.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقول: لجبة وربعة، فاستغنى بجمع المفتوح عن جمع الساكن. ومن النادر أيضًا قول جميع العرب: عِيَرات بكسر العين وفتح الياء جمع عير؛ وهي الإبل التي تحمل المبرة، والعير مؤنثة، وذهب المبرد والزجاج إلى أنه عَيرات بفتح العين، قال المبرد: جمع عير وهو الحمار، وقال الزجاج: جمع عير الذي في الكتف أو القدم وهو مؤنث، ومنه أيضًا جروات كما تقدم. ومن الضرورة قوله:
1222- وحملتُ زفرات الضحى فأطَقْتُها وما لي بزفْرَاتِ العشيِّ يَدَانِ
وقول الراجز:
1223- فتستريحُ النفسُ من زَفْرَاتِها
وقياسه الفتح. ومن المنتمي إلى قوم من العرب الإتباع في نحو: بيضة وجوزة من المعتل العين، فإنها لغة هذيل. ومنه قول شاعرهم:
1224- أخو بَيَضَاتٍ رائحٌ مُتأوِّبُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأول، واللجبة محركة، واللجبة بكسر الجيم، واللجبة كعنبة الشاة قل لبنها والغزيرة ضد أو خاص بالمعزى والجمع لجاب ولجبات، وقد لجبت ككرم ولجبت تلجيبًا. اهـ. قوله: "وربعة" بفتح الراء وسكون الموحدة هو المعتدل الذي لا طويل ولا قصير. قوله: "عِيرات بكسر العين" أي: المهملة وفتح الياء أي: والقياس تسكين الياء؛ لأن مفرده معتل العين مكسور الفاء، فليس في عينه إلا التسكين، وفيه شذوذ آخر وهو الجمع بالألف والتاء؛ لأن مفرده ليس مما يجمع بهما قياسًا. قوله: "الميرة" بكسر الميم وهو الطعام المجلوب. قوله: "جمع عير وهو الحمار" وعلى هذا أيضًا الفتح نادر؛ لأن إتباع العين للفاء إنما هو في المؤنث، والعير بمعنى الحمار مذكر. قوله: "جمع العير الذي في الكتف أو القدم" أي: العظم الناتئ الشاخص في وسطهما. اهـ دماميني. وعلى هذا فليس فتح الياء من النادر بل المنتمي لقوم؛ لأنه حينئذ كبيضة وجوزة.
قوله: "ومن الضرورة" أي: الحسنة؛ لأن العين قد تسكن للضرورة مع الإفراد والتذكير؛ فمع الجمع والتأنيث أولى لثقلهما. قوله: "وحملت زفرات الضحى... إلخ" الزفرات جمع زفرة؛ وهي خروج النفس بأنين. تصريح. قوله: "أخو بيضات... إلخ" تمامه:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1222- البيت من الطويل، وهو لعروة بن حزام في خزانة الأدب 3/ 380، والدرر 1/ 86، ولأعرابي من بني عذرة في شرح التصريح 2/ 298، والمقاصد النحوية 4/ 519، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 304، وشرح ابن عقيل ص634، وهمع الهوامع 1/ 24.
1223- الرجز بلا نسبة في الخصائص 1/ 316، وشرح شواهد الشافية ص128، وشرح شواهد المغني 1/ 454، وشرح عمدة الحافظ ص339، ولسان العرب 4/ 325 "زفر"، 11/ 473 "علل"، 12/ 550 "لمم"، ومغني اللبيب 1/ 155، والمقاصد النحوية 4/ 396.
1224 عجزه: رفيق بمسح المنكبين سَبُوح
والبيت من الطويل، وهو لأحد الهذليين في الدرر 1/ 85، وشرح التصريح 2/ 299، وشرح المفصل 5/ 30، وبلا نسبة في أسرار العربية ص355، وأوضح المسالك 4/ 306، وخزانة الأدب 8/ 102، 104، والخصائص 3/ 184، وسر صناعة الإعراب ص778، وشرح شواهد الشافية ص132، ولسان العرب 7/ 125 "بيض"، والمحتسب 1/ 58، والمنصف 1/ 343، وهمع الهوامع 1/ 23.(4/166)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبلغتهم قرئ: "ثَلَاثُ عَوَرَاتٍ لَكُمْ" [النور: 58]. ومن المنتمي إلى قوم أيضًا: ظبيات وأهلات بإسكان العين كما تقدم.
خاتمة: يتم في التثنية والجمع بالألف والتاء من المحذوف اللام ما يتم في الإضافة، وذلك نحو: قاض وشج وأب وأخ وحم وهن من الأسماء الستة، تقول: قاضيان وشجيان وأبوان وأخوان وحموان وهنوان، كما تقول: هذا قاضيك وشجيك وأبوك وأخوك وحموك وهنوك. وشذ أبان وأخان، وما لا يتم في الإضافة لا يتم في التثنية، وذلك نحو: اسم وابن ويد ودم وحر وغد وفم، فتقول: اسمان وابنان ويدان ودمان وحران وغدان وفمان، كما تقول: اسمك وابنك ويدك ودمك وحرك وغدك وفمك. وشذ فموان وفميان. وأما قوله:
1225- يديان بيضاوان عند محلِّم
وقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رفيق بمسح المنكبين سبوح
أخو بمعنى صاحب أي: هو صاحب أي: كصاحب بيضات مدح جمله بما ذكره من وصفه لذكر النعام المسمى بالظليم أي: جملي في سرعة سيره كالظليم الذي له بيضات يسير ليلًا ونهارًا ليصل إليها، وبما تقرر علم رد تغليط من قال: إن البيت في وصف الظليم، ورائح من راح إذا ذهب وسار بالليل، ومتأوب من تأوب إذا جاء أول الليل، ورفيق بمسح المنكبين أي: عالم بتحريكهما في السير، وسبوح أي: حسن الجري. اهـ زكريا ببعض اختصار. ورفيق من الرفق. قوله: "وبلغتهم قرئ" أي: شاذًّا كما قاله شيخنا السيد. قوله: "والجمع بالألف والتاء" كسنة وسنوات، وكان الأنسب ذكر مثال له. قوله: "من المحذوف اللام" بيان لما يتم مقدم عليه مشوب بتبعيض.
قوله: "يديان" يصح فتح الدال وسكونها بناء على القولين في أصل يد وهو يدي هل هو بفتح الدال أو سكونها؟ وقوله: "محلم" بضم الميم وفتح الحاء المهملة وتشديد اللام المكسورة، كما نقله شيخنا عن شرح نوابغ الزمخشري للسعد، وفي المصباح: حلمته بالتشديد نسبته إلى الحلم، وباسم الفاعل سمي الرجل. اهـ. وفي الصحاح أنه اسم لنهر أيضًا، وفي القاموس حلمه تحليمًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1225- عجزه: قد يمنعانك أن تضام وتضهدا
والبيت من الكامل، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب 7/ 476، 485، وشرح شواهد الشافية ص113، وشرح المفصل 5/ 83، 6/ 5، 10/ 56، ولسان العرب 15/ 420 "يدي"، والمقرب 2/ 42، والمنصف 1/ 64، 2/ 148.(4/167)
جمع التكسير
جمع التكسير: أَفْعِلَةٌ أَفْعُلُ ثم فِعْلَهْ ثُمَّت أفْعَالٌ جُمُوعُ قِلَّهْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1226- جرى الدمَيان بالخبر اليقين
فضرورة.
جمع التكسير:
جمع التكسير هو الاسم الدال على أكثر من اثنين بصورة تغيير لصيغة واحدة لفظًا أو تقديرًا. وقسم المصنف التغيير الظاهر إلى ستة أقسام؛ لأنه إما بزيادة كصنو وصنوان، أو بنقص كتخمة وتخم، أو تبديل شكل كأَسَد وأُسْد، وأو بزيادة وتبديل شكل كرجل ورجال،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وحلامًا ككذابًا جعله حليمًا أو أمره بالحلم.
جمع التكسير:
قوله: "هو الاسم الدال... إلخ" قال البعض تبعًا لشيخنا: قد يقال هذا التعريف صادق على جمع المذكر السالم فلا يكون مانعًا، فإن أخرج بأن تغييره لآخر واحده لا لصيغته ورد صنوان في صنو إلا أن يقال: ذاك التغيير في نية الانفصال؛ لأنه إعراب الكلمة بخلاف صنوان، فليتأمل. اهـ. قوله: ذاك التغيير أي: الذي في جمع المذكر السالم. وقوله: في نية الانفصال أي: فكأنه لم يلحق جمع المذكر السالم تغيير أصلًا. وقوله: لأنه إعراب الكلمة أي: لأجل إعرابها أي: وإعرابها عارض عليها لا منها. ثم قال البعض: ومع هذا فالتعريف صادق على جمع المؤنث السالم. اهـ. وأنا أقول الباء في قوله: بصورة باء الآلة كما يفيده كلام الشارح بعد، وحينئذ لا يرد الجمعان؛ لأن التغيير فيهما لا دخل له في الدلالة على الجمعية؛ بل الدال ما لحقه من الزيادة وإن لزمها التغيير لا يقال: يرد حينئذ صنوان؛ لأن الدلالة فيه على الجمعية بما لحقه من الزيادة؛ لأنا نقول دلالته على الجمعية بالصيغة التي منها تلك الزيادة.
قوله: "إلى ستة أقسام" بقي سابع؛ وهو التغيير بالزيادة والنقص فقط، وكأنه لم يذكره لعدم وجوده، فتدبر. قوله: "كصنو وصنوان" إذا خرج نخلتان أو ثلاث من أصل واحد، فكل واحد منهن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1226- عجزه: جرى الدميان بالخبر اليقين
والبيت من الوافر، وهو للمثقب العبدي في ملحق ديوانه ص283، والأزهية ص141، والمقاصد النحوية 1/ 192، ولعلي بن بدال في أمالي الزجاجي ص20، وخزانة الأدب 1/ 267، وشرح شواهد الشافية ص112، وللمثقب أو لعلي بن بدال في خزانة الأدب 7/ 482، 485، 488، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 357، وجمهرة اللغة ص686، 1307، ورصف المباني ص242، وسر صناعة الإعراب 1/ 395، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 64، وشرح شواهد الإيضاح ص281، وشرح المفصل 4/ 151، 152، 5/ 84، 6/ 5، 9/ 24، ولسان العرب 14/ 21 "أخا"، 268 "دمى"، والمقتضب 1/ 231، 2/ 238، 3/ 153، والمقرب 2/ 44، والممتع في التصريف 2/ 624، والمنصف 2/ 148.(4/168)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أو بنقص وبتديل شكل كقضيب وقضب، أو بهن كغلام وغلمان. وإنما قلت: بصورة تغيير؛ لأن صيغة الواحد لا تتغير حقيقة؛ لأن الحركات التي في الجمع غير الحركات التي في المفرد، والتغيير المقدر في نحو: فلك ودلاص وهجان وشمال للخلقة. قيل: ولم يرد غير هذه الأربعة. وذكر في شرح الكافية من ذلك عفتان وهو القوي الجافي، هذه الألفاظ الخمسة على صيغة واحدة في المفرد والمجموع. ومذهب سيبويه أنها جموع تكسير فيقدر زوال حركات المفرد وتبدلها بحركات مشعرة بالجمع، ففلك إذا كان مفردًا كقفل وإذا كان جمعًا كبدن، وعفتان إذا كان مفردًا كسرحان، وإذا كان جمعًا كغلمان وكذا باقيها. ودعاه إلى ذلك أنهم ثنوها فقالوا: فلكان ودلاصان، فعلم أنهم لم يقصدوا بها ما قصدوا بنحو: جنب، مما اشترك فيه الواحد وغيره حين قالوا: هذا جنب، وهذان جنب، وهؤلاء جنب، فالفارق عنده بين ما يقدر تغييره وما لا يقدر تغييره وجود التثنية وعدمها، وعلى هذا مشى المصنف في شرح الكافية، وخالفه في التسهيل فقال: والأصح كونه -يعني باب فلك- اسم جمع مستغنيًا عن تقدير التغيير.
تنبيه: لا يرد على التعريف المذكور نحو: جفنات ومصطفين، فإن التغيير فيهما لا دخل له في الدلالة على الجمعية، فإن تقدير عدمه لا يخل بالجمعية. واعلم أن جمع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صنو والاثنان صنوان بكسر النون غير منون، والجمع صنوان بتحريك النون بحسب العامل منونة. قوله: "أو بهن كغلام وغلمان" فإن غلمانًا زيد في آخره ألف ونون ونقص منه الألف التي بين اللام والميم في غلام، وتبدل شكله بكسر فائه وإسكان عينه.
قوله: "غير الحركات التي في المفرد" أي: وإنما يكون التغيير حقيقيًّا إذا كانت حركات الجمع حركات المفرد ثم تبدلت، قاله شيخنا وتبعه البعض؛ دفعًا لقول سم: لك أن تقول هذه المغايرة لا تمنع تغير صيغة الواحد حقيقة بل تحققه، فلعل الأوجه أن يقال: لأن لفظ الجمع غير لفظ المفرد. اهـ. وفي الدفع نظر، فتأمل. قوله: "ودلاص" بدال وصاد مهملتين أي: براق يقال للواحد والجمع من الدروع. قوله: "وهجان" يقال للواحد والجمع من الإبل. قوله: "للخلقة" أي: الطبيعة.
قوله: "عفتان" بعين مهملة ففاء ففوقية، وحكى ابن سيده ناقة كناز ونوق كناز أي: مكتنزة اللحم. وزاد ابن هشام إمام، تقول: هذا إمام، وهؤلاء إمام، وهذان إمامان، فتكون الألفاظ سبعة. قوله: "كقفل" أي: في أن حركاته لا دلالة لها على الجمعية، وكذا يقال فيما بعد. قوله: "وكذا باقيها" فإنها في حالة الإفراد نظير لجام وفي حالة الجمع نظير كرام. قوله: "ودعاه" أي: سيبويه إلى ذلك أي: كونها جموع تكسير ولم تكن مما اشترك فيه الواحد وغيره كجنب. قوله: "مستغنيًا عن تقدير التغيير" أي: كما هو شأن اسم الجمع فاللفظ حيئنذ مشترك بين المفرد واسم الجمع لا بينه وبين الجمع. دماميني. قوله: "فإن التغيير فيهما" أي: بتحريك ثاني الأول وحذف ألف الثاني. قوله: "فإن تقدير عدمه لا يخل بالجمعية" لأنك لو قلت: جفنات بسكون الفاء(4/169)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التكسير على نوعين: جمع قلة وجمع كثرة، فمدلول جمع القلة بطريق الحقيقة ثلاثة إلى عشرة، ومدلول جمع الكثرة بطريق الحقيقة ما فوق العشرة إلى ما لا نهاية له، ويستعمل كل منهما موضع الآخر مجازًا كما سيأتي. وللأول أربعة أبنية، وللثاني ثلاثة وعشرون بناء، وقد بدأ بالأول فقال: "أفعلة أفعل ثم فعله ثمت أفعال جموع قله" أي: كأسلحة وأفلس وفتية وأفراس.
تنبيهات: الأول: ذهب الفراء إلى أن جموع القلة فعل نحو: ظلم، وفعل نحو: نعم، وفعلة نحو: قردة. وذهب بعضهم إلى أن منها فعلة نحو: بررة، نقله ابن الدهان، وذهب أبو زيد الأنصاري إلى أن منها أفعلاء نحو: أصدقاء، نقله عنه أبو زكريا التبريزي، والصحيح أن هذه كلها من جموع الكثرة. الثاني: ذهب ابن السراج إلى أن فعلة اسم جمع لا جمع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومصطفيين لتحققت الجمعية أيضًا. قال شيخنا: لكن في كلام ابن هشام في القطر وكلام الشيخ خالد ما يقتضي أن مثل جفنات وحبليات جمع تكسير، فليراجع.
قوله: "فمدلول جمع القلة... إلخ" قد فرق السعد التفتازاني بين جمع القلة والكثرة بأن جمع القلة من الثلاثة إلى العشرة، وجمع الكثرة من الثلاثة إلى ما لا يتناهى، فالفرق بينهما من جهة النهاية لا من جهة المبدأ، بخلاف ما ذكره الشارح. قيل لعلي: ما فرق به السعد تكون النيابة من جانب القلة عن الكثرة لا العكس. اهـ زكريا. قال ابن قاسم: وممن أطنب في أن كلًّا من الجمعين يطلق حقيقة على الثلاثة ونحوها، وفي رد ما يخالف ذلك الشمس الأصبهاني في شرح المحصول، وعلى ما ذكر عن السعد والأصبهاني يندفع ما أورد على قول الفقهاء فيمن أقر بدراهم أنه يقبل تفسيره بثلاثة من أن دراهم جمع كثرة وأقله أحد عشر، فكيف يقبل التفسير بالمجاز مع إمكان الحقيقة؟!
قوله: "إلى عشرة" بإدخال الغاية كما يُعلم مما بعده. قوله: "مجازًا" أي: إن كان للفرد الجمعان، أما إذا لم يكن له إلا جمع قلة أو جمع كثرة فلا تجوز؛ لأنه حينئذ من قبيل المشترك، كما سيأتي في قول المصنف: وبعض ذي بكثرة وضعًا يفي، وكما يصرح به كلام الرضي وغيره، وعلى هذا أيضًا يندفع الإيراد المتقدم على الفقهاء في الإقرار بدراهم، نعم يبقى الإيراد في الإقرار بجمع كثرة لمفرده جمع قلة أيضًا كالثياب والسيوف، فيدفع بما مر عن السعد والأصبهاني.
قوله: "أفعلة" نون للضرورة؛ لأنه غير منصرف للعلمية على الوزن والتأنيث. اهـ خالد. وأفعل أيضًا غير منصرف للعلمية ووزن الفعل. قال في التصريح: وإنما اختصت هذه الأوزان الأربعة بالقلة؛ لأنها تصغر على لفظها نحو: أكيلب وأجيمال وأحيمرة وصبية، بخلاف غيرها من الجموع، وتصغير الجمع يدل على التقليل. اهـ. وعلل الرضي بغلبة استعمالها في تمييز الثلاثة وإيثارها فيه على سائر الجموع إن وجدت. قوله: "ثم فِعْلَه" ثم بمعنى الواو. وقوله: "ثمت" لغة في ثم. قوله: "جموع قله" اعترض بأن جموع من أبنية جمع الكثرة، وهو هنا واقع على أربعة ألفاظ، فكان المناسب التعبير ببناء القلة. وأجاب ابن هشام بجوابين؛ الأول: أن مفرد جموع لم يجمع جمع قلة، وحينئذ فاستعمال جموع في القلة حقيقة الثاني أن القليل هذه الألفاظ، وأما موزوناتها فكثيرة، فالتعبير بجمع الكثرة(4/170)
وبعضُ ذي بكثرةٍ وَضْعًا يَفِي كأَرْجُلٍ والعكسُ جاء كالصُّفِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تكسير، وشبهته أنه لم يطرد. الثالث: يشارك هذه الأبنية في الدلالة على القلة جمعًا التصحيح. الرابع: إذا قرن جمع القلة بأل التي للاستغراق أو أضيف إلى ما يدل على الكثرة انصرف بذلك إلى الكثرة نحو: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} [الأحزاب: 35]. وقد جمع الأمرين قول حسان:
1227- لنا الْجَفْنَاتُ الغرُّ يلمعن في الضحى وأسيافنا يَقْطُرْنَ من نَجْدَةٍ دَمَا
"وبعض ذي بكثرة وضعًا يفي" أي: بعض هذه الأبنية يأتي في كلام العرب للكثرة "كأرجل" في جمع رجل، فإنهم لم يجمعوه على مثال كثرة، ونظيره عنق وأعناق وفؤاد وأفئدة "والعكس" من هذا وهو الاستغناء ببناء الكثرة عن بناء القلة "جاء" وضعًا "كالصفي"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بهذا الاعتبار. قوله: "أنه لم يطرد" أي: في زنة مفرد مخصوص كبقية أخواته؛ بل هو مقصور على السماع.
قوله: "يشارك هذه الأبنية... إلخ" فيكون استعمالها في القلة حقيقيًّا وفي الكثرة مجازيًّا، واستظهر الرضي تبعًا لابن خروف أن جمعي التصحيح لمطلق الجمع من غير نظر إلى قلة أو كثرة، فيصلحان لهما ولي بهما أسوة. وأما قول البعض، الظاهر ما أشار إليه الشارح؛ لأن اللفظ إذا دار بين المجاز والاشتراك كان المجاز أولى ففاسد؛ لأن ما ذكره في الاشتراك اللفظي، والاشتراك هنا معنوي، فعليك بالإنصاف. قوله: "أو أضيف إلى ما يدل على الكثرة" أي: ما تدل الإضافة إليه على الكثرة وهو المعرفة مفردة أو جمعًا؛ لأن الإضافة إلى المعرفة تعم ما لم توجد قرينة تخصيص، فاندفع ما ذكره شيخنا.
قوله: "انصرف بذلك إلى الكثرة" استشكه أبو حيان بما حاصله أنه وضع للقليل، وهو من ثلاثة إلى عشرة، فإذا اقترن بأداة الاستغراق ينبغي أن يكون الاستغراق فيما وضع له، فجمع القلة بعد احتماله لما دون العشرة يصير بأداة الاستغراق متعينًا للعشرة، ثم أجاب بما حاصله أنه وضع بوضع آخر مع أداة الاستغراق للكثرة. قال البعض: وقد يقال: دلالته على الكثرة حينئذ بالوضع لا بأل والإضافة، وهو خلاف ما تدل عليه عبارتهم. اهـ. وهو ساقط؛ لأن معنى كون الدلالة بأل أو الإضافة توقفها على وجود إحداهما؛ لكون الواضع شرطًا في دلالة جمع القلة على الكثرة وجود إحداهما، أو معناه: أن وجود إحداهما علامة لنا على كون هذا الجمع للكثرة؛ لأن الواضع وضعه مع إحداهما للكثرة، وكل من المعنيين لا ينافي كون الدلالة وضعية، كما هو واضح.
قوله: "لنا الجفنات" جمع جَفْنة بفتح الجيم وهي القصعة، والغر بضم الغين المعجمة جمع غراء وهي البيضاء. عيني.
قوله: "وبعض ذي" أي: بعض موزونات ذي. قوله: "جاء وضعًا" أخذه من التقييد به في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1227- البيت من الطويل، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص131، وأسرار العربية ص356، وخزانة الأدب 8/ 106، 107، 110، 116، وشرح شواهد الإيضاح ص521، وشرح المفصل 5/ 10، والكتاب 3/ 578، ولسان العرب 14/ 136 "جدا"، والمحتسب 1/ 187، والمقاصد النحوية 4/ 527، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 135، والخصائص 2/ 206، والمقتضب 2/ 188.(4/171)
لفعلٍ اسمًا صحَّ عينًا أَفْعُلُ وللرباعي اسمًا أيضًا يُجْعَلُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جمع صفاة وهي الصخرة الملساء، وكرجل ورجال، وقلب وقلوب، وصرد وصردان.
تنبيهان: الأول: كما يغني أحدهما عن الآخر وضعًا، كذلك يغني عنه أيضًا استعمالًا لقرينة مجازًا نحو: {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]. الثاني: ليس الصفي مما أغنى فيه جمع الكثرة عن جمع القلة؛ لورود جمع القلة، حكى الجوهري وغيره: صفاة وأصفاء. واعلم أن اصطلاح النحويين في الجموع أن يذكروا المفرد ثم يقولون: يجمع على كذا وكذا، وعكس المصنف واصطلح على أن يذكر الجمع فيقول: هذا الوزن يطرد في كذا وكذا، ولكل وجه. وقد شرع في ذلك على طريقته المذكورة فقال: "لفعل اسمًا صح عينًا أفعل وللرباعي اسمًا أيضًا يجعل" يعني: أن أفعلا أحد جموع القلة يطرد في نوعين من المفردات؛ الأول: ما كان على فعل بشرطين: أن يكون اسمًا، وأن يكون صحيح العين، فشمل نحو: فلس وكف ودلو وظبي ووجه، فتقول في هذه: أفلس وأكف وأدل وأظب وأوجه. واحترز بقوله: "اسمًا" من الصفة نحو: ضخم، فلا يجمع على أفعل. وأما عبد وأعبد فلغلبة الاسمية. وبقوله: "صح عينًا" عن معتل العين نحو: باب وبيت وثوب، فلا يجمع على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقابل ولو لم يقيد به؛ بل عمم بأن قال: وضعًا واستعمالًا لم يرد على المصنف ما ذكره الشارح في التنبيه الثاني. قوله: "كالصفي" أصله صفوي اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء وأدغمت في الياء وكسرت الفاء للمناسبة. زكريا. قوله: "لقرينة" وهي إضافة الثلاثة إليه في الآية. دماميني. قوله: "وأصفاء" بهمزة آخره على وزن أفعال، وما يوجد في بعض النسخ من هاء في آخره فتحريف، كما لا يخفى.
قوله: "أن اصطلاح النحويين" لعل المراد اصطلاح أكثرهم، وإلا فما سلكه المصنف طريقة جماعة منهم كما أفاده السيوطي. قوله: "وعكس المصنف واصطلح على أن يذكر الجمع" أي: أو لا ولو رتبة فقط كما في قوله: "لفعل اسما... إلخ" لكن ما ذكره الشارح عن المصنف أغلبي؛ لأنه قد يذكر المفرد أولًا لفظًا ورتبة؛ كما في قوله: فعل وفعلة فعال لهما
قوله: "ولكل وجه" وجه الأول: أن المفرد سابق على الجمع في الوجود. ووجه الثاني: أن الجمع هو المقصود بالذات؛ لأن الكلام فيه. قوله: "يعني: أن أفعلا" كان عليه منع صرف أفعل للعلمية على الزنة ووزن الفعل كما مر، فاعرفه. قوله: "فتقول في هذه" أي: في جمع هذه. قوله: "وأكف" أصله أكفف نقلت ضمة الفاء الأولى وأدغمت. قوله: "وأدل وأظب" أصلهما أدلو وأظبي، فقلبت ضمة اللام والباء كسرة والواو ياء وحذفت الياء الأصلية في أظبي والمنقلبة في أدلو على حد الحذف في قاض وغاز، وقالوا في أمة بفتح الهمزة والميم آم بهمزة فألف فميم مكسورة منونة، وأصل أمة أموة فهو على وزن فعل؛ لأن الهاء في تقدير الانفصال، فإذا جمع على أفعل كان أصله أأمو بهمزة ساكنة بعد مفتوحة، فأبدلت الثانية مدًّا كما في آثر، ثم فعل به ما فعل بأدل. فارضي ملخصًا.
قوله: "فلغلبة الاسمية" في هذا الجواب دون أن يقول بشذوذه إشارة إلى أن كل وصف(4/172)
إِنْ كان كالعَنَاقِ والذراع في مدٍّ وتأنيثٍ وعَدِّ الأَحْرُفِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أفعل، وشذ قياسًا قولهم: أعين، وقياسًا وسماعًا قوله:
1228- لكل دهر قد لبستُ أثوابًا
وقوله:
1229- كأنهم أسيفٌ بِيضٌ يَمَانِيَةٌ
والثاني: ما كان رباعيًّا بأربعة شروط: أن يكون اسمًا، وأن يكون قبل آخره مدة، وأن يكون مؤنثًا، وأن يكون بلا علامة.
وقد أشار إلى بقية هذه الشروط بقول: "إن كان" أي: الاسم الرباعي "كالعناق والذراع في مد وتأنيث وعد الأحرف" فشمل ذلك نحو: عناق وذراع وعقاب ويمين، فيقال فيها: أعنق وأذرع وأعقب وأيمن، فإن كان الرباعي صفة نحو: شجاع، أو بلا مدة نحو: خنصر، أو مذكرًا نحو: حمار، أو بعلامة التأنيث نحو: سحابة لم يُجمع على أفعل. وندر من المذكر طحال وأطحل، وغراب وأغرب، وعتاد وأعتد، وجنين وأجنن، وأنبوب وأنبب، ونحوها.
تنبيهات: الأول: ما ذكرته من الشروط وغيرها مأخوذ من كلامه، ففهم من تمثيله بالعناق والذراع أن حركة الأول لا يشترط أن تكون فتحة ولا غيرها لتمثيله بالمفتوح والمكسور، وفهم من إطلاق قوله: "في مد" أن الألف وغيرها من أحرف المد في ذلك سواء. وفهم الشرط الرابع وهو التعري من العلامة من قوله: "وعد الأحرف"؛ إذ لولا غرض
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غلبت عليه الاسمية اطرد فيه هذا الجمع. سم. قوله: "وشذ قياسًا" أي: لا استعمالًا لكثرته استعمالًا، ومنه في القرآن: {وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ} [التوبة: 92] {وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} [الزخرف: 71].
قوله: "كالعناق" بفتح العين المهملة وهي أنثى المعز. قوله: "وعقاب" بضم العين المهملة. قوله: "فيقال فيها" أي: في جمعها. قوله: "طِحال" بكسر الطاء. قوله: "وعتاد" بعين مهملة ففوقية آخره دال مهملة كسحاب، العُدة بضم العين كما في القاموس. قوله: "وأُنبوب" بضم الهمزة وهو من القصبة والرمح كعبهما. اهـ دماميني. ونظر في التمثيل به بأنه خماسي والكلام في الرباعي. قوله: "ونحوها" كشهاب وأشهب. قوله: "وغيرها" أي: كإطلاق حركة الأول وإطلاق المد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1228- الرجز لمعروف بن عبد الرحمن في شرح أبيات سيبويه 2/ 390، ولسان العرب 1/ 245 "ثوب"، وله أو لحميد بن ثور في شرح التصريح 2/ 301، والمقاصد النحوية 4/ 522، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 308، وسر صناعة الإعراب 2/ 804، والكتاب 2/ 588، ولسان العرب 2/ 602 "ملح"، ومجالس ثعلب ص439، والمقتضب 1/ 29، 132، 2/ 199، والممتع في التصريف 1/ 336، والمنصف 1/ 284، 3/ 47.
1229- عجزه: عَضبٌ مضاربُها باقٍ بها أَثَرُ
والبيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 309، وشرح التصريح 2/ 301، ولسان العرب 4/ 8، 9 "أثر"، 9/ 166 "سيف"، والمقاصد النحوية 4/ 523.(4/173)
وغيرُ ما أَفْعُلُ فيه مُطَّرِدْ من الثلاثي اسمًا بأفعالٍ يَرِدْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التنبيه على ذلك لم تكن له فائدة؛ لأنه صرح أولًا بالرباعي.
الثاني: مما حفظ فيه أفعل من الأسماء فَعَل نحو: جبل وأجبل، وفَعُل نحو: ضبع وأضبع، وفُعْل نحو: قفل وأقفل، وفُعُل نحو: قرط وأقرط، وفِعَل نحو: ضلع وأضلع، وفَعَلَة نحو: أكمة وآكم، وفِعْلة نحو: نعمة وأنعم، وفي فِعْل مطلقًا -أي: اسمًا وصفة- نحو: ذئب وأذؤب، وجلف وأجلف، فلا يقاس عليها. ولم يسمع فِعِل بكسر الفاء والعين ، ولا في فعل بضم الفاء وفتح العين إلا قولهم: ربع وأربع.
الثالث: ليس التأنيث مصححًا لاطراد أفعل في فعل نحو: قدم، خلافًا ليونس، ولا في فِعْل نحو: قدر، ولا في فِعَل نحو: ضلع، ولا ما قبله نحو: قدم وضبع وغول وعنق، خلافًا للفراء.
"وغير ما أفعل فيه مطرد من الثلاثي اسمًا بأفعال يرد" يعني: أن أفعالًا يطرد في جمع اسم ثلاثي لم يطرد فيه أفعل، وفي فعل الصحيح العين، فاندرج في ذلك فعل المعتل العين نحو: باب وثوب وسيف، وغير فعل من أوزان الثلاثي وهو فِعْل نحو: حزب وأحزاب، وفُعْل نحو:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "نحو: قرط وأقرط" صوابه نحو: عنق وأعنق؛ لأن القرط ساكن الراء لا مضمومها. اهـ شنواني. قوله: "نحو: ضِلَع" بكسر الضاد المعجمة وفتح اللام وقد تسكن اللام وهي مؤنثة، كذا في القاموس. قوله: "نحو: أكمة" هي ما ارتفع من الأرض، وآكم بمد الهمزة وأصله: أأكم بهمزتين ثانيتهما ساكنة فقلبت ألفًا. قوله: "وفي فعل مطلقًا" أي: وحفظ في فعل، وخالف الشارح الأسلوب فلم يقل: وفعل، بالرفع عطفًا على فعل في قوله: "من الأسماء فعل" تنبيهًا على رجوع قوله: "مطلقًا" إلى فعل فقط. قوله: "إلا قولهم: ربع وأربع" راجع للثاني، والرُّبَع بضم الراء وفتح الموحدة الفصيل ينتج في الربيع كما في القاموس. قوله: "نحو: قِدْر" بكسر القاف وسكون الدال المهملة. قوله: "ولا ما قبله" أي: ما قبل فعل بكسر ففتح أي: ما ذكر قبله في التنبيه الثاني، وهو أربعة أوزان، أشار إليها بالتمثيل حيث قال: نحو: قدم... إلخ. قوله: "خلافًا للفراء" راجع للأوزان الستة.
قوله: "وغير" مبتدأ، وفيه متعلق بمطرد، ومن الثلاثي بيان لغير مشوب بتبعيض فهو حال منه على مذهب سيبويه، أو حال من ضمير غير المستتر في يرد. وأما جعله بيانًا لما حالًا منها -كما اختاره شيخنا وجزم به البعض- ففيه نظر؛ أما أولًا فلأنه ليس المقصود هنا بيان ما اطرد فيه أفعل؛ لأنه تقدم بل بيان غيره؛ لأنه المتكلم عليه هنا. وأما ثانيًا فلأن ما اطرد فيه أفعل ليس الثلاثي فقط كما علم سابقًا فتدبر، واسمًا حال من غير أو ضميره أو من الثلاثي، وبأفعال متعلق بيرد، ويرد خبر غير.
قوله: "وهو فعل الصحيح العين" فيه حزازة؛ لأن الضمير راجع إلى الاسم الثلاثي الذي اطرد فيه أفعل، وهو غير مذكور في عبارته، وإن أرجع إلى قول المصنف: "ما أفعل فيه مطرد" لزم تفكيك عبارة الشارح، ولو قال: وهو غير فعل الصحيح العين، بإرجاع الضمير إلى الاسم الثلاثي الذي لم يطرد فيه أفعل لكان أَوْلَى. قوله: "فاندرج في ذلك" أي: في غير ما أفعل فيه مطرد. قوله: "نحو: باب... إلخ" ونحو: يوم، فجمعه أيام، وأصله أيوام، قلبت الواو ياء لاجتماعها مع الياء وسبق إحداهما بالسكون. قوله: "وغير فعل" معطوف على فعل. وحاصل ما ذكره تسعة أوزان، وعدَّها في التوضيح ثمانية بإسقاط فُعَل بضم ففتح تبعًا لما في التسهيل من أن جمعه على أفعال شاذ، كما(4/174)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صلب وأصلاب، وفَعَل نحو: جمل وأجمال، وفَعْل نحو: وعل وأوعال، وفَعُل نحو: عضد وأعضاد، وفُعُل نحو: عنق وأعناق، وفُعَل نحو: رطب وأرطاب، وفِعِل نحو: إبل وآبال، وفِعَل نحو: ضلع وأضلاع. واحترز بقوله: "اسمًا" من الوصف؛ فإنه لا يُجمع على أفعال إلا ما شذ مما سيأتي التنبيه عليه.
تنبيهات: الأول: جعل في التسهيل أفعالًا قليلًا في فعل المعتل العين نحو: باب ومال، ونادرًا في فعل نحو: رطب وربع، ولازمًا في فعل نحو: إبل، وغالبًا في الباقي.
الثاني: لا يؤخذ من كلامه هنا حكم جمع فعل الصحيح العين على أفعال، وقد سمع منه قوله:
1230- ماذا تقول لأفراخٍ بذي مَرَخ زُغْبِ الْحَوَاصِل لا ماءٌ ولا شجرُ
وقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سيأتي. قوله: "نحو: صلب" بضم الصاد المهملة كل ظهر له فقار والغليظ الشديد، كذا في المصباح. قوله: "نحو: وعل" بفتح الواو وكسر العين المهملة وهو التيس الجبلي. قوله: "رطب" في كلام شيخنا فيما يأتي ما نصه: رطب عند سيبويه اسم جنس؛ لأنه يختم بالتاء في المفرد تقول رطبة. اهـ. وتعليله منقوض بوجود في الجمع ومفرده نحو: تخمة وتخم، فالأولى التعليل بتذكير ضمير رطب، فافهم. قوله: "من الوصف" كضخم وحسن. وقوله: "فإنه لا يجمع على أفعال" بل نحو هذين الوصفين يجمع على فعال بكسر الفاء، كما سيذكر المصنف بقوله: فعل وفعلة فعال لهما
قال الشارح: اسمين كانا أو وصفين. قوله: "مما سيأتي التنبيه عليه" أي: في التنبيه الثالث. قوله: "ونادرًا" أي: شاذًّا في فعل نحو: رطب وربع. قال شيخنا: يمكن أن يستثنى من كلام المصنف بدليل قوله الآتي:
وغالبًا أغناهم فعلان
في فعل. قال الشارح هناك: وأشار بقوله: "غالبًا" إلى ما شذ من ذلك نحو: رطب وأرطاب. اهـ. وفيه أن مقابل الغالب قليل لا شاذ، فتأمل. قوله: "لا يؤخذ من كلامه هنا" أي: صريحًا، وإلا فيؤخذ بمفهوم المخالفة أنه ممنوع. قوله: "ماذا تقول... إلخ" الخطاب لعمر بن الخطاب، وكان قد سجن الشاعر الذي هو الحطيئة، وأراد بالأفراخ الأولاد، وذو مرخ بميم وراء مفتوحتين وخاء معجمة وادٍ كثير الشجر، وزغب الحواصل بضم الزاي وسكون الغين المعجمة جمع زغباء كحمر وحمراء من الزغب بالتحريك، وهو أول ما ينبت من الريش والشعر، والحواصل جمع حوصلة الطير. وقوله: "لا ماء"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1230- البيت من البسيط، وهو للحطيئة في ديوانه ص164، والأغاني 2/ 156، وأوضح المسالك 4/ 310، وخزانة الأدب 3/ 294، والخصائص 3/ 59، وشرح التصريح 2/ 302، والشعر والشعراء 1/ 334، ولسان العرب 2/ 532 "طلح"، ومعجم ما استعجم ص892، والمقاصد النحوية 4/ 524، وبلا نسبة في أسرار العربية ص349، وشرح المفصل 5/ 16، والمقتضب 2/ 196.(4/175)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1231- وُجِدت إذا اصطلَحُوا خيرَهم وزَنْدُك أثقبُ أزنادها
فجمع فرخ على أفراخ وزند على أزناد، ومذهب الجمهور أنه لا ينقاس، وعليه مشى في التسهيل. وذهب الفراء إلى أنه ينقاس فيما فاؤه همزة نحو: ألف، أو واو نحو: وهم. وظاهر كلامه في شرح الكافية موافقته على الثاني فإنه قال: إن أفعالًا أكثر من أفعل في فعل الذي فاؤه واو كوقت وأوقات، ووصف وأوصاف، ووقف وأوقاف، ووكر وأوكار، ووعر وأوعار، ووغد وأوغاد، ووهم وأوهام، فاستثقلوا ضم عين أفعل بعد الواو، فعدلوا إلى أفعال كما عدلوا إليه فيما عينه معتلة، وكما شذ في المعتل أعين وأثوب كذلك شذ فيما فاؤه واو: أوجه. هذا لفظه بحروفه.
ثم قال: إن المضاف من فعل كالذي فاؤه واو في أن أفعالًا في جمعه أكثر من أفعل كعم وأعمام، وجد وأجداد، ورب وأرباب، وبر وأبرار، وشت وأشتات، وفن وأفنان، وفذ وأفذاذ، هذا أيضًا لفظه.
الثالث: مما حفظ فيه أفعال فعيل بمعنى فاعل نحو: شهيد وأشهاد،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: لا ماء هناك "ولا شجر". قاله العيني. إلا تفسير الزغب بما مر فعبد القادر، وإلا قولي جمع زغباء كحمر وحمراء، وبما ذكر يعلم فساد جعل البعض تبعًا لعبد القادر: الزغب بالضم فالسكون جمع زغب بالتحريك، وفي قول العيني وغيره أي: لا ماء هناك ولا شجر منافاة لتفسير ذي مرخ بواد كثير الشجر، فتأمل.
قوله: "وزندك" بفتح الزاي وسكون النون وهو العود الأعلى الذي يقدح به النار، والزندة بالهاء العود الأسفل، كذا في العيني والتصريح. قوله: "فجمع فرخ... إلخ" والقياس فيهما أفرخ وفراخ وأزند وزناد. قوله: "أكثر من أفعل... إلخ" يقتضي أن أفعل في واوي الفاء كثير، وهو منافٍ لقوله آخرًا: شذ فيما فاؤه واو أوجه، ولعل هذا هو الحامل للشارح على قوله: هذا لفظه بحروفه. وأما جواب شيخنا عن التنافي بأن أكثر بمعنى كثير فينا فيه اقترانه بمن. وأما جواب البعض عنه بأن معنى أكثر من فعل أكثر بالنسبة إليه، فغير دافع. قوله: "ووعر" كصعب وزناد ومعنى مصباح. قوله: "ووغد" قوله: "بعين" معجمة ساكنة وهو الدنيء الذي يخدم بطعام بطنه. قوله: "كما عدلوا فيما عينه معتلة" لثقل الضمة على حرف العلة. قوله: "أوجه" أي: وكان من القياس جمعه على أفعال؛ لكن المسموع كثيرًا وجوه وأوجه، فالذي يقتضيه صنيعه أن القياس يقتضي جمع وجه على أفعال لا أن جمعه على أفعال واقع في استعمالهم حتى يرد اعتراض البعض تبعًا لشيخنا بأنه لم يسمع أوجاه، فتأمل. قوله:
"وفذ" بفاء وذال معجمة الواحد، وجاء القوم فذاذًا بالضم من التخفيف والتشديد وأفذاذًا أي: فُرادى. مصباح.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1231- البيت من المتقارب، وهو للأعشى في ديوانه ص123، وشرح أبيات سيبويه 2/ 359، وشرح التصريح 2/ 303، والكتاب 3/ 568، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 311، وشرح المفصل 5/ 16، والمقاصد النحوية 4/ 526، والمقتضب 2/ 196.(4/176)
وغالبًا أغناهم فِعْلانُ في فُعَل كقولهم صِرْدَانُ
في اسمٍ مذكَّرٍ رباعي بمد ثالثٍ أفْعِلَة عنهم اطَّرَدْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفاعل نحو: جاهل وأجهال، وفعال نحو: جبان وأجبان، وفعول نحو: عدو وأعداء، وفعل نحو: هضبة وأهضاب، وفعلة نحو: نضوة وأنضاء، وفُعلة نحو: بركة وأبراك، والبركة طائر من طير الماء، وفَعِلة نحو: نمرة وأنمار، وقالوا أيضًا: جلف وأجلاف، وحر وأحرار، وقماط وأقماط، وغثاء وأغثاء، وأغيد وأغياد، وخريدة وأخراد، ووأد وأوآد، وذُوطة وأذواط -لضرب من العناكب تلسع- وقالوا أيضًا: أموات لجمع ميت وميتة، وكل ذلك شاذ لا يقاس عليه.
"وغالبًا أغناهم فعلان في فعل كقولهم صردان" أي: أن الغالب في فعل بضم الفاء وفتح العين أن يجمع على فعلان بكسر الفاء كقولهم في صرد: صردان، وفي جرذ: جرذان، وفي نغر: نغران، وأشار بقوله: "غالبًا" إلى ما شذ من ذلك نحو: رطب وأرطاب.
تنبيه: نص في غير هذا الكتاب إلى أن فعلان مطرد في فعل، وكلامه هنا غير موف بذلك.
"في اسم مذكر رباعي بمد ثالث أفعلة عنهم اطرد" أفعلة مبتدأ ، واطرد خبره،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "نحو: هضبة" بضاد معجمة ساكنة فموحدة الجبل المنبسط على وجه الأرض، والأكمة القليلة النبات والمطر وجمعها هضاب. مصباح. قوله: "نحو: نضوة" بكسر النون وسكون الضاد المعجمة الهزيلة من النوق. زكريا. قوله: "نحو: بُرْكة" بضم الموحدة وسكون الراء. قوله: "نحو: نمرة" بفتح النون وكسر الميم نوع من البسط. قوله: "وقالوا" أي: شذوذًا، ووجه الشذوذ في جلف وحر أنهما وصفان. قوله: "وقماط" قال في المصباح: القماط خرقة عريضة يشد بها الصغير وجمعه قمط مثل: كتاب وكتب، وقمط الصغير بالقماط قمطًا من باب قتل، ثم أطلق على الحبل فقيل: قمط الأسير قمطًا من باب قتل إذا شد يديه ورجليه بالحبل. اهـ. قوله: "وغثاء" بغين معجمة مضمومة فثاء مثلثة الهالك من ورق شجر يخالط زبد السيل. قوله: "وأغيد" قال في الصحاح: الغيد النعومة، ثم قال: والأغيد الوسنان المائل العنق.
قوله: "وخريدة" بفتح الخاء المعجمة المرأة الحسنة وذات الحياء والعذراء واللؤلؤة التي لم تثقب. قوله: "وذوطة" قال الدماميني: بذال معجمة مضمومة فواو ساكنة فطاء مهملة عنكبوت صفراء الظهر. اهـ. ومقتضي صنيع القاموس أنه بفتح الذال وسكون الواو، فقول البعض: بكسر الذال المعجمة وفتح الواو غير موافق لواحد من الضبطين.
قوله: "أغناهم فعلان... إلخ" ذكر هذا الجمع هنا مع أنه جمع كثرة؛ لأنه لما كان هو المطرد في هذا الوزن دون أفعال استدرك به على قوله: وغير ما أفعل... إلخ. قوله: "في فعل" قال شيخنا والبعض: هل يشمل نحو: عمر وأدد، فيجمعان على عمران وإدان. وأقول: صرح الدماميني وابن عقيل على التسهيل بجمع أدد على إدان، كما يجمع صرد على صردان. قوله: "في صرد" بالصاد المهملة والراء طائر ضخم الرأس يصطاد العصافير، قيل: وهو أول طير صام لله تعالى. قوله: "وفي جرذ" بالجيم والراء والذال المعجمة قال الجوهري: ضرب من الفأر. قوله: "وفي نغر" بالنون والغين المعجمة والراء جمع نغرة، قال الجوهري: كهمزة وهو طير كالعصافير حمر المناقير. اهـ تصريح. وقال زكريا: هو العصفور. قوله: "وكلامه هنا غير موف بذلك" فيه أن معنى غلبة وزن جمع في وزن مفرد كونه أكثر فيه من غيره، وأكثريته فيه(4/177)
والزَمْهُ في فَعَالٍ أو فِعَالِ مُصَاحِبَيْ تضعيفٍ أو إعلالِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي اسم وعنهم يتعلقان باطرد، وبمد في موضع جر صفة لاسم، وثالث صفة لمدة يعني: أن أفعلة يطرد في جمع اسم مذكر رباعي بمد قبل آخره نحو: طعام وأطعمة ورغيف وأرغفة وعمود وأعمدة. واحترز بالاسم من الصفة، وبالمذكر من المؤنث، وبالرباعي من الثلاثي، وبالمد الثالث من العاري عنه، فلا يجمع شيء من ذلك على أفعلة إلا ما شذ من قولهم: شحيح وأشحة، وهو صفة، وعقاب وأعقبة، وهو مؤنث، وقدح وأقدحة، وهو ثلاثي، وجائز وأجوزة، وليس مده ثالثًا، والجائز الخشبة الممدودة في أعلى السقف.
ومما شذ من ذلك مما لم يستكمل الشروط فيحفظ ولا يقاس عليه قولهم: نجد وأنجدة، وصلب وأصلبة، وباب وأبوبة، ورمضان وأرمضة، وعَيْل وأعولة، وجزة وأجزة، ونضيضة وأنضة، وقن وأقنة، وخال وأخولة، وقفا وأقفية، والجزة صوف شاة مجزوزة، والنضيضة المطرة القليلة.
"والزمه" أي: الجمع على أفعلة "في فعال" بالفتح "أو فعال" بالكسر "مصاحبي تضعيف أو إعلال" فالأول نحو: بتات وأبتة وزمام وأزمة، والثاني نحو: قباء وأقبية وإناء وآنية، وشذ من الأول: عنان وعنن وحجاج وحجج. ومن الثاني قولهم في جمع سماء بمعنى المطر سُمِيّ، وسمع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دليل اطراده فيه، فتعليل البعض كلام الشارح بأن الإغناء في الغالب لا يستلزم الاطراد ممنوع.
قوله: "وثالث صفة لمد" غير متعين؛ بل يصح أن يكون مضافًا إليه. قوله: "وبالمد الثالث" كذا في نسخ، وهو الموافق لما قدمه من كون ثالث صفة لمد، وفي نسخ: وبمد الثالث، وهي مخالفة لما قدمه، وكذا ما في نسخ: وبالمد للثالث، ولعل نكتة المخالفة الإشارة إلى جواز كون التركيب إضافيًّا.
قوله: "شحيح" وقياس جمعه أشحاء وشحاح. قوله: "وعقاب" وقياس جمعه أعقب وعقبان. قوله: "قدح" بكسر القاف وسكون الدال المهملة وهو السهم قبل أن يراش وقياس جمعه قداح وأقداح. قوله: "وجائز" بجيم أوله وزاي آخره. قوله: "نجد" بفتح النون وسكون الجيم وهو ما ارتفع من الأرض. قوله: "وعيل" بفتح العين المهملة وتشديد التحتية المكسورة واحد العيال، وقياس جمعه عياييل.
قوله: "وجزة" بكسر الجيم. قوله: "ونضيضة" بنون مفتوحة وضادين معجمتين، ووجه شذوذ جمعه على أنضة زيادته على أربعة أحرف. تصريح. قوله: "فالأول" وهو المضاعف ومضاعف الثلاثي ما كان عينه ولامه من جنس واحد. تصريح. قوله: "بتات" بموحدة مفتوحة ففوقيتين متاع البيت. قوله: "وأبتة" أصلة أبتتة، فالتقى مثلان فنقلت حركة أولهما إلى الساكن قبله ثم أدغم أحد المثلين في الآخر، وكذا يقال في أزمة ونحوه. قوله: "والثاني" وهو معتل اللام بأن تكون لامه ياء أو واوًا. قوله: "عِنَان" بكسر العين المهملة ما يقاد به الفرس وبفتحها السحاب كما في المصباح، والمراد هنا المكسورة كما يُؤخذ من قول الدماميني في مبحث: فعل بفتحتين، وندر عنن جمع عنان بالكسر، ووطط جمع وطاط بفتح الواو. قوله: "وحجاج" بفتح الحاء وكسرها وجيمين العظم الذي ينبت عليه الحاجب ذكر ذلك الجوهري. زكريا. قوله: "بمعنى المطر" أي: ليكون مذكرًا. قوله: "سمي" بضم السين وكسر الميم وتشديد التحتية كما ضبطه الشارح بخطه أصله سموي(4/178)
فُعْلٌ لنحوِ أحمر وحَمْرَا وفِعْلَةٌ جمعًا بنَقْلٍ يُدْرَى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أيضًا اسمية على القياس، وسيأتي تقييد كلامه هنا بما ذكرته في قوله: ما لم يضاعف في الأعم ذو لألف.
"فعل" بضم الفاء وسكون العين جمع كثرة، وهو على قسمين: قياسي وسماعي؛ فالقياسي ما كان جمعًا "لنحو أحمر وحمرا" وصفين متقابلين فتقول فيهما: حمر، أو لأفعل وفعلاء وصفين منفردين لمانع في الخلقة نحو: أكمر للعظيم الكمرة، وآدر ورتقاء وعفلاء، فتقول فيها: كمر وأدر ورتق وعفل، فإن كانا منفردين لمانع في الاستعمال خاصة نحو: رجل آلى وامرأة عجزاء؛ إذ لم يقولوا: رجل أعجز ولا امرأة ألياء في أشهر اللغات، ففي اطراد فعل حينئذ خلاف: نص في شرح الكافية على اطراده وتبعه الشارح،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فعل به ما تقدم في الصفي. واعلم أن نحو: سبيل وطريق ولسان وسلاح مما يذكر ويؤنث، فإن اعتبر التذكير قيل في جمع القلة: أسبلة وأطرقة وألسنة وأسلحة، وإن اعتبر التأنيث قيل في جمع القلة: أسبل وأطرق وألسن وأسلح، والبعير يقع على الذكر والأنثى، سمع صرعتني بعيري فيقال على الأول: أبعرة، وعلى الثاني: أبعر. فارضي.
قوله: "وسيأتي تقييد كلامه هنا بما ذكرته في قوله... إلخ" فهم شيخنا وتبعه البعض أن مراده بما ذكره فيما يأتي اطراد جمع فعيل وفعول المضاعفين كسرير وذلول على فعل بضمتين لا على أفعلة، ثم اعترض بأنه لا حاجة إلى هذا التقييد لإغناء كلام المصنف هنا عنه؛ لأنه قال: في فعال أو فعال، فكلامه ليس إلا فيما مدته ألف فيخرج المضاعف الذي مدته ياء أو واو يمكن أن يكون مراده بما ذكره هناك جمع عنان على عنن وحجاج على حجج ووطاط على وطط شذوذًا يعني: أن ما ذكره المصنف هنا من لزوم أفعلة في فعال أو فعال المضاعفين ليس على إطلاقه؛ بل مقيد بغير هذه الثلاثة لورود جمعها على فعل بضمتين شذوذًا، كما يؤخذ من قول المصنف بعد: ما لم في الأعم ذو الألف.
قوله: "لنحو أحمر" قال ابن هشام: يستثنى منه أجمع وأكتع وأبتع وأبصع؛ فإنهم التزموا في جمعها جمع السلامة، ولا يجيزون تكسيرها، ولم يستثنها المصنف لقلتها. سيوطي. قوله: "وصفين متقابلين" أي: أحدهما للمذكر والآخر للمؤنث. قوله: "وصفين منفردين" بأن يكون للمذكر أفعل وليس للمؤنث فعلاء أو بالعكس. قوله: "لمانع في الخلقة" بأن تكون خلقة المذكر أو المؤنثة غير قابلة للوصف. قوله: "للعظيم الكَمْرة" بفتح الكاف وسكون الميم وهي حَشَفَةُ الذَّكَر.
قوله: "وآدر" بفتح الهمزة الممدودة والدال المهملة لعظيم الأدرة بضم الهمزة وسكون الدال وهي الخصية المنتفخة. قوله: "ورتقاء" براء ففوقية فقاف من الرتق بالتحريك وهو انسداد الفرج باللحم. قوله: "وعفلاء" بعين مهملة ففاء من العفل بفتح العين والفاء وهو شيء يجتمع في قُبُل المرأة يشبه الأدرة للرجل. تصريح. قوله: "آلى" بهمزة ممدودة ثم ألف بعد اللام أي: كبير الألية، والأصل أألى بهمزتين ثانيتهما ساكنة وتحتية بعد اللام فقلبت الهمزة الثانية ألفًا وكذا التحتية لتحركها وانفتاح ما قبلها. قوله: "عجزاء" بالجيم والزاي أي: كبيرة العجز. قوله: "في أشهر اللغات" وحكي امرأة ألياء ورجل أعجز، فعلى هذا يقال: رجال ألي ونساء ألي، ورجال عجز(4/179)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ونص في التسهيل على أن فعلًا فيه محفوظ، وإطلاقه هنا يوافق الأول.
