وَيعرف الْقلب بأَشْيَاء أَحدهَا الأَصْل بِأَن يكثر اسْتِعْمَال أحد النظمين فَيكون الْأَقَل هُوَ المقلوب كَمَا فِي لعمري ورعملي الثَّانِي الِاشْتِقَاق بِأَن يَجِيء التصريف على أحد النظمين دون الآخر كَمَا تقدم فِي الحوباء وكما فِي شوايع وشواعي فَإِنَّهُ يُقَال شاع يشيع فَهُوَ شَائِع وَلَا يُقَال شعى يشعى فَهُوَ شاع فَعلم أَن شوائع هُوَ الأَصْل وشواعي مقلوب مِنْهُ الثَّالِث الصِّحَّة وَعدم الإعلال كَمَا فِي أيس إِذْ لَو لم يكن مقلوبا من يئس لوَجَبَ إعلاله وَأَن يُقَال آس لتحرك الْيَاء وانفتاح مَا قبلهَا فتصحيحه دَلِيل على قلبه قَالَ أَبُو حَيَّان وَإِنَّمَا ادّعى فِيهِ الْقلب دون الشذوذ لِأَن بَاب الْقلب وَإِن كَانَ لَا يُقَاس أوسع وَأكْثر من بَاب الشذوذ الرَّابِع ... . فَإِن لم يثبت كَون أحد اللَّفْظَيْنِ أصلا وَالْآخر مقلوبا مِنْهُ بِدَلِيل فكلا التأليفين أصل نَحْو جبذ وجذب فَإِن جَمِيع تصاريفهما جَاءَ عَلَيْهِمَا قَالُوا جبذ يجبذ جبذا فَهُوَ جابذ ومجبوذ وَقَالُوا جذب يجذب جذبا فَهُوَ جاذب ومجذوب قَالَ أَبُو حَيَّان فَإِن قلت مَا فَائِدَة الْقلب وهلا جَاءَت التصاريف على نظر وَاحِد قلت الْفَائِدَة فِي ذَلِك الاتساع فِي الْكَلَام والاضطرار إِلَيْهِ فِي بعض الْمَوَاضِع(3/481)
الْإِدْغَام
(ص) الْإِدْغَام هُوَ قِسْمَانِ الأول فِي المثلين وَيجب إِن سكن الأول غير هَاء سكت وَلَا همزَة مُنْفَصِلَة عَن الْفَاء وَلَا مُدَّة فِي آخر أَو مبدلة دون لُزُوم أَو تحركا فِي كلمة إِن لم يصدر أَو لم يوصلا بمدغم أَو مُلْحق وَلَا زيد أَحدهمَا لَهُ وَلَا عرض تحريكهما وَلَا كَانَا واوين طرفين وَلَا فِي اسْم قيل أَو فعل موازن أَو صَدره فَعَلاً أَو فُعَلاً وفُعُلاً أَو فِعَلاً (ش) قَالَ أَبُو حَيَّان الْإِدْغَام هُوَ آخر مَا يتَكَلَّم فِيهِ من علم التصريف وَهُوَ فِي اللُّغَة الإدخال وَيُقَال الْإِدْغَام وَهُوَ افتعال وَهِي عبارَة سِيبَوَيْهٍ وَعبارَة الْكُوفِيّين الْإِدْغَام إفعال وَفِي الِاصْطِلَاح رفعك اللِّسَان بالحرفين دفْعَة وَاحِدَة ووضعك إِيَّاه بهما وضعا وَاحِدًا وَلَا يكون إِلَّا فِي المثلين والمتقاربين وَهَذَا التَّقْسِيم إِنَّمَا هُوَ بِالنّظرِ إِلَى الأَصْل وَإِلَّا فَلَا إدغام إِلَّا إدغام مثل فِي مثله أَلا ترى أَن المتقارب يقلب من جنس الْحَرْف الْأَخير فيؤول إِلَى أَنه إدغام مثلٍ فِي مِثْل والإدغام يكون فِي الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال أوجب لِكَثْرَة اعتلالها وَذَلِكَ لثقلها وَلذَلِك يدغم فِي الْأَفْعَال مَا لَا يدغم فِي الْأَسْمَاء أَلا ترى إدغامتهم رد وفكهم شرر وَبَدَأَ بإدغام المثلين كَمَا هُوَ عَادَة المصنفين فِي التَّعْرِيف وَهُوَ وَاجِب بِشُرُوط أَن يسكن الأول نَحْو (اضْرِب بكرا) وَلم يكن هَاء سَاكِت بِخِلَاف نَحْو {ماليه هلك} [الحاقة: 28 - 29] فَإِنَّهَا إِذا وصلت ينوى الْوَقْف عَلَيْهَا والابتداء بِمَا بعْدهَا فَيتَعَيَّن الفك قَالَ أَبُو حَيَّان وَلِهَذَا أظهرها الْقُرَّاء عِنْد الْوَصْل وَلم يدغموها إِلَّا رِوَايَة عَن ورش بِالْإِدْغَامِ وَهُوَ ضَعِيف من جِهَة الْقيَاس(3/482)
وَلَا همزَة مُنْفَصِلَة عَن الْفَاء بِخِلَاف نَحْو اكلأ أَحْمد أما الْهمزَة الْمُتَّصِلَة بِالْفَاءِ فَيجب إدغامها نَحْو سآل ولآل وَلَا مُدَّة فِي آخر بِخِلَاف نَحْو (يُعْطي يَاسر) و (يَغْزُو واق) فَلَا يدغم مثل هَذَا لِئَلَّا يذهب الْمَدّ بِالْإِدْغَامِ مَعَ ضعف الْإِدْغَام فَلَو كَانَ حرف لين فَقَط وَجب الْإِدْغَام نَحْو (اخشني) ياسرا و (اخشوا واقدا) و (كي يقوم) (وَاو وَاقد) وَلَو كَانَت الْمدَّة لَيست فِي آخر وَجب الْإِدْغَام نَحْو مغزو أَصله (مغزوو) على وزن مفعول فَالْأولى مُدَّة وَلَيْسَت فِي آخِره وَقد أدغمت وَاحْتمل فِيهِ ذهَاب الْمَدّ لقُوَّة الْإِدْغَام وَلَا مُدَّة مبدلة من غَيرهَا دون لُزُوم بِخِلَاف نَحْو قوول مَبْنِيا للْمَفْعُول من قاول فَلَا تُدْغَم لِأَنَّهُ حرف مد لَا يلْزم كَمَا أَن (يَغْزُو وَاقد) حرف مد لَا يلْزم أَلا ترى أَنَّك تَقول فِي بنائِهِ للْفَاعِل (قاول) فيزول حر الْمَدّ كَمَا يَزُول فِي (لم يغز وَاقد) فَإِن كَانَت مبدلة من غَيرهَا وَيلْزم فِيهَا الْبَدَل أدغم نَحْو أَوب مثل (أبلم) من الأوب وَالْأَصْل أأوب أبدلت الْهمزَة الثَّانِيَة الساكنة من جنس حَرَكَة مَا قبلهَا واوا وَهُوَ يدل على جِهَة اللُّزُوم فأدغمت فِي الْوَاو وَإِن تحرّك المثلان وَجب الْإِدْغَام بِشُرُوط أَن يَكُونَا فِي كلمة كرد وظل بِخِلَاف مَا إِذا كَانَا فِي كَلِمَتَيْنِ فالإدغام جَائِز أَو وَاجِب كَمَا سَيَأْتِي وَألا يصدرا بِخِلَاف نَحْو ددن وَألا يسبقهما مدغم فِي أَولهمَا بِخِلَاف نَحْو ردد يردد فَهُوَ مردد فَلَا يدغم لِأَن فِيهِ إبطالا للإدغام الَّذِي قبله وَألا يسبقهما مزِيد الْإِلْحَاق بِخِلَاف نَحْو (ألندد) و (ألنجج) فَإِن نونهما وجيم (ألنجج) زيدت لأجل الْإِلْحَاق فَلَا يجوز الْإِدْغَام لِأَنَّهُ إِذْ ذَاك يَزُول الْإِلْحَاق بسفرجل وَألا يكون أَحدهمَا ملقحا بِخِلَاف نَحْو قردد فَإِنَّهُ لَو أدغم بَطل الْإِلْحَاق بِجَعْفَر وَألا يكون تَحْرِيك ثَانِيهمَا عارضا بِخِلَاف نَحْو لن يحيى واردد الْقَوْم(3/483)
وَألا يَكُونَا واوين طرفين ... وَألا يَكُونَا فِي اسْم موازن بجملته أَو صَدره فَعَلاً بِفَتْح الْفَاء وَالْعين أَو فُعَلاً بِضَم الْفَاء وَفتح الْعين أَو فُعُلاً بضمهما أَو فِعَلاً بِكَسْر الْفَاء وَفتح الْعين مِثَال الْأَرْبَعَة فِي الموازن بجملته طلل وصفف وذلل وكلل وَفِي الموازن بصدره فَقَط شججى للعقعق وخششاء لعظم فِي أصل الْأذن وحممة لقطعة الفحم وقررة للازق بِأَسْفَل الْقدر (ص) وتنقل حركته لساكن قبلهَا فَإِن التقيا فِي كَلِمَتَيْنِ وَلَا مَانع أَو كَانَا ياءين لَازِما تَحْرِيك ثَانِيهمَا أَو تاءين كاستتر وتتجلى فَجَائِز فَإِن أدغم الْأَخير ألحق الْوَصْل وَيجوز فِيهِ حذف تَاء وَهِي الثَّانِيَة فِي الْأَصَح (ش) إِذا كَانَ المدغم متحركا فإمَّا أَن يكون مَا قبله متحركا أَو سَاكِنا إِن كَانَ متحركا بَقِي على حركته وَسكن ذَلِك الْحَرْف المدغم وأدغم فِيمَا بعده وَإِن كَانَ سَاكِنا نقل إِلَيْهِ حَرَكَة المدغم وأدغم نَحْو يرد ويفر ويمد ومقر الأَصْل يردد ويفرر ويمدد ومقرر نقلت الضمة والكسرة والفتحة إِلَى الْحَرْف السَّاكِن حذرا من اجْتِمَاع ساكنين ذَلِك الْحَرْف والحرف المدغم فَإِنَّهُ سكن لأجل الْإِدْغَام فَإِن كَانَ السَّاكِن الَّذِي قبله حرف مد ألفا أَو واوا أَو يَاء تَصْغِير لم ينْقل إِلَيْهِ نَحْو راد وحاد وعود ودويبة لِأَن أصل وضع حرف الْمَدّ عدم الْحَرَكَة خُصُوصا الْألف فَإِن تحريكها غير مُمكن فَإِن التقى المثلان المتحركان من كَلِمَتَيْنِ جَازَ الْإِدْغَام من غير وجوب نَحْو {إِن الله هُوَ الرَّزَّاق} [الذاريات: 58] مَا لم يكن مَانع فَإِنَّهُ يمْنَع الْإِدْغَام بِأَن كَانَا همزتين نَحْو قَرَأَ أَبوك فَإِن الْعَرَب تنكبت عَن إدغام الْهمزَة إِلَّا عينا(3/484)
أَو وليا سَاكِنا غير لين فِيمَا قَالَه البصريون وَجزم بِهِ ابْن مَالك فِي (التسهيل) وَتعقبه أَبُو حَيَّان بِأَن أَبَا عَمْرو قَرَأَ بِالْإِدْغَامِ فِي مثل ذَلِك نَحْو {الرعب بِمَا} [آل عمرَان: 151] {خُذ الْعَفو وَأمر} ) [الْأَعْرَاف: 199] {من اللَّهْو وَمن التِّجَارَة} [الْجُمُعَة: 11] {وَهُوَ وَاقع بهم} [الشورى: 22] {الشَّمْس سِرَاجًا} [نوح: 16] {شهر رَمَضَان} [الْبَقَرَة: 185] {عَن أَمر رَبهم} [الذاريات: 44] {ذِكرُ رَحمَتِ} [مَرْيَم: 2] {الْبَحْر رهوا} [الدُّخان: 24] {وَمن خزي يَوْمئِذٍ} [هود: 66] {فَهِيَ يَوْمئِذٍ} [الحاقة: 16] قَالَ رُوِيَ جَمِيع هَذَا عَن أبي عَمْرو بِالْإِدْغَامِ وَهُوَ لَا يجوز عِنْد الْبَصرِيين وَالَّذين رووا ذَلِك عَن أبي عَمْرو أَئِمَّة ثقاة وَمِنْهُم عُلَمَاء بالنحو كَأبي مُحَمَّد اليزيدي وَغَيره فَوَجَبَ قبُوله وَإِن لم يجزه البصريون غير أبي عَمْرو فَأَبُو عَمْرو رَأس فِي الْبَصرِيين وَلم يكن ليقْرَأ إِلَّا بِمَا قرئَ لِأَن الْقِرَاءَة سنة متبعة غَايَة مَا فِي ذَلِك أَن يكون قَلِيلا فِي كَلَام الْعَرَب إِذْ لَو كَانَ كثيرا لما غَابَ علمه عَن الْبَصرِيين غير أبي عَمْرو وَأما عدم الْجَوَاز فَلَا نقُول بِهِ أهـ وَيجوز الْإِدْغَام أَيْضا من غير وجوب فِيمَا إِذا كَانَ المثلان ياءين لَازِما تَحْرِيك الثَّانِي مِنْهُمَا نَحْو حييّ وعيي وَقد قرئَ بِهِ {وَيحيى من حَيّ عَن بَيِّنَة} [الْأَنْفَال: 42] و (من حييّ) بِالْإِدْغَامِ والإظهار وَفِي (الْإِيضَاح) أَن الْإِظْهَار أَكثر فِي كَلَامهم فَإِن كَانَ تَحْرِيك الْيَاء الثَّانِيَة عارضا نَحْو لن يحيى لم يجز إِلَّا الْإِظْهَار فَقَط وَيجوز الْإِدْغَام أَيْضا من غير وجوب فِيمَا إِذا كَانَ المثلان تاءين فِي بَاب افتعل نَحْو (استتر) و (افتتل) وَحِينَئِذٍ تنقل حَرَكَة التَّاء الأولى إِلَى السَّاكِن قبلهَا وَهُوَ السِّين وَالْقَاف فتذهب همزَة الْوَصْل لحركة أول الْفِعْل فَيُقَال ستر وَقتل وحركة التَّاء فَتْحة فَيفتح أول الْفِعْل وَيجوز كَسره فَيُقَال ستر وَقتل(3/485)
قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذِه الكسرة لَيست منقولة إِذا لَا كسرة فِي التَّاء المدغمة وَإِنَّمَا ذَلِك لأجل أَنهم لما سكنوا التَّاء لإدغامها فِي التَّاء وَكَانَت فَاء الْكَلِمَة قبل ذَلِك سَاكِنة كسرت الْفَاء على أصل التقاء الساكنين وَذَهَبت همزَة الْوَصْل لتحريك الْفَاء وَيُقَال فِي الْمُضَارع على لُغَة الْفَتْح (يستر) وَفِي الْوَصْف (مُسَتِّرٌ) و (مُسَتَّرٌ) بِفَتْح السِّين وعَلى لُغَة الْكسر يستر ومُسِتِّرٌ ومُسِتَّرٌ بِكَسْرِهَا وَيجوز الْإِدْغَام أَيْضا من غير وجوب فِيمَا إِذا كَانَ المثلان تاءين أول فعل مضارع نَحْو تتجلى وتتظاهر وَحِينَئِذٍ يُؤْتى بِهَمْزَة الْوَصْل لسكون التَّاء الأولى بِالْإِدْغَامِ فَيُقَال اتجلى واتظاهر وَيجوز فِي هَذَا النَّوْع حذف إِحْدَى التَّاءَيْنِ تَخْفِيفًا فَيُقَال تجلى وتظاهر وَهل الْمَحْذُوف الأولى أَو الثَّانِيَة قَولَانِ أصَحهمَا الثَّانِي وَهُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ والبصريين وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ بالمحذوف الأولى وَهِي حرف المضارعة (ص) فَإِن سكن المدغم لوصله بضمير رفع وَجب الفك وَكَذَا أفعل تَعَجبا خلافًا للكسائي أَو لجزم أَو بِنَاء جَازَ فَإِن لم يفك حرك الثَّانِي بِالْفَتْح مُطلقًا أَو مَا لم يَله سَاكن فبالكسر أَو بِالْكَسْرِ مُطلقًا أَو بالإتباع لفائه مَا لم يَله ضمير فبحركته أَو سَاكن فبالكسر لُغَات (ش) إِذا سكن المدغم لاتصاله بالضمير الْمَرْفُوع وَجب الفك نَحْو رددت ورددنا ورَدَدْتَ ورَدَدْتِ ورددتما وردتم ورددتن وَيجب الفك أَيْضا إِذا سكن فِي أفعل للتعجب عِنْد الْجُمْهُور نَحْو أشدد بحمرة زيد 1816 -
(وأحْبب إِلَيْنَا أَن نَكُون المُقدَّما ... )
وَذهب الْكسَائي إِلَى أَن أفعل فِي التَّعَجُّب يدغم فَيُقَال أحب بزيد فَإِن سكن لجزم أَو بِنَاء جَازَ الفك وَهُوَ لُغَة الْحجاز والإدغام وَهُوَ لُغَة غَيرهم من الْعَرَب نظرا إِلَى عدم الِاعْتِدَاد بالعارض فَيُقَال لم يردد وَلم يرد واردد ورد فَإِن فك فَوَاضِح وَإِن أدغم حرك الثَّانِي من حرفى التَّضْعِيف تخلصا من التقاء(3/486)
الساكنين وَفِي كَيْفيَّة تحريكه لُغَات أَحدهَا أَنه يُحَرك بِالْفَتْح مُطلقًا سَوَاء وليه ضمير نَحْو رده وَلم يردة وَلم يردهَا أم سكن نَحْو رد المَال وَلم يرد المَال أم لَا نَحْو رد وَلم يرد الثَّانِيَة أَنه يُحَرك بِالْفَتْح فِي الْحَالة الأولى وَالثَّالِثَة دون الثَّانِيَة وَهِي مَا إِذا وليه سَاكن فَإِنَّهُ يكسر فِيهَا على أصل التقاء الساكنين فَيُقَال رد المَال وَلم يرد ابْنك الثَّالِثَة أَنه يُحَرك بأقرب الحركات إِلَيْهِ نَحْو رد وفر وعض إِلَّا مَعَ ضميري الْمُؤَنَّث والمذكر الغائبين فيحرك بحركة الضمائر نَحْو عضه وردهَا وَإِلَّا فَمَا بعده سَاكن من كلمة أُخْرَى لَام تَعْرِيف أَو غَيرهَا فيكسر نَحْو: 1817 -
(فغضِّ الطَرف ... )
ورد ابْنك (ص) الثَّانِي فِي المتقاربين ويتوقف على مخارج الْحُرُوف فَالْأَصَحّ أَنَّهَا تِسْعَة وَعِشْرُونَ وَأسْقط الْمبرد الْهمزَة وَأَن مخارجها سِتَّة عشرَة تَقْرِيبًا فأقصى الْحلق للهمزة وَالْألف وَالْهَاء قَالَ الْمَهْدَوِيّ مرتبات وَغَيره فِي رُتْبَة وَقيل الْهَمْز أول وَقيل بعد الْهَاء وَقيل لَا مخرج للألف ووسطه للحاء وَالْعين قيل هَكَذَا وَقيل عَكسه وَأَدْنَاهُ للغين وَالْخَاء وَفِيه الْقَوْلَانِ وأقصى اللِّسَان وَمَا فَوْقه للقاف وَمَا يَلِيهِ للكاف ووسطه للشين وَالْجِيم وَالْيَاء وَقدم أَبُو حَيَّان الْجِيم والخليل لَا مخرج للياء وَأول حافتيه وَمَا يليهما من الأضراس للضاد وَهِي من الْأَيْسَر أَقيس وَقيل تخْتَص بِهِ وَقيل بالأيمن وَلَا ينْطق بهَا(3/487)
