجد يأخذ حكمه، لكن الأصل أنه لا يأخذ أحكامه، بمعنى أنه لا تلزم له تحية ولا تجوز الصلاة فيه مع وجود المسجد إلا للحاجة.
طالب:. . . . . . . . .(36/12)
بلع النخام حرام عند أهل العلم، مفطراً، يفطر بها إن وصلت إلى فمه فابتلعها يفطر عند أهل العلم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هي مستقذرة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
اللي يبطلون بها الصيام يبطلون بها الصلاة، تبطل بالأكل والشرب والضحك والكلام.
طالب:. . . . . . . . .
إذا وصلت إلى الفم لها أثر إذا ابتلعها، إيش المانع؟ لو وضعت في فمك شيء مع تكبيرة الإحرام أو قبل ذلك ثم بعد ذلك ابتلعتها ..
طالب:. . . . . . . . .
إذا ما وصلت الفم عندهم ما. . . . . . . . .، والله المستعان، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذه أسئلة من الإنترنت يقول: ما رأيكم في قول عامة الناس: إن المطر لا ينفع إلا إذا نزل في الوسم، أما غيره فلا ينفع؟
إن جرت العادة باطراد عندهم في ذلك لكنه ينفع بإذن الله، لو لم يكن فيه إلا أنه ينزل في الأرض، ويستنبط عند الحاجة إليه، أما كونه يترتب عليه نبات العشب فقد جرت العادة بخلاف ذلك.
يوجد طلب مشاركات في تصويت في بعض الجرائد المحلية وبعض المواقع من الإنترنت في مواضيع ومسلمات في الدين مثل الحجاب، وقيادة النساء، والتأمين بموافق أو غير موافق، فهل تنصح بالمشاركة أو لا؟ وإذا كان لا ما نصيحتكم على كل حال؟
هذه لا يجوز القضايا الشرعية لا يجوز أن تطرح بهذه الطريقة، بل حلها في الشرع بواسطة أهل العلم، فلا بد من سؤال أهل العلم والصدور عن أقوالهم وآرائهم، أما إذا طرحت ووجدت قبولاً وليس للإنسان دفعها إلا بهذه الطريقة فليكثر سواد الصالحين، والله المستعان.
ما حكم الإسلام في مسألة العادة السرية مع أن الشخص الذي أسألك بشأنه يود أن يتوب عنها، ولكن ما يلبث أن يعود إليها؟(36/13)
على كل حال المفتى به والمعتمد أنها محرمة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- وجه من لا يستطيع القدرة على النكاح إلى الصوم، مع قوله -جل وعلا-: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [(5 - 6) سورة المؤمنون] ولا ثالث، فهي محرمة، هي محرمة، وعليه أن يتوب، وإذا أنزل بسببها فعليه الغسل؛ لأن هذا أمرٌ يخفى على كثير من الناس، فقد يصلي بغير غسل يلزمه الغسل، وعلى كل حال إذا اضطر إليها هي محرمة، لكن إذا اضطر إليها وليس له مندوحة دون الفاحشة إلا هي فارتكاب أخف الضررين لا سيما إذا كان في مواقع فتن لا يستطيع في بلدٍ يضطر فيه إلا فعل المحرمات ومخالطة المومسات فإنه حينئذٍ .. ، أولاً: عليه أن لا يعرض نفسه للفتن، وإذا تعرض وليس له مندوحة إلا أن يقع في الفاحشة فارتكاب أخف الضررين مأذونٌ به شرعاً.
هل نقول: البسملة في بداية سورة الفاتحة أم ماذا نقول؟ البسملة هي أول آية في سورة الفاتحة .. ؟
على كل حال المسألة خلافية هل هي آية من كل سورة أو ليست بآية من أي سورة؟ وأهل العلم يجمعون على أنها ليست بآية في سورة التوبة براءة، وأنها بعض آية في سورة النمل، ويختلفون فيما عدا ذلك، لكن الذي رجحه شيخ الإسلام أنها آية واحدة نزلت للفصل بين السور، وإجماع الصحابة على كتابتها في المصحف يقوي كونها آية، وخلاف أهل العلم فيها هل هي آية أو ليست بآية يستدلُّ به من يقول: إنها ليست بآية لأن القرآن لا يجوز الاختلاف فيه.
ما المقصود بتحذير الرسول -صلى الله عليه وسلم- من التنافس في الدنيا بعد أن تبسط وتهلككم كما أهلكتهم؟
المقصود به التنافس، أما درجة الحديث صحيح ((والله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تفتح عليكم الدنيا -أو تبسط عليكم الدنيا- فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم)) والمقصود بهذا التنافس الذي يصد عن فعل الواجبات، ويحمل على ارتكاب المحرمات، وإيثار الدنيا على الآخرة مهلكة، فلا بد للإنسان أن يصرف وقته وجهده فيما خلق من أجله وهو عبادة الله، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [(56) سورة الذاريات] يبقى أنه لا بد له مما يقيم صلبه وما يقتات منه ومن يمون، يشمله قوله -جل وعلا-: {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [(77) سورة القصص]، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(36/14)
الموطأ - كتاب القبلة (2)
شرح: باب: ما جاء في القبلة، وباب: ما جاء في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وباب: ما جاء في خروج النساء إلى المساجد.
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا له علاقة بالدرس كنتُ أردتُ التنبيه عليه لكني أجلته إلى هذا اليوم: أن بعض الناس إذا تسوك يبقى في فمه أثر من السواك كسر وإلا شيء فيقوم بإلقائها في المسجد، وبعض الناس بقايا الطعام التي تبقى في فمه، وأناس ما يتساقط من شعره، المقصود أن هذه الأمور مسائلها لا تنحصر، وكل ما يستقذر ممنوع، ولا يتقيد ذلك بالنجس؛ لأن النخامة والنخاعة طاهرة ومع ذلك خطيئة، فكل ما كان في معناها يدخل في حكمها، المطلوب أن تنظف المساجد وتطيب، وقد نص أهل العلم في كتاب الاعتكاف وفي باب الاعتكاف من كتب الفقه أن تصان المساجد عن هذه الأشياء حتى ما يتساقط من شعر ولو يسير، تقليم الأظافر ولو لم يلقَ في المسجد يصان عنه المسجد، كل ما يستقذر يصان عنه المسجد.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للحاضرين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في القبلة:
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آتٍ فقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد أن قدم المدينة ستة عشر شهراً نحو بيت المقدس، ثم حولت القبلة قبل بدر بشهرين.
حدثني عن مالك عن نافع أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "ما بين المشرق والمغرب قبلة إذا توجه قبل البيت".(37/1)
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في القبلة" بعد أن ذكر أن هذه القبلة وهي متجه المصلين أشرف الجهات قبل البيت تصان عما يستقذر من بصاقٍ وغيره، ذكر ما جاء فيها، وما يتعلق بها من أحكام، استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة عند أهل العلم، شرطٌ لصحة الصلاة، لا تصح الصلاة بدونها، والمراد بذلك الفريضة، أما النافلة فتصح إلى غير القبلة، حيث ما توجهت به راحلته تصح.(37/2)
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار -العدوي مولاهم- عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: بينما الناس بقباء في صلاة الصبح" (بينما) أصلها (بين) زيدت عليها (ما) "بينما الناس بقباء" بالمد والتذكير والصرف على الأشهر، فتقول: بقباءٍ بالمد بقباءٍ والتذكير والصرف "في صلاة الصبح" وفي حديث البراء في الصحيحين: "أنهم كانوا في صلاة العصر" لكن لم يبين المكان، فحمل على أن أهل قباء كانوا في صلاة الصبح، وبنو حارثة الذين جاءهم عباد بن بشر يخبرهم كانوا في صلاة العصر، تأخر إخبار أهل قباء لبعدهم عن مسجده -عليه الصلاة والسلام-، وتقدم إخبار بني حارثة لقربهم منهم؛ لأنهم داخل المدينة، كانوا في صلاة الصبح فأتاهم آتٍ لم يسم، وإن زعم بعضهم أنه عباد بن بشر الذي أخبر بني حارثة، لكن لم يسمّ في شيء من طرق الحديث لم يسم "إذ جاءهم فقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أنزل عليه الليلة قرآن" أنزل عليه الليلة قرآن، قرآن في كل ليلة ينزل عليه، في كثير من الليالي ينزل عليه قرآن، لكن المراد به القرآن الذي يخص تحويل القبلة من بيت المقدس إلى جهة الكعبة "وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبِلوها" وفي رواية: "فاستقبَلوها" يعني ضبطت هكذا وهكذا "فاستقبِلوها" أمر، أُمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يستقبل القبلة {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(144) سورة البقرة] والأمر له -عليه الصلاة والسلام- أمرٌ لأمته، فاستقبِلوها أو فاستقبَلوها امتثلوا هذا الأمر؛ لأن الأصل أن الدين للجميع والأصل الاقتداء والائتساء به -عليه الصلاة والسلام-، وما دام أمر أن يستقبل الكعبة فأمته في حكمه -عليه الصلاة والسلام-، "أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام" يعني إلى بيت المقدس على القبلة الأولى "فاستداروا إلى الكعبة" أي تحولوا إلى جهة الكعبة وهم في صلاتهم، هم في صلاتهم صلوا بعض الصلاة إلى جهة بيت المقدس ثم ائتموها فاستداروا إلى جهة الكعبة، فدل على أن الناسخ إنما يلزم العمل به من بلوغه لا من نزوله، ولذا لم يؤمروا بالإعادة، لا إعادة هذه الصلاة ولا ما تقدم من الصلوات قبلها العشاء وقبلها(37/3)
المغرب وقبلها العصر بعد التحويل وهم يصلون إلى بيت المقدس، فدل على أنه يعمل بالمنسوخ حتى يبلغ الناسخ، وكذلك العام يعمل به حتى يبلغ المخصص، كذلك المطلق يعمل به حتى يرد المقيد وهكذا، فالإنسان مطالب بما يبلغه من نصوص، ولو خفي عليه شيء من النصوص التي تتضمن أحكام طول عمره ما عوقب على ذلك، ولا أوخذ عليه، ومن أسباب اختلاف أهل العلم في مسائل العلم من أسبابها أن بعضهم قد يبلغه ما لا يبلغ الآخر، فلا يؤاخذ من لا يبلغ الآخر، لكن من بلغه شيء عن الله وعن رسوله لزمه العمل به، ولا يقول قائل: إنني أعمل بما بلغني من غير تحري ولا تثبت، إنما تبحث المسألة إذا أردت أن تستقل بنفسك تبحث عنها وفي نصوصها من جميع الوجوه، عندك آية تتضمن حكم حديث يتضمن حكم، تنظر في هذه الآية وفي هذا الحديث، الآية لا إشكال في ثبوتها قطعية الثبوت تنظر في ثبوت الخبر، فإذا ثبت تنظر ما يفيده هذا الخبر من حكمٍ شرعي، ومن عمل بهذا الخبر من الأئمة وهل لهذا الخبر من مخصص أو مقيد؟ وهل هو محكم أو منسوخ؟ تنظر في الخبر من جميع جوانبه، هذا المفترض في طالب العلم، نعم إذا لم يجد بعد البحث والتحري ما يقيد هذا الخبر أو ما يخصصه أو ما ينسخه يعمل به، يبحث ويسأل أهل العلم، إن كانت لديه أهلية بأن كان فقيهاً بالقوة القريبة من الفعل يكفيه بحثه، وإن لم يكن كذلك فليتأكد بسؤال أهل العلم، هؤلاء استداروا كما هم إلى جهة الكعبة، ولم يستأنفوا الصلاة، ولم يعيدوا ما صلوه إلى جهة بيت المقدس بعد النسخ، فدل على أن المنسوخ يعمل به حتى يبلغ الناسخ.(37/4)
هؤلاء خاطبهم المخبر وقال لهم: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- قد أنزل عليه الليلة قرآن فيصح تجوز مخاطبة المصلي لمصلحة الصلاة، ويستجيب المصلي إذا تبين له صدق المخبر وصواب المخبر، لو أن شخص يصلي إلى جهة فقيل له: الجهة خلفك ماذا يصنع؟ جاءه مخبر ثقة قال: الجهة خلفك، يستدير ويصلي إلى الجهة الثانية؟ نعم إذا اجتهد في موضعٍ يسوغ له فيه الاجتهاد، إذا اجتهد في موضعٍ يسوغ له فيه الاجتهاد بأن كان في مكان لا يوجد ما يستدل به على القبلة، ولا من يسأل من ثقة، ولا يوجد محاريب، ولا يوجد ما يمكن أن يستدل به على القبلة واجتهد في البر مثلاً اجتهد وتحرى ثم صلى إلى جهةٍ غلب على ظنه أنها هي القبلة، مثل هذا يستدير كما هو ولا يعيد، ولو أتمَّ صلاته على تلك الجهة كفته {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} [(115) سورة البقرة] لكن إن كان في مكانٍ لا يسوغ له فيه مثل هذا الاجتهاد بإمكانه أن يصل إلى القبلة بيقين مثل هذا يستأنف، وقد حصل من امرأتين صليتا في مكانٍ واحد كل واحدة إلى جهة، كل واحدة ظهرها إلى ظهر الأخرى من غير اجتهاد ولا تحري، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا الغفلة الغفلة، صلت هذه وصلت هذه، الله غفور رحيم أينما تولوا فثم وجه الله، مثل هذا ما هو بمحل الاجتهاد، ليس هذا المحل قابل للاجتهاد، البلدان ليست محل الاجتهاد، بإمكانها أن تسأل، هناك بلدان هي مثل البراري والقفار، بلدان مثل البراري والقفار في الحكم، بلاد الكفار مثلاً لا يمكن أن يسأل، ولا يوجد ثقة عنده يسأله، ولا يوجد مساجد ولا محاريب ولا .. ، هنا نقول: يجتهد، لكن هل له أن يسأل كافر؟ يقول: أين جهة مكة مثلاً؟ الجهة أي جهة المهم أنه أقرب من غيرها، إلى جهة أقرب من غيرها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو المفترض في المخبر أن يكون ثقة، لكن هذا ليس بثقة.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو إن تصور أن السائل لا علم له البتة، جاهل بكل المقاييس وخبر أدنى شخص أفضل من خبره هنا يحصل ترجيح، هل يوجد في الدنيا على ما يقال: بلد تستوفيه كل الجهات إلى جهة القبلة؟ كل الجهات الأربع إلى جهة القبلة؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .(37/5)
أي بحر؟
طالب:. . . . . . . . .
موازي لمكة، إيه إذا وازى مكة خلاص، وهذا معروف أنه مبني على القول بكروية الأرض.
طالب:. . . . . . . . .
ويش اسمها؟ لها اسم؟
طالب:. . . . . . . . .
فقط؟
طالب:. . . . . . . . .
لا قالوا الإخوان: في شيء تصلي إلى الجهات الأربع، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
. . . . . . . . .، لكن تصلي إلى أي جهة؛ لأنك إذا افترضت أن مكة هنا، إذا تصورنا أن مكة في وسط الدائرة هنا، والبلد الثاني هنا فأي جهة. . . . . . . . . ما يختلف، ما يختلف إذا كان موازي من الجهات الأخرى للأرض لمكة، هؤلاء على جهةٍ مقطوعٌ بها، أهل قباء بنو حارثة على جهةٍ قطعية، على قبلةٍ قطعية، من أين جاء القطع؟ نعم رأوه رؤية، رؤية قطعية، يصلي إلى جهة بيت المقدس، فصلاتهم إلى جهة بيت المقدس مقطوعٌ بها، وتحولوا عنها إلى خبر هذا الواحد، فهل للإنسان أن ينتقل من قطعي إلى ظني؟ أو نقول: خبر الواحد إذا كان المخبر ثقة يفيد القطع؟ أو نقول: إنه لا يفيد القطع حتى تحتف به قرينة؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .(37/6)
هذا فيه قرائن معروف، هنا فيه قرائن، والمسائل .. ، وهذه المسألة أقول فيها أقوال: منهم من يقول: إنهم عملوا بالظن وانتقلوا من القطع إليه؛ لأن خبر الواحد يفيد القطع مطلقاً، هذا معروف عن حسين الكرابيسي وداود الظاهري، وبعض أهل العلم، ومنهم من يقول: إنه لا يفيد القطع مطلقاً؛ لأنه إذا أفاد القطع انتقل من كونه خبر واحد، ومنهم من يتوسط ويقول: إنه يفيد القطع إذا احتفت به قرينة، وهنا احتفت به قرينة، عرفوا من حال النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه يتشوف إلى تحويل القبلة، وفيه قوله -جل وعلا-: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [(144) سورة البقرة] ثم جاء النسخ، فالقرينة دلت على أنه .. ، أن خبره محفوظ، وأنه مقطوعٌ به؛ لأن خبر الواحد في الأصل لا يفيد إلا الظن عند الجمهور، لماذا؟ لأن المخبر مهما كان من الثقة والضبط والإتقان إلا أنه ليس بمعصوم من الخطأ والوهم ليس بمعصوم، وقد حصل الخطأ من كبار الحفاظ من مالك نجم السنن، أخطأ في أحرف يسيرة، فإذا تصورنا أن مثل مالك ومن فوق مالك ممن لم تضمن له العصمة يقع في الخطأ حتى من بعض الصحابة وقع الوهم، فخبر مثل هذا هل يمكن أن يجزم به مائة بالمائة أو لوجود الاحتمال الثاني احتمال النقيض تنزل النسبة إلى تسعة وتسعين ثمانية وتسعين تسعين ثمانين سبعين على حسب ما عند الراوي من كثرة الأوهام وقلتها؟ تنزل النسبة، وهو في عداد الثقات ممن يقبل خبره، يعني العمل بخبر الواحد واجب بإجماع من يعتد بقوله من أهل العلم، يعني لا تلازم بين وجوب العمل وكونه يفيد القطع أو الظن، فهذه النسبة إذا وجدت ولو واحد بالمائة؛ لأن العلم عندهم ما لا يحتمل النقيض، فإذا احتمل النقيض ولو واحد بالمائة نزل الخبر من المائة إلى تسعة وتسعين إلى ثمانية وتسعين إلى تسعين إلى آخره، هذه القرينة التي احتفت بهذا الخبر صارت في مقابل هذا الاحتمال الضعيف، فارتفع هذا الاحتمال فأفاد خبره القطع، وهذا هو أعدل الأقوال في المسألة، في نقول عن شيخ الإسلام وابن القيم وابن رجب وجمع من أهل العلم تؤيد هذا، ولا نطيل في هذه المسألة؛ لأنها بحثت في مناسبات كثيرة.(37/7)
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب أنه قال: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد أن قدم المدينة ستة عشر شهراً" وفي الصحيحين: "أو سبعة عشر شهراً" على الشك، فمن جزم بالستة عشر كما في حديث الباب ألغى الزائد من الشهر الأول ومن الثاني، ألغى الزائد ومن الشهر الأول، ويقع في سنة السنة الأولى من الهجرة، والزائد من الشهر الأخيرة من السنة الثانية، ومن قال سبعة عشر من جزم بسبعة عشر جبر، النبي -عليه الصلاة والسلام- قدم في شهر ربيع الأول، في أي يوم؟ في الثاني عشر من شهر ربيع الأول، والتحويل حصل في نصف رجب من السنة الثانية، في منتصف رجب من السنة الثانية، فيكون .. ، كم يكون .. ؟ كم تكون المدة على التحرير؟ ربيع الأول والثاني وجماد أول والثاني أربعة مع اثنا عشر ستة أشهر، لكن إذا نظرنا أنه جاء في الثاني عشر من الأول والخامس عشر يعني المسألة ثلاثة أيام زيادة. . . . . . . . .، ربيع الأول والثاني وجمادى وجمادى الثاني الآخرة أربعة مع اثني عشر، فهي ستة عشر وأيام، فمن قال: سبعة عشر جبر هذه الأيام جعلها شهراً كاملاً، ولهم عادة في هذا.
"ثم حولت القبلة قبل بدر بشهرين" لأن بدر كانت في رمضان في إيش؟ في السابع عشر منها، قبله بشهرين في السابع عشر من رمضان يعني شهرين ويومين، سهل الكسور عندهم يتسامحون فيها، يجبرونها ويحذفونها، الخلاف في سن النبي -عليه الصلاة والسلام- عند وفاته كلها صحيحة، ستين، ثلاثة وستين، خمسة وستين، على هذه الطريقة منهم من يجبر، ومنهم من يحذف.(37/8)
ثم بعد هذا يقول: "حدثني عن مالك عن نافع أن عمر بن الخطاب قال: "ما بين المشرق والمغرب قبلة إذا توجه قبل البيت" روى الترمذي من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما بين المشرق والمغرب قبلة)) مالك عن نافع عن ابن عمر السند كالشمس، الإمام مالك عن نافع أن عمر، نافع أدرك عمر وإلا ما أدرك؟ ما دام عن عمر ما أدرك، هو موصول من الأحاديث الموصولة، على كل حال يغني عنه المرفوع من حديث أبي هريرة، قواه البخاري وقال الترمذي: حسنٌ صحيح ((ما بين المشرق والمغرب قبلة)) قال الترمذي بعد ذلك: "وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- ((ما بين المشرق والمغرب قبلة)) منهم عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عباس، وقال ابن المبارك: "ما بين المشرق والمغرب قبلة لأهل المشرق" الآن الخطاب وقع في المدينة فكيف يقال: "ما بين المشرق والمغرب قبلة لأهل المشرق؟ " يتجه وإلا ما يتجه؟ يعني إذا تصورنا اتجاه مثل هذا الكلام لأهل المدينة ومن في سمتها قبلتهم بين المشرق والمغرب، وكذلك من يقابلهم في الجهة الأخرى من هو عن يسار الكعبة في جهة الجنوب، قبلتهم غير المشرق والمغرب، لكن كيف يقال لأهل المشرق: قبلتهم بين المشرق والمغرب على كلام ابن المبارك؟ الآن هذا الخطاب وقع في المدينة، لكن هل يصلح لأهل نجد أن يقال: بين المشرق والمغرب قبلة؟ طيب هل يقال: إن يصلح لأهل مصر أن يقال: بين المشرق والمغرب قبلة؟ ما يمكن؟ جهة الشرق والغرب لا يمكن أن يوجه لهم مثل هذا الكلام، إنما يوجه لأهل الشمال الجنوب، قبلتهم بين المشرق والمغرب، فكيف يقول ابن المبارك: لأهل المشرق؟ هو لا يريد المشرق الذي هو شرق مكة، لا، إنما يريد جهات من المشرق هي إلى الشمال أقرب كخراسان وغيرها، فإذا كان .. ، إذا تصورنا أن هذه هي الكعبة المدينة هنا وهذا الغرب وهذا الشرق، بين المشرق والمغرب قبلة انتهى الإشكال، ونحن هنا في الشرق لا يمكن أن نقول: إن قبلتنا بين المشرق والمغرب، لكن يمكن أن نقول: بين الشمال والجنوب، وأهل مصر في الجهة هذه، وأهل اليمن وجنوب الجزيرة في الجهة هذه يتجه لهم خطاب المدينة، لكن ابن المبارك يقول: لأهل المشرق يعني(37/9)
هؤلاء اللي هنا جهة خراسان الشمال الشرقي، فإذا اتجهوا إلى جهة مكة هذا الغرب وهذا الشرق جهتهم مقبولة، لكن يبقى أنه يكون فيها انحراف لو صلبوا إلى ما بين الجهتين بالنسبة لهم إذا قلنا على التحرير بين المشرق والمغرب تكون جهتهم هنا، لكن ليس فيه إشكال للتجوز، والحديث كله فيه تيسير على الأمة، إذ مفاده الاكتفاء بالجهة، يمكن أن يقال لأهل المدينة: بين المشرق والمغرب قبلة ويراد بذلك عين الكعبة؟ نعم، لا يمكن، وهو ما يدل عليه قوله -جل وعلا-: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(144) سورة البقرة] والمراد بالشطر الجهة، وبهذا قال الجمهور، فالحديث دليل على أن الواجب استقبال الجهة لا العين في حق من تعذرت عليه العين، في حق من تعذرت عليه عين الكعبة، وقد ذهب إليه جمهور العلماء، ويؤيدهم قوله -جل وعلا-: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ} [(144) سورة البقرة].
الشافعية عندهم أن الواجب استقبال العين عين الكعبة، لكن إن أريد به حقيقة القول لا شك أنه حرج، بل متعذر، استقبال العين عمن بعد عن البيت متعذر، الآن العمائر المحيطة بالحرم التي لا يمكن من خلالها رؤية البيت يصعب جداً أن يستقبل الإنسان عين الكعبة فضلاً عمن بعد في خارج مكة أو في الأمصار البعيدة كيف يقال: إن الواجب استقبال العين؟ هم يقولون بالتحري، تتحرى إصابة العين، فعلى هذا يكون الخلاف لفظي إلا أنه .. ، قول الشافعي يبعث على مزيد التحري، حتى قال قائلهم: إنه إذا لم يجزم بإصابة العين أو لم يغلب على ظنه إصابة العين يقسم الجهات يقسم الجهة، فيضع دائرة ويضع فيها خطوط متعارضة ويصلي في كل حقل إلى أن يصيب الكعبة، إلى أن يجزم أنه أصاب عين الكعبة، هل يرد الشرع بمثل هذا؟ الشرع المبني على التيسير مبني على هذا؟ أقول: يمكن أن يرد مثل هذا؟ لا، في مثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ما بين المشرق والمغرب قبلة)) تيسير للأمة، المقصود أن تقصد الجهة، وتجتهد وتتحرى.(37/10)
ابن عبد البر -رحمه الله تعالى- له كلام في .. ، وهو في الجملة ما يختلف معه فيه، يقول: تضيق القبلة على أهل المسجد الحرام، اللي داخل المسجد ويش الواجب فرضهم؟ إصابة العين، وهي لأهل مكة أوسع، حتى يصرح بعضهم أن قبلتهم المسجد، ثم لأهل الحرم أوسع، ثم لأهل الآفاق أوسع، هذا الكلام صحيح، كلما بعد الإنسان تعذر عليه إصابة العين أكثر، لكن لو أن شخص صلى في الدور الثاني مثلاً، أو بين عمد وفي المواسم في الصفوف الأخيرة لن يرى الكعبة، فلم سلم وجد أنه صلى إلى غير الكعبة ماذا يقال له؟ تصرف بعض الناس بالفرش يجعل كثير من الناس يصلي إلى غير القبلة، يجر الفرش علشان تصير عند العمود وبدل ما هي القبلة كذا خلها كذا، هذا موجود، والناس ما لهم إلا هذا الفرش وإلا الخطوط لكن الخطوط تروح مع الفرشات.
فإذا صلى اعتمد هذا الفرش وصلى يوم سلم إلى وين؟ القبلة يمين، يقال له: أعد هذا ليس بمكانٍ للاجتهاد؟ هل يقال له: أعد؟ وإذا صلى في الدور الثاني ماذا يصنع والناس قدامه ما يقدر يسوي شيء؟ يعني في صلاة التراويح مثلاً قدامك في الدور الثاني عشرين صف، هذا إن أمكن أن ترى الكعبة لولا إذا ركع الناس، لكن إذا أمكن أن ترى الكعبة ولو مع الركوع إذا ركعوا الناس شفتها وتعدى يمديك؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن هل قطع صلاته وكبر من جديد؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هو يلزم، لا يلزم، يلزم إذا صلى إلى غير الجهة إلى غير الكعبة، وهو داخل المسجد صلاته باطلة، فيستأنفها من جديد.
طالب:. . . . . . . . .
هو ما يلزم أن ينحرف عن القبلة، ومَن يكبر يتكلم بشيء يسمعه الناس؛ لأن بعض الناس يصعب عليه أنه ينتقد. . . . . . . . . صحيح، يعني ينوي أن يقطع ما فات ويكبر في نفسه من جديد ويتبع الإمام.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، ما يكفيه؛ لأن ما تقدم باطل.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو إذا أصابها في الأولى ما هو منحرف -إن شاء الله-، لكن ترى هذه المسألة يقع فيها كثير من الناس، هو الممكن وضع أعلام أو أشياء تدل عليها على سمتها، لكن أيضاً التصرف والزيادة والنقصان عما عهد عليه الأمر ما ينبغي، ما ينبغي أبداً.(37/11)
على كل حال إذا عرف باطراد أن هذه متجهة، عرف طبق على أنها متجهة تكفي، لكن يبقى أن الوضع مع الزحام قد يصلي الإنسان إلى غير القبلة، وعلى من استطاع أن يصيب العين هذا هو الفرض والمتعين عليه، ولو إذا ركع الناس ينظر إلى الكعبة، ولو إذا سجدوا إذا ما تمكن من رؤيتها إذا ركعوا إذا سجدوا يحاول يتأكد؛ لأن هذا شرط من شروط صحة الصلاة، لكن إن كان مع الركوع رآها ثم اتجه إليها يستأنف من جديد وإن كان في السجود فاته ركعة وهكذا.
طالب:. . . . . . . . .
هم يقولون: لا بد أن يستقبل البنيان الهوى ما يكفي إلا في حالة واحدة ما لو أزيلت، يعني أزيلت فيما بعد نسأل الله السلامة، فمن يصححها يقول: هو بمثابة هواء الكعبة، يعني اللي في الدور الثاني واللي في السطح ما يصلون إلى عينها إلى هوائها، والهواء له حكم القرار، لكن إذا لم يصلِّ إلى شاخص صلى في الحجر واستدبر مثلاً الكعبة في النافلة، هم يجيزون النافلة داخل البيت إيش حكم صلاته؟ هو الحجر لا شك أنه من البيت قصر فيهم النفقة وعجزوا عن إكماله، فالصلاة النافلة يصححونها داخل البيت على أن يصلي إلى شاخص، صلى إلى الحجر أو إلى الفتحة اللي في الحجر، ما هو هذه الفتحة بينهن، صلى هنا لا إلى شاخص، أو صلى إلى الباب وهو مفتوح وهو داخل الكعبة تصح وإلا ما تصح؟ نعم الجمهور أنها لا تصح، لا بد أن يصلي إلى شاخص، ومن قال: إن الهواء له حكم القرار ما دام الجهة موجودة، وصححنا أصل النفل داخل البيت ما يمنع.
طالب:. . . . . . . . .
يظن أن هذه القبلة غفلة؟ يعني أخطأ، أخطأ في موضعٍ لا يسوغ فيه الاجتهاد يعيد، إيه يعيد.
أحسن الله إليك.
"باب: ما جاء في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم-:
حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن رباح وعبيد الله بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله سلمان الأغر عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام)).
وحدثني عن مالك عن خَبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة .. "
خُبيب، خُبيب، الجادة.
طالب: أنا عندي بالفتح، أحسن الله إليك.(37/12)
قالوا في آداب طالب الحديث أن يعنى بنسخته وكتابه على روايةٍ معتمدة موثقة مصححة مقابلة بأصول، وقال النووي: يكفي أصل واحد فقط، لا لا بد من العناية بالكتب، نعم.
أحسن الله إليك.
"وحدثني عن مالك عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي)).
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد المازني -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة)) ".
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم-" يعني ما جاء في فضل الصلاة في مسجده -عليه الصلاة والسلام-، وأن البقعة الواقعة بين بيته ومنبره -عليه الصلاة والسلام- روضةٌ من رياض الجنة.(37/13)
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن رباح -المدني- وعبيد الله –مصغر- بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله سلمان الأغر -المدني مولى جهينة- عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام)) " ((صلاةٌ في مسجدي هذا)) الإشارة إلى موجود، موجود في الأعيان لا في الأذهان، وبهذا يستدل من يقول: إن التضعيف لا يشمل التوسعات، بل هو خاصٌ بمسجده -عليه الصلاة والسلام-، ولذا يقول النووي: ينبغي أن يحرص المصلي على الصلاة في الموضع الذي كان في زمانه -عليه الصلاة والسلام- دون ما زيد فيه بعده؛ لأن التضعيف إنما ورد في مسجده، وقد أكده -عليه الصلاة والسلام- بقوله: ((هذا)) بخلاف مسجد مكة فإنه يشمل جميع مكة، بل صحح النووي أنه يشمل جميع الحرم، وهو قول الأكثر، التضعيف يشمل جميع الحرم في قول الجمهور، لهم أدلة منها: أن الإسراء كان من بيت أمِّ هانئ لا من المسجد، وقد جاء قوله -جل وعلا-: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(1) سورة الإسراء] والحديث فيه مقال لأهل العلم، لكن قوله -جل وعلا-: {وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ} [(217) سورة البقرة] هل أُخرجوا من المسجد أو من مكة؟ نعم {وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ} [(217) سورة البقرة] فدل على أن مكة كلها مسجد، على كل حال المسألة مبسوطة في مواضع، لكن الذي يترجح أن مكة كلها حرم بخلاف المدينة.
عاد مسألة التوسعة جاء فيها ما يدل على .. ، لكن الأحاديث لا تسلم من مقال: ((مسجدي وإن وصل إلى صنعاء)) يعني أحاديث ما .. ، المقصود أن عند أهل العلم أن الزيادة لها حكم المزيد، والكلام لو أردنا أن نتحدث عن الحرمين وأحكام الحرمين ترى ما ينتهي، والتوسعات هل لها حكم؟ التوسعات المحاطة بسور الحرم لا إشكال فيها، لكن التوسعات غير المحاطة هذه لا تأخذ حكم المسجد، لا تأخذ أحكام المسجد، وما ينتهي الكلام في هذه المسائل.(37/14)
الآن التوسعات في حرم المدينة المحاطة بالسور هذه لا إشكال فيها أنها داخلة المسجد، يبقى التوسعات التي فيها شبوك، مجرد شبوك، وفيها دورات المياه هذه لا تدخل في المسجد، ويجلس فيها الحيض، التوسعات التي في المسجد الحرام التوسعة المحاطة بالأسوار، توسعة الملك فهد هذه داخلة في المسجد، لكن توسعة الساحات غير داخلة في المسجد، المسعى ما زال خارج المسجد، لم يدخل في المسجد، حتى وضعه الآن وكيفيته لم يدخل، لكن لو وجد سور كبير يكون من وراء المسعى دخل، لو وسّع المسجد مثلاً بدائرةٍ كبيرة بحيث تشمل المسعى دخل المسجد.
طالب:. . . . . . . . .
المسعى الآن خارج المسجد خروجاً ظاهراً.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، ما هي بمسألة متصلة، شوف الآن وضع المسجد هكذا، هذا المسجد هذه الدائرة والمسعى بجواره.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، متصلة بالمسعى هكذا.
طالب:. . . . . . . . .
إش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يلزم، لكنها وضعها وحقيقتها خارج المسجد بجوار المسجد، حتى لو شفت الصور صورته خارج عن المسجد بلا شك، اللي صلوا به مع الحاجة إذا اتصلت الصفوف ما يخالف، أما يصلون به من غير اتصال الصفوف والمسجد فاضي لا، كلٌ على مذهبه، يوجد من يصلون في دكاكينهم ومحلاتهم وشوارعهم، الله المستعان، التساهل كبير.
طالب:. . . . . . . . .
لا، إذا خرج عن المسجد بطل طوافه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، من الغرائب السنة هذه أناس طافوا .. ، سعوا خارج المسعى بالساحة بجواره، خمسة أسئلة جاءت بهذه الطريقة، وبعضهم يجادل يقول: كان المسعى وادي، وما يدريك أن هذا الذي بجواره كان من الوادي، تحديده بهذه الجدران حادث، نقول: لو قيل بهذا ما انتهت المسألة بعد، صارت المشاعر لعب.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لأن الزحام اضطرهم إلى هذا، لكن عليهم الإعادة على كل حال.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لو يرون المصلين، واضطروا إلى ذلك، واتصلت الصفوف بحيث وصلوا إلى باب هذه العمائر ما يخالف، أما إذا وجد فاصل لا، الأدوار أدوار العمائر التي تصح الصلاة في أرضها تصح في علوها مثل المسجد.(37/15)
يقول: ((صلاةٌ في مسجدي هذا خيرٌ من ألف صلاة فيما سواه)) خيرٌ من ألف صلاة فيما سواه، الصلاة هذه تشمل الفريضة والنافلة في قول الأكثر، وزعم الطحاوي أن التضعيف خاصٌ بالفرائض خاص بالفرائض؛ لأن النوافل فعلها في البيوت أفضل، إذاً التضعيف خاص بالفرائض عنده، وقال غيره يعني قول الأكثر يشمل النوافل أيضاً، ولا يمنع أن تكون النوافل في بيوت مكة وفي بيوت المدينة أفضل منها في بيوت غيرها من البلدان، ومن المسجد أيضاً.
يقول -عليه الصلاة والسلام-: ((صلاةٌ في مسجدي هذا خيرٌ من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام)) إلا المسجد الحرام، يقول ابن بطال: يجوز في هذا الاستثناء أن يكون المراد إلا المسجد الحرام فإنه مساوٍ أو فاضل أو مفضول؛ لأن ما في ما يدل على المساواة لمسجده -عليه الصلاة والسلام-، أو لكونه أفضل أو دونه، إنما هذا الاستثناء يدل على أن المسجد الحرام ليس كغيره من المساجد، إلا المسجد الحرام يدل على أنه ليس كغيره من المساجد، لكن يبقى هذا الاستثناء ما بين فيه منزلة هذا المسجد بالتحديد، إلا المسجد الحرام فإنه مثله، مساوي، أو إلا المسجد الحرام فإنه فوقه أو دونه، لكن ليس كغيره، الاحتمال قائم.
يقول ابن بطال: يجوز في هذا الاستثناء أن يكون المراد فإنه مساوٍ لمسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- أو فاضلاً أو مفضولاً، والأول أرجح هذا عند من؟ ابن بطال وابن بطال إيش؟ مالكي، والأول أرجح لأنه كان فاضلاً أو مفضولاً لم يعلم المقدار إلا بدليل بخلاف المساواة، انتهى.(37/16)
قال ابن حجر: كأنه لم يقف على الدليل، الدليل الثاني وهو كونه فاضلاً، وقد أخرج الإمام أحمد وصححه ابن حبان من طريق عطاء عن عبد الله بن الزبير قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلاةٌ في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواها من المساجد إلا المسجد الحرام، وصلاةٌ في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في هذا)) يعني في مسجده -عليه الصلاة والسلام-، إذاً تكون الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، وحسبت الصلاة الواحدة قدرت بالسنين صارت خمساً وخمسين سنة، خمسة وخمسين سنة وستة أشهر وعشرين ليلة، هذا من حيث الفضل لا من حيث الإجزاء، يقول: أبروح أصلي لي فرض واحد وأجلس لي خمسة وخمسين سنة ما أصلي، إنما من حيث الفضل والأجر، ولا يقول شخص .. ، عاد مسألة التضعيف غير الصلاة مسألة خلافية، يقول شخص: أنا زكاتي مائة ألف أروح أطلع ريال واحد في المسجد الحرام بمائة ألف، وينتهي الإشكال، لا هذا ما يمكن، إنما المراد بذلك فضل الصلاة وغيرها من العبادات في هذا المكان المقدس.
استدل بهذا الحديث على تفضيل مكة على المدينة؛ لأن الأمكنة إنما تشرف بفضل العبادة فيها على غيرها، وهذا قول الجمهور، وحكي عن مالك أيضاً، ورجحه ابن عبد البر وجمعٌ من المالكية، والمشهور عن مالك وأكثر أصحابه أن المدينة أفضل من مكة؛ للحديث الذي يلي حديث الباب: ((ما بين بيتي ومنبري)) ونصوص أخرى، واستدل الجمهور بأدلة كثيرة منها: قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((والله إنك -يعني مكة- لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك لما خرجت)) حديثٌ صحيح مخرجٌ في السنن، وصححه ابن خزيمة وابن حبان.
على كل حال الأدلة على تفضيل مكة على المدينة أكثر، ولذا رجح ابن عبد البر وهو مالكي المذهب قول الجمهور.(37/17)
"وحدثني عن مالك عن خبيب بن عبد الرحمن -بن خبيب بن يسار الأنصاري- عن حفص بن عاصم -بن عمر بن الخطاب- عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد الخدري -بالشك- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة)) " حقيقةً بأن تكون مقتطعة منها، كما أن الحجر الأسود والنيل والفرات وسيحان وجيحان من الجنة، يعني جاءت أدلة تدل على وجود شيء في هذه الدنيا مما هو من الجنة، ((ومنبري على حوضي)) قال الشراح: أي ينقل المنبر الذي كان عليه أثناء هذه الكلمة وأثناء هذه المقالة يوم القيامة فينصب على حوضه -عليه الصلاة والسلام-، ((ومنبري على حوضي)) يعني منبري يكون على حوضي يوم القيامة، منبري الذي أتكلم عليه الآن يكون على حوضه -عليه الصلاة والسلام- يوم القيامة.
((ما بين بيتي)) بيت مفرد وهو مضاف والمفرد المضاف يعم، فهل المراد بهذا جميع بيوته -عليه الصلاة والسلام-؟ لأن بيوته سرد هكذا، بدءاً من بيت عائشة إلى آخر البيوت، وعلى هذا تتسع بقعة الروضة، أو المقصود به بيتي يفسر بالرواية الأخرى: ((ما بين قبري ومنبري)) وإن كان فيها كلام؟ فيكون المراد به بيت عائشة؛ لأنه هو الذي صار قبره فيه -عليه الصلاة والسلام- احتمالان؛ لأن المفرد يعم، لكن بيته الذي قبر فيه -عليه الصلاة والسلام- أظهر وهو بيت عائشة.
ما الذي يفيده هذا الكلام ((ما بين بيتي ومنبري روضةٌ من رياض الجنة))؟ ما الذي يفيده هذا الكلام؟ هل هو مجرد خبر عاري عن الفائدة العملية أو أن له فائدة عملية؟ هل معنى هذا أننا نقول: له فائدة، فالصلاة فيه أفضل؟ هذه البقعة الصلاة فيها أفضل؟ المكث في انتظار الصلاة أفضل، قراءة القرآن أفضل؛ لأنها روضة من رياض الجنة؟ أو نقول: هو مجرد خبر كما قيل: النيل والفرات، هل السباحة بالنيل أفضل من السباحة بغيره؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(37/18)
له فائدة، عموم قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا)) هذه روضة من رياض الجنة إذاً نرتع ((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا)) عموم هذا الخبر يدل على أن هذا له مزية؛ لأنه روضة من رياض الجنة، وقد أمرنا بأن نرتفع فيه، تفسير الخبر بفردٍ من أفراده لا يعني قصره عليه، تفسير الخبر بفردٍ من أفراده هذه المسألة مرت بنا مراراً، تفسير الخبر بفردٍ من أفراده لا يقتضي الاقتصار عليه، تفسير النبي -عليه الصلاة والسلام- القوة بالرمي {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [(60) سورة الأنفال] ((ألا إن القوة الرمي)) هل معنى هذا أننا لا نستعد بغير الرمي؟ تفسير الظلم بالشرك هذا يلغي جميع أنواع الظلم غير الشرك؟ هذه مسألة مرت بنا مراراً، وقررت في دروسٍ كثيرة.
على كل حال مقتضى قوله: ((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا)) يدل على أن لهذه البقعة مزية، فيتحراها الإنسان، يمكث فيها، ويقرأ فيها، ويصلي فيها، لكن إذا جاءت الصلاة فالأفضل الصف الأول، على كل حال الروضة الآن مفروشة بفراش خاص أبيض، والناس عوام الناس يتبعون هذه العلامات، المكبرية اللي في المسجد الحرام لون الفرش اللي تحتها في الأرض مثل لون الروضة، فجاء شخص يقول: هذه روضة، إيش دليلك؟ قال: الفرش مثل فرشة الروضة، صحيح موجودة، هم يستدلون بالقرائن ولو ضعفت.
طيب يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر -بن محمد بن عمرو بن حزم- عن عباد بن تميم -بن زيد بن عاصم الأنصاري- عن -عمه أخ أبيه لأمه- عبد الله بن زيد المازني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة)) " استدل بهذا من فضل المدينة على مكة، بحيث لم يثبت في بقعة خبر أنها من الجنة إلا هذه البقعة المقدسة، قال ابن عبد البر: هذا النص لا يقاوم ما جاء في مكة، مثل هذا النص لا يقاوم ما جاء في مكة.
طالب:. . . . . . . . .
نعم من الجنة، والكعبة أعظم وأعظم. نعم.
طالب:. . . . . . . . .(37/19)
الحجر الأسود والكعبة نفسه، كثير من بعض الشراح اللي عندهم روائح الغلو في النبي -عليه الصلاة والسلام- يتكلمون في هذا المجال بكلامٍ يخالف ويعارض النصوص، ويزعمون أن البقعة التي دفن فيها النبي -عليه الصلاة والسلام- أفضل من الكعبة، وأفضل من العرش، وأفضل من كذا .. ، قالوه يعني، فإن كان مجرد نظر إلى البقعة نفسها فلا، وإن كان الجسد الشريف المدفون فيها هذا بلا شك، أقول: هذا غلو، إن كان مجرد تراب دفن فيه النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا غلو، أفضل من العرش؟ أما الجسد الطاهر المدفون في هذه البقعة ما في مخلوق يوازيه، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
من نقل الإجماع؟
طالب:. . . . . . . . .
الإجماع دونه خرط القتاد، يعني أفضل من الكعبة؟ الكلام على البقعة، دعنا من الجسد الشريف هذا محل إجماع، أما البقعة لذاتها لا.
يقول: "باب ما جاء .. "
اتفضل.
"باب: ما جاء في خروج النساء إلى المساجد:
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)).
وحدثني عن مالك أنه بلغه عن بسر بن سعيد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا شهدت إحداكن صلاة العشاء فلا تمسن طيباً)).
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل امرأة عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- أنها كانت تستأذن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى المسجد فيسكت، فتقول: والله لأخرجن إلا أن تمنعني فلا يمنعها.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: "لو أدرك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أحدث النساء لمنعهن المساجد، كما منع نساء بني إسرائيل".
قال يحيى بن سعيد -رحمه الله-: فقلت لعمرة -رحمها الله-: أو منع نساء بني إسرائيل المساجد؟ قالت: نعم".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في خروج النساء إلى المساجد"، "المساجد" بالجمع، وفي بعض النسخ: "المسجد" بالإفراد، ويراد به الجنس.(37/20)
يقول: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه ... " هذا البلاغ أخرجه مسلم من رواية الزهري عن سالم عن أبيه فهو متصل، والحديث في الصحيحين "أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)) " لا تمنع مساجد الله إذا خرجت تريد الصلاة، لكن لو احتف بخروجها أمرٌ ممنوع منعت من أجله، إذا احتف بخروجها أمرٌ ممنوع منعت من أجله، لو خرجت متطيبة متبرجة مع سائق أجنبي لا يوجد من يوصلها إلى المسجد إلا هو إذاً تمنع، لا لأنها منعت من المسجد إنما منعت لما قارن هذا الخروج إلى المسجد، فالمنع الذي يمنع امرأته لأنها تخرج متبرجة؛ لأنها تخرج متطيبة، تخرج مع سائق أجنبي مع وجود فتنة مع وجود .. ، تمنع لما يصاحب هذا الخروج لا لذات الخروج، فهو من العام المخصوص، وجاء في الحديث الصحيح: ((ويخرجن تفلات)) أي غير متطيبات، وسيأتي في الحديث الذي يليه، وفي سنن أبي داود وصححه ابن خزيمة عن ابن عمر مرفوعاً: ((لا تمنعوا نساءكم المساجد، وبيوتهن خيرٌ لهن)) وجاء في الحديث الصحيح: ((وبيتها خيرٌ لها)) لكن كون البيت خير لا يقتضي المنع، لا يقتضي منع المرأة من المسجد، نعم إذا خشيت الفتنة، إذا قارن الخروج أمر محرم تمنع من أجله.
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه عن بسر بن سعيد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا شهدت إحداكن صلاة العشاء فلا تمسن طيباً)) " وهذا البلاغ أيضاً وصله مسلم "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا شهدت)) " المراد: أرادت شهود صلاة العشاء، ومرَّ بنا مراراً أن الفعل الماضي يطلق ويراد به الإرادة، يطلق ويراد به الفراغ من الفعل، يطلق ويراد به الشروع في الفعل، وهنا إذا أرادت شهود العشاء مع الجماعة في المسجد فلا تمسن طيباً، زاد مسلم قبل الذهاب؛ لأنه هو سبب الفتنة، المقصود أنها تمنع من الطيب إذا أرادت أن تخرج من بيتها، بخلاف ما إذا شهدت وانتهت ورجعت إلى بيتها تتطيب.
طالب:. . . . . . . . .
ولا أثناء الصلاة؛ لأنه يترتب عليه خروج من المسجد، لما يترتب عليه خروج من المسجد.(37/21)
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد –الأنصاري- عن عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل -أخت سعيد بن زيد أحد العشرة العدوية صحابية من المهاجرات- امرأة عمر بن الخطاب -ابن عمها- أنها كانت تستأذن عمر بن الخطاب إلى المسجد" وهي امرأته مذكورة بجمالها، تزوجها عمر بعد ثلاثة أو أربعة، المقصود أنها مثار فتنة، وعمر يتشوف إلى أنها لا تخرج إلى المسجد، لكنه يقف عند النص: ((لا تمنعوا)) وهي أيضاً تريد الأجر بخروجها إلى الصلاة مع جماعة المسلمين، تشهد صلاتهم ودعوهم "كانت تستأذن عمر بن الخطاب إلى المسجد فيسكت" لأنه يكره خروجها "فتقول: والله لأخرجن إلا أن تمنعني" لأنها ترى أنه إذا منعها وقد نوت الخروج أنه يكتب لها أجرها كما قرر ذلك الباجي، يقول: "فلا يمنعها" لئلا يخالف الناص، لا يقع في مخالفة الحديث.
عبد الله بن الزبير احتال على خروجها؛ لأنه تزوجها بعد ذلك، تزوجها عبد الله بن الزبير، احتال لمنعها ولم يمنعها. . . . . . . . .، وقف في طريقها بحيث لا تراه، وهي ذاهبة إلى صلاة العشاء، فلما مرت ضربها من الخلف واختفى، لما رجعت من المسجد، قالت: خلاص لن أخرج إلى المسجد مرة ثانية فسد الزمان وفسد أهله، والله المستعان.(37/22)
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد -الأنصاري- عن عمرة بنت عبد الرحمن -بن سعد بن زرارة الأنصارية- عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: "لو أدرك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أحدث النساء لمنعهن المساجد كما منع نساء بني إسرائيل"، لو أدرك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أحدث النساء من الطيب والتجمل وقلة التستر يعني التبرج؛ لأنه فتحت الدنيا بعده -عليه الصلاة والسلام- لمنعهن المساجد، وفي رواية: المسجد، وهو المناسب لعود الضمير على مفرد كما منعه أي المسجد نساء بني إسرائيل، وإسرائيل: هو يعقوب بن إسحاق "قال يحيى بن سعيد: فقلت لعمرة" قال الحافظ: يظهر أنها تلقته تلقت الخبر عن عائشة، ويحتمل أن يكون عن غيرها، وقد ثبت ذلك من حديث عروة عن عائشة موقوفاً أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح، ولفظه: قالت: ((كنَّ نساء بني إسرائيل يتخذن أرجلاً من خشب يستشرفن للرجال في المساجد فحرم الله عليهن المساجد، وسلطت عليهن الحيضة)) وهذا وإن كان موقوفاً فحكمه حكم الرفع؛ لأنه لا يقال بالرأي، مسألة سلطت عليهن الحيضة، وهل الحيض خاص ببني إسرائيل أو كان قبل ذلك لأنه أمرٌ كتبه الله على بنات آدم؟ مسألة معروفة عند أهل العلم، لكن أصله من بدء خلق النساء، وكونه سلطت عليهن الحيضة يعني زاد، زاد عليهن الدم، ما يمنع منه، وإن كان بعضهم يضعف هذا الخبر من أجل هذه الكلمة، ما يلزم.
هناك امرأتان من بني إسرائيل وهذا الخبر في الصحيح عند مسلم كلاهما بغي إحداهما طويلة والأخرى قصيرة فاتخذت القصيرة أرجلاً من خشب، فدل على أن هذا الصنيع ليس من صنيع العفيفات في الأصل، وإنما هو من صنيع أهل البغاء، فينبغي أن يحرص على مثل هذا أن يجتنبه النساء، وقد شاع بين نساء الأخيار والخيرات، على كل حال هذا أصله ومنشأه، والله المستعان.(37/23)
تمسك بعضهم بقول عائشة: "لو رأى" في منع النساء مطلقاً، لكن هل الحديث يقتضي المنع أو يقتضي السماح؟ هل هو دليل عل من قال بالمنع أو دليل على قول من قال بعدم المنع؟ نعم دليلٌ على قول من قال بعدم المنع؛ لأن مفاده أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يمنع، والعبرة والحجة في منعه -عليه الصلاة والسلام-، نعم إذا وجد ما يقتضي المنع مثل ما أسلفنا يكون المنع لا لذات الخروج وإنما لما يحتف به، فتمسك بعضهم بقول عائشة: "لو رأى" في منع النساء مطلقاً فيه نظر، إذ لا يترتب على ذلك تغيير حكم، يعني بعض تصرفات بعض الأفراد لا يقتضي تغيير حكم شرعي ثابت يعني كغيره من القضايا، هناك أحكام شرعية ثابتة قد يتصرف بعضهم من خلال هذه الأحكام تصرفات غير مرضية ما يمنع الحكم أنه يمنع هذا التصرف الخاص، يعني كما يحتف بزواج المسيار، وزواج بنية الطلاق، أو مثلاً مسألة التورق، أو المسائل التي يكثر فيها التصرفات التي هي غير مرضية، فلا يمنع أصل الحكم تمنع مثل هذه التصرفات، بل ظاهر الحديث يدل على عدم المنع؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- علم ما سيحدثه النساء، فما أوحى إلى نبيه -عليه الصلاة والسلام- بمنعهن، ولو كان ما أحدثن يستلزم المنع من المساجد لكان منعن من غيرها كالأسواق أولى.
المقصود أن من يلاحظ عليها ارتكاب مخالفة في منعها تمنع من أجل المخالفة لا لذات الذهاب إلى المسجد والصلاة فيه وشهود الجماعة.
سم ...(37/24)
الموطأ - كتاب القرآن (1)
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
شرح باب: الأمر بالوضوء لمن مس القرآن:
كتاب القرآن:
باب: الأمر بالوضوء لمن مس القرآن:
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن حزم أن لا يمس القرآن إلا طاهر، قال مالك - رحمه الله -: "ولا يحمل أحد المصحف بعلاقته ولا على وسادة إلا وهو طاهر، ولو جاز ذلك لحمل في خبيئته ولم يكره ذلك لأن يكون في يدي الذي يحمله شيء يدنس به المصحف، ولكن إنما كره ذلك لمن يحمله وهو غير طاهر إكراماً للقرآن وتعظيماً له.
قال مالك -رحمه الله-: "أحسن ما سمعت في هذه الآية: {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [(79) سورة الواقعة] إنما هي بمنزلة هذه الآية التي في عبس وتولى قول الله -تبارك وتعالى-: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [(11 - 16) سورة عبس].(38/1)
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "كتاب القرآن: باب: الأمر بالوضوء لمن مس القرآن، باب الأمر بالوضوء لمن مس القرآن، حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن حزم" جده، جد عبد الله بن أبي بكر، عمرو بن حزم بن زيد الأنصاري "أن لا يمس القرآن إلا طاهر" أن لا يمس القرآن إلا طاهر، أي متوضأ، فعلى هذا لا يجوز للمحدث أن يمس المصحف، وبهذا قال جمهور أهل العلم بما فيهم الأئمة الأربعة، أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، وجماعة الفقهاء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، والحديث هنا مرسل، وقد روي مسنداً من وجوه، وله شواهد فهو صحيح لغيره، ويقول ابن عبد البر -رحمه الله-: "هو كتاب مشهور عند أهل السير، معروف عند أهل العلم معرفة يستغني بها في شهرتها عن الإسناد؛ لأنه جاء من طرق، وتلقاه الناس بالقبول، ومعلوم عند أهل العلم أن تلقي الأمة للخبر بالقبول أقوى من مجرد قوة الطرق والأسانيد، كما قرر ذلك ابن حجر وغيره، فإذا تلقت الأمة بالقبول خبراً عرفنا أنه خبر ثابت، لماذا؟ لأنه لا يصح عليهم تلقي ما لا يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وعلى كل حال هو صحيح لغيره بشواهده، له شاهد من حديث حكيم بن حزام وابن عمر وعثمان بن أبي العاص وغيرهم، فهو بمجموع طرقه صحيح لغيره، والحديث أصل في كتابة العلم، "إن في الكتاب الذي كتبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وإسناد الكتابة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- باعتبار أنه أمر بها، وإلا معلوم من أنه -عليه الصلاة والسلام- أمي، وقد جاء في وصفه في القرآن {وَمَا كُنتَ تَتْلُو. . . . . . . . . وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [(48) سورة العنكبوت] فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لا يقرأ ولا يكتب.(38/2)
فعلى كل حال الخبر أصل في كتابة العلم وتحصينه في الكتب، وأصل في صحة الراوية على وجه المناولة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- دفعه إليه وأمره به فجاز له العمل به والأخذ بما فيه، والرواية بالمناولة معروفة عند أهل العلم إحدى طرق التحمل الصحيح عند أهل العلم؛ لأن طرق التحمل الثمان: السماع من لفظ الشيخ هذا الأصل، يليها: العرض الذي هو القراءة على الشيخ، ثم المناولة: يكتب كتاب ويناوله إياه، ثم المكاتبة، ثم الإجازة المجردة عن المناولة، والمقصود بالمناولة مع الإذن بالرواية؛ لأن المناولة إن خلت عن الإذن فهي باطلة وإن قيل بصحتها.
وإن خلت عن إذن المناولة ... قيل تصح والأصح باطلة
هذا إذا خلت عن الإذن، لكن إذا اقترنت به فهي أقوى من الإجازة المجردة، ثم بعد ذلك: المكاتبة والوصية، والإعلام والوجادة، طرق التحمل ثمان، وتفصيلها ليس هذا محله، لكن هذا فيه المناولة، كتب الكتاب ثم ناوله إياه، وهذا الخبر صحيح.
يقول مالك -رحمه الله تعالى-: "ولا يحمل أحد المصحف بعلاقته" هل يشك أحد أن الإمام مالك لا يجيز لمن أحدث أن يمس المصحف؟ نعم، معروف مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة لا يجوز مس المصحف بغير طهارة، وماذا عن مالك؟ مالك مذهبه أشد، نعم، يقول مالك: "ولا يحمل أحد المصحف بعلاقته" علاقته ما يحمل به وهو الخيط الذي يربط به غلافه كيسه، "ولا على وسادة إلا وهو طاهر" لكن الحمل بالعلاقة لا يجوز عند الإمام مالك وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: لا بأس به.
في صحيح البخاري -رحمه الله تعالى- في باب: قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض، في باب: قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض، وكان أبو وائل يرسل خادمه وهي حائض، الخادم من يتولى الخدمة من ذكر أو أنثى، يرسل خادمه وهي حائض إلى أبي رزين فتأتيه بالمصحف فتمسكه بعلاقته، ثم أورد الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- بسنده حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يتكئ عليها، يتكئ في حجرها وهي حائض ثم يقرأ القرآن.(38/3)
علاقته: بكسر العين: الخيط الذي يربط به كيسه، وذلك مصير منهما إلى جواز حمل المصحف، نعم، لكن من غير مس، مصير منهما -من أبي وائل وأبي رزين- إلى جواز حمل المصحف من غير مس، بعلاقته، حائل، وهو موافق لمذهب أبي حنيفة، ومنع الجمهور ذلك، ومنع الجمهور ذلك، ماذا عن قراءة الحائض ما دمنا في حديث عائشة؟ في حديث عائشة النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يتكئ في حجرها وهي حائض ثم يقرأ القرآن، وذكرنا سابقاً في درس مضى أن ابن دقيق العيد استنبط من هذا الحديث أن الحائض لا تقرأ القرآن، الحائض لا تقرأ القرآن، لماذا؟ يقول: في هذا الفعل إشارة إلى أن الحائض لا تقرأ القرآن؛ لأن قراءتها لو كانت جائزة، لو كانت قراءة الحائض جائزة لما توهم امتناع القراءة في حجرها" يعني كونها تشير إلى أنه يقرأ القرآن وهو متكئ في حجرها نعم لتبرهن على أن القراءة من شخص طاهر غير متلبس بجنابة نعم جائزة، وإن قرب من موضع المنع، وإن قرب من موضع المنع، يعني لو كانت قراءتها جائزة لما توهم امتناع القراءة في حجرها حتى احتيج إلى التنصيص عليها، حتى احتيج إلى التنصيص عليها، لماذا قالت عائشة: إنه كان يقرأ وهو متكئ في حجرها؟ لأنها ترى أن الحائض ممنوعة من قراءة القرآن، ماذا عن القرب من الحائض لمن يقرأ القرآن وهو غير متلبس بحدث؟ إشارة أن هذا جائز، ولا نحتاج إلى هذه الإشارة إلا إذا قلنا: إن الحائض لا تقرأ القرآن، ويرد أيضاً على .. ، يمكن يفرع من هذا أن القراءة بقرب موضع النجاسة، بقربها، بقرب موضع النجاسة جائز وإلا مو بجائز؟ لأنه قد يحتاج إليها، الإنسان بدأ بسورة وبقي عليه يكملها شيء يسير وهو ذاهب إلى الدورة يقف عند الباب يكمل ويدخل، أحسن من أن يقطع السورة ثم يستأنفها فيما بعد، نعم استنبطوا من هذا جواز قراءة القرآن بالقرب، ما هو في موضع النجاسة، لا، بالقرب منه، فرأسه وصدره في حجرها، والإمام البخاري -رحمه الله تعالى- يستنبط من هذا جواز مس القرآن من وراء حائل، يستنبط من حديث عائشة جواز مس المحدث القرآن من وراء حائل، فتصور -رحمه الله تعالى- تصور -رحمه الله تعالى- أن جوف النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي يعي القرآن بمثابة المصحف؛ لأنه فيه(38/4)
القرآن، وجسده الطاهر -عليه الصلاة والسلام- الحائل، فعائشة تمس جسد النبي -عليه الصلاة والسلام- استنبط -رحمة الله عليه-، وهذا يقود إلى كلام آخر وهو حكم مس القرآن الذي في الشريط، هل نعتبر أن الشريط بمثابة ورق المصحف الذي كتب به القرآن؟ لأنه سجل عليه قرآن والغلاف غلاف الشريط بمثابة الحائل أو أن القرآن نقول: لا وجود له حقيقة في هذا الشريط إنما هي ذبذبات؟ نعم، بمعنى أنه مهما عمل في هذا الشريط لن يظهر لنا قرآن، قرآن مرئي، هو إذا كان بارز على الشاشة ما يجوز دخول القرآن الدورة فيه، لكن إذا كان مخفي، نعم
طالب:. . . . . . . . .
لا هو الآن بالفعل موجود داخل الشريط، داخل الجوال، ما هو بداخل الجوال، لكن متى ما طلب جاء، وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما هو مسألة تلمس، ابن دقيق مسألة ثانية فوق ما نفهم، فهم فهم في غاية الدقة، يقول: ما تحتاج إلى تنبيه، مثل هذا الكلام كون رجل رأسه في حجر امرأته يقرأ القرآن يحتاج إلى تنبيه؟ لولا أن المرأة ممنوعة من قراءة القرآن هذا استنباط البخاري وإدخاله في هذه الترجمة واضح، أنه يرى جواز مس القرآن من وراء حائل، واستدل بهذا الحديث على هذا؛ نعم ولأنه بين معنى الترجمة بالأثر الذي ساقه، ثم أردفه بالخبر المرفوع الذي هو الأصل في الباب، هذا استنباط البخاري شيء واستنباط ابن دقيق العيد شيء آخر، شيء آخر، ولا شك أن استنباط ابن دقيق العيد في غاية القوة، في غاية القوة، وعلى هذا الحائض لا تقرأ القرآن، شوف الآن محل الإشكال إنك لو تبي يُفتح صدر إنسان حافظ للقرآن والقرآن في قلبه، في جوفه، سؤال ...
طالب:. . . . . . . . .(38/5)
لحظة خليك معي شوي شوي، هل يجوز مس هذا القلب الذي يحوي القرآن مباشرة؟ لا ما في إشكال، لكن أقول: استنباط البخاري -رحمه الله تعالى- مع هذا البعد الذي لم ندرك حقيقته إلا أنه في غاية الدقة في الفقه، نعم، وإلا يعني المسألة مسألة خلافية في مس القرآن من وراء حائل، هو يستدل بهذا -رحمه الله-، وإذا كان يستدل بهذا الأمر البعيد نعم على أمر أقرب منه، لأنه لو كان القرآن بكيس القرآن بكيس يجوز مسه وإلا ما يجوز؟ الإمام مالك يقول: ولا بالخيط الذي يشال به الكيس، بينما البخاري يجيز هذا بدليل أنه أردف الترجمة بخبر أبي وائل مع أبي رزين، فاختياره -رحمه الله تعالى- كما جرى من عادته المطردة ما يردف به الترجمة من أثر على اختياره، وفقهه ترى في غاية الدقة، ما يتهاون بفقه البخاري -رحمة الله عليه-، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
الحكم واحد النفساء والجنب أشد، والجنب أشد، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
إمرار الشيء على القلب ما هو مثل النطق به يا أخي، هذا مجرد إمرار، لكن إذا كتبته ما تلمسه، إيه تمره على قلبها لا بأس، تمرها إذا كانت آيات وإلا إذا كان غير القرآن لا مانع، إذا كان من غير القرآن لا مانع، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
الأوراد إذا أوردت الآيات على أساس أنها من القرآن وترجو بها ثواب القرآن كل حرف بعشر حسنات، لا، وإذا أوردت على أنها ذكر من الأذكار رخص لها في ذلك، خلونا نكمل يا إخوان لأن المسألة .. ، كل مسائل هذا الباب تحتاج إلى عناية.
قال مالك: "ولا يحمل أحد المصحف بعلاقته ولا على وسادة" وهذا تشديد -رحمه الله- "إلا وهو طاهر"، والإمام مالك -رحمه الله- يعني تعظيمه لهذه الأمور ظاهر، يعني تعظيمه للسنة فضلاً عن القرآن، يفعل أشياء ما فعلها غيره، ما فعلها غيره -رحمه الله تعالى-، لا يحدث إلا على طهارة، وعلى تمام الهيبة والأبهة، وانتظام الحال، لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.(38/6)
يقول: "ولو جاز ذلك .. ، ولو جاز ذلك لحمل في خبيئته" جلده الذي يحمل به، جلده الذي يخبأ فيه، جلده الذي يخبأ فيه، "ولم يكره" الكراهة هنا عنده كراهة تحريم، "ولم يكر ذلك" يقول: ليس السبب في كراهة ذلك، وليست علة كراهة ذلك لأجل أن يكون في يدي الذي يحمله شيء يدنس به المصحف، ليس سبب المنع من حمله، ليس سبب المنع من حمل القرآن لأن يده متلطخة إما بنجاسة أو بقذر ولو كان طاهراً يدنس القرآن، نعم، يعني لو قلنا بهذا قلنا: من وراء حائل يجوز، لكن ليس هذا هو السبب، ليس هذا هو السبب، إذا لم يكن هذا هو السبب فسواءً كان بحائل أو بغير حائل، ما يجوز على كلام الإمام مالك -رحمه الله-.
يقول: يعني فلا يكفي مجرد طهارة اليد، "ولكن إنما كره ذلك لمن يحمله وهو غير طاهر إكراماً للقرآن وتعظيماً له" فيستوي في ذلك من أحدث سواءً دنس المصحف أو لم يدنسه، يعني سواءً كانت يده نظيفة وإلا دنسة، يعني المهم أنه هذا على حد سواء عنده -رحمه الله-.
"لا يمس القرآن إلا طاهر" وعندنا الآية: {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [(79) سورة الواقعة].(38/7)
يقول الإمام مالك -رحمه الله-: "أحسن ما سمعت في هذه الآية {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} إنما هي بمنزلة الآية التي في عبس وتولى قول الله -تبارك وتعالى-: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [(11 - 16) سورة عبس] اللي هم من؟ الملائكة، إذاً {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} الملائكة، إذا كان هذا رأي الإمام مالك وقد قرر فيما قبل أن البشر لا يمسه منهم إلا المطهرون، بل الإمام مالك -رحمه الله- شدد في ذلك، هل مفاد كلام مالك أنه يرخص في كون البشر يمسون المصحف؟ يقول: "أحسن ما سمعت في هذه الآية {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [(79) سورة الواقعة] إنما هي بمنزلة الآية التي في عبس وتولى قول الله -تبارك وتعالى-: {كَلَّا} يعني لا تفعل مثل هذا، {إِنَّهَا} أي الآيات {تَذْكِرَةٌ} عظة {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} وحفظ ذلك فاتعظ به {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ} عند الله -جل وعلا-، {مَرْفُوعَةٍ} في السماء، {مُطَهَّرَةٍ} منزهة، {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} كتبة، {كِرَامٍ بَرَرَةٍ} مطيعين لله -عز وجل- وهم الملائكة، قد يقول قائل: الإمام مالك شدد في قراءة .. ، في مس المصحف من وراء حائل، وهنا يقول: هذه الآية {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} هؤلاء الملائكة، الذي يقول: {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} هم الملائكة ما هو بالطرف الثاني الذين يقولون: إن المحدث يجوز أن يمس المصحف؟ نعم هم الذين يستدلون بهذه الآية، إذاً هل الإمام مالك يقول بهذا القول؟ لا، لا يقول بهذا القول، لكن كون الآية لا تدل على المراد في بادئ الأمر، وإلا فهي من أقوى الأدلة حتى على القول بأن المراد الملائكة من أقوى الأدلة على أن القرآن لا يجوز مسه إلا بطهارة.(38/8)
يقول الباجي -رحمه الله تعالى-: "ذهب مالك -رحمه الله- في هذه الآية إلى أنها على الخبر عن اللوح المحفوظ أنه لا يمسه إلا الملائكة المطهرون، وقال: إن هذا أحسن ما سمع في هذه الآية، وقد ذهب جماعة من أصحابنا إلى أن معنى الآية النهي للمكلفين من بني آدم عن مس القرآن على غير طهارة، وقالوا: إن المراد بالكتاب المكنون المصاحف التي بأيدي الناس"، وإدخال الآية في الترجمة دليل على، نعم، دليل على أن مالكاً يرى وجوب الطهارة لمس المصحف إدخال الآية في هذه الترجمة باب: الأمر بالوضوء لمن مس القرآن، وأدخل الآية وبين أن المراد بها الملائكة، إدخال هذه الآية تحت هذه الترجمة يدل على أن الإمام مالك -رحمه الله تعالى- يرى وجوب الطهارة لمس المصحف، وذلك أن إيش؟ "وذؤلك أن الباري قال في وصف القرآن بأنه كريم، وأنه في الكتاب المكنون، الذي لا يمسه إلا المطهرون، فوصفه بهذا تعظيماً له، والقرآن المكنون في اللوح المحفوظ هو المكتوب في المصاحف، القرآن المكنون الذي في اللوح المحفوظ، الذي لا يمسه إلا المطهرون هو المكتوب في المصاحف، فحكمه هناك لا يمسه إلا المطهرون، وحكمه أيضاً هنا: لا يمسه إلا المطهرون، فوصفه بهذا تعظيماً له، والقرآن المكنون في اللوح المحفوظ هو المكتوب في المصاحف التي بأيدينا، وقد أمرنا بتعظيمه فيجب أن نمتثل ذلك بما وصف الله به القرآن من أنه لا يمس الكتاب الذي هو فيه إلا المطهر، وهذا وجه صحيح سائغ" هذا كلام الباجي، يعني هل في الآية حتى على القول بأنها في الملائكة ما يدل على منع .. ، ما يدل على منع مس القرآن من غير حائل للمحدث؟ وعرفنا وجه الباجي، يقول: مادام كتاب مكنون وفي اللوح المحفوظ، والملائكة على أنهم طاهرون، نعم، ممنوع أن يمس القرآن إلا المطهرون، وهناك، والمكتوب هناك هو الموجود عندنا في المصاحف، إذاً الموجود عندنا أيضاً لا يمسه إلا المطهرون.(38/9)
ابن القيم في مدارج السالكين -رحمه الله- يقول: "الصحيح في الآية {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [(79) سورة الواقعة] أن المراد به الصحف التي بأيدي الملائكة، الصحف التي بأيدي الملائكة لوجوه عديدة، وذكر سبعة أوجه كلها قوية، يراجع في مدارج السالكين في الجزء الثاني صفحة أربعمائة وستة عشر وسبعة عشر، كلها وجيهة السبعة الأوجه، ثم قال: سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- وقدس الله روحه يقول: "لكن تدل الآية بإشارتها على أنه لا يمس المصحف إلا طاهر؛ لأنها إذا كانت تلك الصحف لا يمسها إلا المطهرون، نعم، لكرامتها على الله -جل وعلا- فهذه الصحف أولى ألا يمسها إلا طاهر" يعني نظير ما قاله الباجي، نظير ما قاله الباجي، وهذا استدلال في غاية القوة، يعني بعض الناس إذا سمع أن هذه الآية {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [(79) سورة الواقعة] الملائكة إذاً نمسه إيش المانع ما دام هذا خاص بالملائكة؟ نقول: إذا منع الملائكة -الذين هم في الأصل مطهرون نعم من مسه إلا على طهارة فكيف بمن يتلبس بالنجاسات وغيرها؟ نعم، هذا من باب أولى، والممنوع، الكتاب المكنون الممنوع من مسه إلا المطهرون في اللوح المحفوظ، هو القرآن الموجود عندنا في المصاحف، إذاً وجهة النظر واضحة، وكلام الباجي وكلام شيخ الإسلام قريب من بعض، قريب جداً من بعض، هذا وإن كان خبر، هذا خبر عنه، لا يمسه في مكان مأمون، نعم محفوظ، نعم يعني أن يمسه غير المطهرون هؤلاء، إذاً من شأنه ألا يمسه إلا طاهر، من شأنه ألا يمسه إلا طاهر، وإذا كان هذا في اللوح المحفوظ في الكتاب المكنون الذي عندنا في المصاحف أليس هو؟ إذاً لا يمسه إلا المطهرون، مثل ذاك.
يقول: ما رأيك فيمن يقول: لو كان المراد بني آدم لكانت الآية: "لا يمسه إلا المتطهرون"؟(38/10)
هذه ذكرها ابن القيم فيما ذكر، نعم، ذكره ابن القيم من الأوجه التي تدل على أن الآية في الملائكة، والآن ما هو بوجه الخلاف أنها في الملائكة أو في بني آدم، لا، نوافق على أنها في الملائكة ولا نختلف معهم، لكن إذا منع منه الملائكة إلا مع الطهارة وهم في الأصل مطهرون، فمنع من يتلبس بالحدث من باب أولى، وينتهي الإشكال، فتكون دلالتها على منع مس القرآن من غير طهارة نعم من باب قياس الأولى الذي هو القياس الجلي؛ لأنه عرضة لأن يمسه غير المتطهر، هذاك ما هو بعرضة، هذاك ليس بعرضة أن يمسه غير المتطهر، غير طاهر، هذا عرضة لأن يمسه المحدث، يمسه المتلطخ بنجاسة، فهو من باب أولى، المنع منه من باب أولى، عرفت وجه الأولى؟ عندنا الآية أقوى في الدليل من الحديث، الآية لمن تأملها أقوى في الدلالة من الحديث.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا. . . . . . . . . بحائل معروف إنه مذهب الحنفية ومعروف عند الحنابلة لا بأس من وراء الحائل، لكن مذهب مالك والشافعي شيء أشد، اختيار البخاري أنه لا بأس من مسه بحائل، منهم من يرخص إذا كان القرآن مع متاعه، مع المتاع، عفشه كله صناديق ومعه مصحف يشيل هذا الصندوق أو ما يشيله وهو ما هو بطاهر؟ هم عندهم لأنه تبع حمله غير مقصود لذاته، حمله غير مقصود لذاته،. . . . . . . . . وش الباعث على هذا الكلام إيش؟ تعظيم القرآن، ومن لا يعظم القرآن من المسلمين.
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيه؟ كتب التفسير، كتب التفسير أهل العلم يقررون أن الحكم للغالب، الحكم للغالب، يعني لو كان تفسير عليه آيات يسيرة معاني يسيرة في هامشه أو شيء منه والقرآن مستقل يصير قرآن.
طالب:. . . . . . . . .
لا أنت عد الحروف والحكم للغالب، الحكم للغالب هناك كلمات على القرآن في الحاشية ما تخرجه عن كونه قرآن، لكن إذا كان الغالب تفسير، شوف يا أخي الآن كون المصحف مفرد هل يعني هذا أنه قرآن؟ إذا جئت .. ، الآن طبعوا ابن كثير بهذه الطريقة مجلد واحد عندكم في كل خمس صفحات ثلاث صفحات وجه هذا نسميه تفسير وإلا قرآن؟ تفسير.(38/11)
الجلالين كذلك، شخص من أهل اليمن أشكل عليه القراءة في تفسير الجلالين من غير طهارة، وعرف من خلال كلام أهل العلم أن الحكم للغالب فعد حروف القرآن وحروف التفسير، يعني الآن عنده مشكلة هو، حروف القرآن وحروف التفسير، فيقول: إلى المزمل العدد واحد، نعم العدد واحد إلى سورة المزمل، ومن المدثر إلى آخر القرآن زاد التفسير قليلاً انحلت المشكلة عنده، لكن يبقى يا الإخوان أن المسألة أنت إذا نظرت في التفسير الممزوج تقول: هذا قرآن؟ لا ليس بقرآن لا حقيقة ولا عرفاً، التفسير الممزوج يعني لو كان قليل ومزج بالقرآن شوف هذا تفسير يا أخي ما تشوف القرآن، لكن إذا كان مفرد والتفسير على جانبه ونسبته يسيره بالنسبة للقرآن بخلاف ما إذا كان نسبته كبيرة، في التفسير الممزوج، الممزوج اللي ما هو مستقل القرآن التفسير الممزوج هذا تفسير ما هو بقرآن، لكن القرآن المستقل المحدث ما يمس القرآن ولو كان مع ابن كثير على طوله؛ لأن القرآن مستقل تشوفون الطبعة الجديدة من تفسير ابن كثير القرآن مثل التفسير مع ابن سعدي ومع الجلالين وغيرها، فهو قرآن، الممسوس قرآن، لكن تمسك التفسير ما في إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
والله إحنا نتسامح فيه كثير، يعني نحمل المصحف ونضعه بجلده بعلاقيته بكيسه الله يعفو ويسامح، نعم، مع أن من أهل العلم من كره تجزئة القرآن، الصحابة كتبوه بالاتفاق مجموع فكونه يجزأ إلى أجزاء كرهه جمع من أهل العلم، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(38/12)
الموطأ - كتاب القرآن (2)
باب: الرخصة في قراءة القرآن على غير وضوء، باب: ما جاء في تحزيب القرآن، باب: ما جاء في القرآن.
الشيح/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، نعم، سم.
شرح: باب: الرخصة في قراءة القرآن على غير وضوء:
أحسن الله إليك:
باب: الرخصة في قراءة القرآن على غير وضوء:
حدثني يحيى عن مالك عن أيوب بن أبي تميمة السختياني عن محمد بن سيرين أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- كان في قوم وهم يقرءون القرآن، فذهب لحاجته ثم رجع وهو يقرأ القرآن، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين أتقرأ القرآن ولست على وضوء؟ فقال له عمر: "من أفتاك بهذا؟ أمسيلمة؟
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب الرخصة في قراءة القرآن على غير وضوء" هناك قراءة القرآن المراد بها نظراً من المصحف لا يجوز إلا على طهارة، ولا يمس القرآن إلا طاهر، ولا يمسه إلا المطهرون، انتهينا من هذا، لكن قراءة القرآن على غير وضوء الذي يسمع الرخصة أن هذا الباب فرع من الباب السابق، هذا الباب لأنه العلماء إذا ترجموا بالمنع ثم الرخصة، نعم، فهذا ما في الباب الثاني فرع عن الذي قبله، فإما أن يكون رفعاً له بالكلية فيكون من باب النسخ أو رفع جزئي للحكم السابق فيكون من باب التقييد أو التخصيص، لكن ما في الباب السابق محمول على حال، وما في الباب اللاحق محمول على حال أخرى، فالذي في الباب السابق ما يقتضي مس المصحف، والذي في الباب اللاحق قراءة القرآن عن ظهر قلب.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن أيوب بن أبي تميمة السختياني" أبو تميمة اسمه كيسان "عن محمد بن سيرين" البصري الإمام الكبير القدر العابد، "أن عمر بن الخطاب كان في قوم" عن محمد بن سيرين أن عمر بن الخطاب متصل وإلا منقطع؟ منقطع، وهل مرد الانقطاع الصيغة، يعني لو قال: عن عمر بن الخطاب يصير متصل وإلا منقطع؟
طالب:. . . . . . . . .(39/1)
لا ما أدرك، نعم، يصير منقطع، وليس مرد ذلك اختلاف الصيغة، هو يحكي قصة لم يشهدها، محمد بن سيرين يحكي قصة لم يشهدها "أن عمر بن الخطاب كان في قوم وهم يقرءون القرآن، فذهب -رضي الله عنه- لحاجته" ذهب لحاجته أحدث "ثم رجع وهو يقرأ القرآن" رجع وهو يقرأ القرآن، "فقال له رجل" يقال: هو أبو مريم الحنفي إياس بن صبيح من قوم مسيلمة، ولذلك قال له: من أفتاك بهذا؟ أفتاك مسيلمة؟ "فقال له رجل: يا أمير المؤمنين أتقرأ القرآن ولست على وضوء؟ فقال له عمر: "من أفتاك بهذا؟ أمسيلمة؟ " يعني مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة، وهذا استفهام إنكاري، استفهام إنكاري، فقراءة القرآن للمحدث عن ظهر قلب جائزة.
في حديث ابن عباس في الصحيح في قصة نومه -عند النبي -عليه الصلاة والسلام-، وصلاة التهجد معه -صلى الله عليه وسلم-، القصة المشهورة يقول: "فاستيقظ –يعني النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومسح النوم عن وجهه، وقرأ العشر آيات من آخر سورة آل عمران، ثم قام إلى شن فتوضأ، دل على أنه قرأ قبل أن يتوضأ، فقراءة القرآن عن ظهر قلب لا بأس بها، وقال علي -رضي الله عنه-: "كان -صلى الله عليه وسلم- لا يحجبه عن قراءة القرآن شيء إلا الجنابة" ولا خلاف في ذلك معروف عند أحد من أهل العلم إلا من شذ، فقراءة القرآن تجوز ولو على غير طهارة إذا كان الحدث أصغر.(39/2)
"ثم رجع وهو يقرأ القرآن" يقول الباجي: "قراءة القرآن في الطريق" يعني القرآن، شخص يقرأ القرآن وهو يمشي، يقرأ القرآن وهو يمشي، فيها شيء وإلا ما فيها شيء؟ "قراءة القرآن في الطريق قال مالك في العتبية: "أما الشيء اليسير لمن يتعلم القرآن فلا بأس به" يعني مفهومه أن الكثير نعم يمنع ليش؟ لماذا؟ هذا على طريقة مالك في تعظيمه للقرآن وتعظيمه للسنة، إذا كان ما يحدث وهو يمشي فكيف يقرأ وهو يمشي؟ يقول: "أما الشيء اليسير لمن يتعلم القرآن فلا بأس به، وأما الرجل الذي يطوف بالكعبة يقرأ القرآن في الطريق فليس من شأن الناس"، يقرأ القرآن في الطواف هذا رأيه -رحمه الله-، وإلا فالطواف محل الذكر، والقرآن من أفضل الأذكار، وقد مدح الله -جل وعلا- {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [(191) سورة آل عمران] ما لم يظهر من ذلك امتهان للقرآن، يعني في موضع لا ينبغي القراءة، أو في .. ، على ظرف أو حال لا تنبغي فيه قراءة القرآن لا بأس، أما مجرد المشي مجرد القيام، مجرد القعود، مجرد الاضطجاع كلها ظروف للذكر، وقد مدح الله -جل وعلا-: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} وعمر -رضي الله عنه- رجع وهو يقرأ القرآن، وقد أمرنا بالاقتداء به -رضي الله عنه وأرضاه-، الباجي يقول: "قد يبيحس مس المصحف بغير طهارة ضرورة التعلم" ضرورة التعلم، يعني طالب يتعلم يردد القرآن ليل نهار لو كلف بالوضوء في كل وقت أو يستمر على طهارة طول وقته لصار فيه حرج ومشقة، "قد يبيح مس المصحف بغير طهارة ضرورة التعلم"، نقول: إذا كان الذي يتحفظ القرآن ويتعلم القرآن صبي غير مكلف هذا قد يتسامح في أمره، لكن المكلف سواءً كان عالماً أو متعلماً لا يجوز له أن يمس القرآن إلا بطهارة، وهل يبيح ذلك ضرورة التعليم؟ وهل يبيح ذلك ضرورة التعليم؟ يقول: "روى ابن القاسم عن مالك إباحته، وكرهه ابن حبيب، يقول: "ووجه رواية ابن القاسم أن المعلم يحتاج من تكرر مسه ما تلحقه المشقة باستدامة الطهارة"، يعني كالمتعلم، كالمتعلم، "ووجه قول ابن حبيب أنه غير محتاج لتكرار مسه" هذا معلم، يعني المفترض فيه أنه حافظ، "غير محتاج(39/3)
لتكرار مسه للحفظ وإنما ذلك لمعنى .. يقول: الصناعة والكسب، يعني المعلم إذا كان يأخذ أجر على هذا التعليم لا يضيره أن يكلف بالطهارة، وكأنه .. ، وكأن من يعلم الناس بغير مقابل لا يكلف غير ذلك من مشقة الطهارة، لكن يبقى أن المسألة حكم شرعي ثابت معلق بمس المصحف، لا يختلف من معلم ولا متعلم، جاءتنا النصوص الصريحة في أنه لا يمسه إلا طاهر، و {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [(79) سورة الواقعة] المقصود أنها لا تختلف من حال إلى حال اللهم إلا إذا كان حال الإنسان يختلف من مكلف إلى غير مكلف، هذا غير المكلف لو كلف بالوضوء في كل لحظة يمكن يترك التعلم، فيعان بمثل هذا، لا سيما وأنه يشفع له سنه.
طالب:. . . . . . . . .
