شرح العلاّمة الأمير على نظم العلاّمة السُّجاعيّ
في " لاسيَّمَا "
تحقيق ودراسة
د. أحمد بن محمد بن أحمد القرشي
الأستاذ المساعد في كلية إعداد المعلمين بالمدينة المنور
ملخص البحث
هو الإمام العالم العلاَّمة الفاضل الفهَّامة محمَّد بن محمَّد بن أحمد بن عبد القادر السّنباويّ المالكيّ الأزهريّ المشهور بالأمير الكبير ، صاحب التحقيقات الرَّائقة والأليفات الفائقة ، انتهت إليه الرّياسة في العلوم بالدّيار المصريّة .
صنّف عدّة مؤلفات اشتهرت بأيدي الطّلبة وهي في غاية التحرير ، أكثرها حواش وشروح ، ومن أشهرها حاشيته على مغني اللّبيب وكذا على المقدّمة الأزهريّة ، وشذور الذّهب وغيرها .
وشرْحُه لأبيات لاسيّما للسُّجَاعيّ لا يقلّ قيمة عن بقيّة كتبه ؛ إذ إِنَّ الأمير حشد في شرحه جُلَّ ما يتعلق بأحكام ( لاسيّما ) من أمهات وبطون الكتب المتفرّقة جمعها في شرحه في أسلوب علميّ لا تكاد تجده في أيّ كتاب آخر ، ممَّا دفعني إلى تحقيقه ودراسته ونشره حيث ناقش الأمير حكم دخول الواو على ( لاسيّما ) وإعرابها ، وجوازِ حذف " لا " وعدمه ، و " سيّ " من حيث الإعراب وعدمه ، وكون " ما " موصولة أو نكرة موصوفة أو نكرة زائدة وغيره ، وأوجه إعراب الاسم الواقع بعد ( لاسيّما ) إذا كان معرفة أو نكرة ، وحلول الجملة محلّه وعدمه ، وعن مجموع ( لاسيّما ) هل هو من أدوات الاستثناء ؟ وغير ذلك من الأحكام .
وقد حقّقت هذا الشّرح على ثلاث نسخ حاولت جاهداً وحرصت كل الحرص من خلال مقابلتها أن يخرج نصّ الكتاب كما أراده مؤلّفه ملتزما في ذلك الدّقّة والأمانة العلميّة في النّقل والتّحقيق الجيّد وختمت النّصّ المحقّق بفهرس للمصادر والمراجع الّتي اعتمدتّها في تحقيق ودراسة الكتاب .
وصلّى الله على سيّدنا وحبيبنا محمّد وعلى آله وأصحابه وسلّم تسليماً كثيراً ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين .
• • •
كلمة المحقّق(1/1)
الحمد لله والصَّلاة والسَّلام على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ،،،،،،،،،،،، وبعد :
فقد اهتم علماء العربيّة منذ بداية التأليف في النَّحو العربيّ بتتبّع معاني أدوات العربيّة وأحكامها النّحويّة لذا نجد سيبويه تعرّض لها في الكتاب ، والمبردّ في المقتضب ، وابن السّرّاج في الأصول ، والزّجّاجيّ في الجمل وغيرهم ، وزاد اهتمامهم بها فأفردوا لها مصنّفات مستقلّة خاصّة بأدوات المعاني كحروف المعاني للزّجّاجيّ ، ومعاني الحروف للرّمّانيّ ، والأزهية للهرويّ ، ورصف المباني للمالقيّ ، والجنى الدَّاني للمراديّ ، ومغني اللَّبيب لابن هشام الأنصاريّ وغيرها ؛ بل بعض النّحاة أفرد مصنّفا مستقلاً بأداة من أدوات المعاني كالزّجّاجيّ في كتاب اللاَّمات ، وأحمد بن فارس في مقالة كلاّ ، وأبي جعفر الطّبريّ في رسالة كلاّ في الكلام والقرآن ، ومكّي بن أبي طالب في شرح كلاّ وبلى ونعم ، وابن هشام الأنصاريّ في رسالته المباحث المرضية المتعلّقة بمن الشّرطيّة ، وعثمان النّجديّ الحنبليّ في رسالة أيّ المشددة وغيرهم من النّحاة .
ويجدر بالذّكر أنَّ المفسرين اهتموا ببيان معاني الحروف وتطبيقها في تفاسيرهم ، كأمثال القرطبيّ في كتابه الجامع وأبي حيّان الأندلسيّ في كتابيه البحر المحيط والنَّهر المادّ ، والسَّمين الحلبيّ في كتابه الدّر المصون وغيرهم من المفسّرين السَّابقين واللاَّحقين .
لذا يطيب لي أن أقدّم لقرّاء العربيّة ومحبّيها شرحاً نفيساً تفرّد بالحديث عن ( لاسيّما ) للعالم الفاضل محمَّد بن محمَّد بن عبد القادر السّنباويّ الشَّهير بالأمير الكبير ، وهو شرح على أبيات لاسيَّمَا للسُّجَاعي آمل من خلاله أن أكون قدَّمت عملاً ينير الطَّريق لمعرفة أحكامها ، ويذلّل مسالكها ، ويكون عوناً للباحثين في الدّراسة .
• • •
وعملي في هذا الشَّرح يقع في قسمين :(1/2)
القسم الأوَّل : الدّراسة ، وتشتمل على مدخلٍ حول ( لاسيّما ) ، ثُمَّ ترجمةٍ موجزة لكلٍّ من الأمير والسُّجَاعيّ ، ثُمَّ توثيق نسبة الشَّرح والنَّظم لهما، ثمَّ مصادر الأمير في الشَّرح ، ثم وصف النُّسخ المعتمدة في التحقيق ومنهجي في تحقيقها .
القسم الثاني : تحقيق الشَّرح وفق قواعد التحقيق ؛ ثُمّ صنعت فهرساً للمصادر والمراجع .
• • •
وأودُّ أن أتقدّم بالشّكر الجزيل وعظيم العرفان لأستاذي الأستاذ الدّكتور سليمان بن إبراهيم العايد الّذي تعهّد هذا البحث من أوّل لحظة بالمتابعة والنّصح والتوجيه ، فله منّي جزيل الشّكر سائلا الله عزَّ وجلَّ أن يجعل ذلك في ميزان حسناته .
كما لا يفوتني أن أتقدَّم بالشّكر الجزيل والدُّعاء الخالص للزَّميل الأستاذ عبد الحفيظ محمَّد نور المعيد بقسم الدّراسات القُرآنيَّة بكليّة المعلمين بالمدينة المنوّرة على ما بذله من جهد خالصٍ في طباعة هذا البحث ، ومن النُّصح والإرشاد سائلا الله عزَّ وجلَّ له أن يعينه على إنجاز دراسته العليا ، وأن يكتب لنا وله التوفيق والسَّداد والقبول في كلّ أعمالنا إنّه على ما يشاء قدير ، وبالإجابة جدير ، وصلَّى الله على نبيّنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليما كثيرا .
مدخل(1/3)
يطيب لي في هذا المدخل أن ألخص وأوجز الأقوال والآراء الَّتي أوردها الأمير في شرحه لمنظومة " لاسيَّما " للسُّجاعيّ إذ إنَّه في مقدِّمة الشَّرح بيَّن منهجه الَّذي سيسلكه حيث قال : ( مقتضى الترتيب الوضعي في " ولاسيَّما " أن يبحث فيها أوَّلاً : عن " الواو " من حيث كونها اعتراضية أو غيره ممَّا يأتي ؛ ثم عن " لا " من حيث جواز حذفها وعدمه وغيرهما ممَّا يأتي ثم عن " سيّ " من حيث الإعراب وعدمه ؛ ثم عن " ما " من حيث كونها موصولة أو نكرة موصوفة أو نكرة زائدة وغيره ثم عن مجموع " ولاسيَّما " هل هو من أدوات الاستثناء ؟ ثُمَّ عن الاسم الواقع بعدها من حيث إعرابه ، وحلول الجملة محله وعدمه ) .
وأقول لاشكَّ أنَّ المؤلّف تناول في منهجه أقوال سابقيه ، ولم يكتف بالنَّقل عنهم بل خرج إلى المناقشة والرَّدّ والتَّرجيح كما أنَّه قام بالرَّدّ على أقوال المعترضين عليه سالكاً أسلوب الجدل ليوقع بهم ، وهذا أمر ظاهر لمن يقرأ الشَّرح قراءة فاحصة ممَّا جعل كلامه من ناحية في بعض المسائل مُلغزا ، ومن ناحية أخرى جعل القارئ المتابع لآراء العلماء في المسألة الواحدة يجد عسراً ومشقَّة في معرفة آرائهم بسبب نثره للآراء هنا وهناك ومتابعته للمعترضين عليه ، لذلك وغيره وضعت هذا المدخل وقد قسَّمته إلى مبحثين :
المبحث الأول : إعراب " ولاسيَّما " والاسم الواقع بعدها ، وفيه ستّ مسائل(1)[
__________
(1) اعتمدت في دراسة هذا المبحث – إلى جانب ما ذكره الأمير في شرحه – على المصادر والمراجع التالية:
الكتاب 2/ 286، والأصول 1/ 305 ، وشرح المفصل 2/ 85 ، والإيضاح في شرح المفصل 1/ 368، وشرح الجمل لابن عصفور 2/ 262 ، وشرح التسهيل 2/ 318 ، وشرح الكافية الشافية 2/ 724 ، وشرح الكافية للرضي 1/ 248 ، والارتشاف 3/ 1549 ، ومغني اللبيب 148 ، والمساعد 1/ 596 ، وتعليق الفرائد 6/ 147 ، وهمع الهوامع 1/ 234 ، وشرح الألفية للأشموني 2/ 167 ، وحاشية الأمير على المغني 1/ 123 ، وحاشية الخضري على ابن عقيل 1/ 80 ، والنحو الوافي 1/ 401 .(1/4)
1]) :
المسألة الأولى : إعراب " الواو " الداخلة على جملة " لاسيَّما كذا " ومحل الجملة من الإعراب : وفيها ثلاثة أوجه :
أوَّلاً : أن تكون " الواو " اعتراضية ، بناء على ما قيل بجواز الاعتراض في آخر الكلام ، وعلى هذا فالجملة لا محل لها من الإعراب .
ثانياً : أن تكون حاليةً نحو : ( ساد العلماء ولاسيما زيدٌ ) فجملة ( لاسيَّما زيدٌ ) حال من ( العلماء ) ، فيكون محلها نصباً أبدا ؛ إذ المعنى : سادوا والحال أنّه لا مثل زيد موجود فيهم ، أي لا مثله في السّيادة أو في العلم وهما متلازمان ؛ إذ المعنى : سادوا لِعلْمهم .
ثالثا : أن تكون عاطفة ، وعلى هذا فالجملة تابعة لما قبلها محلاً وعدمه ، فهي في
نحو : ( غايةُ ما تكلمت به الحقُّ أحقُّ بالاتباع ولاسيَّما الواضحُ ) في محل رفع ؛ إذ الجملة قبلها خبر عن ( غاية ) ؛ وإذا قلت ابتداء : ( أكرمْ العلماءَ ولاسيَّما زيدٌ ) فلا محل لها ؛ لكون الجملة قبلها ابتدائية ، ولا مانع من جعلها للاستئناف وهو ظاهر ، وعليه لا محلّ لها من الإعراب .
المسألة الثانية : إعراب " سيّ " : وفيها أربعة أوجه :
الأوّل : اسم للا النافية للجنس منصوب ؛ لأنها مضافة إلى ( ما ) في حالة رفع الاسم الَّذي بعدها ؛ وفي حالة جرّه تكون ( سيّ ) مضافة إلى الاسم الذي بعد ( ما ) ، واسم " لا " في هاتين الحالتين يكون معربا ؛ لأنه مضاف .
الثاني : اسم للا النافية للجنس مبني على الفتح في محل نصب ، إذا كان الاسم الذي بعدها منصوباً ، وتكون " ما " زائدة و ( سيَّ ) في هذه الصّورة مبنيّة ؛ لأنها غير مضافة ولا شبيهة بالمضاف .
الثالث : قيل : إنّها في هذه الصّورة منصوبةٌ وليست مبنيّةً لشبهها بالمضاف ، وحينئذٍ فتحتها فتحة إعراب لا بناء .(1/5)
الرّابع : وقيل : ( سيَّ ) منصوب على الحال على أنَّ " لا " مهملةٌ وليست عاملةً النَّصب في ( سيَّما ) ، فإذا قيل : ( ساد العلماء لاسيَّما زيد ) أي : سادوا غير مماثلين زيداً في السّيادة ، والعامل فيها الجملة السابقة ، وهذا الرَّأي منسوب للفارسيّ ( الارتشاف 3/ 1552 )
المسألة الثالثة : إعراب " ما " من " لاسيَّما " : وفيها ستّة أوجه على النّحو التالي :
إذا كان الاسم الواقع بعدها مجروراً ففيها وجهان :
الأوّل : " ما " حرف زائد لا محل له من الإعراب بين المضاف ( سيّ ) والمضاف إليه الاسم واقع بعد " ما " .
الثاني : أن تكون " ما " نكرة تامة غير موصوفة بمعنى ( شيء ) مبنيّة على السّكون في محلّ جرّ مضافة إلى ( سيّ ) وإذا كان الاسم الواقع بعدها مرفوعاً ففيه وجهان :
الأوّل : " ما " اسم مبنيّ على السّكون في محلّ جرّ مضاف إلى ( سيّ ) سواء أكانت ( ما ) اسماً موصولاً أم نكرة موصوفة بمعنى ( شيء ) ؟ .
الثاني : قيل " ما " اسم موصول بمعنى الَّذي في محلّ رفع خبر ( لا )، و ( سيَّ ) اسمها ؛ وهو منسوب للأخفش . ( الارتشاف 3/ 1550 )
وإذا كان الاسم الواقع بعدها منصوباً ففيه – أيضا – وجهان :
الأوّل : " ما " حرف زائدٌ كافٌّ عن الإضافة .
الثاني : " ما " نكرة تامّة غير موصوفة بمعنى ( شيء ) مبنيّة على السّكون في محلّ جرّ مضافة إلى ( سيّ ) .
المسألة الرَّابعة : إعراب الاسم الواقع بعد ( لاسيَّما ) إذا وقع نكرة أو معرفة :
أوّلاً : إن كان مجروراً نحو : ( قام القوم لاسيّما زيدٍ أو رجلٍ ) ففيه وجهان :
أحدهما : أن تكون ( ما ) زائدة، والاسم مجرورٌ بالإضافة إلى " سيّ "، فيكونُ التقدير : قام القوم لا مثل زيدٍ أو رجلٍ .(1/6)
والوجه الثاني : أن تكون ( ما ) نكرة تامّة غير موصوفة بمعنى ( شيء ) في محلّ جرّ مضافة إلى ( سيّ ) ، فيكون زيدٌ أو رجلٌ بدلاً منها ، فيكون التقدير : قام القوم لا مثل رجلٍ زيدٍ أو رجلٍ . وهذا الوجه لم يذكره الأمير .
( الإيضاح في شرح المفصل 1/ 368 ، وشرح الكافية للرضي 1/ 249 )
ثانياً : إن كان مرفوعاً نحو : ( قام القوم لاسيّما زيدٌ أو رجلٌ ) ففيه وجه واحد :
هو أنَّ الاسم المرفوع خبر لمبتدأ محذوف وجوباً تقديره : ( هو زيدٌ ، أو هو رجلٌ ) ، وهذه الجملة سنبيّن موقعها في المسألة التالية .
ثالثاً : إن كان منصوباً ، فإن كان نكرة نحو : ( قام القوم لاسيّما رجلاً ) فهو تمييز إمّا لكلمة ( سيّ ) على أن تكون ( ما ) حرفا زائدا كافّا عن الإضافة ، أو تمييزاً لكلمة " ما " على أنّها نكرة تامّة غير موصوفة بمعنى ( شيء ) مبنيّة على السّكون في محلّ جرّ مضاف ، و ( سيّ ) مضافة إليها وهو الأحسن .
وإن كان الاسم المنصوب بعد ( لاسيّما ) معرفةً نحو : ( قام القوم لاسيّما زيداً ) ففيه ثلاثة أوجهٍ :
الأوَّل : مفعولٌ به لفعل محذوف وجوباً تقديره : أخصّ ، أو : أعني ، والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره : أنا ، على أن تكون " ما " نكرة تامّة غير موصوفة بمعنى ( شيء ) في محلّ جرٍّ مضافة إلى ( سيّ ) .
الثاني : تمييز على مذهب الكوفيين وغيرهم كالرّضيّ الَّذين أجازوا تعريف التمييز .
الثالث : مستثنى منصوب ، على أنَّ " ما " كافّةٌ عن الإضافة ، و ( لاسيّما ) نُزّلت منزلة ( إلاّ ) في الاستثناء ؛ واختُلف في نوع الاستثناء : فذهب ابن هشام الأنصاري على أنّه استثناء منقطع ، وذهب الأمير على أنّه استثناء متّصل لدخول المستثنى في المستثنى منه .
المسألة الخامسة : محلّ الجملة إذا كان الاسم الّذي بعد ( لاسيّما ) مرفوعاً :(1/7)
ذكرنا فيما سبق أن الاسم المرفوع بعد ( لاسيّما ) في نحو : ( قام القوم لاسيّما زيدٌ ) خبر لمبتدأ محذوف وجوباً تقديره : ( هو زيدٌ ) ، فالجملة إذاً من حيث الإعراب لها وجهان :
أحدهما : الجملة من المبتدأ والخبر لا محل لها من الإعراب صلة الموصول ( ما ) المضاف إلى ( سيّ ) .
