...
الجزءُ الأول
من الكلام وما يتألف منه إلى نهاية إنّ وأخواتها
إعداد
حسين بن أحمد بن عبد الله آل علي
المدرس بمعهد تعليم اللغة العربية
بالجامعة الإسلامية
... فهرس الموضوعات
الموضوع الصفحة الموضوع الصفحة
الكلام، ومايتألف منه 5 ... نون الوقاية ... 97
علامات الاسم 11 ... ثانيا : العلم ... 101
علامات الفعل 15 ... ثالثا : اسم الإشارة ... 112
علامات الحرف 17 ... رابعا : الاسم الموصول ... 119
المعرب، والمبني (سبب بناء الاسم) 22 ... خامسا : المعرف بأل ... 156
المعرب من الأسماء 30 ... العلم بالغلبة ... 163
المعرب، والمبني من الأفعال 32 ... الابتداء ... 165
بناء الحروف 37 ... كان وأخواتها ... 220
أنواع الإعراب، وعلاماته الأصلية 39 ... الأحرف الناسخة ... 249
المعرب بالعلامات الفرعية من الأسماء 41 ... ( ما ، و لا ، ولات ، وإن )
أولا : الأسماء الستة ... 41 ... أفعال المقاربة(كاد وأخواتها) 264
ثانيا : المثنى ... 48 ... إنّ وأخواتها ... 276
ثالثا : جمع المذكر السالم 51
رابعا : ما جمع بألف وتاء زائدتين ... 60
خامسا : الممنوع من الصرف ... 64
المعرب بالعلامات الفرعية من الأفعال 66
الأمثلة الخمسة ... 66
المعتل من الأسماء ... 67
المعتل من الأفعال ... 72
النكرة والمعرفة ... 75
أقسام المعرفة ... 77
أولا : الضمير ... 79
افتتح الناظم ( ابن مالك ) ألفيته قائلاً :
قَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ مَالِكِ أَحْمَدُ ربِّي اللهَ خَيْرَ مالِكِ
مُصَلَّياً عَلَى النبَِّيِّ الْمُصْطَفَى وَآِلهِ الْمُسْتَكْملِينَ الشَّرَفَا
وَأَسْتَعِينُ اللهَ فى أَلْفِيَّهْ مَقَاصِدُ النَّحْوِ بِهَا مَحْوِيَّهْ
تُقَرِّبُ الأَقْصَى بِلَفْظٍ مُوجَزِ ... وتَبْسُطُ البَذْلَ بِوَعْدٍ مُنْجَزِ
وَتقْتَضِي رِضاً بِغَيْرِ سُخْطٍ فَائِقَةً أَلْفِيَّةَ ابْنِ مُعْطِ
وَهْوَ بِسَبْقٍ حَائِزٌ تَفْضِيلاَ مُسْتَوْجِبٌ ثَنَائِيَ الْجَمِيلاَ
واللهُ يَقْضِي بِهِبَاتٍ وَافِرَهْ لى وَلَهُ فى دَرَجَاتِ الآخِرَهْ(1/1)
وبعد أن حمد الله وأثنى عليه،وصلى على النبي المصطفى ،وبيّن موضوع الألفية ، ومزاياها بدأ الباب الأول ، وهو : الكلام وما يتألف منه .
فلنبدأ معه مستعينين بالله سائلينه التوفيق والسداد .
---
الكلامُ وما يتألَّفُ منه
كَلامُنَا لَفْظٌ مُفِيدٌ كَاسْتَقِمْ وَاسْمٌ وفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفٌ الكَلِمْ
وَاحِدُهُ كَلِمَةٌ والقَوْلُ عَمّْ وَكِلْمَةٌ بِهَا كَلاَمٌ قَدْ يُؤَمّْ
س1- ما تعريف الكلام في اصطلاح النحويين ، واللغويين ؟
ج1- الكلام في اصطلاح النحويين : هو اللفظ المفيد فائدة يحسُن السكوت عليها ، نحو : جاء زيدٌ ، ونحو : هذا طالبٌ مجتهدٌ ، ونحو : استقمْ ؛ لأنه مركّب من فعل وفاعل مستتر تقديره ( أنت ) .
وفي اصطلاح اللغويين : اسم لكل ما يُتكلَّمُ به ، مفيداً كان أو غير مفيد ، فالمفيد نحو : جاء زيدٌ ، وغير المفيد ، نحو : إن جاء زيدٌ .
س2- ما تعريف اللفظ ؟
ج2- اللفظ : جنس يشمل الكلام ، والكلمة ، والكَلِم . واللفظ هو : الصوت المشتمل على بعض الحروف سواء أكان مفيداً ، نحو : زيد ، ورجل ، أو غير مفيد ( مُهْمَل ) ، نحو : دَيْزُ ، وجَرُل .
س3- ما تعريف الكَلِم ؟ ومم يتركب ؟
3- الكَلِم: اسم جنس واحده كلمة،ويتركب من ثلاث كلمات فأكثر سواء أفاد ، أم لا. فالمفيد ، نحو : هذا الطالب مجتهدٌ ، وغير المفيد،نحو: إن جاء زيدٌ .
س4- ممّ يتركب الكلام ؟
ج4- يتركب الكلام من كلمتين فأكثر بشرط الإفادة . وهاتان الكلمتان إما اسمان ، نحو : محمد مجتهدٌ ، وإما فعل واسم ، نحو : قام زيدٌ .
* س5- اذكر صور تأليف الكلام .
ج5- يتألف الكلام مما يأتي :
1- اسمين . 2- فعل واسم .
3- فعل واسمين . 4- فعل وثلاثة أسماء .
5- فعل وأربعة أسماء . 6- جملتين .
فالاسمان لهما أربع صور ، هي : ... ... ... ... ... ...
أ- مبتدأ وخبر ، نحو : محمد مجتهد .
ب- مبتدأ وفاعل سدّ مَسَدّ الخبر ، نحو : أقائم الزيدان ؟
ج- مبتدأ ونائب فاعل سدّمسدّ الخبر ، نحو: أمضروب أخواك ؟(1/2)
د- اسم فعل مع فاعله ، نحو : هيهات العقيقُ .
- هذه العلامة ( * ) الموضوعة أمام السؤال تدلّ على أنّ الجواب كاملا من زيادات مُعِدَّ هذا الكتاب ، وليس من متن شرح ابن عقيل .
- وإذا وُضِعَتْ في الجواب مُكَرَّرَة دَلَّت على أن الجواب الذي بينهما فقط من زيادات الْمُعِدِّ .
والاسم والفعل لهما صورتان هما :
أ- فعل وفاعل ، نحو: جاء زيدٌ .
ب- فعل ونائب فاعل ، نحو : ضُرِب زيدٌ .
وللفعل والاسمين صورة واحدة هي: كان وأخواتها ، نحو: كان الطالبُ مريضاً .
وللفعل وثلاثة الأسماء صورة واحدة ، هي : ظن وأخواتها ، نحو : ظنَّ الطالبُ المدرسَ مريضاً .
وللفعل وأربعة الأسماء صورة واحدة ، هي : أَعْلَمَ وأخواتها ، نحو : أعلم الجنديُّ القائدَ العدوَّ قادماً .
وللجملتين صورتان هما :
أ- جملة الشرط وجوابه ، نحو : إن جاء محمد أكرمته .
ب- جملة القسم وجوابه ، نحو : أقسمُ بالله لأجتهدَنَّ .
س6- ما تعريف الكلمة ؟
ج6- الكلمة : لفظ موضوع لمعنى مفرد ، نحو : محمد ، ورجل ، وفرس . وليس منها دَيْزٌ ؛ لأنه لا معنى له ( مُهمل ) .
س7- ما أقسام الكلمة ؟ وعَرِّف كل قسم .
ج7- الكلمة ثلاثة أقسام ، هي :
1- الاسم 2- الفعل 3- الحرف .
فالاسم : هومادلّ على معنًى في نفسه غير مقترن بزمان ، نحو: قلم ، وكتاب .
والفعل : ما دلّ على معنى في نفسه واقترن بأحد الأزمنة الثلاثة : الماضي ، والحاضر ، والمستقبل ، نحو : قامَ ، يقومُ ، قُمْ .
والحرف : ما لا يدلّ على معنى في نفسه ، نحو : إنَّ ، ولَمْ ، وهَلْ ، ولا .
س8- ما تعريف القول ؟
ج8- القول : لفظ مفيد ، وقيل : يطلق على المفيد ، وغير المفيد . وهو بذلك يعمُّ الجميع ( أي : إنه يشمل الكلمة ، والكلام ، والكَلِم ) .
س9- علام تطلق الكلمة في اللغة ؟
ج9- تطلق الكلمة في اللغة على الكلام ، كما في قولهم : كلمة الإخلاص ، ( أي : لا إله إلا الله ) وكقولهم : ألقى الخطيبُ كلمةً .(1/3)
* س10- مَيّز الكلام ،والكَلِم ،والقول في الأمثلة الآتية : رأيت محمداً ،نام الطفل ،ظهرت النتائج في الصحف ،إذا حضر الماء ،رجل .
ج10- أ- رأيت محمداً : كلام ، وكَلِم ، وقول .
ب- نام الطفل : كلام ، وقول .
ج- ظهرت النتائج في الصحف : كلام ، وكَلِم ، وقول .
د- إذا حضر الماء :كَلِم وقول،على اعتبار أنَّ القول يطلق على غير المفيد.
هـ- رجل : كلمة مفردة ، وقول .
وبذلك يتضح أن القول أعم من الجميع عموماً مطلقاً .
س11- كم نوعاً لاسم الجنس ؟
ج11- اسم الجنس نوعان :
1- اسم جنس جمعي: هو ما يُفْرَقُ بينه وبين مفرده بالتاء ، أو الياء ، نحو: بَقَر وبقرة ، وشجر وشجرة ؛ وتُرك وتركي ، وعَرَب ، وعربي .
2- اسم الجنس الإفرادي: هوما يَصْدُق على القليل والكثير من جنس واحد ، وبلفظ واحد ، نحو : ماء ، وذَهَب ، وزيت ، وعَسَل .
( م ) س12- ما الفرق بين جمع التكسير ، واسم الجنس الجمعي ؟
ج12- الفرق بينهما من جهتين :
1- أن جمع التكسير لابد أن يكون على وزن معين من أوزان الجموع المعروفة في كتب الصرف ، وأما اسم الجنس الجمعي فلا يلزم فيه ذلك ، وتأمل وزن ( بَقَر ، وشَجَر ، وكَلِم ) فإنها ليست على وزن من أوزان جمع التكسير .
2- أن الضمير وما أشبهه يرجع إلى جمع التكسير مؤنَّثاً ،كما في قوله تعالى : * وكقول الشاعر :
في غُرَفِ الجنَّةِ العُلْيَا التي وَجَبَتْ ... لَهُمْ هُنَاكَ بِسَعْيٍ كَانَ مَشْكورِ
الحرف ( م ) الموضوع أمام السؤال يَدُلُّ على أن الجواب كاملا من الحواشي ، وليس من متن شرح ابن عقيل .
- وإذا وُضِعَ في الجواب مُكَرَّراً دَلَّ على أن الجواب الذي بينهما فقط من الحواشي.
وأما اسم الجنس الجمعي فالضمير ، وما أشبهه يعود إليه مذكراً ، كما في قوله تعالى:* وقوله تعالى: * فاسم الجنس (الكلم) جاء الفعل قبله مذكراً .
---
علاماتُ الاسمِ
بِالْجَرِّ والتَّنْوِينِ وَالنَّدَا وَأَلْ وَمُسْنَدٍ لِلاسْمِ تَمْيِيزٌ حَصَلْ(1/4)
س1- ما علامات الاسم ؟
ج1- علامات الاسم ، هي :
1- الجرُّ ، ويشمل الجر بالحرف ، والإضافة ، والتبعيّة . وقد اجتمعت في البسملة * ونحو قولك :
مررت بغلامِ زيدٍ الفاضلِ . فغلام : مجرور بالباء ، وزيد: مجرور بالإضافة ، والفاضل : مجرور بالتبعية ؛ لأنه نعت .
2- النِّدَاءُ ، نحو : يا زيدُ ، يا رجلُ .
3- أل ، نحو : الرجل ، الكتاب .
4- الإسْنَادُ إليه ( الإخبار عنه )،كالتاء في قمت . فالتاء مسند إليه ، والفعل ( قام ) مسند ، ونحو: أنا مؤمن . فالضمير ( أنا ) مسند إليه ،ومؤمن مسند. فإسناد القيام إلى التاء دليل على اسمية ( التاء )،وإسناد الإيمان إلى الضمير( أنا ) دليل على اسميته .
5- التَّنْوِينُ : هو نون ساكنة تلحق آخر الاسم لفظاً لا خطاً لغير توكيد ، وهو أربعة أنواع :
أ- تنوين التَّمْكِينِ ، وهو الذي يلحق آخر الأسماء المعربة ، كزيدٍ ، ورجلٍ .
ب- تنوين التَّنْكِيرِ ، وهو الذي يلحق آخر الأسماء المبنيّة ؛ للدلالة على تنكيرها، نحو: مررت بسيبويهِ وبسيبويهٍ آخر . فسيبويه الأول معرفة ، والثاني نكرة ، والذي دلّ على تنكيره التنوين الذي لحق آخره ، ونحو: صَهٍ ( أي : اسكت عن كل حديث ) ، وإيه ٍ( أي : زدني من كل حديث ) .
ج- تنوين الْمُقَابَلَةِ ، هو الذي يلحق جمع المؤنث السالم ، نحو : مسلمات ، ومؤمنات ؛ فإنَّ التنوين فيه مقابل النون في جمع المذكر السالم ، نحو: مسلمون ، ومؤمنون .
د- تنوين العِوَضِ ، وهو ثلاثة أقسام :
أ- عوض عن حرف ، وهو التنوين الذي يلحق المنقوص عِوضاً عن الياء المحذوفة في حالتي الرفع ، والجر ، نحو: هذا قاضٍ ، ومررت بقاضٍ .
ب- عوض عن كلمة ، وهو التنوين الذي يلحق آخر ( كلٍّ ، وبعضٍ ) عوضاً عن المضاف إليه،كما في قوله تعالى : * ( أي : كل إنسان ) وكما قال الشاعر :
دَانَيْتُ أَرْوَى والدُّيُونُ تُقْضَى ... فَمَطَلَتْ بَعْضًا وَأَدَّتْ بَعْضًا
( أي : فمطلتْ بعضَ الديونِ وَأَدَّتْ بعضَه ) .(1/5)
ج- عوض عن جملة : وهو التنوين الذي يلحق ( إذْ ) عوضاً عن جملة تكون بعدها،كقوله تعالى:* أي:حين إذْ بَلَغَت الرُّوحُ الحُلْقُومَ.
وزاد بعضهم تنوين التَرَنُّم ، وهو الذي يلحق القوافي المطلقة بحرف علّة .
والتنوين الغَالِي ، وهو الذي يلحق القوافي المقَيَّدَة .
فالترنُّمُ ، كقول الشاعر :
أَقِلِّي اللَّوْمَ عَاذِلَ وَالعِتَابَنْ ... ... وقُولي إنْ أَصَبْتُِ لقدْ أصَابَنْ
الشاهد : العِتَابَنْ ، وأصَابَنْ . وجه الاستشهاد : أدخل الشاعر عليهما في الإنشاد تنوين الترنُّم وآخرهما حرف عّلة ،وهو الألف ،ويسمى ألف الإطلاق ؛ لأن القافية التي آخرها حرف علّة تُسمى مُطْلَقَةً .
وأما الغالي - وقد أثبته الأخفش - كقول الشاعر :
وقَاتِمِ الأَعْمَاقِ خَاوِي الْمُخْتَرَقْنْ ... مُشْتَبِهِ الأَعْلاَمِ لَمَّاعِ الْخَفَقْنْ
الشاهد : المخترقْنْ ، والخفقْنْ . وجه الاستشهاد : أَدْخَلَ التنوين عليهما، مع اقترانهما بأل ، وسُكِّنتا ؛ لأجل الوقف ، والأصل أنهمامجرورتان بالكسرة : المخترقِنْ ، والخفقِنْ . وهذه القافية تسمى مقيّدة ؛ لأن آخر الكلمة في آخر البيت حرف صحيح ساكن .
س2- ما رأي ابن مالك في تنويني الترنّم ، والغالي ؟ وبم اعترض عليه ابن عقيل ؟ وما الرَّدُّ على هذا الاعتراض ؟
ج2- يرى ابن مالك أن تنوين الترنم ، والتنوين الغالي من خصائص الاسم ، ويعارضه في ذلك ابن عقيل فهو يرى أنهما يكونان في الاسم ، والفعل ، والحرف . ويؤيد رأي ابن عقيل الشاهد السابق (المخترقٍ ، والخفقٍ )؛ لأن الشاعر أدخل عليهما التنوين مع اقترانهما بأل ، ولوكان هذا التنوين مما يختص بالاسم لم يلحق الاسم المقترن بأل .
ويؤيده كذلك قول الشاعر :
أَزِفَ التَّرَحُّلُ غَيْرَأنّ رِكَابَنَا ... لَمَّا تَزُلْ بِرِحَالِنَا وكَأَنْ قَدِنْ
والشاهد فيه : دخول التنوين على الحرف ( قَدٍ ) وهذا يدلّ على أن تنوين الترنم لا يختص بالاسم .
((1/6)
م ) ويُرَدُّ على هذا الاعتراض بأن تسمية نون الترنم ، والنون التي تلحق القوافي المطلقة ( تنويناً ) إنما هي تسمية مجازية ، وليست من الحقيقة التي وضع لها لفظ التنوين .
---
علاماتُ الفعلِ
بِتَا فَعَلْتَ وَأَتَتْ وَيَا افْعَلِى ... وَنُونِ أَقْبِلَنَّ فِعْلٌ يَنْجَلِي
س1- ما علامات الفعل ؟
ج1- علامات الفعل :
1- قبوله التاء المتحركة ، نحو : ذَهَبْتُِ .
2- قبوله تاء التأنيث الساكنة ، نحو : ذَهَبَتْ ، ونِعْمَتْ ، وبِئْسَتْ .
3- قبوله ياء المخاطبة ( ياء الفاعلة )، نحو : اضْرِبِي ، وتَضْرِبِينَ .
4- قبوله نون التوكيد الثقيلة ، والخفيفة . فالثقيلة ، نحو قوله تعالى : * والخفيفة ، نحو : اذهبَنْ ، وكما في قوله تعالى : * ولم تظهر النون في * لأن الألف فيها بدل من نون التوكيد ، كما في قوله تعالى : * .
س2- لِمَ اشْتُرِط في تاء التأنيث أن تكون ساكنة ؟
ج2- احترازًا من التاء المتحركة التي تلحق الأسماء ، نحو : هذه مسلمةٌ ، ورأيت مسلمةً .
واحترازًا من اللاحقة للحرف ، نحو : لاَتَ ، ورُبَّتَ ، وثُمَّتَ . ويجوز تسكين التاء مع رُبَّ ، وثُمَّ ، ولكنه قليل ، نحو : رُبَّتْ ، وثُمَّتْ .
س3- لم قال ابن مالك ( ويا افعلي ) ، ولم يَقُلْ ياء الضمير ؟
ج3- لأنّ ياء الضمير يدخل فيه ياء المتكلم وهو ضمير ، ولا يختص ياء المتكلم بالفعل فقط ، فهو مُشترك في الفعل ، نحو: أكرمني ، والاسم ، نحو : غلامي ، والحرف ، نحو : إني .
أما قوله : " يا افعلي " فالمراد به ياء المخاطبة ، وياء المخاطبة لا يكون إلا في الفعل .
---
علاماتُ الحرفِ
وأقسامُ الفعلِ وعلاماتُه
سِوَاهُمَا الْحَرْفُ كَهَلْ وَفِى وَلَمْ فِعْلٌ مُضَارِعٌ يَلِي لَمْ كَيَشَمْ
وَمَاضِيَ الأَفْعَالِ بالتَّا مِزْ وَسِمْ ... بِالنُّونِ فِعْلَ الأَمْرِ إِنْ أَمْرٌ فُهِمْ
وَالأَمْرُ إِنْ لَمْ يَكُ لِلنُّونِ مَحَلْ ... فَيهِ هُوَ اسْمٌ نَحْوُ صَهْ وَحَيَّهَلْ(1/7)
س1- ما علامات الحرف ؟
ج1- علامة الحرف : لا يقبل علامات الأسماء ، ولا علامات الأفعال ، نحو: هل ، وفي ، ولَمْ .
* س2- ما أقسام الحروف ؟
ج2- الحروف نوعان :
أ- حروف الْمَبَانِي ، وهي حروف الهجاء التي تُبْنَى منها الكلمة .
ب- حروف الْمَعَانِي ، وهي الحروف التي يظهرمعناها في الجملة ،كحروف الجرّ ، والجزم ، والنصب ، والعطف .
س3- ما أقسام حروف المعاني ؟
ج3- تنقسم إلى قسمين :
1- حروف مختصة . 2- حروف غير مختصة .
1- المختص ، وهو قسمان :
أ- قسم خاص بالأسماء ،كحروف الجر ، وإنّ وأخواتها ... إلخ .
وهي عاملة في الأسماء فقط .
ب- قسم خاص بالأفعال ،كحروف الجزم ، والنصب ، نحو : (لم وأخواتها ، ولن وأخواتها ) . وهي عاملة في الأفعال فقط .
2- غير المختص ، وهي الحروف المشتركة بين الأسماء ،والأفعال ،كهل ، نحو:
هل زيدٌ قائم ؟ ونحو: هل قام زيدٌ ؟ .
وهي غيرعاملة ، ومثلها : همزة الاستفهام ، وحروف العطف .
س4- إلى كم قسم ينقسم الفعل ؟
ج4- ينقسم الفعل إلى ثلاثة أقسام هي :
1- الفعل الماضي 2- الفعل المضارع 3- فعل الأمر .
س5- ما علامات الفعل الماضي ؟
ج5- للماضي علامتان :
1- قبوله التاء المتحركة ( تاء الفاعل ) ، نحو : ذَهَبْتَُِ ، ونحو : تَبَارَكْتَ ياذا الجلال والإكرامِ .
2- قبوله تاء التأنيث الساكنة ،نحو: شَرِبَتْ فاطمةُ،ونحو: نِعْمَتِْ المرأةُ المتحجبةُ، وبِئْسَتِْ المرأةُ المتبرِّجة. وهذا معنى قوله : " وماضي الأفعال بالتَّا مِزْ " .
وبهذه العلامة أُبطلت حُجَّة من قال : إنَّ ( نِعْمَ ، و بِئْسَ ) اسمان .
وكذلك أبطلت حُجَّه من قال : إنَّ ( ليس ، وعسى )حرفان ؛ لأنهما يقبلان تاء الفاعل ، وتاء التأنيث معاً ، نحو : ليستْ ،ولَسْتُ ،وعَسَتْ ،وعَسَيْتُ .
س6- ما علامات الفعل المضارع ؟
ج6- علامته قبوله الجزم بـ (لم )، نحو :لم يضربْ . وهذا معنى قوله :(1/8)
" فعلٌ مضارع يلي لم كيشَمْ " . وله علامات أخرى ،كقبوله السين وسوف ، نحو: سأذهبُ ، وسوف أذهبُ . وقبوله النصب بـ (لن) نحو : لن أذهبَ . وكونه مبدوءًا بأحد أحرف المضارعة المجموعة في قولك ( أنيت )، نحو : أذهبُ ، نذهبُ ، يذهبُ ، تذهبُ .
س7- ما علامات فعل الأمر ؟
ج7- علامته : الدلالة على الطلب بصيغته مع قبوله نون التوكيد ، نحو : اضْرِبَنَّ ، واخْرُجَنْ .
وهذا معنى قوله : " وسِمْ بالنُّونِ فعلَ الأمرِ إنْ أمرٌ فُهِم " .
س8- ما الحكم إذا دلّت كلمة على الفعل ولم تقبل علاماته ؟
ج8- إذا دلّت كلمة على معنى الفعل الماضي ولم تقبل علاماته فهي اسم فعل ماضٍ ، نحو : هيهات بمعنى بَعُدَ ، وشَتَّانَ بمعنى افْتَرَقَ ، وسُرْعَان بمعنى أَسْرَعَ .
وإن دلَّت كلمة على معنى الفعل المضارع ولم تقبل الجزم بـ ( لم ) فهي اسم فعل مضارع ، نحو : أُفٍّ بمعنى أَتَضَجَّرُ ، وآهِ بمعنى أَتَوَجَّعُ ، و بَخٍ بمعنى أَسْتَحْسِنُ . وإن دلت كلمة على الأمر ولم تقبل نون التوكيد فهي إما اسم فعل، نحو : نَزَالِ بمعنى انْزِلْ ، وإِما مصدر نائب عن فعله ، نحو : صَبرًا بمعنى اصْبِرْ .
وإنْ قبلت كلمة نون التوكيد ، ولم تدل على الأمر فهي فعل مضارع ، نحو : تَذْهَبَنَّ .
( م ) س9- ذكرتَ اسم الفعل ، فما هو اسم الفعل ؟
ج9- اسم الفعل : هو ما دلّ على معنى الفعل ، وزمنه ، وعمل عمله في إظهار الفاعل ، وإضماره ، نحو(هيهات) اسم فعل ماضٍ ؛ لأنه بمعنى الماضي بَعُدَ ، وبذلك يكون قد دلّ على الزمن الماضي ، وعمل عمله في إظهار الفاعل ، نحو : هيهات العقيقُ ، وهكذا تقول فيما دلّ على المضارع كأُفِّ ، أو الأمر كصَهٍ ، ومن إضمار الفاعل قولك : صَهٍ بمعنى اسكتْ .
وقد يكون اسم الفعل لازماً مع أنّ فعله متعدٍ وهذا ليس بغالب ، نحو (آمين) فهو لازم مع أنه بِمعنى استجبْ ، وهو فعل متعدٍ ، ونحو (إيهِ) فإنه لازم مع أنه بمعنى زِدْني ، وهو متعدٍّ كما ترى .
((1/9)
م ) س10- اذكر خلاف العلماء في أسماء الأفعال .
ج10- اختلف النحاة في أسماء الأفعال على النحو الآتي :
1- جمهور البصريين : يرون أنها أسماء قامت مقام الأفعال في العمل ، ولا تتصرف تصرف الأفعال ؛ ولذلك لا تختلف أبنيتها باختلاف الزمان فتبقى على صورة واحدة . أما الأفعال فتختلف أبنيتها باختلاف الزمان ،فالماضي ( ذهبَ ) تختلف بنيته عن المضارع (يذهبُ) وعن الأمر (اذهبْ) .
وكذلك لا تتصرف أسماء الأفعال تصرف الأسماء بحيث يسند إليها إسناداً
معنوياً ؛ ولذلك لا تقع مبتدأ ، ولا فاعلاً ؛ وبهذا اختلفت عن الصفات ،كاسم الفاعل واسم المفعول ؛ لأن اسمي الفاعل والمفعول وإن قاما مقام الأفعال في العمل إلا أنهما يتصرفان تصرف الأسماء فيقعان مبتدأ وفاعلاً... إلخ
2- جمهور الكوفيين : يرون أنها أفعال ؛ لأنها تدل على الحدث والزمن ،وإنْ كانت جامدة لا تتصرف تصرف الأفعال ، فهي مثل : ( عسى ، وليس ) ونحوهما من الأفعال الجامدة .
3- أبو جعفر أحمد بن صابر : يرى أنها نوع خاص ، ليست أفعالاً ؛ لأنها لا تتصرف تصرف الأفعال ، ولا تقبل علامات الأفعال ، وليست أسماءً ؛ لأنها لا تتصرف تصرف الأسماء ، ولا تقبل علامات الأسماء ؛ ولذلك عَدَّها نوعاً رابعاً من أنواع الكلمة ، وسماها ( الْخَالِفَةَ ) .
--- ...
الْمُعْرَبُ ، والْمَبْنِيُّ
سَبَبُ بناءِ الاسمِ
وَالاسْمُ مِنْهُ مُعْرَبٌ وَمَبْنِى لِشَبَهٍ مِنَ الْحُرُوفِ مُدْنِي
س1- ما أقسام الاسم باعتبار الإعراب ، والبناء ؟
ج1- ينقسم إلى قسمين :
1- مُعْرَب ، وهو : ما سَلِم من شَبَهِ الحروف ، وتغيَّرت حركة آخره بسبب العوامل الداخلة عليه .
2- مَبْنِيّ ، وهو : ما أشبه الحرف ، ولم تتغيرّ حركة آخره ، وإن تغيّرت العوامل الداخلة عليه .
س2- ما عِلَّة بناء الاسم ؟(1/10)
ج2- هذا السؤال مبني على قاعدة مُهِمَّة هي : أنَّ ما جاء على أصله لا يُسأل عن عِلَّتِه، وأنَّ ما جاء على غير أصله يُسأل عن علَّة مجيئه على غير الأصل، فالأصل في الاسم الإعراب ؛ لذلك يُسأل لم بُني مع أنّ أصله الإعراب ؟ والجواب على ذلك هو : مشابهته الحرف شبهاً قويًّا يقربُّه منه .
( م ) س3- هل علّة البناء ترجع إلى سبب واحد ، أو أكثر ؟
ج3- اختلف النحاة في هذه المسألة، فذهب جماعة إلى أن سبب البناء منحصر
في شبه الحرف ، ومنهم ابن مالك ، وابن جني ، وسيبويه ،وأبو علي الفارسي ، وهذا الأخير يرى أن سبب بناء الاسم منحصر في شبه الحرف ، أو ما تَضَمّن معناه . وذهب آخرون إلى أنّ السَّبب مُتعدد ، وذلك على النحو الآتي :
1- مشابهة الاسم في المعنى للفعل المبني ، كاسم فعل الأمر، واسم الفعل الماضي، نحو: نَزالِ ، وهيهات ، فهما مبنيان ؛ لأنهما أشبها في المعنى الفعلين " اِنْزِلْ ، وبَعُدَ " ، ورُدَّ على هذا السبب بأنه لو كان صحيحا لَلَزِم بناء المصدر النائب عن فعله ، كصبرًا ، وضربًا ؛ لأنهما بمعنى الأمر (اصبْر ، واضربْ) ولَلَزِمَ كذلك إعراب اسم الفعل المضارع ، نحو : أفّ ، وآهِ ؛ لأنهما بمعنى المضارع المعرب
( أتضجَّر ، وأتوجَّع ) .
2- عدم التركيب ؛ وبناء على هذا السبب تكون الأسماء قبل تركيبها في الجمل مبنيّة ، وهذا رأي غيرسديد ؛ لأنك لا تستطيع الحكم على كلمة ما، أ مبنية هي أم معربة ؟ إلا بعد تركيبها في جملة ، فمثلاً كلمة ( محمد ) أ معربة هي أم مبنية ؟ لا يجوز الحكم عليها إلا بعد تركيبها في جملة ، فإذا قلت : جاء محمدٌ ، ورأيت محمدًا ، فهي معربة ؛ لتغيّر آخرها بسبب العوامل ، وهذا هو الإعراب. وإذا قلت: يا محمدُ ، فهي مبنية ؛ للزوم آخرها الضم ، وهذا هو البناء .(1/11)
3- أن يجتمع في الاسم ثلاث علل من موانع الصرف ، نحو : الأعلام المؤنثة التي على وزن فَعَالِ ، كحَذَامِ ، وفَطَامِ ، قالوا هذه الأسماء مبنية لاجتماع ثلاث علل مانعة من الصرف هي : العلمية ، والتأنيث ، والعَدْل ، فهي معدولة عن حَاذِمة ، وفاطِمة . ويَرُدُّ هذا الادِّعَاءَ اجتماعُ خمسِ عِلَلٍ من موانع الصرف في اسم واحد ومع ذلك هو معرب ، نحو (آذربيجان) فإن فيه العلمية ، والتأنيث ، والعجمة ، والتركيب ، وزيادة الألف والنون .
مواضعُ شبهِ الاسمِ بالحرفِ
كَالشَّبَهِ الوَضْعِىَّ فى اسْمَىْ جِئْتَنَا وَالْمَعْنَوِيِّ فى مَتَى وفى هُنَا
وَكَنِيَابَةٍ عَنِ الْفِعْلِ بِلاَ تَأَثُّرٍ وَكَافْتِقَارٍ أُصِّلاَ
س4- اذكر مواضع شبه الاسم بالحرف .
ج4- يشبه الاسم الحرف في أربعة مواضع :
1- شبه في الوضع ، كأن يكون الاسم موضوعاً على حرف واحد ، كالتاء في : ضربت ، وجئتنا ، فهو بذلك يُشبه حرف الجر ( الباء )، ولامه ، وكافه ، وفاء العطف ، وواوه ، وهمزة الاستفهام .
أو يكون موضوعاً على حرفين ، كالضمير ( نا ) في : جئتنا ، فهو بذلك يُشبه هل الاستفهامية، وقد ، وما ، ولا النافيتين . وهذا هو الأصل في وضع الحرف ، إما أن يكون على حرف ، أو على حرفين ، والأصل في الاسم أن يكون موضوعاً على ثلاثة أحرف فأكثر ، فلما خرج الاسم عن أصله ، وأشبه الحرف أُعطيَ حكم الحرف وهو البناء .
( م ) ولكنَّك تجد بعض الحروف خرجت عن أصلها ، وأشبهت الاسم في وضعها على ثلاثة أحرف، نحو : إنّ وأخواتها ، وإلاَّ ، وثُمَّ ، ومع ذلك لم تُعط حكم الاسم وهو الإعراب ، وذلك راجع لسببين :
أ - أنَّ الحرف أشبه الاسم في شيء لا يخصه وحده ، فإن الفعل أيضاً يكون على ثلاثة أحرف ، أما الاسم فقد أشبه الحرف في شيء يخصّه وحده .(1/12)
ب- أن الحرف لا محل له من الإعراب ، ولا يحتاج إلى الإعراب ؛ لأنه لا يقع في مواقع متعددة من التراكيب فلا يتميز بعضها عن بعض بغير الإعراب ؛ بمعنى أنه لا يكون فاعلاً، ولا مفعولاً، ولا مبتدأ،ولا خبرًا ، ولا حالاً ... إلخ . ( م )
2- شبه في المعنى ، وهو نوعان :
أ- ما أشبه حرفاً موجودًا .
ب- ما أشبه حرفاً غير موجود .
فالأول ، نحو : متى الاستفهامية ، في قولك : متى جئت ؟ فإنها مبنية ؛ لأنها أشبهت في المعنى الحرف الموضوع للاستفهام ، وهو ( الهمزة )، وتُشبه ( إنْ ) في معنى الشرط إذا استعملت للشرط ، نحو : متى تقُمْ أَقُمْ .
والثاني ، نحو : اسم الإشارة ( هنا ) فهو مبني ؛ لأنه يشبه حرفاً كان ينبغي أن تضعه العرب ، ولكنها لم تضع ؛ وذلك لأن الإشارة معنى من المعاني ، فحقها أن يوضع لها حرف يدلّ عليها ، كما وضعوا للنفي حرفاً وهو ( ما ) وللنهي
( لا ) وللتمني ( ليت ) وللترجِّي ( لعل ) وبذلك تكون أسماء الإشارة مبنية ؛ لشبهها في المعنى حرفاً مُقَدَّراً .
( م ) لكن ابن الفلاح نقل عن أبي علي الفارسي أن أسماء الإشارة مبنية ؛ لأنها من جهة المعنى أشبهت حرفاً موجودًا هو ( أل العهدية ) فإنها تشير إلى معهود بين المتكلم والمخاطب ، ولم يَرتضِ المحققون ذلك ؛ لأن الإشارة في لفظ ( هنا ) ونحوها حِسِّيَّة ، وفي أل العهدية ذهنيّة .
ومن الأسماء المبينة التي أشبهت الحروف في المعنى ولم تضع له العرب حرفاً ( لَدَى ) فهي دالّة على الملاصقة والقرب زيادة على الظرفية، والملاصقة والقرب من المعاني التي لم تضع لها العرب حرفا . ومنها ( ما ) التعجبية ، فإنها دالة على التعجب ، والتعجب من المعاني التي لم تضع لها العرب حرفاً . ( م )(1/13)
3- شبه في النيابة عن الفعل، وعدم التأثر بالعامل ، كأسماء الأفعال ، نحو : دَرَاكِ زيدًا . فاسم الفعل ( دراكِ ) مبني لشبهه الحرفين ( ليت ، ولعلّ ) فهما نائبان عن الفعلين ( أتمنّى ، وأترجَّى ) ويعملان النصب في المبتدأ ، ولا تدخل عليهما العوامل فتؤثر فيهما ، وكذلك فإن أسماء الأفعال ، نحو : آهِ ، وصَهٍ، ودَرَاكِ ، تنوب عن الأفعال : أَتَوَجَّعُ ، واسْكُتْ ، وأََدْرِكْ ، وهي تعمل فيما بعدها ، ولا تدخل عليها العوامل فتؤثر فيها ؛ ولذلك هي مبنيّة .
وليس منها المصدر النائب عن فعله ، نحو: ضَرْبًا زيدًا ، فإنه نائب عن الفعل (اضْرِبْ) ولكنه ليس مبنيا ؛ لأن العوامل تدخل عليه فتؤثر فيه ، تقول : آلمني ضربُك ( بالرفع )، وعجبت من شدَّة ضربِك ( بالجر ) .
وأما ضرباً ، فهو منصوب بالفعل المحذوف .
4- شبه في الافتقار المتأصِّل إلى جملة ، كالأسماء الموصولة ، وإذ ، وإذا ، وحيث ... إلخ فإنها مفتقرة إلى الجملة افتقارًا متأصِّلاً ، فإذا قلت :
جاء الذي ... فلا معنى لها إلا بذكر الصّلة ، نحو : جاء الذي علّمني ، وبذلك تكون قد أشبهت الحرف الذي لا يظهر معناه إلا في الجملة .
( م ) س5- " اسم الفعل لا تدخل عليه العوامل فتؤثر فيه " علام بني هذا القول ؟ واذكر خلاف العلماء فيه .
ج5- إنّ القول بأن اسم الفعل لا تدخل عليه العوامل فتؤثر فيه مبنيّ على أن أسماء الأفعال لا محل لها من الإعراب ، وهذه المسألة محل خلاف بين العلماء ، وذلك على ثلاثة أقوال :
أ- أنها لا محل لها من الإعراب. وهذا مذهب الأخفش ، واختاره ابن مالك .
ب- أنها في محل نصب مفعول مطلق لفعل محذوف، وذلك على اعتبار أنها نائبة عن المصدر . وهذا مذهب المازني .
ج- أنها في محل رفع بالابتداء ، وما بعدها فاعل سد مسدّ الخبر ، والعامل معنوي . وهذا مذهب سيبويه.
( م ) س6- هل يجتمع في اسم مبني واحد شبهان فأكثر ؟(1/14)
ج6- نعم . قد يجتمع في اسم مبني واحد شبهان فأكثر ،كالضمائر، فإن فيها شبهاً معنوياً ؛ لأن التكلّم ،والخطاب ،والغيبة من المعاني التي تَتَأدَّى بالحروف . وفيها شبه افتقاري ؛ لأن كل ضمير يفتقر افتقارًا متأصّلاً إلى ما يُفسِّره .
وفيها شبه وضعي ، فإنَّ أغلب الضمائر وُضِع على حرف أو حرفين .
* س7- من أسباب بناء الاسم الافتقار المتأصل،فهل هناك افتقار غيرمتأصل؟
ج7- نعم . هناك افتقار غير مُتَأَصِّلٍ ، يُسمى الافتقار العارض ، نحو :كلمة ( يوم ) وما شابهها فهي مفتقرة إلى المضاف إليه ،كما في قوله تعالى: * ولكن هذا الافتقار عارض؛ لأنك تستطيع أن تقول: صمت يومًا ،ولا تحتاج إلى إضافة ،وبذلك تكون كلمة (يوم) معربة لا مبنية . وكذلك يكون الاسم معربا إذا افتقر افتقارًا متأصلاً إلى مفرد ، نحو :
( سبحان ، وعند ) وما شابههما ، فهما مفتقران أصالة إلى المضاف إليه ، لكن ليس إلى جملة بل إلى مفرد .
( م ) س8- زاد ابن مالك نوعين آخرين من الشبه ، فما هما ؟
ج8- زاد ابن مالك نوعا خامسًا سماه الشبه الإهمالي ، وفسّره بأنّ : الاسم يشبه الحرف في كونه لا عاملاً ، ولا معمولاً ، وَمثَّل له بأوائل السور ، نحو : الم~ ، ق~ ، ص~ . وهذا القول مبني على أن فواتح السور لا محل لها من الإعراب ؛ لأنها من المتشابه الذي لا يُدرك معناه . وجعل بعضهم من هذا النوع الأسماء قبل التركيب ، وأسماء الهجاء المسرودة كألف، باء ، تاء ... إلخ
وأسماء العدد المسرودة نحو : واحد ، اثنان ، ثلاثة.. إلخ .
وزاد نوعاً سادسًا سماه الشبه اللفظي ، وهو : أن يكون لفظ الاسم كلفظ حرف من حروف المعاني وذلك مثل (حاشا) الاسمية، فإنها أشبهت حاشا الحرفية (حرف جر ) في اللفظ . فحاشا الاسمية ، نحو قوله تعالى : * فتعرب (حاشا) مفعولاً مطلقاً نائباً عن الفعل .
وحاشا الحرفية ، نحو : سافر الطلاب حاشا زيدٍ .(1/15)
س9- الأسماء كلها معربة ماعدا أسماء معينة فهي مبنية ، اذكر هذه الأسماء المبنية .
ج9- الأسماء المبنية ، هي :
1- الضمائر .
2- أسماء الشرط ما عدا ( أيّ ) فهي معربة .
3- أسماء الاستفهام ما عدا ( أيّ ) فهي معربة .
4- أسماء الإشارة ما عدا ( المثنى ) منها فهو معرب .
5- الأسماء الموصولة ما عدا ( المثنى )منها فهو معرب .
6- أسماء الأفعال .
* 7- بعض الظروف ، نحو : إذا، وإذ، والآنَ، وقَطُّ، وبينما، وحيث، وأين، وأمسِ في لغة الحجازيين، وقبل ، وبعد (إذا حُذف المضاف إليه ونُوِي ثبوت معناه دون لفظه) كما في قوله تعالى : * .
8- الأعداد المركبة من أحد عشر حتى تسعة عشر ماعدا (اثني عشر) فالجزء الأول منه معرب ، والثاني مبني .
9- الأعلام المختومة بـ ( وَيْهِ )،كسيبويه ، وقيل : إنها معربة إعراب الممنوع من الصرف .
10- الأعلام المؤنثة التي على وزن فَعَالِ ، كحَذَامِ في لغة الحجازيين مطلقاً .
11- اسم لا النافية للجنس المفرد ، نحو : لا طالبَ في الفصل .
12- المنادى المفرد العلم ، نحو : يا محمدُ .
13- النكرة المقصودة بالنداء ، نحو : يا رجلُ .
والأنواع الثلاثة الأخيرة بناؤها عارض يزول بزوال السبب ، فإذا لم تكن كلمة ( طالب ) اسما لـ ( لا النافية للجنس ) فهي معربة ، وكذلك الباقي . *
---
المعربُ مِنَ الأسماءِ
ومُعْرَبُ الأَسْمَاءِ مَا قَدْ سَلِمَا مِنْ شَبَهِ الْحَرْفِ كَأَرْضٍ وَسُمَا
س10- ما الأصل في الأسماء الإعراب ، أو البناء ؟
ج10- الأصل في الأسماء الإعراب ؛ولذلك بدأ به الناظم في ترجمة هذا الباب ، فقال : المعرب ، والمبني ، ولكنّه حين بدأ في التفصيل ، وتعريف كل واحد منها بدأ بالمبني ؛ وذلك لأن المبني مُنحصر في بعض الأسماء -كما عرفت في السؤال السابق - أما المعرب فغير مُنحصر .
س11- ما أقسام المعرب باعتبار الصّحة ، والاعتلال ؟
ج11- ينقسم إلى قسمين :(1/16)
1- صحيح ، وهو: ما ليس آخره حرف عِلّة ، نحو : وَلَد ، عَالِم ، كُفْء .
2- مُعْتل ، وهو : ما كان آخره حرف عِلّة ، أو همزة قبلها ألف زائدة ، نحو : الفتى ، القاضي ، الإملاء ، الحذاء ، سُمًا .
وهذه الأخيرة (سُمًا) لُغَة في الاسم ،وفيه ست لغات: ضَمّ الهمزة وكَسرها،نحو: اُِسْم ،وضم السين وكسرها، نحو: سُِم - على اعتبار أنه صحيح الآخر- وضمّ السين وكسرها أيضا - على اعتبار أنه معتل الآخر – نحو : سُِمًا ،كقولك : هدًى .
س12- ما أقسام المعرب باعتبار التَّمَكُّنِ ؟
ج12- ينقسم المعرب بهذا الاعتبار إلى قسمين :
1- مُتَمَكِّن أمكن ، وهو المنصرف ، كزيدٍ ، ورجلٍ ، وفَرَسٍ .
2- مُتمكن غير أمكن ، وهو الممنوع من الصرف ، نحو : أحمد ، ومساجد ، ومصابيح . وأما الاسم المبني فهو غير متمكن .
س13- ما المراد بالمصطلحات الآتية : متمكن أمكن ، ومتمكن غير أمكن ، وغير متمكن ؟
ج13- المراد بالمتمكن الأمكن : الاسم المعرب الذي يُنَوَّن تنوين تمكين (أي: المتمكَّن ،والثابت مكانةً في باب الاسمية من غيره) وذلك لأنه لا يشبه الحرف، ولا الفعل .
والمراد بالمتمكن غير أمكن : الاسم المعرب الذي لا ينوَّن ، وهو غير أمكن لمشابهته الفعل ، والحرف في عدم التنوين .
والمراد بغير المتمكن : الاسم المبني ؛ وذلك لأنه أشبه الحرف في البناء ، وعدم
التنوين ، وأشبه الفعل كذلك في عدم التنوين .
والقاعدة في ذلك كلَّه أنه كلَّما ابتعد الاسم عن مشابهة الحرف ، والفعل في البناء، وعدم التنوين كان أكثر أصالة في الاسمية ، وأشدّ تمكناً .
---
المعربُ ، والمبنيُّ من الأفعالِ
وَفِعْلُ أَمْرٍ وَمُضِيٍّ بُنِيَا وَأَعْرَبُوا مُضَارِعًا إِنْ عَرِيَا
مِنْ نُونِ تَوْكِيدٍ مُبَاشِر ٍوَمِنْ نُونِ إِنَاثٍ كَيَرُعْنَ مَنْ فُتِنْ
س1- هل الإعراب أصل في الأسماء ، أو أصل في الأفعال ؟
ج1- في هذه المسألة خلاف ، وهو كالتالي :(1/17)
1- مذهب البصريين : أن الإعراب أصل في الأسماء ، وفرع في الأفعال ، فالأصل في الفعل عندهم البناء .
2- مذهب الكوفيين : أن الإعراب أصل في الأسماء ، وفي الأفعال .
3- مذهب بعض النحويين : أن الإعراب أصل في الأفعال ، وفرع في الأسماء . وهذا المذهب الأخير نقله ضياء الدين بن الِعلْج في البسيط .
س2- اذكر أنواع الأفعال المبنية ، وما علامة بنائها ؟
ج2- الأفعال المبنية نوعان :
1- ما اتُّفِقَ على بنائه ، وهو الفعل الماضي . وهو مبني ؛ لأن الأصل في الأفعال البناء ( على الصحيح ) .
علاماته :
أ- مبني على الفتح ، وهو الأصل ، نحو : ذَهَبَ .
ب- مبني على السكون : إذا اتصل به ضمير رفع متحرك ، نحو : ذَهبْتُ ، ذَهبْنَا ، ذَهبْنَ .
ج- مبني على الضم إذا اتصلت به واو الجماعة ، نحو : ذهبُوا .
2- ما اخْتُلِفَ في بنائه ، وهو فعل الأمر ، نحو : اذهبْ . وهو مبني عند البصريين ، ومعرب عند الكوفيين ، فهم يرون أنه مجزوم بلام أمر محذوفة ، وأصل ( اذهبْ ) عندهم ( لِتذهبْ ) فحذفت لام الأمر ، وحُذف حرف المضارعة ، فاحتيج إلى همزة الوصل للتوصل إلى النطق بالساكن .
علاماته :
أ- مبني على السكون ، وهو الأصل ، نحو : اضرِبْ .
ب- مبني على حذف حرف العلّة ( نيابة عن السكون ) : إذا كان الفعل معتلاً ناقصاً ، نحو : ادْعُ ، اسْعَ ، ارْمِ .
ج- مبني على حذف النون (نيابة عن السكون): إذا كان من الأفعال الخمسة ، نحو: اذهبوا ، اذهبا ، اذهبي .
( م ) س3- لم بني الفعل الماضي على حركة ، وهي ( الفتح ) مع أن الأصل في البناء السكون ؟
ج3- بني الفعل الماضي على حركة مع أن الأصل في البناء السكون ؛ لأنه أشبه الفعل المضارع المعرب في وقوعه خبراً ، وصلة ، وحالاً ، وصفة ، نحو : محمدٌ غاب ، وجاء الذي زارنا ... إلخ .(1/18)
والأصل في الإعراب أن يكون بالحركات ، وبني على الفتح ؛ لأن الفتحة أخفّ الحركات ؛ وذلك لئلا يجتمع ثقيلان في الفعل بسبب كونه مركباً في المعنى من الحدث والزمان .
س4- الفعل المضارع أ معرب هو أم مبني ؟
ج4- الفعل المضارع معرب إذا لم تتصل به نون التوكيد اتصالا مباشرًا ، وإذا لم تتصل به نون النسوة نحو: يذهبُ ، لم يذهبْ ، يذهبون، لن يذهبوا . فالفعل المضارع في هذه الأمثلة وما شابهها معرب ؛ لعدم اتصاله بنون التوكيد اتصالاً مباشرًا ؛ ولعدم اتصاله بنون النسوة .
ويكون الفعل المضارع مبنيا في الحالتين الآتيتين :
1- إذا اتصلت به نون النسوة ( يُبنى على السكون ) نحو : الأمهات يُرْضِعْنَ .
2- إذا اتصلت به نون التوكيد الثقيلة ، أو الخفيفة اتصالاً مباشرًا ( يُبنى على الفتح ) فاتصاله المباشر بالنون الثقيلة ، نحو : هل تضرِبَنَّ ؟ وبالنون الخفيفة ، نحو : هل تضرِبَنْ ؟
( م ) س5– ما رأي السُّهَيْلي في الفعل المضارع المتصل بنون النسوة ؟
ج5- يرى السهيلي ومن وافقه أنَّ الفعل المضارع معرب إعراباً تقديرياً مع نون النسوة منع من ظهوره شبهه بالفعل الماضي المتصل بنون النسوة ؛ فإنَّ يرضعْنَ أشبه أرضعْنَ في أن النون قد صارت فيه جزءًا منه .
س6- ما المراد بالاتصال المباشر ؟
ج6- المراد به أن تتصل النون بالفعل المضارع اتصالاً مباشرًا دون وجود فاصل بينهما ، فإذا فصل بينهما بضمير كواو الجماعة ، أو ياء المخاطبة ، أو ألف الاثنين ، فالاتصال حينئذ غير مباشر سواء أكان الفصل لفظياً، نحو:" لتبلوُنَّ "،
و " ولا تَتَّبِعَانِّ "،و " إمَّا تَرَيِنَّ " ،أوكان الفصل تقديرياً، نحو: الطلاب يذهبُنَّ ، وأنتِ تذهبِنَّ . وفي هذه الحالة يكون الفعل المضارع معرباً لا مبنياً ؛ بسبب أن الاتصال غير مباشر . وهذا مذهب ابن مالك، والجمهور ، وخالفهم في ذلك الأخفش ، وغيره فهم يرون أنه مبني سواء أكان الفصل لفظياً أم تقديرياً .(1/19)
س7- ما التغييرات الصرفية التي حدثت نتيجة اتصال الضمائر بالفعل المضارع المؤكد بالنون ؟
ج7-إذا اتصلت الضمائر بالفعل المضارع المؤكد بالنون تحدث التغييرات الآتية:
1- حذف نون الرفع بسبب توالي الأمثال ، نحو : تذهبونَنَّ ، تذهبينَنَّ ، تذهبانِنَّ . في هذه الأفعال تحذف نون الرفع لاجتماع ثلاث نونات متتالية ، فتصير ( تذهبونَّ ، تذهبينَّ ، تذهبانَّ .
2- تحذف واو الجماعة ، وياء المخاطبة لالتقاء الساكنين ، فتصير الأمثلة السابقة في صورتها النهائية هكذا : " تذهبُنَّ " ( يُضم آخر الفعل للدلالة على أن المحذوف واو الجماعة ) و" تذهبِنَّ " ( يُكسر آخر الفعل للدلالة على أن المحذوف ياء المخاطبة) أما ألف الاثنين فلا تحذف ؛ لئلا تَلْتَبِسَ بالمفرد (تذهبَنَّ) وتكسر نون التوكيد ، وتكون صورتها النهائية هكذا : تَذْهَبَانِّ .
( م ) س8- لم أُعرب الفعل المضارع مع أن الأصل في الأفعال البناء ؟
ج8- لأنه أشبه الاسم لفظاً ومعنى ، فهو يشبه اسم الفاعل لفظاً في الحركات، والسَّكَنات ، وعدد الحروف ، وتعيين الحروف الزائدة ، والحروف الأصلية ؛
وتأمل ذلك في الفعل ( يَضْرِب ) واسم الفاعل ( ضَاْرِب ) والفعل ( يُقَاتِل ) واسم الفاعل ( مُقَاتِل ) تجد المشابهة اللفظية واضحة جَلِيَّة .
ويشبهه كذلك في المعنى ؛ لأن كل واحد منهما صالح للحاضر والمستقبل .
ويشبه الفعل المضارع الاسم كذلك في أنَّ كل واحد منهما تتوارد عليه معانٍ تركيبية لا يتضح التمييز بينها إلا بالإعراب ، ففي الاسم مثلا تقول : ما أحسنَ زيداً ! فإذا رفعت ( زيدًا ) كان المعنى نفي الإحسان ، وإذا نصبته كان المعنى التعجب من حُسنه ، وكذلك الفعل المضارع في مثل قولك :
لا تأكل السمك وتشرب اللبن ، فإذا رفعت الفعل ( تشرب ) كان المعنى : النهي عن أكل السمك ، وإباحة شرب اللبن ، وإذا نصبته كان المعنى النهي عن الجمع بين أكل السمك وشرب اللبن في وقت واحد .
---
بناءُ الحروفِ(1/20)
وعلاماتُ البناءِ
وَكُلُّ حَرْفٍ مُسْتَحِقٌّ لِلْبِنَا وَالأَصْلُ فى الْمَبْنِيِّ أَنْ يُسَكَّنَا
وَمِنْهُ ذُو فَتْحٍ وَذُو كَسْرٍ وَضَمْ كَأَيْنَ أَمْسِ حَيْثُ وَالسَّاكِنُ كَمْ
س1- هل الحروف مبنية ، أو معربة ؟ ولماذا ؟
ج1- الحروف كلها مبنية ؛ لأن معناها مستفاد من لفظها في الجملة بدون حاجة إلى الإعراب ، أما المعرب فهو الذي يحتاج إلى الإعراب للدلالة على معناه ، كما بينّا ذلك في س 8 .
س2- ما العلامة الأصلية في البناء ؟ ولماذا ؟
ج2- العلامة الأصلية في البناء : السكون ؛ لأنه أخف من الحركة ؛ ولذلك دخل على الكلمة بأنواعها الثلاثة : الاسم ، نحو :كَمْ ، والفعل ، نحو : قُمْ ، والحرف ، نحو : هلْ .
س3- اذكر علامات البناء في الاسم ، والفعل ، والحرف .
ج3- ( أ ) علامات البناء في الاسم :
1- السُّكون ، نحو : كمْ ، ومَنْ ، ومَاْ ، ومَهْمَاْ .
2- الكسر ، نحو : هؤلاءِ ، وما جاء على وزن فَعَالِ من الأعلام المؤنثة ، نحو:
حَذَامِ ، ونَوَارِ ، وكلمة ( أمسِ ) إذا أردت اليوم الذي قبل يومك .
والأُوْلَى متفق على بنائها وهي (هؤلاء) وما عداها مختلف فيها .
3- الضَّم ،نحو: قبلُ ،وبعدُ ( إذا حُذف المضاف إليه ونُوي ثبوت معناه دون لفظه) كما في قوله تعالى : * ونحو: حيثُ.
4- الفتح ، كما في الأعداد المركبة من أحدَ عشَر حتى تسعةَ عشرَ ما عدا ( اثني عشر ) .
( ب ) علامات البناء في الفعل :
أولاً: الفعل الماضي ،علامة بنائه الفتح،والضم،والسكون . رَاجِع س2، ص34.
ثانياً : فعل الأمر ، علامة بنائه السكون، وحذف حرف العلة ،وحذف النون . راجع س2 ، ص35.
ثالثاً : الفعل المضارع ، علامة بنائه السكون ، والفتحة راجع س4 ، ص36 .
( ج ) علامات البناء في الحرف :
1- السكون ، نحو : هَلْ ، ومِنْ . قد تكون حركة الحرف الفتحة ؛ بسبب التخلص من التقاء الساكنين ، نحو : خرجتُ مِنَ البيتِ .
2- الفتح ، نحو : إنَّ ، وأخواتها .(1/21)
3- الكسر ، نحو: لام التعليل ؛ تقول : خرجتُ ِلأشربَ ، ولام الأمر ، نحو : ِليقرأْ كلُّ طالبٍ درسَه . و قد تكون حركة الحرف الكسرة ؛ بسبب التخلص من التقاء الساكنين ، نحو : ابحث عنِ الكتاب .
4- الضم ، نحو : حرف الجر ( منذُ ) .
أنواعُ الإعرابِ
وعلاماتُه الأصليةُ
وَالرَّفْعَ وَالنَّصْبَ اجْعَلَنْ إِعْرَابَا لاسْمٍ وَفِعْلٍ نَحْوُ لَنْ أَهَابَا
وَالاسْمُ قَدْ خُصِّصَ بِالْجَرِّ كَمَا قَدْ خُصِّصَ الْفِعْلُ بِأَنْ يَنْجَزِمَا
فَارْفَعْ بِضَمٍّ وَانْصِبَنْ فَتْحًاوَجُرّْ كَسْرًا كَذِكْرُ اللهِ عَبْدَهُ يَسُرّْ
وَاجْزِمْ بِتَسْكِينٍ وَغَيْرُ مَا ذُكِرْ يَنُوبُ نَحْوُ جَا أَخُو بَنِى نَمِرْ
س1- ما أنواع الإعراب ؟
ج1- أنواع الإعراب أربعة : الرفع ، والنصب ، والجر ، والجزم .
س2- اذكر علامات الإعراب في الأسماء ، والأفعال .
ج2- علامات الإعراب في الأسماء ، والأفعال تنقسم إلى ثلاثة أقسام ، هي :
1- قسم خاصّ بالأسماء ، وهو الجر ، نحو : مررت بزيدٍ .
2- قسم خاصّ بالأفعال ، وهو الجزم ، نحو : لم أخرُجْ .
3- قسم مشترك بينهما ، وهو الرفع ، والنصب ، نحو : زيدٌ يقومُ ، وإنَّ زيدًا لن يقومَ .
س3- اذكر علامات الرفع ، والنصب ، والجر ، والجزم .
ج3- تنقسم العلامات إلى قسمين : أصلية ، وفرعية .
1- العلامات الأصلية : الضمة للرفع ، والفتحة للنصب ، والكسرة للجرّ ، والسكون للجزم .
2- العلامات الفرعية :
أولاً : في الأسماء :
أ- الواو : علامة رفع في جمع المذكر السالم ، والأسماء الستة .
ب- الألف : علامة رفع في المثنى ، وعلامة نصب في الأسماء الستة .
ج- الياء : علامة جر في الأسماء الستة ، وعلامة نصب ، وجرّ في جمع المذكر السالم ، والمثنى .
د- الفتحة نيابة عن الكسرة : علامة جرّ في الممنوع من الصرف .
هـ- الكسرة نيابة عن الفتحة : علامة نصب في جمع المؤنث السالم .
ثانياً : في الأفعال ، للأفعال علامتان فرعيتان :(1/22)
أ- ثبوت النون: علامة رفع في الأفعال الخمسة ، وحذف النون: علامة نصب ، وجزم فيها .
ب- حذف حرف العلّة : علامة الأمر ، والجزم في الفعل المعتل الناقص .
...
---
المعربُ بالعلاماتِ الفرعيةِ من الأسماءِ
أولاً : الأسماءُ الستةُ ( علامات إعرابها )
وَارْفَعْ بِوَاوٍ وَانْصِبَنَّ بِالأَلِفْ وَاجْرُرْ بِيَاءٍ مَا مِنَ الأَسْمَا أَصِفْ
س1- اذكر الأسماء الستة ، وما علامات إعرابها ؟
ج1- الأسماء الستة ، هي : أبٌ ، وأَخٌ ، وحَمٌ ، و هَنٌ ، وفُو ، وذو .
علامات إعرابها : تُعرب بالحروف على المشهور ،فالواو للرفع ،نحو: جاء أبوك، والألف للنصب ، نحو: رأيت أبا زيدٍ ، والياء للجر ، نحو: ذهبت إلى أبيه.
س2- اختلف النحاة في علامات إعراب الأسماء الستة ، هل تُعرب بالحروف ، أو بالحركات ؟ وضح هذا الخلاف .
ج2- في هذه المسألة أقوال كثيرة ، أشهرها ثلاثة :
1- أنها معربة بالحروف فقط ، كما بينا في السؤال السابق . وهذا هو رأي جمهور البصريين ، وارتضَاه ابن مالك .
2- أنها معربة بالحركات الأصلية المقدَّرة ( الضمة على الواو ، والفتحة على الألف،والكسرة على الياء ) منع من ظهورها الثِّقل . وهذا هو رأي سيبويه ، وصحّحه ابن عقيل . ( م ) ورجَّحه الناظم في كتابه التَّسهِيل ، ونسبه جماعة من المتأخرين إلى جمهور البصريين .
3- أنها معربة بالحركات والحروف معًا . وهذا هو رأي جمهور الكوفيين ؛ وعلّلوا ذلك بأن الحركات تكون علامات إعراب لهذه الأسماء في حالة إفرادها(أي: قطعها عن الإضافة) نحو: هذا أبٌ، ورأيت أخًا ، ومررت بِحَمٍ .(1/23)
والحركة التي تكون علامة لإعراب المفرد هي نفسها التي تكون علامة لإعرابه في حال إضافته، ومَثَّلُوا لذلك بنحو : هذا غلامٌ ، وهذا غلامُك . ففي المثالين لم تتغير علامة الإعراب ؛ و لذلك تكون هذه الحركات علامات إعراب أيضا مع الواو، والألف، والياء في حالة إضافة الأسماء الستة، فالضمة والواو جميعا علامة للرفع، والفتحة والألف جميعاً علامة للنصب، والكسرة والياء جميعاً علامة للجر . ( م )
شروط إعراب ( ذو , وفو) بالحروف
مِنْ ذَاكَ ذُو إِنْ صُحْبَةً أَبَانَا وَالفَمُ حَيْثُ الْمِيمُ مِنْهُ بَانَا
س3- ما شروط إعراب ( ذو , وفو) بالحروف ؟
ج3- يُشترط لإعراب ( ذو ) بالحروف أن تكون بمعنى (صاحب ) , نحو : جاءني ذو مال ( أي : صاحب مال) وهذا المراد من قوله : " إن صُحبة أبانا ", (أي : إن أَفْهَمَ صُحْبة) واحترز بذلك من (ذو) الطائية ؛ فإنها لا تُفْهِمُ صُحْبة , بل هي بمعنى ( الذي ) وهي مبنية على الواو رفعاً ، ونصبا، وجراًّ , نحو :
جاءني ذو قَامَ , ورأيت ذو قَامَ , ومررت بذو قَامَ . ومنه قول الشاعر :
فَإِمَّا كِرَامٌ مُوسِرُونَ لَقِيْتُهُمْ فَحَسْبِي مِن ذُو عِنْدَهُمْ مَا كَفَانِيَا
ولهذا البيت رواية أخرى بجر( ذو ) بالياء (فحسبي مِن ذي) على اعتبار أنها معربة من الأسماء الستة .
ويشترط لإعراب ( فو ) بالحروف أن تكون خاليةً من الميم, نحو : هذا فوه , ورأيت فاه ,ونظرت إلى فيه . وهذا مراده من قوله:" والفم حيث الميمُ منه بانا " (أي: انفصلت منه الميم) فإذا لم تحذف منه الميم أُعرب بالحركات الأصلية الظاهرة , نحو : هذا فَمٌ , ورأيت فماً , ونظرت إلى فمٍ .
* هذه شروط خاصة بـ ( ذو , وفو ) إضافة إلى شروط أربعة عامّة في الأسماءِ الستةِ كلِّها سيأتي ذكرُها . *
س4- بم تختص ذو عن أخواتها ؟
ج4- تختص ذو عن أخواتها بأمرين :(1/24)
1- ملازمتها الإضافة . 2- إضافتها إلى اسم جنس غير وصف(جامد)، نحو: هذا الرجل ذو مالٍ , وذو ذهبٍ , وذو عِلْمٍ , وذو فَضْلٍ ؛ لأن اسم الجنس لا يصلح أن يكون صفة , فلا يصح قولك: هذا رجلٌ مالٌ , إلاّبالتأويل وغيره ؛ ولذلك اتخذوا (ذو) وسيلة للوصف باسم الجنس ؛ فقالوا : هذا رجلٌ ذو مالٍ .
( م ) س5- ما الذي لا يصلح إضافة ( ذو ) إليه ؟ ولماذا ؟
ج5- لا يصلح إضافة ( ذو ) إلى ما يلي :
1- المشتقات , فلا يقال: هذا رجلٌٌٌ ذو فاضِلٍ ؛ لأن فاَضِل مشتق يصلح أن يكون صفة بدون واسطة .
2- الجملة ؛ لأن الجملة تصلح أن تكون صفة بدون واسطة ، نحو : هذا رجلٌ يجري , وأما ما ورد في نحو : اذهبْ بذِى تَسْلَمْ , فهو شاذّ ، معناه : اذهب بطريقٍ ذي سَلاَمَة .
3- العَلَم ؛لأن العلم يمتنع أَن يُوصف به , وأما ما ورد في نحو: أنا اللهُ ذو بَكَّةَ , فهو قليل .
4- الضمير ؛لأن الضمير يمتنع أن يُوصَفَ به , وأما ما ورد في قول الشاعر :
إنَّمَا يَعْرِفُ ذَا الفَضْـ ـلِ مِنَ النَّاسِ ذَوُوْهُ , فهو شاذّ .
لغاتُ العربِ
في الأسماءِ الستةِ
أَبٌ أَخٌ حَمٌ كَذَاكَ وَهَنُ وَالنَّقْصُ فى هَذَا الأَخِيرِ أَحْسَنُ
وَفى أَبٍ وَتَالِيَيْهِ يَنْدُرُ وَقَصْرُهَا مِنْ نَقْصِهِنَّ أَشْهَرُ
س6- اذكر لغات العرب في الأسماء الستة .
ج6- للعرب في الأسماء الستة ثلاث لغات , هي :
1- لغةُ الإِتْمَامِ : تُعْرَبُ بالحروف رفعاً بالواو , ونصبا بالألف , وجرًّا بالياء . وهذه اللغة هي المشهورة , نحو : هذا أبوك , رأيت أباك ، مررت بأبيك .
2- لغة القصْر : تَلْزَمُ الألف رفعا ، ونصبا ، وجرًّا ، وتعرب بالحركات الأصلية المقدّرة على الألف ، نحو: هذا أباك ، ورأيت أباك ، ومررت بأباك .
3- لغة النَّقْص : تحذف فيها لام الكلمة , وتُعرب بالحركات الأصلية الظاهرة نحو: هذا أبُك ، ورأيت أَبَك ، ومررت بأبِك ( بحذف لام الكلمة : الواو , والألف , والياء ) .(1/25)
وقد وردت الأسماء الآتية ( أَبٌ , وأَخٌ , وحَمٌ ) باللغات الثلاثة , وأشهرها الإتمام , ثم القَصْر , ثم النّقص ، وهو نادر . وهذا مراده من البيت الثاني ( أي : إنَّ النقص نادر , والقصر أشهر منه في هذه الأسماء الثلاثة ) .
أما ( هَنُ ) فقد وردت بلغتين : الإتمام , والنقص , وهذا الأخير هو الأفصح ,
نحو: هذا هَنُ زَيْدٍ , ورأيت هَنَ زَيْدٍ , ومررت بِهَنِ زَيْدٍ . وهذا مراده من قوله:
" والنقص في هذا الأخير أحسنُ " ، والإتمام جائز لكنه قليل جدا , نحو : هذا هَنُوهُ , ورأيت هَنَاهُ , ومررت بِهَنِيهِ . وأنكر الفرّاء جواز إتمامه , وهو مَحْجُوجٌ بحكاية سيبويه الإتمام عن العرب , ومَن حفظ حُجة على مَن لم يحفظ .
أما ( ذو , وفو ) فلم ترد إلاّ بلغة واحدة فقط ، هي : الإتمام .
س7- قال الشاعر :
بِأَبِهِ اقْتَدَى عَدِيٌّ في الكَرَمْ ومَنْ يُشَابِهُ أَبَهُ فَمَا ظَلَمْ
وقال الآخر:
إنَّ أَبَاهَا وأَبَا أَبَاهَا قَدْ بَلَغَا في الْمَجْدِ غَايَتَاهَا
عيِّن الشاهد في البيتين ، وما وجه الاستشهاد فيهما ؟
ج7- الشاهد في البيت الأول ، قوله : بأبِه , وأَبَه . وجه الاستشهاد : وردت الكلمة الأولى مجرورة بالكسرة , والثانية منصوبة بالفتحة , فدل ذلك على أنّ مِن العرب مَن يعرب هذه الأسماء بلغة النقص ، فيحذف لام الكلمة ، ويُعربها بالحركات الأصلية الظاهرة . والمشهور أن يقول : بأبيه , وأباه .
الشاهد في البيت الثاني , قوله : أبا أباها .
وجه الاستشهاد : وردت كلمة ( أباها ) بالألف مع أنها مضاف إليه , فدل ذلك على أنّ من العرب مَن يُعربها بلغة القَصْر , فيُلزمها الألف في الرفع ، والنصب ، والجر . والمشهور أن يقول : أبا أبيها .
شروطُ إعرابِ الأسماءِ الستةِ بالحروفِ
وَشَرْطُ ذَا الإِعْرَابِ أَنْ يُضَفْنَ لا لِلْيَا كَجَا أَخُو أَبِيكَ ذَا اعْتِلاَ
س8- اذكر شروط إعراب الأسماء الستة بالحروف .(1/26)
ج8- يشترط لإعرابها بالحروف أربعة شروط ، هي :
1- أن تكون مضافةً ، كما تقدم في الأمثلة السابقة . فإن لم تُضف أُعربت بالحركات الأصلية الظاهرة ، نحو : هذا أبٌ ، رأيت أخًا ، مررت بحمٍ ، وكمافي قوله تعالى : * وقوله تعالى: * .
2- أن تكون مضافةً إلى غير ياء المتكلم ، نحو : هذا أبو زيدٍ ، وذاك أخوه . فإنْ أضيفت إلى ياء المتكلم أُعربت بالحركات الأصلية المقدّرة،نحو: جاء أبِي وأخِي .
3- أن تكون مُكَبَّرَةً ، نحو : جاء أبوك ، وأخوك ، وحموك . فإن صُغِّرت أُعربت بالحركات الأصلية الظاهرة ، نحو : هذا أُبيُّ زيدٍ ، وأُخَيُّ عمرٍو . ورأيت ذُوَيَّ مالٍ ، ومررت بذويِّ مالٍ .
4- أن تكون مفردة . فإن ثُنِّيت أُعربت إعراب المثنى ، نحو : جاء أبواك، ورأيت حَمَوَيْكَ ، ومررت بذَوَي مالٍ . وإن جُمعت جمع تكسير أُعربت إعرابه بالحركات الأصلية الظاهرة ، نحو : هؤلاء آباؤُكم ، ورأيت آباءَكم .
وإن جُمعت جمع المذكر السالم أعربت إعرابه ، نحو : هؤلاء ذَوُو علمٍ ، ورأيت ذَوِي علمٍ ، ونحو : هؤلاء أبونَ وأخونَ ، ونحو : مررت بأبينَ وأخينَ .
...
---
ثانياً : الْمُثَنَّى
وما يلحق به ، وعلامات إعرابه
بِالأَلِفِ اِرْفَعِ الْمُثَنَّى وَكِلاَ ... إِذَا بِمُضْمَرٍ مُضَافًا وُصِلاَ
كِلْتَا كَذَاكَ اثْنَانِ وَاثْنَتَانِ ... كَابْنَيْنِ وَابْنَتَيْنِ يَجْرِيَانِ
وَتَخْلُفُ الْيَا في جَمِيعِهَا الأَلِفْ جَرّاً ونَصْبًا بَعْدَ فَتْحٍ قَدْ أُلِفْ
س1- عرّف المثنى .
ج1- المثنى : لفظ دالّ على اثنين، أو اثنتين بزيادة في آخره، صالح للتجريد ، وعَطْفِ مثلِه عليه ، نحو : الرجلان ، والكتابان ، والبنتان ... إلخ .
فالرجلان لفظ دالّ على اثنين بزيادة ألف ونون ، وقد يكون بياء ونون ، وذلك في حالتي النصب والجر ، وهو صالح للتجريد ، وذلك بإسقاط الزيادة الألف والنون ، فتقول ( رجل ) ويصلح أن تعطف مثله عليه ؛ فتقول : رجل ورجل .(1/27)
س2- ما الذي يخرج من التعريف السابق ؟
ج2- بقوله: دالّ على اثنين ، يخرج الاسم الذي في آخره زيادة الألف والنون ، ولكنه لا يدل على اثنين ، نحو : عثمان ، ورمضان ، وشبعان ، وفرحان .
ويخرج بقوله : بزيادة في آخره ، نحو : شَفْع ، وزَوْج ، وكِلاَ ، وكِلْتَا ، فهي ألفاظ دالّة على اثنين ، ولكن بغير زيادة .
وبقوله : صالح للتجريد يخرج منه ( اثنان ، واثنتان ) فإنهما لا يصلحان لإسقاط الزيادة منهما ؛ فلا يقال: ( اثْنٌ ) . ويخرج بقوله : وعطف مثله عليه ، ما ورد على التغليب، نحو: (القمران،والأبوان) لأنّ المقصود بالقمرين (الشمس والقمر) والمقصود بالأبوين (الأب والأم) ومِنْ هنا لا يصح تثنية ما اختلف لفظهما كالمثالين السابقين ، ولا ما اختلف معناهما ،كالعَين إذا أردت العين المُبْصِرة ، وعين الماء ، وكقولهم : القلم أحسنُ اللسانين .
س3- ما علامات إعراب المثنى ؟
ج3- المثنى يعرب بالحروف رفعا بالألف ، ونصباً وجرًّا بالياء ، نحو : جاء الطالبانِ، ورأيت الطالبيْنِ ، وسلّمت على الطالبَيْنِ .
س4- اذكر ما يلحق بالمثنى .
ج4- يلحق بالمثنى كل ما دل على اثنين بزيادة ، أو شبهها . فالزيادة ، نحو : اثنان ، وشبه الزيادة ، نحو : كِلا ، وكِلتا ؛ لأنهما يشبهان المثنى في المعنى . وإليك بيان ما يلحق بالمثنى تفصيلاً :
1- اثنان واثنتان ، وذلك بدون اشتراط ، نحو : جاء طالبان اثنان وطالبتان اثنتان ، ورأيت طالبين اثنين وطالبتين اثنتين ، ومررت باثني الطالبين وباثنتيهما .
2- كلا وكلتا ، وذلك بشرط إضافتهما إلى الضمير ، نحو: جاءني كلاهما وكلتاهما ، ورأيت كليهما وكلتيهما ، ومررت بكليهما وكلتيهما . فإن أضيفا إلى اسم ظاهر لزمتهما الألف وأُعْرِبَا بالحركات الأصلية المقدرة على الألف ، نحو: جاءني كلا الطالبين وكلتا الطالبتين ، ورأيت كلا الطالبين وكلتا الطالبتين،(1/28)
ومررت بكلا الطالبين وبكلتا الطالبتين . وسبب إعرابه بالحركات أنه أشبه المفرد في اللفظ .
3- الأسماء المفردة التي وُضِعت على صورة المثنى ،كأنْ يُسَمَّى رجلٌُ : زَيْدَيْنِ .
س5- ما سبب فتح الحرف الذي قبل ياء المثنى في حالتي النصب، والجر ؟
ج5- السبب ، هو : التفريق بين ياء المثنى ، وياء الجمع ، في نحو : المدرسَيْنِ والمدرسِيْنَ ، فما قبل ياء الجمع مكسور ، وما قبل ياء المثنى مفتوح .
س6- اذكر لغات العرب في إعراب المثنى ، وما يلحق به .
ج6- للعرب في إعرابها ثلاث لغات ، هي :
1- أن تعرب بالحروف،رفعاً بالألف ، ونصباً وجرًّا بالياء . وهذا هو المشهور .
2- أن تلزم الألف ، وتعرب بالحركات الأصلية المقدرة على الألف .
وعلى هذه اللغة خرّج العلماء قراءة " إنَّ هذان لساحران " بتشديد نون ( إنّ ) وخرَّجوا عليها قوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا وتران في ليلة " .
ومن ذلك قولك : جاء الطالبانِ كلاهما ، ورأيت الطالبانِ كلاهما ، ومررت بالطالبان كلاهما .
ويرى ابن عقيل أنّ الصحيح أن تُعرب بحركة مقدرة على الألف رفعا ، وعلى الياء نصباً وجرّاً .
* 3- أن تلزم الألف وتعرب بالحركات الظاهرة على النون ، قال الشاعر :
يَا أَبَتَا أَرَّقَنِي القِذَّانُ فَالنَّومُ لا تَطْعَمُهُ العَيْنَانُ *
ثالثاً : جمعُ المذكرِ السَّالمِ
علامات إعرابه ، وشروطه
وَارْفَعْ بِوَاو وَبِِيَا اجْرُرْ وَانْصِبِ سَالِمَ جَمْعِ عَامِرٍ وَمُذْنِبِ
* س1- عرّف جمع المذكر السالم .
ج1- هو ما دل على أكثر من اثنين بزيادة واو ونون، أو ياء ونون في آخره ، مع سلامة بناء مفرده .
* 2- ما المراد بسلامة بناء مفرده ؟
ج2- المراد بسلامة بناء مفرده أن يكون الجمع مطابقاً مفرده في حركاته ، وترتيب حروفه ، واتصال بعضها ببعض ، نحو : مُسْلِم ومُسْلِمُون ، ومُعلِّم ومُعَلِّمُون .
س3- ما علامات إعراب جمع المذكر السالم ؟(1/29)
ج3- يعرب بالحروف رفعاً بالواو ، ونصباً وجرًّا بالياء .
س4- ما الذي يُجمع هذا الجمع ؟
ج4- الذي يجمع هذا الجمع نوعان :
1- الاسم الجامد 2- الصِّفة .
س5- ما شروط الاسم الجامد الذي يُراد جمعه جمع المذكر السالم ؟
ج5- شروطه ، هي : أن يكون علماً لمذكر عاقل خالياً من تاء التأنيث ، ومن التَّركيب ، نحو : عامر : عامرون ، ومُحَمَّد : مُحَمَّدون .
س6- ما الذي يخرج من الشروط السابقة ؟
ج6- يخرج ما يلي :
1- اسم الجنس ، نحو : رجل ، وفرس ؛ لأنه ليس بعلم ، إلا إذا صُغّر جاز جمعه ، نحو : رُجَيْل : رُجَيْلُون ؛ لأنه وَصْف ، فهو بمنزلة قولك : رجلٌ صغيرٌ .
2- العلم المؤنَّث ، نحو : فاطمة ، ومريم ؛ لأنه ليس بمذكر .
3- العلم غير العاقل ، نحو : دَاحِس ، ولاَحِق ؛ لأنهما علمان لفرس ، ونحو : واشِق ؛ لأنه علم لكَلْب.
4- العلم المذكَّر المختوم بالتاء ، نحو : طلحة ، وحمزة . وقد أجاز الكوفيون جمعه ، يقولون : جاء الطَّلْحُونَ والْحَمْزُونَ ، ورأيت الطلحين ، والحمزين .
5- العلم المركَّب ، وفيه تفصيل على النحو الآتي :
أ- المركب الإسنادي ، اتفقوا على أنه لا يجمع هذا الجمع ،نحو: جَادَ الحقُّ ، وتَأَبَّطَ شرًّا ، وشَابَ قَرْنَاهَا . ويمكن جمعه بالاستعانة بكلمة ( ذَوو ) .
ب- المركب الإضافي ، يجوز جمعه إذا تحققت فيه الشروط ،تقول : عبدو اللهِ .
ج- المركب المزجي ، مختلف فيه ، فالجمهور لا يرون جمعه هذا الجمع ، وأجازه بعضهم على أنْ يُجمع صدره ، نحو: سِيْبَوَيْهِ : سِيْبُونَ .
وقال بعضهم بل يُجمع كلّه ، نحو : سِيْبَوَيْهُون .
* س7-كيف يكون العلم (عامر) اسمًا جامدًا،مع أنه مشتق على وزن فَاعِل؟
ج7- إذا استعمل المشتق علماً فإنه يصير بمنزلة الجامد ، فَيْفقِد خواصّ المشتق وأحكامه ، وتُطبّق عليه أحكام الجامد .
س8- ما شروط الصفة التي يُراد جمعها جمع المذكر السالم ؟(1/30)
ج8- شروطها ، هي : أن تكون صفة لمذكر عاقل خالية من تاء التأنيث ، ليست من باب أَفْعَلَ فَعْلاَء ، ولا من باب فَعْلاَن فَعْلَى ، ولا مما يستوي فيه المذكر والمؤنث ، نحو : مُذْنِب : مُذْنِبُونَ ، ومُؤْمِن : مُؤْمِنُونَ ، وخَائِف : خَائِفُونَ .
س9- ما الذي يخرج من الشروط السابقة ؟
ج9- يخرج ما يلي :
1- صفة المؤنث ، نحو : حَائِض ، ومُرْضِع .
2- صفة المذكر غير العاقل ، نحو: سَابِق ؛ لأنه صفة للفرس .
3- صفة المذكر العاقل المختومة بتاء التأنيث ، نحو : عَلاَّمَة .
4- ما كان على وزن أَفْعَلَ ومؤنثه فَعْلاَءُ ، نحو : أَحْمَر : حَمْرَاء ، أمَّا أَفْعَل الذي مؤنثة فُعْلى فَيُجمع جمع المذكر السالم ، نحو : أَفْضَل مؤنثه فُضْلَى ؛ تقول في جمعه : أَفْضَلُون .
5- ما كان على وزن فَعْلان ومؤنثه فَعْلَى ، نحو : سَكْرَان : سَكْرَى .
6- ما يستوي فيه المذكر ، والمؤنث ، نحو : صبور، وعجوز ، وسقيم ، وجريح .
الملحقُ بجمعِ المذكرِ السالمِ
وَشِبْهِ ذَيْنِ وَبِهِ عِشْرُونَا وَبَابُهُ أُلْحِقَ وَالأَهْلُونَا
أُوْلُو وَعَالَمُونَ عِلِّيُّونَا وَأَرَضُونَ شَذَّ وَالسَّنُونَا
وَبَابُهُ وَمِثْلَ حِينٍ قَدْ يَرِدْ ذَا الْبَابُ وَهْوَ عِنْدَ قَوْمٍ يَطَّرِدْ
س10- ما الذي يلحق بجمع المذكر السالم ؟
ج10- يلحق بجمع المذكر السالم كلُّ ما جاء على صورته، ولم يستكمل الشروط، وذلك على النحو الآتي :
1- اسم الجمع ، وهو : ما لا مفرد له من لفظه ، نحو : أولو ، وألفاظ العقود من عشرين إلى تسعين .
2- ما لا يعقل ، نحو : عِلَّيون جمع عِلِّي ، وهو اسم لأعلى الجنّة .
3- اسم الجنس الجامد ، نحو : أَهْلُونَ ، وَأَرَضُونَ، وعَالَموُنَ، وسِنُون وبابه . و المراد ببابه ، أي : باب سَنَة ، وهو : كل اسم ثلاثي حُذِفت لامه وعُوّض(1/31)
عنها هاء التأنيث ، ولم يكسَّر ( أي : لم يجمع جمع تكسير ) نحو : مِئيِن جمع مائة ، و ثُبِين جمع ثُبَة ، و عِضِين جمع عِضَة ، و سِنِين جمع سَنة . فَإِنْ جُمع جمع تكسير لم يلحق بجمع المذكر السالم ،نحو: شِياه ،وشِفَاه ،جمع شَاةٌ ،وشَفَةٌ . وقد ورد استعمال ( ظُبَة ) شذوذاً ملحقة بجمع المذكر السالم مع أنها جمعت على التكسير ؛ فقالوا : ظُبُون ، وظُبَاة .
وإن كان العوض غير ( الهاء ) نحو : اسم ، وأخت ، أولم يعوّض عنها ، نحو : دَمٌ ، ويَدٌ ؛ فإنها لا تلحق بجمع المذكر السالم .
4- الأسماء المفردة التي وُضعت على صورة جمع المذكر السالم، كأن يُسَمَّى رجلٌ: زَيدِينَ، أومُحَمَّدِينَ .
س11- اذكر لغات العرب في إعراب ( سنين وبابه ) .
ج11- للعرب فيها أربع لغات ، هي :
1- أن تعرب بالحروف رفعاً بالواو ، ونصباً وجرًّا بالياء . وهذه هي اللغة المشهورة ، وهي لغة الحجاز ، وقَيس .
2- أن تعرب إعراب ( حِينَ وغِسْلِينَ ) فتلزمها الياء في جميع أحوالها الإعرابية، وتُعرب بالحركات الأصلية الظاهرة على النون منونَّة ، أو غير منوَّنة ؛ لأن بعض العرب لا يُنَوّن كبني تميم ، وورد على هذا الإعراب قوله - صلى الله عليه وسلم - : " اللهُمَّ اجعلها عليهم سنينًا كَسِنينِ يوسفَ " وردت سنيناً الأولى منونة والثانية مجرورة بالكسرة ، ولم تحذف النون مع أنها مضاف ، فدل ذلك على أنهما أعربتا بالحركات الأصلية الظاهرة على النون ، وورد كذلك قول الشاعر :
دَعَانِي مِنْ نَجْدٍ فإنَّ سِنِينَهُ لَعِبْنَ بِنَا شِيبًا وشَيَّبْنَنَا مُرْدَا
وردت سنين معربة بالفتحة الظاهرة على النون مع لزومها الياء ، ولم تحذف النون مع أنها مضاف ، فدل ذلك على إعرابها بالحركات الأصلية الظاهرة على النون .
((1/32)
م ) 3- أن تعرب إعراب (زيتون) فتلزم الواو في جميع حالاتها الإعرابية ، وتعرب بالحركات الأصلية الظاهرة على النون منّونة ، أو غير منّونة ، نحو : هذه سِنُونٌ ، أو سِنُونُ ؛ وعِشت سِنُونًا ، أو سِنُونَ ؛ ومررت بسِنُونٍ ، أو بسِنُونِ .
4- أن تلزم الواو وتعرب بالحركات الأصلية المقدرة على الواو مع فتح النون من غير تنوين ، نحو : هذه سنونَ ، عِشت سنونَ ، مررت بسنونَ .
ومن العرب من يُعرب جمع المذكر السالم وجميع ما ألحق به إعراب سنين في لزومها الياء ، ويتخرّج على هذه اللغة قول الشاعر :
رُبَّ حَيٍّ عَرَنْدَسٍ ذِي طَلاَلٍ لاَ يَزالُونَ ضاربينَ القِبَابِ .
كلمة ضاربين جمع مذكر سالم وليست ملحقة به وهي مضافة ، ولم تحذف نونها ، فدل ذلك على أنها أعربت بالحركات الأصلية الظاهرة على النون مع لزومها الياء . ( م )
لغاتُ العربِ في
نونِ جمعِ المذكرِ السالمِ ، والمثنَّى
وَنُونَ مَجْمُوعٍ وَمَا بِهِ الْتَحَقْ فَافْتَحْ وَقَلَّ مَنْ بِكَسْرِهِ نَطَقْ
وَنُونُ مَا ثُنِّيَ وَالْمُلْحَقُ بِهْ بِعَكْسِ ذَاكَ اسْتَعْمَلُوهُ فَانْتَبِهْ
س12- اذكر لغات العرب في نون جمع المذكر السالم ، وما ألحق به .
ج12- للعرب فيها لغتان :
1- فتح النون ، وهذا هو المشهور .
2- كسر النون - يرى ابن عقيل أنّ كسرها شاذّ ، وليس لغة - .
وقد ورد كسرها في قول الشاعر :
عَرَفْنَا جَعْفَرًا وبَني أَبِيهِ وأَنْكَرْنا زَعَانِفَ آخَرِينِ
الشاهد فيه : كسر الشاعر نون الجمع في قوله : ( آخرينِ ) ومنه قول الآخر :
وماذا تَبْتَغِي الشُّعراءُ مِنِّي وقَدْ جَاوَزْتُ حَدَّ الأربعينِ
الشاهد : الأربعينِ . وجه الاستشهاد : للنحاة في هذه الكلمة قولان :
أ- أنها مجرورة بالياء ؛ لأنها ملحقة بجمع المذكر السالم ، وكسر النون لغة من لغات العرب .
ب- أنها أعربت إعراب ( غسلين ) فلزمت الياء ، وجرّت بالكسرة الظاهرة على النون .(1/33)
س13- وردت الشواهد السابقة بكسر النون بعد الياء ، فهل كسر النون خاص بالياء ؟
ج13- اختلفوا في ذلك ، فقائل بأنّ الكسر خاص بالياء ، وقائل بأنه ليس خاصًّا بالياء ، بل مع الواو أيضًا .كما أنّ فتح النون في المثنى ليس خاصاً بالياء ، بل مع الألف أيضاً ، كما سيأتي .
س14- اذكر لغات العرب في نون المثنى ، وما أُلحق به .
ج14- للعرب فيها ثلاث لغات :
1- كسر النون ، وهذا هو المشهور .
2- فتح النون بعد الياء . ومن ذلك قول الشاعر :
على أَحْوَذِيَّيْنَ اسْتَقَلَّتْ عَشِيَّةً فما هي إلا لَمْحَةٌ وتَغِيبُ
الشاهد فيه : فتح النون بعد الياء في قوله : " أحوذيينَ "
3- فتح النون بعد الألف . ومن ذلك قول الشاعر :
أَعْرِفُ منها الجِيدَ والعَيْنَانَا ومَنْخِرَانِ أشْبَهَا ظَبْيَانا
الشاهد : العينانا . وجه الاستشهاد : للنحاة في هذه الكلمة شاهدان :
أ- مجيء النون مفتوحة بعد الألف، وزعم بعضهم أن نون ( منخران ) مفتوحة، فتكون شاهدًا أيضًا .
ب- مجيء المثنى بالألف مع أنه منصوب ، فدلّ ذلك على أنه يلزم الألف، ويعرب بالحركات الظاهرة على، النون . وقيل : إن هذا البيت مصنوع لا يحتجُّ به ؛ لأنه رُوي في قوله (منخران) بالياء (منخرين) فيكون الشاعر بذلك قد جمع لغتين من لغات العرب في بيت واحد ، وذلك قلّما يتَّفق لعربي ، ويَرُدُّ هذا الاحتجاج أن البيت رُوي بالألف عند الثقات .
( م ) س15- المشهور كسر نون المثنى، وفتح نون الجمع ، فما عِلّة ذلك ؟
ج15- العلّة في ذلك هي : التمييز بينهما حتى يعرف المثنى من الجمع في حالتي النصب والجر . وخُصَّ الجمع بالفتحة ، حتى لا يجتمع ثقيلان في كلمة ؛ ذلك لأنّ الجمع ثقيل ؛ لدلالته على العدد الكثير ، والفتحة أضعف من الكسرة ؛ لأن الكسرة أقوى الحركات ، والمثنى خفيف فخصَّ بالكسرة ؛ لكي تتمَّ المعادلة بين الجمع والمثنى ، وحرِّكت النون فيهما ؛ لأجل التخلّص من التقاء الساكنين .
---(1/34)
رابعاً : ما جُمِعَ بألفٍ وتاءٍ زائدتينِ
وعلاماتُ إعرابِه
وَمَا بِتَا وَأَلِفٍ قَدْ جُمِعَا يُكْسَرُ فى الْجَرِّ وَفى النَّصْبِ مَعَا
* س1- عرِّف جمع المؤنث السالم .
ج1- جمع المؤنث السالم ، هو : ما دل على أكثر من اثنتين بزيادة ألف وتاء في آخره ، مع سلامة بناء مفرده .
س2- اختلف العلماء في تسمية هذا الجمع ، فما سبب هذا الاختلاف ؟
ج2- بعض العلماء ، ومنهم ابن مالك ، وابن هشام يسمون هذا الجمع (ما جُمع بألف وتاء زائدتين) ويرون أن تسميته (جمع المؤنث السالم) غير صحيحة؛ والسبب في ذلك أن منه ما لم يسلم مفرده من التغيير، فهو إذًا ليس بسالم ،نحو: سَجَدَات جمع سَجْدَة ، فالمفرد تغيّرت حركة عينه ( السكون ) إلى فتحة في الجمع، ونحو: حُبْلَيَات جمع حُبْلى ، قُلبت الألف في المفرد ياء في الجمع ، ونحو: صحراوات جمع صحراء ، قلبت الهمزة في المفرد واواً في الجمع ؛ولأنّ منه ما هو لمذكر، نحو : مطار: مطارات، ورِجَال: رِجَالات .
س3- ما الذي يخرج من التعريف السابق ؟
ج3- يخرج بذلك التعريف ، نحو: قُضَاة ، وغُزَاة ، وما شابههما ؛ لأنَّ الألف فيهما أصلية غير زائدة، فالألف منقلبة عن أصل وهو الياء في قضاة ، والأصل : قُضَيَة؛ لأنها مِن: قَضَيْتُ ،وأما الألف في غزاة فمنقلبة عن الواو ،تقول: غَزَوْتُ.
ويخرج كذلك ، نحو : أبيات ، وأموات ، وأصوات ، وما شابهها ؛ لأن التاء فيها أصلية غير زائدة .
س4- قال ابن عقيل في شرحه لأصل قضاة ، وأبيات : "وليس مما نحن فيه" فما المراد بقوله هذا ؟
ج4- يريد أن قضاة ، وأبيات ليستا من موضوعنا الذي نشرحه وهو ( جمع المؤنث السالم ) ؛ لأن دلالتهما على الجمع ليس بالألف والتاء ، وإنما بالصيغة . وذكر أن (الباء) في قول ابن مالك :" وما بتاء وألف قد جمعا " متعلقة بقوله: (جُمعا) أي : ما كان جمعا بسبب دلالة الألف والتاء على جمعه ؛ ولذلك فابن عقيل يرى أنه لا حاجة إلى القول بألف وتاء زائدتين .(1/35)
س5- ما علامات إعراب جمع المؤنث السالم ؟
ج5- يعرب بالحركات الأصلية رفعاً بالضمة ، ونصباً بالكسرة نيابة عن الفتحة ( وهذه هي العلامة الفرعية ) وجرًّا بالكسرة ، نحو: هؤلاء مسلماتٌ ، ونحو : إنّ المسلماتِ يَحْرِصْنَ على الصَّلواتِ المكتوباتِ .
س6- اذكر الخلاف في إعراب جمع المؤنث السالم .
ج6- اختلف النحويون في إعرابه في حالة النصب ، وذلك على النحو الآتي :
1- قيل : إنه مبني على الكسرة في محل نصب . وهذا قول الأخفش ، وهو قول فاسد ؛ إذ لا موجب لبنائه .
2- قيل : إنه منصوب بالفتحة الظاهرة مطلقا ، وهو قول الكوفيين .
3- قيل : إنه منصوب بالفتحة إذا كانت الكلمة معتلة اللام في المفرد، ولم تردّ لامها في الجمع ، نحو: بنات ، ولغات . وأجاز بعضهم نصبها بالكسرة في هذه الحالة ، كما في قوله تعالى : * أما إذا كانت الكلمة معتلة اللام في المفرد، ثم رُدَّت اللام في الجمع، فإنها تنصب بالكسرة في جميع لغات العرب ، نحو : سنة : سنوات ، وأخت : أخوات .
4- قيل : إنه منصوب بالكسرة نيابة عن الفتحة مطلقاً ، وذلك حملاً لنصبه
على جرِّه ، كما حُمِل نصب جمع المذكر السالم - الذي هو أصل الجمع المؤنث السالم - على جرِّه ، فالياء للنصب، والجر . وهذا أشهر الأقوال .
( م ) س7- ما الأسماء التي تجمع بالألف والتاء قياساً ؟
ج7- الجمع بالألف والتاء يكون في خمسة أنواع من الأسماء ، هي :
1- العلم المؤنث مطلقاً ، نحو : خديجة ، ومريم ، ودَعْد ، وليلى .
2- ما كان مختوماً بتاء التأنيث مطلقاً ، نحو : حمزة ، وطائرة ، وتمرة .
يُسْتَثْنى من ذلك ما يلي: اِمْرَأة، ومِلَّة ، وأَمَة ، وأُمَّة ، وشَاة ، وشَفَة ، فإنها تُجمع جمع تكسير ، تقول: نِسَاءٌ ، ومِلَل ، وإمَاء ، وأُمَم ، وشِيَاه ، وشِفَاه .(1/36)
3- اسم الجنس المؤنث المختوم بألف التأنيث المقصورة، نحو:حُبْلَى:حُبْلَيَات ، وفُضْلَى: فُضْلَيَات، أوالممدودة ،نحو: صَحْرَاء:صَحْرَاوَات، وعَذْرَاء : عَذْرَاوات .
4- مُصَغَّر ما لا يعقل ، نحو : جُبَيْل : جُبَيْلات ، ودُرَيْهِم : دُرَيْهِمَات .
5- وَصْف ما لا يعقل ، نحو : أيام معدودات ، وجبال شاهقات راسيات .
الملحقُ بما جُمِعَ بألفٍ وتاءٍ زائدتينِ
كَذَا أُوْلاَتُ وَالَّذِى اسْمَا قَدْ جُعِلْ كَأَذْرِعَاتٍ فِيهِ ذَا أَيْضًا قُبِلْ
س8- ما الذي يلحق بجمع المؤنث السالم ؟
ج8- يلحق به ما يلي :
1- أولات ؛ لأنها لا مفرد لها من لفظها ، قال تعالى : * وقال تعالى : * ... .
2- الأسماء المفردة التي وُضِعت على صورة جمع المؤنث السالم ، نحو: عَرَفَات ، وأَذْرِعات .
س9- ما اللغات في إعراب ما وُضِع على صورة جمع المؤنث السالم ؟
ج9- في هذه الأسماء ثلاث لغات ، هي :
1- أن تعرب إعراب جمع المؤنث السالم مع التنوين.وهذا هو المذهب الصحيح.
2- أن تعرب إعراب جمع المؤنث السالم من غير التنوين .
3- أن تعرب إعراب الممنوع من الصرف ( للعلمية والتأنيث ) .
وعلى هذه اللغات جميعاً رُوي قول الشاعر :
تَنَوَّرْتُهَا بِأَذْرِعَاتٍ وأَهْلُها بِيَثْرِبَ أَدْنَى دَارِهَا نظرٌ عَاِلي
فَرُوِيَتْ ( أذرعات ) في هذا البيت بثلاث لغات ، هي :
أ- كسر التاء منونة ( من أذرعاتٍ ) .
ب- كسر التاء بلا تنوين ( من أذرعاتِ) ج- فتح التاء ( من أذرعاتَ ) .
خامسًا : الممنوعُ مِنَ الصَّرْفِ
وعلامات إعرابه
وَجُرَّ بِالْفَتْحَةِ مَا لا يَنْصَرِفْ مَا لَمْ يُضَفْ أَوْ يَكُ بَعْدَ أَلْ رَدِفْ
* س1- عرِّف الاسم الممنوع من الصرف .
ج1- الممنوع من الصرف ، هو : الاسم المعرب الذي لا يلحقه التنوين .
س2- ما علامات إعرابه ؟(1/37)
ج2- يعرب بالحركات الأصلية رفعا بالضمة ، ونصبا بالفتحة ، وجرًّا بالفتحة نيابةً عن الكسرة(وهذه هي العلامة الفرعية ) نحو : جاء أحمدُ . رأيت أحمدَ . مررت بأحمدَ .
س3- ما الحالات التي يجرّ فيها الممنوع من الصرف بالكسرة ؟
ج3- يجرّ بالكسرة في إحدى الحالتين الآتيتين :
1- إذا دخلت عليه ( أل ) ، نحو : مررت بالأحمدِ ، صلَّيت في المساجدِ .
2- إذا أضيف ، نحو : مررت بأحمدِكم ، صلَّيت في مساجدِ مَكَّةَ .
( م ) س4- قال الشاعر :
رَأَيْتُ الوَليَدَ بْنَ الْيَزِيدِ مُبَارَكًا شَدِيدًا بِأَعْبَاءِ الْخِلاَفَة كَاهِلُهُ
لِمَ دخلت ( أل ) على العَلَمَيْن : الوليد ، واليزيد ، مع أن العلم معرفة ؟
ج4- تدخل ( أل ) على العلم ، إمَّا للمح الأصل ، كما في ( الوليد ) ، وإمَّا لأنها زائدة ، كما في ( اليزيد ) وبسببها جرّ العلم ( يزيد ) بالكسرة مع أنه ممنوع من الصرف ( للعملية ووزن الفعل ) ،
وإمَّا لكون العلم نكرة ؛ بسبب كثرة وتعدّد المسمَّى به ،نحو: مررت بالأحمدِ ؛ ولذلك أضيف أيضاً ، نحو : مررت بأحمدِكم .
... ---
...
المعربُ بالعلاماتِ الفرعيّةِ من الأفعالِ
الأمثلةُ الخمسةُ ، وعلامات إعرابها
وَاجْعَلْ لِنَحْوِ يَفْعَلاَنِ النُّونَا رَفْعًا وَتَدْعِينَ وَتَسْأَلُونَا
وَحَذْفُهَا لِلجَزْمِ وَالنَّصْبِ سِمَهْ كَلَمْ تَكُونِي لِتَرُومِي مَظْلَمَهْ
س1- عرّف الأمثلة الخمسة .
ج1- الأمثلة الخمسة ، هي : كل فعل مضارع اتصلت به واو الجماعة ، أو
ألف الاثنين ، أو ياء المخاطبة .
س2- لم سُمِّيت بهذا الاسم ؟(1/38)
ج2- سُمِّيت ( الأمثلة ) ؛ لأنها ليست ألفاظَ أفعالٍ معلومة ، وإنَّما يُكْنى بها عن كل فعل مضارع اتصلت به واو الجماعة ، أو ألف الاثنين ، أو ياء المخاطبة ، وهي ( خمسة ) لأن ألف الاثنين ، وواو الجماعة كلّ واحد منهما يبدأ بياء المضارعة للدلالة على الغِيبة ، وتاء المضارعة للدلالة على الخطاب ، إضافة إلى ياء المخاطبة التي مضارعها لا يكون مبدوءًا إلا بالتاء ، وبذلك تصبح أمثلة خمسة على النحو الآتي : يَفْعَلُون ، تَفْعَلُون ، يَفْعَلاَن ، تَفْعَلاَن ، تَفْعَلِين .
س3- ما علامات إعراب الأمثلة الخمسة ؟
ج3- تعرب بالحروف ، رفعاً بثبوت النون ، ونصباً وجزمًا بحذفها ، كما في قوله تعالى : * وقال تعالى : * .... .
* ومما يُعْرَبُ بعلامة فرعية أيضًا الفعل المضارع المعتل الآخر في حالة الجزم ، فعلامته حذف حرف العلّة ، نحو : لم يدعُ ، لا تَجْرِ ، لم يَسْعَ . *
---
إعراب المعْتَلّ من الأسماء
وَسَمِّ مُعْتَلاًّ مِنَ الأَسْمَاءِ مَا ... كَالْمُصْطَفَى وَالْمُرْتَقِي مَكَارِمَا
فَالأَوَّلُ الإِعْرَابُ فِيهِ قُدِّرَا جََمِيعُهُ وَهْوَ الَّذى قَدْ قُصِرَا
وَالثَّانِ مَنْقُوصٌ وَنَصْبُهُ ظَهَرْ ... وَرفْعُهُ يُنْوَى كَذَا أَيْضًا يُجَرّْ
س1- عرّف الاسم الصحيح ، والمعتلَّ ، ومثِّلْ لكلٍّ منهما .
ج1- الاسم الصحيح ، هو : ما ليس آخره حرف علّة ، ولا ألفا ممدودة ،
نحو : رَجُل ، بِنْت ، شيء .
والاسم المعتل ،هو: ما كان آخره حرف علّة،أو ألفاً ممدودة ،وهو ثلاثة أنواع:
1- المقصور ، نحو : الفتىَ ، والمصطفَى .
2- المنقوص ، نحو : القاضِي ، والرَّاعِي .
3- الممدود ، نحو : صحراء ، وخضراء .(1/39)
إذا كان الاسم آخره حرف علّهّ متحركاً وما قبله ساكن ، نحو : هذا دَلْوٌ ، وهذا ظَبْيٌ ، ورأيت دَلْوًا وظَبْياً ؛ أو كانت الياء ، أو الواو مُشَدَّدَة وإنْ لم يكن ما قبلها ساكن ، نحو : عَلِيٌّ ، وعَدُوٌّ ، فهو في هاتين الحالتين يُعَدُّ صحيحًا ، ويُسمى الشبيه بالصحيح .
س2- عرِّف الاسم المقصور ، وما علامات إعرابه ؟
ج2- الاسم المقصور ، هو : الاسم المعرب الذي آخره ألفٌ لازمة مفتوح ما قبلها، نحو : الْمُصْطَفَى، والْمُجْتَبَى ، والعَصَا ، والرَّحَى .
علامات إعرابه : يعرب بالحركات الأصلية المقدّرة على آخره في جميع أحواله رفعاً ، ونصباً ، وجرًّا ، نحو : جاء الفتَى ، ورأيت الفتَى ، ومررت بالفتَى .
س3- ما الذي يخرج من تعريف الاسم المقصور ؟
ج3- يخرج ما يلي :
1- الفعل ، نحو : يرضَى ؛ لأنه ليس باسم .
2- المبني ، نحو : إذَا ؛ لأنه ليس بمعرب .
3- المنقوص ، نحو : القاضِي ؛ لأن آخره ليس ألفاً .
4- الألف غير اللازمة ، نحو : ألف المثنى في حالة الرفع ، فإنها غير لازمة ، فهي تُقلب ياء في حالتي النصب والجر . وكذلك الألف في الأسماء الستة في حالة النصب ، فإنها غير لازمة .
س4- عرِّف الاسم المنقوص ، وما علامات إعرابه ؟
ج4- الاسم المنقوص ، هو : الاسم المعرب الذي آخره ياء لازمة مكسور ما قبلها ، نحو : القاضِي ، والدّاعِي ، والْمُرْتَقِي .
علامات إعرابه : يعرب بالحركات الأصلية المقدّرة على آخره في حالتي الرفع ، والجر ، نحو : جاء القاِضي ، ومررت بالقاضِي . أمَّا إذا كان منصوباً فعلامته
ظاهرة ، نحو : رأيت القاضِيَ .
س5- ما الذي يخرج من تعريف الاسم المنقوص ؟
ج5- يخرج ما يلي:
1- الفعل ، نحو : يرمِي ؛ لأنه ليس باسم .
2- المبني ، نحو : الَّذِي ؛ لأنه ليس بمعرب .(1/40)
3- ما كان آخره ياء ما قبلها ليس مكسورًا ، كظَبْيٍ ، ورَمْيٍ ، أو كان آخره ياء مشدَّدة ، كعَلِيٍّ، ونَبِيٍّ ، فهذان النوعان علامتهما ظاهرة رفعاً ، ونصباً ، وجرًا .
4- ما كان آخره ياء غير لازمة،كالياء في المثنى،وجمع المذكر السالم في حالتي النصب، والجر ، وفي الأسماء الستة في حالة الجر ، فإنها غير لازمة فيهم جميعاً .
( م ) س6- اذكر لغات العرب في إعراب الاسم المنقوص .
ج6-1- من العرب من يُعامل المنقوص في حالة النصب كمعاملته في حالتي الرفع، والجر فتقدَّر فيه الفتحة على الياء ، كما في قول الشاعر :
ولَوْ أنَّ واشٍ باليَمَامَةِ دارُه ودَارِيِ بأَعْلَى حَضْرَمَوْتَ اِهْتَدَى لِيَا
الشاهد فيه:كلمة ( واشٍ ) فهي اسم إنّ وحقُّها النصب بالفتحة ( واشيًا ) ، ولكن الشاعر حذف الياء ، فأعربت بالفتحة المقدرة على الياء المحذوفة . واختلف في ذلك ، فقيل : ضرورة ، وقيل : جائز في سعة الكلام .
2- ومن العرب من يعامل المنقوص في حالتي الرفع ، والجر ، كما يعامله في حالة النصب ، فتظهر الضمة والكسرة على الياء ، كما في قول الشاعر :
لَعَمْرُك ما تَدْرِي متى أنتَ جاِئيٌ ولكنَّ أَقْصى مُدَّةِ الدَّهْرِ عَاجِلُ
الشاهد فيه (جائِيٌ) ظهرت الضمة في حالة الرفع مع أن حقَّها أن تكون مقدّرة مع حذف الياء (جَاءٍ) وهذا للضرورة الشعرية ، كما قال العلماء ، ولا تجوز في حالة السَّعة .
س7- ما سبب عدم ظهور الحركات في الاسم المقصور ، والمنقوص ؟
ج7- السبب الذي يمنع ظهور الحركة في الاسم المقصور ، هو : التَّعَذُّر ؛ إذ لا يُمكن إظهار الحركة على الألف .
والسبب الذي يمنع ظهور الحركة في الاسم المنقوص، هو الثِّقل ؛ إذ يُمكن إظهار الحركة ، ولكنها ثقيلة في النطق .
س8- ما المواضع التي تحذف فيها ياء المنقوص ؟
ج8- تحذف ياء المنقوص في ثلاثة مواضع ، هي :
1- إذا لم يقترن الاسم المنقوص بـ ( أل ) ، نحو : جاء قاضٍ .(1/41)
2- إذا لم يكن منصوباً ، نحو : جاء قاضٍ ، ومررت بقاضٍ .
3- إذا لم يكن مضافاً ، نحو : جاء قاضٍ . أما إذا اقترن بـ ( أل ) نحو : جاء القاضي ، أو كان منصوباً ، نحو : رأيت قاضيًا، أو كان مضافاً ، نحو : جاء قاضِي مكةَ ، فإنَّ الياء تَثْبُتُ ، ولا تُحذَف .
س9- هات أمثلة لاسم آخره ( واو ) مضموم ما قبلها .
ج9- لا يوجد في الأسماء المعربة اسم آخره واو مضموم ما قبلها إلا في الأسماء الستة في حالة الرفع ، نحو : جاء أبُوه ، وفي الأسماء المبنيّة ، نحو ( هُوَ ) ولا يوجد غير ذلك .
وأضاف الكوفيون موضعين آخرين ، هما :
1- ما سُمِّي به من الفعل ، نحو : يَدْعُو ، ويغزُو .
2- ما كان أعجميا ، نحو : سَمَنْدُو ، وقَمَنْدُو .
---
...
... تعريفُ المعتلِّ من الأفعالِ
وَأَيُّ فِعْلٍ آخِرٌ مِنْهُ أَلِفْ أَوْ وَاوٌ أَوْ يَاءٌ فَمُعْتَلاًّ عُرِفْ
س1- عرِّف الفعل الصحيح ، والفعل المعتل .
ج1- الفعل الصحيح ، هو: ما خلا من أحرف العلّة ،وهو ثلاثة أنواع،هي :
1- سالم ، نحو : ذهبَ ، وخرجَ .
2- مهموز ، نحو : قرأَ ، وسألَ ، وأخذَ .
3- مضعّف ، نحو : عَدَّ ، ومدَّ .
والفعل المعتل ، هو ما كان فيه أحد أحرف العّلة (الألف،أوالواو،أوالياء)، نحو: قَالَ ، ورَمَى ، وخَشِيَ ، ووَعَدَ ، ويَئِسَ .
س2- اذكر أقسام الفعل المعتل .
ج2- الفعل المعتل ثلاثة أقسام ، هي :
1- مِثَال ، نحو : وقفَ ، ويَسُرَ 2- أَجْوف ، نحو : نَامَ ، وقامَ .
وهذان النوعان آخرهما حرف صحيح ، ويعاملان في الإعراب معاملة الصحيح رفعًا بالضمة ، ونصباً بالفتحة ، وجزمًا بالسكون .
3- ناقص ، وهو ما كان في آخره واو مضموم ما قبلها ، نحو : يَغْزُو ، ويَسْمُو ، أو ( ياء ) مكسور ما قبلها ، نحو : يَرْمِي ، ويَجْرِي ، أو ( ألف ) مفتوح ما قبلها ، نحو : يخشَى ، وينهَى .
إعرابُ المعتلِّ من الأفعالِ
فَالأَلِفُ انْوِ فِيهِ غَيْرَ الْجَزْمِ وَأَبْدِ نَصْبَ ما كَيَدْعُو يَرْمِي(1/42)
وَالرَّفْعَ فِيهِمَا انْوِ وَاحْذِفْ جَازِمَا ثَلاَثَهُنَّ تَقْضِ حُكْمًا لاَزِمَا
س3- ما علامات إعراب الفعل المضارع المعتل الآخر ؟
ج3- علاماته ، كالآتي :
1- إذا كان مرفوعًا ، فعلامة رفعه الضمة المقدرة على الواو ، أو الياء ، أو الألف ، نحو : يدعُو ،ويرمِي ، ويخشَى ، فهذه الأفعال علامة رفعها جميعاً الضمة المقدرة على آخرها .
2- إذا كان منصوباً ، فعلامة نصبه الفتحة الظاهرة إذا كان في آخره واو ، أو
ياء ، نحو : لن يدعوَ ، ولن يرميَ ، أمَّا إذا كان في آخره ألف فعلامته الفتحة المقدّرة ( للتعذّر )، نحو : لن يَخْشَى .
3- إذا كان مجزوماً ،فعلامة جزمه حذف حرف العلة سواء أكان آخره واواً، أو ياءً ، أو ألفًا ، نحو : لم يدعُ ، ولم يرمِ ، ولم يخشَ .
( م ) س4- قال الشاعر:
مَا سَوَّدَتْني عَامِرٌ عَنْ وِراثَةٍ أَبَى اللهُ أَنْ أَسْمُو بأُمٍّ ولا أَبِ
وقال الآخر: ... ... ... ... ... ... ... ما أَقْدَرَ اللهَ أنْ يُدْنِي على شَحَطٍ مَنْ دَارُه الحَزْنُ مِمَّن دَارُه صُولُ
عين الشاهد في البيتين السابقين ، وما وجه الاستشهاد فيهما ؟
ج4- الشاهد فيهما: أَنْ أسمُو ، وأَنْ يُدْنِي . وجه الاستشهاد : الفعل الأول معتل الآخر بالواو ، والثاني معتل بالياء ،وكلاهما منصوب بحرف النصب ( أَنْ ) ولم تظهر عليهما الفتحة ، مما يدلّ على أنّ من العرب من ينصب الفعل المضارع المعتل بالواو ، أو الياء بفتحة مقدّرة .
( م ) س5- قال الشاعر :
وَتَضْحَكُ مِنِّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ كأنْ لم تَرَى قَبلِي أَسِيرًا يَمَانِيَا
عين الشاهد في البيت السابق ، وما وجه الاستشهاد فيه ؟
ج5- الشاهد :لم تَرَى . وجه الاستشهاد : هذا الفعل معتل الآخر بالألف، ولم يحذف منه حرف العلّة مع أنه مجزوم بـ (لم ) فدلّ ذلك على أنّ من العرب من يجزم الفعل المعتل الآخر بالسكون مع بقاء حرف العلّة .
النَّكِرَةُ والْمَعْرِفَةُ
تعريف النكرة(1/43)
نَكِرةٌ قَابِلُ أَلْ مُؤَثِّرَا ... أَوْ وَاقِعٌ مَوْقِعَ مَا قَدْ ذُكِرَا
س1- عَرِّف النكرة .
ج1- النكرة ، هي: التي تقبل ( أل ) ويؤثر فيها التعريف ، أو تقع موقع ما يقبل ( أل ) فمثال ما يقبل ( أل ): رجل ، وفرس ؛ تقول : الرجلُ ، والفرسُ . أما دخول ( أل ) على الْعَلَم ، نحو : العباس . فعبّاس ليس بنكرة ، بل هو معرفة قبل دخول ( أل ) عليه .
ومثال ما يقع موقع ما يقبل ( أل ): ذو (بمعنى صاحب) نحو : جاءني ذو مال . فذو : نكرة لا تقبل ( أل ) ولكنها واقعة موقع صَاحِب ، وصاحب يقبل (أل) تقول : الصَّاحب ، ونحو : صَهٍ بمعنى سكوتا . فصَهٍ : نكرة لا تقبل (أل) ولكنها وقعت موقع (سكوتاً) والسكوت يقبل (أل) .
وللنكرة تعريف آخر، هو : عِبَارَةٌ عَمَّا شَاعَ في جِنْسٍ ما، ولا تَدُلُّ على مُعَيَّنٍ بِذَاتِهِ. وبهذا التعريف يدخل التعريف السابق تحت مسمى (أنواع النكرة) فالنكرة نوعان : نوع يقبل ( أل )، ونوع لا يقبل ( أل ) ولكنه يقع موقع ما يقبلها .
( م ) س2- اعترض بعض النحاة على تعريف النكرة،فما وجه الاعتراض ؟ وما الجواب على هذا الاعتراض ؟
ج2- اعترض بعض النحاة على تعريف النكرة بأنها هي التي تقبل ( أل ) ويؤثر فيها التعريف ، أو تقع موقع ما يقبل ( أل )، ووجه الاعتراض على هذا التعريف بأنهم قالوا : إننا وجدنا أسماء نكرات لا تقبل ( أل ) ، ولا تقع موقع ما يقبلها ، كالحال في نحو : جاء زيدٌ راكباً ، والتمييز في نحو : اشتريت رطلاً عسلاً ، واسم لا النافية للجنس في نحو : لا رجلَ عندنا ، ومجرور رُبَّ في نحو : رُبَّ رجلٍ كريم لقيته .
والجواب على ذلك : أن هذه كلها تقبل ( أل ) من حيث ذاتها ، لا من حيث كونها حالاً ، أو تمييزاً ، أو اسم لا ، أو مجرور رُبَّ ، فكل ما سبق تقبل أل بذاتها ، نحو : الراكب ، والعسل ، والرجل .(1/44)
كما اعترض بعض النحاة على قبول النكرة ( أل ) بأنه ليس خاصًّا بالنكرة ؛ لأن بعض المعارف يقبل ( أل ) نحو : يهود ، ومجوس ؛ فإنك تقول : اليهود ، والمجوس .
وبعض المعارف يقع موقع ما يقبل ( أل ) مثل : ضمير الغائب العائد إلى نكرة ، تقول : لقيت رجلاً فأكرمته ، فالهاء في ( أكرمته ) واقع موقع ( رجل ) المذكور سابقاً ، وهذا الضمير لا يقبل ( أل ) .
والجواب على ذلك : أن يهود ، ومجوس اللذان يقبلان ( أل ) هما جمع : يهودي ، ومجوسي فهما نكرتان ، فإن كاناعلمين على الجماعتين المعروفتين لم
يصح دخول ( أل ) عليهما ؛ لأن المعرِّفة لا تدخل على المعرفة .
وأما ضمير الغائب العائد إلى نكرة فهو عند الكوفيين نكرة ، ولا إشكال عندهم في صدق هذا التعريف عليه ، والبصريون يجعلون الضمير واقعا موقع
( الرجل ) بالتعريف لا موقع ( رجل ) بالتنكير ؛كأنك تقول : لقيت رجلاً فأكرمت الرجل . فالضمير واقع موقع ما لا يقبل ( أل ) فلا يصدق التعريف عليه .
أقسامُ المعرفةِ
وَغَيْرُهُ مَعْرِفَةٌ كَهُمْ وَذِي وَهِنْدَ وابْنِى وَالغُلاَمِ وَالَّذِى
س3- عرِّف المعرفة .
ج3- المعرفة ، هي : ما لا يقبل ( أل ) ولا يقع موقع ما يقبلها ، نحو : أنا ، وهو ، ومحمد ، وكتابك .
ويُعَرَّف بعضهم المعرفة بذكر أقسامها ، ثم يُقال : وما سوى ذلك نكرة .
ويعرّفها آخرون ، بأنها : ما دلّ على مُعَيَّنٍ بذاتِه .
واختلف النحاة في تعريف النكرة والمعرفة ؛ ولذلك قال ابن مالك : من تعرّض لحدِّهما عجز عن الوصول إليه دون استدراك عليه .
س4- ما سبب تقديم النكرة على المعرفة ؟
ج4- قُدِّمت النكرة ؛ لأنها الأصل ، إذ لكل معرفةٍ نكرة ، وكثير من النكرات لا معارف لها ،كأسماء الاستفهام ، والشرط وغيرها ، والمستقل أولى بالأصالة ، إضافة إلى أن النكرة لا تحتاج إلى قرينة للدلالة على المعنى الذي وُضِعَت له ، والمعرفة تحتاج إلى قرينة .
س5- اذكر أقسام المعرفة .
ج5- أقسام المعرفة ، هي :(1/45)
1- الضمير ، نحو : أنا ، وأنت ، وهُمْ .
2- اسم الإشارة ، نحو : هذا ، وهذان ، وهؤلاء .
3- العَلَم ، نحو : محمد ، وهند ، ومكة .
4- المحلَّى بالألف واللام ، نحو : الغُلام ، والكتاب .
5- الاسم الموصول ، نحو : الذي ، واللّذانِ ، والّذين .
6- ما أُضيف إلى واحد مما سبق ، نحو : ابني ، وابن هذا ، وابن محمدٍ ، وابن الرجلِ ، وابن الّذي علّمني .
أولاً : الضَّمِيرُ
تعريفه
فَمَا لِذِي غِيبَةٍ أَوْ حُضُورٍ كَأَنْتَ وَهْوَ سَمِّ بِالضَّمِيرِ
س1- عرِّف الضمير .
ج1- الضمير ، هو : ما دلّ على غيبةٍ ، نحو : هو ، وهي ؛ أو مخاطَب ، نحو : أنْتَ ، وأنتم ؛ أو متكلم ، نحو : أنا ، ونحن . وقد عبّر ابن مالك عن المخاطب، والمتكلم بقوله : " أو حضورٍ " ، والمراد : ما كان حاضراً موجودًا ، كالمخاطب ، والمتكلم .
أقسام الضمير
وتعريف الضمير المتصل
وَذُو اتَّصَالٍ مِنْهُ مَا لاَ يُبْتَدَا ... وَلاَ يَلِي إِلاَّ اخْتِيَاراً أَبَدَا
كَالْيَاءِ وَالكَافِ مِنِ ابْنِي أَكْرَمَكْ وَاليَاءِ وَ الْهَا مِنْ سَلِيهِ مَا مَلَكْ
س2- ما أقسام الضمير ؟
ج2- ينقسم الضمير إلى قسمين : 1- ضمير مستتر . 2- ضمير بارز .
س3- ما أقسام الضمير البارز ؟
ج3- ينقسم الضمير البارز إلى قسمين :
1- ضمير متصل 2- ضمير منفصل .
س4- عرِّف الضمير المتَّصل .
ج4- الضمير المتصل ، هو : ما لا يُبدأ به في النطق ، ولا يقع بعد إلاَّ ، كالكاف في ( أكرمكَ ) ، والياء في ( ابني ) ، والياء ، والهاء في ( سَلِيهِ ) .
س5- قال الشاعر:
أَعُوذُ بِرَبِّ الْعَرْشِ مِن فِئةٍ بَغَتْ عَلَيَّ فَمَا لي عَوْضُ إِلاَّهُ نَاصِرُ
وقال الآخر:
وَمَا عَلَيْنَا إِذَا مَاكُنْتِ جَارَتَنَا أَنْ لاَ يُجَاوِرَنَا إِلاَّكِ دَيَّارُ
عين الشاهد في البيتين السابقين ، وما وجه الاستشهاد فيهما ؟(1/46)
ج5- الشاهد فيهما : إِلاَّهُ ، وإِلاَّكِ . وجه الاستشهاد : وقع الضمير المتصل في البيت الأول ( الهاء )، وفي البيت الثاني ( الكاف ) بعد إِلاَّ ، وهذا شاذٌّ لا يجوز إلا في ضرورة الشعر ، إلا عند ابن الأنباري ، ومن وافقه ، فإنَّ وقوع الضمير المتصل بعد إلا جائز عنده ، وعلى هذا فلا شذوذ في البيتين .
سببُ بناءِ الضمائرِ
وتقسيم المتصل إلى ضمير رفع ، ونصب ، وجر
وَكُلُّ مُضْمَرٍ لَهُ البِنَا يَجِبْ وَلَفْظُ مَا جُرَّ كَلَفْظِ ما نُصِبْ
للرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَجَرٍّ نَا صَلَحْ كَاعْرِفْ بِنَا فإنَّنَا نِلْنَا الْمِنَحْ
وَأَلِفٌ وَالْوَاوُ والنُّونُ لِمَا غَابَ وَ غَيرِهِ كَقَامَا وَاعْلَمَا ...
س6- ما حكم بناء الضمائر ؟ وما سبب بنائها ؟
ج6- حكم بنائها واجب ، فالضمائر كلّها مبنيّة ؛ لشبهها بالحرف من جهة الوضع ؛ لكونها وُضِعت على حرف واحد ،كالتاء في ذهبت ، أو على حرفين ، كالناء في ذهبْنا ؛ ولشبهها بالحروف من جهة الجمود ؛ لأنها لا تتصرف ، فلا تُثَنَّى ، ولا تُجْمَعُ ، ولا تُصَغَّرُ . وأما نحو: هما ، وهم ، وهنَّ ، وأنتما ، وأنتم ، وأنتنَّ فهي صِيَغٌ وُضِعتْ من أول أمرها على هذا الوجه ، فعلامة المثنى ، والجمع فيها ليست طارئة عليها .
س7- اذكر أقسام الضمير المتصل باعتبار محلِّه من الإعراب .
ج7- ينقسم الضمير المتصل بهذا الاعتبار إلى ثلاثة أقسام ، هي :
أ- ضمير رفع متصل ، وهو ستة أنواع :
1- التاء المتحركة ، نحو : ذَهبتَُِ ، ذَهبتُما ، ذَهبتُمْ ، ذَهبتُنَّ .
2- ألف الاثنين ، نحو : اذْهَبَا ، عَلِمَا .
3- واو الجماعة ، نحو : اذْهَبُوا ، عَلِمُوا .
4- ياء المخاطَبة ، نحو : تَذْهَبِينَ ، اعْلَمِي .
5- نون النِّسوة ، نحو : اذْهَبْنَ ، اعْلَمْنَ .
6- نا الدّالة على المتكلَّمين ، نحو : ذَهَبْناَ ، عَلِمْنا .
ب- ضمير نصب متصل ، وهو أربعة أنواع :(1/47)
1- ياء المتكلم ، نحو : أكْرَمَنِي ، أَكْرَمُوني ، أَكْرَمَانِي .
2- هاء الغائب ، نحو : أَكْرَمَهُ ، أَكْرَمْتُهُمْ ، أَكْرَمْتُهُنَّ .
3- كاف المخاطَب ، نحو : أَكْرَمَكَ ، أَكْرَمُوكَ ، أَكْرَمَاكَ .
4- نا الدّالة على المتكلمين ، نحو : أَكْرَمَنَا ، أَكْرَمْتُمُونَا .
ج- ضمير جرّ متصل ، و هو أربعة أنواع :
1- ياء المتكلم ، نحو : لي ، كتابي .
2- هاء الغائب ، نحو : له ، لها ، لهما، لهم ، لهنّ ؛ كِتَابُهُ ، كِتَابُهَا ، كِتَابُهُمَا ، كِتَابُهُمْ ، كِتَابُهُنَّ .
3- كاف المخاطَب ، نحو: لَكَِ، لَكُمَا، لَكُمْ، لَكُنَّ، كِتَابُكَِ،كِتَابُكُمْ،كِتَابُكُنّ .
4- نا الدّالة على المتكلمين ، نحو : لنا ، كتابنا .
يستنتج مما سبق ما يلي :
1- ضمائرمشتركة في الجر،والنَّصب،وهي :كلُّ ضمير نصبٍ ، أو جرٍّ متصل .
2- ضمائر مشتركة في الرفع ، والنصب ، والجر ، وهي ثلاثة أنواع :
أ- الضمير (نا ) وهو للمتكلَّمين في جميع حالاته ، الرفع ، والنصب، والجر .
ب- الضمير ( الياء ) ، وهو مُخْتَلِفٌ في المعنى ، فهو في حالة الرفع يكون للمخاطَبة (اضْرِبي) وفي حالتي النصب والجر يكون للمتكلَّم (اضْرِبْني ، ولي) .
ج- الضمير ( هم ) معناه واحد، وهو متفق في المعنى ( للغائب ) ولكنه ضمير منفصل في حالة الرفع، نحو : هم مجتهدون ، وضمير متصل في حالتي النصب والجر ، نحو : رأيتهم مع أبنائهم .
أقسامُ الضميرِ المستترِ
وَمِنْ ضَمِيرِ الرَّفْعِ مَا يَسْتَتِرُ كَافْعَلْ أُوَافِقْ نَغْتَبِطْ إِذْ تَشْكُرُ
س7- عرفنا أن الضمير ينقسم إلى مستتر وبارز،فما تعريف الضمير المستتر؟ وما أقسامه ؟
ج7- الضمير المستتر ، هو : الذي لا يظهر في الكلام ، لا نُطقاً، ولا كتابة ، ولكنّه يُقَدَّر . وينقسم إلى قسمين ، هما :
1- واجب الاستتار 2- جائز الاستتار .
س8- ما المراد بواجب الاستتار ؟ وما المراد بجائز الاستتار ؟(1/48)
ج8- المراد بواجب الاستتار ، هو : الضمير الذي لا يَحُلُّ محلَّه الاسم الظاهر ، ولا الضمير المنفصل . والمراد بجائز الاستتار ،هو : الضمير الذي يحلّ محلّه الاسم الظاهر ، والضمير المنفصل .
س9- ما المواضع التي يجب فيها استتار الضمير ؟
ج9- المواضع التي يجب فيها استتار الضمير ، هي :
1- الضمير في فعل الأمر للواحد المخاطب ، نحو : قُمْ . فالفاعل ضمير مستتر تقديره ( أنت )،وهذا الضمير لا يجوز إبرازه ، وإظهاره ؛ لأنه لا يحلّ الاسم الظاهر محلّه ؛ فلاتقول : قُمْ زيدٌ . وأما قولك : قُمْ أنتَ ، فالضمير ( أنت ) تأكيد للضمير المستتر في ( قُمْ ) فإن كان الأمر لواحدة ، أو لاثنين ،أو لجماعة فإن الضمير يبرز، ويظهر ، نحو : اضربي ، واضربا ، واضربوا ، واضربْنَ .
2- الضمير في الفعل المضارع الذي في أوله الهمزة ، نحو : أُوافِقُ ، وأَخْرُجُ ، والتقدير : ( أنا ) فإن قلت : أخرجُ أنا ، فالضمير ( أنا ) للتأكيد .
3- الضمير في الفعل المضارع الذي في أوله النون ، نحو : نَغْتَبِطُ ، ونخرجُ ، والتقدير : ( نحن ) .
4- الضمير في الفعل المضارع الذي في أوله التاء لخطاب الواحد ، نحو : تَشْكُرُ، وتخرجُ ، والتقدير:( أنت ) فإن كان الخطاب لواحدة ، أو لاثنين ، أو لجماعة برز الضمير ، نحو : تفعلين ، وتفعلان ، وتفعلون ، وتفعَلْنَ .
هذا ما ذكره ابن مالك في الألفية من المواضع التي يجب فيها استتار الضمير ، وبقيت مواضع أخرى ، هي :
( م ) 5- الضمير في اسم فعل الأمر ، نحو : صَهٍ ، ونَزَالِ .
6- الضمير في اسم فعل المضارع ، نحو : أفّ ، وآهِ .
7- الضمير في فعل التعجب ، نحو : ما أحسن َ محمدًا ! .
8- الضمير في أَفعل التفضيل ، نحو : محمد أفضلُ من عليّ .
9- الضمير في أفعال الاستثناء ، نحو : قام الرجال ما خلا خالداً ، أو : ما عدا بكرًا ، أو : لا يكون محمدًا .(1/49)
10- الضمير في المصدر النائب عن فعل الأمر ، نحو قوله تعالى : * ونحو : صبرًا على الشدائد .
11- الضمير في نِعْمَ وبِئْسَ المفسَّر بنكرة ، نحو : نِعْم خُلُقًا الصِّدْقُ . ( م )
س10- ما المواضع التي يجوز فيها استتار الضمير؟
ج10- المواضع التي يجوز فيها استتار الضمير ، هي :
1- الضمير في كل فعل أُسْنِد إلى غائب، أو غائبة ، نحو : يخرجُ ، وتخرجُ ، وخَرَجَ . فالفاعل في هذه الأفعال ضمير مستتر جوازًا ؛ لصحَّة حلول الاسم الظاهر محلّه ؛ تقول : زيدٌ يخرجُ أبوه، وتخرج هندٌ، وخرج زيدٌ .
2- الضمير في اسم الفعل الماضي ، نحو : هيهات ؛ تقول : هيهات العقيقُ .
3- الضمير في الصفة الصريحة ( المحضة )،نحو: زيدٌ قائمٌ ، ومسرورٌ ، وسَعِيدٌ .
( م ) س11- ما الفرق بين الضمير المستتر ، والضمير المحذوف ؟
ج11- يفترقان فيما يلي :
1- أنّ الاستتار يختص بضمائر الرفع ،كالضمير المستتر الذي يقع فاعلا ، وأمَّا الحذف فيكون في ضمائر الرفع والنصب والجر ، كالمفعول به ، والمفعول له ، والحال ، وغيرها من الفَضَلات ، ويقع كذلك في العُمد ، كالمبتدأ . ومثال ذلك حذف الضمير ( المفعول به ) في قولك : جاء الذي أكرمتُ ، والتقدير: جاء الذي أكرمته .
2- أن المحذوف يمكن النطق به ، كما في المثال السابق . وأما المستتر فلا يمكن النطق به أصلاً ؛ ذلك لأن الضمير المستتر نوع من أنواع الضمير المتصل على الصحيح ؛ ولأنه لا يمكن النطق به يستعيرون له الضمير المنفصل ؛ فيقولون : مستتر وجوباً تقديره : أنا ، أو أنت ، ومستتر جواز تقديره : هو .
ضمائرُ الرفعِ ، والنصبِ المنفصلةُ
وَذُو ارْتِفَاعٍ وَانْفِصَالٍ أَنَا هُوْ وَأَنْتَ وَالفُرُوعُ لاَ تَشْتَبِهُ
وَذُو انْتِصَابٍ فى انْفِصَالٍ جُعِلاَ إِيَّايَ وَالتَّفْرِيعُ لَيْسَ مُشْكِلاَ
س12- عرفنا أنّ الضمير ينقسم إلى مستتر ، وبارز ، فما تعريف الضمير البارز ؟(1/50)
ج12- الضمير البارز ، هو : الذي يظهر في الكلام نطقاً ، وكتابة ، كالضميرين ( التاء ، وإياك) في قولك : ما رأيت إلاَّ إيَّاك .
س13- عرّف الضمير المنفصل .
ج13- الضمير المنفصل ، هو : الذي يُبدأ به في النطق ، ويقع بعد إِلاَّ ، كالضمير الواقع بعد إلاَّ في المثال السابق ، ونحو: هو مجتهد ، وأنت كسلان .
س14- اذكر أقسام الضمير المنفصل باعتبار محلّه الإعرابي .
ج14- ينقسم إلى قسمين :
1- ضمير رفع 2- ضمير نصب . أما ضمير الجر فلا يكون إلا مُتَّصلاً .
س15- اذكر ضمائر الرفع المنفصلة .
ج15- ضمائر الرفع المنفصلة ، هي :
1- ضمائر المتكلم : أنا ، ونحن . والضمير ( نحن ) يكون للمتَكلِّمِيْن ، ويكون أيضًا للمفرد الواحد المعظِّم نفسَه .
2- ضمائر المخاطَب : أنتَ ، وأنتِ ، وأنتما ، وأنتم ، وأنتنَّ .
3- ضمائر الغائب : هو ، وهي ، وهما ، وهُمْ ، وهُنَّ .
س16- اذكر ضمائر النصب المنفصلة .
ج16- ضمائر النصب المنفصلة ، هي :
1- ضمائر المتكلم : إِيَّايَ ، وإِيَّانَا .
2- ضمائر المخاطَب : إيَّاكَ ، وإيَّاكِ ، وإيّاكُمَا ، وإيّاكُمْ ، وإيّاكُنَّ .
3- ضمائر الغائب : إيَّاه ، وإيَّاها ، وإيّاهُما ، وإيَّاهُم ، وإياهُنَّ .
( م ) س17- اختلف العلماء في تعيين ضمير النّصب، أهو إيَّا أم مابعدها؟ وضِّح هذا الخلاف .
ج17-1- مذهب سيبويه ، والفارسي ، والأخفش : أنَّ ( إيَّا ) هي الضمير، وما بعدها حروف تكلُّم ، وخطاب ، وغيبة . وهو مذهب البصريين .
2- مذهب الخليل ، والمازني : أنّ ( إيَّا ) ضمير ، وما بعدها ضمير أيضا ، وأُضيف أوّلهما لثانيهما . وهذا المذهب اختاره ابن مالك .
3- مذهب الفرّاء : أنّ ( إيَّا ) حرف عماد ، وما بعدها هو الضمير . وهو مذهب الكوفيين .
4- مذهب الزَّجَّاج : أن (إيَّا) اسم ظاهر مضاف لما بعده، وما بعدها الضمير .
5- مذهب بعض الكوفيين : أن ( إيَّا ) وما بعدها ضمير واحد .(1/51)
قاعدةٌ في استعمالِ الضميرِ المتصلِ ، والمنفصلِ
وَفِى اخْتِيَارٍ لاَ يَجِيءُ الْمُنْفَصِلْ إِذَا تَأَتَّى أَنْ يَجِيءَ الْمُتَّصِلْ
س18- لماذا تستعمل العرب الضمائر ؟ وما المراد بقول ابن مالك : " لا يجيء المنفصل إذا تأتى أن يجيء المتصل " ؟
ج18- تستعمل العرب الضمائر بقصد الاختصار . والضمائر المتصلة أشدّ اختصارًا من الضمائر المنفصلة ؛ ولذلك لا تستعمل العرب الضمير المنفصل ما دام استعمال المتصل ممكناً ؛ فلا يُقال : أكرمتُ إيَّاك ؛ لأنه يمكن الإتيان بالمتصل ؛ فتقول: أكرمتك ؛ ولا يُقال : قام أنا ؛ لأنه يمكن أن تقول : قمتُ . وهذا المراد من قول ابن مالك : " لا يجيء المنفصل إذا تأتى أن يجيء المتصل " .
س19- متى يستعمل الضمير المنفصل ؟
ج19- لاستعمال الضمير المنفصل حكمان :
1- استعمال واجب 2- استعمال جائز .
1- يستعمل وجوبًا إذا تعذَّر الإتيان بالضمير المتصل ، نحو : إياك أكرمتُ ، فإنه يتعذر الإتيان بالضمير المتصل في هذا الموضع ، وهو تقدُّم المفعول على عامله ؛ لأن المتصل لا يُبدأ به في النطق ، وأما قول الشاعر :
بالبَاعِثِ الوَارِثِ الأَمْواتِ قَدْ ضَمِنَتْ إِيَّاهُمُ الأَرْضُ في دَهْرِ الدَّهَارِيرِ
وقول الآخر :
وَمَا أُصَاحِبُ مِنْ قَومٍ فَأَذْكُرَهُمْ إِلاَّ يَزِيدُهُمُ حُبًّا إليَّ هُمُ
فهما للضرورة الشعرية ؛ لأن الشاعر في البيت الأول أتى بالضمير المنفصل (إياهم) مع إمكان استعمال المتصل ؛ فيقول : ضَمِنَتْهُم ؛ ولأن الشاعر في البيت الثاني جاء بالضمير منفصلاً (هم) في آخر البيت مع أنه يمكن أن يأتي به متصلاً؛ فيقول : إلا يزيدونهم .
2- الاستعمال الجائز : سيأتي بيانه في البيت الآتي من الألفية .
( م ) س20- ما المواضع التي يتعيّن فيها استعمال الضمير المنفصل ؟
ج20-يتعيّن استعمال المنفصل،ولا يمكن المجيء به متصلاً في مواضع كثيرة منها:(1/52)
1- إذا كان الضمير محصورًا بإلا ، أو إِنَّما ، نحو : ما رأيت إلا إياك ، وما فهم الدرسَ إلا أنتَ . ومنه قول الشاعر :
أنا الذَّائِدُ الْحَامِي الذِّمَارَ وإنَّما يُدَافِعُ عَنْ أَحْسَابهمْ أنا أَوْ مِثْلِي
لأن التقدير : لا يدافع عن أحسابهم إلا أنا أو مثلي .
2- أن يكون الضمير مرفوعاً بمصدر مضاف إلى مفعوله ، نحو : عجبت من ضَرْبِك هو . فالضمير المنفصل ( هو ) فاعل ، عامله المصدر (ضرب) وهذا المصدر مضاف إلى المفعول به (الكاف) .
ومنه قول الشاعر في صدر بيته : بِنَصْركُُم نحن كنتم فائزين وقَدْ .
والتقدير : فُزْتُم بسببِ نَصْرِنا إياكم .
3- أن يكون الضمير منصوباً بمصدر مضاف إلى فاعله ، نحو : أنا بحاجةٍ إلى مساعدتكم إيَّاي .
فإياي : مفعول به ، عامله المصدر ( مساعدة ) المضاف إلى فاعله. والتقدير : ساعدوني .
4- أن يكون عامل الضمير محذوفاً ، كما في قول الشاعر :
وَإِن هُوَ لَمْ يَحْمِلْ على النَّفْسِ ضَيْمَها فَلَيْسَ إلى حُسْنِ الثَّنَاءِ سَبِيلُ
وكقول الآخر :
فإنْ أنتَ لم يَنْفَعْكَ عِلْمُكَ فانْتَسِبْ لَعلَّكَ تَهْدِيكَ القُرونُ الأَوَائِلُ
فالعامل في الضميرين ( هو ، وأنت ) محذوف يفسِّره ما بعدهما .
5- أن يتقدم المفعول على عامله ، كما في قوله تعالى : * وهذا الموضع ذكره الشارح .
6- أن يكون عامل الضمير معنوياً، كما في المبتدأ ، نحو : أنت مجتهدٌ . فالضمير ( أنت ) مبتدأ عامله معنوي غير لفظي ، فلا يمكن وَصْله به .
7- أن يكون عامل الضمير حرفاً منفيًّا ، كما في قوله تعالى : * وقوله تعالى : * .
8- أن يقع الضمير بعد العطف ، وبذلك يكون قد فُصِل بين الضمير وعامله بمعمول آخر ، كما في قوله تعالى : * فالضمير إياكم وقع بعد حرف العطف الواو ، وبذلك يكون قد فُصِل بين الضمير إياكم وعامله الفعل (يخرجون) بِمعمول آخر هو : الرسول ؛ لأن الرسولَ مفعول به للعامل يخرجون .(1/53)
9- أن يقع الضمير بعد واو المعيّة ، كما في قول الشاعر :
فآلَيْتُ لاَ أَنْفَكُّ أَحْذُو قَصِيدَةً ... تَكُونُ وإيَّاهَا بِهَا مَثَلاً بَعْدِي
ونحو قولك : سأسافر وإيّاكم إلى مكة إن شاء الله ، أي : سأسافر معكم .
10- أن يقع الضمير بعد أمَّا ، نحو : أمّا أنا فنحويٌّ ، وأما أنت فَمُحَدِّثٌّ ، وأما هو فَفَقِيهٌّ .
11- أن يقع بعد اللام الفارقة ، كما في قول الشاعر :
إنْ وَجَدْتُ الصَّديقَ حَقّاً لإيَّا كَ فَمُرْني فَلَنْ أَزَالَ مُطِيعَا .
ونحو قولك : إنْ عملُك لَمُتْقَن ، وهذه اللام تقع في خبر إنَّ المخففة ؛ وذلك للتفريق بينها وبين إنْ النافية ،كما في قوله تعالى: * ( أي : ما أنا إلا نذير مبين ) .
مواضع استعمال الضمير المنفصل جوازًا
وَصِلْ أَوِ افْصِلْ هَاءَ سَلْنِيهِ وَمَا أَشْبَهَهُ فى كُنْتُهُ الْخُلْفُ انْتَمَى
كَذَاكَ خِلْتَنِيهِ وَاتَّصَالاَ أَخْتَارُ ، غَيْرِى اخْتَارَ الانْفِصَالاَ
س21- ما المواضع التي يجوز فيها استعمال الضمير المنفصل ؟
ج21- يجوز استعمال الضمير المنفصل مع إمكان استعمال المتصل في مسألتين .
المسألة الأولى : إذا اجتمع ضميران عاملهما واحد ،وأوَّلهما أعرف من ثانيهما ، وليس مرفوعاً ، وثانيهما ليس خبرًا في الأصل ، نحو : الدِّرهمُ سَلْنِيه . في هذا المثال اجتمع ضميران (ياء المتكلم ، وهاء الغائب) وعاملهما واحد ، هو الفعل (سأل) والضمير الأول أعرف من الثاني،وهو ليس مرفوعًا ،والثاني (هاء الغائب) ليس خبرًا في الأصل ؛ لأن سأل تنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر ؛ ولذلك يجوز استعمال الضمير المنفصل ؛ فنقول: الدِّرهمُ سَلْني إياه ، ونحو : أعطيتكه ، وأعطيتك إياه.
أما إذا كان أولهما مرفوعا فيجب استعمال الضمير المتصل ، نحو : أكرمتُك ؛ لأن التاء ضمير رفع .
المسألة الثانية : إذا كان الضمير خبرًا لكان ، أو إحدى أخواتها ، نحو :(1/54)
الصديقُ كُنْتَه ، ونحو: الصديقُ كانه زيدٌ . ففي هذين المثالين وقع الضمير (هاء الغائب) خبرًا لكان ، وهذا مسوِّغ لجواز استعمال المنفصل ؛ تقول في المثال الأول : الصديق كنتَ إياه ؛ وتقول في المثال الثاني : الصديق كان إياه زيدٌ .
س22- ما الأرجح في المسألتين السابقتين استعمال المتصل ، أو المنفصل ؟
ج22- اختلفوا في أيّهما أرجح ، وذلك على التفصيل الآتي :
- الخلاف في المسألة الأولى :
1- إذا كان الضمير الثاني ليس خبرًا في الأصل ، نحو : سَلْنيِه ، وأَعْطِنِيه، فالأرجح الوصل ، مع أنّ ظاهر كلام ابن مالك أنه يُجَوِّزُ الانفصال والاتصال على السواء ، وظاهر كلام سيبويه أنّ الاتصال فيها واجب .
ولم يَرد في القرآن الكريم إلا بالوصل ، قال تعالى : *
وقال تعالى : * وقال تعالى : * .
2- إذا كان الضمير الثاني خبرًا في الأصل اختلفوا على النحو الآتي :
أ- ابن مالك ، وابن الطَّرَاوَة ، والرُّمَّاني : يرون أن الوصل أرجح ، نحو : ظننتكه . فالضمير الثاني ( هاء الغائب ) خبر في الأصل ؛ لأن ظنّ تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر ، ونحو قوله تعالى :
* وقول الشاعر :
بُلِّغْتُ صُنْعَ امْرِىءٍ بَرٍّ إِخَالُكَهُ إذْ لَمْ تَزَلْ لاكْتِسَابِ لْحَمْدِ مُبْتَدِرًا
ب- سيبويه : يرى أن الفصل أرجح ؛ لأن حقَّ الخبر الانفصال (وهذا هو مذهب الجمهور) نحو : ظننتُكَ إياه ، وكما في قول الشاعر :
أَخِي حَسِبْتُك إيَّاهُ وَقَدْ مُلِئَتْ أرْجَاءُ صَدْرِكَ بِالأَضْغَانِ والإِحَنِ
- الخلاف في المسألة الثانية :
1- ابن مالك : يرى أن الوصل أرجح ، نحو : الصديقُ كُنْتَه ، وكما في قوله - صلى الله عليه وسلم - : " إنْ يَكُنْهُ فلن تُسلَّطَ عليه ، وإلاّ يكُنْه فلا خيرَ لك في قَتْلِه " ، وكما في قول الشاعر :
فَإنْ لا يَكُنْهَا أَوْ تَكُنْهُ فَإِنَّهُ أَخُوهَا غَذَتْهُ أُمُّه بِلِبَانِهَا(1/55)
2- سيبويه : يرى أنّ الفصل أرجح (وهذا مذهب الجمهور) نحو: الصديقُ كنتَ إياه ، وكما في قول الشاعر:
لَئِنْ كانَ إيَّاهُ لَقَدْ حَالَ بَعْدَنَا عَنِ العَهْدِ والإِنْسَانُ قَدْ يتَغَيَّرُ
وقول الآخر :
لَيْسَ إِيَّايَ وإِيَّا كِ وَلاَ نَخْشَى رَقِيبَا
تقديمُ اْلأَخَصَّ مِن الضَّمائرِ
وَقَدِّمِ الأَخَصَّ فى اتِّصَالِ وَقَدِّمَنْ مَا شِئْتَ فى انْفِصَالِ
س23- إذا اجتمع ضميران منصوبان فأيُّهما أحقُّ بالتقديم ؟
ج23- إذا اجتمع ضميران منصوبان قُدّم الأخصُّ منهما . فإن كانا متصلين وجب تقديم الأخصّ منهما ، نحو : الدِّرهمُ أعطيتَنِيهِ ، ونحو : الدرهم أعطيتُكَهُ. في هذين المثالين اجتمع في كل منهما ضميران منصوبان متصلان ، فَقُدِّم ضمير المتكلم على ضمير الغائب في المثال الأول ، وقُدِّم كاف المخاطَب على هاء الغائب في المثال الثاني ؛ وذلك لأن ضمير المتكلم أخص من ضمير المخاطب ، وضمير المخاطب أخصّ من الغائب ، ولا يجوز تقديم غير الأخص على الأخص إذا كان الضميران متصلين ؛ فلا يجوز قولك : أعطيتهوك ، ولا : أعطيتهوني . وقد أجازه قوم ، ومن ذلك ما رُوي من قول عثمان رضي الله عنه : " أَرَاهُمُني الباطلُ شيطانا " .
أما إن كان أحدهما منفصلا فَقَدِّم ما شئت منهما،فإن شئت قدّمت الأخص ، نحو: الدرهم أعطيتُك إياه ، وإن شئت قدّمت غير الأخص ، نحو : الدّرهم أعطيتُه إياك .
يرى ابن عقيل : أن هذا التقديم ليس على إطلاقه ، بل إنما يجوز تقديم غير الأخص في الانفصال عند أَمْنِ اللَّبْس ،فإن خِيف لَبْسٌ لم يَجُز تقديمه ؛فإن قلت: زيدٌ أعطيتك إياه ،لم يَجُز تقديم الغائب ؛ لأنك إذا قلت : زيد أعطيته إياك ، التبس الأمر فلا يعلم هل زيد آخِذ ، أو مأخوذ ؟
أما في نحو قولك : الدرهم أعطيته إياك ، فلا لَبْس فيه ؛ لأنه يعلم أن الغائب وهو ( الدرهم ) مأخوذ سواء تقدّم ، أو تأخر .
رُتَبُ الضمائرِ
وحكم الوصل ، والفصل بينها(1/56)
وَفى اتِّحَادِ الرُّتْبَةِ الْزَمْ فَصْلاَ وَقَدْ يُبِيحُ الغَيْبُ فِيهِ وَصْلاَ
س24- اذكر رُتب الضمائر .
ج24- للضمائر ثلاث رُتَب ، هي :
1- رتبة المتكلِّم 2- رتبة المخاطَب 3- رتبة الغائب .
س25- إذا اجتمع ضميران منصوبان،فما حكم الوصل،والفصل بينهما ؟
ج25- إذا اجتمع ضميران منصوبان ،وكانا من رتبة مختلفة جاز فيهما الوصل، والفصل ، نحو : الدرهم أعطيتكه ، ويجوز : الدرهم أعطيتك إياه . ففي هذين المثالين جاز الوصل ، والفصل ؛ لأن الضميرين المنصوبين من رتبة مختلفة ( كاف المخاطب ، وهاء الغائب ) ونحو : أعطيتنيه ، ويجوز : أعطيتني إياه .
وإن كان الضميران من رتبة واحدة وجب الفصل بينهما ، نحو : أعطيته إياه ، وأعطيتك إياك ، وأعطيتني إياي . وقد يجوز الوصل إذا كان الضميران من رتبة الغائب ، واختلف لفظهما ، نحو : الزيدان الدّرهمُ أَعْطَيْتُهُمَاهُ . في هذا المثال اجتمع ضميران رتبتهما واحدة، هي ( الغائب )، ولم يُفصل بينهما ؛ وذلك لأنهما من رتبة الغائب ، واختلف لفظهما فالضمير الأول ( هما ) لفظه ومدلوله للمثنى ( الزيدان ) والضمير الثاني ( الهاء ) لفظه ومدلوله للمفرد ( الدرهم ) ؛ ولاختلاف اللفظ والمدلول نُزِّلا منزلة اختلاف الضميرين .
---
حكمُ نونِ الوِقَايَةِ مع الأفعالِ
وَقَبْلَ يَا النَّفْسِ مَعَ الفِعْلِ التُزِمْ نُونُ وِقَايَةٍ وَلَيْسِي قَدْ نُظِمْ
س26- متى تُلْحَقُ نون الوقاية بالفعل ؟ ولم سُمِّيت بهذا الاسم ؟
ج26- إذا اتصل بالفعل ياء المتكلم (يا النَّفْس) لحقته لزوماً نون الوقاية ، نحو : أَكْرَمَنِي ، ويُكْرِمُنِي، وأَكْرِمْنِي . وسُمَّيت بهذا الاسم ؛ لأنها تَقِي الفعل ، وتحفظه من الكسر الذي ينشأ نتيجة الاتصال بياء المتكلم.
س27- ما حكم إثبات نون الوقاية مع الفعل ؟(1/57)
ج27- يجب إثبات نون الوقاية مع الفعل إذا كان الفعل ناصبًا ياءَ المتكلم ،نحو: أكرمَني ، ويَسْأَلُنِي ، ونحو قول بعضهم : عَلَيْهِ رجلاً لَيْسَنِي، أي : لِيَلْزَم رجلاً غيري .
وأما حذف النون من ليس في قول الشاعر :
عَدَدْتُ قَوْمِي كَعَدِيدِ الطَّيْسِ إِذْ ذَهَبَ الْقَوْمُ الْكِرَامُ لَيْسِي
فهو للضرورة الشعرية .
واختلف في فعل التعجّب ، فقال البصريون : تلزمه نون الوقاية ؛ لأنه فعل ، نحو : ما أَفْقَرَنِي إلى عفوِ الله . وقال الكوفيون : هو اسم ؛ ولذلك لا تتصل به نون الوقاية؛لأنها تدخل على الأفعال.والصحيح ما ذهب إليه لبصريون.
حكمُ نونِ الوقايةِ مع الحروفِ
وَلَيْتَنِي فَشَا وَلَيِْتي نَدَرَا وَمَعْ لَعَلَّ اعْكِسْ وَكُنْ مُخَيَّرَا
فى البَاقِيَاتِ وَاضْطِرَاراً خَفَّفَا مِنِّي وَعَنِّي بَعْضُ مَنْ قَدْ سَلَفَا
س28- ما حكم إثبات نون الوقاية مع الحروف ؟ وضِّح ذلك .
ج28- لها حكمان : 1- واجب 2- جائز .
1- يجب إثبات نون الوقاية مع الحروف في الموضعين الآتيين :
أ- إذا كانت ياء المتكلم منصوبة بحرف النصب ( ليت )، كما في قوله تعالى : * . وَيَنْدُرُ حذف النون منها ، كما في قول الشاعر :
كَمُنْيَةِ جَابِرٍ إِذْ قَالَ لَيْتي أُصَادِفُهُ وَ أُتْلِفُ جُلَّ مَاِلي
وحذفها ندورًا هو مذهب الفرّاء . أما سيبويه فيرى أن حذفها شاذّ لا يقع إلا في ضرورة الشعر .
وأما لعلّ فالأكثر حذف النون منها،كما في قوله تعالى: * ويَقِلُّ إثبات النون مع لعلّ ، كما في قول الشاعر :
فَقُلْتُ أَعِيرَانِي القَدُومَ لَعَلَّنِي أَخُطُّ بها قَبْرًا لأَبْيَضَ مَاجِدِ
ب- إذا كانت ياء المتكلم مجرورة بحرفي الجرِّ (مِنْ ، وعَنْ) نحو : منِّي ، وعنِّي (بالتشديد) وأما حذف النون منهما ، كما في قول الشاعر :
أَيُها السَّائِلُ عَنْهُمُ وعَنِي لَسْتُ مِن قَيْسَ وَلاَ قَيْسُ مِنِي
فهو شاذٌّ ، لا يقع إلا في الضرورة الشعرية .(1/58)
وإذا كانت ياء المتكلم مجرورة بغير هذين الحرفين امتنع إلحاق النون بها ، نحو : لِي ، وبِي ، وفِيَّ ، وعَلَيَّ ، وعَدَايَ ، وخَلاَيَ .
2- يجوز إثبات نون الوقاية ، وحذفها مع الحروف في الموضع الآتي :
إذا كانت ياء المتكلم منصوبة بالأحرف الآتية: إنَّ ، وأنّ ، وكأنَّ ، ولكنَّ ؛ تقول جوازاً : إنَّنِي وإنِّي، وأَنَّنِي وأَنِّي ، وكأنَّنِي وكأنِّي ، ولكنَّنِي ولكنِّي .
حكمُ نونِ الوقايةِ مع الأسماءِ المبنيّةِ
وَفى لَدُنَّى لَدُنِي قَلَّ وَفِى قَدْنِي وقَطْنِي الْحَذْفُ أَيْضًا قَدْ يَفِى
س29- ما حكم إثبات نون الوقاية مع الأسماء المبنيّة ؟ وضِّح ذلك .
ج29- لها حكمان : جائز ، وواجب .
1- يجوز إثبات نون الوقاية ، وحذفها مع الأسماء الآتية ( لَدُنْ ، وقَدْ ، وقَطْ ) فتكون ياء المتكلم مجرورة بإضافة هذه الأسماء إليها ، وإليك بيانها :
أ- لَدُن ، كما في قوله تعالى: * ويقلّ حذفها كقراءة مَنْ قرأ ( لَدُنِي ) بالتخفيف .
ب- قَدْ ، وقَطْ الاسْمِيَّتَان ، وهما بمعنى ( حَسْبِي ، وكَفَانِي ) نحو: قَدْنِي كلمةُ شُكْرٍ ، وقَطْنِي كلمةُ ثَنَاءٍ . ويقل حذفها منهما ، وقد اجتمع الإثبات ، والحذف في قول الشاعر :
قَدْنِي مِنْ نَصْرِ الْخُبَيْبَيْنِ قَدِي لَيْسَ الإِمَامُ بالشَّحِيحِ الْمُلْحِدِ
2- يجب إثبات نون الوقاية مع اسم الفعل ، نحو : دَرَاكَنِي ، وتَرَاكَنِي ، وعَلَيْكَنِي .
( م ) س30- هل تتصل نون الوقاية بالاسم المعرب ؟
ج30- الأصل في الاسم المعرب ألاّ تتصل به نون الوقاية ؛ تقول: ضارِبِي ، ومُكْرِمِي ، ومع ذلك فقد أُلْحِقَت باسم الفاعل المضاف إلى ياء المتكلم ،كما في
قوله - صلى الله عليه وسلم - : " فهل أنتم صَادِقُونِي " ، وكما في قول الشاعر :
أَلاَ فَتًى مِنْ بَنِي ذُبْيَان يَحْمِلُنِي وَلَيْسَ حَامِلَنِي إِلاَّ ابْنُ حَمَّالِ
ألحقت نون الوقاية باسم الفاعل ( حامل ) المضاف إلى ياء المتكلم .
---(1/59)
ثانياً : العَلَمُ
تعريفُه
اِسْمٌ يُعَيِّنُ الْمُسَمَّى مُطْلَقًا عَلَمُهُ كَجَعْفَرٍ وَخِرْنِقَا
وَقَرَنٍ وَعَدَنٍ وَ لاَحِقِ وَشَذْقَمٍ وَهَيْلَةٍ وَوَاشِقِ
س1- عرِّف العلم ، مع التمثيل .
ج1- العلم ، هو : الاسم الذي يُعَيِّنُ مُسَمَّاه مُطْلَقًا ( أي : بلا قَيْد ) نحو : جعفر : اسم رجل ، وخِرْنِق : اسم امرأة ، وقَرْن : اسم قبيلة ، وعَدَن : اسم مكان ، ولاحِق : اسم فرس ، وشَذْقم : اسم جَمل ، وهَيْلَة : اسم شَاة ، وواشق : اسم كلب .
س2- ما الذي يخرج من التعريف السابق ؟
ج2- يخرج ما يلي :
1- النكرة ؛ لأنه لا يُعيّن مسماه .
2- بقيّة المعارف ؛ لأنها تعيّن مسماها بِقَيْدٍ ، كالضمائر فإنها تُعيِّن مسمَّاها بواسطة قرينة معنويَّة خارجة عن ذات الاسم ،كالتكلُّم ( أنا ) ، أو الحضور ( أنت ) ، أو الغيبة ( هو ) . وقد تكون القرينة لفظية كالصِّلة في الأسماء الموصولة، نحو : جاء الذي علّمني، وكـ ( أل ) في قولك : الرجل ، وكأسماء الإشارة فإنها تعيّن مسماها بواسطة قرينة حِسِّيَّة ، نحو : هذا قَلَمٌ ، أو معنوية ، نحو : هذه المسألةُ سهلةٌ .
أقسامُ العلمِ باعتبارِ الوَضْعِ
وحكمُ تقديمِها ، وتأخيرِها
وَاسْمًا أَتَى وَكُنْيَةً وَلَقَباً وَأَخِّرَنْ ذَا إِنْ سِوَاهُ صَحِبَا
س3- اذكر أقسام العلم باعتبار وَضْعِه ، ثم عرّف كلَّ قسم منها .
ج3- ينقسم بهذا الاعتبار إلى ثلاثة أقسام ، هي :
1- الاسم 2- اللَّقَب 3- الكُنْيَة .
1- الاسمُ : ما ليس بَلَقَبٍ ، ولا كُنْيَة ، نحو : زيد ، وعمرو ، وعبد الرحمن .
2- اللَّّقَبُ : ما أشْعَرَ بِمَدْحٍ ، نحو : زين العابدين ، والطَّيِّب ، والأنصاريّ ؛ أو أشعرَ بِذَمٍّ ، نحو : أنْف النّاقة ، والأعْمَى ، والأعْرَج .
3- الكُنْيَةُ : ما كان في أوله أبٌ ، أو أُمٌّ ، نحو : أبو عبد الله ، وأم عبد الله .
س4- بيِّن حكم تقديم ، وتأخير هذه الأقسام الثلاثة في حال اجتماعها .(1/60)
ج4- حكم تقديمها ، وتأخيرها في حال اجتماعها على التفصيل الآتي :
1- إذا اجتمع الاسم مع اللقب وجب في الفصيح تقديم الاسم على اللقب ، نحو : زيدٌ أنفُ النَّاقَةِ . ولا يجوز تقديم اللقب على الاسم ، وقد ورد تقديم اللقب على الاسم - وهو قليل - في قول الشاعر :
بأنَّ ذا الْكَلْبِ عَمْرًا خَيرَهُم حَسَبَا بِبَطْنِ شِرْيانَ يَعْوِي حَوْلَهُ الذِّيبُ
في هذا البيت قدّم الشاعر اللقب ( ذا الكلب ) على الاسم ( عمرًا ) وهو
خلاف القياس . ومنه قول الآخر : أَنَا ابْنُ مُزَيْقِيَا عَمْرٍو وجَدَّي أَبُوهُ عَامِرٌ ماءُ السَّماَءِ
في هذا البيت قدم الشاعر اللقب ( ابن مزيقيا ) على الاسم ( عمرو ) وهو خلاف القياس ، ولكنه في الشطر الثاني من البيت جاء به على الأصل فقدم الاسم ( عامر ) على اللقب ( ماء السماء ) وهذا هو القياس الصحيح .
2- إذا اجتمع اللقب مع الكنية جاز تقديم ، أو تأخير أحدهما على الآخر، نحو: أبو عبد الله زين العابدين ، ويجوز : زين العابدين أبو عبد الله .
3- إذا اجتمع الاسم ، واللقب ، والكنية فلا ترتيب للكنية بينهما يجوز تقديمها عليهما- وهو المشهور- نحو : أبو عبد الله محمد زين العابدين ويجوز تأخيرها ، نحو : محمد زين العابدين أبو عبدالله .
الحالاتُ الإعرابيةُ للاسمِ ، واللقبِ
وَإِنْ يَكُونَا مُفْرَدَيْنِ فَأَضِفْ حَتْمًا وَإِلاَّ أَتْبِعِ الَّذِى رَدِفْ
س5- اذكر الحالات الإعرابية للاسم ، واللقب .
ج5- إذا اجتمع الاسم ، واللقب فلهما حالتان : 1- حالة التركيب 2- حالة الإفراد .
1- حالة التركيب ، ولها ثلاث صور ، هي :
أ- أن يكون الاسم مركباً ،واللقب مركبا ،نحو: جاء عبدُ اللهِ أنفُ النَّاقَةِ ،ونحو: رأيت عبدَ اللهِ أنفَ النَّاقةِ ، ونحو : مررت بعبدِ اللهِ أنفِ النَّاقَةِ .
ب- أن يكون الاسم مركباً، واللقب مفردًا، نحو: جاء عبدُ اللهِ كُرْزٌ ، ورأيت عبدَ اللهِ كُرزًا ، ومررت بعبدِ اللهِ كرزٍ .(1/61)
ج- أن يكون الاسم مفردًا ، واللقب مركباً ، نحو : جاء سعيدٌ أنفُ النَّاقةِ ، ورأيت سعيدًا أنفَ الناقةِ ، ومررت بسعيدٍ أنفِ الناقةِ .
في حالة التركيب هذه بصورها الثلاث يجب أن يكون المتأخِّرُ تابعًا للمتقدِّم في إعرابه على أنه بدل منه ، أو عطف بيان ، ويجوز القطع عن التَّبَعِيَّة إلى الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف ، أو إلى النصب على أنه مفعول به .
فمثال الرفع : مررت بزيدٍ أنفُ النَاقَةِ ، والتقدير: هو أنفُ النّاقة ، ومثال النصب: مررت بزيدٍ أنفَ النّاقة ، والتقدير : أَعْنِي أنفَ النّاقة .
2- حالة الإفراد ، ولها صورة واحدة ، هي : أن يكون الاسم ، واللقب مفردين ، وهذه الحالة محلّ خلاف ، فالكوفيون أجازوا وجهين :
أ- الإضافة ، بأن يكون الاسم مضافاً إلى اللّقب ، نحو : هذا سعيدُ كُرْزٍ ، ورأيت سعيدَ كُرْزٍ ، ومررت بسعيدِ كرزٍ .
ب- الإتباع ، بأن يكون اللّقب تابعاً للاسم في إعرابه ، نحو: هذا سعيدٌ كرزٌ ، ورأيت سعيدًا كرزًا ، ومررت بسعيدٍ كرزٍ .
ووافقهم ابن مالك ، والزّجاج على ذلك . أما البصريون فيوجبون الإضافة ، نحو : هذا سعيدُ كرزٍ ، إلا إذا تعذّرت الإضافة بأن يكون أحدهما محلَّى (بأل) فحينئذٍ يجب الإتباع ، نحو : جاءني الحارثُ كرزٌ ، ونحو : هذا هارونُ الرشيدُ ، ونحو : كان حاتمُ الطائيُّ مشهورًا بالكرم .
أما الكنية فتنطبق عليها الأحكام السابقة في حالة التركيب ، نحو :
جاء أبو محمدٍ عبدُ الله ، ورأيت أبا محمدٍ عبدَ اللهِ ،ومررت بأبي محمدٍ عبدِ اللهِ . ولا تَرِدْ الكنية في حالة الإفراد ؛ لأن الكنية لا تكون إلا مركبة .
أقسامُ العلمِ باعتبارِ استعمالِه ، ولفظِه
وحالاته الإعرابية باعتبار لفظه
وَمِنْهُ مَنْقُولٌ كَفَضْلٍ وَأَسَدْ وَذُو ارْتِجَالٍ كَسُعَادَ وَأُدَدْ
وَجُمْلةٌ وَمَا بِمَزْجٍ رُكِّبَا ذَا إِنْ بِغَيْرِ وَيْهِ تَمَّ أُُعْرِبَا(1/62)
وَشَاعَ فى الأَعْلاَمِ ذُو الإِضَافَهْ كَعَبْدِ شَمْسٍ وَأَبِي قُحَافَهْ
س6- اذكر أقسام العلم باعتبار استعماله .
ج6- ينقسم بهذا الاعتبار إلى قسمين : 1- مُرْتَجَل 2- مَنْقُول .
1- العلم المرتجل ، هو : مالم يَسْبِق له استعمالٌ قبل العلميَّة في غيرها ، نحو : سُعَاد ، و أُدَد ، ومريم ، وعُمَر .
2- العلم المنقول ،هو: ما سبق له استعمال في غير العلمية،وهو منقول مما يأتي:
أ- الصِّفة ،كاسم الفاعل : الحارث ، واسم المفعول : مَسْعُود ،والصِّفة المشبَّهة: سَعِيد .
ب- المصدر ، نحو : فَضْل ، وزَيْد .
ج- اسم جنس ، نحو : أَسَد ، وصَقْر .
د- الفعل ، نحو : أحْمد ، ويَزِيد . وهذه الأنواع كلها معربة .
هـ- الجملة ، نحو : تَأَبَّطَ شرًّا ، وجَادَ الحقُّ ، وقَامَ زيدٌ . وهذا النوع يُعرب بالحكاية ، وسيأتي بيانه إن شاء الله .
س7- اذكر أقسام العلم باعتبار لفظه ، موضحا الحكم الإعرابي لكل نوع .
ج7- ينقسم العلم بهذا الاعتبار إلى قسمين : 1- مفرد 2- مركَّب .
1- العلم المفرد : ما ليس مركبا ، نحو : محمد ، وسعيد ، وعليّ .
حكمه الإعرابي : يعرب حسب موقعه في الجملة .
2- العلم المركَّب ، وهو ثلاثة أنواع ، هي :
أ- المركب الإضافي ، هو: ما تكوَّن من مضاف ،ومضاف إليه ،نحو : عبد الله، وعبد الرحمن . حكمه الإعرابي : يعرب الجزء الأول منه حسب موقعه في الجملة ، والجزء الثاني يلزم الإضافة ، نحو : جاءني عبدُ اللهِ وأبو قُحَافَةَ ؛ ورأيت عبدَ اللهِ وأبا قُحَافةَ ، ومررت بعبدِ اللهِ وأبي قُحَافةَ .
ب- المركب المزْجِي ، هو : ما تكون من كلمتين رُكِّبَتَا ،وجُعِلَتَا كلمة واحدة، نحو : حَضْرَمَوْت ، ومَعْد ِيكَرِب ، وسِيْبَوَيْه .
حكمه الإعرابي : يُعرب إعراب الممنوع من الصرف ( للعلمية والتركيب المزجي ) ، نحو : ذهبت إلى حضرموتَ . ويجوز فيه وجهان :
1- البناء على الفتح ، نحو : هذه بَعْلَبَكَّ ، رأيت بعلبكَّ ، مررت ببعلبكَّ .(1/63)
2- الإضافة ، نحو : هذه حَضْرُمَوْتٍ ، ورأيت حضرَموتٍ ، وذهبت إلى حضرموتٍ .
أما إذا كان آخره مختوماً بـ ( وَيْهِ ) فيُبْنَى على الكسر ، نحو : جاء سيبويهِ ، رأيت سيبويهِ ، مررت بسيبويهِ . وأجاز بعضهم إعرابه إعراب الممنوع من الصرف ، نحو : جاء سيبويهُ ، وذهبت إلى سيبويهَ.
ج- المركب الإِسْنَادِي ، هو : المنقول من جملة ، نحو : تَأَبَّطَ شرًّا ، وجادَ الحقُّ ، وشابَ قرناها ، وقامَ زيدٌ .
حكمه الإعرابي : يُحْكَى على أصْلِه قبل نَقْلِه إلى العَلميَّة ، ويُعرب إعراباً تَقْدِيرِيًّا ، نحو: جاء تأبَّطَ شرًّا ، رأيت تَأبَّط شرًّا ، مررت بتأبَّطَ شرًّا .
في المثال الأول : تأبط شرًّا : فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على آخره منع من ظهورها الحِكَايَةُ .
أقسامُ العلمِ باعتبارِ معناه
وَوَضَعُوا لِبَعْضِ الأَجْنَاسِ عَلَمْ كَعَلَمِ الأَشْخَاصِ لَفْظًا وَهْوَ عَمّْ
مِنْ ذَاكَ أُمُّ عِرْيَطٍ لِلْعَقْرَبِ وَهَكَذَا ثُعَالَةٌ لِلثَّعْلَبِ
وَمِثْلُهُ بَرَّةُ لِلْمَبَرَّهْ كَذَا فَجَارِ عَلَمٌ لِلْفَجَرَهْ
س8- اذكر أقسام العلم باعتبار معناه ، معرِّفاً كلَّ نوع ، ومُبَيِّناً أحكامه .
ج8- ينقسم العَلَمُ بهذا الاعتبار إلى قسمين :
1- عَلَم شَخْصٍ . 2- عَلَم جِنْسٍ .
1- علم الشخص ، هو : الاسم الذي يَخْتَصُّ به فَرْدٌ واحد بِعَيْنهِ دُونَ غيره من أفرادِ جِنْسِه ، نحو : محمد ، وعبد الرحمن ، وزيد .
أحكامه : له حكمان :
أ- حكم معنوي ، وهو : أن يُرَادَ به واحد بعينه .
ب- حكم لفظي : وهو : صِحَّةُ الابتداء به ، نحو : زيدٌ مجتهدٌ ، وصِحَّةُ مجيء الحال منه ، نحو : جاءني زيدٌ ضاحكًا ، وَمَنْعُه من الصَّرف ، نحو : مررت بأحمدَ ، ومَنْعُ دخول الألف واللام عليه ؛ فلا يُقُال : جاء العَمْرو ، ومنعه من الإضافة ؛ فلا يُقال : جاء زيدُنا .(1/64)
2- علم الجنس ، هو : ما وُضِعَ للجنس كُلِّه غير مُخْتَصٍّ بفرد واحد بعينه، نحو : أُسَامَة : عَلَم لكل أسد ، وأُمُّ عِرْيطٍ : علم لكل عَقْرب، وثُعَالة: علم لكل ثعلب ؛ ويكون علم الجنس علماً على المعاني ، نحو : بَرَّة : لكل بِرٍّ ، وفَجَارِ : لكل فُجُور .
وعلم الجنس معرفة في اللفظ نكرة في المعنى ، أمّا علم الشخص فهو معرفة لفظًا ومعنىً .
أحكامه : يعامل علم الجنس معاملة علم الشخص في جميع أحكامه اللفظية ؛ لأنه معرفة من جهة اللفظ فيصحّ الابتداء به ، نحو : أسامةُ قويّ ، ويصحّ مجيء الحال منه ، نحو : هذا أسامةُ مُقْبِلاً ، ويُمنع من الصرف ، نحو : ابْتَعِدْ عن أسامةَ وثُعَالَةَ ، ولا تدخل عليه الألف واللام ، ولا يضاف ؛ فلا يصحّ قولك : الأسامة ، ولا يصحُّ : أسامةُ الغابةِ .
( م )س9- هل يجوز إدخال الألف واللام على العلم ؟وهل تجوز إضافته ؟
ج9- الأصل في العلم ألاّ تدخله الألف واللام ، وألاّ يُضاف ؛ وذلك لأنه معرفة بالعلميّة ، فلا يجوز اجتماع مُعَرِّفين في الاسم الواحد . ولكن يجوز ذلك إذا نُكِّر العَلمُ بأنْ حَصَل اشتراك في الاسم العلم ، كأنْ يكون لك صديقان اسمُ كلِّ واحد منهما (زيد) في مثل هذه الحالة يجوز أن تدخل عليه (أل) وتضيفه ، نحو : رأيت زيدًا من الزَّيْدَيْنِ ، ونحو : جاء زيدُنا ، فتكون بذلك قد قَصَدْت شخصًا بعينهٍ دون الآخرين ، وقد ورد تعريف العلم بـ ( أل ) في قول الشاعر :
وَقَد كانَ مِنْهُمْ حَاجِبٌ وابْنُ أُمِّهِ أَبو جَنْدَلٍ والزَّيْدُ زيدُ الْمَعَارِكِ .
وورد كذلك إضافته في قول الشاعر :
عَلاَ زَيْدُنَا يِومَ النَّقَا رَأْسَ زَيدِكُمْ بِأَبْيَضَ مَاضِي الشَّفْرَتَيْنِ يَمَانِ
( م ) س10- ما الفرق بين : علم الشخص ،وعلم الجنس ، واسم الجنس ، والنكرة ؟
ج10- يتضح الفرق بينها بما يلي .
1- علم الشخص : يدل على معيّن بذاته ، فهو معرفة في اللفظ ، وفي المعنى .(1/65)
2- علم الجنس : يشمل الجنس كلّه ، ولا يخصُّ واحدًا بعينه ، فهو معرفة في اللفظ ، نكرة في المعنى . وهو عَلَمٌ للجنس ؛ لأن مُسَمَّى ( أسامة ) مَثَلاً أُطلق على أسدٍ معيّن لسبب من الأسباب ، ثم شاع هذا المسمّى في الجنس كله ؛ لأنك إذا قلت ( أسامة ) تبادر إلى ذهنك صورة أسد من الأسود .
ومثله : أن تُسمي أسدًا معينًا تراه في الحديقة (الْمَلِك) ثم إذا تذكَّرت هذا المسمى الجديد ظهر في ذهنك صورة أسد من الأسود .
وهو معرفة في اللفظ ؛ لصحة الابتداء به، وصحة وقوعه حالاً ، وصحة منعه من الصرف ، وقد سبق بيانه.
4،3- اسم الجنس ، والنكرة : كثير من النحاة لايرون فرقاً بين اسم الجنس ، والنكرة ؛ لأن كلاًّ منهما لا يختص بفرد واحد بعينه ، وكلاهما نكرة لفظاً ومعنى ، ولكن بعض النحويين يرى فرقاً بين الاثنين، فكلمة (رجل) مثلاً إنْ أُريد منها الجسم الحقيقي للإنسان المكوَّن من (الرأس،والرقبة،والأطراف) فهي النكرة ، وإن أُريد منها المعنى القائم في الذهن لكلمة ( رجل ) فهي اسم الجنس .
والحقُّ أنه لا داعي لهذا التفريق بين اسم الجنس والنكرة ، فكلاهما واحد . وينبغي أن يُعلم أن كلمة (رجلٍ ، وأسدٍ ، وثعلبٍ ) ليست مثل ( أُسَامَةَ ، وثُعَالَةَ ، وفِرْعَوْنَ ، وقَيْصَرَ ) لأن هذه المجموعة الأخيرة علم جنس على كل أسد ، وكل ثعلب ، وكل طاغية ، وكل مَلِك للروم ، وأما المجموعة الأولى فهي ليست أعلامًا على شيء .
---
ثالثاً : اسمُ الإشَارَةِ
أسماء الإشارة للمفرد المذكر ، والمؤنث
بِذَا لِمُفْرَدٍ مُذَكَّرٍأَشِرْ بِذي وذِهْ تِي تَا عَلَى الأُنْثَى اقْتَصِرْ
س1- اذكر أسماء الإشارة للمفرد المذكر ، والمؤنث .
ج1-1- أسماء الإشارة للمفرد المذكر : لها لفظ واحد مشهور ، هو : ذا . وله ألفاظ أخرى ، هي : ذَاءِ ، وذَائِهِ ، وذَاؤُهُ .(1/66)
2- أسماء الإشارة للمفردة المؤنثة : لها عشرة ألفاظ ، خمسة منها مبدوءة بحرف الذال ،هي: ذِهِ ، وذِهْ (بسكون الهاء) وذِهِِي (بالإشباع) وذِي ، وذَاتُ . والخمسة الأخرى مبدوءة بحرف التاء ،وهي : تِهِ ، وتِهْ ، وتِهِي ، وتِي، وتَا . والمشهور من هذه الألفاظ العشرة ثلاثة ، هي :ذِهِ ، ذِي ، تِهِ .
( م ) س2- المشار إليه المفرد قد يكون حقيقةً ، وقد يكون حُكْماً ، وَضِّح ذلك .
ج2- المشار إليه المفرد قد يكون مفردًا حقيقة ، نحو: هذا رجلٌ ، وهذا كتاب. فرجل مفرد حقيقة ، وكذلك الكتاب .
وقد يكون المشار إليه مفردًا حُكْما ( أي : لَفْظُه مفرد ، ومعناه جمع ) نحو :
هذا الفَريق ، وهذا الرَّهْطُ ، وهذا الجَمْعُ?
وقد يُستعمل ( ذا ) في الإشارة إلى الجمع ، كما في قول الشاعر :
وَلَقَدْ سَئِمْتُ مِنَ الْحَيَاةِ وطُولِهاَ وَسُؤَالِ هَذَا النَّاسِ كَيْفَ لَبِيدُ .
( م ) س3- لماذا أُشَير بـ ( ذا ) إلى المؤنث ( الشمس ) في قوله تعالى : * ؟
ج3- قد يُشار بـ ( ذا ) إلى المؤنث إذا نُزِّل المؤنث منزلة المذكر ، كما في هذه الآية. وقيل : لأنه أُخْبِر عن الشمس بمذكر ، وهو ( رَبَّي ) .
وقيل : لأن لغة إبراهيم عليه السلام الذي ذُكر هذا الكلام على لسانه لا تُفَرِّق بين المذكّر ، والمؤنث .
س4- وضِّح الخلاف في ألف ( ذا ) .
ج4- 1- مذهب البصريين أنّ الألف من نفْس الكلمة .
2- مذهب الكوفيين أنّ الألف زائدة .
أسماءُ الإشارةِ للمثنَّى المذكَّرِ ، والمؤنَّثِ
وَذَانِ تَانِ لِلْمُثَنَّى الْمُرْتَفِعْ وَفى سِوَاهُ ذَيْنِ تَيْنِ اذْكُرْ تُطِعْ
س5- اذكر أسماء الإشارة للمثنى المذكر ، والمؤنث .
ج5- أسماء الإشارة للمثنى المذكر : لها لفظ واحد ، هو : ذَاْنِ في حالة الرفع ، وذَيْنِ في حالتي النصب ، والجر .
وأسماء الإشارة للمثنى المؤنث : لها لفظ واحد ، هو تَاْنِ في حالة الرفع ، وتَيْنِ في حالتي النصب ، والجر .(1/67)
أسماءُ الإشارةِ للجمعِ المذكرِ ، والمؤنثِ
وأقسام الإشارة باعتبار قُرْبِ المشار إليه ، وبُعْدِه
ومواضع امتناع إلحاق لام البعد باسمِ الإشارة
وَبِأُولَى أَشِرْ لِجَمْعٍ مُطْلَقَا ... وَالْمَدُّ أَوْلَى وَلَدَى البُعْدِ اِنْطِقَا
بِالكَافِ حَرْفاً دُونَ لاَمٍ أَوْ مَعَهْ وَاللاَّمُ إِنْ قَدَّمْتَ هَا مُمْتَنِعَهْ
س6- اذكر أسماء الإشارة للجمع المذكر ، والمؤنث .
ج6- أسماء الإشارة للجمع المذكر والمؤنث : لها لفظ واحد مشترك بينهما ، هو : أُوْلاَءِ ( بالمدَّ ) عند الحجازيين ، وبالقَصْر ( أُوْلَى ) عند بني تميم .
يشار به إلى العاقل ، وغيره . والأكثر استعماله للعاقل ، نحو قوله تعالى :
* وقوله تعالى:* .
ومن وُرُودِه لغير العاقل قوله تعالى : * وكما في قول الشاعر :
ذُمَّ الْمَنَازِلَ بَعْدَ مَنْزِلَةِ اللِّوَى والعَيْشَ بَعْدَ أُولئِكَ الأَيَّامِ
س7- اذكر أقسام اسم الإشارة باعتبار قُرْب المشار إليه ، وبُعْدِه .
ج7- ينقسم اسم الإشارة بهذا الاعتبار إلى ثلاثة أقسام ، هي :
1- اسم الإشارة للقريب ، وهذا القسم تلحقه ( هاء ) التنبيه جوازاً .
والهاء : حرف تنبيه لا محل له من الإعراب ؛ تقول : هذاْ ، وهذهِ ، وهذانِ ، وهاتانِ ، وهؤلاءِ .
2- اسم الإشارة لمتوسط البُعد ، وهذا القسم تلحقه (كاف) الخطاب وجوباً . والكاف : حرف خطاب لا محل له من الإعراب ؛ تقول : ذَاكَ ، وتِيْكَ ، وذَانِكَ ، وتَانِك ، وأُوْلَئِكَ .
3- اسم الإشارة للبعيد ، وهذا القسم تلحقه لام البعد ، وكاف الخطاب ؛ تقول : ذلك ، وتلك ، وأولئك .
ويمتنع إلحاق لام البعد باسم الإشارة للجمع ( أولاء ) عند الحجازيين ، وعند بعض من يَقصر كبني تميم .
هذا التقسيم المذكور هو تقسيم الجمهور . أما ابن مالك فيرى أن اسم الإشارة باعتبار القرب ، والبُعد قسمان : قريب ، وهو الذي تلحقه هاء التنبيه ،
وبعيدٌ ، وهو : الذي تلحقه الكاف وحدها ، أو الكاف واللام معا .(1/68)
س8- ما المواضع التي يمتنع فيها إلحاق لام البُعد باسم الإشارة ؟
ج8- يمتنع إلحاق لام البُعد باسم الإشارة في المواضع الآتية :
1- إذا لحقت هاء التنبيه اسم الإشارة؛ تقول : هذاك . ولا يجوز : هَذَالِكَ .
2- إذا كان اسم الإشارة للمثنى ؛ تقول: ذَانِكَ ،وتَانِكَ . ولا يجوز: ذَانِ لِك ، ولا : تَانِ لِكَ .
3- إذا كان اسم الإشارة للجمع ؛ تقول : أولئك . ولا يجوز عند الحجازيين , وبني تميم : أولاءِ لِك ، ولكنه جائز عند أَسَد ، وَقَيْس ، وربيعة ، قال الشاعر :
أُوْلاَلِكَ قَوْمِي لَمْ يَكُونُوا أُشَابَةً وهَلْ يَعِظُ الضِّلِّيلَ إلاَّ أُوْلاَلِكَا
س9- هل يجوز اجتماع هاء التنبيه مع كاف الخطاب ؟
ج9- نعم . يجوز ذلك سَواء أكان اسم الإشارة للمفرد ، كما في قول الشاعر:
رَأيْتُ بَنِي غَبْرَاءَ لا يُنْكِرُونَنِي وَلا أَهْلُ هَذَاكَ الطِّرَافِ الْمُمَدَّدِ
أو كان للمثنى ، أو للجمع - وهو قليل - كما في قول الشاعر :
يَامَا أُمَيْلِحَ غِزْلاَنًا شَدَنَّ لَنا مِنْ هَؤُلَيَّائِكُنَّ الضَّالِ والسَّمَرِ
أسماء الإشارة للمكان القريب , والبعيد
وَبِهُنَا أَوْ هَهُنَا أَشِرْ إِلَى دَانِى الْمَكَانِ وَبِهِ الكَافَ صِلاَ
فى البُعْدِ أَوْ بِثَمَّ فُهْ أَوْ هَنَّا أَوْ هُنَالِكَ انْطِقَنْ أَوْ هِنَّا
س10- اذكر أقسام اسم الإشارة للمكان باعتبار الْقُرْبِ ، والبُعْد .
ج10- ينقسم اسم الإشارة للمكان باعتبار القُرْب ، والبُعد إلى ثلاثة أقسام ، هي :
1- اسم الإشارة للمكان القريب : هُنَا . ويجوز أن تلحقه هاء التنبيه؛ فتقول : هَهُنَا .
2- اسم الإشارة للمكان متوسط البُعد : هُنَاكَ .
3- اسم الإشارة للمكان البَعيد : هُنَالِكَ ، وهَِنَّا ، وهِنَّتْ ، وثَمَّ ، وثَمَّةَ .
وينقسم على مذهب ابن مالك إلى قسمين :
1- قريب : هُنا . 2- بعيد : هُنَاكَ ، وهُنالِكَ ، وهَِنَّا ... إلخ .
س11- ما المبني ، وما المعرب من أسماء الإشارة ؟(1/69)
ج11- أسماء الإشارة كلُّها مبنيّة ما عدا المثنى منها ( هذان ، وهاتان ) فهو معرب .
---
رابعاً : الْمَوْصُولُ
الموصولات الاسمية , والحرفية
الأسماء الموصولة الخاصة للمفرد المذكر, والمؤنث
والمثنى المذكر, والمؤنث
واللغات في نون ( اللَّذانِ , واللَّتانِ ، وهذانِ , وهاتانِ )
مَوْصُولُ الأَسْمَاءِ الَّذِى الأُنْثَى الَّتى وَالْيَا إِذَا مَا ثُنِّيَا لا تُثْبِتِ
بَلْ مَا تَلِيهِ أَوْلِهِ الْعَلاَمَهْ وَالنُّونُ إنْ تُشْدَدْ فَلاَ مَلاَمَهْ
وَالنُّونُ مِنْ ذَيْنِ وَتَيْنِ شُدِّدَا أَيْضًًاوَتَعْوِيضٌ بِذَاكَ قُصِدَا
س1- إلى كم قسم ينقسم الموصول ؟
ج1- ينقسم الموصول إلى قسمين : 1- موصول حَرفي 2- موصول اسمي .
س2- عرِّف الموصول الحرفي ، مع التمثيل له .
ج2- الموصول الحرفي ، هو : كلُّ حَرفٍ أُوِّل مع ما بعدَه بمصدر صريح . وهو يحتاج إلى صِلَة ، ولا يحتاج إلى عَائِد ( أي: ضمير ) نحو: أريد أَنْ أتعلَّم . في هذه الجملة الموصول الحرفي هو ( أَنْ ) وجملة أتعلَّم الصِّلة، ولا يوجد عائد ؛ لأن الضمائر لا تعود إلا إلى الأسماء .
س3- اذكر الموصولات الحرفية ، وما علامتها ؟ مع التمثيل لِكُلٍّ منها .
ج3- الموصولات الحرفية ، خمسة ، وهي : أَنْ ، وأَنَّ ، وكَي ، ومَا ، ولَوْ .
وهي مبنية ؛ لأن الحروفَ كلَّها مبنية .
وعلامتها : صِحّة وقوع المصدر موقعها ، وإليك بيانها :
أولاً : أَنْ المصدريّة ، وتُوصَلُ بما يلي :
1- الفعل الماضي المتصرف ، نحو : عجبتُ مِنْ أَنْ قامَ زيدٌ ( أي : عجبت من قِيَامِه ) .
2- الفعل المضارع المتصرف ، نحو : عجبتُ مِنْ أَنْ يقومَ زيدٌ .(1/70)
3- فعل الأمر المتصرف ، نحو : أَشَرتُ إليه بأنْ قُمْ . فإن وقع بعد أَنْ فعلٌ غير متصرف (جامد) نحو : عَسَى ، وليس فهي (أنْ) المخفَّفة من الثقيلة ،كما في قوله تعالى : * وقوله تعالى: * وأنْ المخففة من الثقيلة تُوصل باسمها وخبرها، لكنّ اسمها محذوف يُسمى ضمير الشَّأْن .
ثانياً : أَنَّ ، وتُوصَلُ باسمها وخبرها، واسمها يكون مذكوراً ، نحو : عجبتُ مِنْ أَنَّ زيدًا قائمٌ ، وكما في قوله تعالى : * .
ثالثاً : كَيْ ، وتُوصَلُ بفعل مضارع فَقَطْ ، نحو: جئتُ لكي أتعَلَّمَ ( أي : جئتُ للتعلُّمِ ) .
رابعاً: مَا ، وهي نوعان : 1- مَصْدَرِيَّةٌ (غير ظرفية) 2- مصدريّةٌ ظَرْفِيَّةٌ .
1- مَا المصدرية ( غير الظرفية ) وتُوصَلُ بما يلي :
أ- الفعل الماضي ، نحو : عجبتُ مِمَّا ضربتَ زيدًا ، أي : عجبتُ من ضَربِك إيَّاه ، وكما في قوله تعالى : * ( أي : بنسيانهم ) .
ب- الفعل المضارع ، نحو : عجبت ممَّا تضِربُ زيدًا .
ج- الجملة الاسمية ، نحو : عجبتُ مما زيدٌ قائمٌ .
2- ما المصدرية الظرفية ، وتُوصَلُ بما يلي :
أ- الفعل الماضي - وهو كثير - كما في قوله تعالى : * ( أي: مُدَّة بقائي حَيّاً ) ونحو : لا أصحبُك ما دُمْتَ تاركًا الصَّلاةَ ، ونحو : سيبقى الإسلام ما بقي العَالَمُ .
ب- الفعل المضارع المنفي بـ ( لَمْ ) - وهو كثير - نحو : لا أصحبُك ما لم تطعِ اللهَ ، وفي الحديث : " إنّ الله يَقْبَلُ توبةَ العبدِ مالم يُغَرْغِرْ " . ويَقِلُّ وَصْلُها بالمضارع غير المنفيِّ بَلَمْ ، نحو : لاأصحبُك ما يقومُ زيدٌ . ومنه قول الشاعر :
أُطَوِّفُ ما أُطَوِّفُ ثُمَّ آوِي إِلَى بَيْتٍ قَعِيدَتُهُ لَكَاعِ
ج- الجملة الاسمية - وهو قليل- نحو : لا أصحبُك ما زيدٌ قائمٌ .
خامسًا : لو ، وتُوصَلُ بما يلي :
1- الماضي ، نحو : وَدِدْتُ لو قام زيدٌ .(1/71)
2- المضارع ، كما في قوله تعالى : * ، وكقولك : " وَدِدْتُ لو يقومُ زيدٌ ( أي : وددتُ قِيامَه ) وأكثر وقوعها بعد الفعل وَدَّ يَوَدُّ .
( م ) س4- إذا وقع بعد ( ما ) المصدرية جملة اسمية مُصَدَّرة بحرف مصدري آخر ، فما محلُّ الجملة الاسمية من الإعراب ؟ مع ذكر مثال لهذه المسألة .
ج4- مثال هذه المسألة ، نحو : لا أَخَونُ الأمانةَ ما أنَّ في السماءِ نجمًا .
اجتمع في هذا المثال حرفان مصدريان أولهما ( ما ) وثانيهما ( أنّ ) ، وقد اُخْتُلف في إعراب هذه المسألة ، على النحو الآتي :
1- جمهور البصريين : يرون أنّ المصدر الْمُؤَوَّل من أنّ واسمها وخبرها في محل رفع فاعل لفعل محذوف تقديره : ثَبَتَ ، والمعنى : لا أخونُ الأمانةَ ما ثبت أنّ في السماء نجمًا، فهو حينئذ من باب وَصْل ( ما ) المصدرية بالفعل الماضي ؛ لأن الأكثر وصْلهُا بالأفعال ، والْحَمْل على الأكثر أَوْلَى ، والفعل والفاعل صِلة
( ما ) المصدرية الظرفية ، والتقدير : مُدَّة ثبوت نجم في السماء .
2- الكوفيون : ذهبوا إلى أنّ المصدر المؤول من أنّ واسمها وخبرها في محل رفع مبتدأ ، خبره محذوف ، تقديره ( ثَابِت ) والمعنى : لا أخون الأمانة ما أنّ في السماء نجمًا ثابتٌ . والمبتدأ والخبر صلة ( ما ) . وهذا الرأي من باب وَصل(ما) بالجملة الاسمية ، ووصلها بالجملة الاسمية قليل .
س5- الموصول الاسمي قسمان ، اذكرهما ، مع تعريف كلٍّ منهما .
ج5- ينقسم الموصول الاسمي إلى قسمين هما :
1- اسمٌ موصولٌ خاصٌّ 2- اسمٌ موصولٌ مَشْتَرَكٌ .
1- الأسماء الموصولة الخاصّة ، هي : التي تُذْكَرُ مُفردة ، ومُثَنَّاة ، ومجموعة ، ومذكَّرة ومُؤنَّثة ،نحو: الَّذي،والَّتي، واللَّذَانِ، واللَّتَانِ، والَّذِينَ، واللاَّتِي،واللاَّئي .
2- الأسماء الموصولة المشتركة ، هي : التي تذكر بلفظ واحد للمفرد ، والمثنى، والجمع ؛ والمذكر، والمؤنث . وسيأتي بيانها إن شاء الله .(1/72)
س6- اذكر الأسماء الموصولة الخاصّة للمفرد المذكر والمؤنث ، والمثنى المذكر والمؤنث .
ج6-1- الاسم الموصول للمفرد المذكر ، هو : ( الَّذِي ) سواء أكان مفردًا حقيقة ، نحو : زيدٌ الذي يزورُنا رجلٌ كريمٌ ، أو كان مفردًا حُكماً ، نحو: الفريقُ الذي أعملُ فيه فريقٌ نافعٌ .
وهو يختص بالعاقل ، كما في الأمثلة ، وبغير العاقل ، نحو : اليوم الذي سافرتُ فيه كان يومًا مُمْطِرًا .
2- الاسم الموصول للمفرد المؤنث ، هو : ( الَّتي ) ويختص بالعاقل ، نحو : الطالبةُ التي غابت من الهندِ ، وبغير العاقل ، نحو : الكُتُبُ التي اشتريتُها مفيدةٌ .
3- الاسم الموصول للمثنى المذكر، هو : ( اللَّذَانِ ) ويختص بالعاقل ، نحو : الطالبانِ الَّلذان نَجَحَا من السُّودان ، وبغير العاقل ، نحو : الكتابانِ اللذانِ اشتريتُهما مفيدانِ .
4- الاسم الموصول للمثنى المؤنث ، هو : ( اللَّتانِ ) ويختص بالعاقل ، نحو : الطالبتان اللَّتان نَجَحَتَا من السُّودانِ ، وبغير العاقل ، نحو : الحقيبتانِ اللتانِ اشتريتهما جميلتانِ .
س7- اذكر لغات العرب في نون اللّذانِ ، واللّتانِ ، وهذانِ , وهاتانِ .
ج7- فيها لغتان : 1- التَّخفيف : اللَّذَانِ واللَّتَانِ ، وهذانِ وهاتانِ .
2-التَّشديد:اللَّذَانِّ،اللَّتَانِّ.وقدقُرئ قوله تعالى* بالتشديد . ويجوز التشديد مع الياء ( اللذينِّ ، اللتينِّ ) وهو مذهب الكوفيين ، وقد قرئ قوله تعالى : * بالتشديد .
والتشديد عِوَض عن الياء المحذوفة في ( الذي ، والتي ) لأن الأصل في تثنيتهما أن يُقال : اللَّذَيَانِ ، واللَّتَيَانِ . ويجوز كذلك التشديد في ( هذانِ و هاتانِ ) فتقول : هذانِّ وهاتانِّ . وكذلك يجوز التشديد مع الياء على مذهب الكوفيين ، وقد قرئ قوله تعالى : * بتشديد النون .
وتشديد النون عوض عن الألف المحذوفة في (ذا و تا ) لأن الأصل في تثنيتهما أن يقال : ذيانِ وتيانِ .(1/73)
* وبعض العرب من لغتهم حذف النون في اللذانِ ،كما في قول الشاعر :
أَبَنِي كُلَُيْبٍ إنَّ عَمَّيَّ اللَّذَا قَتَلاَ الْمُلُوكَ وفَكَّكَا الأَغْلاَلا َ*
الأسماء الموصولة للجمع المذكر ، والمؤنث
واللغاتُ في إعرابِ الَّذِينَ
جَمْعُ الَّذى الأُلَى الَّذِينَ مُطْلَقًا وَبعْضُهُمْ بِالوَاوِ رَفْعًا نَطَقَا
بِاللاَّتِ وَاللاَّءِ الَِّتى قَدْ جُمِعَا وَاللاَّءِِ كَالَّذِينَ نَزْرًا وَقَعَا
س8- اذكر الأسماءَ الموصولةَ الخاصَّةَ للجمع المذكر ، والمؤنث .
ج8-1- الاسم الموصول للجمع المذكر : له لفظان : الذين ، والأُلَى .
أَمَّا الذين فهو يختص بالجمع المذكر العاقل فقط ، نحو : سافر الطلابُ الذين نَجَحُوا .
وأما الأُلَى فهو يختص بالجمع مُطلقًا مذكرًا كان أو مؤنثاً ، عاقلاً أو غير عاقل ، لكنَّ أكثر استعماله للجمع المذكر العاقل ، نحو : سافر الطلابُ الأُلى نجحوا ، ونحو : اشترِ الكتبَ الأُلى تستفيدُ منها .
وقد اجتمع استعمالها لجمع المذكر العاقل ، وجمع المؤنث غير العاقل في قول الشاعر :
وتُبْلِى الأُلَى يَسْتَلْئِمُون على الأُلَى تَرَاهُنَّ يومَ الرَّوْعِ كَالحِْدَأِ القُبْلِ
الشاهد فيه : الألى يستلئمون ، والألى تراهُنَّ . وجه الاستشهاد : أن الشاعر استعمل الألى مرّة لجمع المذكر العاقل في قوله (الألى يستلئمون) بدليل واو الجماعة في يستلئمون، واستعملها مَرّة أخرى لجمع المؤنث غير العاقل في قوله : ( الألى تراهنَّ ) بدليل ضمير الإناث في تراهنّ ، وهذا الضمير يعود إلى غير العاقل وهو ( الخيل ) .
ومن الأمثلة على استعمالها لجمع المؤنث العاقل ، قولك : تفلحُ الطالباتُ الأُلى يجتهدْنَ . ومنه قول الشاعر :
فأمَّا الأُلَى يَسْكُنَّ غَوْرَ تِهَامَةٍ ... فَكُلُّ فَتَاةٍ تَتْرُكُ الحِجْلَ أَقْصَمَا
( أي : فأمَّا اللائي يسكنّ ) .(1/74)
2- الاسم الموصول للجمع المؤنث : له لفظان : اللاتِ ، واللاءِ (بحذف الياء) ويجوز إثباتها : اللاتِي، واللائِي . ويختصان بالجمع المؤنث العاقل ، نحو : سافرتِ الطالباتُ اللاتِ نجحْنَ ، أواللاءِ نجحْنَ ، وبغير العاقل ، نحو : امتلأ البحرُ بالسفنِ اللاتِ تنقلُ البضائع ، أو : اللاءِ تنقلُ البضائع .
قد تستعمل ( اللاء ) بمعنى الذين ، كما في قول الشاعر :
فَمَا آبَاؤُنَا بِأَمَنَّ مِنْهُ عَلَيْنا اللاَّءِ قد مَهَّدُوا الْحُجُورَا
( أي : آباؤنا الذين قد مهَّدوا الحجورا ) .
س9- ما المعرب ، وما المبنى من الأسماء الموصولة الخاصَّة ؟
ج9- الأسماء الموصولة الخاصّة كلّها مبنيّة ما عدا المثنى منها ( اللَّذان ، واللّتانِ ) فهو معرب .
س10- اذكر لغات العرب في إعراب الَّذِينَ .
ج10- في إعرابها لغتان :
1- أن تلزم الياء مطلقا رفعاً ، ونصباً ، وجرًّا ( وهي مبنية على الفتح ) نحو : جاء الذينَ أكرموا زيدًا . رأيت الذينَ أكرموا زيدًا .مررت بالذينَ أكرموازيدًا .
2- أن تلزم الواو في حالة الرفع ، وتلزم الياء في حالتي النصب ، والجر .
وهذه لغة هُذَيل ، قال الشاعر :
نَحْنُ الَّذُونَ صَبَّحُوا الصَّبَاحَا يَوْمَ النُّخَيلِ غَارَةً مِلْحَاحَا
الَّذونَ في هذا البيت : خبر للمبتدأ نحن ، فقيل : إنه خبر مرفوع بالواو ؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم . وقيل : إنه خبر مبني على الواو في محل رفع .
وهذا هو الصحيح .
...
الأسماءُ الموصولةُ الْمُشْتَرَكَةُ
وَمَنْ وَمَا وَأَلْ تُسَاوِى مَا ذُكِرْ وَهَكَذَا ذُو عِنْدَ طَيءٍ شُهِرْ
وَكَالَّتِى أَيْضًا لَدَيْهِمْ ذَاتُ وَمَوْضِعَ اللاَّتِى أَتَى ذَوَاتُ
س11- عرّف الاسم الموصول المشترك ، مع التمثيل له .
ج11- الاسم الموصول المشترك ، هو : الذي يُذْكَرُ بلفظ واحد للمفرد ، والمثنى ، والجمع بنوعيه ، والمؤنث ، والمذكر .(1/75)
والأسماء الموصولة المشتركة، هي: مَنْ ،وما،وألْ الموصولة، وذُو ،وذَا ،وأَيّ .
تقول : جاءني مَنْ قام ، ومَنْ قامتَ ، ومَنْ قامَا ، ومنْ قامَتَا ، ومَنْ قامُوا ،
ومن قُمْنَ ... وهكذا في الباقي .
س12- بِمّ تَخْتَصُّ مَنْ ؟وهل تستعمل في غير اختصاصها ؟ وضِّح ذلك .
ج12- تختص مَنْ بالعاقل ، كما في قوله تعالى :
* وقد تستعمل لغير العاقل ، وذلك في ثلاثة مواضع ، هي :
1- أن يُنَزَّل غير العاقل مَنْزِلَة العاقل ، كما في قوله تعالى :
* نزَّل المشركون الأصنامَ بدعائهم إياها منزلة العاقل ، وكما في قول الشاعر :
أَسِرْبَ القَطَا هَلْ مَنْ يُعِيرُ جَنَاحَه لَعَلِّي إلى مَنْ قَدْ هَوِيتُ أَطِيرُ
الشاهد فيه : مَنْ يُعِيرُ . وجه الاستشهاد : أن الشاعر استعملَ مَنْ لغير العاقل
( القَطَا ) وهو نوع من الطير ، وذلك بأنْ ناداه وطلب منه أن يعيره جناحه ؛ وبذلك يكون قد نزّله منزلة العاقل .
2- إذا اجتمع غير العاقل مع العاقل في حكم واحد ، كما في قوله تعالى :
* قوله تعالى: * اجتمع في هذا الحكم : الإنسان ، والملائكة ، والطير ، والأصنام ، وغيرها كثير .
وكمافي قوله تعالى: * اجتمع فيه الإنسان،والطير .
وكما في قوله تعالى : * .
وغَلَّبَ العاقل بقوله ( مَنْ ) لأن الأصل تغليب العاقل على غيرالعاقل .
3- إذا اجتمع غير العاقل مع العاقل في عُمُوم فُصِّل بـ ( مِنْ ) الجارَّة ، كما في قوله تعالى :* لفظ (كلّ دابّة ) عموم يَدْخُل فيه العاقل ، وغير العاقل ، ثمّ فُصِّل هذا العموم بـ ( مِنْ ) .
س13- بِمّ تَختصُّ ما ؟ وهل تستعمل في غير اختصاصها ؟وضِّح ذلك .
ج13- تختص ما بغير العاقل ،كما في قوله تعالى : * وقوله تعالى : * , وقد تستعمل للعاقل ، وذلك في ثلاثة مواضع ، هي :
1- إذا اجتمع العاقل مع غير العاقل في حكم واحد ، كما في قوله تعالى : * اجتمع في حكم التَّسبيح العاقل، وغير العاقل ؛ وغُلِّب غير العاقل بقوله ( ما ) لِكَثْرَتِهِ.(1/76)
2- بيانُ صِفات العاقل ( لأنَّ ما تُشْعِرُ بمعنى الوَصْفِيَّة ) كما في قوله تعالى :
* ( أي : انكحُوا ذات الصفات الحميدة من دينٍ،وخُلُق ) وكما في قوله تعالى: * ( أي: والقادر الذي بناها ) .
3- في الْمُبْهَم أمْرُه ، كقولك وقد رأيت شَبَحًا من بعيد : انظرْ إلى ما ظهر ؛ تقول ذلك لأنك لا تدري أإنسان هو أم لا ؟ وليس منه قوله تعالى :
* فإن ( ما ) في هذه الآية لغير العاقل ؛ لأن الْحَمْلَ مُلْحَق بالْجَمَاد ، وأما إبْهَام ذكورته ، وأنوثته فلا يُخرجه عن كونه عاقلاً .
* ( ما ، ومنْ ) الموصولتان اسمان باتفاق . *
* س14- زعم قوم منهم ابنُ دَرَسْتَوَيْهِ أن ( ما ) تقع على آحاد مَنْ يَعْقِل مُطلقًا ، وضِّح ذلك .
ج14- وردت بعض النصوص على وقوع ( ما ) على آحاد من يعقل ، نحو قوله تعالى :* وقوله تعالى : * وقوله تعالى: * ولذلك بَنَوا قولهم هذا على مجموع هذه النصوص ، بل قيل : إنّ ما تستعمل للعاقل ، ولكن على قِلَّة . وسُمع قولهم : سُبْحَانَ ما سَخَّرَكُنَّ لنا ، وسُبْحَان ما يُسبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِه ، فقيل : هي لِذَوَاتِ مَنْ يعقل .
س15- بم تختصّ ( أل ) الموصولة ؟ وما موضع الخلاف فيها ؟
ج15- تختص أل الموصولة بالعاقل ،وغيره ، نحو: جاءني الضارِبُ والمضْرُوبَ ، (أي: الذي ضَرَب ، والذي ضُرِبَ) ونحو : انظر إلى الطائر (أي : الذي يطير) .
واختلف فيها ، أاسْمٌ هي أم حرف ؟ فذهب قوم إلى أنها اسم موصول . وهذا هو الصحيح . وقال آخرون : إنهاحرف موصول ، وقيل : إنها حرف تعريف .
س16- بم تختص ( ذو ) ؟ وهل هي موصولة في جميع لغات العرب ؟
ج16- تختص ذو بالعاقل ، وغيره ، نحو قولهم : " لاَ وَذُو في السَّماَء عَرْشُهُ "
( أي : لا والذي في السماء عرشه ) وكما في قول الشاعر :
فإنَّ الماءَ مَاءُ أبِي وجَدِّي وبِئْرِي ذو حَفَرْتُ وذو طَوَيْتُ
( أي : بئْري التي حفرت ، والتي طويت ) .(1/77)
وكما في قولهم : بِالفَضْلِ ذو فَضَّلكم اللهُ به والكَرَامَةِ ذاتُ أَكْرَمَكُم الله بها . وهي تستعمل موصولة في لغة طيء .
س17- ما أشهر لغاتهم فيها ؟ وما المشهور إعرابها أو بناؤها ؟
ج17-أشهر لغاتهم فيها : أنْ تكون ( ذو ) بلفظ واحد للمذكر ، والمؤنث ،
والمفرد، والمثنى ، والجمع ، نحو : جاءني ذو قام ، وذو قامتْ ، وذو قاما ، وذو قامتَا ، وذو قاموا ، وذو قُمْنَ .
وقد تُؤَنَّثُ ، وتُثَنَّى ، وتُجْمَع ، نحو : جاءني ذاتُ قامت ، وذَوَا قاما ، وذَوَاتَا قامَتا ، وذَوَاتُ قُمْنَ ، وذَوُو قامُوا .
والمشهور : أن تكون ( ذو ) مبنيّة على الواو . ومنهم مَنْ يُعْرِبها إعراب الأسماء السِّتة رفعاً بالواو ، ونصباً بالألف ، وجرًّا بالياء ،كما في قول الشاعر :
فَإمَّا كِرَامٌ مُوسِرُون لَقِيتُهُمْ ... فَحَسْبِي مِنْ ذي عِنْدَهُمْ مَا كَفَانِيَا
في هذا البيت وردت ( ذو ) مجرورة بحرف الجر مِنْ وعلامة جرِّها الياء فَدَلَّ ذلك على أنها مُعْرَبَةٌ إعراب الأسماء الستة . ومن النحاة من رواها في هذا البيت بالواو ( مِنْ ذو ) على أنها مبنية .
وأما ( ذاتُ ، و ذَوَاتُ ) فالأفصح فيهما البناء على الضم . وقيل : إنهما تعربان إعراب جمع المؤنث السالم على ما حكاه ابن النَّحَّاس .
وأمَّا ( ذوا ، و ذواتا ) فتعربان إعراب المثنى ، وأمَّا ( ذَوُو ) فتعربُ إعراب جمع المذكر السالم .
شروطُ استعمالِ ( ذا ) موصولةً
وَمِثْلُ مَا ( ذَا ) بَعْدَ مَا اِسْتِفْهَامِ أَوْ مَنْ إِذَا لَمْ تُلْغَ فى الكَلاَمِ
س18- بم تختص ( ذا ) ؟ وما شروط استعمالها موصولة ؟
ج18- تختص ذا بالعاقل وغيره ، كما في قول الشاعر :
وقَصِيدَةٍ تَأْتي الْمُلُوكَ غَرِيبَةٍ قَدْ قُلْتُهَا لِيُقَالَ مَنْ ذَا قَالَهَا
( أي : مَنِ الّذي قالها ؟ ) وكما في قوله تعالى : *
( أي : ما الذي أنزلَه ربُّكم ؟ ) .(1/78)
وتُستعمل بلفظ واحد فقط ؛ تقول : مَنْ ذا عِندك ؟ وماذا عندك ؟ سواء أكان الذي عنده مُفْردًا مُذكَّرا ،أم غيره . ويُشترط لاستعمالها موصولة ثلاثة شروط ، هي : 1- أن تُسبق بـ ( ما ، أو مَنْ ) الاستفهاميتين ، كما تقدّم في الأمثلة .
2- ألاّ تدلّ على الإشارة ، وألاّ تُسبق بـ (هاء) التنبيه .
فإن قيل : من ذا الذَّاهبُ ؟ أو قيل : مَنْ هذا الذّاهبُ ؟ فهي في المثالين اسم إشارة ، وليست موصولة .
3- ألا تكون مُلْغَاةً ، وذلك بتقديرها مُركَّبة مع ( ما ) باتَّفَاق ، أو مع ( مَنْ ) خلافاً للبصريين .
فإن رُكِّبتا وجُعِلَتا كلمة واحدة ، نحو: لماذا قُمْتَ ؟ ونحو : ماذا عندَك ؟ ونحو : مَنْ ذا عندك ؟ فهي للاستفهام .
وبتقديرها مركبة يكون المعنى : لِمَ قُمْتَ ؟ وأيّ شيء عندك ؟
س19- أعرب الجمل الآتية مرّة باعتبار ( ذا ) موصولة ، وأخرى باعتبارها مركبة : ماذا فعلتَ ؟ ماذا عندك ؟ مَنْ ذا عندك ؟
ج19- أولاً : إعرابها باعتبارها موصولة :
1- ماذا فعلت ؟ ما : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ .
ذا : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع خبر ، وجملة (فعلتَ) صِلة الموصول لا محل لها من الإعراب .
2- ماذا عندك ؟ ومن ذا عندك ؟ كالإعراب السابق .
ثانياً : إعرابها باعتبارها مركَّبة .
1- ماذا فعلتَ ؟ ماذا : اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب مفعول به مُقَدَّم ، و( فعلت ) فعل وفاعل .
2- ماذا عندك ؟ ماذا : اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ ،
وشبه الجملة ( عندك ) في محل رفع خبر .
3- مَنْ ذا عندك ؟ كإعراب ماذا عندك ؟
جملةُ الصِّلةِ واشتمالُها على الضميرِ العائدِ
وَكُلُّهَا يَلْزَمُ بَعْدَهُ صِلَهْ عَلَى ضَمِيرٍ لاَئِقٍ مُشْتَمِلَهْ
س20- عرِّف الصَّلة ، والعائد ، مع ذكر الأمثلة عليها .
ج20- الصَّلة ، هي : الجملة التي تُذكر بعد الاسم الموصول لِتُتَمِّمَ معناه .(1/79)
والعائد ، هو : الضمير الذي يعود إلى الاسم الموصول، ويُطَابقه في الإفراد، والتثنية ، والجمع ، والتذكير ، والتأنيث . ويقع في جملة الصلة ،وهو إمّا ظاهر ، وإمّا مستتر .
مثال : أين الحقيبة التي اشتريتَها ؟ التي : اسم موصول ، وجملة (اشتريتها) هي الصِّلة ، والضمير (الهاء ) في اشتريتها هو العائد ؛ لأنه يعود إلى الاسم الموصول ( التي ) وهو مطابق له كما ترى .
مثال آخر : اقْرَأْ ما ينفعك . ما : اسم موصول، وجملة ( ينفعك ) هي الصّلة، والعائد ضمير مستتر تقديره ( هو ) يعود إلى الاسم الموصول ( ما ) .
* س21- هل يلزم في الموصول الحرفي أن يشتمل على صلة ، وعائد ؟
ج21- الموصول الحرفي يحتاج إلى صلة فقط ، و لا يحتاج إلى عائد ، نحو : أريدُ أنْ أنجحَ . أنْ : موصول حرفي ، وجملة ( أنجح ) هي الصلة ، ولا عائد فيها . فالعائد لا يشترط إلا في الموصول الاسمي فقط ؛ لأن الضمائر لا تعود إلاّ إلى الأسماء فقط .
* س22- ما محلُّ جملة الصلة من الإعراب ؟
ج22- جملة الصلة لا محلَّ لها من الإعراب .
س23- هل تجب مطابقة الضمير العائد للاسم الموصول بنوعيه المشترك ، والخاص ؟
ج23- الاسم الموصول المشترك قد يختلف لفظه عن معناه ، وقد يطابقه ، فمثلاً : (من و ما) لفظهما مفرد مذكر، ومعناهما قد يكون مذكراً كذلك ، وقد يكون مفرداً مؤنثاً ، أو يكون مثنى أو جمعاً ، وهنا يكون اللفظ مختلفاً عن المعنى ؛ ولذلك يجوز في الضمير العائد وجهان :
1- مراعاة لفظ الاسم الموصول،وفي هذه الحالة يجب أن يكون مفردًا مذكرًا ، نحو : جاء مَنْ علَّمَني ؛ تقول ذلك للمفرد ، والمفردة ، والمثنى بنوعيه ، والجمع بنوعيه . فالضمير العائد فيها جميعا مستتر تقديره ( هو ) .(1/80)
2- مراعاة معنى الاسم الموصول ، وفي هذه الحالة يجب أن يكون الضمير مطابقاً للاسم الموصول على حسب معناه ، نحو : أعجبني منْ قامَ ،ومنْ قامتْ ، ومنْ قاما ، ومنْ قامَتَا، ومنْ قامُوا ، ومنْ قُمْنَ . وقد ورد الوجهان في قوله تعالى : * مراعاة للفظ ، وقوله تعالى: * مراعاة للمعنى .
أما الاسم الموصول الخاص فيجب أن يطابقه الضمير ؛ لأن لفظه يطابق معناه في جميع حالاته .
أقسامُ الصِّلَةِ
وَجُمْلَةٌ أَوْ شِبْهُهَا الَّذِى وُصِلْ بِهِ كَمَنْ عِنْدِى الَّذِى ابْنُهُ كُفِلْ
س24- اذكر أقسام الصِّلَة ، و أقسام كلِّ قسم .
ج24- تنقسم الصلة إلى قسمين ، هما : 1- جملة 2- شبه جملة .
وتنقسم الجملة إلى قسمين: أ- جملة اسمية ،نحو: أحسنتُ إلى الذي أبوه كريم.
ب- جملة فعليّة ، نحو : أحسنتُ إلى مَنْ أساءَ إليَّ .
وتنقسم شبه الجملة إلى قسمين أساسيين ، هما :
أ- الجار والمجرور ، نحو : عرفتُ منْ في الدار .
ب- الظَّرف ، نحو : عرفتُ الذي عِنْدك .
واختار بعض النحاة قسمًا ثالثاً لشبه الجملة ، هو : الصِّفة الصَّريحة التي هي صِلَة ( أل ) الموصولة ، نحو: أكرمت المكْرِمَ ضيفَه .
س25- اذكر شروط جملة الصِّلَة .
ج25- يُشترط لها أربعة شروط ، هي :
1- أن تكون خبريّة ، أي : تحتمل الصِّدق ، والكَذِب ؛ ولذلك لا يجوز قولك : " جاء الذي اِضْرِبْه " لأنها طلبية ، خلافاً للكسائي . ولا يجوز قولك: " جاءني الذي ليته قائم" لأنها إنشائية ، خلافاً لابن هشام .
2- أن تكون خالية من معنى التعجُّب . فلا يجوز : جاء الذي ما أَحْسَنَه !
3- ألاّ تكون مفتقرة إلى كلام قبلها . فلا يجوز : جاء الذي لكنه بخيلٌ ؛ لأن هذه الجملة تَسْتَدعِي أنْ تُسبق بجملة أخرى .
4- أن تكون معهودة للمخاطَب (غير مُبْهَمَة) ويجوز إِبْهَام الصَّلة إذا كانت للتَّفْخِيم ، أو التَّهْويل ، كقوله تعالى : *
وقوله تعالى : * .
((1/81)
م ) س26- اذكر رأي الكسائي في البيتين الآتيين . وبِمَ يُجاب عليه ؟
وإنِّي لَرَاجٍ نَظْرَةً قِبَلَ الَّتِي لَعَلِّي وإنْ شَطَّتْ نَوَاهَا أزُورُهَا
وَمَاذَا عَسَى الوَاشُونَ أنْ يَتَحَدَّثُوا سِوَى أنْ يَقُولُوا إِنَّني لَكِ عَاشِقُ
ج26- يرى الكسائي جواز أن تكون صلة الموصول جملة إنشائية ، فهو يرى أنّ جملة (لعلّي أزورها) في البيت الأول صلة التي ، وجملة ( عسى الواشون أن يتحدثوا ) في البيت الثاني صلة ( ذا ) الموصولة ؛ لأنه ذهب إلى أن ( ما ) في هذا البيت : اسم استفهام وقع مبتدأ ، وذا : اسم موصول خبر المبتدأ .
والجواب على ذلك : أنّ صِلَة ( التي ) في البيت الأول محذوفة ، والتقدير :
قِبَلَ التي أقولُ فيها لعلِّي ... ، أو يقال : إنَّ الخبر محذوف، وجملة ( أزورها ) هي الصلة .
أمّا البيت الثاني فلا وجود أصلاً لاسم موصول فيه ، و ( ماذا ) مُرَكَّبَة : اسم استفهام وقع مبتدأ .
( م ) س27- ما معنى قول ابن عقيل : "فلا يجوز : جاءني الذي ما أحسنه! وإنْ قُلْنا إنها خبريّةٌ "؟ وما سبب قوله هذا ؟
ج27- معنى هذه العبارة : لا يجوز أن تكون جملة التعجب صِلَة إِنْ قلنا إنها إنشائية وإن قلنا إنها خبريّة كذلك؛وذلك لأن العلماء اختلفوا في جملة التعجّب : أخبرية هي أم إنشائية ؟ فذهب بعضهم إلى أنها إنشائية ، وهؤلاء جميعا قالوا : لا يجوز أن تكون صلة للموصول . وذهب آخرون إلى أنها خبرية ، واختلف هؤلاء فقال بعضهم كابن خروف يجوز أن تكون صلة للموصول ، وقال الجمهور : لا يجوز ، وهذا هو رأي ابن عقيل : لا يجوز أن تكون جملة التعجب صِلَةً إن قُلْنا إنها إنشائية ، وإن قلنا إنها خبرية.
س28- اذكر شروط الظرف ، والجار والمجرور الواقعين صِلَة .
ج28- يشترط في الظرف ، والجار والمجرور الواقعين صِلَة شرطان ، هما :
1- أن يكونا تامَّيْنِ ، أي : يُؤَدِّيَان معنى مفيدًا ، نحو : عرفتُ الذي عندك ، وعرفتُ الذي في الدار .(1/82)
فإن كانا ناقصين غير تامّين لم يَجُزْ الوصل بهما، فلا يجوز : جاء الذي اليوم، ولا : جاء الذي بك ؛ لأنهما في هذين المثالين لم يُؤدِّيا معنى مفيدًا .
2- أن يكون العامل فيهما فعلاً محذوفاً وجوباً ، تقديره ( استقَرَّ ) فالتقدير في مثال الظرف : عرفت الذي استقرّ عندك ، وتقدير مثال الجار والمجرور : عرفت الذي استقَرّ في الدار .
الصِّفَةُ الصَّرِيحَةُ
التي هي صلة ( أل ) الموصولة
وَصِفَةٌ صَرِيحَةٌ صِلَةُ أَلْ وَكَوْنُهَا بِمُعْرَبِ الأَفْعَالِ قَلّ
س29- اذكر شروط ( أل ) الموصولة .
ج29- يشترط فيها : أن تكون صلتها صِفَة صريحة لغير تفضيل .
س30- ما المراد بالصِّفة الصَّريحة ؟
ج30- المراد بالصفة الصريحة ثلاثة أشياء ، هي :
1- اسم الفاعل ، نحو: الضَّارب . 2- اسم المفعول ، نحو : المضروب .
3- الصِّفة المشَبَّهة ، نحو : الْحَسَن الوَجْه .
س31- ما الذي يخرج من شرط ( أل ) الموصولة السابق ؟
ج31- يخرج ما يلي :
1- الاسم الجامد الذي لا وَصْفِيَّة فيه ، نحو : الرَّجُل ، والغُلام .
2- الاسم الْمُؤَوَّل بالوَصْفِ ، نحو : القُرَشِيُّ ؛ لأنه ليس وصْفًا ، وإنما هو مُؤَوَّل بالوصف ، فهو يُؤَوَّل بالمنسوب إلى قريش ؛ لكي يصحَّ وقوعه نعتاً .
3- الاسم الذي أَصْلُه وَصْف ثم غَلَبَتْ عليه الاسمية ، نحو : الرّاكب ، والأَبْطَح ، والصَّاحب ، والأَجْرَع . فالراكب ( مثلاً ) في الأصل وصف لكل
فاعل الرُّكوب سواء أكان مركوبه فَرَسًا ، أم حمارًا ، أم غيرهما ، ثم غَلَب على راكب الإبل دون غيرها . وكذلك الأبطح فإنه في الأصل وصف لكل مكان مُنْبَطح من الوادي ، ثم غَلَب على الأرض المتَّسِعَة .
4- اسم التفضيل ؛ لعدم مشابهته الفعل لامن جهة المعنى، ولا من جهة العمل، نحو: الأَعْلَم ، والأَكْرَم . أما عدم مشابهته للفعل من جهة المعنى ؛ فلأن اسم التفضيل يدل على الاشتراك مع الزيادة ، والفعل يدلّ على الحدوث .(1/83)
وأما عدم المشابهة من جهة العمل ؛ فلأن اسم التفضيل لا يرفع بِاطَّرَادٍ إلا الضمير المستتر ، ويرفع الاسم الظاهر في مسألة ( الكُحْل ) فقط ، والفعل يرفع الضمير المستتر ، والبارز ، والاسم الظاهر .
* ( أل ) في الأنواع الأربعة السابقة مُعَرِّفة لا موصولة . *
( م ) س32- اختلف العلماء في جواز وَصْلِ ( أل ) بالصِّفة الْمُشَبَّهَة ، وضِّح هذا الخلاف .
ج32- اختلفوا على قولين :
1- جمهور العلماء على أنَّ الصِّفة المشبهة لا تكون صِلَة لأَلْ ، وأنّ ( أل ) فيها مُعَرِّفَة لا موصولة ؛ لأن الأصل في الصلة أن تكون للأفعال ، والصفة المشبهة بعيدة الشبه بالفعل ، فالفعل يدلّ على الحدوث ، والصَّفة المشبهة لا تدلّ على الحدوث ، بل تدلّ على اللزوم والثُبوت ؛ ولذلك اشترطوا في اسم الفاعل ، واسم المفعول أن يكونا دالّين على الحدوث ، فإن دلاَّ على اللزوم ، نحو : المؤمن، والفاسق ،لم يصح أن يكونا صلة لأل ؛ لأنهما دالَّتان على ثبوت صفة الإيمان , والفسق فيهما ؛ ولذلك فإن (أل) فيهما مُعَرِّفة لا موصولة .
2- أجاز قوم - منهم ابن مالك - أن تكون الصّفة المشبهة صلة لأل ؛ لأنها أشبهت الفعل من جهة العمل ، وإن خالفته من جهة المعنى ، فالصفة المشبهة كالفعل في العمل ، فهما يرفعان الضمير المستتر ، والبارز ، والاسم الظاهر .
س33- قال الشاعر:
ما أَنْتَ بِالْحَكَمِ التُرْضَى حُكُومَتُهُ ولا الأَصِيلِ وَلاَ ذِي الرَّأْيِ وَالْجَدَلِ
وقال الشاعر :
مِنْ القَوْمِ الرَّسُولُ اللهِ مِنْهُمْ لَهُمْ دَانَتْ رِقَابُ بَنِي مَعَدِّ
وقال الشاعر: ... ... ... ...
مَنْ لايَزَالُ شَاكِرًا على الْمَعَهْ فَهْوَ حَرٍ بِعِيشَةٍ ذَاتِ سَعَهْ
عيّن الشاهد ، وما وجه الاستشهاد في الأبيات السابقة ؟(1/84)
ج33- الشاهد في البيت الأول : التُرْضَى . وجه الاستشهاد : دخلت ( أل ) الموصولة شذوذًا على الفعل المضارع ، ولايجوز ذلك إلا في ضرورة الشعر عند جمهور البصريين . وأجازه ابن مالك اختيارًا .
الشاهد في البيت الثاني : الرسولُ اللهِ منهم . وجه الاستشهاد : دخلت أل الموصولة شذوذًا على لجملة الاسمية المكونة من المبتدأ ( الرسول الله ) والخبر
( منهم ). ومن العلماء من يقول: إنَّ ( أل ) في هذا البيت أصلها ( الذين ) فحذفت وبَقِيت الألف واللام . وحَذْفُ بعض الكلمة ، وإبقاء بعضها وارد في اللغة العربية ،كما قول الشاعر : دَرَس الْمَنَا بِمَتَالِعٍ فَأَبَانِ . أراد ( المنازل ) فحذف حرفين لغير ترخيم .
وعليه خَرَّجوا قوله تعالى : * أي:كالذين خاضوا.
الشاهد في البيت الثالث : الْمَعَهْ . وجه الاستشهاد : دخلت أل الموصولة شذوذًا على الظرف ( مَعَ ) وهذا خلاف القياس .
إعرابُ أيٍّ , وبناؤُها
أَيٌّ كَمَا وأُعْرِبَتْ مَا لَمْ تُضَفْ وَصَدْرُ وَصْلِهَا ضَمِيرٌ انْحَذَفْ
س34- ما مراد النَّاظم من قوله : " أيٌّ كَمَا " ؟
ج34- المراد أنّ ( أيًّا ) مثل ما الموصولة في أنها تكون بلفظ واحد للمذكر ، والمؤنث مفردًا كان ، أو مثنى ، أو جَمْعًا ، نحو : يُعْجِبنُي أَيُّهُم هو قائم .
س35- أمعربة ( أيّ ) أم مبنيّة ؟ وضّح بالتفصيل .
ج35- أولاً : سيبويه وجماعة من البصريين : يرون أنها معربة ، وتأتي مبنية على الضم عندهم بشرطين : 1- أن تكون مضافة إلى ظاهر .
2- أن يُحذف صَدْر صلتها ، نحو : يعجبُني أيُّهُمْ قائمٌ ، ونحو : رأيت أيُّهُم قائمٌ ،ونحو : مررت بأيُّهم قائمٌ . في هذه الأمثلة وردت (أيّ) مبنية على الضم ؛ وذلك لأنها مضافة إلى ظاهر،وهو الضمير (هم) وحُذِف صدر صلتها ، والتقدير قبل الحذف : يعجبني أيهم هو قائم .
وقد تضاف ( أيّ ) إلى اسم ظاهر ، نحو : أَكْرِمْ أيُّ الطلابِ مجتهدٌ .
وتكون معربة في الحالات الآتية :(1/85)
1- إذا لم تُضَفْ وذُكر صدر صلتها ، نحو : يُعجبُني أيٌّ هو قائمٌ ، ورأيت أيًّا هو قائمٌ .
2- إذا لم تُضَفْ ، ولم يذكر صدر صلتها ، نحو : يُعجبُني أيٌّ قائمٌ ، ورأيت أيًّا قائمٌ .
3- إذا أضيفت وذُكِر صدر صلتها ، نحو : يُعجبني أيُّهُم هو قائم ، ورأيت أيَّهم هو قائم .
ثانياً : جماعة من الكوفيين : يرون أنها معربة في جميع أحوالها أُضيفت ، أولم تُضَف ، حُذِف صدر صلتها ، أولم يحذف .
س36- قال تعالى * وقال الشاعر : إِذَا مَا لَقِيتَ بَنِي مَالِكٍ فَسَلِّمْ عَلَى أَيُّهُمْ أَفْضَلُ
عين الشاهد ، وما وجه الاستشهاد فيما سبق ؟
ج36- الشاهد في الآية الكريمة : " أيُّهم أشدُّ ".
وجه الاستشهاد : وردت أيّ بالضم مع أنها مفعول به فدلَّ ذلك على أنها مبنية على الضم ؛ وذلك لأنها أضيفت إلى ظاهر وحُذِف صدر صلتها .
الشاهد في البيت : على أيُّهم . وجه الاستشهاد : وردت أيّ بالضم مع أنها مجرورة بحرف الجر ( على ) فدلّ ذلك على أنها مبنية على الضم ؛ وذلك لأنها أضيفت إلى ظاهر وحُذِف صدر صلتها .
( م ) س37- ذهب بعض العلماء إلى أنّ ( أيّ ) لا تأتي موصولة ، وَضَّحْ ذلك ، وبمَ يُرَدُّ عليهم ؟
ج37- ذهب ثعلب ، والخليل ، و يونس بن حبيب إلى أنّ ( أيّ ) لا تأتي موصولة ، وهي عندهم إما استفهامية، وإما شرطية .
ويُرَدُّ قولهم هذا بأنّ ( أيّ ) الاستفهامية ، والشرطية مُعربة لا مبنيّة ، وقد وردت ( أي ) مبنية ،كما في الشاهدين السابقين فدلّ ذلك على أنها موصولة ؛ لأن الموصولة تأتي معربة ، ومبنية .
إعرابُ أيّ مطلقاً
حذف العائد المرفوع , والمنصوب
وَبْعضُهُمْ أَعْرَبَ مُطْلَقًا وَفى ذَا الْحَذْفِ أيًّا غَيْرَ أَيٍّ يَقْتَفِي
إِنْ يُسْتَطَلْ وَصْلٌ وَإِنْ لَمْ يُسْتَطَلْ فَالْحَذْفُ نَزْرٌ وَأَبَوْا أَنْ يُخْتَزَلْ
إِنْ صَلَحَ الْبَاقِي لِوَصْلٍ مُكْمِلِ وَالْحَذْفُ عِنْدَهُمْ كَثِيرٌ مُنْجَلِي(1/86)
فى عَائِدٍ مُتَّصِلٍ إِنِ انْتَصَبْ بِفِعْلٍ أَوْ وَصْفٍ كَمَنْ نَرْجُو يَهَبْ
س38- ما مراد الناظم بقوله : " وبعضهم أعْرَبَ مُطْلَقًا " ؟
ج38- يعنى أن بعض العرب أعرب ( أيًّا ) مطلقاً سواء أُضيفت , أولم تُضَف ، حُذف صدر صلتها ، أولم يُحذف . وهو مذهب بعض الكوفيين .
وقد قرئ قوله تعالى: * بالنصب (أيَّهم) ،ورُوي الشاهد الشعري السابق : فسلِّم على أيُّهم أفضل ،بالجر(أَيِّهم) .
س39- هل يحذف العائد جوازًا ، أو وجوباً ؟
ج39- يحذف الضمير العائد جوازًا سواء أكان ضمير رفع ، أم ضمير نصب ، أم ضمير جر .
س40- اذكر الشروط التي يجوز فيها حذف العائد المرفوع .
ج40- يجوز حذف العائد المرفوع ( ضمير الرفع ) بشرط واحد ، هو : أن يكون الضمير مبتدأ ، وخبره مفردًا , كما في قوله تعالى : * وقوله تعالى : * ففي الآية الأولى الضمير المحذوف تقديره ( هو ) ويُعْرَبُ مبتدأ وخبره مفرد ، وهو ( إله ) وفي الآية الثانية الضمير المحذوف ( هو ) ويعرب مبتدأ، وخبره مفرد ، وهو ( أشدّ ) ولذلك جاز حذف الضمير العائد .
س41- ما المحذوف في المثالين الآتيين ؟ و هل يصحُّ هذا الحذف ؟ ولماذا ؟
1- جاءني اللَّذان قَامَ 2- جاءني اللَّذان ضُرِبَ
ج41- حُذِف ضمير الرفع (ألف الاثنين) في كلا المثالين السابقين وهذا لا يصحّ ؛ لأنّ الضمير العائد المحذوف في المثال الأول فاعل ، وفي الثاني : نائب فاعل ، وشرط حذف ضمير الرفع أن يكون مبتدأ ، خبره مفرد ؛ ولذلك فإن الصحيح في المثالين أن يُقال : جاءني اللذان قاما . وجاءني اللذانِ ضُرِبا .
س42- اذكر مواضع الخلاف في حذف ضمير الرفع العائد تفصيلاً .
ج42- اختلفوا في مسألتين :
1- هل يجوز حذف العائد المرفوع إذا كان الموصول غير ( أيّ ) ؟
2- هل يجوز حذفه إذا لم تكن الصِّلة طويلة ؟
فالكوفيون يجيزون حذف العائد المرفوع بالابتداء مُطلقاً سواء أكان الموصول ( أيّ ) أم غيره ، وسواء طَاَلتِ الصِّلة أم لم تَطُل .(1/87)
أما البصريون فيجيزون الحذف إذا كان الموصول ( أيّ ) مطلقاً . أما إذا كان الموصول غير ( أيّ ) فأجازوه بشرط طول الصَّلة ، نحو : جاء الذي هو ضاربٌ زيدًا . ففي هذا المثال طالت الصّلة ؛ لذلك يجوز فيه الحذف ؛ فتقول : جاء الذي ضاربٌ زيدًا . ومنه قولهم : "ما أنا بالذي قائل لك سوءًا " في هذا القول حُذِف أيضًا العائد المرفوع لطول الصلة ، والتقدير : " ما أنا بالذي هو قائل لك سوءًا " ولذلك شَذَّ عند البصريين قراءة يحي بن مُعَمَّر قوله تعالى : * برفع ( أحسنُ) لأنّ الموصول غير أَيّ ( الذي ) والصلة ليست بطويلة ، واستدل الكوفيون بهذه الآية على جواز الحذف مطلقاً .
وشَذَّ عند البصريين كذلك قول الشاعر :
مَنْ يُعْنَ بالْحَمْدِ لَمْ يَنْطِقْ بِمَا سَفَهٌ وَلاَ يَحِدْ عَنْ سَبِيلِ الْمَجْدِ والْكَرَمِ
وذلك لأن الموصول (ما) والصلة ليست بطويلة . وبه استدل الكوفيون أيضًا على جواز حذف العائد المرفوع بالابتداء مطلقاً ، كما استدلوا بقوله تعالى : * على اعتبار أنّ ( ما ) موصولة ، والتقدير: " أن يضربَ مثلاً الذي هو بعوضة " كما أجازوا الحذف في قولك " لا سِيَّما زيدٌ " وذلك باعتبار ( ما ) موصولة ، فيكون زيدٌ خبرًا لمبتدأ محذوف ، وهذا المبتدأ المحذوف هو العائد ، والتقدير:
لا سِيَّ الذي هو زيدٌ ، فَحُذِفَ الضمير العائد وجوباً مع أنّ الموصول غير (أي) والصلة ليست بطويلة .
س43- إلاَمَ يُشير النّاظم بقوله : "وأَبَوْا أن يُخْتَزَلْ إن صَلَحَ الْبَاقي لِوَصْلِ مُكْمِلِ " ؟(1/88)
ج43- يُشير إلى أنَّ شرط حذف صدر الصّلة: ألاَّ يكون ما بعد الضمير(العائد) صالحاً لأَنْ يكون صِلة .فإذا كان ما بعد العائد المحذوف صالحًا لأن يكون صلة، وتتم به الفائدة فلا يجوز حينئذ حذف العائد سواء أكان ضمير رفع ، أم ضمير نصب ، أم ضمير جرّ ، وسواء أكان الموصول ( أيًّا ) أم غيرها ؛ لأنه إذا حُذِف العائد مع تَمَام الكلام فإنه لايُعْلم أحُذف ضمير أم لا ؟ وذلك كما في قولك : جاءني الذي هو أبوه كريمٌ ، ونحو : جاءني الذي ضربته في داره ، ونحو : مررت بأيِّهم مررتَ به في داره . في هذه الأمثلة لا يجوز حذف الضمير العائد ؛ وذلك لصِحَّة وقوع ما بعده صلة ، ففي المثال الأول ( مثلاً ) يَصِحُّ أن تقول : جاءني الذي أبوه كريم ،فجملة ( أبوه كريم ) هي الصلة ،وهي جملة تامّة مفيدة، فكيف نعرف أنَّ هناك ضميرًا محذوفا ؟ لذلك لا يجوز حذف مثل هذا الضمير .
وفي المثال الثاني أيضا لا يصحّ حذف الضمير ( الهاء ) في ضربته ؛ لوجود ضمير آخر صالح لأنْ يعودَ إلى الاسم الموصول ، وكذلك في المثال الثالث .
س44- اذكر شروط حذف الضمير العائد المنصوب .
ج44- يجوز حذف العائد المنصوب بشرطين :
1- أن يكون الضمير العائد متصلاً ، أو منفصلاً جوازًا .
2- أن يكون الناصبُ ( العامل ) فعلاً تامًّا ، أو وصفاً صريحًا ليس صلة لأل الموصولة ، نحو: جاء الذي ضربته ، ونحو : الذي أنا مُعْطِيكَهُ دِرْهَمٌ . يجوز في هذين المثالين حذف الضمير العائد ؛ فتقول: جاء الذي ضَرَبْتُ ؛ لأن الضمير المحذوف (الهاء) ضمير متصل، وناصبه فعل تام ، هو(ضرب) وتقول : الذي أنا معطيك درهم ؛ لأن الضمير المحذوف ( الهاء ) ضمير متصل، وناصبه وصف صريح ، وهو اسم الفاعل ( مُعْطٍِ ) .
ومِمَّا ورد من حذف الضمير المتصل المنصوب بالفعل قوله تعالى : * وقوله تعالى : *
وقوله تعالى : * وكما في قول الناظم :(1/89)
" كَمَنْ نَرْجُو يَهَبْ " والتقدير : تسرونه وتعلنونه ، وخَلَقْتَه ، وبَعَثَه ، ونرجوه .
ومما ورد من حذف الضمير المتصل المنصوب بالوصف الصريح ، قول الشاعر :
مَا اللهُ مُولِيكَ فَضْلٌ فاحْمَدَنْهُ بِهِ ... فَمَا لَدَى غَيْرِهِ نَفْعٌ ولا ضَرَرُ
والتقدير : مُوليكه ، ويجوز أن يكون الضمير المحذوف منفصلاً ، والتقدير : موليك إياه . وكذلك في المثال السابق : الذي أنا مُعْطيك درهم ، يجوز أن يكون المحذوف منفصلاً ، والتقدير : مُعطيك إياه .
س45- يقول ابن عقيل : " وكلام المصنِّف يقتضي أنه كثير" اشرح مراده بهذا القول .
ج45- ابن عقيل يعني بقوله هذا قول الناظم : " والحذف عندهم كثير مُنْجَلِي ... إلى آخر الأبيات " .
ومراده : أنّ قول ابن مالك هذا يقتضي أن يكون الحذف كثيرًا في الضمير
المنصوب بالفعل ، وبالوصف ؛ والصحيح ليس كذلك بل الكثير حذفه من الفعل ، أما مع الوصف فالحذف منه قليل .
س46- اذكر المواضع التي يمتنع فيها حذف الضمير العائد المنصوب .
ج46- يمتنع حذف العائد المنصوب في المواضع الآتية :
1- إذا كان الضمير منفصلاً وجوباً ، نحو : جاء الذي إياه ضربت . امتنع حذف ضمير النصب ( إيّاه ) في هذا المثال ؛ لأن الضمير ( إياه ) منفصل وجوباً ؛ وذلك لأنه وقع مفعولاً مقدماً على عامله ، وهذا من المواضع التي يجب فيها استعمال الضمير المنفصل .
2- إذا كان الناصب فعلاً ناقصاً ، نحو : جاء الذي كانه زيدٌ .
3- إذا كان الناصب حرفاً ، نحو : جاء الذي إنَّه منطلق .
4- إذا كان الناصب وصفاً صريحاً واقعاً صِلَة لأل الموصولة ، نحو : جاء الذي زيدٌ الضَّاربُه .
حذفُ العائدِ المجرورِ
بالإضافة , وبحرف الجر
كَذَاكَ حَذْفُ مَا بِوَصْفٍ خُفِضَا ... كَأَنْتَ قَاضٍ بَعْدَ أَمْرٍ مِنْ قَضَى
كَذَا الَّذِى جُرَّ بِمَا الْمَوْصُولَ جَرْ ... كَمُرَّ بِالَّذِى مَرَرْتُ فَهْوَ بَرْ
س47- اذكر شروط حذف العائد المجرور بالإضافة .(1/90)
ج47- يجوز حذف الضمير العائد المجرور بالإضافة بشرط واحد ، هو : أن يكون المضاف وَصْفًا ( اسم فاعل ) ويكون زمنه الحال ، أو المستقبل ، كما في قوله تعالى : * في هذه الآية حُذف الضمير المجرور بالإضافة جوازًا ؛ وذلك لأن المضاف ( قاضٍ ) اسم فاعل يدلّ على المستقبل بدلالة فعل الأمر ( اِقْضِ ) والتقدير : فَاقْضِ ما أنتَ قَاضِيهِ ، ونحو : جاء الذي أنا ضاربٌ الآن ، أو غدًا ، والتقدير : ضاربُه .
س48- اذكر المواضع التي يمتنع فيها حذف العائد المجرور بالإضافة .
ج48- يمتنع الحذف في المواضع الآتية :
1- إذا لم يكن المضاف وَصْفًا ، نحو : جاء الذي أنا غُلاَمُه .
2- إذا لم يكن الوصف اسم فاعل ، نحو : جاء الذي أنا مَضْرُوبُهُ .
3- إذا كان الوصف ماضياً ، نحو : جاء الذي أنا ضاربُه أَمْسِ .
س49- اذكر شروط حذف العائد المجرور بحرف جر .
ج49- يجوز حذف العائد المجرور بحرف جر بالشروط الآتية :
1- أن يكون الاسم الموصول ، أو الموصوف بالاسم الموصول مجرورًا بحرف جر .
2- أن يكون حرف الجر الذي جَرَّ العائد المحذوف مُمَاثلاً لفظًا ومعنى للحرف الذي جَرَّ الاسم الموصول ، أو الموصوف به .
3- أن يكون مُتعلق الحرفين واحدًا مادَّة ومَعنى .
وذلك كما في قوله تعالى : *
في قوله تعالى: * حُذف العائد المجرور جوازًا ؛ ذلك لأنّ العائد المحذوف مجرور بحرف مماثل للحرف الذي جَرَّ الاسم الموصول ( ما ) لفظاً ومعنى وهذا الحرف هو (مِنْ) ومُتعلق الحرفين مُتَّحِدٌ مادّة ومعنى ( يشرب،وتشربون ) والتقدير: ويشرب مما تشربون منه , وكما في قولك : "مررتُ بالذي مررتَ " (أي: بالذي مررت به) ونحو: مررت بالذي أنت مَارٌّ ،
( أي : مَارٌّ به ) .(1/91)
وفي نحو قولك : سرت في الحديقة التي سِرْتَ ، حُذِف العائد المجرور جوازًا ؛ لأن الموصوف بالاسم الموصول ( الحديقة ) مجرور بحرف مماثل لفظاً ومعنى للحرف الذي جَرَّ العائد المحذوف وهذا الحرف هو ( في ) ومتعلق الحرفين مُتَّحِدٌ مادة ومعنى ( سِرْتُ ) والتقدير: سرت في الحديقة التي سرت فيها .
وإلى هذه الشروط أشار الناظم بقوله : " كذا الَّذي جُرَّ ... إلى آخر البيت " .
س50- قال الشاعر :
وَقَدْ كُنْتَ تُخْفِي حُبَّ سَمْرَاءَ حِقْبَةً فَبُحْ لاَنَ مِنْهَا بِالَّذِي أَنْتَ بَائِحٌ
وقال الشاعر :
لاَ تَرْكَنَنَّ إِلَى الأَمْرِ الَّذِي رَكَنَتْ أَبْنَاءُ يَعْصُرَ حِينَ اضْطَرَّهَا الْقَدَرُ
عيّن الشاهد في البيتين السابقين ، وما وجه الاستشهاد فيهما ؟
ج50- الشاهد في البيت الأول : بالذي أنت بائح .
وجه الاستشهاد : حُذِف العائدُ جوازًا ؛ لأنه مجرور بحرف مماثل للحرف الذي جرّ الاسم الموصول (الذي) وهذا الحرف هو (الباء) ومُتعلق الحرفين مُتَّحِدٌ مادة ومعنى ،فالأول ( بُحْ ) والثاني ( بائح ) والتقدير: بُحْ بالذي أنت بائح به .
الشاهد في البيت الثاني : إلى الأمر الذي ركنت . وجه الاستشهاد : حُذِف الضمير العائد المجرور جوازًا ؛ لأن الموصوف ( الأمر ) والعائد المحذوف مجرورانِ بحرفين متماثلين لفظاً ومعنى هما ( إلى ) ومتعلق الحرفين مُتَّحِد مادّة ومعنى (تركَنَنَّ،ورَكَنَتْ) والتقدير: لا تركننَّ إلى الأمر الذي ركنَتْ إليه أبناء يعصر .
س51- ما المواضع التي يمتنع فيها حذف العائد المجرور بحرف جر ؟
ج51- يمتنع الحذف في المواضع الآتية :
1- إذا اختلف حرفا الجر لفظًا ومعنى ، نحو : مررتُ بالذي غضبتَ عليه .(1/92)
2- إذا اختلف معناهما دون لفظهما ، نحو: مررتُ بالذي مررتَ به على زيد , فالأول معناه الإلصاق ، والثاني معناه السَّبَبِيَة , أو الْمُصَاحَبَة ، والمعنى : مررت بالذي مررت بسببه على زيد ، أو بمعنى : مررت بالذي مررت معه على زيد .
3- إذا اختلف لفظهما دون معناهما ، نحو: جلستُ بالغرفة التي جلست فيها، فحرفا الجر(الباء) و(في)اختلف لفظهما ولكن معناهما واحد ، هو : الظرفية .
4- إذا اختلف متعلق الحرفين ، نحو : مررتُ بالذي فَرِحتُ به ، فالعامل الأول ( مَرَّ ) والثاني (فَرِحَ) .
( م ) س52- ما حكم تأخير صلة الموصول عن الموصول ؟ وما حكم اتِّصَالها به ؟
ج52- يجب أن تتأخر صلة الموصول عن الاسم الموصول ؛ لأنها كالجزء الْمُتَمِّم له ؛ ولذلك يجب ألا تتقدّم عليه، ولا يتقدم على الموصول كذلك شيء من مُكَمِّلات الصلة ومُتَمِّمَاتها إلا أن يكون الْمُكَمِّلُ ظرفاً ، أو جارًا و مجرورًا فيجوز حينئذ التقديم على رأي الكوفيين , ومَنْ وافقهم من البصريين ، كما في قوله تعالى : * فـ ( أل ) في قوله تعالى : * اسم موصول صلته " زاهدين" وقد تقدم الجار والمجرور ( فيه ) على الاسم الموصول مع أن الجار والمجرور من مكملات الصلة .
ومثل ذلك قوله تعالى : * وقوله تعالى: * وَلَمْ يُجِز البصريون ذلك فَأَوَّلوا تلك الآيات ، وقالوا : إنّ الجار والمجرور مُتَعَلَّق بمحذوف تدلّ عليه صلة ( أل )
والتقدير في الآية الأولى : وكانوا من الزاهدين فيه من الزاهدين . وهكذا في بقية الآيات .
وأما اتصال الصلة بالاسم الموصول فيجب أن تتصل به . وأجاز النُّحاة أَنْ يُفصل بين الموصول وصلته بما يلي :
1- جملة القسم ، كما في قول الشاعر :
ذَاكَ الَّذِي وَأَبِيكَ يَعْرِفُ مَالِكَا ... والْحَقُّ يَدْفَعُ تُرَّهَاتِ البَاطِلِ
2- جملة النِّداء ، كما في قول الشاعر :
تَعَشَّ فَإِنْ عَاهَدْتَني لاَ تَخُونُنِي نَكُنْ مِثْلَ مَنْ يَا ذِئْبُ يَصْطَحِبَانِ(1/93)
3- الجملة الاعتراضية ، كما في قول الشاعر :
وإنِّي لَرَاجٍ نَظْرَةً قِبَلَ الَّتِي لَعَلِّي وَإِنْ شَطَّتْ نَوَاهَا أَزُورُهَا
وهذا الفصل جائز إذا لم يكن الموصول أل , أما إذا كان الاسم الموصول ( أل ) فلا يجوز الفصل بينه وبين صلته ؛ لأنه كالجزء من صلته .
---
الْمُعَرَّفُ بأدَاةِ التَّعريفِ ( أل )
الخلاف في حرف التعريف
أَلْ حَرْفُ تَعْرِيفٍ أَوِ اللاَّمُ فَقَطْ فَنَمَطٌ عَرَّفْتَ قُلْ فِيهِ النَّمَطْ
س1- مَثِّل لأداة التعريف (أل)ثم وَضِّحْ خلاف العلماء في تعيين المعرِّف فيها.
ج1- من أمثلتها : رجل : الرجلُ ، كتاب : الكتاب ، نَمَطٌ : النَّمَطُ ،رسول : الرَّسول .
اختلف النحويون في تعيين المعرِّف ، فقال الخليل : المعرَّف هو ( أل ) كاملة ، والهمزة فيها أصلية ، وهي همزة قطع بدليل أنها مفتوحة ؛ إذ لو كانت همزة وَصْل لَكُسِرَتْ ؛ لأن الأصل في همزة الوصل الكَسْر.
وصارت همزة وصل في الاستعمال بقصد التَّخفيف الذي اقْتَضَاه كثرة الاستعمال .
وقال سيبويه : المعرِّف هو اللام وحدها ، والهمزة زائدة ، وهي همزة وَصْل أُتي بها للتَّوصُّل إلى النّطق بالساكن ، ولم تتحرَّك اللام مَنْعًا لِلَّبْس بلام الجر إذا كُسِرت اللام ، وبلام الابتداء إذا فُتحِتَ ، وتكون مما لا نظير له في العربية إذا ضُمَّت .
* ونُسب لسيبويه رأي آخر، هو : أن الْمُعَرَّف ( أل ) كاملة ، والهمزة زائدة وهي همزة وَصْل . *
س2- اذكر أنواع ( أل ) .
ج2- لها ثلاثة أنواع ، هي :
1- أل المعرِّفة 2- أل الزائدة 3- أل الموصولة ( سبق دراستها ) .
س3- اذكر أنواع ( أل ) المعرِّفة .
ج3- أل المعرِّفة ثلاثة أنواع ، هي :
1- عَهْدِيَّة ، والعَهْدُ ثلاثة أنواع ، هي :
أ- عَهْدٌ ذِكْرِيٌّ ، نحو : لقيتُ رَجُلاً فَأكرمتُ الرجلَ ( أي : الرجلَ السَّابق ذِكْرُه ) وكما في قوله تعالى : * ( أي : الرسولَ السَّابق ذِكْرُه ) .(1/94)
* ب- عَهْدٌ ذِهْنِيٌّ ، كما في قولك لزميلك: جاء الرجلُ ( أي: الرجل المعهود ذِهْنًا بينك وبين زميلك) وكما في قوله تعالى : *
( أي : الغار المعهود المعروف ، وهو غار ثَوْر ) .
ج- عَهْدٌ حُضُورِيٌّ ،كقولك للمدرس : هذا الطَّالبُ فَعَلَ كذا وكذا ( أي : الطالب الحاضر أمامك ) وكقولك : جئتُ اليوم , وكقولك: جئتَ الآن . ( للعلماء خلاف في الألف واللام في كلمة الآن سيأتي بيانه إن شاء الله ) . *
2- جِنْسِيَّة ، وهي نوعان :
أ- اسْتِغْرَاقُ جميع أفراد الجنس . وضَابِطُها : صِحَّة وقوع لفظ ( كُلّ ) موقعها حقيقة ، كما في قوله تعالى : * (أي: خُلِق كلُّ إنسان ضعيفاً) حقيقة لا مجازًا ،وكما في قوله تعالى: * ( أي : كلُّ إنسان في خُسْرٍ ) .
ب- استغراق صفات الجنس وخصائصه ، وضابطها : صحة وقوع لفظ (كُلّ) موقعها مَجَازًا ،كما في قولك لزميلك : أنت الرَّجلُ علماً (أي : اجتمعت فيك كل صفات الرجال وخصائصهم من جهة العلم) وذلك على سبيل المجاز لا على الحقيقة .
3- بَيَانُ الحقيقةِ وتعريفُها . وضابطها : لا يصحّ وقوع لفظ ( كُل ّ) موقعها ، كما في قولك : الرجل أصبرُ من المرأة (أي : حقيقة الرجل وطبيعته أنه أصبر من المرأة ) ولكن ليس كلّ رجل أصبر من كلّ امرأة .
* بعض العلماء يجعل بيان الحقيقة من أنواع أل الجنسية . *
( أل ) الزائدةُ , وأنواعُها
وَقَدْ تُزَادُ لاَزِمًا كَالَّلاتِِ وَالآنَ وَالَّذِينَ ثُمَّ اللاَّتِى
وَلاضْطِرَارٍ كَبَنَاتِ الأَوْبَرِ كَذَا وَطِبْتَ النَّفْسَ يَا قَيْسُ السَّرِى
...
س4- اذكر أنواع أل الزائدة .
ج4- أل الزائدة نوعان :
1 - زائدة لازمة . 2- زائد غير لازمة ( عَارِضَة ) .
س5- ما المراد بقولهم ( ألْ ) زائدة لازمة ؟ وما المواضع التي تكون فيها لازمة ؟
ج5- المراد بأل الزائدة : ما ليست موصولة ، ولا مُعرِّفة .
والمراد بأل الزائدة اللازمة ، أي: التي لا تُفَارِقُ مَصْحُوبَها الذي دَخَلت عليه .(1/95)
وتكون لازمة في المواضع الآتية :
1- في الأعلام التي وُضِعَتْ من أَوَّل أمرها مقترنة بِأل ،نحو: اللاَّت ، واليَسَع ، والعُزَّى ، والسَّمَوْأل.
2- في الأسماء الموصولة ، نحو: الذي ، والتي ، والذين ، واللاَّتِ. والقول بزيادة (أل) في الموصولات مبني على أنّ الاسم الموصول مُعَرَّف بالصَّلة، وليس بأل فتكون بذلك الألف واللام زائدة . وهذا ما اختاره ابن مالك .
وذهب آخرون إلى أنّ الموصول مُعرَّف بأل إن كانت فيه ، نحو : الذي ، فإن لم تكن فيه فبتقدير وجودها ، نحو ( مَنْ ، وما ) إلاَّ ( أيّ ) فهي مُعرَّفة بالإضافة ، وعلى هذا المذهب لا تكون أل زائدة . وأما حذفها في قراءة مَنْ قرأ قوله تعالى: * لَذِينَ بحذف ( أل ) فهذا لا يدلُّ على أنها زائدة لاحتمال أن يكون حَذْفُها شذوذًا وإن كانت مُعَرِّفة ، كما حُذِفت من قولهم : سَلاَمُ عليكم ( من غير تنوين ) يريدون السَّلاَمُ عليكم .
3- في كلمة الآن . واختلف في الألف واللام الداخلة عليها ، فذهب قومٌ إلى أنها لتعريف الحضور ( العهد الحضوري ) لأن قولك : الآن بمعنى هذا الوقت الحاضر ، وعلى هذا لا تكون ( أل ) زائدة .
وذهب آخرون منهم ابن مالك إلى أنها زائدة .
( م ) واختلفوا كذلك في بناء كلمة (الآن) وإعرابها ، أمبنيّة هي أم معربة ؟ فذهب أكثر النحاة إلى أنها مبنية على الفتح . وهذا القول هو مذهب ابن مالك، وذهب آخرون إلى أنها معربة منصوبة على الظرفية ، وقد تكون مجرورة بِمِنْ . والذين قالوا ببنائها اختلفوا في عِلّة البناء ، وذلك على النحو الآتي:
أ- عِلّة البناء تَضمُّنُها معنى ( أل ) الحضورية . وهذا الرأي هو الذي نقله ابن عقيل عن ابن مالك .
ب- عِلّة البناء تضمنُّها معنى الإشارة ؛ لأنه بمعنى هذا الوقت .
ج- عِلّة البناء شَبَهُهَا بالحرف شَبَهًا جُمُودِيًّا ؛ لأنه كالحرف لايُثَنَّى ،ولا يُجْمَع، ولا يُصَغَّر .(1/96)
د- عِلّة البناء أنه اسم إشارة للزمان لم تضع له العربُ حرفًا . ( م )
س6- ما المراد بقولهم ( أل ) غير لازمة ؟ وما المواضع التي تكون فيها غير لازمة ؟
ج6- المراد بغير اللازمة : التي يجوز أن تُفَارِقَ مَصْحُوبَهَا الذي دخلت عليه وتُحذف منه .
وتكون زائدة غير لازمة في الموضعين الآتيين :
1- في الأعلام المنقولة من أصل ، نحو : الْحَسَن ، والفَضْل ، والنُّعْمَان . سيأتي بيانها في س 7 .
2- في الضرورة الشعرية ، كما في قول الشاعر :
وَلَقَدْ جَنَيْتُكَ أَكْمُؤًا وعَسَاقِلاً وَلَقَدْ نَهَيْتُكَ عَنْ بَنَاتِ الأَوْبَرِ
وجه الاستشهاد : زيدت ( أل ) في هذا البيت على الْعَلَم ( بنات أوبر ) للضرورة الشعرية ؛ لأن بنات أوبر عَلَمٌ على نبات رَدِيء الطَّعم ، والعلم لا تدخله ( أل ) وكما في قول الشاعر :
رَأَيْتُكَ لَمَّاأنْ عَرَفْتَ وُجُوهَنَاصَدَدْتَ وَطِبْتَ النَّفْسَ ياقَيْسُ عَنْ عَمْرِو
وجه الاستشهاد : زيدت ( أل ) في هذا البيت على التمييز ( النَّفس ) والتمييز يجب له التنكير ، والأصل : طِبْتَ نفسًا . وهذا هو مذهب البصريين .
أما الكوفيون فذهبوا إلى جواز أن يكون التمييز معرفة ، وبذلك تكون ( أل ) عندهم في هذا البيت غير زائدة .
( أل ) التي لِلَمْحِ الأَصْلِ
وَبَعْضُ الأَعْلاَمِ عَلَيْهِ دَخَلاَ لِلَمْحِ مَا قَدْ كَانَ عَنْهُ نُقِلاَ
كَالْفَضْلِ وَالْحَارِثِ وَالنُّعْمَانِ فَذِكْرُ ذَا وَحَذْفُهُ سِيَّانِ
س7- فَصِّل القول في بيان ( أل ) التي للمح الأصل ، والخلاف فيها .
ج7- ( أل ) التي للمح الأصل تكون زائدة غير لازمة في الأعلام المنقولة من أصل . وأكثر ما تدخل ( أل ) على العلم المنقول من صفة ، نحو: الْحَسَن , والْحَارِث . وقد يكون العلم منقولاً من مصدر ، نحو : الْفَضْل . وقد يكون منقولاً من اسم جنس غير مصدر، نحو: النُّعْمَان ؛لأنه في الأصل من أسماء الدم .(1/97)
فإذا أردت لمح الأصل ( أي : النَّظَر إلى الأصل ) أَدْخَلْتَ الألف واللام ، كأن تُسَمِّي ابنك ( الحارث ) تَفَاؤُلاً بمعناه ، وهو أنه يَعِيشُ ويَحْرُثُ . وإن لم تنظر إلى الأصل ونظرت إلى كونه عَلَماً فلا تدخل الألف واللام ؛ تقول : حَسَن ، وفَضْل ، ونُعْمَان ، وحَارِث .
وخالف ابن عقيل مَنْ زَعَم أنّ ( أل ) التي للمح الأصل زائدة ، فهو يرى أنها ليست زائدة ؛ لأنها أفادت مَعْنى لا يُستفاد إلا بذكرها ، وخالف كذلك ابنَ مالك في قوله : إنَّ ذِكْرَ (أل) وحذفها سِيَّان ، فابن عقيل يرى أنه إذا لُمِح الأصل جِيء بالألف واللام ، وإن لم يُلْمح لم يُؤْتَ بهما .
العَلَمُ بالْغَلَبَةِ
وَقَدْ يَصِيرُ عَلَمًا بِالْغَلَبَهْ ... مُضَافٌ أَوْ مَصْحُوبُ أَلْ كَالْعَقَبَهْ
... وَحَذْفَ أَلْ ذِي إِنْ تُنَادِ أَوْ تُضِفْ أَوْجِبْ وَفِى غَيْرِهِمَا قَدْ تَنْحَذِفْ
س8- عرِّف العلم بالْغَلَبَة .
ج8- الْعَلَمُ بالْغَلَبةَ ، هو : الاسم الذي اشْتُهِرَ به صَاحِبُه وغَلَب عليه في الاستعمال حتى أصبح عَلَمًا عليه دون غيره ، ولا يَنْصَرِفُ الذِّهْنُ عند النّطق به إلاَّ إليه ، نحو : المدينة ، والأَلْفِيِّة ، وابن مالك ، وابن عمر .
س9- العلم بالغَلَبة نوعان ، اذكرهما ، واذكر أحكامهما .
ج9- 1- العلم المقترن بالألف واللام ( العهديّة )، نحو : المدينة ، والكتاب ، والعَقَبَة ، والصَّعِق ، والعَيُّوق . فلفظ المدينة ( مثَلاً ) من حقِّه أَنْ يُطْلَقَ على كل مدينة ، وكذلك ( الكتاب ) من حَقِّه أن يُطلق على كل كتاب ، ولكن غلب استعمال لفظ المدينة على مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم , وغلب استعمال لفظ الكتاب في النحو على كتاب سيبويه ، فإذا أُطْلِقا لم يتبادر إلى الذِّهن غيرهما ، وهكذا في البقيّة .
وحكم هذه الألف واللام : أنها لاتُحذَف إلا في النداء ، أو الإضافة ، نحو :(1/98)
يا صَعِقُ ، ونحو: هذه مدينةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم . والصَّعِق في الأصل : اسم يُطلق على كل من رُمِي بِصَاعِقَة ، ثم أصبح علماً بالغلبة على خُوَيْلِد بن نُفَيْل .
وقد تُحذف شذوذًا ، كما في قولهم : هذا عَيُّوقُ طَالِعًا . والعَيُّوق في الأصل : اسم يطلق على كل عَائِق ، ثم غَلَب على نَجْم كبير قريب من نَجْم الثُرَيَّا .
2- العلم المضاف ، نحو : ابن عُمَر ، وابن عَبَّاس ، وابن مسعود ،وابن مالك . فإذا أطلق ابنُ عُمَر ( مثلاً ) لا يُفهم منه غير : عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، وكذا البقيّة وإِنْ كان حَقُّها أن تُطلق على غيرهم ، ولكنها غلبت على هؤلاء .
وحكمه : أنه لا يفارق العلم لا في نداء ، ولا في غيره ، نحو : يا ابنَ عُمَر .
* س10- هل توجد أقسام أخرى للمعرفة غير ما ذُكِرَ ؟
ج10- نعم . يوجد نوعان آخران ، هما :
1- الْمُعَرَّف بالإضافة ، وهو : الاسم النكرة الذي اكتسب التعريف بالإضافة إلى أحد المعارف السابق ذِكْرُها ، و إليك بيانها :
أ- المضاف إلى الضمير ، نحو : هذا كتابُك .
ب- المضاف إلى اسم الإشارة ، نحو : كتابُ هذا الطالبُ جديدٌ .
ج- المضاف إلى الاسم الموصول ، نحو : هذا كتابُ الذي جاءنا .
د- المضاف إلى العلم ، نحو : كتابُ محمدٍ جديدٌ .
هـ - المضاف إلى المعرّف بأل ، نحو : كتابُ الطالبِ جديدٌ .
2- المعرَّف بالنداء ، وهو: الاسم النكرة الذي اكتسب التعريف بالنداء ، نحو : يا رجلُ ، يا بنتُ ، يا شيخُ .
---الابْتِدَاءُ
أقسامُ المبتدأِ
مُبْتَدَأٌ زَيْدٌ وَعَاذِرٌ خَبَرْ إِنْ قُلْتَ زَيْدٌ عَاذِرٌ مَنِ اعْتَذَرْ
وَأَوَّلٌ مُبْتَدَأٌ وَالثَّانِى فَاعِلٌ أَغْنَى فى أَسَارٍ ذَانِ
وَقِسْ وَكَاسْتِفْهَامٍ النَّفْيُ وَقَدْ يَجُوزُ نَحْوُ فَائِزٌ أُولُو الرَّشَدْ
* س1- عرّف المبتدأ .(1/99)
ج1- المبتدأ ، هو : الاسم المجرَّد من العوامل اللفظية غير الزائدة مخبرًا عنه ، أو وَصْفًا رافِعًا لمستغنًى عنه . ( سيأتي توضيح هذا التعريف إن شاء الله ) .
س2- اذكر أقسام المبتدأ باعتبار خبره .
ج2- المبتدأ بهذا الاعتبار قسمان :
1- مبتدأ له خبر ، نحو : زيدٌ عَاذِرٌ من اعتذر ، ونحو : الطالبُ مجتهدٌ .
2- مبتدأ له فاعل سَدَّ مسدَّ الخبر ، نحو : أسَارٍ ذَانِ . فالهمزة للاستفهام ، وسارٍ : مبتدأ ، وذَانِ :
فاعل سَدَّ مَسَدَّ الخبر .
س3- اذكر شروط المبتدأ الذي يرفع فاعلاً يُغني عن الخبر .
ج3- يشترط له أربعة شروط ، هي :
1- أن يكون المبتدأ وصفاً . والمقصود بالوصف : المشتق كاسم الفاعل ، واسم المفعول ، واسم التفضيل... إلخ .
2- أن يَعْتمد الوصف على استفهام ، أو نفي . وهذا الشرط على مذهب البصريين إلا الأخفش ، وليس شرطاً كذلك عند الكوفيين .
3- أن يكون مرفوعه اسماً ظاهرًا ، أو ضميرًا منفصلاً .
4- أن يتمّ الكلام بمرفوعه .
وتتحقق هذه الشروط في الأمثلة الآتية : أقائمٌ الزيدان ؟ ما قائمٌ الزيدان .
أقائم أنتما ؟
س4- ما الحكم إذا لم تتحقق الشروط السابقة ؟(1/100)
ج4- إذا لم يتحقق الشرط الأول فلا يكون ما بعد المبتدأ فاعلاً ، نحو : أزيدٌ قائم ؟ فزيدٌ : مبتدأ ، وقائم : خبر ؛ وذلك لأن المبتدأ ليس وصفًا . وإذا لم يتحقق الشرط الثاني فلا يكون الوصف مبتدأ عند البصريين إلا الأخفش , والكوفيين ، نحو : قائم الزيدان . فقائمٌ : خبر مقدم ، ولا يُعرب مبتدأ عند البصريين ؛ لأنه وَصْف لم يعتمد على استفهام ، أو نفي . ويجوز إعرابه مبتدأ وما بعده فاعل سد مسد الخبر عند الأخفش ، والكوفيين ؛ لأنهم لا يشترطون أن يُسبق الوصف باستفهام ، أونفي . وإذا لم يتحقق الشرطان الثالث , والرابع فلا يعرب الوصف مبتدأ . فمثال عدم تحقق الشرط الثالث ، قولك : ما زيد قائمٌ ولا قاعدٌ . فقاعد : خبر وليس مبتدأ ، والضمير المستتر فيه لم يُغْنِ عن الخبر ؛ لأنه ليس بمنفصل ، والشرط أن يكون المرفوع اسماً ظاهراً ، أو ضميراً منفصلاً .
ومثال عدم تحقق الشرط الرابع قولك : أقائمٌ أبواه زيد . فزيد : مبتدأ مؤخر ، وأبواه : فاعل بقائم . وقائم: خبر مقدم وليس مبتدأ وإن اعتمد على استفهام ؛ لأن الكلام لا يتم بمرفوعه ( الفاعل ) فالمعنى لا يتمّ إذا قلت : " أقائم أبواه " لأن الضمير لابدَّ له من عائد ولا عائد هنا .
س5- هل يشترط أن يكون الاستفهام ، والنفي المعتمد عليهما الوصف حرفين ؟
ج5- لا يشترط ذلك فلا فرق بين أن يكون الاستفهام بالحرف كما سبق ، أو بالاسم ، كقولك : كيف جالسٌ العَمْران ؟ وكذلك لا فرق بين أن يكون النفي بالحرف كما سبق ، أو بالفعل ،كقولك: ليس قائمٌ الزَّيدانِ . فجالس ، وقائم :كلاهما مبتدأ . والعَمْران ، والزَّيدان : كلاهما فاعل سدّ مسدَّ الخبر . وقد يكون النفي بالاسم ، كقولك : غيرُ قائمٍ الزيدان . فغير: مبتدأ ، وقائم : مضاف إليه مجرور . والزيدان : فاعل بقائم سدّ مسدّ الخبر ؛ لأن المعنى : ما قائمٌ الزيدان .
س6- قال الشاعر:(1/101)
غَيْرُ لاَهٍ عِدَاكَ فَاطَّرِحِ اللَّهْوَ ولا تَغْتَرِرْ بِعَارِضٍ سِلْمِ
وقال الآخر: غَيْرُ مَأْ سُوفٍ عَلَى زَمَنٍ يَنْقَضِي بالْهَمِّ والْحَزَنِ
عين الشاهد في البيتين السابقين ، وما وجه الاستشهاد فيهما ؟
ج6- الشاهد في البيت الأول : غيرُ لاهٍ عِدَاك .
وجه الاستشهاد : عُومِلَ ( غير ) وهو اسم معاملة الحرف ( ما ) النافية ؛ ولذلك وقع ( عِداك ) فاعلاً سد مسد الخبر ، وغير : مبتدأ ، والوصف ( لاهٍ ) مضاف إليه .
الشاهد في البيت الثاني : غير مأسوفٍ على زمنٍ .
وجه الاستشهاد: عَومِل( غير ) وهو اسم مُعاملة الحرف ( ما ) النافية ؛ ولذلك وقع الجار والمجرور ( على زمن ) نائب فاعل سد مسد الخبر . وغير: مبتدأ، والوصف ( مأسوف ) مضاف إليه .
س7- هل يرفع المبتدأُ الوصفُ نائبَ فاعل يغني عن الخبر ؟
ج7- نعم . إذا تحققت الشروط الأربعة السابقة ، وكان الوصف اسم مفعول فإنه يرفع نائب فاعل يسدّ مسدّ الخبر، نحو : أمضروب الزيدان ؟ فالزيدان : نائب فاعل سدّ مسدّ الخبر ، وكما في قول الشاعر :
غيرُ مَأْسُوفٍ على زَمَنٍ يَنْقَضِي بالْهَمِّ والْحَزَنِ
س8- إلام يشير الناظم في قوله : "وقد يجوز نحُو : فائزٌ أولو الرَّشد" ؟
ج8- يُشير إلى جواز أن يكون الوصف مبتدأ من غير أنْ يسبقه نفيٌّ ، أو استفهام . ففي قوله : " فائز أولو الرشد " فائز : مبتدأ ، وأولو : فاعل سدّ مسدّ الخبر وهو مضاف ، والرشد : مضاف إليه . وهذا هو مذهب الكوفيين , والأخفش . وذكر ابن مالك في التسهيل أنّ سيبويه يَقْبُحُ عنده ذلك مع عدم المنع ؛ ذلك لأنَّ البصريين مذهبهم أنّ الوصف لا يكون مبتدأ إلا إذا اعتمد على نفي ، أو استفهام . ففائز عندهم : خبر مقدم ، وأولو : مبتدأ مؤخر ومسوّغ الابتداء بالنكرة ؛ كونه عاملاً فيما بعده .
( م ) س9- اذكر الخلاف في جواز كون الضمير المنفصل فاعلاً سدّ مسدّ الخبر .(1/102)
ج9- ذهب جماعة من النحاة إلى : أنه يجب أن يكون الفاعل الذي يسدّ مسدّ الخبر اسماً ظاهرًا ، ولا يجوز أن يكون ضميرًا منفصلاً ،فإذا قلتَ: أمسافر أنتَ ؟ وجب عند هؤلاء أن يكون (مسافر) خبرًا مقدمًا ، وأنت : مبتدأ مؤخر . وذهب الجمهور إلى : جواز أن يكون الفاعل الْمُغْني عن الخبر ضميرًا بارزًا ، كما يكون اسما ظاهرًا ؛ لورود ذلك في الشعر العربي الفصيح ، وفي القرآن الكريم ,كما في قوله تعالى : * ولايجوز أن تُحْمَل على ما ذكروا من التقديم والتأخير ؛ إذ لو جعلت (راغبٌ) خبرًا مقدمًا ، و(أنت) مبتدأ مؤخرًا لَلَزِمَ بذلك الفَصْل بين (راغب) وبين ما يتعلق به وهو (عن آلهتي) بفاصل أجنبي وهو(أنت) لأن المبتدأ بالنسبة للخبر أجنبي منه ، والخبر لا يعمل في المبتدأ على الصحيح ، وإذا جعلت ( أنت ) فاعلاً لا يلزم شيء من ذلك ؛ لأن الفاعل بالنظر إلى عامله ليس أجنبيًّا منه .
س10- قال الشاعر :
فَخَيْرٌ نَحْنُ عِنْدَ النَّاسِ مِنْكُمْ إذَا الدَّاعِي الْمُثَوِّبُ قَالَ يَالاَ
عين الشاهد في البيت السابق ، وما وجه الاستشهاد فيه ؟
ج10- الشاهد : فخيرٌ نحن . وجه الاستشهاد : للنحاة شاهدان في قوله : فخير نحن ، أمَّا الأول فإنَّ ( نَحْنُ ) فاعل سدّ مسدّ الخبر مع أنه لم يتقدم على الوصف (خَيْرٌ) نفيٌ , ولا استفهام . وهذا على مذهب الكوفيين , والأخفش . ويرى آخرون أنه لا شاهد في هذا البيت ؛ لأن قوله (خير) خبر لمبتدأ محذوف تقديره (نحن) وأما (نحن) المذكور في البيت فهو تأكيد للضمير المستتر في (خير).
وأمَّا الثاني : فإنَّ ( نحن ) ضمير منفصل وقع فاعلاً سدّ مسدّ الخبر ، وهذا دليل على صِحَّة ما ذهب إليه الجمهور في جواز كون الضمير المنفصل فاعلاً أغنى عن الخبر ، ولا يجوز أن يكون (نحن) مبتدأ مؤخرًا ، وخير : خبرًا مقدمًا ؛ إذْ يلزم على ذلك أن يُفصل بين (خير) وبين ما يتعلق به ، وهو قوله :
( عند الناس منكم ) بأجنبي هو (نحن) .(1/103)
س11- قال الشاعر :
خَبِيْرٌ بَنُو لِهْبٍ فَلاَ تَكُ مُلْغِيًا مَقَالَةِ لِهْبِيًّ إذَا الطَّيْرُ مَرَّتِ
عيّن الشاهد في البيت السابق ، وما وجه الاستشهاد فيه ؟
ج11- الشاهد : خبيرٌ بنو لِهْبٍ . وجه الاستشهاد : بنو لهب : فاعل سد مسدّ الخبر مع أنه لم يتقدم على الوصف ( خبير ) نفي , ولا استفهام .
وهذا على مذهب الكوفيين , و الأخفش .
ويرى البصريون أنّ خبير : خبر مقدم ، وبنو لهب : مبتدأ مؤخر . والذي سَوَّغ الابتداء بالنكرة عند البصريين ؛ كونه عاملا فيما بعده .
الأوجهُ الإعرابيةُ
للوصفِ مَعَ مرفوعِه
وَالثَّانِ مُبْتَدًا وَذَا الوَصْفُ خَبَرْ إِنْ فِى سِوَى الإِفْرَادِ طِبْقًا اسْتَقَرّ
س12- اذكر حالات الوصف مع مرفوعه .
ج12- للوصف مع مرفوعه حالتان ، هما :
1- أَنْ يتطابقاً إفرادًا ، أو تثنية ، أو جمعاً .
2- أَلاَّ يتطابقا. وعدم التطابق قسمان: ممنوع ،وجائز. سيأتي بيانه إن شاء الله.
س13- اذكر الأوجه الإعرابية للوصف مع مرفوعه في حالة التطابق .
ج13- أ- إذا تطابق الوصف مع مرفوعه إفراداً ، نحو : أقائمٌ زيدٌ ؟ ونحو : أمضروب زيدٌ ؟ وكما في قوله تعالى : * جاز فيه وجهان :
1- أن يكون الوصف مبتدأ ويكون ما بعده فاعلاً ، أو نائب فاعل سدّ مسدّ الخبر .
2- أن يكون الوصف خبرًا مقدمًا ، ويكون ما بعده مبتدأ مؤخرًا .
ب- إذا تطابقا تثنية ، أو جمعاً ، نحو : أقائمان الزيدان ؟ ونحو: أقائمون الزيدون ؟ ونحو : أمضروبان الزيدان ؟ ونحو : أمضروبون الزيدون ؟
فهذه الحالة لها وجه واحد مشهور ، هو : أن يكون الوصف خبرًا مقدماً ويكون ما بعده مبتدأ مؤخرًا . هذا هو المشهور من لغة العرب . وهذا هو معنى قوله : " والثَّان مبتداً ... إلى آخر البيت .
ويجوز على لُغة ( أَكَلُوني البَرَاغِيثُ ) أنْ يكون الوصف مبتدأ ، ويكون ما بعده فاعلاً ، أو نائب فاعل سدّ مسدّ الخبر .(1/104)
* س14- ما المراد بِلُغَة أكلوني البراغيث ؟ وما علاقتها مع حالة تطابق الوصف مع مرفوعه تثنيةً ، أو جمعاً ؟
ج14- يقول النحاة إِنَّ الفعل لا تلحقه علامة تثنية ، ولا جمع إذا كان متقدمًا (على أفصح اللغتين) فلا يجوز : ضَرَباني الطالبان, ولا : ضربوني الطلاب .
ومنه قولهم : أكلوني البراغيث . فأُلحق الفعل (أكل) بواو الجماعة مع أنه مُتقدِّم؛ ولأنّ الوصف يعامل معاملة الفعل لم يجز على الفصيح أن يكون الوصف مبتدأ ويكون ما بعده فاعلاً ، أو نائب فاعل سدّ مسدّ الخبر ، في نحو قولك : أقائمون الزيدون ؟ ونحو : أمضروبان الزيدان ؟ ولكنه جائز على لغة أكلوني البراغيث وهي لغة طيء ، وقيل : لغة أَزْدشَنُوءَة .
س15- اذكر الأوجه الإعرابية للوصف مع مرفوعه في حالة عدم التطابق .
ج15- عدم التطابق قسمان : ممتنع ، وجائز .
فمثال الممتنع : أقائمان زيد ؟ ونحو: أقائمون زيد ؟ فهذا التركيب غير صحيح ؛ لأنه لا يجوز إعراب ( الوصف ) خبراً مقدماً ؛ لأنه مختلف عن المبتدأ تثنيةً وجمعاً ، والواجب أن يكون الخبر مطابقاً للمبتدأ في الإفراد ، والتثنية ، والجمع . ولا يجوزكذلك إعرابه مبتدأ ؛ لأن الوصف كالفعل لا تلحقه علامة تثنية، أو جمع - على الصحيح - إذا كان متقدماً .
ومثال الجائز : أقائم الزيدان ؟ ونحو : أقائمٌ الزيدون ؟ ونحو : أمضروب الزيدان ؟ ففي هذا التركيب يتعين أن يكون الوصف مبتدأ ، ويكون ما بعده فاعلاً ، أو نائب فاعل سدّ مسدّ الخبر .
( م ) س16- لم جاز في الوصف أن يرفع فاعلاً ، أو نائب فاعل ؟
ج16- إنّ اسم الفاعل ، واسم المفعول ، ونحوهما من الأوصاف أسماء تقبل علامات الاسم ، ولكنها عوملت معاملة الأفعال فأُسندت إلى ما بعدها ؛ وذلك لسببين ، أولهما : أنها أشبهت الفعل من جهة المعنى ؛ لدلالتها على الحدث .
وثانيهما : دخول حرف النفي ، أو الاستفهام عليهما .(1/105)
وهذا السبب الثاني هو الذي رجّح معاملتها معاملة الأفعال ؛ لأن الأصل في النفي ، وفي الاستفهام أنْ يكونا مُتَوَجِّهَيْن إلى أوصاف الذوات ، لا إلى الذوات أنفسها ، والشيء الموضوع للدلالة على أوصاف الذوات وأحوالها هو الفعل . وهذا هو السِّرُّ في اشتراط البصريين في جعل الوصف مبتدأ والمرفوع بعده فاعلاً أغنى عن الخبر( أَنْ يتقدمه نفي ، أو استفهام ) .
( م ) س17- لم جاز في حالة تطابق الوصف مع مرفوعه في الإفراد وجهان في الإعراب ؟ ولم تعيّن أحد الوجهين في حالة التطابق في التثنية ، أو الجمع ؟
ج17- هذه الأحكام مبنية على أصول مقررة عند النحويين فبعضها يرجع إلى
حكم الفاعل وعامله ، وبعضها يرجع إلى حكم المبتدأ وخبره ، وبعضها يرجع إلى حكم عام للعامل والمعمول . ففي حالة تطابقهما إفرادًا جاز وجهان ؛ وذلك لوجود شرط الفاعل مع عامله ، وهو أن يكون عامله (الفعل) مجردًا من علامتي التثنية ، والجمع ؛ ولذلك جاز في الوصف المفرد أن يرفع فاعلاً ، أو نائب فاعل . وهذا هو الوجه الأول .
وجاز الوجه الثاني ؛ لوجود شرط المبتدأ مع خبره ، وهو وجوب تطابقهما في الإفراد ، والتثنية , والجمع فبذلك جاز الوجهان في الإفراد ؛ لاجتماع شرط الفاعل مع عامله ، وشرط المبتدأ مع خبره .
وفي حالة تطابقهما تثنية ، أو جمعاً جاز وجه واحد ، وهو أن يكون الوصف خبرًا مقدماً ويكون ما بعده مبتدأ مؤخرًا ؛ وذلك بناء على شرط المبتدأ مع خبره . ولا يجوز ( في الفصيح ) أن يكون ما بعد الوصف فاعلاً إذا كان الوصف مثنى ، أو مجموعاً .
وفي حالة عدم التطابق ( الجائز ) جاز وجه واحد ، وهو أن يكون الوصف المفرد مبتدأ ويكون ما بعده فاعلاً سدّ مسدّ الخبر ؛ وذلك بناء على شرط الفاعل مع عامله .
( م ) س18- ما الحكم إذا كان الوصف مفرداً مذكراً ، والمرفوع مفرداً مؤنثاً ؟(1/106)
ج18- إذا كان الوصف مفرداً مذكراً ، والمرفوع مفرداً مؤنثاً ، ولم يكن بينهما فاصل لم يصحّ الكلام ؛ لأن مطابقة المبتدأ وخبره ، والفاعل وعامله في التأنيث واجبة . فإن فَصَل بينهما فاصل ، نحو: أحاضرٌ اليوم أختُك ؟ صَحَّ جَعْل المرفوع فاعلاً ، ولم يصحّ جعله مبتدأ ؛ وذلك لصحة تذكير الفعل مع فاعله المؤنث الحقيقي إذا فصل بينهما فاصل ، ولا يصحّ ذلك في المبتدأ وخبره ؛ لأن وجوب المطابقة بينهما لا تزول بالفصل بينهما .
( م ) س19- ما الحكم إذا كان الوصف والمرفوع مفردين ، ووقع بعدهما معمولٌ للوصف ؟
ج19- إذا كان الوصف والمرفوع مفردين ووقع بعدَهما معمول للوصف جاز في المرفوع أن يكون فاعلاً ، ولم يَجُزْ أن يكون مبتدأ ؛ لأن جَعْلَه مبتدأ يترتَّب عليه أن يُفصل بين العامل والمعمول بأجنبي ،كما سبق بيان ذلك في قوله تعالى : * .
عاملُ الرَّفْعِ في المبتدأِ ، والخبرِ
وَرَفَعُوا مُبْتَدَأً بِالابْتِدَا كَذَاكَ رَفْعُ خَبَرٍ بِالْمُبْتَدَا
س20- اذكر أنواع العامل .
ج20- العامل نوعان :
1- لفظي ، وهو: ما كان مذكورًا ظاهرًا ، كالفعل في نحو: جاء الطالبُ ، وكالجوازم ، والنواصب ، وحروف الجر ... إلخ .
2- معنوي ، وهو : ما كان مُجَرَّدًا من العوامل اللفظية ، كالابتداءِ في المبتدأ ، والْخُلُوِّ من النواصب ، والجوازم في الفعل المضارع المرفوع .
س21- ما نوع العامل في المبتدأ ، والخبر ؟
ج21- اختلفوا في هذا المسألة على النحو الآتي :
1- أنّ المبتدأ مرفوع بالابتداء ، فالعامل فيه معنوي . والخبر مرفوع بالمبتدأ ، فالعامل فيه لفظي . وهذا هو مذهب سيبويه ، وجمهور البصريين .
2- أنّ العامل في المبتدأ والخبر الابتداء ، فالعامل فيهما معنوي .
3- أن المبتدأ مرفوع بالابتداء . والخبر مرفوع بالابتداء ، والمبتدأ .
4- أن المبتدأ والخبر تَرافَعَا ، فالمبتدأ رفع الخبر ، والخبر رفع المبتدأ .(1/107)
س22- عُرِّفَ المبتدأ بأنه الاسم المجرد من العوامل اللفظية غير الزائدة وما أشبهها ، اشرح هذا التعريف .
ج22- العامل في المبتدأ معنوي ، وهو كون الاسم مجرَّدا من العوامل اللفظية غير الزائدة ، وما أشبهها ؛ بمعنى : أنَّ المبتدأ لا يُسبق بالعوامل غير الزائدة
( أي : العوامل الأصلية ) ولكنه قد يُسبق بالعوامل الزائدة .
واحترزوا بقولهم : غير الزائدة ، من نحو: هل مِنْ خَبَرٍ . فخبرٌ : مبتدأ في محل رفع ؛لأنه متجرد من العوامل الأصلية (غير الزائدة) فهو مجرور لفظاً بمِنْ الزائدة، واحترزوا من مِثل : " بِحَسْبِك دِرْهَمٌ " فبحسبِك : مبتدأ ، وهو مجرد من العوامل الأصلية ، ولم يتجرد من الزائدة ؛ لأن الباء الداخلة عليه زائدة .
واحترزوا كذلك من العوامل الشبيهة بالزائدة ،كحرف الجر ( رُبَّ ) في قولك: رُبَّ رجلٍ قائمٌ . فرجلٌ :مبتدأ في محل رفع مجرور لفظًا بحرف جرٍّ شبيه بالزائد، وهو ( رُبَّ ) وقائم : خبر .
ومما يدلّ على أنّ كلمة ( رجل ) مبتدأ أنّ المعطوف عليه يكون مرفوعا مثله ، نحو : رُبَّ رجلٍ قائمٌ وامرأةٌ . فامرأةٌ معطوفة على محل ( رجل ) وهو الرفع .
تعريفُ الخبرِ
وَالْخَبَرُ الْجُزْءُ الْمُتِمُّ الفَائِدَهْ كَاللهُ بَرٌّ وَالأَيَادِى شَاهِدَهْ
س23- اذكر تعريف الناظم للخبر ، وما الشُّبْهَة في هذا التعريف ، واذكر تعريفاً آخر للخبر .
ج23- عَرَّف الناظم الخبر: بأنه الجزء الْمُتِمُّ للفائدة . وشُبْهَة هذا التعريف : أنَّ الفاعل داخلٌ فيه ، نحو : قام زيدٌ ، فإنه يصدُق على زيد أنه الجزء المتمُّ للفائدة . فعَرَّف الناظم الخبر بما يوجد فيه ، وفي غيره ، والتعريف ينبغي أن يكون مختصاً بالمعرَّف دون غيره .
تعريف آخر للخبر: هو الجزء الْمُنْتَظِم منه مع المبتدأ جملة ( أي : تتكون جملة مفيدة من المبتدأ, والخبر ) . ولا يدخل الفاعل في هذا التعريف ؛ لأن الفاعل لا يكوِّن مع المبتدأ جملة ، بل مع الفعل .
أقسامُ الخبرِ(1/108)
وَمُفْرَدًا يَأْتِى وَيَأْتِى جُمْلَهْ ... حَاوِيَةً مَعْنَى الَّذِى سِيقَتْ لَهْ
وَإِنْ تَكُنْ إِيَّاهُ مَعْنًى اكْتَفَى ... بِهَا كَنُطْقِى اللهُ حَسْبِى وَكَفَى
س24- اذكر أقسام الخبر ، ممثلاً لكل قسم بمثال .
ج24- الخبر ثلاثة أقسام ، هي :
1- المفرد ، نحو : اللهُ غفورٌ .
2- جملة ، وهي نوعان :
أ- جملة اسمية ، نحو : الطالبُ كتابُه جديدٌ .
ب- جملة فعلية ، نحو : الطالبُ يكتبُ درسَه .
3- شبه جملة ، وهي نوعان :
أ- جار ومجرور ، نحو : الطالبُ في الفصِل .
ب- ظرف ، نحو : القلمُ فوق المكتب . وسيأتي إن شاء الله بيان القسم الثالث ( شبه الجملة ، والخلاف فيه ) في أبيات قادمة .
س25- ما معنى قول الناظم " حاوية معنى الذي سيقت له " ؟
ج25- يريد أن الجملة الخبرية تحتاج إلى رابط يربطها بالمبتدأ إذا لم تكن هي المبتدأ في المعنى ، نحو : زيدٌ قام أبوه . فالجملة الخبرية ( قام أبوه ) ليست هي معنى زيد ؛ ولذلك احتاجت إلى رابط وهو الضمير ( الهاء ) في أبوه .
أما إذا كانت الجملة الخبرية هي المبتدأ في المعنى فلا تحتاج إلى رابط ، نحو : نُطْقِي اللهُ حسبي . فجملة ( الله حسبي ) مبتدأ وخبر في محل رفع خبر للمبتدأ الأول ( نُطقي ) واستغنت عن الرابط ؛ لأن قولك ( الله حسبي ) هو معنى (نطقي ) ، ونحو : قولي لا إله إلا الله . فجملة ( لا إله إلا الله ) في محل رفع خبر للمبتدأ ( قولي ) واستغنت عن الرابط ؛ لأن قولك ( لا إله إلا الله ) هو معنى ( قولي ) .
س26- اذكر أنواع الرابط .
ج26- الرابط أنواع كثيرة أشهرها :
1- الضمير ، نحو : زيدٌ قام أبوه . وقد يكون الضمير مُقدَّرًا ، نحو : السَّمْنُ مَنَوانِ بِدرْهم ، والتقدير: منَوان مِنْه .( والمنوان مثنى الْمَنَا ، وهو : معيار يُكَال به أو يُوزَن ) .(1/109)
2- الإشارة إلى المبتدأ ، كما في قوله تعالى : * في قراءة مَنْ رفع ( لباسُ ) فلباسُ : مبتدأ أول ، وذلك : مبتدأ ثانٍ ، وخير : خبر للمبتدأ الثاني ، وجملة ( ذلك خير ) خبر للمبتدأ الأول ( لباس ) واسم الإشارة ( ذلك ) يعود إلى المبتدأ الأول ( لباس ) .
3- تكرار المبتدأ بلفظه بقصد التفخيم ، أو التحقير. والتكرار يكون بإعادة المبتدأ بلفظه ومعناه معًا، كما في قوله تعالى : * وقوله تعالى:* فجملتا ( ماالحاقة،وماالقارعة) خبر للحاقة، وللقارعة ، وهذا مقام التفخيم .
وقد يكون للتحقير ، كقولك : زيدٌ ما زيدٌ ؛ تقول ذلك تحقيرًا لشأنه .
4- عموم يشمل المبتدأ ، نحو : زيدٌ نِعْمَ الرَّجلُ . فالخبر (نعم الرجل) عموم يشمل المبتدأ (زيد) وغيره.
( م ) س27- اذكر شروط الجملة التي تقع خبرًا .
ج27- شروطها ثلاثة ، هي :
1- أن تكون مشتملة على رابط يربطها بالمبتدأ ، وذلك على الوجه الذي بَيَّنَّا في السؤال السابق .
2- ألاَّ تكون الجملة ندائية . فلايجوز أن تقول : محمدٌ يا أعدلَ الناس ، على أنَّ الجملة النَّدائية هي الخبر .
3- ألا تكون جملة الخبر مُصدّرة بأحد الأحرف الآتية : لكن ( مَشَدَّدة ، أو سَاكِنة )، وبَلْ ، وحَتَّى ؛ لأن كلّ حرف منها يقتضي كلاماً مفيدًا قبله .
وأجمع النحاة على ضرورة استكمال جملة الخبر لهذه الشروط الثلاثة ، وزاد ثعلب شرطاً رابعاً ، وهو : ألا تكون جملة الخبر قَسَمِيّة . والصحيح عند الجمهور صِحّة وقوعها خبرًا ، نحو : زيدٌ واللهِ إنْ قَصَدْتَه لَيُعْطِيَنَّك ، ونحو : المؤمنُ واللهِ ليَهْزِمَنَّ الشَّهَوَاتِ .
وزاد ابن الأنباري شرطاً خامسًا ، وهو : ألا تكون إنشائية . والصحيح عند الجمهور جواز وقوع الإنشائية خبرًا ،نحو: زيدٌ اضْرِبْهُ،ونحو: الصَّديقُ لعلّه قادمٌ.(1/110)
وذهب ابن السَّرَّاج إلى أنّ الخبر إذا وقع جملة طلبية فهو على تقدير محذوف . والتقدير عنده : زيدٌ مقولٌ فيه اِضْرِبْه ؛ وذلك تشبيها للخبر بالنعت .
أنواعُ الخبرِ المفردِ
وَالْمُفْرَدُ الْجَامِدُ فَارِغٌ وَإِنْ يُشْتَقَّ فَهْوَ ذُو ضَمِيرٍ مُسْتَكِنّْ
س28- اذكر أنواع الخبر المفرد ، ممثلاً لكل نوع بمثال .
ج28- الخبر نوعان : جامد ، ومشتق .
فالجامد ، نحو : زيدٌ أخوك ، والمشتق ، نحو: زيدٌ قائمٌ . والمراد بالمشتق : اسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصِّفة المشبَّهة ، واسم التفضيل ؛ لأنها تعامل معاملة الفعل كما سبق بيانه في س16 .
س29- اذكر خلاف العلماء في مسألة رفع الخبر الجامد ، والمشتق ضميرًا مستترًا فيه .
ج29- ذكر الناظم أن الخبر الجامد يكون فارغًا من الضمير ( أي : ليس فيه ضميرٌ يَتَحَمَّلُه ويَرْفَعُه ) نحو : زيدٌ أخوك .
وذهب الكسائيُّ والرُّمَّاني وجماعة إلى أنه يتحمَّل الضمير ، والتقدير عندهم :
زيد أخوك هو . وهذا هو مذهب الكوفيين ، وأما البصريون فقد فصَّلوا المسألة فقالوا : الجامد إمّا أن يكون متضمناً معنى المشتق ، أولا . فإن تضمّن معنى المشتق ، نحو : زيدٌ أسدٌ ( أي : شجاع ) فإنه يتحمل الضمير .
أما إذا لم يتضمن معناه كاسم الآلة ، نحو: هذا مفتاح ،لم يكن فيه ضمير مستتر فيه ، وكاسمي الزمان والمكان ، نحو: هذا مَرْمَى زيدٍ ، إذا قصدت مكان
رَمْيِه ، أو زمانه . فَمَرْمَى : خبر مشتق من الرَّمي ولا يتحمَّل ضميرًا ؛ ذلك لأن اسم الآلة ، واسمي الزمان والمكان لا يعاملان معاملة الفعل فلا يأخذان أحكام الفعل في رفع ما بعده .(1/111)
أما الخبر المشتق فإنه يتحمل الضمير إذا لم يرفع ظاهرًا ، نحو : زيدٌ قائم ( أي : قائم هو ) لأن الخبر (قائم) اسم فاعل ( مشتق ) يعامل معاملة الفعل ، ونحو : زيدٌ حَزِين ( أي : حزين هو ) فإنْ رفع فاعلا ظاهرًا لم يتحمل الضمير ؛ لأن المشتق لا يرفع فاعِلَيْن ، نحو : أعليٌّ حاضِرٌ والدُه ؟ فالخبر المشتق (حاضر)
لم يرفع ضميرًا مستترًا فيه ؛ وذلك لوجود فاعله ، وهو ( والده ) ملفوظاً به .
حكمُ إِبْرَازِ الضميرِ
واسْتِتَارِهِ في الخبرِ المشتقِ
وَأَبْرِزَنْهُ مُطْلَقًا حَيْثُ تَلاَ مَا لَيْسَ مَعْنَاهُ لَهُ مُحَصَّلاَ
س30- بيّن حكم إبراز الضمير ، واستتاره في الخبر المشتق ، ثم بيِّن خلاف العلماء في ذلك .
ج30- الخبر المشتق يرفع ضميرًا مستترًا ، أو بارزً ا، أو اسماً ظاهرًا . فإذا جرى الخبر المشتق على مَنْ هو له ( أي : أنَّ معنى الخبر منسوب ومحكوم به على المبتدأ ) ففي هذه الحالة يجب استتار الضمير فيه ، نحو : زيدٌ قائمٌ ، والتقدير : قائمٌ هو . فإذا أتيت بعد المشتق بالضمير ( هو ) وأبرزته فقلت : زيدٌ قائمٌ هو ، فقد أجاز فيه سيبويه وجهين ، أحدهما : أن يكون الضمير (هو) تأكيدًا للضمير المستتر في ( قائم ) والثاني : أن يكون الضمير (هو ) فاعلاً بـ ( قائم ) .
وإن جَرَى الخبر على غير من هو له ، نحو : زيدٌ عمْرٌو ضاربه . ففي هذا المثال لَبْسٌ ، وهو : أتريد الحكم على عمرو بأنه يضرب زيدًا فيكون الخبر جاريا على من هو له ، أم تريد الحكم على زيد بأنه يضرب عمرًا فيكون الخبر جاريا على غير من هو له ؟(1/112)
وهذا الحكم الأخير هو المراد من هذا البيت .فإن جرى الخبر على غير من هو له فالبصريون يوجبون إبراز الضمير سواء أُمِن اللَّبْس ، أولم يُؤْمَن . وهذا معنى قوله : " و أبرزنه مطلقاً " فمثال ما أُمِن فيه اللبس : زيدٌ هندٌ ضاربُها هو . فضاربها : خبر لهند مع أنّ الخبر ( ضارب ) صاحبه زيد . وهذا هو معنى : أنّ الخبر جار على غير من هو له . ويُفهم من هذا المثال دون لَبْسٍ أَنَّ الضارب هو زيد لا هند .
ومثال ما لم يُؤْمَن فيه اللبس : زيدٌ عمرٌو ضاربُه . في هذا المثال إشكال ، هو : مَن الضارب زيدٌ أو عمرو ؟ ولذلك يجب إبراز الضمير ( هو ) فتقول : زيدٌ عمرٌو ضاربُه هو ؛ ليكون إبرازه دليلاً على أنّ الخبر جَارٍ على غير من هو له فيكون الضمير المتصل بالخبر (ضاربه) عائدًا على (عمرو) والضمير البارز (هو) عائد على زيد . ويُفهم من ذلك أنّ الضارب هو زيد لا عمرو. أما الكوفيون فقالوا : إِنْ أُمِن اللبس جاز الأمران (الاستتار , والبروز) فيجوز :
زيد هندٌ ضاربها ، ويجوز : زيدٌ هندٌ ضاربها هو .
وإن خِيف اللّبس وجب الإبراز . وقد استحسن الناظم في ( الكافية ) رأي الكوفيين .
س31- قال الشاعر:
قَوْمِي ذُرَا الْمَجْدِ بَانُوهَا وقَدْ عَلِمَتْ بِكُنْهِ ذَلِكَ عَدْنَانٌ وقَحْطَانُ .
عين الشاهد في البيت السابق ، وما وجه الاستشهاد فيه ؟
ج31- الشاهد : قَوْمِي ذُرَا المجد بانوها .
وجه الاستشهاد : حُذف الضمير البارز ( هم ) من الخبر المشتق ( بانوها ) بسبب أَمْنِ اللَّبس . فالخبر ( بانوها ) يعود على القوم لا على المجد ؛ لأن المجد مبني لا بانٍ . وهذا على مذهب الكوفيين ، أما البصريون فيرون أن هذا البيت شاذّ وأن القياس الذي عليه أكثر العرب هو وجوب إبراز الضمير سواء أُمِن اللبس ، أم لم يُؤمَن ، والتقدير : بانوها هُم .
الإخبارُ بالظرفِ
والجارِّ والمجرورِ(1/113)
وَأَخْبَرُوا بِظَرْفٍ أَوْ بِحَرْفِ جَرّْ نَاوِينَ مَعْنَى كَائِنٍ أَوِ اسْتَقَرّْ
س32- مَثِّل للخبر الظرف ، والجار والمجرور ، ثم بيّن مُتَعَلِّق كلٍّ منهما ، ونوعه .
ج32- مثال الظرف ، قوله تعالى : * وكما في قولك : زيدٌ عندك .
ومثال الجار والمجرور ، قوله تعالى : * وكما في قولك: زيدٌ في الدار .
ومُتعلقهما ( العامل ) محذوف وجوباً . واخْتُلِفَ في نوعه على النحو الآتي :
1- أجاز قوم منهم ابن مالك أن يكون المحذوف اسماً ، نحو : كَائِن . ويجوز أن يكون فِعْلاً ، نحو: اسْتَقَرَّ . فإن قَدَّرْتَ ( كائن ، أو مُستقِر ) كان من قبِيل الخبر المفرد ، وإنْ قدَّرتَ ( استقرّ ) كان من قَبِيل الخبر الجملة .
2- ذهب أبو بكر بن السَّرَّاج إلى أن كُلاًّ من الظرف ، والجار والمجرور قِسْمٌ قائمٌ بذاته ليس من قبيل المفرد ، ولا من قبيل الجملة .
واختلف النحويون في كون المتعلق المحذوف من قبيل المفرد ، أومن قبيل الجملة ، وذلك على النحو الآتي:
أ- ذَهَب الأخفش إلى أن المحذوف اسم فاعل ، والتقدير : زيدٌ كائن عندك ، أو مستقرٌّ عندك ، أو مستقر في الدار ؛ فيكون من قَبِيل الخبر المفرد . وقد نُسِبَ هذا لسيبويه .
ب- نُسب إلى جمهور البصريين ، وإلى سيبويه : أنّ المحذوف فِعْل ، والتقدير : زيدٌ استقرَّ ، أو يستقرّ عندك ، أو في الدار ؛ فيكون من قبيل الجملة .
ج- ذهب قوم منهم ابن مالك إلى جواز أن يكون من قبيل المفرد ، والتقدير : زيدٌ مستقرٌ ، أو كائن عندك ، أو في الدار .
وذهبوا إلى جواز أن يكون من قبيل الجملة ، والتقدير : زيدٌ استقرّ عندك ، أو في الدار .
س33- قال الشاعر :
لَكَ العِزُّ إنْ مَوْلاَكَ عَزَّ وإنْ يَهُنْ فأنْتَ لَدَى بُحْبُوحَةِ الْهُونِ كَائِنُ
عيّن الشاهد في البيت السابق ، وما وجه الاستشهاد فيه ؟(1/114)
ج33- الشاهد : كائن . وجه الاستشهاد : ذكر الشاعر لفظ (كائن) شذوذًا وهو متعلق الظرف (لدى) الواقع خبرًا ، والأصل عند الجمهور أن الخبر إذا كان ظرفاً،أو جارًّا ومجرورًا حُذف متعلقهما وجوبا إذا كان كونًا عامًا،كما في هذا البيت . وخالفهم في ذلك ابن جِنِّي فذهب إلى جواز ذِكْر هذا الكون العام ؛ لأن الذِّكر هو الأصل ، وعلى هذا الرأي يكون ذِكْره في هذا البيت ليس شاذًا .
( م ) س34- اذكر شرط صِحَّة الإخبار بالظرف ، والجار والمجرور .
ج34- يُشترط لِصحَّة الإخبار بالظرف ، والجار والمجرور: أن يكون كل واحد منهما تامًّا ، أي : يَحْصُل بالإخبار بهما فائدة ويتم بهما المعنى دون لَبْس ، ولا خَفَاء ، ويُفْهَم متعلقهما المحذوف ، نحو : زيد عندك ، ونحو : زيدٌ في الدار
( أي : مُستقر ، أو كائن عندك ، أو في الدار ) ولا يصحّ الإخبار بالناقص ، نحو : زيدٌ اليوم ، أو : زيدٌ بك ؛ لعدم حصول الفائدة .
( م ) س35- المتعلَّق بالظرف ، والجار والمجرور نوعان ، اذكرهما ، وما حكم حذفهما ؟
ج35- المتعلق نوعان :
1- مُتعلَّق عامٌّ ، نحو : زيد عندك ، ونحو : زيد في الدار .
والمتعلق العام حذفه واجب ، والتقدير : كائن ، أو مستقر ، أو نحوهما .
2- مُتعلَّق خَاصٌّ ، وفي حذفه تفصيل :
أ- إذا وُجدت قرينة تدلّ عليه جاز حذفه ، وجاز ذِكرُه ؛كأنْ يقول لك قائل : زيدٌ مسافرٌ اليوم ، وعمرٌو غدًا ؛ فتقول له : بلْ عمرو اليوم ، وزيد غدا . ويجوز أن تقول : بل عمرو مسافرٌ اليوم ، فجازحذف المتعلق الخاص ( مسافر ) وجاز ذِكره ؛ لوجود القرينة الدالة عليه في قول القائل الأول .
وجَعَلَ ابن هاشم في المعنى قوله تعالى : * أنّ المتعلق بالخبر الجار والمجرور خَاصٌّ ،والتقدير:الحرُّ يُقْتَلُ بالْحُرِّ والعبدُ يُقْتَلُ بالعبدِ. وذهب ابن جِنِّي إلى جواز ذِكْر المتعلق العام مستدلاً بقوله تعالى :(1/115)
* ورُدّ عليه بأنه استقرار خاصٌّ بمعنى الثَّبات وعدم التَّحَرُّك ، لاعَامٌّ بمعنى مُجَرَّد الحصول فيكون حينئذ حذفه واجباً .
ب- إذا لم تُوجد قرينة تدلّ عليه وَجَبَ ذِكْرُه ، نحو : زيدٌ مسافرٌ اليوم .
س36- ما حكم حذف مُتعلق الظرف ، والجار والمجرور إذا وقعا صفة ، أو حَالاً ، أو صِلة ؟
ج36- يجب حذف متعلق الظرف ، والجار والمجرور إذا وقعا صفة ، نحو : مررت برجلٍ عندك ، أو في الدار . ويجب حذفه أيضًا إذا وقعا حالاً ، نحو : مررت بزيدٍ عندك ، أو في الدار . وكذلك يجب حذفه إذا وقعا صِلَة ، نحو : جاء الذي عندك ، أو في الدار .
لكن يجب في الصلة أن يكون المتعلق المحذوف فِعْلاً ، والتقدير : جاء الذي استقر عندك ، أو في الدار . وأمّا في الصفة, والحال فلا يجب ذلك فمتعلقهما كمتعلق الخبر ،كما بَيَّنَّا ذلك في س 32 .
الإخبارُ بظرفِ الزَّمَانِ , والمكَانِ
عن المبتدأ الْجُثَّةِ , والمبتدأ المعنى
وَلاَ يَكُونُ اسْمُ زَمَانٍ خَبَرَا عَنْ جُثَّةٍ وَإِنْ يُفِدْ فَأَخْبِرَا
س37- اذكر أنواع المبتدأ .
ج37- المبتدأ نوعان :
1- اسم صريح ، نحو : الشَّمسُ بازغةٌ ، والهلالُ طالعٌ ، والعِلْمُ نورٌ ، والنَّومُ مفيدٌ .
2- مصدر مُؤَوَّل ، كما في قوله تعالى : *
(أي : صِيامُكم ) وكما في قولك : أن تجْتَنِبَ المعاصي أنفعُ لك ( أي : اجتنابُك ) .
س38- اذكر أنواع الاسم الصريح الذي يقع مبتدأ .
ج38- الاسم الصريح الذي يقع مبتدأ نوعان :
1- اسم جُثَّة : ( أي : الجِسْم الْمَحْسُوس بالبَصَر ، أو بغيره مِن الحَوَاس ) كالشَّمس ، والقمر ، والهلال ، والشجرة ، والقلم .
2- اسم معنى : ( أي : الذي لا يكون جسْماً ، وإنّما يكون شيئاً مفهوماً بالعقل ) كالعلم ، والنوم ، والأدب ، والشَّرف .
س39- هل يقع ظرفا الزمان والمكان خبرًا عن المبتدأ الجثّة ، واسم المعنى ؟ وما موضع الخلاف في هذه المسألة ؟ وضِّح ذلك .(1/116)
ج39- ظرف المكان يقع خبراً عن الجثة ، نحو : زيد عندك ، ويقع خبراً عن المعنى ، نحو : القتال عندك . وأما ظرف الزمان فيقع خبراً عن المعنى منصوباً ، أو مجروراً بفي ، نحو : القتال يومَ الجمعة ، أو في يومِ الجمعة , ولا يقع خبراً عن الجثّة. وهذا هو موضع الخلاف في هذه المسألة ، فذهب قومٌ منهم ابن مالك : أنّ ظرف الزمان لا يقع خبرًا عن الجثة إلا إذا أفاد ، نحو : الليلةَ الهلالُ ، والرُّطَبُ شَهْرَيْ رَبِيعٍ ، ونحو : نحنُ في يومٍ طيِّبٍ ، ونحن في شهرِ كذا .
أما إذا لم يُفِد فيمتنع الإخبار به عن الجثة ، نحو : زيدٌ يوم الجمعة .
ومذهب جمهور البصريين منع وقوع ظرف الزمان خبرًا عن الجثّة ،وما ورد من ذلك،كالأمثلة السابقة فإنها تُؤَوَّل ،والتقدير في المثال الأول: طلوعُ الهلالِ الليلةَ، وتقدير المثال الثاني : وجودُ الرُّطَبِ شهري ربيع ، وهكذا في بقية الأمثلة .
( م ) س40- متى تحصل الفائدة من الإخبار بظرف الزمان عن اسم الْجُثَّة ؟
ج40- تحصل الفائدة بأحد الأمور الثلاثة الآتية :
1- أن يتخصص ظرف الزمان بوصف ، أو إضافة ، ويكون مع ذلك مجرورًا بفي ، نحو : نحنُ في يومٍ حَارٍّ ، ونحو : نحن في زمنِ خيرٍ وبركةٍ .
ولا يجوز النصب في هذا الموضع ولو جعلت نصبه على تقدير ( في ) .
2- أن يكون الكلام على تقدير مضاف هو اسم معنى ، نحو : الليلةَ الهلالُ ، وكما في قول امرئ القَيْس : اليومَ خَمْرٌ وغدًا أَمْرٌ ، فإن التقدير في المثالين : الليلةَ طلوعُ الهلالِ ، واليومَ شربُ خمرٍ . وفي هذه الحالة يكون الظرف منصوباً على الظرفية .(1/117)
3- أن يكون اسم الجثّة مِمَّا يُشبه اسم المعنى في حصوله وقتا بعد وقت ، نحو : الرّطبُ شَهْرَي رَبيعٍ ، ونحو : الوَرْدُ صيفًا . فالرّطبُ ، والورد ( اسما جثّة ) يحصلان وقتاً بعد وقت ، كما أنّ طلوع الهلال ، وشرب الخمر (اسما معنى) يحصلان وقتاً بعد وقت ، وهذا هو الشبه بينهما . وفي هذه الحالة يجوز نصب الظرف كما تقدم ، ويجوز جره بـ ( في ) ، نحو : الرّطب في شهري ربيع ، والورد في الصَّيفِ .
الابتداءُ بالنكرةِ
وَلاَ يَجُوزُ الابْتِدَا بِالنَّكِرَهْ مَا لَمْ تُفِدْ كَعِنْدَ زَيْدٍ نَمِرَهْ
وَهَلْ فَتًى فِيكُمْ فَمَا خِلٌّ لَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الكِرَامِ عِنْدَناَ
وَرَغْبَةٌ فى الْخَيْرِ خَيْرٌ وَعَمَلْ بِرٍّ يَزِينُ وَلْيُقَسْ مَا لَمْ يُقَلْ
س41- ما الأصل في المبتدأ التعريف،أوالتنكير؟ وما شرط الابتداء بالنكرة ؟
ج41- الأصل في المبتدأ أن يكون معرفة .ويجوز أن يكون نكرة بشرط الإفادة.
س42- اذكر المواضع التي يجوز فيها الابتداء بالنكرة .
ج42- ذكرنا في السؤال السابق أن النكرة تكون مبتدأ إذا أفادت . وتحصل الفائدة في مواضع كثيرة منها :
1- أن يتقدم الخبر على النكرة وهو ظرف ، أو جار ومجرور ، نحو عند زيدٍ نَمرةٌ ، ونحو : في الدار رجلٌ . ولا يجوز ، نحو : قائمٌ رجلٌ ؛ لأن المتقدم ليس ظرفاً ، ولا جارّاً ومجرورًا .
2- أن يتقدم الاستفهام عليها ، نحو : هَلْ فَتًى فيكم ؟وكما في قول الشاعر : وهَلْ دَاءٌ أَمَرُّ من التَّنَائِى وَهَلْ بُرْءٌ أَتَمُّ مِنَ التَّلاَقِى
3- أن يتقدّم النَّفيُ عليها ، نحو : ما خِلٌّ لنا ، ونحو : ما عَمَلٌ بِضَائِعٍ .
4- أن تُخصَّص النكرة بِوَصْف ، نحو : رجلٌ مِنَ الكِرَامِ عندنا . فرجل : مبتدأ موصوف ، ومِن الكرام : صفة ، ونحو : نومٌ مُبَكِّرٌ خيرٌ مِنْ سَهَرٍ .(1/118)
5- أن تخصّص بإضافة ، نحو : عَمَلُ بَرٍّ يَزِينُ . فعمل : مبتدأ مضاف ، وبرٍّ : مضاف إليه ، ونحو : صَلاةُ ليلٍ أَنْفَعُ مِن نَومٍ .
6- أن تكون عاملة ، نحو : رغبةٌ في الخير خيرٌ . فالجار والمجرور ( في الخير ) في محل نصب مفعول به عامله المصدر ( رغبةٌ ) ونحو : ضَرْبٌ الزيدانِ حَسَنٌ . فالزيدان : فاعل عامله المصدر ضَرْبٌ .
7- أن تكون شرطًا ، نحو : مَنْ يَقُمْ أَقُمْ معه .
8- أن تكون جواباً ، نحو أن يُقال : مَنْ عندك ؟ فتقول : رجلٌ ، والتقدير : رجلٌ عندي .
9
- أن تكون عَامّة ، نحو : كُلٌ يموتُ ، ونحو : كُلٌّ مُحَاسَبٌ على عمله .
10- أن يُقصد بها التَّنوِيع، والتَّقْسِيم ، نحو : عَرَفْتُ فصلَ الخريف مُتَقَلِّبًا فيومٌ باردٌ ، ويومٌ حارٌّ ، ويومٌ مُعْتَدِلٌ ، وكما في قول الشاعر :
فَأَقْبَلْتُ زَحْفًا عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ فَثَوْبٌ لَبِسْتُ وثوبٌ أَجُرُّ
11- أن تكون للدعاء ،كما في قوله تعالى : * ونحو : شِفَاءٌ للمريض .
12- أن يكون فيها معنى التَّعجُب ، نحو : ما أحسنَ زيدًا ! فـ ( ما ) مبتدأ نكرة تامّة .
13- أن تكون خَلَفًا من موصوف ، بمعنى أن تكون صفة لموصوف محذوف ، نحو : مُؤْمِنٌ خيرٌ من كافر ، والتقدير : عَبْدٌ مَؤمن .
14- أن تكون مُصَغّرة ، نحو رُجَيْلٌ عندنا ؛ لأن التصغير يُفيد معنى الوصف . والتقدير : رجلٌ صغيرٌ عندنا .
15- أن تكون في معنى المحصور ، نحو : شَرٌّ أَهَرَّ ذا نَابٍ ، ونحو : شيءٌ جاء بك ، والتقدير :ما أَهَرَّ ذا نابٍ إلا شَرٌّ ، وما جاء بك إلا شيء . وجعل بعضهم مثل هذين المثالين من نوع النكرة الموصوفة ، والتقدير : شرٌّ عظيمٌ أهرَّ ذا نابٍ، وشيءٌ عظيمٌ جاء بك ؛ ذلك لأن الوصف أعمّ من أن يكون ظاهرًا أو مقدرًا ، وهو هنا مقدّر .
16- أن يقع قبلها واو الحال ، نحو : قطعت الصحراء ودليلٌ يُرْشِدُني ، وكما في قول الشاعر :(1/119)
سَرَيْنَا ونَجْمٌ قد أَضَاءَ فَمُذْ بَدَا مُحَيَّاك أَخْفَى ضَوْؤُهُ كُلَّ شَارِقِ
في هذا البيت ابْتُدِئَ بالنكرة ( نجمٌ ) لوقوعها في أول جملة الحال ، وقد سُبقت بواو الحال .
( م ) وقد تقع النكرة في أول جملة الحال ، ولا تُسبق بواو الحال ،كما في قول الشاعر: الذِّئْبُ يَطْرُقُهَا في الدَّهْرِ وَاحِدَةً وَكلَُّ يَوْمٍ تَرَانِي مدْيةٌ بِيَدِي ( م )
17- أن تكون معطوفة على معرفة ، نحو : زيدٌ ورجلٌ قائمان?
18- أن تكون معطوفة على وصف ، نحو : تَمِيمِيٌّ ورجلٌ في الدار .
19- أنْ يُعْطف عليها موصوف ، نحو : رجلٌ وامرأةٌ طويلةٌ في الدار . فرجل : مبتدأ نكرة ، وامرأة : موصوف معطوف على رجل , وطويلة : صِفة .
20- أن تكون مُبْهَمَة قَصْدًا ، كما في قول الشاعر :
مُرَسَّعَةٌ بَيْنَ أَرْسَاغِهِ بِهِ عَسَمٌ يَبْتَغِي أَرْنَبَا
ابْتُدِئ بالنكرة (مُرَسّعَة) لكونها مُبْهمة ( ومعنى مرسَّعة : التَّمِيمَة ) فالشاعر
لا يَقْصِدُ تَميمة دون أُخْرى ، ونحو : زائرٌ عندنا ، إذا قَصَد المتكلِّم الإبهام لِغرَضٍ ما .
21- أن تقع بعد لولا ، كما في قول الشاعر :
لَوْلاَ اِصْطِبَارٌ لأَوْدى كُلُّ ذِي مِقةٍ لَمَّا اسْتَقَلَّتْ مَطَايَاهُنَّ لِلظَّعَنِ
ابتدئ بالنكرة ( اصطبار ) لكونها واقعة بعد لولا , ونحو : لولا إيمانٌ وصبرٌ ما نال مُسْلِمٌ مُبْتَغَاه .
22- أن تقع بعد فاء الجزاء الداخلة على جواب الشرط ، نحو : إنْ ذَهَبَ عَيْرٌ فَعَيْرٌ في الرِّباط ، ونحو : إنْ تَيَسَّرَ بعضٌ فَبَعْضٌ لا يَتَيَسَّرُ .
23- أن تَدْخُلَ لام الابتداء عليها ، نحو : لَرَجُلٌ قائمٌ ، ونحو : لَعِلْمٌ نافعٌ .
24- أن تقع بعد ( كم ) الخبرية ، كما في قول الشاعر :
كَمْ عَمَّةٌ لَكَ يا جَرِيرُ وخَالَةٌ ... فَدْعَاءُ قَدْ حَلَبَتْ عَلَيَّ عِشَارِى(1/120)
ابتدئ بالنكرة ( عَمَّةٌ ) على رواية رفع ( عمةٌ ) لكونها واقعة بعد كم الخبريّة التي هي في محل نصب على الظرفية .
ويجوز أن يكون المسوِّغ في هذا البيت كون النكرة موصوفة بمتعلق الجار والمجرور ( لك) وبفَدْعَاء المحذوف الذي يدلّ عليه وَصْف ( خالة ) به كما في الشطر الثاني ، وعلى هذا تكون كم : في محل رفع مبتدأ ، وعمَّةً ( بالنصب ) تمييز لها .
( م ) س43- ما شرط ابن الحاجب لجواز الابتداء بالنكرة بعد الاستفهام ؟ وهل شرطه صحيح ؟
ج43- اشترط ابن الحاجب لجواز الابتداء بالنكرة بعد الاستفهام شرطين :
الأول : أن يكون حرف الاستفهام الهمزة .
الثاني : أن يكون بعد الاستفهام ( أم ) نحو : أرجلٌ عندك أم امرأة ؟ وهذا الاشتراط غير صحيح ؛ لورود الأمثلة على الاستفهام بغير الهمزة ، نحو :
هَلْ فتًى فيكم ؟.
( م ) س44- لماذا كان تقدّم الاستفهام على النكرة مُسَوِّغًَا للابتداء بها ؟
ج44- الاستفهام إمَّا إنكاري ، وإمَّا حقيقي ، فإذا كان الاستفهام إنكارياً ، نحو قوله تعالى : * فهو بمعنى حرف النَّفي ، وتقدُّم حرف النفي على النكرة يجعلها عامَّة ، وعموم النكرة عند التحقيق هو المسوِّغ للابتداء بها . أما إذا كان الاستفهام حقيقياً ، نحو : هل فتًى فيكم ؟ فالمقصود السؤال عن فرد غير معيَّن يُطلب بالسؤال تعيينه وهذا الفرد غير المعَيَّن شائع في جميع الأفراد فكأنَّ السؤال في الحقيقة عن الأفراد كلِّهم فأشبه بذلك العموم .
( م ) س45- ما شرط الوصف الذي يُسَوَّغُ الابتداء بالنكرة ؟ واذكر أنواع الوصف .
ج45- يشترط في الوصف الذي يُسوغ الابتداء بالنكرة أن يكون مُخَصَّصًا للنكرة ، نحو : رجلٌ من الكرام عندنا . فإن لم يكن الوصف مخصصاً للنكرة ، نحو : رجلٌ من الناس عندنا ،لم يصحّ الابتداء بالنكرة ؛ ذلك لأن لفظ (الناس) يشمل جميع الرجال وليس مخصصًا لفئة معينة من الرجال .(1/121)
وأما قولك ( من الكرام ) فهي فِئة مُعَيَّنة وليس كلُّ الرجالِ كِرَاما .
والوصف ثلاثة أنواع ، هي :
1- الوصف اللفظي ، نحو : رجلٌ من الكرام عندنا .
2- الوصف التقديري ، وهو الذي يكون محذوفاً من الكلام لكنّ ذِكْرَه مُقدّر، كما في قوله تعالى : * فإنّ التقدير : وطائفةٌ من غيركم .
3- الوصف المعنوي ، وهو الذي لا يكون مذكورًا في الكلام ، ولا يكون ذِكرُه مُقَدَّرًا ، وتدل عليه صيغة النكرة . وهذا النوع له موضعان :
الأول : أن تكون النكرة على صيغة التصغير ، نحو : رُجَيْلٌ عندنا ، فإن المعنى : رجلٌ صغيرٌ عندنا . فالذي دلّ على الوصف (صغير) صيغة النكرة (رُجيل). والثاني : أن تكون النكرة دالّة على التَّعجُّب ، نحو : ما أحسن زيدًا ! فالذي سوّغ الابتداء بالنكرة ، هو ( ما ) والمعنى : شيءٌ عظيمٌ حَسَّنَ زيدًا ؛ لذلك كلّه أدخل بعض العلماء بعض المواضع ، كالموضع الثاني عشر ، والثالث عشر ، والرابع عشر ، والخامس عشر أدخلوها تحت الموضع الرابع ، وهو: أن تكون النكرة موصوفة .
( م ) س46- لماذا وجب في المبتدأ أن يكون معرفة ؟ .
ج46- المبتدأ محكوم عليه والخبر حُكْم ، فإذا كان المبتدأ نكرة فقد حَكَمْت على مجهول والْحُكْم على المجهول لا يُفيد ؛ من أجل هذا وجب أن يكون المبتدأ معرفة ، أو نكرة مخصوصة .
( م ) س47- ما المسوَّغ للابتداء بالنكرة بعد لولا ؟
ج47- لولا حرف يدلّ على امتناع الجواب لوجود الشرط فهي تستدعي جواباً يكون مُعَلَّقاً على جملة الشرط التي يقع فيها المبتدأ نكرة فيكون ذلك سبباً في تقليل شيوع المبتدأ النكرة ، نحو : لولا اجتهادٌ لرسبَ كلُّ الطلاب . فاجتهاد : نكرة عامّة قلَّ شيوعها بسبب الجواب (لرسب كل الطلاب) فأصبح
امتناع الرسوب مرتبطاً ومُتعلقاً بالاجتهاد ؛ وهذا هو السبب في تقليل شيوع النكرة .
تأخيرُ الخبرِ , وتقديمِه
وَالأَصْلُ فى الأَخْبَارِ أَنْ تُؤَخَّرَا وَجَوَّزُوا التَّقْدِيمَ إِذْ لاَ ضَرَرَا(1/122)
س48- ما الأصل تقديم المبتدأ ، أوالخبر ؟ ولماذا ؟
ج48- الأصل تقديم المبتدأ ، وتأخير الخبر ؛ ذلك لأنّ الخبر وَصْفٌ في المعنى للمبتدأ فاستحقَّ التأخير كالوصْف .
س49- ما شرط جواز تقديم الخبر ؟
ج49- يجوز تقديم الخبر إذا لم يَحْصل بتقديمه لَبْسٌ ، نحو : قائمٌ زيدٌ ، ونحو : قائمٌ أبوه زيد ، وأبوه مُنطلق زيدٌ ، وفي الدار زيدٌ ، وعندك عمرو .
س50- ما مذهب البصريين ، والكوفيين في مسألة تقديم الخبر ؟
ج50- مذهب البصريين : جواز تقديم الخبر على المبتدأ إذالم يحصل لَبْسٌ .
ومذهب الكوفيين : عدم جواز تقديم الخبر على المبتدأ إذا كان مفرداً ،أو جملة. هذا ما ذكره ابن الأنباري في ( الإنصاف ) عن علماء الكوفة . فمنع الكوفيون
التقديم في نحو : زيدٌ قام أبوه منطلق .
والحقّ الجواز ؛ إذ لا مانع من ذلك . وإلى ذلك أشار ابن مالك بقوله :
" وجَوَّزوا التقديم إذ لاضَرَرَا " فتقول : قائمٌ زيد . ومنه قولهم : مَشْنُوءٌ مَنْ يَشْنَؤُك . فمشنوء : خبر مقدم ، ومَنْ : مبتدأ مؤخر .
ونقل ابن الشَّجَرِي الإجماع من البصريين ، والكوفيين على جواز تقديم الخبر إذا كان جملة ، وليس بصحيح . وذكر ابن عقيل أنّ بعضهم نقل الإجماع من البصريين ، والكوفيين على جواز تقديم الخبر في نحو : في داره زيدٌ .
س51- قال الشاعر :
قَدْ ثَكِلَتْ أُمُّهُ مَنْ كُنْتَ وَاحِدَهُ وبَاتَ مُنْتَشِباً في بُرْثُنِ الأَسَدِ
وقال الآخر :
إِلى مَلِكٍ مَا أُمُّهُ مِنْ مُحَارِبٍ أَبُوهُ وَلاَ كَانَتْ كُلَيْبٌ تُصَاهِرُهْ
عيّن الشاهد في البيتين السابقين ، وما وجه الاستشهاد فيهما ؟(1/123)
ج51- الشاهد في البيت الأول : قَدْ ثَكِلَتْ أُمُّه مَنْ كنت واحِده . وجه الاستشهاد : قدّم الشاعر الخبر ، وهو جملة ( قد ثكلت أمُّه ) على المبتدأ الاسم الموصول ( مَنْ ) مع أن في جملة الخبر ضمير ، وهو(الهاء) في أمّه يعود إلى المبتدأ المتأخِّر ، وسهّل ذلك أن المبتدأ وإن وقع متأخراً فهو بمنزلة المتقدم في اللفظ ؛ لأن رتبته التقدم على الخبر .
الشاهد في البيت الثاني : ما أمُّه مِنْ مُحَاربٍ أبوه .
وجه الاستشهاد : قدّم الشاعر الخبر ، وهو جملة ( ما أمُّه من محاربٍ ) على المبتدأ ( أبوه ) . وهذان شاهدان على جواز تقديم الخبر الجملة على المبتدأ .
مواضعُ تأخيرِ الخبرِ وجوباً
فَامْنَعْهُ حِينَ يَسْتَوِي الْجُزْآنِ عُرْفًا وَنُكْرًا عَادِمَيْ بَيَانِ
كَذَا إِذَا ما الْفِعْلُ كَانَ الْخَبَرَا أَوْ قُصِدَ اسْتِعْمَالُهُ مُنْحَصِرَا
أَوْ كَانَ مُسْندًا لِذِى لاَمِ ابْتِدَا أَوْ لاَزِمِ الصَّدْرِكَمَنْ لى مُنْجِدَا
س52- اذكر أحكام الخبر باعتبار تقديمه على المبتدأ ، وتأخيره عنه .
ج52- للخبر بهذا الاعتبار ثلاثة أحكام ، هي :
1- جواز تقديم الخبر ، وتأخيره . ( وقد سبق ذِكرُه ) .
2- وجوب تأخيره . 3- وجوب تقديمه .
س53- اذكر المواضع التي يجب فيها تأخير الخبر .
ج53- يجب تأخير الخبر في مواضع كثيرة منها :
1- أن يكون كلٌّ من المبتدأ , والخبر معرفةً ، أو نكرةً يَصْلُحُ كلُّ واحد منهما أن يكون مبتدأ ، ولا مُبَيِّن للمبتدأ من الخبر ، نحو : زيدٌ أخوك ، ونحو :(1/124)
أكبر منك سِنًّا أكثر منك تجربةً . ففي هذين المثالين لا يجوز تقديم الخبر ؛ لأنك لو قدمته فقلت: أخوك زيدٌ ، أو : أكثر منك تجربة أكبر منك سِنًّا ، لكان المقدم مبتدأ ؛ لأنهما متساويين في التعريف، والتنكير ولا دليل يدّل على أنّ المتقدِّم هو الخبر . وهذا هو المراد من قول الناظم: " عَادِميْ بيَان " فإذا وُجد دليل يدل على أنّ المتقدَّم خبر جاز تقديمه ، نحو : أبو يوسف أبو حَنيفةَ .
في هذا المثال يجوز تقديم الخبر أبو حنيفة ؛ لأنه معلوم أنّ المراد تشبيه أبي يوسف بأبي حنيفة لا العكس . ومنه قول الشاعر :
بَنُونَا بَنُو أَبْنَائِنَا وبَنَاتُنَا بَنُوهُنَّ أَبْنَاءُ الرِّجَالِ الأَبَاعِدِ .
فقد قدّم الشاعر الخبر ( بَنُونا ) على المبتدأ ( بنو أبنائنا ) مع تساوي المبتدأ ، والخبر في التعريف ؛ وذلك لوجود دليل يدل على الخبر ، هو : أنَّ المراد هنا تشبيه أبناء أبنائهم بأبنائهم لا العكس .
2- أن يكون الخبر جملة فعلية فاعلها ضمير مستتر يعود على المبتدأ ، نحو :
زيدٌ قام . فالفعل ( قام ) وفاعله الضمير المستتر خبر عن زيد . ولا يجوز في هذه الحالة تقديم الخبر ؛ فلا يُقال : قام زيدٌ ؛ لأنّ ( زيد ) في هذه الحالة يكون فاعلاً لا مبتدأ مؤخرًا . ويجوز التقديم عند بعض العلماء إذا كان الفاعل ظاهرًا ، نحو: قام أبوه زيدٌ . ويجوز كذلك عند بعضهم تقدّم الخبر في نحو: الزيدان قاما . وقد سبق ذِكر الخلاف في هاتين المسألتين وبناء على هذا الخلاف أنكر ابن عقيل على ابن مالك قوله بوجوب تأخير الخبر الفعلي مطلقاً ، وفُهِم ذلك من قوله : " كذا إذا ما الفعل كان الخبرا " .
3- أن يكون الخبر محصورًا بإنما ، أو إلا ، نحو : إنَّما زيدٌ قائمٌ ، ونحو : ما زيدٌ إلا قائمٌ ، وهذا هو المقصود من قول الناظم : " أو قُصِد استعماله مُنْحَصِرًا " فلا يجوز في هذين المثالين تقديم ( قائم ) على ( زيد ) لأن الخبر قائم محصور في المبتدأ .(1/125)
4- أن يكون خبرًا لمبتدأ دخلت عليه لام الابتداء ، نحو: لزيدٌ قائمٌ . فلا يجوز : قائمٌ لزيدٌ ؛ لأن لام الابتداء لها صدر الكلام .
5- أن يكون المبتدأ له صدر الكلام، كأسماء الاستفهام ، وأسماء الشرط، وما التعجبية، وكم الخبرية، نحو : مَنْ لي مُنجِدا ؟ فَمنْ : اسم استفهام مبتدأ . ولا يجوز تقديم الخبر ( لي منجدا ) عليه ، ونحو : أيُّ رجلٍ تُصَاحِبْه أصاحبْه ، ونحو : كم مجاهدين ماتوا في سبيل الله . ففي هذه الأمثلة جميعًا لا يجوز تقديم الخبر على المبتدأ ؛ لأن له الصدارة .
س54- قال الشاعر :
فَيَارَبِّ هَلْ إِلاَّ بِكَ النَّصْرُ يُرْتَجَى عَلَيْهِمْ وَهَلْ إِلاَّ عَلَيْكَ الْمُعَوَّلُ
وقال الآخر :
خَالِي لأََنْتَ وَمَنْ جَرِيرٌ خَالُهُ يَنَلِ الْعَلاَءَ وَيَكْرُمِ الأَخْوَالاَ
عيّن الشاهد في البيتين السابقين ، وما وجه الاستشهاد فيهما ؟
ج54- الشاهد في البيت الأول : إلا بك النّصر ، وإلا عليك المعوَّل . وجه الاستشهاد : قدّم الشاعر الخبر المحصور بإلا في الموضعين شذوذًا .
وأصل الكلام : هل يرتجي النصرُ إلا بك ؟ وهل المعوَّلُ إلا عليك ؟
الشاهد في البيت الثاني : خالي لأَنتَ .
وجه الاستشهاد : قدّم الشاعر الخبر شذوذًا على المبتدأ المتصل بلام الابتداء ، والأصل : لأنتَ خالي . ويجوز أنه أراد ( لخالي أنت ) فأخّر اللام إلى الخبر ضرورة . ويجوز أن يكون أصل الكلام (خالي لهو أنت) فخالي : مبتدأ أول ، وهو : مبتدأ ثانٍ ، وأنت : خبر للمبتدأ الثاني فَحَذَف الضمير ( هو ) فاتصلت اللام بخبره .
( م ) س55- اذكر أقوال النحاة في إعراب المبتدأ ، والخبر المعرفتين .
ج55- إذا كان المبتدأ والخبر معرفتين فللنحاة في إعرابها أربعة أقوال ، هي :
1- أن يكون المتقدّم مبتدأ ، والمتأخّر خبرًا سواءً أكانا متساويين في درجة التعريف ، أم كانا متفاوتين .
2- جواز جَعْل كلِّ واحد منهما مبتدأ ؛ لِصحَّة الابتداء بكل واحد منهما .(1/126)
3- إذا كان أحدهما جامداً ، والآخر مشتقًا ، نحو : الرجلُ القائمُ . فالمشتق (القائم) هو الخبر سواء تقدّم ، أوتأخّر , وإذا كانا جامدين ، أو مشتقين فالمتقدم هو الخبر .
4- أنّ المبتدأ هو الأعرفُ عند المخاطَب سواء تقدّم ، أوتأخر ، فإن تساوياً عنده فالمتقدم هو المبتدأ .
* س56- هل تتفاوت درجة التعريف في المعارف ؟ وهل تتفاوت درجة التنكير في النكرات ؟ وضح ذلك .
ج56- المعارف تتفاوت وتختلف في درجة التعريف وقوّته فالضمير أقوى وأعرف من العَلَم ، والعلم أقوى وأعرف من اسم الإشارة ، بل إن النوع الواحد يتفاوت في درجة تعريفه ، وقوّته ، فضمير المتكلم أعرف من ضمير المخاطب ، وضمير المخاطب أعرف من ضمير الغائب .
وكذلك النكرة تتفاوت في درجة التنكير وقوّته ، فالنكرة المحضة أقوى في التنكير من المختَصَّة ؛ لأن الاختصاص يُضعِّف التنكير ، ويقرّب النكرة من المعرفة ؛ ولذا جاز الابتداء بالنكرة المختصة .
مواضعُ تقديمِ الخبرِ وجوباً
وَنَحْوُ عِنْدِى دِرْهَمٌ وَلِى وَطَرْ مُلْتَزَمٌ فِيهِ تَقَدُّمُ الْخَبَرْ
كَذَا إِذَا عَادَ عَلَيْهِ مُضْمَرُ ... مِمَّا بِهِ عَنْهُ مُبِينًا يُخْبَرُ
كَذَا إِذَا يَسْتَوْجِبُ التَّصْدِيرَا كَأَيْنَ مَنْ عَلِمْتُهُ نَصِيرَا
وَخَبَرَ الْمَحْصُورِ قَدِّمْ أَبَدَا كَمَا لَنَا إِلاَّ اتِّبَاعُ أَحْمَدَا
س57- ما المواضع التي يجب فيها تقديم الخبر ؟
ج57- يقدّم الخبر وجوبا في المواضع الآتية :
1- أن يكون المبتدأ نكرة ليس لها مسوِّغ إلا تقدُّم الخبر ، والخبر ظَرفٌ ، أو جارٌ ومجرور ، نحو : عندي دِرْهمٌ ، ونحو : لي وَطَرٌ . وأجمع النحاة ، والعرب على منع تأخير الخبر في مثل هذين المثالين ، فلا يصحّ : درهَمٌ عندي ، ولا: وطَرٌ لي . فإن كان للنكرة مسوَّغ جاز تقديم الخبر وتأخيره ، نحو : رجلٌ ظريفٌ عندي ، ويجوز : عندي رجلٌ ظريف ؛ لأن النكرة موصوفة .(1/127)
2- أن يشتمل المبتدأ على ضمير يعود على شيء في الخبر ، نحو: في الدار صاحبُها ، فلا يجوز تأخير الخبر في مِثْل هذا المثال ؛ لئلا يعود الضمير على متأخر لفظاً ورُتْبة ، فلو قلنا : صاحبها في الدار ، لعاد الضمير ( الهاء ) في المبتدأ على متأخر لفظاً ورتبة وهذا غير جائز . ومثله قولهم: على التَّمرةِ مِثْلُها زُبْدًا . فالضمير(الهاء) في مثلها يعود على جزء من الخبر لا على الخبر كُله ، وهذا هو
محل اعتراض ابن عقيل على ابن مالك في قوله: " كذا إذا عاد عليه مضمر " يقول ابن عقيل : فكأنه قال : يجب تقديم الخبر إذا عاد عليه ضمير من المبتدأ ، وهذه عبارة ابن عصفور في بعض كتبه وليست بصحيحة ؛ لأن مفهومها أن الضمير يعود على الخبر كلِّه لا على جزء منه .
3- أن يكون الخبر له صَدْر الكلام ، نحو : أينَ مَنْ عَلِمْتُهُ نصيرًا ؟ فأين : خبر مقدّم ، ومَنْ الموصولة : مبتدأ مؤخر ، ولا يجوز تأخير الخبر ؛ لأن الاستفهام له صدر الكلام .
4- أن يكون المبتدأ محصورًا ، نحو : مالنا إلا إتِّبَاعُ أَحْمَدَ . تقدَّم الخبر ( لنا ) وجوباً ؛ لأن المبتدأ ( اتباع ) محصور بإلا . ومنه قولك : إنما في الدار زيدٌ .
س58- وضح المراد من قولهم : أن يشتمل المبتدأ على ضمير يعود على شيء في الخبر .
ج58- في قولنا : في الدار صاحبها ، الخبر هو : الجار مع مجروره ، والضمير في المبتدأ ( صاحبها ) عائد على المجرور وحده ( الدار ) فهو بذلك عائد على بعض الخبر لا على الخبر كله .
س59- قال الشاعر :
أهَابُكِ إِجْلاَلاً وَمَا بِكِ قُدْرَةٌ ... عَلَيَّ وَلَكِنْ مِلْءُ عَيْنٍ حَبِيبُهَا
عيّن الشاهد في البيت السابق ، وما وجه الاستشهاد فيه ؟
ج59- الشاهد : ملءُ عين حبيبُها .
وجه الاستشهاد : قدَّم الشاعر الخبر
((1/128)
ملءُ عينٍ) على المبتدأ (حبيبُها ) ؛ لأن المبتدأ يشتمل على ضمير يعود على المضاف إليه ( عين ) المتصل بالخبر ، ولو تقدم المبتدأ لعاد الضمير على متأخر لفظًا ورُتبة .
س60- وضِّح ما ذكره ابن عقيل في الفرق بين المثالين الآتيين :
1- ضَرَبَ غَلاَمُهُ زيدًا 2- صَاحِبُهَا في الدَّار .
ج60- ذكر ابن عقيل أن العلماء اختلفوا في جواز (ضربَ غلامُهُ زيدًا) مع أن الضمير في ( غلامه ) عائد على ( زيد ) وهو متأخر لفظاً ورتبه ، ولم يختلف العلماء في عدم جواز ( صاحبها في الدار ) والسبب في جواز الأول : أنَّ ما عاد عليه الضمير ، وهو ( زيدًا ) وما اتصل به الضمير ، وهو( غلامه ) اشتركا في العامل ( ضرب ) .
أما المثال الثاني :فإنَّ العامل فيما اتصل به الضمير وما عاد عليه الضمير مختلف؛ لأن العامل في المبتدأ هو الابتداء ، والعامل فيما عاد عليه الضمير هو حرف الجر ( في ) .
حذفُ المبتدأِ , والخبرِ جوازاً
وَحَذْفُ مَا يُعْلَمُ جَائِزٌ كَمَا تَقُولُ زَيْدٌ بَعْدَ مَنْ عِنْدَكُمَا
وَفى جَوَابِ كَيْفَ زَيْدٌ قُلْ دَنِفْ فَزَيْدٌ اسْتُغْنِيَ عَنْهُ إِذْ عُرِفْ
س61- متى يجوز حذف المبتدأ ؟ ومتى يجوز حذف الخبر ؟
ج61- يجوز حذف كلٍّ من المبتدأ والخبر إذا دلّ عليهما دليل .
فمثال حذف المبتدأ جوازًا أنْ يُقال: كيف زيدٌ ؟ فتقول: صحيحٌ (أي: زيدٌ صَحيحٌ) ومثله قوله تعالى : *
( أي : من عمل صالحا فَعَمَلُه لنفسِه ، ومن أساء فإسَاءَتُه عليها ) .
ومثال حذف الخبر جوازًا أنْ يُقال : مَنْ عندكما ؟ فتقول : زيدٌ ( أي : زيدٌ عندنا ) ومن حَذْفِ الخبر قولك : خرجتُ فإذا السَّبُعُ (أي: فإذا السَّبُعُ موجودٌ) وذلك على رأي مَنْ يَرَى أنَّ إذا الفجائية حرف وليست ظرفاً زمانياً،ولامكانياً.
س62- قال الشاعر:
نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا وَأَنْتَ بِمَا عِنْدَك رَاضٍ وَالرَّأْيُ مُخْتَلِفُ
عيّن الشاهد في البيت السابق ، وما وجه الاستشهاد فيه ؟(1/129)
ج62- الشاهد : نحن بما عندنا .
وجه الاستشهاد : حُذف الخبر ؛ لدلالة خبر المبتدأ الثاني عليه ، والتقدير : نحن بما عندنا راضون ، والمبتدأ الثاني ( أنت ) وخبره ( راضٍ ) .
س63- هل يجوز حذف المبتدأ ، والخبر مَعًا ؟ مَثِّل لِما تقول .
ج63- نعم . يجوز حذفهما معًا إذا دلّ عليهما دليل ، كقوله تعالى :
* ( أي : واللائي لم يحضْنَ فَعِدَّتُهُنَّ ثلاثةُ أشهرٍ ) فحُذِف المبتدأ والخبر، وهو ( فعدتهنّ ثلاثة أشهر ) وذلك لدلالة ما قبله عليه ، والجملة من المبتدأ والخبر المحذوفين في محل رفع خبر ( اللائي ) ويجوز في الآية أن يكون المحذوف مفرداً لاجملة، والتقدير: واللائي لم يحضْنَ كذلك ، ويجوز أن يكون قوله تعالى : * معطوف على قوله: * ولجواز الأوجه الثلاثة في الآية كان الأَوْلَى بالتمثيل لحذف المبتدأ والخبر، بنحو قولك : نَعَمْ ، لمنْ قال لك : أزيدٌ قائمٌ " ؟ إذ التقدير : نعم . زيدٌ قائِمٌ
حذفُ الخبرِ وجوباً
وَبَعْدَ لَوْلاَ غَالِبًا حَذْفُ الْخَبَرْ حَتْمٌ وَفِى نَصِّ يَمِينٍ ذَا اسْتَقَرّْ
وَبَعْدَ وَاوٍ عَيَّنَتْ مَفْهُومَ مَعْ كَمِثْلِ كُلُّ صَانِعٍ وَمَا صنَعْ
وَقَبْلَ حَالٍ لايَكُونُ خَبَرَا عَنِ الَّذِى خَبرُهُ قَدْ أُضْمِرَا
كَضَرْبِي العَبْدَ مُسِيئًا وَأَتَمّْ تَبْيِينِيَ الْحَقَّ مَنُوطًا بِالْحِكَمْ
س64- ما المواضع التي يجب فيها حذف الخبر ؟
ج64- يجب حذف الخبر وجوباً في أربعة مواضع ، هي :
1- أن يكون خبرًا لمبتدأ واقع بعد لولا ، نحو : لولا زيدٌ لأتَيْتُكَ ، والتقدير : لولا زيدٌ موجودٌ لأتيتك . وللعلماء في وجوب حذفِ خبر المبتدأ الواقع بعد لولا ثلاثة أقوال ، هي :
أ- أنَّ حذفه واجبٌ غالباً - وحمل ابن عقيل قول الناظم ( غالباً ) على هذا القول الأول - .
وقالوا ( غالباً ) احترازًا عمّا ورد ذكرُه شذوذًا ، كما في قول الشاعر :(1/130)
لَوْلاَ أَبُوكَ وَلَوْلاَ قَبْلَهُ عُمَرٌ أَلْقَتْ إِلَيْكَ مَعَدٌّ بِالْمَقَالِيدِ .
فقد ذكر الشاعر الخبر ( قبله ) مع أن المبتدأ واقع بعد لولا التي يجب فيها حذف الخبر .
ب- أنّ حذفه واجبٌ دائماً . وما ورد ذِكْرهُ فهو مؤول ، فالشاهد السابق
يمكن توجيهه على الآتي: أنّ (قبلَه) ظرف متعلق بمحذوف حال والخبر محذوف، وعلى ذلك فلا شاهد في هذا البيت على ذِكْر الخبر . فإن لم يمكن تأويل الشاهد فهو شَاذٌّ . هذا إن كان الشاهد صادرًا عَمّن يُسْتَشْهَدُ بكلامه، فإن كان صادرًا عمن لا يستشهد بكلامه فهو لَحْن . وهذا هو قول جمهور النحاة .
ج- أنّ الخبر إما أن يكون كونًا عامًّا مُطْلقًا،وإما أن يكون كونًا خاصًّا مُقيَّدًا . فإن كان كونًا مُطلقاً وجب حذفه , نحو : لولا زيدٌ لكانتِ الحربُ ( أي : لولا زيدٌ موجود ) فموجود : خبر ، وهو عام مطلق . وإنْ كان كونا مقيدًا فإما أنْ يدل عليه دليل أولا ، فإن دل عليه دليلٌ جاز إثباته ، وحذفه ، نحو أن يُقال: هل زيدٌ مُحْسنٌ إليك ؟ فتقول: لولا زيدٌ لهلكت (أي : لولا زيدٌ مُحْسِنٌ إليَّ لهلكت) فمحسن : خبر خاص مقيّد دلّ عليه السؤال ،فإن شئت حذفت الخبر ، وإن شئت ذكرتَه . ومنه قول الشاعر :
ُيُذيِبُ الرُّعْبُ مِنْهُ كُلَّ عَضَبٍ فَلَوْلاَ الْغِمْدُ يُمْسِكُهُ لَسَالاَ
ذكر الشاعر خبر المبتدأ الواقع بعد لولا , وهو جملة ( يمسكه ) لأنه خبر خاص دلّ عليه الدليل وهو مفهوم من المعنى .
أما إن لم يدل عليه دليل فيجب ذكره ، نحو: لولا زيدٌ مُحْسِنٌ إليَّ ما أتيتُ . وهذا القول الثالث هو الصحيح ، وعليه يُحمل كلام الناظم ؛ لأنه صَرَّح به في غير هذا الكتاب .(1/131)
2- أن يكون المبتدأ نَصًّا في اليمين، أي (القَسَم)، نحو : لَعَمْرُكَ لأَفْعَلَنَّ ، والتقدير : لعمرُك قَسَمي. فعمرُك : مبتدأ ، وقسمي : الخبر المحذوف ، ولا يجوز ذِكره . وأما قولهم : يمينُ الله لأفعلنَّ ، ففي مثل هذا المثال لا يتعيَّن أن يكون المحذوف خبرًا ؛ لجواز كون المحذوف مبتدأ ، ويمين الله: خبره ، والتقدير : قسمي يمين الله .
وأما في قولك : لعمرك لأفعلنّ ، فإنَّ المحذوف يتعين أن يكون خبرًا ؛ وذلك لأن لام الابتداء دخلت على المبتدأ (لعمرُك) وحقّ لام الابتداء الدخول على المبتدأ . أمّا إذا لم يكن المبتدأ نصًّا في القَسَم جاز حذف الخبر ، وإثباته ، نحو : عَهْدُ اللّه لأفعلنّ ، والتقدير : عهدُ اللهِ عَلَيَّ . فعهد : مبتدأ ، وعليَّ : الخبر المحذوف ، ويجوز إثباته ؛ لأن كلمة ( عهد ) ليست نَصًّا في القَسَم .
3- أن تقع بعد المبتدأ ( واو ) العطف التي هي نَصٌّ في المعِيَّة ، نحو : كُلُّ صانعٍ وما صَنَعَ . فكلّ : مبتدأ ، وما صنع : معطوف على كل ، والخبر محذوف ، تقديره : مُقْتَرِنَان ، أو مُتَلاَزِمَانِ .
وقيل : لا يحتاج إلى تقدير الخبر في مثل هذا الموضع ؛ لأنه كلام تام لا يحتاج إلى تقدير خبر . فكل صانع وما صنع ، معناه : كل صانع مع ما صنع ، وهذا كلام تام مفيد . وهذا الرأي اختاره ابن عصفور. فإذا لم تكن الواو نصًّا في المعية لم يجب حذفه ، نحو : زيدٌ وعمُرو قائمان . فالواو هنا ليست للمعيّة ؛ لأن قيام زيد مع عمرو لايكون مقترناً وملازماً في كل الأوقات ، أو أكثرها ، بل الواو هنا للعطف تفيد الاشتراك .
4- أن يكون المبتدأ مصدرًا ، وبعده حال سَدّتْ مسدّ الخبر ، ولا تصلح أن تكون خبرًا ، نحو : ضَرْبِي العبدَ مُسيئًا . فضربي : مبتدأ وهو مصدر ، والعبدَ : مفعول به عامله المصدر ، ومُسيئًا : حال سدّت مسدّ الخبر ، والخبر محذوف(1/132)
وجوباً ، والتقدير : ضربي العبدَ إذا كان مُسيئًا . هذا إذا أردت الاستقبال، فإن أردتَ الماضي، فالتقدير: ضربي العبدَ إذ كان مسيئًا. فظرف الزمان ( إذا كان ، أو إذ كان ) ظرف نائب عن الخبر ، ومسيئًا : حال من الضمير المستتر في كان العائد إلى العبد .
والحال في قولك : ضربي العبد مسيئًا ، لا تصلح أن تكون خبرًا ؛ إذ لايُقال : ضربي مُسِيءٌ ؛ لأن الضرب لا يوصفُ بأنه مُسِيء . أما إذا صلحت الحال أن تكون خبرًا فحينئذ لا يكون حذف الخبر واجبًا ، نحو ما حكى الأخفش من قولهم : زيدٌ قائمًا . فزيدٌ : مبتدأ ، والخبر محذوف ، والتقدير : ثَبَتَ قائمًا ، وهذه الحال تصلح أن تكون خبرًا ؛ فتقول : زيدٌ قائمٌ . ففي مثل هذا المثال يجوز ذكر الخبر ، وحذفه.
س65- ما مراد الناظم من قوله :" أَتَمّ تَبْيِيني الحقَّ مَنُوطًا بالحِكم "؟
ج65- يريدُ أنّ المضاف إلى المصدر حكمه كحكم المصدر في مسألة حذف الخبر وجوباً إذا وقعت بعده حال سدّت مسدّ الخبر ، ولا تصلح أن تكون خبرًا ، وأورد على ذلك هذا المثال : أتم تبييني الحقَّ منوطاً بالحكم . فأتَمّ : مبتدأ وهو مضاف ، وتبييني : مضاف إليه ،والحقَّ : مفعول به عامله تبييني ،ومنوطاً : حال سدّت مسدّ خبر أتم ، والتقدير : أتمُّ تبييني الحقَّ إذا كان منوطًا ، أو إذ كان منوطا بالْحِكمَ .
س66- ما المواضع التي يجب فيها حذف المبتدأ ؟
ج66- يحذف المبتدأ وجوبا في المواضع الآتية :
1- النعت المقطوع إلى الرفع في مدح ، أو ذَمٍّ ، أو تَرَحُّم . فمثال المدح : مررت بزيد الكريمُ ، ومثال الذّم : مررتُ بزيدٍ الكذوبُ ، ومثال التَّرَحُّم: مررت بزيدٍ المسكينُ . فالكريمُ ، والكذوب ، والمسكين ، هي في الأصل صفات ، ثم قُطعت إلى الرفع فأصبحت أخباراً مبتدأُ كلٍّ منها محذوف وجوباً ، تقديره ( هو ) .(1/133)
2- أن يكون الخبر مخصوص ( نِعْمَ ) أو ( بئْسَ ) نحو : نِعْمَ الرجلُ زيدٌ ، وبئسَ الرجلُ عمرٌو . فزيدٌ ، وعمرٌو : خبران لمبتدأ محذوف وجوباً ، تقديره : هو
( أي : الممدوح زيدٌ ، والمذموم عمرو ) .
3- أن يكون الخبر صريحًا في القَسم ، نحو ما حكى الفارسي من كلامهم : في ذِمَّتِي لأَفْعَلَنَّ . ففي ذمتي : خبر لمبتدأ محذوف وجوباً ، والتقدير: في ذمَّتي يمينٌ لأفعلنَّ .
4- أن يكون الخبر مصدرًا نائباً عن فعله ، نحو قوله تعالى : * صبرٌ : مصدر نائب عن فعله ؛ لأنه يُؤَدَّي معنى فعله, ويُغني عن التَّلَفُّظ به ، وهو خبر لمبتدأ محذوف وجوباً ، تقديره : صبري صبرٌ جميلٌ .
( م )5- مبتدأ الاسم المرفوع بعد لاَسِيَّمَا سواء أكان هذا الاسم المرفوع بعدها نكرة ، أم معرفة . فمثال النكرة قول الشاعر :
أَلاَ رُبَّ يَوْمٍ صَالحٍ لَكَ مِنْهُمَا وَلاَسِيَّمَا يَوْمٌ بِدَارَةِ جُلْجُلِ
فيومٌ : خبر نكرة ، والمبتدأ محذوف وجوباً ، والتقدير : ولا مِثلَ الذي هو يومٌ
بدارة جُلْجُلِ ، ومثال المعرفة : أحبُّ الشعراءَ لا سِيَّما البُحْتُرِيُّ . فالبحتريُّ : خبر معرفة ، والمبتدأ محذوف وجوباً ، والتقدير : ولا مثل الذي هو البحتريُّ .(1/134)
6- بعد المصدر النائب عن فعل الأمر ، ويكون بعد المصدر ضمير مجرور لمخاطب ، نحو : سَقْياً لك ، ورَعْيًا لك . فالمصدران ( سَقْيا ، ورَعْيا ) نائبان عن لفظ فعل الأمر وعن معناه ، وجاء بعدهما الجار والمجرور ( لك ) وهو خبر لمبتدأ محذوف وجوباً ، والتقدير : اِسْقِ اللهمَّ سَقْياً ، الدعاءُ لك يا فلان , وارْعَ اللهمَّ رَعْياً ، الدعاءُ لك يا فلان ؛ وبذلك يتضح أنّ هذين المثالين وما شابههما هما في الحقيقة جملتان لاجملة واحدة ، ويتضح كذلك أنّ الجار والمجرور ( لك ) ليس مُتعلقاً بالمصدر بل هو متعلق بمحذوف خبر ولو كان متعلقاً بالمصدر لفسد المعنى ؛ إذ يكون التقدير : اسقِ يا الله لك ، فيؤدي هذا إلى أنّ الله منه السَّقْيُ وله السَّقي ؛ فقولنا ( له السَّقي ) معناه فاسد ليس بصحيح . ( م )
تَعَدُّد خبرِ المبتدأِ الواحدِ
وَأَخْبَرُوا بِاثْنَيْنِ أَوْ بِأَكْثَرَا ... عَنْ وَاحِدٍ كَهُمْ سَرَاةٌ شُعَرَا
س67- اذكر خلاف العلماء في مسألة تَعَدُّد خبر المبتدأ الواحد .
ج67- اختلف النحويون في جواز تَعدّد خبر المبتدأ الواحد بغير حرف عطف، وذلك على النحوالآتي: 1- ذهب قوم ، منهم ابن مالك : إلى جواز ذلك سواء كان الخبران في معنى خبر واحد ، أم لم يكونا في معنى خبر واحد . فمثال الخبرين في معنى خبر واحد قولك : هذا البرتقال حُلْوٌ حَامِضٌ . فحلوٌ : خبر أول ، وحامضٌ : خبر ثانٍ ، وقد اختلف لفظ الخبرين ، واختلف معنى كلّ واحد منهما عن الآخَر ،ولكنهما معاً يُؤديان معنى واحداً ، هو ( مُزٌّ ) فتقول: هذا البرتقال مُزٌّ ( أي : متوسط بين الْحَلاَوَة ، والْحُمُوضَة ) ومثل ذلك أن ترى رجلاً يعمل بكلتا يديه ؛ فتقول : الرجلُ أَعْسَرُ أَيْسَرُ . وهذا النوع لا يجوز فيه عطف الخبر الثاني على الأول .(1/135)
ومثال الخبرين ليسا في معنى خبر واحد قولك : زيدٌ قائمٌ ضاحِكٌ . فقائم : خبر أول ، وضاحك : خبر ثانٍ ، والخبران مختلفان لفظًا ومعنى . وهذا النوع يجوز فيه عطف الخبر الثاني على الخبر الأول ؛ فتقول : زيدٌ قائمٌ وضاحكٌ . ومثله قولك : بلدُنا زِرَاعِيٌّ صِنَاعِيٌّ .
2- ذهب بعضهم : إلى أنه لا يتعدّد الخبر إلا إذا كان الخبران في معنى خبر واحد . فإن لم يكونا كذلك تعيّن العطف ، فإن ورد عن العرب كلامٌ بغير
عطف قُدِّر له مبتدأ آخر ، كما في قوله تعالى :
* في هذه الآية تَوَالت أربعة أخبار، هي (الغفور ، والودودُ ، وذو العرش ، والمجيدُ) وقد وردت من غير عاطف فعلى رأي هؤلاء فإن كلّ خبر من هذه الأخبار له مبتدأ محذوف ، تقديره (هو) ما عدا الخبر الأول (الغفور) لأن مبتدأه مذكور ، فالأصل عندهم أن يتعيّن العطف في هذه الآية ؛ لأن الأخبار ليست في معنى خبر واحد فلما وردت من غير عطف قَدَّرُوا لها مبتدآت .
3- وزعم بعضهم: أنه لا يتعدّد الخبر إلا إذا كان من جنسٍ واحد كأن يكون الخبران مُفردين ، نحو : زيدٌ قائمٌ ضاحك ، أو يكونا جملتين ، نحو : زيد قامَ ضَحِكَ . أما إذا كان أحدهما مفردًا ، والآخر جملة فلا يجوز ذلك عندهم ، فلا يصح قولك : زيدٌ قائمٌ ضَحِكَ ؛ لأن قائمٌ : مفرد ، وضحك : جملة فعلية .
وقد جَوَّز الْمُعْرِبون للقرآن الكريم ذلك، كما في قوله تعالى : * جَوَّزوا إعراب (تسعى) خبرًا ثانيا مع أن حَيّة مفرد ، وتسعى : جملة فعلية . وقد ذكر ابن عقيل أنه لا يتعين إعراب ( تسعى ) خبرًا ؛ وذلك لجواز إعرابها ( حالاً ) .
س68- قال الشاعر :
مَنْ يَكُ ذَا بَتٍّ فَهَذَا بَتَّي مُقَيِّظٌ مُصَيِّفٌ مُشَتَّى
وقال الآخر :
يَنَامُ بإحْدَى مُقْلَتَيْهِ وَيَتَّقِى بِأُخْرَى الْمَنَايَا فَهْوَ يَقْظَانُ نَائِمُ
عين الشاهد في البيتين السابقين ، وما وجه الاستشهاد فيهما ؟(1/136)
ج68- الشاهد في البيت الأول : فهذا بتِّي مُقَيِّظٌ مُصيِّف مُشتَّى .
وجه الاستشهاد : هذه أخبار لمبتدأ واحد ، وهو ( هذا ) من غير عطف فدلَّ ذلك على جواز تعّدد الخبر من غير تعيُّن للعطف ، ومن غير تقدير مبتدأ لها .
والشاهد في البيت الثاني : فهو يقظان نائم .
وجه الاستشهاد : في هذا البيت ورد خبران لمبتدأ واحد ، وهو قوله ( هو ) من غير عطف فدل ذلك على جواز تعدد الخبر من غير تعيّن للعطف ، ومن غير تقدير مبتدأ لها .
---
كَانَ وأخواتُها
عملُها , وشروطُ عملِها
تَرْفَعُ كَانَ الْمُبْتَدَا اسْمًا وَالْخَبَرْ تَنْصِبُهُ كَكَانَ سَيِّدًا عُمَرْ
كَكَانَ ظَلَّ بَاتَ أَضْحَى أَصْبَحَا أَمْسَى وَصَارَ لَيْسَ زَالَ بَرِحَا
فَتِئَ وَانْفَكَّ وَهَذِى الأَرْبَعَهْ لِشِبْهِ نَفْىٍ أَوْ لِنَفْىٍ مُتْبَعَهْ
وَمِثْلُ كَانَ دَامَ مَسْبُوقًا بِـ مَا كَأَعْطِ مَا دُمْتَ مُصِيبًا دِرْهَمَا
س1- ما الفعل الذي اختلف العلماء في فعليته مِن أخوات كان ؟ وضِّح هذا الخلاف .
ج1- كان وأخواتها أفعال باتفاق إِلاَّ ( ليس ) فهي موضع خلاف العلماء ، وذلك على النحو الآتي :
1- الجمهور : يرون أنها فعل ، بدليل قبولها علامات الفعل ، فهي تقبل تاء التأنيث الساكنة ، نحو : ليستْ هِندٌ مريضةً ، وتقبل تاء الفاعل ، نحو : لستُ بمريضٍ .
2- ابن السَّراج ، وأبو عليّ الفارسي ،وأبو بكر بن شُقَير: يرون أنها حرف ، وليستْ فِعْلاً ، واستدلوا على ذلك بما يلي :
أنّ ليس أشبهت الحرف من وجهين ، الوجه الأول : مشابهته ( ما ) النافية في المعنى ، فكلّ منهما يدلّ على النفي .
والوجه الثاني : مشابهتها الحرف شَبَهًا جُموديا ، فالحرف جامدٌ لا يتصرف ، وكذلك ( ليس ) جامد لا يتصرف .
س2- ماذا تعملُ كان وأخواتها ؟
ج2- كان وأخواتها ترفع المبتدأ ويُسمى اسمها ، وتنصب الخبر ويُسمى خبرها .
س3- اذكر شروط عمل كان وأخواتها .
ج3- كان وأخواتها باعتبار عملها قسمان :(1/137)
1- قسم يعمل بلا شرط ، وأفعاله هي : كان ، وظَلَّ ، وبَاتَ ، وأَضْحَى ، وأَصْبَحَ ، وأَمْسَى ، وصَارَ ، ولَيْسَ .
2- قسم لا يعمل إلا بشرط ، وهو قسمان :
أ- قسم يُشترط لعمله أن يَسْبقَه نَفْيٌ لفظًا أو تقديرًا ، أو يَسْبقَه شبه نَفي ، وهي أربعة أفعال : زال ، وبَرِحَ ، وفَتِئَ ، وانْفَكَّ . فمثال النّفي لفظاً : مازالَ زيدٌ قائمًا ، ومثاله تقديرًا قوله تعالى : *
(أي لاتفتؤُ) ولا يحذف حرف النفي معها إلا بعد القسم ، كما في الآية .
أمّا شبه النّفي فهو نوعان :
1- النَّهي ، نحو : لا تَزَلْ قائمًا ، والمعنى : أَنْهَاك عن القيام . ومنه قول الشاعر:
صَاحِ شَمِّرْ وَلاَ تَزَلْ ذَاكِرَ الْمَوْ تِ فَنِسْيَانُهُ ضَلاَلٌ مُبِينُ
وجه الاستشهاد فيه : أن الشاعر أَعْملَ المضارع ( تزالُ ) عَمَلَ كان ؛ وذلك
لكونه مسبوقاً بحرف النّهي ( لا ) والنهي شبيه بالنفي ، والمعنى : أنهاك عن نسيان ذكر الموت .
2- الدعاء ، نحو : لا يزالُ اللهُ مُحْسِنًا إليك ، والمعنى : الدعاء بأن يدومَ إحسان الله على المخاطَب. ومنه قول الشاعر :
أَلاَ يَا اسْلَمِي يا دَارَ مَيَّ عَلَى الْبِلَى وَلاَ زَالَ مُنْهَلاًّ بِجَرْعَائِكِ القَطْرُ
وجه الاستشهاد فيه : أن الشاعر أعمل (زال) عمل كانَ ؛ وذلك لكونه مسبوقاً بـ ( لا ) الدُّعَائِيَّة ، والدعاء شبيه بالنفي ، والمعنى : الدعاء لمحبوبته أن يدوم نزول الأمطار على مَوْطِنها .
وقد يكون الدعاء بـ ( لَنْ ) نحو : لن يزَالَ اللهُ يرعانا ويحفظُنا ، والمعنى : الدعاء بأن يدوم حفظ الله ورعايته إيانا .
ب- قسم يشترط في عمله أن يَسبقه ( ما ) المصدرية الظرفية،وهو فعل واحد ، هو ( دام ) نحو : أَعْطِ مادُمْتَ مُصيبًا دِرْهَما ( أي : أعطِ مُدَّة دَوامِكَ مصيبا دِرهما ) ومنه قوله تعالى : *
( أي : مُدّة دَوَامي حَيًّا ) .(1/138)
س4- قال الشاعر: وَأَبْرَحُ مَا أَدَامَ اللهُ قَوْمِي ... بِحَمْدِ اللهِ مُنْتَطِقًا مُجِيدًا
عيّن الشاهد في البيت السابق ، وما وجه الاستشهاد فيه ؟
ج4- الشاهد فيه : أَبْرحُ . وجه الاستشهاد : أنّ الشاعر استعمل ( أبرح )
من غير أن يُسبق بنفي أو شبه نفي ، وغير مسبوق بالقسم ، وهذا شاذ ؛ لأنه
جاء على خلاف شرط حذف حرف النفي مع (زال ، وبرح ، وفتئ ، وانفك) وهو أَلاَّ يُحذف حرف النفي معها إلا بعد القسم .
وقيل : إنّ ( أبرح ) هنا غير منفي لا في اللفظ ، ولا في التقدير ، وعلى هذا الرأي فلا استشهاد في هذا البيت .
( م ) س5- يجوز حذف حرف النفي مطلقا ، فما شروط جواز الحذف ؟
ج5- شروط جواز حذف حرف النفي مُطلقًا ثلاثة ، هي :
1- أن يكون حرف النفي ( لا ) دون غَيْره من حروف النّفي .
2- أن يكون المنفيُّ به مضارعًا .
3- أن يكون الحذف بعد القسم،وذلك كما في قوله تعالى: * وكما في قول الشاعر :
وَاللهِ أَبْرَحُ في مُقَدِّمَةٍ أُهْدِى الْجُيُوشَ عَلَيَّ شِكَّتِيَهْ
وقول الآخر :
تَاللهِ أَنْسَى مُصِيبَتِي أَبَدًا مَا أَسْمَعَتْنى حَنِينَهَا الإِبِلُ
مَا يَتَصَرَّفُ
وما لا يتصرَّفُ
وَغَيْرُ مَاضٍ مِثْلَهُ قَدْ عَمِلاَ إِنْ كَانَ غَيْرُ الْمَاضِ مِنْه اسْتُعْمِلاَ
س6- اذكر أقسام كان وأخواتها باعتبار التَّصَرُّف ، وعدمه .
6ج- تنقسم كان وأخواتها بهذا الاعتبار إلى قسمين إجمالاً ، وهما :
1- قِسْمٌ مُتَصَرَّفٌ ، وهو : كان ، وأخواتها ما عدا ليس ، ودام .
2- قسمٌ غيرُ مُتَصَرَّفٍ ، وهو فعلان ، هما : ليس ، ودام .
وتنقسم تفصيلاً إلى ثلاثة أقسام ، هي :
1- قسم متصرف تصرُّفاً كاملاً بأن يأتي منه الماضي ، والمضارع ، والأمر ، والمصدر , واسم الفاعل .
والأفعال المتصرفة تصرّفا كاملاً، هي : كَانَ ، وظَلَّ ، وبَاتَ ، وأَضْحَى ، وأَصْبَحَ ، وأَمْسَى ، وصَارَ .(1/139)
2- قسم متصرف تصرُّفاً ناقصاً بأن يأتي منه الماضي ،والمضارع ،واسم الفاعل ، وهو أربعة أفعال ، هي : زَالَ ، وفَتِئَ ، وبَرِحَ ، وانْفَكَّ . وهذه الأفعال لا يَأتي منها أمر ، ولا مصدر .
3- قسم لا يتصرف فلم يأت منه إلا الماضي فقط ،وهو فعلان : لَيْسَ ، ودَامَ .
وما تصرف من هذه الأفعال يعمل غير الماضي منه عمل الماضي،كما في قوله تعالى:* وقوله تعالى: * وقوله تعالى: * قُلْ وكقولك : زيدٌكائنٌ أَخَاكَ . ففي هذه الأمثلة عَمِل المضارع ، والأمر، واسم الفاعل عَمَلَ الفعل الماضي (كان) فرفعت المبتدأ ، ونصبت الخبر ،كما ترى . ومن ذلك أيضاً قوله تعالى: * وقوله تعالى: * .
س7- قال الشاعر:
وَمَا كُلُّ مَنْ يُبْدِي الْبَشَاشَةَ كَائِنًا أَخَاكَ إِذَا لَمْ تُلْفِهِ لَكَ مُنْجِدَا
وقالالآخَر: بِبَذْلٍ وحِلْمٍ سَادَ في قَوْمِهِ الفَتَى وكَوْنُكَ إِيَّاهُ عَلَيْكَ يَسِيرُ
عيّن الشاهد في البيتين السابقين ، وما وجه الاستشهاد فيهما ؟
ج7- الشاهد في البيت الأول : كائنا أخاك .
وجه الاستشهاد : عَمِل اسم الفاعل ( كائنا ) عمل كان الناقصة فرفع اسمها ، وهو الضمير المستتر ( هو ) ونصب خبرها ، وهو ( أخاك) .
الشاهد في البيت الثاني :كونُك إياه . وجه الاستشهاد: مجيء المصدر (كَوْن ) من كان الناقصة (وهذا رَدٌّ على مَنْ قال: لا مصدر لها) وعَمِل عملها فرفع اسمها ،ونصب خبرها ،وهو (إياه) وأما اسمها فهو الضمير (الكاف) في كونك . ولهذا الضمير محلان أحدهما الجر بالإضافة ، والآخر الرفع على أنه اسم كان .
حكمُ توسُّطِ خبرِ كانَ , وأخواتِها
وحكم تقدم الخبر على دام
وَفِى جِمِيعِهَا تَوَسُّطَ الْخَبَرْ أَجِزْ وَكُلٌّ سَبْقَهُ دَامَ حَظَرْ
س8- ما حكم توسّط خب كان ، وأخواتها ؟(1/140)
ج8- أخبار هذه الأفعال يجوز توسطها بين الفعل، والاسم ، وذلك بشرط واحد ، هو : أَلاَّ يكون تقديم الخبر , وتأخيره واجباً . فمثال تقديم الخبر على الاسم وجوباً : كان في الدار صاحبُها ، فتقديم الخبر هنا واجب ؛ و لذلك لا يجوز تقديم الاسم عليه ؛ لئلا يعود الضمير على متأخر لفظاً ورتبة . ومثال وجوب تأخير الخبر عن الاسم : كان أخي رفيقي ، فلا يجوز هنا تقديم الخبر
( رفيقي ) على الاسم (أخي) ؛ لأن كليهما معرفة ؛ ولعدم ظهور علامة الإعراب فيهما ، فلا يعلم أيهما الخبر . فإن لم يكن تقديم الخبر،وتأخيره واجبا جاز التوسط ،كما في قوله تعالى: * ونحو: كان قائمًا زيدٌ ، وصار ثلجًا الماءُ .
س9- اذكر الخلاف في تقديم خبر ليس ، ودام على اسميهما .
ج9 - نقل صاحب الإرشاد ابن دَرَسْتَوَيْه خلافاً في جواز تقديم خبر ليس على اسمها ، والصواب جوازه ، كما في قول الشاعر :
سَلِي إنْ جَهِلْتِ النَّاسَ عَنَّا وعَنْهُمُ فَلَيْسَ سَوَاءً عَالِمٌ وَجَهُولُ
فقد قدم الشاعر خبر ليس (سواء ) على اسمها ( عَالِمٌ ) ، وهذا جائزٌ سائغٌ في الشعر وغيره .
وأمّا ( دام ) فذكر ابنُ مُعْطٍ أن خبر دام لا يتقدم على اسمها ؛ فلا تقول : لا أصاحبُك ما دام قائما زيدٌ ، والصواب جوازه ، كما في قول الشاعر :
لا طِيبَ لِلْعَيْش مَادَامَتْ مُنَغَّصَةً لَذَّاتُهُ بِادِّكَارِِ الْمَوْتِ وَالْهَرَمِ
في هذا البيت قدّم الشاعر خبر دام ( مُنغَّصَةً ) على اسمها ( لَذّاته ) .
وفي البيت توجيه آخر ، وهو : أن يكون اسم دام ضميرًا مستترًا ، ومنغصَة : خبرها ، ولذّاته : نائب فاعل لقوله : مُنغّصة ، وعلى هذا فلا يكون في هذا البيت شاهد للرَّدِّ على ابن مُعط ، ومن يرى رأيه .
س10- ما مراد الناظم من قوله : " وكُلٌ سَبْقَهُ دَامَ حَظَرْ " ؟ وبم عَلَّقَ ابن عقيل على قول الناظم ؟
ج10- يريد أنّ كلَّ النّحاة مَنَعَ سَبْقَ خبرِ ( دام ) على دام نفسها .(1/141)
وعَلَّقَ ابن عقيل على ذلك بقوله : إنْ أراد الناظم بقوله هذا أنهم منعوا تقديم خبر دام على ( ما ) المتصلة بها ، نحو : " لا أصحبُك قائمًا ما دام زيدٌ " فَمُسَلَّمٌ ( أي : نُوافِقُه على ذلك المنع ؛ لأن ما المصدرية لها الصدارة ) وإنْ أراد أنّهم منعوا تقديمه على دام وحدها ، نحو: لا أصحبُك ما قائمًا دام زيدٌ " ففيه نَظَر ، والذي يظهر أنه لا يمتنع تقديم خبر دام على دام وحدها ؛ فتقول : لا أصحبُك ما قائمًا دام زيدٌ ، كما تقول : لا أَصْحَبُكَ ما زيدًا كَلَّمْت .
( م ) س11- ما حكم تقديم خبر كان وأخواتها ، وتأخيره ؟
جـ11- لخبر كان وأخواتها باعتبار التقديم ، والتأخير ستة أحكام ، هي :
1- وجوب التأخير ، وذلك في مسألتين :
أ- إذا كان إعراب الاسم والخبر جميعًا غير ظاهر ( مقدّر ) نحو : كان صديقي عَدُوَّي .
ب- إذا كان الخبر محصورًا ، كما في قوله تعالى : * فالخبر ( مُكاءً ) يجب تأخيره ؛ لأنه محصور بـ ( إلا ) .
2- وجوب التوسّط بين الفعل ، واسمه ( أي : وجوب التَّقدُّم على الاسم) وذلك إذا كان في الاسم ضمير يعود على بعض الخبر ، نحو : يُعْجِبُني أنْ يكونَ في الدار صاحبها . في هذا المثال يجب توسط الخبر ، ولا يجوز تأخيره ؛ لئلا يعود الضمير الذي في الاسم على متأخر لفظًا ، ورتبة ، ولا يجوز كذلك في هذا المثال أن يتقدّم الخبر على أنْ المصدرية ؛ لئلا يلزم تقديم معمول الصلة على الموصول ، فلم يبقَ إلا توسُّط الخبر ؛ لأنّ (أنْ) المصدرية تمنع تقديم الخبر عليها ، وتمنع تقديم الخبر على الفعل الذي تنصبه .
3- وجوب التقدم على الفعل ، واسمه جميعاً ، وذلك إذا كان الخبر مِمَّا له الصدارة ، كاسم الاستفهام ، نحو : أين كان زيدٌ ؟
4- امتناع التَّأَخُّر عن الاسم مع جواز توسطه بين الفعل ، واسمه ، أو التقدم عليهما، وذلك فيما إذا كان الاسم متصلاً بضمير يعود على بعض الخبر - كما(1/142)
في الحالة الثانية - ولم يكن ثَمَّةَ مانع من التقدم على الفعل ، نحو : كان في الدار صاحبُها , ونحو : كان غلامَ هندٍ بعْلُها . في هذين المثالين يمتنع تقديم الاسم ؛
لئلا يعود الضمير على متأخر لفظًا ورتبه ؛ ولذلك جاز التوسط .
ويجوز أن يتقدم الخبر على الفعل واسمه ، نحو : في الدار كان صاحبُها ، ونحو : غلامَ هندٍ كان بعلُها ؛ وذلك لعدم وجود مانع يمنع هذا التقدم .
وأما الحالة الثانية المذكورة سابقًا فإن المانع هو ( أن ) المصدرية كما بَيَّنَّا .
5- امتناع التقدّم على الفعل ، واسمه جميعًا مع جواز توسطه بينهما ، أو تأخّره عنهما جميعاً ، نحو : هَلْ كان زيدٌ صَدِيقَك ؟ في هذا المثال يمتنع تقديم الخبر على ( هل ) لأنها استفهام ، والاستفهام له صدر الكلام .
ويمتنع كذلك توسطه بين هل ، والفعل (كان) ؛ لأن الفصل بينهما غير جائز . ويجوز توسط الخبر بين الفعل ، واسمه ، نحو : هل كان صديقَك زيدٌ ؟ ويجوز تأخره عنهما ، كما في المثال الأول : هل كان زيدٌ صديقَك ؟
6- جواز الأمور الثلاثة :
أ- التقدّم على الفعل ، نحو : صديقَك كان محمدٌ .
ب-التَّوسُّط ، نحو : كان صديقَك محمدٌ .
ج-التَّأَخُّرعنهما ، نحو : كان محمدٌ صديقَك.
هذا إذا لم يكن ثمَّة ما يمنع ذلك .
حكمُ تقدُّمِ الخبرِ على ( ما ) النَّافيةِ
كَذَاكَ سَبْقُ خَبَرٍ مَا النَّافِيَهْ ... فَجِئْ بِهَا مَتْلُوَّةً لا تَالِيَهْ
س12- ما حكم تقدم خبر كان وأخواتها على ( ما ) النَّافية ؟
ج12- لا يجوز تقدّم خبر كان وأخواتها على ما النافية سواء كان النفي شرطاً في عمل هذه الأفعال , أم لا .(1/143)
فأمَّا الأول ، وهو : ما كان النفي شرطا في عملها ، فنحو : ما زال ، وأخواتها ، فلا يصح قولك: قائمًا ما زال زيدٌ . وأجاز ذلك جمهور البصريين ؛ وذلك لأن (ما) النافية عندهم ليس لها حقّ الصدارة ، وعلى هذا أجازوا أن يتقدم خبر الناسخ المنفي بـ ( ما ) عليها مطلقاً ، ووافقهم ابن كَيْسَان ، والنَّحَّاس على جواز تقديم خبر الناسخ عليها إذا كان من النواسخ التي يُشترط فيها النّفي . وأمَّا الثاني ، وهو : ما لم يكن النّفي شرطا في عملها ، فنحو : ما كان زيدٌ قائماً ، فلا يصح قولك : قائمًا ما كان زيدٌ ، وأجاز ذلك بعضهم .
س13- هل يجوز تقديم الخبر إذا كان النفي بغير ( ما ) ؟ وهل يجوز تقديم الخبر على الفعل وحده إذا كان النفي بـ ( ما ) ؟
ج13- ذكر ابن عقيل أن مفهوم كلام الناظم أنه إذا كان النّفي بغير ( ما ) جاز التقديم ؛ فتقول : قائمًالم يَزَلْ زيدٌ ؛ وتقول : مُنطلقاً لم يكُنْ عمرٌو ، ومنع ذلك بعضهم .
وذكر أيضًا أن مفهوم كلام الناظم جواز تقديم الخبر على الفعل وحده إذا كان النفي بـ (ما) نحو: ما قائمازالَ زيدٌ ،ونحو: ما قائمًا كان زيدٌ. ومنعه بعضهم .
حكمُ تقدمِ خبرِ ليسَ عليها
وتَمَامُ كان وأخواتِها , ونُقْصَانُها
وَمَنْعُ سَبْقِ خَبَرِ لَيْسَ اصْطُفِى وَذُو تَمَامٍ مَا بِرَفْعٍ يَكْتَفِى
وَمَا سِوَاهُ نَاقِصٌ وَالنَّقْصُ فِى فَتِئَ لَيْسَ زَالَ دَائِمًا قُفِى
س14- اذكر خلاف النحويين في حكم تقديم خبر ( ليس ) عليها .(1/144)
ج14- ذهب الكوفيون ، والمبرِّد ، والزَّجاج ، وابن السَّرَّاج ، وأكثر المتأخرين- ومنهم ابن مالك - إلى منع تقديم خبر ليس عليها. وذهب أبوعلي الفارسيُّ، وابن بَرْهان إلى جواز تقديم خبر ليس عليها، نحو : قائمًا ليس زيدٌ . ونُقل عن سيبويه قولان ، أحدهما : المنع ، والثاني : الجواز . ولم يَرد عن العرب تقدّم خبر ليس عليها - وهذه حجّة المانعين - وإنما ورد من لسانهم ما ظاهره تقدّم معمول خبرها عليها - وهذه حجة من أجاز تقدم الخبر عليها - كقوله تعالى : * فكلمة يوم : ظرف معمول للخبر (مصروفًا) وهذا الظرف المعمول للخبر قد تقدم على ليس ، والقاعدة عند العلماء لا يتقدم المعمول إلا حيث يتقدم العامل .
( م ) س15- اشرح معنى القاعدة الآتية : لا يتقدم المعمول إلا حيث يتقدم العامل ، وهل هي قاعدة مُطَّرِدة ؟
ج15- معنى هذه القاعدة : إذا جاز تقدم المعمول جاز كذلك تقدم العامل ، فإذا جاز تقديم معمول خبر ليس عليها جاز كذلك تقدّم العامل ؛ لأن الغالب والأصل ألاّ يتقدم المعمول إلا إذا جاز تقدم العامل وهو الخبر . وهذه القاعدة غير مطَّردة فقد أجاز العلماء تقديم المعمول ، ولم يجيزوا تقديم العامل في عدّة مواضع ، هي :
1- إذا كان خبر المبتدأ فعلاً لم يُجز البصريون تقديمه على المبتدأ ؛ لئلا يلتبس بالفاعل ؛ فلا يقولون: ( ضرب زيد ) ولكنهم أجازوا تقديم معمول هذا الخبر على مبتدئه في نحو : عمرٌو ضرب زيداً ؛ فيقولون : زيدًا عمرٌو ضَرَبَ . فتقدَّم المعمول ( زيدًا ) وهو مفعول لضَرَبَ على المبتدأ ( عمرو ) .
2- خبر إنّ إذا لم يكن ظرفًا ، أو جارًّا ومجرورًا ،لم يُجيزوا تقديمه على اسمها؛ فلا يقولون : إنّ جالسٌ زيدًا ، وأجازوا تقديم معمول الخبر على الاسم ؛ فيقولون : إنَّ عندك زيدًا جالسٌ ، والأصل : إنَّ زيدًا جالسٌ عندك .(1/145)
3- الفعل المنفي بـ ( لم ، أو لن )لم يجيزوا تقديمه على النّفي ؛ فلا يقولون : أَضْرِبْ لَمْ ، ولا : أضربَ لَنْ ، وأجازوا تقديم معموله عليه ؛ فيقولون : زيدًا لن أضربَ ، وعمرًا لم أضربْ .
4- أمَّا الشرطية ،لم يجيزوا وقوع الفعل بعدها ، وأجازوا وقوع معموله بعدها، نحو قوله تعالى: * فاليتيم معمول للفعل (تقهر) فجاز
كما رأيت في هذه المواضع تقدم المعمول في حين لم يجز تقدم العامل ؛ وذلك لأنَّ لكلِّ موضع من المواضع الأربعة السابقة سبباً خاصًّا أجاز تقديم المعمول ، ولم يُجز تقديم العامل .
س16- ما المراد بالفعل التّام ، والفعل النَّاقص ؟ ومتى تكون كان وأخواتها تامّة ؟ ومتى تكون ناقصة ؟
ج16- المراد بالتام : ما اكتفى بمرفوعه في إتمام المعنى ،ولم يَحْتَجْ إلى منصوب. وتكون كان وأخواتها تامّة إذا جاءت بالمعاني الواردة في س20، ص 238 ، كما في قوله تعالى: * كان هنا تامّة ؛ لأنها بمعنى : وُجِدَ ، وكما في قوله تعالى : * دام هنا تامة ؛ لأنها بمعنى : بَقِي واسْتمَرَّ , وكما في قوله تعالى : * أَمْسَى , وأصبح هنا تامَّتان ؛ لأنهما بمعنى : الدخول في المساء ، والدخول في الصباح .
والمراد بالناقصة : مالا يكتفي بمرفوعه ويحتاج إلى منصوب لإتمام المعنى . وتكون كان وأخواتها ناقصة إذا جاءت بالمعاني الواردة في س19 ، ص237 .
وهذا مراده من قوله : "وذو تمام... إلى قوله : "وما سواه ناقص " .
س17- هل كان وأخواتها جميعاً تستعمل تَامّة ، وناقصة ؟ وضح ذلك .
ج17- كان و أخواتها تستعمل تامّة , وناقصة إلا فَتئَ , وليس , و زال التي مضارعها يَزَال فإنها لا تستعمل إلا ناقصة . وهذا مراده من قوله :
" والنقص... إلى آخر البيت " .
س18- لماذا اشْتُرِط في زَالَ أن يكون مضارعها يَزَالُ ؟
ج18- زال نوعان ناقصة، وتامة .
فالناقصة، هي: التي مضارعها يَزَالُ ، نحو : لا يزالُ المطرُ ينزلُ .(1/146)
والتامّة ، هي : التي مضارعها يَزُولُ ، نحو : زَالَتِ الشّمسُ ، وتزولُ الشّمسُ ، ومصدرها ( الزَّوال ) وهي ليست ناسخة ، وإنما هي فعل تامّ لازم .
* س19- اذكر معاني كان الناقصة ، وأخواتها ؟
ج19- هذا جدول يوضح معاني كان الناقصة ، وأخواتها .
الفعل ... المعنى ... الفعل ... المعنى
كَانَ ... اتصاف المبتدأبالخبر في الماضي. وقد يكون اتصافه به على الدوام،كما في قوله تعالى: * ... ليس ... النَّفي . قد يكون النفي للحال ، نحو: ليس زيدٌ قائمًا ( أي : الآن ) وقد يكون لغير الحال ، نحو : ليس زيدٌ قائما غدًا .
ظَلَّ ... اتصاف المبتدأ بالخبر نَهَارًا ... زال ... ملازمة الخبر للمبتدأ
بَقَاءُ واسْتِمْرارُ اتّصافِ المبتدأ بالخبر
بَاتَ ... اتصافه به ليلا ... برح
أَضْحَى ... اتصافه به في الضحى ... فتئ
أَصْبَحَ ... اتصافه به في الصباح ... انفك
أَمْسَى ... اتصافه به في المساء ... دام
صَارَ ... التَّحَوُّل من صفة إلى أخرى
س20- اذكر معاني كان التّامّة ، وأخواتها .
جـ20- هذا جدول يوضح معاني كان التّامّة ، وأخواتها .
الفعل ... المعنى ... الفعل ... المعنى
كَانَ ... حَصَلَ ، أو وُجِدَ ... بَرِحَ ... ذَهَبَ ، أوفَارَقَ
ظَلَّ ... دَامَ ، واسْتَمَرَّ ... انْفَكَّ ... انْحَلَّ ، وانْفَصَلَ
بَاتَ ... نَزَلَ في الليل ، أو أدْرَكَه الليل ... دَامَ ... بَقِيَ ، واسْتَمَرَّ
أضحى ... دَخَلَ في الضحى
أصبح ... دخلَ في الصباح
أمسى ... دخلَ في المساء
صار ... رَجَعَ ، أو انْتَقَلَ
حكمُ تقديمِ معمولِ الخبرِ
على اسم كان ، وأخواتها
وَلاَ يَلِى العَامِلَ مَعْمُولُ الْخَبَرْ إِلاَّ إِذَا ظَرْفاً أَتَى أَوْ حَرْفَ جَرْ
س21- ما حكم تقديم معمول الخبر على اسم كان ، وأخواتها ؟ واذكر مواضع الخلاف في هذه المسألة .
ج21- لا يجوز أن يلي ( كان ) وأخواتها معمول خبرها إلا إذا كان ظرفا ، أو جارّا ومجرورا ، وفي هذه المسألة تفصيل :(1/147)
1- إذا كان معمول الخبر ظرفاً , أو جارًّا ومجروراً جاز تقديمه على اسم كان عند البصريين , والكوفيين, نحو : كان في الدار زيدٌ نائماً , ونحو : كان عندك زيدٌ مقيما ؛ ذلك لأنه يُتَوَسَّع في الجار والمجرور , والظرف ما لا يُتوسع في غيرهما ؛ وذلك لكثرة ما يُحتاج إليهما في الكلام .
2- إذا تقدّم الخبر , والمعمول معاً على الاسم , وقُدِّم الخبر على المعمول جازت المسألة , ولم يمنعها البصريون , نحو : كان آكلاً طعامَك زيدٌ . في هذا المثال تقدّم الخبر ، والمعمول (آكلا طعامَك) على اسم كان (زيد) وقُدِّم الخبر (آكلا) على المعمول ( طعامَك ) ولذا جازت المسألة ؛ لأنه لم يَلِ كان معمول خبرها .
3- إذا تقدّم الخبر , والمعمول معاً على الاسم ,وقُدِّم المعمول على الخبر امتنعت عند سيبويه , وجازت عند بعض البصريين , نحو : كان طعامَك آكلا زيدٌ .
4- إذا تقدّم معمول الخبر وحده على الاسم ، وكان الخبر مؤخراً عن الاسم امتنعت عند البصريين, وجازت عند الكوفيين , نحو : كان طعامَك زيدٌ آكلا .
والفصيح عدم جواز تقديم معمول الخبر على اسم كان ، وأخواتها إذالم يكن ظرفا , ولا جارًّا ومجروراً ؛ وذلك بناء على المأثور من فصيح كلام العرب , وهو ما ذهب إليه البصريون في المسألتين الثانية والرابعة ، وما ذهب إليه سيبويه في المسألة الثالثة .
حكمُ ما وردَ عن العربِ ما ظاهرُه تقديمُ
معمولِ الخبرِ على اسمِ كان , وأخواتها
وَمُضْمَرَ الشَّأْنِ اسْمًا انْوِ إِنْ وَقَعْ مُوهِمُ مَا اسْتَبَانَ أَنَّه امْتَنَعْ
س23- ما حكم ما ورد عن العرب ما ظاهره تقديم معمول الخبر على اسم كان وأخواتها ؟(1/148)
ج23- إذا ورد من لسان العرب ما ظاهره تقديم معمول الخبر على اسم كان ، وأخواتها فإنّه يُؤَوَّلُ على أنّ في كان ، أو إحدى أخواتها ضميرًا مستترًا هو ضمير الشَّأن ، نحو : كان طعامَك زيدٌ آكلاً . فالمعمول ( طعام ) ظاهره أنه وقع بعد كان ، وتخريج ذلك أنّ في كان ضميرًا مستترًا هو اسمها ، ويُسَمَّى ضمير الشَّأن .
س24- قال الشاعر:
قَنَافِذُ هَدَّاجُونَ حَوْلَ بُيُوتِهِمْ بِمَا كَانَ إِيَّاهُمْ عَطِيَّةُ عَوَّدَا
وقال الآخَر:
فَأَصْبَحُوا وَالنَّوَى عَالِي مُعَرَّسِهِمْ وَلَيْسَ كُلَّ النَّوَى تُلْقِي الْمَسَاكِينُ
عيّن الشاهد في البيتين السابقين ، وما وجه الاستشهاد فيهما ؟
ج24- الشاهد في البيت الأول : بما كان إياهم عطيَّة عوَّدا .
وجه الاستشهاد : يُوهم ظاهره أنّ الشاعر قد قدّم معمول خبر كان ، وهو
(إياهم) على اسمها ، وهو (عطيّة) مع تأخير الخبر ، وهو جملة (عوّدا) عن الاسم فَلَزِمَ بذلك وقوع معمول الخبر بعد كان ، وهو جائز عند الكوفيين . وتخريج ذلك عند البصريين: أنّ اسم كان ضمير مستتر فيها ، وهو ضمير الشأن فيكون عطية : مبتدأ ، خبره جملة (عوّدا) وإياهم : مفعول به لعوّدا ، وجملة المبتدأ وخبره : في محل نصب خبر كان ، وبذلك لم يتقدم معمول الخبر على الاسم . ويجوز أن يكون اسم كان ضميرًا مستترًا يعود على (ما) الموصولة ،
و يجوز أن تكون (كان) زائدة لا عمل لها .
الشاهد في البيت الثاني : وليس كلَّ النَوى تُلقي المساكين .
وجه الاستشهاد : يُوهمُ ظاهره أن الشاعر قدَّم معمول خبر ليس (كلَّ النَّوى) و جملة الخبر ( تُلقي ) على اسمها ( المساكين ) فلزم بذلك وقوع معمول الخبر(1/149)
بعد ليس ، وهو جائز عند الكوفيين . وتخريج ذلك عند البصريين: أن اسم ليس ضمير مستتر ، هو ضمير الشأن ، والمساكين : فاعل تلقي ، والجملة من الفعل والفاعل : في محل نصب خبر كان - هذا على رواية نصب (كلَّ) - . وللبيت رواية أخرى برفع (كلُّ) وعلى هذا فلا شاهد في البيت ؛لأنّ (كلّ) اسم ليس .
كانَ الزَّائِدَةُ
وَقَدْ تُزَادُ كَانَ فى حَشْوٍ كَمَا كَانَ أَصَحَّ عِلْمَ مَنْ تَقَدَّمَا
س25- اذكر أنواع كَانَ .
ج25- كان ثلاثة أنواع ، هي :
1- ناقصة 2- تامّة 3- زائدة ، وهي المقصودة بهذا البيت .
س26- بم تختص كان دون أخواتها ؟
ج26- تختص كان دون أخواتها بأمرين :
1- جواز زيادتها 2- جواز حذفها .
س27- اذكر شروط زيادة كان ، مع التمثيل .
ج27- اشترط النحاة للحكم على زيادة كان شرطين :
1- أن تكون بصيغة الماضي .
2- أن تكون متوسطة بين شيئين متلازمين ، كالمبتدأ وخبره ، نحو: زيدٌ كان قائمٌ ، وكالفعل ومرفوعه ، نحو :لم يُوجَدْ كان مِثْلُكَ ، وكالصِّلة والموصول، نحو : جاء الذي كان أكرمْتُه ، وكالصفة والموصوف ، نحو : مَرَرْتُ برجلٍ كان قائمٍ . وهذا هو المراد من قول الناظم : " وقد تزاد كان في حشو" .
( الحشو : التوسط بين شيئين متلازمين ) .
س28- هل تعمل كان الزائدة ؟
ج28- كان الزائدة غير عاملة , ويمكن حذفها والاستغناء عنها , ولا ينقص معنى الكلام بحذفها .
س29- أقياسيَّة زيادة كان أم سماعيَّة ؟
ج29- زيادتها سماعيَّة إلا بين ما التعجبية وفعل التعجب فزيادتها قياسية ، نحو : ما كان أصحَّ عِلْمَ مَنْ تَقَدَّما ! ونحو : ما كان أَحْسَنَ صَنِيعَكَ !
س30- قال الشاعر :
فَكَيْفَ إِذَا مَرَرْتُ بِدَارِ قَوْمٍ وَجِيرَانِ لَنَا كَانُوا كِرَامِ
وقال الشاعر :
أَنْتَ تَكُونُ مَاجِدٌ نَبِيلُ إِذَا تَهُبُّ شَمْأَلٌ بَلِيلُ
وقال الشاعر :
سَرَاةُ بَنِي أَبِي بَكْرٍ تَسَامَى عَلَى كَانَ الْمُسَوَّمَةِ العِرَابِ(1/150)
وقولهم : وَلَدَتْ فاطمةُ بنتُ الْخُرْشُبِّ الأَنْمَارِيَّةُ الكَمَلَةَ مَنْ بَنِي عَبْسٍ لَمْ يُوجَدْ كَانَ أَفْضَلُ مِنْهُمْ .
عيّن الشاهد فيما سبق ، وما وجه الاستشهاد فيها ؟
ج30- الشاهد في البيت الأول : وجيران لنا كانوا كرام .
وجه الاستشهاد : وردت كان زائدة سماعًا بين الموصوف ( جيران ) والصفة
( كرام ) .
الشاهد في البيت الثاني : أنت تكون ماجدٌ .
وجه الاستشهاد: وردت كان زائدة سماعًا بين المبتدأ (أنت) وخبره (ماجدٌ). وقد وردت (كان) في هذا البيت بصيغة المضارع ، وهذا شاذّ ؛ لأن الشرط أن تكون كان الزائدة بصيغة الماضي .
الشاهد في البيت الثالث : على كان المسوَّمَةِ .
وجه الاستشهاد : وردت كان زائدة شذوذًا بين حرف الجر ( على ) ومجروره ( المسوَّمَةِ ) .
الشاهد في القول :لم يُوجد كان أفضلُ منهم .
وجه الاستشهاد : وردت كان زائدة سَمَاعًا بين الفعل ( يوجد ) ومرفوعه
( أفضل ) .
( م ) س31- لم اشترط في كان الزائدة أن تكون بصيغة الماضي ؟
ج31- من المعلوم أن الحروف تقع زائدة ،كالباء في خبر ليس , وغيرها ، نحو : أنا لست بمريضٍ ، ولَمَّا كان الفعل الماضي مبنيا فقد أشبه الحرف في بنائه ؛ ولذلك فقد أخذ حكمه في كونه يقع زائدًا .
أمَّا المضارع فهو معرب ؛ ولذلك لم يُشبه الحرف ، بل أشبه الاسم ، والأسماء لا تزاد إلا شذوذًا .
حذفُ كانَ , واسمِها
وإبقاءُ الخبرِ
وَيَحْذِفُونَهَا وَيُبْقُونَ الْخَبَرْ وَبَعْدَ إِنْ وَلَوْ كَِثيرًا ذَا اشْتُهِرْ
س32- اذكر مواضع حذف كان مع اسمها .
ج32- تحذف كان مع اسمها ، ويبقى خبرها كثيرًا بعد إنْ ، ولَوْ الشَّرطيتين ، نحو : المرءُ مُحاسَبٌ على عمله إنْ خيرًا فخيرٌ ، وإن شرًّا فشرٌ ، والتقدير :
إنْ كان العملُ خيرًا فخير ، وإن كان العملُ شرًّا فشر ،وكما في قول الشاعر :
قَدْ قِيلَ ما قِيلَ إنْ صِدْقًا وإنْ كَذِبًا فَمَا اعْتِذَارُكَ مِنْ قَولٍ إِذَا قِيلاَ(1/151)
والتقدير : إنْ كان الْمَقُولُ صِدْقًا ، وإنْ كان المقولُ كَذِبًا .
ومثال حذفهما بعد لو ، قوله - صلى الله عليه وسلم - : " الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حديد " .
والتقدير : ولو كان مُلْتَمَسُكَ خاتمًا من حديد ، ونحو قولك : ائْتِنِي بِدابَّةٍ ولوحِمَارًا ، والتقدير : ولو كان المأتِيُّ به حمارًا . وشَذَّ حَذفهما بعد لَدُنْ ، كقولهم : مِنْ لَدُ شَوْلاً فَإلَى إتْلائِها ، والتقدير : مِنْ لَدُ أنْ كانت النَّاقَةُ شَوْلاً . في هذا المثل حُذفت كان مع اسمها بعد لَدُنْ ، وبقي خبرها (شوْلاً) وهذا شاذّ ؛ لأنّ حذفهما يكثر بعد ( إنْ ، ولو ) .
حذفُ كانَ وحدَها
وَبَعْدَ أَنْ تَعْوِيضُ مَا عَنْهَا ارْتُكِبْ ... كَمِثْلِ أَمَّا أَنْتَ بَرًّا فَاقْتَرِبْ
س33- ما الموضع الذي تحذف فيه كان وحدها مع بقاء اسمها وخبرها ؟
ج33- تحذف كان وحدها مع بقاء اسمها وخبرها بعد أنْ المصدريّة ، ويُعَوَّضُ عنها بـ (ما) الزائدة ، نحو : أمَّا أنت برًّا فاقتربْ ، والأصل : أنْ كنتَ برًّا فاقتربْ ، فحُذفت كان ، وأصبح اسمها الضمير المتصل (التاء) منفصلاً (أنت) فصارت الجملة : أن أنت برًّا ، ثم أُتِي بـ ( ما ) عوضا عن ( كان ) فصارت : أنْ ما أنت برًّا ، ثم أدغمت نون ( أنْ ) في الميم ، فصار : أمَّا أنت برًّا .
س34- قال الشاعر:
أَبَا خُرَاشَةَ أَمَّا أَنْتَ ذَا نَفَرٍ فَإِنَّ قَومِي لَمْ تَأْكُلْهُمُ الضَّبُعُ
عيّن الشاهد في البيت السابق ، وما وجه الاستشهاد فيه ؟
ج34- الشاهد قوله : أمَّا أنت ذا نفر ٍ.
وجه الاستشهاد : حذف الشاعر (كان) وعوَّض عنها بـ ( ما ) الزائدة ، وأدغمها في نون (أنْ) المصدرية ، وأبقى اسم كان ( أنت ) وخبرها ( ذا نفر ).
س35- هل يجوز الجمع بين كان المحذوفة ، و( ما ) التي هو عِوَضٌ عنها ؟(1/152)
ج35- لا يجوز الجمع بين كان ، و ( ما ) لكون ( ما ) عِوَضاً عنها ، ولا يجوز في الغالب الجمع بين العِوَض ، والمعوَّض . وأجاز ذلك المبرِّد ؛ فيقول : أَمَّا كنتَ مُنْطَلِقًا انْطَلَقْتُ .
س36- ما شرط حذف كان وحدها وتعويض (ما) عنها مع بقاء اسمها وخبرها ؟
ج36- يشترط لحذف كان وحدها وتعويض (ما) عنها مع بقاء اسمها وخبرها: أن يكون اسمها ضمير مخاطب ، ولم يُسمع من كلام العرب حذف كان وتعويض ( ما ) عنها وإبقاء اسمها وخبرها إلا إذا كان اسمها ضمير مخاطب ، هذا هو المسموع من كلام العرب ، ولم يُسمع حذفها مع ضمير المتكلم ، نحو : أمَّا أنا منطلقا انطلقتُ ، والأصل : أنْ كنتُ منطلقا ، ولم يسمع حذفها مع الظاهر ، نحو : أما زيدٌ ذاهبًا انطلقت ، والأصل : أنْ كانَ زيدٌ ذاهبًا .
والقياس جوازهما كما جاز مع المخاطب ، وقد مَثّل سيبويه لحذف كان مع كون اسمها ظاهرًا في كتابه بالمثال الآتي : أمَّا زيدٌ ذاهبًا .
حذفُ نونِ يكونُ المجزومةِ
وَمِنْ مُضَارِعٍ لِكَانَ مُنْجَزِمْ تُحْذَفُ نُونٌ وَهْوَ حَذْفٌ مَا الْتُزِمْ
س37- ما حكم حذف نون لم يكن ؟ وما التغييرات الصرفية الناتجة عن هذا الجزم ؟ ولماذا حذفوا نون لم يكن ؟
ج37- حَذْف نون يكون المجزومة جائز لا واجب ، فيجوز:لم يَكُنْ ، ويجوز:
لم يَكُ . وأما التغييرات الصرفية ، فإن أصل الفعل قبل الجزم ، هو ( يكونُ ) فَحَذَفَ الجازمُ الضمة التي على النون ، فصار اللفظ ( لم يكونْ ) فالتقى ساكنان ، الواو والنون ، فحُذِفت الواو للتخلّص من التقاء الساكنين ، فصار اللفظ ( لم يكُنْ ) .
والقياس يقتضي أنْ لا يُحذف منه بعد ذلك شيء آخر ، لكنهم حذفوا نون
(لم يكنْ ) تخفيفاً لكثرة الاستعمال ، فقالوا : لم يَكُ .
س38- ما المواضع التي لا تحذف فيها نون لم يكن ؟ وإلام ذهب العلماء في هذه المسألة ؟
ج38- لا تحذف نون لم يكن في الموضعين الآتيين :(1/153)
1- لا تحذف عند ملاقاة ساكن ؛ فلا تَقُلْ : لم يكُ الرجلُ قائمًا ، والأصل :
لم يكُنِ الرجلُ قائماً . وهذا هو مذهب سيبويه . وأجاز الحذف في هذه المسألة يونس بن حَبِيب ، وقد قُرئ شُذوذًا : " لَمْ يَكُ الَّذِينَ كَفَرُوا " .
وقد وردت عدة أبيات تشهد لما ذهب إليه يونس بن حَبِيب،منها قول الشاعر :
لَمْ يَكُ الْحَقُّ سِوَى أنْ هَاجَهُ رَسْمُ دارٍ قَدْ تَعَفَّى بالسَّرَرْ
2- لا تحذف باتِّفاق عند ملاقاة مُتحرك ، إذا كان المتحرِّك ضميرًا متصلاً، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم - لعُمر رضي الله عنه في ابن صَيَّاد: " إنْ يَكُنْهُ فلنْ تُسَلَّطَ عليه ، وَإلاَّ يَكُنْهُ فَلاَ خَيْرَ لَكَ في قَتْلِهِ " ، ولا يجوز : إن يَكُهُ ، وإِلاَّ يَكُهُ .
أمَّا إذا كان المتحرِّك ضميرًا منفصلاً , أو اسماً ظاهرًا فيجوز الحذف ،والإثبات ، نحو: شخص قادمٌ وأظنُّه صديقي فإن يكنْ إيَّاه سَعِدْتُ،وإن لم يكنْ إياه أسِفْتُ، ونحو: لم يكنْ زَيْدٌ قائماً ، ويجوز الحذف ؛ فتقول : إنْ يكُ إياه ، وإن لم يكُ إياه ، ولم يكُ زيدٌ قائمًا .
س39- هل حذف نون لم يكن خاصٌّ بكان الناقصة ؟
ج39- لا فرق في هذا الحذف بين كان الناقصة ، والتَّامّة ، وقد قُرِئ قوله تعالى : * برفع ( حَسَنةٌ ) على اعتبار كان تامّة ، وكما في قولك : اعْتَدَلَ الْجَوُّ فلم يكُ بَرْدٌ ولا حَرٌّ . في هذا المثال وردت كان تامّة ، وقد حُذفت نونها جوازًا ، ويجوز إثباتها ؛ لأن ما بعدها متحرك .
---
الأحرفُ النَّاسِخَةُ :
مَا ، ولاَ ، ولاَتَ ، وإنْ الْمُشَبَّهَاتُ بِلَيْسَ
شروط إعمال ( ما )
إِعْمَالُ لَيْسَ أُعْمِلَتْ مَا دُوِنَ إِنْ مَعَ بَقَا النَّفِْى وَ تَرْتِيبٍ زُكِنْ
وَسَبْقَ حَرْفِ جَرٍّ أَوْ ظَرْفٍ كَمَا بِى أَنْتَ مَعْنِيّاً أَجَازَ العُلَمَا
س1- في أي لُغَة تعمل ( ما ) عمل ليس ؟ وفي أي لغة لا تعمل ؟(1/154)
ج1- تعمل ما عمل ليس في لغة الحجازيين ؛ وذلك لشبهها بها في أنها لنفي الحال عند الإطلاق ؛ فيقولون : ما زيدٌ قائما . وقد وردت في القرآن على هذه اللغة ، قال تعالى : * وقال تعالى : * فاسم الإشارة هذا ، والضمير هنَّ : في محل رفع اسم ما الحجازية ، وبشرًا ، وأمهاتِهم : خبران لها منصوبان .
ولا تعمل عند بني تَمِيم ، وتُسَمَّى ( ما ) التَّمِيمِيَّة ؛ يقولون : ما زيدٌ قائمٌ ، على أنّ ( زيدٌ ) : مبتدأ مرفوع ، وقائم : خبر مرفوع ؛ ذلك لأنها حرف غيرُ مُخْتص لدخوله على الاسم ، نحو : ما زيدٌ قائمٌ ، ولدخوله على الفعل ، نحو : ما يقومُ زيدٌ ، والحرف الذي لا يختصُّ حقُّه ألاَّ يعملَ .
س2- قال الشاعر :
أبْنَاؤُهَا مُتَكَنِّفُونَ أَبَاهُمْ ... حَنِقُو الصُّدُورِ وَمَا هُمُ أَوْلاَدَهَا
عيّن الشاهد في البيت السابق ، وما وجه الاستشهاد فيه ؟
ج2- الشاهد : وما هم أولادها . وجه الاستشهاد : أعملَ الشاعر (ما) النافية عمل ليس فرفع بها الاسم ( هم ) محلاً ، ونصب خبرها ( أولادَها ) لفظًا ، وذلك على لغة أهل الحجاز .
س3- لا تعمل ( ما ) عمل ليس عند أهل الحجاز إلا بشروط ، اذكرها تفصيلاً .
ج3- شروط إعمالها ، كما يلي :
1- أَلاَّ يُزَاد بعدها ( إنْ ) فإن زيدت بطلَ عملُها ، نحو: ما إنْ زيدٌ قائمٌ ، برفع قائم ، ولا يجوز نصبه .
( م ) وأجاز ذلك يعقوب بن السِّكِّيت فهي عاملة عنده مع زيادة إِنْ ، واستدل بقول الشاعر :
بَنِي غُدَانَةَ ما إِنْ أنتمُ ذَهَباً وَلاَ صَرِيفًا وَلَكِنْ أَنْتُمُ الْخَزَفُ
وجمهور العلماء يروون هذا البيت برفع الخبر ( ذهبٌ ) على أن ما غير عاملة عمل ليس . ويمكن تخريج رواية النصب بأنَّ ( إِنْ ) نافية مُؤَكِّدَة لـ ( ما ) وليست زائدة فتكون بذلك ( ما ) قد عملت عمل ليس . ( م )(1/155)
2- ألاَّ يَنْتَقِضَ النَّفي بـ ( إلاَّ ) فإن انتقض بإلاَّ بطل عملها ، نحو : ما زيدٌ إلاَّ قائمٌ ، برفع قائم ، ولا يجوز نصبه ، كما في قوله تعالى : * وقوله تعالى : * .
( م ) وأجاز ذلك يونس بن حبيب ، واستدلَّ بقول الشاعر :
وما الدَّهْرُ إلا مَنْجَنُونًا بِأَهْلِهِ وَمَا صَاحِبُ الْحَاجاتِ إِلاَّ مُعَذَّبًا
فقد أعمل الشاعر ( ما ) النافية مع أنها مُنتقضة بـ ( إلا ) وجمهور البصريين لا يقبلون ذلك ويُؤَوِّلون ما ورد من الشواهد ، فهم يرون أن ( مَنجنونًا ) في الشطر الأول مفعول به لفعل محذوف ، والتقدير: وما الدهر إلا يُشبه منجنوناً ، أو مفعول مطلق لفعل محذوف ، وكذلك (مُعَذّباً) في الشطر الثاني . ( م )
3- ألاَّ يتقدَّم خبرها على اسمها ، والخبر ليس ظرفًا ، ولا جارًا ومجرورًا . فإن تقدّم وجب رفعه ، نحو : ما قائمٌ زيدٌ ، ولا يجوز : ما قائمًا زيدٌ ؛ لأن الخبر تقدّم وهو ليس بظرفٍ , ولا جارٍ ومجرور .
ويجوز قولك : ما في الدار زيدٌ ، وما عندك عمرٌو ؛ لأن الخبر شبه جملة .
( م ) وقد ذهب بعض النحاة إلى جواز إعمال (ما) عمل ليس مع تقدّم خبرها وهو ليس بشبه جملة ، واستشهدوا بقول الشاعر :
فَأَصْبَحُوا قَدْ أَعَادَ اللهُ نِعْمَتَهُمْ ... إذْ هُمْ قُرَيْشٌ وَإِذْ مَا مِثْلَهُمْ بَشَرُ
فقد قدّم الشاعر الخبر(مثلَهم) على اسم ما (بشر) مع كون الخبر ليس ظرفًا ، ولا جارًّا ومجرورًا .
والجمهور يرفضون ذلك ، ويردُّون على هذا البيت بما يلي :
أ- أن الرواية الصحيحة برفع الخبر ( مثلُهم ) لا بنصبه .
ب- أنّ الشاعر قد أخطأ؛ لأنه تميمي وأراد أنْ يتكلم بلغة أهل الحجاز، وهو لا يعلم أنَّهم لا يُعْمِلُونَ ( ما ) عمل ليس إذا تقدم الخبر على الاسم ، والخبر ليس شبهَ جملة . ( م )(1/156)
4- ألاَّ يتقدّم معمول الخبر على الاسم ، والمعمول ليس ظرفًا, ولا جارًّا ومجرورًا . فإن تقدم بطل عملها ، نحو : ما طعامَك زيدٌ آكلٌ . فلا يجوز نصب الخبر ( آكل ) لأنّ معموله ( طعام ) تقدّم على الاسم وهو ليس ظرفًا , ولا جارًّا ومجرورًا . ومَنْ يُجيز بقاء العمل مع تقدم الخبر يُجيز كذلك بقاء العمل مع تقديم المعمول ، وقيل: لا يلزم ذلك ، لِمَا في الإعمال مع تقدّم المعمول من الفصل بين الحرف ومعموله ، وهذا الفصلُ غير موجود مع تقدّم الخبر نفسه .
فإن كان المعمول ظرفًا ، أو جارًّا ومجرورًا لم يبطل عملها ، نحو : ما عندك زيدٌ مقيمًا ، ونحو : ما بي أنت مَعْنِيًّا ؛ لأن الظروف , والمجرورات يُتَوَسَّعُ فيها ما لا يُتوسَّع في غيرها .
5- ألاَّ تَتَكَرَّر ( ما ) فإن تَكَرَّرَتْ بطل عملها ، نحو: ما ما زيدٌ قائمٌ ،فالأولى: نافية , والثانية : نَفَتْ نفي الأولى فصار إثباتًا ؛ لأن نفي النفي إثبات .
ولا يجوز نصب الخبر ( قائم ) وأجازه بعضهم .
6- ألاَّ يُبْدَل من خبرها بدلٌ موجبٌ . فإنْ أُبدل بطل عملها ، نحو: ما زيدٌ بشيءٍ إلا شيءٍ لايُعْبَأُ به . فالجار والمجرور (بشيء) في محل رفع خبر المبتدأ (زيد) وشيء الثانية: بدل من الأولى ،وهو موجب ؛ولذلك لا يجوز أن يكون (بشيء)
في محل نصب خبر ما ،وأجازه قوم ،وهؤلاء لم يشترطوا هذا الشرط . وكلام سيبويه في هذه المسالة محتمل للقولين المذكورين ، القول باشتراط ألاَّ يبدل من خبرها بدل موجب ، والقول بعدم اشتراط ذلك
س4- قال سيبويه في الكتاب : " استوت اللغتان " في أيِّ مسألة قال هذا ؟ وما مراده باللغتين ؟ مُوضَّحًا خلاف شُرَّاح كتابه في قوله هذا .(1/157)
ج4- قال سيبويه هذا القول في مسألة اشتراط ألاَّ يبدل من خبر (ما) بدل موجب - وذلك في الشرط السادس من شروط إعمالها - ومراده باللغتين : لغة الحجاز ، ولغة تميم . واختلف شُرَّاح الكتاب فيما يرجع إليه قوله : " استوت اللغتان " ، قال سيبويه ذلك بعد ذكر هذا المثال :
ما زيدٌ بشيءٍ إلا شيءٌ لا يُعبأ به ، وفيما يلي بيان خلافهم :
1- قال قوم : هو راجع إلى الاسم الواقع قبل إِلاَّ، وهو ( بشيء ) والمراد : أنّ ( ما ) لا تعمل فيه ، فاستوت اللغتان في أنه في محل رفع ، وهؤلاء هم الذين اشترطوا في إعمال ( ما ) ألاّ يُبدل من خبرها بدل موجب .
2- وقال قوم : هو راجع إلى الاسم الواقع بعد إلا ، وهو ( شيء ) والمراد أنه يكون مرفوعاً سواء جُعلت ( ما ) حجازية (عاملة) أو تميمية (غير عاملة) وهؤلاء هم الذين لم يشترطوا في إعمال (ما) أَلاَّ يُبدل من خبرها بدل موجب .
ويُرَجِّح ابن عقيل القول الثاني في كونه هو المراد من قول سيبويه : " استوت اللغتان " .
س5- ما مراد الناظم من قوله : " وترتيبٍ زُكِن " ؟ وما معنى " زُكِن " ؟ وما مقتضى قوله هذا ؟
ج5- معنى زُكِن : عُلم . ومراده بهذا القول : أنْ يكون اسم ( ما ) مُقَدَّما، والخبر مُؤخَّرًا . ومقتضى قوله - كما ذكر ذلك ابن عقيل - : أنه متى تقدّم الخبر فإن (ما) لا تعمل شيئًا سواء كان الخبر ظرفاً، أو جارًّا ومجرورًا ، أو غير ذلك ؛ وبناء على ذلك فإن (ما) في قولك : ما في الدار زيدٌ ، وما عندك عمرٌو ( غير عاملة ) وشبه الجملة في كل مثال في محل رفع خبر للمبتدأ الذي بعدها . وذهب آخرون إلى أنها عاملة إذا كان الخبر المقدّم شبه جملة - كما ذكرنا ذلك سابقا في الشرط الثالث من شروط إعمالها - وحينئذ فإن الظرف ، والجار والمجرور في محل نصب خبر ( ما ) .
( م ) س6- أجاز بعض العلماء إعمال ( ما ) عند تكرارها خلافاً لمن أبطل عملها ، كيف يمكن توجيه القولين ؟(1/158)
ج6- إذا تكررت ( ما ) فالثانية لها ثلاثة احتمالات ، هي :
1- أن تكون نافية لنفي الأولى ، فيصير الكلام إثباتًا ؛ لأن نفي النفي إثبات ؛ ولذلك وجب إهمالهما جميعاً . وهذا هو توجيه من أبطل عملها .
2- أن تكون نافية مُؤَكِّدة لنفي الأولى ، وحينئذ يجوز إعمالها . وهذا هو توجيه من أجاز إعمالها ؛ فقد اعتبر الثانية مُؤَكِّدة لنفي الأولى ، لا نافية لها .
3- أن تكون زائدة ، وبذلك يجب إهمال الأولى عند من يُهمل ( ما ) إذا اقترنت بها ( إنْ ) الزائدة .
حكمُ الاسمِ المعطوفِ على خبرِ ( ما )
وَرَفْعَ مَعْطُوفٍ بِلَكِنْ أَوْ بِبَلْ مِنْ بَعْدِ مَنْصُوبٍ بِمَا الْزَمْ حَيْثُ حَلْ
س7- ما الحكم الإعرابي للاسم المعطوف على خبر ( ما ) ؟
ج7- إذا وقع بعد خبر ( ما ) حرف عطف ، فله حالتان :
1- أَنْ يكون حرف العطف مما يقتضي أَنْ يكون المعطوف موجباً ، أي مثبتاً ، نحو : لَكِنْ ، وبَلْ . فإذا قلتَ : ما زيد قائما لكنْ قاعدٌ ، فإنك نفيت القيام عن زيد ، وأثبتَّ له القعود . وهذا هو معنى أن يكون المعطوف موجباً.
ومثله قولك : ما زيد حاضراً بل محمدٌ ، فالمعطوف (محمد) ثبت له الحضور.
2- أن يكون حرف العطف غيرَ مُقْتَضٍ للإيجاب ، كالواو، والفاء ، ونحوهما فإنها لاتقتضي أن يكون المعطوف موجبا. فإذا وقع المعطوف بعد (لكن ، وبل) وجب رفعه على أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره ( هو)، نحو : ما زيدٌ قائمًا لكن قاعدٌ ، أو : بل قاعدٌ ، والتقدير : لكن هو قاعد ، وبل هو قاعدٌ .
ولا يجوز نصب (قاعد) عطفاً على خبر ( ما ) ؛ لأن ( ما ) لا تعمل في الموجب . وإذا وقع المعطوف بعد حرف عطف لايقتضي أن يكون المعطوف موجباً جاز النّصب والرفع ، والمختار النّصب، نحو: ما زيدٌ قائمًا ولا قاعدًا . ويجوز الرفع ؛ فتقول : ولا قاعدٌ على أنه خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير :
ولا هو قاعدٌ .
زيادةُ حرفِ الجرِّ ( الباء )
في خبر ليس ، وما ، ولا ، ولم أَكُنْ(1/159)
وَبَعْدَ مَا وَلَيْسَ جَرَّ الْبَا الْخَبَرْ وَبَعْدَ لاَ وَنَفْىِ كَانَ قَدْ يُجَرّْ
س8- اشرح مراد الناظم بالبيت السابق .
ج8- يريد أن حرف الجر ( الباء ) يزاد كثيرًا بعد ( ليس ، وما ) كما في قوله تعالى : * وقوله تعالى : * وقوله تعالى : * وقوله تعالى : * وقد تزاد ( الباء ) قليلاً في خبر ( لا ) النافية العاملة عمل ليس ، وفي خبر مضارع كان المنفية بـ ( لم ) وهذا هو معنى قوله :
" وبعد لا ونفي كان قد يُجَرّ " .
مثال زيادة ( الباء ) في خبر ( لا ) قول الشاعر :
فَكُنْ لِي شَفِيعًا يَوْمَ لاَ ذُو شَفَاعَةٍ بمُغْنٍ فَتِيلاً عَنْ سَوَادِ بنِ قَارِبِ
في هذا البيت أدخل الشاعر ( الباء ) الزائدة على خبر لا النافية ( بمغنٍ ) . ومثال زيادة ( الباء ) في خبر مضارع كان المنفي بـ ( لم ) قول الشاعر :
وَإِنْ مُدَّتِ الأَيْدِي إلى الزَّادِ لَمْ أَكُنْ بِأَعْجَلِهِمْ إذْ أَجْشَعُ القَوْمِ أَعْجَلُ
في هذا البيت أدخل الشاعر (الباء الزائدة على خبر لم أكن ( بأعجلهم ) .
س9- هل زيادة حرف الجر ( الباء ) خاصّة بـ ( ما ) الحجازية ؟
ج9- لا تختص زيادة (الباء) بما الحجازية، خلافا لمن قال ذلك، بل تُزاد بعد الحجازية وبعد التميميّة. وقد نَقَلَ سيبويه , والفَرَّاء زيادة ( الباء ) بعد ( ما ) عن بني تميم ، كما في قول الفرزدق وهو تميمي :
لَعَمْرُك مَا مَعْنٌ بِتَارِكِ حَقِّهِ ولا مُنْسِىءٌ مَعْنٌ ولا مُتَيَسِّرُ
و قد اضطرب رأيُ الفارِسيُّ ، فَمَرَّة قال : لا تُزاد الباء إلا بعد الحجازية ، ومّرة قال : تُزاد في الخبر المنفي مطلقاً .