تنبيهات: الأول: يجب كسر فاء هذا الجمع فيما عينه ياء نحو: بيض؛ لما سيذكر في التصريف. الثاني: يجوز في الشعر ضم عينه بثلاثة شروط: صحة عينه وصحة لامه وعدم التضعيف؛ كقوله:
1232- وأَنْكَرَتْنِي ذواتُ الأعينِ النُّجُلِ
وهو كثير، فإن اعتلت عينه نحو: بيض وسود، أو لامه نحو: عمي وعشو، أو كان مضاعفًا نحو: غر مع أغر، لم يجز الضم. الثالث: من قسم السماعي من هذا الجمع قولهم: بدنة وبدن، وأسد وأسد، وسقف وسقف، وثنى وثنى، وعفو وعفو، ونموم ونم، وعميمة وعم، وبازل وبزل، وعائذ وعوّذ، وحاج وحج، وأظل وظل، ونقوق ونق -والنقوق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ونساء عجز. تصريح. قوله: "يوافق الأول" قال المرادي: فإن خص كلامه بالمتقابلين أخذًا من المثال لم يستقم لخروج المنفردين لمانع في الخلقة فتعين التعميم. اهـ. قال سم: وما ادعاه من عدم الاستقامة ممنوع؛ لأنه إذا خص كلامه بالمتقابلين كان في المفهوم تفصيل، وذلك جائز. اهـ. لكن لا يخفى أن عدم التخصيص أَوْلَى. قوله: "ذوات الأعين النجل" بنون وجيم جمع نجلاء وهي العين الواسعة.
قوله: "وثنى" بكسر المثلثة وفتح النون مع القصر كذا في التصريح والفارضي، ثم حكى الفارضي قولًا بأنه بتشديد الياء التحتية كصبي، والذي في الدماميني أنه بضم المثلثة وكسرها مع إسكان النون فيهما، وسيذكر الشارح أنه الثاني في السيادة. قوله: "وعميمة" بعين مهملة مفتوحة. قوله: "وبازل" بموحدة ثم زاي يقال: بعير بازل وناقة بازل إذا انشق نابهما، وذلك في السنة التاسعة، وربما كان في الثامنة. وقوله: "وبزل" في القاموس أن بازلًا تجمع على بزل ككتب يعني: بضمتين، وهذا يضعف ما قاله الشارح من جمع بازل على بزل بسكون الزاي؛ لجواز أن يكون سكونها للتخفيف، والأصل الضم كسكون كتب ورسل ونحوها، كذا قال شيخنا والبعض؛ لكن قول الصحاح يجمع حاج على حج مثل: بازل وبزل وعائذ وعوذ، يؤيد كلام الشارح. قوله: "وعائذ" بالذال المعجمة. قوله: "وحاج" بحاء مهملة وجيم مشددة من حج الكعبة.
قوله: "وأظل" بفتح الهمزة والظاء المعجمة وتشديد اللام، ولا وجه لما نقله شيخنا عن الشارح وأقره من ضبط اللام بقلمه بالفتح إلا أن يدعي أنه في الأصل وصف، فيمنع من الصرف للوصف في الأصل ووزن الفعل. قوله: "ونقوق" بنون وقافين على وزن صبور. قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1232- صدره: طوى الجديدانِ ما كنتُ أنْشُرُهُ
والبيت من البسيط، وهو لأبي سعد المخزومي في ديوانه ص51، وأمالي القالي 1/ 259، والدرر 6/ 275، وبلا نسبة في المقاصد النحوية 4/ 530، وهمع الهوامع 2/ 175.(4/180)
وفُعُلٌ لاسم رباعي بمد قد زِيد قبل لامِ اعلالًا فَقَدْ
ما لم يُضاعَفْ في الأعمِّ ذو الألف وفُعَل جمعًا لفُعُلَةٍ عُرِفْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الضفدعة الصياحة- والنموم النمام والعميمة النخلة الطويلة، والأظل باطن القدم، والعائذ الناقة القريبة العهد بالنتاج.
"وفعلة جمعًا بنقل يدرَى" فعلة مبتدأ خبره يدرى، وجمعًا مفعول ثانٍ بيدرى أي: من جموع القلة فعلة كما عرفت، ولم يطرد في شيء من الأبنية بل محفوظ في ستة أوزان: فَعِيل نحو: صبي وصبية، وفَعَل نحو: فتى وفتية، وفَعْل نحو: شيخ وشيخة، وثور وثيرة، وفُعَال نحو: غلام وغلمة، وفَعَال نحو: غزال وغزلة، وفَعِل نحو: ثنى وثنية -والثنى هو الثاني في السيادة- ومرجع ذلك كله النقل لا القياس، كما أشار إليه بقوله: بنقل يدرى.
تنبيهان: الأول: فائدة قوله: "جمعًا" التعريض بقول ابن السراج المنبه عليه أول الباب؛ ولذلك لم يقل مثل هذا في غيره من جموع القلة؛ إذ لا خلاف فيها. الثاني: لو قدم قوله: وفعلة جمعًا بنقل يدرى، على قوله: فعل لنحو أحمر وحمرا؛ لكان أنسب لتوالي جموع القلة.
"وفعل لاسم رباعي بمد قد زيد قبل لام اعلالا فقد ما لم يضاعف في الأعم ذو الألف" أي: من أمثلة جمع الكثرة فعل بضمتين، وهو يطرد في اسم رباعي بمدة قبل لامه صحيح اللام، وهو المراد بقوله: إعلالًا فقد، فإعلالا مفعول مقدم، فإن كانت مدته ياء أو واوًا لم يشترط فيه غير الشروط المذكورة نحو: قضيب وقضب وعمود وعمد، وإن كانت ألفًا اشترط فيه مع ذلك ألا يكون مضاعفًا نحو: قذال وقذل وحمار وحمر. واحترز بالاسم عن الصفة؛ فإنها لا تجمع على فعل، وشذ في وصف على فَعَال نحو: صناع وصنع، وفِعَال نحو: ناقة كناز ونوق كنز. وحكى ابن سيدة أن من العرب من يقول: نوق كناز بلفظ الإفراد، فيكون من باب دلاص، وقد سبق الكلام عليه أول الباب، وعلى فعيل نحو: نذير ونذر، ويرد عليه فعول لا بمعنى مفعول نحو: صبور وغفور، فإنه يطرد فيه فُعُل نحو: صبر وغفر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"وثيرة" وأصله ثورة، قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها. قوله: "الثاني في السيادة" كالوزير بالنسبة للسلطان. قوله: "التعريض بقول ابن السراج" إنه جمع، وقد حصل التعريض بقوله في النظم أول الباب جموع قلة، فكأنه خشي هنا الغفلة عن ذلك. سم. قوله: "المنبه عليه" يحتمل منا وهو ظاهر، ويحتمل من المصنف، فالمراد المنبه عليه تعريضًا ولا يخفى بعده.
قوله: "من جموع القلة" يفهم منه أنه قال مثل ذلك في بعض جموع الكثرة، وهو كذلك؛ كقوله: وفعل جمعًا لفعله عرف. قوله: "لاسم رباعي" مذكرًا كان أو مؤنثًا. قوله: "بمد" الباء للمصاحبة، وجملة: قد زيد قبل لام نعت لمد، وجملة: إعلالًا فقد، نعت للام. قوله: "في الأعم" أي: في الاستعمال الغالب المطرد.
قوله: "نحو: قضيب... إلخ" من هنا وما تقدم يعلم أن نحو: قضيب وعمود وحمار يطرد في جمعه كل من فعل وأفعلة. قوله: "نحو: قذال" للمذكر وهو بفتح القاف والذال المعجمة جماع مؤخَّر الرأس، ومعقد العذار من الفرس خلف الناصية. تصريح. قوله: "نحو: صناع" بفتح الصاد(4/181)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وسيأتي التنبيه عليه.
واحترز بالرباعي من غيره نحو: نار وفيل وسور، ونحو: قنطار وقطمير وعصفور؛ فإنه لا يجمع على فعل شيء منها، واحترز بالمد عن الخالي منه؛ فإنه لا يجمع على فعل، وشذ نمرة ونمر، وبكونه قبل اللام من نحو: دانق وعيسى وموسى، فلا يجمع على فعل، وبصحة اللام عن المعتلها نحو: سقاء وكساء؛ فإنه لا يجمع على فعل، وبعدم التضعيف في ذي الألف عن نحو: بتات وزمام؛ فإن قياسه أفعلة كما مر، وشذ عنان وعنن وحجاج وحجج ووطاط ووطط، كما أشار إليه بقوله: في الأعم، وفهم من تخصيص ذلك بذي الألف أن المضاعف من ذي الياء نحو: سرير، وذي الواو نحو: ذلول، يجمع على فعل نحو: سرر وذلل.
تنبيهات: الأول: لا فرق في الاسم الرباعي الجامع للشروط بين أن يكون مذكرًا -كما مثل- أو مؤنثًا مثل: أتان وأتن، وقلوص وقلص، وكلاهما يطرد فيه فعل. الثاني: ما مدته ألف على ثلاثة أقسام: مفتوح الألف ومكسوره ومضمومه. أما الأول والثاني: ففعل فيهما مطرد وتقدم تمثيلهما. وأما الثالث فظاهر إطلاقه هنا اطراد فعل فيه، وبه صرَّح في شرح الكافية فإنه مثل بقراد وقرد وكراع وكرع في المطرد وتبعه الشارح، وذكر في التسهيل أن فعلًا نادر في فعال، وهو الصحيح، فلا يقال في غراب: غرب، ولا في عقاب: عقب، وإذا قلنا باضراده فيشترط ألا يكون مضاعفًا كما شرط ذلك في أخويه. الثالث: يجب في غير الضرورة تسكين عين هذا الجمع إن كانت واوًا نحو: سوار وسور، ومن ضمهما في الضرورة قوله:
1233- أَغَرُّ الثنايا أَحَمُّ اللَّثَاتِ يُحَسِّنُهَا سُوكُ الإِسْحَلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المهملة المرأة المتقنة ما تصنعه النساء. قوله: "ويرد عليه... إلخ" أجاب عنه سم بأن في مفهوم قول المصنف لاسم تفصيلًا؛ فلا يعترض. قوله: "لا بمعنى مفعول" بل بمعنى فاعل، كما عبر به ابن المصنف. سم. قوله: "وسيأتي التنبيه عليه" أي: في التنبيه الرابع. قوله: "عِنَان" بكسر العين المهملة. دماميني. قوله: "ووطاط" بواو مفتوحة وطاءين مهملتين وهو الضعيف. تصريح. قوله: "مثل: أتان" هي أنثى الحمير. قوله: "وقلوص" بفتح القاف الناقة الشابة. قوله: "وكلاهما يطرد فيه فعل" المناسب فاء التفريع. قوله: "فظاهر إطلاقه" أي: حيث قال: لاسم رباعي... إلخ فإنه شامل لمفتوح الأول ومكسوره ومضمومه، أو حيث قال: ذو الألف من غير تقييد. قوله: "فإنه مثل بقراد... إلخ" أي: وكل من قراد وكراع مضموم الأول، والكراع بكاف وراء وعين مهملة في الغنم والبقر بمنزلة الوظيف في الفرس والبعير، وهو مستدق الساق، يذكر ويؤنث، والجمع أكرع ثم أكارع، والكراع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1233- البيت من المتقارب، وهو لعبد الرحمن بن حسان في ديوانه ص48، ولسان العرب 10/ 446 "سوك"، وبلا نسبة في شرح المفصل 10/ 84، ولسان العرب 11/ 573 "قول"، والمقاصد النحوية 4/ 530، والمقتضب 1/ 113، والممتع في التصريف 2/ 467، والمنصف 1/ 338.(4/182)
ونحو كُبْرَى ولفِعْلَةٍ فِعَلْ وقد يجيء جَمْعُهُ على فُعَلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويجوز تسكين عينه إن لم تكن واوًا نحو: قذل وحمر، وإن كانت ياء كسرت الفاء عند التسكين فتقول في سيال: سُيُل وسِيل، فإن كان مضاعفًا لم يجز تسكينه لما يؤدي إليه من الإدغام، وندر قولهم: ذباب وذب والأصل ذبب.
الرابع: فُعُل يطرد في نوعين؛ أحدهما: المتقدم، والآخر: وصف على فعول لا بمعنى مفعول نحو: صبور وصبر، فإن كان بمعنى مفعول لم يجمع على فعل نحو: ركوب، ولم يذكره هنا فأوهم أنه غيره مقيس، وليس كذلك.
"وفعل جمعًا لفعله عرف ونحو كبرى" أي: من أمثلة جمع الكثرة فُعَل بضم ثم فتح، ويطرد في نوعين؛ الأول: فُعْلة بضم الفاء اسمًا نحو: غرفة وغرف، فإن كان صفة نحو: ضحكة لم يجمع على فعل، وشذ قولهم: رجل بهمة ورجال بهم. الثاني: الفعلى أنثى الأفعل نحو: الكبرى والكبر، فإن لم يكن أنثى الأفعل نحو: بهمى ورجعى، لم يجمع على فعل.
تنبيهات: الأول: أخل باشتراط الاسمية في فعلة، وهو شرط كما عرفت، وأما اشتراط كون فعلى أنثى الأفعل فأعطاه بالمثال. الثاني: اقتصر هنا وفي الكافية على هذين النوعين وقال في شرحها بعد ذكرهما: وشذ فيما سوى ذلك يعني فعلًا، وزاد في التسهيل نوعًا ثالثًا وهو فُعُلة اسمًا نحو: جمعة وجمع، فإن كان صفة نحو: امرأة شُلُلة وهي السريعة لم يجمع على فعل، واستثقل بعض التميميين والكلبيين ضم عين فعل في المضاف، وجعلوا مكانها فتحة، فقالوا: جدد وذلل بدل جدد وذلل، فهذا نوع رابع على هذه اللغة يطرد فيه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أيضًا اسم لجماعة الخيل. اهـ زكريا.
قوله: "أغر الثنايا" أي: أبيضها، أحم من الحمة وهي لون بين الدهمة والكمتة ودون الحوة كما في القاموس، وفيه أن الدهمة السواد، والكمتة شدة الحمرة، والحوة سواد إلى خضرة أو حمرة إلى سواد، واللثات جمع لثة وهي اللحمة المركبة فيها الأسنان، والسوك جمع سواك، والإسحل بكسر الهمزة والحاء المهملة بينهما سين مهملة شجر تتخذ منه المساويك.
قوله: "في سيال" بسين مهملة مكسورة كما في خط السيوطي، قال في الصحاح: السيال بالفتح ضرب من الشجر له شوك. اهـ. وكذا في الدماميني. قوله: "سيل" أي: بضمتين "وسيل" أي: بكسر فسكون. قوله: "فإن كان مضاعفًا" مقابل لمحذوف تقديره: هذا؛ أي: تسكين عين الجمع إذا لم يكن مضاعفًا. قوله: "ذباب" بذال معجمة مضمومة وموحدتين. قوله: "ولم يذكره" أي: النوع الآخر. قوله: "نحو: ضحكة" بضم فسكون، وهو من يُضحك منه كثيرًا. وأما بضم ففتح فهو من يضحك كثيرًا. قوله: "بهمة" بضم الموحدة الشجاع الذي لا يدري من أين يُؤتى. زكريا. قوله: "بهمى" بضم الموحدة وسكون الهاء اسم لنبت معروف كما في القاموس. قوله: "يعني: فعلا" تفسير للضمير في شذ. قوله: "وهو فعلة" أي: بضمتين. قوله: "شللة" بضم الشين المعجمة واللام الأولى. وقوله: وهي السريعة أي: في حاجتها. قوله: "وجعلوا مكانها فتحة" سواء عندهم في ذلك الاسم والصفة كما قاله أبو الفتح(4/183)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فعل.
الثالث: اختلف في ثلاثة أنواع أخر؛ أولها: فعلى مصدرًا نحو: رجعى. وثانيها: فعلة فيما ثانيه واو ساكنة نحو: جوزة، فقاسه الفراء في هذين النوعين فتقول في جمعهما رجع وجوز، كما قالوا في رؤيا ونوبة: رؤى ونوب، وغيره يجعل رؤى ونوب مما يحفظ ولا يقاس عليه. وثالثها: فُعْل مؤنث بغير تاء نحو: جُمْل، فهذا يجمع على فعل قياسًا عند المبرد، وغيره يقصره على السماع، وكلامه في الكافية وشرحها يقتضي موافقة المبرد، فإنه قال فيها: وهِنْدُ مِثْلُ كَسْرَةٍ في فُعَلِ وجُمْلُ مِثْلُ بُرْمَةٍ في فَعَلِ
وقال في شرحها: ويلحق فعل وفعل مؤنثين بفعلة وفعلة، فيقال: هند وهند وجمل وجمل.
الرابع: مما حفظ فيه فعل قولهم: تخمة وتخم، وقرية وقرى، وعدو وعدى، ونقوق ونقق، وحكى ابن سيدة في جمع نفساء نفسًا بالتخفيف ونفسًا بالتشديد، وعلامة جمعية فعل الذي له واحد على فعلة ألا يستعمل إلا مؤنثًا، نص على ذلك سيبويه، فرطب عنده اسم جنس لقولهم: هذا رطب، وأكلت رطبًا طيبًا، وتخم عنده جمع؛ لأنه مؤنث. اهـ.
قوله: "ولفعلة فعل" أي: من أمثلة جمع الكثرة فعل بكسر أوله وفتح ثانيه وهو مطرد في فعلة اسمًا تامًّا كما قيده في التسهيل بذلك نحو: كسرة وكسر، وحجة وحجج، ومرية ومرى. والاحتراز بالاسم عن الصفة نحو: صِغْرة وكبرة وعجزة في ألفاظ ذكرت في المخصص، وذكر أنها تكون هكذا للمفرد والمثنى والمجموع، وشذ: رجل صِمّة ورجال صمم، وامرأة ذربة ونساء ذرب، والصمة الشجاع والذربة الحديدة اللسان، وبالتام عن نحو: رقة؛ فإن أصله ورق؛ ولكن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والشلوبين. قوله: "فهذا نوع رابع" قد يجاب عن هذا الرابع بأن الجمع فيه محول عن أصله تخفيفًا والكلام في الأصل. سم.
قوله: "كما قالوا في رؤيا ونوبة" بنون ثم موحدة، وفيه مع ما قبله لف ونشر مرتب. قوله: "رؤى" كهدى لانقلاب الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها. قوله: "يجعل رؤى ونوب" الظاهر ونوبا بالنصب كما في بعض النسخ عطفًا على مفعول يجعل؛ لكنه رفع رؤى ونوب على حكايتهما حال الرفع. قوله: "مما يحفظ ولا يقاس عليه" لأن رؤيا ليست أنثى أفعل ونوبة مفتوحة الأول، والكلام في مضمومته ومثله جمع قرية على قرى.
قوله: "وثالثها فعل" أي: بضم فسكون. قوله: "وعلامة جميعة فعل... إلخ" هذا متعلق بقوله مما يحفظ فيه فعل قولهم: تخمة وتخم أي: علامة كونه جمعًا لا اسم جنس جمعيًّا. قوله: "تامًّا" أي: مشتملًا على جميع أصوله. سم. قوله: "نحو: صغرة" بكسر الصاد المهملة وسكون الغين المعجمة. قوله: "في ألفاظ... إلخ" أي: حالة كونها من جملة ألفاظ، ففي بمعنى من أو الظرفية من ظرفية الجزء في الكل، ويصح أن تكون بمعنى مع، والمخصص اسم كتاب في اللغة لابن السيد. قوله: "صمة" بكسر الصاد المهملة وتشديد الميم. قوله: "ذربة" بكسر الذال المعجمة وسكون الراء. قوله: "وبالموحدة" وهو لغة في ذربة كنبقة. قوله: "فإن أصله ورق" كذا في بعض النسخ، وهو الصواب، وفي بعضها ورقة، وليس بصواب؛(4/184)
في نحوِ رامٍ اطِّرَادٍ فُعَلَهْ وشاعَ نحوُ كَاملٍ وكَمَلَهْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حذفت فاؤه؛ فإنه لا يجمع على فعل، وإنما لم يقيد فعله هنا بهذين القيدين لقلة مجيئها صفة حتى ادعى بعضهم أنها لم تجئ صفة، وإن كان الأصح خلافه كما عرفت؛ ولأن نحو: رقة لم يبقَ على وزن فعلة، فلا حاجة للاحتراز عنه.
تنبيهات: الأول: قاس الفراء فعلًا في فعلى اسمًا نحو: ذكرى وذكر، وفي فعلة يائي العين نحو: ضيعة وضيع، كما قاس فعلًا في نحو: رؤيا ونوبة، وقاسه المبرد في نحو: هند، كما قاس فعلًا في نحو: جمل، وقد تقدم. ومذهب الجمهور أن ما ورد من ذلك يحفظ ولا يقاس عليه.
الثاني: قال في التسهيل: ويحفظ يعني فعلًا باتفاق في فعلة واحد فعل أي نحو: سدرة وسدر، والمعوض من لامه تاء أي نحو: لثة ولثى، وفي نحو: معدة وقشع وهضبة وقامة وهِدْم وصُورة وذربة وعدو وحدأة، والقشع الجلد البالي، والهدم الثوب الخلق.
الثالث: لا يكون فِعَل ولا فِعال لما فاؤه ياء إلا ما ندر كيعار، قاله في التسهيل، واليعار جمع يَعْر ويَعْرة واليعر الجدي يربط في الزبية للأسد.
"وقد يجيء جمعه" أي: فعلة بالكسر "على فُعَل" بالضم، قال في شرح الكافية: وقد ينوب فعل عن فعل وفعل عن فعل، فالأول كحلية وحلى ولحية ولحى. والثاني كصورة وصورة وقوة وقوى.
"في نحو رام ذو اطراد فعلة" فعلة مبتدأ خبره ذو اطراد أي: من أمثلة جمع الكثرة فعلة بضم الفاء وهو مطرد في فاعل وصفًا لمذكر عاقل معتل اللام نحو: رام ورماة وقاض وقضاة وغاز وغزاة، وقد أشار إلى ذلك بالتمثيل،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأن الهاء عوض من الواو فلا يجمع بينهما. قوله: "لم يبقَ على وزن فعلة" بل ولا كان على وزن فعلة خلافًا لما تقتضيه عبارته في بعض النسخ، كما عرفت.
قوله: "الثاني: قال في التسهيل... إلخ" فيه تقييد لكلام الناظم بفعلة التي ليس لها اسم جنس جمعي على وزن فعل بكسر فسكون. قوله: "وسدر" أي: بكسر ففتح، أما سدر بكسر فسكون فاسم جنس جمعي لا جمع. قوله: "أي: نحو لثة" فإن أصله لثى كعنب. قوله: "وقشع" بقاف مفتوحة فشين معجمة ساكنة فعين مهملة. قوله: "وهضبة" أسلفنا تفسيرها قبيل الكلام على قوله: وغالبًا أغناهم فعلان... إلخ. قوله: "وهدم" بكسر الهاء وسكون الدال المهملة. قوله: "وصورة" بضم الصاد المهملة. قوله: "الثوب الخلق" بفتحتين أي: البالي. قوله: "لا يكون فعل" أي: بكسر ففتح ولا فعال بكسر الفاء.
قوله: "إلا ما ندر كيعار" راجع لقوله: ولا فعال فقط. قال الدماميني: وتخصيص المصنف لفظة يعار بالتمثيل يدل على أنه لم يسمع في فعل. قوله: "جمع يعر" بفتح التحتية وسكون العين المهملة. قوله: "وقد ينوب فعل... إلخ" قال الفارضي: ولعل هذا خاص بما لامه ياء أو واو. قوله: "ولحى" أي: بضم اللام وكسرت أيضًا على القياس. قوله: "وصور" أي: بكسر الصاد المهملة وضمت أيضًا على القياس. قوله: "وقوى" أي: بكسر القاف وضمت أيضًا على القياس. قوله: "نحو: رام ورماة وقاض وقضاة وغاز وغزاة" والأصل فيهن: رمية وقضية وغزوة، قلبت الياء والواو(4/185)
فَعْلَى لوصفٍ كقَتِيلٍ وزَمِنْ وهَالِكٍ ومَيِّتٌ به قَمِنْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فخرج نحو: مشتر وواد ورامية وضار وصف أسد وضارب، فلا يجمع شيء من ذلك على فعلة، وشذ كمي وكماة، وباز وبزاة، وهادر وهدرة -وهو الرجل الذي لا يعتد به- كما ندر غوى وغواة وعريان وعراة وعدو وعداة ورذى ورذاة.
"وشاع نحو كامل وكملة" أي: من أمثلة جمع الكثرة فعلة بفتح الفاء وهو مطرد في فاعل وصفًا لمذكر عاقل صحيح اللام نحو: كامل وكملة وبار وبررة، وقد أشار أيضًا بالمثال إلى الشروط، فخرج نحو: حذر وواد وحائض وسابق -وصف فرس- ورام فلا يجمع شيء منها على فعلة، وشذ سيد وسادة وخبيث وخبئة وبر وبررة وناعق ونعقة وهي الغربان.
تنبيه: لا يلزم من كونه شائعًا أن يكون مطردًا، فكان الأحسن أن يقول: كذاك نحو: كامل وكملة.
"فعلى لوصف كقتيل وزمن وهالك وميت به قمن" أي: من أمثلة جمع الكثرة فعلى وهو مطرد في وصف على فعيل بمعنى مفعول دال على هلك أو توجع أو تشتت، نحو: قتيل وقتلى، وجريح وجرحى، وأسير وأسرى، ويحمل عليه ما أشبهه في المعنى من فعل كزمن وزمنى، وفاعل كهالك وهلكى، وفيعل كميت وموتى، وفعيل لا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ألفين لتحركهما وانفتاح ما قبلهما، وقيل: إنها فعلة بفتح الفاء وأن الفتحة حولت ضمة للفرق بين معتل اللام وصحيحها. تصريح. قوله: "وضار" بتخفيف الراء كقاض من الضراوة لا بتشديدها من الضرر وإلا كان صحيح اللام. قوله: "وباز" أي: لأنه اسم لا وصف. قوله: "وهادر" بدال مهملة، وقوله: وهدرة أي: بضم الهاء، وسيذكر الشارح أنه يجمع على هدرة بكسرها أيضًا، وفي القاموس أنها تفتح أيضًا فهي مثلثة. قوله: "وهو الرجل... إلخ" ويطلق أيضًا -كما في القاموس- على اللبن الذي خثر أعلاه وأسفله رفيق. قوله: "كما ندر غوى... إلخ" انظر لم يقل: وغوى... إلخ. قوله: "وعدوّ وعداة" عندي فيه نظر لجواز أن يكون العداة بضم العين جمع عاد لا جمع عدو حتى يكون مما ندر؛ بل قال بذلك غير واحد في نحو قول الشاعر: لا يبعدن قومي الذين هم سمّ العداة وآفة الجزر
كما مر، وكذا يقال في قوله: غوى وغواة وعريان وعراة. قوله: "ورذى" براء فذال معجمة فتحتية مشددة بوزن فعيل وهو البعير المنقطع من الإعياء ومن أثقلة المرض. قوله: "أن يكون مطردًا" أي: مع أنه في الواقع مطرد. قوله: "لوصف كقتيل... إلخ" أي: في الزنة والدلالة على هلك أو توجع أو تشتت. قوله: "قمن" بكسر الميم بمعنى حقيق خبر عن ميت، قاله الشاطبي، وعليه فزمن وهالك بالجر عطفًا على قتيل. قال المكودي: ويصح أن يكون زمن مبتدأ، وهالك وميت معطوفين عليه، وقمن خبر، وعلى هذا يتعين فتح ميمه، فإن قمنا المفتوح الميم يستوي فيه الواحد والمثنى والجمع. اهـ. وفي قول الشارح: ويحمل عليه... إلخ ميل إلى الإعراب الثاني.
قوله: "ما أشبهه في المعنى" قال شيخنا والبعض تبعًا لزكريا -أي: في الدلالة على هلك أو توجع أو تشتت- ولو في غير الموصوف ليدخل في ذلك ما سيمثل به الشارح من نحو: أحمق وسكران؛ فإن كلًّا منهما قد(4/186)
لفُعْلٍ اسمًا صحَّ لامًا فِعَلَهْ والوضعُ في فَعْلٍ وفِعْلٍ قَلَّلَهْ
وفُعَّلٌ لفَاعِلٍ وفَاعِلَهْ وصْفَيْنِ نحو عَاذِلٍ وعَاذِلَهْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بمعنى مفعول كمريض ومرضى، وأفعل كأحمق وحمقى، وفعلان كسكران وسكرى، وبه قرأ حمزة والكسائي: "وَتَرَى النَّاسَ سَكْرَى وَمَا هُمْ بِسَكْرَى" [الحج: 2]، وما سوى ذلك محفوظ كقولهم: كيس وكيسى؛ فإنه ليس فيه ذلك المعنى، وسنان ذرب وأسنة ذربى، ومنه قوله: إني امرؤٌ من عُصْبَةٍ سَعْدِيَّةٍ ذَرِبُ الأسِنَّةِ كلَّ يَوْمِ تَلاقِ
"لفعل اسمًا صح لامًا فعله والوضع في فعل وفعل قلله" أي: من أمثلة جمع الكثرة فعلة، وهو لاسم صحيح اللام على فعل كثيرًا نحو: درج ودرجة، وكوز وكوزة، ودب وديبة، وعلى فَعل وفِعل قليلًا، فالأول نحو: غرد وغردة وزوج وزوجة. والثاني نحو: قرد وقردة وحسل وحسلة والحسل الضب، وهو محفوظ في هذين كما يحفظ في غير ذلك كقولهم لضد الأنثى: ذكر وذكرة، وقولهم: هادر وهدرة، واحترز بالاسم من الصفة، وندر في علج علجة، وبالصحيح اللام من نحو: عضو وظبي ونحى؛ فلا يجمع شيء من ذلك على فعلة.
"وفعل لفاعل وفاعلة وصفين نحو عاذل وعاذله" أي: من أمثلة جمع الكثرة فعل، وهو مطرد في وصف صحيح اللام على فاعل أو فاعلة نحو: عاذل وعذل، وعاذلة وعذل، واحترز بوصفين من الاسمين نحو: حاجب العين وجائزة البيت، فلا يجمعان على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يهلك غيره أو يوجعه. اهـ. وأنت خبير بأنه لا حاجة إلى هذا التكلف؛ لأن شأن الأحمق أن يهلك نفسه أو يوجعها، والسكران كذلك، مع أنه لو صح لم يكن جمع ذرب على ذربى شاذًّا؛ لأن شأن السنان الذرب أن يهلك غيره أو يوجعه، فتأمل. قوله: "كميت" أصله ميوت، فُعِلَ به ما فعل بسيد.
قوله: "وترى الناس سكرى" أي: مع الإمالة. قوله: "ذلك المعنى" أي: الهلاك أو التوجع أو التشتت. قوله: "وسنان ذرب" أي: حاد. قوله: "والوضع... إلخ" يعني: أو وضع العرب قلل فعلة في جمع فعل وفعل أي: جعله قليلًا، والإسناد مجاز عقلي؛ لأن المقلل حقيقة صاحب الوضع. قوله: "نحو: درج" بضم الدال المهملة وسكون الراء وبالجيم وهو وعاء المغازل. قوله: "نحو: غرد" بفتح الغين المعجمة وسكون الراء وبالدال المهملة وهو نوع من الكماة، وحكى جماعة كسر الغين وقالوا: إن غردة جمع مكسورها كما في التصريح. قوله: "وحسل" بحاء وسين مهملتين. قوله: "هادر" تقدم معناه قريبًا. قوله: "من الصفة" كحلو ومرٍّ. قوله: "وندر في علج" أي: شديد علجة كان ينبغي إسقاطه؛ لأنه لم يقيد بالاسم إلا فعلًا المضموم الفاء، وكذا لم يقيد بضحة اللام إلا إياه، فكان ينبغي إسقاط قوله: وظبي ونحى أيضًا على أن جمع المفتوح والمكسور على فعلة سماعي مطلقًا، فلا أثر للتفصيل فيه؛ إلا أن يجعل كلام المصنف من الحذف من غير الأول لدلالة الأول، ويجعل التفصيل في غير مضموم الفاء؛ لتمييز القليل من النادر والمعدوم، فافهم.
قوله: "ونحى" بكسر النون وسكون الحاء المهملة وهو وعاء السمن. قوله: "صحيح اللام" خرج معتلها كرامٍ وقاضٍ. قوله: "نحو: حاجب العين وجائزة البيت" احترز بالإضافة عن حاجب بمعنى مانع، وجائزة(4/187)
ومِثْلُهُ الفُعَّالُ فيما ذُكِّرَا وذَان في الْمُعَلِّ لامًا تَدَرَا
فَعْلٌ وفَعْلَةٌ فِعَالٌ لهما وقَلَّ فيما عَيْنُهُ اليا مِنْهُمَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فعل.
"ومثله" أي: مثل فعل "الفعال فيما ذكرا" أي: في المذكر خاصة فيطرد في وصف صحيح اللام على فاعل نحو: عاذل وعذال، وندر في المؤنث كقوله:
1234- أبصارهن إلى الشبان مائلة وقد أراهن عني غير صُدَّاد
وتأوله بعضهم على أن صداد في البيت جمع صاد، وجعل الضمير للأبصار؛ لأنه يقال بصرصاد كما يقال بصرحاد "وذان" أي: فعل وفعال "في المعل لامًا ندرا" نحو: غاز وغزى وغزاء، وندر أيضًا في سخل سخل وسخال، وفي نفساء نفس ونفاس، وندر فعل أيضًا في نحو: أعزل وعزل، وسروء وسرّأ، وخريدة وخرد.
تنبيه: سمي في التسهيل المعتل اللام منهما قليلًا وما بعده نادرًا.
"فعل وفعلة فعال لهما" باطراد اسمين كانا أو وصفين نحو: كعب وكعاب، وصعب وصعاب، وقصعة وقصاع، وخدلة وخدال "وقل فيما عينه اليا منهما" أي نحو: ضيف وضياف، وضيعة وضياع.
تنبيه: قل أيضًا فيما فاؤه الياء منهما، ومن القليل قولهم في جمع يعر ويعرة يعار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بمعنى مارة؛ فإنهما وصفان، فيقال فيهما: حجب وجوز. قوله: "غير صداد" فيه الشاهد؛ لأنه جمع صادة بناء على أن الضمير للنسوة.
قوله: "نحو: غاز وغزى" والأصل غزو قلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها. قوله: "في سخل" بفتح السين المهملة وسكون الخاء المعجمة وهو الرجل الرذل، كذا في الفارضي. قوله: "وندر فعل أيضًا" قيد بفعل إشارة إلى أن فعلًا لم يأتِ في ذلك. سم. قوله: "في نحو: أعزل" بعين مهملة وزاي وهو الذي لا سلاح له.
قوله: "وسروء وسرأ" ضبط الأول في نسخ بهمزة بعد واو ساكنة والثاني بهمزة بعد الراء وضبط الأول في نسخ أخرى بواو مشددة بعد الراء والثاني بألف بعد الراء محذوفة لالتقائها ساكنة مع التنوين بعدها، وعلى كلٍّ فوزن الأول فعول بفتح الفاء، والثاني فعل؛ إلا أن لام الثاني على النسخ الأولى ثابتة، وعلى النسخ الأخرى محذوفة لالتقاء الساكنين. وأما سراء بوزن فعال فجمع سار كما في كلام ابن الناظم لا جمع سروء، فلا مخالفة بين كلام الشارح وكلام ابن الناظم. قوله: "وخريدة" بفتح الخاء المعجمة يقال: امرأة خريدة أي: حسنة أو ذات حياء أو عذراء، كما تقدم. قوله: "وخدلة" بخاء معجمة ودال مهملة أي: ممتلئة الساقين والذراعين. قوله: "وضيعة" بضاد معجمة وتحتية وهي العقار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1234- البيت من البسيط، وهو للقطامي في ديوانه ص79، وأمالي الزجاجين ص59، والأشباه والنظائر 5/ 51، وشرح التصريح 2/ 308، ولسان العرب 3/ 245 "صدد"، والمقاصد النحوية 4/ 521، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 314، وشرح ابن عقيل ص640.(4/188)
وفَعَلٌ أيضًا له فِعَالُ ما لم يكن لامه اعتلالُ
أو يكُ مُضْعَفًا ومِثْلُ فَعَل ذو التا وفِعْلُ مع فُعْلٍ فاقبل
وفي فَعِيل وَصْفَ فاعل وَرَدْ كذاك في أنْثَاهُ أيضًا اطَّرَدْ
وشاع في وصف على فَعْلانَا أو أنْثَيَيْه أو على فُعْلانَا
ومِثْلُهُ فُعْلانة والزمه في نحوِ طويلٍ وطويلةٍ تَفِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما قدمته، وقد ذكره في التسهيل وشرح الكافية.
"وفعل أيضًا له فعال ما لم يكن في لامه اعتلال" أي: يطرد فعال أيضًا في فعل نحو: جبل وجبال، وجمل وجمال. وإنما يطرد فعال في فعل بشروط ثلاثة؛ الأول: أن يكون صحيح اللام، فلا يطرد في نحو: فتى، وإلى ذلك أشار بعجز البيت. والثاني: ألا يكون مضعفًا فلا يطرد في نحو: طلل. والثالث: أن يكون اسمًا لا صفة نحو: بطل، وإلى الثاني الإشارة بقوله: "أو يك مضعفًا"، وأما الثالث فذكره في التسهيل.
"ومثل فعل ذو التا" منه نحو فعلة، فيجمع على فعال باطراد نحو: رقبة ورقاب، ويشترط فيها ما يشترط في فعل "وفعل مع فعل" أي: يطرد فيهما أيضًا فعال "فاقبل" نحو: قِدح وقداح، ورمح ورماح، ويشترط لاطراده فيهما أن يكونا اسمين كما مثل احترازًا من نحو: جلف وحلو، ويشترط في ثانيهما ألا يكون واوي العين كحوت، ولا يائي اللام كمدي.
"وفي فعيل وصف فاعل ورد" أيضًا فعال "كذلك في أنثاه" أي: أنثى فعيل يعني فعيلة "أيضًا اطرد" بشرط صحة لامهما نحو: ظريف وظراف وظريفة وظراف، واحترز عن فعيل وصف مفعول وأنثاه نحو: جريح وجريحة، فلا يقال فيهما: جراح، والاحتراز بصحة اللام عن نحو: قوي وقوية، فلا يقال فيهما: قواي "وشاع" أي: كثر فعال "في وصف على فعلانا" بفتح الفاء "وأنثييه" أي: أنثى فعلان، وهما فعلى وفعلانة نحو: غضبان وغضاب وغضبى وغضاب، وندمانة وندام "أو" وصف "على فعلانا" بضم الفاء "ومثله" أنثاه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "نحو: بطل" مثال للصفة. قوله: "منه" أي: من فعل أي: على وزنه بدون التاء، وأشار به إلى أن مراد المصنف ذو التاء الموازن بدونها لفعل لا مطلق ذي التاء، ولم يصرح المصنف بذلك اتكالا على وضوح المراد، فاندفع اعتراض ابن هشام بأن ظاهر النظم يقتضي أن ما فيه التاء فهو كفعل في أنه يجمع على فعال، وإن لم يكن بوزن فعل بدون التاء.
قوله: "نحو فعلة" كان عليه أن يقول وهو فعلة. قوله: "نحو: قدح" بكسر فسكون وهو السهم قبل أن يراش، كما مر. قوله: "كمدي" هو القفيز الشامي وهو غير المد، وقياس جمعه أمداء. قوله: "ورد" أي: باطراد أخذًا من قوله: كذاك في أنثاه أيضًا اطرد. قوله: "وأنثييه" اعترضه ابن هشام بأن المصنف نطق بفعلان ممنوعًا من الصرف، وفعلان الممنوع من الصرف ليس له إلا أنثى واحدة وهي فعلى كما أن المصروف ليس له إلا أنثى واحدة وهي فعلانة، وأجاب بأن مراده فعلان من حيث هو؛ وإنما نطق به ممنوعًا من الصرف لعلميته على الوزن وزيادة الألف والنون، وفي بعض النسخ: أو أنثييه بأو التي معنى الواو.(4/189)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"فُعْلانة" نحو: خمصان وخماص وخمصانة وخماص.
تنبيه: أفهم بقوله: وضاع، أنه لا يطرد فيها، وهو ما صرح به في شرح الكافية، وكلامه في التسهيل يقتضي الاطراد.
"والزمه" أي: فعالًا "في نحو طويل وطويلة تفي" والمراد بنحوهما ما كان عينه واوًا ولامه صحيحة من فعيل بمعنى فاعل وفعيلة أنثاه فتقول فيهما: طوال، ومعنى اللزوم أنه لا يجاوز في نحو: طويل وطويلة، إلا أن التصحيح نحو: طويلين وطويلات.
تنبيه: قد اتضح مما تقدم أن فعالًا مطرد في ثمانية أوزان: فَعْل كصعب، وفَعْلة كقصعة وفَعَل كجبل، وفعلة كرقبة، وفعل كذئب، وفعل كرمح، وفعيل وفعيلة، وشائع في خمسة أوزان: فعلان كغضبان، وفعلى كغضبى، وفعلانة كندمانة، وفعلان كخمصان، وفعلانة كخمصانة، ومما يحفظ فيه: فعول كخروف وخراف، وفِعْلة كلقحة ولقاح، وفِعْل كنمر ونمار، وفِعْلة كنمرة ونمار، وفَعَالة كعباءة وعباء، وفي وصف على فاعل كصائم وصيام، أو فاعلة كصائمة وصيام، أو فعلى كرُبَّى ورباب، أو فعال كجواد وجياد، أو فعال كهجان للمفرد والجمع، أو فعيل كخير وخيار، أو أفعل كأعجف وعجاف، أو فعلاء كعجفاء وعجاف، أو فعيل بمعنى مفعول كربيط ورباط، وفي اسم على فُعْلة كبرمة وبرام، أو فَعْل كربع ورباع، أو فُعُل كجمد وجماد، أو فِعْلان كسرحان وسراح، أو فعيل كفصيل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "نحو: خمصان" يقال: رجل خمصان الحشا وخميص الحشا أي: ضامر البطن. قوله: "لا يطرد فيها" أي: في المذكورات. قوله: "يقتضي الاطراد" وبه صرح في العمدة، كما قاله السيوطي. قوله: "والزمه" أي: بالنسبة لصيغ التكسير فلا ينافي التصحيح. اهـ سم. وسيشير الشارح إليه. قوله: "تفي" بالفوقية مجزوم في جواب الأمر والياء إشباع أي: تفي بحق اللغة.
قوله: "أنه لا يجاوز... إلخ" أي: بخلاف الأبنية المتقدمة التي تجمع على فعال؛ فإنها تتجاوزه إلى غيره من صيغ التكسير. قوله: "كلقحة" بكسر اللام وسكون القاف، قال في المصباح: اللقحة بالكسر الناقة ذات لبن والفتح لغة والجمع لقح مثل: سدرة وسدر أو قصعة وقصع، واللقوح بفتح اللام مثل اللقحة والجمع لقاح مثل: قلوص وقلاص. وقال ثعلب: اللقاح جمع لقحة. اهـ. فعلم أن ما في كلام الشارح قول ثعلب. قوله: "كربى" بضم الراء وتشديد الموحدة، ورباب بكسر الراء كأنثى وأناث، والربى الشاة إذا ولدت أو مات ولدها. قال في القاموس: وجمعها على رباب بالضم نادر. قال شيخنا السيد: ولا منافاة بينه وبين ما في الشرح؛ لأن كلا الجمعين نادر.
قوله: "كأعجف" أي: هزيل. قوله: "كربيط" أي: مربوط. قوله: "كربع" بضم الراء وفتح الموحدة الفصيل ينتج في الربيع. قوله: "كجمد" بجيم وميم مضمومتين وتسكن الميم أيضًا؛ لكن جمع الساكن الميم على فعال مطرد كما علم مما مر، وبهذا يُعلم ما في كلام البعض من الإيهام، والجمد المكان الصلب المرتفع كذا في الصحاح. قوله: "كسِرْحان" بكسر السين الذئب.(4/190)
وبفُعُولٍ فَعِلٌ نحوُ كَبِدْ يُخَصُّ غالبًا كذاك يَطَّرِدْ
في فَعْلٍ اسمًا مُطْلَقَ الفا وفَعَلْ له وللفُعَالِ فِعْلانٌ حَصَلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفصال، أو فعل كرجل ورجال.
"وبفعول فعل نحو كبد يخص غالبًا" أي: من أمثلة جمع الكثرة فعول، وهو مطرد في اسم على فعل نحو: كبد وكبود ونمر ونمور، وأشار بقوله: "يخص" إلى أنه لا يجاوز فعولًا إلى غيره من جموع الكثرة غالبًا، وأشار بقوله: "غالبًا" إلى أنه قد يجمع على غير فعول نادرًا نحو: نمر ونمر ونمار أيضًا كما مر.
"كذاك يطرد في فعل اسمًا مطلق الفا" أي: يطرد أيضًا فعول في اسم على فَعل أو فُعل أو فِعل، وهو معنى قوله: "مطلق الفا" نحو: كعب وكعوب، وحمل وحمول، وجند وجنود. واحترز بالاسم عن الوصف نحو: صعب وجلف وحلو، فلا يجمع على فعول؛ إلا ما شذ من ضيف وضيوف.
تنبيه: اطراد فعول في فعل مشروط بألا تكون عينه واوًا كحوض، وشذ فووج في فوج، ومشروط في فعل بألا تكون عينه أيضًا واوًا كحوت، ولا لامه ياء كمذي، وألا يكون مضاعفًا نحو: خف، وشذ نئي في نؤى، ومنه قالت: خلتُ الأَيَاصِرَ أو نِئْيَا. والنؤى حفيرة حول الخباء لئلا يدخله ماء المطر. وشذ حص وحصوص والحص بالمهملتين وهو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وبفعول" الباء داخلة على المقصور عليه. قوله: "يخص غالبًا" لا منافاة بين الخصوصية والغلبة، وإن ادعاها ابن هشام معترضًا بها على المصنف؛ لأن معنى تخصيص فعل بفعول جعله بحيث لا يتجاوزه إلى غيره من أوزان جموع الكثرة، كما قاله الشارح، وعدم المجاوزة يستقيم تقييده بالغلبة، ألا ترى أنه يصح أن يقال: زيد لا يفارق عمرًا في الغالب.
قوله: "من جموع الكثرة" قيد بذلك؛ لأن نحو: كبد، يجمع في القلة على أكباد قياسًا كما يفيده كلامهم في أفعال حتى الشارح، خلافًا لما ذكره شيخنا والبعض تبعًا للتصريح من أنه غير قياسي، وأن قوله: من جموع الكثرة، ليس بقيد فعلم أن لنمر جمعين قياسيين؛ وهما نمور وأنمار، وجمعين سماعيين؛ وهما نمر ونمار، هذا هو تحقيق المقام.
قوله: "كذاك يطرد في فعل اسمًا... إلخ" يؤخذ من هنا ومن قوله: فعل وفعلة فعال لهما أن فعلا المفتوح الفاء الصحيح العين يجمع على فعال وفعول، وفي كلام أبي حيان أن العرب إذا جمعته على واحد منهما أو على غيرهما من أبنية الجموع اتبع، فإن لم يثبت عن العرب فيه شيء جمع على واحد منهما على التخيير، ويؤخذ منه أنه إذا سمع فيه غير قياسه امتنع النطق بقياسه، وهو أحد قولين في المصدر الوارد على خلاف قياسه، وهو نظير ما نحن فيه، أفاده سم. قوله: "في فوج" هم الجماعة من الناس. قوله: "وشذ نئي" بضم النون وسكون الهمزة وتشديد التحتية أصله نؤوي، اجتمعت الواو والياء... إلخ وقوله: في نؤي بضم النون وسكون الهمزة.
قوله: "أياصر" بتحتية وصاد مهملة جمع أيصر وهو حبل قصير يشد في أسفل الخباء إلى وتد. قوله: "بالمهملتين" أي: مع ضم أولاهما. وأما الخص بخاء معجمة مضمومة وصاد مهملة فالبيت من القصب أو البيت يسقف بخشب كالأزج على فعول كالأول ويزيد بفعال فيقال: خصوص(4/191)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الورس "وفعل له" فعل مبتدأ وله خبره، والضمير لفعول أي: فعل من أفراد فعول نحو: أسد وأسود، وشجن وشجون، وندب وندوب، وذكر وذكور.
تنبيهات: الأول: تردد كلام المصنف في أن فعولًا مقيس في فعل أو محفوظ، فمشى في التسهيل على الأول، وفي شرح الكافية على الثاني، وبه جزم الشارح، وظاهر كلامه هنا موافقة التسهيل؛ فإنه لم يذكر في هذا النظم غالبًا إلا المطرد، ولما يذكر غيره يشير إلى عدم اطراده غالبًا بقد أو نحو قل أو ندر.
وأما قول الشارح: ويحفظ فعول في فعل؛ ولذلك قال -يعني المصنف: وفعل له يعني له فعول، ولم يقيده باطراد فعلم أنه محفوظ، ففيه نظر؛ لأن مثل هذه العبارة إنما يستعملها المصنف في الغالب في المطرد على ما هو بين من صنيعه.
الثاني: إذا قلنا: إن فعولًا مقيس في فعل، فذلك بشرطين: أن يكون اسمًا، وألا يكون مضاعفًا، فلا يقال في نَصَف نصوف، ولا في لبب لبوب، وشذ في طلل طلول.
الثالث: جعل المصنف فعولًا في التسهيل على ثلاث مراتب: مقيسًا في الأوزان الأربعة المذكورة في النظم بشروطها المذكورة، ومسموعًا في فاعل وصفًا غير مضاعف كراد، ولا معتل العين كقائم نحو: شاهد وشهود، وفي نحو: فسل وفوج وساق وبدرة وشعبة وقنة، وشاذًّا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وخصاص، قاله في القاموس.
قوله: "وهو الورس" ويقال: الزعفران. صحاح. قوله: "من أراد فعول" يعني: من مفرداته، ولو عبر به لكان أوضح. قوله: "وشجن" بشين معجمة وجيم الحاجة حيث كانت، والجمع شجون، والشجن أيضًا الحزن، والجمع أشجان. زكريا. قوله: "وندب" بنون ودال مهملة مفتوحتين وموحدة الخطر وأثر الجرح إذا لم يرتفع عن الجلد. زكريا. قوله: "ولم يذكر غيره... إلخ" تركيب فاسد؛ لأن لما الحينية لا تدخل إلا على ماضٍ. قوله: "يشير إلى عدم اطراده غالبًا... إلخ" وقد لا يشير إلى عدم اطراده كما في قوله بعد، وشاع في حوت وقاع؛ فإن فعلانا مطرد في نحو: حوت دون نحو: قاع، ولم يشر المصنف إلى عدم اطراد الثاني.
قوله: "أو نحو قل أو ندر" أي: كشذ. قوله: "يعني: له فعول" هذا الحل يقتضي أن ضمير له لفعل، وأن له خبر مبتدأ محذوف أي: له فعول، وهو خلاف ما قدمه الشارح، فتأمل. قوله: "في الغالب" ينبغي حذفه؛ فإن المصنف لم يستعمل مثل هذه العبارة في غير المطرد أصلًا، فاعرفه؛ فإنه مما غفل عنه. قوله: "على ما هو بين من صنيعه" منه قوله أول الباب: لفعل اسمًا صحَّ عينًا أفعل
فإن أفعل مطرد في فعل اسمًا صحيح العين اتفاقًا، كما سبق. قوله: "في نصف" بفتح النون والصاد المهملة المرأة المتوسطة بين الصغر والكبر. قوله: "في الأوزان الأربعة" صوابه الخمسة. قوله: "وفي نحو: فسل" بفتح الفاء وسكون السين المهملة هو الرجل الرذل الذي لا مروءة له، ووجه شذوذه كونه صفة. قوله: "وبدرة" بفتح الموحدة وسكون الدال المهملة عشرة آلاف درهم(4/192)
وشَاعَ في حُوتٍ وقَاعٍ مع ما ضَاهَاهُمَا وقَلَّ في غيرهما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في نحو: ظريف وأنسة وحص وأسينة.
"وللفعال فعلان حصل" أي: من أمثلة جمع الكثرة فعلان بكسر الفاء، وهو مطرد في اسم على فعال نحو: غراب وغربان، وغلام وعلمان. وقد تقدم عند قوله: وغالبًا أغناهم فعلان في فعل التنبيه على اطراده في فُعل نحو: صرد وصردان.
"وشاع" أي: كثر فعلان "في حوت وقاع مع ما ضاهاهما" من كل اسم على فعل أو على فعل واوي العين، فالأول نحو: حوت وحيتان، ونون ونينان، وكوز وكيزان. والثاني نحو: قاع وقيعان، وتاج وتيجان، وجار وجيران.
تنبيه: هو مطرد في الأول من هذين، كما صرح به في شرح الكافية، واقتضاه كلام التسهيل.
"وقل في غيرهما" أي: مجيء فعلان في غير ما ذكر قليل يحفظ ولا يُقاس عليه، فمن ذلك في الأسماء قنو وقنوان، وصوار وصيران -والصوار قطيع بقر الوحش-
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقياس جمعها بدار بكسر الموحدة. قوله: "وشعبة" بشين معجمة فعين مهملة كما بخط الشارح وهي بضم فسكون القطعة، وفي بعض النسخ بسين مهملة مفتوحة وقاف ساكنة وهي الجحشة وولد الناقة أول ساعة يولد، وسقوب الإبل أرجلها جمع سقب بفتح فسكون، فقول البعض: وفي نسخة سبقة بسين مهملة فقاف مفتوحتين وهي الرجل خطأ من وجهين، فتنبه. قوله: "وقنة" بضم القاف وتشديد النون وهي أعلى الجبل. قوله: "وشاذًّا" هذا يقتضي أن الشاذ غير المسموع، ويمكن أنه أراد بالشاذ ما خالف القياس مع قلة، وبالمسموع ما خالف القياس مع كثرة كما للبعض. قوله: "وأنسة" ضبطه الأسقاطي بفتح الهمزة والنون والسين المهملة ضد الوحشة. قال شيخنا: ورأيت بخط الشارح علامة المد على الألف فتكون آنسة كقائمة. اهـ.
قوله: "وحص" بالمهملتين مضموم الأول كما مر. قوله: "وأسينة" بفتح الهمزة وكسر السين المهملة وبعد التحتية نون. قال في القاموس: القوة من قُوَى الوَتَر وسير من سيور تضفر جميعًا نِسْعًا أو عِنَانًا. اهـ. والنسع بكسر النون وسكون السين المهملة آخره عين مهملة سير ينسج عريضًا على هيئة أعنة البغال يشد به الرحال، قاله في القاموس. فقول البعض: هي سير من سيور الوتر تخليط.
قوله: "على فعل" أي: بضم فسكون أو على فعل أي: بفتحتين قوله: "واو العين" راجع لكل من فعل بالضم وفعل بفتحتين فألف قاع وتاج وجار منقلبة عن واو مفتوحة. قوله: "وحيتان" أصله حوتان قلبت الواو ياء لوقوعها بعد كسرة، ومثله نينان. قوله: "ونون" هو الحوت. قوله: "في الأول من هذين" مفهومه أنه غير مطرد في الثاني. وصريح كلام ابن المصنف أنه مطرد فيه أيضًا. وأما كلام المتن فلا يقتضي الاطراد وإن زعمه بعضهم لما صرح به الشارح من أنه لا يلزم من الشيوع الاطراد.
قوله: "وقل في غيرهما" أي: غير نحو: حوت، ونحو: قاع، وأورد عليه ابن هشام أنه يدخل في الغير فعال بالضم وفعل بضم ففتح مع أن فعلانًا مطرد فيهما كما ذكره المصنف. وأجاب سم بأن الغير عام مخصوص بسوى هذين بدليل قوله: وللفعال فعلان حصل، وقوله: وغالبًا أغناهم فعلان في فعل.