الثاني : الجملة في محلّ جرٍّ صفة ( ما ) ؛ لأنها نكرة موصوفة بمعنى : شيء ، وهي مضافة إلى "سيّ ".
المسألة السادسة : خبر " لا " : بيّن النّحاة أنَّ خبر " لا " النَّافية للجنس الدَّاخلة على " سيّما " محذوف ، سواء كان اسمها – أي : " سيّ " – معرباً أم مبنياً ؟
قال أبو حيَّان : ( و " سيَّ " في " لاسيّما " هو اسم " لا " منصوب ، وخبرها محذوف لفهم المعنى ، فإذا قلت : " قالم القوم لاسيّما زيدٌ " فالتقدير : لا مثلَ قيام زيدٍ قيامٌ لهم ) . ( الارتشاف 3/ 1552 ) وذهب الأخفش إلى أنَّ الخبر " ما " من " لاسيّما " وهي اسم موصول بمعنى " الَّذي " .
المبحث الثاني : أحكام عامّة تتعلق بـ " لاسيّما " ، وفيه أحد عشر حكماً(1)[2]) :
الأوَّل : حكم اقتران " لاسيّما " بـ " الواو " :
رأى بعض النّحاة كثعلب وجوب اقتران " لاسيّما " بـ " الواو " ، مستدلاًّ على ذلك ببيت امرئ القيس : " ولاسيّما يوم بدارة جُلجُلِ " ، قال ابن هشام : ( قال ثعلب : من استعمله على خلاف ما جاء – أي في البيت بدون الواو – فهو مخطئ ) . ( المغني 149 )
وجمهور النّحاة يرون جواز دخول " الواو " على " لاسيّما " نحو : ( قام القوم ولاسيّما زيدٌ ) ، وقد تحذف مستدلّين بقول الشَّاعر :
فِهْ بالعُقود وبالأَيمان ، لاسِيَما عقْدٌ وفاءٌ به من أعظم القُرَب
__________
(1) اعتمدت في دراسة هذا المبحث على مصادر ومراجع المبحث السابق .(1/8)
وأمَّا الرّضيّ فقد أجاز دخول الواو عليها وحذفها بشرط جعلها مصدراً ، أي بمعنى : خصوصاً ، قال : ( ويجوز مجيء " الواو " قبل " لاسيّما " إذا جعلته بمعنى المصدر ، وعدم مجيئها ، إلاَّ أنَّ مجيئها أكثر ) . ( شرح الكافية 1/ 249 )
الثاني : حكم حذف " لا " من " لاسيّما " :
تضاربت أقوال النّحاة في حذفها وعدمه ، فمن النّحاة من أوجب دخولها على ( سيّما ) كثعلب وجعل استعمالها بدون " لا " خطأ ؛ أمّا ابن يعيش فقد ذهب إلى أنه لا يجوز الاستثناء بها حتى تأتي " لا " ، قال : ( ولا يُستثنى بـ " سيّما " إلاَّ ومعه جحْدٌ ، لو قلت : " جاءني القوم سيّما زيدٌ " لم يجز حتى تأتي بـ " لا " ، ولا يُستثنى بـ " لاسيّما " إلاَّ فيما يراد تعظيمه ) . ( شرح المفصل 2/ 86 )
وجعل أبو حيّان حذف " لا " غريباً وأنه يوجد في كلام المولَّدين ، قال : ( وكذلك حذف " لا " من " لاسيّما " إنّما يوجد في كلام الأدباء المولَّدين ، لا في كلام من يحتجّ بكلامه ) . ( الارتشاف 3/ 1552 )
وذهب بعض النّحاة إلى جواز حذفها ؛ وذلك لكثرة استعمالهم لها فتصرّفوا فيها تصرّفاتٍ كثيرة ، منها حذف " لا " .
الثالث : حكم تخفيف " سيّ " وعملها بعد التخفيف :
ذهب ثعلب وتبعه ابن عصفور إلى أنه لا يجوز تخفيف الياء بل يجب تشديد يائها ، مستدلاًّ ثعلب ببيت امرئ القيس السّابق في الحكم الأوّل ؛ وابن عصفور حذراً من بقاء الاسم المعرب على حرفين .
وذهب جمهور النّحاة إلى أنّه يجوز تخفيف " سيّ " من " لاسيّما " فيقال : " لاسِيَما " حكاه الأخفش وابن الأعرابي والنّحاس ، وابن جنّيّ ، واستدلّوا على جواز التخفيف بالبيت السّابق : ( فهْ بالعقود ... ... إلخ ) ؛ وفي ذلك ردٌّ على الزّاعمين بأنّها لا تخفف .(1/9)
قال الرّضيّ : ( وتُصُرِّف في هذه اللّفظة تصرّفات كثيرة ؛ لكثرة استعمالها ، فقيل : " سيّما " بحذف " لا " و " لاسيَما " بتخفيف " الياء " مع وجود " لا " وحذفها ) . ( شرح الكافية 2/ 249 )
ونصَّ الأخفش على جواز الخفض والرّفع حالة التّثقيل والتّخفيف ، وذهب بعض النّحاة إلى أنّها إذا خُفّفت انخفض ما بعدها ، وإذا ثُقّلت رفعت ما بعدها ، وهو خلاف ما صرّح به الأخفش .
ثُمَّ اختُلف بعد تخفيفها في المحذوف أهو عين الكلمة أم لامها ؟ فقال أبو حيّان :
( وأصل " سيّ " : سُوْي ؛ والمحذوف عند ابن جنّيّ لام الكلمة ، والأحسن عندي أن تكون المحذوفة عين الكلمة وقوفا مع ظاهر اللّفظ ) . ( الارتشاف 3/ 1552 )
الرّابع : حكم حذف " ما " :
نصَّ النّحاة على أنَّ سيبويه ذهب إلى جواز حذف " ما " من " لاسيّما " ، فتقول : ( لاسيّ زيدٍ ) قال سيبويه : ( وسألت الخليل – رحمه الله – عن قول العرب : ولاسيّما زيدٍ ، فزعم أنه مثل قولك : ولا مثل زيدٍ ، و " ما " لغوٌ ) ( الكتاب 2/ 286 ) وفي قولهم ردٌّ على زعم ابن هشام الخضراوي بأنَّ سيبويه قال : إنَّ " ما " زائدة لازمة .
الخامس : حكم دخول " الواو " على الجملة الّتي بعد " لاسيّما " :
ذهب بعض النّحاة إلى أنه لا يجيء بعد " لاسيّما " بجملة مقترنة بالواو، قال أبو حيان: ( وما يوجد في كلام المصنِّفين من قولهم : " لاسيّما والأمر كذلك " تركيبٌ غير عربيّ ) ( الارتشاف 3/ 1552 ) وهو ما نصَّ عليه – أيضاً – المراديّ .
وذهب فريق آخر من النّحاة إلى جوازه كالرَّضيّ ومثَّلَ له بقوله : ( أُحبُّه ولاسيّما وهو راكبٌ ) . ( شرح الكافية 1/ 249 )
وقد وافقه الدّمامينيّ حيث علّق على كلام الرَّضيّ بقوله : ( وقد رأيت اشتماله على الحكم بصحة ما جعله الشَّارح – يعني المراديّ – تركيبا غير عربيّ ). ( تعليق الفرائد 6/154)(1/10)
وهو ما أكَّده الصَّبَّان بقوله : ( فقول المصنِّفين : " ولاسيّما والأمر كذا " تركيب عربيّ خلافاً للمراديّ ) . ( حاشية الصبان على الأشموني 2/ 168 )
السّادس : حكم وصل " ما " بالظرف أو الجملة الفعلية أو الجملة الشرطية :
ذهب النّحاة إلى أنَّ " ما " من " لاسيّما " إن كانت موصولة بمعنى " الَّذي " فإنَّها قد توصل بظرفٍ كقولك : " يعجبني الاعتكاف ولاسيّما عند الكعبة " ، و " يعجبني التهجّدُ ولاسيّما قرب الصّبح " .
وقد توصل بجملة فعليّة ، كقولك : " يعجبني كلامك لاسيّما تَعِظُ به " .
وقد توصل بالجملة الشَّرطيّة ، كما حكى الأخفش أنَّهم يقولون : " إنَّ فلاناً كريم ولاسيّما إنْ أتيته قاعدا " . ( شرح الكافية للرضي 1/ 249 )
قال أبو حيّان : ( وإذا جاء بعدها الشّرط كانت " ما " كافّة ، وإن قُدّرت " ما " زائدة لم يجز ؛ لأنَّه يلزم إضافة " سيّ " إلى جملة الشّرط ، وذلك لا يجوز ) . ( الارتشاف 3/ 1552 )
وأمَّا وصلها بالجملة الاسمية فهو الغالب ، قال الدّمامينيّ : ( وهذه مسألة يُحاجى بها ، فيقال : متى يكون وصل الموصول بالاسميّة غالباً وبالظّرف والفعليّة نادراً ؟ ) .( تعليق الفرائد 6/ 151 )
السّابع : حكم إتيان " لاسيّما " بمعنى : خصوصا :
انفرد الرّضيّ – رحمه الله – عن بقيّة النّحاة بهذا الحكم ، أعني به نقل " لاسيّما " إلى المفعوليّة المطلقة ، فيكون معناها : خصوصاً ، وتقع الجملة بعدها ، حيث قال : ( وقد يحذف ما بعد " لاسيّما " على جعله بمعنى: خصوصا ، فيكون منصوب المحلّ على أنه مفعول مطلق )؛ ثُمَّ مثل لقيام " لاسيّما " مقام : خصوصا بقوله : ( فإذا قلت : " أحبّ زيداً ولاسيّما راكبا " أو " على الفرس " فهو بمعنى : وخصوصا راكباً ، فـ " راكبا " حال من مفعول الفعل المقدّر ، أي : وأخصّه بزيادة المحبّة خصوصا راكبا ، وكذا في نحو :(1/11)
" أحبّه ولاسيّما وهو راكب " وكذا قولك : " أحبّه ولاسيّما إن ركب " أي : وخصوصا إن ركب ، فجواب الشّرط مدلول خصوصا ، أي : إن ركب أخصّه بزيادة المحبّة ، ويجوز أن يجعل بمعنى المصدر اللاّزم ، أي : اختصاصا ، فيكون معنى : وخصوصا راكبا ، أي : ويختصّ بفضل محبّتي راكبا ، وعلى هذا ينبغي أن يؤوّل ما ذكره الأخفش ، أعني قوله :
" إنَّ فلانا لكريم لاسيّما إن أتيته قاعدا " أي : بزيادة الكرم اختصاصا في حال قعوده ) . ( شرح الكافية 1/ 249 )
قال الدّمامينيّ : ( ولا أعلم من أين أخذه ) . ( تعليق الفرائد 6/ 152 )
وقال أيضاً : ( ولا أعرف أحدا ذهب إلى ما ذكره من أن " لاسيّما " منقول من باب " لا " التبرئة إلى باب المفعول ) ( حاشية الدماميني على المغني 1/ 284 )
الثامن : حكم جعل " لاسيّما " من أدوات الاستثناء :
اختلف النّحاة في " لاسيّما " هل تعدّ من أدوات الاستثناء أم أنها ليست من أدواته ؟
عدَّ الكوفيون وجماعة من النّحاة كالأخفش ، وأبي حاتم ، والفارسيّ ، والنّحاس ، والزّجّاج ، وابن مضاء ، والزّمخشريّ ، وابن يعيش ، من أدوات الاستثناء " لاسيّما " ؛ لمّا رَأوا ما بعدها مخالفا لما قبلها بالأولويّة الّتي لما بعدها .
وذهب جماعة من النّحاة إلى أنها ليست من أدوات الاستثناء ، منهم ابن مالك حيث قال : ( ومن النّحويين من جعل " لاسيّما " من أدوات الاستثناء ، وذلك عندي غير صحيح ؛ لأنَّ أصل أدوات الاستثناء هو " إلاَّ " ، فما وقع موقعه وأغنى عنه فهو من أدواته ، وما لم يكن كذلك فليس منها .(1/12)
ومعلوم أن " إلاَّ " تقع موقع " حاشا ، وعَدَا ، وخلا ، وليس ، ولايكون ، وغير ، وسوى " ، وغير ذلك ممّا لم يُختلف في الاستثناء به ، فوجب الاعتراف بأنه من أدواته ، و " لاسيّما " بخلاف ذلك فلا يعدّ من أدواته ، بل هو مضادّ لها، فإنَّ الَّذي يلي " لاسيّما " داخل فيما قبله ومشهود له بأنه أحقُّ بذلك من غيره ، وهذا المعنى مفهوم بالبديهة من قول امرئ القيس :
ألا رُبّ يومٍ صالحٍ لكَ منهما ولاسيّما يومٌ بدارة جُلْجُلِ
( شرح التسهيل 2/ 318 )
التاسع : معنى " سيّ " :
قال الرّضيّ : ( و " السّيّ " بمعنى " المثْل " ، فمعنى : " جاءني القوم ولاسيّما زيدٌ " أي : ولامِثلَ زيدٍ موجود بين القوم الَّذين جاؤني ، أي : هو كان أخصّ بي وأشدّ إخلاصا في المجيء ) ( شرح الكافية 2/ 249 )
وقال ابن يعيش : ( و " السيّ " المثْل ، قال الحطيئة :
فإيّاكم وحيَّةَ بطْنِ وادٍ هَمُوز النَّاب ليس لكم بسيٍّ ) .
والتثنية " سِيّان " ، قال أبو ذؤيب :
وكان سِيّان أنْ لا يَسْرحوا نَعَماً أو يَسْرحوه بها واغْبرَّتِ السُّوحُ ) .
( شرح المفصل 2/ 85 )
قال ابن هشام : ( واستغنَوا بتثنيته عن تثنية " سواء " فلم يقولوا : " سواءان " إلاَّ شاذّا ). ( مغني اللبيب 1/ 149 )
وقال أبو حيَّان : ( و " سيّ " معناه : مثْل ، تقول : " أنت سيٌّ " و " هما سيَّان "
و " هم أسْواء " ، نحو : حِمْلٌ وأحْمالٌ ) . ( الارتشاف 3/ 1552 )
العاشر : لغات العرب في " لاسيّما " :
قال السّيوطيّ : ( وقد أبدلت العرب " سين " " سيّما " " تاء " ، فقالوا : " لاتيّما " كما قالوا في " النَّاس " : " النَّات " وقرئ : { قل أعوذ بربّ النَّات } .
وأبدلت أيضا " اللاّم " " نونا " ، فقالوا : " ناسيّما " ، كما قالوا : " قام زيدٌ نَا بَلْ عمرو " ، أي : لا بل عمرو ) . ( همع الهوامع 1/ 235 )
الحادي عشر : حكم عمل الكلمات التي تشارك " لاسيّما " في معناها :(1/13)
نقل الروّاة أنَّ " لا سَواءَ ما ، لا مثْلَ ما " يشاركان " لاسيّما " في معناها ، وفي أحكامها الإعرابيّة الَّتي سبق ذكرها . أمَّا " لا تَرَ ما ، لو تَرَ ما " بمعنى " لاسيّما " لكنَّهما يخالفانها في الإعراب ، فإنَّه لا يكون في الاسم الّذي بعدهما إلاَّ الرَّفع ؛ لأنَّ " تَرَ " فعلٌ فلا يمكن أن تكون " ما " زائدة وينجرّ ما بعدها ، بل " ما " موصولةٌ مفعولٌ بـ " تَرَ " ، وفاعله ضمير مستتر ، تقديره : أنت ، والاسم المرفوع بعد " ما " خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ ، والجملة صلة " ما " .
( الارتشاف 3/ 1553،همع الهوامع 1/ 235، النحو الوافي 1/ 406 )
ترجمة موجزة عن حياة الأمير الكبير(1)[3])
هو أبو عبد الله شمس الدّين محمَّد بن محمَّد بن أحمد بن عبد القادر بن عبد العزيز بن محمَّد السَّنباويّ المالكيّ الأزهريّ المشهور بالأمير الكبير وشهرته بالأمير إنّما جاءته من جدّه الأدنى أحمد ، وسببه أنَّ جدّه أحمد وأباه عبد القادر كان لهما إمرة بالصّعيد .
__________
(1) ينظر ترجمته في حلية البشر 3/ 1266 ، وعجائب الآثار 3/ 572 ، وفهرس الفهارس 1/ 133 ، وكنز الجوهر 161 ، وهدية العارفين 2/ 358 ، والفكر السامي 2/ 297 ، ومعجم المطبوعات 473 ، والأعلام 7/ 298 ، ومعجم المؤلفين 9/ 68 ، 11/ 183 .(1/14)
ولد سنة 1154 هـ في شهر ذي الحجّة بـ" سَنْبو " بلد من قسم منفلوط بمديريّة أسيوط، وأصله من المغرب نزل أجداده بمصر ، ثُمّ ارتحلوا إلي ناحية سنبو وقطنوا بها حيث ولد المترجم له ، ثُمّ ارتحل مع والديه إلي مصر وهو ابن تسع سنين وكان قد ختم القرآن ، فجوّده على الشَّيخ المنير على طريقة الشَّاطبيَّة والدُّرّة ، وحَبَّبَ إليه طلب العلم ، إذ التحق بالأزهر وحصّل ودرس على أعيان عصره ، ولم يدع فنّا إِلاَّ أتقنه ودرسه واجتهد في تحصيله ، فأوّل ما حفظ متن الآجروميّة ، وسمع سائر الصَّحيح والشِّفاءَ على الشَّيخ عليّ ابن العربيّ السَّقَّاط ، ولازم دروس الشَّيخ الصَّعيديّ في الفقه وغيره من كتب المعقول ، وحضر على السَّيّد البليديّ شرح السَّعد على عقائد النَّسفيّ ، والأربعين النَّوويَّة ، وسمع الموطّأ على الشَّيخ محمَّد التاوديّ بن سودة بالجامع الأزهر ، ولازم المرحوم حسن الجبرتي سنين ، وتلقّى عنه الفقه الحنفيّ وغير ذلك من الفنون كالهيئة ، والهندسة والفلكيّات ، والحكمة بواسطة تلميذه الشَّيخ محمَّد بن إسماعيل النَّفراويّ المالكيّ وكتب له إجازة مثبتة في برنامج شيوخه ، كما جالس ولازم غيرهم من علماء عصره ، وشملته إجازة الشَّيخ الملويّ ، وتلقى عنه مسائل في أواخر أيّام انقطاعه بالمنزل .