أنا قلت لك: إن الراجح عندي أن الحائض لا تقرأ القرآن، والذي أمرها ورغبها في قراءة القرآن هو الذي منعها، والذي منعها من الصلاة وهي أعظم يمنعها من قراءة القرآن، أما فتوى شيوخنا معروفة، ولا نقول: هذا لعوام الناس، إحنا نقول .. ، نخاطب طلبة علم ترى.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن هذا الفهم من ابن دقيق ترى في غاية الدقة، ويش فائدة قول عائشة: أنه يقرأ القرآن وهو متكئ إلى حجرها؟ نعم، "وأنا حائض" ويش فائدة هذا الكلام؟ لا لا، له حظ قوي من النظر، أيضاً هو قول الجمهور ترى، جماهير أهل العلم على هذا، ما هو بقول شاذ يعتمد، لا، وعلى رأي الإمام مالك ولا بحائل، ولا بعلاقية ولا بكيس ولا شيء من هذا، هو من غير حائل من غير غلاف هو مصحف، هو مصحف وهو القرآن، لكن إذا كان بكيس وإلا بعلاقية وإلا بظرف آخر لا بأس -إن شاء الله-، نعم.
شرح: باب: ما جاء في تحزيب القرآن:
أحسن الله إليك:
باب: ما جاء في تحزيب القرآن:
حدثني يحيى عن مالك عن داود بن الحصين عن الأعرج عن عبد الرحمن بن عبد القاري أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- قال: "من فاته حزبه من الليل فقرأه حين تزول الشمس إلى صلاة الظهر فإنه لم يفته أو كأنه أدركه".(39/4)
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: كنت أنا ومحمد بن يحيى بن حبان جالسين فدعا محمد رجلاً فقال: أخبرني بالذي سمعت من أبيك؟ فقال الرجل: أخبرني أبي أنه أتى زيد بن ثابت -رضي الله عنه- فقال له: كيف ترى في قراءة القرآن في سبع؟ فقال زيد: حسن، ولأن أقرأه في نصف أو عشر أحب إلي وسلني لم ذاك؟ قال: فإني أسألك، قال زيد: "لكي أتدبره، وأقف عليه".
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب ما جاء في تحزيب القرآن" تحزيب القرآن: تقسيمه إلى أحزاب وأجزاء والحزب: القدر المحدد، الورد الذي يعتاده الشخص من قراءة أو صلاة أو غيرهما، وجرت عادة السلف إلى تحزيب القرآن وتقسيمه إلى سبعة أحزاب، إلى سبعة أحزاب اعتماداً على حديث عبد الله بن عمرو: ((اقرأ القرآن بسبع ولا تزد)) ثلاث يعني في يوم، وخمس وسبع، وتسع، وإحدى عشرة، وثلاثة عشرة، ثم حزب المفصل، سبعة، هذه طريقة لمن أراد أن يقرأ القرآن في سبع.
وأخونا السائل هذا يقول: أنا أحفظ القرآن وأختمه في الأسبوع مرة، وأنا مشغول بطلب العلم فاشتغل ما بين المحاضرات في الجامعة والوقوف عند الإشارات إيش؟ فاستغل ما بين المحاضرات في الجامعة والوقوف عند الإشارات فأجعل القرآن هذه الأوقات الضيقة استغلالاً للوقت، فهل هذا فيه عدم اهتمام بالقرآن؟
لا، هذا فيه اهتمام بالقرآن، هذا فيه اهتمام بالقرآن.
ثلاث: البقرة وآل عمران والنساء، الخمس: المائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، والتوبة، السبع: يونس وهود ويوسف والرعد وإبراهيم والحجر والنحل، ثم التسع: الإسراء الكهف، مريم، طه، الأنبياء، الحج، المؤمنون، النور، الفرقان، ثم بعد ذلك الإحدى عشرة: تبدأ من الشعراء وتنتهي بـ (يس)، الثلاثة عشرة: من (يس) أو الصافات على خلاف بينهم إلى الحجرات أو قبل هذا، يعني حزب المفصل الخلاف فيه هل يبدأ من (ق) كما هو قول الأكثر؟ أو من الحجرات؟ لكن الأكثر على أنه من (ق).(39/5)
هذا التحزيب متقارب، يعني ما يمكن قسمة القرآن بدقة يعني مثل ما يفعل الحجاج يقسم القرآن أرباع في اليوم الثاني يقف على الطاء من {وَلْيَتَلَطَّفْ} [(19) سورة الكهف] ممكن؟ نعم، يقف على نصف كلمة من نصف آية؟ لا، لا، ما .. ، هذا تقسيم معتمد عند أهل العلم، والذي يعتاده في كل يوم يكرره يقرأ القرآن في سبع وهو مرتاح، يقرأ القرآن في سبع وهو مرتاح، فإذا جلس بعد صلاة الصبح إلى انتشار الشمس بالراحة يقرأ الحزب، يقرأ الحزب براحة، وهذا فيه خير عظيم، ((اقرأ القرآن في سبع)) وفي أسبوع واحد سبعة أيام من عمرك الضائع تكسب أكثر من ثلاثة ملايين حسنة، لا يفرط في هذا إلا محروم، لا يفرط في هذا إلا مخذول.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن داود بن الحصين – المدني - عن الأعرج عن عبد الرحمن بن عبد القاري" نسبة إلى القارة بطن من خزيمة بن مدركة "أن عمر بن الخطاب قال: من فاته حزبه من الليل فقرأه حين تزول الشمس إلى صلاة الظهر" يمدي؟ نعم، يمدي من حين تزول الشمس إلى صلاة الظهر؟ "فإنه لم يفته" يمديه؟ يقرأ خمسة، يقول: "حين تزول الشمس إلى صلاة الظهر".
طالب:. . . . . . . . .
إيه ما يخالف لكن هل يكفي بين الأذان والإقامة يقرأ حزبه؟ على كل حال اسمعوا ما قاله أهل العلم، يقول الباجي: "نُرى أنه سهو من داود بن الحصين، -سهو، غفلة- صوابه الذي جاء في صحيح مسلم عن السائب بن يزيد وعبيد الله بن عبد الله: "فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر"، يمدي وإلا ما يمدي؟ يمدي من صلاة الفجر إلى .. ، يمدي، وأعرف شخصاً اعتمد على سارية من ارتفاع الشمس إلى الزوال فختم القرآن، بست ساعات، قد يقول قائل: هذه هذ وإلا ترتيل؟ بيأتينا -إن شاء الله- الفرق بين الهذ والترتيل، وأيهما أفضل؟
طالب:. . . . . . . . .(39/6)
إيش هو؟ لكن يخذل، مثل هذا الذي لا يقرأ القرآن يقول: إيش لون يقرءون ذولا؟ ذولا يلعبون، "أهذاً كهذ الشعر" وهو لا قاري لا هذا ولا ذاك، مثل الذي يرى الناس يذهبون إلى مكة في الأوقات الفاضلة ويقول: هؤلاء ينفقون الأموال الطائلة لو أنفقوها فيما هو أنفع، في جهاد، في صلة رحم، في .. ، على فقراء، على مساكين، على طلاب علم، وهو لا هو منفق لا على مساكين ولا معتمر، هذا مجرد مخذل، نعم، كثير من هذا يسلك هذا الأسلوب يخذل، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
بلا شك، نعم، لكن عاد الحكم على شخص بعينه ما هو بـ ....
يقول: "وحدثني عن مالك" أولاً: قراءة القرآن أيهما أفضل أن يقرأ عن ظهر قلب وإلا من المصحف؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، الأفضل مختلف فيه، مقتضى ترجمة الإمام البخاري القراءة عن ظهر قلب تفضيلها والذي صرح به كثيرون من العلماء أن القراءة من المصحف أفضل؛ لأنه يشتمل على التلاوة والنظر في المصحف وهي عبادة، قاله ابن كثير في فضائل القرآن، وهذا قول معروف عند الإمام أحمد وغيره، حتى كثير من السلف في رمضان يلزمون المصاحف وهم حفظة، هذا يذكرنا بواحد عارض له مصحف مخطوط يقول: هذا مصحف النبي -عليه الصلاة والسلام-، نعم، على كل حال إذا كان لزوم المصحف يعوق عن الحفظ وعن مراجعة حفظه هذه مسألة، لكن إذا كان ضابط لحفظه، متقن لحفظه، وينظر في المصحف لا سيما في الأوقات الفاضلة هذا عند أكثر أهل العلم أفضل.
لا هو الغالب أن التدبر يكون في المصحف، يعني إذا اجتمع النظر، إذا تواطأ النظر –البصر- مع السمع، على كل حال الناس يختلفون، يعني أحد إذا قرأ في المصحف ضمن أنه ما هو بمخطئ، نعم، وسرح، وإذا قرأ من حفظه احتاط للقراءة؛ لأنه يظن يخطئ، لكن بعض الناس لا سيما اللي حفظهم متقن يسرح وهو يقرأ حفظه، بينما إذا قرأ في المصحف أمامه حروف لا بد من النظر فيها، لا بد من التأني عندها.
النظر إلى الوالد والمصحف والكعبة حديث ضعيف، حديث ضعيف.(39/7)
يقول: "كنت أنا ومحمد بن يحيى بن حبان جالسين فدعا محمد –يعني ابن يحيى بن حبان- رجلاً فقال: أخبرني بالذي سمعت من أبيك؟ فقال الرجل: أخبرني أبي أنه أتى زيد بن ثابت -بن الضحاك الأنصاري- فقال له: كيف ترى في قراءة القرآن في سبع؟ فقال زيد: حسن"، زيد: حسن، فقال زيد: حسن، يعني لأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- عبد الله بن عمرو بذلك، ((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) وجاء: ((لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)) يقول: "ولأن أقرأه في نصف" يعني نصف شهر "أو عشر" نعم، "أحب إلي"، قال ابن عبد البر: "كذا رواه يحيى، وأظنه وهماً" ورواه ابن وهب وابن بكير وابن القاسم نعم: "لأن أقرأه في عشرين أو نصف شهر أحب إلي" وكذا رواه شعبة.
هذه مسألة -وهي مهمة جداً- مسألة المفاضلة بين الإسراع في القراءة مع كثرة الحروف والهذ، وقلة القراءة مع التدبر والترتيل أيهما أفضل؟ المسألة غير مفترضة في شخص يريد أن يقرأ جزء من القرآن أو جزأين أو خمسة أجزاء يسأل: هل الأفضل الترتيل أو الإسراع؟ لا، الترتيل أفضل إجماعاً، الترتيل أفضل إجماعاً في هذه الصورة، لكن المسألة مفترضة في شخص يريد أن يقرأ ساعة، هل يقرأ في هذه الساعة جزأين أو يقرأ خمسة؟ أيهما أفضل؟ يعني جزأين مع التدبر والترتيل وإلا خمسة مع الهذ؟ لا شك أن الوجه المأمور به هو الترتيل والتدبر، هذا الوجه المأمور به، لكن الوجه الثاني للهذ تحصيل أجر الحروف، كل حرف له عشر حسنات، فالذي يقرأ خمسة أجزاء يضمن نصف مليون حسنة، والذي يقرأ جزأين مائتين ألف، لكن هذا كما قال ابن القيم: "هذا كمن أهدى درة ثمينة نعم، قيمتها عالية جداً -الذي قرأ الجزأين-، والذي قرأ الخمسة أهدى عشر درر، لكن قيمتها أقل" نعم، الجمهور على أن التدبر مع قلة القراءة أفضل من الهذ مع كثرة القراءة.(39/8)
وقال أصحاب الشافعي: كثرة القراءة أفضل، ومأثور عن جمع من السلف على رأسهم عثمان -رضي الله عنه- الخليفة الراشد أنهم قرءوا هذ، قرءوا القرآن في ركعة، هل يتصور قراءة القرآن في ركعة مع الترتيل؟ لا يمكن، لكن ابن القيم يقول: "الصواب في المسألة أن يقال: إن ثواب قراءة الترتيل والتدبر أجل وأرفع، وثواب كثرة القراءة من حيث العدد أكثر"، من حيث العدد أكثر، زاد المعاد الجزء الأول صفحة ثلاثمائة وتسعة وثلاثين.
يقول الباجي: "تكلم الناس في الترتيل والهذ فذهب الجمهور إلى تفضيل الترتيل، قال الله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [(4) سورة المزمل] وكانت قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالترتيل، وكان يمد -عليه الصلاة والسلام-، وهو المروي عن أكثر الصحابة، وسئل مالك عن الهذ في القرآن فقال: "من الناس من إذا هذ كان أخف عليه، وإذا رتل أخطأ"، "من الناس من إذا هذ كان أخف عليه، وإذا رتل أخطأ، ومن الناس من لا يحسن يهذ -ما يعرف يسرع- والناس في ذلك على ما يخف عليهم، وذلك واسع"، وذلك واسع.
وقال الباجي: "ومعنى ذلك عندي أنه يستحب لكل إنسان، يستحب لكل إنسان ملازمة ما يوافق طبعه ويخف عليه فربما تكلف ما يخالف الطبع نعم، ويشق عليه ويقطعه ذلك عن القراءة والإكثار منها، وليس هذا مما يخالف ما قدمناه من تفضيل الترتيل لمن تساوى في حاله الأمران" إذا تساوى عنده الأمران فالترتيل أفضل، لكن إذا كان إذا رتل شق عليه مشقة عظيمة؛ لأن بعض الناس لا سيما إذا تعود إذا تعود الهذ لا يمكن يرتل، ولذا الذي يوصى به طلاب العلم والإخوان أن يجبلوا أنفسهم على الترتيل والتدبر، نعم قراءة الهذ هذه تحصل أجر الحروف، نعم، تحصل أجر الحروف لكن يبقى أن الوجه المأمور به المورث للعلم والعمل والإيمان والطمأنينة واليقين هو الترتيل والتدبر، وجاء الأمر بالتدبر في أربعة مواضع: في النساء، في المؤمنون، في ص، في محمد، أربعة مواضع، وجاء الأمر بالترتيل، فهذا هو الوجه المأمور به.(39/9)
وشيخ الإسلام يقول -رحمه الله تعالى- في الفتاوى في الجزء السابع صفحة مائتين وثلاثة وثمانين يقول: "قراءة القرآن على الوجه المأمور به تورث القلب الإيمان العظيم، وتزيده يقيناً وطمأنينة وشفاءً، قال الله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا} [(82) سورة الإسراء] "
يقول ابن القيم -رحمه الله تعالى-:
فتدبر القرآن إن رمت الهدى ... فالعلم تحت تدبر القرآنِ
الشيخ حافظ الحكمي -رحمه الله- في وصيته بكتاب الله في منظومة الميمية التي ينبغي على طلاب العلم أن يعنوا بها.
وبالتدبر والترتيل فاتلُ كتاب ... الله لا سيما في حندس الظلمِ
ثم أخذ يذكر ما لا نطيل بذكره مما تميز به هذا الكتاب العظيم، ابن القيم يقول: "أهل القرآن هم العالمون به -العالمون به- العاملون بما فيه وإن لم يحفظوه -وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب- وأما من حفظه ولم يفهمه ولم يعمل بما فيه فليس من أهله وإن أقام حروفه إقامة السهم"، هذا الموضوع يحتاج إلى بسط، يحتاج إلى وقفة طويلة، ويحتاج إلى مزيد من العناية؛ لأنه يلاحظ على كثير من طلاب العلم هجر القرآن، هجر القرآن، كثير من الإخوان نعم، قد تجده حافظ حرص في أول عمره على حفظ القرآن ثم ضمن الحفظ وترك القرآن، يكفي هذا؟ لا يكفي، لا يكفي، وتجد بعض الإخوان -مع الأسف الشديد- عوام المسلمين أفضل منه بالنسبة لكتاب الله، بعض الناس لا يفتح المصحف إلا إذا قُدر أنه حضر قبل الإقامة بدقائق بدل ما يضيع الوقت يقرأ القرآن، فالقرآن كأنه عنده فضلة على الفرغة، وبعض الناس من رمضان إلى رمضان، لكن الإنسان إذا التزم ورداً معيناً لا يفرط فيه سفراً ولا حضراً، وقد عرفنا من الناس وهو مسافر في طريقه من بلد إلى بلد إذا جاء وقت الورد على جنب، يقرأ حزبه إذا انتهى واصل سفره، الدنيا ملحوق عليها يا أخي ما. . . . . . . . . يفوت، المسألة أنفاس معدودة. . . . . . . . . توقف مثلما انتهت، وخير ما تصرف فيه الأعمار كتاب الله -جل وعلا-.
هو الكتاب الذي من قام يقرأه ... كأنما خاطب الرحمن بالكلمِ(39/10)
كتاب عظيم لا تنقضي عجائبه، فيه حلول لجميع المشاكل، فيه عصمة من الفتن، والناس أحوج ما يكونون في هذه الظروف إلى الرجوع إلى كتاب الله -جل وعلا-، على كل حال بعض الناس مثلما ذكرنا يشق عليه جداً أن يرتل وتعود الهذ هذا يهذ ما في بأس، لكن على ألا يهمل التدبر، لا أقول: مع الهذ؛ لأن هذا ما يصل إليه إلا بعد مراحل، لأنا عرفنا أناس يقرءون القرآن في يوم ويبكون من قراءته، هؤلاء تجاوزوا مراحل، هذا الشخص اللي في البداية ويقول: الترتيل صعب عليه .. ؛ لأن بعض الناس إذا عرف النتيجة والمحصلة التي قرأها في هذا اليوم خمسة أجزاء، ستة، عشرة نشط، لكن إذا رتل وتدبر في النهاية جزء هذا يكسل، نقول: هذا لا بأس هذ، وحصل أجر الحروف وخلي لك ختمت تدبر، ولو كانت في السنة مرة، اقرأ في هذا اليوم ورقة واحدة بالتدبر، وامش على طريقك.(39/11)
الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى- ترجم لشخص يقرأ القرآن في ثلاث، ديدنه عمره كله، وله ختمة تدبر أمضى فيها عشرين سنة، وبقي عليه أقل من جزء من القرآن، توفي ولما يكملها، فلا هذا ولا ذاك، يعني المسألة تحصيل الحروف والنشاط لقراءة القرآن يحصل بالهذ بلا شك، لا سيما من تعود عليه، والتدبر والتدبر يجعل له وقت ولو يقرأ في كل يوم ورقة واحدة بالترتيل والتدبر والتفكر والاستنباط، ويتفهم كلام الله، ويراجع على هذه الورقة ما يعينه على فهم كتاب الله -جل وعلا-، نعم في حديث: ((لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)) حمله أهل العلم على من كان ديدنه ذلك، وأما من استغل الأوقات الفاضلة، والأماكن الفاضلة في أوقات المضاعفات مثل هذا لا يتناوله مثل هذا الحديث، على أن الناس يتفاوتون في هذا، يعني إذا وجه هذا الكلام لعموم المسلمين نعم لعموم المسلمين لا يفقهون إذا قرءوا، لكن شخص متفرغ لقراءة القرآن، يقول: أنا عندي استعداد أجلس بعد صلاة الصبح وأقرأ خمسة أجزاء، وأجلس بعد صلاة الظهر واقرأ خمسة، وأجلس بعد صلاة العصر وأقرأ خمسة نعم من غير مشقة بحيث يختم في يومين، نقول: لا يا أخي أنت خالفت الحديث لا تقرأ الظهر، اترك القراءة على شان تختم في ثلاثة أيام، هذا حل؟ هل هذا مراد النبي -عليه الصلاة والسلام- من هذا الحديث؟ نعم، نعم يحل المسألة لو قيل له: اقرأ القرآن، اقرأ بدل خمسة بعد صلاة الصبح ثلاثة، بس على الوجه المأمور به، بعد صلاة الظهر بدل خمسة اقرأ ثلاثة، أما أن يقال له: اترك القراءة في وقت من هذه الأوقات لتقرأ القرآن في ثلاث ما هو بهذا المراد قطعاً، ليس هذا هو المراد قطعاً، نعم.(39/12)
أما الذي يستطيع أن يقرأ القرآن على الوجه المأمور به ويكون ديدنه، قراءة ترتيل وتدبر ولو قلت قراءته هذا أفضل، هذا أفضل واختيار أكثر أهل العلم، لكن بعض الناس ما يستطيع يقرأ بالترتيل، الذي تعود على الهذ ما يستطيع يقرأ بالترتيل، لا بأس يقرأه في شهر، إيش المانع؟ يقرأ على الوجه المأمور به كل يوم جزء أنفع له بكثير، أنفع لقلبه؛ لأن هذه الطريقة هي المحصلة للإيمان واليقين كما قال شيخ الإسلام، وهذا هو .. ، أنزل القرآن من أجل هذا، لكن من فضل الله -جل وعلا- أنه رتب الأجر على مجرد النطق بالحروف، إذا فاته طريقة أدرك طرائق -إن شاء الله تعالى-، وهو على خير على كل حال، نعم.
سم.
شرح: باب: ما جاء في القرآن:
أحسن الله إليك:
باب: ما جاء في القرآن:
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال: سمعت عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- يقول: "سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرؤها، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقرأنيها فكدت أن أعجل عليه، ثم أمهلته حتى انصرف ثم لببته بردائه فجئت به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقلت: يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرأتنيها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أرسله)) ثم قال: ((اقرأ يا هشام)) فقرأ القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هكذا أنزلت)) ثم قال لي: ((اقرأ)) فقرأتها فقال: ((هكذا أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه)).
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت)).(39/13)
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الحارث بن هشام سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أحياناً يأتيني في مثل صلصلة الجرس، وهو أشده علي، فيفصم عني وقد وعيت ما قال، وأحياناً يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول)) قالت عائشة -رضي الله تعالى عنها-: "ولقد رأيته ينزل عليه في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقاً".
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: "أنزلت عبس وتولى في عبد الله بن أم مكتوم، جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجعل يقول: يا محمد استدنيني، وعند النبي -صلى الله عليه وسلم- رجل من عظماء المشركين، فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يعرض عنه ويقبل على الآخر، ويقول: ((يا أبا فلان هل ترى بما أقول بأسا؟ )) فيقول: لا، والدماء ما أرى بما تقول بأساً، فأنزلت عبس وتولى أن جاءه الأعمى".
وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسير في بعض أسفاره وعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يسير معه ليلاً فسأله عمر عن شيء فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه فقال عمر: "ثكلتك أمك عمر نزرت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك، قال عمر: فحركت بعيري حتى إذا كنت أمام الناس وخشيت أن ينزل في قرآن، فما نشبت أن سمعت صارخاً يصرخ بي قال: فقلت: لقد خشيت أن يكون نزل في قرآن، قال: فجئت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسلمت عليه، فقال: ((لقد أنزلت علي هذه الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس)) ثم قرأ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا} [(1) سورة الفتح])).(39/14)
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وأعمالكم مع أعمالهم، يقرءون القرآن ولا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية، تنظر في النصل فلا ترى شيئاً، وتنظر في القدح فلا ترى شيئاً، وتنظر في الريش فلا ترى شيئاً، وتتمارى في الفوق)).
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- مكث على سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب ما جاء في القرآن:(39/15)
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري" نسبة إلى القارة على ما تقدم بطن من خزيمة بن مدركة "أنه قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت هشام بن حكيم بن حزام الأسدي" صحابي ابن صحابي، معروف بغيرته وأمره ونهيه، من خيار الصحابة، مات قبل أبيه، "يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرؤها، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقرأنيها" يعني سمعها عمر -رضي الله عنه- من النبي -عليه الصلاة والسلام- مباشرة، وهذا الذي جرأه على أن يفعل ما فعل؛ لأنه لو سمعها بواسطة لاحتمل أن يكون التغيير بسبب الواسطة، لكنه حفظها عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فحكم بالوهم على ما سمع من خلال ما حفظه عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، يقول: "وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أقرأنيها فكدت أن أعجل عليه" فكدت أن أعجل عليه، عند البخاري: "فكدت أساوره في الصلاة" يعني وهو يصلي فصبرت حتى سلم، وهنا يقول: "فكدت أن أعجل عليه، ثم أمهلته حتى انصرف"، يعني من صلاته، "يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرأها" سورة الفرقان كذا للجميع، ووقع في نسخة من نسخ كتاب الخطيب في المبهمات: سورة الأحزاب، والصواب الفرقان، حتى عند الخطيب النسخ الصحيحة الموثقة موافقة لرواية الجميع، "فكدت أن أعجل عليه، ثم أمهلته حتى انصرف، ثم لببته بردائه" أي جمعت عليه ثيابه عند لبته؛ لئلا ينفلت مني، لببه بردائه هكذا، "فجئت به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" ما انتبهوا لما قلت: هكذا، نعم جمع عليه ثيابه هنا عند لبته هكذا؛ لئلا يفلت، وهذا مستعمل، مازال مستعملاً، بيده، جمع ثيابه عند لبته هكذا، ومازال مستعمل إلى الآن، من أراد أن يمسك إنسان بقوة ولئلا ينفلت منه يفعل فيه هكذا، "فلببته بردائه" يعني جمعت عليه ثيابه عند لبته لئلا ينفلت مني "فجئت به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرأتنيها" عمر -رضي الله عنه- معروف بقوته في الحق، وغيرته عليه، ولذا ما عوتب على ذلك، ما زاد النبي -عليه الصلاة والسلام- على أن قال له: ((أرسله)) يعني: أطلقه، فالذي يحمله الغيرة على الحق لا شك أنه معذور،(39/16)
لكن ما يفتح المجال لسائر الناس أن يجرئوا على غيرهم ويدعوا الغيرة، لكن من عُرف بها يعذر كعمر -رضي الله عنه-، "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أرسله)) " يعني: أطلقه، دعه، "ثم قال: ((اقرأ يا هشام)) فقرأ القراءة التي سمعته يقر أ" فقرأ القراءة التي سمعته يقرأ، "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((هكذا أنزلت)) "، ((هكذا أنزلت))، "ثم قال لي: ((اقرأ)) فقرأتها فقال: ((هكذا أنزلت)) "، لا شك أن القراءة التي يسمعها الشخص لأول مرة يستنكرها، لا سيما في القرآن، الشخص الذي حفظ حديث النعمان: ((الحلال بين والحرام بين)) في صغره من الأربعين على رواية واحدة وضبطها وأتقنها تأتيه الروايات الأخرى: ((المشتبهات))، ((المتشابهات))، ((المشبهات))، ((المشابهات)) يستنكر، نعم، فكيف بالقرآن؟ إذا سمع القراءة على غير ما اعتاد، لا سيما إذا كان ممن لا يستوعب مثل هذا الخلاف، ولذا عوام المسلمين لا ينبغي أن يقرأ عليهم القرآن بالقراءات؛ لأنه يشككهم، يشككهم، إذا كان هذا هو عمر -رضي الله عنه- مع ما عرف عنه من رسوخ قدمه في الإسلام حصل له ما حصل، فكيف بغيره؟ ولذا الذي يقرأ بالقراءات وهو إمام، الصلاة صحيحة، لكن يبقى أن عوام المسلمين تشكيكهم فيه خطر عظيم عليهم، لا سيما أن هذا يعرضهم للشك في كتابهم الأصل، الذي لا يجوز الشك فيه ولا الامتراء، ولذا أجمع الصحابة بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- على حرف واحد، غيرة على القرآن، أن يحصل فيه الامتراء والشك، وهذه القراءة التي أجمعوا عليها هي التي استقر عليها الأمر في العرضة الأخيرة؛ لئلا يقول قائل: إنهم تصرفوا وألغوا شيئاً كان موجوداً في عهده -عليه الصلاة والسلام-، الأحرف السبعة سيأتي الكلام فيها، والحاجة إليها في أول الأمر داعية؛ لأن القرآن نزل على ناس لغاتهم ولهجاتهم متباينة، وأسنانهم أيضاً مختلفة منهم من يذل لسانه بالكلمة من أول وهلة، ومنهم من يصعب عليه إلا بلغته ولهجته، لما ذلت ألسنتهم استقر الأمر على العرضة الأخيرة، وأجمع الصحابة على كتابته هكذا، على خلاف في المراد بالأحرف السبعة، ستأتي الإشارة إليه.(39/17)
"ثم قال لي: ((اقرأ)) فقرأتها، فقال: ((هكذا أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف)) " جمع حرف كفلس وأفلس، ((فاقرءوا ما تيسر منه)) أي المنزل بالسبعة، المنزل بالسبعة، أي حرف من الأحرف السبعة تجوز –تصح- القراءة به قبل الإجماع على كتابته على حرف واحد، قبل إجماع الصحابة على كتابته على حرف واحد.
سبعة أحرف: يعني سبعة أوجه، يجوز أن يقرأ بكل وجه منها، وليس المراد أن كل كلمة ولا جملة تقرأ منه على سبعة أوجه، يعني هذه الأوجه والأحرف السبعة موجودة في القرآن كله، لكن لا يعني هذا أن كل كلمة من القرآن تقرأ على الأوجه السبعة، والأحرف السبعة، ولو كان الأمر كذلك لجازت روايته بالمعنى، لكنه متعبد بلفظه، المراد أن غاية ما انتهى إليه عدد ما تسوغ قراءته به إلى سبعة أوجه في الكلمة الواحدة، لا في كل كلمة قاله ابن حجر.
يعني بعض الكلمات يمكن أن يوجد فيها الأحرف السبعة، لكن هل معنى هذا أن كل كلمة تقرأ بالأوجه السبعة؟ نعم؟ ليس هذا المعنى، وإلا لو قلنا: إن هذا هو المراد لقلنا: نأتي للقرآن كله من أوله إلى آخره وكل كلمة نأتي بالكلمة وما يرادفها في لغة العرب، وتكون هذه .. ، وليس المراد كذلك، إنما القرآن بمجموعه فيه سبعة أوجه.
قال ابن حجر أيضاً: "فإن قيل: فإنا نجد بعض الكلمات يقرأ على أكثر من سبعة أوجه، فالجواب أن غالب ذلك إما لا يثبت، لا تثبت الزيادة على السبع، وإما أن يكون من قبيل الاختلاف في كيفية الأداء، في كيفية الأداء، وإلا الصورة والحروف واحدة، كما في المد والإمالة ونحوهما، ليس المراد بالسبعة حقيقة العدد، قيل -بعض أهل العلم يقول-: إنه ليس المراد بالسبعة حقيقة العدد، وإنما المراد بذلك التسهيل والتيسير على الناس، ولفظ السبعة يطلق على إرادة الكثرة في الآحاد، كما أن السبعين يطلق على إرادة الكثرة في العشرات والسبعمائة على إرادة الكثيرة في، نعم؟ المئين، ولا يراد العدد المعين، وإلى هذا جنح عياض وتبعه قوم.
المراد بالأحرف السبعة: اختلف فيه على أقوال كثيرة أوصلها ابن حبان إلى خمسة وثلاثين قولاً، إلى خمسة وثلاثين قولاً، وأوصلها غيره إلى الأربعين، أوصلها غيره إلى الأربعين.(39/18)
ما وقع لعمر مع هشام بن حكيم بن حزام وقع نظيره لأبي بن كعب مع ابن مسعود في سورة النحل، ولعمرو بن العاص مع رجل في آية من سورة الفرقان عند الإمام أحمد، وقصص أخرى، لا بد أن يقع مثل هذا، نعم ولو لم ينقل لا بد أن يقع مثل هذا كثير في أول الأمر، يسمع الإنسان شخصاً يقرأ القرآن على غير ما أقرأه النبي -عليه الصلاة والسلام-، ما دام أصل هذا الاختلاف الذي سببه التيسير على المسلمين، مادام أصله موجوداً فأفراده -الذي يغلب على الظن- أنها تكثر، يعني هل يتصور أنه لا يوجد خلاف إلا بين عمر وهشام بن حكيم، وأما البقية كلهم على حرف واحد؟ لا يتصور هذا.(39/19)
على كل حال الأحرف هذه اختلف فيها اختلافاً كبيراً، يقول أبو جعفر محمد بن سعدان النحوي: "هذا من المشكل الذي لا يدرى معناه -الذي لا يدرى معناه- لأن الحرف يأتي لمعان، لحرف الهجاء، حرف المبنى، اللي هو ألف باء إلى آخره، وللكلمة التي هي حرف المعنى، نعم، يطلق الحرف ويراد به الكلمة، نعم ويطلق على الجهة حرف، المقصود أن هذا الكلام سبعة أحرف هذا الخلاف الطويل العريض التي بلغت فيه الأقوال إلى أربعين قولاً لا شك أن سببه إشكال، لكن هل هذا الإشكال أقول: هل هذا الإشكال في معنى الحديث بعد أن أجمع الصحابة على حرف واحد له أثر؟ نعم، ليقول قائل: هذا أعظم كتاب عند المسلمين فيه إشكال، نعم بعد أن اتفق الصحابة على حرف واحد الذي هو في العرضة الأخيرة وتركوا ما سواه، والأمة بمجموعها معصومة من أن تقع فيما هو في الحقيقة خطأ، هذا الإجماع يدل على أن ما عدا هذا الحرف الذي كتبه عثمان في المصاحف على أنه منسوخ، إنما كانت الحاجة داعية إليه لأن من المسلمين من هو كبير السن لا يذل لسانه بسهولة، والأمر فيه سعة، تعال، هلم، أقبل، نعم، لكن بعد أن اتفق الصحابة، بعد أن اتفق الصحابة على حرف واحد الإشكال المتصور نعم لا حقيقة له، وهل يتصور أن يجمع الصحابة خير القرون على تصرف لا يكون عندهم له أصل شرعي؟ لا يمكن لأن الإجماع لا بد له من مستند، لا بد له من مستند، فدل هذا الإجماع على أن الاقتصار على حرف واحد إنما له أصل في الشرع، وإلا لا يمكن أن يتصرف الصحابة ويجمعوا على أمر سائغ شرعاً، دلت الأدلة المتظاهرة عليه، حديث: الأحرف السبعة صحيح بلا إشكال، والقصة صحيحة في الصحيحين وغيرهما، نعم، أقول: الإشكال الموجود في إنزال القرآن على سبعة أحرف، واختلافهم الطويل العريض في المراد بالحرف نعم لا شك أنه إشكال، يعني لو كان الأمر باقياً إلى الآن ماذا يتصور في القرآن الذي هو أعظم كتاب؟ يخشى أن يختلف المسلمون عليه كما اختلف من قبلهم، وإجماع الصحابة المستند إلى أصل شرعي؛ لأنه لا يوجد إجماع إلا له مستند، المستند إلى أصل شرعي ولو لم نطلع عليه، إجماعهم لا شك أنه من أعظم ما حفظ الله به القرآن، {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ(39/20)
لَحَافِظُونَ} [(9) سورة الحجر] ومثل هذا الكلام يثار الآن، من بعض الطوائف المغرضة التي تريد أن تشكك الناس في دينها، يثار مثل هذا الكلام كان القرآن على سبعة أحرف ألغى عثمان ستة وبقي حرف واحد، نعم، نقول: الصحابة أجمعوا على ذلك، والإجماع لا بد له من مستند شرعي، ولو لم نطلع عليه، وهذا الإجماع المستند إلى أصل شرعي من أعظم مظاهر حفظ القرآن للأمة، {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [(9) سورة الحجر] وحفظه ظاهر، وأوردنا قصة يحيى بن أكثم مع اليهودي الذي دعاه يحيى إلى الإسلام فلم يسلم إلا بعد سنة، أسلم بعد سنة أوردناها في مناسبات منها في هذا الدرس، نعم، أسلم بعد سنة، لماذا؟ يقول: إنه خلال هذه السنة نسخ مجموعة من نسخ التوراة وحرف فيها وزاد ونقص كل نسخة تختلف عن الثانية، فباعها على اليهود في سوقهم فمشت، تخطفوها، ونسخ مثلها من الإنجيل وزاد ونقص، وقدم وأخر، ومشت، نفقت في سوق النصارى، ثم نسخ نسخاً من القرآن، يقول: بتغيير يسير جداً، لا يكاد ينتبه له، فكل من عرضت عليه المصحف رماه في وجهي، نعم، فعرفت أن هذا الدين صحيح، لا يمكن أن يتطرق إليه ولا إلى كتابه خلل ولا نقص، فالقرآن مصون من الزيادة والنقصان.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، نعم؛ لأن صورة الكلمة تحتمل هذه القراءة، صورة الكلمة التي كتبها عثمان نعم، أقول: كلهم يختلفون في أداء هذه الكلمة، الكلمة واحدة، لكن هم يختلفون في أدائها، صورة: المجلس والمجالس إيش بينهما من فرق؟ تفسحوا في المجالس، وتفسحوا في المجلس؟ من حيث الصورة ما في فرق، نعم، ما في فرق من حيث الصورة، وهكذا القراءات المعروفة المتواترة كلها على هذا، القراءات المتواترة كلها مما يحتمله الحرف الواحد؛ لأنها غير منقطوطة ولا مشكولة.
طالب:. . . . . . . . .(39/21)
يعني نقول: الحروف السبعة مستمرة؟ تدري إيش يؤدي إليه مثل هذا الكلام؟ يؤدي إلى أن الصحابة ما حلوا الإشكال، الذي يخشى عليه في وقتهم هو المخشي عليه الآن، الذي خشوه في وقتهم؛ لأنه لما تفرق الناس في الأمصار، ووقع بينهم خلاف شديد، نعم في وقت أبي بكر وفي وقت عمر، وفي وقت عثمان بينهم في القرآن كلام عظيم، حتى يكاد بعضهم يشك، فيكون أبو بكر -رضي الله عنه- ومن بعده عثمان ما حلوا الإشكال، إذا قلنا: إن القراءات باقية، تصورت كلامي؟ كلامي متصور؟ على كل حال هذه القراءات السبع المتواترة نعم، هي موجودة، هي متلقاة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بلا شك، لا يشك أحد في هذا، لكن لا شك أن عثمان اقتصر على حرف واحد من هذه الأحرف السبعة لعدم الحاجة إليها، ولما تؤدي إليه من إشكال، إشكال كبير؛ لأن الصحابة شكا بعضهم إلى أبي بكر ثم إلى عمر، ثم إلى عثمان، فاتفقوا على هذا، وبهذا خدموا القرآن، ولو قلنا: إن الأحرف السبعة المنصوص عليها باقية، ما صار عثمان سوى شيء، الصحابة ما .. ، إجماعهم على هذا ما سووا شيء، ما حل الإشكال الموجود في عصرهم، إذا قلنا: ما زالت باقية، إنما عملهم واتفاقهم وإجماعهم حل الإشكال القائم في وقتهم، وسلمنا من تبعاته، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، عثمان كتب المصحف على العرضة الأخيرة، على العرضة الأخيرة، التي عارض بها جبريل النبي -عليه الصلاة والسلام- في آخر عمره، واكتفى بها عما عداها، وحصل إجماع الصحابة الذين هم خير القرون، وأغير الناس على دين الله، وهذا الإجماع عرفنا أنه لا يمكن أن يوجد إجماع بدون مستند، لا يمكن أن يوجد إجماع بدون مستند شرعي، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، الناس لما ذلت ألسنتهم للقرآن صاروا ما يسمعون إلا حرف واحد، لكن لما نزل القرآن وفي الصحابة من هو في سبعين سنة، ثمانين سنة ما يستطيع إلا على لهجته التي تلقاها في قبليته، لكن الآن وهو من الصغر يسمع هذا القرآن، ليس بحاجة إلى أحرف أخرى، إحنا نسمع ما قاله بعض العلماء في هذا، نعم.
طالب:. . . . . . . . .(39/22)
كلها على مصحف عثمان، كلها يحتملها مصحف عثمان، أعني المتواترة، قد يوجد قراءات صحيحة هي في الحقيقة إلى التفسير أقرب من كونها، أقرب من كونها قرآن، "صيام ثلاثة أيام متتابعات" قد يقول قائل: هذا ما يحتمل مصحف عثمان، نعم، وهي صحيحة إلى ابن مسعود، نقول: هذه تفسيرية، القراءات ما تختلف، أنت لو صورت قراءة ورش مع قراءة عاصم ما في فرق في الصورة، لكن أداء هذه الكلمة، الكتابة: المجلس والمجالس ما بينهم فرق في الكتابة، نعم؟ نعم.
طالب:. . . . . . . . .
هذه الأقوال اختلف فيها، منها: أن المراد بسبع لغات، وعليه أبو عبيدة وثعلب والزهري وآخرون، وصححه ابن عطية والبيهقي، وتعقب: بأن لغات العرب أكثر من سبع، وأجيب بأن المراد أفصحها.
والثاني: أن المراد سبعة أوجه من المعاني المتفقة، بأن يؤدى اللفظ الواحد أو الكلمة الوحدة بألفاظ مختلفة مثل ما قالوا: تعال، هلم، أقبل، اعجل، أسرع، نعم، وبهذا قال سفيان بن عيينة وجمع من أهل العلم منهم ابن وهب وخلائق لا يحصون، ونسبه ابن عبد البر لأكثر العلماء، نسبه ابن عبد البر لأكثر العلماء.
والإباحة المذكورة لم تقع بالتشهي وهو أن كل واحد يغير الكلمة من مرادفها من لغته، بل ذلك مقصور على السماع منه -صلى الله عليه وسلم-، يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا عرف أن هذا يتكلم بهذه الكلمة في لغته، لغة قبيلته أقرأه القرآن عليها، وعرف أن هذا يتكلم بهذه الكلمة في لغته أقرأه عليها وهكذا، كما يشير إلى ذلك قوله -عليه الصلاة والسلام- في قول كل منهما من عمر -رضي الله عنه- وهشام: "أقرأني الرسول -عليه الصلاة والسلام- على هذه القراءة" وأقرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- على قراءاتهم التي فيها شيء من الاختلاف.
ثم أجمع الصحابة في زمن عثمان -رضي الله عنه- على ما يوجد الآن في المصاحف المصون الموجود بين الدفتين الموافق للعرضة الأخيرة، وقراءة السبعة على هذا هي قراءة واحدة، على حرف واحد، على حرف واحد يعني مما يحتمله الصورة.(39/23)
يعني لو قلنا: إن عثمان -رضي الله عنه- ما حذف شيء من الأحرف السبع هل يكون انحل الإشكال الموجود في عصرهم الذي خشوا منه أن تختلف الأمة في القرآن؟ صنيع عثمان لا شك أنه حل الإشكال، فكيف يحل إشكال مع إبقاء الأمر على ما كان؟ يمكن أن نحل إشكال مع إبقاء الأمر على ما كان؟ لا يمكن ينحل إشكال، لكن يبقى أن المسألة .. ، أنه حصل إجماع، والإجماع عند أهل العلم حجة قطعية يرى بعضهم تقديمه على الكتاب والسنة، قطعية؛ لأنه لا يحتمل نسخ ولا تأويل، الأمر الثاني: أن الإجماع لا بد له من مستند، ما يمكن يجمع أهل العلم، لا يمكن أن يجمع أهل العلم على أمر لا مستند له، يعني إذا كان الأمر لا مستند له ما صار شرعي، صار عادي، إجماع على أمر عادي، والمسألة شرعية إذاً لا بد لها من مستند شرعي، وإجماع الصحابة حجة عند الجميع، ما يختلف أحد في إجماع الصحابة، يعني لو إجماع من بعدهم محل خلاف بين أهل العلم، لكن يبقى أن إجماع الصحابة حجة عند الجميع.(39/24)
قد يقول قائل: إن المعوذتين لا توجدا في مصحف ابن مسعود وكذا، نقول: نعم، هذا صح أن المعوذتين لا توجدان في مصحف ابن مسعود، يعني بعد هذا الإجماع ماذا نقول؟ نقول: إن ابن مسعود .. ، هل الإنسان بحاجة إلى أن يكتب كل شيء مع حفظه وضبطه له؟ نعم لو افترضنا شخص يحفظ القرآن كله بمثابة حفظ الفاتحة أو سورة الإخلاص، هل يلزم أن يكون عنده مصحف؟ ما يلزم أن يكون عنده مصحف أصلاً، أقول: المسلم الذي اطمأن قلبه للإسلام، وارتاح له، وعمل به لا يساوره أدنى شك، أدنى شك ولا هاجس، نعم في أن القرآن محفوظ، أما من في قلبه شيء أو أراد أن يشكك المسلمين نعم، فسوف يجد، حتى الآيات الآن المحفوظة بين الدفتين تحتمل وجوه، فالمغرض لا بد أن يجد، وهذا من عظمة هذا الدين، ولكي تعظم الأجور على حسب ما يقر في القلب من إيمان، وتعظم الأوزار على حسب ما يحصل من الشخص من مخالفات وتشكيك على حسب عظم دعواه، فالذي يتعرض لهذا القرآن، دستور الأمة الذي لا يمتري شخص وقر الإيمان في قلبه أنه محفوظ سالم من الزيادة والنقصان، لا شك أن هذا دليل على أن قلبه منشرح للدين ومطمئن قلبه بالإيمان، وهذا أمر لا يمتري فيه أحد، كل إنسان يجده في قلبه، نعم، لكن الشخص الذي في قلبه دخل أو غر شكك به ممكن؛ لأن الشبهات القرآن نفسه نص على أن هناك أمور متشابهات، أمور متشابهات، فالذي يتتبع المتشابه لا حيلة فيه، الذين في قلوبهم زيغ يتبعون المتشابه، مثل هؤلاء لا حيلة فيهم؛ لأن المتشابه موجود موجود، وأما من وقر الإيمان في قلبه وثبت في قلبه، وخالطت بشاشته قلبه هذا لن يتشكك؛ لأن القرآن بعظمته وبإعجازه المسلم صحيح الإيمان كل يوم يزداد يقين في أن هذا القرآن مصون من الزيادة والنقصان، ما عندنا أدنى شك في هذا.(39/25)
كوننا نبتلى بفئام من الناس مبتدعة مغرضة تريد صرف الناس عن دينهم، وتريد انحرافهم، ويلقون الشبه على عوام المسلمين فإلى الله المشتكى، لا بد من التصدي لهؤلاء لكن إلى الله المشتكى، قد يوجد من تلصق شبهة في قلبه لا يمكن اجتثاثها، والله المستعان، لكن وظيفة أهل العلم أن يبادروا بمثل هذه الأمور لتغرس في قلوب عوام المسلمين قبل أن تغزى من قبل الأعداء، فإذا حصل هذا الأمر من قبل الأعداء لا بد من التصدي له، وهذا من أعظم الواجبات، ومن أعظم الفرائض؛ لأننا إذا لم نذب عن كتاب الله -جل وعلا- إيش يبقى عندنا؟ تطاول الناس على السنة، والسنة وجد فيها الوضع من الصدر الأول، وجد من يكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- لكن القرآن، سالم، وأيضاً وجود الوضع والكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- من باب الابتلاء والامتحان، من باب الابتلاء، وهو باب من أبواب الجهاد الذب عن السنة لتعظم الأجور، أجور من يذب، وتعظم أوزار من يكذب، والتكاليف كلها على هذه الكيفية.
على كل حال الأقوال التي في هذه المسألة والمراد بالأحرف السبعة استوفاها الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري من .. ، في الجزء التاسع من صفحة ستة وعشرين إلى ثمان وثلاثين، أطال، أطال في تقرير المسألة، واستوعب الأقوال، وناقش الأقوال -رحمه الله-، فكيفية أداء هذه الحروف متلقاة بلا شك، متواتر قطعي عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، القراءات السبع كلها متواترة، مقطوع بثبوتها.
يقول: ما الفرق بين القراءات والروايات والأحرف؟(39/26)
الفرق بين القراءات، القراءات السبع الموجودة الآن نعم المتواترة، الآن المتواتر كم يبلغ من القراءات؟ عشر؟ نعم، الثلاث ما هي متواترة تكملة العشر؟ كلها مما يحتملها صورة ما أقره عثمان واتفق عليه مع الصحابة، كلها، ولذلك لا تجدون من القراء حتى في كتب القراءات ما تجدون لفظ زائد لا يوجد في المصحف، يوجد؟ ولا حرف واحد، لكن مجلس ومجالس، الصورة واحدة في الكتابة، نعم، الصورة واحدة، لكن ما تجدون في القراءات السبع المتواترة: "متتابعات" توجد؟ ما توجد، هي صح ثبتت عن ابن مسعود، لكن هل ثبتت على أساس أنها قرآن أو على أنها تفسير للقرآن؟ هذا الذي يظهر أنها تفسير، هذا الكلام، هذا معروف.
طالب:. . . . . . . . .
يا أخي لو قلنا: إن القراءات السبع الباقية إلى الآن هي الأحرف السبعة قلنا: الصحابة ما سووا شيء، ما حلوا الإشكال، لو قلنا: إن القراءات السبعة موجودة الآن قلنا: الصحابة ما حلوا الإشكال عندهم، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ نعم.
الكلام في هذه المسألة كثير، والذي بيريد التشكيك يجد، لكن من انشرح صدره بالإسلام، واطمئن قلبه بالقرآن لن يساوره أدنى شك أن القرآن محفوظ، ولو لم يكن في ذلك إلا قوله -جل علا-: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [(9) سورة الحجر] يعني لو قلنا هذا قلنا: كذبنا هذه الآية، لو قلنا غير هذا كذبنا الآية، لو قلنا: إن الصحابة تصرفوا من غير مستند شرعي قلنا: كذبنا هذه الآية، هذا وعد الذي لا يخلف الميعاد، لكن الحرف الذي رسمه عثمان يحتمل القراءات السبع، مثلما نظرنا مجلس ومجالس ما في فرق في الكتابة، حتى الآن في المصحف، تبينوا تثبتوا ما في فرق إلا أن هناك نقط، وفي إبراهيم أيضاً في ثلاثة مواضع لا توجد فيها نقط، إبراهيم الياء، في بعض المواضع لا هي أربعة مواضع؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، مواضع، أربعة مواضع ما تزيد ما فيها ياء، بدون ياء، نعم، والباقي فيها ياء.(39/27)
المقصود أن القرآن -ولله الحمد- والمنة لا يساورنا أدنى شك في أنه محفوظ، القصة، قصة يحيى بن أكثم مع اليهودي، لما أسلم وقال ليحيى ما قال، حج يحيى بن أكثم في تلك السنة، فالتقى بسفيان بن عيينة، سفيان بن عيينة، وذكر له القصة، فقال: هذا منصوص عليه في القرآن، قال في كتبهم: {بِمَا اسْتُحْفِظُواْ} [(44) سورة المائدة] وكل الحفظ إليهم فلم يحفظوا، وفي كتابنا قال: {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} هذه رواها البيهقي في الدلائل، دلائل النبوة.(39/28)
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنما مثل صاحب القرآن)) " (إنما) للحصر، لكنه حصر مخصوص بالنسبة إلى الحفظ والنسيان بالتلاوة والترك، هذا الحصر ((إنما صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة)) هل يقول: يرد على هذا الحصر أن صاحب القرآن كمثل هاه؟ الأترجة، هل يرد على هذا الحصر قوله: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب)) هذا الحصر حقيقي بلا شك، لكنه في باب الحفظ والنسيان، في باب الحفظ والنسيان، والمداومة على التلاوة وتركها، في هذا الباب حصر فيه حقيقي، إنما صاحب القرآن أي مع من صحبه وهو القرآن، والمراد الذي ألفه، صاحب القرآن: هو الذي ألفه، والمؤالفة: هي المصاحبة، ((كمثل صاحب الإبل المعقلة)) يعني: مع إبله المعقلة، وهي المشدودة بالعقال وهو الحبل الذي يشد في ركبته، في ركبة البعير، شبه درس القرآن واستمرار تلاوته بربط البعير الذي يخشى من شراده، ربط البعير الذي يخشى من شراده شبه به من يتعهد القرآن، يتعهد القرآن، يتعهد حفظه، فما زال التعهد موجوداً فإن الحفظ موجود، كما أنه ما زال العقال موجود فإن البعير موجود، نعم، ((إن عاهد عليها)) أي جدد العهد بها، ((أمسكها –أي استمر إمساكها- وإن أطلقها -بأن حل عقالها- ذهبت وانفلتت منه)) وكذلك القرآن، وهذا التشبيه في غاية الدقة، هذا التشبيه في غاية الدقة، والحديث مخرج في الصحيحين، وهذا يجعل طالب العلم المعتني بكتاب الله -جل وعلا- يهتم لهذا الأمر، فلا ينام عن القرآن، ولا يغفل عن القرآن؛ لأنه أشد تفلتاً من الإبل في عقلها، والمسألة مسألة دين، تجب المحافظة عليه، وجاء الوعيد في حق من حفظ شيئاً من القرآن ثم نسيه، ويخشى عليه أن يقال له: {كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} [(126) سورة طه]، ولذا جاء في الصحيحين النهي عن قول: "نسيت آية كذا وكذا، نسيت آية كذا وكذا"، ولكن يقول: "نسيِّت أو أنسيت" لئلا يدخل في الآية لئلا يدخل في الآية: {كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} المقصود أن على صاحب القرآن أن يحرص عليه، حصل(39/29)
على هذا الخير العظيم، خير عظيم لا تقوم له الدنيا بحذافيرها، فالتفريط فيه حرمان وخسران وبوار، فعلى من حفظ القرآن أن يتعهده ويكثر من النظر فيه، وأن يراجع حفظه لئلا ينساه.
يقول بعد ذلك: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الحارث بن هشام المخزومي" أخو أبي جهل شقيق، أسلم يوم فتح، وكان من فضلاء الصحابة، استشهد في فتوح الشام، "سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، "عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الحارث بن هشام سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" سأل، أن الحارث سأل، يعني هل هذا متصل أو منقطع؟ نعم، يعني هل عائشة حضرت السؤال؟ يقول ابن حجر: "هكذا رواه أكثر الرواة عن هشام بن عروة فيحتمل أن تكون عائشة حضرت ذلك، وعلى هذا اعتمد أصحاب الأطراف، فأخرجوه في مسند عائشة -رضي الله عنها-، ويحتمل أن يكون الحارث أخبرها بذلك، فيكون الخبر من مراسيل الصحابة، وهو محكوم بوصله عند الجمهور، وفي المسند ما يدل على ذلك عن عائشة عن الحارث، عن عائشة عن الحارث، وكونها تقول: إن الحارث، وفي رواية المسند: "عن الحارث" هذه رواية الصحيحين: "أن الحارث"، ورواية المسند: "عن الحارث" نستحضر في هذا ما قاله ابن الصلاح من أن السند المؤنن ليس حكمه حكم السند المعنعن، وعزا ذلك إلى الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة؛ لأنه فهم من كلامهما في قصة النظير هذه، أنه لما سيقت أن فلان، أن عماراً مر بالنبي -عليه الصلاة والسلام- قال: منقطعة، في الرواية الأخرى: عن عمار أنه مر بالنبي -عليه الصلاة والسلام- متصلة، فقال: إن مرد ذلك لاختلاف الصيغة، فإذا اختلفت الصيغة فلا تحمل (أن) على الاتصال كـ (عن)، وليس المراد، ليس حقيقة الحال كما زعم، ولذا قال الحافظ العراقي:
. . . . . . . . . ... كذا له ولم يصوب صوبه
إنما مرد ذلك أنه في قوله: إن فلاناً يحكي قصة لم يشهدها، كما هنا أن الحارث بن هشام سأل مع أن الاحتمال وارد أنها حضرت السؤال، نعم، وفي قوله: (عن) يحكي القصة عن صاحبها فتكون متصلة.(39/30)
"كيف يأتيك الوحي؟ " يحتمل أن يكون المسئول عنه صفة الوحي نفسه، أو صفة حامل الوحي الذي هو الملك، أو ما هو أعم من ذلك، الإتيان حقيقة إنما يسند إلى حامله، هو الذي يأتي حقيقة، والمحمول حقيقة يؤتى به، وعلى كل حال من يؤتى به فقد أتى، من يؤتى به فقد أتى، ولذا من يحج به، هل يقال: حج وإلا ما حج؟ نعم، والذي يضحى عنه يقال: ضحى وإلا ما ضحى؟ ضحى وهكذا، "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أحياناً)) " جمع حين، ويطلق على قليل الوقت وكثيره، ((أحياناً يأتيني)) يعني الوحي ((في مثل صلصلة الجرس)) في مثل صلصلة الجرس، الصلصلة: أصلها صوت وقوع الحديد على الحديد، صوت وقوع الحديد على الحديد، ثم أطلق على كل صوت له طنين متدارك لا يدرك من أول وهلة، مثل صلصلة الجرس، الوحي محمود والجرس جاء ذمه، الوحي محمود والجرس جاء ذمه، وتشبيه المحمود بالمذموم ممكن وإلا غير ممكن؟ نعم، نعم مع انفكاك الجهة ممكن، فالجرس له أكثر من وجه باعتبار تدارك الصوت وتتابعه؛ لأن له .. ، لأن الصوت فيه تدارك وقوة، وفيه أيضاً جهة إطراب، فهو ممدوح من هذه الحيثية لا من جهة الإطراب، مذموم من جهة الإطراب، وتشبيه الوحي به من جهة .. ، الجهة التي يحمد فيها، نعم، التشبيه قد يكون من وجه دون وجه، تشبيه رؤية الباري برؤية القمر ليلة البدر هل معنى هذا أن المرئي مثل المرئي أو التشبيه يقع من وجه دون وجه؟ التشبيه يقع من وجه دون وجه، مثل ذلك البروك، النهي عن بروك مثل بروك البعير، ((فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه)) نعم من وجه دون وجه، لا ينزل على الأرض بقوة مثل ما يبرك البعير، لكن ليضع يديه قبل ركبتيه مجرد وضع، فهو تشبيه، المنهي عنه التشبيه من وجه دون وجه، يعني من حيث القوة، النزول على الأرض بقوة بحيث يشبه البعير هذا منهي عنه، أما كونه يقدم يديه على ركبتيه هذا مأمور به من غير بروك، ((وهو أشده علي)) يفهم منه أن الوحي كله شديد، الوحي كله شديد، ((فيفصم)) أي يتجلى ((عني، وقد وعيت ما قال)) أي القول الذي جاء به، ((وأحياناً يتمثل لي الملك رجلاً)) التمثل مشتق من المثل، أي يتصور، يتصور، والملك (أل) هذه للعهد، والملك المعهود وهو جبريل الذي(39/31)
يأتي بالوحي، ولسنا بحاجة إلى أن نقول: أين القدر الزائد لأن جبريل عظيم الخلق له ستمائة جناح يسد الأفق فأين ذهب هذا الزائد؟ تكلموا فيه كلاماً طويلاً، لكن القدرة الإلهية تجعل الجسم الكبير صغيراً والعكس، ولسنا بحاجة إلى أن نقول: هل انعدم بالكلية أو اختفى بحسب النظر أو ما أشبه ذلك، لسنا بحاجة إلى مثل هذا.
((يتمثل)) قد يستدل به من يقول بجواز التمثيل، بجواز المثيل، لكن ليس فيه دليل على جوازه؛ لأن هذا التمثل بأمر الله -جل وعلا-، هذا التمثل بأمر الله -جل وعلا-، وأما التمثيل فهو: خروج بصورة تخالف الواقع، والذي يخالف الواقع سواءً كان قولاً أو فعلاً يدخل في حيز الكذب، عاد مسألة كونه يترتب عليه مصلحة أعظم منه أو غير ذلك من الأمور التي تحتف به، ويقرر بعضهم جوازه المقصود أنه ينبغي أن يترك، ينبغي أن يترك؛ لأنه أقل أحواله بأنه خلاف الواقع، وبعضهم يقول: المبالغات خلاف الواقع، المقامات خلاف الواقع، وغير ذلك، المقصود في مسائل كثيرة، المناظرات بعضها خلاف الواقع، لكن على حسب ما يترتب على ذلك من مصلحة تكون المفسدة فيها مغمورة قد يتجه ذلك وإلا فلا، وعلى كل حال أقل ما فيه مخالفة الواقع، ولسنا بحاجة إليه، ففي ديننا -ولله الحمد- من الوسائل التي نعلم بها طلاب العلم، وندعو بها من نريد دعوته ما يغنينا عن مثل هذه الأمور المحدثة.
((يتمثل لي الملك رجلاً)) منصوب بالمصدرية، أي مثل رجل، أو التمييز، أو الحال، والتقدير على هيئة رجل، ((فيكلمني فأعي ما يقول)) يعني إذا كان رجل، ند لند الأمر سهل، لكن إذا اختلف الجنس هذا من بني آدم وهذا ملك ما في شك، لا شك أن هذا المفاهمة تصعب، ولذا قال: ((وهو أشده علي)) لكن إذا جاء على هيئة رجل وحصل الأنس به لا شك أن الفهم عنه يكون أقرب، وجاء في وصف هذا النوع وإنه لا .. ، أخف الوحي هناك أشده علي، وهذا أخف الوحي.(39/32)
"قالت عائشة" قالت عائشة مسند وإلا معلق؟ نعم، يعني بالإسناد السابق، قالت عائشة بالإسناد السابق: "ولقد رأيته ينزل عليه في اليوم الشديد البرد" إلى آخره، هل نقول: إن مالك يرويه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: "ولقد رأيته" إذاً لماذا يفصل؟ ليتميز كلامها التي رأته بعينها عما نقلته عن الحارث، نعم، إذاً هو مسوق بالإسناد السابق وإن كان بغير حرف عطف كما يستعمله البخاري وغيره كثيراً، يقول ابن حجر: "وحيث يريد التعليق يأتي بحرف العطف" وحيث يريد التعليق يأتي بحرف العطف، ولقد رأيته ينزل عليه في اليوم الشديد، الشديد البرد، في اليوم الشديد البرد، دلالة على كثرة معاناته -عليه الصلاة والسلام- من التعب والكرب عند نزول الوحي، ولا شك أن المنزل عليه قول ثقيل، قول ثقيل، "في اليوم الشديد البرد" من يعرب؟ الإعراب؟ في اليوم جار ومجرور، الشديد؟ صفة، البرد؟ الشديد مضاف والبرد مضاف إليه؟ جارك، جارك جارك، جارك انغزه. . . . . . . . .، ارفع رأسك، أنت أنت، تقول أنت: مضاف ومضاف إليه، نبي الشديد البرد؟ قضينا من الشديد صفة لليوم والبرد؟ أيوه؟
طالب:. . . . . . . . .
يجوز؟ يجوز مثل هذا وإلا ما يجوز؟ ها؟
طالب:. . . . . . . . .
لا يمكن الجمع بين .. هاه؟ إضافة لفظية، وذي الإضافة اسمها لفظية، "ووصل (أل) بذا المضاف مغتفر" يعني في الإضافة اللفظية، "إن وصلت بالثاني كالجعد الشعر" المقيم الصلاة، إضافة لفظية بلا شك، وهذه يجوز أن يقترن المضاف بـ (أل) إذا اقترن المضاف إليه بها، أو اقترن ما يضاف إليه المضاف.
ووصل (أل) بذا المضاف مغتفر ... إن وصلت بالثاني كالجعد الشعر
أو بالذي له أضيف الثاني ... كزيد الضارب رأس الجاني
"فيفصم عنه -عليه الصلاة والسلام- وإن جبينه ليتفصد" مأخوذ من الفصد، وهو قطع العرق لإسالة الدم، وهنا يسيل العرق فيتفصد عرقاً، عرقاً إيش؟ تمييز، عرقاً تمييز، نعم.(39/33)
ثم قال: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: "أنزلت عبس وتولى"، عبس: قطب وجهه، وتولى: أعرض، نزلت هذه الآية "في عبد الله بن أم مكتوم -القرشي العامري- جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمكة فجعل يقول: يا محمد" بمكة لأن سورة عبس مكية، والأسلوب أيضاً يدل على أنه بمكة، "يا محمد" وهذا قبل النهي عن ندائه -عليه الصلاة والسلام- باسمه؛ لأن النهي عن ندائه باسمه إنما نزل بالمدينة، "يا محمد استدنيني" وفي رواية: "استدنني" بدون ياء، أي أشر لي إلى موضع قريب منك أجلس فيه، يعني: اجعلني أدن منك، استدنني: يعني اجعلني أدن منك، نعم، "وعند النبي -عليه الصلاة والسلام- رجل من عظماء المشركين" عظماء: جمع عظيم المشركين يقال: هو أبي بن خلف أو عتبة بن ربيعة أو أمية بن خلف أو أبو جهل، المقصود أنه من عظماء المشركين، والمشرك يجوز أن يقال له: عظيم، إما على حسب دعواه أو دعوى قومه له، ولذا جاء في حديث هرقل: "من محمد بن عبد الله إلى هرقل عظيم الروم"، "فجعل النبي -عليه الصلاة والسلام- يعرض عنه" ثقة بما في قلبه من إيمان، ثقة بما في قلبه من إيمان، "ويقبل على الآخر" رجاء إسلامه، رجاء إسلامه، التأليف يستعمله النبي -عليه الصلاة والسلام-، فأحياناً يعطي الرجل ويترك من هو خير منه، ((إني لأعطي الرجل وغيره أحب إليّ منه)) مالك عن فلان وإني لأراه مؤمناً؟ قال: ((أو مسلم؟ )) نعم، نعم يكل بعض الناس إلى ما في قلوبهم من إيمان فلا يعطيهم، ويعطي بعض الناس تأليفاً لهم، وصنع مثل هذا -عليه الصلاة والسلام- ترك ابن أم مكتوم اعتماداً على ما في قلبه من إسلام، أقبل إلى الآخر رجاء إسلامه، ويقول: ((يا أبا فلان)) استئلافاً يكنيه، يكني هذا الكافر، المشرك، استئلافاً له، ((هل ترى بما أقول بأساً؟ )) ((هل ترى بما أقول بأساً؟ )) المقصود أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- جاءه العتاب، جاءه العتاب، عوتب في هذه القصة، وما عوتب في العطاء، ما عوتب في العطاء، وعوتب في هذه القصة، لماذا؟ {أَن جَاءهُ الْأَعْمَى} [(2) سورة عبس] لا شك أن هذا الوصف وهو العمى وصف مؤثر في المسألة، بمعنى أن هذا الأعمى ما يعرف تقاسيم الوجه، نعم، يعني لو كان(39/34)
مبصر وأعرض عنه بعد أن بش في وجهه ووكله إلى ما .. ؟ هذا ما يدري عن شيء أعمى، ولذلك ما عوتب في العطاء، عوتب لما أعرض عن هذا الأعمى، {عَبَسَ وَتَوَلَّى* أَن جَاءهُ الْأَعْمَى* وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى} [(1 - 3) سورة عبس] أقبل على المشرك وقال: ((يا أبا فلان)) استئلافاً له، ((هل ترى بما أقول بأساً؟ )) "فيقول: "لا والدُماء" أو الدِماء، ضبطت بضم الدال وكسرها، الدُماء: المراد بها الأصنام، جمع دمية التي يعبدونها من دون الله، أقسم بها، أو الدِماء المراد بها الهدايا التي يذبحونها لأصنامهم، "ما أرى بما تقول بأساً، فأنزلت: {عَبَسَ وَتَوَلَّى} [(1) سورة عبس] أعرض أن جاءه الأعمى".
زاد أبو يعلى عن أنس: "فكان النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد ذلك يكرم ابن أم مكتوم، ويبسط له رداءه ويرحب به ((مرحباً بالذي عاتبني فيه ربي)) " المقصود أن هذه القصة هي سبب نزول عبس وتولى، ولم يختلف الرواة عن مالك في إرسالها، مرسلة أخرجه الترمذي من رواية سعيد بن يحيى بن سعيد عن أبيه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت، فهو موصول عند الترمذي.
ما مناسبة هذا الحديث؟
مناسبة الحديث يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- يعرض القرآن على المشركين؟ نزول السورة، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
الترجمة، الترجمة تشمل هذا وغيره، الترجمة تشمل هذا وغيره، المقصود أن سبب نزول هذه السورة هو هذا، تعرف أن التأليف في أول الأمر التأليف في بداياته والكتاب من أوائل المصنفات الحديثية في التأليف عموماً في أول الأمر لا يأتي على الوضع المتناسب من كل وجه، وهذا شأن عمل البشر، يبدأ صغير ثم يكبر، يبدأ غير مرتب ثم يتقن ترتيبه، يعني عظمة هذا القرآن من جهة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- عوتب؟ على كل حال مثلما ذكرنا أنه لا يلزم أن يكون الترتيب دقيق مائة بالمائة لا سيما في أوائل المصنفات.(39/35)
أنا أقول: لعل الوصف كونه أعمى له أثر؛ لأن المبصر يرى تقاسيم الوجوه ويعذر، نعم، لكن الأعمى ما يدري من عنده، نعم، في العلم يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إنما أنا قاسم والله معطي)) نعم، على كل حال أنا أقول: إن الوصف بكونه أعمى له أثر كبير، يعني لو كان مبصراً يعذر تصرف النبي -عليه الصلاة والسلام- في كونه وكل هذا إلى ما في قلبه من إيمان، واستألف غيره التأليف باب، المؤلفة قلوبهم يعطون من الزكاة وهي ركن من أركان الإسلام، فهو باب مشروع في الدين، لكن يبقى أن هذا الأعمى الذي لا يعرف تقاسيم الوجوه، ولا يعرف ما يحتف بالمسألة من ظروف ينبغي أن يراعى، ولذا نزل العتاب فيه، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(39/36)
الموطأ_ كتاب القرآن (3)
شرح: باب: ما جاء في سجود القرآن، وباب: ما جاء في قراءة قل هو الله أحد، وتبارك الذي بيده الملك
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا له تعلق بالدرس -درس الأمس- نقلاً من فتح الباري يقول: "حمل ابن قتيبة وغيره العدد المذكور الحروف السبعة على الوجوه التي يقع بها التغاير في سبعة أشياء:
الأول: ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته، مثل: {وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ} [(282) سورة البقرة] بنصب الراء ورفعها، لا يضارَ، ولا يضارُ.
الثاني: ما يتغير بتغير الفعل مثل: {بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا} [(19) سورة سبأ] و"بعد بين أسفارنا" بصيغة الطلب والفعل الماضي باعد وبعد.
الثالث: ما يتغير بنقط بعض الحروف المهملة: "ثم ننشرها" بالراء والزاي.
الرابع: ما يتغير بإبدال حرف قريب من مخرج الآخر مثل: "طلح منضود" في قراءة علي و"طلع منضود".
الخامس: ما يتغير بالتقديم والتأخير مثل: {وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} [(19) سورة ق] في قراءة أبي بكر الصديق وطلحة بن مصرف وزين العابدين: "وجاءت سكرة الحق بالموت".
السادس: ما يتغير بزيادة أو نقصان كما تقدم في التفسير عن ابن مسعود وأبي الدرداء: "والليل إذا يغشى، والنهار إذا تجلى، والذكر والأنثى" هذا في النقصان.(40/1)
السابع: ما يتغير بإبدال كلمة بكلمة ترادفها مثل: "العهن المنفوش" في قراءة ابن مسعود وسعيد بن جبير: "كالصوف المنفوش" هذا أورده ابن قتيبة في بداية كتابه: مشكل القرآن، تأويل مشكل القرآن، وقال به غيره، وتبعه عليه أقوام، ونوقش في بعض الأشياء المذكورة، الذي اختاره ابن حجر أن الموجود الآن بين الدفتين هو ما أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بكتابته، إذا نزل قال: اكتبوه، أمر الكتبة أن يكتبوه، ضعوا هذه الآية في المكان الفلاني في السورة التي يذكر فيها كذا، الموجود بين الدفتين هو كل ما أمر بكتابته، يبقى أن الذي تركه الصحابة وأجمعوا على تركه هو مما تجوز به القراءة في أول الأمر، تجوز به القراءة في أول الأمر، لبعض الكلمات الموجودة الآن بين الدفتين، الذي اختاره ابن حجر أنه لم يترك شيء مما أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بكتابته، لكن هذا المكتوب يقرئه النبي -عليه الصلاة والسلام- أصحابه كل على لغته، وكل ما يستطيع، إذا لم يستطع القراءة على لغة قريش أقرأه بلغته، ثم بعد ذلك لما ذلت ألسنتهم بالقرآن اكتفي بالمكتوب، هذا رأي ابن حجر، وهذا لا شك أن فيه محافظة على ما نزل من القرآن وما أمر بكتابته لكن كونه أنزل على سبعة أحرف، بعضهم يرى أنه أنزلت أنزل حكم قراءته على سبعة أحرف، لا أن هذه الأحرف كلها نزلت من القرآن، هلم، أقبل، تعال، أسرع، اعجل، نعم، إنما أنزل جواز قراءته توسعة وتيسيراً وتسهيلاً على الناس في أول الأمر، على كل حال المسألة طويلة الذيول، لكن الذي لا نشك فيه أن القرآن بين الدفتين كامل، مصون، محفوظ عن الزيادة والنقصان، وأن الصحابة أجمعوا على ما كتبه عثمان -رضي الله عنه- ولم يوجد أي خلاف بينهم، اتفقوا عليه والإجماع لا يكون إلا على نص، هذا الذي يجب اعتقاده، أن القرآن المذكور كامل، وأنه محفوظ مصون من الزيادة والنقصان.
هذا أكثر من سؤال عن سجود التلاوة هل هو صلاة أو ليس بصلاة؟(40/2)
عرفنا الخلاف، وأن كونه صلاة ويشترط له ما يشترط للصلاة قول عامة أهل العلم، والخلاف في هذا إنما ذكر عن ابن عمر -رضي الله عنه-، وكأن شيخ الإسلام يميل إلى هذا، ويستدل بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- سجد في سورة النجم، وسجد كل من حضر من المسلمين والمشركين، ويبعد أن جميع الحاضرين كلهم على طهارة، لا سيما المسلمين، ولم يسألوا هل هم على طهارة أم ليسوا على طهارة؟ فدل على أن الأمر بسجود التلاوة فيه سعة، شيخ الإسلام -رحمه الله- معروف مذهبه في هذه الأمور يخفف جداً حتى في صلاة الجنازة يرى أنها إذا لم يكن الإنسان متوضأ يكفيه التيمم، ولو كان واجداً للماء إذا كان تحصيله للطهارة الأصل بالماء يفوت عليه صلاة الجنازة، المقصود أن الاحتياط أن لا تصلى إلا من طهارة وستارة واستقبال القبلة، وجميع شرائط الصلاة، ألا يسجد إلا على كمال، إلا على كمال، لكن لو ترخص وأخذ برأي ابن عمر له ذلك.
يقول: هل لسجود التلاوة تكبيرة إحرام، وهل ترفع اليدين في دعاء القنوت؟
سجود التلاوة مبني على الخلاف الذي ذكرناه آنفاً، من يرى أنه صلاة يرى أنه يفتتح بالتكبير، ويختتم بتسليم؛ لأنه يشمله عموم: ((مفتاح الصلاة التكبير، واختتامها التسليم)) هذا عند من يقول: إنها صلاة، فأما الذي يقول: إنه ليس بصلاة -كما أشرنا- يقول: لا يحتاج لا إلى تكبيرة إحرام، ولا سلام ولا شيء، وأما رفع اليدين في دعاء القنوت فهو دعاء، والأصل في الدعاء رفع اليدين، الأصل في الدعاء رفع اليدين.
هل يجوز للإنسان أن يدعو بأن يجدد الله إيمانه؟
يجدد، أما أن يقوي إيمانه هذا معناه ظاهر، أما يجدد، كيف يجدد؟ إما أن يزيد في إيمانه، يسأل الله -جل وعلا- أن يزيد في إيمانه لا بأس، وأن يبذل هو من جانبه أيضاً يبذل السبب فيما يزيد الإيمان من زيادة في الطاعات.
يقول: هل يجوز تعزية الكفار؟
أهل العلم نصوا على أنه يجوز تعزية المسلم بالكافر، هي مصيبة بالنسبة له، وعلى هذا لا يدعى للميت، وإنما يصبر، التعزية أصلها تسلية للمصاب، فالمسلم إذا مات له قريب كافر يسلى ويعزى، لكن لا يدعى للميت الكافر.
هل يشرع الوقوف لسجود التلاوة؟(40/3)
الخرور يقرر أهل العلم أنه من قيام، {وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ} [ص: 24]، {خَرُّوا سُجَّدًا} [(58) سورة مريم] يكون من قيام هذا الأصل فيه، لكن لو كان يقرأ، هذا إذا كان قائماً يخر، أما إذا كان جالساً فعامة أهل العلم على أنه يكفيه أن يسجد، يسجد وهو جالس، عائشة -رضي الله عنها- تستحب أن يقوم للسجود.
من الإنترنت يقول: ما رأيكم بالألفاظ الأعجمية في البخاري، وأنه لا يجوز إدخال الكلام الإنجليزي في الكلام لا سيما لغير حاجة ....
إيش الكلام هذا؟ ويش هو ذا؟ ويش معنى الكلام؟ ألفاظ أعجمية في البخاري؟ يعني الأعلام الأعجمية موجودة في القرآن إجماعاً، وإن كان القصد ترجمة الصحيح، ترجمته إلى اللغات الأخرى ليفيد منه المسلمون من غير العرب فهذا طيب.
يقول: علمنا أنكم ترجحون أن الحائض لا تقرأ القرآن فماذا تفعل في أذكار النوم والصباح والمساء وهي فيها قرآن؟
على كل حال تحرص على الأذكار الذي ليس فيها شيء من القرآن، وإذا أدخلت فيها شيء من الآيات على ألا تكون كاملة أو تقرأها بنية الذكر لا بنية القرآن، كما قال بعض أهل العلم.
يقول: أريد أن أعرف ما هو جواب الشيخ حول الذكر الذي ورد سواءً قي الصباح والمساء هل وقته معين، يعني الذي في الصبح بعد صلاة الفجر مباشرة أم أنه مستمد بوقت معين؟
كلام فيه ركة، لكن وقت الأذكار قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، قبل الطلوع وقبل الغروب، يعني بعد صلاة الصبح، وقبل صلاة المغرب.
كيف يكون عقد الأصابع بالتسبيح لو تشرح لنا الكيفية؟ إيش؟. . .
أنت وين هم؟ هؤلاء بالإنترنت، هذا لا بد من .. ، لا يتم إلا بالرؤية.
هل الأفضل للمأموم أن يكون في الصف الأول عن يمين الإمام ولو كان بعيداً عنه أو في اليسار قريب من الإمام؟(40/4)
على كل حال المطلوب أن يتوسط الإمام، فإذا استويا فاليمين أفضل، وإن زاد اليمين فجاء في الخبر وإن كان ضعيفاً، الخبر ضعيف: ((من عمر شمال الصف كان له كفلان من الأجر)) هذا ضعيف، لكن يبقى أن الأصل في الإمام أن يتوسط الصف، وعلى هذا يكون .. ، لا يكون الناس كلهم في جهة اليمين ويبقى يساره ما في أحد، وإلا لكانت الحكمة أن يجعل الإمام في آخر الصف من الجهة اليسرى ليكون كل المصلين عن يمينه، لكن لما جعل مكانه وسط، وسط الصف عرفنا أن الشارع يريد أن يتوسط الإمام، اليمين أفضل بلا شك، لكن هل يتصور أن الشارع يجعل الإمام في وسط الصف ويحرص الناس كلهم على اليمين ويتركوا الشمال، لا، لا، توسط الصف شرعي مطلوب.
إذا مسح الرجل على خفيه وقبل الصلاة خلعهما أو خلع أحدهما فهل يعتبر على وضوء؟
ليس على وضوء، إذا مسح على الخفين وقبل الصلاة خلعهما، أو خلع أحدهما فليس على وضوء كامل، هو الآن يصلي بقدم لا مغسولة ولا ممسوحة، قد يقول قائل: إن خلع الخفين ليس من نواقض الوضوء نقول: نعم ليس من نواقض الوضوء، لكن أنت إلى الآن لم تتوضأ، أنت لست على طهارة الآن، رجلك ليست مغسولة ولا ممسوحة، ناقص فرض من فرائض الوضوء، هو بدل، لكن ما هو موجود الآن، لا مسح ولا غسل، لا البدل ولا المبدل منه موجود، موجود منهما شيء؟ لا البدل ولا المبدل منه، ما موجود منه شيء، والله المستعان.(40/5)
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم العدوي عن أبيه -أسلم مولى عمر- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسير في بعض أسفاره" أسلم هذا صحابي وإلا ما هو بصحابي؟ ليس بصحابي، إذاً الخبر صورته صورة المرسل، نعم، لكن بقيته؟ نعم، بقيته تدل على أنه تلقاه عن عمر -رضي الله عنه- لقوله في أثنائه: "قال عمر: فحركت بعير" فقال عمر، فهو ينقله عن عمر -رضي الله عنه- صاحب الشأن، وصاحب القصة، "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسير في بعض أسفاره -سفر الحديبية- وعمر بن الخطاب يسير معه ليلاً" وفي هذا إباحة السير ليلاً على الدواب، لا سيما إذا أخذت ما يكفيها من الراحة في النهار، "فسأله عمر عن شيء فلم يجبه" لاشتغاله -عليه الصلاة والسلام- بالوحي، "ثم سأله مرة ثانية فلم يجبه، ثم سأله مرة ثالثة فلم يجبه" وكأن عمر -رضي الله عنه- ظن أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يسمع السؤال الأول والثاني وإلا لا يتصور مثل هذا الإلحاح من عمر -رضي الله عنه- "فقال عمر: "ثكلتك أمك عمر" يعني: يا عمر، منادى بحذف حرف النداء، دعا على نفسه بسبب ما وقع منه من الإلحاح على النبي -عليه الصلاة والسلام- خوف غضبه -عليه الصلاة والسلام-، "نزرت رسول الله" أو نزرت –بالتشديد- رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يعني ألححت عليه، وبالغت في السؤال، ألححت عليه وبالغت في السؤال.(40/6)
استعمال الناس لهذه الكلمة للنزر أنه السؤال مع رفع الصوت، السؤال مع رفع الصوت، هذا هو النزر، "ثلاث مرات كل ذلك لا يجيبك" كل ذلك لا يجيبك يقول أهل العلم في هذا: إن سكوت العالم عن الإجابة، إجابة المتعلم توجب على المتعلم ترك الإلحاح في السؤال، يعني لا يسأله مرة ثانية، إذا توقع أنه لم يسمع يعيد السؤال، لكن إذا فهم أن الشيخ سمع السؤال، الشيخ ما يترك الإجابة إلا لأمر لعله لا يحضره الجواب، لكن ما الذي يمنع أن يكون الشيخ أن يقول الشيخ: الله أعلم، فمن باب الأدب مع الشيخ ألا يلح عليه بالسؤال، ولا يضجر بكثرة الأسئلة، هذا من آداب طالب العلم عند أهل العلم، يقولون: وأن له؟ يعني العالم له أن يسكت عما لا يريد أن يجيب فيه، له أن يسكت عما لا يريد أن يجيب فيه، أما السؤال عن المسائل النازلة والمسئول عنده علم بها، ولا يوجد من يقوم مقامه في الجواب عنها فهذا يتعين عليه الجواب، ولا يجوز له السكوت، ومن سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار يوم القيامة، لكن إذا كان لا يعرف الجواب يقول: الله أعلم، إذا رأى أن السائل لا يستفيد من الجواب، له أن يسكت وله أن يصرفه عنه بالأسلوب المناسب، وإذا رأى أن هذه المسألة ليست واقعة، أو أن السائل متعنت له أن لا يجيب، في بعض الطلاب يقول: سؤال بسيط سهل، ثم يستدرج الشيخ يجلس معه ربع ساعة؛ لأنه لو قال: من فضلك ربع ساعة ما طاعه الشيخ، إيه سؤال بسيط يتصور أنه بسيط عند المسئول، لكن بعضهم لو قال: من فضلك ربع ساعة عشر دقائق ما طاعه الشيخ، سؤال، سؤال خفيف ثم بعد ذلك يستدرجه إلى أن يمضي الربع، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال لا بأس به جائز، جائز عند الحاجة إليه.(40/7)
"قال عمر: فحركت بعيري حتى إذا كنت أمام الناس -قدام الناس- وخشيت أن ينزل في قرآن -يعني بسبب هذا الإلحاح- فما نشبت" لبثت، وفي حديث بدء الوحي: "فلم ينشب ورقة أن توفي" يعني لم يلبث، "فما نشبت أن سمعت صارخاً يصرخ بي" ينادي يا عمر، وهذا الصارخ لم يسم، فقال، قال عمر: "فقلت: لقد خشيت أن يكون نزل في قرآن" نعم هذا الخوف يحملهم على هذا، الخوف يحملهم على هذا بخلاف حال كثير من الناس اليوم، يفعل الأفاعيل، يفعل الأفاعيل، يفرط في الواجبات، يرتكب المحرمات، وإذا أدى الصلاة مع الجماعة على وجه قد لا يكتب له من أجرها شيء ينتظر التسليم، نعم، إذا حرك الباب قال: جاءت الملائكة تسلم عليه، ينتظر التسليم كفاحاً، الأمر ليس بهذه السهولة، عمران بن حصين كان يسلم عليه، لكن المفرط يستحق مثل هذه الكرامات، ويسول لنفسه مثل هذه الأمور؟ عمر -رضي الله عنه- وهو عمر الذي فرق الله به بين الحق والباطل، وما رآه الشيطان في طريق ولا فج إلا سلك طريقاً آخر، مشهود له بالجنة، ويخشى أن ينزل فيه قرآن، والناس في هذه الأزمان يجمعون مع الإساءة بل أسوء الإساءة ويحسنون الظن، ويؤملون الآمال الطويلة العريضة، والخوف لا ذكر له في .. ، أو لا يخطر لهم على بال، خشيت أن ينزل في قرآن، قال أبو عمر: "أرى أنه -عليه والسلام- أرسل إلى عمر لما أرسل الصارخ ليخبره الخبر يريد أن يؤنسه بذلك، ويجبر خاطره لما تركه ثلاث مرات دون جواب، يريد أن يؤنسه بذلك.(40/8)
قال عمر: "فجئت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسلمت عليه فقال" بعد رد السلام؛ لأن هذا معروف، ما يحتاج إلى نقل، {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [(86) سورة النساء] فقال -عليه الصلاة والسلام- بعد رد السلام: ((لقد أنزلت علي هذه الليلة سورة)) ((سورة لهي)) (اللام) هذه لام توكيد، ((أحب إلي مما طلعت عليه الشمس)) يعني لما فيها من البشارة بالمغفرة والفتح وغيرهما، "ثم قرأ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا} [(1) سورة الفتح] فتح مبين، وهذا الفتح هو الصلح، هذا الفتح هو الصلح؛ لأنه مقدمة للفتح، مقدمة للفتح، ومقدمة الفتح فتح، فهي الفتح الحقيقي؛ لأن بها -بهذا الصلح- حصل حصلت الهدنة، وكاتب النبي -عليه الصلاة والسلام- الملوك في الأمصار، وحصل خير عظيم بواسطتها، {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [(1 - 2) سورة الفتح] لا شك أن هذا خير مما طلعت عليه الشمس، ((ركعتا الفجر خير مما طلعت عليه الشمس)) ((تكبيرة الإحرام خير مما طلعت عليه الشمس)) لأنها تطلع على الدنيا، والدنيا ما فيها شيء يستحق، ولا توزن عند الله جناح بعوضة.(40/9)
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن -بن عوف الزهري- عن أبي سعيد -سعد بن مالك بن سنان الخدري- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((يخرج فيكم -في الصحابة، وفي الأمة- قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم)) وهم الذين خرجوا على علي بن أبي طالب -رضي الله عنه وأرضاه-، يوم النهروان، من الخوارج وهذه صفتهم، تحقرون: تستقلون صلاتكم مع صلاتهم، ((وصيامكم مع صيامهم)) لأنهم كانوا يصومون النهار ويقومون الليل، ((وأعمالكم مع أعمالهم)) يعني من عطف العام على الخاص، يعني بقية أعمال البر تحقرون أفعالكم مع أفعالهم، ((يقرءون القرآن)) آناء الليل والنهار ((ولا يجاوز حناجرهم)) جمع حنجرة، وهي آخر الحلق مما يلي الفم، ولا يجاوز حناجرهم، ((يمرقون من الدين)) يمرقون من الدين، وهل المراد بالدين هنا الإسلام أو الطاعة؟ نعم، هل المراد بالدين هنا الإسلام أو الطاعة؟ لأنه يطلق ويراد به {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ} [(19) سورة آل عمران] ويطلق ويراد به الطاعة، نعم، يطلق ويراد به الطاعة، نعم، على كل حال هما قولان، منهم من يقول: الدين هو الإسلام، يحتج بهذا على تكفيرهم، ومن يقول: الدين هو الطاعة يقول: إنهم يخرجون عن الطاعة، طاعة ولاة الأمور، وهي تابعة لطاعة الله -جل وعلا-، فالخروج على طاعتهم خروج على طاعة الله -عز وجل-، وحينئذ لا يحكم بكفرهم، أقول: من قال: إن المراد بالدين هو الإسلام {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ} [(19) سورة آل عمران] قال: يخرجون منه بالكلية، وبهذا يقول من كفرهم، ورجحه .. ، بل به جزم ابن العربي، وإذا قلنا: إن المراد بالدين هو الطاعة قال: لا يكفرون، لا يكفرون، وإن خرجوا عن طاعة ولاة الأمر، وهي في الحقيقة خروج عن طاعة الله -عز وجل-؛ لأن الله هو الذي أمر بطاعة ولاة الأمر، على كل حال المسألة خلافية، المسألة خلافية، الخطابي نقل الإجماع على أن الخوارج -على ما عندهم من ضلال- أنهم فرقة من فرق المسلمين، وأجازوا مناكحتهم، وأكل ذبائحهم، وقبول شهاداتهم، رواياتهم مقبولة وإلا غير مقبولة عند أهل العلم؟ مقبولة، لكن في نقل(40/10)
الإجماع نظر؛ لأن الخلاف موجود.
وشيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- نسب عدم تكفيرهم إلى جماهير أهل العلم، ونسب عدم تكفيرهم إلى الصحابة، ولم يعاملوهم في قتالهم معاملة الكفار، لم يعاملوهم كما قال شيخ الإسلام -رحمه الله- في مواضع من كتبه معاملة الكفار.
الشيخ ابن باز -رحمه الله- كأنه يميل إلى تكفيرهم، على كل حال المسألة محتملة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، مواضع، مواضع كثيرة لا تحصى، يعني في .. ، لكن يبقى يبقى أن شيخ الإسلام الذي استقر عليه رأيه .. ، حتى نقل عن جماهير الصحابة عدم تكفيرهم، عدم تكفيرهم، ونص في رده على الرافضة في مواضع أن الصحابة ما عاملوهم معاملة الكفار حينما قاتلوهم، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني لا يصل إلى قلوبهم، لا يصل إلى قلوبهم، هو مجرد طرف الحلق، الحنجرة، لا يصل إلى القلب فيؤثر فيه، لا يصل إلى القلب فيؤثر فيه، نعم.
طالب:. . . . . . . . .(40/11)
لا، المراد بهم الذين أصلهم من قال: "اعدل يا محمد"، ((يخرج من ضئضئ هذا قوم تحقرون)) .. إلى آخره، الذين أصلهم .. ، المراد بهم الخوارج أصحاب المقالة المعروفة، وأنه ليس المراد بهم البغاة، البغاة لا يكفرون اتفاقاً، وإن وجب ردهم إلى الحق، وجب قتالهم على .. ، وكفهم، ((يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية)) الرمية: فعيلة بمعنى مفعولة، وهي الطريدة من الصيد، مروق السهم من الرمية، بحيث ينفذ السهم من الطريدة الصيد المرمي بسرعة، وهو في هذه السرعة لا تلاحظ عليه أثر الدم؛ لأن الملاحظ أن الطريدة أو الذبيحة حينما تذبح بسرعة يتأخر خروج الدم، ولذا قال: ((تنظر)) أيها الرامي ((في النصل)) حديدة السهم ((فلا ترى فيه شيئاً، وتنظر في القدح)) اللي هو الخشب، السهم، ((فلا ترى فيه شيئاً، وتنظر في الريش)) الذي فيه السهم ((فلا ترى فيه شيئاً، وتتمارى)) يعني تشك ((في الفوق)) بضم الفاء، وهو موضع الوتر من السهم، أي تتشكك هل علق به شيء من الدم؟ دلالة على أن خروجهم من الدين يحصل بسرعة، بغتة، يعني عندك أنه في أول النهار من خير الناس ثم في الآخر يمرق من الدين، نسأل الله السلامة والعافية، فعلى الإنسان أن يلزم الجلادة، يلزم الجادة، ويلجأ إلى ربه ويسأله التثبيت؛ لأن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، وجاء في آخر الزمان أن الرجل يصبح مؤمناً ويمس كافراً، والعكس، يبيع دينه بعرض من الدنيا، نسأل الله السلامة والعافية، فالأمر مخوف.(40/12)
ثم قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر مكث على سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها" مكث على سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها، وليس ذلك لبطء حفظه -رضي الله عنه وأرضاه-، بل لأنه كان يتعلمها ويتعلم فرائضها وأحكامها، وما فيها من علم وعمل، على ما جاء عن الصحابة -رضوان الله عليهم- فيما ذكره أبو عبد الرحمن السلمي، قال: "حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن أنهم كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموا ما فيها من علم وعمل، فتعلموا العلم والعمل جميعاً" عشر آيات، يعني فعلى هذا يحتاج الإنسان إذا قدر أنه يتعلم عشر آيات في كل يوم بمراجعة كلام أهل العلم عليها والتفاسير الموثوقة النظر فيها من كل وجه، فيما جاء فيها عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فيما جاء في القرآن مما يبينها، وما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وما جاء عن صحابته والتابعين -رضي الله عن الجميع-، وما ذكره أهل العلم الموثوقون في تفاسيرهم، نظر فيها من كل وجه، يحتاج في عشر الآيات يكفيه يوم؟ نعم، مجرب هذا وإلا؟ نعم؟ هو الإنسان .. ، الأمور نسبية يا الإخوان، شخص يبي يراجع مائة تفسير لا يستطيع، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
في مئات التفاسير، الذي يريد أن يراجع كل ما كتب هذا لن يستطيع أن ينتهي أبداً، لكن لو انتقى من كل نوع من أنواع التفسير، هذا تفسير بالأثر، وهذا تفسير في أحكام القرآن، وهذا في معانيه، وإعرابه، وبلاغته، ينتقي له عشرة تفاسير مثلاً، وتكون هذه التفاسير ديدنه يراجع عليها القرآن كله، أظن عشر الآيات تحتاج إلى أسبوع بهذه الطريقة، فنحتاج بعد هذا إلى كم أسبوع؟ القرآن ستة آلاف، ستمائة في أسبوع؟ كم، ستمائة في الأسبوع، اثنا عشر سنة، اثنا عشر سنة للقرآن كامل، وابن عمر -رضي الله تعالى عنه- مكث يتعلم البقرة ثماني سنين، يتعلمها.(40/13)
أخرج الخطيب في رواية مالك عن ابن عمر قال: "تعلم عمر –أبوه- البقرة في اثنتي عشرة سنة، فلما ختمها نحر جزوراً" فنحن لا نعطي القرآن حظه ولا حقه من العناية والاهتمام، يلاحظ على كثير من طلاب العلم يهتمون بالسنة، وهذا خير -إن شاء الله-، خير عظيم، يهتمون بالفقه الأحكام الحلال والحرام، وكثير مما يعنى بالعقيدة، لكن القرآن؟ كثير من طلاب العلم -ولله الحمد- لهم عناية بحفظه، لكن هل لهم عناية بجميع ما يتعلق به من علم وعمل؟ هذا نادر، نادر حتى في الدروس العلمية تجد نصيب القرآن منها أقل من غيره، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيه؟ إيش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش المانع؟ خليفة راشد، أمرنا بالاقتداء به، والائتساء به، الحافظ ابن حجر لما أنهى فتح الباري صنع وليمة أكلت ثلاثمائة دينار ذهب، هذا شكر لله -عز وجل- على تمام هذا العمل الجليل، والله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .
((لا يجاوز حناجرهم .. ))، ((يقرءون القرآن)) يقرءون القرآن في هذا إشارة لما أشار إلى أن الخوارج يقرءون القرآن، لكن على وجه لا يجاوز الحناجر، ولا يصل إلى القلب فمعنى هذا أن المسلم يجب عليه أن يجاوز حنجرته إلى قلبه، تكون قراءته على الوجه المأمور به.
شرح: باب: ما جاء في سجود القرآن:
أحسن الله إليك:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب ما جاء في سجود القرآن:
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة -رضي الله عنه- قرأ لهم: إذا السماء انشقت، فسجد فيها، فلما انصرف أخبرهم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سجد فيها.
وحدثني عن مالك عن نافع مولى ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رجلاً من أهل مصر أخبره أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قرأ سورة الحج فسجد فيها سجدتين، ثم قال: "إن هذه السورة فضلت بسجدتين"(40/14)
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار أنه قال: "رأيت عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يسجد في سورة الحج سجدتين".
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن الأعرج أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قرأ بالنجم إذا هوى فسجد فيها، ثم قام فقرأ بسورة أخرى.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قرأ سجدة وهو على المنبر يوم الجمعة، فنزل فسجد وسجد الناس معه، ثم قرأها يوم الجمعة الأخرى، فتهيأ الناس للسجود فقال: "على رسلكم إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء فلم يسجد ومنعهم أن يسجدوا".
قال مالك -رحمه الله-: "ليس العمل على أن ينزل الإمام إذا قرأ السجدة على المنبر فيسجد".
قال مالك -رحمه الله-: "الأمر عندنا أن عزائم سجود القرآن إحدى عشرة سجدة ليس في المفصل منها شيء".
قال مالك -رحمه الله-: "لا ينبغي لأحد يقرأ من سجود القرآن شيئاً بعد صلاة الصبح ولا بعد صلاة العصر، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، والسجدة من الصلاة، فلا ينبغي لأحد أن يقرأ سجدة في تينك الساعتين.
سئل مالك -رحمه الله- عمن قرأ سجدة وامرأة حائض تسمع هل لها أن تسجد؟ قال مالك: "لا يسجد الرجل ولا المرأة إلا وهما طاهران".
وسئل عن امرأة قرأت سجدة ورجل معها يسمع أعليه أن يسجد معها؟ قال مالك: "ليس عليه أن يسجد معها إنما تجب السجدة على القوم يكونون مع الرجل فيأتمون به فيقرأ السجدة فيسجدون معه، وليس على من سمع سجدة من إنسان يقرؤها ليس له بإمام أن يسجد تلك السجدة".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب ما جاء في سجود القرآن"(40/15)
وسجود القرآن، سجود التلاوة سنة عند جمهور العلماء، وأوجبه الحنفية للأمر به، للأمر به في مواضع، وإلى الوجوب ميل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، والجمهور حملوا الأوامر الواردة فيه على الندب؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قرأ عليه زيد بن ثابت سورة النجم فلم يسجد، ما سجد زيد، ولا سجد النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا الحديث في الصحيحين وغيرهم، هو يأتي ما يدل على أن الأمر فيه سعة، نعم هو سنة مؤكدة مرتبطة بسبب، فهو مؤكد.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن يزيد –المخزومي- مولى الأسود بن سفيان –المخزومي- عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قرأ لهم" يقول الباجي: "الأظهر أنه كان يصلي بهم"، " إذا السماء انشقت فسجد .. "، "إذا السماء انشقت فسجد فيها فلما انصرف -من سجوده- أخبرهم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سجد فيها".
هذا مرفوع وإلا موقوف؟ مرفوع، وهو أيضاً في الصحيحين، وهو سجود في المفصل، سجود في المفصل، عندنا سجود القرآن إذا جمعنا أقوال أهل العلم كلها يكون في خمسة عشر موضعاً، خمسة عشر موضع، في الأعراف، وفي الرعد، وفي النحل، وفي الإسراء، وفي مريم، وفي الحج اثنتان، وفي الفرقان، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .(40/16)
اصبر، اصبر، في الفرقان وفي النمل، وفي السجدة، وفي ص، وفي حم السجدة، وفي المفصل ثلاث، خمسة عشر سجدة، هذا إذا جمعنا جميع أقوال أهل العلم، الحنابلة يقولون: أربعة عشر، يحذفون سجدة (ص) لأنه ليست من سجود التلاوة، سجدة شكر عندهم، الشافعية عندهم الخمسة عشرة كلها، الحنفية يحذفون السجدة الثانية من الحج، فيكون أربع عشرة، المالكية عندهم إحدى عشر على ما سيأتي؛ لأنه ليس عندهم شيء في المفصل، الثلاث التي في المفصل نعم، لا سجود فيها عندهم، وأيضاً الحج ليس فيها إلا سجدة واحدة، فيكون المجموع إحدى عشرة على ما سيأتي، هذا جميع ما في القرآن من سجود التلاوة، والخلاف في (ص) هل هي من عزائم السجود أو الشكر؟ محل خلاف بين أهل العلم، أمرها أوسع، أمرها أوسع من غيرها، يعني لو سجد أو ما سجد ما يثرب عليه، لكن أمرها أوسع، وتسجد حتى في الصلاة لمن شاء، لمن شاء حتى في الصلاة، أما عند الحنابلة تبطل الصلاة، عند الحنابلة سجدة الشكر تبطل الصلاة، أنتم تلاحظون لما كانت الصلاة في الحرم، وكان الإمام يسجد فيها بعض الناس ما يسجد معه؛ لأنها تبطل الصلاة عندهم، وهذا حصل، رؤي بعض المشايخ ما سجد، ثم بعد ذلك ما سجد فيها بعد ذلك.
طالب:. . . . . . . . .
إيه نعم الآن السديس ما يسجد، السديس ما سجد بعد .. ، قبل خمس سنوات؛ لأن واحد من المشايخ ما سجد حصل يعني التشويش ما هو بمطلوب يعني، والصلاة تنقل إلى العالم كله، والمسألة فيها سعة -ولله الحمد-، ما أدري عن ابن طالب، لكن المقصود أنها أمرها أخف عند أهل العلم، والخلاف فيها قوي، هل هي سجدة تلاوة أو سجدة شكر؟ فمن سجد لا يثرب عليه، ومن لم يسجد لا يؤمر به.
أبو هريرة -رضي الله عنه- قرأ لهم إذا السماء انشقت فسجد فيها، وهي من المفصل، فلما انصرف من سجوده أخبرهم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سجد فيها، وفي هذا رد على الإمام مالك الذي لا يرى سجود في المفصل، بهذا قال الخلفاء الأربعة، المفصل يسجدون فيه، والأئمة الثلاثة وهو أيضاً مروي عن مالك، لكن الذي صرح به في موطئه، لا.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه كان يسجد ثم لم يعد، بيجي كلامه -إن شاء الله-.(40/17)
"وحدثني عن مالك عن نافع مولى ابن عمر أن رجلاً من أهل مصر أخبره أن عمر بن الخطاب قرأ سورة الحج فسجد فيها سجدتين –سجدتين- ثم قال: "إن هذه السورة فضلت بسجدتين" السجدة الأولى متفق عليها، التي في الوجه الثالث، متفق عليها، أما السجدة الثانية التي في آخرها هذه لم يقل بها مالك ولا أبو حنيفة، لم يقل بها مالك ولا أبو حنيفة، لكن السجود فيها قول الشافعي وأحمد، فالشافعي عنده السجدات خمسة عشرة، وعند أحمد أربعة عشرة، وعند أبي حنيفة أربعة عشرة، لكن عنده (ص) وليست عنده الثانية من الحج، عكس الحنابلة.
يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار مولى ابن عمر أنه قال: "رأيت عبد الله بن عمر يسجد في الحج سجدتين، يسجد في الحج سجدتين"، وروي عن عقبة مرفوعاً: ((في الحج سجدتان من لم يسجدهما فلا يقرأهما)) وضعف الباجي إسناده، لكن احتج به الإمام أحمد، وهو أعلم بإسناده، لكن هل يلزم أن يكون صحيحاً ليعمل به الإمام أحمد في مثل هذا الباب، أو يعمل بالضعيف في مثل هذا الباب؟ نعم، نحن لا نضطرب يا أخوان، هذا حكم وإلا ليس بحكم؟ أو فضيلة من الفضائل؟ لكن هل هناك انفكاك بين الأحكام والفضائل؟ الفضائل من السنن إذا رتب عليها ثواب صارت تعريفها تعريف السنة، فترجع إلى الأحكام.
على كل حال المرجح أن الحج فيها سجدتان، فيها السجدتان، هذا الحديث المرفوع وإن كان فيه ما فيه من الضعف عمل به الإمام أحمد وهو إمام من أئمة السنة، وهو ثابت عن عمر وابنه عبد الله بن عمر، ((من لم يسجدهما فلا يقرأهما)) يعني يترك الآية، يترك الآية، والخلاف بينهم هل يترك الآية كاملة أو يترك موضع السجود؟ نعم، يترك لفظة السجود أو يترك الآية كاملة؟ أقول: على خلاف بينهم في هذا.
أو تترك جميع السورة التي فيها سجدة؟ نعم، لعله تأتي إشارة إلى مثل هذا.(40/18)
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن الأعرج أن عمر بن الخطاب قرأ في الصلاة النجم إذا هوى فسجد فيها" فسجد فيها، وفي الصحيحين عن ابن مسعود أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قرأ سورة النجم فسجد فيها فما بقي أحد من القوم إلا سجد، فأخذ رجل كفاً من حصى أو تراب فرفعه إلى وجهه وقال: يكفيني هذا، قال: فلقد رأيته بعد قتل كافراً، كبر، منعه الكبر من السجود نسأل الله العافية؛ لأنه لما قرأها النبي -عليه الصلاة والسلام- سجد الناس كلهم من المسلمين والكفار، كل من حضر، وفيها أيضاً القصة لكن هذا قدر منها صحيح، وما عدا ذلك من القصة، التي تذكر قصة الغرانيق باطلة عند أهل العلم، وإن قواها ابن حجر وبعض أهل العلم، قواها ابن حجر، وكأن الشيخ محمد بن عبد الوهاب لما ذكرها ما تعقبها بشيء، لكن أكثر أهل التحقيق على أنها باطلة.
"سجد فيها" والنجم إذا هوى من المفصل، فمثل هذا يرد على قول مالك، ثم قام فقرأ بسورة أخرى، ثم قام بعد السجود فقرأ بسورة أخرى؛ ليقع الركوع عقب القراءة كما هو الأصل في الركوع، بعض الناس إذا قرأ سجدة وسجد كانت في آخر سورة مثلاً، نعم، لا يركع مباشرة، وإنما يقرأ بعدها شيء، كما هنا "ثم قام فقرأ بسورة أخرى ليقع الركوع عقب القراءة كما هو شأن الركوع، وهذا مستحب عند أهل العلم؛ لأن بعض الناس قد يفوته الركوع بهذه الطريقة إذا سجد ثم قام فركع مباشرة، بعض الناس لا تسعفه صحته وحركته أن يتبع الإمام ويلحق به بسرعة، فقد تفوته الركعة، فالأولى أن يقرأ عقب سجوده شيئاً ولو يسيراً، نعم.
طالب:. . . . . . . . .(40/19)
يعني هل يكبر للسجود وللرفع منه؟ هذا مبني على أن السجود هل هو صلاة أو ليس بصلاة؟ وهذا بيجي نتعرض له -إن شاء الله- في آخر الباب، فإذا قلنا: صلاة تفتتح بالتكبير، تكبير سجود وتكبير رفع منه وسلام أيضاً، إذا قلنا: صلاة، إذا كان وصف الصلاة يشملها، "كان يكبر مع كل خفض ورفع" في الصلاة أمرها سهل، لكن خارج الصلاة نكبر للسجود ونكبر للرفع منه؟ الذي يقول: إنها صلاة يقوله، يقول هذا، يكبر للسجدة، ويكبر للرفع منها، ويسلم منها؛ لأنها صلاة، يلزمه فيها جميع ما يلزم الصلاة استقبال القبلة، والطهارة، والسترة، وستر العورة، يلزم فيها جميع ما يلزم في الصلاة، وهذا تأتي الإشارة إليه إلى شيء منه -إن شاء الله-، في الصلاة يكبر للهوي وللارتفاع، يكبر مع كل خفض ورفع، إيه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، يرفع، يعتدل ثم يركع؛ لأن الركوع لا بد أن يقع من قيام، أن يكون من قيام، نعم.
يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن عمر بن الخطاب" وهذا منقطع؛ لأن عروة ولد في خلافة عثمان -رضي الله عنه- فلم يدرك عمر، "أن عمر بن الخطاب قرأ سجدة" أي سورة فيها سجدة، وهي سورة النحل، "وهو على المنبر يوم الجمعة، فنزل فسجد وسجد الناس معه"، نزل: يعني من المنبر، "فسجد وسجد الناس معه، ثم قرأها يوم الجمعة الأخرى فتهيأ الناس للسجود فقال: "على رسلكم" يعني على هينتكم، تمهلوا، "إن الله لم يكتبها علينا" يعني لم يفرضها علينا، وهذا يؤيد قول الجمهور أن سجود التلاوة سنة وليس بواجب، "إلا أن نشاء" استثناء منقطع، أي لكن ذلك موكول إلى مشيئة المرء، موكول إلى مشيئة المرء، "فلم يسجد ومنعهم أن يسجدوا" منعهم أن يسجدوا، وعلى هذا إذا قرأ شخص آية سجدة وآخر يستمع يستمع لقراءته لم يسجد القارئ يسجد المستمع وإلا ما يسجد؟ نعم، يأتي الخلاف فيه، يأتي الخلاف فيه -إن شاء الله تعالى-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على إيش؟
طالب:. . . . . . . . .(40/20)
الخلفاء الأربعة كلهم على هذا، والأئمة الثلاثة وغيرهم، لأنهم ما خالفوه، ما في شك أنه ما في أحد من الصحابة، هو منعهم من السجود، وفي عدم إنكار أحد من الصحابة -رضوان الله عليهم- على عمر دليل على أنه ليس بواجب باتفاق جميع من حضر، يعني من حضر منهم، ولعل عمر فعل ذلك تعليماً للناس، سجد في الجمعة الأولى ولم يسجد في الثانية تعليماً للناس هذا الحكم.
"قال مالك: "ليس العمل على أن ينزل الإمام إذا قرأ السجدة على المنبر فيسجد"، ليس العمل على أن ينزل الإمام إذا قرأ السجدة على المنبر فيسجد، لكن عمر نزل مرة ولم ينزل أخرى، وعلى هذا الإمام مالك عمل بالمرة الأخيرة حيث لم ينزل عمر -رضي الله عنه-، والشافعي -رحمه الله- قال: لا بأس بذلك أن ينزل، وابن عبد البر حمل قول عمر -رضي الله عنه-: "ليس العمل على ذلك" يعني على لزوم النزول، هو لا يلزم النزول لأن عمر لم ينزل، لكن لو نزل لا بأس به؛ لأن عمر نزل في المرة الأولى، وبهذا قال الشافعي.
سم.
هذا يقول: في حلقة القرآن يعني حال تعلم القرآن وتعليم القرآن، وتكرار آية السجدة مراراً لتعلمها وتعليمها، يعني يسجد مرة أو لا يسجد البتة أو يسجد مراراً كلما كرر؟
وهذا يقول: إذا حفظت ثمن معين وفيه سجدة هل أسجد مع كل ما أكرر هذا الوجه ثم نغير الوجه، هل أسجد؟(40/21)
مفاده واحد، مفاد السؤالين واحد، الجواب: في حلقات التحفيظ وأيضاً حينما يكرر الإنسان شيئاً من القرآن وفيه سجدة هل يسجد كلما كرر أو يسجد مرة واحدة أو لا يسجد البتة؛ لأنه لم يقصد القراءة؟ يعني هذا من باب الحل الوسط وإلا .. ؟ هاه؟ يعني أدى السنة بهذه السجدة، يعني هل السجود مرتبط بالقراءة اللي هو سجود التلاوة؟ وهل يسمى المتعلم تالي وإلا لا يسمى تالي؟ المسألة معروفة عند أهل العلم، فهل يسجد أو لا يسجد؟ ومسألة عملية أيضاً إذا قرأ القرآن في المطاف يسجد وإلا ما يسجد؟ إذا أقيمت الصلاة يصلي وهو بالطواف، لكن إذا أقيمت صلاة جنازة مثلاً نقول: هذه تفوت فيصلي الجنازة أو ينشغل بالطواف؟ هو منشغل بطواف، لا سيما إذا كان طواف ركن عبادة، أما إذا كان نفل فالأمر فيه سعة، يسجد ويصلي الجنازة ويعود إلى ... -نفس السؤال هذا- ثم يعود إلى طوافه، يسجد ويعود إلى طوافه لا سيما إذا كان الطواف نفل؛ لأن الأمر بالسجود مؤكد، مؤكد، وعلى هذا إذا كان لا يشق السجود على العالم المعلم والمتعلم، إذا كان لا يشق ذلك فهو الأصل، يسجد كلما قرأ آية سجدة، وإذا كان يشق عليه فيرجى أن تكفي السجدة مرة واحدة.
يقول: عن الأعرج عن أبي هريرة أن عمر هكذا، وفي رواية أبي مصعب سويد ...
سويد، أنا ما عرفت الإشكال الحين، ما عرفت الإشكال اللي عنده.
يقول: وفيه عن الأعرج عنه، في رواية يحيى عن الأعرج أن عمر.
إيه، إيه عن الأعرج أن عمر قرأ النجم إذا هوى، وهنا يقول: قال بشار يعني الذي حقق الكتاب بشار عواد معروف، هكذا في رواية يحيى عن الأعرج أن عمر، واستظهرت عليه عدداً من النسخ والشروح، وفي روايات الموطأ الأخرى التي وقفت عليها عن الأعرج عن أبي هريرة أن عمر، أن عمر هكذا، وفي رواية أبي مصعب وسويد بن سعيد وعثمان بن عمر عند الطحاوي في شرح المعاني ومحمد بن الحسن ويحيى بن بكير عند البيهقي.
يعني ما الذي نستفيده من هذا؟ أن الحديث متصل، الحديث متصل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وهو منفرد؟
طالب:. . . . . . . . .(40/22)
المنفرد يسجد ما عنده مشكلة، لكن الإشكال في الإمام الذي يشوش على المأموم، وكذلك المأموم هل له أن يقرأ آية فيها سجدة وهو مأموم؟ فعليه لا يجوز له أن يسجد وهو خلف الإمام، فهل له أن يسجد؟ هذه مسألة حتى تأتي يعني في أوقات النهي بعد هذا بقليل، يعني هل له أن يسجد؟ أو يترك السجدة؟ يترك الآية، أو لا يقرأ سورة فيها سجدة في أوقات النهي على ما سيأتي؟ كما أنه قد يقال له: لا تدخل المسجد في وقت النهي لئلا تقع في حرج، فيه إشارات. . . . . . . . .
يقول: "قال مالك: "الأمر عندنا أن عزائم سجود القرآن إحدى عشرة سجدة ليس في المفصل منها شيء"، على هذا الإحدى عشرة عند مالك في الأعراف والرعد، والنحل، والإسراء، ومريم، والحج، والفرقان، والنمل، وآلم السجدة، و (ص)، وفصلت، إحدى عشرة، يعني إذا حذفنا الثلاث نعم، إذا حذفنا الثلاث في المفصل، والسجدة الأخيرة من سورة الحج وأضفنا (ص)، صارت إحدى عشرة، لحديث ابن عباس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة، رواه أبو داود، حديث ابن عباس: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة" رواه أبو داود لكنه ضعيف.
وثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سجد في "إذا السماء انشقت"، وأما سجوده في النجم فكان قبل .. ، قبل أن يتحول إلى المدينة.(40/23)
"قال مالك: "لا ينبغي لأحد" هذه المسألة من المهمات، "قال مالك: لا ينبغي لأحد يقرأ من سجود القرآن شيئاً بعد صلاة الصبح ولا بعد صلاة العصر" لماذا؟ لأنه منهي عن الصلاة، هذه أوقات نهي، "لا ينبغي لأحد أن يقرأ من سجود القرآن شيئاً بعد صلاة الصبح ولا بعد صلاة العصر، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، والسجدة من الصلاة"، على كل حال من يقرر أنها صلاة وهو قول الأكثر يقول: حكمها حكم ذوات الأسباب، وكل على مذهبه في هذا، كل على مذهبه في هذا، فالذي يقول: تفعل ذوات الأسباب في أوقات النهي يقول: هذه ذات سبب، والذي يقول: لا تفعل ذوات الأسباب في أوقات النهي وهو قول الحنفية والمالكية والحنابلة، الشافعية يقولون: تفعل ذوات الأسباب أوقات النهي، فعلى هذا يسجد بعد العصر وبعد الصبح من هذه الجهة، الذي يقول: إن سجود التلاوة ليس بصلاة يسجد على كل حال، لكن ينبغي أن يلاحظ شيء وهو: أن الممنوع عند طلوع الشمس وعند غروبها السجود لعدم مشابهة الكفار؛ لأنهم يسجدون، ما هو يصلون فكيف نقول: إن هذا لسجدة ليست بصلاة، ليست بصلاة، إذاً نسجد في كل وقت ونحن جاءنا النهي عن الصلاة في هذه الأوقات ثم نسجد والمنهي عنه في الحقيقة السجود؟ فالذي يقول: إن السجود ليس بصلاة يسجد في أي وقت وعلى أي حال، ولا إشكال عنده، لكن يبقى هذا الإشكال الدقيق حتى على قول من يقول: إنها ليست بصلاة، ونظيره سعي المرأة يقول أهل العلم: المرأة لا تسعى سعياً شديداً نعم، والحكمة منه، وسبب مشروعيته امرأة، نعم، فكيف نقول: يسعى الرجل ولا تسعى المرأة؟ والأصل في مشروعيته امرأة؟ وهنا نقول: السجود ليس بصلاة فاسجد حيثما شئت، أي وقت شئت، حتى مع وقت الطلوع والغروب لأنها ليست بصلاة وأنت منهي عن الصلاة، "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن" ونهى عن الصلاة بعد الصبح والصلاة بعد العصر، فالنهي عن الصلاة وهذه ليست بصلاة إذاً اسجد، والدليل على أن السجود ليس بصلاة عند بعضهم أن ابن عمر كان يسجد على غير طهارة فليس بصلاة، فإذا لم يأخذ حكم الصلاة لا يدخل في النهي(40/24)
عن الصلاة في هذه الأوقات، لكن المسألة لا تسلم من أمر خفي يجعل عند الإنسان وقفة، لكن يبقى أن عامة أهل العلم لا يرون المرأة عليها سعي، فهل نقول مثل هذا؟ ما دام جاءنا النهي عن الصلاة وهذا عند بعضهم ليس بصلاة، إذاً لا يدخل في النهي بغض النظر عن سبب المنع من الصلاة في هذه الأوقات؟ والمرأة لا تسعى سعياً شديداً لئلا تنكشف كما يقول أهل العلم بغض النظر عن أصل المشروعية، قد يقول قائل: إنه ليس بحضرتها أحد، ليس بحضرتها أحد حينما سعت سعياً شديداً، وهي محتاجة إلى هذا الأمر، فهل للمرأة إذا أمنت من وجود من يطلع عليها من الرجال أن تسعى سعياً شديداً أو يقال: يطرد في حقها هذا فلا تسعى؟
يقول: "لا ينبغي لأحد يقرأ من سجود القرآن شيئاً بعد صلاة الصبح ولا بعد صلاة العصر"، لا يقرأ السجود أصلاً عنده، لكن إذا قرأ يسجد وإلا ما يسجد؟ عنده لا يسجد، "وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، ونهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس"، والناس عموماً في هذه البلاد كانوا على هذا القول؛ لأنه هو المعروف عند الحنابلة، سجود التلاوة صلاة، والصلاة منهي عنها في هذه الأوقات إذاً لا تسجد، "والسجدة من الصلاة فلا ينبغي لأحد أن يقرأ سجدة -يقرأ سجدة- في هاتين الساعتين"، وهذا نظير من منع دخول المسجد في هذه الأوقات، نعم، وإلا فما المانع أن يقرأ السجدة ولا يسجد لأنه ممنوع من الصلاة، يدخل المسجد ولا يصلي لأنه ممنوع من الصلاة.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، والله ما في شك لو أن الإنسان امتنع في الأوقات المضيقة لا شك أنه أحوط، إذا امتنع عن السجود في الأوقات المضيقة، وامتنع عن الصلاة ولو كانت ذات سبب في الأوقات المضيقة، والمسألة يعني لا تعدو ربع ساعة، لا تزيد على ربع ساعة في هذه الأوقات، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟ يسجد في المقبرة؟ لا، لا، لا ما يسجد، ما في المقبرة من شيء يطلق عليه صلاة إلا صلاة الجنازة، ما ورد إلا هي، حتى قراءة القرآن فيها ما فيها في المقبرة نعم.(40/25)
"والسجدة من الصلاة، فلا ينبغي لأحد أن يقرأ سجدتين في تينك الساعتين" قال الباجي: "وهذا كما قال؛ لأن سجود التلاوة لما كانت صلاة وجب أن يكون لها وقت كسائر الصلوات" أقول: وقياس منع القراءة في هذين الوقتين منع دخول المسجد فيهما لا لذات القراءة ولا لذات الدخول، وإنما لما يطلبه الدخول، ولما تطلبه القراءة، لما يطلبه الدخول من صلاة، وما تطلبه القراءة من سجود، على كل حال كل على مذهبه في هذه وأنكم عندكم من تقتدون به، إن فعلتم أو تركتم.
خلونا نكمل يا الإخوان.
"سئل مالك عمن قرأ سجدة وامرأة حائض تسمع"، "سئل مالك عمن قرأ سجدة وامرأة حائض تسمع هل لها أن تسجد؟ قال مالك: "لا يسجد الرجل ولا المرأة إلا وهما طاهران"، إلا وهما طاهران، وذلك لأن سجود التلاوة صلاة عنده، فكان من شرطها الطهارة كسائر الصلوات، وحكى ابن عبد البر الإجماع على ذلك، أنها صلاة، حكى ابن عبد البر الإجماع على ذلك، لكن في البخاري: "وكان ابن عمر يسجد على غير وضوء"، وكان ابن عمر يسجد على غير وضوء، وقال ابن حجر: "لم يوافق ابن عمر على ذلك، لم يوافق ابن عمر على ذلك إلا الشعبي وأبو عبد الرحمن السلمي، رواهما ابن أبي شيبة".
وروى البيهقي بإسناد صحيح عن ابن عمر قال: "لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر، عن ابن عمر قال: لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر"، ولعل مراده هنا الطهارة من الحدث الأكبر، لكي يتفق ما روي عنه.
سم.
طالب:. . . . . . . . .
إذا خلت المسألة من دليل، وصار المسألة فيها مجرد فهم، يعني هل تدخل في نصوص الصلاة أو لا تدخل؟ فنرجح بقول الصحابي مثل ابن عمر نعم، لكن قول ابن عمر لا يرجح على قول جماهير أهل العلم، حتى نقل فيه الاتفاق، ونقل عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: "لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر" فالطهارة متعينة، إذا قلنا: إنها غير صلاة؟ افعل ما شئت، إذا قلت: ليست بصلاة افعل ما شئت، وإذا قلت: صلاة لا بد أن تتوافر جميع شروط الصلاة، نكمل يا الإخوان.(40/26)
"وسئل عن امرأة قرأت سجدة ورجل معها يسمع أعليه أن يسجد معها؟ قال مالك: ليس عليه أن يسجد معها"، ورأي الإمام مالك أن الساجد لا بد أن تتوافر فيه شروط الإمامة، القارئ لا بد أن تتوافر فيه شروط الإمامة، وهذا المعروف عند الحنابلة، أنه إذا لم يكن يصلح إمام للمستمع لا يسجد وراءه؛ لأنه كالإمام له.(40/27)
قال مالك: "ليس عليه أن يسجد معها إنما تجب -يعني تتأكد وإلا فهي سنة عنده- إنما تجب السجدة على القوم يكونون مع الرجل فيأتمون به -يعني يستمعون لقراءته، وحينئذ يأخذ حكم الإمام- فيقرأ السجدة فيسجدون معه، وليس على من سمع سجدة من إنسان يقرؤها ليس له بإمام" على من سمع يعني هل الإمام يفرق بين السامع والمستمع؟ فيأتمون به، يعني يستمعون، المستمع في حكم المؤتم، وليس على من سمع، يعني مجرد سماع، من سمع سجدة من إنسان يقرأها ليس له بإمام، يعني لا يستمع بقراءته "أن يسجد تلك السجدة"، يعني فرق بين السامع والمستمع، المستمع كأنه اعتمد واعتبر هذا القارئ إمام فيسجد معه، أما مجرد السماع، مرور الكلام على الأذن من غير قصد الاستماع هذا لا يأخذ حكم المستمع، يقول الباجي: "المرأة لا يجوز الائتمام بها فلا يصح السجود معها"، ويقول أيضاً: "إن لم يسجد القارئ، إن لم يسجد القارئ فهل يسجد المستمع؟ إن لم يسجد القارئ فهل يسجد المستمع؟ " إحنا اعتبرنا القارئ كالإمام إذاً إذا لم يسجد لا يسجد المستمع، هنا يقول: "روى ابن القاسم عن مالك يسجد المستمع، وقال مطرف وابن الماجشون: لا يسجد المستمع"، لا شك أن المسألة لها مأخذان الذي يقول: يسجد المستمع ولو لم يسجد القارئ يقول: كل منهما مأمور بالسجود، كل منهما مأمور بالسجود، فكون القارئ يقصر فيما أمر به لا يعفي المستمع، ووجه القول الثاني: أنه لا يسجد إلا إذا سجد القارئ أن القارئ بمنزلة الإمام فلا يسجد المؤتم إلا بسجود إمامه، فوجه الأول: أن سجود التلاوة يلزم القارئ والمستمع فإذا ترك القارئ ما ندب إليه فعلى المستمع أن يأتي به، يعني نظير لو الإمام ما يرفع يديه في الصلاة، ما يرفع يديه هل نقول: أنت تأتم بإمامك لا ترفع يديك؟ لا، ليس ذلك، لا يقال ذلك، ووجه الثاني: أن القارئ إمام فلا تصح مخالفته، وقال أبو حنيفة: يسجد السامع من رجل وامرأة، يسجد السامع يعني ولو لم يقصد الاستماع، سم.
شرح: باب: ما جاء في قراءة قل هو الله أحد، وتبارك الذي بيده الملك:
أحسن الله إليك:
باب: ما جاء في قراءة: قل هو الله أحد، وتبارك الذي بيده الملك:(40/28)
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة عن أبيه عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنه سمع رجلاً يقرأ: قل هو الله أحد يرددها، فلما أصبح غدا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكر ذلك له وكأن الرجل يتقآلها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن)).
وحدثني عن مالك عن عبيد الله بن عبد الرحمن عن عبيد بن حنين مولى آل زيد بن الخطاب أنه قال سمعت أبا هريرة -رضي الله عنه- يقول: "أقبلت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسمع رجلاً يقرأ: قل هو الله أحد، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((وجبت)) فسألته ماذا يا رسول الله؟ فقال: ((الجنة)) فقال أبو هريرة: "فأردت أن أذهب إليه فأبشره ثم فرقت أن يفوتني الغداء مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فآثرت الغداء مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم ذهبت إلى الرجل فوجدته قد ذهب".
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أنه أخبره أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن، وأن تبارك الذي بيده الملك تجادل عن صاحبها.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في قراءة قل هو الله أحد، وتبارك الذي بيده الملك"
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة" وهذا هو المحفوظ في اسمه، "عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة عن أبيه" هذا هو المحفوظ، وكذا هو في البخاري، وأيضاً في الموطأ، وهو مروي عن مالك من وجوه، عند الدارقطني والإسماعيلي عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة على القلب، والمحفوظ عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة "عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أنه سمع رجلاً يقرأ: قل هو الله أحد"، أنه سمع رجلاً، فالسامع من؟ أبو سعيد، السامع أبو سعيد، عن أبي سعيد أنه سمع رجلاً، فهو السامع، والذي في البخاري: أن رجلاً سمع رجلاً، عن أبي سعيد أن رجلاً سمع رجلاً.(40/29)
قال ابن حجر: "لعل السامع أبو سعيد"، لعل السامع أبو سعيد، جاء به على طريق الترجي من غير جزم، وهنا يقول: "عن أبي سعيد أنه سمع رجلاً" هذا بالجزم، لعل السامع أبو سعيد راوي الحديث؛ لأن أبا سعيد أخ لعبد الله بن أبي صعصعة، أخ للقارئ، أخ للقارئ من أمه، يقول ابن حجر: "لعل السامع أبو سعيد راوي الحديث؛ لأنه أخوه لأمه" يعني أخ للرجل الذي كان يردد قل هو الله أحد، وهو قتادة بن النعمان كما في رواية أحمد، هو أخوه لأمه، وهو أيضاً جار له، يسمع قراءته بالليل، وبذلك جزم ابن عبد البر، فكأنه أبهم نفسه، وهنا مصرح به عن أبي سعيد أنه سمع رجلاً يقرأ قل هو الله أحد يرددها، يرددها هذا القارئ، وجاء في رواية أحمد تبيين المهمل بأنه قتادة بن النعمان، يرددها لا يزيد عليها حتى أصبح، يعني في الليل كله يردد قل هو الله أحد، قل هو الله أحد، "فلما أصبح غدا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكر له ذلك" من الذي ذكر؟ الرجل المردد وإلا الذي سمعه؟ الذي سمعه وهو أبو سعيد كما عندنا، "فلما أصبح غدا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكر ذلك له وكأن الرجل -السائل أبو سعيد- يتقآلها" يعني يعتقد أنها قليلة، يعتقد أنها قليلة، "يتقآلها فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((والذي نفسي بيده)) " قسم منه -عليه الصلاة والسلام- وكثيراً ما يقسم، ويحلف من غير استحلاف على الأمور المهمة، والذي نفسه بيده، ونفس غيره بيده هو الله -جل وعلا-، وفيه إثبات اليد لله -جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته، ((إنها لتعدل ثلث القرآن)) "، ((إنها لتعدل ثلث القرآن)) من أي وجه تعدل ثلث القرآن؟ هل معنى هذا أن من قرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات يكون أجره كمن قرأ القرآن كاملاً، أو أنها من حيث المعنى؛ لأنها مشتملة على توحيد، والقرآن ثلاثة أثلاث؛ لأن فيه الأحكام والأخبار والتوحيد، الأحكام والأخبار والتوحيد، وقد اشتملت على القسم الثالث، الذي هو التوحيد، فصارت ثلثاً بهذا الاعتبار، صارت ثلثاً بهذه الاعتبار؛ لأنها مشتملة على الثلث الثالث، هل يلزم من ذلك تساوي الأثلاث أو لا يلزم؟ يعني حينما يقال: الفرائض نصف العلم، هل معنى هذا أن الفرائض في كفه وبقية العلوم(40/30)
في كلها كفة؟ أو أن العلوم لما كانت إما أن تتعلق بأمور الحياة أو بأمور الوفاة صارت نصفاً بهذا الاعتبار؟ نعم، يعني ما يلزم التساوي بين الأثلاث، وعلى هذا من قرأ قل هو الله أحد لا يحصل من الأجر على ثلث قراءة القرآن، ها يا الإخوان؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه
طالب:. . . . . . . . .
يعني الحرف بحسنة واحدة وإلا بعشر حسنات وإلا؟ الأقوال -يا الإخوان- كثيرة جداً في هذه المسألة، وفي بعضها بعد شديد، من أهل العلم من قال: إن قراءتها وترديدها الليل كله يعدل ثلث القرآن، يعني كأن هذا الشخص قرأ ثلث القرآن؛ لأنه رددها الليل كله، المدة التي رددها في هذه .. ، ترديده هذه المدة يعادل قراءة ثلث القرآن، نعم، إذاً ما لها مزية، ليس لها مزية، يعني كأن هذا اللي ردد قل هو الله أحد الليل كأنه قرأ عشرة أجزاء؛ لأن ترتيب الأجر على الحروف هل يعني هذا من غير تكرار؟ أو لو ردد جزء عشر مرات كأنه قرأ ثلث القرآن؟ يعني هل يختلف الأمر في قراءة عشرة أجزاء أو ترديد جزء عشر مرات بالنسبة لأجر الحروف، يختلف وإلا ما يختلف؟ ما يختلف الأمر يصدق عليه أنه قرأ عشرة أجزاء، قرأ مائة ألف حرف، سواءً ردد الجزء عشر مرات، أو قرأ عشرة أجزاء، هذا يقول: ترديد قل هو الله أحد في هذه المدة التي لو قرأ فيها عشرة أجزاء استوعب الوقت، هذا قول قريب وإلا بعيد؟ أما الوعد إذا جاء من ممن لا يخلف الميعاد، وحمله على أوسع ما ينبغي هو المتعين؛ لأن هذا هو المظنون بالله -جل وعلا-، فضل الله لا يحد، لكن لا يعني أن من حلف أن يقرأ القرآن يقال له: يكفي أن تقرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات، كما أنه من حلف أن يصلي خمس وخمسين سنة مثلاً ما يكفيه أن يقال: صل فرض واحد في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، لكن مع ذلك المضاعفة حاصلة، والأجر ثابت، وفضل الله لا يحد، وهي بثلث بالاعتبار الذي ذكرناه؛ لأن القرآن ثلاثة أثلاث: أحكام وأخبار وتوحيد، وهي مشتملة على التوحيد.(40/31)
منهم من حمل المثلية على تحصيل الثواب، فقال: معنى كونها ثلث القرآن أن ثواب قراءتها يحصل القارئ مثل ثواب من قرأ ثلث القرآن, وقيل: مثله بغير تضعيف، مثله بغير تضعيف، يعني من قرأ قل هو الله أحد كان بمثابة من قرأ عشرة أجزاء، وعشرة الأجزاء معروف أن ثوابها، الحرف بعشر حسنات، يعني مليون حسنة، لكن الله -جل وعلا- يضاعف لمن يشاء، فقد يضاعف لصاحب العشرة أجزاء إلى أضعاف كثيرة، لكن من قرأ قل هو الله أحد من غير مضاعفة، لكن هذا ما يدل عليه دليل، نعم هو تحكم، هي دعوى بغير دليل.
ويقول ابن عبد البر -رحمه الله تعالى-: "من لم يتأول هذا الحديث أخلص ممن أجاب فيه بالرأي" نعم، أخلص ممن أجاب فيه بالرأي، الذين يتأولون الحديث يفرون من أي شيء؟ يفرون من شيء وهو خشية أن يتكل الناس على ما جاء في ثواب هذه السورة فيترك القرآن، يقول: لماذا أجلس عشر ساعات أقرأ القرآن وأنا بإمكاني أقرأ القرآن في دقيقة، نعم، أقرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات وينتهي الإشكال، بدلاً من أجلس أقرأ القرآن عشر ساعات، سبع ساعات، ثمان ساعات، كل عاد على حسب طريقته، هم يفرون من هذا، فيخشون أن يأتي من يقول: وليش تكلف نفسك تقرأ القرآن وأنت بإمكانك في دقيقة واحدة تقرأ القرآن؟ هذا الذي يجعلهم يقولون: إن قراءة قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن من غير مضاعفة.
شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- له كتاب نفيس اسمه: (جواب أهل العلم والإيمان في بيان أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن) مطبوع أكثر من مرة، وهو كتاب نفيس، والحديث فيه دليل على فضل هذه السورة، دليل على فضل هذه السورة، جاء الترغيب في قراءتها عشر مرات، ثوابه؟
نعم ((بنى الله له بيتاً في الجنة))، ((من قرأ قل هو الله أحد عشر مرات بنى الله له بيتاً في الجنة))، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، أقل أحواله أنه حسن، لا مصحح، مصحح، صححه الشيخ، الألباني صححه.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هو مصحح، أقل أحواله أنه حسن.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟ إيه لا من قرأ، هكذا ((من قرأ قل هو الله أحد عشراً بنى الله له بيتاً في الجنة)).(40/32)
مثل هذه الأمور أنت اعمل ولا تحصي، اعمل ولا تحصي، اترك الإحصاء لله -جل وعلا-، لكن من باب الترغيب في هذه السورة نعم يؤتى بمثل هذه النصوص، والترغيب في قراءة القرآن ((من قرأ حرفاً كان له .. ، كتب الله له عشر حسنات))، ((ولا أقول: آلم حرف .. )) بعد ذلك هل الحرف قد مر بنا، هل المراد به حرف المبنى أو حرف المعنى؟ المسألة خلافية بين أهل العلم، واللائق بفضل الله -جل وعلا- أن المراد به حرف المبنى، ليحوز قارئ القرآن على أكثر من ثلاثة ملايين حسنة، والله يضاعف لمن يشاء، وجاء في المسند أن الله -جل وعلا- يضاعف لبعض عباده، إلى ألفي ألف حسنة، مليونين حسنة، لكن الحديث ضعيف، الحديث ضعيف، وفضل الله لا يحد، إذا كان آخر أهل الجنة دخولاً الجنة، آخرهم أدناهم وما فيهم دني، نعم، من يقال له: تمنَ، يكفيك ملك أعظم ملك في الدنيا؟ فيقول: أي ربي، يكفيه، فيقال: لك مثله وعشرة أمثاله، عشرة أضعاف.(40/33)
"مولى آل زيد بن الخطاب" أخي عمر -رضي الله عنه- "أنه قال: سمعت أبا هريرة يقول: "أقبلت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسمع رجلاً يقرأ قل هو الله أحد" يعني السورة بتمامها، "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((وجبت)) فسألته ماذا يا رسول الله؟ يعني ماذا أردت بقولك: ((وجبت))؟ "فقال: ((الجنة))، فقال أبو هريرة: "فأردت أن أذهب إليه فأبشره" بهذه البشارة العظيمة، "ثم فرقت –خفت- أن يفوتني الغداء مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فآثرت الغداء" زعم ابن وضاح أن المراد بالغداء صلاة الغداة، كأنه ينزه أبا هريرة من أن يؤثر الغداء على بشارة أخيه بما يسره، كأنه يربأ بأبي هريرة من إيثار الغداء الذي هو الطعام على بشارة أخيه بما يسره، يقول: "فآثرت الغداء" لكن لا يعرف في كلام العرب إطلاق الغداء على صلاة الغداة، وإنما الغداء هو ما يؤكل بالغداة، وكان أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- قد لزم النبي -صلى الله عليه وسلم- على شبع بطنه، على شبع بطنه، لكن هذا مما يمدح به أو يذم؟ مما يمدح به، مما يمدح به -رضي الله عنه وأرضاه-، حيث تفرغ، تفرغ من كل شيء من أمور الدنيا، إلا ما يقيم صلبه، تفرغ للآخرة، تفرغ لحمل الدين والعلم، حافظ الأمة على الإطلاق، والذي يجد في نفسه شيء من هذا الرجل بعد دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن يحببه الله إلى الناس ويحبب الناس إليه، هذا على خطر، وثبت أن شخصاً في مجلس قدح في أبي هريرة فنزلت حية من السقف فلسعته فمات، فمات، -رضي الله عنه وأرضاه-، هذه قصة ثابتة ما فيها إشكال، يرويها الثقات فهي ثابتة، معروفة عند أهل العلم، وتذكر في مناقبه، لزم النبي -عليه الصلاة والسلام- على شبع بطنه فقط، يكفيه ما يقيم صلبه، لم ينشغل بحطام الدنيا وجمعها، وقد ذكر عن نفسه هذا، وأما إخوانه من الأنصار وإخوانه من المهاجرين انشغلوا بأمور الدنيا، ألهاهم الشغل في أعمالهم من الحرث والصفق في الأسواق، أما هو -رضي الله عنه وأرضاه- تفرغ لحفظ الدين؛ لأنه لو فاته الغداء، احتاج، احتاج إلى أحد أمرين: إما أن ينشغل بطلبه فيفوته ما يفوته من العلم، أو يتكفف الناس ويسأل، فآثر هذا، والله المستعان، يقول: "فآثرت الغداء مع(40/34)
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم ذهبت إلى الرجل فوجدته قد ذهب".
هذا الرجل أجره لن يضيع، أجره لن يضيع، والخيرة فيما اختار الله، وما يدريك لعله لو بشره لاتكل، نعم، وهذا لا يتعين تبليغه، مثل هذا لا يتعين، نعم، هو آثره على كل حال إما لأنه غداء مع الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وهذا هو الأصل؛ لأنه إن فاته هذا فلا بد من طلبه، لا يمكن أن يستغني عن الغداء، لا بد من طلبه، فإما أن يتكفف الناس ويسأل، وهذا لا شك أنه جاء ذمه، أو ينشغل بطلبه من وجوهه فيحتاج إلى أن ينشغل عن حمل الدين والعلم.
والحديث مخرج عند الترمذي، وفي المسند والنسائي والحاكم وهو صحيح، الحديث صحيح.
هذا فضل قل هو الله أحد، جاء في فضل إذا زلزلت وأنها نصف القرآن، والكافرون تعدل ربع القرآن، هذا عند الترمذي والحاكم من حديث ابن عباس لكنه ضعيف، وأخرج الترمذي وابن أبي شيبة من طريق سلمة بن وردان عن أنس: أن الكافرون والنصر تعدل كل منهما ربع القرآن، وإذا زلزلت كذلك، وهو أيضاً ضعيف.
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف -الزهري المدني- أنه أخبره أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن"، وهذا تقدم مرفوعاً، "وأن تبارك الذي بيده الملك تجادل عن صاحبها" أي قراءتها تدفع غضب الرب، وتجيب عن السؤال، تجادل {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا} [(111) سورة النحل].
وعند الترمذي وغيره جاء وصفها بأنها المانعة والمنجية، تنجي من عذاب القبر، حديث أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له، وهي سورة تبارك الذي بيده الملك)) وهو حديث صحيح، المقصود أن قل هو الله أحد قراءتها في كل ليلة جاء أنها تنجي صاحبها من عذاب القبر، قراءة تبارك الذي بيده الملك من غير تسمية هذا لا إشكال فيه، من غير تسمية، وأنها سورة آياتها ثلاثون هذا صحيح جزماً، والتسمية بأنها سورة الملك جاءت أيضاً بطرق يشد بعضها بعضاً، وهل في القرآن سورة ثلاثون آية غيرها؟
طالب:. . . . . . . . .
ثلاثين؟ السجدة؟ نعم، على كل حال ورد تعيينها بأنها سورة الملك، أنها سورة الملك بطرق يشد بعضها بعضاً، ونعم؟(40/35)
طالب:. . . . . . . . .
ما شاء الله، من حفظ حجة على من لم يحفظ، الحافظ حجة، فعلى المسلم لا سيما طالب العلم أن يحرص على ما جاء الترغيب فيه، فيحرص على سورة الإخلاص، يحرص على سورة الملك، يحرص على الزهراوين، يحرص على الفاتحة، يحرص على آية الكرسي، يحرص على المعوذتين، يحرص على أواخر البقرة، كل ما جاء الحث عليه، ويحرص على القرآن كله، يحرص على القرآن كله، كل حرف عشر حسنات، من يحصل على مثل هذه الأجور بأيسر الأسباب؟! يعني بالإمكان أن يقرأ الإنسان بعد صلاة الصبح إلى أن ترتفع الشمس أكثر من أربعة أجزاء على الراحة، وبهذا يكون قد قرأ القرآن في سبع، والله المستعان.
هذا يقول: هناك قصة معاصرة ذكرها أحد العلماء عن أبي هريرة حيث هناك يقول: هناك رجل يطعن في أبي هريرة معاصر، ويكثر من ذلك، وألف في ذلك، وقد نصح، ولكن لم يجدِ ذلك، ثم سافر إلى بلده أحد طلبة العلم لينصحه فدخل عليه في بيته، فإذا هو في النزع الأخير، وقد اسود وجهه وهو يصح آه أبو هريرة، آه أبو هريرة، ثم مات على هذه الخاتمة، نسأل الله حسن الخاتمة.
فالأمر ليس بالسهل؛ لأن الطعن في أبي هريرة لا لذات أبي هريرة، لا تجدون من يطعن في أبيض بن حمال اللي ما له إلا حديث واحد، ما تجدون أبداً، المقلون من الصحابة لا أحد يطعن فيهم من المبتدعة؛ لأن المبتدعة إذا طعنوا في أبي هريرة ارتاحوا من جل السنة، أكثر السنة خلاص انتهوا منها، إذا جاءت عن طريق هذا الرجل وهو رجل مطعون فيه غير ملزمة، فالطعن في أبي هريرة لا لذات أبي هريرة، وإنما لما يحمله أبو هريرة من علم، حافظ الأمة على الإطلاق، لا يوجد في الصحابة من يقاربه ولا يدانيه، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(40/36)
الموطأ - كتاب القرآن (4)
شرح: باب: ما جاء في ذكر الله -تبارك وتعالى-، وباب: ما جاء في الدعاء.
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، سم.
شرح: باب: ما جاء في ذكر الله -تبارك وتعالى-:
أحسن الله إليك:
باب: ما جاء في ذكر الله -تبارك وتعالى-:
حدثني يحيى عن مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأتِ أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك)).
وحدثني عن مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)).
وحدثني عن مالك عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: "من سبح دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وكبر ثلاثاً وثلاثين، وحمد ثلاثاً وثلاثين، وختم المائة بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر".
وحدثني عن مالك عن عمارة بن صياد عن سعيد بن المسيب أنه سمعه يقول في الباقيات الصالحات: "إنها قول العبد: الله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله".
وحدثني عن مالك عن زياد بن أبي زياد أنه قال: قال أبو الدرداء -رضي الله تعالى عنه-: "ألا أخبركم بخير أعمالكم وأرفعها في درجاتكم، وأزكاها عند مليككم، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ " قالوا: بلى، قال: "ذكر الله تعالى".(41/1)
قال زياد بن أبي زياد: وقال أبو عبد الرحمن معاذ بن جبل -رضي الله عنه-: "ما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله".
وحدثني مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر عن علي بن يحيى الزرقي عن أبيه عن رفاعة بن رافع -رضي الله عنه- أنه قال: "كنا يوماً نصلي وراء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما رفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأسه من الركعة، وقال: ((سمع الله لمن حمده)) قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، فلما انصرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من المتكلم آنفاً؟ )) فقال الرجل: أنا يا رسول الله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبهن أولاً)).
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب ما جاء في ذكر الله -تبارك وتعالى-"
وما تقدم في القرآن الذي هو أعظم الأذكار، ثم أردفه بالذكر الأعم، والذكر يشمل القرآن وغير القرآن، فالقرآن من أعظم الأذكار، وأخص الأذكار، وأفضل الأذكار، وجاء وصفه، تفضيله على سائل الكلام، وأن فضله على سائل الكلام كفضل الله على خلقه.
هو الكتاب الذي من قام يقرأه ... كأنما خاطب الرحمن بالكلمِ
ويكفيه أنه كلام الله، فعلى طالب العلم أن يكون ديدنه النظر في كلام الله -جل وعلا-، وذكرنا مراراً مع الأسف الشديد أن كثير من طلاب العلم وإن حفظوا القرآن فقد هجروه، لا يكون لهم ورد يومي من تلاوة ونظر وتدبر وعلم وعمل، على الطريقة التي ذكرت سابقاً عن الصحابة وسلف هذه الأمة وخيارها.
"باب: ما جاء في ذكر الله تبارك تعالى"(41/2)
الذكر شأنه عظيم، {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ} [(35) سورة الأحزاب] ((سبق المفردون)) جاء في فضله نصوص كثيرة جداً، وهو من أسهل الأعمال وأيسرها، بالإمكان والإنسان جالس قائم قاعد {يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [(191) سورة آل عمران] لا يكلف شيء، ولو عود المسلم نفسه على أن يكون لسانه رطباً بذكر الله -جل وعلا- ما دب اليأس إلى قلبه، ولا حزن، ولا لحقه هم ولا نصب؛ لأنه يحزن على إيش؟ إن فاته شيء من أمر الدنيا فالباقيات الصالحات خير من الدنيا كلها، وإن جلس ينتظر -ومن أشق الأمور على النفس الانتظار- لكن إذا كان يذكر الله وهو ينتظر لا يضيره أن يتأخر صاحبه ساعة أو أكثر أو أقل، بل إذا جرب الذكر وأنس بالله -جل وعلا- يتمنى أن صاحبه لا يحضر، يتمنى أن يتأخر صاحبه، وفي الذكر أكثر من مائة فائدة، أكثر من مائة فائدة ذكرها العلامة ابن القيم في الوابل الصيب، ومن أهمها يقول: أنه يطرد الشيطان، ويقمعه، ويكسره، ومنها: أنه يرضي الرحمن -عز وجل-، ومنها: أنه يزيل الهم والغم عن القلب، ومنها: أنه يجلب للقلب الفرح والسرور ومنها: أنه يقوي القلب والبدن، ومنها: أنه ينور الوجه والقلب، ويجلب الرزق، ويكسو الذاكر المهابة والنضرة، ومنها: أنه يورث المحبة التي هي روح الإسلام، وقطب رحى الدين، ومدار السعادة والنجاة، ومنها: أنه يورث المراقبة، الذي ديدنه ذكر الله -جل وعلا-، ولسانه دائماً رطب بذكر الله -جل وعلا-، لا شك أن الذي بعثه على ذلك مراقبة الله -جل وعلا-، فالإكثار من ذكر الله -جل وعلا- يورث المراقبة، فيدخل الإنسان في مرتبة الإحسان، إلى غير ذلك مما ذكره ابن القيم -رحمه الله تعالى-.
الذكر: الذكر باللسان فقط يترتب عليه ما وعد به من قال كذا فله كذا، يترتب عليه هذا، لكن إذا صحب الذكر باللسان حضور القلب والتدبر والعمل بما يقتضيه هذه الأذكار فأمر .. ، قدر زائد لا يعرف قدره إلا الله -جل وعلا-، ولذا جاء فيه ما يأتي من الفضل العظيم، يعني: "أفضل من أن تلقوا عدوكم" على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى- قريباً.(41/3)
نعم من أعظم الفوائد -كما نبه الشيخ-: ((من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه)) يعني لو أن واحداً منا -وهذا يوجد على كافة المستويات- لو أن الملك مثلاً أو أمير جالس مع أحد من أهل العلم أو كذا، وقال: فلان ماذا فعل؟ وفلان .. ، ثم يخبر فلان بأن الملك ذكره، ما ينام تلك الليلة، ما يجيه النوم، قطعاً ما ينام، هذا شيء شاهدناه، ومن الذي ذكره؟ مخلوق لا يقدم ولا يؤخر، لا يقدم ولا يؤخر، لكن إذا ذكره الله -جل وعلا-: ((من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي))، والله المستعان، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لا بد من أن يكون كلام، ذكر، في نفسه هذا تأمل، هذا ذكر قلب، ذكر قلبي، وهو محمول على أنه مع حركة اللسان، لكن من غير حضور أحد؛ لأن التأمل القلبي تفكر هذا ما هو بذكر.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن سمي -مصغر- مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)) " وهذا القدر في الصحيحين، وجاء في بعض الروايات: ((يحيي ويميت)) وفي رواية: ((بيده الخير)) لن في الغالب أن المائة ما فيها هذه الزيادات، هذه الزيادات أكثر ما تأتي في العشر مرات، نعم، ((له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)) لا إله إلا الله: لا معبود بحق إلا الله، وحده: حال، حال، يعني حال كونه هاه؟ يجوز أن يكون الحال معرفة؟ لا بد أن يؤول بنكرة فنقول: إيش؟ نعم.
والحال إن عُرف لفظاً فاعتقد ... تنكيره معنىً كـ (وحدك اجتهد)
يعني: منفرداً.(41/4)
((وحده لا شريك له)) وهذا أيضاً حال، ((له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)) هذه أحوال، ((في يوم مائة مرة)) في يوم مائة مرة، وفي رواية: ((إذا أصبح))، ويدل لهذه الرواية قوله في آخر الحديث: ((كانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي)) فدل على أنها تقال في الصباح، وجاء في بعض الروايات نعم: ((من قالها حين يمسي كان له مثل ذلك)) فعلى هذا الأولى أن يحافظ عليها في الصباح والمساء، وبالتجربة تقال في عشر دقائق، تقال في عشر دقائق ما تزيد، ((في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب)) يقول الفراء: "العدل بالفتح ما عدل الشيء من غير جنسه"، العدل ما عدل الشيء من غير جنسه، "وبالكسر المثل"، عشر رقاب، في العشر قال: ((كأنما أعتق أربعة من ولد إسماعيل))، وعتق ولد إسماعيل له مزية، ((وكتب له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأتِ أحد بأفضل مما جاء به)) قد يقول: كتب له مائة حسنة، يقول: أقرأ آية واحدة من القرآن أكثر من هذه الحسنات إن كان القصد مائة حسنة، نعم، نقول: يا أخي تنوع العبادات والأذكار منها مطلب شرعي، اقرأ القرآن وقل مثل هذا، ومن أين لك عتق عشر رقاب؟ قد يقول قائل: أقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير" عشر مرات يصير لي أربعة من ولد إسماعيل، شو بانتظر عشر؟ وأقولها ثانية أربع، وثالثة وعاشرة يصير لي أربعين، أكثر من عشر رقاب، نقول: قل هذا الذكر وذاك الذكر، والثالث، والرابع، والعاشر، وخل، واترك لسانك رطب بذكر الله -جل وعلا-، لكن الشيطان يخذل ويسول، إذا فتحنا باب الحسابات مع الرب -جل وعلا- ما عملنا شيء، ما عملنا شيء، يعني من منا يحافظ على أذكار النوم وهي تبلغ نحو الأربعين كما قال ابن القيم؟ تجد الإنسان ما عنده مانع يجعل الراديو عند رأسه ويسمع الأخبار، ويسمع أمور وتحليلات إلى أن يغشاه النوم خفيف على النفس هذا، لكن أذكار النوم من يأتي بها كاملة، وإن كان ابن القيم ذكر أنها نحو الأربعين، وما بينها، تصل إلى الأربعين وإلا ما تصل؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .(41/5)
ابن القيم في طريق الهجرتين قال: وهي نحو أربعين، أذكار النوم، ترى ابن القيم -رحمه الله- من أهل الاطلاع الواسع، وأما أنا فقد سألت الشيخ ابن باز قلت: تصل إلى الأربعين؟ قال: ولا نصفها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه هذا على حسب اطلاعنا، لكن من مثل ابن القيم في اطلاعه -رحمه الله-.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن ابن القيم -رحمه الله- هل يظن به أن يقرأ الأذكار العامة، ويخصص لها وقت النوم؟ يعني يتعبد بكونه يقال في هذا الوقت؟ يعني جاءت أذكار رتب عليها فضل عظيم، فبدلاً من أن يتركها حسب التيسير ومتى ما فرغ؛ لأن ترتيب الأذكار في أوقات معينة تعين على ذكرها وتذكرها، لكن لزوم الوقت الذي لم يحدد في الشرع عند أهل العلم ابتداع، نعم، يعني جعل هذا الذكر في هذا الوقت، وإن كان الباعث عليه أنه لا ينسى في عرف أهل العلم ابتداع.
يقول: من أراد تكرار هذه الأذكار أكثر من مرة، وهو يحسبها هل يدخل فيه ما قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "لا تعدوا حسناتكم عدوا سيئاتكم" مع أن الأذكار التي فيها تعداد وردت كثيرة، وهل للمسلم إذا كانت هناك أذكار لم يرد فيها تعداداً ألا يجعل له منها عدد يومي؟
على كل حال حال السلف في هذا الباب وظفوا أمور في أوقات، وعدوا أعداد، وفدوا أنفسهم بأعداد، كان أبو هريرة -رضي الله عنه- يسبح في كل يوم اثنا عشر ألف تسبيحة، يعني في مقابل ديته من الدراهم، نعم؟ بس لا يتعبد الإنسان بهذا العدد المعين.
((من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتب له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان)) وفي رواية: ((وحفظ يومه حتى يمسي، ومن قال ذلك حين يمسي كان له مثل ذلك)).(41/6)
إيش معنى حفظ؟ يعني مثل قوله: ((من صلى الصبح في جماعة كان في ذمة الله)) نعم، وهل يعني هذا أنه ما تجري عليه الأقدار؟ ما يموت؟ يصدم ويموت، يطلع من المسجد ويقول الأذكار هذه، نعم، ما يمكن هذا؟ هذه أسباب قد تترتب عليها آثارها وقد تتخلف، نعم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- من أشد الناس حرص على مثل هذه الأذكار، ومع ذلكم لما جاءه يومه رحل -عليه الصلاة والسلام-، وهناك أذكار جاءت للحفظ، لحفظ الإنسان، ولا يمنع أن ينسى هذا الذكر إذا أراد الله إنفاذ شيء من قضائه، كما جاء في الحفظ من الجذام، نعم يحدث به الراوي، من هو؟
طالب:. . . . . . . . .
وهو مجذوم، نعم، المقصود أنا نسيت، لكن حدث به وهو مجذوم فقيل له، قال: نسيت أن أقوله في ذلك اليوم، ما أدري والله نسيته، نسيته نسيته أنا، ((حتى يمسي، ولم يأتِ أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك))، ((إلا أحد عمل أكثر من ذلك)) وفيه جواز الزيادة على هذه العدة، يعني الأعداد المحددة في الشرع إما أن يلزم العدة الواردة شرعاً بحيث لا تجوز الزيادة عليها، وإما أن تكون مطلقة يأتي بالعدة المحددة ويزيد عليها، وهنا ما يدل على جواز الزيادة، والأفضل أن تكون المائة متوالية، الأفضل أن تكون المائة متوالية، وظاهر الحديث يدل على أن من جاء بها في اليوم متوالياً أو مفرقاً المقصود أنه في يومه يأتي بمائة مرة من هذا الذكر العظيم، متوالياً أو مفرقاً في مجلس أو في مجالس، في أول النهار أو في آخره، لكن الأفضل أن تكون متوالية في أول النهار ليتم الحفظ في النهار كله، وإذا قالها في أول الليل حفظ في ليله كله على ما تقدم.(41/7)
"وحدثني عن مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)) " ((من قال: سبحان الله)) سبحان: منصوب واقع موقع المصدر لفعل محذوف تقديره: سبحت الله سبحاناً، كسبحت الله تسبيحاً، ((سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة)) ومعنى التسبيح: تنزيه الله -جل وعلا- عما لا يليق به من كل نقص، فيلزم منه نفي الشريك والصاحب والولد وجميع الرذائل، فالله -جل وعلا- ينزه ويسبح عن هذه كلها.
((في يوم مائة مرة)) تدرون كم تستوعب من الوقت؟ سبحان الله وبحمده مائة مرة، في دقيقة ونصف ما تزيد، وخفيف اللسان يقولها في دقيقة، لكن لا تزيد على دقيقة ونصف، وكثير من الإخوان طلاب العلم لا يخطر لهم هذا الأمر على بال، وهذا حرمان شديد.
وقد يقول قائل: سبحان الله وبحمده مائة مرة في دقيقة ونصف حطت عنه خطاياه ولو مثل زبد البحر، وين قواعد أهل العلم الذين يقولون: من علامات الخبر الموضوع ترتيب الأجر العظيم على العمل اليسير؟ هذا لا أحد كلام فيه، في الصحيحين، في البخاري ومسلم، هل يمكن أن يقول أحد فيه شيء؟ لا يمكن، هذا في الصحيحين، والقاعة التي يقولونها حينما يوجد حديث لا إسناد له، أو يوجد في كتاب غير .. ، في غير دواوين المعتبرة المشهورة عند أهل العلم، فيحكم عليه حكماً مبدئياً بهذا.
((حطت عنه خطاياه)) والمقصود بذلك الصغائر، وإن كان على .. ، جرياً على القاعدة، وهي أن الكبائر لا بد لها من توبة، ((وإن كانت مثل زبد البحر)) في الكثرة والعظمة مثل زبد البحر، وهو ما يعلو عند هيجانه وتموجه.(41/8)
زاد في رواية سهيل بن أبي صالح عن سمي عن أبي صالح: ((من قال حين يمسي وحين يصبح)) يعني فعلى هذا، هذه الأذكار التي على طالب العلم، وعلى المسلم عموماً أن يلتزمها، مثلما تقدم: "لا إله إلا الله ... -إلى آخره- مائة مرة"، و"سبحان الله وبحمده مائة مرة"، والاستغفار مائة مرة، كما حفظ عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقل هو الله أحد عشر مرات، والصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- عشر مرات، يعني لو جعلها المسلم مع ورده في الصباح والمساء ليس بكثير هذا.
طالب:. . . . . . . . .
إيه إيه، لكن الحفظ ما يبدأ إلا من ذكرها، الذي قبله ما في ذكر، ما في حفظ، هذا لا ينعطف، ما هو مثل صيام النفل.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما يكفي، من قالها حفظ، من لم يقلها لا يحصل له ذلك.
((مثل زبد البحر)) مبالغة في الكثرة، ومثل هذا، ومقتضى هذا يشعر بأفضلية التسبيح على .. ، على إيش؟ على التهليل؛ لأن هناك: "من قال: لا إله إلا الله ... -إلى آخره- مائة مرة كتب له مائة حسنة، وحط عنه مائة خطيئة" هنا "حطت خطاياه كلها، وإن كانت مثل زبد البحر" فهذا يشعر بأفضلية التسبيح على التهليل؛ لأن زبد البحر أضعاف أضعاف المائة، لكن تقدم في التهليل: ((ولم يأتِ أحد بأفضل مما جاء به)) فيحتمل أن يجمع بينهما بأن يكون التهليل أفضل، وأنه بما زيد من رفع الدرجات وكتب الحسنات، ثم ما جعل مع ذلك من فضل عتق الرقاب قد يزيد على فضل التسبيح، وتكفيره جميع الخطايا، كما قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-، سم.
طالب:. . . . . . . . .
نعم والحديث في الصحيحين ليس لأحد كلام، "سبحان الله وبحمده مائة مرة" في دقيقة ونصف ((حطت عنه خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر)) وكثير من الناس مثل هذا لا يخطر له على بال، أليس هذا هو الحرمان بعينه؟ هذا هو الحرمان بعينه يا الإخوان.
((وبحمده)) الواو هذه ((سبحان الله وبحمده)) نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
متلبساً يعني حال، بعضهم يقول: حال، نعم، ومنهم من يقول: هي عاطفة، يعني: أسبح الله وألهج بحمده، نعم، تقديره: أسبح الله وألهج .. ، على كل حال المسألة معروفة عندنا.(41/9)
يقول: "وحدثني عن مالك، وحدثني عن مالك عن أبي عبيد – المذحجي - مولى سليمان بن عبد الملك – وحاجبه - عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-" موقوفاً عليه هنا في الموطأ، وهو مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- في مسلم، وهو إن كان موقوفاً هنا إلا أنه كما قال ابن عبد البر: "لا يدرك بالرأي" يعني: فهو مرفوع حكماً، "أنه قال: "من سبح دبر كل صلاة" دبر عقب، دبر كل صلاة: عقب، وأهل العلم يقررون أن الدبر قد يكون متصلاً بالشيء، وقد يكون منفصلاً عنه، قد يكون متصلاً بالشيء، وقد يكون منفصلاً عنه، ولذا يختلفون في مثل: ((اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)) هل يقال بعد السلام أو قبله؟ والذي يقرره شيخ الإسلام أن الأدعية تكون قبل السلام، لكن هذا ليس بمطرد، أولاً: الدبر يحتمل هذا وهذا، بدليل أن هذه الأذكار تقال عقب الصلاة وقد قيل فيها دبر، فليكن قوله لمعاذ: ((إني أحبك فلا تدعن أن تقول في دبر كل صلاة)) يعني عقب الصلاة كما هنا.
أيضاً من الأدعية ما يقال بعد الصلاة، نعم، ما يقال عقب الصلاة، "كان إذا انصرف من صلاته قال: ((رب قني عذابك يوم تبعث عبادك)) وقال: ((أستغفر الله، أستغفر الله)) هذا دعاء، يعني طلب المغفرة دعاء.
"من سبح دبر كل صلاة"، فإذا قال: "اللهم أعني على شكرك وذكرك" قبل السلام أو بعده سيان -إن شاء الله تعالى-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال لو نوع؛ لأن المسألة محتملة، محتملة.(41/10)
"ثلاثاً وثلاثين دبر كل صلاة" وهذا يشمل بعمومه الفريضة والنافلة، إلا أن أهل العلم حملوه على الفرض، "وكبر ثلاثاً وثلاثين" يعني قال: سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، وقال: الله أكبر ثلاثاً وثلاثين، وحمد الله قال: الحمد لله ثلاثاً وثلاثين، "وختم المائة بلا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، غفرت ذنوبه" والمراد بذلك الصغائر حملاً على النظائر، "ولو كانت مثل زبد البحر" في الكثرة والعظمة، والحديث مخرج في صحيح مسلم، ولمسلم أيضاً من حديث كعب بن عجرة، والنسائي من حديثي أبي الدرداء وابن عمر: "يكبر أربعاً وثلاثين" يعني كما جاء في النوم، نعم، في النوم يسبح ويحمد ثلاثاً وثلاثين ويكبر ثلاثاً وثلاثين تمام المائة، نعم يكبر أربعاً وثلاثين، يقول النووي: "ينبغي أن يجمع بين الروايتين بأن يكبر أربعاً وثلاثين، ويقول بعد ذلك: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير"، وعلى هذا تكون مائة وواحد، تكون مائة وواحد ما تكون مائة على كلام النووي.
وقال غيره: بل يجمع بأن يختم مرة بزيادة تكبير، ومرة بزيادة: لا إله إلا الله، والكل صحيح، وظاهر السياق: يسبح ثلاثاً وثلاثين، يكبر ثلاثاً وثلاثين، يحمد ثلاثاً وثلاثين، أن التسبيح منفصل عن التحميد، والتحميد منفصل عن التكبير، فيقول: سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله، ثلاثاً وثلاثين، وهكذا التحميد والتكبير.
وجاء في حديث: "ذهب أهل الدثور بالأجور" ما يدل على جمعها، فقال: ((تسبحون وتحمدون وتكبرون الله ثلاثاً وثلاثين)) فدل على أنه يقال: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، سبحان الله، والحمد لله .. ، وهذا جائز وهذا .. ، والأمر فيه سعة.
والتسبيح وعقد الأذكار كلها بالأنامل أفضل؛ لأنها مستنطقة، وكونها باليمين أولى لحديث جاء عند أبي داود وفيه مقال، لكن يشمله عموم: "يعجبه التيمن" نعم، نعم؟(41/11)
الصلاة الأولى، في الصلاتين المجموعتين ذكرها ذهب محله، فات محله، يعني إذا صلى المغرب والعشاء، أو الظهر والعصر جمعاً يذكر الله بعد العصر وبعد العشاء؛ لأن ذكر الظهر فات محله، وذكر العصر فات محله، نعم.
الآحاد تعد باليمنى والعشرات باليسرى، يعني عدد الأعداد قد يقول واحد: أنا لا أستطيع أن أقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، مائة بيد واحدة، نقول: إذا عددت عشر اعقد واحدة، ولا يكون هذا من الذكر بالشمال لا؛ لأن هذا عدد الأعداد ما هو بعدد الأذكار، نعم، فرق بين هذا وهذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
خلاف الأولى، خلاف الأولى؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما دخل على أم المؤمنين وهي تسبح بالحصى، ما أنكر عليها إنما أرشدها إلى الأولى، هذا إذا سلمت من مشابهة مبتدعة وأشباههم، إذا شابهت المبتدعة كرهت كراهة شديدة.
على كل حال إذا كانت الزيادة على أن ما يزيده أفضل مما لم يزده في الأعداد المحددة لا، لكن إذا كان يغلب على ظنه أنه ما استوعب العدد المطلوب وزاد حتى يبلغ العدد المطلوب لا بأس به -إن شاء الله تعالى-، لا سيما في حديث المائة؛ لأنه نص على الزيادة نعم.
((أعطيته أفضل ما أعطي السائلين)) هذا عند الترمذي بسند مقبول لا بأس به -إن شاء الله-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
"جعل الله .. " كذلك، كذلك مقبول.(41/12)
يقول: "وحدثني عن مالك عن عمارة بن عبد الله بن صياد" ابن صياد هذا الذي يقال: إنه الدجال، وكانوا يحلفون عليه، ثم تبين أنه غيره "عن سعيد بن المسيب أنه" أي عمارة "سمعه" سمع سعيداً "يقول في الباقيات الصالحات" يعني المذكورة في قوله تعالى: {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا} [(46) سورة الكهف] نعم سميت بذلك لأنه تعالى قابلها بالفانيات، الباقيات مقابلة بالفانيات الزائلات في قوله -جل وعلا-: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ} [(46) سورة الكهف] لتتم المقابلة: "إنها قول العبد ذكراً كان أو أنثى: الله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله" تلاحظون هنا تقديم التكبير، وفي بعضها تقديم التسبيح، وبعضها تقديم التحميد إلى آخره، وجاء في الخبر: ((لا يضرك بأيهن بدأت)) أحب الكلام في مسلم وغيره مرفوعاً: ((أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لا يضرك بأيهن بدأت)) وهذه هي غراس الجنة، هذه هي غراس الجنة.
أو ما سمعت بأنها القيعان ... فاغرس ما تشاء بذا الزمان الفاني
وغراسها التسبيح والتحميد ... والتكبير. . . . . . . . .
إلى آخره، المقصود أن هذه هي غراس الجنة، أقلل أو استكثر، اغرس لنفسك أو احرم نفسك، والطريق بين واضح، والله المستعان.
يقول: "وحدثني عن مالك عن زياد بن أبي زياد" ميسرة المخزومي المدني "أنه قال: قال أبو الدرداء" عويمر، ويقال: عامر بن زيد بن قيس الأنصاري: "ألا أخبركم" ألا: حرف تنبيه لتأكيد الجملة المدخولة "أخبركم"، وفي رواية: "أنبئكم"، "بخير أعمالكم" يعني أفضل الأعمال، "وأرفعها في درجاتكم" ومنازلكم في الجنة، "وأزكاها" أنماها وأطهرها، "عند مليككم، وخير لكم من إعطاء" يعني إنفاق "الذهب والورق" الفضة، "وخير لكم من أن تلقوا عدوكم" الكافر، "فتضربون أعناقهم"، تقتلونهم، "ويضربوا أعناقكم" يقتلونكم "قالوا: بلى" يعني: أخبرنا، "قال: "ذكر الله تعالى"، ذكر الله تعالى خير من هذه الأمور كلها، خير من إنفاق الذهب والورق، وخير من الجهاد في سبيل الله الذكر.(41/13)
"قال زياد بن أبي زياد: وقال أبو عبد الرحمن معاذ بن جبل: "ما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله تعالى من ذكر الله -جل وعلا-".
لأن الذكر يدل على أن الإنسان مستحضر مراقب لربه، بخلاف الغافل واللاهي الذي لا يخطر له الذكر على بال، مثل هذا محروم.
يقول: "وحدثني مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر عن علي بن يحيى -بن خلاد بن رافع الزرقي- عن أبيه" يحيى بن خلاد بن رافع عن جده، عن عمه، أو إيش؟ إيش يصير؟ رفاعة بن رافع، يحيى بن خلاد بن رافع، نعم، نعم، "عن رفاعة بن رافع أنه قال: "كنا يوماً" يعني من الأيام "نصلي وراء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" صلاة المغرب "فلما رفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأسه من الركعة، وقال: ((سمع الله لمن حمده)) " يعني شرع في الرفع "وقال: ((سمع الله لمن حمده)) قال رجل وراءه" هو رفاعة نفسه: "ربنا ولك الحمد، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه" حمداً: منصوب بفعل مضمر دل عليه لك الحمد، كثيراً طيباً يعني: خالصاً لوجه الله -عز وجل-، مباركاً فيه: كثير الخير فيه، زاد النسائي: "كما يحب ربنا ويرضى"، "فلما انصرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم - -من صلاته- قال: ((من المتكلم آنفاً؟ )) " يعني قريباً، "فقال الرجل: أنا يا رسول الله"، "فقال الرجل: أنا يا رسول الله، وما أريد بذلك إلا الخير" يرجو بذلك الثواب، "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لقد رأيت بضعة)) " البضع: من ثلاثة إلى تسعة، ((بضعة وثلاثين ملكاً)) يعني بعدد حروفها، حروفها ثلاثة وثلاثين حرف، ((بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها)) يسارعون، يتسارعون في كتابتها، ((أيهم يكتبها أول)) أولُ أو أولاً؟ أولُ: بالضم على البناء، بقطعه عن الإضافة مع نية المضاف إليه، وأولاً: منصوب على الحال، فمثل هذا الذكر ينبغي أن يحافظ عليه الإنسان، والله المستعان.
شرح: باب: ما جاء في الدعاء:
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في الدعاء:
حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لكل نبي دعوة يدعو بها فأريد أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة)).(41/14)
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو فيقول: ((اللهم فالق الإصباح، وجاعل الليل سكناً، والشمس والقمر حسباناً اقضِ عني الدين، وأغنني من الفقر، وأمتعني بسمعي وبصري وقوتي في سبيلك)).
وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يقل أحدكم إذا دعا: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم المسألة فإنه لا مكره له)).
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن أبي عبيد مولى ابن أزهر عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، فيقول: قد دعوت فلم يستجب لي)).