قوله: "قنو" قال في القاموس: القنو بالكسر والضم والقنا بالكسر والفتح الكباسة جمعه أقناء(4/193)
وفَعْلًا اسمًا وفَعِيلًا وفَعَلْ غير مُعَلِّ العينِ فُعْلانٌ شَمَلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وغزال وغزلان، وخروف وخرفان، وظليم وظلمان -والظليم ذكر النعام- وحائط وحيطان، ونسوة ونسوان، وعيد وعيدان، وبُركة وبركان -والبركة بالضم اسم لبعض طير الماء- وقضفة وقضفان -والقضفة بالفتح الأكمة- وفي الأوصاف: شيخ وشيخان، وشجاع وشجعان.
تنبيه: مقتضى كلامه هنا وفي شرح الكافية -وعليه مشى الشارح- أن فعلانًا لا يطرد في فعل صحيح العين كخرب وخربان، وأخ وإخوان، ومقتضى كلامه في التسهيل اطراده فيه، والخرب ذكر لحبارى.
"وفعلًا آسمًا وفعيلًا وفعل غير معل العين فعلان شمل" أي: من أمثلة جمع الكثرة فعلان بضم الفاء، وهو مقيس في اسم على فعل نحو: بطن وبطنان، وظهر وظهران، أو فعيل نحو: قضيب وقضبان، ورغيف ورغفان، أو فعل صحيح العين نحو: ذكر وذكران، وجمل وجملان. وخرج بقوله: اسمًا نحو: ضخم وجميل وبطل، وبقوله: غير معل نحو: فود، فلا يجمع شيء منها على فعلان.
تنبيهات: الأول: ذكر المصنف في شرح الكافية وتبعه الشارح في أمثلة فعل نحو: جذع وجذعان، وذكر في التسهيل أن فعلان يحفظ في جذع، ولا يقاس عليه؛ لأنه صفة.
الثاني: اقتضى كلامه أن نحو: ذئب وذؤبان غير مقيس، وصرَّح في شرح الكافية بأنه قليل؛ لكنه في التسهيل عده من المقيس.
الثالث: اقتضى كلامه أيضًا أن فعلان مقيس في نحو:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقنوان وقنيان مثلثين. اهـ. قوله: "وصوار" بكسر الصاد المهملة وتضم أيضًا؛ لكن جمع المضموم على فعلان مطرد، كما علم مما مر. قوله: "وظليم" بفتح الظاء المعجمة. قوله: "وبُركة" بضم الموحدة. قوله: "والقضفة" بالفتح أي: بفتح القاف وفتح الضاد المعجمة وفتح الفاء. قوله: "لا يطرد في فعل" أي: بفتحتين صحيح العين أي: كما لا يطرد في فعل بفتحتين معتل العين كقاع وتاج كما تقدم. قوله: "كخَرَب" بفتح الخاء المعجمة والراء. قوله: "وأخ وأخوان" أصل أخ أخو بفتحتين حذفت اللام اعتباطًا، وظاهره أن أخًا على إخوان مطلقًا، ونقل الفارضي عن بعضهم: أن الأخ في النسب يجمع إخوة، وفي الصداقة على إخوان، ولا يرد عليه {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} لأن المعنى كالأخوة أو كلامه أغلبي. قوله: "والخرب ذكر الحبارى" سمي بذلك لسكونه في الخراب. تصريح.
قوله: "وفعلًا اسمًا... إلخ" اعترضه ابن هشام بأن الوصف الجاري مجرى الاسم كالاسم نحو: عبد وعبدان، وبأن تقييده فعلًا الساكن العين بالاسمية وإطلاقه فعيلًا وفعلًا المتحرك العين يقتضي عدم اشتراط الاسمية في الأخيرين، وليس كذلك؛ لاشتراطها في الثلاثة، كما صرح به في التسهيل وشرح العمدة. وأجاب سم عن الأول بأن قوله: اسمًا صادق بما كانت اسميته بالغلبة، وعن الثاني بأنه حذف القيد مما بعد الأول لدلالة تقييد الأول عليه. قوله: "وفعل" وقف عليه بالسكون على لغة ربيعة. قوله: "نحو: قود" بفتحتين وهو القصاص. قوله: "لأنه صفة" هذا بحسب الأصل(4/194)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وسرى وسرواء.
تنبيهات: الأول: أشار بذكر المثالين إلى استواء وصف المدح والذم مما استكمل الشروط في الجمع على فعلاء. الثاني: قوله: "كذا لما ضاهاهما" أي: شابههما يشمل ثلاثة أمور: المشابهة في اللفظ والمعنى نحو: ظريف وشريف وخبيث ولئيم، والمشابهة في اللفظ دون المعنى نحو: قتيل وجريح -وهذا غير صحيح لما عرفت- والمشابهة في المعنى دون اللفظ نحو: صالح وشجاع وفاسق وخُفاف بمعنى خفيف، من كل وصف دل على سجية مدح أو ذم، وهذا صحيح أيضًا، وعليه حمل الشارح معنى كلام الناظم؛ لكنه يوهم أن كل وصف دل على سجية مدح أو ذم يجمع على فعلاء، وأن ذلك مطرد فيه، وليس كذلك فيهما.
أما الأول، فواضح البطلان.
وأما الثاني، فإن المصنف ذكر في التسهيل أنه لا يقاس منه إلا ما كان على فاعل أو فعال كما مثلت، وذكر فيه وفي شرح الكافية أن نحو: جبان وسمح وخِلم -وهو الصديق-
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
استعماله، فتأمل. قوله: "وهذا" أي: الأمر الثاني وهو المشابهة في اللفظ دون المعنى أي: شمول كلام الناظم له غير صحيح لما عرفت من عدم اطراد جمع فعيل بمعنى مفعول على فعلاء. قوله: "وخفاف" بضم الخاء المعجمة.
قوله: "وعليه" أي: على الأمر الثالث وهو المشابهة في المعنى فقط؛ لكن بقطع النظر عن تمثيله وبيانه بقوله:
من كل وصف... إلخ لنقل الشارح عنه فيما يأتي أنه اقتصر على فاعل الدال على المدح؛ وحينئذ فلا تنافي بين كلامه هنا وكلامه فيما يأتي. هذا وتقديم الجار والمجرور يقتضي أن ابن الناظم حصر المراد بما ضاهاهما فيما شابههما في المعنى فقط، وهذا يؤدي إلى قصور كلام المصنف لعدم شموله على هذا لغير كريم وبخيل مما شابههما في اللفظ والمعنى كظريف ولئيم، فالظاهر أن الحصر المستفاد من التقديم إضافي أي: بالنسبة إلى المشابهة في اللفظ فقط، فاعرف ذلك.
قوله: "لكنه" أي: كلام الناظم يوهم أي: بقطع النظر عن حمل ابن الناظم؛ بل ومع النظر إليه؛ لكن يكون مراد الشارح كل وصف مشابه في المعنى فقط دل على سجية... إلخ. قوله: "يجمع على فعلاء" أي: بقطع النظر عن كون الجمع قياسًا أو شاذًّا، فلا يغني هذا عن قوله: وأن ذلك مطرد فيه، نعم صنيعه يقتضي أوضحية بطلان الأول عن بطلان الثاني، والأمر بالعكس، فافهم.
قوله: "أما الأول" أي: أن كل وصف دل على سجية مدح أو ذم يجمع على فعلاء فواضح البطلان؛ إذ لم يقل أحد بأن كل وصف مدح أو ذم يجمع على فعلاء لا سماعًا ولا قياسًا. قوله: "وأما الثاني" أي: أن ذلك مطرد فيه. قوله: "أو فعال" أي: بضم الفاء بدليل قوله: كما مثلت أي: بصالح وشجاع وفاسق وخفاف، وما نقله الشارح عن التسهيل من الحصر في فاعل وفعال بالضم هو ما رأيته في التسهيل وشرحه لابن عقيل، وشرحه لعلي باشا؛ لكن في النسخة التي شرح عليها(4/195)
ونابَ عنه أفْعِلَاء في الْمُعَلِّ لامًا ومُضْعَفٍ وغير ذاك قَلَّ
فواعلٌ لفَوْعَلٍ وفَاعَل وفاعلاء مع نحو كاهل
وحائض وصاهل وفَاعِلَه وشذ في الفارس مع ما مَاثَلَه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مما ندر جمعه على فعلاء، وكذلك قولهم في جمع رسول رسلاء، وفي جمع ودود ودداء، فكل هذا مقصور على السماع.
الثالث: ما ذكرته من أن كل وصف دل على سجية مدح أو ذم، وهو على فاعل أو فعال حكمه حكم فعيل المذكور في الجمع على فعلاء هو ما في التسهيل كم تقدم، واقتصر في شرح الكافية وتبعه الشارح على فاعل وعلى معنى المدح؛ بل ذكر في الكافية أن فعالًا مما يقتصر فيه على السماع. انتهى.
"وناب عنه" أي: عن فعلاء "أفعلاء في المعل لامًا ومضعف" من فعيل المتقدم ذكره، فالمعتل نحو: غني وأغنياء وولي وأولياء، والمضعف نحو: شديد وأشداء وخليل وأخلاء، وهذا لازم إلا ما ندر، وتقدم أنه ندر تقي وتقواء وسخي وسخواء وسري وسرواء، وأشار بقوله: "وغير ذاك قل" إلى أن ورود أفعلاء في غير المضعف والمعتل قليل نحو: صديق وأصدقاء وظنين وأظناء ونصيب وأنصباء وهين وأهوناء، فلا يقاس عليه بخلاف الأولى.
"فواعل لفوعل وفاعل وفاعلاء مع نحو: كاهل وحائض وصاهل وفاعله" أي: من أمثلة جمع الكثرة فواعل، وهو مطرد في هذه الأنواع السبعة؛ أولها: فوعل نحو: جوهر وجواهر. وثانيها: فاعل بفتح العين نحو: طابع وطوابع. وثالثها: فاعلاء نحو: قاصعاء وقواصع. ورابعها: فاعل اسمًا علمًا أو غير علم نحو: جابر وجوابر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدماميني زيادة فعال بفتح الفاء كما ضبطه الدماميني، ومثل له بجبان، وعلى هذه النسخة اقتصر الأسقاطي وتبعه شيخنا والبعض فاعترضوا نقل الشارح. قوله: "وذكر فيه وفي شرح الكافية... إلخ" لعل الكلام على التوزيع أو المراد بالذكر ما يشمل غير الصريح؛ فإنه لم يصرح في التسهيل بأن نحو: جبان مما ندر جمعه على فعلاء، وإن كان يؤخذ منه. قوله: "وسمح" بفتح السين المهملة وسكون الميم وبالحاء المهملة وهو الكريم. قوله: "وخلم" بكسر الخاء المعجمة وسكون اللام كما في القاموس والصحاح والفارضي والدماميني وابن عقيل وعلي باشا ثلاثتهم على التسهيل، فضبط شيخنا والبعض الخاء بالفتح خطأ، ونَقْلُ شيخنا الفتح عن الفارضي غير صحيح؛ فإن الذي في الفارضي هو الكسر كما مر، ولعل عذره أن النسخة الواقعة له من الفارضي حرَّف الناسخ فيها لفظ الكسر بلفظ الفتح، والله الموفق للصواب.
قوله: "وظنين وأظناء" إنما كان جمع ظنين على أظناء غير مقيس مع أنه مضعف؛ لأنه ليس من فعيل المتقدم ذكره؛ بل من فعيل بمعنى اسم المفعول أي: المتهم. قوله: "مع نحو" عبر هنا بنحو دون ما قبله؛ لأنه ذكر هنا جزئيات سم. قوله: "كاهل" هو مقدم أعلى الظهر مما يلي العنق، وهو الثلث الأعلى، وفيه ست فقرات. مصباح. قوله: "نحو: طابع" بفتح الموحدة الخاتم وكسرها لغة. قوله: "نحو: قاصعاء" هو حجر اليربوع الذي يقع فيه أي: يدخل. زكريا. قوله: "نحو: جابر...(4/196)
وبفَعَائِلَ اجْمَعْنَ فَعَالَه وشِبْهَهُ ذا تاء أو مُزَالَه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكاهل وكواهل، وإلى هذا التنويع الإشارة بلفظ نحو. وخامسها: فاعل صفة مؤنث عاقل نحو: حائض وحوائض. وسادسها: فاعل صفة مذكر غير عاقل نحو: صاهل وصواهل. وسابعها: فاعلة مطلقًا نحو: ضاربة وضوارب وفاطمة وفواطم وناصية ونواصٍ، وزاد في الكافية ثامنًا وهو فوعلة نحو: صومعة وصوامع، وذكر في التسهيل ضابطًا لهذه الأنواع فقال: فواعل لغير فاعل الموصوف به مذكر عاقل مما ثانيه ألف زائدة أو واو غير ملحقة بخماسي، واحترز بقوله: غير ملحقة بخماسي من نحو: خورنق، فإنك تقول في جمعه: خرانق بحذف الواو، ولا خلاف في اطراد فواعل في هذه الأنواع إلا السادس، فقال جماعة من المتأخرين: إنه شاذ، ونسبهم في شرح الكافية إلى الغلط في ذلك، وقال: نص سيبويه على اطراد فواعل في فاعل صفة لمذكر غير عاقل، قال: وإنما الشاذ في نحو: فارس وفوارس يعني: فيما كان الفاعل صفة لمذكر عاقل، وقد أشار إلى هذا بقوله: "وشذ في الفارس مع ما ماثله" وذلك قولهم في فارس وناكس وهالك وغائب وشاهد: فوارس ونواكس وهوالك وغوائب وشواهد، وكلها صفات للمذكر العاقل، وتأول بعضهم ما ورد من ذلك على أنه صفة لطوائف فيكون على القياس، فيقدر في قولهم هالك في الهوالك: في الطوائف الهوالك، قيل: وهو ممكن إن لم يقولوا: رجال هوالك.
تنبيه: شذ أيضًا فواعل في غير ما ذكر نحو: حاجة وحوائج ودخان ودواخن وعثان وعواثن.
"وبفعال اجمعن فعاله وشبهه تاء" ثابتة "أو مزاله" أي: من أمثلة جمع الكثرة فعائل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلخ" نشر على ترتيب اللف. قوله: "فاعلة مطلقًا" أي: علمًا أو غيره اسمًا أو صفة لعاقل أو غيره. قوله: "نحو: صومعة" هي بيت للنصارى كما في القاموس. قوله: "لغير فاعل... إلخ" دخل في غير فاعل ما ليس وزن فاعل من فوعل وفاعل بفتح العين وفاعلاء وفوعلة وفاعلة، وبتقييد فاعل بما بعده دخل فاعل اسمًا أو صفة لمؤنث أو غير عاقل. قوله: "مما ثانيه ألف زائدة" بيان لغير، واحترز به من نحو ألف آدم؛ فإنها أبدلت من فاء الكلمة؛ فلا يجمع على فواعل؛ بل على أفاعل نحو: أوادم. سم.
قوله: "غير ملحقة" بكسر الحاء. قوله: "من نحو: خورنق" فإن الواو فيه لإلحاقه بسفرجل والخورنق، قال في القاموس: قصر للنعمان الأكبر. قوله: "خرانق" بزنة فعالل -كما سيأتي- لا فواعل. تصريح. قوله: "إلا السادس" وهو فاعل صفة مذكر غير عاقل. قوله: "في نحو: فارس وفوارس" كان عليه حذف في. قوله: "وناكس" وهو المطأطئ رأسه. قوله: "في الطوائف الهوالك" فيكون جمع فاعلة لا جمع فاعل. قوله: "نحو: حاجة" سمع في هذا المفرد حائجة؛ فيجوز أن يكون حوائج جمعًا لها، واستغني عن جمع حاجة. دماميني. قوله: "ودواخن" والقياس دخنان كغربان. دماميني. قوله: "وعثان" بالعين المهملة فالمثلثة كغراب الدخان.
قوله: "أو مزاله" يحتمل أنه عطف على "ذا تاء"، والهاء ضمير مضاف إليه عائد على التاء، والتذكير باعتبار أن التاء حرف(4/197)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو لكل رباعي مؤنث بمدة قبل آخره مختومًا بالتاء أو مجردًا منها، فتلك عشرة أوزان: خمسة بالتاء، وخمسة بلا تاء؛ فالتي بالتاء فَعَالة نحو: سحابة وسحائب، وفعالة نحو: رسالة ورسائل، وفُعَالة نحو: ذؤابة وذوائب، وفَعُولة نحو: حمولة وحمائل، وفعيلة نحو: صحيفة وصحائف. والتي بلا تاء: فَعَال نحو: شمال وشمائل، وفُعال نحو: عقاب وعقائب، وفعول نحو: عجوز وعجائز، وفعيل نحو: سعيد -علم امرأة- يقال في جمعه: سعائد، قال في شرح الكافية: وأما فعائل جمع فعيل من هذا القبيل، فلم يأتِ اسم جنس فيما أعلم؛ لكنه بمقتضى القياس يكون لعلم مؤنث كسعائد جمع سعيد اسم امرأة.
تنبيهات: الأول: شرط هذه المثل المجردة من التاء أن تكون مؤنثة، فلو كانت مذكرة لم تجمع على فعائل إلا نادرًا كقولهم: جزور وجزائر وسماء بمعنى المطر وسمائي ووصيد ووصائد.
الثاني: شرط ذوات التاء من هذه المثل سوى فعليلة الاسمية كما في المثل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويحتمل أنه عطف على محذوف نعت لتاء والهاء للتأنيث أي: ذا تاء ثابتة أو مزالة. قوله: "ذؤابة" بضم الذال المعجمة مهموز الضفيرة من الشعر إذا كانت مرسلة، فإن كانت ملوية فهي عقيصة، والذؤابة أيضًا طرف العمامة وطرف السوط. مصباح. قوله: "وذوائب" أصلة ذآئب بهمزتين، استثقلوا أن تقع ألف الجمع بين همزتين؛ فأبدلوا من الأولى واوًا.
قوله: "نحو: شمال" بكسر الشين مقابل اليمين، وبفتحها ريح تهب من ناحية القطب، وكل يجمع على شمائل كما في الشرح والتصريح. ويطلق الشمال بالكسر على الطبع أيضًا وجمعه شمائل، كما في القاموس.
قوله: "من هذا القبيل" أي: قبيل المؤنث بدون علامة ظاهرة. قوله: "فلم يأتِ اسم جنس" أي: جمع اسم جنس. قوله: "لكنه بمتقضى القياس... إلخ" يؤخذ منه أنه لم يسمع جمعًا لعلم مؤنث أيضًا، وكأنه لم يجوز بمقتضى القياس كونه جمعًا لفعيل اسم جنس مؤنث، ودفع بالاستدراك ما يوهمه. قوله: فلم يأتِ اسم جنس من أنه سماعًا جمع علم مؤنث أو من أنه يجوز جعله جمع علم مؤنث بمقتضى القياس، فاندفع اعتراض شيخنا وتبعه البعض بأنه لا موقع للاستدراك؛ لأن العلم لم يدخل في اسم الجنس.
قوله: "كقولهم: جزور وجزائر" قال في القاموس: الجزور البعير أو خاص بالناقة المجزورة. اهـ. وقال في المصباح: الجزور من الإبل خاصة يقع على الذكر والأنثى. اهـ. وحينئذ فقول الشارح كقولهم: جزور أي: واقعًا على الذكر لا مطلقًا؛ لأن جمع جزور واقعًا على أنثى على جزائر قياسي، فاندفع بذلك اعتراض البعض تبعًا لشيخنا؛ لأن في كلام الشارح مؤاخذة؛ لأن الجزور يقع على الذكر والأنثى. قوله: "بمعنى المطر" أي: ليكون مذكرًا. سم. قوله: "ووصيد" الوصيد يطلق على معانٍ ذكرها في القاموس؛ منها: فناء البيت وعتبته، وبيت كالحظيرة من الحجارة، وكهف أصحاب الكهف، والجبل، والذي يختن مرتين. قوله: "سوى فعيلة" أما فعيلة فتجمع على فعائل، وإن كانت(4/198)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المذكورة، كذا في التسهيل، ولعله للاحتراز عن امرأة جبانة وفروقة وناقة جلالة بضم الجيم أي: عظيمة، فلا تجمع هذه الأوصاف على فعائل. وشرط فعيلة ألا تكون بمعنى مفعولة؛ احترازًا من نحو: جريحة وقتيلة، فلا يقال: جرائح ولا قتائل، وشذ قولهم: ذبيحة وذبائح.
الثالث: ظاهر كلامه هنا وفي الكافية اطراد فعائل في هذه الأوزان العشرة، وذكر في التسهيل أن المجردات من التاء سوى فعيل يحفظ فيها فعائل وأن أحقهن به فعول، وأما فعيل فلم يذكره في التسهيل؛ لأنه لم يحفظ فيه فعائل كما تقدم، وهذا يدل على أن فعائل غير مطرد في الأوزان المجردة وتبعه في الارتشاف.
الرابع: ذكر في التسهيل أن فعائل أيضًا لنحو: جُرائض وقَريثاء وبَراكاء وجَلولاء وحبارى وحَزابية إن حذف ما زيد بعد لاميهما، ولنحو: ضَرة وطَنة وحرة، وظاهره الاطراد فيما وازن هذه الألفاظ؛ وإنما قيد حبارى وحزابية بحذف ثاني زائديهما للاحتراز عن حذف أول الزائدين فتقول عند حذفهما: حبائر وحزائب، وإن حذفت الأول فقط قلت: حبارى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صفة كلطيفة لطائف. قوله: "الاسمية" لم يقيد في التوضيح بالاسمية في ذي التاء ولا في المجرد منها وصرح شارحه بالإطلاق. قوله: "وفروقة" من الفَرَق بفتحتين وهو الخوف. قوله: "بضم الجيم" أي: وتخفيف اللام كما في القاموس. قوله: "وإن أحقهن" أي: المجردات به أي: بفعائل فعول لكثرته فيه.
قوله: "لأنه لم يحفظ" بالبناء للمفعول، والضمير في لأنه لفعيل أو للفاعل، والضمير فيه وفي لأنه للمصنف، وقول البعض: لأنه -أي: الناظم- لم يحفظ فيه فعائل وإن كان غيره حفظه كما يؤخذ مما تقدم. اهـ. ممنوع كما لا يخفى على المتيقظ. قوله: "كما تقدم" أي: عن شرح الكافية. قوله: "جُرائض" بجيم مضمومة فراء فألف فهمزة مكسورة فضاد معجمة وهو العظيم البطن. دماميني. قوله: "وقريثاء" بقاف مفتوحة فراء مكسورة فتحتية فمثلثة فألف ممدودة التمر والبسر الجيدان، كما في القاموس. قوله: "وبراكاء" بفتح الموحدة والراء مع المد الثبات في الحرب. صحاح. قوله: "وجلولاء" بفتح الجيم وضم اللام مع المد قرية بناحية فارس. صحاح. قوله: "وحزابية" بحاء مهملة مفتوحة فزاي فألف فموحدة فتحتية فهاء تأنيث وهو الغليظ إلى القصر. دماميني.
قوله: "إن حذف ما زيد بعد لاميهما" أي: لامي حبارى وحزابية؛ وهما الراء من حبارى والموحدة من حزابية. قوله: "ضرة" بفتح الضاد المعجمة وهي إحدى زوجتي الرجل أو زوجاته. قوله: "وطنة" بفتح الطاء المهملة وتشديد النون رطبة حمراء شديدة الحلاوة. دماميني.
قوله: "وإنما قيد حبارى وحزابية... إلخ" ولعله لم يذكر هذا القيد في قريثاء وبراكاء وجلولاء، مع أنها إذا جمعت على فعائل حذفت زيادتها الأخيرة؛ لأنه ليس فيها إلا هذا الوجه، بخلاف حبارى وحزابية؛ فإن فيهما وجهين بيَّنهما الشارح، أو لأن التأنيث الممدود كتائه، فحذفها عند التكسير واضح لا يحتاج إلى بيان. قوله: "عند حذفهما" أي: الزائدين بعد اللامين، وليس مراده(4/199)
وبالفَعَالِي والفَعَالَى جُمِعا صَحْرَاء والعَذْرَاء والقَيْس اتبَعَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وحزابى. اهـ.
"وبالفعالِي والفعالَى جمعا صحراء والعذراء والقيس اتبعا" أي: من أمثلة جمع الكثرة الفعالِي -بالكسر- والفعالَى -بالفتح- ولهما اشتراك وانفراد؛ فيشتركان في أنواع؛ الأول: فعلاء اسمًا نحو: صحراء وصحار وصحارى. والثاني: فعلى اسمًا نحو: علقى وعلاق وعلاقى. الثالث: فعلى اسمًا نحو: ذِفرى وذفار وذفارى. والرابع: فعلى وصفًا لأنثى أفعل نحو: حبلى وحبال وحبالى. والخامس: فعلاء وصفًا لأنثى نحو: عذراء وعذار وعذارى، هذه كلها مقيسة كما أشار إليه بقوله: والقيس اتبعا، إلا فعلاء وصفًا لأنثى نحو: عذراء؛ فإن الفعالي والفعالَى غير مقيسين فيه؛ بل محفوظان كما نص عليه في التسهيل. بخلاف ما اقتضاه كلامه هنا، وفي شرح الكافية: ويشتركان أيضًا في جمع مَهري قالوا: مهار ومهارى، ولا يقاس عليهما، ولا ينفرد الفعالي بالكسر في نحو: حِذرية وسِعلاة وعَرقُوة والْمَأْقِي، وفيما حذف أول زائدية من نحو: حَبَنْطَى وعَفَرْنى وعَدَوْلَى وقَهَوْباة وبُلَهْنِيَة وقلنسوة وحبارى،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حذف الزائدين من كل منهما كما يوهمه قوله الآتي فقط؛ فإن حبائر لم يحذف فيه إلا الزائد الثاني، وأما الأول -أعني الألف- فقد قلب همزة بعد ألف فعائل، كما سيأتي في قوله: والمد زيد ثالثًا في الواحد همزًا يرى في مثل كالقلائد
ومثل حبائر فيما ذكر حزائب، إلا أنه حذف في حزائب مع الزائد الثاني وهو التحتية الهاء. قوله: "وإن حذفت الأول" أي: الزائد الأول من كل منهما.
قوله: "وبالفعالي" بكسر اللام وقدمه؛ لأنه أصل فعالَى بفتحها. قوله: "علقى" بفتح العين والقاف اسم نبت وألفه للإلحاق بجعفر. قوله: "ذفرى" بكسر الذال المعجمة وسكون الفاء الموضع الذي يعرق من قفا البعير خلف الأذن، وألفه للإلحاق بدرهم. قوله: "لا لأنثى أفعل" كان الأولى أن يقول: لأنثى غير أفعل؛ لشمول عبارته فعلى لمذكر كبهمى لنبت معروف كذا قيل، وفيه أن نحو: بهمى خرج بقوله: وصفًا. قوله: "وصفًا لأنثى" كان عليه أن يقول: لأنثى غير أفعل؛ ليخرج نحو: حمراء؛ إذ لا يقال فيه: حمار ولا حمارى، كما في المرادى، وقد يجاب بأنه حذف من الثاني لدلالة الأول عليه. قوله: "في جمع مهري" بفتح الميم وسكون الهاء، قال المرادي: أصل المهري بعير منسوب إلى مهرة قبيلة من قبائل اليمن، ثم كثر استعماله حتى صار اسمًا للنجيب من الإبل.
قوله: "ولا يُقاس عليهما" أي: على مهار ومهارى، فلا يقال في قمري: قمار وقمارى مثلًا. قوله: "حذرية" بحاء مهملة مكسورة فذال معجمة ساكنة فراء مكسورة فتحتية مخففة وهي القطعة الغليظة من الأرض والأكمة الغليظة. قاموس. قوله: "وسِعلاة" بكسر السين وسكون العين المهملتين، قال في القاموس: السعلاة والعسلاء بكسرهما الغول أو ساحرة الجن. اهـ. وفسره شيخنا وغيره بأخبث الغيلان. قوله: "وعرقوة" بفتح العين المهملة وسكون الراء وضم القاف وهي الخشبة المعترضة على رأس الدلو. تصريح.
قوله: "والمأقي" بفتح الميم وسكون الهمزة وكسر القاف وهو طرف العين مما يلي الأنف، ويقال له: الموق والماق، وأما طرفها مما يلي الصدغ فاللحاظ. قال في المصباح: قال ابن القطاع: مأقي العين فعلي، وقد غلط فيه جماعة من العلماء فقالوا: هو مفعل(4/200)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وندر في أهل وعشرين ليلة وكيكة وهي البيضة، وينفرد فعالَى بالفتح في وصف على فعلان نحو: سكران وغضبان، وعلى فعلى نحو: سكرى وغضبى، ويحفظ في نحو: حَبِطَ ويتيم وأيِّم وطاهر وشاة ورئيس وهي التي أصيب رأسها. واعلم أن فُعالى بضم الفاء في جمع نحو: سكران وسكرى، راجح على فعالى بفتحها، وفي غير يتيم من نحو: قديم وأسير مستغنى به عنه، وفي غير ذلك مستغنى عنه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وليس كذلك بل الياء في آخره للإلحاق. قوله: "من نحو حبنطى... إلخ" تبع الشارح ابن الناظم في انفراد فعالِي بالكسر بحبنطى وقلنسوة، وتبع المرادي في انفراد فعالَى بالفتح في نحو: سكران وسكرى. قال زكريا: وجعل الشارح -يعني ابن الناظم- حبنطى وقلنسوة مما اختص به فعالِي -أي: بالكسر- مخالف لجعل ابن هشام لهما مما اشترك فيه فعالِي وفعالَى، ولم يختص فعالَى -أي: بالفتح- بشيء كما قاله ابن هشام؛ ولذا تركه الشارح، وذكر المرادي أنه مختص بفعلان وفعلى كسكران وسكرى، وفيه نظر. اهـ. ثم رأيت ما مر عن ابن الناظم لأبيه في التسهيل.
قوله: "حبنطى" بفتح الحاء المهملة والموحدة وسكون النون وفتح الطاء المهملة وهو العظيم البطن، وزيد فيه النون والألف ليلتحق بسفرجل، فإذا حذف أول زائديه وهو النون قيل في جمعه: حباطى. اهـ تصريح. وفي زكريا أنه يقال بهمزة بعد الطاء كما يقال بألف بعدها.
قوله: "وعفرنى" بعين مهملة وفاء مفتوحتين فراء ساكنة فنون مفتوحة وهو الأسد، وأول زائديه النون. دماميني. قوله: "وعدولى" بعين ودال مهملتين مفتوحتين فواو ساكنة فلام مفتوحة وهي قرية بالبحرين، وأول زائديه الواو. دماميني.
قوله: "وقهوباة" بقاف وهاء مفتوحتين فواو ساكنة فموحدة وهو سهم صغير، وأول زائديه الواو. دماميني. قوله: "وبلهنية" بموحدة مضمومة فلام مفتوحة فهاء ساكنة فنون مكسورة فتحتية وهي السَّعَة، يقال: فلان في بلهنية من العيش أي: في سَعَة، وأول زائديه النون. قوله: "وقلنسوة" بفتح القاف واللام وسكون النون وضم السين المهملة ما يُلبس على رأس، وزيد فيه النون والواو ليلتحق بقمحدوة، وأول زائديه النون. تصريح. قوله: "وكيكة" بكافين بينهما تحتية.
قوله: "في نحو: حبط" بحاء مهملة مفتوحة فموحدة مكسورة فطاء مهملة وهو البعير المنتفخ البطن لوجع. دماميني. قوله: "وأيم" بفتح الهمزة وتشديد التحتية وهو مَن لا زوجة له ولا زوج لها. دماميني. قوله: "وطاهر" بطاء مهملة. قوله: "وشاة ورئيس" كذا في غالب نسخ الشارح، وفي بعض النسخ: وشاة وتيس، وكذا وقع في النسخة الواقعة للدماميني من التسهييل فقال: يقال في جمع شاة: شواهى، وفي جمع تيس -وهو الذكر من الظبي والمعز أو إذا أتى عليه سنة- تياسى بألف بعد الهاء والسين، هذا مقتضى كلام المصنف، ولم أقف على ذلك. اهـ ملخصًا، والذي رأيته في التسهيل وشرحه لابن عقيل وشاة رئيس قالوا: شياه رآسى والشاة الرئيس التي أصيب رأسها. اهـ. ولا يبعد أن الصواب هذا وما عداه تحريف، ويؤيد ذلك أن صاحب القاموس لم يذكر شواهى وتياسى في جمع شاة وتيس، وذكر ما نصه: وشاة رئيس أصيب رأسها من غنم رآسى. اهـ. قوله: "وفي غير(4/201)
واجْعَلْ فَعَالِيَّ لغير ذي نَسَبْ جُدِّدَ كالكُرسي تَتْبع العَرَبْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهات: الأول: إنما لم يذكر هنا ما ينفرد به فعالى من نحو: حذرية وما بعدها؛ لأنه مستفاد من قوله بعد: وبفعالل وشبهه انطقا
وسيأتي بيانه؛ ولكنه أخل بفُعالى -بضم الفاء- فلم يذكره.
الثاني: قالوا في جمع صحراء وعذراء أيضًا صحاريّ وعذرايّ بالتشديد، وسيأتي.
الثالث: فعالي بالتشديد هو الأصل في جمع صحراء ونحوها، وإن كان محفوظًا لا يقاس عليه؛ لأن وزن صحراء فعلال فجمعه على فعاليل يلقب الألف التي بين اللامين ياء لانكسار ما قبلها، ويقلب ألف التأنيث -وهي الثانية في نحو: صحراء- ياء وتدغم الأولى فيها، ثم أنهم آثروا التخفيف فحذفوا إحدى الياءين، فمن حذف الثانية قال: الصحاري -بالكسر- وهذا هو الغالب، ومن حذف الأولى قال: الصحارى -بالفتح- وإنما فتح الراء وقلب الياء ألفًا لتسلم من الحذف عند التنوين.
"واجعل فعالي لغير ذي نسب جدد كالكرسي تتبع العرب" أي: من أمثلة جمع الكثرة فعالي، وهو لثلاثي ساكن العين مزيد آخره ياء مشددة لغير تجديد نسب نحو: كرسي وكراسي، وكركي وكراكي، واحترز بقوله: لغير ذي نسب جدد، من نحو: تركي، فلا يقال فيه: تراكي، وأما أناسي فجمع إنسان لا إنسي، وأصله أناسين، فأبدلوا النون ياء كما قالوا:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتيم" أي: وأن فعالى بضم الفاء في غير يتيم من نحو: قديم وأسير مستغنى به عن فعالى بفتحها، فقالوا في قديم وأسير فُعالى بضم الفاء مستغنين به عن فَعالى بفتح الفاء، وإنما استثنى يتيمًا لأنهم لم يجمعوه على فُعالى بضم الفاء.
قوله: "وفي غير ذلك مستغنى عنه" أي: وأن فعالى بضم الفاء في غير سكران وسكرى ونحو: قديم وأسير مستغنى عنه بفعالى بفتح الفاء نحو حباطى ويتامى وأيامى. قوله: "لم يذكر هنا ما ينفرد به فعالي" بكسر اللام، ولم يذكر أيضًا ما ينفرد به فعالَى بفتحها. قوله: "لأن وزن صحراء... إلخ" تعليل لقوله: هو الأصل. قوله: "فعلال" هذا مردود، وكذا قوله: على فعاليل؛ لأن همزة التأنيث لا تقابل باللام؛ لأنها زائدة، ولأنه لا يوافق قوله: بقلب ألف التأنيث... إلخ، ولو قال: ولأن وزن صحراء فعلاء فجمعه على فعاليّ بتشديد الياء بقلب الألف الأولى ياء... إلخ لأصاب.
قوله: "ومن حذف الأولى... إلخ" كان تخصيص الفتح بحذف الأولى؛ لأن الثانية محركة، فإذا فتح ما قبلها قلبت ألفًا من غير تصرف فيها بتغييرها عن حالها. سم.
قوله: "لغير ذي نسب جدد" بألا يكون فيه نسب أصلًا كعلباء وقوباء وحولايا وكرسي، أو فيه نسب غير مجدد أي: غير ملحوظ الآن لكونه صار منسيًّا أو كالمنسي فالتحق بما لا نسب فيه بالكلية كمهري كما سيذكره الشارح، وبتقرير كلامه على هذا الوجه يندفع اعتراض ابن هشام بأن مقتضى كلامه أن نحو: كرسي فيه نسب غير مجدد مع أنه لا نسب فيه أصلًا، ولا يحتاج إلى تكلف شيخنا والبعض. الجواب بأن قوله: جدد صفة كاشفة. قوله: "وأما أناسي... إلخ" قال أبو حيان:(4/202)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ظربان وظرابي، وعلامة النسب المتجدد جواز سقوط الياء. وبقاء الدلالة على معنى مشعور به قبل سقوطها.
تنبيهات: الأول: قد تكون الياء في الأصل للنسب الحقيقي، ثم يكثر استعمال ما هي فيه حتى يصير النسب منسيًّا أو كالمنسي، فيعامل الاسم معاملة ما ليس منسوبًا؛ كقولهم فيم مهري مهاري، وأصله البعير المنسوب إلى مهرة قبيلة باليمن، ثم كثر استعماله حتى صار اسمًا للنجيب من الإبل.
الثاني: ذكر في التسهيل أن هذا الجمع أيضًا لنحو: علباء وقوباء وحولايا، وأنه يحفظ في نحو: صحراء وعذراء وإنسان وظربان.
الثالث: هذا آخر ما ذكره في النظم من أمثلة تكسير الثلاثي المجرد والمزيد فيه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولو ذهب ذاهب إلى أن الياء في أناسي ليست بدلًا، وأن أناسي جمع إنسي وأناسين جمع إنسان لذهب إلى قول حسن، واستراح من دعوى البدل إذا العرب تقول إنسي في معنى إنسان كما قالوا: بختي وقمري وبخاتي وقماري، وكأنه يشير إلى تناسي النسب في ذلك كما يعلم من قوله في معنى إنسان، فتأمل. سندوبي. قوله: "فجمع إنسان لا إنسي" وحينئذ فلا يكون مما نحن فيه؛ لأن وزنه حينئذ فعالين بناء على أنه من الإنس لا فعالي. قال الشيخ خالد: ولو كان أناسي جمع إنسي لقيل في جمع جني جناني، وفي جمع تركي تراكي، قاله ابن مالك في شرح الكافية: زاد ابنه، وهذا لا يقول به أحد.
قوله: "فأبدلوا النون ياء" ثم أدغموا الياء المبدلة من ألف إنسان فيها، ومن العرب من يقول: أناسين وظرابين على الأصل من غير إبدال. قوله: "ظربان" بالظاء المعجمة على وزن قطران دويبة منتنة الريح، قيل: تشبه الهر، وقيل: تشبه القرد، وقيل: تشبه الكلب، قاله ابن عقيل في شرح التسهيل. قال الجوهري: تزعم الأعراب أنها تفسو في ثوب أحدهم إذا صادها فلا تذهب رائحته حتى يبلى الثوب.
قوله: "على معنى مشعور به" وهو المنسوب إليه. وقوله: قبل سقوطها متعلق بمشعور. قوله: "منسيًّا" أي: إذا لم يلاحظ النسب أصلًا أو كالمنسي أي: إذا لوحظ في بعض الأحيان. قوله: "وحولايا" بفتح الحاء المهملة وسكون الواو مع القصر. قال الدماميني: اسم موضع. وقال في القاموس: قرية من عمل النهروان. قوله: "وأنه يحفظ" وإن كان هو الأصل فهو أصل لا يُقاس عليه كما صرح به الشارح سابقًا والمرادي. قوله: "وإنسان وظربان" أي على القول بأن أناسي وظرابي ليس أصلهما أناسين وظرابين.
قوله: "والمزيد فيه" أي: والثلاثي المزيد فيه. وقوله: وغير الملحق بكسر الحاء أي: غير الحرف الملحق نائب فاعل المزيد، وأخرج به المزيد فيه حرف ملحق كصيرف وصيارف بوزن فياعل. وقوله: والشبيه به معطوف على الملحق، وأخرج به المزيد فيه حرف شبيه بالحرف الملحق كإصبع وأصابع بوزن أفاعل، ويظهر لي أن التقييد بغيرهما لكونه الغالب في مفردات الجموع(4/203)
وبفَعَالِل وشَبْهِهِ انْطِقَا في جَمْعِ ما فوق الثلاثةِ ارْتَقَى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غير الملحق والشبيه به، وجملة الأبنية الموضوعة للكثرة منها أحد وعشرون بناء، وزاد في الكافية أربعة أبنية: فُعالى وفعيل وفُعال وفعلى، أما فعالى فنحو: سكارى، وهو لوصف على فعلان، وفعلى وقد تقدم ذكره، وأنه يرجح على فعالى بالفتح في هذين الوصفين، وأما فعيل وفعال بضم الفاء نحو: عبيد جمع عبد وظؤار جمع ظئر ففيهما خلاف؛ ذكر بعضهم أنهما اسما جمع على الصحيح، وقال في التسهيل: الأصح أنهم مثالا تكسير لا اسما جمع، فإن ذكر فعيل فهو اسم جمع لا جمع كما سيأتي بيانه، وأما فعلى فلم يسمع جمعًا إلا في حجلى جمع حجل وظربى جمع ظربان، ومذهب ابن السراج أنه اسم جمع لا جمع. وقال الأصمعي: الحجلي لغة في الحجل، وذهب الأخفش إلى أن نحو: ركب وصحب جمع تكسير، ومذهب سيبويه أنه اسم جمع، وهو الصحيح؛ لأنه يصغر على لفظه. وذهب الفراء إلى أن كل ما له واحد موافق في أصل اللفظ نحو: ثمر وثمار جمع تكسير وليس بصحيح.
"وبفعالل وشبهه انطقا في جمع ما فوق الثلاثة ارتقى" أي: من أمثلة جمع الكثرة فعالل وشبهه. والمراد بشبهه: ما يماثله في العدة والهيئة وإن خالفه في الوزن نحو: مفاعل وفياعل. أما فعالل فيجمع عليه كل ما زادت أصوله على ثلاثة. وأما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السابقة، وإلا فمنها ما زيادته للإلحاق كجوهر وعلقى، فافهم. قوله: "منها" أي: من أمثلة تكثير الثلاثي المجرد... إلخ. قوله: "جمع ظئر" بظاء معجمة مكسورة وهمزة ساكنة الناقة تعطف على ولد غيرها، ومنه قيل للمرأة الحاضنة ولد غيرها: ظئر، وللرجل الحاضن ولد غيره: ظئر، والجمع أظآر مثل: حمل وأحمال، وربما جمعت المرأة على ظئار بكسر الظاء وضمها، كذا في المصباح.
قوله: "فإن ذكر فعيل" أي: ككليب وحجيج، ويؤخذ منه تقييد قوله في التسهيل بجمعية فعيل بتأنيثه. والحاصل أن المصنف مشى في التسهيل على التفصيل المقابل للقول بأن فعيلًا اسم جمع مطلقًا. قال المرادي: وفي كلام بعضهم ما يقتضي أنه جمع تكسير مطلقًا.
قوله: "كما سيأتي بيانه" أي: في الخاتمة. قوله: "جمع حجل" بفتح الحاء المهملة والجيم طائر معروف. قوله: "وبفعالل وشبهه... إلخ" أي: على التفصيل الذي سيذكره الشارح، وليس المراد تجويز جمع ما ارتقى فوق الثلاثة على فعالل وعلى شبهه. قوله: "ما فوق الثلاثة ارتقى" شمل الرباعي كجعفر وصيرف وإصبع، والخماسي كسفرجل وخورنق ومنطلق، والسداسي كقبعثرى ومستخرج والسباعي كاستخراج. قوله: "كل ما زادت أصوله على ثلاثة" يشمل الرباعي المجرد كجعفر، والمزيد فيه كمدحرج ومتدحرج، والخماسي المجرد كسفرجل، والمزيد فيه كقبعثرى، فهذه أنواع أربعة يطرد جمعها على فعالل، فالرباعي المجرد لا يحذف منه شيء كجعفر وجعافر، والخماسي المجرد يحذف خامسه كسفرجل وسفارج. نعم إن كان رابعه يشبه الحروف التي تزاد كنت بالخيار في حذف الرابع أو الخامس كفرزدق وفرازد أو فرازق. وأما الرباعي والخماسي المزيد فيهما، فيجب حذف زائدهما حرفًا واحدًا أو أكثر مع حذف خامس الثاني فتقول في جمع مدحرج ومتدحرج وقبعثرى: دحارج وقباعث، إلا إذا كان زائد الرباعي المزيد فيه لينًا قبل الآخر(4/204)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شبهه فيجمع عليه كل ثلاثي مزيد، إلا ما أخرجه بقوله: "من غير ما مضى" أي: وهو باب كبرى وسكرى وأحمر وحمراء ورام وكامل ونحوها مما استقر تكسيره على غير هذا البناء. وشمل قوله: ما فوق الثلاثة الرباعي وما زاد عليه؛ أما الرباعي فإن كان مجردًا جمع على فعالل نحو: جعفر وجعافر، وزبرج وزبارج، وبرثن وبراثن، وسبطر وسباطر، وجَحدب وجحادب، وإن كان بزيادة جمع على شبه فعالل سواء كانت زيادته للإلحاق نحو: جوهر وجواهر، وصيرف وصيارف، وعلقى وعلاق، أم لغيره نحو: إصبع وأصابع، ومسجد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رابعًا فيثبت، فتقول في جمع عصفور وقرطاس وقنديل: عصافير وقراطيس -بقلب الواو والألف ياء- وقناديل، كما سيأتي ذلك كله.
قوله: "من غير ما مضى" يرجع لقوله: وشبهه، كما أشار إليه الشارح. قوله: "مما استقر تكسيره على غير هذا البناء" أي: فعالل وشبهه، وخرج بقوله: مما استقر... إلخ نحو: سحابة مما يجمع على فعالل، ونحو: جوهر مما يُجمع على فواعل؛ فإنهما وإن كانا مما مضى لكنهما استقر تكسيرهما على هذا البناء؛ لأن فعائل وفواعل من شبه فعالل فهو تقييد لمفهوم قول الناظم: من غير ما مضى، أشار إلى بعض ذلك زكريا.
قوله: "أما الرباعي" أي: ما حروفه أربعة لا ما أصوله أربعة بدليل قوله بعد: وإن كان أي: الرباعي بزيادة أي: بسببها، وبدليل قوله: يجمع على شبه فعالل؛ فإن الذي جمع على شبهه إنما هو الثلاثي المزيد فيه. قوله: "نحو: جعفر" هو النهر الصغير. قوله: "وزبرج" بزاي مكسورة فموحدة ساكنة فراء مكسورة فجيم وهو الزهر والسحاب الرقيق الذي فيه حمرة. قوله: "وبرثن" بموحدة مضمومة فراء ساكنة فمثلثة مضمومة فنون، قال في القاموس: الكف مع الأصابع ومخلب الأسد أو هو للسبع كالأصبع للإنسان وقبيلة. اهـ. وما مر من أنه بمثلثة قبل آخره هو ما صرح به زكريا، وبها رسم في نسخ الصحاح والقاموس، وقال في التصريح: بمثناة فوقية قبل آخره، وهو غير موثوق به. قوله: "وسبطر" بسين مهملة مكسورة فموحدة مفتوحة فطاء مهملة ساكنة فراء الماضي اللسان، كما في القاموس.
قوله: "وجحدب" بجيم وحاء ودال مهملتين وموحدة كجعفر هو القصير كما في القاموس، وبجيم مضمومة وخاء معجمة ساكنة ودال مهملة مضمومة ضرب من الجراد أخضر طويل الرجلين والجمل الضخم، كما في الصحاح وغيره، وبجيم مضمومة وخاء معجمة ساكنة ودال مهملة مضمومة أو مفتوحة الأسد، كما في القاموس. قوله: "نحو: جوهر... إلخ" مقتضى كون الزيادة في هذه الأمثلة للإلحاق أن يكون وزنها فعلل فتجمع على فعالل كجعفر وجعافر، فكيف جعل جمعها شبه فعالل إلا أن يكون المراد شبه فعالل مع قطع النظر عن الإلحاق. اهـ سم. أي: لم ينظر إلى كون الزيادة للإلحاق، وإنما نظر إلى مجرد الزيادة.
قوله: "وصيرف" هو المحتال في الأمور. قاموس. قوله: "وعلقى وعلاق" في ذكر هذا نظر وإن أقروه؛ لأنه من جملة ما مضى، واستقر تكسيره على غير هذا البناء لذكر الشارح له سابقًا فيما يجمع على الفعالِي بكسر اللام والفعالَى بفتحها.
قوله: "نحو: إصبع... إلخ" وزن أصابع أفاعل، ومساجد مفاعل، وسلالم فعاعل. قوله: "مما(4/205)
من غير ما مَضَى ومن خُمَاسِي جُرِّدَ الآخر انفِ بالقياس
والرابعُ الشبيهُ بالْمَزِيدِ قد يُحْذَفُ دُونَ ما به تَمَّ العَدَدْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومساجد، وسلم وسلالم، ما لم يكن مما تقدم استثناؤه. وأما الخماسي فهو أيضًا إما مجرد وإما بزيادة؛ فإن كان مجردًا فقد أشار إليه بقوله: "ومن خماسي جرد الآخر انف بالقياس" الآخر مفعول مقدم لانف، ومن خماسي متعلق بانف، وكذلك بالقياس أي: انف الآخر أي: احذفه من الخماسي المجرد عند جمعه قياسًا لتتوصل بذلك إلى بناء فعالل، فتقول في سفرجل: سفارج، وفي فرزدق: فرازد، وفي خورنق: خوارن. ثم إن كان رابع الخماسي شبيهًا بالزائد لفظًا أو مخرجًا جاز حذفه وإبقاء الخامس، وإلى ذلك الإشارة بقوله: "والرابع الشبيه بالمزيد قد يحذف دون ما به تم العدد" أي: دون الخامس، مثال ما رابعه شبيه بالزائد لفظًا خورنق، فإن النون من حروف الزيادة. ومثال ما رابعه شبيه بالزائد مخرجًا فرزدق، فإن الدال من مخرج التاء وهي من حروف الزيادة، فلك أن تقول فيهما: خوارق وفرازق؛ لكن خوارن وفرازد أجود، وهذا مذهب سيبويه. وقال المبرد: لا يحذف في مثل هذا إلا الخامس، وخوارق وفرازق غلط.
وأجاز الكوفيون والأخفش حذف الثالث كأنهم رأوه أسهل؛ لأن ألف الجمع تحل محله فيقولون: خوانق وفرادق. وأما الخماسي بزيادة فإنه يحذف زائده آخرًا كان أو غير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تقدم استثناؤه" وهو باب كبرى وما عطف عليه. قوله: "ومن خماسي" اعلم أن الرباعي المجرد لما لم يحتج في جمعه على فعالل إلى حذف لم يخصه المصنف ببيان، ولما احتاج الخماسي المجرد إلى حذف ذكره في قوله: ومن خماسي إلى آخر البيتين، ولما احتاج المزيد من الرباعي والخماسي، إلى ذلك أشار إليه بقوله: وزائد العادي الرباعي... إلخ، وذكر الحذف في الثلاثي المزيد في قوله: والسين والتا... إلخ، ثم ذكر بعد ذلك الأولى بالحذف من الزوائد، أفاده سم.
قوله: "وفي فرزدق" اسم جنس جمعي لفرزدقة وهي القطعة من العجين، وقولهم: جمع فرزدقة فيه مسامحة أو مرادهم الجمع اللغوي. قوله: "وفي خورنق خوارن" كذا في النسخ، والصواب: خدرنق بالدال المهملة مكان الواو كما في ابن الناظم وشرح التوضيح؛ لأن واو خورنق مزيدة للإلحاق كما قدمه، والكلام في خماسي الأصول، والخدرنق بالدال المهملة العنكبوت كما في كركيا نقلًا عن الجوهري. قوله: "قد يحذف" أشار بقد إلى أن حذف الخامس أجود كما نبه عليه الشارح. قوله: "فإن النون" أي: من حيث هي لا في المثال بدليل قوله: قبل شبيه بالزائد. قوله: "وقال المبرد... إلخ".
ومحل الخلاف إذا لم يكن الخامس يشبه لفظ الزائد فإن أشبهه تعين حذفه قولًا واحدًا نحو: قذعمل، فتقول في جمعه: قذاعم. اهـ تصريح. والقذعمل بضم القاف وفتح الذال المعجمة وسكون العين المهملة وكسر الميم الجمل الضخم كما في القاموس. قوله: "لأن ألف الجمع تحل محله" أي: فيكون كالحذف لعوض. قوله: "وأما الخماسي بزيادة" لم يرد به الخماسي(4/206)
وزائدَ العادي الرباعي احذفه ما لم يكُ لينًا إثره اللذ خَتَمَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
آخر نحو: سِبَطْرَى وسباطر، وفدوكس وفداكس، ومدحرج ودحارج، كما أشار إليه بقوله: "وزائد العادي الرباعي احذفه" أي: احذف زائد مجاوز الرباعي "ما لم يك لينًا إثره اللذ ختما" اللذ لغة في الذي، وهو مبتدأ وصلته ختمًا، وإثره ظرف هو الخبر؛ أي: إنما يحذف زائد الخماسي إذا لم يكن حرف لين قبل الآخر كما رأيت، فإن كان كذلك لم يحذف؛ بل يجمع على فعاليل ونحوه نحو: عصفور وعصافير، وقرطاس وقراطيس، وقنديل وقناديل، وشمل قوله: زوائد العادي الرباعي نحو: قبعثرى مما أصوله خمسة، فهذا ونحوه إذا جمع حذف منه حرفان الزائد وخامس الأصول، فتقول فيه: قباعث.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأصول بل أعم منه، ومن الرباعي المزيد فيه بدليل أمثلته، فإن مدحرج رباعي مزيد؛ ولذا مثل به في التوضيح للرباعي المزيد، وبدليل أنه جعل ذلك هو المشار إليه بقوله: وزائد العادي الرباعي. وقال في شرحه: وشمل قوله: وزائد العادي الرباعي نحو: قبعثرى مما أصوله خمسة؛ وحينئذ فقوله: بزيادة أي: معها أعم من أن تكون الزيادة بواسطتها صار خمسة أو كان خمسة بدونها. سم. قوله: "سبطرَى" مشية فيها تبختر، واسبطر اضطجع وامتد، والإبل أسرعت والبلاد استقامت. قاموس. قوله: "وفدوكس" بفتح الفاء والدال المهملة وسكون الواو وفتح الكاف آخره سين مهملة، قال في القاموس: هو الأسد والرجل الشديد. وقال زكريا: هو العدد الكثير، واسم من أسماء الأسد. اهـ. وسبق قلم شيخنا فكتب العدد مكان الأسد وتبعه البعض، والذي في زكريا لفظ ذكرنا.
قوله: "العادي الرباعي" أي: سواء كانت مجاوزته للرباعي بزائد فقط كأمثلة الشارح الثلاثة المتقدمة قريبًا أو بزائد وأصلي كقبعثرى، فالمراد الرباعي هنا ما زادت أصوله على ثلاثة بأن كانت أربعة أو خمسة، والرباعي مفعول العادي أو مضاف إليه. قوله: "ما لم يكُ" أي: الزائد لينًا بفتح اللام مخفف لين بتشديد الياء وكسر اللام مع مخالفته الرواية يحتاج تصحيحه إلى تكلف تقدير مضاف أي: ذالين مضاف، وشرط عدم حذفه أن يكون رابعًا كما في التسهيل، فلو كان غير رابع كفدوكس وخيسفوج حذف، وشرط في العمدة وشرحها ألا يكون مدغمًا فيه إدغامًا أصليًّا، فإن كان كذلك حذف فيقال في مصور: مصاور لا مصاوير، وأغفل هذا الشرط في سائر كتبه ولم ينبه عليه أبو حيان في شرح التسهيل ولا غيره، نقله سم عن السيوطي وأقره، ثم قال: وقوله: إدغامًا أصليًّا أخرج العارض كجريل تصغير جرول. اهـ. ونقل هذا كله شيخنا والبعض وأقراه. وأنت خبير بأن قول المصنف: لينًا، يخرج المدغم فيه؛ لأنه ليس لينًا لتحركه كما يصرح به إخراج الشارح به نحو: كنهور وهبيخ؛ وحينئذ فلا حاجة إلى هذا الشرط، ومقتضى ما ذكرناه الحذف في جمع جريل أيضًا وإن اقتضى ما ذكره سم الإثبات، فاعرف ذلك، والخيسفوج بخاء معجمة مفتوحة ثم فاء مضمومة ثم جيم حب القطن والخشب البالي، والجرول بجيم وراء ثم لام كجعفر الأرض ذات الحجارة، قاله في القاموس.