انتهت إليه الرّياسة في العلوم بالدّيار المصريَّة ، إذ تصدَّر لإلقاء الدُّروس في حياة شيوخه واشتهر فضله ، وذاع صيته وكبر قدره ، وشاع ذكره في الآفاق وخصوصا بلاد المغرب وبخاصة بعد موت أشياخه ، إذ كانت تأتيه الصِّلات من سلطان المغرب وتلك النَّواحي في كل عام .
وفد عليه طلاب العلم للأخذ عنه والتلقّي منه والاستفادة من مصنّفاته الَّتي هي في غاية التحرير ، وكان يُدَرِّس فقه مالك الَّذي هو مذهبه ، وفقه الحنفيّ والشَّافعيّ ، وتولى مشيخة السَّادة المالكيّة بالأزهر حتى توفي رحمه الله ، ثم تولاّها ابنه الشَّيخ محمَّد الأمير الصَّغير .(1/15)
له تآليف جمَّة في فنون كثيرة اشتهرت بأيدي الطَّلبة ، أكثرها حواشي وشروح ، من أشهرها :
- - حاشية على مغني اللَّبيب لابن هشام ( ط) .
- - حاشية على شرح الشَّيخ خالد على مقدّمته الأزهريَّة ( ط ) .
- - حاشية على شرح ابن هشام لشُذُورِ الذَّهب ( ط ) .
- - إتحاف الإنس في العلميَّة واسم الجنس ( ط ) .
- - حاشية على شرح عبد السلام لجوهرة التوحيد ( ط ) .
- - المجموع في فقه المالكيَّة ( ط ) .
- - ضوء الشّموع على شرح المجموع ( ط ) .
- - الإكليل شرح مختصر خليل .
- - الكوكب المنير في فقه المالكيّة ( ط ) .
- - حاشية على شرح الملويّ على السَّمرقنديَّة في الاستعارات ( ط ) .
- - تفسير المعوّذتين .
- - تفسير سورة القدر .
- - انشراح الصَّدر في بيان ليلة القدر .
- - مطلع النَّيرين فيما يتعلق بالقدرتين .
- - ثمر التمام في شرح آداب الفهم والإفهام .
- - حُسْنُ الذِّكرى في شأن الأسرى
- - شرح الأمير على أبيات ( لاسيّما ) للسُّجَاعيّ ، الَّذي أقوم بتحقيقه ، وغير ذلك من الحواشي والشّروح .
كان رحمه الله رقيق القلب لطيف المزاج توفي بالقاهرة يوم الاثنين عاشر ذي القعدة سنة 1232 هـ ، ودفن بالقرب من عمارة السُّلطان قايتباي وكثر عليه الأسف والحزن ، وقد رثاه أهل عصره .
ترجمة موجزة عن حياة السُّجاعيّ(1)[4])
هو أحمد بن شهاب الدّين أحمد بن محمّد السُّجَاعي البدراويّ الأزهريّ الشَّافعيّ .
__________
(1) ينظر ترجمته في عجائب الآثار 2/ 75 ، وهدية العارفين 1/ 179 ، ومعجم المطبوعات 1005 ، وتاريخ الأدب العربي لبروكلمان 5/ 282 ، والأعلام 1/ 89 ، ومعجم المؤلفين 1/ 154 .(1/16)
ولد بمصر ونشأ بها وقرأ على والده وعلى كثير من علماء عصره ، وتصدَّر للتدريس والإقراء في حياة أبيه وبعد موته وصار من أعيان العلماء ، وهو عالم مشارك في كثير من العلوم إِلاَّ أنه تميَّز بعلوم العربيّة لازم الشَّيخ حسن الجبرتي وأخذ عنه علم الحكمة والهداية وغير ذلك .
له تآليف كثيرة كلّها شروح وحواش، ورسائل ومتون منظومة في علوم الدِّين، والأدب، والتصوف ، والمنطق ، والفلك منها :
- - الدُّرر في إعراب أوائل السُّور .
- - شرح معلّقة امرئ القيس .
- - الجواهر المنتظمات في عقود المقولات ( ط ) .
- - حاشية على شرح القطر لابن هشام ( ط ) .
- - شرح لامية السَّموأل ( ط ) .
- - فتح الجليل على شرح ابن عقيل ( حاشية السُّجاعي على شرح ابن عقيل )( ط ) .
- - فتح المنَّان في بيان مشاهير الرّسل الّتي في القرآن ( ط ) .
- - النُّور السَّاري على متن مختصر البخاريّ لابن أبي جمرة .
- - الكافي بشرح متن الكافي في العروض والقوافي .
- - منظومة في المجاز والاستعارة ( ط ) .
- - رسالة في إثبات كرامات الأولياء ( ط ) .
- - بدء الوسائل في ألفاظ الدّلائل .
- - تحفة الأنام بتوريث ذوي الأرحام .
- - تحفة ذوي الألباب فيما يتعلق بالآل والأصحاب .
- - السَّهم القويّ في نحر كل غبيّ وعويّ .
- - فتح الغفَّار بمختصر الأذكار للنَّوويّ .
- - فتح الرَّحيم الغفَّار بشرح أسماء حبيبه المختار .
- - فتح المنَّان بشرح ما يذكَّر ويؤنَّث من أعضاء الإنسان
- - القول النَّفيس فيما يتعلق بالخلع على مذهب الشَّافعيّ بن إدريس .
- - المقصد الأَسْنَى بشرح منظومة الأسماء الحسنى .
- - مناسك الحج .
وغيرها من المصنَّفات وأكثرها غير مطبوعة ، وهناك رسالة تشتمل على مؤلّفاته منها نسخة مخطوطة بالخزانة التيموريّة .
توفى السُّجاعيّ رحمه الله بالقاهرة في شهر صفر سنة 1197 هـ ، ودفن عند أبيه بالقرافة الكبرى بتربة المجاورين .
توثيق نسبة الشَّرح للأمير(1/17)
جرت عادة المترجمين لأيّ عالم والمفهرسين لكتبه الَّتي صنَّفها ألاَّ يلموا بكل ما ألّفه المترجم له ، غير أنَّ الشَّرح الَّذي قمت بتحقيقه – أعني شرح أبيات لاسيّما للأمير – لم أجد من المترجمين من أشار بأنه من مؤلّفاته ، والَّذي يؤكّد نسبته للأمير ما يلي :
أوّلا : نصَّ على اسمه في مقدّمة الشَّرح بقوله : ( فيقول العاجز الفقير إلي الغنيّ القدير ، محمَّد بن محمَّد الملقّب بالأمير ، ... قد كنت رأيت أبياتا تتعلق بكلمة ( ولاسيَّما ) وهي في غاية الحسن والإتقان ... ).
ثانيا : في حاشيته على المغني عند شرحه لكلمة ( سيّ ) نصَّ على أنَّ له كتابا حول لاسيَّما حيث قال : ( وقد وضعنا في " ولاسيَّما " أوائل الاشتغال موضوعا مستقلا )(1)[5]) .
ثالثا : بعد النَّظر والتّدقيق في المادَّة العلميَّة والآراء والنُّصوص الواردة في حاشيته على المغني وشرح أبيات لاسيَّما وجدتّ توافقا بينهما ممَّا يؤكّد صحة الشَّرح للأمير الكبير .
توثيق نسبة الأبيات للسُّجَاعيّ
لم تنصّ المصادر المترجمة للسُّجاعيّ بأنَّ له منظومة حول لاسيَّما والَّذي يؤكّد نسبتها له ما يلي :
أوَّلا : أنَّ الأمير نصَّ بأنها للسُّجاعيّ في مقدّمة الشَّرح حيث قال : ( قد كنت رأيت أبياتا تتعلّق بكلمة " ولاسيّما " ... ... وهي لحسَّان الزَّمان وبهجة الإخوان الشَّيخ أحمد بن الإمام الشَّيخ أحمد السُّجَاعيّ )
ثانيا : أنَّ السُّجاعيّ أثبتها لنفسه في حاشيته على ابن عقيل ( فتح الجليل على شرح ابن عقيل ) في باب الموصول عند قول ابن عقيل : ( وقد جوزوا في " لاسيّما زيد " ... إلخ ) حيث أورد السُّجاعي الأوجه النَّحويّة وتوجيهها والمسائل المتعلّقة بـ " لاسيَّما " ، ثُمَّ قال : ( وقد نظمت ذلك فقلت : وما يلي لاسيّما إن نُكّرا فاجرر أو ارفع ... إلخ ) وذكر الأبيات(2)[6]) .
__________
(1) ينظر حاشيته على المغني 1 / 123 .
(2) ينظر حاشيته على ابن عقيل 69 .(1/18)
وفي هذا دليل قاطع ، وبرهان ساطع على نسبتها له .
المصادر الّتي اعتمدها الأمير في الشَّرح
استفاد الأمير في شرحه لأبيات ( لاسيَّما ) للسُّجَاعيّ من المصادر النَّحويّة الموسوعيّة غير أنّه لم يصرّح بها في مقدّمة الشَّرح ، وقد وردت إشارات إلى بعض منها في ثنايا شرحه، منها كتب ابن مالك كالألفيَّة حيث استشهد بها في موضعين :
الأوَّل منهما قول ابن مالك : اسم بمعنى من مبين نكره * ينصب تمييزا بما قد فسّره(1)[7])
الثاني قول ابن مالك : ( ... ... ... ... وإن لم يستطل * فالحذف نزر ... ) (2)[8])
كما أنّه استفاد من كتاب التسهيل وشرحه لابن مالك في اكثر من موضع حيث استفاد ممَّا أورده ابن مالك من الآراء والاستشهاد بالأبيات الشّعريّة كما أنّه نقل الأمثلة الَّتي مثّل بها ابن مالك في شرح التسهيل(3)[9]).
ومن المصادر الَّتي اعتمدها في الشَّرح مغني اللَّبيب لابن هشام الأنصاريّ ، فقد صرّح بالمغني في أكثر من موضع وتجاهل التصريح في مواضع أخر(4)[10])، علما بأنّه ضمّن شرحه جميع ما أورده ابن هشام في المغني في مبحث ( سيّ ) بل أنه أورد نصًّا نقله عن المغني ولم أجده(5)[11])، والجدير بالذّكر أنَّ الأمير له حاشية على المغني ممَّا يؤكد اهتمامه بكتاب المغني واستفادته منه .
ومن المصادر الَّتي اعتمدها في الشَّرح شرح الكافية لرضيّ الدّين الاستراباذيّ حيث أخذ برأي الرّضي في جواز كون الواو الدَّاخلة على ( لاسيَّما ) عاطفة(6)[12]) ، كما أنّه أورد نصًّا للرَّضيّ على جواز إتيان ( لاسيَّما ) بمعنى : خصوصا(7)[13]) .
__________
(1) ينظر هامش 63 .
(2) ينظر هامش 79 .
(3) ينظر هامش 48 ، 68 ، 71 ، 106 .
(4) 10]) ينظر هامش 29 ، 30 ، 31 ، 32 ، 47 ، 48 ، 54 ، 55 ، 56 ، 58 ، 59 ، 61 ، 81 ، 83 ، 106 وغيرها .
(5) 11]) ينظر هامش 55 .
(6) 12]) ينظر هامش 28 .
(7) 13]) ينظر هامش 87 .(1/19)
ومن المصادر الَّتي استفاد منها شرح الدَّمامينيّ على المغني حيث صرّح بذلك في اكثر من موضع(1)[14]) ، واستفاد منه في قصة دارة جُلْجُلٍ ، ومثَّل ببيت أبي العلاء المعريّ الَّذي مثَّل به الدَّمامينيّ(2)[15]) وغير ذلك .
كما استفاد من كتاب الكافي في العروض والقوافي للخطيب التبريزيّ(3)[16]) ؛ ومن شرح شيخ الإسلام على متن الخزرجيّة(4)[17]).
هذه نماذج وأمثلة من المصادر الَّتي اعتمدها الأمير في شرحه لأبيات لاسيَّما وهي على سبيل التمثيل لا الحصر .
وصف المخطوطات المعتمدة في تحقيق الشَّرح
اعتمدت في تحقيق شرح أبيات ( لاسيَّما ) على ثلاث نسخ ، وجميعها من محفوظات عمادة شؤون المكتبات التابعة لجامعة الإمام محمَّد بن سعود الإسلاميّة وقد رمزت لكل واحدة منهنّ برمز معيّن وهي :
1 – نسخة " أ " :
تحتفظ بها المكتبة تحت الرَّقم ( 260 ) فهرس مخطوطات النَّحو والصَّرف ، ورقم الحفظ ( 1337 ) ، وهي تقع في ( عشر ورقات ) من القطع المتوسط ، وعدد الأسطر في كل صفحة ( ثلاثة وعشرون سطرا ) ، مُيّزت أبيات المنظومة بالحمرة ، كتبت بالخطّ المعتاد ، كتبها النَّاسخ أبو العينين الدَّلجمونيّ المالكيّ ، وكان الفراغ من نسخها في الخامس عشر من شهر شوال لسنة ( 1253 هـ ) ، كتب على الورقة الأولى منها ( شرح الأمير على لاسيَّما ) .
__________
(1) 14]) ينظر هامش 85 ، 96 .
(2) 15]) ينظر هامش 105 .
(3) 16]) ينظر هامش 113 .
(4) 17]) ينظر هامش 118 .(1/20)
وعلى الرَّغم من أنَّ هذه النُّسخة هي أقدم المخطوطات الثلاث الَّتي اعتمدتها في تحقيق الشَّرح ، إِلاَّ أنّني بعد قراءتها قراءة دقيقة فاحصة وجدت أنّها لا ترقى أن تكون أصلا يعتمد عليها في تحقيق النَّصّ وذلك يرجع إلى كثرة الأخطاء الإملائيّة والنَّحويّة الَّتي وقع فيها النَّاسخ بالإضافة إلى كثرة التصحيفات والتحريفات ويوجد بها أيضا سقط في أكثر من أربعة عشرة موضعا يتراوح بين الجمل والسَّطر والسَّطرين والثلاثة والأربعة ويصل إلى ثمانية أسطر ، كما أنَّ بها اضطرابا في عدة مواضع غير أننى لم اتبع اضطرابها ، لهذه الأسباب وغيرها لم اعتمدها أصلا في التحقيق ؛ لأنها فقدت أهميتها وأصبحت نسخة مساعدة لا أصلا يعتمد عليه ، لذا استعنت بها عند المقابلة .
2 – نسخة "ب" :
وهي من محفوظات مكتبة جامعة الإمام كسابقتها تحت الرَّقم ( 261 ) فهرس مخطوطات النَّحو والصَّرف وهي تقع في ( أربع عشرة ورقة ) من القطع المتوسّط ، وعدد الأسطر في كل صفحة ( واحد وعشرون سطرا ) ، كتبت بخطّ معتاد واضح ، كتبها النَّاسخ محمّد شاوش ، مُيّزت أبيات النَّظم بالحمرة ، وكان الفراغ من نسخها في 30 محرم لسنة 1303 هـ ، كتب على الغلاف : ( هذه رسالة لاسيّما لمؤلّفها العالم العلاّمة الشَّيخ محمَّد بن محمَّد الملقَّب بالأمير ، نفعنا الله به وبعلومه ، آمين ، آمين ، آمين ) .
وهي من حيث القدم تأتي بعد نسخة " أ " إِلاَّ أنّني لم أجعلها أصلا معتمدا في تحقيق الشَّرح ؛ لأنَّ النَّاسخ لا يختلف عن السَّابق – وإن كان أقلَّ منه – في الأخطاء الإملائيّة والنَّحويّة ، والتصحيفات والتحريفات ، بالإضافة إلى وجود السَّقط بالسَّطر والسَّطرين والثلاثة ، مع وجود اضطراب في عدَّة مواضع ؛ لهذه الأسباب استعنت بها كسابقتها في إكمال وتصويب ما وجد في النّسخة الأصليَّة .
3 – النّسخة الأصليَّة :(1/21)
وهي كالسَّابقتين من محفوظات مكتبة جامعة الإمام تحمل الرَّقم ( 262 ) فهرس مخطوطات النَّحو والصَّرف ، ورقم الحفظ ( 6643 ) ، وهي تقع في ( ست ورقات ) من القطع الكبير ، وعدد الأسطر في كل صفحة ( تسعة وعشرون سطرا ) مُيّزت أبيات المنظومة بالحمرة ، كتبت بخطّ معتاد واضح ، كتبها النَّاسخ محمَّد عبد الله الزُّرقانيّ ، وكان الفراغ من نسخها يوم الاثنين 23 رجب لسنة 1330 هـ.