وَبِالْحَاءِ غير الْعَرَب وَمَا دون طرفه لمنتهاه وَمَا فَوْقه للام وَمَا دونه وَفَوق الثنايا للنون وَالرَّاء وَهِي أَدخل فِي ظَهره وَقَالَ قطرب والجرمي وَابْن دُرَيْد مخرج الثَّلَاثَة وَاحِد وَمَا بَين طرفه وأصول الثنايا للذاء وَالدَّال وَالتَّاء وَمَا بَينه وَبَين الثنايا للزاي وَالسِّين وَالصَّاد وَهِي الصفير وَمَا بَينه وَمَا بَين أطرافها للظاء والذال والثاء وباطن الشّفة السُّفْلى وأطراف الثنايا الْعليا للفاء وَمَا بَين الشفتين للباء وَالْمِيم وَالْوَاو وَقَالَ الْخَلِيل لَا مخرج للواو والمهدوي لَهَا مخرج على حِدة وَلها فروع حَسَنَة همزَة مسهلة وغنة مخرجها الخيشوم وَألف إمالة وتفخيم وشين كجيم وصاد كزاي وَغَيرهَا قبيحة والمهموسة (سكت فحثه شخص) والشديدة (أجدك تطبق) والمتوسطة (ولينا عمر) والمطبقة ص ض ط ظ والمستعلية (قطّ خص ضغط) والمذلقة (مر بنفل) وَغَيرهَا مجهورة رخوة منفتحة منخفضة مصمتة على التَّرْتِيب والقلقلة (قطب جد) وَقيل التَّاء بدل الْبَاء واللينة (واي) وَهِي الْهمزَة معتلة وَقيل هِيَ صَحِيح وَقيل شبه المعتل(3/488)
والمنحرف اللَّام قيل وَالرَّاء وَهِي المكرر والمهتوت الْهمزَة والهاوي مَا لَا يخرج لَهُ وَلَا تُدْغَم حُرُوف ضوى شفر فِي مقارب وَجوز قوم إدغام الرَّاء فِي اللَّام وَهُوَ الْأَصَح وَلَا صفير فِي (يَده) وَلَا حلقي فِي (ادخل) إِلَّا الْحَاء فِي الْعين وَلَا مَا يُؤَدِّي إِلَى لبس وَأما غير ذَلِك فَيجوز بقلب الأول مثله فالهاء وَالْعين فِي الْحَاء وَالْخَاء فِي الْغَيْن وَالْيَاء فِي الْمِيم وَالْقَاف فِي الْكَاف وعكسهما وَالْجِيم فِي الشين وَالتَّاء والطاء والظاء وشركاؤهما فِي بَعْضهَا وَفِي الصفيرية وَفِي الْجِيم والشين وَالضَّاد وَالْفَاء وَاللَّام فِي ت ث د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ ن فَإِن كَانَت تعريفية فوجوبا وَالنُّون الساكنة بغنة فِي حُرُوف (يَنْمُو) وبدونها فِي الرَّاء وَاللَّام وَتظهر عِنْد الحلقية وتخفى مَعَ الْبَوَاقِي وَمر قَلبهَا مَعَ الْبَاء (ش) الْقسم الثَّانِي من الْإِدْغَام إدغام المتقاربين وَذَلِكَ يتَوَقَّف على بَيَان مخارج الْحُرُوف ومخرج الْحَرْف هُوَ الْموضع الَّذِي ينشا مِنْهُ الْحَرْف وتقريب مَعْرفَته أَن يسكن الْحَرْف وَيدخل عَلَيْهِ همزَة الْوَصْل ليتوصل إِلَى النُّطْق بِهِ فيستقر اللِّسَان بذلك فِي مَوْضِعه فيتبين مخرجه وَهَذِه المخارج هِيَ من آخر الصَّدْر وَمَا يَلِيهِ من الْحلق والفم إِلَى الشفتين وَإِلَى الخيشوم والحروف تِسْعَة وَعِشْرُونَ قَالَ أَبُو حَيَّان وَلَا خلاف فِي ذَلِك إِلَّا فِي الْهمزَة فَزعم الْمبرد أَنَّهَا لَيست من حُرُوف المعجم بِدَلِيل أَنَّهَا لَا تثبت على صُورَة وَاحِدَة فَكَأَنَّهَا عِنْده من قبيل الضَّبْط إِذْ لَو كَانَت حرفا لَكَانَ لَهَا شكل تثبت عَلَيْهِ كَسَائِر الْحُرُوف ورد بِأَنَّهَا لَو لم تكن حرفا لَكَانَ مثل أحد وَأهل على حرفين وَهُوَ بَاطِل لِأَن أقل أصُول الْكَلِمَة ثَلَاثَة أحرف وَأما كَونهَا لَا شكل لَهَا فَلِأَنَّهَا روعي فِيهَا التسهيل وَلَوْلَا ذَلِك لكتبت ألفا(3/489)
3 - مخارج الْحُرُوف
والمخارج سِتَّة عشر مخرجا عِنْد الْخَلِيل وسيبويه والأكثرين وَذهب الْجرْمِي وقطرب وَالْفراء وَابْن دُرَيْد وَابْن كيسَان على خلاف عَنهُ إِلَى أَنَّهَا أَرْبَعَة عشرَة مخرجا وَمَوْضِع الْخلاف بَينهم مخرج اللَّام وَالنُّون وَالرَّاء فَهُوَ عِنْد هَؤُلَاءِ مخرج وَاحِد وَعند الْخَلِيل وَمن وَافقه ثَلَاثَة مخارج وعَلى الْقَوْلَيْنِ فَذَلِك على سَبِيل التَّقْرِيب وَإِلَّا فالتحقيق أَن لكل حرف مخرجا على حِدة وَعبارَة الْمَتْن فِي بَيَان المخارج بَيِّنَة وَلَا يحْتَاج إِلَى إِعَادَتهَا فِي الشَّرْح فلنقصتر على مَا يحْتَاج إِلَى التَّنْبِيه عَلَيْهِ قولي وَقيل الْهمزَة أول أَي وَالْألف وَالْهَاء بعْدهَا كِلَاهُمَا فِي رُتْبَة وَلَيْسَت وَاحِدَة أسبق من الْأُخْرَى وَبِهَذَا يُفَارق القَوْل الأول وَهَذَا رَأْي الْأَخْفَش وَالْمرَاد بِالْأولِ ربتة الأدخل فِي الصَّدْر وَالَّذِي رَجحه أَبُو حَيَّان أَن رُتْبَة الْعين بعد الْحَاء ورتبة الْغَيْن قبل الْخَاء قَالَ والحاء مِمَّا انْفَرَدت بهَا الْعَرَب فِي كَلَامهَا وَلَا تُوجد فِي كَلَام غَيرهَا وَالْعين مِمَّا انْفَرَدت بِكَثْرَة اسْتِعْمَالهَا فَإِنَّهَا قَليلَة فِي كَلَام بعض الْأُمَم ومفقودة فِي كَلَام كثير مِنْهُم قَالَ وَالضَّاد أصعب الْحُرُوف فِي النُّطْق وَمن الْحُرُوف الَّتِي انْفَرَدت الْعَرَب بِكَثْرَة اسْتِعْمَالهَا وَهِي قَليلَة فِي لُغَة بعض الْعَجم ومفقودة فِي لُغَة الْكثير مِنْهُم قَالَ وَالضَّاد لَا يخرج من موضعهَا غَيرهَا من الْحُرُوف عِنْدهم وَذهب الْخَلِيل إِلَى أَن الضَّاد شجرية من مخرج الْجِيم والشين فعلى هَذَا يشركها غَيرهَا فِيهِ وَمعنى شجرية خَارِجَة من شجر الحنك وَهُوَ مَا يُقَابل طرف اللِّسَان وَقَالَ الْخَلِيل الشَّجَرَة مفرج الْفَم أَي منفتحه وَقَالَ غَيره وَهُوَ مُجْتَمع اللحين عِنْد العنفقة وعَلى رَأْي الْأَوَّلين قَالَ أَبُو حَيَّان خُرُوج الضَّاد من الْجَانِب الْأَيْسَر عِنْد الْأَكْثَر(3/490)
والأيمن عِنْد الْأَقَل ويحكى عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يُخرجهَا من الْجَانِبَيْنِ مَعًا وَقَالَ الصَّيْمَرِيّ بعض النَّاس يُخرجهَا من الْيُسْرَى وَبَعض النَّاس يسهل عَلَيْهِ إخْرَاجهَا من الْجِهَتَيْنِ مَعًا وَكَلَام سبيوبه أَيْضا يدل على أَن الضَّاد تكون من الجانبيين وَقد ذهب بعض من لَا ضبط لَهُ وَلَا معرفَة إِلَى أَن الْجِهَة الْيُمْنَى تخْتَص بهَا وَقَالَ أَبُو عَليّ بن أبي الْأَحْوَص يتأتي إِخْرَاج اللَّام من كلتا حافتي اللِّسَان الْيُمْنَى واليسرى إِلَّا أَن إخْرَاجهَا من حافته الْيُمْنَى أمكن بِخِلَاف الضَّاد فَإِنَّهَا من الْيَسْ أمكن وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ الرَّاء أَدخل من النُّون فِي ظهر اللِّسَان قَلِيلا لانحرافه إِلَى اللَّام وَقَالَ مُحَمَّد القيرواني صَاحب الرِّعَايَة اخْتِلَاف مخرج اللَّام وَالرَّاء وَالنُّون كاختلاف الْمخْرج الَّذِي فَوْقه من وسط اللِّسَان وَهُوَ مخرج الشين وَالْجِيم وَالْيَاء وَلم يَجْعَل ثَلَاثَة مخارج بل جعل مخرجا وَاحِدًا فَكَذَلِك هَذِه الْحُرُوف يَنْبَغِي أَن تجْعَل كَذَلِك وَقَالَ ابْن أبي الْأَحْوَص مَا ذهب إِلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ من أَنَّهَا ثَلَاثَة من أَنَّهَا ثَلَاثَة مخارج هُوَ الصَّوَاب لتباين مخارجها عِنْد اختبار الْمخْرج فِي النُّطْق بإسكانها وَإِدْخَال همزَة الْوَصْل عَلَيْهَا قَالَ ابْن أبي الْأَحْوَص وَالصَّاد مِمَّا انْفَرَدت الْعَرَب بِكَثْرَة اسْتِعْمَالهَا وَهِي قَليلَة فِي لُغَة بعض الْعَجم ومفقودة فِي لُغَة كثير مِنْهُم وَسميت حُرُوف الصفير ... وَقَالَ أَبُو حَيَّان فصل الْمَهْدَوِيّ الْوَاو من الْيَاء وَالْمِيم وَجعل لَهَا مخرجا على حِدة فَقَالَ الْوَاو تهوي حَتَّى تَنْقَطِع إِلَى مخرج الْألف وَأما الْفُرُوع الْحَسَنَة فَهِيَ الَّتِي تُوجد فِي كَلَام الفصحاء فالهمزة المسهلة فرع المحققة والغنة فرع النُّون والخيشوم الَّذِي تخرج مِنْهُ هَذِه الغنة هُوَ الْمركب فَوق(3/491)
غَار الْحلق الْأَعْلَى فَهِيَ صَوت يخرج من ذَلِك الْموضع تَابع لكل نون سَاكِنة وَلكُل مِيم سَاكِنة فَإنَّك لَو أَمْسَكت بأنفك لم تتمكن من خُرُوج الغنة وَقَالَ أَبُو عَمْرو الصَّيْرَفِي الغنة صَوت مركب فِي جسم النُّون ومخرجه من الخيشوم وَهُوَ مُؤخر الْأنف المنجذب إِلَى دَاخل الْفَم وَلَيْسَ بالمنخر وألفا الإمالة والتفخيم فرع عَن الْألف المنتصبة الَّتِي لَيْسَ فِيهَا ترقيق وَلَا تفخيم والشين الَّتِي كالجيم فرع عَن الْجِيم الْخَالِصَة وَالصَّاد الَّتِي كالزاي فرع عَن الزَّاي الْخَالِصَة والهمزة المسهلة عِنْد سِيبَوَيْهٍ حرف وَاحِد وَعند أبي سعيد ثَلَاثَة أحرف بَينهَا وَبَين الْألف وَبَينهَا وَبَين الْوَاو وَبَينهَا وَبَين الْيَاء قَالَ أَبُو حَيَّان وكلا الْقَوْلَيْنِ صَوَاب لِأَنَّك إِن أَخَذتهَا من حَيْثُ مُطلق التسهيل فَهِيَ حرف وَاحِد وَأَن أَخَذتهَا من حَيْثُ التسهيل الْخَاص كَانَت ثَلَاثَة أحرف ويعبر عَن الْهمزَة المسهلة بِهَمْزَة بَين بَين وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا ضَعِيفَة لَيْسَ لَهَا تمكن المحققة وَلَا خلوص الْحَرْف الَّذِي مِنْهُ حركتها قَالَ عبيد بن الأبرص: 1818 -
(نحمي حقيقتنا وبعضُ ... القَوْم يَسْقُط بَيْن بَيْنَا)
قَالَ أَبُو الْفَتْح أَي يتساقط ضَعِيفا غير مُعْتَد بِهِ وَألف التفخيم هِيَ الَّتِي بَين الْألف وَالْوَاو وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ كَقَوْل أهل الْحجاز الصَّلَاة وَالزَّكَاة والحياة وَلذَلِك كتبت هَذِه بِالْوَاو وَقَالَ أَبُو خروف الألفات أَربع ألف الطبيعة الْمُعْتَادَة وَألف الإمالة وَألف التفخيم وَالْألف الَّتِي بَين اللَّفْظَيْنِ فِي مثل الْأَبْرَار قَالَ وَمن ألف التفخيم ألف الاستعلاء فِي اسْم الله تَعَالَى ففتحت هِيَ وَاللَّام قبلهَا والشين كالجيم كَقَوْلِهِم فِي أشدق أجدق بَين الشين وَالْجِيم وَالصَّاد كالزاي هِيَ الَّتِي يقل همسها قَلِيلا فَيحدث فِيهَا بذلك جهر مَا كَقَوْلِك(3/492)
فِي (مصدر) (مزدر) قَالَ سِيبَوَيْهٍ فَصَارَت الْحُرُوف بِهَذِهِ الْفُرُوع السِّتَّة خَمْسَة وَثَلَاثِينَ وَأما الْفُرُوع الَّتِي تستقبح وَهِي الَّتِي لَا يُوجد فِي لُغَة من ترتضى عربيته وَلَا تستحن فِي قِرَاءَة وَلَا شعر فَهِيَ كَاف كجيم يَقُولُونَ فِي كمل جمل قَالَ ابْن دُرَيْد وَهِي لُغَة فِي الْيمن كَثِيرَة فِي أهل بَغْدَاد وجيم ككاف يَقُولُونَ فِي رجل ركل فيقربونها من الْكَاف وجيم كشين وَأكْثر ذَلِك إِذا سكنت وَبعدهَا دَال وتاء نَحْو قَوْلهم فِي الأجدر الأشدر وَفِي اجْتَمعُوا اشتمعوا قَالَ أَبُو حَيَّان فَإِن قلت مَا الْفرق بَين هَذِه وَبَين عكسها حَيْثُ عدت هَذِه مستقبحة وَتلك مستحسنة فَالْجَوَاب أَنهم قربوا الْحَرْف الضَّعِيف من الْحَرْف الْقوي فِي جعلهم الشين كالجيم فَلذَلِك كَانَ من الْفُرُوع المستحسنة وَذَلِكَ أَن الْجِيم حرف شجري من وسط اللِّسَان مجهور شَدِيد منفتح متقلقل فَهُوَ حرف قوي لجهره وشدته والشين حرف ضَعِيف لهمسه ورخاوته واستفاله وَفِيه بعض قُوَّة لتفشيه فَلذَلِك كَانَ تقريبه من الْجِيم مستحسنا وَكَانَ تقريب الْجِيم مِنْهُ مستقبحا أَلا ترى أَنهم عدوا فِي الْفُرُوع المستحسنة الصَّاد كالزاي لهَذَا الْمَعْنى وصاد كسين ك (سابر) فِي (صابر) وطاء كتاء نَحْو (تال) فِي طَال وَهِي تسمع عَن عجم أهل الْمشرق كثيرا لفقد الطَّاء فِي لسانهم وظاء كثاء نَحْو ثالم فِي ظَالِم وباء كفاء وَهِي كَثِيرَة فِي لُغَة الْفرس وَغَيرهم وَتارَة يكون لفظ الْبَاء أغلب نَحْو (بَلخ) و (أَصْبَهَان) وضاد ضَعِيفَة نَحْو أضرّ فِي أثر يقربون الثَّاء من الضَّاد كَذَا فسر مبرمان الضَّاد الضعيفة قَالَ أَبُو حَيَّان وَفِيه نظر وَقَالَ أَبُو عَليّ الضَّاد الضيعفة إِذا قلت ضرب وَلم تشبع مخرجها وَلَا اعتمدت عَلَيْهِ وَلَكِن تخفف وتختلس فيضعف إطباقها(3/493)
قَالَ أَبُو سعيد وأظن الَّذين تكلمُوا بِهَذِهِ الأحرف المزذولة من الْعَرَب خالطوا الْعَجم وسين كزاي وجيم كزاي وقاف بَينهَا وَبَين الْكَاف فتمت الْحُرُوف بِهَذِهِ الْفُرُوع سِتَّة وَأَرْبَعين حرفا
ألقاب الْحُرُوف
وَأما ألقاب الْحُرُوف فَذكرهَا النحويون لفائدتين إِحْدَاهمَا لأجل الْإِدْغَام ليعرف مَا يدغم فِي غَيره لقُرْبه مِنْهُ فِي الْمخْرج وَالصّفة أَو فِي أَحدهمَا وَمَا لَا يدغم لبعده مِنْهُ فِي ذَلِك وَالثَّانيَِة بَيَان الْحُرُوف الْعَرَبيَّة حَتَّى ينْطق من لَيْسَ بعربي بِمثل مَا ينْطق بِهِ الْعَرَبِيّ فَهُوَ كبيان رفع الْفَاعِل وَنصب الْمَفْعُول فَكَمَا أَن نصب الفال وَرفع الْمَفْعُول لحن فِي اللُّغَة الْعَرَبيَّة كَذَلِك النُّطْق بحروفها مُخَالفَة مخارجها وَسميت المهموسة لضعف الِاعْتِمَاد عَلَيْهَا فِي موَاضعهَا وجري النَّفس مَعهَا حَتَّى ضعفت فخفي النُّطْق بهَا والهمس لُغَة هُوَ الصَّوْت الْخَفي وضدها المجهورة وَهِي مَا أشْبع الِاعْتِمَاد فِي مَوْضِعه وَمنع النَّفس أَن يجْرِي مَعَه حَتَّى يَنْقَضِي الِاعْتِمَاد وَيجْرِي الصَّوْت والشدة امْتنَاع الصَّوْت أَن يجْرِي فِي الْحَرْف وَالْفرق بَين المجهور والشديد أَن المجهور يُقَوي الِاعْتِمَاد فِيهِ والشديد يُقَوي لُزُومه فِي مَوْضِعه والرخاوة جري الصَّوْت فِي الْحَرْف والتوسط بَين الشدَّة والرخاوة وَسميت المطبقة لإطبقاق اللِّسَان فِيهَا على الحنك عِنْد اللَّفْظ بهَا وضدها المنفتحة لِأَنَّك لَا تطبق اللِّسَان بِشَيْء مِنْهَا على الحنك عِنْد النُّطْق بهَا والانفتاح ضد الانطباق وَسميت المستعلية لِأَن اللِّسَان يَعْلُو إِلَى الحنك عِنْد النُّطْق بهَا فينطق الصَّوْت مستعليا بِالرِّيحِ(3/494)