قوله: "هو الخبر" أي: وجملة المبتدأ والخبر نعت لينًا، ومفعول ختم محذوف أي: ختم الكلمة. قوله: "زائد الخماسي" أي: الذي هو رباعي الأصول. قوله: "بل يجمع على فعاليل" أي: بقلب كل من الواو والألف ياء لانكسار ما قبله كما في التوضيح. قوله: "الزائد وخامس(4/207)
والسينَ والتا من كمُسْتَدْعٍ أَزِلْ إذ بِبِنَا الجمع بقاهما مُخِل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وشمل لينًا ما قبله حركة مجانسة كما مثل، وما قبله حركة غير مجانسة نحو: غُرْنَيْق وفردوس، فتقول فيهما: غرانيق وفراديس. وخرج عن ذلك ما تحرك فيه حرف العلة نحو: كنهور وهبيخ؛ فإن حرف العلة فيه لا يقلب ياء؛ بل يحذف، فتقول: كناهر وهبائخ؛ لأن حرف العلة حينئذ ليس حرف لين، وخرج أيضًا نحو: مختار ومنقاد؛ فإنه لا يقال فيهما: مخاتير ومناقيد بقلب ياء؛ لأنها زائدة؛ بل منقلبة عن أصل، فيقال: مخاتر ومناقد لما سبق.
"والسين والتاء من كمستدع أزل إذ ببنا الجمع بقاهما مخل" يعني: أنه إذا كان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأصول" علم حذف الزائد من هنا، وخامس الأصول من قوله السابق: ومن خماسي... إلخ، وانظر هل يأتي هنا التخيير بين الخامس والرابع بشرطه، ولا يبعد الإتيان فليراجع، قاله سم، وأقره شيخنا والبعض، وفيه أن الخماسي في قول المصنف: ومن خماسي قيده بقوله: جرد ونحو: قبعثرى غير مجرد إلا أن يراد العلم بطريق المقايسة.
قوله: "غرنيق" بضم الغين المعجمة وسكون الراء وفتح النون طير من طيور الماء طويل العنق، ويقال له: غرنوق كعصفور، وغرنوق كفردوس، كما في القاموس. قوله: "وفردوس" هو بستان يجمع ما في البساتين. قاموس. قوله: "نحو: كنهور" كسفرجل المتراكم من السحاب والضخم من الرجال، قاله في القاموس. قوله: "وهبيخ" بفتح الهاء والموحدة وتشديد التحتية المفتوحة بعدها خاء معجمة الغلام الممتلئ.
قوله: "وخرج أيضًا نحو: مختار ومنقاد" نظر فيه سم بأنه يقتضي أن نحو: مختار ومنقاد داخل في قوله: العادي الرباعي، وليس كذلك؛ لأنه من الثلاثي المزيد المشار إليه بقول المنصف الآتي: "والسين والتاء... إلخ" لا من العادي الرباعي الذي الكلام فيه، وهو ما زاد على أربعة أحرف وكان رباعي الأصول أو خماسيها، فكان الأولى -بل الصواب- إسقاط ذلك كما فعل المرادي.
قوله: "لما سبق" قال سم: انظر في أي موضع سبق. اهـ. قال شيخنا وأقره البعض: فكان ينبغي للشارح أن يقول لما سيأتي لما تقدم من أن نحو: مختار ومنقاد، من الثلاثي المزيد المشار إليه بقوله الآتي: والسين والتاء... إلخ. اهـ. وأنت خبير بأنه لا يصح أيضًا أن يقول لما سيأتي؛ لأن المبين بقول المصنف: والسين والتاء... إلخ إنما هو حذف الزائد في الثلاثي المزيد، وكلام الشارح الآن في حذف ألف مختار ومنقاد، وهي غير زائدة كما قال، فكيف يعلله بما سيأتي من حذف الزائد، فتدبر. قوله: "والسين والتاء... إلخ" تقدم عن سم أن هذا البيت بيان لما يحذف من مزيد الثلاثي؛ لأن مستدعيًا كذلك؛ لأن أصوله الدال والعين والياء؛ وحينئذ ففي قول الشارح يعني نظر؛ لأن ما ذكره الشارح قاعدة تشمل بعض ما تقدم كالرباعي والخماسي المزيدين، وهذا البيت لا يدل على هذه القاعدة؛ بل على بعض أفرادها، فكان الأَوْلَى إسقاط يعني؛ ولهذا قال المرادي: اعلم أن الاسم إذا كان فيه من الزوائد ما يخل... إلخ بأن تعليل المصنف يفيد هذه القاعدة.
قوله: "إذ ببنا الجمع... إلخ" حذف من التعليل شيئًا يعلم من قوله: والميم أولى من سواه بالبقا، والأصل: إذ ببناء الجمع بقاؤهما معا مخل، وبقاء أحدهما مع حذف الآخر والميم خلاف الأولى، فاندفع ما أورد على التعليل من أن دفع الإخلال يحصل بحذف الميم مع بقاء أحدهما بأن(4/208)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الاسم من الزوائد ما يخل بقاؤه بمثالي الجمع، وهما فعالل وفعاليل، توصل إليهما بحذفه، فإن تأتي أحد المثالين بحذف بعض وإبقاء بعض أبقي ما له مزية في المعنى أو اللفظ، فتقول في مستدع: مداع بحذف السين والتاء معًا؛ لأن بقاءهما يخل ببنية الجمع، وأبقيت الميم لأن لها مزية في المعنى عليهما لكون زيادتها لمعنى مختص بالأسماء بخلافهما؛ فإنهما يزادان في الأسماء والأفعال.
وكذلك تقول في استخراج: تخاريج، فتؤثر استخراج بالبقاء على سينه؛ لأن التاء لها مزية في اللفظ على السين؛ لأن بقاءها لا يخرج إلى عدم النظير؛ لأن تفاعيل موجود في الكلام كتماثيل بخلاف السين؛ فإنها لا تزاد وحدها، فلو أفردت بالبقاء لقيل سخاريج، ولا نظير له؛ لأنه ليس في الكلام مفاعيل. ومن المزية اللفظية أيضًا قولك في جمع مرمريس: مراريس، بحذف الميم وإبقاء الراء؛ لأن ذلك لا يجهل معه كون الاسم ثلاثيًّا في الأصل،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقال: سداع أو تداع. قوله: "ما يخل بقاؤه... إلخ" بأن يخرجه عن فعالل وفعاليل وما يشبههما في العدة والهيئة. قوله: "بمثالي الجمع" كأنه أراد مثالي الجمع وما شابههما في العدة والهيئة، وإن خالفهما في الوزن بدليل الأمثلة التي ذكرها فإن نحو: مداع ليس على فعالل ولا فعاليل. سم. قوله: "أبقى ماله مزية" وتحصل المزية بواحد من سبعة أمور: التقدم والتحرك والدلالة على معنى ومماثلة الأوصل وهي كونه للإلحاق والخروج عن حروف سألتمونيها وألا يؤدي إلى مثال غير موجود، وألا يؤدي حذفه إلى حذف الآخر الذي ساواه في جواز الحذف، وردها في التسهيل إلى ثلاثة أمور: المزية من جهة المعنى، والمزية من جهة اللفظ، وألا يغني حذفه عن حذف غيره، والشارح مشى ما في التسهيل.
قوله: "في مستدع" أي: في جمع مستدع. قوله: "لمعنى مختص بالأسماء" لأنها تدل على اسم فاعل. سم. أي: أو اسم مفعول. قوله: "في استخراج" أي: في جمع استخراج علمًا؛ لأن المصدر لا يجمع. قوله: "على سينه" متعلق بتؤثر. قوله: "مرمريس" من أوصاف الداهية يقال: داهية مرمريس أي: شديدة، والمرمريس الأملس أيضًا، قاله الجوهري ووزنه فعفعيل بتكرار الفاء والعين فهو ثلاثي الأصول مزيد فيه كما ذكره الشارح.
قوله: "مراريس" فيه إبقاء مع أنها خامسة، فيؤخذ من ذلك أن ما قدمناه من اشتراط كون اللين يبقى رابعًا؛ إنما هو في غير ما تكررت فاؤه وعينه، وبه صرح الفارضي فقال: واشتراط اللين الرابع يخرج غير الرابع كقرطبوس وعضر فوط فيحذف مع الأخير نحو: قراطب وعضارف، وهذا العمل لا يكون فيما كررت فاؤه وعينه كمرمريس وهي الداهية، فالميم والراء الثانيتان زائدتان. فيقال: مراريس، بإبقاء الياء وإن كانت غير رابعة في مرمريس، ولا يجوز أن يجري مجرى قرطبوس وعضرفوط بأن يقال: مرامر، ولك أن تقول: الياء رابعة بعد حذف ما يحذف وهو الميم الثانية، قياسًا على ما يأتي للشارح في حيزبون، فاعرفه.
وقوله: "كقرطبوس" الذي في القاموس قطربوس، قال: بفتح القاف وقد تكسر الشديدة الضرب من العقارب، والناقة السريعة أو الشديدة. اهـ. وبه يعلم ما في كلام البعض وقوله: وعضرفوط بعين مهملة مفتوحة وضاد معجمة ساكنة وفاء مضمومة ثم طاء مهملة دويبة بيضاء ناعمة يشبه بها(4/209)
والميمُ أَوْلَى من سِوَاه بالبَقَا والهمزُ واليا مِثْلُهُ إن سَبَقَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولو حذفت الراء وأبقيت الميم فقلت: مراميس، لأوهم كون الاسم رباعيًّا في الأصل، وأنه فعاليل لا فعافيل."والميم أَوْلَى من سواه بالبقا" لما له من المزية على غيره من أحرف الزيادة. وهذا لا خلاف فيه إذا كان ثاني الزائدين غير ملحق كنون منطلق، فتقول في جمعه: مطالق بحذف النون وإبقاء الميم. أما إذا كان ثاني الزائدين ملحقًا كسين مقعنسس فكذلك عند سيبويه، فيقال: مقاعس، وخالف المبرد فحذف الميم وأبقى الملحق وهو السين؛ لأنه يضاهي الأصل، فيقال: قعاسس. ورجح مذهب سيبويه بأن الميم مصدرة وهي لمعنى يخص الاسم، فكانت أولى بالبقاء.
تنبيه: لا يعني بالأولوية هنا رجحان أحد الأمرين مع جوازهما؛ لأن إبقاء الميم فيما ذكر متعين لكونه أولى فلا يعدل عنه.
"والهمز واليا مثله" أي: مثل الميم في كونهما أولى بالبقاء "إن سبقا" أي: تصدرا كما في ألندد ويلندد، فتقول في جمعهما: ألاد ويلاد بحذف النون وإبقاء الهمزة والياء لتصدرهما، ولأنهما في موضع يقعان فيه دالين على معنى بخلاف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أصابع الجواري، كما في القاموس.
قوله: "لأن ذلك لا يجهل... إلخ" لأنه إذا كان بين المكررين فاصل احتملت أصالتهما كمراميس، بخلاف ما إذا لم يكن فاصل كمراريس، فإنه يحكم بزيادة أحدهما. قوله: "فتقول في جمعه مطالق" هل يقال في مصطفى ومحتفظ مصافي ومحافظ. سم. قوله: "أما إذا كان ثاني الزائدين" أراد بهما الحرف الملحق وما عداه من أحرف الزيادة، وإلا فالسين في مقعنس ليس ثاني زائدين؛ بل ثالث زوائد، وهي الميم والنون وأحد السينين. قوله: "ملحقًا" يؤخذ من تمثيله ومن عبارة الفارضي تقييد الملحق بكونه ضعف أصلي وعبارته، والمبرد يقول في جمع مقعنس: قعاسس، فيراعي الأصل وهو قعس فيحذف الميم والنون ويبقى أحد المثلين؛ لأنه وإن كان زائدًا هو ضعف حرف أصلي، والزائد إذا كان ضعف حرف أصلي يحكم له بما للأصلى، كما سيأتي في التصريف، فكان أصل مقعنسس عنده قعسس كجعفر. اهـ.
قوله: "مقعنس" أي: متأخر إلى خلف من القعس وهو خروج الصدر ودخول الظهر ضد الحدب. جوهري.قوله: "فيقال: قعاسس" كذا في بعض النسخ بلا ياء بين السينين، وهو الأشهر، وفي بعضها بياء على لغة من يعوضها عما حذف. قوله: "لا يعني بالأولوية" أي: في قوله والميم أولى من سواه بالبقا، وقال السندوبي: فكلام المصنف على حد قوله تعالى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا} وقولهم: الصيف أحر من الشتاء. اهـ. وقد قيل في نحو الآية، وقولهم المذكور أنه على فرض وجود أصل الفعل في المفضل عليه، فيكون كلام المصنف على فرض استحقاق غير الميم البقاء. قوله: "لكونه أولى" أي: والعمل بالأولى هنا واجب.
قوله: "كما في ألندد ويلندد" بفتح أولهما وثانيهما وسكون نونيهما وإهمال داليهما وهما بمعنى الألد أي: الشديد الخصومة، كما في الصحاح. قوله: "ألادّ ويلادّ" والأصل ألادد ويلادد، فأدغم أحد المثلين في الآخر. قوله: "في(4/210)
والياء لا الواو احذف إن جمعتَ ما كحَيْزَبُون فهو حُكْمٌ حُتِمَا
وخَيَّرُوا في زَائِدَيْ سَرَنْدَى وكل ما ضاهاه كالعَلَنْدَى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النون؛ فإنها في موضع لا تدل فيه على معنى أصلًا.
تنبيه: إبقاء الميم والياء والهمز في المثل المذكورة من المزية المعنوية.
"والياء لا الواو احذف إن جمعت ما كحيزبون" وعيطموس "فهو حكم حُتِمَا" فتقول: حزابين وعطاميس، بحذف الياء وإبقاء الواو فتقلب ياء لانكسار ما قبلها؛ وإنما أوثرت الواو بالبقاء في ذلك؛ لأن الياء إذا حذفت أغنى حذفها عن حذف الواو لبقائها رابعة قبل الآخر فيفعل بها ما فعل بواو عصفور، لو حذفت الواو أولًا لم يغن حذفها عن حذف الياء؛ لأنها ليست في موضع يؤمنها من الحذف.
"وخيروا في زائدي سرندى" وهما النون والألف "وكل ما ضاهاه" أي: شابهه في تضمن زيادتين لإلحاق الثلاثي بالخماسي "كالعلندَى" والحبنطى والعفرنى، فلك أن تحذف ما قبل الألف وتبقى الألف فتقلب ياء، فتقول: سراد وعلاد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موضع" وهو الأول، وقوله: على معنى، هو التكلم في الهمزة والغيبة في الياء.
قوله: "بخلاف النون؛ فإنها في موضع لا تدل فيه على معنى" فسر البعض الموضع هنا بالأثناء؛ وحينئذ يرد على كلام الشارح أن النون في الأثناء قد تدل على المطاوعة كما في منكسر ومنهشم، فاللائق تفسير بما بين ثالث الكلمة ورابعها.
قوله: "من المزية المعنوية" من سببية، وإنما اقتصر على المعنوية مع وجود اللفظية أيضًا وهي التصدر؛ لأن المعنوية أقوى، فهي أحق بالاعتبار متى وجدت. قوله: "ما كحيزبون" مما حذف أحد زائديه مغنٍ عن حذف الآخر دون العكس، والحيزبون بحاء مهملة مفتوحة فتحتية ساكنة فزاي مفتوحة فموحدة مضمومة العجوز، والعيطموس بعين وطاء وسين مهملات قال في القاموس: التامة الخلق من الإبل والمرأة الجميلة أو الحسنة الطويلة التارة العاقر كالعطموس بالضم والناقة الهرمة، والجمع عطاميس وعطامس نادر.
قوله: "لبقائها رابعة" أي: بعد حذف الياء فتكون داخلة في قوله: ما لم يكن لينا أثره اللذ ختما. قوله: "ما فعل بواو عصفور" من قلبها ياء. قوله: "لم يغن حذفها عن حذف الياء" لأنك لو حذفت الواو وقلت: حيازبن بسكون الموحدة أو تحركها لفاتت صيغة الجمع، واحتيج إلى أن تحذف الياء أيضًا ويقال: حزابن. قوله: "لأنها ليست في موضع... إلخ" لما علمت من أن بقاءها مفوت لصيغة الجمع ولو قال الشارح كالمرادي؛ لأن بقاء الياء مفوت لصيغة الجمع لكان أوضح. قوله: "سرندى... إلخ" السرندى بسين مهملة وراء مفتوحة ونون ساكنة ودال مهملة مفتوحة، قال في القاموس: هو السريع في أموره أو الشديد، والعلندى بعين مهملة ولام مفتوحتين ونون ساكنة ودال مفتوحة، قال في القاموس: الغليظ من كل شيء ويضم وشجر من العضاه له شوك واحده بهاء. قوله: "فتقلب ياء" وتعل الكلمة حينئذ إعلال قاض وغاز. اهـ سم.
فائدة: لا يجمع جمع تكسير نحو: مضروب ومكرم، وشذ ملاعين جمع ملعون، ويُستثنى مفعل للمؤنث نحو: مرضع ومراضع، ذكره ابن هشام في شرح بانت سعاد، ومثل: مضروب ومختار(4/211)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وحباط وعفار، ولك عكسه، فتقول: سراند وعلاند وحبانط عفارن؛ وإنما خيروا في هذين الزائدين لثبوت التكافؤ بينهما؛ لأنهما زيدا معًا لإلحاق الثلاثي بالخماسي، فلا مزية لأحدهما على الآخر.
خاتمة: تتضمن مسائل: الأولى: يجوز تعويض ياء قبل الطرف مما حذف أصلًا كان أو زائدًا: فتقول في سفرجل ومنطلق: سفاريج ومطاليق، وقد ذكر هذا أول التصغير كما سيأتي.
الثانية: أجاز الكوفيون زيادة الياء في مماثل مفاعل وحذفها من مماثل مفاعيل، فيجيزون في جعافر جعافير، وفي عصافر عصافير، وهذا عندهم جائز في الكلام. وجعلوا من الأول: {وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} [القيامة: 15]، ومن الثاني: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ} [الأنعام: 59]، ووافقهم في التسهيل على جواز الأمرين، واستثنى فواعل فلا يقال فيه: فواعيل، إلا شذوذًا؛ كقوله:
1235- سَوَابِيعُ بيضٌ لا يُخَرِّقُهَا النَّبْلُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومنقاد، فيقال: مختارون ومنقادون، لا يجمع مكسرًا ذكره الشيخ في العمدة. اهـ فارضي. وفيه مخالفة لما أسلفه الشارح أنه يقال: مخاتر ومناقد.
قوله: "يجوز تعويض ياء... إلخ" أي: إن لم يستحقها اللفظ لغير تعويض كما في لغاغيز جمع لغيزى؛ فإنه حذفت ألفه بلا تعويض لثبوت يائه التي كانت للمفرد، كما سيذكره الشارح في التصغير. قوله: "في مماثل مفاعل... إلخ" المراد بمماثل مفاعل ومماثل مفاعيل ما وافقهما في العدة والهيئة وإن خالفهما في الوزن، وإلا فجعافر على وزن فعالل لا مفاعل، وعصافير على وزن فعاليل لا مفاعيل. قوله: "وحذفها من مماثل مفاعيل" قال بعض المتأخرين: ينبغي أن يقيد ذلك بألا يؤدي إلى التقاء مثلين؛ كقوله: اللابسات من الحرير جلاببا
فإنه مخالف للأصل من وجهين؛ فلا ينبغي تجويزه إلا للمضطر لمثله. دماميني. قوله: "في الكلام" أي: النثر. قوله: "معاذيره" لأنه جمع معذرة وقياسه معاذر. قوله: "مفاتح الغيب" لأنه جمع مفتاح فقياسه مفاتيح بقلب ألفه ياء. قوله: "واستثنى فواعل" أي: الوصف بقرينة التمثيل بسوابيغ، فلا يقال في ضارب: ضواريب، أما الاسم فليس كذلك فقد حكى سيبويه عن بعض العرب دوانيق وطوابيق وخواتيم، أفاده الدماميني. ولك أن تعمم وتجعل نحو: دوانيق وخواتيم مما شذ، ثم رأيت ابن عقيل على التسهيل صدر بهذا الاحتمال الذي قلته، فتأمل. قوله: "سوابيغ" جمع سابغة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1235- صدره: عليها أسودٌ ضارياتٌ لبوسُهُم
والبيت من الطويل، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص103، والدرر 6/ 280، والمقاصد النحوية 4/ 533، وبلا نسبة في همع الهوامع 2/ 182.(4/212)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومذهب البصريين أن زيادة الياء في مثل مفاعل، وحذفها في مثل مفاعيل، لا يجوز إلا للضرورة.
الثالثة: قد تدعو الحاجة إلى جمع الجمع كما تدعو إلى تثنيته، فكما يقال في جماعتين من الجمال: جمالان، كذلك يقال في جماعات: جمالات. وإذا قصد تكسير مكسر نظر إلى ما يشاكله من الآحاد فيكسر بمثل تكسيره؛ كقولهم في أعبد: أعابد، وفي أسلحة: أسالح، وفي أقوال: أقاويل، شبهوها بأسود وأساود، وأجردة وأجارد، وإعصار وأعاصير. وقالوا في مصران: مصارين، وفي غربان: غرابين، تشبيهًا بسلاطين وسراحين. وما كان من الجموع على زنة مفاعل أو مفاعيل لم يجز تكسيره؛ لأنه لا نظير له في الآحاد فيحمل عليه؛ ولكنه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو الدرع الواسعة. دماميني.
قوله: "لا يجوز إلا للضرورة" والمعاذير والمفاتح في الآيتين جمعا معذار ومفتح. دماميني. قوله: "جمالات" ظاهر أنه جمع جمال. وقال الفارضي: قالوا في جمع جمل أجمل ثم أجمال ثم جامل ثم جمال ثم جمالة ثم جمالات، فهي جمع جمع جمع جمع جمع الجمع، وعن يعقوب أنه قرأ "جُمالات" بضم الجيم. قوله: "وإذا قصد تكسير مكسر... إلخ" ظاهره أن جمع الجمع غير المستثنى ينقاس. وقال أبو حيان: إن جموع الكثرة لا تجمع قياسًا اتفاقًا، واختلف في جمع القلة، فالأكثرون أنه ينقاس ابن عصفور عدم انقياسه. اهـ دماميني. وكجمع الكثرة في أنه لا يطرد جمعه اتفاقًا اسم الجنس الذي لم تختلف أنواعه، سواء كان له واحد مميز بالتاء أو لا، فإن اختلفت فالجمهور على عدم اطراد جمعه لقلة ما جاء منه، والمبرد والرماني وغيرهما على الاطراد. وأما اسم الجمع فظاهر كلام سيبويه أنه لا يطرد جمعه، ومن المسموع منه قوم وأقوام ورهط وأراهط، كذا في الهمع.
فائدة: قال الجاربردي في شرح الشافية: اعلم أن جمع الجمع لا ينطلق على أقل من تسعة، كما أن جمع المفرد لا ينطلق على أقل من ثلاثة إلا مجازًا. انتهى. قوله: "إلى ما يشاكله" أي: في عدة الحروف ومطلق الحركات والسكنات وإن خالفه في نوع الحركة كضمة أعبد مع فتحة أسود. قوله: "وأجردة وأجارد" مقتضى كلامه أن أجردة مفرد، ولم أقف عليه، والظاهر أنه جمع جراد أو جريد. قوله: "وإعصار" بكسر الهمزة وهو الريح تثير السحاب، أو التي فيها نار، أو التي تهب من الأرض كالعمود نحو السماء، أو التي فيها العصار وهو الغبار الشديد كالعصرة محركة. قاموس. قوله: "في مصران" قال في القاموس: المصير كأمير المعي والجمع أمصرة ومصران، وجمع الجمع مصارين. قوله: "تشبيهًا بسلاطين وسراحين" نشر على ترتيب اللف، أو كل راجع لكل كما علم مما كتبناه على قوله: إلى ما يشاكله.
قوله: "على زنة مفاعل أو مفاعيل" زاد في التسهيل: أو فُعَلة بضم الفاء وفتح العين أو فَعَلة بفتحتين. قال الدماميني: فما كان موازنًا لشيء من هذه الأمثلة الأربعة لم يجمع. اهـ. والمراد بزنة(4/213)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قد يجمع بالواو والنون كقولهم في نواكس: نواكسون، وفي أيامن: أيامنون، أو بالألف والتاء كقولهم في حدائد: حدائدات، وفي صاحب: صواحبات، ومنه الحديث: "إنكن لأنتن صَواحبات يوسف".
الرابعة: إذا قصد جمع ما صدره ذو أو ابن من أسماء ما لا يعقل قيل فيه ذوات كذا وبنات كذا، فيقال في جمع ذي القعدة: ذوات القعدة، وفي جمع ابن عرس: بنات عرس. ولا فرق في ذلك بين اسم الجنس غير العلم كابن لبون وبين العلم كابن آوى. والفرق بينهما أن ثاني الجزأين من علم الجنس لا يقبل أل بخلاف اسم الجنس، وإذا قصد جمع علم منقول من جملة كبرق نحره توصل إلى ذلك بأن يضاف إليه ذو مجموعًا، فيقال: هم ذوو برق نحرة، وفي التثنية: هما ذوا برق نحرة، ويساوي الجملة في هذا المركب دون إضافة على الصحيح، فيقال: هذان ذوا سيبويه، وهؤلاء ذوو سيبويه، وهما ذوا معدي كرب، وهم ذوو معدي كرب. وما صنع بالجملة المسمى بها يصنع بالمثنى والمجموع على حده إذا ثنيا أو جمعا، فيقال في تثنية زيدين مسمى به: هذان ذوا زيدين، كما يقال في تثنية كلبتي الحداد: هاتان ذواتا كلبتين. ويقال في الجمع: ذوو زيدين وذوات كلبتين، وعلى هذا فقس.
الخامسة: الفرق بين الجمع واسم الجمع واسم الجنس الجمعي من وجهين: معنوي ولفظي. أما المعنوي فهو أن الاسم الدال على أكثر من اثنين إما أن يكون موضوعًا لمجموع الآحاد المجتمعة دالًّا عليها دلالة تكرار الواحد بالعطف، وإما أن يكون موضوعًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مفاعل أو مفاعيل ما يوافقهما في العدة والهيئة، وإن خالفهما في الوزن الاصطلاحي، بدليل تمثيله بنواكص وحدائد وصواحب. قوله: "في حدائد حدائدات" كذا في نسخ، وفي نسخ: خرائد وخرائدات. قوله: "ذو أو ابن" لم يقل: أو أخ كما في التسهيل؛ لأنه لم يقع؛ لكن لو وقع لكان هذا قياسه، فلو سمي جنس بأخي كذا لقيل في جمع ما لا يعقل: أخوات كذا.
قوله: "بين اسم الجنس غير العلم... إلخ" المتبادر أن قوله: غير العلم، لإخراج اسم الجنس العلم، وأن قوله: وبين العلم، معناه: وبين اسم الجنس العلم، فيكون أراد باسم الجنس الدال على الجنس أعم من أن يكون في اصطلاحهم اسم جنس أو علم جنس بقرينة التقسيم إلى علم جنس وغير علم جنس، وليس المراد باسم الجنس ما قابل علم الجنس.
قوله: "هم ذوو برق نحرة" أي: أصحاب هذا الاسم. قوله: "المركب دون إضافة" هو المركب المزجي. وأما الأضافي فيثنى ويكسر صدره. قوله: "على الصحيح" مقابلة إيقاع التثنية والجمع على لفظه فتقول: سيبويهان وبعلبكان وسيبويهون وبعلبكون. قوله: "بالمثنى والمجموع على حده" أي: مسمى بهما. قوله: "وعلى هذا فقس" فيقال في تثنية الجمع مسمى به: هذان ذوا زيدين، وفي جمعه: هؤلاء ذوو زيدين. قوله: "إما أن يكون موضوعًا لمجموع الآحاد(4/214)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لمجموع الآحاد دالًّا عليها دلالة المفرد على جملة أجزاء مسماه، وإما أن يكون موضوعًا للحقيقة ملغى فيه اعتبار الفردية؛ فالأول هو الجمع، وسواء كان له واحد من لفظه مستعمل كرجال وأسود أم لم يكن كأبابيل. والثاني: هو اسم الجمع، سواء كان له واحد من لفظه كركب وصحب أم لم يكن كقوم وهط. والثالث: هو اسم الجنس الجمعي، ويفرق بينه وبين واحده بالتاء غالبًا نحو: تمر وتمرة، وجوز وجوزة، وكلم وكلمة، وربما عكس نحو: الكمء والجبء للواحد والكمأة والجبأة للجنس. وبعضهم يقول للواحد: كمأة وللجنس كمء على القياس. وقد يفرق بينه وبين واحده بياء النسب نحو: روم ورمي، وزنج وزنجي. أما اسم الجنس الإفرادي نحو: لبن وماء وضرب، فإنه ليس دالًّا على أكثر من اثنين، فإنه صالح للقليل والكثير، وإذا قيل: ضربة، فالتاء للتنصيص على الواحدة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المجتمعة" لا حاجة إلى لفظ مجموع؛ ولهذا أسقطه المرادي وابن الناظم؛ بل هو مضر لإيهامه أن الجمع دائمًا من باب الكل لا الكلية، مع أن الغالب كونه من باب الكلية، واعترض عبد القادر التعبير بالوضع في تعريف الجمع بأن ظاهره أن المراد وضع الواضع، وليس كذلك؛ لقول المصنف في التسهيل في تعريف الجمع ما نصه: الجمع جعل الاسم القابل دليل ما فوق اثنين. وقوله في شرحه: المراد بالجعل تجديد الناطق حالة للاسم لم يوضع عليها ابتداء، فبذلك يخرج أسماء الجموع ونحوها. وقوله في التثنية: ليس المراد بالجعل وضع الواضع؛ بل المراد بالجعل تصرف الناطق بالاسم على ذلك الوجه، ويمكن دفعه بأن المراد بالوضع في التعريف الوضع النوعي، وهو حاصل من الواضع كما بيناه في محله.
قوله: "ملغى فيه اعتبار الفردية" أي: غير منظور في وضعه إلى الفرد كما بسطناه في مبحث الكلام، وهذا لا يدل على اعتبار الثلاثة فأكثر في استعماله، فكان الأولى أن يقول معتبرًا في استعماله لا وضعه ثلاثة أفراد فأكثر، ويرد أيضًا عليه: أنه يصدق على اسم الجنس الإفرادي، صرحوا دفع البعض له بأن المقسم الاسم الدال على أكثر من اثنين يرد بأن الإخراج إنما هو بأجزاء التعريف لا بخارج عنه كما صرحوا به. قوله: "كأبابيل" بمعنى فرق، فهو جمع لا واحد له من لفظه كما قاله الناظم، وقيل: له واحد من لفظه مستعمل، فقيل: أبول بفتح الهمزة وتشديد الموحدة المضمومة، وقيل: إبالة بكسر الهمزة وتشديد الموحدة أو تخفيفها، وقيل: إبيل بكسر الهمزة والموحدة المشددة، وقيل: إيبال كدينار، وفسر في القاموس الأربعة بالقطعة من الطير والخيل والإبل. قوله: "وربما عكس" مقابل لمحذوف بعد قوله: بالتاء غالبًا، تقديره: وتكون التاء في الواحد غالبًا نحو: تمر... إلخ؛ وإنما حذفه للعلم به من السياق.
قوله: "وبعضهم يقول للواحد كمأة... إلخ" هذا القول في جبأة وجبء أيضًا. قوله: "وقد يفرق... إلخ" مقابل لقوله: بالتاء غالبًا. قوله: "نحو: لبن" بفتح الباء، أما بكسرها فاسم جنس جمعي واحده لبنة، فقول شيخنا: بكسر الباء خطأ. قوله: "وضرب" مثله سائر المصادر. قوله: "فإنه ليس دالًّا على أكثر من اثنين" أي: ولا على اثنين؛ وإنما اقتصر على نفي الدلالة على أكثر؛ لأنه المعتبر(4/215)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأما اللفظي فهو أن الاسم الدال على أكثر من اثنين إن لم يكن له واحد من لفظه، فإما أن يكون على وزن خاص بالجمع أو غالب فيه أولًا، فإن كان على وزن خاص بالجمع نحو: أبابيل وعباديد، أو غالب فيه نحو: أعراب فهو جمع واحد مقدر، وإلا فهو اسم جمع نحو: رهط وإبل. وإنما قلنا: إن أعرابًا على وزن غالب؛ لأن أفعالًا نادر في المفردات كقولهم: برمة أعشار. هذا مذهب بعض النحويين.
وأكثرهم يرى أن أفعالًا وزن خاص بالجمع، ويجعل قولهم: برمة أعشار من وصف المفرد بالجمع؛ ولذلك لم يذكر في الكافية غير الخاص بالجمع، وليس الأعراب جمع عرب؛ لأن العرب يعم الحاضرين والبادين، والأعراب يخص البادين، خلافًا لمن زعم أنه جمعه، وإن كان له واحد من لفظه، فإما أن يميز من واحده بياء النسب نحو: روم، أو بتاء التأنيث ولم يلتزم تأنيثه نحو: تمر أولًا، فإن ميز بما ذكر ولم يلتزم تأنيثه فهو اسم الجنس الجمعي، وإن التزم تأنيثه التزم تأنيثه فهو جمع نحو: تخم وتهم، حكم سيبويه بجمعيتهما؛ لأن العرب التزمت تأنيثهما. والغالب على اسم الجنس الممتاز واحده بالتاء التذكير. وإن لم يكن كذلك فإما أن يوافق أوزان الجموع الماضية أولًا، فإن وافقها فهو جمع ما لم يساوِ الواحد في التذكير والنسب إليه فيكون اسم جمع؛ فلذلك حكم على غَزِيّ بأنه اسم جمع لغاز؛ لأنه يساوي الواحد في التذكير،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في اسم الجنس الجمعي. قوله: "وعباديد" قال في القاموس: العبابيد والعباديد بلا واحد من لفظهما الفرق من الناس والخيل الذاهبون في كل جهة والآكام والطرق البعيدة. قوله: "برمة أعشار" أي: كسرة قطعًا. قوله: "من وصف المفرد بالجمع" تنزيلًا لأجزاء المفرد منزلة أجزاء الجمع. اهـ دماميني. قيل: من وصف المفرد قوله تعالى: "ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٍ" [الإنسان: 21] على قراءة جرِّ خضر، وقيل: اسم جنس جمعي لسندس واسم الجنس يوصف بالجمع.
قوله: "وإن كان له واحد من لفظه فإما أن يميز... إلخ" عبارة المرادي: وإن كان له واحد من لفظه فإما أن يوافقه في أصل اللفظ دون الهيئة أو فيهما، فإن وافقه فيهما وثني فهو جمع يقدر تغييره نحو: فلك، وإن لم يثنَّ فليس بجمع نحو: جنب، والمصدر إذا وصف به وإن وافقه في أصل دون الهيئة فإما أن يمتاز... إلخ.
قوله: "بياء النسب" أي: بحذف ياء النسب التي في واحده منه؛ ولهذا قال المرادي: بنزع ياء النسب، وكذا يقال في قوله: أو بتاء التأنيث، أو يعمم في هذا بأن يقال: المراد: أو بحذف تاء التأنيث غالبًا وإثباتها قليلًا كما في كمأة وجبأة على أحد القولين.
قوله: "وإن لم يكن كذلك" بأن لم يميز من واحده بما ذكر. قوله: "ما لم يساوِ الواحد في التذكير والنسب إليه" أي: دون قلنا قبح وإنما لأن الجمع قد يساوي الواحد فيما ذكر بقبح، فيقال: الرجال قام. قوله: "حكم على غزي" بفتح الغين المعجمة وكسر الزاي مخففة وتشديد الياء وأصله غزيو على زنة فعيل فقلبت الواو ياء لاجتماعها مع الياء ساكنة طلبًا للتخفيف، وأدغمت الياء في الياء، فصار غزيًّا؛ إلا أن الجوهري ذكر أنه جمع، ونصه: ورجل غاز والجمع غزاة مثل: قاض وقضاة، وغزا مثل سابق، وسبق وغزي مثل: حاج وحجيج، وقاطن وقطين، وغزاء مثل فاسق وفساق. اهـ.(4/216)
التصغير
التصغير: فُعَيلًا اجعَلِ الثلاثي إذا صَغَّرْتَهُ نحو قُذِيٍّ في قَذَا
فُعَيْعِلٌ مع فُعَيْعِلٍ لما فَاقَ كجَعْلِ درهم دُرَيْهِمَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وحكم أيضًا على ركاب بأنه اسم جمع لركوبة؛ لأنهم نسبوا إليه فقالوا: ركابي والجموع ولا ينسب إليها إلا إذا غلبت أو أهمل واحدها كما سيأتي في بابه. وإن خالف أوزان الجمع الماضية فهو اسم جمع نحو: صحب وركب؛ لأن فعلًا ليس من أبنية الجمع خلافًا لأبي الحسن، والله أعلم.
التصغير:
إنما ذكر هذا الباب إثر باب التكسير؛ لأنهما -كما قال سيبويه- من وادٍ واحد لاشتراكهما في مسائل كثيرة يأتي ذكرها.
"فعيلا اجعل الثلاثي إذا صغرته نحو" فُليس في تصغير فلس، ونحو: "قذي في" تصغير "قذا" و"فعيعل مع فعيعل لما فاق" الثلاثي "كجعل درهم دريهما" وجعل دينار دنينيرًا. والحاصل أن كل اسم متمكن قصد تصغيره، فلا بد من ضم أوله وفتح ثانيه وزيادة ياء ساكنة بعده: فإن كان ثلاثيًّا لم يغير بأكثر من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال في القاموس في مادته: والغزى كغنى اسم جمع. اهـ. وهو صريح في موافقة كلام الشارح، وكلام الجوهري يحتمل أن يكون أطلق فيه الجمع على اسم الجمع تجوزًا، ويحتمل أن يكون على حقيقته واللفظ مختلف فيه. اهـ عبد القادر. قوله: "خلافًا لأبي الحسن" حيث ذهب إلى أن فعلا من أبنية الجمع منه صحبا وركبا. والحاصل أن اسم الجنس هو ما يتميز واحده بالتاء أو الياء ولم يلتزم تأنيثه، واسم الجمع ما لا واحد له من لفظه، وليس على وزن خاص بالجمع ولا غالب فيه، أوله واحد ولكنه مخالف لأوزان الجمع أو غير مخالف، ولكنه مساوٍ للواحد دون قبح في التذكير والنسب، وإذا عرفا عرف الجمع. مرادي.
التصغير:
هو لغة: التقليل، واصطلاحًا: تغيير مخصوص يأتي بيانه تصريح. قوله: "من وادٍ واحد" لأن كلا يغير اللفظ والمعنى، وقد يبحث في تعليل الشارح بأنه إنما ينتج ذكر أحدهما عقب الآخر أعم من أن يكون المقدم التكسير أو التصغير، ولا ينتج تأخر التصغير عن التكسير، ولعل نكتته أن التكسير أكثر وقوعًا من التصغير، فتقديمه أولى. قوله: "إذا صغرته" أي: أردت تصغيره. قوله: "في تصغير قذي" أي: برد الألف إلى أصلها وهو الياء، ثم إدغام ياء التصغير فيها؛ لأن التصغير يرد الأشياء إلى أصولها، ومثله فتي في فتى. قوله: "دنينيرًا" أي: برد الياء إلى أصلها -وهو النون- إذ أصله دنار كما يأتي. قوله: "فلا بد من ضم أوله وفتح ثانيه" مما علل به ذلك أنهم لما فتحوا في التكسير أول الرباعي والخماسي ولم يبقَ إلا الكسر والضم كان الضم أولى لقوته، وفتحوا ثانيه لأن ياء التصغير وألف التكسير في نحو: مفاعل متقابلان، فحمل ما قبل الياء على ما قبل الألف. اهـ(4/217)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذلك. وإن كان رباعيًّا فصاعدًا كسر ما بعد الياء؛ فالأمثلة ثلاثة: فُعيل نحو: فليس، وفُعيعل نحو: دريهم، وفُعيعيل نحو: دنينير.
تنبيهات: الأول: للمصغر شروط: أن يكون اسمًا، فلا يصغر الفعل ولا الحرف؛ لأن التصغير وصف في المعنى. وشذ تصغير فعل التعجب. وأن يكون متمكنًا، فلا تصغر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مرادي مع بعض تغيير. وقال بعضهم: جعلوا الفتح والألف للجمع لثقله فطلبوا فيه الخفة والضم والياء للمصغر لخفته، وجعلوا علامة التصغير ياء لمشابهتها ألف الجمع في اللين، وأقر بيتها إليها من الواو، فلو كان أوله مضمومًا كغراب أو ثانيه مفتوحًا كغزال أو ما قبل آخره مكسورًا كزبرج فهل نقول: إن الحركة زالت وجاء غيرها أو الأصلية باقية، احتمالان ذكرهما أبو حيان وجزم ابن إياز بالأول. اهـ سيوطي. ويؤخذ مما جزم به ابن إياز أن المكبر لو كان على هيئة المصغر كمسيطر فإنه يصغر بتقدير الحركات، وبه صرح السهيلي. اهـ تصريح. وسيأتي بسط كلام السهيلي. قال المرادي: وظاهر التسهيل أن مثل هذا لا يصغر؛ لأنه شرط في المصغر خلوه من صيغ التصغير وشبهها. اهـ. وسيأتي في الشرح أيضًا: ويعكر على قول الشارح، فلا بد من ضم أوله ما في الهمع عن البصريين من جواز كسر الأول في تصغير ما ثانيه ياء كبيت وشيخ وميت؛ إلا أن يكون الكلام باعتبار الغالب والأصل.
قوله: "وزيادة ياء ساكنة بعده" أي: الثاني. قال في التسهيل: يحذف لها أي: لأجل تلك الياء أول ياءين ولياها، فيقال في تصغير على عليّ بحذف أول الياءين اللتين وليتاها ويقلب ياء ما وليها من واو وجوبًا إن سكنت، فيقال في تصغير: عجوز عجيز، أو أعلت فيقال في تصغير مقام: مقيم، أو كانت لامًا فيقال في تصغير دلو: دلي، واختيارًا إن تحركت لفظًا في إفراد وتكسير، ولم تكن لامًا، فالراجح أن يقال في تصغير جدول: جديل، ويجوز جديول حملًا على الإفراد والتكسير وهو جداول، فإن كانت الواو لامًا قلبت ياء فيقال في تصغير كروان: كريين، وإن تحركت في الإفراد والتكسير وهو كراوين. اهـ بزيادة من الدماميني.
قوله: "فالأمثلة ثلاثة" إن كان تفريعًا على المتن فظاهر، أو على الشرح فلا، وإن زعمه البعض. قال في التصريح: الأمثلة الثلاثة من وضع الخليل، قيل له: لِمَ بنيت المصغر على هذه الأبنية؟ فقال: لأني وجدت معاملة الناس على فلس ودرهم ودينار. اهـ. وفي النكت أن هذه الأوزان في المثنى والجمع والمركب المزجي والعددي راجعة إلى ما قبل علامة التثنية والجمع، وإلى الجزء الأول من التركيبين. اهـ. ولا يخفى أن مثل علامة التثنية والجمع وعجز المركبين بقية الأشياء الثمانية الآتية في قول المصنف: وألف التأنيث حيث مدا... إلخ.
قوله: "فلا يصغر الفعل" وكذا الأسماء العاملة عمله كاسم الفاعل؛ لأن شرط عملها عدم تصغيرها، كما مر. قوله: "لأن التصغير وصف في المعنى" والفعل والحرف لا يوصفان. قوله: "فعل التعجب" في قوله: ياما أميلح غزلانا شدن لنا
وجوَّز بعضهم القياس عليه كما في الهمع. قوله: "وأن يكون متمكنًا" عبارته في شرحه(4/218)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المضمرات، ولا من وكيف ونحوهما، وشذ تصغير بعض أسماء الإشارة والموصولات، كما سيأتي. وأن يكون قابلًا للتصغير فلا يصغر نحو: كبير وجسيم، ولا الأسماء المعظمة. وأن يكون خاليًا من صيغ التصغير وشبهها؛ فلا يصغر نحو: الكُميت من الخيل والكُعيت وهو البلبل، ولا نحو: مُبيطر ومهيمن.
الثاني: وزن المصغر بهذه الأمثلة الثلاثة اصطلاح خاص بهذا الباب، اعتبر فيه مجرد اللفظ تقريبًا بتقليل الأبنية، وليس جاريًا على اصطلاح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على التوضيح، وأن يكون غير متوغل في شبه الحرف. اهـ. وهي المناسبة لما يأتي من جواز تصغير المركب العددي كخمسة عشر، فافهم. قوله: "ولا من وكيف ونحوهما" كمتى وأين، قال في الهمع: ولا غير وسوى بمعنى غير بخلاف مثل؛ لأن المماثلة تقل وتكثر دون المغايرة أعني: كونه ليس إياه، ولا عند وبين ووسط وأمس وأول والبارحة وغد وحسبك والأسماء المختصة بالنفي وكل وبعض مع وأي وأسماء الشهور كالمحرم وصفر وكذا أيام الأسبوع كالسبت والأحد على مذهب سيبويه وابن كيسان ومذاهب الكوفيين والمازني والجرمي جواز تصغيرها. اهـ مع زيادة مع الشاطبي. قال سم: يؤخذ من كلام الشاطبي أن أمس إذا كان نكرة جاز تصغيره.
قوله: "فلا يصغر نحو: كبير وجسيم" لأنه لو صغر مثل ذلك لحصل التناقض، وفيه أن مراتب القلة والكثرة تتفاوت، ومن الأعلام كثير، وهو منقول من تصغير كثير، والذي سوغ أن يقال: قليل وأقل وكثير وأقل من القليل يسوغ التصغير. اهـ دماميني. قوله: "ولا الأسماء المعظمة" كأسماء الله وأنبيائه وملائكته وكتبه والمصحف والمسجد. اهـ فارضي. لأن تصغيرها ينافي تعظيمها، والمراد الأسماء المعظمة مرادًا بها مسمياتها العظيمة، فإن أريد بها غيرها جاز تصغيرها، كما صرح به الشاطبي.
قوله: "خاليًا من صيغ التصغير" بألا تكون صيغته للتصغير لا بحسب الأصل ولا في الحال، فخرج نحو: الكميت والكعيت، مما وضع على التصغير، ثم تنوسي فيه ونحو: رجيل وزييد، مما عرض تصغيره بلا تناسيه. وقوله: وشبهها بألا تكون صيغته على هيئة صيغة المصغر أي: على حركاتها وسكناتها، فخرج نحو: مبيطر ومهيمن، مما ليس مصغرًا؛ لكن على هيئة المصغر.
قوله: "نحو: الكميت من الخيل" هو الفرس الذي تضرب حمرته إلى سواد. قوله: "والكعيت" بالعين المهملة كما في القاموس وغيره، وما في النسخ من رسمه بالفاء تصحيف.
قوله: "وهو البلبل" أي: الطائر المعروف، وفي أكثر النسخ: البليد، وهو تحريف، والصواب الذي في القاموس وغيره هو الأول. قوله: "ولا نحو: مبيطر" وقال السهيلي: إنه يصغر فتحذف ياؤه الزائدة كما تحذف ألف مفاعيل، ثم يلحق ياء التصغير، فيبقى اللفظ بحاله، ويختلف التقدير، ويظهر الفرق بين المصغر والمكبر في الجمع، فالمكبر تحذف ياؤه ويجمع على مباطر، والمصغر لا يجوز فيه إلا مبيطرون؛ لأنه لو كسر حذفت ياؤه؛ لأنه خماسي ثالثه زائد، فيزول علم التصغير. اهـ تصريح. ويؤخذ منه عدم جواز تكسير كل مصغر لزوال علم التصغير عند التكسير، ويؤيده أنهم لم يذكروا المصغر فيما يكسر على الجموع المتقدمة في باب جمع التكسير، فتأمل. ثم رأيت الدماميني صرح في باب إعراب المثنى والمجموع بأن تكسير المصغر كرجيل متعذر. قوله: "ومهيمن" اسم فاعل(4/219)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التصريف، ألا ترى أن وزن أحيمر ومكيرم وسفيرج في التصغير فُعيعل، ووزنها التصريفي أفيعل ومفعيل وفعيلل.
الثالث: فوائد التصغير عند البصريين أربع: تصغير ما يتوهم أنه كبير نحو: جبيل، وتحقير ما يتوهم أنه عظيم نحو: صبيع، وتقليل ما يتوهم أنه كثير نحو: دريهمات، وتقريب ما يتوهم أنه بعيد زمنًا أو محلًّا أو قدرًا نحو: قبيل العصر، وبُعيد المغرب، وفويق هذا، ودوين ذاك، وأصيغر منك، وزاد الكوفيون معنى خامسًا وهو التعظيم؛ كقول عمر رضي الله عنه في ابن مسعود: كُنَيف مليء علمًا. وقول بعض العرب: أنا جُذَيلها المحكك وعُذيقها المرجب. وقوله:
1236- وكلُّ أناس سوف تدخل بينهم دُوَيْهِيَةٌ تَصْفَر منه الأناملُ
وقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هيمن إذا كان رقيبًا على الشيء، ومثل مبيطر ومهيمن ومسيطر وهو المسلط على الشيء.
قوله: "مجرد اللفظ" أي: من غير نظر إلى مقابلة أصلي بأصلي وزائد بمثله. قوله: "أنه كبير" أي: ذاتًا، وقوله: "أنه عظيم" أي: رتبة. قوله: "وتقليل ما يتوهم" أي: تقليل عدد ما يتوهم. قوله: "زمنًا" كما في المثالين الأولين، أو محلًّا كما في المثالين التاليين لهما، أو قدرًا كما في المثال الأخير.
قوله: "وزاد الكوفيون... إلخ" وفي الفارضي زيادة التحبب كيا بني والترحم كمسيكين. قوله: "كنيف" تصغير كِنْف بكسر الكاف وسكون النون تليها فاء وهو -كما في القاموس- وعاء أداة الراعي أو وعاء أسقاط التاجر، شبه به ابن مسعود بجامع حفظ كل لما فيه. قوله: "أنا جذيلها" تصغير جِذْل بكسر الجيم وسكون الذال المعجمة وهو العود الذي ينصب للإبل الجربى لتحتك به، والمحكم بفتح الكاف الأولى مشددة هو الذي كثر الاحتكاك به أي: أنا ممن يستشفى برأيه كما تستشفى الإبل الجربى بالاحتكاك بهذا العود. وقوله: "وعذيقها" تصغير عِذْق بفتح العين المهملة وسكون الذال المعجمة تليها قاف النخلة، والمرجب بفتح الجيم المشددة من رجبته أي: عظمته أو من الرجبة بسكون الجيم وهي أن يبنى حول النخلة الكريمة بحجارة أو خشب إذا ضيق عليها لطولها أو كثرة حملها أن تقع وتحوط بشوك؛ لئلا يرقى إليها، وإنما كان التصغير في ذلك التعظيم؛ لأن المقام للمدح. قوله: "دويهية... إلخ" فتصغيرها للتعظيم بقرينة وصفها بالجملة بعدها التي هي كناية عن الموت بها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1236- البيت من الطويل، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص256، وجمهرة اللغة ص232، وخزانة الأدب 6/ 156، 160، 161، والدرر 6/ 283، وسمط اللآلي ص199، وشرح شواهد الشافية ص85، وشرح شواهد المغني 1/ 150، ولسان العرب 3/ 14 "خوخ"، والمعاني الكبير ص859، 1206، ومغني اللبيب 1/ 136، 197، والمقاصد النحوية 1/ 8، 4/ 535، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 139، وخزانة الأدب 1/ 94، 6/ 155، وديوان المعاني 1/ 188، وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 191، وشرح شواهد المغني 1/ 402، 2/ 537، وشرح المفصل 5/ 114، ومغني اللبيب 1/ 48، 2/ 626، وهمع الهوامع 2/ 185.(4/220)
وما به لِمُنْتَهَى الجمعِ وُصِلْ به إلى أمثلةِ التصغير صِلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1237- فُويق جُبيل شامخ الرأس لم يكن لتَبْلُغَه حتى تَكِلَّ وتَعْمَلا
ورد البصريون ذلك بالتأويل إلى تصغير التحقير ونحوه.
"وما به" من الحذف "لمنتهى الجمع وصل" فيما زاد على أربعة أحرف "به إلى أمثلة التصغير صل" وللحاذف هنا من ترجيح وتخيير ما له هناك، فتقول في تصغير فرزدق: فريزد بحذف الخامس، أو فريزق بحذف الرابع لما سبق في قوله: والرابع الشبيه بالمزيد... إلخ. وتقول في سبطرى: سبيطر، وفي فدوكس: فديكس، وفي مدحرج: دحيرج. وتقول في عصفور وقرطاس وقنديل وفردوس وغرنيق: عصيفير وقريطيس وقنيديل وفريديس وغرينيق. وتقول في قبعثرى: قبيعث؛ لما سبق في قوله: وزائد العادي الرباعي احذفه... إلخ. وتقول في مستدع: مديع، وفي استخراج: تخيريج؛ لما سبق في قوله: والسين والثامن كمستدع أزل... إلخ. وتقول في منطلق ومقعنسس: مطيلق ومقيعس، وفي ألندد ويلندد: ويليد بالإدغام؛ لما سبق في قوله: والميم أولى من سواه بالبقاء... إلخ. وتقول في حيزبون وعطيموس: حزيبين وعطيميس بحذف الياء وإبقاء الواو مقلوبة ياء لما مر. وتقول في سرندى وعلندى: سريند وعليند، أو سريد وعليد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "إلى تصغير التحقير" أي: كما في دويهية إيذانًا بأن حتف النفوس قد يكون بصغار الدواهي. وقوله: ونحوه أي: كتصغير ما يتوهم أنه كبير الذات، كما في جبيل إيذانًا بأن الجبل دقيق العرض وإن كان عاليًا شاق المصعد، وكما في كنيف وجذيل وعذيق إيذانًا بأن كثرة المعنى قد تكون مع صغر الذات. قوله: "من ترجيج" أي: تعيين؛ لما مر في التكسير، وذلك كما في مستدع. وقوله: وتخيير أي: بين أمرين جائزين أعم من أن يكون أحدهما أرجح كما في فرزدق، أو متساويين كما في سرندى وعلندى، كذا قال شيخنا والبعض. ويحتمل أنه أراد بالترجيح ما يشمل التعيين والأحسنية، وبالتخيير التخيير بين أمرين متساويين في الجواز.
قوله: "فتقول في تصغير فرزدق... إلخ" كان عليه أن يقول: فتقول في تصغير سفرجل: سفيرج؛ لما سبق في قوله: ومن خماسي جرد... إلخ. وتقول في تصغير فرزدق... إلخ لتتم الأقسام. قوله: "فريزد بحذف الخامس" أي: وهذا أحسن من فريزق بحذف الرابع، ولو ذكر الشارح هذا لكان أولى؛ لأنه بذكره تظهر مقابلته لقوله بعد: وتقول في سرندى وعلندى... إلخ، فتنبه.