كتب على الورقة الأولى منها : ( هذا شرح العلاَّمة الأمير على نظم العلاَّمة السُّجاعيّ في لاسيَّما ، نفعنا الله بهما والمسلمين ) .
وفي آخر ورقة من النُّسخة أورد النَّاسخ أرجوزة السُّجاعيّ في ( لاسيّما ) وهي تقع في سبعة أبيات .
وتمتاز هذه النُّسخة بالدّقّة والوضوح ، وندرة التحريف والتصحيف ، والسَّقط الَّذي لا يتجاوز في غالبه كلمة وهو قليل لا يكاد يذكر ، إلي جانب ما تميَّز به النَّاسخ من الضَّبط والإعجام ، لذلك اتخذتها أصلا معتمدا وقابلتها بالنُّسختين " أ " و " ب " وسلكت في تحقيق النَّصِّ المنهج العلميّ التالي :
- أغفلت الإشارة إلى ما يوجد في النُّسختين من تصحيفات وتحريفات وأخطاء إملائية ونحويَّة وسقط وذلك لكثرته ولا فائدة من الإشارة إليه .
- أكملت السَّقط الموجود في الأصل وصوبت الأخطاء مع ندرتهما من النُّسختين وأشرت لذلك في التحقيق .
- خرَّجت الآيات القرآنيّة والشَّواهد الشّعريّة وآراء النّحاة من مصادرها .
- ضبطت النُّصوص الواردة في الشَّرح إلي جانب ضبط ما يُشكل .
- وثّقت المسائل النَّحويّة والصَّرفيّة وغيرها من مصادرها .
- صنعت فهرسا للمصادر والمراجع الَّتي اعتمدتها في تحقيق ودراسة الشَّرح.
والله الموفّق هو حسبنا ونعم والوكيل
النَّصُّ الْمُحَقَّقُ(1/22)
نحمدك اللَّهم يا من [وفّقتنا](1)[18]) لعين الصَّواب ، ونصلِّي ونسلِّم على أنبيائك الَّذين انتخبتهم من الخلق أيَّ انتخاب، ولاسيَّما سيّدنا ومولانا محمَّد الَّذي قرَّبته ورفعت له الحجاب ، حتى دنى فتدلّى فكان قاب قوسين أو اشدّ اقتراب ، محمَّد الَّذي أنزلت عليه يا مولانا في محكم التبيين ، { فَتَوكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ المُبِينِ ، إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْموتَى ولا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ }(2)[19]) ، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين وتابعيهم إلى يوم الدّين ، وبعد :
__________
(1) 18]) في الأصل : وفقنا ، وما أثبته من " أ " و " ب " .
(2) 19]) آية 79 – 80 من سورة النمل .(1/23)
فيقول العاجز الفقير إلى الغنيّ القدير محمَّد بن محمَّد الملقَّب بالأمير ، عامله الله باللُّطف وحسن التدبير ، قد كنت رأيت أبياتا تتعلّق بكلمة " ولا سِيّما " وهي في غاية الحُسن والإتقان ، ناشئة عن تحقيق وتدقيق وإمعان ، كيف وهي لحسَّان الزَّمان ، وبَهْجَة الإخوان ، الشَّيخ أحمد بن الإمام الشَّيخ أحمد السُّجَاعيّ عاملني الله وإيّاه والمسلمين بالإحسان ، بجاه سيّدنا محمَّد سيّد ولد عدنان ، فوضعت عليها تعليقا لطيفا في زمن قصير بُعيد العشاء ، فاعتنى به بعض الأذكياء وحشّاه ، وأورد عليه من الاعتراضات ما ستقف بفضل الله على معناه ، ثم حشّاه بعض آخر مجيبا عن بعض تلك الاعتراضات لا عن جميعها ، لعدم اطّلاعه على جميع الحاشية الأولى ، وقد منَّ الله عليَّ باطلاعي عليها فوضعت هذا ثانيا في شأن ذلك مع مزيد فوائد ، فأقول وبالله أستعين ، قال المصنّف : ( وَمَا يَلِي لَاسِيَّما ) اعلم أنه يجب الابتداء بالبسملة والحمْدَلةِ في الأمور ذوات البال للحديث المشهور(1)[
__________
(1) 20]) السُّنّة في ابتداء جميع الأمور الحسنة ذوات البال أن يبدأ فيها بالبسملة والحمدلة لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ش قال : ( كل أمر ذي بال لا يبدأ بالحمد لله فهو أقطع ) وفي رواية ( بحمد الله ) وفي رواية ( بالحمد فهو أقطع ) وفي رواية ( أجذم ) وفي رواية ( ببسم الله الرحمن الرحيم ) وهو حديث حسن . ينظر : شرح صحيح مسلم 1/ 43 ..(1/24)
20]) ، ولا شكَّ أنَّ هذا التأليف من ذوات البال ، وحاشا المصنّف أن لا يعمل بالحديث ، فيجب أن يكون ابتدأ بهما نطقا وذلك كافٍ ، إلاَّ أنه جرت عادة المؤلّفين بإدراجهما في مؤلّفاتهم لفظا ورسما ، والمصنّف خالفهم في ذلك فلا بدَّ لمخالفتهم من نكتة ، ولعلَّها – والله أعلم – هَضْمه نفسه بأنَّ تأليفه هذا ليس من المؤلّفات ذوات البال الَّتي جرت العادة فيها بما ذكر حتى يأتي على عادتها وهذا لا غبار عليه، وهو المراد بقولي في ( الصَّغير ) : " وكأنه ترَكَهما من النَّظم هضما لنفسه بأنَّ تأليفه هذا ليس من الأمور ذوات البال ، وهذا حُسْنُ تواضعٍ من دأب الرَّجال " انتهى .
قال المعترض ما نصَّه : " والأنسب في التعبير أن يقول : وكأنه ترَكَهما من النَّظم إشارة إلى عدم تعيُّن رسمهما ؛ لأنَّ قول النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - " لا يُبْدأُ فيه بِبسم الله 000 إلخ " أعمّ من أن يكون لفظا وخطَّا أو خطَّا لا لفظا أو لفظا لا خطَّا ، لأنَّ حذف المعمول يُؤذن بالعموم ، وإن كان الثواب المترتّب على لفظهما مع كتابتهما أكثرَ من الثّواب المترتّب على فعل أحدهما فقط؛ فأمَّا ما ذكره من "الهضْميّة " [1/ب ] فلا ينهض عِلَّةً للترك ، اللّهم إلاَّ أن يكون بمعونة أنه ليس ممَّن يؤدي الحمد على ما ينبغي ، لكنه لا يظهر في جانب البسملة لمن تأمّل " انتهى كلامه .(1/25)
وأقول : إنما الَّذي لا ينهض علّةً ما ذكره هو من الإشارة ؛ إذ حيث كان الابتداء الرَّسمي داخلا في الحديث وإن لم يكن على سبيل التعيّن ، وكان جمعه مع اللَّفظيّ أكثر ثوابا وجرت عادة المؤلّفين به قديما وحديثا ، فلا ينبغي تركه لمثل هذه الإشارة إلى ما هو معلوم من خارج ممَّا لا ثواب فيه ، بخلاف ما ذكرناه من التواضع ففيه ثوابٌ أعظم من ثواب الجمع لا ريب ، فساغ العدول عن الجمع إليه ونهض الهضْم علة للترك ؛ وقوله : من " الهضْمية " صوابه من " الهضْم " إذ الهضمية الحال المتعلقة بالهضم أعني : الكون هضما ، كما أنَّ " العالميّة " الحال المتعلقة بـ " العالم " أعني : الكون عالما ، ونحن لم نجعل العلَّة الكون هضما بل نفس الهضم ، فإن أجاب بتجوّزٍ أو تقدير قلنا : لا حاجة لما يحوج لذلك مع أنه خلاف الاختصار .
ثُمَّ قال المعترض أيضا ما نصّه : " ومع ذلك فالباء في قوله : " بأنَّ 000 إلخ " إمَّا للتعدية وهو باطل لامحالة ، أو للسَّببيّة بمنزلة لام العلَّة للترك ، فهي إمَّا علَّة ثانية للترك وهو باطل ؛ لأنه قطعا من الأمور ذوات البال ، فإن أريد أنه ليس من مهمات ذوات البال مُنع بأنَّ الأمر ذا البال في الحديث نكرة فيعمّ كل فرد ، وإمَّا علَّة للعلَّة وبطلانه ظاهرُ البيان لعدم التئام الكلام ، فتأمّله بالانصاف وعليك منّي السَّلام " انتهى كلامه .(1/26)
وأقول : كونها للتعدية للترك أو الهضْم لا يتوهّمه عاقل لعدم صحته ، فلا ينبغي التعرّض له ولو على سبيل توسيع دائرة الاعتراض ، وكونها للسّببيّة متعلقة بالترك غير مراد لنا ، إنما هي للسَّببيّة متعلقة بالهضم ، والمعنى : تركهما ليهضم نفسه بأنَّ تأليفه 000 إلخ ، والكلام [ بذلك ](1)[21]) في غاية الالتئام ، فكيف يجعل عدم صحته لا تحتاج إلى بيان ، ولا يخفى أنَّ كونها علَّة للعلَّة وهي هضما يقتضي تعلّقها بالعلَّة ، فهو غير كونها بمنزلة لام العلَّة للترك المقتضى لتعلّقها به ، لا أنَّه قسم مندرج تحته كما هو صريح عبارته .
ولنرجع إلى المقصود فنقول : مقتضى الترتيب الوضعي في ( ولاسِيّما ) أن يبحث فيها أوَّلا : عن " الواو" من حيثُ كونها اعتراضية أو غيره ممَّا يأتي ؛ ثمَّ عن " لا " من حيثُ جواز حذفها وعدمه وغيرهما ممَّا يأتي ؛ ثمَّ عن " سيّ " من حيثُ الإعراب وعدمه ؛ ثمَّ عن " ما " من حيثُ كونها موصولة أو نكرة [ موصوفة أو نكرة ] (2)[22]) زائدة وغيره ؛ ثمَّ عن مجموع " ولاسِيَّما " هل هو من أدوات الاستثناء ؟ ثمَّ عن الاسم الواقع بعدها من حيثُ إعرابه ، وحلول الجملة محله وعدمه ، والمصنّف خالف هذا الترتيب ؛ لأنَّ قصده البيان على أيّ وجه كان ، أو أنه اهتم بما قدَّمه على غيره بحسب ما ظهر له [ فتأمّل ](3)[23]).
وأخلَّ بالبحث الأوَّل ولنتكلّم عليه فنقول : قرَّر بعض مشايخنا أنَّ ( الواو ) في ( ولاسِيَّما ) اعتراضية بناء على ما قيل بجواز الاعتراض في آخر الكلام(4)[
__________
(1) 21]) في " أ " و " ب " : ( في ذلك ) .
(2) 22]) ما بين المعكوفين زيادة من " أ " و " ب " .
(3) 23]) في الأصل : يتأمل : وما أثبته من " أ " و " ب " .
(4) 24]) ممن يرى أن الواو اعتراضية الرضي حيث قال : ( اعلم أن الواو التي تدخل على " لاسيما " في بعض المواضع ... ... اعتراضية ... ... ، إذ هي مع ما بعدها بتقدير جملة مستقلة ) شرح الكافية
1/ 249 وينظر حاشية الأمير على المغني 1/ 123 ، والمعجم المفصل في النحو العربي 558 .(1/27)
24]) ؛ وأقول : - بفضل الله – هو غير متعيّن ، إذ لا مانع من جعلها للحال(1)[25]) ، وجملة ( لاسِيَّما كذا ) حال من الاسم الواقع قبل ( ولاسِيَّما ) فيكون محلّها [ نصبا ] (2)[26]) أبداً ، فإذا قلت :
(
__________
(1) 25]) قال أبوحيان في الارتشاف 3/ 1553 : ( ويجوز دخول الواو على " لاسيما " فتقول : " قام القوم ولاسيما زيد " والواو واو الحال ) .
(2) 26]) في الأصل : نصبٌ ، وما أثبته من " أ " و " ب " .(1/28)
سَادَ العلماءُ ولاسِيَّما زيدٌ ) فجملة ( لاسِيَّما [ زيدٌ ](1)[27]) ) حال من ( العلماء ) ، والمعنى : سادوا والحال أنه لا مثلَ زيدٍ موجود فيهم ، أي : لا مثله في السّيادة أو في العلم، وهما متلازمان ؛ إذ المعنى : سادوا لِعلْمِهم ؛ لأنَّ تعليق الحكم بمشتق مؤذن بعليّة مبدأ الاشتقاق ، والعلَّة والمعلول متلازمان، وعلى كلٍّ فالمرادُ أنّ زيداً [2/أ] أفضل منهم ، وإن صدق المدلول لغة بأنه انقص إلاَّ أنه غير مراد عُرْفا ، ونظيره قولهم : ( لا أحدَ أَعْرفُ من فُلانٍ ) يريدون : أنه أعرفُ النَّاس وإن صدق بالتساوي ، وكذا القول في : ( أَكْرِمْ العلماءَ ولاسِيّما زيدٌ ) إلاَّ أنَّك تقول هنا على المعنى الأوَّل فيما قبله ولا مثله في استحقاق الإكرام المأخوذ من قوة الكلام ؛ إذْ لا يأمر عاقل بشيء إلاَّ لمن يستحقُّه، وكأنّه قيل : استحقَّ العلماءُ الإكرامَ ولا مثْلَ زيدٍ موجودٌ فيهم ، أو تقول المراد : ولا مثْلَه في طلب الإكرام ، المفاد من ( اَفْعِلْ ) ، وعلى هذا فهي حالٌ مُقَارِنَةٌ(2)[
__________
(1) 27]) ما أثبته زيادة من " أ " و " ب " .
(2) 28]) الحال المقارنة : عرّفها الفاكهي في شرح الحدود في النحو ( 229 ) بقوله : ( هي المبينة لهيئة صاحبها وقت وجود عاملها ، كراكبا من " جاء زيد راكبا " ) ؛ كما عرّفت في المعجم المفصل في النحو العربي ( 445 ) : ( هي التي تلازم صاحبها فلا يختلف وقوع أحدهما عن الآخر ، بل يتحقق معناها في زمن تحقق العامل ، كقوله تعالى : { وَهَذا بَعْلِي شيخاً } ) [ آية 72 من سورة هود ] . وتسمى أيضا الحال المحقَّقَة ..(1/29)
28]) في الموضعين على المعنيين ، ولك في الموضع الثاني معنى ثالث هو : أنَّ المراد لا مثلهم في الإكرام بالفعل ، وعليه فهي حالٌ مُنتَظَرَةٌ(1)[29]) ، ولا مانع أيضا مِنْ جَعْلِها عاطفة في المثال الأوَّل اتْفاقا ، وفي الثاني(2)[30]) عند مَن يجوّز عطف الخبر على الإنشاء(3)[
__________
(1) 29]) الحال المنتظرة : عرّفها الفاكهي في شرح الحدود في النحو ( 230 ) بقوله : ( هي التي يكون حصول مضمونها متأخرا في الخارج عن حصول مضمون عاملها كـ " مررت برجل معه صقر صائدا به غدا ")؛ كما عرّفت في المعجم المفصل في النحو العربي ( 445 ) : ( هي التي يتحقق معناها بعد وقوع معنى عاملها ) ؛ كقوله تعالى في ( سورة الحِجْر آية 46 ) : { اُدْخُلوها بِسَلامٍ آمِنينَ } ومثل : ( مشى الطفلُ باكراً ) ، وتسمى أيضا : الحال المستَقْبَلة ، والمقدَّرَة .
(2) 30]) يعني جعل الواو عاطفة في المثال الأول : ( ساد العلماءُ ولاسِيّما زيدٌ ) ، وفي المثال الثاني : ( اكْرِمْ العلماءَ ولاسِيّما زيدٌ ) .
وممن أجاز أن تكون الواو عاطفة الرضي في ( شرح الكافية 1/ 249 ) حيث قال : ( ويجوز أن يكون – أي الواو – عطفاً ، والأول – أي كونها اعتراضية – أولى وأعذب ) ينظر هامش " 3 " السابق .
(3) 31]) بعض النحاة أجاز عطف الخبر على الإنشاء وبالعكس ، وبعضهم منع العطف .
ينظر تفصيل المسألة في مغني اللبيب 535 – 538 .(1/30)
31]) ، وعلى هذا فهي تابعة لما قبلها محلاًّ وعدمه ، فهي في نحو : ( غَايةُ ما تكلَّمتُ به الحقُّ أحقُّ بالاتّباع ولاسِيّما الوَّاضحُ ) في محلّ رفع ؛ إذ الجملة قبلها خبر عن ( غاية ) ، وفي نحو : ( قلت له : انْصِفْ المُناظِر ولاسِيّما المتأدِّبُ ) في محلّ نصب ؛ إذ الجملة قبلها معمول القول ، وفي نحو : ( نطقتُ بِسادَ العلماءُ ولاسِيّما العاملون ) في محلِّ جرٍّ ، وإذا قلت ابتداءً : ( أَكْرِمْ العلماءَ ولاسِيّما فُلانٌ ) فلا محل لها ؛ لكون الجملة قبلها ابتدائيّة ، ولا مانع من جعلها للاستئناف وهو ظاهر وعليه لا محلَّ لها من الإعراب .
وقد استدعى الكلام على ( الوَّاو ) الكلام على جملة ( ولاسيّما كذا ) من حيث محلّها من الإعراب وعدمه ، وهو وإن لم أجده في النّقول مقبولا عند أولي العقول .