وضدها المنفخضة وَيُقَال المتسفلة لِأَن اللِّسَان لَا يستعلي عِنْد النُّطْق بهَا إِلَى الحنك بل يتسفل بهَا إِلَى قاع الْفَم عِنْد النُّطْق وَسميت المذلقة لِأَنَّهَا من طرف اللِّسَان والفم وطرف كل شَيْء ذلفه وضدها المصمتة لِأَنَّهَا أصمتت فَلم تدخل فِي الْأَبْنِيَة كلهَا قَالَ الْأَخْفَش أصمتت أَي منعت أَن تخْتَص بِبِنَاء كلمة فِي لُغَة الْعَرَب إِذا كَانَت خماسية فَمَا فَوق فَلَا تَجِد كلمة خماسية فَمَا فَوق فِي كَلَام الْعَرَب إِلَّا وفيهَا من الْحُرُوف المذلقة أَو الْألف وَلَا تنفرد المصمتة بِكَلِمَة خماسية وَسميت أحرف القلقلة لِأَن الصَّوْت يشْتَد عِنْد الْوَقْف عَلَيْهَا والقلقة شدَّة الصَّوْت وَسميت المعتلة لِأَن الإعلال والانقلاب لَا يكون إِلَّا فِي أَحدهَا وَمن قَالَ الْهمزَة حرف صَحِيح قَالَ لِأَنَّهُ يقبل الحركات الثَّلَاث وَمِنْهُم من يَقُول إِنَّهَا حرف مشبه بحروف الْعلَّة قَالَ أَبُو حَيَّان وَهَذَا حسن وَسمي اللَّام منحرفا وَزَاد الْكُوفِيُّونَ الرَّاء فهما عِنْدهم حرفا الانحراف قَالُوا لانحرافهما عَن مخرج النُّون وَقَالَ بَعضهم وصفت اللَّام بالانحراف لِأَنَّهَا انحرفت عَن مخرجها إِلَى مخرج غَيرهَا وَعَن صفتهَا إِلَى صفة غَيرهَا وَقَالَ الْمَهْدَوِيّ سميت بلك لِأَنَّهَا شاركت أَكثر الْحُرُوف فِي مخارجها وَقَالَ القيرواني هِيَ من الْحُرُوف الرخوة لَكِنَّهَا انحرف اللِّسَان بهَا مَعَ الصَّوْت إِلَى الشدَّة وَسمي الرَّاء المكرر لِأَنَّهَا تَتَكَرَّر على اللِّسَان عِنْد النُّطْق بهَا كَأَن طرف اللِّسَان يرتعد بهَا فكأك نطقت بِأَكْثَرَ من حرف وَاحِد وَأظْهر مَا يكون التكرير إِذا كَانَت الرَّاء مُشَدّدَة أَو وقف عَلَيْهَا وَسمي الْهَمْز المهتوت من الهت وَهُوَ عصر الصَّوْت لِأَنَّهَا معتصرة كالتهوع أَو من الهت وَهُوَ الحطم وَالْكَسْر لِأَنَّهَا يعرض لَهَا الْإِبْدَال كثيرا فتنحطم وتنكسر وَسمي الهاوي لِأَنَّهُ يهوي فِي الْفَم فَلَا يعْتَمد اللِّسَان على شَيْء مِنْهَا(3/495)
إِذا تقرر ذَلِك فَلَا يدغم فِي المتقارب ضاد وَلَا وَاو وَلَا يَاء وَلَا مِيم وَلَا شين وَلَا فَاء وَلَا همزَة وَلَا رَاء هَذَا مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ والخليل وَأكْثر النَّحْوِيين وَجوز أَبُو عَمْرو وَيَعْقُوب الْحَضْرَمِيّ واليزيدي من الْبَصرِيين وَالْكسَائِيّ وَالْفراء وَأَبُو جَعْفَر الرُّؤَاسِي من الْكُوفِيّين وتبعهم ابْن مَالك وَأَبُو حَيَّان بإدغام الرَّاء فِي اللَّام نَحْو: {يغْفر لمن يَشَاء} [الْفَتْح: 14] {واستغفر لَهُم الرَّسُول} [النِّسَاء: 64] وَلَا يدغم حرف صفيري وَهُوَ الصَّاد وَالسِّين وَالزَّاي فِي مقاربه مِمَّا لَيْسَ صفيريا ويدغم فِي مقارب صفيري فتدغم الصَّاد فِي السِّين وَفِي الزَّاي وَالسِّين فِي الصَّاد وَالزَّاي فِي الصَّاد وَالسِّين نَحْو فحص سَالم فحص زَاهِر حبس صابر حبس زَاهِر أَو جز صابر أَو جز سَالم وَعند إدغام الصَّاد فِي السِّين وَكَذَا كل مطبق أدغم فِي غَيره قَالَ أَبُو حَيَّان بعض الْعَرَب يبقي الإطباق كَمَا يبقي الغنة فِي إدغام النُّون(3/496)
وَبَعْضهمْ يذهبه وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ كل عَرَبِيّ يرى إبْقَاء الإطباق وَتَركه وَلَا يدغم حرف حلقي فِي أَدخل مِنْهُ إِلَّا الْحَاء فِي الْعين نَحْو {فَمن زحزح عَن النَّار} [آل عمرَان،: 185] فَلَا تُدْغَم الْحَاء فِي الْهَاء وَلَا الْهَاء فِي الْعين وَلَا الْعين فِي الْهَاء وَإِن كَانَت الْعين أقرب مخرجا إِلَى الْهَاء من الْحَاء لتباعدها فِي الصِّفَات لِأَن الْهَاء مهموسة رخوة وَالْعين مجهورة وفيهَا شدَّة وَلَا يدغم من المقارب مَا يُؤَدِّي إِلَى لبس بتركيب آخر نَحْو أُنْمُلَة لَا يجوز فِيهَا الْإِدْغَام لِأَنَّهَا لَو أدغمت لأوهم أَنَّهَا من المضاعف أَي مِمَّا ضعف فاؤه وعينه لِأَنَّهُ لَا يدْرِي هَل الأَصْل أُنْمُلَة أَو أملة لِأَن كليهمَا وَزنه أفعلة وَمَا عدا مَا ذكر يجوز فِيهِ الْإِدْغَام بِأَن يقلب الأول حرفا مثل مقاربه الَّذِي يَلِيهِ ثمَّ يدغم فِيهِ وَمِثَال إدغام الْهَاء فِي الْحَاء (أحبه حاتما) وَالْعين فِي الْحَاء (أقطع حبلك) وَالْخَاء فِي الْغَيْن (اسلخ غنمك) والغين فِي الْخَاء (ادمغ خلفا) وَالْقَاف فِي الْكَاف (الْحق كِنْدَة) وَالْكَاف فِي الْقَاف (أمسك قطفا) وَالْجِيم فِي الشين {أَخرَجَ شَطئَهُ} [الْفَتْح: 29] وَالْجِيم فِي التَّاء {المعارج تعرج} [المعارج: 3، 4] والطاء والظاء وشركاؤهما فِي الْمخْرج وَهِي الدَّال وَالتَّاء والذال والثاء فِي بَعْضهَا أَي كل وَاحِد من هَذِه الأحرف السِّتَّة يدغم فِي كل وَاحِد من الْخَمْسَة الْبَاقِيَة مِثَال الطَّاء اربط ظَالِما اربط دارما اربط تميما اربط ذئبا أربط ثَابتا وَمِثَال الطَّاء عظ طَاهِرا عظ دارما إِلَى آخِره وَمِثَال الدَّال أبعد طَاهِرا إِلَى آخِره وَمِثَال التَّاء امقت طَاهِرا إِلَى آخِره وَمِثَال الذَّال خُذ طَاهِرا إِلَى آخِره(3/497)
وَمِثَال إدغام هَذِه السِّتَّة من الصفيرية اضبط صَابِرًا اضبط سالما اضبط زاهرا وَاجعَل فِي الْبَاقِي بدل اضبط أيقظ أبعد امقت خُذ لبث وَمِثَال إدغام هَذِه السِّتَّة فِي الْجِيم اضبط جعفرا أيقظ جعفرا أبعد جعفرا أسكت جفعرا خُذ جعفرا لبث جعفرا وَفِي السِّين اضبط سالما أيقظ سالما أبعد سالما أسكت سالما خُذ سالما لبث سالما وَفِي الضَّاد اضبط ضَمرَة وَهَكَذَا وَمِثَال إدغام الْبَاء فِي الْمِيم اصحب مَطَرا وَفِي الْفَاء اضْرِب فَاجِرًا وَلَا تُدْغَم التَّاء فِي شَيْء من مقاربها نَص عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ وَقد أدغم الْكسَائي الْفَاء فِي الْبَاء فِي: {إِن نَشأ نخسف بهم} [سبأ: 9] قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ مِمَّا انْفَرد بِهِ وَمِثَال إدغام لَام التَّعْرِيف وجوبا فِي الأحرف الثَّلَاثَة عشر التَّقْوَى الثُّبُوت الدَّار الذّكر الرضْوَان الزبُور السراج الشَّمْس الصَّبْر الضياء الظّهْر الطُّهْر النُّور وَمِثَال إدغام اللَّام غير التعريفية فِي هَذِه الأحرف جَوَازًا {هَل تَنْقِمُونَ} [الْمَائِدَة: 59] {هَل ثوب} [المطففين: 36] (هَل دنا) (هَل ذهب) (هَل رَضِي) (هَل زار) (هَل سَار) (هَل شكر) (هَل صَبر) (هَل ضرب) (هَل طبع) (هَل ظفر) (هَل نصر) وَالنُّون الساكنة وَمِنْهَا التَّنْوِين تُدْغَم بغنة فِي الْيَاء وَالنُّون وَالْمِيم وَالْوَاو نَحْو {من يَأْتِ} [طه: 74] {إِن نَشأ} [سبأ: 9] {مِمَّا رزقكم الله} [الْمَائِدَة: 88] {من وَال} [الرَّعْد: 11] وتدغم بِغَيْر غنة فِي اللَّام وَالرَّاء نَحْو: {من ربكُم}(3/498)
[الْبَقَرَة: 49] {من لدنا} [الْكَهْف: 65] وَتظهر عِنْد أحرف الْحلق السِّتَّة نَحْو {مَنءَامَنَ} [الْبَقَرَة: 126] {مِن هَادٍ} [الرَّعْد: 33] {وَمن عَاد} [الْبَقَرَة: 275] {من حَكِيم} [فصلت: 42] {من غَفُور} [فصلت: 32] {من خلاق} [الْبَقَرَة: 102] وتقلب ميما عِنْد الْبَاء كَمَا مر من الْإِبْدَال وتخفى عِنْد بَقِيَّة الْحُرُوف فَصَارَ لَهَا أَرْبَعَة أَحْوَال أَو خَمْسَة(3/499)
خَاتِمَة فِي الْخط
(ص) الْخط تَصْوِير اللَّفْظ بحروف هجائه غير أَسمَاء الْحُرُوف مَعَ تَقْدِير الِابْتِدَاء وَالْوَقْف وَمن ثمَّ كتب (ره) و (مَجِيء مَه) و (رَحمَه) بِالْهَاءِ وَأَنا زيد والمنون الْمَنْصُوب دون غَيره و (لسنفعا) بِالْألف و (إِذن) بالنُّون على الْمُخْتَار وَثَالِثهَا إِن عملت فبالألف وَإِلَّا فبالنون وَبنت وَقَامَت بِالتَّاءِ وَالْقَاضِي بياء وقض بِدُونِهَا وضربه وَمر بِهِ بِدُونِ وَاو وياء وَيكْتب المدغم بِلَفْظِهِ إِن كَانَ من كلمة وَاحِدَة وبأصله إِن كَانَ من كَلِمَتَيْنِ أَو نونا سَاكِنة مخفاة أَو مبدلة ميما أَو حرف مد لساكن يَلِيهِ غير نون توكيد (ش) الْخط تَصْوِير اللَّفْظ بحروف هجائه بِأَن يُطَابق الْمَكْتُوب الْمَنْطُوق بِهِ فِي ذَوَات الْحُرُوف وعددها إِلَّا أَسمَاء الْحُرُوف فَإِنَّهُ يجب الِاقْتِصَار فِي كتَابَتهَا على أول الْكَلِمَة نَحْو ق. ن. ص. ج وَكَانَ الْقيَاس أَن يكْتب هَكَذَا قَاف نون صَاد جِيم كحاله إِذا نطق بِهِ وَكَذَا بَقِيَّة أَسمَاء حُرُوف المعجم كتبت مُقْتَصرا على أوائلها فخالفت الْكِتَابَة فِيهَا النُّطْق وَكَذَلِكَ كتبت الْحُرُوف المفتتح بهَا السُّور على نَحْو مَا كتبُوا حُرُوف المعجم وفعلوا ذَلِك لأَنهم أَرَادوا أَن يضعوا أشكالا لهَذِهِ الْحُرُوف تتَمَيَّز بهَا فَهِيَ أَسمَاء مدلولاتها أشكال خطية فَلفظ قَاف يدل على هَذَا الشكل الَّذِي صورته هَكَذَا (ق) وَلَو لم يضعوا هَذِه الأشكال الخطية لم يكن لِلْخَطِّ دلَالَة على الْمَنْطُوق بِهِ وَلَو اقتصورا على كتبهَا على حسب النُّطْق وَلم يضعوا لَهَا أشكالا مُفْردَة تتَمَيَّز بهَا لم يُمكن ذَلِك لِأَن الْكِتَابَة بِحَسب النُّطْق متوقفة على معرفَة شكل كل حرف حرف وشكل كل حرف حرف غَيره مَوْضُوع فاستحال كتبهَا على حسب النُّطْق وَلَا بُد من تَقْدِير الِابْتِدَاء بِهِ وَالْوَقْف عَلَيْهِ فَيكْتب كل لفظ بالحروف الَّتِي ينْطق بهَا عِنْد تَقْدِير الِابْتِدَاء وَالْوَقْف وَكَذَلِكَ كتب بِالْهَاءِ مَا يجب إِلْحَاق هَاء السكت بِهِ عِنْد الْوَقْف ك (ره) و (رقّه) و (عه) و (لم يره) و (لم يقه) و (لم يعه) و (مَجِيء مَه جِئْت)(3/500)
وَمَا يُوقف عَلَيْهِ من التاءات بِالْهَاءِ كرحمه ونعمه وكتبت بِالتَّاءِ مَا يُوقف عَلَيْهِ بِالتَّاءِ نَحْو (بنت) و (أُخْت) و (قَامَت) و (قعدت) و (ذَات) و (ذَوَات) وَمَا فِيهِ وَجْهَان عِنْد الْوَقْف (كهيهات) و (لات) و (ثمت) و (ربت) و (دفن الْبَنَات من المكرمات) بِالْوَجْهَيْنِ وَكتب بِالْألف مَا يُوقف عَلَيْهِ بِالْألف وَإِن سَقَطت فِي الدرج ك (أَنا) ضمير الْمُتَكَلّم والمنون الْمَنْصُوب أَو المفتوح (كرأيت زيدا) و (آها) و (ويها) بِخِلَاف الْمَرْفُوع وَالْمَجْرُور كقام زيد ومررت بزيد للوقوف عَلَيْهِمَا بالحذف وَكَذَا (إيه) و (صه) و (مَه) وَالْفِعْل الْمُؤَكّد بالنُّون الْخَفِيفَة نَحْو: {لنسفعا} [العلق: 15] و {وَلَيَكُوناً} [يُوسُف: 32] مَا لم يخف لبس فَإِن خيف نَحْو اضربن زيدا وَلَا تضربن زيدا كتب بالنُّون وَلم يعْتَبر بِحَالَة الْوَقْف لِأَنَّهُ لَو كتب بِالْألف لالتبس بِأَمْر الِاثْنَيْنِ أَو نهيهما فِي الْخط وَاخْتلف فِي (إِذن) فَجزم ابْن مَالك فِي التسهيل بِأَنَّهَا تكْتب بِالْألف مُرَاعَاة للْوَقْف عَلَيْهَا قَالَ أَبُو حَيَّان فِي شَرحه وَهَذَا مَذْهَب الْمَازِني قَالَ وَذهب الْمبرد وَالْأَكْثَرُونَ إِلَى أَنَّهَا تكْتب بالنُّون وَفصل الْفراء فَقَالَ إِن عملت كتبت بِالْألف لِضعْفِهَا وَإِن أهملت كتبت بالنُّون لقوتها وَقَالَ ابْن عُصْفُور الصَّحِيح كتبهَا بالنُّون فرقا بَينهَا وَبَين إِذا الظَّرْفِيَّة لِئَلَّا يَقع الإلباس قَالَ أَبُو حَيَّان وَلِأَن الْوَقْف عَلَيْهَا عِنْده بالنُّون قَالَ وَوجد بِخَط الشَّيْخ بهاء الدّين بن النّحاس مَا نَصه (وجدت بِخَط عَليّ بن عُثْمَان بن جني حكى أَبُو جَعْفَر النّحاس قَالَ سَمِعت عَليّ بن سُلَيْمَان يَقُول سَمِعت أَبَا الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يزِيد يَقُول أشتهي أَن أكوي يَد من يكْتب إِذن بِالْألف لِأَنَّهَا مثل إِن وَلنْ وَلَا يدْخل التَّنْوِين فِي الْحَرْف) اه قلت وَمِمَّنْ صحّح كتَابَتهَا بالنُّون الزنجاني فِي شرح الْهَادِي(3/501)