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن أبي عبد الله الأغر وعن أبي سلمة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ينزل ربنا -تبارك وتعالى- كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفرُ له ...
((من يستغفرني فأغفرَ له)) أحسن الله إليك.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: "كنت نائمةً إلى جنب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ففقدته من الليل فلمسته بيدي، فوضعت يدي على قدميه وهو ساجد، يقول: ((أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك)).
وحدثني عن مالك عن زياد بن أبي زياد عن طلحة بن عبيد الله بن كُرَيز ...
أحسن الله إليك: عن طلحة بن عبيد الله بن كَرِيز أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له)).(41/15)
وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي عن طاووس اليماني عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن، يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات)).
وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي عن طاووس اليماني عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل يقول: ((اللهم لك الحمد، أنت نور السموات والأرض، ولك الحمد أنت قيام السموات والأرض، ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهن، أنت الحق، وقولك الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وأخرت، وأسررت وأعلنت، أنت إلهي لا إله إلا أنت)).
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك أنه قال: جاءنا عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- في بني معاوية، وهي قرية من قرى الأنصار فقال: "هل تدرون أين صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مسجدكم هذا؟ فقلت: نعم وأشرت له إلى ناحية منه، فقال: هل تدري ما الثلاث التي دعا بهن فيه؟ فقلت: نعم، قال: فأخبرني بهن؟ فقلت: دعا بأن لا يظهر عليهم عدواً من غيرهم، ولا يهلكهم بالسنين فأعطيهما، ودعا بأن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعها، قال: صدقت، قال ابن عمر: "فلن يزال الهرج إلى يوم القيامة".
وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم أنه كان يقول: "ما من داع يدعو إلا كان بين إحدى ثلاث: إما أن يستجاب له، وإما أن يدخر له، وإما أن يكفر عنه".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في الدعاء"(41/16)
باب: ما جاء في الدعاء، جاء الأمر بالدعاء في قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [(60) سورة غافر]، فالدعاء مأمور به، وهو عبادة من أفضل العبادات، ولذا جاء: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} [(60) سورة غافر] بعد الأمر بالدعاء، فالدعاء عبادة، والدعاء كما يكون دعاء مسألة، يكون أيضاً دعاء العبادة، والعبادات في جملتها متضمنة للمسألة، متضمنة للمسألة، فما من مسلم يعبد الله -جل وعلا- بعبادة مشروعة إلا وقد تضمنت هذه العبادة طلب القبول، وطلب الثواب المرتب على هذه العبادة، فالتعبد مستلزم للدعاء، التعبد المشروع مستلزم للدعاء، ومثلما ذكرنا هو من أشرف العبادات وأجلها، فعلى المسلم أن يلهج بالدعاء، بدعاء الله -جل وعلا- أن يعينه على ذكره وشكره، وأن يثبته بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يرزقه الإخلاص في القول والعمل، إلى غير ذلك من الدعوات، ويحرص على الجوامع، والأدعية الثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ ليسلم من أن يعتدي في دعائه وهو لا يشعر، عليه أن يلح بالدعاء، وعليه أن يتحرى الأوقات الفاضلة التي هي مظنة للإجابة كالسجود، وعند الأذان، وساعة الجمعة، وفي يوم عرفة، وغير ذلك من المواطن التي جاءت النصوص على أنها تستجاب فيها الدعاء، أو يستجاب فيها الدعاء، ويحرص على دفع الموانع ودرئها، ومن أعظمها أكل الحرام، ((أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة))، ذكر الرجل يطيل السفر يمد يديه، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء يقول: يا رب يا رب، يلح ويكرر، ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له؟ استبعاد، فليحرص الإنسان على طيب المطعم ليكون مستجاب الدعوة، يجتنب الدعاء بالإثم، وقطعية الرحم، ويتخلق بالأخلاق التي يرد ذكر بعضها من خلال ما أورده المؤلف -رحمه الله تعالى- في الكتاب.(41/17)
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد" أبو الزناد عبد الله بن ذكوان "عن الأعرج" عبد الرحمن بن هرمز "عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لكل نبي دعوة)) " لكل نبي دعوة مستجابة، دعوة مستجابة، كما جاء في رواية أبي ذر لصحيح البخاري لكنها لا توجد لسائر الرواة، كما أنها لا توجد في شيء من نسخ الموطأ ورواياته.
"لكل نبي دعوة" الوصف بكونها مستجابة ذكر أو لم يذكر هو مقصود، وإلا فالأدعية المحفوظة عن نبينا -عليه الصلاة والسلام- وعن غيره من الأنبياء كثيرة، لا يتصور أن نبياً من الأنبياء لم يدعُ إلا بدعوة واحدة، نعم، له أدعية، إذاً هذه الدعوة من صفتها أنها مستجابة، فنص عليها أو لم ينص الأمر واضح ومعروف.
له دعوة مستجابة يدعو بها، مفهومه، مفهوم تخصيص الإجابة بدعوة واحدة أن ما عداها من الدعوات نعم، مردود أو على الرجاء كغيرهم؟ نعم على الرجاء، لا شك أن هذا ظاهر الحديث مستشكل، استشكل ظاهر الحديث بما وقع لكثير من الأنبياء من الدعوات المجابة، النبي -عليه الصلاة والسلام- أجيب له أكثر من دعوة وغيره، مما وقع لكثير من الأنبياء من الدعوات المجابة لا سيما نبينا -عليه الصلاة والسلام-، وظاهره أن لكل نبي دعوة واحدة مستجابة والبقية مردودة، لكن الاحتمال الثاني: أنها على الرجاء، والجواب: أن المراد بالإجابة في الدعوة المذكورة القطع بها، دعوة واحدة مقطوع بإجابتها، مقطوع بإجابتها، وما عدا ذلك من دعواتهم -عليهم الصلاة والسلام- فهو على رجاء الإجابة كغيرهم، وقيل: لكل واحد منهم –من الأنبياء- دعوة عامة مستجابة، يعني تعم الأمة كلها، وليس المراد بذلك الدعوات الخاصة، نعم، هذا أرجح.
ماذا عن .. ؟، يعني لو دعا على أمته بالهلاك كما فعل بعض الأنبياء، نوح مثلاً دعا على عمومهم على من لم يجب دعوته بالغرق، فأغرقوا، لماذا لم يستغل الأنبياء هذه الدعوة المستجابة بهداية جميع الأتباع؟ مو قلنا: أنها دعوة عامة للأمة كلها بحيث لو دعا عليهم بالهلاك أهلكوا؟ نعم، وبعض الإخوان يقول: إن هذا القول هو الراجح، لماذا لم يدع بأن يهدي الله جميع الأتباع؟ جميع الأمة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .(41/18)
لماذا؟ هذا ينافي السنة الإلهية، ينافي السنة الإلهية من وجود الصراع بين الحق والباطل إلى قيام الساعة.
أما الدعوات الخاصة فمنها ما يستجاب، ومنها ما لا يستجاب، وفي الحديث الصحيح الذي سيأتي أن النبي -عليه الصلاة والسلام- دعا بثلاثة أشياء، نعم فأجيب في اثنتين، ((دعوت ربي ثلاثاً)) ((أو سألت ربي ثلاثاً فأعطاني اثنتين، ومنعني واحدة)) وسيأتي هذا الحديث، ولا شك أن الحديث يجعل الأنبياء في غير هذه الدعوة كغيرهم على الرجاء، لكن الناس في إجابة دعواتهم على حسب ما في قلوبهم من إيمان، وبما في أعمالهم من إتباع، وهم أكمل الناس في هذا الباب، فهم أرجى من ترجى إجابة دعوته، يعني لا يقال: إنهم مثل غيرهم بالسوية، لا، هم على الرجاء بلا شك، لكن رجاؤهم أقوى من رجاء غيرهم؛ لأنهم أكمل الناس في كل باب من أبواب الدين، كما أن أتقى الناس نعم، أرجى من غيره، وهكذا.
((يدعو بها)) فتعجل كل نبي دعوته لقومه أو عليهم، ((فأريد)) " وفي رواية البخاري: ((إن شاء الله))، ((أن أختبئ دعوتي)) المستجابة، ((شفاعة لأمتي في الآخرة)).
((فأريد -إن شاء الله تعالى - أن أختبئ)) يعني: أن أدخر، ((دعوتي)) المستجابة، ((شفاعة لأمتي في الآخرة)).
وزاد في رواية أبي صالح: ((فهي نائلة -إن شاء الله- من مات من أمتي لا يشرك بي شيئاً)) يعني شفاعته -عليه الصلاة والسلام- لعصاة الموحدين، شفاعته -عليه الصلاة والسلام- لعصاة الموحدين ثابتة بالطريق القطعي المتواتر، ولا ينكرها إلا من ينكر إخراج أهل الكبائر من النار كالخوارج والمعتزلة، هذه الشفاعة أجمع عليها من يعتد بقوله من أئمة الإسلام وسلف الأمة.(41/19)
لا شك أن الحديث فيه كمال شفقة النبي -عليه الصلاة والسلام- على أمته، وفي الحديث أيضاً إثبات الشفاعة وهي كما قلنا: محل اتفاق ممن يعتد بقوله من علماء الأمة، ((لكل نبي دعوة مستجابة)) يعني هل من ضير أن نناقش بعض الدعوات النبوية أنها هل أجيبت أو لم تجب؟ يعني هل من سوء الأدب مع النبي -عليه الصلاة والسلام- أن نقول: إن دعوته في قوله: ((اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد)) أجيبت أو لم تجب؟ نعم؟ هل هذا من سوء الأدب مع النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ إذا عرفنا أن لكل نبي دعوة مستجابة، وما عدا ذلك من الدعوات على الرجاء، وسيأتي في حديث أنه لم يجب في دعوته الثالثة، نعم، هو دعا -عليه الصلاة والسلام-، دعا على أقوام، هل وقع فيهم ما دعا به عليهم؟ ودعا على أشخاص، ولعن أشخاص، ثم قال -عليه الصلاة والسلام-: ((اللهم اجعل دعوتي عليهم رحمة)) يعني بعد أن كانت لعنة تكون رحمة، وهذا من كمال شفقته -عليه الصلاة والسلام-، فلا يلزم من كل دعوة يدعو بها النبي -عليه الصلاة والسلام- أو غيره من الأنبياء أن تجاب، إنما المضمون دعوة بخلاف غيره، فغير الأنبياء جميع دعواتهم على الرجاء، فالمضمون للأنبياء دعوة مستجابة، وما عدا ذلك على الرجاء، وهم أولى الناس بإجابة الدعاء؛ لأنهم لا يدعون إلا مع توافر الأسباب، ومع انتفاء الموانع، فإذا توافرت الأسباب وانتفت الموانع ترتب الأثر، لكن لا يلزم من ذلك أن يجاب بنفس ما دعا به، على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى-.
"وحدثني عن مالك" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أما الشفاعة العظمى التي بواسطتها يتخلص الناس من هول الموقف هذا خاص، هذه خاصة به، له شفاعات خاصة، ولغيره أيضاً شفاعات، لكن الشفاعة لعصاة الموحدين لأمته، الشفاعة لأمته في الآخرة، هو يشفع لأهل الموقف كلهم، لكن شفاعته الخاصة بأمته نعم بإخراج العصاة نعم، ولا يبقى فيها من قال: لا إله إلا الله، -عليه الصلاة والسلام-، فهذه شفاعة من شفاعاته، وله أكثر من شفاعة.
"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد" وهنا فيه إسقاط، الأصل عن مسلم بن يسار أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو فيقول، ومسلم بن يسار تابعين فالخبر نعم مرسل.(41/20)
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما هو من النُسَخ، لا، لا، عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
طالب:. . . . . . . . .
هو لا يتصور أن يكون من يحيى بن سعيد إنما موجود في بعض الروايات.
هنا يقول: لم تختلف الرواة عن مالك في إسناد هذا الحديث ولا في متنه، وهو مرسل، فمسلم بن يسار تابعي، دل على أن النسخة التي وقف عليها ابن عبد البر فيها مسلم بن يسار، "أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو فيقول: ((اللهم فالق الإصباح)) " فالق الإصباح، اللهم: أصلها: يا الله، يا الله، حذف حرف النداء وعوض عنه بالميم المشددة، يا الله، ولذا يندر اقتران اللهم بياء، نعم، يعني نادراً يقال: يا اللهم، وجاء في شعر أمية بن أبي الصلت أو لغيره، والخلاف في ذلك معروف:
إني إذا ما حدثٌ ألما ... أقول: يا اللهم يا اللهم
وهذا نادر، بعضهم يحكم عليه بالشذوذ.
((اللهم فالق –مظهر- الإصباح)) الصبح، و ((جاعل الليل سكناً)) جاعل الليل سكناً، ((اللهم فالق الإصباح)) فالق، نعم، إعرابها؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بدل من إين؟ من لفظ الجلالة؟
منادى إيش؟
طالب. . . . . . . . .
أو بدل من الله؟ المنادى؟
طالب:. . . . . . . . .
بدل وإلا منادى؟ اللهم يعني يا الله، يا فالق الإصباح، يا جاعل الليل، أو هي بدل من لفظ الجلالة المنادى الذي محله النصب؟ نعم؟ محل لفظ الجلالة المنادى النصب، فالق الإصباح: مظهر الصبح، وجاعل الليل سكن، جاعل الليل سكناً، نعم الليل سكن، محل للنوم، جعل الليل والنهار، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، لا لا فيها لف ونشر، {وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ} [(73) سورة القصص] {لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ} [(73) سورة القصص].
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .(41/21)
قبل، قبل، الآية أولها، {جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ} [(73) سورة القصص]، الليل لتسكنوا فيه، والنهار لتبتغوا من فضله، هذا الأصل، هذا الأصل أن الليل سكن والنهار معاش، ليبتغى من فضله بطلب الرزق، لكن كثير من الناس عكس، جعل الليل هو وقت السعي، والنهار هو وقت النوم.
((وجاعل الليل سكناً، والشمس)) هاه؟ ويش عندكم الشمس ويش عليها؟ ((والشمسِ والقمرِ)) معطوف إيش؟ على الليل، والعطف على نية تكرار العامل، يعني: وجاعل الشمس والقمر ((حسباناً)) وجاعل الشمسِ والقمرِ حسباناً، أي حساباً، كما في قوله -جل وعلا-: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} [(5) سورة يونس]، يعني اتصور أنه لا فرق بين ليل ولا نهار، الصفة واحدة كلها إما شمس وإما ظلام، كيف نعرف الحساب؟ كيف نعرف ابتداء اليوم من نهايته؟ {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} [(5) سورة يونس]، بهذا نعرف، والحساب والحسبان بمعنى واحد، هذه مقدمات، فيها من الثناء ما فيها، ثم جاء طلب الحاجة، فينبغي للداعي أن يقدم بين يديه من عبارات الثناء ما يكون سبباً في قبول دعائه.
((اقضِ عني الدين)) والمراد ديون الخلق، وديون الخالق، ودين الله حق أن يقضى، ((وأغنني من الفقر)) الفقر الذي يشغل الإنسان عما خلق من أجله وهو العبادة، أو الذي يلجئه إلى تكفف الناس وسؤالهم، هذا استعاذ منه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وطلب الغنى منه، وليس المراد به الغنى الذي يطغي الإنسان ويشغله عما خلق له، ((وأمتعني بسمعي)) لما في ذلك من التنعم بسماع ما ينفع، ((وبصري)) لما فيه من رؤية ما يسر، ورؤية المخلوقات بالتدبر والاعتبار، وأيضاً للتمكن من النظر في المصحف، ورؤية كلام الله -جل وعلا- وقراءته، ((وقوتي)) واحدة القوى، ويروى: ((قوني)) من القوة، ((وقوني في سبيلك)).(41/22)
يعني: اجعلني قوياً في سبيلك، ويحتمل أن يراد به الجهاد، والاحتمال الآخر أن يراد به جميع أعمال البر، وجميع أعمال البر في سبيل الله، ومن أعظم ما يندرج في هذا طلب العلم، طالب العلم يسأل الله -جل وعلا- أن يقويه في .. ، على .. ، يقويه على تحمل المشقة في طلب العلم، ((وقوني في سبيلك)) لكن إذا أطلق السبيل فالمراد به الجهاد، لو أوصى أو وقف إنسان شيئاً وجعل غلته في سبيل الله، ينصرف انصرافاً أولياً إلى الجهاد في سبيل الله، لكن إذا لم يوجد نظر، نظر في الوجوه الأخرى من أعمال البر التي يمكن أن يطلق عليها في سبيل الله، نعم.
أما في آية مصارف الزكاة فالمراد بها الجهاد، {وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [(60) سورة التوبة]، المراد به الجهاد، وفي مثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)) محتمل، ولذا جاء به البخاري في كتاب الجهاد، فكأنه يميل إلى أن المراد في سبيل الله هنا الجهاد، والذي يرجحه كثير من أهل العلم أن في سبيل الله يراد به ابتغاء وجه الله -جل وعلا-، فمن صام يوماً يبتغي بذلك وجه الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
جاء الخبر بذلك، والنظر إلى الكعبة، والنظر إلى الوالد، لكن الخبر فيه ضعف، الخبر ضعيف، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
الحساب، الحساب مبني على الرؤية هذا، الحسبان نحسب الليالي والأيام بدءاً من رؤية الهلال في أوله، ثم نحسب ما بعده.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يجزئ، ما يجزئ.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
أما بالنسبة للعبادات فهي مبنية على الرؤية، ((صوموا لرؤيته، أفطروا لرؤيته)) هذا ما يدخله حساب ولا شيء، أما حسابات الناس، نعم وحلول آجالهم وديونهم هذا أمر سهل يعني لو زاد يوم ونقص يوم ما هو بمشكلة، لو مشوا على التقويم ما يلامون نعم لكونه أضبط لأمورهم؛ ولأن ترائي الهلال إنما يطلب من أجل العبادات، لا إشكال في كون الدين يحل يوم الخميس أو الجمعة بناء على أن الشهر تام أو ناقص، أما العبادات فهي مربوطة برؤية الهلال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(41/23)
على كل حال أمور العبادات كلها مبنية على الرؤية، مبنية على الرؤية.
ثم قال -رحمه الله-: "وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج" عبد الرحمن بن هرمز، وأبي الزناد اسمه إيش؟ عبد الله بن ذكوان، "عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يقل أحدكم)) " والنهي الأصل فيه التحريم، وحمله النووي على الكراهة، وابن حجر قال: هو أولى، نعم، ((إذا دعا اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم المسألة فإنه لا مكره له)) ما الذي صرف هذا النهي من التحريم إلى الكراهة عند النووي وعند ابن حجر؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم ما جاء من بعض الأدعية: ((طهور إن شاء الله)) ((ذهب الظمأ وثبت الأجر -إن شاء الله-)) جاء في بعض الأدعية التعليق بالمشيئة، لكن هذا صارف عند بعض أهل العلم، ومنهم من يقول: يبقى النهي هنا على التحريم، وأنه إذا جاء الدعاء بلفظ الأمر لا يجوز أن يقترن بالمشيئة، إذا جاء الدعاء بلفظ الأمر لا يجوز أن يقترن بالمشيئة، أما إذا جاء بلفظ الخبر، الدعاء جاء بلفظ الخبر جاز اقترانه بالمشيئة، ولذا لم يرد دعاء مقرون بالمشيئة لفظه لفظ الأمر، إنما جاء ما لفظه لفظ الخبر، ((طهور إن شاء الله)) لكن ما تقول: اللهم طهره إن شاء الله، ما تجي، ثبت الأجر إن شاء الله، ما تقول: اللهم ثبت أجري إن شاء الله، ما تجي، تدخل في النهي.
((اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ليعزم .. )) أي يجتهد ويلح من غير استثناء في المسألة التي هي الدعاء، ((فإنه -يعني الله -جل وعلا- لا مكره له))، ((اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت)) زاد في رواية همام عن أبي هريرة عند البخاري: ((اللهم ارزقني إن شئت)) المقصود أن كل دعاء بلفظ الأمر لا يجوز أن يقرن بالمشيئة، الأصل في النهي التحريم، فلا يجوز أن يقول: اللهم اغفر لي إن شئت، هذا حرام، لكن إذا جاء بلفظ الخبر لا بأس، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه ما في شي؛ لأنه بلفظ الخبر، لكن ما تقول: اللهم وفقه إن شئت، بلفظ الأمر ما يجوز، الفرق أن هذا بلفظ الخبر جاءت النصوص بجوازه، وهذا بلفظ الأمر جاءت النصوص بمنعه.(41/24)
يقول ابن عيينة: "لا يمنعن أحداً الدعاء، لا يمنعن أحداً الدعاء ما يعلم من نفسه من التقصير" لأن بعض الناس يمتنع من الدعاء لأنه يعرف أنه مقصر في حق الله -جل وعلا-، فلا ينبغي أن يمتنع بسبب تقصيره، نعم على الإنسان أن يتواضع وأن يكون خائفاً وجلاً من ذنبه وتقصيره، وأن يكون أيضاً خائفاً من عدم قبول عمله وإن كان صالحاً، ومع هذا الخوف يوسع الرجاء في الله -جل وعلا-، ويحسن الظن بربه، يحسن الظن بربه ولا يصل به الحد إلى أن يقنط وييأس؛ لأن القنوط من رحمة الله لا يجوز، واليأس من روح الله لا يجوز حرام، بل يحسن الظن بربه -جل وعلا-.
شخص يتعبد سبعين سنة، سبعين سنة في العبادة ويقول: إنه لا يسأل الله الجنة، يخجل أن يسال الله الجنة وهذه عبادته، بل يكتفي أن يستعيذ به من النار، هذا موجود، لا يسأل الجنة، يخجل؛ لأن عمله لا يناسب، ولا يكفي، وعلى أسلوب العوام لا يواجه أن يطلب به الجنة، يقول: يكفيه أن يستعيذ بالله من النار، لا شك أن هذا استحضار لعظمة الله -جل وعلا-، لكنه من وجه آخر فيه زيادة في الخوف، وفيه شيء من اليأس، لكن مع ذلك على الإنسان أن يسأل الله الجنة، ويستعيذ به من النار.
يقول ابن عيينة: "لا يمنعن أحداً الدعاء ما يعلم من نفسه من التقصير، فإن الله -جل وعلا- قد أجاب دعاء شر خلقه -وهو إبليس- حين قال: رب أنظرني إلى يوم يبعثون"، أجاب الله دعائه، فعلى الإنسان أن يسعى في إصلاح عمله، وأن يجتنب ما نهي عنه، ويصدق ويلح في الدعاء، ويتوسط في أمره، لا يزيد جانب الرجاء بحيث يأمن من مكر الله، ولا يزيد جانب الخوف بحيث ييأس ويقنط من رحمة الله.(41/25)
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن أبي عبيد" سعد بن عبيد "مولى" عبد الرحمن "بن أزهر" الزهري "عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يستجاب لأحدكم ما لم يعجل)) " ((يستجاب لأحدكم ما لم يعجل)) يعجل أو يتعجل في الإجابة والاستجابة، يتعجل يسأل مرة، مرتين، ثلاث، عشر، مائة يقول: خلاص، إما أن يظن نفسه أنه ليس بأهل أن تستجاب دعوته، أو يرى أنه أهل للإجابة، ولكن الله -جل وعلا- منعه من هذا الحق، هذا ما يقتضيه الاستعجال، إما أن يستحسر، ويرى أن .. ، ييأس ويقنط وأنه ليس بأهل لأن تجاب دعوته؛ لأنه دعا، دعا، دعا ما في فائدة، على حد زعمه، هو ما يدري المسكين أنه إذا وفق للدعاء فأمر الإجابة أسهل، لكن على الإنسان مع تحسينه الظن بربه -جل وعلا- أن يسعى جاهداً في درء الموانع.
((فيقول: قد دعوت فلم يستجب لي)) قال ابن بطال: "المعنى أنه يسأم فيترك الدعاء فيكون كالمان بدعائه، فيكون كالمان بدعائه أو أنه أتى من الدعاء يعني جاء بشيء من الدعاء ما يستحق به الإجابة، فيصير كالمبخل للرب الكريم الذي لا تعجزه الإجابة، ولا ينقصه العطاء".
وفي الحديث أدب من آداب الدعاء، أدب من آداب الدعاء وهو أنه يلازم الطلب، يلازم الطلب ولا ييأس من الإجابة، لما في ذلك من الانقياد والاستسلام وإظهار الافتقار، حتى قال بعض السلف: "لأنا أشد خشية أن أحرم الدعاء من أن أحرم الإجابة"، فالإنسان إذا وفق للدعاء لا شك أن الذي وفقه للدعاء يوفقه للإجابة، لكن لا يلزم أن يجاب بنفس ما دعا على ما سيأتي.
وقد جاء ما يدل على أن دعوة المؤمن لا ترد، فإما أن تستجاب بعينها، أو تدخر له في القيامة، أو يدفع عنه من الشر ما هو أعظم منها، سم.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه سواءً كان بلسان حاله أو مقاله، نعم، إذا كان الباعث له على الترك كونه دعا، دعا دعا، ثم دعا ثم دعا، ثم ترك ولو لم يلفظ به.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ليس هذا من الاستعجال، الاستعجال لو قال: اللهم عجل، مرتين، ثلاث، عشر، مائة، ثم ترك قال: دعوت بالاستعجال فلم يستجب لي، نعم.
طالب:. . . . . . . . .(41/26)
الأمر بتعجيل الدعوة ليس تعجلاً .. ، تعجل الاستجابة، ولذا جاء في دعاء الاستسقاء: ((عاجلاً غير آجل)) هذا ما يضر هذا؛ لأن الحاجة كما تكون داعية للمدعو به تكون داعية لتعجيله.
لا يرد القضاء إلا الدعاء، لا شك أن القضاء والدعاء يعتلجان، نعم، فقد يكون في الدعاء من القوة ما يرد القضاء، وقد يكون في القضاء ما يرد من القوة، أو في الدعاء من الضعف ووجود المانع ما لا يمحى به القضاء.
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن أبي عبد الله -سلمان- الأغر" الجهني مولاهم "وعن أبي سلمة -بن عبد الرحمن بن عوف- عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ينزل ربنا)) وفي رواية في البخاري: ((يتنزل ربنا)) ((ينزل ربنا -تبارك وتعالى- كل ليلة إلى السماء الدنيا)) وهذا حديث النزول الإلهي، الحديث العظيم المتفق عليه، الثابت لدى الأمة ثبوتاً قطعياً.(41/27)
((ينزل ربنا -تبارك وتعالى- كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر)) حين يبقى ثلث الليل الآخر، الحديث حديث عظيم، شرحه شيخ الإسلام في مجلد أسماه: (شرح حديث النزول)، والنزول الإلهي على ما يعتقده أهل السنة والجماعة من أئمة الإسلام وسلف الأمة ثابت حق على ما يليق بجلاله وعظمته، على ما يليق بجلاله وعظمته، نثبت، ونعتقد أن له معنى، وأنه ليس مجرد خبر عاري عن المعنى، أما كيفيته فالله أعلم بها، علينا أن نؤمن بما بلغنا، وليس علينا أن نبحث عما وراء ذلك، فأمره كغيره من الصفات، المعاني معلومة، والكيف مجهول، أورد إشكالات حول الحديث، لكن نقول ما قاله علماء الإسلام: "قدم الإسلام لا تثبت إلا على قنطرة التسليم"، فإذا نزل هل يخلو منه العرش أو لا يخلو؟ هذه مسألة معروفة عند أهل العلم، والذي رجحه شيخ الإسلام أنه يحصل النزول ولا يخلو العرش، هذا له نصوص، وذاك له نصوص، وأيضاً ما يورده بعضهم من أن التقييد بثلث الليل على اختلاف المسافات قد يكون ثلث الليل الآخر هو الثلث الثاني عند قوم، والثلث الأول عند آخرين، فيكون كل الوقت، كل الليل ثلث، المقصود أن هذه إشكالات أجاب عنها شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-، وعلينا إذا سمعنا مثل هذا الخبر أن نقول: سمعنا وأطعنا، وإذا كان في المخلوقات ما لا نستطيع درك حقيقته وكنهه فكيف بالخالق الذي لا تدركه الأفهام ولا تبلغه الأوهام -جل وعلا-؟!
الشمس تدور في فلكها أربعة وعشرين ساعة، وجاء في الحديث الصحيح أنها تذهب فتسجد تحت العرش، ماذا نقول عن هذا الخبر؟ الخبر صحيح، نقول: سمعنا وأطعنا، ليس لنا كلام مع الخبر إذا صح.
أمور الشهادة، الأشياء المشهودة التي يمكن أن ندركها نناقش متونها، لكن الأمور الغيبية إذا صحت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ليس لنا أن نناقش متونها.(41/28)
ابن بطوطة في رحلته يقول: إنه مر بدمشق، ورأى شخصاً على منبر الجامع الأموي يتحدث عن النزول الإلهي، ثم وصفه بأنه كثير العلم قليل العقل، وقال: إن الله ينزل في ثلث الليل الأخير كنزولي هذا، فنزل من المنبر، ويقصد بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، وهذه فرية، الشيخ -رحمه الله- في الوقت الذي دخل فيه ابن بطوطة دمشق في السجن، شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-، لكن من أراد أن يثبت النزول، وأنه حقيقي فنزل من الدرج، وقال: إن الله ينزل نزولاً حقيقياً كما أن نزولي هذا حقيقي، يعني كما لو قرأ {وَكَانَ اللهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [(134) سورة النساء]، فوضع يده .. ، إصبعه على بصره، والأخرى على أذنه لإثبات أن هذا حقيقة وليس بمجاز، كما أن العين الباصرة عند المخلوق حقيقية فكذلك العين عند الخالق -جل وعلا- حقيقية، ولا يظن بذلك أنه يشبه؛ لأن مثل هذا وارد، فوضع إصبعه على عينه وسمعه وبصره، على بصره وسمعه.
على كل حال إذا كان المراد به إثبات أن ما ثبت عن الله -جل وعلا- حقيقة، كما أن هذا النزول حقيقة، وأن هذا البصر حقيقة، وأن هذا السمع حقيقة فلا يقتضي التشبيه، لا يقتضي التشبيه إلا أنهما يجتمعان في كون كل منهما حقيقة، أما أن يكون السمع مثل السمع، سمع الخالق مثل سمع المخلوق، وبصر الخالق مثل بصر المخلوق، ونزول الخالق كنزول المخلوق فلا، وعلى كل حال ما ذكره ابن بطوطة عن شيخ الإسلام فرية، وهو مجرب بذلك، ورحلته على ما فيها من أعاجيب إلا أن فيها جميع ما يذكر من مخالفات في توحيد الإلوهية، فمن أراد أن يدرس كتاب التوحيد ومسائل توحيد الإلوهية ويريد بأمثلة للمخالفات في هذه الأبواب فليقرأ رحلة ابن بطوطة، فيه دعاء صريح للأشخاص، وفيه ادعاء علم الغيب من قبل الأشخاص، وفيه أمور من الشرك الأكبر والأصغر الشيء الكثير.
طالب:. . . . . . . . .
تمثيل إيش؟(41/29)
على كل حال إذا كان قصده أن ما نسب أو ما جاء عن الله وعن رسوله مما يتعلق بالله -جل وعلا- من أسماء وصفات إذا كان المقصود به إثبات أن هذا الكلام حقيقة لا مجاز فله أصل، وينبغي أن يقتصر فيه على ما ورد، يتقصر فيه على ما ورد،؛ لأن الذهن نعم قد يفهم من المتصرف أو من .. نعم أنه يريد التشبيه أو التمثيل، فيقتصر من ذلك على ما ورد.
طالب:. . . . . . . . .
إيه نعم نعم، وضع السماوات على أصبع، والأرضين على أصبع، يعني الأمر .. ، أمر الخالق عظيم -تبارك وتعالى-.
فهذا الحديث حديث عظيم، شرحه شيخ الإسلام في كتاب مستقل، كتاب نفيس لا يستغني عن قراءته طالب علم، بين فيه مذهب السلف والأئمة في إثبات النزل لله -جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته، فعلينا الإيمان والتسليم لما جاء عن الله وعن رسوله، وكما قال أهل العلم: قدم الإسلام لا تثبت إلا على قنطرة التسليم.
وأوّلَه، أوّلَ الحديث كثير من المتأخرين، نعم؛ لأنهم توهموا فيه التشبيه، فالتعطيل مرحلة تالية للتشبيه، لكن الحق هو التنزيه مع الإثبات، مع اعتقاد ما جاء عن الله وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام-، ولا شك أن تأويل النزول أو غير النزول، ينزل أمره، ينزل ملك بأمره -جل وعلا-، كله حيد عن الصواب، عن مذهب السلف، وسلف هذه الأمة وأئمتها، وكل خير في اتباع من سلف.
((ينزل ربنا -تبارك وتعالى- كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر)) يعني في وقت التهجد، ولذا يفضل أن يقوم الإنسان يتهجد في الثلث الأخير من الليل؛ لأنه هو وقت النزول الإلهي، وإن قام من نصفه ونام السدس الأخير أدرك من الثلث ما أدرك.
((فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له)).
وهذه الأفعال الثلاثة منصوبة بأن المضمرة بعد فاء السببية المسبوقة بالاستفهام، المسبوقة بالاستفهام.(41/30)
ابن عبد البر -رحمه الله تعالى- وهو معروف بصفاء عقيدته على مذهب السلف، رد على من تأول النزول بنزول أمره -جل وعلا-، رده بأن أمره ورحمته تنزل في الليل والنهار، في كل وقت، نعم نزول الأمر والمَلَك والرحمة في كل وقت، لا يختص هذا بالثلث الأخير من الليل، فهذا مما رد به الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البر على من تأول حديث نزول أمره.
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد -الأنصاري- عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن عائشة أم المؤمنين قالت: "كنت نائمةً إلى جنب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ففقدته" ففقدته "من الليل"، انتبهت في ليلتها في نوبتها، فلم تجده بجوارها، "فلمسته"، يعني طلبته والتمسته وبحثت عنه "بيدي" تبحث عنه بيدها، تقول: "فوضعت يدي على قدميه" يدي على قدميه، يد واحد على القدمين، يستدل بهذا من يقول: بأن السنة إلصاق القدمين حال السجود، إلصاق القدمين حال السجود؛ لأنه لا تقع اليد الواحدة على القدمين معاً إلا إذا كانتا ملصقتين، وفي المسألة حديث عند ابن خزيمة، وعلى كل حال الذي يخالف في هذا يقول: إن الأصل في الصلاة حال السجود المجافاة، وهذا منها، لكن الإلصاق أرجح، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
الإلصاق.(41/31)
"وهو ساجد" وضعت، في رواية: "وقعت يدي على قدميه وهو ساجد"، وفي هذا أن الملموس لا ينتقض وضوؤه، الملموس لا ينتقض وضوؤه، "وهو ساجد –حال- يقول في دعائه -حال سجوده-: ((اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك، لا أحصي ثناء عليك)) " يعني هذا ترقٍ من الأفعال .. ، من الصفات الفعلية إلى منشئ هذه الأفعال وهو الله -جل وعلا-، الرضا له مقابل الذي هو إيش؟ السخط، والمعافاة لها مقابل التي هي العقوبة، لكن ((وبك)) لا مقابلة لله -جل وعلا-، وإنما قال: ((بك منك)) جعله هو المقابل لنفسه إذا لا مقابل له، ((لا أحصي ثناءً عليك)) لا أحصي ثناء عليك: أي لا أبلغ الواجب من الثناء عليك لعجزي عن ذلك، ((أنت كما أثنيت على نفسك)) يعني الثناء عليك الذي يبلغ الواجب في الثناء كما أثنى الله على نفسه، إذا المخلوق عاجز عن أن يثني على الله -جل وعلا- كما ينبغي، وأن يشكره على جميع نعمه فهو متصف بالعجز، لكن إذا اعترف بعجزه رجي له ما تمناه، هذا مبالغة في الانكسار، مبالغة في انكسار الإنسان بين يدي ربه، يفوض الأمر إلى الله -جل وعلا-، وأنه عالم ما في نفسه، لكن هذه مبالغة بعدم القدرة في بيان العجز وإظهاره، هذه مبالغة، والإنسان إذا بالغ في بيان عجزه، وبالغ في بيان عظمة ربه، وعظم نعمه التي لا يستطيع أن يكافئها، وعظم شأنه الذي لا يستطيع أن يبلغ به ما يؤدي بعض حقه، الله -جل وعلا- إذا علم من العبد الصدق في مثل هذا الكلام لا شك أن له وقع عنده، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يقول: أنا عاجز، ومع ذلك يثني، هو يثني، لكن يقول مثل هذا إظهاراً لعجزه مع ما أثنى به عليه، نعم، مع ما أثنى به عليه، وهو عاجز عن الشكر مع أنه يلهج بالشكر، يقول: أنا أشكر لكن على قدر استطاعتي، أما ما يليق بالله -جل وعلا-، ويقابل نعمه التي لا تعد ولا تحصى أنا عاجز عنها، يدعو ويقول هذا الكلام أيضاً، هذا مطلق، مطلق.
يقول: ما معنى حديث -هذا فيه أكثر من سؤال- ((من شغله ذكر عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين))؟(41/32)
لا شك أن الذكر وهو دعاء العبادة هو نوع من الدعاء، ودعاء المسألة أيضاً دعاؤه في الوقت نفسه عبادة، لكن الذكر عند أهل العلم أفضل من الدعاء، فإذا ترك المفضول وانشغل بالفاضل فيعطى ما يؤمله -إن شاء الله تعالى-، لكن يبقى أن الذكر والدعاء وهما من أفضل العبادات، والصلاة عبادة، والصوم عبادة، ينبغي أن تنوع، فتنوع العبادات من مقاصد الشرع، فيذكر أحياناً، ويدعو أحياناً، ويصلي أحياناً، ويصوم أحياناً، وهكذا، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(41/33)
الموطأ - كتاب القرآن (5)
شرح: باب العمل في الدعاء
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا في حديث: ((من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له -إلى آخره- مائة مرة)) ثم قال: ((ولم يأتِ أحد بأفضل -نعم- مما جاء به إلا أحد -نعم- إلا أحد عمل أكثر من ذلك)).
هذا يقول: لماذا لا يكون المقصود بالزيادة في الحديث أن يقولها مائة مرة، ثم يكررها مائة أخرى فيذكرها مائة؟
يعني يكرر المئات، يزيد في المئات، لا يزيد على المئات، نعم.
يقول: لماذا لا يكون المقصود يقولها مائة مرة، ثم يقولها مائة مرة أخرى وهكذا؟
أما إذا زاد على الحد المشروع بأن قالها مائة مرة ومرة، أو مائة وثلاث مرات كان هذا في الممنوع، على كل حال عموم الحديث يشمل هذا وهذا، من قالها مائة وثلاث مرات، مائة وعشر مرات، مائة وخمسين مرة يصدق عليه أنه عمل أكثر من ذلك فيدخل في الحديث، كما أن من قالها مائتي مرة ثلاثمائة مرة، خمسمائة مرة يصدق عليه ذلك، يصدق عليه ذلك، نكمل ما قرئ بالأمس.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وحدثني عن مالك عن زياد بن أبي زياد -ميسرة المخزومي- عن طلحة بن عبيد الله بن كريز –الخزاعي- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أفضل الدعاء)) يوم عرفة، أفضل دعاء يوم عرفة، ((أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة))، أفضل: مبتدأ، الدعاء: مضاف إليه، دعاء: خبره، يوم عرفة: مضاف إليه، ((أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة)) هذا يحتمل أن يكون الدعاء الفاضل منوط باليوم، فعلى هذا يشمل الحاج وغير الحاج.(42/1)
أقول: تفضيل الدعاء في هذا اليوم يحتمل أن يكون منوطاً باليوم، فيشمل الحاج وغير الحاج، ويحتمل أن يراد به الحاج، فيكون المراد دعاءٌ في يوم عرفة، أو دعاءُ يوم في عرفة، إذا أردنا أن نقول: إنه خاص بالحاج، والحديث يحتمل الأمرين، لفظه يحتمل أن يكون أفضل الدعاء الدعاء الذي يقال في يوم عرفة، سواءً كان القائل في عرفة أو في الأمصار لكنه في هذا اليوم، فإذا كان الدعاء منوطاً ومعلقاً باليوم شمل الحاج وغير الحاج، وإذا كان الدعاء منوطاً بالمكان الذي هو عرفة اقتصر فيه على الحاج.
ولا شك أن الحاج له مزية، الحاج له مزية على غيره، والله -جل وعلا- ينزل عشية عرفة ويضاهي ويباهي بالحاج، ((أتوني شعثاً غبراً)) ثم يقول: ((أخبركم أني قد غفرت لكم)) لا شك أن الحاج له مزية، وهذا اليوم أيضاً له مزية، فصيامه يكفر سنتين، إذاً غير الحاج يناله من بركة هذا اليوم من فضله ما يكتب له، ((أفضل يوم طلعت عليه الشمس يوم عرفة)) هذا غير منظور فيه إلى الحج وإلى الحاج، إنما هذا يشمل الجميع، فينبغي أن يستغل هذا اليوم بالعبادة والذكر والدعاء، ولذا استحب جمع من أهل العلم التعريف بالأمصار، إيش معنى التعريف بالأمصار؟ نعم، هذه الكلمة استغلها من استغلها بأن يلبس أهل الأمصار الإحرام، ويلزموا المساجد تشبهاً بمن وقف بعرفة، لكن لا شك أن هذا بدعة، لبس الإحرام لغير النسك بدعة، أما إن كان المقصود بالتعريف بالأمصار وهو المأثور عن بعض السلف لزوم المساجد تشبهاً بالحجاج، واغتناماً لفضل هذا اليوم فلا بأس، هذا مأثور، مأثور عن السلف، كثير من السلف إذا صام لزم المسجد يحفظ صيامه، ولو في غير عرفة.
المقصود أن التعريف إن كان المقصود به لبس الإحرام، ولزوم المساجد هذا بدعة لغير الحاج، وإن كان المقصود به لزوم المساجد والتزام الذكر والعبادة في هذا اليوم العظيم فهذا مأثور.(42/2)
((أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له))، زاد في حديث أبي هريرة: ((له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير))، ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له))، ((أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له)) يعني هل هذه من الدعاء؟ هل هي دعاء؟ أما دعاء المسألة فلا، ليست بدعاء مسألة؛ لأن دعاء المسألة الطلب، وهذه أعظم الأذكار، كلمة التوحيد التي شهد الله بها لنفسه، وأشهد عليها أفضل خلقه هي أفضل الأذكار، نعم هي داخلة في دعاء العبادة، وهو متضمن لدعاء المسألة، واستنبط منه أهل العلم أن الثناء دعاء، ولا شك إن كان المراد بالدعاء دعاء العبادة فالثناء والذكر من أفضل العبادات، إن كان المراد به دعاء مسألة، إن كان دعاء المسألة مأخوذ من لفظه فلا، وإن كان على سبيل الالتزام نعم، فدعاء العبادة مستلزم لدعاء المسألة، وجاء في الخبر: ((من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين)) والحديث فيه كلام لأهل العلم معروف.
الآن فيه ارتباط بين المعطوف والمعطوف عليه: ((أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت)) أو هذا استئناف؟ نعم، أو كلام مستأنف؟ اللي هو الذكر أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل الأذكار ما قاله هو والنبيون من قبله -عليه الصلاة والسلام-: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فتكون الواو استئنافية، نعم، يعني نظير ما جاء في: ((حبب إليّ من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة)) منهم من يقول: إن الثالثة معطوفة على الاثنتين، وأما لفظ: ثلاث فليس بثابت، ومنهم من يقول: هذا استئناف؛ لأن الصلاة ليست من أمور الدنيا.
على كل حال الحديث يدل على فضل كلمة التوحيد، وأنها أفضل الأذكار على الإطلاق.(42/3)
يقول ابن عبد البر: "لا خلاف عن مالك في إرساله"، طلحة بن عبد الله بن كريز الخزاعي تابعي، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال، رفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو مرسل، ولذا يقول ابن عبد البر: "لا خلاف عن مالك في إرساله، ولا أحفظه بهذا الإسناد مسنداً من وجه يحتج به، وقد جاء مسنداً من حديث علي وابن عمرو، وقد جاء مسنداً من حديث علي وابن عمرو والفضائل لا تحتاج إلى من يحتج به" هذا كلام ابن عبد البر.
أما حديث -علي الذي أشار إليه- فهو مخرج عند ابن أبي شيبة، مخرج عند ابن أبي شيبة، وحديث ابن عمرو -عبد الله بن عمرو- مخرج عند الترمذي من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وأيضاً عند البيهقي في الشعب.
المقصود أنه روي عن علي موصولاً، وروي عن عبد الله بن عمرو ومن طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، والكلام في هذه السلسلة معروف لأهل العلم.
يقول ابن عبد البر: "ولا أحفظه بهذا الإسناد مسنداً من وجه يحتج به ... ، والفضائل لا تحتاج إلى من يحتج به" هذا جرياً على مذهب الجمهور بأنه يقبل في أحاديث الفضائل الضعيف، ولا يشترط أن تكون صحيحة أو حسنة، بل يحتج بالضعيف في الفضائل ويشترطون لذلك شروط منها: أن يكون الضعف غير شديد، ومنها: أن يندرج تحت أصل عام، ومنها: ألا يعتقد عند العمل به ثبوته وإنما يعتقد الاحتياط، فقول جمهور أهل العلم الاحتجاج بالضعيف في الفضائل كما هنا.
ونقل النووي في مقدمة الأربعين الاتفاق على هذا القول، ومثله ما قاله ملا علي قاري نقل الاتفاق على العمل بالحديث الضعيف في الفضائل، لكنه الاتفاق هذا منقوض لوجود الخلاف، لوجود الخلاف، والخلاف فيه قديماً وحديثاً معروف عند أهل العلم.
الفضائل هم يشترطون للأحكام ألا تنزل عن الحسن، لا تنزل عن الحسن، الأحكام، الفضائل المراد بها ما يرتب على فعله ثواب وإلا ما في ثواب؟ نعم، في ثواب وإلا ما في ثواب؟ في ثواب، ولا يعاقب على تركه، ما الفرق بين الفضائل والسنن؟ ما الفرق بين .. ؟ نعم.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . . .(42/4)
عمل جديد، طيب، أنا أقول: ما دامت الفضائل يثاب على فعلها ولا يعاقب على تركها، فما الفرق بينها وبين السنة المعروفة عند جمهور أهل العلم في الاصطلاح في حدها؟ في فرق وإلا ما في؟ نعم.
طالب:. . . . . . . . .
ثابتة، نعم، الآن من يقول بمشروعية صلاة التسبيح إيش يقول؟ يقول: سنة وإلا بدعة؟ يرتب عليها ثواب وإلا ما يرتب عليها ثواب؟ هي من الفضائل أو ليست من الفضائل؟ إذاً ما يظهر فرق.
طالب:. . . . . . . . .
ما يلزم، لا يلزم، صلاة التسابيح هذه لها وقت محدد؟ وإلا يقال: إنها من السنن عند من يقول بها؟ ليست سنة، إذاً بدعة وإلا إيش تصير؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يلزم، كل الدنيا ثبوته ظني.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا. . . . . . . . . ثبوتها، إذا قلنا: تثبت بالحديث الضعيف ما هو بظني أقل من الظن، أقل من الظن، أما بالنسبة لحدها اصطلاحاً السنة يدخل فيها الفضائل، الآن السنن الرواتب هذه، وأربع ركعات قبل العصر يستطيع أحد أن يخرجها عن تعريف السنن؟ لا يمكن، هل هي من الفضائل أو من غير الفضائل؟ من الفضائل، كونها تندرج تحت أصل عام، الغالب أن السنن أيضاً كثير منها يندرج تحت أصل عام، كثير منها يندرج تحت أصل عام، الآن الحديث الذي معنا يندرج في باب الأذكار، وقد جاء الحث على الذكر، صلاة التسابيح عند من يقول بها تندرج تحت الحث على الصلاة، قراءة القرآن وما ورد في ذلك من أحاديث ضعيفة في تخصيص بعض الصور، بعض الصور يقولون: من الفضائل وتندرج تحت الحث العام على قراءة القرآن، لكن حدها لا يختلف عن تعريف السنن، فإذا رتبنا على الفضائل ثواب، ولم نرتب على تركها عقاب إذاً هي السنن، والسنن من الأحكام اتفاقاً.
الشروط التي اشترطوها لا يمكن أن تنضبط، أوصلها بعضهم إلى عشرة شروط، ابن حجر في تبيين العجب زاد على هذه الشروط، المقصود أن هذه الشروط لا تنضبط، وكل من أراد أن يثبت أمراً ألفه بحديث ضعيف قال: من الفضائل، وإذا أراد نفيه قال: سنة ولا تثبت إلا بخبر ثابت، فمثل هذه الأمور لا تنضبط، ولذا يجنح بعضهم إلى أن السنن لا تثبت، ومنها الفضائل إلا بما تثبت به الأحكام؛ لأنها كلها شرع، والشرع متساوي الأقدام.(42/5)
جمع من أهل العلم لا يرون العمل بالضعيف مطلقاً، أبو حاتم وأبو زرعة، ومقتضى عمل البخاري ومسلم، وبه يقول ابن العربي، ويشدد فيه، أبو حاتم لا يرى العمل بالحديث الحسن، لا يرى العمل بالحسن فضلاً عن الضعيف، أبو الحسن بن القطان لا يرى العمل بالحسن لغيره أصلاً، وأنه في دائرة الإهمال كالضعيف، جاء كثير من المتأخرين فقالوا بهذا القول مثل الشوكاني والألباني وجمع من أهل العلم، المقصود أن هذه المسألة خلافية بين أهل العلم، والجمهور عرفنا مذهبهم.
شيخ الإسلام يريد أن يوجه كلام الإمام أحمد، الإمام أحمد يفرق بين الأحكام والفضائل، نعم يفرق بين الأحكام والفضائل فيحتج بالضعيف في الفضائل، وإذا جاءت الأحكام أراد رجالاً هكذا، يعني يشد بهم القول، نعم.
شيخ الإسلام يوجه كلام الإمام أحمد أن مراده بالضعيف، مراده بالضعيف الحسن، مراده بالضعيف الحسن؛ لأن أحمد .. ، الإمام أحمد من المتقدمين، ولا يعرف عنهم تقسيم الأحاديث إلى ثلاثة أقسام، إنما يقسموا الحديث إلى صحيح وغير صحيح، فيكون مراده بالضعيف ما جاء في اصطلاح الترمذي ويعبر عنه بأنه حسن في المرتبة بين المرتبتين.
إذاً الضعيف لا يدخل في كلام الإمام أحمد أصلاً على قول شيخ الإسلام، نعم، لكن ماذا يلزم عليه؟ يلزم عليه أن الإمام أحمد لا يحتج بالحسن في الأحكام، صح وإلا لا؟ لأنه يريد للأحكام هكذا ما يريد الضعيف الذي هو عند شيخ الإسلام يساوي الحسن، إذاً الإمام أحمد لا يحتج بالحسن في الأحكام، وهذا خلاف المعروف من مذهبه -رحمه الله-.
شيخ الإسلام أيضاً يدعم قوله: إن الحسن لا يعرف إطلاقه قبل الترمذي، وهو معروف عند شيوخ الترمذي ومن قبلهم، كما هو مقرر في موضعه.
المقصود أن هذا التقعيد ينبغي أن يكون على عدم الاحتجاج بالضعيف، ثم إذا وردنا أحاديث حكم أهل العلم بضعفها أو درست أسانيدها فوجدت ضعيفة، ثم دلت القرائن التي لا تنهض على تقويتها، وإنما دلت القرائن على أن أهل العلم عملوا بها من غير نكير، أو ما أشبه ذلك، أو جاء فضيلة من الفضائل في ذكر من الأذكار، وغلب على ظن الإنسان أن هذا الذكر ثابت، وإن لم يكن من حيث الصناعة فيتسامحون في مثل هذا حتى الذين يقولون: إنه لا يحتج بالضعيف.(42/6)
يبقى أننا .. ، بعض أهل العلم يتساهل جداً في التصحيح والتضعيف ثم يقول: إنه لا يحتج بالضعيف، مثل الشيخ أحمد شاكر يتساهل يتساهل جداً جداً في التصحيح والتضعيف ثم يقول هذا، هو بقي عنده ضعيف على شأن يحتج به -رحمه الله-؟! يعني يندر أن يضعف حديث، بالمقابل أناس يندر أن يصح عندهم خبر لا يوجد في الصحيحين، بعض الناس يتشددون، لكن العبرة بأهل التوسط والاعتدال، وكتب الحنابلة مشحونة بالأحاديث الضعيفة، لكن يرد على هذا أنهم يحتجون بالضعيف في الأحكام، يعني كتب الفقه مشحونة، نعم يستدلون بالضعيف على واجبات، فضلاً عن السنن والمستحبات، كتب المذاهب كلها بدون استثناء، الأئمة يقررون أن الضعيف لا يحتج به في الأحكام ومع ذلك أتباعهم يحتجون بها، يريدون احتجاجاً في الأحكام، ولا شك أن هذه غفلة منهم، غفلة عن التقعيد، نعم، هو مجرد استرواح وميل، يعني إذا لم يكن في المسألة إلا هذا الحديث فكونك تعمل بهذا الضعيف أفضل من أن تهمل المسألة أصلاً، أو تجتهد اجتهاد لا يستند إلى دليل، فالحديث ضعيف عنده أحب إليه من الرأي، وهذا مأثور أيضاً عن أبي حنيفة -رحمه الله-، ألا يعتقد عند العمل به ثبوته وإنما يعتقد الاحتياط.(42/7)
على كل حال العلم متكامل -ولله الحمد- الفقهاء يكملون صنعة أهل الحديث والعكس، والمحدثون يؤصلون المسائل الفقهية بما عندهم من نصوص، فلا يقدح لا في هذا ولا في هذا، وكلها علوم الإنسان بأمس الحاجة إليها،. . . . . . . . . نقول: إن هذا الكلام لا يفهم منه أننا نتنقص أحد أبداً، بل كل منهم -أعني الفقهاء والمحدثين- كلهم محل عناية، كلهم بذل جهده، واستفرغ وسعه لكن لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، فقيه صرف جهده ووقته للاستنباط وجهل أو غفل عما عدا ذلك لا يكلف الله .. ، يأتيه الناقد من أهل الحديث ويكمل، نعم، ولذا تجدون تخريج كتب الفقه درب مأثور عند أهل العلم، كثيراً ما يضعفون الأحاديث التي اعتمدها الفقهاء، يعني لا بد أن نفرق بين الاعتماد والاعتضاد، يعني كون الإنسان .. ، كون العالم يحشد الأدلة فيأتي بالصحيح ويردفه بالحسن ويكمل بالضعيف هذا لا يلام، نعم لا يلام؛ لأنه يشهد له ما تقدم، يعني كما قيل انتقد كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب أنه أورد فيه بعض الأحاديث الضعيفة، الشيخ محمد بن عبد الوهاب يستدل على أصل المسألة بآية من القرآن، يفتتح الباب بآية من القرآن، باب كذا وقول الله تعالى، ثم بعد ذلك يردفها بالحديث الصحيح، نعم، الذي يشمل المسألة بعمومه، ثم بعد ذلك إذا جاءه حديث يستفاد منه التعين والتخصيص ولو كان فيه مغمز لبعض أهل العلم.
فمسألة حشد الأدلة غير الاعتماد على الضعيف؛ لأن هذه الأحاديث إنما يؤتى بها للاعتضاد، للاعتضاد، ظاهر صنيعه أنه لا يحتج بها، يعني ما يؤخذ من كونه أورد وأسند أنه يعمل به، لكن لما اشترط الصحة وفى في الصحيح، على كل حال هذا من التنوع، دعاء العبادة مطلوب، ودعاء المسألة مطلوب، {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم} [(60) سورة غافر] وهذا يشمل الأمرين، نعم، فتستغل الأوقات الفاضلة بأنواع العبادات، بأنواع العبادات، من حيث التقعيد لا يعمل به مطلقاً، لا يعمل به مطلقاً، لكن كل مسألة بخصوصها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو الكلام في الفضائل، في الجميع ما يقبل إطلاقاً، لكن ما يشد في المسألة بحيث يهمل القول الآخر، وهو قول عامة أهل العلم، أئمة كبار من .. ، نعم.(42/8)
يقول: "وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي -محمد بن مسلم بن تدرس- عن طاووس -بن كيسان- اليماني عن عبد الله بن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعلمهم هذا الدعاء، كما يعلمهم السورة من القرآن "، يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن، التشبيه في حفظ حروفه؛ لأن القرآن حفظه إنما يكون بحفظ حروفه، يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم)) من عذاب جهنم، يعني من عذاب يكون في نار جهنم، ((وأعوذ بك)) معنى أعوذ، اللهم: أصلها يا الله، إني أعوذ بك يعني: أعتصم وألتجئ بك يا رب من عذاب العقوبة التي تكون في نار جهنم، ((وأعوذ بك)) وأعتصم وألتجئ إليك ((من عذاب يكون في القبر)) وأكثر ما يكون العذاب في القبر سببه: المشي بين الناس بالنميمة، وعدم الاستنزاه والاستبراء من البول، ((وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال)) فتنة ابتلاء وامتحان واختبار، المسيح الدجال: المسيح بالتخفيف وبالحاء المهملة منهم من شددها مسِّيح، ومنهم من أعجم الحاء فقال: مسيخ، وعلى كل حال الرواية المحفوظة: المسيح بالتخفيف والحاء، الدجال: سمي بذلك لأنه ممسوح العين اليمنى، وأما بالنسبة للمسيح عيسى بن مريم فهذا مسيح هداية، وأما بالنسبة للدجال فهو مسيح ضلالة، والمسيح ابن مريم سمي بذلك لأنه إذا مسح ذا العاهة برئ، وقيل: لأنه مسح الأرض، وقيل: لأنه ممسوح القدم، لا أخمص له، على كل حال الفرق بينهما ظاهر، المسيح اسم وإلا وصف وإلا لقب؟ لقب، الاسم: عيسى، اسمه: عيسى، نعم، والمسيح؟ وصف؟ لقب؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب، هو من حيث الاصطلاح لقب لكن جاء اسمه، اسمه المسيح ابن مريم، فهو اسم وإلا وصف؟ نعم يا إخوان؟
طالب: وصف.
نعم.
طالب:. . . . . . . . .
أسماء الله -جل وعلا-، نعم، قد يكون اللفظ في أصله وصف، في أصله وصف، ثم يتداول فيصير اسم، مثل: "الرحمن الرحيم" نعم.(42/9)
((وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا)) ما يعرض للإنسان في حياته مما يصرفه عن دينه، ((والممات)) ما يعرض للإنسان عند موته، وقيل: فتنته في قبره، وقد جاء الأمر بالاستعاذة من هذه الأربع، فعند مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً: ((إذا فرغ أحدكم من التشهد فليتعوذ بالله من أربع)) وفي رواية: ((فليستعذ)) فالأمر بها دل على وجوبها؛ لأن الأصل في الأمر الوجوب، وأوجبها طاووس –الراوي- وأمر ابنه بإعادة الصلاة لما ترك الاستعاذة من هذه الأربع كما في صحيح مسلم، والجمهور على أنها مستحبة وليست بواجبة، وليست بواجبة، قد يقول: جاء الأمر بها، قد يقول قائل: جاء الأمر بها ((فليستعذ بالله)) اللام لام الأمر، "فليتعوذ" اللام لام الأمر، نعم، النبي -عليه الصلاة والسلام- ما علمها المسيء، وأكثر من وصف صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يذكرها، فيقولون: هذه صوارف لهذا الأمر من الوجوب إلى الاستحباب، أبو الزبير المكي معروف تدليسه، مدلس وقد عنعن، رواه عن طاووس بالعنعنة.
وهذا يقول: ما تقولون في من قال: هذا من عنعنة أبي الزبير والقول الراجح في تدليسه؟
هو مدلس، لكن تدليسه في الصحيح، في صحيح مسلم محمول على الاتصال؛ لأن عنعنات المدلسين في الصحيحين محمول عند أهل العلم على الاتصال، والحديث مما خرجه مسلم، الحديث مخرج في مسلم، فلا كلام لأحد، بعد هذا يقول: "وحدثني عن مالك".
طالب:. . . . . . . . .
يعني حرصاً على لفظه.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، قد يعلمه السورة من القرآن كما يعلمهم السورة من القرآن على سبيل الاستحباب، وقد يعلمهم السورة، وقد علمهم السور من القرآن على سبيل الاستحباب، يعني المشبه به ليس بواجب، تعليم السور من القرآن واجب؟
طالب: لا، ليس بواجب.
إذاً المشبه به ليس بواجب، المقصود أن وجه الشبه هو المحافظة على حروفه كما يتعلم القرآن.(42/10)
"وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي -محمد بن مسلم الذي سبق- عن طاووس -بن كيسان- اليماني عن عبد الله بن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل، كان إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل يقول" يقول: خبر كان ((اللهم لك الحمد)) يعني بعدما يكبر تكبيرة الإحرام يقول: ((اللهم لك الحمد، أنت نور السموات والأرض)) أنت نور السموات والأرض، وجاء في آية سورة النور، {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ} [(35) سورة النور] .. إلى آخره، فالله نور، و ((حجابه النور)) وفي رواية: ((النار))، {أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ} [(8) سورة النمل] ما معنى الآية؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟ كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
{وَمَنْ حَوْلَهَا} [(8) سورة النمل] لكن الآن نريد من في النار، الله -جل وعلا- حجابه النور لو كشفه نعم، وفي رواية: ((النار)) على كل حال راجعوا لها كتب التفسير، هذه فيها إشكال كبير عند أهل العلم يراجع لها كتب التفسير، يعني الاسترسال فيها يخرجنا عن موضوعنا.(42/11)
((اللهم أنت نور السماوات والأرض ولك الحمد، ولك الحمد أنت قيام السموات والأرض)) قيام وقيوم بمعنى واحد، والمراد به من يقوم بحفظهما، ((ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهن)) ومن فيهن (من) هذه للعقلاء، فغلب العقلاء على غيرهم، ((أنت الحق)) الإله المعبود بالحق -بحق- فأنت حق وقولك حق ((أنت الحق وقولك الحق)) تعريف جزئي الجملة ((أنت الحق، وقولك الحق، ووعدك الحق)) يدل على إيش؟ تعريف جزئي الجملة يفيد الحصر، ((أنت الحق)) يعني لا غيرك، ((قولك الحق)) لا غيره، ((ووعدك الحق)) لا سواه، بل وعد لا يدخله خلف البتة، إنك لا تخلف الميعاد، ((ولقاؤك -الذي هو البعث- حق)) لا مرية فيه ولا شك، والإيمان بالبعث ركن من أركان الإيمان بالله -جل علا-، ((والجنة حق، والنار حق)) الجنة وجودها ونعيمها حق، والنار وجودها وعذابها حق، لا شك فيه ولا امتراء، هذا مما يجب أن يعتقده المسلم، وجود الجنة والنار لا خلاف فيه بين أهل السنة، وأنكر المعتزلة والجهمية وجودهما في الدنيا قبل الآخرة، لا حاجة لهما في نظرهم، في نظرهم، وجودهما في الدنيا عبث عندهم، لكن الذي عليه أهل السنة من أئمة الإسلام وسلف هذه الأمة كلهم على أن النار .. ، الجنة والنار موجودتان، مخلوقتان، يقول -جل وعلا- في حق فرعون وأهله: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} [(46) سورة غافر] متى هذا؟ في الدنيا لأنه قال بعد ذلك: "ويوم القيامة أدخلوا".
طالب:. . . . . . . . .
ويوم تقوم الساعة، نعم، {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [(46) سورة غافر] نسأل الله العافية، نعم، فهذا دليل من أصرح الأدلة والأقوال على أن الجنة والنار موجودتان في الدنيا قبل الآخرة، وجاء في حديث الابتلاء والامتحان في السؤال في القبر أن المؤمن يفتح له باب إلى الجنة، وغيره يفتح له باب إلى النار، والنبي -عليه الصلاة والسلام- في الأحاديث الصحيحة رأى الجنة والنار.(42/12)
((والنار حق، والساعة حق)) هاه ((أنت الحق، وقولك الحق، ووعدك الحق، ولقاءك حق -أو الحق- والجنة حق، والنار حق، والساعة)) يعني قيامها الذي به تكون نهاية الدنيا ((حق، اللهم لك أسلمت)) انقدت وخضعت، ((وبك آمنت)) صدقت وأيقنت يقيناً جازماً ((وعليك توكلت)) فوضت أموري كلها ((وإليك أنبت)) يعني: رجعت مقبلاً بقلبي وقالبي إليك ((وبك خاصمت)) من لم يقبل الدعوة، ومن خاصم بالباطل يخاصم بالله -جل وعلا-، ((وإليك حاكمت)) كل من ظلم أو جحد الحق فإنه يحاكم إلى الله -جل وعلا-، لا إلى غيره من الأعراف والعادات، ولا من القوانين المستوردة من الأعداء، إنما التحاكم إلى الله -جل وعلا-، {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} [(50) سورة المائدة] {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [(65) سورة النساء] {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ} [(44) سورة المائدة] في الآيات الثلاث، المقصود أن الأمر ليس بالسهل ولا بالهين.
((فاغفر لي ما قدمت)) يعني قبل هذا الوقت، وما أخرت عنه من الذنوب بالنسبة لمن يتصور منه وقوع الذنب، ومنه -عليه الصلاة والسلام- يكون هذا الدعاء تعليم لأمته، تعليم لأمته، وإلا فقد غفر له ما تقدم من ذنبه، وهو معصوم من أن يقع منه الذنب، ((فاغفر لي ما قدمت وما أخرت)) وأسررت يعني: أخفيت وأعلنت: المراد به أظهرت ((أنت إلهي لا إله إلا أنت))، زاد البخاري: ((ولا حول ولا قوة إلا بالله)) والحديث متفق عليه، الحديث متفق عليه.(42/13)
الله نور، نعم، {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [(35) سورة النور] يعني هل يساغ أن يسمى بعبد النور مثلاً، هل المراد بنور إطلاق المصدر على الله -جل وعلا- هل يراد به حقيقة المصدر أو اسم الفاعل؟ يعني منور، أو هو بذاته -جل وعلا- نور؟ الأصل أنه نور، كما قال عن نفسه -جل وعلا- {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [(35) سورة النور] كما قال عنه نبيه -عليه الصلاة والسلام-، منهم من يقول نور: يعني منور السماوات والأرض، وعلى كل حال ما دام ثبت بالكتاب والسنة هذا الإطلاق فلا مندوحة عنه، ولا محيد ولا مفر، بل علينا أن نسلم بما جاء عن الله وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام-، يعني هل يقال: النور، عبد النور مثلاً، أو عبد نور، أو لا بد أن يقال: نور السماوات والأرض؟ لأن من الأسماء ما لا يطلق إلا مع مقابله، ما تقول: عبد النافع، نعم، والله -جل وعلا- هو النافع، لكن أيضاً هو الضار، فمن الأسماء المتقابلة ما لا يمكن إفراد بعضها عن بعض، منها المضافة لا يمكن أن تطلق بغير المضاف إليه وهكذا.
وعليه الصلاة والسلام- معصوم عن الذنب، بعد النبوة معصوم، على كل حال المسألة هو مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ومعصوم عند عامة أهل العلم، أما من وقوع الشرك فهذا إجماع، أو وقوع ما يخل بالتبليغ أيضاً هذا إجماع، مسألة وقوع الكبائر أو وقوع الصغائر التي يوفق للرجوع عنها مسألة .. ، لكن الجمهور على أنه معصوم لا يقع منه كبيرة، يقع منه خلاف الأولى، قد يقع منه خلال الأولى، قد يقع منه خلاف .. ، قد يجتهد ويقع منه خلاف الأولى كما في قصة الأسرى، وهي التي يستغفر منها، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
((نور أنى أراه)) يعني هذا ماشي مع ((حجابه النور)) ماشي مع ((حجابه النور)).
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لو استرسلنا في هذا الموضوع لخرجنا عما يراد منا في هذا الباب، وإلا لو أردنا أن نقول مثلاً: هل النور .. ؟ هل هو نفس النور أو النور ينبعث منه؟ ما لنا داعي بهذا الكلام كله، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا دعاء استفتاح، إيه، هذا الدعاء من أدعية الاستفتاح التي تقال في صلاة التهجد.(42/14)
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هذا في أول تسليمة.
طالب:. . . . . . . . .
اللي يظهر أنه .. ، هو موجود على كل حال في أسماء أهل العلم عبد النور، نعم، هو موجود في أسماء أهل العلم عبد النور، لكن هذا مما يختلفون فيه هل هو اسم؟ والأمر فيه سعة، وجد ما يدل عليه ومن فهمه صفه لا اسم، ونفاه من الأسماء له وجه.
يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك" الأنصاري، عن عبد الله بن عبد الله بن جابر، ويقال: جبر بن عتيك الأنصاري المدني "أنه قال" كذا في رواية يحيى، وهو أولى مما جاء في الروايات الأخرى ممن أدخل بين عبد الله بن عبد الله وبين ابن عمر راوياً، فمن الرواة عن مالك من أدخل بين عبد الله وابن عمر عتيك بن الحارث، وفي رواية: جابر بن عتيك، يعني جد عبد الله، نعم، يقول ابن عبد البر: "لكن رواية يحيى أولى"، "أنه قال: جاءنا عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- في بني معاوية" في بني معاوية وهي قرية، قرية من قرى الأنصار بالمدينة "فقال: "هل تدرون أين صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مسجدكم؟ " هل صلى .. ؟ أين صلى؟ "هل تدرون أين صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مسجدكم هذا؟ فقلت له: نعم" مراد ابن عمر أن يصلي فيه، وهذا من شدة حرصه -رضي الله عنه- على اقتفاء آثار النبي -صلى الله عليه وسلم- لكنه لم يوافق على ذلك -رضي الله عنه وأرضاه-، هو يحرص على اقتفاء آثار النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويتتبعها، ويفعل ما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- فيها، بل كان يبالغ في ذلك، فذكر ابن عبد البر في التمهيد عنه أنه كان يكفكف دابته لتقع أقدامه على أقدام دابة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا اجتهادات ابن عمر مما شذ به ابن عمر -رضي الله عنهما- مما لم يوافق عليه، لم يفعله كبار الصحابة، بل المعروف عند أهل العلم من أجل حماية جناب التوحيد وسد الذرائع الموصلة إلى الشرك مثل هذه يعمونها، يحرصون على أن تخفى، لا على أن تبعث وتوجد.
"أين صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مسجدكم هذا؟ فقلت له: نعم، وأشرت له إلى ناحية منه" يعني من المسجد.
تفضل.(42/15)
هذا يقول: ما حكم السفر إلى الدول غير الإسلامية؟
إذا كان البقاء بين أظهر الكفار لا يجوز، والهجرة من بلاد الكفر إلى ديار الإسلام واجبة، إلا من استضعف وعجز، فقد جاء عذره في القرآن، وعلى هذا لا يجوز السفر إلى البلاد غير الإسلامية والإقامة فيها، أهل العلم يقولون: إذا كانت المصلحة راجحة لتعلم علم لا يوجد عند المسلمين، والأمة بحاجة إليه، أو سفر لعلاج أو لدعوة، أهل العلم يرخصون في هذا، لكن على الإنسان أن يحتاط لدينه، يحتاط لدينه، والله المستعان.
يقول: ما حكم الترشيح أو التصويت لغير المسلم؟
غير المسلم لا يجوز ترشيحه ولا تصويته له، اللهم إلا إذا كانت البلاد غير إسلامية، والإنسان مضطر على البقاء فيها، أو عاجز عن الانتقال منها، ورأى أن هذا الذي يرشح يخفف الشر على المسلمين، فالمسألة اجتهادية، المسألة اجتهادية، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو ترشيح بين كفار، لكن هذا موجود مسلم ووجد في هذه البلاد وله صوت معتبر وهذا كافر مؤذي ومعروف وشرير شره متعدٍ، وهذا كافر لا يخشى شره، لا شك أن تقليل الشر بقدر الإمكان مطلوب، وإلا فالأصل أن الكافر لا عبرة به، والله المستعان، وهذا من آثار بناء النتائج التي يراد أن تكون شرعية على مقدمات غير شرعية، نعم يقيم في بلاد الكفار ثم يضطر إلى أن يتحاكم إلى غير ما أنزل الله، يتحاكم إلى القوانين الوضعية، وقد يلجأ إلى ربا، وقد يضطر إلى كذا، ما الذي اضطرك إلى البقاء يا أخي؟ العاجز، العاجز معذور، لكن من استطاع لا يجوز له ذلك بحال.
يقول: هذا أيضاً بالنسبة لحديث رفاعة بن رافع والرجل الذي زاد في قيامه من الركوع: "ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً" البعض يقول: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم ينكر عليه أصل عمل الزيادة، بل امتدح ما فعل، وتأخير البيان عن وقت الحاجة يخالف كونه -عليه الصلاة والسلام- بين أكمل بيان وأتمه، فيلزم من هذا تسويغ الزيادة على المشروع -كما قالوا- فكيف نرد عليهم في هذه النقطة؟(42/16)
في عصر التشريع، في عصر التشريع إذا اجتهد الإنسان، فعل الخير، وقصد فعل الخير وفعله، السنة منها ما يسمى بالتقرير، التقرير؛ لأن السنة إنما تكون بالقول وبالفعل وبالتقرير وبوصفه -عليه الصلاة والسلام- بشمائله وأخلاقه وآدابه، التقرير، السنة التقريرية إذا فعل بحضرته -عليه الصلاة والسلام- شيء أو اجتهد شخص فقال قولاً يرجو به ما عند الله -جل وعلا-، وأقر في عهده -عليه الصلاة والسلام- من قبله -عليه الصلاة والسلام- يكتسب المشروعية، وبعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- لا كلام لأحد في هذا الباب؛ لأنه من أين يكتسب التشريع؟ من أين يكتسب الشرعية والوحي قد انقطع والإقرار الشرعي قد انتهى؟ من أين لشخص يقول كلاماً يظنه يقربه إلى الله -جل وعلا- ولا يجد من يدله على صواب قوله؟ هذا ابتداع، هذا ابتداع لا بد أن يكون الدعاء لا سيما الذي يتعبد به في الصلاة لا بد أن يكون له أصل في الشرع من قول أو فعل، من قوله -عليه الصلاة والسلام- ومن فعله نعم، أو من تقريره، فليس في هذا مستمسك لمن أراد أن يأتي بشيء غير مشروع ويقول: إن الصحابي أقدم على غير المشروع من غير أن يسبق له شرعية، قبل أن يقره النبي -عليه الصلاة والسلام-، نقول: هو اكتسب الشرعية من إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-.
طالب:. . . . . . . . .
الخلافة؟ الخلافة ميئوس منها في بلاد كفار هذا الكلام،. . . . . . . . . الآن، هو يقول: ما حكمه؟ نقول:. . . . . . . . . كافر مؤذي للمسلمين وشرير، والمفاضلة بين اثنين، بين هذا وبين شخص وجوده مثل عدمه.
شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في كتابه: السياسة الشرعية يقرر أن تقليل الشر بقدر الإمكان مشروع، تقليل الشر لو صار شخص مستشار عند ظالم، وهذا الظالم فرض ضريبة على الناس كل واحد ألف مثلاً، فجاء هذا المستشار وقال: لو خفضتها إلى خمسمائة هان الأمر، هذه الخمسمائة ظلم، ومقالة هذا الشخص لهذا الظلم أيضاً إقرار للظلم، لكن تخفيف في المقابل، شيخ الإسلام يرى شرعية مثل هذا، فتخفيف الظلم في نظر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمة الله عليه- شرعي بقدر الإمكان.
طالب:. . . . . . . . .(42/17)
نقول: يا أخي الأصل أنهم لا علاقة لهم في هذا الباب، وأنهم كونهم يصوتون لكافر إقرار وتشريع لعمله، لكن المصلحة تقتضي هذا، المصلحة ما هي بمصلحة الإنسان الشخصية؛ لأن بعض الناس يخلط بين مصلحته الشخصية ومصلحة الأمة العامة، نعم المصلحة الشخصية لا ينظر إليها بمثل هذه الأمور، لكن إذا كانت .. ، إذا كانت مصلحة الأمة بكاملها تتعلق بترشيح هذا الكافر الذي هو أخف ضراً وأخف شراً، تخريجاً على قول شيخ الإسلام ما فيه إشكال، يعني من .. ، في تاريخ الدولة نابتة السوء هذه اللي يسمونها إسرائيل ألا يتفاوت المسئولون فيها شرهم زيادة ونقصاً؟ نعم، يختلفون، يعني لو شخص ترشيح بين شارون هذا الطاغية الخبيث وبين شخص آخر أقل منه ضرراً فرشح المسلمون الآخر اكتفاءً لشره، ما هو بالأصل، أصل المسألة غير مشروع، لكن يبقى أن تقليل الشر بقدر الإمكان نعم، لكن لا يعني هذا أن الإنسان يقحم نفسه ليعمل ويتولى بنفسه أعمال غير مشروعة، يعني يختلف هذا عن هذا، نعم يختلف عن كونك ترشح شخص أنت مفروض مفروض عليك شخص، شخص أقل من الآخر في الشرط خرجناه على قول شيخ الإسلام، لكن أنت ترشح لتعمل أعمال شريرة تخالف الإسلام ولو كان ضررك على المسلمين أقل، نقول: لا يجوز أن تدخل فيها، لكن أن تتولى بنفسك إقرار الشر، فرق بين هذا وهذا.
نعود إلى الحديث.(42/18)
"هل تدرون أين صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مسجدكم هذا؟ " يعني ليصلي فيه، وعرفنا هذا من مما اختص به، وانفرد به ابن عمر من تتبع آثار النبي -عليه الصلاة والسلام- "فقلت له: نعم، وأشرت إلى ناحية منه" من المسجد "فقال: هل تدري ما الثلاث -يعني: الدعوات- التي دعا بهن فيه؟ " يعني في هذا المسجد، ابن عمر يدري وإلا ما يدري؟ قال: صدقت، يدري وإلا ما يدري؟ يدري ابن عمر، يدري ابن عمر؛ لأنه قال في الأخير: "صدقت" ولا نقول: إن هذا مثل ما جاء جبريل يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- ويقول له: صدقت، فعجبنا له يسأله ويصدقه، هنا فيه طرح العالم المسألة على من دونه، لتقر في ذهنه إن كان جاهلاً بها عُلم، وإن كان حافظاً لها ثبتت في ذهنه، وسمعها من حضر واستفادوا، وهذا أصله سؤال جبريل للنبي -عليه الصلاة والسلام- عن الدين، عن الدين بدوائره الثلاث: الإسلام، والإيمان، والإحسان.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، سؤال النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الشجرة التي تشبه المؤمن.
"التي دعا بهن؟ فقلت: نعم، قال: فأخبرني بهن؟ فقلت: دعا بأن لا يظهر .. ، بأن لا يظهر الله -جل وعلا- عليهم عدواً من غيرهم" يعني من غير المؤمنين، يظهر هل معنى هذا أن المؤمنين إذا قابلوا الكفار متحتم نصرهم أو قد ينصر الكافر ويدال عليه من باب الابتلاء والامتحان؟ لكن لا يظهر، يعني ظهوراً عاماً على وجه الأرض على المسلمين لا، نعم، لكن لا يمنع أن ينتصر الكافر من باب ابتلاء المؤمن، ابتلاء المسلمين، " بأن لا يظهر الله عليهم عدواً من غيرهم" يعني من غير المؤمنين، "ولا يهلكهم بالسنين" يعني بالمحل والجدب "فأعطيهما" أجيب بدعوته، أو بدعوتيه، ودعا دعوة ثالثة: بأن لا يجعل بأسهم بينهم، أعطي هاتين الدعوتين، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(42/19)
المسئول وابن عمر أقره، المسئول المسئول هذا، فقال: هل تدرون أين صلى؟ فقلت: نعم، القائل هذا هو الذي قاله، "فأعطيهما" وأقره ابن عمر قال: صدقت، وهو الحديث في صحيح مسلم مفصل، "ودعا بأن لا يجعل بأسهم بينهم" يعني في الحروب والفتن "فمنعها، قال: صدقت" يدل على أن ابن عمر كان عنده علم من ذلك، قال ابن عمر: "فلن يزال الهرج إلى يوم القيامة" لن يزال القتل إلى يوم القيامة، وهذا بقضاء الله -جل وعلا- وقدره، وفي حديث حذيفة: أن هناك باب إذا كسر الباب بدأت الفتن، والباب هو عمر -رضي الله عنه-، هو عمر -رضي الله عنه- لما قتل عمر بدأت الفتن، تلاه قتل الخليفة الراشد، الصوام القوام، مظلوم بين المهاجرين والأنصار، في بلد الإسلام، وبين المسلمين، وهذا شأن الفتن، إذا بدأت واستفحلت لا يمكن السيطرة عليها، لا يمكن السيطرة عليها، هي في أول ما تكون فتية، يمكن معالجتها والسيطرة عليها، لكن إذا استفحلت لا يمكن، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا اجتهاده، هذا اجتهاده، وهذا من شواذه -رضي الله عنه وأرضاه-، ما وافقه أحد.
طالب:. . . . . . . . .
أما ما جاء له ولغيره -عليه الصلاة والسلام- {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [(125) سورة البقرة] هذا للجميع، أما ما صلى به اتفاقاً -عليه الصلاة والسلام- من غير مزية له على غيره فلا يلزم.
طالب: الحرم.
ولا حرم ولا غيره، كل إنسان مطالب، أنت مصلي مطالب بالصف الأول، بميامين الصفوف لأنها جاءت نصوص تخصك، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيها؟
طالب:. . . . . . . . .
يتتبعونه، يذكرونه في تواريخ المدينة، ويتتبعه بعض الناس، على كل حال تتبع الآثار لا شك أنه يجر إلى أن تعبد هذه الآثار، وأن يعتقد فيها، وأن يتبرك بها، كما هو حاصل.(42/20)
ثم قال: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم أنه كان يقول: "ما من داعٍ يدعو إلا كان بين إحدى ثلاث: إما أن يستجاب له -بعين ما سأل- وإما أن يدخر له -يوم القيامة- وإما أن يكفر عنه" من الذنوب نظير دعائه، وهذا الكلام قول زيد بن أسلم، يقول ابن عبد البر: "مثل هذا يستحيل أن يكون رأياً واجتهاداً، وإنما هو توقيف، وهو خبر محفوظ عن النبي -عليه الصلاة والسلام-" ثم أخرج عن جابر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((دعاء المسلم بين إحدى ثلاث: إما أن يعطى مسألته التي سأل، أو يرفع بها درجة، أو يحط بها عنه خطيئة، ما لم يدعُ بقطيعة رحم، أو بإثم، أو يستعجل)) نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
قحط السنين، نفسه، نفسه، إيه، ((اللهم اجعلها سني كسني يوسف)) يعني جدب وقحط.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو ثبت معروف عنه أنه يصلي، يبحث، يبحث عن هذه المواضع، بل ذكر عنه ابن عبد البر شيئاً أعظم من ذلك، ما دام يكفكف الدابة، الله المستعان.
هات، سم.
شرح: باب العمل في الدعاء:
قال الإمام مالك -رحمه الله تعالى-:
باب العمل في الدعاء:
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار قال: رآني عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- وأنا أدعو وأشير بأصبعين أصبع من كل يد فنهاني.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن سعيد بن المسيب كان يقول: "إن الرجل ليرفع بدعاء ولده من بعده"، وقال: بيديه نحو السماء فرفعهما".
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: "إنما أنزلت هذه الآية، {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} [(110) سورة الإسراء] في الدعاء".
قال يحيى: وسئل مالك عن الدعاء في الصلاة المكتوبة فقال: لا بأس بالدعاء فيها.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو فيقول: ((اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أردت في الناس فتنة فاقبضني إليك غير مفتون)).(42/21)
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما من داعٍ يدعو إلى هدى إلا كان له مثل أجر من اتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، وما من داعٍ يدعو إلى ضلالة إلا كان عليه مثل أوزارهم لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً)).
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "اللهم اجعلني من أئمة المتقين".
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن أبا الدرداء -رضي الله عنه- كان يقوم من جوف الليل فيقول: "نامت العيون، وغارت النجوم، وأنت الحي القيوم".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى -: "باب: العمل في الدعاء"
"حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار قال: رآني عبد الله بن عمر وأنا أدعو وأشير بأصبعين أصبع من كل يد فنهاني"، فنهاني، يشير بالإصبعين، بيديه كلتيهما، بسبابتيه، فنهاه عن ذلك لأنه ينافي التوحيد، لا أقول: إنه شرك لكن المطلوب التوحيد، والإشارة إلى التوحيد بأصبع واحدة، فالواجب في الدعاء الأصل فيه إما أن يكون برفع اليدين، وتواترت الأحاديث في ذلك، وفي الباب أكثر من مائة حديث في رفع اليدين في الدعاء جمعت في رسائل مستقلة، فإما أن يكون برفع اليدين، والله -جل وعلا- يستحيي أن يرد عبده إذا رفع يديه صفراً، يعني خاليتين، إما أن يكون باليدين وبسطهما علامة للتضرع والرغبة إلى الله -جل وعلا-، وقد ورد إنكار رفع اليدين، لكنه قول شاذ، أثر عن بعض السلف أنه قال لشخص رافعاً يديه: "ثكلتك أمك من تتناول بهما" ولعله رآه بالغ في رفع اليدين، حتى كأنه يتناول شيئاً بعيداً، فقال له ذلك، وإلا فالأصل في رفع اليدين الثبوت القطعي من فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- وقوله، مفهومه أنه لا يرده خائباً، لا يرده خائباً، لا بد من .. {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [(60) سورة غافر] والإجابة إما أن تكون بعين ما طلب، أو أن يدخر له نظيره في الجنة، أو يدفع عنه من السوء ما يقابله.
أما مسح الوجه باليدين بعد الدعاء فلا يثبت، فيه حديثان ضعيفان لا تقوم بهما حجة، إن لم يكن الدعاء برفع اليدين فليكن بالإشارة بأصبع واحدة على معنى التوحيد، قاله الباجي.(42/22)
وروي مرفوعاً عن أبي هريرة أن شخصاً في تشهده أشار بإصبعيه فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أحد أحد)) نعم هذا مرفوع، وعلى كل حال فالحديث وإن كان موقوفاً على ابن عمر إلا أنه يشهد له المرفوع من حديث أبي هريرة، والمعنى صحيح، فالإشارة إلى الواحد بأصبع واحدة، وهو ما يقتضيه التوحيد مما تقدم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه أنكر عليه رفع اليدين في الخطبة، أنكر عليه رفع اليدين في الخطبة، أما رفع اليدين في خطبة الاستسقاء ثابت، نعم، وحتى من الجلوس أن المصلين كلهم يرفعون أيديهم في خطبة الاستسقاء، هذا ثابت في الصحيح.
"وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن سعيد بن المسيب كان يقول: "إن الرجل ليرفع بدعاء ولده من بعده" ليرفع بدعاء ولده من بعده، معلوم أنه ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله))، ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)) ((أو ولد صالح يدعو له)) يحرص الإنسان على الصدقة الجارية المستمرة التي لها مصدر يضمن استمرارها ليستمر الأجر، علم ينتفع به، يحرص على أن يتعلم العلم الشرعي النافع، مخلصاً في ذلك لله -عز وجل-، ويحرص على أن يعلمه الناس، ليكون له مثل أجورهم، نعم، ويحرص على التأليف الذي لا ينقطع ثوابه.
((أو ولد صالح يدعو له)) فيحرص على تربية ولده حتى يكون صالحاً ينتفع بدعائه، فإذا لم يحرص على تربية ولده نعم، فصلح الولد، أراد الله له الصلاح فدعا له لا شك أنه ينتفع بهذا الدعاء، لكن ليس انتفاعه مثلما لو كان هو السبب في صلاحه، ولذا في قوله -جل وعلا-: {وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا} [(24) سورة الإسراء] عبث؟ أو لأمر من الأمور؟ {كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [(24) سورة الإسراء] لهذا الأمر، وهذه يغفل عنها كثير من الناس، الشخص الذي لا يربي أولاده قد لا ينتفع بهم ولا بدعائهم.
"وقال" أي أشار، من إطلاق القول على الفعل، ومنه ما جاء في صفة التيمم فقال بيديه هكذا، إطلاق القول على الفعل، أشار "بيديه نحو السماء فرفعهما" لأن الله -جل وعلا- المدعو في جهة العلو، مستوٍ على عرشه فوق سماواته بائنٌ من خلقه.(42/23)
يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: "إنما أنزلت هذه الآية: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} [(110) سورة الإسراء] لا تجهر بها جهراً يشق عليك بحيث تنقطع {وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} [(110) سورة الإسراء] يعني لا تخفض بها صوتك بحيث لا تسمع نفسك {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} [(110) سورة الإسراء] يعني وسطاً "في الدعاء" وهذا أرسله مالك، أرسله مالك، ووصله الإمام البخاري عن عائشة -رضي الله عنها- في كتاب الدعوات، وفيه: أن المطلوب التوسط، التوسط في الدعاء، ولذا لما رفع الصحابة أصواتهم بالدعاء قال لهم -عليه الصلاة والسلام-: ((أربعوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصماً ولا غائباً)) يعني أربعوا أرفقوا بأنفسكم، الإنسان يتوسط في أموره كلها، ورفع الصوت ليس مما يحمد به الإنسان، ليس مما يحمد به الإنسان، ولذا جاء {إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [(19) سورة لقمان] فليس مما يمدح به الإنسان، نعم عند الحاجة إلى رفع الصوت بحيث تكثير الجموع، ولا يسمعون إلا مع رفع الصوت هذا مطلوب للحاجة الداعية إليه، وأما إذا لم تدعُ إليه الحاجة فلا، مع الأسف أن بعض الأئمة من الشباب على وجه الخصوص يحرصون على أن تكون الآلات التي ترفع الصوت من المكبرات من نوع خاص، يرتفع بها الصوت جداً، وهذا الصوت إذا زاد عن حده فهو منكر، وهذه الآلات التي أدخلت في العبادات الخاصة، إنما أدخلت للحاجة، فيكفي منها قدر الحاجة، وما زاد على ذلك فلا، وبعضهم يزيد على ذلك فيجعل من المؤثرات الصوتية والصدى وترديد الصوت، كل هذا لا ينبغي هذا، هذا لا ينبغي؛ لأن هذه عبادة محضة ينبغي أن تصان عن المحدثات، نعم دعت الحاجة إلى مكبرات الصوت، الحاجة تقدر بقدرها، {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} [(110) سورة الإسراء] بعض الناس يزعج المصلين، كثير من الناس يصدع رأسه من شدة الصوت، بل بعضهم لا يستطيع مواصلة الصلاة في بعض المساجد تجد معه .. ، عنده نصف صف، نعم عنده نصف صف، ومع ذلك يأتي بالسماعات والآلات القوية، ويكثر من السماعات على شان إيش؟ يعني مبالغات إضافة إلى كونها فوق الحاجة تدخل في حيز(42/24)
السرف والخيلاء وعندنا كذا وعندنا كذا، مكبرات على ما أدري كم؟ خمسين ألف وما أدري، يعني غير مقصود، هذا غير مقصود فينبغي أن يلاحظ نفسه.
{وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} [(110) سورة الإسراء] يعني توسط في أمرك في الدعاء، وهذا أرسله الإمام مالك ووصله البخاري عن عائشة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، وفيه أن المطلوب التوسط في الدعاء بين الجهر والمخافتة فيسمع نفسه؛ لأن ذلك أقرب إلى الإخلاص، وإنما أنزلت هذه الآية في الدعاء، هذا بيان لسبب نزول الآية، وسبب النزول له حكم الرفع، لماذا؟ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا بد أن يكون طرفاً في الموضوع، إذ النزول إنما يكون عليه، ولذا يقول حافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:
وعد ما فسره الصحابي ... رفعاً فمحمول على الأسبابِ
لأن من أهل العلم من يحكي كالحاكم أن تفسير الصحابي له حكم الرفع، تفسير الصحابي له حكم الرفع، لكنه محمول على أسباب النزول، أما التفسير ذاته فيدرك، بعضه يدرك من لغة العرب، فلا يكون له حكم الرفع مطلقاً.
"قال يحيى: "وسئل مالك عن الدعاء في الصلاة المكتوبة فقال: لا بأس بالدعاء فيها"، نعم، يقول الباجي: "وهذا كما قال لا بأس بالدعاء في المكتوبة وغيرها من الصلوات يدعو بما شاء من أمر دينه ودنياه، سواءً كان ذلك من القرآن وغيره، وينبغي أن يكون الدعاء في مواضع الدعاء"، في السجود، وبين السجدتين، وبعد الفراغ من التشهد، وقبل السلام، يدعو بما أحب، ((وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء)) لا باس، لكن يدعو في غير موضع الدعاء، يدعو في غير موضع الدعاء، في ركن القيام يدعو، ما يدعو، المقصود أن الدعاء لا بأس به في الصلاة، يعني في موضع الدعاء.(42/25)
كأن الإمام مالك -رحمه الله تعالى- يرى أن الدعاء نوع من الأذكار، نوع من الذكر، والصلاة إنما شرعت لذكر الله، بهذا وبمثله قال من قال بدعاء ختم القرآن في الصلاة، بعد الفراغ من ختم القرآن يدعو بما أحب؛ لأنه عند ختم القرآن كما ثبت عن الصحابة دعوة مستجابة، لكن هل الفراغ من القراءة وقبل الركوع موطن للدعاء في غير القنوت، في غير قنوت الوتر؟ نعم، الآن انتهى من ثنائية وفرغ من القرآن في تراويح مثلاً وأراد أن يدعو كما يفعل الناس، ومعروف في مذهب الإمام أحمد يقول الإمام -رحمة الله عليه- كان أهل مكة يفعلونها، وقيل له: ألا يكون دعاء ختم القرآن في الوتر؟ قال: لا، ليكون لنا دعاءان، ليكون لنا دعاءان، نعم، فهل هذا من مواضع الدعاء؟ الذي ينكر .. ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه في الوتر، في الوتر وفي صلاة الصبح، في صلاة الصبح، هذا قنوت نوازل، لكن دعاء ختم القرآن لا شك أن هذا ما أثر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه دعا بعد ختم القرآن، وقد يقول قائل: إنه ما حفظ عنه بعد أنه قرأ القرآن متتابعاً كاملاً.
طالب:. . . . . . . . .
في العرضة الأخيرة هو ليس في صلاة، الدعاء بعد الختم ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فيه شيء، لا من قوله ولا من فعله، إنما أثر عن أنس، وأن له عند ختم القرآن دعوة مستجابة، وكان أنس -رضي الله عنه- يجمع أهله إذا ختم القرآن فيدعو ويؤمنون، ليس في الصلاة، ما هو في الصلاة هذا الكلام، الكلام الكلام في الصلاة، هل هو مشروع وإلا غير مشروع؟ لأن المسألة تباينت فيها الآراء، نعم، معروف عند الحنابلة دعاء ختم القرآن في الصلاة في التراويح في ثنائية، دعونا من كونه في وتر، في وتر القنوت مشروع، نعم لكن في ثنائية، الإمام أحمد يرى أنه دعاء، والدعاء في الصلاة لا بأس به كما يقول الإمام مالك، نعم، وما دام عند ختم القرآن دعوة مستجابة لماذا لا ندعو حتى في الصلاة؟ لكن هذه أمور توقيفية تحتاج إلى نص، ليست خاضعة للاجتهاد، فتركه لا شك أنه أولى؛ لأنه قيل ببدعيته، قيل: بأنه بدعة.
طالب:. . . . . . . . .
إيش لون؟
طالب:. . . . . . . . .(42/26)
إذا انصرف قبل الإمام مشكلة، ما يكتب له قيام ليلة، فعلى كل حال هذا يفعله بعض الناس، إذا فرغ الإمام من قراءة آخر سورة في القرآن نوى الانفراد ثم ركع وسجد وتشهد وسلم، ثم يشهد دعوة المسلمين، يعني يشق عليه أن هذه الجموع الغفيرة تؤمن وهو لا يؤمن، يشهد دعوة المسلمين وهو جالس، فإذا فرغ الإمام من دعائه لحقه وركع معه، أدرك الركعة ثم أضاف إليها أخرى، وبهذا يكون أمن مع المسلمين ولم ينصرف قبل الإمام ولم يتلبس ببدعة على القول الآخر.
طالب:. . . . . . . . .
فرق يا أخي، قنوت الفجر ثبت من فعله -عليه الصلاة والسلام-، ثبت، هذا ليس له أصل أصلاً، غير معروف أصلاً، لكن هم يقولون مثل كلام مالك: لا بأس بالدعاء فيها، والإمام أحمد قاله، وكان أهل مكة يفعلونها، ومع هذه تجتمع من يرى أن ذلك لا بأس به، وعلى كل حال كل على مذهبه في هذا.
طالب:. . . . . . . . .
والله ما دام أصله غير موجود فالالتزام، التزام دعوات معينة مكتوبة لا يحاد عنها ولا يزاد عنها ولا ينقص في هذا الموضع يزيد الأمر، نعم يزيد الأمر، على كل حال من فعل فقد سبقه أئمة، يعني تبرأ الذمة بتقليدهم ومن ترك فهو على الأصل، يعني كونه شافعي المذهب مثلاً، الإمام شافعي فيقنت، يتابعه، في رسالة الإمام عبد الله بن محمد ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى أهل مكة قال: "ولا نصلي خلف من لا يرى الطمأنينة في الصلاة" لماذا؟ لأن الطمأنينة ركن، "ونصلي خلف الشافعي الذي يجهر بالبسملة ويقنت في صلاة الصبح" لأن هذه لها أصول يعني يمكن تجد لها أصل في الشرع، أما الذي لا أصل له أصلاً هذا هو الذي في النفس منه شيء.(42/27)
يعني إذا كان الخلاف بين فاضل ومفضول الخلاف شر، إذا كانت بين سنة وبدعة فالخلاف خير، على كل حال هو صلى لأنه يرى .. ، ترى ما ظني يرى الحرمة، ما يلزم أن يرى الحرمة، لكن الخلاف شر في فاضل ومفضول نعم ترتكب المفضول لأن الخلاف شر، أما في سنة وبدعة ما يأتي، وعلى كل حال من اقتدى قال به أئمة، وعملت به الأمة قرون، يعني ما يثرب عليه ولا يلام، لكن من قال: هاتوا الدليل، أيضاً بعد لا يلام، نعم ولا يجهل ولا يضلل؛ لأنه على الأصل يا أخي؛ لأن بعض الناس يحتج من الطرفين، يحتد من الطرفين، لا هذا مطلوب ولا هذا مطلوب، والله هذا أنا أقول: مسألة لا يشد فيها، نعم، لا سيما وأن الذي أفتى بها يعني ما هم من أهل الفقه المحض، من أهل الفقه والأثر، يعني ممن قال بها: الشيخ عبد العزيز -رحمه الله- مع الهيئة، إنها كانت في الوتر ثم حولت إلى التراويح، وممن يعني قال بها الشيخ، وهو من أئمة الأثر، ما هو بيقال: إنسان متعصب، لكن لا يعني أنه معصوم، فالمسألة مثلما سمعتم، الذي يقول: إنها لا تفعل معه الأصل؛ لأن الأصل أن العبادات توقيفية وهاتوا ما يدل عليها ولن يجدوا، والذي قال: إنها تفعل اقتدى بأئمة وتبرأ الذمة -إن شاء الله- بتقليدهم.
طالب:. . . . . . . . .
الدعاء في الصلاة؛ لأنه يؤثر في السامع؟
طالب:. . . . . . . . .
ما في بأس، ما في بأس، بس لا يلتزم أحكام التجويد ليشبه كلامه بكلام الله -جل وعلا-، لكن ترتيل الصوت وترقيقه من أجل تأثيره في السامع ما فيه شيء أبداً، رفعه الزائد نعم، لكن رفعه بقدر ما يسمع نفسه ويتأثر بقراءته ويتغنى به هذا مطلوب.(42/28)
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه" عن مالك أنه بغله كذا ليحيى، ولعبد الله بن يوسف وطائفة عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو فيقول: ((اللهم إني أسألك فعل الخيرات)) " فعل الخيرات: يعني التوفيق لها، والقدرة على فعلها، يسأل الله -جل وعلا- أن يوفقه لفعل الخيرات، وأن يجعله قادراً على فعلها، ((وترك المنكرات)) المنهيات، فإذا فعل الخيرات، وترك المنكرات صار تقياً؛ لأن التقوى فعل المأمور، وترك المحظور، والله -جل وعلا- إنما يتقبل من المتقين، ((وحب المساكين)) يسأل الله -جل وعلا- أن يحبب إليه المساكين، وأن يحببه إليهم، وحب المساكين: يعني حبي للمساكين، ويحتمل أن يكون المراد حب المساكين لي، فيكون من إضافة المصدر إلى فاعله أو مفعوله، حب المساكين لي، حب المساكين لي أو حبي للمساكين، فيكون من إضافة المصدر إلى فاعله أو مفعوله، وكلاهما مطلوب، كلاهما مطلوب، ((وإذا أدرت)) هذه رواية، ((وإذا أدرت في الناس فتنة فاقبضني إليك غير مفتون)) أدرت من الإدارة يعني أوقعت، الرواية الأخرى: ((أردت)) من الإرادة ((في الناس فتنة)) بلاء ومحنة وشر، ((فاقبضني إليك غير مفتون)) مفتون عن ديني ولا ممتحن؛ لأن الفتن قد تصرف بعض الناس عن دينه، فيؤثر دنياه على دينه، فيسأل الله -جل وعلا- أن يقبضه غير مفتون، هذا مثلما ترون عن يحيى بن سعيد أنه قال: أن رسول الله، فهو مرسل، وورد مرفوعاً عن ابن عباس، أخرجه الترمذي وغيره، يقول ابن عبد البر: "وهو صحيح ثابت، صحيح ثابت من حديث عبد الرحمن بن عايش وابن عباس وابن ثوبان، وأبي أمامة الباهلي" وهو جزء من حديث طويل، حديث اختصام الملأ الأعلى، اختصام الملأ الأعلى، وقد شرحه الحافظ ابن رجب في كتاب مستقل من أنفس ما كتبه ابن رجب، وكل ما كتبه نفيس، وهذا الحديث عظيم، وشرحه عظيم، على طالب العلم أن يعنى به، والحديث صححه -مثلما تسمعون- ابن عبد البر، وصححه أيضاً الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى-، على كل حال أنت راجع الترمذي وتجد الحديث طويل، هذا حديث اختصام الملأ الأعلى.
يقول: هناك من لا يجوز الدعاء في الصلاة لأمور الدنيا فهل يصح هذا القول؟(42/29)
هذا معروف عند الحنابلة أنه لا يجوز الدعاء "اللهم ارزقني زوجة جميلة، اللهم ارزقني سيارة فارهة، اللهم ارزقني بيتاً واسعاً" كله لا يجيزه الحنابلة، معروف هذا عندهم، لكن إطلاق النصوص يدعو بما أحب.
"أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما من داع يدعو إلى هدى)) " ما يهتدى به، ويستدل على الطريق الموصل إلى الله -عز وجل- ((إلا كان له مثل أجر من اتبعه)) ((من دعا إلى هدى فله مثل أجر من اتبعه)) ((ومن سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة)) بخلاف من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [(4) سورة الليل]، من الناس من تكتب له الأجور قرون، ومن الناس من تجري عليه الأوزار قرون، {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [(164) سورة الأنعام] لكن هذا عمله، هو تسبب في إضلال الناس يتحمل، تسبب في هداية الناس يبشر.
((لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً)) لدفع توهم نقص أجر المتبوع والتابع، وهذا فضل من الله -جل وعلا-، بخلاف أمور الدنيا، أمور الدنيا من دلك على خير نعم يبي. . . . . . . . .، نعم في أمور الدنيا يحتاج إلى أجرة المثل على الأقل، لكن من دلك على هدى حصل لك الأجر كامل، وله مثل أجرك، فضل الله لا يحد، فضل الله واسع، ((وما من داع يدعو إلى ضلالة)) سواءً ابتدعها أو شهرها ودعا إليها، ولو لم يبتدعها ((إلا كان عليه مثل أوزارهم لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً)) عدلاً من الله -جل وعلا-، وهذا عمله، هذا عمله، {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [(39) سورة النجم] هذا من سعيه.
يقول: من تاب وقد سن سنة سيئة فهل تغفر جميع ذنوبه حتى التي تأتي بعد توبته بسبب هذه السنة؟(42/30)
على كل حال إذا سن سنة سيئة وتاب منها، لا بد أن يبين أن هذه السنة سيئة ويتبرأ منها بقدر ما أضل بها، يعني إذا كان كتبها في تأليف يكتب تأليف ينقض الأول، إذا كان في درس في الدرس الذي يليه يبين، إذا كان في خطبة على نفس المستوى على الأقل، {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ} [(160) سورة البقرة] لا بد من البيان في مثل هذا، نعم، إذا كان في الإعلام لا بد أن يبين على نفس المستوى.
يقول: ((لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً))؟
ما أدري لعله يريد الإعراب؟ إيه إعراب، نعم.
((لا ينقص ذلك)) لا ينقص ذلك الفضل من الله -جل وعلا- لمن سن السنة الحسنة من أجور الأتباع شيئاً، فاعل ذلك، وشيئاً: مفعول.
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر قال: "اللهم اجعلني من أئمة المتقين".
يقول أبو عمر: "هو من قوله -جل وعلا-: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [(74) سورة الفرقان] فإن الإنسان إذا كان إماماً في الخير كان له من الأجر مثل أجر من اقتدى به من أتباعه؛ لأن الإمامة تقتضي التابع، وأن يكون الإمام متبوع، فيكون له أجره وأجر من اقتدى به، ومعلم الخير يستغفر له حتى الحوت في البحر، فعلينا أن نعنى بهذا الأمر، بلا شك أن كل ما كان الإنسان أكثر تبع من يستفيد منه كان أعظم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- له أجر كل من تبعه، أجر كل من تبعه؛ لأنه هو الذي دل الناس على الهدى -عليه الصلاة والسلام-.
"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن أبا الدرداء -عويمر- كان يقوم من جوف الليل فيقول: "نامت العيون، وغارت النجوم -يعني غربت- وأنت الحي القيوم"، "نامت العيون، وغارت النجوم، وأنت الحي القيوم" هذا إذا قام من الليل، لكن الآن هل يستطيع أن يقول: نامت العيون مع الناس كلهم يسهرون الآن؟ "نامت العيون، وغارت النجوم، وأنت الحي القيوم" يقول ابن عباس: هو الذي لا يزول، الحي القيوم: الذي لا يزول، الحي القيوم: جاء ما يدل على أنه الاسم الأعظم، وأنه في ثلاث آيات من القرآن: في آية الكرسي، وفي أول آل عمران، نعم، وفي طه نعم.(42/31)
الحي الذي لا يزول، وهو من قولهم: قيوم السماوات والأرض، الدائم حكمه، وهو الحافظ كما قال -جل وعلا-: {أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [(33) سورة الرعد] قاله الباجي.
يقول: غداً عيد للنصارى اسمه شم النسيم وبعض الأخوة عندهم محلات لبيع الحلوى، هل يجوز بيع هذه الحلوى لهم، مع أن الأصل في البيع والشراء الحل لكن مخافة التعاون على الإثم والعدوان، وغلبة الظن أنهم يستعملونها لهذا العيد، لكن هي لا تصنع خصيصاً، وأرجو إيضاح مسألة دخول الشيء في التعاون على الإثم أم لا؛ لأننا نبعهم الطعام العادي هل يكون هذا عوناً لهم على أداء دينهم؟
التعاون، التعامل معهم في الجملة في البيع والشراء حلال، النبي -عليه الصلاة والسلام- باع واشترى من اليهود، فالتعامل معهم في البيع والشراء إذا كانت صورة العقد مباحة فهو حلال، لكن قد يطرأ للأمر المباح ما يجعله ممنوعاً، قد يطرأ على العقد المباح –الحلال- ما يجعله ممنوعاً، كبيع السلاح في حال الفتنة، وبيع الخل أو العنب أو التمر ممن يتخذه خمراً، هذا لا يجوز، بيع السلعة التي يستعين بها العاصي على معصيته، إسكان من يزاول المعصية في السكن، كل هذا لا يجوز لأنه تعاون على الإثم والعدوان، ومثل هذا إذا غلب على الظن أنهم يستعملون هذه الحلوى في عيدهم وعرف واطرد ذلك من فعلهم لا يجوز بيعها عليهم؛ لأنها تصير جزء من أعيادهم.
طالب:. . . . . . . . .
يغلقه؟ لا، لا، لا ما يلزم، ما يلزم، لا، العكس لو .. ، لأن إغلاق المحلات في هذا اليوم لأنه عيد للنصارى تشبه بهم، هذا تشبه بهم، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(42/32)
الموطأ - كتاب القرآن (6)
شرح: باب: النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هات، سم.
باب: النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم ألهمنا رشدنا، وقنا شر أنفسنا، واغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين.
باب: النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر:
حدثنا يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله الصنابحي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان، فإذا ارتفعت فارقها، ثم إذا استوت قارنها، فإذا زالت فارقها، فإذا دنت للغروب قارنها، فإذا غربت فارقها)).
ونهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة في تلك الساعات.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا بدا حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تبرز، وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغيب)).
وحدثني عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن قال: دخلنا على أنس بن مالك -رضي الله عنه- بعد الظهر فقام يصلى العصر فلما فرغ من صلاته ذكرنا تعجيل الصلاة أو ذكرها، فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((تلك صلاة المنافقين، تلك صلاة المنافقين، تلك صلاة المنافقين، يجلس أحدهم حتى إذا اصفرت الشمس، وكانت بين قرني الشيطان -أو على قرن الشيطان- قام فنقر أربعاً، لا يذكر الله فيها إلا قليلاً)).
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يتحرَ أحدكم فيصلى عند طلوع الشمس، ولا عند غروبها)).
وحدثني عن مالك عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبى هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس.(43/1)
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان يقول: "لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها، فإن الشيطان يطلع قرناه مع طلوع الشمس، ويغربان مع غروبها، وكان يضرب الناس على تلك الصلاة".
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أنه رأى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يضرب المنكدر في الصلاة بعد العصر.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر" يعني في أوقات النهي، سبق الحديث عنها، تقدم الحديث حتى في شرح هذا الكتاب، قدمنا الحديث عن الصلاة في أوقات النهي، وأن أوقات النهي خمسة: من طلوع الصبح إلى طلوع الشمس، ومن طلوعها حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول، ومن صلاة العصر حتى تتضيف الشمس للغروب، ومنه حتى تغرب، فهي خمسة أوقات، وبعضهم يجعلها ستة، بعضهم يجعلها ستة:(43/2)
الأول: من طلوع الصبح إلى صلاة الصبح، والثاني: من صلاة الصبح إلى طلوع الشمس، ثم بقية الستة، يفصل ما قبل صلاة الصبح عما بعدها، وما بعد صلاة الصبح إلى أن تطلع الشمس مفصول عن (مِن طلوع الشمس إلى ارتفاعها)، وسبب الفصل لماذا لا نقول: من طلوع الصبح إلى ارتفاع الشمس هذا واحد بدل ما هو بثلاثة واثنين يصير واحد؟ حين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول واحد تصير اثنين، والثالث من صلاة العصر إلى الغروب لماذا لا نقول: ثلاثة ندرج بعضها في بعض لأنه يمكن إدراجها؟ نعم، نعم بعضها مخفف موسع، وبعضها مضيق، وبعضها ينهى فيه عن الصلاة فقط، وبعضها ينهى عن الصلاة وعن قبر الأموات، في الأوقات الثلاثة المضيقة الأمر أشد، لماذا فُصل ما قبل صلاة الصبح عما بعدها؟ ما قبل صلاة الصبح أخف مما بعدها، بدليل أنه تؤدى فيه الراتبة، تؤدى فيه الراتبة، وما بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر تقضى فيه الراتبة، أقر النبي -عليه الصلاة والسلام- من قضى راتبة الصبح بعداها، وقضى راتبة الظهر بعد صلاة العصر في الوقتين الموسعين، أما الأوقات الثلاثة المضيقة الواردة في حديث عقبة بن عامر عند مسلم: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى يزول، وحين تتضيف الشمس بالغروب حتى تغرب"، هذه ثلاث ساعات، وليس المراد بالساعات الساعات الفلكية الموجودة الآن، كل ساعة ستين دقيقة، لا، الساعة جزء من الوقت، جزء من الوقت، يقارب ربع ساعة في كل من المواضع الثلاثة، وهذه الأوقات الأمر فيها أشد، حتى قال بعض أهل العلم: إن النهي عن الصلاة في الوقتين الموسعين إنما هو من باب نهي الوسائل؛ لئلا يستمر الإنسان ويسترسل يصلي حتى يأتي الوقت المضيق الذي من أجله نهي عن الصلاة في الوقت الموسع، فالأوقات مثلما ذكرنا خمسة.
هذا يسأل: هل ما يفعله المسلمون من خير للنبي -عليه الصلاة والسلام- مثل أجورهم؟
نعم هو الذي دلهم على الخير.(43/3)
"عن عبد الله الصنابحي" نسبة إلى صنابح، بطن من مراد، كذا قال جمهور الرواة عن مالك، عبد الله الصنابحي، وقال طائفة منهم: عن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله الصنابحي، بأداة الكنية، قال ابن عبد البر: "وهو الصواب" ابن عبد البر: "وهو الصواب"، يعني عن أبي عبد الله الصنابحي، واسمه: عبد الرحمن بن عسيلة كذا قال، تبعاً لنقل الترمذي عن البخاري: أن مالكاً وهم في قوله: عبد الله، وإنما هو أبو عبد الله، واسمه: عبد الرحمن، تابعي، قال في الإصابة: "وظاهره أن عبد الله الصنابحي لا وجود له" ظاهر هذا أن عبد الله الصنابحي لا وجود له، وفيه نظر فقد قال يحيى بن معين: عبد الله الصنابحي روى عنه المدنيون، يشبه أن له صحبة، فتوهيم مالك مع قول يحيى بن معين لا حظ له.
"أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((تطلع الشمس ومعها قرن الشيطان)) "، يقول الباجي: "ذهب الداودي إلى أن له قرناً على الحقيقة، يطلع مع الشمس، وقد روي أنها تطلع بين قرني الشيطان، ولا يمتنع أن يخلق الله تعالى شيطاناً تطلع الشمس بين قرنيه وتغرب، فالقرن حقيقي، ويحتمل أن يريد بقوله: ((ومعها قرن الشيطان)) قرنه ما يستعين به على إضلال الناس، ما يستعين به على إضلال الناس، ولذلك يسجد للشمس حينئذ الكفار".
قرن الشيطان: يقول الخطابي: "معناه مقارنة الشيطان لها عند دنوها للطلوع والغروب" قرن الشيطان: يعني مقارنة الشيطان، بدليل إذا دنت للغروب قارنها، فإذا غربت فارقها، إذا استوت قارنها، إذا زالت فارقها، فقرنها مقارنة الشيطان لها، نعم، قرن الشيطان مقارنته لطلوع الشمس بدليل المفارقة، فالمفارقة يقابلها المقارنة، هذا كلام الخطابي.(43/4)
أوقات النهي الكلام فيها طويل جداً، وهل النهي عن الصلوات كلها؟ أو عن النوافل؟ أو لا يستثنى من ذلك إلا فريضة الوقت فلا يجوز قضاء الفوائت؟ وهل النهي على التحريم أو على الكراهة؟ أو هل هو باقٍ أو منسوخ؟ قال داود وابن حزم: "النهي عن الصلاة في هذه الأوقات منسوخ" منسوخ تصلي متى شئت على قول الظاهرية، عامة أهل العلم على أنه محكم، ويختلفون في حكمه هل هو على التحريم أو على الكراهة؟ فيختلفون فيما يتناوله من الصلوات، ولا شك أن الفريضة لا تدخل، الفرائض لا تدخل، سواءً كانت مؤداة أو مقضية، أما بالنسبة للنوافل، فالنوافل منها المطلق، ومنها المقيد بسبب، منها المطلق ومنها المقيد بسب، أما المطلق فعامة أهل العلم على كراهة النفل المطلق في هذه الأوقات، أما المقيد بالأسباب فالجمهور على أنها لا تُفعل في هذه الأوقات، الحنفية والمالكية والحنابلة لا يفعل شيء من هذه الصلوات النوافل حتى ما له سبب، في هذه الأوقات، والشافعية يستثنون ما له سبب، فيقولون: يفعل في هذه الأوقات ما له سبب دون ما لا سبب له.
"وحدثني عن مالك" نبي ... انتهينا من الباب، نجمل الأقوال في ذوات الأسباب؛ لأنها هي المشكلة، وسبق أن رددناها مراراً في مناسبات كثيرة، وفي كتب كثيرة، ومنها هذا الكتاب، تحدثنا عنها سابقاً في هذا المسجد في هذا الكتاب.
يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه" إحنا مقررين -إن شاء الله- نقف على الجنائز، فلا. . . . . . . . .، عندك شيء يا عبد الرحمن؟
طالب. . . . . . . . .
هاه؟ نسخت لأنها .. ، أقم الصلاة لذكري، أحاديث المواقيت، وأحاديث الأمر بالصلاة، و ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) يعني صلِ كل وقت، نعم.
طالب. . . . . . . . .
يوم الجمعة هذا خاص، هذا خاص ويأتي الكلام في الجمعة.(43/5)
يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، وهو مروي عن ابن عمر، الخبر أرسله مالك، وأخرجه البخاري موصولاً، في الصحيحين قال: حدثني ابن عمر -رضي الله عنهما- "أنه قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إذا بدا)) " بدا: بدون همز، ظهر بدون همز، ((حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تبرز)) حاجب الشمس نقل الباجي عن العتبي: "قرن الشمس أعلاها، وحواجبها نواحيها"، قال أبو الوليد: اللي هو من؟ الباجي، نعم، والذي عندنا أن حاجب الشمس هو أول ما يبدو منها، أول ما يبدو منها، وهو أعلاها، نهى عن فعل الصلاة وقت طلوع الشمس ووقت غروبها، منذ يبرز حاجب الشمس إلى أن يطلع جميعها، ومنذ يغيب بعض الشمس إلى أن يغيب جميعها، هذا ما يتناوله هذا الحديث، ويتناول حديث الصنابحي النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس حتى ترتفع، ولا تسمى مرتفعة حتى تتكامل، وينتشر شعاعها، ويزيد على مقدار جرمها، وهو الوقت الذي تستباح فيه النافلة، وكذلك في حديث عقبة بن عامر الجهني.
جاء في تحديده قيد رمح، قيد رمح، وهو يتراوح بين عشر دقائق إلى ربع ساعة، حسب طول النهار وقصره.
((إذا بدا حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تبرز -حتى تصير بارزة أي: ترتفع وتنتشر- وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغيب)) زاد البخاري: ((فإنها تطلع بين قرني شيطان)) وفيه إشارة إلى علة النهي عن الصلاة في الوقتين، خلافاً لمن قال: إن النهي تعبد، أي لا يعقل معناه.(43/6)
"وحدثني عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن -بن يعقوب المدني- قال: دخلنا على أنس بن مالك بعد الظهر" في مسلم عن العلاء قال: دخلنا ... ، في مسلم عن العلاء قال: دخلنا على أنس بن مالك في داره بالبصرة منذ انصرف من الظهر، وداره بجنب المسجد، فلما دخلنا عليه، قال: أصليتم العصر؟ قلنا له: إنما انصرفنا الساعة من الظهر، فقام فصلى العصر، "دخلنا على أنس بن مالك بعد الظهر، فقام يصلى العصر" الأمراء يؤخرون الصلوات عن أوقاتها، فيؤخرون الظهر إلى آخر وقتها، فهم دخلوا على أنس في داره، فلما دخلوا بعد انصرافهم من صلاة الظهر، بعد ذلك دخل وقت العصر فقال: أصليتم العصر؟ قالوا: الآن انصرفنا من صلاة الظهر، فالاحتمال أنهم أخروا صلاة الظهر مع الأمراء على العادة، ثم دخلوا على أنس بن مالك فقام أنس يصلي العصر في أول وقتها، يصلي العصر في أول وقتها، فقام يصلي العصر، يعني في أول وقتها، "فلما فرغ من صلاته ذكرنا تعجيل الصلاة، أو ذكرها، فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((تلك صلاة المنافقين)) " لأنه من لازم تأخير صلاة الظهر إلى آخر وقتها أنهم يؤخرون صلاة العصر إلى آخر وقتها، نعم، تلك صلاة المنافق، أي الصلاة المؤخرة، ((تلك صلاة المنافقين، تلك صلاة المنافقين، تلك صلاة المنافقين)) المنافق يستثقل الصلاة، يدخل الوقت يقول: بعدين، يدخل الوقت قال .. ، مضى من الوقت كذا بعدين، مضى من الوقت كذا بعدين، إذا قرب نهاية الوقت قام كسلان، {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [(142) سورة النساء] وإلا يمكن بعد ما عنده أحد يذكره يمكن ما يصلي، {يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [(142) سورة النساء] بخلاف من ينشط، يسمع الأذان يقوم يترك ما بيده، ويقوم إلى الصلاة هذا على النقيض من حال المنافقين، يفزع النبي -عليه الصلاة والسلام- للصلاة.(43/7)
((تلك صلاة المنافقين، تلك صلاة المنافقين)) كررها ثلاثاً لمزيد التنفير من تأخير الصلاة إلى آخر وقتها، فضلاً عن أن تؤخر عن وقتها، ((يجلس أحدهم –يعني غير مبالٍ بالصلاة- حتى إذا اصفرت الشمس)) الآن يمكن بتأخير الصلاة اثنان يؤخران الصلاة معاً، يؤخرون الصلاة معاً، هذا يؤجر وهذا يؤزر، نعم، لماذا؟ مثلاً هم في رحلة وحضرت صلاة العشاء أحدهما يقول: نؤخر العشاء لأنه السنة، والآخر يؤخرها استثقالاً يشبه المنافقين في استثقالها، فهذا مأجور، وهذا مأزور، وكل على نيته، ولذا تجدون الناس يتفاوتون، يتفاوتون في نظراتهم إلى الأمور، يعني مثلاً طلعوا لرحلة، أو باستراحة ليلة الجمعة، قام أحدهم مبكر، لماذا يا فلان؟ الليلة ليلة جمعة، وهم يقولون: اجلس الليلة ليلة جمعة، نعم، الحجة واحدة، لكن المقاصد مختلفة، المقاصد مختلفة، وهما بعد أذان العشاء اثنان كلاهما يريد التأخير، لكن هذا يريد التأخير طلباً للسنة، وهذا يريد التأخير استثقالاً لها، كما يفعل المنافق في صلاة العصر، نسأل الله العافية.(43/8)
((يجلس أحدهم -غير مبالٍ- حتى إذا اصفرت الشمس، وكانت بين قرني)) جانبي رأس الشيطان، قرني بالتثنية أو قال: ((أو على قرن)) شك بالإفراد ((الشيطان، قام فنقر أربعاً، لا يذكر الله فيها إلا قليلاً))، نقر وجاء النهي عن مشابهة الحيوان في الصلاة، ومن ذلك نقر كنقر الغراب، مثل هذا هل يظن به أنه يحسن صلاته؟ الذي يقول: بعدين، بعدين؟ نعم، وجه شبه وإن كان من بُعد بعض الناس إذا كان له مشوار والصلاة قريب الإقامة، تقول له: صلِ وبعدين روح المشوار، يقول: لا قدام، هذا كثير، وغالباً الذي يقول: قدام تفوته الصلاة، هذا في الغالب، هذا مجرب، نعم، قدام، مر هذا ما لقى موقع، طيب على طول، مر مسجد وإلا على الجانب الأيسر، يبي يأخذ الدورة إلى قدام، وهكذا إلى أن تفوته الصلاة، فالمطلوب أن يبادر الإنسان إلى الصلاة قبل كل شيء، حتى إذا فرغ منها يتجه إلى ما يريده من أمور الدنيا، والدنيا ملحوق عليها، ما هي بفائتة -إن شاء الله-، المجرب أنه إذا فال: الصلاة أمامك أنها تفوت الصلاة، نعم إذا كانوا مجموعة، وليسوا مطالبين بالصلاة في مسجد، يقولون: قدام على شان يحصلون أمراً يفوت، أو لأن الصلاة تأخيرها أفضل، هذا لا بأس به، لكن هم مطالبون بالجماعة في المسجد، ويقول: قدام قدام وبعد ذلك تفوته الصلاة، فعلى الإنسان أن يهتم بهذا، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
وأنت تعرف أنه يسرع؟ دخلت ويش اللي يفوتك؟ ما تدرك التسبيحات ولا تدرك .. ؟
طالب:. . . . . . . . .
ولا واحدة؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه مثل هذا قد يوجد، لكن مثل هذا لا ينبغي أن يؤم الناس.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، ما تقطع الصلاة، يعني ما أدركته صلِ، لكن على الأقل تبي تدرك تسبيحة، تدرك شيء، الفاتحة اللي يفوتك منها أنت في حكم المسبوق يسقط عنك الباقي، لكن ما تدخل -وأنت على بينة- مع مثل هذا، إذا أخل بالصلاة خلل بحيث لا يطمئن في صلاته البتة صلاته باطلة؛ لأن الطمأنينة في الصلاة ركن، نعم.
طالب:. . . . . . . . .(43/9)
إيه، قرن يعني يراد به الجنس، يعني الاثنين، مثل: ((لا يصلِ أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)) الرواية الأخرى: ((ليس علي عاتقيه منه شيء)) يراد بالواحد الجنس، فيشمل الاثنين.
"وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يتحرَ)) " بدون ألف، فعلى هذا تكون (لا) ناهية، والرواية الأخرى: ((لا يتحرى)) بالألف تكون نافية، أو هي ناهية وبقيت للإشباع، إشباع الفتحة، ((لا يتحرى)) مثل: "من يتقي ويصبر" هذا إشباع، ((لا يتحرَ أحدكم فيصلي)) فيصلي: منصوب بأن المضمرة بعد فاء السببية المسبوقة بالنهي، ((فيصلي عند طلوع الشمس، ولا عند غروبها)).
قال الباجي: "يحتمل ذلك وجهين: يصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها، يحتمل ذلك وجهين: الأول: أن يريد المنع من النافلة في ذلك الوقت، والثاني: المنع من تأخير الفرض إلى ذلك الوقت.
((لا يتحرَ أحدكم فيصلي .. )) يؤخر الصبح إلى قرب طلوع الشمس، ويؤخر العصر إلى قرب غروبها، هذا احتمال، والاحتمال الثاني: أنه لا يتحرى ذلك الوقت الذي تطلع فيه الشمس وتغرب بين قرني شيطان، فيشرع في النافلة في هذا الوقت، هذا وقت نهي.
ترون بعض الطوائف المبتدعة في الحرمين يتحرون هذا، ويصلون وقت الطلوع، وقت البزوغ، ويصلون أيضاً وقت الغروب، ولا شك أن هذا من المخالفات، وهم عرفوا بمخالفة السنن.
لكن يشكل على كثير من الناس التقويم، التقويم وقت الإشراق كذا، يقوم يصلي خلاص، وقت الإشراق يقوم، لا يدري أن وقت الإشراق الذي هو البزوغ، فيحتاج إلى وقت بعده ترتفع فيه الشمس، يعني ربع ساعة، يعني ربع ساعة أحوط، كثير من الناس ينظر إلى الساعات فإذا رأى الشروق كذا، ينتظر وبالدقيقة ثم يقوم يصلي، هذا بزوغ الشمس، وهو الذي في التقويم بزوغ الشمس، فيحتاج إلى وقت حتى ترتفع الشمس، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
والله أكثر أكثر، قائم الظهيرة يحتاج، يعني لا سيما في الصيف يزيد إلى ربع أو ثلث ساعة، قائم الظهيرة، نعم.
طالب:. . . . . . . . .(43/10)
الاصفرار هذا وقت ضرورة يسمونه، يسميه أهل العلم ضرورة، نعم، وقت ضرورة لا تصلى فيه العصر إلا ضرورة، يعني ليس بوقت لها وقت اختيار، نعم، هو قبيل الغروب، هو قبيل الغروب.
"وحدثني عن مالك" خلونا نكمل يا الإخوان، على شان نشوف إن كان بقي وقت لذوات الأسباب وإلا نحيل على ما سبق وننتهي.
يقول: "وحدثني عن مالك عن محمد بن يحيى بن حبان -الأنصاري- عن الأعرج -عبد الرحمن بن هرمز- عن أبى هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس".
أما بالنسبة للفرائض فيجوز فعلها، نعم، فيجوز فعلها في أوقات النهي لحديث: ((من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)).
وأما الفوائت فقال مالك -رحمه الله-: "يجوز فعلها في وقت النهي"، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: لا يجوز، حتى عند أبي حنيفة كما تقدم أنه إذا طلعت عليه الشمس وهو في صلاة الصبح تبطل الصلاة، ينتظر حتى يخرج وقت النهي، هذا تقدم شرحه، وقال أبو حنيفة: لا يجوز ذلك في وقت نَهْي نُهيَ عن الصلاة فيه، والدليل على جواز ذلك قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من نام عن صلاة أو نسيها فليصليها إذا ذكرها)) فإن الله تعالى يقول: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [(14) سورة طه] وهذا عام في جميع الأوقات، ذكره الباجي.
وقد صح عن أبي بكرة وكعب بن عجرة منع صلاة الفرض في هذه الأوقات، يعني كأن الحنفية استندوا إلى قول هذين الصحابيين.
صلاة الجنازة لا تمنع في وقت موسع، يعني لا تمنع بعد صلاة الصبح، ولا بعد صلاة العصر، لكن إذا ضاق الوقت فلا، فلا، لحديث عقبة بن عامر قال: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا"، حتى قال جمع من أهل العلم: إن المراد بقبر الجنازة -قبر الموتى- هنا هي صلاة الجنازة، نعم، المراد به صلاة الجنازة، سجود التلاوة كل على مذهبه في كونه صلاة، أو ليس بصلاة، على ما تقدم تقريره.
طالب:. . . . . . . . .(43/11)
والله بعد الصلاة جائز، ما في إشكال؛ لأنه وقت موسع، أقول: وقت موسع، والجنازة ما نص عليها إلا في الأوقات المضيقة الثلاثة.
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
فعل إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
ارفع، ارفع صوتك، ترى ما أسمعك يا أخي.
طالب:. . . . . . . . .
اللي هو أبو بكرة وكعب بن عجرة؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا قولهم، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- أقر من قضى النافلة بعد صلاة الصبح، فكيف بالفريضة؟ مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من نام عن صلاة أو نسيها فليصليها إذا ذكرها))، ((من أدرك من الصبح ركعة)) يعني طلعت الشمس .. ، قبل أن تطلع الشمس طلعت وهو في أثناء الصلاة، هذا وقت نهي، النصوص الصحيحة الصريحة تدل على أن الفرائض لا تدخل في النهي، ويبقى أن النهي في النوافل فقط، والنوافل لا تخلو: إما أن تكون ذات سبب أو مطلقة، وكل له حكمه، تقدم أن الشمس وسيأتي هنا بعد حديث، حديثين، "عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب كان يقول: "لا تحروا"، أصلها: "لا تتحروا" فحذفت إحدى التاءين، أي: لا تقصدوا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها، فإن الشيطان يطلع قرناه مع طلوع الشمس، ويغربان مع غروبها، جانبا رأسه، قد يقول قائل: الشمس في أي سماء؟ نعم؟ دون السماء وإلا داخل؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
عندك علم وإلا دليل وإلا .. ؟ ويش دليلك على هذا؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش هي؟
طالب:. . . . . . . . .
{وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا} [(16) سورة نوح] ويش تقول؟
طالب:. . . . . . . . .(43/12)
على كل حال المسألة خلافية بين أهل العلم، منهم من يقول: إنها في السماء الرابعة، نعم من أهل العلم من يقول: إنها في السماء الرابعة، والمرجح عند أهل الشرع أنها في الفَلَك الرابع، والأفلاك غير السماوات، يعني أهل الهيئة يرون أن الأفلاك هي السماوات، وعند علماء الشرع أن الشمس في الفلك الرابع، والسماوات السبع غير الأفلاك خلافاً لأهل الهيئة، كما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: "وذلك أن الشياطين قد منعوا من دخول السماء"، يعني تطلع بين قرني شيطان، الشيطان ممنوع من دخول السماء، نعم، لا تقس هذا. . . . . . . . . هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه زين.
"وكان عمر -رضي الله عنه- يضرب الناس على تلك الصلاة" عمر -رضي الله عنه- يضرب الناس على تلك الصلاة، يعني الصلاة بعد طلوع الشمس مع طلوع الشمس ومع غروبها، فيريد الصلاة التي يتحرى بها طلوع الشمس وغروبها، وعمر -رضي الله عنه- من أشد الناس في تطبيق السنة، معه الدرة، يضرب بها كل مخالف، نعم لأنه يستطيع التغيير باليد، يستطيع تغيير المنكر باليد، والله المستعان، ما قال: الناس أحرار وحقوق مدري إيش؟ نعم، لا، لا، الناس ليسوا بأحرار، كلهم عبيد لله، لا بد أن ينقادوا لأمر الله وأمر رسوله، لا بد أن يؤطروا على الحق، إذا قلنا: هم أحرار معناه نضيع، نُضيع الدين والدنيا إذا قلنا: أحرار، إيش معنى أحرار؟ نعم، ليسوا بعبيد لمخلوق إنما هم عبيد لله، خلقوا لعبادته، وإلا لماذا شرعت الحدود؟ ولماذا جعلت الجنة والنار؟ والله المستعان.
يقول ابن عباس: "كنت أضرب الناس مع عمر على الركعتين بعد العصر"، يقول: "كنت أضرب الناس" نعم يعني بقوة السلطان، لا بتصرفه هو، نعم، لكن هو مع السلطان يضربهم، وإلا فليس لأفراد الناس أن يضربوا غيرهم، على كل حال هو بقوة السلطان، ومعه يضرب الناس، كأن عمر أذن له في ذلك، ابن عباس، ابن عباس نعم.(43/13)
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أنه رأى عمر بن الخطاب يضرب المنكدر -بن محمد بن المنكدر القرشي التيمي- في الصلاة بعد العصر"، لأنه لا يسوغ الاجتهاد في مثل هذا، لما صح عنده عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، هذا إذا كان المنكدر بعد من أهل الاجتهاد، فلا يسوغ الاجتهاد مع النص، أما إذا لم يكن من أهل الاجتهاد فالمسألة ثانية، نعم، فالاجتهاد لا يسوغ مع النص.
روى عبد الرزاق عن زيد بن خالد أن عمر رآه -وهو خليفة- راكع بعد العصر فضربه، فذكر الحديث وفيه، فقال عمر: يا زيد لولا أني أخشى أن يتخذها الناس سلماً إلى الصلاة حتى الليل، لم اضرب فيهما، يعني لم أضرب في الوقت الموسع، لكن أخشى أن الناس يسترسلون فيصلون إلى الوقت المضيق، وروى عنه تميم الداري نحو ذلك.
ولذا ذهب بعض أهل العلم منهم ابن عبد البر وابن رجب وجمع إلى أن النهي عن الصلاة في الوقتين الموسعين من باب نهي الوسائل لا المقاصد، لما يخشى أن يسترسل الناس في الصلاة إلى أن يأتي الوقت المضيق، ولذا الأمر فيهما أخف، الأمر فيهما أخف، يعني ذوات الأسباب تفعل في الوقتين الموسعين، وأما بالنسبة الثلاثة الأوقات المضيقة فلا يفعل فيها شيء من النوافل حتى ما له سبب، حتى ما له سبب، وهذه المسألة سبق بسطها في مناسبات وفي هذا الكتاب، وعرفنا ما بين النصوص، ومن قال من أهل العلم بكذا، وما بينها من تعارض من عموم وخصوص وجهي، ورجحنا في وقتها.
طالب:. . . . . . . . .
عمر يضربهم لقوته في الحق، لقوته في الحق.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يلزم، ما يلزم، منهم المجتهد الذي يرى أنه يسوغ ذلك؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أقر من يقضي الراتبة، وصلى بعد العصر واستمر على ذلك، نعم، ولذا يؤثر عن بعض الصحابة أنهم يصلون بعد العصر؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قضى راتبة الظهر واستمر عليها، ومثلما ذكرنا أن الوقتين الموسعين أمرهما أخف، بخلاف الأوقات الثلاثة المضيقة.
طالب:. . . . . . . . .(43/14)
نعم؟ تابعي تابعي، تابعي لما سأله الترمذي قال: لا، أبو عبد الله، يقصد صاحب هذا الحديث، توهيم مالك وهو نجم السنن من أجل كلام البخاري فيه ما فيه، ما يمنع أن يكون اثنين، توهيمه .. ، توهيم .. ، كلام ابن حجر في الإصابة مستنده كلام البخاري، مستنده كلام البخاري، لا، مستنده كلام البخاري؛ لأنه يقول: لا وجود له.
أسئلة متكررة عن الجمع في مثل هذه الأيام، الأسئلة كثيرة حول هذا، ولا شك أن المطر الذي يكون سبباً في المشقة اللاحقة بالمصلين، والوحل الشديد، والريح الشديدة الباردة، كل هذه مبررات، وأسباب للجمع عند أهل العلم، والحرج منفي عن هذه الأمة، مع أن الأصل أن كل صلاة تصلى في وقتها، وأن الصلاة في الأصل لا تجوز ولا تصح قبل وقتها ولا بعده إلا قضاءً، بعده قضاءً لا بأس للعذر، وبعضهم يرى أنه إذا أخرها عن وقتها لغير عذر أنه لا يقضيها، لا يكفي فيها القضاء.
المقصود أن الأصل في الصلوات التوقيت، أن كل صلاة للمقيم الصلاة في وقتها، لكن إذا وجد الحرج فالحرج منفي عن هذه الأمة، وجاء في حديث ابن عباس في صحيح مسلم لما جمع النبي -عليه الصلاة والسلام- بين الظهرين والعشاءين، وصلى ثمانياً وسبعاً، قال: "أراد ألا يحرج أمته" دل على أن الحرج موجود في هذا الجمع.(43/15)
الجو في هذه الأيام جو طيب جداً، ليس فيه برد، ليس فيه برد، والوحل لا يوجد وحل، بعضكم أدرك الشوارع قبل الإسفلت والإنارة، قد يكون بعضكم أدرك ذلك، ما يمشي الإنسان خمسة أمتار أو عشرة إلا وقد وقع على الأرض مرتين أو ثلاث لما كان الطين، وينزل عليه من الجدران كتل من الطين، نعم، لكن الآن الخروج في مثل هذه الأيام متعة، أشوف بعض الإخوان يجمع ثم يذهب إلى محله، دكانه، شغله، أو يطلع رحلة، أو استراحة مع مجموعة من الشباب، استرسل بعض الإخوان حتى وصل إلى حد لا يقبله أحد، اتصل واحد وقال: نزل المطر فصليت في البيت، قلت: لا بأس معك أصل، إذا وجدت المشقة الصلاة في الرحال مشروعة، قال: وجمعت، قلت: والله يا أخي ما له مبرر تجمع وأنت في البيت، قال: لا وقصرت،. . . . . . . . . ما بقي شيء، التساهل يولد مثل هذه الأمور، التساهل يولد مثل هذه الأمور، ولا بد أن يستمر العذر إلى إقامة الصلاة الثانية، يعني لو نزل المطر في أثناء صلاة المغرب ثم توقف قبل إقامة الثانية عند أهل العلم ما قام السبب، ولما سلمنا من صلاة المغرب ما في إلا المطر اللي نازل في الأرض يعني، ما في شيء ينزل من السماء، وعلى كل حال من اجتهد وجمع ورأى أن هذا كاف صلاته -إن شاء الله- صحيحة، لكن يبقى أن التساهل في هذا الأمر ليس بالطيب، يعني تجد بعض الناس في بعض الأبواب من أشد الناس، وفي بعضها يتسامح ويتساهل تساهل غير مرضي.
على كل حال النظر إلى المتوسط، لا ينظر إلى المتشدد، ولا ينظر إلى المتساهل، متوسط الناس، المسألة .. ، ديننا -ولله الحمد- وسط، نعم؟ من تكلم؟
طالب:. . . . . . . . .(43/16)
الهواء البارد إذا وجد مع المطر ولو خفيف، أو إذا كانت ريح باردة شديدة هذا مبرر للجمع، لكن كثير من الشباب الذين تسارعوا وجمعوا يبي يطلعون أنا أعرفهم، يشوفون السيل على النفت وعلى الشعبان، ترى هذا موجود يا الإخوان، نعم، موجود، موجود عند الشباب، فما أدري حقيقة هل جمعوا ليرتاحوا من الصلاة؟ هذه مشكلة يا إخوان، كوننا نتثاقل الصلاة إلى هذا الحد، ونكرر أن الدين -ولله الحمد- ليس فيه مشقة، وليس فيه آصار ولا أغلال، ولا يكلف ما لا يطاق، لكن يبقى أن التساهل الذي يستشف منه أن الإنسان يريد أن يرتاح من هذه الصلاة هذه مشكلة.
يقول: أنا لا أرى الجمع في مثل هذه الأيام فهل يجوز لي مفارقة الجماعة أم أن الخلاف شر؟
الخلاف شر في فاضل ومفضول، تفعل المفضول الجائز كما فعل ابن مسعود مع عثمان -رضي الله عنه- لكن الخلاف شر في جائز وغير جائز؟ لا يا إخوان، لا أبداً، لا ترتكب محظور على شان تقول: الخلاف شر، لا، خليه يعرف أن لك رأي في المسألة، وأنك لا تتابعه على التساهل، نعم.
على كل حال إذا كان يشق على بعض المأمومين يسوغ الجمع، لا يلزم أن يشق على الجميع، لا يلزم أن يشق على الجميع، أنا أقول -وما زلت أقول وأكرر-: أن الدين -ولله الحمد- ليس فيه ما يشتمل على المشقة، المشقة منفية, والحرج منفي، إذا وجدت المشقة وكل إنسان يقدر ذلك من نفسه، وكل إنسان يقدر ذلك من نفسه، وإذا وجدت المشقة على بعض المأمومين وجد المبرر، لا يلزم أن يكون جميع المأمومين، الرخصة إذا نزلت عمت، وما في شك أن الأحياء تختلف من حي إلى حي، يختلف المطر في الرياض، نعم، اتصل علينا بعض الجهات يعني لا سيما شمال الرياض، يقولون: غرق، الآن حبسنا المطر لا نستطيع أن نقدم ولا نؤخر، مثل هؤلاء المشقة حاصلة.
طالب:. . . . . . . . .
إيه يصلي في البيت في وقت لا يوجد مبرر للجمع يصلي في البيت أهون، أهون من أن يجمع.(43/17)
هذا يقول: يقسم أيماناً ثلاثة، والله وتالله وبالله منذ سمعت حديث: ((من قال: لا إله إلا الله، له الملك، وله الحمد مائة مرة)) .. إلى آخره، وطبقته إلا وقد حصل .. فيّ إيش؟ إلا وقد حصل فيّ شيء عجيب، والله إني لمن أثقل خلق الله نوماً، يقسم أنه من أثقل خلق الله نوماً، ولكن بعد هذا الحديث تغير حاله، وأصبح يستيقظ مباشرة للصلاة، ثم بدأت .. يقول: ثم بدأت أنشر هذا الخبر عبر رسائل الجوال لعل الفائدة تعم، نعم.
المقصود أنه استفاد من هذا، ولا شك أن هذا حديث صحيح في الصحيحين وغيرهما، والآثار المرتبة عليه، والوعد الموعود به محقق مؤكد، لا إشكال فيه، ما دام الحديث صحيح، والوعد ممن لا يخلف الميعاد، المسألة إذا كانت احتمال يعني، مجرد احتمال وهذه وجهة نظر شيء، أما إذا كان لا مبرر للجمع البتة، فالذي يخرج من المسجد هو الأصل، ولا يجوز له أن يتابع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم إذا صارت وجهة نظر، يعني ها .. ؛ لأن المسألة تكون إما مقطوع بوجود السبب، أو مقطوع بانتفاء السبب، نعم، إذا قطع بوجود السبب لا ينبغي لأحد أن يتخلف عن الجمع، هذا هو السنة، وإذا قطع بانتفاء السبب لا يجوز لأحد أن يوافق من يجمع، وإذا كانت المسألة احتمال، فالمسألة على حسب غلبة الظن، على غلبة الظن، يعني إذا كان يغلب على ظنه أن السبب قائم يجمع، ويبقى أنه بين هذين المقامين مقامات.
على كل حال إذا وجدت المشقة ولو لبعض الجماعة ساغ الجمع؛ لأن الرخصة إذا نزلت عمت، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
يصلي العشاء طيب، هو ما صلى المغرب يدخل معهم، يصلي، يصلي لكن إذا قام إلى الرابعة ينوي الانفراد ويجلس فإن سلم ولحق بهم في الركعة الرابعة وأدركهم، وأكمل عليها بقية صلاته صح له ذلك -إن شاء الله-، وإن انتظرهم حتى يسلموا ويسلم معهم لا بأس، إذا أقيمت جماعة أخرى؟ إذا أقيمت جماعة أخرى، جاء ناس متخلفون ما صلوا المغرب يصلي معهم ويزيد رابعة، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
لا شك أن المطر نعمة من نعم الله -جل وعلا-، نعمة، فتهنئة المسلم بما يسره، والدعاء بأن يكون سقيا رحمة، مثل ما جاء في الأدعية المأثورة.
طالب:. . . . . . . . .(43/18)
هو مادام منفرد منفرد يصلي العشاء في بيته في وقتها.
طالب:. . . . . . . . .
الجمع من أجل مشقة الخروج إلى المسجد، ويعرف أنهم جمعوا. . . . . . . . . ولن تقام صلاة الجماعة مرة أخرى، نعم، فمبرر الجمع ما هو موجود، نعم، ويبقى أن الاشتراط هذا مع أن النبي -عليه الصلاة والسلام- في ليلة مزدلفة، وهو جمع تقديم، نعم، ماذا صنع بين الصلاتين؟ يضعوا رحالهم، نعم.
يقول: ذكر المختصر إيش؟ علق على الأحاديث وشرحها البغا عند قوله: ((وبها يطلع قرن الشيطان)) قال: جماعته وحزبه، فهل هذا هو المراد ما توجيهكم؟
أشار النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى جهة المشرق لما طُلب منه، أو لما دعا لبعض الجهات، ثم أشار إلى جهة المشرق، وقال: ((حيث يطلع قرن الشيطان)) وفي بعض الروايات: ((حيث ربيعة ومضر)) ((اللهم بارك لنا في نجدنا)) أشار إلى الجهة وقال: ((حيث يطلع قرن الشيطان)) ويختلفون في المراد بنجد، والأكثر على أن المراد بها نجد العراق، ومنها أكثر الفتن، من تلك الجهات من أرض المشرق أكثر الفتن.
وقنوت النازلة في صلاة الجمعة، صلاة الجمعة فريضة من الفرائض، وأهل العلم يقولون: إذا نزلت في المسلمين نازلة فيقنت في الفرائض، ومقتضاها أن الجمعة منها، لكن ليس فيها دليل يخصها بخلاف الصلوات الخمس ففيها كلها ما يدل على ذلك، فلو ترك القنوت في صلاة الجمعة أولى، مقتضى كلام أهل العلم يتناول الجمعة، نعم.
بعض الإخوان في مسألة سنن ذوات الأسباب في أوقات النهي ولها علاقة أو هي من مسائل الأبواب الأخيرة؟ وأحلنا على ما ذكرناه سابقاً في هذه المسألة في هذا الكتاب وفي غيره، وبعضهم يرى أن هذا وقتها، وهذه مناسبتها، نعم، النهي عن الصلاة في الأوقات الخمسة، يقول: لو أعيد الكلام فيها بشيء من التفصيل، وهو المناسب، هذه مناسبتها، وهذا وقتها؟
وأنا كررتها مراراً، وفي مناسبات، وفي كتب، وفي .. ، فتكرارها أكثر من هذا فيه شيء من الملل، لكن لا يمنع أن نشير إلى أطراف المسألة.(43/19)
أولاً: أوقات النهي -كما هو معروف- خمسة: من طلوع الصبح إلى طلوع الشمس، وهذا وقت موسع، ومن طلوعها حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول الشمس، ومن صلاة العصر حتى تتضيف الشمس للغروب، ومن ذلك إلى أن تغرب، وقتان موسعان، وثلاثة مضيقة.
بعد طلوع الصبح إلى طلوع الشمس هذا موسع، تصلى فيه راتبة الصبح أداءً وقضاءً قبل الصلاة وبعدها، فقد أقر النبي -عليه الصلاة والسلام- من قضى راتبة الصبح بعدها، وبعد صلاة العصر قضى النبي -عليه الصلاة والسلام- راتبة الظهر، وبعض السلف كان يقتدي به فيصلي في هذا الوقت، يفعله بعض الصحابة، فالأمر في هذين الوقتين الموسعين أمر فيه شيء من التوسعة، فيرى بعض أهل العلم كابن عبد البر وابن رجب وغيرهما أن النهي عن الصلاة في هذين الوقتين الموسعين لئلا يسترسل المصلي فيصلي في الوقت المضيق، فالنهي عن الصلاة في هذين الوقتين لا لذاتهما، فيكون من باب نهي الوسائل لا المقاصد، ويبقى أن النهي الشديد في الأوقات الثلاثة المضيقة التي وردت في حديث عقبة بن عامر: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا" فالأمر في الأوقات الثلاثة أمر أشد، أشد، إذا عرفنا هذا فالأئمة الثلاثة: أبو حنيفة ومالك وأحمد، لا يرون فعل شيء من النوافل في هذه الأوقات الخمسة، حتى ما له سبب، حتى ما له سبب، وهذه العبارة عبارة الحنابلة، وعندهم إذا عبروا بـ (حتى) فهناك خلاف متوسط، يعني ليس بخلاف قوي ولا ضعيف، حتى ما له سبب، لثبوت النهي.
الشافعية .. ، أولاً: هم يتفقون على أن النوافل المطلقة ممنوعة في هذه الأوقات الخمسة، ذوات الأسباب التي هي محل الخلاف الأئمة الثلاثة على أنها لا تفعل، يعني نقول هذا الكلام في تحية المسجد، وفي ركعتي الإحرام عند من يقول بهما، ركعتي الوضوء، ركعتي الاستخارة، ركعتي الطواف، حتى ما له سبب، هذا قول الأئمة الثلاثة.(43/20)
وترجم الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه: باب: الطواف بعد الصبح وبعد العصر، باب: الطواف بعد الصبح وبعد العصر، وأورد في ذلك أحاديث النهي عن الصلاة في الوقتين، فدل على أنه لا يرى الطواف؛ لأن الطواف يقتضي .. ، يستدعي الصلاة، والصلاة جاء النهي عنها في هذين الوقتين، وأورد فعل عمر -رضي الله عنه- حينما طاف بعد الصبح وصلى الركعتين بذي طوى، ومراده بذلك أن عمر أخر الركعتين حتى يخرج وقت النهي، والشارح أورد حديث جابر -رضي الله عنه- في المسند: ما كنا نطوف مع النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد الصبح ولا بعد العصر، وكأن الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- بذلك يضعف حديث: ((يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار)) يضعفه، يضعف الحديث بما ذكر في الباب.(43/21)
وعرفنا أن الشافعية يجيزون فعل ذوات الأسباب في أوقات النهي، ولا يفرقون بين موسع ومضيق، وبه يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-، والأول هو قول الجمهور أنه لا يفعل شيء من النوافل حتى ما له سبب، والشافعية يستحبون فعل ذوات الأسباب في أوقات النهي، ويرجح قولهم شيخ الإسلام ابن تيمية، وكثيراً مما يفتي الآن، يعرض المسألة على أنها من أيسر المسائل وأسهلها، أحاديث النهي عامة وأحاديث ذوات الأسباب خاصة، والخاص مقدم على العام وينتهي الإشكال، حتى يخيل لطالب العلم الصغير أن المسألة ما فيها أدنى إشكال، خاص مقدم على العام، وأهل العلم يقررون أن هذه المسألة من عضل المسائل ليست بالسهلة، حتى قال بعضهم: لا تدخل المسجد في هذه الأوقات، وقال بعضهم: إذا دخلت المسجد لا تجلس، تستمر واقف، وهذا الكلام يا الإخوان ما خرج من فراغ، من الذي نهاك من الصلاة في هذه الأوقات؟ هو اجتهاد وإلا استنباط؟ نصوص صرحية صحيحة، والناس لا سيما بعد أن ثاروا على التقليد قبل ربع قرن أو أكثر صاروا يتلذذون بالمخالفة في مثل هذه المسائل، وقد عهدنا الناس يصرفون عن الصلاة، يصرفون عن الصلاة في هذه الأوقات، حتى لو صف واحد أداروه عن القبلة، لا نقول: المسألة .. ، المسألة يعني فيها شيء من الشدة، والتقليد أثره ظاهر في مثل هذه التصرفات، لكن ماذا عن عمر الذي كان يضرب عليها؟ يضرب من يصلي في هذه الأوقات؟ أنا رأيت شخص يعني فقيه، نعم لا يتعدى المذهب، وله ابن قد يكون في مقاييسنا أفقه منه، دكتور في الفقه، لما كبر الابن أداره عن القبلة أبوه، فالمسألة لا شك أن مثل هذا التصرف فيه تقليد لعمر -رضي الله عنه-، عندما كان يضرب عن الصلاة في هذه الأوقات، أنا لا أريد من طالب العلم أن تكون تصرفاته ردود أفعال، سرنا على التقليد إذاً التقليد بجميع صوره وأشكاله يُثار عليه، ما هو بصحيح.(43/22)
بعضهم يقول -ممن تحرر عن التقليد-: هل تحفظون في هذه المسألة شيء؟ قال واحد من الحاضرين: أحفظ قول الإمام الشافعي، قال: دعنا من التقليد، دعنا من التقليد، قال: أحفظ قول الإمام. . . . . . . . . قال: اترك التقليد، قال الثاني: أنا أحفظ قول فلان، ولعله يقصد الشيخ ابن باز، قال:. . . . . . . . . هات، هذا مو بتقليد؟ هذا تقليد، كثير من الإخوان وفقهم الله، نعم العلماء الذين عرفوا بالعمل بالدليل نعم، تقليدهم تميل إليه النفس؟ لأن عملهم في الأصل وفي الغالب تبعاً للدليل، كثير من الإخوان إذا قيل له: هذا قول الإمام أحمد قال: لا، الشيخ الألباني يقول كذا، الشيخ الألباني على العين والرأس، الشيخ الألباني على العين والرأس، ولا يصدر في الغالب إلا عن أثر -رحمة الله عليه-، لكن يبقى أن هذا إمام وهذا إمام، يعني أقل الأحوال اجعل إمام في صدر إمام، وانظر في المسألة وتجرد أنت، لكن النفوس مشربة بحب التغيير، مشربة بحب التغيير، يعني الذي ألِفَه الناس أي شيء يغيروه هذا تنساق إليه النفوس، والإنسان مطالب بالعمل بما يدين الله به، ويجب أن يكون عمله موافق لما جاء عن الله وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام-، فننظر إلى المسألة بتجرد.(43/23)
فالذين منعوا -وهم الجمهور- حجتهم أحاديث النهي، وهي صحيحة صريحة في الباب، والذين أجازوا استدلوا بأدلة خاصة في هذه المسائل ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين))، ونجعل تحية المسجد عنوان لذوات الأسباب، عنوان لذوات الأسباب، طيب، الجمهور هل خفي عليهم مثل هذا الحديث؟ خفي على مالك وأبي حنيفة وأحمد وأتباعهم: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين))؟ ما خفي عليهم، إذاً كيف يقولون: إذا دخلت المسجد بعد صلاة الصبح أو بعد صلاة العصر اجلس لا تصلِ؟! كيف يقولون مثل هذا الكلام والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين))؟ نقول: عندهم أصل، وهو المنع، من الذي منعك؟ هو الذي أمرك، لم تتبع هواك، فقالوا: أحاديث ذوات الأسباب -ويمثلها تحية المسجد- عامة في الأوقات، وأحاديث النهي خاصة، عامة في الأوقات ((إذا دخل أحدكم المسجد)) عام يحتمل أن يكون دخوله بالليل، يحتمل أن يكون الضحى، الظهر، العصر، المغرب، إذا دخل عموماً لا يجلس، فعندهم أن أحاديث ذوات الأسباب عامة، وأحاديث النهي خاصة، نعم إذا نظرنا إلى الأوقات فكلامهم متجه، كلامهم صحيح، طيب الشافعية ماذا يقولون؟ يقولون: نعم، هي وإن كانت عامة في الأوقات إلا أنها خاصة بهذه الصلوات، فيقولون: إن أحاديث النهي عامة في جميع الصلوات، وأحاديث ذوات الأسباب خاصة بهذه الصلوات، والخاص مقدم على العام، الدعوة متكافئة، الدعوة متكافئة وكلامهم كلهم صحيح، أحاديث النهي عامة في الصلوات، وخاصة في الأقوات، والعكس في أحاديث ذوات الأسباب، عموم وخصوص وجهي، وهذا من أشكل .. ، من أعظم المسائل إشكالاً، إذا جاء العموم والخصوص الوجهي ثم صعب الترجيح، حينئذ نحتاج إلى مرجح خارجي، نرجح به قول الجمهور أو قول الشافعية، الجمهور يرجحون بأن الحضر مقدم على الإباحة، نقول: هذه عبادات يتقرب بها إلى الله -جل وعلا-، والأصل فيها التوقيف، الأصل فيها التوقيف، فإذا نهينا عنها لم يكن إتياننا بها على مراد الله -جل وعلا-، كيف نتقرب بصلاة قد نهينا عنها؟ الحضر مقدم على الإباحة، وهذا يقول به الشافعية أيضاً، طيب الشافعية ويش مرجحكم؟ قالوا: مرجحنا(43/24)
-وأيضاً يوافقهم عليه غيرهم- مرجحهم أن العموم المحفوظ أقوى من العموم الذي دخله الخصوص، والذي دخل عموم أحاديث النهي من المخصصات أكثر مما دخل عموم ذوات الأسباب، ويزاد العموم ضعفاً بكثرة المخصصات، ويدعون أن عموم ذوات الأسباب محفوظ، وأما عموم أحاديث النهي فمخصوص، مخصوص بالفرائص نعم أداءً وقضاء، مخصوص بإيش؟ براتبة الصبح، قضاءً، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قضى راتبة العصر بعدها، مخصوص بصلاة الجنازة وهي صلاة، مخصوص بأمور كثيرة فعمومه أضعف من عموم ذوات الأسباب، وبهذا يرجحون، وتبقى المسألة مشكلة، تبقى المسألة ما انحلت، لكن الإنسان لا بد أن يرجح قول، لا بد أن يرجح قول ليعمل به، إذا استغلق عليه الأمر واستوت من كل وجه يتوقف، يتوقف.
هذه حجج الفريقين، وهذه دعواهم، ونظرهم إلى هذه الحجج والنصوص، لكن الذي يظهر أن الأوقات الموسعة الأمر فيها أخف، فلا مانع أن تصلى ذوات الأسباب في أوقات موسعة، أما الأوقات المضيقة التي جاء فيها أكثر مما جاء في غيرها، ونهي فيها عن الصلاة وعن غير الصلاة، لا شك أن النهي فيها أقوى من النهي عن الصلاة في الوقتين الموسعين.
فالذي يظهر لي أن في الوقتين الموسعين الأمر فيه سعة، يعني لو صلى الإنسان تحية المسجد بعد صلاة الصبح، أو بعد صلاة العصر لا بأس، لكن في الأوقات الثلاثة المضيقة فلا؛ لأنه جاء فيها من التشديد ما لم يرد في الوقتين الموسعين، والمخصصات التي جاءت أكثرها في الأوقات الموسعة، هم يقولون: القضاء يحكي الأداء، القضاء يحكي الأداء، والأداء فعله في البيت أفضل، إذاً قضاؤها في البيت أفضل، لكن يبقى أن من جلس إلى أن تنتشر الشمس، وأراد أن يصلي ركعتين قبل الانصراف على الحديث المختلف فيه، هل يصليها .. ؟ يصلي الركعتين قبل قضاء راتبة الصبح أو يبدأ بقضاء راتبة الصبح ثم يصلي الركعتين؟ على كل حال الأمر في الوقتين الموسعين واسع، يعني من جلس لا إشكال فيه -إن شاء الله تعالى-، ومن صلى على حسب ما يترجح له، لا ينكر عليه.(43/25)
أما الأوقات الثلاثة المضيقة حين يطلع قرن الشيطان، وحين يقوم قائم الظهيرة، وتسجر جهنم، المسألة يعني ليست .. ، الأمر الثاني: أنها أوقات يسيرة، ما تكلف الإنسان شيء، لو تشاغل بغيرها ...
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إلا لا بد من ترجيح، لا، لا يمكن، لا بد من مرجح خارجي، لا بد من مرجح خارجي، عندك ((من بدل دينه فاقتلوه))، ((من بدل دينه فاقتلوه)) (من) من صيغ العموم، يشمل الذكور والإناث، الرجال والنساء، وحديث النهي عن قتل النساء والذرية خاص بالنساء إلا أنه عام في المرتدات والأصليات، نعم ((من بدل دينه فاقتلوه)) عام في الرجال والنساء، خاص بالمرتدين، النهي عن قتل النساء نعم، خاص بالنساء، لكنه عام في المرتدات والأصليات، عموم وخصوص وجهي، الجمهور على أن المرتدة تقتل كالرجل، طيب النهي عن قتل النساء؟ يقولون: إن هذا عمومه مخصوص، دخله مخصصات، المرأة إذا زنت وهي محصنة ترجم، المرأة إذا قتلت تقتل، إذاً ماذا عن النهي عن قتل النساء؟ هذا خاص بالأصليات؛ لأن عموم النهي عن قتل النساء مخصوص غير محفوظ، بينما عموم ((من بدل دينه فاقتلوه)) محفوظ، فهذا المرجح الخارجي الذي يجعل قول الجمهور أن المرأة إذا ارتدت تقتل كالرجل.(43/26)
مسألة الأمر والنهي إذا تعارضا أيهما أقوى؟ ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه)) يدل على أن النهي أقوى من الأمر إذا تعارض أمر ونهي فالنهي أقوى من الأمر، نعم، شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يرى العكس، يرى العكس أن مخالفة الأمر أعظم من مخالفة النهي، ويستدل بأن معصية آدم مخالفة نهي، ومعصية إبليس مخالفة أمر، نُهي آدم عن الأكل من الشجرة فأكل، وأُمر إبليس بالسجود فلم يسجد، لكن يبقى أن مثل هذا الكلام ليس على إطلاقه أبداً، ليس على إطلاقه بل ينظر إلى ذات المأمور وذات المنهي عنه أيهما أقوى؟ ينظر إلى قوة كل فرد فرد، نعم، الآن وأنت خارج إلى الصلاة مأمور إلى أن تخرج إلى الصلاة حيث ينادى بها، وفي طريقك إلى المسجد شباب يلعبون كرة، تقول لهم: صلوا، ما يستجيبون، تقول: والله ما أنا بطالع من البيت لئلا أرى المنكر الذي لا أستطيع تغييره، نعم، لكن لو كان في طريقك إلى المسجد بغي، وعندها ظالم لا يجيزك أن تذهب إلى المسجد إلا إذا وقعت عليها، نقول: صلِ في بيتك، فرق بين أمر وأمر، ونهي ونهي، ينظر إلى كل أمر على حدة، وإلى كل نهي على حدة.
يعني هناك أمور تطلق على أنها قواعد عامة، لكن يبقى أن النظر فيها إلى كل قضية قضية بعينها، كل قضية ينظر إليها بخصوصها.
أقول: الإشكال أن النفوس تشرئب إلى التغيير، ترتاح إلى التغيير، وكان الناس على مذهب سمعوا كلام وما زال يردد الآن عند بعض من يفتي عام وخاص والخاص مقدم على العام، وانتهى الإشكال، كأن لا شيء، ويدخل قبيل أذان المغرب بخمس دقائق ويركع ركعتين، هذا حاصل، قد يقول قائل: إذاً لا أطوف بعد صلاة الصبح ولا. . . . . . . . . نقول: طف يا أخي، لكن أخر الصلاة إيش اللي يمنع؟ ما لها وقت محدد، يسلمون بهذا، لكن المسألة مسألة استرواح، المسالة مسألة استرواح، بعضهم يسميه: استحسان، أنت إيش ترجح لك في هذه المسألة؟ لأن أدلتها ما تزال متكافئة، هؤلاء لهم مرجح، وهؤلاء لهم مرجح، نعم، تدرون أن بعضهم يقولون: لا تدخل المسجد.(43/27)
عند الظاهرية يقولون: إن النهي منسوخ عندهم، لا أدري هل قالوا به صراحة أو من لازم مذهبهم؟ أو هو من لازم المذهب أن الإنسان إذا دخل المسجد يضطجع؟ يصير ما جلس ولا .. ، كأنه من لازم المذهب وإلا مر بنا أنهم يقولون: بالنسخ، نسخ النهي.
حديث: ((الطواف بالبيت صلاة)) تعرف أنه ضعيف، فالطواف ليس بصلاة، يعني كونه يمنع من الطواف؛ لأنه يؤدي إلى صلاة، لذا جاء في حديث جابر: "ما كنا نطوف بعد الصبح ولا بعد العصر"، نعم.
طالب:. . . . . . . . .
الجمهور على أنه مكروه، الحنفية محرم، تواطؤوا على تسميته أوقات كراهة، لكن الأصل في النهي .. ، الأصل في النهي التحريم، لا سيما تحري طلوع الشمس وغروبها، الذي جاءت النصوص فيه آكد ...(43/28)
الموطأ - كتاب الجنائز (1)
شرح: باب: غسل الميت
الشيخ / عبد الكريم الخضير
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخينا واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للحاضرين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
كتاب الجنائز: باب: غسل الميت:
حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غسل في قميص، وحدثني عن مالك عن أيوب بن أبي تميمة السختياني عن محمد بن سيرين عن أم عطية الأنصارية -رضي الله تعالى عنها- قالت: دخل علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين توفيت ابنته فقال: ((اغسلنها ثلاثًا أو خمساً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر، وجعلن في الآخرة كافوراً، أو شيئاً من كافور، فإذا فرغتُن فآذنني)) قالت: فلما فرغنا أذناه، فأعطانا حقوه فقال: ((أشعرناها إياها)) تعني بحقوه إزاره.
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر -رضي الله عنه- أن أسماء بنت عميسٍ -رضي الله عنها- غسلت أبا بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- حين توفي، ثم خرجت فسألت من حضرها من المهاجرين فقالت: إني صائمة، وإن هذا يوم شديد البرد فهل علي من غسلٍ فقالوا: لا.
وحدثني عن مالكٍ أنه سمع أهل العلم يقولون: إذا ماتت المرأة وليس معها نساء يغسلنها ولا من ذوي المحرم أحد يلي ذلك منها، ولا زوج يلي ذلك منها يُممت فمسح بوجهها وكفيها من الصعيد.
قال مالك -رحمه الله-: إذا هلك الرجل وليس معه أحد إلا نساء يممنه أيضاً.
قال مالك -رحمه الله-: وليس لغسل الميت عندنا شيء موصوف، وليس لذلك صفة معلومة ولكن يغسل فيطهر.(44/1)
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "كتاب الجنائز" جمع جَنازة أو جِنازة بالفتح والكسر، ويقول ابن قتيبة: الكسر أفصح، ويقال: بالكسر للنعش وهو السرير الذي يحمل عليه الميت، وبالفتح للميت نفسه، بالكسر للنعش، بالفتح للميت، وهذا جارٍ على ما ذكروه من أن الأعلى للأعلى والأسفل للأسفل. جِنازة بالكسر للنعش؛ لأنه هو الأسفل، وجَنازة بالفتح للميت؛ لأنه هو الأعلى، يعني مثل ما قالوا في دَجاجة ودِجاجة بالفتح الذكر وبالكسر الأنثى، والمايح والماتح، الماتح الذي في أعلى البئر، والمايح الذي في أسفل البئر، المقصود أنهم يذكرون لهذا نظائر وأمثلة وهذا منها.
يقول: "باب: غسل الميت"
"حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد" جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن على بن أبي طالب، جعفر هو الصادق، وأبوه محمد هو الباقر، وجده علي بن الحسين زين العابدين، والحسين سبط رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأبوه علي بن أبي طالب -رضي الله عن الجميع-.
"عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غسل في قميص" هذا الحديث مرسل أرسله رواة الموطأ إلا في رواية سعيد بن عفير فوصله عن عائشة "غسل النبي -عليه الصلاة والسلام- في قميص" يعني غسل غير كفن نعم هذه مسألة أخرى، يعني هل يغسل مجرداً أو وعليه قميص؟ في هذا الخبر يقول: غسل في قميص، يقول ابن عبد البر في الاستذكار: السنة المجتمع عليها تحريم النظر إلى عورة الحي والميت، وحرمة المؤمن ميتاً كحرمته حياً، ولا يجوز لأحد أن يغسل ميتاً إلا وعليه ما يستره، فإن غسل في قميص فحسن، وستره كلِه حسن، أو كلُه؟
طالب:. . . . . . . . .
بعد في رأي ثالث.
الآن التوكيد (كل) لأي شيء؟ للضمير المضاف إليه، وستره كلِه حسن، وأقل ما يلزم من الستر هو ستر العورة، هذا بالنسبة لمن بلغ سبع فأكثر، أما ما دون السبع فأهل العلم يرون أنه لا عورة له، لا عورة له لمن دون السبع، ويغسله النساء وإن كان ذكراً أو الذكور وإن كان أنثى، هذا عندهم.(44/2)
يقول الباجي: إن صح هذا، يعني حديث الصادق عن أبيه عن عائشة يقول: إن صح هذا فيحتمل أن يكون ذلك خاصاً له، خاصاً بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني فغيره يجرد، هذا كلام الباجي، وقد روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: لما أرادوا غسل النبي -عليه الصلاة والسلام- فقالوا: والله ما ندري أنجرد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ثيابه كما نجرد موتانا؟ هذا دليل على أنهم يجردون الموتى، والله ما ندري أنجرد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما نجرد موتانا أو نغسله وعليه ثيابه؟ فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتى ما منهم رجل إلا وذقنه على صدره، ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت لا يدورن منه: "اغسلوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعني في ثيابه" فقاموا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فغسلوه وعليه قميص يصبون فوق القميص، ويدلكون دون القميص بأيديهم، هذا تفرد به محمد بن إسحاق ومحمد بن إسحاق الكلام فيه لأهل العلم طويل، الكلام هل يحتمل تفرده أو لا يحتمل؟ يعني هذا من السيرة أو من الأحكام؟ يعني في الأحكام لا يحتمل تفرده، وفي السير إمام عند أهل العلم إمام في السير، لكن هل هذا الخبر يدخل في السير أو في الأحكام؟ يعني لما يقول أهل العلم: إنهم يتساهلون في أحاديث المغازي والسير والتفسير والفضائل وغيرها هل يقصدون بذلك السير التي هي مجرد أخبار أو عموم ما يتعلق بالسيرة ولو تضمنت حكماً شرعياً؟
طالب:. . . . . . . . .(44/3)
لكن هذا حكم شرعي، تضمن حكم شرعي، يعني لما يتكلمون عن غزوة من الغزوات غزوة حنين، ويتكلمون على أحكام المغانم ضمن الغزوة، هل نقول: إن هذا يشترط له ما يشترط لرواة الأحكام؟ أو نقول: هذا داخل في السير ونتساهل في قبوله؟ مثل الحديث الذي معنا يعني هذا الأصل فيه أنه خبر عن وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وما حصل لكنه تضمن حكماً من الأحكام إلا إذا تساهلوا في أحاديث السير فهل معناه أنهم يتساهلون بجميع ما يروى في كتب السيرة ولو تضمنت أحكاماً أو أنه مقصور على مجرد الإخبار تقبل الأخبار التي لا تتضمن أحكاماً ولو لم يشترط فيها رجال الأحكام؟ ويبقى أن ما تضمن حكماً شرعياً يطلبه رجال الأحكام، يعني خصائص النبي -عليه الصلاة والسلام- على أساس أنها مجرد أخبار عارية عن الأحكام، المسألة هذه ترى مهمة يا الإخوان، ما هي بـ .... ؛ لأن بعضهم يطلق التساهل في أحاديث السير والمغازي، أخبار السيرة يتساهلون فيها، ومنهم من يشدد فيطبق عليها قواعد أهل الحديث وإن كانت مجرد أخبار، ولذا تجدون من يصنف في صحيح السيرة يأتي بأخبار غير مترابطة فيها حلقات مفقودة؛ لأنه يقتصر على الصحيح ثم بينهما حلقة لا تنطبق عليها قواعد المحدثين يحذفها، وبعض الناس يشدد فيها نعم مجرد أخبار الحمد لله فيها سعة، نعم الأخبار التي تتضمن القدح في أحد لا بد من التثبت فيها.