وأمَّا الكلام على ( الوَّاو ) من حيثُ الحذف وعدمه ، فنقول : جرى في الحذف خلاف(1)[32]) ، فذكر ثعلب أنه خطأ(2)[
__________
(1) 32]) ينظر الخلاف في وجوب دخول الواو على " لاسيما " وفي جواز حذفها : شرح الكافية للرضى 1/ 249 والارتشاف 3/ 1552 ، 1553 ، ومغني اللبيب 149 ، والمساعد 1/ 596 ، والهمع 1/ 235 .
(2) 33]) أوجب ثعلب دخول الواو على ( لاسيما ) ، قال : من استعمله على خلاف ما جاء ... ... فهو مخطئ. وجوّز غيره حذفها .
ينظر مغني اللبيب 149 ، وتعليق الفرائد 6/ 147 ، والهمع 1/ 235 .(1/31)
33]) ونقلوه مقدّمين له على جواز الحذف المنسوب لغيره، فظاهر كلامهم ترجيحه ، وذكر الفارسيّ(1)[34]) ما يقتضي جواز حذفها ، وذلك أنه جعل " سيّ " حالا ممَّا قبلها دخل عليها النَّافي ، ومعنى قولك : ( ساد العلماءُ لاسيّما زيدٌ ) سادوا لا مماثلين لزيد فاعتُرِض عليه بأنَّ الحال المفردة لا تدخل عليها ( الوَّاو ) ، أي : إذا لم تكن عاطفة لها على حال أخرى قبلها كما هنا ، فإن كانت عاطفة : { يا أيها النَّبِيُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهداً ومُبشِّراً وَنَذِيراً، ودَاعِيًا إِلَى اللهِ بِإذْنِهِ وسِرَاجًا مُّنِيرًا }(2)[35]) [ دخلت ](3)[36])
فأجيب بأنه إنما يقول : بالحالية عند عدم دخول ( الوَّاو ) ، وأمَّا عند دخولها فـ " سيّ " عنده اسم لـ " لا " التبرئة كما يأتي(4)[37]) ، ولا تُحذف " لا " من " [ لا ] سِيّما " وكما لا تُحذف [ لا ](5)[38]) لا تُحذف ( الوَّاو ) ، وأجاز بعضهم حذْفَها وبه قال الفارسيّ ، زاد وهي حينئذٍ أي : حين حذف ( الوَّاو ) نصب على الحال(6)[39]) انتهى .
وقول المعترض هناك : إنَّ الشَّارح أخلَّ بالاعتراض الأوَّل - يعني به هذا الاعتراض - سهو ؛ لما علمت من الإشارة له بذكر جوابه .
والاعتراض الثاني : أنَّ " لا " إذا دخلت على وصْفٍ أو حال وجب تكرارها ولم تكرر هنا .
__________
(1) 34]) ينظر رأيه في الارتشاف 3/ 1552 ، ومغني اللبيب 149 ، والهمع 1/ 235 .
(2) 35]) آية 45 – 46 من سورة الأحْزَاب .
(3) 36]) تكملة من " أ " و " ب " .
(4) 37]) ينظر رأيه في البغداديات 317 .
(5) 38]) تكملة من " أ " و " ب " .
(6) 39]) قال أبوحيان في الارتشاف 3/ 1552 : ( وزعم أبو عليّ في " الهَيْتِيَّات " أن ( لا ) ليست عاملة النصب في ( سيما ) بل ( سي ) منصوب على الحال ، والعامل فيها الجملة السابقة ) . وينظر مغني اللبيب 149 ، والهمع 1/ 235 وحاشية على المغني 1/ 123 .(1/32)
وأجيب بأنها مكررة معنى ؛ إذ هو في قوة لا مساوين لزيد ولا زائدين عليه بل ناقصون وهذا كافٍ .
إذا علمت هذا فقول المصنّف : " وَمَا يَلِي لَاسِيّما " إمَّا جارٍ على جواز حذف الوَّاو ، وإلاَّ فهو يلي ( ولاسِيّما ) بالوَّاو لا مجردا عنها ، أو أنّ مراده يلي ( لاسِيّما ) بعد تقدّم الوَّاو عليه ، وحذَف الوَّاو مع أنها مرادةٌ ومع أنَّ ذكرها أوفق بالاستعمال للضَّرورة .
( إن نُكِّرا ) ، أي : إن أُتي به نكرة نحو : ( أكْرِمْ الرجالَ ولاسِيّما رجلٌ كريمٌ ) ، ( فَاجْرُرْ أَوِ ارْفَعْ ) الفاء في جواب " إِنْ " لعدم صلاحيته للشَّرط وجملة الشَّرط ، وجوابه [ خبر ](1)[40]) (ما) وعائده ضمير ( نُكِّرا ) وألفه للاطلاق ، [2/ب ] وكذا مفعول ( اجْرُرْ وَارْفَعْ ) إذ أصله : اجرره أو ارفعه ، فحذف المفعول منويا ، ويحتمل أنه منزَّل منزلة اللاَّزم فلا يحتاج إلى تقدير مفعول ، أي : فاحكم بالجرِّ أو الرَّفع ، وليس قصده التخيير المستوي لما يأتي من أنهما مرتبان في الرّتبة كما رتبهما هنا في الذّكر ، ( ثُمَّ نَصْبَهُ اذْكُرَا ) " ثُمّ " للترتيب الذِّكريّ (2)[41]) لا الرُتبي إذ لم يصرحوا بكون النَّصب أضعفها ، وسيأتي لنا فيه كلام بفضل الله .
تنبيهٌ : وجّه المصنّف الرَّفع والنَّصب بقوله : ( وعِنْدَ رَفْعٍ مُبْتداً قدّرْ ) وبقوله :
( وَانْصِبْ مُميِّزا ) وأهمل وجه الجرِّ وهو بالمضاف كما يأتي ، فكان ينبغي أن يذكره أيضا وأن يذكر الثلاثة هنا ؛ ليسلم من التشتيت الحاصل بالفصل بين هذه الأوجه وبين توجيهاتها بالكلام على المشار له بقوله : ( في الجرِّ ما زِيدَتْ ) وبين التوجيهات بالكلام على ( سيّ ) المشار له بقوله : ( وفي رَفْعٍ وجَرٍّ أعْرِبَنْ سِيَّ تَفِي ) والأمر سهل .
__________
(1) 40]) في الأصل : جزما .
(2) 41]) في " أ " و " ب " : الإخباري .(1/33)
نكتة(1)[42]): أَلِفُ ( اذْكُرا ) منقلبة عن نون التوكيد الخفيفة ، والسّر في الإتيان بها أنه لمَّا أتى بثُمَّ أوهم أنَّ النَّصب أضعف الأوجه مع أنه ليس موجودا في كلامهم ، على أنه يأتي ما يفيد أنه أرجح من الرَّفع ، فأتى بنون التوكيد لتعادل تقويتها ما أوهمه من الضَّعف ، ويرجع الأمر إلى الترجيح الخارجيّ وسيأتي ، فتأمَّلْه فإنه حَسَنٌ .
( في الجرّ " ما " ) حرفية ( زِيدت ) بين المضاف وهو ( سيّ ) والمضاف إليه وهو الاسم المجرور على حدِّها في { أَيَّمَا الأَجَلَينِ }(2)[43])وقوله : ( في الجرِّ ) متعلق بـ ( زِيدَتْ ) الواقع خبرا عن ( ما ) ، ففيه تقديم معمول الخبر الفعلي على المبتدأ على مذهب من يجيزه ، وإنْ منعه بعضٌ محتجّا بأنَّ نفس الخبر الفعلي لا يتقدم لئلاَّ يلتبس التركيب بالفعل والفاعل فكيف يتقدم معموله ؟ (3)[44])
إن قلتَ قد قلتَ: إنَّ ( ما ) [ في ](4)[45]) حالة الجرّ حرفيَّة فكيف تقع مبتدءا في المصنَّفِ ؟ قلتُ : هي في المصنَّف اسم إذ القصد منها لفظها ، إن قلتَ إذا كانت اسما فكيف تحكم عليها بأنها حرف زائد ؟ وهل هذا إلاَّ تنافٍ ؟ قلتُ : المحكوم عليه بالاسميَّة لفظها والمحكوم عليه بالحرفيَّة والزّيادة مدلولها ، وهو كلمات ( ما ) الواقعة في تراكيب ( ولاسيّما ) فهو لفظٌ مسماه لفظٌ .
و ( ما ) في [ حال الـ ](5)[46]) رفعٍ اسميةٌ في محل جرّ بالمضاف وهو ( سيّ ) ، ( أُلِفْ وَصْلٌ لها ) بالجملة المركبة من الاسم المرفوع خبرا والضَّمير المقدَّر كما يأتي في قوله :
(
__________
(1) 42]) في " أ " و " ب " : تنبيه .
(2) 43]) آية 28 من سورة القصص .
(3) 44]) المسألة فيها خلاف بين البصريين والكوفيين ينظر الإنصاف 1/ 65 ، والتبيين 245 ، وشرح التسهيل 1/ 289 وشرح ابن عقيل 1/ 228 .
(4) 45]) زيادة لاستقامة الكلام .
(5) 46]) زيادة لاستقامة الكلام .(1/34)
وعِنْدَ رَفْعٍ مُبتدًا قَدّرْ ) وهذه الجملة على هذا لا محل لها من الإعراب ؛ [ و ](1)[47]) إمَّا على أنّها نكرةٌ والجملة صفة لها المشار له بقوله : ( قُلْ أو تَنَكُّرٌ وُصِفْ ) فهي في محل جرّ؛ وضمير ( وُصِفْ ) إمَّا راجع للمتنكر المفهوم من ( تنكُّرٌ ) ، وإمّا للتنكّر مراداً به النكرة فهو استخدام ، وإمّا له باقيا على معناه وهو من الحذف والايصال ، والاصل : وُصِف فيه ، أي : وُصِف (ما) في حالته إلاَّ أنَّ الحذف والايصال بابه السَّماع ؛ هذا إن كان قوله: ( وُصِفْ ) ماضيا مبنيَّا للمجهول وعليه فلا فائدة لقوله : ( قُلْ ) إلاَّ تكملة الوَّزن ، ويحتمل أنَّ ( صِفْ ) أمر من ( وُصِفْ ) ومفعوله محذوف أي: و ( صِفْ ) أنت ( ما ) في حالة التنكّر بالجملة، و ( الوَّاو ) فيه للعطف ، ويكون فائدة قوله : ( قُلْ ) التوصل لقوله : ( صِفْ ) ليكون عطفا عليه إذ لا يصح عطفه على غيره ممَّا قبله ، لأنه إنشاء وما قبله خبر ، وإن كان يستغنى عنه على مذهب من يعطف الخبر على الإنشاء(2)[48]) ، أو يجعل ( صِفْ ) مستأنفا .
وسكت المصنّف عن ( ما ) حال النَّصب ويأتي لنا فيه كلام عند قوله : ( وَانْصِبْ مُميِّزَا ) .
( وَعِنْدَ رَفْعٍ مُبْتدًا قَدّرْ ) وذلك المبتدأ هو رابط الصّفة وعائد الصّلة (3)[
__________
(1) 47]) زيادة لاستقامة الكلام .
(2) 48]) ينظر هامش " 29 " السابق .
(3) 49]) يعني بذلك أن الاسم المرفوع بعد لاسيّما في نحو " أكْرمْ العلماءَ ولاسيّما زيدٌ " يعرب خبراً لمبتدأ محذوف وجوبا تقديره هو ، والجملة من المبتدأ والخبر تكون صفة " ما " في محلّ جرّ باعتبار " ما " نكرة موصوفة بمعنى " شيء " ، أو صلة الموصول لا محل لها من الإعراب باعتبار " ما " موصولية ؛ وفي كلا الوجهين " ما " في محل جر مضاف إلى " سيّ "
ينظر الإيضاح في شرح المفصل 1/ 386 ، وشرح الكافية 1/ 249 ، والارتشاف 3/ 1550 ، والمغني 149 والمساعد 1/ 597 ، والهمع 1/ 234 .(1/35)
49])، وحَذْفُه هنا ليس شاذاً بل واجب سواء طول الصّلة وعدمه(1)[50]) ، وذلك أنهم ألحقوا ( لاسيَّما ) بـ ( إلاَّ ) الاستثنائية [3/أ] في عدم وقوع الجملة بعد كُلٍّ بجامع مخالفة ما بعد كُلٍّ لما قبله ، وإن كان المخالفة في ( إلاَّ ) بكونه مُخرَجًا مما قبلها وفي ( لاسيَّما ) لكونه أولى منه بالحكم ، وهذا التوجيه ذكره المحققون الذين لا يجعلون ( ولاسيَّما ) من أدوات الاستثناء(2)[51]) ، وهو لا يستلزم أنّ ( لاسيَّما ) من أدوات الاستثناء ؛ إذ غايته إلحاق ( ولاسِيّما ) بـ ( إلاَّ ) في عدم وقوع الجملة بعدها بجامع مطلق المخالفة ، وأمَّا كونها من أدوات الاستثناء باعتبار ما معها من المخالفة أولا فمقام آخر لا تلازم بينه وبين هذا ، فَقَولُ بعض(3)[52]) هذا على أنّ ( لاسيَّما ) من أدوات الاستثناء ، وسيأتي أنَّ الرَّاجح خلافه غلط ؛ و [ ممَّا ] يقتضي [ وجوب ](4)[53]) الحذف أيضا أنَّ هذا كلام جرى في كثرة الاستعمال مجرى الامثال فلا يُغيّر عما سمع فيه من الحذف .
__________
(1) 50]) ينظر شرح التسهيل 2/ 319 ، ومغني اللبيب 149 – 150 ، وشرح ابن عقيل 1/ 166 .
(2) 51]) ينظر تفصيل المسألة في شرح الجمل لابن عصفور 2/ 262 ، والإيضاح في شرح المفصل 1/ 368 ، وشرح الكافية 1/ 248 ، وابن يعيش 2/ 85 ، وشرح التسهيل 2/ 318 ، والارتشاف 3/ 1549 ، والمساعد 1/ 596 ، والهمع 1/ 234 .
(3) 52]) في " أ " و " ب " : ( البعض ) .
(4) 53]) في الأصل : [ إنما ، وجود ] وما أثبته من " أ " و " ب " .(1/36)
ثُمَّ شرع في الكلام على ( سيّ ) فقال : ( وفي رَفْعٍ وَجَرٍّ أعْرِبَنْ سِيّ تَفِي ) وإعرابها نصْبٌ لأنها اسم للا التبرئة وهي مضافة لـ ( ما ) حال الرّفع ، وللنّكرة بعدها حال الجرّ ، فيجب نصبها ، ولا يلزم على الأوَّل إنْ قَدرت ( ما ) موصولة عمل ( لا ) في معرفة ، لأنَّ ( سِيّ ) معناه ( مِثْل ) فهو متوغل في الإبهام فلا يتعرّف بالاضافة ، وخبر ( لا ) محذوف أي : موجود .
[ فإن ](1)[54]) قلتَ : هل يجوز رفع ( سيّ ) على أنَّ ( لا ) عاملة عمل ( ليس ) قياسا وإن كان لم يُسمع إلاَّ بالنَّصب ؟
قلتُ : لا يجوز لعدم ملاقاته القصد ؛ إذ المراد بقولك : ( ساد العلماءُ ولاسِيّما زيدٌ ) نفي جنس المماثل لزيد بنفي جميع أفراده ، لا النَّفي في الجملة الصَّادق بنفي الوَّاحد الَّذي لا ينافي ثبوت الأكثر كما هو مفاد [ العاملة ](2)[55]) عمل ( ليس ) .
وذهب بعضهم : إلى أنَّ ( ما ) في حالة الرَّفع خبر ( لا )(3)[56]) قال في " المغني " :
( ويلزمه كفّ ( سيّ ) عن الإضافة من غير كافٍّ ، وأمَّا ما يقال يلزمه عمل ( لا ) في معرفة فيرده إمكان تقديرها نكرة موصوفة )(4)[57]) انتهى .
وقوله : " أعْرِبَنْ " أي : وجوبا كما هو حقيقة ( افْعِلْ ) خصوصا وقد أكده بالنّون وقدَّم الجارّ والمجرور ليفيد الحصر ، فأُخذ منه أنَّ النَّصب لا يجب فيه الإعراب ويأتي لنا فيه كلام .
تنبيهٌ : أصل " سيّ " سِوْي دخله ما دخل ( سيِّد )(5)[
__________
(1) 54]) في الأصل : إنْ ، وما أثبته من " أ " و " ب " .
(2) 55]) في الأصل : المعاملة ، وما أثبته من " أ " و " ب " .
(3) 56]) ممن قال به الأخفش ، أي : أن " سيّ " اسم " لا "و " ما " الموصولية في موضع رفع خبرها ؛ ينظر الارتشاف 3/ 1550 .
(4) 57]) لم أجده في المغني .
(5) 58]) أي : اجتمعت الواو والياء على وجه يقتضي قلب الواو ياء فقلبت وأدغمت الياء المنقلبة عن الواو في الياء الأصلية .