شروطُ إعمالِ
( لاَ ، و لاَتَ ، و إِنْ )
فِى النَّكِرَاتِ أُُعْمِلَتْ كَلَيْسَ لاَ وَقَدْ تَلِى لاَتَ وَإِنْ ذَا الْعَمَلاَ
وَمَا لِلاَتَ فِى سِوَى حِينٍ عَمَلْ وَحَذْفُ ذِى الرَّفْعِ فَشَا وَالْعَكْسُ قَلّ
س10- في أيَّ لُغة تعمل ( لا ) عمل ليس ؟ وما شروط إعمالها ؟(1/160)
ج10- تعمل (لا) عمل ليس في لغة أهل الحجاز ؛ يقولون: لا معروفٌ ضائعًا. وهي غير عاملة ( مُهملة ) في لغة بني تميم . وأمَّا شروط إعمالها ، فهي :
1- أن يكون الاسم والخبر نكرتين ، نحو : لا رجلٌ أَفْضَلَ منك .
زعم بعضهم أنها قد تعمل في المعرفة ، واستشهد بقول الشاعر :
وَحَلَّتْ سَوَادَ القَلْبِ لاَ أنَا بَاغِياً سِوَاهَا وَلاَعَنْ حُبِّهَا مُتَرَاخِيَا
فقد أَعْمل الشاعر ( لا ) عمل ليس فنصب الخبر (باغيا) مع أن اسمها معرفة ، وهو ( أنا ) وهذا شاذّ . وتأوَّل النحاة هذا البيت بتأويلات كثيرة ، منها : أنهم جعلوا ( أنا ) نائب فاعل لفعل محذوف، وباغياً : حال ، أو مفعول ثان ، والتقدير : لا أرى باغياً ، وقيل : إنّ القياس عليه سائغ .
2- أَلاَّ يتقدّم خبرها على اسمها ؛ فلا تَقُلْ : لا قائمًا رجلٌ .
3- أَلاَّ يَنْتَقِضَ النَّفيُ بـ ( إلاّ َ) فلا يصحُّ نصب الخبر في قولك : لا رجلٌ إِلاَّ أفضلَ من زيدٍ ، بل يجبُ رفعه .
4- أَلاَّ تكون لنفي الجنس نصًّا . فإن كانت لنفي الجنس نصًّا عَمِلتْ عَمَلَ إنَّ، نحو : لارجلَ في الدار .
5- أَلاّ يتقدم معمول الخبر على اسمها . فإنْ تقدَّم أُهْمِلَتْ ، نحو : لا عندك رجلٌ مقيمٌ ولا امرأةٌ . فعندك : معمول للخبر ( مقيم ) وقد تقدم المعمول على اسم لا ( رجل ) ولذلك لم تعمل ( لا ) عمل ليس ، ووجب تكرارها .
وفي إهمال إعمال ( لا ) إذا كان معمول الخبر شبه جملة ، وتقدَّمَ على الاسم
-كما في المثال السابق - خلاف ، فأجاز بعضهم إعمالها إذا كان المتقدّم شبه جملة ؛ يقولون : لا عندك رجلٌ مقيمًا .
س11- قال الشاعر :
تَعَزَّ فَلاَ شَيءٌ عَلَى الأَرضِ باقِيًا وَلا وَزَرٌ مِمَّا قَضَى اللهُ وَاقِيََا
وقال الآخر :
نَصَرْتُكَ إذْ لا صَاحِبٌ غَيْرَ خَاذِلٍ فَبُوِّئْتَ حِصْنًا بِالْكُمَاةِ حَصِينَا
عيّن الشاهد في البيتين السابقين ، وما وجه الاستشهاد فيهما ؟(1/161)
ج11- الشاهد في البيت الأول : لاشيءٌ باقياً ، ولا وَزَرٌ واِقيًا .
وجه الاستشهاد : أعمل الشاعر ( لا ) عمل ليس فرفع الاسم ونصب الخبر ، واسمها وخبرها نكرتان .
الشاهد في البيت الثاني : لا صاحبٌ غيرَ خَاذِلٍ .
وجه الاستشهاد : أعمل الشاعر ( لا ) عمل ليس فرفع الاسم ونصب الخبر ، واسمها وخبرها نكرتان .
( م ) وهذان الشاهدان رَدٌّ على الأخفش الذي ذهب إلى أنّ ( لا ) ليس لها عملٌ أصلاً ، وأنَّ ما بعدها مبتدأ وخبر . وردٌّ كذلك على الزَّجَّاج الذي ذهب إلى أنّ ( لا ) تعمل في الاسم ولا تعمل في الخبر ، والخبر بعدها لا يكون مذكورًا . ( م )
س12- اذكر خلاف العلماء في إعمال ( إنْ ) عمل ليس ، وهل يُشترط في اسمها وخبرها أن يكونا نكرتين ؟
ج12- مذهب أكثر البصريين , والفَرَّاء : أنّ ( إنْ ) لا تعملُ شيئاً .
ومذهب الكوفيين - خلا الفرَّاء - : أنها تعمل عمل ليس ، وقال بذلك من البصريين أبو العباس المبرِّد، وأبوبكر ابن السَّرَّاج ، وأبو علي الفارسي ، وأبو الفَتْح ابن جِنِّى ، واختاره المصنِّف , وزعم أنّ سيبويه أشار إلى ذلك . وذكر ابن جِني في – الْمُحتَسَبِ - أنّ سعيدَ بنَ جُبَيْر رضي الله عنه قرأ قوله تعالى : * بتخفيف إنَّ (إنِ الذين) وبنصب ( عبادًا ) .
ولا يشترط في اسمها وخبرها أن يكونا نكرتين ، بل تعمل في النكرة ، والمعرفة ؛ فتقول : إنْ رجلٌ قائماً ، وإنْ زيدٌ قائماً ، وإنْ زيدٌ القائمَ .
س13- قال الشاعر :
إِنِ الْمَرْءُ مَيْتًا بِانْقِضَاءِ حَيَاتِهِ وَلَكِنْ بِأَنْ يُبْغَى عَلَيْه فَيُخْذَلاَ
وقال الآخر :
إنْ هُوَ مُسْتَوْلِيًا عَلَى أَحَدٍ إِلاَّ عَلَى أَضعَفِ الْمَجَانِينِ
عيّن الشاهد في البيتين السابقين , وما وجه الاستشهاد فيهما ؟
ج13- الشاهد في البيت الأول : إن المرءُ ميتًا .(1/162)
وجه الاستشهاد : أعمل الشاعر ( إنْ ) عمل ليس فنصب الخبر ( ميتًا ) ورفع الاسم المعرفة ( المرء ) وهذا يدل على إعمالها ، وأنها لا تختصّ بالنكرات .
الشاهد في البيت الثاني : إِنْ هو مستوليًا .
وجه الاستشهاد : أعمل الشاعر ( إِنْ ) عمل ليس فنصب الخبر ( مستولياً ) ورفع الاسم الضمير ( هو ) وهذا يدل على إعمالها ، وأنها لا تختص بالنكرات . وهذان الشاهدان ردّ على الفرّاء , وأكثر البصريين الذين ذهبوا إلى أنّ ( إنْ ) لا تعمل شيئًا .
س14- ما أصل ( لات ) ؟
ج14- أصلها : لا النافية زِيدت عليها تاء التأنيث مفتوحةً .
س15- اذكر الخلاف في إعمال لات عمل ليس .
ج15- مذهب الجمهور : أنها تعمل عمل ليس ، كما في قوله تعالى :
* .
ومذهب الأخفش : أنها لا تعمل شيئًا، فإن وُجِد الاسم بعدها منصوبًا - كما في الآية السابقة - فنَاصبه فِعل مُضمر ، والتقدير : " لاَتَ أَرَى حِينَ مَنَاصٍ "
وإن وُجد مرفوعاً فهو مبتدأ والخبر محذوف ، والتقدير : " لاتَ حينُ مناصٍ كائِنٌ لهم " .
س16- ما شروط إعمالها ؟ وبم تختص عن غيرها ؟
ج16- يُشترط لعملها الشروط الخاصَّة بعمل ( ما ) ما عدا الشرط الأول ، وهو : أَلاَّ يقع بعدها إن الزائدة ؛ لأنَّ ( إنْ ) الزائدة لا تقع بعد ( لات ) ، وتختص زيادة على ذلك بما يلي :
1- أن يكون اسمها وخبرها دالَّين على الزمان ، نحو كلمة (حِين) قال تعالى: * . وقيل لا تعمل إلا في لفظ ( الحين ) وإلى ذلك أشار الناظم بقوله : " وما لِلاَت في سوى حين عَمَل" وقد وافق بذلك سيبويه فيما ذَكره من أنّ ( لات ) لا تعمل إلا في الحين . واختُلف في المراد بذلك ، فقال قوم : المراد أنها لا تعمل إلا في لفظ الحين ، ولا تعمل فيما رَادَفه ،كالساعة ، والوقت ، والزمان ، وغيرها . وقال آخرون ، منهم الفراء : المراد أنها لا تعمل إلا في أسماء الزمان فتعمل في لفظ الحين ، وفيما رادفه من أسماء الزّمان .(1/163)
2- ألاَّ يُذكر اسمها وخبرها مَعًا ، فيحذف أحدهما ، والكثير حذف اسمها وبقاء خبرها ، كما في الآية السابقة ، والتقدير : لات الحينُ حينَ مناصٍ .
وقد قُرِئ شُذوذاً قوله تعالى : * برفع (حين) على أنه اسم لات ، والخبر محذوف ، والتقدير : ولات حينُ مناصٍ كائنًا لهم . وهذا هو المراد بقول الناظم : " وحَذْفُ ذِي الرَّفع فشا والعكس قلّ " ( أي : يكثرُ جداً حذف الاسم ، ويقلُّ جداً حذف الخبر ) .
س17- قال الشاعر :
نَدِم الْبُغَاةُ وَلاَتَ سَاعَةَ مَنْدَمٍ وَالْبَغْيُ مَرْتَعُ مُبْتَغِيهِ وَخِيمُ
عيّن الشاهد في البيت السابق ، وما وجه الاستشهاد فيه ؟
ج17- الشاهد فيه : ولات ساعةَ مندم .
وجه الاستشهاد: أعمل الشاعر ( لات ) عمل ليس فحذف الاسم ونصب الخبر ( ساعة ) مع أنَّ الخبر ليس لفظ الحين وإنما هو بمعناه . وهذا هو مذهب الفرّاء في أنّ ( لات ) لا يختصُّ عملها بلفظ الحين .
---
أفعالُ الْمُقَارَبَةِ
كَادَ , وأخواتُها
عملها ، ونوع خبرها
كَكَانَ كَادَ وَعَسَى لَكِنْ نَدَرْ غَيْرُ مُضَارِعٍ لِهَذَيْنِ خَبَرْ
س1- هل ثَمَّة خلاف في فعلية كاد , وأخواتها ؟
ج1- لا خلاف في فعلية كاد, وأخواتها إلا عسى ، ففيها ثلاثة أقوال للنحاة :
1- أنها فعل ، بدليل اتصال تاء الفاعل بها ، نحو : عسيتُِ ، وكذلك اتصال تاء التأنيث الساكنة بها ، نحو : عَسَتْ فاطمةُ أن تنجح .
وهذا قول البصريين ، ورجَّحه المتأخِّرون .
2- أنها حرف تَرَجٍّ سواء اتّصل بها ضمير رفع ، أو نصب ، أم لم يتصل بها أحدهما . وهذا قول جمهور الكوفيين ، ومنهم ثعلب ، وتبعهم على ذلك ابن السَّرَّاج .
3- أنها حرف تَرَجٍّ إذا اتصل بها ضمير نصب , كما في قول الشاعر :
فَقُلْتُ عَسَاهَا نارُ كَأْسٍ وَعَلَّهَا تَشَكَّى فَآتِي نَحْوَهَا فَأَعُودُهَا
فإذا لم يتصل بها ضمير نصب فهي فعل . وهذا قول سيبويه .
س2- اذكر أقسام كاد , وأخواتها باعتبار معناها .(1/164)
ج2- تنقسم بهذا الاعتبار إلى ثلاثة أقسام ، هي :
1- أفعال المقاربة ، وهي : كَادَ ، و كَرَبَ ، وأَوْشَكَ ، نحو : كادَ الطفلُ يَسْقُطُ ؛ وسُميت بذلك ؛ لأنها تدل على قرب حدوث الخبر .
2- أفعال الرَّجاء ، وهي : عَسَى ، وحَرَى ، واخْلَوْلَقَ ، نحو : عسى الطالبُ أن ينجحَ؛ وسُميت بذلك ؛ لأنها تدل على رجاءِ حصول الخبر ، وتوقُّعِه .
3- أفعال الإنشاء (الشُّرُوع) وهي : جَعَلَ ، وطَفِقَ ، وأَخَذَ ، وعَلِقَ ، وأَنْشَأَ ، نحو : جَعَلَ المدرسُ يشرحُ الدرس ؛ وسُميت بذلك ؛ لأنها تدل على الابتداء في حدوث الخبر .
وتَسْمِيَتُها جميعاً أفعال المقاربة من باب تسمية الكل باسم البعض .
س3- ما عمل هذه الأفعال ؟ وما نوع خبرها ؟
ج3- هذه الأفعال تعمل عمل كان ، فترفع المبتدأ ويُسمى اسمها ، وتنصب الخبر ويُسمى خبرها، ولكنّ خبرها لا يكون إلا فعلاً مضارعًا ، نحو : كادَ زيدٌ يقومُ ، وعسى زيدٌ أن يقومَ . فيقوم : فعل مضارع في محل نصب خبر كاد، وأن يقومَ : في محل نصب خبر عسى .
س4- قال الشاعر :
أَكْثَرْتَ في العَذْلِ مُلِحّاً دَائِمًا لا تُكْثِرَنْ إنِّي عَسَيْتُ صَائِمًا
وقال الآخر :
فَأُبْتُ إِلَى فَهْمٍ وَمَا كِدْتُ آئِبًا وَكَمْ مِثْلِهَا فَارَقْتُهَا وَهْيَ تَصْفِرُ
عيِّن الشاهد في البيتين السابقين ، وما وجه الاستشهاد فيهما ؟
ج4- الشاهد في البيت الأول : عسيت صائماً .
وجه الاستشهاد : أعمل الشاعر (عسى) عمل كان فرفع الاسم , ونصب الخبر ، وجاء بخبرها ( صائماً ) اسمًا مفردًا ، وهذا نادرٌ ؛ لأنّ الأصل أن يكون خبر عسى فعلاً مضارعًا .
ويجوز أن يكون (صائماً) خبرًا لكان محذوفة مع اسمها ، وتكون بذلك عسى تامّة تكتفي بمرفوعها .
الشاهد في البيت الثاني : وما كدت آئبا .(1/165)
وجه الاستشهاد : أعمل الشاعر (كاد) عمل كان فرفع الاسم , ونصب الخبر ، وجاء بخبرها ( آئباً ) اسماً مفردًا ، وهذا نادرٌ ؛ لأن الأصل أن يكون خبر كاد فعلا مضارعًا . وزعم بعض النحاة أن الرواية الصحيحة لهذا البيت ، هي : وما كنتُ آئبًا .
اقترانُ خبرِ عسى , وكاد
بـ ( أَنْ ) المصدريّة
وَكَوْنُهُ بِدُونِ أَنْ بَعْدَ عَسَى نَزْرٌ وَكَادَ الأَمْرُ فِيهِ عُكِسَا
س5- ما حكم اقتران خبر عسى , وكاد بأنْ المصدرية ؟ وما مذاهب العلماء في ذلك ؟
ج5- يقترن خبر عسى بأنْ كثيرًا ، وتجريده مِنْها قليلٌ ، كما في قول الشاعر :
عَسَى الْكَرْبُ الَّذِي أَمْسَيْتَ فِيهِ يَكُونُ وَرَاءَهُ فَرَجٌ قَرِيبُ
وقول الآخر: عَسَى فَرَجٌ يَأْتِي بِهِ اللهُ إِنَّهُ لَهُ كُلَّ يومٍ فِى خَلِيقَتِهِ أَمْرُ
فقد أورد الشَّاعران خبر عسى (يكون) و (يأتي) مجردًا من أَنْ ، وهذا لا يقع إلا في الشعر على مذهب جمهور البصريين ، ولم يَرِدْ خبر عسى في القرآن إلا مقترنًا بأنْ، قال تعالى:* ،وقال تعالى:* .
وأما كاد فذكر الناظم أنها عكس (عسى) فالكثير في خبرها أن يتجرد من أنْ ، ويقلُّ اقترانه بها ، فمن اقترانها بالخبر قوله - صلى الله عليه وسلم - : "ما كِدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ العَصْرَ حَتَّى كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغْرُبَ " وهذا بخلاف ما نصَّ عليه الأَنْدَلُسِيُّون من أنَّ اقتران خبرها بأنْ مخصوص بالشعر ، كما في قول الشاعر :
كَادَتِ النَّفسُ أَنْ تَفِيضَ عَلَيْهِ إذْ غَدَا حَشْوَ رَيْطَةٍ وبُرُودِ
ولم يَرِدْ خبر كاد في القرآن إلا مجردًا من أَنْ ، قال تعالى : * وقال تعالى : * .
مَعْنَى حَرَى
وحكم اقتران خبر حَرَى , واخلولق , وأوشك بأَنْ
وَكَعَسَى حَرَى وَلَكِنْ جُعِلاَ خَبَرُهَا حَتْمًا بِأَنْ مُتَّصِلاَ
وَأَلْزَمُوا اخْلَوْلَقَ أَنْ مِثْلَ حَرَى وَبَعْدَ أَوْشَكَ انْتِفَا أَنْ نَزُرَا(1/166)
س6- ما حكم اقتران خبر حَرَى , واخلولق, وأوشك بأنْ ؟ وما مراد الناظم بقوله : " وَكَعَسَى حَرَى " ؟
ج6- مرادهُ : أنّ حَرَى مثل عسى في الدلالة على الرَّجاء . وأما حكم اقتران خبر حرى بأَنْ فواجب ،نحو:حَرَى زيدٌ أن يقومَ ،ولم يُجَرَّدْ خبرها من أَنْ ،لا في الشِّعر ,ولا في غيره . وكذلك اخلولقَ يجب اقتران خبرها بأن ،نحو: اخْلَوْلَقَتِ السَّماءُ أن تُمْطِرَ ،وأمَّا أوشك فالكثير اقتران خبرها بأنْ ،كما في قول الشاعر :
وَلَوْ سُئِل النَّاسُ التُّرَابَ لأَوْشَكُوا إذا قِيلَ هَاتُوا أَنْ يَمَلُّوا ويَمْنَعُوا
ويَقِلُّ حذف خبرها مِن أنْ ، كما في قول الشاعر :
يُوشِكُ مَنْ فَرَّ مِنْ مَنِيَّتِهِ فِى بَعْضِ غِرَّاتِهِ يُوَافِقُهَا
في هذا البيت أتَى الشاعر بخبر يوشك ( يوافقُها ) مُجَرَّدًا من أنْ ، وهذا قليل .
حكمُ اقترانِ خبرِ كَرَبَ ، وأفعالِ الشُّروعِ بأنْ
وَمِثْلُ كَادَ فِى الأَصَحِّ كَرَبَا وَتَرْكُ أَنْ مَعْ ذِى الشُّروُعِ وَجَبَا
كَأَنْشَأَ السَّائِقُ يَحْدُو وَطَفِقْ كَذَا جَعَلْتُ وَأَخَذْتُ وَعَلِقْ
س7- ما حكم اقتران خبر كَرَبَ ، وأفعال الشُّروع بأَنْ ؟
ج7- ذكر الناظم أنّ كَرَبَ مثل كاد - على الأَصَحّ - يَقِلُّ اقتران خبرها بأَنْ ، ويكثر تجريده منها . فمثال التجريد قول الشاعر :
كَرَبَ الْقَلْبُ مِنْ جَوَاهُ يَذُوبُ ... حِينَ قَالَ الْوُشَاةُ هِندٌ غَضُوبُ
فقد أتى الشاعر بخبر كَرَبَ ( يذوب ) مجردًا من أَنْ ، وهذا هو الكثير ، ولم يذكر سيبويه في خبر ( كرب ) إلا تجرّده مِن أَنْ .
ومثال اقتران خبر كَرَبَ بأنْ قول الشاعر :
سَقَاهَا ذَوُو الأَحْلاَمِ سَجْلاً عَلَى الظَّمَا وَقَدْ كَرَبَتْ أَعْنَاقُهَا أَنْ تَقَطَّعَا
فقد أتى الشاعر بخبر كرب ( أنْ تقطعا ) مقترناً بأنْ ، وهذا قليل . وهذا البيت رَدٌّ على سيبويه ؛ لأنه لم يَحْكِ في خبر كرب إلا التَّجَرُّد .(1/167)
وأمَّا أفعال الشروع فلا يجوز اقتران خبرها بأَنْ ، نحو : أنْشَأَ السَّائِقُ يَحْدُو، وطَفِقَ زيدٌ يدعو ، وجَعَلَ يتكلَّمُ ، وأَخَذَ يَنْظِمُ ، وَعَلِقَ يأكلُ . فالخبر في كل هذه الأمثلة لا يقترن بأنْ ؛ لأنّ المقصود به الحال ، وأنْ للاستقبال ففي الْجَمْعِ بينهما مُنافاة ، وتناقُض .
س8- ما المشهور في كرَب فتح الرَّاء ، أو كسرها ؟
ج8- المشهور في كرَب فتح الرّاء ، ونُقِل كَسْرُها أيضًا ( كَرِبَ ) .
تَصَرُّف كادَ ، وأخواتِها
وَاسْتَعْمَلُوا مُضَارِعًا ِلأَوْشَكَا وَكَادَ لاَ غَيْرُ وَزَادُوا مُوْشِكَا
س9- ما الذي يتصرف من كاد , وأخواتها ؟ واذكر أقوال العلماء في هذه المسألة .
ج9- هذه الأفعال لا تتصرف إلا كاد ، وأوشك - وهذا هو مفهوم كلام الناظم - وحكى غيره خلاف ذلك، فحكى صاحب الإنْصَاف ( الأَنْبَاري ) استعمال المضارع ، واسم الفاعل من ( عسى ) قال: عَسَى، يَعْسِي فهو عَاسٍ . وحكى الجوهري مُضارع (طَفِقَ) وحكى الكسائي مضارع (جَعَلَ) . أمَّا كاد ، وأوشك فقد اسْتُعْمِلَ منهما المضارع ، قال تعالى: * ،
وكما في قول الشاعر :
يُوشِكُ مَنْ فَرَّ مِنْ مَنِيَّتِهِ فِى بَعْضِ غِرَّاتِهِ يُوَافِقُهَا
وزعم الأصمعي أنه لم يُستعمل يوشك إلا بلفظ المضارع ولم يُستعمل بلفظ الماضي ، وزعمه ليس بِسَدِيد ، بل قد حكى الخليلُ استعمال الماضي ، وقد ورد ذلك في الشعر ، كقول الشاعر :
وَلَوْ سُئِلَ النَّاسُ التَّرابَ لأَوْشَكُوا إِذَا قِيلَ هَاتُوا أنْ يَمَلُّوا ويَمْنَعُوا
والكثير استعمال (أوشك) بلفظ المضارع وقلّ استعمال الماضي، وقد ورد أيضاً استعمال اسم الفاعل من أوشك ، كقول الشاعر :
فَمُوشِكَةٌ أَرْضُنَا أنْ تَعُودَ خِلاَفَ الأَنِيسِ وُحُوشًا يَبَابَا
وقد ورد استعمال اسم الفاعل من كاد ، كما في قول الشاعر :
أَمُوتُ أَسًى يَوْمَ الرِّجَامِ وَإنَّنِى يَقِينًا لَرَهْنٌ بِالَّذِي أَنَا كَائِدُ(1/168)
استعمالُ عسى ، واخلولقَ ، وأوشكَ
ناقصةً ، وتامَّةً
بَعْدَ عَسَى اخْلَوْلَقَ أَوْشَكَ قَدْ يَرِدْ ... غِنًى بِأَنْ يَفْعَلَ عَنْ ثَانٍ فُقِدْ
س10- ما الذي يختصُّ من هذه الأفعال باستعماله ناقصًا , وتامًّا ؟ وكيف نُمَيِّزُ الفعل النّاقص من التّام ؟
ج10- اخْتُصَّتْ عسى , واخلولق , وأوشك بأنها تُستعمل ناقصة , وتامَّة دون أخواتها التي لا تستعمل إلا ناقصة .
والأفعال الناقصة : هي التي تحتاج إلى اسم وخبر لإتمام المعنى ، نحو : عسى زيدٌ أن يقوم ، واخلولقَ عمرٌو أن يأتي , وأوشك علىٌّ أن يسافرَ .
وأما التَّامّة : فهي التي يَلِيَها ( أنْ والفعل ) مباشرة فيكون المصدر المؤول في محل رفع فاعل لها فتكتفي به في إتمام المعنى , ولا تحتاج إلى خبر ، نحو : عسى أن يقوم ، واخلولقَ أن يأتِي ، وأوشك أن يسافر .
فكلٌّ مِنْ ( أن يقومَ ، وأن يأتيَ ، وأن يُسافر ) في محل رفع فاعل .
س11- وضِّح خلاف العلماء في نحو : عسى أَنْ يقومَ زيدٌ .
ج11- سَبَقَ أنْ ذَكَرْنَا أنَّ عسى , وأوشك ,واخلولق تكون تامّة إذا وقع بعدها مباشرة المصدر المؤول ( أَنْ والفعل ) فيكون فاعلاً لها ، واخْتُلِفَ في حالة وقوع
اسم ظاهر بعد أنْ والفعل ، كما في مثال السؤال : عسى أن يقومَ زيدٌ ، على النحو الآتي :
1- ذهب الشَّلَوْبين : إلى أنّه يجب أن يكون الاسم الظاهر (زيدٌ) مرفوعًا بالفعل الذي بعد أنْ ، وهو ( يقوم ) على أنه فاعل له . فزيدٌ : فاعل ليقوم، والمصدر المؤول (أنْ يقوم) في محل رفع فاعل لِعَسى ، فتكون عسى تامّة استغنت عن الخبر ، وعلى ذلك فلا يُؤتى بضمير في الفعل إذا كان الفاعل مثنًى ، أو جمعًا ؛ فتقول : عسى أن يقومَ الزيدانِ ، وأوشك أن يقوم الزّيدون ؛ لأن الفعل رفع الاسم الظاهر الذي بعده .(1/169)
2- ذهب المبَرِّدُ، والسِّيرَافِيُّ، والفَارسيُّ : إلى جواز أن تكون عسى تامة ، كما قال الشلوبين ، وجواز وجه آخر ، وهو : أن يكون الاسم الظاهر الذي بعد أَنْ والفعل مرفوعًا على أنه اسمٌ لعسى مؤخر ، والمصدر المؤول في محل نصب خبر لِعَسَى مقدّم ، وفاعل الفعل (يقوم) ضمير يعود على الاسم الظاهر ، وجاز عَوْدُه عليه - وإنْ تأخَّر لفظاً - لأنه مُقَدَّمٌ في الرتبة ، وعسى في مثل هذه الحالة تكون ناقصة ، وعلى هذا الرأي يُؤْتَى بضمير في الفعل الذي بعد أَنْ ؛ لأن الاسم الظاهر الذي بعده ليس فاعله ، بل هو اسم عسى ؛ فتقول : عسى أَنْ يقوما الزيدان ، وأوشك أَنْ يقوموا الزّيدون ، واخلولق أَنْ يَقُمْنَ الهنداتُ . وإلحاق الضمير بالفعل في التثنية ، والجمع ، والتأنيث ، وعدم إلحاقه به هو فائدة الخلاف في هذه المسألة .
جوازُ الإضمارِ في عسى
وَجَرِّدَنْ عَسَى أَوِ ارْفَعْ مُضْمَرَا بِهَا إِذَا اسْمٌ قَبْلَهَا قَدْ ذُكِرَا
س12- بم اخْتَصَّت عسى من بين سائر أخواتها ؟
ج12- اختصت عسى من بين سائر أخواتها بأنها إذا تقدّم عليها اسم جاز
- على لغة بني تميم - أَنْ يُضْمَر فيها ضمير يعود على الاسم المتقدِّم ، نحو : زيدٌ عسى أن يقومَ . فاسم عسى : ضمير مستتر يعود على زيد ، والمصدر المؤول في محل نصب خبر عسى . ويظهر الضمير في التثنية , والجمع ؛ تقول : الزيدانِ عَسَيَا أن يقوما ، والزيدون عَسَوْا أَنْ يقوموا ، والهِنْدانِ عَسَتَا أن تقوما ، والهنداتُ عَسَيْنَ أن يَقُمْنَ . وتظهر علامة التأنيث ، نحو: هِنْدٌ عَسَتْ أن تقوم . وهي على هذه اللغة ناقصة .(1/170)
وأما الحجازيون فيُجَرِّدونها عن الضمير ، وهي على لغتهم تَامَّة ؛ إذ لا ضمير في عسى عندهم ، والمصدر المؤول في محل رفع فاعل عسى ، وعلى لغتهم لا يُؤْتَى بضمير في التثنية , والجمع ؛ يقولون : الزيدان عسى أن يقوما ، والزيدون عسى أن يقوموا , والهندان عسى أن تقوما ، والهندات عسى أن يَقُمْنَ .
ولا تظهر علامة التأنيث ؛ تقول : هندٌ عسى أن تقوم . ومنه قوله تعالى:
* .
فعسى في هذا السِّياق مُطَابقة للغة أهل الحجاز ؛ لِتَجَرُّدها من ضمير الجماعة
( القوم ) في الأولى ، وتجرّدها من ضمير النِّسْوة في الثانية .
والاسم المتقدم في كلا اللغتين مبتدأ خبره جملة عسى .
هذا ما تختصُّ به عسى ، وأما غيرها من أفعال هذا الباب فيجب الإضمار فيها ؛ فتقول: الزيدان جعلا يَنْظِمانِ ، والزيدون طَفِقُوا يأكلون . ولايجوز ترك الإضمار ؛ فلا يُقال : الزيدان جَعَل ينظمان ، والزيدون طَفِقَ يأكلون .
فَتْحُ سينِ عسى , وكَسْرُها
وَالْفَتْحَ وَالْكَسْرَ أَجِزْ فِى السِّينِ مِنْ نَحْوِ عَسَيْتُ وَانْتِقَا الْفَتْحِ زُكِنْ
س13- متى يجوز فتح سين عسى , وكسرها ؟ وما المشهور في ذلك ؟
ج13- يجوز فتح سين عسى , وكسرها إذا اتصل بِعَسَى ضمير رَفْع لِمُتَكَلِّم ، نحو : عَسَِيتُ ؛ أو لمخاطب ، نحو : عَسَِيتَ ، وعَسَِيتِ ، وعَسَِيتُما ، وعَسَِيتُم ، وعَسَِيتُنّ ؛ أو لغائباتٍ ، نحو : عَسَِينَ . والفتح في ذلك كلِّه أشهر. وقرأ نافع قوله تعالى: * بكسر السين (عَسِيتم) وقرأ الباقون بفتحها .
---
إِنَّ ، وأخواتُها
... ... ... ... عملُها
لإِنَّ أَنَّ لَيْتَ لَكِنَّ لَعَلّ كَأَنَّ عَكْسُ مَا لِكَانَ مِنْ عَمَلْ
كَإِنَّ زَيْدًا عَالِمٌ بِأَنِّى كُفْءٌ وَلَكِنَّ ابْنَهُ ذُو ضِغْنِ
س1- ما نوع إنّ وأخواتها ؟ وما عملها ؟ وما العامل في خبرها ؟
ج1- إن وأخواتها أحرف ناسخة تنصب المبتدأ ويُسمى اسمها ، وترفع الخبر(1/171)
و يُسمى خبرها ، نحو : إِنَّ زيدًا عالمٌ ، ونحو : عَلِمَ زيدٌ أَنِّي كُفْءٌ ، ولَكِنَّ ابنَه ذوضِغْنٍ ، ونحو : ليت زيدًا عالمٌ ، و: كَأَنَّ زيدًا أسدٌ ، و: لَعَلَّ عَمرًا قادمٌ . وهي عاملة في المبتدأ والخبر عند البصريين ، أمّا الكوفيون فهي عاملة عندهم في المبتدأ ولا عمل لها في الخبر ، وإنما هو باقٍ على رفعه الذي كان قبل دخول إنّ، و أخواتها .
( م ) وحكى جماعة من العلماء أنّ قومًا من العرب ينصبون بإنَّ وأخواتها الاسم، والخبر جميعاً - ونُسب ذلك إلى بني تميم - ,واستشهدوا بقول الشاعر :
إذا اسْوَدَّ جُنْحُ اللَّيلِ فَلْتَأْتِ وَلْتَكُنْ ... خُطَاكَ خِفَافاً إِنَّ حُرَّاسَنَا أُسْداً
وجمهور النّحاة لا يُسَلِّمون بذلك ، وعندهم أنّ المنصوب الثاني ( أسداً ) منصوب بعامل محذوف ، وذلك العامل المحذوف هو خبر إنّ ، والتقدير : إنّ حُرّاسَنا يُشْبِهون أُسداً . ( م )
س2- لم عَدَّ سيبويه إنَّ وأخواتها خمسة ؟ وما معاني هذه الأحرف الستة ؟
ج2- عَدّها سيبويه خمسة فَأَسْقَطَ أَنّ المفتوحة ؛ لأنّ أصلها إِنّ المكسورة .
وأما معانيها فهي كما يلي :
1- معنى إِنَّ : التَّوْكِيدُ 2- معنى أَنَّ : التَّوْكِيدُ .
3- معنى كَأَنَّ : التَّشْبِيهُ 4- معنى لَكِنَّ : الاسْتِدْرَاكُ .
5- معنى لَيْتَ : التَّمَنِّي 6- معنى لَعَلَّ : التَّرَجِّي ، والإشْفَاقُ .
س3- ما الفرق بين التَّرَجِّي , والتَّمَنِّي ؟ وما الفرق بين التَّرَجِّي, والإشْفَاقِ ؟
ج3- الفرق بين الترجي , والتّمَني : أنَّ التّرجي لا يكون إلا في الممكن حصوله ، نحو : لعلَّ اللهَ يغفرُ لنا . ولا يصحُّ نحو : لعلَّ الشبابَ يعودُ ؛ لأنه هنا لغير الممكن حصوله ، وأمّا التّمني فيكون في الْمُمْكِن حصوله ، نحو : ليت زيدًا قائمٌ ، ونحو : ليت لي سَيَّارةً جديدةً ، ويكون في غير الممكن ، نحو : ليت الشبابَ يعودُ ، وكما في قوله تعالى : * .(1/172)
والفرق بين التّرجي , والإشفاق : أنَّ التَّرَجي يكون في الأمر المحبوب ، نحو : لعلَّ الله يرحمُنا ، أمّا الإشفاق فيكون في المكروه ، نحو : لعلَّ العَدُوَّ يقدُمُ ،
ولعلَّ الطفلُ يسقطُ من السرير .
( م ) س4- ما المواضع التي يمتنع دخول إنّ وأخواتها عليها ؟
ج4- يمتنع دخول إنّ وأخواتها على ما يلي :
1- الجملة التي يجب فيها حذف المبتدأ ، نحو : عرفتُ زيدًا العالِمُ . فالعالم خبر لمبتدأ محذوف وجوبا , تقديره ( هو ) فلا يجوز دخول إنّ وأخواتها على هذه الجملة وغيرها مِمَّا يجب فيها حذف المبتدأ .
2- المبتدأ الملازم للابتداء ولا يخرج عن كونه مبتدأ ، نحو : ما التعجبيّة ، وكلمة (طُوْبَى) وأشباهها، في مثل قولك : طُوبَى للمجاهد في سبيل الله ؛ فإنها لا تكون إلا مبتدأ .
3- المبتدأ الذي تجب له الصدارة ، كأسماء الاستفهام , والشرط . ويُسْتَثْنى ضمير الشَّأن فإنه مما يجب تصديره وقد دخلت عليه إنّ ، كما في قول الشاعر :
إنَّ مَنْ يَدْخُلِ الْكَنِيسَةَ يَوْمًا يَلْقَ فيها جَآذِرًا وَظِبَاءَ
فاسم إنّ : ضمير الشأن محذوف وقد دخلت عليه إنّ . وحُمِل على ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : " إنَّ مِنْ أَشَدِّ النّاسِ عَذَابًا يومَ القِيامَةِ المصَوِّرُون " فاسم إنّ في هذا الحديث ضمير الشأن محذوف ، والتقدير : إنَّه .
4- الجملة التي يكون الخبر فيها طَلَبِيًّا ، كالأمر، والنَّهي ، والاستفهام ... إلخ ، أو يكون الخبر فيها إنشائيًا (غير طلبي) كجملة القَسَم ، وعَسَى ، وُربَّ ، وكم الخبرية ، والمدْحُ والذَّم ، والصَّيَغ التي يُرَاد إيقاعها ,وإقرارُها مثل قولك: بِعْتُ , أو وَهَبْتُ , أو أعطيتُ لك ما تُريد .
وأما قوله تعالى : * وقوله تعالى : * فقال النحاة : إنها على تقدير محذوف يقع خبرًا لإنَّ ، وجملتا : (ساء) و (نِعِمًّا) الإنشائيتان معمولتان للخبر المحذوف .(1/173)
وأجاز بعض العلماء وقوع الجملة الإنشائية خبرًا لإِنَّ إذا كانت للمدح أوالذَّم ،
كما في الآيتين السابقتين ، وأمَّا قول الشاعر :
إنَّ الذين قَتَلْتُمْ أَمْسِ سَيِّدَهُمْ لا تَحْسَبُوا لَيْلَهُمْ عَنْ لَيْلِكُمْ نَامَا
فالخبر ( لا تحسبوا ) طلبيٌّ وهو ليس الخبر عند النحاة ، بل هو معمول للخبر المحذوف .
ويرى بعض النحاة جواز وقوع الجملة الطلبية خبرًا لإنّ ، ولكن على قِلّة . ويُستثنى من ذلك عندهم أَنَّ المفتوحة المخَفَّفة فيجوز وقوع خبرها جملة إنشائية ،كما في قوله تعالى: * وكقراءة مَنْ قرأ بتخفيفها في قوله تعالى : * .
وجوبُ مراعاةِ الترتيبِ بين اسمِ إنَّ ، وخبرِها
وحكم تقديم خبر إنَّ على اسمها
وَرَاعِ ذَا التَّرْتِيبَ إِلاَّ فِى الَّذِى كَلَيْتَ فِيهَا أَوْ هُنَا غَيْرَ الْبَذِى
س5- ما حكم تقديم خبر إنّ وأخواتها على اسمها ؟
ج5- يجب تقديم الاسم وتأخير الخبر إلاَّ إذا كان الخبر ظرفًا ، أو جارًَّا ومجروراً فله في ذلك حالتان :
1- جواز تقديمه وتأخيره ، نحو: ليتَ فيها غيرَ البَذِي ،و: ليت هنا غيرَ البذي .
ففي هذين المثالين يجوز تقديم الخبرين (فِيها ، وهُنا) على الاسم (غير) ويجوز كذلك تأخيرهما عنه .
2- يجب تقديمه , في نحو : ليت في الدار صاحبها . فلا يجوز تأخير الخبر ( في الدار ) ؛ لئلا يعود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة . ويجب تقديمه كذلك في نحو قوله تعالى : * لأن الاسم مقترن بلام الابتداء .
س6- هل يجوز تقديم معمول خبر هذه الأحرف على اسمها ؟
ج6- لا يجوز تقديم معمول الخبر على الاسم إذا كان المعمول ليس ظرفًا، أو جارًّا ومجرورًا. فلا يجوز قولك: إنّ طعَامَك زيدًا آكلٌ ؛ لأن (طعَام) معمول للخبر آكل ، وهو ليس ظرفاً ، ولا جارًّا ومجرورًا .
أمَّا إذا كان المعمول ظرفاً ،أو جارًّا ومجرورًا فَمَنَعَ قومٌ تقديمه ،وأجازه آخرون، نحو : إنّ بك زيدًا واثِقٌ ، وإنّ عندك زيدًا جالسٌ .
س7- قال الشاعر :(1/174)
فَلاَ تَلْحَنِى فِيها فإنَّ بِحُبَّهَا أَخَاكَ مُصَابُ الْقَلْبِ جمٌّ بَلاَبِلُهْ
عيّن الشاهد في البيت السابق ، وما وجه الاستشهاد فيه ؟
ج7- الشاهد : فإنّ بحبِّها أخاك مُصابُ القلب .
وجه الاستشهاد : قدّم الشاعر معمول خبر إنَّ الجار والمجرور (بحبِّها) على اسم إنّ (أخاك) وعلى الخبر (مصابُ القلب) فدلّ ذلك على جواز تقديم معمول الخبر على الاسم إذا كان المعمول شبه جملة .وهذا هو رأي شيخ النحاة سيبويه.
مواضعُ وجوبِ فتحِ همزةِ إنَّ
وَهَمْزَ إِنَّ افْتَحْ لِسَدِّ مَصْدَرِ مَسَدَّهَا وَفِى سِوَى ذَاكَ اكْسِرِ
س8- لهمزة إنَّ ثلاث حالات ، اذكرها .
ج8- الحالة الأولى : وجوب الفتح الحالة الثانية : وجوب الكسر.
الحالة الثالثة : جواز الأمرين .
س9- متى يجب فتح همزة إِنّ ؟
ج9- يجب فتح همزة إِنّ إذا سَدَّ المصدر مَسَدَّها مع معموليها ، ومعنى ذلك : أنّه يجب فتح همزة (إن) إذا وقعت مع اسمها وخبرها بتأويل مصدر في محل رفع ، أو نصب ، أو جر ، كما في المواضع الآتية :
1- إذا وقعت في موضع رفع فاعل ، نحو : يُعجبُني أَنَّك قائم ، والتقدير : يعجبني قيامُك ، فالمصدر المؤول (أنك قائم) في محل رفع فاعل ؛ لذا وجب فتح همزة ( أنّ ) وكما في قوله تعالى : * (أي: أولم يكفهم إنزالنا ...) .
ولا فرق بين أن يكون الفعل ظاهرًا ،كما في المثالين السابقين ، أو أن يكون الفعل مقدَّرًا ، وذلك بعد ( ما ) المصدرية ، نحو قولهم : لا أُكَلِّمهُ ما أَنَّ في السَّماءِ نجمًا ، والتقدير : لا أكلِّمُه ما ثَبَتَ كونُ نجمٍ في السماء , وبعد (لو) الشرطية في مذهب الكوفيين ، كما في قوله تعالى:* ( أي: لو ثَبَتَ صَبْرُهم ) .(1/175)
2- إذا وقعت في موضع رفع نائب فاعل ، كما في قوله تعالى : * ( أي : أُوحِيَ إِليَّ استماعُ نفرٍ من الجنّ ) . فالمصدر المؤول ( أنّه استمع ) في محل رفع نائب عن الفاعل ؛ وذلك لأن الفعل ( أُوْحِيَ ) مبني للمجهول ، ونحو : عُلِمَ أَنَّكَ ناجحٌ .
3- إذا وقعت في محل نصب مفعول به ، نحو : عرفتُ أَنَّك قائمٌ ( أي : عرفتُ قيامَك ) ونحو: ظننتُ أَنّك مريضٌ . فالمصدر المؤول ( أنك مريض ) في محل نصب مفعولي ظنّ .
4- إذا وقعت في موضع جر بحرف الجر ، نحو : عجبتُ مِنْ أَنَّك قائمٌ ( أي : مِنْ قيامِكَ ) .
( م ) 5- إذا وقعت في موضع رفع مبتدأ مؤخر ، نحو قوله تعالى :
* ( أي: ومِنْ آياتِهِ رُؤْيتُكَ الأرضَ خاشعةً ).
6- إذا وقعت في موضع جر مضاف إليه ، نحو قوله تعالى : * ( أي : مثلَ نُطْقِكُم ) .
7- إذا وقعت في موضع معطوف على شيء مما سبق ، نحو قوله تعالى :
* فالمصدر المؤول
( أَنِّي فضلتكم ) في محل نصب معطوف على المفعول به : نعمتى (أي : اذكروا نعمتي وتفضيلي إِيَّاكم) .
8- إذا وقعت في موضع بدل من شيء مما سبق،نحو قوله تعالى: * ( أي: وإذْ يعدُكم الله إحدى الطائفتين كونَها لكم ) . فالمصدر المؤول ( أنّها لكم ) في محل نصب بدل اشتمال من المفعول به ( إحدى الطائفتين ) . ( م )
س10- لم قال الناظم: " لِسَدَّ مَصْدَرِ مَسَدَّها " ولم يقل: لسدِّ مُفْرَدِ مَسَدَّها؟
ج10- قال ذلك ؛ لأن المفرد قد يَسُدُّ مَسَدّ إنّ ومع ذلك يجب كسر همزتها، نحو : ظننت زيدًا إنَّه قائمٌ . فإنَّه قائم : سدَّ مسدَّ مفرد ،وهذا المفرد هو المفعول الثاني لظنَّ ، وليستْ ( أي : فإنه قائم ) بتقدير مصدر ؛ إذ لا يصحُّ : ظننتُ زيدًا قيامَه .
والأصل في ذلك : أنَّ اسم الذَّات ( زيد ) لا يُخْبَرُ عنه بمصدر إلاَّ بتأويل , وإنَّ ليست حرف مصدر ؛ ولذلك وجب كسر همزتها .
والحرف المصدري هو ( أَنَّ ) فهي التي تُؤَوّل بمصدر صريح مع اسمها وخبرها.(1/176)
مواضعُ وجوبِ كسرِ همزةِ إنَّ
فَاكْسِرْ فِى الابْتِدَا وَفِى بَدْءِ صِلَهْ وَحَيْثُ إِنَّ لِيَمِينٍ مُكْمِلَهْ
أَوْ حُكِيَتْ بِالْقَوْلِ أَوْ حَلَّتْ مَحَلّ حَالٍ كَزُرْتُهُ وَإنِّي ذُو أَمَلْ
وَكَسَرُوا مِنْ بَعْدِ فِعْلٍ عُلِّقَا بِاللاَّمِ كَاعْلَمْ إِنَّهُ لَذُو تُقَى
س11- ما المواضع التي يجب فيها كسر همزة إنَّ ؟
ج11- يجب كسر همزة إنّ في المواضع الآتية :
1- إذا وقعت إنّ في ابتداء الكلام ، نحو : إنّ زيدًا قائم . ولا تقع (أَنَّ) المفتوحة في أول الكلام ؛ فلا يُقالُ : أَنّك فاضلٌ عندي ، بل يجب تأخيرها ؛ فتقول : عندي أَنّك فاضلٌ . وأجاز بعضهم الابتداء بها .
2- إذا وقعت في أوّل جملة الصَّلَة ، نحو : جاء الذي إنّه قائمٌ . فالذي اسم موصول ، وجملة ( إنّه قائم) صلته ، وقد صُدِّرت هذه الجملة بإِنَّ ؛ ولذا وجب كسرها . ومنه قوله تعالى : * .
3- إذا وقعت جواباً للقسم وفي خبرها اللام ، نحو : واللهِ إِنَّ زيدًا لقائمٌ .
فَإنْ لم يقع في خبرها اللام جاز الكسر – عند البصريين – تقول :
والله إنَّ زيداً قائمٌ .
4- إذا وقعت في صدر جملة مَحْكيَّة بالقول ، نحو : قُلْتُ : إنَّ زيدًا قائمٌ ، وكما في قوله تعالى : * فإنْ لم تُحْكَ بالقول وأُجْرِيَ القول مُجْرَى الظنّ فُتِحت ، نحو : أتقول أنَّ زيدًا قائمٌ ؟ ( أي : أتظنّ ) ففي هذا المثال فُتحت همزة إنّ ؛ لأن القول فيه بمعنى الظَّن .
5- إذا وقعت في صدر جملة حالية،نحو: زُرْتُه وإنَّي ذو أَمَلٍ.ومنه قوله تعالى:
* .(1/177)
6- إذا وقعت بعد فعل من أفعال القلوب وقد عُلِّق عن العمل بسبب اللام ، نحو : علمتُ إنَّ زيدًا لقائمٌ . فالفعل ( عَلِمَ ) من أفعال القلوب وقد عُلِّق عن العمل ( أي : تُرِك عمله لفظًا فلم ينصب مفعولين في الظاهر ) وذلك بسبب دخول لام الابتداء على الخبر ؛ ولذلك وجب كسر همزة إنَّ . فإنْ لم يكن في خبرها اللام فتحت وجوبا ، نحو : علمت أَنّ زيدًا قائم ؛ لأنها حينئذ تكون في تقدير مصدر وقع في محل نصب مفعولي عَلِمَ . وأشهر أفعال القلوب التي يلحقها التعليق ، هي : رأى ، وعَلمِ ، ووَجَدَ ، ودَرَى .
7- إذا وقعت بعد أَلاَ الاسْتِفْتَاحِيَّة ، نحو : أَلاَ إنَّ زيدًا قائمٌ . ومنه قوله تعالى : * .
8- إذا وقعت بعد حَيْثُ ، نحو : اجلس حيثُ إنَّ زيدًا جالسٌ .
9- إذا وقعت في جملة هي خبر عن اسم عَيْن ، نحو: زيدٌ إِنَّه قائم . فجملة
( إنه قائم ) خبر عن اسم عين ( ذات ) ، وهو : زيد .
واعلم أن هذه المواضع الثلاثة الأخيرة ينطبق عليها الموضع الأول، وهو : وقوعها في صدرجملتها ؛ لأنَّ اتصالها بما قبلها اتصال معنوي , لا إعرابي .
س12- قال الشاعر :
مَا أَعْطَيَانِي وَلاَ سَأَلْتُهُمَا إِلاَّ وَإنَّى لَحَاجِزِي كَرَمِي
عيّن الشاهد في البيت السابق ، وما وجه الاستشهاد فيه ؟
ج12- الشاهد : إِلاَّ وإنَّي لحاجزي كرمي .
وجه الاستشهاد : وردت همزة إنَّ مكسورة؛ لأنها وقعت موقع الحال .
وَثَمَّةَ سبب آخر لوجوب كسرها ، وهو : دخول اللام في خبرها .
ومِثْلُ هذا البيت قوله تعالى : * وردت ( إنّ ) في هذه الآية مكسورة الهمزة وجوباً ؛ لسببين :
أولهما : وقوعها موقع الحال .
وثانيهما : اقتران خبرها باللام ، وكلُّ واحد من السببين يقتضي كسرها وجوباً .
مواضعُ جوازِ فتحِ همزةِ إنَّ ، وكسرِها
بَعْدَ إِذَا فُجَاءَةٍ أَوْ قَسَمِ لاَ لاَمَ بَعْدَهُ بِوَجْهَيْنِ نُمِى(1/178)
مَعْ تِلْوِ فَا الْجَزَا وَذَا يَطَّرِدُ فِى نَحْوِ خَيْرُ الْقَوْلِ إِنِّي أَحْمَدُ
س13- ما المواضع التي يجوز فيها فتح همزة إنّ , وكسرها ؟
ج13- يجوز فتح همزة إنّ , وكسرها في المواضع الآتية :
1- إذا وقعت بعد إذا الفُجَائِيَّة ، نحو : خرجت فإذا إنّ زيدًا قائم .
ويجوز : خرجت فإذا أَنَّ زيدًا قائمٌ .
وفي هذا الموضع خلاف مبنيٌّ على الخلاف في إذا الفجائية : أحرف هي أم ظرف ؟ وذلك على التفصيل الآتي :
من جعل إذا الفجائية حرفًا ،كابن مالك جاز عنده كسر همزة إنَّ على أنَّ ما بعدها جملة تامة ، نحو : خرجتُ فإذا إنَّ زيدًا قائم ، والتقدير : خرجت فإذا زيدٌ قائمٌ ، وفي حالة الكسر هذه ليس لك إلا إعراب واحد ، وهو: إنّ : حرف نصب وتوكيد ، وزيدًا : اسمها ، وقائمٌ : خبرها . وجاز عنده كذلك فتح همزة إنّ على تقدير أنَّها مع صلتها ( اسمها وخبرها ) في تأويل مصدر، ولك في حالة الفتح هذه وجهان :
أ - أن تجعل المصدر مبتدأ خبره محذوف، نحو : خرجت فإذا أَنَّ زيدًا قائم . فالمصدر المؤول ( أنّ زيدًا قائمٌ ) مبتدأٌ خبره محذوف ، والتقدير : خرجتُ فإذا قيامُ زيدٍ حاصلٌ .
ب- أن تجعل المصدر خبرًا لمبتدأ محذوف . والتقدير فإذا الحاصل قيامه .
( م ) ومن جعل إذا الفجائية ظرفًا زمانيًا ، أو مكانيا فقد أوجب فتح همزة إنّ على تقدير أنها مع صلتها في تأويل مصدر ، ولك في هذه الحالة ثلاثة أوجه إعرابية :
أ- أن يكون المصدر مبتدأ خبره ( إذا ) نفسها .
ب- أن يكون المصدر مبتدأ خبره محذوف .
ج- أن يكون المصدر خبر لمبتدأ محذوف . ( م )
2- إذا وقعت جواب قسم ، وليس في خبرها اللام ، نحو : حَلَفْتُ أَنَّ زيدًا قائمٌ ( بفتح همزة إنّ , وكسرها ) ويشترط لجواز الوجهين ( الفتح , والكسر ) ما يلي :
أ- أن يكون الخبر خاليا من اللام ، كما في المثال السابق .(1/179)
ب- أن تكون جملة القسم إمّا اسمية ، نحو : لَعَمْرُكَ إنَّ زيدًا قائمٌ ، وإمّا فعلية فعلها مذكور ، نحو : حلفتُ إنّ زيدًا قائم ، ونحو : أقسمُ بالله إنَّ الظَّالِمَ هالكٌ بِظُلْمِهِ .
أمّا إذا كان فعل القسم محذوفًا، نحو: واللهِ إنّ زيدًا قائم ، فالكوفيون يُجيزون فيها الوجهين ، والبصريون يُوجبون الكسر ، ومذهبهم هو الصحيح ، فقد نقل ابن هشام إجماع العرب على الكسر في هذا الموضع . فإذا وقعت اللام في خبر إنّ فقد وجب كسر همزة إنّ سواء ذُكِر فعل القسم ، أو حُذِف ، فمِن ذِكْرِ الفعلِ قوله تعالى : * وقوله تعالى :
* ومِنْ حذف الفعل قوله تعالى : * .
وعلَّة ذلك أنَّ اللام لا تدخل إلا على خبر ( إنَّ ) المكسورة .
3- إذا وقعت بعد فاء الجزاء ، وهي : الفاء الواقعة في جواب الشرط ، نحو : مَنْ يَأَتِنِي فَإِنَّهُ مُكْرَمٌ .
فالكسر على اعتبار ( إنَّ ) في صدر جملة فهي مع معموليها جملة في محل جزم جواب الشرط ، وأَمَّا الفتح فعلى اعتبار أّنَّ مع معموليها : في تأويل مصدر مبتدأ، والخبر محذوف ، والتقدير : مَنْ يَأتِني فإكرامُه حاصلٌ .
ويجوز أن يكون المصدر خبرًا لمبتدأ محذوف ، والتقدير : فَجَزَاؤهُ الإكرامُ .
ونصّ ابن مالك على أنّ الكسر في هذا الموضع أحسن من جهة القياس ؛ لأنه لا يحتاج إلى تقدير محذوف .
ومن الأمثلة أيضاً قوله تعالى : * قُرِئَ ( فإنّه ) بالفتح ، والكسر . فالكسر على أنها جملة جواب للشرط (مَنْ) والفتح على جَعْل أَنّ وصلتها مصدرًا وقع مبتدأً خبره محذوف ، والتقدير : فالغُفْرَانُ جَزَاؤُه ، أو على جعلها خبرًا لمبتدأ محذوف ، والتقدير : فجزاؤه الغفران . ولم يُقْرأ في القرآن الكريم بالفتح إلا في الموضع الذي تتقدّم فيه أنّ مفتوحة ،نحو قوله تعالى: *
قُرئ ( فأنّه ) بالفتح ، والكسر .(1/180)
4- إذا وقعت بعد مبتدأ هو في المعنى قول ، وخبرها قولٌ ، والقائل واحدٌ ، نحو : خيْرُ القولِ إنِّي أحمدُ اللهَ ، بكسر إنَّ وفتحها ،فالفتح على جَعْل أَنَّ وصلتها في تأويل مصدر يُعرب خبرًا عن المبتدأ (خير ) والتقدير : خَيْرُ القولِ حَمْدُ اللهِ ، والكسر على جَعْل إنَّ واسمها وخبرها جملة وقعت خبرًا عن المبتدأ ( خير ) فخيرُ القولِ : مبتدأ ، وجملة : إني أحمدُ اللهَ: في محل خبرللمبتدأ . ولا تحتاج هذه الجملة إلى رابط ؛ لأنها نفس المبتدأ في المعنى فهي مثل : نُطْقِى اللهُ حَسْبِي . ومَثَّل سيبويه لهذه المسألة بقوله : أَوَّلُ ما أقولُ أَنِّي أحمدُ اللهَ .
س14- قال الشاعر :
وَكُنْتُ أَرَى زَيْدًا كَمَا قِيلَ سَيِّداً إِذَا أَنَّهُ عَبْدُ الْقَفَا وَاللَّهَازِمِ
وقال الآخر :
أَوْ تَحْلِفِى بِرَبَّكِ الْعَلِىَّ أَنِّى أَبُو ذَيَّالِكِ الصَّبِىَّ
عيّن الشاهد في البيتين السابقين ، وما وجه الاستشهاد فيهما ؟
ج14- الشاهد في البيت الأول : إذا أنَّه .
وجه الاستشهاد : هذا شاهد على جواز فتح همزة إنّ ، وكسرها بعد إذا الفجائية ، فقد رُوِيَ البيت بفتح أَنَّ ، وكسرها . فالكسر على جَعْلها جملة مُسْتَأْنَفة ، والتقدير : إذا هو عَبْدُ القفا واللَّهازم ، والفتح على جعلها مصدرًا
وقع مبتدأ خبره محذوف ، والتقدير : فإذا العبوديَّةُ شَأْنُه ، أو جَعْل المصدر خبرًا لمبتدأ محذوف ، والتقدير : فإذا شأْنُه العبوديَّةُ .
الشاهد في البيت الثاني : أَوْتَحْلِفِي بربِّك العليَّ أنِّى .
وجه الاستشهاد : هذا شاهد على جواز فتح همزة إنّ ، وكسرها ؛ لكونها واقعة بعد فعلِ قسمٍ لا لاَم بعدَه ، فقد رُوِيَ البيت بفتح أنَّ وكسرها .
فالفتح على جعلها مصدرًا مجرورًا بحرف جر محذوف ، والتقدير : أوتحلفي على كوني أبًا لهذا الصبي ، والكسر على اعتبارها مع معموليها جملة لا محل لها من الإعراب ؛ لأنها جواب القسم .
جوازُ دخولِ لامِ الابتداءِ(1/181)
على خبرِ إنَّ المكسورةِ
وَبَعْدَ ذَاتِ الكَسْرِ تَصْحَبُ الْخَبَرْ لاَمُ ابْتِدَاءٍ نَحْوُ إِنَّى لَوَزَرْ
س15- ما حكم دخول لام الابتداء على خبر إنّ المكسورة ؟ وهل تدخل هذه اللام على خبر باقي أخوات إِنَّ ؟
ج15- يجوز دخول لام الابتداء على خبر إِنَّ المكسورة ،وتُسَمَّى اللاَّمَ الْمُزَحْلَقَةَ ،نحو: إِنَّ زيدًا لقائمٌ . ولا تدخل هذه اللام على خبر باقي أخوات إنَّ؛فلا يُقال:
لعلَّ زيدًا لقائمٌ . وأجاز الكوفيون دخولها في خبر ( لكنَّ ) وأنشدوا قول الشاعر :
يَلُومُونَنِي فِىحُبِّ لَيْلَى عَوَاذِلِى وَلَكنَّنِى مِنْ حُبِّهَا لَعَمِيدُ
والبصريون يُنكرون ذلك ؛ ويقولون : إنّ هذا البيت لا يصحُّ ، ولم يَنْقُلْه أحدٌ مِن الأَثْبَات،وإذا صَحَّ البيت فاللاَّم في الخبر (لعميد) زائدة،وليست لام الابتداء .
وأجاز المبَرِّد دخولها في خبر أَنَّ المفتوحة ، وقد قُرئ شذوذاً قوله تعالى : * بفتح أَنَّ .
ويمكن تخريج الآية على أَنّ اللام زائدة ، وليست لام الابتداء .
وشذّ زيادة اللام في خبر ( أَمْسَى ) كما في قول الشاعر :
مَرُّوا عَجَالَى فَقَالُوا كَيْ فَ سَيِّدُكُمْ فَقَالَ مَنْ سَأَلُوا أَمْسَى لَمَجْهُودَا
وزيدت أيضاً في خبر المبتدأ شذوذًا ، كقول الشاعر :
أُمُّ الْحُلَيْسِ لَعَجُوزٌ شَهْرَبَهْ تَرْضَى مِنَ اللَّحْمِ بِعَظْمِ الرَّقَبَهْ
س16- ما سبب تأخير اللام إلى الخبر ؟ وما الأصل في ذلك ؟
ج16- لام الابتداء حَقُّها أنْ تدخل على أوَّل الكلام ؛ لأن لها صدر الكلام ، هذا هو الأصل ، فحقُها إذاً أَنْ تدخل على إِنَّ ؛ فتقول : لإِنَّ زيدًا قائمٌ ، لكنْ لَمَّا كانت اللام للتأكيد ، وإنّ للتأكيد كَرِهوا الجمْعَ بين حرفين بمعنى واحد في أوَّل الكلام فأخَّروا اللام إلى الخبر .
شروطُ اقترانِ خبرِ إِنّ المكسورةِ بلامِ الابتداءِ
وَلاَ يَلِي ذِى اللاَّمَ مَا قَدْ نُفِيَا وَلاَ مِنَ الأَفْعَالِ مَا كَرِضِيَا(1/182)
وَقَدْ يَلِيهَا مَعَ قَدْ كَإِنَّ ذَا لَقَدْ سَمَا عَلَى الْعِدَا مُسْتَحْوِذَا
س17- ما شروط اقتران خبر إنَّ المكسورة بلام الابتداء ؟
ج17- يُشترط لذلك ثلاثة شروط ، هي :
1- أن يكون الخبر متأخراً ،كما في قوله تعالى: * فإن تقدم الخبرلم يجز دخولها عليه ؛ فلا تقول : إن لعندك محمداً .
2- أن يكون الخبر مُثبتاً غير منفي ، كما في قوله تعالى : * فإنْ كان مَنفيَّا امتنع دخول اللام عليه ، كما في قوله تعالى :
* وكما في قولك: إنَّ زيداً ما يقوم؛ فلا يُقال : إنَّ زيدًا لَمَا يقومُ .
3- ألا يكون الخبر جملة فعلية فعلها ماضٍ متصرف غير مقترن بـ (قَدْ) فلا يُقال: إنّ زيدًا لَرَضِيَ . وهذا هو المراد من قول الناظم : " ولا مِنَ الأفعالِ كرَضِيَا " ، وأجاز ذلك الِكسَائِيُّ ، وابن هشام .
فإذا استوفى الخبر هذه الشروط جاز دخول اللام عليه ، وذلك في المواضع الآتية :
أ- إذا كان الخبر جملة فعلية فعلها ماضٍ مُتصرف مقترن بـ ( قد ) ، نحو :
إنَّ زيدًا لَقَدْ قامَ ، ونحو : إنَّ ذا لقد سَمَا على العَدُوِّ مُسْتحوذاً .
ب- إذا كان الخبر جملة فعلية فعلها مضارع سواء كان مُتصرفاً، نحو قوله تعالى: * ونحو: إنّ زيدًا لَيَرْضَى، أو غير متصرف تصرفاً كاملاً ، نحو : إنَّ زيدًا لَيَذَرُ الشَّرَّ . فالفعل (يَذَرُ) غير متصرف تصرفاً كاملاً فلا يستعمل منه إلا المضارع,والأمر . ومثله الفعل (يَدَعُ) هذا إذا لم يقترن المضارع بسوف , أو السين ، أما إذا اقترن المضارع بأحدهما ففي جواز دخول اللام عليه خلاف ، فيجوز إذا اقترن بسوف على الصحيح ، وأمَّا إذا اقترن بالسين فقليل .
ج- إذا كان الخبر جملةً فعليه فعلها ماضٍ غير متصرف ( جامد ) نحو : إنَّ زيدًا لَنِعْمَ الرَّجلُ ، ونحو : إنَّ عَمْرًا لَبِئْسَ الرَّجلُ ، ونحو : إن زيدًا لَعَسَى أن يزورَنا . وهذا مذهب الأخفش ، والفرَّاء . والمنقول أنّ سيبويه لا يُجيز ذلك .(1/183)
د- إذا كان الخبر جملة اسمية ، نحو قوله تعالى : * ونحو : إنّ أخاك لوَجْهُه حَسَنٌ ، ويجوز : إنّ أخاك وجهُه لَحَسَنٌ .
ودخولها على الجزء الأول المبتدأ (لوجهه) أَوْلَى ، وقيل : إنّ دخولها على الجزء الثاني (لحسنٌ) شاذّ .
هـ- إذا كان الخبر مفردًا ، نحو : إنّ زيدًا لقائمٌ .
و- إذا كان الخبر شبه جملة ،كما في قوله تعالى: * .
س18- قال الشاعر:
وَأَعْلَمُ إِنَّ تَسْلِيمًا وَتَرْكًا لَلاَ مُتَشَابِهَانِ وَلاَ سَوَاءُ
عيّن الشاهد في البيت السابق ، وما وجه الاستشهاد فيه ؟
ج18- الشاهد : لَلاَ مُتَشَابهان .
وجه الاستشهاد : أدخل الشاعر اللام في الخبر المنفي بـ ( لا ) وهو شاذّ .
دخولُ لامِ الابتداءِ على معمولِ الخبرِ
وعلى ضمير الفصل ، وعلى اسم إنّ المؤخر
وَتَصْحَبُ الْوَاسِطَ مَعْمُولَ الْخَبَرْ وَالْفَصْلَ وَاسْمًا حَلَّ قَبْلَهُ الْخَبَرْ
س19- ما شروط دخول لام الابتداء على معمول الخبر ؟
ج19- يشترط لذلك أربعة شروط ، هي :
1- أن يكون المعمول متوسطًا بين اسم إنّ وخبرها .
2- أن يكون الخبر مِمَّا يصح ُّ دخول اللام عليه . راجع س17 .
3- ألا تكون اللام قد دخلت على الخبر .
4- ألا يكون معمول الخبر حالاً , ولا تمييزًا .
وتتحقق هذه الشروط في نحو : إنّ زيدًا لَطَعَامَكَ آكلٌ . فالطعام معمولٌ للخبر ( آكِلٌ ) وقد دخلت عليه لام الابتداء ؛ لكونه متوسطًا بين اسم إنّ وخبرها ، والخبر مما يصح دخول اللام عليه ؛ لأنه مفرد واللام لم تدخل عليه ، والمعمول ليس حالاً ، ولا تمييزًا . فإن تأخَّر المعمول فلا تدخل اللام عليه ؛ فلا يُقال :
إنّ زيدًا آكلٌ لَطعامك ؛لأن المعمول ( طعام ) ليس متوسطًا بين الاسم والخبر .
وإذا دخلت اللام على المعمول المتوسط فإنها لا تدخل على الخبر ؛ فلا يُقال :(1/184)
إنّ زيدًا لَطعامَك لآكل ؛وذلك لأن دخول اللام خُصِّص بمعمول الخبر المتوسط، وقد سُِمع ذلك قليلا ، وحُكي من كلامهم : إِنَّي لَبِحَمْدِ اللهِ لَصَالِحٌ ، فقد دخلت اللام على الخبر (لصالح ) مع كونها داخلة على معمول الخبر المتوسط
( لبحمد الله ) .
وإذا كان الخبر مما لايصح دخول اللام عليه فلا يصح دخولها على المعمول ؛ فلا يُقال : إنّ زيدًا لَطعامَك أَكَل ؛ لأن الخبر فعل ماضٍ متصرف غير مقرون بِقَدْ ، وهو مما لايصح دخول اللام عليه ، كما عرفنا ذلك سابقاً ، وأجاز ذلك بعضهم .
وإذا كان المعمول حالاً ، أو تمييزًا لم يصح دخول اللام عليه ؛ لعدم سماع ذلك من العرب ، فلايصح أن تقول: إن زيدًا لراكبًاحاضرٌ ؛ لأن المعمول (لراكباً) حال ، ولا يصح كذلك : إن زيدًا لَعَرَقاً يَتَصَبَّبُ ؛ لأن المعمول (عَرَقاً) تمييز .
وزاد أبو حَيَّان : ألا يكون المعمول مفعولاً مطلقاً ، ولا مفعولاً لأجله ، و يجوز غير ذلك .
س20- إلام أشار الناظم بقوله : " والفَصْلَ " ؟
ج20- أشار بقوله ( والفَصْلَ ) إلى أنّ لام الابتداء تدخل على ضمير الفصل ، كما في قوله تعالى : * فالضمير ( هو ) ضمير فصل لا محلَّ له من الإعراب ، وقد دخلت عليه اللام ، واسم الإشارة هذا : اسم إنّ ، والقصص : خبرها . وإذا دخلت اللام على ضمير الفصل لم تدخل على الخبر ؛ فلا يقال : إنّ زيًدا لَهُوَ لقائمٌ .
س21- لِمَ سُمِّي ضمير الفصل بهذا الاسم ؟ وما شروطه ؟(1/185)
ج21- سُمِّي ضمير الفصل؛ لأنه يَفْصِل بين الخبر، والتابع (الصِّفة ، أو البدل) فإذا قلت : زيدٌ القائمٌ ، احْتُمِلَ أن يكون ( القائمُ ) صفة لزيد على اعتبار أنّ الخبر سيأتي ذكره - ويكثر ذلك في الكلام المنطوق - واحْتُمِل أَنّ يكون (القائم) خبرًا لزيد ، فلما أُتى بضمير الفصل، نحو: زيدٌ هو القائم ، تعيّن أن يكون ( القائمُ ) خبرًا عن زيد . والبصريون هم مَنْ سَمَّوه ( ضمير فصل ) ومن العلماء من يُسَمِّيه ( الْفَصْل ) كما ذكر الناظم .
والكوفيون يسمونه ( عِمَادًا ) لأنه يُعْتمد عليه في تأدية المعنى المراد .
وأما شروطه فأربعة ، هي :
1- أن يقع بين المبتدأ والخبر ، نحو : الْمُتَّقُونَ هُمُ الفائزون ، أو يقع بين ما أصلهما المبتدأ والخبر ، كاسمي ( إنّ , وكان ) وخبرهما ، نحو : إنّ زيدًا لهو القائمُ ، ونحو : كان زيدٌ لهو القائمَ .
( م ) 2- أن يكون ما قبله معرفة ، وما بعده معرفة ، كما في الأمثلة السابقة ، أو يكون أولهما معرفة ، وثانيهما يُشبه المعرفة في عدم قبوله أداة التعريف، كأَفْعَل التفضيل المقترن بِمِنْ ، نحو : محمدٌ أفضَلُ مِنْ زيدٍ .
3- أن يكون ضمير الفصل من ضمائر الرفع .
4- أنْ يُطابق ما قبله في الغيبة , أو التكلّم , أو الخطاب ؛ وفي الإفراد,والتثنية , والجمع ؛ وفي التذكير , والتأنيث ، نحو قوله تعالى : *
وقوله تعالى : * ، ونحو قولك : محمدٌ هو المجتهدُ ، وفاطمةُ هي المجتهدةُ ، والمؤمناتُ هُنَّ الفائزاتُ . ( م )
( م ) س22- اختلف العلماء في ضمير الفصل ، أحرف هو أم اسم ؟ وضح هذا الخلاف وما يترتب عليه .
ج22- أكثر العلماء من البصريين على أنه حرف وُضِع على صورة الضمير ؛ وبناء على هذا الرأي فلا محلَّ له من الإعراب .
ومن العلماء من قال : هو اسم ، ويترتّب على هذا الرأي السؤالان الآتيان :
1- أ له محل من الإعراب , أم لا ؟(1/186)
2- إذا كان له محل من الإعراب فهل محله هو محل الاسم الذي قبله , أم محل الاسم الذي بعده ؟ والجواب ، كما يلي :
أ- قال الخليل : هو اسم لا محل له من الإعراب ( مُهْمَل ) فيُعْرب ما بعد الضمير على حسب ما قبله فقد يكون خبرًا لمبتدأ ، نحو : زيدٌ هو القائمُ ،
وقد يكون خبرًا لكان منصوباً ، نحو : كان زيدٌ هو القائمَ .
ب- قال الفرَّاء : هو اسم محله محل الاسم المتقدم عليه فهو في محل رفع مبتدأ ثان إذا قلت : زيدٌ هو القائمُ ، أو قلت : كان زيدٌ هو القائمَ . وهو في محل نصب بدل إذا قلت : إن زيدًا هو القائمُ .
ج –قال الكِسائي : هو اسم محله محل الاسم المتأخر عنه فهو في محل رفع مبتدأ ثان إذا قلت : زيدٌ هو القائمُ ، أو قلت : إنَّ زيدًا هو القائمُ . وهو في محل نصب إذا قلت :كان زيدٌ هو القائمَ .
وأما قوله تعالى: * فالصَّوَابُ أَنَّ الضمير في هذه الآية تأكيد لاسم كان ( التاء ) ويجوز أن يكون : لا محلَّ له من الإعراب .
س23- إلام أشار الناظم بقوله :" واسْمًا حَلَّ قَبْلَه الْخَبَر ؟
ج23- أشار بذلك إلى أنّ لام الابتداء تدخل على الاسم إذا تأخّر عن الخبر ، كما في قوله تعالى:* ونحو : إنّ في الدار لَزيدًا . وإذا دخلت اللام على ضمير الفصل،أوعلى الاسم المتأخِّر لم تدخل على الخبر ؛ فلا يُقال : إنَّ زيدًا لهو لقائم ، ولا يقال : إنّ لفي الدار لزيدًا .
إبطالُ عملِ إِنَّ ، وأخواتِها
إذا اتصلت بها ما غير الموصولة
وَوَصْلُ مَا بِذِى الْحُرُوفِ مُبْطِلُ إِعْمَالَهَا وَقَدْ يُبَقَّى الْعَمَلُ
س24- ما تأثير ( ما ) غير الموصولة على إنّ , وأخواتها ؟
ج24- إذا دخلت ( ما ) غير الموصولة ( الزَّائدة ) على إنّ , وأخواتها أَبْطَلَتْ عملها ؛ فتقول : إنّما زيدٌ قائمٌ ، برفع ( زيد ) ولا يجوز نصبه ؛ بسبب دخول ( ما ) غير الموصولة على إنّ .(1/187)
ومنه قوله تعالى : * ويبطل كذلك عَمَلُ باقي أخواتها ماعدا ليت ، فيجوز فيها الإعمال , والإهمال ؛ فتقول : ليتما زيدًا قائمٌ ، بنصب ( زيداً ) ويجوز الرفع ؛ فتقول : ليتما زيدٌ قائمٌ . ومنه قول الشاعر :
قَالَتْ أَلاَ لَيْتَمَا هَذَا الْحَمَامَُ لَنَا إلى حَمَامَتِنا أَوْ نِصْفَهُ فَقَدِ
فقد رُوِي هذا البيت بنصب الحمام , ورفعه .
س25- ما مراد الناظم من قوله : " وقد يُبَقّى العملُ " ؟
ج25- ظاهركلام الناظم أنّ (ما) إِنِ اتَّصلت بهذه الأحرف كَفَّتْها عن الَْعَمَل ، وقد تعملُ قليلاً . وهذا مذهب جماعة من النحويين,كالزجّاجي ،وابن السَّرَّاج . وحكى الأخفش ، والكسائى : إنّما زيدًا قائمٌ . والصحيح أنّه لا يعمل من هذه الأحرف مع ( ما ) إلا ليت ,وأما ما حكاه الأخفش ، والكسائى فشاذٌ .
( م ) س26- إذا دخلت ( ما ) غير الموصولة على إنَّ , وأخواتها أبطلت عملها إلا ليت ، فما تعليل ذلك ؟
ج26- إنما أُعملت إنّ ، وأخواتها ؛ لاختصاصها بالأسماء ، ودخول (ما) عليها يُزيل هذا الاختصاص فلا تعمل ، ويجعلها تدخل على الجملة الفعلية ، كما في قوله تعالى : * وقوله تعالى : * وأمَّا ليت فدخول ( ما ) عليها لايُزيل اختصاصها بالأسماء ، بل هي باقية معها على اختصاصها بالأسماء ؛ ولذلك لم يبطل عملها .
س27- لم سُمِّيت ( ما ) غير موصولة ؟ وهل لها تسمية أخرى ؟
ج27-سميت غير موصولة احترازاً من ( ما ) الموصولة التي بمعنى ( الذي ) فإنها لا تبطل عمل هذه الأحرف ، نحو : إنّ ما عندك حَسَنٌ ( أي : إنّ الذي عندك حَسَنٌ ) وكذلك احترازاً من (ما ) المصدرية التي هي موصول حرفي فإنها لا تبطل العمل ، نحو : إنّ ما فعلت حَسَنٌ ( أي : إنّ فِعْلَكَ حَسَنّ ) .
وتُسَمَّى (ما) الكَافَّة ؛ لأنها تكُفُّ إنّ , وأخواتها عن العمل .(1/188)
وهي زائدة يجوز حذفها ؛ ولكونها كافَّة وزائدة سُمِّيت : ما الكافَّة الزائدة ؛ لأنها لو كانت أصلية غير زائدة لم تبطل العمل مثل (ما) الموصولة .
حكمُ المعطوفِ بعدَ خبرِ إنَّ
وحكمه إذا توسط بين المعمولين
وَجَائِزٌ رَفْعُكَ مَعْطُوفًا عَلَى مَنْصُوبِ إِنَّ بَعْدَ أَنْ تَسْتَكْمِلاَ
س28- ما حكم المعطوف الواقع بعد خبر إنّ ؟
ج28- إذا وقع بعد اسم إنّ , وخبرها عاطف جاز في هذا الاسم المعطوف وجهان :
1- النصب عطفاً على اسم إِنَّ ، نحو : إنّ زيدًا قائمٌ وعمرًا .
2- الرفع ، نحو : إن زيدًا قائمٌ وعمرٌو . واختلف فيه ، والمشهور أنه معطوف على محل اسم إنّ ، فإنه في الأصل مرفوع ؛ لكونه مبتدأ - وهذا يُشعر به ظاهر كلام المصنف - وذهب قوم إلى أنه مبتدأ خبره محذوف ، والتقدير : وعمرٌوكذلك . ويرى ابن عقيل : أن إعرابه مبتدأ هو الصحيح .
س29- ما الحكم إذا وقع المعطوف بين اسم إنّ , وخبرها ؟
ج29- إذا وقع العطف قبل أنْ تَسْتكمل إنّ خبرها ( أي : وقع بعد اسم إنّ ) تَعيَّنَ النّصب عند الجمهور ؛ فتقول : إنّ زيدًا وعمرًا قائمان ، ونحو : إنّك وزيدًا ذاهبان ، وذلك على اعتبار أنه معطوف على اسم إنّ .
وأجاز بعضهم الرفع .
( م ) ومن أمثلة الرفع قول الشاعر :
فَمَنْ يَكُ أَمْسَى فِى الْمَدِينَةِ رَحْلُهُ فَإِنِّي وَقَيَّارٌ بِهَا لَغَريبُ
في هذا الشاهد وقع المعطوف( قَيَّارُ ) مرفوعاً بعد اسم إنّ( ياء المتكلم )وقبل خبرها . ومنه قوله تعالى: * فكلمة الصابئون وقعت مرفوعة مع كونها معطوفة على اسم إنّ (الذين) وكان وقوعها متوسطاً بين اسم إنّ وخبرها . ومنه قراءة قوله تعالى : * .. برفع كلمة (ملائكتُه) بعدَ اسم إنّ ، وقَبْلَ خبرها ، واختلف النّحاة في تخريج ذلك كلِّه على النحو الآتي :
1- المعطوف مرفوع على محل اسم إنّ ، باعتباره مبتدأ قبل دخول إنّ . وهذا مذهب الكسائي .(1/189)
2- المعطوف مرفوع على أنه مبتدأ خبره محذوف، أو خبره هو الخبر المذكور، وخبر إنّ هو المحذوف، وجملة المبتدأ وخبره معطوفه على جملة إن واسمها وخبرها . وهذا هو مذهب جمهور البصريين ، وتوضيح ذلك في قوله تعالى :
* في قراءة رفع (ملائكتُه) المعطوف الملائكة: مبتدأ خبره محذوف ، ويصلون : خبر إنّ ، أو يكون خبر المبتدأ هو: يصلُّون ، وخبر إنّ محذوف ، وجملة المبتدأ والخبر (ملائكته يصلون ) معطوفة على جملة إنّ واسمها وخبرها المحذوف .
وذهب المحقِّقُ الرَّضِى إلى أنّ جملة المبتدأ , والخبر ( ملائكته يصلون ) لا محلَّ لها ؛ لأنها مُعْتَرِضَة بين اسم إن وخبرها . ( م )
حكمُ المعطوفِ مع باقي أخواتِ إنَّ
وَأُلْحِقَتْ بِإِنَّ لَكِنَّ وَأَنّْ ... مِنْ دُونِ لَيْتَ وَلَعَلَّ وَكَأَنّْ
س30- ما حكم المعطوف مع باقي أخوات إنّ ؟
ج30- حكم ( أَنَّ المفتوحة ، ولكنَّ ) في العطف على اسمهما كحكم إِنّ المكسورة ؛ فتقول : علمت أَنّ زيدًا قائمٌ وعمرٌو ، برفع ( عمرو ) ونصبه ؛ وتقول : علمت أنّ زيدًا وعمرًا قائمان ( بالنصب فقط عند الجمهور ) وتقول كذلك : ما زيدٌ قائمًا لكنّ عمرًا مُنطلقٌ وخالدًا ( بنصب خالدًا ورفعه ) وتقول: ما زيدٌ قائمًا لكنَّ عمرًا وخالدًا منطلقان (بالنصب فقط عند الجمهور). وأمَّا ( ليت، ولعلّ ، وكأنّ ) فلا يجوز معها إلا النّصب سواء تقدّم المعطوف , أو تأخر ؛ فتقول : ليت زيدًا وعمرًا قائمان ؛ وتقول : ليت زيدًا قائمٌ وعمرًا ، (بالنّصب في المثالين ) ولايجوز الرفع ، وكذلك الحال مع كأنّ ، ولعلّ .
وأجاز الفَرَّاء الرفع سواء تقدّم المعطوف , أو تأخّر ، وذلك مع الأحرف الثلاثة
( ليت ، ولعلّ ، وكأنّ ) .
إعمالُ إنَّ المخفَّفةِ ، وإهمالُها
واقترانُها باللامِ الفَارِقَةِ عند الإهمال
وجواز الاستغناء عنها
وَخُفِّفَتْ إِنَّ فَقَلَّ الْعَمَلُ وَتَلْزَمُ اللاَّمُ إِذَا مَا تُهْمَلُ(1/190)
وَرُبَّمَا اسْتُغْنِىَ عَنْهَا إِنْ بَدَا مَا نَاطِقٌ أَرَادَهُ مُعْتَمِدَا
س31- متى يجوز إعمال إنّ , وإهمالها ؟ وما الأكثر الإعمال, أو الإهمال ؟
ج31- يجوز إعمال إنّ , وإهمالها إذا خُفّفت . والأكثر في لسان العرب إهمالها ؛ فتقول : إنْ زيدٌ لقائمٌ ، وفي هذه الحالة تلزمها اللام الفارقة التي تفرق بينها وبين ( إنْ ) النافية التي بمعنى ( ما ) النافية .
ويقلُّ إعمالها ؛ فتقول : إنْ زيدًا قائمٌ .
( م ) وكما في قراءة مَنْ قرأ قوله تعالى: * بسُكون (إنْ) وتخفيف ميم ( لَمَا ) وذلك على اعتبار أنّ ( كُلاًّ ) اسم إنْ المخففة ، ولَمَا : اللام لام الابتداء ، وما : اسم موصول في محل رفع خبر إنْ المخففة . ( م )
وحكى الإعمال سيبويه ، والأخفش , ولا تلزمها حينئذ اللام الفارقة ؛ لأنها لا تلتبس بالنافية ؛ لأنّ النافية لا تعمل عمل إنَّ .
س32- ما مراد الناظم بقوله : ورُبَّما اُسْتُغْنِى عنها إن بدا ... " ؟
ج32- مراده : أنّه يمكن الاستغناء عن اللام الفارقة في حالة إهمال إنّ إذا ظهر المقصود ، وهو إثبات المعنى وليس نفيه ، وحينئذ لا تَلْتبَِسُ بـ ( إنْ ) النافية ، وذلك كما في قول الشاعر :
وَنَحْنُ أُبَاةُ الضَّيْمِ مِنْ آلِ مَالِكٍ ... وَإِنْ مَالِكٌ كَانَتْ كِرَامَ الْمَعَادِنِ
فقد حذف الشاعر اللام الفارقة من خبر إنْ المخففة، وهو ( كانت ) وذلك اعتمادًا على المعنى ، وهو إثبات طيب الأصل وشرفه لآل مالك ، وبذلك لم تلتبس إنْ المخففة بإنْ النافية ؛ لأنها لو حُمِلَتْ على النّفي لكان المعنى : ليست مالكٌ كرامَ المعادن ، وهذا المعنى ليس هو المراد من البيت .
س33- اختلف النحويون في نوع اللام الداخلة على خبر إنْ المخففة ، وضِّح ذلك .(1/191)
ج33- اختلف النحويون في هذه اللام : هل هي لام الابتداء أُدخلت للفرق بين إنْ النافية , وإن المخففة ، أو هي لامٌ أُخرى اجْتُلِبَتْ للفرق ؟ كلام سيبويه يدلّ على أنها لام الابتداء دخلت لِلْفَرْقِ . وتظهر فائدة هذا الخلاف في اختلافهم في اللام في قوله - صلى الله عليه وسلم - : " قَدْ عَلِمْنَا إنْ كُنْتَ لَمُؤْمِنا " فمَنْ جعلها لام الابتداء أوجبَ كسر همزة ( إِن ) ومنْ جعلها لاما أُخرى اُجتلبت للفرق فَتَحَ همزة (أَن) . وقال الفارسيّ : هي لامٌ غير لام الابتداء اجتلبت للفرق - وهذا الرأي جيّد - لأن لام الابتداء لها شروط في دخولها على خبر إنّ - سَبق ذكرها فارجع إليها - وقال الأخفش: هي لام الابتداء أُدخلت للفرق .
نوعُ الأفعالِ التي تأتي بعد إِنْ المخفَّفةِ
وَالْفِعْلُ إِنْ لَمْ يَكُ نَاسِخًا فَلاَ تُلْفِيهِ غَالِبًا بِإِنْ ذِى مُوصَلاَ
س34- ما نوع الأفعال التي تأتي بعد إِن المخففة ؟
ج34- إذا خُففت إنّ فلا يليها من الأفعال إلا الأفعال الناسخة للابتداء ، نحو : كان وأخواتها ، وظن وأخواتها ، وكاد وأخواتها ، كما في قوله تعالى :
* وقوله تعالى :
* وقوله تعالى : * ويَقِلّ أن يليها فعل غير ناسخ . وهذا مراده بقوله :
" إن لم يك ناسخا فلا تلفيه غالبا "، ومنه قول بعض العرب : إنْ يَزِينُك لَنَفْسُك ، وإنْ يَشِينُك لَهِيَهْ ، وقولهم : إنْ قَنَّعْتَ كَاتِبَكَ لَسَوْطًا .
وأجاز الأخفش : إنْ قام لأَنا . ومن ذلك قول الشاعر :
شَلَّتْ يَمِينُكَ إنْ قَتَلْتَ لَمُسْلِمًا ... حَلَّتْ عَلَيْكَ عُقُوبَةُ الْمُتَعَمِّدِ
فقد ورد الفعل ( قَتَلَ ) وهو غير ناسخ بعد إن المخففة .
والأخفش يجيز القياس على ذلك كلِّه ، والجمهور منعوا القياس على الفعل غير الناسخ سواء أكان ماضيًا , أم مضارعًا .
أَنَّ الْمُخَفَّفَةُ
شروط اسمها وخبرها
وَإِنْ تُخَفَّفْ أَنَّ فَاسْمُهَا اسْتَكَنّْ ... وَالْخَبَرَ اجْعَلْ جُمْلَةً مِنْ بَعْدِ أَنْ(1/192)
س35- إذا خُفِّفت أَنَّ المفتوحة فهل يبقى عملها ؟ وما شرط اسمها وخبرها ؟
ج35- إذا خُفّفت أَنَّ المفتوحة بَقِيَ عملها , وشرط اسمها : ألاَّ يكون إلاَّ ضمير الشأن محذوفًا ، وشرط خبرها : ألاَّ يكون إلاَّ جملة ، وذلك نحو: علمتُ أَنْ زيدٌ قائمٌ . فأَنْ : مخفّفة من الثقيلة ، واسمها ضمير الشأن وهو محذوف ، والتقدير : علمت أَنَّه ، وجملة زيدٌ قائمٌ : جملة اسمية في محل رفع خبر أَنْ المخففة .
( م ) وابنُ الْحَاجِب هو الذي اشترط أن يكون اسمها ضمير الشأن محذوفًا وجوبًا ، وأما الناظم , والجمهور فلم يشترطوا فيه ذلك ، وقد قَدَّر سيبويه في قوله تعالى : * أَنَّك يا إبراهيم ، والكاف ليس ضمير شأن . ( م )
س36- قال الشاعر:
فَلَوْ أَنْكِ فِى يَوْمِ الرَّخَاءِ سَأَلْتِنِى طَلاَقَكِ لَمْ أَبْخَلْ وَأَنْتِ صَدِيقُ
عين الشاهد في البيت السابق ، وما وجه الاستشهاد فيه ؟
ج36- الشاهد : أَنْكِ . وجه الاستشهاد : خُفَّفت أنّ المفتوحة ولم يحذف اسمها ، بل ورد بارزًا ، وهو الضمير ( الكاف ) وذلك قليل .
( م ) والكثير عند ابن الحاجب – الذي جَرَى الشارحُ على رأيه – أن يكون اسمها ضمير الشأن واجب الاستتار ، وخبرها جملة . ( م )
الفَصْلُ بين أَنَّ المخفَّفةِ ,
... وخبرها الجملة الفعليَّة
وَإِنْ يَكُنْ فِعْلاً وَلَمْ يَكُنْ دُعَا وَلَمْ يَكُنْ تَصْرِيفُهُ مُمْتَنِعَا
فَالأَحْسَنُ الْفَصْلُ بِقَدْ أَوْ نَفْىٍ أَوْ تَنْفِيسٍ أَوْ لَوْ وَقَلِيلٌ ذِكْرُ لَوْ
س37- ما شروط الفصل بين أَن المخفّفة , وخبرها ؟
ج37- يُشترط لذلك أن يكون خبرهاجملة فعلية فعلها مُتصرف ليس للدعاء، نحو قوله تعالى : * فقد فُصِل بين أَنْ المخففة(1/193)
وخبرها (يكون) بالسين ؛لأن الخبر جملة فعلية فعلها متصرف يأتي منه المضارع، والأمر, واسم الفاعل، وهو ليس للدعاء . فإنْ كان خبرها جملة فعلية فعلها غير مُتصرف لم يُؤْتَ بفاصل،نحو قوله تعالى: * وقوله تعالى : * فليس , وعسى : فعلان جامدان غير متصرفين ؛ ولذلك لم يُؤت بفاصل ، وكذلك إن كان الخبر جملة فعلية فعلها متصرف ، وكان للدعاء لم يُؤت بفاصل ، كقوله تعالى :
* في قراءة مَنْ قرأ (غَضِبَ) بصيغة الماضي ، وتخفيف أَنْ .
أمَّا إن كان خبرها جملة اسمية لم يَحْتَجْ إلى فاصل ، نحو: علمتُ أَنْ زيدٌ قائمٌ، إلا إذا قُصِد النّفي فَيُفْصَل بينهما بحرف نفي ،كقوله تعالى :* فالفاصل هنا هو حرف النفي ( لا ) لأن المقصود نفي وجود إله غير الله .
س38- اذكر نوع الفاصل بين أَنْ المخففة وخبرها ، وما حكم الفصل ؟
ج38- حكمُ الفَصْلِ مُختلَفٌ فيه ، فقال قوم : يجب الفَصْلُ بينهما إلا قليلاً ، وممن قال بوجوب الفصل : الفَرَّاء ، وابن الأَنْبَارِي .
وقالت فِرقةٌ منهم الناظم : يجوز الفصل وتركه ، والأحسن الفَصْل .
والفاصل أحد أربعة أشياء ، هي :
1- قَدْ ، كما في قوله تعالى : * ونحو : علمتُ أَنْ قد يقومُ زيدٌ .
2- حرفا التَّنْفِيسِ ( السين وسوف ) كما في قوله تعالى : * وكما في قول الشاعر :
وَاعْلَمْ فَعِلْمُ الْمَرْءِ يَنْفَعُهُ أَنْ سَوْفَ يَأْتى كُلُّ مَا قُدِرَا
3- النَّفْيُ ، كما في قوله تعالى : *
وقوله تعالى : * وقوله تعالى :
* .
4- لَوْ - قَلَّ ذِكْرُهَا فاصلةً عند النحويين - كما في قوله تعالى :
*
وقوله تعالى: * .
س39- قال تعالى : * في قراءة مَن قرأ برفع ( يُتِمُّ ) .
قال الشاعر: عَلِمُوا أَنْ يُؤَمَّلُونَ فَجَادُوا قَبْلَ أَنْ يُسْأَلُوا بِأَعْظَمِ سُؤْلِ
عين الشاهد فيما سبق ، وما وجه الاستشهاد فيه ؟
ج39- الشاهد في الآية الكريمة ( أَنْ يتمُّ ) .(1/194)
وجه الاستشهاد : وردت أَن مخففة وخبرها جملة فعلية فعلها متصرف ليس للدعاء ، ومع ذلك لم يُؤت بفاصل بينهما ،وهذا من أمثلة ما ورد بدون فاصل. وقيل : إنّ ( أَنْ ) ليست المخففة من الثقيلة ، بل هي أَنْ المصدرية الناصبة للفعل المضارع ، وارتفع الفعل ( يتمُّ ) بعدها شذوذًا ، وإهمال أنْ الناصبة للفعل المضارع لغةٌ لجماعة من العرب .
الشاهد في البيت الشعري : أَنْ يُؤَمَّلُون .
وجه الاستشهاد: وردت أن مخففة من الثقيلة وخبرها جملة فعلية فعلها متصرف ليس للدعاء ، ومع ذلك لم يُؤت بفاصل بينهما ، وهذا أيضاً من أمثلة ما ورد بدون فاصل .
( م ) س40- كيف نُفَرِّقُ بين أَنْ المخففة من الثقيلة ، وأَنْ المصدرية الناصبة للفعل المضارع ؟
ج40- أَنْ المخففة مِن الثقيلة هي التي يقع قبلها ما يدل على الْعِلْمِ ، نحو: (عَلِمَ ، ورَأَى ، وتَحَقَّقَ ، وتَبَيَّنَ) والفعلُ بعدها يكون مرفوعًا ، كما في قوله تعالى : * وكما في قوله تعالى : * وهذا هو مذهب الجمهور ، وأمَّا الفرَّاء , وابن الأنباري فلا يَرَيَانِ للمخففة موضعًا يَخُصُّها .
فإنْ كان ما قبلها دالاًّ على الظَّنِّ فيجوز الوجهان : مخففة ، ومصدرية ؛ والأرجح أن تكون مصدرية ، كما في قوله تعالى: * واختلفوا في قوله تعالى: * قُرِئ (تكون) بالنصب , والرفع .
أما إن لم يكن قبلها علمٌ , ولا ظنّ فهي مصدرية لا غير ، كما في قوله تعالى : * ... .
( م ) س41- ما السَّبَبُ الدَّاعي إلى الفصل بين أن المخففة , وخبرها ؟
ج41- ذهب الجمهور إلى أنّ هذا الفصل يكون للتَّفرقة بين أَنْ المخففة من الثقيلة ، وأَنْ المصدرية .
وذهب آخرون إلى أنّ هذا الفصل لِجَبْرِ الوَهْن (الضَّعف) الذي أَصَابَ أَنَّ الثقيلة بسبب تخفيفها .
ويُرَدُّ على هذا القول بأنّ هذا الوهن موجود إذا كان الخبر جملة اسمية ، أو جملة فعلية فعلها جامد ، أو دعاء ، فلماذا لم يُجبَر الوهن في هذه الحالات ويُؤتَى بفاصل ؟ .(1/195)
تَخْفِيفُ كَأَنَّ
وَخُفِّفَتْ كَأَنَّ أَيْضًا فَنُوِى مَنْصُوبُهَا وَثَابِتاً أَيْضاً رُوِى
س42- إذا خُفِّفَت كأنَّ فهل يبقى عملها ؟ وما شرط اسمها ؟ وهل يُفصل بينها وبين خبرها ؟
ج42- إذا خُفَِّفَت كأنَّ بقي عملها . وشرط اسمها أن يكون ضمير الشأن محذوفًا - وهوكثير ، ويقلّ إثبات اسمها – ولا يُفصل بينها وبين خبرها إذا كان خبرها جملة اسميَّة ، نحو : كَأَنْ زيدٌ قائمٌ .
أمّا إن كان خبرها جملة فعلية فُصِل بينهما بـ ( لم ) في حالة النّفي ، كقوله تعالى : * , وقوله تعالى : * أويفُصل بينهما بـ ( قد ) في حالة الإثبات ، كقول الشاعر:
أَفِدَ التَّرَحُّلُ غَيْرَ أَنَّ رِكَابَنَا لَمَّا تَزُلْ بِرِحَالِنَا وَكَأَنْ قَدِ
( أي : وكأنْ قد زَالَتْ ) فاسم كأنْ في هذا البيت , وفي الأمثلة السابقة جميعاً محذوف ، وهو ضمير الشأن ، والتقدير:كَأَنّه زيدٌ قائمٌ ، وكأنه لم تَغْنَ بالأمس، وكأنه لم يسمعْها،وكأنه قد زالت . وهذا معنى قول الناظم:" فَنُوِى منصوبُها ".
ورُوِى إثبات منصوبها ( أي : اسمها ) ولكنه قليل . ومنه قول الشاعر :
وَصَدْرٍ مُشْرِقِ النَّحْرِ كَأَنْ ثَدْيَيْهِ حُقَّانِ
في هذا الشاهد خُففت كأنْ , ولم يحذف اسمها ، بل ذُكِر ، وهو قوله : ثدييه ، وخبرها حُقّان .
وقد ورد اسمها وخبرها في هذا البيت اسمين ظاهرين ، ولا يُقاس عليه .
كما أنّ هذا البيت ورد برواية أخرى ، هي :
وَصَدْرٍ مُشْرِقِ اللَّون ِ كَأَنْ ثَدْيَاهُ حُقَّانِ
وذلك على اعتبار أَنّ اسم كأنْ ضمير الشأن وهو محذوف ، و ثدياه حُقّان : جملة اسمية في محل رفع خبر كأنْ . و يُحتمل أن يكون ( ثدياه ) اسم كأنْ ، وجاء بالألف على لغة مَنْ يجعل المثنى بالألف في جميع أحواله .
* س43- هل تُخَفَّفُ لكنَّ ,ولعلَّ ؟ وإذا خُفِّفتا فماذا يَتَرتَّبُ على تخفيفهما؟
ج43- نعم . تخفّف لكنَّ ، ويترتب على ذلك أمران :
1- وجوب إهمالها ، قال تعالى : * .(1/196)
2- زوال اختصاصها بالجملة الاسمية ، فتدخل على الاسمية ،كما في الآية السابقة ، وتدخل على الفعلية ،كما في قوله تعالى: *
وقوله تعالى : * .
وأمَّا لَعَلَّ فلا يجوزُ تخفيفُ لاَمِها المشَدَّدَةِ .
تَمَّ بِحَمْدِ اللهِ وتَوْفِيقِهِ الْجُزْءُ الأَوَّلُ
وَيَلِيه الجزءُ الثَّاني إِنْ شاءَ اللهُ تَعَالى
...(1/197)
الجزءُ الثاني
من لا النَّافية للجنس إلى نهاية التَّمييز
إعداد
حسين بن أحمد بن عبد الله آل علي
المدرس بمعهد تعليم اللغة العربية
بالجامعة الإسلامية
فهرس الموضوعات
الموضوع ... الصفحة
لا النافية للجنس 4
ظنّ وأخواتها 21
الأفعال المتعدية إلى ثلاثة مفاعيل ... 46
الفاعل ... 53
تأنيث الفعل ... 66
المفعول به ... 75
النائب عن الفاعل ... 91
الاشتغال ... 110
تعدي الفعل ولزومه ... 130
التنازع في العمل ... 144
المفعول المطلق ... 158
المفعول له ... 183
المفعول فيه ... 189
المفعول معه ... 204
الاستثناء ... 212
الحال ... 240
التمييز ... 283
لاَ النَّافِيَةُ لِلْجِنْسِ
عملُها ، وشروطُ عملها
عَمَلَ إِنَّ اجْعَلْ لِلاَ فِى َنكِِرَهْ مُفْرَدَةً جَاءَتْكَ أَوْ مُكَرَّرَهْ
س1- عرَّف لا التي لنفي الجنس .
ج1- لا النافية للجنس ، هي التي يُقصد بها التنصيص على استغراق النّفي للجنس كلِّه ( أي : يُرَادُ بها نفي الخبر عن جميع أفراد جنس اسمها نَصّاً ، لا على سبيل الاحتمال ) فإذا قلت : لا رجَل في الدار ، فالمعنى : ليس في الدار أحدٌ من الرجال ، لا واحد ، ولا أكثر ؛ ولذلك لا يجوز أن تقول : لا رجلَ في الدار بَلْ رَجُلان ؛ لأن ( لا ) في هذا المثال ليست َنصّاً في نفي الجنس إذ يُحتمل فيها نفي الواحد ، ونفي الجنس ، وهذه تُسمى لا النافية للوَحْدَة وهي المشَبَّهة بليس إذ يقع بعدها الاسم مرفوعا ، نحو : لا رجلٌ قائماً بل رجلان ، فهذا المثال جائز على تقدير نفي الواحد ، وغير جائز على تقدير نفي الجنس .
س2- ما عمل لا النَّافية للجنس ؟ وما شروط عملها ؟
ج2- لا النَّافية للجنس تعملُ عَمَلَ إنَّ فتنصب المبتدأ ويُسَمَّى اسمها ، وترفع الخبر ويُسَمَّى خبرها . ولا فرق في عملها سواء تكرَّرت ، نحو : لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله ، أَم لم تتكرر ، نحو قوله تعالى : * ونحو قولك : لا غُلامَ رجلٍ قائمٌ .(1/1)
وعملها مع التكرار جائز ، وعملها مفردة ( بدون تكرار ) واجب ، ولكنها لا تعمل سواء تكررت ، أم لا ، إلاّ بعد اكتمال شروطها ، وهي :
1- أن تكون نَصّاً في نفي الجنس ، كما بيّنا في السؤال السابق .
2- أن يكون اسمها ، وخبرها نكرتين . فلا تعمل في المعرفة ، وأمَّا ما ورد من المعرفة فَمُؤَوَّل بنكرة ،كقولهم : " قَضِيَّةٌ ولا أَبا حَسَنٍ لها " وقد أَوَّلها ابن عقيل: " ولا مُسَمَّى بهذا الاسم لها ". والذي يدلّ على أنَّ (أبا حسنٍ) مُعَامَلٌ مُعاملة النكرة وصفه بالنكرة ، كقولك : لا أبا حسنٍ حَلاَّلاً لها .
( م ) وأوَّلها غيره من العلماء بتأويلين آخرين ، أولهما : أن الكلام على حذف مضاف ، والتقدير : ولا مثلَ أبي حسن لها ، وثانيها : أن ُيجعل ( أبا حسن ) عبارة عن اسم جنس ، وكأنه قد قيل: ولا فيصلَ لها ، وذلك مثل تأويلهم :
(لايوسفَ اليوم ولاعنترةَ) في باب الاستعارة ، بيوسف المتناهي في الْحُسْن ، وعنترة المتناهي في الشجاعة ، والتأويل: لا جميل كيوسف،ولا شجاع كعنترة . وضابطه : أن يُؤوَّل الاسم بما اشْتُهِر به من الوصف .
والقول بأن الكلام على حذف المضاف أَظْهر . ( م )
- الحرف ( م ) الموضوع أمام السؤال يدلَّ على أنّ الجواب كاملاً من الحواشي ، وليس من متن شرح ابن عقيل .
- وإذا وُضِعَ في الجواب مُكَرَّراً دَلَّ على أنّ الجواب الذي بينهما فقط من الحواشي.
3- ألاَّ يَفْصِل بينها وبين اسمها فاصل . فإن فُصِل بينهما أُلغيت، كقوله تعالى : * فالفاصل هنا الخبر ؛ ولذلك أُلْغِيَ عملها .
4- ألاّ يدخل عليها جارٌّ . فإن دخل عليها جارّ أُلغيت ،نحو : جئت بِلا زادٍ ، وغَضِبْتُ مِنْ لا شيءٍ .
أحوال اسم لا النافية للجنس
وأحكامها الإعرابية
فَانْصِبْ بِهَا مُضَافاً أَوْ مُضَارِعَهْ وَبَعْدَ ذَاكَ الْخَبَرَ اذْكُرْ رَافِعَهْ
وَرَكِّبِ الْمُفْرَدَ فَاتِحاً كَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ وَالثَّانِى اجْعَلاَ(1/2)
مَرْفُوعاً أَوْ مَنْصُوباً أَو مُرَكَّبَا وَإِنْ رَفَعْتَ أَوَّلاً لا تَنْصِبَا
س3- اذكر أحوال اسم لا النافية للجنس ، وما الحكم الإعرابيّ لكل حالة ؟
ج3- لا يخلو اسم لا النافية للجنس من ثلاثة أحوال ، هي :
1- أن يكون مضافاً ، نحو : لا غلامَ رجلٍ حاضرٌ .
وحكمه : النّصب ، مع ملاحظة أن يكون مضافاً إلى نكرة ؛ لأن المضاف إلى نكرة يكون نكرة . فإذا أُضيف إلى معرفة بطل عملها ؛ لأن اسمها أصبح معرفة بالإضافة .
2- أن يكون مضارعاً للمضاف ( أي : مُشابها له ) ويُسمَّى: الشَّبيه بالمضاف، وهو كل اسم له تعلُّق بما بعده ، إمَّا تعلّق بعمل ، نحو : لا طالعاً جبلاً ظاهرٌ ،
ولا خيراً مِنْ زيدٍ راكبٌ (فجبلاً ، ومن زيدٍ) معمولان لـ ( طالعاً ) و(خيراً ). وإمّا تعلّق بعطف، نحو : لا ثلاثةً وثلاثين عندنا ( فثلاثين ) معطوفة على ثلاثة .
وحكمه : النَّصب أيضا. واعلم أنّ الشبيه بالمضاف يُسمى: مُطَوَّلاً، ومَمْطُولاً،
( أي : مَمْدُوداً ) .
3- أن يكون مفردا ( أي : ليسَ مُضافا ، ولا شبيهاً بالمضاف ) فيدخلُ فيه المثنى ، والجمع . وحكمه : البناء على ما كان يُنصب به ، فإن كان مفردا ليس مثنى ، ولا جمعا بُني على الفتح ؛ لأنّ المفردَ نَصْبُه بالفتح ، كما في قوله تعالى : * .
وإن كان مثنى ، أو جمع مذكر سالماً بُني على الياء ؛ لأن نصبهما بالياء نحو :
لا مُسْلِمَيْنِ خائفان ، ونحو : لا مُسْلمِينَ خائفون . وإن كان جمع مؤنث سالماً بُني على الكسرة ؛ لأن نصبه بالكسرة نيابة عن الفتحة ، نحو : لا مسلماتِ مُتَبَرِّجَاتٌ . وكل ما سبق مبني في محل نصب اسم لا.
س4- ما سبب بناء المفرد ؟
ج4- سبب بنائه ؛ لكونه مركَّباً مع ( لا ) وصيرورته معها كالشيء الواحد فهو معها كالأعداد المركّبة من أحدَ عشَرَ إلى تسعةَ عشرَ .
س5- اذكر مذاهب العلماء في بناء المفرد .
ج5- ذهب الكوفيون ، والزَّجاج : إلى أنّ ( رجل ) في قولك : ( لا رجلَ)(1/3)
معربٌ ، وأن فتحته فتحة إعراب لا فتحة بناء .
وذهب المبرَّد : إلى أن ( مُسلمَين ، ومسلمِين ) معربان منصوبان بالياء ، وحجته أنّ التثنية، والجمع من خصائص الأسماء فلا تكون مبنيّة ؛ لعدم شبهها بالحرف الذي ليس من خصائصه التثنية ، والجمع ومع ذلك فهو متفق مع الجمهور على بناء اسم ( لا ) المجموع جمع تكسير مع أن الجمع من خصائص الأسماء وهذا نقض لمذهبه المخالف للجمهور فهم يرون بناء اسم لا النافية للجنس المفرد سواء كان واحداً ، أم مثنى ، أم جمعا ًبأنواعه .
وأما جمع المؤنث السالم فَلِلْعُلماء فيه أربعة مذاهب ، هي :
1- أنْ يُبنى على الكسرة من غير تنوين . وهذا مذهب جمهرة النحاة ، نحو :
لا مسلماتِ سافراتٌ . ومنه قول الشاعر :
إنَّ الشَّباَبَ الَّذِى مَجْدٌ عَوَاقِبُهُ فِيهِ نَلَذُّ وَلاَ لَذَّاتِ لِلشَّيْبِ
فقد وردت الرواية ببناء اسم لا( لذّات ) على الكسرة ، كما كان يُنصب بها في حالة الإعراب .
2- أنْ يُبنى على الفتحة . وهذا مذهب المازني، والفارسي، ورجّحه ابن هشام .
( م ) 3- أَنْ يُبْنى على الكسرة مع بقاء التنوين . وهذا مذهب ابن مالك ، ونقله عن قوم ، وجَزَمَ به في بعض كتبه . وحجتهم أنّ التنوين في جمع المؤنث السالم تنوين مُقابلة ، وهو لا يُنافى البناء فلا يُحذف .
4- جواز بنائه على الكسرة ، وعلى الفتحة . وزعم شُرَّاح الألفية أن البيت السابق رُوي بالوجهين ( لَذَّاتَِ ) . ( م )
س6- ما مراد الناظم بقوله : " وَبعْدَ ذاكَ الْخَبرَ اذكُرْ رافعَهُ " ؟ وما الرَّافِعُ للخَبَر ؟
ج6- مراده : أن يُذْكَرَ الخبرُ مرفوعا بعد اسم لا .(1/4)
والرّافع للخبر ( لا ) نفسها عند الناظم وجماعة ،أما عند سيبويه فالرافع له (لا) نفسها إنْ كان اسمها مضافا ، أو مشبهاً بالمضاف ، أما إن كان الاسم مفرداً فاخْتُلف فيه ، فذهب سيبويه إلى أنّه مرفوع على أنه خبر المبتدأ وليس مرفوعاً بـ ( لا ) لأن مذهبه أنّ ( لا ) واسمها المفرد في محل رفع مبتدأ والاسم المرفوع بعدهما خبر عن ذلك المبتدأ ، ولم تعمل ( لا ) عنده في حالة المفرد إلاّ في الاسم فقط .
وذهب الأخفش إلى أنّ الخبر مرفوع بـ ( لا ) فتكون لا عاملة في الاسم ، والخبر كما عملت فيهما مع المضاف ، والمشبَّه به .
س7- إلام أشار الناظم بقوله : " والثاني اجعلا .... إلخ " ؟
ج7- أشار بذلك إلى أنه إذا أُتِي بعد ( لا ) والاسم الواقع بعدها بعاطف ، ونكرة مفردة وتكررت ( لا ) نحو : " لا حولَ ولا قوّةَ إلا بالله " جاز فيهما ، ( أي : في اسم لا الأولى ،واسم لا الثانية ) خمسة أَوْجُه ؛ وذلك لأن المعطوف
عليه ( حَوْلَ ) إمّا أَنْ يُبْنى مع لا على الفتح ، أو يُنصب ، أو يُرفع ، وذلك على النحو الآتي :
أولا: إن بُني المعطوف عليه معها على الفتح جاز في الثاني المعطوف ( قوة ) ثلاثة أوجُه :
1- البناء على الفتح ؛ لتركّبه مع لا الثانية ، وتكون (لا) الثانية عاملة عمل إنّ ، نحو: لا حولَ ولا قوّةَ إلا بالله . ومنه قراءة أبي عمرو ، وابن كثير قوله تعالى * بفتح بيع ، وخُلة ، وشفاعة ؛ وذلك بناءً على تركيب لا الثانية مع اسمها كتركيب لا الأولى مع اسمها . و( لا ) في المواضع الثلاثة نافية للجنس عاملة عمل إنّ ، والاسم المفتوح بعدها اسمُها مبني على الفتح في محل نصب ، وخبرها في الأولى الجار والمجرور ( فيه ) وفي الثانية، والثالثة محذوف لدلالة ما قبله عليه .
2- النصب عَطْفاً على محل اسم (لا) الأولى ؛ لأنّ محلها النصب، وتكون (لا) الثانية زائدة بين العاطف والمعطوف غير عاملة ، نحو: لا حولَ ولا قوةً إلا بالله . ومنه قول الشاعر :(1/5)
لا نَسَبَ الْيَوْمَ وَلاَ خُلَّةً اتَّسَعَ الْخَرْقُ عَلَى الرَّاقِعِ
فخُلّةً منصوب ؛ لأنه معطوف على محل اسم (لا) الأولى (نسبَ) ولا الثانية زائدة للتأكيد .
3- الرّفع ، وفيه ثلاثة أوجه :
أ- أن يكون معطوفاً على محل ( لا ) الأولى واسمها ؛ لأنّهما في محل رفع
بالابتداء عند سيبويه، وحينئذ تكون ( لا ) الثانية زائدة .
ب- أن تكون ( لا ) الثانية عاملة عمل ليس فيكون اسمها مرفوعاً .
ج- أن يكون اسم ( لا ) الثانية مرفوعاً بالابتداء ، وحينئذ تكون ( لا ) زائدة . ومثال ذلك كلِّه : لا حولَ ولا قوةٌ إلاّ بالله . ومنه قول الشاعر :
هَذَا لَعَمْرُكُمْ الصَّغَارُ بِعَيْنِهِ لاَ أُمَّ لِى إِنْ كَانَ ذَاكَ وَلاَ أَبُ
فَأَبُ : جاء مرفوعاً على واحد من ثلاثة أوجه : إما على أن يكون معطوفاً على محل ( لا ) الأولى مع اسمها، أو على أنّ ( لا ) الثانية عاملة عمل ليس ، وأب: اسمها والخبر محذوف ، وإما على أنّ ( لا ) الثانية ليست عاملة أصلا، بل هي زائدة ويكون ( أب ) مبتدأ خبره محذوف .
ثانياً : إن نُصِب المعطوف عليه جاز في المعطوف الأوجه الثلاثة المذكورة :
(البناء على الفتح ،والنصب ،والرفع) نحو: لاحولَ ولا قوَة ، ولا قوةً ، ولا قوةٌ، ونحو : لا غلامَ رجلٍ ولا امرأةَ ، ولا امرأةً ، ولا امرأةٌ .
ثالثاً : إن رُفع المعطوف عليه جاز في الثاني المعطوف وجهان :
أ- البناء على الفتح ، نحو : لاحولٌ ولا قوةَ إلا بالله ، ونحو : لا غلامُ رجلٍ ولا امرأةَ . ومنه قول الشاعر :
فَلاَ لَغْوٌ وَلاَ تَأْثِيمَ فِيهَا وَمَا فَاهُوا بِهِ أَبَداً مُقِيمُ
فالمعطوف عليه ( لغو ) مرفوع ؛ لأن ( لا ) مُلغاة ولا تعمل ، أو عَمِلت عمل ليس ،والمعطوف ( تأثيمَ ) مبني على الفتح في محل نصب اسم لا النافية للجنس؛ وبذلك عملت لا الثانية عمل إنّ .(1/6)
ب- الرفع ، نحو : لا حولٌ ولا قوةٌ إلا بالله ، ونحو : لا غلامُ رجلٍ ولا امرأةٌ ، وكما في قوله تعالى : * برفع الأسماء الثلاثة في قراءة غير أبي عمرو ، وابن كثير .
ولا يجوز النصب للثاني (المعطوف)؛ لأن جواز النّصب فيما سبق بسبب العطف
على محل اسم ( لا ) ومحلّه النصب ، و ( لا ) هنا ليست ناصبة فيسقط بذلك النصب ؛ ولهذا قال الناظم : " وإنْ رَفَعْتَ أوَّلا لا تَنْصِبا ".
* س8- لَخِّصِ الأوجهَ الخمسة الجائزة في نحو : لا حول ولا قوة إلا بالله .
ج8- 1- بناء الاسمين ، على أنَّ ( لا ) الأولى ،والثانية عملتا عمل إنّ ، نحو : لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله .
2- رفعهما ، على أن ( لا ) الأولى ، والثانية عملتا عمل ليس ، أو على أنهما مُهملتان ، نحو : لا حولٌ ولا قوةٌ إلا بالله .
3- بناء الاسم الأول على الفتح ، ورفع الثاني ، على أنّ الأولى عاملة عمل إنّ ، والثانية عاملة عمل ليس ، أو مهملة ، نحو : لا حولَ ولا قوةٌ إلا بالله .
- هذه العلامة ( *) الموضوعة أمام السؤال تدلُّ على أَنَّ الجواب كاملاً من زيادات مُعِدِّ هذا الكتاب، وليس من متن شرح ابن عقيل .
- وإذا وُضِعَتْ في الجواب مُكَرَّرة دَلَّتْ على أنّ الجواب الذي بينهما فقط من زيادات الْمُعِدِّ .
4- رفع الأول ، وبناء الثاني على الفتح ، على أن الأولى عاملة عمل ليس ، أو مهملة، والثانية عاملة عمل إنّ ، نحو : لا حولٌ ولا قوةَ إلا بالله .
5- بناء الأول على الفتح ، ونصب الثاني بالعطف على محل اسم ( لا ) الأولى ، نحو : لا حولَ ولا قوةً إلا بالله .
أحكام نعت اسم لا المبني
وَمُفْرَداً نَعْتاً لِمَبْنِىٍّ يَلِى فَافْتَحْ أَوِ انْصِبَنْ أَوِ ارْفَعْ تَعْدِلِ
س9- ما حكم نعت اسم لا المبني ؟
ج9- إذا كان اسم لا مبنيا ( مفرداً ) ونُعِت بمفردٍ جاء بعده مباشرةً ( أي :لم يَفصل بينهما فاصل ) جاز في النعت ثلاثة أوجه :(1/7)
1- البناء على الفتح ؛ لتركّب النعت مع الاسم ، نحو : لا رجلَ ظريفَ .
2- النصب ، مُراعاة لمحل اسم ( لا ) ، نحو : لا رجلَ ظريفاً .
3- الرفع ، مراعاة لمحل لا واسمها ، نحو : لا رجلَ ظريفٌ ؛ وذلك لأنَّ لا واسمها في محل رفع بالابتداء عند سيبويه .
أحكام نعت اسم لا المعرب
وحكم الفصل بين اسم لا ، والنعت
وَغَيْرَ مَا يَلِي وَغَيْرَ الْمُفْرَدِ لاَ تَبْنِ وَانْصِبْهُ أَوِ الرَّفْعَ اقْصِدِ
س10- ما حكم الفصل بين اسم لا ، والنعت ؟ وما حكم نعت اسم لا المعرب ؟
ج10- إذا فُصِل بين اسم لا، والنعت ، أو إذا كان النعت معربا ( ليس مفرداً )
جاز في النعت وجهان فقط ، هما : 1- الرفع 2- النصب .
ولا يجوز البناء . فمثال الفصل بين اسم لا ، والنعت : لا رجلَ فيها ظريفٌ، برفع النعت ( ظريف ) ويجوز نصب النعت ( ظريف )؛ فتقول : لا رجلَ فيها ظريفاً ، ولا يجوز البناء ؛ لأنّه إنّما جاز عند عدم الفصل لتركّب النعت مع الاسم ، ولا يمكن التركيب مع الفصل بينهما ، ولا فرق في هذا الحكم ، وهو امتناع البناء على الفتح في النعت عند الفصل بين أن يكون المنعوت مفرداً، ككلمة ( رجل ) في المثال السابق ، أو أن يكون المنعوت غير مفرد ، نحو :
لا طالعاً جبلاً ظريفٌ ، ويجوز : ظريفاً ؛ وامتنع البناء لأنه لا يمكن التركيب إذا كان المنعوت غير مفرد ، وهو في هذا المثال شبيه بالمضاف .
أما مثال النعت المعرب - غير المفرد - فنحو قولك : لا رجلَ ذو شَرٍّ بيننا ، ويجوز النصب ؛ فتقول : لا رجلَ ذا شرٍّ بيننا . فالنعت هنا مضاف يجوز فيه
وجهان : الرفع ، والنصب .(1/8)
ومثال النعت الشبيه بالمضاف ، قولك : لا رجلَ راغبٌ في الشرِّ عندنا ، ويجوز: راغباً ، بالنصب ويمتنع البناء ؛ لأنه لا يمكن التركيب إذا كان النعت ، أو المنعوت غير مفرد ، فالمضاف ، والشبيه بالمضاف لا يُبنيان مع ( لا ) ولا فرق في امتناع البناء بين أن يكون المنعوت مفرداً ،كما في الأمثلة السابقة ، وكما في قولك : لا رجلَ صاحبُ بِرٍّ فيها ، أو أن يكون المنعوت غير مفرد ، نحو :
لا غلامَ رجلٍ صاحبُ برٍ فيها ، وذلك برفع النعت ( صاحبُ ) ونصبه .
كذلك لا فرق في ذلك بين أن يكون النعت غير مفصول عن اسم لا ، كما في المثال السابق ، أو أن يكون مفصولا ، نحو قولك : لا غلامَ رجلٍ فيها صاحبُ برّ ، برفع ( صاحب ) ونصبه .
وخلاصة ما سبق كلّه : أنّ النعت إذا كان مفرداً ، والمنعوت مفرداً ولم يُفْصل بينهما جاز في النعت ثلاثة أوجه : البناء على الفتح ، والنّصب ، والرفع .
فإن لم يكن كذلك تعيّن الرفع ، أو النصب ، ولا يجوز البناء .
حكم المعطوف إذا لم تتكرر لا النافية للجنس
وَالْعَطْفُ إِنْ لَمْ تَتَكَرَّرْ لاَ احْكُمَا لَهُ بِمَا للنَّعْتِ ذِى الْفَصْلِ انْتَمَى
س11- ما حكم المعطوف على اسم لا النافية للجنس إذا لم تتكرر لا ؟
ج11- إذا لم تتكرر (لا) جاز في المعطوف ما جاز في النعت المفصول : الرفع ، والنصب ، ولا يجوز البناء على الفتح ؛ فتقول : لا رجلَ وامرأةٌ ، و يجوز :
لارجلَ وامرأةً ،ولا يجوز البناء على الفتح . وحكى الأخفش : لارجلَ وامرأةَ، ( بالبناء على الفتح ) وذلك على تقدير تكرار ( لا ) فكأنه قال : لا رجلَ ولا امرأةَ ، ثم حُذِفت ( لا ) .
وكذلك إذا كان المعطوف غير مفرد لا يجوز فيه إلا الرفع ، والنّصب سواء تكررت لا ، نحو : لا رجلَ ولا غلامَ امرأةٍ ، أولم تتكرر ، نحو: لا رجلَ وغلامَ امرأةٍ ، ويجوز في المثالين : ولا غلامُ امرأةٍ .(1/9)
هذا كلّه إذا كان المعطوف نكرة ، فإن كان معرفة لا يجوز فيه إلا الرفع على كل حالٍ ، نحو : لا رجلَ ولا زيدٌ فيها ، ونحو : لا رجلَ وزيدٌ فيها ؛ لأن المعطوف في هذا المثال لا يصلح لعمل ( لا ) لكونه معرفة .
( م ) س12- ما حكم البدل من اسم لا ؟ وما حكم توكيده ؟
ج12- إن كان البدل نكرة كاسم ( لا ) جاز فيه الرفع ، والنصب ، نحو:
لا أحدَ رجلاً وامرأةً فيها ، ويجوز : لا أحدَ رجلٌ وامرأةٌ فيها ، أمَّا إن كان
البدل معرفة لم يَجُز فيه إلا الرفع ، نحو: لا أحدَ زيدٌ وعمرٌو فيها ؛ لأن البدل في هذا المثال لا يصلح لعملِ ( لا ) لكونه معرفة .
أمَّا التوكيد فإن كان معنوياً فيمتنع توكيد اسم لا به ؛ بناءً على أنّ التوكيد المعنوي لا يتبع نكرة ؛ لأن ألفاظه معارف - وفي توكيد النكرة بألفاظ المعنوي خلاف سيأتي بيانه إن شاء الله في باب التوكيد - وأما إنْ كان التوكيد لفظيا فالأَوْلى في اللفظي منه أن يكون على لفظ المؤكَّد مجرَّداً من التنوين ، ويجوز رفعه ، ونصبه .
أحكام دخول همزة الاستفهام على
لا النافية للجنس
وَأَعْطِ لاَ مَعْ هَمْزَةِ اسْتِفْهَامِ مَا تَسْتَحِقُّ دُونَ الاسْتِفْهَامِ
س13- اذكر أحكام دخول همزة الاستفهام على لا النافية للجنس .
ج13- إذا دخلت همزة الاستفهام على لا النافية للجنس بَقِيت ( لا ) على ما كان لها من العمل وسائر الأحكام التي سبق ذكرُها ؛ فتقول : أَلاَ رجلَ قائمٌ ؟ وأَلاَ غلامَ رجلٍ قائمٌ ؟ وأَلاَ طالعاً جبلاً ظاهرٌ ؟
وكذلك حكم المعطوف ، والنعت بعد دخول همزة الاستفهام كحكمهما قبل
دخولها،وهذا هو قول ابن مالك في هذا البيت- وهو قول فيه تيسير وإيضاح-.
ويذكر ابن عقيل أنَّ في المسألة تفصيل ، وذلك على النحو الآتي :(1/10)
1- إذا قُصِد بالاستفهام التوبيخ ، نحو : أَلاَ رُجُوعَ وقَدْ شِبْتَ ؟ أو قُصِد به الاستفهام عن النّفي ، نحو : أَلاَ رجلَ قائمٌ ؟ فالحكم حينئذ كما ذكر ابن مالك ( أي : لها سائر الأحكام السابق ذكرُها ) .
2- إذا قُصِدَ بـ ( أَلاَ ) التَّمَنِّي - وهو كثير-، نحو : أَلاَ ماءَ ماءَ بارداً؟ ونحو:
أَلاَ مالَ فَأُساعدَ المحتاج ؟ .
فمذهب المازني : أنها تبقى على جميع ما كان لها من الأحكام ، كما ذكر ابن مالك .
ومذهب سيبويه : أنه يبقى لها عملها في الاسم ، ولا يكون لها خبر ، ولا يجوز إلغاؤها ، ولا يجوز رفع التابع النعت ، أو العطف مراعاة لمحل لا واسمها ؛ لأن مذهب سيبويه ومن معه : أَلاَّ يُتْبَع اسمها إلا على اللفظ خاصة ؛ فقولهم :
ألا ماءَ ماءَ بارداً ؟ كلمة ( ماء ) الثانية نعت للأولى مبينة على الفتح ؛ لأنها بمنزلة المركَّب المزجى مع اسم ( لا ) ويمتنع رفعها عند سيبويه إذا راعَيْتَ محل لا مع اسمها . ويجوز رفعها عند المازني على اعتبار محل لا مع اسمها وهو الابتداء ، ويتعيَّن تنوين ( بارداً ) لأن العرب لم تُركِّب أربعة أشياء .
س14- قال الشاعر :
أَلاَ ارْعِوَاءَ لِمَنْ وَلَّتْ وَآذَنَتْ بِمَشِيبٍٍ بَعْدَهُ هَرَمُ
وقال الآخر :
أَلاَ اصْطِبَارَ لِسَلْمَى أَمْ لَهَا جَلَدُ إذَا أُلاَقِى الَّذِى لاَقَاهُ أَمْثَالِى
وقال الآخر:
أَلاَ عُمْرَ وَلَّى مُسْتَطَاعٌ رُجُوعُهُ فَيَرْأَبَ مَا أَثْأَتْ يَدُ الْغَفَلاَتِ
عين الشاهد في الأبيات السابقة ، وما وجه الاستشهاد فيها ؟
ج14- الشاهد في البيت الأول : ألا ارعواءَ . وجه الاستشهاد : أبقى الشاعر عمل لا النافية للجنس مع دخول همزة الاستفهام عليها ؛ لأنه قَصَد التوبيخ والإنكار .(1/11)
الشاهد في البيت الثاني : ألا اصطبارَ . وجه الاستشهاد : أبقى الشاعر عمل لا النافية للجنس مع دخول همزة الاستفهام عليها ؛ لأن الاستفهام هنا استفهام عن النفي ، فالهمزة للاستفهام لا للنفي ؛ لأن معنى البيت : أ ينتفى عن محبوبته الصبر إذا مات فتجزع عليه ، أم يكون لها جلد وصبر ؟
الشاهد في البيت الثالث : ألا عُمْرَ . وجه الاستشهاد : قُصِد بالاستفهام مع لا في هذا البيت التَّمَنِّي ؛ ولذلك عملت في الاسم ( عُمْرَ ) وليس لها خبر ، ومستطاعٌ : خبر مقدّم للمبتدأ المؤخر ( رجوع ) ومما يدل على أن الاستفهام للتّمني نصب الفعل المضارع ( يرأبَ ) بعد الفاء السببيّة التي يشترط أن يكون ما قبلها نفي محض ، أو طلب ، والتَّمني نوع من أنواع الطلب .
حذف خبر لا النافية للجنس
وَشَاعَ فِى ذَا الْبَابِ إِسْقَاطُ الْخَبَرْ إِذَا الْمُرَادُ مَعْ سُقُوطِهِ ظَهَرْ
...
س15- متى يمكن حذف خبر لا النافية للجنس ؟ وما حكم حذفه ؟
ج15- إذا دلّ على خبر لا النافية للجنس دليلٌ وجب حذفه عند التَّمِيمِيْيِنَ ، والطَّائِيْيِنَ ، وكَثُر حذفه عند الحجازيين ، نحو أن يُقال : هَلْ مِنْ رجلٍ قائمٌ ؟ فتقول : لا رجلَ ، بحذف الخبر ( قائمٌ ) لأنه معلوم من السؤال ، وهذا الحذف واجب عند التميميين والطائيين ، وجائز بكثرة عند الحجازيين .
ولا فرق في هذا الحذف بين أن يكون الخبر ليس ظرفا ، أو جاراً ومجروراً ، كما في المثال السابق ، أو أَنْ يكون الخبر ظرفاً ، أو جاراً ومجروراً ، نحو أن يُقال : هل عندك رجلٌ ؟ أو : هل في الدارِ رجلٌ ؟ ؛ فتقول : لا رجلَ . فإن لم يدلّ على الخبر دليل لم يَجُزْ حذفه عند الجميع ، نحو قوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ " .
س16- قال الشاعر :
إِذَا اللَّقَاحُ غَدَتْ مُلْقًى أَصِرَّتُهَا وَلاَ كَرِيمَ مِنَ الوِلْدَانِ مَصْبُوحُ
عيِّن الشاهد في البيت السابق ، وما وجه الاستشهاد فيه ؟(1/12)
ج16- الشاهد فيه : ولا كريمَ من الولدانِ مصبوحُ .
وجه الاستشهاد : ذكر الشاعر خبر لا ، وهو قوله ( مصبوحُ ) لأنه لا يُعلَمُ إذا حُذِفَ .
ولو أنّه حَذَفَهُ فقال: ولا كريم من الوالدانِ لَفُهِمَ أنّ المراد: ولا كريمَ من الولدانِ موجود ؛ لأن الذي يُحذف عند عدم قيام قرينة هو الكون العام ( موجود ) .
ولا شكَّ أنَّ هذا المعنى غير مقصود .
---
ظَنَّ وأخواتُها
عملها ، وأقسامها
انْصِبْ بِفِعْلِ القَلْبِ جُزْءَي ابْتِدَا أَعْنِى رَأَى خَالَ عَلِمْتُ وَجَدَا
ظَنَّ حَسِبْتُ وَزَعَمْتُ مَعَ عَدّْ حَجَا دَرَى وَجَعَلَ اللَّذْ كَاعْتَقَدْ
وَهَبْ تَعَلَّمْ وَالَّتِى كَصَيَّرا أَيْضاً بِهَا انْصِبْ مُبْتَداً وَخَبَرَا
س1- ما عمل ظن وأخواتها ؟ وما أقسامها ؟ واذكر أمثلة عليها .
ج1- ظن وأخواتها أفعال تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر ، نحو : ظننتُ الطالبَ غائباً . فالطالبَ : مفعول أول ، وغائباً : مفعول ثانٍ ، وأصلهما قبل دخول ظن المبتدأ والخبر ؛ تقول : الطالبُ غائبٌ .
وهذه الأفعال تنقسم إلى قسمين :
1- أفعالُ الْقُلُوبِ . 2- أفعالُ التَّحْوِيلِ .
أولاً : أفعال القلوب .
تنقسم أفعال القلوب إلى قسمين :
أ- ما يدلّ على اليقين ، نحو : رَأَى ، عَلِمَ ، وَجَدَ ، دَرَى ، تَعَلَّمْ .
ب- ما يدلّ على الرُّجْحَان ، أي : رُجحان وقوع الشيء ، نحو : ظَنَّ ، خَالَ ، حَسِبَ ، زَعَمَ ، عَدَّ ، حَجَا ، جَعَلَ ، هَبْ .
وهَاكَ أمثلةً ، وشواهد على عمل أفعال اليقين ، ومعانيها :
1- رأى ، نحو قول الشاعر :
رأيتُ اللهَ أَكْبَرَ كُلِّ شيءٍ مُحَاوَلَةً وأَكْثَرَهُمْ جُنُوداً
رأى في هذا البيت بمعنى اليقين (أي : بمعنى عَلِم) ونحو : رأيتُ العلمَ نوراً . وقد تُستعمل بمعنى ظنَّ ، كقوله تعالى : * (أي: يَظُنُّونَه) . وقد تأتي بمعنى (حَلَمَ) كما في قوله تعالى : * وهي بهذه المعاني تنصب مفعولين .
((1/13)
م ) وقد تأتي رأى بمعنى (أَبْصَرَ) نحو : رأيتُ القَمَرَ . وقد تأتي بمعنى (اعَتَقدَ) نحو : رأى المدرسُ صِحَّةَ هذه المسألة ( أي : اعتقدَ صحَّتها ) . وقد تأتي بمعنى
( أَصَابَ رِئَتَه ) نحو : رأيتُ محمداً ، تَقْصِد أَنَّك ضربتهَ فَأَصبْتَ رِئتَه . وهي بهذه المعاني تنصب مفعولاً واحدا . ( م )
2- عَلِمَ ، نحو : عَلِمْتُ زيداً أخاك . ومنه قول الشاعر :
عَلِمْتُكَ البَاذِلَ المعروفَ فَانْبَعَثَتْ إِلَيْكَ بِى وَاجِفَاتُ الشَّوْقِ والأَمَلِ
علم في المثالين بمعنى اليقين .
( م ) وقد تأتي عَلِمَ بمعنى ظنَّ ، ويمثِّل لها العلماء بقوله تعالى : * .
وسواء كانت عَلِمَ بمعنى اليقين ، أو الظن فهي تتعدى إلى مفعولين . وقد تأتي
بمعنى (عَرَفَ) فَتنصبُ مفعولاً واحداً ، كما في قوله تعالى : * . ( م )
3- وَجَدَ ، نحو قوله تعالى : * وهي بمعنى اليقين ، ونحو : وجدتُ التَّقْوَى أَعْظَمَ أسبابِ دخولِ الجنَّةِ .
4- دَرَى ، نحو : قول الشاعر :
دُرِيتَ الوَفِيَّ العهدَ ياعُرْوَ فَاغْتَبِطْ فإِنَّ اغْتِبَاطاً بِالوَفَاءِ حَمِيدُ
وهي بمعنى اليقين ، ونحو : دَرَيْتُ النَّجاحَ قريباً من طَالِبِه .
5- تَعَلَّمْ - وهي التي بمعنى اعْلَمْ - كما في قول الشاعر :
تَعَلَّمْ شِفَاءَ النَّفْسِ قَهْرَ عَدُوِّهَا فَبَالِغْ بِلُطْفٍٍ في التَّحَيُّلِ والْمَكْرِ
وهي بمعنى اليقين (أي: اعْلَمْ ) وفي الحديث:" تَعَلَّمُوا أَنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بأَعْوَرَ "
( أي : اعْلَمُوا ) .
( م ) فإن كانت أمراً من ( تَعَلَّمَ يَتَعَلَّمُ ) فهي متعدية إلى مفعول واحد ، نحو : تَعَلَّم النَّحوَ . فَتَعلَّمْ التي تنصب مفعولاً واحداً مُتَصَرَّفة ، وأما التي من أخوات ظنّ فجامدة لا تتصرف . ( م )
وأمّا أمثلة ، وشواهد أفعال الرُّجحان فكما يلي :
1- ظَنَّ ، نحو : ظننتُ زيداً صاحِبَك . وقد تستعمل لليقين ، كقوله تعالى :(1/14)
* وكقوله تعالى : * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم . وهي في الآيتين بمعنى عَلِمُوا .
وظنَّ بمعنى الرُّجْحان ، أو اليقين تنصب مفعولين .
2- خَالَ ، نحو : خِلْتُ زيداً أَخَاكَ . وقد تُستعمل خال لليقين ، كقول الشاعر :
دَعَانِي الغَوَانِي عَمَّهُنَّ وخِلْتُنِي لِيَ اسْمٌ فَلاَ أُدْعَى بِهِ وَهْوَ أَوَّلُ
خال في هذا البيت بمعنى اليقين ، وليس بمعنى الظن ؛ لأن الشاعر لا يظنّ أنّ لنفسه اسماً ، بل هو على يقين من ذلك .
3- حَسِبَ ، كقوله تعالى : * ونحو : حَسِبْتُ زيداً صاحِبَك . وقد تُستعمل لليقين ، كقول الشاعر :
حَسِبْتُ التُّقَى والْجُودَ خَيْرَ تِجَارَةٍ رَبَاحاً إِذَا مَا الْمَرْءُ أَصْبَحَ ثَاقِلاَ
حَسِب هنا بمعنى عَلِمَ .
4- زَعَمَ ، كقول الشاعر :
فَإِنْ تَزْعُمِينِي كُنْتُ أَجْهَلُ فِيكُمُ فَإِنِّي شَرَيْتُ الحِلْمَ بَعْدَكِ بِالْجَهْلِ
( م ) والأكثر في زَعَمَ أنْ تتعدَّى إلى مفعوليها بواسطة أنّ المؤكدة ، نحو قوله تعالى : * وقوله تعالى : * بَلْ وردت ( أَنْ ) في الآيتين مخففة من الثقيلة ( أنَّ ) وتأتي كذلك مُشَدَّدة ، كقول الشاعر :
وَقَدْ زَعَمَتْ أَنِّي تَغَيَّرْتُ بَعْدَها ومَنْ ذَا يا عَزَّ لا يَتَغَيَّرُ ( م )
5- عَدَّ ، نحو قول الشاعر :
فَلاَ تَعْدُدِ الْمَوْلَى شَرِيكَكَ في الغِنَى وَلكِنَّمَا الْمَوْلَى شَرِيكُكَ في العُدْمِ
والمعنى : لا تظنَّ أنّ صديقَك وَحَلِيفك هو الذي يُشارِكُك المودَّة أيام الغِنى ،
ونحو : عَدَدْتُ الصَّدِيَق أَخاً .
* فإن كانت ( عَدَّ ) بمعنى ( أَحْصَى ) تعدّت إلى مفعول واحد ، نحو : عَدَدْتُ المالَ . *
6- حَجَا ، نحو قول الشاعر :
قَدْ كُنْتُ أَحْجُو أَبَا عَمْرٍو أَخاً ثِقَةً حَتَّى أَلَمَّتْ بِنَا يَوْماً مُلِمَّاتُ
والمعنى : قد كنتُ أظنّ أبا عمروٍ أخاً ثقة ، ونحو: حَجَا الطَّالبُ المدرسَ مديراً .
((1/15)
م ) فإن كانت ( حَجَا ) بمعنى غَلَب في المحاجاة ، نحو :حَاجَيْتُه فَحَجَوْتُه ، أو كانت بمعنى ( قَصَدَ ) كقول الشاعر : حَجَوْنا بنِي النُّعمانَ إِذْ عَصَّ مُلْكُهُمْ ...، فهي متعديّة إلى مفعول واحد . ( م )
7- جَعَلَ ، بمعنى ظَنَّ ، كما في قوله تعالى : * جعل في هذه الآية بمعنى ( ظنَّ ) ومفعولها الأول :
الملائكةَ ، والثاني : إِنَاثاً ، ونحو : أجعلتني مديراً ؟ ( أي : أظننتني مديراً ) .
* فإن كانت جَعَلَ بمعنى ( أَوْجَدَ ) تعدَّت إلى مفعول واحد ، نحو قوله تعالى : * وإن كانت بمعنى ( أَنْشَأ ) فهي ناقصة من أفعال الشروع التي تعمل عمل ( كان ) نحو : جعل المدرسُ يشرحُ الدرسَ . *
8- هَبْ ، كقول الشاعر :
فَقُلْتُ أَجِرْنِي أَبَا مَالِكٍ وَإِلاَّ فَهَبْنِي امْرَأً هَالِكاً
والمعنى : أَغِثْنِي يا أبا مالكٍ ، فإنْ لم تفعلْ فَظُنَّ أنَّى رجلٌ من الهالكين ، ونحو : هَبْ قولَك صحيحاً فما العَمَلُ ؟
* فإن كانت هَبْ بمعنى (خَفْ) تعدَّت إلى مفعول واحد ، نحو : هَبْ رَبَّكَ . وإن كانت بمعنى (الهِبَة) أي : الأُعْطِيَة ، نحو : هَبِ الفقراءَ مالاً ، فهي متعدية إلى مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر ، فهي بذلك ليست من أفعال القلوب ، ولا من أفعال التّحويل . *
ثانيا : أفعال التَّحويل .
هي التي أشار إليها الناظم بقوله : "والتي كصَيَّرا ... إلخ " .
وهذه الأفعال هي : 1- صَيَّر ، نحو : صَيَّرتُ الطينَ خَزَفاً .
2- جَعَل ،نحو قوله تعالى: * أي: صَيَّرناه هباءً،وكما في قوله تعالى:* .
3- وَهَبَ ، نحو : وَهَبَني الله ُفِدَاكَ ( أي : صَيَّرَنِي فِداك ) .
4- تَخِذَ ، كقراءة مَنْ قرأ قوله تعالى : * لَتَخِذْتَ بتخفيف التاء ، وكسر الخاء في ( لتَخِذْتَ ) ونحو قولك : تَخِذْتُك صديقاً بعد أنْ كنتَ عدوّاً .
5- اتَّخَذَ ، كقوله تعالى : * ونحو : اتَّخَذَ المسافرون الباخرةَ فُندقاً .(1/16)
6- تَرَكَ ،كقوله تعالى : * (أي:صَيَّرْنا بعضهم يموج في بعض) . فالمفعول الأول : بعضَهم ، والثاني : جملة يموج ،
وكما في قول الشاعر :
وَرَبَّيْتُهُ حَتَّى إِذَا مَا تَرَكْتُهُ أَخَا القَوْمِ وَاسْتَغْنَى عَنِ الْمَسْحِ شَارِبُهْ
ونحو : تَرَكَتِ الحربُ القريةَ خَرَاباً .
7- رَدَّ ،كما في قوله تعالى : * ( أي : يُصَيَّرونَكُمْ كُفَّاراً ) وكما في قول الشاعر :
فَرَدَّ شُعُورَهُنَّ السُّودَ بِيضاً وَرَدَّ وُجُوهَهُنَّ البِِيضَ سُودَا
( أي : صَيَّرَ شْعُورهُنَّ بيضاً ، وصَيَّر وجوهَهُنّ سوداً ) .
وهذه الأفعال لا تنصب مفعولين إلا إذا كانت بمعنى ( صَيَّر ) وهو التَّحويل .
س2- إلام أشار الناظم بقوله : " أَعْنِى رَأَى ...... إلخ " ؟
ج2- أشار إلى أنَّ أفعال القلوب منها ما ينصب مفعولين ، وهو : رأى ، وما بعده مما ذكره الناظم في أبيات هذا الباب ، ومنها ما ليس كذلك ( أي : لا ينصب مفعولين ) وهو قسمان :
أ- قسمٌ لاَزِمٌ ، نحو : جَبُنَ زيدٌ ، وحَزِنَ عمرٌو .
ب- قسمٌ مُتَعَدٍّ إلى مفعول واحد ، نحو : كَِرهْتُ زيداً ، وفَِهمْتُ الدرسَ .
التَّصَرُّفُ ، والْجُمُودُ
والتَّعْلِيقُ ، والإِلْغَاءُ
وَخُصَّ باِلتَّعْلِيقِ وَالإِلْغَاءِ مَا مِنْ قَبْلِ هَبْ وَالأَمْرَ هَبْ قَدْ أُلْزِمَا
كَذَا تَعَلَّمْ وَلِغَيْرِ الْمَاضِ مِنْ سِوَاهُمَا اجْعَلْ كُلَّ مَا لَهُ زُكِنْ
س3- اذكر تقسيم ظن وأخواتها باعتبار تصرّفها ، وجمودها .
ج3- عرفنا أنّ هذه الأفعال قسمان، أحدهما : أفعال القلوب ، والثاني : أفعال التحويل. فأما أفعال القلوب فتنقسم باعتبار التصرّف وعدمه إلى قسمين :
1- أفعال مُتَصَرَّفَة ، وهي جميع أفعال القلوب ما عدا ( هَبْ ، وتعلَّمْ ) وهذه الأفعال المتصرّفة يأتي منها الماضي ، نحو : ظننتُ زيداً قائماً ، والمضارع ، نحو :(1/17)
أظنّ زيداً قائماً ، والأمر ، نحو : ظُنَّ زيداً قائمًا ، واسم الفاعل ، نحو : أنا ظَانٌّ زيداً قائماً ، واسم المفعول ، نحو : زيدٌ مَظنُونٌ أبُوهُ قائماً . فأبوه : هو المفعول الأوّل ، وجاء مرفوعاً ؛ لأنه أصبح نائب فاعل لاسم المفعول ( مظنون ) وقائماً : المفعول الثاني . ويأتي منها المصدر ،نحو: عجبتُ من ظنَّك زيداً قائماً ، وهكذا الباقي من أفعال القلوب ما عدا ( هَبْ ، وتعلّمْ ) ، ويثبت لها كلّها من العمل وغيره ما ثبت للماضي .
2- أفعال غير متصرفة ( جامدة ) ، وهي فعلان ، هما : ( هَبْ ، وتعلَّمْ بمعنى اعْلَمْ ) فلا يُستعمل منهما إلا الأمر فقط .
وأَمَّا أفعال التحويل فكُلٌّها متصرفة ما عدا (وَهَبَ) فلا يُستعمل منه إلا الماضي .
س4- ما معنى التعليق ، والإلغاء ؟ واذكر تقسيم ظنّ وأخواتها باعتبار التعليق ، والإلغاء .
ج4- معنى التعليق : تَرْكُ العمل لفظاً لا محلاً ؛ وذلك بسبب مانع له حقّ الصدارة، وأهم هذه الموانع ما يلي :
1- لام الابتداء 2- لام القَسَم 3- الاستفهام .
4- حرف من حروف النّفي الثلاثة الآتية : ( ما ، إنْ ، لا ) .
ومعنى الإلغاء : تركُ العملِ لفظاً ، ومحلاً لا لمانع من الموانع السابقة وإنّما بسبب توسّط الفعل الناسخ بين معموليه ، أو بسبب تأخّره عنهما ، وهذا هو سبب الإلغاء .
أما في التعليق فلا بُدَّ من مانع من الموانع السابقة مع وجوب تقدّم الفعل الناسخ على معموليه .
وبالنسبة لتقسيم هذه الأفعال باعتبار التعليق ، والإلغاء فهي كما يلي :
أ- أفعال التحويل : المتصرف منها ، وغير المتصرَّف لا تعليق فيها ، ولا إلغاء .
ب- أفعال القلوب : غير المتصَّرف منها لا تعليق فيه ولا إلغاء ، وهما فعلان فقط ( تعلَّمْ ، وهَبْ ) .(1/18)
وأمَّا أفعال القلوب المتصَرِّفة فهي التي تختصُّ بالتعليق ، والإلغاء معاً دون غيرها من الأفعال . مثال التعليق : ظننت لزيدٌ قائمٌ ، فقولك : لزيدٌ قائمٌ ، لم تعملْ فيه (ظنّ) لفظاً ، وعملت فيه محلا ؛ وذلك بسبب المانع الذي فصل بين الفعل
الناسخ ومفعوليه ، وهو لام الابتداء ، ولام الابتداء لها حق الصدارة . وجملة
( لزيدٌ قائم ) في محل نصب سدّت مسدّ المفعولين بدليل أنك لو عطفت عليها لنصبت المعطوف ، نحو : ظننت لزيدٌ قائمٌ وعمراً منطلقاً . فالفعل (ظنَّ) عاملٌ محلا لا لفظا بسبب ذلك المانع .
ومثال الإلغاء : زيدٌ ظننتُ قائمٌ ، فلا عملَ لظن في ( زيدٌ قائمٌ ) لا لفظاً ، ولا محلا ؛ وذلك بسبب توسّط الفعل بين معموليه .
ويثبت للمضارع ، وغيره من التعليق ، والإلغاء ما ثبت للماضي ، نحو : أظنُّ لزيدٌ قائمٌ ، ونحو : زيدٌ أظنُّ قائمٌ .
( م ) س5- هل التعليق ، والإلغاء يجري في غير أفعال القلوب ؟
ج5- التعليق ، والإلغاء معاً يختصان بأفعال القلوب المتصرفة وحدها دون جميع
ما عداها من الأفعال ، وهذا لا يُنافي أنّ التعليق وحده قد يجري في غير أفعال هذا الباب ، وذلك فيما يلي :
1-كلُّ فعلِ شكٍّ لا ترجيح فيه لأحد الجانبين على الآخر ، نحو : شَكَكْتُ أزيدٌ عندك أم عمرٌو ؟ برفع ( زيد ) على التعليق .
2-كل فعل يدل على العِلْم ، نحو : تَبَيَّنْتُ أصادقٌ أنت أم كاذبٌ ؟
3-كل فعل يُطلب به العِلم ، نحو : استفهمتُ أمقيمٌ أنت أم راحلٌ ؟
4-كل فعل من أفعال الحواس الخمس ، نحو : لَمَسْتُ ، أَبْصَرْتُ (نَظَرْتُ)، اسْتَمَعْتُ ، شَمِمْتُ ، ذُقْتُ ؛ تقول : لَمَسْتُ أناعمٌ جلدُك أم خَشِنٌ ؟ وتقول : أَبْصَرتُ أسريعةٌ خُطَاك أم بَطِيئةٌ ؟
وبذلك تعرف أن التعليق ، والإلغاء معاً من خصائص أفعال القلوب .
أما التعليق وحده فيجري في غيرها كما عَلِمت .
حكم الإلغاء ، والتعليق(1/19)
وَجَوَّزِ الإِلْغَاءَ لا فِى الابْتِِِدَا وَانْوِ ضَمِيرَ الشَّأْنِ أَوْ لاَمَ ابْتِدَا
فِى مُوهِمٍ إِلْغَاءَ مَا تَقَدَّمَا وَالْتَزِمِ التَّعْلِيقَ قَبْلَ نَفْىِ مَا
وَإِنْ وَلاَ لاَمُ ابْتِداءٍ أَوْ قَسَمْ كَذَا وَالاسْتِفْهَامُ ذَا لَهُ انْحَتَمْ
س6- ما حكم الإلغاء ؟ وضّح بالتفصيل .
ج6- ذكر الناظم أنّ الإلغاء جائز لا واجب إذا لم يكن الناسخ في ابتداء جملته، كأن يقع وسطاً ،نحو: زيدٌ ظننتُ قائمٌ ، أو يقع متأخراً ، نحو: زيدٌ قائمٌ ظننتُ.
أما إذا وقع الناسخ في ابتداء جملته فيجب الإعمال ، نحو ظننتُ زيداً قائماً .
واختلف العلماء في أيَّ الأمرين أحسن الإلغاء ، أو الإعمال ؟ وذلك على التفصيل الآتي :
1- إذا توسَّط الناسخ بين المفعولين ، نحو : زيدٌ ظننت قائمٌ ، ففيه قولان :
أ- الإلغاء ، والإعمال سِيَّان .
ب- الإعمال أحسن من الإلغاء .
2- إذا تأخر الناسخ ، نحو : زيدٌ قائمٌ ظننتُ ، فالإلغاء أحسن .
3- إذا تقدّم الناسخ ، نحو: ظننت زيداً قائماً ، امتنع الإلغاء عند البصريين ووجب الإعمال . وأجاز الكوفيون ، والأخفش ، وأبوبكر الزبيدي الإلغاء .
س7- قال الشاعر :
أَرْجُو وَآمُلُ أَنْ تَدْنُو مَوَدَّتُهَا وَمَا إِخَالُ لَدَيْنَا مِنْكِ تَنْوِيلُ
وقال الآخر :
كَذَاكَ أُدَّبْتُ حتَّى صَارَ مِنْ خُلُقِى أَنَّى وَجَدْتُ مِلاَكُ الشَّيمَةِ الأَدَبُ
عيَّن الشاهد في البيتين السابقين ، وما وجه الاستشهاد فيهما ؟
ج7- الشاهد في البيت الأول : وَمَا إخالُ لدينا منك تنويلُ .
وجه الاستشهاد : ظاهر هذا البيت أنّ الشاعر ألغى عمل ( إخال ) مع أنها متقدمة يجب إعمالها . وتخريج ذلك عند البصريين أنّ مفعولها الأول ضمير الشأن محذوف ، والتقدير ( وما إخاله ) ومفعولها الثاني جملة (لدينا تنويل). والكوفيون يرون أنه من باب الإلغاء ، فلا حاجة إلى التأويل .
الشاهد في البيت الثاني : وجدتُ ملاكُ الشّيمِة الأدبُ .(1/20)
وجه الاستشهاد : ظاهر هذا البيت أنّ الشاعر ألغى عمل (وجدت) مع أنّه متقدم يجب إعمالُه ، فقال الكوفيون : هو من باب الإلغاء ؛ لأن الإلغاء عندهم جائز مع تقدّم الناسخ ولذلك لا حاجة عندهم إلى التأويل .
وقال البصريون : هو إمّا من باب الإعمال على تقدير أنّ المفعول الأول ضمير الشأن محذوف ( أني وجدتُهُ ) والمفعول الثاني جملة (ملاكُ الشيمة الأدبُ ) وإمّا من باب التّعليق على تقدير دخول لام الابتداء على (مِلاك) والتقدير: أنّي وجدتُ لَمِلاكُ... .
( م ) س8- ظاهر قول الناظم ( وَجوَّز الإلغاء ) يفيد أن الإلغاء جائز لا واجب ، فهل هذا الحكم بالإجماع ؟
ج8- القول بأن الإلغاء جائز لا واجب هو مذهب الجمهور، وهو رأي النّاظم؛ ولهذا قال : " وجَوَّز الإلغاءَ " . وذهب الأخفش إلى أن الإلغاء واجب .
وذكر بعض المحققين أنّ للإلغاء ثلاثة أحكام ، هي :
1- وجوب الإلغاء ، وله موضعان :
أ- أن يكون الناسخ مصدراً متأخراً، نحو : عمرٌو مُسافرٌ ظَنَّي. فلا عمل هنا؛ لأنّ المصدر لا يعمل متأخراً .
ب- أن يتقدّم المعمول وتقترن به أداة تستوجب التصدير،نحو: لزيدٌ قائم ظننتُ.
2- امتناع الإلغاء ، وله موضع واحد ، هو : أن يكون العامل منفيا ، نحو : زيداً قائماً لم أظنّ . ولا يجوز (هنا) الإلغاء ؛ فلا تقول : زيدٌ قائمٌ لم أظنّ ؛ لئلا يُظَنّ أنّ صدر الكلام مثبت .
3- جواز الإلغاء ، والإعمال فيما عدا ما سبق .
وهذا بخلاف التَّعليق فإنه لاَزِمٌ ؛ ولهذا قال الناظم : " والتَزِم التَّعليق " .
س9- ما حكم التعليق ؟ وضّح بالتفصيل .
ج9- التّعليق واجب إذا فصل بين الناسخ ومفعوليه فاصلٌ مِمَّا له الصدارة ؛ لأنّ الذي له الصدارة لا يعمل فيه ما قبله ، والفاصل أنواع أشهرها ما يلي :
1- ما النافية ، نحو : ظننتُ ما زيدٌ قائمٌ ، ونحو قوله تعالى : * .
2- إِنْ النافية ، نحو : علمتُ إِنْ زيدٌ قائمٌ ، ونحو قوله تعالى : * ً .(1/21)
3- لا النافية ، نحو : ظننتُ لا زيدٌ قائمٌ ولا عمرٌو .
4- لام الابتداء ، نحو : ظننتُ لزيدٌ قائمٌ .
5- لام القسم ، نحو : علمتُ لَيقومَنَّ زيدٌ ، ونحو قوله تعالى : * قال ابن عقيل : لم يَعُدَّ لام القسم من الْمُعَلِّقَاتِ أحدٌ من النحويين .
( م ) وقد عدَّها من المعلقات جماعة من النحويين، منهم ابن مالك، وابن هشام، وأبو الحجَّاج الأعلم الشَّنْتَمَرِي . ( م )
6- الاستفهام ، وله صورٌ ثلاث :
أ- أن يكون أحد المفعولين اسم استفهام وقع مبتدأ ، نحو : علمت أيُّهُم أبوك ، أو اسم استفهام وقع خبراً ، نحو : علمتُ متى السَّفرُ ؟ وكما في قوله تعالى :
* وقوله تعالى : * .
ب- أن يكون المبتدأ مضافا إلى اسم استفهام ، نحو : علمتُ غلامُ أيَّهم أبوك .
ج- أن يدخل عليه حرف استفهام ، نحو : علمتُ أزيدٌ عندك أم عمرٌو ؟
ونحو : علمتُ هَلْ زيدٌ قائمٌ أم عمرٌو ؟ ونحو قوله تعالى : * .
وقد يكون الفاصل اسم استفهام فَضْلة ، كما في قوله تعالى :
* فاسم الاستفهام ( أي ) فضلة ليس هو أحد المفعولين وهو منصوب على أنه مفعول مطلق نُصِب بما بعده ، وليس منصوبا بما قبله ؛ لأن الاستفهام له الصدارة ، فلا يعمل فيه ما قبله .
س10- اذكر خلاف العلماء في قوله تعالى : * وفي قوله تعالى : * .
ج10- أمّا الآية الأولى فذهب قوم إلى : أنّها من باب التعليق ؛ وذلك بسبب الفَصْل بـ ( إِنْ ) النافية ، كما سبق بيان ذلك في إجابة السؤال السابق . وذهب آخرون إلى : أنّ هذا ليس من باب التعليق في شيء ؛ لأن شرط التعليق : أنّه إذا حُذِف المعلِّق تسلَّط العامل على ما بعده فينصب مفعولين، نحو : ظننتُ ما زيدٌ قائمٌ ، فلو حذفت المعلِّق ( ما ) لقلتَ : ظننتُ زيداً قائماً ، والآية الكريمة لا يمكن فيها حذف المعلِّق ( إِنْ ) لأنك لو حذفت ( إِنْ ) لم يتسلَّط
الناسخ ( تظنون ) على ( لبثتم ) إذْ لا يُقال : وتظنون لبثتم .(1/22)
والجواب على ذلك كما ذكر ابن عقيل : أنه لا يُشترط في التعليق هذا الشرط المذكور ، وتمثيل النحويين للتعليق بهذه الآية الكريمة شاهد لعدم صحَّة هذا الاشتراط .
* وأمَّا الآية الثانية ، فذهب قوم إلى : أنّ القَسَم معلِّق للفعل عن العمل، كما سبق بيان ذلك في إجابة السؤال السابق .
وذهب سيبويه ، وجمهرة النحاة : إلى أنّ (عَلِمَ ) في هذه الآية ، وفي وغيرها من الشواهد قد خرجت عن معناها الأصلي ونُزِّلت منزلة القسم ،وعلى هذا فإنّ ما بعد ( عَلِم ) جملة لا محل لها من الإعراب ؛ لأنها جواب القسم الذي هو (علم) وحينئذ لا تحتاج إلى معمول، ولا تَتَّصِفُ بإلغاء ، ولا تعليق ، ولا إعمال . *
تعْدِيَةُ عَلِمَ وظَنَّ إلى مفعول واحد
لِعْلِمِ عِرْفَانٍ وَظَنِّ تُهَمَهْ تَعْدِيَةٌ لِوَاحِدٍ مُلْتَزَمَهْ
س11- إلام يُشير الناظم في هذا البيت ؟
ج11- يشير إلى أن الفعلين ( عَلِم ، وظنَّ ) يمكن تعدية كلٍّ منهما إلى مفعول واحد ؛ وذلك بشرط أن تكون عَلِمَ ، بمعنى (عَرَف) نحو : علمتُ زيداً ( أي : عرفته ) ونحو قوله تعالى : * وبشرط أن تكون ظنّ ، بمعنى ( اتَّهَمَ ) نحو: ظننتُ زيدا ً(أي: اتَّهَمْتُهُ).
ومنه قوله تعالى : * ( أي : بِمُتَّهَمٍ ) .
رَأَى الْحُلْمِيَّة
وَلِرَأَى الرُّؤْيَا اُنْمِ مَا لِعَلِمَا طَالِبَ مَفْعُولَيْنِ مِنْ قَبْلُ انْتَمَى
س12- ما المراد برأى الحلمية ؟ وكم مفعولا تنصب ؟
ج12- المراد بها : الرُّؤْيا في المنام ، وهي تنصب مفعولين ، كعَلِمَ .
وإلى هذا أشار الناظم بقوله : "ولرأي الرُّؤْيا انْم ما لعلما " ( أي : انْسُب لرأَى التي مصدرها (الرُّؤيا) ما نُسِب لعَلِمَ المتعدية إلى مفعولين ) .
ومثال رأى الحلميّة قوله تعالى: * فالمفعول الأول ، هو : ياء المتكلِّم ، وجملة ( أعصر خمراً ) في محل نصب مفعول ثانٍ .
وكما في قول الشاعر :
أَبُو حَنَشٍ يُؤَرِّقُنِى وطَلْقٌ وَعَمَّارٌ وَآوِنَةً أَثَالاَ(1/23)
أَرَاهُمْ رُفْقَتِى حَتّى إِذَا مَا تَجَافَى اللَّيلُ وَاْنَخَزَلَ انْخِزَالا
فالضمير ( هم ) مفعول أول لـ (أَرَى) الحلميّة ، و (رفقتى) مفعول ثانٍ لها . وبذلك يكون الشاعر قد أَجْرى (أَرَى) الحلميّة مجرى (عَلِم) فنصب مفعولين .
حكم حذف المفعولين ، أو أحدهما .
وَلاَ تُجِزْ هُنا بِلاَ دَليل ِ سُقُوطَ مَفْعُولَيْنِ أَوْ مَفْعُولِ
س13- متى يجوز حذف المفعولين ، أو حذف أحدهما ؟
ج13- لا يجوز حذف المفعولين ، أو أحدهما إلاّ إذا دلّ عليهما دليل . فمثال حذف المفعولين : هل ظننتَ زيداً قائماً ؟ فتقول : ظننتُ . فَحُذِفَ المفعولين من الجواب اختصاراً ؛ لدلالة السؤال عليهما ، والتقدير : ظننت زيداً قائماً ، ومنه قوله تعالى: * ( أي: تزعمونهم شركائي ) .
ومثال حذف أحدهما : هل ظننتَ أحداً قائماً ؟ فتقول : ظننتُ زيداً . فحُذِفَ المفعول الثاني اختصاراً ؛ لدلالة ما قبله عليه ، والتقدير : ظننت زيداً قائماً .
فإن لم يدلّ دليل على الحذف لم يَجُز الحذف لا فيهما ، ولا في أحدهما ؛ فلا يقال : ظننتُ ، ولا ظننتُ زيداً ، ولا ظننت قائماً ، إذا لم يدل على المحذوف دليل .
س14- قال الشاعر :
بِأَيِّ كِتَابٍ أَمْ بِأَيَّةِ سُنَّةٍ تَرَى حُبَّهُمْ عاراً عَلَىَّ وَتَحْسَبُ
وقال الآخر :
ولَقَدْ نَزَلْتِ فَلاَ تَظُنَّى غَيْرَه مِنِّى بِمَنْزِلةِ الْمُحِبِّ الْمُكْرَمِ
عين الشاهد في البيتين السابقين ، وما وجه الاستشهاد فيهما ؟
ج14– الشاهد في البيت الأول : وتَحْسَبُ .
وجه الاستشهاد : حذف الشاعر مفعولي تحسبُ لدلالة ما قبلهما عليهما ، والتقدير : وتحسبُ حُبَّهم عاراً عليَّ .
الشاهد في البيت الثاني : فلا تظنِّى غيرَه .
وجه الاستشهاد: حذف الشاعر المفعول الثاني اختصاراً ، وهو معلوم من السياق ، والتقدير : فلا تظنّي غيرَه واقعاً منَّى... .
إِجْراءُ القولِ مُجْرَى الظّن
فينصب مفعولين(1/24)
وَكَتَظُنُّ اجْعَلْ تَقُولُ إِنْ وَلِى مُسْتَفْهَماً بِهِ وَلَمْ يَنْفَصِلِ
بِغَيْرِ ظَرْفٍ أَوْ كَظَرْفٍ أَوْ عَمَلْ وَإِنْ بِبَعْضِ ذِى فَصَلْتَ يُحْتَمَلْ
س15- ما محلُّ جملة القول من الإعراب ؟
ج15- إذا وقع بعد فعل القول كلمة مفردة فهي مفعول به ،نحو : أقول الحقَّ .
وإذا وقعت بعده جملة حُكِيَتْ كما هي ، وتكون في محل نصب سدّت مَسَدّ المفعول به ، نحو : قال زيدٌ عمرٌو منطلقٌ .
س16- متى يجوز إجراء القول مُجرى الظن ؟
ج16- للعرب في جواز إجراء القول مُجرى الظن ، مذهبان :
أحدهما : جواز إجراء القول مُجرى الظن مُطلقا دون شرط ، أو قَيد . وسيأتي بيانه في البيت الآتي من الألفية .
ثانيهما : لا يجوز إجراء القول مُجرى الظن إلا بشروط . وهذا هو مذهب عامّة العرب . وهذه الشروط أربعة ، هي :
1- أن يكون الفعل مضارعاً .
2- أن يكون للمخاطَب .
وإلى الشرطين السابقين أشار الناظم بقوله : " اجعل تقول" . فالفعل تقول فعل مضارع ، وهو للمخاطَب .
3- أن يكون مسبوقاً باستفهام . وإليه أشار بقوله : " إن ولى مُستفهما به " .
4- ألاّ يُفْصَل بين الاستفهام ، والفعل إلا إذا كان الفاصل ظرفاً ، أو جاراً ومجروراً ، أو معمولاً للفعل . فإن فُصِل بأحد هذه الثلاثة لم يضرَّ . وهذا هو مراد الناظم بقوله : " ولم ينفصل بغير ظرف ..... " .
فمثال ما اجتمعت فيه الشروط قولك : أتقول عَمْراً مُنطلقاً ؟ فَعَمْراً : مفعول أول ، ومُنطلقا : مفعول ثانٍ ؛ لأن ( أتقول ؟ ) بمعنى : أتظنّ ؟ ويجوز رفعهما على الحكاية ، نحو : أتقول عمرٌو منطلقٌ ؟
س17- ما الحكم إذا لم يتحقق شرط من الشروط الأربعة السابقة ؟(1/25)
ج17- إذا لم يتحقق شرط من الشروط الأربعة السابقة لم يَجز أن يَنْصبَ القولُ مفعولين عند عامّة العرب . فإن كان الفعل غير مضارع ، نحو : قال زيد عمرٌو مُنطلقٌ ، لم ينصب القول مفعولين ، وكذا إن كان مضارعاً لغير المخاطب ، نحو: يقول زيدٌ عمرٌو مُنطلقٌ ، وكذا إن لم يكن مسبوقاً باستفهام ، نحو : أنت تقول عمرٌو منطلقٌ ، وكذلك إن سُبق باستفهام ولكن فصل بين الاستفهام ، والفعل بغير ظرف ، ولا جار ومجرور ، ولا معمول للفعل فلا يجوز أيضاً أن ينصب القول مفعولين ، نحو : أأنت تقول زيدٌ منطلقٌ ؟ فإن فُصِل بأحد هذه الثلاثة جاز النصب ، نحو : أعندك تقول زيداً مُنطلقاً ؟ ،
ونحو : أفي الدار تقول زيداً مُنطلقاً ؟ ونحو : أعمراً تقول مُنطلقاً ؟
فالفاصل في المثال الأول الظرف ( عندك ) والفاصل في المثال الثاني الجار والمجرور ( في الدار ) والفاصل في المثال الثالث المعمول ( عَمْراً ) وهو المفعول الأول لـ ( تقول ) .
س18- قال الشاعر :
متى تقولُ القُلُصَ الرَّواسِمَا يَحْمِلْنَ أُمَّ قَاسِمٍ وقَاسِمَا
وقال الآخر :
أَجُهَّالاً تقولُ بَنِى لُؤَىٍّ لَعَمْرُ أَبِيكَ أَمْ مُتَجَاهِلِينَا
عيّن الشاهد في البيتين السابقين ، وما وجه الاستشهاد فيهما ؟
ج18- الشاهد في البيت الأول : متى تقول القلصَ يحملْنَ .
وجه الاستشهاد : أجرى الشاعر ( تقول ) مجرى ظَنَّ فنصب به مفعولين ، الأول : القلصَ ، والثاني : جملة يحملْنَ ، وذلك لاستيفائه الشروط .
الشاهد في البيت الثاني : أجُهّالاً تقول بني لُؤَى .
وجه الاستشهاد : أعمل الشاعر (تقول) عمل تظنّ فنصب مفعولين ، الأول : بني لؤي ، والثاني : جُهَّالا مع أنّه قد فَصَل بين الاستفهام ، والفعل بفاصل ، وهو قوله (جهالا) وهذا الفاصل لا يمنع النّصب ؛ لأنه معمول للفعل ؛ إذ هو مفعول ثانٍ له .
نصب المفعولين بفعل القول
مُطلقا ( دون شرط )(1/26)
وَأُجْرِىَ القَوْلُ كَظَنًّ مُطْلَقاً عِنْدَ سُلَيْمٍ نَحْوُ قُلْ ذَا مُشْفِقَا
س19- اذكر بالتفصيل مذهب العرب الذي يُجِيزُ إجراءَ القولِ مُجرى الظَّنَّ مُطلقا .
ج19- مذهب العرب الذي يُجِيز إجراء القول مجرى الظنّ مُطلقا هو مذهب
( سُلَيْم ) فهم يُجيزون في لغتهم إعمال القول عمل ظنّ دون شرط ( أي : سواء كان مضارعاً ، أم غير مضارع ، وسواء تحقّقت الشروط السابقة أم لم تتحقّق ) نحو : قُلْ ذا مُشفقا . فـ ( ذا ) مفعول أول ، ومشفقا : مفعول ثان ، وناصبهما فعل الأمر قل . ففعل الأمر (قل) نصب مفعولين مع أنّ الشروط تستلزم أن يكون مضارعاً للمخاطب ، وأن يُسبق باستفهام .
س20- قال الشاعر :
قَالَتْ وَكُنْتُ رَجُلاً فَطِيناً هَذَا لَعَمْرُ اللهِ إِسْرَائِينَا
عيّن الشاهد في البيت السابق ، وما وجه الاستشهاد فيه ؟
ج20- الشاهد فيه : قالتْ ... هذا ... إسرائينا .
وجه الاستشهاد : أعمل الشاعر الفعل الماضي ( قال ) عمل ظنَّ فنصب به
مفعولين ، الأول : هذا ، والثاني : إسرائينا مع أن الفعل ليس مضارعاً ، وليس مسبوقاً باستفهام . فهذا من لغة سُلَيم الذين يجيزون نصب المفعولين بالقول مطلقا .
والذين لا يجيزون ذلك يقولون : ( هذا ) مبتدأ ، و ( إسرائينا ) مضاف إلى محذوف يقع خبراً ، والتقدير : هذا مَمْسُوخُ إسرائينا . ( إسرائينا : لغة في إسرائيل ) .
---
الأفعالُ المتعديّةُ إلى ثلاثةِ مفاعيلَ
أَعْلَمَ ، وَأَرَى
إِلَى ثَلاَثَةٍ رَأَى وَعَلِمَا عَدَّوْا إِذَا صَارَا أَرَى وَأَعْلَمَا
س21- اذكر الأفعال المتعديّة إلى ثلاثة مفاعيل .
ج21- ذكر الناظم أن الأفعال المتعديّة إلى ثلاثة مفاعيل سبعة أفعال ، ذكر منها في هذا البيت فعلان ، هما : أَرَى ، وأَعْلَمَ . والخمسة الباقية ذكرها في بيت آخر ، وهي : أَنْبَأَ ، ونَبَّأَ ؛ وأَخْبَرَ ، وخَبَّرَ ؛ وحَدَّث .
س22- ما أصل أرى ، وأعلم ؟ ولِمَ تعدَّت إلى ثلاثة مفاعيل ؟(1/27)
ج22- أصلها : رأى ، وعَلِم المتعديتان إلى مفعولين ، نحو : رأيت العلمَ نوراً ،
وعلمتُ العلمَ نوراً ، فلما دخلت عليهما همزة التعديّة ( همزة النَّقْل ) زادتهما مفعولاً ثالثا ، نحو : أرى عليٌّ خالداً الأمرَ واضحاً ، أعلم الجنديُّ القائدَ العدُوَّ قادماً .
س23- ما أصل المفعول الثالث الذي زادته الهمزة ؟ وما فائدة الهمزة ؟
ج23- المفعول الثالث هو الفاعل قبل دخول همزة النّقل ( التعدية ) فالهمزة فائدتها : التَّعدية ،فهي تُصَيَّرُ ما كان فاعلاً مفعولاً ،نحو: عَلِم زيدٌ عمراً منطلقاً. فزيدٌ : فاعل ، وعمراً : مفعول أول ، ومنطلقا : مفعول ثانٍ ، فلمّا دخلت الهمزة جعلت الفاعل ( زيد ) مفعولاً فأصبحت المفاعيل ثلاثة ، نحو : أَعْلَمْتُ زيداً عمرًا منطلقاً . فزيداً : مفعول أول، وعمراً : مفعول ثان ، ومنطلقا : مفعول ثالث .
وهذه الهمزة هي التي جعلت اللازم متعديا إلى مفعول واحد ،نحو: خرجَ زيدٌ ؛ فتقول : أَخْرَجْتُ زيداً ، وهي التي جعلت المتعدِّي إلى مفعول واحد يتعدّى إلى مفعولين ، نحو: لَبِسَ زيدٌ ثوباً ؛ فتقول : أَلْبَسْتُ زيداً ثوباً ، وهي التي جعلت المتعدّى إلى مفعولين يتعدّى إلى ثلاثة ، كما تقدّم .
أحكام مفاعيل أعلم ، وأرى
وَمَا لِمَفْعُولَىْ عَلِمْتُ مُطْلَقَا لِلثَّانِ وَالثَّالِثِ أَيْضاً حُقِّقَا
س24- اذكر أحكام المفعول الثاني،والمفعول الثالث من مفاعيل أعلم،وأرى.
ج24- يثبت للمفعول الثاني ، والمفعول الثالث من مفاعيل ( أعلم ، وأرى ) كلّ أحكام مفعولي ( عَلِمَ ، ورَأَى ) من كون المفعولين أصلهما المبتدأ والخبر ، ومن جواز الإلغاء ، والتعليق ، ومن جواز حذفهما ، أو حذف أحدهما إذا دلّ على ذلك دليل . ومثال ذلك : أعلمت زيداً عمراً قائماً . فالمفعول الثاني
((1/28)
عمراً ) والمفعول الثالث (قائماً) أصلهما المبتدأ والخبر ؛ تقول : عمرٌو قائمٌ . ويجوز إلغاء العامل بالنسبة إليهما ، نحو : عمرٌو أعلمتُ زيداً قائمٌ .
ومنه قولهم : البركةُ أَعْلَمَنَا اللهُ مع الأَكَابِرِ . فالبركه : مبتدأ ، والضمير (نا) في أعلمنا: مفعول أول ، ومع الأكابر : ظرف في محل رفع خبر ، والمبتدأ والخبر كانا في الأصل مفعولين ، نحو : أعلمنا اللهُ البركةَ مع الأكابر .
ويجوز التعليق ؛ فتقول : أعلمتُ زيداً لعمرٌو قائمٌ .
ومثال حذفهما للدلالة عليهما : هل أعلمتَ أحداً عمراً قائماً ؟ فتقول : أعلمتُ زيداً . فحُذف المفعولين الثاني ، والثالث لدلالة السؤال عليهما .
ومثال حذف أحدهما للدلالة عليه : أن تقول في جواب السؤال السابق :
أعلمتُ زيداً عمراً (أي:قائماً) أوتقول: أعلمتُ زيداً قائماً (أي: عمراً قائماً) .
ويمكنك مراجعة هذه المسائل مُفَصَّلة في باب حكم الإلغاء ، والتعليق ، وفي باب حذف المفعولين ، أو أحدهما وذلك في الأفعال المتعدية إلى مفعولين .
---تعدية رأى ، وعَلِمَ إلى مفعولين
وحكم مفعولهما الثاني
وَإِنْ تَعَدَّيَا لِوَاحِدٍ بِلاَ هَمْزٍ فَلاِثْنَيْنِ بِهِ تَوَصَّلاَ
وَالثَّانِ مِنْهُمَا كَثَانِى اثْنَىْ كَسَا فَهْوَ بِهِ فى كُلِّ حُكْمٍ ذُو ائْتِسَا
س25- متى تتعدّى رأى ، وعلم إلى مفعولين ؟
ج25- إذا كانت رأى ، وعلم قبل دخول الهمزة عليهما تتعديان إلى مفعول واحد، نحو : رأى زيدٌ عمراً . فـ ( رَأَى ) هُنا تعدَّت إلى مفعول واحد ؛ لأنها
( بصريّة ) ونحو : عَلِمَ زيدٌ الحقَّ . ( عَلِمَ ) هُنا تعدّت إلى مفعول واحد ؛ لأنها بمعنى ( عَرَف ) فإنهما في هذه الحالة تتعديان إلى مفعولين إذا دخلت عليهما
همزة التعدية ، نحو : أريتُ زيداً عمراً ، ونحو: أعلمتُ زيداً الحقَّ ، ولا تتعديان
إلى ثلاثة مفاعيل إلا إذا كانتا تتعديان إلى مفعولين قبل دخول الهمزة عليهما .(1/29)
س26- ما حكم المفعول الثاني لرأى ، وعلم إذا تعدَّيا إلى مفعولين ؟
ج26- إذا تعدت رأى ، وعلم إلى مفعولين بسبب دخول همزة التعدية عليهما فإنَّ مفعولهما الثاني يثبت له حكم المفعول الثاني لـ (كسا ، وأعطى) في كونه لا يصح الإخبار به عن الأول ؛ لأنّ المفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر ، نحو : كسوتُ زيداً ثوباً ، ونحو: أعطيتُ زيداً ثوباً ،فلا يصح الإخبار بالمفعول الثاني ؛ فلا يُقال : زيدٌ ثوبٌ .
وكذلك لا يصحّ الإخبار بالمفعول الثاني لـ ( علم ، ورأى ) إذا تعدَّيتا إلى مفعولين بسبب دخول همزة الاستفهام ، نحو : أريتُ زيداً عمراً ، ونحو : أعلمت زيداً الحقَّ ، فلا يصح الإخبار بالثاني ؛ فلا يُقال : زيدٌ عمرٌو ، ولا : زيدٌ الحقُّ .
وهما ( أي : مفعولا علم ، ورأى ) يأخذان حكم المفعول الثاني لـ ( كسا ، وأعطى ) في كونه يجوز حذفه مع الأول ، وحذف الثاني وإبقاء الأول ، وحذف الأول وإبقاء الثاني ، وإن لم يدلّ على ذلك دليل .
فمثال حذف المفعولين : أعلمتُ ، وأعطيتُ .
ومنه قوله تعالى : * .
ومثال حذف المفعول الثاني وإبقاء الأول : أعلمتُ زيداً ، وأعطيتُ زيداً .
ومنه قوله تعالى : * .
ومثال حذف المفعول الأول وإبقاء الثاني : أعلمتُ الحقَّ ، وأعطيتُ درهماً .
ومنه قوله تعالى : * فالجزية : مفعول ثانٍ ، والمفعول الأول محذوف ، تقديره : المسلمين .
أخوات أرى ، وأعلم
وَكَأَرَى السَّابِقِ نَبَّا أَخْبَرَا حَدَّثَ أَنْبَأَ كَذَاكَ خَبَّرَا
س27- اذكر أخوات (أرى)التي تنصب ثلاثة مفاعيل،مُمثلاً لكل فعل منها.
ج27- تقدّم أنّ الناظم عَدَّ الأفعال المتعدية إلى ثلاثة مفاعيل ( سبعة ) وسبق ذكر أَعْلَمَ ، وأَرَى ، وفي هذا البيت ذكر الأفعال الخمسة الباقية ، وهي :
1- نَبَّأَ ، نحو : نَبَّأْتُ زيداً عمراً قائماً . ومنه قول الشاعر :
نُبِّئْتُ زُرْعَةَ والسَّفَاهَةُ كَاسْمِهَا يُهْدِى إِلَيَّ غَرَائِبَ الأَشْعَارِ(1/30)
فالضمير ( التاء ) في نُبئتُ : نائب فاعل ، وهو المفعول الأول ، وزُرعة : المفعول الثاني ، وجملة يُهدى : المفعول الثالث .
2- أَخْبَرَ ، نحو : أخبرتُ زيداً أخاك مُنطلقاً . ومنه قول الشاعر :
وَمَا عليكِ إِذا أَخْبَرْتِنِى دَنِفاً وغَابَ بَعْلُكِ يوماً أَنْ تَعُودِينِى
فالتاء في أخبرتني : مفعول أول ، وياء المتكلم فيها : المفعول الثاني ، ودَنِفاً :
المفعول الثالث .
3- حَدَّثَ ، نحو : حَدَّثْتُ زيداً بَكْراً مُقيماً . ومنه قول الشاعر :
أَوْ مَنَعْتُمْ مَا تُسْأَلُونَ فَمَنْ حُدِّ ثْتُمُوهُ لَهُ عَلَيْنَا الوَلاَءُ
فالضمير ( تم ) في حُدثتموه : المفعول الأول ، والضمير هاء الغائب فيها : المفعول الثاني ، وجملة ( له علينا الولاءُ ) : المفعول الثالث .
4- أَنْبَأَ ، نحو : أَنْبَأْتُ عبدَاللهِ زيداً مُسَافِراً . ومنه قول الشاعر :
وَأُنْبِِئْتُ قَيْساً وَلَمْ أَبْلُهُ كَمَا زَعَمُوا خَيْرَ أَهْلِ اليَمَنْ
فالتاء في أُنبئت : نائب فاعل ، وهو المفعول الأول ، وقَيساً : المفعول الثاني ، وخيَر : المفعول الثالث .
5- خَبَّرَ ، نحو : خَبَّرْتُ زيداً عَمراً غَائِباً . ومنه قول الشاعر :
وَخُبِّرْتُ سَوْدَاءَ الغَمِيمِ مَرِيضَةً فَأَقْبَلْتُ مِنْ أَهْلِِى بِمِصْرَ أَعُودُهَا
فالتاء في خُبِّرْتُ : نائب فاعل ، وهو المفعول الأول ، وسوداءَ : المفعول الثاني ، ومريضةً : المفعول الثالث .
( م ) والمتأمِّل في جميع هذه الشواهد التي جاء بها الشارح (ابن عقيل) وغيرها يَجِد الأفعال فيها كلّها مبنية للمجهول ، وقد تعدَّت إلى مفعولين بعد نائب الفاعل . ويجد في بعضها أنّ المفعولين الثاني والثالث مفردان ، وأنَّ المفعول الثالث جملة ؛ ولذلك قال الشيخ زكريا الأنصاري : " ولم يُسمع تعدِّيها إلى ثلاثة صريحة " . ( م )
الفَاعِلُ
تعريفه ، وحكمه
الفَاعِلُ الَّذِى كَمَرْفُوعَىْ أَتَى زَيْدٌ مُنيراً وَجْهُهُ نِعْمَ الفَتَى .(1/31)
س1- عرّف الفاعل ، وما حكمه ؟
ج1- الفاعل ، هو : الاسم المسند إليه فعلٌ على طريقة فَعَلَ ، أو شبهه .
وحكمه : الرّفع ، نحو : أتَى زيدٌ ، وجاء عليٌّ .
س2- ما مراد الشارح بقوله : فِعْل على طريقة فَعَلَ ؟ وما المراد بقوله :
أو شبهه ؟
ج2- قوله : فِعْل على طريقة فَعَلَ ، يُريد بذلك الفعل المبني للمعلوم ، فيخرج بذلك الفعل المبني للمجهول ؛ لأنه يطلب نائب الفاعل، نحو : ضُرِبَ زيدٌ . فزيد : نائب فاعل .
والمراد بقوله : أو شبهه : أنَّ الفاعل يُرْفَعُ بالفعل التام المعلوم ، أو يُرفع بما يُشْبِه الفعل المعلوم . والمراد بشبه الفعل ما يلي :
1- اسم الفاعل ، نحو : أقائم الزيدان ؟ فالزيدان : فاعل ، رافعه اسم الفاعل
( قائم )، ونحو : أتى زيدٌ مُنيراً وجهُه .
2- الصِّفة المشَبَّهة ، نحو : زيدٌ حَسَنٌ وجهُه .
3- المصدر ، نحو : عجبت من ضَرْبِ زَيدٍ عَمراً . فضَرْب : مصدر أُضيف إلى
فاعله ( زيد )، أو اسم المصدر ، نحو : مِنْ قُبْلَةِ الرَّجلِ امرأتَه الوضوءُ .
فقُبْلَة : اسم مصدر أضيف إلى فاعله ( الرجل ) .
4- اسم الفعل ، نحو : هيهات العَقِيقُ .
5- شبه الجملة ، نحو : زيدٌ عندك أبوه ، ونحو : في الدار غلاماه . فأبوه ، وغلاماه : فاعلان عاملهما محذوف وجوباً . والتقدير ( مُستَقِر ، أو استقَرَّ ) .
6- أفعل التفضيل ، نحو : مررتُ بالأفضلِ أبوه . فأبوه مرفوع بالأفضل .
وهذان النوعان : الفعل المبني للمعلوم وشبهه ، هما : مراد الناظم بقوله :
" كمرفوعي أتى زيدٌ منيراً وجهه نعم الفتى " .
والمراد بالمرفوعين :
1- ما كان مرفوعاً بالفعل سواء كان الفعل متصرفاً ، نحو : أتى زيدٌ ، أو غير متصرف (جامد) نحو : نِعم الفتى . ويُشترط أن يكون الفعل (تاما) غير ناقص .
2- ما كان مرفوعا بشبه الفعل كما تقدّم ، ومَثَّل له بقوله : منيراً وجهُه.(1/32)
فإذا لم يُسند إلى الاسم فعل ، أو شبه فعل فليس بفاعل ، نحو : زيد أخوك ، ونحو : زيدٌ قام. أبوه ، ونحو : زيدٌ قام ، ونحو : زيدٌ قائمٌ غلامه ، ونحو :
زيد قائم .
فكل ما تحته خط مما سبق ( خبر ) سواء أكان مفرداً ، كما في المثال الأول ، أم جملة ، كما في المثالين الثاني والثالث ، أم ما هو في قوّة الجملة ، كما في المثالين الأخيرين .
س3- اذكر أنواع الفاعل .
ج3- الفاعل ثلاثة أنواع ، هي :
1- اسم صريح ، نحو : قام زيدٌ .
2- مصدر مؤول، نحو : يعجبنى أن تقومَ . فالمصدر المؤول (أن تقوم) في محل رفع فاعل ، تقديره : قيامُك .
3- ضمير ، سواء كان متصلا ، نحو : قمتُ ، وقاموا ؛ أو منفصلا ، نحو :
ما قام إلا أنا .
( م ) س4- هل يقع الفاعل مجروراً لفظاً ؟
ج4- نعم . يقع الفاعل مجروراً لفظاً في المواضع الآتية :
1- أن يضاف المصدر إلى فاعله ، نحو قوله تعالى : * فالمصدر (دفْعُ) أُضيف إلى فاعله (الله) فأصبح الفاعل مجروراً لفظاً مرفوعاً محلاً .
2- أن يكون مجروراً بـ ( مِنْ ) الزائدة ، وذلك بشرط أن يكون نكرة ، وأن يُسبق بنفي ، أو نهي ، أو استفهام ، نحو قوله تعالى : * فبشير : فاعل مجرور لفظاً مرفوع محلاً .
3- أن يكون مجروراً بالباء الزائدة ، وهو في ذلك ثلاثة أنواع :
أ- واجب الجرّ لفظاً ، وذلك في الفعل الماضي ( أَفْعَلَ ) الذي جاء على صورة الأمر في باب التّعجب ، نحو قوله تعالى : * فالضمير (هم)
محلّه القريب الجر بحرف الجر الزائد ( الباء ) ومحلّه البعيد فاعل .
ب- جرّه كثير غالب ، نحو قوله تعالى : * فلفظ الجلالة ( الله ) فاعل مجرور لفظاً مرفوع محلا .
ج- شاذٌّ ،وذلك فيما عدا فاعل التَّعجُّب ،وفَاعل كفى،وذلك نحو قول الشاعر:
أَلَمْ يأْتِيكَ والأَنْبَاءُ تَنْمِى بِمَا لاَقَتْ لَبُونُ بَنِى زِيَادِ
فالباء في (بِما) زائدة ، وما اسم موصول في محل رفع فاعل (يأتي).
((1/33)
م ) س5- هل ورد عن العرب نصب الفاعل ، ورفع المفعول به ؟ وضح ذلك .
ج5- قد يُنصب الفاعل ، ويرفع المفعول به إذا أُمِن اللَّبس ، وقد ورد عن العرب قولهم : خرقَ الثوبُ المسمارَ ، وقولهم : كسر الزجاجُ الحجرَ .
ومن ذلك قول الشاعر :
مِثْلُ القَنَافِذِ هَدَّاجُونَ قد بَلَغَتْ نَجْرَانُ أو بَلَغَتْ سَوْآتِهِمْ هَجَرُ
برفع ( نجرانُ ، وهَجَرُ ) ونصب ( سوآتِهم ) مع أنها هي الفاعل ، ونجرانُ ، وهجرُ : المفعول . وقد سُمِع كذلك نصبهما معاً ، كما في قول الراجز :
قَدْ سَالَمَ الحيَّاتِ مِنْهُ القَدَمَا الأَفْعُوَانَ والشُّجَاعَ الشَّجْعَمَا
الحياتِ : مفعول به منصوب ، والقدمَا : فاعل منصوب .
وسُمِع رفعهما ، كما في قول الشاعر :
وإِنَّ مَنْ صَادَ عَقْعَقاً لَمَشُومُ كيفَ مَنْ صَادَ عََقْعَقَانِ وبُومُ
الفاعل : ضمير مستتر تقديره ( هو ) في ( صاد ) ، وعقعقان : مفعول به مرفوع بالألف .
والمبيح لذلك كلِّه فَهْم المعنى وعدم الإِلباس . وهم لا يجعلون ذلك قياساً ، ولا يَطَّردونه في كلامهم ، ولا يستبيحونه في حال السَّعة والتَّمكن من القول .
حكم تأخير الفاعل عن رافعه
وَبَعْدَ فِعْلٍ فَاعِلٌ فَإِنْ ظَهَرْ فَهْوَ وَإِلاّ فَضَمِيرٌ اسْتَتَرْ
س6- ما حكم تأخير الفاعل عن رافعه ؟ وما مذهب البصريين ، والكوفيين في هذه المسألة ؟
ج6- يجب تأخير الفاعل عن رافعه سواء كان رافعه فعلا ، أو شبهه ، نحو :
قام زيدٌ ، وقام الزيدان ، وزيدٌ قائمٌ غلاماه . ولا يجوز تقديمه على رافعه ؛ فلا يقال : زيدٌ قام ، على اعتبار أنّ ( زيدٌ ) فاعل مقدّم ، بل هو في هذا المثال مبتدأٌ خبره جملة ( قام ) وفاعل ( قام ) ضمير مستتر تقديره ( هو ) فالفاعل يجب أن يتأخر سواء كان ظاهراً ، أم ضميراً مستتراً ؛ لأنّ تقديم الفاعل يُوقع في اللَّبْس بينه وبين المبتدأ ، فلا يَدري السَّامع أردت الابتداء بـ (زيد) والإخبار(1/34)
عنه بـ (قام) أم أردت إسناد (قام) إلى زيد على أنّه فاعل ؟ أضف إلى ذلك أنّ الفعل ، والفاعل كجزأين لكلمة واحدة مُتقدَّم أحدهما على الآخر وَضْعاً .
وهذا هو مذهب البصريين في هذه المسألة . أمّا الكوفيون فأجازوا التقديم في ذلك كلّه ،( م ) واستشهدوا على جواز تقديم الفاعل على رافعه بقول الشاعر:
مَا لِلْجِمَالِ مَشْيُها وَئِيداً أَجَنْدَلاً يَحْمِلْنَ أَمْ حَدِيدا
فمشيُها: فاعل تقدم على عامله (وئيداً) وما : مبتدأ خبره الجار والمجرور (للجِمال) .
وردّ البصريون على هذا البيت بأن البيت يحتمل وجها آخر غير ما ذكره الكوفيون ومتى كان البيت محتملا لوجه آخر لم يصلح دليلا ، فالبصريون يرون جواز أن يكون ( مشي ) مبتدأ ، ووئيداً : حال من فاعل فعل محذوف . والتقدير (مشيها يظهر وئيداً) وجملة الفعل المحذوف وفاعله خبر للمبتدأ . ( م )
وبناء على هذا الخلاف فإنّك على مذهب الكوفيين تقول: الزيدان قَامَ ، والزيدون قامَ ، أمّا على مذهب البصريين فيجب أن تقول : الزيدان قاما ، والزيدون قاموا ؛ فيكون ألف الاثنين ، وواو الجماعة فَاعِلَيْن . وهذا هو معنى قول الناظم : "وبعد فعلٍ فاعل ".
س7- ما مراد الناظم بقوله : " فإن ظهر " ؟
ج7- يريد بذلك أن الفعل ، وشبهه لا بُدَّ له من مرفوع سواء كان ظاهراً ، نحو : قام زيدٌ ، أم ضميراً مستتراً ، نحو : زيد قام ، أي هو .
( م ) س8- هل يحتاج كل فعل إلى فاعل ؟
ج8- بعض الأفعال لا تحتاج إلى فاعل ، منها :
1- الفعلُ المؤكِّدُ ، كما في قول الشاعر : أَتَاكِ أَتَاكِ اللاَّحِقُونَ احْبِسِ احْبِِسِ .
فالفعل الثاني ( احبْسِ ) مؤَكِّد للفعل الأول توكِيداً لفظياً ؛ فلا يحتاج لفاعل مع وجود الفاعل السابق للفعل الأول .
2- الفعلُ المبنيُّ للمجهولِ ،كما في قوله تعالى: * وقوله تعالى: * فالفعل المبني للمجهول يحتاج إلى نائب فاعل لا إلى فاعل.
3-كان الزائدةُ ، كما في قول الشاعر :(1/35)
لِلَّهِ دَرُّ أَنُو شَرْوَانَ مِنْ رَجُلٍ ما كان أَعْرَفَهُ بالدُّونِ والسَّفِلِ.
فكان زائدة وقعت بين ( ما ) التعجبيّة ، وفِعل التعجب ، وهي لا تحتاج إلى فاعل على الراجح عند المحققين .
4- الفعلُ المكْفُوفُ عن العمل بـ ( ما ) الكافّة ، نحو : قَلَّمَا ،طَالَمَا ،كَثُرَ ما ، وذلك بناءً على ما ذهب إليه سيبويه . ومن العلماء من قال: إنّ (ما) في نحو هذه الأفعال مصدريّة فيكون المصدر المؤول من ( ما ) وما بعدها في محل رفع فاعل للفعل الماضي الواقع قبلها ، نحو : طالما نَهَيْتَنِي ، والتقدير : طالَ نهيُك إياي .
حكم تجريد الفعل من علامتي التثنية ، والجمع
إذا أسند إلى ظاهر
وَجَرِّدِ الفِعْلَ إِذَا مَا أُسْنِدَا لاِثْنَيْنِ أَوْ جَمْعٍ كَـ"َ فَازَ الشُّهَدَا "
وَقَدْ يُقَالُ سَعِدَا وَسَعِدُوا وَالفِعْلُ للظَّاهِرِ بَعْدُ مُسْنَدُ
س9- ما حكم تجريد الفعل من علامتي التثنية ، والجمع إذا أُسند إلى فاعل ظاهر؟
ج9- مذهب جمهور العرب : أَنَّه إذا أسند الفعل إلى ظاهر مثنىً كان ، أو جمعاً
وَجَبَ تجريده من علامة تدلّ على التثنية ، أو الجمع فيكون حالُه كحالِه
إذا أُسند إلى مفرد ؛ فتقول : قام الزيدان ، وقام الزيدون ، وقامت الهنداتُ ، كما تقول في المفرد : قام زيدٌ ، ولا يجوز أَنْ تقول على هذا المذهب : قاما الزيدان ، ولا : قاموا الزيدون ، ولا : قُمْنَ الهنداتُ ، على أنّ الألف ، والواو ، والنون : أحرف تدل على التثنية ، والجمع ، وما بعدها فاعل . والصحيح في إعرابها : أن تكون الألف ، والواو ، والنون : فاعل ، والجملة من الفعل ، والفاعل في محل رفع خبر مقدّم ، والأسماء التي بعدها : مبتدأ مؤخر .
وثَمَّةَ وجهٌ آخر ، وهو : أن تكون الألف ، والواو ، والنون : فاعل كما تقدّم، وأن تكون الأسماء التي بعدها بدل منها ، أي : من الضمائر الألف ، والواو ، والنون .
وعلى أحد هذين الوجهين يُوجَّه الإعراب في قوله تعالى : * .(1/36)
ومذهب طائفة من العرب : أنَّ الفعل إذا أسند إلى ظاهر مثنى ، أو مجموع أُتِي فيه بعلامة تدل على التثنية ، أو الجمع ؛ فتقول : قاما الزيدان ، وقاموا الزيدون، وقُمْنَ الهنداتُ ؛ فتكون الألف ، والواو ، والنون أحرفاً تدل على التثنية ، والجمع ، والأسماء التي بعدها تُعرب ( فاعلا ) وهذه اللغة قليلة ، قيل هي لغة طيء ، وقيل هي لغة أَزْد شَنُوءَة ، ويُسميها النحويون لغة ( أكلوني البراغيث ) ويُسميها ابن مالك : " لُغَة يَتَعَاقَبُونَ فِيكُم مَلاَئِكَة " . وإلى هذه اللغة أشار المصنّف بقوله : " وقد يُقال سعدَ ، وسعدُوا...." فأَشْعر قوله : " وقد يُقال " بأنها لغة قليلة .
وقد حَمَل عليها ابن مالك قوله عليه الصلاة والسلام : " يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَِئكَةٌ بِاللَّيلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ " على اعتبار أنّ (ملائكة) فاعل يتعاقبون ، والواو في يتعاقبون علامة على الجمع .
( م ) وهذا الحديث ليس من هذه اللغة فهو حديث مطول في الموطأ ، أصله :
" إِنَّ للهِ مَلاَئِكَةً يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ " وذلك على اعتبار أنّ الواو في يتعاقبون: ضمير في محل رفع فاعل ، وملائكةٌ: خبر لمبتدأ محذوف . وقد عَبَّر ابن عقيل عن مخالفته لرأي ابن مالك ، بقوله : " هكذا زعم المصنَّف " . ( م )
( م ) س10- هل يجب الإتيان بعلامتي التثنية ، والجمع في الفعل إذا كان الفاعل مثنى ، أو مجموعاً عند مَنْ يُجيزون ذلك ؟
ج10- لا . لا يجب ذلك في لغة مَنْ أجاز ذلك ، بل إنّهم قد يذكرون العلامة وقد يتركونها .
س11- قال الشاعر :
تَوَلَّى قِتَالَ الْمَارِقِينَ بِنَفْسِهِ وَقَدْ أَسْلَمَاهُ مُبْعَدٌ وحَمِيمُ
وقال الآخر :
يَلُومُونَنِي فى اشْترَاءِ النَّخِيـ لِ أَهْلِى فَكُلُّهُمُ يَعْذِلُ
وقال الآخر :
رَأَيْنَ الغَوَانِي الشَّيْبَ لاَحَ بِعَارِضِى فَأَعْرَضْنَ عَنِّى بالْخُدُودِ النَّوَاضِرِ(1/37)
عيّن الشاهد في الأبيات السابقة ، وما وجه الاستشهاد فيها ؟
ج11- الشاهد في البيت الأوّل : وقد أسلماه مُبعدٌ وحميمُ .
وجه الاستشهاد : وَصَل الشاعر ألف التثنية بالفعل مع أنّ الفاعل ( مبعدٌ )
اسم ظاهر ، وذلك على لغة ( أكلوني البراغيث ) وكان القياس على الفصحى
أن يقول : وقد أَسْلَمَهُ مبعدٌ وحميمُ .
الشاهد في البيت الثاني : يلومونني أهلي . وجه الاستشهاد : وصل الشاعر واو الجماعة بالفعل مع أن الفاعل ( أهلي ) اسم ظاهر ، وذلك على لغة
( أكلوني البراغيث ) وكان القياس على الفصحى أن يقول : يَلُومُنِي أهلي .
الشاهد في البيت الثالث : رأيْنَ الغواني . وجه الاستشهاد : وصل الشاعر نون النسوة بالفعل مع أن الفاعل ( الغَوَاني ) اسم ظاهر ، وذلك على لغة ( أكلوني البراغيث ) وكان القياس على الفصحى أن يقول : رَأَتِ الغواني .
( م ) س12- ما الفرق بين تاء التأنيث ، وعلامتي التثنية ، والجمع من حيث اتصالها بالفعل ؟
ج12- الفرق من ثلاثة أوجه :
1- إن اتصال علامتي التثنية ، والجمع بالفعل لغة لجماعة من العرب بأعيانهم ، قِيل : هم طيء ، وقِيل : هم أَزد شنوءة .
وأما اتصال تاء التأنيث بالفعل فلغة جميع العرب .
2- إن اتصال علامتي التثنية ، والجمع عند مَنْ يصلها جائز في جميع الأحوال ، وليس بواجب. وأمّا اتصال تاء التأنيث بالفعل فيكون واجبا إذا كان الفاعل اسما ظاهراً حقيقي التأنيث ، نحو : جاءت فاطمة ، أو إذا كان الفاعل ضميراً متصلا يعود إلى مؤنث مطلقا ، نحو : هندٌ قامتْ ، والشمسُ طلعتْ .
3- إن احتياج الفعل إلى علامة التأنيث أقوى من احتياجه إلى علامة التثنية ، أو
الجمع ؛لأن الفاعل إذا كان لفظه مذكر ومعناه مؤنث، نحو: (هند) وذكر الفعل قبله بدون علامة تأنيث لم يُعلم أمؤنث الفاعل ، أم مذكر ؛ ولذلك لابد من ذكر علامة التأنيث ليُعلم أنّه مؤنث .
أمَّا المثنى ، والجمع ، نحو : يقومان ، ويقومون فلا يشتبهان بالمفرد ( يقوم ) .(1/38)
حكم حذف الفعل ، وإبقاء الفاعل
وَيَرْفَعُ الفَاعِلَ فِعْلٌ أُضْمِرَا كَمِثْلِ زَيْدٌ في جواب مَنْ قَرَا
س13- ما حكم حذف الفعل ، وإبقاء الفاعل ؟
ج13- يجوز حذف الفعل إذا دلّ عليه دليل ، كما إذا قيل لك : منْ قرأ ؟ فتقول : زيدٌ ، والتقدير : قرأ زيدٌ .
وقد يُحذف الفعل وجوباً ، كقوله تعالى : * فأَحَدٌ:فاعل بفعل محذوف وجوبا يفسِّره الفعل المذكور ،والتقدير: وإن استجارك أحدٌ . فكل اسم مرفوع وقع بعد ( إِنْ ، أو إذا ) الشرطيتين فإنه مرفوع بفعل محذوف وجوباً يفسِّره الفعل المذكور بعده ، كما في قو له تعالى: * فالسماء : فاعل بفعل محذوف ، والتقدير: إذا انشقت السَّماء انشقت . وهذا هو مذهب جمهور البصريين .
( م ) س14- اذكر الخلاف في حكم حذف الفعل وجوباً بعد ( إِنْ ، وإذا ) وما سبب هذا الاختلاف ؟
ج14- هذه المسألة فيها ثلاثة مذاهب :
1- مذهب جمهور البصريين : الاسم المرفوع بعد إنْ وإذا الشرطيتين فاعل بفعل محذوف وجوبا يفسِّره الفعل المذكور بعده .
2- مذهب جمهور الكوفيين : الاسم بعد إنْ وإذا الشرطيتين فاعل بنفس الفعل المذكور بعده ، وليس في الكلام محذوف يفسِّره .
3- مذهب أبى الحسن الأخفش : الاسم المرفوع بعد إنْ وإذا الشرطيتين مبتدأ ، والفعل المذكور بعده مُسند إلى ضمير عائد على ذلك الاسم ، والجملة من الفعل وفاعله الضمير : في محل رفع خبر المبتدأ ، وليس في الكلام حذف ، ولا تقديم ، ولا تأخير .
وسبب هذا الاختلاف يرجع إلى أمرين :
1- هل يجوز أن تقع الجملة الاسمية بعد أدوات الشرط ؟
فالجمهور من البصريين ، والكوفيين على أنه لا يجوز ذلك ، وإذا وقع في الكلام ما ظاهره ذلك فهو مؤول بتقدير الفعل متصلا بالأداة ، غير أن البصريين قالوا : الفعل المقدّر اتصاله بالأداة هو فعل محذوف يفسِّره ويدل عليه الفعل المذكور بعده .
وأما الكوفيون فقالوا : الفعل المقدّر اتّصاله بالأداة هو نفس الفعل المذكور بعد الاسم .(1/39)
وأما أبو الحسن الأخفش فذهب إلى أنه يجوز في إِنْ وإذا خاصّة - دون غيرهما من سائر أدوات الشرط - أَن تْقع بعدهما الجملة الاسمية ، وعلى هذا فلَسْنا في حاجة إلى تقدير محذوف .
2- هل يجوز أن يتقدّم الفاعل على فعله ؟
الكوفيون ذهبوا إلى جواز ذلك ؛ ولهذا جعلوا الاسم المرفوع بعد إِنْ وإذا فاعلا بذلك الفعل المتأخِّر . وذهب جمهور البصريين إلى أن الفاعل لا يجوز أن يتقدم على رافعه سواء كان هذا العامل فعلا أم لا ؛ ولهذا اضطروا إلى تقدير فعل محذوف يفسِّره الفعل المذكور .
---
تأنيثُ الفعلِ الماضي بتاءٍ ساكنةٍ
وَتَاءُ تَأْنِيثٍٍ تَلِى الْمَاضِى إِذَا كَانَ ِلأُنْثَى كـ " أَبَتْ هِنْدُ الأَذَى ".
س15- في أيّ حالة يُؤنَّثُ الفعلُ الماضي ؟ وبِمَ يُؤَنَّث ؟
ج15- يُؤنّث الفعل الماضي بتاء ساكنة في آخره إذا كان فاعله مؤنثا سواء كان مؤنثا تأنيثاً حقيقياً ، نحو: قامتْ هندٌ ، أو مؤنثا مجازيا ، نحو: طلعتِ الشَّمْسُ . فهندٌ في المثال الأول مؤنث حقيقي ، والشمس في المثال الثاني مؤنث مجازي .
والمراد بالمؤنث المجازي،هو: ما لا يلد ولا يَتَنَاسَل،كالشّمس،والأرض، والسّماء.
* والفعل المضارع يُؤنث بتاء متحركة في أوّله ، نحو : تذهبُ فاطمة ، وتطلعُ الشمس . *
وجوب تأنيث الفعل الماضي
وَإِنَّمَا تَلْزَمُ فِعْلَ مُضْمَرِ مُتَّصِلٍ أَوْ مُفْهِمٍ ذَاتَ حِرِ
س16- ما المواضع التي يجب فيها تأنيث الفعل الماضي ؟
ج16- يجب تأنيثه في الموضعين الآتيين :
1- إذا كان الفاعل ضميراً مستتراً يعود إلى مؤنث حقيقي ، أو مجازي ، نحو: هندٌ قامتْ ، ونحو : الشمس طلعتْ ، ولا يجوز أن تقول : هندٌ قام ، ولا : الشمس طلع ،فإن كان الضمير منفصلاًلم يُؤتَ بالتاء ، نحو: هندٌ ما قام إلا هي.
2- أن يكون الفاعل اسما ظاهراً حقيقي التأنيث ، نحو : قامتْ هندٌ .
وهذا المراد من قول الناظم : " أو مفهم ذاتَ حِرٍ " ( والحِرِ: فَرْجُ المرأة ) .(1/40)
ويفهم من كلام الناظم أن الفعل لا يؤنَّث وجوبا في غير هذين الموضعين .
حكم تأنيث الفعل
إذا فُصِل بين الفعلِ ، والفاعلِ المؤنثِ الحقيقيِّ
وَقَدْ يُبِيحُ الفَصْلُ تَرْكَ التَّاءِ فى نَحْوِ أَتَى القَاضِىَ بِنْتُ الوَاقِفِ
س17- ما حكم تأنيث الفعل إذا فُصِل بين الفعل،وفاعله المؤنث الحقيقي ؟
ج17- إذا فصل بين الفعل، وفاعله المؤنث الحقيقي بغير ( إِلاَّ ) جاز تأنيث الفعل ، وجاز تذكيره ( والأفصح التأنيث ) نحو : أتى القاضِيَ بنتُ الواقفِ ، والأفصح أن تقول : أَتَتْ ، ونحو : قام اليوم هندٌ ، والأفصح : قامتْ .
حكم تأنيث الفعل
إذا فُصِل بين الفعل ، وفاعله بـ ( إلا )
والْحَذْفُ مَعْ فَصْلٍ بِإِلاَّ فُضِّلاَ كـ " مَا زَكَا إِلاَّ فَتَاةُ ابْنِ الْعَلاَ ".
س18- ما حكم تأنيث الفعل إذا فُصِل بين الفعل ، والفاعل المؤنث بإلا ؟
ج18- إذا فُصل بين الفعل، وفاعله المؤنث بإلاَّ فالأحسنُ تذكير الفعل ، نحو :
ما زكا إلا فتاةُ ابن العلا ، ونحو: ما قام إلا هندٌ ، ونحو: ما طلع إلا الشّمسُ .
والجمهور يوجبون تذكير الفعل ، ويجوز تأنيث الفعل عند غيرهم ولكنه قليل ، نحو : ما قامتْ إلا هندٌ ، ونحو : ما طلعتْ إلا الشّمسُ .
وعلى التأنيث ورد قول الشاعر :
طَوَى النَّحْزُ والأجْرَازُ ما فى غُرُوضِها وما بَقِيَتْ إلا الضُّلُوعُ الْجَرَاشِعُ
فقد أدخل الشاعر تاء التأنيث على الفعل ( بَقِيَ ) مع كونه قد فُصِل بينه وبين الفاعل المؤنث بإلا ، وهذا غير جائز عند الجمهور إلا في الشعر .
( م ) س19- اذكر مذاهب العلماء في حكم تأنيث الفعل إذا فُصِل بينه وبين فاعله المؤنث بإلا .
ج19- لهم في ذلك مذهبان مشهوران ، هما :
1- وجوب تذكير الفعل ، ولا يجوز تأنيثه إلا في ضرورة الشعر ؛ لأن الفاعل ليس هو الاسم الواقع بعد إلاّ ، فإذا قلت : ما قام إلا هندٌ ، فإنّ أصل الكلام : ما قام أحدٌ إلا هندٌ ، فالفاعل ( أحد ) مذكر ، ولا يجوز تأنيثه .(1/41)
وهذا مذهب الجمهور .
2- جواز الأمرين تذكير الفعل ، وتأنيثه ( والتذكير أحسن ) واختار هذا المذهب ابن مالك .
حذف التاء من غير فصل
وَالْحَذْفُ قَدْ يَأْتِى بِلاَ فَصْلٍ وَمَعْ ضَمِيرِ ذِى الْمَجَازِ فى شِعْرٍ وَقَعْ
س20- هل يجوز حذف تاء التأنيث من غير فصل بينها وبين الفاعل ؟
ج20- نعم . ولكنّه قليلٌ جدّاً فقد تُحذف التاء من الفعل المسند إلى فاعل حقيقي التأنيث من غير فصل ، نحو ما حكاه سيبويه : " قَالَ فُلاَنَةُ " .
وقد تحذف التاء من الفعل المسند إلى ضمير المؤنث المجازي ، وهو مخصوص بالشِّعر، كقول الشاعر :
فَلاَ مُزْنَةٌ وَدَقَتْ وَدْقَهَا وَلاَ أَرْضَ أَبْقَلَ إِبْقَالَهَا
فقد حذف الشاعر تاء التأنيث من الفعل ( أبقلَ ) مع أن فاعله ضمير مستتر يعود إلى ( الأرض ) وهي مؤنثة تأنيثاً مجازيا ، وهذا لا يجوز إلا في الضرورة الشعرية .
حكم إثبات التاء ، وحذفها في الفعل
المسند إلى جمع .
وحكم إثبات التاء ، وحذفها في ( نِعْمَ وبِئْسَ )
وَالتَّاءُ مَعْ جَمْعٍ سِوَى السَّالِمِ مِنْ مُذَكَّرٍ كَالتَّاءِ مَعْ إِحْدَى اللَّبِِنْ
وَالْحَذْفَ فى نِعْمَ الْفَتَاةُ اسْتَحْسَنُوا لأَنَّ قَصْدَ الْجِنْسِ فِيهِ بَيَّنُ
س21- اذكر الأشياء التي تدل على معنى الجمع .
ج21- ما يدلّ على معنى الجمع ستة أشياء ، هي :
1- اسم الجمع ، وهو الذي لا مفرد له من لفظه ، نحو : قَوْم ، ورَهْط ، ونِسْوة ، وجَيش ، وشَعْب .
2- اسم الجنس الجمعي ، وهو الذي يُفْرَقُ بينه وبين مفرده بالتاء ، أو الياء ، نحو : شجر، وتمر ، وكَلِم ؛ وعَرب ، وتُرك ، ورُوم .