قوله: "لما سبق في قوله... إلخ" راجع لجميع ما ذكره من سبطرى إلى هنا. قوله: "ومقيعس" قال شيخنا: انظر هل يأتي هنا خلاف المبرد المتقدم. قوله: "أو سريد وعليد" بحذف النون وقلب الألف ياء لوقوعها بعد كسرة ولم تصحح ويفتح ما قبلها؛ لأنها للإلحاق بسفرجل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1237- البيت من الطويل، وهو لأوس بن حجر في ديوانه ص87، وسمط اللآلي ص492، وشرح شواهد الشافية ص85، وشرح شواهد المغني 1/ 399، ولسان العرب 12/ 492 "قلزم"، والمعاني الكبير ص859، والمقرب 2/ 80، وبلا نسبة في شرح شافية ابن الحاجب 1/ 192، وشرح المفصل 5/ 114، ومغني اللبيب 1/ 135.(4/221)
وجائزٌ تعويض يا قَبْلَ الطَّرَفْ إن كان بعضُ الاسم فيهما انْحَذَفْ
وحَائِدٌ عن القياس كلُّ ما خَالَفَ في البابَيْنِ حُكْمًا رُسِمَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لعدم المزية بين الزائدين، كما سبق.
تنبيه: يُستثنى من ذلك هاء التأنيث وألفه الممدودة وياء النسب والألف والنون بعد أربعة أحرف فصاعدًا، فإنهن لا يحذفن في التصغير، ولا يعتد بهن كما سيأتي.
"وجائز تعويض يا قبل الطرف" عن المحذوف "إن كان بعض الاسم فيهما" أي: في الجمع والتصغير "انحذف" وسواء في ذلك ما حذف منه أصل نحو: سفرجل، فتقول في جمعه: سفارج، وإن عوضت قلت: سفاريج، وفي تصغيره: سفيرج، وإن عوضت قلت: سفيريج. وما حذف منه زائد نحو: منطلق، فتقول في جمعه: مطالق ومطاليق، وفي تصغيره: مطيلق ومطيليق على الوجهين. وعلم من قوله: وجائز أن التعويض غير لازم.
تنبيه: قال في التسهيل: وجائز أن يعوض مما حذف ياء ساكنة قبل الآخر ما لم يستحقها لغير تعويض. واحترز بقوله: لغير تعويض من نحو: لغاغيز في جمع لغيزى، فإنه حذفت ألفه ولم يحتج إلى تعويض لثبوت يائه التي كانت المفرد.
"وحائد عن القياس كل ما خالف في البابين" أي: باب التكسير وباب التصغير "حكمًا رُسما" مما جاء مسموعًا فيحفظ ولا يقاس عليه، فمما جاء حائدًا عن القياس في باب التصغير قولهم في المغرب: مغيربان، وفي العشاء: عشيان، وفي عشية: عشيشية، وفي إنسان: أنيسيان، وفي بنون:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما مر، وألف الإلحاق لا تبقى في التصغير كما يأتي، ثم أعلت إعلال قاض. تصريح. قوله: "هاء التأنيث" كدحرجة وألفه الممدودة كقاصعاء وياء النسب كلوذعي والألف والنون بعد أربعة أحرف فصاعدًا كزعفران وكعبوثران. سم.
قوله: "بعد أربعة أحرف فصاعدًا" إنما قيد بذلك لأنه الذي يجمع منتهى الجمع. أما نحو: سكران فلا، وإن كان لا يحذف منه أيضًا الألف والنون عند تصغيره. قوله: "فإنهن لا يحذفن في التصغير" فتقول: دحيرجة وقويصعاء ولويذعي وزعيفران وعبيثران، بخلاف الجمع فإنك تقول فيه: دحارج وقواصع ولواذع وزعافر وعباثر. قوله: "ولا يعتد بهن" بل يتركن على حالهن في التكبير ويصغر ما قبلهن كما يصغر غير متمم بهن. سم. قوله: "كما سيأتي" في قوله: وألف التأنيث حيث مد... إلخ. قوله: "على الوجهين" أي: التعويض وعدمه.
قوله: "قال في التسهيل... إلخ" مراده تقييد كلام الناظم هنا بكلامه في التسهيل. قوله: "لغير تعويض" كوجودها أو وجود ما انقلبت عنه في المكبر. قوله: "من نحو: لغاغيز في جمع لغيزى" أي: ومن نحو: لغيغيز في تصغير لغيزى ومن نحو: حراجيم وحريجيم في جمع احرنجام، وتصغيره إذن لا يمكن التعويض لاشتغال محله بالياء المنقلبة عن الألف الكائنة قبل الميم.
قوله: "ولم يحتج إلى تعويض" بل التعويض غير ممكن وإن أوهمت عبارة الشارح خلافه؛ لاشتغال محله بالياء التي كانت في المفرد. قوله: "قولهم في المغرب: مغيربان" وقياسه مغيرب، وفي العشاء: عشيان، وقياسه عشية، وقول التصريح: قياسه عشي، فيه نظر؛ لقول المصنف: واختم بتا التأنيث(4/222)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أبينون، وفي ليلة: لييلية، وفي رجل: رويجل، وفي صبية: أصيبية، وفي غلمة: أغيلمة. فهذه الألفاظ مما استغني فيها بتصغير مهمل عن تصغير مستعمل. ومما جاء حائدًا عن القياس في التكسير، فجاء على غير لفظ واحد قولهم: رهط وأراهط، وباطل وأباطيل، وحديث وأحاديث وكراع وأكارع، وعروض وأعاريض، وقطيع وأقاطيع، فهذه جموع لواحد مهمل استغني به عن جمع المستعمل، هذا مذهب سيبويه والجمهور. وذهب بعض النحويين إلى أنها جموع للمنطوق به على غير قياس، وذهب ابن جني إلى أن اللفظ يغير إلى هيئة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما صغرت من مؤنث عار ثلاثي. قال الشارح: في الحال كسن، أو في الأصل كيد، أو في المآل، وهذا نوعان؛ أحدهما: ما كان رباعيًّا بمدة قبل لام معتلة، فإنه إذا صغر تلحقه التاء نحو: سماء وسمية، وذلك لأن الأصل فيه سميّ بثلاث ياءات الأولى ياء التصغير، والثانية بدل المدة، والثالثة بدل لام الكلمة فحذفت إحدى الياءين الأخيرتين على القياس المقرر في هذا الباب، فبقي الاسم ثلاثيًّا فلحقته التاء. اهـ.
قوله: "وفي عشية: عشيشية" وقياسه عشية بحذف إحدى الياءين من عشية لتوالي الأمثال وإدغام ياء التصغير في الأخرى، كذا في الفارضي وغيره، والأصل عشيية بثلاث ياءات ففعل ما مر، فعلم بطلان قول البعض قياسه عشيية بثلاث ياءات. قوله: "وفي إنسان: أنيسيان" بياء قبل الألف، وقياسه أنيسين إن اعتبر جمعه على أناسين وأنيسان إن لم يعتبر، وهو ما سيصرح به الشارح بعد. وقال الكوفيون: أنيسيان تصغير إنسان؛ لأن أصله إنسيان على وزن إفعلان بكسر الهمزة والعين، وإذا صغر فعلان قيل: أفيعلان، وهو مبني على قولهم: إنسان مأخوذ من النسيان فوزنه إفعان. ومذهب البصريين: أنه من الإنس، فوزنه فعلان، أفاده الفارضي. قوله: "وفي بنون: أبينون" وقياسه بنيون، وفي ليلة: لييلية، وقياسه لييلة، وفي رجل: رويجل، وقياسه رجيل، وفي صبية بكسر الصاد وسكون الموحدة جمع صبي أصيبية، وقياسه صبية، وفي غلمة بكسر الغين المعجمة وسكون اللام جمع غلام "أغيلمة" وقياسه غليمة.
قوله: "فهذه الألفاظ... إلخ" هذا التفريع لا يناسب المتن؛ لأن المتن يقتضي أن مثل هذه الألفاظ شاذ، وهذا التفريع يقتضي أنه تصغير قياسي لمهمل، والمناسب للمتن ما سينقله الشارح عن بعض النحويين، وكذا يقال في قوله: فهذه جموع... إلخ. قوله: "بتصغير مهمل" بالإضافة، وكذا قوله: عن تصغير مستعمل أي: فمغيربان وما بعده كأنه تصغير مغربان وعشيان وعشاة بتشديد الشين وإنسيان وليلاة وراجل وأصبية وأغلمة وأبنون. قوله: "على غير لفظ واحده" أي: على غير ما يقتضيه لفظ واحده من الجموع. قوله: "رهط وأراهط" وقياسه رهوط، وقول التصريح: وأرهاط، ممنوع؛ لأن أفعالًا غير مطرد في فعل الصحيح العين الساكنها، وشذ أفراخ في فرخ كما مر. قوله: "وباطل وأباطيل" قال الشيخ خالد: وقياسه بواطل؛ لأنه من باب كاهل. سم. قوله: "وحديث وأحاديث" وقياسه أحدثة وحدث، وكذا كراع بضم الكاف وهو مستدق الساق وقطيع بفتح القاف. قوله: "وعَروض" بفتح العين وقياسه عرائض كعجوز وعجائز. قوله: "وذهب ابن جني(4/223)
لتِلْوِيَا التصغير من قبل عَلَمْ تأنيثٍ أو مَدَّتِهِ الفتحُ انْحَتَمْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخرى ثم يجمع فيرى في أباطيل أن الاسم غُير إلى أبطيل أو أبطول ثم جمع.
"لتلو يا التصغير من قبل علم تأنيث أو مدته" أي: مدة التأنيث "الفتح انحتم" يعني: أن الحرف الذي بعد ياء التصغير إن لم يكن حرف إعراب، فإنه يجب فتحه قبل علامة التانيث، وهي التاء وألف التأنيث المقصورة نحو: قصعة وقصيعة، ودرجة ودريجة، وحبلى وحبيلى، وسلمى وسليمى، وكذا ما قبل مدة التأنيث، وهي الألف الممدودة التي قبل الهمزة نحو: صحراء وصحيراء، وحمراء وحميراء.
تنبيهات: الأول: أفهم كلامه أن الألف الممدودة في نحو: حمراء، ليست علامة التأنيث، وهو كذلك عند جمهور البصريين؛ وإنما العلامة عندهم الألف التي انقلبت همزة، وقد تقدم بيان ذلك في بابه؛ ولذلك قال في التسهيل: أو ألف التأنيث أو الألف قبلها. وأما قوله في شرح الكافية: فإن اتصل بما ولي الياء علامة تأنيث فتح كنميرة وحبيلى وحميراء؛ حيث يقتضي أن المدة في نحو: حمراء مندرجة في قوله: علامة تأنيث فإنه قد تجوز فيه، والتحقيق ما تقدم.
الثاني: المراد بقوله: من قبل علم تأنيث ما كان متصلًا كما مثل، فلو انفصل كسر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلخ" قال الفارضي: وهو قريب من الأول. قوله: "إلى هيئة أخرى" أي: تجمع على ذلك الجمع قياسًا. قوله: "لتلو ياء التصغير... إلخ" هذا البيت والذي بعده تقييد لقول المصنف فعيعل مع فعيعيل لما فاق يعني: يستثنى من كسر تلو ياء تصغير ما زاد على ثلاثة أحرف هذه الأشياء، وزاد الشارح عجز المركب فإنه يفتح التلو الذي قبله أيضًا، ولتلو متعلق بانحتم ومن قبل... إلخ حال من تلو، والمراد بعلم التأنيث تاؤه وألفه المقصورة.
قوله: "أي: مدة التأنيث" الأولى رجوع الضمير لعلم التأنيث أي: مدة علم التأنيث أي: المدة التي قبله كما قاله سم؛ لأنه أدل على أن المدة ليست للتأنيث. قوله: "إن لم يكن حرف إعراب" فإن كان حرف إعراب أُجري على مقتضى العامل؛ لكن كونه حرف إعراب إنما يتأتى في تصغير الثلاثي لا في تصغير ما فوقه الذي الكلام فيه؛ فلهذا قال شيخنا والبعض: القيد لبيان الواقع. قوله: "وألف التأنيث" خرج ما ألفه للإلحاق مقصورة أو ممدودة كعزهى وعلباء، فيقال في تصغيرهما: عزية وعليب بكسر ما بعد ياء التصغير مع التنوين، كذا قال الفارضي أي: ومع حذف الياء المنقلبة عن الألف لالتقاء الساكنين وحذف همزة الممدودة.
قوله: "أفهم كلامه أن الألف... إلخ". أي: لكونه عطفها على علم التأنيث والعطف يقتضي المغايرة. قوله: "في بابه" أي: باب ألف التأنيث أي: الباب الذي ذكر فيه ألف التأنيث، وهو باب ما لا ينصرف، وليس المراد باب التأنيث؛ لأنه لم يذكر ذلك في باب التأنيث؛ بل في باب ما لا ينصرف. قوله: "أو الألف قبلها" فيه استخدام فإنه ذكر ألف التأنيث بمعنى المقصورة وأعاد عليها الضمير بمعنى الممدودة. قوله: "قد تجوز فيه" حيث أطلق اسم الشيء على مجاوره.(4/224)
كذاك ما مدة أفعال سبق أو مد سكران وما به التحق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على الأصل نحو: دحيرجة.
الثالث: عجز المركب منزل منزلة تاء التأنيث كما قاله في التسهيل فحكمه حكمها، فتقول بعيلبك بفتح اللام.
"كذاك ما مدة أفعال سبق أو مد سكران وما به التحق" أي: يجب أيضًا فتح الحرف الذي بعد ياء التصغير إذا كان قبل مدة أفعال أو مد سكران وما به التحق مما في آخره ألف ونون زائدتان لم يعلم جمع ما هما فيه على فعالين دون شذوذ، فتقول في تصغير أجمال: أجيمال، وفي تصغير سكران: سكيران؛ لأنهم لم يقولوا في جمعه سكارين، وكذلك ما كان مثله نحو: غضبان وعطشان. فإن جمع على فعالين دون شذوذ صغر على فعيلين نحو: سرحان وسريحين، وسلطان وسليطين، فإنهما يجمعان على سراحين وسلاطين، وإن كان جمعه على فعالين شاذًّا لم يلتفت إليه؛ بل يصغر على فعيلان مثاله: غرثان وإنسان، فإنهم قالوا في جمعهما: غرائين وأناسين على جهة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "ما كان متصلًا" أي: التلو الذي كان متصلًا بعلم التأنيث. قوله: "عجز المركب" أي: الذي ليس آخر صدره ياء؛ إذ ما آخره صدره ياء كمعدي كرب لا يفتح ما قبل عجزه؛ لأنه ليس تلو ياء التصغير؛ بل يبقى على سكونه، ويبقى التلو على كسره. قوله: "بعيلبك" بفتح اللام ومعيدي كرب بسكون الياء كما مر.
قوله: "أو مد سكران... إلخ" يؤخذ من تمثيله بسكران وما التحق به شرطان؛ أحدهما: ما ذكره الشارح بقوله: لم يعلم جمع ما هما فيه... إلخ. ثانيهما: ألا يكون ما فيه الألف والنون المزيدتان جمع كثرة، فإن كان جمع كثرة كعقبان لم يصغر على لفظه لا بفعيلان ولا بفعيلين، وإن كان يجمع على عقابين بل يرد إلى القلة ثم يصغر فيقال فيه: أعيقب، ذكره في التسهيل.
قوله: "وما به التحق" ضابطه أن يكون مؤنثه على فعلى فيخرج نحو: سيفان مما مؤنثه على فعلانة فيقال في تصغيره: سييفين. قوله: "في آخره ألف ونون زائدتان" شامل لنحو: عمران وعثمان ومَرْوان، فيقال في تصغيرهما: عميران وعثيمان ومريوان، وخرج ما نونه أصلية، فإنه يكسر في تصغيره ما قبل الألف. قال الدماميني: نحو حسان إذا أخذته من الحسن فتقول: حسين بحذف إحدى السينين وقلب الألف ياء وإدغامها. اهـ. قال سم: وانظر لم حذفت إحدى السينين، وهلا بقيت وفك إدغامه فقيل: حسيسين على فعيعيل. اهـ. أي: كما قيل في تصغير لغيزى: لغيغيز.
قوله: "لم يعلم... إلخ" دخل تحت منطوقه ثلاث صور: أن يعلم جمعه على غير فعالين، وأن يعلم جمعه على فعالين شذوذًا، وألا يعلم شيء، ومفهومه صورة واحدة؛ وهو أن يعلم جمعه على فعالين دون شذوذ. وقد تعرض الشارح لجميع ذلك إلا أنه ذكر صورة المفهوم في أثناء صور المنطوق. قوله: "لأنهم لم يقولوا في جمعه سكارين" لأن الألف والنون فيه شابها ألفي التأنيث بدليل منع الصرف، فكما لا يتغير ألفا التأنيث لا يتغير ما أشبههما، ولما لم يكن الألف والنون في سرحان وسلطان كذلك حصل التغير. تصريح. قوله: "غرثان" بغين معجمة مفتوحة فراء ساكنة فمثلثة وجمعه غراثى كسكارى من غَرِث كفَرِح: جاع. اهـ قاموس. والظاهر جواز ضم غين غراثى وفتحها وإن كان الضم أرجح كجوازهما في سين سكارى مع رجحان الضم، كما تقدم في شرح(4/225)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشذوذ، فإذا صغرا قيل فيهما: غريثان فعيلان، مثاله: غرثان وإنسان، فإنهم قالوا في جمعهما غراثين وأناسين على جهة الشذوذ، فإذا صغرا قيل فيهما: غريثان وأنيسان، فإن ورد ما آخره ألف ونون مزيدتان ولم يعرف هل تقلب العرب ألفه ياء أو لا، حمل على باب سكران؛ لأنه الأكثر.
تنبيه: أطلق الناظم أفعالًا ولم يقيده بأن يكون جمعًا فشمل المفرد، وفي بعض نسخ التسهيل: أو ألف أفعال جمعًا أو مفردًا، فمثال الجمع ما ذكر، وأما المفرد فلا يتصور تمثيله على قول الأكثرين إلا ما سمي به من الجمع؛ لأن أفعالًا عندهم لم يثبت في المفردات. قال سيبويه: فإذا حقرت أفعالًا اسم رجل قلت: أفيعال، كما تحقرها قبل أن تكون اسمًا، فتحقير أفعال كتحقير عطشان، فرقوا بينها وبين أفعال لأنه لا يكون إلا واحدًا، ولا يكون أفعال إلا جمعًا. هذا كلامه.
وقد أثبت بعض النحويين أفعالًا في المفردات وجعل منه قولهم: برمة أعشار وثوب أخلاق وأسمال، وهو عند الأكثرين من وصف المفرد بالجمع كما تقدم، فإن فرعنا على مذهب من أثبته في المفردات فمقتضى إطلاق الناظم هنا. وقوله في التسهيل: جمعًا أو مفردًا أنه يصغر على أفيعال، ومقتضى قول من قال من النحويين: أو ألف أفعال جمعًا كأبي موسى وابن الحاجب أنه يصغر على أفيعيل بالكسر، وقال بعض شراح تصريف ابن الحاجب: قيد بقوله: جمعًا احترازًا عما ليس بجمع نحو: أعشار؛ فإن تصغيره أعيشير، وقال الشارح: أو ألف أفعال جمعًا، وعلى هذا نبه بقوله سبق. هذا لفظه، فقيد، وحمل كلام الناظم على التقييد، وكأنه جعل سبق قيدًا لأفعال أي: ألف أفعال السابق في باب التكسير وهو الجمع، أما تقييده فتبع فيه أبا موسى ومَن وافقه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قول المصنف: وبالفعالى والفعالى جمعًا... إلخ، فاقتصار البعض على الضم تقصير.
قوله: "هل تقلب العرب ألفه ياء" أي: بجمعه على فعالين. قوله: "فإذا حقرت أفعالًا" أي: صغرته. قوله: "فرقوا بينها" أي: بين أفعال بفتح الهمزة وبين إفعال أي: بكسرها؛ حيث صغروا الأول على أفيعال والثاني على أفيعيل فقالوا تصغير أجمال: أجيمال، وفي تصغير إخراج: أخيريج، ولا حاجة لتقييد إخراج بالعلمية كما صنعه شيخنا وتبعه البعض.
قوله: "ولا يكون أفعال إلا جمعًا" أي: في الحال أو في الأصل بأن يكون علمًا منقولًا من جمع، فلا تنافي بين هذا، وقوله: فإذا حقرت أفعالا اسم رجل. قوله: "هذا كلامه" أي: كلام سيبويه. قوله: "وأسمال" بالسين المهملة عطف مرادف يقال: سمل الثوب سمولًا خلق فهو ثوب أسمال كذا في القاموس. قوله: "فإن فرعنا على مذهب... إلخ" إنما قيد الاختلاف الذي سيذكره بالتفريع على مذهب من أثبت أفعالًا في المفردات؛ لأن الاختلاف الذي سيذكره جارٍ في غير أفعال الجمع من أفعال المفرد كأعشار وأفعال اسم رجل بدليل كلام بعض شراح تصريف ابن الحاجب، ورد الشلوبين على أبي موسى بكلام سيبويه، وأما الاختلاف المتفرع على مذهب مَن لا يثبت أفعالًا في المفردات فليس إلا في أفعال اسم رجل(4/226)
وأَلِفُ التأنيثِ حيثُ مُدَّا وتاؤه منفصلين عُدَّا
كذا المزيدُ آخرًا للنَّسَبِ وعَجزُ المضافِ والمركَّبِ
وهكذا زيادتا فَعْلانَا من بعدِ أربعٍ كزَعْفَرانَا
وقَدِّرِ انْفِصَال ما دلَّ على تثنيةٍ أو جمعِ تصحيحٍ جَلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال الشلوبين مشيرًا إلى قول أبي موسى: هذا خطأ؛ لأن سيبويه قال: إذا حقرت أفعالًا اسم رجل قلت فيه: أفيعال كما تحقرها قبل أن تكون اسمًا، وأما حمل كلام الناظم على التقييد فلا يستقيم؛ لأن قوله: سبق، ليس حالًا من أفعال فيكون مقيدًا به؛ بل هو صلة ما، ومدة مفعول لسبق تقدم عليه، والتقدير: كذاك ما سبق مدة أفعال، وأيضًا فإن الناظم أطلق في غير هذا الكتاب؛ بل صرح بالتعميم في بعض نسخ التسهيل، فعلى ذلك يحمل كلامه.
"وألف التأنيث حيث مدا وتاؤها منفصلين عدا كذا المزيد آخرًا للنسب وعجز المضاف والمركب. وهكذا زيادتا فعلانا من بعد أربع كزعفرانا وقدر انفصال ما دل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هكذا حقق المقام. قوله: "أنه" أي: أفعالًا المفرد يصغر على أفيعال، وهذا هو الراجح. قوله: "لأن سيبويه قال... إلخ" إنما يتجه هذا التعليل إذا كان تقييد أبي موسى بالجمع لإخراج المفرد بالمعنى الشامل لأفعال المسمى به كما أشرنا إليه آنفًا أخذًا بإطلاق مفهوم تقييده بالجمع، وإلا فقد يقال: كلام سيبويه في المفرد الذي كان في الأصل جمعًا كإجمال اسم رجل، وكلام أبي موسى في المفرد أصالة كثوب أسمال، ولا يلزم من تصغير الأول على أفيعال كتصغيره قبل التسمية تصغير الثاني على أفيعال، فتأمل.
قوله: "وأيضًا فإن الناظم أطلق في غير هذا الكتاب" أي: كما أطلق هنا. قوله: "وألف التأنيث مدا... إلخ" قال سم: ليس مقصود المصنف استثناء هذه الثمانية من قوله السابق: وما به لمنتهى الجمع وصل... إلخ حتى يكون المعنى أنه يتوصل في الجمع بحذف هذه الأشياء الثمانية لا في التصغير، فيرد عليه أن عجز المضاف لم يحذف لا هنا ولا هناك، فلا يليق عده في المستثنيات؛ وإنما مقصوده أنه اكتفى مع هذه الأشياء الثمانية بحصول صيغة التصغير تقديرًا لتقدير انفصال ما يخل بالصيغة معها وهو هي أعم من أن يكون قد فعل مثل ذلك في الجمع أو لا، ومعلوم أن أكثرها -وهو السبعة منها- لم يفعل مثل ذلك معه في الجمع فيعلم استثناؤه من قول المصنف السابق: وما به لمنتهى الجمع... إلخ، فاستثناء السبع مرتب على المقصود من قول المصنف: وألف التأنيث حيث مدا... إلخ، وعجز المضاف ليس حذفه في الجمع لازمًا من كلامه حتى يرد الاعتراض به فاندفع ما في التوضيح وشرحه، وعلى هذا فقول الشارح الآتي: الأول هذا تقييد... إلخ فيه نظر، وكان الأولى أن يقول: فيه تقييد، فليتأمل. اهـ.
وليس قوله: وألف التأنيث... إلخ تكرارًا مع قوله: آنفًا لتلويا التصغير من قبل علم تأنيث أو مدته... إلخ لأن ذكره هناك من حيث استثناؤه من كسر ما بعد ياء التصغير، وهنا من حيث إنه يصغر الاسم بتقدير خلوه منه، وأخرج بقوله: "حيث مدا" المقصورة؛ لأنها لا تعد منفصلة؛ ولذلك تحذف إذا وقعت خامسة فأكثر، وتبقى إذا كانت رابعة؛ لأنها لا تخل حينئذ بصيغة التصغير ويفتح ما قبلها لأجلها.(4/227)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على تثنية أو جمع تصحيح جلا" يعني: لا يعتد في التصغير بهذه الأشياء الثمانية؛ بل تعد منفصلة أي: تنزل منزلة كلمة مستقلة فيصغر ما قبلها كما يصغر غير متمم بها:
الأول: ألف التأنيث الممدودة نحو: حمراء. الثاني: تاء التأنيث نحو: حنظلة. الثالث: ياء النسب نحو: عبقري. الرابع: عجز المضاف نحو: عبد شمس. الخامس: عجز المركب تركيب مزج نحو: بعلبك. السادس: الألف والنون الزائدتان بعد أربعة أحرف فصاعدًا نحو: زعفران وعبوثران، واحترز من أن يكونا بعد ثلاثة نحو: سكران وسرحان، وقد تقدم ذكرهما. السابع: علامة التثنية نحو: مسلمين. الثامن: علامة جمع التصحيح نحو: مسلمين ومسلمات. فجميع هذه لا يعتد بها ويقدر تمام بنية التصغير قبلها، فتقول في تصغيرها: حميراء وحنيظلة وعبيقري وعبيد شمس وبعيلبك وزعيفران وعبيثران ومسليمان ومسيلمين ومسيلمات.
تنبيهات: الأول: هذا تقييد لإطلاق قوله: وما به لمنتهى الجمع وصل، وقد تقدم التنبيه عليه.
الثاني: ليست الألف الممدودة عند سيبويه كتاء التأنيث في عدم الاعتداد بها من كل وجه، ولأن مذهبه في نحو: جلولاء وبراكاء وقريثاء مما ثالثه حرف مد حذف الواو والألف والياء، فيقول في تصغيرها: جليلاء وبريكاء وقريثاء بالتخفيف، بخلاف فروقة فإنه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "جلا" يحتمل أنه بمعنى ظهر صفة لجمع تصحيح احترز به عن نحو: سنين، فإن زيادته لا تعد منفصلة حتى تبقى حين التصغير لما سيأتي في الخاتمة أنه لا يقال في تصغير سنين: سنيون؛ بل سنيات، وسيأتي وجهه. ويحتمل أن جلا بمعنى أظهر عطف على دل، وجمع مفعول جلا مقدمًا عليه.
قوله: "كما يصغر غير متمم بها" فلا يعتقد أن أبنية التصغير خرجت من أصلها. اهـ فارضي. قوله: "عبقري" بعين مهملة مفتوحة فموحدة ساكنة فقاف مفتوحة فراء نسبة إلى عبقر، تزعم العرب أنه اسم بلد الجن، فينسبون إليه كل شيء عجيب. تصريح. قوله: "تركيب مزج" بخلاف الإسنادي، قال الفارضي: لأن الإسنادي كتأبط شرًّا لا يصغر، وشمل المركب تركيب مزج العددي كخمسة عشر فتقول: خميسة عشر، بتصغير الصدر فقط، سواء أردت العدد أو سميت به. فارضي. قوله: "ومسيلمان ومسيلمين" كذا في بعض النسخ، وإثبات الألف في الأول يقتضي رفع المتعاطفات وإثبات الياء في الثاني يقتضي عدم رفعها، كما أن رسم عبقري بغير ألف بعد الياء التحتية يقتضي عدم النصب، ويمكن جعل المتعاطفات كلها بالرفع وإجراء مسيلمين على لغة مَن يجري جمع المذكر السالم مجرى حين، أو بالجر حكاية لحالها في الجر، وإجراء مسيلمان على لغة مَن يلزم المثنى الألف، ويوافق هذا ما في أكثر النسخ ومسيلمين ومسيلمين، فتأمل.
قوله: "هذا تقييد... إلخ" تقدم ما فيه. قوله: "في عدم الاعتداد بها من كل وجه" بل من بعض الوجوه كعدم السقوط في التصغير. قوله: "لأن مذهبه في نحو جلولاء... إلخ" فتكون هذه مستثناة من قول المصنف: وألف التأنيث حيث مدا. قوله: "حذف الواو والألف والياء" اعتدادًا(4/228)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقول في تصغيرها: فريقة بالتشديد، ولا يحذف، فقد ظهر أن الألف يعتد بها من هذا الوجه بخلاف التاء، ومذهب المبرد إبقاء الواو والألف والياء في جلولاء وأخويه، فيقول في تصغيرها: جليلاء وبربكاء وقريثاء بالإدغام مسويًا بين ألف التأنيث وتائه؛ لأن ألف التأنيث الممدودة محكوم لما هي فيه بحكم ما فيه هاء التأنيث، وحجة سيبويه أن لألف التأنيث الممدودة شبهًا بهاء التأنيث وشبهًا بالألف المقصورة، واعتبار الشبهين أَوْلَى من إلغاء أحدهما.
وقد اعتبر الشبه بالهاء من قبل مشاركة الألف الممدودة لها في عدم السقوط وتقدير الانفصال بوجه ما، فلا غنى عن اعتبار الشبه بالألف المقصورة في عدم ثبوت الواو في جلولاء ونحوها، فإنها كألف حبارى الأولى، وسقوطها في التصغير متعين عند بقاء الثانية، فكذا يتعين سقوط الواو المذكورة ونحوها في التصغير. واعلم أن تسوية الناظم هنا بين ألف التأنيث الممدودة وتائه تقتضي موافقة المبرد؛ ولكنه صحح في غير هذا النظم مذهب سيبويه.
الثالث: اختلف أيضًا في نحو: ثلاثين علمًا أو غير علم، وفي نحو: جدارين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بألف التأنيث الممدودة، كما اعتد بالمقصورة في نحو: حبارى، إذا صغرته على حبيرى، فحذفت من أجلها الألف. قوله: "بخلاف فروقة" أي: ونحوها مما فيه تاء التأنيث وثالثه حرف مد. قوله: "من هذا الوجه" وهو حذف الواو والألف والياء؛ إذ لو لم يعتد بالألف لم تحذف المدة قبلها؛ بل تبقى مع قلب الألف والواو ياء، كما في تصغير جلول وبراك وقريث بلا ألف تأنيث.
قوله: "ومذهب المبرد... إلخ" وعليه فألف التأنيث الممدودة كتائه في عدم الاعتداد بها من كل وجه. قوله: "في جلولاء وأخويه" مع قلب الواو والألف ياء.
قوله: "بوجه ما" قال البعض: متعلق بالشبه، فكان الأولى تقديمه، وجعل قوله: من قبل أي: من جهة بيانًا لذلك الوجه كما لا يخفى. اهـ. وهو ناشئ عن عدم فهم عبارة الشارح، والذي يتجه أنه متعلق بتقدير الانفصال، فمعنى أن تقدير انفصال ألف التأنيث الممدودة في غير ما ثالثه حرف مد لا مطلقًا، وإلا لم يحذف لأجلها حرف المد فيما ثالثه حرف مد، فلا تغفل. قوله: "فلا غنى... إلخ" الفاء إما فصيحة أي: وإذا اعتبر الشبه بالهاء من هذا الوجه فلا غنى... إلخ أو تفريعية على قوله: واعتبار الشبهين... إلخ. قوله: "ونحوها" أي: نحو الواو في جلولاء كالألف في براكاء والياء في قريثا. قوله: "عند بقاء الثانية" بأن يقال: حبيرى بتخفيف الياء وإثبات ألف بعد الراء. قوله: "أن تسوية الناظم... إلخ" أي: حيث أطلق في قوله: وألف التأنيث حيث مدا وتاؤه منفصلين عدا
قوله: "في نحو: ثلاثين علمًا أو غير علم... إلخ" وجه التعميم فيه وتقييده ما بعده بالعلم أن نحو: ثلاثين زيادته غير طارئة مطلقًا لأنه لا مفرد له بخلاف نحو جدارين وما ذكر معه فإنما تكون زيادته غير طارئة إذا كان علمًا بخلاف ما إذا لم يكن علمًا؛ لأن له حينئذ مفردًا. قوله: "لأن زيادته" هي علامة التثنية والجمع غير طارئة على لفظ مجرد أي: منها. أما ثلاثون فلوضعه(4/229)
وأَلِفُ التأنيث ذُو القَصْر مَتَى زادَ على أربعةٍ لن يُثْبَتَا
وعند تصغيرِ حُبَارَى خَيِّر بين الْحُبَيْرَى فادر والْحُبَيِّر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وظريفين وظريفات أعلامًا مما فيه علامة التثنية وجمع التصحيح وثالثه حرف مد؛ فمذهب سيبويه الحذف، فتقول: ثلثيون وجديران وظريفون وظريفات؛ لأن زيادته غير طارئة على لفظ مجرد فعومل معاملة جلولاء، ومذهب المبرد إبقاء حرف المد في ذلك والإدغام كما يفعل في جلولاء، واتفقا في نحو: ظريفين وظريفين وظريفات إذا لم يجعلن أعلامًا على التشديد، ولم يذكر هنا هذا التفصيل.
"وألف التأنيث ذو القصر متى زاد على أربعة لن يَثْبُتَا" أي: إذا كانت ألف التأنيث خامسة فصاعدًا حذفت؛ لأن بقاءها يخرج البناء عن مثال فعيعل وفعيعيل؛ لأنها لم يستقل النطق بها، فيحكم لها بحكم المنفصل، فتقول في نحو: قرقرى ولغيزى وبردرايا: قريقر، ولغيغز، وبريدر، فإن كانت خامسة وقبلها مدة زائدة جاز حذف المدة وإبقاء ألف التأنيث وجاز عكسه، وإلى هذا أشار بقوله: "وعند تصغير حبارى خير بين الحبيرى فادر والحبير" ومثله قريثا، تقول فيه: قريثًا أو قريث أي: إن حذفت المدة قلت: الحبيرى وقريثا،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على الزيادة، وأما ما بعده فلوجود الزيادة حال الجمعية قبل العلمية. وقوله: فعومل معاملة جلولاء لعدم طرو الزيادة على كل. قوله: "زاد على أربعة" أي: ولم يتقدم على الخامسة مدة كما سيأتي. قوله: "لن يثبتا" خبر المبتدأ وهو ألف، وجواب الشرط محذوف دل عليه الخبر أو هو الجواب على تقدير الفاء ومجموع الشرط والجواب الخبر.
قوله: "أي: إذا كانت ألف التأنيث" أي: المقصورة كما قيد به المتن، أما الممدودة فعلى تقدير الانفصال كما مر، وكألف التأنيث المقصورة ألف الإلحاق المقصورة كحبركي فتقول في تصغيره: حبيرك كقريقر، والحبركي بفتح الحاء المهملة والموحدة وسكون الراء القراد، وليست ألفه للتأنيث لقولهم: حبيركات، فهو منون، وعن الجرمي أن ألفه للتأنيث، فهو ممنوع من الصرف، كذا في الفارضي. قوله: "لأن بقاءها يخرج... إلخ" قال في التصريح: فإن قلت: فحبيلى فعيلى، وليست من أبنية التصغير الثلاثة. قلت: نعم؛ ولكنها توافق فعيعلا فيما عدا الكسرة التي منع منها مانع الألف. اهـ. وقد حرفه البعض ثم استشكله. قوله: "لأنها لم يستقل النطق بها... إلخ" قال شيخنا: لعله تعليل لمحذوف تقديره: وفارقت الممدودة لأنها... إلخ أي: لأنها لا يمكن النطق بالمقصورة وحدها، فهي بعيدة عن تقدير الانفصال بخلاف الممدودة.
قوله: "فتقول في نحو: قرقرى" بقافين وراءين مهملتين اسم موضع. تصريح. قوله: "وبردرايا" بموحدة مفتوحة فراء ساكنة فدال مهملة فراء فألف فتحتية اسم موضع وزنه فعلعايا. قوله: "لغيغز" كذا بخط الشارح بلا ياء قبل الزاي، وفي بعض النسخ: لغيغيز بياء قبل الزاي. قال شيخنا: وهو القياس. قوله: "وبريدر" بحذف ألف التأنيث، ثم حذف الألف والياء؛ لأنهما زائدتان. قوله: "فإن كانت خامسة... إلخ" أشار به إلى أن قول المصنف: وعند تصغير حبارى... إلخ تقييد لإطلاق قوله: متى زاد على أربعة... إلخ. قوله: "وإبقاء ألف التأنيث" لأنها بعد حذف المدة صارت رابعة. قوله: "بين الحبيرى" وهو أجود. قوله: "ومثله قريثا" يقتضي أن قريثا بالقصر والذي قدمه(4/230)
وارْدُدْ لأصلٍ ثانيًا لينًا قُلِبْ فقيمةً صَيِّر قويمةً تُصِبْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإن حذفت ألف التأنيث قلت: الحبير وقريث بقلب المدة ياء ثم تدغم ياء التصغير فيها.
"واردد لأصل ثانيًا لينًا قلب فقيمة صير قويمة تصب" ثانيًا مفعول لاردد، ولينًا نعت لثانيًا، وقلب في موضع النعت لثانيًا أيضًا، يعني: أن ثاني الاسم المصغر يرد على أصله إذا كان لينًا منقلبًا عن غيره، فشمل ذلك ستة أشياء:
الأول: ما أصله واو فانقلبت ياء نحو: قيمة فتقول فيه: قويمة.
الثاني: ما أصله واو فانقلبت ألفًا نحو: باب فتقول فيه: بويب.
الثالث: ما أصله ياء فانقلبت واوًا نحو: موقن فتقول فيه: مييقن.
الرابع: ما أصله ياء فانقلبت ألفًا نحو: ناب فتقول فيه: نييب.
الخامس: ما أصله همزة فانقلبت ياء نحو: ذيب فتقول فيه: ذؤيب بالهمزة.
السادس: ما أصله حرف صحيح غير همزة نحو: دينار وقيراط، فإن أصلهما دنار وقراط، والياء فيهما بدل من أول المثلين، فتقول فيهما: دنينير وقريريط. وخرج عن ذلك ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنها بالمد، وهو ما في القاموس، فلعل مراده مثله قريثا على قصرها لضرورة أو نحوها، أو أنه لغة فيها. قوله: "بقلب المدة ياء" أي: في الحبارى فقط؛ لأن مدة القريثاء ياء فلا تحتاج للقلب.
قوله: "ثانيًا لينًا" لم يخص في الهمع الرد بالثاني اللين؛ حيث قال: يرد إلى أصله البدل إن كان آخرًا مطلقًا، سواء كان لينًا كملهى، أو غير لين كماء وسقاء، فإن ألف ملهى بدل من واو؛ لأنه مشتق من اللهو وهمزة ماء بدل من هاء لقولهم: مياه وأمواه، وهمزة سقاء بدل من ياء؛ لأنه مشتق من السقي، فيقال: مليهى برد الألف إلى الواو وقلبها ياء لتطرفها إثر كسرة، ومويه وسقى كما يقال في التكسير: ملاهي ومياه وأمواه وأسقية؛ لأن التصغير والتكسير يردان الأشياء إلى أصولها، فإن لم يكن البدل آخرًا اشترط فيه شرطان أن يكون لينًا، وأن يكون بدلًا من غير همزة تلي همزة كمال، وقيل: وريان وميزان وموقن، فيقال: مويل وقويل ورويان ومويزين ومييقن؛ لزوال موجب الإبدال؛ لأن الواو إنما أبدلت في مال لتحركها وانفتاح ما قبلها، وفي قيل وميزان لكسر ما قبلها، وفي ريان لاجتماعها مع الياء، وسبق إحداهما بالسكون، وإنما أبدلت الياء واوًا في موقن لضم ما قبلها، وكقيراط وذيب بالياء فيقال: قريريط وذؤيب بالهمزة، فلو كان غير الآخر حرفًا صحيحًا بدلًا من صحيح أو من لين لم يرد إلى أصله؛ بل تصغر الكلمة على حالها كتخمة وتخيمة، وتراث وتريث، وأباب في عباب وأبيب، وقائم وقويئم بالهمز، وكذا لو كان بدلًا من همزة تلي همزة كآدم فيقال: أويدم من غير رد للألف إلى أصلها وهو الهمزة. اهـ ببعض زيادة واختصار.
قوله: "ولينًا نعت لثانيًا" قال شيخنا وتبعه البعض: ويصح أن يكون مفعولًا ثانيًا لقلب؛ لأنه يتعدى لمفعولين. اهـ. وفيه نظر؛ لاقتضائه أن الثاني المردود إلى أصله هو المحول لينًا مع أنه المحول إليه كالياء في قيمة لا المحول كالواو، فتدبر. قوله: "فتقول فيه: ذؤيب" ووجهه زوال(4/231)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليس بلين فإنه لا يرد إلى أصله، فتقول في متعد: متيعد بإبقاء التاء خلافًا للزجاج؛ فإنه يرده إلى أصله فيقول: مويعد، والأول مذهب سيبويه وهو الصحيح؛ لأنه إذا قيل فيه: مويعد أوهم أن مكبره مُوعِد أو مُوعَد أو مَوْعد، ومتيعد لا إبهام فيه.
تنبيهات: الأول: مراد بالقلب مطلق الإبدال كما عبر به في التسهيل؛ لأن القلب في اصطلاح أهل التصريف لا يطلق على إبدال حرف لين من حرف صحيح ولا عكسه؛ بل على إبدال حرف علة من حرف علة آخر. ويستثنى من كلامه ما كان لينًا مبدلًا من همزة تلي همزة كما استثناه في التسهيل كألف آدم وياء أيمة؛ فإنهما لايردان إلى أصلهما، أما آدم فتقلب ألفه واوًا، وأما أيمة فيصغر على لفظه. وقد ظهر بما ذكرناه أن قوله في شرح الكافية وهو -يعني الرد- مشروط بكون الحرف حرف لين مبدلًا من لين غير محرر؛ بل ينبغي أن يقول مبدلًا من غير همزة تلي همزة كما في التسهيل.
الثاني: أجاز الكوفيون في نحو: ناب مما ألفه ياء نويب بالواو، وأجازوا أيضًا إبدال الياء في نحو: شيخ واوًا، ووافقهم في التسهيل على جوازه جوازًا مرجوحًا، ويؤيده أنه سمع في بيضة بويضة، وهو عند البصريين شاذ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مسوغ البدل وهو سكون الهمزة. دماميني. قوله: "فتقول في متعد" هو اسم فاعل من اتعد، وأصله موتعد أبدلت الواو تاء وأدغمت التاء في التاء. تصريح. قوله: "بإبقاء التاء" أي: الأولى المبدلة من الواو التي هي فاء الكلمة وحذف تاء الافتعال. سم. قوله: "فإنه يرده إلى أصله" لزوال موجب قلبها وهو تاء الافتعال. تصريح. قوله: "موعِد" أي: اسم فاعل أو موعَد أي: اسم مفعول أو مَوْعد أي: مصدرًا ميميًّا أو اسم زمان أو مكان. قوله: "لا إيهام فيه" أي: وإن كان فيه إجمال من حيث احتماله أنه تصغير اسم فاعل أو اسم مفعول، وأورد في التصريح أن سيبويه لم يلتفت للإلباس في مواضع كثيرة، وقد يقال: الموجود فيها إجمال لا إلباس، فتأمل. قوله: "مراده بالقلب... إلخ" الحامل له على ذلك تعميمه القلب في كلامه؛ بحيث يشمل نحو: الخامس والسادس، وإلا فيمكن إبقاء القلب على ظاهره اصطلاحًا، وغاية الأمر أنه ترك بعض المسائل. سم. قوله: "من حرف صحيح" كما في دينار وقيراط. اهـ سم. وكما في ذئب بناء على أن الهمزة حرف صحيح.
قوله: "ولا عكسه" أي: ولا على عكسه كما في متعد. قوله: "فيصغر على لفظه" فيقال: أييمة، ولا يضر التقاء الساكنين فيه؛ لأنه على حده؛ لأن الأول حرف لين والثاني مدغم فيه، فهو كخويصة تصغير خاصة. سم. قوله: "غير محرر" لأنه يخرج عنه اللين المنقلب عن صحيح غير الهمزة كما في دينار، والمنقلب عن همزة لا تلي همزة كما في ذئب، مع أنهما يردان. قوله: "في نحو: شيخ واوًا" فيقال: شويخ. قوله: "على جوازه" أي: جواز الإبدال واوًا في نحو: ناب، ونحو: شيخ، كما هو صريح التسهيل. قوله: "وهو" أي: ما سمع من بويضة بقرينة قوله: شاذ لمقتضى للسماع، فإرجاع البعض الضمير إلى ما تقدم من قلب ألف ناب وياء شيخ وبيضة واوًا غير مناسب(4/232)
وشَذَّ في عِيدٍ عُيَيْدٌ وحُتِمْ للجَمْعِ من ذا ما لتَصْغِيرٍ عُلِمْ
والألفُ الثانِ المزيدُ يُجعل واوًا كذا ما الأصلُ فيه يُجهل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثالث: إذا صغر اسم مقلوب صغر على لفظه لا أصله نحو: جاه؛ لأنه من الوجاهة فقُلب، فإذا صغر قيل: جويه، دون رجوع إلى الأصل لعدم الحاجة إلى ذلك.
"وشذ في عيد عييد" حيث صغروه على لفظه ولم يردوه إلى أصله، وقياسه عويد؛ لأنه من عاد يعود، فلم يردوا الياء لئلا يلتبس بتصغير عود بضم العين، كما قالوا في جمعه: أعياد، ولم يقولوا: أعوادًا لما ذكرنا. "وحتم للجمع من ذا ما لتصغير علم" يعني: أنه يجب لجمع التكسير من رد الثاني إلى أصله ما وجب للتصغير، فيقال في ناب وباب وميزان: أنياب وأبواب وموازين، إلا ما شذ كأعياد. وقوله:
1238- حَمَى لا يُحَلُّ الدهر إلا بإذننا ولا تُسأل الأقوامُ عَقْدَ الْمَيَاثِقِ
يريد: المواثق.
تنبيه: هذا الحكم في التكسير الذي يتغير فيه الأول، أما ما لا يتغير فيه فيبقى على ما هو عليه نحو: قيمة وقيم وديمة وديم. "والألف الثاني المزيد يجعل واوًا" نحو:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلا لو سمع القلب في ياء ناب وشيخ أيضًا، وهو خلاف المتبادر من تعبيره بالإجازة، نعم سمع في ناب للمسنة من الإبل: نويب، كما في الهمع، فاعرفه. قوله: "اسم مقلوب" أي: قلبًا مكانيًّا. قوله: "لأنه من الوجاهة" فأصله وجه فقلب قلبًا مكانيًّا بأن قدمت العين على الفاء، ثم قلبت الفاء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها.
قوله: "وقياسه عويد" قال سم: هل يمتنع النطق بالقياس. اهـ. قال الأسقاطي: وقد يخرج على الخلاف في المصدر إذا ورد على خلاف القياس ولم يرد القياسي هل يجوز استعمال القياسي. اهـ. وجزم البعض بالمنع أخذًا من التعليل بالإلباس بتصغير عود. قوله: "فلم يردوا الياء" أي: إلى أصلها وهو الواو. قوله: "وحتم للجمع... إلخ" قال أبو حيان: أحال الجمع على التصغير، وقد تقدم الجمع والحوالة إنما تكون على المتقدم في الذكر لا على المتأخر. اهـ سيوطي. قال سم: وهو عجيب؛ لأن الواجب في الحوالة تقدم حكم المحال عليه وهو حاصل هنا.
قوله: "عقد المياثق" كذا بخط الشارح، وفي بعض النسخ: عهد، والأول هو ما في الشواهد للعيني. وقوله: المياثق دون المياثيق بياء بعد المثلثة موافقة لمذهب الكوفيين من جواز حذف المدة قبل الآخر بلا تعويض الياء عنها في نحو: قرطاس وعصفور كما مر. قوله: "المزيد" يدخل فيه ألف حائض فيقال فيه: حويض، وسيأتي أن تصغيره ترخيم حييض. اهـ أسقاطي. وقوله: فيقال فيه: حويض أي: برد الهمزة إلى أصلها وهو الياء، فيصير على مثال فعيعل، هذا هو الصواب، وما في كلام البعض مما يخالف ذلك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1238- البيت من الطويل، وهو لعياض بن درة الطائي في لسان العرب 10/ 371 "وثق"، والمقاصد النحوية 4/ 537، ونوادر أبي زيد ص65، وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص138، والخصائص 3/ 157، وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 210، وشرح الشافية ص95، وشرح المفصل 5/ 122.(4/233)
وكَمِّلِ المنقوصَ في التصغيرِ ما لم يحوِ غير التاءِ ثالثًا كَمَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضارب وضويرب، وماشٍ ومويش "كذا ما الأصل فيه يجهل" كألف صاب وعاج فتقول فيهما: صويب وعويج.
تنبيهان: الأول: مما يجعل واوًا أيضًا الألف الثاني المبدل من همزة تلي همزة كآدم تقول فيه: أويدم، كما تقدم التنبيه عليه.
الثاني: حكم التكسير في إبدال الألف الثاني كحكم التصغير فتقول: ضوارب وأوادم.
"وكمل المنقوص" وهو ما حذف منه أصل بأن ترد إليه ما حذف منه "في التصغير" لتتأتى بنية فعيل، ومحل هذا "ما لم يحو غير التاء ثالثًا كما" أصله موه فتقول فيه: مويه برد اللام، وكذا تفعل في خذ وكل ومذ أعلامًا. وسه ويد وحر فتقول فيها: أخيذ وأكيل برد الفاء، ومنيذ وستيه برد العين، ويديه وحريج برد اللام. وإن كان على ثلاثة، والثالث تاء التأنيث لم يعتد بها ويكمل أيضًا كما يكمل الثنائي نحو: عدة وسنة، فتقول فيهما: وعيدة وسنية برد فاء الأول ولام الثاني. وإن كان للمنقوص ثالث غير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطأ. قوله: "صاب" بصاد مهملة وموحدة اسم شجر مر.
قوله: "الألف الثاني المبدل... إلخ" ومنه أيضًا الألف المقلبة عن واو كباب، كما مر. فالألف الثانية تقلب عند التصغير واوًا في أربعة مواضع كما تقلب ياء في موضع واحد وهو ما ثانيه ألف منقلبة عن ياء. قوله: "وكمل المنقوص" أي: الناقص منه شيء ولو مبدلًا بآخر بدليل تمثيله بالماء على ما سيأتي لا المصطلح عليه. قوله: "ومحل هذا" أي: التكميل المذكور. قوله: "ما لم يحوِ... إلخ" أي: ما لم يحوِ بعد الحذف حرفًا زائدًا ثالثًا غير التاء. وقولنا: زائدًا هو ما يؤخذ من التنبيه الثاني الآتي في كلام الشارح أي: وغير همزة الوصل ليدخل نحو: ابن، وسيأتي في الشرح الاعتذار عن ترك المصنف هذا، والنفي صادق بألا يحوي ثالثًا أصلًا كيد، أو يحوي ثالثًا هو ما ذكر كسنة وابن. وقول البعض: أو يحوي ثالثًا غير التاء خطأ، كجعل شيخنا النفي صادقًا بألا يحوي ثالثًا أصلًا، وهو ثنائي الوضع؛ لأن موضوع المسألة الاسم المنقوص، وغير التاء حال من ثالثًا على قاعدة أن نعت النكرة إذا تقدم عليها أعرب حالًا منها.
قوله: "كما" مثال للمنقوص إن جعل بمعنى المشروب، إلا أن المصنف قصره للضرورة، وتنظير في التكميل إن جعل ما الاسمية والحرفية. واعلم أن الشارح أولًا جزم بأن مراده اسم المشروب؛ حيث قال: أصله موه... إلخ. وثانيًا جزم بأن مراده ما الاسمية أو الحرفية؛ حيث قال: وأشار بقوله: كما إلى أن الثنائي... إلخ. وثالثًا تردد حيث قال: الرابع كما... إلخ فهذا عجيب، فليتأمل. سم.
قوله: "في خذ وكل ومذ أعلامًا" أصل خذ وكل أؤخذ وأؤكل بهمزتين حذفت الثانية التي هي فاء الكلمة فتبعها همزة الوصل لعدم الاحتياج إليها حينئذ، وأصل مذ منذ؛ وإنما قال: أعلامًا ليصح تصغيرها؛ إذ لا يصغر إلا الاسم المتمكن، كما مر. قوله: "وسه" أصله سته وهو الدبر، ويد أصلها يدي بسكون الدال أو فتحها على الخلاف، وحر أصله حرح وهو الفرج. قوله: "ويديه" كذا في غالب النسخ، وفي نسخة: ويدي بلا تاء، والصواب الأول. قوله: "لم يعتد بها" لكونها في حكم المنفصل. قوله: "فتقول فيهما: وعيدة وسنية" اعترضوه بأن فيه جمعًا بين العوض والمعوض عنه(4/234)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الياء لم يرد إليه ما حذف لعدم الحاجة إليه؛ لأن بنية فعيل تتأتى بدونه، فتقول في هار وشاك وميت: هوير وشويك ومييت، وشذ هوير برد المحذوف. وأشار بقوله: كما إلى أن الثنائي وضعًا يكمل أيضًا في التصغير كما يكمل المنقوص توصلًا إلى بناء فعيل إلى أن هذا النوع لا يعلم له ثالث يرد إليه بخلاف المنقوص، وأجاز في الكافية والتسهيل فيه وجهين؛ أحدهما: أن يكمل بحرف علة، فتقول في عن وهل مسمى بهما: عنى وهلى، والآخر: أن يجعل من قبيل المضاعف فتقول فيهما: عنين وهليل، وصرح في التسهيل بأن الأول أولى وبه جزم بعضهم؛ لكنه لا يظهر لهذين الوجهين أثر في ما الاسمية أو الحرفية إذا سمي بها، فإنك تقول على التقديرين: موى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويمكن دفعها بأن تاء المصغر تمحضت للتأنيث ولم يقصد بها عوضية أصلًا فهي ليست التي كانت عوضًا بل التي تظهر عند تصغير المؤنث.
قوله: "وسنية" برد لامه وهو الواو وقلبها ياء لاجتماعها مع ياء التصغير وسبق إحداهما بالسكون، ومن جعل لامها هاء صغرها على سنيهة. قوله: "في هار وشاك" اعلم أن أصلهما هاور وشاوك، فحذفت الواو على غير القياس فوزنهما فال، وكان القياس قبلها همزة قد جاءا على القياس أيضًا فقيل: هائر وشائك بوزن فاعل، وقال بعضهم: حذفت الألف الزائدة وقلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها فوزنهما فعل بسكون العين باعتباره بعد القلب وبكسرها باعتباره قبله، وعلى أن المحذوف الواو جرى الشارح؛ حيث قال: وشذوير برد المحذوف يعني الواو؛ لأن الكلام في رد المحذوف الأصلي لا الزائد، وفيهما لغة ثالثة؛ وهي جعل عينهما بعد لامهما، ثم قلب العين ياء وضمة اللام كسرة لتناسب الياء فوزنهما فالع وإعرابهما على هذا إعراب المعتل كداع وغاز وعلى غيره مما تقدم إعراب الصحيح، فتحرك الراء والكاف بحركات الإعراب الثلاث، وتصغيرهما على هذا في الرفع والجر وهو يروشويك بكسر الراء والكاف من غير رد المحذوف؛ لئلا يلتقي ساكنان هو والتنوين وفي النصب شويكيًّا برده، وعلى لغة هائر وشائك: هوير وشويك بتشديد التحتية، وعلى غيرهما: هوير وشويك بتخفيف الياء من غير رد المحذوف. قوله: "وميت" بتخفيف الياء، وهذه الياء ياء فيعل، فالمحذوف عين الكلمة. قوله: "بحرف علة" بأن يزاد عليه ياء، وقيل: إن شئت ألحقته بما لامه ياء فقلت في هل هلى، أو واو فقلت: هليو، ثم أعللته إعلال سيد، وفيه زيادة عمل، والأظهر الأول، وبه جزم الآبدي، واقتضاه كلام التسهيل، وحجة الثاني أن ما حذفت لامه واوًا أكثر مما حذفت لامه ياء. تصريح مع بعض زيادة من المرادي.