ينظر الكتاب 4/ 365 ، والمنصف 2/ 15 – 18 ، والممتع 2/ 498 ، وشرح الشافية للرضي 3/ 139 .(1/37)
58])، ودليل أنَّ عينه ( واو ) قولهم في تصرف مادَّته : تساويا وتساوينا ومتساويان ، وتثنيته ( سيَّان )(1)[59]) ويُستغنى حينئذ عن الإضافة كما استُغني عنها مرادفه وموازنه ( مثْل ) في قوله :
مَنْ يفعلِ الحسناتِ اللهُ يشكره والشرُّ بالشرِّ عندَ الله مِثْلانِ(2)[60])
واستغنوا بتثنيته عن تثنية " سواء " فلم يقولوا " سواءان " إلاَّ شاذًّا ، كقوله :
فيا ربِّ إنْ لم تقسمِ الحبَّ بيننا سواء ين فاجعل لي على حُبِّها جَلْدا(3)[61])
(
__________
(1) 59]) ينظر مادة " سوا " في اللسان 14/ 410 – 411 ، ومغني اللبيب 148 – 149 .
(2) 60]) البيت نُسب لأكثر من شاعر ، فقد نسب لكعب بن مالك في ديوانه 288 ، كما نسب لحسان بن ثابت وليس في ديوانه ، وأيضا نسب لعبد الرحمن بن حسان .
وهو من شواهد : الكتاب 3/ 65 ، والمنصف 3/ 118 ، وابن يعيش 9/ 2 ، 3 ، مغني اللبيب 58 ، 114 ، وهمع الهوامع 2/ 60 .
(3) 61]) البيت نُسب لمجنون ليلى في ديوانه 94 ، وفيه " فاجعلني " ، كما نسب لقيس بن معاذ في اللسان " سوا " 14/ 410 ، وهو من شواهد مغني اللبيب 149 .(1/38)
وَانْصِبْ ) الاسم النكرة ( مُميِّزا ) إمَّا ( سيّ )(1)[62]) نفسها ، فتكون ( ما ) حينئذٍ حرفا كافّاً عن الإضافة ، وفَتحة " سيَّ " لإفرادها بناء ، هكذا قال بعضهم(2)[63]) ، ونقلته في " الصَّغير " ، وأقول : قد يُمنع إفراد " سيّ " في هذه الحالة ، بل هي شبيهة بالمضاف ضرورة أنَّ التمييز الَّذي اتصل وتعلق بها شيء من تمام المعنى ؛ إذ هو أولى بذلك من النعت ؛ لأنه مبين للذات ، والنَّعت مبين للصِّفة ، والنَّعت داخل فيما هو من تمام المعنى ، إلاَّ أنه لا يوجب الشَّبه بالمضاف لاشتراطهم فيما يوجبه أن يكون معمولا ، والتمييز معمول لما ميَّزهُ ، قال ابن مالك [ في الخلاصة ](3)[64]) :
اِسْمٌ بِمعْنَى مِنْ مُبينٌ [ نكره ] يُنصَبُ تَمييزًا بِمَا قَدْ فَسَّرهْ(4)[65])
وحينئذٍ ففتحة " سيّ " على هذا إعراب ؛ وإمَّا " ما " بناء على أنها نكرة تامة ، و" سيٌّ " مضافةٌ إليها ففتحة إعراب(5)[66]) .
ثم قلت في " الصَّغير " : ( والوجه الثاني : أقرب وذلك أنَّ التمييز عين المميَّز معنى ، والاسم النَّكرة ليس هو عين السّيّ ، والمثل بل هو عين الشَّيء [ 3/ب ] الَّذي قصد نفي المماثلة له وذلك هو مدلول " ما " ) انتهى .
__________
(1) 62]) في " أ " و " ب " : لسيّ .
(2) 63]) ممن قال به ابن هشام في مغني اللبيب 150 .
(3) 64]) ما بين المعكوفين زيادة من " أ " و " ب " .
(4) 65]) ينظر الألفية 33 ، وشرح ابن عقيل 2/ 286 ؛ وفي الأصل : النكره ، وما أثبته من " أ " و " ب " .
(5) 66]) أي : أن الاسم النكرة المنصوب يكون تمييزا إما ل " سي " وإما ل " ما " على ما ذكره .
ينظر هذا التوجيه في الارتشاف 3/ 1551 ، وهمع الهوامع 1/ 234 ، والنحو الوافي 1/ 404 .(1/39)
وقولي : ( أقرب ) يفيد أنَّ الوجه الأوَّل صحيح إلاَّ أنه غير أقرب وكيف لا يكون صحيحا وقد صرَّح به المحقِّقون ، ووجِّه بأنَّ المراد بالنَّكرة كرجل [ في قولك ](1)[67]): ( أكْرِمْ الرِّجالَ ولاسيّما رجلاً كريمًا ) مطلق فرد من ماهيتها وهو عين السّيّ فهو تمييز له ، والسّيّ مضاف معنى إلى فرد مفهوم كرجل كريم معهود لك ، هو الَّذي قصدت نفي المماثلة له وإن كَفّته ( ما ) عن الإضافة لفظا ، ولا شكَّ أنَّ هذا التأويل في غاية البعد .
وقولنا : ( والاسم النَّكرة ليس هو عين السّيّ 000 إلخ ) منظور فيه لفحوى الكلام بقطع النَّظر عن بعيد التأويل ، وحينئذٍ فلا يحتم الفساد حتى ينافي ما يقتضيه قولنا :
( أقرب ) من صحة الثاني ، إذا عرفت ذلك تبيّن لك فساد قول المعترض بعد نقل التوجيه المذكور مشيرا له ، وإذا صح ذلك ارتفع الإشكال وبطل قول الشَّارح والاسم النَّكرة ليس هو عين السّيّ ، وإلاَّ فهو أقرب إلى الإبطال لا أنه قريب للصّحة كما هو ظاهر عبارته ؛ انتهى .
ثمَّ أشار إلى أنّ قول امرئ القيس :
أَلا رُبَّ يومٍ صَالحٍ لكَ مِنْهُما ولاسِيّما يومٌ بدَارَةِ جُلْجُلِ(2)[68])
مرويّ بالأوجه الثلاثة بقوله : ( وقُلْ لاسِيّما * يومٌ بأَحْوالٍ ثَلاثٍ فَاعْلَما ) .
__________
(1) 67]) في الأصل : فقولك ، وما أثبته من " أ " و " ب " .
(2) 68]) في ديوانه 10 ، 368 .
وهو من شواهد ابن يعيش 2/ 86 ، وشرح التسهيل 2/ 318 ، والارتشاف 3/ 1550 ، ومغني اللبيب 149 ، وشرح الكافية للرضي 1/ 249 ، والمساعد 1/ 597 ، وهمع الهوامع 1/ 234 .(1/40)
ودارةُ جُلْجُلٍ بجيمين اسم لغدير ، وكان يهوى بنت عم له يقال لها : عُنيزة ، فاتفق أنَّ الحيّ احتملوا وتقدَّم الرِّجال وتأخَّر النِّساء ، فلمَّا رأى ذلك امرؤ القيس سار مع الرِّجال قَدْرَ غُلْوةٍ ، ثم نكَزَ في غابة من الأرض حتى ورد النِّساء الغدير يغتسلن ، فجاءهنَّ غوافل وجلس على ثيابهنَّ ، وحلف لا يُعطى واحدة ثوبها حتى تخرج متجرِّدة ، فأبين حتى تَعَالَى النَّهار فخرجن ، وقلن له حبستنا فاجعتنا ، فنحر لهن ناقته فشوينها ، ولمَّا أردن الرَّحيل حملت كل واحدة منهنَّ شيئًا من متاعه ، وحملته هو عُنيزة ، ففي هذا معلقته المشهورة منها هذا البيت ، ومنها(1)[69]) :
ويومَ دَخلتُ الخِدْرَ خِدْرَ عُنَيزَةٍ فقالتْ لك الوَيْلاتُ إِنّكَ مُرْجِلي
تقولُ وقد مَالَ الغَبِيطُ بِنا معاً عَقرْتَ بَعيري يا امْرأَ القَيسِ فَانْزلِ
ويومَ عَقَرْتُ لِلْعَذارَى مَطِيَّتي فَياعَجَبًا مِنْ رَحْلِها المُتَحَمَّلِ
ومُرْجِلى : مُسيّري راجلةً أي : ماشيةً بهَلْكِ البعير .
تنبيهان : الأوَّل : قال المصنّف في شرحه ما نصُّه ، قال ابن مالك(2)[70]) : ( وإذا كانت ( ما ) موصولة جاز وصلها بفعل أو ظرف نحو : أعجبني كلامُك لاسيّما تَعِظُ به ، ويعجبني التهجدُ لاسيّما عند زيدٍ ) انتهى .
قلتُ : ( وقياسه إذا كانت نكرة جاز وصفها بهما ، وعلى كلٍّ فهو معارِض لما سبق من أنَّ ( لاسيّما ) ملحقة بإلاَّ في عدم وقوع الجملة الظَّاهرة بعدها ، فإن كان هذا معضَداً بسماعٍ بطل ما سبق وإلاَّ بطل ما هنا ) هكذا عبارتي في " الصَّغير "
__________
(1) 69]) الأبيات المذكورة مع القصة في ديوانه : 10 – 11 ، وينظر حاشيته على المغني 1/ 123 .
(2) 70]) ينظر شرح التسهيل 2/ 319 .(1/41)
قال المعترض ما نصُّه : ( هذا إنما يتمشّى على القول : بأن ( لاسيَّما ) من أدوات الاستثناء وهو ضعيف ، والرَّاجح خلافه كما نصَّ عليه غير واحد من المحققين(1)[71]) ؛ لأنَّ ما بعدها أولى بالحكم ممَّا قبلها ، فلا مخالفة بالنَّفي والإثبات الَّذي هو معتبَرٌ في الاستثناء ، [ ومجرد التخالف بالأولويَّة وعدمها لا يوجب كونها من أدوات الاستثناء ](2)[72]) كما هو ضروريٌّ وإذا علمت ذلك علمت بطلان الترديد المذكور في كلامه كما لا يخفى ، وممَّا يرشح لذلك قول ابن مالك في " التسهيل " (3)[73]): ( والمذكور بعد لاسِيّما منبَّهٌ على أولويّته بالحكم لا مستثنى ) انتهى كلامه .
__________
(1) 71]) ينظر مصادر الخلاف في هامش ( 49 ) .
(2) 72]) ما بين المعكوفين زيادة من " أ " و " ب " .
(3) 73]) ينظر التسهيل 107 ، وشرح التسهيل 2/ 312 .(1/42)
وأقول : قوله ( هذا إنما يتمشّى 000 إلخ ) قد سبق منعه في توجيه [ وجوب ](1)[74]) حذف المبتدأ فلا يفيده ؛ وأمَّا قوله : ( لا مخالفة بالنَّفي والإثبات 000 إلخ ) فيجيب عنه القائل : بأنها من أدوات الاستثناء و [ بقوله ](2)[75]) هو مخرج من المساواة المفهومة من الكلام ، ومعنى قولك : ( ساد العلماءُ ولاسيّما زيدٌ ) تساوى العلماء في السّيادة إلاَّ زيد فإنه فاقهم [ فوجب ](3)[76]) التخالف بالنَّفي والإثبات وإن كان تكلُّفا ، وأمَّا معارضة ما قاله ابن مالك لما سبق فظاهرة ، وذلك أنَّ مقتضى [ 4/أ ] ما سبق أنه لا يقع بعد ولاسيَّما جملة أصلا ، وهو قد صرَّح بأنَّ الجملة تقع بعدها ، فيلزمه جواز التصريح بالمبتدأ في نحو : (ساد العلماءُ ولاسيّما زيدٌ ) فيقال : ( ولاسيّما هو زيد ) ، وأيّ فارقٍ بين الجملة الفعلية والاسميَّة حتى تقع الأولى بعدها دون الثانية ؟
وشافهني المعترض بأنَّ كلام ابن مالك فيما إذا كانت بمعنى : خصوصا ، وحينئذٍ فتقع الجملة بعدها ، وما سبق فيما إذا لم تكن بمعنى : خصوصا .
وأقول : هو فاسد حال كونها بمعنى: خصوصا يكون مجموع ( لاسيَّما ) معناه خصوصا، وهو في محل نصب مفعول مطلق ، وكلام ابن مالك ليس في هذا المقام بل في مقام رفع ما بعدها ، وكون ( ما ) حال الرَّفع موصولة [ أو نكرة ](4)[77])، ولاشك أنَّ هذا محلَّه إذا لم تكن بمعنى : خصوصا ؛ على أنَّ ابن مالك لا يقول بإتيانها بمعنى : خصوصا لما يأتي من انفراد الرَّضيّ به(5)[78]).
__________
(1) 74]) ما بين المعكوفين زيادة من " أ " و " ب " .
(2) 75]) في الأصل : وبقول ، وما أثبته من " أ " .
(3) 76]) في الأصل : فوجد ، وما أثبته من " أ " .
(4) 77]) زيادة من " أ " و " ب " .
(5) 78]) ينظر شرح الكافية 1/ 249 .(1/43)
وإذا علمت هذا علمت صحة قول الفاضل السَّيد محمَّد المغربيّ في حاشيته على " الصَّغير " : ( المعارضة ظاهرة لا تحتاج لإيضاح ، وإنكارها مكابرة ، وفساد قول المعترض عليه ، هذه عبارة فاسدة ناشئة عن ضلال قائلها ، وسوء فهمه لعدم اطلاعه على كتب العربية ، خصوصا وابن مالك مجتهد في النَّحو ، بل المكابرة تسليم المعارضة ) انتهى .
وأقول : لله دَرُّ هذا المعترض من فهَّامة أدُوب ، فسبحان من خصَّه بتحقيقات لم يُفتح بها على عاقل أبدا ، زاده الله فهما وأدبا .
وقوله : ( خصوصا وابن مالك مجتهد ... إلخ ) لا يفيده شيئا ؛ إذْ ما سُبق منقولٌ عن مجتهدين وابن مالك مسلَّمٌ له فيما يظهر ، ولو سمع عبارته مجنون لقال له : ما مرادك بالَّذي في كتب العربيَّة ولم يطلع عليه ؟ فإن قال : هو نفس مذهب ابن مالك السَّابق ، قال له : قد اطلع عليه حتى أورد عليه الاعتراض ؛ وإن قال : هو أنَّ الجملة تقع بعد ( لاسيَّما ) إن كانت بمعنى : خصوصا ، قال له : هذا مشهور لكلّ أحدٍ ، وبَيَّن له أن كلام ابن مالك ليس فيه كما سبق .(1/44)
التنبيه الثاني : أرجح الأوجه السَّابقة الجرُّ ؛ لأنّه لا حذف معه(1)[79])، وزيادة ( ما ) لكثرتها لا توجب ضعفه بخلاف الرَّفع ، فإن فيه حذف العائد المرفوع وهو في حدِّ ذاته شاذٌّ قياسا وسماعا ، إذا لم يحصل طول كما في بعض أمثلة ما نحن فيه ، نحو : ( أكْرِمْ الرجالَ ولاسيّما زيدٌ ) بخلاف نحو : ( ولاسيّما رجلٌ كريمٌ ) للطول بالوصف ، ومقتضى هذا أن يُقيَّد ضعف الرَّفع بعدم الطّول ، لكنَّهم أطلقوا ضعف رجحان الجرّ عليه نظراً إلى أنّ الجرَّ ليس في جزئياته شذوذٌ ما ، بخلاف الرَّفع فإنَّ بعض جزئياته شاذٌّ ، ولاشكَّ أنّ ما كانت جميع جزئياته غير شاذَّة أقوى ممَّا بعض جزئياته شاذّ ، هذا وإن كان الحذف بالنَّظر لهذا التركيب غير شاذّ كما سبق، ( فإيجابُه الضَّعف من حيث ما هو الشَّأن فيه )، هكذا قلت في "الصَّغير" ، وقولي : ( فإيجابه الضَّعف من حيث ما هو الشَّأن فيه ) إشارة لجواب ما وجدته [ بخطّ ](2)[80]) بعض الأذكياء على طرَّة شرح المصنّف ، ومعناه : أنَّ الحذف هنا مستثنى من قول ابن مالك: ( وإِنْ لَمْ يُسْتَطَلْ * فَالْحَذْفُ نَزْرٌ )(3)[81]) فما معنى التضعيف به وإلاَّ لزم التضعيف بكل مقيس أو التحكم أو بيان الفرق ، وكَتَبَه المعترض اعتراضا عليّ ، مع ما رأيت من محاولتي الجواب عنه المشعر به ، فعجبي ممَّن لا يفهم كلام النَّاس كيف يتعرض [ للكتابة ](4)[82]) عليه .
__________
(1) 79]) ينظر توجيه الجر في ابن يعيش 2/ 85 ، والايضاح في شرح المفصل 1/ 368 ، وشرح الكافية للرضي 1/ 249 ومغني اللبيب 149 ، والمساعد 1/ 597 ، وهمع الهوامع 1/ 234 .
(2) 80]) زيادة من " أ " و " ب " .
(3) 81]) ينظر الألفية 11 ، وشرح ابن عقيل 1/ 163 .
(4) 82]) في الأصل : لكتابة ، وما أثبته من " أ " و " ب " .(1/45)
ويمكن الجواب أيضا : بأنَّا لا نُسلّم أنه مستثنى من الشّذوذ السَّماعيّ والقياسيّ معًا بل من الأوَّل فقط ، وهذا لا ينافي ضَعْفه من حيث التزام ما هو شاذّ في القياس .
وأيضا : يُضَعِّفه أنه في نحو : ( ولاسيّما زيدٌ ) إطلاق ( ما ) على من يعقل(1)[83]) .
وسكتوا فيما أعلم عن النَّصب ، ويُؤخذ من تعليل أرجحيته الجرّ السَّابق أنه أولى من الرَّفع ، وإنْ كان أدْونَ من الجرّ من حيث إطلاق ( ما ) على من [4/ب ] يعقل في نحو :
( ولاسيّما رجلا كريمًا ) على الوجه الثاني الَّذي سبق استغرابه ، هذا وإن أشعر تقديم الرَّفع على النَّصب في كلامهم بخلافه .