3- جمع التكسير لمذكر ، نحو : رجال ، وشعراء ، وكُتَّاب .
4- جمع التكسير لمؤنث ، نحو: هُنُود (جمع هِنْد) وشواعر ،وكواتب ،وفواطم .
5- جمع المذكر السالم ، أو الملحق به ، نحو : الزَّيدون ، والمؤمنون ، والبَنُون .
6- جمع المؤنث السالم ، نحو : الهِندات ، والمؤمنات ، والبنات .(1/42)
س22- ما حكم تأنيث الفعل ، وتذكيره إذا كان الفاعل جمعاً ؟
ج22- إذا كان الفاعل جمع تكسير لمذكَّر ، أو لمؤنَّث ، أو كان الفاعل جمع
مؤنث سالما جاز إثبات التاء ، وحذفها ، نحو: قال الأعرابُ ، وقالت الأعرابُ، ونحو : قال الفواطمُ ، وقالت الفواطمُ ، ونحو : قام الهنداتُ ، وقامت الهندات .
( م ) عِلَّةُ حَذْفِ التاء : أن الفاعل مؤول ( بالجمع ) فيكون مذكَّر المعنى ؛ ولذلك يُؤتى بفعله خاليا من التاء .
وعلَّة إثبات التاء : أن الفاعل مؤول ( بالجماعة ) فيكون مؤنث في المعنى ؛ ولذلك يؤتى بفعله مقترنا بتاء التأنيث . ( م )
وأشار الناظم بقوله : " والتاء مع الجمع ... كالتاء مع إحدى اللَّبِن " إلى أن : التاء مع جمع التكسير ، وجمع المؤنث السالم كالتاء مع الظاهر المجازي التأنيث ، وَمثَّل له بكلمة ( لَبِنَة ) فكما تقول : كُسِرَت اللَّبِنة ، وكُسِرَ اللَّبِِنة ؛ تقول كذلك : قام الرجال ، وقامت الرجال ، كما تقدم .
( م ) س23- اذكر مذاهب العلماء في حكم تأنيث الفعل إذا كان الفاعل جمعاً .
ج23- 1- مذهب جمهور الكوفيين : يجوز في كل فعل أسند إلى شيء من الأشياء الستة السابقة التي تدل على معنى الجمع يجوز أن يؤتى به مؤنثا ، وأنْ يؤتى به مذكراً ، وذلك على النحو الآتي :
أ- جمع المذكر السالم ، تقول : قام الزيدون ، وقامت الزيدون ؛ أو الملحق به ،
قال تعالى : * فَبَنُو : ملحق بجمع المذكر السالم ، وورد الفعل قبله مؤنثا ( آمنتْ ) .
ب- جمع المؤنث السالم ، تقول : قام الهندات ، وقامت الهندات ، قال تعالى :
* .
ج- جمع التكسير لمذكر ، تقول : قام الرجال ، وقامت الرجال .
د- جمع التكسير لمؤنث ، تقول : قام الفواطم ، وقامت الفواطم .
هـ- اسم الجمع ، تقول : جاء القوم ، وجاءت القوم ، قال تعالى :
* .
و- اسم الجنس الجمعي،تقول : جاء الرُّومُ ، وجاءت الروم ، قال تعالى :
* .(1/43)
2- مذهب أبى علي الفارسي : يجوز تأنيث الفعل، وتذكيره في جميع الأنواع السابقة إلا نوعا واحداً ، هو : جمع المذكر السالم فإنه لا يجوز في الفعل المسند إليه إلا التذكير . وظاهر كلام الناظم مطابق لهذا المذهب ؛ لأنه لم يستثن إلا السَّالم من جمع المذكر .
3- مذهب جمهور البصريين : يجوز تأنيث الفعل ، وتذكيره في أربعة أنواع فقط، وهي : اسم الجمع ، واسم الجنس الجمعي ، وجمع التكسير لمذكر ، وجمع التكسير لمؤنث . وأمّا جمع المذكر السالم فلا يجوز في فعله إلا التذكير ، وأما جمع المؤنث السالم فلا يجوز في فعله إلا التأنيث .
س24- ما حكم إثبات التاء،وحذفها في(نِعْم،وبِئْسَ) إذا كان فاعلهما مؤنثا؟
ج24- يجوز في نِعْمَ ، وبِئْسَ إثبات التاء ، وحذفها إذا كان فاعلهما مؤنثاً وإِنْ
كان مفرداً مؤنثا حقيقيا ، نحو : نِعْمَ المرأةُ هندٌ ، ونِعْمَتِ المرأةُ هندٌ .
وعلَّةجواز الإثبات ، والحذف : أن فاعلهما مقصود به استغراق الجنس ( أي : جميع أفراد الجنس ) ولذلك عُومل معاملة جمع التكسير في جواز إثبات التاء ، وحذفها لشبهه به في أنّ المقصود به متعدد .
ويرى الناظم أنّ الحذف أحسن ، أما ابن عقيل فيرى أن الإثبات أحسن منه .
---
الْمَفْعُولُ بِهِ
حكم اتَّصال الفاعل ، والمفعول بالفعل
وانفصالهما عنه
وحكم تقديم المفعول على الفعل
وَالأَصْلُ فى الفَاعِلِ أَنْ يَتَّصِلاَ وَالأَصْلُ فى الْمَفْعُولِ أَنْ يَنْفَصِلاَ
وَقَدْ يُجَاءُ بِخِلاَفِ الأََصْلِ وَقَدْ يَجِى الْمَفْعُولُ قَبْلَ الفِعْلِ
* س1- عرِّف المفعول به ، وما أقسامه ؟
ج1- المفعول به ، هو : اسم دلّ على شيء وقع عليه فعل الفاعل إثباتاً ، أو نَفْيا . فالإثبات ، نحو : كتبتُ الواجبَ ، والنّفي ، نحو : ما كتبتُ الواجبَ .
والمفعول به قسمان : 1- صريح 2- غير صريح .
1- الصريح قسمان :
أ- ظاهر ، نحو : كتبتُ الواجبَ ، ونحو : أكل عليٌ الطعامَ .(1/44)
ب- ضمير ، نحو: أكرمتك وأكرمتهم ، ونحو قوله تعالى : * .
2- غير صريح ، وهو قسمان :
أ- مُؤَوَّل بمصدر ، نحو : عرفتُ أنَّك ناجحٌ . فالمصدر المؤول ( أنّك ناجح ) في محل نصب مفعول به ، والتقدير : عرفتُ نجاحَك .
ب- جار ومجرور ، نحو : أمسكت بيدِك . فالجار والمجرور ( بيدك ) مفعول به غير صريح ؛ لأنه وقع بمعنى المفعول ، ونحو : نظرت إلى الجبلِ ، ونحو : غَضِبَ المدرسُ على الطالبِ .
وقد يسقط حرف الجر فينتصب المجرور على أنه مفعول به ، ويُسَمَّى ( المنصوب على نَزْعِ الْخَافِضِ ) نحو قوله تعالى: *
( أي : من قومِه )، وكما في قول الشاعر :
تَمُرُّون الدَّيَارَ وَلَمْ تَعُوجُوا كَلاَمُكُمُ عَلَىَّ إذاً حَرَامُ .
والأصل : تمرون بالدَّيَارِ .
س2- ما حكم اتصال الفاعل ، والمفعول بالفعل ؟
ج2- الأصل أن يَلي الفاعلُ الفعلَ من غير أن يفصل بينهما فاصل ؛ لأنَّه كالجزء منه ؛ ولذلك يُسَكََّن له آخر الفعل إن كان الفاعل ضمير متكلم ، أو مخاطب ، نحو : ضَرَبْتَ ، وضَرَبْتُ ؛ وإنما سُكِّنَ لكراهة توالي أربع متحركات، وهم إنما يكرهون ذلك في الكلمة الواحدة ؛ فدلّ ذلك على أنّ الفاعل مع فعله كالكلمة الواحدة .
والأصل في المفعول أن ينفصل من الفعل بأن يتأخر عن الفاعل . ويجوز تقديم المفعول على الفاعل ، نحو: ضربَ زيداً عمرٌو . وهذا هو معنى قول الناظم :
" وقد يُجَاء بخلافِ الأصلِ " .
س3- ما حكم تقديم المفعول على الفعل ؟
ج3- تقديم المفعول على الفعل له حكمان : 1- واجب 2- جائز .
1- يجب تقديمه في ثلاثة مواضع ، هي :
أ- إذا كان المفعول واحداً من الأشياء التي يجب لها الصدارة ،كأسماء الاستفهام، نحو قوله تعالى : * ونحو قولك : مَنْ أكرمتَ ؟ وما فعلتَ ؟ وكأسماء الشرط ،نحو قوله تعالى :
* ونحو قولك : أَيَّهم تُكرِمْ أُكْرِمْ .
أو يكون المفعول ( كم ) الخبريّة ، نحو :كم عبدٍ ملكتَ .(1/45)
ب- أن يكون المفعول ضميراً منفصلا لو تأخَّر لَلَزِم اتّصاله ، نحو قوله تعالى :
* فإياك : مفعول به مقدم لو تأخر المفعول لكان ضميراً متصلا ؛ تقول : نعبدُك ، وهذا بخلاف قولك : الدرهم إياه أعطيتُك، فإنه لا يجب هنا تقديم المفعول ( إياه ) لأنّك لو أَخّرته لجاز اتصاله ، وانفصاله ؛ تقول : الدرهم أعطيتكه ، وأعطيتك إياه . أَمّا في ( نعبدك ) فيلزم الاتصال .
( م )ج- أن يكون العامل في المفعول واقعا في جواب أمَّا ، وليس هناك فاصل
بين أَمّا وجوابها إلاّ المفعول به المقدّم على فعله سواء كانت أَمّا مذكورة في الكلام ، أم مقدّرة . فمثال المذكورة قوله تعالى : * فاليتيمَ ، والسائلَ : مفعولان مقدّمان على عاملهما
( تقهر ، وتنهر ) وهذان العاملان واقعان جوابا لأَمَّا المذكورة في الكلام ، وليس هناك فاصل بين أمّا والعامل إلا المفعول به .
ومثال أَمَّا المقدّرة قوله تعالى : * . فإن وُجد فاصل بين أَمّا ، والفعل غير المفعول به لم يجب تقديم المفعول على الفعل ، نحو : أمّا اليومَ فاكتبْ واجبَك . فالمفعول واجبك : متأخّر ولا يجب تقديمه بسبب الفصل بكلمة ( اليوم ) بين أمّا والعامل ( اكتبْ ) . ( م )
2- يجوز تقديمه ، وتأخيره ، نحو: ضربَ زيدٌ عمراً ؛ فتقول: عمراً ضربَ زيدٌ.
( م ) س4- ما المواضع التي يمتنع فيها تقديم المفعول على الفعل ؟
ج4- يمتنع تقديم المفعول على الفعل في المواضع الآتية :
1- إذا كان المفعول مصدراً مؤولاً من أَنّ المؤكّدة ومعموليها ، مُخفَّفة كانت ، أو مُشَدَّدة ، نحو : عرفتُ أنّك فاضلٌ ، ونحو قوله تعالى : * فتأخير المفعول هنا واجب إلاَّ إذا تقدّمت عليه ( أَمّا ) نحو : أمَّا أنك فاضلٌ فعرفتُ .
2- إذا كان عامله فعل التّعجب ، نحو : ما أحسنَ زيداً !(1/46)
3- إذا كان عامله صلة لحرف مصدري ناصب ، كأنْ ، وكي، نحو : يعجبني أن نضربَ زيداً ، ونحو : جئت كي أضربَ زيداً ، فإن كان الحرف المصدري غير ناصب لم يجب تأخير المفعول عن العامل ، نحو : وَدِدْتُ لو تضربُ زيداً ،
ويجوز : وددتُ لو زيداً تضربُ ؛ لأن ( لو ) ليست حرف نصب ، وكذلك قولك : يعجبني ما تضربُ زيداً ، فيجوز أن تقول : يعجبني ما زيداً تضربُ ؛ لأن ( ما ) حرف غير ناصب .
4- إذا كان عامله مجزوما ، نحو :لم تضربْ زيداً ، ولا يجوز :لم زيداً تضربْ ، إلاّ إذا قدّمت المفعول على الجازم ، نحو : زيداً لم تضربْ ، فهذا جائز .
5- إذا كان عامله منصوباً بـ ( لن ) عند الجمهور ، أو بـ ( إذن ) عند غير الكسائي ، نحو : لن أضربَ زيداً ، ونحو : إِذن أُكرمَ المجتهدَ .
ولا يجوز أن تقول : لن زيداً أضربَ ، كما لا يجوز عند الجمهور أن تقول : إذن المجتهدَ أُكرمَ ، وأجازه الكسائى .
وجوب تقديم الفاعل ، وتأخير المفعول
وَأَخَّرِ الْمَفْعُولَ إِنْ لَبْسٌ حُذِرْ أَوْ أُضْمِرَ الْفَاعِلُ غَيْرَ مُنْحَصِرْ
س5- ما المواضع التي يجب فيها تقديم الفاعل ، وتأخير المفعول ؟
ج5- يجب تقديم الفاعل ، وتأخير المفعول في المواضع الآتية :
1- إذا كان الفاعل ضميراً متصلا غير محصور ، نحو : ضربت زيداً . فالفاعل هنا ضمير ولا حَصْرَ فيه ؛ ولذلك يجب تقديمه .
فإن كان الفاعل ضميراً محصوراً وجب تأخيره ، نحو: ما ضرب زيداً إلا أنا .
2- إذا كان الفاعل ، والمفعول ضميرين ، ولا حصر في أحدهما ، نحو : أكرمتُه . فيجب تقديم الفاعل ( التاء ) على المفعول ( الهاء ) لأنهما ضميران ، ولا حصر في أحدهما .
3- إذا كان المفعول محصوراً بـ ( إلاَّ ، أو إنَّمَا ) نحو : ما ضرب زيدٌ إلا عمراً ، ونحو : إنّما ضرب زيدٌ عمراً . فيجب تقديم الفاعل ( زيدٌ ) لأن المفعول به محصور .
* المحصور بـ ( إنَّمَا ) يكون مؤخراً وجوباً ، والمحصور بـ ( إلاَّ ) يكون واقعاً بعد إلاَّ . *(1/47)
4- إذا خِيفَ التباس أحدهما بالآخر، ولم تُوجد قرينة تُبَّين الفاعل من المفعول، نحو : ضرب موسى عيسى ، فيجب هنا أن يكون موسى هو الفاعل ، ونحو :
أكرمَ ابني أخِي . وهذا هو مذهب الجمهور ، وذكر ابن الحاج جواز تقديم المفعول في هذه الأمثلة ونحوها ؛ وذلك لأن للعرب غرض في الالتباس كما لهم غرض في التبيين ، والإفهام .
( م ) وقد أخطأ ابن الحاج الجادَّة في قوله هذا إذ لا يمكن أن يكون الإلباس من مقاصد البلغاء ؛ لأن من شأن الإلباس أن يُفهم السامع غير ما يريد المتكلم ، ولم توضع اللغة إلا للإفهام . ( م )
ويجوز تقديم المفعول ، وتأخِيره إذا وُجدت قرينة تُبين الفاعل من المفعول . وهذا معنى قوله : " وأخِّر المفعول إنْ لَبْسٌ حُذر " وذلك نحو : أكلَ الكُمَّثْرَى موسى . ( م ) والقرينة نوعان :
أ- معنوية ، نحو : أكل التفاحةَ موسى، ونحو : أرضعتِ الصغرى الكبرى ؛ إذ لا يصحُّ أن يكون الإرضاع قد حصل من الصغرى للكبرى ، كما لا يصحّ أن
يكون موسى مأكولا والتفاحة هي الآكل ؛ ولذلك جاز تقديم المفعول ، وتأخيره .
ب- لفظيَّة ، وهي ثلاثة أنواع :
أ- أن يكون لأحدهما تابع ظاهر الإعراب ، نحو: ضربَ موسى العاقلُ عيسى، فإنّ ( العاقل ) نعت لموسى ، فإذا رُفع كان موسى فاعلاً ، وإذا نُصب كان موسى مفعولاً مقدماً .
ب- أن يتصل بالمتقدَّم منهما ضمير يعود على المتأخر ، نحو : ضرب غلامَه موسى ، فهنا يتعيّن أن يكون ( غلامه ) مفعولا ؛ إذ لو جعلته فاعلا ، وموسى
مفعولا لعاد الضمير على متأخر لفظاً ورتبة وهذا لا يجوز ، بخلاف ما لو جعلته مفعولا فإنَّ الضمير حينئذ يعود على متأخر لفظاً متقدم رتبة وهذا جائز ، فيجوز أن تقول : ضرب موسى غلامَه .
ج- أن يكون أحدهما مؤنثا ، وقد اتصلت بالفعل علامة التأنيث ، نحو : أكرمتْ موسى سلمى ، وهنا يجوز تقديم المفعول ، وتأخيره . ( م )
تأخير الفاعل ، أو المفعول وجوبا(1/48)
وَمَا بِإِلاَّ أَوْ بِإِنَّمَا انْحَصَرْ أَخَّرْ وَقَدْ يَسْبِقُ إِنْ قَصْدٌ ظَهَرْ
س6- ما الموضع الذي يجب فيه تأخير الفاعل ، أو المفعول وجوباً ؟
ج6- يجب تأخير أحدهما إذا كان محصوراً سواء أكان محصورا بـ (ما ، وإلا) أو بـ ( إنَّما ) فمثال الفاعل المحصور بـ ( إلا ): ما ضربَ عمراً إلا زيدٌ ، ومثال المفعول المحصور بـ ( إلاّ ) : ما ضربَ زيدٌ إلا عمراً ؛ ومثال الفاعل المحصور بـ ( إنّما ) : إنّما ضربَ عمراً زيدٌ ، ومثال المفعول المحصور بـ
( إنّما ) : إنما ضربَ زيدٌ عمراً . فالمحصور منهما يجب تأخيره .
س7- هل يجوز تقديم الفاعل على المفعول ، أو المفعول على الفاعل إذا كان أحدهما محصوراً ؟
ج7- أجاز بعض النحاة تقديم أحدهما على الآخر إذا كان الحصر بـ (إلا) لأن المحصور بإلاّ يُعرف بكونه واقعاً بعد إلاّ ، فلا يَخْفَى على أحدٍ أنّه هو المحصور. فمثال تقديم الفاعل المحصور جوازاً ، قولك : ما ضرب إلا زيدٌ عمراً . ومثال تقديم المفعول المحصور جوازاً ، قولك : ما ضربَ إلا عمراً زيدٌ .
أمَّا المحصور بـ (إنّما) فلا خلاف في أنّه لا يجوز تقديمه ؛ لأنه لا يَظْهر ولا يُعْرَفُ بكونه محصوراً إلا بتأخيره .
س8- اذكر الخلاف في مسألة جواز تقديم المحصور بإلا .
ج8- في هذه المسألة ثلاثة مذاهب ، هي :
1- مذهب أكثر البصريين ، والفرَّاء ، وابن الأنباريّ : إنْ كان المحصور فاعلا امتنع تقديمه ، فلا يجوز : ما ضرب إلا زيدٌ عمرا ً، وأمّا قول الشاعر :
فَلَمْ يَدْرِ إلا اللهُ مَا هَيَّجَتْ لنا ، فإنّ ( ما ) اسم موصول في محل نصب مفعول به لفعل محذوف ، والتقدير : فلم يدرِ إلا اللهُ دَرَى ما هيّجتْ لنا ، وعلى هذا فلم يتقدّم الفاعل المحصور على المفعول ؛ لأن هذا المفعول ليس مفعولا للفعل المذكور ( يَدْرِ ) .
أمّا إذا كان المحصور مفعولا جاز تقديمه ، نحو: ما ضربَ إلا عمراً زيدٌ ، ونحو : ما أكرمَ خالداً إلا سعيدٌ .(1/49)
2- مذهب الكِسَائي : يجوز تقديم المحصور بإلاَّ فاعلاً كان ، أو مفعولا ، واستشهد بالبيت السابق : فلم يدرِ إلا اللهُ ما هيّجَت لنا ، فقد قدّم الشاعر الفاعل ( الله ) وهو محصور بإلا على المفعول ( ما ) .
3- مذهب بعض البصريين ، واختاره الْجُزُوليّ ، والشَّلَوْبِين : لا يجوز تقديم المحصور بـ إلا فاعلا كان ، أو مفعولا ؛ خوفاً من الوقوع في اللَّبْس .
س9- قال الشاعر :
فَلَمْ يَدْرِ إلا اللهُ ما هَيَّجَتْ لَنَا عَشِيَّةَ آنَاءُ الدَّيَارِ وَشَامُهَا
وقال الآخر :
تَزَوَّدْتُ مِن لَيْلَى بِتَكْلِيمِ سَاعَةٍ فَمَا زَادَ إلا ضِعْفَ ما بِى كَلاَمُهَا
عيّن الشاهد في البيتين السابقين ، وما وجه الاستشهاد فيهما ؟
ج9- الشاهد في البيت الأول : فلم يدرِ إلا اللهُ ما هَيَّجت .
وجه الاستشهاد : تقدَّم الفاعل المحصور بإلا (اللهُ) على المفعول به الاسم الموصول ( ما ) .
الشاهد في البيت الثاني : فما زاد إلا ضعفَ مابي كلامُها .
وجه الاستشهاد : تقدَّم المفعول المحصور بإلا (ضعفَ) على الفاعل (كلامُها) .
وهذا جائز عند الكسائى وأكثر البصريين ، أما بقيّة البصريين فيتأوَّلون هذا البيت ، بأنّ في ( زاد ) ضميرا مستتراً يعود على تكليم ساعة وهو الفاعل ، وأمّا
(كلامها) فهو فاعل بفعل محذوف ، والتقدير : زاده كلامُها .
تقديم المفعول على الفاعل
وشَاعَ نَحْوُ خَافَ رَبَّهُ عُمَرْ وَشَذَّ نَحْوُ زَانَ نَوْرُهُ الشَّجَرْ
س10- ما المواضع التي يجب فيها تقديم المفعول على الفاعل ؟
ج10- يجب ذلك في المواضع الآتية :
1- إذا اشتمل الفاعل على ضمير يعود إلى المفعول ، نحو قوله تعالى :
* فالمفعول ( إبراهيم ) واجب التقديم ؛ لأن الفاعل ( ربُّه ) اشتمل على ضمير يعود إلى المفعول المتقدَّم لفظاً والمتأخّر رتبة .
2- إذا كان الفاعل محصوراً بـ ( إلا ، أو إنّما ) كما تقدم في س6 .(1/50)
ومثال ذلك : ما ضربَ عمراً إلا زيدٌ ، ونحو : إنما ضرب عمراً زيدٌ . فالمفعول في المثالين واجب التقديم ؛ لأن الفاعل محصور في المثالين .
3- إذا كان المفعول ضميراً متصلا ، والفاعل اسما ظاهراً ،نحو: أكرمني عليٌّ .
فالمفعول ( ياء المتكلم ) واجب التقديم ؛ لأنه ضمير نصب متصل ، والفاعل اسم ظاهر .
س11- ما مراد الناظم بقوله : شاع نحو : خاف ربَّه عمر ؟
ج11- مراده أنّ الشائع في لسان العرب : تقديم المفعول المشتمل على ضمير يرجع إلى الفاعل المتأخر ، ومثَّل لذلك بقول العرب : خاف ربَّه عمرُ .
فرَبَّه : مفعول ، وهو مشتمل على ضمير يرجع إلى الفاعل ( عمر ) وهو متأخر لفظاً . وجاز ذلك ؛ لأن الفاعل رتبته التقديم ، فالضمير قد عاد إلى متقدم في الرتبة ، وإن كان متأخراً في اللفظ .
* س12- ما معنى قولهم : ضمير عائد إلى متأخر في اللفظ متقدّم في الرتبة ؟
ج12- الأصل أن الفاعل يتقدّم على المفعول ؛ فنقول : إنه متقدم لفظاً ورتبه ، نحو : كتبَ عليٌّ الدرسَ . فعليّ : فاعل متقدم في اللفظ والرتبة ؛ لأنه جاء على الأصل من حيث اللفظ والترتيب ، وكذلك الحال بالنسبة للمفعول ، فالأصل أنه متأخر لفظا ورتبة . فإذا تقدّم المفعول ، وتأخّر الفاعل ،نحو خاف ربَّه عمرُ؛ قلنا : إن المفعول متقدّم لفظاً متأخر رتبة ، والفاعل متأخر لفظا متقدم رتبة ؛ ولذلك نقول في هذا المثال : إنّ الضمير في المفعول ( ربَّه ) عائد إلى متأخر لفظاً متقدّم رتبة ؛لأن لفظ الفاعل ( عمرُ ) متأخر ولكن ترتيبه حسب الأصل التقدّم.
س13- ما حكم عود الضمير من الفاعل إلى المفعول ، والعكس ؟
ج13-1- عود الضمير من المتأخر إلى المتقدّم جائز بالإجماع سواء كان المتأخر فاعلا ، أم مفعولا . فمثال عود الضمير من الفاعل المتأخر إلى المفعول
المتقدّم قوله تعالى : * فالضمير في الفاعل
( ربُّّه ) عائد إلى المفعول المتقدم لفظاً وإن كانت رتبته التأخير .(1/51)
ومثال عود الضمير من المفعول المتأخر إلى الفاعل المتقدم ، قولك : قرأ الطالبُ درسَه . فالضمير في المفعول عائد إلى الفاعل المتقدّم لفظاً ورتبة، وهذا هو الأصل في الضمير العائد ؛ لأن الضمير لابدّ أن يعود إلى متقدم سواء كان متقدما في اللفظ والرتبة ،كما في المثال الأخير ، أم كان متقدما في اللفظ فقط ،
كما في الآية الكريمة ، أم كان متقدما في الرتبة فقط ، كما في قولهم : خاف ربَّه عمرُ ، ولا يعود الضمير إلى متأخر لفظا ورتبة .
2- عود الضمير من المفعول المتقدِّم إلى الفاعل المتأخَّر فيه تفصيل :
أ- إذا عاد الضمير من المفعول المتقدم إلى الفاعل المتأخر جاز ذلك بالإجماع ، وهذا هو الشائع في لسان العرب ، نحو : خاف ربَّه عمرُ ؛ لأن الفاعل رتبته التقديم ،فيكون الضمير قد عاد إلى متقدّم في الرتبة ،وإن كان متأخراً في اللفظ .
وإذا عاد الضمير من المفعول المتقدَّم إلى ما اتّصل بالفاعل ، نحو : ضربَ غلامَهَا جَارُ هندٍ ، ففي هذه المسألة خلاف ، قيل : لا يجوز ، وقيل : يجوز - وهو الصحيح - ذلك لأن الضمير في المفعول المتقدّم ( غلامها ) يرجع إلى ( هند ) ولفظ هند متصل بالفاعل (جارُ) والفاعل رتبته التقديم ، والمتصلُ بالمتقدِّمِ متقدَّمٌ
فكأن الضمير في المفعول عائد إلى الفاعل نفسه .
ب- إذا عاد الضمير من الفاعل المتقدّم إلى المفعول المتأخر ، نحو : قرأ صاحبُه الكتابَ ، فلا يجوز عند جمهور النحويين . وهذا هو المراد من قول الناظم :
" وشذَّ نحوُ زَانَ نورُه الشجر " ؛ لأن الضمير المتصل بالفاعل ( نورُه ) عائد إلى المفعول المتأخر لفظاً ورتبة ، وهذا ممتنع ، ويجب حينئذ تقديم المفعول .
وأجاز ذلك الأخفش ، وتابعَه أبو عبدالله الطُّوَّال ، وابن جني ، وابن مالك .
أما الجمهور فلا يجيزون ذلك وما ورد من شواهد تأوَّلُوه . ( سيأتي بيان هذه الشواهد في س14) .(1/52)
ج- إذا كان الضمير المتصل بالفاعل يعود إلى ما اتصل بالمفعول المتأخَّر ، نحو :
ضربَ بعلُها صاحبَ هندٍ ، فهذه المسألة ممتنعة بالإجماع ؛ لأن الضمير في
الفاعل ( بعلُها ) عائد إلى ( هند ) ولفظ هند متصل بالمفعول ( صاحبَ ) المتأخَّر لفظاً ورتبة .
س14- قال الشاعر :
لَمَّا رَأَى طَالِبُوهُ مُصْعَباً ذُعِرُوا وَكَادَ لَوْ سَاعَدَ الْمَقْدُورُ يَنْتَصِرُ
وقال الشاعر :
كَسَا حِلْمُهُ ذَا الحِلْمِ أَثْوَابَ سُؤْدَدٍ ورَقَّى نَدَاهُ ذَا النَّدَى فى ذُرَى الْمَجْدِ
وقال الشاعر :
وَلَوْ أَنَّ مَجْداً أَخْلَدَ الدَّهْرَ وَاحِداً مِنَ النَّاسِ أَبْقَى مَجْدُهُ الدَّهْرَ مُطْعِمَا
وقال الشاعر :
جَزَى رَبُّهُ عَنِّى عَدِيَّ بنَ حاتِمٍ جَزَاءَ الكِلاَبِ العَاوِيَاتِ وقَدْ فَعَلْ
وقال الشاعر :
جَزَىَ بَنُوهُ أَبَا الغِيلاَنِ عنْ كِبَرٍ وَحُسْنِ فِعْلٍ كَمَا يُجْزَى سِِنِمَّارُ
عين الشاهد في الأبيات السابقة وما وجه الاستشهاد فيها ؟
ج14- الشاهد في البيت الأول : رأى طالبوه مُصعباً .
وجه الاستشهاد : عاد الضمير( الهاء ) في الفاعل ( طالبوه ) إلى المفعول المتأخر ( مصعباً ) فيكون الضمير قد عاد إلى متأخر لفظاً ورتبة .
الشاهد في البيت الثاني : كَسَا حلمُه ذا الحلم ، ورقَّى نداه ذا النَّدى .
وجه الاستشهاد: عاد الضمير في الفاعل (حلمُه) إلى المفعول المتأخر (ذا الحلم)
كما عاد الضمير في الفاعل ( نداه ) إلى المفعول المتأخر ( ذا الندى ) وفي كلا الشاهدين عاد الضمير إلى متأخر لفظا ورتبة .
الشاهد في البيت الثالث : أبقى مجدُه مُطْعِما .
وجه الاستشهاد: عاد الضمير في الفاعل ( مجدُه ) إلى المفعول المتأخر ( مطعما ) وهو من عود الضمير إلى متأخر لفظا ورتبة .
الشاهد في البيت الرابع : جزى ربُّه عَدِيَّ .
وجه الاستشهاد : عاد الضمير في الفاعل ( ربُّه ) إلى المفعول المتأخر (عديّ) وهو من عود الضمير إلى متأخر لفظا ورتبة .(1/53)
الشاهد في البيت الخامس : جزى بنوه أبا الغيلان .
وجه الاستشهاد : عاد الضمير في الفاعل ( بنوه ) إلى المفعول المتأخر ( أبا الغيلان ) وهو من عود الضمير إلى متأخر لفظا ورتبة .
( م ) هذه الشواهد وغيرها تُؤَيَّدُ ما ذهب إليه الأخفش ، وابن جني ، ومن تابعهما في جواز عود الضمير في الفاعل المتقدّم إلى المفعول المتأخر لفظا ورتبة ، وهو القول الجدير بأن يُؤخذ به ، ويُعتمد عليه ، وإن كان جمهور النحويين على خلافه .
---
النَّائِبُ عَنِ الفَاعِلِ
نيابة المفعول به عن الفاعل ، وإعطاء المفعول حكم الفعل
يَنُوبُ مَفْعُولٌ بِهِ عَنْ فَاعِلِ فِيمَا لَهُ كَنِيلَ خَيْرُ نَائِلِ
* س1- عرَّف نائب الفاعل ، وبم يُسَمَّيه بعض النحاة ؟
ج1- نائب الفاعل ، هو : الاسم الواقع بعد فعل مبني للمجهول ، أو شِبْهِه ، نحو : أُكْرِمَ المجتهدُ ، ونحو : المحمودُ خلُقُه ممدوحٌ . فالمثال الأول نائب الفاعل
( المجتهدُ ) واقع بعد فعل مبني للمجهول ، ونائب الفاعل في المثال الثاني
( خُلُقُه ) واقع بعد اسم المفعول (محمود ) ، وهو المراد بقولنا : شبهه .
ويُسَمَّيه بعض النحاة : المفعول الذي لم يُسَمَّ فاعلُه ، ولكن تسميته: نائب الفاعل أحسن ؛ لأن نائب الفاعل قد يكون في أصله مفعولاً ، وقد لا يكون مفعولا ، كالظرف ، أو المصدر ، أو الجار والمجرور ، كما سيأتي .
وبعض النحاة يسمّون الفعل المبني للمجهول : الفعل الذي لم يُسَمَّ فاعلُه ، أو يسمونه : الفعل المبني للمفعول .
س2- ماالذي ينوب عن الفاعل بعد حذفه؟وهل يُعطى النائب حكم الفاعل؟
ج2- إذا حُذِف الفاعل ناب عنه المفعول به ويُسمَّى حينئذ : النائب عن الفاعل.ويُعطى حكم الفاعل في لزوم الرفع ، ووجوب التأخرّ عن رافعه،وتأنيث
الفعل إن كان مؤنثا،وعدم جواز حذفه ؛ لأنه أصبح عُمدة لا يُستغنى عنه .(1/54)
مثال ذلك : نِيلَ خيرُ نائلٍ . فخيرُ : نائب فاعل، وهو في الأصل مفعول به : نال زيدٌ خيرَ نَائِلٍ ، فَحُذِفَ الفاعل (زيد) وأُقيم المفعول به مُقامه ، ولا يجوز تقديمه على رافعه الفعل ؛ فلا تقول : خيرُ نائلٍ نِيلَ ، على اعتبار أنه نائب فاعل مقدَّم ، وإنما يجوز ذلك على اعتبار ( خيرُ ) مبتدأ خبره جملة ( نِيلَ ) ونائب الفاعل : ضمير مستتر تقديره ( هو ) . ...
ولا يجوز حذف نائب الفاعل ؛ فلا تقول : نيلَ ، بدون نائب الفاعل .
( م ) س3- ما الأسباب الداعية إلى حذف الفاعل ؟
ج3- الأسباب الداعية إلى حذف الفاعل ، نوعان :
1- أسباب لفظية 2 - أسباب معنوية .
1- الأسباب اللفظية ، كثيرة ، منها :
أ- الإيجاز في العبارة،كما في قوله تعالى:* .
ب- المحافظة على السَّجع في الكلام المنثور ، نحو قولهم : مَنْ طابتْ سَرِيرتُه حُمِدَتْ سيرتُه ؛ إذ لو قال : حَمِدَ الناسُ سريرتَه ، لاختلف السَّجع .
ج- المحافظة على الوزن في الشَّعر ، كما في قول الأعشى :
عُلِّقْتُهَا عَرَضاً وعُلِّقَتْ رَجُلاً غيرى وعُلَّقَ أُخْرى غَيْرَها الرَّجُلُ فالشاعر بَنَى الفعل ( عُلّق ) للمجهول ثلاث مرات ؛ لأنه لو ذَكَر الفاعل في
كلَّ مرّة منها ، أوفي بعضها ما استقام له وزن البيت .
2- الأسباب المعنوية ، كثيرة أيضاً ، منها :
أ- أنّ الفاعل معلوم للمخاطب فلا حاجة إلى ذكره ، نحو قوله تعالى :
* .
ب-كونُ الفاعل مجهولاً للمتكلم نفسِه فلا يمكنُ تعيينه للمخاطب ، نحو :
سُرِق متَاعِي .
ج- إذالم تتعلَّقْ فائدةٌ بِذِكْره ، نحو قولك : سُرِق مَتَاعي . فلا فائدة من قولك: سرقَ اللصُّ مَتاعي ، إذا لم تكن تعرف هذا اللصّ . ومن ذلك قوله تعالى :
* فَذِكْر الذي يُحَيَّي لا فائدة منه ، وإنما الغرضُ وجوب رَدَّ التحّية .
د- رغبة المتكلّم في الإبهام على السامع ، كقولك : تُصُدِّقَ بألفِ دينارٍ .
هـ- رغبة المتكلم في إخفاء الفاعل ، حفظاً لشرفه ، أو تحقيراً له ، نحو :(1/55)
عُمَِل عَمَلٌ مُنْكَرٌ ؛ تقول ذلك إذا عرفت الفاعل فلم تذكره حفاظا على شرفِه وسُمعتِه ، أو لم تذكره تحقيراً له على عمله المنكر .
و- إخفاء الفاعل خوفاً عليه ، نحو : ضُرِب زيدٌ ، إذا عرفت الضارب فلم تذكره خوفاً عليه .
ز- إخفاء الفاعل خوفاً منه ، نحو : سُرِق البيت ، إذا عرفت السارق فلم تذكره خوفاً منه .
ح- صَوْنُ الفاعل عن أن يقترن اسمه بالمفعول به في الذِّكر ، نحو: خُلِق الخنزير، فلم يُذكر الفاعل تعظيماً له بصون اسمه عن أن يقترن بالمفعول .
بناء الفعل الماضي ، والمضارع للمجهول
فَأَوَّلَ الفِعْلِ اضْمُمَنْ وَالْمُتَّصِلْ بِالآخِرِ اكْسِرْ فى مُضِىًّ كَوُصِلْ
وَاجْعَلْهُ مِنْ مُضارِعٍ مُنْفَتِحَا كَيَنْتَحِى الْمَقُولِ فِيهِ يُنْتَحَى
س4- بَيِّنْ كيف يُبْنَى الفعل الماضي ، والمضارع للمجهول ؟
ج4- إذا كان الفعل ماضياً : يُضَمُّ أَوَّله ويُكْسَرُ ما قبل آخرِه ، نحو : وَصَل : وُصِلَ ، دَعَا : دُعِيَ ، رَمَى : رُمِيَ ، ضَرَبَ : ضُرِبَ ، فَهِمَ : فُهِمَ ، أَخَذ : أُخِذَ ، سَأَلَ : سُئِلَ ، قَرَأَ : قُرِئَ .
أما إذا كان الفعل مضارعاً : فيضمّ أوّله ويُفتَح ما قبل آخره ، نحو : يَصِلُ : يُوصَلُ ( تردُّ الواو المحذوفة من الماضي وَصَلَ ) يَدْعُو : يُدْعَى ، يَرْمِي : يُرْمَى ، يَنْتَحِي : يُنْتَحَى ، يَضْرِبُ : يُضْرَبُ ، يَفْهَمُ : يُفْهَمُ ، يَأْخُذُ : يُؤْخَذُ ، يَسْأَلُ : يُسْأَلُ ، يَقْرَأُ : يُقْرَأُ .
بِنَاءُ الفعلِ المبدوء بتاء الْمُطَاوَعَة ،
والمبدوء بهمزة الوصل للمجهول .
وَالثَّانِىَ التَّالِىَ تَا الْمُطَاوَعَهْ كالأوَّلِ اجْعَلْهُ بِلاَ مُنَازَعَهْ
وَثَالِثَ الَّذِى بِهَمْزِ الوَصْلِ كَالأَوَّلِ اِجْعَلَنَّهُ كَاسْتُحْلِى
* س5- ما معنى المطاوعة ؟(1/56)
ج5- معنى المطاوعة : قبولُ الفاعلِ أَثَرَ الفعلِ ، نحو : تعلَّمَ الطالبُ . فالفعل تعلَّم يفيد : المطاوعة ؛ لأن الطالب في الأصل كان مفعولا به للفعل عَلَّم، نحو : علَّم المدرسُ الطالبَ ، فأصبح فاعلا بقبول أثر الفعل ( علَّم ) وذلك عندما نُقل إلى باب تَفَعَّل . والمطاوعة بذلك تجعل المفعولَ فاعلاً ، وتجعل المتعدِّي لازماً ، نحو : كَلَّمْتُ الرجلَ ، تَكَلَّمَ الرجلُ .
س6- كيف يُبنى الفعل الماضي المبدوء بالتاء الزائدة للمجهول ؟ وكيف يُبنى للمجهول الفعل الماضي المبدوء بهمزة وصل ؟
ج6- الفعل الماضي المبدوء بتاء زائدة سواء كانت للمطاوعة ، أم لغيرها : يُضم أوَّله وثانيه ، ويُكْسَرُ ما قبل آخره ، نحو : تَعلَّمَ : تُعُلِّمَ ، تَكَسَّرَ : تُكُسِّرَ ، تَدَحْرَجَ : تُدُحْرِجَ ؛ تَغَافَلَ : تُغُوفِلَ ، تَبَاعَدَ : تُبُوعِدَ .
أمَّا الفعل الماضي المبدوء بهمزة وصل : فيضم أوّله وثالثه ، ويكسَرُ ما قبل آخره ، نحو : انْتَصَرَ : اُنْتُصِرَ ، انْطَلَقَ ، اُنْطُلِقَ ، اسْتَحْلَى : اُسْتُحْلِيَ .
* أما المضارع فيضم أوّله ويُفتح ما قبل آخره في جميع أحواله ، نحو : يَتَعلَّم : يُتعَلَّمُ ، يَتَغَافَلُ : يُتَغَافَلُ ، يَسْتَحْلِي : يُسْتَحْلَى. *
بناءُ الفعل المعتلّ العين للمجهول
وَاكْسِرْ أَوِ اشْمِمْ فَا ثُلاَثِىٍّ أُعِلّ عَيْناً وَضَمٌّ جَا كـ" بُوعَ" فَاحْتُمِلْ
س7- كيف يُبْنَى الفعل المعتلّ العين للمجهول ؟
ج7- إذا كان الفعل الماضي ثلاثيا معتل العين ، نحو : قال و باع ، فعند بنائه للمجهول يجوز في فائه ( أوّله ) ثلاثة أوجه ، هي :
1- الكسر الخالص ، وحينئذ ينقلب حرف العلّة ياء ، نحو: قِيلَ و بِيعَ .
ومنه قول الشاعر :
حِيكَتْ عَلَى نِيرَيْنِ إِذْ تُحَاكُ تَخْتَبِطُ الشَّوْكَ ولا تُشَاكُ.
وقد رويت الكلمة التي تحتها خط بالضم ( حُوكت ) فتكون بذلك شاهداً على الضم الخالص .(1/57)
2- الضم الخالص ، وحينئذ ينقلب حرف العله واواً ، نحو : قُولَ و بُوعَ . ومنه قول الشاعر:
لَيْتَ وَهَلْ يَنْفَعُ شَيئاً لَيْتُ لَيْتَ شَباباً بُوعَ فَاشْتَرَيْتُ
ومنه رواية ( حُوكت ) في البيت السابق .
والضم الخالص : لغة بني دَبِير ، وبني فَقْعَس وهما من فُصحاء بني أَسَد .
وأشار ابن مالك بقوله ( فاحتُمل ) إلى ضعف هذه اللغة بالنسبة للغة الكسر ، ولغة الإشمام .
3- الإِشْمَام ، وهو : الإتيان بالفاء بحركة بين الضَّم والكسر . ولا يظهر ذلك إلا في اللفظ ، ولا يظهر في الخط ، وقد قرئ في السّبعة قوله تعالى :
? بالإشمام في
" قيل ، وغيض " .
* أما الفعل المضارع فَتُقلب ( الواو ، والياء ) ألفا ، نحو : يَقُولُ : يُقَالُ ، يَبِيعُ : يُبَاعُ . *
اجتنابُ اللَّبْسِ في الفعل المعتل العين
بعد بنائه للمجهول ، وكيفية بناء
الفعل الثلاثي المضَعَّف للمجهول
وَإِنْ بِشَكْلٍ خِيفَ لَبْسٌ يُجْتَنَبْ وَمَا لِبَاعَ قَدْ يُرَى لِنَحْوِ حَبّْ
س8- ما المراد بقول الناظم : " وإن بشكلٍ خِيفَ لَبْسٌ يُجتَنَبْ " ؟
ج8- مراده : أنّ الفعل المعتل العين إنّما يجوز في فائه (الكسر ، والضم ، والإشمام) بشرط أَمْنِ اللَّبْس . فإذا خِيف اللَّبْسُ في حالة من الحالات الثلاث وجب اجتنابها إلى إحدى الحالتين الأخريين وذلك لاجتناب اللّبس ، فمثلا :
إذا أُسند الفعل الثلاثي المعتل العين بعد بنائه للمجهول إلى ضمير المتكلم ، أو المخاطب ، أو الغائب ( نون النسوة ) فإما أن يكون واوياً ، أو يائيا :
- فإذا كان واويا ، نحو : صَامَ (من الصَّوم) وجب عند ابن مالك كسر الفاء ، أو الإشمام ؛ فتقول : صِمْتَُِ ، وصِمْنَ . ولا يجوز الضم ؛ فلا تقول : صُمْت ؛ لئلا يَلْتَبِسَ بالفعل المبني للمعلوم فإنه مضموم ، نحو : صُمْتُ رمضانَ ، وصُمْنَ .(1/58)
- وإذا كان يائيا ، نحو : بَاعَ ( من البيع ) وجب عند ابن مالك ضَمُّ الفاء ، أوالإشمام ؛ فتقول : بُعْتَُِ ، وبُعْنَ . ولا يجوز الكسر ؛ فلا تقول : بِعْت ؛ لئلا يلتبس بالفعل المبني للمعلوم فإنه مكسور ، نحو : بِعْتُ الثوبَ ، وبِعْنَ .
وهذا الوجوب الذي ذكره ابن مالك لم يُلْتفت إليه عند غيره ، بل جَوَّزوا الأوجه الثلاثة مطلقاً ، ولم يُلتفت إلى الالتباس ، ومع ذلك فإن اجتناب الالتباس
هو الأَوْلى والأرجح .
س9- كيف يُبْنَى الفعل الثلاثي المضعّف للمجهول ؟
ج9- الفعل الثلاثي المضعّف يُبْنى للمجهول كما يُبنى الفعل الثلاثي المعتل العين، فيجوز في فائه الضم ، والكسر ، والإشمام ؛ تقول في (حَبَّ ) حُبَّ وحِبَّ ، وإن شئتَ أَشْمَمْتَ .
بناء الفعل المعتل العين غير الثلاثي
الذي على وزن اِنْفَعَلَ ، أَوِ افْتَعَلَ
للمجهول
وَمَا لِفَا بَاعَ لِمَا العَيْنُ تَلِى فى اخْتَارَ وَانْقَادَ وَشِبْهٍ يَنْجَلِى
س10- كيف يُبْنَى للمجهول الفعل المعتل العين غير الثلاثي الذي على وزن انْفَعَلَ ، أو افْتَعَلَ ؟
ج10- إذا كان الفعل المعتل العين غير ثلاثي ، وكان على وزن انفعل ، أو افتعل ، نحو : اخْتَارَ و انْقَادَ ، جاز في حرفه الثالث ما يجوز في فاء (باع) من الضم ، والكسر ، والإشمام ، نحو : اِخْتِيرَ ، وانْقِيدَ ، واُخْتُور ، واُنْقُود .
أمَّا حركة الهمزة فتضم إن كان الحرف الثالث مضموماً ، وتُكسَر إنْ كان الحرف الثالث مكسوراً ، وتُقلب الألف واواً مع الضم ، وياءً مع الكسر ،كما ترى ذلك واضحاً في الأمثلة السابقة .
* أما المضارع فيضم أوله وتبقى ألفه ؛ لأن ما قبلها مفتوح ، نحو : يَخْتَارُ : يُخْتَار ُ. *
س11- ما مراد الناظم بقوله: " لِمَا العينُ تَلِى " ، وقوله: " شِبْهٍ يَنْجَلِى " ؟(1/59)
ج11- مراده بالقول الأول : الحرف الثالث من ( انفعل ، أوافتعل ) يكون كالتاء، والقاف في نحو: اختار، وانقاد . فالعين (الألف) تليه (أي : تقع بعده) .
ومراده بالقول الثاني : كل ما أشبه (اختار) من باب افتعل ، و( انقاد) من باب انفعل فله حكمهما من حيث الضم ، والكسر ، والإشمام ،وحركة الهمزة، وقلب الألف واواً ، أو ياء .
أنواع النائب عن الفاعل
وشرط كل نوع
وَقَابِلٌ مِنْ ظَرْفٍ أَوْ مِنْ مَصْدَرِ أَوْ حَرْفِ جَرٍّ بِنِيَابَةٍ حَرِى
س12- اذكر أنواع النائب عن الفاعل .
ج12- ينوب عن الفاعل بعد حذفه وبناء فعله للمجهول واحد من أربعةأشياء، هي : المفعول به ، فإن لم يُوجَد فالظرف ، أو المصدر ، أو الجار والمجرور .
س13- ما شروط نيابة الظرف عن الفاعل ؟
ج13- يشترط في الظرف لكي يكون نائبا عن الفاعل شرطان :
1- أن يكون مُتَصَرِّفاً ، والمراد بالظرف المتصرف : الذي لا يلازم النصب على الظرفية ، فيأتي مرفوعاً ، ومنصوبا ، ومجروراً حسب موقعه في الجملة ،نحو: يَوْم ، وزَمَن ، ووَقْت ، وسَاعَة ، ودَهْر ، وحِين ؛ تقول : اليومُ جميل ( بالرفع ) وقضيتُ يوماً سعيداً ( بالنصب ) وأقرأ القرآن كلَّ يومٍ ( بالجر ) فإن كان الظرف ملازماً للنصب على الظرفية سُمَّي غير متصرف ، ولا يصلح للنيابة عن
الفاعل ؛ لأنه لَزِمَ النصب في كلام العرب ، وهو نوعان :
أ- نوع يلزم النصب على الظرفية فقط ، نحو : مَعَ ، وقَطُّ ، وعِوَضَ ، وإذا ، وسَحَرَ - إذا أُريد به سحر يوم بعينه - .
ب- نوع يلزم أحد أمرين : النصب على الظرفية ، أو الجر بـ (مِنْ) ، نحو : عِنْدَ ، وثَمَّ ، وقَبْلُ ، وبَعْدُ . وهذان النوعان غير متصرفين فلا يصلحان للنيابة عن الفاعل .(1/60)
2- أن يكون مُخْتَصّاً ، والمراد بالمختص : ما كان مفيداً بسبب الوصف ، أو الإضافة ، أو لأنه عَلَم ، نحو : سُهِرَت ليلةٌ قمراءُ ، وسِيَر يومُ الجمعةِ ، وصِيمَ رمضانُ . فكلٌ مما تحته خط يعُرب نائبا للفاعل ؛ لأنه ظرف متصرف ومختص بالوصف في المثال الأول ، ومختص بالإضافة في المثال الثاني ، وعَلَمٌ في المثال الأخير . فإذا لم يكن الظرف مختصالم يصلح أن يكون نائبا عن الفاعل ، نحو : سُهِرَتْ ليلةٌ ، وسِيرَ يومٌ ؛ وذلك لعدم الفائدة لأن الظرف غير مختص .
س14- ما شروط نيابة المصدر عن الفاعل ؟ .
ج14- يشترط له شرطان :
1- أن يكون متصرفاً 2- أن يكون مختصا .
1- فالمصدر الْمُتصَرَّف ، هو : الذي لا يلزم النصب على المصدريّة ، بل يأتي مرفوعا ، ومنصوبا ، ومجروراً حسب موقعه في الجملة ، نحو : فَهْم ، وعِلْم ، واسْتِغْفار ، وضَرْب ؛ تقول : فَهْمُ الجملةِ ضروريٌّ لإعرابها ، إنّ فَهْمَ الجملةِ ضروري لإعرابها ، لِفَهْمِ الجملة أثرٌ في إعرابها .
فإذا لزِم المصدر النَّصب على المصدريّة سُمّي غير متصرف ، نحو : سبحانَ اللهِ، ومَعَاذَ اللهِ ، ولا يصلح للنيابة عن الفاعل فهو لا يقع إلا منصوباً على أنه مفعول مطلق .
2- والمصدر المختص ، هو: المفيد إما بسبب الوصف ، أو الإضافة ، أو العدد، نحو : رُكِعَ رُكُوعٌ طويلٌ ، وسُجِدَ سُجُودُ الخاشعين ، وضُرِبَ ضربتان . فكلٌ مما تحته خط يعرب نائبا للفاعل ؛ لأنه مصدر متصرف ومختص بالوصف في المثال الأول ، وبالإضافة في الثاني ، ودالّ على العدد في المثال الثالث .
ومن ذلك قوله تعالى : * .
فإذا لم يكن المصدر مختصالم يصلح أن يكون نائبا عن الفاعل ، نحو : ضُرِبَ ضَرْبٌ ، وسُجِدَ سُجُودٌ ؛ وذلك لعدم الفائدة لأن المصدر غير مختص .
س15- ما شروط نيابة الجار والمجرور عن الفاعل ؟
ج15- يشترط لنيابة الجار والمجرور ثلاثة شروط، هي :(1/61)
1- أن يكون المجرور مختصّاً ، وذلك بأن يكون معرفة ، أو مختصا بإضافة ، أو وصف ، نحو : مُرَّ بزيدٍ ، وجُلِسَ في الدار ، و : جِيءَ برجلٍ كريمٍ .
ومنه قوله تعالى : * ، ولا يجوز قولك : جُلِس في دارٍ ، ولا : جِيءَ برجلٍ ؛ وذلك لعدم الفائدة لأن المجرور ليس معرفة ، وغير مختص لا بوصف ، ولا بإضافة .
2- أَلاَّ يكون حرف الجر مُخْتَصاً بشيء معيَّن ، فلا تُستعمل أحرف القسم ؛ لأنها مختصة بجرِّ الْمُقْسَمِ به ، ولا تستعمل ( مُذْ ، ومُنْدُ ) لاختصاصهما بجر الزمان ، ولا يُستعمل حرف الجر ( رُبَّ ) لأنه مختص بجر النكرات .
3- ألا يكون حرف الجر دالاًّ على التعليل (كاللام ، والباء ، ومِنْ ، وفي) إذا اسْتعمِلتْ للدلالة على التعليل ؛ ولهذا امتنعت نيابة المفعول لأجله عن الفاعل . ويجوز استعمال هذه الأحرف إذا لم تدلّ على التعليل ، كما مَرَّ بك في أمثلة الشرط الأول .
حكم نيابة غير المفعول به إذا
وُجِد المفعول به
وَلاَ يَنُوبُ بَعْضُ هَذِى إِنْ وُجِدْ فى اللَّفْظِ مَفْعُولٌ بِهِ وَقَدْ يَرِدْ
س16- ما حكم نيابة غير المفعول به في حالة وجود المفعول به ؟
ج16- في هذه المسألة خلاف :
1- مذهب البصريين - إلاّ الأخْفَش – : أنه يتعيّن نيابة المفعول به عن الفاعل مع وجود المصدر، والظرف ، والجار والمجرور ، نحو : ضَرَبَ الشرطيُّ زيداً ضرباً شديداً يومَ الجمعةِ أمامَ الأمير في دارِه . ففي هذا المثال اجتمع المفعول ، والمصدر ، والظرف ، والجار والمجرور فعند بناء الفعل (ضَرَبَ) للمجهول فإنه يتعيّن عند البصريين أن يكون المفعول به ( زيداً ) هو النائب عن الفاعل ؛ فتقول : ضُرِب زيدٌ ضرباً شديداً يومَ الجمعةِ أمامَ الأميرِ في دارِه .(1/62)
2- مذهب الكوفيين : أنه يجوز نيابة المفعول به ، أو غيره مع وجود المفعول به سواء تقدّم المفعول به ، أم تأخّر ، فيجوز عندهم أن تقول : ضُرِبَ ضربٌ شديدٌ زيداً . في هذا المثال ناب المصدر عن الفاعل مع وجود المفعول به (زيداً) وتأخّره ، ويجوز عندهم أن تقول : ضُرِبَ زيداً ضربٌ شديد . في هذا المثال ناب المصدر عن الفاعل مع وجود المفعول به وتقدّمه ، واستدلوا لذلك بقراءة أبي جعفر في قوله تعالى : * ببناء الفعل
( يجزى ) للمجهول ، فناب الجار والمجرور (بِما) عن الفاعل مع وجود المفعول به ( قوماً ) .
3- مذهب الأخفش : فيه تفصيل :
أ- إذا تقدم غير المفعول به على المفعول به جاز أن يكون كلُّ واحدٍ منهما نائبا عن الفاعل ؛ فتقول : ضُرِبَ في الدار زيدٌ ، بنيابة المفعول به ؛ إذ إنّ أصل الجملة : ضَرَبَ الرجلُ في الدار زيدا ً. ويجوز كذلك أن يكون الجار والمجرور نائبا عن الفاعل ؛ فتقول : ضُرِبَ في الدار زيداً ، وجواز المثالين عند الأخفش ؛ بسبب تقدم الجار والمجرور على المفعول به ، وكذلك الحال إذا تقدم الظرف ، أو المصدر على المفعول به .
ب- إذا تقدّم المفعول به على غيره تعيّن نِيابة المفعول به عن الفاعل ، نحو : ضُرِبَ زيدٌ في الدار . ولا يجوز نيابة الجار والمجرور عن الفاعل في هذه الحالة ؛ فلا تقول : ضُرِبَ زيداً في الدار ، ولا يجوز : ضُرِبَ زيداً ضربٌ شديدٌ ، بنيابة المصدر ؛ وذلك لأن المفعول به متقدَّمٌ .
س17- قال الشاعر :
لَمْ يُعْنَ بِالْعَلْيَاءِ إِلاَّ سَيَّداً وَلاَ شَفَى ذَا الغَىَّ إِلاَّ ذُو هُدَى
عين الشاهد ، وما وجه الاستشهاد في البيت السابق ؟
ج17- الشاهد:لم يُعْنَ بالعلياءِ إلا سيَّداً .
وجه الاستشهاد : أناب الشاعر الجار والمجرور ( بالعليِاءِ ) عن الفاعل مع وجود المفعول به (سيَّداً ) . وهذا البيت شاهدٌ لما ذهبَ إليه الكوفيون ، والأخفش . أما البصريون فلا يُجيزون ذلك ويرون أنه من الضرورة الشعريّة .(1/63)
جواز نيابة أحد المفعولين عن الفاعل
وَبِاتَّفَاقٍ قَدْ ينُوبُ الثَّانِ مِنْ بَابِ كَسَا فِيمَا الْتِبَاسُهُ أُمِنْ
فى بَابِ ظَنَّ وَأَرَى الْمَنْعُ اشْتَهَرْ وَلاَ أَرَى مَنْعاً إِذَا القَصْدُ ظَهَرْ
س18- ما الذي ينوب عن الفاعل إذا كان الفعل متعدياً إلى مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر ؟
ج18- إذا كان الفعل من باب ( أَعْطَى ، وكَسَا ) وبُني الفعل للمجهول جاز إنابة أحد المفعولين عن الفاعل إذا أُمِنَ اللَّبْس باتفاق - وهذا هو مراد الناظم من
البيت الأول - تقول كُسِيَ زيدٌ جُبَّةً ، وأُعْطِيَ عمرٌو درهماً . فزيد ، وعمرو :
نائبان عن الفاعل ، وأصلهما المفعول الأول .
ويجوز أن يكون المفعول الثاني هو النائب عن الفاعل ؛فتقول :كُسِيَ زيداً جُبَّةٌُ، وأُعْطِيَ عمراً درهمٌ .
أما إذا حَصَل لَبْسٌ وجب أن يكون المفعول الأول هو النائب عن الفاعل ، نحو : أَعطيتُ زيداً عمراً ؛ فتقول : أُعِطَي زيدٌ عمراً ، ولا يجوز نيابة المفعول الثاني عن الفاعل ؛ لحصول اللَّبس لأن كل واحدٍ منهما يصلح أن يكون آخِذاً ومأخوذاً ، بخلاف قولك : أُعْطي عمراً درهمٌ ، فمعلوم أن الآخِذ (عمرو) والمأخوذ (الدرهم) ؛ لأن الدرهم لا يصلح أن يكون آخِذاً .
س19- فيم اعترض الشارح على الناظم في مسألة جواز إنابة أحد المفعولين عن الفاعل إذا أمن اللبس ؟
ج19- اعترض ابن عقيل على الناظم في نقله ( الاتفاق ) في جواز نيابة المفعول الثاني عن الفاعل عند أَمْن اللَّبس إِنْ قَصَد الناظم أنه اتفاق النحويين جميعاً ؛ ذلك لأن مذهب الكوفيين لا يُجيز نيابة المفعول الثاني عن الفاعل إذا كان المفعول الأول معرفة ، والثاني نكرة ، ويتعين عندهم أن يكون المفعول الأول هو النائب عن الفاعل ، ففي نحو : أعطيت زيداً درهما ؛ تقول : أُعْطِيَ زيدٌ درهماً ، ولا يجوز عند الكوفيين قولك : أُعْطِيَ درهمٌ زيداً .(1/64)
س20- ما الذي ينوب عن الفاعل إذا كان الفعل متعدياً لثلاثة مفاعيل ، أو لمفعولين أصلهما المبتدأ والخبر ؟
ج20- إذا كان الفعل من باب ( ظنّ ، أو أَرَى ) وبُني الفعل للمجهول
فالمشهور عند النحويين أنه يجب نيابة المفعول الأول عن الفاعل ، ويمتنع نيابة المفعول الثاني في باب (ظنّ) وكذلك يمتنع نيابة الثاني ، والثالث في باب (أَرَى) وأخواتها : كأَعْلَمَ ، وأَنْبَأَ ، ونَبَّأَ ...إلخ ؛ تقول : ظُنَّ زيدٌ قائماً ، ولا يجوز : ظُنَّ زيداً قائمٌ ؛ وتقول : أُعْلِمَ زيدٌ فرسَك مُسْرَجاً ، ولا يجوز نيابة المفعول الثاني ؛ فلا تقول : أُعْلِمَ زيداً فرسُك مسرجاً ، ولا يجوز نيابة الثالث ؛ فلا تقول : أُعْلِمَ زيداً فرسَك مُسْرَجٌ . وهذا هو المشهور عند النحويين .
س21- اذكر الخلاف في مسألة نيابة المفعول الثاني ، والثالث في بابي ظنَّ ، وأرى ؟
ج21– نقل ابن أبي الربيع ، وابن المصنف الاتفاق على منع نيابة المفعول الثالث في باب أرى ، وليس الأمر كما زعما فقد نقل غيرهما جواز نيابة المفعول الثالث بشرط أَمْنِ اللّبس ، نحو : أُعْلِمَ زيداً فرسَك مسرجٌ .
وذهب قوم منهم المصنِّف إلى : أنه لا يتعيَّن نيابة المفعول الأول لا في بابِ
( ظنّ ) ولا باب ( أعلم ) لكن بشرط أن يُؤمن اللّبس ، نحو : ظُنَّ زيداً قائمٌ ، وأُعْلِمَ زيداً فرسُك مسرجاً . وهذا هو مراد الناظم بقوله : " ولا أرى منعاً إذا القَصْد ظَهر " .
أما إذا حَصَل لَبْس تعيَّن نيابة المفعول الأول في بابي (ظن ، و أرى) ففي قولك : ظَنَنْتُ زيداً عمراً ، وأَعْلَمْتُ زيداً عمراً منطلقاً ، لا يجوز عند البناء للمجهول أن تقول : ظُنَّ زيداً عمرٌو ، ولا : أُعلِمَ زيداً عمرٌو منطلقاً .
* إذا كان المفعول الثاني جملة تعيّن نيابة المفعول الأول ، نحو : ظُنَّ زيدٌ يُكْرِمُ والديه. *
الفعل المبني للمجهول لا يرفعُ إلا نائبَ فاعلٍ واحداً فقط(1/65)
وَمَا سِوَى النَّائِبِ مِمَّا عُلِّقَا بِالرَّافِعِ النَّصْبُ لَهُ مُحَقَّقَا
س22- ما مراد الناظم بهذا البيت ؟
ج22- مراده : أن الفعل المبني للمجهول لا يرفع إلا نائب فاعل واحداً فقط فلو كان الفعل ناصباً مفعولين فأكثر أَقمتَ واحداً منها مُقَامَ الفاعل ، ونصبتَ الباقي ، نحو : ظُنَّ زيدٌ قائماً ، وأُعْلِمَ زيدٌ عمراً قائماً ... وهكذا .
فحكم الفعل المبني للمجهول في ذلك كحكم الفعل المبني للمعلوم ، لا يرفع إلاَّ فاعلاً واحداً فقط .
---
الاشْتِغَالُ
اشتغال العامل عن المعمول
تعريف الاشتغال ، وحكم الاسم السابق
إِنْ مُضْمَرُ اسْمٍ سَابِِقٍ فِعْلاً شَغَلْ عَنْهُ بِنَصْبِ لَفْظِهِ أَوِ الْمَحَلّ
فَالسَّابِقَ انْصِبْهُ بِفِعْلٍ أُضْمِرَا حَتْماً مُوَافِقٍ لِمَا قَدْ أُظْهِرَا
س1- عرّف الاشتغال ، ومثِّل له .
ج1- الاشتغال هو : أن يتقدَّم اسم ، ويتأخر عنه فعل قد عَمِلَ في ضمير ذلك الاسم ، أو في سَبَبِيَّه - وهو المضاف إلى ضمير الاسم السابق - فمثال المشتغل بالضمير : زيداً ضربتُه ، وزيداً مررتُ بِهِ . فالفعل ( ضرب ) اشتغل عن الاسم السابق ( زيداً ) بالضمير العائد إلى ( زيد ) فنصب الضمير لفظاً .
أما الفعل ( مَرَّ ) فانشغل أيضاً عن الاسم السابق ( زيداً ) بالضمير العائد إلى
( زيد ) ولكنه لم يتوصل إلى الضمير بنفسه ، كما في (ضربته) بل توصَّل إلى الضمير بواسطة حرف الجر ؛ ولذا عمل النصب فيه محلاً لا لفظاً ، فالضمير : مجرور لفظاً منصوب محلاً .
ومثال المشتغل بالسَّبَبِيِّ : زيداً ضربتُ غلامَهُ . فالفعل (ضرب) اشتغل عن الاسم السابق ( زيداً ) بالاسم الظاهر (غلامَه) ؛ لأنه سببيٌّ للاسم السابق ؛
وذلك لاشتماله على ضمير يعود إلى ( زيداً ) .(1/66)
ولولا ذلك الاشتغال لعمل الفعل في ذلك الاسم المتقدِّم ونصبه على أنه مفعول به متقدِّم ، نحو : زيداً ضربتُ ، ونحو : بزيدٍ مررتُ . في هذا المثال توصَّل الفعل إلى ( زيد ) مباشرة بحرف الجر فيكون الجار والمجرور ( بزيد ) في محل نصب .
* المراد بالسَّبَبِيِّ : كلُّ شيءٍ له صِلَةٌ ، وعلاقة بذلك الاسم سواء كان صِلَة قرابة ، أم صَداَقة ، أم عمل ، أم غير ذلك من أنواع الصلات . *
س2– ما حكم نصب الاسم المشتغل عنه ؟ وما العامل في نصبه ؟
ج2- إذا وُجد الاسم والفعل على الهيئة المذكورة في السؤال الأول فيجوز لك نصب الاسم المشتغل عنه .
( ذكر النحويون خمسة أوجه في نصبه ، ورفعه سيأتي بيانها إن شاء الله) .
أما ناصبه ( العامل ) فاختلف النحويون فيه على النحو الآتي :
1- ذهب الجمهور : إلى أنَّ ناصبَه فعلٌ مُضْمَرٌ وجوباً يُفسِّره الفعل المذكور .
فيُضْمَرُ وجوباً ؛ لأنه لا يُجمع بين المفسِّر والمفسَّر ، وهذا الفعل المحذوف على نوعين :
أ- أن يكون مشاركاً للمذكور في لفظه ومعناه ، وذلك إذا كان الفعل ناصباً للضمير نفسه (لفظاً ومحلاً) نحو : زيداً ضربتُه ، والتقدير : ضربتُ زيداً ضربتُه .
ب- أن يكون مشاركاً له في معناه دون لفظه ، وذلك إذا كان الفعل ناصباً للضمير محلاً، نحو : زيداً مررت به ، والتقدير : جاوزتُ زيداً مررت به .
ورأي الجمهور هذا هو ما ذكره الناظم في البيت الثاني .
2- ذهب الكوفيون: إلى أنه منصوب بالفعل المذكور بعده ،واختلفوا في ذلك:
أ- ذهب قوم إلى أن الفعل المذكور عَمِل في الضمير ، وفي الاسم السابق معاً ؛
فإذا قلت : زيداً ضربته فإنّ ( ضربت ) قد نصب الاسم السابق ( زيداً ) ونصب كذلك الضمير ( الهاء ) وهذا المذهب مردود ؛ لأن العامل الواحد لا يعمل في الاسم الظاهر ، وفي ضميره معاً .
ب- وذهب قوم إلى أن الفعل عاملٌ في الاسم الظاهر ، والضمير مُلْغًى .(1/67)
وهذا المذهب مردود أيضاً ؛ لأن الأسماء لا تُلْغَى بعد اتصالها بالعوامل .
( م ) س3- ما أركان الاشتغال ؟ وما شروط كل ركن ؟
ج3- أركان الاشتغال ثلاثة هي :
1- المشغول عنه ، أو ( المشتغل عنه ) وهو الاسم المتقدِّم .
2- المشغول ، وهو الفعل المتأخِّر .
3- المشغول به ، وهو الضمير الذي تعدَّى إليه الفعل بنفسه ، أو بالواسطة .
أما شروط المشغول عنه فخمسة ، هي :
أ- ألاّ يكون متعدِّدا لفظاً ومعنى ، بل يكون اسماً واحداً ، نحو: زيداً ضربته ، أو يكون متعدداً في اللفظ دون المعنى ، نحو : زيداً وعمراً ضربتهما ؛ وذلك لأن
العطف جعل الاسمين كالاسم الواحد . أما إِنْ تعدّد في اللفظ والمعنى ، نحو : زيداً درهماً أعطيته ، فلا يصح .
ب- أن يكون متقدِّماً. فإن تأخّر، نحو: ضربتُه زيداً، فليس من باب الاشتغال. فإنْ نصبتَ ( زيداً ) كما في المثال فهو بدل من الضمير، وإن رفعته ( زيدٌ ) فهو مبتدأ، والجملة قبله خبر .
ج- قبوله الإضمار ؛ ولذلك لا يصح الاشتغال عن الحال ، ولا التمييز ، ولا عن المجرور بحرف يختص بالظاهر ، مثل : حتى ، والكاف ، ومُذ ، ومُنْذُ ، والتاء ، ورُبَّ ؛ لأنها لا تقبل الإضمار .
د- أن يكون مُفْتَقِراً لما بعده ؛ فقولك: جاءك زيدٌ فأكرمه ، ليس من باب الاشتغال ؛ لأن الاسم ( زيد )لم يَحْتَجْ للفعل الذي بعده ؛ لكونه مُكْتَفِياً بالفعل المتقدِّم عليه فَعَمِل فيه الرفع .
هـ- أن يكون صالحاً للابتداء به ،بألا ّيكون نكرة مَحْضَة ،كما في قوله تعالى: * فقوله تعالى : * ليس من باب الاشتغال ؛ لأن ( رهبانيةً ) معطوف على ما قبله بالواو ؛ ولذلك لا يصح الابتداء بـ (رهبانيّة) ، وأما جملة (ابتدعوها) فهي في محل نصب صفة .
وأما شروط المشغول فاثنان هما :
أ- أن يكون متصلاً بالمشغول عنه .(1/68)
فإن انفصل منه بفاصل لا يعملُ ما بعده فيما قبله ، كأدوات الشرط ، والاستفهام فليس من باب الاشتغال ؛ ولذلك يجب رفع الاسم المتقدِّم ، نحو : زيدٌ إِنْ لَقِيتَه فأكرمْه . وسيأتي توضيح هذا الشرط .
ب- أن يكون صالحاً للعمل فيما قبله، بأن يكون فعلاً متصرفاً ، أو اسم فاعل ، أو اسم مفعول . فإن كان المشغول حرفاً ، أو اسم فعل ، أو صفة مُشَبَّهة ، أو فعلاً جامداً كفعل التَّعجّب ، وعسى لم يصح أن تعمل فيما قبلها ؛ لأن هذه العوامل جميعاً ضعيفة لا تَقْوَى على العمل فيما تقدّم عليها .
وأما المشغول به ، فله شرط واحد هو : أَلاَّ يكون أجنبيًّا من المشغول عنه ؛ ولذلك صَحَّ أن يكون المشغولُ به ضميراً عائداً إلى المشغول عنه ، أو اسماً ظاهراً مضافاً إلى ضمير المشغول عنه ، نحو : زيداً أكرمتُه ، ونحو : زيداً مررت به ، ونحو : زيداً أكرمتُ أخاه .
وجوب نصب الاسم السابق
وَالنَّصْبُ حَتْمٌ إِنْ تَلاَ السَّابِقُ مَا يَخْتَصُّ بِالْفِعْلِ كَإِنْ وَحَيْثُمَا
س4- متى يكون نصب الاسم المشتغل عنه واجباً ؟
ج4- ذكرنا سابقاً أنَّ النُّحاة ذكروا خمسة أوجه في نصب ، ورفع الاسم المشتغل عنه ، أوَّلها هذا الوجه ، وهو وجوب النصب .
يجب نصب الاسم السابق إذا وقع بعد أداة لا يليها إلاّ الفعل ، كأدوات الشرط ، نحو : إنْ ، وحَيْثُمَا ؛ تقول : إِنْ زيداً أكرمْتَه أَكْرَمَكَ ، وحيثما زيداً تَلْقَهُ فأَكْرِمْهُ . في هذين المثالين يجب نصب ( زيداً ) ولا يجوز الرفع على أنه مبتدأ ؛ لأنَّ المبتدأ لا يقع بعد إنْ ، وحيثُما .
وأجاز الكوفيون وقوع المبتدأ بعدها فلا يمتنع عندهم الرفع على الابتداء ، واستشهدوا بقول الشاعر :
لا تَجْزَعِى إنْ مُنْفِسٌ أَهْلَكْتُهُ فَإِذَا هَلَكْتُ فَعِنْدَ ذَلِكَ فَاجْزَعِى
ففي قوله ( إِنْ مُنْفِسٌ ) وقع الاسم المرفوع ( منفسٌ ) بعد أداة الشرط ( إِنْ )(1/69)
وهذه رواية الكوفيين وشاهدهم الذي استشهدوا به على وقوع الاسم المرفوع بعد أداة الشرط ، فمنفس عندهم : مبتدأ ، خبره جملة : أهلكته .
أمّا سيبويه وجمهور البصريين فقد رووا هذا البيت بنصب ( مُنفساً ) على الاشتغال ، والتقدير ( إِنْ أهلكت منفساً أهلكته) وبذلك تكون ( إن ) الشرطية
قد دخلت على فعل مقدَّر . أما رواية الرفع فيجيب عنها البصريون بقولهم :
إِنْ صحَّت هذه الرواية فإن (منفسٌ) فاعل لفعل محذوف يفسِّره الفعل المذكور بعده ، والتقدير : إن هلك مُنفسٌ .
( م ) س5- ما الأدوات التي تختص بالفعل ؟
ج5- الأدوات التي تختص بالفعل أربعة أنواع ، هي :
1- أدوات الشرط ،كإنْ ، وحيثما ، كما في المثالين السابقين ، والشاهد الشعري .
2- أدوات التحضيض ، والعَرْض ، نحو : هَلاَّ ، وألاَّ ، وأَلاَ ، ولَوْلاَ ، ولَوْمَا ؛ تقول : هلاَّ زيداً أكرمتَه ، وتقول : أَلاَ زيداً أكرمتَه . فالمثال الأول للتحضيض، والمثال الثاني للعَرْض . (سيأتي بيان الفرق بين التحضيض ، والعَرْض في بابهما في الجزء الرابع إن شاء الله تعالى ) .
3- أدوات الاستفهام غير الهمزة ، نحو : هل زيداً أكرمتَه ؟ أما الهمزة فلا تختص بالفعل ، بل يجوز أن تدخل على الأسماء ، والأفعال وإن كان دخولها على الأفعال أكثر ، قال تعالى: * وقال تعالى :
* وقال تعالى : * .
وجوب رفع الاسم السابق
وَإِنْ تَلاَ السَّابِقُ مَا بِالابْتِدَا يَخْتَصُّ فَالرَّفْعَ الْتَزِمْهُ أَبَدَا
كَذَا إِذَا الْفِعْلُ تَلاَ مَا لَمْ يَرِدْ مَا قَبْلُ مَعْمُولاً لِمَا بَعْدُ وُجِدْ
س6- متى يكون رفع الاسم المشتغل عنه واجباً ؟
ج6- وجوب الرفع هو الوجه الثاني من الأوجه الخمسة ، ويجب رفع الاسم المشتغل عنه في حالتين هما :(1/70)
1- إذا وقع الاسم السابق بعد أداة تختص بالابتداء ، كإذا الفجائية فإنَّ ما بعدها لا يكون إلا مبتدأ ، نحو : خرجتُ فإذا زيدٌ يضربُه عمرٌو ، برفع ( زيد ) على أنه مبتدأ ، ولا يجوز نصبه ؛ لأن إذا الفجائية لا يقع بعدها الفعل لا ظاهراً، ولا مقدَّراً . وهذا هو مراد الناظم من البيت الأول .
2- إذا وَقَعَ الفعلُ المشتغل بالضمير بعد أداة لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، كأدوات الشرط ، والاستفهام ، وما النافية ، نحو : زيدٌ إِن لقيتَه فأكرمْه ،
وزيدٌ هل ضربتَهُ ، وزيدٌ ما لقيتُه . فيجب رفع ( زيد ) في هذه الأمثلة ، ولا يجوز نصبه ؛ لأن هذه الأدوات وما شابهها لا يعمل ما بعدها فيما قبلها ، وما لا يصلح أن يعمل فيما قبله لا يصلح أن يفسَّر عاملا فيما قبله . وهذا هو مراد الناظم من البيت الثاني .
وبعض العلماء يُجيز عمل ما بعد هذه الأدوات فيما قبلها ؛ ولذلك أجازوا
النصب في الاسم السابق مع الضمير بعامل مقدَّر ، نحو : زيداً ما لقيته .
( م ) س7- هل يَعُدُّ النحويون حالة وجوب الرفع من باب الاشتغال ؟
ج7- اختلفوا في ذلك على النحو الآتي :
1- ابن الحاجب : لم يذكر هذه الحالة أصلاً .
2- ابن هشام : ينصّ على أنه ليس من باب الاشتغال ؛ وذلك لأن ضابط الاشتغال : أنَّ العامل في المشغول به لو تفرّغ من الضمير وسُلِّط على الاسم السابق لعمل فيه ،كما بيَّنا ذلك في س1، أمَّا في هذه الحالة وهي وجوب الرفع فلا يتم هذا الضابط .
3- عدّه بعض العلماء : من باب الاشتغال غير مُكْتَرِثٍ بالضابط السابق . والحقّ ُهو رأي ابن هشام .
( م ) س8- ما الأشياء التي لا يعمل ما بعدها فيما قبلها ؟
ج8- الأشياء التي لا يعمل ما بعدها فيما قبلها عشرة أنواع وهي :
1- أدوات الشرط جميعها ، نحو : زيدٌ إِنْ لقيته فأكرمْه ، وخالدٌ حيثما تجدْه فأكرمْه .
2- أدوات الاستفهام جميعها ، نحو: زيدٌ أسلَّمتَ عليه ؟ ، وخالدٌ هل أكرمته ؟(1/71)
3- أدوات التحضيض جميعها ، نحو : زيدٌ هَلاَّ أكرمته ، وخالدٌ أَلاَ تزوره .
4- أدوات العرض جميعها ، نحو : زيدٌ أَلاَ تكرمُه ، وخالدٌ أَمَا تزوره .
5- لام الابتداء ، نحو : زيدٌ لأَنا قد أكرمته ، وخالدٌ لأَنا أحبُّه .
6-كم الخبرية ، نحو : زيدٌ كم ضربته ، وخالدٌ كم نصحتُ له .
7- الحروف الناسخة ، نحو : زيدٌ إنِّي أكرمته ، وخالدٌ كأنَّه أسدٌ .
8- الأسماء الموصولة ، نحو : زيدٌ الذي تكرمُه ، وهندٌ التي رأيتها .
9- الأسماء الموصوفة بالعامل المشغول ، نحو : زيدٌ رجلٌ أكرمته .
فَرَجُلٌ : اسم موصوف بالعامل المشغول أكرمته ، وجملة أكرمته : صفة .
10- بعض حروف النفي ، وهي ( ما ) مطلقاً ، نحو : زيدٌ رجلٌ ما ضربته .
أما حرف النفي (لا) فيشترط أن يقع في جواب قسم ،نحو: زيدٌ والله لا أضربُه.
وأمَّا إذا كان حرف النفي (لم ) نحو : زيدٌ لم أَضربْه ، أو كان حرف النفي (لا) ولم يقع جواباً للقسم ، نحو : زيد لا أضربُه ، ففي هاتين الحالتين يترجَّح الرفع ، ولا يكون واجباً ؛ لأنها حينئذ تفصل ما بعدها عمّا قبلها .
جواز النّصب ، والرّفع
والنصب أرجح
وَاخْتِيرَ نَصْبٌ قَبْلَ فِعْلٍ ذِى طَلَبْ وَبَعْدَ مَا إِيلاَؤُهُ الفِعْلَ غَلَبْ
وَبَعْدَ عَاطِفٍ بِلا َفَصْلٍ عَلَى مَعْمُولِ فِعْلٍ مُسْتَقِرًّ أَوَّلاَ
س9- متى يكون نصب الاسم المشتغل عنه أرجح من رفعه ؟
ج9- جواز النصب ، والرفع ، والنصب أرجح هو الوجه الثالث من الأوجه
الخمسة ، ويكون النصب أرجح من الرفع في ثلاث حالات ، هي :(1/72)
1- إذا وقع بعد الاسم فعلٌ دالُّ على الطلب ، كالأمر ، والنَّهي ، والدعاء ، نحو : زيداً اضربْه ، وزيداًَ لا تضربْه ، وزيداً رَحِمَه اللهُ . في هذه الأمثلة يجوز رفع ( زيد ) ونصبه ، والمختار النصب ؛ وتَرّجح النصب على الرفع لأن الرفع يقتضي أَنْ يكون ( زيد ) مبتدأ، والجملة الطلبية : خبره ، والأصل في الخبر أَنْ لا يكون جملة طلبية ؛ لأنها لا تحتمل الصِّدق والكذب ، والإخبار بالجملة الطلبية قليل وموضع خِلاف ؛ ولذلك ترجّح النّصب .
2- إذا وقع الاسم بعد أداة يغلب أن يليها الفعل ،كهمزة الاستفهام ، وما النافية ، ولا النافية ، وإِنْ النافية ، نحو : أزيداً أكرمتَه؟ وما زيداً لقيتَه ، ولا زيداً ضربتَه ولا عمراً ، وإِنْ زيداً ضربتَه ، بمعنى : ما زيداً ضربتَه . ففي هذه الأمثلة جميعا يترجح النصب مع جواز الرّفع .
3- إذا وقع الاسم المشتغل عنه بعد عاطف تقدَّمته جملة فعليّة ، ولم يُفْصَل بين العاطف ، والاسم ، نحو : قام زيداً وعمراً أكرمته . في هذا المثال وقع الاسم المشتغل عنه ( عَمْراً ) بعد حرف العطف ( الواو ) وهذا العاطف تقدمته جملة فعلية ( قام زيدٌ ) ولم يُفصل بين العاطف ( الواو ) والاسم المشتغل عنه (عمراً) ولذلك ترجّح النصب ؛ ليكون العطفُ عطفَ جملةٍ فعلية على جملة فعلية .
أمّا إذا فُصِل بين العاطف ، والاسم بـ (أمَّا) نحو : قام زيْدٌ وأمَّا عمرٌو فأكرمته ، فالراجح الرفع مع جواز النصب ، أمَّا إذا قلت : قام زيدٌ وأمَّا عمراً فأَكْرِمْه ، فالنصب أرجح ؛ وذلك لأن الاسم وقع قبل فعل دالّ على الطلب ،
كما بيَّنا في الحالة الأولى .
جواز النصب ، والرفع
على السواء
وَإِنْ تَلاَ الْمَعْطُوفُ فِعْلاً مُخْبَرَا بِهِ عَنِ اسْمٍ فَاعْطِفَنْ مُخَيَّرَا
س10- متى يتساوى النصب ، والرفع في الاسم المشتغل عنه ؟(1/73)
ج10- التساوي في الرفع ، والنصب هو الوجه الرابع من الأوجه الخمسة ، ويجوز التساوي في الرفع ، والنصب في حالة واحدة ، هي : إذا وقع الاسم
المشتغل عنه بعد عاطف تقدّمته جملة ذات وجهين( أي : جملة صدرها اسم، وعجزها فِعل ) نحو : زيدٌ قام وعمراً أكرمتُه . في هذا المثال يجوز النصب ، والرفع على السواء ، فالرفع مراعاة للصدر ( زيد) على أنه مبتدأ ، و( عمرٌو ) معطوف عليه ، وبذلك تكون قد عطفت جملة اسمية على جملة اسمية . والنصب مراعاة للعجز ( قام ) ويُنصب ( عمراً ) على أنه مفعول به لفعل محذوف ، وبهذا تكون قد عطفت جملة فعلية على فعلية .
جواز النصب ، والرفع
والرفع أرجح
وَالرَّفْعُ فى غَيْرِ الَّذِى مَرَّ رَجَحْ فَمَا أُبِيحَ افْعَلْ وَدَعْ مَا لَمْ يُبَحْ
س11- متى يكون رفع الاسم المشتغل عنه أرجح من نصبه ؟
ج11- جواز النصب ، والرفع ، والرفع أرجح هو الوجه الخامس من الأوجه الخمسة التي ذكرها النحويون في إعراب الاسم المشتغل عنه ، ويكون الرفع أرجح من النصب في غير ما مرَّ بنا من الأوجه الأربعة السابقة ( أي : يترجّح الرفع في كلّ اسم لم يُوجَد معه ما يُوجب نصبه ، ولا ما يُوجب رفعه ، ولا ما يرجِّح نصبه ، ولا ما يجوِّز فيه الأمرين على السواء ) وذلك نحو : زيدٌ ضربتُه .
في هذا المثال يجوز رفع (زيد) على أنه مبتدأ ، وما بعده خبر ، ويجوز نصبه على أنه مفعول به لفعل محذوف ، والراجح الرَّفع ؛ لأنه لا يحتاج إلى تقدير ، والنصب يحتاج إلى تقدير فعل محذوف ، وما لا يَحْتاج أَوْلى مِمَّا يحتاج .
وزعم بعضهم أنه لا يجوز النصب لِمَا فيه من تكلُّف الإضمار والتقدير ، وهذا الرأي ليس بسديد فقد نقل النصب سيبويه ، وغيره من أئمة العربية ، وهوكثير. ومن ذلك قراءة من قرأ قوله تعالى:* بنصب جنات.
ومن ذلك ما أنْشَده أبو السَّعادات ابن الشجري في أماليه :
فَارِساً ما غَادَرُوهُ مُلْحَماً غَيْرَ زُمَّيْلِ ولا نِكْسٍ وَكِلْ(1/74)
بنصب الاسم المشتغل عنه (فارساً) بفعل محذوف يُفسِّره الفعل المذكور بعده ، ولا مُرَجِّحَ للنَّصب ، ولا موجب له في هذا الموضع ؛ فدلّ ذلك على أنّ النصب جائز ، وليس ممتنعاً كما زعموا .
جريان الأوجه الخمسة في الاسم المشتغل عنه
سواء اتصل الضمير بالفعل ، أم انفصل منه
وَفَصْلُ مَشْغُولٍ بِحَرْفِ جَرِّ أََوْ بِإِضَافَةٍ كَوَصْلٍ يَجْرِى
س12- ما مراد الناظم بهذا البيت ؟
ج12- مراده : أن الأوجه الإعرابية الخمسة السابقة الذكر في الاسم المشتغل عنه لا يُشترط لجوازها أن يكون الضمير متصلا بالفعل ، نحو : زيدٌ ضربته ، بل تجوز كذلك إذا كان الضمير منفصلا من الفعل بحرف جر ، نحو : زيدٌ مررت به ، أو منفصلا منه بإضافة ، نحو : زيد ضربت غلامَه . فتجوز الأوجه الخمسة المذكورة سابقاً سواء أكان الضمير متصلا بالفعل ، أم منفصلا منه بحرف جر ، أم منفصلا منه بإضافة .
العامل ( المشغول ) يكون
فعلا ، ويكون وَصْفاً
وَسَوِّ فى ذَا البَابِ وَصْفاً ذَا عَمَلْ بِالْفِعْلِ إِنْ لَمْ يَكُ مَانِعٌ حَصَلْ
س13- هل يجوز أن يكون العامل ( المشغول ) ليس بفعلٍ ؟ وما الذي يشترط فيه ؟
ج13- نعم . يكون العامل ( المشغول ) غير الفعل .
فإذا كان العامل ليس بفعلٍ اُشْتُرِطَ فيه ثلاثة شروط هي :
1- أن يكون وصفاً ، كاسم الفاعل ، واسم المفعول . ويخرج بذلك اسم الفعل فإنه يعمل عمل الفعل ، ولكنه ليس بوصف ، نحو : زيدٌ دَرَاكِه ، فلا يجوز نصب ( زيد ) لأن اسم الفعل لا يعمل فيما قبله ؛ فلا يفسِّر عاملا فيه .
2- أن يكون الوصف عاملا ، ويكون الوصف عاملا : إذا كان بمعنى الحال ، أو الاستقبال . ويخرج بذلك الوصف غير العامل ، كاسم الفاعل ، أو اسم المفعول الذي بمعنى الماضي ، نحو : زيد أنا ضاربُه أمسِ ، فلا يجوز نصب (زيد) لأن الوصف هنا غير عامل ، ولا يعمل فيما قبله فلا يفسِّر عاملا فيه . وهذا هو المراد بقول الناظم : " وصفا ذا عمل " .(1/75)
3- أَلاَّ يوجد مانع يمنع الوصف من العمل ، ومن الموانع كون الوصف مقترناً بـ ( أل ) لأنَّ ( أل ) الداخلة عليه موصولة ، والموصولات لا يعمل ما بعدها
فيما قبلها ، نحو : زيدٌ أنا الضاربه ، فلا يجوز نصب (زيد) بسبب دخول (أل) الموصولة على اسم الفاعل ، والموصولات تقطع ما بعدها عمَّا قبلها فلا يفسِّر عاملا فيها . وهذا هو مراد الناظم بقوله : " إنْ لم يكُ مانعٌ حَصَلْ " .
* ويتلخّص من ذلك : أن العامل غير الفعل يشترط فيه أن يكون وصفاً عاملا بمعنى الحال ، أو الاستقبال ، وألاّ يقترن بـ ( أل ) نحو : زيد أنا ضاربُه الآن ، أو غداً ، ونحو : زيد أنا مُكْرِمُه الآن ، ونحو : الدرهم أنت مُعْطَاهُ - إذا أردت الحال ، أو الاستقبال - ففي هذه الأمثلة يجوز نصب ( زيد ) و ( الدرهم ) كما كان يجوز ذلك مع الفعل . *
حصولُ الرَّبْطِ بالأَجْنَبِيِّ المتبوعِ بِتَابِعٍ مُشتملٍ
على ضمير يعود إلى الاسم المشتغل عنه
وَعُلْقَةٌ حَاصِلَةٌ بِتَابِعِ كَعُلْقَةٍ بِنَفْسِ الاسْمِ الْوَاقِعِ
س14- ما المراد بالْعُلْقَة ؟ وما مراد الناظم بهذا البيت ؟
ج14- عرفتَ في باب الاشتغال : أنّ شرط المشغول به : أَلاَّ يكون أجنبياً من المشغول عنه ؛ ولذلك فالمشغول به إمّا أن يكون ضميراً يعود إلى المشغول عنه ،
أو اسما ظاهراً مضافاً إلى ضمير يعود إلى المشغول عنه ، هذا الضمير يُسمى في
اصطلاح النحويين : عُلْقَةً ( أي : الْعَلاَقَةُ ، والرَّابِطُ ، والْمُلاَبَسَةُ ) .(1/76)
ومراد الناظم بهذا البيت : أنه كما تَحْصُلُ الملابسة ، والربط باتصال الفعل بالضمير ، نحو : زيداً ضربتهُ ، ونحو : زيداً مررت به ، وكما تحصل الملابسة والربط بالسَّببيَّ المضاف إلى الضمير ، نحو : زيداً ضربتُ غلامَه ، كذلك تحصل الملابسة ، والربط باسم أجنبّي أُتْبِعَ بتابع مشتمل على ضمير الاسم السابق سواء أكان التابع صفة ، نحو : زيداً ضربت رجلاً يُحِبُّه ، أم كان عطف بيان ،نحو : زيداً ضربت عمراً أباه ، أم كان معطوفاً بالواو (خاصَّة)، نحو : زيداً ضربت خالداً وأخاه . ففي الأمثلة الثلاثة الأخيرة اشتغل الفعل بنصب (رجلاً) و(عمراً) و (خالداً) وهذه الأسماء الأجنبية المشتغل بها أُتْبِعَتْ بصفة ، وهي جملة ( يحبه ) كما في المثال الأول ، وأُتبعت في المثال الثاني بعطف البيان (أباه) وفي المثال الثالث أُتبعت بالمعطوف ( أخاه ) وهذه التوابع اشتمل كلّ منها على ضمير يعود إلى الاسم المشتغل عنه ( زيداً ) فهي بذلك قد جَرَتْ مجرى السَّبَبِيِّ ، وهو الاسم الظاهر المشتمل على ضمير يعود إلى الاسم المشتغل عنه ، نحو : زيداً أكرمتُ أخاه .
* وملخص ذلك : أن الأجنبي (المشتغل به) إذا أُتبع بالنعت ، أو بعطف البيان، أو بمعطوف بالواو ، وكانت هذه التوابع الثلاثة مشتملة على ضمير يعود إلى الاسم (المشتغل عنه) فإنَّ الأجنبّي يحصل به الرَّبط ، والملابسة كما حصلت بالسَّبَبِيّ ، فهو يُجْرَى مُجْرَى السَّبَبِيِ . *
* س15- ما المراد بالأجنبي ؟
ج15- هو الاسم الذي لا يشتمل على ضمير يعود إلى الاسم المشتغل عنه ، فلا رابط بينه وبين المشتغل عنه ؛ ولذلك سُمَّي أجنبياً .
( م ) س16- هل يصلح البدل ، والتوكيد لحصول الارتباط بين الاسم المشتغل عنه ، والفعل المشغول ؟ ولماذا ؟
ج16- تقدّم أنّ مما يحصل به الارتباط بين المشغول عنه ، والفعل المشغول ثلاثة من التوابع ، هي :
1- النعت 2- عطف البيان 3- عطف النَّسَق ( بالواو خاصّة ) .(1/77)
أما بقية التوابع ، كالبدل ، والتوكيد فلا يحصل بها الارتباط ؛ لأن البدل على نِيَّة تكرار العامل ؛ ولذلك فإنّ الجملة الأولى تكون خالية من الرابط .
أمَّا التوكيد ، فهو نوعان :
1- توكيد لفظي ، ولا يصلح ؛ لأنه لا يتصل بضمير .
2- توكيد معنوي ، وهو لا يصلح أيضاً ؛ لأن الضمير المتصل به يرجع إلى المؤكَّد لا إلى الاسم المتقدَّم ، نحو : زيد ضربت خالداً نفسَه . فالضمير في التوكيد ( نفسه ) يعود إلى المؤكَّد ( خالد ) لا إلى ( زيد ) ولهذا فلا رابط بين زيد ، والفعل الذي بعده .
وأمّا العطف بالواو دون غيرها ؛ فلأنَّ الواو تفيد معنى الجمع ، وقيل : يجوز أن يكون العطف بغير الواو ( كالفاء ، وثمَّ ، وأَو ) فقط دون غيرها .
( م ) س17- هل الضمير في باب الاشتغال يرتبط بأشياء أخرى غير الفعل، والسَّبَبِيّ ، والتابع للاسم الأجنبي ؟
ج17- نعم ، فقد يتصل الضمير بما يلي :
1- صلة الاسم المشغول به ، نحو : زيداً ضربتُ الَّذي يكرهه .
2- صلة الاسم المعطوف على المشغول به،نحو: خالدٌ ضربتُ عمراً والذي يحبُّه.
3- صفة الاسم المعطوف على المشغول به ، نحو : خالدٌ ضربتُ عمراً ورجلاً يحبُّه . فالضمير في ( يحبُّه ) في كلا المثالين يعود إلى خالد .
---
تَعَدَّي الفعلِ ، ولُزُومُهُ
علامة الفعل الْمُتَعَدَّي
عَلاَمَةُ الفِعْلِ الْمُعَدَّى أَنْ تَصِلْ هَا غَيْرِ مَصْدَرٍ بِهِ نَحْوُ عَمِلْ
س1- إلى كم قسم ينقسم الفعل باعتبار التعدَّي ، واللُّزوم ؟
ج1- ينقسم الفعل باعتبار التعدَّي ، واللزوم إلى قسمين ، هما :
1- فعلٌ مُتَعَدٍّ . 2- فعلٌ لاَزِمٍ .
( م ) ذهب بعض العلماء إلى أن الفعل ينقسم بهذا الاعتبار إلى ثلاثة أقسام ، هي :1- فعل متعدٍّ 2- فعل لازم 3- فعل ليس بمتعدٍ ، ولا لازم،
وجعلوا من هذا القسم (كان) وأخواتها ؛ لأنها لا تنصب المفعول به ، ولا تتعدّى إليه بحرف جر .(1/78)
والصواب أنّ ( كان ) ليست فعلا تامّاً ، بل هي فعل ناقص ؛ ولذلك لا تدخل تحت هذا التقسيم . ( م )
س2- عرَّف الفعل المتعدَّي ، والفعل اللازم .
ج2- الفعل المتعدَّي ، هو : الذي يصل إلى المفعول به بغير حرف جر ، نحو : ضربتُ زيداً ؛ولوصوله إلى المفعول به بنفسه سُمَّيَ فعلاً متعدِّياً ،ويُسَمَّى (وَاقِعاً) لوقوعه على المفعول به ، ويُسَمَّى ( مُجَاوِزاً ) لأنه يجاوز الفاعل إلى المفعول به .
والفعل اللاَّزم ، هو : الذي يلزم فاعله ، و لا يتعدَّى إلى المفعول به إلا بواسطة حرف الجر ، نحو : مررت بزيدٍ ، أو ليس له مفعول ، نحو : قامَ زيدٌ .
ويُسَمَّى لازِماً ، وقاصراً ، وغير متعدًّ ؛ للزومه الفاعل ، وعدم تعدَّيه للمفعول به بنفسه . ويُسمى متعديا إذا وصل إلى المفعول به بواسطة حرف الجر، نحو : مررت بزيدٍ ، ونحو : تمسَّك بالفضيلةِ .
س3- ما علامة الفعل المتعدَّي ؟
ج3- علامته : أن يتصل به الضمير ( الهاء ) الذي يعود إلى غير المصدر، نحو : البابُ أغلقته . فالضمير ( الهاء ) مفعول به ، يعود إلى ( الباب ) وهو غير مصدر .
أمَّا الهاء التي تعود إلى المصدر فإنها تتصل بالمتعدَّى ، واللازم فهي ليست علامة
على الفعل المتعدّي وحده . فمثال اتصالها بالمتعدَّي : الضربُ ضربتُهُ زيداً ، ومثال اتصالها باللازم : الِقيامُ قمتُه . فالهاء في كلا المثالين عائدة إلى المصدر
( الضَرْب ) و ( القِيام )؛ ولذلك اتصلت بالمتعدَّي ، واللازم . وهذا مراد الناظم بقوله : " أن تصل ها غير مصدرٍ به " .
الفعل المتعدَّي ينصب مفعوله
ما لم يكن المفعول نائبا عن الفاعل
فَانْصِبْ بِِهِ مَفْعُولَهُ إِنْ لَمْ يَنُبْ عَنْ فَاعِلٍ نَحْوُ تَدَبَّرْتُ الكُتُبْ
س4- ما مراد الناظم بهذا البيت ؟(1/79)
ج4- يريد أن الفعل المتعدَّي ينصب مفعوله إن لم يَنُبْ عن فاعله ، نحو : تَدَبَّرتُ الكتبَ . فإن ناب عن فاعله وجبَ رفعه على أنه نائب فاعل ، نحو : تُدُبِّرَتِ الكتبُ .
س5- اذكر أقسام الأفعال المتعدية .
ج5- الأفعال المتعدية على ثلاثة أقسام ، هي :
1- قسم يتعدّى إلى مفعول واحد ، نحو : ضربَ ، وأَكَلَ ..... إلخ
2- قسم يتعدّى إلى مفعولين ، وهو قسمان .
أ- ما يتعدّى إلى مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر ، كظنَّ ، وأخواتها .
ب- ما يتعدَّى إلى مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر ، كأَعْطَى ، وأَلْبَسَ ، وكَسَا ، وسَأَل .
3- قسم يتعدّى إلى ثلاثة مفاعيل ، كأَعَلَمَ ، وأَرَى ، وأخواتهما .
س6- هل يُنْصَبُ الفاعلُ ، ويُرْفَعُ المفعولُ به ؟
ج6- قد يُنصب الفاعل ، ويُرفع المفعول به عند أمن اللَّبس ، كقولهم : خرقَ الثوبُ المسمارَ . ولا يقاس على ذلك ، بل يُقتصر فيه على السَّماع .
وقد ذكرنا هذه المسألة في باب الفاعل س5 .
تعريف الفعل اللازم
وأنواع الأفعال الْمُتَحَتَّمَة اللزوم
وَلاَزِمٌ غَيْرُ الْمُعَدَّى وَحُتِمْ لُزُومُ أَفْعَالِ السَّجَاياَ كَنَهِمْ
كَذَا افْعَلَلَّ والْمُضَاهِى اقْعَنْسَسَا وَمَا اقْتَضَى نَظَافَةً أَوْ دَنَسَا
أَوْ عَرَضاً أَوْ طَاوَعَ الْمُعَدَّى لِوَاحِدٍ كَمَدَّهُ فَامْتَدَّا
س7- ما علامة الفعل اللازم ؟
ج7- سبقَ أنْ عرفنا في س2 أنَّ الفعل اللازم : هو الذي يلزم فاعله ( أي : إنه ليس بمتعدٍّ ) .
وعلامته : أنَّه يتصل بـ ( هاء ) الضمير التي تعود إلى المصدر ، نحو : القيامُ قمتُه ، ولا يتصل بـ ( هاء ) الضمير التي تعود إلى غير المصدر .
س8- اذكر أنواع الأفعال التي يَتَحَتَّمُ لُزُومُها .
ج8- الأفعال التي يتحتَّمُ لزومها ، هي :(1/80)
1- ما دلَّ على سَجِيَّة ( أي : طبيعة ) وهي الأفعال الدالّة على صفة تُلازم صاحبها ، نحو: شَرُفَ ، وكَرُم ، وظَرُفَ ، ونَحُفَ ، وشَجُع ، وجَبُنَ ، وقَصُر، وطَالَ ، وسَمِنَ ، ونَهِمَ .
* والأغلب في هذه الأفعال أنها من باب ( فَعُلَ ) . *
2-كلّ فعلٍ دلّ على نظَافةٍ ، أو وَسَخ ، نحو : طَهُرَ ، ونَظُفَ ، ووَضُؤَ ، ودَنِسَ ، ووَسِخ ، وقَذُِر .
3- ما دلّ على أمرٍ عارض يزول بزوال السَّبب ، نحو : مَرِضَ ، وحَزِنَ ، ونَشِطَ ، وفَرِحَ ، وكَسُلَ ، وارْتَعَشَ .
4- ما دلّ على لَوْنٍ ، أو عَيْبٍ ، نحو : احْمَرَّ ، واصْفَرَّ ، وعَوِرَ ، وعَمِيَ .
* جعل الناظم النوعين الثالث،والرابع تحت مُسمًّى واحد،بقوله:" أو عَرَضاً ". *
5- ما جاء على وزن افْعَلَلَّ ، نحو : اقْشَعَرَّ ، واشْمَأَزَّ ، واطْمَأَنَّ .
6- ما جاء على وزن افْعَنْلَلَ ، نحو : اقْعَنْسَسَ ، واحْرَنْجَمَ ، وافْرَنْقَعَ .
7- ما جاء على وزن انْفَعَلَ ، نحو : انْكَسَرَ ، وانْطَلَقَ ، وانْقَطَعَ .
8- الفعل المطاوِع للمتعدَّي إلى مفعول واحد ، نحو : مَدَدْتُ الحديدَ فامْتَدَّ الحديدُ . فالفعل ( امتدَّ ) فعل لازم ؛ لأنّه مطاوع للفعل ( مَدَّ ) وهذا الفعل متعدٍّ إلى مفعول واحد فقط . ومن أمثلته : دحرجتُ الكرةَ فَتَدَحْرَجَتِ الكرةُ ،
رفعتُ الصَّوْتَ فارتفعَ الصَّوتُ .
أمَّا المطاوع للمتعدَّى إلى مفعولين فإنه لا يكون لازما ، بل يكون متعدَّيا إلى واحد ، نحو : فَهَّمْتُ زيداً المسألةَ فَفَهِمَهَا ، ونحو : علَّمتُه النَّحو فتعلَّمَه .
تعدية اللازم بواسطة حرف الجر
وتعديته بحذف حرف الجر
وَعَدَّ لاَزِماً بِحَرْفِ جَرَّ وَإِنْ حُذِفْ فَالنَّصْبُ لِلْمُنْجَرَّ
نَقْلاً وَفى أَنَّ وَأَنْ يَطَّرِدُ مَعْ أَمْنِ لَبْسٍ كَعَجِبْتُ أَنْ يَدُوا
س9- ما مراد الناظم بالبيت الأول ؟(1/81)
ج9- مراده : أن الفعل اللازم يمكن تعديته بواسطة حرف جر ، نحو : مررت بزيدٍ . فزيدٍ : اسم مجرور وقعَ موقعَ المفعول ؛ والأحسن في إعرابه أن يُقال : الجار مع مجروره في محل نصب مفعول به غير صريح .
وقد يتعدّى اللازم بحذف حرف الجر فإذا حُذِف حرف الجر أصبح الاسم الذي بعده منصوباً على أنه مفعول به عند البصريين ، أو على نَزْعِ الخَافِض ( أي : حذف حرف الجر ) عند الكوفيين .
ومثال ذلك قولك : مررت زيداً ،والأصل: مررت بزيدٍ . ومنه: ذهبتُ الشَّامَ، (أي: إلى الشَّام) ومنه قوله تعالى: *
( أي : من قومه ) ومنه قول الشاعر :
تَمُرُّونَ الدَّيَارَ وَلَمْ تَعُوجُوا كَلاَمُكُمُ عَلىَّ إذاً حَرَامُ.
والأصل : تمرّون بالديارِ .
س10- ما مراد الناظم بالبيت الثاني ؟
ج10- مراده : أنّ حذف حرف الجر جائز قِياساً مُطَّرِداً إذا كان المجرور( أَنَّ ، أو أَنْ ) بشرط أَمْنِ اللَّبس . فمثال الحذف مع أَنَّ : عجبتُ مِنْ أَنَّك قائم ، فيجوز حذف حرف الجر ؛ فتقول: عجبت أنّك قائمٌ . ومنه قوله تعالى :
* أي : شهد الله بأنّه ... .
ومثال الحذف مع أَنْ : عجبتُ أَنْ يَدُوا ، والأصل : مِنْ أَنْ يدوا (أي : مِنْ أَنْ يُعطوا الدَّيَة ) ومنه قوله تعالى : *
والتقدير : أوعجبتم مِنْ أَنْ جاءكم ... .
أما إذا خِيف اللّبس فلا يجوز الحذف مع (أنّ ، وأَنْ) نحو : رَغِبتُ في أن تقوم . ففي هذا المثال لا يجوز حذف حرف الجر ( في ) ؛ لأنه إذا حُذِفَ لا يُعْلَمُ هل المحذوف ( في ) أو ( عَنْ ) ؟
س11- هل الحذف مع غير ( أَنَّ ، وأَنْ ) قِيَاسِيّ ، أو سَمَاعِيّ ؟
ج11- عرفنا في السؤال السابق أن الحذف مع ( أنّ وأَنْ ) قياسي ، أمَّا الحذف مع غيرهما ففيه خلاف :
1- مذهب الجمهور : أنه لا ينقاس حذف حرف الجر مع غير ( أنّ وأَنْ ) بل يُقتصر فيه على السَّماع .(1/82)
2- مذهب الأخفش الصغير : أنه يجوز الحذف مع غيرهما قياساً بشرط تَعيُّن الحرف ، ومكان الحذف ، نحو : بريتُ القلمَ بالْمِبْرَاةِ ، فيجوز عنده حذف
( الباء ) فتقول: بريت القلمَ المبراةَ ، فإن لم يتعيّن الحرف لم يَجُز الحذف ، نحو: رغبت في السَّفرِ . ففي هذا المثال لا يجوز الحذف ؛ لأنه لا يُدْرَى هل المحذوف حرف الجر ( في ) أو ( عن ) ؟
وكذلك إن لم يتعيّن مكان الحذف لم يَجُز الحذف عنده ، نحو : اخترتُ القومَ من بني تَمِيمٍ ، فلا يجوز الحذف ؛ فلا تقول : اخترتُ القومَ بني تميم ؛ لأنه لا يُدرى هل الأصل : اخترتُ من القومِ بني تميم ، أو: اخترتُ القومَ من بني تميم ، فلم يتعيَّن مكان الحذف كما ترى .
س12- ما محل ( أنّ ، وأَنْ ) من الإعراب عند حذف حرف الجر ؟
ج12- هذه المسألة مُختلف فيها :
1- مذهب الأخفش : أنهما في محل جرّ .
( م ) واستدل على ذلك بالسَّماع عن العرب ، فإن العرب قد تحذف حرف
الجر ويبقى الاسم مجروراً . ومن ذلك قول الشاعر :
إِذَا قِيلَ أَيُّ النَّاسِ شَرُّ قَبِيلَةٍ أَشَارَتْ كُلَيْبٍ بِاْلأَكُفَّ اْلأصَابِعُ
والأصل : أشارت إلى كليبٍ . ( م )
2- مذهب الكسائي : أنهما في محل نصب .
( م ) واستدلّ على ذلك بأنّ حرف الجر عامل ضعيف ؛ لأنه مختص بالاسم فقط ، والعامل الضعيف لا يَقْوى على العمل إلا إذا كان مذكوراً فإذا حُذِف زال عملُه . واستدل كذلك بالسّماع عن العرب ، فإنَّ العرب قد تحذف حرف الجر ، وتنصب الاسم الذي كان مجروراً به - كما تقدم بيانه في س9 - .
ومن ذلك قول الشاعر :
لَدْنٌ بِهَزَّ الكَفَّ يَعْسِلُ مَتْنُهُ فِيهِ كَمَا عَسَلَ الطَّرِيقَ الثَّعْلَبُ
والأصل : كما عسلَ في الطريق . ( م )(1/83)
3- مذهب سيبويه : جواز الأمرين ( الجر ، والنصب ) لأنَّه رأى أَنَّ أدِلَّة الفريقين مُتكافئة ،ولا وَجْهَ لترجيحِ أحدهما على الآخر ؛ولذلك جوّز الوجهين. فإذا قلت : عجبت أنّك قائمٌ ، أو : عجبت أن يعطوا الدَّية ، فالمصدر المؤَوَّل من ( أَنّ واسمها وخبرها ) ومن ( أَنْ والفعل ) يجوز أن يكون : في محل جرّ بحرف الجر المحذوف ، ويجوز أن يكون : في محل نصب على نزع الخافض ، أو على أنه مفعول به .
تقديم أحد المفعولين وهو الفاعل
في المعنى في باب أعطى
وَالأَصْلُ سَبْقُ فَاعِلٍ مَعْنىً كَمَنْ مِنْ أَلْبِسَنْ مَنْ زَارَكُمْ نَسْجَ اليَمَنْ
س13- ما مراد الناظم بهذا البيت ؟
ج13- مراده : أنّ الفعل إذا تعدّى إلى مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر ، كأعطى ، وأَلْبَسَ ، وغيرهما ؛ فالأصل تقديم المفعول الذي هو فاعل في المعنى ، نحو : أعطيت زيداً درهما ، فالأصل في هذا المثال تقديم ( زيد ) على درهم ؛ لأنه الآخِذُ للدرهم فهو الفاعل في المعنى ، ومثله قولك : كسوتُ زيداً جُبَّةً ، ونحو : أَلْبِسَنْ مَنْ زاركم نسجَ اليمن ، فالأصل تقديم ( مَنْ ) لأنه اللاَّبس فهو الفاعل في المعنى ، أمّا ( نسجَ اليمن ) فهو المفعول الثاني ؛ لأنه الملبوس .
ويجوز تقديم ما ليس فاعلا في المعنى لكنه خلاف الأصل .
أحكام تقديم ما هو فاعلٌ في المعنى ، وتأخيره
وَيَلْزَمُ الأَصْلُ لِمُوجِبٍ عَرَى وَتَرْكُ ذَاكَ الأَصْلِ حَتْماً قَدْ يُرَى
س14- اذكر أحكام تقديم المفعول الأول الذي هو فاعل في المعنى،وتأخيره .
ج14- له ثلاثة أحكام ، هي :
1- يجب تقديم الفاعل في المعنى ، وذلك في ثلاثة مواضع ، هي :
أ- إذا خِيفَ اللَّبسُ ،وذلك إذا صَلُحَ كُلٌّ من المفعولين أن يكون فاعلا في المعنى، نحو : أعطيت زيداً عمراً ، فيجب تقديم الفاعل في المعنى ؛ لأنّ كلاّ منهما يصلُح أن يكون آخِذاً ومأخوذا ً.
((1/84)
م ) ب- إذا كان المفعول الثاني محصوراً فيه ، نحو: ما كسوتُ زيداً إلا جُبَّةً ، ونحو : ما أعطيت خالداً إلا درهماً ، فالمحصور فيه يجب تأخيره .
ج- إذا كان الفاعل في المعنى ضميراً متصلا ، والمفعول الثاني اسما ظاهر ، نحو : أعطيتك درهماً ، فالضمير المتصل يجب تقديمه ليكون متصلا بالفعل . ( م )
2- يجب تقديم ما ليس فاعلا في المعنى ، وتأخير الفاعل في المعنى ، وذلك في ثلاثة مواضع ، هي :
أ- إذا كان الفاعل في المعنى متصلا بضمير يعود إلى المفعول الثاني ، نحو : أعطيت الدرهمَ صاحبَه . ففي هذا المثال تأخّر المفعول الأول الذي هو فاعل في المعنى وجوباً ؛ لأنه مشتمل على ضمير يعود إلى المفعول الثاني المتقدَّم ، ولا يجوز
تقديم المفعول الأول ؛ فلا تقول: أعطيت صاحبَه الدرهمَ ؛ لِئلا يعود الضمير إلى متأخَّر لفظاً ورُتبة ، وهو ممتنع كما عرفت ذلك في س13 في باب المفعول به .
( م ) ب- إذا كان الفاعل في المعنى محصوراً فيه ، نحو : ما أعطيت الدرهمَ إلا زيداً .
ج- إذا كان الفاعل في المعنى اسما ظاهراً ، والمفعول الثاني ضميراً متصلا ، نحو : الدرهمُ أعطيته زيداً .
3- جواز الأمرين ، وذلك في غير ما سبق ، نحو : أعطيت السائلَ ثوباً، ويجوز أعطيت ثوباً السائلَ ؛ لأن الآخِذ معلوم ، والمأخوذ معلوم فلا لَبْس فيه ، ونحو : أعطيت زيداً ثوبَه ، ويجوز : أعطيت ثوبَه زيداً ؛ لأن المتصل بالضمير هو الثاني، وليس المفعول الأول الذي هو فاعل في المعنى فالضمير عائد إلى متأخر لفظاً متقدَّم رتبة ، وهذا جائز . ( م )
جواز حذف الفَضْلة ( المفعول به )
وَحَذْفَ فَضْلَةٍ أَجِزْ إِنْ لَمْ يَضِرْ كَحَذْفِ مَا سِيقَ جَوَاباً أَوْ حُصِرْ
س15- ما المراد بالفضلة ؟ وما ضِدُّها ؟(1/85)
ج15- المراد بالفضلة : ما ليس ركنا أساسيًّا في الجملة ،ويمكن الاستغناء عنه، كالمفعول به . وضدّ الفضلة : العُمْدَة ، وهو : ما كان ركنا أساسيّاً في الجملة، ولا يمكن الاستغناء عنه ، كالفاعل .
س16- ما حكم حذف الفضلة ؟ وما شرط حذفها ؟
ج16- يجوز حذف الفضلة (المفعول به) بشرط ألاَّ يَضُرَّ حذفه ، كقولك في : ضربتُ زيدا ً( ضربتُ ) بحذف المفعول به ، وكقولك في أعطيت زيداً درهما :
أعطيتُ ، بحذف المفعولين . ومنه قوله تعالى: * بحذف المفعولين ، وقوله تعالى : * بحذف المفعول الثاني ، وقوله تعالى : * بحذف المفعول الأول .
س17- هل يجوز حذف الفضلة إذا ضرَّ حذفها ؟ وضَّح ذلك .
ج17- إذا ضرَّ حذف الفضلة لم يَجُز حذفها ، كما إذا وقع المفعول به في جواب سؤال ، نحو أن يُقال : مَنْ ضربتَ ؟ فتقول : ضربت زيداً ، فهنا لا يجوز حذف المفعول به ( زيدا ) لأنه هو المقصود من السؤال .
وكذلك لا يجوز حذفه إذا وقع محصوراً ، نحو : ما ضربْتُ إلا زيداً ، فلا يجوز حذف المفعول به ( زيداً ) لأنه محصور ، ولا يجوز حذف المحصور ؛ لئلا يفسد المعنى لأننا إذا حذفنا ( زيدا ) دلّ الكلام على نفي الضرب مطلقا ، والمقصود نفي الضرب عن غير زيد ، فإذا حُذف لم يُفهم ذلك .
جواز حذف عامل النصب
في الفضلة ( المفعول به )
وَيُحْذَفُ النَّاصِبُهَا إِنْ عُلِمَا وَقَدْ يَكُونُ حَذْفُهُ مُلْتَزَمَا
س18- ما حكم حذف عامل النصب في المفعول به ؟
ج18- لحذفه حكمان ، هما .
1- حذف جائز : يجوز حذف ناصب المفعول به إذا دلّ عليه دليل ، كأن يقع جوابا لسؤال ، نحو : مَنْ ضربتَ ؟ فتقول : زيداً ، بحذف ( ضربت ) لأنه مذكور في السؤال ، فَذِكْرهُ في السؤال قرينة تدلّ عليه .
2- حذف واجب : يجب حذفه في أبواب معيَّنة ، كباب الاشتغال ، نحو : الطالب أكرمته ، والتقدير : أكرمتُ الطالب أكرمته .(1/86)
ومنها باب المنصوب على الاختصاص ،نحو: نحن المسلمين لا نشرك بالله شيئاً، والتقدير : أخصُّ المسلمين .
---
التَّنَازُعُ في العَمَلِ
تعريفه ، وشروطه ، والخلاف في أيَّ العَامِلَيْنِ
أَوْلَى بالعمل .
إِنْ عَامِلاَنِ اقْتَضَيَا فى اسْمٍ عَمَلْ قَبْلُ فَلِلْوَاحِدِ مِنْهُمَا العَمَلْ
وَالثَّانِ أَوْلَى عِنْدَ أَهْلِ البَصْرَهْ وَاخْتَارَ عَكْساً غَيْرُهُمْ ذَا أَسْرَهْ
س1- عرَّف التنازع في العمل ، ومثَّل له .
ج1- التنازع في العمل هو : توجُّه عاملين إلى معمول واحد ، ومعنى ذلك : أَنْ يتقدَّم عاملان وبعدهما معمول يَطْلُبُه كلّ واحد من العاملين ويتنازعان عليه ، نحو : كافأتُ وأكرمتُ زيداً ، فكلُّ واحدٍ من ( كافأت ) و ( أكرمت ) يطلبُ الاسم الظاهر ( زيدا ) ليكون مفعولاً له ، ونحو : اجتهدَ ونجحَ الطالبُ ، فكلُّ واحدٍ من الفعلين يطلب الاسم الظاهر ( الطالب ) ليكون فاعلا له . وهذا هو معنى قول الناظم : " إِن عاملان اقتضيا في اسم عمل " .
س2- ما مراد الناظم بقوله : " فَلِلْواحدِ مِنْهما العمل " ؟
ج2- مراده : أنّ أحدَ العَامِلَين يعمل في ذلك الاسم الظاهر ، والآخر يُهْمَلُ عنه ويعملُ في ضميره ، وسيأتي توضيح ذلك في البيت الآتي .
س3- ما موضع الاتَّفاق ، والاختلاف بين البصريين ، والكوفيين في إعمال أحد العاملين ؟
ج3- اتَّفق البصريون ، والكوفيون على أنَّه يجوز إعمال كلَّ واحد من العاملين في الاسم الظاهر ، ولكن اختلفوا في أيَّ العاملين أَوْلَى بالعمل ، فذهب البصريون : إلى أنّ الثاني أولى بالعمل ؛ لقربه منه .
وذهب الكوفيون : إلى أنّ الأول هو الأولى بالعمل ؛ لتقدُّمِه .
س4- ما شروط العَامِلَيْنِ في باب التنازع ؟
ج4- يشترط في العاملين الشروط الآتية :(1/87)
1- أن يتقدَّم العاملان على المعمول . وهذا هو مراد الناظم من قوله ( قَبْلُ ) فإذا لم يتقدّما لم تكن المسألة من باب التنازع ، نحو : الطالبُ اجتهدَ ونجحَ ؛ لأن كلاًّ من الفعلين أَخَذَ فاعله الضمير المستتر فلا تَنَازُع في هذا المثال .
ومثله قولك : الطالبَ كافأتُ وأكرمتُ ؛ وقولك : كافأتُ الطالبَ وأكرمتُ . فالطالبَ في المثالين منصوب بالعامل الأول ( كافأت ) وأمَّا العامل الثاني (أكرمتُ) فمعموله محذوف ، ويدلّ عليه الاسم المذكور .
( م ) 2- أن يكون بين العاملين ارتباط .
والارتباط يحصلُ بواحد من ثلاثة أمور هي :
أ- أن يُعْطَفَ ثانيهما على أوَّلهما بحرف من حروف العطف ، نحو : قام وقعد أخوك ، ولا يصحّ قولك : قام قعد أخوك ؛ لأنه لا ارتباط بينهما .
ب- أن يكون أوَّلهما عاملاً في ثانيهما،نحو قوله تعالى: * فالعاملان هما ( ظنوُّا ، وظَنَنْتُم ) والمعمول المتنازع
فيه هو ( أَنْ لَنْ يبعث اللهُ أحداً ) والعامل الثاني ( كما ظننتم ) معمول للأول
( ظنوا ) لأن الجار والمجرور(كما ظننتم) صفة لمصدر محذوف يقع مفعولاً مطلقاً ناصبه العامل الأول (ظنوا) والتقدير: ظنوا ظنّاً كظنَّكُم .
ج- أن يكون العامل الثاني جواباً للأوّل ، نحو قوله تعالى : * فالعامل الثاني ( يفتيكم ) جواب للعامل الأول ( يستفتونك )، ونحو قوله تعالى : * فالعامل الثاني ( أُفْرِغْ ) وقع جواباً للعامل الأول ( آتوني ) .
3-أن يكون كل واحد من العاملين مُوَجَّهاً إلى المعمول من غير فسادٍ في اللفظ، ولا في المعنى ، ويخرج بذلك قول الشاعر :
فَأَيْنَ إِلَى أَيْنَ النَّجَاةُ بِبَغْلَتِى أَتَاكِ أَتَاكِ اللاَّحِقُونَ احْبِسِ احْبِسِ
فقوله: أتاك أتاك اللاحقون ، ليس من باب التنازع ، بل هو من باب التوكيد،(1/88)
فالثاني مؤكِّد للأول ؛ لأنه لو كان من باب التنازع لقال : أتوك أتاك اللاحقون ، على أن الثاني عامل في لفظ (اللاحقون) والأول عامل في الضمير ؛ أو يقول : أتاك أتوك اللاحقون ، على إعمال الأول في اللفظ ، والثاني في الضمير .
وحاصل ذلك : أن العامل الأوّل في البيت موجّه للعمل في اللفظ ، والثاني تأكيد للعامل الأول . ( م )
( م ) س5- اذكر أنواع العَامِلَيْنِ الْمُتَنَازِعَيْنِ .
ج5- أنواع العاملين المتنازعين ، هي :
1- أن يكونا فعلين ، ويشترط فيهما: أن يكونا مُتصرفين ،كما في قوله تعالى:
? .
? فلا تُنازعَ بين فعلين جامدين (كعسى ، وليس... وغيرهما) ولا بين فعل مُتصرِّف ، وآخر جامد .
2- أن يكونا اسمين ، ويشترط فيهما : أن يكونا مُشَابِهَيْن للفعل في العمل ، وذلك بأن يكونا : أ- اسمي فاعل ، كما في قول الشاعر :
عُهِدْتَ مُغِيثاً مُغْنِياً مَنْ أَجَرْتَهُ فَلَمْ أَتَّخِذْ إلاّ فِنَاءَكَ مَوْئِلا
ب- اسمي مفعول ، كقول الشاعر : ... قَضَى كُلُّ ذِي دَينٍ فَوَفَّى غَرِيْمَهُ وعَزَّةُ مَمْطُولٌ مُعَنًّى غَرِيْمُهَا
ج- اسمي تفضيل ، كما في قولك : زيدٌ أَضْبَطُ الناس وأَجْمَعَهم للعلم .
د- مصدرين ، كما في قولك : عجبت من حُبِّك وتقديرك زيداً .
هـ- صفتين مُشَبَّهَتَين ، كقولك : زيدٌ حَذِرٌ وكريمٌ أبوه .
3- أن يكونا مُختلفين ، بأن يكون أحدهما اسمَ فعلٍ ،والآخر فعلا، كما في قوله تعالى : * أو يكون أحدهما فعلا ، والآخر مصدراً، كما في قول الشاعر :
لَقَدْ عَلِمَتْ أُوْلَى الْمُغِيرَةِ أنَّنى لَقِيتُ فَلَمْ أَنْكُلُ عنِ الضَّرْبِ مِسْمَعاً
وبناءً على ما سبق فلا تنازع بين اسمين غير عاملين ، ولا تنازع بين فعل مُتصرِّف واسم غير عامل ، ولا تنازع كذلك بين حرفين ، ولا بين حرف وغيره .
حكم إلحاق ضمير الاسم الظاهر بالعامل الْمُهْمَل
إذا كان المعمول مرفوعاً(1/89)
وَأَعْمِلِ الْمُهْمَلَ فى ضَمِيرِ مَا تَنَازَعَاهُ وَالْتَزِمْ مَا الْتُزِمَا
كَيُحْسِنَانِ وَيُسِىءُ ابْنَاكَا وَقَدْ بَغَى وَاعْتَدَيَا عَبْدَاكَا
س6- إذا أعملتَ أحد العاملين في الاسم الظاهر ، وأعملتَ الثاني في الضمير الظاهر ، فما حكم إلحاق ضمير الظاهر بالعامل المهمل إذا كان المعمول مرفوعاً ؟
ج6- ذكرنا في السؤال الثاني أن أحد العاملين يعمل في الاسم الظاهر ، والآخر يُهمل عنه ويعمل في ضمير الاسم الظاهر ، فإذا كان المعمول مرفوعاً ( أي : فاعلا ، أو نائب فاعل ) وجبَ حينئذٍ إلحاق الضمير بالعامل المهمل ، نحو : يُحْسِنانِ ويسىءُ ابناك . في هذا المثال تنازع العاملان ( يُحسن ، ويُسىءُ ) على المعمول الاسم الظاهر (ابناك) وهو فاعل (عمدة) لا يجوز حذفه ، وقد أُعمل العامل الثاني ( يسىء ) في الاسم الظاهر ؛ ولذلك أُعمل الأول في ضمير الاسم الظاهر ، وأُلحق الضمير به وجوباً كما ترى (يحسنان) وإذا أعملت الأول في الظاهر أَلحقت الضمير بالثاني وجوباً كذلك ؛ فتقول: يحسنُ ويُسيئان ابناك . ومن أمثلة إعمال الأول ، وإلحاق الضمير بالثاني وجوباً ، قول الناظم : " بَغَى واعْتَدَيَا عبداك " فإن أعملت الثاني ؛ تقول : بغيا واعتدى عبداك .
ولا يجوز فيما سبق ترك الإضمار ؛ فلا تقول : يحسنُ ويسىءُ عبداك ، ولا :
بغى واعتدى عبداك ؛ لأن ترك الإضمار يُؤدِّي إلى حذف الفاعل ، والفاعلُ مُلْتَزَمٌ ذِكْرُه .
س7- ما مذهب الكسائي في حكم إلحاق ضمير الظاهر بالعامل المهمل إذا كان المعمول مرفوعاً ؟
ج7- لا يجيز كلٌّ من الكسائي ، والفَرَّاء ، ومن وافقهما إلحاق ضمير الظاهر بالعامل المهمل إذا كان المعمول مرفوعاً ، بل يجب حذف الضمير في مثل هذه المسألة ؛ ولذلك جاز عندهم : يحسنُ ويسىءُ ابناك ( بحذف الضمير ) بناء على مذهب الكسائي في جواز حذف الفاعل .(1/90)
أمَّا الفراء فأجاز هذا القول ؛ بناء على أنّ العاملين معاً قد عَمِلا في الاسم الظاهر ، وذلك في حالة تساوي العاملين في طلب المرفوع ، كما في المثال السَّابق .
والسَّبب في إجازتهما تَرك الإضمار : أنهما يمنعان الإضمار في الأول عند إعمال الثاني ؛ فلا تقول عندهما : يحسنان ويسىء ابناك ؛ لأن في ذلك عود الضمير إلى متأخر لفظاً ورتبة ، وذلك ممتنع عندهما ، وجائز عند الجمهور في باب التنازع إذا كان الضمير فاعلا .
حكم إلحاق ضمير الاسم الظاهر بالعامل المهمل
إذا كان المعمول منصوباً
وَلاَ تَجِئْ مَعْ أَوَّلٍ قَدْ أُهْمِلاَ بِمُضْمَرٍ لِغَيْرِ رَفْعٍ أُوهِلاَ
بَلْ حَذْفَهُ الْزَمْ إِنْ يَكُنْ غَيْرَ خَبَرْ وَأَخِّرَنْهُ إِنْ يَكُنْ هُوَ الْخَبَرْ
س8- اذكر حالات معمول الفعل المهمل إذا كان منصوباً .
ج8- إذا كان معمول الفعل المهمل منصوباً ، فله حالتان :
1- أن يكون عُمْدَةً في الأصل ، كمفعولي ظنّ ، وأخواتها فإن أصلهما المبتدأ والخبر ، نحو : ظَنَّ الطالبُ المدرسَ غائباً . فالمفعولين ( المدرسَ غائباً ) أصلهما المبتدأ والخبر ؛ تقول : المدرسُ غائبٌ .
2- ألاّ يكون عمدةً في الأصل ، كالمفعول به ؛ أو يكون مجروراً .
س9- ما حكم إلحاق ضمير الاسم الظاهر بالعامل المهمل إذا كان المعمول المنصوب ليس عمدة ؟
ج9- إذا كان المعمول المنصوب ليس عمدة ، فله مع العامل المهمل حالتان :
1- أن يكون العامل المهمل هو الفعل الأول ، ففي هذه الحالة لا يجوز إلحاق الضمير بالفعل المهمل ؛ فتقول : ضربتُ وضربني زيدٌ ؛ وتقول إذا كان المعمول مجروراً : مررت وَمَرَّ بي زيدٌ ، بحذف الضمير المنصوب من الفعل ( ضربت )
وبحذف الضمير المجرور بعد ( مررت )، ولا يجوز ذكره ؛ فلا تقول :(1/91)
ضربته وضربني زيد ، ولا : مررتُ به ومرَّ بي زيدٌ ؛ لأنك إذا ذكرت الضمير في الفعل الأول فإنَّ الضمير سيعود إلى متأخِّر لفظا ورتبة ، وهذا الضمير ليس بعمدة فهو فضلة يمكن الاستغناء عنه ؛ ولذلك لم يجز ذكره .
وهذه الحالة هي مراد الناظم بقوله : " ولا تجئ مَعْ أوّل قد أهملا .... إلى قوله : إن يكن غير خبر " ( أي : إِنْ لم يكن عمدة مبتدأ وخبراً ) .
2- أن يكون العامل المهمل هو الفعل الثاني ، ففي هذه الحالة يجب إلحاق الضمير بالفعل المهمل ؛ فتقول : ضربني وضربته زيدٌ ؛ وتقول في الجر : مَرَّ بي ومررتُ به زيدٌ ، ولا يجوز الحذف ؛ فلا تقول : ضربني وضربت زيدٌ ، ولا : مرَّ بي ومررتُ زيد .
س10- قال الشاعر :
إِذَا كُنْتَ تُرْضِيهِ ويُرْضِيكَ صَاحِبٌ جِهَاراً فَكُنْ فى الغَيْبِ أَحْفَظَ لِلْعَهْدِ
وقال الآخر :
بِِعُكَاظَ يُعْشِى النَّاظِرِينَ إِذَا هُمُ لَمَحُوا شُعَاعُهْ
عينَّ الشاهد في البيتين السابقين ، وما وجه الاستشهاد فيهما ؟
ج10- الشاهد في البيت الأول : تُرضيه ويُرضيك صاحبٌ .
وجه الاستشهاد : هذا الشاعر أعمل العامل الثاني ( يُرْضِي ) في الاسم الظاهر ( صاحبٌ ) على أنه فاعل له ، وأعمل العامل الأول الْمُهْمَل ( تُرْضِي ) في
ضمير الاسم الظاهر ( الهاء ) فى ترُضيه ، ولم يحذف الضمير مع أنه فضلة
( مفعول به ) يمكن الاستغناء عنه .
( م ) والجمهور يرون أنه كان يجب على الشاعر أن يحذفه ؛ لأن فيه ذِكْراً للضمير قبل ذِكْر الاسم الظاهر ( أي : إنَّ الضمير يعود إلى متأخر لفظا ورتبة ) وهذا ممتنع عندهم إلا إذا كان الضمير فاعلا ؛ لأنه عمدة لا يستغني الكلام عنه . ( م )
الشاهد في البيت الثاني : يُعشي لَمَحُوا شعاعُه .
وجه الاستشهاد : هذا الشاعر أعمل العامل الأول ( يُعشي ) في الاسم الظاهر ( شُعَاعُه ) على أنه فاعل له ، وأعمل الثاني المهمل ( لَمَحُوا ) في ضمير الاسم الظاهر ، ثم حذف ذلك الضمير ضرورة ، وهو شاذّ .(1/92)
والقياس أن يقول لَمَحُوهُ .
( م ) ومذهب الجمهور أن ذلك الحذف لا يجوز لغير ضرورة ، وذهب آخرون إلى أن حذف الضمير في مثل هذه الحالة جائز في سعة الكلام ؛ لأن هذا الضمير فَضْلة . ( م )
س11- ما حكم إلحاق ضمير الاسم الظاهر بالعامل المهمل إذا كان المعمول المنصوب عُمدة ؟
ج11- إذا كان المعمول منصوباً وهو عمدة ، فله مع عامله حالتان :
1- أن يكون العامل المهمل هو الفعل الأول ، ففي هذه الحالة يجب الإضمار
مُؤَخَّراً ( أي : يجب إلحاق ضمير الاسم الظاهر في العامل الثاني المهمل ) ؛ فتقول : ظَنَّنِي وظننتُ زيداً قائماً إِيَّاه . فالعامل المهمل ( ظنني ) يجب فيه الإضمار ؛ لأن المعمول عمدة ، وذُكِرَ الضمير ( إيّاه ) مؤخرا . وهذا هو معنى قول الناظم : " وأَخِّرَنْه إن يكن هو الخبر " (أي : إذا كان عمدة،وهو: الخبر) .
2- أن يكون العامل المهمل هو الفعل الثاني ، ففي هذه الحالة يجب الإضمار
أيضاً إمَّا متصلا به ، نحو : ظننتُ وظَنَّنِيه زيداً قائماً ، وإما منفصلا عنه ، نحو : ظننتُ وظَنَّني إياه زيداً قائماً .
* ويُعْلَمُ ممَّا سبق في السؤالين التاسع ، والحادي عشر : أن العامل الثاني المهمل يلحق به الضمير وجوباً سواء كان المعمول عمدة ، أم غير عمدة ، وسواء كان الضمير مرفوعا ، أم منصوبا ، أم مجروراً .
أما العامل الأول المهمل فيجب فيه الإضمار إذا كان المعمول عمدة ، ولا يجوز الإضمار إذا كان المعمول غير عمدة . *
وجوب إظهار مفعول الفعل المهمل
وَأَظْهِرِ إِنْ يَكُنْ ضَمِيرٌ خَبَرَا لِغَيْرِ مَا يُطَابِقُ الْمُفَسِّرَا
نَحْوُ أَظُنُّ ويُظُنَّانِى أَخَا زَيْداً وَعَمْراً أَخَوَيْنِ فى الرَّخَا
س12- ما الحالة التي يجب فيها إظهار مفعول الفعل المهمل ؟ وضِّح ذلك بالتفصيل .(1/93)
ج12- علمنا مما سبق أن الفعل المهمل يعمل في ضمير الاسم الظاهر على التفصيل الذي عرفناه ، وفي هذين البيتين يذكر الناظم : أنه يجب إظهار مفعول الفعل المهمل فيكون مفعوله ظاهراً وجوباً لامضمراً ، وذلك في حالة واحدة ، هي : إذا لَزِم من إضماره عدم مطابقته لِمَا يُفَسِّرهُ ، وعدم المطابقة هذه تتحقَّقُ في حالة واحدة أيضاً ، هي : إذا كان الفعل المهمل مُحتاجاً إلى مفعول به لا يصحُّ حذفه ؛ لأنه الخبر ( أي : عمدة في الأصل ) ولا يُصحّ إضماره ؛ لأنه إذا أُضمر تَرتَّب على إضماره عدم مطابقته لمرجعه الاسم الظاهر ، نحو : أَظُنُّ ويُظُنَّانِّي أَخاً زيداً وعَمْراً أَخَوَيْنِ .
فالفعل الأول ( أظنّ ) استوفى مفعوليه ، وهما ( زيداً وأخوين ) وأما عَمْراً فهو: معطوف على زيد ، والفعل الثاني وهو المهمل ( يظنّ ) مفعوله الأول ( ياء المتكلم ) وهو مبتدأ في الأصل ، ومفعوله الثاني الاسم الظاهر ( أخا ) وهو خبر في الأصل ،وجيء بمعمول الفعل المهمل اسما ظاهراً مع أنّ المعلوم في باب التنازع(1/94)
أنه إذا أُعمِل الأول في الاسم الظاهر أُعملَ الثاني في ضميره ؛ لأنه لو جُعِل المفعول الثاني ضميراً لخالف مرجعه الاسم الظاهر ولم يطابقه ، فلو جئنا به ضميراً ، وقلنا : أظنّ ويظناني إياه زيداً وعمراً أخوين ، لكان الضمير ( إياه ) مطابقا للمفعول الأول ( ياء المتكلم ) لكونهما مفردين ، ولكنه لا يطابق الاسم الذي يعود عليه ، وهو ( أخوين ) فهذا مثنى ، والضمير مفرد ولا بدَّ من مطابقة المفسِّر للمفسَّر ، ولو جئنا بالضمير مُثَنى ، وقلنا : أظنّ ويظناني إياهما زيداً وعمراً أخوين ، لطابق الضميرُ مرجعَه ( المفسِّر ) ولكنه لا يُطابق المفعول الأول ( ياء المتكلم ) الذي هو مبتدأ في الأصل ، ومعلوم أنه لابدَّ من مطابقة الخبر للمبتدأ ؛ ولذلك وجب إظهار المفعول الثاني ( أخا ) لتعذّر المطابقة في حالة الإضمار ، والأصل في المثال أن يكون هكذا : أظنُّ زيداً وعمراً أخوين ويظناني أخاً .
س13- ما مذهب البصريين ، والكوفيين في مسألة وجوب إظهار مفعول العامل المهمل ؟
ج13- مذهب البصريين : أن هذه المسألة ليست من باب التنازُع ؛ لأن كُلاًّ من العاملين عمل في ظاهر ، فالعاملان بالنسبة للمفعول الثاني لم يعمل أحدهما في لفظه والآخر في ضميره ، كما هو معلوم في باب التنازع ، بل لم تتوجَّه مطالبة كل واحد منهما عليه ، وهو شرط باب التنازع ؛ لأن ( أخوين ) مفعول لأظنّ ولم يتوجّه إليه (يظناني) لعدم مطابقته لمفعوله الأول (ياء المتكلم) .
ومذهب الكوفيين : جواز الإضمار مُرَاعِين جانب المخبر عنه ، وهو المبتدأ
( ياء المتكلم ) فتقول : أَظُنُّ ويَظُنَّانِّي إياه زيداً وعمراً أخوين .
وأجازوا أيضاً الحذف ؛ فتقول : أظنّ ويظناني زيداً وعَمراً أخوين .
---
المفعولُ الْمُطْلَقُ
دَلاَلَةُ المصدرِ ، وتعريفُه
الْمَصْدَرُ اسْمُ مَا سِوَى الزَّمَانِ مِنْ مَدْلُولَىِ الفِعْلِ كَأَمْنٍ مِنْ أَمِنْ
س1- عَلاَمَ يدلُّ المصدر ؟ وما تعريفه ؟(1/95)
ج1- المصدر يدلّ على أحد مدلولي الفعل ، وهما : الحَدَثُ ، والزَّمان . فالفعل قام (مثلا) يدل على الحدث ، وهو ( القيام ) ويدلّ على الزمن الذي حَدَث فيه القيام ، وهو : الزمان الماضي ، وكذلك الفعل المضارع ( يقوم ) يدل على القيام في الحال ، أو الاستقبال ، وكذلك فعل الأمر ( قُمْ ) يدلّ على القيام في الاستقبال ، والمصدر يدلّ على ( الحدث ) فقط ، وهو أحد مدلولي الفعل . وهذا هو مراد الناظم بالبيت السابق ، وقد مثَّل لذلك بالمصدر ( أَمْنٍ ) فإنَّه أحد مدلولي الفعل ( أَمِنَ ) .
فتعريف المصدر إذا : هو ما دلّ على الحدث مُجرَّداً من الزَّمن .
س2- ما تعريف المفعول المطلق ؟ ولم سُمي مُطلقاً ؟
ج2- المفعول المطلق ، هو المصدر الْمُنْتَصِبُ توكيداً لعامله ، أو بياناً لنوعه ، أو بياناً لِعَدَدِه .
فمثال المؤكِّد لعامله قوله تعالى : * وكقولك :
ضربْتُ زيداً ضرباً .
ومثال المبيِّن لنوعه قوله تعالى : * وكقولك : ضربتُ زيداً ضرباً شديداً ، سِرْتُ سَيْرَ زيدٍ .
ومثال المبين لعدده قولك : سجدتُ للهِ سَجْدَةً ، ضربتُ زيداً ضربتين .
وسُمِّي مفعولا مطلقا ؛ لأنه يَصْدُقُ عليه لفظ ( المفعول ) دون أن يَتَقَيَّدَ بحرف جر ، أو غيره ، فهو مطلق غير مقيد بخلاف غيره من المفاعيل ؛ فإنها لا يصدق عليها اسم ( المفعول ) إلا مُقَيَّداً بحرف جر ، أو ظرف ؛ فيقال : المفعول به ، والمفعول فيه ، والمفعول له ، والمفعول معه .
( م ) س3- ما الفرق بين قولنا: مصدر منصوب، ومفعول مطلق منصوب ؟
ج3- النحّاة يُسَمُّون المصدر المنصوب الدالّ بنفسه على أحد أنواعه الثلاثة : (التأكيد ، والنوع ، والعدد) يُسمونه : المفعول المطلق .(1/96)
فعند إعراب المصدر الأصلي المنصوب ، نحو: فهمت فهماً ؛ نقول : مصدر منصوب ، أو : مفعول مطلق منصوب . أما إذا كان نائبا عن المصدر ، نحو : فهمت كُلَّ الفهم ؛ فنقول: نائب عن المصدر منصوب ، أو : مفعول مطلق منصوب ، ولا يصحّ أن تقول : مصدر منصوب ؛ لأنه ليس بمصدر .
وقد يكون مصدراً ولكنه ليس مصدراً للفعل المذكور ، نحو : ابتَسَمْتُ تَبَسُّماً ، ونحو : جلستُ قُعوداً ، فهذا أيضاً لا تقول في إعرابه : مصدر منصوب .
عامل النَّصب في المفعول المطلق
بِمِثْلِهِ أَوْ فِعْلٍ أَوْ وَصْفٍ نُصِبْ وَكَوْنُهُ أَصْلاً لِهَذَيْنِ انْتُخِبْ
س4- ما عامل النصب في المفعول المطلق ؟
ج4- ينصب المفعول المطلق بأحد أمور ثلاثة ، هي :
1- المصدر . وهذا مراد الناظم بقوله : " بمثله " ( أي : ينصبه مصدر مثله ) نحو قوله تعالى : * وكقولك : عجبتُ من ضَرْبِك زيداً ضرباً شديداً . فضرباً: مفعول مطلق ،ناصبه المصدر: ضَرْبك .
2- الفعل ، كما في قوله تعالى : * وقوله تعالى :
* .
3- الوصف ، كما في قوله تعالى : * وقوله تعالى :
* وكقولك : أنا ضَارِبٌ زيداً ضرباً .
س5- ما مراد الناظم بقوله : " وكونه أصلا لهذين انْتُخِبْ " ؟وضِّح ذلك تفصيلا.
ج5- يريد أنّ المصدر هو الأصل ، والفعل والوصف مشتقان منه ، وفي المسألة خلاف بيانها كالآتي :
1- مذهب البصريين : أنّ المصدر هو الأصل ، والفعل والوصف مشتقان منه .
وهذا هو ما اختاره الناظم .
2- مذهب الكوفيين : أنَّ الفعل أصل ، والمصدر مشتق منه .
3- ذهب ابن طلحة : إلى أنَّ كلاًّ من المصدر ، والفعل أصل بنفسه، وليس أحدهما مشتقا من الآخر .
4- ذهب قومٌ : إلى أنّ المصدر أصل ، والفعل مشتق منه،والوصف مشتق من الفعل .(1/97)
والصحيح ما ذهب إليه البصريون ؛ لأن من شأن كل فرع أن يتضمَّنَ الأصل وزيادة ، والفعل فرع بالنسبة إلى المصدر ؛ لأنه يتضمن المصدر (أي : الحدث) مع زيادة الزمان ، وكذلك الوصف فرع بالنسبة إلى المصدر؛ لأنه يتضمن المصدر ، والفاعل. فكلٌّ من الفعل ، والوصف تضمَّن الأصل ، وهو المصدر مع زيادة الزمن في الفعل ، وزيادة الفاعل في الوصف .
( م ) س6- ماذا يشترط في الفعل الذي ينصب المفعول المطلق ؟
ج6- يشترط فيه ثلاثة شروط ، هي :
1- أن يكون الفعل متصرفا . أمَّا الجامد ، كعسى ، وليس ، ونحوهما فإنه لا ينصب المفعول المطلق .
2- أن يكون تامًّا . أما الناقص ،ككَانَ ، وأخواتها فلا ينصب المفعول المطلق .
3- ألاّ يكون مُلْغًى عن العمل . فإن أُلْغِي عن العمل ، كظنّ ، وأخواتها إنْ
توسّطت بين المفعولين ، أو تأخّرت عنهما فإنه لا ينصب المفعول المطلق .
( م ) س7- ماذا يشترط في الوصف الذي ينصب المفعول المطلق ؟
ج7- يشترط فيه شرطان ، هما :
1- أن يكون متصرفا .
2- أن يكون الوصف اسم فاعل ، أو اسم مفعول ، أو صيغة مبالغة فإن كان الوصف اسم تفضيل لم ينصب المفعول المطلق ، وإن كان صِفَة مُشَبَّهة فقد منعها قومٌ حَمْلا لها على اسم التفصيل ، وأجازها آخرون ، منهم ابن هشام .
أنواع المفعول المطلق
تَوْكِيداً أَوْ نَوْعاً يُبِينُ أَوْ عَدَدْ كَسِرْتُ سَيْرَتَيْنِ سَيْرَ ذِى رَشَدْ
س8- اذكر أنواع المفعول المطلق .
ج8- للمفعول المطلق ثلاثة أنواع ، هي :
1- أن يكون مؤكِّداً لفعله ، نحو: سجدتُ للهِ سجوداً ، فهمتُ الدرسَ فَهْماً .
2- أن يكون مُبَيِّناً للنَّوع ، نحو : سِرْتُ سيرَ ذي رَشَدٍ ، و فهمت الدرسَ فهماً جيِّداً .
3- أن يكون مُبَيِّناً للعدد ، نحو : سِرْت سَيْرَتَيْنِ ، و طبعتُ الكتابَ طَبْعَةً وطبعتين وطَبَعَاتٍ . ومنه قوله تعالى : * .
وقد ذكرنا هذه الأنواع بأمثلتها في السؤال الثاني .
((1/98)
م ) س9- اذكر أحوال المفعول المطلق المبيَّن لنوع عامله .
ج9- المفعول المطلق المبين للنوع ، ثلاثة أحوال ، هي :
1- أن يكون مضافا ، نحو : اعملْ عملَ الصالحين .
2- أن يكون موصوفا ، نحو : اعملْ عملاً صالحاً .
3- أن يكون مقرونا بـ (أل) العهدية ، نحو : اجتهدتُ الاجتهاد ، فكأنّه يقول لصديقه : اجتهدْتُ ذلك الاجتهاد المعهود والمعلوم بيني وبينك .
( م ) س10- اذكر أحوال المفعول المطلق المبين للعدد ، وأحوال المفعول المطلق المؤكِّد لفعله .
ج10- للمفعول المطلق المبيَّن للعدد حالتان :
1- أن يكون مختوماً بتاء الواحدة ، نحو : ضربته ضربةً .
2- أن يكون مختوماً بعلامة تثنية ، أو علامة جمع ، نحو : ضربته ضربتين ، وضربته ضرباتٍ . أما المفعول المطلق المؤكِّد لفعله فلا يكون إلاّ مصدراً نكرة غير مضاف ، ولا موصوف ، نحو : ضربته ضرباً .
ما ينوب عن المصدر
وَقَدْ يَنُوبُ عَنْهُ مَا عَلَيْهِ دَلّ كَجِدَّ كُلَّ الْجِدِّ وَافْرَحِ الْجَذَلْ
س11- ما الذي ينوب عن المصدر ؟
ج11- ينوب عن المصدر : ما يدلُّ عليه ، فيأخذ حكمه في النَّصب على أنه مفعول مطلق نائب عن المصدر ، والنائب عن المصدر يشمل ما يلي :
1- لفظ كلّ ، وبعض مُضَافين إلى المصدر ، نحو قوله تعالى : * ونحو : جِدَّ كلَّ الجدِّ ، ونحو : فهمتُ الدرسَ بعضَ الفَهْمِ .
ومِثْل كلّ ، وبعض ( أيُّ ، وكَمْ ) تقول : أيَّ فَهْمٍ فهمت الدرسَ ؟ وتقول : كم قراءةً قرأت الدرسَ ؟
فهذه الألفاظ ليست مصادر أصلا،ولكنها نابتْ عن المصادر فأخذت حكمها .
2- المصدر المرادف لمصدر الفعل المذكور، نحو : قعدتُ جلوساً ، ونحو : فَرِحْتُ جَذَلاً . فالجلوس ، والجذل ليسا مصدرين لقعد وفرح ، ولكنهما مرادفين في المعنى للمصدرين( القُعُود ، والفَرَح ) .
3- اسم الإشارة ، نحو : أقلت هذا القولَ ؟ ونحو : ضربته ذلك الضَّرْبَ .(1/99)
اشترط بعض النحويين أنه إذا ناب اسم الإشارة مناب المصدر فلا بُدَّ من وصفه بالمصدر ( أي : أنْ يُذكر المصدر بعد اسم الإشارة ) كما في المثالين السابقين .
ويقول ابن عقيل في ذلك : وفيه نظر ؛ فمن أمثلة سيبويه : " ظننت ذاك "
( أي : ظننت ذاك الظَّنَّ ) فذاك : إشارة إلى الظَّنِّ ولم يُوصَفْ به ، كما في مثال سيبويه .
4- ضمير المصدر العائد إليه ، نحو قوله تعالى : * فالضمير في ( لا أعذبه ) في محل نصب مفعول مطلق ؛ لأنه عائد إلى المصدر (عذاباً) والتقدير : لا أُعَذِّبَ العذابَ ، ونحو قولك : يتلو هذا الإمامُ تلاوةً لا يتلوها غيره ( أي : لا يتلو التلاوة ) .
5- عدد المصدر ، نحو قوله تعالى : * ونحو : زرتكُ ثلاثَ زياراتٍ .
6- آلة المصدر ، نحو : ضربتهُ سَوْطاً ، والأصل : ضربته ضَرْبَ سَوْطٍ ، فحذف المضاف ( ضَرْبَ ) وأقيم المضاف إليه ( سوط ) مقامه فانتصب ،ونحو: رَمَيتُ العدوَّ رَصَاصَةً .
* 7- اسم المصدر ، وهو : ما كانت حروفه أقل من حروف المصدر الأصلي ، نحو : صَلِّ صَلاةَ مُوَدِّع ، ونحو : اغتسلت غُسْلا ، ونحو : توضّأت وضوءاً . فكلّ كلمة مما تحتها خط ليست مصادر وإِنْ دَلَّت على الحدث ( كالمصدر ) لكن مجموع حروفها أقل من مجموع حروف المصدر الأصلي ، وتأمّل (تَوضُّؤ) وهو مصدر توضَّأ ، و ( وضوء ) وهو اسم المصدر تجد أنّ حروف اسم المصدر أقلّ من حروف المصدر .
8- نوع المصدر ، نحو : قَعَدَ القُرْفُصَاءَ ، ورَجَعَ القَهْقَرَى .
فالقرفصاء ، والقهقرى : يدلاّن على نوع المصدرين ( القعود ، والرجوع ) فالقرفصاء : نوع معيَّن من الجلوس ، والقهقرى : نوع من الرجوع .
9- صفة المصدر ، نحو قوله تعالى : * ونحو : سرتُ أحسنَ السَّيرِ ، وفهمت الدرس جيِّداً ( أي : فهماً جيِّداً ) .
10- المصدر الذي يلاقيه في الاشتقاق ، كما في قوله تعالى: * ونحو قوله تعالى : * وقوله تعالى : * .(1/100)
فإذا تأمّلت المصادر التي تحتها خط في هذا الموضع وجدتها ليست المصادر الأصلية للأفعال المذكورة قبلها ، فهي إذاً نائبة عن المصادر الأصلية ؛ لأنها تشترك معها في مادة واحدة ، فمثلاً : علوّاً مشترك مع ( تَعَالٍ ) مصدر تَعَالَى في مادّة ( عَلاَ ) وهكذا في البقية . *
( م ) س12- ما الأوجه الإعرابية للمصدر الْمُرَادِف لمصدر الفعل المذكور؟
ج12- لك في إعرابه ثلاثة أوجه :
1- أن تعربه مفعولا مطلقا ، واختلفوا في عامله على مذهبين :
أ- ذهب المازني ، والسيرافي ، والمبرِّد : إلى أنّ العامل فيه هو نفس الفعل السابق عليه . واختار ابن مالك هذا القول .
ب- ذهب سيبويه ، والجمهور : إلى أن العامل فيه فعل آخر من لفظ المصدر محذوف ، والفعل المذكور دليل على المحذوف . فإذا قلت : فرحتُ جذلاً ،
فـ (جذلا) عند المازني ، ومن معه : مفعول مطلق عامله فرحت ، وعند سيبويه: مفعول مطلق منصوب بفعل محذوف.والتقدير: فرحت وجذلت جذلا.
2- أن تعربه مفعولا لأجله إن كان مستكملا شروط المفعول لأجله ، والتقدير في المثال السَّابق : فرحت لأَجْل ِالجذل .
3- أن تعربه حالا بتأويل المشتق ، والتقدير : فرحت حَال كوني جذلان .
* س13- وضِّح الفرق بين اسم المصدر ، والمصدر .
ج13- المصدر ، هو : ما دلّ على الحدث مجرداً من الزمن ، ولا بدّ أن يشتمل على كل حروف فعله الماضي لفظاً ، أو تقديراً .
فاللفظي ، نحو : أَخَذْت أخذاً ، وتعلَّمَ الطالبُ تعلُّماً . فجميع الحروف في الماضي منطوق بها في المصدر .
والتقديري ، نحو : وَعَدَ عِدَةً ، وسَلَّم تسليماً . فبعض الحروف محذوفة ، وعُوِّض عنها بحروف أخرى ، كحذف الواو في المصدر من الفعل ( وعد ) وعوَّض عنه بالتاء ( عِدَة ) وكحذف التضعيف في المصدر من الفعل ( سلَّم ) وعوض عنه بالتاء ( تسليماً ) .
وقد تكون حروف المصدر أكثر من حروف فعله ، نحو : أسلمَ إِسْلام ، ونحو : عاونَ مُعَاونة .(1/101)
أما اسم المصدر : فهو مقصور على السَّماع ، وهو : ما ساوى المصدر في الدلالة على معناه (الْحَدَث ) وخالفه في كونه خاليا من بعض حروف الفعل دون تعويض ، نحو : وُضُوء من الفعل تَوَضَّأ ، وصَلاَة من الفعل صَلَّى .
أضف إلى ذلك أنّ اسم المصدر يُذكر على وزن المصدر الثلاثي مع أن ّالفعل المذكور معه غير ثلاثي ،وتأمَّل ذلك في أمثلة اسم المصدر تجدها واضحةً جَلِيَّةً .
تثنية المفعول المطلق ، وجمعه
وَمَا لِتَوْكِيدٍ فَوَحِّدْ أَبَدَا وَثَنِّ وَاجْمَعْ غَيْرَهُ وَأَفْرِدَا
س14- ما حكم تثنية المفعول المطلق ، وجمعه ؟
ج14- المفعول المطلق - كما عرفنا - ثلاثة أنواع ، ولكلٍّ منها حكم بالنسبة للتثنية، والجمع ، وإليك بيان أحكامها :
1- المفعول المطلق المؤكِّد لعامله : لا يجوز تثنيته ، ولا جمعه ، بل يجب إفراده ؛ تقول : ضربته ضرباً ؛وذلك لأنه بمثابة تكرير الفعل ، والفعل لا يُثنى ولا يُجمع.
2- المبيِّن للعدد : لا خلاف في جواز تثنيته ، وجمعه ، نحو : ضربته ضربتين وضرباتٍ .
3- المبين للنوع : المشهور أنه يجوز تثنيته ، وجمعه إذا اختلفت أنواعه ، نحو :
سرتُ سَيْرَيْ زيدٍ القويَّ والضعيفَ ، فقولك القوي والضعيف دلالة على اختلاف النوع ، وقد ورد جمعه في القرآن الكريم ، قال تعالى : * وأجاز ابن مالك تثنيته ، وجمعه في قوله: " وثنِّ واجمع غيره وأفردا " ( أي : يجوز تثنية المبين للعدد ، والنوع ) .
وظاهر كلام سيبويه أنه لا يجوز تثنية المبين للنوع ، ولا جمعه قياساً ، بل يُقتصر فيه على السَّماع . وهذا اختيار الشَّلَوْبِين .
حكم حَذْف عامل المفعول المطلق
وَحَذْفُ عَامِلِ الْمُؤَكِّدِ امْتَنَعْ وَفِى سِوَاهُ لِدَلِيلٍ مُتَّسَعْ
س15- ما حكم حذف العامل في المفعول المطلق ؟
ج15- المفعول المطلق المؤكِّد لعامله لا يجوز حذف عامله ؛ لأن الغَرَض من مجيء المفعول المطلق ، هو: تقرير عامله وتقويته ، وحذف العامل مُنَافٍ لذلك .(1/102)
وأما غير المؤكّد فله حكمان :
1- حذف جائز 2- حذف واجب ، سيأتي بيانه فيما بعد .
- الحذف الجائز : يجوز حذف عامل المفعول المطلق المبيَّن للنوع ، والمبيَّن للعدد
إذا دَّل عليه دليل .
فمثال حذف عامل المبيّن للنوع جوازاً ، قولك : قدوماً مُباركاً ، لِمَنْ قَدِم من السَّفرِ ، والتقدير : قَدِمْتَ قدوماً مباركاً ، وكقولك : سَيْرَ زَيْدٍ ، لمن قال لك : أيَّ سَيْرٍ سِرْتَ ؟ والتقدير : سِرْتُ سَيْرَ زيدٍ ، ونحو : حَجّاً مبروراً .
ومثال حذف عامل المبيَّن للعدد جوازاً ، قولك : ضربتين ، لمن قال : كم ضربتَ زيداً ؟ وكقولك : حَجَّاتٍ ، لمن قال لك : كم حجَّةً حججتَ ؟
فالعامل في هذه الأمثلة جميعا محذوف جوازاً ؛ لوجود ما يدلّ عليه في الكلام ، أو السؤال .
س16- ما موضع الإجماع ، والخلاف في نحو : ضرباً زيداً ؟ وضَّح ذلك .
ج16- أجمع النحاة على أنَّ العامل محذوف وجوباً، في نحو قولك: ضرباً زيداً ؛ لأنه قائم مقامه ( أي : إنه مصدر نائب عن عامله ) .
واختلفوا في: هل هو مصدر مؤكِّد لعامله، أو لا ؟ وتوضيح الخلاف في هذا السؤال، كما يلي :
1- يرى بعض النّحاة ، ومنهم ابن الناظم : أنّ قولك ( ضرباً زيداً ) مصدر مؤكِّد لعامله . وهذا الرأي مخالف لرأي النَّاظم ابن مالك .
2- يرى آخرون منهم ابن عقيل : أنَّه ليس مصدراً مؤكِّداً لعامله .
- يقول ابن عقيل ردًّا على ابن الناظم : إنّ نحو ( ضربا زيداً ) ليس من التأكيد
في شيء ، فهو بمثابة : اضْرِبْ زيداً ؛ لأن المصدر ( ضرباً ) واقع موقع الفعل
(اضربْ) فهو نائب عنه ، وعِوَضٌ عنه ؛ ولأن قولك: اضربْ زيداً ، لا تأكيد فيه ، كذلك قولك : ضرباً ، لا تأكيد فيه ؛ لأنه نائب عنه ودالٌّ عليه ، وعِوَضٌ عنه ؛ ويدلّ على ذلك أمران :
الأول : أنه لا يجوز الجمع بينه وبين عامله ؛ لأنه مصدر نائب عن عامله ، وعِوَضٌ عنه ، ولا يجوز الجمع بين العِوَضِ ، والمعوَّض .(1/103)
والثاني : أنّ المصدر المؤكِّد لعامله لا خلاف في أنَّه لا يعمل ، كما في قولك : ضربته ضرباً . فالمصدر ( ضرباً ) مؤكِّد لعامله ويمتنع عمله بالإجماع .
أما المصدر النائب عن عامله ، نحو : ضرباً زيداً ، ففي عمله خلاف :
أ- أنه يعمل - وهو الصحيح - وعلى ذلك فإن ( زيداً ) منصوب به ، وعلى هذا القول فإن المصدر ( ضرباً ) ناب عن عامله ( اضربْ ) في عمله ، وفي معناه .
ب- أنه لا يعمل ، وعلى ذلك فإنّ ( زيدا ) منصوب بالفعل المحذوف ، وعلى هذا القول فإنّ المصدر (ضرباً) نائب عن (اضربْ) في معناه فقط لا في عمله .
حذف عامل المفعول المطلق
وجوباً
وَالْحَذْفُ حَتْمٌ مَعَ آتٍ بَدَلاَ مِنْ فِعْلِهِ كَنَدْلاً اللَّذْ كَانْدُلاَ
س17- متى يحذف عامل المفعول المطلق وجوباً ؟ مَثَّل لما تقول .
ج17- يحذف عامل المفعول المطلق وجوباً : إذا كان المصدر بدلاً من فعله ؛ لأنه لا يجمع بين البَدَلِ والْمُبْدَلِ منه ، والمصدر الواقع بدلاً من فعله نوعان :
1- بدل من فعله الطَّلَبيّ ، ويُسمى : المصدر الطلبي .
2- بدل من فعله الْخَبَرِيّ ، ويُسمى : المصدر الخبري .
وفيما يلي أنواع كلِّ نوع ، وأمثلتها التي يجب فيها حذف عامل المفعول المطلق :
أولاً : المصدر الطَّلبي ، حذف العامل فيه قياسيّ في أربعة أنواع ، هي :
أ- الأمر ، نحو : ضرباً زيداً . فضرباً : مفعول مطلق منصوب نائب عن فعله الطلبي ، وهو فعل الأمر (اضربْ ) ونحو قولك : قياماً لا قعودا . فقياماً : مفعول مطلق نائب عن فعل الأمر (قُمْ) ومنه قوله تعالى:* .
ب- النَّهي ، نحو : قياماً لا قعوداً . فقعوداً : مفعول مطلق نائب عن فعله الطلبي ، وهو المضارع المجزوم بِلا الناهية (لا تَقْعُدْ) ونحو قولك :
سكوتاً لا تكلُّماً ، فالأول للأمر ( اسْكُتْ ) والثاني للنّهي ( لا تتكلَّم ) .(1/104)
ج- الدعاء ، نحو : سُقياً ( أي : سَقَاك الله ) ونحو : يا ربَّ نَصْراً عبادَك المؤمنين وهَلاَكا للمعتدين ( أي: يارب انصر عبادك المؤمنين،وأهلك المعتدين) .
د- الاستفهام المقصود به التَّوبيخ ، نحو : أَتَوَانِياً وقد جَدَّ الجِدُّ ؟ وقع المصدر (توانيا) بعد استفهام مقصود به التَّوبيخ ( والمعنى : أتَتَوَانَى وَقَدْ جدَّ الجِدُّ )
ونحو : أبُخْلاً وأنت غنيٌّ ؟
ثانياً : المصدر الخبري ، وحذف العامل فيه على نوعين : حَذْف سَمَاعيٌّ ، وحذف قِيَاسيّ .
أ- الحذف السَّماعي ، نحو : حمداً وشكراً لا كفراً ( أي : أَحمدُ اللهَ حَمْداً ، وأَشكرُه شكْراً ، ولا أَكفُرُه كُفْراً ) ونحو : أَفْعَلُ وكَرَامَةً ( أي : أفعلُ وأُكْرِمُك
كرامةً ) ونحو : سَمْعاً وطَاعَةً ، ونحو : صبراً لا جَزَعاً . ومنه : سُبْحَانَ اللهِ ، ومَعَاذَ اللهِ ، ولَبَيَّكَ ، وسَعْدَيْكَ ، وحَنَانَيك .
ب- الحذف القياسي ، ويقع في أربعة مواضع ، سيأتي ذكرها فيما بقي من الأبيات .
س18- إِلاَمَ يُشِيرُ الناظم بقوله : " كَنَدْلاً اللَّذْ كانْدُلا " ؟
ج18- يُشير بذلك إلى ما أَنْشَده سيبويه ، وهو قول الشاعر :
عَلَى حِينَ أَلْهَى النَّاسَ جُلُّ أُمُورِهِمْ فَنَدْلاً زُرَيْقُ الْمَالَ نَدْلَ الثَّعَالِبِ
فقوله : نَدْلاً ، مفعول مطلق منصوب نائب عن فعله ، وفعله محذوف وجوباً ،
وهو فعل الأمر ( انْدُلْ ) فهذا شاهد على وجوب حذف العامل إذا ناب المصدر منابه ، وأغنى عن التَّلَفُّظ به .
س19- ما الذي أجازه ابن مالك في البيت السابق ؟ وما رأي ابن عقيل فيما أجازه ابن مالك ؟(1/105)
ج19- أجاز ابن مالك أن يكون ( زُرَيقُ ) فاعلا مرفوعاً بِنَدْلاً ( زريقُ : اسم رجل ) . واعترض ابن عقيل على ما أجازه النَّاظم بقوله : وفيه نظر ؛ لأنه إنْ جعل ( ندلاً ) نائبا مناب فعل الأمر للمخاطب ( انْدُلْ ) لم يصحّ أن يكون مرفوعاً به ؛ لأنّ فعل الأمر إذا كان للمخاطب لا يرفع ظاهراً ، فكذلك ما ناب عنه ، وإنْ جعل ( نَدْلا ) نائبا مناب فعل الأمر للغائب ( لِيَنْدُل ) صَحَّ أن يكون مرفوعاً به ، لكنَّ المنقول أنّ المصدر لا ينوب مناب فعل الأمر للغائب ، وإنّما ينوب مناب فعل الأمر للمخاطب ، نحو : ضرباً زيداً ؛ ولهذا كان الأصحّ في
( زريق ) أن يكون منادى بحرف نداء محذوف .
معنى البيت : هؤلاء لصوص يَسْتَغِلُّونَ انشغال الناس بأمورهم فيُنَادِي بعضهم بعضا اخطفوا المال خطفا سريعا كالثعلب (النّدل : خَطْف الشيء بسرعة ) .
الموضع الأول من وجوب حذف
العامل قياساً
وَمَا لِتَفْصِيلٍ كَإِمَّا مَنَّا عَامِلُهُ يُحْذَفُ حَيْثُ عَنَّا
س20- ما الموضع الأول من مواضع وجوب حذف العامل قياساً ؟
ج20- عرفنا في السؤال السابع عشر أنّ حذف عامل المصدر الخبري وجوباً على نوعين : سماعي ، وقياسي ، وقد شرحنا الحذف السَّماعي ، وأَحَلْنا الحذف القياسي إلى ما بقي من الأبيات ، وهذا البيت يُبَيِّنُ الموضع الأول من الحذف القياسي ، وهو : أن يكون المصدر تَفصيلا لِعَاقِبَةِ ما قبله ،كما في قوله تعالى : * فمنّا ، وفِدَاءً : مصدران منصوبان بفعل محذوف وجوباً ، والتقدير : فإمَّا تَمُّنونَ مَنّاً ، وإمَّا تفدون فِدَاءً . وهذا هو معنى قول الناظم : " وما لتفصيل .... إلى آخر البيت " (أي : يُحذف عامل المصدر إذا وقع تفصيلا لعاقبة ما تقدَّمه) فَمَا قبل المصدر ،وهو طلب شدّ الوثاق تَرتَّب عليه التفصيل " فإمَّا مَنَّا وإمَّا فداءً " .
وإمَّا : حرف تفصيل ، كما هو معلوم .(1/106)
ومن أمثلة ذلك قولك : إن أساءَ إليك أحد فانْهَجْ نهجَ العُقلاء فإمَّا عِتَاباً كريماً، وإمّا صَفْحاً جميلاً . ومعنى قوله : " حيث عَنَّا " ( أي : حيث عَرَض ) .
( م ) س21- اُشترط لوجوب حذف عامل المصدر الواقع تفصيلا لعاقبة ما تقدّمه ثلاثة شروط ، اذكرها .
ج21- الشرط الأول : أن يكون المقصود بالمصدر تفصيل عاقبة( أي : بيان الفائدة الْمُتَرَتِّبَة على ما قبله والحاصلة بعده ) فالذي قبله ، هو ( الطلب ) وذلك كما في قوله تعالى : * وهذا الطلب يحتاج إلى تفصيل وإيضاح فجاء بعده التفصيل والبيان من المصدرين ( منَّا ، وفداءً ) .
الشرط الثاني : أن يكون ما يُراد تفصيله جملة سواء أكانت طلبية ، كما في الآية الكريمة السابقة ، أم كانت الجملة خبريّة ، كقول الشاعر :
لأَجْهَدَنَّ فإمَّا رَدَّ وَاقِعَةٍ تُخْشَى وَإِمَّا بُلُوغَ السُّؤْلِ وَالأَمَلِ
فقوله : لأجهدَنّ : جواب قسم دلّ عليه اللام ، وهو : جملة خبرية .
الشرط الثالث : أن تكون الجملة المراد بيان عاقبتها متقدِّمة على المصدر ،كما سبق في الأمثلة ، فإن تأخَّرَتْ ، نحو : إمَّا إهلاكاً وإما تأديباً فاضربْ زيداً ،
لم يجب حذف العامل .
الموضع الثاني من وجوب حذف العامل قِياساً
كَذَا مُكَرَّرٌ وَذُو حَصْرٍ وَرَدْ نَائِبَ فِعْلٍ لاِسْمِ عَيْنٍ اسْتَنَدْ
س22- ما الموضع الثاني من مواضع وجوب حذف العامل قياساً ؟
ج22- الموضع الثاني، هو : أن يكون المصدر مُكَرَّرا ، أو مَحْصُوراً ، وعامله وقع خبراً عن اسم عَيْن . فمثال المكرَّر : زيدٌ سيراً سيراً ، والتقدير: زيدٌ يسيرُ سيراً ، فَحُذِفَ الفعل ( يسير ) وجوباً ؛ لأنَّ المصدر تكرّر فقام مقامه فهو عِوَض عن اللفظ بالعامل ، والعامل ( يسير ) واقع خبراً عن اسم العين ( زيدٌ ) ، ( أي : اسم الذَّات زيد ) .(1/107)
ومثال المحصور : ما زيدٌ إلا سيراً ، ونحو : إنَّما زيدٌ سيراً ، والتقدير: ما زيدٌ إلاَّ يسير سيراً ، وإنّما زيدٌ يسير سيراً ، فحُذف الفعل ( يسير ) وجوباً لِمَا في الحصر من التأكيد القائم مقام التكرير ، والعامل ( يسير ) كما ترى واقع خبراً عن اسم العين ( زيد ) فإن لم يُكرّر ، ولم يُحْصَرلم يجب الحذف ، نحو : زيدٌ سيراً ، والتقدير : زيدٌ يسير سيراً ؛ فإن شئت حذفت الفعل ( يسير ) وإن شئت ذكرته .
( م ) س23- اُشترط لوجوب حذف عامل المصدر المكرَّر أو المحصور أربعة شروط ، اذكرها .
ج23- الشرط الأول : أن يكون العامل خبراً لمبتدأ ، كما في أمثلة س22 ، أو
خبراً لِما أصله المبتدأ ، نحو : إنّ زيداً سيراً سيراً .
الشرط الثاني : أن يكون المخبر عنه اسم عين .
أما إذا كان المخبر عنه اسم معنى ، نحو : أمرُك سيرٌ سيرٌ ، فيجب رفع المصدر ( سيرٌ ) على أنه خبر لاسم المعنى ( أمرُك ) لعدم الحاجة إلى إضمارِ فعل هنا .
الشرط الثالث : أن يكون الفعل متصلا إلى وقت التكلّم ( أي : مستمراً إلى الحال ، لا مُنقطِعا ، ولا مُستقبلا ) .
الشرط الرابع ، وهو نوعان :
أ- أن يكون المصدر مكرراً ، أو محصوراً ، كما تقدم ، أو يكون معطوفا عليه ، نحو : أنت أكلاً وشُرْباً .
ب- أن يكون المخبر عنه مقترنا بهمزة الاستفهام ، نحو : أأنت سيراً ؟
الموضع الثالث من وجوب حذف العامل قياساً
وَمِنْهُ مَا يَدْعُونَهُ مُؤَكِّداً لِنَفِْسهِ أَوْ غَيْرِهِ فَالْمُبْتَدَا
نَحْوُ لَهُ عَلَىَّ أَلْفٌ عُرْفَا وَالثَّانِ كَـ ابْنِى أَنْتَ حَقًّا صِرْفَا
س24- ما الموضع الثالث من مواضع وجوب حذف العامل قياساً ؟
ج24- الموضع الثالث ، هو : أن يكون المصدر مُؤكِّداً لنفسه ، أو لغيره . فالمؤكِّد لنفسه ، هو : الواقع بعد جملة لا تحتمل غيرَه ، نحو : له عليَّ ألفٌ اعْترافاً . فاعترافا : مصدر منصوب بفعل محذوف وجوبا ، والتقدير: أَعْتَرِفُ اعترافاً .(1/108)
وسُمِّي مؤكِّداً لنفسه ؛ لأنه مؤكِّد للجملة التي قبله وهي نَفْسُ المصدر ، بمعنى أنها نَصٌّ في معناه فمضمونها كمضمونه ، ومعناها الحقيقي كمعناه ، فالمراد من جملة ( له علي ألف ) هو نفس المراد من ( اعترافا ) فالمضمون واحد . ومثل ذلك قولك : أعرف لوالديَّ فضلهما يقيناً ، والتقدير: أُوقِنُ يقيناً .
وهذا النوع المؤكِّد لنفسه هو المراد من قول الناظم : " فالمبتدا " ( أي : فالأول من القسمين المذكورين ) ثمَّ ذكر مثاله : نَحْوُ لَهُ عَلَىَّ أَلْفٌ عُرْفَا .
والمؤكِّد لغيره ، هو: الواقع بعد جملة تحتمله ، وتحتمل غيره ، فإذا ذُكر المصدر كانت هي نفس المصدر في معناه الحقيقي ، نحو : أنت ابني حَقّاً . فحقّاً: مصدر منصوب بفعل محذوف وجوباً ، والتقدير : أَحُقُّه حَقّاً .
وسُمِّي مؤكِّداً لغيره ؛ لأن الجملة التي قبله تصلح له ، ولغيره ؛ لأنّ قولك : أنت ابني ، يَحْتَمِلُ أن يكون ابنك حقيقة ، ويحتمل أن يكون مجازاً ( أي : أنت عندي بمنزلة ابني في الْعَطْفِ والْحُنُوِّ ) فلما ذكر المصدر ، وقال : حقّاً ، صارت الجملة نصّاً في كونه ابنك حقيقة لا مجازاً . ومثل ذلك قولك : هذا بيتي قَطْعاً ، والتقدير : أَقْطَعُ بِرَأْيِي قَطْعاً . وهذا النوع هو مراده بقوله : " والثانِ "، ثمَّ ذكر مثاله : كَـ ابْنِى أَنْتَ حَقًّا صِرْفَا .
الموضع الرابع من وجوب حذف
العامل قياساً
كَذَاكَ ذُو التَّشْبِيهِ بَعْدَ جُمْلَهْ كَـ لِي بُكاً بُكَاءَ ذَاتِ عُضْلَهْ
س25- ما الموضع الرابع من مواضع وجوب حذف العامل قياساً ؟(1/109)
ج25- الموضع الرابع ، هو : أن يكون المصدر مقصوداً به التشبيه بعد جملة مُشتملة على فاعل المصدر في المعنى ، نحو : لِزيدٍ صوتٌ صوتَ بُلْبُلٍ . فالمصدر ( صوتَ بُلبلٍ ) مصدر تَشْبِيهِي منصوب بفعل محذوف وجوباً ، والتقدير : يُصَوِّتُ صوتَ بلبلٍ ، وقبله جملة هي ( لزيدٍ صوتٌ ) مشتملة على فاعل المصدر في المعنى ، وهو ( زيد ) فزيد : فاعل في المعنى ؛ لأنه هو الذي صَوَّتَ حقيقة .
( وليس فاعلا نحويا ؛لأنه لا تنطبق عليه شروط الفاعل فهو مسبوق بحرف جر، وليس مسبوقاً بفعل ، أو شبهه ) ومثل ذلك قولك : لي بُكَاءٌ بُكاءَ ذَاتِ عُضْلَةٍ ( أي : ممنوعة من النِّكاح ) والتقدير : يبكى بكاءَ ذاتِ عضلة .
فإن كان ما قبل المصدر مفرداً - ليس بجملة – نحو: صوتُ زيدٍ صوتُ بُلبل، وجب الرَّفع على اعتبار أن المصدر خبر لما قبله . وكذلك يجب الرفع إذا كان ما قبله جملة ولكنها لم تشتمل على فاعل المصدر ، نحو : هذا صوتٌ صوتُ حِمَارٍ ، ونحو : دخلت الدارَ فإذا فيها نَوْحٌ نَوْحُ حَمَامٍ ، والرَّفع في هذين المثالين على اعتبار أن المصدر بدلٌ مما قبله ، أو خبر لمبتدأ محذوف ، تقديره ( هو ) .
( م ) س26- اُشترط لحذف عامل المصدر التشبيهي سبعة شروط،اذكرها .
ج26- الشروط الثلاثة الأولى الآتية تُشترط في المفعول المطلق نفسه ، وهي :
1- أن يكون مصدراً 2- أن يكون مُشعِراً بالحدوث .
فإن لم يكن مشعراً بالحدوث وجب الرفع ، نحو: لزيدٍ ذَكَاءٌ ذَكَاءُ الحكماءِ. فالذكاءُ معنويّ ثابت لا يُشْعِرُ بالحدوث ، كالتَّصويت ، والبكاء .
3- أن يكون المراد به التشبيه .
أما الشروط الأربعة المتَبَقِّيَة فتشترط فيما قبله ، وهي :
1- أن يكون ما قبل المصدر جملة .
2- أن تكون الجملة مشتملة على فاعل المصدر .
3- أن تشتمل الجملة على معنى المصدر .
4- ألاَّ يكون في الجملة ما يصلحُ للعمل في المصدر إلاَّ الفعل المحذوف .(1/110)
فإنْ كان فيها ما يصلح للعمل في المصدر تَعيَّن النّصب به ، نحو: زيدٌ يَضْرِبُ ضَرْبَ الملوك . فالفعل يضربُ الملفوظ به في المثال صالِحٌ للعمل في المصدر
( ضربَ ) ولذا تعيَّن النّصب به .
---
المفعولُ لَهُ
شروطه ، وحكم جرِّه
يُنْصَبُ مَفْعُولاً لَهُ الْمَصْدَرُ إِنْ أَبَانَ تَعْلِيلاً كـ جُدْ شُكْراً وَدِنْ
وَهْوَ بِمَا يَعْمَلُ فِيهِ مُتَّحِدْ وَقْتاً وَفَاعِلاً وَإِنْ شَرْطٌ فُقِدْ
فَاجْرُرْهُ بِالْحَرْفِ وَلَيْسَ يَمْتَنِعْ مَعَ الشُّرُوطِ كـ لِزُهْدٍ ذَا قَنِعْ
س1- عرِّف المفعول له ، واذكر شروطه .
ج1- المفعول له ، هو : المصدرُ المبيِّنُ لسببِ الفعلِ ، المشاركُ لفعله في الوقت ، وفي الفاعل .
ويُسمَّى : المفعول لأجله ، أو : من أجلِه .
شروطه : خمسة ، هي :
1- أن يكون مصدراً .
2- أن يُفْهِم عِلَّة ( أي : يُفيد التَّعليل ) فهو صالح لجواب السؤال : لماذا ؟
3- أن يكون قلبيّاً ( أي : مِنْ أفعال النَّفس الباطنة ، كالرَّغْبَةِ ، والْحُبِّ ، والْخَوف ) وليس من أفعال الحواس الظاهرة ،كالضَّرْب ، والقِراءة ، والمشْي ، والأكْل ، والقَتل ( * اشترط هذا الشرط بعض المتَأَخِّرِين * ) .
4- أن يكون مُتَّحِداً مع عامله في الزَّمن .
5- أن يكون مُتَّحِداً مع عامله في الفاعل .
( * هذان الشرطان الأخيران اشترطهما الأَعْلَمُ الشَّنْتَمَرِيّ ، والمتأخِّرُون * ) .
وتتحقق هذه الشروط في قولك : اسْجُدْ لله شُكْراً . فشكراً : مفعول له منصوب ؛ لأنه مصدرٌ قَلْبي من أفعال النّفس الباطنة ، ويُفيد التعليل ؛ لأنَّه بَيَّنَ سبب وقوع الفعل (سجد) وهو مُتَّحد مع الفعل في الزمن ، فَزَمنُ الشكر هو زمن السجود ، ومُتحد مع الفعل في الفاعل ؛ لأن فاعل الشكر هو نفسه فاعل السجود . ومنه قول الناظم : جُدْ شكراً ودِنْ . وبقوله ( دِنْ ) يُفْهَمُ منه جواز حذف المفعول له إذا دلّ عليه دليل ، والتقدير: دِنْ لله شُكراً .(1/111)
س2- ما حكم نصب المفعول له ؟ وما حكم جرِّه ؟
ج2- إذا اسْتوفى المفعول له الشروط الخمسة السابقة جاز نصبه ، وجاز جرُّه بحرف جرّ يفيد التّعليل ؛ فتقول : تصدّقت رغبةً في الثوب ، أو : تصدّقت لرغبةٍ في الثّواب ، ومثله قول الناظم : هذا قَنِعَ لِزُهْدٍ ، ويجوز : هذا قَنِعَ زُهْداً .
* في حالة الجر لا يُعرب – في الاصطلاح - مفعولاً له ، وإنما يُعرب جارّاً ومجروراً مُتَعَلِّقاً بعامله مع أنه مُسْتَوفٍ لجميع الشروط *
فإذا فُقِدَ شرط من الشروط السَّابقة وَجَبَ جرُّه بحرف من حروف التّعليل ، وهي : اللاّم ، ومِنْ ، والبَاء ، وفي .
فمثال ما فَقَد المصدرية ، قولك : جِئْتُك لِلْعَسَلِ . فالعسل ليس مصدراً ؛ ولذا وجب جرُّه . ومنه قوله تعالى : * .
ومثال ما فَقَد القَلْبِيَّة ، قوله تعالى : *
فالإملاقُ : مصدر ولكنّه ليس قَلْبِيّاً ؛ فإنَّ معناه : الفَقْر .
ومثال ما فَقَد الاتِّحاد مع عامله في الوقت ، قولك : جئتك اليوم للإكرامِ غداً، ومثله قولك : سافرْتُ لِلْعِلْمِ . فالسَّفر زمنه ماضٍ ، والعلم مَسْتقبل .
ومثال ما فقد الاتِّحاد مع عامله في الفاعل ،قولك: جاء زيدٌ لإكرامِ عمرٍو غداً.
* هذه الشروط -كما علمتَ - مُخْتَلَفٌ فيها ، فبعض النُّحاة منهم سيبويه لا يَشترطُ إلاّكونه مصدراً مُبيِّناً لِلْعِلَّة ، ولايَشترط اتِّحاده مع عامله في الوقت ،ولا في الفاعل ، فيجوز عندهم نصب ( إكرام ) في المثالين السابقين ، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: * وَمِنْ آيَاتِهِ ففاعل الفعل ( يريكم ) هو الله ، والخوف والطّمع من الْخَلْقِ . *
أحوال المفعول له
وَقَلَّ أَنْ يَصْحَبَهَا الْمُجَرَّدُ وَالعَكْسُ فى مَصْحُوبِ أَلْ وَأَنْشَدُوا
لاَ أََقْعُدُ الْجُبْنَ عَنِ الْهَيْجَاءِ وَلَوْ تَوَالَتْ زُمَرُ الأَعْدَاءِ
س3- اذكر أحوال المفعول له .
ج3- المفعول له المستكمِلُ للشروط المتقدِّمة ، له ثلاثة أحوال ، هي :(1/112)
1- أن يكون مُجرَّداً عن الألف واللام ، والإضافة . في هذه الحالة النصب
أكثر من الجرّ، نحو : جئت رغبةً في العلم ، ويجوز الجرّ ؛ فتقول : جئتُ لرغبةٍ في العلمِ .
وزعم الْجُزُولي أنّه لا يجوز جرُّه ، وهو خلاف ما صَرَّحَ به النَّحويون .
2- أن يكون مُعرَّفاً بـ ( أل ). والجرّ في هذه الحالة أكثر من النَّصب ، نحو : ضربتُ ابني للتأديبِ ، ويجوز النصب ؛ فتقول : ضربت ابني التأديبَ .
ومن النّصب ما أنشده الناظم :
لاَ أَقْعُدُ الْجُبْنَ عَنِ الْهَيْجَاءِ وَلَوْ تَوَالَتْ زُمَرُ الأَعْدَاءِ .
فالجبنَ : مفعول له معَرّف بـ ( أل ) وجاء منصوباً ، وهو قليل ،والكثير جرُّه .
ومن نصبه أيضا مع كونه محلًّى بـ ( أل) قول الشاعر :
فَلَيْتَ لى بِهِمْ قَوماً إِذا رَكِبُوا شَنُّوا الإِغَارَةَ فُرْسَاناً ورُكْبَانَا
3- أن يكون مُضَافاً . وفي هذه الحالة يَتَسَاوى النَّصب ، والجرّ ؛ فتقول :
جئتُ طَلَبَ العلمِ ، وجئتُ لطلبِ العلمِ ( بالنَصب ، والجرّ على السواء ) ومن ذلك قوله تعالى : * ومنه قوله تعالى : * .
ومن مجيئه مضافاً أيضاً قول الشاعر :
وَأَغْفِرُ عَوْرَاءَ الكَرِيمِ ادِّخَارَه وَأُعْرِضُ عَنْ شَتْمِ اللَّئيمِ تَكَرُّمَا
وفي هذا البيت شاهد آخر ، وهو قوله ( تكرُّماً ) فإنه مفعول له نكرة غير معرَّف لا بإضافة ، ولا بـ ( أل ) وقد جاء منصوبا لاستيفائه الشروط .
( م ) س4- اختلف النُّحاة في جواز مجيء المفعول له مُعَرَّفاً ، وضَحِّ ذلك .
ج4- اختلف النّحاة في جواز مجيء المفعول له مُعرَّفاً ، فذهب سيبويه ، وتَبِعَه الزَّمَخْشَرِيُّ : إلى جواز ذلك مستدلين على هذا بمجيئه عن العرب ، وذلك كما في الشواهد الآتية : قال الشاعر :
لا أقعدُ الجبنَ عن الهيجاء ولو توالتْ زمرُ الأعداء
وقال الشاعر :
فليت لي بهم قوماً إذا ركبوا شنّوا الإغارةَ فرساناً وركبانا
وقال الشاعر :
وأغفرُ عوراء الكريم ادخارَه وأعرضُ عن شتم اللئيم تكرُّما(1/113)
قال تعالى : *
وقد مَرَّت بنا هذه الشواهد فارجع إليها .
وذهب الْجَرْمِيُّ : إلى أن المفعول لأجله يجب أن يكون نكرة ؛ لأنه كالحال ، والتّمييز وكلٌّ منهما لا يكون إلا نكرة ، فإنْ جاء المفعول له مقترنا بـ ( أل ) فهي زائدة لا مُعرِّفة ، وإنْ جاء مضافا إلى معرفة فإضافته لفظيَّة لا تُفيدُ تعريفاً .
والصحيح ما ذهب إليه سيبويه لورود الشواهد الكثيرة عليه ، أمَّا قول الجرمي بزيادة (أل) وبأنَّ الإضافة لفظية فهو خِلاف الأصل ، فلا يُلْتَفَتُ إليه .
---
المفعولُ فِيهِ ( الْمُسَمَّى ظَرْفاً )
تعريفه ، وأنواعه
الظَّرْفُ وَقْتٌ أَوْ مَكَانٌ ضُمِّنَا في بِاطِّرَادٍ كَهُنَا امْكُثْ أَزْمُنَا
س1- عرّف المفعول فيه ، وماذا يُسَّمى ؟ واذكر أنواعه .
ج1- المفعول فيه : هو الاسم الذي يدلّ على الزَّمان ، أو المكان ، مُتَضَمِّن معنى ( في ) باطَّراد ( أي : إنَّه يَتَضَمَّنُ معنى في مع سائر الأفعال ) .
ويُسَّمى ظرفاً ، والظرف نوعان :
1- ظرف زمان ، نحو : سافرت ليلاً ، والتقدير : سافرت في الليل .
2- ظرف مكان ، نحو : مَشَيْتُ يَمِينَ الطريق ، والتقدير : مشيت في يمين الطريق .
وقد مثَّل النّاظم للنوعين بقوله :" هُنَا امكثُ أزمنا "، فقوله هنا : ظرف مكان ، وأزمنا : ظرف زمان ، والتقدير : امكث في هذا الموضِع ، وامكث في أَزْمُنٍ .
س2- مِمَّ احترز النَّاظم بقوله : ضُمِّنَا معنى في باطِّراد ؟
ج2- احترز بقوله : "ضُمِّنَ معنى في" ممالم يتضَّمن من أسماء الزمان ، أو المكان معنى ( في ) نحو : يومُ الجمعة يومٌ مبارك ، ونحو : الدارُ لِزيدٍ . فكلمة ( يوم ) في المثال الأول ليست ظرفاً ؛ لأنها لم تتضَّمن معنى ( في ) فهي واقعة مبتدأ ،
وكذلك الأخرى فهي خبرٌ للأولى . ومثلهما كلمة ( الدار ) في المثال الثاني لا(1/114)
تُسمى ظرفا ؛ لأنها لم تتضمن معنى ( في ) فهي مبتدأ . فأسماء الزمان ، والمكان إذا وقعت مبتدأ ، أو خبراً ، أو فاعلاً ، أو مفعولاً به ، كما في قوله تعالى :
* فإنّها لا تُسمَّى ظروفاً ؛ لأنها لم تتضَّمن معنى ( في ) وكذلك إذا جُرَّت بـ ( في ) فإنها لا تُسَّمى ظرفا ، نحو : سِرْتُ في يومِ الجمعة ، وجلست في الدَّار . وفي هذه المسألة خلاف في تسميته ظرفا في الاصطلاح .
واحترز بقوله : " باطِّراد " من نحو : دخلتُ البيتَ ، وسكنتُ الدارَ ، فإنّ كل واحد من البيت ، والدار متضِّمن معنى ( في ) ولكن تضمُّنه ليس مُطَّرداً فهي متضمنة معنى ( في ) مع الفعلين ( دَخَلَ ،وسَكنَ ) وليست متضمنة معنى ( في ) باطِّراد ( أي : مع سائر الأفعال ) فلا يصح أن تقول : نِمْتُ الدارَ ، ولا : جلستُ البيتَ ، بل يجب ذِكر ( في ) معها ؛ لأنها أسماء مُخْتَصَّة ( أي : مُحَدَّدَة تدلّ على مكان معيَّن مُحَدَّد ) كالبيت، والمسجد ، والمكتب ، وأسماء المكان المختصة لا يجوز حذف ( في ) معها .
وأمَّا نصب (البيتَ ، والدارَ) كما في المثالين السابقين فهما منصوبان على التَّشبيه بالمفعول به ، وليس على الظرفية ؛ لأنّ الظرف ، هو : ما تضمَّن معنى
( في ) باطِّراد .
وإعرابها على التشبيه بالمفعول به فيه نظر- كما يقول ابن عقيل- لأنّها إذا نُصِبت على التشبيه بالمفعول به لم تكن مُتضمِّنة معنى ( في ) لأن المفعول به غير متضِّمن معنى (في) وكذلك ما شُبِّه به؛ولذلك لا داعي لقوله (باطِّراد) لإخراجها
من الظرفية فإنها قد خرجت من الظرفية ، بقوله : " ما ضُمِّن معنى في " .(1/115)
* لم أَذْكُر مِثَال الشَّارح ( ابن عقيل) : ذهبْت الشَّامَ ؛ لأنّ فيه نَظَر ، كما يقول الْخُضَرِيُّ في حَاشِيتِه على شرح ابن عقيل ، فقد قال ما نَصُّه : " لكن في ذِكره ذهبتُ الشَّام نَظَرٌ ؛ لأنه على معنى ( إِلى ) لا في ، فهو مِمَّا نُصِب بحذف الخافض توسُّعاً ؛ لأنّ الذَّهاب لم يقع في الشَّام بل في طريقه إليها " .
وقال المبرِّد : " ذهبتُ ليس من هذا الباب بل هو مما أُسقِط منه حرف الجر ، وهو ( إلى ) لا ( في ) ". *
نصب الظَّرف ، وبيان العامل فيه
فَانْصِبْهُ بِالْوَاقِعِ فِيهِ مُظْهَراً كَانَ وَإِلاَّ فَانْوِهِ مُقَدَّرَا
س3- ما حكم الظرف ؟ وما العامل فيه ؟
ج3- حكم ما تضمَّن معنى ( في ) من أسماء الزمان ، والمكان : النَّصب . وعامله ( أي : نَاصبُه ) ما وَقَعَ فيه ، وهو المصدر . يقول ابن عقيل : "وهذا هو ظاهركلام النَّاظم ، وليس كذلك ، بل ينصبه المصدر وغيره ، كالفعل ، والوصف " وإليك الأمثلة على ذلك :
1- المصدر ، نحو: عجِبْتَ من ضربِك زيداً يومَ الجمعةِ عندَ الأمير . فيومَ ، وعندَ : ظرفان،والنَّاصب لهما المصدر ( ضَرْب ) ونحو : القراءةُ صباحاً مفيدةٌ .
2- الفعل ، نحو : ضربْتُ زيداً يومَ الجمعةِ أمامَ الأمير ، ونحو : قرأتُ القرآنَ
يومَ الجمعةِ تحتَ الشجرةِ .
3- الوصف ، نحو : أنا ضارِبٌ زيداً اليومَ عندك ، ونحو : أنا جَالسٌ غداً أمام البيتِ .
( م ) س4- قال الناظم: " فانصبه بالواقع فيه " ما المراد بقوله: بالواقع فيه ؟
ج4- عرفنا أن الناصب للظرف هو : الواقع فيه ، والمراد بذلك : الْحَدَثُ
(أي : المصدر) فهو الذي يقع في الظرف ،فإذا قال صديقُك : جلستُ أمامك ، فالجلوس : حَدَثٌ ( مصدر ) وهو الذي وقع أمامك مُعَايَنَةً ومُطابقةً .(1/116)
وكذلك قوله : أنا جالسٌ أمامك ، أو : كان جلوسي أمامك ، فالمصدر يدلّ على الحدث بدلالة المطابقة . وكذلك الفعل ، والوصف يدلان على الحدث بدلالة التَّضَمُّن ، فالحدث أحد مدلولي الفعل ، والوصف - كما عرفت ذلك سابقا - ولذا فإنّ اعتراض ابن عقيل على الناظم بأنّ ظاهر كلامه يدلّ على أنّه لا ينصب الظرف إلا المصدر اعتراضٌ لا محلّ له ؛ لأنّ الناظم لم يُصَرِّح بأنه أراد أنّ الذي ينصب الظرف هو اللفظ الدال على الحدث بالمطابقة ، بل كلامه يصحُّ أنْ يُحمل على ما يدلّ بالمطابقة وهو المصدر ، وما يدل بالتَّضَمُّنِ ، وهما الفعل ، والوصف .
س5- ما حكم حذف النَّاصب للظرف ؟ وضَّح بالتفصيل .
ج5- الناصب للظرف له حالتان :
1- أن يكون مذكوراً ، كما في أمثلة س3 .
2- أن يكون محذوفا ، وله حكمان : أ– حذف جائز ، وذلك إذا دلّ عليه دليل ،نحو أن يقال : متى جئت ؟ فتقول :
يومَ الخميسِ ، ونحو : كم سِرْتَ ؟ فتقول : فَرْسَخَيْنِ .
فَحُذِف الناصب ؛ لدَلالة السؤال عليه ، والتقدير: جئتُ يومَ الخميس ، وسرتُ فرسخين .
ب- حذف واجب ، وذلك في المواضع الآتية :
1- إذا وقع الظرف صفةً ، نحو : مررتُ برجلٍ عندك ، وشاهدت طائراً فوق الشجرة . فالظرفان ( عندك ، وفوق ) وقعا صفة للنكرتين : رجل ، وطائر ؛ ولذا وجب حذف العامل ، والتقدير ( استقَرَّ ) أو ( مُسْتَقِرٌّ ) .
2- إذا وقع الظرف حالاً ، نحو : مررت بزيدٍ عندك ، وشاهدت الهلال بين السَّحابِ . فوقوع الظرف بعد المعرفة جعله حالاً ، والعامل محذوف وجوبا ، تقديره : استقرَّ ، أو مُستقِرٌّ .
3- إذا وقع الظرف خبراً ، نحو : زيدٌ عندك ، أو إذا كان أصله الخبر ، نحو : ظننتُ زيداً عندك . فالمفعول الثاني ( عندك ) أصله خبر ؛ لأن ظن تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر ، والعامل محذوف وجوبا ، تقديره : استقرَّ ، أو مُستقِرٌّ .(1/117)
4- إذا وقع صِلَة ، نحو : جاء الذي عندك . فالعامل محذوف وجوبا ، تقديره : استقرَّ . فالصِّلة يجب تقدير العامل المحذوف فيها ( فِعْلاً ) فقط ؛ لأنَّ الصلة لا تكون إلا جملة ، والفعل المقدَّر مع فاعله المستتر يكون جملة ، أمَّا اسم الفاعل (مستقرّ) مع فاعله ليس بجملة ؛ لذلك لا يصلح أن يكون صلة ؛ لأن الصلة
- كما ذكرنا - لا تكون إلا جملة .
( م )5- إذا كان الظرف مَشْغُولاً عنه ، نحو : يومَ الجمعةِ سافرتُ فيه ، والتقدير : سافرت يومَ الجمعةِ سافرت فيه ، ولا يجوز إظهار العامل ؛ لأن الفعل المتأخِّر عِوَض عن المحذوف ، ولا يُجمع بين العِوَض ، والمعَوَّض في الكلام .
6- أن يكون الظرف مسموعاً فيه الحذف لا غير ،كما سُمِع عن العرب قولهم: حينئذٍ الآنَ - يُقال ذلك في أمرٍ حدث منذ زمن بعيد - والتقدير : قد حدثَ ذلك حِينَ إِذْ كان كذا وكذا واسمعْ الآن ، والمقصود نَهْيُ المخاطَبِ عن الحديث فيما يذكره ، وأَمْرُه بالاستماع إلى حديث جديد .
ما يَقْبَلُ النَّصبَ على الظرفية من أسماء الزمان والمكان
وشروط نصب اسم المكان المشتق
وَكُلُّ وَقْتٍ قَابِلٌ ذَاكَ وَمَا يَقْبَلُهُ الْمَكَانُ إِلاَّ مُبْهَمَا
نَحْوُ الْجِهَاتِ وَالْمَقَادِيرِ وَمَا صِيغَ مِنَ الفِعْلِ كَمَرْمَى مِنْ رَمَى
وَشَرْطُ كَوْنِ ذَا مَقِيساً أَنْ يَقَعْ ظَرْفاً لِمَا فى أَصْلِهِ مَعْهُ اجْتَمَعْ
س6- اذكر أنواع أسماء الزمان والمكان باعتبار الإبهام وعدمه ،مع التوضيح، والتمثيل .
ج6- أسماء الزمان نوعان :
1- أسماء زمان مُبهمة ، والمبهم ، هو : ما دلَّ على زمن غير محدود ( أي : غير معيَّن ) نحو : حين ، ووقت ، وزمن ، ومُدَّة ، ولحظة .(1/118)
2- أسماء زمان مُختصَّة ، والمختصُّ ، هو : ما دلّ على زمن محدود سواء أكان معرفة بالإضافة ، نحو : سرتُ يومَ الجمعةِ ، أو كان علماً ، نحو : صمتُ رمضانَ ، أو معرَّفاً بـ ( أل ) نحو : جئت اليومَ ؛ أو كان نكرة خُصِّصَ بوصف ، نحو: سرت يوماً طويلاً ، أو خُصِّصَ بعدد ،
نحو : سرت يوماً أو يومين .
وأمَّا أسماء المكان ، فمنها المبهم ، والمختص ، ومنها الْمُشْتَقّ .
فالمبهم ،هو: ما ليس مُعيَّناً ، ولا محدداً بحدود تُعَيِّنُهُ ، كالجهات السِّت : فوق ،
وتحت ، ويمين ، وشِمَال ، وأَمَام ، وخَلف ؛ وكالمقادير ، نحو: مِيل ، وفَرْسَخ ، وبَرِيد ، وغَلْوة . وهي مُبهمة لأنها لا تختصُّ بمكان مُعَيَّن .
* الفَرْسَخ : ثلاثة أميال . والبريد : أربعة فَرَاسِخ . والغَلْوة : مائة بَاع ، وقيل : قَدْرُها كرَمْية سَهْمٍ . *
والْمُخْتَصّ ، هو : ما دلّ على مكان معيَّن محدَّد ، نحو : البيت ، والمسجد ، والمكتب ، والغُرفة .
وأما الْمُشْتقٌّ ، فهو : ما اشْتُقَّ من المصدر - على مذهب البصريين – ،
أو ما اشْتُقَّ من الفعل - على مذهب الكوفيين - ويُصاغ على وزنين :
1- مَفْعَل ، نحو : مَقْعَد ، ومَرْمَى .
2- مَفْعِل ، نحو : مَجِْلس ، ومَنْزِل .
وهو نوعان : مبهمٌ ، نحو : جلست مجلساً ، ومختصٌّ ، نحو : جلست مجلسَ الأمِيرِ .
س7- ما الذي يقبل النَّصب على الظرفيَّة من أسماء الزَّمان ، والمكان ؟
ج7- أما أسماء الزمان فتقبل النَّصب مُطلقاً ، مُبْهمة كانت ، أو مختصة ، نحو : سرتُ لحظةً ، وقعدتُ مُدَّةً ؛ و : سرتُ يومَ الجمعةِ ، وسرت يوماً طويلاً ، وجئت اليومَ .
وأما أسماء المكان فلا يقبل النَّصب منها إلا نوعان :
1- المبهم ، نحو : طار العصفور فوقَ البيتِ ، ونحو : وقفت خَلْفَ المسجدِ .(1/119)
2- المشتق ، بشرط : أن يكون عامله من لفظه ، نحو : قعدت مَقْعَدَ زيدٍ، وجلست مَجْلِسَ عمرٍو . فإن كان عامله من غير لفظه تعينَّ جَرُّه ، نحو : جلستُ في مقعدِ زيدٍ ، وجلست في مَرْمَى زيدٍ ، ولا تقول : جلست مَرْمَى زيدٍ ( بحذف حرف الجر ) إلا شذوذاً .
ومِمَّا شَذَّ من ذلك قولهم : " هو مِنِّى مَقْعَدَ القَابِلَة ، ومَزْجَرَ الْكَلْبِ ، ومَنَاطَ الثُّرَيَّا " فالنصب فيها شاذّ لا يُقاسُ عليه ، خلافا للِكسَائيّ .
والقياس : هو منِّي في مقعدِ القابلة ، وفي مزجرِ الكلب ، وفي مناطِ الثريا . والعرب لم تستعملها إلاّ على معنى التمثيل للقرب ، والبعد .
وهذا الشرط المذكور لنصب اسم المكان المشتق قياساً هو مراد الناظم بقوله :
" وشرطُ كونِ ذا مقيساً ... إلى آخر البيت " .
س8- ما حكم نصب اسم المكان المختص ؟
ج8- اسم المكان المختص لا يُنصب على الظرفية ، بل يجب جرُّه بـ ( في ) لأنّ تضمنَّه معنى ( في ) ليس باطِّرَاد - راجع هذه المسألة في س2- ، وأمَّا ما سُمِع منصوباً من أسماء المكان المختصة مع الأفعال الآتية :
(دَخَلَ ، وسَكَنَ ، ونَزَلَ ، وذَهَبَ) نحو : دخلتُ البيتَ ، وسكنتُ الدارَ ، ونزلت البَلَدَ ، وذهبتُ الشَّامَ ، فَلِلنُحاةِ فيها أربعة أقوال هي :
1- أنها منصوبة على الظرفية شذوذا ، ولا يُقاسُ عليها . وهذا مذهب المحقِّقين من النحاة ، ونسبه الشَّلَوْبِين للجمهور ، وصَحَّحَه ابن الحاجب .
2- أنَّها منصوبة على نَزْع الخافض (أي : سببُ نصْبِها هو حذف حرف الجر) وهذا هو مذهب الفارسي ، ونُسِبَ إلى سيبويه ، واختاره ابن مالك .
3- أنها منصوبة على التشبيه بالمفعول به ؛ لأنهم شَبَّهوا الفعل اللاَّزم بالفعل المتعدِّي .
( م )4- أنها منصوبة على أنها مفعول به حقيقة؛ لأنّ الفعل (دخل) يتعدّى بنفسه تارةً ، وبحرف الجر تارة أخرى ، وكَثْرَةُ الأمرين فيه تدل على أنَّ كلَّ واحد منهما أصل ، وهذا مذهب الأخفش . ( م )(1/120)
س9- اذكر استدراكات ابن عقيل على ابن مالك في قوله :
نحوُ الجهاتِ والمقاديرِ وما صِيغَ مِنَ الفعل كمَرْمَى مِنْ رَمَى.
ج9- يقول ابن عقيل : ظاهر كلام الناظم أنّ المقادير ،كالمِيل ، وما صِيغَ من المصدر ،كالْمَجْلِس : مُبْهَمَانِ . والتَّحقيق أنَّ في المسألة خلاف :
أمَّا المقادير فمذهب الجمهور ، ومنهم ابن مالك : أنها ظروف مبهمة ؛ لأنها وإن كانت معلومة المقدار ، فهي مجهولة الصِّفة ؛ لأن محلَّها غير معلوم ، فيمكن استعمالها في مواطن كثيرة .
ومذهب الشَّلوبين : أنها ليست من الظروف المبهمة ؛ لأنها معلومة المقدار .
وأما ما صِيغَ من المصدر فيكون مبهما ، نحو : جلست مجلساً ، ويكون مختصّاً، نحو : جلست مجلسَ زيدٍ .
وظاهر كلامه أيضاً أنَّ ( مَرْمَى ) مشتق من الفعل ( رَمَى ) وليس هذا على مذهب البصريين فإنَّ مذهبهم أنّه مشتق من المصدر لا من الفعل .
* مذهب الكوفيين : أنَّ الفعل أصل الاشتقاق . *
الظرف المتصرِّف ، وغير المتصرِّف
وَمَا يُرَى ظَرْفاً وَغَيْرَ ظَرْفِ فَذَاكَ ذُو تَصَرُّفٍ فى العُرْفِ
وَغَيْرُ ذِى التَّصَرُّفِ الَّذِى لَزِمْ ظَرْفِيَّةً أَوْ شِبْهَهَا مِنَ الكَلِمْ
س10- اذكر أقسام الظرف باعتبار التصرُّف ، وعدمه ، موضِّحا معنى التصرُّف، وعدمه .
ج10- ينقسم الظرف بنوعيه الزمان والمكان إلى قسمين :
1- ظرف مُتَصَرِّف 2- ظرف غيرُ مُتَصرِّف .
أولا : الظرف المتصرِّف ، هو : ما اسُتعمل ظرفا ، وغير ظرف ( أي : أنْ يقعَ اسم الزمان ، أو المكان منصوبا على الظرفية في جملة ، ولا يصلح للنصب على الظرفية في جملة أخرى ) .(1/121)
فهذا الاسم الذي وقع ظرفا في جملة ، وغير ظرف في جملة أخرى يُسمى : ظرفا متصرِّفا ، نحو ( يوم ، ومكان ) فإنَّ كلَّ واحدٍ منهما يستعمل ظرفاً ، نحو : سرت يوماً ، وجلست مكاناً ؛ ولا يستعمل ظرفا ، كما إذا وقع مبتدأ ، نحو : يومُ الجمعةِ يومٌ مبارك ، ونحو: مكانُك حَسَنٌ ، أو وقع فاعلا ، نحو : جاء يومُ الجمعةِ ، ونحو : ارْتَفَعَ مكانُك...وهكذا .
ثانيا : الظرف غير المتصرف ، وهو نوعان :
1- ما لا يُستعمل إلا ظرفاً 2- ما يُستعمل ظرفاً ، وشِبهه .
1- ما لا يُستعمل إلا ظرفاً (أي : لا يُفارق النصب على الظرفية) نحو كلمة : سَحَر - إذا أردت به سَحَرَ يومٍ معيَّن - تقول : أزورُك سَحَرَ يومِ الخميس القادم ، أمَّا إذا لم تُرِدْه من يومٍ معيَّن فهو متصرِّف ، كقوله تعالى : * .
ومن الظروف التي لا تفارق النصب على الظرفية : قَطُّ ، وعَوْضُ ، وبَيْنَا ، وبَيْنَمَا ، وإذا ، وأيَّانَ ، وأنَّى ؛ ومنه الظروف المركَّبة ، نحو : بَيْنَ بَيْنَ ، وصَباحَ مَسَاءَ ؛ ومنها : بَدَلَ - إذا استعملته بمعنى مَكان - نحو : خُذْ هذا بدَل هذا ؛ ومنها : مُذْ ، ومُنْذُ ( عند مَنْ جعلهما خبرين ، وما بعدهما مبتدأ ) .
2- ما يُستعمل ظرفاً، وشبهه . والمقصود بشبه الظرف : الظرف المجرور بحرف الجر ( مِنْ ) فالظروف المجرورة لم تخرجْ عن الظرفية إلاَّ إلى حالة شَبِيهة بها ؛ لأن الظرف ، والجار والمجرور أَخَوَانِ .
وخُصَّ الجرّ بـ ( مِنْ ) دون غيرها ؛ لكثرة دخولها على الظروف دون غيرها .
ومن أمثلة ما يُستعمل ظرفا ، وشبهه : عِنْدَ ، ولَدُنْ ، وقَبْل ، وبَعْد ، وحَيْث ،
وتحت ، وفوق ... إلخ ، نحو قوله تعالى : * وقوله تعالى : * وقوله تعالى:* وقوله تعالى : * وقوله تعالى :
* وقوله تعالى :
* وقوله تعالى : * وقوله تعالى : * .
((1/122)
م ) وقد جعل الشَّارح ( فوق ) من النوع الأول الذي يلزم النصب على الظرفية ، وهو غير صحيح ، بل هو من النوع الثاني ، كما هو واضح في الشواهد القرآنية .
وقد ورد عن العرب قولهم : حتى متى ، وإلى متى ، وإلى أين ، فأدخلوا حرف الجر ( إلى ) على ظرف الزمان والمكان ، وهذا شاذّ من جهة الِقياس مع صِحَّة اتِّبَاع ما ورد عنهم فقط ، ولا يُقاس على شئ من ذلك . ( م )
النَّائب عن الظّرف
وَقَدْ يَنُوبُ عَنْ مَكَانٍ مَصْدَرُ وَذَاكَ فى ظَرْفِ الزَّمَانِ يَكْثُرُ
س11- ما الذي ينوب عن الظرف ؟
ج11- ينوب عن الظرف ما يلي :
1- المصدر : ينوب المصدر عن ظرف المكان قليلا ، ونيابة المصدر عن ظرف المكان سماعيّة لا يُستعمل منه إلا ما ورد عن العرب ، كقولك : جلستُ قُرْبَ زيدٍ ( أي : مكانَ قربِ زيدٍ ) فَحُذِفَ المضاف وهو (مكان) وأقيم المضاف إليه مقامَه فأُعرِبَ بإعرابه ، وهو النصب على الظرفية ، ولا يُقاس على ذلك ؛ فلا تقول : آتيك جُلُوسَ زيدٍ ، تريدُ مكانَ جلوسِه .
أما نِيابة المصدر عن ظرف الزمان فكثير ، نحو : آتيك طلوعَ الشمسِ ، وقُدُومَ الحاجِّ ، وخُروجَ زيدٍ ، والأصل : وقتَ طلوعِ الشمس ، ووقتَ قدومِ الحاجِّ ، ووقتَ خروجِ زيدٍ ، فَحُذِف المضاف وأُعرب المضاف إليه بإعرابه .
ونيابة المصدر عن ظرف الزمان قياسي في كل مصدر .
( م ) هذا ما ذكره الناظم في هذا البيت مما ينوب عن الظرف ، وبقي أشياء أخرى تنوب عن ظرف الزمان ، أو المكان ، هي :
1- لفظ ( كُلّ ، وبعض ) مضافين إلى الظرف ، نحو : نمتُ كلَّ الليلِ ، ونمتُ بعضَ الليلِ ، و : بحثت عنك كلَّ مكانٍ .
2- صفة الظرف ، نحو : جلست طويلاً شرقِيَّ الدارِ ( أي: جلست وقتاً طويلاً مكانَ شَرْقِيِّ الدارِ ) .