قوله: "فإنك تقول... إلخ" لأنك على الوجه الأول إن كملت بياء وجب إدغام المثلين أو بواو وجب قلبها ياء ثم إدغامها وعلى الوجه الثاني تزاد ألف وتبدل ياء وتدغم فيها ياء التصغير، وأما ألف ما فتبدل واوًا بكل حال عملًا بقوله: والألف الثاني المزيد يجعل واوًا... إلخ. اهـ سم. وفي كلام الفارضي ما يشعر بالفرق حيث قال: إذا سمي بحرفين ثانيهما ألف أو واو أو ياء وجب التضعيف في التصغير وغيره، فلو سمي شخص بما وجب تضعيف الألف، ثم تقلب الألف الثانية(4/235)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهات: الأول: إنما قال: غير التاء، ولم يقل: غير الهاء؛ ليشمل تاء بنت وأخت؛ فإنها لا يعتد بها أيضًا؛ بل يقال: بنية وأخية برد المحذوف.
الثاني: يعني بقوله ثالثًا ما زاد على حرفين ولو كان أولًا أو وسطًا؛ فالأول كقولك في تصغير يرى مسمى به يرى من غير رد اعتدادًا بحرف المضارعة، وأجاز أبو عمرو والمازني الرد فيقولان: يريء، ويونس يرد ولا ينون على أصل مذهبه في يعيل تصغير يعلى ونحوه، وتقدم مثال الوسط.
الثالث: لا يعتد أيضًا بهمزة الوصل؛ بل يرد المحذوف مما هي فيه؛ وإنما يذكر ذلك لأن ما هي فيه إذا صغر حذفت منه، فيبقى على حرفين لا ثالث لهما نحو: اسم وابن، تقول في تصغيرهما سمي وبني بحذف همزة الوصل استغناء عنها بتحريك الأول.
الرابع: قوله: "كما" إن أراد به اسم الماء المشروب فهو تمثيل صحيح، وهذا هو الظاهر كما مر الشرح عليه، وإن أراد بما الكلمة التي تستعمل موصولة ونافية، فهو تنظير لا تمثيل؛ لأن ما اسمية كانت أو حرفية من الثنائي وضعًا لا من قبيل المنقوص، فيكون مراده أن نحو ما يكمل كما يكمل المنقوص لا أنه منقوص، وتمام القول في هذا أنه إذا سمي بما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
همزة لاجتماعهما ساكنتين فيصير ماء، فإذا صغر يقال: مويّ بتشديد الياء الأولى ياء التصغير والثانية أصلها الهمزة قلبت ياء جوازًا. اهـ. فقوله: جوازًا يقتضي أنه يقال: مويء بهمزة بعد ياء التصغير، فيحصل الفرق. قوله: "برد المحذوف" أي: وحذف التاء والإتيان بهاء التأنيث والمحذوف الواو المقلبة في التصغير ياء لاجتماعها مع ياء التصغير وسبق إحداهما بالسكون. قوله: "مسمى به" قيد به؛ لأن الفعل والحرف لا يصغران إلا إذا سمي بهما. قوله: "من غير رد" أي: لعينه وهي الهمزة؛ إذ أصله يرأى. قوله: "فيقولان يريء" بهمزة بعد ياء التصغير وبتنوين عوض عن الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين.
قوله: "على أصل مذهب في يعيل" أي: من إثبات الياء وعدم تنوين العوض -كما مر في باب ما لا ينصرف- فما يوجد في بعض النسخ من كتابة يعيلي بالياء، وما يوجد في بعضها الآخر من كتابته بلا ياء صحيحان؛ لأن الأول على مذهب يونس المحدث عنه، والثاني على مذهب غيره الأرجح، فما ذكره شيخنا وتبعه البعض من أن معنى قول الشارح: ولا ينون، أنه لا ينون تنوين الصرف وينون تنوين العوض، وما ذكره البعض من أن كتابة يعيل في بعض النسخ بالياء تحريف كلاهما خبط منشؤه الغفلة عن مذهب يونس المتقدم في الشرح في باب ما لا ينصرف، والله تعالى هو الهادي.
قوله: "وتقدم مثال الوسط" وهو نحو: هار وشاك وميت. قوله: "حذفت منه" لأنه يضم أوله فيستغني عنها بتحرك أوله. تصريح. قوله: "كما مر الشرح عليه" أي: في قوله: أصله موه... إلخ عقب قول المصنف كما. قوله: "فهو تنظير" أي: في مطلق التكميل، وإلا فتكميل المنقوص برد ما حذف منه إليه، وهذا لا يعلم له محذوف فيرد إليه، أفاده المرادي. قوله: "حتى(4/236)
ومَنْ بتَرْخِيمٍ يُصَغِّرُ اكْتَفَى بالأصلِ كالعُطيفِ يَعْنِي الْمِعْطَفَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وضع ثنائيًّا، فإن كان ثانيه صحيحًا نحو: هل وبل، لم يزد عليه شيء حتى يصغر، فيجب أن يضعف أو يزاد عليه ياء فيقال: هليل أو هلي، فإن كان معتلًّا وجب التضعيف قبل التصغير فيقال في لو وكي وما -أعلامًا- لوّ وكيّ بالتشديد وماء بالمد؛ وذلك لأنك زدت على الألف ألفًا، فالتقى ألفان فأبدلت الثانية همزة، فإذا صغرن أعطين حكم دوّ وحيّ وماء، فيقال: لوي كما يقال: دوي، وأصلهما لويو ودويو، ويقال: كييّ بثلاث ياءات كما يقال: حُييّ، ويقال: موي كما يقال في تصغير الماء المشروب مويه، إلا أن هذا لامه هاء فردت إليه كما تقدم.
الخامس: قال في شرح الكافية: وقد يكون المحذوف حرفًا في لغة وحرفًا آخر في لغة، فيصغر تارة برد هذا وتارة برد هذا؛ كقولك في تصغير سنة: سنية وسنيهة، وفي تصغير عضة: عضية، وعضيهة. اهـ.
"ومن يترخيم يصغر اكتفى بالأصل كالعطيف يعني المعطفا" أي: من التصغير نوع يسمى تصغير الترخيم، وهو تصغير الاسم بتجريده من الزوائد، فإن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يصغر" أي: إلى أن يصغر. قوله: "وجب التضعيف" قال البعض: لئلا يلزم إثبات اسم معرب على حرفين آخره حرف لين متحرك، وهذا لا نظير له. اهـ. وقد يقال: عدم النظير لازم على القسم الأول؛ لأن أقل وضع الاسم المعرب على ثلاثة أحرف، وهل وبل مسمى بهما مخالفان لذلك، على أن الثنائي وضعا إذا سمي به لا يتعين فيه الإعراب؛ بل تجوز فيه الحكاية، فتأمل.
قوله: "فأبدلت الثانية همزة" كما قالوا في حمراء. قوله: "أعطين" ماضٍ مجهول مبني على سكون الياء لاتصاله بنون الإناث. قوله: "دوّ وحيّ" بفتح أولهما وتشديد ثانيهما، والدو البادية والحي القبيلة. اهـ تصريح. ودال الدوّ مهملة. قوله: "وأصلهما لويو ودويو" أي: فقلبت الواو ياء لاجتماعها مع الياء وسبق إحداهما بالسكون. قوله: "ويقال: موي" أي: بإبدال الهمزة ياء وإدغام ياء التصغير فيها، وتقدم عن الفارضي ما يفيد جواز إبقاء الهمزة بلا إبدال.
قوله: "في تصغير الماء المشروب... إلخ" ويقال في تثنيته: ماءان وماوان، قرأ الجحدري: "فالتقى الماءان"، والحسن: "فالتقى الماوان" وجمعه في القلة أمواه. اهـ فارضي. أي: وفي الكثرة مياه، وأصله مواه، فقلبت الواو ياء لوقوعها بعد كسرة. قوله: "لامه هاء" وأصله موه، قلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم الهاء همزة.
قوله: "ومن بترخيم" أي: معه، ومن موصولة أو موصوفة فيصغر بالرفع، واكتفى خبر من أو شرطية فيصغر بالجزم وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين، واكتفى جواب الشرط. قوله: "بالأصل" وهو ما كان في مقابلة الفاء والعين واللام. سندوبي. قوله: "المعطفا" قال الشاطبي: المعطف في اللغة العطف وهو الجانب من كل شيء، وعطفا الرجل جانباه من لدن رأسه إلى وركيه. وقال المكودي: المعطف بكسر الميم هو الكساء. خالد. قوله: "بتجريده من الزوائد" أي: الصالحة للبقاء كما في التوضيح ليخرج متدحرج ومحرنجم لامتناع بقاء الزيادة فيهما لإخلالها بالزنة عند تصغير غير الترخيم أي: فلا يسمى تصغيرهما على دحيرج وحريجم تصغير. اهـ زكريا. وقوله: الصالحة للبقاء أي:(4/237)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت أصوله ثلاثة صغر على فعيل، وإن كانت أربعة فعلى فعيعل، فتقول في معطف: عطيف، وفي أزهر: زهير، وفي حامد وحمدان وحماد ومحمود وأحمد: حميد، وتقول في قرطاس وعصفور: قريطس وعصيفر.
تنبيهات: الأول: إذا كان المصغر تصغير الترخيم ثلاثي الأصول ومسماه مؤنث لحقته التاء، فتقول في سوداء وحبلى وسعاد وغلاب: سويدة وجبيلة وسعيدة وغليبة.
الثاني: إذا صغر نحو: حائض وطالق -من الأوصاف الخاصة بالمؤنث- تصغير الترخيم قلت: حييض وطليق؛ لأنها في الأصل صفة لمذكر.
الثالث: حكى سيبويه في تصغير إبراهيم وإسماعيل: بريهًا وسميعًا، وهو شاذ لا يقاس عليه؛ لأن فيه حذف أصلين وزائدين؛ لأن الهمزة فيهما والميم واللام أصول، أما الميم واللام فباتفاق، وأما الهمزة ففيها خلاف: مذهب المبرد أنها أصلية، ومذهب سيبويه أنها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في تصغير غير الترخيم، وفي قوله: من الزوائد إشارة إلى أن نحو: جعفر وسفرجل، لا يصغر تصغير الترخيم لعدم الزوائد، وبه صرح في التوضيح، فلا بد من أمرين: أن يكون في الاسم زيادة، وأن تكون هذه الزيادة صالحة للبقاء في تصغير غير الترخيم.
قوله: "حميد" وإن صغرت لا بترخيم قلت في حامد: حويمد، وفي حمدان حميدين، إن ثبت له جمع على حمادين، وإلا فحميدان، وفي محمود: محيميد، وفي حمدون: حميدين. اهـ فارضي. أي: وفي حماد: حميميد، وكان على الشارح أن يذكر مع الأسماء الخمسة محمدًا، فإن تصغيره بترخيم أيضًا حميد. قال خالد: ولم يلتفت للإلباس ثقة بالقرائن. اهـ. وقال سم وتبعه البعض: هو من باب الإجمال لا الإلباس. اهـ. وفيه أن المتبادر من حميد كونه مصغر حمد، وهو خلاف المراد، وتبادر خلاف المراد إلباس، وقد يمنع التبادر لقلة التسمية بحمد، فيبقى الأمر على الإجمال، أو يقال: مراد سم أن حميدًا محتمل للأسماء الخمسة على السواء، فلا ينافي تبادر غيرها منه، فتأمل.
قوله: "لحقته التاء" لأنه من المؤنث الثلاثي في المآل أي: إذا صغر تصغير الترخيم كما ستعرفه. قوله: "وغلاب" بالغين المعجمة، وفي القاموس: أنهم سموا بغلاب كسحاب وغلاب ككتان وغلاب كقطام، وعلى ضبطه هنا كقطام اقتصر شيخنا السيد.
قوله: "الثاني إذا صغرت نحو: حائض... إلخ" لو جعله استثناء مما قبله وقال: إلا إذا كان وصفًا خاصًّا بالمؤنث، فلا تلحقه التاء لكان أنسب. قوله: "لأنها في الأصل صفة لمذكر" والأصل شخص حائض وشخص طالق أي: فضعفت عن نحو: سوداء وسعاد في اقتضاء التاء فروعي فيها الأصل، ولولا ذلك للحقته التاء؛ لأنه مؤنث ثلاثي في المآل، وذلك إذا صغر تصغير الترخيم فهو كحبلى، أفاده الأسقاطي. قوله: "في تصغير إبراهيم وإسماعيل" أي: تصغير ترخيم. قوله: "وهو شاذ" أي: باتفاق من سيبويه والمبرد، وقياسه على رأي سيبويه: بريهيم، وعلى رأي المبرد: أبيريه. قوله: "لأن فيه حذف أصلين" أي: والأصول لا يحذف منها أكثر من واحد كما مر. قوله: "أنها(4/238)
واخْتِمْ بتا التأنيثِ ما صَغَّرْتَ مِنْ مُؤنَّثٍ عارٍ ثُلاثيٍّ كسِن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زائدة، وينبني عليهما تصغير الاسمين لغير ترخيم، فقال المبرد: أبيريه وأسيميع، وقال سيبويه: بريهيم وسميعيل، وهو الصحيح الذي سمعه أبو زيد وغيره من العرب، وعلى هذا ينبني جمعهما، فقال الخليل وسيبويه: براهيم وسماعيل، وعلى مذهب المبرد: أباريه وأساميع، وحكى الكوفيون: براهم وسماعل بغير ياء، وبراهمة وسماعلة، والهاء بدل من الياء، وقال بعضهم: أباره وأسامع، وأجاز ثعلب: براهٍ، كما يقال في تصغيره: بريه، والوجه أن يجمعا جمع سلامة فيقال: إبراهيمون وإسماعيلون.
الرابع: لا يختص تصغير الترخيم بالأعلام خلافًا للفراء وثعلب، وقيل: وللكوفيين، بدليل قول العرب: يجري بليق ويذم مصغر أبلق، ومن كلامهم: جاء بأم الربَيق على أرَيق، قال الأصمعي: تزعم العرب أنه من قول رجل: رأى الغول على جمل أورق، فقلبت الواو في التصغير همزة.
الخامس: لا فرق بين الزوائد التي للإلحاق وغيرها، فتقول في حفندد ومقعنسس وضفندد: خفيد وقعيس وضفيد، بحذف الزوائد للإلحاق، والخفندد الظليم السريع، والضفندد: الضخم الأحمق.
"واختم بتاء التأنيث ما صغرت من مؤنث عار" من التاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أصلية" لأن بعدها أربعة أصول، ولا تكون الهمزة زائدة أو لا في بنات الأربعة فهو خماسي، فلا يحذف منه في التصغير إلا ما يحذف من نحو: سفرجل، وهو الخامس. شرح التوضيح للشارح. قوله: "أنها زائدة" لأنه اسم أعجمي لا يعرف له اشتقاق، فيقدر فيه زيادة الهمز. شرح التوضيح للشارح. قوله: "أبيريه وأسيميع" بحذف الخامس وتعويض الياء عنه. قوله: "بريهيم وسميعيل" بحذف زائدهما.
قوله: "براهٍ" بكسر الهاء منونة وأصله براهي بالياء فحذفت لالتقائها ساكنة مع التنوين، ثم أجازه ثعلب براه إن كانت بالقياس على بريه، كما أشعر به كلام الشارح، وصرح به الفارضي، ورد عليه أنه قياس على شاذ، والشاذ لا يقاس عليه مع أنه قياس مع الفارق، وهو أن التصغير يكون للترخيم بخلاف الجمع، ومع أنه يلزمه إجازة سماع أيضًا قياسًا على سميع، وإن كانت بالسماع ولم يسمع سماع، فالأمر ظاهر. قوله: "كما يقال في تصغيره" أي: تصغير ترخيم. قوله: "والوجه أن يجمعا جمع سلامة" لعدم الخلاف فيه. قوله: "جاء بأم الربيق" بضم الراء وفتح الموحدة أي: بالداهية، وانظر ما مرجع الضمير في جاء ولعله الرجل، ويكون من إقامة ضمير الغيبة مقام ضمير المتكلم، ومعنى مجيئه بها إخباره برؤيتها، أو الله تعالى، أو تكون الإضافة في قول رجل على معنى في أي من قول الناس في شأن رجل... إلخ؛ لكن يمنع الأول والأخير قول القاموس: رأى رجل الغول على جمل أورق، فقال: جاءنا بأم الربيق على أريق. اهـ فتدبر. قوله: "أورق" هو من الإبل ما في لونه بياض إلى سواد، وهو أطيب الإبل لحمًا لا عملًا وسيرًا. قاموس. قوله: "في خفندد" بخاء معجمة فنون فدالين مهملتين كسفرجل، ومثله ضفندد؛ إلا أن أوله ضاد معجمة. قوله: "الظليم"(4/239)
مَا لَمْ يَكُنْ بالتا يُرَى ذَا لَبْس كشَجَر وبَقَر وخَمْس
وشَذَّ ترك دون لَبْسٍ ونَدَرْ لحاقُ تا فيما ثلاثيًّا كَثَرْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"ثلاثي" في الحال "كسن" ودار فتقول في تصغيرهما: سنينة ودويرة، أو في الأصل كيد، فتقول في تصغيره: يدية، أو في المآل، وهذا نوعان؛ أحدهما: ما كان رباعيًّا بمدة قبل لام معتلة، فإنه إذا صغر تلحقه التاء نحو: سماء وسمية؛ وذلك لأن الأصل فيها سمي بثلاث ياءات: الأولى ياء التصغير، والثانية بدل المدة، والثالثة بدل لام الكلمة، فحذفت إحدى الياءين الأخيرتين على القياس المقرر في هذا الباب، فبقي الاسم ثلاثيًّا، فلحقته التاء كما تلحق الثلاثي المجرد. والآخر ما صغر تصغير الترخيم مما أصوله ثلاثة نحو: حبلى، وقد تقدم بيانه، ثم استثنى من الضابط المذكور نوعين لا تلحقهما التاء، أشار إلى الأول منهما بقوله: "ما لم يكن بالتا يُرى ذا لبس كشجر وبقر" في لغة من أنثهما "وخمس" أي: فإنه يقال فيها: شجير وبقير وخميس بغير تاء، ولا يقال: شجيرة وبقيرة وخميسة بالتاء؛ لأنه يلتبس بتصغير شجرة وبقرة وخمسة، ومثل خمس بضع وعشر فيقال فيهما: بضيع وعشير، ولا يقال: بضيعة وعشيرة؛ لأنه يلتبس بعدد المذكر. وأشار إلى الثاني بقوله: "وشذ ترك دون لبس" أي: شذ ترك التاء دون دون لبس في ألفاظ مخصوصة لا يقاس عليها وهي ذود وشول وناب، للمسن من الإبل، وحرب وفرس وقوس ودرع للحديد، وعرس وضحى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بفتح الظاء المعجمة وهو ذَكَرُ النعام. قوله: "ثلاثي" خرج نحو: سعاد وزينب، فتصغيرهما سعيد بتشديد الياء وزيينب، واختص ثلاثي المؤنث بلحاق التاء لخفته وعدم طوله.
قوله: "بدل لام الكلمة" هي الواو المنقلبة همزة في سماء؛ لأن أصله سماو، ولأنه من سما يسمو. فقول شيخنا والبعض: أصله سماي سهو، ومثل سماء كساء. قوله: "فحذفت إحدى الياءين الأخيرتين" هي الثالثة لام الكلمة عند الجمهور، ومقتضى كلام الناظم في التسهيل أنها الثانية المنقلبة عن الألف، قاله الشارح على التوضيح.
قوله: "على القياس" وهو حذف إحدى الياءات الثلاث عند اجتماعها في الطرف وبعد عين الكلمة، فلا يرد تصغير مهيام على مهييم وحي على حيي. قوله: "ذا لبس" أي: متبادرًا منه خلاف المراد. قوله: "بضع وعشر" أي: وست وسبع وتسع. قوله: "وذود" بذال معجمة مفتوحة فواو ساكنة فدال مهملة من ثلاثة أبعرة إلى عشرة، وقيل غير ذلك. قوله: "وشَوْل" بفتح الشين المعجمة وسكون الواو اسم جمع شائلة وهي من الإبل ما أتى عليها من حملها أو وضعها سبعة أشهر فخف لبنها، وجمع الجمع أشوال، وأما شول كركع فجمع شائل؛ وهي الناقة التي تشول بذنبها أي: ترفعه للقاح ولا لبن لها أصلًا، كذا في القاموس وغيره، والمراد هنا الأول؛ لأن شول كركع رباعي، والكلام في الثلاثي؛ ولهذا قال البعض: قوله: وشول جمع شائلة... إلخ. وأما شيخنا السيد فبعد تصريحه بفتح الشين ذكر ما لا يناسب إلا الثاني، وهو خلط.
قوله: "وحرب" قد يقال: تصغير حرب مع لحوق التاء يوقع في اللبس بمصغر حربة الحديد. اهـ سم. أي: فيكون من النوع الأول. قوله: "وفرس" قال في القاموس: الفرس للذكر والأنثى وهي(4/240)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ونعل وعرب ونصف؛ وهي المرأة المتوسطة بين الصغر والكبر، وبعض العرب يذكر الدرع والحرب، فلا يكونان من هذا القبيل، وبعضهم ألحق التاء في عرس وقوس فقال: عريسة وقويس.
تنبيهات: الأول: لم يتعرض في الكافية وشرحها والتسهيل لاستثناء النوع الأول نحو: شجر وخمس.
الثاني: لا اعتبار في العلم بما نقل عنه من تذكير وتأنيث؛ بل تقول في رمح -علم امرأة- رميحة، وفي عين -علم رجل- عيين، خلافًا لابن الأنباري في اعتبار الأصل، فتقول في الأول: رميح، وفي الثاني: عيينة، ويونس يجيزه، واحتج لذلك بقول العرب: نويرة وعيينة، وأذينة وفهيرة، وهي أسماء رجال، وليس ذلك بحجة لإمكان أن تكون التسمية بها بعد التصغير.
الثالث: إذا سميت مؤنثًا ببنت وأخت، حذفت هذه التاء، ثم صغرت وألحقت تاء التأنيث فتقول: بنية وأخية، وإذا سميت بهما مذكرًا لم تلحق التاء فتقول: بني وأخي.
"وندر إلحاق تا فيما ثلاثيًّا كثر" ثلاثيًّا مفعول بكثر، وهو بفتح التاء بمعنى فاق؛ أي: ندر لحاق التاء في تصغير ما زاد على ثلاثة، وذلك قولهم في وراء وأمام وقدام: وريئة بالهمزة وأميمة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فرسة. اهـ. فعلم أن الفرس يقع على الذكر والأنثى؛ وحينئذ يحتاج المثال إلى التقييد بالواقع على الأنثى. قوله: "للحديد" احترز به عن درع المرأة بمعنى قميصها فإنه مذكر، وجمع درع الحديد أدراع وأدرع ودروع، وجمع الدرع بمعنى القميص أدراع، كذا في القاموس. قوله: "وعرس" قال في القاموس: العرس بالكسر امرأة الرجل ورجلها ولبؤة الأسد، ثم قال: وبالضم وبضمتين طعام الوليمة، ثم قال: والنكاح. اهـ. فعلم أن المناسب هنا العرس بالكسر، وأن ضبط شيخنا له بالضم وضبط البعض له بالضم والكسر فيهما نظر، فتدبر. قوله: "وعرب" بفتحتين وبضم فسكون خلاف العجم. قوله: "ونصف" بفتحتين كما في القاموس والتصريح. وقال الفارضي: بفتح النون وكسر الصاد المهملة. قوله: "ويونس يجيزه" أي: اعتبار الأصل كما يجيز اعتبار الحال. قوله: "واحتج" بالبناء للمجهول أو للفاعل، ولعله ضمير من ذكر من ابن الأنباري ويونس.
قوله: "إذا سميت مؤنثًا ببنت وأخت... إلخ" مثله ما إذا لم تسم بهما أصلًا، كما في الدماميني؛ وإنما قيد بالتسمية ليفرق بين تسمية المؤنث وتسمية المذكر. قوله: "في وراء وأمام وقدام... إلخ" قضيته أن هذه الظروف الثلاثة مؤنثة، وكأنه على اعتبار الجهة؛ لكن في الفارضي عن ابن عصفور أن الظروف كلها مذكرة إلا وراء وقدام، وعليه يكون لحاق التاء؛ أما ما شاذًّا من وجهين كونه مذكرًا وكونه رباعيًّا ولا تصغر الظروف غير المتمكنة كمتى وأين، وفي الفارضي أيضًا عن ابن بابشاذ: ولا تصغر عند؛ لأن المراد بتصغير الظروف القرب، وعند في غاية القرب، فلا فائدة في تصغيرها. قال: وكذا لا تصغر غد حملًا على نقيضه وهو أمس؛ لأن أمس غير متمكن بما(4/241)
وصَغَّرُوا شذوذًا الذي التي وذا مع الفروع منها تَا وتِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقديديمة.
تنبيه: أجاز أبو عمر أن يقال في تصغير حبارى ولغيزى: حبيرة ولغيغزة، فيجاء بالتاء عوضًا من الألف المحذوفة، وظاهر التسهيل موافقته، فإنه قال: ولا تلحق التاء دون شذوذ غير ما ذكر إلا ما حذفت منه ألف التأنيث خامسة أو سادسة، ومراده المقصورة لقوله بعد ذلك: ولا تحذف الممدودة فيعوض منها خلافًا لابن الأنباري؛ أي: فإنه يجيز في نحو: باقلاء وبرناساء: بويقلة وبرينسة، والصحيح بويقلاء وبرينساء.
"وصغروا شذوذًا الذي التي وذا مع الفروع منها تا وتي" تصاريف الأسماء المتمكنة ناسب ذلك ألا يلحق اسمًا غير متمكن، ولما كان في ذا والذي وفروعهما شبه بالأسماء المتمكنة، بكونها توصف ويوصف بها، استبيح تصغيرها؛ لكن على وجه خولف به تصغير المتمكن، فترك أولها على ما كان عليه قبل التصغير، وعوض من ضمه ألف مزيدة في الآخر، ووافقت المتمكن في زيادة ياء ساكنة ثالثة بعد فتحة، فقيل في الذي والتي: اللذيا واللتيا، وفي تثنيتهما: اللذيان واللتيان، وأما الجمع فقال سيبويه في جمع الذي: اللذيون رفعًا، واللذيين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تضمنه من معنى الحرف. اهـ. ومن أول الباب زيادة بيان. قوله: "وريئة" بتشديد الياء قبل الهمزة. قوله: "وقديديمة" بوزن فعيعيلة. قوله: "حبيرة" بتشديد الياء. قوله: "باقلاء" بتخفيف اللام إذا مدت كما هو الفرض، قال في القاموس: الباقلي وتخفف، والباقلاء مخففة ممدودة الفول الواحدة بهاء أو الواحد والجمع سواء. اهـ. قوله: "وبرناسًا" هم الناس كما مر في التأنيث.
قوله: "مع الفروع" حال من الذي والتي وذا أي: مع بعض الفروع. قوله: "بكونها توصف ويوصف بها" وتذكر وتؤنث وتثنى وتجمع. فارضي. قوله: "خولف به... إلخ" ذكر وجهين للمخالفة وبقي ثالث في ذيا وتيا وذيان وتيان، وهو وقوع ياء التصغير ثانية، فقوله بعد: في زيادة ثالثة يعني: في غير ما ذكروا من المخالفة يعلم أن جعل أمثلة التصغير فعيلا وفعيعلا وفعيعيلا في الأسماء المتمكنة. قوله: "فترك أولها" كاللام المتحركة في الذي والتي على ما كان عليه من الفتح كما في الذي والتي وذا وتا، وضمت لام اللذيا واللتيا في لغية كما في التسهيل أو الضم كما في أُولى وأولاء. قوله: "وعوض من ضمه" أي: المجتلب للتصغير، فلا يرد أن أوليا وأولياء زيد فيهما ألف مع ضم أولهما، ولا يجمع بين العوض والمعوض، وبيان عدم الورود أن الضمة فيهما أصلية والألف فيهما -كما قاله يس- عوض عن الضمة التي كان ينبغي أن تكون فيهما حال التصغير ولم تكن؛ بل أبقيت الضمة الأصلية، فتدبر. وهذا التعويض في غير المختوم بزيادة تثنية أو جمع، أما فيه فلا تعويض لطوله بالزيادة فخفف فيه.
قوله: "ووافقت المتمكن... إلخ" ذكر وجهين للموافقة وبقي ثالث في اللذين واللتين والذين وذيا وتيا وذيان وتيان، وهو رد الأصل المحذوف من مكبراتها إليها، ولا يضر حذفه ثانيًا من الأربع الأخيرة؛ لأنه لعلة تصريفية وهي توالي ياءات ثلاث كما سيأتي في الشرح، والمحذوف لعلة كالثابت، فتأمل. قوله: "وفي تثنيتهما" المتبادر من العطف، ومن قوله: بعد في جمع الذي... إلخ(4/242)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جرًّا ونصبًا، بالضم قبل الواو، والكسر قبل الياء، وقال الأخفش: اللذيون واللذيين بالفتح كالمقصور. ومنشأ الخلاف من التثنية، فسيبويه يقول: حذفت ألف اللذيا في التثنية تخفيفًا، وفرق بين المتمكن وغيره. والأخفش يقول: حذفت لالتقاء الساكنين، وقالوا في جمع التي: اللتيات، وهو جمع اللتيا تصغير التي. ولم يذكر سيبويه من الموصولات التي صغرت غير اللذيا واللتيا، وتثيتهما وجمعهما، وقال في التسهيل: واللتيا واللوتيا في اللاتي، واللويا واللويون في اللائي واللائين، فزاد تصغير اللاتي واللائي واللائين، وظاهر كلامه أن اللتيا واللويتا كلاهما تصغير اللاتي. أما اللويتا فصحيح ذكره الأخفش. وأما اللتيات: فإنما هو جمع اللتيا كما سبق، فتجوز في جعله تصغيرًا للاتي. ومذهب سيبويه أن اللاتي لا يصغر استغناء بجمع اللتيا، وأجاز الأخفش أيضًا اللويا في اللاي -غير مهموز-
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رجوع الضمير للذي والتي؛ وحينئذ يكون في كلامه تقدير مضاف أي: في تثنية مصغرهما، وكذا يقال في نحو قوله بعد في جمع الذي... إلخ، ثم المراد التثنية والجمع الصوريان؛ لما تقدم في محله أن اللذين والذين ليسا مثنى وجمعًا حقيقة على الأصح من اشتراط الإعراب في المثنى والجمع؛ بل هما صيغتان موضوعتان للاثنين والجماعة. بقي شيء آخر؛ وهو أن المفهوم من هذا أنه يؤخذ المفرد المصغر ويثنى ويجمع، وليس هذا تصغيرًا للمثنى والجمع كما هو ظاهر كلام المصنف، وكلام الجاربردي يفيد ما هو ظاهر كلام المصنف من وقوع التصغير على المثنى والجمع، فتدبر.
قوله: "في جمع الذي اللذيون" جرى فيما قاله على لغة من أعرب الذين رفعًا بالواو. وأما على لغة الجمهور فلا فرق بين الرفع والنصب والجر. زكريا. قوله: "كالمقصور" أي: في فتح ما قبل علامة الجمع كالمصطفين. قوله: "ومنشأ الخلاف من التثنية" أي: الخلاف في الجمع مفرع على الخلاف في التثنية فيكون فيه ما فيها. قال في التصريح: والذال على القولين مفتوحة. قوله: "حذفت ألف اللذيا في التثنية" أي: ولم تقلب ياء. وقوله: تخفيفًا أي: فهي غير معتبرة. قوله: "وفرقا بين المتمكن" أي: الذي تقلب ألفه المختوم بها ياء عند التثنية كحبلى. قوله: "لالتقاء الساكنين" أي: فيكون حذفها لعلة تصريفية والمحذوف لعلة كالثابت، فكذا في الجمع عنده، فتبقى الفتحة دليلًا عليها، وقد يقال للأخفش: هلا تخلصت من التقاء الساكنين بقلب الألف ياء في التثنية كما هو قياس تثنية ما آخره ألف زائدة، وله أن يجيب بالفرق بين المتمكن وغيره، ولا يضره ذلك في كون حذف الألف لالتقاء الساكنين، فتأمل.
قوله: "جمع اللتيا" بحذف ألفه لالتقائها ساكنة مع ألف الجمع. قوله: "واللويتا" بقلب ألف اللاتي واوًا وفتحها لأجل ياء التصغير وحذف الياء الأخيرة وزيادة ألف التعويض عن الضمة؛ وإنما حذفت الياء الأخيرة؛ لأنه لو صغر على التمام وقيل: اللويتيا لزم أن يكون المصغر بزيادة الألف في آخره سوء ياء التصغير؛ وذلك لا يكون في المصغر، أفاده سم.
قوله: "واللويا" بقلب ألف اللائي واوًا وفتحها لأجل ياء التصغير وقلب الهمزة ياء وحذف(4/243)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصغروا من أسماء الإشارة ذا وتا فقالوا: ذيًا وتيًا، وفي التثنية: ذيان وتيان. وقالوا في أولى بالقصر: أوليا في أولاء بالمد أولياء، ولم يصغروا منها غير ذلك.
تنبيهات: الأول: لأسماء الإشارة في التصغير من التثنية والخطاب ما لها في التكسير، قاله في التسهيل.
الثاني: قال في شرح الكافية: أصل ذيا وتيا ذييا وتييا، بثلاث ياءات: الأولى عين الكلمة، والثالثة لامها، والوسطى ياء التصغير، فاستثقل توالي ثلاث ياءات، فقصد التخفيف بحذف واحدة، فلم يجز حذف ياء التصغير لدلالتها على معنى، ولا حذف الثالثة لحاجة الألف إلى فتح ما قبلها، فلو حذفت لزم فتح ياء التصغير -وهي لا تحرك لشبهها بألف التكسير- فتعين حذف الأولى مع أنه يلزم من ذلك وقوع ياء التصغير ثانية، واغتفر لكونه عائدًا لما قصد من مخالفة تصغير ما لا تمكن له لتصغير ما هو متمكن.
الثالث: قول الناظم: وصغروا شذوذًا البيت، معترض من ثلاثة أوجه؛ أولها: أنه لم يبين كيفية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الياء وزيادة ألف التعويض، هذا قياس ما مر في اللويتا؛ لكن في الفارضي: أن المحذوف من هذه الهمزة. قوله: "واللويون" أي: مطلقًا أو في حالة الرفع، واللويين في حالة النصب والجر لغتان، والياء المشددة ياء التصغير مدغمة في الياء المبدلة من همزة اللائين. قال عبد القادر: ورأيت في نسخة محررة من شرح الشافية للمصنف اللويئون بإثبات الهمزة بعد المثناة التحتية الساكنة. قوله: "في اللائي واللائين" نشر على ترتيب اللف. قوله: "فتجوز في جعله تصغير اللاتي" لأن اللتيات بمعنى تصغير اللاتي وهو اللويتا.
قوله: "أولياء... إلخ" ضمة أوليا بالقصر وأولياء بالمد ليست الضمة المجتلبة للتصغير؛ بل هي الضمة الموجودة حال التكبير، كما قاله الشارح على التوضيح. قوله: "من التثنية والخطاب" كان عليه أن يقول: ولام البعد. قوله: "بثلاث ياءات... إلخ" تقريره إنما يأتي على أن ذا ثلاثي، وأن أصله ذيي بياءين، وأن المحذوف منه عينه لا على قول الكوفيين أنه وضع على حرف هو أصل وهو الذال وحرف زائد لبيان حركة الحرف الأصلي وهو الألف، كما لا يخفى، ولا على قول السيرافي أنه وضع على أصلين؛ لأن الثنائي وإن كان يكمل على التصغير كما تقدم؛ إلا أن أصل ذيا عليه ذويا لا ذييا، ولا على القول بأن أصله ذوو؛ لأن أصل ذيا عليه ذويوا، فحذفت العين وقلبت اللام ياء لاجتماعها مع الياء، وسبق إحداهما بالسكون، ولا على القول بأن أصله ذوي؛ لأن أصل ذيا عليه ذويا فحذفت عين الكلمة، ولا على أن المحذوف من ذا لامه؛ لأن المحذوف من ذيا عليه اللام، هذا هو تحقيق المقام، وبه يعلم ما في كلام شيخنا والبعض من التساهل والقصور.
قوله: "فاستثقل توالى ثلاث ياءات" أورد عليه شيخنا السيد تصغير حي علي حيي، مع أن فيه تواليها، وأجاب بأن تصغير اسم الإشارة لما كان على خلاف القياس لم يحتمل فيه ذلك التوالي بخلاف المتمكن. قوله: "من ثلاثة أوجه" بقي رابع؛ وهو أن قوله: وصغروا شذوذًا، يقتضي أنه لا يقاس على ما سمع منه، وليس كذلك؛ بل قاس جمع من كبار النحاة كالمازني وغيره على ما سمع منه؛ وحينئذ لا يوصف بالشذوذ، وأجيب عن هذا بأن المصنف لم يتبع القائلين بالقياس؛ بل تبع سيبويه القائل بعدم القياس غزي. قوله: "لم يبين كيفية تصغيرها(4/244)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تصغيرها؛ بل ظاهره يوهم أن تصغيرها كتصغير المتمكن. ثانيها: أن قوله: مع الفروع، ليس على عمومه؛ لأنهم لم يصغروا جميع الفروع كما عرفت. ثالثها: أن قوله: منها تا وتي، يوهم أن تي صغر كما صغرتا، وقد نصوا على أنهم لم يصغروا من ألفاظ المؤنث إلا تا، وهو المفهوم من التسهيل فإنه قال: لا يصغر من غير المتمكن إلا ذا والذي وفروعهما الآتي ذكرها، ولم يذكر من ألفاظ المؤنث غير تا. الرابع: لم يصغر من غير المتمكن إلا أربعة: اسم الإشارة، واسم الموصول كما تقدم، وأفعل في التعجب، والمركب المزجي كبعلبك. وسيبويه في لغة من بناهما، فأما من أعربهما فلا إشكال، وتصغيرهما تصغير المتمكن نحو: ما أحيسنه وبعيلبك وسييبويه.
خاتمة: يصغر اسم الجمع لشبهه بالواحد فيقال في ركب: ركيب، وفي سراة: سرية، وكذلك الجمع الذي على أحد أمثلة القلة؛ كقولك في أجمال: أجيمال، وفي أفلس: أفيلس، وفي فتية: فُتية، وفي أنجدة: أنيجدة. ولا يصغر جمع على مثال من أمثلة الكثرة؛ لأن بنيته تدل على الكثرة وتصغيره يدل على القلة فتنافيا، وأجاز الكوفيون تصغير ما له نظير من أمثلة الآحاد، فأجازوا أن يقال في رغفان: رُغَيفان، كما يقال في عثمان: عثيمان، وجعلوا من ذلك أصيلانا، زعموا أنه تصغير أصلان وأصلان جمع أصيل، وما زعموه مردود من وجهين؛ أحدهما: أن معنى أصيلان هو معنى أصيل، فلا يصح كونه تصغير جمع؛ لأن تصغير الجمع جمع في المعنى. الثاني: أنه لو كان تصغير أصلان لقيل: أصيلين؛ لأن فُعلان وفِعلان إذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلخ" أجيب بأن سكوته عن كيفية التصغير؛ لأنه أحال الأمر في ذلك على السماع. غزي. قوله: "يوهم أن تي صغر" إنما عبر بالإيهام لاحتمال أن معنى قوله: منها أي: من الفروع لا بقيد التصغير. قوله: "غير تا" علل في التوضيح عدم تصغير ذي بالباسه بتصغير ذا وعدم تصغير تي بالاستغناء عنه بتصغير تا.
قوله: "إلا أربعة" زاد في الهمع: المنادي وأوّه فيقال: أويه، كما قالوا: رويد زيدًا. قوله: "والمركب المزجي" ولو عدديًّا. قوله: "في لغة من بناهما" أي: بعلبك وسيبويه. قوله: "وبعيلبك وسييبويه" أي: بتصغير صدرهما كما تقدم. قوله: "يصغر اسم الجمع" كرهط وقوم ونفر فيقال: رهيط وقويم ونفير، ولا تلحقه التاء إن كان للآدميين وإن جاز تأنيثه، بخلاف ذود وإبل فيقال: ذويد وأبيلة، قاله الجوهري. وأما ما ركب فعلى كونه اسم جمع، وهو المشهور، فيقال: ركيب، وعلى كونه جمع راكب، كما عند الأخفش، فيرد إلى مفرده ويصغر ثم يجمع فيقال: رويكبون، كذا في الفارضي، وكاسم الجمع اسم الجنس الجمعي فيقال في تمر: تمير، كما في الهمع. ويمكن أن الشارح أراد باسم الجمع ما يشمله. قوله: "فتنافيا" قد يقال: لا تنافي؛ لأن الكثرة والقلة مقولان بالتشكيك.
قوله: "إنه تصغير أصلان" بضم الهمزة. وقوله: "جمع أصيل" هو العشي. قوله: "لأن فعلان" أي: بالضم وفعلان أي: بالكسر يعني الجمعين بقرينة التمثيل الآتي، فلا يرد تكسير عثمان وعمران على(4/245)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كسرا قيل فيهما: فعالين، كمصران ومصارين، وخشمان وخِشامين، وعقبان وعقابين، وغربان وغرابين، وكل ما كسر على فعالين يصغر على فعيلين، فبطل كون أصيلان تصغير أصلان جمع أصيل؛ وإنما أصيلان من المصغرات التي جيء بها على غير بناء مكبرها، ونظيره قولهم في إنسان: أنيسيان، وفي مغرب: مغيربان، ولا استبعاد في ورود المصغر على بنية مخالفة لبنية مكبره، كما وردت جموع مخالفة أبنيتها لأبنية آحادها.
والحاصل: أن من قصد تصغير جمع من جموع الكثرة رده إلى واحده وصغره ثم جمعه بالواو والنون إن كان لمذكر عاقل؛ كقولك في غلمان: غليمون، وبالألف والتاء إن كان لمؤنث أو لمذكر لا يعقل؛ كقولك في جوار ودراهم: جويريان ودريهمات، وإن كان لما قصد تصغيره جمع قلة جاز أن يرد إليه مصغرًا؛ كقولك في فتيان: فتية، ويقال في تصغير سنين -على لغة من أعربها بالواو والياء- سنيات، ولا يقال: سنيون؛ لأن إعرابها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عثامين وعمارين مع تصغيرهما على فعيلان. قوله: "وخشمان" في القاموس في فصل الخاء المعجمة من باب الميم، والخشام كغراب الأسد، والعظيم من الأنوف والجبال. اهـ. فلعل الخشمان في عبارة الشارح بكسر الخاء المعجمة جمع خشام بضمها كغراب وغربان.
قوله: "وإنما أصيلان... إلخ" يعني: أنه تصغير أصيل على خلاف القياس. قوله: "كما وردت جموع... إلخ" أي: كجمع رهط على أراهط وباطل على أباطيل. قوله: "رده إلى واحده" فلو كان واحد القياس مهملًا، فإن لم يكن له واحد مستعمل بأن لم ينطق له بمفرد أصلًا لا قياسي ولا غيره رد إلى واحده القياسي المهمل، فيقال في جاء إخوتك شماطيط: جاءوا شميطيطين، وفي جاءت جواريك شماطيط: جاءت شميطيطات، وإن كان له واحد مستعمل رد إليه لا إلى المهمل القياسي خلافًا لأبي زيد، فيقال في ملامح ومذاكير: لميحات وذكيرات، ردًّا إلى لمحة وذكر لا إلى ملحمة ومذكار؛ لئلا يلزم تصغير لفظ لم تتكلم به العرب من غير داعية إلى ذلك، وكأن أبا زيد لما لم ينطق له لواحد قياسي جعل الواحد الذي ليس على القياس كالمعدوم، فسوى بين ملامح وشماطيط. اهـ همع ببعض اختصار. ومفاد القاموس أن شماطيط له واحد قياسي مستعمل؛ حيث قال: والشمطوط بالضم الطويل والفرقة من الناس وغيرهم كالشمطاط والشمطيط بكسرهما، وقوم شماطيط: متفرقة. اهـ. واللائق التمثيل بعبابيد أو عباديد، ففي القاموس العبابيد والعباديد بلا واحد من لفظهما الفرق من الناس والخيل الذاهبون في كل وجه.
قوله: "ثم جمعه بالواو والنون" إن كان لمذكر عاقل؛ لأنه حينئذ في معنى الصفة، وإن كان قبل التصغير لا يجمع بالواو والنون. قال الفارضي: وهذا العمل لا يكون إلا في نحو: سكارى، وهو جمع كثرة؛ لأن مفرده لا يجمع بواو ونون على المشهور. اهـ. ومراده سكارى جمع سكران، كما هو ظاهر، فلا ينافي أن سكارى جمع سكرى، يرد إلى مفرده ويصغر ويجمع بالألف والتاء فيقال: سكيريات، كما في الهمع. قوله: "غليمون" بتشديد الياء. قوله: "جاز أن يرد إليه مصغرًا" كما جاز أن يرد إلى المفرد. قوله: "فتية" بتشديد الياء. قوله: "ويقال في تصغير سنين... إلخ" هذه(4/246)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالواو والياء؛ إنما كان عوضًا من اللام. وإذا صغرت ردت اللام، فلو بقي إعرابها بالواو والياء مع التصغير لزم اجتماع العوض والمعوض منه، وكذا الأرضون لا يقال في تصغيره إلا أريضات؛ لأن إعراب جمع أرض بالواو والياء إنما كان تعويضًا من التاء، فإن حق المؤنث الثلاثي أن يكون بعلامة، ومعلوم أن تصغير الثلاثي المؤنث يرده ذا علامة، فلو أعرب حينئذ بالواو والياء لزم المحذور المذكور. ومن جعل إعراب سنين على النون قال في تصغيره: سنين، ويجوز سنين على مذهب من يرى أن أصله سني بياءين أولاهما زائدة والثانية بدل من واو هي لام الكلمة ثم أبدلت نونًا، فكما أنه لو صغر سنيا لحذف الياء الزائدة وأبقى الكائنة موضع اللام، كذا إذا صغر سنينًا معتقدًا كون النون بدلًا من الياء الأخيرة، فعامل الكلمة بما كان يعاملها لو لم تكن بدلًا، وإن جعل سنون علمًا وصغر فلا يقال إلا سنيون رفعًا وسنيين جرًّا ونصبًا برد اللام، ومن جعل لامها هاء قال: سنيهون، والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مسألة مستقلة. قوله: "يرده ذا علامة" أي: لكن حذفت لأجل علامة الجمع. قوله: "لزم المحذور المذكور" أي: الجمع بين العوض وهو الإعراب بالحرف والمعوض عنه وهو التاء الموجودة بالقوة لوجود مقتضيها وهو التصغير؛ لكن حذفت لفظًا لعلة وهي وجود علامة الجمع والمحذوف لعلة كالثابت. قوله: "قال في تصغيره: سنين" أي: على وزن فعيعل. قوله: "ويجوز سنين" أي: على وزن فعيل بحذف الياء الزائدة بين النونين. قوله: "أن أصله" أي: الثاني أما أصله الأول فسنيو فقلبت الواو ياء لاجتماعها مع الياء وسبق إحداهما بالسكون، وإلى هذا يشير قوله: والثانية بدل من واو.
قوله: "لحذف الياء الزائدة" أي: لتوالي ثلاث ياءات. قوله: "وكذا إذا صغر سنينا... إلخ" أي: فيحذف الياء الزائدة معاملة للفرع بحكم الأصل كما أشار إليه الشارح، ولاجتماع ثلاث ياءات بالقوة؛ لأن بدل الياء في قوتها، فاندفع اعتراض البعض بأن حذف الياء الزائدة من سني لكراهة توالي ثلاث ياءات، وهذه العلة لا تتأتى في تصغير سنين؛ لأنها لو ثبتت فيه لاجتمع ياءان فقط.
قوله: "فعامل الكلمة" وهي سنين. وقوله: بما كان أي: بحذف الياء الزائدة الذي كان، وقوله: "لو لم تكن بدلًا" أي: لو لم تكن النون بدلًا عن الياء الأخيرة، أو لو لم تكن الكلمة ذات بدل عن يائها الأخيرة بأن بقيت ياؤها الأخيرة ولم تبدل نونًا. وفي بعض النسخ: لو لم يكن بدل أي: لو لم يوجد بدل عن الياء الأخيرة بالنون. والمعنى: فعامل سنينا بعد إبدال يائها الأخيرة نونًا بما كان يعاملها به قبل هذا الإبدال من حذف يائها الزائدة في تصغيرها، وإن كان آخر مصغر سني قبل الإبدال ياء ومصغرها بعده نونا. قوله: "فلا يقال... إلخ" أي: لأن العلم ينظر فيه إلى حالته الراهنة لا إلى ما نقل عنه. قوله: "قال: سنيهون" أي: في الرفع وسنيهين أي: في النصب والجرّ.
تتمة: قد تبدل ياء التصغير ألفًا تخفيفًا إذا وليها حرف مشدد سمح في دويبة وشويبة تصغير دابة وشابة دوابة وشوابة، كما نقله شيخنا السيد وغيره.(4/247)
النسب
النسب: ياءً كيَا الكرسي زَادُوا للنَّسَبْ وكلُّ ما تليه كَسْرُهُ وَجَبْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النسب:
هذا هو الأعرف في ترجمة هذا الباب. ويسمى أيضًا باب الإضافة، وقد سماه سيبويه بالتسميتين، ويحدث بالنسب ثلاثة تغييرات؛ الأول: لفظي، وهو ثلاثة أشياء: إلحاق ياء مشددة آخر المنسوب وكسر ما قبلها ونقل إعرابها إليها. والثاني معنوي وهو صيرورته اسمًا لمالم يكن له. والثالث حكمي وهو معاملته معاملة الصفة المشبهة في رفعه المضمر والظاهر باطراد. وقد أشار إلى التغيير اللفظي بقوله: "يا كيا الكرسي زادوا للنسب وكل ما تليه كسره وجب" يعني: إذا قصدوا نسبة شيء إلى أب أو قبيلة أو بلد أو نحو ذلك، جعل حرف إعرابه ياء مشددة مكسورًا ما قبلها؛ كقولك في النسب إلى زيد: زيدي.
تنبيه: أفهم قوله: كيا الكرسي أمرين؛ أحدهما: التغيير اللفظي المذكور، والآخر: أن ياء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النسب:
هو كما يؤخذ من الشافية إلحاق ياء مشددة في آخر الاسم لتدل على نسبته إلى المجرد عنها. قال يس: ويقال فيه: نسبة بضم النون وكسرها ولم تلحق الألف؛ لئلا يصير الإعراب تقديريًّا ولا الواو لثقلها وشددت الياء ليجري عليها وجوه الإعراب الثلاثة، ولو أفردت لاستثقلت الضمة والكسرة عليها، ولئلا تلتبس بياء المتكلم، ولأن الخفيفة تحذف لالتقاء الساكنين. قوله: "باب الإضافة" أي: اللغوية. قال الفراضي: واعلم أن هذه الياء حرف عليه الإعراب. ونقل القواس عن الكوفيين: أنها اسم مضاف إليه في محل جر. واحتجوا بقول بعض العرب: رأيت التيمي تيم عدي بجرِّ تيم، فقالوا: إنه بدل من ياء النسب. وأجيب بأن التقدير صاحب تيم عدي، فحذف المضاف وبقي المضاف إليه على حاله، وإن كان مثل هذا قليلًا كما سبق في الإضافة. اهـ. والظاهر أن الإضافة على قولهم: مقلوبة بحسب المعنى كالإضافة الفارسية؛ فإنهم يقدمون المضاف إليه على المضاف، وأن ظهور إعراب المضاف على قولهم: على المضاف إليه؛ لكون هذا المضاف إليه بصورة الحرف، وكالجزء من المضاف.
قوله: "بالتسميتين" الباء زائدة في المفعول المطلق. قوله: "آخر المنسوب" صوابه: المنسوب إليه. قوله: "اسمًا لما لم يكن له" وهو المنسوب كان قبل ذلك اسمًا للمنسوب إليه. قوله: "زادوا للنسب" أورد عليه أن قوله: ياء... إلخ، يتضمن تعريف النسب بأنه زيادة ياء مثل ياء الكرسي للنسب، فيكون أخذ النسب في تعريف النسب، وأخذ المعرف في التعريف يوجب الدور. وأجاب سم بأن قوادح التعريف إنما ترد على التعريف الصريح دون المضمن لغيره. والغزي بأن النسب في قوله: للنسب، بمعناه اللغوي لا الاصطلاحي. قوله: "أو نحو ذلك" كحرفة. قوله: "التغيير اللفظي المذكور" فيه أن من جملته كسر ما قبل الياء فيلزم عليه التكرار في قوله: وكل(4/248)
ومثلَه مما حواه احذِفْ وتا تَأْنِيثٍ أو مَدَّتَهُ لا تُثْبِتَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكرسي ليست للنسب؛ لأن المشبه به غير المشبه، وقد ينضم إلى هذه التغييرات في بعض الأسماء تغيير آخر أو أكثر. فمن ذلك ما أشار إليه بقوله: "ومثله مما حواه احذف وتا تأنيث أو مدته لا تثبتا" يعني: أنه يحذف لياء النسب كل ياء تماثلها في كونها مشددة بعد ثلاثة أحرف فصاعدًا وتجعل ياء النسب مكانها؛ كقولك في النسب إلى الشافعي: شافعي، وإلى المرمي: مرمي، يقدر حذف الأولى وجعل ياء النسب في موضعها؛ لئلا يجتمع أربع ياءات. ويظهر أثر هذا التقدير في نحو: بخاتي في جمع بختي إذا سُمي به ثم نسب إليه، فإنك تقول: هذا بخاتي مصروفًا، وكان قبل النسب غير مصروف. ويحذف لياء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما تليه... إلخ، فالمناسب جعل التشبيه بياء الكرسي في كونها مشددة آخرًا منقولًا إليها الإعراب فقط صونًا لكلامه عن التكرار. قوله: "لأن المشبه به غير المشبه" ناقش سم في هذا التعليل بأن المغايرة بالكلية والجزئية كافية؛ وحينئذ لا يدل التشبيه على أن ياء الكرسي ليست للنسب، وإن كان الواقع أنها ليست للنسب.
قوله: "وقد ينضم... إلخ" لأن التغيير يأنس بالتغيير. همع. قوله: "أو أكثر" أي: من تغيير واحد، كما في خلفي نسبة إلى خليفة، فإن فيه حذف الياء وحذف التاء زيادة على التغييرات الثلاثة. قوله: "ومثله مما حواه حذف" قال ابن هشام: فإن قلت: من قال في يمني: يمان، إذا نسب إليه، هل يقول: يمني، ويحذف الألف كما يحذف الياء؛ لأن الألف مع الياء بمنزلة الياءين؟ قلت: لا نص على ذلك، ولك أن تقول: إنما حذفوا الياء كراهة توالي ياءات، وهذا المعنى مفقود في مسألة يمان. فإن قلت: ما ناب عن الثقيل ثقيل بدليل مررت بجواز، قلت: الثقل في اجتماع الياءات لا في وجودها غير مجتمعة، فافهم الفرق. سيوطي باختصار.