وَأما (كأين) فَكتبت بالنُّون قولا وَاحِد قَالَ ابْن مَالك وَهُوَ شَاذ قَالَ أَبُو حَيَّان وَجه شذوذه أَن الْجُمْهُور ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهَا مركبة من كَاف التَّشْبِيه وَأي المنونة فَكَانَ الْقيَاس يَقْتَضِي أَلا تكْتب صُورَة التَّنْوِين بل تحذف خطأ إِلَّا أَنهم لما تلاعبوا فِي هَذِه الْكَلِمَة بأنواع من التراكيب وأخرجوها عَن أصل موضوعها فَكَذَلِك أخرجوها فِي الْخط عَن قِيَاس إخواتها قَالَ وَذهب يُونُس إِلَى أَنَّهَا اسْم فَاعل من كَانَ يكون فالنون أَصْلِيَّة وَهِي لَام الْفِعْل فعلى هَذَا لَا شذوذ فِي كتَابَتهَا بالنُّون لِأَنَّهَا ك (بَائِن) من (بَان يبين) قَالَ وَلَو ذهب ذَاهِب إِلَى أَن كأين اسْم بسيط فالكاف وَالنُّون فِيهِ أصلان وَهُوَ بِمَعْنى (كم) لذهب مذهبا حسنا فَإِنَّهُ أقرب من دَعْوَى التَّرْكِيب بِلَا دَلِيل وَكتب بِالْيَاءِ مَا يُوقف عَلَيْهِ بِالْيَاءِ كالمنقوص غير الْمنون كَالْقَاضِي وقاضي مَكَّة وحذفت الْيَاء وَالْوَاو مِمَّا يحذفان مِنْهُ فِي الْوَقْف كالمنقوص الْمنون كقام قَاض ومررت بقاض وصلَة ضمير الْغَائِب كضربه وَمر بِهِ وَضمير الْجمع كضربهم وأكرمكم فِي لُغَة من وصل مِيم الْجمع لِأَنَّهُ إِذا وقف عَلَيْهِ حذفت الصِّلَة نعم خرج عَن هَذَا مَا اتَّصَلت بِهِ نون التوكيد الْخَفِيفَة مِمَّا قبله وَاو أَو يَاء نَحْو اضربن يَا قوم واضربن يَا هِنْد فَإِنَّهُ منع أَن يعْتَبر مَا عرض فِيهِ من رد الْوَاو وَالْيَاء حَالَة الْوَقْف حملهَا على أُخْتهَا النُّون الشَّدِيدَة فَلم يلْتَفت إِلَى حَالَة الْوَقْف عَلَيْهَا واستصحب حذف الْوَاو وَالْيَاء لذَلِك خطا وَإِن كَانَت تعود وَقفا وَيكْتب المدغم من كلمة بِلَفْظِهِ لَا بِأَصْلِهِ سَوَاء كَانَ مثلا نَحْو رد ومفر واقشعر أَو مقاربا نَحْو: {فَادَّارّءتُم} [الْبَقَرَة: 72] واطجع الأَصْل تدارأتم واضطجع وَكَانَ قِيَاسه أَن يكْتب الحرفان إِلَّا أَنه ترك الأولي فِي الْخط اختصارا لضَعْفه بِالْإِدْغَامِ(3/502)
وَأما المدغم من كَلِمَتَيْنِ فَيكْتب بِأَصْلِهِ اعْتِبَارا بِالْوَقْفِ على الْكَلِمَة الأولى نَحْو من مَال وَكَذَا النُّون الساكنة المخفاة أَو المبدلة ميما تكْتب نونا سَوَاء كَانَت من كلمة نَحْو (عَنْك) و (عنبر) أم من كَلِمَتَيْنِ نَحْو (من كَافِر) وَمن بعد وَيكْتب أَيْضا بِأَصْلِهِ حرف مد حذف لساكن يَلِيهِ نَحْو اضربوا الْقَوْم واضربي الرجل ويغرو الرجل وَيَرْمِي الْقَوْم وَلم يضْربُوا الْقَوْم وَلم تضربي الرجل فَيكْتب بِالْوَاو وَالْيَاء بِخِلَاف مَا حذف لدُخُول الْجَازِم نَحْو لم يغز وَلم يرم فَلَا يكْتب وَيسْتَثْنى مِمَّا وليه سَاكن مَا إِذا كَانَ السَّاكِن نون توكيد شَدِيدَة كَانَت أَو خَفِيفَة فَإِن حرف الْمَدّ لَا يكْتب حِينَئِذٍ نَحْو لتركبن يَا قوم ولتركبين يَا هِنْد الأَصْل تَرْكَبُونَ وتركبين ثمَّ دخلت نون التوكيد فحذفت نون الرّفْع لتوالي الْأَمْثَال فالتقت الْوَاو وَالْيَاء وَهِي سَاكِنة وَالنُّون والمدغمة وَهِي سَاكِنة فَحذف حرف الْعلَّة لالتقاء الساكنين وَحذف خطا كَمَا حذف لفظا وَلم تراع فِيهِ الْمُطَابقَة للْأَصْل كَمَا راعوا فِي اضربوا الْقَوْم وَلم يضْربُوا الرجل وَنَحْوه وَالْفرق بَينهمَا أَن لهَذَا حَالَة يثبت فِيهَا حرف الْمَدّ وَهِي الْوَقْف بِخِلَاف نون التوكيد الْمُشَدّدَة فَإِنَّهُ فِي حَالَة الْوَقْف لَا يرد الْمَحْذُوف وحملت الْخَفِيفَة على الشَّدِيدَة فِي ذَلِك وَإِن كَانَت الْوَاو وَالْيَاء ترد فِي الْوَقْف على مَا هِيَ فِيهِ نَحْو اضربن يَا قوم واضربين يَا هِنْد
أَحْكَام الْهمزَة
(ص) والهمزة فِي الأول بِالْألف وَالْوسط سَاكِنة بِحرف حَرَكَة متلوها ومتحركة تلو سَاكن بِحرف حركتها وَقد تحذف الْمَفْتُوحَة بعد ألف وَاخْتَارَ ابْن مَالك والزنجاني وَأَبُو حَيَّان حذفهَا مُطلقًا تلو غير ألف وَقوم تكْتب بِأَلف مُطلقًا وتلو متحرك على نَحْو مَا تسهل وتحذف إِن تَلَاهَا مد كصورتها عِنْد الْأَكْثَر وَإِن تطرقت تلو سَاكن حذفت فِي الْأَصَح أَو متحرك فبحركته مُطلقًا فِي الْأَصَح فَإِن، وصلت بِشَيْء فكالوسط على الْأَصَح بِخِلَاف الأولى إِلَّا لِئَلَّا وَلَئِن ويومئذ وَنَحْو وَهَؤُلَاء(3/503)
وتحذف همزَة الْوَصْل بَين وَاو أَو فَاء أَو بَين همزَة هِيَ فَاء وَبعد همزَة اسْتِفْهَام وَقيل أَلا الْمَفْتُوحَة أما المقطوعة بعده فَكَمَا تسهل فِي الْأَصَح وَمن لَام التَّعْرِيف بعد لَام جر وَكَذَا ابْتِدَاء فِي الْأَصَح وَمن أول بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم لَا تَسْمِيَة غَيرهَا فِي الْأَصَح وَمن الابْن الْمَحْذُوف تَنْوِين متلوه وَلَو مَعَ كنية فِي الصَّحِيح لَا فِي أول السطر وَفِي ابْنة رأيان (ش) خرج عَن الأَصْل السَّابِق أَشْيَاء يتضمنها خَمْسَة أَنْوَاع أَحدهَا أَحْكَام الْهمزَة وَلَا أَحْوَال لِأَنَّهَا إِمَّا أَن تكون أَولا أَو حَشْوًا أَو طرفا وَالَّتِي فِي حَشْو إِمَّا أَن تكون سَاكِنة أَو متحركة والمتحركة إِمَّا أَن يكون مَا قبلهَا سَاكِنا أَو متحركا والمتطرفة إِمَّا أَن يكون مَا قبلهَا سَاكِنا أَو متحركا فَهَذِهِ سِتَّة أَحْوَال فالتي هِيَ أول تكْتب بِأَلف سَوَاء فتحت أم كسرت أم ضمت نَحْو أَحْمد وإثمد وَأكْرم وَكَذَا حكمهَا إِن تقدمها لفظ كَائِنا مَا كَانَ إِلَّا مَا شَذَّ وَهُوَ (لِئَلَّا لَئِن) و (يَوْمئِذٍ) وَنَحْوه وَهُوَ كل زمَان أضيف إِلَى الْملَّة كليلئذ وزمانئذ وَحِينَئِذٍ وساعتئذ فَإِن هَذِه الْأَلْفَاظ كتبت فِيهَا الْهمزَة يَاء وَإِلَّا (هَؤُلَاءِ) فَإِنَّهَا كتبت فِيهَا واوا وَكَانَ الْقيَاس أَن تكْتب (لِئَلَّا) (لِأَن لَا) و (لَئِن) (لإن) ويومئذ وَنَحْوه (يَوْم إِذا) بفصل الظّرْف وَألف بعد الذَّال بَدَلا من التَّنْوِين لَكِن جعل الظّرْف مَعَ (إِذا) كالشيء الْوَاحِد فوصل ب (إِذْ) وَجعلت صُورَة الْألف يَاء كَمَا جعلوها فِي بئس وَكَانَ الْقيَاس فِي (هَؤُلَاءِ) (هاألاء) قَالَ أَبُو حَيَّان وَإِنَّمَا لم يُخَالف بهَا إِلَى حركتها لِأَن الْهمزَة إِذا كَانَت أَولا فَهِيَ مُبتَدأَة والمتبدأة لَا تسهل وَالْكتاب بنوا الْخط فِي الْأَكْثَر على حسب تسهيلها لوَجْهَيْنِ أَحدهمَا أَن التسهيل لُغَة أهل الْحجاز واللغة الحجازية هِيَ الفصحى فَكَانَ الْكتب على لغتهم أولى(3/504)
وَالثَّانِي أَنه خطّ الْمُصحف فَكَانَ الْبناء عَلَيْهِ أولى مَعَ أَن الْقيَاس يَقْتَضِيهِ أَلا ترى أَنا نوافق خطّ الْمُصحف مَعَ مُخَالفَة الْقيَاس فِي مَوَاضِع كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة فَهَذَا سَبَب أَن كتبت أَولا على صورتهَا الَّتِي وضعت لَهَا وَهِي صُورَة الْألف الساكنة بِأَيّ حَرَكَة تحركت وَالَّتِي هِيَ حَشْو وَهِي سَاكِنة وَلَا تكون إِلَّا بعد متحرك تكْتب حرفا من جنس الَّتِي قبلهَا لِأَنَّهَا تبدل بِهِ فتكتب ألفا فِي نَحْو رَأس ويأس وكأس وياء فِي نَحْو ذِئْب وبئر وواوا فِي نَحْو مُؤمن وجؤنة وبؤس ويؤمن وَالَّتِي هِيَ حَشْو وَهِي متحركة بعد سَاكن حرفا من جنس حركتها سَوَاء كَانَ ذَلِك السَّاكِن صَحِيحا أَو حرف عِلّة لِأَنَّهَا تسهل على نَحوه فتكتب ألفا فِي نَحْو مرأة) و (كمأة) و (سَأَلَ) و (هيآت) وسوآت وياء فِي نَحْو يسئم وَسَائِل وواوا فِي نَحْو التساؤل وأبؤس ويلؤم هَذَا مَا ذكره الْأَكْثَرُونَ وَقد تحذف فِي حَالَة الْفَتْح بعد الْألف نَحْو سَالَ كَرَاهَة اجْتِمَاع أَلفَيْنِ فِي الْخط وَاخْتَارَ ابْن مَالك فِيمَا يُخَفف بِالنَّقْلِ حذفهَا مُطلقًا وَألا تثبت لَهَا صُورَة فِي الْخط وَذَلِكَ فِيمَا إِذا كَانَ السَّاكِن قبلهَا صَحِيحا نَحْو يسئم وتسئم ويلئم أَو يَاء أَو واوا نَحْو هَيْئَة وسوءة فَلم يبْق عِنْده مِمَّا يكْتب بِحرف إِلَّا التالية للألف نَحْو سَائل والتساؤل وَمَشى على ذَلِك الزنجاني فِي شرح الْهَادِي وَكَذَا أَبُو حَيَّان فَقَالَ فِي شرح التسهيل فِي الْأَمْثِلَة الْخَمْسَة الْمَذْكُورَة وَالْأَحْسَن والأقيس أَلا تثبت لَهَا صُورَة فِي الْخط لَا فِي التَّحْقِيق وَلَا فِي الْحَذف وَالنَّقْل قَالَ وَمِنْهُم من يَجْعَل صورتهَا الْألف على كل حَال وَهُوَ أقل اسْتِعْمَالا وَمِنْهُم من يَجْعَل صورتهَا على حسب حركتها إِلَّا إِن كَانَ بعْدهَا حرف عِلّة زَائِد للمد نَحْو مسئول ومسئوم فَلَا يَجْعَل لَهَا صُورَة وَمِنْهُم من يَجْعَل لَهَا صُورَة وَذَلِكَ للْفرق بَين المهموز وَغَيره مثل مقول ومصوغ قَالَ أَبُو حَيَّان وَإِذا كَانَ مثل (رُءُوس) يكْتب بواو وَاحِدَة مَعَ أَن تسهيله بَين الْهَمْز وَالْوَاو فَهَذَا أَحْرَى قَالَ وَقد كتب (الموءودة) بواو وَاحِدَة فِي الْمُصحف وَهُوَ قِيَاس فَإِن الْهمزَة لَا صُورَة لَهَا فَتبقى واوان وَمن عَادَتهم عِنْد اجْتِمَاع صُورَتَيْنِ فِي كلمة وَاحِدَة حذف إِحْدَاهمَا فَلذَلِك كتبت وَاحِدَة إِلَّا أَنه قد يخْتَار(3/505)
فِي غير الْقُرْآن فِيهِ أَن يكْتب بواوين لِأَنَّهُ قد يحذف من الْكَلِمَة فِي الْخط حرف فَيكْرَه أَن يحذف غَيره انْتهى وَالَّتِي هِيَ حَشْو وَهِي متحركة بعد متحرك تكْتب حرفا على نَحْو مَا تسهل فَإِن كَانَت مَفْتُوحَة بعد فتح كتبت ألفا نَحْو سَأَلَ فَإِن كَانَ بعْدهَا ألف نَحْو مآل ومآب فَقيل تحذف وَلَا صُورَة لَهَا وَقيل تكْتب ألفا ويجتمع أَلفَانِ وَإِن كَانَت مَفْتُوحَة بعد كسرة كتبت يَاء نَحْو (مئر) وَبعد ضم كتبت واوا نَحْو جؤن وَإِن كَانَت مَكْسُورَة بعد فتح أَو كسر كتبت يَاء كسئم ومئين فَإِن كَانَ بعْدهَا فِي الْحَالين يَاء كلئيم ومئين فَقيل تحذف وَلَا صُورَة لَهَا وَقيل تجْعَل لَهَا صُورَة ويجتمع ياءان وَإِن كَانَت مَكْسُورَة بعد ضم نَحْو دئلل وَسُئِلَ فصورتها الْيَاء على مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَالْوَاو على مَذْهَب الْأَخْفَش وَإِن كَانَت مَضْمُومَة بعد فتح أَو ضم كتبت واوا كلئوم ولؤم جمع لؤوم كصبر جمع صبور فَإِن كَانَ بعْدهَا فِي الْحَالين وَاو كلؤوم ورءوس فَقيل تحذف وَلَا صُورَة لَهَا وَقيل تجْعَل لَهَا صُورَة ويجتمع واوان وَإِن كَانَت مَضْمُومَة بعد كسر نَحْو (مئون) جمع (مائَة) كتبت بواو على مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وبياء على مَذْهَب الْأَخْفَش والمتطرفة بعد سَاكن إِن كَانَ صَحِيحا حذفت الْهمزَة وألقيت حركتها على مَا قبلهَا وَلَا صُورَة لَهَا فِي الْخط لَا فِي الرّفْع وَلَا فِي النصب وَلَا فِي الْجَرّ نَحْو خبء ودفء وجزء وَقيل إِن كَانَ مَا قبلهَا السَّاكِن مَفْتُوحًا فَلَا صُورَة لَهَا وَإِن كَانَ مضموما فصورتها الْوَاو أَو مكسورا فصورتها الْيَاء مُطلقًا فيهمَا وَقيل فِي المضموم والمكسور يكْتب على حسب حَرَكَة الْهمزَة فَيكْتب الْجُزْء والدفء بِالْوَاو فِي الرّفْع وبالألف فِي النصب وبالياء فِي الْجَرّ على حسب حَرَكَة الْهمزَة وَإِن كَانَ شَيْء من ذَلِك مَنْصُوبًا منونا فَيكْتب بِأَلف وَاحِدَة وَهِي الْبَدَل من التَّنْوِين وَقيل يكْتب بِأَلفَيْنِ أَحدهمَا صُورَة الْهمزَة وَالْأُخْرَى الْبَدَل من التَّنْوِين وَقد(3/506)
شَمل الْمَسْأَلَتَيْنِ وَالْخلاف فيهمَا قولي (حذفت فِي الْأَصَح) وَإِن كَانَ السَّاكِن مُعْتَلًّا فَإِن كَانَ زَائِدا للمد فَلَا صُورَة لَهَا نَحْو ينبيء ووضوء وسماء فَإِن كَانَ مَا فِيهِ الْألف كسماء منونا مَنْصُوبًا فَكَتبهُ جُمْهُور الْبَصرِيين بِأَلفَيْنِ الْوَاحِدَة حرف عِلّة وَالْأُخْرَى الْبَدَل من التَّنْوِين وَبَعْضهمْ والكوفيون بِوَاحِدَة وَهِي حرف الْعلَّة الَّتِي قبل الْهمزَة وَلَا يجْعَلُونَ للألف المبدلة من التَّنْوِين صُورَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَاتفقَ الْفَرِيقَانِ على أَنه لَيْسَ للهمزة صُورَة ألف فِي ذَلِك فَإِن اتَّصل مَا فِيهِ الْألف بضمير مُخَاطب أَو غَائِب فصورة الْألف وَاو رفعا نَحْو هَذِه سماؤك وياء جرا نَحْو سمائك وبألف وَاحِدَة هِيَ ألف الْمَدّ نصبا نَحْو رَأَيْت سماءك وَإِن كَانَ مَا فِيهِ الْيَاء وَالْوَاو منونا مَنْصُوبًا بِأَلف وَاحِدَة هِيَ الْبَدَل من التَّنْوِين نَحْو رَأَيْت نبيئا ووضوءا وَإِن كَانَ غير زَائِد للمد فتسهيله بالحذف وَالنَّقْل وَلَا صُورَة لَهَا فِي الْخط والمتطرفة بعد متحرك تكْتب على حسب الْحَرَكَة قبلهَا نَحْو يقْرَأ ويقرئ ويوضؤ وَهَذَا امْرُؤ وَرَأَيْت امْرأ ومررت بامرئ فَإِن كَانَ منونا مَنْصُوبًا فَقيل يكْتب بِأَلفَيْنِ وَقيل بِوَاحِدَة قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ الأول وَقيل إِن كَانَ مَا قبلهَا مَفْتُوحًا فبالألف نَحْو لن يقْرَأ إِلَّا أَن تكون هِيَ مَضْمُومَة فالبواو نَحْو يكلؤ أَو مَكْسُورَة فبالياء نَحْو (من المكلئ) وَإِن كَانَ مَا قبلهَا مضموما فبالواو نَحْو هَذِه الأكمؤ وَرَأَيْت الأكمؤ إِلَّا أَن تكون هِيَ مَكْسُورَة فبالياء نَحْو (من الأكمئ) إِن قُلْنَا بالتسهيل بَين الْهمزَة وَالْيَاء وبالواو إِن قُلْنَا بإبدالها واوا وَإِن كَانَ مَا قبلهَا مكسورا فبالياء نَحْو لن يقرئ وَمن الْمُقْرِئ إِلَّا أَن تكون مَضْمُومَة فالبواو إِن قُلْنَا بالتسهيل بَين الْهمزَة وَالْوَاو وبالياء إِن قُلْنَا بإبدالها يَاء وعَلى الأول إِن اتَّصل بهَا ضمير فعلى حسب الْحَرَكَة قبلهَا كحالها إِذا لم يتَّصل بهَا ضمير وَقيل إِن انْضَمَّ مَا قبلهَا أَو انْكَسَرَ فَكَمَا قبل الِاتِّصَال بالضمير تجْعَل صورتهَا على حسب الْحَرَكَة قبلهَا(3/507)