3- اسم العدد الْمُمَيَّز بالظرف ، نحو : صمتُ ثلاثةَ أيامٍ ، وسرتُ ثلاثةَ عشرَ فَرْسَخاً .(1/123)
4- ألفاظ مُعَيَّنَة مسموعة تنوبُ عن اسم الزمان ؛ لتضمُّنها معنى ( في ) نحو قول الشاعر:
أَحَقًّا عِبَادَ اللهِ أَنْ لَسْتُ صَادِراً وَلاَ وَارِداً إِلاَّ عَلَىَّ رَقِيبُ
ونحو قولك : أحقًّا أنّك مسافرٌ ، والتقدير : أفي حَقًّ أنّك مسافرٌ . ( م )
---
المفعولُ مَعَهُ
تعريفه ، وحكمه ، والعامل فيه
يُنْصَبُ تَالِى الوَاوِ مَفْعُولاً مَعَهْ فى نَحْوِ سِيرِى وَالطَّرِيقَ مُسْرِعَهْ
بِمَا مِنَ الفِعْلِ وَشِبْهِهِ سَبَقْ ذَا النَّصْبُ لا بِالوَاوِ في الْقَولِ الأَحَقّْ
س1- عرِّف المفعول معه ، وما حكمه ؟ وما العامل فيه ؟
ج1- المفعول معه ، هو : الاسم الفَضْلَة المنصوب بعد وَاوٍ ، بمعنى : مَعَ .
حكمه : النَّصْب . والناصب له ما تقدَّمه من الفعل ، أو شِبْهِه .
فمثال الفعل : سِيرِي والطريقَ مسرعةً . فالطريقَ : مفعول معه منصوب بالفعل ( سيري ) والواو فيه بمعنى : مَعَ ( أي : سيري مع الطريق ) .
وشبه الفعل ، هو : ما أَشْبَه الفعل في العمل ، كاسم الفاعل ، نحو : زيدٌ سائرٌ والطريقَ ، وكالمصدر ، نحو : أعجبني سيرُك والطريقَ ، وكاسم المفعول ، نحو : النَّاقَةُ متروكَةٌ وفَصِيلَها ، وكاسم الفعل ، نحو : رُوَيْدَك والغَاضِبَ .
فالأسماء التي تحتها خطٌّ مفعول معه منصوبة بما قبلها من الأسماء ، والواو فيها بمعنى : مع .
س2- زعم قومٌ أنّ الناصب للمفعول معه الواو ، بم يُرَدّ على هذا القول ؟
ج2- هذا القول هو مذهب عبد القادر الْجُرْجَاني - وهو قول غير صحيح - لأن الحرف المختصّ بالاسم إذا لم يكن كالجزء منه لا يعمل إلا الجرّ ، ولا يعمل النصب ، وذلكِ مثْل حروف الجر فإنها مختصة بالاسم، وليست كالجزء منه ؛ ولذلك لا تعمل فيه إلا الجرّ فقط .
وإنَّما قيل : إذا لم يكن كالجزء منه احترازاً من الألف واللام فإنها مختصّة بالاسم ولم تعمل فيه شيئا ؛ لأنها كالجزء منه بدليل تَخَطِّى العامل لها ، نحو : مررتُ بالغلامِ .(1/124)
س3- ما الذي يُفْهَمُ من قول الناظم : " في نحو سيرى والطريق مُسْرِعَهْ " وما الذي يفهم من قوله : " بِمَا مِنَ الفعلِ وشِبْهِه سَبَق " ؟
ج3- يفهم من قوله : " في نحو سيرى والطريقَ مسرعه " أن المفعول معه مَقِيس في كل اسم وقع بعد ( واو ) بمعنى ( مع ) وتقدَّمَه فعلٌ ، أو شبهه .
( م ) هذا هو الصحيح من قول النحويين ، وهو قول الجمهور ، وذهب ابن جِنِّي إلى أنه لا يجوز أن يكون مفعولا معه إلا إذا صَحَّ عطفه على ما قبله من
جهة المعنى ، والصحيح ما ذهب إليه الجمهور ؛ لأنَّه قد ورد عنهم وقوع الاسم الواقع بعد الواو مفعولا معه ولم يصحّ عطفه على ما قبله ، نحو قولهم : سرت والطريقَ ، وسار زيدٌ والنيلَ ؛ لأن العطف على تكرار العامل ، ولو كَرَّرْتَ العامل فَقُلْتَ : سرت وسار الطريقُ ، لايصحُّ المعنى .( م )
ويُفهم من قوله : " بما من الفعل وشبهه سبق " أنّ عامل المفعول معه لابُدَّ أَنْ يتقدّم عليه ؛ فلا تقول : والنِيلَ سرتُ ، وهذا باتِّفاق .
أمَّا تقدُّم المفعول معه على مُصَاحِبه ، نحو: سار والنيلَ زيد ، ففيه خلاف، والصحيح مَنْعُه .
( م ) وقد أجازه ابن جِنِّي على اعتبار أنَّ المفعول معه يُشبه المعطوف بالواو ، والمعطوف بالواو يجوز تقديمه على المعطوف عليه ، والشئُ إذا أَشْبَه الشئَ أَخذ حكمه ، نحو : جاء وزيدٌ عمرٌو .
وقوله بجواز تقديم المعطوف بالواو على المعطوف عليه ، غير مسلَّم به . ( م )
( م ) س4- بِمَ استشهد ابن جني على جواز تقديم المفعول معه على مُصَاحبه ؟ وبم يُرَدُّ عليه ؟
ج4- استشهد بقول الشاعر :
جَمَعْتَ وفُحْشاً غَيْبَةً ونَمِيمَةً ثَلاَثُ خِصَالٍ لَسْتَ عَنْهَا بِمُرْعَوِى
وقول الآخر :
أَكْنِيهِ حِينَ أُنَادِيهِ لأُكْرِمَهُ وَلا أُلَقِّبُهُ والسَّوْءَةَ اللَّقَبَا
فزعم أنّ الواو في الشاهدين للمعية ، وما بعدها مفعول معه ، وقد تقدَّما على
مصاحبهما : ( غيبةً ، واللَّقبا ) .(1/125)
ويُرَدّ ذلك بأنه يجوز أن تكون الواو فيهما للعطف ، وقُدِّم المعطوف ضرورة ، كما تقدّم المعطوف ضرورة في قول الشاعر :
أَلاَ يا نَخْلَةً مِنْ ذِاتِ عِرْقٍ عَلَيْكِ وَرَحْمَةُ اللهِ السَّلامُ
وهذا البيت استشهد به أيضاً ابن جني على جواز تقديم المعطوف بالواو على المعطوف عليه ، وهو ضرورة ولا يجوز تقديمه ، كما زعم ابن جني .
نصب المفعول معه بعد
ما ، وكيف الاستفهاميتين
وَبَعْدَ مَا اسْتِفْهَامٍ أَوْ كَيْفَ نَصَبْ بِفِعْلِ كَوْنٍ مُضْمَرٍ بَعْضُ العَرَبْ
س5- ما المراد بالبيت السابق ؟
ج5- المراد : أنه سُمِع من كلام العرب نصب المفعول معه بعد( ما ، وكيف) الاستفهاميتين مِنْ غيرِ أَنْ يُلْفَظَ بفعل ، نحو : ما أنت وزيداً ؟ ونحو : كيف أنت وقَصْعَةً مِنْ ثَرِيدٍ ؟ وكيف أنت والبَرْدَ ؟ وخَرَّجه النحويون على أنه منصوب بفعل مضمر مُشْتَقّ من لفظ الكَوْن ، والتقدير : ما تكون وزيداً ؟ وكيف تكون وقصعةً مِن ثريد ؟ فزيداً ، وقصعةً : منصوبان بـ ( تكون ) المضمرة .
( م ) ومع ورود ذلك عن العرب فإنه قليل ، والكثير الرّفع على أنه معطوف على ما قبله ، وورد على ذلك شواهد ، منها قول الشاعر :
يَا زِبْرِقَانُ أَخَا بَنِى خَلَفٍ مَا أَنْتَ وَيْبَ أَبِيكَ وَالفَخْرُ
ومنه قول الشاعر :
عَدَدْتَ رِجَالاً مِنْ قُعَينِ تَفَجُّساً فَمَا ابْنُ لُبَيْنَى وَالتَّفَجُّسُ والفَخْرُ ( م )
حالات الاسم الواقع بعد الواو
وَالْعَطْفُ إِنْ يُمْكِنْ بِلاَ ضَعْفٍ أَحَقّْ وَالنَّصْبُ مُخْتَارٌ لَدَى ضَعْفِ النَّسَقْ
وَالنَّصْبُ إِنْ لَمْ يَجُزِ الْعَطْفُ يَجِِبْ أَوِ اعْتَقِدْ إِضْمَارَ عَامِلٍ تُصِبْ
س6- اذكر حالات الاسم الواقع بعد الواو .
ج6- للاسم الواقع بعد الواو أربع حالات هي :(1/126)
1- جواز العطف ، أو النّصب على المعيَّة ، والعطف أرجح : وذلك إذا أمكن العطف بِلاَ ضَعْف ، نحو : كنتُ أنا وزيدٌ كالأَخَوَيْنِ ، فيجوز في ( زيد ) الرفع على أنه معطوف على الضمير المتصل ( التاء ) في (كنت ) لأنَّ العطف ممكن بلا ضعفٍ ؛ بسبب الفصل بالضمير المنفصل ( أنا ) والتشريك أولى من عدم التشريك . ويجوز كذلك نصب ( زيد ) على المعيَّة ،ولكن العطف أرجح.
* المراد بالتشريك : التشريك في العامل ؛ لأنّ العطف يكون على نِيَّة تكرار العامل ، فقولك : سار زيدٌ وعمرٌو ، تقديره مع العطف : سار زيدٌ وسار عمرٌو ، والمعنى صحيح ؛ لأنَّ العطف يفيد الاشتراك في الحكم ولذلك فإنَّ
العطف أرجح في هذا المثال أيضاً .
والمراد بقولهم : " بلا ضعف " أنَّ العطف -كما في الأمثلة السابقة- قويٌّ لغةً ، وليس ضعيفاً ، ففي المثال الأول ( مثلا ) ترجَّح العطف بلا ضعف بسبب الفصل بالضمير المنفصل ( أنا ) ذلك لأنَّ العرب لا تعطف على ضمير الرفع المتصل البارز ، أو المستتر إلا بفاصل ، كما في قو له تعالى : * فالفاصل في الآية ( أنت ) لذا جاز عطف ( زوجك ) على الضمير المستتر في ( اسكن ) . *
2- جواز العطف ، أو النصب على المعيّة ، والنّصب على المعيّة أرجح : وذلك إذا أمكن العطف ِبضَعْفٍ ، نحو : سرتُ وزيداً ، فالنصب هنا أرجح ، ويجوز العطف ولكن بِضَعف ؛ لأن العطف على الضمير المتصل بلا فاصل ضعيف – كما بَيَّنَّا ذلك في الحالة الأولى - .
3- وجوب النصب : وذلك إذا امتنع العطف . والنّصب إمَّا أن يكون على المعِيَّة ، أو على أنّه مفعول لفعل محذوف مناسب. فمثال النّصب على أنه مفعول معه فقط ، قولك : سيري والطريقَ مسرعةً ، ونحو : ماتَ زيدٌ وطلوعَ الشمسِ . في هذين المثالين يجب نصب الاسم الواقع بعد الواو لامتناع العطف ؛ لأنك إذا عطفتَ فَسَد المعنى ؛ لأنه لا يصحّ قولك : مات زيدٌ ومات طلوع الشمس .(1/127)
وهذا هو المفعول معه القياسي الذي سبقَ ذِكْرُه في السؤال الثالث .
ومثال النصب على أنه مفعول لفعل محذوف ، قولك: أكلتُ التفاحَ والقهوةَ ، وهنا يمتنع أيضا عطف القهوة على التفاح لفساد المعنى ؛ لأن القهوة لا تُؤكل ، ويتعيّن النصب على أنه مفعول به لفعل محذوف تقديره ( شَرِبْتُ ) .
وقد اجتمع جواز الأمرين النصب على المعية ، أو على إضمار فعل مناسب ، في قول الشاعر : عَلَفْتُهَا تِبْناً وَمَاءً بَارِداً حَتَّى شَتَتْ هَمَّالَةً عَيْنَاهَا
فقوله (ماءً) يجوز نصبه على المعية ويمتنع عطفه ؛ لأنّه لا يصحّ قولك : علفتها تِبْنا وعلفتها ماءً بارداً ؛ لأن الماء لا يُعْلَف بل يُسْقَى ؛ إذ معنى علفتها : أَطْعَمْتُها وقدَّمت لها ما تأكله . ويجوز كذلك إعراب ( ماءً ) مفعول به لفعل محذوف تقديره : وسَقَيْتُها ماءً ، وعلى هذا تكون الواو للعطف ولكن عطف جملة على جملة ، فجملة : سقيتُها ماءً بارداً معطوفة على جملة : علفتها تبناً ، وإنما الممنوع هو عطف المفرد على المفرد ( أي : عطف ماءً على تبناً ) لفساد المعنى ، كما بَيَّنَا ذلك . ومن العلماء من يُجيزُ عطف ( ماءً ) على ( تبنا ) ولكن بتضمين
( عَلَفتها ) معنى آخر، وهو ( أَنَلْتُها ) و ( أعطيتها ) لكي يستقيم الكلام بالعطف ، فيكون التقدير : أعطيتها تبناً وماءً ، وبذلك يصحّ العطف ؛ لأن المعنى صحيح .
ومن جواز الأمرين أيضاً ، قوله تعالى : * فلا يصحُّ هنا عطف (شركاءَكم) على ( أمرَكم ) لأنه لا يصحّ أن يُقال : أجمعت شركائي ،وإنما يُقال: أجمعت أمري وجَمَعْتُ شركائي ؛ولذا فإنّ النصب واجبٌ
إمّا على المعيّة ، وإما بفعل محذوف مناسب ، والتقدير : فَأَجْمِعُوا أمرَكم واجْمَعُوا شركاءَكم، والله تعالى أعلم .
* 4- وجوب العطف ، وذلك إذا لم تَتَحَقَّق شروط المفعول معه ، وهي :(1/128)
أ- أن يُسبق الاسم بجملة ، نحو : سرتُ والنيلَ ، فإذا لم يكن ما قبله جملة وجب العطف ، نحو : كلُّ طالبٍ وكتابُه . فالواو : عاطفة تُفيد المصَاحَبَة .
ب- أن يكون فَضْلةً يجوز حذفه . فإذا لم يكن كذلك فالواو للعطف ، نحو :
تَصَافَحَ زيدٌ وعمرٌو ؛ لأنَّ (عمرو) هنا عمدة ، وليس فضلة ؛ لأنه لا يصح أن تحذفه ، وتقول : تصافح زيدٌ .
ج- أن تكون ( الواو ) بمعنى ( مع ) فإذا لم تكن بمعنى ( مع ) فهي للعطف ، نحو : جاء زيدٌ وعمرٌو قبله . فالواو : للعطف ، ولا يصحّ أن تكون بمعنى (مع ) بسبب وجود كلمة ( قبله ) لأنه لا يصحّ أن تقول : جاء زيدٌ مع عمرو قبله أو بعدَه .
وهذه الحالة الرابعة لم يذكرها الناظم ، ولا الشارح صَرَاحَةً . *
---
الاسْتِثْنَاءُ
حكم المستثنى بـ ( إِلاَّ )
وبيان العامل فيه
مَا اسْتَثْنَتِ الاَّ مَعْ تَمَامٍ يَنْتَصِبْ وَبَعْدَ نَفْيٍ أَوْ كَنَفْىٍ انْتُخِبْ
إِتْبَاعُ مَا اتَّصَلَ وَانْصِبْ مَا انْقَطَعْ وَعَنْ تَمِيمٍ فِيهِ إِبْدَالٌ وَقَعْ
* س1- عرِّف الاستثناء ، واذكر أركانه ، وأدواته .
ج1- الاستثناء ، هو: إخراج ما بعد أداة الاستثناء من حكم ما قبلها ، نحو : نجح الطلاب إلا طالباً . فطالباً ، هو المستثنى أُخْرِج من حكم النّجاح .
وأركانه ثلاثة : 1- الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ 2- أداةُ الاستثناءِ 3- الْمُسْتَثْنَى .
وتوضيحها كما يلي : نجح الطلاب إِلاَّ طالباً .
المستثنى منه : الطُّلاب
أداة الاستثناء : إِلاَّ
المستثنى : طالباً
وأدوات الاستثناء كثيرة ، أشهرها ( إِلاَّ ) وهي حرف ، وسيأتي بيان بَقِيَّة أدوات الاستثناء إن شاء الله فيما يأتي من أبيات الألفية .
س2- اذكر أنواع الاستثناء ، وعرِّف كلَّ نوع بالتفصيل .
ج2- الاستثناء ثلاثة أنواع ، هي :
1- اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ 2- استثناءٌ مُنْقَطِعٌ 3- استثناءٌ مُفَرَّغٌ .(1/129)
فالاستثناءُ الْمُتَّصِلُ ، هو : ما كان فيه المستثنى بعضا من المستثنى منه ( أي : واحداً منه ، أو جزءاً من أجزائه ) . وللاستثناء المتصل حالتان ، هما :
أ- أن يكون تامَّا موجباً ، والمراد بالتام : ما ذُكِر فيه المستثنى منه ، والمراد بالموجب : ماخلا من النّفي ، أو شِبْهه ، والمراد بشبه النّفي : النَّهي ، والاستفهام .
مثاله : نجح الطلاب إلا طالباً . فالاستثناء في هذه الجملة متّصل تام موجب ، مُتَّصِلٌ ؛ لأن المستثنى ( الطالب ) واحد من الطلاب ومن جِنْسِهم .
وتَامٌّ ؛ لأن المستثنى منه ( الطلاب ) مذكور .
ومُوجَبٌ ؛ لأن الجملة لم تُسبق بنفي ، أو نهي ، أو استفهام .
ب- أن يكون تامّاً غير موجب ، نحو : ما نجح الطلابُ إلا طالبا . فالاستثناء
في هذه الجملة ، متّصل تام غير موجب ، فهو غير موجب ؛ لأن الجملة منفيَّة بحرف النفي ( ما ) وكذلك يكون الاستثناء غير موجب في قولك : هل نجح الطلاب إلا طالباً ؟ وفي قولك : لا تسألْ أحداً إلا حامداً ؛ لأن الاستفهام والنّهي شبيهان بالنّفي .
أما الاستثناء المنقطع ، فهو : ما لم يكن فيه المستثنى بعضاً من المستثنى منه ، وله حالتان أيضا :
أ- أن يكون تاماً موجبا ، نحو : سافر الطلاب إلا المدرسين . فالاستثناء هنا منقطع ؛لأن المستثنى ( المدرسين ) ليسوا من المستثنى منه ( الطلاب ) وهو تامّ ؛ لوجود المستثنى منه ( الطلاب ) وموجب ؛ لخلوِّه من النَّفي ، وشِبهه .
ب- أن يكون تامّاً غير موجب ، نحو : ما سافر الطلاب إلا المدرسين ، ونحو :
هل سافر الطلابُ إلا المدرسين .
وأمَّا الْمُفَرَّغ ، فهو : ما لم يُذكر فيه المستثنى منه ، ويكون الكلام فيه غير موجب ، نحو : ما جاء إلا حامدٌ . فالاستثناء هنا مُفَرَّغ ؛ لأن المستثنى منه غير مذكور (ولا بدَّ أَنْ يكون غير موجب ) ونحو قولك : هل جاء إلا حامدٌ ، ولا تسألْ إلا حامداً . وسيأتي بيانه مفصَّلا إن شاء الله .(1/130)
س3- ما حكم المستثنى بـ ( إلا ) في الاستثناء المتصل ؟
ج3- إذا كان الاستثناءُ المتَّصلُ تامّاً موجباً وجب نصب المستثنى ، نحو :
نجح الطلابُ إلا طالباً ، ونحو: قام القومُ إلا زيداً . ومنه قوله تعالى : * .
أما إذا كان تامّاً غير موجب فيجوز فيه وجهان :
أ- نصبه على الاستثناء ، نحو : ما جاء القومُ إلا زيداً ، ونحو : هل مررتَ بأحدٍ إلا زيداً ، ونحو : لا تسألْ أحداً إلا زيداً .
ب- الإتباع على أنه بدل بعض من كل ، نحو : ما جاء القومُ إلا زيدٌ .
فزيدٌ : يجوز فيه وجهان : الأول النّصب - كما في أمثلة الفقرة ( أ ) – ويجوز إعرابه : بدل بعض من كل ، وهو بذلك تابع للمستثنى منه . وإعرابه ( بدل ) هو الأرجح والأفصح ، ومن ذلك قوله تعالى : * وقوله تعالى : * ومن ذلك أيضا قولك : هل مررت بأحدٍ إلا زيدٍ ، ولا تسألْ أحداً إلا زيداً . وهذا هو معنى قول الناظم : " وبعد نفي أو كنفي انتُخِب إتباع ما اتَّصل ".
س4- ما حكم المستثنى في الاستثناء المنقطع ؟
ج4- يجب نصب المستثنى في الاستثناء المنقطع عند جمهور العرب ، ولا يجوز الإتباع سواء أكان الكلام تامَّا موجباً ، أم كان تامّاً غير موجب ، نحو : حضر المسافرون إلا حقائبَهم ، ونحو : ما حضر المسافرون إلا حقائبَهم ، ونحو :
جاء الطلابُ إلا المدرسين ، وما جاء الطلاب إلا المدرسين .
ومنه قوله تعالى : * .
أمّا بنو تميم فيجيزون الإتباع إذا كان تامّاً غير موجب ؛ يقولون : ما جاء الطلابُ إلا كتبُهم . فكتبُهم : بدل من الطلاب . وهذا هو معنى قول الناظم :
" فانصب ما انقطع وعن تميم فيه إبدالٌ وقع " .
س5- ما عامل النَّصب في المستثنى الواقع بعد ( إِلاَّ ) ؟
ج5- للنحاة في هذه المسألة خلاف طويل ، والمشهور أربعة أقوال :(1/131)
1- أن النّاصب هو الفعل الواقع قبل ( إلاَّ ) بواسطة ( إلاَّ ) . وهذا هو مذهب السِّيرافي ، وقال الشَّلوبين : إنه مذهب المحقِّقِين ، وقال ابن عقيل : إنه هو الصحيح من مذاهب النحويين .
2- أنّ الناصب هو ( إلاَّ ) نفسها . وهذا مذهب ابن مالك ، وزعم أنه مذهب سيبويه .
( م ) 3- أنّ الناصب هو الفعل الواقع قبل إلاَّ باستقلاله لا بواسطة إلا َّ ، كما قال أصحاب المذهب الأول ، ونُسب هذا القول لابن خروف .
4- أن الناصب هو فعل محذوف تدل عليه إلا ، تقديره : أَسْتَثْنِي .
نَقَلَ السِّيرافي أنه مذهب المبرِّد ، والزَّّجَّاج . ( م )
( م ) س6- ورد من كلام العرب رفعُ المستثنى بإلاَّ بعد كلام تام موجب ، فكيف يمكن توجيه مثل ذلك ؟
ج6- ورد من كلام العرب ما ظاهره أن المستثنى بإلا بعد كلام تام موجب لم ينتصب على الاستثناء ، بل جاء تابعاً لما قبله في إعرابه. ومن ذلك قول الشاعر:
وَبِالصَّرِيمَةِ مِنْهُمْ مَنْزِلٌ خَلَقٌ عَافٍ تَغَيَّرَ إِلاَّ النُّؤْيُ وَالوَتِدُ
وقول الآخر :
لِدَمٍ ضَائِعٍ تَغَيَّبَ عَنْهُ أَقْرَبُوهُ إلاَّ الصَّبَا والدَّبُورُ
فالبيت الأول : ظاهره أنَّ الاستثناء تام موجب ، فهو تامٌّ ؛ لوجود المستثنى منه وهو الضمير المستتر في الفعل ( تغيَّر ) العائد إلى ( مَنزِل ) وهو موجب ؛ لأن الكلام لم يتقدَّمه نفي ، ولا شبهه فكان من الواجب نصب ما بعد إلاَّ على الاستثناء لكنَّه جاء مرفوعاً على أنه بدل من الضمير المستتر في ( تغيّر ) . وتوجيه ذلك أن الفعل ( تغيَّر ) ظاهره أنه موجب ولكنه عند التحقيق نفي ؛ لأنّ معنى ( تغير ) في هذا البيت ( لم يبقَ على حاله ) فإذا كان الكلام بمعنى كلام منفي أخذ حكم الكلام المنفي ؛ ولذا جاز رفعه على الإتباع ، ويجوز كذلك النصب .
وأَمَّا البيت الثاني : فإن الكلام فيه تام موجب ، فهو تامّ ؛ لوجود المستثنى منه
((1/132)
أقربوه ) وموجب ؛ لأنه لم يتقدّمه نفي ، ولا شبهه فكان من حقِّ ما بعد إلا (الصَّبا) النصب لكنه جاء مرفوعاً بدليل أنّ المعطوف ( الدبورُ ) مرفوع . وتوجيه ذلك أنّ ( تغيَّبَ ) وإن كان موجباً في الظاهر لكنه نفي عند التحقيق ، فهو بمعنى ( لم يحضروا ) ولذا جاء ما بعد إلا مرفوعا ً؛ لأن الكلام التام غير الموجب يجوز فيه النصب ، والإتباع .
ومن ذلك قوله تعالى : * ( أي : لا يريدُ إلا ذلك ) وهذا النّفي يُسمَّى النّفي الْمَعْنَوِيّ .
( م ) س7- ما مذهب البصريين ، والكوفيين في إعراب الاسم الواقع بعد إلاّ إذا كان الكلام تامّاً غير موجب ؟
ج7- مذهب البصريين : أنه بدل بعض من كل ؛ لأنّه على نيّة تكرار العامل .
مذهب الكوفيين : أنه معطوف ، وإِلاَّ عندهم حرف عطف ، ويُنكرون كونه بدلاً ؛ لأنه مُوجَب وما قبله منفي فهو مخالف لما قبله ، والمخالفة لا تكون في البدل .
وأجيب على ذلك بأن المخالفة واقعة في بدل البعض ؛ لأن ما بعد إلا مخالف في المعنى لما قبلها ، والتوابع تتخالف في النفي والإثبات ، ومن ذلك النعت في نحو قولك : مررت برجلٍ لا كَرِيمٍ ولا لَبِيبٍ ، والبدل في قولك : مررت برجلٍ لا زيدٍ ولا عمرٍو . فجملة ( مررت برجل ) في المثالين موجبة وما بعدها نفي .
حكم المستثنى إذا تقدَّم على المستثنى منه
والكلام غير موجب
وَغَيْرُ نَصْبِ سَابِقٍ فى النَّفْىِ قَدْ يَأْتِى وَلَكِنْ نَصْبَهُ اخْتَرْ إِنْ وَرَدْ
س8- ما حكم المستثنى إذا تقدَّم على المستثنى منه ؟
ج8- إذا تقدّم المستثنى على المستثنى منه وكان الكلام موجباً وجب نصبه،نحو :
قام إلا زيداً القومُ . ووجوب النّصب في الموجب مفهوم من تخصيص النَّاظم ورود غير النصب بالنّفي في قوله : " وغير نصب سابق في النّفي قد يأتي "
( أي : قد ورد في المستثنى المتقدِّم غير النصب - وهو الرّفع - إذا كان الكلام غير موجب ) .(1/133)
وإذا تقدّم المستثنى وكان الكلام غير موجب فالمختار نصبه ، نحو: ما قام إلا زيداً القومُ . وهذا معنى قوله : " ولكن نصبَه اختر " ومن ذلك قول الشاعر :
فَمَالِىَ إِلاَّ آلَ أَحْمَدَ شِيعَةٌ ومَاِلى إِلاَّ مَذْهَبَ الْحَقِّ مَذْهَبُ
فقد نصب الشاعر المستثنى ، وهو قوله (إلا آلَ أحمد) وقوله (إلا مذهبَ الحقِّ) لأنه متقدِّم على المستثنى منه والكلام منفيّ ، وهذا هو المختار ؛ لئلا يلزم تقدُّم التابع على المتبوع ، أو يتغيَّر الحال فيصير التابع متبوعاً ، والمتبوع تابعاً .
ورُوِى رفع المستثنى مع تقدّمه والكلام منفي ؛ فتقول : ما قام إلا زيدٌ القومُ . وقال سيبويه حَدَّثني يونس : أنّ قوماً يُوثَقُ بِعَرَبِيَّتِهم يقولون : ما لي إلا أخوك ناصرٌ .
فالمستثنى منه ( ناصر ) بدل كلٍّ من المستثنى ( أخوك ) فصار المتبوع تابعاً ، والتابعُ متبوعاً ( بالقلب ) ومن ذلك قولك : ما مررت بِمثلِك أحدٍ .
ومنه قول الشاعر :
فَإِنَّهُمُ يَرْجُونَ مِنْهُ شَفَاعَةً وَإِذَا لَمْ يَكُنْ إِلاَّ النَّبِيُّونَ شَافِعُ
فالشاعر رفع المستثنى ( النبيّون ) مع أنه متقدِّم على المستثنى منه ( شافع ) والكلام منفيّ .
( م ) وخَرَّجه بعض النّحاة على غير ظاهره لِيُطَابِقَ المختار عندهم ، فقالوا :
إنَّ الاستثناء في هذا البيت مفرّغ ( أي :لم يذكر فيه المستثنى منه ) فالنَّبِيُّونَ : فاعل لـ ( يكن ) التَّامّة ، وشافع : بدل كلٍّ منه ، وبذلك يكون الأمر على عكس الأصل فالذي كان بدلاً صار مبدلا منه ، والذي كان مبدلا منه صار بدلاً ، وتغيَّر نوع البدل فصار بدل كلٍّ بعد أنْ كان بدل بعض من كلّ . ( م )
( م ) س9- اذكر المواضع التي يكون فيها النّصب هو المختار مع أنّ الكلام غير موجب .(1/134)
ج9- أنت تعلم أنه إذا كان الاستثناء متصلا تامّاً غير موجب جاز فيه وجهان : النصب والإتباع ، والمختار والأصح هو الإتباع ، ولكن وردت مواضع النصب فيها هو المختار مع كون الكلام غير موجب ، وهي ثلاثة مواضع :
1- إذا تقدّم المستثنى على المستثنى منه ، وقد تقدّم الكلام عليه .
2- أن يُفصل بين المستثنى ، والمستثنى منه بِفَاصل طويل ، نحو :
لم يَزُرْني أحدٌ في أثناء مَرَضي مع انْقِضَاءِ زمنٍ طويلٍ إلا زيداً .
3- أن يكون الكلام جوابا لِمَنْ أَتَى بكلام آخر يجب فيه نصب المستثنى ، وذلك كأن يقول لك قائل : نجحَ التلاميذُ إلا عليّاً ؛ فتقول: ما نجحوا إلاَّ عليّاً .
( م ) س10- اذكر صور تقديم المستثنى .
ج10- لتقديم المستثنى ثلاث صور ، هي :
1- أن يتقدّم على المستثنى منه فقط ، وهذه الصورة اتّفق البصريون ، والكوفيون على جوازها .
2- أن يتقدم على العامل فيه فقط ، نحو : القومَ إلا زيداً أكرمتُ . فزيداً : مستثنى متقدِّم على عامله (أكرمت) ولم يتقدم المستثنى على المستثنى منه (القومَ ) وفي جواز هذه المسألة ثلاثة أقوال :
أ- يجوز مطلقاً بشرط أن يتقدم المستثنى منه على المستثنى،كما في المثال السابق .
ب- لا يجوز مطلقا .
ج- يجوز إذا كان العامل متصرفاً غير جامد ، كما في المثال السابق .
3- أن يتقدّم على المستثنى منه وعلى العامل جميعاً ، نحو : إلا زيداً أكرمتُ القومَ ، وفيها خلاف :
أ- البصريون : لا يجيزون ذلك .
ب- الكوفيون : يجيزون ، واستشهدوا بقول الشاعر :
خَلاَ اللهِ لاَ أَرْجُو سِوَاكَ وَإِنَّمَا أَعُدُّ عِيَالى شُعْبَةً مِنْ عِيَالِكَا
حكم المستثنى في الاستثناء الْمُفَرَّغِ
وَإِنْ يُفَرَّغْ سَابِقٌ إِلاَّ لِمَا بَعْدُ يَكُنْ كَمَا لَوِ الاَّ عُدِمَا
س11- ما حكم المستثنى في الاستثناء المفرَّغ ؟(1/135)
ج11- عرفنا سابقا أنَّ الاستثناء المفرّغ ، هو: الذي لم يُذكر فيه المستثنى منه . ومعنى هذا أنّ العامل سيتفرَّغ للعمل فيما بعد إِلاَّ ، وهو المستثنى ؛ لأنه لم يجدْ ما يعملُ فيه لأن المستثنى منه محذوف ؛ ولذا فإن الاسم الواقع بعد إِلاَّ يُعرب حسب ما يقتضيه ذلك العامل ( أي : يُعرب حسب موقعه في الجملة ) وتكون إلا مُلْغاة لا تأثير لها من الناحية الإعرابية كأنها لم تُذكر ، وذلك نحو : ما قام إلا زيدٌ ، وما ضربت إلا زيداً ، وما مررت إلا بزيدٍ . فزيد في المثال الأول : فاعل
مرفوع بقام ، وفي المثال الثاني : مفعول به منصوب بضربت ، وفي الثالث :
مجرور بحرف الجر متعلق بمررتُ . ومن ذلك قوله تعالى :
* وقوله تعالى : *
وقوله تعالى : * .
ولا يقع الاستثناء المفرّغ في كلام موجب ؛ فلا تقول : ضربتُ إلا زيداً .
( م ) س12- قال الشارح : ولا يقع الاستثناء المفرّغ في كلام موجب ، اذكر مذاهب النحاة في هذه المسألة .
ج12- للنحاة في هذه المسألة مذهبان :
1- أنه لا يقع بعد كلام موجب مطلقاً . وهو مذهب الجمهور ، واختاره النّاظم ؛ وسبب ذلك أنّك إذا قلت : ضربتُ إلا زيداً ، كان المعنى : أنك ضربتَ جميع الناس إلا زيداً ، وهذا مستحيل .
2- يجوز أن يقع بعد الكلام الموجب بشرطين :
أ- أن يكون ما بعد إلا فَضْلة .
ب- أن تحصل فائدة ، وذلك نحو قولك : قرأتُ إلا يومَ الجمعة ، فالقراءة هنا مُمكنة في أيِّ يومٍ من أيام الأسبوع ، بخلاف قولك : ضربت إلا زيداً ، فلا يمكن ضَرْب الناسِ جميعاً .
فإن كان ما بعد إلاَّ عمدة ، كالفاعل ، والمبتدأ ، أو لم تحصل فائدة لم يجز أنْ يقع الاستثناء المفرغ في كلام موجب .
( م ) س13- ما المعمولات التي لا يجوز أن يعمل فيها العامل في الاستثناء المفرغ ؟
ج13- يجوز أن يعمل العامل في الاستثناء المفرغ في جميع المعمولات ، ويستثنى من ذلك ما يلي :
1- المفعول معه ، فلا يجوز أن تقول : ما سرت إلاّ والليل .(1/136)
2- المفعول المطلق المؤكِّد لعامله ، فلا يجوز أن تقول : ما ضربتُ إلا ضرباً . وأمّا قوله تعالى : * فَمُؤَوَّل على أنّه مبيّن للنوع ، وليس مُؤَكِّداً ، والتقدير : إِنْ نظنُّ إلا ظنّاً عظيماً . والله تعالى أعلم .
3- الحال المؤكِّد لعامله ، فلا يجوز أن تقول : لا تَعْثُ إلا مُفْسِداً .
والسبب في منع ذلك كلّه : التَّنَاقُضُ بين ما قبل إلاَّ ، وما بعدها .
حكم تكرار إلاّ إذا كانت للتوكيد
وَأَلْغِ إِلاَّ ذَاتَ تَوْكِيدٍ كَلاَ تَمْرُرْ بِهِمْ إِلاَّ الْفَتَى إِلاَّ الْعَلاَ
س14- اذكر أنواع إلا إذا تكرَّرت في الاستثناء .
ج14- إذا تكررت إلا في الاستثناء فإمّا أن تكون للتوكيد ، وإما أن تكون لغير التوكيد .
س15- ما حكم إلا إذا تكررت للتوكيد ؟ وما فائدتها ؟
ج15- إذا تكررت إِلاَّ لقصد التوكيد أُلْغِيَتْ . وفائدتها حينئذ : التأكيد اللفظي للأولى .
س16- ما المواضع التي يقع فيها تكرار إلا َّللتوكيد ؟
ج16- تكرار إلاّ للتوكيد يقع في موضعين هما :
1- البدل ، نحو: ما مررت بأحدٍ إلا زيدٍ إلا أخيك . فأخيك : بدل من زيد ، ولم تُؤَثِّر فيه ( إلاَّ ) شيئاً ؛ لأنّها ملغاة فلم تُفِد فيه استثناءً مُسْتَقِلاً ، فكأنك قلت : ما مررتُ بأحدٍ إلا زيدٍ أخيك . ومِثْل ذلك قول الناظم : لا تَمْرُرْ بهم إلا الفتى إلا العَلاَ . فالعلا : بدل من الفتى ،وتكرار إلا َّفي المثالين بقصد التأكيد.
2- العطف ، نحو : قام القومُ إلا زيداً وإلا عمراً ، والأصل : قام القومُ إلا زيداً وعمراً ، وتكرار إلا للتأكيد . ومن ذلك قولك الشاعر :
هَلِ الدَّهْرُ إلاَّ لَيْلَةٌ وَنَهَارُهَا وَإلاَّ طُلُوعُ الشَّمسِ ثُمَّ غِيَارُهَا
والأصل : إلاَّ ليلةٌ ونهارُها وطلوعُ الشمسِ ؛ وكُرِّرت إلا توكيداً للأولى فهي مُلغاة لا تفيدُ استثناءً مُستقِلاً .
س17- قال الشاعر :
مَالَكَ مِنْ شَيْخِكَ إِلاَّ عَمَلُهْ إِلاَّ رَسِيمُهُ وإِلاَّّ رَمَلُهْ(1/137)
عين الشاهد ، وما وجه الاستشهاد ؟
ج17- الشاهد : إلا عملُه إلا ريسمُه وإلا رملُه .
وجه الاستشهاد : اجتمع في هذا الشاهد تكرار إلاَّ في البدل ، وفي العطف . فرسيمُه : بدل من ( عملُه ) ورملُه : معطوف على ( رسيمه ) وتكرار إلاَّ فيهما توكيداً ؛ ولذلك أُلغيت فلم تُفِدْ فيهما استثناء مستقلا.
حكم تكرار إلاَّ لغير التوكيد
مع الاستثناء المفَرَّغ
وَإِنْ تُكَرَّرْ لاَ لِتَوْكِيدٍ فَمَعْ تَفْرِيغٍ التَّأْثِيرَ بِالعَامِلِ دَعْ
فى وَاحِدٍ مِمَّا بِإِلاَّ اسْتُثْنِى وَلَيْسَ عَنْ نَصْبِ سِوَاهُ مُغْنِى
س18- ما المراد بتكرار إلاَّ لغير توكيد؟وما نوع الاستثناء الذي تتكرّر فيه؟
ج18- المراد بذلك : أنّ تكرار إلاَّ لا يُقصد به التوكيد ، وإنّما يُقصَدُ به الاستثناء ( أي : استثناء بعد استثناء ) ولو حُذِفت إلاَّلم يُفهم الاستثناء الجديد ، ولم يتحقَّق المراد منه .
وفي هذه الحالة إما أن يكون تكرارها مع الاستثناء المفرّغ ، أو مع غيره .
س19- ما الحكم إذا تكرّرت إلاَّ لغير التوكيد مع الاستثناء المفرغ ؟
ج19- إذا تكررت إلاَّ لغير التوكيد مع الاستثناء المفرّغ وَجَبَ أَنْ يُشْغَل العامل الذي قبل إِلاَّ الأولى بأحد المستثنيات فيؤثِّر فيه إعراباً ، وما بقي من المستثنيات تكون منصوبة على الاستثناء ، نحو: ما قام إلا زيدٌ إلا عمراً إلا بَكْراً . في هذا
المثال تكررت إلاَّ لغير التوكيد ؛ وذلك لأن التوكيد يكون في العطف والبدل ، ولا عطفَ ولا بدل هنا ،والاستثناء في المثال مُفرَّغ ؛ ولذلك شُغِل العامل (قام)
بالعمل في المستثنى الأول (زيد) فرفعه على أنه فاعل له ، وبَقِيت المستثنيات الأخرى منصوبة .
ولا يُشترط أن يكون الأول من المستثنيات هو المشغول بالعامل ، بل قد يكون الثاني ، أو الثالث ، نحو : ما قام إلا زيداً إلا عمرٌو إلا بكراً ، ونحو : ما قام إلا زيداً إلا عمراً إلا بكرٌ .
حكم تكرار إلاَّ لغير التوكيد(1/138)
مع الاستثناء غير المفرَّغ
وَدُونَ تَفْرِيغٍ مَعَ التَّقَدُّمِ نَصْبَ الْجَمِيعِ احْكُمْ بِهِ وَالْتَزِمِ
وَانْصِبْ لِتَأْخِيرٍ وَجِئْ بِوَاحِدِ مِنْهَا كَمَا لَوْ كَانَ دُونَ زَائِدِ
كَلَمْ يَفُوا إِلاَّ امْرُؤٌ إِلاَّ عَلِى وَحُكْمُهَا فى القَصْدِ حُكْمُ الأَوَّلِ
س20- ما الحكم إذا تكررت إلاَّ لغير التوكيد مع الاستثناء غير المفرّغ ؟
ج20- إذا تكررت إلاّ لغير التوكيد مع الاستثناء غير المفرَّغ ، فلها ثلاث حالات ، هي : الحالة الأولى :
أن تتقدم المستثنيات والكلام تام موجب ، أو غير موجب . ففي هذه الحالة يجب نصب جميع المستثنيات ، نحو: قام إلا زيداً إلا عَمراً إلا بَكراً القومُ ، ونحو:
ما قام إلا زيداً إلا عمراً إلا بكراً القومُ . وهذا هو معنى قول الناظم :
" ودون تفريغ مع التقدّم ..... إلى آخر البيت " .
الحالة الثانية :
أن تتأخّر المستثنيات والكلام تامٌّ موجب . ففي هذه الحالة يجب أيضاً نصب جميع المستثنيات نحو : قام القومُ إلا زيداً إلا عَمراً إلا بَكراً .
الحالة الثالثة :
أن تتأخّر المستثنيات والكلام تام غير موجب . ففي هذه الحالة يجب نصب المستثنيات أيضاً إلاّ واحداً منها ، فيجوز فيه وجهان :
1- الإتباع على أنه بدل 2- النصب على الاستثناء
وذلك كحكم الاستثناء التام غير الموجب ،كأنَّ (إلاّ)لم تتكرّر ،نحو: ما قامَ أحدٌ إلا زيدٌ إلا عمراً إلا بكراً . فزيد : بدل من أَحَد - وهذا هو المختار- ويجوز نصبه على الاستثناء ؛ فتقول : ما قام أحدٌ إلا زيداً إلا عمراً إلا بكراً . ومِثْل ذلك قول الناظم :لم يَفُوا إلاّ امرؤٌ إلا عَلِي . فامرؤٌ : بدل من الواو في (يَفُوا) ويجوز نصبه ، وعَلِي : منصوب على الاستثناء - وسُكِّنَ وَقْفاً على لُغَةِ رَبِيعَة - ولا يُشترط أن يكون الأوّل هو البدل ، بل يجوز أن يكون الثاني ، أو الثالث ؛ فتقول : ما قام أحدٌ إلا زيداً إلا عمرٌو إلا بكراً .. وهكذا .(1/139)
والحالتان الثانية ، والثالثة هي مراد الناظم بقوله : " وانصب لتأخير ... إلى آخره " .
س21– ما مراد الناظم بقوله : " وحُكْمُها في القَصْدِ حُكمُ الأوَّل " ؟
ج21– كلّ ما سبق ذِكره في ( س20) مُختصّ بالحكم الإعرابي لتكرار إلاّ ، ومُراد الناظم هُنا حكم التّكرار في المعنى ، وهو كما يلي :
أنّ ما يتكرّر من المستثنيات حكمها في المعنى حكم المستثنى الأوّل فَيَثْبُتُ لها ما يثبتُ للأوّل من الدخول في الحكم السَّابق إنْ كان الكلام منفيّاً ، والخروج إنْ كان الكلام مُثْبتاً ؛ لأنَّ الاستثناء من النَّفي إِثباتُ عَكْسِه ، ففي قولك : قام القومُ إلا زيداً إلا عمراً إلا بكراً ، الجميع مُخْرَجُون من حكم القيام ، وفي قولك: ما قام أحدٌ إلاّ زيدٌ إلا عمراً إلا بكراً ، الجميع داخلون في حكم القيام .
حكم المستثنى بِغَيْرِ ، وسِوَى
وَاسْتَثْنِ مَجْرُوراً بِغَيْرٍ مُعْرَبَا بِمَا لِمُسْتَثْنًى بِإِلاَّ نُسِبَا
وَلِسِوًى سُوًى سَوَاءٍ اجْعَلاَ عَلَى الأَصَحِّ مَا لِغَيْرٍ جُعِلاَ
س22- ما نوع غير ، وسوى ؟ وما اللغات في سِوَى ؟
ج22- غَيْرُ ، وسِوَى : اسمان . وفي سِوَى أربع لغات ، هي :
1- سِوَى ( بكسر السين ، وقصر الألف ) وهذه أشهر اللغات .
2- سُوَى ( بضم السين ، وقصر الألف ) .
3- سَوَاء ( بفتح السين ، ومد الألف ) .
4- سِوَاء ( بكسر السين ، ومَدّ الألف ) وقلّ من ذكر هذه اللغة من النّحاة ، وممن ذكرها الفَاسِيُّ في شرحه للشَّاطِبِيَّة .
س23- ما حكم المستثنى بغير ، وسِوَى ؟
ج23- حكمه : الجرّ بالإضافة دائماً . وأمَّا غير ، وسِوَى فتعربان إعراب المستثنى بِإلاَّ في جميع أحكامه ، وهي كالآتي :(1/140)
1- وجوب النصب : إذا كان الاستثناء تامّاً موجباً ، نحو: قامَ القومُ غيرَ زيدٍ . فغير : مستثنى ... منصوب وجوباً ، وزيد : مضاف إليه مجرور ؛ فأُعربت ( غير ) إعراب المستثنى بإلا في قولك : قام القومُ إلا زيداً . وكذلك (سِوَى) إلاَّ أنّ سوى لا تظهر عليها الحركات ؛ لأنها مقصورة ، وفي إعرابها خلاف سنذكره في السؤال التالي إن شاء الله تعالى .
2- جواز النصب ، والإتباع : إذا كان الاستثناء تامّاً غير موجب ، نحو :
ما قام أحدٌ غيرَ زيدٍ ، وما قام أحدٌ غيرُ زيدٍ . فغير : مستثنى منصوب في المثال الأول ، وبدل مرفوع في المثال الثاني ، وزيد : مضاف إليه مجرور ؛ وبذلك تكون ( غير ) قد أُعربتْ إعراب المستثنى بإلاَّ ، في نحو قولك : ما قام أحدٌ إلا زيداً ، وما قام أحدٌ إلا زيدٌ . وكذلك ( سِوَى ) .
3- إعرابه حسب ما يقتضيه العامل : إذا كان الاستثناء مُفرَّغاً ، نحو : ما قام غيرُ زيدٍ ، وما رأيت غيرَ زيدٍ ، وما مررت بغيرِ زيدٍ .
فغير : فاعل في المثال الأول ، ومفعول به في الثاني ، ومجرور في الثالث ، وذلك هو إعراب المستثنى بإلا في نحو قولك : ما قام إلا زيدٌ ، وما رأيت إلا زيداً ، وما مررت إلا بزيدٍ .
وأما المستثنى بغير ، وسوى فهو مجرور بالإضافة دائماً في جميع الأحوال .
س24- اذكر الخلاف في إعراب سِوَى .
ج24- في إعرابها ثلاثة مذاهب :
1- مذهب سيبويه ، والجمهور : أنها لا تكون إلا ظرفاً ، فإذا قلت : قام القومُ سِوَى زيدٍ ، فسِوَى عندهم : منصوبة على الظرفيّة ، وهي مُشْعِرَةٌ بالاستثناء ، ولا تَخرج عندهم عن الظرفيّة فلا تكون مرفوعة ، ولا منصوبة بغير الظرفية ، ولا مجرورة إلاَّ في ضرورة الشِّعر .
وإذا ورد ذلك في النَّثْرِ فهو مُؤَوَّلٌ إنْ أمكن تأويله ،وإلا فهو شاذّ لا يُقاس عليه.(1/141)
2- مذهب الكوفيين ، واختاره ابن مالك : أنّ سوى تُعامل معاملة غير فتأتي مرفوعة ، ومنصوبة على غير الظرفية ، ومجرورة . وإلى ذلك أشار ابن مالك بقوله : "ولِسوًى سُوًى سَوَاء اجعلا على الأصحِّ ما لغيرٍ جُعِلا " .
وتأتي عندهم ظرفاً كذلك ، ولا كثرة لأحد الوجهين .
3- مذهب الرُّمَّاني ، وأبي البَقَاءِ العُكْبَرِيّ : أنّ سِوَى تستعمل ظرفاً ، وتُستعمل غير ظرف ولكنْ استعمالُها ظرفاً أكثر من استعمالها غير ظرف .
س25- قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : " دَعَوْتُ ربِّي ألاَّ يُسَلِّطَ على أُمَّتي عَدُوّاً مِنْ سِوَى أَنْفُسِها ".
وقال عليه الصلاة والسلام : " ما أنتم في سِوَاكم مِن الأُمم إلاّ كالشَّعرةِ البيضاءِ في الثَّورِ الأَسودِ ، أو كالشعرةِ السَّوداء في الثَّور الأبيضِ " .
وقال الشاعر :
ولاَ ينْطِقُ الفَحْشَاءَ مَنْ كانَ مِنْهُمُ إِذا جَلَسُوا مِنَّا وَلاَ مِنْ سَوَائِنَا
وقال الشاعر :
وَإِذا تُبَاعُ كَرِيمَةٌ أَوْ تُشْتَرَى فَسِوَاكَ بَائِعُهَا وَأَنْتَ الْمُشْتَرِى
وقال الشاعر :
وَلَمْ يَبْقَ سِوَى العُدْوَا نِ دِنَّاهُمْ كَمَا دَانُوا
وقال الشاعر :
لَدَيْكَ كَفِيلٌ بِالْمُنَى لِمُؤَمِّلٍ وَإِنَّ سِوَاكَ مَنْ يُؤَمِّلُهُ يَشْقَى
ما وجه الاستشهاد في كل ما سبق ؟
ج25- هذه الشواهد تُؤَيَّدُ ما اختاره الناظم مِن أنَّ ( سِوَى ) تُعَامل معاملة غير فتأتي مجرورة ،كما في الحديثين الشريفين والبيت الأوَّل ، وتأتي مرفوعة ،كما في البيتين الثاني والثالث . فَسِوَاك : مبتدأ مرفوع ، ولم يبقَ سوى : فاعل مرفوع .
وتأتي منصوبة على غير الظرفية ، كما في البيت الأخير . فسواك : اسم إنَّ .
وهذا خلاف ما ذهب إليه سيبويه ، والجمهور فهي عندهم لا تكون إلا ظرفاً ، وما ورد من الشواهد خلافا لمذهبهم فهو للضرورة إنْ كان شِعراً ، ومُؤَوّل إن كان نثراً .
حكم المستثنى بلَيْسَ ، وبِلاَ يَكُونُ ، وبِخَلاَ ، وبعَدَا(1/142)
وَاسْتَثْنِ نَاصِباً بِلَيْسَ وَخَلاَ وَبِعَدَا وَبِيَكُونُ بَعْدَ لاَ
س26- مانوع ليس ، ولا يكون ، وخلا وعدا ؟ وماحكم المستثنى بليس ، ولايكون ؟
ج26- ليس ، ولا يكون : فعلان . وخلا ، وعدا : فعلان ، وحرفان .
أما المستثنى بليس ، ولايكون ، فحكمه : وجوب النصب على أنه خبرٌ لهما ، نحو : قام القوم ليسَ زيداً ، وقام القومُ لا يكونُ زيداً . فزيداً في المثال الأول : خبر ليس ، وفي الثاني : خبر لا يكون ، واسمهما ضمير مستتر وجوبا ، تقديره : ( هو ) واختلفوا في مَرْجِع الضمير .
س27- اختلف النّحاة في مرجع الضمير المستتر في ليس ، وفي لايكون ، وضِّح هذا الخلاف .
ج27- اختلف النُّحاة في مرجع الضمير المستتر في ( ليس ) في نحو قولك : قام القوم ليس زيداً ، والمستتر في (لا يكون) في نحو قولك : قام القوم لا يكونُ زيداً ، ولهم في ذلك ثلاثة أقوال هي :
1- أنَّ مَرْجِعَهُ : البَعْضُ المفهوم من الكُلّ الذي هو المستثنى منه ( القوم ) والتقدير : ليس بعضُهم زيداً ، ولايكون بعضُهم زيداً ، فهو مثل قوله تعالى :
*
فإنَّ النون في ( كنَّ ) عائدة إلى البعض المفهوم من الكل السابق ( أولادكم ) لأنَّ الأولاد يشمل الكل الذكور ، والإناث ، والنون للإناث فقط . وهذا هو القول المشهور في هذه المسألة .
( م ) 2- أنّ مرجعه : اسم فاعل مأخوذ من الفعل العامل في المستثنى منه ، والتقدير : قام القوم ليس هو ( أي : ليس القائمُ زيداً ) ولا يكون القائم زيداً .
3- أنّ مرجعه : مصدر الفعل السَّابق العامل في المستثنى منه ، والتقدير : قام القوم ليس هو ( أي : ليس القِيامُ قيامَ زيدٍ ، ولا يكون القيامُ قيامَ زيدٍ ) . ويُضَعِّف القولين الثاني ، والثالث : أنّ الكلام قد لا يشتمل على فِعل ، نحو قولك : القوم إخوتك لايكون زيداً . ( م )
س28- ما مراد الناظم بقوله : " وبيكون بعد لا " ؟(1/143)
ج28- مراده : أن شرط الاستثناء بـ ( لا يكون ) أن يأتي بلفظ المضارع المنفي بـ ( لا ) فقط ، ولا يُستعمل من أفعال الكون إلاّ لفظ ( يكون ) فقط ، ولا يُسبق بنفي إلا (لا) النافية فقط دون غيرها من أدوات النّفي ، مِثل: لَمْ ، ولَنْ ، ولَمَّا ، وإِنْ ، ومَا .
س29- ما حكم المستثنى بِخَلا ، وعَدَا ؟
ج29- كلٌّ من الأداتين ( خَلاَ ، وعَدَا ) تكونُ فعلا ، وحرفا .
فإن كانتا فعلين نُصِبَ المستثنى بعدهما على أنه مفعول به ، نحو : قام القومُ خلا زيداً ، وقام القوم عَدَا زيداً ، وفاعلهما ضمير مستتر وجوباً تقديره (هو) يعود على البعض المفهوم من القوم ،كما تقدَّم بيانه في (ليس ، ولا يكون) والتقدير : خَلا بعضُهم زيداً ، وعَدَا بعضُهم زيداً . وهذا هو المشهور .
وإن كانتا حرفين كان المستثنى مجروراً بهما على اعتبار أنّهما حرفا جَرّ ، نحو : قام القوم خلا زيدٍ ، وقام القوم عدا زيدٍ .
حكم خَلا ، وعَدَا إذا دخلت عليهما
( ما ) وإذا لم تدخل
وَاجْرُرْ بِسَابِقَىْ يَكُونُ إِنْ تُرِدْ وَبعْدَ مَا انْصِبْ وَانْجِرَارٌ قَدْ يَرِدْ
وَحَيْثُ جَرَّا فَهُمَا حَرْفَانِ كَمَا هُمَا إِنْ نَصَبَا فِعْلاَنِ
س30- بيِّن حكم خلا ، وعدا إذا دخلت عليهما ( ما ) وإذا لم تدخل ؟
ج30- إذا دخلت ( ما ) على ( خلا ، وعدا ) وجب النصب بهما على أنّهما فعلان ؛ فتقول : قام القوم ما خلا زيداً ، وقام القوم ما عدا زيداً ( فزيدا ) في المثالين : مفعول به ( وما ) مصدرية ( وخلا ، وعدا ) صلتها ؛ لأن ( ما ) موصول حرفي ، وفاعل ما خلا ، وما عدا : ضمير مستتر يعود على البعض ، كما تقدم بيانه . وهذا هو معنى قول الناظم : " وبعد ما انْصِبْ " . وهذا هو المشهور .
أمّا إذا لم تدخل عليهما ( ما ) فإن شئت نصبتَ ما بعدهما على أنهما فعلان ،(1/144)
وإن شئت جررت ما بعدهما على أنهما حرفان ، فمن أمثلة النصب : قام القومُ خلا زيداً ، وعدا زيداً ؛ ومن أمثلة الجر : قام القومُ خلا زيدٍ ، وعدا زيدٍ .
وقد تقدّم بيان ذلك في س29 .
ومن أمثلة الجر ( بخَلاَ ) قول الشاعر :
خَلاَ اللهِ لا أَرْجُو سِوَاكَ وَإنَّمَا أَعُدُّ عِيالى شُعْبَةً مِنْ عِيَالِكَا
ومن الجر ( بِعَدَا ) قول الشاعر :
أَبَحْنَا حَيَّهُمْ قَتْلاً وأَسْراً عَدَا الشَّمْطَاءِ والطِّفلِ الصَّغيرِ
س31- ما مراد الناظم بقوله : " وانْجِرارٌ قد يرد " ؟
ج31- عرفنا في السؤال السابق أنه إذا دخلت ( ما ) على خلا ، وعدا وَجَبَ نصب ما بعدهما ، ويُشير هنا إلى أنه قد يرد جرُّ ما بعدهما ، وهذا ما أجازه الكسائي ، والْجَرْمِي ، والفارسي على اعتبار ( ما ) زائدة ، وخلا وعدا : حرفا جر ؛ فتقول : قام القوم ما خلا زيدٍ ، وما عدا زيدٍ .
وقد حكى الجرْمِيُّ - في الشَّرح - الجرَّ بعد ( ما ) عن بعض العرب .
حكم المستثنى بـ ( حَاشَا )
وحكم دخول ( ما ) عليها
وَكَخَلاَ حَاشَا وَلاَ تَصْحَبُ مَا وَقِيلَ حَاشَ وَحَشَا فَاحْفَظْهُمَا
س32- ما نوع حاشا ؟ وما حكم المستثنى بها ؟
ج32- المشهور أنّ ( حاشا ) لا تكون إلاّ حرف جر فيكون المستثنى مجروراً بها ، نحو : قام القوم حاشا زيدٍ ، وذهب جماعة منهم المبرِّد ، والأخفش ، والمازني ، وتابعهم النّاظم : إلى أنها مثل ( خَلاَ ) تُستعمل فعلا فينتصب ما بعدها على أنه مفعول به ، وتستعمل حرفا فَيُجَرُّ ما بعدها ؛ يقولون : قام القوم حاشا زيداً ، وحاشا زيدٍ . وحكى جماعة - منهم الفَرَّاء - النصب بها .
ومنه قول الأعرابي : " اللهمَّ اغفرْ لي ولِمَنْ يَسمعْ حاشا الشيطانَ ، وأَبَا الإصْبَعِ " بنصب (الشيطان ) ومن النصب أيضا ، قول الشاعر :
حاشا قريشاً فإنّ الله فَضَّلَهُم على البَرِيَّةِ بالإسلامِ والدِّينِ .
س33- هل تدخل ( ما ) على حاشا ؟(1/145)
ج33- الكثير أنّ حاشا لا تدخل عليها ( ما ) وقد تصحبُها قليلا ، فعن ابن عمر أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أُسامةُ أحبُّ الناسِ إليَّ ما حاشَا فاطمةَ " .
ومنه قول الشاعر : رَأَيْتُ النَّاسَ ما حاشَا قريشاً فَإِنَّا نَحْنُ أَفْضَلُهُمْ فَعَالاَ
( م ) توهَّمَ النحاة أنَّ قوله - صلى الله عليه وسلم - : " ما حاشا فاطمة " مِنْ كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وذلك غيرُ مُتَعَيِّنٍ ، بل يجوز أنْ يكون مِن كلام الرّاوي .
و بذلك تكون (ما) نافية،وحاشا: ليست الاستثنائية،بل فعلٌ ماضٍ مُتصرِّف.(م)
( م ) س34- اختلف النّحاة في حرفيّة حاشا ، وضِّح ذلك .
ج34- للنحاة في حاشا ثلاثة مذاهب ، هي :
1- أنها لا تكون إلا حرف جرّ ، وما بعدها لا يكون إلا مجروراً . وهذا مذهب سيبويه ، وأكثر البصريين .
2- أنها لا تكون إلا فعلا ، لكنْ يجوز فيما بعدها الجرّ ، والنّصب .
فإن جررت فهو من باب حذف حرف الجر وبقاء عمله ، وإن نصبته فهو من باب النصب على نَزْع الخافض ، وأصل ( حاشا زيدٍ ) عندهم : حاشا لزيدٍ . وهذا مذهب بعض الكوفيين منهم الفرّاء .
3- أنها تكون فعلا ، فينتصب ما بعدها على أنه مفعول به ، وتكون حرف جر فَيُجرّ ما بعدها . وهذا مذهب المبرَّد ، والمازني ، وغيرهما ، وتبعهم على ذلك ابن مالك . وهذا المذهب هو الذي يُؤَيِّده السَّماع .
س35- ما اللغات في حاشا ؟
ج35- فيها ثلاث لغات : حَاشَا ، وحَاشَ ، وحَشَا .
---
الْحَالُ
تعريفه
الْحَالُ وَصْفٌ فَضْلَةٌ مُنْتَصِبُ مُفْهِمُ في حَالِ كَفَرْداً أَذْهَبُ
س1- عرِّف الحال ، وما الذي يخرج من هذا التعريف ؟ وما معنى قول الناظم : " مُفْهم في حال " ؟(1/146)
ج1- الحال هو : وَصْفٌ فَضْلةٌ مُنْتَصِبٌ للدلالة على هيئة صاحبه ، نحو : جئتُ مَاشِياً . فمَاشيا : حال ؛ لوجود القيود المذكورة في التعريف فيه ، وكما في مثال الناظم : فَرْداً أذهبُ . ففرداً : حال ، بتقدير : مُنْفَرِداً .
وخرج بقوله ( وَصْفٌ ) : ما ليس بوصف ، فالوصف هو : المشتق ، كاسم الفاعل : جئت مَاشِياً ، واسم المفعول : خرجتُ مسروراً ، والصِّفة المشَبَّهة :
ما بِك حَزِيناً ؟
وخرج بقوله ( فَضْلة ) : الوصف الواقع عُمْدَة ، نحو : زيدٌ قائمٌ . فقائم : وصف ولكنه عمدة ؛لأنه خبر ، والخبر ركنٌ أساسي في الجملة لا يُستغنى عنه .
وخرج بقوله (للدلالة على هيئة صاحبه) : التمييز المشتق ، نحو: ِللهِ دَرُّه فارساً . ففارساً : تمييز مُشتق لا حال - على الصحيح - لأنه لم يُقصد به الدلالة على الهيئة ، بل المقصود التَّعَجُّب من فُروسيته فهو لبيان المتَعَجَّب منه لا لبيان هيئته . وكذلك في قولك : رأيت رجلاً راكباً . فراكبا : صفة مشتقة لا حال ؛ لأنه لم
يُسَق للدلالة على الهيئة ، بل لتخصيص الرَّجل .
ومعنى قوله : مفهم في حال ، هو معنى قولنا : للدلالة على الهيئة .
( م ) س2- هل لفظ الحال مذكر ، أو مؤنث ؟
ج2- لفظ الحال يُذَكَّر ، ويُؤَنَّث ؛ فتقول : الحال طَيِّبٌ والحال طَيِّبَةٌ ، هذا إذا كان اللفظ خاليا من تاء التأنيث ، أما إذا كان مختوما بتاء التأنيث فهي مؤنثه فقط ؛ تقول : الحالة طيِّبة . وتذكير اللفظ يدلّ على تذكير المعنى ، وتأنيث اللفظ يدل على تأنيث المعنى . والأفصح في اللفظ التذكير ، وفي المعنى التأنيث .
الحالُ الْمُنْتَقِلَةُ ، واللاَّزِمَةُ
وَكَوْنُهُ مُنْتَقِلاً مُشْتَقًّا يَغْلِبُ لَكِنْ لَيْسَ مُسْتَحَقَّا
س3- اذكر أقسام الحال باعتبار ملازمتها للمتَّصِف بها ، وعدمه . موضِّحا ما تقول .
ج3- تنقسم الحال بهذا الاعتبار إلى قسمين ، هما :(1/147)
1- حالٌ مُنْتَقِلَةٌ ( أي : لا تكون ملازمة للمتَّصِف بها ) فهي تُبَيِّن هيئة صاحبها مُدَّة مُؤقَّتة ، ثُمَّ تُفَارِقه فليست دائمة الملازمة له ، نحو : جاء زيدٌ راكباً .
فراكبا : حال مشتقة مُنتقِلة ، فالركوب ليس ملازما لزيد ، بل يَنْفَكّ عنه بأن يجيء ماشيا .
والغَالب في الحال أنْ تكون مُنتقلة مُشتقَّة ، ولكن ليست مُسْتحقّة ( أي : ليس واجباً أن تكون منتقلة مشتقة ) بل هو الكثير الغالب .
2- حال غير مُنْتقلة (لازمة) وهي التي تكون ملازمة لصاحبها لا تكاد تُفارقه، نحو : دعوتُ الله سَمِيعاً ، ونحو: خلقَ اللهُ الزَّرافةَ يَدَيْها أطولَ من رِجْلَيها ، وكقول الشاعر :
فَجَاءَتْ بِهِ سَبْطَ العِظَامِ كَأَنَّمَا عِمَامَتُهُ بَيْنَ الرِّجَالِ لِوَاءُ
فكلٌّ مما تحته خطٌ إذا تَدَبَّرته وجدته وصفا ملازما لصاحبه .
( م ) س4- ما المواضع التي تكون فيها الحال غير منتقلة ؟
ج4- تجيء الحال غير منتقلة ( لازمة ) في ثلاثة مواضع ، هي :
1- أن يكون العامل فيها مُشْعِراً بتجدُّد صاحبها ، كما في قوله تعالى :
* فالعامل ( خُلِق ) يدلّ ويُشْعِر بتجدُّد صاحب الحال : الإنسان ( أي : إيجاد أمثاله واستمرار إيجاده ) ومنه قول الشاعر : فجاءتْ به سبط العظام ( أي : إنه طويلٌ ) وكقولهم : خلق الله الزَّرافة يديها أطولَ من رجليها .
2- أن تكون الحال مؤكَِّدة ، إما لعاملها ، كما في قوله تعالى : * وقوله تعالى : * وقوله تعالى : * وإمَّا أن تكون مُؤَكِّدة لصاحبها ، كما في قوله تعالى :
* فجميعاً : حال مُؤكدة معنى صاحبها ، وهوالاسم الموصول ( من ) .
وإمَّا أن تكون مُؤكّدة لمضمون جملة قبلها ، نحو قولك : زيدٌ أبوك عطوفاً . فعطوفا : حال ، وصاحبها ( أبوك ) .
والحال : عطوفا مُؤكّدة لمضمون جملة ( زيد أبوك ) لأنّ الأُبُوَّةَ لا تتجرَّدُ من العطف .(1/148)
3- أن تكون الحال في أمثلة مسموعة لا ضَابِط لها تدل على الملازمة بقَرَائِن خارجيَّة ، كما في قوله تعالى : * فَدَوام القِيام بالقِسط معروف من صِفاتِ الخالق عزّ وجلّ. ومن ذلك قوله تعالى : * ومنه قولهم : دعوتُ الله سَمِيعاً .
الحال الجامدة
وَيَكْثُرُ الْجُمُودُ فى سِعْرٍ وَفى مُبْدِى تَأَوُّلٍ بِلاَ تَكَلُّفِ
كَبِعْهُ مُدًّا بِكَذَا يَداً بِيَدْ وَكَرَّ زَيْدٌ أَسَداً أَىْ كَأَسَدْ
س5- اذكر أقسام الحال باعتبار الجمود ، والاشتقاق .
ج5- تنقسم الحال بهذا الاعتبار إلى قسمين :
1- حال مُشْتَقَّة ، وهذا هو الغالب والأصل . وقد ذكرنا أمثلتها في السؤال الأول .
2- حال جامدة ، وهي قليلة ولكنّها مع قلَّتها قِياسيّة في عِدَّة مواضع .
س6- ما المواضع التي يكثر فيها مجيء الحال جامدة ؟
ج6- الحال الجامدة إمَّا أن تكون مُؤوَّلة بمشتق ، وإمَّا غير مُؤولة بمشتق .
فالمؤوّلة بالمشتق تكون في المواضع الآتية :
1- أن تدلَّ الحال على سِعْرٍ ، نحو : بِعْهُ مُدّاً بِدِرْهَم . فَمُدّاً : حال جامدة هي في معنى المشتق مُسَعَّراً ؛ إذ المعنى : ِبعْه مُسَعَّراً كلَّ مُدًّ بدرهم .
والجار والمجرور ( بدرهم ) متعلق بمحذوف صفة للحال .
2- أن تدلّ الحال على مُفَاعَلَة (أي : المشاركة من جَانِبَيْنِ) نحو: بِعْتُه يداً بِيَدٍ ( أي : مُنَاجَزَة ومُقَابَضَة ) فيداً : حال جامدة هي في معنى المشتق (مُقَابِضَين) .
والجار والمجرور ( بيد ) متعلق بمحذوف صفة للحال .
3- أن تدلّ الحال على تشبيه ، نحو : كرَّ زيدٌ أسداً ( أي : مُشْبِهاً الأسد ) .
4- أن تدلّ الحال على ترتيب ، نحو : ادخلوا الدارَ رجُلاً رَجُلاً ، وادخلوا الدارَ رجُلَين رَجُلَين ( أي : مُرَتَّبِِِين ) فرجلاً الأولى : حال ، والثانية : حال كذلك ، وقيل الأولى :حال ، والثانية: معطوف عليه بعاطف مقدّر ، هو الفاء ، أو ثم . ويجوز أن تكون الثانية توكيداً لفظياً .(1/149)
فهذه المواضع الأربعة أجمع النحاة على أنه يجب تأويلها بمشتق ؛ لِيُسْرِ ذلك وعدم التكلُّف فيه .
وهذا هو مراد الناظم بقوله: " وفي مُبدِى تأوّل بلا تكلّف " .
( م ) وأما غير المؤولة بمشتق فتكون في المواضع الآتية :
1- أن تكون الحال موصوفة ، كما في قوله تعالى : * وقوله تعالى : * فَقُرآنا ، وبشراً : حال جامدة موصوفة غير مُؤولة بمشتق .
2- أن تكون الحال دالّة على عدد ، كما في قوله تعالى : * .
3- أن تدل الحال على طَوْر من أطوار صاحبِهَا فيه تفضيل ، نحو : هذا بِسْراً أطيبُ منه رُطَباً ، ونحو : الخادمُ شباباً أنشطُ منه كُهُولةً .
4- أن تكون الحال نوعاً من صاحبها ، نحو : هذا مَالُكَ ذَهَباً ، أو تكون الحال فرعاً لصاحبها ، نحو : رغبتُ في الفِضَّة خاتماً . ومنه قوله تعالى: * أو تكون الحال أصلا لصاحبها ، نحو : رغبت في الخاتمِ فضةً . ومنه قوله تعالى : * .
وهذه الأنواع مختلفٌ فيها ، فذهب قومٌ منهم ابن الناظم إلى وجوب تأويلها بمشتق ؛ لتكون الحال مشتقة على ما هو الأصل فيها ، وذهب قوم إلى أنه لا يجب تأويلها بمشتق ؛ لأنّ في تأويلها بالمشتق تكلُّفاً وعُسْراً . ( م )
حكم مجيء الحال معرفة
وَالْحَالُ إِنْ عُرِّفَ لَفْظاً فَاعْتَقِدْ تَنْكِيرَهُ مَعْنىً كوَحْدَكَ اجْتَهِدْ
س7- ما الأصل في الحال التعريف ، أو التنكير ؟
ج7- مذهب جمهور النحويين أن الحال لا تكون إلاّ نكرة . وهذا هو الأصل ، وأنّ ما ورد منها مُعرَّفا لفظاً فهو نكرة معنىً ، كقول الناظم : اجتهدْ وَحْدَك . فوحدك : حال معرفة لكنها مُؤوّلة بنكرة ، والتقدير: اجتهد مُنْفَرِداً .
وكقولهم : جاءوا الْجَمَّاءَ الغَفِيرَ ( أي : جاءوا جميعاً ) وكما في قول الشاعر :(1/150)
فَأَرْسَلَها الْعِرَاكَ وَلَمْ يَذُدْهَا وَلَمْ يُشْفِقْ عَلَى نَغَصِ الدِّخَالِ والتقدير : أرسلها مُعْتَرِكة ( أي : مُزْدَحِمة ) وكما في قولهم : كلَّمته فَاهُ إلى فِيَّ . فكلمة ( فاه ) حال عند سيبويه ، وجمهور البصريين وإن كانت اسماً جامداً مُعَرَّفاً بالإضافة ؛ لأنها في قوّة اسم مشتق نكرة ، والتقدير : كلمته مُشَافَهَةً . أما الكوفيون فيرون أنها : مفعول به لاسم فاعل محذوف يقع حالا . والتقدير: كلَّمته جَاعِلا فاه إلى فِيَّ .
س8- اذكر الخلاف في مسألة تعريف الحال ، وتنكيرها ؟
ج8- مذهب جمهور النحويين : أنّ الحال لا تكون إلا نكرة ، وأنّ ما ورد منها معرَّفاً لفظاً فهو بتأويل نكرة في المعنى .
1- البَغْدَادِيُّونَ ، ويُونُسُ : يجوز تعريف الحال مطلقا بلا تأويل ، فأجازوا : جاء زيدٌ الراكبَ .
2- الكوفيون : فَصَّلُوا ، فقالوا : إنْ تَضَمَنَّت الحال معنى الشّرط صَحَّ تعريفها وإلاَّ فَلا . فمثال ما تضمَّن معنى الشرط : زيدٌ الرَّاكبَ أحسنُ منه الماشِيَ . فالراكبَ ، والماشيَ : حالان ، وصَحَّ تعريفهما لِتَأَوُّلهما بالشرط ؛ إذ التقدير : زيدٌ إذا رَكِبَ أحسنُ منه إذا مَشَى .
فإن لم تُقَدَّر بالشرط لم يصحّ تعريفها ؛ فلا تقول : جاء زيدٌ الرّاكبَ ؛ لأنه لا يصحُّ : جاء زيدٌ إِنْ رَكِب .
وقوع الحال مصدراً نكرة
وَمَصْدَرٌ مُنَكَّرٌ حَالاً يَقَعْ بِكَثْرَةٍِ كَبَغْتَةً زَيْدٌ طَلَعْ
س9- هل يصحّ وقوع الحال مصدراً ؟ وضِّح ذلك .(1/151)
ج9- الأصل في الحال - كما تقدّم بيانه - أن يكون وصفاً ، وهو ما دلّ على معنى صاحبه ، كاسم الفاعل : قائم ، واسم المفعول : مضروب ، والصِّفة المشَبَّهة : حَسَنٌ . ووقوع الحال مصدراً على خلاف الأصل ؛ لأنه لا دلالة فيه على صاحب المعنى . وقد كثُر مجيء الحال مصدراً نكرة ، ولكنه ليس بمقيس ؛ لمجيئه على خلاف الأصل . وهذا هو مذهب سيبويه ، والجمهور . ومن أمثلة ذلك : زيدٌ طلعَ بغتةً . فبغتةً : مصدر نكرة ، وهو منصوب على الحال ؛ لأنّه مؤول بمشتق ، والتقدير: زيدٌ طلعَ بَاغِتاً .
( م ) س10- اختلف النّحاة في جواز القياس على مجيء الحال مصدراً نكرة ، وضِّح الخلاف في هذه المسألة .
ج10- قبل أنْ نذكر الخلاف نودّ الإشارة إلى أنّه قد ورد عن العرب في ألفاظ كثيرة جداً مجيء الحال مصدراً نكرة ، نحو قولهم : قَتَلْتُه صَبْراً ، وقولهم :
أَتَيْتُه رَكْضاً ، ولَقيتُه فَجْأَةً ، وكلَّمته مُشَافهةً ، وأخذتُ عن فلان سَمَاعاً .
ومن ذلك قوله تعالى : * وقوله تعالى :
* وقوله تعالى :
* وقوله تعالى : *
ومع هذه الشواهد الكثيرة فقد اختلف النحاة في جواز القياس على ما ورد فيها من وقوع الحال مصدراً ، وإليك بيان ذلك :
1- سيبويه ، والجمهور : لا يُجِيزون القياس عليها مع كثرتها ؛ لأنها خلاف الأصل .
2- المبرَّد : اختلف نقل العلماء عنه ، فمنهم من نقل أنه يُجِيزُ القياس على ما ورد عن العرب مطلقا ، ونقل آخرون أنه يُجيزُ القياس فيما كان المصدر نوعاً من الفعل ، نحو : كلّمته مُشافهةً ، ولا يُجيز القياس إذا لم يكن المصدر نوعاً من الفعل ، نحو : جاء زيدٌ بُكاءً .
3- ابن مالك ، ومن وافقه : أجازوا القياس على ثلاثة أنواع من المصدر المنكَّر ، هي : أ- أن يكون المصدر المنصوب واقعا بعد خبر مقترن بأل الدَّالة على الكمال ، وقد ورد قولهم : أنت الرجلُ علماً ، وأجاز هؤلاء أن تقول :
أنت الرجلُ فَضْلاً ، ونُبْلاً ، وشَجَاعةً .(1/152)
ب- أن يقع بعد خبر يُشَبَّه به مبتدؤه ، وقد ورد قولهم : أنت زُهَيرٌ شعراً ، وأجاز هؤلاء أن تقول : أنت حَاتِمٌ جُوداً ، والأحْنَفُ حِلْماً ، ويوسفُ جَمَالاً.
ج- أن يقع بعد أمَّا الشرطِيّة ، نحو : أمَّا عِلْماً فَعَالِمٌ وأمَّا نُبْلا فَنَبِيلٌ وأمَّا حِلْماً فَحَلِيمٌ . وسيبويه يجعل هذا المصدر الواقع بعد أمَّا حالاً بتأويله بالمشتق ، وعامله مقدّر نابت عنه أمَّا .
س11- اذكر الخلاف في إعراب المصدر النكرة الواقع حالا .
ج11- للعلماء فيه ستة آراء ، هي :
1- مذهب سيبويه ، وجمهور النّحاة : يرون أنّ المصدر نفسه حال ، وأنه على تأويل مشتق مناسب ، نحو : زيدٌ طلع بغتةً . فالمصدر (بغتة) حال ، والتقدير : زيد طلع باغتاً .
2- مذهب الأخفش ، والمبِّرد : أنّ هذا المصدر مفعول مطلق عامله فعل من لفظه محذوف ، وجملة الفعل وفاعله حال ، فتقدير المثال السابق : طلعَ زيدٌ يَبْغُتُ بَغْتَةً ، فجملة ( يبغت ) هي الحال عندهما .
3- مذهب الكوفيين : أن هذا المصدر مفعول مطلق مبين لنوع عامله ، وعامله هو نفس الفعل المتقدِّم في الكلام ، ونظير ذلك قولهم : شَنَأْتُه بُغْضاً .
(م) 4- مذهب أبو عليّ الفَارِسِيّ: أنّ هذا المصدر مفعول مطلق عامله وَصْف
محذوف يقع حالا ، والتقدير : طلعَ زيدٌ بَاغِتاً بَغْتَةً .
5- وقال بعضهم : إنّ المصدر المذكور أصله مضاف إليه ، والمضاف المحذوف مصدر آخر من لفظ الفعل المتقدم في الكلام ، فأصلُ طَلَعَ زيدٌ بغتةً : طلع زيدٌ طُلُوعَ بَغْتَةٍ .
6- وقال آخرون : إن هذا المصدر حال على تقدير مضاف هو وَصف ، أو مؤوّل بوصف ، فتقديُر ، طَلَعَ زيدٌ بغتةً : طلع زيدٌ ذا بغتةٍ ، بتأويل : صاحب بغتة . ( م )
مُسَوِّغات تنكير صاحب الحال
وَلَمْ يُنَكَّرْ غَالِباً ذُو الْحَالِ إِنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ أَوْ يُخَصَّصْ أَوْ يَبِنْ
مِنْ بَعْدِ نَفْىٍ أَوْ مُضَاهِيهِ كَلاَ يَبْغِ امْرُؤٌ عَلَى امْرِىءٍ مُسْتَسْهِلاَ(1/153)
س12- ما الأصل في صاحب الحال التعريف ، أو التنكير ؟
ج12- الأصل في صاحب الحال أن يكون معرفة ، نحو جاء زيدٌ مُسْرِعاً ، ورأيت الطفلَ باكياً . وقد يأتي صاحب الحال نكرة عند وجود مُسَوَّغ .
س13- ما مسوِّغات تنكير صاحب الحال ؟
ج13- لا يُنكَّر صاحب الحال في الغالب إلا عند وجود مُسَوِّغ ، وهو أحد الأمور الآتية :
1- أنْ تتقدّم الحال على صاحبها النكرة ، نحو: جاء ضاحكاً طفلٌ ، ونحو : فيها قائماً رجلٌ .
2- أنْ يُخَصَّصَ صاحب الحال النكرة بوصف ، أو إضافة . فمثال ما تَخَصَّص بوصف ، قولك : جاءني طالبٌ مجتهدٌ سائِلاً ، ومثال ما تَخَصَّص بإضافة ، قولك : جاءني طالبُ علمٍ سائلا ً.
3- أنْ يقع صاحب الحال النكرة بعد نفي ، أو شِبْهِه ،كالنّهي ، والاستفهام . فمثال النفي ، قولك : ما جاءني أحدٌ سائلاً . ومنه قوله تعالى :
* فجملة ( لها كتابٌ ) حال من النكرة ( قرية ) وصحّ مجيء الحال من النكرة لتقدّم النفي عليها .
ولا يصحُّ أن تكون الجملة صفة لقرية خِلافا للزمخشريّ ؛ لأن النعت لا يُفْصَلُ بينه وبين المنعوت بالواو ، ووجود ( إلا َّ) مانع أيضاً من ذلك ؛ لأنه لا يُعْتَرض بإلا بين النعت والمنعوت ، ومِمَّنْ صَرَّح بمنع ذلك : أبو الحسن الأخفش ، وأبو علي الفارسيّ .
وفي هذه الآية مسوِّغ آخر لتنكير صاحب الحال ،سيأتي بيانه في المسوِّغ الرابع .
ومثال النهي قولك : لا يدخلْ أحدٌ الفَصْلَ مُتَأخِّراً ، وكما في قول الناظم :
لا يَبْغِ امرؤٌ على امرئٍ مُسْتَسْهِلاً ، وكما في قول الشاعر :
لا يَرْكَنَنْ أحدٌ إلى الإحْجَامِ يومَ الوَغَى مُتَخَوِّفاً لِحِمَامِ
ومثال الاستفهام ، قولك : هل دخل أحدٌ الفصل مُتَأخِّراً ؟ وكما في قول الشاعر: ياصَاحِ هَلْ حُمَّ عَيْشٌ بَاقياً فَتَرَى لِنَفْسِكَ العُذْرَ في إبْعَادِهَا الأَمَلاَ
((1/154)
م )4- أنْ تكون الحال جملة مقترنة بالواو ، كما في قولك : زارنا رجلٌ والشمسُ طالعةٌ ، وكما في قوله تعالى : * .
5- أن تكون الحال جامدة ، نحو قولك : هذا خاتمٌ حديداً ؛ وذلك لأنّ الوصف بالجامد خلاف الأصل ، وإنما جاز مجيء الحال جامدة ؛ لأنها أصلٌ لصاحبها - كما عرفتَ ذلك سابقا - وبعض النحاة يرتضي إعرابها تمييزاً .
6- أن تكون النكرة مشتركة مع معرفة ، أو مع نكرة يصح أن تجيء الحال منها . فمثال مجيئها مشتركة مع معرفة ، قولك : زارني خالدٌ ورجلٌ رَاكِبَيْنِ ، ومثال مجيئها مع نكرة يصح أن تجيء الحال منها ، قولك : زراني رجلٌ صالحٌ وشابٌّ مُبَكِّرَيْنِ . ( م )
س14- قال تعالى : * . وقال الشاعر :
وَبِالْجِسْمِ مِنِّى بَيِّناً لو عَلِمْتِهِ شُحُوبٌ وإِنْ تَسْتَشْهِدِي العَيْنَ تَشْهَدِ
وقال الشاعر :
ومَا لاَمَ نَفْسي مِثْلَهَا لى لاَئِمٌ ولا سَدَّ فَقْرِي مِثْلُ ما مَلَكَتْ يَدِي
وقال الشاعر :
نَجَّيْتَ يا ربِّ نُوحاً واسْتَجَبْتَ لَهُ فى فُلْكٍ مَاخِرٍ فى اليَمَّ مَشْحُونَا
وقال الشاعر : مَا حُمَّ مِنْ مَوْتٍ حِمًى وَاقِياً ولا تَرَى مِنْ أَحَدٍ بَاقِيَا
عيِّن الشاهد في كلِّ ما سبق ، وما وجه الاستشهاد فيها ؟
ج14- الشاهد في الآية الكريمة ، قوله تعالى : * . وجه الاستشهاد : أورد ابن عقيل هذه الآية شاهداً على مجيء
صاحب الحال نكرة إذا خُصِّص بوصف ، وهو قوله تعالى : *
وأمراً : حال من ( أمر ) الأول ، وهذا هو إعراب الناظم ، وابنه .
( م ) ومِن العلماء مَن جعل (أمراً) حالا من (كلّ أمر) وهي نكرة ؛ لأن المضاف إليه نكرة ، ومنهم من جعل (أمراً) حالاً مِن الضمير المستتر في (حكيم) ومنهم من جعله حالاً من الضمير الواقع مفعولاً ( أي : مأموراً به ) . ( م )
الشاهد في البيت الأوّل : بَيِّناً . وجه الاستشهاد : وقعت الحال ( بيِّنا ) من
النكرة ( شُحوب ) والمسوِّغ لذلك تقدُّم الحال على صاحبها .(1/155)
الشاهد في البيت الثاني : مثلَها لي لائم . وجه الاستشهاد : في هذا البيت حالان ، الأول قوله : ( مثلَها ) والثاني ، الجار والمجرور ( لي ) وكلاهما وقع حالا من النكرة ( لائم ) والمسوغ لذلك تقدّم الحال على صاحبها .
الشاهد في البيت الثالث : مَشْحُونا . وجه الاستشهاد : وقع الحال (مشحونا) من النكرة ، وهي قوله ( فلك ) والمسوِّغ لذلك أنها وُصِفَت بكلمة ( ماخر ) فَقَرُبَت من المعرفة .
الشاهد في البيت الأخير : وَاقِياً ، وبَاقِياً . وجه الاستشهاد : وقع الحال (واقيا) من النكرة ( حِمًى ) ووقع الحال ( باقيا ) من النكرة ( أحدٍ ) والمسوِّغ لذلك أنّ النكرة مسبوقة بالنّفي في الموضعين .
( م ) وإنما يكون الاستشهاد بقوله ( باقيا ) على أنها حال إذا جعلنا ( تَرى ) بصريّة ؛ لأنها تحتاج إلى مفعول واحد وقد استوفته ، وهو ( من أحدٍ ) فمن : زائدة ، وأحدٍ : مفعول به مجرور لفظاً منصوب محلا .
أما إذا جعلت ( ترى ) قَلْبِيَّة فإن قوله ( باقيا ) يكون مفعولا ثانيا . ( م )
س15- ممَّ احترز الناظم بقوله : " غالباً " ؟ وما مذاهب العلماء فيما احترز منه ؟
ج15- احترز بذلك مما ورد فيه مجئ الحال من النكرة بلا مُسَوِّغ .
ومنه ما ورد في الحديث :"صلَّى رسولُ - صلى الله عليه وسلم - قاعداً وصَلَّى وراءَه رجالٌ قِياماً " . ومنه قولهم : "مررت بِمَاءٍ قِعْدَةَ رَجُل ٍ، وقولهم : عليه مائةٌ بِيضاً ، وقولهم : فيها رجلٌ قائماً .
وقد اختلف العلماء في مجيء الحال من النكرة بلا مسوِّغ :
فذهب سيبويه : إلى أنّ ذلك مَقِيس لا يُوقَف فيه على ما ورد به السَّماع ؛ وعِلَّه ذلك عند سيبويه : أنّ الحال إنّما يُؤتَى بها لتقييد العامل فلا معنى لاشتراط المسوِّغ في صاحبها .
وذهب الخليل بن أحمد ، ويونس بن حَبيب : إلى أنّ ذلك مما لا يجوز أنْ يُقاس عليه ، وإنّما يُحفظ ما ورد منه .
حكم تقديم الحال على صاحبها المجرور بحرف جر(1/156)
وَسَبْقَ حَالٍ مَا بِحَرْفٍ جُرَّ قَدْ أَبَوْا وَلاَ أَمْنَعُهُ فَقَدْ وَرَدْ
س16- ما حكم تقديم الحال على صاحبها المجرور بحرف جر ؟
ج16- صاحب الحال قد يكون مجروراً بحرف جر أصلي ، وقد يكون مجروراً بحرف جر زائد . فإن كان مجروراً بحرف جر زائد فلا خلاف في جواز تقديم الحال على صاحبها ، نحو : ما جاء مِنْ أحدٍ راكبا . فراكبا : حال من (أحد) المجرور لفظا بِمِنْ الزائدة ؛ ولذلك يجوز تقديم الحال على صاحبها ؛ فتقول :
ما جاء راكبا مِنْ أحد ٍ.
أما إذا كان صاحب الحال مجروراً بحرف جر أصلي ، نحو : مررتُ بهندٍ جالسةً،
ففي تقديم الحال على صاحبها في هذه الحالة خلاف ، بيانه كما يلي :
1- مذهب جمهور النحويين : أنه لا يجوز تقديم الحال على صاحبها المجرور بحرف جر أصلي ؛ فلا تقول في المثال السابق : مررت جالسةً بهندٍ .
2- مذهب الفارسيّ ، وابن بَرْهَان : جواز ذلك ، ووافقهم الناظم بقوله :
" ولا أَمْنَعُهُ فَقَدْ وَرَدْ " ومنه قول الشاعر :
لَئِنْ كانَ بَرْدُ الماءِ هَيْمَانَ صَادِياً إلىَّ حَبِيباً إنَّها لَحَبِيبُ
فهيمانَ ، وصادياً : حالان متقدِّمان على صاحبهما الضمير ( ياء المتكلم ) المجرور بحرف جر أصلي ، هو ( إلى ) .
ومنه قول الشاعر:
فَإِنْ تَكُ أَذْوادٌ أُصِبْنَ وَنِسْوَةٌ فَلنْ يَذْهَبُوا فَرْغاً بِقَتْلِ حِبَالِ
فَفَرْغاً : حال متقدمة على صاحبها ( بقتل ) المجرور بحرف جر أصلي ، هو :
الباء . أمَّا إذا لم يكن صاحب الحال مجرورا فتقديم الحال عليه جائز سواء كان مرفوعا ، نحو : جاء ضاحكاً زيدٌ ، أم كان منصوبا ، نحو : رأيت باكيةً هنداً .
حكم مجيء الحال من المضاف إليه
وَلاَ تُجِزْ حَالاً مِنَ الْمُضَافِ لَهْ إِلاَّ إِذَا اقْتَضَى الْمُضَافُ عَمَلَهْ
أَوْ كَانَ جُزْءَ مَا لَهُ أُضِيفَا أَوْ مِثْلَ جُزْئِهِ فَلاَ تَحِيفَا
س17- ما حكم مجيء الحال من المضاف إليه ؟(1/157)
ج17- لا يجوز مجيء الحال من المضاف إليه إلا إذا تحقّق في المضاف أحد الشروط الثلاثة الآتية :
1- أن يكون المضاف عاملا في المضاف إليه ، كاسم الفاعل ، واسم المفعول ، والمصدر ، ونحوها مِمَّا تضمَّن معنى الفعل ، نحو : هذا ضاربُ هندٍ خائفةً . فالمضاف ( ضارب ) اسم فاعل يعمل عمل فعله ( ضربَ ) فهو يطلب الفاعل، والمفعول كما يطلبهما الفعل ( ضرب ) والفاعل ضمير مستتر ، والمفعول به في
المعنى هو ( هند ) وبهذا يكون المضاف قد عمل في المضاف إليه ؛ ولذا جاز
مجيء الحال ( خائفةً ) من المضاف إليه ( هند ) .
ومن ذلك أيضا قوله تعالى : * فجميعاً : حال من المضاف إليه الضمير ( كُمْ ) لأن المصدر ( مَرْجع ) يعمل عمل فعله ، فالمضاف إليه فاعل في المعنى . ومن ذلك قول الشاعر :
تَقُولُ ابْنَتِي إنَّ انْطِلاَقَكَ وَاحِداً إلى الرَّوعِ يوماً تَارِكي لا أَبَا لِيَا
فواحدا : حال من المضاف إليه (الكاف) في انْطِلاَقك ؛ وذلك لأن المضاف
( انطلاق ) مصدر يعمل الفعل فهو يَتَطَلَّب فاعلا كما يتطلبه فعله ( انْطَلَقَ )
والكاف هي الفاعل في المعنى ، وبذلك يكون المضاف عاملا في المضاف إليه ؛ ولذا جاز مجيء الحال من المضاف إليه .
2- أن يكون المضاف جُزْءاً حَقِيقياً من المضاف إليه ، كما في قوله تعالى :
* فإخوانا : حال من الضمير ( هم ) في * وصدور: مضاف وهو جزء حقيقي من المضاف إليه (هم)، وكما في قوله تعالى : *
فميتاً : حال من المضاف إليه ( أخ ) والمضاف ( لحمَ ) جزء حقيقي منه .
3- أن يكون المضاف بمنزلة الجزء الحقيقي من المضاف إليه ، فيصحّ حذف المضاف ، وإقامة المضاف إليه مقامه فلا يتغيَّر المعنى العام ، كما في قوله تعالى :
* فحنيفاً : حال من المضاف إليه ( إبراهيم ) والمضاف ( مِلَّة ) كالجزء من المضاف إليه ؛ لأنه يصح الاستغناء بالمضاف إليه عن المضاف بعد حذفه ، فلو قيل في غير القرآن ( أن اتّبِعْ إبراهيم حنيفاً ) لصحَّ المعنى .(1/158)
ومن ذلك قولك : تَمَتَّعْتُ بجمالِ الحديقةِ واسعةً ، فواسعة : حال من المضاف إليه ( الحديقة ) والمضاف ( جمال ) كالجزء من المضاف إليه ؛ لصّحة حذف المضاف والاستغناء بالمضاف إليه عنه ؛ فتقول تمتَّعت بالحديقةِ واسعةً .
فإذا لم يكن المضاف واحداً من الأمور الثلاثة المذكورة لم يَجُزْ أن يجيء الحال منه ؛ فلا تقول : جاء غُلاَمُ هندٍ ضاحكةً - خلافاً للفارسيِّ - لأن المضاف
( غلام ) ليس مما يعملُ عملَ فعلِه ، ولا هو جزء من المضاف إليه ، ولا مثل جُزْئِه .
قال الشارح : وقول ابن الناظم " إنّ هذه الصورة ممنوعة بلا خلاف " ليس بِجَيِّد فإنّ مذهب الفارسي جوازها ، كما تقدم .
( م ) س18- اختلف النّحاة في مجيء الحال من المضاف إليه ، وضِّح هذا الخلاف ، ثم بيّن سبب اختلافهم .
ج18- 1- ذهب سيبويه ، ومن وافقه كالفارسيّ : إلى أنه يجوز أن يجيء الحال من المضاف إليه مُطلقاً ( أي : سواء تحققّ في المضاف أحد الشروط الثلاثة السابقة ، أم لم يتحقَّق ) .
2- ذهب غيره من النّحاة ،ومنهم الأخفش ،وابن مالك : إلى أنه إذا تحقَّق أحد الشروط الثلاثة جاز مجيء الحال من المضاف إليه،وإن لم يتحقّق أحدها لم يَجُز.
والسبب في خلاف سيبويه ، وغيره من النحاة أنهم اختلفوا في : هل يجب أن يكون العامل في الحال هو نفس العامل في صاحب الحال ، أم لا يجب ذلك ؟
فذهب سيبويه : إلى أنه لا يجب أن يكون العامل في الحال هو العامل في صاحبها ، بل يجوز أن يكون العامل فيهما واحداً ، ويجوز أن يكون مختلفاً ، وعلى ذلك أجاز أن يجيء الحال من المضاف إليه مطلقا .
وذهب غيره : إلى أنه لابدَّ من أن يكون العامل في الحال هو نفس العامل في صاحبها ، وعلى ذلك أجازوا مجيء الحال من المضاف إليه إذا تحقّق واحد من الشروط السابقة .
حكم تقديم الحال على عاملها الفعل المتصرِّف
أو الصِّفة التي تشبهه(1/159)
وَالْحَالُ إِنْ يُنْصَبْ بِفِعْلٍ صُرِّفَا أَوْ صِفَةٍ أَشْبَهَتِ الْمُصَرَّفَا
فَجَائِزٌ تَقْدِيمُهُ كَـ مُسْرِعاً ذَا رَاحِلٌ وَمُخْلِصاً زَيْدٌ دَعَا
س19- اذكر أنواع العامل في الحال .
ج19- العامل في الحال نوعان :
1- عامل لفظي ، والمراد به : الفعل المتصرِّف ، أو صِفَة تُشْبِه الفعل المتصرَّف . والمراد بالصَّفة : ما تضمَّن معنى الفعل وحروفه ، وقَبِل التَّأنيث ، والتَّثنية ، والجمع : كاسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصِّفة المشَبَّهة .
2- عامل معنوي ، والمراد به هنا : اللفظ الذي يعمل بسبب ما تضَمَّنَه من معنى الفعل دون حروفه : كأسماء الإشارة ، وحروف التَّمَنِّي ، والتَّشْبِيه ، والتَّرَجِّي ، وغيرها .
وليس المراد بالعامل المعنوي في هذا الموضع الابتداء الذي يعمل في المبتدأ الرَّفع ، ولا التجرُّد من الناصب ، والجازم الذي يعمل في الفعل المضارع الرّفع ، وإنما المراد : ما تضمَّن معنى الفعل دون حروفه .
س20- ما حكم تقديم الحال على عاملها اللفظي ؟
ج20- يجوز تقديم الحال على عاملها ( ناصبها ) بأحد شرطين ، هما :
1- أن يكون العامل فعلا مُتَصَرِّفاً .
2- أن يكون العامل صِفة تُشبه الفعل المتصرِّف .
فمثال تقديم الحال على الفعل المتصرِّف ، قول الناظم : مُخْلِصاً زيدٌ دعا .
فَدَعَا : فعل متصرِّف ؛ ولذلك جاز تقديم الحال ( مخلصا ) عليه .
ومثال تقديمه على الصِّفة التي تُشبه الفعل المتصرِّف ، قول الناظم : مُسْرِعاً ذا رَاحِلٌ . فراحل : اسم فاعل يُشبه الفعل المتصرِّف ( رَحَل ) في معناه وحروفه ، ويقبل التأنيث ، والتثنية ، والجمع ؛ ولذا جاز تقديم الحال ( مسرعاً ) عليه .
فإن كان الناصب للحال فعلا غير متصرف لم يَجُزْ تقديمها عليه ، نحو :
ما أحسنَ زيداً ضاحكاً ، فلا يصحّ قولك : ضاحكا ما أحسنَ زيداً ؛ لأنَّ فعلَ التَّعَجُّبِ غيرُ متصرفٍ في نفسه فلا يتصرَّف في معموله بالعمل فيه .(1/160)
وكذلك إن كان الناصب للحال صِفة لا تُشبه الفعل المتصرف ، كأفعل التفضيل لم يَجز تقديم الحال عليه ، نحو : زيدٌ أحسنُ من عمرٍو ضاحكاً ، فلا يصح قولك : زيدٌ ضاحكاً أحسنُ من عمرٍو ؛ لأن أفعل التفضيل لا يُثَنَّى ، ولا يُجْمع ، ولا يُؤَنَّثُ فَأَشْبَهَ الجوامد فلم يتصرف في نفسه ، ولذلك لم يتصرَّف في معموله بالعملِ فيه .
( م ) س21- ما المواضع التي يجب فيها تأخير الحال عن عاملها ولوكان العامل فعلا متصرفاً ، أو صفة تُشْبه الفعل المتصرِّف ؟
ج21- جواز تقديم الحال على عاملها إن كان فعلا متصرفا ، أو صفة تُشبه الفعل المتصرِّف ليس على إطلاقه ، بل قد يَعْرِضُ أَمْرٌ يُوجِبُ تأخير الحال عن عاملها وإن كان فعلا متصرفا ، أو صفة تشبهه ، وذلك في أربعة مواضع ،هي :
1- أن يكون العامل مقترنا بلام الابتداء ، نحو : إنِّي لأزورك مسروراً .
2- أن يكون العامل مقترنا بلام القسم ، نحو قولهم : لأَصْبِرَنَّ مُحْتَسِباً ، ونحو :
واللهِ لأَصُومَنَّ مُعْتَكِفاً .
3- أن يكون العامل صلة لحرف مصدري ، نحو : إنَّ لك أنْ تسافرَ صائماً ، وإنَّ عليك أنْ تنصح َ مُخْلِصاً .
4- أن يكون العامل صِلَة لأل الموصولة ، نحو : أنت المصلِّي فرداً ، وعليٌّ المذاكر مُتَفَهِّماً .
حكم تقدّم الحال على عاملها الْمَعْنَوِيّ
وَعَامِلٌ ضُمِّنَ مَعْنَى الفِعْلِ لاَ حُرُوفَهُ مُؤَخَّراً لَنْ يَعْمَلاَ
كَتِلْكَ لَيْتَ وَكَأَنَّ وَنَدَرْ نَحْوُ سَعِيدٌ مُسْتَقِرًّا فى هَجَرْ
س22- ما حكم تقديم الحال على عاملها المعنوي ؟
ج22- عرفنا فيما سبق أن العامل المعنوي ، هو ما تضمَّن معنى الفعل دون حروفه :كأسماء الإشارة ، وحروف التَّمَنِّي ، والتَّشْبِيه ، والتَّرَجِّى، والتَّنْبِيه ، والنداء ، والاستفهام الذي يُقصد به التَّعجب ، والظرف ، والجار والمجرو ر .(1/161)
فهذه العوامل مُتَضَمِّنة معنى الفعل دون حروفه ، فاسم الإشارة يعمل في الحال ؛ لأنه متضمِّن معنى الفعل ( أُشِيرُ ) وحرف التَّمني ( ليت ) متضمِّن معنى الفعل
( أَتَمَنَّى ) وحرف التشبيه ( كأنّ ) متضمِّن معنى الفعل ( أُشَبِّهُ ) ... وهكذا .
أمَّا حكم تقديم الحال على العامل المعنوي فغير جائز ؛ تقول : تلك هندٌ مُتَحَجِّبَةً ، وليت زيداً أميراً أخوك ، وكأنّ زيداً راكباً أَسَدٌ ، ولعلّ زيداً أميراً قادمٌ ، وهاأنت زيدٌ راكباً ، وياأيها الرجلُ قائماً ، وزيدٌ في الدار قائما ، وزيدٌ عندك قائماً .
ولا يجوز تقديم الحال في هذه الأمثلة على عاملها ؛ لأن العامل معنوي ؛ فلا تقول : متحجِّبةً تلك هندٌ ، ولا : راكبا كأنَّ زيداً أسدٌ ، ولا : أميراً ليت زيداً أخوك....وهكذا في الباقي .
أما إذا كان العامل ظرفاً ، أو جارّاً ومجروراً فَيَنْدُرُ تقديم الحال عليه ، نحو :
زيدٌ قائماً عندك ، ونحو : سعيدٌ مستقراً في هَجَر . ومنه قوله تعالى :
* في قراءة مَنْ كَسَرَ (التاء) في مطويّات، ( وهي قراءة شاذَّة ) وأجاز الأخفش تقديم الحال على شبه الجملة قياساً .
حكم تقديم الحال إذا كان العامل
أفعل التفضيل
وَنَحْوُ زَيْدٌ مُفْرَداً أَنْفَعُ مِنْ عَمْرٍو مُعَاناً مُسْتَجَازٌ لَنْ يَهِنْ
س23- ما حكم تقديم الحال إذا كان العامل أفعل التفضيل ؟
ج23- تَقَدَّمَ في س20 أنّ أفعل التفضيل لا يعمل في الحال المتقدِّمة فلا يجوز تقديم الحال عليه ، واسْتُثْنِي من ذلك هذه المسألة ، وهي: إذا كان العاملُ أفعلَ التفضيلِ يقتضي حَالَيْن ، تدل إحداهما على أنّ صاحبها في طَوْرٍ من أطوره أفضل من نفسِه ، أو غيره في الحال الأخرى ؛ فالأحسن هنا أَنْ تتقدّم إحداهما على أفعل التفضيل ، وتتأخَّر الثانية ، وذلك نحو: زيدٌ قائماً أحسنُ منه قاعداً ، وزيدٌ مفرداً أنفعُ من عمرو مُعَاناً .(1/162)
ففي المثال الأول (قائما ، وقاعدا) : حالان منصوبان عاملهما أفعل التفضيل
( أحسن ) ، وفي المثال الثاني (مفردا ، ومعانا) حالان منصوبان عاملها أفعل التفضيل ( أنفعُ ) وإذا تأملت المثالين تجد أنّ (زيد) في طور القيام مُفَضَّل على نفسه في طور القعود من جهة ( الْحُسْن ) وهو مُفضَّل على غيره ( عمرو ) في حال الإفراد من جهة النَّفع .
ولا يجوز تقديم هذين الحالين على أفعل التفضيل ،ولا تأخيرهما عنه ؛ فلا تقول: زيدٌ قائماً قاعداً أحسنُ منه ، ولا تقول: زيدٌ أحسنُ منه قائما قاعدا ً.
وإعرابهما ( حالاً ) هو مذهب الجمهور ، وزعم السِّيرافي أنهما خبران منصوبان
بـ (كان) المحذوفة ، والتقدير : زيدٌ إذا كان قائماً أحسنُ منه إذا كان قاعداً ، وزيد إذا كان مفرداً أنفع من عمرو إذا كان مُعَاناً .
حكمُ تَعَدُّدِ الحال
وَالْحَالُ قَدْ يَجِىءُ ذَا تَعَدُّدِ لِمُفْرَدٍ فَاعْلَمْ وَغَيْرِ مُفْرَدِ
س24- ما حكم تعدُّد الحال ؟
ج24- لتعدُّد الحال حكمان : جائز ، وواجب . وحالة الجواز هي التي أشار إليها الناظم في هذا البيت ، وإليك البيان :
أولا : التعدّد الجائز ، يجوز تعدّد الحال سواء كان صاحبُها مفرداً ، أم متعدِّداً .
فمثال تعدّد الحال وصاحبها مفرد : جاء زيدٌ راكباً ضاحكاً . فراكبا ، وضاحكا : حالان ، وصاحبهما واحد ، هو (زيد) والعامل فيهما الفعل (جاء) ومثال تعدّد الحال وصاحبها متعدِّد : لقيت هِنداً مُصْعِداً مُنْحَدِرةً . فَمُصْعِداً : حال من التاء في (لقيتُ) ومُنْحدِرَةً : حال من (هند) والعامل فيهما (لَقِيت) ومنه قول الشاعر : لَقِيَ ابْنِى أَخَوَيْهِ خَائِفاً مُنْجِدَيْهِ فَأَصَابُوا مَغْنَماً
فخائفا : حال : من (ابني) ومُنجِديه : حال من (أخويه) والعامل فيهما (لَقِيَ) .(1/163)
فعند تعدّد الحال وتعدّد صاحبها تُرَدُّ كلُّ حالٍ إلى صاحبها الذي يناسبها عند ظهور المعنى ، أمَّا إذا لم يَظْهر المعنى فيُجْعَل أوَّل الحالين لثاني الاسمين ، وثانيهما لأوّل الاسمين . ففي قولك : لقيتُ زيداً مُصْعِداً مُنْحَدِراً ، لم يظهر المعنى فَلِمَنِ الصعود؟ ولِمَنِ الانحدار ؟ ولذلك يكون مصعداً حال من ( زيد ) ومنحدراً حال من ( التاء ) .
( م ) ثانيا : التَّعدُّد الواجب : يجب تعدّد الحال في موضعين ، هما :
1- أن يقع الحال بعد ( إِمَّا ) كما في قوله تعالى : * .
2- أن يقع الحال بعد ( لا ) النّافية ، كقولك : رأيت بَكْراً لا مُسْتَبْشِراً ولا جَذْلانَ . وحالة الوجوب هذه لم يذكرها الشارح . ( م )
الحال المؤَكِّدَة لعاملها
وَعَامِلُ الْحَالِ بِهَا قَدْ أُكِّدَا فى نَحْوِ : لاَ تَعْثُ فى الأَرْضِ مُفْسِدَا
س25- اذكر أقسام الحال باعتبار التأكيد ، وعدمه .
ج25- تنقسم الحال بهذا الاعتبار إلى قسمين : مُؤكِّدة ، وغير مُؤكِّدة . وتنقسم المؤكِّدة إلى قسمين : مُؤكِّدة لعاملها ، ومُؤكِّدة لمضمون الجملة ، أمَّا غير المؤكِّدة فهي ماسوى هذين القسمين .
س26- ما مراد الناظم بهذا البيت ؟
ج26- مراده : بيان القسم الأول من الحال المؤكِّدة ،وهي ما أكَّدَت عاملها . والحال المؤكِّدة لعاملها هي :كلُّ وَصْف دلّ على معنى عامله ، وخالفه لفظاً
( وهو الأكثر ) وقد يوافقه لفظا ( وهو دون الأول في الكَثْرة ) فمثال المخالف لفظاً ، قول الناظم : لا تعثُ في الأرضِ مفسداً . فمفسداً : حال دلّت على معنى العامل ( لا تَعْث ) ولكنها مختلفة عنه في اللفظ . ومن ذلك قوله تعالى : * وقوله تعالى : * ومثال الموافق لفظاً ، قوله تعالى : * .
الحال المؤكِّدة لمضمون الجملة
وَإِنْ تُؤَكِّدْ جُمْلَةً فَمُضْمَرُ عَامِلُهَا وَلَفْظُهَا يُؤَخَّرُ
س27- ما مراد الناظم بهذا البيت ؟(1/164)
ج27- مراده : بيان القسم الثاني من أقسام الحال المؤكِّد ، وهو : ما أكَّدت مضمون الجملة . وشرط الجملة : أن تكون اسمية ، وجُزْآها معرفتان جامدان ، نحو : زيدٌ أخوك عطوفاً ، ونحو : أنا زيدٌ معروفاً .
فعطوفاً ، ومعروفا : حالان مُؤكِّدان لمضمون الجملة الاسميّة التي قبلهما ،
وأجزاء الجملتين ( أي : المبتدأ والخبر ) جامدان ، والعامل في الحال محذوف وجوبا ، تقديره في الجملة الأولى : زيدٌ أخوك أَحُقُّه عَطُوفاً ، أو : أَعْرِفُه ، أو : أَعْلَمُه ، والتقدير في الثانية : أنا زيدٌ أُحَقُّ معروفا ، أو : أُعْرَفُ ، أو أُعْلَمُ .
ومن الشواهد قول الشاعر :
أَنَا ابْنُ دَارَةَ مَعْرُوفاً بِها نَسَبِى وَهَلْ بِدَارَةَ يالَلنَّاسِ مِنْ عَارِ
فمعروفا : حال أَكَّدت مضمون الجملة التي قبلها .
ولا يجوز تقديم هذه الحال على الجملة التي قبلها ؛فلا تقول: عطوفاً زيدٌ أخوك ، ولا : معروفاً أنا زيدٌ .
وكذلك لا يجوز توسُّطها بين المبتدأ والخبر ؛ فلا تقول : زيدٌ عطوفاً أخوك .
الحال الجملة
وَمَوْضِعَ الْحَالِ تَجِىءُ جُمْلَهْ كَجَاءَ زَيْدٌ وَهْوَ نَاوٍ رِحْلَهْ
* س28- اذكر أقسام الحال باعتبار كونها مفردة ، وغير مفردة .
ج28- الحال بهذا الاعتبار تنقسم إلى ثلاثة أقسام ، هي :
1- حال مفردة ، نحو : جاء الطالبُ ضاحكاً ، وجاء الطالبانِ ضاحِكَيْنِ ، وجاء الطلابُ ضَاحِكِينَ . والمراد بالمفرد ، ما ليس بجملة .
2- حال جملة ، وهي نوعان :
أ- جملة اسمية ، نحو : جاء الطلابُ وهم يضحكون ، ونحو : وصلت مكَّة والشمسُ تغربُ .
ب- جملة فعلية ، نحو : جاء الطلابُ يضحكون ، ونحو : جاء الطالب وقد انتهى الدَّرس .
3- حال شبه جملة ، نحو : رأيت الهلال بين السَّحابِ ، ونحو قوله تعالى :
* .
س29- ما مراد الناظم بهذا البيت ؟(1/165)
ج29- مراده : بيان الحال الجملة ، فَذَكَرَ أنّ الحال الجملة تجىء في موضع المفرد فتأخذ محلَّها وإعرابها ، فتكون الجملة في محل نصب حال ؛ ذلك لأنّ الأصل في الحال الإفراد ، كالخبر، والصِّفة ؛ فإنَّ أصلهما الإفراد أيضاً ، وتقع الجملة موقعهما .
فمن أمثلة وقوع الحال جملة ، قول الناظم : جاء زيدٌ وَهْوَ ناوٍ رِحْلَةً ، وكما في قوله تعالى : * وقوله تعالى :
* .
س30- اذكر شروط الحال الجملة .
ج30- يشترط للحال الجملة أربعة شروط ، هي :
1- أن تشتمل الجملة على رابط يربطها بصاحب الحال .
والرابط ثلاثة أنواع :
أ- الضمير وَحْده ، كما في قوله تعالى : * فالرابط في ( يبكون ) الضمير (واو الجماعة) وهو عائد إلى صاحب الحال (واو الجماعة) في جاءوا ، ونحو قولك : جاء الطفل يبكي ، الرابط : ضمير مستتر فاعل ( يبكي ) ، ونحو : جاء زيدٌ يَدَهُ على رأسه .
ب- الواو وَحْدها ، نحو : وصلت مكةَ والشمسُ تَغْرُبُ ، ونحو : جاء زيدٌ وعمرو قائمٌ . فالواو هي الرابط ، وتُسمَّى : واو الحال ، وواو الابتداء . وعلامتها صِحَّة وقوع ( إِذْ ) موقعها ؛ فتقول في التقدير : جاء زيدٌ إِذْ عمرٌو قائم ( والمعنى صحيح ) .
ج- الضمير ، والواو مَعاً ، نحو : جاء زيدٌ وهو ناوٍ رِحْلَةً . فالواو ، والضمير ( هو ) رابطان عائدان إلى صاحب الحال ( زيد ) ومن ذلك قوله تعالى :
* .
( م )2- أن تكون الجملة خبرية ( أي : تحتمل الصِّدق والكذِب ) دون النَّظر إلى القائل ، ولا يجوز أن تكون الحال جملة إنشائية ، كالأمر ، والنهي ، والاستفهام ... إلخ .
3- ألا تكون جملة الحال تَعَجُّبِيَّة .
4- ألاَّ تكون مُصَدَّرة بما يدلّ على الاستقبال ، كسَوْفَ ، ولَنْ ، وأدوات الشرط ؛ فلا يصحّ أن تقول : جاء زيدٌ إِنْ يَسْأَلْ يُعْطَ ، والصحيح أن تقول : جاء زيدٌ وهو إِنْ يَسْألْ يُعْطَ ، فتكون الحال جملة اسمية خبريّة . ( م )
نوع الرابط في الحال الجملة الفعلية(1/166)
التي فعلها مضارع مثبت
وَذَاتُ بَدْءٍ بِمُضَارِعٍ ثَبَتْ حَوَتْ ضَمِيراً وَمِنَ الوَاوِ خَلَتْ
وَذَاتُ وَاوٍ بَعْدَهَا انْوِ مُبْتَدَا لَهُ الْمُضَارِعَ اجْعَلَنَّ مُسْنَدَا
س31- ما نوع الرابط في الحال الجملة الفعلية التي فعلها مضارع مثبت ؟
ج31- إذا كان الحال جملة فعلية فعلها مضارع مثبت فالرابط فيها الضمير فقط ،ولا يجوز أن تقترن بالواو ، نحو : جاء زيدٌ يضحك . فالرابط : ضمير مستتر تقديره ( هو ) فاعل يضحك ، ولا يجوز دخول الواو ؛ فلا تقول : جاء زيدٌ ويضحك . ومنه قوله تعالى : * ومن الأمثلة : جاء عمرو تُقَادُ الجنَائِبُ بين يديه . فالرابط : الضمير في ( يديه ) .
فإن جاء من لسان العرب ما ظاهره دخول الواو على الفعل المضارع المثبت
الواقع حالاً أُوِّل على إضمار مبتدأ بعد الواو ، ويكون المضارع خبراً عن المبتدأ - وهذا هو المراد من البيت الثاني - ومثال ذلك قولهم : قمتُ وأَصُكُّ عينَه . فأصُك : فعل مضارع ، والفاعل ضمير مستتر تقديره ( أنا ) والجملة الفعليّة في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير : قمت وأنا أصُك عينه ، والجملة من المبتدأ والخبر في محل نصب حال . ومن ذلك قول الشاعر :
فَلَمَّا خَشِيتُ أَظَافِيرَهُمْ نَجَوْتُ وَأَرْهَنُهُمْ مَالِكاً
ظاهر البيت يدلّ على أن الفعل المضارع المثبت الواقع حالاً مسبوق بالواو ، وذلك الظاهر غير صحيح ؛ فإن جملة الفعل المضارع ( أرهنهم ) في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير : وأنا أرهنهُم ، والجملة من المبتدأ والخبر في محل نصب حال .
(م) يجب أن تقترن الجملة الحالية التي فعلها مضارع مثبت بالواو إذا سُبقت بـ (قد) كما في قوله تعالى : * . (م)
نوع الرابط في كلِّ جملة حالية
لم تُصَدَّر بفعل مضارع مُثْبَت
وَجُمْلَةُ الْحَالِ سِوَى مَا قُدِّمَا بِوَاوٍ أَوْ بِمُضْمَرٍ أَوْ بِهِمَا
س32- اذكر أنواع الجملة الحالية .
ج32- الجملة الحالية نوعان :(1/167)
1- جملة اسمية ، وهي إما مُثبتة ، أو منفيَّة .
2- جملة فعلية ، وفعلها إما مضارع ، أو ماض .
وكلُّ واحد منهما إمَّا مثبت ، أو منفي .
س33- ما نوع الرابط في الجملة الحالية التي لم تُصدَّر بفعل مضارع مُثبت ؟ مع التمثيل لما تقول .
ج33- كلّ جملة حالية لم تُصدَّر بفعل مضارع مثبت جاز فيها أن يكون الرابط الواو وحدها ، أو الضمير وحده ، أو بهما معاً فيدخل في ذلك كل أنواع الجملة الحالية ما عدا المضارع المثبت فالرابط فيه الضمير فقط - كما ذكرنا ذلك سابقاً - وإليك الآن الأمثلة على تنوُّع الرابط في الجمل الحالية التي لم تُصدَّر بفعل مضارع مثبت .
1- الجملة الاسمية : جاء زيدٌ وعمرٌو قائمٌ ، ونحو : جاء زيدٌ يده على رأسه ،
ونحو : جاء زيدٌ ويده على رأسه . فالرابط في الجملة الأولى : الواو فقط ، وفي الثانية الضمير فقط ، وفي الثالثة : الواو ، والضمير معا ً.
2- الجملة الفعلية التي فعلها مضارع منفي بغير ( لا ، وما ) كما في قوله تعالى : * الرابط الضمير (هم) ونحو : جاء زيدٌ لم يضحكْ ، الرابط : ضمير مستتر ، ونحو : جاء زيدٌ ولم يضحك ، الرابط : الواو والضمير المستتر ، ونحو : جاء زيدٌ ولم يَقُمْ عمرو ، الرابط الواو وحدها .
وأمَّا الفعل المضارع المنفي بـ ( لا ) فقد ذكر النَّاظم في غير هذا الكتاب أنه لا يجوز اقترانه بالواو ، كالمضارع المثبت ، وأنّ ما ورد مَّما ظاهره ذلك يُؤَوَّل على إضمار مبتدأ ،كقراءة ابن ذَكْوَان قوله تعالى : *
( بتخفيف النون ) والتقدير : وأنتما لا تتَّبعان ، فـ (لا تتَّبعان) خبر لمبتدأ محذوف .
وأمَّا الشارح فقد أجاز دخول الواو على المضارع المنفيَّ بـ ( لا ) فتقول : جاء زيد ولا يضربُ عمراً .
ويمتنع كذلك اقتران الجملة الفعلية بالواو إذا كان المضارع منفيا بـ ( ما ) وقيل : يجوز الوجهان ، نحو : جاء زيدٌ وما يضحك ، وجاء زيدٌ ما يضحك .(1/168)
3- الجملة الفعلية التي فعلها ماض مثبت ، نحو : جاء زيدٌ وقد قام عمرو، الرابط : الواو وحدها ، ونحو : جاء زيدٌ قد قام أبوه ، الرابط : الضمير وحده في ( أبوه ) ونحو : جاء زيد وقد قام أبوه ، الرابط : الواو والضمير معاً .
* جملة الحال إذا كانت فعلا ماضيا مثبتا اقترنت بقَد،كما في الأمثلة السابقة . *
4- الجملة الفعليّة التي فعلها ماضٍ منفيّ ، نحو : جاء زيدٌ وما قام عمرو ، الرابط : الواو وحدها ، ونحو : جاء زيد ما قام أبوه ، الرابط : الضمير وحده ، ونحو : جاء زيد وما قام أبوه ، الرابط : الواو والضمير معا .
س34- اذكر الجمل الحالية التي يمتنع اقترانها بالواو .
ج34- الجمل الحالية التي يمتنع اقترانها بالواو ، هي :
1- جملة الفعل المضارع المثبت .
2- جملة الفعل المضارع المنفي بـ (لا) كما في قوله تعالى: * .
( م ) 3- جملة الفعل المضارع المنفي بـ ( ما ) كقول الشاعر : عَهِدْتُك مَا تَصْبُو وَفِيكَ شَبِيبَةٌ فَمَا لَكَ بَعْدَ الشَّيبِ صَبًّا مُتَيَّماً
4- الجملة المعطوفة على حال قبلها ، كما في قوله تعالى : * فجملة ( هم قائلون ) معطوفة على ( بياتا ) .
5- الجملة المؤكِّدة لمضمون جملة قبلها، نحو قولك : هو الحقُّ لا شَكَّ فيه ، وكما في قوله تعالى : * فجملة (لا ريبَ فيه ) حال مؤكدة لمضمون ( ذلك الكتاب ) .
وبعض الْمُعْرِبِينَ يجعلون جملة ( لا ريبَ فيه ) خبر للمبتدأ ( ذلك ) .
6- الجملة التي تقع بعد إِلاَّ سواء أكانت الجملة اسمية ، نحو : ما صاحبتُ أحداً إلاَّ زيدٌ خيرٌ منه ، أم كانت فعلية فعلها ماضٍ ، كما في قوله تعالى :
*
وأما قول الشاعر :
نِعْمَ امْرَأً هَرِمٌ لَمْ تَعْرُ نَائِبَةٌ إلاَّ وَكَانَ لَمُرْتَاعٍ لَهَا وَزَرَا . فهو شاذٌ . وقيل : قليل لا شاذٌ ؛ وذلك لأن الشاعر أدخل الواو على الجملة الفعلية التي فعلها ماضٍ مع أنها مسبوقة بـ ( إلاَّ ) . ... ... ... ...(1/169)
7- الجملة الفعلية التي فعلها ماضٍ مَسْبُوق بـ ( أو ) العاطفة ، نحو : لأَضْرِبَنَّه
حَضَرَ أو غَابَ . ومن ذلك قول الشاعر : ... كُنْ لِلْخَلِيلِ نَصِيراً جَارَ أَوْ عَدَلاَ وَلاَ تَشِحَّ عَلَيْهِ جَادَ أَوْ بَخِلاَ (م )
حكم حذف العامل في الحال
وَالْحَالُ قَدْ يُحْذَفُ مَا فِيهَا عَمِلْ وَبَعْضُ مَا يُحْذَفُ ذِكْرُهُ حُظِلْ
س35 ما حكم حذف العامل في الحال ؟
ج35 لحذف عامل الحال ثلاثة أحكام ، هي :
1- وجوب الحذف 2- جواز الحذف 3- وجوب ذِكْره،ولا يجوز حذفه .
س36- ما المواضع التي يجب فيها حذف عامل الحال ؟
ج36- يجب حذف عامل الحال في المواضع الآتية :
1- في الحال المؤكِّدة لمضمون الجملة ، نحو : زيدٌ أخوك عطوفاً ، والتقدير : أَحُقُّه عطوفاً ، أو أَعْرِفُه عطوفاً .
2- في الحال النائبة مناب الخبر ، نحو : ضَرْبي زيداً قائماً ، والتقدير : إذا كان قائماً ( قد سبق بيان ذلك في باب المبتدأ والخبر ، فارجع إليه ) .
3- في الحال الدَّالة على زِيَادَة ، أو نَقْص بالتَّدْرِيج ، نحو : اشتريته بدرهمٍ فَصَاعِداً ، ونحو : تصدَّقت بدينارٍ فَسَافِلاً ( فصاعِداً ، وسَافِلا ) حالان ، أُوْلاَهُمَا : تدلّ على الزيادة (صاعداً ) والثانية : تدلّ على النقص ( سَافِلا ) وعاملهما محذوف وجوبا ، وكذلك صاحب الحال محذوف وجوباً ، والتقدير : فَذَهَبَ الثَّمنُ صاعداً ، وذَهَبَ المتَصَدَّقُ به سافلاً .
ولا بد من اقتران الحال المفردة ( فصاعداً ، فسَافلا ) بالفاء العاطفة ، أو ثُمَّ . والكوفيون يُجيزون ( الواو ) أيضاً .
( م ) 4- إذا كانت الحال نائبة عنه ، كقولك لَمِنْ شَرِب : هَنِيئاً . فهنيئا : حال نابت عن عاملها المحذوف فَأَغْنَتْ عن ذِكره ، والتقدير: اِشْرَبْ هَنيئاً . ومن ذلك قول الشاعر :
هَنِيئاً مَرِيئاً غَيْرَ دَاءٍ مُخَامِرٍ لِعَزَّةَ مِنْ أَعْرَاضِنَا ما اسْتَحَلَّتِ(1/170)
5- إذا دلّت الحال على تَوْبِيخ ، نحو قولك لِلكَسْلاَن: أقَاعِداً وقد جَدَّ النَّاسُ ؟ ( م ) وهذه المواضع التي يجب فيها حذف العامل هي المراد بقول الناظم :
"وبعضُ ما يُحْذَفُ ذِكْرُه حُظِل " ( أي : بعض ما يُحْذَفُ من عامل الحال ذِكْرُه مُنِع ) .
س37- ما المواضع التي يجوز فيها حذف عامل الحال ؟
ج37- يجوز حذف عامل الحال إذا دلّ عليه دليل ، نحو قولك لصديقك : كيف جئتَ ؟ فيقول ( راكباً ) ويجوز ذِكره ؛ فيقول ( جئت راكباً ) ونحو قولك : بَلَى مُسْرِعاً ، لمن قال لك : ألَمْ تَسِرْ ، والتقدير : بلى سِرْتُ مسرعاً . ومنه قوله تعالى : * والتقدير- والله أعلم- بلى نَجْمَعُها قادرين .
( م ) س38- ما المواضع التي يجب فيها ذكر عامل الحال ؟
ج38- يجب ذكر عامل الحال ، ولا يجوز حذفه إذا كان العامل معنويّاً ، كالظرف ، واسم الإشارة ، وغيرهما فلا يُحْذَف شيء من هذه العوامل سواء أَعُلِمَتْ أم لم تُعْلَمْ ؛ لأن العامل المعنوي ضعيف فلا يَقْوَى على أن يعمل وهو محذوف .
( م ) س39- ما حكم حذف الحال ؟
ج39- يجوز حذف الحال ؛ لأنه فَضْلَة ،كالمفعول به ،وغيره مِمَّا أَصْلُه فَضْلة ، وليس عُمْدَة ،كما في قوله تعالى : * ( أي : يدخلون قائلين : سلام عليكم ) .
وقد يجب ذِكره فلا يُحْذَف ، وذلك في خمسة مواضع ، هي :
1- أن تكون الحال مقصورة عليها ، نحو : ما سافرت إلا راكباً ، وما عَاقَبْتُ الطالبَ إلا مُذْنِباً .
2- أن تكون الحال نائبة عن عاملها ، كقولك : هنيئاً مَرِيئاً ، والتقدير : كُلْ هنيئاً مريئاً .
3- أن تتَوَقَّف على الحال صِحَّة الكلام ، كقوله تعالى : * .
فَحَذْفُ الحال ( لاعبين ) يُفْسِد المعنى المراد ؛ ولذلك يجب ذكرها .
وكذلك إذا تَوَقَّف على الحال مراد المتكلِّم ، كما في قوله تعالى : * فكُسَالى: حال مقصودة بذاتها ؛ لأن المعنى يتوَقَّف على ذِكرها .(1/171)
4- أن يكون الحال جواباً ، كقولك : مُسْرِعاً ، لمن قال لك : كيف جئتَ ؟
5- أن تكون الحال نائبة عن الخبر ، نحو : ضربي زيداً مُسِيئاً .
( م ) س40- ما حكم حذف صاحب الحال ؟
ج40- الأصل في صاحب الحال أن يكون مذكوراً ، وقد يُحذف جوازاً ، وقد يُحذف وجوباً .
فيحذف جوازاً ، كما في قوله تعالى : *
( أي : بعثه الله رسولاً ) كما يُحْذَف جوازاً إذا حُذِف عامله ، نحو قولك للمسافر : سَالِماً ( أي : تُسَافِِر سالماً ) .
ويجب حذفه مع الحال التي تُفهم ازدِيَاداً ، أو نقصاً بِتَدْرِيج ، نحو قولهم : اشتريت بدينارٍ فَصَاعداً . ففي هذا المثال حُذِف صاحب الحال ، والعامل ، والتقدير : فَذَهَبَ الثَّمنُ صاعداً .
---
التَّمْيِيزُ
تعريفه ، والعامل فيه
اسْمٌ بِمَعْنَى مِنْ مُبِينٌ نَكِرَهْ يُنْصَبُ تَمْيِيزاً بِمَا قَدْ فَسَّرَهْ
كَشِبْرٍ أَرْضاً وَقَفِيزٍ بُرًّا وَمَنَوَيْنِ عَسَلاً وَتَمْرَا
س1- عرِّف التمييز ، مع التمثيل له ، وماذا يُسَمَّى ؟
ج1- التمييز : هو كلّ اسم نكرة مُتَضَمِّن معنى ( مِنْ ) الْبَيَانِيَّة لِبَيَانِ ما قبله مِنْ إجمال ، نحو : طابَ زيدٌ نفساً ، وعندي شِبْرٌ أَرْضاً .
والتمييز فَضْلة ، كالمفعول به ، والمفعول المطلق ، والمفعول له ، والمفعول فيه ، والمفعول معه ، والمستثنى ، والحال .
ويُسَمَّى : مُفَسِّراً ، وتَفْسِيراً ، ومُبَيِّناً ، وتَبْيِيناً ، ومُمَيِّزاً ، وتَمْيِيزاً .
س2- بِمَ احْتُرِزَ من التعريف السَّابق ؟ وماذا يشمل قوله في التعريف : لبيان ما قبله مِن إجمال ؟
ج2- بقوله ( مُتَضمن معنى مِنْ ) احْتُرز من الحال ؛ لأنها متضمنة معنى (في) .
وبقوله (لبيان ما قبله) احترز مما تضمَّن معنى ( مِنْ ) وليس فيه بيان لما قبله ، كاسم (لا) النافية للجنس ، نحو : لا رجلَ قائمٌ ؛فإن التقدير: لا مِنْ رجلٍ قائمٌ.
ويشمل قوله ( لبيان ما قبله مِن إجمال ) نوعي التّمييز ، وهما : تمييز الذَّات ،(1/172)
وتمييز النِّسْبَة فهما يُبَيِّنَانِ إجمال الذات ، وإجمال النِّسبة .
س3- عرِّف تمييز الذَّات ، مع التمثيل والتوضيح . وما العامل في نصبه ؟
ج3- عرفنا أنّ التمييز نوعان ، تمييز ذَات ، وتمييز نِسْبة .
أولاً : تمييز الذّات ، ويُسمَّى تمييز المفرد ؛ لأنه يُزِيلُ الإبهام عن كلمة واحدة ، أو ما هو بمنزلتها . ويُسمَّى تمييز ذات ؛ لأن الغالب في الكلمة التي يُزيل إبهامها أن تكون جسماً محسوساً .
تعريف تمييز الذات ، هو : الواقع بعد المقادير ، أو ما يُشْبِهُهَا .
والمقادير أربعة أنواع ، هي :
1- الْمَمْسُوحَاتُ ( الْمَقَايِيسُ ) نحو : له شِبْرٌ أرضاً ، واشتريت متراً قماشاً .
فَشِبْرٌ ، ومتراً : من المقاييس التي يُقَاس بها ، وهما كلمتان مفردتان لهما ذات ، ( أي : جسم مَحْسُوس ) وذُكِرَ بعدهما التمييز ( أرضاً ، وقماشا ) لتوضيح ، وبيان ، وتعيين المراد بالكلمتين السابقتين لهما ، فلو قلنا : اشتريت متراً ، لاحتمل أموراً كثيرة : قماشاً ، أرضاً ، ورقاً ، حَبْلا ، خَشَباً ... إلخ ، وعندما ذكرنا التمييز ( قماشاً ) زال الإبهام وتعيَّن المراد ...وهكذا في كلِّ ما هو آتٍ .
2- الْمَكِيلاَتُ ، نحو : له قَفِيزٌ بُرًّا ( القَفِيزُ : مِكيال قديم ) ونحو : تَصَدَّقْتُ بصاعٍ تَمْراً ، ونحو : عندى مدٌّ شعيراً . ( المدّ : مكيال قديم ) .
3- الْمَوْزُونَاتُ ، نحو : له مَنَوَانِ عَسَلاً وتَمْراً ( الْمَنَوان : معيار للوزن قديماً ) ونحو : اشتريت غِرَاماً ذهباً .
4- الأَعْدَادُ ، نحو عندي عِشرون دِرهماً ، أو كِنَايّة عن الأعداد ، نحو :كم كتاباً عندك ؟ عندي كذا كتاباً ( فكم ، وكذا ) كِناية عن العدد .
((1/173)
م ) بَقِيَ شيئان يقع بعدهما تمييز اذَّات لم يذكرهما الشارح ، أوّلهما : ما يُشبه المقادير ، وهو : كلُّ ما أَجْرَتْه العرب مجرى المقادير ؛ لِشبْهِه بها في مُطْلَقِ المقدار وإنْ لم يَكُنْ منها ؛ لعدم دلالته على مقدار معيَّن محدود ، نحو :
صَبَبْتُ عليه ذَنُوباً ماءً ، واشتريتُ كِيْساً دقيقاً ، وقولهم: على التَّمرةِ مثلُها زُبْدا.
ومنه قوله تعالى : * .
( فذَنوباً ، وكيساً ، ومثلُها ، وبمثلِه ) ليست مقاييس ؛ لأنها بذاتها لا تدلّ على مقدار معيَّن محدود ، ولكنها أشبهت المقاييس في مُطلق المقدار ، فالكيس يُشبه : المكيال ، ولفظ ( مثلها ) يُشبه الوزن ، ولفظ ( بمثله ) في الآية يشبه المساحة .
ثانيهما : ما كان فرعا للتمييز ، نحو : أهديتُه خاتما فِضَّةً ، وهو مُختلف فيه: فَمذْهَب ابن مالك تبعاً للمبرِّد : أنّ ( فِضَّة ) تمييز ، وليست حالاً ؛ ذلك لأنّ
( فِضَّة ) اسم نكرة جامد لازم غير مُنتقل ، وصاحبه ( خاتم ) نكرة أيضاً ، والحال الغالب فيها أن تكون منتقلة وصاحبها معرفة .
ومذهب سيبويه : أنّ (فضة) حال ، وليست تمييزاً ؛ لأن التمييز عند سيبويه ، هو : ما وقع بعد المقادير ، وما يُشْبِهها فقط ، وأمَّا ما وقع بعد الفرع فليس من التمييز . ( م )
والعامل في نصب تمييز الذات ، هو : ما فَسَّرَه التمييز (أي: المقادير وشِبْهها) .
س4- عرَّف تمييز النَّسبة ، مع التوضيح والتمثيل . وما العامل في نصبه ؟
ج4- تمييز النِّسبة ، ويسمَّى تمييز الجملة ؛ لأنه يوضِّح ويفسِّر جملة مُبْهَمَة النِّسبة قبله ، نحو : حَسُنَ الطالبُ خُلُقاً . فخُلُقاً : تمييز نِسبة ؛ لأنه يُفسِّر جملة (حَسُنَ الطالب) ويُزيل الإبهام عنها ، فلو قلنا : حَسُن الطالب ، لاحتمل أموراً
كثيرة ، هل حَسُن بالنِّسبة إلى خُلُقِه ، أو بالنِّسبة إلى عمله ، أو إلى خَطِّه ... إلخ وعندما ذَكْرنا كلمة ( خُلُقاً ) زال هذا الإبهام عن الجملة المذكورة .(1/174)
تعريف تمييز النِّسبة ، هو : ما مَيَّزَ جملةَّ مبهمةَ النِّسبةِ قبلَه ، وبيَّن ما تَعَلَّقَ به العامل ، كالفاعل ، والمفعول به .
والمراد ببيان ما تعلَّق به العامل: أنّ تمييز النِّسبة إمَّا أنْ يكون منقولاً من الفاعل، نحو : طابَ المدرسُ نفساً ( فنفساً ) تمييز منقول من الفاعل ، والأصل : طابتْ نفسُ المدرسِ . ومنه قوله تعالى : * أو يكون منقولاً من المفعول به ، نحو: غرستُ الأرضَ شجراً ، والأصل: غرستُ شجرَ الأرضِ . ومنه قوله تعالى : * (أي : فجَّرنا عيونَ الأرضِ) .
والعامل في نصب تمييز النِّسبة ، هو : العامل الذي قبله (أي : الفعل المذكور قبله ، أو شبهه) . وهذا هو الصحيح ، وهو مذهب سيبويه .
* وظاهر كلام الناظم في قوله : " يُنْصَبُ تمييزاً بما قد فَسَّرَه " يدلّ على أنّه يرى أنّ العامل في تمييز النِّسبة ، هو ما فَسَّره ( أي: الجملة التي قبله ) .
وذكر الأشموني : أنّ كلام النّاظم يحتمل المذهبين . *
أحكام تمييز الذات
وَبَعْدَ ذِى وَشِبْهِهَا اجْرُرْه إِذَا أَضَفْتَهَا كَـ مُدُّ حِنْطَةٍ غِذَا
وَالنَّصْبُ بَعْدَ مَا أُضِيفَ وَجَبَا إِنْ كَانَ مِثْلَ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبَا
س5- اذكر أحكام تمييز الذات الإعرابيَّة .
ج5- لتمييز الذّات ثلاثة أحكام ، هي :
1- جواز النّصب ، نحو : له شِبْرٌ أرضاً ، ومُدٌّ حِنْطَةً ، وكِيسٌ دقيقاً .
2- جواز الجرّ بـ ( من ) البيانية ، نحو : له شبرٌ مِنْ أرضٍ ، ومُدٌّ مِنْ حِنْطَةٍ ، وكيسٌ مِن دقيقٍ . وسيأتي بيان هذا الحكم فيما بعد .
3- جواز الجرّ بالإضافة ، نحو : له شبرُ أرضٍ ، ومُدُّ حِنْطَةٍ ، وكيسُ دقيقٍ . وللتمييز الواقع بعد ما يُشبه المقدار حكم خاصٌّ به ، وهو : إنْ أُضيف الدَّال على المقدار إلى غير التمييز وجب نصب التمييز ، كما في قوله تعالى :
* فملء : دالّ على المقدار ... وأُضيف إلى كلمة ( الأرض ) وهي ليست التمييز ؛ ولذا وجب نصب التمييز
((1/175)
ذهبا ) ومن ذلك أيضاً قوله تعالى : * ونحو قولهم : ما في السَّماءِ قَدْرُ راحةٍ سَحَاباً .
ويجوز جرّه بـ ( مِنْ ) فتقول : ما في السماء قدر راحةٍ مِنْ سَحَابٍ ... .
أما الإضافة فممتنعة في هذه الحالة .
وقد أشار الناظم إلى أنّ هذه الأحكام تختصُّ بتمييز الذات بقوله : " وبعد ذي وشبهها " ( أي : بعد هذه المقادير المذكورة في البيت السابق ، وما يشبهها ) .
* تمييز العدد : سَتَأتي أحكامه في باب ( العدد ) في الجزء الرابع إن شاء الله تعالى ، وسنذكرها هنا باختصار :
1- الأعداد من : 3- 10، تمييزها جمع مجرور بالإضافة ، نحو : جاء ثلاثةُ طُلاَّبٍ ، وثلاثُ طالباتٍ .
2- الأعداد من : 11- 99، تمييزها مفرد منصوب ، نحو : جاء أحدَ عشرَ طالباً ، وإحدى عشرةَ طالبة ً.
3- الأعداد من : 100 فأكثر ، تمييزها مفرد مجرور بالإضافة ، نحو : جاء مائةُ طالبٍ وطالبةٍ ، وحجَّ هذا العامَ مليون حَاجٍّ وحَاجَّةٍ . *
حكم التمييز الواقع بعد أَفْعَل التَّفضيل
وَالْفَاعِلَ الْمَعْنَى انْصِبَنْ بِأَفْعَلاَ مُفَضِّلاً كَـ أَنَتَ أَعْلَى مَنْزِلاَ
س6- ما حكم التمييز الواقع بعد أفعل التفضيل ؟
ج6- التمييز الواقع بعد أفعل التفضيل : إن كان فاعلا في المعنى وجبَ نصبه ، وإِنْ لم يكن فاعلا في المعنى وجبَ جرُّه بالإضافة .
فمثال الفاعل في المعنى : أنت أَعْلَى مَنْزِلاً وأكثرُ مالاً . فمنزلا ، ومالا : تمييزان يجب نصبهما ؛ لوقوعهما بعد أَفْعَل التفضيل ، وهما فاعلان في المعنى .
وضَابِطُ ما هو فاعل في المعنى : أنْ يَصْلُحَ جَعْلُه فاعلا بعد جَعْل أفعل التفضيل فِعْلا ، فإذا جعلتَ أفعل التفضيل في المثالين السابقين فعلا وقع التمييز فاعلا ؛ فتقول : أنت عَلاَ منزلُك ، وكَثُرَ مَالُكَ .
وكذلك يجب نصبه إذا كان التمييز فاعلا في المعنى ، وأضيف أفعل التفضيل إلى غير التمييز ، نحو : أنت أعلى الناسِ منزلاً .(1/176)
ومثال ما ليس بفاعل في المعنى : زيدٌ أفضلُ رجلٍ ، وهندٌ أَفْضَلُ امرأةٍ .
فرجلٍ ، وامرأةٍ : يجب جرُّهما بالإضافة ؛ لأنهما ليسا فَاعِلَيْن في المعنى .
وضَابِطُ ما ليس فاعلا في المعنى : أنْ يكون أفعل التفضيل بعضاً من جِنْسِ التمييز مع صِحَّة وضع لفظ ( بعض ) موضع أفعل التفضيل .
ففي المثالين السابقين ؛ تقول : زيدٌ بعضُ الرجال ، وهند بعض النساء ،
( أي : زيد بعض جنس الرجال ، وهند بعض جنس النساء ) لكن إذا أُضيف أفعل التفضيل إلى غير التمييز فإن التمييز يكون منصوباً وجوباً حينئذ ، نحو : أنت أفضلُ النَّاسِ رَجُلاً ، وأنت أعلى الناس منزلاً .
( م ) يتلخّص مما تقدّم : أنّ تمييزَ أفعل التفضيل يجب جرُّه في صورة واحدة،هي: أنْ يكون التمييز ليس فاعلاً في المعنى ، ويكون أفعل التفضيل مضافاً إلى تمييزه فقط ، وليس مضافاً إلى غير التمييز ، نحو : زيدٌ أفضلُ رجلٍ .
ويجب نصبه في صورتين ، أولاهما : أن يكون التمييز فاعلا في المعنى سواء أُضيف أفعل التفضيل إلى غير التمييز ، نحو : أنت أعلى الناسِ منزلاً ، أم لم يُضَفْ ، نحو : أنت أعلى منزلاً .
وثانيتهما : أن يكون التمييز ليس فاعلا في المعنى ، ويكون أفعل التفضيل مضافاً إلى غير التمييز ، نحو : أنت أفضلُ الناس رجلاً . ( م )
وقوعُ التمييزِ بعد التَّعَجُّبِ
وَبَعْدَ كُلِّ مَا اقْتَضَى تَعَجُّبَا مَيَّزْ كَـ أَكْرِمْ بِِأَبِى بَكْرٍ أَبَا
س7- ما مراد الناظم بهذا البيت ؟
ج7- مراده : بيان أن تمييز النّسبة يقع بعد كلِّ ما يدلّ على تعجّب .
وقيل : إنّ المراد نصب التمييز وجوبا إذا وقع بعد التعجُّب ، ويمتنع جرُّه بالإضافة ، نحو : ما أَحْسَنَ زيداً رجلاً ، وأَكْرِمْ بأبي بكرٍ أبا ، وللهِ دَرُّكَ عالماً ، وحَسْبُك بزيدٍ رَجُلاً ، وكفى به عالماً .
((1/177)
م ) ذهب ابن هشام إلى أنّ التمييز في كلِّ هذه الأمثلة من تمييز النِّسبة ، وفي الكلام تفصيل ، وتلخيصه : أنه إذا كان في الكلام ضمير غائب ولم يُبَيَّنْ مرجعه ،كما في قولهم : للهِ دَرُّه فارساً ، كان من تمييز الذات ، فإنْ لم يُوجَدْ ضمير أصلا ، نحو: ِللهِ دَرُّ زيدٍ عالما ، أوكان الضمير المذكور للمخاطب ، نحو :
ِللهِ دَرُّك عالماً ، أوكان الضمير للغائب ومرجعه معلوم ، نحو: زيدٌ ِللهِ درّه عالما ، فهو في هذه المواضع الثلاثة تمييز نسبة . ( م )
س8- قال الشاعر : بَانَتْ لِتَحْزُنَنَا عَفَارَهْ يَا جَارَتَا مَا أَنْتِ جَارَهْ
عيِّن الشاهد في البيت ، وما وجه الاستشهاد ؟
ج8- الشاهد : جَارَه . وجه الاستشهاد : وقعت (جاره) تمييزاً بعد ما دلّ على التَّعجب ، وهو قوله ( ما أَنْتِ ) وهو من تمييز النِّسبة ؛ لأن الضمير المذكور في الكلام للمخاطب ، فالمراد به معلوم .
وذهب جمهرة من النّحاة إلى أنه (حال ) وليس تمييزاً .
حكم جرِّ التَّمييز بـ ( مِنْ ) البيانيَّة
وَاجْرُرْ بِمِنْ إِنْ شِئْتَ غَيْرَ ذِي الْعَدَدْ ... وَالفَاعِلِ الْمَعْنَى كَـ طِبْ نَفْساً تُفَدْ
س9- ما حكم جرّ التمييز بِمِنْ البيانيّة ؟
ج9- يجوز جرّ التمييز بـ (مِنْ) إِنْ لم يكن فاعلا في المعنى ، ولا تمييزاً لِعَدَد ؛ فتقول : عندي شبٌر من أرضٍ ، وقَفِيزٌ من بُرًّ ، ومَنَوانِ من عَسَلٍ وتَمْرٍ ، وغرست الأرضَ من شجرٍ ؛ ولا تقول : طابَ زيدٌ من نفسٍ ؛ لأن التمييز فاعل في المعنى ، والأصل : طَابَتْ نَفْسُ زيدٍ ؛ ولا تقول : عندي عشرون من دِرهمٍ ؟ لأنّ ( درهم) تمييز عدد .
حكم تقديم التّمييز على عامله
وَعَامِلَ التَّمْيِيزِ قَدِّمْ مُطْلَقَا وَالفِعْلُ ذُو التَّصْرِيفِ نَزْراً سُبِقَا
س10- ما حكم تقديم التمييز على عامله ؟(1/178)
ج10- مذهب سيبويه : أنه لا يجوز تقديم التمييز على عامله سواء كان العامل مُتصرِّفا أم غير متصرِّف ؛ فلا تقول : نفساً طابَ زيدٌ ، ولا : عندي درهماً عشرون . فالعامل في المثال الأول (طاب) متصرِّف ، وفي المثال الثاني (عشرون) غير متصرِّف ، وفي كلا المثالين لا يجوز تقديم التمييز ، وذلك على مذهب سيبويه . وأجاز الْكِسَائِيُّ ، والْمَازِنيُّ ، والْمُبَرِّدُ : تقديمه على عامله المتصرِّف ؛ فتقول : نفساً طابَ زيدٌ ، وشَيْباً اشْتَعَلَ الرأْسُ .
ومنه قول الشاعر :
أَتَهْجُرُ لَيْلَى بِالْفِرَاقِ حَبِيبَهَا وَمَا كَانَ نَفْساً بِالْفِرَاقِ تَطِيبُ
وقول الشاعر :
ضَيَّعْتُ حَزْمِى فى إِبْعَادِى الأَمَلاَ وَمَا ارْعَوَيْتُ وَشَيْباً رَأْسِى اشْتَعَلاَ
ففي هذين الشاهدين تقدّم التمييز (نفساً،وشيباً) على عاملهما (تطيبُ،واشتعلَ)
وهو عند الجمهور: ضرورة لا يُقَاسُ عليه ، واستشهد بذلك المبّرد ، والكسائيّ، والمازنيّ ، فأجازوا التقديم إذا كان العامل متصرِّفا ،كما في الشاهدين ،وتبعهم ابن مالك في بعض كُتُبِه ، ولكنه في الألفيّة قال :
" والفعلُ ذو التّصريف نَزْراً سُبِقا " فقد نَصَّ على أنّ التقديم نادر .
أما إذا كان العامل غير متصرِّف فقد منعوا التقديم سواء كان العامل فِعْلا ، نحو : ما أحسنَ زيداً رجلا ، أو كان غير فعل ، نحو : عندي عشرون درهما .
( م ) قد يتقدّم التمييز على عامله غير المتصرَّف ، وذلك ضرورة شِعْرِيّة بِاتِّفاق، كقول الرَّاجِز : وَنَارُنَا لَمْ يُرَ نَاراً مِثْلُهَا قَدْ عَلِمَتْ ذَاكَ مَعَدٌّ كُلُّهَا
تقدّم في هذا البيت التمييز ( ناراً ) على عاملها ( مثلُها ) وهو اسم جامد ، وذلك ضرورة من ضرورات الشِعر اتِّفاقاً . ( م )(1/179)
وقد يكون العامل متصرّفا ، ويمتنع تقديم التمييز عليه عند الجميع ، وذلك نحو : كفى بزيدٍ رجلا ، فلا يجوز تقديم التمييز ( رجلا ) على عامله المتصرِّف ( كَفَى ) لأنه بمعنى فِعْلٍ غير متصرِّف، وهو فعل التعجّب ، فمعنى قولك : ... ( كفى بزيد رجلا ) ما أكْفَاه رجلا !.
( م ) س11- ما القاعدة التي على أساسها أُعْطِي العامل المتصرِّف حكم العامل غير المتصرِّف في منع تقديم التمييز عليه ؟
ج11- إعطاء العامل المتصرِّف حكم العامل غير المتصرِّف في هذه المسألة مبنيّ على قاعدة مُقَرَّرَةٍ ، هي : إنَّ الشيءَ إذا أَشْبَهَ الشيءَ أَخَذَ حُكْمَهُ ، فلمَّا أشبه
العاملُ المتصرِّفُ (كفى) العاملَ غير المتصرَّفِ (التعجّب) في معناه ، في نحو : كفى بزيد رجلا ، أخذ حكمه في منع تقديم التّمييز عليه .
وتجري ... هذه القاعدة في كثير من الأبواب النحويّة ، نذكر لك هنا بعضها ؛
ليَتَسَنَّى لك بعد ذلك جَمْعُ أَشْبَاهِ ما نَذْكُرُهُ لك ، وإليك بيان ذلك .
1- الأسماء المبنية : أشبهت الحروف في أصل وَضْعِها ، وفي معناها ، وفي استعمالها فأخذت حكمها في البناء .
2- الفعل المضارع : أشبه اسم الفاعل في اللفظ ، وفي المعنى فأخذ حكمه في الإعراب .
3- المشتقات كلُّها - كاسم الفاعل ، واسم المفعول ، وصِيَغ المبالغة -: أشبهت الفعل في مادته ، ومعناه فأخذت حكمه ، فرفَعَتِ الفاعل ، ونصب المتعدِّي منها المفعول .
4- ما ، ولا ، وإِنْ ، ولات : هذه الحروف أشبهت (ليس) في المعنى فأخذت حكمها ، فرفعت الاسم ، ونصبت الخبر .
5- إنّ وأخواتها : أشبهت الفعل في معناه فأخذت حكمه في الرّفع ، والنّصب .
6- الاسم الموصول : أشبه أسماء الشرط فجاز أَنْ تدخل الفاء في خبر الاسم الموصول في نحو : من يَزُورني فَإني أُكرمُه ، كما تدخل في جواب الشرط .
7- لَنْ : أشبهت لا النافية للجنس في المعنى فأخذت عملها في النصب .
تَمَّ بحمد الله وتوفيقه الجزء الثاني(1/180)
ويليه الجزء الثالث إن شاء الله تعالى .
... - - - - - ...(1/181)
الجزءُ الثالث
من حروف الجر إلى نهاية ما لا يَنْصَرِف
إعداد
حسين بن أحمد بن عبد الله آل علي
المدرس بمعهد تعليم اللغة العربية
بالجامعة الإسلامية
فهرس الموضوعات
الموضوع ... الصفحة ... الموضوع الصفحة ...
حروف الجر ... 4 النداء ... 257
الإضافة ... 35 أسماء لازمت النداء ... 282
المضاف إلى ياء المتكلم 81 ... الاستغاثة 284
إعمال المصدر ... ... 87 ... الندبة 288
أبنية المصادر ... 99 الترخيم 294
مصدر المرّة، ومصدر الهيئة 111 الاختصاص 303
إعمال اسم الفاعل ... 113 التحذير، والإغراء 305
إعمال صيغ المبالغة ... 123 أسماء الأفعال 309
إعمال اسم المفعول ... 126 أسماء الأصوات 314
الصفة المشبهة باسم الفاعل 130 نونا التوكيد 316
ابنية اسم الفاعل والمفعولين 142 الممنوع من الصرف 327
والصفات المشبهة 142
التعجب ... ... 149
نِعم ، وبِئس ... ... 161
حبّذا ولاحبّذا ... ... 169
أفعل التفضيل ... 173
التوابع ... 186
أولا : النعت ... 187
ثانيا : التوكيد ... 204
ثالثا : العطف :عطف البيان 215
... ... عطف النسق ... 220 ... ...
رابعا : البدل ... ... 248
حروفُ الْجَرَّ
هَاكَ حُرُوفَ الْجَرَّ وَهْىَ مِنْ إِلَى حَتىَّ خَلاَ حَاشَا عَدَا فى عَنْ عَلَى
مُذْ مُنْذُ رُبَّ اللاَّمُ كَيْ وَاوٌ وَتَا وَالكَافُ وَالبَاءُ وَلَعَلَّ وَمَتَى
س1- بم تختصُّ هذه الحروف ؟ وما عملها ؟
ج2- تختصُّ هذه الحروف العشرون كلّها بالأسماء . وهي تعمل في الأسماء الجرّ ، وقد تقدَّم الكلام على ( خَلاَ ، وحَاشَا ، وعَدَا ) في الاستثناء ، وذكرنا هناك أنها تُستعمل أفعالاً فَيُنْصَب ما بعدها ، وتُستعمل حروف جر فَيُجَرّ ما بعدها ، نحو : جاء الطلابُ عدا طالبٍ منهم ، وخلا طالبٍ ، وحاشا طالبٍ .
س2- ما المواضع التي تكون فيها كي حرف جر ؟
ج2- تكون كي حرف جر في ثلاثة مواضع ، هي :(1/1)
1- إذا دخلت كي على ( ما ) الاستفهامية ، نحو : كَيْمَهْ ؟ ( أي : لِمَهْ ؟ ) فما الاستفهامية : مجرورة بـ (كي) وحُذِفت ألف ( ما ) الاستفهامية ؛ لدخول حرف الجرّ عليها ، وجىء بالهاء للسَّكْت .
2- إذا دَخَلَتْ على ( أَنْ ) المصدريَّة ، نحو : جئت كي أَنْ أتعلَّم . فالمصدر المؤوَّل ( أَنْ أتعلمَّ ) في محل جر بحرف الجر كي .
( م ) فإن لم تقع بعدها (أَنْ) المصدرية ، ولم تُسْبَق (كي) بحرف الجر (اللام) ، نحو : جئتُ كي أتعلمَ ، فلها وجهان :
أ- أَنْ تكون مصدرية ناصبة للفعل المضارع بعدها ، واللام مقدّرة ، والتقدير : جئت لكي أتعلّمَ ، وحَمْلُها على هذا الوجه أَوْلى ؛ لأنّه الأكثر في الاستعمال ولذلك إذا سُبِقَت (كي) باللام كانت مصدريّة ، نحو جئت لكي أتعلَّمَ ، وهذا هو الأكثر استعمالاً .
ب- أن تكون حرف جر دالّ على التعليل ، ويكون الفعل بعدها منصوباً بـ
( أَنْ ) المصدريّة مُقَدّرة .
3- إذا دخلتْ على ( ما ) المصدريّة ، كما في قول الشاعر :
إذَا أَنْتَ لم تَنْفَعْ فَضُرَّ فَإنَّمَا يُرَادُ الفَتَى كَيْمَا يَضُرُّ ويَنْفَعُ
( أي : لِلضَّرَّ والنَّفْعِ ) . ( م )
س3- في أيِّ لغة تكون لعلّ ، ومتى حرفي جر ؟
ج3- أمَّا لعلّ , فهي حرف جر في لغة عُقَيْل , ومنه قول الشاعر :
فَقُلْتُ ادْعُ أُخْرَى وارْفَعْ الصَّوْتَ جَهْرَةً لَعَلَّ أبي المِغْوَارِ مِنْكَ قَرِيبُ
- الحرف ( م ) الموضوع أمام السؤال يدلُّ على أنّ الجواب كاملا من الحواشي ، وليس مِن مَتْنِ شرح ابن عقيل .
- وإذا وُضِعَ في الجواب مُكرَّراً دَلَّ على أنّ الجواب الذي بينهما فقط من الحواشي.
وقول الأخر : لَعَلَّ اللهِ فََضَّلَكُم علينا بِشَيءٍ أنَّ أُمَّكُمُ شَرِيمُ
فأبي المغوار ، ولفظ الجلالة ( اللهِ ) مبتدآن مرفوعان محلاًّ مجروران لفظاً بحرف الجرّ الشَّبيه بالزائد ، خبرهما : قريب , وفَضَّلكم .(1/2)
وقد رُوِي على لغة عُقيل في ( لام ) لعلّ الأخيرة الفتح ، والكسر .
ورُوي أيضاً حذف اللام الأولى ؛ فتقول : عَلَِّ (بفتح اللام،وكسرها) ففي لَعَلَّ لغتان إجمالاً : 1- إثبات اللام الأولى مع فتح اللام الأخيرة , أو كسرها .
2- حذف اللام الأولى مع فتح اللام الأخيرة , أو كسرها .
وأما متى فهي حرف جرّ في لغة هُذَيْل ، ومن كَلامهم : أَخْرَجَها متى كُمِّه , يُريدون : مِنْ كُمِّه . ومنه قول الشاعر:
شَرِبْنَ بِمَاءِ البَحْرِ ثُمَّ تَرَفَّعَتْ مَتَى لُجَجٍ خُفْرٍ لَهُنَّ نَئِيجُ
( م ) س4- اذكر تعريف حرف الجرِّ الأصليِّ ، والزَّائِدِ ، والشَّبِيهِ بالزَّائدِ .
ج4- حرف الجر الأصلي : هو الذي يُفيد معنى خاصًّا ،وله متعلق , ولا يمكن حذفه ؛ لأنَّ معنى الجملة لا يتمُّ إلاَّ به ، نحو : سافرت مِنْ مكة إلى المدينة , فمعنى (مِنْ) الابتداء , ومعنى (إلى) الغاية , وكلاهما متعلق بالفعل ( سافر ) .
وحرف الجرّ الزَّائد : هو الذي لا يُفيد معنى خاصًّا ، ولامتعلَّق له , ويمكن حذفه من الجملة ويبقى المعنى صحيحاً ،كـ (الباء) في قولك : بِحَسْبِكَ درهمٌ,
ولستُ بمريضٍ ، وكـ (مِنْ) في قولك : ما زارني مِنْ أحدٍ . فيمكن في هذه الأمثلة حذف حرف الجر ؛ فتقول : حسبُك درهمٌ ، وما زارني أحدٌ ، ولستُ مريضاً .
والحرف الشَّبِيهِ بالزَّائد : هو الذي ليس له مُتعَلَّق ، ويُفيد معنى خاصًّا ، ولا يمكن حذفه ؛ لأنَّ معنى الجملة لا يتمُّ إلاَّ به ،كالتَّرجي في (لعلّ)، قال الشاعر : لعلَّ اللهِ فضَّلكم علينا ... ، وكالتَّقْلِيلِ في (رُبَّ)، نحو قولك : رُبَّ ضَارَّةٍ نافعةٌ، فهو بذلك أَشْبَهَ حرف الجر الأصلي في أنَّه يُفيد معنى خاصًّا ، و أشبه حرف الجرّ الزائد في أنَّه ليس له متعلَّق .
س5- هل لولا مِنْ حروف الجر ؟ وضِّح ذلك .(1/3)
ج5- مذهب سيبويه : أنها من حروف الجر , لكنْ لا تَجرُّ إلا الضمير؛ فتقول: لولاي , ولولاك ، ولولاه ( فالياء ، والكاف ، والهاء ) عند سيبويه مجرورات بـ ( لولا ) وبذلك يكون لهذه الضمائر على مذهب سيبويه محلان :
أ- في محل جر بـ ( لولا ) ب- في محل رفع بالابتداء ، والخبر محذوف .
ولم يعدَّ الناظم في هذا الكتاب ( لولا ) من حروف الجر , وذكرها في غيره .
وزعم الأخفش والكوفيون : أنها ليست من حروف الجر ,وأنَّ الضمائر المتصلة بها في نحو ( لولاي , ولولاك , ولولاه ) في محل رفع مبتدأ , ووُضِعَ ضمير الجر المتصل ( الياء ، والكاف ، والهاء ) موضع ضمير الرفع ؛ لأن الأصل أن يقال :
لولا أنا , ولولا أنت , ولولا هو ، ولم تعمل لولا في الضمائر المتصلة شيئا , كما أنها لم تعمل في الاسم الظاهر , نحو : لولا زيدٌ لأتيتُك , برفع ( زيد ) على أنه مبتدأ ، وبذلك يكون لهذه الضمائر على مذهب الأخفش ، والكوفيين محل واحد ، هو : الرفع بالابتداء .
وزعم المبرِّد : أن هذا التركيب ( لولاي , ولولاك , ولولاه )لم يَرِدْ مِن لسان
العرب , وكلامه محجوجٌ بثُبوت ذلك عن العرب ، كما في قول الشاعر :
أَتُطْمِعُ فِينا مَنْ أَرَاقَ دِِمَاءَنَا وَلَوْلاَكَ لم يَعْرِضْ لأَحْسَابِنَا حَسَنْ
وقول الآخر :
وكم مَوْطِنٍ لَوْلاَيَ طِحْتَ كما هَوَى بِأَجْرَامِهِ مِنْ قُنَّةِ النِّيقِ مُنْهَوِى
فهذان البيتان رَدّ على أبي العبَّاس المبرَّد الذي زعم أنّ ( لولا )لم تردْ عن العرب متصلة بضمائر الجر , كالياء ، والكاف , والهاء .
* س6- لم سُمِّيَتْ حروف الجر بهذا الاسم ؟
ج6- قال البصريون : سُمَّيت بذلك ؛ لأنها تجرُّ ما بعدها .(1/4)
وقال الكوفيون : سُمِّيت بذلك ؛ لأنها تجرّ معنى الفعل إلى الاسم ( أي : تضيف معنى الفعل إلى الاسم ) فإذا قلت : ذهبت إلى المسجدِ , كان حرف الجرّ ( إلى ) قد جرَّ معنى الفعل ( الذِّهاب ) وأضافه إلى الاسم ( المسجد ) ولذلك يُسمونها حروف الإضافة .
... ... ...
... ... ... ... ... ... ...
- هذه العلامة ( * ) الموضوعة أمام السؤال تدل على أنَّ الجواب كاملا من زيادات مُعِدِّ هذا الكتاب، وليس مِن مَتْنِ شرح ابن عقيل .
- وإذا وُضِعَتْ في الجواب مُكرَّرةً دَلَّت على أنَّ الجواب الذي بينهما فقط مِن زيادات الْمُعِدَّ .
الحروف التي تَجُرُّ الاسم الظاهر فقط
وما تختصّ به من الاسم الظاهر
بِالظَّاهِرِ اخْصُصْ مُنْذُ مُذْ وَحَتَّى وَالكَافَ وَالوَاوَ وَرُبَّ وَالتَّا
وَاخْصُصْ بِمُذْ وَمُنْذُ وَقْتاً وَبِرُبّْ مُنَكَّرًا وَالتَّاءُ لِلَّهِ وَرَبّْ
وَمَا رَوَوْا مِنْ نَحْوِ رُبَّهُ فَتَى نَزْرٌ كَذَا كَهَا وَنَحْوُهُ أَتَى
س7- اذكر حروف الجر التي لا تجرُّ إلاَّ الاسم الظاهر , وبم تختصُّ ؟
ج7- حروف الجرّ التي لا تجرّ إلاَّ الاسم الظاهر سبعة حروف مذكورة في البيت الأول , وهي :
1- 2 مُنْذُ , ومُذْ : يُستعملان حرفي جر فيجرّان الاسم الظاهر فقط , ويَختَّصان بجرِّ أسماء الزمان فقط , فإن كان الزمان دالاً على الحاضر كانتا بمعنى ( في ) نحو: ما رأيته مُنْذُ يومنِا ( أي : في يومنا ) وإن كان الزمان دالاً على الماضي كانتا بمعنى ( مِنْ ) ، نحو : ما رأيته مُذْ يومِ الجمعةِ ( أي : مِنْ يومِ الجمعةِ ) وأما دخولها في الظاهر على غير الزمان , نحو : ما رأيته مُنْذُ حَدَثَ كذا , وما رأيته منذ أنَّ اللهَ خَلَقَه ؛ فإنّ الزمان مقدَّر ، والأصل: منذ زمان حَدَث كذا , ومنذ زمان خَلْقِ الله إياه .
ولا يصحّ أن يكون مجرورهما ضميراً ، ولا اسماً لا يدلّ على الزمان , ولا يكون مجرورهما دالاً على الزمان المستقبل ؛فلاتقول: مُنْذُه ,ولا: مُذْهُ ,ولا: منذ البيت،(1/5)
ولا: منذ غَدٍ ،أو : منذ زمنٍ . ويمكن استعمالهما اسمين ,وهما حينئذ ظرفا زمان.
3- حتَّى : تجرّ الاسم الظاهر , ولا تختصُّ بشيء معيَّن منه , وقد شَذَّ جرّها الضمير , كما في قول الشاعر :
فَلاَ واللهِ لا يُلْفِى أُنَاسٌ فَتَى حَتَّاكَ يابْنَ أَبي زِيَادِ .
وهذا شاذّ لا يُقاس عليه , خلافاً لبعضهم .
وهُذَيل يُبْدِلون (حَاءَها) ( عَيْنا ) في لغتهم ؛ فيقولون : عَتَّى , وعلى لغتهم قرأ ابن مسعود قوله تعالى : * بإبدال الحاءِ عَيْناً .
وسيأتي الكلام على مجرورها عند ذكر الناظم له فيما يأتي من الأبيات .
4- الكاف : تجرّ الاسم الظاهر فقط ، ولا تختصُّ بشيء معيَّن منه , وقَدْ شَذَّ جرُّها للضمير ، كما في قول الشاعر :
خَلَّى الذَّنَابَاتِ شَمَالاً كَثَباَ وأُمَّ أَوْعَالٍ كَهَا أَوْ أَقْرَبَا
وقول الآخر :
ولا تَرَى بَعْلاً ولا حَلاَئِلاَ كَهُ ولا كَهُنَّ إلاَّ حَاظِلا
وجرُّها للضمائر في البيتين شاذّ . وهذا هو معنى قول الناظم :
" وَما رَوَوْا ... إلى قوله :كَهَا ونحوه أَتَى " ( أي : والذي رُوِيَ من جَرَّ رُبَّ للضمير ، نحو : رُبَّه فتى ، قليل ، وكذلك جرّ الكاف للضمير ، نحو : كَهَا قليلٌ أيضا ) .
5- رُبَّ : تجر الاسم الظاهر فقط ، وهي حرف جر شبيه بالزَّائد ، وتختصّ بجرّ النّكرة فقط ، نحو: رُبَّ رجلٍ عالمٍ لقيتُ . وهذا معنى قوله :"وبِرُبَّ مُنكّراً" .
ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - : " رُبَّ كَاسِيَةٍ في الدنيا عاريةٌ يومَ القيامةِ " .
وقد ورد جرُّها لضمير الغيبة - وهو شاذٌّ - كما في قول الشاعر :
وَاهٍ رَأَبْتُ وَشِيكاً صَدْعَ أَعْظُمِه وَرُبَّهُ عَطِباً أَنْقَذْتُ مِنْ عَطَبِهْ
وهذا هو معنى قوله : " وما رووا من نحو رُبَّه فتى نَزْرٌ " ،كما بيَّنا ذلك في حرف الجر ( الكاف ) .(1/6)
* واعلم أنَّ مجرور ( رُبَّ ) يُعرب مبتدأ ، فهو مرفوع محلاً مجرورٌ لفظاً ، وأنَّه يمكن حذف (رُبَّ) بعد الواو التي تَسمى واو (رُبَّ) كما في قول الشاعر :
وَلَيْلٍ كَمَوْجِ البَحْرِ أَرْخَى سُدُولَهُ عَلَيَّ بِأَنْوَاعِ الْهُمُومِ لِيَبْتَلِي
6- الواو : تجرّ الاسم الظاهر فقط،وتختصّ بالقَسَم ،وتدخل على كلّ مُقْسَمٍ به ،نحو : واللهِ لأَتَصَدَّقَنَّ ، وكما في قوله تعالى : * وقوله تعالى : * ، وقوله تعالى : * .
ولا يجوز ذِكر فعل القسم معها ؛ فلا تقول : أُقْسِمُ واللهِ .
7- التَّاء : تجرّ الاسم الظاهر فقط ، وتختصَّ بجرَّ لفظ الجلالة ( الله ) كما في قوله تعالى : * وكقولك : تاللهِ لأتصدَّقَنّ .
وقد سمُِع جَرُّها لفظ ( رَبّ ) مضافاً إلى الكعبة ، قالوا : تَرَبَّ الكعبةِ . وهذا هو معنى قوله : " والتاءُ للهِ ورَبّْ ".
وسمُِع أيضاً قولهم : تَالرَّحمن . وذكر الخفَّاف في شرح الكتاب أنهَّم قالوا : تَحَيَاتِكَ ، يقصدون : وَحَيَاتِك ، فاستعملت التاء بدل الواو ، وهذا غريب .
معاني مِنْ
بَعَّضْ وَبيَّنْ وابْتَدِئْ فى الأَمْكِنَهْ بِمِنْ وَقَدْ تَأْتِي لِبَدْءِ الأَزْمِنَهْ
وَزِيدَ فى نَفْىٍ وَشِبْهِهِ فَجَرّْ نَكِرَةًً كَـ مَا لِبَاغٍ مِنْ مَفَرّْ
س8- اذكر الحروف التي تجرّ الظاهر ، والمضمر .
ج8- الحروف التي تجرّ الظاهر ، والمضمر سبعة ، هي: مِنْ ، وإِلى ، وعَنْ ، وعلى ، وفِي، والباء ، واللاَّم ؛ فتقول : اشتريت مِنْ خالدٍ ومِنْك ، وذهبت إلى خالدٍ وإليكَ ، وسألتُ عنك وعن محمدٍ ... وهكذا في البقيّة .
س9- اذكر معاني مِنْ .
ج9- لِمِنْ معانٍ كثيرة ، أشهرها ما يلي :
1- التَّبْعيِضُ ، نحو قوله تعالى :*
( أي : بعض النَّاس ) وقوله تعالى :* ( أي : بعضُ ما رزقناهم ) .(1/7)
2- بَيَانُ الجِنْسِ ، وتُسمى مِنْ البَيَانِيَّة ، نحو قوله تعالى : * وقوله تعالى :* وقوله تعالى :* . وتقع مِنْ البيانية كثيراً بعد (ما) و(مهما).
3- ابْتِدَاءُ الْغَايَةِ في المكان ، وهو كثير ، نحو قوله تعالى: * وكقولك: خرجت من البيتِ إلى الكُلِّيَّةِ .
وتأتي لابتداء الغاية في الزَّمان قليلاً ، نحو قوله تعالى : * وكقولك : محمدٌ محبوبٌ مِنْ يومِ وِلاَدَتِه . وكما في قول الشاعر :
تُخُيَّرْنَ مِنْ أزْمَانِ يَومِ حَلِيمَةٍ إلى اليَومِ قَدْ جُرَّبْنَ كُلَّ التَّجَارِبِ
فقد دّلت ( مِنْ ) في الأمثلة السابقة على ابتداء الغاية الزمانية بجرَّها : أوَّل ، ويوم ، وأزمان .
4- زائدة : فائدتها التَّنْصيص على العموم ، ولا تكون زائدة عند الجمهور إلا بشرطين : أ- أن يكون مجرورها نكرة .
ب- أن يَسبقها نفي، أو شِبهه . فمثال النفي قوله تعالى : * ومثال شبه النفي، قوله تعالى:* وكقولك : لا تضرِبْ من أحدٍ ، فالاستفهام ، والنّهي يشبهان النّفي .
ولا تُزَاد في الإيجاب ، ولا يُؤْتَى بها جارّة لمعرفة ؛ فلا تقول : تضرب من أحدٍ ، خلافاً للأخفش فقد استدلّ على رأيه، بقوله تعالى: * على أنّ (مِنْ) زائدة في الإيجاب ( أي : لم تُسبق بنفي ، ولا شبهه ) وقد جَرَّتْ
لفظ ( ذنوبكم ) وهو معرفة . والصواب أنّ ( مِنْ ) في هذه الآية : للتَّبْعِيض .
ويرى الكوفيون زيادتها في الإيجاب بشرط تنكير مجرورها ، كقولهم : قد كان مِنْ مَطَرٍ .
5- أن تكون بمعنى كلمة ( بَدَل)، نحو قوله تعالى : * ( أي : بدل الآخرة ) وقوله تعالى : * ( أي : بَدَلَكُم ) .
* لِمَنْ مَعَانٍ أخرى غير ما ذُكر ، منها :
1- السَّبَبِيَّة ، كما في قوله تعالى : * .
2- بمعنى ( في ) ، كما في قوله تعالى : * وقوله تعالى : * .
3- بمعنى ( عن ) كما في قوله تعالى : * وقوله تعالى : * .
4- بمعنى ( الباء ) كما في قوله تعالى : * . *(1/8)
* س10- ما فائدة حرف الجرّ الزَّائد ؟ وكيف يُعرب المجرور به ؟
ج10- سبق تعريف حرف الجر الزائد في س4.
وفائدته : تأكيد وتقوية المعنى العام في الجملة كلّها , فهو بِمَثَابَة تكرار الجملة .
والمجرور بحرف الجر الزائد يكون مجروراً لفظاً ، أما محلاً فقد يكون مرفوعاً على الابتداء , نحو : هل من سؤالٍ . فسؤال : مبتدأ مرفوع محلا مجرور لفظا ، والخبر محذوف تقديره : لديكم .
وقد يكون محلّه النصب , نحو : ليس الطالبُ بمريضٍ . فمريض : خبر ( ليس ) مجرور لفظاً منصوب محلاً .
الحروف التي بمعنى انتهاء الغاية
والتي بمعنى بَدَلَ
لِلانِْتِهَا حَتَّى وَلاَمٌ وَإِلَى وَمِنْ وَبَاءٌ يُفْهِمَانِ بَدَلاَ
س11- ما الحروف التي تدلّ على انتهاء الغاية ؟
ج11- يدل على انتهاء الغاية ثلاثة أحرف , هي : إلى ، وحَتَّى , واللاّم . والأصل من هذه الثلاثة ( إلى ) فلذلك تجرّ الآخِرَ وغيره . فمثال جرَّها الآخِر : سرتُ البارحةَ إلى آخرِ الليل , ومثال جَرَّها غيره : سرت البارحةَ إلى نصفِ الليلِ .
وأمّا حتى : فلا تجرّ إلا ماكان آخِراً ، أو متصلا بالآخِر اتصالا قريباً . فمثال جرَّها المتصل بالآخِر , قوله تعالى : * وكقولك : نمت البارحة حتى السَّحَر .
ومثال جرَّها الآخِر : نمت البارحة حتى آخِر الليلِ , ونحو : أكلتُ السمكةَ حتى رأسِها .
ولا تجرّ ( حتى ) غيرهما ؛ فلا تقول : سرتُ البارحةَ حتى نصفِ الليلِ ؛ لأن نصف الليل ليس متصلا بآخرها اتَّصالاً قريبا , بل اتَّصاله بعيد .
وحَتَّى التي لا تجرّ إلا الآخِر ، أو المتّصل به لا تكون إلا غَائِيَّة .
أما إذا كان مجرورها (أَنْ) المصدريّة المضمرة مع فعلها , نحو : أنتظرُك حتى تتوضَّأ , فهذه تكون غائيّة , وتعليليّة .
وأمّا اللاّم : فاستعمالها لانتهاء الغاية قليل ، قال تعالى : * ونحو : قرأت القرآن لِخَاتِمَتِه ( أي : إلى خاتمته ) .
ومنه قوله تعالى : * .(1/9)
س12- ما الحروف التي تأتي بمعنى بَدَلَ ؟
ج12- ذكرنا في السؤال التاسع أن (مِنْ) تأتي بمعنى بَدَلَ ,كما في قوله تعالى : * ، وكما في قوله تعالى :
* ، ومن ذلك أيضا قول الشاعر : جَارِيةٌ لَمْ تَأْكُلِ الْمُرَقَّقَا ولم تَذُقْ مِنَ البقُولِ الفُسْتُقَا
والمراد :لم تذقْ بدلَ البقولِ الفستقَ .
ويرى بعض النحاه أنّ (مِنْ) في هذا البيت للتبعيض , على اعتبار أن الفُستق بعض البقول .
ومن الحروف التي تأتي بمعنى بدل (الباء)،كما ورد في الحديث " ما يَسُرُّني بها حُمُرُ النَّعَم " ( أي : بَدَلها). ومن ذلك قول الشاعر :
فليتَ لى بِهم قوماً إذا رَكِبُوا شَنُّوا الإغَارَةَ فُرسَاناً ورُكْبَانَا
( أي : فليت لي بدلاً منهم ) .
... ... ... معاني اللاَّم
وَاللاَّمُ لِلْمِلْكِ وَشِبْهِهِ وَفى تَعْدِيَةٍ أَيْضاً وَتَعْلِيلٍ قُفِى
وَزِيدَ وَالظَّرْفِيَّةَ اسْتَبِنْ بِبَا وَفى وَقَدْ يُبَيَّنَانِ السَّبَبَا
س13- اذكر معاني اللاّم .
ج13- لِلاَّم معانٍ كثيرة ، أشهرها ما يلي :
1- انتهاءُ الغايةِ ،كما في قوله تعالى : * وقد تقدَّم ذكره .
2- الْمِلْكُ ، نحو قوله تعالى : * ونحو قولك : المال لزيدٍ .
3- شِبْهُ الْمِلْكِ ، ويُسَمَّى الاخْتِصَاص ،كما في قوله تعالى: * وكقولك : الجنّة للمؤمنين ، وكقولك : السَّرْج للفَرَسِ .
4- التَّعْدِيَةُ ، نحو قوله تعالى : * فالجار والمجرور ( لي ) مفعول به للفعل ( هَبْ ) .
5- التّعْلِيلُ ، نحو قوله تعالى : * ونحو قولك : جئت لإكرامِك .
ومنه قول الشاعر :
وإنَّى لَتَعْرُونى لِذِكْرَاكِ هَزَّةٌ كَمَا انْتَفَضَ العُصْفُورُ بَلَّلَهُ القَطْرُ
6- زائدة قِياساً ، وسَمَاعاً . مثال زيادتها قياساً ، قوله تعالى : * ، وكقولك : لِزَيْدٍ ضَرَبْتُ .
ومثال زيادتها سماعاً : ضربت لِزيدٍ .
( م )والقياسية ، هي التي تأتي لتقوية عامل ضَعُفَ عن العمل بأحد سببين :(1/10)
أ- أنْ يقع العامل متأخِّراً ؛ ولذلك فإنَّ تأخير العاملين (تعبرون ، وضَربت) أضعفهما عن العمل في المفعول المتقدِّم فيُقَوَّى المفعول باللام .
ب- أنْ يكون العامل فرعاً في العمل ،كاسم الفاعل ، كما في قوله تعالى :
* وكصِيَغِ المبالغة ،كقوله تعالى : * .
والسَّماعيّة ، هي التي تأتي لتوكيد المعنى وتقويته ، لا لتقوية العامل . ( م )
* لِلاَّم معانٍ أخرى غير ما ذُكر منها :
1- بمعنى (بَعْد) كقولهم : كتبتُ هذه الرسالة لِسَبْعٍ خَلَوْنَ مِنْ رمضان ( أي : بعد سَبْعة أيام مَضَت من شهر رمضان ) .
2- بمعنى ( قَبْل ) كقولهم : كتبت هذه الرسالة لسَبْعٍ بَقِينَ من رمضان ( أي : قبل سبعة أيام بَقيت من شهر رمضان ) .
3- الدلالة على العاقبة والصَّيْرُورة ، كقوله تعالى: * .
4- الدلالة على التَّعجُّب ، كقولك : " يالَلْمَاءِ ويا لَلأَصِيلِ وقت الغروب .
5- الدلالة على التَّبليغ ، كقولك : قلت لخالدٍ .
6- بمعنى ( على ) كقوله تعالى : * وقوله تعالى :
* .
7- بمعنى ( في ) كقوله تعالى : * . *
س14- إلام أشارالناظم بقوله:"والظرفية اسْتَبِنْ بِبَا وفى وقد يُبَيَّنَانِ السَّبَبَا" ؟
ج14- أشار بذلك إلى أنّ ( الباء ) و( في ) اشتركا في إفادة الظرفيَّة والسَّببيّة . فمثال الباء للظرفية ، قوله تعالى : * (أي : وفي الليل ) . ومثالها للسَّببيّة ، قوله تعالى : * (أي : بسبب ظُلمهم).
ومثال في للظرفية : زيدٌ في المسجد - وهو الكثير فيها - ومثالها للسَّببيّة ، قوله - صلى الله عليه وسلم - : " دخلتْ امرأةٌ النَّارَ في هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا فلا هي أَطْعَمَتْها ولا هي تَركَتْها تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأرضِ " ( أي : دخلتْ النار بسبب هِرَّة ) .
معاني الباء
بِالْبَا اسْتَعِنْ وَعَدَّ عَوََّضْ أَلْصِقِ وَمِثْلَ مَعْ وَمِنْ وَعَنْ بِهَا انْطِقِ
س15- اذكر معاني الباء .
ج15- للباء معانٍ كثيرة ، أشهرها :(1/11)
1- الظَّرْفِيَّةُ ، نحو : درست بالجامعة ( أي في الجامعة ) ومنه قوله تعالى :
* .
2- السَّبَبِيَّةُ ، نحو : كافأت المجتهد بعمله ( أي : بسبب عمله ) .
3- الْبَدَلُ ، نحو ما ورد في الحديث : "ما يُسُّرني بها حُمُرُ النَّعم" .
4- الاسْتِعَانَةُ ، نحو : كتبتُ بالقلمِ ، وقَطَعْتُ اللحمَ بالسَّكِّينِ .
5- التَّعْدِيَةُ ، نحو قوله تعالى : * .
6- التَّعْوِيضُ ، نحو : اشتريتُ الفرسَ بألفِ دِرهم . ومنه قوله تعالى :
* وبين التعويضِ ، والبدلِ تَدَاخُلٌ .
والفرق بينهما : أنّ العِوَض فيه شيء مُقَابل شيء آخر ، أمَّا البدل فهو اختيار أحد الشيئين بدون دَفْع .
7- الإِلْصَاقُ ، نحو : مررت بزيدٍ ، وأمسكت بعمرٍو .
8- الْمُصَاحَبَةُ ، بمعنى ( مَعَ ) نحو : بعتك الثوب بِطِرَازِه ( أي مع طِرَازِه ) . ومنه قوله تعالى: * وقوله تعالى:* ( أي : مع حَمْدِه ، أو : مُصَاِحباً حَمدَ ربَّك ).
9- بمعنى ( مِنْ ) التَّبْعِيضِيَّة ، نحو قوله تعالى : *
( أي : مِنْها ) ومن ذلك قول الشاعر :
شَرِبْتَ بِمَاءِ البحرِ ثمَّ تَرَفَّعَتْ مَتَى لُجَجٍ خُضْرٍ لَهُنَّ نَئِيجُ
( أي : من ماء البحر ) .
10- بمعنى ( عن ) نحو قوله تعالى : * ( أي : عن عذاب واقع ) .
11- بمعنى ( على ) نحو قوله تعالى: * (أي: على قنطار) وقوله تعالى : * ( أي : على دينار ) .
معاني عَلَى ، وعَنْ
عَلَى لِلاسْتِعْلاَ وَمَعْنَى فى وَعَنْ بِعَنْ تَجَاوُزاً عَنَى مَنْ قَدْ فَطَنْ
وَقَدْ تجَِى مَوْضِعَ بَعْدٍ وَعَلَى كَمَا عَلَى مَوْضِعَ عَنْ قَدْ جُعِلاَ
س16- اذكر معاني على .
ج16- لِعَلَى مَعَانٍ كثيرة , أشهرها ما يلي :
1- الاسْتِعْلاَء ، نحو قوله تعالى:* وقوله تعالى: * .
2- بمعنى (في) الظرفيّة , نحو قوله تعالى: * ( أي : في حينِ غَفْلة ) .
3- الْمُجَاوَزَة بمعنى ( عَنْ ) ، كما في قول الشاعر :(1/12)
إِذَا رَضِيَتْ عَلَىَّ بَنُو قُشَيْرٍ لَعَمْرُ اللهِ أَعْجَبَنِي رِضَاهَا
( أي : إذا رضيتْ عَنَّى ) . وهذا هو مراد الناظم من قوله : " بِعَنْ تَجَاوُزاً عَنَى مَنْ قَدْ فَطن " ( أي : تأتي على بمعنى عَنْ التي تفُيد المجاوزة إذا عَنَاه وقَصَدَه مَنْ فَطَن ) .
* ولِعَلى معانٍ أخرى غير ما ذُكِر , منها :
1- التّعليل والسَّببيّة ,كما في قوله تعالى: * أي: بسبب هدايته إياكم , وكقولك : أُعِاقبُ الطالب على إهمالِه , ( أي : بسبب إهماله ) .
2- المصاحبة , بمعنى ( مع ) كقوله تعالى : * ( أي : مع ظُلمهم ) .
3- بمعنى ( مِنْ ) كما في قوله تعالى : * ( أي : مِنْ الناس ) منه قوله - صلى الله عليه وسلم - : " بُني الإسلام على خمسٍ " . *
س17- اذكر معاني عَنْ .
ج17- لِعَنْ معانٍ كثيرة , أشهرها ما يلي :
1- الْمُجَاوَزَة , نحو: رميتُ السَّهم عن القوس , ونحو: رحَلْتُ عن بلدِ الكُفْرِ , ( أي : ابتعدتُ عنها وجَاوَزْتُهَا ) .
2- بمعنى ( بَعْدَ ) نحو قوله تعالى : * ( أي: بَعْدَ طبق ), وكقولك : عن قريبٍ سأزورك .
3- بمعنى (على) نحو قوله تعالى: * ( أي : على نفسه ) .
ومنه قول الشاعر :
لاَهِ ابنُ عَمَّكَ لاَ أَفْضَلْتَ فى حَسَبٍ عَنَّى ولا أَنْتَ دَيَّانِي فَتَخْزُوني
( أي : لا أفضلتَ في حسبٍ عَليَّ ) لأنّ أَفْضل هُنا يتعدّى بـ ( على ) لأنه بمعنى الزَّيادة . وهذا معنى قوله : " وعلى كما على موضع عن قد جُعلا " ،
( أي : إنّ عَنْ تأتي بمعنى على كما جُعِلَتْ على بمعنى عن للمُجَاوَزَةِ .
* 4- بمعنى (مِنْ) كما في قوله تعالى: * ( أي : مِنْ عبادِه ) . *
معاني الكَاف
شَبَّهْ بِكَافٍ وَبِهَا التَّعْلِيلُ قَدْ يُعْنَى وَزَائِداً لِتَوْكِيدٍ وَرَدْ
18س- اذكر معاني الكاف .
18ج- سبق أَنْ عرفنا أنّ الكاف من الحروف التي تختصُّ بجر الاسم الظاهر . ولها معانٍ , منها :
1- التَّشْبِيهُ , نحو : زيدٌ كالأسدِ .(1/13)
2- التَّعْلِيلُ والسَّبَبِيَّةُ , كقوله تعالى : *
( أي : لهدايته إيّاكم ) .
3- زائدة : فائدتها التوكيد , وجُعِل منه قوله تعالى : * ( أي : ليس مثلَه شيء ) وذلك أنّ ( مِثْل ) أفادت التشبيه وجاءت ( الكاف ) لتوكيد هذا التشبيه .
ومن زيادتها قول الشاعر في أُرْجُوزَتِهِ : لَوَاحِقُ الأَقْرَابِ فيها كَالْمَقَقْ ( أي : فيها المقَقُ ). ومعنى المقق : الطُّول .
ومن زيادتها ما حَكَاهُ الفَرَّاء أنَّه قيل لبعض العرب : كيف تصنعون الأَقِطَ ؟ فقال : كَهَيَّن ( أي : هَيَّناً ) .
ما يُستعملُ اسمًا من حروف الجر
( الكاف , وعن , وعلى )
وَاسْتُعْمِلَ اسْماً وَكَذَا عَنْ وَعَلَى مِنْ أَجْلِ ذَا عَلَيْهِمَا مِِنْ دَخَلاَ
س19- ما حروف الجرَّ التي تُستعمل أسماء ؟ وضَّح ذلك .
ج19- حروف الجر التي تُستعمل أسماء , هي : الكاف , وعن , وعلى ,ومُنْذُ، ومُذْ . وقد ذكر الناظم هنا الثلاثة الأولى ، أمَّا ( مُنْذُ ، ومُذْ ) فسيأتي بيانها في بيت آخر . وإليك الآن بيان الثلاثة الأولى :
1- الكاف : تُستعمل الكاف اسمًا بمعنى ( مِثْل ) وذلك قليل ، كما في قول الشاعر :
أَتَنْتَهُونَ ولَنْ يَنْهَى ذَوِى شَطَطٍ كالطَّعْنِ يَذْهَبُ فيه الزَّيْتُ والفُتُلُ
فالكاف : اسم بمعنى ( مِثْل ) فاعل يَنْهَى ، والتقدير : ولن ينهى ذوى شططٍ مِثْلُ الطّعنِ .
2- 3 : عَنْ ، وعَلَى : تُستعمل (عن ، وعلى) اسمين عند دخول ( مِنْ ) عليهما ، وتكون على بمعنى ( فَوْق ) وتكون عن بمعنى (جَانِب) .
فمثال استعمال ( على ) اسمًا ، قول الشاعر :
غَدَتْ مِنْ عليهِ بعَد ما تَمَّ ظِمْؤُها تَصِلُّ وعَنْ قَيْضٍ بِزَيْزَاءَ مَجْهَلِ
والتقدير: غدتْ مِنْ فوقه , فـ ( على ) في هذا البيت اسم بمعنى فوق مجرور محلا ؛ لدخول حرف الجر عليه . ومن ذلك قولك: تَمُرُّ الطائرةُ مِنْ على بلدِنا .
ومثال استعمال ( عن ) اسمًا ، قول الشاعر :(1/14)
ولَقَدْ أَرَاني لِلرَّمَاحِ دَرِيئَةً مِنْ عَنْ يَمِيني تَارَةً وأمَامِي
والتقدير : من جَانِبِ يميني , فـ ( عن ) اسم بمعنى جانب , مجرور محلا ؛ لدخول حرف الجر عليه . ومن ذلك قولك : جلس محمدٌ مِن عن يميني ، وجلس خالدٌ من عن شِمَالي .
* اسْتُعْمِلَتْ (عن ، وعلى) اسمين عند دخول ( مِنْ ) عليهما ؛ لأن مِنْ حرف جر , وحرف الجر لا يدخلُ على حرف جر آخر . *
استعمال مُذْ ، ومُنْذُ اسمين
وَمُذْ وَمُنْذُ اسْمَانِ حَيْثُ رَفَعَا أَوْ أُوْلِيَا الفِعْلَ كَـ جئتُ مُذْ دَعَا
وَإِنْ يَجُرَّا فى مُضِيٍّ فَكَمِنْ هُمَا وَفى الْحُضُورِ مَعْنَى فى اسْتَبِنْ
س20- متى تُستعمل مذ ، ومنذ اسمين ؟
ج20- تُستعمل مذ ، ومنذ اسمين إذا وقع بعدهما الاسم مرفوعاً , أو إذا وقع بعدهما فعل . فمثال وقوع الاسم المرفوع بعدهما : ما رأيته مُذ يومُ الجمعة , وما رأيته منذ شهرُنا ، ( فمذ ومنذ ) مبتدآن , خبرهما الاسم المرفوع بعدهما . وجوَّز بعضهم أن يكونا خبرين ومابعدهما مبتدأ .
ومثال وقوع الفعل بعدهما : جئتُ مُذْ دعا , وجئت مُنْذُ دعوتني (فمذ، ومنذ) ظرفا زمان , والعامل فيهما الفعل الذي قبلهما ( جئت ) والفعل الذي بعدهما لا يكون إلا ماضياً , وهذا الفعل مع فاعله : في محل جر مضاف إليه ؛ لأن مذ ومنذ : ظرفان مضافان .
أما إذا وقع ما بعدهما مجروراً فهما حرفا جر بمعنى (مِن) إنْ كان المجرور ماضيا , نحو : ما رأيته مذ يومِ الجمعة , وبمعنى ( في ) إن كان حاضراً , نحو : ما رأيته مذ يومِنا .
وقد تقدّم بيان وقوعهما حرفين في السؤال السابع .
زيادة ( ما ) بعد
مِنْ ، وعَنْ ، والباء
وَبَعْدَ مِنْ وعَنْ وبَاءٍ زِيدَ مَا فَلَمْ يَعُقْ عَنْ عَمَلٍ قَدْ عُلِمَا
س21- ما تأثير زيادة ( ما ) بعد مِن ، وعن ، والباء ؟
ج21- تُزاد ( ما ) بعد مِن ، وعن ، والباء فلا تُؤَثَّر فيها ( أي : لاَ تَكُفُّها عن العمل ), نحو قوله تعالى : * وقوله تعالى :(1/15)
* وقوله تعالى : * .
* لم تؤثر زيادة ما بعد تلك الحروف ؛ لأن ( ما )لم تُخرِج تلك الحروف عن اختصاصها بالاسم فما زال اختصاصها بجرِّ الاسم باقيا . *
زيادة ( ما ) بعد رُبَّ ، والكاف
وَزِيدَ بَعْدَ رُبَّ وَالكَافِ فَكَفّْ وَقَدْ تَلِيهِمَا وَجَرٌّ لَمْ يُكَفّْ
س22- ما تأثير زيادة ( ما ) بعد رُبَّ ، والكاف ؟
ج22- تُزاد (ما) بعد رُبَّ ، والكاف فتَكُفُّهما عن العمل , وقد تُزاد بعدهما فلا تكفُّهما عن العمل - وهو قليل - .
فمثال زيادة ( ما ) بعد الكاف وكفّها عن العمل ، قول الشاعر :
فإنَّ الْحُمْرَ مِنْ شرِّ الْمَطَايَا كَما الْحَبِطَاتُ شَرُّ بَني تمَِيمِ
فقد زيدت ( ما ) بعد الكاف فكفَّتها عن العمل ؛ لأنها أَزالت اختصاصها بجرِّ الاسم المفرد فدخلت الكاف على الجملة الاسمية المكوَّنة من المبتدأ : الحبطاتُ , وخبره : شَرُّ .
( م ) وهذا هو معنى كفُّها عن العمل (أي : تُهَيَّئُهَا للدخول على الجملة الاسمية) كما في البيت السابق ، وكذلك تهيئها للدخول على الجملة الفعلية , كما في قول الشاعر : لا تَشْتُمِ النَّاسَ كمَا لا تُشْتَمِ . ( م )
ومثال زيادة ( ما ) بعد الكاف ولم تكفّها عن العمل , قول الشاعر :
ونَنْصُرُ مَوْلاَنَا ونَعْلَمُ أنَّهُ كَمَا النَّاسِ مَجْرُومٌ عليهِ وجَارِمُ
ومثال زيادة ( ما ) بعد رُبَّ وكفّها عن العمل , قول الشاعر :
رُبَّمَا الْجَامِلُ المؤَبَّلُ فِيهِمْ وعَنَاجِيجُ بَيْنَهُنَّ المِهَارُ
فقد زيدت ( ما) بعد رُبَّ فكفتها عن العمل ، وسوَّغت دخولها على الجملة الاسمية المكوَّنة من المبتدأ : الجامل , وخبره : فيهم .
( م ) وسوَّغت كذلك دخولها على الجملة الفعلية , كما في قول الشاعر :
رُبَّما أَوْفَيْتُ فى عَلَمٍ تَرْفَعْنَ ثَوبِي شَمَالاَتُ
ودخول رُبَّ المكفوفة على الجملة الاسمية شاذّ عند سيبويه ؛ لأنها عنده تختصُّ بالجملة الفعلية .(1/16)
أما أبو العباس المبرَّد فعنده لا تختص ربَّ المكفوفة بجملة دون جملة . ( م )
ومثال زيادتها بعد رُبّ ولم تكفّها عن العمل , قول الشاعر :
مَاوِيَّ يَارُبَّتَمَا غَارَةٍ شَعْوَاءَ كاللَّذْعَةِ بِالْمَيْسَمِ
حَذْفُ رُبَّ وبقاءُ عملها
وَحُذِفَتْ رُبَّ فَجَرَّتْ بَعْدَ بَلْ وَالْفَا وَبَعْدَ الوَاوِ شَاعَ ذَا الْعَمَلْ
س23- ما حكم حذف رُبَّ مع بقاء عملها
ج23- يجوز حذف ( رُبَّ ) وبقاء عملها ، بشرط أن تكون مسبوقة بالواو , أو الفاء , أو بل . وحذفها بعد الواو كثير , وبعد الفاء ، وبل قليل .
فمثال حذفها بعد الواو , قول الشاعر : وقَاتِمِ الأَعْمَاقِ خَاوِى المخْتَرَقْنْ
والتقدير : وربَّ قاتمِ الأعماقِ .
ومنه قول الشاعر:
وليلٍ كَمَوْجِ البَحْرِ أَرْخَى سُدُولَهُ عَلَيَّ بِأَنْوَاعِ الْهُمُومِ لِيَبْتَلِي
( أي : ربَّ ليلٍ ) .
ومثال حذفها بعد الفاء , قول الشاعر :
فَمِثْلِكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتُ ومُرْضِعٍ فَأَلْهَيْتُها عنْ ذِى تَمَائِمَ مُحْوِلِ
( أي : فَرُبَّ مثلِك ) .
ومثال حذفها بعد بَلْ , قول الشاعر :
بَلْ بَلَدٍ مِلْءُ الفِجَاجِ قَتَمُهْ لا يُشْتَرَى كَتَّانُهُ وجَهْرَمُهْ
( أي : بلْ رُبَّ بلدٍ ) .
وقد شذَّ حذفها مع بقاء عملها , ولم يتقدّمها شيء , كقول الشاعر :
رَسْمِ دارٍ وَقَفْتُ فى طَلَلِهْ كِدْتُ أَقْضِي الحيَاةَ مِنْ جَلَلِهْ
في هذا البيت جُرَّتْ ( رَسْمِ ) بربَّ المحذوفة من غير أن تُسبق بأحد الأحرف الثلاثة ( الواو , والفاء , وبلْ ) وذلك شاذٌّ .
حكم حذف حروف الجر مع بقاء
عملها في غيرِ رُبَّ
وَقَدْ يُجَرُّ بِسِوَى رُبَّ لَدَى حَذْفٍ وَبَعْضُهُ يُرَى مُطَّرِدَا
س24- ما حكم حذف حروف الجر مع بقاء عملها في غير رُبَّ ؟
ج24- حذف غير ربّ وبقاء عمله ( الجر ) نوعان : مطّرد , وغير مطّرد .(1/17)
1- غيرُ مُطَّرِدٍ - وهو السَّمَاعِي - نحو قول رُؤْبَة وقد سُئِل : كيف أَصبحتَ ؟ فقال : خيرٍ والحمدُ للهِ ، والتقدير : على خيرٍ ، وكما في قول الشاعر :
إذا قِيلَ أيُّ النَّاسِ شَرُّ قَبِيلةٍ أَشَارَتْ كُلَيْبٍ بالأَكُفِّ الأَصَابِعُ
( أي : أشارت إلى كليبٍ ) وكما في قول الشاعر :
وكَرِيمةٍ مِنْ آلِ قَيسَ أَلَفْتُهُ حَتَّى تَبَذَّخَ فَارْتَقَى الأَعْلاَمِ
( أي : فارتقى إلى الأعلامِ ) وفي البيت شاهد آخر , وهو قوله : وكريمةٍ , فقد جُرَّت بربَّ محذوفة بعد الواو .
2- الْمُطَّرِد - وهو القِيَاسيّ - ويكون في مواضع كثيرة , منها :
أ- بعدكم الاستفهاميّة إذا دخل عليها حرف جر , نحو : بكم درهمٍ اشتريتَ هذا ؟ ( أي : بكم مِنْ درهمٍ ) فدرهم : مجرور بمن محذوفة عند سيبويه ، والخليل , وهو مُطَّرِدٌ عندهما في مُمَيَّز ( كم ) الاستفهامية إذا دخل عليها حرف جر , وذلك خلافاً للزَّجاج الذي يرى أنّ ( درهم ) مجرورة بالإضافة .
* ب - إذا كان المقْسَم به لفظ الجلالة ,وحرف الجر من حروف القسم, نحو :
اللهِ لأَصومَنّ ( أي : بالله ) .
ج- في جواب سؤال والسؤال فيه حرف الجر ، نحو : بِمَنْ مررتَ ؟ فتقول : زيدٍ ( أي : مررت بزيدٍ ) .
د- في المعطوف على حرف جر مذكور , كما في قوله تعالى : * ( أي : وفي اختلاف الليل ) . *
---
الإضَافَةُ
ما يُحذف من المضاف عند الإضافة
وبيان الحروف التي تكون الإضافة بمعناها
وأقسام الإضافة
نُوناً تَلِى الإِعْرَابَ أَوْتَنْوِينَا مِمَّا تُضِيفُ احْذِفْ كَطُورِ سِينَا
وَالثَّاني اجْرُرْ وَانْوِ مِنْ أَوْ فى إِذَا لَمْ يَصْلُحِ إلاَّ ذَاكَ وَاللاَّمَ خُذَا
لِمَا سِوَى ذَيْنِكَ وَاخْصُصْ أَوَّلاَ أَوْ أَعْطِهِ التَّعْرِيفَ بِالَّذِى تَلاَ
س1- عرِّف الإضافة , وما حكم المضاف إليه ؟(1/18)
ج1- الإضافة , هي : إسنادُ كلمةٍ إلى أخرى , بتنزيل الثانية من الأولى منزلة التنوين ، أوما يقوم مقام تنوينه . وحكم المضاف إليه : الجرّ دائماً .
س2- ما الذي يحذف من الاسم المراد إضافته ؟
ج2- إذا أريد إضافة اسم إلى آخر حُذِف ما في المضاف من تنوين , أو نون تلي علامة الإعراب , وهي النون في المثنى ، وفي جمع المذكر السالم فهي واقعة بعد الألف ، أو الياء في المثنى , وبعد الواو ، أو الياء في جمع المذكر السالم ؛ ولذا سمّيت : تَالِيَة للإعراب .
فمثال حذف التنوين من المضاف : هذا طالبُ علمٍ ، والأصل قبل الإضافة : هذا طالبٌ .
ومثال حذف النون من المثنى المضاف ، قوله تعالى : * والأصل : يَدَانِ , ونحو قولك : هذانِ غُلاما زيدٍ .
ومثال حذف النون من الجمع المضاف ، قوله تعالى : * والأصل : بَنِينَ .
وكذلك تحُذف ( أل ) من المضاف , نحو : الطالبُ ؛ فتقول : طالبُ العلمِ .
س3- ما العامل في جرّ المضاف إليه ؟
ج3- اخْتُلِفَ في الجارّ للمضاف إليه , فقيل هو مجرور بحرف مُقَدَّر , وهو :
(اللام , أو مِنْ ، أو في ) وقيل : هو مجرور بالمضاف , وهو الصحيح .
س4- ما الحروف التي تكون الإضافة بمعناها ؟ وما الضَّابط فيها ؟
ج4- الإضافة تكون بمعنى ( اللام ) عند جميع النحويين , نحو : هذا كتابُ محمدٍ ( أي : كتابٌ لمحمدٍ ) وهي تُفيد الْمِلْكِيَّة , كما في المثال السابق , أو الاختصاص , نحو : هذا لِجَامُ الفرسِ ( أي : لجامٌ لفرسٍ ) .
وزعم بعضهم أنّ الإضافة تكون أيضا بمعنى ( مِنْ ) أو ( في ) وهو اختيار الناظم , وإلى هذا أشار بقوله :" وانْوِ مِنْ أو في " .
وضابطها : أنّه إِنْ لم يَصْلُحْ إلاّ تقدير ( مِنْ ، أو في) فالإضافة تكون بمعنى ما تعيَّنَ تقديره ، بـ ( مِن ، أو في ) وإلاّ فالإضافة تكون بمعنى اللام , وإليك الآن ضابط كل حرف من الحروف الثلاثة :(1/19)
1- تكون الإضافة بمعنى ( مِنْ ) : إذا كان المضاف إليه جِنسًا للمضاف , نحو: هذا ثوبُ حريرٍ , وخاتمُ حديدٍ ، والتقدير : هذا ثوبٌ من حريرٍ ، وخاتَمٌ من حديدٍ ؛ لأن الحرير جنس للثوب , والحديد جنسٌ للخاتم .
2- تكون الإضافة بمعنى ( في ) : إذا كان المضاف إليه ظرفاً واقعاً فيه المضاف, نحو : أعجبني ضَرْبُ اليومِ زيداً ( أي : ضربُ زيدٍ في اليوم ) ومنه قوله تعالى : * (أي: تربُّصٌ في أربعة أشهرٍ) ومنه قوله تعالى : * (أي : مكرٌ في الليل) .
3- تكون الإضافة بمعنى ( اللام ) وهو الأصل : إذا لم يصلح تقدير الإضافة بـ (من ، أو في) فالإضافة تكون بمعنى اللام , كما في قولك : هذا كتابُ محمدٍ , فلا يصلح في هذا المثال تقدير (مِن) ولا يصلح تقدير ( في ) ولذا فالمعنى يكون صحيحا على تقدير ( اللام ) فتقول : هذا كتابٌ لمحمدٍ .
س5- إلام أشار الناظم بقوله :" واخْصُصْ أوَّلا ... إلى آخر البيت " ؟
ج5- أشار بذلك إلى أن الإضافة على قسمين : مَحْضَة , وغير مَحْضَة .
فَالْمَحْضَةُ , وتُسمَّى الإضافةَ الْمَعْنَوِيَّةَ ، وهي كما عرَّفها الشارح : غير إضافة الوصف المشابه للفعل المضارع إلى معموله . ( أي : إنها ليست وصفا عاملا يُشبه الفعل المضارع ،كاسم الفاعل ، واسم المفعول , والصِّفة المشَبَّهة )، نحو : كتابُ زيدٍ , فالإضافة هنا معنوية ؛ لأن المضاف (كتاب) ليس وصفاً عاملا .
وهذه الإضافة المحضة ( المعنوية ) تفيد المضاف أحد أمرين :
1- التَّعريف ، وذلك إنْ كان المضاف إليه معرفة , نحو : هذا غلامُ زيدٍ , وذاك غلامُك .
2- التَّخصيص , وذلك إنْ كان المضاف إليه نكرة , نحو : هذا غلامُ امرأةٍ .
والتخصيص يُقرِّب النكرة من التعريف .
* تعريف آخَر للإضافة المحضة ، هي: ما كان المضاف فيها غير وصفٍ عاملٍ .*
أما غير المحضة , وتُسَمَّى الإضافة ( اللَّفْظِيَّة ) فسيأتي بيانها في الأبيات الآتية .
الإضافة غير المحضَة ( اللَّفْظِيَّة )(1/20)
تعريفها ، وفائدتها
وَإِنْ يُشَابِهِ الْمُضَافُ يَفْعَلُ وَصْفاً فَعَنْ تَنكيرِهِ لايُعْزَلُ
كَرُبَّ رَاجيناً عَظِيمِ الأَمَلِ مُرَوَّعِ الْقَلْبِ قَلِيلِ الْحِيَلِ
وَذِى الإِضَافَةُ اسْمُهَا لَفْظِيَّهْ وَتِلْكَ مَحْضَةٌ وَمَعْنَوِيَّهْ
س6- عرِّف الإضافة اللفظية , مع التمثيل لها .
ج6- الإضافة اللفظية (غير المحضة ) هي : ما كان المضاف فيها وصفًا عاملاً . ويشمل الوصف : اسم الفاعل ، واسم المفعول , والصَّفة المشَبَّهَة .
ويُشترط في اسم الفاعل ، واسم المفعول أن يكونا بمعنى الحال ، أو الاستقبال . أما الصفة المشبهة فتكون بمعنى الحال .
والمراد بالوصف العامل : أن هذا الوصف يُشبه الفعل المضارع في العَمل , وفي الدلالة على الحال ، أو الاستقبال . وهذا معنى قوله : " وإن يُشابه المضاف يَفْعَلُ وصفاً "
فمثال اسم الفاعل : خالدٌ ضاربُ زيدٍ الآن ، أو غداً , ونحو : هذا رَاجِينَا .
ومثال اسم المفعول : هذا مضروبُ الأبِ , ونحو : زيدٌ مُرَوَّعُ القَلْبِ .
ومثال الصِّفة المشَبَّهة : محمدٌ حَسَنُ الوَجْهِ , ونحو : هذا قليلُ الْحِيَلِ , وعَظيِمُ الأَمَلِ .
أما إذا كان المضاف غير وصف , نحو : هذا قلمك , أوكان المضاف مصدراً , نحو : عجبتُ من ضَرْبِ زيدٍ (لأن المصدر ليس وصفاً) أو كان المضاف وصفَا غير عامل , نحو: هذا ضاربُ زيدٍ أمسِ , فالوصف ( ضارب ) غير عامل ؛ لأنه بمعنى الماضي , فالإضافة حينئذ تكون معنويَّة .
س7- ما فائدة الإضافة اللفظية ؟
ج7- الإضافة اللفظية لا تفيد تعريفا ، ولا تخصيصاً . وهذا معنى قول الناظم :
" فعن تنكيره لا يُعْزَلُ " .
وفائدتها : التَّخْفِيف , وذلك بحذف التنوين , وحذف النون من المثنى ، وجمع المذكر السالم .
س8- ما الدليل على أنّ الإضافة اللفظية لا تفيد تعريفا ، ولا تخصيصاً ؟
ج8- الدليل على ذلك ما يلي :(1/21)
1- وقوع المضاف صفة لنكرة , كما في قوله تعالى : * فالمضاف ( بالغ ) لم يَستَفدْ التعريف من إضافته إلى المعرفة ( الكعبة ) بدليل أنه وقع نعتا للنكرة ( هديا ) والنعت يَتْبع المنعوت .
2- دخول ( رُبَّ ) عليه وإنْ كان مضافا إلى معرفة , نحو : ربَّ راجِينا .
ومعلومٌ أنَّ ( ربَّ ) لا تدخل إلا على نكرة .
*3 - وقوعه حالا , كما في قوله تعالى: * فثانِي : حال , والحال نكرة . *
س9- ما سبب تسمية الإضافة بـ: محضة ،ومعنوية ؛وغير محضة ،ولفظية .
ج9- سُمَّيت مَحْضَة ؛ لأنها خالصة من تقدير الانفصال عن الإضافة , ففي قولك : كتاب زيدٍ ، لا يمكن ترك الإضافة وإعراب ( زيد ) في هذا المثال إعراباً آخر .
وسُمَّيت الإضافة مَعْنَوِيَّة ؛ لأنها أفادت المضاف أمراً معنويّا , وهو : التعريف ، أو التخصيص .
أما غير المحضة , فهي على تقدير الانفصال عن الإضافة ؛ لأنه في قولك : هذا ضاربُ زيد الآن , يمكن ترك الإضافة وإعراب ( زيد ) مفعولا به ؛ فتقول : هذا ضاربٌ زيداً ؛ ولذلك سمِّيت غير محضة .
وسميِّت لَفْظِيَّة ؛ لأنها تُفيد أمراً لفظيّا وهو التخفيف في اللفظ بحذف التنوين ، والنون .
شروط دخول ( أل ) على المضاف
في الإضافة غير المحضة
وَوَصْلُ أَلْ بِذَا الْمُضَافِ مُغْتَفَرْ إِنْ وُصِلَتْ بِالثَّانِ كَـ الْجُعْدِ الشَّعَرْ
أَوْ بِالَّذِى لَهُ أُضِيفَ الثَّانى كَـ زَيْدٌ الضَّاربُ رَأْسِ الْجَانِى
س10- اذكر الشروط التي تجُِيز دخول ( أل ) على المضاف في الإضافة غير المحضة ؟ وهل يجوز دخول ( أل ) على المضاف في الإضافة المحضة ؟
ج10- لا يجوز دخول ( أل ) على المضاف في الإضافة المحضة ( المعنويّة ) فلا تقول: هذا الغلامُ رجلٍ ؛ لأن الإضافة مُنَافية للألف واللام , فلا يُجْمَعُ بينهما ؛ ذلك لأن ( أل ) للتعريف ، والإضافة المحضة من فوائدها التعريف , ولا يُجمع بين مُعَرَّفَين .(1/22)
أما الإضافة غير المحضة ( اللفظيّة ) - وهي المراد بقوله : " بذا المضاف " أي: الذي تقدَّم الكلام فيه قبل هذا البيت - فكان القياس أيضاً يقتضي أنْ لا تدخُل ( أل) على المضاف ؛ لأنهما مُتَعَاقبان , بمعنى أنهما لا يجتمعان كما تقدّم في الإضافة المحضة , ولكن لماَّ كانت الإضافة فيه على نِيَّة الانفصال اغْتُفِرَ ذلك بشروط ثلاثة , هي :
1- أن يكون المضاف إليه فيه ( أل ) نحو : الْجَعْدِ الشَّعْرِ , والضَّارب الرَّجل .