قوله: "كل ياء تماثلها... إلخ" سواء كانت للنسب كشافعي، أو لغيره كمرمي وكرسي وقمري، وسيأتي ما إذا بعد حرف واحد في قوله: ونحو حي فتح ثانيه يجب
وما إذا كانت بعد حرفين في قوله: وألحقوا معل لام عريا
إلخ. سم. قوله: "مرمي" أي: على الأفصح، وسيأتي مقابله في قوله: وقيل في المرمي مرموي
قوله: "يقدر حذف الأولى... إلخ" فيه أن حذف الأولى وجعل ياء النسب مكانها واقع لا مقدر. قوله: "لئلا يجعمع أربع ياءات" فيه أن اجتماع أربع ياءات أولاها وثالثها ساكنان جائز؛ بل وارد كما في محيي وأميي، على ما سيأتي في شرح قوله: كذاك يا المنقوص... إلخ، فتدبر. قوله: "إذا سُمي به" قيد بالتسمية؛ لأن جمع التكسير إذا لم يكن علمًا ولا جاريًا مجرى العلم لا ينسب إليه على لفظه؛ بل يرد إلى مفرده ثم ينسب إليه، وقيد في التوضيح التسمية بكونها لمذكر احترازًا عما إذا سمي بها امرأة، فإن مانعه من الصرف العلمية والتأنيث لا صيغة منتهى الجموع، كذا في التصريح. قوله: "مصروفًا" لفقد مفاعيل؛ لأن ياء النسب في تقدير الانفصال. شرح التوضيح للشارح.(4/249)
وإِنْ تَكُنْ تَرْبَعُ ذَا ثَانٍ سَكَنْ فقَلْبُهَا واوًا وحَذْفُهَا حَسَنْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النسب أيضًا تاء التأنيث، فيقال في النسب إلى فاطمة: فاطمي، وإلى مكة: مكي؛ لئلا تجتمع علامتا تأنيث في نسبة امرأة إلى مكة. وأما قول المتكلمين في ذات: ذاتي، وقول العامة في الخليفة: خليفتي -فلحن، وصوابهما: ذووي وخلفي، ويحذف لها أيضًا مدة التأنيث، والمراد بها ألف التأنيث المقصورة، وهي إما رابعة أو خامسة فصاعدًا، فإن كانت خامسة فصاعدًا حذفت وجهًا واحدًا؛ كقولك في حبارى: حباري، وفي قبعثرى: فبعثري، كما سيأتي. وإن كانت رابعة في اسم ثانيه متحرك حذفت كالخامسة كقولك في جمزى: جمزي، وإن كان ثانيه ساكنًا فوجهان: قلبها واوًا وحذفها، وإلى هذا أشار بقوله: "وإن تكن تربع" أي: تصيره ذا أربعة. "ذا ثان سكن فقلبها واوًا وحذفها حسن" ومثال ذلك: حبلى، تقول فيها على الأول: حبلوي، وعلى الثاني: حبلي.
تنبيهان: الأول: يجوز مع القلب أن يفصل بينها وبين اللام بألف زائدة تشبيهًا بالممدودة، فتقول: حبلاوي.
الثاني: ليس في كلام الناظم ترجيح أحد الوجهين على الآخر، وليسا على حد سواء؛ بل الحذف هو المختار، وقد صرَّح به في غير هذا النظم، وكان الأحسن أن يقول: تحذف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "غير مصروف" استصحابًا لما كان عليه من الجمعية قبل العلمية. تصريح. قوله: "لئلا يجتمع... إلخ" ولئلا يؤدي إلى وقوع تاء التأنيث حشوًا. قوله: "في نسبة امرأة إلى مكة" لأنه كان يقال: مكتية. قوله: "فلحن" أي: من وجوه في ذاتي؛ لأن القياس قلب ألفه واوًا ورد لامه وقلبها واوًا وحذف التاء، ومن وجهين في خليفتي؛ لأن القياس حذف الياء والتاء. قوله: "المقصورة" وأما الممدودة فستأتي في قوله: وهمز ذي مد ينال في النسب
إلخ. قوله: "وفي قبعثرى... إلخ" ظاهره أن ألف قبعثرى للتأنيث، والذي في القاموس خلافه، وعبارته: القبعثرى مقصورًا الجمل الضخم، والفصيل المهزول، ودابة تكون في البحر، والعظيم الشديد، والألف ليست للتأنيث ولا للإلحاق؛ بل قسم ثالث. اهـ. وفي كلام غير واحد كالشارح فيما يأتي قريبًا أنها للتكسير. قوله: "جمزى" بفتح الجيم والميم والزاي أي: سريع. قوله: "أي: تصيره ذا أربعة" الضمير يرجع إلى قوله: ذا ثان سكن، ولو أخر التفسير عن قوله: ثان سكن؛ لكان أليق، كما لا يخفى. قوله: "فقلبها واوًا" تشبيهًا بألف نحو: ملهى، وحذفها تشبيهًا بتاء التأنيث لزيادتها، كذا في التصريح. قوله: "ليس في كلام الناظم ترجيح أحد الوجهين... إلخ" قال سم: هذا ممنوع؛ بل قوله الآتي: وللأصلي قلب يُعتمى، كالتصريح في أن الأجود فيها الحذف؛ لأن هذا بيان لمخالفة الأصلي لها؛ وإلا لم يحتج إليه. اهـ. ورده الأسقاطي بأن بيان مخالفة الأصل لها حاصل مع كون الوجهين فيها على السواء. قوله: "بل الحذف هو المختار" لأن شبهها بتاء التأنيث أقوى من شبهها بالمنقلبة عن أصل. تصريح.(4/250)
لشِبْهِهَا الْمُلْحِقِ والأصليِّ ما لها وللأصلي قَلْبُ يُعْتَمَى
والألفَ الجائزَ أربعًا أَزِلْ كذاك يا المنقوص خامسًا عُزِلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذن وقبلها واوًا حسن.
"لشبهها الملحق والأصلي ما لها" يعني: أن الألف الرابعة إذا كانت للإلحاق نحو: ذفري، أو منقلبة عن الأصل نحو: مرمي؛ فلها ما لألف التأنيث في نحو: حبلى من القلب والحذف، فتقول: ذفري وذفروي، ومرمي ومرموي؛ إلا أن القلب في الأصل أحسن من الحذف، فمرموي أفصح من مرمي، وإليه أشار بقوله: "وللأصلي قلب يُعتمى" أي: يختار، يقال: اعتماه يعتميه إذا اختاره، واعتامه يعتامه أيضًا. قال طرفة:
1239- أرى الموتَ يعتام الكرام ويُصطفى عَقِيلة مال الفاحش المتشدِّد
تنبيهات: الأول: أراد بالأصلي المنقلب عن أصل واو أو ياء؛ لأن الألف لا تكون أصلًا غير منقلبة؛ إلا في حرف وشبهه.
الثاني: تخصيصه الأصلي بترجيح القلب يوهم أن ألف الإلحاق ليست كذلك؛ بل تكون كألف التأنيث في ترجيح الحذف؛ لأنه مقتضى قوله: ما لها. وقد صرح في الكافية وشرحها بأن القلب في ألف الإلحاق الرابعة أجود من الحذف كالأصلية؛ لكن ذكر أن الحذف في الألف الإلحاق أشبه من الحذف في الأصلية؛ لأن ألف الإلحاق شبيهة بألف حبلى في الزيادة.
الثالث: لم يذكر سيبويه في ألف الإلحاق والمنقلبة عن أصل غير الوجهين المذكورين. وزاد أبو زيد في ألف الإلحاق ثالثًا؛ وهو الفصل بالألف كما في حبلاوي، وحكى أرطاوي، وأجازه السيرافي في الأصلية فتقول: مرماوي.
"والألف الجائز أربعًا أزل" أي: إذا كانت ألف المقصور خامسة فصاعدًا حذفت مطلقًا، سواء كانت أصلية نحو: مصطفى ومستدعى، أو للتأنيث نحو: حبارى وخليطى، أو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "لشبهها" أي: في كونها رابعة ثاني كلمتيها ساكن كما يؤخذ من التوضيح، وإن لم يفصح الشارح باعتبار سكون الثاني. قوله: "الملحِق" بكسر الحاء أي: الملحق كلمته بكلمة أخرى. قوله: "نحو: ذفرى" بذال معجمة مكسورة ففاء ساكنة. قوله: "ويصطفى عقيلة مال الفاحش المتشدد" عقيلة الشيء أحسنه، ولعل المراد بالفاحش المتشدد البخيل المتكلف للشدة بمعنى الفقر أي: المقتر على نفسه باصطفاء الموت أحسن ما له أنه يميته ويذهبه بلا نفع. قوله: "إلا في حرف" كما الحرفية أو شبهه كما الاسمية. قوله: "لأنه مقتضى قوله: ما لها" أي: في الواقع، وقد ثبت لألف التأنيث في الواقع رجحان الحذف وإن لم يعلم رجحانه فيها من قول المصنف: وإن تكن تربع... إلخ، كما ذكره الشارح هناك.
قوله: "لكن ذكر... إلخ" دفع به توهم كون الحذف فيهما على السواء في الضعف. قوله: "في الزيادة" أي: وحذف الزائد خير من حذف الأصلي. قوله: "وحكى" أي: أبو زيد. وقوله: "أرطاوي" لعله رفعه حكاية لرفعه في تركيب سمع هو كذلك فيه. قوله: "والألف الجائز" بالجيم أي: المجاوز، وضبطه الشاطبي بالحاء المهملة أي: الحائز إليه أربعة أحرف بأن كان هو خامسًا أو سادسًا أو سابعًا. قوله: "أو للتأنيث" لا حاجة إلى إدخال ألف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1239- البيت من الطويل، وهو لطرفة بن العبد في شرح الشواهد للعيني 4/ 178.(4/251)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للإلحاق أو التكسير نحو: حبركى وقبعثرى، فتقول فيها: مصطفي ومستدعي وحباري وخليطي وحبركي وقبعثري.
تنبيه: إذا كانت الألف المنقلبة عن أصل خامسة بعد حرف مشددة نحو: معلى، فمذهب سيبويه والجمهور الحذف، وهو المفهوم من إطلاق النظم، وذهب يونس إلى جعله كملهى، فيجوز فيه القلب وهو ضعيف، وشبهته أن كونها خامسة لم يكن إلا بتضعيف اللام، والمضعف بإدغام في حكم حرف واحد فكأنها رابعة، وسيأتي بيان حكم الألف إذا كانت ثالثة. "كذاك يا المنقوص خامسًا عزل" أي: إذا كانت ياء المنقوص خامسة فصاعدًا وجب حذفها عند النسب إليه فتقول في معتد ومستعل: معتدي ومستعلي.
تنبيه: إذا نسبت إلى محيي اسم فاعل حيا يحيي قلت: محوي بحذف الياء الأولى لاجتماع ثلاث ياءات، وكانت أولى بالحذف؛ لأنها ساكنة تشبه ياء زائدة فتلي الفتحة الياء التي كانت الياء المحذوفة مدغمة فيها فتقلب ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وبعد ذلك الياء التي هي لام الكلمة ساكنة فتسقط عند دخول ياء النسب لالتقاء الساكنين وتنقلب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التأنيث في قوله: والألف الجائز... إلخ، لدخولها في قوله قبل ذلك: وتا تأنيث أو مدته لا تثبتا
قوله: "نحو: حبركى" بحاء مهملة فموحدة فمهملة وهو القراد. وقال الزبيدي: الطويل الظهر القصير الرجلين، وألفه للإلحاق بسفرجل. قوله: "وقبعثرى" مثال لما فيه ألف التكثير، وليست ألفه للتأنيث لقولهم: قبعثراة، ولا للإلحاق إذا ليس لهم اسم سداسي مجرد يلحق هو به؛ إذ نهاية المجرد خمسة كما سيأتي كذا في الفارضي. وبحث فيه بأنهم ألحقوا بالسداسي المزيد كإلحاق اقعنس باحرنجم. قوله: "فتقول فيها: مصطفي" قال المرادي: قد ظهر أن قولهم: مصطفوي خطأ. سم. قوله: "نحو: معلى" استشكله سم بأن معلى ليس ثانيه ساكنًا، ومسألة ملهى مقيدة بسكون الثاني، فكيف يلحق نحو: معلى بملهى. قوله: "وشهبته أن كونها... إلخ" كذا بخطه. وفي بعض النسخ: وهو ضعيف؛ لأن كونها... إلخ. وعليه فاللام لتعليل مذهب يونس لا للضعف. قوله: "وسيأتي بيان... إلخ" أي: في قوله: وحتم قلب ثالث يعن.
قوله: "محيي" هو داخل في عبارة المصنف من حيث حذف خامسه غاية الأمر أن فيه عملًا آخر. سم. قوله: "لاجتماع ثلاث ياءات" لأن الأصل محيي أعلَّ إعلال قاض. سم. أي: فاجتماعها بحسب الأصل. قوله: "تشبه ياء زائدة" أي: في الصورة اللفظية. قوله: "فتلي" أي: بعد حذف الياء الأولى. قوله: "فتقلب ألفًا" فتصير محاي. قوله: "ساكنة" حال من الضمير المستكنِّ في الظرف الخبر. قوله: "فتسقط عند دخول ياء النسب" استشكله سم بأنها محذوفة قبل النسب لالتقاء الساكنين هي والتنوين. قال: وكلام المبرد متجه لسلامته من هذا فليتأمل. اهـ. قال البعض: وقد يقال: التنوين يحذف لياء النسب فتعود الياء فيتجه ما ذكر. اهـ. وفيه أن ياء النسب مانعة كالتنوين(4/252)
والحذفُ في اليا رابعًا أحقُّ مِنْ قَلْبٍ وحَتْمٌ قَلْبُ ثالثٍ يَعِن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الألف واوًا فيصير محويًّا. وقال الجرمي: وهذا أجود كما تقول: أُموي، وفيه وجه آخر؛ وهو محيي كما تقول: أمي. قال المبرد: وهو أجود؛ لأنا نحذف الياء الأخيرة لاجتماع ساكنين، وخامسة فتصير إلى محي كأمي، ثم تضيف ياء النسبة فتقول: محيي، فيجتمع أربع ياءات لسكون الأولى والثالثة.
"والحذف في اليا" من المنقوص حال كون الياء "رابعًا أحق من قلب" فقولك في النسب إلى قاض: قاضي، أجود من قاضوي. ومن القلب قوله:
1240- فكيف لنا بالشُّرْب إن لم يكن لنا دراهم عند الحانوي ولا نَقْدُ
جعل اسم الموضع حانية ونسب إليه. قال السيرافي: والمعروف في الموضع الذي يباع فيه الخمر حانة بلا ياء.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أن القلب في هذا ونحوه مطرد، وذكر غيره أن القلب عند سيبويه من شواذ تغيير النسب، قيل: ولم يسمع إلا في هذا البيت. "وحتم قلب ثالث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من عود الياء، فكان ينبغي للشارح أن يقول بدل قوله: وبعد... إلخ، واستمر سقوط الياء الساكنة التي هي لام الكلمة عند دخول ياء النسب؛ لأن أحد الساكنين اللذين حذفت لام الكلمة لالتقائهما قبل ياء النسب وهو التنوين وإن زال بدخول ياء النسب؛ لكن خلفه ياء النسب لسكون صدرها. فإن قلت: قد أعادوا ألف فتى وياء شج عند النسب إليهما، بدليل قلب الألف واوًا والياء ألفًا، ثم واوًا مع وجود ياء النسب. وهذا يؤيد ما ذكره الشارح، قلت: لم يعيد وهمًا حقيقة، وأما لحظوهما لأجل مجيء الواو المتحركة فهي المجامعة لياء النسب دونهما، ولا حاجة في محوي إلى لحظ الياء الأخيرة، هذا ما ظهر لي هنا، فتأمل.
قوله: "وتنقلب الألف واوًا" لوجوب كسر ما قبل ياء النسب، والألف لا تقبل الحركة، ولم تقلب الألف ياء؛ لئلا يجتمع الكسر والياءات كما سينبه عليه الشارح في شرح قوله: وحتم قلب ثالث يعن. قوله: "قال الجرمي: وهذا أجود" أي: لعدم توالي الياءات. قوله: "كما تقول: أُموي" بضم الهمزة نسبة إلى أمية قبيلة من قريش، وشذ أَموي بفتح الهمزة. اهـ شرح الشافية. قوله: "كما تقول: أمي" قال المرادي: في تنظيره به نظر؛ لأن أمييا شاذٌّ، وأما محيي فهو وجه قوي. اهـ. وقد يقال: التنظير به إنما هو في مجرد الهيئة واجتماع أربع ياءات.
قوله: "قال المبرد: وهو أجود" قال: لأني لا أجمع حذفًا بعد حذف على كلمة واحدة. قوله: "لاجتماع الساكنين" هما على هذا الوجه الياء والتنوين. قوله: "فيجتمع أربع ياءات... إلخ" أي: اجتماعًا جائزًا. فقوله: لسكون الأولى... إلخ تعليل لمحذوف أي: وجاز هذا الاجتماع لسكون... إلخ. قوله: "حانية" وهي فاعلة من حنوت إذا عطفت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1240- البيت من الطويل، وهو لتميم بن مقبل في ملحق ديوانه ص362، وأساس البلاغة ص319 "عين"، ولذي الرمة في ملحق ديوانه ص1862، ولسان العرب 3/ 298 "عون"، ولعمارة في شرح المفصل 5/ 151، والمحتسب 1/ 134، 2/ 236، وللفرزدق في المقاصد النحوية 4/ 538، وبلا نسبة في شرح التصريح 2/ 329، والكتاب 3/ 341، ولسان العرب 14/ 205 "حنا".(4/253)
وأَوْلِ ذا القلب انفتاحًا وفَعِلْ وفُعِل عَيْنَهُمَا افْتَحْ وفِعِلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعن" سواء كان ياء منقوص أو ألف مقصور نحو: عمٍ وفتى، فتقول فيهما: عموي وفتوي؛ وإنما قلبت الألف في فتى واوًا وأصلها الياء كراهة اجتماع الكسرة والياءات.
"وأول ذا القلب انفتاحًا" أي: أن ياء المنقوص إذا قلبت واوًا فتح ما قبلها، والتحقيق أن الفتح سابق للقلب، وذلك أنه إذا أريد النسب إلى نحو: شج، فتحت عينه كما تُفتح عين نمر وسيأتي،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كأنه جعل البقعة الجامعة للشراب حانية عليهم كما تحنو الأم على بنيها، نقله شيخنا عن الشارح. قوله: "يعن" أي: يعرض، والجملة نعت ثالث.
قوله: "سواء كان ياء منقوص أو ألف مقصور" بقي ما إذا كان ثالث الكلمة ياء ساكنًا ما قبلها كظبي وظبية، فمذهب سيبويه النسب إليه على حاله بلا قلب فيقال: ظبي. ومذهب يونس والزجاج فتح ما قبل الياء، فتنقلب هي ألفًا، ثم تقلب الألف واوًا فيقال: ظبوي، واحتجا بقول بعض العرب: قروي بفتح الراء نسبة إلى قرية، كذا في الفارضي. وقول البعض: ظاهر كلام المصنف القلب فيما إذا كان الثاني ساكنًا كظبي لا يناسب حمل الشارح كلام المصنف على المنقوص والمقصور، والذي في الهمع أن نحو: ظبي وغزو لا يغير اتفاقًا، وأن الخلاف في المؤنث بالتاء كظبية وغزوة، فمذهب سيبويه والخليل أنه لا يغير أيضًا بعد حذف التاء ووافقهما ابن عصفور في الواوي. ومذهب يونس والزجاج فتح ما قبل الياء وقلبها واوًا في اليائي، وفتح ما قبل الواو في الواويّ. ووافقهما ابن عصفور في اليائي، وأن في نحو: غاية مما ثالثه ياء بعد ألف ثلاثة أوجه: عدم تغييره بعد حذف التاء، وإبدال الياء همزة، وإبدال الهمزة المبدلة من الياء واوًا، وأوسطها أجودها، وأن في نحو: سقاية وحولايا وجهين: إبدال الياء همزة؛ لأن التاء والألف يحذفان، فتتطرف الياء وقبلها ألف زائدة فتقلب همزة كما هو قاعدة باب الإبدال، وإبدال هذه الهمزة واوًا نحو: سقاوة، فتبقى الواو فيه بحالها ولا تقلب همزة.
قوله: "نحو: عم" بكسر الميم كشج ليكون مثالًا للمنقوص، وإن كان رسمه بالياء في كثير من النسخ يأبى ذلك. قوله: "وأول ذا القلب" أي: صاحب القلب أي: الحرف المقلوب، ويحتمل أن ذا إشارية والقلب بمعنى المقلوب نعت أو بدل أو عطف بيان. قوله: "إذا قلبت واوًا" أي: بعد ردها إن كانت محذوفة وقلبها ألفًا مطلقًا، والشارح أطلق كالناظم القلب، فشمل الواجب كما في الشجي والجائز كما في القاضي، فتقول: الشجوي والقاضوي بفتح ما قبل الواو، كما صرح به الفارضي.
قوله: "والتحقيق أن الفتح سابق للقلب" أي: لأجله أي: وكلام المصنف غير وافٍ بذلك؛ لأنه إنما يفيد تبعية الحرف المقلوب للفتح. وأما سبق الفتح على نفس القلب فمسكوت عنه، وإن كان ظاهر قول الشارح أي: أن ياء المنقوص إذا قلبت واوًا فتح ما قبلها أن عبارة المصنف تفيد سبق القلب على الفتح؛ وإنما قلنا: ظاهر؛ لإمكان حمل قوله: إذا قلبت واوًا على معنى إذا أريد قلبها واوًا أعم من أن تقلب بالفعل أو لا، هذا ولو أبقي القلب على معناه المصدري نعتًا أو بدلًا أو بيانًا من ذا الإشارية؛ لأفاد سبق الفتح على نفس القلب؛ لأن المفعول الأول فاعل في المعنى؛ فيكون كلامه صريحًا في أن القلب ولي الفتح، هكذا ينبغي تقرير هذا المحل، وبه تعلم ما في(4/254)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فإذا فتحت انقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها فيصير شجى مثل فتى، ثم تقلب ألفه واوًا كما تقلب في فتى.
"وفعل وفعل عينهما افتح وفعل" يعني: أن المنسوب إليه إذا كان ثلاثيًّا مكسور العين وجب فتح عينه، سواء كان مفتوح الفاء كنمر، أو مكسورها كإبل، أو مضمومها كدئل، فتقول فيها: نمري وإبلي ودئلي كراهة اجتماع الكسرة مع الياء، وشذ فولهم في النسب إلى الصعق: صِعِقي بكسر الفاء والعين، وذلك أنهم كسروا الفاء اتباعًا للعين، ثم استصحبوا ذلك بعد النسب شذوذًا.
تنبيه: فهم من اقتصاره على الثلاثي أن ما زاد على الثلاثة مما قبل آخر كسرة لا يغير، فاندرج في ذلك صور؛ الأولى: ما كان على خمسة أحرف نحو: جحمرش. والثانية: ما كان على أربعة أحرف متحركات نحو: جُنَدِل. والثالثة: ما كان على أربعة وثانيه ساكن نحو: تغلب، فالأولان لا يغيران. وأما الثالث ففيه وجهان: أعرفهما أنه لا يغير، والآخر أنه يفتح، وقد سمع الفتح مع الكسرة في تغلبي ويحصبي ويثربي، وفي القياس عليه خلاف: ذهب المبرد وابن السراج والرماني ومَن وافقهم إلى اطراده، وهو عند الخليل وسيبويه شاذ مقصور على السماع. وقد ظهر بهذا أن قول الشارح: وإن كانت الكسرة مسبوقة بأكثر من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلام شيخنا والبعض. قوله: "شج" بالشين المعجمة أي: حزين.
قوله: "فتحت عينه" تخفيفًا وتوصلًا إلى القلب. سم. قوله: "وجب فتح عينه" خالف في وجوبه ظاهر القزويني، فجوز بقاء كسرة العين كما نقله عنه أبو حيان، قاله في الهمع. قوله: "كراهة اجتماع الكسرة مع الياء" أل في الكسرة للجنس الصادق بكسرتين كما في نمري وثلاث كما في إبلي، ويرد عليه أن هذا الاجتماع موجود في نحو: جحمرش وجندل. وقال ابن هشام: لئلا تستولي الكسرات على أكثر حروف الكلمة؛ ومن ثم وجب بقاء الكسرة في نحو: علبط؛ وإنما جاز الوجهان في تغلب على ما ذكروا؛ لأن الساكن منهم مَن يعتد به، ومنهم مَن لا يعتد به، فعلى الأول هو بمنزلة علبط، وعلى الثاني هو بمنزلة نمر. اهـ. وهذا سالم مما مر.
قوله: "إلى الصعق" هو في الأصل بفتح الصاد وكسر العين، فكسروا الفاء إتباعًا للعين قبل النسب، كما في الفارضي، ثم استصحبوا كسرها بعد النسب، كما في الشرح؛ وحينئذ فالمنسوب إليه الصعق بكسر الصاد والعين.
قوله: "ثم استصحبوا ذلك" أي: كسر الفاء والعين بعد النسب شذوذًا، وكان القياس أن يفتحوا عينه فتفتح فاؤه لزوال سبب كسرها وهو إتباع كسر العين، وليس اسم الإشارة راجعًا إلى كسر الفاء فقط؛ لأن مجرده ليس بشاذ. قوله: "جحمرش" بفتح الجيم وسكون الحاء المهملة وفتح الميم وكسر الراء بعدها شين معجمة وهي العجوز الكبيرة والمرأة السمجة. قوله: "جندل" أي: بضم الجيم وفتح النون وكسر الدال وهو الموضع الذي تجتمع فيه الحجارة، قاله في القاموس، وسيأتي للشارح في التصريف جعله بفتح الجيم فيكون فيه الوجهان. قوله: "وفي القياس عليه" أي: على الفتح. قال الفارضي: فتقول أي: على القول بقياسيته في النسب إلى مغرب مغربي بفتح(4/255)
وقِيلَ في المرميِّ مَرْمَويّ واختيرَ في استعمالهم مَرْمِيُّ
ونحو حيٍّ فَتْحُ ثانيه يَجِبْ واردده واوًا إن يكن عنه قُلِبْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حرف جاز الوجهان ليس بجيد لشموله الصور الثلاث؛ وإنما الوجهان في نحو تغلب.
"وقيل في المرمي مرموي واختير في استعمالهم مرمي" هذه المسألة تقدمت في قوله: ومثله مما حواه احذف؛ لكن أعادها هنا للتنبيه على أن من العرب من يفرق بين ما ياءاه زائدتان كالشافعي وما إحدى ياءيه أصلية كمرمي، فيوافق في الأول على المحذوف فيقول في النسب إلى شافعي: شافعي، وأما الثاني فلا يحذف ياءيه؛ بل يحذف الزائدة منهما ويقلب الأصلية واوًا فيقول في النسب إلى مرمي: مرموي، وهي لغة قليلة، المختار خلافها. قال في الارتشاف: وشذ في مرمي مرموي.
تنبيه: هذا البيت متعلق بقوله: ومثله مما حواه حذف، فكان المناسب تقديمه إليه كما فعل في الكافية، ولعل سبب تأخيره ارتباط الأبيات المتقدمة بعضها ببعض، فلم يمكن إدخاله بينها بخلاف الكافية.
"ونحو حي فتح ثانيه يجب" أي: إذا نسب إلى ما آخره ياء مشددة، فإما أن تكون مسبوقة بحرف أو بحرفين أو ثلاثة فأكثر، فإن كانت مسبوقة بحرف لم يحذف من الاسم شيء عند النسب؛ ولكن يفتح ثانيه ويعامل معاملة المقصور الثلاثي، فإن كان ثانيه ياء في الأصل لم تزد على ذلك كقولك في حي: حيوي، فتحت ثانيه فقلبت الياء الأخيرة ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم قلبت واوًا لأجل ياء النسب. وإن كان ثانيه في الأصل واوًا رددته إلى أصله: فتقول في طي طووي؛ لأنه من طويت. وقد أشار إلى هذا بقوله: "واردده واوًا إن يكن عنه قلب" وإن كانت مسبوقة بحرفين، فسيأتي حكمها، وإن كانت مسبوقة بثلاثة فأكثر فقد تقدم حكمها.
"وعلم التثنية احذف للنسب ومثل ذا في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الراء. قوله: "واختير في استعمالهم مرمي" وقال بعضهم: مرموي أحسن من جهة أمن اللبس. قوله: "هذه المسألة تقدمت... إلخ" قال سم: فيه مساهلة. اهـ. ووجهها أن الذي تقدم في قوله: ومثله مما حواه احذف، أنه يقال في النسبة إلى مرمي: مرمي بحذف ياءيه معًا، وأما أنه يقال: مرمومي، وأن المختار مرمي فلا. قوله: "بل يحذف الزائدة منهما" وهي الأولى لا نقلًا بها عن واو مفعول.
قوله: "وشذ في مرمي مرموي" تعبير الارتشاف بالشذوذ ينافي ما يتبادر من تعبير الشارح بقلة مرموي، وتعبير المصنف والشارح باختيار مرمي من اطراد مرموي مع مرجوحيته، فلعل في المسألة خلافًا، فتأمل. قوله: "ويعامل معاملة المقصور الثلاثي" أي: من قلب ثالثه ألفًا لتحركه وانفتاح ما قبله ثم واو لأجل ياء النسب. قوله: "حيوي" ولم يقلب حرف العلة الأوَّل في حيوي وطووي ألفًا لما يلزم من زيادة التغيير مع اللبس، أو لأن حركته عارضة ولا الثاني لسكون ما بعده ووجوب كسر متلو ياء النسب.
قوله: "رددته إلى أصله" أي: زيادة على ما تقدم من فتح ثانيه فقلب ثالثه ألفًا فواوًا. قوله: "واردده" أي: الثاني. قوله: "فسيأتي حكمها" أي: في قوله: وألحقوا معلّ لام عريا
قوله: "فقد تقدم حكمها" أي: في قوله: ومثله مما حواه احذف. سم. قوله: "وعلم التثنية"(4/256)
وعَلَمَ التثنيةِ احذِفْ للنسَبْ ومِثْلُ ذا في جَمْعِ تَصْحِيح وَجَبْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جمع تصحيح وجب" فتقول في النسب إلى مسلِمَين ومسلِمِين ومسلمات مسلمي، وفي النسب إلى تمرات تمري بالإسكان، وحكم ما سمي به من ذلك على لغة الحكاية كذلك، وعلى هذا يقال في النسب إلى نصيبين: نصيبي، وإلى عرفات: عرفي. وأما من أجرى المثنى مجرى حمدان والجمع المذكر مجرى غسلين فإنه لا يحذف؛ بل يقول في النسب إلى من اسمه مسلمان: مسلماني، وفي النسب إلى نصيبين: نصيبيني، ومن أجرى الجمع المذكر مجرى هارون، أو مجرى عربون، أو ألزمه الواو وفتح النون، قال فيمن اسمه مسلمون: مسلموني، ومن منع صرف الجمع المؤنث نزل تاء منزلة تاء مكة، وألفه منزلة ألف جزى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: علامته احذف للنسب أي: لأجله؛ لأن المثنى والجمع قبل التسمية بهما إنما ينسب لمفردهما كما في التوضيح. قال الفارضي: فإن خفيف لبس جيء بقرينة. اهـ. فأما إذا كان المخوف الإجمال فلا تجب القرينة. قوله: "في جمع تصحيح" أي: لمذكر أو مؤنث كما سيأتي في الشرح. قوله: "مسلمي" أي: هذا اللفظ والمفرد المراد منه لفظه يعمل فيه القول، فلا حاجة إلى ما تكلفه البعض من جعله خبير مبتدأ محذوف أي: هذا مسلمي، والجملة مقول القول. نعم، رفعه حكاية لحاله في جملة وقع فيها مرفوعًا. قوله: "إلى تمرات" بالفوقية. وقوله: تمري بالإسكان أي: للميم؛ لأنه الموجود في المفرد المردود إليه الجمع عند النسب إليه. قوله: "على لغة الحكاية" أي: لغة إعرابه بعد التسمية كإعرابه قبلها. قوله: "كذلك" أي: كالمثنى والجمع غير المسمى بهما في حذف العلامة والرد إلى المفرد ثم لحاق ياء النسب. قوله: "مجرى حمدان" أي: في لزوم الألف والمنع من الصرف لزيادة الألف والنون. وفي الفارضي أن منهم من يجريه مجرى سرحان في لزوم الألف والصرف، وأن النسب إليه على هذا الوجه بثبوت الألف والنون، ويمكن إدراجه في قوله: مجرى حمدان، بأن يراد مجراه في لزوم الألف، وجعل الإعراب على النون أعم من أن يكون مصروفًا أو لا؛ لكن صرفه مشكل مع اجتماع العلمية وزيادة الألف والنون.
قوله: "مجرى هارون" أي: في لزوم الواو والمنع من الصرف للعلمية وشبه العجمة. قوله: "أو مجرى عربون" أي: في لزوم الواو والصرف. قوله: "أو ألزمه الواو وفتح النون" أي: فيكون معربًا عنده بحركات مقدَّرة على الواو منع من ظهورها حكاية أصله حالة رفعه التي هي أشرف أحواله، كما أن لزوم فتح النون لحكاية أصله لا الثقل؛ لأنه لا ينهض حالة النصب لخفة الفتحة على الواو.
قوله: "ومن منع صرف... إلخ" لما فرغ من التثنية وجمع المذكر السالم المسمى بهما أخذ يتكلم على جمع الإناث السالم المسمى به. قوله: "نزل تاءه... إلخ" هذا فيما ثانيه متحرك وألفه رابعة، وأما نحو: مسلمات وسرادقات، فهو وإن كان كذلك في حذف الألف والتاء إلا أنه سيذكره، فلو أدخلناه هنا لزم في كلامه تكرار، وأما نحو: ضخمات ففيه الحذف والقلب، كما سيأتي. يعني: وأما من أعربه إعراب أصله الذي هو جمع المؤنث السالم فيحذف الألف والتاء أيضًا؛ لكن لا لأجل التنزيل المذكور؛ بل لأن علامة جمع التصحيح تحذف عند النسب كما مر، ويقول: تمري بسكون الميم كما هو مقتضى قول الشراح سابقًا وحكم ما سمى به(4/257)
وثالثٌ من نحو طَيِّبٍ حُذِفْ وشَذَّ طَائِيّ مَقُولًا بِالأَلِفْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فحذفهما، فيقول فيمن اسمه تمرات: تمري بالفتح، وأما نحو: ضخمات ففي ألفه القلب والحذف؛ لأنها كألف حبلى، وليس في ألف نحو: مسلمات وسرادقات إلا الحذف، وحكم ما أُلحق بالمثنى والمجموع تصحيحًا حكمهما، فتقول في النسب إلى اثنين: اثني وثنوي، وإلى عشرين: عشري، وإلى أولات: أولي.
"وثالث من نحو طيب حذف" أي: إذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من ذلك... إلخ، وبما ذكره من التنزيل يظهر وجه حذف علامة جمع المؤنث السالم المسمى به على غير لغة حكاية أصله وإبقاء علامة المثنى وجمع المذكر السالم المسمى بهما على غير لغة حكاية أصلهما، فتدبر. قوله: "وأما نحو: ضخمات" أي: مما ثانيه ساكن وألفه رابعة لا فرق بين الصفة كضخمات والاسم كهندات، فتقول: هندي وهندوي، كذا في الفارضي، وبه يعلم ما في كلام شيخنا والبعض من القصور.
قوله: "ففي ألفه القلب" أي: مع الفصل بالألف وبدونه فتقول: ضخماوي وضخموي كما في حبلى. قوله: "والحذف" قال الفارضي: وهو المختار. قوله: "وليس في ألف نحو: مسلمات وسرادقات" أي: مما ألفه خامسة فصاعدًا، سواء كان جمعًا لاسم أو صفة، ومعلوم من تصدير الشارح كلامه في الجمع المؤنث بقوله: ومن منع صرف الجمع المؤنث، أن فرض كلامه هنا في لغة من منع صرفه وإن وجب حذف الألف والتاء في نحو: مسلمات وسرادقات، على لغة من حكى أيضًا كما فهم من قوله سابقًا: وحكم ما سمي به من ذلك على لغة الحكاية كذلك. اهـ. فتقول على اللغتين: مسلمي وسرادقيّ؛ لأنك على اللغة الأولى تحذف التاء، وتجري مسلمًا وسرادقًا مجرى قرقرى ومستقصى في حذف الألف، وعلى الثانية تحذف الألف والتاء؛ لأن علامة جمع التصحيح تحذف عند النسب، كذا في الفارضي، فعلم أن نحو: تمرات، مما ألفه رابعة وثانيه متحرِّك كنحو: مسلمات وسرادقات، مما ألفه خامسة فصاعدًا في وجوب حذف الألف والتاء، وإن أوهم تغييره أسلوب التعبير خلافه.
قوله: "اثني وثنوي" أي: بالرد إلى المفرد المقدَّر؛ لكن الأوَّل نسب إليه على لفظه بإبقاء همزة الوصل وعدم ردِّ اللام؛ لأن همزة الوصل عوض عنها، والثاني نسب إليه على أصله؛ لأن أصل اثن المقدر ثنو، يؤخذ ما قررناه من قول الشارح في شرح قول المصنف: واجبر برد اللام... إلخ ما نصه: إذا نسب إلى ما حذفت لامه وعوض منها همزة الوصل جاز أن يجبر وتحذف الهمزة وألا يجبر وتستصحب فتقول في ابن واسم واست: بنوي وسموي وستهي على الأوَّل، وابني واسمي واستي على الثاني. اهـ. فعلم بطلان ما نقله شيخنا والبعض عن سم، وأقراه من أنه إذا سمي باثنان قيل: اثني، اعتبارًا بلفظه، وإذا لم يسم به قيل: ثنوي ردًّا إلى أصله، ثم ما ذكره الشارح من أنه يقال: اثني أو ثنوي؛ إنما هو في النسب إلى اثنان غير مسمى به أو مسمى به على لغة حكاية ما قبل التسمية. أما المسمى به على غير لغة الحكاية من إجرائه مجرى حمدان أو سرحان فيقال: اثناني بلزوم الألف والنون، هذا مقتضى قول الشارح وحكم ما ألحق بالمثنى والمجموع تصحيحًا حكمهما.(4/258)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقع قبل الحرف المكسور لأجل ياء النسب ياء مكسورة مدغم فيها مثلها -حذفت المكسورة، فتقول في طيب: طيبي، وفي ميت: ميتي كراهة اجتماع الياءات والكسرة.
"وشذ" في النسب إلى طيئ "طائي مقولًا بالألف" إذ قياسه طيئي بسكون الياء كطيبي، فقلبوها ألفًا على غير قياس لأنها ساكنة، ولا تقلب ألفًا إلا المتحركة، فإن كانت الياء مفردة نحو: مُغيل، أو مشددة مفتوحة نحو: هبيخ، أو فصل بينها وبين المكسور نحو: مهييم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وإلى عشرين عشري" أي: سواء كان المنسوب إليه الذي هو عشرون غير مسمى به أو مسمى به لكن على لغة حكاية ما قبل التسمية، أما هو على غير لغة الحكاية من بقية الأوجه المتقدِّمة في المسمى بالجمع الحقيقي فيقال: عشريني بلزوم الياء والنون عند من يجري المسمى به غسلين وعشروني بلزوم الواو والنون عند من يجريه مجرى هارون أو عربون، أو يلزمه الواو وفتح النون، هذا مقتضى قول الشارح، وحكم ما ألحق بالمثنى والمجموع تصحيحًا حكمهما.
قوله: "وإلى أولات أولى" قد يقال: هلا قيل: أولوي؛ لأن الألف إما زائدة كالتاء ولام الكلمة محذوفة والأصل أوليات كما قيل، فترد اللام وتقلب ألفًا ثم واوًا عند النسب إليه وتحذف الألف والتاء المزيدتان كسائر الجموع بهما المحذوفة اللام، لا فرق في ذلك على هذا الوجه بين أن ينسب إليه قبل التسمية به أو بعدها على لغة الحكاية، وهو ظاهر، أو على لغة منع الصرف؛ لأنك ترد اللام وتحذف تاء التأنيث، ثم الألف إجراء لها مجرى ألف جمزى، كما سبق في الجمع، أو منقلبة عن اللام والأصل ألية كما قيل أيضًا؛ بل رجح على الأول لضعفه بأن أولات عليه جمع حقيقي، والمقرَّر أنه ملحق فتقلب ألفًا ثم واوًا عند النسب وتحذف التاء لا فرق في ذلك على هذا الوجه أيضًا بين أن ينسب إليه قبل التسمية به أو بعدها على لغة الحكاية أو منع الصرف؛ لأنه على هذا الوجه كفتاة. نعم، يظهر على الوجه الأوَّل جواز أولى أيضًا لجواز عدم رد اللام التي لم ترد في تثنية وجمع، ويصدق على لام أولات على الأوَّل أنها لم ترد في تثنية أو جمع، هكذا ينبغي تقرير هذا المحل، ومنه يعلم خلل تقرير الحواشي للإيراد، وخلل ما أجابوا به عنه فتنبه، والله الموفق.
قوله: "إذا وقع... إلخ" حاصله أن الشروط ثلاثة: كون الياء مشددة، وكونها مكسورة، وكونها متصلة بالحرف الأخير. قوله: "حذفت المكسورة" وهي الياء الثانية. قوله: "في طيب... إلخ" مثل بمثالين إشارة إلى أنه لا فرق بين أن تكون الياء المكسورة أصلية كما في طيب أو منقلبة عن أصل كما في ميت. قوله: "كراهة اجتماع الياءات والكسرة" أل للجنس؛ إذ فيه كسرتان. وعبارة الفارضي: لاجتماع كسرتين وأربع ياءات. قوله: "فإن كانت الياء مفردة" محترز قوله: مدغم فيها مثلها، وقوله: أو مشددة مفتوحة محترز قوله: مكسورة، وقوله: أو فصل... إلخ محترز قوله: قبل الحرف المكسور فيه لف ونشر مشوش.
قوله: "نحو: مغيل" ضبطه سم بضم الميم وسكون الغين المعجمة وكسر التحتية اسم فاعل من أغليت المرأة ولدها أرضعته وهي تؤتى أو وهي حامل، وفي القاموس ما يشهد له، ويؤيده بقية قوافي القصيدة؛ فيكون عدم إعلاله كمقيم ومبين سماعيًّا.
قوله: "نحو: هبيخ" هو الغلام الممتلئ شحمًا، وقيل: الغلام الناعم. قوله: "نحو: مهييم" لا(4/259)
وفَعَليُّ في فَعِيلَة التُزِمْ وفُعْلِي في فُعَيْلَة حُتِمْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تصغير مهيام مفعال من هام لم تحذف؛ بل يقال في النسب إلى هذه: مغيلي وهبيخي ومهييمي؛ لنقص الثقل بعدم الإدغام وبالفتح وبالفصل بالمد.
تنبيه: دخل في إطلاق الناظم نحو: غزيل تصغير غزال، فتقول فيه: غزيلي، وقد نص على ذلك جماعة، وإن كان سيبويه لم يمثل إلا بغير المصغر، ودخل فيه أيضًا أيم، فيقال فيه: أيمي، وهو مقتضى إطلاق سيبويه والنحاة، وقال أبو سعيد في كتابه المستوفى: وتقول في أيم أيمي؛ لأنك لو حذفت الياء المتحركة لم يبقَ ما يدل عليها، قيل: وليس بتعليل واضح، ولو علل بالالتباس بالنسب إلى أيم لكان حسنًا.
"وفعلي في فعيلة التزم" أي: التزم في النسبة إلى فعيلة حذف التاء والياء وفتح العين كقولهم في النسبة إلى حنيفة: حنفي، وإلى بجيلة: بجلي، وإلى صحيفة: صحفي، حذفوا تاء التأنيث أولًا ثم حذفوا الياء ثم قلبوا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقال: اجتمع ثلاث ياءات ولم تحذف إحداها فيخالف ما تقدم؛ لأنا نقول: إذا اجتمعت طرفا حقيقة أو حكما. سم. قوله: "تصغير مهيام" أو تصغير مهوم من هوم الرجل إذا هز رأسه من النعاس أو تصغير مهيم اسم فاعل من هيمه الحب إذا جعله هائمًا. تصريح. قوله: "من هام إذا عطش" أو من هام على وجهه إذا ذهب من شدة العشق. تصريح.
قوله: "دخل في إطلاق الناظم" أي: نحو طيب؛ حيث لم يقيده بكون يائه متأصلة أو عارضة؛ بسبب تصغير مثلا، ولا ينافي الدخول قوله: ثالث؛ لما سأذكره من أنه بيان للواقع في طيب. قوله: "وقد نص على ذلك جماعة" فلا يشترط كون هذه الياء المحذوفة ثالثة؛ بل الرابعة فأكثر كذلك، كما قاله الفارضي، ونقله عن غير واحد كابن عقيل في شرح التسهيل. فقول المصنف: وثالث، ليس تقييدًا؛ بل بيان الواقع في طيب؛ إذ الواقع أن الياء في طيب ثالثة، وإن وقعت في بعض صور نحوه رابعة مثلًا كغزيل، وإليه يشير قول الشارح: دخل في إطلاق الناظم. ولو قال المصنف: ونحو ثالث لطيب حذف؛ لكان أوفَى بالمراد. قوله: "أيم" هو مَن لا زوج لها ومَن لا امرأة له كما في القاموس.
قوله: "لم يبقَ ما يدل عليها" أي: فيلتبس بالنسب إلى أيم بسكون الياء، فهذا التعليل في الحقيقة بمعنى التعليل الثاني؛ لكن لما حذف منه محط العلة، وهو ما يترتب على عدم الدلالة على حذف الياء من الالتباس المذكور اعترضه بعضهم بعدم الوضوح. قوله: "ولو علل بالالتباس... إلخ" يرد عليه أنه موجود في ميتي بالتخفيف نسبة إلى ميت بالتشديد لالتباسه بالمنسوب إلى ميت بالتخفيف، على أن سم جعل اللازم في أيم بسكون الياء إجمالًا لا إلباسًا، فلا يرد على مقتضى إطلاق سيبويه، وقد ينازع فيه، فتأمل.
قوله: "إلى أيم" بفتح الهمزة وسكون التحتية مصدر آم بمد الهمزة كباع أي: صار أيِّمًا بالتشديد. قوله: "وفعلي في فعيلة التزم" ذكر الشيخ خالد أن كلًّا من فعيلة وفعيلة ممنوع من الصرف للعلمية على الوزن والتأنيث كما قدمه في نظيرهما أفعلة.
قوله: "حذفوا تاء التأنيث أولًا" أي: لأنها لا تجامع ياء النسب. قوله: "ثم حذفوا الياء" أي: فرقًا بين المؤنث والمذكر كحنيفي وشريفي في النسب إلى حنيف وشريف، كما سيأتي، ولم يعكسوا؛ لأن المؤنث حذفت منه تاء التأنيث في النسب، فحذفت الياء تبعًا لها. اهـ فارضي. ويقال(4/260)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكسر فتحًا، وأما قولهم في سليمة: سليمي، وفي عميرة -كلب- عميري، وفي السليقة: سليقي -والسيلقي الذي يتكلم بأصل طبيعته معربًا- قال الشاعر:
1241- ولست بنحوي يَلُوكُ لسانُه ولكنه سَلِيقِيٌّ أقول فأُعرب
فإن هذه الكلمات جاءت شاذة للتنبيه على الأصل المرفوض، وأشذ منه قولهم: عبدي وجذمي بالضم في بني عبيدة وجذيمة.
تنبيه: ألحق سيبويه فعولة بفعيلة صحيح اللام كان أو معتلها، فتقول في النسب إلى فروقة وعدوة: فرقي وعدوي، وحجته في ذلك قول العرب في النسب إلى شنوءة: شنئي، وهذا عند المبرد من الشاذ؛ فلا يقاس عليه؛ بل يقول في كل ما سواه من فعولة فعولى، كما يقول الجميع في فعول صحيحًا كان كسلول، أو معتلًّا كعدو؛ إذ لا يقال فيهما باتفاق الأسلولي وعدوي؛ وإنما قاس سيبويه على شنئيّ ولم يسمع في ذلك غيره؛ لأنه لم يرد ما يخالفه.
"وفعلي في فعيلة حتم" أي: حتم في النسبة إلى فعيلة حذف الياء والتاء أيضًا كقولهم في النسب إلى جهينة: جهني، وإلى قريظة: قرظي، وإلى مزينة: مزني، حذفوا تاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مثل هذا في حذف ياء فعيلة بضم الفاء. فإن قلت: هذا مقتضٍ لإبقاء ياء فعيل وفعيل المعتلي اللام، فلِمَ حذفت؟ قلت: اجتمع مع هذا المقتضي مانع وهو اجتماع أربع ياءات كما سيأتي؛ فلذا حذفوا الياء تغليبًا للمانع؛ ولذا لم يحذفوا في نحو: طويلة وجليلة. قوله: "ثم قلبوا الكسر فتحًا" أي: لئلا تتوالى كسرتان وياء النسب. قوله: "في سليمة" يعني: سليمة الأزد. أما سليمة غير الأزد فيقال: سلمي على القياس. تصريح.
قوله: "معربًا" حال من ضمير يتكلم. قوله: "يلوك لسانه" لاك الشيء في فمه علكه. عيني. قوله: "فإن هذه الكلمات" خبر عن قولهم: والعائد محذوف أي: فيه. قوله: "وأشذ منه قولهم: عبدي وجذمي" أي: بضم العين والجيم في بني عبيدة وجذيمة أي: بفتحها، وإنما كان أشذ مما قبله. قال المرادي: لأن ما تقدم رجوع إلى أصل مرفوض، وأما الضم فلا وجه له.
قوله: "فرقي" أي: بفتح الراء وعدوي أي: بفتح الدال كما صرح بذلك الفارضي، وعبارته إذا نسب إلى اسم فيه واو رابعة فصاعدًا قبلها ضمة حذفت الواو، فتقول في النسب إلى مرموة وقمحدوة: مرمي وقمحدي، فإن كانت الواو ثالثة وقبلها ضمة حذفت كذلك عند سيبويه كفرقي وعدوي في قروقة وعدوة بفتح عين الكلمة، كما يقال حنفي في حنيفة. اهـ مع بعض حذف. فعلى مذهب سيبويه يفارق النسب إلى عدوة النسب إلى عدو؛ لأن النسب إلى عدو باتفاق كما يأتي عدوي بضم الدال وتشديد الواو. قوله: "شنوءة" حي من اليمن. اهـ خالد. قوله: "كسلول" في القاموس: وسلول فخذ من قيس، وهم بنوة مرة بن صعصعة وسلول أمهم. قوله: "ولم يسمع" أي:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1241- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح التصريح 2/ 331، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 28، ولسان العرب 10/ 161 "سلق"، والمقاصد النحوية 4/ 43.(4/261)
وألحقُوا مُعَلَّ لامٍ عَرِيَا منَ المثالَيْنِ بما التا أَوْلِيَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التأنيث ثم حذفوا الياء، وشذ من ذلك قولهم في ردينة: رديني، وفي خزينة: خزيني، وخزينة من أسماء البصرة.
تنبيهان: الأول: لو سُمي باسم شذت العرب في النسب إليه لم ينسب إليه إلا على ما يقتضيه القياس.
الثاني: ما تقدم من أنه يقال في فَعِيلة فعَلى، وفي فُعيلة فُعلى له شرطان: عدم التضعيف، وعدم اعتلال العين واللام صحيحة، وسيأتي التنبيه على هذين الشرطين، وهما معتبران أيضًا في فعولة على رأي سيبويه.
"وألحقوا معل لام عريا" من التاء "من المثالين" أي: فعيلة وفعيلة "بما التا أوليا" منهما في حذف الياء وفتح ما قبلها إن كان مكسورًا، فقالوا في النسب إلى عدي وقصي: عدوي وقصوي، كما قالوا في النسب إلى غنية وأمية: غنوي وأموي، وظاهر كلامه أن هذا الإلحاق واجب، قد صرح بذلك في الكافية وصرح به أيضًا ولده، وذكر بعضهم فيهما وجهين: الحذف كما مثل، والإثبات نحو: قصيي وعديي، وهو أثقل لكثرة الدال، وتناول كلامه نحو: كسي تصغير كساء، وفيه وجهان، قال بعضهم: يجب فيه الإثبات فيقال فيه: كسيي بياءين مشددتين، وأجاز بعضهم كسوي، فإن كانا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سيبويه، والجملة حالية. قوله: "في ردينة" أي: في النسب إلى ردينة وهي امرأة السمهري كانا يقومان الرماح. قوله: "شرطان" في التصريح: إن عدم اعتلال العين يعني: إذا كانت اللام صحيحة ليس شرطًا في فعيلة بالضم؛ لأن حرف العلة إذا انضم ما قبله لا ينقلب ألفًا فلا يلزم المحذور يعني: كثرة التغيير مع اللبس كما سيأتي. قوله: "عدم التضعيف" خرج نحو: جليلة وقليلة مما عينه ولامه من جنس حرف واحد. وقوله: وعدم اعتلال العين... إلخ خرج نحو: طويلة.
قوله: "واللام صحيحة" الجملة حالية، فلو كانت اللام معتلة لم يؤثر اعتلال العين فتقول في النسب إلى طوية وحيية: طووي وحيوي، كما قاله الدماميني، وسيأتي في الشرح. قوله: "وسيأتي التنبيه... إلخ" أي: في قوله: وتمموا... إلخ. قوله: "معل لام" يعني: معتلها. وقوله: في المثالين أي: من موازنهما حال من معل لام أو من ضميره في عريا. قوله: "في حذف الياء" أي: الزائدة وقلب الأخرى واوًا بدليل أمثلته الآتية. سم. قوله: "وظاهر كلامه أن هذا الإلحاق واجب" ولم تقلب الواو في المنسوب هنا ألف مع أنها تحركت وانفتح ما قبلها؛ لئلا يتوالى إعلالان على الكلمة الواحدة، أو لأن الياء المشددة تكف الإعلال كما سيأتي في التصريف. فارضي. قوله: "فيهما" أي: في فعيل وفعيل. قوله: "وهو" أي: عديي أثقل من قصيي. قوله: "قال بعضهم... إلخ" هو الراجح.
قوله: "يجب فيه الإثبات" قال أبو حيان: وعلة ذلك أنه اجتمع ثلاث ياءات: ياء التصغير، والياء المنقلبة عن الألف، والياء المنقلبة عن لام الكلمة، فحذفت الياء المنقلبة عن الألف وهي الوسطى يعني: تخفيًا، وإلا فإبقاؤها لا يخل ببناء التصغير -كما لا يخفى- وأدغمت ياء التصغير في الياء الأخيرة، فبقي كسيي كأخي، فإذا دخلت ياء النسبة قيل: كسي، ولا يجوز أن تحذف إحدى الياءين الباقيتين؛ لأنك إذا حذفت ياء التصغير لم يجز؛ لأنها لمعنى، والمعنى باقٍ، وإن حذفت الياء الأخيرة لم يجز؛ لما فيه من توالي إعلالين؛ لأنه قد حذفت الياء المنقلبة عن ألف كساء مع ما(4/262)
وتَمَّمُوا ما كان كالطَّويلَهْ وهكذا ما كان كالجليلهْ
وهَمْزُ ذي مدٍّ يُنالُ في النَّسَبْ ما كان في تثنيةٍ له انْتَسَبْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيحي اللام اطرد فيهما عدم الحذف؛ كقولهم في عقيل وعقيل، وعَقيلي وعُقيلي، هذا مذهب سيبويه وهو مفهوم قوله: معل لام، وذهب المبرد إلى جواز الحذف فيهما، فالوجهان عندهما مطردان قياسًا على ما سمع من ذلك، ومن المسموع بالحذف قولهم في ثقيف: ثقفي، وقولهم في سليم: سلمي، وفي قويم: قومي، وفي قريش: قرشي، وفي هذيل: هذلي، وفي فقيم كنايته: فقمي؛ ليفرقوا بينه وبين فقيمي في فقيم تميم، وفي مليح خزاعة: ملحي؛ ليفرقوا بينه وبين مليحي في مليح بني عمرو بن ربيعة ومليح بن الهون بن خزيمة، ووافق السيرافي المبرد وقال: الحذف في هذا خارج من الشذوذ، وهو كثير جدًّا في لغة أهل الحجاز.