لا تقبلن من التوارِخ كلما ... جمع الرواة وخط كل بنانِ
هذه تثبت فيها؛ لأنه يذمون ويمدحون، تعرف المؤرخون هذا ديدنهم، فلا بد من التثبت في مثل هذا، الأخبار التي تساق للاعتبار وللتسلية وما أشبه ذلك، ولا تتضمن حكم شرعي عامة أهل العلم يتسامحون فيها، لكن إذا تضمنت حكم شرعي حلال وحرام وواجب هذا لا بد من أن تطبق عليها القواعد وإلا كيف نفرق بين الأحكام والسير؟ وعلى هذا نقول في هذا الخبر: هل معنى هذا أنهم كانوا يجردون موتاهم فيغسل الميت متجرداً؟ الآن لو أتينا بميت في مغسلة أموات ونزعنا ثيابه، جئت بأبيك أو بأمك أو بأختك أو بزوجتك وشلوا ثيابها على ... اعتماداً على هذا الخبر، وأنهم كانوا يجردون موتاهم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(44/4)
أنت قد ترضاها مسألة نظرية لكن تصور المسألة عملية قلت: هذا أبي وأريد أن أشارك في غسل أبي، ودخلت وإذا هم شائلين ثيابه ماعليه شيء، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن هنا كما نجرد موتانا، يا أخي أنجرد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ثيابه كما نجرد موتانا؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هو إذا أطلق التجريد معروف ويش هو التجريد؟
طالب:. . . . . . . . .
سبق نقل الاتفاق، السنة المجتمع عليها، في كلام من عبد البر، الاتفاق موجود، نعم الاتفاق موجود، لكن هذا الاتفاق يقدح في الحديث الذي ذكره ابن إسحاق، على كل حال مسألة العورة لا يجوز النظر إليها لا حي ولا ميت، لكن الكلام في مفهوم التجريد هنا، إذا اتفقنا على أنه لا يجوز النظر إلى عورة الحي ولا الميت فلا بد من حمل التجريد في هذا الخبر إن صح على أنه تجريد جزئي وليس بتجريد كلي، يعني ينزع القميص الذي يستر كامل البدن، ويبقى ما يستر العورة التي لا يجوز النظر إليها، ولذا السنة عند مالك وأبي حنيفة أن يجرد الميت ولا يغسل في قميصه، وقال الإمام الشافعي: يغسل في قميصه، هل مراد أبي حنيفة ومالك أنهم يجردون تجريد كامل مع ما نقل ابن عبد البر من الاتفاق على أنه لا يجوز النظر إلى عورة الميت كالحي؟ لا يظن بهم هذا.(44/5)
"وحدثني عن مالك عن أيوب بن أبي تميمة السختياني عن محمد بن سيرين عن أم عطية الأنصارية" نسيبة بالتصغير، ويقال: نسيبة بالفتح، بنت كعب، ويقال: بنت الحارث "الأنصارية قالت: دخل علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين توفيت ابنته" والمشهور أنها زينب كما في صحيح مسلم، هذا هو المعروف أنها زينب، هذا في صحيح مسلم زوجة أبي العاص، زوج أبي العاص بن الربيع، وهي أكبر بنات النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكانت وفاتها في أول سنة ثمان، في سنن ابن ماجه عن أيوب عن بن سيرين بهذا الإسناد عن أم عطية قالت: دخل علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن نغسل ابنته أم كلثوم فقال ... الحديث بلفظه، إلا أنها سميت في ابن ماجه أم كلثوم وسميت في مسلم زينب، والحديث -حديث ابن ماجه- على شرط الشيخين، فهل نقول: إن ما في الصحيح أصح، والبنت زينب؟ أو نقول: إن أم عطية حضرت غسل البنتين، وقد عرفت بتغسيل الأموات من النساء؟ وسند ابن ماجه صحيح على شرط الشيخين، ولا داعي لنوهم الرواة، والإسناد صحيح؟ أو نقول: إن ما في سنن ابن ماجه وهم والصحيح ما في صحيح مسلم لا سيما وأن اللفظ يوحي بأن القصة واحدة؟ يعني ما في أدني اختلاف يشم منه أن القصة واحدة، على كل حال كونها حضرت غسل البنتين قيل به، قال به بعض أهل العلم صيانة للرواة الثقات من الوهم، وليس ببعيد، لكن كون القصتين بلفظ واحد يدل على أن هناك شيء من البعد، بعضهم يقول: إنها رقية لا زينب ولا أم كلثوم، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- حضر موت وفاة رقية؟ نعم؟ كيف؟ في غزوة بدر، لم يحضرها -عليه الصلاة والسلام-.(44/6)
"حين توفيت أبنته فقال: ((اغسلنها)) " الأمر دليل من قال بوجوب تغسيل الميت ((اغسلنها)) ونقل النووي الإجماع على أن غسل الميت فرض كفاية، نقل الإجماع النووي على أن تغسيل الميت فرض كفاية، لكنه ذهول، ذهول شديد فإن الخلاف مشهور عند المالكية حتى أن القرطبي منهم ذكر أنه سنة، نعم الجمهور على أنه فرض كفاية ليس بفرض عين معنى أن كل الأمة تشترك في تغسيل الميت، لا، هو فرض واجب ((اغسلنها)) الأمر فيه ثابت، لكنه لا على العيان إنما على الكفاية، والنووي -رحمه الله تعالى- متساهل كما هو معروف في نقل الإجماع، نقل الإجماع في مسائل الخلاف فيها مشهور.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، صاحب المفهم، شيخه أبو العباس.
((اغسلنها ثلاثاً أو خمساً)) أو هذه للتخيير أو للترتيب؟ ((اغسلنها ثلاثاًً أو خمساً أو أكثر)) يعني سبع ((إن رأيتن ذلك)) يعني هل هذا مرده إلى الاختيار والتشهي أو الحاجة؟ إذاً ليس للتخيير إنما هو للترتيب ((اغسلنها ثلاثاً)) إن كفت الثلاث بها ونعمت ((أو خمساً)) إن لم تكفِ، إن كفت الخمس بها ونعمت أو سبعاً إن لم تكف الثلاث فهو للترتيب.
طالب:. . . . . . . . .
لا يزاد يزاد يقطع على وتر، بدليل أنه ما ذكر أربعاً، ما ذكر الأربع.(44/7)
((إن رأيتن ذلك)) يعني إن رأيتن الحاجة داعية إلى ذلك، وليس مرد ذلك للتشهي والاختيار، قال ابن عبد البر: لا أعلم أحداً قال بمجاوزة السبع، يعني ولو لم تكف السبع، ولو لم ينظف الميت بالسبع لا يزاد عليها، ((إن رأيتن ذلك بماءِ وسدر)) السدر جمع سدرة، وهو شجر النبق ((وجعلن في الآخرة كافوراً)) وهو نبت معروف طيب الريح ((كافوراً أو شيئاً من كافور)) أو هذه شك ((اجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور)) لتطيب الرائحة، وتصليب البشرة، وطرد الهوام كما يقول أهل العلم، ولذا قال: ((اجعلن في الآخرة كافور)) لأنه لو كان في الأولى لذهبت ببقية الغسلات، على كال حال كافوراً وش تعني؟ كافوراً اجعلن نكرة في سياق؟ في سياق الأمر، ماذا تقتضي النكرة في سياق الأمر؟ يعني النكرة هذه تصدق في أي جزء منه، فالكافور بهذا السياق أو شيء من الكافور لا فرق بينهما، إذاً أو هذه للشك ((فإذا فرغتن)) يعني من غسلها ((فآذنني)) أعلمنني "قالت: فلما فرغنا أذناه" أعلمناه "فأعطانا حقوه" حقوه بفتح الحاء، وكسرها لغة هذيل، والأصل في الحقو معقد الإزار من البدن، الموضع الذي يعقد فيه الإزار من البدن، ويطلق هنا ويراد به الإزار، الإزار نفسه "فأعطانا حقوه فقال: ((أشعرناه إياه)) " يعني اجعلنه شعاراً، والشعار الذي يقابل الدثار، الشعار الذي يلي شعر البدن مباشرة، فهو الذي يباشر الجسد، ومن فضائل الأنصار النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((الأنصار شعار)) يعني هم الذين يلون شعري وجلدي، يعني هم أقرب الناس إلي، ((أشعرنا إياه)) تعني بحقوه إزاره، نقول: هل يأخذ من إعطاء النبي -صلى الله عليه وسلم- حقوه لأم عطية لإشعاره ابتنه جواز التبرك بآثار الصالحين كما ذكر الزرقاني؟ هذا ذكره جل الشّراح، لكنه خاص بمن جعل الله فيه البركة، وهو النبي -عليه الصلاة والسلام-، أما غيره فلا، ولذا لا يعرف من خيار هذه الأمة أنهم فعلوه، لا أبو بكر ولا عمر ولا ابن عمر ولا أحد، ما فعلوا هذا، فدل على الخصوصية، خاص بمن جعل الله فيه البركة وهو النبي -عليه الصلاة والسلام-، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(44/8)
الموطأ - كتاب الجنائز (2)
شرح: باب: ما جاء في كفن الميت، وباب: المشي أمام الجنازة، وباب: النهي عن أن تتبع الجنازة بنارٍ، وباب: التكبير على الجنائز، وباب: ما يقول المصلي على الجنازة، وباب: الصلاة على الجنائز بعد الصبح إلى الإسفار وبعد العصر إلى الاصفرار.
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك علي عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله صحبه أجمعين.
يقول: لدي محاضرة مهمة في القرآن وحفظه وأتابعها وأحضرها من ذو زمن، وطلب رئيسي بالعمل حضوري لعمل ما مساءاً مع العلم أن العمل مساءاً غير مجبورين فيه، ولكنه يقول: إنه ضروري لأنه أمانة تابعة للعمل يحاول إجبارنا بهذا العمل فما العمل؟
على كل حال إذا كنت تأخذ مقابل على العمل المسائي فلا يجوز لك أن تحضر محاضرة ولا غيرها، لا بد أن تحضر في العمل الذي استؤجرت من أجله، وتؤدي هذا العمل على الوجه المطلوب، ولو لم يكن فيه عمل، أما إذا كان العمل تبرع فأنت أمير نفسك إن شئت فاحضر وإلا فلا فالأمر إليك.
يقول: ما حكم التورق بالمعادن أو السيارات وإني أريد شراء منزل بالتقسيط وأفضل العروض بالمعادن والسيارات ما يسمى بالتورق؟(45/1)
مسألة التورق، وهي أن يحتاج الإنسان إلى نقود دراهم يشتري بها أو يتزوج بها أو يسد بها ديناً، أو ينفقها على نفسه وولده، يحتاج دراهم ولا يجد من يقرضه، ثم يذهب إلى شخص عنده سلعة يشتري منه هذه السلعة شخص يملك هذه السلعة ملك تام مستقل، ثم يشتري منه هذه السلعة، هو لا يريد السلعة إنما يريد قيمتها فيقبضها قبضاً شرعياً من مالكها الأصلي ثم يبيعها على طرف ثالث، هذه مسألة التورق، وهي جائزة عند عامة أهل العلم إذا استوفت الشروط الأئمة الأربعة كلهم على جوازها ابن عباس وعمر بن عبد العزيز وشيخ الإسلام ابن تيمية كلهم يمنعون مسألة التورق، ويرون أنها من باب التحايل على الربا، هي دارهم بدراهم، والسلعة مجرد صورة، لكن عامة أهل العلم على جوازها، وهي داخلة في عموم {وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ} [(275) سورة البقرة] هذا بيع، كون الإنسان يحتاج هذه السلعة أو لا يحتاجها هذا أمر خارج عن العقد، لا يرجع إلى العقد نفسه، فلا أثر له في العقد، فيشتري السلعة من مالكها ويحوزها ويقبضها قبضاً شرعياً معتبراً، ثم يبيعها إلى طرف ثالث أو يستعملها ويتصرف في ثمنها الأمر إليه التورق بالمعادن أو السيارات المقصود إذا كانت السعلة مباحة ويملكها البائع الأول ملك تام، ثم يبرم العقد بعد ذلك مع الطرف الثاني، ثم يحوزها الطرف الثاني إلى رحله، ثم بعد ذلك يبعها إلى طرف ثالث لا شيء في هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(45/2)
ما يكفي، ما يكفي توكيل البنك، توكيل البنك لا يكفي، لا بد أن يقبضها أو يوكل ثقة يقبضها، يوكل ثقة يقبضها؛ لأن أصل المسألة مختلف فيها، ويزيد الأمر إذا تساهل الناس فيها، وتجاوزوا بعض الشروط، وتهاونوا يزداد الأمر سوء، ويقوى الخلاف، على كل حال على القول بجوازها وهو قول عامة أهل العلم، وهو عليه العمل لا بد من توافر شروطها، وأن يحتاط الإنسان لنفسه، يشتري سلعة يقبضها ويحوزها إلى رحله، نهى أن تبتاع السلع حتى يحوزها التجار إلي رحالهم، يقبضها قبضاً معتبراً، ما يبيعها في مكانها لا يجوز له أن بيعها حتى يقبضها، ويحوزها إلى رحله، أما وكلنا نقبض لك، وكلنا نبيع لك، هذا كله .. ، هذا ظاهر التحايل فيها، التحايل فيه ظاهر، المقصود أنه لا بد أن يحوزها لا سيما الطعام الذي ليس فيه خلاف، الطعام لا خلاف فيه أما غيره من السلع فالعموم يشملها، وأهل العلم جمع منهم يتساهلون في غير الطعام، لكن الطعام لا بد من نقله.
يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر" بن محمد بن عمرو بن حزم "أن أسماء بنت عميس" زوج أبي بكر، كانت قبله تحت جعفر، لما قتل في مؤتة تزوجها أبو بكر، ولما توفي أبو بكر تزوجها علي -رضي الله عنه-، أسماء بنت عميس، وهي أخت لميمونة بنت الحارث أم المؤمنين لأمها "غسلت أبا بكر الصديق" زوجها حين توفي ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة، سنة ثلاثة عشرة، عن ثلاثٍ وستين سنة "غسلت أبا بكر حين توفي" ذكر أهل العلم أنه لا خلاف في جواز تغسيل المرأة لزوجها، تغسيل المرأة لزوجها لا خلاف فيه؛ لأنها ما زالت في حكمه وفي عدته، أما تغسيل الزوج لزوجته فأجازه الجمهور، تغسيل الزوج لزوجته أجازه الجمهور؛ لأن علياً -رضي الله عنه- غسل فاطمة -رضي الله عن الجميع-، وقال أبو حنيفة والثوري: تغسله؛ لأنها في عدة منه، ولا يغسلها لأنه ليس في عدة منها، والصواب قول الأكثر أن كل واحد من الزوجين يغسل الأخر، والارتباط ما زال بدليل الإرث، كل واحد يرث من الثاني.(45/3)
"ثم خرجت فسألت من حضرها من المهاجرين فقالت: إني صائمة، وإن هذا يوم شديد البرد، فهل علي من غسلٍ، فقالوا: لا" هل قولهم: لا؛ لأنها كانت صائمة في يوم شديد البرد أو لأنه لا غسل من تغسيل الميت؟ فقالوا: لا، يعني لا غسل عليكِ، كيف؟ لا واجب ولا مستحب، يعني لعذرها بالصوم والبرد هذا احتمال، وفي المسند والنسائي والترمذي وحسنه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((من غسل ميتاً فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ)) لكن قال الإمام أحمد: لا يصح في هذا الباب شيء، وقال بعضهم: إن الأمر فيه على الندب، الأمر فيه على الندب؛ لقول ابن عمر: "كنا نغسل الميت فمنا من يغتسل ومنا من لا يغتسل" قال ابن حجر: إسناده صحيح، فيكون من باب الاستحباب؛ لأن الذي يغسل الميت قد يصل إليه شيء مما ينبغي إزالته، فالاغتسال أكمل يعني هذا وجه الجمع بين ما ورد في ذلك، لكنهم قالوا: لا، يعني ليس عليك غسل، والملاحظ العلة التي ذكرتها أو الإطلاق، والخبر محتمل، لكن الإمام أحمد يقول: لا يصح في هذا الباب شيء، الذي هو باب الأمر بالغسل من تغسيل الميت.
"وحدثني عن مالك أنه سمع أهل العلم يقولون: إذا ماتت المرأة وليس معها نساء يغسلنها، ولا من ذوي المحرم - كأخ وعم - أحد يلي ذلك منها" على كلامه يجوز للمحرم أن يغسل قريبته، يعني من فوق الثوب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟(45/4)
شوف إيش يقول: "سمع أهل العلم يقولون: إذا ماتت المرأة وليس معها نساء يغسلنها، ولا من ذوي المحرم كأخ وعم أحد يلي ذلك منها فيجوز حينئذٍ للمحرم على كلامه أن يغسل قريبته من فوق الثوب كما قال مالك في المدون والعتبية "ولا زوج يلي ذلك منها" يعني جعل المحرم مثل الزوج "ولا زوج يلي ذلك منها يممت، فمسح بوجهها وكفيها من الصعيد" الطاهر، يعني لا نساء ولا محرم ولا زوج إذاً تُيمم، لا يتولاها الرجال الأجانب، وقل مثل هذا في الرجل "قال مالك: وإذا هلك الرجل -أي مات- وليس معه أحد إلا نساء -يعني أجانب- يممنه أيضاً" فمسحن وجهه وكفيه، والجمهور على أن الرجال لا يلون غسل النساء إلا الزوج، وكذا النساء لا يلين غسل الرجال إلا الزوجة فقط، يعني هل للأب أن يغسل بنته أو للبنت أن تغسل أباها لها ذلك أو ليس لها ذلك؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
حاجة ما في زوج ولا نساء ولا أحد، هل نقول: تيمم أو نقول: يجعل عليها ثياب وتبلل أقل الأحوال بحيث لا يليها؟
طالب:. . . . . . . . .
الجمهور على أن الرجال لا يلون تغسيل النساء إلا الزوج لزوجته، والنساء لا يلين تغسيل الرجال إلا الزوجة لزوجها، هذا قول الجمهور، لكن مالك يرى أن الأمر أن المحرم له أن يغسل من فوق الثياب، يعني يجرنا هذا الكلام إلى كون الرجل يلي أمه مثلاً في حال حياتها عند حاجتها لقضاء حاجتها وتنظيفها، وقل مثل هذا في البنت تلي أباها، يعني رجل كبير توفيت زوجته وليس عنده إلا بنته أو العكس امرأة ليس عندها من يقوم بحاجتها إلا الولد هل يلي ذلك منها؟ ما في غيره ما في البيت غيره هل نقول: إنها تبقي في نجاستها أو يلي ذلك منها؟ الضرورة داعية إلى ذلك بقدر ما يحقق المصلحة بحيث لا يترتب عليه مفسدة، بقدر ما يحقق المصلحة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هو إذا كان .. ، لا المسألة ... ، التيمم وش يلزم منه؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو بدل الغسل، وتغسيل الميت هل هو لنجاسة ترفع بحيث يقال: لا يجزئ غير الغسل فإذا سقط الغسل سقط الكل أو نقول: هو حدث الموت حدث يرفع بالغسل أو بدله بالتيمم؟
طالب:. . . . . . . . .(45/5)
إذن حدث يحتاج إلى تيمم، إذا لم يتحقق الغسل فلا بد من التيمم، أو أنت تريد أن تقول: إن الغسل سقط لأن من لازمه أن يباشر المغسول والتيمم من لازمه أن يباشر المُيمم هذا قصدك أنت، لكن التيمم أمره سهل بأطراف اليدين وما أشبه ذلك بحائل مثلاً يمم شيء ويمسح به لا بأس.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال أقرب ما يكون إلى الحدث، أما الطهاة فالمسلم لا ينجس طاهر حياً وميتاً، يعني هل هو لحدث أو لنجاسة أو هو مجرد تعبد جاء الشرع بهذا ولا نعدل عنه؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يا أخي إذا قلنا: تعبد وله بدل، تعبد وله بدل وله نظير، ولا تقل مثلاً التراب غبار يزيد الوسخ ... نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ليس لأحد كلام حتى في الصلاة هذا وصفه.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا الحنابلة يرون التيمم ييمم. . . . . . . . .، على كل حال له بدل وله نظائر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما في تلازم، أنت ذهبت إلى أن من غسل الميت يغتسل أو ما يجد ماء فيتيمم؟ ما هو بهذا المقصود، إحنا قصدنا الميت نفسه الأصل أن يغسل تعذر تغسيله إذاً يعدل إلى البدل ييمم.
طالب:. . . . . . . . .
في إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
الضرورة تقدر بقدها، إذا لم يوجد تعذر أن يوجد امرأة تلي المرأة أو رجل يلي الرجل الضرورة تقدر بقدرها، وبما يحقق المصلحة، بما يحقق المصلحة بحيث لا يترتب عليه مفسدة، بقدر الحاجة إذا استغلقت غلقت الأبواب دون تنظيف إلا بهذا الطريقة إلى الله المشتكى.
قال مالك: "وليس لغسل الميت عندنا شيء موصوف -لا يجوز تعديه- وليس لذلك صفة معلومة، ولكن يغسل فيطهر" يعني إذا عمم بالماء كاغتسال الحي كفى، لكن على ما جاء في حديث أم عطية: ((ابدأن بميامينها ومواضع الوضوء منها)) بعد أن قال: ((اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً)) وفي رواية: ((أو أكثر)) كما عندنا ((من ذلك إن رأيتن ذلك)). . . . . . . . . خمس، فهذه الصفة يبدأ بالميامين ومواضع الوضوء ((ابدأن بميامينها ومواضع الوضوء منها)) هل بين الجملتين تنافر وإلا اتفاق؟
طالب:. . . . . . . . .(45/6)
((ابدأن بميامينها)) مقتضاه أن تغسل الرجل اليمنى قبل اليد اليسرى هذا مقتضى هذه الجملة ((ابدأن بميامينها)) مقتضى ذلك أن تغسل الرجل اليمنى قبل اليد اليسرى ومقتضى قوله: ((ومواضع الوضوء منها)) والعطف على نية تكرار العامل وابدأن بمواضع الوضوء منها أن تغسل اليد اليسرى قبل الرجل اليمنى الجملتان متفقتان أو بينهما شيء من الاختلاف؟ في اختلاف ظاهر، لكن نسلك بذلك مسلك الحي، يبدأ بمواضع الوضوء كالحي توضأ وضوءه للصلاة ثم بعد ذلك في الغسلات بعد الوضوء يبدأ بالميامن، كما أن الحي يفيض الماء على رأسه ثم يبدأ بالشق الأيمن ثم الأيسر.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا وللسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في كفن الميت:
حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كفن في ثلاثة أثوابٍ بيضٍ سحولية، ليس فيها قميص ولا عمامة.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: بلغني أن أبا بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- قال لعائشة -رضي الله تعالى عنها- وهو مريض في كم كفن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقالت: في ثلاثة أثواب بيض سحولية، فقال أبو بكر: خذوا هذا الثوب لثوب عليه قد أصابه مشق أو زعفران فاغسلوه ثم كفنوني فيه مع ثوبين آخرين، فقالت عائشة: وما هذا؟ فقال أبو بكر: الحي أحوج إلى الجديد من الميت وإنما هذا للمهلة.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله تعالى عنهما- أنه قال: الميت يقنص ويؤزر ويلف في الثوب الثالث، فإن لم يكن إلا ثوب واحد كفن فيه.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في كفن الميت"(45/7)
"حدثني يحيى عن مالك عن هشام عن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كفن في ثلاثة أثواب" في طبقات ابن سعد عن الشعبي: "إزار ورداء ولفافة بيض" جاء في السنن من حديث ابن عباس مرفوعاً: ((البسوا ثياب البياض، فإنها أطيب وأطهر، وكفنوا فيها موتاكم)) وصححه الترمذي والحاكم، وله شاهد حديث سمرة بن جندب بإسناد صحيح "بيض" فالبياض هو الأفضل لهذا الحديث وللأمر به: ((كفنوا فيها موتاكم)) يرى الحنفية أن المستحب أن يكون في أحدها ثوب حبرة، وكأنهم أخذوا هذا بما جاء أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كفن في ثوبين وبردٍ حبرة، أخرجه أبو داود من حديث جابر وإسناده حسن، لكن روى مسلم والترمذي من حديث عائشة أنهم نزعوها عنه، يعني كأنه سجي بهذا البرد الحبرة المخطط ثم نزع عنه -عليه الصلاة والسلام- "سَحولية" أو سُحولية بضم السين أو فتحها سَحولية نسبة إلى سحول قرية في اليمن، قال الأزهري: بالفتح المدينة التي باليمن، وبالضم الثياب البيض النقية، ولا تكون إلا من قطن، إذا قلنا: نسبة إلى سَحول فالنسبة ماشية سَحولية نسبة إلى سَحول قرية باليمن، وإذا قلنا: سُحولية جمع سحل وهو الثوب الأبيض النقي يقول أهل العلم: ولا يكون إلا من قطن، يقول هذا: سقط من بعض النسخ نص الحديث الساقط يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كفن في ثلاثة أثواب بيض سُحولية" يعني مفاده مفاد ما معنى سُحولية جمع سحل نسبة إلى السحول السُحول وهو جمع سحل، والنسبة حينئذٍ إلى الجمع، النسبة إلى الجمع عند أهل العلم إيش؟ شاذة، النسبة إلى الجمع شاذة، لا بد أن يرد الجمع إلى مفرده، ثم ينسب إليه، لكن يرد على هذا أنه إذا كان الجمع أشهر من المفرد كالأنصار مثلاً والأعراب نسب إلى الجمع هم صرحوا بأن النسبة إلى الجمع شاذة "ليس فيها قميص" الجمهور على أن الميت لا يكفن في القميص، وعن بعض الحنفية يستحب القميص، يستحب القميص لماذا؟ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كفن عبد الله بن أبي في قميصه، يعني ألبس عبد الله بن أبي في قميصه وأدخله القبر، وهذا فعله وذاك ما فعل به،(45/8)
لكن ما كان الله -جل وعلا- ليختار لنبيه إلا الأكمل، وأما كونه يكفن في قميص النبي -عليه الصلاة والسلام- فهذا مكافئة له، وجبراً لخاطر ولده، ولده من خيار الصحابة، مكافئة له لأنه كسا العباس قميصاً لما جاء مهاجراً، المقصود أن مثل هذه قضية عين كونه -عليه الصلاة والسلام- كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص هذا ما اختاره الله -جل وعلا- لنبيه، وما كان الله ليختار لنبيه الإ الأكمل "ليس فيها قميص ولا عمامة" الذين يقولون: يكفن في القميص ماذا يجيبون عن هذا الحديث؟ يقولون: ليس فيها يعني في الثلاثة، فلا يمنع أن يكون ليس في العدد وهو موجود، لكن هل هذا ظاهر اللفظ، لا، ظاهر اللفظ يعني المعنى المتبادر من اللفظ أنه لا يوجد القميص البتة، لا يعني أنه يوجد قميص من غير الثلاثة، كما يقول بعض الحنفية، أو أنه لا يوجد قميص وعمامة مجتمعان، يعني قميص دون عمامة لا بأس، فالمنفي اجتماع القميص والعمامة، وليس المنفي القميص وحده أو العمامة وحدها، لكن هذا لا شك أنه إيش؟ تكلف، هذا تكلف ظاهر.(45/9)
يقول: "حدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: بلغني أن أبا بكر الصديق قال لعائشة" أبو بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- قال لعائشة -رضي الله عنها- "وهو مريض في مرض موته، في كم كفن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ " يسأل في كم كفن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال أهل العلم: ذكر ذلك لها بصيغة الاستفهام توطئة لها على الصبر على فقده -رضي الله عنه وأرضاه- يقولون: لأن مثل هذا لا يخفى على أبي بكر -رضي الله عنه وأرضاه-، "فقالت: في ثلاثة أثواب" كان في مرض الموت ويقول لها: في كم كفن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ ليذكرها بمصيبة النبي -عليه الصلاة والسلام-، فتهون مصيبتها به -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-، ولا شك أن من أصيب وتذكر المصاب به -عليه الصلاة والسلام- تهون جميع المصائب "فقالت: في ثلاثة أثواب بيضٍ سحولية، فقال أبو بكر: خذوا هذا الثوب لثوب كان عليه يمرض فيه قد أصابه مشق" بكسر الميم وإسكان الشين المغرة عند أهل المدينة، يعني اختلاط البياض بالحمرة، المشق يقولون: هو المغرة اختلاط البياض بالحمرة، وما زال مستعمل مثل هذا، يقال: هذا شيء أمغر، واللبن فيه مغر إذا كان مختلط بشوب من الدم، أحياناً إذا حلبت الناقة أو الشاة أو العنز ظهر مع اللبن شيء أحمر يسمونه مغر، على كل حال هذا معنى المشق "أو زعفران" أو هذه شك "فاغسلوه" ليزول عنه اللون الذي فيه وإلا فالثوب الملبوس لا يجب غسله "ثم كفنوني فيه مع ثوبين آخرين" لتكون ثلاثة، يعني كما كفن النبي -عليه الصلاة والسلام- "فقالت عائشة: وما هذا؟ " يعني ثوب مستعمل لخليفة المسلمين؟! الخليفة الإمام الأعظم يكفن في ثوب فيه مغرة ما هذا؟ وفي رواية البخاري: "قلت: إن هذا خلق" يعني ما يليق بإمام المسلمين "فقال أبو بكر -رضي الله تعالى عنه-: الحي أحوج إلى الجديد من الميت، وإنما هذا للمِهلة" أو المُهلة أو المَهلة روي بالكسر والضم والفتح، والمراد به الصديد والقيح الذي يسيل من الجسد.
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف -الزهري- عن عبد الله" عن عبد الله كذا عندكم في كل النسخ؟ يعني ما في عبد الرحمن أبداً؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(45/10)
ما فيها طبعة فيها عبد الرحمن عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن إيش؟ من اللي يقوله؟ في نسخه يعني من رواية يحيى؟ هذه النسخة هي الصواب، لا أقول: إن عبد الرحمن هو الصواب، لكن وجوده في النسخة هو الصواب، والصواب أنه عبد الله، لماذا؟ لأن يقول ابن عبد البر وغيره: عن عبد الله بن عمرو بن العاص هذا هو الصواب، وغلط يحيى فسماه عبد الرحمن، دليل على أن تسمية عبد الرحمن من عند يحيى، من الأصل، فالأصل أن لا تصحح مثل هذه، تترك كما هي عبد الرحمن، ويبين الصواب في الحاشية، يعني إذا أردنا أن نصحح الكتب من روايات أخرى، الأصل أن يعتمد الإنسان في كتابه على رواية واحدة، ويشير إلى ما عداها يعتمد أرجح الروايات بصوابها وخطئها ثم يصحح الأخطاء من الروايات الأخرى، ولا يتصرف في الكتاب، يبقي الخطاء كما هو في الكتاب ويعلق عليه، يقول: كذا والصواب كذا كما في وراية فلان، أما أن يهجم على رواية يحيى ويقول: عن عبد الله بن عمرو بن العاص وروايته عبد الرحمن هذا خطاء عبد الرحمن بن عمرو بن العاص.
طالب:. . . . . . . . .
إيش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
لا يمكن أنه من قبل عبد الباقي، ما يلزم أن يكون هو، لا هو موجود في نسخ عتيقة، ما يلزم أن يكون هو هو وجده هكذا، لكن رواية يحيى الذي فيها عبد الرحمن فالنساخ من الأصل لا يجوز لهم أن يتصرفوا، يعني وجدنا ابن عبد البر يقول: الصواب عبد الله نمسح ونصحح ما هو بصحيح، يبقى كما هو، ثم يشار إلى الصواب في الحاشية، الآن يفاضل بين النسخ، يرجح بين النسخ إن كان هناك نسخة معتمدة عليها سماعات لأهل العلم موثقة تعتمد بما فيها، ويصحح الخطأ في الحاشية، إذا كان ما هناك ميزة لأحد النسخ عن غيرها فيعتمد الصواب في الأصل، ويشار إلى اختلاف النسخ في الحاشية، ويبقى أن كثير ممن يسلك هذا المسلك الذي يسمونه النص المختار كثير منهم يرجح أمور الراجح الذي في الحاشية، وهذا أمر في غاية الأهمية اعتداء على كتب أهل العلم، فالذي لا يأنس من نفسه الأهلية والكفاءة لا يتصدى لتحقيق كتب أهل العلم.(45/11)
"عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: الميت يقمص" أي يلبس القميص، وبهذا قال مالك وأبو حنيفة وزاد: "ويعمم"؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كسا عبد الله بن أُبي قميصه، كساه قميصه، هذه حجة من يقول: بأن الميت يكفن في قميص، وزاد علي ذلك قال: ويعمم، وفي الحديث الصحيح: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كفن في ثلاثة أثواب -كما تقدم- ليس فيها قميص ولا عمامة، أما يعمم هذه من يعرف لها أصل؟ يعني إذا عرفنا أن للقميص أصلاً فكيف بالعمامة؟ "يقمص ويؤزر" أي يجعل له إزار "ويلف في الثوب الثالث، فإن لم يكن إلا ثوب واحد كفن فيه" يكفن في ثوب واحد، ولا ينتظر بدفنه ارتقاب شيء آخر، إذ الواجب ما يستر بدن الميت اتفاقاً، يكفي واحد، لكن الأكمل ثلاثة، إلا ثوب واحد كفن فيه يقول الباجي: يريد أنما ذكر أولاً هو المستحب يعني الثلاثة هو المستحب، يريد أنما ذكر أولاً يعني مالك هو المستحب عنده لمن وجد فإن لم يجد إلا ثوباً واحداً اجتزأ به، والأصل في ذلك ما روى عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: قتل مصعب بن عمير وكان خيراً مني فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا برده، وفي البخاري: أن عبد الرحمن بن عوف أتي بطعام وكان صائماً فقال: قتل مصعب بن عمير وهو خير مني كفن في بردة إن غطي رأسه بدت رجلاه، وإن غطي رجلاه بدا رأسه، انفتاح الدنيا يعني ليس بخير من كل وجه، لا شك أنها نِعم، لكن قليل من عبادي الشكور، النعم تحتاج إلى شكر، فإذا لم تشكر تحولت إلى نقم، وصار العدم خيراً منها، الصحابة الذين تقدمت وفياتهم قبل الانفتاح، قبل الفتوح هولاء وفرت لهم أجورهم، وهذا عبد الرحمن بن عوف يقول: مصعب خير مني، عبد الرحمن مشهود له بالجنة، خير مني، يعني وفر له أجره بكماله، ما نقص منه شيء، لا شك أن توافر هذه النِعم خير، لكن يبقى أنها إن شكرت بهذا القيد وإلا تحولت إلى نقم، والواقع يشهد بذلك كثير من الناس لما استغنوا طغوا {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى} [(6 - 7) سورة العلق] هذا هو الغالب، وعلى كل حال لمن شكر نعم المال الصالح للرجل الصالح.
سم.
أحسن الله إليك:
باب: المشي أمام الجنازة:(45/12)
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر -رضي الله عنهما- كانوا يمشون أمام الجنازة والخلفاء هلم جراً وعبد الله بن عمر.
وحدثني عن مالك عن محمد بن المنكدر عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير أنه أخبره أنه رأى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقدم الناس أمام الجنازة في جنازة زينب بنت جحش -رضي الله تعالى عنها-. وحدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة قال: ما رأيت أبي قط في جنازة إلا أمامها، قال: ثم يأتي البقيع فيجلس حتى يمروا عليه.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: المشي خلف الجنازة من خطأ السنة.
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: المشي أمام الجنازة"
المشي أمام الجنازة هل الأفضل أن يمشي أمامها أو يمشي خلفها أو يفرق بين المشاة والركبان فيمشي المشاة أمامها والركبان خلفها؟ هنا يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة" أمام الجنازة يعني قدامها، وبعضهم يلتمس علة لهذا العمل، وإنهم إنما أتوا شفعاء والشفيع يتقدم المشفوع له "والخلفاء هلم جراً" يقول ابن الأنباري في الزاهر مطبوع في مجلدين: معناه سيروا على هينتكم، أي تثبتوا في سيركم، ولا تجهدوا أنفسكم، يقولون: إن أول من قالها عدي بن زيد، لكن هلم جراً الآن جاءت هنا تابعة للسير أو تابعة لتتابع الخلفاء على هذا السير، يعني تتابع الخلفاء على هذا أنهم كلهم أمام الجنازة؟ أو جاءت لبيان كيفية السير وأهل العلم يقولون: يسن الإسراع بها دون الخبب، تتابع الخلفاء والولاة على هذا ثم عمر ثم عثمان ثم علي ثم ... إلى أخره، هلم جراً، يعني تتابعوا على ذلك، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أصلها هلم جراً أصلها إبل محمله تجر جراً، تمشي على الهوينا؛ لأنها محملة، هذا الأصل فيها، أنت لو عرفت أصل الكلمة، لو ترجع إلى الزاهر لابن الأنباري عرفت كيف؟ أطال عليها، والخلفاء وعبد الله بن عمر أيضاً يمشي أمامها وهو من اتبع الناس للسنة، يعني ينص على ابن عمر في مثل هذا لتحريه وتثبته في مثل هذا الأمر، والخلفاء يدخلوا فيهم علي-رضي الله عنه-؛ لأنه روي عنه خلاف ذلك.(45/13)
وعبد الله بن عمر، روي أيضاً عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في فضل المشي خلف الجنازة، روي أخبار، وعن علي وغيره، لكن قال ابن عبد البر: هذه أحاديث كوفية لا تقوم بأسانيدها حجة، والمشي أمامها أفضل لما ذكروا به قال الثلاثة، وقال أبو حنيفة المشي خلفها أفضل، وقال الثوري هما سواء، وهذا الحديث كما ترون مرسل في الموطأ عند جميع رواته، وهو عند الأربعة أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه موصول من حديث ابن عمر عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه موصول، لكن في الترمذي قال أهل الحديث يرون أن المرسل أصح والنسائي صوب الإرسال، وأنتم مر بكم مراراً أحاديث كثيرة جداً تفوق الحصر عند مالك يرويها بالإرسال، وهي مروية من طريقه في الصحيحين بالاتصال، مالك يخرج الأحاديث مرسلة، ومن طريقه دعونا من طريق غيره من طريقه هو يخرج في الصحيحين متصل، وما ذلكم إلا لأن الإمام مالك يرى أن الحجة تقوم بالمرسل كقيامها بالمتصل، لكن هنا الإمام الترمذي يقول: أهل الحديث يرون أن المرسل أصح، والنسائي صوب الإرسال، مسألة تعارض الوصل والإرسال الخلاف فيها والأربعة الأقوال معروفة، لكن ليس فيها حكم عام مطرد بحيث يرجح الإرسال مطلقاً أو الاتصال مطلقاً، إنما يحكم على كل حديثٍ على حده حسبما ترجحه القرائن، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ينشط الراوي فيصل، ويكسل ويرسل، لكن الإمام مالك ما يرى في فرق، الحجة تقوم بالمرسل مثل قيامها في المتصل.
واحتج مالك كذا النعمانِ ... به وتابعوههما ودانوا
يقول: في حديث أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن وبما أن الله -سبحانه وتعالى- اختار لنبيه الأكمل والأفضل فلماذا لم يختر الله -سبحانه وتعالى- لنبيه أحد هذين الاسمين؟ وكذلك لماذا لم يسم النبي -عليه الصلاة والسلام- ابنه إبراهيم أحد هذين الاسمين عبد الله وعبد الرحمن؟(45/14)
لقائل هذا الكلام أن يقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((عمرة في رمضان تعدل حجة معي)) لماذا لم يعتمر في رمضان؟ ونظائر ذلك كثيرة جداً، يعني لو تعارض قوله وفعله تقاتل الناس على الفعل، أصلاً تجد ثلاثة أرباع الأمة عبد الله وعبد الرحمن، لو توافق فعله مع قوله: تقاتلت الأمة عليه، لكن من رأفته وشفقته -عليه الصلاة والسلام- بأمته أن يحثهم على الشيء ولا يفعله؛ ليبين لهم أن الإنسان يبقى في حسرة إذا فعل النبي -عليه الصلاة ولسلام- فعل ولا يتيسر له أن يفعله، ندم -عليه الصلاة والسلام- ندماً شديداً على دخوله البيت –الكعبة- لئلا يشق على أمته، كل الناس ودهم يدخلون الكعبة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل، لكن لو جاء حديث يحث على دخول الكعبة تقاتل الناس عليه، فهذا من رأفته وشفقته على أمته -عليه الصلاة والسلام- أن يبين لهم ما ينبغي أن يفعلوه، لكن يبين لهم جواز الترك بفعله أو بعدم فعله لهذا الأمر.
يقول: كلمة ابن ماجه صاحب السنن تنقط وتنطق تاء في الوصل أو هاء مع التوجيه؟
ماجه ومنده وداسه هي هاء لا تنقط ولا تنطق ماجه ومنده وداسه كلها بالهاء.
يقول: "وحدثني عن مالك عن محمد بن المنكدر" يعني ابن عبد الله بن الهدير ضبطوه بالتصغير التيمي "عن ربيعة بن عبد الله" يعني عن عمه ربيعة بن عبد الله بن الهدير أو الهُدير "أنه -يعني ربيعة- أخبره" يعني أخبر محمداً "أنه رأى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقدم" يعني يتقدم، جاءت في رواية أيضاً "يقدم الناس أمام الجنازة" يعني أمامهم "في جنازة زينب بنت جحش" الأسدية أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها- التي زوجها الله لنبيه -عليه الصلاة والسلام- من فوق سبع سماوات، ماتت سنة عشرين، وكانت أول نساء النبي -عليه الصلاة والسلام- لحوقاً به، هذا فعل عمر -رضي الله عنه- وتقدم ما يدل عليه في الحديث السابق.(45/15)
"وحدثني يحيى عن مالك عن هشام عن عروة قال: ما رأيت أبي -يعني عروة- قط في جنازة إلا أمامها" قدامها "قال -هشام-: ثم يأتي البقيع" المقبرة المعروفة بجوار المسجد النبوي "فيجلس حتى يمروا عليه" بالجنازة، إذا مروا عليه بالجنازة ماذا يصنع؟ يقوم؟ نعم جاء القيام للجنازة، والخلاف في القيام هل هو محكم أو منسوخ؟ المسألة معروفة عند أهل العلم كثير من أهل العلم يرون أنه منسوخ.
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: المشي خلف الجنازة من خطأ السنة" المشي خلف الجنازة من خطأ السنة؟ كيف من خطأ السنة؟ هاه؟ كيف؟ خطأ يعني مخالفة أو من خطأٍ في تطبيق السنة؟ نعم من مخالفة السنة، وخطأ في تطبيقها المشي خلف الجنازة، وقد جاء ما يدل على أن المشي يكون أمام الجنازة وإلا كيف من خطاء السنة؟ يعني التركيب عن ابن شهاب أنه قال: المشي خلف الجنازة من خطأ السنة، وهم عرب أقحاف، كيف يقول: من خطأ السنة؟ الآن مضاف ومضاف إليه.
يقول هذا: ماجه داسه ومنده نقل الشيخ بكر أبو زيد عن الشيخ عبد السلام هارون أنه قال: لا مانع من أن تنطق يعني وتعرب كما عرب غيرها ولم يروا مانعاً من ذلك فما رأيكم بذلك؟
لو تقرؤون مقدمة فؤاد عبد الباقي لسنن ابن ماجه وكأنه يميل إلى أن نقطها أرجح، لكن هذا الذي ذكره أهل العلم واعتمدوه أنها لا تنقط، يعني كونها تنقط ويش يحصل؟ ويش يصير في المسألة تنقط أو لا تنقط؟ يعني هل هو مخالفة في حرام وحلال، الذي نقل عن الذين ضبطوا أهل المشتبه من أهل العلم وضبطوا الأعلام وضبطوا الرجال قالوا: لا تنقط، كونك تنقطها كغيرها وتمشي على الجادة يعني مثل الخلاف في الألف المقصورة بعض الناس يقول: ما في شيء اسمه ألف مقصورة، كل شيء ممدود، الألف دائماً ممدودة ليش مقصورة؟ هذه ياء ويش يصير ارتكب محظور ولا ويش سوي؟ ما صار شيء، لكن المسألة مسألة اقتفاء لأثر أهل العلم، يعني كونه حرام أنك تنقطها أو حلال هذا أمر ثاني، يعني في لغة العرب هناك تاء مربوطة هذه مثلها، وكثير من الناس يخلط بين الهاء والتاء والنقط يضعه على الهاء ويهمل التاء.(45/16)
قال الإمام الحافظ ابن كثير في (كتابة) يضع نقطتين، (البدايه والنهايه) ما يضع نقط، المسألة فيها سعة، لكن هذا كلام أهل العلم يعني ما جئنا بجديد، يعني كونها تعرب وتنقط أو ما تنقط هذا أمر ثاني، لكن ننقل لكم كلام أهل العلم، كونه يجتهد من يقول: إنها تنقط ويش المانع تنقط ويش يصير؟ ابن ماجةَ لكن أهل العلم يقولون: هي هاء وليست تاء، يعني مثل الآن ينبغ مثلاً مثل محمد الجاسر يقول: ليلى وسلوى ومنى كلها بالألف ما في شيء اسمه ياء إلا الياء هذا كلام محمد الجاسر الذين يسمونه علامة الجزيرة، يعني نقول: هذه بدعة ابتدعها وكل بدعة ضلالة؟! يعني الأمر فيه سعة، مثل هذه الأمور فيها سعة.
طالب:. . . . . . . . .
المشي؟ أما المشاة فهم أمام الجنازة كما في هذه النصوص، والركبان لو تأخروا كان أولى.
أحسن الله إليك:
باب: النهي عن أن تتبع الجنازة بنارٍ:
حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- أنها قالت لأهلها: أجمروا ثيابي إذا مت ثم حنطوني ولا تذروا على كفني حناطاً ولا تتبعوني بنار.
وحدثني عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه نهى أن يتبع بعد موته بنار.
قال يحيى: سمعت مالكاً -رحمه الله- يكره ذلك.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: النهي عن أن تتبع الجنازة بنار" يقول ابن عبد البر: لأنه من فعل النصارى، ولا ينبغي أن نتشبه بهم، وقال أيضاً: أظنه من فعل الجاهلية، وقال ابن حبيب: إنما نهي عن ذلك لما فيه من التفاؤل بالنار.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن -جدته- أسماء بنت أبي بكر أنها قالت لأهلها: أجمروا ثيابي إذا مت" أجمروا يعني بخروا ثيابي، وهو من السنة "أجمروا ثيابي إذا مت، ثم حنطوني حنوطاً" ما يجعل في جسد الميت وكفنه من طيب وكافور، قال أبو عمر: أجاز الأكثر المسك في الحنوط، وكرهه قوم "ولا تذروا على كفني حناطاً" الحناط بزنة كتاب هو الحنوط كرهت ذلك خشيت المباهاة "ولا تتبعوني بنار" وكذلك أوصى أبو سعيد وعمران بن حصين وأبو هريرة كما سيأتي.(45/17)
يقول: "وحدثني عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد - كيسان - المقبري عن أبي هريرة أنه نهى أن يتبع بعد موته بنار" قال ابن عبد البر: جاء النهي عن أن يتبع الميت بنار عن ابن عمر مرفوعاً، وأخرج أبو داود عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((لا تتبع الجنازة بصوت ولا نار)) قال لما فيه من التفاؤل بالنار لماذا لم يقل: لما فيه من التشاؤم؟ على كل حال من الأضداد التفاؤل والتشاؤم بمعنى إلا أنه غالب ما يقال: التفاؤل في الخير والتشاؤم بالشر، لكن هي من الأضداد كالبشارة، البشارة والنذارة، البشارة بالخير والنذارة بالشر، لكن {فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [(24) سورة الإنشقاق] الثواب في الغالب في الأجر {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ} [(36) سورة المطففين] يعني أعطوا ثواب، المقصود أنه قد يأتي على خلاف الأصل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
في إيش في النار؟ نعم قال ابن عبد البر: إن هذا من فعل النصارى، ومنهم من يقول: إنه من فعل الجاهلية، ونحن مأمورون بمخالفة الكفار، والله المستعان.
أهل العلم يقولون: يسن التربيع في حمله بأن يحمل من جوانبه، يستحبون التربيع لعله لئلا يشق على الحاملين
"قال يحيى: سمعت مالكاً يكره ذلك" قال ابن عبد البر: ولا أعلم بين العلماء خلاف في كراهية ذلك مَن مِن أهل العلم يجيز أن تتبع الجنازة بنار؟ لكن إذا دعت الحاجة إلى ذلك، جنازة في الليل في أخر الشهر، في ظلام دامس، والنار من أجل ضوئها، الأمور بمقاصدها، ما أتبعت الجنازة بنار إنما نور الطريق لم تتبع الجنازة بنار، كما أن إضاءة المقبرة من أجل الدفن لا يعني أن من أضاءها مؤقتاً بغير شيء ثابت لا يجوز إضاءتها بشيء ثابت إنما شيء مؤقت من أجل أن يتمكن من الدفن في الليل لا بأس، وإلا جاء النهي عن اتخاذ المساجد والسرج في المقابر.
سم.
أحسن الله إليك.
باب: التكبير على الجنائز:
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نعى النجاشي للناس في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى وصف بهم، وكبر أربع تكبيرات.(45/18)
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه أخبره أن مسكينة مرضت فأخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمرضها، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعود المساكين، ويسأل عنهم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا ماتت فآذنوني بها)) فخرج بجنازتها ليلاً فكرهوا أن يوقظوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم أصبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخبر بالذي كان من شأنها، فقال: ((ألم أخبركم أن تؤذنوني بها؟ )) فقالوا: يا رسول الله كرهنا أن نخرجك ليلاً ونوقظك، فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى صف بالناس على قبرها وكبر أربع تكبيرات.
وحدثني عن مالكِ أنه سأل ابن شهاب عن الرجل يدرك بعض التكبير على الجنازة ويفوته بعضه فقال: يقضي ما فاته من ذلك.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: التكبير على الجنائز" التكبير على الجنائز أختلف السلف في عدد التكبيرات، ففي صحيح مسلم عن زيد بن أسلم: ((كبروا خمساً)) ورفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وعن ابن مسعود أنه صلى على جنازة فكبر عليها أربعاً، وكان يكبر على أهل بدر ستاً، وعلى الصحابة خمساً، وعلى سائر الناس أربعاً، وللبيهقي عن أبي وائل كانوا يكبرون على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبعاً وخمساً وستاً وأربعاً، فجمع عمر -رضي الله عنه- الناس على أربع، قال ابن عبد البر: انعقد الإجماع على أربع، وعليه فقهاء الأمصار، معنا في الباب حديثان، الأول حديث النجاشي، والثاني حديث المرأة المسكينة، الأول يمثل علية القوم ملك، والثاني يمثل مساكين المسلمين، وهذا الملك كبر عليه أربعاً، وهذه المسكينة كبر عليها أربعاً، فكأن عمر -رضي الله عنه- نظر إلى الأمرين فجمع الناس على أربع تكبيرات، وأخذ به فقهاء الأمة، أخذ بهذا الاجتهاد من عمر-رضي الله عنه- فقهاء الأمة، واجتهاد عمر في هذه المسألة له نظائر، اجتهادات مصيبة وموفقه لها أصلاً في الشرع، وتسندها العمومات.(45/19)
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نعى النجاشي" النجاشي بفتح النون، ويقال بكسرها النِجاشي، وخفت الجيم وتشديد أخره النجاشي، يعني الياء، الياء مشددة؛ لأنها على زنة ياء النسب، وحكى المطرزي التخفيف النجاشي بدون. . . . . . . . . نظير ذلك ما تقد ذكره في النسبة إلى اليمن إذا قلت: يماني فالياء خفيفة، الياء مخففة وليست مشددة؛ لأن ياء النسب عبارة عن ياءين، مشددة عبارة عن ياءين، هذه الألف المزيدة قامت مقام إحدى الياءين فخفف، وجوز بعضهم التشديد، ولعلى هذا من ذلك الباب، إذا قلنا: النجاشي مأخوذ من النجش وما أشبهه، قلنا: إن الألف زائدة تقوم مقام الياء الثانية، وعلى كل حال هو ملك الحبشة لقب لكل من ملك الحبشة، والمراد بهذا الحديث هو المعاصر للنبي -عليه الصلاة والسلام- أصحمة بن ابحر، واسمه: بالعربية عطية كان ردءاً نافعاً للمسلمين في بلده، هاجر الصحابة إليه مرتين، أسلم في بلده ولم يهاجر، فحكمه حكم كبار التابعين؛ لأنه ما هاجر ولا رأى النبي -عليه الصلاة والسلام-.(45/20)
"نعى النجاشي للناس" أي أخبرهم بموته، والنعي جاء ذمه، وهنا يراد بالنعي مجرد الإخبار أي أخبرهم بموته ومجرد الإخبار إخبار الأهل والأقارب وخواص الرجل ومعارفه وأهل الصلاح هذا مشروع؛ لأنه ترجى إجابة دعوتهم له هذا مشروع إخبارهم بذلك مجرد إخبار من غير أن يصحب الإخبار شيء أخر، والحالة الثانية: دعوة الناس الجفلا كل الناس يدعون للصلاة عليه من أجل المفاخرة، أقاربه وذووه وتلاميذه مثلاً وأتباعه يدعون الناس كلهم للصلاة على فلان ليقولوا: إنه صلى على والدنا عشرة آلاف عشرين ألف وهكذا، وكذلك لو فعله الأتباع ليبينوا للناس أن شيخهم أو متبوعهم أفضل من فلان أو علان للمفاخرة، صلى على شيخنا أكثر ممن صلى على ... ، وهكذا، هذا مكروه عند أهل العلم، ولا زاد الأمر عن ذلك لما بعد تحريمه، أما الإعلام المقرون بالنياحة وما أشبهها هذا حرام بلا شك، والنعي الموجود في الجاهلية والذي جاءت النصوص بمنعه هو يصحبه رفع صوت، وذكر محاسن، ووقوف من جمع غفير في أبواب السكك والطرقات ألا أن فلان ابن فلان الفاعل التارك الذي كذا وكذا قد مات، هذا النعي، ما يذكر في الصحف من الأخبار الأمور بمقاصدها إذا أعلن الأولاد عن موت أبيهم وفي ذهنهم أنه يحضر من له أو عليه حق له ممن لا يمكن إبلاغهم مباشرة هذا مقصد صحيح، وإذا كان القصد بذلك المفاخرة والمكاثرة هذا له حكم، وإن اقترن بذلك ذكر محاسن وإطراء ومبالغات هذا أيضاً له حكم، فالأمور بمقاصدها، في اليوم الذي مات فيه في رجب سنة تسع وإن كان على النحو الذي يذكر في كتب التراجم عند أهل العلم ومثل ما قلنا سابقاً: الأمور بمقاصدها، إذا كان ذكر محاسنه للمفاخرة بهذه المحاسن هذا هو النعي المنهي عنه، وإن كان القصد من ذكر محاسنه الإفادة من مؤلفاته والانتفاع بمنهجه وطريقته وليستفيد الناس مما يمكن الإفادة منه فهذا شيء حسن هذا كلام الإمام أحمد -رحمه الله-: بيننا وبينكم الجنائز، وهذا شي مشاهد، إذا مات شخص من أهل العلم اجتمع الناس الجموع الغفيرة للصلاة عليه، وإذا مات مبتدع ما يجد من يصلى عليه، نعم بدون إعلان، القلوب بيد الله -جل وعلا-، الناس لا يساقون بالقوة إلى الصلاة على فلان أو علان، لكن قد يرد على(45/21)
هذا أنه قد صلي على بعض من ليس له شأن في الدين أو أعظم من ذلك له أثر سيئ في الدين كثرت عليه الجموع لأنه متبوع، على كل حال الإنسان لن ينفعه إلا عمله هذا الأصل {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [(39) سورة النجم] هذا الأصل كونه يحتف به أمور لأمر من الأمور اجتمع الناس للصلاة عليه أو لبعض أقاربه وبعض معارفه وفاءاً لهم لا له هذه أمور أخرى لا ترجع إلى الشخص نفسه، المقصود أنه إذا كان من أتباعه الذين لا أثر لدعوتهم فالعبرة في أهل الصلاح في صلاة أهل الصلاح وأهل الفضل الذين ترجى إجابة دعوتهم.
طالب:. . . . . . . . .(45/22)
السفر من أجل الصلاة لا بأس بها، حكمها حكم زيارة المريض وحكم الصلة وحكم ... ما في شيء؟ هم لا يسافرون إلى البقعة المنهي عنه، المنهي السفر إلى شد الرحل إلى البقاع، لو سافر شخص لصلة الرحم ليحضر زواج مثلاً قريب أو صديق نقول: شد الرحل ما في شيء أبداً، حكمها حكم عيادته لو كان مريضاً، أو زيارته في الله إن كان سليماً "وخرج بهم إلى المصلى، فصف بهم وكبر أربعاً" في هذه القصة -قصة النجاشي- علم من أعلام النبوة حيث أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- بموته في اليوم الذي مات فيه والمسافة بين المدينة والحبشة تحتاج إلى زمن طويل، أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- بموته في اليوم الذي مات فيه، وليس هناك وسائل اتصال ولا شيء، إذاً جاءه الخبر من الله -جل وعلا-، هذا علم من أعلام نبوته -عليه الصلاة والسلام-، استدل به بعضهم على منع الصلاة على الميت في المسجد كما هو قول الحنفية والمالكية، وسيأتي ما يعارضه في حديث عائشة -إن شاء الله تعالى-، استدل به أيضاً على مشروعية الصلاة على الغائب عن البلد، وبهذا قال الجمهور، الشافعي وأحمد وجمهور السلف، حتى قال ابن حزم: لم يأت عن أحد من الصحابة منعه، عند الحنفية والمالكية لا تشرع الصلاة على الغائب؛ لأنه لم يؤثر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه صلى على أحد غير النجاشي، والنجاشي له ظروفه حيث مات في بلدٍ ليس فيها أحد، واحتمال أنه ما صلي عليه، هذا توجيه لشيخ الإسلام وغيره أنه البلد الذي لم يصل عليه فيه يصلي عليه المسلمون صلاة الغائب، لكن من أين لهم أن يقولوا: إنه لم يصل عليه أحد؟ هذا دون إثابته خرط القتاد، ما الذي يمنع أن يكون له أتباع أسلموا معه ولو لم يهاجروا وصلوا عليه؟ المقصود أنه ما دام الاحتمال قائم فلا مانع من الصلاة على الغائب، والأصل أصيل في هذا الباب، قال بعضهم: يصلى عليه في اليوم الذي مات فيه، أما إذا طالت المدة لا يصلى عليه، منهم من قال كابن حبان: إنه يصلى عليه إذا كان في جهة القبلة، في جهة القبلة تصلي عليه، أما إذا كان في غير جهة القبلة لا تصلي عليه؛ لأنه إذا كان في جهة القبلة يكون بين يديك، وهذا هو مكان الميت من المصلي، أما إذا لم يكن في جهة القبلة(45/23)
فإنه لا يصلى عليه، وهذا استنباط من ابن حبان، استنبطه من قصة النجاشي؛ لأن النجاشي بالنسبة لأهل المدينة في جهة القبلة، يعني إذا توجهوا إلى مكة الحبشة أمامهم، لكن لو كان الميت في الشام مثلاً أهل المدينة يستدبرونه، فلا تصح الصلاة عليه، هذا كلام ابن حبان، لكنه جمود على القصة، جمود على قصة النجاشي، فإذا أخذنا الحكم والنجاشي غائب عن البلد إذاً كل غائب عن البلد بصفة النجاشي مما له أثر في الإسلام يصلى عليه، وقد يقول قائل: إن هذا أيضاً جمود على قصة النجاشي لماذا لا يصلى على كل أحد؟ نقول: يرد على هذا أنه ما صلي على كل أحد، فالنجاشي له أثر في الإسلام بلا شك، فمن كان له أثر في الإسلام يصلى عليه.
"فصف فيهم وكبر أربع تكبيرات" فيه أن التكبير في صلاة الجنازة أربع تكبيرات، وهو الشاهد من الحديث، وفيه مشروعية الخروج إلى المصلى لقصد تكثير الجمع الذين يصلون عليه، وقصد الإشاعة لموته على الإسلام؛ لأن بعض الناس لم يعلم أنه أسلم، فلما أخبروا بموته وصلى عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- عرف الجميع أنه أسلم، هذا غائب عن البلد هل يأخذ حكم الغائب من غاب بدنه يعني ولو غاب في البلد نفسه من غرق في البحر أو قتل ولم يُتمكن من غسله والصلاة عليه أو أكله السبُع فلم يبقِ منه شيء؟ يقول الباجي: من غرق في البحر أو قتل ولم يتمكن من غسله أو أكله السبُع فلم يبق منه شيئاً فقد قال ابن حبيب: يصلى عليه كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- بالنجاشي؛ لأنه غائب لا وجود له بين المصلين، فهو في حكم الغائب, يقول: وقال غيره من أصحابنا لا يصلى عليه، لكن المتجه أنه يصلى عليه؛ لأنه غائب حكماً والأصل في المسلم أنه يصلى عليه.
يقول: هل يشترط إذن ولي الأمر لصلاة الغائب؟ هل هناك وقت محدد للصلاة عليه؟ هل يشترط الصلاة عليه جماعة أو يكفي المنفرد؟(45/24)
بالنسبة لإذن ولي الأمر في هذا الباب إذا كان المفتى به في البلد عدم الصلاة عليه أو وجد خلاف قوي في المسألة في البلد الذي يفتي به من عينه ولي الأمر للإفتاء فلا بد من إذنه؛ لأن حكم الحاكم عند أهل العلم يرفع الخلاف، إذا كانت المسألة معروف الخلاف فيها في البلد، والمسألة خلافية، والذي يفتى به في البلد عدم الصلاة على الغائب أو وجد خلاف قوي بين أهل العلم في البلد نفسه لا بد من إذن ولي الأمر ليرفع الخلاف.(45/25)
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن أبي أمامة -أسعد- بن سهل بن حنيف أنه أخبره أن مسكينة" في البخاري وغيره: "أنها امرأة سوداء كانت تقم المسجد واسمها: محجنة أو أم محجن كما في الإصابة "مرضت فأخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمرضها، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعود المساكين ويسأل عنهم" يقول الباجي: فيه دليل على اهتمام النبي -صلى الله عليه وسلم- بأخبار ضعفاء المسلمين، يعني اهتمام النبي -عليه الصلاة والسلام- بأخبار ضعفاء المسلمين، وتفقده لهم، ولذلك كان يخبر بمرضاهم، وذلك من كريم خلقه -صلى الله عليه وسلم-، وتواضعه كما وصفه الله –عز وجل-: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [(43) سورة الأحزاب] ولذا أمر -صلى الله عليه وسلم- أن يؤذن بها، يعني يعلم بها ويخبر بشأنها إذا ماتت لئلا يخفى أمرها عليه "وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعود المساكين ويسأل عنهم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا ماتت فآذنوني)) " كأنه أحس -عليه الصلاة والسلام- بدنو أجلها، آذنوني يعني أعلموني واخبروني "فخرج بجنازتها ليلاً" والدفن ليلاً جائز "فكرهوا أن يوقظوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" إجلالاً له وهيبة له وشفقة عليه -عليه الصلاة والسلام- "فلما أصبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخبر بالذي كان من شأنها" يعني بعد سؤاله -عليه الصلاة والسلام- عنها أخبر بشأنها "فقال: ((ألم أمركم أن تؤذنوني بها؟ )) فقالوا: يا رسول الله كرهنا إن نخرجك ليلاً ونوقظك" ولابن أبي شيبة: "فقالوا: أتيناك لنؤذنك بها فوجدناك نائماً فكرهنا أن نوقظك" وللبخاري: "كأنهم حقروا شأنها" وفي مسلم: "صغروا أمرها" يعني العلة مركبة، حقروا أمرها وكرهوا أن يوقظوا النبي -عليه الصلاة والسلام- فلم يوقظوه "فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى صف بالناس على قبرها فصلى" فيه دليل على مشروعية الصلاة على القبر وبهذا قال الشافعي وأحمد، ومنعها مالك وأبو حنيفة، وقالوا: هذا من خصائصه -عليه الصلاة والسلام-، لكن الخصائص لا تثبت بمجرد الاحتمال، بل لا بد من دليل يدل على التخصيص "وكبر أربع تكبيرات" فيه دليل على أن التكبيرات في صلاة الجنازة(45/26)
أربع، وعرفنا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كبر أربعاً على النجاشي، وهو من علية القوم، وكبر على هذه أربع وهي من ضعفاء المسلمين ومساكينهم.
يقول: "وحدثني عن مالك أنه سأل ابن شهاب عن الرجل يدرك بعض التكبير على الجنازة ويفوته بعضه فقال: يقضي ما فاته من ذلك" لأن صلاة الجنازة يشملها عموم ((فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا)) نعم يقضي ما فاته، ويكون على صفته، ويكون ما أدركه أول صلاته؛ لعموم ((فأتموا)) والمسألة فرع عما يدركه المصلي في الصلاة المفروضة عند من يقول: إن ما يدركه المصلي أخر صلاته فإذا جاء بعد تكبير الإمام التكبيرة الثالثة يكبر ويدعو للميت، لكن على القول وهو المرجح أن ما يدركه المسبوق أول صلاته يكبر فيقرأ الفاتحة ثم يكبر ثانية إذا كبر الإمام للرابعة فيصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام-، فإذا سلم الإمام كبر الثالثة ودعاء للميت، ثم كبر رابعة وسلم ((وما فاتكم فأتموا)) والذي يقول: إنما يدركه أخر صلاته وهو المعروف عند الحنابلة والحنفية يقول: إذا كبر مع الإمام الثالث يدعو للميت، فإذا كبر الرابعة ثم سلم الإمام يأتي بما فاته، يأتي بالتكبيرة الأولى ثم الثانية ثم الثالثة.
المسألة إذا سلم الإمام وهو مسبوق فإذا خشي أن ترفع الجنازة عرفنا أنه يقضي ما فاته على صفته وهكذا في جميع الصلوات في صلاة العيد في صلاة الكسوف في صلاة الجمعة في صلاة ... ، على صفته، لكن هنا إذا خشي أن ترفع الجنازة فهل يتابع التكبير من غير ذكر يكبر تكبيرتين ثلاث ويسلم أو يقضيها على صفتها ولو رفعت أو يدعو بما تيسر ويستعجل في ذلك؟ المسألة خلافية، فقال: يقضي ما فاته من ذلك يعني بعد سلام الإمام، وبه قال الجمهور، وقال ابن عمر والحسن وربيعة والأوزاعي لا يقضي، واختلف في كيفية القضاء، فقال مالك: يتابع التكبير بلا دعاء، وقال: أبو حنيفة يدعو، واختلف عن الشافعي لكن ينبغي أن يفرق بين ما إذا كان يدرك الدعاء قبل أن ترفع بحيث يستوفي الدعاء وإلا فيدعو بما تيسر بأخص ما يدعى به للميت، ثم يتابع التكبير ويسلم، جمع من أهل العلم يقول: لا يجوز الجمع بين الصلاتين بشخص واحد، لكن الذي لم يصل يصلي.
أحسن الله إليك:(45/27)
باب: ما يقول المصلي على الجنازة:
حدثني يحيى عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد القبري عن أبيه أنه سأل أبا هريرة -رضي الله عنه-: كيف تصلي على الجنازة؟ فقال أبو هريرة: أنا لعمر الله أخبرك أتبعها من أهلها فإذا وضعت كبرت وحمدت الله وصليت على نبيه ثم أقول: اللهم أنه عبدك وابن عبدك وابن أمتك كان يشهد أن لا إله إلا أنت، وأن محمداً عبدك ورسولك، وأنت أعلم به، اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: سمعت سعيد بن المسيب -رحمه الله- يقول: صليت وراء أبي هريرة على صبي لم يعمل خطيئة قط فسمعته يقول: اللهم أعذه من عذاب القبر.
وحدثني عن مالك عن نافعٍ أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان لا يقرأ في الصلاة على الجنازة.
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: ما يقول المصلي على الجنازة"
"حدثني يحيى عن مالك عن سيعد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه -كيسان- أنه سأل أبا هريرة كيف تصلي على الجنازة؟ فقال أبو هريرة: أنا -لعمروا الله- أخبرك" هذا موطئ للقسم، مثل هذا لا خلاف فيه، ولعمري جاءت في بعض النصوص، واستعملها الصحابة، وأجازها الجمهور.
"أنا لعمر الله أخبرك، أتبعها من أهلها" أي أسير معها من دارها إلى المسجد، وذلك من حق المسلم على المسلم أن يتبع جنازة أخيه "فإذا وضعت كبرت" وكأنه لا يرى القراءة كابن عمر على ما سيأتي.(45/28)
"كبرت وحمدت الله وصليت على نبيه -صلى الله عليه وسلم- ثم أقول: اللهم إنه عبدك وابن عبدك وابن أمتك" هذا أسلوب استعطاف "كان يشهد أن لا إله إلا أنت، وأن محمداً عبدك ورسولك" يعني وقد وعدت من نطق بهذه الشهادة الخير العظيم، وعدته بالجنة "وأنت أعلم به" أنت أعلم بعبدك منا "اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه" أي ضاعف أجوره "وإن كان مسيئاً" متلبساً ببعض الذنوب والمعاصي "فتجاوز عن سيئاته" فلا تؤاخذه بها "اللهم لا تحرمنا أجره" أي أجر فقده، ومصابنا به، أو أجر الصلاة عليه "ولا تفتنا بعده" هذا الدعاء يقال في الصلاة على الميت، وموضع الدعاء بعد التكبيرة الثالثة على ما سيأتي، وجاءت أدعية مرفوعة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكلها مما يمحض فيه الدعاء للميت، مما ينفعه، فالمصلون جاءوا ليشفعوا لهذا المسكين الذين انقطع عمله.
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد" الأنصاري.
عن أبي هريرة موقوفاً عليه ما فيه إشكال، جاء في الأدعية المرفوعة صيغ كثيرة منها ما في الصحيح، ومنها ما في السنن: "اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا، إنك تعلم منقلبنا ومثوانا، اللهم من أحييته منا فأحييه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه ... إلى أخر، الدعاء المعروف، اللهم إنه في ذمتك وحبل جوارك.
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد -الأنصاري- أنه قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: صليت وراء أبي هريرة على صبي لم يعمل خطيئة قط" الصبي معروف أنه غير مكلف لم يجر عليه قلم التكليف، رفع عنه القلم "فسمعته يقول: اللهم أعذه من عذاب القبر" مفهومه أن من لم يعمل خطيئة يعذب، لكن هناك أمور يشترك فيها الناس كلهم، الضغطة -ضغطة القبر- والوحشة والإنفراد، هذا يعم الأطفال وغير الأطفال، فالدعاء له بمثل هذا دعاء له بالأنس وأن تخفف عليه الضغطة، والله المستعان.
وإلا مقتضى كونه لم يعمل خطيئة قط أنه لا يعذب.(45/29)
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان لا يقرأ في الصلاة على الجنازة" ابن عمر كان لا يقرأ في الصلاة على الجنازة إنما هو مجرد دعاء للميت عنده، كما تقدم نظيره في صنيع أبي هريرة -رضي الله عنه-، بهذا قال كما سمعتم ابن عمر وأبو هريرة وجماعة من التابعين وأبو حنيفة ومالك، يقولون: ما فيها قراءة، وقال ابن عباس وابن مسعود بمشروعية القراءة، وبهذا قال الشافعي وأحمد وفي البخاري: صلى ابن عباس على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب، وقال: لتعلموا أنها سنة، أسمعهم إياها، وقال: لتعلموا أنها سنة، وفي النسائي فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة لتعلموا أنها سنة.
قول الصحابي: سنة له حكم الرفع عند جمهور العلماء؛ لأنه لا يريد بذلك إلا سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقال الحسن: يقرأ على الطفل بفاتحة الكتاب، ويقول: اللهم اجعله لنا فرطاً وسلفاً وأجراً، وروى عبد الرزاق والنسائي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر ثم يقرأ بأم القرآن ثم يصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعنى بعد التكبيرة الثانية، ثم يخلص الدعاء للميت، يعني بعد التكبيرة الثالثة، يخلص الدعاء للميت ولا يقرأ إلا في الأول، يعني بعد التكبير الأولى فقط.
يقول ابن حجر: وإسناده صحيح، السنة في الصلاة على الجنازة، وإذا أطلقوا السنة فمرادهم سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإسناده صحيح، فعلى هذا بعد التكبيرة الأولى القراءة، وبعد الثانية الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وبعد الثالثة الدعاء للميت.
أحسن الله إليك:
باب: الصلاة على الجنائز بعد الصبح إلى الإسفار وبعد العصر إلى الاصفرار:
وحدثني يحيى عن مالك عن محمد بن أبي حرملة مولى عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب أن زينب بنت أبي سلمة توفيت وطارق أمير المدينة فأُتي بجنازتها بعد صلاة الصبح فوضعت بالبقيع، قال: وكان طارق يغلس بالصبح، قال ابن أبي حرملة: فسمعت عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يقول لأهلها: إما أن تصلوا على جنازتكم الآن، وإما أن تتركوها حتى ترتفع الشمس.(45/30)
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: يصلى على الجنازة بعد العصر وبعد الصبح إذا صليتا لوقتهما.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: الصلاة على الجنائز بعد الصبح إلى الإسفار وبعد العصر إلى الاصفرار" في الوقتين الموسعين الصلاة على الجنازة في الوقتين الموسعين بعد الصبح إلى الإسفار يعني قبل أن تطلع الشمس وبعد العصر بعد صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس.
روى مسلم وأحمد وأصحاب السنن عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلى فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا، حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، حين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل، وحين تتضيف الشمس للغروب حتى تغرب" هذه الأوقات الثلاثة مضيقة. يقول الترمذي: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، يعني المنع من صلاة الجنازة في هذه الأوقات؛ لأنهم حملوا دفن أو قبر الموتى على الصلاة؛ لأن الدفن من متطلبات الصلاة، يقول الترمذي: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وغيرهم، يكرهون الصلاة على الجنازة في هذه الساعات، ساعات الأوقات المضيقة، وقال ابن المبارك: معنى هذه الحديث أن نقبر فيهن موتانا يعني الصلاة على الجنازة؛ لأن قبر الميت في حد ذاته لا إشكال فيه، ولا يتعلق به نهي، والنهي عن الصلاة، النهي في أوقات النهي إنما يراد به عن الصلاة، وذكر قبر الموتى لأن من متطلباته الصلاة، وقال ابن المبارك: معنى هذا الحديث أن نقبر فيهن موتانا يعني الصلاة على الجنازة، وكره الصلاة على الجنازة عند طلوع الشمس وعند غروبها، وإذا انتصف النهار حتى تزول الشمس وهو قول أحمد وإسحاق، وقال الشافعي: لا بأس به، لا بأس بالصلاة على الجنازة في الساعات التي تكره فيها الصلاة، مع أننا عرفنا رأى الشافعي -رحمه الله- في فعل ذوات الأسباب في أوقات النهي، ورأي غيره من أهل العلم.(45/31)
"باب: الصلاة على الجنائز من الصبح إلى الإسفار وبعد العصر إلى الاصفرار" في شرح الزرقاني يقول: فيجوز بلا كراهة، هذا هو المشهور عن مالك، أنها لا تجوز بعد الإسفار وبعد الاصفرار، وروى ابن عبد الحكم عن مالك جواز الصلاة على الجنازة في كل وقت بما في ذلك الأوقات المضيقة، وهو قول الشافعي؛ لأن النهي إنما ورد في التطوع لا الواجب، صلاة الجنازة تطوع وإلا واجبة؟ واجبة، فرض كفاية، الصلاة الأولى على الميت فرض كفاية، إذا صلي عليه وسقط الفرض، ثم وضعت الجنازة انتظاراً لدفنها في أوقات النهي، الآن سقط الفرض صارت في حكم الباقين سنة، وهنا يقول مالك: إنما ورد النهي في التطوع لا الواجب، نتفق معه على أن صلاة الجنازة فرض كفاية، ويقصد بذلك الصلاة الأولى التي يسقط بها الواجب، فإذا سقط الواجب صار في حكم الباقين سنة، هؤلاء الذين لم يدركوا الصلاة عليها في المسجد هل لهم أن يصلوا عليها إذا وضعت انتظاراً لدفنها على أرض المقبرة؟ وهل يختلف الأمر فيما إذا وضعت قبل أن تدفن وبعد أن تدفن؟ صلاة الجنازة صلاة، يتناولها عموم قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا صلاة بعد الصبح)) ((ولا صلاة بعد العصر)) و"ثلاث ساعات كان الرسول ينهانا" ... إلى أخره، فهي صلاة، ولذا لا تصح إلا باستكمال شروط الصلاة، فهي صلاة، وإذا اتفقنا مع مالك وغير مالك ممن يقول: بأن النهي خاص بالنوافل لا الفرائض، إذا أديت الصلاة للمرة الأولى سقط الفرض وبقي في حكم الباقين سنة، فإذا وضعت بعد صلاة العصر في المقبرة بعد أن أديت الصلاة الواجبة عليها أو بعد صلاة الصبح لوقت موسع أو في الوقت المضيق هل نقول: لا تصلوا عليها لأن الوقت وقت نهي؟ أو نقول: هذه صلاة مربوطة بسبب وجد السبب وفعل ذوات الأسباب في أوقات النهي معروف الخلاف فيه؟ يجري عليها ما ذكرناه سابقاً في فعل ذوات الأسباب في وقت النهي، الوقتين الموسعين لا إشكال فيهما، يصلى على الجنازة فيهما، وأما بقيت الأوقات فلا يصلى على الجنازة فيها؛ لأن تنتظر الجنازة ويش المانع تنتظر لأن الأوقات المضيقة قصيرة؟ حتى في الصلاة الأولى التي هي واجبة يعني لا يترتب على التأخير شيء لو أحضرت صلاة جنازة قبل غروب الشمس بعشر دقائق ويش(45/32)
المانع أن ينتظر بها صلاة المغرب فإذا صلوا يصلون عليها؟ أو أحضرت الجنازة قبل بزوغ الشمس أو مع بزوغ الشمس ينتظر بها حتى ترتفع الشمس؛ لأنه في حديث عقبة: "ثلاث ساعات كان رسول الله ينهانا أن نصلى فيهن وأن نقبر فيهن موتانا" فالأمر لا شك أنه ليس من السهولة بحيث يقول أدنى واحد: هذه ذوات أسباب وذوات الأسباب جاء ما يخرجها من عموم أحاديث النهي، والمسألة تقدمت مع البسط.
يقول: "وحدثني يحيى عن مالك عن محمد بن أبي حرملة" قرشي مولاهم "مولى عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب" بن عبد العزى "أن زينب بنت أبي سلمة" عبد الله بن عبد الأسد المخزومية، ربيبة النبي -عليه الصلاة والسلام- "توفيت" سنة ثلاثة وسبعين، وحضر ابن عمر جنازتها قبيل موته "وطارق -بن عمرو الأموي مولاهم- أمير المدينة" لعبد الملك بن مروان "فأتي بجنازتها بعد صلاة الصبح فوضعت في البقيع، قال -محمد-: وكان طارق يغلس في الصبح" أي يصليها وقت الغلس قبل الإسفار، يعني ما زال وقت النهي الموسع موجود، فيصلى عليها في مثل هذا الوقت "قال ابن أبي حرملة: فسمعت عبد الله ابن عمر يقول لأهلها: إما أن تصلوا على جنازتكم الآن -يعني في الوقت الموسع وقت الغلس قبل الإسفار- وإما أن تتركوها حتى ترتفع الشمس" أما أن يصلى عليها في الوقت المضيق فلا، ومفهومه أنه لا يصلى عليها في الوقت المضيق.
"وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يصلي على الجنازة بعد العصر وبعد الصبح إذا صليتا لوقتهما" يعني في أول الوقت، وهذا يشهد لما قبله، يقول الباجي: لوقت الصلاتين المختار، ولابن أبي شيبة عن ميمون بن مهران كان ابن عمر يكره الصلاة على الجنازة إذا طلعت وحين تغرب، يعني في الوقتين المضيقين.
اللهم صلِ على عبدك ورسولك.(45/33)
الموطأ - كتاب الجنائز (3)
شرح: باب: الصلاة على الجنائز في المسجد، وباب: جامع الصلاة على الجنائز، وباب: ما جاء في دفن الميت، وباب: الوقوف للجنائز والجلوس على المقابر، وباب: النهي عن البكاء على الميت.
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول: إذا صلي على أكثر من جنازة صلاة واحدة فهل يؤجر المسلم كما لو صلى على كل جنازة وحدها؟
يعني هل الوعد للصلاة أو للميت؟ فيتعدد الأجر بعدد الأموات أو لا بد من تعدد الصلوات؟ اللائق بفضل الله -جل وعلا- وكرمه أن يكون بعدد الأموات، من صلى على عشر جنائز صح أنه صلى على عشرة من المسلمين، وله بكل صلاة قيراط بعدد الأموات -إن شاء الله تعالى- هو اللائق بفضل الله -جل وعلا-.
يقول: ما تفسير كون التابعين أشد خوفاً من الله تعالى من الصحابة كما هي القصص التي تدل على ذلك؟(46/1)
هذا الكلام ليس بصحيح، قد يكون الأثر المترتب على الخوف الأثر المرئي هو في التابعين أكثر، يتجلى مثل هذا في كون بعض التابعين لا يحس بمن حوله وهو يصلي، وفي كون بعض التابعين يغمى عليه ويصعق عند سماع القرآن وقد يموت وهذا لا يوجد في الصحابة، إن كان المراد به هذا فنعم موجود في التابعين ومن بعدهم من خيار الأمة، النبي -عليه الصلاة والسلام- أنزل عليه القرآن وأخبر أنه قول ثقيل، لا يتحمل أي قلب، هو قول ثقيل، لكن إذا نزل هذا القول الثقيل على قلوب كاملة قوية تتحمل هذا القول الثقيل تأثرت به من غير أن يعتريها نقص؛ لأن الغشي نقص فتتأثر به التأثر التام من غير أن يعتريها نقص، فهي تستشعر عظمة هذا الكلام، وتحتمل هذا الكلام العظيم لقوتها؛ لما جعل الله فيها من القوة والتحمل، وإلا أخشى الناس وأتقاهم لله النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم بعد ذلك صحابته الكرام، انتهى الجيل الأول من الصحابة أصحاب القلوب القوية العظيمة التي تتحمل هذا الكلام العظيم وتستشعر عظمته، جاء الجيل الذي يليهم وقد ورثوا عن الجيل الأول تعظيم شعائر الله، وتعظيم كلام الله، واستشعار عظمة كلام الله، لكن القلوب ضعفت، فإذا نزل هذا القول الثقيل العظيم على قلوب ضعيفة مع استشعار العظمة لا بد من أن تتأثر، فيعتريها ما يعتريها من نقص بسبب هذا التأثر، ثم استمر الأمر على هذا في القرون المفضلة، ثم خلفهم خلوف قلوب ضعيفة، لكن مع عدم استشعار عظمة هذا الكلام فصار لا يؤثر فيها، وإلا فمن من الناس اليوم يتأثر بسورة هود؟ ما في أحد إلا القليل النادر، ولقد عهدنا الناس في ليلة الثاني عشر والثالث عشر من رمضان حينما تقرأ هذه السورة ترتج المساجد من البكاء، يستشعرون، ومنهم من يحصل له شيء من النقص لاستشعار عظمة القرآن، من من الناس اليوم يستشعر عظمة قوله –جل وعلا-: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} [(8) سورة المدثر]؟ هي لا تحرك شعرة في أي مسلم الآن إلا من رحم الله، يبدأ القارئ في السورة وينتهي ما كأنه يقرأ، وليس هذا قوة في القلوب لا أبداً، القلوب أضعف مما هي عليه في عصر التابعين، لكن مع ضعف هذه القلوب عدم استشعار عظمة هذا الكلام، وإلا لو نزلت بالمرء أدنى مصيبة(46/2)
من أمور الدنيا هل يتحمل؟ ما يتحمل إلا القليل النادر، هذا الذي يظهر من تراجم السلف لا شك أن هذا له نصيب.
السؤال هذا يقول: ما تفسير كون التابعين أشد خوفاً من الله من الصحابة؟
هم ليسوا أشد خوفاً من الله -جل وعلا-، لكن آثار هذا الخوف تظهر عليهم أشد من ظهورها في عصر الصحابة؛ لقوة الصحابة في تحمل مثل هذا الكلام العظيم بخلاف من جاء من بعدهم.
يقول: ما رأيكم في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة لعبد الرحمن بن الجزيري؟
أولاً: الكتاب غير كامل، الأمر الثاني: أنه قد ينقل بعض المذاهب من كتب غير مشهورة في هذه المذاهب، ويعتمد روايات غير معمول بها في هذه المذاهب؛ لأن كل مذهب له رواية أو قول يختلف عن القول الآخر، فالفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي يجمع المذاهب وليست الميزة في جمعه، الميزة في المراجع التي اعتمدها، وذكرها بالجزء والصفحة؛ ليتأكد الإنسان مما نقله، ويستكمل بحث هذه المسائل من هذه المصادر.
سم.
باب: الصلاة على الجنائز في المسجد:
حدثني يحيى عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها أمرت أن يمر عليها بسعد بن أبي وقاص في المسجد حين مات لتدعو له، فأنكر الناس ذلك عليها، فقالت عائشة: ما أسرع الناس، ما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على سهيل بن بيضاء إلا في المسجد.
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنه قال: صلي على عمر بن الخطاب في المسجد.