2- أن يكون المضاف إليه مُضَافاً إلى مافيه ( أل ) نحو :
زيدٌ الضاربُ رأسِ الْجَاني . فالمضاف ( الضارب ) دخلت عليه ( أل ) لأن المضاف إليه ( رأس ) مضاف إلى ما فيه ( أل ) وهو ( الجاني ) .
ويدخل في هذا المضاف المفرد ,كما مُثِّل , وجمع التكسير , نحو : الضَّوَارِبُ الرَّجلِ , أو : الضُّرَّابُ الرجلِ , أو : الضُّرَّابُ رأسِ الجاني ,وجمع المؤنث السالم، نحو : الضَّارِباتُ الرَّجلِ ، أو : الضَّارباتُ رأسِ الجاني .
فإن لم تدخل ( أل ) على المضاف إليه , ولا على ما أضيف إليه امتنع دخول
( أل ) على المضاف ؛ فلا تقول: هذا الضاربُ رجلٍ , ولا : هذا الضاربُ رأسِ جانٍ .
3- أن يكون المضاف مثنى ، أوجمع مذكر سالماً . وسيأتي بيانه في البيت الآتي .
دخول ( أل ) على المضاف وحده
وَكَوْنُهَا فى الوَصْفِ كَافٍ إِنْ وَقَعْ مُثَنًّى أَوْ جَمْعاً سَبِيلَهُ اتَّبَعْ
س11- ما مراد الناظم بهذا البيت ؟
ج11- مراده : أنّ المضاف إذا كان مثنى ، أو جمع مذكر سالماً فإنّه يكفي وجود ( أل ) فيه , ولا يُشترط وجودها في المضاف إليه ، نحو : هذانِ الضاربا زيدٍ ، وهؤلاء الضاربو زيدٍ.
حكمُ إضافةِ اسمٍ إلى ما اتَّحَدَ به
في المعنى
وَلاَ يُضَافُ اسْمٌ لِمَا بِهِ اتَّحَدْ مَعْنىً وَأوِّلْ مُوهِماً إِذَا وَرَدْ
س12- ما حكم إضافةُ اسمٍ إلى ما اتَّحد به في المعنى ؟(1/23)
ج12- معلوم أنّ المضاف يتخصَّص بالمضاف إليه ، أو يتعرَّف به ؛ ولهذ فلا بدَّ أن يكون المضاف إليه غير المضاف ؛ لأن الشيء لا يتخصَّص ، ولا يتعرَّف بنفسه , وعلى ذلك فَلا يُضَافُ اسمٌ إلى ما اتّحَدَ به في المعنى . وهذا هو المراد بقوله : " ولا يُضاف اسم لما به اتَّحد معنى "، فلا يُضاف المرادف إلى مُرَادِفه ؛ فلا يُقال : هذا قَمْحُ بُرٍّ ، وليثُ أسدٍ ؛ لكونها من المترادفات في المعنى .
ولا يُضَاف الموصوف إلى صفته ؛ فلا يُقال : هذا رجلُ قَائمٍِ ، والأصل : هذا رجلٌ قائمٌ .
فإنْ وردَ في كلام العرب ما ظاهره إضافة الاسم إلى مرادفه وجبَ تأويله , كقولهم : سعيدُ كُرْزٍ , فظاهر هذا أنّه من إضافة الشيء إلى نفسه ؛ لأن المراد بالاسم (سعيد) واللقب (كرز) في هذا المثال شيء واحد فَيُؤَوَّل مثل هذا على أنّ المراد بسعيد : الْمُسَمَّى , والمراد بكُرز : الاسم , فكأنه قال : جاءني مُسمَّى كرزٍ ( أي : مُسمَّى هذا الاسم ) وعلى ذلك يُؤَوّل ما أَشْبه هذا من إضافة الْمُتَرَادِفَيْنِ , كيوم الخميس ( أي : هذا مُسَمَّى الخميس ) فالأول يكون هو المسَمَّى , والثاني يكون الاسم .
وأما إنْ وردَ في كلام العرب ما ظاهره إضافة الموصوف إلى صفته فيؤَوّل على حذف المضاف إليه الموصوف بتلك الصَّفة , كقولهم : حَبَّةُ الْحَمْقَاءِ , وَصَلاةُ الأولى ، والأصل : حَبَّةُ البَقْلَةِ الحمقاءِ , وصَلاةُ السَّاعةِ الأولى . فالحمقاء : صفة للبقلة لا للحَبَّة ، والأولى : صفة للسَّاعة لا للصلاة , فَحُذِف المضاف إليه (البقلة , والساعة) وأُقِيمتْ صفته مُقاَمه ، فصار: حَبَّة الحمقاء , وصلاة الأولى فَلَمْ يُضَف الموصوف إلى صفته , بل أُضيف إلى صفةِ غيره , وهو: المحذوف .
اكتسابُ المضافِ المذكَّرِ التَّأْنِيثَ
من المضافِ إليه المؤَنَّثِ
وَرُبَّمَا أَكْسَبَ ثَانٍ أَوَّلاَ تَأْنِيثاً إِنْ كَانَ لِحَذْفٍ مُوهَلاَ(1/24)
س13- ما الذي يَكْتَسِبه المضاف من المضاف إليه ؟
ج13- عرفنا سابقاً أنّ المضاف يكتسب التعريف , أو التخصيص من المضاف إليه , وذكَر الناظم في هذا البيت أنه قد يكتسب المضافُ المذكرُ التأنيثَ من المضافِ إليه المؤنَّثِ , وذلك بشرط : أن يكون المضاف صالحاً للحذف وإقامة المضاف إليه مُقامه دون إخْلاَلٍ بالمعنى , نحو : قُطِعَتْ بعضُ أصَاِبعِهِ , فصحَّ تأنيث المضاف ( بعض ) بدليل تأنيث الفعل قبله مع أنه مذكر في الأصل ؛ لأنه اكتسب التأنيث من إضافته إلى المؤنث ( أصابع ) وإنّما جاز ذلك ؛ لصحّة حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه فلا يَخْتَلّ المعنى ؛ فتقول : قُطِعت أصابعُه .
وقد يكتسب المضافُ المؤنثُ التذكير من المضاف إليه المذكَّر بالشرط السَّابق , وهو : صِحَّة حذف المضاف والاستغناء عنه بالمضاف إليه - وهو قليل - كما في قوله تعالى : * فالمضاف
( رحمة ) مؤنث اكتسب التذكير من المضاف إليه لفظ الجلالة ؛ ولهذا جاء الخبر ( قريب ) مذكّر .
فإن لم يصلح المضاف للحذف والاستغناء عنه بالمضاف إليه لم يَجُز التأنيث , فلا تقول : خرجتْ غلامُ هندٍ ؛ لأنه لايصح أن تقول : خرجت هندٌ , على اعتبار أنّ المقصود : خروج الغلام .
س14- قال الشاعر :
مَشَيْنَ كَمَا اهْتَزَّتْ رِمَاحٌ تَسَفَّهَتْ أَعَالِيَهَا مَرُّ الرِّيَاحِ النَّوَاسِمِ
عيَّن الشاهد , وما وجه الاستشهاد فيه ؟
ج14- الشاهد : تَسَفَّهَتْ .. مَرُّ الرِّياح .
وجه الاستشهاد : أُنَّثَ الفعل ( تسفهتْ ) بتاء التأنيث مع أنّ فاعله ( مَرُّ ) مذكَّر ؛ وذلك لأنه اكتسب التأنيث من المضاف إليه ( الرياح ) وجاز ذلك لِصِحَّة الاستغناء عن المضاف بالمضاف إليه .
الأسماء التي تلزم الإضافة إلى المفرد
وَبَعْضُ الأَسْمَاءِ يُضَافُ أَبَدَا وَبَعْضُ ذَا قَدْ يَأْتِ لَفْظاً مُفْرَدَا
* س15 – اذكر أحكام الأسماء باعتبار إضافتها ، وعدمه .
ج15- الأسماء بهذا الاعتبار نوعان :(1/25)
1- أسماء تمتنع إضافتها ( أي : لا تكون مضافا ) كالضمائر ،وأسماء الإشارة، والأسماء الموصولة , وأسماء الشرط ما عدا (أي) وأسماء الاستفهام ما عدا (أيّ).
2- أسماء تجب إضافتها إما إلى مفرد , وإما إلى جملة . سيأتي بيان هذا النوع فيما بعد .
س16- الأسماء التي تلزم الإضافة إلى المفرد نوعان , اذكرهما .
ج16- الأسماء التي تلزم الإضافة إلى المفرد : نوعان , هما :
1- ما يلزم الإضافة لفظاً ومعنى , وهذا النوع لا يُستعمل مفردا , بلا إضافة
( لابدَّ من إضافته ) .
وهذا هو المراد من قول الناظم : " وبعض الأسماء يُضاف أبداً "، وذلك نحو : عِنْدَ , ولدى ، وسِوَى , وقُصَارَى الشيء , وحُمَاداه ( بمعنى : غَايَتُه) .
* وهي بالنسبة لإضافتها إلى الظاهر ، والضمير ثلاثة أنواع :
أ- ما يضاف إلى الظاهر والمضمر , نحو : عند ، ولدى , وسَوِى , وقُصَارى الأمر ، وحُمَاداه .
ب- ما يضاف إلى الظاهر فقط , نحو : أولو , وأولات ، وذو , وذوات .
ج- ما يضاف إلى الضمير فقط ، نحو : وَحْدَهُ ، ولَبَّيْكَ، وسَعْدَيْكَ . *
2- ما يلزم الإضافة معنى دون لفظ , نحو : كل , وبعض , وأيّ ؛ فتقول : كلٌّ ناجحٌ . فالإضافة هنا بالمعنى دون اللفظ ؛ لأن لفظ المضاف إليه محذوف .
وهذا النوع يجوز أن يأتي مفرداً فلا يُذكر المضاف إليه ,كما في المثال السابق . وهذا هو المراد بقوله : " وبعض ذا..." ويجوز أن يضاف لفظا ومعنى , كما في الحديث القدسي : " كُلُّكم ضَالٌّ " وكقولك : كلُّ الطُّلابِ ناجحٌ .
وسيأتي بيان القسمين فيما يلي من الأبيات .
* س17- ما المراد بالمضاف لفظا ومعنى , وبالمضاف معنى دون لفظ ؟ وما المراد بقولهم : ما يلزم الإضافة ؟
ج17- المراد بالمضاف لفظاً ومعنى , هو : ما له مضاف إليه مذكور صراحة في الكلام , نحو : الطالبُ عنْد المديرِ , وكما في قوله تعالى : * .(1/26)
والمراد بالمضاف معنى دون لفظ , هو : ما له مضاف إليه ولكنّه محذوف , واسْتُغْنِيَ عنه بالتنوين الذي يجيء عوضا عنه ، وهو مع حذفه مُلاَحَظٌ في إتمام معنى المضاف , نحوقوله تعالى : * (أي:كلُّ إنسانٍ)فحُذِفَ المضاف إليه ، وعُوِّضَ عنه بتنوين العِوَضِ . ومنه قوله تعالى :
* وقوله تعالى : * .
وهذا لايمنع من ذِكر المضاف إليه ؛ فتقول : كلٌٌٌٌّ ناجحٌ , وكلُّ طالبٍ ناجحٌ .
أمَّا المراد بما يلزم الإضافة , فهو : ما يجب إضافته .
ما يضاف إلى الضمير فقط مِن
الأسماء التي تلزم الإضافة لفظاً ومعنى
وَبَعْضُ ما يُضَافُ حَتْماً امْتَنَعْ إِيلاَؤُهُ اسْماً ظَاهِراً حَيْثُ وَقَعْ
كوَحْدَ لَبَّى وَدَوَالَىْ سَعْدَى وَشَذَّ إِيلاَءُ يَدَىْ لِلَبَّىْ
س18- ماالذي يُضاف إلى الضمير فقط من الأسماء التي تلزم الإضافة لفظاً؟
ج18- من الأسماء التي تلزم الإضافة لفظاً ما لا يضاف إلاّ إلى الضمير فقط , وذلك مثل : وَحْدَه , ولَبَّيْكَ , وسَعْدَيْك ، ودَوَالَيْك , وحَنَانَيْك . فهذه الأسماء تختصّ بالإضافة إلى ضمير المخاطَب إلاَّ كلمة ( وَحْدَ ) فتضاف إلى جميع الضمائر ؛ تقول : وحْدَك , ووَحْدَه ، ووَحْدِي ( ومعناه : مُنْفَرِداً ) .
أمَّا الأسماء الأخرى فتختصّ بضمير المخاطب ، كما ذكرنا ؛ فتقول : لَبَّيْكَ ,
( ومعناها : أُقِيمُ على إجابتك إقامة بعد إقامة ) ، وسَعْدَيْك ( ومعناها : إسعاداً لك بعدَ إسعادٍ ) ، ودَوَاَليْك ( ومعناها : تَدَاوُلاً بعد تَدَاوُل ) ، وحَنَانَيْك ...
( ومعناها : تَحَنُّناً عليك بعد تَحَنُّن ) .
وشَذّ إضافة ( لَبَّى ) إلى ضمير الغيبة ,كما في قول الشاعر :
لَقُلْتُ لَبَّيْهِ لِمَنْ يَدْعُوني .
وشَذّ كذلك إضافة ( لبّى ) إلى الاسم الظاهر , أَنشد سيبويه :
دَعَوْتُ لِمَا نَابَني مِسْوَراً ... فَلَبَّى فَلَبَّىْ يَدَىْ مِسْوَرِ(1/27)
فقد أضاف الشاعر المصدر ( لبّى ) إلى الاسم الظاهر ، وهو ( يدى ) شذوذا . ويُفهم من كلام سيبويه أن ذلك غير شاذّ في ( لَبَّىْ ) و (سَعْدَى ) .
س19- اذكر موضع خلاف العلماء في لبَّيك وما شابهه , موضِّحا مذاهبهم في ذلك .
ج19- اختلفوا في : هل هو مُثنى أو مفرد ؟
1- مذهب سيبويه : أن لبّيك وما شابهه : مُثنى , وأنه منصوب على المصدريّة بفعل محذوف ، وأنّ المقصود من تثنيته : التَّكثير , فهو على هذا ملحق بالمثنى , كقوله تعالى : * (أي : كَرَّاتٍ) فكَرَّتَيْنِ : ليس المراد به مرَّتين فقط ؛ لقوله تعالى : *
( أي : مُزدجراً وهوكَلِيلٌ ) ولا ينقِلب البصر مزدجراً كليلاً من كرَّتين فقط , فتعيَّن بذلك أن يكون المراد بـ ( كرَّتين ) التكثير لا اثنين فقط , وكذلك لبَّيك , وأخواته .
2- مذهب يونس بن حبيب : أنه مفرد, وليس بمثنى , وأنّ أصله : لَبَّى , وهو مقصور ، قُلِبَت أَلفُه ياءً مع الضمير كما قُلِبت ألفُ ( لَدَى ، وعَلَى ) مع الضمير , في قولك : لَدَيْهِ ، وعَلَيْهِ .
وَرَدّ عليه سيبويه بأنّه لو كانت أَلِفه مقصورة لم تنقلب ألفه مع الظّاهر ياءً كما لم تنقلب ألف ( لدى , وعلى ) مع الظاهر ؛ تقول : لدى زيدٍ , وعلى زيدٍ ؛ ولذلك ينبغي أن يقال : لبَّى زيدٍ , بالألف المقصورة لكنّهم لماَّ أضافوه إلى الظاهر قَلَبُوا الألف ياء ,كما في الشاهد الشعري السابق: " فَلَبَّىْ يَدَىْ مِسْوَرِ " فدلّ ذلك على أنّه مثنى ، وليس مقصوراً كما زعم يونس .
الأسماء التي تلزم الإضافة إلى الجملة
وَأَلْزَمُوا إِضَافَة ًإِلَى الْجُمَلْ حَيْثُ وَإِذْ وَإِنْ يُنَوَّنْ يُحْتَمَلْ
إِفْرَادُ إِذْ وَمَا كَإِذْ مَعْنىً كَإذْ أَضِفْ جَوَازًا نَحْوُ حِينَ جَا نُبِذْ
س20- الأسماء التي تلزم الإضافة إلى الجملة نوعان , اذكرها .
ج20- ما يلزم الإضافة إلى الجملة نوعان , هما :
1- ما يضاف إلى الجملة الاسمية ، والفعلية , وهو : حيثُ , وإذْ .(1/28)
2- ما يضاف إلى الجملة الفعلية فقط ، وهو : إذا .
س21- مثِّل لِمَا يلزم إضافته إلى الجملة الاسمية ، والفعلية .
ج21- ما يضاف إلى الجملة الاسميّة ، والفعلية ( حيثُ , وإذْ ) فمثال إضافة
( حيث ) إلى الجملة الاسمية : اجلسْ حيثُ زيدٌ جالسٌ . فحيث : ظرف مكان مبنى على الضم , وهو مضاف , وجملة ( زيدٌ جالسٌ ) في محل جرّ مضاف إليه .
ومثال إضافتها إلى الجملة الفعلية : اجلسْ حيثُ جلسَ زيدٌ , أو : حيث يجلسُ زيدٌ . ومنه قوله تعالى : * .
وشَذّ إضافته إلى مفرد , كقول الشاعر :
أمَا تَرَى حَيْثُ سُهَيْلٍ طالعًا نَجْماً يُضِيءُ كالشَّهَابِ لاَمِعَا
( م ) أضاف الشاعر حيث إلى اسم مفرد ( سهيلٍ ) وذلك شاذّ عند جمهرة النّحاة , وأجاز الكسائي إضافتها إلى المفرد , واستدلّ بهذا البيت .
واعلم أنّ لهذا البيت رواية أخرى , هي : " أما ترى حيثُ سهيلٌ طالعٌ " فلا شاهد فيه حينئذ ؛ لأنه جاء على الأصل . ( م )
مثال إضافة (إذ) إلى الجملة الاسمية: جئتُك إذْ زيدٌ قائمٌ ,وجئتك إذ زيدٌ يقومُ. ومنه قوله تعالى : * .
ومثال إضافتها إلى الجملة الفعلية : جئتُك إذْ قامَ زيدٌ . ومنه قوله تعالى :
* وقوله تعالى : * والفعل المضارع هنا بمعنى الماضي ( مَكَرَ ) لأنّ إذ ظرف للزمان الماضي المبهم ( أي : غير المحدود ) .
س22- هل يجوز حذف جملة المضاف إليه مِمَّا يلزم إضافته إلى الجملة ؟ وضِّح ذلك .
ج22- نعم . يجوز ذلك إذا كان المضاف هو ( إذ ) فيجوز حذف الجملة المضاف إليها , ويُؤْتَى بالتنوين عوضًا عنها فتكون ( إِذْ ) مفردة ( أي : مقطوعة عن الإضافة لفظاً ) لوقوع التنوين عوضاً عن الجملة المضاف إليها , وذلك كما في قوله تعالى : * وقوله تعالى : * وهذا معنى قوله: " وإنْ يُنوّن يُحْتَمل إفراد إذْ " .
س23- مثّل لِما يلزم إضافته إلى الجملة الفعلية فقط .(1/29)
ج23- ما يلزم إضافته إلى الجملة الفعلية فقط ( إذا ) وهي ظرف للزمان المستقبل ، نحو : آتِيك إذا قامَ زيدٌ . ومنه قوله تعالى:* وقوله تعالى : * ولا يجوز إضافتها إلى الجملة الاسميّة ؛ فلا تقول : آتيك إذا زيدٌ قائمٌ , خلافا للأخفش .
سيشير الناظم إلى ( إذا ) في بيت خاصّ بها .
س24- إلام أشار الناظم بقوله : " وما كإذ معنىً كإذ " ؟
ج24- أشار بذلك إلى أنّ ما كان مثل ( إذ ) في كونه ظرفاً ماضيا مُبهماً يجوز إضافته إلى ما تُضاف إليه ( إذ ) من الجملة الاسمية ، والفعلية ، وذلك نحو :
حِين ، ووَقْت ، وزَمَان ، ويَوم ؛ لأنها ظروف للماضي مبهمة ( أي : لا تدل على وقت معيَّن محدَّد ) .
فمثال إضافتها إلى الجملة الاسمية : جئتك حينَ زيدٌ قائمٌ , ووقتَ زيدٌ قائمٌ , وزمانَ زيدٌ قائمٌ , ويومَ زيدٌ قائمٌ .
ومثال إضافتها إلى الجملة الفعلية : جئتك حينَ جاءَ زيدٌ , ووقتَ جاء زيدٌ .
وهذا النوع وهو ما كان مثل (إذ) في المعنى يُضاف إلى الجملة جوازاً, لاوجوبا.
وهذا ما أشار إليه الناظم بقوله : " أَضِف جوازاً " .
فإن كان الظرف غير ماضٍ بأنْ كان للمستقبل لم يُجْرَ مُجْرَى ( إذ ) بل يُعَامل مُعَاملة ( إذا ) فلا يُضاف إلى الجملة الاسمية ,بل يُضاف إلى الجملة الفعلية فقط، نحو : أَجِيئُكَ حينَ يَجِيءُ زيدٌ . فـ (حين) في هذا المثال للزمان المستقبل ؛ لأن ما بعدها فعل مضارع ، والمضارع زمنه الحال ، أو المستقبل .
وإذا كان الظرف محدودًا , مثل : شَهْر وحَوْل ، وجبَ إضافته إلى المفرد , ولا يُضاف إلى الجملة ؛ فتقول : شهركذا , وحَوْل كذا .
قال تعالى : * .
حكم ما يُضَاف إلى الجملة جوازاً
باعتبار الإعراب ، والبناء
وَابْنِ أَوَ اعْرِبْ مَا كَإِذْ قَدْ أُجْرِيَا وَاخْتَرْ بِنَا مَتْلُوِّ فِعْلٍ بُنِيَا
وَقَبْلَ فِعْلٍ مُعْرَبٍ أَوْ مُبْتَدَا أَعْرِبْ وَمَنْ بَنَى فَلَنْ يُفَنَّدَا(1/30)
س25- ما حكم ما يُضاف إلى الجملة باعتبار الإعراب ، والبناء ؟
ج25- تقدّم أن الأسماء التي تجب إضافتها إلى الجملة , نوعان :
1- ما يضاف إلى الجملة وجوبا , نحو: حيثُ , وإذا , وإذ . فهذه الأسماء حكمها : وجوب البناء . فحيث : مبنية على الضم , وإذا , وإذْ : مبنيَّتان على السكون .
وعلَّة بنائها : شبهها بالحرف في الافتقار إلى الجملة .
2- ما يضاف إلى الجملة جوازاً , وهو ما أَشْبه ( إذْ ) نحو : حين ، ووقت ، وزمن . وهذا النوع هو ما أشار إليه الناظم في هذين البيتين ,وحكمه كما يلي:
أ- مذهب الكوفيين , وتبعهم الفارسيّ , والناظم : جواز الإعراب ، والبناء سواء أُضيف إلى جملة فعلية فعلها ماضٍ , نحو : هذا يومَُ جاء زيدٌ , أو أُضيف إلى جملة فعلية فعلها مضارع , نحو : هذا يومَُ يسافرُ عمرٌو , أو أُضيف إلى جملة اسميّة , نحو : هذا يومَُ بَكْرٌ صَائِمٌ . فكلمة ( يوم ) في الأمثلة السابقة يجوز إعرابها ؛ فتقول : خبر مرفوع , ويجوز بناؤها ؛ فتقول : خبر مبني على الفتح في محل رفع . والمختار عندهم البناء إذا كان المضاف إليه فعلا ماضياً , نحو : هذا يومَ انتصر المسلمون ، وقد رُوِيَت كلمة (حين) بالبناء ، والإعراب في قول الشاعر :
على حينَِ عاتبتُ المشِيبَ على الصِّبَا فقلتُ أَلَمَّا أَصْحُ والشَّيبُ وَازِعُ
فالكسر على الإعراب , والفتح على البناء ؛ لأن ما بعدها فعل ماضٍ مبني فاكتسبت منه البناء .
أما إذا كان المضاف إليه فعلا مُعربًا , وهو الفعل المضارع , أوكان جملة اسميّة فالمختار الإعراب , كما في قوله تعالى : * ويجوز البناء ، وقد قُرِئت كلمة ( يوم ) في هذه الآية بالفتح على البناء . وهذا هو معنى قول الناظم : " ومَنْ بنَى فلن يُفَنَّدَا " ( أي : فلن يُغَلَّط ) .(1/31)
ب- مذهب البصريين : وجوب الإعراب إذا كان المضاف إليه فعلا مضارعاً , أو جملة اسميّة ، أما إذا كان المضاف إليه فعلا ماضيًا فيجوز البناء ، والإعراب . والراجح ما ذهب إليه الكوفيون .
حكم إضافة ( إذا ) إلى
الجملة الفعليّة
وَأَلْزَمُوا إِذَا إِضَافَةً إِلَى جُمَلِ الأَفْعَالِ كَـ هُنْ إِذَا اعْتَلَى
س26- ما حكم إضافة إذا إلى الجملة الفعلية ؟ وما حكم إضافتها إلى الجملة الاسميّة ؟ وضَّح ذلك بالتفصيل .
ج26- سبق أن ذكرنا في س23 أنّ الناظم سيشير إلى ( إذا ) ببيت خاصّ , وها هو يشير إليها في هذا البيت ، وذَكَرَ فيه : أنّ ( إذا ) يجب إضافتها إلى الجملة الفعلية بإجماع , كما في قوله تعالى : * وغيرها من الآيات . ولا تُضاف إلى الجملة الاسميّة , خلافًا للأخفش ، والكوفيين ؛ فلا تقول : أَجيئُك إذا زيدٌ قائمٌ . أما دخولها على الاسم الذي بعده فعل ,كما في قوله تعالى : * وكما في قولهم: أَجيئك إذا زيدٌ قامَ , فهو جائز بالإجماع , ولكن اختلفوا في إعرابه :
1- مذهب سيبويه : أنه إذا وقع اسم مرفوع بعد ( إذا ) فهو فاعل لفعل محذوف يُفَسِّره الفعل المذكور ، والتقدير في الآية السابقة : إذا انْشَقَّت السماءُ , والتقدير في المثال : إذا قام زيدٌ .
2- مذهب الأخفش : أنّه مرفوع على الابتداء , خبره الفعل الذي بعده .
وزعم السَّيرافيّ : أنه لاخلاف بين سيبويه ، والأخفش في جواز وقوع المبتدأ بعد إذا , وإنّما الخلاف بينهما في خبره ؛ فسيبويه يوُجب أن يكون ما بعده فعلا , والأخفش يُجيز أن يكون ما بعده اسمًا ؛ فيجوز في: أجيئك إذا زيدٌ قام, جَعْلُ (زيد) مبتدأ عند سيبويه ، والأخفش .
أما قولهم : أجيئك إذا زيدٌ قائم , فوقوع الخبر اسماً جائز عند الأخفش فقط .
كِلاَ ، وكِلْتَا
شروط المضاف إليه بعدهما
لِمُفْهِمِ اثْنَيْنِ مُعَرَّفٍ بِلاَ تَفَرُّقٍ أُضِيفَ كِلْتَا وَكِلاَ
س27- ما مراد الناظم بهذا البيت ؟(1/32)
ج27- سبق أن ذكرنا في س16 الأسماء التي تلزم الإضافة إلى المفرد , وذكرنا هناك أنها نوعان :
1- نوع يلزم الإضافة إلى المفرد معنى فقط دون اللفظ , نحو : كلّ , وبعض .
2- نوع يلزم الإضافة إلى المفرد لفظا ومعنى , نحو : عند , ولدى ... إلخ
وذكر الناظم في هذا البيت اسمين آخرين يجب إضافتهما إلى المفرد لفظاً ومعنى , هما (كِلاَ ، وكِلْتا ) وقد أشار الناظم فيه إلى أنه يُشترط في المضاف إليه بعدهما ثلاثة شروط , هي :
أ- أن يكون مثنى لفظاً ومعنى , نحو : جاءني كلا الرَّجلين , وكلتا المرأَتَين , أو يكون مثنى معنًى فقط دون لفظ , نحو : جاءني كلاهما وكلتاهما . فالمضاف إليه إن كان اسما ظاهراً في حالة التثنية فهو مثنى لفظاً ومعنى , وإن كان ضميراً، أو اسم إشارة فهو مثنى معنى فقط .
ومن مجيء المضاف إليه معنى فقط , قول الشاعر :
إنَّ للخَيْرِ وللشَّرِّ مَدًى وكِلاَ ذَلِكَ وَجْهٌ وقَبَلْ
فالمضاف إليه (ذلك) وإن كان مفرداً في اللفظ فهو مثنى في المعنى ؛ لأنه يعود إلى اثنين ، هما : الخير والشرّ .
ب- أن يكون معرفة , كما في الأمثلة السابقة , ولا يجوز إضافتها إلى نكرة ؛ فلا تقول : جاءني كلا رجلين . وأجاز ذلك الكوفيون بشرط أن تكون النكرة مُخَصَّصَة , نحو : جاءني كلا رجلينِ صَالِحَيْنِ .
وكون المضاف إليه مثنى ، ومعرفة هو مراد الناظم بقوله: " لمفهم اثنين معرفة ".
ج- أن يكون لفظاً واحداً , نحو : رجلين , وامرأتين , وكتابين . ولا يجوز إضافتهما إلى ما أَفْهَمَ اثنين بتفرُّق ؛ فلا تقول : جاءني كلا زيدٍ وعمرٍو . وهذا هو مراده بقوله : " بلا تَفَرُّقٍ " .
س28- قال الشاعر :
كِلا أَخِي وخَلِيلِي وَاجِدِى عَضُداً فى النَّائِبَاتِ وَإلْمَامِ الْمُلِمَّاتِ
عين الشاهد في البيت السابق , وما وجه الاستشهاد فيه ؟
ج28- الشاهد : كلا أخي وخليلي .
وجه الاستشهاد : أضاف كلا إلى مُثنى مُتَفرِّق بالعطف , وهذا شاذّ .
أيّ وأنواعها(1/33)
وشروط ما تُضاف إليه
وَلاَ تُضِفْ لِمُفْرَدٍ مُعَرَّفِ أَيًّا وَإِنْ كرَّرْتَهَا فَأَضِفِ
أَوْ تَنْوِ الأَجْزَا وَاخْصُصَنْ بالْمَعْرِفَهْ مَوْصُولَةً أَيًّا وَبِالْعَكْسِ الصَّفَهْ
وَإِنْ تَكُنْ شَرْطاً أَوِ اسْتِفْهَامَا فَمُطْلَقاً كَمِّلْ بِهَا الْكَلاَمَا
س29- اذكر أنواع ( أيّ ) وهل تلزم الإضافة إلى المفرد ، أو إلى الجملة ؟
ج29- أيّ : من الأسماء التي تلزم الإضافة إلى المفرد , وهي أربعة أنواع :
استفاميّة , وشرطيّة , وصِفَة ، وموصولة .
س30- اذكر شروط ما تُضاف إليه ( أيّ ) بأنواعها .
ج30- أولا : أيّ الاستفهاميّة ، وهي منه الأسماء الملازمة للإضافة معنًى .
وتضاف إلى النكرة ، والمعرفة مطلقاً ( أي : سواء كانت النكرة أو المعرفة مفردة ... ، أو مثنى ، أو جمعا ) نحو : أيُّ رجلٍ فاز ؟ وأيُّ رجلينِ فَازَا ؟ وأيُّ رجالٍ فازُوا ؟ ومنه قوله تعالى : * ونحو : أيُّ الرجلين فازَا ؟ وأيُّ الرجالِ فازوا ؟ .
ولا تضاف أيّ الاستفهامية إلى المفرد المعرفة إلاّ بشرطين , هما :
1- أن تتكرّر ( أيّ ) كما في قول الشاعر :
أَلاَ تَسْألونَ النَّاسَ أَيَّى وأَيُّكُم غَدَاةَ التَقَيْنَا كَانَ خَيراً وأَكْرَمَا
فقد أضيفت ( أيّ ) إلى المفرد المعرفة ، وهو ياء المتكلِّم في ( أيّي) وضمير المخاطب في ( أيُّكم ) والمسوِّغ لذلك تكرارها فقد تكررت بالعطف .
2- أن يُقصد بالاستفهام أحد أجزاء المفرد , كقولك : أيّ زيدٍ أحسنُ ؟ والمراد : أيُّ أجزاءِ زيدٍ أحسنُ ؟ ولذلك يكون الجواب بالأجزاء ؛ فيقال: عينُه، أو أنفه .
ثانيا: أيّ الموصولة , وهي ملازمة للإضافة معنى , وشرط المضاف إليه :
أنْ يكون معرفة ، فهي لا تُضاف إلاَّ إلى معرفة , نحو : يُعجبني أيّهم قائم . ومنه قوله تعالى : * هذا ما ذكره الناظم , وذكر ابن عصفور أنها تُضاف إلى النكرة , ولكنه قليل , نحو : يُعجبني أيُّ رجلينِ قاما .(1/34)
ثالثاً: أيّ الشرطيّة , وهي ملازمة للإضافة معنى , وهي مثل الاستفهامية في جميع أحكامها ، فتضاف إلى النكرة مُطلقاً , نحو : أيَّ كتابٍ تقرأْ تَستفِدْ , وأيَّ كتابين تقرأ تَستفدْ , وأيَّ كتبٍ تقرأْ تستفدْ .
وتضاف إلى المعرفة المثنى , أو الجمع , نحو : أيَّ الرجلين تضربْ أضربْ , وأيَّ الرجال تُكرِمْ أُكرمْ . ومنه قوله تعالى: * ولاتضاف إلى المفرد المعرفة .
وهذه الأنواع الثلاثة (الاستفهامية ، والموصولة ، والشرطية) ملازمة للإضافة معنى فقط فيجوز ذِكر المضاف إليه , ويجوز قطعها عن الإضافة بحذف المضاف إليه فتكون مفردة ؛ وإليك الأمثلة :
1- الاستفهاميّة , نحو : أيُّ رجلٍ عندك ؟ وأيٌّ عندك ؟
2- الشرطية , نحو : أيَّ كتابٍ تقرأْ تستفدْ , وأيّاً تقرأْ تَستفدْ .
3- الموصولة , نحو : يُعجبني أيُّهم عندك , وأيٌّ عندك .
رابعاً: أيّ الوَصْفِيَّة ( الصِّفَة ) وهي ملازمة للإضافة لفظاً ومعنى , فلا بُدَّ من ذِكْرِ المضاف إليه .
وشرط المضاف إليه : أن يكون نكرة ، فهي لا تُضاف إلاَّ إلى نكرة , وهي نوعان :
1- ما كانت صِفةً لنكرة , نحو : مررت بِرَجُلٍ أيِّ رُجَلٍ . فأيِّ : صفة للنكرة ( برجلٍ ) ، وهي مضافة إلى نكرة أيضاً .
2- ما كانت حالا من معرفة , نحو : مررت بزيدٍ أيَّ فتًى . فأيَّ : حال من المعرفة ( زيد ) وأضيفت إلى النكرة ( فتى ) ومن ذلك قول الشاعر :
فَأَوْمَأْتُ إيْمَاءً خَفِيّاً لِحَبْتَرٍ فَلِلَّهِ عَيْنَا حَبْتَرٍ أيَّمَا فَتًى
فقد جاءت ( أيّ ) الوصفية مضافة إلى النكرة ( فتى ) وهي حال من المعرفة
( حَبْتَر ) .
( م ) س31- حصر الناظم التكرار ،وقصد الأجزاء بأيّ الاستفهامية فقط ، فهل حصره هذا صحيح ؟
حَصَرَ الناظم التَّكرار ، وقصد الأجزاء بأيًّ الاستفهاميّة فقط ، وهذا الحصر غير مُسَلَّمٍ به ، فأيّ الشرطية ، والموصولة قد تتكرّر ، وقد يُنوَى بها الأجزاء .(1/35)
وعلى هذا يجوز إضافة أيّ الشرطية إلى المفرد المعرفة ، بشرط تكرارها , نحو : أيِّى وأيُّك يتكلَّمْ يحُسِنْ اختيار الكلام , أو بشرط قَصْد أحد الأجزاء , نحو : أيّ الوجهِ يُعجبْك يُعجبْني , والمراد : أيّ أجزاء الوجه .
أما الوصفيّة بنوعيها فلا يجوز تكرارها ، ولا يجوز أن تُنوَى بها الأجزاء . ( م )
أحكام ( لَدُنْ ) وحالات ( غُدْوَة ) بعدها
وبيان ( مَعَ ) وأحكام حركة عينها
وَأَلْزمُوا إِضَافَةً لَدُنْ فَجَرّْ وَنَصْبُ غُدْوَةٍ بِهَا عَنْهُمْ نَدَرْ
وَمَعَ مَعْ فِيهَا قَلِيلٌ وَنُقِلْ فَتْحٌ وَكَسْرٌ لِسُكُونٍ يَتَّصِلْ
س32 – اذكر أحكام لَدُنْ .
ج32- لَدُنْ : ظرف مبهم يدلّ على ابتداء الغاية الزمانية , أو المكانية .
ومن أهم أحكامها ما يلي :
1- أنها ملازمة للإضافة لفظاً ومعنى , وتضاف إلى المفرد , نحو : سِرْت منْ لدنِ البيتِ إلى المسجد . ومنه قوله تعالى : * .
( م ) وتضاف إلى الجملة , كما في قول الشاعر :
صَرِيعُ غَوَانٍ رَاقَهُنَّ ورُقْنَهُ لَدُنْ شَبَّ حَتَّى شَابَ سُورُ الذَّوَائِبِ
وكما في قول الآخر :
وتَذْكُرُ نُعْمَاهُ لَدُنْ أنتَ يافِعٌ إلى أنتَ ذُو فَوْدَيْن أبيضُ كالنَّسْرِ
فقد أضيفت (لدن) إلى الجملة الفعلية في البيت الأول , وأضيفت إلى الجملة الاسمية في البيت الثاني . ( م )
2- أنها مبنيّة عند أكثر العرب ؛ لشبهها بالحرف في لزوم استعمال واحد ، هو: الظرفية , وابتداء الغاية ، وعدم جواز الإخبار بها ( أي : إنَّ هذه الأشياء الثلاثة مجتمعة فيها في وقت واحد – قال ذلك الْخُضَرِيُّ في حاشيته - ) .
وهي مبنيّة على السكون .(1/36)
3- لا تخرج عن الظرفيّة إلا بجرِّها بـ ( مِنْ ) وهو الكثير فيها ؛ ولذلك لم تَرِد في القرآن الكريم إلاَّ مجرورة بِمِنْ , كقوله تعالى : * وقوله تعالى: * وقبيلة قَيْس تُعْرِبُها ، ومنه قراءة أبي بكر عن عاصم : * بسكون ( الدَّال ) وإشمامها بالضم مع كسر النون ( مِنْ لَدْنِهِ ) .
قال الناظم : ويُحتمل أنْ تكون معربة في قول الشاعر :
تَنْتَهِضُ الرِّعْدَةُ في ظُهَيْرِى مِنْ لَدُنِ الظُّهْرِ إلى العُصَيْرِ
فكلمة (لدنِ) في البيت تَحتمل الإعراب على لغة قيس فتكون مجرورة بالكسرة, وتَحتمل البناء على السكون , وحُرَّكت بالكسر للتخلُّص من السَّاكنين .
س33- اذكر حالات ( غُدْوَة ) الإعرابية مع لدنْ .
ج33- عرفنا أن لدن ملازمة للإضافة ؛ ولذلك يجرُّ ما بعدها على أنه مضاف إليه إلاَّ كلمة ( غُدْوَة ) فلها بعد ( لدن ) ثلاثة أوجه , هي :
1- النَّصب . ومنه قول الشاعر :
ومَا زَال مُهْرِي مَزْجَرَ الكَلْبِ مِنْهُمُ لَدُنْ غُدْوَةً حتَّى دَنَتْ لِغُرُوبِ
فقد وردتْ ( غدوة ) منصوبة بعد ( لدن ) وفي نصبها ثلاثة أقوال :
أ- أنها منصوبة على التَّمييز - وهو اختيار الناظم - ولهذا قال : " ونصبُ غدوة بها عنهم نَدر " .
ب- أنها خبر لكان الناقصة المحذوفة ، والتقدير : لدن كانتِ السَّاعةُ غدوةً .
ج- أنها منصوبة على التَّشبيه بالمفعول به .
2- الرَّفع - وهذا ماحكاه الكوفيون - على أنها فاعل لكان التَّامَّة ، والتقدير: لدن كانتْ غدوةٌ ( أي : وُجِدَتْ غدوةٌ ) .
3- الجرّ , على أنها مضاف إليه , وهو القياس ؛ لأنّ الأصل فيها الإضافة .
ونصب (غدوة) نادر في القياس , فلو عطفتَ على (غدوة) المنصوبة بعد (لدن) جاز عند الأخفش في المعطوف النصب , وجاز الجرّ .
فالنَّصب عطفاً على اللفظ , والجرّ مراعاةً للأصل ؛ إذ أصل ( غدوة ) الجرّ على الإضافة ؛ فتقول : لدن غُدْوةً وعَشِيَّةً ؛ وتقول : لدن غُدْوةً وعَشِيَّةٍ .(1/37)
س34- اذكر نوع ( مَعَ ) وأحكام حركة عينها .
ج34- مَعَ : ظرف ملازم للإضافة يدلّ على مكان الاصْطِحَاب , أو وقته , نحو : جلس زيدٌ مَعَ عَمرٍو , وجاء زيدٌ مَعَ بَكرٍ .
ولـ ( مَعَ ) حكمان :
1- حكم إذا وَلِيَهَا متحرك . 2- حكم إذا وَلِيَهَا ساكن .
1- إذا وليها متحرك : فالمشهور (فتح العين ) كما في المثالين السابقين .
وهي معربة ، وفتحتها فتحة إعراب ( أي : إنها منصوبة على الظرفية المكانية، أو الزمانية ) .
ولغة ربيعة تجعلُ العين ساكنة - وهو قليل - وهذا هو المراد بقوله :
" مَعْ فيها قليلٌ " . ومنه قول الشاعر :
فَرِيشِي مِنْكُمُ وهَوَايَ مَعْكُمْ وإنْ كَانَتْ زِيارَتُكُمْ لِمَامَا
واختلف في حكم ( مَعْ ) الساكنة العين على النحو الآتي :
أ- أنها مبنيّة على السكون . وهذه لغة ربيعة .
ب- أنّ تسكينها ضرورة , وهي اسم معرب . وهذا قول سيبويه ؛ ولذلك فإنَّ البيت السابق عنده ضرورة .
ج- أنّ ساكنة العين حرف , وليستْ اسماً . وهذا قول بعض النحويين , وادّعى النَّحَّاسُ الإجماع عليه , وهو فاسد , والصحيح أنها باقية على اسميتها ، كما يُشْعِرُ ذلك كلام الناظم ، وسيبويه .
2- إذا وليها ساكن : فإن كانت مفتوحة العين بَقِيَتْ على فتحتها ؛ تقول : جئتُ مَعَ ابْنِكَ ، وإن كانت ساكنة العين جاز فيها وجهان :
أ- الفتح , نحو : جئتُ مَعَ ابْنِك ؛ وذلك طلباً للخِفَّة .
ب- الكسر , نحو : جئتُ مَعِ ابْنِك ؛ وذلك للتخلُّص من التقاء السَّاكنين .
وإلى جواز الوجهين أشار الناظم بقوله : " ونُقِل فتحٌ وكَسْر لِسُكون يتَّصل ". والمراد بـ ( يَتَّصِل ) أي : ليس هناك فاصل بين ( معْ ) والحرف الساكن الذي بعدها , كما ترى في الأمثلة .
( م ) س35- ما الفرق بين لَدُنْ , وعِنْدَ ؟
ج35- لدن بمعنى عند ، إلا أنّ بينهما فرقاً من أربعة أوجه :
1- أنَّ لدن مبنية , وعند معربة .(1/38)
2- أنّ ( لدن ) ملازمة للدلالة على مبتدأ غاية زمان ، أومكان ، وأما ( عند ) فقد تكون لمبتدأ الغاية وذلك إذا اقترنت بمن ، نحو قوله تعالى : * وقد لا تدلُّ على ذلك .
3- أنّ لدن لا يُخبر بها ، وأما عند فقد يخبر بها , نحو : زيدٌ عندك .
4- أن لدن قد تضاف إلى جملة ، أما عند فلا تضاف إلا إلى مفرد .
* س36- ما الفرق بين لدى , وعند ؟
ج36- لدى مثل عند مطلقاً إلاَّ أنَّ جرَّ لدى ممتنع .
وقيل : إنََّ ( عند ) أَمْكَن من ( لدى ) من وجهين :
1- أنّ ( عند ) تكون ظرفاً للأعيان، والمعاني ؛ تقول : هذا القول عندي صواب , وعند محمدٍ عِلْمٌ به , ويمتنع ذلك في ( لدى ) هذا ما ذكره ابن الشَّجَرِيّ في أَمَالِيه .
2- يجوز في ( عند ) أَنْ تقول: عندي مالٌ , وإن كان غائباً عنك ؛ ولا تقول: لديَّ مالٌ ، إلا إذا كان حاضراً . هذا ما ذكره الْحَرِيريّ , والشَّجريّ , وأبو هلال العَسْكَرِيّ . وزعم المعرِّي أنه لا فرق بين لدى , وعند .
حالات قَبْل وبَعْد , وما جَرَى مجراهما
باعتبار البناء ، والإعراب
وَاضْمُمْ بِنَاءً غَيْراً إِنْ عَدِمْتَ مَا لَهُ أُضِيفَ نَاوِياً مَا عُدِمَا
قَبْلُ كَغَيْرُ وبَعْدُ حَسْبُ أَوَّلُ ودُونُ وَالجِْهَاتُ أَيْضاً وَعَلُ
وَأَعْرَبُوا نَصْباً إِذَا مَا نُكِّرَا قَبْلاً وَمَا مِنْ بَعْدِهِ قَدْ ذُكِرَا
س37- اذكر حالات قَبْل وبعد,وما جرى مجراهما باعتبار البناء،والإعراب .
ج37- هذه الأسماء المذكورة في الأبيات , وهي : غَيْر , وقَبْل , وبَعْد , وحَسْب , وأَوَّل ، ودُوْنُ , وعَلُ , والجهات السِّت , وهي : أَمَام , وخَلْف , وفَوْق , وتَحْت , ويَمِين , وشَمَال ؛ وما أشبهها , مثل : قُدَّام , ووَرَاء , وأَسْفَل .
هذه الأسماء لها أربع حالات باعتبار البناء ، والإعراب تُبْنى في حالة واحدة , وتُعْرب في ثلاث حالات , وإليك بيانها :
أولا : حالات الإعراب : تعرب في ثلاث حالات , هي :(1/39)
1- إذا أُضيفت لفظاً ( أي : إنَّ المضاف إليه مذكور لفظاً ومعنى ) .
وفي هذه الحالة : يجوز نصبها على الظرفية , أو : جَرُّها بِمِنْ , فمثال النصب : أَصَبْتُ درهماً لا غيرَه , ونحو : زرتُك قبلَ العيد وبعدَه . ومنه قوله تعالى :
* .
ومثال الجر : زرتك من قبلِ العيد ومن بعدِه . ومنه قوله تعالى : * .
2- إذا حُذِف المضاف , ونُوِي ثُبوت لفظه . وهذه الحالة كالسَّابقة يجوز فيها النّصب والجر , ولكن بدون تنوين ؛ لأنّ المضاف إليه مَنْوِيّ ثبوت لفظه فهو كالمذكور . ومن ذلك قول الشاعر :
ومِنْ قَبْلِ نَادَى كلُّ مَوْلًى قَرَابَةً فَمَا عَطَفَتْ مَوْلًى عليه العَوَاطِفُ
فقد حذف الشاعر المضاف إليه ولم يُنوِّن ( قبل ) لأنّ المحذوف مَنْوِيّ فلم يقطع النَّظر عنه فهو مثل المذكور , فكأنه قال : من قبلِ ذلك . وعلى هذا قراءة مَنْ قرأ قوله تعالى: * بالكسر بدون تنوين .
3- إذا حُذف المضاف إليه , ولم يُنْوَ لفظه , ولا معناه ، فتكون نكرةً مُنَوَّنَةً ؛ لأن المضاف إليه غير منوي . وهذه الحالة يجوز فيها كذلك النصب ، والجر . قال الشاعر: فَسَاغََ لِىَ الشَّرَابُ وكنتُ قَبْلاً أَكَادُّ أَغَصُّ بالماءِ الْحَمِيمِ
فقد نصب الشاعر ( قبلا ) مُنونة ؛ لأنه قطعها عن الإضافة لفظاً ومعنى .
ومن ذلك قراءة مَنْ قرأ قوله تعالى : * بجرِّ ( قبل , وبعد ) وتنوينهما . وهذه الحالة الثالثة هي التي أشار إليها الناظم بقوله : " وأعربوا نصباً..." . ومعنى قوله : " نصباً " ( أي : إنها تُنْصَبُ إذا لم يدخل عليها حرف جر, فإن دخل عليها حرف جرٍّ جُرَّت . وهذا الحكم وهو: النصب ، والجر ينطبق على الحالات الثلاثة المذكورة جميعها .
ثانياً : حالة البناء , وهي حالة واحدة فقط , هي :
- إذا حُذف المضاف إليه ، ونُوِي معناه دون لفظه (أي: إنَّ المنْوِيَّ هو المعنى ، لا اللفظ . وهذه الحالة حكمها : البناء على الضم , نحو قوله تعالى :
* ومن ذلك قول الشاعر :(1/40)
أَقُبُّ مِنْ تحتُ عَرِيضٌ ومِنْ عَلُ .
فقوله : من تحتُ : مبنى على الضم ، مع أنه مسبوق بحرف جر , وهذا دليلُ على بنائه ؛ لأنه قد حُذِف منه لفظ المضاف إليه ونُوِي معناه . ومِثله (من عَلُ ) في البناء على الضم ، وقيل : إنّ قوله ( من علُ ) مجرور لفظا بِمنْ ( مِنْ عَلِ ) فيكون معرباً , وهو بذلك شاهد على الحالة الثانية التي حُذِف فيها المضاف إليه ونُوِي ثبوت لفظه .
وحكى أبو علي الفارسي قولهم : " ابْدَأْ بِذَا مِنْ أَوَّلَُِ " ( بضم اللام , وفتحها , وكسرها ) فالضمَّ : على البناء ؛ لنيّة ثبوت المضاف إليه معنى دون اللفظ .
والفتح : على الإعراب ؛ لعدم نيّة ثبوت المضاف إليه لا لفظاً ولا معنى , وجرَّت بالفتحة ؛لأنها أُعربت إعراب الممنوع من الصرف للصَّفة ووزن الفعل . والكسر : على الإعراب ؛ لنيّة ثبوت المضاف إليه لفظاً . وهذه الحالة هي التي أشار إليها الناظم بقوله : " واضْمُمْ بناء ...إلى آخِر البيت الأول " .
ومراده بقوله : " ناويا ما عُدِما " أنك تنوي معنًى ما حُذف لفظاً وهو المضاف إليه .
حذف المضاف
وإقامة المضاف إليه مُقامه
وَمَا يَلِى الْمُضَافَ يَأْتِى خَلَفَا عَنْهُ فى الإِعْرَابِ إِذَا مَا حُذِفَا
س38- متى يجوز حذف المضاف ؟ وما الذي يقوم مُقامه عند حذفه ؟
ج38- يحذف المضاف إذا وُجِدت قرينة تدلّ عليه , ويُقَامُ المضاف إليه مُقامه فيُعرب المضاف إليه إعراب المضاف , كما في قوله تعالى: * ( أي : حُبَّ العجلِ ) فَحُذِف المضاف , وهو ( حُبَّ ) وأُعرب المضاف إليه إعرابه ؛ ولذلك نُصِب .
ومنه قوله تعالى : * ( أي : أهل القريةِ ) .
شرط حذف المضاف
وبقاء المضاف إليه مجروراً
وَرُبَّمَا جَرُّوا الَّذِى أَبْقَوْا كَمَا قَدْ كَانَ قَبْلَ حَذْفِ مَا تَقَدَّمَا
لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَا حُذِفْ مُمَاثِلاً لِمَا عَلَيْهِ قَدْ عُطِفْ
س39- هل يصحّ حذف المضاف مع بقاء المضاف إليه مجروراً ؟وضِّح ذلك.(1/41)
ج39- نعم . قد يحذف المضاف ويبقى المضاف إليه مجروراً كما كان عند ذكر المضاف ، لكن بشرط , وهو: أن يكون المحذوف معطوفاً على مُمَاثِل له، كقول الشاعر : أَكُلَّ امْرِىءٍ تَحْسَبِينَ امْرَأً ونَارٍ تَوَقَّدُ باللَّيلِ نَارَا
فقد أَبْقَى الشاعر المضاف إليه ( نارٍ ) مجروراً مع أنه قد حَذَف المضاف , وتقديره : وكلَّ نارٍ ؛ وذلك لتحقُّق الشرط , وهو: أن المضاف المحذوف (كلَّ) معطوف على مُمَاثل له , وهو (كلَّ) في قوله : أكُلَّ امرىءٍ .
وقد يُحْذف المضاف ويبقي المضاف إليه مجروراً والمحذوف ليس مماثِلا للملفوظ, ( أي : المعطوف عليه ) بل مُقابل له ,كما في قوله تعالى:* في قراءةِ من جَرَّ ( الآخرة ) والتقدير : واللهُ يُريد باقِيَ الآخرةِ ، وقيل تقديره : ثوابَ الآخرة ، ومنهم من يُقدِّره : واللهُ يُريد عَرَضَ الآخرةِ . فعلى التقدير الأول : المحذوف ( باقي , أو ثواب) ليس مُمَاثلا للملفوظ (عَرَض) بل هو مُقَابل له , وعلى التقدير الثاني : يكون المحذوف (عَرَض) مُمَاثلا للملفوظ به .
ويقول ابن عقيل : إنّ التقدير الأوَّل أَوْلى , وبه قَدَّر ابن أبي الرَّبيع في شرح الإيضاح، أمَّا التقدير الثاني ( عَرَض ) فَبِه قَدَّر الناظم،وجماعة .
شرط حذف المضاف إليه
وبقاء المضاف على حاله
وَيُحْذَفُ الثَّانِى فَيَبْقَى الأَوَّلُ كَحَالِهِ إِذَا بِهِ يَتَّصِلُ
بَشرْطِ عَطْفٍ وَإِضَافَةٍ إلَى مِثْلِ الَّذِى لَهُ أَضَفْتَ الأَوَّلاَ
س40- هل يصحّ حذف المضاف إليه مع بقاء المضاف على حاله ؟ وضِّح ذلك .(1/42)
ج40- نعم . قد يحُذف المضاف إليه ويبقى المضاف على حاله كما كان قبل حذف المضاف إليه فَيُحذف تنوينه , ولا يكون ذلك في الغالب إلا بشرط، هو: أنْ يُعطف على المضاف اسم مضاف إلى مثل المحذوف من الاسم الأول , كقولهم : قَطَعَ اللهُ يَدَ وَرِجْلَ مَنْ قالها , فَحُذِفَ المضاف إليه من المضاف الأول ( يدَ ) وبقي المضاف على حاله بدون تنوين ؛ وذلك لكون المعطوف ( رِجْل ) مضافا إلى مثل المضاف إليه المحذوف من المضاف الأول ، والتقدير : قطعَ اللهُ يدَ مَنْ قالها , ورِجْلَ مَنْ قالها . ومثل ذلك قول الشاعر :
سَقَى الأَرَضِينَ الغَيْثُ سَهْلَ وحَزْنَهَا فَنِيطَتْ عُرَى الآمَالِ بالزَّرْعِ والضَّرْعِ
فحذف الشاعر المضاف إليه , وأبقى المضاف ( سَهْلَ ) على حاله قبل الحذف من غير تنوين ؛ وذلك لكون المعطوف ( حزنها ) مضافا إلى مثل المحذوف من المضاف الأول , والتقدير : سَهْلَها وحَزْنَهَا .
وهذا كلُّه من قَبِيل حذف المضاف إليه , ونِيَّة ثبوت لفظه .
وقد يبقى المضاف على حاله وإنْ لم يُعطف مضاف إلى مثل المحذوف من الأوّل،كما في قول الشاعر :
ومِنْ قَبْلِ نَادَى كُلُّ مَوْلىً قَرَابةً فَمَا عَطَفَتْ مَوْلىً عَلَيْهِ العَوَاطِفُ
هذا الشاهد تقدّم ذِكره في حالات ( قبل وبعد ) وهو شاهد على : حذف المضاف إليه ( ذلك ) مع نيّة ثبوت لفظه , وبقاء المضاف على حاله من غير تنوين , ولكن مع عدم تحقّق الشرط السابق ؛ لأنه لا يُوجد عطف مماثل . ومثله قراءة مَن قرأ شُذُوذاً قوله تعالى: * من غير تنوين، والتقدير : فلا خوفُ شيءٍ عليهم .
س41- اذكر خلاف العلماء في نحو : قطع اللهُ يدَ ورِجْلَ مَنْ قالها .
ج41- 1- مذهب المبرَّد : هو ما ذكرناه سابقا : أنّ المضاف إليه محذوف من المضاف الأول ( يد ) وأنّ المضاف الثاني ( رِجْل ) مضاف إلى مِثل المضاف إليه المحذوف مِن المضاف الأول ( مَنْ قالها ) .(1/43)
2- مذهب سيبويه : عَكْسُ ذلك : أنّ المحذوف من المضاف الثاني , لا مِن الأول ؛ إذ أنّ الأصل عنده : قطعَ اللهُ يدَ من قالها ورجلَ من قالها , فحُذف المضاف إليه من الثاني ، فصار: قطع اللهُ يدَ من قالها ورِجْلَ , ثم أُقْحِمَ قوله
( ورِجْل ) بين المضاف ( يد ) والمضاف إليه ( مَنْ قالها ) فصار : قطع الله يدَ ورجلَ من قالها .
3- مذهب الفرّاء ,كما ذكره بعض شُرّاح الكتاب : أنه لاحَذْفَ في الكلام لا من الأول ، ولا من الثاني , وعنده يكون الاسمان مُضافين إلى ( مَنْ قالها ) .
والفرّاء يخصُّ ذلك بكلِّ اسمين يكثر استعمالهما معا , كاليد والرِّجْل , والرُّبُع والنِّصْف , وقبل وبعد ، نحو قولك : خُذْ ربعَ ونصفَ هذا ، ونحو قولك : رضيتُ عنك قبل وبعد ما حَدَث ، بخلاف قولك : هذا غلامُ ودارُ زيدٍ ؛ لأنَّ
( غلام ودار ) لا يكثر استعمالهما معاً .
الفَصْلُ بين المضاف
والمضاف إليه
فَصْلَ مُضَافٍ شِبْهِ فِعْلٍ مَا نَصَبْ مَفْعُولاً أَوْ ظَرْفاً أَجِزْ وَلَمْ يُعَبْ
فَصْلُ يَمِينٍ وَاضْطِرَاراً وُجِدَا بِأَجْنَبِىٍّ أَوْ بِنَعْتٍ أَوْ نِدَا
س42- اذكر المواضع التي يجوز فيها الفصل بين المضاف والمضاف إليه .
ج42- الأصل ألاَّ يُفصل بين المضاف والمضاف إليه ؛ لأنهما كالكلمة الواحدة, ولكن وَرَدَ الفصل بينهما في الاختيار ( أي: في النثر , ومِن غير ضرورة شعرية) ووردَ كذلك الفصل بينهما في ضرورة الشَّعر .
وهذا الفصل جائز في الاختيار في ثلاثة مواضع , هي :
1- أن يكون المضاف مصدراً والمضاف إليه فاعله , والفاصل بينهما إما مفعول المصدر ، وإما ظرفه .
فمثال الفصل بمفعول المصدر المضاف ، قوله تعالى : * في قراءة ابن عامر , بنصب ( أولادَهم ) وجرَّ (شركائِهم ) فَقَتْل : مصدر مضاف إلى شركائِهم , وهو الفاعل في المعنى , وقد فُصِل بينهما بالمفعول ( أولادَ ) وهو مفعول للمصدر ؛ لأن المصدر يعملُ عمل فعله .(1/44)
ومثال ما فُصِل بينهما بظَرفٍ نَصَبَهُ المصدر المضاف ، ما حُكِي عن بعض العرب : تَرْكُ يوماً نَفْسِك وهَوَاها سَعْيٌ لها في رَدَاها , فقد فَصَل الظرف (يوماًً) بين المصدر المضاف ( تَرْك ) وبين المضاف إليه ( نفسِك ) والظرف ( يوما ) معمول للمصدر .
2- أن يكون المضاف اسم فاعل , والمضاف إليه هو مفعوله , والفاصل بينهما إمَّا مفعوله الثاني , وإما الظرف , أو شِبهْه .
فمثال الفصل بالمفعول الثاني , قراءة بعضهم قوله تعالى : * بنصب (وعدَه) وجرّ ( رُسُلِه ) فَمُخْلِف : اسم فاعل ينصب مفعولين وقد أُضيفَ إلى المفعول الأول, وهو ( رُسُلِه ) وفَصَل المفعول الثاني ( وعدَه ) بين المضاف , والمضاف إليه .
ومثال الفصل بالظرف , قول الشاعر :
وَدَاعٍ إلى الْهَيْجَا وَلَيْسَ كِفَاءَها كَجَالِبِ يَوْماً حَتْفِهِ بِسِلاَحِه .
والأصل : كجالبِ حتفِه يوماً .
ومثال شبه الظرف - وهو الجار والمجرور - قوله - صلى الله عليه وسلم - : " هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لي صَاحِبِي " والأصل : هل أنتم تاركو صاحبي لي ؟
3- أن يكون الفاصل بينهما القَسَم , حكى الكسائي : هذا غلامُ واللهِ زيدٍ , وهذا قليل ؛ ولذا قال الناظم : " ولم يُعَبْ فَصْل يمينٍ " .
هذه هي المواضع التي يجوز فيها الفصل بين المضاف ، والمضاف إليه في سِعَة الكلام , ومن غير ضرورة شعرية . وهي ما أشار إليها الناظم , بقوله :
" فصل مضافٍ ... إلى قوله : فصلُ يمينٍ " ( ومراده بشبه فعل : المصدر , واسم الفاعل ) .
أما المواضع التي يُفصل فيها بين المضاف ، والمضاف إليه للضرورة الشعرية فهي التي أشار إليها الناظم ,بقوله: " واضطراراً وُجِدا بأجنبيًٍّ أو نعتٍ أو نِدَا " .
فأشار إلى أنه قد جاء الفصل بين المضاف والمضاف إليه في الضرورة , بما يلي :
1- الفصل بأجنبيٍّ عن المضاف , نحو قول الشاعر :
كَمَا خُطَّ الكتابُ بِكَفَّ يَوماً يَهُودِىًّ يُقَارِبُ أو يُزِيلُ(1/45)
فقد فَصَل الشاعر بين المضاف ( كفِّ ) والمضاف إليه ( يهودىّ ) بأجنبيِّ عن المضاف , وهو ( يوما ) وإنّما كان الفاصل أجنبيّاً ؛ لأنه ليس متعلقا بالمضاف, بل هو متعلِّق بغيره , وهو ( خُطَّ ) إذ الأصل : كما خُطَّ يوماً بكفِّ يهوديٍّ .
2- الفصل بنعت المضاف , نحو قول الشاعر :
نَجَوْتُ وقَدْ بَلَّ الْمُرَادِيُّ سَيْفَهُ مِنَ ابْنِ أَبِى شَيْخِ الأَبَاطِحِ طَالِبِ
ففصل بين المضاف ( أبى ) والمضاف إليه (طالب) بنعت المضاف , وهو : شيخِ الأباطح ، والأصل : مِن ابن أبي طالبٍ شيخِ الأباطح . ومنه قول الشاعر :
وَلئِنْ حَلَفْتُ على يَدَيْكَ لأَحْلِفَنْ بِيَمِينِ أَصْدَقَ مِنْ يَمَينِكَ مُقْسِمِ
والأصل : بيمينِ مقسمٍ أصدقَ من يمينك . فأصدق : نعت ليمين , وهو الفاصل بين المضاف والمضاف إليه .
3- الفصل بالنداء , نحو قول الشاعر :
وِفاقُ كَعْبُ بُجَيْرٍ مُنْقِذٌ لكَ مِنْ تَعْجِيلِ تَهْلُكَةٍ والْخُلْدِ فى سَقَرِ
فقد فَصَل بين المضاف ( وِفاق ) والمضاف إليه ( بُجَير ) بالنداء , وهو قوله : كَعْب ، وأصل الكلام : وفِاقُ بُجبر ياكعبُ مُنْقِذٌ لك . ومنه قول الشاعر :
كأنَّ بِرْذَوْنَ أَبا عِصَامِ زَيْدٍ حِمَارٌ دُقَّ باللَّجَامِ
فقد فصل الشاعر بين المضاف ( برذون ) والمضاف إليه ( زيد ) بالنداء , وهو قوله : أبا عصام ، وأصل الكلام : كأنّ برذونَ زيدٍ يا أبا عصام .
( م ) 4- الفصل بفاعل المضاف , نحو قول الشاعر :
نَرَى أَسْهُماً لِلْمَوْتِ تُصْمِى ولا تُنْمِى ولا نَرْعَوِى عن نَقْضِ أَهْوَاؤُنا العَزْمِ
فقد فَصَل بين المضاف ( نقض ) والمضاف إليه ( العزم ) بفاعل المضاف , وهو قوله : أهواؤُنا ؛ لأن ( نقض ) مصدر يحتاج إلى فاعل ، وأصل الكلام : عن نقض العزمِ أهواؤنا . ومنه قول الشاعر : ... ... ... ... ...
مَا إنْ وَجَدْنا لِلْهَوَى مِنْ طِبِّ ولا عَدِمْنَا قَهْرَ وَجْدٌ صَبِّ(1/46)
فقد فصل بين المضاف ( قهر ) والمضاف إليه ( صَبِّ ) بفاعل المضاف , وهو قوله : وَجْدٌ ، وأصل الكلام : قَهْرَ صَبًّ وَجْدٌ . ( م )
المضافُ إلى ياءِ المتكلِّمِ
ضبط ياء المتكلم , وضبط آخر المضاف
وبيان أحكامه
آخِرَ مَا أُضِيفَ لِلْيَا اكْسِرْ إِذَا لَمْ يَكُ مُعْتَلاًّ كَرَامٍ وَقَذَى
أَوْ يَكُ كابْنَيْنِ وَزَيْدِيْنَ فَذِى جَمِيعُهُا اليَا بَعْدُ فَتْحُهَا احْتُذِى
وَتُدْغَمُ اليَا فِيهِ وَالوَاوُ وإِنْ مَا قَبْلَ وَاوٍ ضُمَّ فَاكْسِرْهُ يَهُنْ
وَأَلِفاً سَلِّمْ وَفى الْمَقْصُورِ عَنْ هُذَيْلٍ انْقِلاَبُهَا يَاءً حَسَنْ
س1- ما الأسماء التي تضاف إلى ياء المتكلم ؟
ج1- الأسماء التي تضاف إلى ياء المتكلم , هي :
1- الاسم الصحيح الآخر , ويشمل : المفرد , وجمع التكسير , وجمع المؤنث السالم , والمعتل الشبيه بالصحيح .
2- الاسم المعتل الآخر , ويشمل : المقصور , والمنقوص .
3- المثنى .
4- جمع المذكر السالم .
س2- ما حكم المضاف إلى ياء المتكلَّم إذا كان صحيح الآخر؟ وما حركة ياء المتكلَّم؟
ج2- إذا كان المضاف إلى ياء المتكلم صحيح الآخر , أو شبيها بالصحيح وجب كسر آخره . أما حركة ياء المتكلّم فيجوز فتحها ، وإسكانها .
ومعلوم أنَّ صحيح الآخر يشمل :
1- المفرد , نحو : غلامِيَ , وغُلامِيْ .
2- جمع التكسير , نحو : غِلْمَانِيَ , وغِلْمَانِيْ .
3- جمع المؤنث السالم , نحو : فَتَيَاتِيَ , وفَتَيَاتِيْ .
4- المعتل الشبيه بالصحيح , نحو : دَلْوِيَ , ودَلْوِيْ ؛ وظَبْيِيَ , وظَبْيِيْ , وكُرْسِيَّيَ ، وكُرْسِيَّيْ .
ويجوز في مثل (كُرْسِيَّيْ ) إثبات الياءات الثلاث , ويجوز حذف إحداهن . وقيل : إنَّ حذف إحداهن واجب ؛ منعا لتولي الأمثال .(1/47)
والمراد بالمعتل الشبيه بالصحيح ( الجاري مجرى الصحيح ): ما كان آخره واوا , أو ياءً قبلها ساكن صحيح , نحو: دَلْوٌ ، وظَبْيٌ ؛ أو ما كان آخره ياء مُشَدَّدة , نحو: كرسِيٌّ ، و نَبِيٌّ .
( م ) س3- ما الأوجه الجائزة في ياء المتكلَّم ؟ .
ج3- في ياء المتكلم خمسة أوجه جائزة , نذكرها مرتَّبة حسب الكثرة في الاستعمال :
1- حذف ياء المتكلم مع بقاء الكسرة قبلها لتدلّ عليها , نحو : غلامِ .
ومنه قوله تعالى : * .
2- إثبات الياء ساكنة , نحو : غُلاَمِيْ .
3- إثبات الياء مفتوحة , نحو : غُلامِيَ .
4- قلب الياء ألفاً وفتح ما قبلها , نحو : غُلاَمَا . ومنه قوله تعالى :
* ويجوز ختمها بهاء السَّكت , نحو : غُلامَاهُ .
5- قلب الياء ألفاً ثم تُحذف , وإبقاء الفتحة لتدلّ عليها , نحو : غلامَ .
( م ) س4- هل تجَري الأوجه الخمسة لياء المتكلم في الإضافة المعنوية ، واللفظية ؟
ج4- الأوجه السابقة المذكورة في السؤال الثالث إنّما تجري في الإضافة المعنوية ( الْمَحْضَة ) نحو : غُلامي , وأخي .
أما الإضافة اللفظية فليس فيها إلا وجهان :
1- إثبات الياء ساكنة . 2- إثباتها مفتوحة .
وذلك لأن ياء المتكلم في الإضافة اللفظية على نيّة الانفصال فهي كلمة مُستقلّة, ولا يمكن اعتبارها كجزءِ كلمة .
س5- ما حكم المضاف إلى ياء المتكلم إذا كان منقوصاً ، أو مقصوراً ؟ وما حركة ياء المتكلم ؟
ج5- إذا كان المضاف منقوصاً أُدْغِمَت ياؤه في ياء المتكلم ، ووجب فتح ياء المتكلم ؛ فتقول : قَاضِيَّ , وهَادِيَّ .
أما إذا كان المضاف مقصوراً فتبقى ألفه ، ووجب فتح ياء المتكلم ؛ فتقول : عَصَايَ ، وفَتَايَ . هذا هو المشهور من لغة العرب ، وهُذَيْل : تَقلب ألفُه ياءً , وتُدغمها في ياء المتكلم ، وتفتح ياء المتكلم , نحو : عَصَيَّ , وفَتَيَّ . ومن ذلك قول الشاعر :
سَبَقُوا هَوَيَّ وأَعْنَقُوا لِهَوَاهُمُ فَتُخُرَّمُوا ولِكُلِّ جَنْبٍ مَصْرَعُ(1/48)
فقد قَلَب الشاعر ألف المقصور ياء , ثم أدغمها في ياء المتكلم ,وفتح ياء المتكلم،
والأصل على المشهور أنْ يقول : هَوَايَ .
س6 - ماحكم المضاف إلى ياء المتكلم إذا كان مثنى ، أو جمع مذكر سالماً ؟ وما حركة ياء المتكلم ؟
ج6- إذا كان المضاف إلى ياء المتكلم مثنى ، أوجمع مذكر سالماً فحكمهما في حالتي النصب والجر , كالمنقوص : تُدغم الياء في ياء المتكلم , وتُفتح ياء المتكلم ؛ فتقول في المثنى : رأيت غُلامَيَّ وزَيْدَيَّ , ومررت بِغُلاَمَيَّ وزَيْدَيَّ . والأصل : غُلامَيْنِ لي، وزَيْدَيْنِ لي ؛ فحذفت النون للإضافة ، واللاَّم للتَّخفيف؛ وتقول في جمع المذكر السالم : رأيت زَيْدِيَّ ومُدَرَّسِيَّ , ومررتُ بزيدِيَّ ومُدَرَّسِيَّ ، والأصل: زَيْدِينَ لي ، ومُدَرَّسِينَ لي ؛ فحذفت النون واللام كالمثنى .
أما المثنى في حالة الرفع فحكمه كالمقصور تبقى ألفه ,وتُفتح ياء المتكلم وجوباً؛ فتقول: جاء زَيْدَايَ ، وغُلاَمَايَ ؛ وذلك عند جميع العرب .
وأما جمع المذكر السالم في حالة الرفع فَتُقلب واوه ياء , وتُدغم في ياء المتكلم , وتُقلب الضمة كسرة ؛ لتناسب الياء ؛ فتقول: جاء زَيْدِيَّ ومُدرَّسِيّ ، والأصل: زَيْدُويَ , اجتمعت الواو والياء , وكانت الواو ساكنة فقلبت ياء , ثم قُلبت الضمة التي قبل الواو ياء فأصبح اللفظ ( زَيْدِيَّ ) . ومنه قوله تعالى :
* وقوله - صلى الله عليه وسلم - : " أَوَ مُخْرِجِيَّ هُم" .
وهو بذلك أشبه حالتي النصب والجر فهي جميعا على صورة واحدة ، والتمييز بينها يكون بحسب الموقع من الإعراب .
س7- إلام اشار الناظم بقوله :" فذى جميعها اليا بعدُ فتحُهَا احْتُذى " ؟
ج7- أشار بذلك إلى أنَّ ياء المتكلم تُفتح مع المنقوص , نحو : رامِيَّ ، والمقصور , نحو : عَصَايَ ، والمثنى رفعا , ونصبا ، وجرّاً , نحو : غُلاَمَايَ , ونحو : غُلامَيَّ ، وجمع المذكر السالم رفعا ، ونصبا ، وجرّاً , نحو : زَيْدِيَّ .(1/49)
س8- إلام أشار بقوله : " وتُدْغَمُ " ؟
ج8- أشار بذلك إلى أنّ الواو في جمع المذكر السالم , والياء في المنقوص ، وفي المثنى ، وفي جمع المذكر السالم تُدغم في ياء المتكلم , نحو : زَيدِيَّ , ورَامِيَّ , وغُلامَيَّ .
س9- إلام أشار بقوله :" وإنْ ما قبلَ واوٍ ضُمّ فاكْسِرْهُ " ؟
ج9- أشار بذلك إلى أن ما قبل واو جمع المذكر السالم إنْ كان مضموماً يجب كسره عند قلب الواو ياء ؛ فتقول في زيدُويَ : زيدِيَّ .
أما إن كان ما قبل الواو مفتوحا بَقِيَ على فتحه ؛ تقول في مُصْطَفَوْن : مُصْطَفَيَّ .
س10- إلام أشار بقوله : " وألفاً سَلِّمْ " ؟
ج10- أشار بذلك إلى أنّ ما كان آخره ألفا ، كالمثنى ، والمقصور لا تُقلب ألفه ياء , بل تَسْلَمُ , نحو : غلامايَ , وعَصَايَ .
س11- إلام أشار بقوله : " وفي المقصور عن هُذَيْلٍ ... " ؟
ج11- أشار بذلك إلى أنّ قبيلة هُذيل تَقلب ألف المقصور ياء ؛ فتقول: عَصَيَّ.
إعمال المصدر
المواضع التي يعمل فيها المصدر عمل فعله
وأحوال المصدر العامل عمل فعله
بِفِعْلِهِ الْمَصْدَرَ أَلْحِقْ فى الْعَمَلْ مُضَافاً أَوْ مُجَرَّداً أَوْ مَعَ أَلْ
إِنْ كَانَ فِعْلٌ مَعَ أَنْ أَوْ مَا يَحُلّ مَحَلَّهُ وَلاسْمِ مَصْدَرٍ عَمَلْ
* س1- عَرَّف المصدر .
ج1- المصدر , هو : ما دلَّ على حَدَثٍ مجُرَّدٍ من الزَّمَنِ , نحو: ضَرْبٌ , وعِلْمٌ، واحْتِرَام ، وكِتَابة , وإِسْلاَم . فكلّ هذه المصادر دلّت على مجرّد الحدث .
س2- ما المواضعُ التي يعملُ فيها المصدرُ عملَ فعله ؟
ج2- يعمل المصدر عمل فعله في موضعين , هما :
1- أن يكون المصدر نائبا مَنَاب الفعل , نحو : ضَرْباً زيداً . فزيداً : مفعول به ناصبه المصدر ( ضربا ) وقد عمل المصدر عمل فعله فرفع الفاعل الضمير المستتر ونصب المفعول به؛ لأنه في هذا المثال وقع نائباً عن الفعل ( اضْرِبْ ) والأصل : اضْرِبْ زيداً .(1/50)
وقد تقدّم الحديث عن هذا الموضع في باب المفعول المطلق .
2- أن يكون المصدر مُقدَّراً بـ ( أَنْ ) المصدرية والفعل , أو بـ ( ما ) المصدرية والفعل . وهذا الموضع هو المراد بهذين البيتين ، فيقدّر بـ ( أَنْ ) إذا أُريد به المضِيُّ ، أوالاستقبال .
فمثال المضيِّ : عجبت من ضربِك زيداً أمسِ ، والتقدير: عجبت من أنْ ضَرَبْتَ زيداً أمسِ .
ومثال الاستقبال : عجبت من ضربِك زيداً غداً ، والتقدير : عجبت من أََنْ تَضْرِبَ زيداً غداً . ومن ذلك أيضا قولك : سَاءَني أمسِ مَدْحُ الرجلِ نفسَه , ويُفْرِحُني غداً اجتيازُك الامتحانَ . فالمصادر السابقة (ضَرْب ,ومَدْح ,واجتياز) عملت عمل أفعالها فنصبت المفعول به (زيداً , ونفسَه , والامتحانَ) وذلك لأنه صَحَّ تقدير المصدر بـ (أن) والفعل .
ويقدّر المصدر بـ ( ما ) إذا أُرُيد به الحال , نحو : عجبت من ضربك زيداً الآن ، والتقدير : عجبت مِمَّا تضربُ زيداً الآن .
ومن ذلك قولك : ساءني الآن مدحُ الرجلِ نفسه بالتّقوى ، والتقدير : ساءني الآن ما مَدَحَ الرجلُ نفسَه .
س3- اذكر الأحوال التي يعمل فيها المصدر المقدَّر عملَ فعله .
ج3- المصدر العامل الذي يقدّر بأن والفعل , أو ما والفعل يعمل في ثلاثة أحوال , هي :
1- إذا كان مضافاً , نحو : عجبت من ضربِك زيداً . وإعمال المصدر المضاف
أكثر من إعمال الحالتين الأخريين .
2- إذا كان مجرداً من أل والإضافة ( وهو المنَوَّن ) نحو : عجبت من ضربٍ زيداً .
ومنه قوله تعالى : * فيتيما : مفعول به عامله المصدر المنوَّن ( إطعام ) .
وهذه الحالة الثانية أكثر عملا من الثالثة .
3- إذا كان مُحَلّى بـ (أل) , نحو : عجبت من الضربِ زيداً . ومن ذلك قول الشاعر : ضَعيفُ النَّكَايَةِ أعداءَهُ يَخَالُ الِفرَارَ يُرَاخِى الأَجَلْ
فأعداءه : مفعول به عامله المصدر المحلّى بأل ( النَّكاية ) .
ومن ذلك أيضا قول الشاعر :(1/51)
فَإِنَّكَ والتَّأَبِينَ عُرْوَةَ بَعْدَ ما دَعَاكَ وأَيْدِينَا إِلَيْهِ شَوَارِعُ
فعروة : مفعول به عامله المصدر المحلّى بأل ( التأبين ) .
( م ) س4- اذكر مذاهب العلماء في إعمال المصدر المحلّى بـ ( أل ) .
ج4- 1- ذهب سيبويه ، والخليل ، والناظم ، والشارح : إلى إعمال المصدر المحلّى بأل عمل فعله , فينصب المفعول به ، كما بينا ذلك في السؤال السابق .
2- ذهب أبو العباس المبرَّد : إلى أنّ المفعول به المنصوب بعد المصدر المحلّى بأل ناصبه ليس المصدر المحلّى بأل , وإنما مصدر مُنَكَّر يُقدّر في الكلام , فتقدير الكلام في قول الشاعر: (ضعيفُ النكايةِ أعداءَه) ضعيف النكايةِ نكايةَ أعداءَه .
وفي هذا المذهب تكلُّف لا يُحتاج إليه .
3- ذهب أبو سعيد السَّيرَافي : إلى أنّ الاسم المنصوب بعد المصدر المحلّى بأل منصوب بنزع الخافض ، والتقدير : ضعيف النكاية في أعدائه .
ويُرَدّ على هذا الرأي : بأن النصب بنزع الخافض سماعيّ غير قياسيّ فلا يُخَرَّج عليه كلام إلا إذا لم يكن للكلام مَخْرج سواه .
س5- قال الشاعر :
بِضَرْبٍ بِالسُّيُوفِ رُؤُوسَ قَومٍ أَزَلْنَا هَامَهُنَّ عَنِ الْمَقِيلِ
وقال الآخر :
لقد عَلِمَتْ أُوْلىَ الْمُغِيرَةِ أَنَّني كَرَرْتُ فَلَمْ أَنْكُلْ عن الضَّرْبِ مِسْمَعَا
عيَّن الشاهد في البيتَين السابقين , وما وجه الاستشهاد فيهما ؟
ج5- الشاهد في البيت الأول : بضربٍ ... رؤوسَ .
وجه الاستشهاد : أعمل الشاعر المصدر المنوَّن المجرّد من أل والإضافة
( بضرب ) عمل فعله فنصب به المفعول به ( رؤوس ) .
الشاهد في البيت الثاني : الضربِ مِسمعا .
وجه الاستشهاد : أعمل الشاعر المصدر المحلَّى بأل ( الضرب ) عمل فعله فنصب به المفعول به ( مسمعَا ) .
س6- إلام أشار الناظم بقوله : " ولاسمِ مصدرٍ عَمَلْ " ؟ وما اسم المصدر ؟(1/52)
ج6- ( م ) اسم المصدر : يدلّ على حدث مجرد من الزمن , كالمصدر ، فهو يساوي المصدر في الدلالة على معناه . ومِن العلماء من يرى أنّ اسم المصدر : يدل على لفظ المصدر الذي يدلّ على الحدث ، فيكون اسم المصدر دالا على الحدث بواسطة دلالته على لفظ المصدر , وعلى هذا يكون معنى المصدر ، ومعنى اسم المصدر مختلفين . ( م )
ومن أمثلة اسم المصدر : صلاةٌ , ووُضُوءٌ , وغُسْلٌ , وحَدِيثٌ , وكَلاَمٌ , وقُبْلَةٌ , وسَلاَمٌ .
وأشار الناظم بقوله : " ولاسم مصدر عمل " إلى أنَّ : اسم المصدر يعمل عمل فعله ، ولكنه قليل . ومن ادّعى الإجماع على جواز إعماله فقد وَهِمَ , وسيأتي بيان الخلاف في ذلك .
ومن أمثلة إعمال المصدر قول الشاعر :
أَكُفْراً بَعْدَ رَدِّ الْمَوتِ عَنِّى وبعدَ عَطَائِكَ الْمِائَةَ الرَّتَاعَا
فقد أعمل الشاعر اسم المصدر (عطاء) عمل الفعل فنصب به المفعول به (المائةَ). ومنه حديث الموطَّأ : " من قُبْلَةِ الرَّجُلِ امرأتَه الوضوءُ " فامرأته : مفعول به منصوب باسم ... المصدر قُبلة .
ومن ذلك أيضا قول الشاعر :
إذا صَحَّ عَوْنُ الْخَالِقِ الْمَرْءَ لَمْ يَجِدْ عَسِيراً مِنَ الآمَالِ إِلاَّ مُيَسَّرَا
فالمرءَ : مفعول به منصوب باسم المصدر ( عَون ) .
ومنه قول الشاعر :
بِعِشْرَتِكَ الكِرَامَ تُعَدُّ مِنْهُمْ فَلاَ تُرَيَنْ لِغَيْرِهِمُ أَلُوفَا
فالكرامَ : مفعول به منصوب باسم المصدر ( عِشْرة ) .
س7- اذكر الخلاف في إعمال اسم المصدر .
ج7- اعلم أولا : أن اسم المصدر ثلاثة أنواع , هي :
1- ما ليس علما لمعنى , ولا مبدوءا بميم زائدة , وهو الوارد في شواهد السؤال السابق , وهذا النوع هو محل الخلاف , وإليك البيان :
أ- منعه البصريون , وأجازه الكوفيون ، والبغداديون .
ب- الناظم أشار إلى أنّ إعماله قليل , وذلك بتنكير كلمة ( عمل ) في قوله : "ولاسم مصدر عمل " وتبعه على ذلك ابن عقيل .
ج- قال الصَّيْمَرِيُّ : إعماله شاذّ .(1/53)
د- قال ضِيَاءُ الدَّين بن العلج : ولا يَبْعُدُ أنّ ما قام مقام المصدر يعمل عمله . ونُقل عن بعضهم أنه قد أجاز ذلك قياساً .
( م )2- ما كان علماً لمعنى , نحو : يَسَارِ , وفَجَارِ , وبَرَّة . وهذا النوع لا يعمل إجماعاً .
3- ما كان مبدوءا بميم زائدة , وهو ما يُسَمَّى بـ ( المصدر الميمي ) نحو : مَمَات ،ومَحْمَدَة ,ومَتْرَبة ,ومَنْجاة ,ومَفْسَدَة . وهذا النوع يعمل إجماعاً .( م )
س8- ما الفرق بين المصدر ، واسم المصدر ؟
ج8- المصدر لا بدَّ أن يشتمل لفظا ، أو تقديراً على جميع حروف فعله الماضي الأصلية والزائدة , وقد يكون زائدا عليها ، ولا ينقص من حروف فعله شيء إلا أن ينقص بسبب علّة صرفية , ثم يُعَوَّضُ عن ذلك المحذوف ، وقد ينقص منه حرف في اللفظ , ولكنه مُقَدَّرٌ .
فمثال المصدر المشتمل لفظا على جميع حروف فعله الأصلية ، والزائدة : أَخَذَ : أَخْذٌ , شَرِبَ : شُرْبٌ , تَصَافَحَ : تَصَافُحٌ , تَعَلَّمَ : تَعَلُّمٌ .
والمراد بقولنا : لفظاً ( أي : أن تكون جميع الحروف التي في الفعل موجودة ومنطوقاً بها في المصدر ) .
ومثال المصدر المشتمل لفظا على جميع حروف فعله مع زيادة عليها :
أَكْرَمَ : إِكْرَامٌ , أَسْلَمَ : إِسْلاَمٌ (فإكرام ، وإسلام) مصدران فيهما زيادة الألف، وهذه الألف غير موجودة في الفعل .
ومثال المصدر الذي حُذف منه حرف , ثم عُوِّض عنه بحرف آخر :
وَعَدَ : عِدَةٌ , أَقَامَ : إقَامَةٌ : سَلَّمَ : تَسْلِيمٌ ( فَعِدة ) مصدر حُذِف منه ( الواو ) الموجودة في الفعل ( وعد ) وقد عُوّض عنها ( بالتاء ) في آخر المصدر .
ومثله ( أقام ، وسلَّم ) فمصدر أقامَ : إقْوَامٌ , فحذف حرف العلّة , وعوِّض عنه ( بالتاء ) فأصبح المصدر ( إقامة ) وكذلك سلَّم : حذف التضعيف في المصدر , وعوِّض عنه بالتاء في أوّل المصدر فأصبح ( تسليم ) .(1/54)
ومثال ما حُذف منه حرف في اللفظ , ولكنه مُقدّر : قَاتَلَ : قِتَالٌ , ضَارَبَ : ضِرَابٌ . (فقِتال , وضِرَاب) مصدران حُذف منهما الألف الموجودة في الفعل الواقعة بعد الحرف الأول ( قاتل ، وضارب ) ولم يُعَوَّضْ عنها بشيء ؛ لأنها موجودة في التقدير ؛ ولذلك نُطِق بها في بعض اللغات : قِيتَال وضِيرَاب , فقلبت الألف ياء لوقوعها بعد الكسرة ؛ وسبب حذف الألف من المصدر : التخفيف .
أما اسم المصدر : فهو مُسَاوٍ للمصدر في المعنى ، ولكنه لا يشتمل على جميع حروف فعله الماضي , بل ينقص عن حروف فعله من غير تعويض , نحو (عَطاَء) فإنه مُسَاوٍ للمصدر (إِعْطَاء) في المعنى , ولكنه مخالف له بنقص الهمزة الأولى لفظا وتقديراً من غير تعويض .
فلا بدّ في اسم المصدر من نقص بعض حروفه الأصلية ، أو الزائدة , وأن يكون النقص من غير تعويض , ومن غير وجود المحذوف مقدرا , وتأمّل ذلك فيما يلي :
تَوَضَّأَ المصدر : تَوَضُّؤٌ اسم المصدر : وُضُوءٌ .
قَبَّلَ المصدر : تَقْبِيلٌ اسم المصدر : قُبْلَةٌ .
تَكَلَّمَ المصدر : تَكُلُّمٌ اسم المصدر : كَلاَمٌ .
أَعْطَى المصدر: إِعْطَاءٌ اسم المصدر: عَطَاءٌ .
وقد زعم ابن الناظم أنّ ( عطاء ) مصدر , وأنّ همزته قد حُذفت تخفيفا .
وهذا خلاف ما صَرَّح به غيره من النحويين .
أحوال المصدر المضاف
وَبَعْدَ جَرِّهِ الَّذِى أُضِيفَ لَهْ كَمِّلْ بِنَصْبٍ أَوْ بِرَفْعٍ عَمَلَهْ
س9- اذكر بالتفصيل أحوال المصدر المضاف .
ج9- المصدر المضاف له ثلاثة أحوال , إمّا أن يضاف إلى فاعله , وإما أن يضاف إلى مفعوله , وإما أن يضاف إلى الظرف .
1- فإذا أُضيف المصدر إلى فاعله : جَرَّ الفاعل , ونصب المفعول به - وهذا هو الأكثر- نحو : عجبتُ مِن شُرْبِ زيدٍ العَسَلَ . فالمصدر ( شُرْب ) أُضيف إلى فاعله ( زيد ) فأصبح الفاعل مضافا إليه ، ونصب المفعول به ( العسلَ ) وأصل الجملة : شَرِبَ زيدٌ العَسَلَ . ومنه قوله تعالى : * .(1/55)
2- وإذا أُضيف المصدر إلى مفعوله : جَرَّ المفعول به , ورفع الفاعل - وهذا قليل – نحو : عجبت من شربِ العسلِ زيدٌ . فالمصدر ( شُرب ) أُضيف إلى مفعوله ( العسل ) فأصبح المفعول مضافا إليه ، ورفع الفاعل ( زيدٌ ) ومن ذلك قول الشاعر :
تَنْفِي يَدَاهَا الْحَصَى كُلِّ هَاجِرَةٍ نَفْىَ الدَّرَاهِيمِ تَنْقَادُ الصَّيارِيفِ
فالمصدر ( نَفْيَ ) أُضيف إلى مفعوله ( الدراهيمِ ) ورفع فاعله ( تَنْقَادُ ) .
وإضافة المصدر إلى المفعول , ثم رفعه الفاعل خَصَّه بعض النحويين بضرورة الشَّعر , وهو ليس كذلك , بل هو قليل .
3- وإذا أُضيف المصدر إلى الظرف : رفع الفاعل ، ونصب المفعول به , نحو : عجبت من ضربِ اليومِ زيدٌ عمراً ، ونحو : عجبت من انتظارِ يومِ الجمعةِ زيدٌ عمراً .
* س10- هل يجب ذِكر المفعول به ,أو الفاعل إذا أُضيف المصدر إلى فاعله، أو إلى مفعوله ؟ وضَّح ذلك .
ج10- لا . لا يجب ذلك , وإنما يُذكران حين يقتضي المقامُ ذِكْرهما وإلاَّ فقد يحذف أحدهما , فمن إضافة المصدر لفاعله مع حذف المفعول به , قوله تعالى : * والأصل : استغفار إبراهيمَ رَبَّه لأبيه , فحُذف المفعول ( ربَّه ) من الآية ؛ لأن الغَرض غير مُتعلق بِذِكْره . ومنه قوله تعالى : * ( أي : دُعَائي ) فياء المتكلم : مضاف إليه ، فاعل في الأصل , والمفعول به محذوف .
ومن إضافة المصدر إلى المفعول مع حذف الفاعل , قوله تعالى : * ( أي : من دعائهِ الخير ) .
س11- اذكر أقوال النحاة في إعراب ( مَنْ ) في قوله تعالى : * .
ج11- فيها ثلاثة أقوال ، هي :
1- قد جعل بعض النحاة هذه الآية شاهداً على إضافة المصدر إلى المفعول , ثم رفعه الفاعل , فَأَعْرَبَ ( مَن ) فاعلا بالمصدر ( حِجُّ ) على أن ( البيت ) مضاف إليه ، أصله (المفعول به) .(1/56)
ورُدّ على هذا القول بأنه يصير المعنى : ولله على جميع الناسِ أن يَحُجَّ البيتَ المستطيعُ , وهذا المعنى ليس بسديد ؛ لأنه يلزم تأثيم جميع الناس إذا ترك مُستطيعٌ واحدٌ الحج .
2- ومِن النحاة مَن أعرب ( مَن ) مبتدأ , والخبر محذوف ، والتقدير : مَن استطاع منهم فَعَلَيْه ذلك .
3- ومِن النحاة مَن أعرب ( مَن ) بدل بعض مِن ( الناس ) والتقدير : ولله على الناسِ مُستطيعِهِمْ حجُّ البيت .
حكم تابع المجرور بالمصدر
وَجُرَّ مَا يَتْبَعُ مَا جُرَّ وَمَنْ رَاعَى فى الاتْبَاعِ الْمَحَلَّ فَحَسَنْ
س12- ما حكم تابع المجرور بالمصدر ؟
ج12- إذا أُضيف المصدر إلى فاعله ففاعله يكون مجروراً لفظاً مرفوعاً محلاًّ , فإذا جاء تابع للفاعل ( كالنعت , أو العطف , أو التوكيد ) جاز في التابع الجرّ مراعاة للفظ , وجاز فيه الرفع مراعاة للمحلّ ؛ فتقول : عجبت من شُربِ زيدٍ الظريفِ العسلَ ( بجرّ النعت الظريف ) مراعاة للفظ المنعوت ( زيد ) ويجوز رفع كلمة ( الظريف ) فتقول : عجبت من شربِ زيدٍ الظريفُ العسلَ ؛ وذلك مراعاة لمحل المنعوت ( زيد ) فمحله الرفع على أنه فاعل بالمصدر ( شُرب ) .
ومن شواهد اتباعه على المحل ، قول الشاعر :
حَتَّى تَهَجَّرَ فى الرَّوَاحِ وَهَاجَهَا طَلَبَ الْمُعَقِّبِ حَقَّهُ الْمَظْلُومُ
فقد أضاف الشاعر المصدر ( طَلَب ) إلى فاعله ( المعقَّب ) ثم أتبع الفاعل بالنعت ( المظلوم ) وجاء به مرفوعا مراعاة لمحلّ المتبوع ( المعقَّب ) .
وإذا أُضيف المصدر إلى مفعوله فمفعوله مجرور لفظا منصوب محلا , ويجوز أيضا في تابعه الجرّ مراعاة للفظ , ويجوز فيه النصب مراعاة للمحلّ ؛ فتقول : عجبت من شُربِ العَسَلِ اللَّذيذِ زيدٌ ( بجر النعت اللذيذ ) مراعاة للفظ المنعوت
( العسلِ ) ويجوز نصبه ( اللذيذَ ) مراعاة لمحل المنعوت , فمحله النصب على أنه مفعول به بالمصدر ( شُرب ) .
ومن شواهد اتباعه على المحل قول الشاعر :(1/57)
وقَدْ كُنْتُ دَايَنْتُ بِهَا حَسَّانَا مَخَافَةَ الإفْلاَسِ واللَّيَّانَا
فقد أضاف الشاعر المصدر ( مخافة ) إلى مفعوله ( الإفلاس ) ثم أتبع المفعول بالمعطوف ( الليانَا ) وجاء به منصوبا مراعاة لمحل المتبوع ( الإفلاس ) .
---
أَبْنِيَةُ الْمَصَادِرِ
المصدر القياسي للفعل الثلاثي المتعدِّي
فَعْلٌ قِيَاسُ مَصْدَرِ الْمُعَدَّى مِنْ ذِى ثَلاَثََةٍ كَـ رَدَّ رَدَّا
س1- ما وزن المصدر القياسي للفعل الثلاثي المتعدَّي ؟ وما المراد بالقياس ؟
ج1- الفعل الثلاثي المتعدَّى يجيء مصدره على وزن ( فَعْل ) قياساً مُطَّرِداً سواء كان الفعل من باب فَعَلَ , أو من باب فَعِلَ . نصَّ على ذلك سيبويه في مواضع ؛ فتقول : رَدَّ : رَدٌّ , ضَرَبَ : ضَرْبٌ , أكَلَ : أَكْلٌ , فَهِم : فَهْمٌ ، سَمِعَ : سَمْعٌ .
وزعم بعضهم أنه لا ينقاس , وهو غير سديد .
* والمراد بالقياس هنا : أنه إذا ورد شيء ولم يُعْلَم كيف تكلَّم العرب بمصدره فإنّك تقيسه على هذا , لا أنّك تقيس مع وجود السَّماع ، قال ذلك : سيبويه ، والأخفش ؛ ذلك لأن مصادر الأفعال الثلاثية كثيرة لا تُعرف إلا بالسَّماع , والرجوع إلى كتب اللُّغة . *
المصدر القياسي للفعل الثلاثي
اللاَّزم الذي من باب ( فَعِلَ )
وَفَعِلَ اللاَّزِمُ بَابُهُ فَعَلْ كَفَرَحٍ وَكَجَوًى وَكَشَلَلْ
س2- ما وزن المصدر القياسي للفعل الثلاثي اللازم من باب فَعِلَ ؟
ج2- الفعل الثلاثي اللازم الذي من باب ( فَعِلَ ) يجيء مصدره على وزن
( فَعَلٍ ) قياساً ؛ فتقول : فَرِحَ : فَرَحٌ , جَوِيَ : جَوًى (جَوِى بمعنى : مَرِض صدرُه) شَلَّ : شَلَلٌ . وأصله شَلِلَ .
المصدر القياسي للفعل الثلاثي
اللاَّزم الذي من باب ( فَعَلَ )
وَفَعَلَ اللاَّزِمُ مِثْلَ قَعَدَا لَهُ فُعُولٌ بِاطّرَادٍ كَغَدَا
مَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَوجِباً فِعَالاَ أَوْ فَعْلاَناً فَادْرِ أَوْ فُعَالاَ(1/58)
فَأَوَّلٌ لِذِى امْتِنَاعٍ كَأَبَى وَالثَّانِ لِلَّذِى اقْتَضَى تَقَلُّبَا
لِلدَّا فُعَالٌ أَوْ لِصَوتٍ وَشَمَلْ سَيْراً وَصَوْتاً الْفَعِيلُ كَصَهَلْ
س3- ما وزن مصادر الأفعال الثلاثية اللاَّزمة التي من باب فَعَلَ ؟
ج3- عرفنا في السؤال السابق : أن الفعل الثلاثي اللازم الذي من باب ( فَعِلَ ) يجيء مصدره قياساً على وزن ( فَعَلٍ ) أمَّا إذا كان الفعل الثلاثي اللازم من باب ( فَعَلَ ) فمصدره يجيء على وزن ( فُعُولٍ ) قِياساً ؛ فتقول: قَعَدَ : قُعُودٌ ، غَدَا: غُدُوٌّ ، بَكَرَ : بُكُورٌ . هذا إذا لم يَسْتَحقّ ويَسْتَوجِب أن يكون مصدره على وزن : فِعَال ، أو فَعَلاَن ، أو فُعَال . وهذا ما أشار إليه الناظم بقوله : " ما لم يكن مستوجبا فِعَالا ... إلى آخره " .
س4- ما المواضع التي يستوجب فيها أن يكون مصدر ( فَعَلَ ) على وزن فِعَال ، أو فَعَلاَن ، أو فُعَال ؟
ج4- المواضع التي يستوجب فيها أن يكون مصدر ( فَعَلَ ) على وزن من الأوزان المذكورة ، هي :
1- إذا دلّ الفعل على امتناع فمصدره يستوجب أن يكون على وزن (فِعَال) نحو : أَبَى : إِبَاءٌ ، نَفَر : نِفارٌ ، شَرَد : شِرَادٌ . وهذا هو المراد بقوله :
" فَأوّلٌ لذى امتناع " ( أي : أوّل وزن مذكور في الأبيات ، وهو فِعَال ، يكون للأفعال الدّالة على الامتناع ) .
2- إذا دلًّ الفعل على تَقَلُّب واضْطِراب فمصدره يستوجب أن يكون على وزن ( فَعَلاَن ) نحو : طَافَ : طَوَفَانٌ ، جَال : جَولانٌ ، نَزَا : نَزَوَانٌ ، هَاجَ : هَيَجَانٌ . وهذا هو المراد بقوله : " والثَّان للذى اقتضى تقلُّبا " ( أي : الوزن الثاني المذكور في الأبيات ، وهو فَعَلان ، يكون للأفعال الدّالة على التَّقَلُّب ) .(1/59)
3- إذا دلَّ الفعل على دَاءٍ ( مَرَض ) فمصدره يستوجب أن يكون على وزن ( فُعَال ) نحو : سَعَلَ : سُعَالٌ ، زَكَمَ : زُكَامٌ ، مَشَى بطنُه : مُشَاءٌ . وهذا هو المراد بقوله : " لِلْدَّا فُعَالٌ " ( أي : إنّ وزن فُعَال يكون لما دلّ على الدّاء ) .
4- إذا دلّ الفعل على صوت فمصدره يستوجب أن يكون على وزن ( فُعَال، أو فَعِيل ) نحو : نَعَبَ الغُرَابُ : نُعَابٌ ونَعِيبٌ ، نَعَقَ الرَّاعي : نُعَاقٌ ونَعِيقٌ ، أَزَّتِ الِقدْر : أُزَازٌ وأَزِيزٌ ، زَأر الأسد : زَئِيرٌ ، صَهَل الخيلُ : صَهِيلٌ .
5- إذا دلّ الفعل على سَيْر فمصدره على وزن ( فَعِيل ) نحو : ذَمَل البَعِير : ذَميلٌ ( الذَّمِيل ، هو السَّير السَّريع ) ونحو : رَحَل : رَحيلٌ . وهذا هو المراد بقوله : لِلدَّا فُعَالٍ أو لصوت .... إلى آخر البيت " ( أي : إنَّ وزن فُعَال ، يكون لما دلّ على داء ، أو صوت ، وأنّ وزن فَِعيل يشمل ما دلّ على صوتٍ ، أو سَيْرٍ ) .
مصدر الفعل الثلاثي
الذي من باب ( فَعُلَ )
فُعُولَةٌ فَعَالَةٌ لِفَعُلاَ كَسَهُلَ الأَمْرُ وَزَيْدٌ جَزُلاَ
س5- ما وزن المصدر القياسي للفعل الثلاثي من باب فَعُلَ ؟
ج5- الفعل الثلاثي الذي من باب ( فَعُلَ ) وهو لا يكون إلا لازما ، مصدره يجيء على وزنين : فُعُولَة وفَعَالَة ، نحو : سَهُلَ : سُهُولَةٌ ، صَعُبَ : صُعُوبَةٌ ، عَذُبَ : عُذُوبَةٌ ؛ جَزُلَ : جَزَالَةٌ ، فَصُحَ : فَصَاحَةٌ ، ضَخُمَ : ضَخَامَةٌ .
مصادر الأفعال الثلاثية
غير القياسية
وَمَا أَتَى مُخَالِفاً لِمَا مَضَى فَبَابُهُ النَّقْلُ كَسُخْطٍ وَرِضَى
س6- ما مراد الناظم بهذا البيت ؟(1/60)
ج6- مراده : أنّ ما سَبَقَ ذِكره من مصادر الأفعال الثلاثية ، هو الِقياس الثابت في مصدر الفعل الثلاثي ، وما ورد على خِلاف ذلك فليس بِمَقِيس ، بل يُقْتَصَر فيه على السَّماع ، نحو : سَخِطَ : سُخْطٌ ، رَضِيَ : رِضًى ، ذَهَبَ : ذَهَابٌ ، شَكَرَ : شُكْرٌ ، عَظُمَ : عَظَمَةٌ .
مصادر الأفعال غير الثلاثية
وَغَيْرُ ذِى ثَلاَثَةٍ مَقِيسُ مَصْدَرِهُ كَقُدَّسَ التَّقْدِيسُ
وَزَكِّهِ تَزْكِيَةً وَأَجْمِلاَ إِجْمَالَ مَنْ تَجَمُّلاً تَجَمَّلاَ
وَاسْتَعِذْ اسْتِعَاذَةً ثُمَّ أَقِمْ إِقَامَةً وَغَالِباً ذَا التَّا لَزِمْ
وَمَا يَلِى الآخِرُ مُدَّ وَافْتَحَا مَعْ كَسْرِ تلِْوِ الثَّانِ مِمَّا افْتُتِحَا
بِهَمْزِ وَصْلٍ كَاصْطَفَى وَضُمَّ مَا يَرْبَعُ فى أَمْثَالِ قَدْ تَلَمْلَمَا
س7- اذكر أوزان مصادر الأفعال غير الثلاثية،وهل هي قياسية،أو سماعيَّة ؟
ج7- مصادر الأفعال غير الثلاثية قياسية كلُّها ، وتختلف مصادرها باختلاف أبواب أفعالها ، وذلك على النحو الآتي :
1- باب فَعَّلَ : إنْ كانت الأفعال صحيحة الآخر فمصدرها يجيء على وزن
( تَفْعِيل ) نحو : قَدَّس : تَقْدِيسٌ ، عَلَّمَ : تَعْليِمٌ . ومنه قوله تعالى :
* .
وقد يجيء على وزن ( تَفْعِلَة ) بحذف الياء ، ويعوض عنها التاء ، نحو :
جَرَّبَ : تَجْرِبَةٌ ، وتَجْرِيبٌ .
وكذلك يجيء على وزن ( تَفْعِلَة ) إن كان مهموزاً ، نحو خَطَّأَ : تَخْطِئَةٌ ،
جَزَّأَ : تَجْزِئَةٌ . ويجيء كذلك على الأصل ؛ فتقول : تَخْطِيئٌ ، وتَجْزِيئٌ .
وقد يجيء على وزن ( فِعَّال ) كقوله تعالى : * ويجيء على وزن ( فِعَال ) وقد قُرِى قوله تعالى : * بتخفيف الذّال ، والأصل في ذلك كلَّه وزن ( تَفْعِيل ) .
أما إن كانت الأفعال معتلّة الآخر فمصدرها يجيء على وزن ( تَفْعِلَة ) قِياساً ، نحو : زَكَّى : تَزْكِيَةٌ ، غَطًَّى : تَغْطِيَةٌ ، لَبَّى : تَلْبِيَةٌ .(1/61)
وأما قول الشاعر : باتَتْ تُنَزَّى دَلْوَها تَنْزِيَّا كَمَا تُنَزَّى شَهْلَةٌ صَبِيَّا
فنادرٌ ، وهو للضرورة الشعرية ؛ لأن الشاعر أورد مصدر ( نَزَّى ) على وزن تفعيل ، فقال : تَنْزِيَّا ، والقياس أن يقول : تَنْزِيَة ؛ لأن الفعل معتل الآخر .
2- باب أَفْعَلَ : مصدره على وزن ( إِفْعَال ) سواء أكان صحيح الآخر ، أم معتل الآخر ، نحو: أَكْرَمَ : إِكْرِامٌ ، أَجْمَلَ : إِجْمَالٌ ، أَعْطَى : إِعْطَاءٌ ، أَغْنَى : إِغْنَاءٌ .
أما إن كان معتل العين ( أَجْوف ) نحو : أَقَامَ وأَعَان ، فَتُنْقَل حركة عَينه إلى فاء الكلمة وتُحْذَف ويُعَوَّض عنها ( تاء ) التأنيث غالبا ، نحو : أقامَ : إِقَامَةٌ ، أعانَ: إِعَانَةٌ . فأصل إقامة : إِقْوَام ، نُقِلت حركة الواو ( الفتحة ) إلى فاء الكلمة الساكن ، وهو حرف ( القاف ) ثم قُلِبت ( الواو ) ألفا ، فاجتمع أَلِفَان ، فحذفت إحداهما وعُوَّض عنها ( تاء ) فصار : إقامة .
( م ) وقد ذهب سيبويه : إلى أنّ الألف المحذوفة هي الألف الزائدة ( أي : أَلف المصدر إفعال ) فيكون وزن إقامة : إِفْعَلَة .
وذهب الفرّاء ، والأخفش : إلى أنّ المحذوفة هي الألف المنقلبة عن العين فيكون وزن إقامة : إِفَالة ؛ لأن ( العين ) محذوفة . ( م )
ويجوز حذف ( التاء ) المذكورة في آخر المصدر ،وقد جاء حذفها في قوله تعالى: * وذهب الجمهور : إلى أنَّ حذف هذه التاء شاذّ مطلقا . والصواب جواز حذفها ، والأغلب بقاؤها . وهذا ما أشار إليه الناظم بقوله :
" وغالبا ذا التَّا لَزِم " .
* باب فَاعَلَ : أورد له الناظم بيتاً خاصًّا به ، نذكره في حِينه إن شاء الله ، وهو باب المزيد بحرف واحد . *(1/62)
3- باب تَفَعَّلَ : مصدره على وزن ( تَفَعُّل ) بضم ما قبل آخره ، نحو: تَجَمَّلَ: تَجَمُّلٌ ، تَعَلَّمَ : تَعَلُّمٌ ، تَكَرَّمَ : تَكَرُّمٌ . وهذا القياس ، وهو (ضم ما قبل الآخر) ينطبق على كلَّ ما بُدِئ بتاء زائدة سواء أكان من باب تَفَعَّلَ ، أو من باب تَفَاعَلَ ، نحو : تَكَاسَلَ : تَكَاسُلٌ ، أو كان من باب : تَفَعْلَلَ ، نحو : تَدَحْرَجَ : تَدَحْرُجٌ .
فإن كان آخره ياء كُسِرَ ما قبل الآخر ؛ ليناسب الياء ، نحو تَأَنَّى : تَأَنٍَّ ، تَعَالَى: تَعَالٍ ، والأصل : تَأَنِّيٌ ، وتَعَالِيٌ .
4- باب انْفَعَلَ : مصدره على وزن ( انفِعَال ) بكسر الحرف الثالث ، وزيادة ألف قبل الآخر . وهذا القياس ، وهو ( كسر الحرف الثالث ، وزيادة ألف قبل الآخر ) ينطبق على كلَّ ما بُدِئَ بهمزة وصل سواء كانت الأفعال من باب
(انْفَعَلَ) نحو : انْفَتَحَ : انْفِتَاحٌ , انْطَلَقٌ : انْطِلاَقٌ , أوكانت من باب (افْتَعَلَ) نحو: اجْتَمَعَ: اجْتِمَاعٌ , اصْطَفَى: اصْطِفَاءٌ ، أو كانت من باب (اسْتَفْعَلَ) نحو: اسْتَخْرَجَ : اسْتِخْرَاجٌ , اسْتَقْبَلَ : اسْتِقْبَالٌ , أوكانت من باب (افْعَنْلَلَ) نحو : افْرَنْقَعَ : افْرِنْقَاعٌ , أو كانت من باب ( افْعَلَلَّ ) نحو : اطْمَأَنَّ : اطْمِئْنَانٌ .
وهذا هو معنى قوله : " وما يلي الآخِر مُدَّ وافتحا... إلى قوله : بهمز وَصْل كاصطفى " .
فإن كان باب استفعل معتل العين نُقلت حركة عينه إلى فاء الكلمة , وحُذفت وعُوَّضت عنها تاء التأنيث في آخر المصدر لزوما , نحو : استعاذ : استِعاذةٌ . والأصل : استِعْوَاذٌ , فنُقلت حركة ( الواو ) وعوَّض عنها تاء , فصار : استعاذة . ومثل ذلك : اسْتَعَانَ : اسْتِعَانَةٌ ، اسْتَغَاثَ : اسْتِغَاثَةٌ , اسْتَقَالَ : اسْتِقَالَةٌ .
س8- ما مراد الناظم بقوله : " وضُمَّ ما يَرْبَعُ في أمثال قد تَلَمْلَمَا " ؟(1/63)
ج8- ذكرنا سابقا أنّ كلّ ما بُدئ بتاء زائدة : يضمّ ما قبل آخره في المصدر , ومن ذلك باب ( تَفَعْلَلَ ) وهو مراد الناظم بهذا القول , فيضم الحرف الرَّابع في المصدر .
والحرف الرّابع , هو الحرف الذي قبل الآخر , نحو : تَلَمْلَََمَ : تَلَمْلُمٌ , تَدَحْرَجَ: تَدَحْرُجٌ ، تَزَلْزَلَ : تَزَلْزُلٌ .
المصدر القياسي لباب فَعْلَلَ
فِعْلاَلٌ أَوْ فَعْلَلَةٌ لِفَعْلَلاَ وَاجْعَلْ مَقِيساً ثَانِياً لا أَوَّلاَ
س9- ما وزن المصدر القياسي لباب فَعْلَلَ ؟
ج9- باب ( فَعْلَلَ ) رباعي مجرّد , ومصدره يأتي على وزنين :
1- فِعْلاَل , نحو : دَحْرَجْ : دِحْرَاجٌ , وَسْوَسَ : وِِسْوَاسٌ , سَرْهَفَ: سِرْهَافٌ. ( السَّرْهَفُ : حَسَنُ الغِذاء والنِّعمة ) .
2- فَعْلَلَة , نحو : دحرج : دَحْرَجَةٌ , سرهف : سَرْهَفَةٌ , وسوس : وَسْوَسَةٌ , بَهْرَجَ : بَهْرَجَةٌ . وهذا الوزن هو المقيس في هذا الباب .
المصدر القياسي لباب فَاعَلَ
لِفَاعَلَ الِفعَالُ وَالْمُفَاعَلَهْ وَغَيْرُ مَا مَرَّ السَّمَاعُ عَادَلَهْ
س10- ما وزن المصدر القياسي لباب فَاعَلَ ؟
ج10- باب ( فَاعَلَ ) ثلاثي مزيد بحرف واحد , هو (الألف) ومصدره يأتي على وزنين :
1- فِعَال , نحو : ضَارَبَ : ضِرَاباً , قَاتَل : قِتالاً , خَاصَمَ : خِصَاماً .
2- مُفَاعَلَة , نحو : ضارب : مُضَارَبَةً , قاتل : مُقَاتَلَةً , خاصم : مُخَاصَمَةً .
س11- ما مراد الناظم بقوله : " وغير ما مرَّ السَّماع عَادَله " ؟
ج11- مراده : أن ما ورد من مصادر غير الثلاثي على خلاف الأوزان التي مرّت بنا , تُحْفَظ ولا يُقَاس عليها . فما ذكرناه سابقا في جميع الأبواب هو القياس .
ومعنى قوله : "عادله " (أي : كان السَّمَاع له عَدِيلاً فلا يُقْدَم عليه إلاّ بِسَمَاع) كقول الشاعر : باتَتْ تُنَزَّى دَلْوَها تَنْزِيَّا .(1/64)
فالشاعر جعل مصدر ( فَعَّل ) المعتّل : تَفْعِيل ، والقياس : تَفْعِلة (راجع الشاهد في س7 ) .
وكقولهم في مصدر حَوْقَلَ : حِيقَالا ، والِقياس : حَوْقَلَة ؛لورود السَّماع بذلك، قال الشاعر : يا قَوْمِ قَدْ حَوْقَلْتُ أو دَنَوْتُ وشرُّ حِيقالِ الرِّجالِ الْمَوْتُ
وكقولهم في مصدر تَمَلَّقَ : تِمِلاَّقٌ ، والقياس : تَمَلُّقٌ ؛ لأنه من باب تَفَعَّلَ .
مصدر الْمَرَّة , ومصدر الْهَيْئَة
وَفَعْلَةٌ لِمَرَّةٍ كَجَلْسَهْ وَفِعْلَةٌ لِهَيْئَةٍ كَجِلْسَهْ
س12- عرّف مصدر المرَّة , وكيف يُصاغ من الثلاثي المجرّد ؟
ج12- مصدر المرّة , هو : ما يُذكَر لبيان عدد الفعل . ويُصَاغ من الفعل الثلاثي المجرّد على وزن ( فَعْلَة ) بفتح الفاء , نحو : ضربتُه ضَرْبَةً , وجلسْتُ جَلْسَةً , وسجدتُ للهِ سَجْدَةً . فإن كان بِناء المصدر الأصلي ( بالتاء ) وُصِف بكلمة واحدة ؛ للتفريق بين المصدر الأصلي , ومصدر المرّة , نحو : رَحِمَ رَحْمَةً واحدةً , ونَعِمَ نَعْمَةً واحدةً .
( م ) أمَّا إذا كان آخر المصدر مختوماً بالتاء ، وأوّله ليس مفتوحاً فلا حاجة إلى وَصْفِه بكلمة (واحدة) لأنّ الفَرْق واضح بين المصدر الأصلي ، ومصدر المرّة , نحو : حَمِرَ حُمْرَةً , فإذا أردنا أنْ نَجْعَله للمرَّة فَتَحْنا أوَّله , وقلنا : حَمْرَة . وكذلك : نَشَدَ نِشْدَةً , نقول في المرّة : نَشْدَة .
س13- عرَّف مصدر الهيئة , وكيف يُصَاغ من الثلاثي المجرّد ؟
ج13- مصدر الهيئة , هو : ما يُذكر لبيان هيئة الفعل .
ويُصاغ من الفعل الثلاثي المجرّد على وزن ( فِعْلَة ) بكسر الفاء , نحو : جَلَسَ جِلْسَةً , ومات مِيْتَةً , وأَكل إِكْلَةً ؛ تقول : جِلْسَةُ المتواضعِ محمودةٌ ، ماتَ مِيْتَةً حَسَنَةً ، نَشَدَ نِشْدَةً عظيمةً .
صياغة مصدر المرّة من الفعل غير الثلاثي
وحكم صياغة مصدر الهيئة من غير الثلاثي(1/65)
فى غَيْرِ ذِى الثَّلاَثِ بِالتَّا الْمَرَّهْ وَشَذَّ فِيهِ هَيْئَةٌ كَالْخِمْرَهْ
س14- كيف يُصاغ مصدر المرّة من الفعل غير الثلاثي ؟ وما حكم صياغة مصدر الهيئة منه ؟
ج14- يُصاغ مصدر المرّة من غير الثلاثي بزيادة ( تاء ) على مصدره الأصلي, نحو : أَكْرَمَ إِكْرَامَةً ، والأصل في مصدره : إِكْرَام , ونحو : كَبَّرَ تَكْبِيرَةً . والأصل في مصدره : تَكْبِير , ونحو : دَحْرَجَ دِحْرَاجَةً .
فإن كان مصدره الأصلي مختوما بالتاء وُصِفَ بكلمة واحدة , نحو : أقامَ إقامةً واحدةً ، تَرْجَمَ ترجمةً واحدةً . أما مصدر الهيئة فلا يُصَاغ إلا من الفعل الثلاثي المجرّد فقط , وشَذَّ بناء ( فِعْلَة ) من غير الثلاثي , كقولهم : هي حَسَنةُ الْخِمْرَة , فَبَنَوا ( فِعْلَة ) من الفعل غير الثلاثي ( اخْتَمَرَ ) وكقولهم : هو حَسَنُ العِمَّة , فَبَنَوا فِعْلَة مِن : تَعَمَّمَ .
---
إعمالُ اسمِ الفاعلِ
شروط إعمال اسم الفاعل عمل فعله
كَفِعْلِهِ اسْمُ فَاعِلٍ فى الْعَمَلِ إِنْ كَانَ عَنْ مُضِِيَّهِ بِمَعْزِلِ
وَوَلِيَ اسْتِفْهَاماً أَوْحَرْفَ نِدَا أَوْ نَفْياً أَوْجَا صِفةً أَوْ مُسْنَدَا
* س1- عرّف اسم الفاعل ، وكيف يصاغ ؟
ج1- اسم الفاعل ، هو : الصفة الدالة على فاعل الحدث .
ويُصاغ من الفعل الثلاثي المجرّد على وزن فَاعِل ، نحو : كَاتِب ، وقَارِئ ، وعَالِم .
ويصاغ من غير الثلاثي المجرّد على وزن مضارعه مع إبدال حرف المضارعة ميما مضمومة وكسر ما قبل الآخر ، نحو : مُعلِّم ، ومُنْتَصِر ، ومُبَعْثِر ، ومُسْتَقْبِل .
س2- اذكر شروط إعمال اسم الفاعل عمل فعله .
ج2- اسم الفاعل إمّا أن يكون مقترنا بأل ، أو مجرداً ، فإن كان مقترنا بأل عمل بدون شرط -كما سيأتي- وإن كان مجرّداً من (أل) عمل بشرطين ، هما:(1/66)
1- أن يكون اسم الفاعل بمعنى الحال، أو الاستقبال ، نحو : هذا ضاربٌ زيداً الآن ، أو غداً . فزيداً : مفعول به منصوب باسم الفاعل ( ضارب ) .
والسبب في عمله : جَرَيَانُه على الفعل الذي هو بمعناه ، وهو الفعل المضارع
فهو مُوافِق للفعل المضارع لفظاً في الحركات ، والسكنات ؛ وتأمّل المضارع
( يَضْرِبُ ) واسم الفاعل ( ضَاْرِبٌ ) والفعل المضارع ( يُقَاْتِلُ ) واسم الفاعل
( مُقَاْتِلٌ ) .
وهو موافق له أيضاً في المعنى ؛ لأن كلاًّ منهما يدل على الحدث في الحال ، والاستقبال .
أما إن كان اسم الفاعل بمعنى الماضي فلا يعمل؛ لعدم جَرَيانه في اللفظ على الفعل الماضي ، فـ (ضَاْرِب) لايوافق الفعل الماضي ( ضَرَبَ ) في حركاته ، وسكناته ولكنه موافق له في المعنى فقط ، فكلّ منهما يدل على الحدث في الماضي ؛ ولذلك لا يصح قولك : هذا ضاربٌ زيداً أمسِ ، بنصب ( زيداً ) على أنه مفعول به لضارب ،بل يجب إضافته ؛ فتقول : هذا ضاربُ زيدٍ أمسِ .
2- أن يكون اسم الفاعل معتمداً على استفهام ، أو نداء ، أو نفي ؛ أو أن يقع صفة والموصوف مذكور ، أو أن يقع خبراً ؛ والعِلّة في ذلك تقريبه من الفعل .
فمثال المعتمد على استفهام : أضاربٌ زيدٌ خالداً ؟ ونحو : أقائلٌ أخوك الصدقَ ؟
ومثال المعتمد على النداء : يا ضارباً زيداً ، ونحو : يا طالعاً جبلاً .
ومثال المعتمد على النفي : ما ضاربٌ زيدٌ خالداً ، ونحو : غيرُ مُضَيَّعٍ نفسَه عاقلٌ .
ومثال وقوعه صفة (والصّفة تشمل : النعت ، والحال) فمثال النعت :
مررت برجلٍ ضاربٍ زيداً ( والموصوف مذكور ، وهو : برجلٍ ) .
ومثال الحال قولك : جاء زيدٌ راكباً فرساً . وهذا هو معنى قوله : " أو جا صِفة " .(1/67)
ومثال وقوعه خبراً ( والخبر يشمل : خبر المبتدأ ، وخبر ناسخه ، أو مفعوله ) فمثال خبر المبتدأ : زيدٌ ضاربٌ خالداً . ومثال خبر الناسخ :كان زيدٌ ضارباً خالداً ، وإنّ زيداً ضاربٌ خالداً . ومثال مفعول الفعل الناسخ : ظننت زيداً ضارباً خالداً ، وأَعلمت زيداً عمراً ضارباً خالداً . وهذا هو معنى قوله :
" أو مُسْنداً "
س3- ما رأي الكسائي في إعمال اسم الفاعل الذي بمعنى الماضي ؟
ج3- أجاز الكسائي إعمال اسم الفاعل الذي بمعنى الماضي ، وجعل منه قوله تعالى : * فذراعيه : مفعول به منصوب باسم الفاعل ( باسط ) وهو بمعنى الماضي . وخَرَّجه غيره على أنه حكاية حالٍ ماضية .
( م ) ومعنى حكاية الحال : أنْ يُقَدَّرَ المتكلَّم نفسه موجوداً في وقت الحادثة ، وعلى ذلك يكون ( باسط ) بالنسبة للمتكلَّم في حكم المستقبل ، والدليل على ذلك قوله تعالى في الآية * . واعلم أنّ المراد بالمتكلَّم الذي يقدَّر نفسه موجوداً في وقت الحادثة غير الله تعالى . ( م )
اعتماد اسم الفاعل المجرَّد
... ... ... على موصوف مقدَّر
وَقَدْ يَكُونُ نَعْتَ مَحْذُوفٍ عُرِفْ فَيَسْتَحِقُّ الْعَمَلَ الَّذِى وُصِفْ
س4- ما مراد الناظم بهذا البيت ؟
ج4- عرفنا في السؤال الثاني أنّ من شروط إعمال اسم الفاعل أن يقع صفة والموصوف مذكور ، نحو : مررت برجلٍ ضاربٍ زيداً . فضارب : اسم فاعل عَمِلَ عَمَلَ فعله فنصب (زيدا) لأنه معتمد على موصوف مذكور ، هو: رجل .
وفي هذا البيت يقول الناظم : إنّ اسم الفاعل قد يعتمد على موصوف مقدّر
( محذوف ) فيعمل عمل فعله ( كما لو اعتمد على موصوف مذكور ) نحو : كم قائدٍ سيارتَه لايهتمُّ بالآخرين . فقائد: اسم فاعل وقع صفة لموصوف مقدّر، تقديره : كم رجلٍ قائدٍ ، فعمل عمل فعله ونصب المفعول به ( سيارتَه ) .
ومن الشواهد على ذلك قول الشاعر :
وكم مَاِلىءٍ عَيْنَيْهِ مِنْ شَيءِ غَيْرِهِ إذا رَاحَ نَحْوَ الْجُمْرَةِ البِيضُ كالدُّمَى(1/68)
فعينيه : مفعول به منصوب بـ ( مالئ ) ومالئ : اسم فاعل وقع صفة لموصوف محذوف ، تقديره : وكم رجلٍ مالئٍ .
ومن ذلك قول الشاعر :
كَنَاطِح ٍصَخْرَةً يوماً لِيُوهِنَهَا فَلَمْ يَضِرْهَا وأَوْهَى قَرْنَهُ الوَعِلُ
فناطح : اسم فاعل وقع صفة لموصوف محذوف ، تقديره ( كوَعِلٍ ناطحٍ ) فَعمِل عَمل فعله ونصب مفعوله ( صخرةً ) .
إِعمال اسم الفاعل المقترن
... ... ... بأل الموصولة
وَإِنْ يَكُنْ صِلَةَ أَلْ فَفِى الْمُضِى وَغَيْرِهِ إِعْمَالُهُ قَدِ ارْتُضِى
س5- ما حكم إعمال اسم الفاعل المقترن بأل ؟
ج5- ذكرنا في السؤال الثاني أنّ اسم الفاعل ، نوعان : مجرد ، ومقترن بأل .
- وقد عرفنا أن المجرّد لا يعمل إلا بشرطين - وفي هذا البيت ذكر الناظم النوع الثاني ، وهو اسم الفاعل المقترن بأل الموصولة .
وحكمه : أنه يعمل مطلقا بدون شرط سواء أكان ماضيا ، أم مستقبلا ، أم حالا ، وسواء أكان معتمداً على شيء ، أم غير معتمد ، نحو : هذا الضاربُ زيداً الآن ، أو غداً ، أو أمسِ ؛ وعِلّة عمله بدون شرط : أنه مع فاعله وقع صِلَة فهو بمنزلة الفعل ، والفعل يعمل ماضيا وغير ماضٍ ،وكذلك ما حلّ محلَّه .
س6- اذكر الخلاف في إعمال اسم الفاعل المقترن بأل بدون شرط .
ج6- 1- المشهور من قول النحويين : إعمال اسم الفاعل المقترن بأل بدون شرط .
2- جماعة من النحويين ، منهم الرُّمَّاني : إذا وقع اسم الفاعل صلة لأل فإنه لا يعمل إلا ماضيا ، ولا يعمل مستقبلا ، ولا حالا .
3- زعم بعضهم : أنه لا يعمل مطلقا ، وأن المنصوبَ بعده منصوبٌ بإضمار فعل .
4- زعم ابن الناظم بدر الدين : أنه يعمل ماضيا ، ومستقبلا ،وحالا باتَّفاق .
إعمال اسم الفاعل المثنى ، والمجموع
عمل اسم الفاعل المفرد
وَمَا سِوَى الْمُفْرَدِ مِثْلَهُ جُعِلْ فى الْحُكْمِ وَالشُّرُوطِ حَيْثُمَا عَمِلْ
س7- ما حكم إعمال اسم الفاعل المثنى ، والمجموع ؟(1/69)
ج7- اسم الفاعل المثنى ، والمجموع يعمل عمل اسم الفاعل المفرد بشروطه وأحكامه السابقة ، نحو : هذان الضَّاربان زيداً . فزيداً : مفعول به منصوب باسم الفاعل المثنى ( الضَّاربان ) ونحو: هؤلاء الفاعلون الخيرَ . ومنه قوله تعالى : * ونحو : هُنَّ الفاعلاتُ الخيرَ . ومنه ما ورد بنصب ( ضُرَّه , ورحمتَه ) في قوله تعالى: * وقوله تعالى : * ونحو : هؤلاء الضُّرَّابُ زيداً , وهؤلاء الضَّوَارِبُ زيداً .
س8- قال الشاعر :
والقَاطِنَاتِ البَيْتَ غَيْرِ الرُّيَّمِ أَوَالِفاً مَكَّةَ مِنْ وُرْقِ الْحَمِى
وقال الآخر :
ثُمَّ زَادُوا أنَّهُمْ فى قَوْمِهِمْ غُفُرٌ ذَنْبَهُمُ غَيْرُ فُخُرْ
عيَّن الشاهد في البيتين , وما وجه الاستشهاد فيهما ؟
ج8- الشاهد في البيت الأول : أوالفاً مكّةَ .
وجه الاستشهاد : نَصب الشاعر ( مكة ) بـ ( أوالف ) الذي هو جمع تكسير لاسم الفاعل المفرد ( آلِفَة ) وهذا شاهد على إعمال اسم الفاعل المجموع عمل الفعل .
الشاهد في البيت الثاني : غُفُرٌ ذنبَهم .
وجه الاستشهاد : نصب الشاعر
( ذنبَهم ) بـ ( غُفُر ) الذي هو جمع ( غَفُور ) وهو من صِيغ المبالغة . وهذا شاهد على إعمال صيغة المبالغة المجموعة عمل الفعل .
حكم إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله
وَانْصِبْ بِذِى الإِعْمَالِ تِلْواً وَاخْفِضِ وَهْوَ لِنَصْبِ مَا سِوَاهُ مُقْتَضِى
س9- ما حكم إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله ؟
ج9- يجوز إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله , ويجوز أَنْ ينصبه , كما عرفت ذلك سابقا ؛ فتقول: هذا ضاربٌ زيداً ، بنصب (زيداً) على أنه مفعول به ؛ وتقول : هذا ضاربُ زيدٍ ، بجر (زيدٍ) على أنه مضاف إليه . ومن ذلك قوله تعالى :
* .
فإن كان لاسم الفاعل مفعولان وأضفته إلى أحدهما وجب نصب الآخر ؛ فتقول: هذا مُعْطِى زيدٍ درهماً , وهذا مُعْطِى درهمٍ زيداً .
وهذا هو المراد بقوله : "وهو لنصب ما سواه مقتضى " ( أي : إذا أُضيف أحدهما فالآخر واجب النصب ) .(1/70)
حكم تابع مفعول اسم الفاعل المجرور بالإضافة
وَاجْرُرْ أَوِ انْصِبْ تَابِعَ الَّذِى انْخَفَضْ كَـ مُبْتَغِى جَاهٍ وَمَالاً مَنْ نَهَضْ
س10- ما حكم تابع مفعول اسم الفاعل المجرور بالإضافة ؟
ج10- عرفنا أنّ اسم الفاعل يجوز إضافته إلى مفعوله فيُصبح المفعول مضافا إليه , نحو : هذا ضاربُ زيدٍ , فإذا جاء تابعٌ لهذا الاسم المجرور جاز في التَّابع وجهان :
1- الجرّ مراعاة للفظ المتبوع , نحو : هذا ضاربُ زيدٍ وعَمْرٍو .
2- النصب مراعاة لمحلِّ المتبوع , نحو : هذا ضاربُ زيدٍ وعَمْراً , على اعتبار أن محلّ ( زيد ) النصب ؛ لأنه مفعول به في الأصل , وهذا هو المشهور .
وقيل : إنّ النصب على إضمار فعل ، والتقدير : ويَضْرِبُ عَمْراً . وهذا القول هو الصحيح عند سيبويه . ومِثْلُ ذلك قول الناظم : مُبْتَغِي جاهٍ ومالاً .
وقد رُوِيَ بالوجهين قول الشاعر :
الوَاهِبُ الْمِائَةِ الْهِجَانِ وعَبْدَِها عُوذاً تُزَجِّى بَيْنَها أَطْفَالهَا
فقوله ( وعبَدَِها ) رُوي بالوجهين ( الجر ، والنصب ) فالجر على أنّه معطوف على لفظ ( المائةِ ) وأما النصب فعلى أنه معطوف على محل ( المائة ) أو بإضمار فعل ، والتقدير : ويهبُ عبدَها .
وقول الآخر :
هَلْ أَنْتَ بَاعِثُ دِينَارٍ لِحَاجَتِنَا أَوْ عَبْدَِ رَبٍّ أَخَا عَوْنِ بْنِ مِخْرَاقِ
بنصب ( عبد ) عطفا على محل ( دينار )، أو على إضمار فعل ، والتقدير : أو تبعث عبدَ ربّ ، ويجوز فيه الجر عطفا على لفظ ( دينار ) .
أمَّا تابع المنصوب فيجب فيه النصب فقط , نحو : هذا ضاربٌ زيداً وعَمْراً .
---
إعمالُ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ عَمَلَ اسمِ الفاعلِ
فَعَّالٌ أَوْ مِفْعَالٌ أَوْ فَعُولُ فى كَثْرَةٍ عَنْ فَاعِلٍ بَدِيلُ
فَيَسْتَحِقُّ مَا لَهُ مِنْ عَمَلِ وَفى فَعِيلٍ قَلَّ ذَا وَفَعِلِ
س1- عرَّف صيغ المبالغة ، واذكر أوزانها ، مع التمثيل لها .(1/71)
ج1- * صِيَغُ الْمُبَالَغَةِ : هي ألفاظ مُحَوَّلة من صيغة اسم الفاعل ؛ للدلالة على الكثرة والمبالغة في معنى الفعل . ولاتصاغ إلا من الفعل الثلاثي ، ويندر من غير الثلاثي ، نحو : دَرَّاك : مِن أَدْرَكَ ، ومِعْطَاء : من أَعْطَى . *
ولها خمسة أوزان مشهورة , هي :
1- فَعَّال , نحو : تَوَّاب , وغَفَّار , وشَرَّاب .
2- مِِفْعَال ، نحو : مِنْحَار , ومِقْدَام ، ومِعْطَاء .
3- فَعُول , نحو : غَفُور , وشَكُور , وأََكُُول .
4- فَعِيل , نحو : رَحِيم , وسَمِيع , وقَدِير .
5- فَعِل , نحو : حَذِر , وفَطِن , ومَزِق .
س2- ما عَمَلُ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ ؟
ج2- صيغ المبالغة تعمل عمل الفعل ( كاسم الفاعل ) وتأخذ جميع أحكامه . والصيغ الثلاثة الأولى الواردة في البيت الأول ( فَعَّال , ومِفْعَال , وفَعُول ) إعمالها أكثر من إعمال الصيغتين الأُخريين ( فَعِيل , وفَعِل ) وإعمال ( فَعِيل ) أكثر من إعمال ( فَعِل ) .
فَمِن إعمال ( فَعَّال ) ما سمعه سيبويه من قول بعضهم : أمَّا العَسَلَ فأنا شرّابٌ . فالعسلَ : مفعول مقدم منصوب بـ ( شَرَّاب ) , ونحو قولك : أنا تَرَّاكٌ صحبةَ الأشْرارِ ؛ وقد عَمِل عَمَل فعله في المثالين لوقوعه خبراً للمبتدأ ( أنا ) .
ومن ذلك أيضا قول الشاعر :
أَخَا الْحَرْبِ لَبَّاساً إليها جِلاَلَهَا وليسَ بِوَلاَّجِ الْخَوَالِفِ أَعْقَلاَ
فجِلالها : مفعول به منصوب بصيغة المبالغة ( لَبَّاس ) وقد عَمِل عَمَل الفعل ... فنصب المفعول به ؛ لاعتماده على موصوف مذكور في الكلام , هو : ... ...
( أخا الحرب ) ولبَّاس : صفة .
ومن إعمال ( مِفْعَال ) قول بعض العرب : إنَّه لَمِنْحَارٌ بَوَائِكَها . فبوائكَها : مفعول به منصوب بصيغة المبالغة ( مِنْحَار ) وقد عَمَل عَمَل فعله ؛ لوقوعه خبراً لحرف ناسخ .
ومن إعمال ( فَعُول ) قول الشاعر :
قَلَى دِينَهُ واهْتَاجَ للِشَّوقِ إنهَّا على الشَّوقِ إِخْوَانَ العَزَاءِ هَيُوجُ(1/72)
فإخوانَ : مفعول به منصوب بصيغة المبالغة ( هَيُوج ) وقَد عمِل عَمل فعله ؛ لوقوعه خبراً لحرف ناسخ .
ومن إعمال ( فَعِيل ) قول بعض العرب : إنَّ اللهَ سميعٌ دُعاءَ مَنْ دَعَاهُ . فدعاءَ : منصوب بـ ( سميع ) .
ومن إعمال ( فَعِل ) قولك : كنُ حَذِراً أصدقاءَ السُّوءِ .
ومنه قول الشاعر :
حَذِرٌ أُمُوراً لا تَضِيرُ وآمِنٌ مَا ليسَ مُنْجِيَهُ مِنَ الأَقْدَارِ
فأموراً : منصوب بـ ( حَذِر ) .
ومن ذلك أيضا قول الشاعر:
أَتَانِي أنَّهم مَزِقُونَ عِرْضى جِحَاشُ الكِرْمِلَيْنِ لهَا فَدِيدُ
فعرضى : منصوب بـ ( مَزِق ) مُفرد : مَزِقُون .
---
إعمال اسم المفعول
شروطُه ، وعملُه
وَكُلُّ مَا قُرَّرَ لاِسْمِ فَاعِلِ يُعْطَى اسْمَ مَفْعُولٍ بِلاَ تَفَاضُلِ
فَهْوَ كَفِعْلٍ صِيغَ لِلْمَفْعُولِ فى مَعْنَاهُ كَـ الْمُعْطَى كَفَافاً يَكْتَفِى
* س1- عرِّف اسم المفعول , وكيف يُصَاغ ؟
ج1- اسم المفعول , هو : ما اشْتُقَّ من الفعلِ المبني للمجهول للدلالة على ما وقع عليه الفعل .
ويصاغ من الثلاثي المجرّد على وزن ( مَفْعُول ) نحو: ضُرِبَ : مَضْرُوبٌ ,كُتِبَ : مَكْتُوبٌ .
ويصاغ من غير الثلاثي على لفظ مضارعه المبني للمجهول مع إبدال حرف المضارعة ميما مضمومة , نحو : يُطَالَبُ : مُطَالَبٌ , يُسْتَخْرَجُ : مُسْتَخْرَجٌ , يُعْطَى : مُعْطًى .
س2- ما شروط إعماله ؟
ج2- اسم المفعول كاسم الفاعل إمَّا أن يكون مقترناً بأل ، أو مجرَّداً منها ، وكلُّ ما اشْتُرط في اسم الفاعل يُشترَط كذلك في اسم المفعول , فَالْمُجَرَّدُ مِن (أل) يَعْمل بشرطين :
1- أن يكون بمعنى الحال ، أوالاستقبال .
2- أن يكون معتمداً على استفهام أو نفي , أو نِداء ...إلخ ( راجع س2في اسم الفاعل ) وذلك نحو : أمضروبٌ الزَّيدان الآن ، أو غداً .(1/73)
والمقترن بـ (أل) يعمل مُطلقا بدون شرط ، نحو : جاء المضروبُ أبوهما الآن , أو غداً ، أو أمسِ . وهذا هو المراد من قول الناظم : " وكلّ ما قُرَّر لاسم فاعل ...إلى آخر البيت " .
س3- ما عمل اسم المفعول ؟
ج3- يعمل اسم المفعول عمل الفعل المبني للمجهول ؛ لأن اسم المفعول مِثْل الفعل المبني للمجهول في المعنى ، والعمل فيرفع المفعول به على أنه نائب فاعل ، كما يرفعه الفعل المبني للمجهول , فكما تقول: ضُرِبَ الزيدان , تقول كذلك: أمضروب الزيدان ؟ فالزيدان : نائب فاعل . هذا إذا كان متعديا إلى مفعول واحد , فإن كان مُتعديا إلى مفعولين رفع أحدهما ونصب الآخر ، نحو : أَمُلْبَسٌ الفقيرُ ثوباً ؟ فالفقير : نائب فاعل , وثوباً : مفعول ثانٍ ؛ فكأنك قلتَ : أُلْبِسَ الفقيرُ ثوباً . ومِثل ذلك قول الناظم : الْمُعْطَى كَفاَفاً يكتفي , فنائب الفاعل : ضمير مستتر يعود إلى الألف واللام ؛ لأن (أل) هنا موصول بمعنى (الذي) وكفافاً : مفعول ثانٍ ، وجملة يكتفي : خبر للمبتدأ ( المعطى ) .
إضافة اسم المفعول إلى مرفوعه
وَقَدْ يُضَافُ ذَا إِلَى اسْمٍ مُرْتَفِعْ مَعْنىً كَـ مَحْمُودُ الْمَقَاصِدِ الْوَرِعْ
س4- هل يجوز إضافة اسم المفعول إلى مرفوعه ؟ وهل يجوز ذلك في اسم الفاعل؟
ج4- يجوز في اسم المفعول أن يضاف إلى مرفوعه الظاهر ( نائب الفاعل ) فتقول: زيدٌ مضروبُ العبدِ . فالعبد: مضاف إليه ,وهو نائب فاعل في الأصل ؛ إذ أصله : زيدٌ مضروبٌ عبدُه . ومن ذلك قول الناظم: الورعُ محمودُ المقاصدِ . فالمقاصد : مضاف إليه ، وأصله نائب فاعل : الورعُ محمودٌ مقاصدُه .
ولا يجوز إضافة اسم الفاعل إلى مرفوعه ؛ فلا تقول : مررتُ برجلٍ ضاربِ الأبِ زيداً . والأصل: مررت برجلٍ ضاربٍ أبوه زيداً . فالأب في المثال الأول: مضاف إليه ، وهذا غير جائز ؛ لأن اسم الفاعل لايُضاف إلى مرفوعه (الفاعل) وفي المثال الثاني ( أبوه ) فاعل ، وهذا هو الأصل .
((1/74)
م ) س5- هل ثبت الإجماع على عدم جواز إضافة اسم الفاعل إلى مرفوعه ؟ وضَّح ذلك .
ج5- إذا كان اسم الفاعل من فعل لازم كَـ ( ضَامِر , وطَاهِر , وحَامٍ ) جازت إضافته إلى مرفوعه إجماعاً إنْ أُريد به الثُّبُوت والدَّوام ؛ لأنه يصير حينئذ صِفَة مُشَبَّهة , نحو : ضامر البَطْنِ , وطاهر النّفسِ , وحامي الدَّيارِ .
وإذا كان اسم الفاعل من فعل متعدٍ إلى مفعولين امتنعت إضافته إلى مرفوعه إجماعاً .
وإذا كان من فعل متعدٍ لمفعول واحد , فللنحاة فيه ثلاثة أقوال :
1- لا يجوز أن يضاف إلى مرفوعه مُطلقا . وهذا رأي جمهور النّحاة .
2- تجوز إضافته إلى مرفوعه إنْ لم يَلْتَبِس فاعله بمفعوله , نحو : مررت برجلٍ ضاربِ الأبِ زيداً .
3- تجوز إضافته إنْ حُذِف مفعوله - وهذا رأي ابن عصفور - ويَشْهَد له قول الشاعر :
ما الرَّاحِمُ القَلْبِ ظَلاََّماً وإِنْ ظُلِمَا ولا الكَرِيمُ بِمَنَّاعٍ وإنْ حُرِمَا
فالرَّاحم : اسم فاعل أضيف إلى فاعله ( القلبِ ) وقد حُذِف المفعول ؛ لأنّه غير مقصود فليس الغرضُ بيانُ مَنْ وقعت عليه الرَّحمة .
---
الصِّفَةُ الْمُشَبَّهَةُ باسمِ الفاعلِ
علامتها
صِفَةٌ اسْتُحْسِنَ جَرُّ فَاعِلِ مَعْنًى بِهَا الْمُشْبِهَةُ اسْمَ الفَاعِلِ
س1- ما المراد بالصَّفة ؟ وما تعريف الصَّفة المشبَّهة ؟ وما وجه الشَّبه بينها وبين اسم الفاعل ؟
ج1- المراد بالصَّفة : ما دلَّت على معنى ، وذات. وتشمل : اسم الفاعل , واسم المفعول ، والصَّفة المشبَّهة , واسم التفضيل .
* والصَّفة المشبَّهة , هي : اسم مشتق من الفعل اللازم ؛ للدلالة على الثبوت والدَّوام , نحو : محمدٌ جميلٌ وَجْهُه , حَسَنٌ خُلُقُه . *
( م ) ووجه الشَّبه بينها وبين اسم الفاعل : أنها كاسم الفاعل , تدلّ على الحدث ، ومَنْ قامَ به , وأنها تُؤَنَّث ، وتُذكَّر ؛ وتُثَنّى ، وتُجْمَع . ( م )
س2- ما العلامة التي تتميَّز بها الصّفة المشبَّهة عن اسم الفاعل ؟(1/75)
ج2- علامتها التي تتميَّز بها الصَّفة المشبَّهة عن اسم الفاعل : استحسان جَرَّ فاعلها بإضافتها إليه , نحو : محمدٌ جميلُ الوجهِ , حَسَنُ الْخُلُقِ , طاهرُ القَلْبِ . فالوجه , والخُلُق ، والقَلْب , في الأصل ( فاعل ) مرفوع بالصَّفة المشبَّهة . فالأصل أن تقول : جميلٌ وجهُه , حَسَنٌ خلُقُه ، طاهرٌ قلبُه . وهذا مراده بالبيت .
أما اسم الفاعل فلا يُضاف إلى فاعله , فلا تقول : محمدٌ ضاربُ الأبِ عمراً , تريدُ : ضاربٌ أبوه عمراً .
وأما اسم المفعول فيجوز إضافته إلى مرفوعه ؛ فتقول : زيدٌ مضروبُ الأبِ . وهو حينئذٍ جارٍ مَجْرى الصَّفة المشبهة في إفادة الثبوت والدوام .
* ومن العلامات التي تَتَمَيَّز بها الصَّفة الْمُشَبَّهَة : أن الصّفة المشبَّهة تدلّ على صفة ثابتة ، وأنها لا تصاغ إلا من الفعل اللازم ، وأنها تدل على الحاضر .
أما اسم الفاعل فيدلُّ على صفة مُتَجَدِّدَة غير ثابتة ، ويأتي من اللاَّزم ، والمتعدَّى ، ويصلح للأزمنة الثلاثة . *
شروط صِياغة الصَّفة المشَبَّهة
وحكم مُوَازنتها المضارع
وَصَوْغُهَا مِنْ لاَزِمٍ لِحَاضِرِ كَطَاهِرِ الْقَلْبِ جَمِيلِ الظَّاهِرِ
س3- ما شروط صياغة الصَّفة المشبَّهة ؟ وما حكم موازنتها المضارع ؟
ج3- لِصَياغة الصَّفة المشبَّهة شرطان ، هما :
1- أن الصَّفة المشبهة لا تصاغ قياساً إلا من فعل لازم , كطَاهِرٍ مِنْ طَهُرَ , وجَمِيلٍ من جَمُلَ ,وحَسَنٍ من حَسُنَ . وهذا معنى قوله : "وصوغها من لازم". وقد تصاغ من المتعدّي ولكنه مقصور على السّماع ، نحو : رَحِيم ، وعَلِيم .
2- أنّ تكون للحال . وهو مراد الناظم بقوله : " لحاضر " فلا تقول : زيدٌ حَسَنُ الْخُلُقِ غداً ، أو أمسِ .(1/76)
وأما حكم موازنتها المضارع : فالصَّفة المشبهة إذا كانت من فعل ثلاثي فإنها لا تلزم أن تكون جارية على وزن المضارع في حركاته ، وسكناته فقد تكون على وزنه , نحو : طَاهِرُ القلبِ , مُعْتَدِلُ القَامَةِ ( وهذا قليل فيها ) .
والكثير أنها لا تكون على وزنه , نحو : جَمِيلُ الظَّاهِرِ , وكَرِيمُ الأبِ ، وحَسَنُ الوجهِ .
أما إن كانت من فعل غير ثلاثي فيجب مُوازنتها المضارع , نحو : مُنْطَلِقُ اللِّسَانِ .
* س4- هل قولنا : " طاهر القلب " صفة مشبهة ، أو اسم فاعل ؟
ج4- إذا قُصِدَ باسم الفاعل , أو اسم المفعول معنى الثبوت ، والدَّوام فهو صِفة مشبّهة , كطاهر القلب , ونَاعِم العيش , وممدوح السَّيرة , ومُنَقَّى السَّريرة .
وكذلك إذ اقصدت بالصَّفة المشبهة معنى الحدوث ، والتَّجَدُّد عَدَلْتَ بها عن وزنها إلى وزن اسم الفاعل ؛ فتقول في ( فَرِحٍ , وشُجَاعٍ , وحَسَنٍ ) : فَارِح , وشَاجِع , وحَاسِن .
عمل الصَّفة المشبهة
... ... وشروط عملها
وَعَمَلُ اسْمِ فَاعِلِ الْمُعَدَّى لَهَا عَلَى الْحَدَّ الَّذِى قَدْ حُدَّا
س5- ما عمل الصَّفة المشبهة ؟
ج5- تعمل الصَّفة المشبهة عمل اسم الفاعل المتعدَّي فترفع ، وتنصب , نحو : زيدٌ حَسَنٌ الوجهَ . فالوجهَ : منصوب على التَّشبيه بالمفعول به , والفاعل : ضمير مستتر في ( حَسَنٌ ) تقديره ( هو ) ونحو : زيدٌ حَسَنٌ وجهُه . فوجهُه : فاعل مرفوع بالصفة المشبهة .
ويشترط لعمل الصّفة المشبهة ما اشترط لعمل اسم الفاعل , وهو : أنه لا بدّ من الاعتماد على نفي , أو استفهام , أو موصوف , أو مخبر عنه - كما في المثالين السابقين - وهذا الاعتماد هو معنى قوله : "على الحدِّ الذي قد حُدَّا "
( أي : قد حُدَّا لاسم الفاعل ) .
وتتميز الصَّفة المشبهة عن اسم الفاعل بجواز جرّ فاعلها بإضافتها إليه , نحو : حَسَنُ الخلقِ , وطاهر القلبِ ؛ كما بيَّنَّا ذلك في السؤال الثاني .
((1/77)
م ) س6- ما معنى قولنا :" منصوب على التشبيه بالمفعول به " ؟
ج6- نحن نعلم أن الصّفة المشبهة تصاغ من الفعل اللازم ؛ لذلك فإنها لا تنصب مفعول به حقيقة ؛ ولأَنّ الصَّفة المشبهة تشبه اسم الفاعل المتعدّي لمفعول واحد عملت عمله , فرفعت ، ونصبت ولكن منصوبها لا نستطيع أن نجعله مفعولاً به ؛ لأن فعلها لازم - كما ذكرنا - ولا يصلح أن ندخله تحت أيّ نوع آخر من المنصوبات إن كان المنصوب معرفة ؛ ولذلك سمَّاه النُّحَاةُ :
( الشبيه بالمفعول به ) أما إن كان المنصوب نكرة , نحو : زيدٌ حَسَنٌ وجهاً , فيجوز نصبه على أنه شبيه بالمفعول به , أو على أنه تمييز .
حكم تقديم معمول الصَّفة المشبهة عليها
وبيان وجوب أن يكون معمولها سَبَبِيّاً
وَسَبْقُ مَا تَعْمَلُ فِيهِ مُجْتَنَبْ وَكَوْنُهُ ذَا سَبَبِيَّةٍ وَجَبْ
س7- ما حكم تقديم معمول الصَّفة المشبهة عليها ؟ وهل يجوز ذلك في اسم الفاعل ؟
ج7- لا يجوز تقديم معمول الصفة المشبهة عليها - وهو الشبيه بالمفعول به - فلا يجوز قولك : زيدٌ الوجهَ حسنٌ , بتقديم معمولها الشبيه بالمفعول به (الوجهَ) عليها ؛ وذلك لأن الصَّفة المشبهة فرع في العمل عن اسم الفاعل فعجزتْ عنه وقَصُرَت .
أما اسم الفاعل فيجوز فيه تقديم معموله عليه ؛ فتقول : زيدٌ عَمْراً ضارِبٌ .
س8- ما نوع المعمول الذي تعمل فيه الصَّفة المشبهة ؟ وما نوعه في اسم الفاعل ؟ مع ذكر السَّبب .
ج8- الصَّفة المشبهة لا تعمل إلا في المعمول السَّبَبِيّ وجوباً .
والسَّبَبِيّ , هو : ما اتّصل به ضمير الموصوف , نحو : زيدٌ حَسَنٌ وجهُه . فوجهه : سَبَبِيّ ؛ لأنه اتصل به ضمير الموصوف ( زيد ) فكلّ ما اتصل به ضمير الموصوف , أو ما كان له صِلَة بالموصوف فهو سَّبَبِيّ , نحو : زيدٌ حَسَنٌ وجهُ أبيهِ .
ولا تعمل الصَّفة المشبهة في الأجنبي , وهو : ما ليس بسَبَبِيّ ؛ فلا تقول : زيدٌ حَسَنٌ عَمْراً ؛ لأن عمراً أجنبي عن زيد لا صلة له به .(1/78)
أما اسم الفاعل فيعمل في السَّبَبِيّ والأجنبي , نحو : زيدٌ ضاربٌ غلامَه , ونحو : زيدٌ ضاربٌ عمراً .
والسبب في أنَّ الصَّفة لا تعمل إلاّ في السَّبَبِيّ ولا تعمل في الأجنبي , هو كونها فرعاً في العمل عن اسم الفاعل فعجزت عنه وقصرت , وبذلك يتميّز اسم الفاعل عن الصَّفة المشبهة بأمرين :
1- جواز تقديم معموله عليه .
2- جواز عمله في السَّبَبِيّ ، والأجنبيّ .
وهذا من الفوارق بين الصَّفة المشبّهة ، واسم الفاعل ( أَضِفْها إلى ما سَبَق ) .
أحوال الصَّفة المشبَّهة ومعمولها
والأوجه الإعرابية لمعمولها
فَارْفَعْ بِهَا وَانْصِبْ وَجُرَّ مَعَ أَلْ وَدُونَ أَلْ مَصْحُوبَ أَلْ وَمَا اتَّصَلْ
بِهَا مُضَافاً أَوْ مُجَرَّداً وَلاَ تَجْرُرْ بِهَا مَعْ أَلْ سُماً مِنْ أَلْ خَلاَ
وَمِنْ إِضَافَةٍ لِتَالِيهَا وَمَا لَمْ يَخْلُ فَهْوَ بِالْجَوَازِ وُسِمَا
س9- اذكر أحوال الصّفة المشبّهة ، وأحوال معمولها .
ج9- للصَّفة المشبهّة حالان ، هما :
أ- أن تكون مقترنة بـ ( أل ) نحو : الْحَسَنُ ، الْجَمِيلُ ، الْحَزِينُ .
ب- أن تكون مُجَرَّدة من ( أل ) نحو : حَسَنٌ ، جَمِيلٌ ، حَزِينٌ .
وبناءً على هذين الحالين فإنَّ لمعمول الصَّفة المشبّهة أحوال ستة ، هي :
1- أن يكون المعمول مقترنا بـ ( أل ) نحو : الْحَسَنُ الوجهُ ، وحَسَنٌ الوجهَ . فالمعمول ( الوجه ) مقترن بأل مع الصَّفة المشبهة المقترنة بأل ،ومع المجرّدة منها.
2- أن يكون مضافا لما فيه ( أل ) نحو : الْحَسَنُ وَجْهِ الأبِ ، وحسنُ وجهِ الأبِ .
3- أن يكون مضافا إلى ضمير الموصوف ، نحو: مررت بالرجلِ الحسنِ وَجهُه ، ومررت برجلٍ حَسَنٍ وجهُه .
4- أن يكون مضافا إلى مضاف إلى ضمير الموصوف ، نحو مررت بالرجلِ الحسنِ وجهُ غلامِه ، ونحو: مررت برجلٍ حسنٍ وجهُ غلامِه . فالمعمول (وجه) مضاف إلى (غلام) الذي هو مضاف إلى ضمير ٍعائدٍ إلى الموصوف ( الرجل ) .(1/79)
5- أن يكون مجرّداً مِن (أل) ولكنه مضاف ، نحو : الحسنُ وجهُ أبٍ ، وحسنٌ وجهُ أبٍ .
6- أن يكون مجرّدا من (أل) والإضافة ، نحو : الحسنُ وجهاً ، وحسنٌ وجهاً .
وبذلك يُصْبِح المجموع ( 12 ) حالة ؛ لأن لكل حالة في المعمول مثالين للصَّفة المشبهة ، أحدهما مقترن بـ ( أل ) والآخر مجرَّد منها .
س10- اذكر الأحوال الإعرابية لمعمول الصَّفة المشبّهة .
ج10- علمت سابقاً أنَّ الصَّفة المشبّهة ترفع معمولها على أنّه فاعل ، وتنصبه على أنه شبيه بالمفعول به إن كان معرفة ، وعلى التمييز إن كان نكرة .
وتَجُرُّه بإضافتها إليه ؛ فلمعمولها ثلاثة أوجه : الرَّفْعُ ، والنَّصْبُ ، والْجَرُّ .
س11- هل تجوز الأوجه الثلاثة لمعمول الصَّفة في جميع الأحوال ؟ وضَّح ذلك .
ج11- لا . لا تجوز الأوجه الثلاثة (الرفع ، والنصب ، والجر) في جميع الأحوال , وإليك بيان ذلك :
1- إذا كانت الصَّفة المشبهة مجرّدة من ( أل ) جاز في معمولها الأوجهُ الثلاثةُ
في جميع الأحوال السَّتة للمعمول ؛ فتقول: محمدٌ حٍَسنٌ وجهُه, وحَسَنٌ الوجهَ ؛ وحَسَنٌ وجهاً , وحسنُ الوجهِ ؛ ومحمد حَسَنٌ وجهُ الأبِ ،وحَسَنٌ وجهَ الأبِ، وحَسَنُ وجهِ الأبِ ؛ ومررت برجلٍ حَسَنٍ وجهُه , وحَسَنٍ وجهَه ... وهكذا في بقيّة الأحوال الستة للمعمول .
2- إذا كانت الصَّفة المشبّهة مقترنة بـ (أل) جاز في معمولها الرفع ، والنصب في جميع أحوال المعمول الستة , أمَّا الجر فلا يجوز إلا في حالين فقط من الأحوال السَّتَة , هما :
أ- أنْ يكون المعمول مقترنا بـ ( أل ) ، نحو : الحسنُ الْخُلُقِ .
ب- أن يكون المعمول مضافا إلى ما فيه ( أل ) ، نحو : الحسنُ خُلُقِ الأبِ .
وما سبق هو مراد الناظم من قوله : " فَارْفَعْ بها ... إلى قوله : أو مجرَّداً " .
س12- ما الأحوال التي يمتنع فيها جرّ معمول الصَّفة المشبّهة ؟(1/80)
ج12- ذكرنا في السؤال السابق أنه إذا كانت الصفة المشبهة مقترنة بـ ( أل ) فإنه لا يجوز جرّ معمولها إلا في حالين فقط , ونذكر هنا الأحوال التي يمتنع فيها جرّ معمول الصَّفة المشبهة المقترنة بـ ( أل ) وهي أربعة أحوال :
1- إذا كان المعمول مضافا إلى ضمير الموصوف , نحو : محمدٌ الحسنُ وجهُه .
2- إذا كان المعمول مضافا إلى مضاف إلى ضمير الموصوف , نحو : الحسنُ وجهُ غلامِه .
3- إذا كان المعمول مجرّداً من ( أل ) والإضافة , نحو : الحسنُ وجهاً .
4- إذا كان المعمول مضافاً إلى مجرّد من ( أل ) والإضافة , نحو : الحسنُ وجهُ أبٍ .
وهذا هو معنى قول الناظم: " ولا تَجْرُرْ بها ... إلى قوله: ومن إضافة لتاليها " .
ومعنى قوله : " سُماً " ( أي : اسماً ) .
* فكل الأحوال السابقة تُرفع ، وتُنصب ، وتُجرّ بالصفة المشبهة إلا إذا كانت الصَّفة المشبهة مقترنة بأل فيمتنع الجر في أربع مسائل , كما بيَّنّا ذلك في هذا السؤال . *
س13-ما مراد الناظم بقوله:"مصحوب أل وما اتَّصل بها مضافا أو مجرّداً "؟
ج13- مراده بقوله : "مصحوب أل " ( أي : المعمول المقترن بأل ) .
ومراده بقوله : "وما اتّصل بها مضافا أو مجرّداً " ( أي : المعمول المتّصل بالصفة المشبهة سواء أكان المعمول مضافا ، أو مجرداً من أل ، والإضافة ) ويدخل في قوله : " مضافا " المعمول المضاف إلى ما فيه ( أل ) ، نحو : وجه الأب , والمضاف إلى ضمير الموصوف , نحو : وجهه , والمضاف إلى ما أضيف إلى ضمير الموصوف , نحو : وجه غلامه , والمضاف إلى المجرد من أل والإضافة , نحو : وجه أبٍ .
س14- ما مراد الناظم بقوله : " وما لم يَخْلُ فهو بالجواز وُسِمَا " ؟
ج14- مراده: أنّ الجرّ جائز في ما سِوَى الأحوال الأربعة التي يمتنع فيها الجرّ .
ومعنى قوله :" وُسمِا " ( أي : عُلِمَ ) .
---
أَبْنِيَةُ أَسْمَاءِ الفَاعِلِينَ ، والْمَفْعُولِينَ ، والصَّفَاتِ الْمُشَبَّهَةِ بها(1/81)
1- صِيَاغَةُ اسمِ الفاعلِ من الفعلِ الثلاثيِّ المجرّدِ
كَفَاعِلٍ صُغِ اسْمَ فَاعِلٍ إِذَا مِنْ ذِى ثَلاَثََةٍ يَكُونُ كَغَذَا
س1- كيف يُصاغ اسم الفاعل من الفعل الثلاثي المجرّد ؟ وما شرط فعله ؟
ج1- يُصاغ اسم الفاعل من الفعل الثلاثي المجرّد على وزن ( فَاعِل ) وهو مَقِيس في كل فِعْل كان على وزن ( فَعَلَ ) متعديا كان ، أو لازما , نحو : ضَرَبَ : ضَارِبٌ , ذَهَبَ : ذَاهِبٌ , غَذَا : غَاذٍ .
فإن كان الفعل على وزن (فَعِلَ ) فإما أن يكون متعديا ، أو لازما , فإن كان متعديّا فقياسه أيضا على وزن ( فَاعِل ) نحو : رَكِبَ : رَاكِب , عَلِمَ : عَالِم . وإن كان لازما , أوكان الفعل على وزن ( فَعُلَ ) فلا يصاغ على وزن (فَاعِل) إلا سَمَاعاً , وهو قليل .
ويُشترط في الفعل أن يكون متصرفا ، أما الفعل الجامد فليس له مصدر ، ولا اسم فاعل , ولا اسم مفعول ، ولا صِفَة مُشَبَّهة , ولا غيرها من المشتقات .
2- صِياغة الصَّفة المشَبَّهَة باسم الفاعل
من الفعل الثلاثي المجرّد
وَهْوَ قَلِيلٌ فى فَعُلْتُ وَفَعِلْ غَيْرَ مُعَدًّى بَلْ قِيَاسُهُ فَعِلْ
وَأَفْعَلٌ فَعْلاَنُ نَحْوُ أَشِرِ وَنَحْوُ صَدْيَانَ وَنَحْوُ الأَجْهَرِ
وفَعْلٌ أَوْلَى وَفَعِيلٌ بِفَعُلْ كَالضَّخْمِ وَالْجَمِيلِ وَالفِعْلُ جَمُلْ
وَأَفْعَلٌ فِيهِ قَلِيلٌ وَفَعَلْ وَبِسِوَى الفَاعِل ِقَدْ يَغْنَى فَعَلْ
* س2- عرَّف الصَّفة المشَبَّهة .
ج2- هي صفة مشبّهة باسم الفاعل , تُشتق من الفعل اللازم , وتَدل على صفة ثابتة . وقد تُشتق من الفعل المتَعَدََّي سَمَاعاً , نحو: رَحِمَ : رَحِيم ,عَلِمَ : عَلِيم .
س3- كيف تصاغ الصفة المشبهة من الفعل الثلاثي المجرَّد ؟(1/82)
ج3- عرفنا في السؤال الأول أنّ الفعل الثلاثي إذا كان على وزن ( فَعِلَ ) وكان لازما , أو كان من باب ( فَعُلَ ) فمجيء اسم الفاعل منه قليل , نحو : أَمِن : آمِن , سَلِم : سَالِم ، عَقِرتْ المرأة : عَاقِر ، حَمُضَ : حَامِض , طَهُرَ : طَاهِر , نَعُمَ : نَاعِم .
والقياس في هذين البابين أن يُصَاغا على وزن من أوزان الصَّفة المشبَّهة باسم الفاعل . وهذا هو مراد الناظم بالبيت الأول .
وتُصاغ الصفة المشبهة من الفعل الثلاثي اللازم على الأوزان الآتية :
1- فَعِل , وأَفْعَل , وفَعْلاَن : وذلك إذا كان الفعل الثلاثي اللازم من باب
( فَعِلَ) نحو : نَضِرَ : نَضِرٌ , بَطِرَ : بَطِرٌ , أَشِرَ : أَشِرٌ ؛ ونحو : سَوِدَ : أَسْوَدُ , جَهِرَ : أَجْهَرُ ؛ ونحو : عَطِشَ : عَطْشَانُ , صَدِيَ : صَدْيَان .
2- فَعْل , وفَعِيل , وأَفْعَل , وفَعَل : وذلك إذا كان الفعل الثلاثي من باب
( فَعُلَ ) والأكثر وروده على وزن ( فَعْل ) وهذا مراد الناظم بقوله :
" وفَعْل أولى " ، نحو : ضَخُمَ : ضَخْمٌ , شَهُمَ : شَهْمٌ ؛ ويُصاغ على وزن
( فَعِيل ) نحو : جَمُلَ : جَمِيل , شَرُفَ : شَرِيف .
ويقلّ مجيئه على وزني ( أَفْعَل ، وفَعَل ) وهذا هو مراد الناظم بقوله :
" وأَفْعَل فيه قليل وفَعَل " ، نحو : خَطُبَ : أَخْطَبُ , حَرُشَ : أَحْرَشُ ؛ بَطُلَ : بَطَلٌ , حَسُنَ : حَسَنٌ .
س4- ما مراد الناظم بقوله :" وبِسَِوى الفاعلِ قد يَغْنَى فَعَلْ " ؟(1/83)
ج4- تقدم في السؤال الأول أن اسم الفاعل يُصاغ على وزن ( فَاعِل ) قياساً إذا كان الفعل الثلاثي من باب (فَعَلَ) وذكر هنا أنه قد يُستغنى عن وزن (فَاعِل) ويُصاغ على الصَّفة المشبّهة - وذلك قليل - فيجيء على وزن (أَفْعَل)، نحو : شَابَ : أَشْيَبُ , قَطَعَ : أَقْطَعُ , جَذَمَ : أَجْذَمُ . ويجيء على وزن (فَيْعِل) نحو : طابَ : طَيَّبٌ , ضَاقَ : ضَيَّقٌ . ويجيء على وزن (فَعِيل)،نحو : عَفَّ : عَفِيفٌ . ويجيء على وزن (فَعْل)، نحو : شَاخَ : شَيْخٌ .
3- صِياغة اسم الفاعل , واسم المفعول
من الفعل غير الثلاثي
وَزِنَةُ الْمُضَارِعِ اسْمُ فَاعِلِ مِنْ غَيْرِ ذِى الثَّلاَثِ كَالْمُوَاصِلِ
مَعْ كَسْرِ مَتْلُوَّ الأَخِيرِ مُطْلَقَا وَضَمَّ مِيمٍ زَائِدٍ قَدْ سَبَقَا
وَإِنْ فَتَحْتَ مِنْهُ مَا كَانَ انْكَسَرْ صَارَ اسْمَ مَفْعُولٍ كَمِثْلِ الْمُنْتَظَرْ
س5- كيف يُصاغ اسم الفاعل , واسم المفعول من الفعل غير الثلاثي ؟
ج5- يُصاغ اسم الفاعل من الفعل غير الثلاثي على وزن مضارعه مع إبدال حرف المضارعة ميما مضمومة وكسر ما قبل الآخر مطلقا ( أي : سواء أكان ما قبل الآخر في المضارع مكسوراً ،أو مفتوحاً ) نحو: يُقَاتِلُ : مُقَاتِلٌ , يُوَاصِلُ: مُوَاصِلٌ ، يَتَدَحْرَجُ : مُتَدَحْرِجٌ , يَتَعَلَّمُ : مُتَعَلِّمٌ .
أما اسم المفعول فيصاغ على وزن اسم الفاعل من غير الثلاثي , ولكن يُفتَح ما قبل آخره , نحو : مُقَاتَلٌ , مُوَاصَلٌ , مُنْتَظَرٌ , مُتعلَّمٌ .
وهذا هو المراد بالبيت الأخير .
4- صِيَاغة اسم المفعول
من الفعل الثلاثي المجرَّد
وَفى اسْمِ مَفْعُولِ الثُّلاَثِى اطَّرَدْ زِنَةُ مَفْعُولٍ كَآتٍ مِنْ قَصَدْ
س6- كيف يُصاغ اسم المفعول من الفعل الثلاثي المجرّد ؟ وما معنى قوله :
" كآتٍ مِنْ قَصَدْ " ؟(1/84)
ج6- يُصاغ اسم المفعول من الفعل الثلاثي المجرّد على وزن ( مَفْعُول ) قياساً مُطَّرِداً , نحو : قَصَدْتُه , فَهو مَقْصُودٌ ، ضَرَبْتُه , فهو مَضْرُوبٌ ، مَرَرْتُ به , فهو مَمْرُورٌ به .
ومعنى قوله : " كآتٍ مِنْ قَصَد " ( أي : مقصود ، فهو الوزن الآتي مِن الفعل قَصَدَ ) .
نِيَابَةُ فَعِيلٍ عن مَفْعُولٍ
ونَابَ نَقْلاً عَنْهُ ذُو فَعِيلِ نَحْوُ فَتَاةٍ أَوْ فَتىً كَحِيلِ
س7- ما مراد الناظم بهذا البيت ؟
ج7- مراده : أن فَعِيل ينوب عن مفعول في الدلالة على معناه , ويستوي فيه المذكَّر والمؤنَّث ، وهذه النَّيابة سماعيّة لا قِياسية . وهذا هو معنى قوله :
"ونابَ نقلاً عنه " ؛ تقول : فَتىً كَحِيلٌ ، وفَتَاةٌ كَحِيلٌ ( بمعنى : مَكْحُول ) وتقول : رجلٌ قَتِيلٌ ، وامْرأةٌ قَتِيلٌ ( بمعنى : مَقْتُولٌ ) وتقول كذلك : رجلٌ جَرِيحٌ ، وامرأةٌ جَرِيحٌ ( بمعنى : مَجْرُوح ) .
س8- ما الخلاف في مسألة نيابة فَعِيل عن مَفْعُول ؟
ج8- اخْتُلِف في مسألتين :
1- هل هذه النيابة قياسية ، أو سماعية ؟
2- هل ينوب فعيل عن مفعول في الدلالة على معناه فقط، أو في العمل أيضاً ؟
أما المسألة الأولى : فذكر الناظم أنها سماعية لا قياسية . وادّعى ابنه الإجماع على أنها غير قياسية ، وادّعاؤه الإجماع فيه نَظَر ؛ لأن والده ( الناظم ) قال في التَّسهيل :" ليس مقيساً خلافا لبعضهم " فهذا نَصٌّ على الخلاف ، وعلى ذلك فإن مجيء فَعِيل بمعنى مفعول كثير في لسان العرب وعلى كثرته لم يُقَسْ عليه بالإجماع .
وأما المسألة الثانية : فذكر الناظم أن فَعِيل ينوب عن مفعول في الدلالة على معناه فقط , وصَرَّح غيره بجواز هذه المسألة , نحو: مررتُ برجلٍ جريحٍ عبدُه . فعبدُه : نائب فاعل مرفوع بجريح الذي هو نائب عن ( مجروح ) وهذا غير جائز عند الناظم .
((1/85)
م ) الخلاف في المسألة الثانية في رفع ( فعيل ) للاسم الظاهر ،كما في المثال ، أما رفعه للضمير المستتر فإنَّ الناظم لا يخالف في أنَّ ( فعيل ) يرفعه . ( م )
---
التَّعَجُّبُ
صِيغَتَا التَّعَجُّبِ ، وإعرابهما
بِأَفْعَلَ انْطِقْ بَعْدَ مَا تَعَجُّبَا أَوْ جِئْ بأَفْعِلْ قَبْلَ مَجْرُورٍ بِبَا
وَتِلْوَ أَفْعَلَ انْصِبَنَّهُ كَـ مَا أَوْفَى خَلِيلَيْنَا وَأَصْدِقْ بِهِمَا
س1- كم صيغةً للتعجّب ؟ و هل صِيغ التعجّب قياسيَة ، أو سَمَاعِيّة ؟
ج1- للتّعجب صِيغتان قِيَاسِيَّتان , هما: ما أَفْعَلَهُ ! وأَفْعِلْ بِهِ ! ، نحو قوله تعالى: * ، وقوله تعالى : * ، ونحو قول الناظم : ما أَوْفَى خَلِيلَيْنَا ! ، ونحو : أَصْدِقْ بِهِمَا ! .
( م ) وللتعجب أساليب سَمَاعيّة , منها : سبحانَ اللهِ ! للهِ دَرُّه فارساً ! , والاستفهام المقصود منه التعجّب , كما في قوله تعالى : * ... ... إلخ . ( م )
س2- أعرب صِيغتي التّعجّب إعرابا كاملا , وما معنى كلّ صِيغة منهما ؟
ج2- إعراب الصيغة الأولى , ومثالها : مَا أَحْسَنَ زيداً !
ما : اسم تعجُّب مبني على السكون في محل رفع مبتدأ .
أحسنَ : فعل ماضٍ مبني على الفتح , والفاعل : ضمير مستتر وجوباً ، تقديره
( هو ) يعود إلى ( ما ) والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر ( ما ) .
زيداً : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة .
ومعنى هذه الصَّيغة : شيءٌ أحسنَ زيداً ( أي : جَعله حَسَناً ) .
إعراب الصّيغة الثانية , ومثالها : أَحْسِنْ بزيدٍ !
أحسنْ : فعل أمر للتَّعجّب مبني على السكون .
بزيدٍ : الباء حرف جر زائد مبني على الكسر , وزيدٍ : فاعل مرفوع بضمة مقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة التي هي حركة حرف الجر الزائد . والمعنى : صار زيدٌ ذا حُسْنٍ .
( م ) وهناك إعراب آخر - وهو مشهور عند البصريين - وهو :
أحسنْ : فعل ماضٍ جاء على صيغة الأمر .(1/86)
بزيدٍ : الباء حرف جر زائد , وزيدٍ : فاعل فاعل مرفوع بضمة مقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة التي هي حركة حرف الجر الزائد .
والمعنى : حَسُنَ زيدٌ ( أي : صار ذا حُسْنٍ ) .
وإنَما حوّلوا الفعل إلى صورة الأمر ؛ ليكون بصورة الإنشاء , ولماَّ كان فعل الأمر لا يأتي فاعله اسما ظاهرا زادوا (الباء) ليكون الفاعل على صورة الفَضْلة ، فيكون فاعلا محلاً. ( م )
* أما الكوفيون فيعربونه هكذا :
أحسنْ : فعل أمر مبني على السكون , والفاعل : ضمير مستتر تقديره : أنت .
( وفي عَوْدِ الضمير خِلاف ) .
بزيد : الباء حرف جر زائد , وزيدٍ : مفعول به منصوب بفتحة مقدرة ، منع من ظهورها اشتغال المحل بالكسرة التي هي حركة حرف الجر الزائد .
والمعنى : ياحُسْنُ أَحْسِنْ بزيدٍ ( أي احْكُمْ بِحُسْنِه ) . *
س3- اذكر آراء العلماء في نوع ( ما ) التعجبيّة , واذكر ما يترتّب على ذلك من اختلاف في المعنى ، والإعراب .
ج3- 1- سيبويه : يرى أنها نكرة تامَّة ، بمعنى : شيء .
والنكرة التَّامة , هي : التي لا تحتاج إلى ما بعدها ليكون صفة لها .
وعلى هذا الرأي تكون ( ما ) مبتدأ , والجملة بعدها خبر عنها . والمعنى : شيءٌ أحسنَ زيداً ( أي جعله حسنا ) .
2- الأخفش : يرى أنها معرفة ناقصة ، بمعنى : الذي (أي : إنها اسم موصول) يحتاج إلى ما بعده ليكون صلة ، وعلى هذا تكون ( ما ) مبتدأ , والجملة بعدها لا محل لها من الإعراب ؛ لأنها صلة الموصول , والخبر محذوف ، والتقدير : الذي أحسنَ زيداً شيءٌ عظيمٌ , وهذا هو المعنى .
3- الفَرَّاء , وابن دَرَسْتَويه : يريان أنها استفهاميّة , ونُقِل ذلك عن الكوفيين .
وعلى هذا تكون ( ما ) مبتدأ , والجملة بعدها خبر عنها ، والمعنى : أيُّ شيءٍ أحسنَ زيداً ؟
4- قول آخر للأخفش : يرى أنها نكرة ناقصة ( أي: تحتاج إلى ما بعدها ليكون صفة لها ) وعلى هذا تكون ( ما ) مبتدأ , والجملة بعدها صفة لها ,(1/87)
والخبر محذوف , والتقدير : شيءٌ أحسنَ زيداً عظيمٌ .
س4- ما الدليل على فِعْلية صيغتي التّعجب ؟
ج4- اسْتُدِلَّ على فعلية ( ما أَفْعَلَ ) بلزوم نون الوقاية له إذا اتّصلت به ياء المتكلم , نحو : ما أَفْقَرني إلى عفو الله .
واسْتُدِلَّ على فعلية ( أَفْعِلْ ) بدخول نون التوكيد عليه , كقول الشاعر :
ومُسْتَبْدِلٍ مِنْ بَعْدِ غَضْبَى صُرَيْمَةً فَأَحْرِ بِهِ مِنْ طُولِ فَقْرٍ وأَحْرِيَا
الشاهد فيه : أحريا , فقد أكَّد الشاعر صيغة التَّعجب بالنون الخفيفة , ثم أبدل النون ألفا في الوقف ، والأصل : وأَحْرِيَنْ .
ومعلوم أنّ نون الوقاية , ونون التوكيد تختصان بالأفعال .
... ...
حكم حذف المتعجَّب منه
وَحَذْفَ مَا مِنْهُ تَعَجَّبْتَ اسْتبَِحْ إِنْ كَانَ عِنْدَ الْحَذْفِ مَعْنَاهُ يَضِحْ
س5- ما حكم حذف المتعجَّب منه ؟ وما شرط حذفه ؟
ج5- يجوز حذف المتعجَّب منه في كلا صيغتي التعجُّب (ما أفْعَلَه ، وأَفْعِلْ بِهِ) بشرط أنْ يدلّ عليه دليل . وهذا معنى قوله:" إن كان عند الحذف معناه يَضِح" ( أي : معناه يتَّضِحْ ) .
فمثال الحذف في صيغة ما أفعله , قول الشاعر :
أَرَى أُمَّ عَمْرٍو دَمْعُهَا قَدْ تَحَدَّرَا بُكَاءً على عَمْرٍو وما كَانَ أَصْبَرَا
فحذف الشاعر المتعجَّب منه , وهو الضمير ، والتقدير : وما كان أصبرها ؛ وقد جاز حذفه لدلاله ما قبله عليه , وهو : أم عمرٍو .
ومثال حذف صيغة أَفْعِلْ به , قوله تعالى : * والتقدير
- والله تعالى أعلم - وأبصر بهم , فحذف المتعجب منه ( بهم ) لدلالة ما قبله عليه ؛ وذلك لأن ( أبصر ) معطوف على ( أسمعْ بهم ) وقد ذُكر المتعجب منه؛ ولذلك يرى جماعة من النحاة أنه يكثر حذف المتعجّب منه في صيغة (أفعل به) إذا كان معطوفا على مِثله قد ذُكِر معه المتعجّب منه , كما في الآية السابقة .
س6- قال الشاعر :
فَذَلِكَ إنْ يَلْقَ الْمَنِيَّةَ يَلْقَهَا حَمِيداً وإِنْ يَسْتَغْنِ يَوْماً فَأَجْدِرِ(1/88)
عيّن الشاهد , وما وجه الاستشهاد فيه ؟
ج6- الشاهد : فأجدر . وجه الاستشهاد : حذف الشاعر المتعجب منه وهو فاعل ( أجدر ) والتقدير : أجدرْ بِهِ , وهذا الحذف شاذّ ؛ لأن ( أجدر ) غير معطوف على مثله .
( م ) ذهب بعض النحويين إلى أن هذا الحذف جائز غير شاذّ ؛لوضوح المعنى , فهم يرون أن الِعبرة بوضوح المعنى سواء أكان بالعطف ، أم بغيره . ( م )
حكمُ تَصَرُّفِ فعلي التَّعجُّبِ
وَفى كِلاَ الفِعْلَيْنِ قِدْماً لَزِمَا مَنْعُ تَصَرُّفٍ بِحُكْمٍ حُتِمَا
س7- ما حكم تصرُّف فعلي التّعجّب ؟
ج7- فعلا التّعجّب لا يتصرفان , بل يلزم كلٌّ منهما صيغة واحدة فلا يُستعمل من ( ما أَفْعَلَه ) غير الماضي , ولا يُستعمل من ( أَفْعِلْ به ) غير الأمر ، وهذا بالإجماع .
شروطُ صِيَاغَةِ فِعْلَي التَّعَجُّبِ
وَصُغْهُمَا مِنْ ذِى ثَلاَثٍ صُرَّفَا قَابِلِ فَضْلٍ تَمَّ غَيْرِ ذِى انْتِفَا
وَغَيْرِ ذِى وَصْفٍ يُضَاهِى أَشْهَلاَ وَغَيْرِ سَالِكٍ سَبِيلَ فُعِلاَ
س8- ما شروط صياغة فعلي التعجب ؟
ج8- يُشترط في الفعل الذي يُصاغ منه فعلا التعجب سبعة شروط , إذا تحقَّقَت تُعُجَّبَ من الفعل مباشرة , وإذا لم يتحقَّق شرط منها أَتَيْنَا بفعل آخَر تتحقَّق فيه الشروط - وسيأتي بيان ذلك في البيت الآتي - .
أما الشروط السَّبعة , فهي :
1- أن يكون الفعل ثلاثياً , فلا يُصَاغان من غير الثلاثي المجرَّد , كدحرج , وانطلق , واستخرج .
2- أن يكون مُتصرَّفا , فلا يُصَاغان من فعل جامد ,كنِعْم , وبئس , وعسى , وليس .
3- أن يكون معناه قابلا لِلْمُفَاضَلَة , فلا يصاغان من نحو : مات ، وفَنِيَ , وغَرِقَ , وعَمِيَ ، ونحوها ؛ لأنها غير قابلة للمُفَاضَلَة ، فالموت واحد , وكذلك الفَنَاء , والغَرَق ، والعَمَى .
4- أن يكون تامّا , فلا يُصَاغان من الفعل النَّاقص , ككان وأخواتها. وأجازه الكوفيون ؛ يقولون : ما أَكْوَنَ زيداً قائماً ! .(1/89)
5- أن يكون مُثْبَتاً , فلا يصاغان من الفعل المنفيّ سواء أكان ملازما للنّفي , أم غير مُلازم . فمثال الفعل الملازم للنّفي : ماعَاجَ فلانٌ بالدَّواء ( أي ما انْتَفَعَ به ) فالفعل ( عاج ) الذي مضارعه ( يَعِيجُ ) ملازم للنفي في أغلب أحواله لا يُفارقه إلا نادراً .
ومثال غير الملازم للنفي : ما ضربتُ زيداً . فالفعل (ضرب) يُستعمل في النّفي ، كما في المثال , ويُستعمل بغير النّفي كثيراً ؛ تقول : ضربتُ زيداً .
6- ألاَّ يكون الوَصْفُ منه على وزن أَفْعَلَ الذي مؤنثه فَعْلاَءُ , فلا يُصاغان من الأفعال الدَّالَّة على الألوان , كسَوِدَ , وحَمِرَ ؛ لأن الوصف منها يكون على وزن أَفْعَلَ ومؤنثه فَعْلاَءُ ؛ تقول : أَسْوَدُ سَوْدَاءُ , وأَحْمَرُ حَمْرَاءُ ؛ ولا يصاغان
من الأفعال الدالة على العُيوب ,كحَوِلَ ,وعَوِرَ ؛ لأن الوصف منها على أَفْعَلَ فَعْلاَءَ ؛ تقول : أَحْوَلُ حَوْلاَءُ , وأَعْوَرُ عَوْرَاءُ .
7- أن يكون مبنياً للمعلوم , فلا يصاغان من الفعل المبني للمجهول ,كضُرِبَ , ويُضْرَبُ ؛ احترازاً من اللَّبس . فإذا صُغْتَه من المبني للمجهول (ضُرِبَ) فقلت : ما أَضْرَبَ زيداً , الْتَبَسَ الأمر على السَّامع فلا يَدري أتتعجَّبُ من أنه ضارب أم مضروب ؟ ويجوز ذلك إنْ أُمن اللَّبس , كأن يُصاغ من الفعل الذي لا يأتي إلا مبنيّا للمجهول , نحو : زُهِيَ علينا , وعُنِيْتُ بالأمرِ ؛ فتقول : ما أَزْهَاهُ علينا ! وما أَعْنَاهُ بالأمرِ ! .
وإليك الآن بعض الأمثلة لأفعال تحققت فيها الشروط :
1- ما أَعْدَلَ القَاضِي ! فالفعل ( عَدَل ) ثلاثي , تامٌّ , مُثبت , مبني للمعلوم , متصرَّف , ليس الوصف منه على ( أَفْعَل ) قابل للمُفاضلة ؛ لأن العَدْل في النَّاس ليس بدرجة واحدة .
2- ما أَنْقَى الماءَ ! 3- ما أَوْفَى خليلَنا ! 4- أَصْدِقْ بأبي بكرٍ ! .
كَيْفِيَّة التعجب من الفعل الذي
لم تتحقَّق فيه الشروط(1/90)
وَأَشْدِدَ أَوْ أَشَدَّ أَوْ شِبْهُهُمَا يَخْلُفُ مَا بَعْضَ الشُّرُوطِ عَدِمَا
وَمَصْدَرُ العَادِمِ بَعْدُ يَنْتَصِبْ وَبَعْدَ أَفْعِلْ جَرُّهُ بِالْبَا يَجِبْ
س9- كيف يُتعجَّب من الفعل الذي لم تتحقَّق فيه الشروط ؟
ج9- الفعل الذي لم تتحقَّق فيه الشروط يُتَوصَّل إلى التعجُّب منه بفعل آخر تتحقَّق فيه الشروط , كَـ ( أَشْدِدْ , أو أَشَدَّ ) ونحوهما ، ويُؤتى بعده بمصدر الفعل الذي لم تتحقّق فيه الشروط , ويكون منصوبا بعد ( أَفْعَلَ ) على أنه مفعول به , ويُجَرُّ بعد ( أَفْعِلْ ) بالباء . فإذا أردت التعجّب من الفعل الرباعي
( دحرج ) أو الثلاثي المزيد ( استخرج ) أو ما دلّ على عيب ( عَوِر ) أو دلّ على لون ( حَمِرَ ) قُلْتَ : ما أشدَّ دحرجتَه واستخراجَه! وأَشددْ بدحرجتِه واستخراجِه ! وما أَقْبَحَ عَوَرَهُ , وأقبحْ بعورِهِ ! وما أَكْثَرَ حُمْرَتَهُ , وأَكْثِرْ بِحُمْرَتِهِ !
* إذا كان الفعل منفيا ، أو مبنيا للمجهول أُتِيَ بمصدرهما مُؤولاً , نحو : ما أقبحَ أنْ يُعاقبَ البَرِئُ ! وما أضرَّ أنْ لا يَصْدُقَ التاجرُ ! .
ويجوز في غيرهما أن يكون المصدر صريحا ، أو مُؤولا , نحو : ما أحسنَ إيمانَه ! وما أحسنَ أنْ يُؤمِنَ ! ونحو : ما أجملَ احْمِرَارَه ! وما أجملَ أن يَحْمَرَّ ! . *
حكم ما ورد التعجُّب منه
مع عدم تحقّق الشروط فيه
وبِالنُّدُورِ احْكُمْ لِغَيْرِ مَا ذُكِرْ وَلاَ تَقِسْ عَلَى الَّذِى مِنْهُ أُثِرْ
س10- ما حكم ما ورد التعجّب منه مع أنّ الشروط لم تتحقَّق فيه ؟
ج10- الفعل الذي لم تتحقّق فيه الشروط وسُمِعَ من كلام العرب التعجّب منه حُكِم عليه بالنُّدُور ( نَادِر ) ولا يُقاس على ما سُمِع منه , وذلك كقولهم :(1/91)
ما أَخْصَرَهُ ! مع أنّ الفعل ثلاثي مزيد , ومبني للمجهول , وهو ( اُخْتُصِرَ ) وكقولهم : ما أَحْمَقَهُ ! مع أنّ الوصف منه على (أَفْعَل) تقول : حَمِقَ : أَحْمَقُ . وكقولهم : ما أَعْسَاهُ , وأَعْسِ بِه ! مع أن الفعل ( عسى ) جامد غير متصرَّف . وهذا كلُّه نادر لا يُقاس عليه .
حكم تقديم معمول فِعل التّعجّب عليه
وحكم الفصل بينهما
وَفِعْلُ هَذَا البَابِ لَنْ يُقَدَّمَا مَعْمُولُهُ وَوَصْلَهُ بِمَا الْزَمَا
وَفَصْلُهُ بظَرْفٍ أَوْ بِحَرْفِ جَرْ مُسْتَعْمَلٌ وَالْخُلْفُ فى ذَاَكَ اسْتَقَرّْ
س11- ما حكم تقديم معمول فعل التعجب عليه ؟
ج11- لا يجوز تقديم معمول فعل التعجب عليه ؛ فلا تقول : زيداً ما أَحْسَنَ , ولا : ما زيداً أحسنَ , ولا : بزيدِ أَحْسِنْ ؛ ذلك لأنّ فعل التعجّب جامد غير متصرف , والفعل الجامد ضعيف في ذاته لا يتصرّف في نفسه ولذلك لا يتصرّف في معموله لا بتقديمه عليه ، ولا بالفصل بينه وبين معموله .
س12- ما حكم الفصل بين فعل التعجب ، ومعموله ؟
ج12- لا يجوز الفصل بين فعل التعجب ، ومعموله بأجنبيّ غير مُتعلّق بفعل التعجب , ولا صِلة له به , بل يجب الوصل بينهما . ففي قولنا : ما أحسنَ مُعطيَك الدرهمَ ! وما أحسنَ مارًّا بزيدٍ ! وما أحسنَ جالساً عندك ! لا يجوز أنْ تقول فيها: ما أحسنَ الدرهمَ معطيك ، ولا : ما أحسنَ بزيدٍ مارًّا , ولا :
ما أحسنَ عندك جالساً ؛ وذلك لأن الفاصلَ أجنبيٌّ غير متعلّق بفعل التعجب , فالدرهم متعلّق بـ (معطيك) فهو مفعول ثانٍ له ,ولا علاقة له بفعل التعجب ,
وكذلك الجار والمجرور ( بزيد ) متعلق بالفعل ( مارًّا ) ولا علاقة له بفعل التعجب , وكذلك بالنسبة للظرف ( عندك ) أمّا إذا كان الظرف ، أو المجرور غير أجنبيٍّ ( أي : متعلق بفعل التعجب نفسه ) ففي الفصل بينهما خلاف . والمشهور الجواز , خلافاً للأخفش ، والمبرَّد ، ومن وافقهما .(1/92)
ونُسِب مَنْعُ الفصلِ إلى سيبويه . ومما ورد فيه الفصل في النثر ، قول عمرو بن مَعْدِيكَرِب : " للهِ دَرُّ بني سُلَيْمٍ ما أَحْسَنَ في الْهَيْجَاءِ لِقَاءَها , وأَكْرَمَ في اللَّزَبَاتِ عَطَاءَها , وأَثْبَتَ في الْمَكْرُمَاتِ بَقَاءَها "، فقد فَصل بين فعل التعجب ، ومعموله بالجار والمجرور ( في الهيجاء , وفي اللزبات , وفي المكرمات ) .
ومن ذلك قول عليًّ رضي الله عنه وقد مرّ بعمَّار فمسحَ الترابَ عن وجهه :
" أَعْزِزْ عَلَيَّ أبااليَقْظَانِ أنْ أَرَاكَ صَرِيعاً مُجَدًّلاً " فقد فصل بين فعل التعجب
( أعززْ ) ومعموله المصدر المؤول ( أنْ أراك ) بالمجرور ، والنداء ( عليَّ أبا اليقظان ) وهذا يدلّ على جواز الفصل بالنداء أيضاً .
ومما ورد الفصل بينهما في الشعر ، قول الشاعر :
وَقَالَ نَبِيُّ الْمُسْلِمِينَ تَقَدَّمُوا وأَحْبِبْ إِلَيْنَا أنْ تَكُونَ الْمُقَدَّمَا
فقد فصل الشاعر بين فعل التعجب (أحببْ) ومعموله المصدر المؤول (أن تكون) بالمجرور (إلينا) ومن ذلك قول الآخر :
خَلِيلَيَّ مَاأَحْرَى بِذِى اللُّبَّ أَنْ يُرَى صَبُوراً ولَكِنْ لا سَبِيلَ إلى الصَّبْرِ
فقد فصل الشاعر بين فعل التعجب (أحرى) ومعموله المصدر المؤول (أن يرى) بالمجرور ( بذى اللُّبِّ ) والسَّبب في جواز الفصل أنَّ الجار والمجرور في كل ما سبق متعلَّق بفعل التعجب لا بمعموله .
نِعْمَ وبِئْسَ , وما جَرَى مَجْرَاهُمَا
نوعهما , وأنواع فاعلهما
فِعْلاَنِ غَيْرُ مُتَصَرَّفَيْنِ نِعْمَ وَبِئْسَ رَافِعَانِ اسْمَيْنِ
مُقَارِنَىْ أَلْ أَوْ مُضَافَيْنِ لِمَا قَارَنَهَا كَـ نِعْمَ عُقْبَى الكُرَمَا
وَيَرْفَعَانِ مُضْمَراً يُفَسَّرُهْ مُمَيَّزٌ كَـ نِعْمَ قَوْماً مَعْشَرُهْ
س1- اختلف النحاة في نوع نِعْمَ وبِئْسَ , وضَّح ذلك بالتفصيل .(1/93)
ج1- مذهب البصريين ، والكسَائيّ من الكوفيين : أنّ نِعْمَ وبِئْسَ فِعْلان ؛ بدليل دخول تاء التأنيث الساكنة عليهما , نحو : نِعْمَتِ المرأةُ المتَحَجَّبةُ , وبئستِ المرأةُ السَّافِرَةُ .
وتاء التأنيث علامة من علامات الفعل . وهذا هو الراجح .
ومذهب الكوفيين : أنهما اسمان , واستدلوا على ذلك بدخول حرف الجر عليهما في قول الأعرابي وقد سار إلى محبوبته : "نِعْمَ السَّيْرُ على بِئْسَ العَيْرُ " وقول الآخر وقد بُشَّر بأنثى : " واللهِ ما هي بِنِعْمَ الولدُ " .
وأجاب البصريون على ذلك بأنّ المجرور محذوف , وأنّ نعم وبئس وَقَعا مفعولين لقول محذوف واقعٍ صفةً لموصوف محذوف ( أي : إنّ ما استدلّ به الكوفيون مُؤَوَّل على حذف الموصوف وصفته ) والموصوف المحذوف هو المجرور وليس
( نعم وبئس ) والتقدير : نِعْمَ السَّيرُ على عَيرٍ مقولٍ فيه بِئْسَ العيرُ , وما هي بولدٍ مقولٍ فيه نعمَ الولد .
فَحُذِف الموصوف والصفة , وأُقِيم المعمول ( نعم ، وبئس ) مقامهما مع بقاء نعم ، وبئس على فعليتهما .
وهذان الفعلان جامدان غير متصرَّفين , فلا يُستعمل منهما غير الماضي .
س2- اذكر أنواع فاعل نعم وبئس , واذكر ما ورد فيها من خلاف .
ج2- فاعل نعم وبئس ثلاثة أنواع هي :
1- أن يكون مُحَلًّى بالألف واللام , نحو قوله تعالى : * وكقولك : نعمَ الرجلُ المؤمنُ , وبئسَ الرجلُ الفاسِقُ .
واختُلف في هذه اللام ، فقال قوم : هي للجنس حقيقة , والمعنى : أنك مدحت جنس الرجال كلّهم من أجل ( المؤمن ) ثم خَصَصْتَ (المؤمن) بالذَّكر ، فتكون قد مدحته مرتين ؛ لأنَّ الجنس كلُّه ممدوح , والمؤمن واحد منهم , ثم خُصَّ المؤمن بالمدح .
وقيل : هي للجنس مجازا ، فكأنك قد جعلت ( المؤمن ) الجنسَ كلَّه مبالغةً , وأنت لم تقصد إلا مدح المؤمن فقط ، وقيل : هي عَهْدِيَّة .
((1/94)
م ) واختلف في ذلك , فقيل : هي للعهد الذَّهْني , فليس المقصود جنس الرجال , ولا معهود متقدَّم , وإنّما القصد أن يقع إبْهامٌ ، ثم يأتي التفسير بعده ( المؤمن ) تفخيماً لقصد المدح ، وقيل : هي للعهد الخارجي , والمعهود هو الشخص الممدوح . فالرجلُ في (نعم الرجلُ المؤمنُ) هو المؤمن , وكأنك قلت : نعم المؤمنُ هو . ( م )
2- أن يكون مضافا إلى ما فيه ( أل ) كما في قوله تعالى : * فدَارُ : فاعل نعمَ , وهو مضاف إلى ما فيه أل ( المتقين ) ومنه قول الناظم : نعمَ عُقْبَى الكُرَمَا . ومنه قولك : بئسَ عُقبى الفاسقين .
3- أن يكون ضميراً مستتراً مُفسَّرا بنكرةٍ بعده منصوبةٍ على التَّمييز , كقولك : نعمَ خُلُقاً الصدقُ . ففاعل ( نعم ) ضمير مستتر وجوباً تقديره (هو) تفسَّره النكرة ( خُلُقاً ) وهي تمييز ، والصدق : مبتدأ .
هذا هو المشهور في إعراب هذا النوع .
وثَمَّةَ إعرابٌ آخرُ , هو: الصدق : فاعل ، ولا ضمير في (نعمَ) وخلقاً : حال , وقيل : تمييز . ومنه قول الناظم : نعمَ قوماً معشرُه .
ومنه قوله تعالى : * .
س3- قال الشاعر :
لَنِعْمَ مَوْئِلاً الْمَوْلَى إذا حُذِرَتْ بَأْسَاءُ ذِى البَغْىِ واسْتِيلاَءُ ذِى الإِحَنِ
وقال الآخر:
تقولُ عِرْسِي وَهْيَ لى فِى عَوْمَرَهْ بِئْسَ امْرَأً وإِنَّنِى بِئْسَ الْمَرَهْ
عين الشاهد في البيتين السابقين , وما وجه الاستشهاد فيهما ؟
ج3- الشاهد في البيت الأول : لنعمَ موئلا . وجه الاستشهاد : فاعل نِعْمَ ضميرٌ مستترٌ ، وقد فُسَّر بالتمييز الذي بعدَه ( موئلا ) .
الشاهد في البيت الثاني : بئسَ امراً .
وجه الاستشهاد : فاعل بئسَ ضمير مستتر ، وقد فُسَّر بالتمييز بعده ( امرأً ) .
حكم الجمع بين التمييز ، والفاعل الظاهر
في نِعْمَ وأخواتها .
وَجَمْعُ تَمْيِيزٍ وَفَاعِلٍ ظَهَرْ فِيهِ خِلاَفٌ عَنْهُمُ قَدِ اشْتَهَرْ
س4- ما حكم الجمع بين التمييز ، والفاعل الظاهر في نِعْمَ وأخواتها ؟(1/95)
ج4- عرفنا مِمَّا سبق جواز الجمع بين التمييز ،والفاعل المضمر بالإجماع , نحو: نعم رجلاً زيدٌ .
أما الجمع بين التمييز ، والفاعل الظاهر ففيه خلاف على ثلاثة أقوال :
1- قال قومٌ ، ومنهم سيبويه : لا يجوز مطلقاً الجمع بينهما ؛ فلا تقول :
نعمَ الرجلُ رجلاً زيدٌ .
2- وقال قومٌ ، ومنهم المبرَّد , وابن السَّرَّاج : يجوز الجمع بينهما , واستدلّوا بقول الشاعر : ... والتَّغْلِبِيُّونَ بِئْسَ الفَحْلُ فَحْلُهُمُ فَحْلاً وأُمُّهُمْ زَلاَّءُ مِنْطِيقُ
فالشاعر جمع في كلام واحد بين فاعل بئس الظاهر (الفحلُ) والتمييز (فحلاً) .
وكما في قول الشاعر : تَزَوَّدْ مِثْلَ زَادِ أَبِيكَ فِينَا فَنِعْمَ الزَّادُ زَادُ أَبِيكَ زَاداً
فقد جمع الشاعر بين فاعل نعم الظاهر ( الزاد ) والتمييز ( زاداً ) .
3- وذهبَ آخرون إلى التفصيل , فقالوا : إنْ أفادَ التمييز فائدة زائدة على الفاعل جاز الجمع بينهما , نحو : نعم الرجلُ فارساً زيدٌ , وإنْ لم يُفِدْ لا يجوز الجمع بينهما ؛ فلا تقول : نعم الرجلُ رجلاً زيدٌ ؛ لأن التمييز لم يأتِ بمعنى جديد .
إعراب ( ما ) الواقعة بعد نعم ، وبئس
ومَا مُمَيَّزٌ وقِيلَ فَاعِلُ فى نَحْوِ نِعْمَ مَا يَقُولُ الفَاضِلُ
س5- ما إعراب ما الواقعة بعد نعم وبئس ؟
ج5- تقع ( ما ) بعد نعم وبئس , كما في قوله تعالى : * وقوله تعالى : * واختلف في إعرابها , على النحو الآتي:
1- قيل : إنها نكرة منصوبة على التمييز , والفاعل ضمير مستتر . وهذا هو مذهب الأخفش ، والزَّجَّاجِي .
2- قيل : إنها اسم معرفة , وهي الفاعل . وهذا هو مذهب ابن خَروف , ونَسبه إلى سيبويه ، والكسائي .
موقع المخصوص بالْمَدْحِ ، أو الذَّمَّ
وإعرابه
وَيُذْكَرُ الْمَخْصُوصُ بَعْدُ مُبْتَدَا أَوْ خَبَرَ اسْمٍ لَيْسَ يَبْدُو أَبَدَا
س6- أين يُذكر المخصوص بالْمَدْحِ أو الذَّمَّ في جملة نِعْمَ ، وبِئْسَ ؟
وما إعرابه ؟(1/96)
ج6- يُذكَر المخصوص بالمدح أو الذم بعد نعم ، وبئس وفاعلهما .
وهو اسم مرفوع , وفي إعرابه ثلاثة أوجه :
1- أن يُعرب مبتدأ , والجملة قبله خبر عنه , نحو : نعمَ الرجلُ أبو بكرٍ , وبئسَ الرجلُ أبو لهبٍ . فأبو بكر ، وأبو لهب : مبتدآن , والجملة قبلهما من الفعل والفاعل في محل رفع خبر عنهما .
2- أن يعرب خبرا لمبتدأ محذوف وجوباً , والتقدير: نعم الرجل هو أبو بكر , وبئس الرجلُ هو أبو لهبٍ ( أي : الممدوح أبو بكر , والمذموم أبو لهب ) .
وهذان الوجهان هما المشهوران في إعراب المخصوص .
3- أن يعرب مبتدأ , خبره محذوف وجوباً , والتقدير : نعم الرجل أبو بكر الممدوح , بئس الرجل أبو لهبٍ المذموم .
حكم المخصوص بالمدح ، أو الذم
إذا تقدّم ما يدل عليه
وَإِنْ يُقَدَّمْ مُشْعِرٌ بِهِ كَفَى كَـ الْعِلْمُ نِعْمَ الْمُقْتَنَى وَالْمُقْتَفَى
س7- ما حكم المخصوص بالمدح ، أو الذم إذا تقدَّم ما يدلّ عليه ؟
ج7- إذا تقدم ما يدل على المخصوص بالمدح ، أو الذّم أَغْنَى عن ذِكْرِه آخِراً .
ويُعرب حينئذ مبتدأ وجوباً ، والجملة بعده خبر عنه ، نحو: أبوبكر نعمَ الرجلُ ، وأبو لهب بئسَ الرجلُ ، ونحو قول الناظم : العِلْمُ نعمَ المقتنى . فالعلم : مبتدأ ، والجملة بعده خبر . وكما في قوله تعالى : * ( أي : نعم العبدُ أيوب ) فحذف المخصوص بالمدح ؛ لتقدَّم ما يُشّعر به ويدلّ عليه .
الأفعال التي تُستعمل استعمال نعمَ ، وبئسَ
سَاءَ ، وكُلُّ فعلٍ ثلاثي على وزن فَعُلَ
وَاجْعَلْ كَبِئْسَ سَاءَ وَاجْعَلْ فَعُلاَ مِنْ ذِى ثَلاَثَةٍ كَنِعْمَ مُسْجَلاَ
س8- اذكر الأفعال التي تستعمل استعمال نعم ، وبئس ، واذكر أحكام فاعلها ومخصوصها .
ج8- الأفعال التي تستعمل استعمال نعم ، وبئس في إفادة المدح والذَّم ، هي : سَاءَ ، وكُلُّ فِعْلٍ بُنِيَ على ( فَعُلَ ) وحَبَّذَا ، ولاحَبَّذَا . وإليك بيانها :(1/97)
1- ساء : تستعمل استعمال ( بئس ) في إفادة الذّم ، وفي أحكام الفاعل والمخصوص ، فيكون فاعلها مقترنا بأل ، نحو : ساء الرجلُ أبو جهلٍ ، ويكون مضافا إلى ما فيه أل ، نحو : ساء حطبُ النار أبو لهب ، ويكون ضميراً مفسراً بتمييز ،كما في قوله تعالى : * ويُذكر المخصوص بالذم بعدها ، كما هو واضح في الأمثلة السابقة ، وإعرابه كإعراب مخصوص بئس .
2- كلُّ فعل ثلاثي على وزن ( فَعُلَ ) بشرط أن يكون صالحاً للتَّعَجُّب منه سواء في ذلك ما هو على وزن ( فَعُلَ ) أصالة ، نحو : ظَرُفَ ، وشَرُفَ ، وخَبُثَ ، أو ما كان مُحَوَّلا إلى هذا الوزن ، نحو : ضَرُبَ ، وفَهُمَ . فكل ذلك يجوز استعماله للمدح ، أو الذّم ، ويأخذ أحكام نعم ، وبئس في جميع ما تقدم لهما من أحكام مطلقاً . وهذا معنى قوله : " مُسْجَلا " ( أي مطلقاً ) فتقول : شَرُف الرجلُ أبوبكرٍ ، ولَؤُمَ الرجلُ أبو جهلٍ ، وخَبُثَ حَطَبُ النارِ أبو لهبٍ ، وشَرُفَ رجلاً عُمَرُ .
وقد مَثَّل الناظم في شرح الْكَافِيَةِ والتَّسْهِيل بـ (عَلُمَ الرجلُ) وذكرَ ابنُ عصفورٍ أنّ العرب شَذَّتْ في ثلاثة ألفاظ فلم تحوَّلها إلى ( فَعُلَ ) واستعملتها استعمال نِعْمَ ،وبئس من غير تحويل ، هي: عَلِمَ ، وجَهِلَ ، وسَمِعَ ؛ فتقول: عَلِمَ الرجلُ زيدٌ، وجَهِلَ الرجلُ عمرٌو ، وسَمِعَ الرجلُ بَكْرٌ . وعلى ذلك لا يجوز لنا تحويلها ، بل نبقيها على حالها ،كما أَبْقَوْهَا .
3- حَبَّذَا ، ولا حَبَّذا : سيأتي الكلام عليها في البيت الآتي من الألفية .
حَبَّذَا ، ولا حَبَّذَا
وبيان فاعلهما
وَمِثْلُ نِعْمَ حَبَّذَا الفَاعِلُ ذَا وَإِنْ تُرِدْ ذَمًّا فَقُلْ لاحَبَّذَا
س9- مانوع حَبَّذا،ولا حَبَّذا ؟ وفِيم يستعملان؟ واذكر الخلاف في إعرابهما.
ج9- حَبَّذا ، ولاحَبَّذا : فعلان ماضيان . يُستعمل حبّذا للمَدْحِ ، ولاحبّذا للذَّمِّ ؛ تقول : حبَّذا الصدقُ ، ولا حبَّذا الكذبُ . ومن ذلك قول الشاعر :(1/98)
أَلاَ حَبَّذَا أَهْلُ الْمَلاَ غَيْرَ أنَّه إذا ذُكِرَتْ مَيٌّ فَلاَ حَبَّذَا هِيَا
فالشاعر استعمل حبَّذا في صدر البيت للمدح ، واستعمل لا حبَّذا في عجز البيت للذَّم .
واختلف في إعرابهما على ثلاثة أقوال :
1- ذهب أبو علي الفارسي ، وابن بَرهان ، وابن خَروف ، ونُسب إلى سيبويه : أنَّ حَبَّ : فعل ماض ، وذا : فاعله ، والمخصوص له وجهان :
أ- مبتدأ ، والجملة قبله خبر .
ب- خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير: حبَّذا هو الصدقُ ، ولا حبَّذا هو الكَذِبُ ، ( أي : الممدوح الصدقُ ، والمذموم الكذبُ ) .
2- ذهب المبَرَّد ، وابن السَّرَّاج ، وابن هشام اللَّخْمِيُّ ، واختاره ابن عصفور : أنَّ حبَّذا : اسمٌ ، وهو مبتدأ ، والمخصوص خبره .
ويجوز وجه آخر ، هو : حبَّذا : خبر مقدم ، والمخصوص مبتدأ مؤخر ؛ وبذلك تكون حبَّذا مركَّبَة من ( حبَّ ) مع ( ذا ) وجُعِلتا اسماً واحداً ؛ وغُلَّبَت الاسميّة لِشَرَفِ الاسم .
3- ذهب قومٌ منهم ابنُ دُرُسْتُوَيْهِ : أنّ حَبَّذا : فعل ماضٍ ،والمخصوص فاعله، فَرُكَّبَت ( حبَّ ) مع ( ذا ) وجُعِلتا فِعْلا من باب تغليب الفعل لِتَقَدُّمِهِ ، فصار الجميع فِعلا . وهذا أضعف المذاهب .
موقع المخصوص بالمدح ، أو الذَّم
وحكم إفراد ( ذا ) وتذكيرها
في حبَّذا ، ولا حبَّذا
وَأَوْلِ ذَا الْمَخْصُوصَ أَ يًّا كَانَ لا تَعْدِلْ بِذَا فَهْوَ يُضَاهِى الْمَثَلاَ
س10- أين يُذكر المخصوص في جملة حبَّذا ، ولا حبَّذا ؟ وما حكم إفراد
( ذا ) وتذكيرها ؟
ج10- يذكر المخصوص بعد ( حَبَّذَا ، ولا حَبَّذَا ) ولا يتقدَّم عليهما . وهذا هو معنى قوله : " وأَوْلِ ذا المخصوص " .(1/99)
ويجب إفراد ( ذا ) وتذكيرها سواء أكان المخصوص مذكراً ، أو مؤنثا ؛ مفرداً، أو مثنى ، أو جمعاً ؛ لأنّه يُضَاهِى الْمَثَلَ ( أي : يُجْرَى مَجْرَى الْمَثَلِ ، والمثلُ لا يَتَغَيَّرُ ) وهذا أيضاً هو سبب منع تقدّم المخصوص عليه ؛ تقول : حبَّذا زيدٌ ، وهندٌ ، والزَّيدانِ ، والهندانِ ، والزَّيدونَ ، والهنداتُ ؛ فتَلْزَم ( ذا ) الإفراد والتذكير .
* س11- ما الفرق بين نِعْمِ ، وحبَّذا من جهة المعنى ؟
ج11- كلاهما للمدح إلاَّ أنّ حبَّذا تزيد عليها بأنَّها تُشْعِر أنّ الممدوحَ محبوبٌ ، وقريبٌ من النَّفس . قال الناظم في التَّسهيل : والصحيح أنّ ( حَبَّ ) فِعلٌ يُقصَدُ به المحبَّة والمدح ، وجُعل فاعله ( ذا ) ليدلَّ على الحضور في القلب .
حكم الاسم الواقع بعد ( حَبَّ )
وحكم حركة حرف الحاء في حَبَّ
وَمَا سِوَى ذَا ارْفَعْ بِحَبَّ أَوْ فَجُرّْ بِالْبَا وَدُونَ ذَا انْضِمَامُ الْحَا كَثُرْ
س12- ما الحكم إذا وقع بعد حَبَّ اسمٌ غير ( ذا ) ؟ وما أصل حَبَّ ؟
وما حكم حركة الحاء مع ( ذا ) وغيرها ؟
ج12- إذا وقع بعد حَبَّ اسمٌ غير ( ذا ) جاز فيه وجهان :
1- الرفع ، نحو : حَبَّ زَيْدٌ . فزيدٌ : فاعل .