وَإِن انْفَتح وانفتحت أَو سكنت فبالألف نَحْو لم يقرأه وَلنْ يقرأه أَو انضمت فبالواو نَحْو هُوَ يَقْرَؤُهُ هَذَا مَا قَرَّرَهُ أَبُو حَيَّان أَولا ثمَّ حكى قَول التسهيل أَنه إِذا اتَّصل بِالْهَمْزَةِ الْأَخِيرَة بعد فَتْحة أَو ألف ضمير مُتَّصِل فَإِنَّهَا تُعْطِي مَا للمتوسطة وَقَالَ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَأَنَّهَا لم تقع أخيرا إِذْ لَا يُوقف عَلَيْهَا وَلَا يبتدأ بِذَاكَ الضَّمِير قَالَ وَقد أحَال ابْن مَالك حكم مَا وَليهَا ضمير مُتَّصِل على حكم المتوسطة وَقد ذكر فِي المتوسطة أَنَّهَا تصور بالحرف الَّذِي يؤول إِلَيْهِ فِي التَّخْفِيف إبدالا وتسهيلا قَالَ فعلى هَذَا يكْتب يقْرَأ بِالْألف لِأَنَّهَا قد تخفف بإبدالها ألفا وبالواو لِأَنَّهَا قد تخفف بتسهيلها بَينهَا وَبَين الْحَرْف الَّذِي من حركتها وَيكْتب (مَا أَنا) و (ماؤك) و (مائك) بِالْألف وَالْوَاو وَالْيَاء لِأَنَّهَا قد تخفف بجعلها بَين بَين لَا بالإبدال وَقيل إِذا كَانَ مَا قبلهَا مَفْتُوحًا واتصل بهَا الضَّمِير فَكَمَا لم يتَّصل يَعْنِي أَنَّهَا تكْتب بِأَلف نَحْو هَذَا نبأك وَرَأَيْت نبأك وَعَجِبت من نبأك كحالة لَو لم يتَّصل بِهِ ضمير قَالَ أَحْمد بن يحيى إِذا انْفَتح مَا قبل الْهمزَة فبالألف مَا لم يضف فَإِن أضفته كتبته فِي الْخَفْض بياء نَحْو من نبئه وَفِي الرّفْع بواو وَفِي النصب بِأَلف قَالَ وَرُبمَا أقرُّوا الْألف وَجَاءُوا فِي الرّفْع بواو بعْدهَا وبياء فِي الْخَفْض وَلَا يجمعُونَ فِي النصب بَين أَلفَيْنِ فَيَقُولُونَ كرهت خطاأه وأعجبني خطاؤه وَعَجِبت من خطائه وَالِاخْتِيَار مَعَ الْوَاو وَالْيَاء أَن تسْقط الْألف وَهُوَ الْقيَاس فَأَما الألفان فَإِن الْعَرَب لم تجمع بَينهمَا وَلذَلِك كتبُوا أَخطَأ وَقَرَأَ بِأَلف وَاحِدَة وَلَو كتبت بِأَلفَيْنِ كَانَ هَا هُنَا أوثق ليفرق بَين الْوَاحِد والتثنية إِلَّا أَنهم اكتفوا بِالدَّلِيلِ الَّذِي قبله من الْكَلَام أَو بعده عَلَيْهِ اه
حذف همزَة الْوَصْل
وتحذف همزَة الْوَصْل خطا فِي مَوَاضِع أَحدهَا إِذا وَقعت بَين الْوَاو أَو الْفَاء وَبَين همزَة هِيَ فَاء نَحْو (فأت) (وأت) وَعَلِيهِ كتبُوا {وَأمر أهلك} [طه: 132] وَالسَّبَب فِي الْحَذف أَنَّهَا لَو أَثْبَتَت لَكَانَ جمعا بَين أَلفَيْنِ صُورَة همزَة الْوَصْل وَصُورَة الْهمزَة الَّتِي هِيَ فَاء(3/508)
الْكَلِمَة مَعَ كَون الْوَاو وَالْفَاء شديدي الِاتِّصَال بِمَا بعدهمَا لَا يُوقف عَلَيْهِمَا دونه وهم لم يجمعوا بَين أَلفَيْنِ فِي سَائِر هجائهم إِلَّا على خلاف فِي المتطرفة لِأَن الْأَطْرَاف مَحل التغييرات وَالزِّيَادَة فَلَو لم يتقدمها شَيْء أصلا أَثْبَتَت كَقَوْلِك فِي الِابْتِدَاء (ائْذَنْ لي) (اؤتمن فلَان) وَكَذَا لَو تقدمها غير الْوَاو وَالْفَاء نَحْو: {ثمَّ ائْتُوا} [طه: 64] {الَّذِي اؤتمن} [الْبَقَرَة: 283] {من يَقُول ائْذَنْ لي} [التَّوْبَة: 49] أَو تقدمها الْوَاو وَالْفَاء وَلَيْسَت فَاء الْكَلِمَة همزَة نَحْو: (وَاضْرِبْ) (فَاضْرب) الثَّانِي إِذا وَقعت بعد همزَة الِاسْتِفْهَام سَوَاء كَانَت همزَة الْوَصْل مَكْسُورَة أَو مَضْمُومَة نَحْو (أسمك زيد أَو عَمْرو) و (اصطفي زيد أم عَمْرو) فَإِن كَانَت مَفْتُوحَة نَحْو: {أصطفى الْبَنَات} [الصافات: 153] {ءالذَّكَرَينِ حَرَّمَ} [الْأَنْعَام: 143] فَكَلَام ابْن مَالك يَقْتَضِي الْحَذف أَيْضا قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ شَيْء ذهب إِلَيْهِ أَحْمد بن يحيى قَالَ وَالَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابنَا أَنه يكْتب بِأَلفَيْنِ إِحْدَاهمَا ألف الْوَصْل وَالْأُخْرَى ألف الِاسْتِفْهَام قَالَ أَحْمد بن يحيى الْعَرَب تكتفي بِأَلف الِاسْتِفْهَام عَن ألف الْوَصْل فِي الْألف وَاللَّام من الْخط وَأما اللَّفْظ فعلى التَّطْوِيل وإثباتها مثل {ءَآلذَّكَرَينِ} [الْأَنْعَام: 143] (الله) وَكَأَنَّهُم اكتفوا بِصُورَة عَن صُورَة لِأَن صُورَة ألف الِاسْتِفْهَام كصورة الْألف بعْدهَا وَلم يحذفوا فِي اللَّفْظ لِئَلَّا يشْتَبه الْخَبَر بالاستفهام انْتهى
ألف الْقطع
أما ألف الْقطع إِذا وَقعت بعد همزَة الِاسْتِفْهَام فَإِنَّهَا لَا تحذف بل تصور بمجانس حركتها لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تسهل على نَحوه فتكتب ألفا فِي نَحْو (أأسجد) وياء فِي (أئنك) وواوا فِي أؤنزل وَجوز الْكسَائي وثعلب الْحَذف فِي الْمَفْتُوحَة فتكتب أَسجد بِأَلف وَاحِدَة غير أَن الْكسَائي قَالَ الْمَحْذُوف ألف الِاسْتِفْهَام وثعلب قَالَ المحذوفة الثَّانِيَة وَجوز ابْن مَالك كِتَابَة الْمَكْسُورَة والمضمومة بِأَلف نَحْو أإنك أأنزل(3/509)
الثَّالِث من لَام التَّعْرِيف إِذا وَقعت بعد لَام الِابْتِدَاء أَو لَام الْجَرّ نَحْو {وللدار الْآخِرَة} [الْأَنْعَام: 32] {للَّذين أَحْسنُوا} [يُونُس: 26] وَكَانَ قياسها الْإِثْبَات كَمَا كتبوها فِي لابنك قَائِم ولابنك مَال وَسبب حذفهَا خوف التباسها بِلَا النافية وَزعم الْفراء أَن سَببه اجْتِمَاع ثَلَاثَة أشكال متشابهات فِي الْخط لِأَن اللَّام مثل الْألف واجتماع الْأَمْثَال يستثقل لفظا فَكَذَلِك خطا وَزعم بَعضهم أَن سَببه فِي لَام الْجَرّ شدَّة اتصالها بِمَا بعْدهَا فكأنهما كلمة وَاحِدَة وهمزة الْوَصْل لَا تكون حَشْوًا وَزعم بَعضهم أَن الْألف لَا تحذف مَعَ لَام الِابْتِدَاء فرقا بَينهَا وَبَين لَام الْجَرّ وَلَو وَقع بعد اللَّام وصل بعْدهَا لَام من نفس الْكَلِمَة كتبت الْألف على الأَصْل نَحْو جِئْت لالتقاء زيد فَإِن أدخلت الْألف وَاللَّام وأدخلت لَام الْجَرّ حذفت همزَة الْوَصْل فَكتبت للالتقاء الرَّابِع من أول بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَكَانَ الْقيَاس أَن يكْتب (باسم) بِالْألف كَمَا يكْتب بِابْن لَكِن حذفوها لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَلَا تحذف فِي غير الْبَسْمَلَة من أَنْوَاع التَّسْمِيَة نَحْو باسم الله بِدُونِ الرَّحْمَن الرَّحِيم و ( {باسم رَبك} [العلق: 1] وَزعم بَعضهم أَنَّهَا لم تحذف فِي الْبَسْمَلَة أَيْضا وَإِنَّمَا كتتب على لُغَة من يَقُول سم الله وَالْأَصْل بِسم الله ثمَّ خفف على حد قَوْلهم فِي إبل بل وَالْتزم التَّخْفِيف قَالَ أَبُو حَيَّان وَالْأَحْسَن جعل اللَّفْظ على اللُّغَة الفصيحة إِذا لَو كَانَ حذف الْألف لتِلْك اللُّغَة لجَاز إِسْقَاط الْألف فِي جَمِيع الْمَوَاضِع وَلَيْسَ كَذَلِك وَزعم الْأَخْفَش أَن سَبَب حذفهَا كَون الْبَاء لَا يُوقف عَلَيْهَا فَكَأَنَّهَا وَالِاسْم شَيْء وَاحِد وَجوز الْفراء حذفهَا من {بِسم الله مجْراهَا وَمرْسَاهَا} [هود: 41] وباسم الله بِدُونِ الرَّحْمَن الرَّحِيم لِأَنَّهُمَا كَانَا مَعهَا فحذفا للاستعمال وَجوز بَعضهم حذفهَا من (بِسم الله) وَإِذا لم ينْو مَعهَا الرَّحْمَن الرَّحِيم بِشَرْط أَلا تكون الْإِضَافَة إِلَى الله والا يكون للباء تعلق بِهِ فِي اللَّفْظ وَألا يكون(3/510)
قبلهَا كَلَام فَإِن فقد شَرط مِمَّا ذكر لم يجز الْحَذف نَحْو (باسم رَبك تبركت باسم الله أبدأ باسم الله) وَجوز الْكسَائي حذفهَا وَلَو أضيف الِاسْم إِلَى الرَّحْمَن أَو القاهر وَقَالَ الْفراء هَذَا بَاطِل لَا يجوز أَن يحذف إِلَّا مَعَ الله لِأَنَّهَا كثرت مَعَه فَإِذا عدوت ذَلِك أثبت الْألف وَهُوَ الصَّوَاب الْخَامِس من (ابْن) الْوَاقِع بَين علمين صفة مُفردا سَوَاء كَانَا اسْمَيْنِ أم كنيتين أم لقين أم مُخْتَلفين نَحْو هَذَا زيد بن عَمْرو هَذَا أَبُو بكر بن أبي عبد الله وَهَذَا بطة بن قفة وَيتَصَوَّر فِي الْمُخْتَلِفين سِتَّة أَمْثِلَة وَحكى أَبُو الْفَتْح عَن متأخري الْكتاب أَنهم لَا يحذفون الْألف مَعَ الكنية تقدّمت أَو تَأَخَّرت قَالَ وَهُوَ مَرْدُود عِنْد الْعلمَاء على قِيَاس مَذْهَبهم لِأَن حذف التَّنْوِين مَعَ المكني كحذفه مَعَ الْأَسْمَاء وَإِنَّمَا هُوَ لجعل الاسمين اسْما وَاحِدًا فحذفت الْألف لِأَنَّهُ توَسط الْكَلِمَة أهـ وَقَالَ أَبُو حَيَّان الْألف تحذف من الْخط فِي كل مَوضِع يحذف مِنْهُ التَّنْوِين وَهُوَ يحذف مَعَ المكني مثل مَا يحذف مَعَ الْأَسْمَاء الْأَعْلَام قَالَ: 1819 -
(فَلم أَجْبُن وَلم أنكل وَلَكِن ... يَمَمْتُ بهَا أَبَا صَخْر بنَ عَمْرو)
قَالَ وَشرط ابْن عُصْفُور أَن يكون (ابْن) مذكرا وَهُوَ خلاف مَا جزم بِهِ ابْن مَالك من إلحاقهم فُلَانَة بنت فُلَانَة بفلان بن فلَان وَلم لم يكن (ابْن) صفة بل كَانَ بَدَلا أَو خَبرا لم تحذف أَلفه
3 - أَحْكَام الْوَصْل والفصل
(ص) ويوصل مركب المزج وكل كلمة على حرف يقبل الْوَصْل وَالضَّمِير الْمُتَّصِل وعلامات الْفُرُوع وَمَا ملغاة أَو كَافَّة وَلَو فِي قَلما فِي الْأَصَح وَكلما إِن لم يعْمل فِيهَا مَا قبلهَا واستفهامية بعن وَمن وَفِي لَا(3/511)
بموصولة فِي الْأَصَح وَفِي نعما وبئسما وَجْهَان و (من) (بِمن) لَا (بعن) مُطلقًا فِي الْأَصَح واستفهامية (بعن) لَا مَعَ (مَعَ) و (إِن) (بِلَا) وَفِي (أَن) و (كي) خلف وتحذف نون ذِي النُّون وَلَا توصل لن وَلم وَأم وشذ وصل (ويكأنه) (ويلمه) وَنَحْو (يَوْمئِذٍ) و (ثَلَاثمِائَة) (ش) النَّوْع الثَّانِي أَحْكَام الْوَصْل والفصل فَالْأَصْل فصل الْكَلِمَة من الْكَلِمَة لِأَن كل كلمة تدل على معنى غير معنى الْكَلِمَة الْأُخْرَى فَكَمَا أَن الْمَعْنيين متميزان فَكَذَلِك اللَّفْظ الْمعبر عَنْهُمَا يكون وَكَذَلِكَ الْخط النَّائِب عَن اللَّفْظ يكون متميزا بفصله عَن غَيره وَخرج عَن ذَلِك مَا كَانَا كشيء وَاحِد فَلَا تفصل الْكَلِمَة من الْكَلِمَة وَذَلِكَ أَرْبَعَة أَشْيَاء الأول الْمركب تركيب مزج كبعلبك بِخِلَاف غَيره من المركبات كغلام زيد وَخَمْسَة عشر وصباح مسَاء وَبَين بَين وحيص بيص الثَّانِي أَن تكون إِحْدَى الْكَلِمَتَيْنِ لَا يبتدأ بهَا لِأَن الْفَصْل فِي الْخط يدل على الْفَصْل فِي اللَّفْظ فَإِذا كَانَ لَا يُمكن فَصله فِي اللَّفْظ فَكَذَلِك يَنْبَغِي أَن يكون فِي الْخط وَذَلِكَ نَحْو الضمائر البارزة والمتصلة وَنون التوكيد وعلامات التَّأْنِيث والتثنية وَالْجمع وَغير ذَلِك مِمَّا لَا يُمكن أَن يبتدأ بِهِ الثَّالِث أَن تكون إِحْدَى الْكَلِمَتَيْنِ لَا يُوقف عَلَيْهَا وَذَلِكَ نَحْو بَاء الْجَرّ ولامه كافه وَفَاء الْعَطف وَالْجَزَاء وَلَام التَّأْكِيد فَإِن هَذِه الْحُرُوف لَا يُوقف عَلَيْهَا وَخرج عَن ذَلِك وَاو الْعَطف وَنَحْوهَا فَإِنَّهَا لَا توصل لعدم قبُولهَا للوصل الرَّابِع مَا يذكر من الْأَلْفَاظ فتوصل (مَا) إِذا كَانَت ملغاة نَحْو {مِمَّا خطيئاتهم} [نوح: 25] {أَيْنَمَا تَكُونُوا} [النِّسَاء: 78] {فإمَّا تَرين} [مَرْيَم: 26] و (إِنَّمَا) و (حَيْثُمَا) و (كَيْفَمَا) و (أما أَنْت مُنْطَلقًا انْطَلَقت) وَإِذا كَانَت كَافَّة نَحْو (كَمَا) و (رُبمَا) و (إِنَّمَا) و (كَأَنَّمَا) و (ليتما) و (لعلما) وَاسْتثنى ابْن درسْتوَيْه والزنجاني (مَا) فِي (قَلما) فَقَالَا إِنَّهَا تفصل وتوصل ب (كل) إِن لم يعْمل فِيهَا مَا قبلهَا وَهِي الظَّرْفِيَّة نَحْو (كلما جِئْت أكرمتك) {كلما رزقوا مِنْهَا من ثَمَرَة رزقا قَالُوا} [الْبَقَرَة: 25] بِخِلَاف الَّتِي يعْمل فِيهَا مَا قبلهَا فَإِنَّهَا تكون حِينَئِذٍ اسْما مُضَافا إِلَيْهِ كل نَحْو {وَءَاتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} [إِبْرَاهِيم: 34](3/512)