"باب: الصلاة على الجنائز في المسجد"(46/3)
"حدثني يحيى عن مالك عن أبي النضر" سالم بن أبي أمية "مولى عمر بن عبيد الله" القرشي التيمي "عن عائشة" زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- -رضي الله تعالى عنها- أنها أمرت أن يمر عليها بسعد بن أبي وقاص في المسجد" سعد بن أبي وقاص بن مالك الزهري، أحد العشرة المبشرين، وأخرهم موتاً، حين مات في العقيق سنة خمسٍ وخمسين، وحمل إلى المدينة على ما سيأتي، أمرت أن يمر عليها به لتدعو له في المسجد، لتدعو له، لماذا لا تدعو له وهو بعيد؟ لا شك أن الدعاء من قرب أقرب إلى الاستحضار، فإذا دعت له بحضرة جنازته استحضرت ولم تنشغل عن الدعاء بشيء "فأنكر ذلك الناس عليها" عائشة أمرت أن يمر عليها لتدعو له هل المراد بذلك الدعاء له بالرحمة والمغفرة أو لتصلي عليه فيكون المراد بالدعاء هنا الصلاة؟ تطلق الصلاة ويراد بذلك الدعاء، ويطلق الدعاء ويراد به الصلاة، جاء في الحديث في إجابة الدعوة ((من كان مفطراً فليطعم، ومن كان صائماً فليصلِ)) يعني يدعو، وإن قال بعضهم: إنه يصلي ركعتين ويمشي، لكن الأكثر على أنه يدعو، وهنا تقول: أمرت أن يمر عليها لتدعو له، احتمال أن يكون مجرد الدعاء والدعاء بحضرة الجنازة لا شك أنه أقرب وأبعد عن الغفلة، أو المراد بالدعاء هنا الصلاة، وفي صحيح مسلم عن عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة قالت: لما توفي سعد أمر أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يمر بجنازته في المسجد فيصلين عليه، وهذا هو المناسب للترجمة أن المراد بالدعاء الصلاة؛ لأن الترجمة: باب: الصلاة على الجنائز في المسجد "فأنكر ذلك الناس عليها، فقالت عائشة: ما أسرع الناس" يعني أن نسوا السنة، أو ما أسرعهم إلى الإنكار ينكرون ما لا علم لهم به، أو ينسوا السنة "ما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على سهيل بن بيضاء" هذه أمه، لقبها البيضاء؛ لأنها كانت بيضاء، واسمها: دعد، وأبوه وهب بن ربيعة القرشي، قد مات سنة تسع "ما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على سهيل بن البيضاء إلا في المسجد"، وفي مسلم: "إلا في جوف المسجد".(46/4)
وكره بعض العلماء الصلاة على الميت في المسجد لما يخشى من تلويثه؛ ولأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أذنهم وأعلمهم ونعى لهم النجاشي وخرج بهم إلى المصلى، وعرفنا أنه خرج بهم إلى المصلى ليشتهر أمر النجاشي؛ وليعلن إسلامه لأن كثير من المسلمين لا يدري هل هو أسلم أم لا؟ وليكثر الجمع عليه لما قدمه من أيادٍ في خدمة هذا الدين، فهو رد نافع لهذه الأمة، والحديث وإن كان منقطعاً عند جمهور رواة الموطأ إلا أنه موصول في صحيح مسلم.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال: صلي على عمر بن الخطاب في المسجد" وروى ابن أبي شيبة أن عمر صلى على أبي بكر في المسجد، وأن صهيباً صلى على عمر في المسجد، في ذلك دليل على جواز الصلاة على الميت في المسجد، وأما ما يخشى من احتمال تلويث المسجد فهذا احتمال ضعيف مع أنه يحتاط لهذا عند الغسل، فتعمل كافة الاحتياطات، بحيث لا يخرج شيء منه بعد الغسل, وعلى كل حال السنة الثابتة في جواز الصلاة على الميت في المسجد، ثابت من فعله -عليه الصلاة والسلام-، وفعل صحابته من بعده.
سم.
باب: جامع الصلاة على الجنائز:
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عثمان بن عفان وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهم- وأبا هريرة -رضي الله عنه- كانوا يصلون على الجنائز بالمدينة الرجال والنساء، فيجعلون الرجال مما يلي الإمام والنساء مما يلي القبلة.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان إذا صلى على الجنائز يسلم حتى يسمع من يليه.
وحثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان يقول: لا يصلي الرجل على الجنازة إلا وهو طاهر، قال يحيى: سمعت مالكاً -رحمه الله- يقول: لم أر أحداً من أهل العلم يكره أن يصلى على ولد الزنا وأمه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: جامع الصلاة على الجنائز"(46/5)
"حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عثمان" أمير المؤمنين، ثالث الخلفاء الراشدين، مناقبه أشهر من أن تذكر، وأكثر من أن تحصر -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- "وعبد الله بن عمر وأبا هريرة -رضي الله عنهم- كانوا يصلون على الجنائز بالمدينة" يعني يصلى على أكثر من جنازة في وقت واحد صلاة واحدة فتجزئ عن صلاة على كل واحد على حدة، يصلون على الجنائز مرة واحدة، ولا خلاف في جواز ذلك.
هذا يسأل عن التكبيرات رفع اليدين مع تكبيرات صلاة الجنازة؟
هو ثابت عن ابن عمر موقوف عليه، والمرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ضعيف، بل شديد الضعف، ويعارض فعل ابن عمر فعل ابن عباس -رضي الله عنهما-، على كل حال الأكثر على أن اليدين ترفعان، كونه ثبت عن ابن عمر الصحابي المؤتسي المقتدي صح عنه ذلك، فالمرجح رفع اليدين.
إذا صلي على الميت في المسجد ثم صلي عليه عند المقبرة فهل لمن صلى عليه في المسجد أن يصلي عليه مرة ثانية في المقبرة مع جماعة أخرى؟
ليس له أن يصلي، إذا صلى عليه مرة يكفي.(46/6)
يقول: "فيجعلون الرجال مما يلي الإمام والنساء مما يلي القبلة" وعلى هذا أكثر العلماء، وقال ابن عباس وأبو هريرة وأبو قتادة: هي السنة، ومعلوم أن الصحابي إذا قال: السنة أو من السنة أنه مرفوع حكماً، فيقدم الرجال ثم الصبيان الأحرار ثم العبيد ثم النساء، هذا الترتيب عند أهل العلم، الأكمل فالأكمل، ثم إذا وجد أكثر من واحد من نوع واحد يقدم الأفضل فالأفضل، يعني لو وجد عشرة رجال مثلاً من يقدم منهم؟ يقدم الأفضل فالأفضل منهم، وقال الحسن وسالم والقاسم: إن النساء مما يلي الإمام، والرجال مما يلي القبلة مأخذ هذا؟ نعم؟ نعم جهة القبلة أشرف فيقدم لها الأكمل، جهة القبلة أشرف ولذا الصف الأول أفضل من الثاني، فإذا قدمنا الرجال كأنهم صاروا في الصف الأول، والنساء أخرناهن كأنهن كن في الصف الثاني، وهذا وضعهن في صلاتهن خلف الرجال، فليكن الحكم كذلك في الصلاة عليهن، وقد يسمع الكلام لأول مرة يستغرب، النساء هن الذين بعد الإمام مباشرة، هذا له وجه، لكن جماهير أهل العلم على أن المقدم في هذا مما يلي الإمام الرجال، ولو جئنا إلى عكس ما قاله أولئك الذي يلي الإمام الصف الأول الذي هو الأكمل من الخلف، فليكن الذي يليه من الأمام هو الأكمل، يعني إذا كانت المسألة مجرد علل إذا كانت مجرد التماس علل، فإذا قال أولئك: إن جهة القبلة أشرف فليكن الرجال أحق بها، والنساء وضعهن خلف الرجال مما يلي الرجال، فليكن في الصلاة عليهن كذلك، نقول: إن الأكمل والأتم في الصفوف الذي يلي الإمام من خلفه فليكن الذي يلي الإمام من أمامه أكمل أيضاً، والعبرة في هذا النقل.(46/7)
"فيجعلون الرجال مما يلي الإمام، والنساء مما يلي القبلة" ويقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا صلى على الجنائز يسلم حتى يسمع من يليه" يسلم سلام التحليل من الصلاة التي افتتحها بالتكبير حتى يسمع من يليه، يعني كغيرها من الصلوات، وكذا كان يفعل أبو هريرة وابن سيرين، وبه قال أبو حنيفة والأوزاعي يجهر بالتسليم، ويروى عن مالك رواية أنه يسر بالتسليم، وبه قال الشافعي، إذاً كيف نعرف أن الإمام انتهى من صلاته على الجنازة؟ بانصرافه، يعلم تمام الصلاة بانصراف الإمام على قولهم بالإسرار، وإلا فالقول المعتمد في المسألة هو الجهر بالتسليم كالجهر بالتكبير.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: لا يصلي الرجل على الجنازة إلا وهو طاهر" يعني من الحدثين، وبهذا قال جماهير أهل العلم، بل نقل ابن عبد البر الاتفاق على ذلك إلا ما يروى عن الشعبي، فالشعبي جوز صلاة الجنازة من غير طهارة، والجمهور دليلهم: ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) ((لا تقبل صلاة من غير طهور)) وهذه صلاة، لها جميع أحكام الصلاة، جوز شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- التيمم لمن خشي أن ترفع الجنازة، وجهة نظره -رحمه الله- أنه بديل عن الطهارة والطهارة لا يتمكن منها في الوقت المناسب المطلوب؛ لأنها لا يمكن أن يتطهر الطهارة الكاملة بالوضوء، فلما لم يستطع أن يتطهر بالوضوء يعدل إلى البدل وغيره لا يرون ذلك، لماذا؟ لأنه مع القدرة على استعمال الماء لا يصح التيمم، وذكرنا في أول الكتاب في المفاضلة بين الشروط بين الوقت والطهارة، وقلنا: إن رأي مالك تقديم الوقت عن الطهارة خلافاً للجمهور، وشيخ الإسلام كأنه يميل إلى رأي مالك، وهذا عند التزاحم والمسألة سبقت.(46/8)
على كل حال إذا كان يدرك القيراط بالطهارة الكاملة لا يسوغ له بحال، لكن إذا خشي، يقول: صلاة بطهارة ناقصة أفضل من لا شيء؛ لأنه بين أن يصلي بالتيمم أو لا يصلي، شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- عنده أقوال لا شك أنها تنبأ عن إحاطة وإدراك لمقاصد الشريعة، وفهم ثاقب، لكن يجبن عنها كثير من الناس، إذا ضاف قوماً وهذا البيت مملوء من النساء مثلاً، شخص ضاف قوماً نزل عند قوم، وفيه خليط من الرجال والنساء الكبار والصغار فاحتلم وخشي أن يتهم، شيخ الإسلام يجوز له التيمم، لكن هل يقول بهذا أحد؟ هل يستطيع أن يجرأ أحد يقول بهذا القول؟ هل يستطيع أحد أن يقول: تطوف الحائض إذا خشيت فوات الرفقة وحبسهم؟ والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أحابستنا هي؟ )) لا شك أن شيخ الإسلام عنده من العلم ما يجعله يقدم على مثل هذه الأقوال، عنده علم وفهم لمقاصد الشرع، وعنده أيضاً لهذه المسائل نظائر وأقيسه تجعله يقول بهذا القول، وهذا ظاهر في كل من تضلع من العلم تكون له مثل هذه الأقوال التي ترى في بادئ الأمر أنها شواذ، فإذا اجتمع عند المرء سعة إطلاع، وقوة علم وقوة حفظ وفهم وإدراك وإحاطة لا شك أنه سوف يوجد عنده مثل هذه الأقوال، لكن لا يعني أنه معصوم كل ما يقوله هو الصواب، ما يلزم، على الإنسان أن يكون وقافاً عند النصوص، وأهل العلم يؤكدون على أنه إن أمكنك ألا تحك رأسك إلا بأثر ففعل، لكن إذا أعياك الأمر ولا وجدت، ما بقي في المسألة إلا اجتهاد فاجتهد إن كنت من أهل العلم، نعم؟
نعم هذه مسألة مهمة تحصل كثيراً، لا سيما في الحرمين أو الحرم المكي الذين يتأخرون عن صلاة الجنازة والإعلان عنها، صلى الفريضة وبعد أن انتهى من الأذكار كبر للراتبة، ثم قيل: الصلاة على الميت، وشرع الإمام في الصلاة عليه.
هل يقطع النافلة التي وقتها موسع ويصلي على الجنازة التي تفوت أو يستمر امتثالاً لقوله -جل وعلا-: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [(33) سورة محمد] هو يقطع النافلة للفريضة ((إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)) يقطع النافلة فهل يقطعها لصلاة الجنازة إذا خشي فواتها؟(46/9)
لا شك أن المسألة محل خلاف بين أهل العلم، لكن إذا غلب على ظنه أنه لا يدرك منها شيء ولا تكبيرة أنه يقطع النافلة في وقتها الموسع.
"وحثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: لا يصلي الرجل على الجنازة إلا وهو طاهر" لكن من فاتته صلاة الفريضة وجاء وكبر للفريضة ثم أعلن عن صلاة الجنازة وكبر عليها وشرع بها لا يجوز له أن يقطع الفريضة، هم يقولون: إن قلب منفرد فرضه نفلاً يقلبها نفلاً في وقتها المتسع يجوز عندهم، يقلبها نفلاً إذا غلب على ظنه أنه يدرك الجماعة وإلا فلا يجوز.
"وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: لا يصلي الرجل على الجنازة إلا وهو طاهر"
قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: لم أر أحداً من أهل العلم يكره أن يصلى على ولد الزنا وأمه" لأنهما من جملة المسلمين، يقول ابن عبد البر: لا أعلم فيه خلافاً تبعاً لإمامه، لكن قال قتادة: لا يصلى عليه، يقول قتادة: لا يصلى على ولد الزنا، لكن قول الجماهير يصلى عليه هو واحد من المسلمين ولا ذنب له، هناك من المسلمين من لا يصلى عليه البتة، ومنهم من لا يصلي عليه الإمام وعلية القوم ويترك الصلاة عليهم لذويهم ومعارفهم، ومن أراد من عامة المسلمين، وهذه المسألة لأهل العلم فيها أقوال كثيرة، منهم قاتل نفسه والغال وقاطع الطريق والمحارب، المقصود هناك من الأموات من صرح أهل العلم بأنه لا يصلي عليهم الإمام، ومنهم من لا يصلى عليه البتة كالشهيد، نعم لا يصلى عليه، شهيد المعركة، ويأتي ما قاله أهل العلم بالنسبة للنبي -عليه الصلاة والسلام- هل صلي عليه أم لم يصلَّ عليه؟
سم.
باب: ما جاء في دفن الميت:(46/10)
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توفي يوم الاثنين، ودفن يوم الثلاثاء، وصلى الناس عليه أفذاذاً، لا يأمهم أحد، فقال ناس: يدفن عند المنبر، وقال آخرون: يدفن بالبقيع، فجاء أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((ما دفن نبي قط إلا في مكانه الذي توفي فيه)) فحفر له فيه، فلم كان عند غسله أرادوا نزع قميصه فسمعوا صوتاً يقول: "لا تنزعوا القميص" فلم ينزع القميص، وغسل وهو عليه -صلى الله عليه وسلم-.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: كان بالمدينة رجلان أحدهم يلحد، والأخر لا يلحد فقالوا: أيهما جاء أول عمل عمله، فجاء الذي يلحد فلحد لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وحدثني عن مالكٍ أنه بلغه أن أم سلمة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تقول: ما صدقت بموت النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى سمعت وقع الكرازين.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: رأيت ثلاث أقمار سقطن في حجري حجرتي، فقصصت رؤياي على أبي بكر الصديق، قالت: فلما توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ودفن في بيتها قال لها أبو بكر: هذا أحد أقمارك وهو خيرها.
وحدثني عن مالك عن غير واحدٍ ممن يثق به أن سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل -رضي الله تعالى عنهما- توفيا بالعقيق وحملا إلى المدينة، ودفنا بها.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: ما أحب أن أدفن بالبقيع؛ لأن أدفعن بغيره أحب إليّ من أن أدفن به، إنما هو أحد رجلين إما ظالم فلا أحب أن أدفن معه، وإما صالح فلا أحب أن تنبش لي عظامه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في دفن الميت" حكم دفن الميت معروف حكم التكفين والصلاة وحمل الميت ودفنه كلها فروض كفايات، لا بد منها، يأثم من علم بحال الميت بحيث يدفن من غير تكفين أو يدفن من غير صلاة أو لا يدفن، فإذا قام به القدر الكافي سقط هذا الوجوب على الجميع، صار في حكم المشارك سنة.(46/11)
"حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توفي يوم الاثنين" وهذا كما في الصحيح عن عائشة وأنس، ولا خلاف فيه بين العلماء، وأن ذلك لاثنتي عشرة مضت من ربيع الأول، سنة إحدى عشرة "ودفن يوم الثلاثاء" توفي يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء، يقول الحافظ -رحمه الله تعالى-: القول بدفنه يوم الثلاثاء غريب، والمشهور عند الجمهور أنه دفن يوم الأربعاء، والسبب في تأخير دفنه -عليه الصلاة والسلام- اشتغال في أمر البيعة حتى استقر الأمر على الصديق، ولا شك أن وجود النبي -عليه الصلاة والسلام- بين أظهرهم أقطع للخلاف، وأبعد للنزاع وإن كان ميتاً -عليه الصلاة والسلام-، لما له من الهيبة، فلا يرفع الصوت بحضرته حياً وميتاً، فتأخيرهم الدفن لكي يكون باعثاً لهم على سرعة الاستخلاف كون الجنازة تؤخر، وهناك أمور مختلف عليها يقال: تترك هذه الجنازة حتى ننتهي لأنها لو دفنت صارت هذه الأمور على التراخي، ومن أعظم ما يختلف فيه بعد موت الإمام الخلافة من بعده.
"وصلى الناس عليه أفذاذاً" يعني أفراداً أرسالاً "لا يؤمهم أحد" روى ابن سعد عن علي قال: هو إمامكم حياً وميتاً فلا نقدم عليه أحد، قال الباجي: اختلف في الصلاة عليه فقال بعض الناس: لم يصلَّ عليه، وإنما يأتي الرجل والرجال فيدعون له ويترحمون عليه "صلى الناس عليه أفذاذاً" يعني دعا له الناس صلاة لغوية، وهذا له وجه، وجه ذلك لأنه أفضل من الشهيد والشهيد لا يصلى عليه، الشهيد تكفيه الشهادة عن الصلاة عليه، والجمهور وهو الصحيح فيما قاله عياض وغيره: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلوا عليه صلاة شرعية حقيقية لا مجرد الدعاء فقط، وكون الشهيد لا يغسل ولا يصلى عليه لا يعني أن غيره لا تطلب له مزيد الرفعة، والدرجة بالصلاة عليه، والمسألة مسألة دين وشرع فيه نصوص، كون الشهيد لا يغسل لئلا يذهب هذا الدم الذي يشهد له يوم القيامة، وطيب رائحته يدل عليه، فمثل هذا لا تنبغي إزالته، فالشهيد لا يغسل ولا يصلى عليه، وهكذا فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- بشهداء أحد وغيرهم.
تفضل.
طالب:. . . . . . . . .(46/12)
لكن ما هو بشهيد معركة، هو أعظم من الشهيد -عليه الصلاة والسلام-، لكن لو مات شهيد فالمبطون والمطعون والغريق كلهم شهداء، والمقتول دون نفسه دون ماله دون عرضه شهداء، لكن ... نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا قيل به يدعون له ويترحمون عليه، لكن الصحيح ما ذكره القاضي عياض عن الجمهور أنه صلاة حقيقية، لا هو الباجي قال: قال بعض الناس: لم يصلّ عليه، وإنما كان يأتي الرجل والرجال فيدعون له ويترحمون عليه صلاة لغوية، على كل حال الاحتمال هذا في مثل صلاته -عليه الصلاة والسلام- على شهداء أحد بعد ثمان سنوات كالمودع لهم، منهم من يقول: إن هذه صلاة لغوية مر عليهم ودعاء لهم -عليه الصلاة والسلام-، ومنهم من يقول: إنها صلاة شرعية، وهذه خاصة بهم وإلا فالأصل أن الشهيد لا يصلى عليه.
"لا يأمهم أحد فقال ناس: يدفن عند المنبر" لأنه روضة من رياض الجنة "وقال آخرون: يدفن بالبقيع" لأن الني -عليه الصلاة والسلام- اختاره لأصحابه "فجاء أبو بكر الصديق فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني الخلاف قد يوجد من الناس اقتراحات وخلافات كذا وكذا، لكن الذي يحسم المواقف النص "فجاء أبو بكر الصديق فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((ما دفن نبي قط إلا في مكانه الذي توفي فيه)) " وروى الترمذي عن أبي بكر مرفوعاً: ((ما قبض الله تعالى نبياً إلا في الموضع الذي يجب أن يدفن فيه)) "فحفر له فيه، فلما كان عند غسله -عليه الصلاة والسلام- أرادوا نزع قميصه" لأن هذه سنة الغسل عندهم على ما تقدم بحثه وتقريره "فسمعوا صوتاً يقول: لا تنزعوا القميص، فلم ينزع القميص وغسل وهو عليه" -عليه الصلاة والسلام- وتقدم هذا.
يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه" هذا عند أبي داود وغيره، هذا الحديث مخرج عند أبي داود عن عائشة، وابن ماجه عن بريدة وغيرهم.
طالب:. . . . . . . . .
مفرق، المقصود له ما يشهد له، جمله كلها لها ما يشهد لها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هم سمعوا هاتف، يسمعون صوته ولا يرون ... ، واللي يغلب على الظن ....(46/13)
يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه" هذا وصله ابن سعد من طريق حماد بن سلمة عن هشام عن أبيه "عن عائشة أنه قال: كان في المدينة رجلان أحدهم يلحد" وهو أبو طلحة زيد بن سهل "والأخر لا يلحد" وهو أبو عبيدة عامر بن الجراح، وكل على ما عهد عليه الأمر في بلده، الأنصار يلحدون، أهل المدينة يلحدون، وأهل مكة لا يلحدون "والأخر لا يلحد -وهو أبو عبيدة- فقالوا: أيهما جاء أولُ" ممنوع من الصرف للوصف ووزن أفعل، ويجوز صرفه ونصبه على الظرفية أولاً "أيهما جاء أول عمل عمله" فإن جاء أبو طلحة لحد له -عليه الصلاة والسلام-، وإن جاء أبو عبيدة لم يلحد له -عليه الصلاة والسلام-، "فجاء الذي يلحد أول" أبو طلحة "فلحد لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-" ولا شك أن الحد أفضل لحديث سعد عند مسلم: "ألحدوا لي لحداً، وانصبوا عليّ اللبن نصباً كما فعل برسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني ما كان الله ليختار لنبيه إلا الأفضل.
روى أبو داود وغيره عن ابن عباس مرفوعاً: ((اللحد لنا، والشق لغيرنا)) لكن المراد بغيرنا كما قال الزين العراقي: أهل الكتاب، والحديث فيه ضعف، وعلى تقدير ثبوته ليس فيه نهي عن الشق، إنما فيه تفضيل الحد والإجماع على جواز الأمرين، وإن كان اللحد أفضل، لكن قد لا يتسنى اللحد، تكون الأرض رخوة لا يمكن لحدها وحينئذٍ يعدل عن ذلك إلى الشق.(46/14)
"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن أم سلمة هند بنت أبي أمية زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تقول: ما صدقت بموت النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى سمعت وقع الكرازين" تعني المساحي، لما أدخل في قبره وأهيل عليه التراب صدقت، وهذا شأن كل من يفقد محبوباً ما يصدق أنه مات من هول المصيبة، وتجد هذا الشخص من فقد حبيبه يتصور دخوله عليه في كل يوم، يأخذ أيام إلى أن يدب اليأس إلى قلبه، ثم يصدق ويرضى بالواقع، فكيف بأشرف الخلق -عليه الصلاة والسلام-؟! ما صدقوا بموته الصحابة طاشت عقولهم من هول المصيبة حتى أنكر ذلك عمر -رضي الله عنه وأرضاه-، رغم ما جبله عليه من علم وعقل ورأي وقوة قلب، لكن في مثل هذه المواقف يظهر الأفضل، وإن كان الجميع فضلاء، وظهر في هذا الموقف فضل الصديق -رضي الله عنه وأرضاه- حتى سمعت وقع الكرازين يعني المساحي، يقول ابن عبد البر: لا أحفظ عن أم سلمة متصلاً، وإنما هو عن عائشة، الذي عندنا في الكتاب أن أم سلمة، والذي ذكره ابن عبد البر وهو مخرج عند ابن سعد من قول عائشة، رواه الواقدي عن ابن أبي سبرة عن الحليس بن هشام عبد الله بن موهب كذا، والصواب عثمان عن أم سلمة فهو وارد عن أم سلمة وعن عائشة -رضي الله عنهما-، يقول العبودي في رحلاته الكثيرة: أنه شاهد في الهند شخص معه جنازة يحملها على سيكل –دراجة- ومعروف أن هناك الزحام الشديد وعلى دراجة نازل على دراجة لو وضعت بالعرض تأذت وآذت، فجعل لها مثل ما يجعل للكسير جباير، ووقفها بالطول هكذا معه، أنت تريد أن يدفن هكذا؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لا لا ما يصير، لا هو مثل ... نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وازف؟ الجهل الجهل، في هذه المقبرة امرأة دفنت فكان واحد من الذين حضروا الدفن يقترح عليهم أن تجعل على ظهرها مستلقية ووجهها مكشوف لكي ترى السماء، ما أدري هي تبي تبقى مكشوفة وإلا ... ، متر من التراب كيف ترى السماء؟ ونسب ذلك إلى أحد العلماء المعاصرين، وهذا ليس بصحيح.(46/15)
يقول: "حدثني يحيى عن مالك بن سعيد أن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: رأيت ثلاثة أقمار سقطن في حجري" هذه راوية يحيى، وفي رواية ابن القاسم: "حجرتي"، "فقصصت رؤياي على أبي بكر الصديق" على أبيها لأنه عنده علم بالتعبير تعبير الرؤى، "قالت: فلما ... " ما رد عليها؛ لأنه عرف تأويلها وتأويلها مما تكرهه، وهكذا ينبغي إذا كانت الرؤيا لا تحمل بشارة للرائي فالأولى صرفه عنها، وعدم تأويله لها، لكن وقعت هذه الرؤيا، نعم تعبيرها وقع "فلم توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ودفن في بيتها" يعني أدنى شخص تقال له هذه الرؤيا لا يتردد في تأويلها، وأنها أمر مكشوف، لكن قبل موتهم صعب، تأويلها صعب إلا من صارت له يد في هذا الباب "قالت: فلما توفي رسول لله -صلى الله عليه وسلم- ودفن في بيتها قال لها أبو بكر: هذا أحد أقماركِ" يعني الذي رأيتِ في الرؤيا "وهو خيرها" وفيما كانوا عليه في الرؤيا، واعتقاد صحتها، ويكفي أنها جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة، لها أصل في الشرع، ولذا يسعى بعض الناس إلى منع تعبيرها ما له أصل في الشرع لا يمكن منعه، نعم أسيء استخدامها، وتوسع في أمرها، يعني كالرقية، ولكل منهما أصل في الشرع، بعض الناس يطالب بمنع جميع الذين يرقون الناس؛ لأنه وجد بعض الناس يستخدم هذا الأمر استخداماً غير طيب، ومثله الرؤيا الشيء الذي ليس له أصل في الشرع لا يمكن منعه، لكن يمكن مراقبته والحد منه، أما كل رؤيا تؤول فهذا ليس بصحيح، وكل إنسان يتصدى كل من أرد أن يلج أبواب الشهرة وأبواب الغناء يرتكب هذا الأمر أو ذاك، وإن كان ليس عنده أدني علم بهذه الأمور، المريض يستمسك بأدنى شيء، والفزع من رؤيا يراها إذا أولت له انبسط فيشتهر بعض الناس بارتكاب أحد هذين الأمرين، ولا شك أن لهما أصل في الشرع، فالمنع بالكلية غير وارد، ولا مانع من أن تراقب هذه الأمور فمن أساء استخدامها يمنع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
قد يحصل قضايا من شخص من الأشخاص أو من أشخاص بأعيانهم تجعل لولي الأمر أن يمنعها، ويش المانع؟ ما في ما يمنع من منع من يستخدم الأمر الشرعي على غير وجهه أبداً.
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .(46/16)
معروف يظهر يظهر ينكشف، بعضهم عبر الرؤيا بما يشبه أفعال السحرة، يعني هل يستدل مهما قلنا بمعرفة المعبر أو العابر هل يستدل بشيء من الرؤيا على معرفة الملابس الداخلية؟ أقول: التوسع في هذا الباب ليس بمرضي إطلاقاً، وله أصل في الشرع فالمنع منه بالكلية ليس بمرضي أيضاً.
يقول: "حدثني عن مالك عن غير واحد ممن يثق به" هذا تعديل على الإبهام، والجمهور على أنه غير مقبول، إذا قال: حدثني الثقة، حدثني من أثق به، لا يقبل حتى يسميه فيعرف للناس هل هو بالفعل ممن يثق به أو لا، وأطلقها جمع من أهل العلم لما وقف على أعيانهم عرف أنهم ليسوا ممن يوثق به، الشافعي يقول: حدثني من لا أتهم، ومالك يقول: حدثني من أثق به، لا يقبل هذا على إطلاقه، فلا بد من التسمية لينظر في أمره وحاله، قد يكون عنده ثقة لكن عند غيره ليس بثقة، قد يكون اغتر به فوثقه، قد يكون نظر إليه من جهة لا تؤثر عند غيره في التوثيق، المقصود أن مثل هذا لا يكفي، بل لا بد من التسمية.
ومبهم التعديل ليس يكتفي ... به الخطيب والفقيه الصيرفي
المقصود أن مثل هذا لا بد أن يسمى، منهم من يقول: إن هذا لازم لمن يقلد هذا الإمام، المالكية يلزمهم أن يعتمدوا توثيق مالك ولو لم يسمه، الشافعية يلزمهم أن يعتمدوا توثيق الشافعي ولو لم يسمه، لكن هل يعتمد البيهقي أو النووي أو ابن حجر أو غيرهم من الشافعية قول الشافعي: حدثني من لا أتهم في إبراهيم بن أبي يحيى لا يمكن، متروك إبراهيم بن أبي يحيى، لكن هو نظر إليه من جهة، أو قاله في حديث بعينه مما ضبطه وأتقنه، المقصود أن هذه المسألة المعتمد عند أهل العلم أنه لا يكفي التعديل على الإبهام.(46/17)
"أن سعد بن أبي وقاص" آخر العشرة موتاً، سنة خمس وخمسين، "وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل" أيضاً أحد العشرة، توفي سنة خمسين "توفيا بالعقيق" كل في سنة موته، ما توفيا دفعة واحدة، وهو موضع قرب المدينة "وحملا إلى المدينة" وكل بعد موته، يعني ما حملا دفعة واحدة، لم يتوفيا دفعة واحدة، ولا حملا دفعة واحدة، بل حملا بعد موتهما "ودفنا بها" ويحتمل أن النقل لكثرة من كان بالمدينة من الصحابة ليتولوا الصلاة عليهما، أو لفضل أعتقد في الدفن بالبقيع، أو لكي يقرب الأمر على أهلهما لزيارتهما، المقصود أن المقاصد كثيرة، وهذا إذا وجد مثل هذه الأسباب جاز نقل الميت من بلد إلى أخر، ما لم يترتب عليه التأخير الذي يخالف الأمر بالإسراع بالجنازة، والمسألة ... ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لو أوصوا ولا يترتب على هذا تأخير وهو في بلد إسلام أو بلد كفر بلد الكفر ينقل إلى بلاد الإسلام أما بلاد الإسلام فلا يختلف الأمر لا سيما إذا ترتب على ذلك تأخير للدفن، والعلماء يختلفون في جواز نقل الميت من بلد إلى بلد، قال بعضهم يكره، وصرح بعضهم بالكراهة لما فيه من التأخير، تأخير الدفن، وقيل: يستحب، حسب الأسباب التي سبق ذكرها والأولى أنه جائز، يجوز النقل من بلد إلى بلد لا سيما إذا لم يترتب عليه تأخير شديد يعارض الأمر بالإسراع، التأخير لا شك أن الأصل التعجيل، لكن إذا وجد مصلحة راجحة فلا مانع من التأخير، الرسول -عليه الصلاة والسلام- أُخر من الاثنين إلى الأربعاء، إذا وجدت مصلحة راجحة لا مانع من التأخير، مثل شخص وجد مقتولاً ولا يدرى ما سبب قتله، أُخر لكي يتأكد من وضعه وأمره مثل هذا لا بأس به.(46/18)
يقول: "وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: ما أحب أن أدفن بالبقيع" عروة يقول: "ما أحب أن أدفن بالبقيع" مقبرة المدينة "لئن أدفن بغيره أحب إلى من أن أدفن به" ثم بين السبب؟ فقال: "إنما هو أحد رجلين" لأن المقبرة في وقته قد اكتملت، فهو لا بد أن يوضع مع أحد رجلين "إنما هو أحد رجلين إما ظالم فلا أحب أن أدفن معه" لأنه قد يعذب في قبره فيتأذى بذلك "وإما صالح فلا أحب أن تنبش لي عظامه" هو ما كره مجالسة الصالح إنما احترام لهذا الصالح، كره أن تنبش عظامه من أجله، عروة بني له قصر في العقيق، وخرج من المدينة لما رأى من تغير أهلها، فمات هناك، عروة أحد فقها العلماء العباد رأى تغير في أهل المدينة فانتقل إلى العقيق واعتزل الناس وهذا في عصر خيار الأمة، فكيف بعصرنا الذي تلاطمت فيه أمواج الفتن والشرور والآثام، وحصل فيه ما يحير ويبهر على كافة المستويات، والله المستعان.
ومسألة العزلة والخلطة مسالة معروفة عند أهل العلم، وألفت فيها المصنفات وشراح الحديث من قرون، يعني من سبعة قرون وثمانية قرون يؤثرون العزلة، حتى قال قائلهم: والمتعين في هذه الأزمان العزلة -هذا يقوله في القرن الثامن- لاستحالة خلو المحافل عن المنكرات، فلا شك أن العزلة فيها نجاة، وفيها خلاص، وقد جاء في الحديث الصحيح: ((يوشك أن خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال يفر بدينه من الفتن)) وهذا يتفاوت الناس فيه فمن كان نفعه أعظم فالخلطة بحقه أفضل، ومن خشي على نفسه أن يتأثر وتأثيره على الناس أقل فالعزلة في حقه أفضل.
سم.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الوقوف للجنائز والجلوس على المقابر:
حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ عن نافع بن جبير بن مطعم عن مسعود بن الحكم عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقوم في الجنائز ثم جلس بعد.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- كان يتوسد القبور، ويضطجع عليها.
قال مالك -رحمه الله-: وإنما نهي عن القعود عن القبور فيما نُرى للمذاهب.(46/19)
وحدثني عن مالك عن أبي بكر بن عثمان بن سهل بن حنيف أنه سمع أبا أمامة بن سهل بن حنيف -رضي الله عنه- يقول: كنا نشهد الجنائز فما يجلس أخر الناس حتى يؤذنوا.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: الوقوف للجنائز والجلوس على المقابر" الوقوف يعني القيام للجنازة إذا مرت، والجلوس على المقابر يعني على القبور.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد" بن قيس الأنصاري "عن واقد بن عمرو بن سعد" بن معاذ الأشهلي الأنصاري "عن نافع بن جبير بن مطعم" بن عدي القرشي "عن مسعود بن الحكم" بن الربيع بن عامر الأنصاري "عن -أمير المؤمنين رابع الخلفاء- علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقوم في الجنائز ثم جلس بعد" كان يقوم في الجنائز، بل أمر بذلك كما صح عن جمع من الصحابة، منهم عامر بن ربيعة وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة، وفي الصحيحين عن جابر قال: مرت بنا جنازة فقام لها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقمنا فقلنا: إنها جنازة يهودي، فقال: ((إذا رأيتم الجنازة فقوموا)) وفي الصحيحين من حديث سهل بن حنيف وقيس بن سعد فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعني في جنازة اليهودي هذه ((أليست نفساً؟ )) وفي القيام تعظيم لشأن الموت، وهو تعظيم لله -عز وجل- الذي قبض الأرواح، وتعظيم شأن الموت تعظيم لما بعده من الأهوال، والأهوال إنما تعظيمها لعظم موجدها وهو الله -جل وعلا-، لا شك أن الموت له رهبة وله وقع في النفوس الحية بخلاف القلوب الميتة، وقد كان الناس منذ أمد قريب إذا مرت بهم الجنازة صار لهم شأن أخر يتأثرون أياماً، الآن الصغار قبل لا يطيقون رؤية الجنازة، والكبار يتأثرون تأثراً بالغاً، الآن الصغار يناهزون الاحتلام وقد رأينا جمع منهم يعبثون بالجنائز يلعبون، تنتظر الصلاة عليها وهو يرفع الغطاء عنها أو ينزله، وأما بالنسبة للكبار فحدث ولا حرج، وقد رأيت كاهلاً في الخمسين من العمر يدخن على شفير القبر، أين القلوب؟ القبر يذكر، والجنازة تذكر، لكن من يتذكر قلوب؟! قلوب ران عليها الذنوب.
طالب:. . . . . . . . .(46/20)
نعم، مواعيد، ونكت، وطرائف، وحدث ولا حرج مما يحصل في المقابر مواعيد، بل يحصل معاصي "كان يقوم على الجنائز ثم جلس بعدُ" بالبناء لأنه مقطوع عن الإضافة مع نية المضاف إليه، يعني بعد ذلك، جلوسه هذا -عليه الصلاة والسلام- يحتمل أمرين: أنه نسخ للقيام والأمر بالقيام، وحينئذٍ لا يكون القيام مشروعاً بعد نسخه، وبهذا قال جمع من أهل العلم، بل قال بعضهم: يكره القيام بعد نسخه، ومنهم من قال: إن الجلوس لبيان الجواز، وحينئذٍ يكون صارفاً للأمر، بدلاً من أن يكون الأمر للوجوب يكون للاستحباب، وبهذا قال جمع من أهل العلم، والمسألة محتملة إن كان جلوسه -عليه الصلاة والسلام- لبيان الجواز وهو احتمال فهذا تبقى مشروعية القيام، لكن لا على سبيل الإلزام، وإن كان جلوسه نسخاً لما كان قبل ذلك فلا يبقى للقيام مشروعية، لكن إذا أمر بشيء ثم ترك ما نهي عنه ترك، الأمر به أولاً الأصل فيه الوجوب، ثم ترك الأمر به هل يعني هذا أنه يقتضي النسخ؟ نعم لو نهي عنه لا إشكال في أن الحكم تغير وانتهت المشروعية، وأقل الأحوال حينئذٍ الكراهة، لكن أمر به ثم ترك الأمر أو ترك القيام، علي كل حال الاحتمال قائم، وبكل من الاحتمالين قال بعض العلماء، وشيخ الإسلام كأنه يميل إلى أن المشروعية باقية إلا أن هذا صارف للأمر من الوجوب إلى الاستحباب، وجمع من أهل العلم يرون أنه منسوخ، والاحتمال مثل ما ذكرنا قائم.(46/21)
"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن علي بن أبي طالب كان يتوسد القبور، ويضطجع عليها" نعم أخرجه الطحاوي بإسناد رجاله ثقات، وهو ثابت عن علي -رضي الله عنه-، وفي البخاري قال نافع: كان ابن عمر يجلس على القبور، علي يتوسد القبور، ويضطجع عليها، وفي البخاري عن نافع: كان ابن عمر يجلس على القبور، ثبت النهي عن ذلك في حديث أبي مرثد الغنوي: ((لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها)) هذا مخرج في مسلم، وروى مسلم أيضاً من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لأن يقعد أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه وتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر)) وإذا كان النهي عن المشي بالنعال بين القبور لا على القبور منهي عنه، فكيف بإهانة أصحاب القبور بالجلوس عليها، والمشي عليها، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول ما يقول: ((لأن يقعد أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر)) وفي صحيح مسلم من حديث أبي مرثد: ((لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها)) الإمام مالك -رحمه الله تعالى- ساق خبر علي مقراً له، ويرى جواز ذلك، لكن ما موقفه من حديث أبي مرثد تأوله "قال مالك: وإنما نهي عن القعود عن القبور فيما نُرى -يعني نظن- للمذاهب" يعني لقضاء الحاجة، يعني ولا تعقدوا عليها لقضاء حاجة، أما مجرد الجلوس فلا، مقبول التأويل وإلا غير مقبول؟ نعم؟ ولا تقعدوا عليها يعني لقضاء الحاجة، ولذا يقول: "وإنما نهي عن القبور فيما نرى للمذاهب" المذاهب يعني الذهاب لقضاء الحاجة ثم أطلق على قضاء الحاجة نفسها، إذا أراد المذهب أبعد -عليه الصلاة والسلام-، يعني أراد قضاء الحاجة، فالمذاهب هي قضاء الحاجة، ويحتج بفعل علي -رضي الله عنه-، وفعل عمر -رضي الله عنه-، لكن إذا ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فلا يعارض بقول أحد كائناً من كان، يقول ابن بطال وهو من المالكية: تأويل مالك بعيد، وهو من المالكية.(46/22)
"وحدثني عن مالك عن أبي بكر بن عثمان بن سهل بن حنيف -الأنصاري- أنه سمع -عمه- أبا أمامة بن سهل بن حنيف -صحابي بدري شهير- يقول: كنا نشهد الجنائز فما يجلس أخر الناس حتى يؤذنوا" حتى يعلموا بالصلاة عليه، ويخبروا بالصلاة عليه، أو يؤذن لهم بالانصراف، فما يجلس آخر الناس حتى يؤذنوا، ظاهر اللفظ يدل على أنهم يعلموا بالصلاة، ويؤذنوا بالصلاة عليها، وفي هذا المبادرة بالصلاة علي الميت، يجلس أخر الناس نعم الإمام ينتظر المصلين كسائر الصلوات، فإذا جاء أخرهم بُدأ بها شرع في الصلاة من غير تأخير، الاحتمال الثاني وقال به بعض أهل العلم يقول: حتى يؤذنوا يجلس أخر الناس، يعني ما ينصرفوا بعد الدفن حتى يؤذن لهم، هل يملك أحد منع الناس من الانصراف؟ يقول الباجي: هذا فيه نظر، ما في أحد يمنع الناس من الانصراف، فإذا صلوا وانتهوا خلاص ينصرفوا، دفن الميت وانتهوا من دفنه ينصرفوا ما يحتاجون إلى إذن، والأمر الذي لا يملك منعه لا يحتاج إلى استئذان.
يقول: وكان ابن مسعود وزيد بن ثابت وجماعة من التابعين ينصرفون إذا وريت بلا إذن، وهو قول مالك والشافعي وأكثر العلماء، المسألة ما تحتاج إلى إذن إذا انتهوا من دفنها انصرفوا، وإن قال بعضهم: إنه ما يجلس أخر الناس حتى يؤذن لهم بالانصراف، هذا فهم لكنه بعيد، ففي الخبر مشروعية الإسراع بالصلاة على الميت ولا يتأخر بها تنتظر الجماعة وينتظر المصلون لكن بعد ذلك يبادر بالصلاة عليها.
طالب:. . . . . . . . .
لا الإذن جاء متعقباً للجلوس، فما يجلس أخر الناس حتى يؤذنوا.
طالب:. . . . . . . . .
إيه ما يجلس آخر الناس، إذا انتهى آخر الناس من الجلوس يؤذنوا.
طالب:. . . . . . . . .
يستقيم؟ ما يستقيم، لا لا هو اللي بيقرأها هكذا. . . . . . . . . فما يجلس أخر الناس حتى يؤذنوا، أما الجلوس إذا وضعت عن الأعناق فهذه السنة، النبي -عليه الصلاة والسلام- جلس، فهل ينتظر الناس قيام على كلامك حتى يؤذن لهم بالجلوس؟ واللفظ لا يساعد، السياق لا يساعد بدليل أنهم جلوس هم، يجلس أخر الناس حتى يؤذنوا، يعني عكس ما فهته.
باب: النهي عن البكاء على الميت:(46/23)
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك عن عتيك بن الحارث وهو جد عبد الله بن عبد الله بن جابر أبو أمه أنه أخبره أن جابر بن عتيك أخبره أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غلب عليه فصاح به فلم يجب فاسترجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: ((غلبنا عليك يا أبا الربيع)) فصاح النسوة وبكين، فجعل جابر يسكتهن، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((دعهن فإذا وجب فلا تبكين باكية)) قالوا: يا رسول الله وما الوجوب؟ قال: ((إذا مات)) فقالت ابنته: والله إن كنت لأرجو أن تكون شهيداً، فإنك كنت قد قضيت جهازك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله قد أوقع أجره على قدر نيته، وما تعدون الشهادة؟ )) قالوا: القتل في سبيل الله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغرق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، والحرق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمعٍ شهيد)).
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها سمعت عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- تقول: وذكر لها أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يقول: إن الميت ليعذب ببكاء الحي، فقالت عائشة: يغفر الله لأبي عبد الرحمن أما إنه لم يكذب ولكنه نسي أو أخطأ، إنما مر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيهودية يبكي عليها أهلها، فقال: إنكم لتبكون عليها، وإنها لتعذب في قبرها.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: النهي عن البكاء على الميت"
"حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن عبد الله بن جابر" ويقال: ابن جبر "بن عتيك" الأنصاري "عن عتيك بن الحارث وهو جد عبد الله بن عبد الله بن جابر أبو أمه" عتيك بن الحارث جد عبد الله بن عبد الله بن جابر أبو أمه، عتيك بن جابر بن عتيك عن عتيك، عتيك المذكور في آخر نسبه من جهة أبيه هل هو المروي عنه هنا جده من جهة أمه فيكون جده من الجهتين هو هو وإلا غيره؟
طالب:. . . . . . . . .(46/24)
نعم اللي يظهر أنه غيره، عن عتيك بن الحارث بن عتيك وهو جد عبد الله الراوي عنه ابن عبد الله بن جابر أبو أمه "أنه أخبره أن جابر بن عتيك" جابر بن عتيك أخبره جابر بن عتيك هو جد عبد الله لأبيه، جده لأمه يرويه عن جده لأبيه، عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك جده لأبيه من؟ جابر من عتيك، وجده لأمه عتيك بن الحارث، فجده هو يروي عن جده لأمه عن جده لأبيه "أخبره أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاء يعود عبد الله بن ثابت -بن قيس الأنصاري الأوسي- فوجده قد غلب عليه" يعني غلبه الألم "فصاح به" أي ناداه مع رفع الصوت "فلم يجبه" ناداه -عليه الصلاة والسلام- رافعاً صوته فلم يجبه "فاسترجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" قائلاً: إن لله وإن إليه راجعون "وقال: ((غلبنا عليك يا أبا الربيع)) " يعني مت، خطفتك المنون، غلبتنا عليك، غلبنا عليك، يعني أخذت منا يا أبا الربيع، وهي كنيته "فصاح النسوة" عرفنا أنه مات "وبكين" كالعادة أول من يبكي النساء، ولذا يقول العربي في البنت: "والله ما هي بنعم الولد نصرها بكاء، وبرها سرقة" كيف؟ "والله ما هي بنعم الولد نصرها بكاء، وبرها سرقة" ما تملك إلا البكاء ويش تبي تدافع بسيف وإلا شيء، ما عندها غير هذا، ولذا إقحامها في غير ما جبلت عليه ظلم لها، وبرها سرقة، يعني تأخذ من بيت زوجها وتصل أهلها "فصاح النسوة وبكين" وفي هذا إباحة البكاء على المريض قبل موته؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أقرهن "وجعل جابر يسكتهن" لأنه سمع النهي عن البكاء، فحمله على عمومه بما في ذلك هذه الصورة "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((دعهن)) يبكين حتى يموت ((فإذا وجب)) يعني مات، الأصل في الميت أنه يسقط، سقط ميتاً يعني وجب، الوجوب في الأصل السقوط {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [(36) سورة الحج] يعني سقطت، المقصود أنه إذا وجب يعني مات ((فلا تبكين باكية)) والمعنى أنها لا ترفع صوتها في البكاء، أما دمع العين وحزن القلب فقد جاءت بالسنة، حصل من النبي -عليه الصلاة والسلام-، أرضى الناس بقدر الله , وهذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء "قالوا: يا رسول الله، وما الوجوب؟ الذي(46/25)
أردت "قال: ((إذا مات لا تبكين باكية)) ما الفرق بين البكاء قبل موته وبعد موته؟ قبل موته لا يصحبه صوت، لكن البكاء عند المصيبة أي مصيبة كانت، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
نياحة، نعم، وقبل موته لا يعذب، هو ما في شك أن الوضع يختلف حتى البكاء يختلف ما قبل الموت وما بعد الموت، يعني الذي قبل الموت بكاء محتمل من غير رفع صوت ولا صراخ، لكن البكاء المعتاد بعد الموت هو الداخل في حيز النهي، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- نهي عن البكاء المعهود، الذي عهده في وقته بعد الموت يرفع الصوت، ما هو مثل البكاء قبل الموت وإلا لو حصل بكاء على أي مصيبة كانت مما نهي عنه سواء كان قبل الموت أو بعده، إنما رخص في البكاء قبل الموت لأن نوعية البكاء في هذا الوقت لا تصل إلى حد ما يصل إليه البكاء بعد الموت وإلا ما في شك أن البكاء مع رفع الصوت جزع تسخط "فقالت ابنته: والله إن كنت لأرجو أن تكون شهيداً، فإنك كنت قد قضيت" أي أتممت "جهازك" أي ما تحتاج إليه في الغزو، تأهب للغزو في سبيل الله ثم مات، بعد أن تجهز يكتب له الأجر -إن شاء الله- "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله قد أوقع أجره على قدر نيته)) لا شك أن الإنسان يؤجر على ما ينويه من خير، وإذا بذل أسبابه وحيل بينه وبينه حصل له الأجر كاملاً على قدر نيته، يقول ابن عبد البر: فيه أن المتجهز للغزو إذا حيل بينه وبينه يكتب له أجر الغزو على قد نيته، والآثار بذلك متواترة صحاح، منها قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((والله إن بالمدينة)) يعني تبوك، يقول لأصاحبه: ((والله إن بالمدينة قوماً ما سرتم مسيراً، ولا أنفقتم من نفقة، ولا قطعتم وادياً إلا وهم معكم حبسهم العذر)) يعني حيل بينهم وبين أن يحققوا ما نووا وما أرادوا، وفي المسلم عن أنس مرفوعاً: ((من طلب الشهادة صادقاً أعطيها ولو لم تصبه)) أي أعطي ثوابها ولو لم يقتل، يعني من سأل الشهادة بصدق ما هي بدعوى من سألها بصدق حصل له ثوابها ولو مات على فراشه.
((وما تعدون الشهادة؟ )) .... نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(46/26)
كذلك كذلك إذا حيل بينه وبينها، ما هي المسألة أماني نعم، الله -جل وعلا- هو المطلع على السرائر بعض الناس يتمنى أمنية وهو ما فعل شيء وما بذل شيء ويتمنى شيئاً يعوقه بعض الناس في المجالس يتمنى الشهادة، ويتمنى جميع أعمال الخير، ثم إذا جاء وقت الحاجة تمنى أنه معذور أعمى وإلا أعرج، هل هذا تمنى الشهادة بصدق؟ الله المستعان.
((وما تعدون الشهادة؟ )) قالوا: القتل في سبيل الله" فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سنن ابن ماجه من حديث أبي هريرة: ((إن شهداء أمتي إذاً لقليل)) إن كانت الشهادة القتل فقط ((الشهداء سبعة)) تقدم قبل مائة صفحة تقريباً في باب: ما جاء في العتمة والصبح عن أبي صالح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((بينما رجل يمشي في طريق)) ... إلى أخره، ثم قال: ((الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغرق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله)) خمسة، وهنا قال: ((الشهداء سبعة)) وجاءت نصوص أخرى فيها زيادة على الخمسة وعلى السبعة، حيث يتحصل من مجموعها عشرون خصلة، ذكرها ابن حجر في فتح الباري، والحصر هنا غير مراد، وكأنه -عليه الصلاة والسلام- أعلم بالخمسة، ثم أعلم بالسبعة، ثم زيد عليهم، هذا حصر ليس بمراد ((الشهداء سبعة)) ليس المعنى لا غير؛ لأنه جاء في النصوص ما يدل على الزيادة، وقد يأتي من يأتي كما جاء في حديث: ((لم يتكلم في المهدي إلا ثلاثة)) يأتي من يأتي من المغفلين ويقول: في هذا الحصر نظر، تنظر في كلام من؟ في كلام من لا ينطق عن الهوى، النبي -عليه الصلاة والسلام- أعلم بالخمسة ثم زيد عليهم، ثم زيد إلى أن وصلت الأوصاف عشرين، الشهداء جمع شهيد، ثم قال: ((المطعون شهيد)) وأختلف في سبب تسميته شهيداً، الشهيد من الشهود وهو المشاهدة، أو من الشهادة بمعنى الحضور {وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ} [(282) سورة البقرة] يعني شاهد، فشهيد يعني فعيل، هل هو بمعنى الفاعل أو المفعول؟ هل هو شهيد بمعنى شاهد مثل {وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ} [(282) سورة البقرة]؟ يعني شاهد أو مشهود له بمعنى المفعول؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(46/27)
شاهد وشهيد، هو شهيد على كل حال، لكن هل هو شاهد ولا مشهود؟ يشاهد يعني، وتشهده الملائكة، بمعنى أنه مشهود، يقول ابن حجر: أختلف في سبب تسمية الشهيد شهيداً، فقال النظر بن شميل: لأنه حي، فكأن أرواحهم شاهدة أي حاضرة ((من شهد منكم الشهر فليصمه)) يعني من حضر، وقال ابن الأنباري: لأن الله وملائكته يشهدون له بالجنة، وقيل: لأنه يشهد عند خروج روحه ما أعد الله من الكرامة، وقيل: لأنه يشهد له بالأماني من النار، وقيل غير ذلك أقوال، المقصود أنه شاهد من جهة ومشهود له من جهة أخرى.
((المطعون شهيد)) أي الميت بالطاعون شهيد ((الغرق شهيد)) يعني من مات بالماء غرقاً شهيد ((وصاحب ذات الجنب شهيد)) وهو مرض معروف، يقول ابن حجر: يقال له: الشوصة، وإيش الشوصة هذه؟ عند المتأخرين يقولون: التهاب غلاف الرئة، فيحدث معه سعال وحمه ونقص في الجنب يزداد عند التنفس، هذه ذات الجنب، جاء في بعض الأخبار الشوصة يقول ابن حجر: ذات الجنب الشوصة، جاء في بعض الأخبار عزي لابن ماجه عزاه القرطبي وغيره لابن ماجه ولم أقف عليه: ((من سبق العاطس بالحمد أمن الشوص واللوص والعلوص)) فالشوص يمكن أنه ذات الجنب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو معروف على كل حال ذات الجنب شهير في كلامهم كثير، مرض شهير فيحدث منه السعال والحمى ونقص في الجنب يزداد عند التنفس، التهاب غلاف الرئة.
يقول: ((والمبطون شهيد)) الميت بمرض البطن بأي داءٍ يكون في البطن ((والحرق شهيد)) يعني الموت بالنار مبطون مطعون اسم مفعول غرق حرق الصيغة فعل غرق صيغة مبالغة ((والحرق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد)) يعني تحت الأنقاض الهدم سواء كان في بيت أو في غيرها، وقريب من هذا حوادث السيارات، كأن السيارة تهدمت عليه، لا سيما إذا لم يتسبب إذا اعتدي عليه ((والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بالجمع شهيد)) شهيد ما قال شهيدة، المرأة شهيد، يعني مثل قتيل وجريح {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ} [(56) سورة الأعراف] ما قال: قريبة، بعض المحققين يقول: ما في تطابق بين المبتدأ والخبر، ولا بد من المطابقة ما في، ثم يهجم على النص ويصححه؛ لأنه ما في مطابقة، الأصل مطابقة المبتدأ والخبر.(46/28)
"جمع" يقول الحافظ ابن حجر: بضم الجيم وسكون الميم وقد تفتح الجيم، وقد تكسر أيضاً، وهي النفساء، وقيل: الذي يموت ولدها في بطنها، ثم تموت بسبب ذلك، وقيل: التي تموت بجمع بمزدلفة، أي امرأة تموت بمزدلفة شهيدة، يقول ابن حجر: وهو خطأ ظاهر، وقيل: التي تموت عذراء، والأول أشهر، وجاء النهي عن الجزم بالشهادة لأحد، لكن الرجاء وغلبة الظن المؤمل من الله –جل وعلا- من غير جزم، وما يدريك عن حقيقة الأمر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
والأصل في النهي التحريم، لكن يبقى أن النبي -عليه الصلاة والسلام- حكم ((ما عليك إلا نبي وصديق وشهيد)) فيجزم بالشهادة لمن شهد له النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن عداهم على الرجاء.
طالب:. . . . . . . . .
يعني البكاء له طرفان أو أطراف، له طرف شديد وطرف سهل، يعني طرف ممنوع وطرف جائز، كما أن النعي منه ما هو ممنوع، ومنه ما هو جائز، منه ما فعله -عليه الصلاة والسلام- ونهى عن النعي، فيحمل هذا على حالة وهذا على حالة، ما فعله محمول على أنه ليس بصوت مرتفع إنما هو حزن القلب ودمع العين.
يقول: المرأة التي تموت أثناء الولادة ألا تدخل بالشهداء؟ وهل المرأة إذا مات ولدها في بطنها ألا تدخل في المبطون؟
على كل حال هذه أقوال أهل العلم في المرأة تموت بجمع هي النفساء، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يشهد له إنما ترجى له، على القاعدة العامة: أنه يرجى للمحسن الثواب ويخشى على المسيء العقاب، نقول: ترجى له الشهادة أما الجزم فلا، هذه مسألة فرع مما يراه بعض أهل العلم أن من اتفقت ألسنة الناس عليه بالثناء أنه يشهد له بالجنة، مات شخص عرف من نشأته بالخير والفضل، واتفقت ألسنة الناس بالثناء عليه يشهد له بالجنة هذا قول لبعض أهل العلم، لكن المعروف في مذهب أهل السنة والجماعة أنه لا يقطع لأحد لا بجنة ولا بنار، أنتم شهداء الله في الأرض، هم شهدوا، لكن توجت هذه الشهادة بإقراره -عليه الصلاة والسلام-، فعلى كل حال من اتفقت ألسنة الناس على مدحه شهود، ويبقى أن ما عند الله عنده، والمقرر عند أهل السنة والجماعة أنهم لا يقطعون لأحد.
طالب:. . . . . . . . .(46/29)
لا هو إذا ماتت بالنفاس يعني بالسبب، النفاس هو خروج الدم الذي سببه الولادة، فمن باب أولى إذا ماتت حال الولادة، القول الأول: أنها النفساء خلاص ولدت وماتت، ولها من حال الولادة إلى أن ينتهي النفاس على القول الأول، القول الثاني: الذي مات ولدها في بطنها وماتت بسببه، والأقوال مثل ما سمعتم، لكن قول الأكثر أنها تموت في النفاس، يعني من أثر الولادة، وفي حكم الهدم السيارات وغيرها مما يتسبب بالبراكين والزلازل، المقصود أن كل هذه إذا كان الإنسان على خير ترجى له الشهادة، لكن مثل هذه الأمور لا يغتر بها، أقول: مثل هذه الشهادة لا يغتر بها، لا يغتر بها سيئ العمل، وإن أحسن الرجاء ووسع الرجاء بالله -عز وجل-، لكن يبقى أنه يخونه عمله، فلا بد من إحسان العمل لترجى هذه الأمور، على كل حال للإنسان أن يحتاط لنفسه فيرجو ويغلب على ظنه -إن شاء الله- ويؤمل من ربه خير، أما القطع فليس له، على كل حال إن كان الإنسان بينظر إلى وسائل الإعلام الآن فإنها تطلق على غير المسلمين، وتطلق على ناس فجار لا يصلون ولا يعرفون الله طرفة عين، الكلام على ما عند الإنسان من عمل هذه لا شك أنها الشهادة تاج، لكن تاج يوضع على إيش؟ لا بد من سابقة، لا بد من عمل، إن كانت الشهادة لا تكفر الدين ثلاثة دراهم، تحتاجها إلى أن توفى لتتم الشهادة، فالمسألة تحتاج إلى سابقة، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(46/30)
الموطأ - كتاب الجنائز (4)
شرح: باب: الحسبة في المصيبة، وباب: جامع الحسبة في المصيبة، وباب: ما جاء في الاختفاء.
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(47/1)
يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر -بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري- عن أبيه عن عمرة بنت عبد الرحمن -سعد بن زرارة الأنصارية- أنها أخبرته –أخبرت أبا بكر- أنها سمعت عائشة -رضي الله عنها- أم المؤمنين تقول وقد ذكر لها" والذي ذكر لها ابن عباس -رضي الله عنهما- كما في الصحيح "أن عبد الله بن عمر يقول" رافعاً ذلك إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيحين وغيرهما: " ((إن الميت ليعذب ببكاء الحي)) " الحي مقابل؟ يقابل الميت وإلا الحي القبيلة؟ إذا مات في الحي شخص بكى عليه أهل الحي، فهل هذا هو المراد أو المراد أن الحي مطلقاً، سواً كان من القبيلة أو خارج القبيلة، بعيد وإلا قريب وإلا .. ، من اتصف بالحياة مقابل الميت؟ على كل حال اللفظ يحتمل الأمرين "فقالت عائشة: يغفر الله لأبي عبد الرحمن" كنية ابن عمر -رضي الله عنهما- كنته لتحصل الألفة، وتزول الوحشة؛ لأنه غالباً الاستدراك يحصل معه شيء من النفرة، فإذا افتتح مثل هذا الاستدارك بمثل هذه العبارات، وهذا أدب ينبغي أن يتأدب به طالب العلم، إذا أراد أن يستدرك على غيره دعا له وأثنى عليه بما هو أهله، ومدحه بما يليق به على ألا يغره بثناء كاذب، لا، يمدحه بما فيه؛ لتوصل بذلك إلى الدخول إلى قلبه، ليقبل ما عنده من حق "يغفر الله لأبي عبد الرحمن، أما إنه لم يكذب" يعني لم يتعمد الكذب، وعائشة -رضي الله تعالى عنها- لها استدراكات على بعض الصحابة، وفيها مصنف للزركشي، لكن لا يلزم أن تكون عائشة هي المصيبة دائماً، عائشة -رضي الله عنها- مع ما تميزت به من ملازمة ومعاشرة ومخالطة للنبي -عليه الصلاة والسلام- تميزت به من فهم ثاقب لا يلزم أن تكون معصومة، استدركت على عمر، استدركت على بن عمر، استدركت على كثير من الصحابة، يعني مثل هذا الحديث الذي سمعه ابن عمر وغير ابن عمر، سمعه عمر -رضي الله عنه-، وابن عمر وصهيب، رواه جمع من الصحابة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، والمجزوم به أن عائشة لم تسمعه من النبي -عليه الصلاة والسلام- بدليل أنها عارضت ذلك بفهمها "أما أنه لم يكذب" يتعمد الكذب حاشا وكلا "ولكنه نسي أو أخطأ" في الفهم فحدث بما ظنه صواباً "إنما مر رسول الله(47/2)
-صلى الله عليه وسلم- بيهودية يبكي عليها أهلها فقال: ((إنكم لتبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها)) " يعني بسبب الكفر لا بسبب البكاء.
وعائشة -رضي الله عنها- عارضت ما نقله ابن عمر من التعميم بقوله -جل وعلا-: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [(164) سورة الأنعام] حسبكم القرآن، {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [(164) سورة الأنعام] والخبر ثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- قوله: ((إن الميت ليعذب ببكاء أهله)) ثابت، وعائشة لم تسمعه من النبي -عليه الصلاة والسلام-، إنما سمعته من الصحابة، فنزلت اللفظ العام الذي سمعته منهم على هذه الحالة لكي تتفق القصة مع قوله -جل وعلا-: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [(164) سورة الأنعام] إيش ذنب الميت أن يعذب على بكاء غيره؟ لكن إذا تسبب في ذلك صار من وزره، إذا أوصى بأن يبكى عليه لا شك أنه يعذب بسببه، إذا عرف أنهم يبكون عليه ولا ينهاهم يكون قد أقرهم على ذلك فيكون من وزره، ونظيره من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، يمكن يعارض هذا لحديث بقوله -جل وعلا-: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [(164) سورة الأنعام]؟ لا يمكن هذا من وزره، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا فرق فرق الشهداء كما يقول أهل العلم أنواع: منهم شهيد في الدنيا والآخرة، ومنهم شهيد في الدنيا، فقط، ومنهم شهيد في الآخرة فقط، أكملهم شهيد الدنيا والآخرة وهو المقتول في المعركة بين الصفين، هذا أكمل، وفيه النصوص المطلقة، خبر هؤلاء الصحابة ثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا منافاة بينه وبين الآية، فالميت يعذب إذا أوصى بذلك في حياته، وكان ذلك مشهور عند العرب، موجود في أشعارهم.
إذا مت فانعيني بما أنا أهله ... وشقي عليّ الجيب يا ابنة معبدي
.
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ... ومن يبكِ حولاً كاملاً فقد أعتذر(47/3)
يوصيهم أن يبكوا حول الكعبة، مثل هذا لا شك أنه يعذب بفعله بوزره هو، بوصيته، وفي حكم البكاء ما نهي عنه، صار يعرف هذا الشخص وهو ممن يُطرأ ويُمدح في حياته ويتوقع أعظم من ذلك بعد موته، لا سيما مع وجود هذه الوسائل التي تنشر الأخبار وتشيعها وتذيعها، هل يتحمل شيء من ذلك؟ يعرف أنه بيُنعى ويُبكى على حسب أثره في البلد وعند أهله وقومه وغيرهم، تعرفون أحياناً الكتابات عن بعض الناس تستمر أشهر، وبعضها فيها من المبالغة والغلو والإطراء ما لا يليق بالبشر، من لليتامى؟! من للثكالى؟! من ... ؟ هل مثل هذا الكلام يجوز؟ لهم الله الذي خلقهم وتكفل بأرزاقهم، الله المستعان.
أسئلة كثيرة جداً ليس فيها ما يبت إلى الدرس بصلة إلا هذا.
هل لتكثير الصفوف على الميت مع قلة العدد أثر في الأفضلية؟
أكثرها عن قتل قائد حماس وقائد الشيشان -رحمة الله عليهما وعلى غيرهما من المجاهدين الصادقين المخلصين- وهذا ليس بعجيب ولا غريب، وليس اللوم على اليهود أو الروس أو غيرهم، يعني ماذا ينتظر من عدو؟ هل ينتظر من عدو رأفة ورحمة بعدوه، من يراه عدو له، ليس اللوم عليهم، يعني هذا في عرفهم واصطلاحهم هذا ما يجب عليهم تجاه عدوهم، كما أنه يجب علينا تجاه عدونا أن نفعل به ما نستطيع في ظل وضوء النصوص الشرعية التي توجهنا، المقصود أن المسؤولية مسؤولية الأمة، عليها أن تتحد كلمتها، وترجع إلى ربها، وأن تعمل بكتاب ربها وسنة نبيها -عليه الصلاة والسلام-، فإذا اجتمعت كلمتها على الحق لن يقف في وجهها أحد، والله المستعان، لكن الأمة في هذا الوضع الذي نعيشه الآن كما أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((غثاء كغثاء السيل)).
يقول: من قال: إن الصلاة على الميت بخمس تكبيرات فماذا يقال بعد كل تكبيرة من الخمس؟(47/4)
معلوم أن الأصل في الصلاة الدعاء للميت فبعد التكبيرة الأولى تقرأ سورة الفاتحة، وفي الثانية يصلى على النبي –عليه الصلاة والسلام-، وفي الثلاثة يدعى للميت، والرابعة كذلك، وإن كان الأموات متنوعين متفاوتين فيهم الكبار والصغار فيدعى للكبار بعد التكبيرة الثالثة والصغار بعد التكبيرة الرابعة وهكذا، وأما الخامسة فبعدها السلام هذا عند من يكبر خمس تكبيرات، وعرفنا أن ابن عبد البر -رحمه الله- يرى أن العلماء اتفقوا على ما جمعهم عليه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من أربع تكبيرات، وهذا هو الأولى، وعليه عامة أهل العلم.
يقول: هل التكثير في الصفوف على الميت مع قلة العدد أثر في الأفضلية؟
يعني لو كانوا سبعة إمام وستة هل يشرع أن يكونوا ثلاثة صفوف؟ نعم جاء بحق من صلى عليه ثلاثة صفوف يستدل به أهل العلم على تكثير الصفوف، وإن كان الأصل إتمام الصف الأول فالأول في الصلاة كما هو معلوم، لكن هذه الصلاة لها خصائصها.
هذا يسأل يقول: ما الواجب في كتابة -صلى الله عليه وسلم-؟ هل تكتب بين قوسين أو مع نفس السياق حيث سمعت أنها إن كتبت بين قوسين فمعناها أنها جملة اعتراضية ما صحة ذلك؟(47/5)
كتبت بين قوسين أو بين شرطتين أو بدون شيء مع السياق هي جملة اعتراضية، إيش معنى اعتراضية؟ اعتراضية أنه لا يتوقف عليها فهم المعنى لا الذي قبلها ولا بعدها، لو تقول: قال عمر بن الخطاب: سمعت النبي يقول: ((إنما الأعمال بالنيات)) الكلام واضح ومفهوم، ومثلها الدعاء والترضي عن الصحابة، والترحم على من دونهم كل هذه جمل اعتراضية، لكن هي جمل دعائية في الأصل، لكن من حيث الموقع الإعرابي لا يتوقف عليها فهم المعنى لا الذي قبلها ولا الذي بعدها، المعنى واضح ومفهوم بدونها، لكن هي امتثال لقوله -جل وعلا-: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] حكمها؟ حكمها مختلف فيه بين أهل العلم عامة أهل العلم على أنها في غير التشهد الأخير سنة، ومنهم من يوجبها عند ذكره -عليه الصلاة والسلام-، ومنهم من يقول: هي واجبة في العمر مرة امتثالاً لقوله -جل وعلا-: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] المقصود أن المسألة خلافية بين أهل العلم، ومن ذكر عنده النبي -عليه الصلاة والسلام- فلم يصلِ عليه لا شك أنه محروم.
يقول: ما الكتب التي يعتمد عليها في نقل الإجماع؟(47/6)
كثير من أهل العلم ألفوا في الإجماع والخلاف، فمنهم ابن المنذر، ابن عبد البر، أبو الحسن بن القطان، مجموعة من أهل العلم صنفوا في الإجماع، لكن كلهم عليهم استدراكات، ولابن حزم مراتب الإجماع، وعليه أيضاً مؤاخذات، وأما الإجماع الذي يحكونه عمن بعد الصحابة لا بد أن ينخرم، لا أقول: في كل مسألة، لكن في بعض المسائل، فدون إثبات الإجماع بعد الصحابة خرط قتاد، لكن إذا نقل الإجماع على طالب العلم أن يهاب هذا النقل، وان يتوقف عنده، وأن لا يخالفه إلا بشيء واضح برهان بين لا يحتمل نسخ ولا تأويل، فعلى طالب العلم أن يهاب هذه الكلمة، خلافاً لما يقوله الشوكاني -رحمه الله-، يقول: إن كثير من دعاوي الإجماع تجعل طالب العلم لا يهاب الإجماع، نعم كثير من الإجماعات التي ينقلها كثير من أهل العلم كابن المنذر، ابن عبد البر، ابن قدامة، النووي غيرهم كثير منها مخروم؛ لأنهم ينقلون حسب علمهم، وكثر منهم يقولون: لا أعلم في المسألة خلافاً وهذا أسهل، نفي الخلاف أسهل من نقل الإجماع، وعلى كل حال هذا الكلام أقل أحواله أن جماهير أهل العلم على القول بهذا, وإن وجد مخالف فهو نزر يسير، فعلى طالب العلم أن يهاب مثل هذه الكلمة، وإن كانت غير ملزمة؛ لأنها لا تعني الإجماع الحق الذي يجتمع فيه مجتهدو الأمة من أولها إلى أخرها على قول في مسألة، لكن يبقى أن هذا الكلام له هيبته، فيحتاط طالب العلم إذا سمعه يهابه.
يقول: كيف يعرف المرء أن الأمر للوجوب أو للندب، أو أن النهي للكراهة أو للتحريم؟
الأصل في الأمر الوجوب، والأصل في النهي التحريم، ولا يخرج عن هذا الأصل إلا إذا وجد صارف، فإذا وجد صارف حمل على الندب أو الكراهة.
يقول: رفع اليدين في الصلاة من المعلوم أنه في أربعة مواضع: ومنها بعد القيام من التشهد الأول، والسؤال متى يرفع يديه هل وهو جالس أم إذا استوى قائماً مع الدليل؟
السائل يقول: منها بعد القيام من التشهد الأول؟
جوابه في سؤاله بعد القيام، كان يرفع إذا قام من الركعتين، يعني إذا قام من الركعتين يرفع، مفاده أنه بعد القيام، يعني مع الانتقال من التشهد إلى القيام.(47/7)
يقول: هل السنة في قنوت النوازل الدعاء بالنازلة فقط دون الثناء على الله والصلاة علي النبي -عليه الصلاة والسلام-؟
قنوت النوازل لا شك أنه دعاء يطلب فيه رفع هذه النازلة، ومن آداب الدعاء أن يفتتح بالحمد والثناء، ويختتم بالصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-.
يقول: ما رأيكم في ترتيل الأذكار مثل أذكار الصلاة مثل ترتيل القرآن أم أن ترك الترتيل أفضل؟
أم الترتيل بمعنى التزام أحكام التجويد من إظهار وإدغام وقلب وإخفاء، ومدود بقدر ما يكون في قراءة القرآن فلا، وأما كون الكلام يحبر ويزين الصوت لا بأس، لا سيما وأن الإنسان يتأثر ويؤثر بهذا، وهو من الأمور المتروكة التي لم تنقل صيغتها ولا كيفيتها، فالأمر فيها سعة، لكن لا يشبه كلام البشر بكلام الله -جل وعلا-، لا تلتزم فيه أحكام التجويد.
يقول: إذا لم يكن هناك تجريد للميت فما المانع من تغسيل ذوي المحرم للمرأة؟
كيف يتم التغسيل دون دلك؟ والدلك لا شك أن فيه مباشرة لجسد الميت.
هل هناك مفارقة بين تجريد الميت للتغسيل والنظر إليه؟
التجريد يحجب النظر بلا شك، عدم تجريد تغسيل الميت في قميص أو من وراء ثوب هذا لا شك أنه يحجب النظر.
يقول: اعتدنا في قبيلتنا أن يسلم الرجل على يد أخواله يعني يقبل يد الخال والعم والأب والجد؟
نعم هذا لا بأس به، ثبت في ثلاثة أحاديث، لا بأس به لا سيما لمن كان له حق على الإنسان، النووي قال في أحد المواضع نقل الإجماع على مسألة، في موضع أخر قال: إن هذا قول الجمهور؟ لا النووي يرى الإجماع هو قول الكل ورأيه في هذا رأي عامة أهل العلم لكنه يتساهل في النقل، وينقل الإجماع وينقل قول المخالف لا سيما إذا كان المخالف داود؛ لأن داود النووي لا يعتد بقوله، فينقل الإجماع مع خلاف داود، أما غيره فقد ينقل الإجماع في موضع وفي موضع أخر ينقل قول المخالف، وهذه إما غفلة منه وتساهل أو أنه .. ، أما كونه يرى أن الإجماع هو قول الجمهور فهذا غير صحيح، هو يرى أن الإجماع قول الكل.
يقول: هل يجوز للرجل السباحة مع زوجته في البحر إذا سبح معها ولا يوجد أحد، وهي لابسة ساتر لبدنها إلا أن وجهها مكشوف؟(47/8)
إذا كان لا يوجد أحد بالفعل، ويجزم بأنه لن يوجد أحد لا مانع، لكن أنى له ذلك والمسألة بحر لا يملكه هو، لكن إذا كان في مسبح في بيته لا مانع أن يسبح معها.
يقول: ما حكم أطفال الأنابيب علماً أنها داخل المملكة وفي مستشفى حكومي والدكتور سعودي القول الراجح؟
على كل حال هم يقولون: إن طفل الأنابيب هذا عبارة عن ماء الرجل يؤخذ ويؤخذ من ماء المرأة ويجعل في أنبوب حتى يتجاوز مرحلة؛ لأنه جرب أن هذه المرأة مثلاً لا تقبل التلقيح مباشرة إلا إذا تجاوز مرحلة أفتى به جمع من أهل العلم، لكن النفس فيه منه شيء، فمثل هذا يترك لأمر الله -جل وعلا-، الإنسان يسلوك المسالك التي أودعها الله فيه وهيّأه لها.
يقول: دعاء: (اللهم انقل الحرب إلى ديارهم وبين نسائهم وأطفالهم)؟
نقول: من أراد الإسلام والمسلمين بسوء اللهم أشغله بنفسه.
يقول: إذا كانت الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء فهل هذا خاص بالأنبياء ولا يدخل فيه غيرهم؟
وكذلك الشهداء، الأنبياء والشهداء، ومن أراد الله -جل وعلا- إكرامه، ومن أشقى الناس رجلاً لا تأكل جسده الأرض فمن هو؟ نعم الذي خسف به فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة، هذا لا تأكل جسده الأرض.
حديث: ((البذاذة من الإيمان))؟
صحيح.
هو يقول: هناك تعارض بين: ((إن الله جميل يحب الجمال)) وحديث: ((البذاذة من الإيمان))؟(47/9)
تعرفون أن الشرع في جميع الأمور وسط في تشريعه وفي أتباعه، في أتباعه مثلاً النبي -عليه الصلاة والسلام- يرجل الشعر، ويدهن، ويتزين، ويلبس الجميل، لكنه لا يبالغ في ذلك، وجاء الحث على أن يكون الإدهان إيش؟ غباً يعني يوم وراء يوم، والترجل بحيث لا يسرف الإنسان في إتباع هذه الأمور، ويضيع ما هو أهم منها، فلو لم يرد إلا ((إن الله جميل يحب الجمال)) ماذا يكون وضع كثير من الناس؟ يكون هناك مبالغة وسرف وتضييع للواجبات فضلاً عن المستحبات، اهتماماً بهذا النوع، جاء الحديث الثاني الذي يكسر هذه الحدة؛ لأن بعض الناس تستشرف نفوسهم، جاء الحديث الثاني ليبين التوسط؛ ليكون الإنسان وسط في أموره، فقال: ((البذاذة من الإيمان)) ولو لم يرد إلا ((البذاذة من الإيمان)) لرأيت كثير من الناس في أحوال بحيث يزدرون، فالذي يبالغ في الجمال يقال له: ((البذاذة من الإيمان))، والذي يبالغ في البذاذة يقال له: ((إن الله جميل يحب الجمال)) والنصوص الشرعية كلها علاج لأحوال الناس وأوضاعهم، من شم منه رائحة الغلو تورد عليه أحاديث الرجاء، ومن عرف منه التساهل تورد عليه أحاديث الوعيد وهكذا؛ لأن بعض الناس وهذا موجود ما هو مبالغة، هل تتصورون أن بعض الناس عنده من الثياب عدد أيام السنة بحيث إذا خلع الثوب لا يعود إليه أبداً؟! هل تتصورون أن بعض الناس في بيته صالون يجلس ثلاث ساعات في اليوم؟! يعني لو لم يرد مثل حديث: ((البذاذة من الإيمان)). . . . . . . . . يا أخي ((إن الله جميل يحب الجمال))، لكن ماذا أضاع من الأمور المهمة مثل من يعنى بمظهره، نعم لا ينبغي للمسلم أن يكون بحيث يزدرى بين الناس، ويتندر به، لا، فالدين وسط ولله الحمد.
يقول: ما وجهة من يقول: إن الدعاء على الكافرين فيه تعدي؛ لأن في علم الله أنهم موجودون إلى يوم القيامة؟(47/10)
المسلم مطالب بأن يدور مع الإرادة الشرعية، أما الإرادة الكونية القدرية ليس مطالباً بها، لقائل أن يقول: لماذا تدعو لعموم المسلمين والله يعلم أن منهم من يموت وهو مرتكب كبيرة؟ نعم وجد من يمنع حتى هذا من أهل العلم، من يقول: لا يجوز الدعاء لعموم المسلمين، وجد من يمنع الدعاء لعموم المسلمين لأن في علم الله أن من يموت وهو مرتكب كبيرة هذا مخالف الإرادة الكونية، إذاً لا تدعو لنفسك الله أعلم بما يختم لك به، ولا تدعو لولدك الله أعلم بما يستمر عليه، أنت مطالب بالدعاء، وهذه المطالبة إرادة شرعية، إما الإرادة الكونية فهي لله –جل وعلا- ليست لك.
يقول هذا: أحدهم يمتلك أرضاً في بلده، وقد نوى أن يتركها حتى عدة سنوات ربما خمس أو عشر ثم يبيعها فهل تجب عليه الزكاة لها؟ وهل تجب سنوياً أو أنه يريد أن يبيعها في المستقبل ليستفيد من مالها وكم قيمة الزكاة لها؟ وكيف يقدرها؟
هذا إذا أمتلك الأرض بنية التجارة يزكيها كل سنة إذا حال عليها الحول بما تستحقه من قيمة بقيمتها وقت التزكية بنسبة اثنين ونصف من مائة إذا ملكها لغير نية التجارة ملكها ليسكن ملكها ليزرع ملكها ليقيم عليها مشروع أو لا يدري، ما يدري ماذا يفعل بها؟ فإنه لا يزكيها إلا إذا باعها لمدة سنة واحدة.
يقول: يا حبذا لو أن القارئ لا يحجر واسعاً عند بداية الدرس له وللحاضرين فقط أحببت التنبيه فقط؛ لأننا نحضر الدرس على الإنترنت للسامعين يعني يشمل الحاضرين والغائبين؟
يقول: هل العلاقة بين ولد وبنت يحبون بعض من غير ما يرى البعض أو شيء مخالف حلال؟
يا أخي هذه المحبة إذا لم تكن لله وفي الله هذه المحبة لا بد أن تجر إلى ما وراءها ولو بالكلام؛ لأنه كما يحرم الفعل يحرم القول، وإذا لم تكن محرماً له لا يجوز له أن يخاطبها إلا لحاجة مع أمن الفتنة؛ ومثل هذه الفتنة غير مأمونة، والله المستعان.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، وغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:(47/11)
باب: الحسبة في المصيبة:
"حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم)).
وحدثني عن مالك عن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه عن أبي النضر السلمي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يموت لأحد من المسلين ثلاثة من الولد فيحتسبهم إلا كانوا له جنة من النار)) فقالت امرأة عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله أو اثنان؟ قال: ((أو اثنان)). وحدثني عن مالك أنه بلغه عن أبي الحباب -سعيد بن يسار- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما يزال المؤمن يصاب في ولده وحامته حتى يلقى الله وليست له خطيئة)).
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: الحسبة في المصيبة" يعني الصبر والاحتساب والرضاء والتسليم، فالمسلم تكفر خطاياه، وتغفر له ذنوبه بالصبر على مصيبته، ولذا لا تمسه النار، تكون هذه المصيبة في مقابل السيئات والأوزار {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [(10) سورة الزمر] وأشد الناس بلاءاً الأنبياء.(47/12)
"حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب -محمد بن مسلم بن شهاب الزهري- عن سعيد بن المسيب -بن حزن- عن أبي هريرة" يقول ابن عبد البر: هذا الإسناد من أجود أسانيد الآحاد، يقوله في الاستذكار، هذا الإسناد من أجود أسانيد الآحاد مالك عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة، لا شك أنه أصح الأسانيد إلى أبي هريرة، وهو من أجود الأسانيد على الإطلاق، على الخلاف في أصح الأسانيد عند أهل العلم "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يموت لأحدٍ)) ذكراً كان أو أنثى ((من المسلمين ثلاثة)) من المسلمين خرج الكافر ((ثلاثة من الولد)) يشمل الذكر والأنثى ((فتمسه)) منصوب بأن المضمرة بعد فاء السببية الواقعة بعد النفي ((فتمسه النار إلا تحلة القسم)) أي ما ينحل به القسم، وهو اليمين، والمراد به قوله -جل وعلا-: {وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [(71) سورة مريم] ((ثلاثة من الولد)) جاء وصفهم أنهم لم يبلغوا الحنث، صغار، وخص الصغار بذلك لأن الشفقة عليهم أعظم، والحب لهم أشد، والرحمة لهم أوفر، ممن بلغ الحنث، الذي بلغ الحنث هل يحصل لفاقده هذا الثواب؟ يعني إذا كان هذا في الصغار فالكبار؟ يعني شخص عنده مجموعة من الأولاد سنة، خمس سنوات، سبع سنوات، عشرين سنة، ثلاثين سنة، الذي سنة خمس سنوات عشر هؤلاء لم يبلغوا الحنث فيهم الأجر الموعود هنا، فيهم الوعد المذكور لم يبلغوا الحنث الوصف منطبق لكن أبو عشرين وأبو ثلاثين ما في أجر؟ مثل الذين لم يبلغوا الحنث أو أقل أو أكثر؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(47/13)
في واقع الناس لا شك أنه أشد، والرحمة للصغير أوفر وأكثر، الكبير بين اثنين: إما أن يكون باراً بوالديه ولا شك أن مصيبته أعظم، يكون عاقاً بوالديه منشغل بأسرته وعمله، مثل هذا أموه ... ، الآن الكبير بين أمرين: أمر أن يكون باراً بوالديه والوالد مرتاح والأم من كل وجه مريحها، لا شك أن مصيبة مثل هذا أعظم، لكن تصور ولد ثاني مؤذي عاق متساهل بالأوامر مرتكب للنواهي خمور وفساد وشرور وآثام فالكبير يحتمل فيه هذا وهذا، لكن الصغير لا، ولا شك أنه كلما عظمت المصيبة عظم الأجر، ولذا يرى بعضهم أن هذا خاص بالصغار أم الكبار لا ليس لهم مثل هذا الأجر، يؤجرون على قدر المصيبة لكن لا يصلون إلى هذا الحد، ومنهم من يقول: إن الكبار من باب قياس الأولى، فالمصيبة بهم أعظم، يعني تصور في هذه الظروف يتمنى كثير من الناس أنه يأتيه خبر ولده اليوم قبل غد من الشرور والآثام التي يرتكبها هذا الولد، يوجد، ناس ساموا أهليهم سوء العذاب، فمثل هذا لا شك أن مصيبته أقل.