2- الجرّ بِبَاء زائدة ، نحو : حَبَّ بزيدٍ . فزيدٍ : فاعل مرفوع محلاً .
وأصل حَبَّ : حَبُبَ ، أُدغمت الباء في الباء ، فصار : حَبَّ .
وحركة الحاء في حَبَّذا : وجوب الفتح .
فإن وقع بعد حَبَّ اسمٌ غير ( ذا ) جاز ضمُّ الحاء وفتحها ؛ فتقول: حُبَّ زيدٌ ، وحَبَّ زيدٌ . والأكثر الضّم ؛ لقوله: "ودون ذا انضمام الحا كَثُر " .
وقد رُوِي بالوجهين ( الضم ، والفتح ) في قول الشاعر :
فَقُلْتُ اقْتُلُوهَا عَنْكُمُ بِمِزَاجِهَا وحَُبَّ بِهَا مَقْتُولَةً حِينَ تُقْتَلُ
أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ
صِيَاغَتُه
صُغْ مِنْ مَصُوغٍ مِنْهُ لِلتَّعَجُّبِ أَفْعَلَ للتَّفْضِيلِ وَأْْبَ اللَّذْ أُبِى(1/100)
س1- عرَّف أفعل التفضيل ، وبيَّن كيف يُصَاغ ؟
ج1- * أفعل التفضيل : اسم مصوغ على وزن أَفْعَل ؛ للدلالة على أنّ شيئين اشتركا في صِفةٍ وزَادَ أحدُهما على الآخر فيها .
وأفعل التفضيل ممنوع من الصَّرف لِلْوَصْفِيَّةِ ووَزْنِ الفِعْلِ . *
ويُصاغ من الأفعال التي يجوز التَّعَجُّب منها ، أمَّا ما لا يُتَعَجَّبُ منه فلا يُبْنَى أفعل التفضيل منه . وهذا معنى قوله : "وأبَ اللَّذْ أُبِى" .
وعلى هذا فهو يُصاغ : مِنْ كلََّ فعلٍ ثلاثيّ مجرَّد ، مُتصرَّف ، تامًّ ، مبني للمعلوم ، مُثْبَت ، قابل للمُفَاضَلَة ، ليس الوصف منه على وزن أَفْعَل الذي مؤنثه فَعْلاَء . وتتحقّق الشروط في نحو قولك : زيدٌ أكْرَمُ من عَمْرٍو ، والجِدُّ أفضلُ من الكَسَلِ .
وبذلك تمتنع صياغته من الفعل الزائد على ثلاثة أحرف ،كدَحْرَجَ ، واستخرجَ. وتمتنع صياغته من الفعل الجامد ( غير المتصرَّف ) كنِعْمَ ، وبئس ، وتمتنع من الفعل النَّاقص ( غير التَّام ) ككان وأخواتها ، وتمتنع من الفعل المبني للمجهول ، كضُرِبَ ، وجُنَّ ، وتمتنع من الفعل المنفيّ ( غير المثبت ) نحو: ما عَاجَ بالدَّواء ،
وما ضَرَبَ ، وتمتنع من فِعْل لا يَقْبَل المفَاضَلَة ، كمَاتَ ، وفَنِيَ ، وتمتنع من كلّ فعل يأتي الوصف منه على أفعل الذي مُؤنثه فَعْلاء ( وذلك في كُلَّ صِفَة تدلّ على لون ، أو عَيْب ، أو حِلْيَة ) كحَمِرَ ، وعَوِر ؛ فإن الوصف منه : أَحْمَرُ حَمْرَاءُ ، وأَعْوَرُ عَوْرَاءُ .
وشَذّ قولهم : هو أَخْصَرُ من كَذا ؛ لأن أَخْصَرَ مُصَاغ من الفعل اخْتَصَرَ ، وهو زائد على ثلاثة أحرف ، وشذَ قولهم كذلك : أسودُ مِنْ حَلَكِ الغُرَابِ ، وأبيضُ من اللَّبنِ ؛ لأن أسود وأبيض ، الوصف منهما على أفعل فَعلاء ؛ تقول : أسود سوداء ، وأبيض بيضاء ، وهذا مما لا يجوز التعجب منه ؛ ولذا لم يَجُزْ بناء أفعل التفضيل منه .(1/101)
* قد تُحذف همزة أفعل التفضيل ، نحو: خَيْر ، وشَرّ ؛ وذلك لكثرة الاستعمال؛ تقول : المؤمنُ خيرُ الناسِ ، والفاسق شرُّ الناسِ .
وقد تستعمل على الأصل ؛ فتقول : الأَخْيَرُ ، والأَشَرُّ ، كقول الرَّاجز :
بلالٌ خَيْرُ النَّاسِ وابْنُ الأَخْيَرِ . وكقراءة : * بفتح الشَّين ( الأَشَرُّ ) . *
كيفية صِياغة أَفْعَل التفضيل
من الأفعال التي يمتنع صياغته منها
وَمَا بِهِ إِلَى تَعَجُّبٍ وُصِلْ لِمَانِعٍ بِهِ إِلَى التَّفْضِيلِ صِلْ
س2- كيف يمكن صياغة أفعل التفضيل من الأفعال التي يمتنع صياغته منها ؟
ج2- تقدَّم في باب التَّعجب أنّه يُتَوَصَّل إلى التعجب من الأفعال التي لم تستكمل الشروط بفعلٍ آخرَ تتحقَّق فيه الشروط ، كأَشَدَّ ، وأكثر ، ونحوهما . وكذلك بالنسبة إلى أفعل التفضيل ، فكما تقول في التعجب : ما أشدَّ استخراجَه ! تقول في التفضيل : هو أشدُّ استخراجاً من زيدٍ ، وكما تقول :
ما أشدَّ حمرتَه ! تقول : هو أشدُّ حمرةً من زيدٍ ، لكن الاختلاف بينهما في المصدر ، فالمصدر في باب التعجب منصوب بعد أشدَّ على أنه مفعول به ، وفي التفضيل منصوب على أنه تمييز .
أحوال أفعل التفضيل
حكم وَصْلِه بـ ( من ) الجارَّة
وحكم إفراده وتذكيره .
وَأَفْعَلَ التَّفْضِيلِ صِلْهُ أَبَدَا تَقْدِيراً أَوْ لَفْظاً بِمِِنْ إِنْ جُرَّدَا
وَإِنْ لِمَنْكُورٍ يُضَفْ أَوْ جُرَّدَا أُلْزِمَ تَذْكِيراً وَأَنْ يُوَحَّدَا
س3- اذكر أحوال أفعل التفضيل ، وبيَّن حكم وصله بِمِنْ الجارَّة ، وحكم إفراده وتذكيره في كلَّ حالة .
ج3- لأفعل التفضيل ثلاث حالات ، هي :
1- أن يكون مجرَّداً من أل والإضافة 2- أن يكون مضافاً .
3- أن يكون مقترنا بأل .(1/102)
أما المجرَّد من أل والإضافة فلا بدَّ أن تَتَّصل به ( مِنْ ) الجارّة للمفضول عليه ، نحو: زيدٌ أفضلُ مِنْ عَمْرٍو ، وهندٌ أجملُ من دَعْدٍ ، والزَّيدانِ أكرمُ مِن العَمْرين ، والمؤمناتُ أفضلُ من الكافرات .
وفي هذه الحالة يجب إفراد أفعل التفضيل وتذكيره ، كما ترى في الأمثلة . وهذا هو معنى قوله : " أو جُرَّدا أُلزم تذكيراً وأن يُوَحَّدا " .
ويجوز حذف ( مِنْ ) ومجرورها ؛ لدلالة ما قبلهما عليهما ، ويكثر الحذف إذا
وقع أفعل التفضيل خبراً ، كما في قوله تعالى : * ( أي : أعزّ منك نفراً ) .
وقد تحذف ( مِن ) وهو ليس بخبر - وهذا قليل - كقول الشاعر :
دَنَوْتِ وقَدْ خِلْنَاكِ كالبَدْرِ أَجْمَلاَ فَظَلَّ فُؤَادِى في هَوَاكِ مُضَلَّلاَ
فأجملَ : أفعل تفضيل ، وهو منصوب على الحال ، حُذِفت منه (مِن) والتقدير : دنوتِ أجملَ من البدر .
وأما الحالة الثانية ، وهي أن يكون مضافاً فإن أضيف إلى نكرة امتنع وَصْلُه بمِنْ الجارّة ، ويجب فيه الإفراد والتذكير . وهذا معنى قوله : "وإِنْ لمنكُورٍ ...ألزم تذكيراً وأنْ يوحَّدَا " فتقول : زيدٌ أفضلُ رجلٍ ، والزيدان أكرمُ رَجُلَيْنِ ، والهنداتُ أفضلُ نِسَاءٍ ، والزَّيدون أفضلُ رجالٍ . وفي هذه الحالة يجب أن يطابق المضاف إليه الاسم المفَضَّل .
أما إضافة أفعل التفضيل إلى معرفة فسيأتي بيانها مع الحالة الثالثة .
( م ) س4- هل يجوز الفصل بين أفعل التفضيل ، ومِنْ الجارّة للمفضول عليه ؟ وضَّح ذلك .
ج4- نعم . يجوز الفصل بينهما بأحد شيئين ، هما :
1- معمول أفعل التفضيل ،كما في قوله تعالى : * فالجار والمجرور ( بالمؤمنين ) مُتَعلَّق بأفعل التفضيل ( أَوْلَى ) .
2- لو الشرطية وما اتَّصَلَ بها ، كما في قول الشاعر :
ولَفُوكِ أَطْيَبُ لَوْ بَذلْتِ لَنَا مِنْ مَاءٍ مَوْهِبَةٍ على خَمْرِ
فصل الشاعر بين أفعل التفضيل ( أطيب ) ومِنْ الجارّة ( من ماء ) بـ ( لو ، ومااتّصل بها ) .(1/103)
حكم المقترن بأل
والمضاف إلى معرفة
وَتِلْوُ أَلْ طِبْقٌ وَمَا لِمَعْرِفَهْ أُضِيفَ ذُو وَجْهَيْنِ عَنْ ذِى مَعْرِفَهْ
هَذَا إِذَا نَوَيْتَ مَعْنَى مِنْ وَإِنْ لَمْ تَنْوِ فَهْوَ طِبْقُ مَا بِهِ قُرِنْ
س5- اذكر أحكام أفعل التفضيل المقترن بأل ، وأحكام المضاف إلى معرفة .
ج5- أفعل التفضيل المقترن بأل يجب مطابقته لما قبله في الإفراد ، والتثنية ، والجمع ، والتذكير ، والتأنيث ؛ فتقول : زيدٌ الأفْضَلُ ، والزَّيْدَانِ الأَفْضَلاَنِ ، والزَّيْدُونَ الأَفْضَلُونَ ، وهِنْدٌ الفُضْلَى ، والهِنْدَانِ الفُضْلَيَانِ ، والهِنْدَاتُ الفُضَّلُ ، أو الفُضْلَيَاتُ . وهذا هو معنى قوله : " وتلو أل طِبق " ولا تجوز عدم المطابقة؛ فلا تقول : الزَّيدونَ الأفضلُ ، ولا : هندٌ الأفضلُ . ولا يجوز كذلك أَنْ تَقْتَرِنَ به ( مِن ) فلا تقول : زيدٌ الأفضل من عمرٍو . وأمَّا قول الشاعر :
وَلَسْتُ بالأَكْثَرِ مِنْهُمْ حَصًى وإنَّمَا العِزَّةُ لِلْكَاثِرِ
فيُخَرَّجُ على أنّ ( أل ) في قوله ( بالأكثر ) زائدة لا مُعَرَّفة ، والأصل : ولستَ بأكثر منهم ، وإنّما الممنوع هو دخول ( أل ) المعرَّفة ، ويُخَرَّجُ كذلك على أنّ
( منهم ) مُتَعلَّقَة بأفعل تفضيل محذوف ، وهو مجرّد من ( أل ) والتقدير : ...
ولست بالأكثرِ أكثرَ منهم .
وأمّا المضاف إلى معرفة فأشار إليه بقوله : "وما لمعرفةٍ أُضيف ...إلخ "
والمعنى أنه إذا أُضيف أفعل التفضيل إلى معرفة ، وقُصِدَ به التفضيل ( وقَصْدُ التفضيل مفهوم من قوله : " إذا نويت معنى مِن " ) فإذا أضيف أفعل التفضيل إلى معرفة وقُصِدَ به التفضيل جاز فيه وجهان :
1- أَلاَّ يُطابق ما قبله فيلزم الإفراد ، والتذكير ؛ فتقول : الزَّيدانِ أفضلُ القومِ ، والزَّيدونَ أفضلُ القومِ ، وهندٌ أفضلُ النِّسَاءِ ، والهندانِ أفضلُ النساءِ ، والهنداتُ أفضلُ النسَاءِ .(1/104)
2- أن يُطابق ما قبله ؛ فتقول : الزيدان أَفْضَلاَ القومِ ، والزيدون أَفْضَلُو القومِ ، أو أَفَاضِلُ القومِ ، وهند فُضْلى النساءِ ، والهندان فُضْلَيَا النساءِ ، والهنداتُ فُضَّلُ النساءِ ، أو فُضْلَيَاتُ النساءِ .
وقد ورد الاستعمالان في القرآن الكريم ، فمِن الأوَّل قوله تعالى: * ومن الثاني قوله تعالى : * .
وقد اجتمع الاستعمالان في قوله - صلى الله عليه وسلم - : " أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَحَبَّكُمْ إلىَّ وأَقْرَبِكُم مِِنَّى مَنَازِلَ يومَ القيامةِ أَحَاسِنُكُمْ أخلاقاً " فقوله - صلى الله عليه وسلم - ( بأحبّ ، وأقرب ) غير مطابق لما قبله ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( أَحاسن ) مطابق لما قبله .
فإن لم يُقْصَد التفضيل وَجَبَتَ المطابقة ، كقولهم : " النَّاقِصُ والأَشَجُّ أَعْدَلاَ بَنى مرْوَان " ( أي : عَادِلاَ بني مروان ) وهذا معنى قوله : وإن لم تنوِ ... إلخ " .
قيل : ومن أمثلة استعمال أَفْعَل لغير التفضيل ، قوله تعالى : * (أي : هَيَّنٌ عليه) وقوله تعالى:
* (أي : عَالِمٌ بكم) وقول الشاعر :
وإنْ مُدَّتِ الأَيْدِى إلى الزَّادِ لَمْ أَكُنْ بِأَعْجَلِهِمْ إِذْ أَجْشَعُ القَوْمِ أَعْجَلُ
فقوله : بأعجلهم ، ظاهره أنه أفعل التفضيل ولكنه صفة مُشَبَّهَة بمعنى ( عَجِل ) لأنَّ مراده أنّ مَن يَحْدُثُ منه مُجَرَّد الإسراع إلى الطعام هو الْجَشِع ، وليس مراده أنَّ الأَسْرَعَ إلى الطعام هو الْجَشِعُ ، فهو بذلك ينفي عن نفسه مجرّد الإسراع إلى الطعام .
وقول الشاعر : إنّ الذى سَمَكَ السَّماءَ بَنَى لَنَا بَيْتاً دَعَائِمُهُ أَعَزُّ وأَطْوَلُ(1/105)
فقوله : أعزّ وأطول ، ظاهره أنه أفعل التفضيل ولكنّ الشاعر استعمله في غير التفضيل ، فالشاعر ( الفَرَزْدَق ) يفتخر على شاعر آخر اسمه ( جَرِير ) فهو في هذا البيت لا يعترف أصلاً بأنّ لجرير بيتاً دعائمه عزيزة طويلة ، ولوكان للتفضيل لكان اعترافا منه بأنّ لجرير بيتاً دعائمه عزيزة طويلة ، ولكنَّ بيتَه أعزّ وأطول منه .
س6- ما الأفصح في الوجهين السَّابقين المطابقة ، أو عدمها ؟ وهل استعمال أفعل التفضيل لغير التفضيل قياسي ، أو لا ؟
ج6- ذكرنا في السؤال السابق أنّ أفعل التفضيل المقترن بأل إذا قُصِد به التفضيل جاز فيه وجهان : المطابقة وعدمها . فالذين أجازوا الوجهين قالوا : الأفصح المطابقة ؛ ولهذا عِيبَ على النحويَّ ثَعْلَب في رسالته (فصيح ثعلب) قوله : " فَاخْتَرْنا أَفْصَحَهُنَّ " قالوا : فكان ينبغى أن يأتي بأفصح الوجهين ، وهي المطابقة ؛ فيقول : " فاخترنا فُصْحَاهُنَّ " .
وابن السَّرَّاج لا يُجيز الوجهين ، بل يُوجب عدم المطابقة .
وأمَّا مسألة : هل استعمال أفعل لغير التفضيل قياسي ، أم لا ؟ ففيه خلاف :
قال المبرَّد : ينقاس ، وقال غيره : لا ينقاس ، قال الشارح : وهو الصحيح .
وقال الناظم في التسَّهيل : والأصحُّ قصره على السَّماع .
ذكر الزَّبِيدِيّ صاحب كتاب الواضح في علم العربية : أنّ النحويين لا يَرَوْن القياس ، وأنّ أبا عُبيَدة قال في قوله تعالى : * إنه بمعنى ( هَيَّن ). وقال في بيت الفرزدق السابق : إن المعنى ( عزيزة طويلة ) وذكر الزَّبيدي أنّ النحويين رَدُّوا على أبي عبيدة ذلك ، وقالوا : لاحُجَّة في ذلك له .
حكم تقديم مِنْ ومجرورها
على أفعل التفضيل
وَإِنْ تَكُنْ بِتِلْوِ مِنْ مُسْتَفْهِمَا فَلَهُمَا كُنْ أَبَداً مُقَدَّمَا
كَمِثْلِ مِمَّنْ أَنْتَ خَيْرٌ وَلَدَى إِخْبَارٍ التَّقْدِيمُ نَزْراً وَرَدَا
س7- ما حكم تقديم مِنْ ومجرورها على أفعل التفضيل ؟(1/106)
ج7- لا يجوز تقديم مِنْ ومجرورها على أفعل التفضيل ؛ لأنّ من ومجرورها بمنزلة المضاف إليه ، والمضاف إليه لا يتقدّم على المضاف ؛ تقول : زيد أفضل من عمرٍو ، ولا يجوز تقديم ( من عمرٍو ) على أفعل التفضيل ( أفضل ) إلاَّ إذا كان المجرور بها اسم استفهام ، أو مضافا إلى اسم استفهام فإنه يجب حينئذ تقديم مِنْ ومجرورها ، نحو : مِمَّنْ أنتَ خيرٌ ؟ ومِنْ أَيَّهِمْ أنت أفضلُ ؟ ومِنْ غلامِ أيَّهم أنتَ أفضلُ ؟ وذلك لأنّ الاستفهام له الصَّدارة .
ولا يجوز تقديم غير الاستفهام ، وقد وردَ التقديم شذوذاً في غير الاستفهام . وهذا هو معنى قوله : " ولدى إخبارٍ التقديمُ نَزْراً وردَا " ومنه قول الشاعر :
فَقَالَتْ لَنَا أَهْلاً وَسَهْلاً وَزَوَّدَتْ جَنَى النَّحْلِ بَلْ ما زَوَّدَتْ مِنْه أَطْيَبُ
فقد قدَّم الشاعر الجار والمجرور ( منه ) على أفعل التفضيل ، وليس المجرور اسم استفهام ، ولا مضافاً إلى اسم استفهام ؛ ولذلك كان التقديم شاذًّا .
س8- قال الشاعر :
وَلاَ عَيْبَ فِيها غَيْرَ أنَّ سَرِيعَها قَطُوفٌ وأَنْ لا شَىْءَ مِنْهُنَّ أَكْسَلُ
وقال الآخر :
إذا سَايَرَتْ أَسْمَاءُ يَوْماً ظَعِينَةً فَأَسْمَاءُ مِنْ تِلْكَ الظَّعِينَةِ أَمْلَحُ
عين الشاهد ، وما وجه الاستشهاد في البيتين السابقين ؟
الشاهد : قوله ( مِنْهنَّ أكسلُ ) وقوله ( من تلك الظعينة أملح ) .
وجه الاستشهاد : تقدَّم الجار والمجرور في البيتين على أفعل التفضيل ( أكسل ، وأملح ) مع أنّ المجرور ليس اسم استفهام ، ولا مضافاً إلى اسم استفهام ، وذلك شاذّ .
عَمَلُ أفعل التفضيل
شروط رفعه الاسم الظاهر
وَرَفْعُهُ الظَّاهِرَ نَزْرٌ وَمَتَى عَاقَبَ فِعْلاً فَكَثِيراً ثَبَتَا
كَلَنْ تَرَى فى النَّاسِ مِنْ رَفِيقِ أَوْلَى بِهِ الفَضْلُ مِنَ الصَّدَّيقِ
س9- ما عمل أفعل التفضيل ؟ وما شرط رفعه الاسم الظاهر ؟(1/107)
ج9- أفعل التفضيل يرفع الضمير المستتر في كلَّ لغة ( اتَّفاقاً ) فقولك : محمدٌ أجملُ من خالدٍ ، الفاعل فيه ضمير مستتر تقديره (هو) عائد إلى محمد .
ولا يرفع اسماً ظاهراً ، ولا ضميراً بارزاً إلا قليلاً ، وقد يرفع الاسم الظاهر قياساً بشرط ، هو : أن يَصْلُحَ لوقوعِ فِعْلٍ بمعناه موقعه ، ويتحقّق ذلك في كل موضع وقع فيه أفعل بعد نفي ، أو شِبهه ، وكان مرفوعه أجنبياً مُفَضَّلا على نفسه باعتبارين ، فإذا تحقَّق ذلك رفع الاسم الظاهر كثيراً ، نحو : ما رأيت رجلاً أحسنَ في عَيْنِه الكُحْلُ مِنه في عَيْنِ زيدٍ (هذه تُسمَّى مسألةَ الكُحْلِ) فالكحلُ : فاعل مرفوع بـ ( أحسن ) وذلك لِصِحَّة وقوع فعل بمعناه موقعه ولايَفْسُد المعنى ؛ فيصحّ أن تقول : ما رأيت رجلا يحسنُ في عينه الكحلُ كحسنه في عين زيد ؛ وإنما صحَّ ذلك لكون أفعل التفضيل وقع بعد نفي ( ما رأيت ) ولأن مرفوعه ( الكحل ) أجنبيّ ؛ لأنه لم يتصل به ضمير الموصوف الذي يدلّ على صِلَة بين أفعل وموصوفه ؛ ولأن المرفوع ( الكحل ) مفضَّل على نفسه
باعتبارين ، باعتبار كونه في عين زيد ، وباعتبار كونه في عين زيد أفضل من كونه في عين أخرى . ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : " مَا مِنْ أيامٍ أحبَّ إلى اللهِ فيها الصَّومُ مِنه في عَشْرِ ذِي الحجَّةِ " فالصوم : فاعل مرفوع بـ ( أحبَّ ) .
ومنه قول الشاعر : أَقَلَّ بِهِ رَكْبٌ أَتَوْهُ تَئِيَّةً وأَخْوَفَ إلاَّ مَا وَقَى اللهُ سَارِيَا
فركبٌ : فاعل مرفوع بـ ( أقلّ ) وإنمّا جاز رفعه الاسم الظاهر لتحقّقّ الشرط المذكور .(1/108)
أمّا إذالم يصلح لوقوع فعل بمعناه موقعه فلا يرفع اسما ظاهراً إلاّ قليلاً ، وذلك في لغةٍ ضعيفةٍ حكاها سيبويه ،كقولهم : مررتُ برجلٍ أكرمَ منه أبوه . فأبوه : فاعل مرفوع بـ ( أكرم ) وهذه لغة ضعيفة كما ذكرنا ؛ وذلك لعدم صحة وقوع فعل بمعناه موقعه ، ويتضح ذلك في عدم سبقه بنفي ، أو شبهه . وهذا هو معنى قول الناظم : " ورفعه الظاهر نزرٌ " ( أي قليل ) .
أمّا قوله : " ومتى عاقبَ فعلا فكثيراً ثَبتَا " فهو يشير إلى أنّ رفعه الاسم الظاهركثير ، وقياسيّ مطَّرِد إذا صلح وقوع فعل بمعناه موقعه ، وذكر مثالا على ذلك ، وهو : لن تَرَى في النَّاس من رفيقٍ أولى به الفضلُ من الصَّدَّيقِ .
فالفضل : فاعل مرفوع بـ ( أولى ) .
* ومن أمثلة الشبيه بالنفي (النهي ، والاستفهام): لا يكنْ غيرُك أحبَّ إليه الخيرُ منه إليك ، ونحو : هل في الناسِ رجلٌ أحقُّ به الحمدُ منه بمُحْسِنٍ لا يَمُنُّ ؟ . *
---
التَّوَابِعُ
يَتْبَعُ فى الإِعْرَابِ الأَسْمَاءَ الأُوَلْ نَعْتٌ وَتَوْكِيدٌ وَعَطْفٌ وَبَدَلْ
س1- عرَّف التَّوابِع ، واذكر أنواعها .
ج1- التَّوابِع ، هي : الأسماء المشاركة لما قبلها في إعرابه مطلقاً .
والتّوابع أربعة أنواع ، هي :
1- النعت 2- التوكيد .
3- العطف ، وهو قسمان : أ- عطف البَيَان ب- عطف النَّسَق .
4- البدل .
وهذه الأنواع الأربعة تتبع ما قبلها في إعرابه مطلقاً ، رفعاً ، ونصباً ، وجرًّا .
س2- إلام أشار الناظم بقوله : " الأُوَلْ " ؟
ج2- يُشير بذلك إلى منع تقديم التَّابع على متبوعه ؛ ولذلك امتنع في الفصيح تقديم المعطوف على المعطوف عليه ، خلافاً للكوفيين ، كما امتنع تقديم الصَّفة على الموصوف إذا كان لاثنين ، أو جماعة ، خلافا لصاحب البديع في النحو : محمد بن مسعود الغزي .
النَّعْتُ
تعريفه
فَالنَّعْتُ تَابِعٌ مُتِمٌّ مَا سَبَقْ بِوَسْمِهِ أَوْ وَسْمِ مَا بِهِ اعْتَلَقْ(1/109)
س3- عرَّف النعت ، واذكر أنواعه ، مع التمثيل .
ج3- النَّعْتُ ، هو : التَّابِعُ الْمُكَمَّلُ مَتْبُوعَه بِبَيَان صِفَةٍ من صِفَاتِه ، أو مِن صِفَاتِ ما تَعَلَّق به . فمثال ما بَيَّنَ صفة من صفات متبوعه: مررت برجلٍ كريمٍ. فكريم : نعت تابع للمنعوت ( رجل ) وقد بيَّن النعت صِفة من صفات متبوعه، وهذا يُسمى: النَّعت الحقيقي ؛ لأنه دلّ على صفة في المنعوت نفسِه .
ومثال ما بيَّن صفة ما تعلَّق بالمنعوت : مررت برجلٍ كريمٍ أبوه . فكريم : نعت لـ ( أبوه ) وليس لـ ( رجل ) وهذا يُسمى : النعت السَّببَِيّ ؛ لأنّه بَيَّن صِفة في اسم ظاهر بعده متعلق بالمنعوت .
وبذلك يتضح أنّ : ما بَيَّن صفة من صفات المتبوع نفسه فهو نعت حقيقي ، وأنَّ ما بيَّن صفة من صفات ما تعلَّق به فهو نعتٌ سَبَبِيٌّ .
س4- ما الذي يخرج ، وما الذي يدخل في التعريف السَّابق للنعت ؟
ج4- بقولنا : التَّابع ، يدخل جميع التوابع المذكورة .
وبقولنا : المكَمَّل ( أي : الموضَّح متبوعَهُ والمخَصَّص له ) يخرج : البدل ، وعطف النَّسَق ؛ فإنه لم يُقصد منهما التَّوضيح ، أو التخصيص .
وقولنا : المكمَّل ، هو المراد بقول الناظم : " مُتِمٌّ ما سَبق " .
وبقولنا : ببيان صفة من صفات المتبوع ، أو ما تعلَّق به ، يخرج : التوكيد ، وعطف البيان ؛ لأنهما وإن كانا مُكَمَّلَيْنِ ومُوَضَّحَيْنِ للمتبوع إلا أنهما لا يدلاَّن على صِفة في المتبوع ؛ لأنهما عَيْن المتبوع .
وقولنا : ببيان صفة من صفات المتبوع ، أو ما تعلَّق به ،هو المراد بقول الناظم :
" بِوَسْمِه أو وَسْم ما به اعتلق " ( والوَسْم : العَلاَمَة ) .
س5- اذكر الأغراض والمعاني التي يفيدها النعت .
ج5- يأتي النعت لأغراضٍ ومعانٍ كثيرة ، من أهمها ما يلي :
1- التخصيص ، وذلك إذا كان المنعوت نكرة ، نحو : جاءني رجلٌ تاجرٌ ، وجاءني رجلٌ تاجرٌ أبوه .
2- المدح ، نحو : مررت بزيدٍ الكريمِ . ومنه قوله تعالى : * .(1/110)
3- الذَّم ، كما في قوله تعالى : * .
4- التَّرَحُّم ، نحو : مررت بزيدٍ المسكينِ .
5- التأكيد ، نحو : أمسِ الدَّابِرُ لا يعود . ومنه قوله تعالى : * .
*6- التوضيح ، وذلك إذا كان المنعوت معرفة ، نحو : جاءني زيدٌ التَّاجرُ ، وجاءني زيدٌ التاجرُ أبوه .
7- الإبهام ، نحو : تصدّقتُ بصدقةٍ كثيرةٍ ، وتصدقتُ بصدقةٍ نافعٍ ثوابُها . *
حكم مطابقة النعت للمنعوت
في التعريف ، والتنكير
وَلْيُعْطَ فى التَّعْرِيفِ وَالتَّنْكِيرِ مَا لِمَا تَلاَ كَـ امْرُرْ بِقَوْمٍ كُرَمَا
س6- ما حكم مطابقة النعت للمنعوت في التعريف ، والتنكير .
ج6- يجب أن يتبعَ النعتُ ما قبله ( المنعوت ) في التعريف ، والتنكير ، والإعراب ؛ فتقول : مررت بقومٍ كِرَامٍ ، ورأيتُ زيداً الكريمَ ، وهذا رجلٌ كريمٌ ، وجاءني محمدٌ الفاضلُ أبوه ، ورأيت رجلاً فَاضِلاً أبوه . فالنعت بنوعيه الحقيقي ، والسَّببَِيّ لابدَّ من مطابقته لمنعوته في التعريف ، والتنكير ، والإعراب ، فلا تُنْعَتُ النكرة بالمعرفة؛ فلا تقول : مررت برجلٍ الكريمِ ، ولا تُنْعَتُ المعرفة بالنكرة ؛ فلا تقول : مررت بزيدٍ كريمٍ . وهذا مذهب الجمهور .
حكم مطابقة النعت للمنعوت
في الإفراد ، والتثنية ، والجمع ،
وفي التذكير ، والتأنيث ... ...
وَهْوَ لَدَى التَّوْحِيدِ وَالتَّذْكِيرِ أَوْ سِوَاهُمَا كَالْفِعْلِ فَاقْفُ مَا قَفَوْا
س7- ما حكم مطابقة النعت لمنعوته في الإفراد ، والتثنية ، والجمع ، والتذكير ، والتأنيث ؟
ج7- تقدَّم أنّ النعت لابدَّ مِنْ مُطَابقته للمنعوت في الإعراب ، والتعريف أو التنكير ، وأما مُطابقته للمنعوت في التوحيد ( أي : الإفراد ) وغيره ،كالتثنية ، والجمع ؛ وفي التَّذكير ، والتأنيث فحكمه ، كحكم الفعل .
وإليك الآن تفصيل الجواب :(1/111)
أما النعت الحقيقي ( وهو الذي يرفع الضمير المستتر ) فإنه يطابق المنعوت مطلقاً ، نحو : زيدٌ رجلٌ حَسَنٌ ، والزيدان رجلان حَسَنَانِ ، والزيدونَ رجالٌ حَسَنُون ، وهندٌ امرأةٌ حَسَنةٌ ، والهندان امرأتانِ حَسَنَتَانِ ، والهنداتُ نِسَاءٌ حَسَنَاتٌ ، فيطابق النعت منعوته في كل شيء (كالفعل لو وَضَعْتَه مكان النَّعت لطابق المنعوت ) فتقول : زيدٌ حَسُنَ ، والزيدان رجلانِ حَسُنَا ، والزيدون رجالٌ حَسُنُوا ، وهندٌ امرأةٌ حَسُنَتْ ، والهندان امرأتان حَسُنَتَا ، والهنداتُ نِسَاءٌ حَسُنَّ .
فالنعت يأخذ حكم الفعل الذي يُوضَع مكانه . وهذا هو معنى قوله : " كالفعلِ فاقفُ ما قَفَوا " .
وأما النعت السَّببيّ ( وهو الذي يرفع اسماً ظاهراً بعده ) فإنه بالنسبة إلى التَّوحيد ، كالتثنية ، والجمع يلزم الإفراد دائماً ( كالفعل الذي يكون مكانه ) فتقول : مررت برجلٍ كريمةٍ أُمُّه ، ومررت بامرأتين كريمٍ أبواهما ، ومررت برجالٍ كريمٍ آباؤهم ؛ كما تقول في الفعل : مررت برجلٍ كرُمَتْ أمُّه ، وبامرأتين كَرُمَ أبواهما ، وبرجالٍ كرُم آباؤهم .
أمَّا بالنَّسبة إلى التذكير ، والتأنيث فهو يُطابق الاسم المرفوع بعده ، ولا يُنْظَر إلى المنعوت ؛ فتقول : تَزَوَّجْتُ الفتاةَ الكريمَ أبوها ، وجاءني محمدٌ الكريمةُ أمُّه ، ورأيت رجالاً كريمةً أُمَّهاتُهم ، وكريماً آباؤُهم ، كما تقول في الفعل : كَرُم أبوها ، وكَرُمَتْ أمُّه ، وكَرُمَتْ أُمهاتهُم ، وكَرُمَ آباؤُهم .
( م ) ما ذُكر من مطابقة النعت للمنعوت مشروط بأن لا يَمنَع منها مانع ، فمثلا: الوصف الذي يستوى فيه المذكَّر ، والمؤنث (كصَبُور ،وجَرِيح) لا يُؤَنَّثُ ولوكان المنعوت مؤنثا ؛ تقول : هذا رجلٌ صَبُورٌ ، وهذه امرأةٌ صبورٌ . ( م )
النَّعتُ بالمفرد
وشَرْطُه
وَانْعَتْ بِمُشْتَقًّ كَصَعْبٍ وَذَرِبْ وَشِبْهِهِ كَذَا وَذِى وَالْمُنْتَسِبْ
* س8- ما المراد بالنعت المفرد ؟(1/112)
ج8- المراد بالنعت المفرد : ما ليس بجملة . فالنعت إما أن يكون مفرداً ، وإما أن يكون جملة اسمية ، أو فعلية ، وإما أن يكون شبه جملة .
س9- اذكر شرط النعت المفرد ، ثم اشرحه .
ج9- شرطه أن يكون مُشْتَقاًّ ، أو مُؤوَّلاً بالمشتق .
والمراد بالمشتق : ما أُخِذ من المصدر للدَّلالة على حَدَثٍ وصاحبه ، كاسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصَّفة المشبَّهة ، وأفعل التفضيل ؛ تقول : هذا الرجلُ الفاضِلُ ، وجاءني رجلٌ مسرورٌ ، ورأيت رجلاً حَزِيناً ، ورأيت رجلاً أفضلَ من زيدٍ .
ولا يشمل ذلك اسم الزمان والمكان ، ولا اسم الآلة ؛ لأنهما كالجامد .
* البصريون يرون أنّ المصدر هو أصل الاشتقاق ، والكوفيون يرون أن الفعل هو أصل الاشتقاق . *
والمراد بالمؤوَّل بالمشتق : هو الجامد الذي يُفيد ما أفاده المشتق،ويشمل ما يلي :
1- اسم الإشارة لغير المكان ، نحو : أعجبني زيدٌ هذا ، ونحو : اذهب إلى غرفة المدرسين تلك .
2- ذو (بمعنى صاحب) نحو : جاءنا طالبٌ ذو علمٍ ، ومررت برجلٍ ذي مالٍ .
3- ذو الموصولة ( بمعنى الذي ) ، نحو : مررت بزيدٍ ذو قام (أي : القائم) . ويشمل ذلك كل الموصولات الخاصّة ، كالذي ، والتي ، وفروعهما .
4- المنْسُوب ، نحو : مررت بزيدٍ القُرَشِيَّ (أي : الْمُنْنتَسِب إلى قُرَيْش) .
5- المصدر ، نحو : رأيت قاضياً عَدْلاً ( أي : عَادِلاً ) .
النعت بالجملة ، وشروطه
وَنَعَتُوا بِجُمْلَةٍ مُنَكَّرَا فَأُعْطِيَتْ مَا أُعْطِيَتْهُ خَبَرَا
س10- اذكر شروط النعت بالجملة ، واشرحها .
ج10- يُشترط في النعت بالجملة ثلاثة شروط ، شرط في المنعوت ، وشرطان في الجملة نفسها ، فَيُشْترط في المنعوت :
1- أن يكون نكرةً ؛ لأنّ الجملة تُؤَوَّل بنكرة فلا يُنعت بها إلاّ النكرة سواء أكان المنعوت نكرة لفظا ومعنى ، أو معنى لا لفظاً .(1/113)
فالنكرة في اللفظ والمعنى ، نحو قوله تعالى : * وكقولك : مررت برجلٍ قام أبوه ، أو : مررت برجلٍ أبوه قائمٌ ؟ فكلمة ( يوماً ، ورجلٍ ) منعوت نكرة لفظا ومعنى ، والجمل الواقعة بعدهما الفعلية ( تُرجعون ، وقام أبوه ) والاسمية ( أبوه قائم ) نعت لهما .
والنكرة في المعنى دون اللفظ ، هو : المعرَّف بأل الجنسية ، وفيه خلاف - سيأتي بيانه في السؤال الآتي - ولا يجوز أن يُنعت المعرفة بالجملة ؛ فلا تقول : مررتُ بزيدٍ قام أبوه .
2- أن تكون الجملةُ خبريَّةً ( أي : محتملة الصَّدق ، والكذب ) فلا تقع الجملة الطَّلبية صِفة . وسيأتي بيان هذا الشرط في البيت الآتي من الألفية .
3- أن تكون الجملةُ مشتملةً على ضمير يعود إلى المنعوت ، نحو : مررت برجلٍ قام أبوه . فالضمير في ( أبوه ) يعود إلى المنعوت ( رجل ) ونحو : رأيت طائراً صوتُه جميلٌ .
وإلى هذا الشرط أشار الناظم بقوله : " فأُعطيت ما أُعطيته خبرا " ( أي : أنْ تُعطى الجملة الواقعة نعتاً ما يُعطى للجملة الخبرية من ضرورة اشتمالها على ضمير رابط ) .
وقد يحُذف الضمير ؛ للدَّلالة عليه ، كما في قول الشاعر :
وَمَا أَدْرِى أَغَيَّرَهُمْ تَنَاءٍ وطُولُ الدَّهْرِ أَمْ مَالٌ أَصَابُوا
فجملة أصابوا : نعت لمال ، وقد حُذف الرَّابط ( الضمير ) وذلك لأنه مفهوم من الكلام ، والتقدير : أم مالٌ أصابوه .
وكما في قوله تعالى : * والتقدير : لا تجزى فيه . وفي كيفية حذفه قولان :
أ- أنه حذف بجملته دفعة واحدة ( الجار والمجرور ) .
ب- أنه حُذف على التدريج ، فَحُذِفتْ ( في ) أولاً ، فاتَّصل الضمير بالفعل
( تجزيه ) ثم حُذف الضمير المتصل من الفعل فصار ( تجزى ) .
س11- اذكر الخلاف في مسألة المعرَّف بأل الجنسية ، هل يُنعت بالجملة ، أم لا ؟
ج11- المعرّف بأل الجنسية : هو نكرة في المعنى لا في اللفظ ، واختلفوا في جواز نعته بالجملة :(1/114)
1- فذهب قوم : إلى جواز نعته بالجملة ، واستدلوا بقوله تعالى : * وبقول الشاعر :
ولَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئيمِ يَسُبُّنِى فَمَضَيْتُ ثَمَّتَ قُلْتُ لا يَعْنِينِى
فقوله تعالى : * صفة للَّيل ، وقول الشاعر: ( يسبني ) صفة لِلَّئِيم ، وأل في (الليل واللئيم ) هي أل الجنسية .
2- وذهب آخرون : إلى أنه لا يتعيَّن ذلك - قاله ابن عقيل - لجوازكون
( نسلخ ، ويسبني ) حَالَيْنِ .
حكم وقوع الجملة الطَّلَبِيَّة نعتاً
وَامْنَعْ هُنَا إِيقَاعَ ذَاتِ الطَّلَبِ وَإِنْ أَتَتْ فَالْقَوْلَ أَضْمِرْ تُصِبِ
س12- ما حكم وقوع الجملة الطلبية نعتا ؟
ج12- يمتنع وقوع الجملة الطلبية نعتا ؛ فلا تقول : مررت برجلٍ اضْرِبْهُ . ويمكن أن تقع خبرا ، خلافا لابن الأنباري ؛ فتقول : زيدٌ اضربْه .
فإنْ جاء ما ظاهره وقوع الجملة الطلبيّة نعتا فيؤوّل الكلام على إضمار قولٍ محذوف ، ويكون القول المضمر ، هو النعت ، والجملة الطلبية تكون معمولةً للقولِ المضمر ، وذلك كقول الشاعر :
حَتَّى إذا جَنَّ الظَّلامُ واخْتَلَطْ جَاءُوا بِمَذْقٍ هَلْ رَأَيْتَ الذِّئْبَ قَطْ
فظاهر البيتِ : أنّ الجملة الطلبية ( الاستفهامية ) في قوله : ( هل رأيت الذئب قط ) صفة لِمَذق ، ولكن ليس الكلام على ظاهره ، بل هو مؤول على أنّ جملة ( هل رأيت الذئب ) مفعول به لقول محذوف ، والقول المحذوف هو الصَّفة لِمَذق ، والتقدير : جاءوا بمذقٍ مقولٍ فيه هل رأيت الذئب قط .
س13- هل يلزم في الجملة الطلبية الواقعة خبراً تقدير قول محذوف ؟
ج13- في المسألة خلاف :
1- مذهب ابن السَّرَّاج ، والفارسي : لابدّ من تقدير قول محذوف ، فقولك : زيدٌ اضْرِبْهُ ، تقديره : زيدٌ مقولٌ فيه اضربْهُ .
2- مذهب الأَكثرين من النحاة : لا يلزم ذلك .
وقوع النعت مصدراً
وَنَعَتُوا بِمَصْدَرٍ كَثِيراً فَالْتَزَمُوا الإِفْرَادَ وَالتَّذْكِيرَا
س14- هل يقع النعت مصدراً ؟(1/115)
ج14- يكثر استعمال المصدر نعتا ، نحو : مررت بقاضٍ عَدْلٍ ، وبِقَاضِيَيْنِ عَدْلٍ ، وبقضاةٍ عدلٍ ، ومررت بامرأةٍ عَدْلٍ ، وبامرأتين عَدْلٍ ، وبنساءٍ عَدْلٍ ؛ فيلزم الإفراد والتذكير .
والنعت بالمصدر على خلاف الأصل ؛ لأنه جامد فهو يدلّ على المعنى لا على صاحبه ، وإنمّا صَحَّ النَّعت به ؛ لأنه مُؤَوّل بأحد ثلاثة تأويلات :
1- إمَّا على تأويله بالمشتق ؛ فقولنا : رجلٌ عدلٌ ، مؤوّل بـ ( عادل ) .
2- وإما على تقدير مضاف محذوف ؛ فقولنا : رجلٌ عدلٌ ، تقديره : رجلٌ ذو عدلٍ ، فحُذِف ( ذو ) وأُقِيمَ المصدر مُقَامه .
3- وإما على المبالغة ، بِجَعْل الذَّات نفس المعنى مَجَازاً ، أو ادَّعَاءً ؛ فقولنا : رجلٌ عدل ، جعلنا الرجلَ نفسَ العَدْلِ ( أي : هو العدلُ نفسُه ) إما على سبيل المجاز ، وإمَّا ادَّعاءً .
حكم النعت إذا تعدَّد
المنعوت
وَنَعْتُ غَيْرِ وَاحِدٍ إِذَا اخْتَلَفْ فَعَاطِفاً فَرَّقْهُ لاَ إِذَا ائْتَلَفْ
س15- ما حكم النعت إذا تعدَّد المنعوت ؟
ج15- إذا كان المنعوت متعدَّداً مثنى ، أو جمعاً نظرنا إلى ألفاظ النعت فإن كانت ألفاظه مختلفةً وجب التفريق بين النُّعوت بالعطف ؛ تقول : مررت بالزَّيْدَينِ الكريمِ والبخيلِ ، وجاءني رجالٌ فقيهٌ وكاتبٌ وشاعرٌ .
يُستثنى من ذلك اسم الإشارة ؛ فلا يقال : مررت بهذين الكريمِ والبخيلِ ، ويجوز ذلك على أنه بدل .
أما إنْ كانت ألفاظ النعت مُتَّفِقَةً جِئَ به مثنى ، أو مجموعاً ؛ تقول : مررت برجلينِ كَرِيمينِ ( أي : كريم ، وكريم ) وجاءني رجالٌ كِرَامٌ .
حكم النعت إذا تَعَدَّدَ العاملُ
وَنَعْتَ مَعْمُولَيْ وَحِيدَىْ مَعنْىَ وَعَمَلٍ أَتْبِعْ بِغَيْرِ اسْتِثْنَا
س16- ما حكم النعت إذا تعدَّد العامل ؟(1/116)
ج16- إذا تعدّد العامل فإمَّا أن يكون العاملان مُتَّحِدَين في المعنى والعمل ، أو يكونا مختلفين ؛ فإن كان العاملان متحدين في المعنى والعمل : أُتبع النعتُ المنعوتَ جوازاً ، رفعا ونصباً ، وجرًّا ؛ فتقول : ذهبَ زيدٌ وانطلق عمرٌو العاقلان ، وحَدَّثْتُ زيداً وكلَّمتُ عمراً الكريمينِ ، ومررت بزيدٍ وجُزْتُ على عمرٍو الصَّالحينِ . ففي الأمثلة السابقة العاملان في كل مثال بمعنى واحد ، وعملهما واحد ، فمثلا ( ذهب ، وانطلق ) معناهما واحد ، وعملهما واحد ، هو الرفع ؛ ولذلك كان النعت تابعاً للمنعوت .
وإن اختلف معنى العاملين ، أو عملهما : وجب القَطْعُ ، وامتنعَ الإتباع ؛ فتقول في اختلاف المعنى : جاءَ زيدٌ وذهبَ عمرٌو العَاقِلين ، بنصب ( العاقلين ) أو رفعهما ( العاقلان ) فالنصب بإضمار فعل تقديره ( أَعْنِي ) والرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف ، تقديره ( هما ) .
وهذا هو معنى القَطْع ( أي : تقطع النعت وتتركه ) فيعرب إما مفعولاً لفعل محذوف ، أو خبراً لمبتدأ محذوف .
أما اختلاف العمل ، فنحو : رأيت محمداً ونظرت إلى زيدٍ الكريمان ، أو الكريمين ( بالقطع وجوباً ) .
وأما اختلاف المعنى والعمل معاً ، فنحو : جاء زيدٌ ومررت بخالدٍ الكاتبانِ ، أو الكاتبين ( بالقطع وجوباً ) .
* ويجوز القطع كذلك إذا كان العاملان مُتَّحِدَيْنِ ؛ تقول : ذهب زيدٌ وانطلق عمرٌو العاقلان ، أو العاقلينِ ، على أنّ ( العاقلان ) خبر لمبتدأ محذوف ، والعاقلين : مفعول لفعل محذوف . *
حكم النعت إذا تعدَّد
والمنعوت واحد
وَإِنْ نُعُوتٌ كَثُرَتْ وَقَدْ تَلَتْ مُفْتَقِراً لِذِكْرِهِنَّ أُتْبِعَتْ
وَاقْطَعْ أَوَ اتْبِعْ إنْ يَكُنْ مُعَيَّناً بِدُونِهَا أَوْ بَعْضَهَا اقْطَعْ مُعْلِنَا
س17- ما حكم النعت إذا تعدّد ، والمنعوت واحد ؟(1/117)
ج17- إذا تعدّدت النعوت ، والمنعوت واحد فحكمها كالآتي : إن كان المنعوت لا يتَّضِحُ ولايَتَعَيَّنُ إلا بذكرها جميعاً وجب إتباعها إعراباً للمنعوت ؛ فتقول : مررتُ بزيدٍ الفقيةِ الشاعرِ الكاتبِ . فالنعوت هنا أُتبعت على اعتبار أنّ ( زيد ) لا يتعيَّنُ ولا يُعرَفُ إلا بذكرها جميعاً ؛ لأن غيره يشاركه في صفتين من ثلاثة،كأن يكون هناك ( زيد ) آخر فقيه وشاعر، وثانٍ : شاعر وكاتب ، وثالث : فقيه وكاتب .
أما إن كان المنعوت يتضح ويتعيَّن بدونها جاز في النعوت جميعا الإتباع ، أو القطع . ففي المثال السابق يجوز الإتباع ؛ فتقول : مررت بزيدٍ الفقيهِ الشاعرِ الكاتبِ ، ويجوز القطع ؛ فتقول : مررت بزيدٍ الفقيهَُ الشاعرَُ الكاتبَُ ( بالرفع ، أو بالنصب ) وذلك على اعتبار أنَّ ( زيد ) يتعيَّن بدون ذِكرها كلَّها .
وأما إن كان يتعيَّن ببعضها دون البعض الآخر وجب فيما يتعيَّن به الإتباع ، وجاز في الباقي الإتباع والقطع ، فمثلاً لو أنّ ( زيداً ) لا يتعيَّن إلا إذا وُصِف بأنه ( فقيه ) فحينئذ يجب إتباع هذه الصّفة للمنعوت ، وغيرها يجوز فيه الإتباع والقطع ؛ فتقول : مررت بزيدٍ الفقيهِ الشاعرَُِ الكاتبَُِ ، فيجب الإتباع في
( الفقيه ) لأنها الصّفة التي يتعيَّن بها زيد ، وأما ( الشاعر ، والكاتب ) فيجوز الإتباع ، والقطع .
قَطْعُ النعتِ
كيفية إعرابه
وَارْفَعْ أَوِ انْصِبْ إِنْ قَطَعْتَ مُضْمِرَا مُبْتَدأً أَوْ نَاصِباً لَنْ يَظْهَرَا
س18- ما مراد الناظم بهذا البيت ؟
ج18- مراده : بيان مسألة قطع النعت ، وهو : أن تقطع النعت عن المنعوت ، وترفعه على أنه خبر لمبتدأ محذوف ، أو تنصبه على أنه مفعول به لفعل محذوف، نحو : مررت بزيدٍ الكريمُ، أو الكريمَ . فالكريمُ : خبر لمبتدأ محذوف ، تقديره :
( هو ) والكريمَ : مفعول به لفعل محذوف ، تقديره : أَعْنِي .(1/118)
وقول المصَنَّف : " لن يظهرا " معناه أنه يجب إضمار ( العامل ) الرافع ، أو الناصب ، ولا يجوز إظهاره ، وهذا صحيح – كما يقول ابن عقيل - إذا كان النعت للمدح ، نحو : مررت بزيدٍ الكريمَُ ، أوكان للذَّم ، نحو : استعذ بالله من الشيطانِ الرجيمَُ ، أو كان للتَّرَحُّم ، نحو: مررت بزيدٍ المسكينَُ . ففي هذه الأمثلة يجب إضمار ( العامل ) المبتدأ في الرفع ، والفعل في النصب .
أما إذا كان النعت للتوضيح ، أو للتخصيص فلا يجب الإضمار ، بل هو جائز إنْ شئت أضمرت، وإن شئت أظهرت ؛ تقول: مررت بزيدٍ التاجرَُ (بالإضمار) وتقول : مررت بزيدٍ هو التاجرُ ، ومررت بزيدٍ أعني التاجرَ .
حكم حذف النعت ، أو المنعوت
وَمَا مِنَ الْمَنْعُوتِ وَالنَّعْتِ عُقِلْ يَجُوزُ حَذْفُهُ وَفى النَّعْتِ يَقِلّ
س19- ما حكم حذف النعت ، أو المنعوت ؟
ج19- يجوز حذف المنعوت كثيراً ، وإقامة النعت مُقَامه إذا دلّ عليه دليل ، نحو قوله تعالى : * ( أي : دُرُوعاً سابغاتٍ ) وقد عُلِمَ المنعوت ( دروعاً ) من قوله تعالى : * .
ويجوز حذف النعت قليلاً إذا دلّ عليه دليل ، كما في قوله تعالى :
* ( أي : الحقَّ البَيَّنِ ) وقوله تعالى : * ( أي : أَهْلِكَ النَّاجِينَ ) وقوله تعالى : * ( أي : كلَّ سفينةٍ صالحةٍ ) .
---
التَّوْكِيدُ
التَّوكيدُ بالنَّفْسِ والعَيْنِ
شرطهما ، وجمعهما
بِالنَّفْسِ أَوْ بِالعَيْنِ الاسْمُ أَكَّدَا مَعَ ضَمِيرٍ طَابَقَ الْمُؤَكَّدَا
وَاجْمَعْهُمَا بِأَفْعُلٍ إِنْ تَبِعَا مَا لَيْسَ وَاحِداً تَكُنْ مُتَّبِعَا
س1- عرَّف التوكيد ، واذكر أنواعه .
ج1- * التوكيد ، هو تَكرار الكلمة بلفظها ، أو بمعناها لتثبيت معنى المتبوع ، وتأكيده في ذِهْنِ السَّامِع . *
والتوكيد نوعان : 1- توكيد لفظي ، سيأتي بيانه فيما بعد .
2- توكيد معنوي - وهو المراد هنا - وهو نوعان :(1/119)
أ- ما يَرْفَعُ تَوَهُّمَ مُضَافٍ إلى المؤكَّد ، وله لفظان (النَّفْس ، والعين) نحو : جاء زيد نفسُه ، أو جاء زيدٌ عينُه . فقولنا ( نفسه ، وعينه ) رَفَعَ التَّوَهُّم لدى السَّامع من وجود مضاف محذوف ، فلو قلت : جاء زيدٌ ، فقد تريدُ أنّ زيداً جاء حقيقة ، وقد تريدُ أنّ الذي جاء خبرُ زيدٍ ، أو رسولُ زيدٍ (بحذف المضاف خبر ، أو رسول) فإذا قلت : جاء زيدٌ نفسه ، ارتفع احتمال الحذف .
ب- ما يرفع توهُّم عدم إرادة الشُّمول ،سيأتي بيانه في البيت الآتي من الألفية.
س2- ما شرط التوكيد بالنّفس ، والعين ؟ وما حكمهما إذا كان المؤكَّد مثنًى ، أو جمعا ؟
ج2- شرط التوكيد بالنّفس ، والعين أن يشتملا على ضمير يُطابق المؤكَّد بهما، نحو : جاء المديرُ نفسُه ، ورأيت المديرَ عينَه ، وجاءت هندٌ نفسُها ، ومررتُ بأمَّي عينِها .
وإذا كان المؤكَّد مثنى ، أو جمعا فالفصيح جمعهما على ( أَفْعُل ) فتقول :
جاء الطالبان أَنْفُسُهُمَا ، ورأيت الطالبتينِ أَعْيُنَهُمَا ، ومررت بالطلابِ أَنْفُسِهِمْ ، أو أَعْيُنِهم ، وجاءت الهنداتُ أَنْفُسُهُنَّ ، أو أَعْيُنُهُنَّ .
* ويجوز عند بعض النّحاة تثنية (النفس ، والعين) مع المثنى ؛ فتقول : جاء الطالبانِ نَفْسَاهُمَا ، ورأيت الطالبتينِ عَيْنَيْهِمَا . *
التوكيد بـ ( كُلّ ، وجَمِيع ، وكِلاَ ، وكِلْتاَ )
وشرطها
وَكُلاًّ اذْكُرْ فى الشُّمُولِ وَكِلاَ كِلْتَا جَمِيعاً بِالضَّمِيرِ مُوصَلاَ
س3- ما الذي يُؤكَّد بكلّ ، وجميع ؟ وما الذي يؤكد بكلا ، وكلتا ؟
وما شرط التوكيد بها ؟
ج3- هذا هو النوع الثاني من أنواع التوكيد المعنوي ، وهو : ما يرفع توهُّم عدم إرادة الشُّمول .(1/120)
فيُؤَكَّد بـ (كلّ وجميع ) ما كان ذا أجزاء يصحّ وقوع بعضها موقعه ، نحو : جاء القومُ كلُّهم أو جميعُهم . فالقوم ذو أجزاء ( أي : أفراد ) يجيء بعضهم دون البعض ، ولا يجوز : جاء زيدٌ كلُّه أو جميعه ؛ لأن زيداً مفرد ليس له أجزاء يجيء بعضها دون البعض .
ويُؤَكَّد بـ ( كِلاَ ) المثنى المذكَّر ، وبـ ( كِلْتَا ) المثنى المؤنث .
ويشترط فيها جميعا إضافتها إلى ضمير يُطابق المؤكَّد ؛فتقول جاء الرَّجال كُلُّهُمْ، وجاءت القبيلةُ كُلُّهَا ، وكافأتُ الطلابَ جميعَهُمْ والطالباتِ جميعَهُنَّ ، ومررت بالطالبين كِلَيْهِمَا وبالطالبتينِ كِلْتَيْهِمَا ، وجاء الطالبانِ كِلاَهُمَا والطالبتانِ كِلْتَاهُمَا . وهذا معنى قوله : " بالضمير مُوصَلا " .
التوكيد بـ ( عَامَّة )
وَاسْتَعْمَلُوا أَيْضاً كَكُلّ فَاعِلَهْ مِنْ عَمَّ فى التَّوْكِيدِ مِثْلَ النَّافِلَهْ
س4- ما المراد بهذا البيت ؟
ج4- الْمُرَاد : أنّ العرب استعملت لفظ ( عَامَّة ) في التوكيد ؛ للدلالة على الشمول ،ككُلّ ؛ فتقول : جاء القومُ عَامَّتُهم ، والقبيلةُ عَامَّتُها ، والهنداتُ عَامَّتُهُنَّ . ويشترط أن يشتمل على ضمير يطابق المؤكَّد ، كما ترى في الأمثلة . ولفظ عامَّة على وزن ( فَاعِلَة ) من الفعل عَمَّ .
وقَلَّ من عَدَّها من النحويين في ألفاظ التوكيد ؛ ولذلك قال الناظم : " مثل النَّافلة " ( أي : الزائدة ) لأن أكثر النحويين لم يذكرها ، وقد ذكرها سيبويه وعدَّها من ألفاظ التوكيد .
حكم مَجِىء ( أََجْمَع وأخواتها )
بعد كُلّ
وَبَعْدَ كُلٍّ أَكَّدُوا بِأَجْمَعَا جَمْعَاءَ أَجْمَعِينَ ثُمَّ جُمَعَا
وَدُونَ كُلٍّ قَدْ يَجِىءُ أَجْمَعُ جَمْعَاءُ أَجْمَعُونَ ثُمَّ جُمَعُ
س5- ما حكم مجىء أجمع وأخواتها بعد كلّ ؟ وما فائدة مجيئها بعدها ؟(1/121)
ج5- يُجَاء بعد كلّ ، بأجمع وأخواتها - وذلك لتقوية التوكيد – فيُؤْتَى بأَجْمَعَ بعد كلٍّ ، نحو : جاء الرَّكْبُ كُلُّهُ أَجْمَعُ ، ويُؤتى بِجَمْعَاءََ بعد كلّها ، نحو : جاءت القبيلةُ كلُّها جمعاءُ ، ويُؤتى بـ ( أجمعين ) بعد كلَّهم ، نحو : جاء الرجالُ كلُّهم أجمعون ، ويُؤتى بـ (جُمَعَ ) بعد كُلَُّهِنَّ ، نحو : جاءت الهنداتُ كُلُّهُنَّ جُمَعُ . وهذا هو مراد الناظم بالبيت الأول .
وقد ورد استعمال العرب ( أجمع ) وأخواتها في التوكيد غير مسبوقة بـ (كلّ)، نحو : جاء الرَّكْبُ أجمعُ ، والقبيلةُ جمعاءُ ، والرجال أجمعون ، والهنداتُ جُمَعُ . وهذا هو المراد بالبيت الثاني .
ومن ذلك قول الشاعر :
إذا بَكَيْتُ قَبَّلَتْنِى أَرْبَعَا إِذاً ظَلِلْتُ الدَّهْرَ أَبْكِى أَجْمَعَا
فقد أكَّد الشاعر الدَّهر بأجمع من غير أنْ يُسْبق بكُلّ .
وأشار الناظم بقوله : " قد يجيء " إلى أنّ استعمال أجمع وأخواتها من غير أن تُسبق بـ ( كلّ ) قليل .
حكم توكيد النكرة
وَإِنْ يُفِدْ تَوْكِيدُ مَنْكُورٍ قُبِلْ وَعَنْ نُحَاةِ البَصْرَةِ الْمَنْعُ شَمِلْ
س6- ما حكم توكيد النكرة ؟
ج6- اختلف النحويون في توكيد النكرة :
1- فالبصريون : يمنعون توكيد النكرة مطلقاً سواء أكانت مُحَدَّدَة ،كيوم ، وليلة ، وشهر ، وحَوْل ؛ أو غير محدَّدة ، كوَقْت ، وزَمَن ، وحِين .
2- أما الكوفيون : فيرون جواز توكيد النكرة المحدَّدة ؛ لحصول الفائدة بذلك، نحو : صُمْتُ شهراً كلَّه . واختار الناظم رأيهم ، بقوله : " قُبِل" .
ومن ذلك قول الشاعر :
إنَّا إذَا خُطَّافُنَا تَقَعْقَعَا قَدْ صَرَّتِ البَكْرَةُ يَوْماً أَجْمَعَا
وقول الآخر :
يَا لَيْتَنِى كُنْتُ صَبِيًّا مُرْضَعَا تَحْمِلُنى الذَّلْفَاءُ حَوْلاً أَكْتَعَا
فـ ( يوما ، وحولا ) نكرة محدَّدة ، وقد أُكَّدت بـ ( أَجْمَع ، وأَكْتَع ) .
والمراد بالمحدَّدة : ما كان أوَّلُه وآخِرُه معروفين مُحَدَّدين .(1/122)
* س7- هل أَكْتَعُ من ألفاظ التوكيد ؟
ج7- نعم . فهو يُذكَر بعد أجمع وأخواتها ؛ تقول: جاء الجيشُ كلُّه أجمعُ أكتعُ، وجاءت القبيلةُ كلُّها جمعاءُ كتعاءُ ... وهكذا ، ويُلْتَزَمُ بهذا الترتيب (كلّ ثم أجمع ثم أكتع ) وقد تَرِدُ ( أكتع ) من غير أن تُسبق بأجمع ، كما في البيت السابق : تَحمِلُنى الذَّلفاءُ حولاً أَكْتَعَا .
توكيد المثنى
وَاغْنَ بِكِلْتَا فى مُثَنًّى وَكِلاَ عَنْ وَزْنِ فَعْلاَءَ وَوَزْنِ أَفْعَلاَ
س8- بمَ يُؤكَّد المثنى ؟
ج8- يُؤَكَّد المثنى بكِلا وكِلْتَا ، وبالنَّفْسِ والعَيْنِ ؛ فتقول : جاء الطالبان كلاهما والطالبتانِ كلتاهما ، وجاء الرجلانِ أَنْفُسُهُمَا والمرأتانِ أَعْيُنُهُمَا .
ولا يجوز على مذهب البصريين توكيد المثنى بغير ذلك ، فلا يُؤكَّد بأجمع وجمعاء ؛ فلا تقول : جاء الرجلانِ أَجْمَعَانِ ، ولا : جاءت القبيلتانِ جَمْعَاوَانِ ؛ لأنَّ التوكيد بـ (كلا وكلتا ) أَغْنَى عنهما . وأجاز الكوفيون ذلك .
حكم توكيد ضمير الرَّفع المتَّصل
بلفظي النَّفس والعين ، وغيرهما
وَإِنْ تُؤَكِّدِ الضَّمِيرَ الْمُتَّصِلْ بِالنَّفْسِ وَالعَيْنِ فَبَعْدَ الْمُنْفَصِلْ
عَنَتيْتُ ذَا الرَّفْعِ وَأَكَّدُوا بِمَا سِوَاهُمَا وَالقَيْدُ لَنْ يُلْتَزَمَا
س9- ما حكم توكيد ضمير الرفع المتصل بالنّفس والعين ، وغيرهما ؟
ج9- لا يجوز توكيد ضمير الرفع المتّصل بلفظي النفس والعين إلاَّ بعد توكيده بضمير منفصل ؛ فتقول : قوموا أنتم أنفسُكم أو أعينُكم ؛ ولا تقل : قوموا أنفسُكم أو أعينُكم .
فضمير الرفع المتصل ( واو الجماعة ) لا يؤكَّد إلا إذا أُكَّد أولاً بضمير منفصل، وهو ( أنتم ) فأنتم : توكيد لواو الجماعة ، ثم يأتي بعد ذلك التأكيد بالنّفس ، أو العين .
أما إذا أكَّد بغير النفس والعين فلا يلزم ذلك ؛ تقول : قوموا كلُّكم ، ويجوز كذلك : قوموا أنتم كُلُّكُم .(1/123)
وكذلك إذا كان المؤكَّد ليس ضمير رفع بأنْ كان ضمير نصبٍ ، أو جرٍّ لا يُلتزم ذلك ؛ فتقول : رأيتُكَ نفسَك أو عينَك ، ورأيتُكم كلَّكم ، ومررتُ بِكَ نفسِكَ أو عينِك ، ومررت بكم كلَّكم .
التَّوكيد اللَّفْظِي
ومَا مِنَ التَّوْكِيدِ لَفْظِىٌّ يَجِى مُكَرَّراً كَقَوْلِكَ ادْرُجِى ادْرُجِى
س10- عرَّف التوكيد اللَّفْظِي ، ومَثَّل له .
ج10- عرفنا في السؤال الأول أنّ التوكيد نوعان : مَعْنَوِيّ ، ولَفْظِيّ .
والتوكيد اللَّفظي ، هو تَكْرَارُ اللفظِ الأولِ بعينِه ، اعْتِنَاءً به .
نحو قوله تعالى : * ونحو : سافر سافر عليٌّ .
ومنه قول الشاعر:
فَأَيْنَ إِلَى أَيْنَ النَّجَاةُ بِبَغْلَتى أَتَاكِ أَتَاكِ اللاَّحِقُونَ احْبِسِ احْبِسِ
( م ) يرى بعض النحاة : أن لفظ (دكًّا) الثانية ليست توكيداً ؛ لأنَّ الدَّك الثاني غير الأول ، ويرون: أنّ اللفظين معاً في محل نصب حال ، فهو نظير قولهم : علَّمته الحسابَ باباً باباً ، وقولهم : جاء القوم رجلاً رجلاً . ( م )
شرط توكيد الضمير المتصل توكيداً لفظيَّا ...
وَلاَ تُعِدْ لَفْظَ ضَمِيرٍ مُتَّصِلْ إِلاَّ مَعَ اللَّفْظِ الَّذِى بِهِ وُصِلْ
س11- ما شرط توكيد الضمير المتصل توكيداً لفظيًّا ؟
ج11- إذا أُريد توكيد الضمير المتصل توكيداً لفظيا لم يَجُز تكرار لفظ الضمير إلاَّ بشرط أَنْ يُعَادَ مع التوكيد ما اتَّصل بالمؤكَّد ، نحو : مررت بك بك ، ورغبت فيه فيه ؛ فَتُعِيدُ الضمير المتصل مع حرف الجر الذي اتَّصل بالمؤكَّد ، ولا يجوز فصلُه ؛ فلا يُقال : مررتُ بِكَكَ .
توكيد الحرف الجوابي ، وغير الجوابي
كَذَا الْحُرُوفُ غَيْرَ مَا تَحَصَّلاَ بِهِ جَوَابٌ كَنَعَمْ وَكَبَلَى
س12- كيف يُؤكَّد الحرف ؟ وما شرط توكيده ؟
ج12- إذا كان الحرف ليس للجواب وجب أن يُعاد مع الحرف المؤكِّد مااتصل بالمؤكَّد ، نحو : إنَّ زيداً إنَّ زيداً قائمٌ ، في الدار في الدار زيدٌ .(1/124)
ولا يجوز أن تقول : إنّ إنَّ زيداً قائم ، ولا : في في الدار زيدٌ .
أمَّا إذا كان الحرف جوابياً ،كـ (نَعَمْ ،وبَلَى ،وجَيْرَ ،وأَجَلْ ، وإِي ،ولا) أُكِّدَ
بتكرار لفظه فقط ؛ فتقول : نعم نعم ، أو : لا لا ، لِمَنْ قال لك : أزيدٌ قائمٌ ؟ وتقول : بلى بلى ، لمن قال لك : ألم يقم زيد ؟
حكم تأكيد الضمير المتصل
بضمير الرفع المنفصل
وَمُضْمَرُ الرَّفْعِ الَّذِى قَدِ انْفَصَلْ أَكِّدْ بِهِ كُلَّ ضَمِيرٍ اتَّصَلْ
س13- ما حكم تأكيد الضمير المتصل بضمير رفع منفصل ؟
ج13- يجوز أنّ يُؤكَّد بضمير الرفع المنفصل كلَّ ضمير متصل سواءكان للرفع، أو للنصب ، أو للجر ؛ فتقول : قمتَ أنتَ ، وأكرمتني أنا ، ومررت به هو . وهذا هو المراد بهذا البيت .
* س14- كيف يؤكَّد الضمير المنفصل توكيداً لفظيا ؟
ج14- يؤكد الضمير المنفصل بتكرار لفظه ؛ تقول : أنت أنت محبٌ للخيرِ ، إياكَ إياكَ أن تكذبَ .
---
الْعَطْفُ
أقسامه
وتعريف عطف البيان
الْعَطْفُ إِمَّا ذُو بَيَانٍ أَوْ نَسَقْ وَالغَرَضُ الآنَ بَيَانُ مَا سَبَقْ
فَذُو البَيَانِ تَابِعٌ شِبْهُ الصَّفَهْ حَقِيقَةُ القَصْدِ بِهِ مُنْكَشِفَهْ
س1- اذكر أقسام العطف ، ثم عرَّف عطف البَيَان .
ج1- العطف قسمان : 1- عطف البيان - وهو موضوعنا هنا - .
2- عطف النَّسَق ، سيأتي بيانه .
عطف البيان ، هو: التابع الجامد المشْبِهُ للصَّفة في توضيح متبوعه وعدم استقلاله ، نحو : أَقْسَمَ بالله أبو حفصٍ عُمَرُ . فعُمَرُ : عطف بيان ؛ لأنَّه مُوَضِّحٌ لـ ( أبو حفص ) فهو غير مُسْتَقِل ؛ لأنه ليس مقصوداً بذاته ، بل المقصود (أبو حفص) وإنما جيء بـ ( عمر ) لتوضيح وبيان ( أبو حفص ) .
وهو تابع لـ ( أبو حفص ) في إعرابه ، وإفراده ، وتذكيره ، وتعريفه .
وهو جامد يُشبه الصَّفة ؛ لأنه كالصَّفة يوضَّح ما قبله .
س2- ما الذي يخرج من تعريف عطف البيان ؟
ج2- يخرج ما يلي :(1/125)
1- الصَّفة ، فهي تابع توضَّح ما قبلها ؛ ولكنها ليست جامدة ، فالصَّفة : تابع مشتق ، أو مُؤَوَّل بالمشتق .
2- التوكيد وعطف النَّسَق ، فهما تابعان ؛ ولكنّهما لا يوضَّحان متبوعهما .
3- البدل ، فهو تابع جامد ، ولكنَّه مستقل مقصود بذاته .
مُطَابَقَةُ عطفِ البَيَانِ مَتْبُوعَه
فَأَوْلِيَنْهُ مِنْ وِفَاقِ الأَوَّلِ مَا مِنْ وِفَاقِ الأَوَّلِ النَّعْتُ وَلِى
س3- ما حكم مطابقة عطف البيان متبوعَه ؟
ج3- عطف البيان ، كالنَّعت يَتْبَعُ ما قبلَه ، ويُوَافِقُه في إعرابه ، وتعريفه أو تنكيره ، وتذكيره أو تأنيثه ، وإفراده أو تثنيته أو جمعه ؛ وذلك لأن عطف البيان يُشبه النَّعت في كونه تابع يوضَّح ما قبله .
حكم تنكير عطف البيان ومتبوعه
وبيان ما يَصْلُح من عطف البيان
أن يكون بدلاً ، وما لا يصلُح
فَقَدْ يَكُونَانِ مُنَكَّرَيْنِ كَمَا يَكُونَانِ مُعَرَّفَيْنِ
وَصَالِحاً لِبَدَلِيَّةٍ يُرَى فى غَيْرِ نَحْوِ ياغُلاَمُ يَعْمُرَا
وَنَحْوِ بِشْرٍ تَابِعِ البَكْرِىَّ وَلَيْسَ أَنْ يُبْدَلَ بِالْمَرْضِىَّ
س4- ما حكمُ تنكيرِ عطفِ البيانِ ومتبوعِه ؟
ج4- ذهب أكثر النحويين : إلى امتناع كون عطف البيان ومتبوعه نكرتين ، فهم يخصُّون عطف البيان بالمعرفة فقط .
وذهب الكوفيون ، والفارسي ، وابن جنَّي ، وغيرهم : إلى جواز أن يكونا نكرتين ، وأنْ يكونا معرفتين ،كما في قوله تعالى: * فصديد : عطف بيان لـ ( ماء ) وهما نكرتان .
ومنه قوله تعالى: * فزيتونة : عطف بيان لـ ( شجرة ) وهما نكرتان . وهذا الرأي هو الرَّاجح ، وإليه ذهب النَّاظم ، بقوله : " فقد يكونان منكَّرين " .
س5- هل يصلح عطف البيان للبدليَّة ؟ وضَّح ما تقول .
ج5- كلُّ ما جاز أن يكون عطف بيان جاز أن يكون بدلاً ، نحو : ضربت أبا عبدِ اللهِ زيداً ، ونحو : جاء محمدٌ أخوك ( فزيداً ، وأخوك ) عطف بيان ، ويجوز إعرابهما بدلاً .(1/126)
واسْتَثْنَى الناظم من ذلك مسألتين يتعيَّن فيهما أن يُعربَ التَّابع عطف بيان ، وهما :
1- أن يكون التابع مفرداً معرفة معرباً ، والمتبوع منادى ، نحو : يا غلامُ محمداً . فمحمداً : عطف بيان ، ولا يجوز أن يكون بدلاً ؛ لأن البدل على نِيَّة تَكْرَار العامل ، فلو كَرَّرت العامل ، وقلت : يا غلامُ يا محمداً ، لم يَجُز لأنَّ
( محمداً ) مفرد علم ، والمنادى المفرد العلم حكمه : البناء .
ومن ذلك قول الناظم : يا غلامُ يعمرَ . فيعمرَ : عطف بيان منصوب ، ويمتنع أن يكون بدلاً ؛ لأنه لا يصح قولنا : يا غلامُ يا يعمرَ ( بالنصب ) لأنه منادى مفرد علم يجب بناؤه .
2- أن يكون التابع خاليا من ( أل ) والمتبوع مقترن بـ ( أل ) وقد أضِيف إليه وصف مقترن بـ ( أل ) نحو : أنا الضاربُ الرجلِ زيدٍ . فزيد : عطف بيان ، ولا يجوز أن يكون بدلاً من (الرجل) لأن البدل على نِيَّة تكرار العامل ، فلو كَرَّرت العامل ، وقلت : أنا الضاربُ زيدٍ ، لم يجز لأنّ الوصف (الضارب) إذا كان مقترنا بأل لا يُضاف إلا إلى ما فيه (أل) أو ما أُضِيف إلى ما فيه (أل) ولذلك لم يجز قولنا : أنا الضاربُ زيدٍ ؛ لأن الوصف مضاف إلى العلم (زيد)
وهذا مِمَّا لا يجوز عند جمهور النحويين . وقد أجاز ذلك الفرَّاء ، والفارسي .
* ومثل ذلك قولك : أنا المكرمُ الضيفِ زيدٍ . فزيد : عطف بيان لا غير ؛ لأن التابع (زيد) عَلَمٌ خالٍ من أل ، والمتبوع (الضيف) مقترن بأل ، وقد أُضِيف إليه وصف مقترن بأل (المكرم) فإذا كرَّرنا العامل ليكون (زيد) بدلاًلم يصح قولنا : أنا المكرمُ زيد ؛ لأنّ الوصف المقترن بأل لا يضاف إلى العلم عند جمهور النحويين . *
س6- قال الشاعر :
أنا ابنُ التَّارِكِ البَكْرِىَّ بِشْرٍ عَلَيْهِ الطَّيْرُ تَرْقُبُهُ وُقُوعَا
عين الشاهد ، وماوجه الاستشهاد فيه ؟
ج6- الشاهد : التاركِ البكريَّ بِشْرٍ .(1/127)
وجه الاستشهاد : قوله ( بشر ) يتعيَّن أن يكون عطف بيان من ( البكرىّ ) ولا يجوز أن يكون بدلاً ؛ لأنه لا يصلح أن يكون التقدير : أنا ابن التاركِ بشرٍ .
فالوصف ( التارك ) لا يُضاف إلى العلم ، خلافا للفرّاء والفارسي فهما يُجيزان أن يكون ( بشر ) بدلاً من ( التارك ) لأنّ مذهبهما : جواز إضافة الوصف المقترن بأل إلى العلم .
س7- إلام أشار الناظم بقوله : " وليس أن يُبدل بالمرضِيَّ " ؟
ج7- يُشير بذلك إلى : عدم رِضَاه عن مذهب الفرّاء ، والفارسي في تجويزهما إضافة الوصف المقترن بأل إلى العلم ، وإعرابه بدلاً ، كما في قول الشاعر: أنا ابن التارك البكرىّ بشرٍ . فهما يُجيزان أن يكون ( بشر ) بدلاً من ( التارك ) . وهذا الإعراب لا يرتضيه الناظم .
عطفُ النَّسَقِ
تعريفه
تَالٍ بِحَرْفٍ مُتْبِعٍ عَطْفُ النَّسَقْ كَاخْصُصْ بِوُدًّ وَثَنَاءٍ مَنْ صَدَقْ
س1- عرَّف عطف النَّسَق ، وما الذي يخرج من هذا التعريف ؟
ج1- عطف النَّسق ، هو : التَّابع الذي يتوسَّط بينه وبين متبوعه أحد حروف العطف ، نحو : اخْصُصْ بِوُدًّ وثَنَاءِ مَنْ صَدَق ، ونحو : جاء محمدٌ فعَلِيٌّ .
يخرج بهذا التعريف بَقِيَّةُ التوابع فإنها لا يَتَوَسَّط بينها وبين متبوعها شيء.
س2- ما معنى قول الناظم : " تالٍ بحرف مُتبِْعٍ عطف النَّسق " ؟
ج2- هذا هو تعريف عطف النّسق ( فتالٍ بحرفٍ ) أي : إنَّ عطف النسق يقع بعد حرف عطفٍ ، وحرف العطف هذا ( مُتْبِعٌ ) أي : يُتْبِعُ ما بعده لما قبله ، بمعنى : أنه يُشْرِك الثاني ( المعطوف ) مع الأول ( المعطوف عليه ) في الحكم .
حروف العطف
وأقسامها
فَالْعَطْفُ مُطْلَقاً بِوَاوٍ ثُمَّ فَا حَتَّى أَمَ أَوْ كَفِيكَ صِدْقٌ وَوَفَا
وَأَتْبَعَتْ لَفْظاً فَحَسْبُ بَلْ وَلاَ لَكِنْ كَلَمْ يَبْدُ امْرُؤٌ لَكِنْ طَلاَ
س3- اذكر حروف العطف ، وأقسامها .(1/128)
ج3- حروف العطف تسعة ، هي: الواو ، وثُمَّ ، والفاء ، وحَتىَّ ، وأَمْ ، وأَوْ ، وبَلْ ، ولاَ ، ولَكِنْ .
وتنقسم إلى قسمين :
1- قسمٌ يُشَرَّكُ المعطوف مع المعطوف عليه مطلقا ( أي : في اللفظ والمعنى ) .
والمراد باللفظ : الإعراب .
وهذا القسم ستة أحرف : الواو ، وثمَّ ، والفاء ، وحتى ، وأم ، وأو ، نحو :
جاء زيدٌ وعمرٌو ، و: فيك صِدْقٌ ووَفَاءٌ ، و: مررت بزيدٍ ثم عمرٍو ، و: رأيت زيداً فَعَمْراً ، و: قَدِم الحجاجُ حتى المشَاةُ ، و: أزيدٌ عندك أم عمرٌو ، و: جاء زيدٌ أو عمرٌو .
2- قسمٌ يُشَرَّك المعطوف مع المعطوف عليه لفظاً فقط (أي : في الإعراب فقط) وهذا القسم ثلاثة أحرف : بل ، ولا ، ولكنْ ، نحو : ما قام زيدٌ بل عمرٌو ، ومررت بزيدٍ لا عمرٍو ، ولا تضرِبْ زيداً لكن عَمراً ، و:لم يَبْدُ امرؤٌ لكنْ طَلاَ. ( والطَلاَ : ولد الظَّبْيَة أَوَّل ما يُولَد ) .
معنى حرف العطف الواو
واختصاصه
فَاعْطِفْ بِوَاوٍ لاَحِقاً أَوْ سَابِقاً فى الْحُكْمِ أَوْ مُصَاحِباً مُوَافِقاً
وَاخْصُصْ بِهَا عَطْفَ الَّذِى لا يُغْنِى مَتْبُوعُهُ كَـ اصْطَفَّ هَذَا وَابْنِى
س4- اذكر معنى حرف العطف الواو .
ج4- الواو: لمطلق الجمع بين المتعاطفين عند البصريين , فهي لا تُفيد التَّرتيب عندهم . فإذا قلت : جاء زيدٌ وعمرٌو , دلّ ذلك على اجتماعهما في نِسبة المجيء إليهما بدون إفادة الترتيب ( أي : اشتركا في المجيء مع احتمال أنَّ عمراً جاء بعد زيد , أو جاء قبله , أو جاء مصاحباً له ) ويتبيّن ذلك بالقرينة ؛ فتقول: جاء زيدٌ وعمرٌو بعده أو قبلَه أو مَعَه .
فإذاً ( الواو ) تفيد الاشتراك دون ترتيب , فيعطُف بها اللاَّحق ( أي : المتأخَّر ) والسَّابق ( أي : المتقدَّم ) والمصَاحِب ( أي : مَعاً ) .
* فَمِنْ عَطْفِ اللاَّحق , قوله تعالى: * فإبراهيم متأخَّر بعد نوح ، ولكن العطف هنا يفيد الاشتراك في الرسالة دون الترتيب .(1/129)
ومِنْ عطف السَّابق , قوله تعالى : * فالذين من قبله أسبق منه - صلى الله عليه وسلم - , والمراد: الاشتراك في الوحى دون إفادة الترتيب .
ومِنْ عطف المصاحب , قوله تعالى : *
( أي : أنجيناه مع أصحاب السَّفينة ) . *
أما الكوفيون فيرون: أنها تفيد الترتيب , ورُدَّ عليهم بقوله تعالى : * .
( م ) لأنها لوكانت تُفيد الترتيب لكان ذلك اعترافاً من الكفار بالبعث بعد الموت , فالموت أولاً , ثم الحياة بالبعث , ولكنّ الأمر ليس كذلك , فالكفار يُنكرون البعث ، وإنمّا المراد هنا بقوله تعالى : * ( أي : حياتهم الدنيا التي هي قبل الموت ) فالواو لاتدلّ على الترتيب , فالمعطوف ( نحيا ) سابق في الوجود على المعطوف عليه ( نموت ) . ( م )
س5- بم تختصُّ الواو ؟
ج5- تختصّ ( الواو ) من بين حروف العطف : بأنها تعطف اسماً على اسم لا يَكْتَفِي الكلام به ( أي : لايكتفي المعنى بذكر المعطوف عليه ) نحو : اختصم زيدٌ وعمرٌو , ولو قلت : اختصم زيدٌ ,لم يجز لأن الاختصام لا يكون إلا بين اثنين فصاعداً . ومثله : اصطفَّ هذا وابني , وتشارك زيدٌ وعمرٌو .
فكلُّ ما لا يقع إلا من مُتعدِّد لا يُعطف إلاّ بالواو فقط , ولايعطف بالفاء ، ولا بغيرها من حروف العطف .
* وتختصّ : بأنها تعطف النعوت المتفرَّقة مع اجتماع منعوتها , نحو : جاء الطالبان المجتهدُ والكسلانُ .
وتختص : بأنها تعطف عاملا قد حُذِف وبقي معموله , نحو : عَلَفْتُهَا تِبْناً ومَاءً ، والتقدير : علفتُها تِبْناً وأسقيتها ماءً . وسيأتي قريبا بيان هذه المسألة . *
معنى الفَاءِ , وثُمَّ
واختصاصُ الفاء
وَالْفَاءُ للتَّرْتِيبِ بِاتَّصَالِ وَثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ بِانْفِصَالِ
وَاخْصُصْ بِفَاءٍ عَطْفَ مَا لَيْسَ صِلَهْ عَلَى الَّذِى اسْتَقَرَّ أَنَّهُ الصِّلَهْ
س6- ما معنى الفاء ، وثمّ ؟
ج6- تدلّ ( الفاء ) على : الترتيب , والتَّعقِيب . وهذا معنى قوله :(1/130)
" باتِّصَال" ( أي : بلا مُهْلةٍ بين المعطوف والمعطوف عليه ) فقولك : جاء زيدٌ فعمرٌو , معناه : أن زيداً جاء أولاً- وهذا هو الترتيب - وأنَّ عَمْراً جاء بعده مباشرة بلا مُهْلَة زمنيَّة بينهما - وهذا هو التعقيب- .
ومنه قوله تعالى: * وقوله تعالى: * .
وتدل ( ثم ) على : الترتيب ، والتَّرَاخِي . وهذا معنى قوله : " بانفصال "
( أي : بينهما مُهْلَة زمنيَّة ) فقولك : جاء زيدٌ ثمَّ عمرٌو , معناه : أن زيداً جاء أولا , وأنّ عَمْراً جاء بعده بفترة زمنيّة . ومنه قوله تعالى : * وقوله تعالى : * ثُمَّ .
س7- بم تختصّ الفاء ؟
ج7- تختصّ الفاء : بأنها تعطف مالا يصلُح أن يكون صِلَة على ما يصلُح أن يكون صِلَة , نحو : الذي يطيرُ فَيَغْضَبُ زيدٌ الذُّبابُ . فجملة ( يغضب زيدٌ ) لاتصلح أن تكون صِلَة للموصول ( الذي ) لعدم اشتمالها على ضمير يعود إلى الاسم الموصول ، وهي معطوفة ( أي : جملة يغضب زيد ) بالفاء على جملة (يطير ) التي تصلح أنْ تكونَ صِلَةً للاسم الموصول ( الذى ) لاشتمالها على ضمير مستتر ، تقديره ( هو ) يعود إلى الاسم الموصول .
ومن ذلك قولك : الذين ينتصرون فيفرحُ المسلمون المجاهدون في سبيل الله . فجملة ( يفرح المسلمون ) لاتصلح أن تكون صِلَة ؛ لخلوِّها من العائد (الضمير) وهي معطوفة بالفاء على جملة (ينتصرون) وهي صلة , والعائد (واو الجماعة) .
ولا يصلح هنا في هذه الأمثلة غير الفاء من حروف العطف , فلو قلت : ويغضب زيد , أو: ثمَّ يغضب زيد ,لم يَجُز ؛ لأن الفاء تدلّ على السَّبَبِيَّة فاسْتُغْنِي بها عن العائد , أما إذا قلت : الذي يطيرُ ويغضبُ منه زيدٌ الذبابُ , فجائز لأنك أَتَيْتَ بالضمير الرَّابط .
* جملة الصَّلة لا بدَّ مِنْ أَنْ تشتمل على ضمير يعود إلى الاسم الموصول *
معنى حَتَّى
وشروطها
بَعْضاً بِحَتَّى اعْطِفْ عَلَى كُلٍّ وَلاَ يَكُونُ إِلاَّ غَايَةَ الَّذِى تَلاَ(1/131)
س8- اذكر معنى حتَّى , وما شروط العطف بها ؟
ج8- معنى حتَّى : الدَّلالة على أنّ المعطوف بَلَغَ الغاية في الزَّيادة ، أو النَّقص بالنَّسبة للمعطوف عليه .
وشروط العطف بها ثلاثة , هي :
1- أن يكون المعطوف اسماً مفرداً , لا جملة .
2- أن يكون المعطوف بعضاً حقيقيا من المعطوف عليه , أو كالبعض منه (أي: شبيها بالبعض) فالبعض الحقيقي , نحو : أكلت السمكةَ حتّى رأسَها . فالرأس جزء حقيقي من السَّمكة , ونحو : مات الناسُ حتى الأنبياءُ . فالأنبياء جزء من الناس , ونحو : قَدِمَ الحجاجُ حتى الْمُشَاةُ .
والشَّبيه بالبعض , نحو : أعجبني الإمامُ حتى حديثُه . فحديثه شبيه بالبعض ؛ لِشدَّة اتِّصاله بالمعطوف عليه ( الإمام ) .
3- أن يكون المعطوف غاية في زيادة ، أو نقص .
فالزيادة , نحو : مات الناسُ حتى الأنبياء ، فالأنبياء بلغوا الغايه في الزَّيادة على الناس في كل شيء .
والنّقص , نحو : قدم الحجاجُ حتى المشاةُ ؛ لأنّ المشَاةَ أقلّ من الحجاج , ونحو : منع البخيلُ مالَه حتى الريالَ . فالريال بلغ الغاية في النَّقص بالنّسبة للمعطوف عليه ( ماله ) .
* وقد اجتمع الأمران الزيادة ، والنّقص في قول الشاعر :
قَهَرْنَاكُمُ حَتَّى الكُمَاةَ فَأَنْتُمُ تَهَابُونَنَا حَتَّى بَنِينَا الأَصَاغِرَا
الشَّاهد الأول : قهرناكم حتى الكماةَ . فالمعطوف ( الكماة ) وهم الفُرسان المسَلَّحُون بلغوا الزيادة بالنَّسبة إلى المعطوف عليه الضمير ( كم ) والفرسان جزء من الضمير .
الشاهد الثاني : تهابوننا حتى بنينا . فالمعطوف (بنينا) وهم الصَّغار بلغوا النّقص بالنسبة إلى المعطوف عليه الضمير (نا) وهم الرجال ، والبنون جزء من آبائهم.*
حرف العطف أَمْ
... ... ( ... أم المتَّصِلَة )
وَأَمْ بِهَا اعْطِفْ إِثْرَ هَمْزِ التَّسْوِيَهْ أَوْ هَمْزَةٍ عَنْ لَفْظِ أَىٍّ مُغْنِيَهْ
س9- اذكر أقسام أَمْ ؟
ج9- أَمْ على قسمين : 1- مُنْقَطِعَة , سيأتي الكلام عليها .(1/132)
2- مُتَّصِلَة , وهي المقصودة هنا .
س10- ما علامة أَم المتَّصلة ؟
ج10- أم المتّصلة , هي : التي تقع بعد :
أ- همزةِ التَّسْوِيَةِ , نحو: سَوَاءٌ عليَّ أَقُمْتَ أم قَعَدْتَ . ومنه قوله تعالى : * وقوله تعالى : * ونحو: ما أُبَالِي أجِئتَ أم ذهبتَ . وأَمْ هنا بمعنى الواو .
ب- همزةٍ مُغِنيَةٍ عن ( أيّ ) وهي همزة التَّعْيين , نحو : أزيدٌ عندك أم عمرٌو ؟ فالاستفهام بالهمزة هنا لِطَلَب تعيين أحدهما , وقد أغنت الهمزة عن السؤال بأيّ ( أيُّهما عندك ؟ ) ومنه قوله تعالى : * وقوله تعالى:* .
* س11- لماذا سُمَّيت أم مُتَّصلة ؟ وما الفرق بين همزة التسوية , وهمزة التعيين ؟
ج11- سُمَّيت أم مُتَّصلة ؛ لأنّ ما قبلها ، وما بعدها لا يُسْتَغْنىَ بأحدهما عن الآخر . والفرق بين همزة التسوية , وهمزة التعيين يتلخَّص فيما يلي :
1- تقع همزة التسوية بعد لَفْظَة (سواء) وما شابهها , مِثْل : ما أُبَالِي , وما أَدْرِي , وليت شِعْرِى , وغيرهما ؛ ولوقوع الهمزة بعد لفظة سواء , سُمَّيَتْ همزةَ التسوية . أمَّا همزة التعيين فلا يُشترط فيها ذلك .
2- أنّ همزة التسوية لا تَطْلُبُ جواباً ؛ لأنها ليست للاستفهام حقيقة , وأمَّا همزة التعيين فتطلُب جوابا فهي للاستفهام حقيقةً .
3- أن الكلام مع همزة التسوية قابلٌ للتصديق والتكذيب , وأما همزة التعيين فالكلام فيها لا يحتمل الصدق والكذب .
4- أنّ أم الواقعة بعد همزة التسوية لا تقع إلا بين جملتين ، وكلا الجملتين في تأويل مصدر مفرد , ولا يُشترط ذلك في أم الواقعة بعد همزة التعيين .
فقوله تعالى : * تأويله : سواءٌ عليهم الإنذارُ وعدمُه .
وإعراب هذه الآية , كما يلي :
سواء : خبر مقدم .
أأنذرتهم أم لم تنذرهم : الجملة الأولى ( أأنذرتهم ) مؤولة بمصدر (الإنذار) مبتدأ مُؤَخَّر ، والجملة الثانية ( لم تنذرهم ) معطوفة على الأولى .
شرط حذف الهمزة الواقعة قبل
أم المتَّصلة(1/133)
وَرُبَّمَا أُسْقِطَتْ الْهَمْزَةُ إِنْ كَانَ خَفَا الْمَعْنَى بِحَذْفِهَا أُمِنْ
س12- ما شرط حذف الهمزة الواقعة قبل أم المتَّصلة ؟
ج12- يجوز حذف الهمزة سواءٌ أكانت همزة التسوية أم همزة التَّعيين, بشرط أَمْنِ اللَّبْس . فمثال حذف همزة التسوية قراءة ابن مُحَيْصِن :
* بحذف الهمزة مِنْ ( أنذرتهم ) ومثال حذف همزة التعيين ، قول الشاعر :
لَعَمْرُكَ ما أَدْرِي وإنْ كُنْتُ دَارِياً بِسَبْعٍ رَمَيْنَ الْجَمْرَ أَمْ بِثَمَانِ
فقوله : بسبعٍ , حُذفت منه همزة التعيين ؛ لأن معنى الاستفهام لا يخفى بحذفها فهو مفهوم من السَّياق ، والتقدير : أبِسَبْعٍ رَمَيْنَ الجمر أم بثمان ؟ .
أم المنقطعة ، وبيان معناها
وَبِانْقِطَاعٍ وَبِمَعْنَى بَلْ وَفَتْ إِنْ تَكُ مِمَّا قُيِّدَتْ بِهِ خَلَتْ
س13- ما علامة أَمْ المنقطعة ؟ وما سبب تسميتها منقطعة ؟ وما المعنى الذي تُفيده ؟
ج13- أم المنقطعة , هي : التي لم تُسبق بهمزة التَّسوية , ولا همزة التعيين . وهذا هو معنى قوله : " إن تَكُ مما قُيَّدَت به خَلتْ " ( أي : خَلَتْ من همزة التسوية ، وهمزة التعيين ) لأنها واقعة بين جملتين مُسْتَقِلَّتَين .
ومعناها : الإضراب ، مِثْلُ ( بَلْ ) كقوله تعالى : * ( أي : بل يقولون افْتَراه ) ونحو : إنَّها لإَبِلٌ أَمْ شَاهٌ ( أي : بل هي شاةٌ ؟ ) ولابدَّ هنا في مِثل هذا المثال مِنْ تقدير مبتدأ محذوف بعد أم ؛ لأنّ أم المنقطعة لا تدخل إلا على جملة ، كما في الآية السابقة ، وكما في قوله تعالى : *
( أي : بل لَهُ البناتُ ) .
معاني أَوْ
خَيَّرْ أَبِحْ قَسَّمْ بِأَوْ وَأَبْهِمِ وَاشْكُكْ وَإِضْرَابٌ بِهَا أَيْضاً نُمِى
وَرُبَّمَا عَاقَبَتِ الوَاوَ إِذَا لَمْ يُلْفِ ذُو النُّطْقِ لِلَبْسٍ مَنْفَذَا
س14- اذكر معاني أَوْ .
ج14- تُستعمل أَوْ للمعاني الآتية :(1/134)
1- التَّخْيِير , نحو: خُذْ مِنْ مالي دِرهماً أو ديناراً , ونحو: تَزوَّج هنداً أو أُختَها .
2- الإِبَاحَة , نحو : جَالِسْ الْحَسَنَ أو ابنَ سِيرينَ , ونحو : ادرسِ الفقهَ أو الحديثَ .
والفرق بين الإباحة ، والتّخيير : أنَّ الإباحة يمكن فيها الجمع بين الْمُتَعَاطِفَيْنِ , أما التخيير فيمتنع ذلك فيه .
3- التَّقِسيم , نحو : الكلمةُ اسمٌ , أو فعلٌ , أو حرفٌ .
4- الإبْهَام , نحو : جاء زيدٌ أو عمرٌو , إذا عَلِمْتَ بالذي جاء منهما , وقصدْتَ الإبهام على السَّامع . ومن الإبهام قوله تعالى : * وقوله تعالى : * .
5- الشَّك , نحو : جاء زيدٌ أو عمرٌو , إذا كنت شاكّا في الذي جاء منهما . ومنه قوله تعالى : * .
6- الإِضْرَاب ,نحو قوله تعالى: * ( أي : بل يَزِيُدون ) ومنه قول الشاعر :
ماذَا تَرَى في عِيَالٍ قَدْ بَرِمْتُ بِهِمْ لَمْ أُحْصِ عِدَّتَهُمْ إلاَّ بِعَدَّادِ
كانوا ثَمَانِينَ أو زَادُوا ثَمَانِيةً لَوْلاَ رَجَاؤُكَ قَدْ قَتَلْتُ أَوْلاَدِى
( أي : بل زادوا ثمانية ) .
7- قد تُستعمل ( أو ) بمعنى ( الواو ) إذا أُمِنَ اللَّبْس - وهذا مراده من البيت الثاني - وذلك نحو قول الشاعر :
جاءَ الخِلاَفَةَ أوكَانَتْ له قَدَراً كَمَا أَتَى رَبَّهُ مُوسَى عَلَى قَدَرِ
( أي : جاء الخلافة وكانت له قدراً ) فـ ( أو ) هنا بمعنى ( الواو ) وذلك لأنها مفهومة ... واضحة المعنى لا تُوقِعُ السَّامع في لَبْسٍ .
... ... ... ... ... ... ... ... ...
معاني إمَّا المسْبُوقة بِمِثْلِهَا
وَمِثْلُ أَوْ فى القَصْدِ إِمَّا الثَّانِيَهْ فى نَحْوِ إِمَّا ذِى وَإِمَّا النَّائِيَهْ
س15- ما مراد الناظم بهذا البيت ؟
ج15- مراده : أنّ إما الثانية المسبوقة بـ ( إِمَّا ) مثلها تُفيد باتَّفاق ما تُفيده
( أو ) فتكون : 1- للتّخيير , نحو : خُذْ من مالي إمَّا درهماً وإِمَّا ديناراً .
ومنه قوله تعالى : * .
2- للإباحة , نحو : جالسْ إمّا الحسنَ وإما ابنَ سِيرينَ .(1/135)
3- للتقسيم , نحو : الكلمة إمَّا اسم ، وإمَّا فعلٌ ، وإما حرف .
ومنه قوله تعالى : * .
4- للإبهام ، والشّك , نحو : جاء إمَّا زيدٌ وإما عمرٌو , فهو للإبهام على السّامع إنْ عرفْت الجائِي , وللشّك إنْ شَكَكْتَ فيه . ومن الإبهام قوله تعالى :
* .
( م ) ولا تأتي إمَّا بمعنى ( الواو ) ولا بمعنى ( بل ) للإضراب . ( م )
س16- اذكر موضع الخلاف في ( إمَّا ) الثانية .
ج16- اختلفوا في إمَّا الثانية : أهي للعطف أم لا ؟
فقيل : إنها مثل ( أو ) في المعنى والعطف . وهو مذهب أكثر النحويين , فتكون ( إمَّا ) قد عطفت الاسم على الاسم و ( الواو ) عطفت إمَّا على إمَّا .
وقيل : إنها مثل ( أو ) في المعنى فقط , وليست للعطف ؛ وذلك لدخول الواو عليها , وحرف العطف لا يدخل على حرف العطف . وهذا مذهب يونس , والفارسي , وابن كَيْسَان , ووافقهم النَّاظم , بقوله : " ومثلُ أو في القَصْد " ،
( أي : في المعنى ) .
( م ) فهم مُتَّفِقُون على أنّ ( إمَّا ) الثانية بمعنى أو , ومختلفون في كونها عاطفة أو غير عاطفة . ولا خلافَ بينهم في أنّ ( إمًّا ) الأولى ليست عاطفة . ( م )
( م ) س17- هل يجوز حذف إمَّا الثانية ؟
ج17- يجوز حذفها إذا اسْتُغِْنيَ عنها بِذِكْرِ ما يُغْني عنها , نحو : إمَّا أَنْ تَتَكَلَّمَ بخيرٍ وإلاَّ فَاسْكُتْ .
وقد تُحذَف الأولى , كما في قول الشاعر :
تُلِمُّ بِدَارٍ قَدْ تَقَادَمَ عَهْدُها وإِمَّا بِأَمْوَاتٍ أَلَمَّ خَيَالُهَا
( أي : تُلِمُّ إِمَّا بدارٍ ....وإمّا بأمواتٍ ) .
لَكِنْ , ولا
شروطهما
وَأَوْلِ لَكِنْ نَفْياً أَوْ نَهْياً وَلاَ نِدَاءً أَوْ أَمْراً أَوِ اثْبَاتاً تَلاَ
س18- متى تكون لكنْ عاطفة ؟ وما معناها ؟
ج18- تكون لكنْ عاطفة بشروط ثلاثة :
1- أَنْ تقع بعد نفي ، أو نهي .
2- أن يكون المعطوف بها مفرداً .
* 3- ألاَّ تقترن بالواو . *(1/136)
وذلك ، نحو : ما ضربت زيداً لكنْ عمراً ، ونحو : لا تضربْ زيداً لكنْ عمراً .
* فإن لم تُسبق بنفي ، أو نهي , نحو : قام زيدٌ لكنْ عمرٌولم يَقُم , أو كان ما بعدها جملة , نحو : ما جاء زيدٌ لكنْ جاء عمرٌو , أو اقترنت بالواو , كما في قوله تعالى : * فهي حينئذ حرف ابتداء , وليست للعطف . *
ومعناها : تقرير الحكم لما قبلها , وإثبات ضِدَّه لما بعدها , فقولك: ما ضربت زيداً لكن عمراً , تقرير لنفي الضرب عن زيد , وإثباته لعمرو .
س19- متى تكون لا عاطفة ؟ وما فائدتها ؟
ج19- تكون لا عاطفة بشرطين :
1- أن تُسبق بِإثْباتٍ , أو أَمْرٍ , أو نِدَاءٍ .
2- أن يكون المعطوف بها مفرداً .
فمثال الإثبات : جاء زيدٌ لا عمرٌو .
ومثال الأمر: جالسِ العُلماءَ لا الْجُهَلاَءَ ، ومثال النداء : يازيدُ لا عمرُو .
ولا يُعطف بـ ( لا ) بعد النفي ؛ فلا يُقال : ما جاء زيدٌ لا عمرٌو .
* وفائدتها: إخراج ما بعدها من حكم ما قبلها, فإذا قلت: جاء زيدٌ لا عمرٌو , أخرجتَ ( عمرو ) من حكم المجيء , وأَثْبَتَّه لـ ( زيد ) . *
بَلْ
شروطها ، ومعناها
وَبَلْ كَلَكِنْ بَعْدَ مَصْحُوبَيْهَا كَلَمْ أَكْنْ فى مَرْبَعٍ بَلْ تَيْهَا
وَانْقُلْ بِهَا لِلثَّانِ حُكْمَ الأَوَّلِ فى الْخَبَرِ الْمُثْبَتِ وَالأَمْرِ الْجَلِى
س19- متى تكون بَلْ عاطفة ؟ وما معناها ؟
ج19- تكون بَلْ عاطفة بشرطين :
1- أن يكون معطوفها مفرداً 2- أن تقع بعد نفي ، أو نهي , أو إثبات .
ومعناها مثل لكنْ في أنَّها تقرَّر الحكم لما قبلها وتُثْبِت ضِدَّه لما بعدها , وذلك إذا وقعت بعد النفي ، أو النَّهي . وهذا هو معنى قوله : " وبل كلَكِنْ بعد مصحوبيها " والمراد بمصحوبيها (النفي ، والنَّهي) نحو:لم أكنْ في مَرْبَعٍ بل تَيْهَاء. ( المربع : اسم مكان يُنْزَلُ فيه وقت الربيع , والتيهاء : الصحراء )
ونحو : لا تضرب زيداً بل عمراً .(1/137)
فإذا وقعت بعد الإثبات , أو الأمر أفادت حينئذٍ الإِضْرَاب , وهو : ترك الحكم عن الاسم الذي قبلها ونقله إلى ما بعدها , نحو : قام زيدٌ بل عمرٌو ، ونحو : اضربْ زيداً بل عمراًَ , فتُرِكَ الأمرُ بضربِ ( زيد ) ونُقِلَ إلى ( عمرو ) فيصير الأوّل ( زيد ) كأنّه مَسْكُوتٌ عنه . وهذا هو المراد بالبيت الثاني .
* أمّا إذا كان ما بعدها جملة فهي حرف ابتداء يفيد الإضراب , وليست للعطف , كما في قوله تعالى: * ( أي : بل هم عبادٌ مُكرمون ) . *
بيان الحكم إذا عُطِفَ على
ضمير الرفع المتَّصل
وَإِنْ عَلَى ضَمِيرِ رَفْعٍ مُتَّصِلْ عَطَفْتَ فَافْصِلْ بِالضَّمِيرِ الْمُنْفَصِلْ
أَوْ فَاصِلٍ مَا وَبِلاَ فَصْلٍ يَرِدْ فى النَّظْمِ فَاشِياً وَضَعْفَهُ اعْتَقِدْ
س20- ما الحكم إذا عُطِف على ضمير الرفع المتَّصل ؟
ج20- إذا عُطِف على ضمير الرفع المتصل وجب أن يُفصل بينه وبين المعطوف عليه ، ويكون الفصل كثيراً بـ ( الضمير المنفصل ) كما في قوله تعالى :
* فقوله ( آباؤكم ) معطوف على ضمير الرفع المتّصل في ( كنتم ) وقد فُصِل بينهما بالضمير المنفصل (أنتم). وهذا هو مراد الناظم بالبيت الأول .
وضمير الرفع المستتر في وجوب الفصل كالمتصل ؛ تقول : اضربْ أنت وزيد .
ومنه قوله تعالى : * اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فزوجك : معطوف على الضمير المستتر في ( اسكنْ ) وصحَّ ذلك ؛ لأنه قد فُصِلَ بينهما بالضمير المنفصل
( أنت ) .
وأشار الناظم بقوله : " وبلا فصل يرد ... إلخ " إلى أنه قد ورد العطف على ضمير الرفع المستتر في الشَّعر كثيراً , وفي النَّثْر قليلا بِلاَ فَصْل , كقول الشاعر :
قُلْتُ إِذْ أَقْبَلَتْ وَزُهْرٌ تَهَادَى كَنِعَاجِ الفَلاَ تَعَسَّفْنَ رَمْلاَ(1/138)
فالشاهد ، قوله: أقبلتْ وزهرٌ ، فقد عطف ( زهر ) على ضمير الرفع المستتر في ( أقبلتْ ) من غير أن يُفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بالضمير المنفصل , أو بغيره ، وذلك ضعيف عند جمهور العلماء , وقد ورد ذلك في النثر قليلا , حكى سيبويه : مررت برَجُلٍ سَوَاءٍ والعَدَمُ , برفع ( العدمُ ) بالعطف على الضمير المستتر في ( سواء ) ولم يُفصل بينهما بشيء .
ويجوز الفصل بشيء آخر غير ضمير الرفع المتّصل , وهذا هو معنى قوله :
" أو فاصلٍ ما " ، نحو : أكرمتك وزيد , فزيد : معطوف على ضمير الرفع المتّصل ( التاء ) في أكرمتك , وقد فُصل بينهما بضمير النصب المتّصل (الكاف) وهو مفعول به , فَفُصِل بين العاطف والمعطوف عليه بالمفعول به . ومنه قوله تعالى : * فقوله : ( ومَنْ صَلَحَ ) معطوف على واو الجماعة في يدخلونها , وقد فُصِل بينهما بالمفعول به ( الهاء ) وهو ضمير نصب متّصل .
ويجوز كذلك الفصل بـ ( لا ) النافية , كما في قوله تعالى : * فآباؤنا : معطوف على الضمير ( نا ) وقد فُصل بينهما بحرف النفي ( لا ) .
س21- ما الحكم إذا عُطِف على ضمير الرفع المنفصل ؟ وما الحكم إذا عُطِف على ضمير النصب المتّصل ، أو المنفصل ؟
ج21- العطف على ضمير الرفع المنفصل لا يحتاج إلى فصل , نحو :
زيدٌ ما قام إلا هو وعمرٌو .
وكذلك العطف على ضمير النصب المتّصل ، والمنفصل لا يحتاج إلى فصل ,
نحو : زيدٌ ضربتُه وعمراً ، ونحو : ما أكرمتُ إلا إياك وعمراً .
وهذا مفهوم ومعلوم من كلام الناظم ؛ لأنه ذَكَرَ : أنّ الذي يحتاج إلى فصل هو ضمير الرفع المتَّصل .
العطف على ضمير الجر
وَعَوْدُ خَافِضٍ لَدَى عَطْفٍ عَلَى ضَمِيرِ خَفْضٍ لاَزِماً قَدْ جُعِلاَ
وَلَيْسَ عِنْدِى لاَزِماً إِذْ قَدْ أَتَى فى النَّثْرِ وَالنَّظْمِ الصَّحِيحِ مُثْبَتَا
س22- ما الحكم إذا عطف على ضمير الجر ؟
ج22- العطف على ضمير الجرَّ ، فيه مذهبان :(1/139)
1- مذهب جمهور النحاة : أنه لا يُعطف على الضمير المجرور إلا بإعادة الجار سواء أكان الجارُّ حرفاً , نحو قوله تعالى : * فحرف الجر ( اللام ) المتّصل بالضمير ( الهاء ) أعيد في المعطوف
( للأرض ) ومنه قوله تعالى : * .
أوكان الجارُّ اسماً , نحو قوله تعالى : * بإعادة المضاف ( إله ) ولا يجوز عندهم ، قولك : مررت بكَ وزيدٍ , بدون إعادة حرف الجر . وأشار الناظم إلى هذا المذهب في البيت الأول .
2- مذهب الكوفيين ، والأخفش , وتبعهم ابن مالك : أن إعادة الجار ليس بلازم ؛ لورود ذلك في الشِّعر والنَّثر , فمن النَّثر قراءة حمزة ، وابن عباس :
* بجر( الأرحام ) عطفا على (الهاء) المجرورة بالباء , بدون إعادة الباء .
ومن الشعر قول الشاعر :
فَالْيَومَ قَرَّبْتَ تَهْجُونَا وتَشْتِمُنَا فَاذْهَبْ فَمَا بِكَ والأَيَّامِ مِنْ عَجَبِ
بجر ( الأيام ) عطفاً على ( الكاف ) المجرورة بالباء , بدون إعادة الباء .
وهذا المذهب هو مراد الناظم بالبيت الثاني .
حذف الفاء , والواو مع معطوفهما
وانْفِرَاد الواو بعطف عامل محذوف
وَالْفَاءُ قَدْ تُحْذَفُ مَعْ مَا عَطَفَتْ وَالوَاوُ إِذْ لا لَبْسَ وَهْىَ انْفَرَدَتْ
بِعَطْفِ عَامِلٍ مُزَالٍ قَدْ بَقِى مَعْمُولُهُ دَفْعاً لِوَهْمٍ اتُّقِى
س23- ما حكم حذف الفاء , والواو مع معطوفهما ؟ وما شرط الحذف ؟
ج23- يجوز حذف الفاء,والواو مع معطوفهما , بشرط الدَّلالة على المحذوف , كما في قوله تعالى : * والتقدير: مَنْ كان منكم مريضاً فَأَفْطَرَ فعليه عِدَّة من أيام أخر, فَحُذِف المعطوف ( أفطر ) والفاء الداخلة عليه ، أما ( الفاء ) في ( فعليه ) فهي رابطة لجواب الشرط ( مَنْ ) . ومِنْه قوله تعالى : * ( أي : فَضَرَبَ فانفجرت ) .
ومِنْ حَذْفِ الواو مع المعطوف , قولهم : * رَاكِبُ النَّاقَةِ طَلِيحَانِ
( أي : راكب الناقة والناقة طليحان ) . معنى طليحان : ضعيفان .(1/140)
ومنه قوله تعالى : * ( أي : والبَرْدَ ) .
( م ) ويجوز كذلك حذف حرف العطف ( أَمْ ) مع معطوفها ، كما في قول الشاعر :
دَعَانِى إِلَيْهَا القَلْبُ إِنَّى لأَمْرِهِ سَمِيعٌ فَمَا أَدْرِى أَرُشْدٌ طِلاَبُهَا
والتقدير : أرشدٌ طِلابها أَمْ غَيٌّ ، فحذفت ( أم ) مع معطوفها ؛ لدلالة الكلام السابق عليه . ( م )
س24- بم انْفَرَدَتْ الواو من بين حروف العطف ؟
ج24- انفردت الواو وحدها من بين حروف العطف بجواز عطفها عاملا محذوفا بَقِيَ معموله ,كما في قول الشاعر :
إِذَا مَا الغَانِيَاتُ بَرَزْنَ يَوْماً وَزَجَّجْنَ الْحَوَاجِبَ والعُيُونَا
فقد عطف الشاعر بالواو عاملا محذوفا قد بقي معموله , فالعامل المحذوف تقديره : ( وكَحَّلْنَ ) وهو معطوف على ( زَجَّجْنَ ) وأبقى معموله وهو المفعول به ( العيونَ ) . وقد سبق ذِكْرُ هذه المسألة في س5 .
حكم حذف المعطوف عليه
وحكم عطف الفعل على الفعل
وَحَذْفَ مَتْبُوعٍ بَدَا هُنَا اسْتَبِحْ وَعَطْفُكَ الْفِعْلَ عَلَى الْفِعْلِ يَصِحْ
س25- ما حكم حذف المعطوف عليه ؟
ج25- يجوز حذف المعطوف عليه بالواو ، والفاء بشرط الدلالة عليه , وجُعِل منه قوله تعالى : * قال الزَّمَخْشَريُّ : التقدير : ألم تأتِكم آياتي فلم تكنْ تُتلى عليكم , فحذف المعطوف عليه , وهو: ألم تأتكم . ومنه قولك : وبك وأهلا وسهلا , جوابا لمن قال لك : مرحباً ، والتقدير : مرحباً بك . ومنه قوله تعالى: *
( أي: أَعَمَوْا فلم يَرَوْا إلى مابين أيديهم ) .
س26- ما حكم عطف الفعل على الفعل ؟
ج26- العطف ليس مُخْتَصًّا بالأسماء , بل يكون في الأسماء , وفي الأفعال كذلك , بشرط اتَّحاد زمانيهما سواء اتَّحد نوعهما , أم اختلفا .
فمثال اتِّحاد النوع قوله تعالى : * فكلا
الفعلين مضارع .
ومثال اختلاف النوع قوله تعالى : *(1/141)
فيقدم : فعل مضارع ، وأوردهم : فعل ماضٍ زمنه المستقبل ( أي : فيُورِدُهم ) ونحو : يقومُ زيدٌ ويقعدُ , وجاء زيدٌ ورَكِبَ , واضْرِبْ زيداً وقُمْ .
فالشرط إذاً هو : اتِّحاد الزَّمن ، وإنْ اختلف اللفظ .
حكم عطف الفعل على اسمٍ يُشْبِهُه ، والعكس
وَاعْطِفْ عَلَى اسْمٍ شِبْهِ فِعْلٍ فِعْلاَ وَعَكْساً اسْتَعْمِلْ تَجِدْهُ سَهْلاَ
س27- ما حكم عطف الفعل على اسم يشبهه ؟ وما حكم عطف الاسم المشبه للفعل على الفعل ؟
ج27- يجوز أنْ يُعطف الفعل على الاسم الْمُشْبِه للفعل في المعنى (كاسم الفاعل , واسم المفعول , والصَّفة المشَبَّهَة ) كما في قوله تعالى : * فقد عُطِف الفعل ( أَثَرْنَ ) على اسم الفاعل ( المغيرات ) .
وجُعِل منه قوله تعالى : * ومنه قوله تعالى : * .
كما يجوز أنْ يُعطف الاسم المشبه للفعل على الفعل , كما في قول الشاعر :
فَأَلْفَيْتُهُ يَوْماً يُبِيرُ عَدُوَّهُ ومُجْرٍ عَطَاءً يَسْتَحِقُّ الْمَعَابِرَا
فاسم الفاعل ( مُجْرٍ ) معطوف على الفعل ( يُبِيرُ ) .
ومنه قول الشاعر :
بَاتَ يُغَشَّيهَا بِعَضْبٍ بَاتِرِ يَقْصِدُ فى أَسْوُقِهَا وجَائِرِ
فاسم الفاعل ( جائرِ ) معطوف على الفعل ( يَقْصِدُ ) .
* س28- كيف يُشْبهُ اسمُ الفاعلِ الفعلَ ؟
ج28- اسم الفاعل يُوافِقُ مُضَارِعَه المبني للمعلوم في ( المعنى ، واللفظ ) فكلاهما في المعنى يصلح للحال والمستقبل , فـ ( مُقَاْتِل ) بمعنى ( يُقَاْتِل ) .
وإذا تأملت الحركات , والسَّكَنَات ، والأحرف الأصلية , وأحرف الزيادة ، وجدتها واحدة , وهذه هي المشابهة اللفظية .
وكذلك اسم المفعول يُوَافق الفعل المبني للمجهول في المعنى , وتأمَّل (مَضْرُوبٌ) و( يُضْرَبُ ) فهما بمعنى واحد ، وكذلك الصَّفَة المشبهة توافق فعلها اللازم , وتأمَّل ( فَرِحٌ ) و( فَرِحَ ) و(حَسَنٌ ) و ( حَسُنَ ) .
---
البَدَلُ
تعريفه(1/142)
التَّابِعُ الْمَقْصُودُ بِالْحُكْمِ بِلاَ وَاسِطَةٍ هُوَ الْمُسَمَّى بَدَلاَ
س1- عرَّف البدل , وما الذي يخرج من هذا التعريف ؟
ج1- البدل , هو : التَّابع المقصود بالْحُكْمِ بلا واسطة .
فالتابع : يشمل جميع التَّوابع ، وبقولنا : المقصود بالحكم ، يخرج النعت , والتوكيد , وعطف البيان ؛ لأنها ليست مقصودة بالحكم , وإنَّما هي مُكَمَّلة للمقصود بالحكم , وهو ( المتبوع ) .
وبقولنا : بلا واسطة ، يخرج عطف النَّسق ؛ لأنه تابع بواسطة حرف العطف .
وقد يكون من عطف النَّسق ما هو مقصود بالحكم ,كما في المعطوف بـ (بل) و(لكنْ) وذلك بعد الإثبات , نحو : جاء زيدٌ بل عمرٌو , فالمقصود بالحكم وهو المجيء ( عمرٌو ) ولكنه تابع بواسطة حرف العطف ( بل ) .
أمّا البدل فهو مقصود بالحكم بلا واسطة , نحو : جاء أخوك محمدٌ . فمحمدٌ : بدل مقصود بالحكم وهو نِسْبة المجيء إليه بلا واسطة بينه وبين متبوعه (أخوك).
أنوا ع البدل
مُطَابِقاً أَوْ بَعْضاً أَوْ مَا يَشْتَمِلْ عَلَيْهِ يُلْفَى أَوْ كَمَعْطُوفٍ بِبَلْ
وَذَا لِلاِضْرَابِ اُعْزُ إِنْ قَصْداً صَحِبْ وَدُونَ قَصْدٍ غَلَطٌ بِهِ سُلِبْ
كَزُرْهُ خَالِداً وَقَبَّلْهُ الْيَدَا وَاعْرِفْهُ حَقَّهُ وَخُذْ نَبْلاً مُدَى
س2- اذكر أنواع البدل ، مع التمثيل لكل نوع .
ج2- البدل أربعة أنواع ، هي .
1- بَدَلُ كُلٍّ من كُلٍّ ، ويُسَمَّى البدلَ الْمُطَابِقَ ؛ لأنه مطابق للمبدَل منه ، ومُسَاوٍ له في المعنى ، نحو : مررت بأخيك زيدٍ ، ونحو : زُرْه خالداً . فخالداً : بدل مطابق من ( الهاء ) في ( زُرْهُ ) ومنه قوله تعالى : * فصراط الذين : بدل مطابق من الصراط المستقيم ؛ لأن الصراط المستقيم ، وصراط الْمُنْعَمِ عليهم متطابقان في المعنى ، فهما يَدُلاَّنِ على معنى واحد .(1/143)
2- بدلُ بَعْضٍ من كُلٍّ . ويُشترط أن يكون البدل جزءًا حقيقيا من المبدل منه، وأن يكون في البدل ضمير يعود إلى المبدل منه مذكور في الكلام ، نحو : أكلتُ الرغيفَ ثُلُثَه ، وقد يكون الضمير مقدَّراً ، نحو قوله تعالى : * فـ (مَنْ ) بدل من ( الناس ) والتقدير ( من استطاع منهم ) ومنه قول الناظم : قَبَّلْه اليدَ ( أي : قبَّلْه يدَه ، أو اليدَ منه ) .
3- بدلُ الاشْتِمَالِ . وهو أن يكون البدل شيئاً مِمَّا يشتمل عليه المبدَل منه . ويُشترط أَلاَّ يكون البدل جزءاً حقيقيا من المبدَل منه ، وأن يشتمل على ضمير يعود إلى المبدَل منه ، نحو : أعجبني زيدٌ عِلْمُه . فعلمُه: بدل اشتمال من (زيد) لأن زيداً يشتمل على أشياء كثيرة منها : العِلْمُ .
ومنه قوله تعالى : * فقِتال : بدل اشتمال من الشهر الحرام . ومنه قول الناظم : اعْرِفْهُ حَقَّه .
4- البدلُ الْمُبَايِنُ . وهو المراد بقوله : " أو كمعطوفٍ بِبَل" وهو قسمان ، أشار إليهما الناظم في البيت الثاني ، وهما :
أ- بدلُ الإضْرَابِ ، ويُسَمَّى بدل : البَدَاء ( أي : الظُّهور ) والمراد : ظهور الصَّوَاب بعد خَفَائِه . وإلى هذا النوع أشار الناظم بقوله : " وذا للإِضْرَابِ إِنْ قصْداً صَحِبْ " والمعنى : أن يكون المبدل منه والبدل مقصودين قَصْداً صحيحا، نحو : سَافِرْ بالقطارِ بالسيارةِ ، فقد قَصَد المتكلم أن ينصح المخاطَب بالسَّفر بالقطار ، ثم بَدَا له أنّ السَّفر بالسيارة أفضل ، فَأَضْرَبَ عن القطار إلى السيارة .
ب- بدلُ الغَلَطِ . وهو مراد الناظم بقوله : " ودُونَ قَصْدٍ غَلَطٌ به سُلِب " والمعنى : أن يكون المتكلمُ قَصَدَ أن يَذْكُرَ البدل لكنّه غلط فذكر ( المبدل منه ) فتنبَّه إلى غلطه فذكر ( البدل ) نحو : أكلتُ خُبزاً تمراً ، فأنتَ ذكرتَ ( خبزاً ) وهو غير مقصود ولكن سبق اللسان إلى ذِكره ، ثم صَحَّحْتَ وذكرت المقصود، وهو البدل ( تمراً ) .(1/144)
* وهناك قِسْمٌ ثالث ، هو : بدلُ النَّسْيَانِ ، وقد جعله الناظم ، وكثير من النحويين مع بدل الغلط ، فالبدل المباين عندهم قسمان فقط .
وهو في حقيقته كبدل الغلط ، والفرق بينهما : أن الغلط يتعلَّق باللسان ، أما النَّسيان فيتعلَّق بالْجَنَان ( القَلْب ) نحو: صليت الظهرَ العصرَ في المسجد النَّبَويَّ، فأنت ذكرت ( الظهر ) ليس غلطا منك ، بل نِسيانا ، ثم تذكّرت الصواب ، وهو ( العصر ) . *
ومثال الناظم : " خُذْ نَبْلاً مُدَى " يصلح للأقسام الثلاثة في البدل المباين ، فإنْ قصدت ( النَّبل ) وهو السَّهم ، ثم أضربتَ إلى ( مُدَى ) جمع مُدْيَة ، فهو بدل إضراب ؛ وإن قصدت ( المدى ) ولكنك أخطأت فذكرت
( النَّبْل ) فهو بدل غلط ، وإن قصدت ( المدى ) ولكنك نَسِيت ، ثم تذكّرت الصواب فذكرت ( النَّبْل ) فهو بدل نِسْيَان .
شرط إبدال الاسم الظاهر من ضمير الحاضر
وَمِنْ ضَمِيرِ الْحَاضِرِ الظَّاهِرَ لاَ تُبْدِلْهُ إِلاَّ مَا إِحَاطَةً جَلاَ
أَوِ اقْتَضَى بَعْضاً أَوِ اشْتِمَالاَ كَإِنَّكَ ابْتِهَاجَكَ اسْتَمَالاَ
س3- ما شرط إبدال الاسم الظاهر من ضمير الحاضر ؟
ج3- لا يبدل الاسم الظاهر من ضمير الحاضر ( أي : المتكلَّم ، أو المخاطَب ) إلا بشرط ، هو : أن يكون البدلُ بدلَ كلّ من كلّ ، وأنْ يكون مفيداً للإحاطة والشُّمول ، أو يكون بدل اشتمال ، أو بدل بعض من كلّ .
فمثال بدل كلّ من كلّ ، قوله تعالى : * فَأوَّلِنَا : بدل كلّ من ضمير المتكلم المجرور باللام ( نا ) وقد أفاد البدل الشمول والإحاطة في قوله تعالى : * ( أي : لِجَمِيعِنَا ) ومثله قولك : نجحتم ثلاثَتُكُم . فثلاثة : بدل كلّ من الضمير ( التاء ) .
أما إذا لم يُفِد الإحاطة والشمول فيمتنع الإبدال من ضمير الحاضر ، نحو : رأيتك زيداً .
ومثال بدل الاشتمال ، قول الشاعر :
ذَرِينِي إنَّ أَمْرَكِ لَنْ يُطَاعَا ومَا أَلْفَيْتِنِى حِلْمِى مُضَاعَا(1/145)
فقد أبدل الشاعر الاسم الظاهر (حلمى) من ضمير المتكلم ( الياء ) في ألفيتني ، وهو بدل اشتمال . ومنه قول الناظم : " كإِنَّك ابتهاجَك استمالا " فابتهاج بدل اشتمال من اسم إنّ ضمير المخاطب ( الكاف ) .
ومثال بدل بعض من كلّ ، قول الشاعر :
أَوْعَدَنِى بالسَّجْنِ والأَدَاهِمِ رِجْلِى فَرِجْلِى شَثْنَةُ الْمَنَاسِمِ
فقد أبدل الاسم الظاهر ( رجلى ) من ضمير المتكلم ( الياء ) في أوعدنى ، وهو بدل بعض من كل . ومنه قولك : عالجني الطبيبُ أسناني . فأسناني : بدل بعض من ضمير المتكلم ( الياء ) في عالجني . وإلى هذين النوعين ( بدل بعض من كلّ ، والاشتمال ) أشار الناظم بقوله : " أو اقتضى بعضا أو اشتمالا " .
س4- ما الذي يجوز إبداله بدون شرط ؟
ج4- يجوز إبدال الاسم الظاهر من الظاهر مطلقا ، نحو : أعجبني المعلمُ خُلُقُه .
ويجوز إبدال الاسم الظاهر من ضمير الغائب مطلقا ، نحو : زره خالداً ، ونحو قوله تعالى : * فالذين : بدل من الضمير (واو الجماعة) في أَسَرُّوا .
ولا يجوز إبدال الضمير من الضمير ، وأما نحو : قمتَ أنت ، فهو توكيد .
البدل من اسم الاستفهام
وَبَدَلُ الْمُضَمَّنِ الْهَمْزَ يَلِى هَمْزاً كَـ مَنْ ذَا أَسَعِيدٌ أَمْ عَلِى
س5- ما مراد الناظم بهذا البيت ؟
ج5- مراده : أنّ المبدل منه قد يكون اسم استفهام متضمَّن معنى همزة الاستفهام . وهذا هو معنى قوله : "وبدل المضمَّن الهمز " ( أي : المتضمن معنى همزة الاستفهام ) فإذا أبدل من اسم الاستفهام وجب دخول همزة الاستفهام على البدل . وهذا معنى قوله : "يلي همزا" ، نحو : مَنْ ذا أسعيدٌ أم عليٌّ ؟
ونحو : ما تفعلُ أخيراً أم شرًّا ، ونحو : متى تأتينا أغداً أم بَعْدَ غدٍ ( فمَنْ ، وما ، ومتى ) أسماء استفهام تؤدي معنى همزة الاستفهام ؛ ولذا دخلت همزة الاستفهام على البدل وجوبا .
إبدال الفعل من الفعل(1/146)
وَيُبْدَلُ الفِعْلُ مِنَ الْفِعْلِ كَـ مَنْ يَصِلْ إِلَيْنَا يَسْتَعِنْ بِنَا يُعَنْ
س6- ما حكم إبدال الفعل من الفعل ؟
ج6- يجوز إبدال الفعل من الفعل ، ويشمل جميع أنواع البدل .
فمثال بدل الاشتمال ، قوله تعالى : * فالفعل ( يُضاعفْ ) بدل اشتمال من ( يلقَ ) .
ومنه قول الناظم : من يصلْ إلينا يستعنْ بنا يُعَنْ . فالفعل يستعنْ بدل اشتمال من ( يصلْ ) .
ومنه قول الشاعر : إنَّ عَلَىَّ اللهَ أَنْ تُبَايِعَا تُؤْخَذَ كَرْهاً أَوْ تَجِىءَ طَائِعَا
فقوله : تؤخذَ ، بدل اشتمال من ( تُبايعا ) لأن الأخذَ كرهاً صفة من صفات كثيرة تشملها المبايَعَة .
* ومثال بدل كلّ من كلّ ، قولك: إنْ جئتني تمشِ إليَّ أُكْرِمْك . فالفعل (تمشِ) بدل كل من ( جئتني ) لأن المجىء هو نفس المشي .
ومثال بدل بعض من كل ، قولك: إنْ تُصَلَّ تسجدْ لله يرحمْك . فالفعل (تسجدْ) بدل بعض من تصلَّ ؛ لأن السجود بعض من الصلاة .
وقيل : هذا بدل اشتمال ؛ لأن الصلاة تشتمل على السجود .
ولا يبدلُ الفعلُ من الفعلِ بدل بعض من كلّ .
أما بدل المباين ( بدل الغلط ) فقد جوَّزه سيبويه ، وجماعة من النحويين ، ومثاله قولك : إنْ تُطْعِمْ زيداً تَكْسُه ثوباً يشكرْك . فتَكْسُه : بدل غلط من
( تُطعمْ ) . *
( م ) س7- ماالدليل على أنّ إبدال الفعل من الفعل ليس من قَبِيل إبدال الجملة من الجملة ؟
ج7- اعلم أولا أنّه يجوز إبدال الجملة من الجملة ،كما في قوله تعالى :
* فأمدّكم الثانية بدل بعض من أمدّكم الأولى .
أمّا بالنسبة لإبدال الفعل من الفعل فهو من قَبِيل إبدال فعل مفرد من فعل مفرد، وليس من الجملة المكوَّنة من الفعل والفاعل ، والدليل على ذلك أنّ الفعل (البدل) جاء في الشواهد السابقة في ( س6 ) منصوباً ، أومجزوماً ، فهو بذلك تابع في إعرابه للمبدل منه .
---
النَّدَاءُ
أنواعه ، وحروف كلَّ نوع
ومواضع استعمال كلَّ حرف(1/147)
وَلِلْمُنَادَى النَّاءِ أَوْ كَالنَّاءِ يَا وَأَىْ وَآ كَذَا أَيَا ثُمَّ هَيَا
وَالْهَمْزُ لِلدَّانِى وَ وَا لِمَنْ نُدِبْ أَوْ يَا وَغَيْرُ وَا لَدَى اللَّبْسِ اجْتُنِبْ
س1- المنادى نوعان ، اذكرهما ، ثم بيَّن حروف كلَّ نوع ، ومواضع استعمال كلَّ حرف.
ج1- المنادى، نوعان : 1- مَنْدُوبٌ 2- غير مندوب . ... ...
فالمندوب ، هو : الْمُتَفَجَّعُ عليه ، نحو : وَازَيْدَاهْ ، أو الْمُتَوَجَّعُ منه ، نحو : وَاظَهْرَاهْ . ... ... ... ... ... ... ... ... ...
وله حرف مشهور ، هو ( وا ) . ويشاركه أيضا حرف النداء ( يا ) بشرط ألاَّ يَلْتَبِسَ المندوب بغير المندوب ، كما في قول الشاعر : ... ... ... ...
حُمَّلْتَ أَمْراً عَظِيماً فَاصْطَبَرْتَ لَهُ وقُمْتَ فِيهِ بِأَمْرِ اللهِ يا عُمَرَا
هذا البيت لرِثَاء عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، واستعمل الشاعر هنا (يا) في النُّدْبَة ؛ ذلك لأنه أَمِنَ اللَّبس ، فعُمر قد مات ، والنَّداء هنا للنُّدبة .
فإن حصل لَبْسٌ تَعَيَّنَتْ ( وا ) وامتنعت ( يا ) .
وقد أشار الناظم إلى النُّدبَة ، وحروفها بقوله : " وَا لِمَن نُدب ... إلى آخر البيت " .
أمَّا المنادى غير المندوب فحروفه ، هي : ( يا ، أَيَا ، هَيَا ، أَيْ ، آ ، أَ ) .
أمَّا الهمزة ( أ ) فَتُستعمل لنداء الدَّانِي ( أي : القريب ) نحو : أزيدُ أَقْبِلْ ، وأمَّا باقي الحروف فتستعمل لنداء النَّائِي ( أي : البعيد ) أو ما في حكمه ، كالنَّائِم ، والسَّاهِي .
وقد أشار الناظم إلى المنادى البعيد ، وما في حكمه ، وإلى المنادى القريب ، بقوله : " وللمنادى النَّاء ... إلى قوله : والهمزُ للدَّانى " .
المواضع التي يمتنع فيها حذف حرف النداء
والمواضع التي يجوز فيها حذفه
وَغَيْرُ مَنْدُوبٍ وَمُضْمَرٍ وَمَا جَا مُسْتَغَاثاً قَدْ يُعَرَّى فَاعْلَمَا
وَذَاكَ فى اسْمِ الجِنْسِ وَالْمُشَارِ لَهْ قَلَّ وَمَنْ يَمْنَعْهُ فَانْصُرْ عَاذِلَهْ(1/148)
س2- ما المواضع التي يمتنع فيها حذف حرف النداء ؟ وما سبب منع الحذف ؟
ج2- يمتنع حذف حرف النداء في المواضع الآتية :
1- نداء المندوب ، نحو : وَامُعْتَصِمَاه .
2- نداء الضمير ، نحو : يا إياكَ قد كَفَيْتُكَ .
ولا يُنادى إلا ضمير المخاطب سواء أكان للنصب ، أم للرفع .
3- نداء المستغاث ، نحو : يا لَلَّهِ لِلْمُسْلِمِينَ .
* وسبب منع حذف حرف النداء في هذه المواضع أنَّ المنادى المندوب ، والمستغاث المقصود فيهما إطالة الصوت، نحو: " وَامعتصماه ، يا لَلَّهِ لِلمسلمين. فإذا حُذف حرف النداء لم يكن هناك مدّ للصوت .
ويمتنع الحذف في الضمير ؛ لأنه لو حُذِف حرف النداء لالْتَبَسَ بغير المنادى . *
س3- ما المواضع التي يجوز فيها حذف حرف النداء ؟
ج3- يجوز حذف حرف النداء في غير المواضع التي يمتنع فيها الحذف .
وهذا هو المراد بالبيت الأول . فغير المندوب ، والمضمر ، والمستغاث قد يُعَرَّى
( أي : قد يحذف حرف النداء ) وذلك نحو : أزيدُ أَقْبِلْ ؛ فتقول : زيدُ أَقْبِلْ ، وكما في قوله تعالى : * ( أي : يا يوسفُ ) .
واختلف النحاة في بعض المواضع ، وهي :
1- نداء اسم الجنس الْمُعَيَّن ( النكرة المقصودة ) نحو : يا رجلُ .
2- نداء اسم الإشارة ، نحو : يا هذا .
فالبصريون : يمتنع عندهم حذف حرف النداء في هذين الموضعين .
أما الكوفيون : فالحذف عندهم جائز ، ولكنه قليل ؛ وذلك لورود السَّماع بالحذف فيهما .
فَمِمَّا ورد من حذف حرف النداء في اسم الإشارة ، قوله تعالى : * ( أي : يا هؤلاء ) ومنه قول الشاعر :
ذَا ارْعِوَاءَ فَلَيْسَ بَعْدَ اشْتِعَالِ الرَّ أْسِ شَيْباً إلى الصَّبَا مِنْ سَبِيلِ
( أي : يا ذا ) .
ومن الحذف في اسم الجنس ، قولهم : أَصْبِحْ لَيْلُ ( أي يا لَيلُ ) وقولهم : أَطْرِقْ كَرَا ( أي : ياكَرَا ) وأصله : ياكَرَوَانُ ( وهو طائر حَسَنُ الصوت ) .(1/149)
وقد رجّح ابنُ مالك رَأْيَ الكوفيين ؛ ولهذا قال : " ومن يمنعه فانصر عاذله "
( أي : انصر من يُخالف المنع ) .
* س4- هل ثَمَة مواضع أخرى يمتنع فيها الحذف غير ما ذكره الناظم ؟
ج4- نعم . وهي :
1- نداء البعيد .
2- نداء النكرة غير المقصودة ، نحو : يا مسلماً اتَّقِ الله حيثما كنت .
3- نداء لفظ الجلالة : ياالله ، وذلك إذا لم يُعَوَّض بالميم في آخره ، فإذا عوَّض بالميم حُذِف ؛ لأن الميم عِوَض عن حرف النداء ؛ تقول: اللَّهمَّ .
أقسام المنادى وأحكامه
أولا : حكم المنادى المفرد المعرفة
والنكرة المقصودة بالنَّداء
وَابْنِ الْمُعَرَّفَ الْمُنَادَى الْمُفْرَدَا عَلَى الَّذِى فى رَفْعِهِ قَدْ عُهِدَا
س5- اذكر أقسام المنادى .
ج5- المنادى إما أن يكون مفرداً ، وإما مضافاً ، وإمَّا شبيهاً بالمضاف .
والمفرد : إما أن يكون معرفةً ( علماً ) وإما أن يكون نكرة مقصودة ، أو غير مقصودة . وقد أشار الناظم في هذا البيت إلى حكم المنادى المفرد المعرفة ، والنكرة المقصودة بالنداء . وسيأتي بيان بقية الأقسام ، وأحكامها .
س6- اذكر حكم المنادى المعرفة ، والنكرة المقصودة بالنداء .
ج6- حكم المنادى المعرفة ( العلم ) والنكرة المقصودة بالنداء : البناء على ما يرفع به ، نحو : يا زيدُ . فزيدُ : منادى مفرد علم مبني على الضم في محل نصب مفعول به ؛ لأن المنادى مفعول به في المعنى ، وناصبه فعل مُضْمَر ، تقديره (أدعو) وقد ناب حرف النداء ( يا ) عن الفعل ، والأصل : أدعو زيداً .
ومن أمثلة المفرد العلم كذلك : يا محمدان . فمحمدان : منادى مفرد علم مبني على الألف ؛ لأن علامة الرفع في المثنى ( الألف ) ومنه : يا محمدون .
فمحمدون : منادى مفرد علم مبني على الواو ؛ لأن علامة الرفع في جمع المذكر السالم ( الواو ) وهذا هو معنى قولنا : يُبْنى على ما يُرفع به ( أي : يكون مبنيا على علامة الرفع الأصلية قبل أن يكون منادى ) .(1/150)
ومن أمثلة النكرة المقصودة بالنداء : يارجلُ ، يارجلان ، يارجالُ ، يامُعَلّمون. وحكمها أيضاً : البناء على ما ترفع به .
* س7- ما المراد بالمنادى المفرد ؟
ج7- المراد بالمفرد : ما ليس مضافاً ، ولا شبيها بالمضاف ، فيدخل فيه المفرد حقيقة ، نحو : يا رجلُ ، يا زيدُ ؛ والمثنى : يا رجلان ، يا زيدانِ ؛ والجمع :
يا رجالُ ، يا زيدُون ؛ وذلك لأنها ليست مضافة ، ولا شبيهة بالمضاف .
حكم المنادى إذا كان
مبنيا قبل النداء
وَانْوِ انْضِمَامَ مَا بَنَوْا قَبْلَ النَّدَا وَلْيُجْرَ مُجْرَى ذِى بِنَاءٍ جُدَّدَا
س8- ما حكم المنادى المبني قبل النداء ؟
ج8- إذا كان المنادى مبنيا قبل النداء بُنِيَ على ضَمًّ مقَدَّرٍ ، نحو : هذا ، وسيبويهِ ؛ فتقول : يا سيبويهِ . فسيبويهِ : منادى مبنى على ضمّ مقدّر ، منع من ظهوره البناء الأصلي على الكسر ، وهو في محل نصب مفعول به .
ويظهر أَثَرُ هذا البناء الجديد في التوابع ، فإذا جاء للمنادى تابع جاز في التابع الرفع مراعاة للضم المقدّر ؛ فتقول : يا سيبويهِ العالِمُ ، وجاز نصبه مُراعاة لمحل المنادى ؛ لأن أصله المفعول به ؛ فتقول : يا سيبويهِ العالِمَ ؛ وتقول : يا هذا العاقلُ ؛ ويا هذا العاقلَ ، فهو يَجْرِى مُجرى المنادى غير المبني قبل النداء ،نحو :
يا زيدُ العاقلُ ، ويا زيدُ العاقلَ .
وهذا هو معنى قول الناظم : " وَلْيُجْرَ مُجرى ذي بناء جُدَّدا " .
ثانيا : حكم المنادى النكرة غير المقصودة بالنداء
وحكم المنادى المضاف ، والمنادى الشَّبيه بالمضاف
وَالْمُفْرَدَ الْمَنْكُورَ وَالْمُضَافَا وَشِبْهَهُ انْصِبْ عَادِماً خِلاَفاً
س9- ما حكم المنادى إذا كان نكرة غير مقصودة ، أو كان مضافاً ، أو شبيهاً بالمضاف ؟(1/151)
ج9- تقدّم أنّ المنادى إذا كان علماً مفرداً ، أو نكرة مقصودة بالنداء : يُبْنَى على ما يُرفع به . وذكر الناظم في هذا البيت : أنه إذا كان المنادى نكرة غير مقصودة بالنداء ،أو كان مضافا ،أو شبيها بالمضاف فحكمه: وجوب ... النصب .
فمثال النكرة غير المقصودة ، قول الأعمى : يا رجلاً خُذْ بيدي . فالنكرة
( رجلاً ) غير مقصودة ؛ لأنّ الأعمى لا يقصد رجلا بعينه .
ونحو قولك : يا نائماً استيقظ فقد حان وقت الصلاة .
ومنه قول الشاعر :
أَيَا رَاكِباً إمَّا عَرَضْتَ فَبَلِّغَنْ نَدَامَايَ مِنْ نَجْرَانَ أَنْ لاَ تَلاَقِيَا
ومثال المضاف : يا غَلامَ زيدٍ أَقْبِلْ ، ونحو : السَّلامُ عليكَ يا رسولَ اللهِ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه .
ومثال الشَّبيه بالمضاف : يا طالعاً جبلاً لا تَخَفْ ، ونحو : يا جميلاً خُلُقُه ، ونحو : يا ثلاثةً وثلاثين اقرأْ كتابك ( وذلك إذا سَّميتَ به رجلا ) لأنّ العدد المعطوف حيننئذ يَصير عَلَماً .
* س10- ما المراد بالشبيه بالمضاف ؟
ج10- الشَّبيه بالمضاف ، هو الاسم الذي تأتي بعده كلمة تُتَمَّمُ معناه ، وتُعطيه معنى الإضافة .
وضابطه : أن يكون عاملا فيما بعده بأن يكون ما بعده فاعلا له ، نحو : يا جميلاً خُلُقه ، أو نائب فاعل ، نحو : يا مَذْمْوماً خُلُقُهُ ، أو مفعولا به ، نحو :
يا طالعاً جبلاً ؛ أو يكون معطوفا عليه ، نحو : يا ثلاثةً وثلاثين .
جواز ضَمّ المنادى ، وفتحه
وَنَحْوَ زَيْدٍ ضُمَّ وَافْتَحَنَّ مِنْ نَحْوِ أَزْيدُ بْنَ سَعِيدٍ لاتَهِنْ
س11- متى يجوز ضم المنادى ، وفتحه ؟
ج11- يجوز ضم المنادى ، وفتحه إذا تحقَّق فيه ما يلي :
1- أن يكون المنادى مفرداً علماً 2- أن يكون موصوفا بكلمة ( ابن ) .
3- أن تكون كلمة ( ابن ) مضافة إلى علم .
4- ألاّ يُفْصَل بين المنادى ، وابن .
إذا تحقّق ذلك كُلُّه جاز في المنادى وجهان :
أ- البناء على الضم . ب- الفتح إتباعاً لحركة ( ابن ) .(1/152)
مثال ذلك قول الناظم : أزيدُ بنَ سعيدٍ لاتَهِنْ . فزيد : منادى يجوز فيه وجهان: البناء على الضم ، ويجوز الفتح ؛ فتقول أزيدَ بنَ سعيدٍ ؛ وذلك إتباعا لحركة الصَّفة ( ابن ) .
* ويجوز كذلك الضم ، والفتح : إذا تكرَّر المنادى مضافا ، نحو : يا صلاحَُ صلاحَ الدين ، فالأول يجوز ضمه وفتحه ، أما الثاني فيجب نصبه . (سيأتي بيان هذه المسألة في س 24 ) . *
* س12- هل الفتحة في ( ابن ) في المسألة السابقة فتحة إعراب ، أو بناء ؟ واذكر موضع حذف ألف ( ابن ) .
ج12- لا خلاف في أنَّ فتحة ( ابن ) فتحة إعراب إذا كان المنادى مضموماً ، أمَّا إذا كان المنادى مفتوحاً ، نحو : أزيدَ بنَ سعيد ، فالجمهور : يرون أنها فتحة إعراب .
وقال عبد القاهر : هي حركة بناء ؛ لأنه في حكم المركّب مع المنادى .
وتحذف ألف ( ابن ) إذا وقعت كلمة ( ابن ) بين علمين (الولد ، والأب) وكانت الكلمات الثلاث في سطر واحد ، نحو : هذا محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ المطلَّبِ .
وجوب ضَمَّ المنادى
وَالضَّمُّ إِنْ لَمْ يَلِ الابْنُ عَلَمَا أَوْ يَلِ الابْنَ عَلَمٌ قَدْ حُتِمَا
س13- متى يجب ضمّ المنادى ؟
ج13- عرفنا في البيت السابق من الألفية أنه يجوز ضم المنادى ، وفتحه إذا تحققّت فيه أربعة شروط . واعلم أنه إذا لم يتحقّق شرط من تلك الشروط وجب الضم ، وامتنع الفتح . وقد ذكر الناظم في هذا البيت أنه إذا لم يقع (ابن) بعد علم ، أو لم يقع بعده علم ، وجب ضمُّ المنادى، وامتنع فتحه ؛ لأنه إذا لم يقع ( ابن ) بعد علم لم يتحقَّق الشرط الأول ، وهو أن يكون المنادى مفرداً علماً ، مثال ذلك قولك : يا غلامُ ابنَ زيدٍ . فالمنادى ( غلام ) يجب ضمه ؛ لأنه ليس بِعَلَم .
وإذالم يقع عَلَمٌ بعد ( ابن )لم يتحقّق الشرط الثالث ، وهو أن يكون ( ابن ) مضافا إلى علم ، ومثاله : يا زيدُ ابنَ أَخِينا . فابن : مضاف إلى ( أخينا ) وأخينا ليس بِعَلَم ؛ ولذلك يجب ضم المنادى زيد .(1/153)
وكذلك إذا فُصِل بين ( المنادى ، وابن )لم يتحقّق الشرط الرابع ، نحو : يا زيدُ الظريفُ ابنَ عمرو .
جواز تنوين المنادى المبنى
على الضم ، وجواز نصبه مُنَوَّناً
وَاضْمُمْ أَوِ انْصِبْ مَا اضْطِرَاراً نُوَّنَا مِمَّا لَهُ اسْتِحْقَاقُ ضَمًّ بُيَّنَا
س14- متى يجوز تنوين المنادى المبني على الضم ؟ ومتى يجوز نصبه منوناً ؟
ج14- يجوز تنوين المنادى المبني على الضم ،ونصبه منوناً في الضرورة الشعرية. فمثال التنوين مع الضم ، قول الشاعر :
سَلاَمُ اللهِ يا مَطَرٌ عليها ولَيْسَ عليكَ يا مَطَرُ السَّلامُ
فالشاعر اضطرّ إلى تنوين المنادى المفرد العلم ( مطر ) فنوَّنه ، وهذا للضرورة الشعرية .
ومثال نصب المبني على الضم وتنوينه ، قول الشاعر :
ضَرَبَتْ صَدْرَها إِلَيَّ وَقَالَتْ يا عَدِيًّا لَقْدَ وَقَتْكَ الأَوَاقِى
فالشاعر نصب المنادى المفرد العلم ( عديًّا ) ونَوّنه ، مع أن الأصل فيه أن يكون مبنيا على الضم .
حكم الجمع بين حرف النداء ، وأل
وبيان حكم حذف حرف النداء في لفظ الجلالة (الله)
وَبِاضْطِرَار ٍخُصَّ جَمْعُ يَا وَأَلْ إِلاَّ مَعَ اللهِ وَمَحْكِىَّ الْجُمَلْ
وَالأَكْثَرُ اللَّهُمَّ بِالتَّعْوِيضِ وَشَذَّ يَا اللَّهُمَّ فى قَرِيضِ
س15- ما حكم الجمع بين حرف النداء ، وأل ؟ ولماذا ؟
ج15- يجوز الجمع بين حرف النداء ، وأل في موضعين فقط ، هما :
1- لفظ الجلالة ( الله ) فتقول : يا ألله ، بهمزة القطع .
2- الجمل الْمَحِْكيَّة المبدوءة بـ ( أل ) كأن تنادي رجلا اسمه (الرجلُ مُنْطَلِقٌ ) فتقول : يا الرجلُ مُنْطَلِقٌ أَقْبِلْ ، بهمزة وَصْل في ( الرجل ) .
ولا يجوز الجمع بينهما في غير هذين الموضعين إلا في الضرورة الشعرية ، كقول الشاعر : فَيَا الغُلاَمَانِ اللَّذانِ فَرَّا إِيَّاكُمَا أَنْ تُعْقِبَانَا شَرَّا(1/154)
فالشاعر جمع بين حرف النداء ( يا ، وأل ) في قوله : ( يا الغلامان ) وهذا لا يجوز إلا في الضرورة الشعرية .
( م ) والسبب في عدم جواز الجمع بين ( حرف النداء ، وأل ) أَنَّ حرف النداء للتعريف، وأل للتعريف ، ولا يجتمع مُعَرَّفان في الاسم . ( م )
س16- ما حكم حذف حرف النداء في لفظ الجلالة (الله) ؟
ج16- الأكثر في نداء لفظ الجلالة ( الله ) حذف حرف النداء ، والتعويض عنه بميم مُشَدَّدة ، هكذا ( اللهمَّ ) ولا يجوز الجمع بين الميم ، وحرف النداء ؛ لأن الميم عِوَض عن حرف النداء ( يا ) ولا يجوز الجمع بين بين العِوَض والمعَوَّض عنه .
س17- قال الشاعر :
إِنَّى إذا مَا حَدَثٌ أَلَمَّا أَقُولُ يَا اللَّهُمَّ يَا اللَّهُمَّا
عين الشاهد ، وما وجه الاستشهاد فيه ؟
ج17- الشاهد : يا اللهمَّ يا اللهمَّا .
وجه الاستشهاد : جمع الشاعر في هذا البيت بين حرف النداء ، والميم المشَدَّدة التي هي عِوض عن حرف النداء ، وهذا شاذٌّ .
أحكام تابع المنادى
حكم تابع المنادى المبني على الضم
إذا كان التابع مضافا مجرَّداً من ( أل )
تَابِعَ ذِى الضَمَّ الْمُضَافَ دُونَ أَلْ أَلْزِمْهُ نَصْباً كَـ أَزَيْدُ ذَا الْحِيَلْ
س18- ما حكم تابع المنادى المبني على الضم إذا كان التابع مضافاً مجرَّدا من (أل) ؟
ج18- إذا كان تابع المنادى المبني على الضم مضافا مجردا من ( أل ) وجب نصبه سواء كان التابع نعتا ، أو عطف بيان ، أو توكيداً ، نحو: أزيدُ ذا الْحِيَلِ . فزيد : منادى مبني على الضم ، وذا : نعت لزيد منصوب بالألف ، وهو مضاف مجرد من ( أل ) .
ونُصِب التابع ( ذا ) مراعاة لمحل المنادى ؛ لأن المنادى محلّه النصب على أنه مفعول به .
ونحو : يا زيدُ صاحبَ عمرو . فـ ( صاحبَ ) عطف بيان منصوب ، وهو مضاف مجرّد من ( أل ) .
ونحو: يا زيدُ نفسَه . فـ (نفسه) توكيد منصوب،وهو مضاف مجرد من (أل) .
* س19- ما الذي يشمله قول الناظم : " ذي الضم " ؟(1/155)
ج19- قول الناظم : " ذي الضم " يشمل المنادى المفرد العلم ، والنكرة المقصودة ؛ لأنهما مبنيان على الضم ، ويشمل كذلك : المبني قبل النداء ، كسيبويهِ ؛ لأنه مبنيّ على ضمًّ مقدَّر .
حكم تابع المنادى المبني على الضم
إذا لم يكن التابع مضافا ، أو كان مضافا مقترنا بـ ( أل )
وَمَا سِوَاهُ ارْفَعْ أَوِ انْصِبْ وَاجْعَلاَ كَمُسْتَقِلٍّ نَسَقاً وَبَدَلاَ
س20- ما حكم تابع المبني على الضم إذا لم يكن التابع مضافاً ، أو كان مضافا مقترنا بأل ؟
ج20- التابع إذا لم يكن مضافا ، أوكان مضافا مقترنا بـ ( أل ) جاز فيه وجهان : الرَّفع ، والنصب - هذا الحكم إذا كان التابع نعتاً ، أو عطف بيان ، أو توكيدا - فمثال التابع ( النعت ) المضاف المقترن بأل : يا زيدُ الكريمَُ الأبِ . فالكريمَُ : نعت لزيد ، وهو مضاف مقترن بـ ( أل ) ولذلك جاز فيه وجهان: الرفع ، والنصب . فالرفع مراعاة للفظ المنادى ، والنصب مراعاة لمحلّه .
ومثال التابع غير المضاف : يا زيدُ الظريفَُ . فالظريفَُ : نعت لزيد ، وهو مفرد
غير مضاف ؛ ولذلك جاز فيه وجهان : الرفع ، والنصب .
ومثال التابع ( عطف البيان ) : يا رجلُ زيدٌ ، ويجوز : زيداً .
مثال التابع ( التوكيد ) : يا تميمُ أجمعون ، ويجوز : أجمعين .
أما إذا كان التابعُ عطفَ نسقٍ ، أو بدلا فَيُعَامَلُ معاملة المنادى المستقل ، فيُبنى على الضم إذا كان مفرداً ، ويُنصب إذا كان مضافا ؛ تقول : يا رجلُ زيدُ ؛ وتقول : يا رجلُ وزيدُ ( بضم زيد في المثالين ) لأنه مفرد فيعامل معاملة المنادى المستقل ( يا زيدُ ) .
وتقول : يا زيدُ أبا عبدِ اللهِ ، وكذلك : يا زيدُ و أباعبدِ اللهِ ( بنصب أبا في المثالين ) لأنه مضاف ، والمنادى المضاف منصوب ، كأنك تقول : يا أبا عبد الله . وهذا هو معنى قوله " واجعلا كمستقلّ نَسَقاً وَبَدَلاَ " .
ويشترط في التابع هنا أن يكون غير مقترن بأل .
حكم تابع المنادى إذا كان عطفَ نسقٍ(1/156)
مقترناً بـ ( أل )
وَإنْ يَكُنْ مَصْحُوبَ أَلْ مَا نُسِقَا فَفِيهِ وَجْهَانِ وَرَفْعٌ يُنْتَقَى
س21- ما حكم تابع المنادى المبني على الضم إذا كان التابعُ عطفَ نسقٍ مقترناً بـ ( أل) ؟
ج21- عرفنا في السؤال السابق أنّ التابع إذا كان عطف نسق ، أو بدلا يُعامل معاملة المنادى المستقل فيجب فيه البناء على الضم إذا كان مفرداً ؛ وذلك إذالم يقترن بـ ( أل ) .
ويَذْكُرُ الناظم في هذا البيت أن التابع إذا كان عطف نسق ، وكان مقترنا بـ
( أل ) جاز فيه وجهان : الرفع ، والنصب . والرفع هو المختار عند الخليل ، وسيبويه ، واختاره النَّاظم ، بقوله : " ورفع يُنتقى " ومثاله قولك : يا زيدُ والغلامَُ . فالغلام : معطوف بالواو ، وهو مقترن بـ (أل) ولذلك جاز فيه الرفع ، والنصب . وجُعِل منه قوله تعالى : * برفع ( الطير ) ونصبه ، فالرفع مراعاة للفظ المنادى ، والنصب مراعاة لمحله .
... ... نداء ما فيه أل
حكم المنادى بـ ( أل ) وبيان بم تُوصَف أيّ ؟
وَأَيُّهَا مَصْحُوبَ أَلْ بَعْدُ صِفَهْ يَلْزَمُ بِالرَّفْعِ لَدَى ذِى الْمَعْرِفَهْ
وَأَيُّهَذَا أَيُّهَا الَّذِى وَرَدْ وَوَصْفُ أَيًّ بِسِوَى هَذَا يُرَدّْ
س22- ما حكم المنادى المقترن بـ ( أل ) ؟ وبم توصف أيّ ؟
ج22- لا يُنادى الاسم المقترن بـ ( أل ) مباشرة ، بل يذكر قبله لفظ ( أَيّ ) للمذكر ، ولفظ ( أَيَّة ) للمؤنث ؛ تقول : يا أَيُّهَا الرجلُ ، يا أَيَّتُهَا المرأةُ .
وحكم المنادى المقترن بـ ( أل ) وجوب الرفع عند الجمهور ؛ لأنه هو المقصود بالنداء .
وأجاز المازِنِيُّ نصبه قياساً على جواز نصب النعت ، في قولك : يا زيدُ الظريفَُ ( بالرفع ، والنصب ) .
ويُعرب المنادى بـ ( أل ) إذا كان جامداً : بدلاً ، نحو : يا أيها الرجلُ ، أما إذا كان مشتقا فيعرب نعتا ، نحو : يا أَ يُّها الطالبُ .
وأمّا ( أَيّ ، وأَيَّة ) فيعربان : منادى مبني على الضم ، والهاء : زائدة للتنبيه .(1/157)
ولا تُوصَفُ ( أيّ ) إلا باسم جنس مقترن بـ ( أل ) كالرجل ، أو باسم إشارة ، نحو : يا أَيُّهَذَا أَقْبِلْ ، أو باسم موصول مقترن بـ ( أل ) كما في قوله تعالى : * وهذا هو مراده بالبيت الثاني .
حكم تابع اسم الإشارة
وَذُو إِشَارَةٍ كَأَىًّ فى الصَّفَهْ إِنْ كَانَ تَرْكُهَا يُفِيتُ الْمَعْرِفَهْ
س23- ما حكم تابع اسم الإشارة ؟
ج23- تابع اسم الإشارة إذا كان هو المقصود بالنداء ، وكان اسم الإشارة وُصْلَةً لندائه وجب رفعه ، كما وجب رفع تابع ( أيّ ) نحو : يا هذا الرجلُ . فالرجل : نعت مرفوع وجوباً ؛ لأنه هو المقصود بالنداء ، وليس اسم الإشارة . ويجب ذِكْرُ النَّعت إذا أَدَّى تركُه إلى عدم معرفة المشار إليه . وهذا هو معنى قوله : " إن كان تركُها يُفِيتُ المعرفه " .
أما إذا كان اسم الإشارة هو المقصود بالنداء لم يجب رفع التابع ، بل يجوز رفعه، ونصبه ؛ فتقول يا هذا الرجلُ .
حكم المنادى إذا تكرَّر
... وكان ... لفظه الثاني مضافاً
فى نَحْوِ سَعْدَُ سَعْدَ الأَوْسِ يَنْتَصِبْ ثَانٍ وَضُمَّ وَافْتَحْ أَوَّلاً تُصِبْ
س24- ما حكم المنادى إذا تكرَّر وكان لفظه الثاني مضافاً ؟
ج24- إذا تكرر المنادى وكان لفظه الثاني مضافا جاز في المنادى الأوّل البناء على الضم، والنصب . أما الثاني فيجب نصبه ، كما في قول الشاعر :
ياتَيْمُ تَيْمَ عَدِىًّ لا أَبَا لَكُمُ لا يُلْقِيَنَّكُمْ فى سَوْأَةٍ عُمَرُ
فالشاعر كرَّر لفظ المنادى ( تيم ) وقد أُضِيف الثاني ؛ ولذلك جاز ضم الأول
( ويجوز نصبه ) ووجب نصب الثاني .
ومن ذلك قول الشاعر :
يا زَيْدُ زَيْدَ الْيَعْمَلاَتِ الذُّبَّلِ تَطَاوَلَ اللَّيْلُ عَلَيْكَ فَانْزِلِ
فقد كرّر الشاعر لفظ المنادى ( زيد ) وأضيف ثاني اللفظين ؛ ولذلك جاز ضم الأول ( ويجوز نصبه ) ووجب نصب الثاني .
س25- ما التوجيه في ضم المنادى الأول ، ونصبه ؟
ج25- ضم الأول على اعتبار أنه مفرد علم فيكون مبنيا على الضم .(1/158)
ونصبه على اعتبار: أنه مضاف ، إما بتقدير إضافته إلى ما بعد الاسم الثاني، وأنَّ
الاسم الثاني مُقْحَمٌ بين المضاف والمضاف إليه ( وهذا مذهب سيبويه ) ،
وإما بتقدير إضافته إلى محذوف مثل الذى أضيف إليه الثاني ، فيكون الأصل : يا تيمَ عديّ تيمَ عدىّ ، فَحُذِفَ عديّ الأول لدلالة الثاني عليه ( وهذا مذهب المبرَّد ) .
س26- ما الأوجه الإعرابية الجائزة في المنادى الثاني ؟
ج26- في إعرابه خمسة أوجه :
1- منادى منصوب على تقدير حذف حرف النداء .
2- مفعول به لفعل محذوف ، تقديره ( أعْنِي ) .
3- عطف بيان منصوب .
4- توكيد للأوّل منصوب .
5- بدل منصوب .
وهذه التوابع الثلاثة ( البدل ، والعطف ، والتوكيد ) تكون منصوبة على اعتبار المحلّ إذا كان المنادى الأول مضموما ، وتكون منصوبة على اعتبار لفظه إذا كان المنادى الأول منصوبا .
حكم المنادى المضاف إلى ياء المتكلَّم
وَاجْعَلْ مُنَادًى صَحَّ إِنْ يُضَفْ لِيَا كَعَبْدِ عَبْدِى عَبْدَ عَبْدَا عَبْدِيَا
س27- ما حكم المنادى المضاف إلى ياء المتكلّم ؟
ج27- المنادى المضاف إلى ياء المتكلّم، إما أن يكون صحيح الآخر، أو معتل الآخر . فإن كان معتلا ، فحكمه كحكمه غير منادى ( أي : ثبوت الياء مفتوحة ) سواء أكان مقصورا، نحو : فَتَايَ ، وعَصَايَ ؛ أوكان منقوصا ، نحو : قَاضِيَّ ، ومَاضِيَّ ؛ فتقول في النداء : يا فَتَايَ ، يا قَاضِيَّ .
أما إن كان صحيحا ، ففيه خمس لغات ، هي :
1- حذف الياء ، والاستغناء بالكسرة ، نحو : يا رَبَّ ، ويا عَبْدِ . ومنه قوله تعالى : * وهذا هو الأكثر .
2- إثبات الياء ساكنة ، نحو : يا رَبِّي ، وياعَبْدِي . ومنه قوله تعالى: * وهذا دُون الأوَّل في الكَثْرة .
3- قلب الكسرة فتحة ، وقلب الياء ألفا وحذفها ، والاستغناء عنها بالفتحة ، نحو : يا ربَّ ، ويا عبدَ .
4- قلب الياء ألفا وإبقاؤها ، وقلب الكسرة فتحة ، نحو : يا ربَّا ، ويا عبدَا .
ومنه قوله تعالى : * .(1/159)
5- إثبات الياء متحركة بالفتح ، نحو : يا رَبَّيَ ، وياعَبْدِيَ . ومنه قوله تعالى :
* .
حكم ياء المتكلم إذا كان المنادى
مضافا إلى اسمٍ مضافٍ إلى الياء
وَفَتْحٌ أَوْ كَسْرٌ وَحَذْفُ الْيَا اسْتَمَرّْ فى يا ابْنَ أُمَّ يَا ابْنَ عَمَّ لا مَفَرّْ
س28- ماحكم ياء المتكلم إذا كان المنادى مضافا إلى اسم مضاف إلى الياء؟
ج28- إذا أُضيف المنادى إلى مضاف إلى ياء المتكلم وجب إثبات الياء ، نحو : يا ابنَ أخي ، ويا ابن خالي ، إلاَّ في ( ابن أُمِّي ، وابن عَمِّي ) فتحذف الياء منهما تخفيفا ( لكثرة الاستعمال ) وتُكسر الميم - وهو الأكثر - أو تُفتح ؛ فتقول : يا ابنَ أمَِّ أَقْبِلْ ، ويا ابنَ عَمَِّ لامفرَّ .
اللغات في نداء الأَب ، والأُمّ
مضافين إلى ياء المتكلم
وَفى النَّدَا أَبَتِ أُمَّتِ عَرَضْ وَاكْسِرْ أَوِ افْتَحْ وَمِنَ اليَا التَّا عِوَضْ
س29- اذكر اللغات في نداء الأب ، والأم مضافين إلى ياء المتكلم .
ج29- إذا كانت كلمة (أب ، أو أم) منادى مضافا إلى ياء المتكلم ففي (الياء) الأوجه الخمسة السابقة ذكرها في س27 ، إضافة إلى الوجه الآتي :
- حذف الياء ، والإتيان بالتاء عوضا عنها ؛ تقول : يا أَبَتَِ ، ويا أُمَّتَِ ( بفتح التاء ، وكسرها ) .
ولا يجوز في هذه الحالة إثبات الياء ؛ فلا تقول : يا أبتي ، ويا أمَّتي ؛ لأن التاء عوض عن الياء ، ولا يُجمع بين العِوض والمعَوَّض عنه .
( م ) قد ورد ثبوت الياء في قول الشاعر :
أَيَا أَبَتِي لا زِلْتَ فِينَا فَإنَّمَا ... لَنَا أَمَلٌ في الْعَيْشِ مَا دُمْتَ عَائِشَا ( م )
أسماء لاَزَمَتْ النداء
وَفُلُ بَعْضُ ما يُخَصُّ بِالنَّدَا لُؤْمَانُ نَوْمَانُ ، كَذَا وَاطَّرَدَا
فى سَبَّ الانْثَى وَزْنُ يَا خَبَاثِ وَالأَمْرُ هَكَذَا مِنَ الثُّلاَثِى
وَشَاعَ فى سَبَّ الذُّكُورِ فُعَلُ وَلاَ تَقِسْ وَجُرَّ فى الشَّعْرِ فُلُ
س30- ما الأسماء التي لازمت النداء ؟(1/160)
ج30- مِنَ الأسماء مالا يُستعمل إلا في النداء ، وهي نوعان: قياسي ، وسماعي.
فالألفاظ السماعية التي لا تُستعمل إلا منادى ، هي :
1- فُلُ ، وفُلَةُ : للرجل ، والمرأة ؛ تقول : يا فُلُ ( أي : يا رجلُ ) وتقول :
يا فُلَةُ ( أي : يا امرأة ) .
2- لُؤْمَانُ ، ونَوْمَانُ ؛ تقول : يا لؤمانُ ( لعظيم اللُّؤْمِ ) وتقول : يا نومانُ
( لكثير النَّوم ) .
3- ما كان على وزن ( فُعَل ) مقصوداً به سبّ الذّكور ، نحو : يا فُسَقُ ، ويا غُدَرُ ، ويا لُكَعُ . وهو سماعيّ عند ابن مالك ؛ ولذلك قال فيه :
" ولا تَقِسْ " .
* واختار ابن عصفور كونه قياسا ، ونُسب لسيبويه . وكل ما سبق يُعرب : منادى مبني على الضم في محل نصب . *
وأمّا الألفاظ القياسية التي لا تستعمل إلا منادى ، فهي :
1- ما كان على وزن ( فَعَالِ ) مقصوداً به سبّ الأنثى ، وهو قياسي من كل فعل ثلاثي تام ، نحو : يا خَبَاثِ ، ويا فَسَاقِ ، ويا لَكَاعِ .
وبمناسبة الكلام على وزن ( فَعَالِ ) فإنَّ هذا الوزن قياسيٌّ كذلك في كل فعل ثلاثي للدلالة على الأمر ( والمقصود بذلك : اسم فعل الأمر )، نحو : نَزَالِ ، وضَرَابِ ، وقَتَالِ ( أي : انْزِلْ ، واضْرِبْ ، واقْتُلْ ) .
ويعرب هذا النوع : منادى مبني على ضم مقدّر في محل نصب منع من ظهور الضّمةِ كسرةُ البناء الأصلي .
س31- إلام أشار الناظم بقوله : " وجُرَّ في الشَّعر فُلُ " ؟
ج31- أشار بقوله : " وجرّ في الشعر فل " إلى أنّ بعض الأسماء المخصوصة بالنداء قد تُستعمل في الشَّعر في غير النداء ، ومن ذلك قول الشاعر :
تَضِلُّ مِنْهُ إِبِلِى بالْهَوْجَلِ فى لَجَّةٍ أَمْسِكْ فُلاَناً عَنْ فُلِ
فالشاعر استعمل ( فُلُ ) في غير النداء ، وجرّه بحرف الجر ( عن ) وذلك للضرورة الشعرية ؛ لأن هذا اللفظ ( فُلُ ) مختص بالنداء .
( م ) س32- هل من تخريج آخر للبيت السابق غير الضرورة الشعرية ؟(1/161)
ج32- يجوز تخريجه على أنّ ( فُلِ ) في البيت السابق مُقْتَطَع من ( فُلاَن ) بحذف الألف والنون ، فكأنه قال : أمسك فلانا عن فلان ، ولفظ فلان لا يختص بالنداء .
الاسْتِغَاثَةُ
إِذَا اسْتُغِيثَ اسْمٌ مُنَادًى خُفِضَا بِاللاَّمِ مَفْتُوحاً كَيَا لَلْمُرْتَضَى
س1- عرَّف الاستغاثة ، وما حكمها ؟
ج1- * الاستغاثة ، هي : نِدَاءُ مَنْ يُعِينُ على التَّخَلُّصِ من شِدَّةٍ ، أو تَفْرِيجِ كُرْبَةٍ ، نحو : يا لَلَّه لِلْضُّعَفَاءِ ، ونحو : يا لَزَيْدٍ لِعَمْرٍو ، ونحو : يا لَلْمُرْتَضَى . *
حكمه : يُجَرُّ المستغاث ( الله ) بلام مفتوحة ، ويجر المستغاث له ( الضعفاء ) بلام مكسورة .
س2- ما سبب فتح لام الجر مع المستغاث؟ وهل للمستغاث تسمية أخرى؟
ج2- فُتحت اللام مع المستغاث ؛ لأن المنادى ( المستغاث له ) واقع موقع الضمير ، واللام تُفتح مع الضمير ، نحو : لَكَ ، ولَهُ .
ويُسمى المستغاث : المستغاث به .
حكم لام المستغاث المعطوف
إذا تكرَّر حرف النداء ، أولم يتكرَّر
وَافْتَحْ مَعَ الْمَعْطُوفِ إِنْ كَرَّرْتَ يَا وَفى سِوَى ذَلِكَ بِالْكَسْرِ ائْتِيَا
س3- ما حكم لام المستغاث المعطوف إذا تكررت ( يا ) أو لم تتكرَّر ؟
ج3- إذا عُطف على المستغاث مُستغاثٌ آخر ،فإما أن تتكرر معه ( يا ) أَوْ لاَ. فإنْ تكررت لَزِم فتح اللام ، نحو : يا لَزَيْدٍ ويا لَعَمْرٍو لِبَكْرٍ .
وإنْ لم تتكرر لزِم الكسر ، نحو : يا لَزيدٍ ولِعمرٍو لِبكرٍ .
وهذا هو معنى قوله : " وفي سوى ذلك بالكسر ائتيا " ( أي : تكسر اللام في سِوَى المستغاث ، والمعطوف عليه الذي تكرّر معه حرف النداء يا ) .
ومعنى ذلك : أنه تُكْسَرُ اللاّم مع المستغاث له ، والمعطوف الذي لم تتكرّر معه ( يا ) .
حذف لام المستغاث
وَلاَمُ مَا اسْتُغِيثَ عَاقَبَتْ أَلِفْ وَمِثْلُهُ اسْمٌ ذُو تَعَجُّبٍ أُلِفْ
س4- ما حكم حذف لام المستغاث ؟(1/162)
ج4- يجوز حذف لام المستغاث ، ويُؤتى بألف في آخره عوَضا عن اللام ،نحو: يا زيدَا لِعمرٍو .
ومِثْل المستغاث في حذف اللام : الْمُتَعَجَّب منه ، نحو : يا لَلْعَجَبِ ، ويا لَلدَّاهِيَةِ ، ويا لَلْمَاءِ ( إذا تَعَجَّبوا من كثرته ) فيجوز حذف اللام ، وتُعوَّض بألف ، نحو : يا عَجَبَا لِزيدٍ ، ونحو : يا ماءَا .
* س5- هل يجوز حذف المستغاث ؟ وهل يجوز استعمال حرف نداء غير
( الياء ) ؟
ج5- لا يجوز حذف المستغاث ، ولا يجوز استعمال حرف نداء غير ( الياء ) في الاستغاثة ، ولا يجوز حذفه .
أما المستغاث له فحذفه جائز ، نحو : يا لَلَّهِ .
* س6- كيف يُعرب المنادى المستغاث ؟
ج6- إعرابه كالآتي : يا لَلطَّبيبِ لِلْمريضِ . يا زيدَا لِعمرٍو .
يا : حرف نداء مبني على السكون .
لَلطبيب : اللام حرف جر زائد مبني على الفتح ( الجمهور : يرون أنّ اللام حرف جر أصلي ) .
الطبيب : منادى مستغاث مجرور بكسرة ظاهرة في محل نصب .
لِلمريضِ : جار ومجرور متعلق بحرف النداء .
زَيْدَا : منادى مبني على ضم مقدّر في محل نصب منع من ظهور الضمةِ الفتحةُ المناسبة للألف ، والألف : حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، عِوض عن لام الجر المحذوفة .
---
النُّدْ بَةُ
حكم المندوب ، وشروطه
مَا لِلْمُنَادَى اجْعَلْ لِمَنْدُوبٍ وَمَا نُكِّرَ لَمْ يُنْدَبْ وَلاَ مَا أُبْهِمَا
وَيُنْدَبُ الْمَوصُولُ بِالَّذِى اشْتَهَرْ كَـ بِئْرَ زَمْزَمٍ يَلِي وَامَنْ حَفَرْ
س1- عرَّف النُّدبة ، وما حكم المندوب ؟
ج1- النُّدْبَةُ ، هي : نداءُ الْمُتَفَجَّعِ عليه ، أو الْمُتَوَجَّعِ منه .
فمثال المتفجّع عليه : وَازَيْدَاهُ.
ومثال المتوجَّع منه : وارَأْسَاهُ ، وَاظَهْرَاهُ .
وحكم المندوب ، كحكم المنادى يُبْنَى إن كان مفردا معرفة ، نحو : واعُثْمَانُ .
ويُنصب إن كان مضافا ، نحو : وا أَمِيرَ المؤمنين .
س2- ما شروط المندوب ؟(1/163)
ج2- 1- لا يُنْدَبُ إلا المعرفة فلا تُندب النكرة ؛ فلا يقال : وارَجُلاَه .
2- لا يُندب المبهم ، كاسم الإشارة ؛ فلا يقال : واهَذَاه .
3- لا يُندب الموصول إلا إنْ كان خاليا من ( أل ) واشْتُهِر بالصَّلة ، نحو : وامَنْ حَفَرَ بِئْرَ زَمْزَمَ . فـ ( مَنْ ) موصول خال من ( أل ) ، وصِلَتُهُ ( حفر بئر زمزم ) مشهور بها صاحبها ، وهو ( عبد المطلب ) ولذلك جاز الندبة بالاسم الموصول في هذه الحالة ، أما قولك : وامَنْ ذَهَبَ ، فلا يجوز الندبة في هذا المثال ؛لأن الغرض من الندبة ( الإعلامُ بِعَظَمَةِ المندوبِ ، وتَعَدُّدُ مآثرِه ) ولا يحصل ذلك في النكرة ، ولا في المبهم .
أحكام ألف الندبة
وَمُنْتَهى الْمَنْدُوبِ صِلْهُ بِالأَلِفْ مَتْلُوُّهَا إِنْ كَانَ مِثْلَهَا حُذِفْ
كَذَاكَ تَنْوِينُ الَّذِى بِهِ كَمَلْ مِنْ صِلَةٍ أَوْ غَيْرِهَا نِلْتَ الأَمَلْ
س3- بيَّن أحكام ألف الندبة .
ج3- يَلْحَقُ آخِرَ المندوبِ ألفٌ تُسَّمى ( ألف الندبة ) نحو: وَازَيْدَا ، وَاعُثْمَانَا . وإن شئت أتيتَ بعدها بهاء السَّكت ( وازيداه ) ويجوز ذكر المندوب بدون ألف ؛ فتقول : وازيدُ ، واعثمانُ ، فإن كان ما قبل ألفِ الندبة ألفاً ، نحو :
( موسى ) حُذفت ألف موسى ، وأُتِي بألف النُّدبة ؛ للدلالة على الندبة ؛ فتقول : وَامُوسَا ، وَامُصْطَفَا ، وإن شئت أتيت بهاء السَّكت ( واموساه ، وامصطفاه ) .
وإن كان ما قبلها تنوين في آخر الصلة ، نحو ( وامنْ حفرَ بئر زمزمٍ ) حُذف التنوين ، وأُتي بالألف ؛ فتقول : وامن حفر بئر زمزماه .
س4- ما مراد الناظم بقوله : " مِنْ صِلَة أو غيرِها " ؟
ج4- مراده : أن التنوين الواقع في آخر الصلة ، أو غير الصلة يحذف ، ويُؤتى بألف الندبة .
وقد مرّ بنا مثال الصلة في السؤال السابق ، ونورد هنا أمثلة لغير الصلة ، منها:
1- المضاف ، نحو : واغلامَ زيدٍ ؛ تقول : واغلامَ زيداه .(1/164)
2- العلم الْمَحْكِيّ ، نحو : قام زيداه ، فيمن اسمه : قام زيدٌ .
حكم آخر المندوب الذي لَحِقَتْهُ
ألف النُّدبة
وَالشَّكْلَ حَتْماً أَوْلِهِ مُجَانِسَا إِنْ يَكُنِ الفَتْحُ بِوَهْمٍ لاَبِسَا
س5- اذكر حكم آخر الاسم المندوب الذي لحقته ألف الندبة .
ج5- إذا كان آخر الاسم المندوب مفتوحا ، نحو : واغلامَ أحمدَ ، لحقته ألف الندبة من غير تغيير ؛ تقول : واغلامَ أحمدَاه ، ببقاء فتحة ( الدال ) في أحمد ؛ لمجانستها ومناسبتها للألف .
أما إذا كان آخر الاسم المندوب مضموماً ، أو مكسوراً ، نحو : وازيدُ ، ونحو: واغلامَ زيدٍ ، وجب حذف الضمة والكسرة ، والإتيان بالفتحة ؛ لمناسبة ألف
الندبة ؛ فتقول : وازيدَاه ، واغلام زيدَاه ، هذا إذا لم يُوقع حذف الضمة والكسرة في لَبْس ، كما في المثالين السابقين ، أما إذا أوقع حذفهما في لَبْس أُبْقِيَتِ الضمةُ والكسرةُ على حالهما ، وقُلِبت ألف الندبة بعد الضمة ( واوا ) وبعد الكسرة ( ياء ) لأن الواو مُجَانس للضمة ، والياء مجانسة للكسرة ، فمثال قلب الألف واوا بعد الضمة ، قولك في ندب ( غلامهُ ) وهو مضاف إلى ضمير الغائب المذكّر ( وَاغُلاَمَهُوه ) ببقاء الضمة ، وقلب ألف الندبة واوا ؛ لمناسبتها للضمة ، ولا يجوز هنا حذف الضمة ، والإتيان بالفتحة ؛ فلا تقول : واغُلاَمَهَاه ( بفتح الهاء ) لأن في ذلك لبساً ، فيلتبس بالمندوب المضاف إلى ضمير الغائبة ( واغلامَهَا ) .
ومثال قلب الألف ياء بعد الكسرة ، قولك في ندب ( غلامكِ ) المضاف إلى كاف الخطاب للمؤنث ( واغُلاَمَكِيه ) ببقاء الكسرة ، وقلب الألف ياء ؛ لمناسبتها للكسرة ، ولا يجوز حذف الكسرة ، والإتيان بالفتحة ؛ فلا تقول : واغلامكَاه ( بفتح الكاف ) لأن ذلك يُوقع في لبس ، فيلتبس بالمندوب المضاف إلى ضمير المخاطب ( واغلامكَ ) .
فإذا قلت ( واغلامَكَاه ) عُلِم أنّه للمذكّر ، ولم يُعلم أنّه للمؤنث ؛ ولذلك وجب بقاء الكسرة في المؤنث .(1/165)
زيادة هاء السَّكْت
وَوَاقِفاً زِدْ هَاءَ سَكْتٍ إِنْ تُرِدْ وَإِنْ تَشَأْ فَالْمَدُّ وَالْهَا لا تَزِدْ
س6- متى يُؤْتى بـ ( هاء ) السّكت ؟ وما حكم الإتيان بها ؟
ج6- يُؤْتى بـ ( هاء ) السكت في حالة الوَقْف جوازاً ؛ فتقول: وازيداهْ . وإن شئت عدم الإتيان بها جاز ذلك ؛ فتقول : وازيدا . وكذلك يجوز حذف الألف ؛ فتقول : وازيدُ .
س7- ما الذى يُفهم من قول الناظم " وواقفا " ؟
ج7- يُفهم من قوله : " وواقفا " أنّ هاء السكت لا تثبت في حالة الوصل إلا في ضرورة الشعر ، كما في قول الشعر :
أَلاَ يَا عَمْرُو عَمْرَاهُ وَعَمْرُو بْنَ الزُّبَيْرَاهُ
زاد الشاعر هاء السكت في حالة الوصل ؛ ولذلك جاء بها مضمومة .
والإتيان بـ (هاء) السكت في حالة الوصل لا يقع إلا في الضرورة الشعرية .
ندب المضاف إلى ياء المتكلم
وَقَائِلٌ وَاعَبْدِيَا وَاعَبْدَا مَنْ فى النَّدَا اليَا ذَا سُكُونٍ أَبْدَى
س8- ما حكم المندوب المضاف إلى ياء المتكلم ؟
ج8- تقدّم أنّ المنادى المضاف إلى ياء المتكلم فيه خمس لغات :
1- إثبات الياء ساكنة ، نحو ( يا عبدي ) فإذا نُدِب المضاف إلى ياء المتكلم على هذه اللغة ، جاز فيه وجهان :
أ- فتح الياء ، وإلحاقها بألف الندبة ، نحو : يا عبدِيَا .
ب- حذف الياء ، وإلحاق ألف الندبة ، نحو : يا عبدَا .
2- إثبات الياء مفتوحة ، نحو ( يا عبدِيَ ) فإذا نُدِب المضاف إلى ياء المتكلم على هذه اللغة وجب ثبوت الياء مفتوحة ، وإلحاقها بألف الندبة ، نحو : واعبدِيَا .
3- أما باقي اللغات ( راجع هذه اللغات في س27 ) فإذا نُدِبَ المضاف إلى ياء المتكلم عليها ، قِيل : واعبدَا ( بحذف الألف ، أو الياء ) والإتيان بألف الندبة مفتوحاً ما قبلها .
---
التَّرْخِيمُ
تعريفه
تَرْخِيماً احْذِفْ آخِرَ الْمُنَادَى كَيَا سُعَا فِيمَنْ دَعَا سُعَادَا
س1- عرَّف الترخيم لغة ، واصطلاحا .(1/166)
ج1- التَّرْخِيمُ في اللغة : تَرْقيِقُ الصَّوت وتَلْيِينُه ، يُقال : صوت رَخِيم ( أي : سَهْل لَيَّن ) ومنه قول الشاعر :
لهََا بَشَرٌ مِثلُ الْحَرِيرِ ومَنْطِقٌ رَخِيمُ الْحَوَاشِى لاَهُرَاءٌ ولا نَزْرُ
فالشاعر استعمل كلمة ( رخيم ) في معنى الرَّقَّة ، وذلك يدل على أنّ الترخيم في اللغة : ترقيق الصوت .
والترخيم في اصطلاح النحويين : حذف حرف ، أو أكثر من آخر الكلمة في النداء ، نحو : يا سُعَا ، والأصل : يا سُعَادُ ، ونحو : يا مَنْصُ ، والأصل :
يا منصور .
بيان ما يجوز ترخيمه من غير شرط
وما لا يجوز ترخيمه إلا بشرط
وَجَوَّزَنْهُ مُطْلَقاً فى كُلِّ مَا أُنَّثَ بِالْهَا وَالَّذِى قَدْ رُخَّمَا
بِحَذْفِهَا وَفِّرْهُ بَعْدُ وَاحْظُلاَ تَرْخِيمَ مَا مِنْ هَذِهِ الْهَا قَدْ خَلاَ
إِلاَّ الرُّبَاعِىَّ فَمَا فَوْقُ العَلَمْ دُونَ إِضَافَةٍ وَإِسْنَادٍ مُتِمّْ
س2- اذكر ما يجوز ترخيمه مطلقا ، وما لا يجوز ترخيمه إلا بشرط .
ج2- المنادى المراد ترخيمه ، إما أنْ يكون مؤنثا مختوما بـ ( الهاء ) ، أولا .
فإن كان مؤنثا مختوما بـ ( الهاء ) جاز ترخيمه مطلقا سواء أكان علما ، نحو : فاطمة ، أو غير علم ، نحو : جَارِيَة ، وسواء أكان زائداً على ثلاثة أحرف ، نحو : فاطمة وجارية، أو غير زائد على ثلاثة ، نحو : شاة ؛ فتقول في ترخيمها جميعاً : يا فَاطِمُ ، يا جَارِيَ ، يا شَا . ومنه قولهم : يا شَا ادْجُنِي ( أي: أَقِيمِي ) فحذفت ( هاء ) التأنيث من الأسماء الثلاثة . وإلى هذا أشار الناظم بقوله :
" وجوَّزَنه... إلى قوله : بعد " .
وأشار الناظم بقوله : " واحْظُلا ... إلى آخر الأبيات " إلى القسم الثاني ، وهو: ما ليس مؤنثا بـ ( الهاء ) فهذا القسم لا يُرَخَّم إلا بثلاثة شروط ، هي :
1- أن يكون رباعيًّا فأكثر . 2- أن يكون عَلَما .(1/167)
3- ألاَّ يكون مركَّبا تركيب إضافة ، ولا تركيب إسناد ، وذلك نحو : عثمان ، وجعفر ؛ فتقول : يا عُثْمُ ، يا جَعْفُ . ( معنى احْظُلاَ : امْنَعْ ) .
س3- ما الذي يمتنع ترخيمه ؟
ج3- كلّ اسم لم تتحقق فيه الشروط الثلاثة السابقة يمتنع ترخيمه ، فيمتنع ترخيم ما يلي :
1- العلم الثلاثي ، نحو : زيد ، وسَعْد .
2- الزائد على ثلاثة ، وهو غير علم ، نحو : قائم ، وقاعد ، وإنسان .
3- المركّب تركيبا إضافيا ، نحو : أمير المؤمنين ، وعبد شَمْسٍ .
4- المركّب تركيبا إسناديا ، نحو : شابَ قَرْنَاهَا ( اسم قبيلة ) ونحو : جادَ اللهُ ( اسم رجل ) .
س4- ما الذى يُفهم من قوله : " دون إضافة وإسناد مُتِمّ " ؟
ج4- يُفهم من قوله هذا: أنّ المركّب تركيبا مزجيا يجوز ترخيمه بحذف آخره ؛ وذلك لأن الناظم لم يُخرجه ، وإنما أخرج المركب الإضافي ، والإسنادي ؛ فتقول في ترخيم : مَعْدِى كَرِبَ : يا مَعْدِى .
* س5- هل يجوز ترخيم المستغاث ، والمندوب ؟
ج5- اعلم أولا أنّ الاسم المنادى يُرخَّم بشرط ألا يكون مختصا بالنداء ، فلا يُرَخّم ( فُلُ ) لأنها خاصَّة بالنداء .
أمَّا المستغاث ، والمندوب فلا يجوز ترخيمهما .
الترخيم بحذف حرفين
وشروطه
وَمَعَ الآخِرِ احْذِفِ الَّذِى تَلاَ إِنْ زِيدَ لَيْناً سَاكِناً مُكَمَّلاَ ...
أَرْبَعَةً فَصَاعِداً وَالْخُلْفُ فى وَاوٍ وَيَاءٍ بِهِمَا فَتْحٌ قُفِى
س6- اذكر شروط جواز الترخيم بحذف حرفين .
ج6- يجوز الترخيم بحذف الحرفين الأخيرين من الاسم المرَخَّم المجرَّد من (هاء) التأنيث بشرط أن تَتَحَقَّقَ أربعة شروط في الحرف الذي قبل الأخير ، وهي :
1- أن يكون زائداً .
2- أن يكون حرف لِين ( الألف ، والواو ، والياء ) .
3- أن يكون ساكنا .(1/168)
4- أن يكون مكمَّلا أربعة فصاعداً . فإذا تحقَّقت الشروط وجب حذفه مع الحرف الأخير ، وذلك مثل : عثمان ، ومنصور ، ومسكين ؛تقول في ترخيمها: يا عُثْمُ ، يا مَنْصُ ، يا مِسْكُ ؛ وذلك بحذف الحرفين الأخيرين .
س7-كيف يُرخّم الاسم إذا لم تتحقق الشروط في الحرف الذي قبل الأخير؟
ج7- الحرف قبل الأخير إن كان أصليا غير زائد ، نحو (مُخْتَار) أو كان صحيحا غير لِين ، نحو ( قِمَطْر ، وسَفَرْجَل ) أو كان متحركا غير ساكن ، نحو
( قَنَوَّر ، وهَبَيَّخ ) أو كان ثالثا غير رابع ، نحو ( مَجِيد ، وثَمُود )لم يَجُزحذفه ؛ فتقول في ترخيمِها: يامُخْتا ، ياقِمَطُ ، ياسَفَرْجُ ، ياقَنَوَّ ، ياهَبَيَّ ،يامَجِي ،ياثَمُو.
وأما في نحو : فِرْعَوْن ، وغُرْنَيْق ( وهو ما كان فيه قبل الواو ، أو الياء فتحة ) ففيه خلاف . وهذا هو معنى قوله : " والخُلف ... إلخ ". واليك بيان الخلاف :
1- مذهب الفَرَّاء ، والْجَرْمِي : أنهما يُعاملان معاملة ( منصور ، ومسكين ) بحذف حرفين ؛ فتقول : يا فِرْعَ ، يا غُرْنَ .
2- مذهب غيرهما من النحويين : عدم جواز حذف حرفين ، بل يُحذف الأخير فقط ؛ فتقول : يا فِرْعَوْ ، يا غُرْنَيْ .
ترخيم الاسم المركَّب
وَالْعَجُزَ احْذِفْ مِنْ مُرَكَّبٍ وَقَلْ تَرْخِيمُ جُمْلَةٍ وَذَا عَمْرٌو نَقَلْ
س8- كيف يُرخَّم الاسم المركّب ؟
ج8- تقدّم أن المركّب إذا كان إضافيا ، أو إسناديا امتنع ترخيمه ، أمَّا المركّب المزجي فيجوز ترخيمه . وقد ذكر الناظم في هذا البيت أن ترخيم المركب المزجي يكون بحذف عَجُزِه (آخره) فتقول في ترخيم (مَعْدِي كَرِب) يا مَعْدِي ؛ وتقول في ترخيم ( بَعْلَبَكَّ ) يا بَعْلَ ؛ وتقول في ( سيبويه ) يا سِيبَ .
س9- ما مراد الناظم بقوله : " وقلّ ترخيم جملة ... إلخ " ؟(1/169)
ج9- مراده : أن التركيب الإسنادي ( وهو المنقول من جملة ) يرخّم قليلاً . وذكر الناظم أنّ جواز ذلك نقله عن العرب ( عَمْرٌو ) وهو اسم سيبويه ، وعلى ذلك تقول في ( تَأَبَّطَ شرًّا ) يا تَأَبَّطَ .
الترخيم على لغة مَنْ يَنْتَظِرُ
ولغة مَنْ لا يَنْتَظِرُ
وَإِنْ نَوَيْتَ بَعْدَ حَذْفٍ مَا حُذِفْ فَالبَاقِي اسْتَعْمِلْ بِمَا فِيهِ أُلِفْ
وَاجْعَلْهُ إِنْ لَمْ تَنْوِ مَحْذُوفاً كَمَا لَوْ كَانَ بِالآخِرِ وَضْعاً تُمَّمَا
فَقُلْ عَلَى الأَوَّلِ فى ثَمُودَ يَا ثَمُو وَ يَاثَمِى عَلَى الثَّانِى بِيَا
س10- ما المراد بلغةِ مَنْ يَنْتَظِرُ ، ولُغة مَنْ لا يَنْتَظِرُ ؟
ج10- يجوز في المرخَّم لغتان :
1- أن يُنْوَى المحذوف من الاسم المرخَّم ، وهذه يُعَبَّر عنها بلغة مَنْ ينتظر( أي : ينتظر الحرف المحذوف ) .
2- أَلاَّ يُنْوَى المحذوف منه ، وهذه يُعبر عنها بلغة مَنْ لا ينتظر ( أي : لا ينتظر الحرف المحذوف ) .
س11- كيف يرخَّم الاسم على لغة مَنْ ينتظر ، ولغة مَنْ لا ينتظر ؟
ج11- إذا رَخَّمْتَ على لغة من ينتظر تركتَ الحروف الباقية بعد الحذف على ما كانت عليه قبل الحذف من حركة ، أو سكون ؛ فتقول في : جَعْفَرٍ ، وحَارِثٍ ، وقِمَطْرٍ ، وثَمُودَ : يا جَعْفَ ، يا حَارِ ، يا قِمَطْ ، يا ثَمُوْ .
ففي هذه الأمثلةَ بقيِتْ الحركات ، والسكون على الأحرف الباقية بعد حذف الحرف الأخير ، كما هي قبل الحذف لم تتغيَّر ؛ وذلك لأنَّ المحذوفَ مَنْوِيٌّ ويُنْظَرُ إليه ، ويُعَدُّ المحذوفُ هو الحرف الأخير .
نقول في الإعراب : منادى مبني على الضم المقدّر على الحرف المحذوف .(1/170)
أما إذا رَخَّمتَ على لغة من لا ينتظر فتُعَامِلُه معاملة الاسم التَّام الذي لم يُحْذَف منه شيء ، فَتَبْنِيهِ على الضم الظاهر ؛ تقول في ترخيم : جعفر ، وحارث ، وقمطر : ياجَعْفُ ، ياحَارُ ، ياقِمَطُ ( بالبناء على الضم ) وذلك لأنَّ المحذوف غير منوي ، ولا يُنظر إليه ، فتُعَدّ الأحرف ( الفاء ، والراء ، والطاِء ) هي الأحرف الأخيرة .
وتقول في ( ثَمُودَ ) على لغة من لا ينتظر : يا ثَمِي ( بَقلْب ضمة الميم كسرة ، ثم قلب الواو ياء ) لكيلا يكون آخر الاسم واواً لازمة قبلها ضمة ؛ لأنه لا يوجد في العربية اسم معرب آخره واو قبلها ضمة ؛ ولذلك وجب قلب الواو ياء ، والضمة كسرة .
وجوب الترخيم عل لغة من ينتظر
وجواز الترخيم على اللُّغتين
وَالْتَزِمِ الأَوَّلَ فى كَمُسْلِمَهْ وَجَوَّزِ الوَجْهَيْنِ فى كَمَسْلَمَهْ
س12- متى يجب الترخيم على لغة من ينتظر ؟ ومتى يجوز الترخيم على اللغتين ؟
ج12- إذا رُخَّم الاسم المختوم بتاء التأنيث ، وخِيف اللَّبْس بأنْ كانت التاء فَارِقة بين المذكر، والمؤنث وجب ترخيمه على لغة من ينتظر ؛ فتقول في ترخيم ( مُسْلِمة ) يا مُسْلِمَ ( بفتح الميم ) ولا يجوز ترخيمه على لغة من لا ينتظر ؛ فلا تقول في ترخيم ( مُسْلِمَة ) يا مُسْلِمُ ( بضم الميم ) لئلا يَلْتَبِس نداء المؤنث ، بالمذكر ، وكذلك الحال في ( حَفْصَة ) تقول : يا حفصَ ، ولا يجوز: ياحفصُ.
أما إذا كانت التاء فيه ليست للفرق بين المذكر ، والمؤنث فيجوز ترخيمه على اللغتين ؛ فتقول في ترخيم ( مَسْلَمَة ) وهو اسم رجل : يا مَسْلمَُ ( بالفتح ) على لغة من ينتظر و ( بالضم ) على لغة من لا ينتظر .
جواز الترخيم في غير النداء
للضرورة
وَلاِضْطِرَارٍ رَخَّمُوا دُونَ نِدَا مَا لِلنَّدَا يَصْلُحُ نَحْوُ أَحْمَدَا
س13- هل يجوز الترخيم في غير النداء ؟
ج13- نعم . يجوز الترخيم في غير النداء بشروط ثلاثة ، هي :
1- أن يكون الحذف اضطراراً .(1/171)
2- أن يصلح الاسم للنداء ، نحو : أحمد ، ومريم .
3- أن يكون زائدا على الثلاثة ، أو يكون مختوما بتاء التأنيث .
ومن ذلك قول الشاعر :
لَنِعْمَ الفَتَى تَعْشُو إلى ضَوْءِ نَارِهِ طَرِيفُ بنُ مَالٍ لَيْلَةَ الْجُوعِ والْخَصَرْ
فرخَّم الشاعر قوله (مالِ) وهو ترخيم ( مالك ) وهو ليس منادى ؛ وذلك للاضطرار إليه ولأن الاسم صالح للنداء ، وهو زائد على ثلاثة أحرف .
---
الاخْتِصَاصُ
أحكامه
الاخْتِصَاصُ كَنِدَاءٍ دُونَ يَا كَـ أَيُّهَا الفَتَى بِإِثْرِ ارْجُونِيَا
وَقَدْ يُرَى ذَا دُونَ أَىًّ تِلْوَ أَلْ كَمِثْلِ نَحْنُ العُرْبَ أَسْخَى مَنْ بَذَلْ
( م ) س1- عرَّف الاختصاص ، وما الغَرض منه ؟
ج1- الاختصاص ، هو : قَصْر حُكمٍ مُسندٍ لضمير على اسم ظاهر معرفة . بمعنى : أنَّ الاسم الظاهر قُصِدَ تَخْصِيصُه بحكم الضمير الذي قبله ، نحو : نحنُ الطلابَ نحبُّ العلمَ .
والمراد : أنّ حُبَّ العلم مختص بالطلاب ومقصور عليهم ، وليس المراد الإخبار عن ( نحن ) بالطلاب .
والاختصاص أغراضه ثلاثة ، هي :
1- الفَخْر ، نحو : نحن المسلمين خيرُ أُمَّةٍ أُخرجت للنَّاس .
2- التَّوَاضُع ، كقول الأمير : أنا الضعيفَ العَاجِزَ لا أستريحُ وفي بلدي فقير .
3- بيان المقصود بالضمير ، نحو : نحن الطلابَ نعرفُ واجبنا تجاه أُمَّتِنا .
س2- اذكر أحكام الاسم المختص .
ج2- 1- يكون منصوبا على أنه مفعول به بفعل محذوف وجوبا ، تقديره :
أَخُصُّ .
2- لا يقع في أوَّل الكلام ، بل في أثنائه ، نحو : ارْجُونِي أيُّها الفتى . وهذا معنى قوله : " أيها الفتى بإثر ارجونيا " ( أي : وقوع أيها الفتى بعد ارجوني ) .
س3- إلام يُشير الناظم بقوله : " وقد يُرى ذا دُون أيّ تِلْوَ أل " ؟
ج3- يشير في هذا البيت إلى أنواع المختص ، وهي أربعة أنواع - ذكر الناظم نوعين فقط - وهي :(1/172)
1- أن يكون الاسم المختص ، هو لفظ ( أيّ ، أو أَيَّة ) نحو : أنا أيُّها العبدُ محتاجٌ إلى عَفْوِ رَبَّي . فـ ( أيّ ) مفعول به مبني على الضم في محل نصب ، والعبدُ : نعت مرفوع على لفظ (أيّ ) .
2- أن يكون مُحَلًّى بـ ( أل ) نحو : نحن العربَ أَسْخَى مَنْ بَذَل .
* 3- أن يكون مضافا ، نحو قوله - صلى الله عليه وسلم - : " نحن معاشِرَ الأنبياءِ لا نُوْرَثُ ".
4- أن يكون عَلَماً -وهو قليل- نحو قول الشاعر: بِنَا تميماً يُكْشَفُ الضَّبَابُ. *
س4- إلام يُشير الناظم بقوله : " الاختصاص كنداء دون يا " ؟
ج4- يشير بذلك إلى أنّ الاختصاص مثل النَّداء ؛ لأن كلاًّ منهما يكون منصوبا ،ويأتي كلّ منهما بلفظ ( أيّ ، وأيَّة ) مبني على الضم في محل نصب .
ويشير أيضا إلى أنهما يختلفان في أمور ، منها :
1- أنّ الاسم المختص لا يُستعمل معه حرف نداء .
2- أنّ الاسم المختص لا يقع في أوّل الكلام ، والنداء يقع في أوّل الكلام .
3- أنّ الاسم المختص تصحبه (أل) قِياساً ، أما النداء فلا يكون بأل قياساً .
---
التَّحْذِيرُ والإِغْرَاءُ
حكم حذف العامل في التّحذير
إِيَّاكَ وَالشَّرَّ ونَحْوَهُ نَصَبْ مُحَذِّرٌ بِمَا اسْتِتَارُهُ وَجَبْ
وَدُونَ عَطْفٍ ذَا لإِيَّا انْسُبْ وَمَا سِوَاهُ سَتْرُ فِعْلِهِ لَنْ يَلْزَمَا
إِلاَّ مَعَ العَطْفِ أَوِ التَّكْرَارِ كَـ الضَّيْغَمَ الضَّيْغَمَ ياذَا السَّارِى
س1- عرَّف التحذير ، واذكر حكم حذف عامله .
ج1- التحذير ، هو : تَنْبِيهُ المخاطَب على أمرٍ مكروه لِيَجْتَنِبَه .
وحذف عامله يكون على التفصيل الآتي :
1- إنْ كان التحذير بـ ( إيَّا ) وفروعها ، نحو : إيَّاك والشَّرَّ ، إيَّاكما والشّرَّ ، إيَّاكم والشرَّ ، إيَّاكنَّ والشَّرَّ ، وجب في هذه الحالة حذف العامل سواء وُجِد عطف ، أم لا .(1/173)
فمثاله مع العطف : إياكَ والشَّرَّ . فـ ( إياك ) مفعول به منصوب بفعل محذوف وجوبا ، والتقدير : إياك أُحَذّرُ ، الشَّرَّ : مفعول به منصوب بفعل محذوف وجوبا ، والتقدير : احْذَرِ الشَّرَّ .
ومثاله بدون العطف : إِيَّاك أَنْ تكذِبَ ( أي : إيّاك مِنْ أَنْ تكذب ) والعامل محذوف وجوبا كالسَّابق ، ويجب الحذف كذلك إذا تكرَّرت ( إيَّا ) نحو :
إيَّاكَ إيَّاكَ الشَّرَّ . فـ ( إيَّاك ) الأولى مفعول به لفعل محذوف وجوبا ،والثانية: توكيد للأولى .
2- إنْ كان التحذير بغير ( إيا ) وفروعها ، وهو المراد بقوله : " وما سواه " فلا يجب حذف العامل ، بل يجوز ذِكْره ، وحذفه ؛ تقول : احْذَرِ الشَّرَّ ، اجْتَنِبِ النَّمِيمَةَ ؛ وتقول في الحذف : الشَّرَّ ، النَّمِيمةَ ، والتقدير : احذر الشرَّ ، واجتنب النميمةَ .
هذا إذا لم يكن التحذير بالعطف ، أو التكرار ، فإن كان بالعطف ، أو بالتكرار وجب حذف العامل . فمثال العطف : النَّفَاقَ والغِيبةَ ، والتقدير: احذرِ النَّفاقَ، واجتنبِ الغيبةَ ، ونحو : مَازِ رأسَكَ والسَّيفَ ( أي : يا مَازِنُ قِ رأسَك واحذر السَّيفَ ) .
ومثال التكرار : الضَّيغَمَ الضَّيغَم ( أي : احذر الضَّيغَمَ ). والضيغم : الأسد .
التَّحذير الشَّاذُّ
وَشَذَّ إِيَّاىَ وَإِيَّاهُ أَشَذُّ وَعَنْ سَبِيلِ القَصْدِ مَنْ قَاسَ انْتَبَذْ
س2- متى يكون التحذير شاذًّا ؟
ج2- حَقُّ التحذير أن يكون للمخاطَب ، فإن كان للمتكلَّم فهو شاذّ ،كما في الأَثَر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه : إيايَ وأَنْ يَحْذِف أحدُكُم الأرنبَ .
وأَشَذَّ منه تحذير الغائب . وهذا هو معنى قوله : "وإياه أشذُّ " ، نحو : إذا بلَغ الرجلُ السَّتَّينَ فإِيَّاهُ وإيَّا الشَّوَابَّ .
...
الإغْرَاءُ
أحكامه
وَكَمُحَذِّرٍ بِلاَ إِيَّا اجْعَلاَ مُغْرًى بِهِ فى كُلِّ مَا قَدْ فُصَّلاَ
س3- عرَّف الإغراء ، واذكر أحكامه .(1/174)
ج3- الإغراء ، هو : تنبيه المخاطَب على أمرٍ لِيَلْتَزِمَه .
وهو كالتحذير في أنه إنْ وُجِد عطف ، أو تكرار وجب إضمار ناصبه ( أي: حذف عامله ) فإن لم يُوجد عطف ، ولا تكرار جاز الإضمار .
فمثال ما يجب فيه حذف العامل : أخاكَ أخاكَ ، ونحو: أخاك والإحسانَ إليه . فالعامل محذوف وجوبا في المثالين ؛ لوجود التكرار في المثال الأول ، والعطف في الثاني ، والتقدير : الْزَمْ أخاك .
ومثال جواز حذف العامل : أخاك . فالعامل محذوف جوازاً ؛ لعدم العطف ، والتكرار . ويجوز إظهار العامل ؛ فتقول : الْزَمْ أخاك .
---
أسماءُ الأفعالِ ، والأصواتِ
تعريف اسم الفعل ، وبيان أقسامه باعتبار فعله
مَا نَابَ عَنْ فِعْلٍ كَشَتَّانَ وَصَهْ هُوَ اسْمُ فِعْلٍ وَكَذَا أَوَّهْ وَمَهْ
وَمَا بِمَعْنَى افْعَلْ كَـ آمِينَ كَثُرْ وَغَيْرُهُ كَـ وَىْ وَهَيْهَاتَ نَزُرْ
س1- عرّف اسم الفعل ، واذكر أقسامه .
ج1- اسم الفعل ، هو : ما ناب عن الفعل في العمل ، ودلّ على معنى الفعل ، ولم يتأثَّر بالعوامل ، نحو : هيهات زيدٌ . فـ ( هيهات ) اسم فعل ماض
( بمعنى : بَعُدَ ) مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ، وزيد : فاعل مرفوع .
وينقسم باعتبار فعله إلى ثلاثة أقسام ، هي :
1- اسم فعل أمر ، وذلك إذا كان بمعنى فعل الأمر ، نحو: مَهْ (بمعنى : اكْفُف) وآمِّينْ ( بمعنى : اسْتَجِبْ )، وصَهْ ( بمعنى : اسْكُتْ )، وإِيهِ ( بمعنى : زِدْني ) .
وهذا القسم هو الكثير في الاستعمال. وهذا مراده من قوله : "وما بمعنى افعلْ كآمين كَثُرْ " .
2- اسم فعل ماضٍ ، وذلك إذا كان بمعنى الفعل الماضي ، نحو : هيهات
( بمعنى : بَعُدَ )، وشَتَّانَ ( بمعنى : افْتَرَقَ ) . وهذا القسم قليل الاستعمال .
3- اسم فعل مضارع ، وذلك إذا كان بمعنى الفعل المضارع ، نحو: أَوَّهْ
( بمعنى : أَتَوَجَّعُ )،ووَيْ ( بمعنى : أَتَعَجَّبُ ) وهذا القسم قليل الاستعمال أيضا.(1/175)
س2- هل أسماء الأفعال قياسية ، أو سماعية ؟
ج2- أسماء الأفعال كلُّها سماعية ، ولا ينقاس منها إلا نوع واحد ، وهو ما كان على وزن ( فَعَالِ ) من اسم فعل الأمر ، نحو : ضَرَابِ ( بمعنى : اضْرِبْ ) وهو قياسيّ في كل فعل ثلاثي تامّ متصرَّف .
ومنه قولك : كَتَابِ الدرسَ ( أي : اُكْتُبِ الدرسَ ) .
أقسام اسم الفعل باعتبار أَصْلِه
وَالفِعْلُ مِنْ أَسْمَائِهِ عَلَيْكَا وَهَكَذَا دُونَكَ مَعْ إِلَيْكَا
كَذَا رُوَيْدَ بَلْهَ نَاصِبَيْنِ وَيَعْمَلاَنِ الْخَفْضَ مَصْدَرَيْنِ
س3- اذكر أقسام اسم الفعل باعتبار أصله .
ج3- ينقسم اسم الفعل باعتبار أصله إلى قسمين :
1- مُرْتَجَل ، وهو: ما وُضِع اسم فعل من أَوَّلِ الأمرِ ، فلم يَسْبِق له استعمال آخر ، وذلك مثل ما تقدّم ذِكره في س1 ، نحو : صَهٍ ، وهيهات ، وآمين .. إلخ .
2- مَنْقُول ، وهو : ما سَبَقَ له استعمال آخر ، ثم نُقِلَ منه إلى اسم الفعل . وهذا هو مراد الناظم بهذين البيتين ، وهو ثلاثة أنواع :
أ- منقول من الجارِّ والمجرور ، نحو : إليكَ الأخبارَ ( بمعنى : خُذ الأخبارَ ) ونحو: عليكم بالعلمِ (بمعنى: تَمَسَّكوا به) ومنه قوله تعالى: * ( بمعنى : الزموا شأنَ أنفسِكم ) .
ب- منقول من الظرف ، نحو : دُونَكَ الكتابَ ( بمعنى : خُذْهُ ) ونحو : مَكَانَك ( بمعنى : اثْبُتْ ) ونحو : أَمَامَك ( بمعنى : تَقَدَّمْ ) .
ج- منقول من المصدر، نحو : رُوَيْدَ زيداً ( بمعنى : أَمْهِلْ زيداً ) ونحو : بَلْهَ زيداً ( بمعنى : اتركْ زيداً ) .
وهذا النوع المنقول من المصدر له استعمالان :
أولها : أن يكون مصدراً معرباً مضافاً إلى مفعوله ، فيكون مفعوله مجروراً بالإضافة ، نحو : رويدَ زيدٍ ، وبَلْهَ زيدٍ .
فـ ( رويد ، وبله ) مصدران منصوبان بفعل محذوف وجوبا ، وزيد : مضاف إليه مجرور .(1/176)
ثانيهما : أن يكون اسم فعل ، فيكون ناصباً مفعوله ، نحو رويدَ زيداً ، وبلهَ زيداً . فـ ( رويد ، وبله ) اسما فعل مبنيان ، وزيد : مفعول به منصوب . وهذا هو مراده من البيت الثاني .
يتلخَّصُ من ذلك : أنه إذا كان ما بعد المنقولِ من المصدر مجروراً فالمنقول مصدر ، وإذا كان ما بعده منصوباً فهو اسم فعل .
عمل اسم الفعل
وحكم تأخير معموله عليه
وَمَا لِمَا تَنُوبُ عَنْهُ مِنْ عَمَلْ لَهَا وَأَخَّرْ مَا لِذِى فِيهِ العَمَلْ
س4- ما عمل اسم الفعل ؟
ج4- اسم الفعل يعمل عمل الفعل الذي ينوب عنه ، فإن كان الفعل لازما كان اسم الفعل لازما كذلك ، نحو : هيهات زيدٌ . فـ (زيد) فاعل مرفوع ، عامله : اسم الفعل ( هيهات ) وهو لازم لا ينصب مفعولا به ؛ لأن الفعل الذي ناب عنه ، وهو ( بَعُدَ ) لازم . ومثله ( صَهْ ، ومَهْ ) فهما لازمان ، فاعلهما: ضمير مستتر ، ولا ينصبان مفعولا به ؛ لأنهما بمعنى الفعلين ( اسْكُتْ، واكْفُفْ ) وهما فعلان لازمان .