ثُمَّ أخذ في مفهوم قوله : ( إِنْ نُكِّرا ) فقال : ( وَالنَّصْبُ إِنْ يُعرِّفِ اسْمٌ فَامْنَعا ) إذْ هو على التمييز وهو لا يكون إلاَّ نكرة وقدَّم المعمول لإفادة الحصر ، فأُخِذ منه جواز الوجهين السَّابقين ، أعني : الجرّ والرَّفع ، وكذا يأتي جميع ما يتعلق بـ " سيّ " وبما عليهما ، وقيل : يجوز النَّصب أيضا ، وكأنّه مبنيّ على جواز تعريف التمييز كما هو قول الكوفيين(2)[84]).
__________
(1) 83]) أي : يضعف القول بموصولية " ما " في نحو ( ولاسيّما زيدٌ ) حذف العائد المرفوع مع عدم الطول ، وإطلاق " ما " على من يعقل ؛ وممن قال به ابن هشام في مغني اللبيب 149 ، 150 ، وينظر تعليق الفرائد 6/ 150 .
(2) 84]) اختلف النحويون في التمييز أيجوز أن يكون معرفة أم لا ؟ فذهب البصريون إلى أن التمييز لا يكون إلاّ نكرة ؛ وذهب الكوفيون وابن الطراوة إلى أنه يجوز أن يكون معرفة ، وورد منه شيء معرفا بـ" أل " وبالإضافة ؛ وتأوله البصريون على زيادة " أل " ، والحكم بانفصال الإضافة واعتقاد التنكير .
ينظر الإنصاف 1/ 312 ، وشرح الجمل لابن عصفور 2/ 281 ، وشرح التسهيل 2/ 385 ، وشرح الكافية للرضي 1/ 249 ، والارتشاف 4/ 1633 ، وشرح الألفية للمرادي 2/ 175 ، والمساعد 2/ 66 ، والهمع 1/ 252 .(1/46)
وقال في " المغنيّ "(1)[85]): ( وأمَّا انتصاب الاسم المعرفة في ( ولاسيّماً زيدًا ) فمنعه الجمهور، وقال ابن الدّهان : لا أعرف له وجها ، ووجّهه بعضهم بأنَّ ( ما ) كافّةٌ ، وأنَّ ( لاسيّما ) نُزّلت منزلة " إِلاَّ " في الاستثناء ؛ ورُدَّ بأنَّ المستثنى مُخرِجٌ وما بعدها داخل بالأَوْلى ؛ وأُجيب بأنّه مُخرِجٌ ممَّا أفهمه الكلام السَّابق من مساواته لما قبلها ، وعلى هذا فيكون استثناءً منقطعا ) انتهى كلام " المغنيّ " حرفا بحرف.
وقولُ المعترِض على النَّقل إنَّ قوله : ( ورُدَّ ) إلى قوله : ( وعلى هذا ) ليس من كلام " المغنيّ " ، ممنوعٌ فإنَّه مصرَّح به [ فيه ](2)[86]) هكذا ، فلعلَّ المعترِض اطلع على نسخة محرَّفة ؛ إلاَّ أنَّ جعْله الاستثناء منقطعا فيه نظرٌ ؛ إذ هو مخرج من المحكوم عليهم بالمساواة ، ومعنى ( ساد العلماءُ ولاسيّما زيدٌ ) تساوى العلماء في السّيادة إلاَّ زيد ، وحينئذٍ فهو استثناء متصل لدخول المستثنى في المستثنى منه ، وقد بيّنا ذلك في " الصَّغير " عند قول المصنّف : ( وَامْنَعْ عَلَى الصَّحِيحِ الاِسْتِثْنا بِهَا ) ، الَّذي هو بناء على ما سبق عن " المغنيّ " ، كالعلَّة لقوله هنا : ( والنَّصْبُ إِنْ يُعرَّفِ اسْمٌ فَامْنَعَا ) ، وفي البدر الدَّمامينيّ على " المغنيّ "(3)[87]) لا مانع من نصب المعرفة بفعل محذوف ، أي : ولا مثْل شيءٍ أعني زيدًا .
(
__________
(1) 85]) ينظر مغني اللبيب 150 .
(2) 86]) زيادة من " أ " و " ب " .
(3) 87]) ينظر شرح الدماميني على المغني 1/ 284 حيث قال بعد قول ابن الدهان في المغني : ( ولا أعرف له وجهاً ) أي : النصب ، قال : ( وقد يوجّه بأن " ما " تامة بمعنى : شيء ، والنصب بتقدير الرأي : ولا مثل أرى زيداً ) .(1/47)
وبَعْدَ سِيٍّ [ جُملةً فَأَوْقِعا ](1)[88]) ) : أطلق ( سيّ ) وأراد ( سيّما ) من إطلاق الجزء وإرادة الكلّ ، أو أنّ فيه حَذْفَ ( الوَّاو ) وما عطفت ، فالأصل : وبعد ( سِيٍّ ) وما لازمها أعني : كلمة " ما " ، جملةً فأوْقِعا ، أي : أجزْ وقوعها بعدها، وذلك إذا نُقلت ( سِيّما ) وجُعلت مفعولا مطلقا ، كما هو صريح كلام الرَّضيّ الآتي، وإن كان كلام المصنّف لا يفيده؛ ( أجَاز ذَا الرَّضِيْ ) حيث قال(2)[89]) : ( ويُحذف ما بعد " سِيّما " على جعله بمعنى : خصوصا ، فيكون منصوبَ المحل على أنّه مفعول مطلق على بقائه على نصبه الَّذي كان له في الأصل [ حين ](3)[90]) كان اسمَ لا التبرئة ، فإذا قلت : ( أُحبّ زيدًا ولاسِيّما راكباً ) فـ " راكباً " حال من مفعول الفعل المقدَّر ، أي : وأخصُّه بزيادة المحبة خصوصا راكبا ، وكذا في " أُحبُّه ولاسِيّما وهو راكبٌ " ) انتهى . هكذا نقل المصنّف في شرحه ، ومحلُّ الشَّاهد آخرُ العبارة، أعني قوله : ( وكذا في : أُحبُّه ولاسِيّما وهو راكبٌ )؛ لأنه هو الَّذي وقعت فيه جملةٌ بعد ( ولاسيّما ) ، فأمَّا قوله : ( أُحبُّ زيدًا ولاسِيّما راكباً ) فليس فيه جملةٌ لا بحسب الحال الرَّاهنة وهو ظاهر ولا قبل الحذف ؛ إذ المحذوف مفرد هو لفظ (زيد) ، والأصل : ( ولاسِيّما زيدٌ راكباً ) هكذا يتعين ولا نقول بقول المصنّف إنَّ الشَّاهد فيه أيضا ؛ لأنَّ فيه جملةً هي جملةُ ( أخُصُّه ) العامل في ( ولاسِيّما ) ، وتُقدّره مؤخَّرا ليكون واقعا بعدها ؛ لأنَّ هذا يبطله أمور:
__________
(1) 88]) ما بين المعكوفين زيادة من " أ " و " ب " .
(2) 89]) ينظر شرح الكافية 1/ 249 .
(3) 90]) في الأصل و " ب " : ( حيث ) ، والمثبت من " أ " وهو موافق لما ورد في شرح الكافية 1/ 249 .(1/48)
الأوَّل : أنّه حيث جعل الشَّاهد أوَّل العبارة تعيَّن عليه أن يقدّر العامل مؤخرا ، وهو خلاف الأصل ، فلا معنى لتعيّنه بل ولا لارتكابه لغير موجبٍ ، ولئن سُلّم أنَّ هذا معنى كلام الرَّضيّ لرُدّ بشيءٍ آخر ، هو أنّنا سمعنا العرب تقول : ( أحبُّ زيدًا ولاسِيّما راكبًا )(1)[91])، فمن أين يأتينا أنَّ العامل مؤخَّرٌ حتى نقدّره كذلك ويكون من قبيل [5/أ] وقوع الجملة بعدها ؟ .
الثاني : أنَّ هذا التقدير على تسليمه ممكِنٌ في كلّ مثالٍ ، فيقتضى أنَّ كلّ كلام وردت فيه ( سِيّما ) بمعنى : خصوصا لا يكون بعدها إلاَّ جملة ، هي جملة العامل المؤخَّر ، وتخصيصه ببعض الأمثلة مع إمكانه في جميعها تحكّمٌ ، وهذا المقتضى مخالف لقولهم على مذهب الرَّضيّ تأتي ( سيّما ) بمعنى : خصوصا ، فيقع بعدها [ المفرد ](2)[92]) والجملة .
الثالث : أنّه مخالف لتقدير الرَّضيّ نفسِه ، إذ هو قدّر العامل مُقدَّما مُعبِّرا عن ( سيّما ) بخصوصا ، حيث قال فيما سبق : ( أي : وأخُصُّه بزيادة المحبة خصوصا راكبا )(3)[93]) ، وحَمَله على أنّه مجرّدُ [ حَمْلِ ](4)[94]) معنى ، وأنَّ الإعراب خلافه بعيد كلّ
البعد .
__________
(1) 91]) في الأصل: أضرب ، وما أثبته من " أ " و " ب " وهو موافق لما ذكر في شرح الكافية للرضي 1/249.
(2) 92]) في الأصل : المعرفة ، وما أثبته من " أ " و " ب " .
(3) 93]) ينظر شرح الكافية 1/ 249 .
(4) 94]) في الأصل : حل ، وما أثبته من " أ " .(1/49)
الرَّابع : قولهم : ظاهر كلام الرَّضيّ أنه إذا لم يُحذف ما بعدها بل ذُكِر لا تكون بمعنى: خصوصا ، فدلَّ هذا على أنَّ المحذوف شيء يمكن وجوده مع كونها ليست بمعنى: خصوصا ، ولا يسع العاقل أن يقول : إنّ العامل فيها بناء على أنها بمعنى : خصوصا ، يمكن وجوده مع كونها ليست بمعنى : خصوصا لما فيه من التنافي ، فالحقّ أنَّ معنى كلام الرَّضيّ أنَّ ( سيّما ) تأتي بمعنى : خصوصا ، فيقع بعدها المفرد كما هو المثال الأوَّل ، والجملة كما هو المثال الثاني ، وهو محلّ شاهدنا ولا تنافي في الكلام أبدا ، خلافا لقول المصنّف أيضا : إنَّ هذا التقدير منافٍ لكلام الشَّارح أوَّلا ، وذلك أنّه فرض الكلام أوَّلاً في وقوع الجملة بعدها ، وهذا [ التقدير ](1)[95]) يفيد أنَّ الواقع بعدها في المثال الأوَّل مفرد ، فلو أنصف لَما قال ما قال والله يقول الحقّ وإليه المآل ، انتهى .
وقد عرفت أنّه لا تنافي إذ يكفينا [ شاهدُ ](2)[96]) آخرِ العبارة ، وأمَّا المثال الأوَّل فيتعيَّن أنّه من قبيل المفرد كما عرفتَ لِمَا عرفتَ ، لا لكون العامل يمتنع تقديره مؤخَّرا كما توهّم بعضٌ أنّه دليلنا ، فشنَّع علينا بأنَّ الحقّ جوازُ تقديره مقدَّما ومؤخَّرا ، ومن ادّعى وجوب أحدهما فعليه البيان ؛ إذِ الدّعاوى لا تقبل بلا بيّنة ، وكَتَب هذا المعترض تبعا للمصنّف ما قاله المصنّف وقد علمت ردّه .
تنبيه : ما سبق من نقل ( لاسِيّما ) إلى المفعولية المطلقة فتقع الجملة بعدها لم يوجد إلاّ للرَّضيّ(3)[97]).
__________
(1) 95]) في الأصل : التقرير ، وما أثبته من " أ " و " ب " .
(2) 96]) في الأصل : شاهداً ، وما أثبته من " أ " و " ب " .
(3) 97]) ينظر شرح الكافية 1/ 249 .(1/50)
قال الدَّمامينيّ(1)[98]) : ولا أعرف أحداً ذهب إلى ما ذكره الرَّضيّ من أنَّ ( لاسيَّما ) منقول من باب " لا " التبرئة .
وقال المراديّ(2)[99]) : ( قولهم : " ولاسيّما والأمرُ كذا " تركيب فاسد ) .
__________
(1) 98]) قال الدماميني معلقا على ما ذهب له الرضي : ( قلت : ولا أعرف أحدا ذهب إلى ما ذكره من أن " لاسيّما " منقول من باب " لا " التبرئة إلى باب المفعول ) . ينظر شرح الدماميني على المغني 1/ 284 .
(2) 99]) قال المرادي : ( لاسِيّما والأمر كذا ، تركيب غير عربي ، والرضي قد أجازه فتأمله ) ينظر تعليق الفرائد 6/ 152 وشرح الدماميني على المغني 1/ 284 ، وقال أبوحيان في الارتشاف 3/ 1552 : ( لاسِيّما والأمر كذلك ، تركيبٌ غير عربي ) .
والصّبان في حاشيته على الأشموني 2/ 168 أجازه ، فقال : ( فقول المصنفين : " ولاسيما والأمر كذا " تركيب عربي خلافا للمرادي ) .(1/51)
وأقول : يَرُدُّ عليه أيضا أنّه إن كان مراده أنّها بمعنى : ( خصوصا ) من حيث إنَّ ما بعدها أولى ممَّا قبلها ومخصوص بالزّيادة ، قيل له : هذا ملازم لها البتة ، فلا معنى لقوله على جعلها بمعنى : ( خصوصا ) المفيد أنّها قد لا تكون بمعنى : ( خصوصا ) ، وهو لا ينتج ما ذكره من أنَّ محلّها نصب مفعولا مطلقا ، ولا يجوز وقوع الجملة بعدها ، وإن أراد أنّها قائمة مقام ( خصوصا ) ، وأنَّ حقّ المقام لـ ( خصوصا ) فنابت عنها ( سيّ ) وصارت مفعولا مطلقا ، كما هو قاعدة النَّائب عن المصدر ، فمن أين يأتيه هذا ؟ وما الَّذي يدلُّ عليه من الاستعمالات العربيَّة ؟ فالظَّاهر أن لا نقول بهذا النَّقل أصلا ، ونجعل ( راكبا ) في مثاله تمييزا، وقد يأتي التمييز مشتقا ، نحو : ( لِلَّهِ درُّه فارسًا )(1)[100]) ، والمعنى : أُحبّ زيدا متصفا بجميع الأوصاف ، ولا مثل شيء هو زيد المتصف بالرّكوب ، أي : أنّ زيدًا إذا اتصف بالرّكوب أولى بالمحبَّة وأحقُّ منه إذا لم يتصف به .
__________
(1) 100]) قال الأشموني : ( حقّ الحال الاشتقاق ، وحق التمييز الجمود ، وقد يتعاكسان فتأتي الحال جامدة ، كـ " هذا مالك ذهبا ) ، ويأتي التمييز مشتقا ، نحو : " لله دره فارسا " ) ينظر شرح الألفية 2/ 203 ؛ وابن يعيش 2/ 73، وشرح التسهيل 2/ 383 ، وشرح الكافية 1/ 220 ، والارتشاف 4/ 1629 .(1/52)
وأمَّا المثال الثاني فهو فاسد كما قال المراديّ(1)[101]) ، وجزم به السّيوطيّ(2)[102]) ، بل ولو قلنا بالنَّقل فالقياس أنْ [ لا ](3)[103]) يليها جملة أيضا ؛ إذ سبب عدم وقوع الجملة بعدها إلحاقها بـ " إلاَّ " ، وسبب الإلحاق الجامع بينهما : هو مخالفة ما بعد كلٍّ لما قبله على ما سبق ، وهذا الجامع موجود [5/ب ] سواء كانت بمعنى : ( خصوصا ) أو لا ، فإلحاقها بـ " إلاَّ " في إحدى الحالتين دون الأخرى تحكُّمٌ ، بل الواجب إلحاقها بها في الحالين ، إذا علمتَ هذا علمت فساد قول المعترض على قولي في " الصَّغير" ، ويَرِد عليه مثل ما ورد على ابن مالك سابقا ، أي في قوله : بوصلها بالجملة الصَّريحة المعْنِيّ به ما عرفت ما نصّه هذا في محل المنع ، فقد نصّ أهل العربيَّة على أنّها إذا كانت بمعنى : ( خصوصا ) تقع الجملة بعدها ، وأمثلة ذلك أكثر من أن تحصى ، ثم قال: ( وحينئذٍ فقولهم : إن ( لاسيّما ) بمنزلة ( إلاَّ ) فلا يليها جملة ، محلُّه إذا كانت باقية على معناها ، وأمَّا إذا كانت بمعنى : ( خصوصا ) فقد خرجت عن معناها فلا تنزيل حينئذٍ ، ومن زعم أنه لا بدّ من التنزيل في الحالتين وإلاَّ كان تحكُّما ، فقد رَكِبَ متْنَ عَمْياء ، وخَبَطَ خبْطَ عَشْواء ، ولا [ يدرى ](4)[104]) أين يتوجه ) انتهى كلامه .
__________
(1) 101]) يقصد به قول الرضي في شرح الكافية 1/ 249 : ( أَحبُّه ولاسِيّما وهو راكبٌ ) أي : وقوع " الواو " بعد " لاسيّما " .
(2) 102]) ينظر همع الهوامع 1/ 235 .
(3) 103]) زيادة من " أ " و " ب " .