قالوا: فمن بلغ الحنث لا يحصل لفاقده هذا الثواب؛ لأن البالغ يتصور منه العقوق والانشغال عن الأبوين بخلاف الصغير، وقال الزين بن المنير: يدخل الكبير بطريق الفحوى؛ لأنه إذا ثبت هذا في الصغير الذي هو كلاً على أبويه فكيف لا يثبت ذلك في الكبير الذي بلغ معه السعي، وصار له منه النفع، ويرجح الأول بقوله في حديث أنس: "بفضل رحمته إياهم" لأن الرحمة إنما تكون للصغار، وهل يلتحق بالصغار من بلغ مجنوناً وبقي كذلك حتى مات؟ وهل يثبت مثل هذا الأجر لمن تمنى ذلك لولده لأذاه أو لتعويقه مثلاً أو غير ذلك؟ يعني ناس عندهم صبي صغير مؤذي آذاهم فتمنوا موته يحصل لهم مثل هذا الأجر؟ أو عندهم معوق إذا أرادوا سفر أو نزهة أو رحلة أو أي شيء يحسبون له ألف حساب، هل يبلغ الأجر مثل هذا؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو المسألة تبي صبر، هم صابرين عليه ما هو تمنى ...
طالب:. . . . . . . . .(47/14)
ما هو بثمرة فؤاد، هذا ولد معوق يأخذون له ألف حساب لو بغوا يطلعون أو يدخلون، يتمنون موته، هل يحصل لهم الأجر الموعود في مثل هذا الحديث؟ لأن بعض الناس يصرف علاج لولده مثل هذا علاج لا يعيش إلا به فيقطعه، يقطع العلاج التصرف هذا ويش يدل عليه؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يحصل له الأجر هذا أمور معللة حكم واضحة ومعروفة يا أخي، بدل من أن يصبر ويحتسب وينال الأجر العظيم من الله -جل وعلا- على صبره على هذه المصيبة يحاول التخلص منه.
طالب:. . . . . . . . .
لكن ما تصير مصيبة إذا تمنى.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما مآله إلى الموت لا يمكن يعيش مائة سنة، يمكن يعيش لا ما مآله إلى الموت مآله إلى الموت يصرف له علاج لا يعيش إلا به يقطع العلاج وينتهي الإشكال هذا حصل يا الإخوان، والأسئلة كثيرة عن هذا، والآن الأسئلة أيضاً عن إجهاض مثل هؤلاء الذين يجزم الأطباء بأنه يولد معوق، ونقول: هو نفس منفوسة لا يجوز الاعتداء عليه بحال، نفس كاملة، إذا خرج إلى الدنيا ففيه الدية والكفارة، نفس كاملة، طيب الميت دماغياً لو جاء واحد من الأطباء أو واحد من أولياء هذا الميت دماغياً وقال: افصلوا عنه الأجهزة خلوه يموت يجوز وإلا ما يجوز؟ لا يجوز بحال، ما دام الروح في الجسد لا يجوز التعرض له بشيء، هذا قتل عمد.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال هو إذا اجتهد رحمة له حتى الكبير حتى أحياناً الأولاد يتمنون من أبر الناس الراحة لأبيهم إذا كان عليه مشقة أو كلفة من الحياة لا هذا أمره سهل، هذا من باب الشفقة.(47/15)
يقول: "وحدثني عن مالك عن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه عن أبي النضر السلمي" أبو النضر هذا قال ابن عبد البر: رجل مجهول لا يعرف، بعض الروايات: ابن النضر، وبعضها: بنسبة، وبعضها بدون نسبة، يقول: رجل مجهول لا يعرف في حملة العلم، ولا يوقف له على نسب، ولا يدرى أصاحب أم تابع؟ وهو مجهول ظلمة من الظلمات، ثم بعد ذلك ذكر الخلاف في اسمه ونسبه وهو بذلك لا يخرج عن حيز الجهالة "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يموت لأحدٍ من المسلمين ثلاثة من الولد فيحتسبهم إلا كانوا له جنة من النار)) وقاية، "فقالت امرأة" هي أم سليم كما عند الطبراني وغيره، وقيل: غيرها، "امرأة عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أو اثنان؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أو اثنان)) هذا يسمى عطف إيش؟ كما في حديث تحريم مكة: "إلا الإذخر، فقال رسول الله: ((إلا الإذخر)) عطف تلقيني، طيب يعني هل لمن حضر أثر في النص؟ العباس قال للنبي -عليه الصلاة والسلام-: إلا الإذخر، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إلا الإذخر)) وهنا قالت: أو اثنان؟ قال: ((أو اثنان)) نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المهم الواحد جاء في النصوص وسيأتي الإشارة إليها، لكن هل هذا في ذهنه -عليه الصلاة والسلام- لم تكلم بالحديث أو طرأ عليه لما نبه؟ يعني طرأ عليه بعد ذلك وأيد بالوحي، يعني نزل عليه الوحي أثناء هذا، ولا يتصور غير هذا؛ لأنه ما ينطق عن الهوى -عليه الصلاة والسلام-.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن لما كان بطلب غيره، يعني هل النبي -عليه الصلاة والسلام- يملك مثل هذه الأمور أو لا يملكها إلا الله -جل وعلا- والمبلغ عنه هو نبيه -عليه الصلاة والسلام-؟ فلما نُبه إلى هذا أيد بالوحي، كما يقول أهل العلم، لا يمكن أن يقول هذا مجاملة لهذه المرأة أو مجاملة للعباس، لا أبداً.
المقصود هل لا بد من الثلاثة أو اثنان؟ قال: ((أو اثنان)) إما أن يكون على سبيل الاستفهام، قالت: أو اثنان لهم حكم ذلك؟ فقال: ((أو اثنان)) فؤيد بالوحي.(47/16)
يقول عياض: إن مفهوم العدد ليس بحجة، لماذا؟ لأن الصحابية من أهل اللسان عربية، ولم تعتبر هذا المفهوم إذ لو اعتبرت هذا المفهوم لانتفى الحكم عندها عما عدا الثلاثة، لكن لو قيل عكس ما قال عياض: إنها رأت أن مفهوم العدد حجة فأرادت أن يخفف في الأمر، لكنها جوزت ذلك فسألت والظاهر أنها اعتبرت مفهوم العدد ولكنها طمعت بسعة رحمة الله -عز وجل-، وجاء ما يدل على الواحد عند أحمد والترمذي من طرق، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب، يقول ابن عبد البر في الاستذكار: فإذا كان الآباء يدخلون الجنة بفضل رحمة الله تعالى لأطفالهم دل على أن أطفال المسلمين في الجنة؛ لأنه يستحيل أن يرحموا من أجل من ليس بمرحوم، ألا ترى إلى قوله: "بفضل رحمته إياهم" وعلى هذا جمهور علماء المسلمين إلا المجبرة فإنهم يقولون: هم في المشيئة؛ لأنه احتمال أن يعذب وهو صغير؛ لأنه عند الجبرية ما فرق بين الكبير والصغير هو مجبور مجبور لا يوجد فرق كبير أو صغير عندهم.
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه عن أبي الحباب سعيد بن يسار عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ما يزال المؤمن يصاب في ولده ذكراً كان أو أنثى وحامته)) قربته وخاصته جمع حميم ((حتى يلقى الله وليست له خطيئة))(47/17)
عن مالك أنه بلغه، يقول ابن عبد البر: كذا لعامة رواة الموطأ، ورواه معن بن عيسى القزاز، ورواه معن عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ربيعة الرأي أنه بلغه عن أبي الحباب سعيد بن يسار عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى لله عليه وسلم- قال: ((ما يزال المؤمن يصاب في ولده وحامته حتى يلقى الله وليس له خطيئة)) يقول الباجي: أي تحط عنه خطياه بذلك، ويحصل له من الأجر ما يزن جميع ذنوبه فهو بمنزلة ما لا ذنب له، وهذا عند الأكثر إنما هو لمن صبر واحتسب، يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((من يرد الله به خيراً يصب منه)) من صبر واحتسب من أهل العلم من يرى أن الأجر مرتب على المصيبة، وأجر الصبر والاحتساب قدر زائد على ذلك، يعني يؤجر بمجرد المصيبة صبر أو لم يصبر، وكأن ابن حجر يميل إلى هذا، وأجر الصبر قدر زائد على ذلك، لا شك أن فضل الله لا يحد، لكن من جزع وتسخط ولم يرضَ مثل هذا له شأن أخر غير من صبر واحتسب.
سم.
أحسن الله إليك.
باب: جامع الحسبة في المصيبة:
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يعزي المسلمين في مصائبهم المصيبة بي)).
وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أم سلمة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أصابته مصيبة فقال كما أمر الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأعقبني خيراً منها إلا فعل الله ذلك به)) قالت أم سلمة: فلما توفي أبو سلمة قلت ذلك، ثم قلت: ومن خير من أبي سلمة؟ فأعقبها الله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتزوجها.(47/18)
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أنه قال: هلكت امرأة لي فأتاني محمد بن كعب القرضي يعزيني بها، قال: إنه كان في بني إسرائيل رجل فقيه عالم عابد مجتهد، وكانت له امرأة وكان بها معجباً، ولها محباً، فماتت فوجد عليها وجداً شديداً، ولقيا عليها أسفاً حتى خلا في بيت، وغلق على نفسه واحتجب من الناس، فلم يكن يدخل عليه أحد، وإن امرأة سمعت به فجاءته فقالت: إن لي فيه حاجة استفتيه فيها ليس يجزيني فيها إلا مشافهته، فذهب الناس ولزمت بابه وقالت: ما لي منه بد، فقال له قائل: إن ها هنا امرأة أرادت أن تستفتيك وقالت: إن أرادت إلا مشافهته، وقد ذهب الناس، وهي لا تفارق الباب، فقال: اذنوا لها، فدخلت عليه، فقالت: إني جئت استفتيك في أمر، قال: وما هو؟ قالت: إني استعرت من جارة لي حلياً فكنت ألبسه وأعيره زماناً، ثم إنهم أرسلوا إلي فيه أفأؤديه إليهم؟ فقال: نعم والله، فقالت: إنه قد مكث عندي زماناً، فقال: ذلك أحق لردكِ إياه إليهم حين أعاروكيه زماناً، فقالت: أي يرحمك الله أفتأسف على ما أعارك الله ثم أخذه منك، وهو أحق به منك، فأبصر ما كان فيه، ونفعه الله بقولها.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: جامع الحسبة في المصيبة" والباب الذي قبله: "باب: الحسبة في المصيبة" والمراد بالحسبة الاحتساب والصبر والرضا والتسليم لما قدره الله -جل وعلا- وقضاه، وبهذا ينال الأجر العظيم.(47/19)
{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [(10) سورة الزمر] فذكر المؤلف في هذا, باب: جامع الحسبة في المصيبة، والمصيبة لفظ موضوع في الأصل في لغة العرب لكل من ناله شيء خير أو شر، أصابه الخير وأصابه الشر، لكن العرف خص ذلك بالشر بالرزايا والمكاره، كما أن البشارة في الأصل بما يسر وبما يكره {فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [(24) سورة الانشقاق] لكنها خصت عرفاً بالخير، الثواب في الأصل بالمجازاة، المجازاة بخير أو شر على ما عمله الإنسان يجوز ثوابه إن خير فخير وإن شر فشر، لكنه في العرف يرادف الأجر، احتسب الأجر والثواب، وجاء في ذلك قوله -جل وعلا-: {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [(36) سورة المطففين] هذا في الخير وإلا في الشر؟ نعم، فيأتي اللفظ في لغة العرب واسع ويخصصه العرف، ويأتي عام مطلق يقيده الشرع وهكذا.(47/20)
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر" بعض الرواة: عن مالك زادوا عن أبيه عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن أبيه القاسم بن محمد أحد الفقهاء "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليعزي المسلمين في مصائبهم المصيبة بي)) " والتعزية التصبير والحمل على الصبر والتسلي والتسلية إذا ذكر الإنسان الثواب تعزى، إذا ذكر العقاب إن لم يصبر ويحتسب وصاحب ذلك الجزع صاحبه ما هو أعظم من ذلك يصبر، ((ليعزي المسلمين في مصائبهم المصيبة بي)) يعني يتذكروا المصيبة بالنبي -عليه الصلاة والسلام- لا شك أنها تهون دونها كل مصيبة، فكل مصيبة تهون دون المصيبة الأمة بالنبي –عليه الصلاة والسلام- لأنه أمنة لها، وبموته –عليه الصلاة والسلام- انقطع خبر السماء، يقول طائفة من الصحابة: ما نفضنا أيدينا من تراب قبره -عليه الصلاة والسلام- حتى أنْكرْنا قلوبنا، هذه مصيبة، إذا كان موت العالم ثلمة في الدين لا تسد، هذه لا شك أنها مصيبة على الأمة، فموت العلماء لا شك أنها مصائب، فكيف بمن علم جميع العلماء شيء من عمله -عليه الصلاة والسلام-، لا علم إلا من طريقه -عليه الصلاة والسلام-، إذا ذكر المصاب مثل هذا هانت عليه مصيبته، إذا ذكر ما جاء من الوعد للصابرين {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} [(155 - 156) سورة البقرة] على ما سيأتي، والحديث: عن قاسم والقاسم تابعي عند بعض الرواة، وإلا هنا عن عبد الرحمن ابنه، وهو إما مرسل أو معضل، لكنه وروده مسنداً من حديث سهل بن سعد وعائشة والمسور بن مخرمة، ومعناه على كل حال صحيح ((ليعزي)) اللام لام الأمر، المقصود يصبر كل واحد من المسلمين نفسه بمصيبته الخاصة بذكر هذه المصيبة العامة.
وإذا ذكرت مصيبة تسلو بها ... فاذكر مصابك بالنبي محمد
-عليه الصلاة والسلام-.(47/21)
يقول: "وحدثني عن ملك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن -ربيعة الرأي- عن أم سلمة زوج النبي -صلى لله عليه وسلم- أم المؤمنين -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أصابته مصيبة فقال كما أمر الله: إنا لله وإنا إليه راجعون)) "، ((كما أمر الله)) هل في هذا من أمر؟ فيه أمر؟ نعم؟ هذا أمر وإلا خبر؟ يقول: ((كما أمر الله)) أمر وإلا خبر؟ نعم؟ خبر يراد به الأمر ((إنا لله وإنا إليه راجعون)) إنا لله مِلكاً وعبيداً، وإنا إليه راجعون: عائدون إليه بعد الموت والبعث ليجازي كل عامل بعمله، ((اللهم أجرني)) أي أعطني أجري ((في مصيبتي، وأعقبني)) أخلف ((خير منها إلا فعل الله به ذلك)) هذا الحديث صحيح مخرج في مسلم وغيره ((إلا فعل الله ذلك به)) ولمسلم: ((إلا أخلف الله له خيراً منها)) هذا وعد ممن لا يخلف الميعاد على لسان ما لا ينطق عن الهوى.
"قالت أم سلمة: فلما توفي أبو سلمة" عبد الله بن عبد الأسد المخزومي "قلت ذلك" من الاسترجاع وما بعده، قالت ما وجهها به -عليه الصلاة والسلام- "ثم قلت" في نفسها قالت: "ومن خير من أبي سلمة؟ " الإنسان يأسف ويندم على شيء يفوت ويظن أنه لا في الوجود مثله، لا يوجد مثله, وما يدريك أن الله يعوضك خير منه "قلت: ومن خير من أبي سلمة؟ " قالت ذلك في نفسها، يعني هل نطقت بهذا؟ إن نطقت تكون معترضة على الخبر "فأعقبها الله رسوله -عليه الصلاة والسلام- فتزوجها" فصارت إحدى أمهات المؤمنين، وقد توفي -عليه الصلاة والسلام- وهي مصيبة، فهل لها أن تقول بعد ذلك ما وجهت إليه؟ ما قالته قبل؟ هل لها أن تقول: "إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأعقبني خير منها" من الثواب، يعني أعظم من هذه المصيبة ثوابها، يعني لا يلزم أن يكون أعقبني خيراً منها خيراً مما فقدت من جنسها، يعني فقدت زوج تحتاج إلى زوج لا خلاص هي الآن أم المؤمنين، واللفظ يحتمل أكثر من ذلك.(47/22)
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد -بن أبي بكر الصديق- أنه قال: هلكت امرأة لي"، "القاسم بن محمد أنه قال: هلكت امرأة لي فأتاني محمد بن كعب القرضي يعزيني بها" يصبرني ويسليني، والتعزية والتسلية تكون بالنصوص، وتكون أيضاً بالقصص التي يكون فيها العبر والعظات، "فقال: إنه كان في بني إسرائيل رجل فقيه عالم وعابد مجتهد" كل الأوصاف متوافرة فيه "وكانت له امرأة"، مجتهد فقيه عالم عابد مجتهد في عمله وعبادته "وكانت له امرأة، وكان بها معجب" مستحسناً لها، راضياً بجمالها، "محب لها، فماتت، فوجد عليها وجداً شديداً" يعني حزن حزناً شديداً، الفعل (وجد) له أكثر من مصدر، ولكل مصدر من هذه المصادر معنى من المعاني، فوجد وجداً، وجد وجداناً، ووجد موجدةً، ووجد وجادةً، كل واحدة من هذه الألفاظ له معنى يختلف عن الثاني، فعندنا من هذه المعاني فوجد عليها وجداً شديداً، يعني حزن حزناً شديداً، إذا بحث عن ضالته فوجدها نقول: إيش وجد؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا أريد المصدر نعم؟ وجداً هذا اللي عندنا وجداً حزناً، يصير ما عثر عليها، إذا قلنا: وجدها وجداً ما عثر عليها حزن عليها حزناً شديداً ما لقاها مسكين، وجد موجدة غضب غضباً شديداً، الوجادة وجد وجادة يقولون: مصدر مولد، إيش معنى مولد؟ يعني لا يوجد زنته في لغة العرب، الوجادة المعروفة عند أهل العلم طريق من طرق التحمل في الرواية، يعني يجد صحف بخط ما لا ينكر خطه من أهل العلم فيرويها عنه بهذه الوجادة على أن ينص أنها وجادة، وأهل العلم يقررون على أنها منقطعة، وفيها شوب اتصال، وجد وجوداً، وجد وجداناً، الوجدان إيش؟ على كل حال هذه المصادر تراجع، راجعوها "ولقي عليها أسفاً" ... نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن إيش معناها هنا؟ على كل حال بالإمكان تراجع، سهل يعني موجودة في كتب اللغة كلها يكتبون عنها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا التواجد غير هذا رقص التواجد لا، لا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا ما هو بصحيح.(47/23)
"ولقي عليها أسفاً" يعني تلهفاً "حتى خلا في بيت" اعتزل الناس قفل على نفسه ببيته "حتى خلا في بيت، وغلق على نفسه" قفل على نفسه الباب "واحتجب من الناس" وهذه عادة الحزين ينزوي عن الناس، الحزين الكئيب بخلاف الفرح الذي يؤد ويرغب أن يعرف الناس كلهم أنه فرح ومبسوط، فهذا أغلق على نفسه الباب، واحتجب من الناس "فلم يكن يدخل عليه أحد -لما غلبه من شدة الحزن- وإن امرأة سمعت به فجاءته، فقالت: إن لي إليه حاجة استفتيه" يعني أطلب فتياه لأنه عالم، وليس للفتيا إلا العلماء "فيها، ليس يجزيني" يغنيني "فيها إلا مشافهته" يعني ما يكفي كل أحد، إلا مشافهته يعني خطابه، مشافهة دون واسطة، وهذا شيء موجود إلى الآن، إذا صار للإنسان مسألة ما يسأل عنها أي شخص لا سيما عند عامة الناس إذا أعجبوا بشخص لا يقنعون بمن دونه، تجد المسألة من البداهيات يعرفها أحد طلاب العلم، يقول: لا إلا الشيخ فلان، فيحتمه العامة ومسائلهم سهلة يمشيها أدنى واحد، لكن لا يقنعهم غير هذا العالم الذي مليء عوينهم وقلوبهم "ليس يجزيني فيها إلا مشافهته، فذهب الناس ولزمت بابه" أصرت "وقالت: ما لي منه بد" ليس لها منه مفر ولا محيد "فقال لي قائل: إنه هاهنا امرأة أرادت أن تستفتيك، وقالت: إن أردت إلا مشافهته" يعني هذا نافية (إن) يعني ما أردت إلا مشافهته {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ} [(159) سورة النساء] هذه نافية " إن أردت إلا مشافهته، وقد ذهب الناس وهي لا تفارق الباب، فقال: اذنوا لها فدخلت عليه، فقالت: إني جئتك أستفتيك في أمري، قال: وما هو؟ قالت: إني استعرت من جارة لي حلي" الحلي والحلية ما يلبسه النساء يتجملن به {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} [(18) سورة الزخرف] فالتحلي من خصائص النساء، فالتحلي والتزين والتجمل والمبالغة فيه هذا من خصائص النساء "إني استعرت من جارة لي .. " تقول: "حَلْياً" والحَلي إيش؟ هو الحُلي "فكنت ألبسه وأعيره زماناً" يعني كأنها ملكته، والعرية إذا طالت مدتها قد ينسأ أنها عرية، فيستعملها الإنسان على أنها ملكه ينسأ سبب وصولها إليه، وهذا يقع كثيراً في الكتب، يستعير الإنسان كتاب على أنه يستفيد منه فيضعه(47/24)
مع كتبه، اليوم بكرة ذلك نودره نرجعه ثم ينساه، وصاحبه يحرج من طلبه، ثم بعد ذلك يملكه المستعير؛ لأنه نسي وبقي على أساس أنه ملكه، والاسم ما كتب عليه شيء، فليحرص الإنسان على هذه العواري يبادر بردها، وقد استعار شخص كتاباً يهمه في عمله بعد تخرجه عين في جهة واحتاج إلى كتاب فاستعاره من صديق له، مكث الكتاب خمسة وعشرون سنة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(47/25)
لا ما رجع، هذا شاهد أن الإنسان ينسى، لا تأتي بقية القصة، فاجتمع به المستعير شخص له علاقة بالاثنين، فقال: هذا الكتاب إذا ذكرته ذكرت فلان جزاه الله خيراً، كان الكتاب ممزق فأخذه إلى المجلد فجلده على أساس أنه له، على أساس أن هذه العلاقة التي تربط فلان بفلان أنه أخذ هذا الكتاب وجلده وهو له الكتاب هو، هو من الأصل مجلد، بس هو يتذكر أن في ارتباط بين هذا الكتاب فلان، ولا يتذكر أن الكتاب لفلان، هذا سببه طول المدة، فصاحب الكتاب يستحي من صاحبه أن يطلبه وليس عليه أثم، ولا ما يدل على أنه له، ومع طول المدة المستعير ينسى، فعلينا أن نكتب يكتب الإنسان في مذكرته أن عنده كتاب لفلان، وكتب كثيرة من التي وصلتنا من تركات تجد مكتوب عليها هذا الكتاب عارية من فلان، يكتبون المتقدمون عندهم حرص على إبراء الذمة على قلة ما عندهم من كتب، المقصود أن على طالب العلم أن يعنى بهذا، فإن الكتب إذا اختلطت خلاص من يميز أن هذا لفلان أو لعلان "فكنت ألبسه وأعيره زماناً، ثم إنهم أرسلوا إليّ فيه، أفأوديه إليهم؟ " حد با يتردد في الجواب؟ نعم؟ جواب ملزم، أن الشخص إذا جاء يسأل وذكر كل المبررات والمسوغات التي تقتضي الجواب بنعم أو الجواب بلا، هذا كأنه يلقن من يستفتيه بالجواب، يعني تأتي تستفتي عالماً تقول: وجدت كتاب لشخص مبتدع، والكتاب في شرور وسموم، واطلعت عليه فوجدت فيه كذا وكذا إيش رأيك يجوز أشتريه؟ أكيد ما تحتاج إلى جواب، تعرف أنه لا يريد جواباً، إنما يريد أمراً أخر، فمثل هذه المرأة لما قالت هذه الأمور كلها، وقديماً هذا، استعرته قديماً صار له زمان، وأعرته الناس، استفدت به أنا واستفاد به غيري، أرجعه وإلا ما أرجعه؟ "أفأوديه إليهم، فقال: نعم والله" تأكيد مع كل هذا بعد في تردد؟ "نعم والله" يعني يلزمك أن تأديه إليه، واقسم تأكيداً "فقالت: والله أنه قد مكث عندي زماناً، فقال: ذلك أحق لردكِ إياه" أولى بأن يرد إذا مكث زمن طويل؛ لأنه إذا كان زمن يسير يحتمله الناس فيما بينهم، يعني لو تأخر في رده، لكن إذا كان زمن طويل إلى متى؟ "فقالت: والله أنه قد مكث عندي زماناً، فقال: ذلك أحق لردكِ إياه إليهم حين أعاروكيه زماناً "فقالت: أي يرحمك(47/26)
الله" يعني يا فلان يرحمك الله، هذا نداء، وجد الحرف وحذف المنادى، أي يرحمك الله، الآن يأتي بيت القصيد "أفتأسف على ما أعارك الله، ثم أخذه منك وهو أحق به منك" المال والأهلون كلها ودائع، كل ما عند الإنسان وديعة، المال مال الله {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ} [(33) سورة النور] وأنت نفسك التي بين جنبيك وديعة، ما تدري متى يقال: رد هذه الوديعة؟ يأتي صاحبها فيأخذها.
وما المال والأهلون إلا ودائع ... ولا بد يوماً أن ترد الودائع
"فأبصر ما كان فيه، ونفعه الله بقولها" موعظها بليغة بالتميثل والتنظير المطابق، نفعه الله بقولها، ففي هذا العظة بضرب المثل، وهو أبلغ من المباشر، يعني لو قالت له مباشرة: زوجتك هذه ماتت، الحمد لله، الأصل الخلق كلهم خلق الله وعبيد الله يختار منهم من شاء، ما وقعت في قلبه موقعها، لكن العظة بضرب المثل أبلغ من المباشر، ولذا جاءت الأمثال في القرآن والسنة، وجاء في تعظيم شأن الأمثال قوله -جل وعلا-: {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [(43) سورة العنكبوت] يعني ما يفهم هذه الأمثال، ولا يعتبر بهذه الأمثال ولا يستفيد من هذه الأمثال إلا العالمون، وفي الحديث: وعظ العالم وإن كانت الموعظة ممن دونه، فقد يخطئ الفاضل ويغفل ويوفق المفضول، فلا يحتقر الإنسان نفسه يعلم ويوجه وإن كان مفضولاً، وإن كان في السامعين من هو أفضل منه، يبذل وإلا لو أعتمد على الفاضل في كل شيء ما استطاع أن يفعل شيئاً، فعلى كلٍ من الفاضل وهو الأولى أن يتولى ذلك، والمفضول أيضاً لا يعفى من هذا الأمر، فالأمر مطلوب من الجميع.
باب: ما جاء في الاختفاء:
"حدثني يحيى عن مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن أنه سمعها تقول: لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المختفي والمختفية" يعني نباش القبور.
وحدثني عن مالك أنه بلغه عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تقول: "كسر عظم المسلم ميتاً ككسره وهو حي" تعني في الإثم.
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في الاختفاء" ولابن وضاح ما جاء في المختفي وهو النباش.(47/27)
"حدثني يحيى عن مالك عن أبي الرجال" بلفظ جمع الرجل، مشهور بهذه الكنية وهي لقب؛ لأنه كان له عشرة أولاد كلهم رجال كبار، وأما كنيته فهو أبو عبد الرحمن أبو الرجال، كني بالمجموع فصار لقباً له، قد يلقب بالكنية، وقد يسمى بالكنية، وقد تغلب الكنية على الاسم فيضيع الاسم، وكما أشتهر هذا بأبي الرجال أشتهر أناس بأبي الأشبال، يعني هذا أبو الكبار، وذلك أبو الصغار، نعم؟ ما في أبو الأشبال؟ نعم في أكثر من واحد، وهذا أمر مطروق، محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حارثة بن نعمان الأنصاري "عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن أنه سمعها تقول: "لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" اللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله تعالى، وهذا يدل على أن هذا الأمر من الكبائر "لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المختفي والمختفية" يعني نباش القبور".
يعني لو لم يوجد مثل هذا التفسير لهذا الخبر لأشكل أمره "لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المختفي والمختفية" يعني بذلك النباش، سمي بذلك لأنه يأتي إلى هذه القبور خفية، وهذه عادة السراق، سواءً سرقوا من أجواف القبور أو من البيوت أو من غيرها، وقد جاء لعن السارق ((لعن الله السارق يسرق الحبل فتقطع يده، ويسرق البيضة فتقطع يده)) نعم، فلعل المختفي هنا والمختفية يراد به لتتفق النصوص وفسر ببعض أفراده نعم لعل أصل الحديث: "المختفي والمختفية السارق والسارقة" ثم فسر من قبل بعض الرواة بالنباش تفسيراً للعام ببعض أفراده، وهذا الحديث مرسل عند مالك، وأسنده يحيى بن صالح وعبد الله بن عبد الوهاب كلاهما عن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة -رضي الله عنها- قالت.(47/28)
وعلى كل حال نبش القبور السرقة من الأحياء حرام بالإجماع، وموجبة للحد بشروطها، والسرقة من القبور كذلك يشملها هذا اللعن، وهي فرد من أفراد العام داخلة في عمومه، لكن هل فيها قطع؟ النباش ينبش القبر ويأخذ الكفن، يسرق الكفن، حتى وجد في بعض العصور من يخرق الكفن قبل تكفين الميت به ليفسده على السارق، يعني يصل الأمر ببعض القلوب إلى هذا الحد، الفقهاء يذكرون في الزنا يذكرون الزنا بالميتة مثلاً امرأة ميتة زنا بها، هذا موجب للحد وإلا غير موجب؟ يعني فرج أصلي، ألا يمكن أن يقال مثل هذا أعظم من الزنا بالحية؛ ألا يمكن أن يقال: إنه أعظم نسأل الله العافية؛ لأنه يدل على مسخ القلب الكلية، يعني قلب ممسوخ بالكلية، فيحتف بالأمر ما يزيده عن الحد المحدود شرعاً، فلو زيد في حد مثل هذا؛ لأنه وصل إلى حد تأباه البهائم، السارق النباش الذي يسرق من القبر لا شك أن القبر حرز، فإذا بلغ ما يبلغ النصاب نصاب القطع يقطع وإلا ما يقطع؟ هل يشترط أن يكون للمال مالك معين أو لا يشترط؟ إنما سرق {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} [(38) سورة المائدة] ينطبق عليه اللفظ، والشروط مكتملة، قل مثل هذا فيمن سرق من بيت المال مثلاً أو سرق من الأشياء العامة المشاعة مثل مسجد، مدرسة، يقطع وإلا ما يقطع؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا اختلاس وليس بسرقة، يعني سرق من حرز، أما لو لم يكن حرز مثلاً، القبر حرز وبيت المال محرز، لكن مثل المسجد قد .. ، والأمور العامة مثل المدارس وغيرها قد يقال، ولذا يُدرأ الحد بهذا، وبعضهم يدرأ الحد بالنسبة لمن سرق من بيت المال؛ لأن له فيه شبة ملك، وهو واحد من المسلمين، لكن إذا رأى الإمام أن قطع مثل هؤلاء الذين يسرقون من المساجد ومن المدارس ومن بيت المال ومن القبور رأى أن قطعهم تعزيراً يحقق مصلحة، ويقطع دابر السرقة لا سيما إذا اشتهرت واستفاضت له ذلك، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
والله هو إذا سرق مال محترم من حرز يبلغ النصاب ويش المانع؟ لكن بعضهم ينظر للمالك إذا كان له مالك وتأثر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وش لون؟
طالب:. . . . . . . . .(47/29)
الكافر؟ هو الأصل أنه مخاطب بالفروع، ومطالب بما يطالب به المسلمين إيش المانع؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا شبهة له، نعم بلا شك ليس له شبهة ببيت المال.
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه" يقول أبو عمر: كذا لأكثر الرواة وبعضهم: عن مالك عن أبي الرجال عن عائشة موقوفاً، يقول: ولا أعلم أحداً رفعه عن مالك "أن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تقول: "كسر عظم المسلم ميتاً ككسره وهو حي" تعني في الإثم" للاتفاق على فعل ذلك في الحياة والموت يعني كسر عظم المسلم حياً وميتاً حرام بالاتفاق، لا بالنسبة للحي في قصاص خلافاً للميت، الميت ليس فيه قصاص، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يلزم لأنه قد يوجد الإثم في الاعتداء الذي ما فيه قصاص حتى في الحي لا ليس ملازم للإثم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أيوه؟
طالب:. . . . . . . . .
تعزير تعزير ويش المانع؟
على كل حال يشتركان في الإثم ويفترقان في القصاص الدية، وهذا الحديث وإن كان غير متصل عند ملك لكنه مخرج عند أحمد وأبي داود وابن ماجه عن عائشة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((كسر عظم الميت ككسره عظم الحي)) وحسنه ابن القطان، وقال ابن دقيق العيد: إنه على شرط مسلم، وله شاهد من حديث أم سلمة خرجه ابن ماجه، فلا يجوز أذية المسلم سواً حياً كان أو ميتاً {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} [(58) سورة الأحزاب] لكن إذا دعت الحاجة إلى كسر عظمه، وقل مثل هذا إذا دعت الحاجة إلى نقل بعض أعضاءه هل نقول: إن الضرورة تقدر بقدرها والحي أولى من الميت كما قال أبو بكر في الكفن -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-؟ الحي أولى بالجديد من الميت، أو نقول: إن هذه الأمور لا يملكها الإنسان لنفسه فلا يملكها غيره، هذه أمور الإنسان ما يملك شيء لنفسه، لا يملك العين ولا يملك غيرها من الأعضاء، وهذا هو المتجه، الإنسان لا يجوز أن يتصرف بنفسه فضلاً أن يتصرف به غيره، ولا أحد ولا أقرب قريب ولا بعيد ولا بيع ولا مجان ولا شيء، لا يملك هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(47/30)
عاد الدم يقول أهل العلم: يتسامح فيه؛ لأنه متجدد، ما يتضرر به الشخص على أي وجه كان، وإلا فالدم عند أهل العلم نجس وبيعه حرام، ونهى عن ثمن الدم، لكن ما يأخذه المتبرعون من هدايا مثلاً ساعة وإلا ميدالية هذه ليست قيمة، عندهم ليست قيمة إلا من نظر إليها، يعني ما يتبرع إلا بهذا نقول: ما يجوز، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذن ما يملك، إذاًَ ما يملك يا أخي ما يملك أنت قل مثل في عبد مملوك يباع ويشترى هل لسيده أن يتبرع أو يشلحه؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يملك يا أخي هذه نفس محترمة مسلمة لا يجوز التصرف فيها ولا التعدي عليها حياً وميتاً كله حكم واحد، ثم بعد العبد بيقطع اكسب له، مشكلة بعد، صحيح يا الإخوان هذه أمور لا يملكها الإنسان، نعم هو أفتى من أفتى بجواز التبرع، لكن يبقى أن الأصل هذا، الإنسان ما يملك نفسه فكيف يملك غيره ليتبرع به؟
يقول: من أفضل من علق على تفسير الجلالين ونبه على ما فيه؟
لا أعرف تعليق كامل من أول الكتاب إلى أخره، إنما للشيخ عبد الرزاق عفيفي -رحمه الله تعالى- تعليقات على المسائل العقدية في الربع الأخير مقرر المعاهد العلمية، يعني من سورة غافر إلى أخر القرآن، هناك تعليقات موجودة في السوق، لكن المسائل العقدية الدقيقة التي لا يدركها كثير من الناس لا أعرف أحداً تصدى لها، والكتاب بحاجة.
يقول: يوجد نسخة خرجت للموطأ جمعت جميع الروايات فهل ينصح بشرائها؟
نعم اقتناؤها طيب، لكن ينبغي أن تكون عناية طالب العلم على رواية واحدة في أول الأمر، عنايته بنسخة واحدة على وراية واحدة، ويشير إلى ما عدها من الزوائد، لا يدخل بعض الروايات مع بعض، لا يلفق بين الروايات.
يقول: لو كنت أحفظ القرآن ومررت بأية سجدة وأنا ارددها أكثر من عشرة مرات ماذا أفعل؟ هل أسجد للتلاوة كلما قرأتها؟
هذا مسألة عرضت بنا سابقاً، وعرفنا الأقوال فيها، وأن من أهل العلم من يقول: لا يسجد من دام يعلم ويتعلم كلما مر؛ لأنه لا يقصد بذلك التلاوة، ومنهم من يقول: يسجد كل مرة، ولكن القول الثالث هو الوسط وهو أن يسجد مرة واحدة تكفيه عن الجميع.(47/31)
يقول: استأجرت عاملاً لكي يغسل لي السيارة بأجرته الشهرية خمسين ريال، وسافرت في شهر من الأشهر ولم تكن السيارة موجودة فلم يغسلها لذلك لم أعطه الخمسين عن ذلك الشهر هل هذا عمل صحيح أم المانع كان مني ولم يكن من الأجير لذلك يتوجب علي أن أعطيه حقه؟
إذا كان الإجارة هل هي عقد لازم أم جائز؟ إذا قلنا: عقد لازم فلا بد من رضاه وعلى هذا لا بد أن تعطيه الخمسين، وإذا قلنا: إنه عقد جائز لأحد الطرفين أن يحلها ولو بغير رضا الأخر لك أن تسافر من غير إخباره، وله أن يسافر من غير علمك، على كل حال لو أعطيته الخمسين كان أحوط.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن احتمال أن يكون ما مشترك بعد أنه قصر نفسه على هذا الشخص، وتعطيل العمل من طرف لكن تعطيل هذا العمل المتفق عليه من طرف دون الأخر دون رضا الأخر، على كل حال على حسب ما هو مقرر في الإجارة هل هي عقد لازم أو جائز؟ إذا قلنا: عقد لازم تلزمه الخمسين، يعني لا بد من رضا الطرف الثاني، والصلح خير على كل حال.
يقول: بعض طلبة العلم ممن يخرجون في القنوات يؤلب على طلبة العلم بأنهم أهل بطون وموائد، ولا يهتمون بالإنكار كطاش ما طاش وستار أما التفجيرات فلا يتكلمون فيها وهذه بسخرية؟
الدين ليس بلبس وشوت، على كل حال إسداء النصيحة والأمر والنهي ليس بهذه الطريقة، لا يتم بمثل هذه الطريقة، المنكرات على حد سواء كلها تنكر، فهذه منكرات وهذه منكرات، فإذا أنكر هذه لا يسخر ممن لم ينكر إذا اتفقنا على أن هذا العمل منكر ينكر.
يقول: ما كتب الزهد التي تنصحون بقراءتها؟
هناك الزهد للإمام أحمد -رحمه الله تعالى- ولابن المبارك ولوكيع ولهناد بن السري وجمع من أهل العلم ألفوا في الزهد، كلها كتب طيبة يستفيد منها طالب العلم، الزهد للإمام أحمد إلى الآن ما بعد طبع طبعة كاملة محققة لأنه أكبر من الحجم الموجود أكبر بكثير من الحجم الموجود، وطبعة أم القرى القديمة جيدة في الجملة، الزهد لابن المبارك تحقيق الأعظمي مجلد كبير موجود تصرف فيه، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(47/32)
الموطأ - كتاب الجنائز (5)
شرح: باب: جامع الجنائز.
الشيخ/ عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العاملين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أسئلة الإنترنت كثيرة: هذا يقول: تعليم الصلاة والوضوء عن طريق الصور هل هذا من هدي السلف؟ وهل جائز تعليم الناس بهذه الصورة كما في بعض المساجد؟ وأيضاً ملحقة بتفسير العشر الأخير؟
إن كانت الصور كاملة بالوجه فهذا لا إشكال في تحريمه، إضافة إلى كونه محدث مشتمل على محرم وهو تصوير ذوات الأرواح، أما إذا خلا عن الوجه والصورة هي الوجه كما هو معروف، ما عدا ذلك ما له حكم تصور اليد تصور الرجل لا إشكال في ذلك، الصورة هي الوجه، إذا خلا عن ذلك فلا شك أن التعليم باب من أبواب التحصيل، وله أصل في السنة، النبي -عليه الصلاة والسلام- علم الصحابة، وأمرهم أن يصلوا كما رأوه، فإذا أمكن بالتطبيق المباشر من المعلم فهو الأصل، إذا لم يمكن فمثل هذا الوسيلة لا بأس بها -إن شاء الله تعالى- إذا خلت عن الوجه.
يقول: ما حكم اتخاذ الدروج التي تعلو المصاحف سترة للمصلي؟
لا بأس بها -إن شاء الله تعالى- لأنها تحجب ما ورآها، وتحدد موضع المصلي، يُعرف أنه يصلي، فلا بأس في ذلك -إن شاء الله تعالى-، ما لم تكن هذه المصاحف وضعت على هيئة أو فيها رسوم ونقوش وكذا بحيث تشغل المصلي، فإذا سلمت من ذلك فلا بأس -إن شاء الله تعالى-، المقصود أنه لا يكون فيها وجه.
طالب:. . . . . . . . .
لا إذا صور حرام، ارتكب محرم، لا يصور الوجه أصلاً، ولو طمسه، ما في شك أن الطمس إقلاع عن الذنب، لكنه ارتكبه، لا يجوز له أن يرتكب ذنباً وإن كان في نيته أن يقلع عنه.
يقول: شخص قد خطب فتاة وقد أعطاها شبكة من الذهب على أنها هدية، والآن هو ترك الفتاة وفسخ هذه الخطبة، وثبت بعد ذلك أنه قد خطب ثمان مرات, وأخر مرة تزوج منذ شهرين ثم طلق، والآن هو يطالب بالشبكة فهل له ذلك أفيدونا؟
لا ليس له ذلك؛ لأنها هدية، ولا يجوز الرجوع فيها.(48/1)
يقول: أنا جدتي أصيبت باحتشاءٍ في الدماغ وجنبها الأيسر رجلها ويدها حركتهما خفت بس سؤالي كيف أعالجها بالقرآن الكريم أو بالأعشاب؟
تعالجها بالرقية، وإن كان هناك من الأعشاب ما ينفع ثبت نفعه باطراد فهو سبب كالعلاج الطبي الحديث مثله كلها أسباب.
يقول: ما حكم قول: علي -عليه السلام-، أو الصلاة والسلام على آل البيت، فقد يكون هذا جعله بمنزلة الأنبياء، لكن الآية في سورة الأحزاب تقول: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ} [(43) سورة الأحزاب] وأيضاً قوله في التشهد الأخير: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد أفيدونا؟
الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- وعلى سائر الأنبياء على سبيل الاستقلال مشروع، ومن عدا الأنبياء إن كان على طريق التبع فلا بأس به، تقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وعلى صحبه لا بأس به، لا بأس على سبيل التبع، أما على سبيل الاستقلال فالمسألة خلافية بين أهل العلم، وعامة أهل العلم على أنه لا يصلى على غير الأنبياء، والعرف عند أهل العلم يخص الرب -جلا وعلا- بسبحانه أو جل وعلا أو عز وجل، فلا يقال للنبي -عليه الصلاة والسلام-: عز وجل وإن كان عزيزاً جليلاً، لكن المسألة عرف، خص العرف العلمي الترضي بالصحابة والترحم على من بعدهم.
يقول: هل يجوز للمرأة الحائض أن تدخل المسجد علماً بأنها تدرس في تحفيظ القرآن؟
ليس لها أن تدخل المسجد، وقد جاء في الحديث الصحيح: "وليعتزل الحُيّض المصلى" هذا في الصحيحين من حديث أم عطية, وإن كان بعضهم وقفت على كلام لبعض أهل العلم يقول: إنها لئلا تضيق على المصلي، غير مطالبة بالصلاة فلا تضيق على المصلين، الأصل أنها تعتزل المصلى نحن يهمنا هذا الأمر، وعلينا الامتثال.
هل يجوز للمرأة أن تصلي بجوار زوجها من الجهة اليمين أم لا سواء فرض أو نافلة؟
الأصل في موقف المرأة مع الرجل أنها خلفه، خلف الرجل ولو كانت واحدة هذا هو الأصل، لكن لو صلت بجواره صحت صلاتها -إن شاء الله تعالى-.
يقول: ما هي كفارة العادة السرية؟
كفارتها التوبة والاستغفار والإقلاع والندم.(48/2)
وسؤال أخر وهو عاجل يقول: أخ يريد الزواج بامرأة في الجزائر، وقد اتفق معها على أن تبقى في الجزائر على أن يزورها مرة كل ستة أشهر، ولكن والده يعارضه ويطالبه بأن يأتي بها إلى فرنسا فماذا يفعل؟ وما توجيهكم؟ السائل من فرنسا.
الأصل أن المرأة تبقى مع زوجها في بيت الزوجية هذا هو الأصل، لكن هذا يريد أن ينقلها من بلد أهله مسلمون إلى بلد كفار فمن هذه الحيثية لو بقيت في البلد الأصلي كان أولى، وإذا كان لا يأمن عليها الفتنة في بلدها الأصلي، ورأى أن ارتكاب سفرها إلى بلد الكفار أخف، ورأى أن المصلحة في انتقالها فارتكاب أخف الضررين مقرر شرعاً.
هذا حديث يسأل عنه كثيراً ولا أعرف حاله، يقول: روى ابن عساكر عن زيد بن أسلم عن أبيه قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((لا يزال الجهاد حلواً خضراً ما قطر القطر من السماء، وسيأتي على الناس زمان يقول القراء منهم: ليس هذا بزمان جهاد، فمن أدرك ذلك الزمان فنعم زمان الجهاد)) قالوا: يا رسول الله أو أحد يقول ذلك؟ قال: ((نعم، من لعنه الله والملائكة والناس أجمعون)) ما صحة هذا الحديث؟
أنا لا أعرف درجته، والغالب أنه ما يتفرد به ابن عساكر أنه ضعيف.
وما نمي لعق وعد وخط وكر ... . . . . . . . . .
هذا ابن عساكر.
. . . . . . . . . ... ومسند الفردوس ضعفه شهر
هذه مواطن الأحاديث الضعيفة.
يقول: نرجو كلمة توجيهية لبعض الشباب حتى يترك لعب كرة القدم؛ لأنه تسبب التشاحن بينهم ومقاطعة الواحد الآخر والسب أثناء اللعب والله المستعان، وإلى الله المشتكى، السائل من فرنسا؟
هذه العلة التي من أجلها حرم الخمر {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ} [(91) سورة المائدة] إذا توافرت هذه العلل فهي محرمة.
يقول: إني -والحمد لله- متدين جداً لكن أحب فتاة قد تعرفت عليها على النت فهل هذا حرام مع أني والله العظيم لم أرها قط وحتى أني لم أتحدث معها محادثة صوتية؟(48/3)
على كل حال مثل هذه العلاقات المشبوهة وسائل لما وراءها من محرمات، فعلى الإنسان أن يقطع هذا الباب ويوصده بالكلية.
أخ ازداد عنده مولود ويسأل على الختان هل يلزم في اليوم السابع أما أنه متى فعله أجزاءه خاصة أنه يخشى عليه الضرر؟
لو تأخر الختان إلى قبيل البلوغ كفى -إن شاء الله تعالى-؛ لأنه لا يطالب به قبل وجوب الصلاة عليه، لكن كلما بادر به ليكون أسرع في البرء أولى.
أخت تقول: إن زوجها من أصحاب تلك الأفكار الضالة الذين يعيثون فساداً في المملكة، وهم الذين يكفرون الناس والعلماء الذين لا يوافقونهم على هواهم، وأنه أحياناً يتكلم معها على أمور الدين، فكيف أتصرف وهي في بلاد الكفر، الآن هذه وين؟ السائل من فرنسا، وهو من الذين يكفرون الناس والعلماء الذين لا يوافقونهم على هواه؟
تكفير الناس بغير برهان من الله -جل وعلا- ما لم يرتكب أمر محرم معلوماً تحريمه من الدين بالضرورة أمر خطير جداً، نسأل الله السلامة والعافية، فمن قال لأخيه: يا كافر إن كان ليس أهلاً لها صار على خطر عظيم منها، وهذه سيما الخوارج نسأل الله السلامة والعافية الذين يكفرون الناس بالذنوب، فعلى الإنسان أن يتقي الله -جل وعلا-، نعم.
باب: جامع الجنائز:
حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن عباد بن عبد الله بن الزبير أن عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرته أنها سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يموت وهو مستند إلى صدرها وأصغت إليه يقول: ((اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى)). وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما من نبي يموت حتى يخير)) قالت: فسمعته يقول: ((اللهم الرفيق الأعلى)) فعرفت أنه ذاهب.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، يقال له: هذا مقعدك حتى يبعثك الله إلى يوم القيامة)).(48/4)
وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((كل ابن آدم تأكله الأرض إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب)).
يقول -رحمه الله تعالى-:
"باب: جامع الجنائز"
الأحاديث التي لا تدخل في الأبواب السابقة.(48/5)
"حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن عباد بن عبد الله بن الزبير -بن العوام- أن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرته أنها سمعت -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يموت وهو مستند إلى صدرها" لأنه -عليه الصلاة والسلام- استأذن نساءه أن يمرض في بيت عائشة "وأصغت إليه" أمالت سمعها، فإذا به يقول -عليه الصلاة والسلام- في آخر ما نطق به: ((اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى)) مشروعية الدعاء حتى في آخر لحظة، فإذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- أفضل الخلق وأشرف الخلق وأكمل الخلق غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يقول هذا عند موته ((اللهم اغفر لي وارحمني)) فكيف بالصحيح الشحيح المحمل من الذنوب والآثام والمعاصي والجرائم؟! لا شك أن هذا في حقه آكد، في البخاري: فجعل يقول: ((في الرفيق الأعلى)) حتى قبض ومالت يده -عليه الصلاة والسلام-، ولأحمد فقال: ((بالرفيق الأعلى مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين)) إلى قوله: {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [(69) سورة النساء] فعلى هذا يكون المراد بالرفيق من ذكر في الآية: {مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [(69) سورة النساء] هذا قول الأكثر، يقول الحافظ ابن حجر: وهذا المعتمد، قال بعض المغاربة: يحتمل أن يراد بالرفيق الأعلى الله –عز وجل-؛ لأن من أسمائه الرفيق، إذا كان المراد في قول الأكثر المراد بالرفيق هؤلاء كلهم {مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [(69) سورة النساء] وقال -عليه الصلاة والسلام-: ((بالرفيق الأعلى)) ما قال: رفقاء، الرفيق واحد، وهؤلاء أربعة، أجناسهم أربعة، فضلاً عن أعدادهم، أولاً: رفيق صيغة إيش؟ فعال ومفعال وفعيل صيغة مبالغة تلزم حالة واحدة في الإفراد والجمع والتذكير والتأنيث {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ} [(56) سورة الأعراف] فالرفيق يشمل الواحد والاثنين والذكر والأنثى كله رفيق هذا من جهة كما في قوله -جل وعلا-: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} [(56) سورة الأعراف] ومنهم من قال في نكتة(48/6)
الإفراد: الإشارة إلى أن أهل الجنة يدخلونها على قلب رجل واحد، وهذا نبه عليه السهيلي، في الجنة يدخلون على قلب رجل واحد، فكأنهم واحد.
"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عائشة قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما من نبي يموت)) "، ما من نبي: يخرج الرسول أو النبي والرسول يشتركان في مثل هذا؟ نعم ((ما من نبي يموت حتى يخير)) يعني بين البقاء والموت بين الدنيا والآخرة "فسمعته يقول" يعني في مرضه الذي مات فيه: ((اللهم الرفيق الأعلى)) فعرفت أنه ذاهب" ذاهب يعني وتاركنا، يعني مختار الرفيق الأعلى، خير فاختار الرفيق الأعلى، وهذا الحديث كما ترون بلاغ عند الإمام مالك، وهو موصول في الصحيح في البخاري ومسلم.(48/7)
"وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي)) " "بالغداة والعشي" يقول ابن التين: يحتمل أن يراد بالغداة والعشي غداة واحدة وعشية واحدة، يعرض عليه مرة واحدة، مرة واحدة بالغداة ومرة واحدة بالغشي، ولا يكرر ذلك كل غداة وكل عشي، ويحتمل أن يريد كل غداة وكل عشي، وهو محمول على أنه يحيا في هذا الوقت ليدرك، يعني الاحتمال الأول أو الثاني؟ غداة واحدة وعشية واحدة، وهذا .. ، أو الثاني كل غداة وكل عشية؟ كما قال الله –جل وعلا- في حق فرعون وقومه: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} [(46) سورة غافر] يعني كل يوم نسأل الله العافية {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [(28) سورة الكهف] يعني مرة واحدة؟ في أعمارهم مرة واحدة وإلا كل غداة وكل عشي؟ هذا الذي يظهر، وهو المتبادر، ومحمول على أنه يحيا ليدرك ذلك، وهذا غير ممتنع بالنسبة للقدرة الإلهية، يقول القرطبي: يجوز أن يكون العرض على الروح فقط، والمراد بالغداة والعشي وقت الغداة ووقت العشي، وإلا فالموتى لا صباح عندهم ولا مساء، ظلام في ظلام ((إن كانوا من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كانوا من أهل النار فمن أهل النار)) يعرض على هذا ويعرض على هذا، هذا مقعده من الجنة وهذا مقعده من النار، نسأل الله السلامة والعافية، وهذا في حق النوعين المؤمن والكافر واضح، لكن في حق المخلط يعرض عليه مقعده من الجنة لأن مآله إلى الجنة أو يعرض عليه مقعده من النار لا سيما إن كان ممن كتب الله له أن يدخل النار؟ المخلط تحت المشيئة إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه، فهل يقال لمن كتب الله له أن يعذب يعرض عليه مقعده من النار الذي يعذب فيه أو تعرض عليه الجنة أو يتوقف في أمره؟ والتوقف هو الأحوط؛ لأن الحديث في حق من كان من أهل الجنة ومن كان من أهل النار وهذا متوقف فيه تحت المشيئة، فيتوقف في حكمه، ثم الحديث مخصوص بغير الشهداء؛ لأنهم أحياء وأرواحهم تسرح في أجواف طير خضر، تسرح في الجنة، وفي الحديث إثبات عذاب القبر، وأن الروح لا تفنى بفناء(48/8)
الجسد؛ لأن العرض -كما يقول أهل العلم- إنما هو على الروح ولا يعرض إلا على حي، وهذا يرجح قول القرطبي، والقول الأخر أنه يحيا بدنه في هذا الوقت، لكن كأن الثاني كلام القرطبي أظهر.
"وحدثني عن مالك عن أبي الزناد -عبد الله بن ذكون- عن الأعرج -عبد الرحمن بن هرمز- عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((كل ابن آدم)) " يعني ما عدا الأنبياء والشهداء، وزاد بعضهم: الصديقين والعلماء العاملين، والمؤذن المحتسب، وحامل القرآن العامل به، والمرابط، والميت بالطاعون صابراً محتسباً، والمكثر من ذكر الله –عز وجل-، والمحبين لله، نقول: فتلك عشرة كاملة، لكن هذه تحتاج إلى أدلة، كل واحد منها يتحاج إلى دليل، المسألة مسألة غيب يقتصر فيها على ما ورد ((كل ابن آدم تأكله الأرض)) وهذا أيضاً معارض لعموم هذا الحديث، فإخراج أمثال هؤلاء من هذا العموم يحتاج إلى دليل ((تأكله الأرض)) أي تأكل جميع جسده وينعدم بالكلية ((إلا عجْب الذنب)) بفتح العين وسكون الجيم الموحدة، ويقال بالميم، سكون الجيم وبالموحدة، يعني بالباء، ويقال بالميم: عجم الذنب وهو العصص، معروف هذا أسفل العظم الهابط من الصلب فإنه قاعدة البدن هذا لا تأكله الأرض ((إلا عجب الذنب منه خلق)) أي ابتدأ خلقه ((وفيه يركب)) يركب خلقه عند قيام الساعة، وهذا أظهر من القول أنه ركب منه في بدء خلقه، ابتداء تركيبه منه، هل يعارض مثل هذا الحديث ما جاء في قول الله -جل وعلا-: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [(26 - 27) سورة الرحمن]؟ نعم؟ هو يقول: يبقى، يعني فاني يموت، وبقاء هذا الجزء اليسير من البدن ليس بأشد من بقاء البدن كاملاً للأنبياء والشهداء يعني مسألة المعارضة يقول:
ثمانية حكم البقاء يعمها ... من الخلق والباقون في حيز العدم
هي العرش والكرسي نار وجنة ... وعجب وأرواح كذا اللوح والقلم(48/9)
يقول: وقت صلاة الظهر في المدينة الموجود فيها الإخوة في فرنسا الثلاثة عشرة وخمسون دقيقة يعني ثنتين إلا عشر، بينما تبدأ الدروس في الجامعة بعد استراحة الظهيرة عند الساعة الثالثة عشر والثلاثون دقيقة يعني يصلون قبل الوقت بثلث ساعة؟
الصلاة قبل وقتها لا تصح، الصلاة قبل وقتها باطلة لا تصح بحال، المقصود أنه يقول: عندهم يدخل الوقت ثلاثة عشر وخمسون دقيقة، وتبدأ الدروس قبلهم بثلث ساعة ويريد أن يصلي قبل بدء الدرس؛ لأنه إن أخرها بعد الانتهاء من الدراسة يمكن ما ينتهون إلا المغرب بعد، والله المستعان.
يقول: يبدأ الإخوة في صلاة الجمعة عند الساعة الثانية عشر وثلاثين دقيقة وينتهون منها عند الثالثة عشر وخمس دقائق فبين مكان الصلاة والجامع حوالي عشرين دقيقة فهل صلاة الإخوة .... ؟
أمر الجمعة أخف، أمر الجمعة أسهل إن صليت قبل الوقت صحت عند جمع من أهل العلم، وإن كان الجمهور على أن وقتها وقت صلاة الظهر، لكن من أهل العلم من يرى أن وقتها يبدأ بارتفاع الشمس مثل صلاة العيد، يعني تصح قبل الزوال، قبل وقت صلاة الظهر، فالجمعة أمرها أسهل لا سيما وقد قال به جمع من أهل العلم، أما بالنسبة للظهر فلا يجوز تقديمها عن وقتها بحال، لا يجوز تقديمها عن وقتها، ولا تضيع الصلاة من أجل دراسة أو لأي عذر من الأعذار لا يمكن تضيعها إلا عذر قاهر من نوم طارئ النائم مرفوع عنه القلم إذا بذل الأسباب واستبعد الموانع يعذر، مرض نعم يعذر، والمريض يصلي على حسب حاله، لكن الدراسة ليست بعذر في تقديم الصلاة ولا تأخيرها، هذا إذا تجاوزنا مسألة الإقامة في بلاد الكفر، بين ظهراني الكفار، أمور يعني ظلمات بعضها فوق بعض.
يقول: شخص مبتلى بوسواس شديد خصوصاً في الطهارة والصلاة، ومن نتائج هذا الوسواس أنه يرتج عليه في الصلاة أحياناً ويرتفع صوته ولا يستطيع الإتيان ببعض الأركان كالتشهد الأخير إلا بمشقة عظيمة حتى أنه أحياناً يسلم الإمام ويلتفت للمأمومين وهو لا يزال في التشهد، فهل له في هذه الحالة أن يسلم ولو لم يقرأ التشهد علماً أنه يغلب على ظنه أنه إذا فعل هذا فإن هذا الوسواس سينقطع ويخف عنه؟
ويطلب الدعاء من الجميع.(48/10)
الله يصرف عنا وعنكم كل سوء، التشهد الأخير ركن عند أهل العلم، الصلاة على النبي ركن عند الحنابلة، التعوذ بالله من أربع سنة عند جماهير أهل العلم أوجبها بعضهم، لكن يبقى أنه التشهد الذي هو الركن والصلاة على النبي لا من الإتيان به قبل أن يسلم ولو تأخر بعد تسليم الإمام، إذا سلم الإمام صار في حكم المنفرد وأكمل التشهد وصلى على النبي –عليه الصلاة والسلام-، وتعوذ بالله من أربع وسلم؛ لأنه بهذا ينوى الإنفراد عن الإمام ويكمل تشهده؛ لأن هذه أركان.
أما إذا عجز لأن بعض الناس يستطيع أن يصلي مأموم ولا يستطيع أن يصلي منفرد، بحيث إذا نوى الإنفراد وفصل عن الإمام لم يستطع أن يفعل شيئاً بالكلية، وهذا شيء مشاهد ممن أبتلي بهذا الداء، يطلب أحد أن يصلي به؛ لأنه لا يستطيع أن يصلي وحده، فمثل هذه الحالة إذا كان لا يستطيع يسقط عنه، لا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
إذا اختلف الإقناع والمنتهى فهل ما في الإقناع هو المذهب؟
معروف أن المذهب عند متأخري الحنابلة ما يتفق عليه الإقناع والمنتهى، فإذا اختلفا فالمنتهى أقعد بالمذهب.
يقول: أم يرجع للغاية؟ غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى؟
صاحب الغاية له اختيارات وله توجيهات يتفرد بها، لكن لا شك أن المنتهى هو الأمتن في الباب، والأقعد في المذهب، فا الذي تميل إليه النفس عندهم تقديم المنتهى عند الاختلاف.
يقول: خروج عمر -رضي الله عنه- على الناس وهم يصلون يدل على أنه يؤخرها ليصلي أخر الليل ويدل على ذلك قوله -رضي الله عنه-: "والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون؟
هذا كلام صحيح.
ماذا لو قام إلى خامسة وهناك مأموم قد فاتته ركعة فهل نتابعه أو لا؟
إذا علم بأنها زائدة لا يجوز له أن يتابعه، ولو تابعه لبطلت صلاته، فعليه أن يجلس ثم يأتي بالركعة التي فاتته؛ لأن الركعة الزائدة لا يدرك بها شيء؛ لأنها ركعة باطلة.
طالب:. . . . . . . . .(48/11)
إذا لم يعلم لا بأس -إن شاء الله-، إذا نوى الإنفراد عن الإمام يقوم يأتي بما فاته، لكن الأصل أنه في الصلاة الصحيحة أنه يجلس للتشهد مع الإمام، فهل ينتظر الإمام حتى يجلس لتشهده فإذا سلم جاء ليكمل صلاته؟ أو نقول له: انو الإنفراد من الآن ما دام الإمام قام إلى ركعة زائدة باطلة؟ انو الإنفراد من الآن وبعدين كمل، لكن الأصل أنه ينتظر سلام الإمام ثم يأتي بما فاته.
طالب:. . . . . . . . .
لو انفرد لا بأس، يعني قيام الإمام إلى ركعة باطلة يبرر له القيام، لكن لو شخص ما قام الإمام جلس للتشهد قال: أبي الإنفراد وأتي بالركعة الفائتة نقول له: لا، لا بد أن تجلس حتى يسلم الإمام.
يقول: صليت بجماعة ولم نقم للصلاة ثم ذكرت ذلك بعد تكبيرة الإحرام فقلت بصوت منخفض: لم نقم، ثم تذكرت أني قد كبرت فأكملت صلاتي فهل صلاتي صحيحة؟ وإذا كانت غير ذلك فماذا أفعل؟
هذا كبر للإحرام بدون إقامة ثم تذكر فقال بصوت منخفض: لم نقم، من يخاطب؟ من حوله، ثم تذكرت أني قد كبرت فأكملت صلاتي، هذا تكلم في الصلاة إن كان ساهياً أو غافلاً لا بأس -إن شاء الله تعالى-، وإن كان قاصداً عامداً فقد بطلت صلاته، عليه الإعادة.
ما حكم من يطيل التكبير عند الانتقال من القيام إلى السجود أو عند السلام بعد الانتهاء من الصلاة؟
لا شيء في ذلك -إن شاء الله تعالى- ما لم يمد مد يزيد فيه حروف زائدة؛ لأن هذه الألفاظ كيفيتها متروكة فكيف أديت صحت.
هل يشترط معرفة الوقت لعقد النية مثلاً رجل يريد أن يصلي الظهر هل يشترط لصحة نيته معرفة الوقت أن هذه النية لهذا الوقت، أما أن النية مطلقة، وإنما دخول الوقت لمعرفة أنه قد حان وقت الصلاة؟
على كل حال من جاء إلى الصلاة قاصداً إليها وكبر تكبيرة الإحرام هذه النية، قاصداً الصلاة، ما يحتاج يقول: نويت صلاة الظهر نويت كذا أبداً.
طالب:. . . . . . . . .(48/12)
هو مميز لها نعم إذا خطر بباله خلاف الفرض القائم لا بد من الإعادة؛ لأنه ليس له إلا ما نوى، الكلام إذا نوى خلاف الفرض الذي هو بصدده، جاء مثلاً لصلاة المغرب وفي ذهنه أنه قد صلى المغرب، نعم واهماً ثم دخل مع الإمام على أساس أنه يصلي العشاء وقد صلى المغرب على وهمه وهو ما صلى المغرب، أو العكس هو ما صلى المغرب وجاء والإمام في صلاة العشاء وهذه واقعة هو صلى المغرب ونسي أنه صلى المغرب فجاء والإمام يصلي العشاء فظنه يصلي المغرب فلما قام إلى الرابعة جلس، هذه نيته خلاف الفرض المطلوب فعلى هذا لا بد أن يعيد الصلاة، ما نقول: إذا سلم الإمام ثم إذا تذكرت تأتي بركعة، المسألة متصورة؟ هذا صلى المغرب ونسي أنه صلى المغرب، وهذا يحصل أحياناً، ثم جاء والإمام يصلي العشاء فظنه يصلي المغرب فدخل معه، لما قام إلى الرابعة الإمام جلس مصر إلا أنها المغرب، وهذه واقعة، فجلس مع سلام الإمام تذكر أنها العشاء هل يأتي بركعة أو يأتي بالصلاة كاملة؟ يأتي بالصلاة كاملة.
ما حكم قول بعض الناس: تحياتي؟ وهل هذا مخالف لما جاء في التشهد أن التحيات كلها لله؟
القصد من التحية السلام، فكأنه قال: سلامي.
ما حكم الاكتحال للرجال؟
نعم؟
سنة نعم.
من المعلوم أنه هبوط آدم من الجنة وموته ليس فيها خير في الظاهر فكيف تكون هذه الحوادث مزية لهذه الجمعة؟
السائل عليه أن يراجع ما كتبه ابن القيم -رحمه الله تعالى- في مفتاح دار السعادة عن الحكم والفوائد والمصالح العظيمة التي ترتبت على إهباط آدم من الجنة.
هل يجوز أن يجمع بين السنة الراتبة وصلاة الاستخارة في صلاة واحدة؟
الاستخارة صلاتها مقصودة لذاتها فلا تدخل في الراتبة، وإن كان مقتضى قوله: من غير الفريضة مقتضى ذلك أنها تدخل، لكن هي مقصودة لذاتها.
يقول: هل صحيح أن الكلام في الخلاء مكروه؛ لأنه يضطر لدخول الملائكة لذلك هل لهذا أصلاً؟(48/13)
لا ليس لهذا، الملائكة لا تدخل هذه الأماكن، الكلام العادي يعني أما الذكر معروف أنه لا يجوز في هذه الأماكن تنزيهاً لله ولأسمائه، لا يجوز الذكر في هذه الأماكن، أما مجرد الكلام العادي فإن احتاج إليه فلا بأس، وإن لم يحتاج إليه فأهل العلم صرحوا أنه يكره أن يتكلم وهو يقضي حاجته.
يقول: أعرف شخص مسحور وأريد أن أعرف كيف أخرج السحر منه، وهو أخي في سوريا ذهب إلى شيخ وأعطاه سور من القران، وقال له: بعد قراءتها ثلاث أيام يجب أن تستفرغ لكنه لم يفعل، وأشك في الساحر لكن لا أقدر على مواجهته لكي لا يصبح خلافاً، فماذا أفعل؟
على كل حال المسحور مصاب وهذه مصيبة له أجرها إن صبر واحتسب، وعليه بحلها بالطرق المشروعة بالأدعية والرقى المعروفة الجائزة، وأما حلها من قبل السحرة فلا يجوز؛ لأنه تعاون على الشرك، الساحر لن يحل هذا السحر إلا بشرك، لن يصل إلى ما يريد إلا بشرك، ولن يخدم أحداً إلا بتقديم الشرك له، وعلى هذا لا يجوز التعاون معه على شركه؛ لأنه تعاون على الإثم والعدوان، فإذا كان مجرد تصديقه كفر، فكيف بالتعاون معه على هذا العمل الذي هو الشرك؟! بل عليه أن يصبر ويحتسب ويسلك الأسباب المشروعة.
في رسائل كثيرة عن الشيخ أحمد ياسين -رحمه الله-، ويخلف على الأمة خيراً ورفع درجته إن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، وليس الأسف عليه -رحمة الله عليه- بقدر، هو الأسف على أنفسنا، ويرجى له خير -إن شاء الله-.
يقول: ما رأيكم في تفسير العشر الأخير لعمر بن سليمان الأشقر؟
هو موجود يتداوله الإخوة في مكاتب الدعوة يوزعونه، وطبع معه بعض الفوائد من المسائل العقدية والأحكام الفقيه باختصار ما ينفع عامة الناس، وعلى كل حال هو كتاب طيب.
هذا يقول: سؤال الله -جل وعلا- الدنيا في الصلاة ما حكمه؟
الإطلاق ((ثم يدعو بما أحب وبما يشاء)) ((أكثروا فيه من الدعاء)) ما فيه تقيد بأمور الدين، فيشمل خير الدنيا والآخرة.
أحسن الله إليك.(48/14)
"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك الأنصاري أنه أخبره أن أباه كعب بن مالك -رضي الله عنه- كان يحدث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنما نسمة المؤمن طير يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه)).
وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((قال الله -تبارك وتعالى-: إذا أحب عبدي لقائي أحببت لقائه، وإذا كره لقائي كرهت لقائه)).
وحدثني عن ملك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((قال رجل لم يعمل حسنة قط لأهله: إذا مات فحرقوه ثم ذروا نصفه في البر ونصفه في البحر فو الله لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذاباً لا يعذبه أحداً من العالمين، فلما مات الرجل فعلوا ما أمرهم به فأمر الله البر فجمع ما فيه، وأمر البحر فجمع ما فيه، ثم قال: لما فعلت هذا؟ قال: من خشيتك يا رب وأنت أعلم، قال: فغفر له)).
وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه كما تناتج الإبل من بهيمة جمعاء هل تحس فيها من جدعاء)) قالوا: يا رسول الله أريت الذي يموت وهو صغير؟ قال: ((الله أعلم بما كانوا عاملين)).
وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليني مكانه)).
وحدثني عن مالك عن محمد بن عمرو بن حلحلة الديلي عن معبد بن كعب بن مالك عن أبي قتادة بن ربعي أنه كان يحدث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مُر عليه بجنازة فقال: ((مستريح ومستراح منه)) قالوا: يا رسول الله ما المستريح والمستراح منه؟ قال: ((العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب)).(48/15)
وحدثني عن ملك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما مات عثمان بن مضعون -رضي الله عنه- ومُر بجنازته: ((ذهبت ولم تلبس منها بشيء)).
وحدثني مالك عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه أنها قالت: سمعت عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- تقول: قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة فلبس ثيابه ثم خرج، قالت: فأمرت جاريتي بريرة تتبعه فتبعته حتى جاء البقيع فوقف في أدناه ما شاء الله أن يقف ثم أنصرف فسبقته بريرة فأخبرتني فلم أذكر له شيء حتى أصبح ثم ذكرت ذلك له فقال: ((إني بعثت إلى أهل البقيع لأصلي عليهم)).
وحدثني عن مالك عن نافع أن أبا هريرة -رضي الله عنه- قال: "أسرعوا بجنائزكم، فإنما هو خير تقدمونه إليه، أو شر تضعونه عن رقابكم".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك الأنصاري أنه أخبره أن أباه كعب بن مالك -السلمي- الأنصاري" وهو أحد الثلاثة الذين خلفوا ثم تاب الله عليهم -رضي الله عنه وأرضاه- "كان يحدث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنما نسمة المؤمن)) " روحه، النسمة الروح، وقيل: النسمة عبارة عن الروح والبدن جميعاً، إذا قيل: البلد الفلاني يقطنه ألف نسمة هل المقصود الأرواح فقط؟ لا المقصود البدن والروح الكل ((إنما نسمة المؤمن طير يعلق في شجر الجنة)) لكن المراد بالنسمة في الحديث لا شك أنه الروح، طير يعلق ....
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا قول معروف عندهم، قول في المسألة.(48/16)
((يعلق في شجر الجنة)) ((طير يعلق)) هذه صفة، صفة لإيش؟ لطير؛ لأنه نكرة بحاجة إلى صفة، ولو كان معرفة لكان الفعل بجملته حال، في شجر الجنة لتأكل من ثمارها، وقيل: تأوي إليها، إن كان أخذ العلقة منها فهي تأكل، وإن كان من التعلق بها فهي تأوي إليها، ((حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه)) هذا يدل على أن المراد بالنسمة الروح، هي التي ترجع إلى الجسد ((إلى جسده يوم يبعثه)) يعني يوم القيامة، يقول ابن عبد البر في الاستذكار: قد ظن قوم أن هذا الحديث يعارضه حديث ابن عمر المتقدم، الذي تقدم قريباً؛ لأنهم قالوا: إذا كان الروح تسرح في الجنة ويأكل منها فهو في الجنة بجميع أحيانه فكيف يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي وروحه في الجنة؟ يقول ابن عبد البر -رحمه الله-: وهذا عندي ليس كما ظنوا؛ لأن حديث كعب -حديث الباب- في الشهداء خاصة، وحديث ابن عمر في سائر الناس، والدليل على ذلك أن سفيان رواه: ((أرواح الشهداء طير يعلق في شجر الجنة)) فهذه الرواية مفسرة تدل على أن المراد الشهداء فقط، وعلى كل حال الحديث صحيح.(48/17)
"وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((قال الله -تبارك وتعالى-)) " هذا يسمى عند أهل العلم كيف؟ حديث قدسي، والحديث القدسي: ما يضيفه النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى الله -جل وعلا-، حديث قدسي أو حديث إلهي، أو حديث رباني، المقصود أن هذا الحديث منها، وقد ألف في الأحاديث القدسية مصنفات، ((قال الله -تبارك وتعالى-: إذا أحب عبدي لقائي أحببت لقائه، وإذا كره لقائي كرهت لقائه)) يقول أبو عبيد في معنى هذا الحديث: هذا الحديث مخرج في البخاري، يقول أبو عبيد: معنى هذا الحديث عندي ليس وجهه عندي أن يكون الإنسان يكره الموت وشدته؛ لأن كراهية الموت شيء جبل عليه الإنسان كذلك كراهية الشدائد يتعرض عليها الإنسان جبل عليها الإنسان وإن كان مما ترفع بها الدرجات، يقول: ليس وجهه عندي أن يكون الإنسان يكره الموت وشدته؛ لأن هذا لا يكاد يخلو منه أحد، لا نبي ولا غيره، كل إنسان يكره الموت إما طلباً للزيادة من الأعمال الصالحة، أو طلباً لتلافي ما فرط من أمره، فكل إنسان يكره، يقول: لكن المكروه من ذلك إثار الدنيا والركون إليها، وكراهية أن يصير إلى الله تعالى والدار الآخرة، ويريد المقام في الدنيا، كما قال عمر بن عبد العزيز لأبي حازم: ما بالنا نحب الحياة ونكره الموت؟ فأجابه أبو حازم وهو يجيب عمر بن عبد العزيز في خلافته حاله معروف قال: لأنا عمرنا الدنيا ولم نعمر الآخرة، فنكره أن نتقل من الأعمار إلى الخراب، تصور شعور الإنسان ومن تحت كفالته من نساء وأطفال وبنين وبنات إذا أراد النقلة من بيت قديم إلى بيت جديد، تصور شعورهم يكادون أن يطيرون فرحاً، والعكس لو قدر عليه أنه سكن قصير منيف كبير ثم أضطر لنقص في دنياه أن يرجع إلى دونه لا شك أنه يعلوهم الهم والغم والكآبة، والله المستعان، فكيف بالحياة الأبدية السرمدية التي يعرف الإنسان من نفسه أنه ما قدم شيء يستحق أن يذكر مقابل ما أعد الله من خير لأوليائه، والله المستعان.(48/18)
قال ابن عبد البر: الذي أقول في معنى هذا الحديث ما شهدت به الآثار المرفوعة وذلك -والله أعلم- عند معانية الإنسان ما يعاينه عند حضور أجله فإذا رأى ما يكره عند قبض الروح لم يحب الخروج من الدنيا ولا لقاء ما عاين مما يصير إليه، وإن رأى ما يحب أحب لقاء الله والإسراع إليه لحسن ما يعاين من ذلك، هذا مشاهد في حياة الناس، الرجل المخلص في عمله، المتقن له، الذي يحبه المسئول ويقدره قدره ويحترمه ويجله هذا دافع له على أن يقول: متى يأتي بس وقت الدوام ليلتقي بهؤلاء الذين يقدرونه قدره ويحترمونه، والرجل المسيء في دوامه الذي يكرهه المسئول ويذمه ويسبه مثل هذا يتمنى بس الإجازات ومتى ينتهي الدوام؟ لا شك أن المحسن يترقب الجزاء والمسيء يترقب الجزاء، وكل على حسب جزاءه، المحسن يرجو ثواب عمله ويتمنى الوصول إلى هذا الثواب، والمسيء لا شك أنه لا يتمنى أن يصل إلى هذا الثواب، تصور عبد آبق من سيده جيء به إلى سيده قهراً منه، هل يرغب في مقابلة هذا السيد؟ لا يرغب أبداً، لو بشر بموته وهو في الطريق من أعظم الأمور عنده، ومن أعظم البشارات، فعلى الإنسان أن يعمل في وقت السعة، أن يعمل من يسره أن يلقاه من عمل، سواء كان عمل بدني أو لسان أو كتابة أو تأليف.
فلا تكتب بكفك غير شيء ... يسرك في القيامة أن تراه
فعلى الإنسان إن يعنى بذلك، إذا كان الناس يحرصون على أن تزيد أرصدتهم من حطام الدنيا فكيف بالرصيد الذي ينفعه فيه دار الإقامة؟!
"وحدثني عن مالك عن أبي الزناد ... نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
يرغب إياه ومع ذلك إذا عان هو يرغب في الازدياد لكن مع إذا عاين إيش شايف ورآه؟ نعم؟ إذا عاين ما أعد له يوم القيامة، ما هو متصور اللي عاين، وليس بمطمئن إلى لما قدمه؛ لأنه خائف وجل إلى وقت المعاينة فإذا عاين طار شوقاً إلى ما عاين، والله المستعان، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .(48/19)
إيه بلا شك، {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا} [(30) سورة فصلت] أما كراهية الموت فهو أمر جبلي معروف لا يريد الموت لا نبي ولا غيره، موسى -عليه السلام- لما جاءه ملك الموت صكه، فقأ عينه في الحديث الصحيح.
"وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((قال رجل لم يعمل حسنة قط)) هذا الرجل كما قيل اسمه: جهينة، قاله الحافظ وغيره ((لم يعمل حسنة قط إلا التوحيد)) كما في بعض الروايات، يقول: إن هذا الرجل هو أخر من يخرج من الجنة من النار، جاء في بعض الأخبار، حتى يقول أهل الجنة: عند جهينة الخبر اليقين، أخر واحد يعطيكم جميع الأخبار.
طالب:. . . . . . . . .
أسمه، ليس من القبيلة، هو من بني إسرائيل، ليس من هذه الأمة، لكن هذا الرجل من الأمم السابقة، ليس من هذه الأمة ((لم يعمل حسنة قط إلا التوحيد)) لأنه لو لم يكن عنده توحيد يحصل له ما حصل؟ فغفر له {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} [(48) سورة النساء] وصرح بذلك في بعض الروايات: أنه لم يعمل إلا التوحيد.(48/20)
((قال رجل قط لم يعمل حسنة واحدة لأهله: إذا مت فحرقوه)) الأصل أن يقال هو المتحدث الآن، لكن الراوي والناقل يكره أن ينسب هذا الكلام له، وهذا من باب الأدب في الحديث، إذا كان الكلام مما لا ينبغي ذكره لا ينسبه الإنسان لنفسه، كما في حديث وفاة أبي طالب "فكان أخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب" الأصل أن ينسب ذلك إلى نفسه، ومثل هذا لا يترتب على التصريح به فائدة، وإلا لو توقفت الفائدة عليه لا بد من التصريح، يعني في قصة ماعز الرواة كلهم يقولون: قال ماعز: يا رسول الله إني زنيت، ما قالوا: إنه زنا؛ لأنه لا بد من الإقرار الصريح ونسبت الأمر لنفسه؛ ليثبت عليه الحد، هذا من أدب الخطاب ((إذا مات فحرقوه، ثم أذروا نصفه في البر ونصفه في البحر)) يعني يحرق ويسحق ويذر نصفه في البر ونصفه في البحر؛ ليكون حسب تصوره أبعد في أمكان جمعه، يعني لو جمع جميع حرق وذر في مكان واحد يعني أقرب إلى أن يقال له: يجمع فيجتمع، لكن إذا كان نصفه في البحر ونصفه في البر على حسب تصور هذا الرجل ((فو الله لئن قدر الله عليه)) المتبادر من اللفظ أنه من القدرة، وفي هذا شك من هذا بالقدر الإلهية، كأنه شك في قدرة الله على جمعه، وقد أختلف العلماء في معنى قوله: ((لئن قدر الله عليه)) فقال بعضهم: هذا رجل جهل بقدرة الله تعالى وعذر بجهله، والحديث في الصحيحين عذر بجهله، وقال بعضهم: قدر بمعنى قدّر من القدر، المراد فيه القضاء، لا من القدرة والاستطاعة، يعني لئن كان الله قدر علي أن يعذبني ليُعذبني عذاباً لا يعذب به أحد من العالمين من القدر، وقال بعضهم: لئن قدر الله علي من القَدْر وهو التضيق والتعسير، {وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [(7) سورة الطلاق] يعني ضيق عليه، إن ضيق الله علي ليعذبني، {فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} [(87) سورة الأنبياء] المقصود أن مثل هذه اللفظة اختلف فيها، على ما سمعنا قَدِر من القدرة، قدر مخفف من قدّر، وقَدَر أي ضيق، والسياق يدل على الأول ((فلما مات الرجل فعلوا من أمرهم به، فأمر الله البر فجمع ما فيه، وأمر البحر فجمع ما فيه، ثم قال: لما فعلت هذا)) وفي هذا دليل أنه ينبغي أن يُسأل الجاني لما فعلت، فقد يبدي عذراً(48/21)
يعذر به، وقد يبدي شيئاً خفي على من أعتبره جاهل ((لما فعلت هذا قال: من خشيتك)) نحن نقول: عذر بجهله جهل القدرة، ((فقال: من خشيتك)) أولاً في هذا ما يدل على أنه مؤمن بالله -جل وعلا-، نعم أنكر القدرة أو جهل القدرة مع أن بعض أهل العلم يقول: إنه عالم، هذا الرجل من العلماء، ويأخذ هذا من قوله: من خشيتك: و {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [(28) سورة فاطر] فيقولون: هو من العلماء، ((من خشيتك يا رب وأنت أعلم، قال: فغفر له)) لكن في الخبر ما يدل على جهله، يعني إنكار القدرة الإلهية دليل على جهلاً عظيماً، يعني كيف يتصور الرب -جل وعلا- بما يدل عليه من آيات وعبر، وكل ما يرى ويسمع يدل على قدرته -جل وعلا-، كيف يتصور منه أن يكون من العلماء ويجهل هذا القدرة؟ فإما أن يقال: هذا عذر بجهله واغتفر له وشفعت له الخشية العظيمة التي دعته إلى هذا، قد يقول قائل: إن هذا في شرع من قبلنا، وأما في شرعنا فلا يصوغ مثل هذا، يعني لو أن شخصاً من الجهال زاول معصية في غرفة مظلمة في جوف الليل ولا يراه أحد بعيداً عن الناس ولو في برية مثلاً وقال: من يطلع علي وأنا في هذا المكان؟ هذا جاهل، هل يعذر من هذا الكلام؟ طيب من الذي دعاك إلى أن تنفرد عن الناس بعيداً وتفعل هذا؟ قال: خشية الله -جل وعلا-، أنا أروح مكان بحيث لا يراني، هذا نظير ما في الباب، هذاك جهل العلم، وهذا جهل القدرة، أما من أنكر العلم فهذا لا شك في كفره عند أهل العلم، يبقى أنه هل يعذر في مثل هذه المسائل أو لا يعذر؟ الحديث دليل على العذر بالجهل في مثل هذه المسألة، وإن كانت المسائل عظام، فهل يعذر في مثل هذا؟ الحديث في أخره: ((فغفر له)) عذره، يعذر وإلا ما يعذر؟ الحديث دل على أنه غفر له، لكن الآن لو أنكر شخص أمر معلوم من الدين بالضرورة القدرة الإلهية أحد يستطيع أن ينكر القدرة؟ أحد يستطيع أن ينكر إحاطة الله تعالى بجميع ما يمكن دخوله في حيز العلم؟ يعني الفلاسفة الذين قالوا: إن الله يعلم الكليات ولا يعلم الجزئيات كفار باتفاق، كفروا بهذا، الشافعي يقول: ناظروهم بالعلم إن أنكروا كفروا، وإن أقروا به خصموا، إذا قلنا: إنه لا يعذر في مثل هذا مع غير(48/22)
الخشية، قلنا: إنه لا يعذر من الخشية؛ لأن وجود عمل صالح لا يشفع في عمل مكفر مهما كان، يعني لو كان شخص من أبذل الناس للمال في وجوه الخير، وعنده مكفر ما ينفعه {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [(65) سورة الزمر] المقصود أن الحديث دليل صريح على العذر بمثل هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه بلا شك، هنا شفعت له،
لو كان العمل مكفر مثلاً هل ينفعه برهنه بهذه الخشية، أقول: توجه بهذه الخشية.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
إيه لكن أقول: لو كان هذا العمل مكفر مثلاً هل ينفعه ولو معتبراً؟ دلنا هذا الحديث لنفع هذا القيد أن هذا العذر يعذر به، أن هذا الجهل يعذر به وإلا لو كان لا يعذر به والأمر مكفر ما نفعه شيء، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، هذا في حق من؟
طالب:. . . . . . . . .
نبي من الأنبياء، {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} [(87) سورة الأنبياء] أهل العلم حملوه على أنه من التضييق لا نفي القدرة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن القدرة وما في حكمها مما نفيه كفر.(48/23)