وتوصل (مَا) الاستفهامية بعن وَمن وَفِي لِأَنَّهَا تحذف ألفها مَعَ الثَّلَاثَة وَتصير على حرف وَاحِد فَحسن وَصلهَا بهَا نَحْو {عَم يتساءلون} [النبأ: 1] مِم هَذَا الثَّوْب {فيمَ أَنْت من ذكرَاهَا} [النازعات: 43] وَلَا توصل (مَا) الشّرطِيَّة بِوَاحِد من الثَّلَاثَة قَالَ أَبُو حَيَّان الْقيَاس يَقْتَضِي أَن تكْتب مَعهَا مفصولة وَقَالَ فِي (مَا) الموصولة مَعَ الثَّلَاثَة ثَلَاثَة مَذَاهِب أَحدهَا أَنَّهَا تكْتب مُتَّصِلَة مَعهَا لأجل الْإِدْغَام فِي عَن وَمن وَهُوَ مَذْهَب ابْن قُتَيْبَة نَحْو رغبت عَمَّا رغبت عَنهُ وَعَجِبت (مِمَّا) عجبت مِنْهُ وفكرت فِيمَا فَكرت فِيهِ وَالثَّانِي أَنَّهَا تكْتب مفصولة على قِيَاس مَا هُوَ من كَلِمَتَيْنِ وَهُوَ قَول أَصْحَابنَا وَبِه جزم ابْن عُصْفُور وَهُوَ أرجح لِأَنَّهُ الأَصْل وَلِأَن عِلّة الْوَصْل الْآتِيَة فِي (مِمَّن) وَهُوَ التباس اللَّفْظَيْنِ خطا مفقودة فِي (مِمَّا) وَالثَّالِث أَن الْغَالِب تكْتب مَوْصُولَة وَيجوز كتبهَا مفصولة وَهُوَ اخْتِيَار ابْن مَالك وَفِي (مَا) مَعَ (نعم) و (بئس) وَجْهَان حَكَاهُمَا ابْن قُتَيْبَة الْفَصْل على الأَصْل والوصل لأجل الْإِدْغَام فِي نعما وحملت بئْسَمَا عَلَيْهَا وَقد رسما فِي الْمُصحف بالوصل وتوصل (من) (بِمن) مُطلقًا سَوَاء كَانَت مَوْصُولَة أَو مَوْصُوفَة أم استفهامية أم شَرْطِيَّة نَحْو (أخذت مِمَّن أخذت مِنْهُ وَمِمَّنْ أَنْت وَمِمَّنْ تَأْخُذ آخذ مِنْهُ) وَإِنَّمَا وصلت بهَا لأجل اشتباهها خطا لَو كتبا (من من) فوصلا وأدغمت نون من وَمِيم من وَنزلت منزلَة المدغم فِي الْكَلِمَة الْوَاحِدَة فَلم يَجْعَل لَهَا صُورَة هَذَا مَا قَالَه ابْن مَالك وَقَالَ ابْن عُصْفُور توصل الاستفهامية فَقَط حملا على أُخْتهَا (مَا) ويفصل غَيرهَا على الأَصْل قَالَ أَبُو حَيَّان وَقَول ابْن مَالك أرجح نظرا إِلَى عِلّة الِاشْتِبَاه فِي الْخط(3/513)
وَفِي (من) سَوَاء كَانَت استفهامية أَو مَوْصُولَة أَو شَرْطِيَّة مَعَ (عَن) رأيان قَالَ ابْن قُتَيْبَة تكْتب (عَمَّن) مُتَّصِلَة على كل حَال لأجل الْإِدْغَام كَمَا تكْتب (عَم) و (عَمَّا) نَحْو (عَمَّن تسْأَل) و (رويت عَمَّن رويت عَنهُ) و (عَمَّن ترْضى أرْضى عَنهُ) قَالَ أَبُو حَيَّان وَزعم غَيره أَنه لَا يُؤثر فِي ذَلِك الْإِدْغَام لِأَنَّهُمَا كلمتان وَعَلِيهِ ابْن عُصْفُور وَأما ابْن مَالك فَقَالَ إِن الْغَالِب الْوَصْل وَيجوز الْفَصْل وتوصل (من) الاستفهامية ب (فِي) قولا وَاحِدًا نَحْو (فِيمَن تفكر) وتوصل إِن الشّرطِيَّة ب (لَا) نَحْو {إِلَّا تفعلوه} [الْأَنْفَال: 73] {إِلَّا تنصروه} [التَّوْبَة: 40] وَفِي أَن الناصبة مَعَ لَا قَولَانِ أَحدهمَا أَنَّهَا تكْتب مفصولة مُطلقًا قَالَ أَبُو حَيَّان وَهُوَ الصَّحِيح لِأَنَّهُ الأَصْل وَالثَّانِي أَن الناصبة يُوصل بهَا والمخففة من الثَّقِيلَة يفصل مِنْهَا وَهُوَ قَول ابْن قُتَيْبَة وَاخْتَارَهُ ابْن السَّيِّد وَعلله ابْن الضائع بِأَن الناصبة شَدِيدَة الِاتِّصَال بِالْفِعْلِ بِحَيْثُ لَا يجوز أَن يفصل بَينهَا وَبَينه والمخففة بِالْعَكْسِ بِحَيْثُ لَا يجوز أَن تتصل بِهِ فَحسن الْوَصْل فِي تِلْكَ والفصل فِي هَذِه خطا وَفِي (كي) مَعَ (لَا) قَولَانِ قَالَ ابْن قُتَيْبَة تكْتب مُنْفَصِلَة كي لَا تفصل كَمَا تكْتب (حَتَّى لَا تفعل) مُنْفَصِلَة وَقَالَ غَيره تكْتب مُتَّصِلَة وَمَا وصل من الْمَذْكُورَات مِمَّا فِيهِ نون وَهُوَ من وَعَن وَأَن وَإِن حذفت نونه للإدغام كَمَا مر فِي الْأَمْثِلَة وَلَا يُوصل (لن) و (لم) و (لم) و (أم) بِشَيْء وَمَا وَقع فِي رسم الْمُصحف من وصل {ألن نجمع عِظَامه} [الْقِيَامَة: 3] {فَإِلَّم يَستَجِيبُوا لَكُم} [هود: 14] {أَمَّن هُوَ قَانِتٌ} [الزمر: 9] فَهُوَ مِمَّا لَا يُقَاس عَلَيْهِ كَسَائِر مَا رسم فِيهِ مُخَالفا لما تقدم وَلما يَأْتِي وَأما (مَعَ) إِذا اتَّصَلت بِمن فَإِنَّهَا تكْتب مفصولة قَالَه ابْن قُتَيْبَة(3/514)
قَالَ أَبُو حَيَّان قَالَ بعض شُيُوخنَا أَظن سَبَب ذَلِك قلَّة الِاسْتِعْمَال وَإِلَّا فَمَا الْفرق بَين (مَعَ) وَبَين (فِي) قَالَ وَقد يُمكن أَن يفرق بالاسمية فَإِن (فِي) لَا تكون إِلَّا حرفا و (مَعَ) اسْم وَهِي أَيْضا تنفصل مِمَّا بعْدهَا فَتَقول (مَعًا) فَلذَلِك فصلت بِخِلَاف (فِي) وَمِمَّا وصل شذوذا وَكَانَ قِيَاسه الْفَصْل (ويكأنه) لِأَنَّهُ مركب من (وي) بِمَعْنى أعجب و (كَأَنَّهُ) و (ويلمه) وَالْأَصْل (ويل أمه) و (يَوْمئِذٍ) وَنَحْوه من الظروف المضافة ل (إِذْ) و (ثلثمِائة) وَنَحْوه وَفِي حفظي أَن الْوَصْل خَاص بثلاثمائة وسِتمِائَة فَقَط وأظن ذَلِك فِي شرح الْهَادِي للزنجاني وَلَيْسَ بحاضر عِنْدِي الْآن
3 - أَحْكَام الزِّيَادَة
(ص) وزيدت ألف بعد وَاو الْجمع متطرفة فِي مَاض وَأمر وَفِي الْمُضَارع رأيان لَا اسْم خلافًا للكوفيين وَلَا مضارع مُفْرد مُطلقًا خلافًا للكسائي وَلَا رفعا خلافًا للفراء وَفِي مائَة وَمِائَتَيْنِ فِي الْأَشْهر وواو فِي أُولَئِكَ وَأولُوا وَأولَات وَفِي يَا أوخي عِنْد بَعضهم وَعَمْرو علما فرقا من عمر وَمن ثمَّ لم تزد مَنْصُوبًا قَالَ ابْن قُتَيْبَة وَلَا مُضَافا لمضمر والزنجاني وَلَا مُصَغرًا ومعرفا بأل وقافية (ش) النَّوْع الثَّالِث أَحْكَام الزِّيَادَة فتزاد ألف بعد وَاو الْجمع المتطرفة الْمُتَّصِلَة بِفعل مَاض وأمرر نَحْو ضربوا واضربوا وَلَا تزاد بعد غير وَاو الْجمع نَحْو يَغْزُو وَيَدْعُو خلافًا للفراء فَإِنَّهُ يُجِيز أَن يلْحق فِي حَاله الرّفْع خَاصَّة وللكسائي حَالَة النصب نَحْو لن يغزوا زيد بِالْألف وَلنْ يغزوك بِلَا ألف فرقا بَين الِاتِّصَال والانفصال وَلَا بعد وَاو الْجمع غير المتطرفة نَحْو ضربوك واضربوه وَلَا بعد وَاو الْجمع المتطرفة الْمُتَّصِلَة باسم نَحْو (ضاربو زيد) لعدم لُزُوم هَذِه الْوَاو وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ لحاقها فيكتبون نَحْو ضاربوا زيد وهموا بِالْألف كَمَا ترى وَكَذَا بنوا زيد بخلفا أَبُو زيد وأخو زيد(3/515)
وَاخْتلف البصريون فِي إلحاقها بالمضارع إِذا اتَّصَلت الْوَاو بِهِ متطرفة نَحْو لن يضْربُوا فالأخفش يَجعله كالماضي وَالْأَمر فِي لحاق الْألف وَبَعض الْبَصرِيين لَا يلْحقهَا وَقد اخْتلفُوا فِي سَبَب زيادتها فَقَالَ الْخَلِيل لما كَانَ وَضعهَا على الْمَدّ وعَلى أَلا تتحرك أصلا زادوا بعْدهَا الْألف لِأَن فصل صَوت الْمَدّ بهَا يَنْتَهِي إِلَى مخرج الْألف وَقَالَ بَعضهم فصلوا بهَا بَين الضَّمِير الْمُنْفَصِل وَالضَّمِير الْمُتَّصِل نَحْو ضربوهم إِذا كَانَ الضَّمِير مَفْعُولا لم يكتبوا الْألف وَإِذا كَانَ تَأْكِيدًا كتبوها فرقا بَين الضميرين وَيتْرك الْألف فِي خطّ الْمُصحف فِي {وَإِذا كالوهم أَو وزنوهم} [المطففين: 3] استدلوا على أَن الضَّمِير مفعول وَأَنه لَيْسَ ضمير رفع مُنْفَصِلا توكيدا لواو الْجمع ثمَّ اطردت زِيَادَة هَذِه الْألف فِي كل وَاو جمع وَإِن لم يلْحقهَا ضمير وَذهب الْأَخْفَش وَابْن قُتَيْبَة إِلَى أَنَّهَا فصل بهَا وَبَين وَاو الْجمع وواو النسق نَحْو (كفرُوا) و (وردوا) و (جَاءُوا) وَنَحْوهَا من الواوات الْمُنْفَصِلَة عَن الْحَرْف قبلهَا هَذَا هُوَ الأَصْل ثمَّ حذفوا على ذَلِك من الواوات الْمُتَّصِلَة بالحرف قبلهَا نَحْو (ضربوا) ليَكُون الْبَاب وَاحِدًا وَلِهَذَا لم تلْحق بالمفرد نَحْو (يَدْعُو) لِأَنَّهَا لاتصالها لَا يعرض فِيهَا من اللّبْس مَا يعرض مَعَ وَاو الْجمع وَلذَلِك سموا هَذِه الْألف ألف الْفَصْل وَعلل مَذْهَب الْفراء بِأَنَّهَا زيدت للْفرق بَين الْوَاو المتحركة وَالْوَاو الساكنة وَعلل مَذْهَب الْكسَائي بِأَنَّهَا زيدت فرقا بَين الِاسْم وَالْفِعْل وَقَالَ بَعضهم فرقوا بهَا بَين الْوَاو الْأَصْلِيَّة وَالْوَاو الزَّائِدَة وزيدت ألف أَيْضا فِي (مائَة) قَالَ أَبُو حَيَّان وَذَلِكَ للْفرق بَينهَا وَبَين (مِنْهُ) وَكَانَت الزِّيَادَة من حُرُوف الْعلَّة لِأَنَّهَا تكْثر زيادتها وَكَانَت ألفا لِأَنَّهَا تشبه الْهمزَة وَلِأَن الفتحة من جنس الْألف وَلم تكن يَاء لِأَنَّهُ كَانَ يجْتَمع حرفان مثلان وَلَا واوا لاستثقال الْجمع بَين الْيَاء وَالْوَاو(3/516)
وَجعل الْفرق فِي (مائَة) دون (مِنْهُ) إِمَّا لِأَن (مائَة) اسْم و (مِنْهُ) حرف وَالِاسْم أحمل للزِّيَادَة من الْحَرْف وَإِمَّا لِأَن (الْمِائَة) محذوفة اللَّام يدل على ذَلِك (أمأيت الدارهم) فَجعل الْفرق فِي (مائَة) بَدَلا من الْمَحْذُوف مَعَ كَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَلذَلِك لم يفصلوا بَين فِئَة و (فِيهِ) لعدم كَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَقَالَ مُحَمَّد بن حَرْب الْبَصْرِيّ الْمَعْرُوف بالملهم صَاحب الْأَخْفَش كَانَت هَذِه الْألف فِي مائَة أولى مِنْهَا بمنه لِأَن أصل مائَة مئية على وزن فعلة من مئيت والهمزة تقع مَفْتُوحَة فِي لفظ ألف وينكسر مَا قبلهَا فَيسْتَحق بذلك أَن تكْتب يَاء فألزموها العلتين جَمِيعًا الْيَاء للكسرة وَالْألف للفتحة وَلِأَن الْعدَد أولى بالتوكيد والعلامات من غَيره أهـ قَالَ أَبُو حَيَّان وَالدَّلِيل على أَن الأَصْل فِي (مائَة) (مئية) قَول الشَّاعِر: 1820 -
(فَقلت والمَرْءُ تُخْطِيه مَنِيتُهُ ... أَدْنَى عطيّتِهِ إيّاي مِئْياتُ)
وَضعف الْكُوفِيُّونَ تَعْلِيل الْبَصرِيين بِأَن (مائَة) اسْم و (مِنْهُ) حرف فهما جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ وَالْفرق يَنْبَغِي أَن يَجْعَل فِي مُتحد الْجِنْس يدل على ذَلِك أَنهم لم يفرقُوا بَين (فِئَة) و (فِيهِ) لاختلافه قَالُوا وَإِنَّمَا زيدت فرقا بَينهَا وَبَين (فِئَة) و (رئة) فِي انْقِطَاع لَفظهَا فِي الْعدَد وَعدم انْقِطَاع (فِئَة ورئة) لِأَنَّك تَقول تسع مائَة وَلَا تَقول عشر مائَة بل تَقول ألف وَتقول تسع فئات وتسع رئات وَعشر فئات وَعشر رئات فَلَا يَنْقَطِع ذكرهَا بِهِ فِي التعشير فَلَمَّا خالفتها فِيمَا ذكر خالفوا بَينهَا وَبَينهَا فِي الْخط قَالَ أَبُو حَيَّان وَقد رَأَيْت بِخَط بعض النُّحَاة (مأة) هَكَذَا بِأَلف عَلَيْهَا همزَة الْهمزَة دون يَاء وَقد حُكيَ كتب الْهمزَة الْمَفْتُوحَة إِذا انْكَسَرَ مَا قَلبهَا بِالْألف عَن حذاق النَّحْوِيين مِنْهُم الْفراء رُوِيَ عَنهُ أَنه كَانَ يَقُول يجوز أَن تكْتب الْهمزَة ألفا فِي كل مَوضِع(3/517)
وَقَالَ ابْن كيسَان وَمِنْهُم من يكْتب الْهمزَة ألفا على حركتها فِي نَفسهَا وَإِن كَانَ مَا قبلهَا مكسورا قَالَ أَبُو حَيَّان وَكَثِيرًا مَا أكتب أَنا (مئة) بِغَيْر ألف كَمَا تكْتب (فِئَة) لِأَن كتب مائَة بِالْألف خَارج عَن الأقيسة فَالَّذِي أختاره أَن تكْتب بِالْألف دون الْيَاء على وَجه تَحْقِيق الْهمزَة أَو بِالْيَاءِ دون الْألف على وَجه تسهيلها قَالَ وَحكى صَاحب البديع أَن مِنْهُم من يحذف الْألف من مائَة فِي الْخط قَالَ وَأما زِيَادَة الْألف فِي مِائَتَيْنِ فَفِيهَا خلاف مِنْهُم من يزيدها وَهُوَ اخْتِيَار ابْن مَالك لِأَن التَّثْنِيَة لَا تغير الْوَاحِد عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ بِخِلَاف الْجمع وَمِنْهُم من لَا يزيدها كَمَا لم يزدها فِي الْجمع لِأَن مُوجب الزِّيَادَة قد زَالَ وَاتَّفَقُوا على أَنَّهَا لَا تزاد فِي الْجمع نَحْو مئات ومئون وزيدت وَاو فِي أُولَئِكَ وأولو وَأولَات قَالَ أَبُو حَيَّان أما أُولَئِكَ فتضافرت النُّصُوص على أَنهم زادوا الْوَاو فِيهَا فرقا بَينهَا وَبَين إِلَيْك وَكَانَت الْوَاو أولى من الْيَاء لمناسبة ضمة الْهمزَة وَمن الْألف لِاجْتِمَاع مثلين وَجعل الْفرق فِي أُولَئِكَ لِأَن الزِّيَادَة فِي الْأَسْمَاء أَكثر وَلِأَن (أُولَئِكَ) قد حذف مِنْهُ ألف فَكَانَت الزِّيَادَة فِيهِ أولى ليَكُون كالعوض من الْمَحْذُوف وَزعم الْكُوفِيُّونَ أَن ذَلِك للْفرق بَينهَا وَبَين أُولَئِكَ الاسمية لِأَن (إِلَى) قد تسْتَعْمل اسْما حكوا من كَلَام الْعَرَب (انصرفت من إِلَيْك) وَهَذَا مِنْهُم بِنَاء على أَن الْفرق إِنَّمَا جعل فِي المتحد الْجِنْس قَالَ وَأما أولو وَأولَات فَلم أظفر فِي تَعْلِيله بِنَصّ وَيُمكن عِنْدِي أَن يَكُونُوا زادوا الْوَاو فِيهِ للْفرق بَين (أولي) فِي حَالَة النصب والجر وَبَين (إِلَى) الجارة وحملت حَالَة الرّفْع على حَالَة النصب والجر وَحمل التَّأْنِيث فِي أولات على التَّذْكِير فِي (أولي) قَالَ وَأما فِي (أوخي) حَالَة التصغير فزادها بعض أهل الْخط فرقا بَينهَا وَبَين أخي المكبر وَكَانَت الزِّيَادَة فِي التصغير لِأَنَّهُ فرع وَالْفُرُوع أحمل للزِّيَادَة وَلِأَنَّهُ قد يُغير لأجل التصغير والتغيير يأنس بالتغيير وَكَانَت وَاو الْمُنَاسبَة ضمة الْهمزَة وَأكْثر أهل الْخط لَا يزيدونهها لِأَن التصغير فرع من التَّكْبِير وَلَيْسَ(3/518)
بِبِنَاء أُصَلِّي أهـ وزيدت الْوَاو أَيْضا فِي (عَمْرو) وَذَلِكَ للْفرق بَينه وَبَين (عمر) وَلِهَذَا اخْتصّت بِحَالَة الرّفْع والجر لِأَنَّهُ حَالَة النصب يكْتب بِأَلف دون عمر فَيظْهر الْفرق وَكَانَت الزِّيَادَة واوا لِأَنَّهُ لَا يَقع فِيهَا لبس إِذْ لَو كَانَت يَاء لالتبس بالمضاف إِلَى يَاء الْمُتَكَلّم أَو ألفا لالتبس الْمَرْفُوع بالمنصوب وَجعلت فِي عَمْرو وَلِأَنَّهُ أخف من (عمر) من جِهَة بنائِهِ على فعل وَمن جِهَة انْصِرَافه وَذكر ابْن قُتَيْبَة ... .