(4) 104]) في الأصل : يدي ، وما أثبته من " أ " و " ب " .(1/53)
وأقول : نصَّ أهل العربيَّة على ما ذكر مذهبا لهم لم يوجد ، كيف وقد قال الدَّمامينيّ مع سعة اطلاعه : ( لم أره لغير الرَّضيّ ) ، على أنّهم لو قالوا به لورد عليهم ما علمت من التحكّم إذ هو مجرد اعتراضٍ عقليّ ؛ وهذا آخر ما أورده المعترض [ علينا ](1)[105])، وقد علمت ردّ جميع ما أورده من الاعتراضات الهوائيَّة ، ولا نَرُدُّ عليه بمثل ما ذكره من النّزول الذَّميم ، إذ لا يرتكبه إلاَّ كلُّ أحمق لئيم .
ثم قال المصنّف : ( وَلا تُحْذَفُ " لا " مِنْ " سِيّما " )، الأَوْلى أن يقول: ( مِنْ لاسِيّما ) كما هو ظاهرٌ ؛ إذْ حَذْفُ الشَّيء فرع ثبوته ، وكأنّه ضَمّن ( تُحْذَفُ ) معنى :
( تُفْصَلُ ) ، أي : فصلا متحققا بحذف ( لا ) ، وإنما لم تُحذف لما سبق من أنه جارٍ مجرى الأمثال .
( وسِيَّ خَفِّفْ ) بحذف إحدى الياءين ، ثُمَّ يُحتمل أنّها الأُولى أو الثانية وهو الظَّاهر لتطرّفها(2)[106]) ، ( تَفْضُلا ) ، كما في قول أبي العلاء المعريّ(3)[107]) :
وللمَاء الفَضيلةُ كلَّ وقتٍ ولاسِيَما إذا اشتدّ [ الأُوَارُ ]
وقولِ الآخَر(4)[108]) :
فِهْ بالعُقود وبالأَيمانِ لاسِيَما عَقْدٌ وَفَاءٌ به من أعظَمِ القُرَبِ
__________
(1) 105]) في الأصل : عليه ، وما أثبته من " أ " و " ب " .
(2) 106]) ينظر شرح التسهيل 2/ 319 ، وشرح الكافية 1/ 249 ، والارتشاف 3/ 1552 ، ومغني اللبيب 149 ، والمساعد1/ 598 ، وهمع الهوامع 1/ 235 .
(3) 107]) في ديوانه 133 .
وهو من شواهد شرح الدماميني على المغني 1/ 283 ، وقافيته في المخطوط " الأُوَامُ " وما أثبته من الديوان .
والأُوَارُ : حرّ العطش .
(4) 108]) لم يعرف قائله . هو من شواهد شرح التسهيل 2/ 319 ، ومغني اللبيب 149 ، والمساعد 1/ 598 ، وهمع الهوامع 1/ 235 .(1/54)
يُكتب ( فِهْ ) ونحوه بهاء السَّكت ولا ينطق بها وَصْلاً في الفصيح ؛ وذكر ثعلبٌ أنّه خطأ(1)[109])، وظاهر كلامهم ترجيحه(2)[110]) ، وقد قرَّر أنّه لم يوجد إلاَّ ضرورة ، والمصنّف [ حيث أجاب ](3)[111]) بقوله : ( تَفْضُلا ) يُوهم أنّه الرَّاجح وليس كذلك فلو أبدل ( خَفِّفْ ) بـ ( شَدّدْ ) كان أنسب بقوله : ( تَفْضُلا ) .
( وامْنَعْ على الصَّحِيحِ الاِسْتِثْنا بِهَا ) وقال ابن السَّراج وابن با بشاذ(4)[112]) : إنّ بعضهم يَستثْنِى بها ، وسبق وجهُه غير مرّة فلنكتف .
( ثُمّ الصَّلاةُ على النَّبيّ ذِي البَهَا ) أي : صاحبِ الحُسْن .
[ تنبيه ] (5)[113]) في كلام المصنّف عيبُ الإصراف ، وهو كما في [ شرح ](6)[114]) شيخ الإسلام: ( اقتران حركة الرَّويّ بحركةٍ تَبْعدُ منها ثِقَلا ) ؛ ومعناه قول صاحب " الكافي ":
( اختلاف المجرى بفتحٍ وغيره (7)[115]) ) ، ووَجْهُ وجُودهِ في المصنَّف : أنَّ الرَّويّ(8)[
__________
(1) 109]) أي : تخفيف الياء من " لاسيّما " ينظر رأيه في مغني اللبيب 149 ، والهمع 1/ 235 .
(2) 110]) حكى الأخفش وغيره جواز تخفيف الياء . ينظر الارتشاف 3/ 1552 ، والمساعد 1/ 598 ، وهمع الهوامع 1/ 235 .
(3) 111]) في الأصل : ( أجاب حيث خفف ) ، وما أثبته من " أ " و " ب " .
(4) 112]) رأى ابن السراج في الأصول 1/ 305 .
(5) 113]) زيادة من " أ " و " ب " .
(6) 114]) زيادة مني .
(7) 115]) ينظر الكافي للخطيب التبريزي 157 ؛ وينظر شواهد الإصراف في الكافي 160 ، ونهاية الراغب 369 .
(8) 116]) الروي : هو الحرف الذي بُنيت عليه القصيدة وتنسب إليه ، ولا يكون حرف مدٍّ ولا هاء .
ينظر : الكافي 150 ، ونهاية الراغب 350 .(1/55)
116]) لا جائزٌ أن يكون " الألف " ؛ لأنّها في ( بِهَا ) زائدة ، و " الألف " غير الأصليّة لا تكون رويّا ، بل هي هنا خُروج(1)[117]) : ( وهو حرف اللّين بعد " هاء " الوصل ) ؛ ولا أن يكون " الهاء " ؛ لأنَّ " الهاء " ضميرا كانت أو أصليَّة متحركا ما قبلها لا تكون رويّا بل هي وَصْل(2)[118]) ، فتعيّن أن يكون " الباء " وهو مكسور في الأوَّل مفتوح في الثاني ، وعيب الإصراف لا يجوز ولا للمولَّدين كما قاله شيخ الإسلام بعد قول [ متن الخزرجيّة ](3)[119]) : ( والكُلُّ [ مُتَّقَى ] )(4)[
__________
(1) 117]) ينظر الإقناع 81 ، والكافي 152 ، ونهاية الراغب 359 .
(2) 118]) الوصل : هو ما جاء بعد الروي من حرف مدٍّ أشبعت به حركة الروي ، أو هاء وليت الروي .
ينظر الإقناع 81 ، والكافي 151 ، ونهاية الراغب 356 .
(3) 119]) ما بين المعكوفين من " ب " وفي " أ " متن الجزريه ؛ وفي الأصل : قول المتن .
(4) 120]) ينظر مجموع مهمات المتون : متن الخزرجية 773 . وما بين المعكوفين من " أ " ، وفي الأصل :
مقفى ، وفي " ب " مقتفى .
المصادر والمراجع
1 - ... 1 - ارتشاف الضّرَب من لسان العرب لأبي حيّان الأندلسيّ / تحقيق ودراسة رجب عثمان محمّد / ط1 1418 هـ / مكتبة الخانجي – القاهرة .
2 - ... 2 - الأصول في النّحو لابن السّرّاج / تحقيق عبد الحسين الفتلي / ط1 1405 هـ / مؤسسة الرسالة – بيروت .
3 - ... 3 - الأعلام تأليف خير الدّين الزّركلي / ط3 1389 هـ / بيروت .
4 - ... 4 - الإقناع في العروض وتخريج القوافي للصاحب ابن عبّاد / تحقيق محمد حسن آل ياسين / ط1 / المكتبة العلمية – بغداد .
5 - ... 5 - ألفية ابن مالك في النّحو والصّرف / 1410هـ/ مكتبة طيبة للنّشر – المدينة المنورة .
6 - ... 6 - الإنصاف في مسائل الخلاف لأبي البركات الأنباريّ / تحقيق محمّد محيي الدّين / 1407 هـ / المكتبة العصريّة – صيدا – بيروت .
7 - ... 7 - الإيضاح في شرح المفصل لابن الحاجب / تحقيق موسى العليلي / مطبعة العاني – بغداد .
8 - ... 8 - البغداديات لأبي علي الفارسيّ / دراسة وتحقيق صلاح الدّين السّكاوي / مطبعة العاني – بغداد.
9 - ... 9 - تاريخ الأدب العربيّ / كارل بروكلمان – نقله إلى العربيّة عبد الحليم النّجار/ ط4 / دار المعارف.
10 - ... 10 - التبيين لأبي البقاء العكبري / تحقيق ودراسة عبد الرّحمن العثيمين / ط1 1406هـ / دار الغرب الإسلاميّ – بيروت .
11 - ... 11 - تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد لابن مالك / حقّقه محمّد كامل بركات / دار الكتاب العربيّ للطّباعة والنّشر 1387 هـ .
12 - ... 12 - تعليق الفرائد على تسهيل الفوائد للدَّماميني / تحقيق محمّد عبد الرّحمن المفدّى / ط 1 – 1415 هـ - .
13 - ... 13 - توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك للمرادي / تحقيق عبد الرّحمن علي سليمان / ط 2 / مكتبة الكلّيات الأزهريّة .
14 - ... 14 - حاشية الأمير على مغني اللّبيب / دار إحياء الكتب العربيّة .
15 - ... 15 - حاشية السُّجَاعيّ على شرح ابن عقيل / طبع بمطبعة مصر 1349 هـ .
16 - ... 16 - حاشية الصّبّان على شرح الأشموني على ألفيّة ابن مالك / دار إحياء الكتب العربيّة .
17 - ... 17 - حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر / تأليف عبد الرّزاق البيطار / تحقيق محمّد بهجت البيطار / المجمع العلمي العربي – دمشق 1383 هـ .
18 - ... 18 - ديوان امرئ القيس / تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم / ط4 / دار المعارف .
19 - ... 19 - ديوان كعب بن مالك الأنصاريّ / دراسة وتحقيق سامي العاني / ط1 1966 م / مكتبة النّهضة – بغداد .
20 - ... 20 - ديوان مجنون ليلى / جمع وتحقيق عبد السّتار أحمد فرّاج / مكتبة مصر – القاهرة .
21 - ... 21 - سقط الزّند لأبي العلاء المعري / دار بيروت للطباعة والنشر 1400 هـ .
22 - ... 22 - شرح ابن عقيل على ألفيّة ابن مالك/تحقيق محمّدمحيي الدّين/ ط20 / 1400 هـ/دارالتراث القاهرة .
23 - ... 23 - شرح الأشموني على ألفيّة ابن مالك / دار إحياء الكتب العربيّة .
24 - ... 24 - شرح التسهيل لابن مالك / تحقيق عبد الرّحمن السّيّد ومحمّد المختون / ط1 - 1410 هـ / هجر للطّباعة والنّشر .
25 - ... 25 - شرح جمل الزّجّاجيّ لابن عصفور / تحقيق صاحب أبو جناح .
26 - ... 26 - شرح الحدود في النّحو للفاكهيّ / تحقيق المتولي الدّميري – 1408 هـ – دار التضامن – القاهرة .
27 - ... 27 - شرح الدّمامينيّ على مغني اللّبيب / المطبعة البهيّة - بمصر .
28 - ... 28 - شرح شافية ابن الحاجب لرضيّ الدّين الاستراباذيّ / حقّقه نخبة من العلماء / 1402 هـ / دار الكتب العلميّة – بيروت .
29 - ... 29 - شرح الكافية لرضيّ الدّين الاستراباذيّ / ط3 – 1402 هـ / دار الكتب العلميّة – بيروت .
30 - ... 30 - شرح المفصل لابن يعيش النّحوي / عالم الكتب – بيروت .
31 - ... 31 - صحيح مسلم بشرح النّوويّ / المكتبة المصرية .
32 - ... 32 - عجائب الآثار في التراجم والأخبار / للشّيخ عبد الرّحمن الجبرتي / دار الجيل – بيروت .
33 - ... 33 - فتح الجليل على شرح ابن عقيل = حاشية السُّجَاعيّ على ابن عقيل .
34 - ... 34 - الفكر السّامي في تاريخ الفقه الإسلامي / تأليف محمّد الحجوي / طبع المكتبة العلميّة - المدينة المنورة .
35 - ... 35 - فهرس الفهارس / تأليف عبد الحيّ الكتانيّ / عناية إحسان عبّاس/ ط2 1402هـ / دار الغرب الإسلاميّ – بيروت .
36 - ... 36 - الكافي في العروض والقوافي/ للخطيب التبريزيّ/تحقيق الحسّاني عبد الله/ مؤسسة الخانجي مصر .
37 - ... 37 - الكتاب لسيبويه / تحقيق عبد السّلام هارون / ط2 / مكتبة الخانجي – القاهرة .
38 - ... 38 - كنز الجوهر في تاريخ الأزهر / تأليف سليمان رصد الزّيّاتيّ .
39 - ... 39 - لسان العرب لابن منظور / دار صادر – بيروت .
40 - ... 40 - مجموع مهمات المتون / ط4 1369 هـ / مطبعة البابي الحلبيّ – مصر .
41 - ... 41 - المساعد على تسهيل الفوائد لابن عقيل / تحقيق محمّد كامل بركات / 1400 هـ / دار الفكر – دمشق .
42 - ... 42 - معجم المؤلّفين / وضع عمر رضا كحّالة / مكتبة المثنى – بيروت .
43 - ... 43 - معجم المطبوعات العربيّة / جمعه يوسف سركيس / مطبعة سركيس – مصر / 1346 هـ .
44 - ... 44 - المعجم المفصّل في شواهد النّحو الشّعريّة / إعداد أميل يعقوب / ط1 1413 هـ / دار الكتب العلميّة – بيروت .
45 - ... 45 - المعجم المفصّل في النّحو العربيّ / إعداد عزيزة فوّال / ط1 1413 هـ / دار الكتب العلميّة – بيروت .
46 - ... 46 - المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم / وضعه محمّد فؤاد عبد الباقي / ط2 1408 هـ / دار الحديث – القاهرة
47 - ... 47 - مغني اللّبيب لابن هشام الأنصاريّ / تحقيق مازن المبارك ومحمّد علي حمد الله / ط1 1399 هـ / دار نشر الكتب الإسلاميّة – لاهور .
48 - ... 48 - الممتع في التصريف لابن عصفور / تحقيق فخر الدّين قباوة / ط1 1407 هـ / دار المعرفة– بيروت .
49 - ... 49 - المنصف في شرح التصريف لابن جني / تحقيق إبراهيم مصطفى وعبد الله أمين / ط1 1373 هـ / مطبعة الحلبي – مصر .
50 - ... 50 - النَّحو الوافي / تأليف عباس حسن / ط8 / دار المعارف – القاهرة – مصر .
51 - ... 51 - نهاية الرّاغب في شرح عروض ابن الحاجب / لعبد الرّحيم الإسنويّ / تحقيق شعبان صلاح / ط1 1408 هـ / مطبعة التقدّم .
52 - ... 52 - هديّة العارفين للبغداديّ / استانبول 1951 م / مكتبة المثنى – بغداد .
53 - ... 53 - همع الهوامع للسّيوطيّ / صحّحه محمّد النّعسانيّ / ط1 1327 هـ / مكتبة الكلّيات الأزهريّة - القاهرة .(1/56)
120]).
هذا وأتوسّل إلى الرَّؤف الرَّحيم ، بحبيبه الكريم ، أن يُعاملني ووالديّ ، ومشايخي ، وإخواني المسلمين ، بلطفه في الدَّارين ، وأن يُطيل عمرنا ، ويرزقنا البركة فيه ، وأن يُحسن عواقبنا ، والحمد لله وحده والصَّلاة والسَّلام على عهدتنا وملاذنا محمَّدٍ ، وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليما كثيرا ، والحمد لله ربِّ العالمين .
تمَّت على يد كاتبها ومالكها الفقير الفاني ، محمَّد عبد الله الزُّرقانيّ ، يوم الاثنين 23 رجب سنة 1330 هجريّة ، على صاحبها أتمّ السَّلام وأزكى التّحيّة آمين [6/أ] .
نظم هذه الأرجوزة
وَمَا يَلِي ( لاسِيّما ) إنْ نُكِّرا * فَاجْرُرْ ، اوِ ارْفَعْ ، ثُمَّ نَصْبَهُ اذْكُرا
في الجرِّ ( ما ) زِيدتْ . وفي رَفْعٍ أُلِفْ * وَصْلٌ لها ؛ قُلْ أو تَنكُّرٌ وُصِفْ
وعِنْد رَفْعٍ مُبْتدًا قَدِّرْ . وفي * رَفْعٍ وجَرٍّ أعْرِبنْ ( سِيَّ ) تَفِي
وَانْصِبْ مُميزًا . وقُلْ : ( لاسِيّما * يومٌ ) بأَحْوالٍ ثَلاثٍ فَاعْلَما
وَالنَّصْبُ إنْ يُعرَّفِ اسْمٌ فَامْنَعا . * وَبعْدَ ( سِيٍّ ) جُملةً فأَوْقِعَا
أَجَازَ ذَا الرّضِىْ . ولا تُحْذَفُ ( لا ) * مِن ( سِيّما ).و ( سِيَّ ) خَفِّفْ تَفْضُلا
وَامْنَعْ عَلى الصَّحِيحِ الاِسْتِثْنا بِهَا . * ثُمَّ الصَّلاةُ لِلنَّبيِّ ذِي البَهَا
" تَمّتْ تَمّتْ تَمّتْ "
الهوامش والتعليقات(1/57)