أما إن كان الفعل متعدياً يرفع فاعلا ، وينصب مفعولا فاسم الفعل النائب عن ذلك الفعل يكون متعدياً كذلك ، نحو: دَرَاكِ زيداً (بمعنى : أَدْرِكْه) فـ (زيداً) مفعول به ، والفاعل ضمير مستتر ؛ وذلك لأن الفعل (أدرك) فعل متعدٍ .
ومنه : ضَرَابِ زيداً ( بمعنى : اضربْهُ ) .
س5- إلام إشار الناظم بقوله : " وأخَّر ما لِذِى فيه العَمَلْ " ؟
ج5- أشار بذلك إلى أنّ معمول اسم الفعل يجب تأخيره عن اسم الفعل ؛ فتقول : دَرَاكِ زيداً ، ولا يجوز تقديمه ؛ فلا تقول: زيداً دَرَاكِ ، وهذا بخلاف الفعل إذ يجوز تأخيره وتقديمه ، نحو : أَدْرِكْ زيداً ؛ وتقول : زيداً أدركْ .
( م ) س6- ما السَّرُّ في عدم جواز تقدُّم معمول اسم الفعل عليه ؟(1/177)
ج6- السَّرُّ في ذلك : أن أسماء الأفعال إنّما عَمِلت ؛ لأنها مَحْمُولة على الأفعال التي نابَت أسماء الأفعال عنها،ولم تعمل أَصَالة؛ولذلك كانت عوامل ضعيفة ، والعامل الضعيف لا يتصرَّف في معموله بتقديمه عليه .
تَنْكِيرُ ، وتَعْرِيفُ أسماءِ الأفعالِ
وَاحْكُمْ بِتَنْكِيرِ الَّذِى يُنَوَّنُ مِنْهَا وَتَعْرِيفُ سِوَاهُ بَيَّنُ
س7- متى يكون اسم الفعل نكرة ؟ ومتى يكون معرفة ؟
ج7- إذا نُوَّن اسم الفعل كان نكرة ، وإذا لم يُنَوَّن كان معرفة ،فإذا قلت: صَهٍ ( بالتنوين ) فهو نكرة ؛ لأنه يكون بمعنى : اسكت عن أيَّ كلام ، وإذا قلتَ : صَهْ ( بغير تنوين ) فهو معرفة ؛ لأنه يكون بمعنى : اسكت عن هذا الكلام ، ويمكنك الكلام في موضوع آخر غيره .
أسماءُ الأَصْوَاتِ
تعريفها ، وأنواعها ، وحكمها
وَمَا بِهِ خُوطِبَ مَا لاَ يَعْقِلُ مِنْ مُشْبِهِ اسْمِ الفِعْلِ صَوْتاً يُجْعَلُ
كَذَا الَّذِى أَجْدَى حِكَايَةً كَـ قَبْ وَالْزَمْ بِنَا النَّوْعَيْنِ فَهْوَ قَدْ وَجَبْ
س1- عرَّف أسماء الأصوات ، واذكر أنواعها .
ج1- أسماء الأصوات ، هي :كُلُّ ما وُضِعَ لخِطَابِ ما لا يَعْقِلُ من الحيوانات ، أو صغار الأطفال . وهي نوعان :
1- ما خوطب به مالا يعقل ، نحو ( هَلاً ) وهو صوت لزَجْرِ الخيل ، ونحو :
( عَدَسْ ) لزجر البَغْل ، ونحو : ( كِخْ ) للطفل ، وفي الحديث :
" كِخْ كِخْ فإنها من الصَّدَقة " ونحو : ( سَعْ ) للضَّأن ، و( وَحْ ) للبقرة .
2- ما حُكِيَ به صَوْتٌ ( أي : إنك تحكي صوتاً مِنْ الأصوات ) كقولك :
( غَاقِ ) في حكاية صوت الغراب و( قَبْ ) حكاية لصوت وَقْع السَّيف ،
و( طَقْ ) حكاية لصوت الضَّرْب ، وصوت وَقْع الِحجَارة .
س2- ما مراد الناظم بقوله : " والزمْ بِنَا النوعين "(1/178)
ج2- قوله ( النوعين ) يحتمل أنّه يريد نَوْعَي الأصوات المذكورين في السؤال السابق - وهو الأرجح - ويحتمل أنه يريد بالنوعين : أسماء الأفعال ، وأسماء الأصوات .
وقوله ( بِنَا ) يريد أنّ أسماء الأفعال ، وأسماء الأصوات كلّها مبنيّة .
س3- ما عِلَّة بناء أسماء الأفعال ، وأسماء الأصوات ؟ وما الفرق بينهما ؟
ج3- أسماء الأفعال مبنيّة ؛ لشبهها بالحرف في النيابة عن الفعل ، وعدم التأثُر بالعوامل - وقد سبق ذكرها بالتفصيل في الجزء الأول - أما أسماء الأصوات فهي مبنية ؛ لشبهها بأسماء الأفعال .
وقيل : لشبهها بالحروف المهملة ( غير العاملة ) فهي لاعاملة ، ولا معمولة .
* والفرق بينهما من وجوه :
1- أنّ أسماء الأصوات غير عاملة ، أما أسماء الأفعال فهي تعمل عمل فعلها الذي تنوب عنه .
2- أنّ أسماء الأصوات لا ضمير فيها ، أما أسماء الأفعال ففيها ضمير مستتر .
3- أن أسماء الأصوات تعدّ من قبيل المفردات ، أما أسماء الأفعال فمن قَبيل المركَّبات . *
---
نُونَا التَّوكِيدِ
نوعهما ، واختصاصهما
لِلْفِعْلِ تَوْكِيدٌ بِنُونَيْنِ هُمَا كَنُونَىِ اذْهَبَنَّ وَاقْصِدَنْهُمَا
س1- نون التوكيد نوعان ، اذكرهما ، ثم اذكر اختصاصهما .
ج1- نون التوكيد نوعان ، هما :
1- ثقيلة ( مُشَدَّدة ) نحو : اذهبَنَّ ، واقْصُدَنَّ .
2- خفيفة ( ساكنة ) نحو : اذهبَنْ ، واقْصُدَنْ .
وقد اجتمعا في قوله تعالى : * فالنون الأولى ثقيلة , والثانية في قوله تعالى : * خفيفة , والألف فيها بدل من النون الخفيفة ، والأصل أن تُكتب هكذا ( وليكونَنْ ) .
وكلاهما يختصّ بالفعل سواء كان مضارعاً ، أم أمراً .
أما الفعل الماضي فلا يُؤكد بنون التوكيد ؛ لأنَّ الفعل الماضي زمنه ( ماضٍ ) ونون التوكيد تجعل زمن الفعل للمستقبل فقط ؛ فلا يمكن الجمع بين الزمانين .
توكيد فعل الأمر ، والفعل المضارع
وحكم توكيد المضارع ، وشروطه
وبيان حكم آخر المؤكَّد(1/179)
يُؤَكِّدَانِ افْعَلْ وَيَفْعَلْ آتِيَا ذَا طَلَبٍ أَوْ شَرْطاً إِمَّا تَالِيَا
أَوْ مُثْبَتاً فى قَسَمٍ مُسْتَقْبَلاَ وَقَلَّ بَعْدَ مَا وَلَمْ وَبَعْدَ لا
وَغَيْرِ إِمَّا مِنْ طَوَالِبِ الْجَزَا وَآخِرَ الْمُؤَكَّدِ افْتَحْ كابْرُزَا
س2- ما حكم توكيد فعل الأمر ؟
ج2- فعل الأمر يؤكّد بنوني التوكيد مُطلقا ( أي : بدون شرط ) فتقول : اذْهَبَنَّ , واذْهَبَنْ .
س3- ما حكم توكيد الفعل المضارع , وما شروط توكيده ؟
ج3- الفعل المضارع لا يؤكّد إلاّ بشروط , وبناء على هذه الشروط يكون الحكم على توكيده , وإليك بيان الشروط وأحكامها :
1- أن يكون جواباً لقسمٍ ، مثبتاً ، مستقبلا ، غير مفصول من لام جواب القسم . فإن تحقَّقت هذه الشروط وجب توكيده , نحو قوله تعالى : * فالفعل المضارع ( أَكِيدُ ) أُكِّد بنون التوكيد وجوبا ؛ لأنه وقع جوابا للقسم , وهو مثبت ( غير منفي ) ودالّ على المستقبل , ومتّصل بلام جواب القسم .
فإن لم تتحقّق الشروط السابقة امتنع توكيده , نحو : والله لا أُدَخِّنُ ، امتنع توكيده ؛ لكونه منفيا . والله لأَخْرُجُ الآن ، امتنع توكيده ؛ لكونه للحال .
والله لسوف أَجْتَهِدُ . امتنع توكيده ؛ لكونه مفصولا من لام جواب القسم بسوف .
2- أن يكون دالاًّ على طلب . وهذا هو معنى قوله :" ويفعل آتيا ذا طلب" فإن دلّ على طلب جاز توكيده ، نحو : هل تضربَنَّ زيداً ؟ ونحو : لِيَقْرَأَنَّ زيدٌ الدرسَ , ونحو : هلاَّ تَكتُبَنَّ الدرس .
فالأفعال السابقة مؤكّدة بنون التوكيد ؛ لكونها طلبيّة ( أي : مسبوقة بحرفٍ دالٍّ على الطلب ) كالاستفهامِ , والأمرِ , والتَّحْضِيضِ , والتَّمَنَّي , والنَّهْي .(1/180)
3- أن يقع بعد إمَّا الشرطية . وهذا معنى قوله : " أو شرطا إما تاليا " ( أي : يقع شرطا تالِياً إمَّا ) فإن وقع بعد ( إمَّا ) الشرطية فتوكيده قريب من الواجب ،نحو قوله تعالى : * وقوله تعالى : * وأصل إمَّا : إنْ الشرطية ، وما الزائدة .
س4- ما مراد الناظم بقوله : " وَقَلَّ بعد مَا ، ولَمْ ، ولاَ ، وغير إمّا من طوالب الجزا " ؟
ج4- مراده : أنّ توكيد الفعل المضارع قليل في المواضع الآتية :
1- إذا وقع المضارع بعد ( ما ) الزائدة التي لم تُسْبق بـ ( إنْ الشرطية ) نحو قولهم : بِعَيْنٍ مَا أَرَيَنَّكَ ، وقولهم : بِجُهْدٍ مَا تَبْلُغَنَّ .
2- المضارع الواقع بعد ( لا ) النافية ، نحو قوله تعالى : * .
3- المضارع الواقع بعد ( لَمْ ) نحو قول الشاعر :
يَحْسَبُهُ الْجَاهِلُ مَا لَمْ يَعْلَمَا شَيْخاً عَلَى كُرْسِيَّهِ مُعَمَّمَا
والشاهد فيه: قوله (لم يعلما) فقد أُكد الفعل المضارع المنفي بـ (لم ) وأصله :
لم يعلمَنْ ، فقُلِبَتْ النون ألفًا للوَقْف .
4- المضارع الواقع بعد أدوات الشرط غير ( إمَّا ) نحو قول الشاعر :
مَنْ نَثْقَفَنْ مِنْهُمْ فَلَيْسِ بِآيبٍ . فالفعل ( نثقفنْ ) أُكَّدَ بنون التوكيد الخفيفة بعد ( مَنْ ) الشرطية .
س5- ما حكم آخر الفعل المؤكّد بنون التوكيد ؟
ج5- حكمه : البناء على الفتح ، وذلك إذا اتصلت نون التوكيد بآخر الفعل اتصالا مباشراً ، كما في الأمثلة الآتية :
اضْرِبَنْ ، واضْرِبَنَّ ؛ ولا تَذْهَبَنَّ ، ولا تَذْهَبَنْ ؛ ونحو قول الناظم : " ابْرُزَا " وأصله : ابرُزَنْ ( قُلبت النون ألفا للوقف ) .
أما إذا فَصَلَ بينهما فاصلٌ كـ ( واو الجماعة ، أو ألف الاثنين ، أو ياء المخاطبة ) فله حكم آخر يأتي بيانه إن شاء الله .
أحكام آخر الفعل المؤكَّد بنون التوكيد
إذا فصل بينهما ضمير
وَاشْكُلْهُ قَبْلَ مُضْمَرٍ لَيْنٍ بِمَا جَانَسَ مِنْ تَحَرُّكٍ قَدْ عُلِمَا(1/181)
وَالْمُضْمَرَ احْذِفَنَّهُ إِلاَّ الأَلِفْ وَإِنْ يَكُنْ فى آخِرِ الفِعْلِ أَلِفْ
فَاجْعَلْهُ مِنْهُ رَافِعاً غَيْرَ اليَا وَالْوَاوِ يَاءً كاسْعَيَنَّ سَعْيَا
وَاحْذِفْهُ مِنْ رَافِعِ هَاتَيْنِ وَفى وَاوٍ وَيَا شَكْلٌ مُجَانِسٌ قُفِى
نَحْوُ اخْشَيِنْ يَا هِنْدُ بِالْكَسْرِ وَيَا قَوْمِ اخْشَوُنْ وَاضْمُمْ وَقِسْ مُسَوَّيَا
س7- اذكر أحكام آخر الفعل المؤكّد بنون التوكيد إذا فَصَل بينهما ضمير .
ج7- ذكرنا في س5 أنّ الفعل المؤكّد إذا اتًّصلت به نون التوكيد اتصالا مباشراً بدون فاصل بُنِيَ على الفتح ، وذكر الناظم في هذه الأبيات حكم الفعل المؤكّد بنون التوكيد إذا فصل بينهما ضمير ، نحو : واللهِ لَتَذْهَبُنَّ ، واللهِ لَتَذْهَبِنَّ ،
واللهِ لَتَذْهَبَانِّ . فالفاصل في المثال الأول ( واو الجماعة ) وفي المثال الثاني ( ياء المخاطبة ) وفي المثال الثالث ( ألف الاثنين ) .
وإذا تأملّت آخر هذه الأفعال وجدت الأحكام الآتية :
1- حَذْفُ نون الرفع في جميع الأمثلة ؛ لتوالي الأمثال ( أي : وجود ثلاث نونات متتالية ) إذ أن الأصل : واللهِ لَتَذْهَبُونَنَّ ، لَتَذْهَبِينِنَّ ، لَتَذْهَبَانِنَّ .
2- حَذْفُ واو الجماعة ، وياء المخاطبة ؛ لالتقاء الساكنين ، إذ إنَّ الأصل بعد حذف نون الرفع : واللهِ لتذهبُوْنَّ ، لتذهبِيْنَّ .
3- لا تُحذَف ألف الاثنين ؛ لخِفَّتِها ولأنها تَلْتَبِسُ بالمفرد إذا حُذِفت .
فإذا حذفتها وقلت : واللهِ لتذهبَنَّ ( بحذف ألف الاثنين )لم يُعلم هل المؤكّد مفرد ، أو مثنى ؟
والحكمان الثاني والثالث ، هما المراد بقوله : " والمضمر احذفنَّه إلا الألف " .
4- وَضْعُ حركة مُجَانِسَة للضمير المحذوف ؛ للدلالة عليه . فإن حُذِفتْ
((1/182)
الواو ) ضُمَّ الحرف الأخير ؛ تقول : واللهِ لتذهبُنَّ ، وإن حذفت ( الياء ) كُسِر الحرف الأخير ؛ تقول: واللهِ لتذهبِنّ ، أما الألف فيكون ما قبلها مفتوحاً. وهذا هو مراده بالبيت الأول .
هذا كلُّه إذا كان الفعل صحيحا ، أما إذا كان معتلا فحكم آخره كما يلي :
1- إذا كان آخره معتلا بـ ( الواو ، أو الياء ) نحو : تَغْزُو ، وتَرْمِي حُذِفت الواو ، والياء ؛ لأجل التقاء الساكنين ، ويُضم ما قبل الواو ، ويُكسر ما قبل الياء .
تقول قبل حذف حرف العلّة : تَغْزُوْوْنَ ، وتَرْمِيْيْنَ ؛ وتقول بعد الحذف : تغزُونَ ، وترمِينَ .
فإذا أكّدته بنون التوكيد فعلت به ما فعلت بالصحيح : تحذف نون الرفع ، ثم الضمير مع بقاء الضمة قبل الواو ، والكسرة قبل الياء ؛ فتقول : واللهِ لَتَغْزُنَّ ، واللهِ لَتَرْمِنَّ ، أما إذا أُدخلت ألف الاثنين فلا تُحذف ، ويُفتح ما قبلها ؛ فتقول:
هل تَغْزُوَانِّ ؟ وهل تَرْمِيَانِّ ؟ فهذان الفعلان مسْندان إلى ألف الاثنين ؛ إذ إنَّ الأصل : هل تغزوَانِ ؟ هل ترميَانِ ؟
2- إذا كان آخره معتلا ( بالألف ) ففيه تفصيل :
أ- إذا كان الفاعل هو ( ألف الاثنين ، أو ضمير مستتر ) انْقَلبت الألف التي في آخر الفعل ( ياء ) وفُتِحَتْ ، نحو: اسْعَيَانِّ ، واسْعَيَنَّ يا زيدُ . فالفعل ( يسعى ) معتل الآخر بالألف وقد اتّصل في المثال الأول بـ ( ألف الاثنين ) وهي الفاعل ،وفي المثال الثاني لم يتصل بضمير ظاهر ، فالفاعل ضمير مستتر ؛ ولذلك قُلِب حرف العلة ( الألف ) ياء في كلا المثالين ، وفُتِحت الياء .(1/183)
ب- إذا كان الفاعل ( واو الجماعة ، أو ياء المخاطبة ) حُذِف حرف العلة (الألف) مع بقاء الفتحة التي كانت قبلها ، وتُضَمُّ واو الجماعة ، وتُكسر الياء ؛ فتقول : اسعَوُنَّ ، واسْعَيِنَّ ، أمَّا إذا لم تُؤَكَّده بنون التوكيد فلا تُضَمُّ الواو ، ولا تُكسر الياء ، بل تكونان ساكنتين ؛ فتقول: هل تَسْعَوْنَ يا رجال ؟ وهل تَسْعَيْنَ يا هندُ ؟ ويا رجال اسْعَوْا ، ويا هند اسْعَيْ . وهذا التفصيل هو مراده بقوله :
" وإن يكن في آخر الفعل ألف ... إلى آخر الأبيات ".
* س8- الفعل المؤكّد المتصل بضمير أمعربٌ هو ، أم مبني ؟
ج8- الصحيح أنّه معرب ، وهو رأي الجمهور ، وخالفهم في ذلك الأخفش فهو يرى أنه مبني .
حكم وقوع النون الخفيفة ، والثقيلة
بعد ألف الاثنين ، وبيان حركتها
وَلَمْ تَقَعْ خَفِيفَةٌ بَعْدَ الأَلِفْ لَكِنْ شَدِيَدةٌ وَكَسْرُهَا أُلِفْ
س9- ما حكم وقوع النون الخفيفة،والثقيلة بعد ألف الاثنين ؟ وما حركتها؟
ج9- إذا كان الفعل مسنداً إلى الاثنين ، نحو : اذهبانِ ، وأردنا توكيده فيجب أن تكون النون مشدَّدة مع كسر النون ؛ فتقول : اذهبانِّ . ولا يجوز أن تقع نون التوكيد الخفيفة بعد الألف ؛ فلا تقول : اذهبانْ ؛ بسبب وجود ساكنين .
وقد أجاز يونس وقوع الخفيفة بعد الألف مع وجوب كسرها عنده ؛ فتقول : اذهبانِ . وظاهركلام سيبويه - وبه صرَّح الفارسي - أنّ يونس يُبقِي النون ساكنة .
حكم آخر الفعل الْمُسْند إلى نون النسوة
إذا أُكَّد بنون التوكيد
وَأَلِفاً زِدْ قَبْلَهَا مُؤَكِّدَا فِعْلاً إِلَى نُونِ الإِنَاثِ أُسْنِدَا
س10- ما حكم آخر الفعل المسند إلى نون النسوة إذا أكد بنون التوكيد ؟
ج10- إذا أُكد الفعل المسند إلى نون النسوة بنون التوكيد وجب الفصل بين نون النسوة ، ونون التوكيد بألف زائدة ؛كراهية توالي الأمثال ؛ فتقول : اضْرِبْنَانِّ ، بنون مشدَّدة مكسورة قبلها ألف زائدة .(1/184)
وفي جواز وقوع الخفيفة خلاف ، هو نفس الخلاف السابق ذِكره في س9 .
مواضع وجوب حذف نون التوكيد الخفيفة
ومواضع إبدالها ألفا
وَاحْذِفْ خَفِيفَةً لِسَاكِنٍ رَدِفْ وَبَعْدَ غَيْرِ فَتْحَةٍ إِذَا تَقِفْ
وَارْدُدْ إِذَا حَذَفْتَهَا فى الوَقْفِ مَا مِنْ أَجْلِهَا فى الوَصْلِ كَانَ عُدِمَا
وَأَبْدِلَنْهَا بَعْدَ فَتْحٍ أَلِفَا وَقْفاً كَمَا تَقُولُ فى قِفَنْ قِفَا
س11- ما المواضع التي يجب فيها حذف نون التوكيد الخفيفة ؟
ج11- تحذف نون التوكيد الخفيفة وجوبا في الموضعين الآتيين :
1- إذا وقع بعدها ساكن فتحذف لالتقاء الساكنين ؛ فتقول في : اضْرِبَنْ : اضْرِبَ الرجلَ ، بحذف النون ، وفتح الباء . ومنه قول الشاعر :
لا تُهِينَ الْفَقِيرَ عَلَّكَ أَنْ تَرْكَعَ يَوْماً والدَّهْرُ قَدْ رَفَعَهْ
حَذف الشاعر نون التوكيد في ( تُهينَ ) للتخلّص من التقاء الساكنين ، فنون التوكيد ساكنة و( أل ) ساكنة ، وأبقى الفتحة على لام الكلمة ( النون ) .
ومِمَّا يدلّ على أنّ الفعل مؤكد بنون التوكيد وجود الياء مع أن الفعل مجزوم ؛ لأنّ حرف العلة المحذوف يعود عند التوكيد .
2- في حالة الوقف إذا وقعت النون بعد ضمة ، أو كسرة . وهذا هو معنى قوله : " وبعد غير فتحة إذا تَقِفْ " .
ويُرَدُّ حينئذ كلّ ما حُذِف لأجل نون التوكيد ؛ فتقول في : يا هؤلاءِ اخْرُجُنْ : يا هؤلاء اخرجُوا ( بحذف النون ) للوقف ، وبرَدَّ ( واو الجماعة ) المحذوفة ؛ وتقول في : يا هند اخْرُجِنْ : يا هندُ اخْرُجِي ( بحذف النون ) للوقف ، ورَدَّ
( ياء المخاطبة ) المحذوفة .
س12- متى تُبْدَل نون التوكيد الخفيفة ألفا ؟
ج12- تُبدل نون التوكيد الخفيفة ألفا في حالة الوقف إذا وقعت بعد فتحة ؛ فتقول في قِفَنْ ( قِفَا ) وفي اضربَنْ ( اضربَا ) بإبدال النون ألفا في حالة الوقف ؛ وذلك لوقوعها بعد فتحة . ومنه قوله تعالى : * وقوله تعالى : * وذلك لشبهها بالتنوين .
---(1/185)
الْمَمْنُوعُ مِنَ الصَّرْفِ
تعريف الصَّرْف
الصَّرْفُ تَنْوِينٌ أَتَى مُبَيَّنَا مَعْنىً بِهِ يَكُونُ الاسْمُ أَمْكَنَا
س1- عرَّف الصَّرف .
ج1- الصَّرْفُ ، هو : التنوين . فالاسم المنصرِف ، هو : الاسم الذي يُنَوَّن .
س2- التنوين أربعة أنواع ، فأيّ الأنواع يختص بالصَّرف ؟
ج2- التنوين أربعة أنواع ، هي :
1- تنوين التَّمْكِين ، نحو : زيدٌ ، وكتابٌ .
2- تنوين التَّنْكِير ، نحو : سيبويهٍ ، وصَهٍ .
3- تنوين الْمُقَابَلَة ، نحو : هِنْدَاتٌ ، وأَذْرِعَاتٌ .
4- تنوين العِوَض ، نحو : جَوَارٍ ، وغَوَاشٍ .
والنوع الأول ، وهو : تنوين التمكين هو المختص بالصَّرف ؛ لأنه يُبْقِي الاسم على أصله ، فهو لم يُشبه الحرف فَيُبْنَى ، ولم يُشبه الفعل فَيُمْنَع من الصرف ، وبذلك يكون الاسم أَمْكَنَ في باب الاسميّة .
س3- ما المراد بالاسم الْمُتَمَكِّن أَمْكَن ؟ وما المراد بالمتمكن غير أَمْكَن ؟
ج3- الاسم المعرب على قسمين :
1- ما أشبه الفعل ، وهو : الممنوع من الصرف ، ويُسمى مُتمكَّن غير أَمْكَن .
متمكَّن ؛ لأنه معرب ، وغير أمكن ؛ لأنه لا يُنوَّن ، فقد أشبه الفعل ، والحرف في عدم التنوين .
2- ما لم يُشبه الفعل ، وهو : الاسم المنصرِف ، وهو متمكن أمكن ؛ لأنه معرب ، ويُنوَّن . وهذا هو مراده بقوله : " أتى مبيَّنا ... إلخ " .
أما الاسم المبني فهو غير متمكَّن .
س4- ما الفرق بين الاسم المنصرف ، والاسم الممنوع من الصرف ؟
ج4- الفرق بينهما من جهتين ، هما :
1- الاسم المنصرِف يُنوَّن تنوين تمكين ، أما الممنوع من الصّرف فلا يُنوَّن .
2- الاسم المنصرِف يجرُّ بالكسرة في جميع أحواله ، أما غير المنصرف فيجرّ بالفتحة نيابة عن الكسرة ، نحو : ذهبت إلى إبراهيمَ ، إلا إذا أُضيف ، أو اقترن بـ ( أل ) فيجر بالكسرة ، نحو : سكنت في فنادقِ المدينةِ ، ونحو : سكنت في الفنادقِ .
س5- ما سبب منع الاسم المعرب من الصرف ؟(1/186)
ج5- يُمنع الاسم المعرب من الصرف إذا وُجِدت فيه علتان من عِلَلٍ تِسْع ، أو وُجِدت عِلَّةٌ واحدة تقوم مَقَام العلتين ، والعِلَلُ يجمعها قوله :
عَدْلٌ ووَصْفٌ وتَأْنِيثٌ ومَعْرِفَةٌ وعُجْمَةٌ ثُمَّ جَمْعٌ ثُمَّ تَرْكِيبُ
والنُّونُ زَائِدةٌ منْ قَبْلِهَا أَلِفٌ ووَزْنُ فِعْلٍ وهذا القَولُ تَقْرِيبُ
* ويتلخص من ذلك أن الاسم الممنوع من الصرف ، نوعان :
1- ما يُمنع لِعِلَّة واحدة ، وهو نوعان :
أ- المختوم بألف التأنيث المقصورة ، أو الممدودة ، نحو : حُبْلَى ، وحَمْرَاء . ب- الجمع الْمُتَنَاهِي نحو : مَسَاجِد ، ومَصَابِيح .
2- ما يُمنع لعلَّتين ، وهو نوعان : أ- العلم ب- الصَّفة .
فالعلم يُمنع من الصرف إذا كان :
1- مؤنثا ، نحو : فاطمة ، ومريم ، وحمزة .
2- أعجميا ، نحو : إبراهيم ، وإسحاق .
3- معدولا ، نحو : عُمَر ، وزُحَل .
4- مُرَكَّباً تركيبا مَزْجِيًّا ، نحو : حَضْرَمَوْتَ ، وبَعْلَبَكَّ .
5- على وزن الِفعْل ، نحو : أحمد ، ويَزيد .
6- مختوما بألف ونون زائدتين ، نحو : رمضان ، وعثمان .
أما الصَّفة فتمنع من الصرف إذا كانت .
1- على وزن أَفْعَل ، نحو : أَكْبَر ، وأَفْضَل .
2- على وزن فَعْلاَن ، نحو : عَطْشَان ، وفَرْحَان . ( الألف والنون زائدتان ).
3- مَعْدُولَة ، نحو : مَثْنى ، وثُلاَث ، وكلمة ( أُخَر ) .
وسيأتي بيان هذه الأنواع تفصيلا . *
الممنوع من الصرف لعلّة واحدة
أولا : ما خُتِمَ بألف التأنيث
فَأَلِفُ التَّأْنِيثِ مُطْلَقاً مَنَعْ صَرْفَ الَّذِى حَوَاهُ كَيْفَمَا وَقَعْ
س6- ما المراد بهذا البيت ؟(1/187)
ج6- المراد : أنَّ كلَّ اسم خُتِم آخره بألف التأنيث مُنِع من الصرف مطلقا ، أي : سواء كانت الألف مقصورة ، نحو: حُبْلى ، ورَضْوَى ؛ أو كانت ممدودة، نحو : حمراء ، وصحراء ، وسواء أكان الاسم المختوم بألف التأنيث علما ، نحو: زكرياء ، وأسماء ، وَليْلَى ؛ أو غير علم ، نحو: حُبْلَى ، وصَحْرَاء ، وحَمْرَاء .
ثانيا : الجمعُ الْمُتَنَاهِي
وَكُنْ لِجَمْعٍ مُشْبِهٍ مَفَاعِلاَ أَوِ الْمَفَاعِيلَ بِمَنْعٍ كَافِلاَ
س7- ما المراد بهذا البيت ؟
ج7- المراد : أنَّ الجمع إذا كان على وزن ( مَفَاعِلَ ، أو مَفَاعِيلَ ) مُنِع من الصرف سواء أكان في أوَّله ميم ، نحو : مَسَاجِد ، ومَصَابِيْح ، أولم يكن في أوله ميم ، نحو : فَنَاْدِق ، وقَنَادِيْل ؛ لأنها شبيهة بـ ( مفاعل ، ومفاعيل ) في عدد الحروف ، والحركات ، والسكون .
س8- ما معنى الجمع المتناهي ؟ وما ضابطه ؟
ج8- الجمع المتناهي ، هو نهاية الجمع فلا جمع بعده ، فقولك : مساجد ، ومصابيح ... إلخ ، ليس لها جمع بعد هذا الجمع فهو مُنْتَهى الْجُمُوع ، بخلاف قولك : أَسْوِرَة جمع سِوَار ، فأسورة ليست منتهى الجمع ؛ لأنها تُجْمَعُ بَعْدُ ؛ فتقول : أَسَاوِر ، وهذا منتهى الجمع .
وضابطه :كل جمع بعد ألف تكسيره حرفان ،أو ثلاثة أحرف أوسطها ساكن ، نحو : مَسَاجِد ، وفنادق ؛ ونحو : مصابيْح ، وقناديْل .
حكم الجمع المتناهي
إذا كان منقوصاً
وَذَا اعْتِلاَلٍ مِنْهُ كَالْجَوَارِى رَفْعاً وَجَرًّا أَجْرِهِ كَسَارِى
س9- ما حكم الجمع المتناهي إذا كان معتل الآخِر ؟(1/188)
ج9- الجمع المتناهي إذا كان معتل الآخِر ( منقوصا ) نحو : الْجَوَارِي ، والْمَعَانِي ، والثَّوَانِي ، فإنه يُعَامل معاملة المفرد المنقوص المنصرف ( كقاضٍ ، وسَارٍ ) فتحذف ياؤه في حالتي (الرفع ، والجر) ويُنَوَّن تنوين عِوَض ؛ فتقول : هؤلاءِ جوارٍ ، ومررت بجوارٍ . ومنه قوله تعالى: * وقوله تعالى: * أما حالة ( النصب ) فتبقى الياء ، وتظهر الفتحة بدون تنوين ؛ فتقول : رأيت الجواريَ . ومنه قوله تعالى :
* .
حكم المفرد الشَّبِيه
بالجمع المتناهي
وَلِسَرَاوِيلَ بِهَذَا الْجَمْعِ شَبَهٌ اقْتَضَى عُمُومَ الْمَنْعِ
س10- ما حكم المفرد الشَّبيه بالجمع المتناهي ؟
ج10- الاسم المفرد إذا جاء على صيغة منتهى الجموع ( مَفَاعِل ، أو مَفَاعِيل ) مُنِع من الصرف ؛ لشبهه بالجمع المتناهي ، نحو : سَرِاويل . فـ (سراويل) مفرد أعجمي جاء على وزن مَفاعيل فَمُنِعَ من الصرف ؛ لشبهه بالجمع المتناهي .
وزعم بعض النحاة أنه يجوز فيه الصرف ، والمنع ، واختار الناظم منعه من الصرف ؛ ولهذا قال: " شَبَه اقتضى عموم المنع " ومثل سراويل : طَمَاطِم ، وبَطَاطِس ، وطَبَاشِير .
( م ) اخْتُلِفَ فى سراويل ، فقيل : إنه جمع عربي ، مفرده ( سِرْوَالَة ) وقيل : إنه مفرد أعجمي . ( م )
حكمُ الْعَلَمِ إذا سُمَّيَ على وزن
الجمع المتناهي ، أو الملحق به
وَإِنْ بِهِ سُمَّىَ أَوْ بِمَا لَحِقْ بِهِ فَالاِنْصِرَافُ مَنْعُهُ يَحِقْ
س11- ما حكم ما سُمَّيَ على وزن الجمع المتناهي ، أو ما أُلحق به ؟
ج11- إذا سُمَّي إنسان على وزن الجمع المتناهي ، أو ما أُلحق به مُنع من الصرف ؛ للعلمية وشبه العُجْمَة ، أما العلميّه فلأنه عَلَمٌ ، وأما شبه العجمة فلأن هذا الوزن ( مفاعل ، أو مفاعيل ) ليس في الآحاد العربية ( أي : لا توجد كلمة مفردة في العربية على أحد هذين الوزنين ) .
ومثال ذلك : أن تُسمَّي رجلا ( مساجد ) فتمنعه من الصرف ؛ فتقول :(1/189)
جاء مساجدُ ، وذهبت إلى مساجدَ ، ونحو : شَرَاحِيل ، ونحو : هَوَازِن ( عَلَمٌ على قبيلة ) .
الممنوع من الصرف لعلتين
... أولا : الوَصْفُ
أ- الوصفُ المختومُ بألف ونون زائدتين
شرط منعه من الصرف
وزَائِداً فَعْلاَنَ فى وَصْفٍ سَلِمْ مِنْ أَنْ يُرَى بِتَاءِ تَأْنِيثٍ خُتِمْ
س12- ما شرط منع الوصف المختوم بألف ونون زائدتين من الصرف ؟
ج12- يمنع الوصف المختوم بألف ونون زائدتين - وهو مراده بقوله : " وزائداً فَعْلان في وَصْف "- يمنع من الصرف ، بشرط , هو : ألاَّ يكون مؤنثه مختوما بتاء التأنيث ، نحو : سَكْرَان ، وعَطْشَان ، وغَضْبَان . فهذه الأسماء ممنوعة من الصرف لعلتين : الوصفية ، وزيادة الألف والنون ، والشرط متحقَّق فيها ؛ لأن مؤنثها ليس بالتاء ؛ تقول في المؤنث: سَكْرَى ، وعَطْشَى ، وغَضْبى ؛ ولا تقول: سكرانة ، وعطشانة ، وغضبانة . فإذا كان المؤنث بالتاء صُرِفت ، نحو : رجلٌ سَيْفَانٌ ( بالتنوين ) وذلك لأن مؤنثه بالتاء ؛ تقول : امرأة سَيْفَانَة (أي : طويلة) ومثله : حَبْلاَن ، ودَخْنَان ... إلخ فإن مؤنثها بالتاء .
ب- الوصفُ ووَزْنُ أَفْعَلَ
شرط منعه من الصرف
وَوَصْفٌ أَصْلِىٌّ وَوَزْنُ أَفْعَلاَ مَمْنُوعَ تَأْنِيثٍ بِتَا كَأَشْهَلاَ
س13- ما شرط منع الوصف الذى على وزن أَفْعَلَ من الصرف ؟
ج13- الوصف الذي على وزن أَفعْلَ يمنع من الصرف ، بشرطين :
1- أن يكون الوصف أصليًّا لا عارضاً .
2- ألا يكون المؤنث مختوماً بتاء التأنيث ، نحو : أحمر ، وأكبر ، وأفضل . فهذه الأسماء ممنوعة من الصرف لعلتين : الوصف الأصلي ووزن أَفْعَل ، ومؤنثها ليس مختوما بالتاء ؛ تقول : حمراء ، وكُبْرَى ، وفُضْلى . فإن كان المؤنث بالتاء صُرِف ، نحو : رجلٌ أرْمَلٌ ( بالتنوين ) لأنك تقول للمؤنثة : أَرْمَلَة .
( الأرمل : الفَقِير ) .
حكم الوصف العَارِض ، والاسم العارض(1/190)
وَأَلْغِيَنَّ عَارِضَ الوَصْفِيَّهْ كأَرْبَعٍ وَعَارِضَ الاسْمِيَّهْ
فَالأَدْهَمُ القَيْدُ لِكَوْنَِهِ وُضِعْ فى الأَصْلِ وَصْفاً انْصِرَافُهُ مُنِعْ
وَأَجْدَلٌ وَأَخْيَلٌ وَأَفْعَى مَصْرُوفَةٌ وَقَدْ ينَلْنَ الْمَنْعَا
س14- ما هو الوصف العارض ؟ وما حكمه ؟
ج14- الوصف العارض ، هو اللفظ الذى وُضِع في أوّل نشأته اسماً ، ثم عَرَضَت عليه الوصفية فأصبح وصفاً .
حكمه : إلْغَاء الوصفية ، ولا يُلْتَفت إليها ، ويكون الاسم مصروفاً ؛ نظراً لأصله .
مثال ذلك : نجحت فتياتٌ أَرْبَعٌ ، وهذا رجلٌ أَرْنَبٌ ( أي : ضعيف ) فأربعٌ ، وأرنبٌ : مصروفان مع أنهما وصفان على وزن أَفْعَل ؛ وذلك لأن الوصف فيهما عارض ليس بأصل ، وأصلهما الاسم ، فأربع : اسم للعَدَد ، وأرنب : اسم للحيون المعروف .
س15- ما حكم الاسميَّة العارضة ؟
ج15- الاسم العارض ،كالوصف العارض يُلْغَى ، ولا يُلْتفت إليه فهو ممنوع من الصرف ؛ لأنه وصف في الأصل ،ثم عرضت عليه الاسمية فأصبح اسما ، نحو: أَدْهَمُ ( اسم للقيد ) وأَسْوَدُ ( اسم للحَيَّة الكبيرة ) فأدهم ، وأسود : وصفان في الأصل لكل شيء فيه سواد ؛ ولذلك فهما ممنوعان من الصرف ؛ نظراً لأصلهما ، فهما وصفان على وزن أَفْعَل ، ولا يُلتفت إلى اسميتهما العارضة .
س16- إلام أشار الناظم بقوله :
وأَجْدَلٌ وأَخْيَلٌ وأَفْعَى مَصْرُوفةٌ وقد يَنلْنَ المنْعَا ؟
ج16- أشار بذلك : إلى أنَّ هذه الألفاظ المذكورة وهي (أجدل) اسم للصقر ،(1/191)
و (أخيل ) اسم لطائر ذى نُقَط سوداء كالخِيلان ، و (أفعى ) اسم للحَيَّة ، ليست بصفات ، بل هي أسماء في الأصل وفي الحال ؛ ولذلك فهي مصروفة . ولكن بعض النّحاة منعها من الصرف ، وإلى هذا أشار بقوله : "وقد ينلن المنعا" وسبب منعها من الصرف عندهم أنَّهم تَخَيَّلُوا فيها الوصفية، فتخيلوا في(أجدل) معنى القُوَّة ، وفي ( أخيل ) معنى الخِيلان ، وفي ( أفعى ) معنى الْخُبْث ؛ ولذلك منعوها من الصرف للوصفية المتخيَّلة ووزن أَفْعَل .
والمشهور : أنها مصروفة ؛ لأن الوصفية فيها غير مُحَقَّقَة .
ج- الوصفُ الْمَعْدُولُ
وَمَنْعُ عَدْلٍ مَعَ وَصْفٍ مُعْتَبَرْ فى لَفْظِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَأُخَرْ
وَوَزْنُ مَثْنَى وَثُلاَثَ كَهُمَا مِنْ وَاحِدٍ لأَرْبَعٍ فَلْيُعْلَمَا
س17- ما مراد الناظم بهذين البيتين ؟
ج17- مراده : أنّ الوصف يمنع أيضاً من الصرف إذا كان مَعْدُولاً .
ويجتمع الوصف ، والعدل في موضعين :
1- العدد الذي على وزن (مَفْعَل ، أو فُعَال) نحو : مَوْحَد وأُحَاد ، ومَثْنَى وثُنَاء ، ومَثْلَث وثُلاَث ، ومَرْبَع ورُبَاع ، قال تعالى : * وقد سُمِع استعمال هذين الوزنين في الأعداد (1 ، 2 ، 3 ، 4) وسُمِع أيضا في العددين ( 5 و 10 ) وزعم بعضهم أنه سُمِع أيضا في ( 6 ، 7 ، 8 ، 9 ) .
قال أبو حيَّان : والصحيح أن البناءين ( أي : مَفْعَل ، وفُعَال ) مسموعان من واحد إلى عشرة.
2- كلمة أُخَر ، نحو : مررت بنسوةٍ أُخَرَ ؛ قال تعالى : * .
* س18- ما معنى مَعْدُول ؟
ج18- معناه : تحويل الاسم من حالة لفظية إلى أخرى مع بقاء المعنى الأصلي ، فمَثْنَى معدولة عن : اثنين اثنين ، وثُلاَث معدولة عن : ثلاثة ثلاثة ...وهكذا ، فبدلاً من قولك : ادخلوا اثنين اثنين ؛ تقول : ادخلوا مَثْنَى .(1/192)
أما كلمة أُخَر (بصيغة الجمع) فهي معدولة عن آخَر ( للمفرد المذكَّر ) ذلك لأن( آخَر ) اسم تفضيل على وزن ( أَفْعَل ) ويُستعمل بلفظ المفرد المذكر في جميع أحواله ؛ تقول: أنا أَكْبَرُ منك ، وعائشة أَكْبَرُ منك ، وأولادنا أَكْبَرُ منك، ونساؤُنا أَكْبَرُ منك ؛ ولذلك فإن القياس أنْ تقول : مررت بنسوةٍ آخَرَ " لأنه اسم تفضيل على وزن أَفْعَل يُستعمل بلفظ واحد ، لكن العرب عَدَلُوا في لفظ ( آخَر ) عن المفرد المذكّر، وغيَّرُوه بلفظ الجمع ( أُخَر ) ولذلك مُنع من الصرف للوصفية والعَدْل .
الممنوع من الصرف لعلتين
ثانياً : الْعَلَمُ
أ- العلم المركَّب تركيباً مَزْجِيًّا
وَالعَلَمَ امْنَعْ صَرْفَهُ مُرَكَّبَا تَرْكِيبَ مَزْجٍ نَحْوُ مَعْدِيكَرِبَا
س19- هل العلم المركَّب ممنوع من الصرف ؟
ج19- إذا كان العلم مركبا تركيبا مزجيا مُنع من الصرف ، نحو: مَعْدِيكَرِبَ ، وحَضْرَمَوْتَ ، وبَعْلَبَكَّ .
والمراد بالتركيب المزجي : أنْ يُجعل الاسمان اسماً واحداً لابإضافة ،ولا بإسناد .
ويكون إعرابه على الجزء الثاني ؛ تقول: هذه حضرموتُ ، ورأيت حضرموتَ ، وذهبت إلى حضرموتَ .
ب- العلم وزيادة الألف والنون
كَذَاكَ حَاوِى زَائِدَىْ فَعْلاَنَا كَغَطَفَانَ وَكَأَصْبَهَانَا
س20- ما المراد بهذا البيت ؟
ج20- المراد : أن العلم إذا كان مختوما بألف ونون زائدتين مُنِع من الصرف ، نحو : غَطَفَانَ ، وأَصْبَهانَ ، ونَجْرَانَ ، وعُثْمَانَ .
ولا يُشترط أن يكون العلم على وزن ( فَعْلاَن ) بل يمنع على هذا الوزن ، وعلى غيره ، كما ترى في الأمثلة ، بشرط أن تكون الألف والنون زائدتين ، كما هي في ( فَعْلاَن ) .
ج- العلم المؤنَّث
حكم منعه من الصرف
كَذَا مُؤَنَّثٌ بِهَاءٍ مُطْلَقَا وَشَرْطُ مَنْعِ العَارِ كَوْنُهُ ارْتَقَى
فَوْقَ الثَّلاَثِ أَوْكَجُورَ أَوْ سَقَرْ أَوْ زَيْدٍ اسْمَ امْرَأَةٍ لا اسْمَ ذَكَرْ(1/193)
وَجْهَانِ فى الْعَادِمِ تَذْكِيرًا سَبَقْ وَعُجْمَةً كَهِنْدَ وَالْمَنْعُ أَحَقْ
س21- ما حكم منع العلم المؤنث من الصرف ؟
ج21- إذا كان العلمُ مؤنثاً منع من الصرف ، وفي حكم منعه تفصيل :
1- يجب منعه من الصرف مطلقا ، وذلك إذا كان مختوما بالهاء ( أي : تاء التأنيث ) والمراد بـ (مطلقا) أي : سواء أكان علما لمذكر ، نحو : طلحة ، وحمزة ، أو علما لمؤنث زائداً على ثلاثة أحرف ، نحو : فاطمة ، وخديجة ، أو كان علما لمؤنث ثلاثي ، نحو : ثُبَة ، وقُلَة ، وعِظَة .
2- يجب منعه بشرط . وهذا معنى قوله : " وشرط منع العارِ ... إلخ " وذلك إذا كان علما لمؤنث غير مختوم بـ ( الهاء ) فإن كان كذلك وجب منعه ، بشرط أنْ تتحقَّق فيه أحد الشروط الآتية :
أ- أن يكون رباعيا ، نحو : مريم ، وزينب ، وسُعَاد .
ب- أن يكون ثلاثيا مُتَحَرَّك الوسط ، نحو : سَقَر ، وأَمَل ، وسَمَر .
ج- أن يكون ثلاثيا أعجميا ساكن الوسط ، نحو : جُوْرَ ، ومَاْهَ ( عَلَمٌ على بلدين ) .
د- أن يكون منقولا من المذكر إلى المؤنث ، نحو: زَيْد ( إذا كان اسما لامرأة ) .
فإن لم تتحقَّق فيه أحد الشروط السابقة بأنْ كان ثلاثيا ساكن الوسط ، وليس أعجميا ، ولا منقولا من مذكر ، ففيه وجهان :
1- منعه من الصرف ، نحو : هذه هِنْدُ ، ومررت بِهِنْدَ ؛ وهذه دَعْدُ ، ومررت بَدَعْدَ .
2- صرفه ، نحو : هذه هندٌ ، ومررت بهندٍ ؛ وهذه دعدٌ ، ومررت بدعدٍ .
ومنعه من الصرف أَوْلى .
*ويتلخص من ذلك : أنّ العلم المؤنث يجب منعه من الصرف مطلقاً ، إلا إذا كان ثلاثيا ساكنَ الوسط ، وليس أعجميا ، ولا منقولا من مذكر ، ففيه وجهان : المنع ، والصرف . *
د- العلمُ الأَعْجَمِيُّ
شروط منعه من الصرف
وَالْعَجَمِيُّ الوَضْعِ وَالتَّعْرِيفِ مَعْ زَيْدٍ عَلَى الثَّلاَثِ صَرْفُهُ امْتَنَعْ
س22- ما شروط منع العلم الأعجمي من الصرف ؟
ج22- يمنع العلم الأعجمي من الصرف ، بشرطين :(1/194)
1- أن يكون علما في اللغة الأعجمية . وهذا مراده بقوله : "والعجمي الوضع والتعريف ". فالوضع ( أي : أن يكون أَصْلاً في لغة الأعاجم ) ، والتعريف ... ( أي : أن يكون عَلَماً ليس بنكرة ) .
2- أن يكون زائداً على ثلاثة أحرف . وهذا مراده بقوله: " زَيد على الثَّلاث " وذلك نحو : إبراهيم ، وإسحاق ، ويعقوب ؛ ونحو : لندن ، وباريس .
فإن كان الاسم ليس علما في اللغة الأعجمية لم يُمنع من الصرف ، نحو (لِجَامٌ ) فهذا الاسم ليس علما في اللغة الأعجمية ، بل هو اسم جنس ( نكرة ) ولذلك يصرف سواء أ نُقِل هذا الاسم إلى العربية على أصله نكرة ، أو سُمَّي به رجل في العربيَّة فأصبح علماً فهو في كلا الحالتين مصروف ؛ تقول : هذا لِجَامٌ ، ومررت بلجامٍ . ومثله : دِيْبَاجٌ ، وفَيْرُوزٌ .
وكذلك يصرف العلم الأعجمي إذا كان ثلاثيا متحرك الوسط ، أو كان ثلاثيا ساكن الوسط مذكَّراً ، فسَاكن الوسط ، نحو: نُوْح ، ولُوْط ،ومتحرك الوسط، نحو : شَتَر ، ولَمَك .
( م ) س23- كيف يُعْرَفُ الاسمُ الأعجميُّ ؟
ج23- تُعرف عُجمة الاسم بوجوه :
1- نَقْلُ الأَئِمَّةِ الثِّقَات .
2- خروجه عن أوزان العربية ، نحو : إبراهيم .
3- خُلُّوه من حروف الذَّلاَقة ، وهو رباعي ، أو خماسي .
وحروف الذَّلاقة ستة مجموعة في قولك : " مُرْبِنَفْل " .
4- أن يجتمع فيه من الحروف ما لا يجتمع في العربية (كالجيم ، والقاف) نحو : صَنجق وجرموق ، و(كالصاد ، والجيم) نحو : صَوْلَجَان ، و(كالكاف ، والجيم) نحو : اسكرجَة، و(كالرَّاء بعد النون) في أول الكلمة ، نحو: نَرْجِس ، و( كالزَّاي بعد الدّال ) في آخر الكلمة ، نحو مُهَنْدِز .
هـ- العَلَمُ ووَزْنِ الفِعْلِ
كَذَاكَ ذُو وَزْنٍ يَخُصُّ الفِعْلاَ أَوْ غَالِبٍ كَأَحْمَدٍ وَيَعْلَى
س24- ما المراد بهذا البيت ؟
ج24- المراد : أنّ العلم إذا كان على وزنٍ يَخُصُّ الفعل ، أو يَغْلِبُ فيه مُنِعَ من الصرف .(1/195)
س25- ما المراد بالوزن الذي يخصُّ الفعل ، أو يغلب فيه ؟
ج25- المراد بالوزن الذي يخصّ الفعل ( أي : الوزن الذي لا يُوجد في غير الفعل إلا ندوراً ) كفَعَّلَ ، وفَعِلَ ، وفُعِلَ ، وتَفَعَّلَ ، وانْفَعَلَ ... إلخ ، فهذه الأوزان خاصّة بالفعل .
فإذا سَمَّيت بها رجلا منعته من الصرف للعلمية ووزن الفعل ؛ تقول في رجل اسمه ( ضُرِبَ ) هذا ضُرِبُ ، ورأيت ضُرِبَ ، وذهبت إلى ضُرِبَ .
والمراد بما يغلب فيه أحد أمرين :
1- أنْ يكون الوزن غالباً في الفِعْل ؛ لكثرته ،كوزن ( إثْمِد ، وإِصْبَع ، وأُبْلُم ) فأوزان هذه الكلمات كثيرة في الفعل ( اِضْرِبْ ، اِسْمَعْ ، اُدْخُلْ ) وغيرها مِنْ كلَّ أَمْرٍ مأخوذ مِن فعل ثلاثي .
وعلى ذلك لوسميت رجلاً بأحد تلك الأوزان منعته من الصرف ؛ فتقول :
هذا إِصْبَعُ ، ورأيت إِصْبَعَ ، وذهبت إلى إِصْبَعَ .
2- أن يكون الوزن غالبا في الفعل ؛ لأنه مبدوء بزيادة تدل على معنى في الفعل دون الاسم ، كوزن ( أَحْمَد ، ويَزِيد ، ويَعْلَى ) فإن كلاًّ من ( الهمزة ،والياء ) يدل على معنى في الفعل ، وهو التَّكلُّم والغِيبة ، ولا يدلّ على معنى في الاسم ، وعلى ذلك يمنع من الصرف ؛ لأن الوزن غالب في الفعل ، بمعنى أَنَّه به أَوْلَى ،
( أي : إنَّ الفعل أولى من الاسم بهذا الوزن ) .
س26- ما الحكم إذا كان الوزن غير مختص بالفعل ، ولا غالب فيه ؟
ج26- إذا كان الوزن غير مختص بالفعل ، ولا غالب فيه لم يُمنع من الصرف ، كوَزْنِ ( فَعَل ) فهذا الوزن مشترك بين الاسم ، والفعل على السواء ، نحو : ضَرَبَ ، وذَهَبَ ؛ ونحو : شَجَر ، وحَجَر ، وعلى هذا إذا سمَّيت رجلاً (ضَرَبَ) تقول : هذا ضَرَبٌ ، ورأيت ضَرَباً ، وذهبت إلى ضَرَبٍ ؛ لأنَّ هذا الوزن مشترك بين الاسم ، والفعل .
و- العلم وألف الإلْحَاق المقصورة
وَمَا يَصِيرُ عَلَماً مِنْ ذِى أَلِفْ زِيدَتْ لإِلْحَاقٍ فَلَيْسَ يَنْصَرِفْ
س27- عَرِّفْ ألف الإلحاق .(1/196)
ج27- * ألف الإلحاق ، هي : ألف زائدة لازمة مقصورة ، أو ممدودة تلحق آخر بعض الأسماء ، فيصير الاسم الذي لحقته على وزن اسم آخر *
مثالها : عَلْقَى علم لنبات ، و( أَرْطَى ) علم لشجر . فألفَ الإلحاق الزائدة جعلتهما على وزن ( فَعْلَى ) المختوم بألف التأنيث المقصورة .
س28- لِمَ مُنِعَ العلم المختوم بألف الإلحاق المقصورة مِن الصرف ؟
ج28- اعلم أولاً أنّ كُلاًّ من ألف الإلحاق المقصورة ، وألف التأنيث المقصورة لا يقبل ( تاء ) التأنيث ، فكما لا تقول في ( حُبْلى ) حُبْلاَة ، كذلك لا تقول في ( علقى ) إذا كان علما ( علقاة ) فلما أشبهت ألفُ الإلحاق المقصورة ألفَ التأنيث المقصورة أخذت حكمها في كون العلم المختوم بها ممنوع من الصرف ، إلا أن ألف التأنيث المقصورة ممنوعه من الصرف لعلّة واحدة ؛ لأِصالتها ، أما ألف الإلحاق فزائدة لا يكفي وجودها وحدها المنع من الصرف فلا بدّ أنْ تَنْضَمَّ لها العلمية ؛ فتقول في عَلْقى ، وأَرْطَى إذا سَمَّيت بهما رجلين : جاء عَلْقَى وأَرْطَى ، ورأيت عَلْقَى وأَرْطَى ، وذهبت إلى عَلْقَى وأَرْطَى .
فهاتان الكلمتان ( عَلْقَى ، وأَرْطَى ) ممنوعتان من الصرف للعلمية وألف الإلحاق المقصورة .
أما إذا كان الاسم الذي لحقته ألف الإلحاق المقصورة نكرة ليس بعلم صُرِفَ ؛ لعدم شبهه بألف التأنيث المقصورة في حالة التنكير ؛ فتقول : هذه أرطًى ، ورأيت أرطًى .
أما الاسم المختوم بألف الإلحاق الممدودة فلا يُمنع من الصرف سواء أكان علماً أم نكرةً ، نحو: عِلْبَاء ( اسم لِقَصَبَة العُنُق ) لأنها لا تشبه ألف التأنيث الممدودة ؛ ذلك لأن الهمزة في ألف التأنيث الممدودة كـ (صحراء ) منقلبة عن ألف ، وأمَّا الهمزة في ألف الإلحاق فمنقلبة عن ياء ، فليس بين الهمزتين تشابه في أصلهما .
ز- العلمُ والعَدْلُ
وَالعَلَمَ امْنَعْ صَرْفَهُ إِنْ عُدِلاَ كَفُعَلِ التَّوْكِيدِ أَوْ كَثُعَلاَ(1/197)
وَالعَدْلُ وَالتَّعْرِيفُ مَانِعَا سَحَرْ إِذَا بِهِ التَّعْيِينُ قَصْداً يُعْتَبَرْ
س29- ما المراد بالعَدْل ؟ وما المواضع التي يمنع فيها العلم المعدول من الصرف ؟
ج29- سبق أن عرفنا أن العَدْل أو المعدول ، هو: تحويل الاسم من لفظ إلى آخر مع بقاء المعنى الأصلي .
ويمنع العلم المعدول من الصرف في ثلاثة مواضع :
1- ما كان على وزن ( فُعَلَ ) من ألفاظ التوكيد . يُمنع من الصرف لِشَبَهِ العلميّةِ والعَدْل ، نحو: جاء النساءُ جُمَعُ ، ورأيت النساءَ جُمَعَ ، ومررت بالنساءِ جُمَعَ ، والأصل : جَمْعَاوَات ؛ لأن مفرده ( جَمْعَاء ) فعُدِلَ عن جمعاوات إلى جُمَع .
وأما شبهه بالعلم ؛ فلأنّ ( جُمَع ) مُعَرَّف بالإضافة المقدّرة ، والتقدير(جُمَعَهُنَّ) ولذلك فإن تعريفه بالإضافة المقدّرة أشبه العلم في أنّه معرفة وليس في اللفظ ما يُعَرَّفُهُ .
2- العلم المعدول إلى فُعَلَ ، نحو : عُمَر ، وزُفَر ، وهُبَل ، وزُحَل ، وثُعَل . فهذه الأعلام معدولة عن : عَامِر ، وزَافِر ، وهَابِل ، وزَاحِل ، وثَاعِل .
3- لفظ سَحَر : ( وهو الثلث الأخير من الليل ) إذا أُرِيد به سَحَرُ يومٍ بعينه ، نحو : جئتُك يومَ الجمعةِ سَحَرَ . فـ ( سحر ) ممنوع من الصرف للعدل وشبه العلمية ، فالعدل ؛ لأنه معدول عن ( السَّحر ) المعرَّف بـ ( أل ) لأن المرادَ به يومٌ معيّن ، فكان حَقُّه أن يُعَرَّفَ بـ ( أل ) ولكنهم عدلوا عن ذلك ، وذكروه بدون ( أل ) .
وأماشبه العلمية ؛ فلأَن ( سحر ) معرّف بغير أداة تعريفٍ ظاهرة ، فأشبه العَلَم في ذلك ، فإن كان لفظ ( سحر )لم يُرَد به سحر يوم معّين صُرِف ، كما في قوله تعالى : * .
اللغات في العلم المؤنَّث الذي
على وزن فَعَالِ
وحكم زَوَالِ العلميّة من العلم الممنوع من الصرف
وَابْنِ عَلَى الكَسْرِ فَعَالِ عَلَمَا مُؤَنَّثاً وَهْوَ نَظِيرُ جُشَمَا(1/198)
عِنْدَ تَمِيمٍ وَاصْرِفَنْ مَا نُكَّرَا مِنْ كُلَّ مَا التَّعْرِيفُ فِيهِ أَثَّرَا
س30- اذكر اللغات في العلم المؤنث الذي على وزن فَعَالِ .
ج30- إذا كان العلم المؤنث على وزن فَعَالِ ، نحو: حَذَامِ ، وَرَقَاشِ ، وفَطَام ، فللعرب فيه مذهبان :
1- مذهب أهل الحجاز : بناؤه على الكسر ؛ فتقول : هذه حذامِ ، ورأيت حذامِ ، ومررت بحذامِ .
2- مذهب بني تميم : إعرابه إعراب الممنوع من الصرف ( للعلميَّة ، والعدل ) والأصل : حَاذِمة ، ورَاقِشة ، فعُدِل إلى حذامِ ، ورقاشِ ، كما عُدِلَ ( عُمَرُ ، وجُشَمُ ) عن : عَامِر ، وجَاشِم . وهذا معنى قوله : " وهو نظير جُشَمَا " .
س31- ما حكم العلم الممنوع من الصرف إذا زالت عنه العلميَّة ؟
ج31- العلم الممنوع من الصرف إذا زالت عنه العلمية وأصبح نكرة صُرِف ؛ لزوال إحدى العلتين ؛ لأن بقاءه بعلَّة واحدة لا يقتضي منعه من الصرف .
فالأعلام الممنوعة من الصرف ، نحو : مَعْدِيكَرِبَ ، وغَطَفَان ، وفاطمة ، وإبراهيم ،وأَحْمد ،وعُمَرَ ،وعَلْقَى ، إذا نَكَّرْتَها صُرِفت لزوال العلميّة ؛ فتقول : رُبَّ إبراهيمٍ وعُمَرٍ وفاطمةٍ وأحمدٍ لَقِيتُهم .
ومعلوم أن ( رُبَّ ) حرف جر لا يدخل إلا على النكرات .
حكم المنقوص المفرد إذا كان
ممنوعا من الصرف
وَمَا يَكُونُ مِنْهُ مَنْقُوصاً فَفِى إِعْرَابِهِ نَهْجَ جَوَارٍ يَقْتَفِى
س32- ماحكم المنقوص المفرد إذا كان ممنوعا من الصرف ؟
ج32- إذا اجتمعت علتان في اسم منقوص مُنِعَ من الصرف ، كأن تُسمِى امرأة ( قاضٍ ) فتجتمع حينئذ علتان : العلمية والتأنيث ، فيمنع من الصرف ، ويكون حكمه حينئذ ، كحكم المنقوص الذي جاء على صيغة منتهى الجموع ، نحو ( جَوَارٍ ، وثَوَانٍ ) في ظُهُور الفتحة في حالة النصب بدون تنوين ، وحَذْفِ(1/199)
يائه في حالتي الرفع ، والجر ، ويُنَوَّن تنوين عَوِض ؛ فتقول : هذه قَاضٍ ، ورأيت قَاضِيَ ، ومررت بقَاضٍ ، كما تقول : هؤلاء جَوَارٍ ، ومررت بجوارٍ ، ورأيت جواريَ .
وَمَنْعُ المنقوص المفرد من الصرف مثلُ مَنْعِ الصحيح الآخر من الصرف إذا سمَّيت به ، نحو (ضَارِب) إذا سميت به امرأة صار ممنوعا من الصرف للعلميّة والتأنيث .
* ومثله الفعل الناقص ، نحو ( يَرْمِي ) إذا سَمَّيت به رجلا مُنِعَ من الصرف للعلمية ووزن الفعل ، وعُوْمِلَ معاملة جوارٍ ؛ تقول : هذا يَرْمٍ ، ورأيت يَرْمِيَ ، ومررت بِيَرْمٍ . *
مواضع جواز صرف الممنوع من الصرف
وحكم منع المصروف من الصرف
وَلاضْطِرَارٍ أَوْ تَنَاسُبٍ صُرِفْ ذُو الْمَنْعِ وَالْمَصْرُوفُ قَدْ لاَ يَنْصَرِفْ
س33- ما المواضع التي يجوز فيها صرف الممنوع من الصرف ؟ وما حكم منع المنصرف من الصرف ؟
ج33- يجوز صرف الممنوع من الصرف في موضعين :
1- ضرورةُ الشَّعْرِ ، كما في قول الشاعر :
تَبَصَّرْ خَلِيلِى هَلْ تَرَى مِنْ ظَعَائِنٍِ سَوَالِكَ نَقَباً بَيْنَ حَزْمَيْ شَعَبْعَبِ
وقول الآخر :
وَيَوْمَ دَخَلْتُ الخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْزَةٍ فَقَالَتْ لَكَ الوَيْلاَتُ إنَّكَ مُرْجِلِى
فالشاهد في البيت الأول ( من ظعائنٍ ) صرفه الشاعر ، وجرّه بالكسرة ، ونوَّنه مع أنَّه على صيغة منتهى الجموع .
والشاهد في البيت الثاني ( عُنيزةٍ ) جَرَّها الشاعر بالكسرة ، ونوَّنها مع أنها ممنوعة من الصرف للعلمية والتأنيث .
والذي أجاز ذلك في البيتين : الضرورة الشعرية ، وهو كثيرٌ أَجْمَعَ عليه البصريون ، والكوفيون .
2- التَّنَاسُبُ في الكلام ، وذلك يقع في آخر الكلمات ، أو في آخر الْجُمل ؛ لِتَتَشَابَهَ في التنوين ،كما في قراءة نافع ، والكسائي: * بتنوين ( سلاسلاً ) مع أنها على صيغة منتهى الجموع ؛ وذلك لِتُنَاسِبَ ما بعدها .(1/200)
* ومنه قراءة قوله تعالى : * بتنوين (يغوثاً ، ويعوقاً) مع أنهما ممنوعان من الصرف للعلمية ووزن الفعل ؛وذلك للتَّناسُب . *
وأما منع المنصرف من الصرف فقليل ، ومُختلَف فيه : أجازه الكوفيون ، وتبعهم النَّاظم بقوله : " والمصروف قد لا ينصرف " ومنعه أكثر البصريين .
واستشهد الكوفيون بقول الشاعر:
ومِمَّنْ وَلَدُوا عَامِرُ ذُو الطُّولِ وذُو العَرْضِ
فالشاهد : قوله ( عامرُ ) بلا تنوين ، مُنِع من الصرف مع أنه منصرف فيه العلميّة فقط ، وهي لا تكفي لمنعه من الصرف ، وإنما جاز ذلك للضرورة الشعرية .
تَمَّ بحمد الله وفضله وتوفيقه
الجزء الثالث
ويليه الجزء الرابع إن شاء الله تعالى
- - - - -(1/201)
الجزءُ الرابع
من إعراب الفعل إلى نهاية الإدغام
إعداد
حسين بن أحمد بن عبد الله آل علي
المدرس بمعهد تعليم اللغة العربية
بالجامعة الإسلامية
... ... فهرس الموضوعات
الموضوع ... الصفحة ... الموضوع الصفحة ...
إعراب الفعل ... 4 جمع التكسير ... 109
أولا : رفع الفعل المضارع ... 4 التصغير ... 139 ...
ثانيا : نصب الفعل المضارع ... 6 النّسب ... 153 ...
ثالثا : جزم الفعل المضارع ... 24 الوقف ... 174
لو الشرطية ... 45 الإمالة ... 186
أمّا،ولولا ،ولوما ... 50 التصريف ... 197
أولا : أمّا ... 50 همزة الوصل ... 214
ثانيا : لولا ،ولوما ... 52 الإبدال ... 217
الإخبار بالذي،والألف واللام ... 55 الإعلال بالنقل ... 254
أولا : الإخباربالذي ... 55 الإعلال بالحذف ... 261
ثانيا : الإخبار بالألف واللام ... 59 الإدغام ... 264
العدد ... ... 62
كنايات العدد ... 75
أولا : كم الاستفهامية ... 75
ثانيا : كم الخبرية،وكأي،وكذا 76
الحكاية ... 78
التأنيث ... ... 83
أوزان ألف التأنيث المقصورة ... 88
أوزان ألف التأنيث الممدودة ... 90
المقصور،والممدود ... 92
تثنية المقصور ... 98
تثنية الممدود ... 100
جمع المقصور جمع تصحيح ... 102
إِعْرَابُ الْفِعْلِ
أولاً : رَفْعُ الفعلِ المضارعِ
ارْفَعْ مُضَارِعاً إِذَا يُجَرَّدُ مِنْ نَاصِبٍ وَجَازِمٍ كَـ تَسْعَدُ
س1- متى يكون الفعل المضارع مرفوعاً ؟
ج1- يكون الفعل المضارع مرفوعاً إذا تجرَّد من عامل النصب ، وعامل الجزم ، ( أي : إذالم يُسبق بحرف ناصب ، أو حرف جازم ) .
س2- ما عامل الرفع في الفعل المضارع ؟
ج2- اخْتُلِفَ فيه على النحو الآتي :
1- الفرّاء ، والأخفش : ذهبا إلى أنّ العامل في الرفع هو التَّجرُّد من النواصب، والجوازم . واختار الناظم هذا الرأي .
2- البصريون : يرون أن العامل هو وقوعه موقع الاسم ؛ وعللوا ذلك بأن الاسم يقع خبراً ، وصِفة ، وحالا ، نحو : الطالب مجتهدٌ ( خبر ) ونحو : الطالبُ المجتهدُ ناجح ( صفة ) ونحو : جاء الطالبُ مسرعاً ( حال ) .(1/1)
وكذلك الفعل يقع خبراً ، وصفة ، وحالا ، نحو : الطالبُ يجتهد ( خبر ) ونحو: جاء طالبٌ يجري ( صفة ) ونحو : جاء الطالب يجري ( حال ) فوقوعه موقع الاسم كما ترى هو العامل في الرفع .
* 3- الكسائي : العامل هو أحرف المضارعة .
4- ثعلب ، والزَّجَّاج : ذهبا إلى أنّ العامل هو مُضَارعته للاسم ( أي : مُشَابهته للاسم ) . *
---
- هذه العلامة ( * ) الموضوعة أمام السؤال تدلّ على أنّ الجواب كاملا مِن زيادات مُعِدَّ هذا الكتاب ، وليس مِن مَتْنِ شرح ابن عقيل .
- وإذا وُضِعَتْ في الجواب مُكرَّرَة دلّت على أنّ الجواب الذي بينهما فقط من زيادات الْمُعِدَّ .
ثانياً : نَصْبُ الفعلِ المضارعِ
لَنْ ، وكَي ، وأَنْ
وحكم الفعل الواقع بعد أَنْ
المخفَّفة من الثقيلة
وَبِلَنْ انْصِبْهُ وَكَىْ كَذَا بِأَنْ لا بَعْدَ عِلْمٍ وَالَّتى مِنْ بَعْدِ ظَنّْ
فَانْصِبْ بِهَا وَالرَّفْعَ صَحَّحْ وَاعْتَقِدْ تَخْفِيفَهَا مِنْ أَنَّ فَهْوَ مُطَّرِدْ
س1- اذكر نواصب الفعل المضارع ، واذكر مثالا لكل ناصب .
ج1- نواصب الفعل المضارع ، هي : لَنْ ، وكي ، وأنْ المصدريّة ، وإِذَنْ .
مثال لن : لن أتركَ الصلاةَ أبداً .
مثال كي : جئت كي أتعلَّمَ .
مثال أَنْ : يجب أَنْ تجتهدَ في دروسك .
مثال إذن : إذن أُكرمَك ، في جواب من قال لك : سأزورك غداً إن شاء الله .
س2- إلام أشار الناظم بقوله : " لا بعد عِلْمٍ " ؟
ج2- يُشير بذلك إلى أنّه إِنْ وقعت ( أَنْ ) بعد فعلٍ يدل على عِلْمٍ ( أي : يدلّ على اليقين ) نحو : عَلِمَ ، تَبَيَّنَ ، تَحَقَّقَّ ، رَأَى بمعنى عَلِمَ ، وجب رفع الفعل بعدها ؛ لأنها حينئذ تكون ( أَنْ ) المخفّفة من الثقيلة ( أَنَّ ) وليست هي أَنْ(1/2)
المصدريّة الناصبة ، مثال ذلك قوله تعالى: * فأَنْ هنا هي المخففة من الثقيلة ؛ لوقوعها بعد فعل يدلّ على اليقين ( عَلِم ) ولذا رُفِع الفعل بعدها، واسمها محذوف ، والتقدير : علم أنَّه سيكونُ . ومنه قوله تعالى: * والتقدير: أنّه لا يرجعُ إليهم .
فأَنْ المخفّفة من الثقيلة ثُنَائِيَّة في اللفظ ثلاثية وَضْعاً ، أما ( أَنْ ) الناصبة فهي ثنائية في اللفظ وفي الوَضْع .
س3- إلام يُشير الناظم بقوله : " والتى من بعد ظنّ فانْصِبْ بها والرَّفع صَحَّحْ " ؟
ج3- يُشير بذلك إلى أنَّه إِنْ وقعت ( أَنْ ) بعد فعل يدلّ على الظَّنّ ، نحو : ظَنَّ ، حَسِبَ ، خَالَ ) جاز في الفعل بعدها وجهان :
1- النَّصب ، على اعتبار ( أنْ ) مصدريّة - وهذا هو الأرجح - كما في قوله تعالى : * .
2- الرفع ، على اعتبارها مخففة من الثقيلة ،نحو : ظَنَنْتُ أن يقومُ زيدٌ ، والتقدير : ظننت أنّه يقوم .
إِهْمَالُ ( أَنْ )
وَبَعْضُهُمْ أَهْمَلَ أَنْ حَمْلاً عَلَى مَا أُخْتِهَا حَيْثُ اسْتَحَقَّتْ عَمَلاَ
س4- ما مراد الناظم بهذا البيت ؟
ج4- مراده : أنّ بعض العرب أهمل عمل ( أَنْ ) المصدريّة فلم ينصب الفعل المضارع بعدها ، بل رفعه وإنْ لم يتقدمها عِلْم ، أو ظنّ ؛ وذلك حملا لها على أختها ( ما ) المصدريّة ؛ لأنهما يشتركان في أنّهما يُقَدَّران بالمصدر ؛ فتقول : أريد أَنْ تقومُ ، كما تقولُ : عجبت مما تفعلُ .
( م ) ومِنْ إهمال ( أَنْ ) قراءة ابن مُحَيصن : * برفع ( يُتِمُّ ) . ( م )
- حرف ( م ) الموضوع أمام السؤال يدلّ على أن الجواب كاملا من الحواشي ، وليس من متن شرح ابن عقيل .
- وإذا وُضِعَ في الجواب مُكرَّراً دلَّ على أنّ الجواب الذي بينهما فقط من الحواشي .
شروط النَّصب بـ ( إِذَنْ )
وَنَصَبُوا بِإِذَنْ الْمُسْتَقْبَلاَ إِنْ صُدَّرَتْ وَالْفِعْلُ بَعْدُ مُوصَلاَ(1/3)
أَوْ قَبْلَهُ اليَمِينُ وَانْصِبْ وَارْفَعَا إِذَا إِذَنْ مِنْ بَعْدِ عَطْفٍ وَقَعَا
س5- ما شروط النصب بإِذن ؟
ج5- شروط النصب بإذن ، هي :
1- أن يكون الفعل مستقبلا .
2- أن تكون مُصَدَّرة في جملتها .
3- أن لا يُفْصَلَ بينها وبين الفعل بفاصل غير القسم ، ولا النافية .
وذلك نحو أن يُقال لك : أنا آتِيك ؛ فتقول : إذن أُكرمَك .
فالفعل ( أُكرمَ ) منصوب بـ ( إذن ) لأنه يدلّ على المستقبل ، وإذن متصدرة الجواب ، ولم يُفصل بين إذن وبين الفعل بفاصل ، ويجوز النصب إذا كان الفاصل ( القَسَمُ ، أو لا النافية ) فتقول : إذن والله أكرمَك ، إذن لا أخرجَ من البيت .
فإن لم يتحقّق شرط من الشروط السابقة وجب الرفع ، فيجب الرفع إن كان الفعل للحال نحو : أن يُقال : أحبُّك ؛ فتقول : إذن أظنُّك صادقاً ، برفع (أظنُّ) لأن الظنّ للحال .
وكذلك يجب الرفع إن لم تتصدّر الجواب ، نحو : أنا إذن أكرمُك .
فإن كان المتقدَّم عليها حرف عطف جاز الرفع ،والنصب ،نحو: وإذن أكرمَُك. وهذا معنى قوله : " وانصب وارفعا إذا إذن من بعد عطف وقعا ".
وكذلك يجب الرفع إنْ فُصِل بينهما بفاصل غير القسم ، ولا النافية ، نحو :
إذن أنا أكرمُك .
مواضع إظهار أَنْ وجوبا ، وجوازاً
ومواضع إضمار أنْ وجوبا
أ- بعد لام الْجُحُودِ ، و أَوْ
وَبَيْنَ لا وَلاَمِ جَرًّ الْتُزِمْ إِظْهَارُ أَنْ نَاصِبَةً وَإِنْ عُدِمْ
لا فَأَنَ اعْمِلْ مُظْهَراً أَوْ مُضْمَراً وَبَعْدَ نَفْىِ كَانَ حَتْماً أُضْمِرَا
كَذَاكَ بَعْدَ أَوْ إِذَا يَصْلُحُ فى مَوْضِعِهَا حَتَّى أَوِ الاَّ أَنْ خَفِى
س6- اذكر مواضع إظهار أَنْ وجوباً ، وجوازاً .
ج6- يجب إظهار أَنْ : إذا وقعت بين لام الجر ، ولا النافية ، نحو : جئتك لِئَلاَ تغضبَ ( أي لأَنْ لا تغضبَ ) ومنه قوله تعالى : * . وهذا معنى قوله : " وبين لا ولام جر ...إلى قوله : ناصبة" .(1/4)
* وكذلك يجب إظهارها: إذا وقعت بين لام الجر ، ولا الزائدة ،كما في قوله تعالى : * ( أي : ليعلمَ أهلُ الكتابِ ) . *
ويجوز إظهارها وإضمارها : إذا وقعت بعد لام الجر ( لام التعليل ) ولم تقترن بـ ( لا ) النافية ، أو الزائدة ، ولم تُسْبَق بـ ( كان ) المنفيّة . وهذا معنى قوله: " وإن عدم ... إلى قوله : مضمراً ".
فمثال الإظهار جوازاً ، قوله تعالى : * .
ومثال إضمارها جوازاً ، قوله تعالى : * .
س7- اذكر مواضع إضمار أَنْ وجوباً .
ج7- يجب إضمار أَنْ في المواضع الآتية :
1- إذا وقعت بعد لام الجحود ، وهي المسبوقة بـ ( ما كان ، أولم يكن ) النَّاقصتين ، نحو قوله تعالى : * وقوله تعالى :
* .
وهذا معنى قوله : " وبعد نفىِ كان حتما أضمرا "
2- إذا وقعت بعد ( أو ) التي بمعنى حتَّى ، أو بمعنى إلاَّ . فمثال ( أو ) بمعنى حتى : لأطيعنَّ الله أو يغفرَ لي (أي: كي يغفر لي) وكي مِن معاني حتى ، ونحو: لأَذْكُرَنَّ الله أو تطلعَ الشمسُ (أي: إلى أَنْ تطلع الشمسُ) وإلى مِنْ معاني حتى . ومنه قول الشاعر :
لأَسْتَسْهِلَنَّ الصَّعْبَ أَوْ أُدْرِكَ الْمُنَى فَمَا انْقَادَتِ الآمَالُ إلاَّ لِصَابِرِ
( أي : لأستسهلنَّ الصعب حتى أدركَ المنى ) بمعنى : إلى أَنْ أُدركَ المنى .
* يظهر من الأمثلة أنّ ( أو ) تكون بمعنى ( حتَّى ) إذا كان الفعل الذي قبلها يَنْقَضِى شيئاً فشيئاً ، ومعنى ذلك : أنّ استسهال الصعب لاَيتِمُّ دُفعة واحدة ، وإنما يَستغرق وقتا ويستمر حتى يُدرك المنى ، فإذا تحقَّق المنى انتهى استسهال الصعب . *
ومثال ( أو ) بمعنى إلاَّ : لأكِسرَنَّ القلمَ أو يكتبَ ( أي : إلاّ أن يكتبَ فلا أكِسرُه ) ومنه قول الشاعر :
وكُنْتُ إذا غَمَزْتُ قَنَاةَ قَوْمٍ كَسَرْتُ كُعُوبَهَا أو تَسْتَقِيمَا
أي : إلاَّ أَنْ تستقيم فلا أَكْسِرُ كعوبها .(1/5)
* 3- إذا وقعت بعد ( حتى ) أو بعد ( الفاء ) السَّبَبِيَّة ، أو بعد ( واو ) الْمَعِيَّة . وسيأتي بيانها فيما يأتي من الأبيات . *
إضمار أَنْ وجوبا
ب- بعد حَتَّى
وبيان شروط نصب ، ورفع الفعل بعدها
وَبَعْدَ حَتَّى هَكَذَا إِضْمَارُ أَنْ حَتْمٌ كَـ جُدْ حَتَّى تَسُرَّ ذَا حَزَنْ
وَتِلْوَ حَتَّى حَالاً أَوْ مُؤَوَّلاً بِهِ ارْفَعَنَّ وَانْصِبِ الْمُسْتَقْبَلاَ
س8- ما نوع حَتَّى ؟ وبم يُنْصَبُ الفعل بعدها ؟
ج8- حتى : حرف جر . والفعل الواقع بعدها يكون منصوباً بـ ( أَنْ ) مضمرة وجوبا ، نحو : سرتُ حتى أدخلَ البلدَ . فأدخلَ : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوباً ، والمصدر المؤول ( أن أدخلَ ) في محل جر بحرف الجر حَتَّى .
س9- ما شرط نصب الفعل الواقع بعد حتى ؟ وما شرط رفعه ؟
ج9- شرط النصب : أن يكون الفعل بعدها للمستقبل ، نحو : سرت حتى أدخلَ البلد ، إذا قلتَ ذلك قبل أن تدخل البلدَ ، فيكون الدخول مستقبلا .
ومنه قوله تعالى : * فرجوع موسى مستقبل بالنسبة لقولهم .
وشرط الرفع : أن يكون الفعل للحال ، أو يكون مؤوّلاً بالحال ( أي : حكاية عمَّا مَضى ) .
فمثال الحال : سرت حتى أدخلُ البلدَ ، إذا قلت ذلك حَالَ دخولك البلد .
ومثال المؤوّل بالحال : سرت حتى أدخلُ البلدَ ، إذا قلت ذلك بعد دخولك البلد ،وقصدت بقولك هذا حِكَاية دخولك ، فكأنك تحكي وتقول : كنتُ سِرْتُ حتى أدخلُها .
* يتضح من هذا المثال : سرت حتى أدخل البلد ، أنّ النصب ، والرفع في الفعل الواقع بعد ( حتى ) يكون بحسب الزَّمَان ، فإن كان الفعل للمستقبل نصبتَه ، وإن كان للحال حقيقةً ، أو مؤوَّلاً بالحال رفعتَه . *
إضمار أَنْ وجوبا
ج- بعد الفاء السَّبَبِيَّة
وبيان شروطها
وَبَعْدَ فَا جَوَابِ نَفْىٍ أَوْ طَلَبْ مَحْضَيْنِ أَنْ وَسَتْرُهَا حَتْمٌ نَصَبْ
وَالْفِعْلُ بَعْدَ الفَاءِ فى الرَّجَا نُصِبْ كَنَصْبِ ما إِلَى التَّمَنَّى يَنْتَسِبْ(1/6)
* س10- عرَّف الفاء السَّبَبِيَّة ؟
ج10- الفاء السَّبَبِيَّة ، هي : التي يكون ما قبلها سبباً في ما بعدها.
س11- ما الذي يُشترط في الفاء السَّببيَّة ؟ مثَّل لما تقول .
ج11- يشترط أن تُسبق بنفي مَحْضٍ ، أو طَلَبٍ مَحْضٍ .
فمثال النفي المحض ، قوله تعالى : * فيموتوا : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد الفاء السَّببيّة المسبوقة بحرف النّفي لا .
ونحو قولك : ما تأتينا فتحدثَنا .
أمَّا الطلب فيشمل : الأمر ، والنّهي ، والدعاء ، والاستفهام ، والعَرْض ، والتَّحْضِيض ، والتَّمَنَّي ، والتَّرَجَّي .
فمثال الأمر : ائتني فأكرمَك . ومنه قول الشاعر :
ياناقُ سيري عَنَقاً فَسِيحَا إلى سُلَيْمَانَ فَنَسْتَرِيحَا
والنهي ، نحو : لا تضربْ زيداً فيضربَك ، ونحو : لا تهملْ فترسبَ . ومنه قوله تعالى : * .
والدعاء ، نحو : ربي انْصُرْني فلا أُخْذَلَ . ومنه قوله تعالى : * ... . ومنه قول الشاعر :
ربَّ وَفِّقْنى فَلاَ أَعْدِلَ عَنْ سَنَنِ السَّاعِينَ في خَيْرِ سَنَنْ
والاستفهام ، نحو : هل تُكرِمَ زيداً فيكرمَك . ومنه قوله تعالى: * .
والعَرْض ، نحو : أَلاَ تَنْزِلُ عندنا فتُصِيبَ خيراً . ومنه قول الشاعر :
يَا ابْنَ الكِرَامِ أَلاَ تَدْنُو فتُبْصِرَ ما قَدْ حَدَّثُوكَ فَمَا رَاءٍ كَمَنْ سَمِعَا
والتحضيض ، نحو: لولا تأتينا فتحدَّثَنا . ومنه قوله تعالى : * .
والتَّمني ، نحو : ليت لي مالاً فأَصَّدَّقَ على الفقراء . ومنه قوله تعالى :
* .
س12- ما حكم الفعل الواقع بعد الفاء السَّبَبِيَّة إذا كان الطلب للتَّرجَّى ؟
ج12- إذا وقع الفعل بعد الفاء السَّببيّة ، وكان الطلب للرجَّاء ( لعلّ ) فحكمه النصب ، فيُعامل في ذلك معاملة التَّمَنَّى ( ليت ) .
وقد أجاز ذلك الكوفيون ، وتابعهم الناظم .
ومنه قوله تعالى : *
وذلك في قراءة حفص .
س13- ما المراد بالنفي المحض ، والطلب المحض ؟(1/7)
ج13- النفي المحض ، هو : النفي الخالص الذي ليس فيه معنى الإثبات .
والطلب المحض ، هو : الطلب بالفعل ، لا باسم الفعل ، ولا بالخبر ، ولا بالمصدر .
فإذا كان النفيُّ غير محض وجب رفع الفعل بعد الفاء ، نحو : ما أنت إلا تأتينا فتحدثُنا ، فالمعنى هنا الإثبات لا النّفي ؛ وذلك لأن النّفي انتقض بـ ( إلا ) .
* ومن أمثلة النفي غير المحض : ما تزال تأتينا فتحدثُنا ؛ لأن الفعل ( زال ) يُفيد النّفي ودخلت عليه ( ما ) النافية ، ونَفْي النَّفي إثبات .
وإذا كان الطلبُ بغير الفعل وجب رفع ما بعد الفاء ، نحو : صَهٍ فينامُ الناسُ ؛ لأن الطلب هنا باسم الفعل ( صَهٍ ) لا بالفعل .
ومنه : حَسْبُك الحديثُ فينامُ الناسُ ؛ لأن الطلب هنا بلفظ الخبر ( الحديث ) لا بالفعل . ومنه : ضرباً ابنك فيتأدَّبُ ؛ لأن الطلب هنا بالمصدر ( ضربا ) لا بالفعل . *
حكم الفعل الواقع بعد الفاء السَّببيّة
إذا كان الأمر بغير فعل الأمر
وَالأَمْرُ إِنْ كَانَ بِغَيْرِ افْعَلْ فَلاَ تَنْصِبْ جَوَابَهُ وَجَزْمَهُ اقْبَلاَ
س14- ما مراد الناظم بهذا البيت ؟
ج14- مراده : أنّ الأمر إذا كان باسم الفعل ، أو بلفظ الخبرلم يجز نصب الفعل بعد الفاء السَّببيّة ، كما ذكرنا ذلك في السؤال السابق ، ولكن لو حُذِفَتْ ( الفاء ) جُزِمَ ، ولو كان الأمر بغير فعل الأمر ، نحو: صَهٍ أُحْسِنْ إليك ، ونحو: حسبُك الحديثُ ينمْ أبوك . وهذا معنى قوله : " وجزمه اقْبَلاَ ".
إضمار أَنْ وجوبا
د- بعد واو الْمَعِيَّة
وبيان شروطها
وَالوَاوُ كَالْفَاءِ إِنْ تُفِدْ مَفْهُومَ مَعْ كَلاَ تَكُنْ جَلْداً وَتُظْهِرَ الْجَزَعْ
* س15- عرَّف واو المعيَّة .
ج15- واو المعيَّة ، هي : التي تكون بمعنى ( مَعَ ) للمُصَاحَبَة ( أي : إنّ ما قبلها ، وما بعدها يحصلُ في وقت واحد ) فقولك : لا تُهملْ دروسك وتغيبَ ، معناه : لا تجمع بين الإهمال والغِياب .(1/8)
س16- ما الذي يُشترط في واو المعيَّة ؟ مثَّل لما تقول .
ج16- الواو التي بمعنى : المصَاحَبَة ( مَعَ ) يُنصب الفعل المضارع بعدها بأن مضمرة وجوباً ، وهي كالفاء السَّبَبِيَّة يُشترط أن يكون ما قبلها نفي محض ، أو طلب بالفعل .
فمثال النفي المحض ، قوله تعالى : * .
أمَّا الطلب بالفعل فلم يَرِد منه إلا أربعة أنواع ، هي :
1- الأمر ، قال الشاعر :
فقلتُ ادْعِى وأَدْعُوَ إنّ أَنْدَى لِصَوْتٍ أنْ يُنادِىَ دَاعِيَانِ
2- النَّهي ، قال الشاعر :
لاتَنْهَ عن خُلُقِ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ عَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ
ومنه قول الناظم : لا تكن جَلْداً وتُظْهِرَ الْجَزَعَ .
3- الاستفهام ، قال الشاعر :
أَلَمْ أَكُ جَارَكُمْ وَيكُونَ بَيْنِي وبَيْنَكُمُ الموَدَّةُ والإخَاءُ
4- التَّمنّي ، قال تعالى : * .
س17- ما الحكم إذا لم تكن الواو بمعنى ( مع ) للمصاحبة ؟ مثّل لما تقول .
ج17- إذا لم تُفِد ( الواو ) معنى ( مَعَ ) لم يَجُزْ نصب الفعل بعدها ، وهذا مفهوم من قوله : " إنْ تُفد مفهوم مَعْ " .
وأما ما ورد في قولهم : ( لا تأكل السمكَ وتشرب اللبن ) ففي الفعل الواقع بعد الواو ثلاثة أوجه ، هي :
1- الجزم ، على اعتبار أنّ الواو للعطف ؛ فتقول : لا تأكلِ السمكَ وتشربْ اللبن ، والمعنى : النهي عن أكل السمك وعن شرب اللبن .
2- الرفع ، على اعتبار أنّ ( الواو ) للاستئناف ، ويكون الفعل خبراً لمبتدأ مضمر ، تقديره ( أنت ) فتقول : لا تأكلِ السمكَ وتشربُ اللبنَ ، والتقدير : وأنت تشربُ اللبن ، والمعنى : النهي عن أكل السَّمك ، ولَكَ شُرْبُ اللبن .
3- النّصب ، على اعتبار أن ( الواو ) للمعيّة ؛ فتقول : لا تأكلِ السمكَ وتشربَ اللبن ، والمعنى : النّهي عن الجمع بين أكل السمك ، وشرب اللبن في وقت واحد .
مواضع إضمار أَنْ جوازاً
أ- بعد أحرف العطف
الوَاو ، وثُمَّ ، والفَاء ، وأَوْ
وبيان شروطها(1/9)
وَإِنْ عَلَى اسْمٍ خَالِصٍ فِعْلٌ عُطِفْ تَنْصِبْهُ أَنْ ثَابِتًا أَوْ مُنْحَذِفْ
س18- اذكر مواضع إضمار أن جوازاً .
ج18- تضمر أَنْ جوازاً في المواضع الآتية :
1- بعد أحرف العطف الآتية : الواو ، وثُمَّ ، والفاء ، وأو .
ويُشترط أن يكون المعطوف عليه اسماً صريحا غير مُؤوَّل بفعل ( أي : غير مقصود به معنى الفعل ) وذلك كالمصدر والعَلَم .
مثال إضمار أَنْ بعد ( الواو ) :
ولُبْسُ عَبَاءَةٍ وتَقَرَّ عَيْنِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ لُبْسِ الشَّفُوفِ
فالمعطوف عليه ( لُبْس ) مصدر لا يُقصد به معنى الفعل ؛ ولذلك جاز إضمار ( أَنْ ) بعد حرف العطف ( الواو ) فَنُصِب الفعل ( تقرَّ ) .
ومنه قولك : يأبى المؤمنُ الِفرَار ويسلمَ .
ومثال إضمار أن بعد ( ثُمَّ ) :
إنَّى وقَتْلِي سُلَيكاً ثُمَّ أَعْقِلَهُ كالثَّورِ يُضْرَبُ لَمَّا عَافَتِ البَقَرُ
ومنه قولك : علامةُ المؤمن الاستقامةُ ثم يُداومَ عليها.
ومثال إضمار أن بعد ( الفاء ) :
لَوْلاَ تَوَقُّعُ مُعْتَرًّ فَأُرْضِيَه ما كُنْتُ أُوثِرُ إتْرَاباً عَلَى تَرَبِ
ومنه قولك : اجتهادُكَ فتنالَ النجاحَ خيرٌ من كَسَلٍ فَتَحْصُدَ الرسوبَ .
ومثال إضمار أن بعد ( أو ) قوله تعالى : * .
فالمعطوف عليه في الأمثلة السابقة ( لُبس ، الفرار ، قتلي ، الاستقامة ، توقّع ، اجتهاد ، كَسَل ، وَحْي ) كلّها مصادر ليست بمعنى الفعل ؛ ولذلك نُصِبَت الأفعال بعد أحرف العطف المذكورة بـ ( أَنْ ) مضمرة جوازاً .(1/10)
أما إذا كان المعطوف عليه مؤولا بالفعل لم يجز النصب بعد أحرف العطف المذكورة ، نحو : الطائرُ فيغضبُ زيدٌ الذبابُ . فالفعل ( يغضب ) يجب رفعه ؛ لأن المعطوف عليه ( الطائر ) مؤوّل بالفعل (يطير) فهو واقع موقع الفعل ؛ لأن (أل) في الطائر موصولة ، والصَّلة حَقُّها أن تكون جملة ، والأصل (الذي يطير) فلما جئ بـ ( أل ) عُدِل عن الفعل يطير إلى اسم الفاعل طائر ؛ لأن ( أل ) لا تدخل إلا على الأسماء .
ومنه قولك : القادمُ فيزادادُ سروري أبي ( أي : الذي يَقْدُمُ ) .
* ب- بعد حرف الجر ( اللاّم ) بأنواعه الثلاثة ، وهي :
1- لام التعليل ، قال تعالى : * وكما في قولك : جئت لأتعلمَ .
2- لام العاقبة ، قال تعالى : * فآل فرعون لم يلتقطوه ليكون لهم عدوًّا ، ولكن هذه هي العاقبة .
3- اللام الزائدة ،قال تعالى: * ( أي : يريد الله أن يذهبَ ) فاللام زائدة للتوكيد . *
حذف أَنْ شذوذاً
وَشَذَّ حَذْفُ أَنْ وَنَصْبٌ فى سِوَى مَا مَرَّ فَاقْبَلْ مِنْهُ مَا عَدْلٌ رَوَى
س19- متى يكون حذف أَنْ شذوذاً ؟
ج19- حذف أَنْ والنصب بها في غير ما ذُِِكر من مواضع إضمارها جوازاً ، أو وجوباً شَاذٌّ لا يُقاس عليه . ومن ذلك قولهم : مُرْهُ يَحْفُرَها ، بنصب ( يحفرَ ) بأَنْ محذوفة ، والتقدير : مُرْهُ أَنْ يحفرَها . وهذا المثال ليس من المواضع التي تُضمر فيها ( أَنْ ) جوازاً ، أو وجوباً ، فهو شاذّ لا يُقاس عليه . ومنه قولهم : خُذِ اللصَّ قبلَ يأخذَك ( أي : قبلَ أنْ يأخذَك ) .
ومنه قول الشاعر :
أَلاَ أَيُّهَذَا الزاجِرِى أَحْضُرَ الوَغَى وأَنْ أَشْهَدَ اللَّذَاتِ هَلْ أَنْتَ مُخْلِدِى
فالشاعر نصب الفعل ( أحضرَ ) بأنْ مضمرة في غير المواضع التي تُضمر فيها
( أنْ ) جوازاً ، أو وجوباً . ... ... ... ... ... ... ...
واعلم أنّ هذا البيت يُروى بوجهين أحدهما : الرفع ، وهي رواية البصريين ،
وثانيهما : النصب ، وهي رواية الكوفيين .
ثالثاً : جَزْمُ الفعلِ المضارعِ(1/11)
أ- الجزم بالطلب
حكم الفعل الواقع بعد الفاء
السَّببيّة إذا حُذِفت الفاء
وَبَعْدَ غَيْرِ النَّفْيِ جَزْماً اعْتَمِدْ إِنْ تَسْقُطِ الْفَا وَالْجَزَاءُ قَدْ قُصِدْ
س1- ما حكم الفعل المضارع الواقع بعد الفاء السَّببيّة إذا حُذِفَت الفاء ؟
ج1- إذا حُذِفت الفاء السَّببية جُزِم الفعل المضارع الواقع بعدها إذا تحقَّقَ الشرطان الآتيان :
1- أَنْ يُسْبَقَ المضارع بالطَّلَب ، فلا يجوز جزمه بعد النَّفي ؛ فلا تقول: ما تأتينا تُحَدَّثْنا .
2- أن يُقْصَدَ به الْجَزَاءُ ، وذلك نحو : زُرْني أَزُرْكَ ، ونحو : لا تُهملْ تنجحْ . فالفعل ( تنجح ) مجزوم بالطَّلب ؛ لأنه وقع جوابا للطلب ( لاتهمل ) وهو خالٍ من الفاء ، وقُصِد به الجزاء ؛ لأنّ النجاح جزاء لعدم الإهمال .
ومن الجزم بالطلب قوله تعالى : * .
س2- ما العامل في جزم الفعل الواقع بعد الطلب ؟
ج2- في المسألة خلاف على النحو الآتي :
1- ذهب الجمهور : إلى أنّ الجازم شرط مقدّر ، هو (إنْ) الشرطية ؛ فقولك : اقرأ تنجحْ ، تقديره : اقرأ فإنْ تقرأْ تنجحْ .
2- ذهب الفارسي ، والسَّيرافي ، وابن عصفور : إلى أنّ الجازم جملة الطلب نفسها ؛ لكونها نائبة عن أداة الشرط .
3- ذهب ابن خروف - واختاره الناظم - : إلى أن الجازم جملة الطلب نفسها ؛ لكونها متضمنة معنى حرف الشرط .
شرط الجزم إذا كان
الطَّلَبُ نَهْياً
وَشَرْطُ جَزْمٍ بَعْدَ نَهْىٍ أَنْ تَضَعْ إِنْ قَبْلَ لا دُونَ تَخَالُفٍ يَقَعْ
س3- ما شرط الجزم إذا كان الطلب نهيا ؟
ج3- إذا كان الطلب نهيا فلا يجوزُ جزمُ الفعلِ الواقعِ جواباً له إلا بشرط ، هو: أنْ يصحَّ في المعنى وقوع ( إنْ ) الشرطية، و( لا ) النافية موقع النهي ، نحو :
لا تهملْ تنجحْ . فالفعل ( تنجحْ ) مجزوم بالطَّلب بعد النهي ( لا تهملْ ) وذلك
لأنه يصح في المعنى وقوع إِنْ الشرطية ، ولا النافية موقع النهي ؛ فتقول : إنْ لا تهملْ تنجحْ .(1/12)
وكذلك في قولك : لا تقتربْ من الأسدِ تَسْلَمْ ، يصحّ في المعنى قولك :
إنْ لا تقتربْ من الأسد تسلمْ ؛ ولذلك لا يجوز الجزم في قولك : لا تقتربْ من الأسدِ يأكلُُك ، برفع ( يأكلُ ) لأنه لا يصح في المعنى قولك : إِنْ لا تقترب من الأسد يأكلْك .
وأجاز الكسائيّ الجزم ؛ لأنه لا يَشترط دخول إنْ على ( لا ) النافية ، فالجزم عنده على معنى الشرط فقط .
ب- الجزم بحروف الجزم
ما يجزم فعلا واحداً
وما يجزم فعلين
بِلاَ وَلاَمٍ طَالِباً ضَعْ جَزْمَا فى الْفِعْلِ هَكَذَا بِلَمْ وَلَمَّا
وَاجْزِمْ بِإِنْ وَمَنْ وَمَا وَمَهْمَا أَىًّ مَتَى أَيَّانَ أَيْنَ إِذْمَا
وَحَيْثُمَا أَنَّى وَحَرْفٌ إِذْمَا كَإِنْ وَبَاقِى الأَدَوَاتِ أَسْمَا
س4- ما الأدوات التي تجزم فعلا واحداً ؟ مثَّل لكل أداة .
ج4- الأدوات التي تجزم فعلا واحداً ، هي :
1- لام الأمر ، وتُسَمَّى ( اللاَّم ) الطَّلَبِيَّة ، وهي حرف يَدُلُّ على الأمر ، كما في قوله تعالى : * أو يدلّ على الدعاء ، كما في قوله تعالى : * .
2- لا الناهية ، وتَسمّى ( لا ) الطَّلبيَّة ، وهي حرف يدلُّ على النّهي ، كما في قوله تعالى : * أو يدلّ على الدعاء ، كما في قوله تعالى : * .
3- لَمْ ، وهي حرف نفي ، قال تعالى : * .
4- لَمَّا ، وهي حرف نفي ، قال تعالى : * .
أضف إلى ما سبق : الجزم بالطلّب ، وذلك إذا وقع الفعل المضارع جوابا للطلب ، نحو : اقرأْ تَستَفِدْ ، ولا تُهمِلْ تنجحْ . وقد سبق ذِكره في س1.
س5- اذكر مواضع التَّشَابُه ، والتَّفَارُق بين لَمْ ، ولَمَّا .
ج5- يتشابهان في أربعة مواضع ، هي :
1- كلاهما حرف . 2- كلاهما للنَّفي ، والجزم .
3- يختصان بالمضارع . 4- يقلبان زمنه إلى الماضي .
ويتفارقان في أربعة مواضع ، هي :
1- أنّ النّفي بـ ( لَمَّا ) يستمرّ انتفاؤه إلى زمن الحال ، كما في قوله تعالى :(1/13)
* ( أي: إلى الآن لم يذوقوا العذاب ) ونحو قولك : لَمَّا أكتبْ ( أي : إلى الآن لم أكتبْ ) .
* أمّا النّفي بـ ( لم ) فيكون مستمراً ، كما في قوله تعالى : *
وقد يكون مُنقطعا ، كما في قوله تعالى : * .
2- أنّ ( لَمَّا ) تُفيد توقّع ثبوت ما بعدها ، فقوله تعالى : * معناه : إلى الآن لم يذوقوا العذاب ، ومِن المتّوَقَّع أنّهم سوف يذوقونه ، وقولك : لَمَّا أكتبْ ، تُفيد : توقّع حدوث الكتابة بعد ذلك ، وأما (لم ) فلا تُفيد ذلك .
3- أنّ المضارع المنفي بـ ( لَمَّا ) يجوز حذفه ، نحو : أكتبتَ الواجب ؟ لَمَّا . ( أي : لما أكتب ) ولا يجوز ذلك مع ( لم ) .
4- يجوز أَنْ تُسبق (لم ) بإنْ الشرطيّة ، كما في قوله تعالى : * ولا يجوز ذلك مع لَمَّا . *
س6- ما الأدوات التي تجزم فعلين ؟ مثّل لكل أداة .
ج6- الأدوات التي تجزم فعلين ، نوعان : حرف ، واسم .
أولا : الحرف :
1- إنْ ، حرف باتَّفاق ، قال تعالى : * .
2- إِذْمَا ، مُختلف فيها - والرَّاجح أنها حرف - نحو قولك : إذما تَقُمْ أَقُمْ ، وكقول الشاعر :
وإنَّكَ إِذْمَا تَأْتِ ما أنتَ آمِرٌ به تُلْفِ مَنْ إيَّاه تَأْمُرُ آتِِيَا
ثانياً : الأسماء :
1- مَنْ ، قال تعالى : * ونحو : مَن يَنَمْ مبكراً يستيقظْ مبكراً .
2- ما ، قال تعالى: * ونحو : ما تُقدَّمْ لنفسِك تُجْزَ به .
3- مَهْمَا ، مختلف فيها - والراجح أنها اسم - قال تعالى : * .
ومنه قول الشاعر :
أَغَرَّكِ مِنَّى أنَّ حُبَّكِ قَاتِلِى وأَنَّكِ مَهْمَا تَأْمُرِي الْقَلْبَ يَفْعَلِ
4- أَيّ ، قال تعالى : * .
ونحو : أيُّ طالبٍ يجتهدْ ينجحْ .
5- مَتَى ، قال الشاعر :
مَتَى تَأْتِه تَعْشُو إلى ضَوءِ نَارِهِ تَجِدْ خَيْرَ نَارٍ عندها خَيْرُ مُوقِدِ
ونحو : متى تقمْ أَقمْ .
6- أَيَّانَ ، قال الشاعر :
أَيَّانَ نُؤْمِنْك تَأمَنْ غَيرَنا وإذا لم تُدْرِكِ اْلأَمْنَ مِنَّا لم تَزَلْ حَذِرَا
ونحو : أيَّان تَصُمْ أَصُمْ .(1/14)
7- أَيْنمَا ، قال تعالى : * ومنه قول الشاعر :
صَعْدَةٌ نَاِبتَةٌ فى حَائِرِ أَيْنَمَا الرَّيحُ تُمَيَّلْهَا تَمِلْ
8- حَيْثُمَا ، قال الشاعر :
حَيْثُمَا تَسْتَقِمْ يُقَدَّرْ لك اللَّـ ـهُ نَجَاحاً فى غَابِرِ الأَزْمَانِ
ونحو : حيثما تذهبْ يَرَكَ اللهُ .
9- أنَّى ، قال الشاعر :
خَلِيلَىَّ أَنَّى تَأْتِيَانى تَأْتِيَا أَخاً غَيْرَ ما يُرْضِيكُمَا لا يُحَاوِلُ
ونحو : أنّى تسافرْ تَرَ عجائب قدرة الله .
* س7- اذكر معاني أدوات الشرط .
ج7- تتفق جميع الأدوات في معنى : التَّعليق ( أي : تعليق وقوع الجواب على وقوع الشرط ) ومعنى ذلك : أنّ تحقُّق الجواب ووقوعه مُتَوَقَّف على تحقُّق الشرط ووقوعه ؛ فقولك : إنْ تجتهدْ تنجحْ ، معناه : أنّ حصول النجاح مُتوقَّف على حصول الاجتهاد .
وتختصُّ أكثر الأدوات بمعنى آخر غير التعليق ، بيانه كالآتي :
1- إِنْ ، وإذما : يقتصر معناهما على التّعليق فقط .
2- مَنْ : تختصُّ بالعاقل .
3- ما ، ومهما : تختصان بغير العاقل .
4- متى ، وأيَّان : تختصان بالزمان .
5- أينما ، وأنّى ، وحيثما : تختص بالمكان .
6- أيُّ : بحسب ما تُضاف إليه ، فإن أُضيفت إلى العاقل فهي للعاقل ، وإن أضيفت إلى غير العاقل فهي لغير العاقل ، وإن أضيفت إلى الزمان فهي للزمان ... وهكذا . مثال العاقل : أيَّ طالب يجتهدْ ينجحْ .
مثال غير العاقل : أيَّ كتابٍ تقرأ يُفِدْك .
مثال الزمان : أيَّ يومٍ تُسافرْ أُسافرْ معك .
مثال المكان : أيَّ بلدٍ إسلاميّ تَقصِدْ أَقصدْ .
ما تطلبه أدوات الشرط
فِعْلَيْنِ يَقْتَضِينَ شَرْطٌ قُدَّمَا يَتْلُو الْجَزَاءُ وَجَوَاباً وُسِمَا
س8- ما الذي تطلبه أدوات الشرط ؟
ج8- أدوات الشرط التي سبق ذكرها في س7 تَقْتَضِى وتطلب فعلين ، يُسمَّى الأول شرطاً ، والثاني يُسمى جواباً وجزاء ؛ فقولنا : مَنْ يجتهدْ ينجحْ . فالفعل ( يجتهدْ ) فعل الشرط ، والفعل ( ينجح ) جواب الشرط .(1/15)
ويجب في جملة الشرط أن تكون فعلية ، وأما جملة الجواب فالأصل فيها أن تكون فعلية ، ويجوز أن تكون اسمية ، نحو : إن جاء زيدٌ فله الفضلُ .
نوع الفعل في الشرط
وَمَاضِيَيْنِ أَوْ مُضَارِعَيْنِ تُلْفِيهِمَا أَوْ مُتَخَالِفَيْنِ
س9- ما نوع الفعل في الشرط ، والجواب ؟
ج9- إذا كان الشرط ، والجواب فعلين فيكونان على أربعة أنواع :
1- أن يكون الفعلان ماضيين ( في محل جزم ) كما في قوله تعالى :
* ونحو قولك : إنْ قَامَ زيدٌ قَامَ عمرٌو .
2- أن يكونا مضارعين ، كما في قوله تعالى : * ونحو قولك: مهما تُخْفِ يُعْلَمْ .
3- أن يكون الشرط ماضيا ( في محل جزم ) والجواب مضارعاً ، كما في قوله تعالى : * .. ونحو قولك : إنْ قامَ زيدٌ يَقُمْ عمرٌو .
4- أن يكون الشرط مضارعاً ، والجواب ماضيا ( في محل جزم ) كما في قوله - صلى الله عليه وسلم - : "مَنْ يَقُمْ ليلةَ القدر إيماناً واحْتِسَاباً غُفِرَ له " .
ومنه قول الشاعر:مَنْ يَكِدْنِى بِسَيَّىءٍ كُنْتَ مِنْهُ كالشَّجَا بينَ حَلْقِهِ والوَرِيدِ
وهذا النوع الرابع قليل ، وخَصَّه الجمهور بالضرورة الشعريّة . وذهب الفراء ،
وَتَبِعَه الناظم: إلى أنّه جائز نثراً ،وشعراً ؛ لورود شواهد عليه من النثر ،والشعر .
حكم رفع جواب الشرط إذا كان الشرط
ماضيا ، أو مضارعاً
وَبَعْدَ مَاضٍ رَفْعُكَ الْجَزَا حَسَنْ وَرَفْعُهُ بَعْدَ مُضَارِعٍ وَهَنْ
س10- ما حكم رفع جواب الشرط إذا كان الشرط ماضيا ؟ وما حكم رفعه إذا كان الشرط مضارعاً ؟
ج10- إذا كان الشرط ماضيا ، والجواب مضارعاً جاز جزم الجواب ، ورفعه وكلاهما حَسَنٌ ؛ فتقول : إن قامَ زيدٌ يقمْ عمرٌو ؛ وتقول : إنْ قامَ زيدٌ يقومُ عمرٌو . ومنه قول الشاعر :
وإِنْ أَتَاهُ خَلِيلٌ يَوْمَ مَسْأَلَةٍ يَقُولُ لا غَائِبٌ مَاِلي ولا حَرِمُ
فقد جاء جواب الشرط مضارعاً مرفوعاَ (يقولُ) والشرط فعل ماضٍ (أتاه) .(1/16)
أمَّا إذا كان الشرط مضارعاً ، والجواب مضارعاً وجب الجزم ، وما ورد من رفع الجواب فهو ضعيف ، كقول الشاعر :
يا أقْرَعُ بْنَ حَابِسٍ يا أَقْرَعُ إِنَّكَ إِنْ يُصْرَعْ أَخُوكَ تُصْرَعُ
فقد جاء جواب الشرط مضارعاً مرفوعاً ( تصرعُ ) والشرط مضارع مجزوم
( يصرعْ ) ورفع الجواب في هذه الحالة ضعيف .
(م) س11- ما رأي النّحاة في رفع جواب الشرط إذا كان الشرط ماضيا ؟
ج11- يرى سيبويه : أنه مرفوع على تقدير تقديمه ، ويكون الجواب محذوفاً ، فالتقدير في البيت السابق : يقولُ إنْ أتاه خليلٌ ، والتقدير في المثال : يقومُ عمرو إنْ قام زيدٌ .
ويرى الكوفيون : أنه مرفوع على تقدير الفاء ( أي : أتاه خليلٌ ... فيقولُ ) .
ويرى بعض النحويين : أنّه ليس على التقديم والتأخير ، ولا على حذف الفاء ، بل لأنَّ أداة الشرط لَمَّا لم يظهر لها أثرٌ في فعل الشرط لكونه ماضيا ضَعُفَت عن العمل في الجواب .
اقتران جواب الشرط بالفاء وجوباً
وَاقْرُنْ بِفَا حَتْمًا جَوَاباً لَوْ جُعِلْ شَرْطاً لإِنْ أَوْ غَيْرِهَا لَمْ يَنْجَعِلْ
س12- متى يجب اقتران جواب الشرط بالفاء ؟
ج12- يجب ذلك إذا كان الجواب لا يصلح أن يكون شرطاً لإنْ أوغيرها ، كالجملة الاسمية ( مثلاً ) فهي لا تصلح أن تكون شرطاً ، فلو جعلتها شرطا لم تَنْجَعِل ( أي لم تصلح ) .
س13- ما المواضع التي يجب فيها اقتران جواب الشرط بالفاء ؟
ج13- المواضع التي يجب فيها اقتران جواب الشرط بالفاء ؛ لأنها لا تصلح أن تكون شرطاً ، هي :
1- الجملة الاسمية ، قال تعالى: * ونحو : إن تجتهدْ فأنت ناجح .
2- الجملة الطّلبيَّة ، كالأمر ، والنّهي ، والاستفهام . مثال الأمر قوله تعالى :
* ومثال النَّهي: إنْ تُرِدِ الجنَّة فلا تعصِ الله.
ومثال الاستفهام ، قوله تعالى : * .
3- الجملة الفعلية المنفيَّة بـ ( ما ، أو لن ) مثال ( ما ) قوله تعالى :
* ومثال ( لن ) قوله تعالى :
*(1/17)
4- الجملة الفعلية التي فعلها جَامِد ، كعَسى ، ولَيْسَ ، ونِعْمَ ، وبِئْسَ .
مثال ( عسى ) : مَنْ يَتُبْ فعسى أن يتوب الله عليه .
ومثال ( ليس ) قوله - صلى الله عليه وسلم - : " مَنْ غَشَّنا فليسَ مِنَّا " ومثال ( نعم ، وبئس ) :
إن تَصْدُقْ فنِعْمَ الْخُلُقُ الصَّدْقُ ، وإن تكذبْ فبئسَ الْخُلُقُ الكذبُ .
5- الجملة الفعلية المسبوقة بـ ( قَدْ ) كما في قوله تعالى : * .
6- الجملة الفعلية المسبوقة بحرفي التنفيس ( السين ، وسوف ) .
مثال (السين) قوله تعالى : * .
ومثال ( سوف ) قوله تعالى : * .
7- الجملة المسبوقة بـ ( كَأَنَّما ) كما في قوله تعالى : * وهذه المواضع تكون في محل جزم جواب الشرط . أما إذا كان الجواب يصلح أن يكون شرطاً فيكون مجزوما ، ولا يجب اقترانه بالفاء ، نحو: إن تجتهدْ تنجحْ . فالفعل ( تنجح ) يصلح أن يكون شرطا؛ لأنه ليس واحداً من المواضع السابقة ، ونحو : إنْ تجتهدْ تَنَلِ الجائزة .
وقوع إذا الفُجَائِيَّة موقع الفاء
وَتَخْلُفُ الْفَاءُ إِذَا الْمُفَاجَأَهْ كَـ إِنْ تَجُدْ إِذاً لَنَا مُكَافَأَهْ
س14- ما حكم وقوع إذا الفجائيةَ موقع الفاء ؟ وما شرط ذلك ؟
ج14- يجوز إقامة إذا الفجائية مُقام الفاء الواقعة في جواب الشرط ، ويُشترط أن تكون جملة الجواب اسميّة ، كما في قوله تعالى : * وكما في قول الناظم : إن تَجُدْ إذا لنا مكافأة .
حكم الفعل الواقع بعد جواب الشرط
وَالْفِعْلُ مِنْ بَعْدِ الْجَزَا إِنْ يَقْتَرِنْ بِالْفَا أَوِ الوَاوِ بِتَثْلِيثٍ قَمِنْ
س15- ما حكم الفعل الواقع بعد جواب الشرط ؟
ج15- إذا وقع بعد جواب الشرط فعل مضارع مقرون بالواو ، أو الفاء جاز فيه ثلاثة أوجه :
1- الجزم بالعطف 2- الرفع على الاستئناف
3- النصب بأَنْ مضمرة وجوباً .
وقد قُرئ ( بالثلاثة ) قوله تعالى : * برفع ( يغفر ) وجزمه ، ونصبه .
وقُرئ بهنَّ قوله تعالى : * . وكذلك رُوِي بهنّ قول الشاعر :(1/18)
فإنْ يَهْلِكْ أَبُو قَابُوسَ يَهْلِكْ رَبِيعُ النَّاسِ والْبَلَدُ الْحَرَامُ
ونَأخُذْ بعدَه بِذِنَابِ عَيْشٍ أَجَبَّ الظَّهْرِ لَيْسَ له سَنَامُ
روى بجزم ( نأخذ ) ورفعه ، ونصبه .
حكم الفعل الواقع بين الشرط ، والجواب
وَجَزْمٌ أَوْ نَصْبٌ لِفِعْلٍ إِثْرَ فَا أَوْ وَاوٍ أَنْ بِالْجُمْلَتَيْنِ اكْتَنَفَا
س16- ما حكم الفعل الواقع بين الشرط ، والجواب ؟
ج16- إذا وقع بين الشرط ، والجواب فعل مضارع مقرون بالفاء ، أو الواو جاز نصبه ، وجزمه . فالجزم على العطف ، نحو : إنْ تتقِ اللهَ وتصبرْ فإنّ لك الجنّة . ويجوز (وتصبرَ) بالنصب بأنْ مضمرة ( ولايجوز الرفع على الاستئناف ) لأنه لا يصح الاستئناف قبل الجواب . ومن وروده بالنَّصب قول الشاعر :
ومَنْ يَقْتَرِبْ مِنَّا ويَخْضَعَ نُؤْوِهِ ولا يَخْشَ ظُلْماً ما أَقَامَ ولا هَضْمَا
حكم حذف الجواب ، وحكم حذف الشرط
وَالشَّرْطُ يُغْنِى عَنْ جَوَابٍ قَدْ عُلِمْ وَالْعَكْسُ قَدْ يَأْتِى إِنِ الْمَعْنَى فُهِمْ
س17- ما حكم حذف الجواب ؟ وما حكم حذف الشرط ؟
ج17- يجوز حذف جواب الشرط إذا دلَّ عليه دليل ، نحو : أنت ظالِمٌ إنْ فعلتَ ، فحُذِف الجواب لدلالة ( أنت ظالم ) عليه ، والتقدير : إن فعلتَ فأنت ظَالِمٌ .
وهذا كثير في لسان العرب . ومنه قوله تعالى : * ... فالجواب محذوف لوجود قرينه تدلّ عليه ، والتقدير : فإن استطعت فافعلْ .
وأما العكس وهو حذف الشرط فقليل ، وذلك إذا دلّ دليل على حذفه ،كما في قول الشاعر : فَطَلَّقْها فَلَسْتَ لَهَا بِكُفْءٍ وإلاّ َيَعْلُ مَفْرِقَكَ الْحُسَامُ
الشاهد: إلاَّ يعلُ ، فقد حَذَفَ الشاعر فعل الشرط ، وذَكَرَ الجواب (يعلُ)وذلك لأن الشرط مفهوم من الكلام ، والتقدير : وإلاَّ تطلقْها يَعْلُ مفرقك الحسامُ .
اجتماع الشرط ، والقسم
وبيان حكم جوابهما
وَاحْذِفْ لَدَى اجْتِمَاعِ شَرْطٍ وَقَسَمْ جَوَابَ مَا أَخَّرْتَ فَهْوَ مُلْتَزَمْ(1/19)
س18- اذكر الأحكام الخاصَّة بجواب الشرط ؟ والأحكام الخاصَّة بجواب القسم ؟
ج18- جواب الشرط إما مجزوم ، وإما مقرون بالفاء فيكون في محل جزم .
أما جواب القسم فله حالات ، هي :
1- إن كان جواب القسم جملة فعلية مُثبتة مُصَدَّرة بفعل مضارع : أُكَّد باللام والنون ، نحو : والله لأضربَنَّ زيداً ، والله لأجتهدَنّ .
2- إن كان جملة فعلية مُثبتة مصدّرة بفعل ماضٍ : أُكَّد باللام وقد ، نحو : والله لقد قامَ زيدٌ ، وكما في قوله تعالى : * فهذه الجملةُ جوابٌ للقسم الذي في أول السُّورة : * .
وقد تحذف اللام وقد ، كما في قوله تعالى : * فهذه الجملة جواب للقسم الذي في أول السورة : * .
والفعل الذي يقترن باللام وقد معاً هو : الفعل الماضي المتصرَّف، أما الجامد فيقترن باللام وحدها، نحو : واللهِ لعسى زيدٌ أن يقوم ، ونحو : واللهِ لَنِعْمَ الرجلُ زيدٌ .
3- إن كان جملة اسمية : أكّد بإنَّ واللام ، أو باللام وحدها ، أو بإنّ وحدها ، نحو : واللهِ إنّ زيداً لقائمٌ ، واللهِ لزيدٌ قائمٌ ، والله إنّ زيداً قائمٌ .
4- إن كان جملة فعلية مَنْفِيَّة فنَفْيُها يكون بـ ( ما ، أو لا ، أو إنْ ) نحو : واللهِ ما يقومُ زيدٌ ، واللهِ لا يقومُ زيدٌ ، والله إنْ يقومُ زيدٌ ( أي : والله لا يقوم ) فإنْ تأتي للنَّفي ، كما في قوله تعالى : * .
وكذلك الجملة الاسمية المنفية ، نحو : واللهِ ما أنت بصادقٍ ، واللهِ إنْ هذا إلا رسولٌ .
س19- هل يجوز اجتماع الشرط ، والقسم ؟ وما حكم الجواب في هذه الحالة ؟
ج19- نعم . يجوز اجتماع الشرط ، والقسم . فإن اجتمعا حُذِفَ جوابُ المتأخَّرِ منهما لدلالة جواب الأول عليه . وهذا هو المراد من البيت ؛ فتقول : إنْ قام زيدٌ واللهِ يَقُمْ عمرٌو ، فحذف جواب القسم ؛ لأنّ القسم متأخَّر ، ودلّ عليه جواب الشرط المجزوم ( يقمْ ) .(1/20)
وتقول : واللهِ إنْ يقُمْ زيد ليقومنَّ عمرٌو ، فحُذِف جواب الشرط ؛ لأن الشرط متأخر ، ودلّ عليه جواب القسم المؤكَّد باللام ( ليقومَنَّ ) فالجواب إذاً يكون للمتقدَّم منهما ، أما المتأخَّر فيحذف جوابه . هذا الحكم إذا لم يتقدّم على الشرط ، والقسم ما يحتاج إلى خبر .
حكم الجواب إذا اجتمع الشرط ، والقسم
وتقدّم عليهما ما يحتاج إلى خبر
وَإِنْ تَوَالَيَا وَقَبْلُ ذُو خَبَرْ فَالشَّرْطَ رَجَّحْ مُطْلَقاً بِلاَ حَذَرْ
س20- ما حكم الجواب إذا اجتمع الشرط،والقسم وتقدّم عليهما ذو خبر؟
ج20- إذ اجتمع الشرط ، والقسم وتقدّم عليهما ذو خبر ( أي : تقدّم عليهما ما يحتاج إلى خبر كالمبتدأ ، أو النّواسخ ) فالأرجح أن يكون الجوابُ للشرط مطلقاً ( أي : سواء تقدّم ، أو تأخّر ) ويُحذف جواب القسم ؛ فتقول : زيدٌ إنْ نجحَ والله أُكْرِمْه ؛ وتقول : زيدٌ واللهِ إنْ نجح أُكْرِمْهُ ، فالجواب في المثالين مجزوم ؛ لأنه جوابٌ الشرط ( إنْ ) وحُذِفَ جواب القسم ؛ وذلك بسبب تقدُّم المبتدأ ( زيد ) عليهما .
حكم حذف جواب المتأخَّر
إذا لم يتقدّم على الشرط ، والقسم ما يحتاج إلى خبر
وَرُبَّمَا رُجَّحَ بَعْدَ قَسَمِ شَرْطٌ بِلاَ ذِى خَبَرٍ مُقَدَّمِ
س21- ما حكم حذف جواب المتأخّر إذا لم يتقدّم على الشرط ، والقسم ما يحتاج إلى خبر ؟
ج21- عرفنا في س19 أنه عند اجتماع الشرط ، والقسم ، ولم يتقدّم عليهما ما يحتاج إلى خبر حُذِفَ جوابُ المتأخَّرِ منهما ، وهذا الحكم واجب عند الجمهور ، أما عند الناظم فهو جائز بكثرة ، ويجوز عنده بِقِلَّة : إذا كان الجواب للشرط وتقدّم القسم عليه . وهذا هو مراده من هذا البيت ، واستشهد بقول الشاعر :
لَئِنْ مُنِيتَ بِنَا عَنْ غِبَّ مَعْرَكَةٍ لا تُلْفِنَا عَنْ دِمَاءِ الْقَوْمِ نَنْتَفِلُ(1/21)
فالشاهد : قوله ( لا تلفنا ) وهو جواب للشرط بدليل جزمه بحذف حرف العلة ، والشرط في هذا البيت متأخر ، والقسم متقدّم عليه بدليل قوله ( لَئِن ) فاللام مُوَطَّئَة للقسم ، والتقدير : والله لَئِن ، فبذلك يكون الجواب للشرط مع أنه متأخَّر ، وذلك خلاف ما عليه الجمهور ، ويرون أن ذلك ضرورة شعرية .
---
لَوْ الشَّرْطِيَّةُ
أقسامها
لَوْ حَرْفُ شَرْطٍ فى مُضِىًّ وَيَقِلْ إيِلاَؤُهَا مُسْتَقْبَلاً لَكِنْ قُبِلْ
س1- اذكر أنواع لو .
ج1- تأتي لو : شرطية ( غير جازمة )، وتأتي مصدرية ، وهي الواقعة بعد الفعل وَدَّ يَوَدُّ ، كما في قوله تعالى : * وأنكر كثير من النحاة مجيئها مصدريّة .
* وتأتي للتقليل ، كما في الحديث : " اتَّقُوا النّارَ وَلَوْ بِشِقَّ تَمْرَة " . *
( م ) أنكر جماعة من النحاة مجيء لو مصدرية ، ويقولون لا تكون لو إلا شرطية . ( م )
س2- اذكر أقسام لو الشرطية .
ج2- لو الشرطية قسمان :
1- شرطية امتناعية ، وهي التي تدخل على الماضي . وهذا هو معنى قوله :
" لو حرف شرط في مُضِىًّ " . ولا يليها - غالبا - إلا الفعل الماضي في المعنى ، نحو : لو قرأتَ لنجحتَ ، والمعنى : امتنع النجاح لامتناع القراءة ، فامتنع حصول الجواب لامتناع حصول الشرط ؛ ولذا كانت امتناعيّة .
فإن جاء بعدها مستقبل ( مضارع ) أُوَّلَ بالماضي ، كما في قوله تعالى :
* والتقدير : لو أَطَاعكم .
والمشهور أنها : حرف امتناع لامتناع .
ويرى سيبويه أنها: حرف لما كان سيقع لوقوع غيره ، وهذا المعنى هو الأصح .
2- شرطية غير امتناعيّة ، وهي التي تدخل على الشرط في المستقبل ، وهو استعمالٌ قليل ، وإليه أشار الناظم بقوله : " ويقل إيلاؤها مستقبلا " ، نحو :
لو يشتدُّ الحرُّ في الصيف أسافرُ إلى بلدٍ باردٍ .
وإنْ وليها ماضٍ أُوِّلَ بالمستقبل ، نحوقوله تعالى : * فالماضى (لو تركوا) بمعنى المستقبل ، فهو مؤوّل بالمضارع ، والتقدير : لو يتركون .(1/22)
ومنه قول الشاعر :
وَلَوْ أَنَّ لَيْلَى الأَخْيَلِيَّةَ سَلَّمَتْ عَلَىَّ ودُونى جَنْدَلٌ وصَفَائِحُ
لَسَلَّمْتُ تَسْلِيمَ البَشَاشَةِ أَوْ زَقَا إِلَيْهَا صَدًى مِنْ جَانِبِ الْقَبْرِ صَائِحُ
( أي : لو سلَّمتْ ليلى لسلَّمتُ ) فالماضي ( لو سلَّمَتْ ) معناه المستقبل ، فهو مؤوّل بالمضارع لو تُسلَّمُ .
* س3- لماذا كان رأي سيبويه في معنى لو هو الأصح ؟
ج3- اعلمْ أنّ لو تقتضي امتناع شرطها دائماً ، وأما جوابها فلا يلزم أن يكون ممتنعاً ؛ لأنه قد يكون ثابتا مع امتناع الشرط ، نحو : لو طلعت الشمسُ لظهر النور ، فامتناع طلوع الشمس ليس بلازم أن يمتنع بسببه ظهور النور ، فالنور له أسباب أخرى منها المصباح ؛ ولهذا كان قولهم في معنى لو : حرف امتناع لامتناع ، ليس بصحيح على كل حال ، والصحيح هو قول سيبويه : حرف لما كان سيقع لوقوع غيره ، والمعنى : أنه كان سيقع النور ويظهر لو طلعت الشمس .
اختصاصها
وَهْىَ فى الاخْتِصَاصِ بِالْفِعْلِ كَإِنْ لَكِنَّ لَوْ أَنَّ بِهَا قَدْ تَقْتَرِنْ
س4- بم تختص لو ؟
ج4- تَخْتَصُّ لو بالدخول على الفعل ، وهي بذلك مثل ( إنْ ) الشرطية في دخولها على الفعل ، لكنَّ ( لو ) تختص بالدخول على ( أَنَّ ) واسمها وخبرها ، نحو : لو أنّ زيداً مسافرٌ لسافرتُ . ومنه قوله تعالى : * .
س5- اذكر موضع الخلاف في دخول لو على أنَّ واسمها وخبرها.
ج5- اختلفوا في اختصاصها : هل هي باقية على اختصاصها ، أو زال عنها الاختصاص ؟
فقيل : هي باقية على اختصاصها ( وأنّ واسمها وخبرها ) في محل رفع فاعل بفعل محذوف ، والتقدير في المثال السابق : لو ثَبَتَ أنّ زيداً مسافرٌ لسافرت ،
( أي : لو ثبتَ سفرُ زيدٍ لسافرتُ ) ومنه قوله تعالى : * ... فالضمير ( أنتم ) في محل رفع فاعل لفعل محذوف .(1/23)
وقيل : زالت عن الاختصاص ( وأنّ واسمها وخبرها ) في محل رفع مبتدأ والخبر محذوف ، والتقدير : لو أنّ زيداً مسافرٌ ثابتٌ لسافرت ( أي : لو سَفَرُ زيدٍ ثابتٌ لسافرتُ ) وهذا هو مذهب سيبويه .
... حكم المضارع إنْ وقع بعدها
وَإِنْ مُضَارِعٌ تَلاَهَا صُرِفَا إِلَى الْمُضِىَّ نَحْوُ لَوْ يَفِى كَفَى
س6- ما حكم الفعل المضارع إنْ وقع بعد لو ؟
ج6- عرفنا في س2 أنّ لو الامتناعية لا يليها في الغالب إلا ما كان ماضيا في المعنى ، وذكر الناظم هنا في هذا البيت : أنه إنْ وقع بعدها فعل مضارع فإنها تَقْلِبُ معناه إلى الماضي ، كقوله : لو يفى كفَى ( أي : لو وَفَى كفَى ) ونحو : لو تجتهدون نجحتم ( أي : لو اجتهدتم نجحتم ) وكما في قول الشاعر :
لَو يَسْمَعُونَ كَمَا سَمِعْتُ كَلاَمَهَا .... ، ( أي : لوسَمِعُوا ) .
س7- ما نوع الفعل في جواب لو ؟ وبم يقترن جوابها ؟
ج7- جواب لو : إما فعل ماضٍ مثبت ، أو منفي ؛ أو مضارع منفي بـ (لم ) فإذا كان جوابها مثبتا اقترن باللام كثيراً ، نحو قوله تعالى: * ويجوز حذف اللام ،كما في قوله تعالى: *
وإذا كان منفيا بلم وجب حذف اللام ، كما في الحديث : " نِعْمَ المرءُ صُهَيبٌ لو لم يَخَفِ اللهَ لم يَعْصِه " .
وإذا نفي بـ ( ما ) فالأكثر حذف اللام ، كما في قوله تعالى : * ويجوز اقترانها باللام ، نحو : لو اجتهدتَ لما رسبتَ .
---
أَمَّا ، ولَوْلاَ ، ولَوْمَا
أَوَّلاً : أَمَّا
نوعها ، وحكم جوابها
أمَّا كَمَهْمَا يَكُ مِنْ شَىْءٍ وَفَا لِتِلْوِ تِلْوِهَا وُجُوباً أُلِفَا
س1- ما نوع أمَّا ؟ وبم فسَّرها سيبويه ؟(1/24)
ج1- أمَّا: حرف تفصيل فيه معنى الشرط ؛ ولهذا فسَّرها سيبويه بـ : مهما يك من شيء . وهي تحتاج إلى جواب مقترن بالفاء وجوبا ، نحو قوله تعالى : * ونحوقولك : أمَّا زيدٌ فمنطلق ، والأصل كما فسَّرها سيبويه : مهما يكُ من شيء فزيدٌ منطلقٌ ، فقامت ( أمَّا ) مقام ( مهما يك من شيء ) فصارت : أما فزيدٌ منطلق ، ثم أُخَّرت الفاء إلى الخبر ، فصارت : أما زيدٌ فمنطلق .
س2- ما الذي يُفهم من قوله : " وفا لِتلوِ تلوِها وجوبا أُلِفا " ؟
ج2- يفهم من ذلك : أن جواب أمّا يقترن وجوبا بالفاء ، وأنه لا يتقدّم على الفاء أكثر من اسم واحد ، فلا يجوز قولك : أمّا زيدٌ طعامَه فلا تأكل .
حكم حذف الفاء الواقعة
في جواب أمَّا
وَحَذْفُ ذِى الْفَا قَلَّ فى نَثْرٍ إِذَا لَمْ يَكُ قَوْلٌ مَعَهَا قَدْ نُبِذَا
س3- ما حكم حذف الفاء الواقعة في جواب أمَّا ؟
ج3- يجوز حذف الفاء نثراً ، وشعراً ، فأما النثر فتحذف بكثرة عند حذف القول معها ( أي : إذا كان الجواب قولا محذوفا ،كقَالَ ، يَقُولُ ) وذلك نحو قوله تعالى : * ( أي : فيُقَال لهم : أكفرتم بعد إيمانكم ) .
أمَّا إذا لم يكن الجواب قولا محذوفا فحذف الفاء قليل ، وذلك كقوله - صلى الله عليه وسلم - :
" أمَّا بعدُ ما بالُ رجالٍ يشترطون شروطا ليست في كتاب الله " ، والأصل :
أما بعد فما بال رجال .
وأمّا حذفها في الشعر فضرورة، ومن حذفها قول الشاعر :
فَأَمَّا القِتَالُ لاقِتَالَ لَدَيْكُمُ وَلَكِنَّ سَيْراً فى عِرَاضِ الْمَوَاكِبِ
فحذفت الفاء من جواب أمَّا ( لاقتال ) مع أنّ الكلام ليس فيه قول محذوف ، وذلك للضرورة .
ثانيا : لَوْلاَ ، ولَوْمَا
نوعهما
النوع الأول : حرفا امتناعٍ لوجود
لَوْلاَ وَلَوْمَا يَلْزَمَانِ الابْتِدَا إِذَا امْتِنَاعاً بِوُجُودٍ عَقَدَا
س4- اذكر أنواع لولا ، ولوما .
ج4- لولا ، ولوما نوعان :
1- حرفا امتناعٍ لوجود 2- حرفان للتحضيض .(1/25)
س5- ما المراد بهذاالبيت ؟ اشرح بالتفصيل .
ج5- المراد بقوله : " إذا امتناعا بوجودٍ عقدا " : أنَّ ( لولا ، ولوما ) حرفان دالاَّن على امتناع الشىء لوجود غيره ، ويلزمان حينئذ الابتداء . وهذا هو معنى قوله : " يلزمان الابتدا " فما بعدهما مبتدأ ، والخبر محذوف وجوبا ، تقديره :
( موجود ) ولابدَّ لهما من جواب ، فإن كان الجواب مثبتا اقترن باللام غالبا ، كما في قوله تعالى : * ونحو قولك : لولا زيدٌ لأكرمتك ،ولوما زيدٌ لأكرمتك ، أمَّا إنْ كان الجواب منفيا تجرَّد عن اللام غالبا ،كما في قوله تعالى : * ونحو قولك : لوما زيدٌ ما جاء عمرٌو ، ولولا الامتحانُ ما حضرت .
النوع الثاني : حرفان للتَّحْضِيضِ
وَبِهِمَا التَّحْضِيضَ مِزْ وَهَلاَّ أَلاَّ أَلاَ وَأَوْلِيَنْهَا الِفعْلاَ
س6- إلام أشار الناظم فى هذا البيت ؟
ج6- أشار إلى النوع الثاني لـ ( لولا ، ولوما ) وهو : التَّحْضِيضُ ، ويشاركهما في هذا المعنى الأحرف الآتية ( هَلاَّ ، أَلاَّ ، أَلاَ ) وتختص بالفعل .
فإن قصدْتَ التحضيضَ ( وهو الْحَثُّ على العمل بِشِدَّة ) أو قصدت العَرْضَ
( وهو الطَّلب بِلِينٍ ورِفْقٍ ) كان الفعل بعدها مضارعاً ،كما في قوله تعالى :
* ـ ـ ـ وقوله تعالى : * ـ ـ ـ ونحو قولك : هَلاَّ تجتهدون . وهي في هذه الأمثلة للتحضيض .
أما مثال العَرْضُ ، فنحو قوله تعالى : * ـ ـ ـ ـ ـ ـ
ونحو قولك : لولا تسافرُ معي .
أمَّا إنْ قصدت ( التَّوْبِيخَ ، والتَّنْدِيمَ ) كان الفعل بعدها ماضيا ، نحو قولك لمن رَسَبَ : هَلاَّ اجتهدْتَ ، ونحو قولك لمن سُرِق ماله : لولا حَفِظْتَهُ .
أما قوله تعالى : * ـ ـ ــ ـ ـ ـ ـ ... فهي للتحضيض ؛ لأن الماضي ( نَفَرَ ) معناه المستقبل ( أي : لِيَنْفِرَ ) .
حكم وقوع الاسم بعد أحرف التحضيض
وَقَدْ يَلِيهَا اسْمٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرِ عُلّقَ أَوْ بِظَاهِرٍ مُؤَخَّرِ
س7- ما حكم وقوع الاسم بعد أحرف التحضيض ؟(1/26)
ج7- قد يقع الاسم بعد أحرف التحضيض فيكون الاسم معمولا لفعل مضمر ( محذوف ) أو يكون معمولا لفعل ظاهر مُؤخَّر عن الاسم . فمثال المضمر ، قول الشاعر :
أَلآنَ بَعْدَ لَجَاجَتِى تَلْحُونَنِى هَلاَّ التَّقَدُّمُ والقُلُوبُ صِحَاحُ
الشاهد فيه : هلاَّ التقدُّم ، فقد جاء بعد حرف التحضيض (هلاَّ) اسمٌ مرفوعٌ ، وهو هنا فاعل لفعل محذوف تقديره ( وُجِدَ ) وليس في البيت فعلٌ يدل عليه ،
ولكن سياق الكلام يدلّ عليه . ومنه قول الشاعر :
تَعُدُّونَ عَقْرَ النَّيبِ أَفْضَلَ مَجْدِكُمْ بَنِى ضَوطَرَى لَوْلاَ الكَمِىَّ الْمُقَنَّعَا
فالشاهد : لولا الكمىَّ ، فقد جاء بعد ( لولا ) اسم منصوب ، وهو هنا مفعول لفعل محذوف ، والتقدير : لولا تعدُّون الكمىَّ .
أما مثال الفعل الظاهر المؤخّر ، فنحو قولك : لولا زيداً ضربتَ . فزيدا ً: مفعول مقدَّم لضربتَ .
---
الإخبار بالَّذِى ، والألف واللام
أولا : الإخبارُ بالَّذِي
مَا قِيلَ أَخْبِرْ عَنْهُ بِالَّذِى خَبَرْ عَنِ الَّذِى مُبْتَدأً قَبْلُ اسْتَقَرّْ
وَمَا سِوَاهُمَا فَوَسَّطْهُ صِلَهْ عَائِدُهَا خَلَفُ مُعْطِى التَّكْمِلَهْ
نَحْوُ الَّذِى ضَربْتُهُ زيدٌ ، فَذَا ضَرَبْتُ زَيْداً كَانَ فَادْرِ الْمَأْخَذَا
س1- لماذا وضع النحويون هذا الباب ؟
ج1- هذا الباب وضعه النَّحْوِيُّونَ لامتحان الطالب ، وتدريبه في الأحكام النحوية ،كما وضع الصَّرْفِيُّونَ مسائل التمرين في القواعد الصَّرفيّة .
س2- ما المراد بهذه الأبيات ؟
ج2- أراد الناظم في البيت الأول بيان حقيقة ما يخبر عنه ، فََبَيَّنَ أنه إذا قيل لك : أَخْبِرْ عن اسم من الأسماء بـ ( الذي ) فمعنى ذلك أنْ تجعل ( الذي ) مبتدأ ، وتجعل ذلك الاسم خبراً عن الذي ؛ لأن الباء في قوله : " بالذي " ، بمعنى ( عن ) فكأنه قال : أخبر عن الذي ، وليس المعنى أنْ تجعل ( الذي ) خبراً عن ذلك الاسم .(1/27)
وفي البيت الثاني بّين أنّ ما سوى الذي وخبره اجعله متوسطاً بين الذي وخبره، فيكون صِلَة الذي ، واجعل الضمير العائد على الاسم الموصول ( الذي ) عوضا عن ذلك الاسم الذي جعلته خبراً .
وفي البيت الثالث ذكر مثالا للمسألة ، وهو : الذي ضربته زيدٌ ، وهذا مثال لمن قال لك : أَخْبِرْ عن (زيد) مِن (ضربتُ زيداً) فقولنا : أخبر عن زيد بالذي (أي : اجعل زيداً خبراً ، واجعل الاسم الموصول الذي مبتدأً) فتقول : الذي ضربته زيدٌ . فالذي : مبتدأ ، وزيد : خبره ، وجملة ضربته : صلة الموصول الذي ، والهاء في (ضربته) ضمير عائد على الذي ، وهي (أي : الهاء) خَلَفٌ (عِوَضٌ) عن زيد الذي جعلته خبراً .
مطابقة الموصول للاسم
المخبر عنه به
وَبِاللَّذَيْنِ وَالَّذِينَ وَالَّتِى أَخْبِرْ مُرَاعِياً وِفَاقَ الْمُثْبَتِ
س3- ما حكم الاسم الموصول إذا كان الاسم المخبر عنه مثنى ، أو جمعا ؟
ج3- إذا كان الاسم المخبر عنه بالموصول مثنى ، أو جمعا فلابد من مطابقة الاسم الموصول للاسم المخبر عنه به .
فإذا قيل لك : أخبر عن الزَّيْدَيْنِ ، مِنْ : ضربتُ الزَّيدَينِ ، قلت : اللَّذانِ ضربتهما الزَّيدانِ .
وإذا قيل : أخبر عن الزَّيدِينَ ، مِن : ضربت الزَّيدِينَ ، قلت : الذينَ ضربتُهم الزَّيدُونَ .
وإذا قيل لك : أخبر عن هندٍ ، مِن : ضربت هنداً ، قلت : التي ضربتُها هندٌ .
شروط الاسمِ الْمُخْبَرِ عنه بالذي
قَبُولُ تَأْخِيرٍ وَتَعْرِيفٍ لِمَا أُخْبِرَ عَنْهُ هَهُنَا قَدْ حُتِمَا
كَذَا الْغِنَى عَنْهُ بِأَجْنَبِيًّ أَوْ بِمُضْمَرٍ شَرْطٌ فَرَاعِ مَا رَعَوْا
س4- اذكر شروط الاسم الْمُخْبَرِ عنه بالذى .
ج4- يُشترط في الاسم المخبر عنه بالذي أربعة شروط ، هي :(1/28)
1- أن يكون قابلا للتأخير ، فلا يُخْبَرُ بالذي عن الاسم الذى له صدر الكلام، كأسماء الاستفهام ، والشرط ، وما التعجبيَّة ، وكم الخبريّة ؛ لأن تأخيرها يُخْرِجُها عمَّا لها من وجوب التَّصَدُّر .
2- أن يكون قابلا للتعريف ، فلا يُخبر عن الحال ، والتمييز ؛ لأنهما ملازمان للتنكير ، فلا يصحُّ أنْ تجعلَ الضمير مكانهما ؛ لأن الضمير ملازم للتعريف ، وهما ملازمان للتنكير .
3- أن يكون صالحا للاستغناء عنه بأجنبيّ ، فلا يُخبر عن اسم لا يجوز الاستغناء عنه بأجنبي ، فلا يُخبر عن الضمير الرابط للجملة الواقعة خبراً ،كالهاء في : زيدٌ أكرمتُه . فالهاء رابط للجملة الخبرية بالمبتدأ ( زيد ) فإذا أخبرت عنه
( بالذي ) وقلت : الذي زيدٌ أكرمته ، صار الاسم الموصول بلا عائد ، فإذا قلت : الضمير هو العائد ، بقي الخبر بلا رابط ، وكلاهما لا يصحّ .
ومثل ذلك قولهم في الأمثال : الكلابَ على البقرِ ، فلا يجوز أن تقول : التي هي على البقرِ الكلابُ ؛ لأنّ لفظ ( الكلاب ) هنا لا يُستغنى عنه بأجنبيّ ؛ وذلك لأن الأمثال لا تُغَيَّرُ .
4- أن يكون صالحاً للاستغناء عنه بمضمر ، فلا يُخْبَرُ عن الموصوف وحده دون صفته ،ولا يُخبر عن المضاف وحده دون المضاف إليه ،فلا تُخْبِرُ عن (رجل) وحده دون صفته في نحو : أكرمتُ رجلاً صالحاً ؛ فلا تقول : الذى أكرمتُه صالحاً رجلٌ ؛ لأنك لو أخبرت عنه لوضعتَ مكانه ضميراً ، وحينئذٍ يلزم وَصْف الضمير ، والضمير لا يُوصَفُ ولا يُوصَفُ به .
أما إذا أخبرت عن الموصوف مع صفته جاز ذلك ؛ فتقول : الذى أكرمته رجلٌ صالحٌ .
وكذلك لا تُخبر عن المضاف وحده ، فلا تُخبر عن ( غلام ) وحده دون المضاف إليه في نحو : ضربتُ غلامَ زيدٍ ؛ لأنك تضع مكانه ضميراً ، والضمير لا يُضاف ، أما إذا أخبرت عن المضاف مع المضاف إليه جاز ذلك ؛ فتقول : الذى ضربتُه غلامُ زيدٍ .
ثانيا : الإخبار بالألف واللام
شروطه(1/29)
وَأَخْبَرُوا هُنَا بِأَلْ عَنْ بَعْضِ مَا يَكُونُ فِيهِ الْفِعْلُ قَدْ تَقَدَّمَا
إِنْ صَحَّ صَوْغُ صِلَةٍ مِنْهُ لأَلْ كَصَوْغِ وَاقٍ مِنْ وَقَى اللهُ البَطَلْ
س5- ما نوع أل التي يُخْبَرُ بها ؟ وما شروط الإخبار بها ؟
ج5- نوع ( أل ) التي يُخْبَرُ بها : أل الموصولة .
ويُشترط لجواز الإخبار بـ ( أل ) ثلاثة شروط ، زيادة على ما سبق ذكره في الإخبار بالذي ، وهذه الشروط ، هي :
1- أن يكون المخبر عنه واقعا في جملة فعلية . وهذا هو معنى قوله :
" يكون فيه الفعل قد تقدَّما ".
2- أن يكون ذلك الفعلُ المتَقَدَّمُ مُتَصَرِّفاً .
3- أن يكون مُثْبَتاً. وإلى الشرطين السابقين أشار الناظم بقوله : " إنْ صَحَّ صَوغُ صلةٍ منه لأل "، ومعنى ذلك : أنه لا بُدَّ للإخبار بالألف واللام أنْ يكون الاسم المخبر عنه واقعا في جملة فعلية فعلها متصرف مثبت ؛ لأنَّ الفعل المتصرف المثبت يصحُّ أنْْْْ يصاغ منه صلة الألف واللام ،كاسم الفاعل ، واسم المفعول ؛ وبناءً على هذه الشروط نعلم أنه لا يصح الإخبار بـ ( أل ) عن الاسم الواقع في جملة اسمية ، ولا الاسم الواقع في جملة فعلية فعلها غير متصرَّف ( جامد )
كِنعْمَ ، وبِئْسَ ، ولا الاسم الواقع في جملة فعلية غير مثبتة ( منفية ) لأنه لا يصح أن يُستعمل منها صلة ( أل ) .
ومثَّلَ الناظم لما يصحّ الإخبار عنه بـ ( أل ) بقوله : " كصوغ واقٍ مِنْ وَقَى اللهُ الْبَطَلْ " فالجملة ( وقى اللهُ البطلَ ) جملة فعليه فعلها ( وقى ) متصرف ، ومُثبت فيصاغ منه اسم الفاعل ( وَاقٍ ) فإن أخبرتَ عن الفاعل ( الله ) قلت : الوَاقِي البطلَ اللهُ ، وإنْ أخبرت عن المفعول ( البطل ) قلت : الوَاقِيهِ اللهُ البطلُ ، والتقدير في المثال الأول : الذي وَقَى البطلَ اللهُ ، وفي المثال الثاني : الذي وَقَاه اللهُ البطلُ .
حكم الضمير المرفوع
بصلة أل(1/30)
وَإِنْ يَكُنْ مَا رَفَعَتْ صِلَةُ أَلْ ضَمِيرَ غَيْرِهَا أُبِينَ وَانْفَصَلْ
س6- ما حكم الضمير المرفوع بصلة أل ؟
ج6- الوصف ، وهو اسم الفاعل الواقع صلة ( لأل ) إنْ رَفَعَ ضميراً فهذا الضمير إما أن يكون عائداً على الألف واللام ،أو عائداً على غير الألف واللام . فإن كان عائداً عليها استتر ، وإن كان عائداً على غيرها انْفَصَل ، نحو : بَلَّغْتُ من الزَّيدَينِ إلى العَمْرِينَ رسالةً ، فإنْ أخبرتَ عن التاء في ( بلَّغت ) قلت : الْمُبَلِّغُ من الزَّيدَينِ إلى العَمْرَيْنِ رسالةً أنا . فاسم الفاعل ( المبلَّغ ) وقع صلة لأل ،ورفع ضميراً عائداً على الألف واللام ؛ ولذا وجب استتاره .
وإن أخبرت عن ( الزَّيْدَينِ ) قلت : المبلِّغُ أنا منهما إلى العَمرِينَ رسالةً الزيدانِ . فالضمير المنفصل ( أنا ) فاعل مرفوع بالمبلِّغ ، وليس عائدا على الألف واللام ؛ لأنّ المراد بالألف واللام هنا مُثنى ( الزيدان ) وهو المخبر عنه ؛ ولذا وجب انفصال الضمير فيكون ضميراً بارزاً .
وإنْ أخبرت عن العَمْرِينَ ؛ قلتَ : المبلِّغ أنا من الزَّيْدَينِ إليهم رسالةً العَمْرُونَ ؛ وذلك أيضا بإبراز الضمير ؛ لأنه ليس عائداً على الألف واللام .
وكذلك يجب إبراز الضمير إذا أخبرت عن ( رسالة ) فتقول : المبلِّغُها أنا من الزَّيْدَينِ إلى العَمْرِينَ رسالةٌ .
* س7- وضَّح كيف يُعرف الضمير أنه عائد على أل ، أو عائد على غيرها؟(1/31)
ج7- اعلم أنَّ ( أل ) تكون نفس الخبر ، فإن كان خبرها للمتكلّم فهي للمتكلّم ، وإن كان خبرها لغير المتكلَّم فهي لغير المتكلّم ؛ وبناء على ذلك ، فقولك : المبلِّغ أنا من الزيدَينِ إليهم رسالةً العمرون ( العمرون ) جمع ، وهو خبر لأل ، وبذلك تكون ( أل ) أيضاً جمعاً ؛ لأنها نفس الخبر ؛ ولذلك فإنّ الضمير ( أنا ) لا يمكن أن يكون عائداً على (أل) لأنّ الضمير للمفرد ، و(أل) للجمع ؛ ولذا فهو عائد على الخبر : العَمرون ( أي : عائد على غير أل ) .
---
الْعَدَدُ
حكم الأعداد من ثلاثة إلى عشرة باعتبار التذكير ، والتأنيث
وحكم تمييزها
ثَلاَثَةٌ بِالتَّاءِ قُلْ لِلْعَشَرَهْ فى عَدَّ مَا آحَادُهُ مُذَكَّرَهْ
فى الضَّدَّ جَرَّدْ وَالْمُمَيَّزَ اجْرُرِ جَمْعاً بِلَفْظِ قِلَّةٍ فى الأَكْثَرِ
س1- ما حكم الأعداد من ثلاثة إلى عشرة ؟ وما حكم تمييزها ؟
ج1- الأعداد من 3-10 تخالف المعدود بها ، فإن كان المعدود بها مُذَكَّراً أَدْخَلْتَ ( التاء ) على العدد دلالة على التأنيث ، وإن كان المعدود بها مُؤَنَّثاً حذفتَ ( التاء ) دلالة على التذكير ، نحو: رأيت ثلاثةَ طلابٍ وثلاثَ طالباتٍ . عندي خمسةُ رجالٍ وخمسُ نساءٍ ، اشتريت عشرةَ كُتُبٍ وعشرَ ساعاتٍ .
أما المعدود بها ، وهو التمييز فيكون جمعَ قِلَّةٍ مجروراً بالإضافة ، نحو : الصيفُ ثلاثة أَشْهُرٍ ، في المسجدِ أربعة أَعْمِدَة .
وأوزان جمع القِلَّة أربعة ، هي :(1/32)
أَفْعِلَةٌ ، وأَفْعُلٌ ، وفِعْلَةٌ ، وأَفْعَالٌ . فإن كان للمعدود جمع قِلَّة ، وكَثرة فالأكثر إضافة العدد إلى جمع القِلَّة ، كما في الأمثلة السابقة ، ويقلُّ قولك : الصيف ثلاثة شُهُورٍ . ومنه قوله تعالى : * ـ ـ ـ ـ ـ فأُضيفت ( ثلاثة ) إلى جمع الكثرة مع وجود جمع القِلَّة ،وهو ( أَقْرَاء ) واسْتُعْمِلَ جمع الكثرة في الآية السابقة ؛لأن جمع القِلّة ( أقراء ) قليل الاستعمال. فإن لم يكن للمعدود إلا جمع كثرة تعيَّن إضافته إليه ، نحو : ثلاثة رجالٍ ، ونحو: أربعة كُتُبٍ .
س2- ما الذي يُفهَم من قوله : " ما آحادُه مذكَّره : ؟
ج2- يفهم أنَّ الْمُعْتَبَرَ تذكير الواحد وتأنيثه ، لا تذكير الجمع وتأنيثه ؛ فتقول : ثلاث حقائب ، وأربعة فنادق ، وذلك لأنّ المفرد في المثال الأول مؤنث ، وهو
( حقيبة ) وفي الثاني المفرد مذكّر ، وهو ( فُنْدُق ) ومنه قوله تعالى : *ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ فسبع : مذكَّر ، وثمانية : مؤنَّث ؛ ذلك لأن مفرد ليالٍ : ليلة ، ومفرد أيَّام : يوم .
إذاً فالذي يُعْتَدُّ به هو المفرد لا الجمع .
حكم العددان مائة ، وألف باعتبار التذكير ، والتأنيث
وحكم تمييزها
وَمِائَةً وَالأَلْفَ لِلْفَرْدِ أَضِفْ وَمِائَةٌ بِالْجَمْعِ نَزْراً قَدْ رُدِفْ
س3- ما حكم العددان مائة ، وألف باعتبار التذكير والتأنيث ؟ وما حكم تمييزهما ؟
ج3- العددان مائة ، وألف يبقيان على لفظهما ، لا يتغيران مع المعدود بهما سواء كان مذكراً ، أم مؤنثاً ؛ تقول : في الفصلِ مائةُ طالبٍ ومائةُ طالبةٍ . وتقول : وَصَلَ مكةَ ألفُ حاجًّ وألفُ حَاجَّةٍ . أما تمييزهما فهومفرد مجرور بالإضافة ، كما في الأمثلة السابقة .
وورد إضافة ( مائة ) إلى الجمع قليلا - وهذا هو معنى قوله : " ومائة بالجمع نزراً قد رُدِفْ "، ومثال ذلك قراءة حمزة ، والكسائي : * ـ ـ ـ ـ ـ ـ بإضافة مائة إلى سنين ( مائةِ سنينَ ) .
والخلاصة : أنَّ العدد المضاف على قسمين :(1/33)
1- ما لا يُضاف إلاّ إلى جمع ، وهو الأعداد من 3 إلى 10 .
2- ما لا يُضاف إلاّ إلى مفرد ، وهو : مائة وألف ، وتثنيتهما ؛ تقول :
مائتا كتابٍ ، وألفا رَجلٍ . وأما إضافة مائة إلى الجمع فقليل .
أحكام العدد المركَّب باعتبار التذكير ، والتأنيث
واللغات في شِينِ عَشْرَة
وَأَحَدَ اذْكُرْ وَصِلَنْهُ بِعَشَرْ مُرَكَّباً قَاصِدَ مَعْدُودٍ ذَكَرْ
وَقُلْ لَدَى التَّأْنِيثِ إِحْدَى عَشْرَهْ وَالشَّينُ فِيهَا عَنْ تمَِيمٍ كَسْرَهْ
وَمَعَ غَيْرِ أَحَدٍ وَإِحْدَى مَامَعْهُمَا فَعَلْتَ فَافْعَلْ قَصْدَا
وَلِثَلاَثَةٍ وَتِسْعَةٍ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ رُكِّبَا مَا قُدَّمَا
س4- اذكر أحكام العدد المركَّب .
ج4- العدد المركَّب قسمان ، هما :
1- العددان : 11- 12 حكمهما : يطابقان المعدود بهما في التذكير ، والتأنيث ؛ تقول : نجح أحدَ عَشَرَ طالباً وإحدى عَشْرةَ طالبةً ، سافر اثنا عشَرَ رجلاً واثنتا عَشْرَةَ امرأةً . وقد أشار الناظم إلى ( أحدَ عشرَ ) في البيتين الأول ، والثاني - وسيأتي بيان ( اثني عشر ) في الأبيات التالية لِهذه الأبيات - وأشار أيضاً إلى أنَّ بني تميم يكسرون حرف الشّين في التأنيث ؛ فيقولون ( عَشِرَة ) والأفصح التسكين وهو لغة الحجاز، وبعضهم يفتحها .
2- الأعداد من 13 إلى 19 حكمها : يخالف جزؤها الأول ،وهو مِنْ (3- 9) المعدود ، أما جزؤها الثاني ( 10 ) فَيُطابق المعدود ؛ تقول : نجح ثلاثةَ عَشَر طالباً وثلاث عَشْرة طالبةً ، سافر خمسة عشر رجلاً وخمس عشْرةَ امرأةً .(1/34)
وهذا هو ما أشار إليه في البيتين الأخيرين ؛ فقوله : "ومع غير أحد وإحدى ما معهما فعلت فافعل قَصْدا " ( أي : افعلْ في العشرة ما فعلته مع (11و 12) من التذكير مع المذكر ، والتأنيث مع المؤنث ) وفي البيت الأخير ذكر أنّ لثلاثة وتسعة وما بينهما من الأعداد " إن رُكَّبا ما قُدَّما " ( أي : لها الحكم الذي تقدّم ذكره في الإفراد ، وهو مخالفة المعدود في التذكير ، والتأنيث ) .
حكم العدد المركَّب ( 12 ) باعتبار التذكير ، والتأنيث
وحكم الأعداد المركَّبة باعتبار الإعراب ، والبناء
وَأَوْلِ عَشْرَةَ اثْنَتَىْ وَعَشَرَا اثْنَىْ إِذَا أُنْثَى تَشَا أَوْ ذَكَرَا
وَالْيَا لِغَيْرِ الرَّفْعِ وَارْفَعْ بِالأَلِفْ وَالْفَتْحُ فى جُزْأَيْ سِوَاهُمَا أُلِفْ
س5- ما حكم العدد المركَّب اثني عشر ؟
ج5- سبق الإشارة إلى حكمه في س4 ، وهو : أنه يطابق المعدود في التذكير ، والتأنيث ؛ فتقول : جاء اثْنَا عَشَرَ طالباً ، وجاءت اثْنَتَا عَشْرَةَ طالبةً .
س6- ما الحكم الإعرابي للأعداد المركَّبة ؟
ج6- الأعداد المركبة حكمها : البناء ، فهي مبنية على فتح الجزأين ؛ تقول :
جاءني أحدَ عشرَ طالباً ، ورأيت ثلاثَ عشرةَ طالبةً ، وذهبت إلى خمسةَ عشرَ رجلاً . فالأعداد المركَّبة كُلُّها مبنيّة على الفتح صَدْرُها ، وعَجُزُها ؛ يُستثنى من ذلك ( اثنا عشر ، واثنتا عشرة ) فإن صدرهما ( اثنا ، واثنتا ) يعرب إعراب المثنى ، رفعا بالألف ، ونصبا وجرًّا بالياء ، وأما عجزهما فيُبنى على الفتح ؛ فتقول : جاء اثنا عشرَ رجلا واثنتا عشرةَ امرأة ً، ورأيتُ اثني عشرَ رجلاً واثنتي عشرةَ امرأة ، ومررت باثنى عشرَ رجلا واثنتي عشرةَ امرأةً .
حكم ألفاظ العقود باعتبار التذكير ، والتأنيث
وحكم تمييزها
وَمَيَّزِ الْعِشْرِينَ لِلتَّسْعِينَا بِوَاحِدٍ كَأَرْبَعِينَ حِينَا
س7- ما حكم ألفاظ العقود ؟ وما حكم تمييزها ؟(1/35)
ج7- ألفاظ العقود - وهي الأعداد المفردة مِنْ : عشرين ... حتى تسعين - تكون بلفظ واحد للمذكر ، والمؤنث .
وتمييزها لا يأتي إلا مفرداً منصوباً ، نحو : في الفصل ثلاثون طالباً ، في المدرسة خمسون طالبةً ، جاء سبعون رجلاً وثمانون امرأةً .
وتكون ألفاظ العقود معطوفة إذا ذُكِرَ قبلها النَّيَّف ، وهو الأعداد من (3 - 9) تقول : جاءني ثلاثة وعشرون رجلاً وثلاث وعشرون امرأة ، نجح واحد وعشرون طالباً وإحدى وعشرون طالبةً .
ويتلخّص مِنْ كُلِّ ما سبق أن أسماء العدد أربعة أقسام : مضافة ، ومركَّبة ، ومفردة ، ومعطوفة .
حكم تمييز العدد المركّب
ومَيَّزُوا مُرَكَّباً بِمِثْلِ مَا مُيَّزَ عِشْرُونَ فَسَوَّيَنْهُمَا
س8- ما حكم تمييز العدد المركَّب ؟
ج8- تمييز العدد المركّب ، كتمييز ألفاظ العقود يكون مفرداً منصوباً ، نحو :
جاء أحدَ عشَرَ رجلاً وإحدى عشرةَ امرأةً ، نجح ثلاثةَ عشرَ طالباً وأربعَ عشرةَ طالبةً .
حكم إضافة العدد المركب إلى غير تمييزه
وبيان حكمه الإعرابي
وَإِنْ أُضِيفَ عَدَدٌ مُرَكَّبٌ يَبْقَ الْبِنَا وَعَجُزٌ قَدْ يُعْرَبُ
س9- ما حكم إضافة العدد المركب إلى غير تمييزه ؟
ج9- يجوز إضافة العدد المركب إلى غير تمييزه ؛ تقول : هذه خمسةَ عَشَرَكَ ، وأحدَ عشرَ زيدٍ . فـ ( كاف المخاطب ، وزيد ) مضاف إليه ، وهما ليسا التمييز . ويُستثنى من ذلك ( اثنا عشر ) فإنه لا يُضاف ؛ فلا يُقال: اثنا عَشَرَك؛ لأن ( عشر ) فيها بمنزلة النون من المثنى ، وهذه النون لا تجتمع مع الإضافة .
( م ) واعلم أنك إذا أضفت العدد إلى غير تمييزه وجب ألاَّ تَذْكُرَ التمييز بعد ذلك أصلا . ( م )
س10- ما الحكم الإعرابي للعدد المركَّب المضاف إلى غير تمييزه ؟
ج10- له ثلاثة أحكام ، هي :
1- بَقَاءُ البِنَاءِ بفتح الجزأين ؛ تقول : هذه خمسةَ عشرَك ، ومررت بخمسةَ عشرَك . وهذا معنى قوله " يبقَ البنا " وهو الأكثر . وهو رأي البصريين .(1/36)
2- بقاء الصدر على البناء ، وإعراب العَجُز على أنه مضاف إليه ؛ تقول : هذه خمسةَ عشرِك ، ومررت بخمسةَ عشرِك . وهذا معنى قوله : " وعَجُز قد يُعرب ".
3- إعراب الصدر بحسب العوامل ، ثم يُضاف الصدر إلى العَجُز .
وقد جوَّز ذلك الكوفيون ، ورفضه البصريون ؛ تقول : زارني خمسةُ عشرِك ، باعتبار ( خمسة ) فاعل وهو مضاف ، وعشرِ : مضاف إليه مجرور .
( م ) س11- هل تختصّ الإضافة إلى غير التمييز بالعدد المركَّب فقط ؟
ج11- العدد مطلقا قد يضاف إلى غير تمييزه سواء أكان مفرداً ، نحو : ثلاثةُ زيدٍ ، وثلاثتنا ، ونحو : عشروك ، وعشرو زيدٍ ، أم كان مركبا ما عدا ( اثنى عشر ) كما علمت في س9 .
صِياغة العدد مِنْ 2- 10 على وزن فَاعِل
وَصُغْ مِنَ اثْنَيْنِ فَمَا فَوْقُ إِلَى عَشَرَةٍ كَفَاعِلٍ مِنْ فَعَلاَ
وَاخْتِمْهُ فى التَّأْنِيثِ بِالتَّا وَمَتَى ذَكَّرْتَ فاذْكُرْ فَاعِلاً بِغَيْرِ تَا
س12- هل يصاغ العدد على وزن فاعل ؟ وضَّح ما تقول ؟
ج12- نعم . يُصاغ العدد من اثنين إلى عشرة على وزن ( فَاعِل ) كما يُصَاغ اسم الفاعل من ( فَعَلَ ) فكما تقول : ضاربٌ من الفعل ضَرَبَ ؛ تقول أيضا في العدد : ثانٍ ، وثَالِث ، ورَابِع ... إلى عَاشِر ، بلا تاء في التذكير ، وبتاء في
التأنيث : ثانِية ، وثَالِثة ، ورابعة ... إلى عَاشِرة . أمَّا وَاحِد فهو اسم وُضِعَ على فَاعِل من أوّل الأمر .
حَالاَتُ فَاعِل المصوغ من العدد
وأحكام كلَّ حَالَة
وَإِنْ تُرِدْ بَعْضَ الَّذِى مِنْهُ بُنِى تُضِفْ إِلَيْهِ مِثْلَ بَعْضٍ بَيَّنِ
وَإِنْ تُرِدْ جَعْلَ الأَقَلِّ مِثْلَ مَا فَوْقُ فَحُكْمَ جَاعِلٍ لَهُ احْكُمَا
س13- اذكر الحالات التي يُستعمل فيها فاعل المصوغ من العدد ، وماحكم كل حالة ؟
ج13- لفاعل المصوغ من العدد حالتان :(1/37)
1- أن يكون مفرداً ؛ فيُقال : ثانٍ ، وثانية ، وثالث ، وثالثة . ويكون معناه : الاتَّصاف بالعدد فقط ، نحو : سأزورك في الساعةِ الثانيةِ ، ونحو : افتح الصفحةَ الخامسةَ .
2- أن يكون غير مفرد ، وفي هذه الحالة ، له استعمالان :
أ- أن يُستعمل مع ما اشتق منه ( أي : إنه واحد مما اشْتُقَّ منه وبعضٌ منه ) . والحكم هنا : أنه يجب إضافةُ فاعلٍ إلى ما بعده ( أي: إضافته إلى ما اشتُق منه )
فتقول: ثانِى اثنين ، وثالث ثلاثة ، ورابع أربعة ؛ وتقول في المؤنث: ثانية اثنتين، وثالثة ثلاثٍ ، ورابعة أربعٍ ... وهكذا إلى عاشرة عَشْرٍ . ومنه قوله تعالى :
* ـ ـ ـ ـ ـ ـ وقوله تعالى :
*ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ والمعنى : أحد اثنين ، وأحد ثلاثةٍ . وهذا هو مراده بالبيت الأول .
ب- أن يُستعمل مع ما قَبْلَ ما اشتقّ منه ( أي : إنه يجعل ما هو أقلّ عددٍ مُساويا الأكثر ) والحكم هنا : يجوز وجهان :
الوجه الأول : إضافة فاعلٍ إلى ما بعده ؛ فتقول: ثالثُ اثنين ، ورابعُ ثلاثةٍ ، وعاشرُ تسعةٍ ؛ وفي التأنيث : ثالثةُ اثنتين ، ورابعةُ ثلاثٍ ، وعاشرةُ تسعٍ .
الوجه الثاني : تنوين فاعلٍ ونصب مابعده ؛ فتقول : ثالثٌ اثنين ، ورابعٌ ثلاثةً ، وعاشرٌ تسعةً ؛ وتقول في التأنيث : ثالثةٌ اثنتين ، ورابعةٌ ثلاثاً ، وعاشرةٌ تسعاً .
ومعنى ( ثالث اثنين ) أنه جاعل الاثنين بنفسه ثلاثة .
ومعنى ( رابع ثلاثة ) أنه جاعل الثلاثة بنفسه أربعة ... وهكذا .
وهذان الوجهان هو مراده بالبيت الثاني ( أي : إذا أردت بالعدد المصوغ من فاعل جَعْلَ ما هو أقلُّ عدداَ مساوياً ما فوقه فاحْكم له بحكم اسم الفاعل مِن جواز إضافته إلى مفعوله ، وتنوينه ، ونصبه ) وأشار إلى اسم الفاعل ، بقوله :
( جَاعِل ) .
أحكام صياغة فاعل من العدد المركّب
وَإِنْ أَرَدْتَ مِثْلَ ثَانِى اثْنَيْنِ مُرَكَّباً فَجِئْ بِتَرْكِيبَيْنِ
أَوْ فَاعِلاً بِحَالَتَيْهِ أَضِفِ إِلَى مُرَكَّبٍ بِمَا تَنْوِى يَفِى(1/38)
وَشَاعَ الاسْتِغْنَا بِحَادِى عَشَرَا وَنَحْوِهِ وَقَبْلَ عِشْرِينَ اذْكُرَا
وَبَابِهِ الْفَاعِلَ مِنْ لَفْظِ العَدَدْ بِحَالَتَيْهِ قَبْلَ وَاوٍ يُعْتَمَدْ
س14- اذكر أحكام صياغة فاعل من العدد المركّب .
ج14- سبق أنه يُبنى فاعل من اسم العدد على وجهين ؛ أحدهما : أن يكون مراداً به بعض ما اشتقّ منه ، نحو : ثاني اثنين ، وثانيهما : أنْ يُراد به جَعْل الأقل مساويا ما فوقه ، نحو : ثالث اثنين .
وذكر الناظم هنا أنه إذا أُريد بناء فاعل من العدد المركب للدلالة على المعنى الأول – وهو أنه بعض ما اشتقّ منه - فحكمه : يجوز فيه ثلاثة أوجه :
1- أن تجىءَ بتركيبين ، صدر التركيب الأول ( فاعل ، أو فاعلة ) وعجزه (عشر ، أو عشرة) والتركيب الثاني ، هو : العدد المركّب ، نحو : أحد عشر ، إحدى عشرة ، اثنتا عشرة ، ... وهكذا ، وتكون الكلمات الأربع مبنيّة على الفتح ؛ فتقول في التذكير : ثالثَ عشرَ ثلاثةَ عشرَ ، وهكذا إلى : تاسعَ عشرَ تسعةَ عشرَ ؛ وتقول في التأنيث : ثالثةَ عشرةَ ثلاثَ عشرةَ ، وهكذا إلى : تاسعةَ عشرةَ تسعَ عشرةَ . وهذا ما أشار إليه في البيت الأول .
2- أن تكتفي بصدر التركيب الأول ، وهو ( فاعل ، أو فاعلة ) وتحذف عجزه ( عشر ، أو عشرة ) ويُضاف الصدر إلى التركيب الثاني ، وهو العدد المركّب ؛ فتقول : هذا ثالثُ ثلاثةَ عشرَ ، وهذه ثالثةُ ثلاثَ عشرةَ ؛ فيعربُ
( ثالث ) بحسب العوامل ، وهو مضاف ، والتركيب مضاف إليه مبني على فتح الجزأين . وهذا ما أشار إليه في البيت الثاني . والمراد بقوله : بحالتيه ( أي : التذكير ، والتأنيث ) .
3- أن تكتفي بالتركيب الأول فقط ، ويبقى على بناء الجزأين ، نحو : هذا ثالثَ عشرَ ، وهذه ثالثةَ عشرةَ . وهذا ما أشار إليه بقوله : " وشاع الاستغنا بحادى عشرا ونحوه ".(1/39)
ولا يُستعمل فاعل من العدد المركب للدلالة على المعنى الثاني ، وهو : أنْ يُراد به جعل الأقل مساويا ما فوقه ؛ ولذلك لم يذكره الناظم . وهذا ما ذهب إليه الكوفيون ، وأكثر البصريين .
س15- إلام أشار الناظم بقوله : " وقبل عشرين ... إلى قوله : يُعتمد " ؟
ج15- أشار إلى أنّ : فاعل المصوغ من العدد يُستعمل قبل العقود فتكون العقود معطوفة عليه ، وذلك في حالتي التذكير ، والتأنيث ؛ فتقول : الحادي والعشرون ، والحادية والعشرون ،...وهكذا إلى : التاسعِ والتسعين . وهذا معنى قوله : " وبابه " ( أي من العشرين إلى التسعين ) وأما قوله : " واو يُعتمد " فهو يُشير إلى العطف بينهما بحرف العطف ( الواو ) ولا يجوز حذف الواو ؛ فلا يُقال : حادي عشرين .
كِنَايَاتُ العَدَدِ
أولا : كَمْ الاسْتِفْهَامِيَّةُ
حكم تمييزها
مَيَّزْ فى الاسْتِفْهَامِ كَمْ بِمِثْلِ مَا مَيَّزْتَ عِشْرِينَ كَكَمْ شَخْصاً سَمَا
وَأَجِزْ أَنْ تَجُرَّهُ مِنْ مُضْمَرَا إِنْ وَلِيَتْ كَمْ حَرْفَ جَرًّ مُظْهَرَا
س16- ما نوع كم الاستفهامية ؟ وما حكم تمييزها ؟
ج16- كم الاستفهامية : اسم ، والدليل على ذلك دخول حرف الجر عليها ، نحو : بكم ريالٍ اشتريت القلم ؟ ومنه قولهم : على كمْ جِذْعٍ سَقَفْتَ بيتَك ؟ وهي اسم لعددٍ مُبهم ، ولابدَّ لها من تمييز ، وتمييزها كتمييز عشرين يكون : مفرداً منصوباً ، ويجوز جرّه بـ ( مِنْ ) مضمرة ، وذلك إذا سُبقت كم بحرف جر ، نحو : بكم ريالٍ اشتريت هذا ؟ والتقدير : بكم مِنْ ريالٍ ، كما يجوز النصب : بكم ريالا ؟ فإن لم يدخل على كم حرف جر وجب نصب التمييز ، نحو : كم يوماً صُمْتَ ؟ وقد يحذف التمييز إذا دلّ عليه دليل ، نحو :
كم صُمت ؟ ( أي : كم يوماً صُمت ؟ ) ونحو : كم ثمنُ هذا ؟ ( أي : كم ريالا ثمنه ؟ ) .
ثانيا : كم الْخَبَرِيَّةُ ، وكَأَىًّ ، وكَذَا
دلالاتها ، وحكم تمييزها(1/40)
وَاسْتَعْمِلَنْهَا مُخْبِراً كَعَشَرَهْ أَوْ مِائَةٍ كَكَمْ رِجَالٍ أَوْ مَرَهْ
كَكَمْ كَأَىًّ وَكَذَا وَيَنْتَصِبْ تَمْيِيزُ ذَيْنِ أَوْ بِهِ صِلْ مِنْ تُصِبْ
س17- علام تدلّ كم الخبرية ، وكأيًّ ، وكذا ؟ وما حكم تمييزها ؟
ج17- تستعمل كم الخبرية : للدلالة على التكثير ( أي : تكثير عَددٍ مُبهم الجنس والمقدار ) ومثلها في الدلالة على التكثير : كأيًّ ، وكذا .
وتمييز ( كم ) الخبرية يكون جمعاً مجروراً بالإضافة مثل تمييز ( العشرة ) أو يكون مفرداً مجروراً بالإضافة كتمييز ( مائة ) تقول : كم بيوتٍ ملكتَ ، وكم ريالٍ أنفقت ، والمعنى : كثيراً مِن البيوت ملكتَ ، وكثيراً من الريالات أنفقتَ .
ويجوز جرُّ تمييزها بـ ( مِنْ ) كما في قوله تعالى : * .
أما تمييز (كأيّ ) فالأكثر جرُّه بـ ( مِنْ ) ويجوز نصبه .
فمثال جرّه قوله تعالى : * وقوله تعالى : * ومثال نصبه : كأيًّ رجلاً رأيتَ .
وأمَّا تمييز ( كذا ) فالأرجح نصبه ، ويجوز جرّه قليلا بالإضافة ، أو بـ ( منْ ) مُضمرة . فمثال النصب: رأيت كذا رجلاً ، ومثال الجر: في المصنع كذا عاملٍ.
وتُستعمل كذا مفردة - كما في المثالين السابقين - وتستعمل مركّبة ، نحو : ملكتُ كذا كذا ريالاً ( وذلك كناية عن أحد عشر إلى تسعة عشر ) وتُستعمل معطوفا عليها ، نحو : عندى كذا وكذا درهماً ( وذلك كناية عن واحد وعشرين إلى تسعة وتسعين ) .
ولا تأتي ( كذا ) في صدر الكلام ، أَمَّا ( كم ) بنوعيها ، وكأيًّ فلها صدر الكلام ؛ فلا تقول : ضربت كم رجلا ، ولا تقول : رأيت كأي رجلاً .
* س18- ما أوجه الاتَّفاق والاختلاف بين كم الاستفهامية ، وكم الخبريّة ؟
ج18- يتَّفقان في أمور ، هي :
1- أنهما كنايتان عن عدد مبهم . 2- مبنيتان على السكون .
3- ملازمتان للصدارة ، فلا يعمل فيهما ما قبلهما إلا المضاف ، وحرف الجر .
ويختلفان في أمور ، هي :(1/41)
1- أن تمييز الاستفهامية مفرد منصوب ، وقد يجرّ بـ ( مِنْ ) مقدّرة إذا جُرَّت ( كم ) بحرف جر ، أما الخبرية فتمييزها جمع مجرور ، أو مفرد مجرور ، ولا يدخل عليها حرف جر .
2- الاستفهامية تدل على الطَّلب ، وتحتاج إلى جواب ، أما الخبرية فتدلّ على الإخبار عن عدد كثير ، ولا تحتاج إلى جواب .
3- الاستفهامية لا تحتمل التصديق والتكذيب ، أما الخبرية فتحتمل التصديق والتكذيب .
---
الحِكَايَةُ
أحكام حكاية النَّكرة بأَيًّ ، وبِمَنْ
في الوَقْفِ ، والوَصْلِ
احْكِ بِأَىًّ مَا لِِمَنْكُورٍ سُئِلْ عَنْهُ بِهَا فى الوَقْفِ أَوْحِينَ تَصِلْ
وَوَقْفاً احْكِ مَا لِمَنْكُورٍ بِمَنْ وَالنُّونَ حَرَّكْ مُطْلَقاً وَأَشْبِعَنْ
وَقُلْ مَنَانِ ومَنَيْنِ بَعْدَ لِى إِلْفَانِ بِابْنَيْنِ وَسَكَّنْ تَعْدِلِ
وقُلْ لِمَنْ قالَ أَتَتْ بِنْتٌ مَنَهْ وَالنُّونُ قَبْلَ تَا الْمُثَنَّى مُسْكَنَهْ
وَالْفَتْحُ نَزْرٌ وَصِلِ التَّا وَالأَلِفْ بِمَنْ بِإِثْرِ ذَا بِنِسْوَةٍ كَلِفْ
وَقُلْ مَنُونَ ومَنِينَ مُسْكِناً إِنْ قِيلَ جَا قَوْمٌ لِقَومٍ فُطَنَا
وَإِنْ تَصِلْ فَلَفْظُ مَنْ لا يَخْتَلِفْ وَنَادِرٌ مَنُونَ فى نَظْمٍ عُرِفْ
* س1- عرَّف الحكاية ، واذكر أقسامها .
ج1- الحكاية ، هي : إيراد اللفظ المسموع على هيئته نفسها ، أو إيراد صفته، أو معناه . وتنقسم الحكاية إلى قسمين :
1- حِكَاية جُمْلَةٍ ، كما في قوله تعالى : * فالحمد لله : جملةٌ مَحْكِيَّةٌ .
2- حِكاية مُفْرَدٍ - وهي التي نتناولها في هذا الباب - وتكون بأداة الاستفهام
( أيّ ، أو مَنْ ) وبهما تُحْكَى النكرة .
س2- اذكر أحكام حكاية النكرة بأيّ ، وبِمَنْ في الوقف ، والوصل .
ج2- أولا : حكاية النكرة بـ ( أيّ ) :(1/42)
إنْ سُئل بأيّ عن نكرة مذكورة في كلام سابق حُكِيَ في ( أيّ ) ما للنكرة من إعراب ؛ وتذكير ، وتأنيث ؛ وإفراد ، وتثنية ، وجمع ، وذلك في الوقف ، والوصل ؛ فتقول لِمَنْ قال : جاءني رجلٌ ( أَيٌّ ) ولمن قال: رأيت رجلا ( أَيًّا ) ولمن قال : مررت برجلٍ ( أَيًّ ) ولمن قال : جاءني رجلان ( أَيَّانِ ) وكذلك تفعل في المثنى المؤنث ، وفي الجمع المذكر والمؤنث ؛ فتقول في حالة الرفع :
( أَيَّتَانِ ، وأَيُّونَ ، وأَيَّاتٌ ) وفي النصب ، والجر ( أَيَّتَيْنِ ، وأَيَّيْنَ وأَيَّاتٍ ) .
ثانيا : حكاية النكرة بـ ( مَنْ ) :
إنْ سُئل عن النكرة بمَنْ فإنه يُحْكى في ( مَنْ ) ما للنكرة من إعراب ، وتذكير ، وتأنيث ؛ وإفراد ، وتثنية ، وجمع ، وتُشْبَعُ الحركة التي على النون فَيَتَوَلَّدُ منها حرفٌ مُجَانِسٌ لها فيتولَّد ( الواو ) في حالة الرفع ، و ( الألف ) في المفرد في حالة النصب ، و (الياء) في حالة الجر ، ولا يُفْعَل ذلك بـ ( مَنْ ) إلا في الوقف ؛ فتقول لمن قال : جاءني رجلٌ ( مَنُو ) ولمن قال : رأيت رجلاً ( مَنَا ) ولمن قال : مررت برجلٍ ( مَنِي ) وتقول في تثنية المذكَّر ( مَنَانْ ) في حالة الرفع ( ومَنَيْنْ ) في حالتي النصب ، والجر ( وتُسكَّن النون فيهما ) وتقول للمؤنثة المفردة ( مَنَهْ ) رفعاً ، ونصبا ، وجرًّا .
فإذا قِيل : أَتَتْ بِنْتٌ ، فقل ( مَنَهْ ) رفعا ، ونصبا ، وجرًّا .
وتقول في تثنية المؤنث ( مَنْتَانْ ) رفعاً ، و( مَنْتَيْنْ ) نصباً ، وجرّاً ( بسكون النون التي قبل التاء ، وسكون نون المثنى ) .
وقد ورد قليلا فتح النون التي قبل التاء ، نحو : ( مَنَتَانْ ، ومَنَتَيْنْ ) وإليه أشار بقوله : " والفتح نَزْر ".
وتقول في جمع المؤنث: مَنَاتْ ( بالألف والتاء الزائدتين ) فإذا قيل: جاء نِسْوَةٌ ، فقُلَ ( مَنَاتْ ) رفعا ، ونصبا ، وجرّا ، ومثله قول الناظم : " ذا بِنسوةٍ كَلِف "، فقُلْ أيضاً ( مَنَاتْ ) .(1/43)
وتقول في جمع المذكر ( مَنُونْ ) رفعاً ، و( مَنِينْ ) نصبا ، وجرّا ( بسكون النون فيهما ) فإذا قيل : جاء قومٌ ، فقلْ ( مَنُونْ ) وإذا قيل : رأيت قوماً ، أو مررت بقومِ ، فقل ( مَنِينْ ) .
هذا حكم ( مَنْ ) إذا حُكِي بها في الوقف ، فإذا وُصِلَتْ لم يُحْكَ فيها شىء من ذلك ، وتكون بلفظ واحد في جميع ما سبق ؛ فتقول : مَنْ يا فَتَى ؟ في الأحوال كلَّها . وهذا هو معنى قوله : " وإنْ تَصِل فلفظ مَنْ لا يختلف ".
وإذا ورد في الشعر إلحاق الواو ، والنون بـ ( مَنْ ) في الوصل فهو شاذٌّ . وهذا هو معنى قوله : " ونادرٌ مَنُونَ في نظم عُرِ ف " .
س3- قال الشاعر :
أَتَوْا نَارِى فَقُلْتُ مَنُونَ أَنْتُمْ فَقَالُوا الجِنُّ قُلْتُ عِمُوا ظَلاَمَا
عيّن الشاهد : وما وجه الاستشهاد ؟
ج3- الشاهد : قوله : منونَ أنتم ؟.
وجه الاستشهاد : ألحق الشاعر (الواو ، والنون) في مَنُون ، وذلك في حالة الوصل ، وهذا شاذ ، والقياس : مَنْ أنتم ؟
أحكام حكاية العَلَم بـ ( مَنْ )
وَالْعَلَمَ احْكِيَنَّهُ مِنْ بَعْدِ مَنْ إِنْ عَرِيَتْ مِنْ عَاطِفٍ بِهَا اقْتَرَنْ
س4- اذكر أحكام حكاية العلم بمَنْ .(1/44)
ج4- يجوز أنْ يُحْكى العلم بـ ( مَنْ ) إنْ لم يتقدّم عليها عاطف ؛ فتقول لمن قال : جاءني زيدٌ : مَنْ زيدٌ ؟ ولمن قال : رأيت زيداً : مَنْ زيداً ؟ ولمن قال : مررت بزيدٍ : مَنْ زيدٍ ؟ فَتَحْكِى في العلم المذكور بعد ( مَنْ ) ما لِلْعَلَمِ المذكور في الكلام السابق من الإعراب ،وذلك على اعتبار أنّ ( مَنْ ) في محل رفع مبتدأ، والعلم الذى بعدها : خبرٌ عنها مرفوع بضمة مقدّرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الحكاية ، ويجوز أن تكون ( مَن ) خبر مقدّم ، والعلم الذي بعدها : مبتدأ مُؤخر ، هذا إذا لم يتقدّم على ( مَنْ ) عاطف ، فإذا تقدّم عليها عاطف امتنعتْ الحكاية ، ووجب رفع العلم في جميع الأحوال على أنه خبرٌ عن ( مَنْ ) أو مبتدأ مُؤخر ، خبره ( مَن ) مقدّم ؛ فتقول لمن قال : جاء زيدٌ ، أو قال : رأيت زيداً ، أو قال : مررت بزيدٍ ؛ تقول : ومَنْ زيدٌ .
ولا يُحكى من المعارف إلا العلم ؛ فلا تقول لِمَنْ قال : رأيتُ غلامَ زيدٍ : مَنْ غلامَ زيدٍ ، بنصب ( غلام ) بل يجب رفعه في جميع الأحوال ؛ فتقول : مَنْ غلامُ زيدٍ ؛ لأنَّ ( غلام ) ليس بعلم .
* س5- ما الفرق بين أيّ ، ومَنْ في باب الحكاية ؟
ج5- الفرق بينهما من عدّة وجوه :
1- مَنْ تختصّ بحكاية العاقل ، وأيّ عامّة في العاقل وغيره .
2- مَنْ تختصّ بالوقف ، وأيّ عامّة في الوقف والوصل .
3- مَنْ يجب فيها الإشباع ، فيقال ( مَنُو ، ومَنَا ، ومَنِى ) وأيّ لا إشباع فيها .
4- مَنْ يُحْكَى بها النكرة ، ويُحْكَى بعدها العلم ، وأيّ تختصّ بالنكرة .
---
التَّأْنِيثُ
علاماته الظَّاهرة ، والمقدَّرة
عَلاَمَةُ التَّأْنِيثِ تَاءٌ أَوْ أَلِفْ وَفى أَسَامٍ قَدَّرُوا التَّا كَالْكَتِفْ
وَيُعْرَفُ التَّقْدِيرُ بِالضَّمِيرِ وَنَحْوِهِ كَالرَّدَّ في التَّصْغِيرِ
س1- ما الأصل في الاسم التذكير ، أو التأنيث ؟ دَلَّل على ما تقول .(1/45)
ج1- الأصل في الاسم أن يكون مذكراً ، والتأنيِث فَرْع عن التذكير ، والدليل على أنّ التذكير هو الأصل: اسْتِغْنَاء الاسم المذكر عن علامة تدل على التذكير، أما المؤنث فهو يحتاج إلى علامة تدل عليه ، والذي يحتاج فرع عن الذي لا يحتاج .
س2- اذكر علامات التأنيث .
ج2- علامات التأنيث ، هي ( التاء )كفاطمة ، وخديجة (والألف المقصورة) كلَيْلَى ، وحُبْلَى ( والألف الممدودة ) كعَفْرَاء ، وحَمْرَاء . والتاء أكثر استعمالاً، وأظهر دلالة من الألف ؛ لأنها لا تلتبس بغيرها ، بخلاف الألف ؛ ولذلك قُدَّرت التاء في بعض الأسماء التي لا علامة فيها ، كالكَتِف ، واليَد ، والعين . وإلى هذا أشار بقوله : " وفي أَسَامٍ قدّروا التا كالكتف ".
س3- كيف يُستدلّ على تأنيث ما لا علامة فيه ؟
ج3- يستدل على تأنيث ما لا علامةَ فيه ظاهرة من الأسماء المؤنثة ، بعود الضمير إليه مؤنثا ، نحو : الكتِفُ أكلتُها ، والعينُ كَحَّلتها ، واليَد غسلتها . ويُستدل كذلك على تأنيثه : بردَّ التاء إليه في التَّصغير ، نحو : كُتَيْفَة ، يُدَيَّة ، عُيَيْنة ؛ أو بوصفه بالمؤنث ، نحو : أكلتُ كَتِفاً مَشْوِيَّة ، ورأيت عيناً جميلةٌ ؛ أو بالإشارة : هذه كَتِفٌ ، وهذه عينٌ .
الأوزان التي لا تلحقها
تاء التأنيث
وَلاَ تَلِى فَارِقَةً فَعُولاَ أَصْلاً وَلاَ الْمِفْعَالَ وَالْمِفْعِيلاَ
كَذَاكَ مِفْعَلٌ وَمَا تَلِيهِ تَاالْفَرْقِ مِنْ ذِى فَشُذُوذٌ فِيهِ
وَمِنْ فَعِيلٍ كقَتِيلٍ إِنْ تَبِعْ مَوْصُوفَهُ غَالِباً التَّا تَمْتَنِعْ
س4- لماذا تُزاد تاء التأنيث ؟ وما الذي يكثر فيه زيادة التاء ؟ وما الأوزان التي لا تلحقها تاء التأنيث ؟
ج4- تُزاد تاء التأنيث لِيَتَمَيَّزَ المؤنث عن المذكر .
وأكثر ما تُزاد التاء في الصَّفات ، نحو: قائم وقائمة ، وقاعد وقاعدة ،ويقلّ ذلك(1/46)
في الأسماء التي ليست بصفات ، نحو : رجلٌ ورَجُلَة ، وإنسان وإنسانة ، وامرئ وامرأة ؛ بمعنى أنه يقلّ أن تقول : رَجُلَة : تأنيث رجل ؛ لوجود لفظ آخر وهو (امرأة). ومن الصَّفات مالا تلحقه تاء التأنيث ،ويستوي فيها المذكر ، والمؤنث ، وهي الصَّفات التي على الأوزان الآتية :
1- فَعُول ، التي بمعنى ( فَاعِل ) نحو : شَكُور ، وصَبُور ( بمعنى : شَاكِر ، وصَابِر ) فتقول للمذكّر ، والمؤنّث : رجل شكُور ، وامرأة شكُور ( بلا تاء ) .
واحترز الناظم بقوله : " فَعُولاً أصلاً " عن فَعُول بمعنى ( مَفْعُول ) فإنه قد تلحقه التاء في التأنيث ، نحو : رَكُوبَة ، وحَلُوبة فقد لحقتهما التاء ؛ لأنهما على وزن فَعُول بمعنى مفعول ( أي : مَرْكُوبَة ، ومَحْلُوبَة ) .
وجُعِل فَعُول بمعنى فاعل هو الأصل ؛لأنه أكثر استعمالا من فَعُول بمعنى مفعول ؛ ولأنّ بِنْيَةَ الفاعل أصل .
2- مِفْعَال ، نحو : امرأة مِهْذَار ( بمعنى : كثيرة الْهَذَيَان ، وهي التي تتكلَّم بغير عَقل لمرضٍ ، أو غيره ) .
3- مِفْعِيل ، نحو : امرأة مِعْطِير ( مأخودة مِنْ : عَطِرَتْ المرأة ، إذا استعملتِ الطِّيبَ ) .
4- مِفْعَل ، نحو : امرأة مِغْشَم ( والمِغْشَم من النساء ، هي التي لا يَثْنِيها شىء عمَّا تريده بسبب شجاعتها ) .
فهذه الأوزان السابقة تستعمل للمذكّر ، وللمؤنث بلاتاء ، ومالحقته التاء من هذه الأوزان الأربعة للفرق بين المذكر ، والمؤنث فشاذّ لا يُقاس عليه ، نحو :
عَدُوٌّ وعَدُوَّة ، ومِيقَان ومِيقَانة ، ومِسْكِين ومِسكينة . وإلى هذا أشار بقوله :
" وما تليه ... إلى قوله فشذوذ فيه " .
5- فَعِيل ، وهذا الوزن إما أن يكون بمعنى فاعل ، أو بمعنى مفعول ، فإن كان بمعنى ( فاعل ) لحقته تاء التأنيث ، نحو: امرأة كَرِيمة ،ورَحِيمة ، وظَرِيفة.
ويَقِلُّ حَذْف التاء من فَعِيل بمعنى فاعل ، كما في قوله تعالى : * وقوله تعالى : * .(1/47)
أما إن كان فعيل بمعنى ( مفعول ) نحو: قَتِيل ، وجَرِيح ، وذَبِيح ( بمعنى: مَقْتُول، ومَجْرُوح ، ومَذْبُوح ) لحقته التاء ، بشرط ألاَّ يَتْبَعَ موصوفه ، نحو: هذه ذَبِيحةٌ، ،ونَطِيحةٌ ، وأَكِيلةٌ . فإن تَبِعَ موصوفه حُذِفت منه التاء غالباً ، نحو: مررت بامرأةٍ جريحٍ ، ومررت بامرأةٍ ذاتِ عينٍ كَحِيل .
وقد تلحقه التاء قليلا ( أي : قد تلحق التاء فَعِيل بمعنى مَفْعُول مع أنه تَبِعَ موصوفه ) نحو قولهم: صِفَةٌ ذَمِيمَةٌ ، وخَصْلَةٌ حَمِيدةٌ (أي: مَذمومة ، ومحمودة) ولهذا احترز الناظم بقوله : " غالبا " .
( م ) س5- هل كلمة بَغِيّ في قوله تعالى: * ولم أَكُ بَغِيًّا على وزن فَعِيل ... ؟ دَلَّل على ما تقول .
ج5- كلمة ( بَغِيًّا ) في قوله تعالى : * وقوله تعالى : * على وزن ( فَعُول ) لا فَعِيل ؛ إذ لو كانت على فَعِيل لوجب تأنيثها ؛ فيُقال : بَغِيَّة ؛ لأنها بمعنى فاعل ، وأصل ( بَغِيّا ) بَغُوْيَا ، فلمَّا اجتمعت الواو والياء ، وكانت الأولى (الواو) ساكنة قُلبت ياء ، وأُدغمتْ الياء في الياء ؛ فصارت كما ترى ( بَغِيًّا ) .
* س6- هل للتاء دلالات أخرى غير الدلالة على التأنيث ؟ وضَّح ذلك .
ج6- نعم . لها استعمالات أخرى ، منها :
1- تمييز المفرد في اسم الجنس الجمعي ، نحو : تَمْرَة ، ونَخْلَة ، وشَجَرَة . فالتاء هي الفارقة بين المفرد ، والجمع ؛ تقول : تَمْرٌ ، وتَمْرَةٌ .
2- الدلالة على المبالغة ، نحو : عَلاَّمَة ، ونَسَّابَة .
3- الدلالة على النّسب ، نحو : أَفَارِقَة في الأَفْرِيقِيّ ، وأَشَاعِثَة في الأَشْعَثِيّ .
4- تجيء عوضا عن حرف محذوف ، نحو : عِدَة ٌ، مِن وَعَدَ ، وإقامة من أقام ، وسَنَةٌ من سَنَو .
5- قد تلازم ما يخصُّ المذكّر ، نحو : رجلٌ بُهْمَةٌ ( أي : الشجاع ) .
أوزان ألف التأنيث
المقصورة
وَأَلِفُ التَّأْنِيثِ ذَاتُ قَصْرٍ وَذَاتُ مَدًّ نَحْوُ أُنْثَى الغُرَّ(1/48)
وَالاشْتِهَارُ فى مَبَانِى الأُولَى يُبْدِيهِ وَزْنُ أُرَبَى وَالطُّولَى
وَمَرَطَى وَوَزْنُ فَعْلَى جَمْعَا أَوْ مَصْدَراً أَوْ صِفَةً كَشَبْعَى
وَكَحُبَارَى سُمَّهَى سِبَطْرَى ذِكْرَى وَحِثَّيثَى مَعَ الكُفُرَّى
كَذَاكَ خُلَّيْطَى مَعَ الشُقَّارَى وَاعْزُ لِغَيْرِ هَذِهِ اسْتِنْدَارَا
س7- اذكر أوزان ألف التأنيث المقصورة .
ج7- ألف التأنيث، نوعان : المقصورة ، نحو حُبْلى ، وعَطْشَى . والممدودة ، نحو : حمراء ، وغَرَّاء . ولكلّ منهما أوزان تُعرف بها ، وذكر الناظم في هذه الأبيات الأوزان المشهورة لألف التأنيث المقصورة ، وهي :
1- فُعَلَى ، نحو : أُرَبَى ( للدَّاهِيَة ) وشُعَبَى ( اسم موضع ) .
2- فُعْلَى ، نحو : بُهْمَى ( اسم لنبت ) وحُبْلَى ، والطُّولَى ( صفتان للمرأة الحامل ، والمرأة الطويلة ) ورُجْعَى ، وبُشْرَى ( مصدران ) .
3- فَعَلَى ، نحو : بَرَدى ( اسم لِنَهَر ) ومَرَطَى ( مصدر ) وحَيَدَى ( صِفة ) .
4- فَعْلَى ، نحو : صَرْعَى ( جمع صَرِيع ) ودَعْوَى (مصدر) وشَبْعَى ، وكَسْلَى
( صفتان ) .
5- فُعَالَى ، نحو : حُبَارَى ( اسم طائر ) ويشمل المذكر ، والمؤنث .
6- فُعَّلَى ، نحو : سُمَّهَى ( يُطلق على الباطل ) .
7- فِعَلَّى ، نحو : سِبَطْرَى ، ودِفَقَّى ( نوعان من الْمَشِي ) .
8- فِعْلَى ، نحو : ذِكْرَى (مصدر) وظِرْبَى ، وحِجْلَى (جمع ظَرِبَان ، وحَجَل) .
9- فِعَّيْلَى ، نحو : حِثِّيْثَى ( مصدر حَثَّ ) .
10- فُعُلَّى ، نحو : كُفُرَّى ( وعاء الطَّلْع ) .
11- فُعَّيْلَى ، نحو : خُلَّيْطَى ( بمعنى : الاختلاط ) ولُغَّيْزَى ( لِلُّغْز ) .
12- فُعَّالَى ، نحو : شُقَّارَى ( اسم نبت ) وخُضَّارَى ( اسم طائر ) .
* س8- إلام أشار الناظم بقوله : " واعْزُ لغيرِ هذه استنداراً ؟
ج8- أشار إلى أنه إذا ورد وزن لألف التأنيث المقصورة غير هذه الأوزان فهو نادر ، ومن الأوزان النادرة ما يلي :(1/49)
1- فَيْعَلَى ، نحو : خَيْسَرَى ( للخسارة ) .
2- فَعْلَوَى ، نحو : هَرْنَوَى ( اسم نبت ) .
3- فَوْعُوْلَى ، نحو : فَوْضُوضَة ( للمُفَاوَضَة ) .
4- مِفْعِلِّى ، نحو : مِرْقِدَّي ( لكثير الرُّقاد ) إلى غير ذلك من الأوزان النادرة .
أوزان ألف التأنيث
الممدودة
لِمَدَّهَا فَعْلاَءُ أَفْعِلاَءُ مُثَلَّثُ العَيْنِ وَفَعْلَلاَءُ
ثُمَّ فِعَالاَ فُعْلُلاَ فَاعُولاَ وَفَاعِلاَءُ فِعْلِيَا مَفْعُولاَ
وَمُطْلَقَ العَيْنِ فَعَالاَ وَكَذَا مُطْلَقَ فَاءٍ فَعْلاَءُ أُخِذَا
س9- اذكر أوزان ألف التأنيث الممدودة .
ج9- لألف التأنيث الممدودة أوزان كثيرة، ذكر المصنَّف بعضها ، وهي :
1- فَعْلاَء ، نحو : صَحْرَاء ( اسم ) وحَمْرَاء (صِفة مُذَكَّرها أَحْمَرُ على وزن أَفْعَل ) وهَطْلاَء ( صفة مُذكَّرها هَطِلٌ على وزن فَعِل ) يُقال : سَحَابٌ هَطِلٌ ، ولايقال : سَحَابٌ أَهْطَل . ومثل ذلك : نَاقَةٌ رَوْغَاءُ ، وامرأة حَسْنَاء ؛ ولا يُقال في المذكَّر : جَمَل أَرْوَغ ، ولا : رجل أَحْسَن ، بل يُقال : جَمَلٌ رَوِغٌ ، ورجلٌ حَسَنٌ .
2- أَفْعِلاَء ، ( مُثَلَّثُ العين ) نحو : أَرْبَُِعَاء ( بكسر الباء ، وضمها ، وفتحها ) .
3- فَعْلَلاَء ، نحو : عَقْرَبَاء ( أنثى العَقَارِب ) .
4- فِعَالاَء ، نحو : قِصَاصَاء ( لِلْقِصَاص ) .
5- فُعْلُلاَء ، نحو : قُرْفُصَاء ( نوع للجُلوس ) .
6- فَاعُولاَء ، نحو : عَاشُورَاء .
7- فَاعِلاَء ، نحو : قَاصِعَاء ( أحد بَابَيْ جُحْرِ حَيَوان يُسمَّى اليَرْبُوع ) .
8- فِعْلِيَاء ، نحو : كِبْرِبَاء .
9- مَفْعُولاَء ، نحو : مَشْيُوخَاء ( لجماعَة الشُّيوخ ) .(1/50)
10- فَعَالاَء ( مُطْلق العين ) أي : أنْ تكون العين مفتوحة ( فَعَالاَء ) نحو : بَرَاسَاء ( لُغَة في البَرَنْسَاء ، بمعنى : النَّاس ) وتكون مضمومة ( فَعُولاَء ) نحو : دَبُوقَاء ( لِلعَذِرَة ) وتكون مكسورة ( فَعِيلاَء ) نحو : كَثِيرَاء .
11- فَعَلاَء ( مُطلق الفاء ) نحو : جَنَفَاء ( اسم مكان ) ونحو : خُيَلاَء (على وزن فُعَلاَء ) ونحو : سِيَرَاء ( على وزن فِعَلاَء ) وهو بمعنى الثَّوْبٌ الْمُخَطَّط .
---
الْمَقْصُورُ ، والْمَمْدُودُ
المقصورُ القِيَاسِيُّ
إِذَا اسْمٌ اسْتَوْجَبَ مِنْ قَبْلِ الطَّرَفْ فَتْحاً وَكَانَ ذَا نَظِيرٍ كَالأَسَفْ
فَلِنَظِيرِهِ الْمُعَلِّ الآخِرِ ثُبُوتُ قَصْرٍ بِقِيَاسٍ ظَاهِرِ
كَفِعَلٍ وَفُعَلٍ فى جَمْعِ مَا كَفِعْلَةٍ وَفُعْلَةٍ نَحْوُ الدُّمَى
س1- عرَّف الاسم المقصور ، واذكر أقسامه .
ج1- المقصور ، هو : الاسم المعرب الذى آخره ألف لازمة مفتوح ما قبلها . وهو على قسمين :
1- قِيَاسِيّ ، وهو المقصود بهذه الأبيات .
2- سَمَاعِيّ ، سيأتي بيانه في أبيات قادمة .
س2- ما الذي يَخرج من تعريف الاسم المقصور ؟
ج2- بقولنا ( الاسم ) يخرج الفعل ، نحو : يَرْضَى .
بقولنا ( المعرب ) يخرج الاسم المبنيّ ، نحو : إذا .
وبقولنا (ألف لازمة) يخرج المثنى ، نحو : الزيدان ؛ فإنّ ألفَه تَنْقَلِبُ ياءً في الجر ، والنّصب ، وكذلك تخرج الألف في الأسماء الستة ، نحو : رأيت أباك ، فهي ليست بلازمة .
س3- عرَّف المقصور القياسى ، مع التمثيل .
ج3- المقصور القياسي ، هو : كلُّ اسمٍ مُعتلّ له نَظِيرٌ مِن الاسم الصحيح مُلْتَزَمٌ فتح ما قبل آخرِه ، وذلك نحو :
1- مصدرُ الفعلِ اللازمِ الذي على وزن ( فَعِلَ ) المعتلّ يجب قَصْرُه ، نحو : جَوِيَ جَوًى ، وعَمِيَ عَمًى ؛ ذلك لأن نظيره من الصحيح الآخر مُلْتَزَمٌ فَتْحُ ما قبل آخره ، نحو : أَسِفَ أَسَفًا ، وفَرِح فَرَحاً .(1/51)
ومِن هنا نستخلص : أنّه إذا كان الاسم المعتل له مثيلٌ في الوزن من الصحيح الآخر ، وكان الاسم الصحيح مُسْتوجَب فتح ما قبل آخره حينئذٍ يجب أن يكون المعتل مقصوراً .
2- وزن (فِعَل) جمع ( فِعْلَة )، نحو : مِرًى جمع مِرْيَة ، وفِرًى جمع فِرْيَة ، فإن نظيرهما من الصحيح : قِرَب جمع قِرْبَة ، وهو مُستوجب فتح ما قبل آخره .
3- وزن ( فُعَل ) جمع ( فُعْلَة ) نحو : مُدًى جمع مُدْيَة ، ودُمًى جمع دُمْيَة ، فإن نظيرهما من الصحيح : قُرَب جمع قُرْبَة ، وهو مُستوجب فتح ما قبل آخره .
الممدود القياسيّ
وَمَا اسْتَحَقَّ قَبْلَ آخِرٍ أَلِفْ فَالْمَدُّ فى نَظِيرِهِ حَتْماً عُرِفْ
كَمَصْدَرِ الْفِعْلِ الَّذِى قَدْ بُدِئَا بِهَمْزِ وَصْلٍ كَارْعَوَى وَكَارْتَأَى
س4- عرَّف الاسم الممدود ، واذكر أقسامه .
ج4- الممدود ، هو : الاسم المعرب الذي في آخره همزة قبلها ألف زائدة . وهو على قسمين :
1- قياسيّ ، وهو المقصود بهذه الأبيات .
2- سماعيّ ، سيأتي بيانه إن شاء الله .
س5- ما الذي يخرج من تعريف الاسم الممدود ؟
ج5- بقولنا ( الاسم ) خرج الفعل ، نحو : يشاء .
وبقولنا ( في آخره همزة قبلها ألف زائدة ) خرج ماكان في آخره همزة قبلها ألف غير زائدة، نحو : مَاء ، ودَاء ، وآءٍ جمع آءَة ( وهو شجر ) .
فهذه الكلمات الألف فيها غير زائدة ؛ لأنها منقلبة عن أصل ، والأصل : مَوَءَ ، ودَوَءَ ، وأَوَأََ .
س6- عرَّف الممدود القياسيّ ، مع التمثيل .
ج6- الممدود القياسيّ ، هو : كلّ اسم معتلّ له نظير من الصحيح الآخر مُلْتَزَمٌ زيادة ألفٍ قبل آخره ، وذلك نحو :(1/52)
1- مصدر الفعل المبدوء بهمزة وصل ، نحو : ارْعَوَى ارْعِوَاءً ، وارْتَأَى ارْتِئاءٍ ، واسْتَقْصَى اسْتِقْصَاءً . فالمصادر التى تحتها خط أسماء معتلّة وجب مَدُّها ؛ لأنّ نظيرها من الصحيح مُلتزم زيادة ألف قبل آخره ، نحو : انْطَلَقَ انطلاقاً ، واقْتَدَرَ اقْتِدَاراً ، واستخرجَ استخراجاً .
2- مصدر كلَّ فعل معتل يكون على وزن أَفْعَل ، نحو : أعطى إعطاءً . فالمصدر (إعطاء) معتل ممدود ؛ لأن نظيره من الصحيح آخره ألف زائدة ، نحو: أكرمَ إكراماً .
3- مصدر فَعَلَ يَفْعُلُ إذا كان دالاًّ على صوتٍ ، نحو : رُغَاء ، ومُكَاء ، أوكان دالاّ على مَرَض ، نحو : مُشَاء . فهذه المصادر مُعتلة ممدودة ؛ لأن نظيرها من الصحيح آخره ألف زائدة ، نحو : بُغَام ، ودُوَار .
4- فِعَال مصدر فَاعَلَ ، نحو : وَالَى وِلاَءً ، وعَادَى عِدَاءً ؛ لأن نظيرها من الصحيح آخره ألف زائده ، نحو : قَاتَلَ قِتَالاً .
المقصور السَّماعيّ
والممدود السَّماعيّ
وَالْعَادِمُ النَّظِيرِ ذَا قَصْرٍ وَذَا مَدًّ بِنَقْلٍ كَالحِْجَا وَكَالحِْذَا
س7- ما ضابط كلٍّ من المقصور ، والممدود السَّماعيَّين ؟ مع التمثيل لكل منهما .
ج7- ضابط المقصور السّماعيّ : أنَّ كُلَّ اسم معرب آخره ألف لازمة مفتوح ما قبلها ليس له نظير من الاسم الصحيح فقَصْرُه سَمَاعيّ ، نحو : الفَتَى ، والحِجَا ، والثَّرَى ، والسَّنَا .
وضابط الممدود السَّماعيّ : أنَّ كُلَّ اسم معرب آخره همزة قبلها ألف زائدة ليس له نظير من الصحيح فَمَدُّه سَمَاعيّ ، نحو : الفَتَاء ، والسَّنَاء ، والثَّرَاء ، والحِذَاء .
حكم قصر الممدود
ومَدّ المقصور
وَقَصْرُ ذِى الْمَدَّ اضْطِراراً مُجْمَعُ عَلَيْهِ وَالعَكْسُ بِخُلْفٍ يَقَعُ
س8- ما حكم قصر الممدود، ومد المقصور ؟
ج8- لاخلاف بين البصريين ، والكوفيين في جواز قصر الممدود للضرورة ؛ لأنه رجوع إلى الأصل ؛ إذ الأصل ( القَصْر ) قال الشاعر :(1/53)
لابدَّ مِنْ صَنْعَا وَإِنْ طالَ السَّفَرْ وَلَوْ تَحَنَّى كُلُّ عَوْدٍ ودَبِرْ
فالشاعر قَصَر ( صَنْعَا ) وهي ممدودة ( صَنعاء ) وذلك للضرورة الشعرية .
واختلفوا في جواز مدّ المقصور فمنعه البصريون ، وأجازه الكوفيون ، واستدلوا بقول الشاعر :
يَالَكَ مِنْ تَمْرٍ وَمِنْ شِيشَاءِ يَنْشَبُ فى الْمَسْعَلِ واللَّهَاءِ
فالشاعر مَدَّ ( اللّهاء ) وهي مقصورة ( اللَّهَا ) وذلك للضرورة الشعريّة .
أما البصريون فيرون أنها قياسية وليست سماعية ، وعلى هذا فلا حُجَّة للكوفيين فيها .
---
تَثْنِيَةُ المقصورِ ، والممدودِ
وجَمْعُهُمَا تَصْحِيحاً
أولا : كيفية تثنية المقصور
آخِرَ مَقْصُورٍ تُثَنَّى اجْعَلْهُ يَا إِنْ كَانَ عَنْ ثَلاَثَةٍ مُرْتَقِيَا
كَذَا الَّذِى الْيَا أَصْلُهُ نَحْوُ الْفَتَى وَالْجَامِدُ الَّذِى أُمِيلَ كَمَتَى
فى غَيْرِ ذَا تُقْلَبُ وَاواً الأَلِفْ وَأَوْلِهَا مَا كَانَ قَبْلُ قَدْ أُلِفْ
س1- كيف يُثَنَّى المقصور ؟
ج1- اعلم أولا: أنّ الاسم الْمُتَمَكَّن ( الْمُعرب ) إنْ كان صحيح الآخر ، نحو: رجل وجَارِية ، أوكان منقوصاً ، نحو : القاضِي ، لَحِقَتْه علامة التثنية من غير تغيير ؛ فتقول : رجلان ، وجاريتان ، وقاضيان .
أما إن كان مقصوراً فلا بُدَّ من تغييره على النَّحو الآتي :
1- تُقْلَبُ ألف المقصور ياءً ، وذلك في ثلاثة مواضع :
أ- إذا كانت الألفُ رابعةً فصاعداً ، نحو : مَلْهَى ، ومُصْطَفَى ، ومُسْتَقْصَى ؛ تقول في التثنية : مَلْهَيَانِ ، ومُصْطَفَيَانِ ، ومُسْتَقْصَيَانِ . وفي هذا الموضع لا يُنظر إلى الأصل سواء أكان ياء ، أم واواً .
ب- إذا كانت الألف ثالثةً ، وهي بَدَلٌ من الياء ، نحو: فَتًى ، ورَحًى ؛ تقول : فَتَيَانِ ، ورَحَيَانِ .
ج- إذا كانت ثالثة ، ولكنّها مجهولة الأصل ( جامدة ) وأُمِيلَتْ ، نحو : مَتَى ، وبَلَى ( إذا سُمَّيَ بهما ) تقول : مَتَيَانِ ، وبَلَيَانِ .(1/54)