أَحْكَام الْحَذف
(ص) وحذفت لَام التَّعْرِيف من مَوْصُول إِلَّا اللَّذَان وَفِي اللَّيْل وَاللَّيْلَة قيل واللطيف وَجْهَان وَمِمَّا اجْتمع فِيهِ ثَلَاث لامات وَالْألف من الله وإله والرحمن والحرث علما مَا لم يجردا وَالسّلم عَلَيْكُم وَعبد السّلم وسبحن الله وَمَا كثر اسْتِعْمَاله من الْأَعْلَام الزَّائِدَة على ثَلَاثَة مَا لم يلبس أَو يحذف شَيْء وَمن ملئكة وسموات ومفاعل ومفاعيل إِن أَمن قيل وَلم يؤد إِلَى مثلين وفاعلات وفاعلين غير ملبس وَلَا مضاعف وَلَا معتل لَام وَمن ذَلِك وَأُولَئِكَ وَثَلَاث وَثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ وَثَمَانِية وثماني وَفِي ثَمَانِينَ وَجْهَان وَلَكِن ولكنّ وهاء مَعَ الله وَالْإِشَارَة خَالِيَة من الْكَاف إِلَّا تا وتي ومضمر أَوله همزَة وَقيل هِيَ المحذوفة قيل وَمَعَ غَيرهَا وَأحد لينين متماثلين مَا لم يلبس وَجوز ابْن الضائع كِتَابَة واوين (ش) النَّوْع الرَّابِع أَحْكَام الْحَذف فتحذف لَام التَّعْرِيف من الَّذِي وَجمعه وَهُوَ الَّذين وَمن الَّتِي وفروعه وَهُوَ للتثنية وَالْجمع نَحْو التان والتين والآتي والآئي كَرَاهَة اجْتِمَاع مثلين فِي الْخط وَتثبت فِي مثنى الَّذِي خَاصَّة وَهُوَ اللَّذَان واللذين فرقا بَينه وَبَينه الْجمع وَلم يثبت فِي مثنى الَّتِي لِأَنَّهُ لَا يلتبس بجمعه(3/519)
وَقَالَ أَحْمد بن يحيى كتبُوا (اللَّاتِي) و (اللائي) (الَّتِي) و (الئي) وأسقطوا لاما من أَولهَا وألفا من آخرهَا هَذَا للاستعمال لِأَنَّهُ يقل فِي الْكَلَام مثله وَيدل عَلَيْهِ مَا قبله وَمَا بعده وَلَو كتب على لَفظه كَانَ أوثق أهـ قَالَ أَبُو حَيَّان وَكَلَامه يدل على حذف اللَّام من أَوله وَالْألف من آخِره مَعًا وَالَّذِي عهدناه فِي الْكتاب أَنه لَا تحذف الْألف لِئَلَّا يلتبس بالمفرد قَالَ فَإِن قلت اللَّام ألزم فِي الله فَهَلا حذفت قيل لما حذفت الْألف مِنْهُ كَرهُوا حذف اللَّام مَعَ أَنَّهَا لَو حذفت لالتبس ب (إِلَه) لِأَن أَلفه تحذف وَفِي اللَّيْل وَاللَّيْلَة وَجْهَان الْحَذف وَالْإِثْبَات وَالْقِيَاس كتبه بلامين والحذف أَجود لِأَن فِيهِ اتِّبَاع خطّ الْمُصحف قَالَ أَبُو حَيَّان وَزَاد أَحْمد بن يحيى (اللَّطِيف) فعده مَعَ اللَّيْل وَاللَّيْلَة فِيمَا كتب بلام وَاحِدَة قَالَ لِأَنَّهُ عرف فاستخف قَالَ وَكَتَبُوا اللَّهْو واللعب وَاللَّحم بلامين وَلَو كتب بلام لجَاز وتحذف لَام التَّعْرِيف أَيْضا مِمَّا اجْتمع فِيهِ ثَلَاث لامات كَرَاهَة اجْتِمَاع الْأَمْثَال نَحْو (لله) (للسان) و (للدَّار) وتحذف اللَّام من اسْم (الله) وَكَانَ الْقيَاس إِثْبَاتهَا كَمَا فِي اللَّام لكنه قد تصرف فِيهِ بأنواع من التَّصَرُّفَات الَّتِي لَا تجوز إِلَّا فِيهِ وَلِأَنَّهُ لَا يلتبس إِذْ لَا مشارك فِي هَذَا الِاسْم ولكثرة الِاسْتِعْمَال فَهَذِهِ أَشْيَاء تحسن الْحَذف وَأما قَوْلهم (لاه أَبوك) يُرِيدُونَ لله أَبوك فَإِنَّهُم كتبوه بِالْألف لأجل مَا حذف مِنْهُ من حرف الْجَرّ وَالْألف وَاللَّام وَلَا يرد ذَلِك على عبارَة الْمَتْن لِأَنَّهُ خص فِيهِ الْحَذف بِلَفْظ الله ويحذف أَيْضا من (إِلَه) وَمن (الرَّحْمَن) لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال مَعَ أَنه لَا يلبس وَشَرطه أَلا يجرد من الْألف وَاللَّام فَإِن جرد مِنْهُمَا كتب بِالْألف نَحْو (رحمان الدُّنْيَا وَالْآخِرَة) وحذفت أَيْضا من (الْحَرْث) علما لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال بِخِلَاف صفة وَشَرطه أَيْضا أَلا يجرد من الْألف وَاللَّام فَإِن جرد مِنْهَا كتبت بِالْألف نَحْو حَارِث لِئَلَّا يلتبس ب (حَرْب علما واللبس مَعَ اللَّام مَفْقُود لِأَنَّهَا لَا تدخل على كل علم)(3/520)
وحذفت أَيْضا من (السَّلَام عَلَيْكُم) و (عبد السَّلَام) وَمن (سُبْحَانَ الله) بِخِلَاف سبحانا مُنْكرا وَالْعلَّة فِي الثَّلَاثَة وَفِي جَمِيع مَا يَأْتِي كَثْرَة الِاسْتِعْمَال وحذفت أَيْضا مِمَّا كثر اسْتِعْمَاله من الْأَعْلَام الزَّائِدَة على ثَلَاثَة أحرف سَوَاء كَانَت عَرَبِيَّة كمالك وَصَالح وخَالِد أم عجمية كإبراهيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق وَهَارُون وَسليمَان قَالَ أَبُو حَيَّان وَذكر بعض شُيُوخنَا أَن إِثْبَاتهَا فِي نَحْو صَالح وخَالِد وَمَالك جيد وَكَذَا قَالَ أَحْمد بن يحيى أَنه يجوز فِيهِ الْحَذف وَالْإِثْبَات وَلَا يحذف مِمَّا لم يكثر اسْتِعْمَاله كحاتم وَجَابِر وحامد وَسَالم وطالوت وجالوت وهاروت وماروت وهامان وَقَارُون ويأجوج وَقد حذفت فِي بعض الْمَصَاحِف من هاروت وماروت وهامان وَقَارُون وَلَا من الصِّفَات (كَرجل صَالح) و (رجل مَالك) وَلَا مِمَّا لم يزدْ على ثَلَاثَة (كأوس بن لأم) و (ابْن دأب) و (سامة) و (هَالة) وَلَا مِمَّا حذف مِنْهُ شَيْء آخر (كإسرائيل) حذفت إِحْدَى يائيه و (دَاوُد) حذفت إِحْدَى واويه وَلَا إِذا خيف اللّبْس كعامر وعباس لَو حذف لالتبس بعمر وَعَبس وحذفت أَيْضا من (ملئكة) لِأَنَّهُ لَا يلابسه لفظ مَعَ كَثْرَة الِاسْتِعْمَال وحذفت أَيْضا من مفاعل ومفاعيل إِن أَمن التباسه بالمفرد كمحاريب وتماثيل وشياطين لِأَن مفردها محراب وتمثال وَشَيْطَان بِخِلَاف مَا يلتبس بِهِ كدراهم فَيكْتب بِالْألف لِئَلَّا يلتبس بدرهم قَالَ أَبُو حَيَّان وَيجوز الْإِثْبَات فِيمَا لَا يلتبس أَيْضا وَهُوَ أَجود قَالَ وَشرط بعض شُيُوخنَا لجَوَاز الْحَذف شرطا آخر وَهُوَ أَلا تكون الْألف فاصلة بَين حرفين متماثلين نَحْو سكاكين ودكاكين ودنانير فَلَا تحذف الْألف لِئَلَّا يجْتَمع مثلان فِي الْخط وَهُوَ مَكْرُوه ككراهته فِي اللَّفْظ وحذفت أَيْضا من فاعلات أَي مِمَّا كَانَ فِيهِ أَلفَانِ من جمع الْمُؤَنَّث السَّالِم نَحْو صالحات وعابدات وذاكرات وَمِنْه سموات وَإِن لم يكن على وزن فاعلات فَلِذَا صرحت بِهِ فِي الْمَتْن وَحمل جمع الْمُذكر السَّالِم على جمع الْمُؤَنَّث وَإِن لم يكن فِيهِ أَلفَانِ نَحْو (الصَّالِحين) و (القانتين) و (الظَّالِمين) و (الْكَافرين) و (الخاسرين)(3/521)
وَشرط الْحَذف من جمع الْمُؤَنَّث والمذكر أَن يكون غير ملتبس وَلَا مضاعف وَلَا معتل اللَّام فَلَا يحذف من نَحْو الطالحات لإلباسه بطلحات وَلَا من نَحْو حاذرين لإلباسه بحذرين وهما مُخْتَلِفَانِ فِي الدّلَالَة وَلَا من نَحْو شابات والعادين لِأَنَّهُ بِالْإِدْغَامِ نقص فِي الْخط إِذْ جعلُوا صُورَة المدغم والمدغم فِيهِ شكلا وَاحِدًا وَلذَلِك كتبُوا فِي الْمُصحف {الضَّالّين} [الْفَاتِحَة: 7] و {العادين} [الْمُؤْمِنُونَ: 113] بِالْألف وَلَا من نَحْو راميات والرامين لِأَنَّهُ حذف من الرامين لَام الْفِعْل وحملت عَلَيْهِ الراميات وَإِن لم يكن فِيهِ حذف كَمَا حمل الْحَذف من الصَّالِحين والصالحات وَإِن لم يكن فِيهِ أَلفَانِ وَهَذَا من تعاكس النَّظَائِر والتعارض حَيْثُ حمل الْإِثْبَات فِي الْمُؤَنَّث على الْإِثْبَات فِي الْمُذكر كَمَا حمل الْحَذف فِي الْمُذكر على الْحَذف فِي الْمُؤَنَّث وحذفت أَيْضا من علم فِي آخِره الْألف وَالنُّون كسفيان ومروان وَعُثْمَان وَمَا أشبهه فِي كَثْرَة الِاسْتِعْمَال نبه عَلَيْهِ أَبُو حَيَّان وَهُوَ دَاخل فِي مَسْأَلَة الْأَعْلَام الزَّائِدَة على ثَلَاثَة وحذفت أَيْضا من (ذَلِك) و (أُولَئِكَ) بِخِلَاف (ذَا) و (وأولاء) مجردين من حرف الْخطاب و (هذاك) و (هؤلائك) مَقْرُونا بِحرف الْخطاب وَهَا التَّنْبِيه وَمن (ثلث) و (ثَلَاثَة) بِخِلَاف (ثَلَاث) المعدول فَإِنَّهُ لم يكثر كثرتهما وَلِأَنَّهُ لَو حذف مِنْهَا لالتبس بِثلث وَمن ثلثين وثمنية وثمني بِإِثْبَات الْيَاء بِخِلَاف ثَمَان بِحَذْف الْيَاء فَلَا تحذف مِنْهُ الْألف فِرَارًا من توالي الْحَذف وكثرته وَفِي ثَمَانِينَ وَجْهَان الْإِثْبَات لِأَنَّهُ حذفت مِنْهُ يَاء الْمُفْرد وَالْيَاء الْمَوْجُودَة فِيهِ يَاء إِعْرَاب والحذف لِأَن الْيَاء المحذوفة عَاقبَتهَا يَاء أُخْرَى لِأَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ فَكَأَن الْيَاء مَوْجُودَة إِجْرَاء للمعاقب مجْرى المعاقب وَالْإِثْبَات اخْتِيَار ابْن عُصْفُور وَثَمَانُونَ بِالْوَاو حكمه حكم ثَمَانِينَ بِالْيَاءِ فِي جَوَاز الْوَجْهَيْنِ وحذفت أَيْضا من (لكنْ) و (لكنّ) وَمن هَا التَّنْبِيه مَعَ الله نَحْو هالله لِأَنَّهُ لم يسْتَعْمل إِلَّا مَعَه فَكَأَنَّهُ حرف وَاحِد وَنَصّ أَحْمد بن يحيى على أَن الْمَحْذُوف همزَة الله(3/522)
وتحذف أَيْضا ألف (هَا) مَعَ اسْم الْإِشَارَة الْخَالِي من الْكَاف نَحْو (هَذَا) و (هَذِه) و (هَؤُلَاءِ) لِكَثْرَة اسْتِعْمَاله مَعَه حَتَّى صَار كَلَفْظِ مركب بِخِلَاف الْمُتَّصِل بِالْكَاف فَإِنَّهُ يجب فِيهِ الْإِثْبَات نَحْو (هَا ذَاك) وَكَذَا هَا الْمُتَّصِلَة (بتا) و (تي) تكْتب بِالْألف نَحْو هاتا وهاتي وَهَاتَانِ وتحذف أَيْضا ألف هاه مَعَ مُضْمر أَوله همزَة نَحْو هأنتم هأنا هأنت بِخِلَاف (نَحن) قَالَ أَحْمد بن يحيى قَالَ الْكسَائي فِي هأنتم وهأنا حذفوا ألف هَا وَلَيْسَ بِشَيْء وَإِنَّمَا حذفوا الْهمزَة بِدَلِيل أَنهم لم يحذفوها فِي هَا نَحن فَدلَّ على أَن المحذوفة فِي هأنتم وهأنا همز الثَّانِيَة لَا الأولى وحذفت أَيْضا من يَاء الَّتِي للنداء الْمُتَّصِلَة بِهَمْزَة لَيست كهمزة (آدم) سَوَاء كَانَت قطعا نَحْو بإبراهيم بِإسْحَاق أَو وصلا نَحْو يَا بن آدم كَرَاهَة اجْتِمَاع أَلفَيْنِ قَالَ أَبُو حَيَّان وَنَصّ أَحْمد بن يحيى على أَن الْألف المحذوفة هِيَ صُورَة الْهمزَة لَا ألف يَا وَهُوَ خلاف قَول ابْن مَالك وَأما نَحْو آدم فَلم تحذف ألف يَا مَعَه لِأَنَّهُ حذف مِنْهُ الْألف المبدلة من فَاء أفعل فَلم يجمعوا عَلَيْهِ حذف أَلفَيْنِ قَالَ أَبُو حَيَّان وَمَفْهُوم كَلَام ابْن مَالك أَنه لَا يجوز الْحَذف فِي (يَا جَعْفَر) و (يَا زيد) لِأَنَّهُ لم يتَّصل بِهَمْزَة وَنَصّ أَحْمد بن يحيى على أَنه يجوز فِي مثل ذَلِك الْإِثْبَات والحذف كَأَنَّهُمْ جعلُوا يَا مَعَ مَا بعْدهَا شَيْئا وَاحِدًا أَقَامُوا يَا مقَام الْألف وَاللَّام بِدَلِيل أَنهم لَا ينادون ب (يَا) هِيَ فِيهِ فَلذَلِك حذفت الْألف وتحذف إِحْدَى لينين متماثلين (كآدم) و (آمن) و (آل) و (إِسْرَائِيل) و (نَبِي) و (دَاوُد) و (طَاوس) و (يَسْتَوُن) و (يلون) و (يأوا إِلَى الْكَهْف) و (جاؤا) و (باؤا) و (شاؤا) كَذَا جزم بِهِ ابْن مَالك بِشَرْط أَلا يلبس (كقرء) حذرا من التباس الْمثنى بالمفرد و (قاريين) حذرا من التباس الْمثنى بِالْجمعِ و (قؤول) و (صؤول) حذرا من التباسه (بقول وُصُول)(3/523)
قَالَ أَبُو حَيَّان وَلم يبين أَيهمَا المحذوفة فَالْقِيَاس يَقْتَضِي أَنَّهَا الساكنة لثقل المتحركة بالحركة قَالَ وَجوز بَعضهم كِتَابه الواوين على الأَصْل وَاخْتَارَهُ ابْن الضائع وَالْقِيَاس خِلَافه كَرَاهَة اجْتِمَاع المثلين وَلَو اجْتمع ثَلَاث متماثلات فِي كلمة أَو كَلِمَتَيْنِ حذف أَيْضا وَاحِد نَحْو يَا آدم ومسأآت وبراآت والنبيين ونجيين (ليسؤوا) و (مسؤون)
3 - أَحْكَام الْبَدَل
(ص) وتنوب الْيَاء عِنْد الْجُمْهُور عَن ألف مختوم بهَا اسْم أَو فعل ثَالِثَة مبدلة من يَاء أَو رَابِعَة فَصَاعِدا مُطلقًا مَا لم تل يَاء فِي غير (يحيى) علما قيل أَو غَيره فَإِن وَليهَا ضمير مُتَّصِل وتاء فَقَوْلَانِ وَالأَصَح فِي كلا وكلتا الْألف إِلَّا لَدَى وعَلى الأول إِن نون فثالثها قَالَ سِيبَوَيْهٍ الْمَنْصُوب بِأَلف وَغَيره بياء وتعرف الْيَاء بالتثنية وَالْجمع والكسرة والإسناد إِلَى الضَّمِير والمضارع وَكَون الْفَاء أَو الْعين واوا وَلَا يكْتب بِالْيَاءِ مَبْنِيّ غير مَتى وَلَا حرف غير بلَى وَإِلَى وعَلى وَحَتَّى إِلَّا مَوْصُولَة ب (مَا) استفهامية (ش) النَّوْع الْخَامِس أَحْكَام الْبَدَل فتكتب كل ألف رَابِعَة أَو خَامِسَة أَو سادسة فِي اسْم أَو فعل يَاء نِيَابَة عَن الْألف سَوَاء كَانَ أَصْلهَا الْيَاء أم الْوَاو أم كَانَت زَائِدَة لإلحاق أَو لتأنيث أَو لغير ذَلِك (كحبلى) و (ملهى) و (مغزى) و (أعْطى) و (يخْشَى) و (الخوزلى) و (أقتضى) و (اعتزى) و (يختشى) و (مستقصى) و (استقصى) و (يستقصى) و (قبعثرى) إِلَّا أَن تكون تالية لياء (كدنيا) و (محيا) و (أَحْيَا) و (خَطَايَا) و (استحيا) إِلَّا (يحيى) علما فَإِنَّهُ يكْتب بِالْيَاءِ فرقا بَين (يحيى) الِاسْم وَبَين (يحيا) الْفِعْل وَألْحق الْمبرد (بِيَحْيَى) كل علم مَنْقُول من الْفِعْل كَأَن يُسمى ب (أعيا) فَكتب بِالْيَاءِ(3/524)
وَألْحق أَيْضا أَبُو جَعْفَر النّحاس كل علم مَنْقُول من الِاسْم (كروايا) علما فَكَتبهُ بِالْيَاءِ فرقا بَينه وَبَين (روايا) الْجمع كَمَا فرقوا بَين (يحيى) الْعلم وَالْفِعْل وَالْجُمْهُور كتب الْجَمِيع بِالْألف فَإِن اتَّصل بِالْكَلِمَةِ ضمير مُتَّصِل فخلاف مِنْهُم من يَكْتُبهُ بِالْيَاءِ وَمِنْهُم من يَكْتُبهُ بِالْألف نَحْو ملهاك ومستدعاه كَذَا حكى الْخلاف فِي التسهيل وَلم يرجح شَيْئا قَالَ أَبُو حَيَّان وَاخْتِيَار أَصْحَابنَا كتبه بِالْألف إِذا اتَّصل بِهِ ضمير نصب أَو خفض سَوَاء كَانَ ثلاثيا أَو زيد إِلَّا (إِحْدَى) خَاصَّة فتكتب بِالْيَاءِ حَال اتصالها بضمير الْخَفْض نَحْو (إحديهما) كحالها دون الِاتِّصَال وَاخْتلفُوا إِذا اتَّصل بتاء تَأْنِيث تقلب فِي الْوَقْف فَذهب البصريون إِلَى أَنَّهَا تكْتب ألفا لتوسطها وَأَجَازَ الْكُوفِيُّونَ كتبهَا يَاء وَلم يعتدوا بتاء التَّأْنِيث وَسَوَاء فِي ذَلِك أَيْضا الثلاثي والأزيد هَذَا كُله تَفْرِيع على القَوْل الْمصدر بِهِ وَهُوَ الْأَشْهر وَحكى ابْن عُصْفُور أَن الْفَارِسِي زعم أَنه لَا يكْتب كل مَا تقدم ذكره إِلَّا بِأَلف أبدا وَكَذَا الثلاثي الْآتِي كَمَا أَن الْهمزَة المنقلبة عَن يَاء أَو وَاو فِي مثل رِدَاء وَكسَاء لَا تكْتب أبدا إِلَّا على صورتهَا لَا على أَصْلهَا ورده ابْن عُصْفُور بِأَن الْألف المنقلبة ترجع إِلَى أَصْلهَا فِي بعض الْأَحْوَال (كرحيان) و (رميت) فَجعلُوا الْخط فِي سَائِر الْمَوَاضِع على ذَلِك والهمزة لَا تعود إِلَى أَصْلهَا فِي مَوضِع من الْمَوَاضِع وَقَالَ ابْن الضائع هَذِه الْحِكَايَة بعيدَة جدا عَن الْفَارِسِي بل مُرَاده أَنه الْقيَاس قَالَ وللفارسي أَن يَقُول إِن كَانَت الْعلَّة الرُّجُوع إِلَى الْيَاء فِي بعض الْمَوَاضِع فلتكتب المنقلبة عَن الْوَاو واوا لرجوعها إِلَيْهَا فِي بعض الْمَوَاضِع وَإِن كَانَت الْعلَّة(3/525)
التَّفْرِيق لزم الِاعْتِرَاض بِالْهَمْزَةِ بل الأولى أَن يُقَال للفارسي فرقت الْعَرَب فِي اللَّفْظ بَين هذَيْن الْأَلفَيْنِ بالإمالة فَحمل الْخط فيهمَا على ذَلِك وَلم يفرق بَين الهمزتين وَقَالَ أَبُو حَيَّان فِي الْمَسْأَلَة ثَلَاثَة مَذَاهِب مَذْهَب الْجُمْهُور وَمذهب الْفَارِسِي وَالثَّالِث أَنه لَا تلْزم ألف وَلَا يَاء بل يجوز أَن تكْتب بِالْيَاءِ وَهُوَ الِاخْتِيَار وَيجوز أَن تكْتب بِالْألف وَذَلِكَ قَلِيل قَالَ وَقد رَأَيْت بِخَط بعض النَّحْوِيين وَهُوَ عِيسَى الْمَلْطِي (عيسا) بِالْألف فِي كتاب قرئَ عَلَيْهِ وَأما الْألف الثَّالِثَة فمذهب الْجُمْهُور أَنَّهَا إِن كَانَت مبدلة من يَاء كتبت أَيْضا يَاء نَحْو (رحى) و (رمى) وَإِن كَانَت مَجْهُولَة الأَصْل (كخسا) أَو كَانَت مبدلة من وَاو كعصا وغزا كتبت بِالْألف وَمُقَابل الْجُمْهُور قَول الْفَارِسِي الْمُتَقَدّم أَنه لَا يكْتب شَيْء بِالْيَاءِ وَقَول الْكسَائي إِن مَا كَانَ من الْفِعْل عينه همزَة نَحْو (شَاءَ) فَإِنَّهُ يجوز أَن يكْتب بِالْيَاءِ وَإِن كَانَ من ذَوَات الْوَاو كَرَاهَة اجْتِمَاع أَلفَيْنِ وَمَا كَانَ من الِاسْم على وزن فَعَل أَو فِعَل فَإِنَّهُ يكْتب بِالْيَاءِ أبدا وَإِن كَانَ من ذَوَات الْوَاو نَحْو (الكبى) والبصريون لَا يجوزون شَيْئا من ذَلِك وَمذهب الْبَصرِيين فِي (كلا) أَن يكْتب بِالْألف لِأَن ألفها منقلبة عَن وَاو وَمن زعم أَنَّهَا منقلبة عَن يَاء كَمَا ذهب إِلَيْهِ الْعَبْدي فَإِنَّهُ يكْتب بِالْيَاءِ وكتبت على الأول (كلتا) بِالْألف حملا على (كلا) وَكَانَ الْقيَاس أَن تكْتب بِالْيَاءِ لِأَن ألفها رَابِعَة وَيعرف كَون الْألف مبدلة من الْيَاء بالانقلاب فِي التَّثْنِيَة نَحْو رحى ورحيان أَو فِي الْجمع بِالْألف وَالتَّاء نَحْو (حَصى وحصيات) أَو فِي الْمرة نَحْو (رمى رمية) أَو فِي الْإِسْنَاد إِلَى الضَّمِير نَحْو (رميت) أَو فِي الْمُضَارع نَحْو يَرْمِي وَيكون الْفِعْل معتل الْعين أَو الْفَاء بِالْوَاو نَحْو هوى وروى ووفى ووعى(3/526)
وَلَا يكْتب اسْم مَبْنِيّ بِالْيَاءِ إِلَّا (مَتى) لإمالتها وَلَا شَيْء من الْحُرُوف بِالْيَاءِ إِلَّا (بلَى) لإمالتها أَيْضا و (على) و (حَتَّى) و (إِلَى) لعودها يَاء فِي (إِلَيْهِ) و (عَلَيْهِ) قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي وَإِنَّمَا كتبت (حَتَّى) بِالْيَاءِ وَإِن كَانَت لَا تمال فرقا بَين دُخُولهَا على الظَّاهِر والمضمر فَلَزِمَ فِيهَا الْألف مَعَ الْمُضمر حِين قَالُوا (حتاي) و (حتاك) و (حتاه) وَانْصَرف إِلَى الْيَاء مَعَ الظَّاهِر حِين قَالُوا حَتَّى زيد انْتهى فَإِن وصلت الثَّلَاثَة ب (مَا) الاستفهامية كتبت بِالْألف لوقوعها وسطا نَحْو (إلام) و (علام) و (حتام) وَقَالَ الزجاجي إِذا أشكل عَلَيْك شَيْء من مَا آخِره ألف فاكتبه بِالْألف لِأَنَّهُ الأَصْل وكما ذهب بَعضهم وَهُوَ الصَّحِيح إِلَى أَن جَمِيع مَا جَازَ يكْتب بِالْيَاءِ جَازَ أَن يكْتب بِالْألف
3 - رسم الْمُصحف
(ص) ورسم الْمُصحف مُتبع وَمن ثمَّ قيل خطان لَا يقاسان خطّ الْمُصحف وَالْعرُوض أما القافية فالمقيدة تستوفي حروفها إِلَّا مَا يتم الْوَزْن دونه فَإِن كَانَ الروي ألفا فِيهَا أبدا والمطلقة نصبا بِالْألف وَالْمُخْتَار حذف صلَة غَيره والممدودة بِأَلفَيْنِ وَمَا مر من زِيَادَة أَو حذف أَو بدل مَفْقُود (ش) رسم الْمُصحف مُتبع لاتباع السّلف رَضِي الله عَنْهُم وَقد وَقع فِيهِ أَشْيَاء كَثِيرَة من الْوَصْل والفصل وَالزِّيَادَة والحذف وَالْبدل على خلاف مَا تقدم تَقْرِيره كوصل {أَلَّن تَّجمَعَ عِظَامَهُ} [الْقِيَامَة: 3] {أَمَّن هُوَ قَانِتٌ} [الزمر: 9] وَفصل وَزِيَادَة يَاء فِي {بِأييدٍ} [الذاريات: 47] و {مِن نَّبَإِيْ المُرسَلِينَ} [الْأَنْعَام: 34] و {وَمَلإِيْهِ} [الْأَعْرَاف: 103] و {وَمَلإِئْهِم} [يُونُس: 83] وَألف فِي {الرِّبَوا} [الْبَقَرَة: 275] {إِنِ امرُؤٌ ا} [النِّسَاء: 176] وَحذف ألف (نشئوا) وَكِتَابَة وَاو صُورَة الْهمزَة وَزِيَادَة ألف بعْدهَا وَكِتَابَة (مَا زَكَى} [النُّور: 21] بِالْيَاءِ وَقِيَاسه الْألف لِأَنَّهُ من ذَوَات الْوَاو وَكِتَابَة (الصَّلَاة) و (الزَّكَاة) و (الْحَيَاة) و (مشكاة) و (مَنَاة) و (الرِّبَا) بواو بدل الْألف وَهَذَا كُله مِمَّا ينقاد إِلَيْهِ فِي(3/527)
كِتَابه الْمُصحف وَلَا يُقَاس عَلَيْهِ خَارجه بل إِذا وَقعت هَذِه الْأَلْفَاظ وَنَحْوهَا فِي غير الْقُرْآن لم تكْتب إِلَى على القوانين السَّابِقَة وَلِهَذَا قَالَ ابْن درسْتوَيْه خطان لَا يقاسان خطّ الْمُصحف وَالْعرُوض قَالَ أَبُو حَيَّان وَذَلِكَ أَن العروضيين يَكْتُبُونَ مَا يسمع خَاصَّة إِذْ الَّذِي يُقيد بِهِ فِي صفة الْعرُوض إِنَّمَا هُوَ مَا يلفظ بِهِ لأَنهم يُرِيدُونَ بِهِ عد الْحُرُوف الَّتِي يقوم بهَا الْوَزْن متحركا كَانَ أَو سَاكِنا فيكتبون التَّنْوِين نونا وَلَا يراعون حذفهَا فِي الْوَقْف والمدغم حرفين ويكتبون الْحُرُوف بِحَسب أَجزَاء التفعيل فقد تقطع الْكَلِمَة بِحَسب مَا يَقع من تَبْيِين الْأَجْزَاء كَقَوْلِه:
(يَا دَار مَيْ يتبل علياء فَسْ سندي ... أقوت وطالعلي هَا سالفل الأمدي)
لِأَن تقطيعه مستفعلن فعلن أَربع مَرَّات وَكِتَابَة هَذَا الْبَيْت فِي الْخط الَّذِي لَيْسَ فِي علم الْعرُوض 1821 -
(يَا دَار مية بالعلياء فَالسَّنَد ... أَقْوت وَطَالَ عَلَيْهَا سالف الأمد)
قَالَ فقد صَار الِاصْطِلَاح فِي الْكِتَابَة على ثَلَاثَة أنحاء اصْطِلَاح الْعرُوض واصطلاح كِتَابَة الْمُصحف واصطلاح الْكتاب فِي غير هذَيْن قَالَ وَعلم الْخط يُقَال لَهُ الهجاء لَيْسَ من علم النَّحْو وَإِنَّمَا ذكره النحويون فِي كتبهمْ لضَرُورَة مَا يحْتَاج إِلَيْهِ الْمُبْتَدِئ فِي لَفظه وَفِي كتبه وَلِأَن كثيرا من الْكِتَابَة مبْنى على أصُول نحوية فَفِي بَيَانهَا بَيَان لتِلْك الْأُصُول ككتابة الْهمزَة على نَحْو مَا يسهل بِهِ وَهُوَ بَاب من النَّحْو كَبِير أهـ(3/528)
3 - التنقيط
(ص) وَوضع النقط لرفع الِاشْتِرَاك وَمن ثمَّ اخْتَار أَبُو حَيَّان نقط الْقَاف وَالنُّون وَالْيَاء وصلا لَا فصلا وَبَعْضهمْ نقط الشين وَاحِدَة والزنجاني نقط هَاء التَّأْنِيث ونقط أهل الْغَرِيب كل مهمل إِلَّا الْحَاء أَسْفَل وَرُبمَا كتبُوا تَحْتَهُ مثله أَو همزَة أَو فَوْقه عَلامَة أَو نبرة اصْطِلَاحَات (ش) قَالَ أَبُو حَيَّان الْحُرُوف مِنْهَا مَا ينْفَرد بِصُورَة وَمِنْهَا مَا هُوَ مُشْتَرك وقصدوا بتعليل الصُّور الِاخْتِصَار فَكَمَا أَن فِي اللَّفْظ الْمُشْتَرك كَالْعَيْنِ فَكَذَلِك فعلوا فِي الصُّور جعلُوا فِيهَا الْمُشْتَرك قَالَ هَكَذَا قَالُوا وَقَالَ بعض شُيُوخنَا لَيْسَ كَذَلِك لأَنهم وضعُوا فارقا هُوَ النقط بِوَاحِدَة أَو أَكثر والإهمال فَلَيْسَ إِذن من الْمُشْتَرك فالصورة والنقط مجموعهما دلّ على أشكال الْحُرُوف قَالَ وَمن الْحُرُوف مَا يلتبس بالخط إِذا وصل بِغَيْرِهِ كالنون وَالْقَاف وَالْيَاء فيزول الِاشْتِرَاك بالنقط وَلذَلِك يَنْبَغِي أَلا تنقط فِي الْفَصْل إِذْ لَا يحصل اشْتِرَاك لِأَن لَهَا صُورَة خَاصَّة بهَا فَيكون إِذْ ذَاك كالكاف انْتهى وَاخْتَارَ بَعضهم نقط الشين بِوَاحِدَة لِأَن الْمَقْصُود وَهُوَ الْفرق بَينهمَا وَبَين السِّين حَاصِل بهَا وَالْأَكْثَر على نقطها بِثَلَاث وَاخْتَارَ الزنجاني فِي آخَرين نقط هَاء التَّأْنِيث فِي نَحْو رَحْمَة فرقا بَينهَا وَبَين هَاء الضَّمِير وهاء السكت والأدباء مِنْهُم الحريري يعدونها فِي الْحُرُوف غير المنقوطة وَلِهَذَا أَتَوا بهَا فِي الأبيات والرسائل الَّتِي التزموا عروها من حرف منقوط(3/529)
ونقط أهل غَرِيب الحَدِيث كل حرف مهمل من أَسْفَل مُبَالغَة فِي الْإِيضَاح وَدفع توهم السَّهْو عَن النقط إِلَّا الْحَاء إِذْ لَو نقطت لالتبست بِالْجِيم وَمِنْهُم من يكْتب تَحت الْحَرْف المهمل حرفا صَغِيرا مثله أَو همزَة أَو فَوْقه عَلامَة أَو نبرة اصْطِلَاحَات لأهل الحَدِيث وَهَذَا آخر مَا تضمنه جمع الْجَوَامِع وَالْكَلَام عَلَيْهِ(3/530)