قيل: وتسوية المبرد بين فَعيل وفُعيل ليست بجيدة؛ إذ سمع الحذف في فعيل كثيرًا، ولم يسمع في فعيل إلا في ثقيف، فلو فرق بينهما لكان أسعد بالنظر. "وتمموا" أي: لم يحذفوا "ما كان" من فعيلة معتل العين صحيح اللام "كالطويله" أي: مما هو صحيح اللام فقالوا: طويلي؛ لأنهم لو حذفوا الياء وقالوا: طولي؛ لزم قلب الواو ألفًا لتحركها وتحرك ما بعدها وانفتاح ما قبلها، وألحق بفعيلة في ذلك فعيلة بالضم من نحو: لويزة ونويرة فقالوا: لويزي ونويري، ولم يقولوا: لوزي ونوري لنبت، والطويلة حتي، والاحتراز بصحيح اللام من نحو: طويلة وحيية، فإنه يقال فيهما: طووي وحيوي. "وهكذا" تمموا "ما كان" من فعيلة وفعيلة مضاعفًا "كالجليلة" والقليلة فقالوا: جليلي وقليلي، ولم يقولوا: جللي وقللي؛ كراهة اجتماع المثلين.
تنبيه: ومثل فعيلة -فيما ذكر- فعولة نحو: قوولة وصرورة، فيقال فيهما: قوولي وصروري لا قولي وصرري لما ذكر.
"وهمز ذي مد ينال في النسب ما كان في التثنية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يلزم عليه من تحريك ياء التصغير وهي لا تحرك؛ فلهذا التزم فيه التثقيل قال: وما كان مثل الكساء مصغرًا ثم نسب إليه فإنه لا يحذف أصلًا. سيوطي.
قوله: "وأجاز بعضهم كسوي" أي: بحذف ياء التصغير وقلب الثانية ألفًا ثم قلبها واوًا... إلخ، هذا ضعيف. قوله: "فيهما" أي: في فعيل وفعيل. قوله: "قويم" بقاف. وقوله: "فقيم" بقاف فقاف. وقوله: "مليح" بحاء مهملة. وقوله: "الهون" قال شيخنا: السيد بضم الهاء كما يفهم من القاموس. قوله: "فقيم كنانة" أي: فقيم الذين هم من كنانة، وكذا يقال فيما بعد. قوله: "ليفرقوا... إلخ" هذا الفرق كنظيره الآتي حكمه بعد الوقوع لا علة وإلا لم يحذفوا؛ حيث لا تعدد، وحذفوا كلما وجد التعدد، وكلاهما منتفٍ كما يؤخذ من أمثلة الشارح. قوله: "أسعد" يصح قراءته بصيغة الماضي المبني للمجهول أي: سُوعد، وبصيغة أفعل التفضيل. قوله: "كالطويله وهكذا ما كان كالجليله" وظاهر أن مجردهما(4/263)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
له انتسب" أي: حكم همزة الممدود في النسب كحكمها في التثنية القياسية، فإن كانت بدلًا من ألف التأنيث قلبت واوًا؛ كقولك في صحراء: صحراوي، وإن كانت أصلية سلمت، تقول في قراء: قرائي، وإن كانت بدلًا من أصل أو للإلحاق جاز فيها أن تسلم وأن تقلب واوًا، فتقول في كساء وعلباء: كسائي وعلبائي، وإن شئت قلت: كساوي وعلباوي، وفي الأحسن منهما ما سبق؛ وإنما قيدت التثنية بالقياسية احترازًا من التثنية الشاذة نحو: كسايين، فإنه لا يقاس على ذلك في النسب، كما صرح به في شرح الكافية فلا يقال: كسائي.
تنبيهات: الأول: مقتضى كلامه هنا وفي شرح الكافية أن الأصلية تتعين سلامتها،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كذلك. اهـ سم. أي: لأنه مما خرج بقوله: معل لام.
قوله: "أي: مما هو صحيح اللام" هذا مكرر مع قوله قريبًا: صحيح اللام. قوله: "لزم قلب الواو ألفًا" فيكثر التغيير مع اللبس، ولو لم يقلبوا لزم الاستثقال، قاله الجاربردي. تصريح. قوله: "وألحق بفعيلة في ذلك فعيلة" هذا يخالف ما مر عن التصريح، ونقله سم عن السيوطي من اختصاص شرط صحة العين إذا كانت اللام صحيحة بفعيلة وفعولة دون فعيلة بالضم؛ لأن التعليل المتقدم لا يأتي فيه؛ لأن حرف العلة إذا انضم ما قبله لا يقلب ألفًا، فلا يلزم المحذور؛ لكن ما في الشرح هو الموافق لما في الهمع. قوله: "لنبت" كذا في النسخ، ولم أجد في القاموس أن لويزة أو نويرة أو لويزي أو نويري اسم لنبت، والذي فيه أن نويرة اسم لناحية بمصر، فجعل البعض قوله: لنبت، راجعًا للثاني يحتاج لنقل صحيح. قوله: "والطويلة حي" كذا في بعض النسخ، ولم أجده في القاموس، والذي فيه أن الطويلة اسم لروضة مخصوصة.
قوله: "فإنه يقال فيهما: طووي وحيوي" قدمنا في الكلام على شرح قول المصنف: ونحو: حي... إلخ علة عدم قلب حرف العلة فيهما ألفًا مع تحركه وانفتاح ما قبله. قوله: "كراهة اجتماع المثلين" لما فيه من الثقل مع عدم الإدغام؛ لأن الإدغام فيما ذكر ممتنع؛ لأن وزن الأول فعل بفتحتين وهو واجب الفك كلبب. والثاني: فعل بضم ففتح وهو واجب الفك أيضًا كصفف جمع صفة. قوله: "لما ذكر" أي: من اللزوم قلب الواو ألفًا بالنسبة لقولي، وكراهة اجتماع المثلين بالنسبة لصرري. ولا شك في تقدم ذكر اللزوم والكراهة المذكورين وإن كان اللزوم فيما سبق مرتبًا على حذف الياء وهنا على حذف الواو، فجعل البعض التقدير لنظير ما ذكر غير محتاج إليه.
قوله: "يُنال" بالبناء للمفعول أي: يُعطى، فما مفعول ثانٍ، أو بالبناء للفاعل أي: يصيب، فما مفعوله. قوله: "قلبت واوًا" لكون الهمزة أثقل من الواو، ولم تقلب ياء؛ لئلا يجمع ثلاث ياءات مع الكسرة. تصريح. ومن العرب من يقر هذه الهمزة، قال في التوضيح: وذلك قليل رديء. اهـ همع. قوله: "سلمت" أي: من القلب لقوَّتها بأصالتها. قوله: "في قراء" بضم القاف وتشديد الراء مع المدِّ المتنسك كما في المختار. قوله: "وفي الأحسن منهما ما سبق" من أن القلب أولى فيما ألفه للإلحاق كعلباوي، والتصحيح أولى فيما همزته بدل من أصل كحيائي وكسائي.(4/264)
وانْسُبْ لصَدْرِ جُمْلَةٍ وصَدْرِ مَا رُكِّبَ مَزْجًا ولثانٍ تَمَّمَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصرح بذلك الشارح فقال: وإن كانت أصلًا غير بدل وجب أن تسلم، وذكر في التسهيل فيها الوجهين، وقال: أجودهما التصحيح.
الثاني: إذا لم تكن الهمزة للتأنيث ولكن الاسم مؤنث نحو: السماء، وحراء، وقباء، إذا أردت البقعة ففيه وجهان: القلب، والإبقاء وهو الأجود؛ للفرق بينه وبين صحراء، وإن جعلت حراء وقباء مذكرين كانا كرداء وكساء.
الثالث: إذا نسبت إلى ماء وشاء، فالمسموع قلب الهمزة واوًا نحو: ماوي وشاوي، ومنه قوله:
1242- لا ينفع الشاوِيَّ فيها شَاتُه ولا حِمَارُه ولا أداتُه
فلو سمى بماء أو شاء لجرى في النسب إليه على القياس فقيل: مائي وماوي، وشائي وشاوي.
"وانسب لصدر" ما سمي به من "جملة" وهو المركب الإسنادي نحو: برق نحره، وتأبط شرًّا، فتقول: برقي وتأبطي، وأجاز الجرمي النسب إلى العجز، فيقول:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "تتعين سلامتها" فتقول في النسب إلى قراء: قرائي. قوله: "الوجهين" أي: التصحيح والقلب واوًا. قوله: "إذا لم تكن الهمزة للتأنيث" بأن كانت لام الكلمة كما في الأمثلة، فإن سماء فعال بالفتح وحراء فعال بالكسر وقباء فعال بالضم، وفي كل من حراء وقباء المد والقصر والتذكير باعتبار المكان فيصرف، والتأنيث باعتبار البقعة فيمنع من الصرف.
قوله: "إذا أردت البقعة" راجع للأخيرين فقط. وأما السماء فليس فيها إلا التأنيث كما يؤخذ من اقتصاره على الأخيرين في قوله: وإن جعلت... إلخ. قوله: "كانا كرداء وكساء" فيجوز فيهما التصحيح والقلب واوًا، والتصحيح أجود كما تقدم؛ وحينئذ فلا معنى لهذا التفصيل؛ إذ لا فرق حينئذ بين أن يكونا مؤنثين أو مذكرين.
قوله: "إذا نسبت إلى ماء... إلخ" قال ابن هشام: إذا نسب إلى ماء نسب إليه كما ينسب إلى كساء فتقول: مائي وماوي؛ لأن الهمزة بدل غاية ما فيه أن المبدل منه مختلف فيهما، فهو في كساء واو، وفي ماء هاء؛ لأن أصله موه. اهـ يس. أي: فأطلق ابن هشام جواز الوجهين، وفصل الشارح بين ما قبل التسمية، فيتعين القلب وقوفًا على ما سمع وما بعدها، فيجوز الوجهان. قوله: "ولا أداته" بفتح الهمزة أي: آلته.
قوله: "على القياس" أي: قياس ما همزته بدل من أصل من جواز الوجهين. قوله: "وانسب لصدر... إلخ" بقي أنهم قالوا: لو سمي بعامل ومعمول كقائم أبوه أعرب قائم بحسب العوامل وبقي معموله بحاله، وأنه لو سمي بتابع ومتبوع نحو: رجل عاقل، أُعرب الأول وتبعه الثاني في إعرابه، وسكتوا فيما علمت عن بيان النسبة إليهما، ولا يبعد أن ينسب إلى الجزء الأول منهما والمركب المزجي وقالوا: لو سمي بعاطف ومعطوف نحو: وزيد أو ثم زيد حكى، فانظر كيف النسبة إليه. سم باختصار. قوله: "وأجاز الجرمي... إلخ" وأجاز أبو حاتم السجستاني النسب إليهما معًا فيقال: تأبطي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1242- الرجز لمبشر بن هذيل الشمخي في لسان العرب 14/ 448 "شوا"، وبلا نسبة في شرح المفصل 5/ 156، وفيهما "علاتُه" بدل "أداتُه".(4/265)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحري وشري. وشذ قولهم في الشيخ الكبير: كنتي نسبة إلى كنت، ومنه قوله: أصبحتُ كنتيًّا وأصبحتُ عاجنًا
والقياس كوني "و" انسب إلى "صدر ما رك مزجًا" نحو: بعلبك وحضرموت، فتقول: بعلي وحضري، وهذا الوجه مقيس اتفاقًا، ووراؤه أربعة أوجه؛ الأول: أن ينسب إلى عجزه نحو: بكي، أجازه الجرمي وحده ولا يجيزه غيره. الثاني: أن ينسب إليهما معًا مزالًا تكريبهما نحو: بعلي بكي، أجازه قوم منهم أبو حاتم قياسًا على قوله:
1243- تزوجتُها راميَّةً هُرْمُزِية
الثالث: أن ينسب إلى مجموع المركب نحو: بعلبكي. الرابع: أن يبنى من جزأي المركب اسم على فعلل وينسب نحو: حضرمي، وهذان الوجهان شاذان لا يقاس عليهما.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شري، كما أجازه في المزجي والعددي، كذا في الهمع. قال سم: الظاهر أن معنى كل منهما حينئذ المنسوب إلى تأبط شرًّا؛ إلا أن الأول منسوب إلى تأبط، والثاني إلى شرًّا؛ وحينئذ فهما مترادفان، فلو قيل: هذا تأبطي شري، فهل كل منهما خبر، أو الخبر أحدهما، والثاني تأكيد له، ويحتمل أن مجموعهما هو المنسوب إلى تأبط شرًّا لا كل منهما، فيكونان خبرًا واحدًا، كما في هذا حلو حامض، فليراجع. اهـ. ويلزم على الاحتمال الأخير وقوع ياء النسب حشوًا، وما ذكره يجري في النسب إلى جزأي المزجي والعددي معًا.
قوله: "كنتي" سمي الشيخ الكبير بذلك لكثرة قوله: كنت وكنت، والعاجن الذي يعتمد على ظهر أصابع يديه عند قيامه من الكبر. قوله: "نسبة إلى كنت" أي: إلى هذا اللفظ وما قصد لفظه يصير علمًا لنفسه فصح كونه من أفراد ما سمي به من جملة كما هو موضوع المسألة. قوله: "والقياس كوني" بضم الكاف المنقول إليها من الواو بعد نقل الفعل عند إرادة إسناده إلى ضمير الرفع المتحرك من فعل بالفتح وزن كان أصالة إلى فعل بالضم؛ وإنما كان القياس كونيًّا برد الواو لزوال سبب حذفها؛ وهو التقاؤها ساكنة مر النون المسكنة لاتصال ضمير الرفع المتحرك بها. قوله: "مزجا" أي: تركيب مزج أو حال كون ما ركب ممزوجًا. قوله: "فتقول: بعلي" وتقول في معدي كرب: معدي ومعدوي؛ لأنه كقاضٍ، وينبغي أن يكون الراجح هنا الحذف كما هناك. زكريا.
قوله: "وهذا الوجه مقيس اتفاقا" قد يشعر هذا مع قوله الآتي: وهذان الوجهان شاذان... إلخ بأن الوجهين الأولين من الأربعة مختلَف في شذوذهما وقياسيتهما لا برجحان قياسيتهما أيضًا وإن ادعى ذلك شيخنا والبعض. قوله: "رامية هرمزية" نسبة إلى رام هرمز بلدة بنواحي خورستان. قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1243- عجزه: بفضل الذي أعطى الأميرُ من الرِّزْقِ
والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح التصريح 2/ 332، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 72، وشرح شواهد الشافية ص115، والمقرب 2/ 58.(4/266)
إضافة مبدوءة بابنٍ أَوَ ابْ أو ما له التعريف بالثاني وَجَبْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهان: الأول: حكم لولا وحيثما مسمى بهما حكم المركب الإسنادي في النسب إليهما، فتقول: لوي -بالتخفيف- وحيثي، وحكم نحو: خمسة عشر حكم المركب المزجي، فتقول: خمسي.
الثاني: قوله: وانسب لصدر جملة، أجود من قوله في التسهيل: ويحذف لها -يعني ياء النسب- عجز المركب؛ لأنه لا يقتصر في الحذف على العجز؛ بل يحذف ما زاد على الصدر، فلو سميت بخرج اليوم زيد قلت: خرجي.
"و" انسب "لثان تمما إضافة مبدوءة بابن أو اب أو ما له التعريف وجب" هذا الأخير من عطف العام على الخاص أي: يجب أن يكون النسب إلى الجزء الثاني من المركب الإضافي في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"حكم لولا وحيثما" أي: ونحوهما كلوما وأينما. وقوله: في النسب إليهما متعلق بقوله: حكم لولا وحيثما، فكان الأحسن تقديمه على قوله: حكم المركب الإسنادي. قوله: "بالتخفيف" أي: تخفيف الواو، ولا ينافي هذا قوله الآتي: وضاعف الثاني من ثنائي؛ لأن المراد بالثنائي فيه الثنائي وضعًا كما صرح به الشارح، ثم والمنسوب إليه هنا رباعي وضعًا وصيرورته هنا ثنائيًّا عرضت له عند النسب. قوله: "وحكم نحو: خمسة عشر" أي: مسمى به، نقله شيخنا عن ابن غازي، وفي الفارضي ما يقتضي الإطلاق. وقوله: حكم المركب المزجي أي: حكم بقية أفراد المركب المزجي، فوافق ما في المرادي من أن العددي من المزجي. قوله: "فتقول: خمسي" أي: وإن ألبس بالنسبة إلى خمسة وخمس؛ لأنهم لا يراعون الإلباس في هذا الباب، كما ستعرفه.
قوله: "وانسب لثان... إلخ" شروع في النسب إلى المركب الإضافي. وعبارة التسهيل مع شرحه للدماميني: ويحذف لها صدر المضاف أن تعرف بالثاني تحقيقًا كابن الزبير وابن عمر فتقول: زبيري وعمري، أو تقديرًا: كأبي بكر وأبي حفصٍ؛ حيث لا بكر ولا حفصٍ؛ وإلا فهما من القسم الأول فتقول: بكري وحفصي، وإلا يتعرف بالثاني لا تحقيقًا ولا تقديرًا فعجزه أي: فيحذف لها عجزه وينسب إلى صدره، وذلك مثل امرئ القيس فتقول: امرئي ومرئي؛ لأنه لم يتعرف صدره بعجزه؛ إذ لم يسبق له إضافة قبل استعماله علمًا، وقد يحذف صدره خوف اللبس أي: لأجل خوف اللبس كالنسبة إلى عبد القيس وعبد الأشهل وعبد مناف، فإنهم قالوا في ذلك: قيسي وأشهلي ومنافي. ومراد المصنف بالمضاف ما كان علمًا أو غالبًا لا مثل غلام زيد مما ليس علمًا، فإنه ينسب فيه إلى غلام وإلى زيد، فيكون من قبيل النسبة إلى المفرد لا إلى المضاف؛ إذ ليس للمجموع معنى مفرد ينسب إليه بخلاف ابن الزبير ونحوه، كذا قال الشارح. اهـ. يعني المرادي.
قوله: "أو اب" بنقل حركة همزة أب إلى الواو أي: أوأم. قال السيوطي في البهجة: وهل يلحق بما ذكر المبدوء ببنت إذا قلنا: إنه كنية أو لا؟ لم أرَ مَن ذكره. اهـ. ثم رأيته بخط بعض الأفاضل عن تصريح الشاطبي، فيقال في النسب إلى بنت غيلان: غيلاني. قوله: "أو ما له" أي: أو مبدوءة بما ثبت له التعريف بالثاني قبل العلمية بالغلبة. قوله: "هذا الأخير من عطف العام على الخاص" أي: لشموله الابن والأب وغيرهما من كل ما يتعرف بالإضافة، والمناسب لعدم ارتضائه فيما بعد كونه من عطف العام على الخاص إسقاط هذا الكلام هنا كما في كثير من النسخ، ولعل ذكره في نسخ أخرى مجاراة لما مشى عليه ابن الناظم، بقي أنه يرد عليه أن عطف العام على الخاص إنما(4/267)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثلاثة مواضع، ذكر منها هذا البيت موضعين، وسيذكر الثالث؛ الأول: أن تكون الإضافة كنية؛ كأبي بكر وأم كلثوم. والثاني: أن يكون الأول علمًا بالغلبة؛ كابن عباس وابن الزبير، فتقول: بكري وكلثومي، وعباسي وزبيري.
تنبيه: كان الأحسن أن يقول: إضافة من الكنى أو اشتهر مضافها غلبة كابن عمر
لأن عبارته توهم أن ما له التعريف بالثاني قسم برأسه، فشمل نحو: غلام زيد، وليس كذلك، قال في شرح الكافية: وإذا كان الذي ينسب إليه مضافًا، وكان معرفًا صدره بعجزه، أو كان كنية -حذف صدره ونسب إلى عجزه؛ كقولك في ابن الزبير: زبيري، وفي أبي بكر: بكري، كذا قال الشارح؛ إلا أنه زاد في المثل: غلام زيد، وعلى هذا فقول الناظم: أو ما له التعريف بالثاني من عطف العام على الخاص؛ لاندراج
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يكون بالواو.
قوله: "الأول: أن تكون الإضافة كنية" أي: والمصنف ذكر هذا بقوله: أو اب. وقوله: والثاني: أن يكون الأول... إلخ أي: والمصنف ذكر هذا بقوله: إضافة مبدوءة بابن، وبقوله: أو ما له... إلخ، فالمراد منهما واحد على ما قاله شيخنا، وسيأتي ما فيه، وفي كلامه مسامحة؛ إذ الكنية والعلم بالغلبة المركب الإضافي لا الإضافة ولا الأول وحده. قوله: "لأن عبارته توهم... إلخ" ولأنها ليست صريحة في المراد بالإضافة المبدوءة بالابن أو الأب كهذا البيت. قوله: "قسم برأسه" أي: مغاير للكنية والعلم الغلبي المبدوء بابن؛ لأن العطف خصوصًا بأو يقتضي المغايرة. قوله: "فشمل نحو: غلام زيد" اعلم أن كونه قسما برأسه صادق بأن يكون عامًّا يشمل نحو: غلام زيد، والإضافة المبدوءة بابن أو أب وصادق بأن يكون مباينًا مرادًا منه جميع ما عدا المبدوءة بابن أو أب، أو مرادًا منه بعض لا يشمل نحو: غلام زيد؛ وحينئذ فتفريع الشارح الشمول المذكور على كونه قسمًا برأسه صادق بأن يكون عامًّا يشمل نحو: غلام زيد، والإضافة المبدوءة بابن أو أب وصادق بأن يكون مباينًا مرادًا منه جميع ما عدا المبدوءة بابن أو أب أو مرادًا منه بعض لا يشمل نحو: غلام زيد؛ وحينئذٍ فتفريع الشارح الشمول المذكور على كونه قسمًا برأسه لا يخلو من نظر.
قوله: "وليس كذلك" أي: ليس قسمًا برأسه؛ بل المراد منه خصوص العلم الغلبي المبدوء بابن الذي ذكره المصنف بقوله: إضافة مبدوءة بابن لتعرف أوله بثانيه قبل صيرورته علمًا بالغلبة، وإن كان تعرف المجموع الآن بالعلمية بالغلبة، فالمراد من قوله: إضافة مبدوءة بابن، وقوله: أو ما له... إلخ واحد على ما قاله شيخنا، وسيأتي ما فيه.
قوله: "قال في شرح الكافية" استدلال على قوله: وليس كذلك؛ لأن مراد شارح الكافية بالمعرف صدره بعجزه خصوص العلم بالغلبة كما يشعر به التمثيل. قوله: "وكان معرفًا صدره بعجزه" يعني: قبل صيرورته علمًا، أما بعدها فتعرف المجموع بالعلمية. قوله: "وعلى هذا" أي: زيادة ابن الناظم في المثل: غلام زيد، وليس المراد على ما في(4/268)
فيما سِوَى هذا انْسُبَنْ للأوَّل ما لم يُخَفْ لَبْسٌ كعبد الأشهل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر بابن فيه، وهو تمثيل فاسد؛ لأنهم يعنون بالمضاف هنا ما كان علمًا أو غالبًا، لا مثل: غلام زيد؛ فإنه ليس لمجموعه معنى مفرد ينسب إليه؛ بل يجوز أن ينسب إلى غلام وإلى زيد، ويكون ذلك من قبيل النسب إلى المفرد لا إلى المضاف، وإن أراد غلام زيد مجعولًا علمًا فليس من قبيل ما تعرف فيه الأول بالثاني؛ بل هو من قبيل ما ينسب إلى صدره ما لم يخف لبس.
"فيما سوى هذا" المذكور أنه ينسب فيه إلى الجزء الثاني من المركب الإضافي "انسبن للأول" منهما نحو: عبد القيس وامرئ القيس -وهما قبيلتان- تقول: امرئي وعبدي، وإن شئت قلت: مرئي. قال ذو الرمة:
1244- ويسقط بينها المرئي لغوا كما ألغيتَ في الدبة الْحُوارا
وهذا "ما لم يخف" بالنسب إلى الأول "لبس" فإن خيف لبس نسب إلى الثاني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شرح الكافية، وإن مشى عليه شيخنا والبعض. قوله: "لأنهم يعنون بالمضاف هنا" أي: في المركب الإضافي الذي ينسب إلى عجزه. وقوله: ما كان علمًا أي: كنية. وقوله: أو غالبًا أي: علمًا بالغلبة؛ وحينئذ فالمناسب أن يراد بما له التعريف بالثاني وجب خصوص العلم بالغلبة المبدوء بابن لتعرف أوله بثانيه قبل الغلبة، فيكون المراد من قوله: مبدوءة بابن، وقوله: أو ما له... إلخ واحدًا كذا قال شيخنا. والأولى أن يراد بالإضافة المبدوءة بابن الكنية المصدرة بابن لمغايره المعطوف أعني المبدوءة بما تعرف بالثاني المراد منها العلم الغلبي المبدوء بابن، والفرق بينهما أن علمية الكنية بالوضع وعلمية العلم الغالب بالغلبة، فتدبر.
قوله: "بلى يجوز أن ينسب إلى غلام وإلى زيد" أي: بحسب الحال. قوله: "فليس من قبيل ما تعرف فيه الأول بالثاني" أي: بل مما تعرف فيه المجموع بالعلمية، وأورد عليه شيخنا أن المراد تعرف الأول بالثاني قبل العلمية كما مر. وأشار البعض إلى جوابه بأن المراد ليس منه في هذا المقام؛ لأن المراد به خصوص العلم بالغلبة، فتأمل.
قوله: "نحو: عبد القيس... إلخ" قضية صنيعه أن النسب إلى صدر عبد القيس لا لبس فيه بخلاف النسب إلى صدر عبد الأشهل وعبد مناف ففيه ليس ولا يخفى فساده؛ فإن النسب إلى الصدر في جميع ما بدئ بعبد فيه لبس، فالصواب عندي إسقاط التمثيل بعبد القيس، كما في كثير من النسخ ونصها: كامرئ القيس فتقول: امرئي ومرئي، وهذا ما لم يخف... إلخ ولا اعتراض عليها. قوله: "مرئي" قال المصرح والفارضي: بفتح الميم والراء. قوله: "ويسقط... إلخ" قال البعض: ليس بنظم، وانظر ما ضبطه وما معناه فأني لم أقف عليه. اهـ. لكن وجد في بعض النسخ على وجه كونه نظمًا من بحر الوافر ولفظه: ويسقط منهما المرئي لقوا كماء العنب في الدبة الحواء
بضمير التثنية في منهما وضبط لقوا كغزو، وسكون نون العنب، وتخفيف باء الدبة وواو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1244- البيت من الوافر، وهو في ديوان ذي الرمة ص1379، وشرح المفصل 6/ 8.(4/269)
واجْبُرْ بِرَدِّ اللامِ ما منه حُذِفْ جَوَازًا إن لم يَكُ رَدُّهُ أَلِفْ
في جَمْعَي التصحيح أو في التثنيهْ وحَقُّ مجبورٍ بِهَذِي تَوْفِيَهْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"كعبد الأشهل" وعبد مناف؛ حيث قالوا فيهما: أشهلي ومنافي، ولم يقولوا: عبدي.
تنبيه: شذ بناء فعلل من جزأي الإضافي منسوبًا إليه كما شذ ذلك في المركب المزجي، والمحفوظ من ذلك: تيملي وعبدري ومرقسي وعبقسي وعبشمي، في تيم اللات وعبد الدار وامرئ القيس ابن حُجر الكندي وعبد القيس وعبد شمس؛ وإنما فعلوا ذلك فرارًا من اللبس، وقالوا: تعبشم وتقعيس، وأما عبشمس بن زيد مناة، فقال أبو عمرو بن العلاء: أصله عب شمس أي: حب، والعين مبدلة من الحاء، وحب الشمس ضوؤها. وقال الأعرابي: أصله عبء شمس، والعبء والعدل واحد، أي هو نظير شمس.
"واجبر برد اللام ما" اللام "منه جوازًا إن لم يك رده" أي: اللام "ألف في جمعي التصحيح أو في التثنيه وحق مجبور" برد لامه إليه "بهذي" المواضع الثلاثة أي: فيها "توفيه" بردها إليه في النسب إليه، ويحتمل أن يكون هذي إشارة إلى اللام أي: حق المجبور بهذي اللام أي:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحواء، وفي كثير من النسخ إسقاطه كما قدمناه في القولة قبله. قوله: "ما لم يخف لبس" قال ابن هشام: ينبغي بل يجب ألا يجتنب اللبس؛ بل يقال: عبدي، كما قال الشاعر: وهم صلبوا العبدي
وذلك لأنهم لم يجتنبوه في النسب إلى مصطفى ومصطفين، وإلى ضارب وضاربين، وإلى مسجد ومساجد، وإلى زيد وزيدين، وإلى خمسة وخمسة عشر. ثم قال: وبالجملة فالقول بمراعاة الإلباس هادم لقواعد الباب أو مقتضٍ لترجيح أحد المتساويين، وفي المقرب مثلما قال الناظم، وفي كلام ابن الخباز ما يخالفه، كذا في يس.
قوله: "ولم يقولوا: عبدي" أي: للإلباس، وفيه أن هذا إجمال لا إلباس، وقد يقال: القصد بالنسب إيضاح المنسوب، فلا يليق الإجمال أيضًا؛ لأن محل عدم كون الإجمال عيبًا إذا لم يكن المقام مقام بيان، فاعرفه.
قوله: "بناء فعلل" أي: منحوتًا من الكلمتين. وقوله: كما شذ ذلك أي: بناء فعلل في المركب المزجي أي: في النسب إليه؛ حيث قالوا: حضرمي في النسب إلى حضرموت. قوله: "ابن حجر" بحاء مهملة فجيم، قال في القاموس: حُجر بالضم وبضمتين والد امرئ القيس وجده. قوله: "وقالوا: تعبشم" أي: فكما وقع النحت في النسب وقع في الفعل، ومعنى تعبشم انتسب إلى عبد شمس. وقوله: وتقعيس، كذا في النسخ بتقديم القاف، والقياس تقديم العين؛ لأنه نسبة إلى عبد القيس.
قوله: "وأما عبشمس" بسكون الباء. وقوله: أصله عب شمس بتشديد الباء أي: فخفف بحذف الباء الثانية وليس من باب النحت. وقوله: وقال ابن الإعرابي: أصله عبء شمس، لعله بكسر العين مع الهمزة آخره واحد الأعباء فخفف بقلب الكسرة فتحة وحذف الهمزة، وليس من باب النحت على هذا أيضًا.
قوله: "واجبر برد اللام... إلخ" يجوز تقييد المسألة بما إذا لم يعوض عن اللام بدليل قوله الآتي: وبأخ أختا... إلخ، ويجوز أن يطلق بحيث يشمل هذا الآتي، ويكون ذكره للتنبيه على خلاف يونس. سم. قوله: "جوازًا" أي: جبرًا جائزًا أو ذا جواز. قوله: "في جمعي التصحيح" أي: جمع(4/270)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بردها إليه في المواضع المذكورة التوفية بردها إليه في النسب. اعلم أنه إذا نسب الثلاثي المحذوف منه شيء فلا يخلو؛ إما أن يكون المحذوف الفاء أو العين أو اللام، فإن كان محذوف الفاء أو العين فسيأتي. وإن كان محذوف اللام فإما أن يجبر في تثنية أو جمع تصحيح أو لا، فإن جبره في النسب، فتقول: أبوي، وأخوي، وعضوي أو عضهي، وسنوي أو سنهي، على الخلاف في المحذوف؛ لأنك تقول: أبوان وأخوان، وعضوات وسنوات، أو عضهات وسنهات، على الوجهين. وإن لم يجبر لم يجب جبره في النسب؛ بل يجوز فيه الأمران نحو: حر وغد، وشفة وثبة، فتقول فيها: حري وغدي، وشفي وثبي بالحذف، وحرحي وغدوي، وشفهي وثبوي، بالجبر برد المحذوف، وهو من حر الحاء، ومن غد الواو ومن شفة الهاء، ومن ثبة الياء.
تنبيهات: الأول: لا تظهر فائدة لذكر جمع تصحيح المذكر، وقد اقتصر في التسهيل، وشرح الكافية على التثنية والجمع بالألف والتاء.
الثاني: أطلق قوله: جوازًا إن لم يك رده ألف، وهو مقيد بألا تكون العين معتلة، فإن كانت عينه معتلة وجب جبره، كما ذكره في الكافية والتسهيل، وإن لم يجبر في التثنية وجمع التصحيح، احترازًا من نحو: شاة، وذي بمعنى صاحب، فتقول في شاة: شاهي، وعلى أصل الأخفش الآتي بيانه: شوهي، وفي ذي: ذووي، اتفاقًا؛ لأن وزنه عند الأخفش
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التصحيح لمذكر وجمع التصحيح لمؤنث. قوله: "ويحتمل أن يكون... إلخ" فعلى هذا يكون المجبور به مذكورًا صريحًا، والمجبور فيه محذوفًا للعلم به من قوله: في جمعي... إلخ. وعلى الأول يكون المجبور فيه مذكورًا صريحًا، والمجبور به محذوفًا للعلم به من قوله: برد اللام. قوله: "فسيأتي" أي: في قوله: وإن يكن كشية ما الفا عدم... إلخ وفي شرحه.
قوله: "بل يجوز فيه الأمران" أي: الجبر وعدمه. قوله: "وحرحي وغدوي" بفتح الراء في الأول والدال المهملة في الثاني عند سيبويه والأكثر وإسكانهما عند الأخفش كما يأتي. قوله: "وثبوي" أي: سواء قلنا: إن لامها ياء، وهو ما سيقتصر عليه، فتكون الياء قلبت ألفًا، ثم الألف واوًا أو لامها واوًا، وهو ظاهر. قوله: "ومن شفة الهاء" أي: على الراجح بدليل شافهت والشفاه. قال الموضح: ومن قال: إن لامها واو قال: إذا رد شفوي. قوله: "ومن ثبة الياء" أي: على أحد الوجهين، وقيل: الواو، كما مر.
قوله: "لا تظهر فائدة لذكر جمع تصحيح المذكر" أي: لإغناء ذكر التثنية عن ذكره؛ لأن كل ما يرد فيه من غير عكس كلام أب وأخ، فإنها ترد في التثنية دون الجمع إلا أن يدعى أنها ردت فيه ثم حذفت للإعلال. قوله: "احترازًا" علة لقوله: مقيد.
قوله: "شاهي" برد اللام وهي الهاء؛ لأن الأصل شوهة بسكون الواو بدليل شياه، فحذفت الهاء تخفيفًا ففتحت الواو لأجل التاء ثم قلبت ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، كذا في الفارضي. ويرد عليه أن حركة الواو عارضة؛ وإنما تقلب الواو والياء ألفًا للحركة الأصلية. قوله: "وعلى أصل الأخفش" هو تسكين ما أصله السكون.(4/271)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فعل بالفتح.
الثالث: إذا نسب إلى يد ودم، جاز الوجهان عند من يقول: يدان ودمان، ووجب الرد عند من يقول: يديان ودميان.
الرابع: إذا نسب إلى ما حذفت لامه وعوض منها همزة الوصل جاز أن يجبر وتحذف الهمزة، وألا يجبر وتستصحب، فتقول في ابن واسم واست: بنوي وسموي وستهي على الأول، وابني واسمي واستي على الثاني.
الخامس: مذهب سيبويه وأكثر النحويين أن المجبور تفتح عينه وإن كان أصله السكون، وذهب الأخفش إلى تسكين ما أصله السكون، فتقول في يد ودم وغد وحر على مذهب الجمهور: يدوي ودموي وغدوي وحرحي بالفتح، وعلى مذهب الأخفش: يديي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "شوهي" أي: بسكون الواو كما في التصريح، فترد الألف إلى أصلها؛ وهو الواو الساكنة. قوله: "ذووي" برد اللام وفتح العين والفاء؛ لأن أصلهما الفتح كما تقدم بسطه في باب الإعراب، فقلبت اللام ألفًا ونسب إليه كما نسب إلى فتى، قاله الدماميني. قوله: "جاز الوجهان" فتقول: يدي ويدوي. سم.
قوله: "ووجب الرد عند من يقول: يديان ودميان" أي: برد اللام بالتثنية. قال الفارضي: هكذا أطلقوا. والوجه أن يدًا ودمًا يلزمان الألف مطلقًا في لغة كفتى، فيكون يديان ودميان تثنيتهما على هذه اللغة كما تقول في فتى: فتيان. اهـ.
قوله: "ودميان" قال البعض: بفتح الميم اتفاقًا، فعد الشارح دمًا فيما سيأتي فيما أصله السكون سبق قلم. اهـ. ويبطله قول التصريح ما نصه: وأصل يد ودم وشفة فعل بسكون العين. أما يد فلا خلاف فيها. وأما دم فعلى الصحيح عند سيبويه والأخفش. وذهب المبرد إلى أنه فعل بفتح العين، وضعفه الجاربردي. وأما شفة فنص صاحب الضياء على أنها بسكون الفاء، وإذا ثبت أن هذه الثلاثة أصلها السكون، فيأتي فيها الخلاف بين سيبويه والأخفش من الرد إلى السكون الأصلي وعدمه. اهـ. وكما قيل: دميان، قيل: دموان، كما في التسهيل.
قوله: "وتحذف الهمزة" أي: وجوبًا؛ لئلا يلزم الجمع بين العوض والمعوض. قوله: "فتقول في ابن واسم... إلخ" وتقول في ابنم: ابنمي وابني وبنوي. همع. قوله: "وسموي" بكسر السين وضمها، وأما الميم فمفتوحة على رأي سيبويه ساكنة على رأي الأخفش، كما ستعرفه من التنبيه الخامس.
قوله: "أن المجبور" أي: برد اللام بقرينة الأمثلة، وإن الكلام فيه فسقط اعتراض أرباب الحواشي تبعًا للدماميني على إطلاق قوله: تفتح عينه، وإن كان أصله بالسكون بأن ذلك مقيد بما إذا لم يكن مضعفًا، فإن كان مضعفًا لم تفتح عينه كرب بتخفيف الباء، فإنك إذا نسبت إليها قلت: ربي بتشديد الباء اتفاقًا، ووجه سقوطه أن رب المخففة محذوفة العين كما سيصرح به الشارح، فجبرها عند النسب إليها برد عينها لا برد لامها، والكلام في المجبور برد لامه، فتنبه.
قوله: "ودم" صريح في أنه ساكن العين وهو الصحيح عند سيبويه والأخفش، كما مر عن التصريح، وبه تعلم(4/272)
وبأخٍ أختًا وبابنٍ بنتا ألحق ويونس أبَى حَذْفَ التا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ودميي وغدوي وحرحي بالسكون؛ لأنه أصل العين في هذه الكلمات، والصحيح مذهب سيبويه وبه ورد السماع قالوا في غد: غدوي، وحكى بعضهم عن الأخفش أنه رجع إلى مذهب سيبويه. انتهى.
"وبأخ أختًا وبابن بنتا ألحق ويونس أبَى حذف التا" أي: اختلف في النسب إلى بنت وأخت، فقال سيبويه: كالنسب إلى أخ وابن بحذف التاء ورد المحذوف، فتقول: أخوي وبنوي، كما يقال في المذكر. وقال يونس: ينسب إليهما على لفظهما ولا تحذف التاء فتقول: أختي وبنتي، وألزمه الخليل أن ينسب إلى هنت ومنت بإثبات التاء، وهو لا يقول به، وله أن يفرق بأن التاء فيهما لا تلزم، بخلاف بنت وأخت؛ لأن التاء في هنت في الوصل خاصة، وفي منت في الوقف خاصة، وحكم نظائر أخت وبنت حكمهما، وهي ثنتان وكلتا، وذيت وكيت، فالنسب إليها عند سيبويه كالنسب إلى مذكراتها، فتقول:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سقوط اعتراض شيخنا والبعض تبعًا لسم بأن دمًا ليس أصله السكون، فافهم.
قوله: "يدوي" برد المحذوف وهو الياء وقلبه ألفًا ثم واو كراهة اجتماع الكسرة والياءات. اهـ تصريح. قوله: "ألحق" أي: في ثبور الجبر برد اللام بقطع النظر عن وجوبه وجوازه، فلا اعتراض بأن مقتضى إلحاق بنت بابن جواز الجبر وعدمه في بنت كما في ابن، مع أن جبر بنت واجب كجبر أخت. قوله: "أخوي وبنوي" أي: بفتح أولهما وثانيهما؛ لأنه أصلهما.
قوله: "ولا تحذف التاء" أي: لأنها وإن أشعرت بالتأنيث أشبهت تاء جبت وسحت في سكون الحرف الصحيح قبلها والوقف عليها بالتاء لا بالهاء وكتابتها مجرورة، فكأنها لم تشعر بالتأنيث، وأورد عليه أنهم عاملوا بنتًا وأختًا معاملة المؤنث بالهاء؛ حيث جمعوهما على بنات وأخوات دون بنتات وأختات، والفرق بين النسب والجمع بأن الجمع لا لبس فيه بخلاف النسب؛ إذ حذف التاء فيه يلبس المنسوب إلى المؤنث بالمنسوب إلى المذكر إنما ينهض إذا قلنا بضرر اللبس في هذا الباب، وقد أسفلنا ما فيه.
قوله: "إلى هنت ومنت" بسكون النون فيهما كما ضبطه الشارح بخطه، وهنت كناية عن المرأة، وقيل: عن الفعلة القبيحة، وقضية كلام الشارح كغيره أن هنت ومنت مما حذفت لامه وعوض عنها التاء، وهو ظاهر في هنت؛ لأن أصله كالهن هنو، وأما منت فأصلها من، فهي ثنائية وضعًا.
قوله: "وهو لا يقول به" بل يقول في النسب إلى هنت: هنوي، وانظر ماذا يقول في النسب إلى منت، ومقتضى ما سيصرح به الشارح من جواز تضعيف ثاني الثنائي الصحيح وعدمه أن يقال: مني بالتخفيف، ومني بالتشديد. قوله: "في الوصل خاصة" أي: وتبدل هاء في الوقف فليست بلازمة. اهـ تصريح. وظاهر سكونه على النون عند إبدال التاء هاء في الوقف بقاؤهما على السكون كما في الوصل، فتأمل.
قوله: "في الوقف خاصة" أي: على غير اللغة الفصحى؛ إذ اللغة الفصحى في الوقف على منت إبدال التاء هاء، كما تقدم في قول المصنف: وقل لمن قال: أتت بنت منه أي: وأما في الوصل، فتذهب التاء فيقال: من يا هذا، كما مر في الحكاية.
قوله: "كالنسب إلى مذكراتها" مقتضى التشبيه فتح المثلثة من ثنوي؛ لأنه حركة النسب(4/273)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثنوي وكلوي وذَيوي وكَيوي، وعند يونس تقول: ثنتي وكلتي أو كلتوي وذيتي وكيتي، وذكر بعضهم في النسب إلى كلتا على مذهب يونس: كلتي وكلتوي وكلتاوي، كالنسب إلى حبلى بالأوجه الثلاثة. وذهب الأخفش في أخت وبنت ونظائرهما إلى مذهب ثالث، وهو حذف التاء وإقرار ما قبلها على سكونه، وما قبل الساكن على حركته، فتقول: أُخوي وبِنْوي وكِلْوي وثِنْوي؛ وقياس مذهبه في كيت وذيت -إذا رد المحذوف- أن ينسب إليهما كما ينسب إلى حي، فتقول: كيوي وذيوي.
تنبيهان: الأول: قد اتضح مما سبق أن أختًا وبنتًا حذفت لامهما؛ لأن النحويين ذكروهما فيما حذفت لامه، فالتاء إذن فيها عوض من اللام المحذوفة؛ وإنما حذفت في النسب على مذهب سيبويه لما فيها من الإشعار بالتأنيث، وإن لم تكن متمحضة للتأنيث،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلى المذكر كما تقدم، وهو كذلك كما يدل عليه قول التسهيل مع شرحه للدماميني ما نصه: والنسب إلى أخت ونظائرها كبنت وثنتان وكلتا وكيت وذيت كالنسب إلى مذكراتها، فتقول في أخت: أخوي، وفي بنت: بنوي، كما تقول ذلك في النسب إلى أخ وابن، وكذا البواقي والقرائن تدفع اللبس. اهـ. فضبط البعض ثنويا نسبة إلى ثنتان بكسر أوله خطأ، ثم مقتضى قوله: إلى مذكراتها أي: لكيت وذيت أيضًا مذكرًا، ولعل مراده به أصلهما قبل لحوق التاء.
قوله: "فتقول: ثنوي" ما ذكره من الخلاف في النسب إلى ثنتان؛ إنما يظهر في ثنتان قبل التسمية به وكذا بعدها على لغة الحكاية أما بعدها على لغة إجرائه مجرى حمدان في لزوم الألف والمنع من الصرف، أو مجرى سرحان في لزوم الألف والصرف، فينبغي أن يقال فيه قول واحد: اثنتاني، كما يؤخذ من النظائر السابقة.
قوله: "وكلوي" مقتضى صنيعه أن هذه الواو هي لام كلتا المحذوفة منها، فتكون ألف تأنيثها حذفت عند النسب، قاله سم. ويظهر لي توجيه حذفها بأن سيبويه يفتح عين المجبور وهي في كلتا اللام، فلو لم تحذف بل قلبت واوًا لزم اجتماع أربع متحركات فيما هو كالكلمة الواحدة، وقيل: وجهه أن سيبويه يفتح العين وإذا فتحت مع ردِّ اللام صار اللفظ كلوي بثلاث حركات قبل الألف، فتكون الألف رابعة فيما ثانيه متحرك كجمزي، وشأنها السقوط عند النسب، كما مر.
قوله: "وهو حذف التاء" أي: مع ردِّ اللام المحذوفة. قوله: "وإقرار ما قبلها على سكونه" أي: إن لم تقتضِ القواعد تحريكه كما في النسب إلى كيت وذيت كما سيبينه، وقد أشار إلى هذا القيد بقوله: وقياس... إلخ. قوله: "فتقول: كيوي وذيوي" أي: لأنك إذا حذفت التاء لإظهارها بالتأنيث، ثم رددت اللام أعني الياء المحذوفة صارا كيا وذيا كحي؛ وإنما فتحت الياء لاقتضاء سكونها قلب الواو ياء؛ لأن الواو والياء إذا اجتمعتا وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء، فيلزم اجتماع أربع ياءات مع الكسرة.
قوله: "لما فيها من الإشعار بالتأنيث" أي: وتاء التأنيث تحذف للنسب. سم. قوله: "وإن لم تكن متمحضة للتأنيث" بل له وللعوضية وللإلحاق بقفل وجذع، كما في التصريح. قوله: "كتاء بنت وأخت" أي: في العويضة عن اللام المحذوفة، وفي الإشعار بالتأنيث كما سيصرح به، ويرد عليه أنه يلزم اجتماع علامتي تأنيث؛ إلا أن يقال: الممتنع اجتماع علامتين(4/274)
وضَاعِفِ الثانِيَ من ثُنَائي ثانيه ذُو لِينٍ كَلا وَلائِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وظاهر مذهب سيبويه أن تاء كلتا كتاء بنت وأخت، وأن الألف للتأنيث، وعلى هذا ينبني ما سبق، وذهب الجرمي إلى أن التاء زائدة، والألف لام الكلمة، ووزنه فعتل وهو ضعيف؛ لأن التاء لا تزاد وسطًا، فإذا نسب إليه على مذهبه قيل: كلتوي، والمشهور في النقل عن جمهور البصريين، ونقله ابن الحاجب في شرح المفصل عن سيبويه أن التاء في كلتا بدل من الواو التي هي لام الكلمة، ووزنها فعلي، أبدلت الواو تاء إشعارًا بالتأنيث، وإذا كان هذا مذهب الجمهور فالذي ينبغي أن يقال في النسب إليه: كلتاوي، وأيضًا لا ينبغي على هذا القول أن يعد فيما حذفت لامه؛ لأن ما أبدلت لامه لا يقال فيه: محذوف اللام في الاصطلاح، وإلا لزم أن يقال في ماء: محذوف اللام، والذي يظهر من مذهب سيبويه ومن وافقه أن لام كلتا محذوفة كلام أخت وبنت، والتاء في الثلاثة عوض من اللام المحذوفة كما قدمته أولًا، ولا يمتنع أن يقال: هي بدل من الواو إذا قصد هذا المعنى، كما قال بعض النحويين في تاء بنت وأخت: أنها بدل من لام الكلمة، وأما إن أريد البدل الاصطلاحي فلا؛ لأن بين الإبدال والتعويض فرقًا يذكر في موضعه.
الثاني: النسب إلى ابنة: ابني وبنوي، كالنسب إلى ابن اتفاقًا؛ إذ التاء فيها ليست عوضًا كتاء بنت. اهـ.
"وضاعف الثاني من ثنائي ثانيه ذو لين كلا ولائي" إذا نسب إلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
متمحضين للتأنيث، مع أن الألف تقلب ياء حال النصب والجر فيحتاج إلى التاء.
قوله: "وعلى هذا" أي: ظاهر مذهب سيبويه ينبني ما سبق من أن سيبويه يقول في النسب إلى كلتا: كاوي برد اللام وحذف التاء. وأما حذف ألف التأنيث، فقد أسلفنا توجيهه. قوله: "إلى أن التاء زائدة" أي: لا عوض عن أصل هو اللام. قوله: "والمشهور في النقل... إلخ" مغاير لما سبق أنه ظاهر مذهب سيبويه؛ لأن اللام على هذا موجودة أصلها واو فأبدلت تاء وعلى ما سبق محذوفة والتاء عوض. قوله: "التي هي لام الكلمة" فأصلها كلوي، وقيل: كليا، فأصلها ياء. فارضي. قوله: "إشعارًا بالتأنيث" ولم يكتفوا في التأنيث بالألف؛ لأن الألف تقلب ياء في النصب والجر. فارضي. قوله: "فالذي ينبغي... إلخ" فيه أنه حينئذ مثل حبلى، فيجوز فيه كلتوي وكلتاوي أيضًا؛ إلا أن يقال: الحصر إضافي بالنسبة إلى منع كلوي. قوله: "ولا يمتنع أن يقال... إلخ" يحتمل أن يكون جوابًا عما وقع في كلام مَن جرى على ظاهر مذهب سيبويه من التعبير بالبدل، ويحتمل أنه توفيق بين هذا المذهب وما قدمه عن جمهور البصريين، ونقل أيضًا عن سيبويه، وقوله: إذا قصد هذا المعنى أي: العوضية.
قوله: "فرقًا يذكر في موضعه" حاصل هذا الفرق الآتي: أن العوض يكون في غير موضع المعوض عنه كهمزة ابن وياء سفيريج بخلاف البدل. قال شيخنا: هذا وإن كان حاصل ما يأتي إلا أنه لا يناسب هنا؛ لأن التاء في كلتا في موضع الواو، وسواء قلنا: إنها بدل أو عوض، ولعل المناسب هنا الفرق بأن الحرف إذا حذف وجعل موضعه حرف آخر كان عوضًا وإن لم يحذف بل قلب إلى حرف آخر كان بدلًا. قوله: "كلا ولائي" تمثيل للمنسوب والمنسوب إليه.(4/275)
وإِنْ يَكُنْ كَشِيَةٍ ما الفا عَدِمْ فجَبْرُهُ وفَتْحُ عَيْنِهِ التُزِمْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثنائي وضعًا، فإن كان ثانيه حرفًا صحيحًا جاز فيه التضعيف وعدمه، فتقول في كم: كمي وكمي، وإن كان ثانيه حرف لين ضعف بمثله إن كان ياء و واوًا، فتقول في كي ولو: كيوي ولووي؛ لأن كي لما ضعف صار مثل حي، ولو لما ضعف مثل دوّ. وإن كان ألفًا ضوعفت وأبدل ضعفها همزة، فتقول فيمن اسمه لا: لائي، وإن شئت أبدلت الهمزة واوًا فقلت: لاوي.
"وإن يكن كشية" معتل اللام "وما الفا عدم فجبره" برد فائه إليه "وفتح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "فإن كان ثانيه حرفًا صحيحًا... إلخ" اعلم أنه قد تقرر أن الكلمة الثنائية إذا جعلت علمًا للفظ، وقصد إعرابها شدد الحرف الثاني منها، سواء كان حرفًا صحيحًا أو حرف علة نحو: أكثرت من الكم ومن الهل ومن اللو؛ لتكون على أقل أوزان المعربات. وأما إذا جعلت علمًا لغير اللفظ قصد إعرابها، فلا يشدد ثانيها إذا كان صحيحًا نحو: جاءني كم ورأيت منا؛ لئلا يلزم التغيير في اللفظ والمعنى معًا من غير ضرورة، فإن كان الثاني حرف علة كلو وفي ولا زيد حرف من جنسه، وإن لزم منه التغيير في اللفظ والمعنى معًا للاضطرار إلى الزيادة؛ لأن عدمها يؤدي إلى سقوط حرف العلة لا لبقائه ساكنًا مع التنوين، فيبقى المعرب على حرف واحد، وهو مرفوض في كلامهم، وإن جعلت علمًا للفظ أو لغيره ولم يقصد إعرابها فيهما، فلا زيادة أصلًا. هذا ملخص ما في الرضي وشرح اللباب للسيد مع زيادة. إذا علمت ذلك ظهر لك أن قوله: فإن كان ثانيه حرفًا صحيحًا؛ جاز فيه التضعيف وعدمه فيه نظر؛ إذ الثنائي الذي جعل علمًا للفظ وقصد إعرابه يجب تضعيف ثانيه صحيحًا أو معتلًّا، فيجب حينئذ في النسب إليه التضعيف والثنائي الذي جعل علمًا لغير اللفظ وقصد إعرابه يجب فيه عدم التضعيف إذا كان ثانيه حرفًا صحيحًا، فيجب حينئذ في النسب إليه عدم التضعيف، ويمكن الاعتذار بتوزيع كلام الشارح على الحالين المذكورين؛ لكن مر عن الفارضي في باب الحكاية تقييد وجوب تضعيف ثاني المجعول علمًا للفظ بما إذا كان حرف علة ففي المسألة خلاف، فتأمل.
قوله: "ولووي" عبارة المرادي والتوضيح والدماميني على التسهيل لوي، كما يقال في النسبة إلى دو وجو: دوي وجوي، ووجه الإدغام اجتماع المثلين بخلاف كيوي؛ لعدم اجتماعهما كحيوي؛ وإنما لم يدغم طووي؛ لأنه نسبة إلى طيئ، وما آخره ياء مشددة مسبوقة بحرف يجب فتح ثانيه ويعامل معاملة المقصور، كما تقدم في قول المصنف: ونحو حي فتح ثانيه يجب
والاعتذار عن الشارح بأنه قصد بيان الأصل قبل الإدغام غير ناهض. "قوله: مثل دو" الدو بفتح الدال المهملة وتشديد الواو الفلاة كما في القاموس. قوله: "فقلت: لاوي" لأن الهمزة إذا كانت بدلًا من أصل جاز فيها التصحيح والقلب واوًا. قال في التصريح نقلًا عن ابن الخباز: وأما من قال: زدنا همزة من أول الأمر فيقول: لائي لا غير، ولا يجوز عنده لاوي؛ إلا على قول بعضهم: قراوي.
قوله: "كشية" هي كل لون يخالف معظم لون الفرس وغيره وأصلها وشي نقلت كسرة الواو إلى الشين بعد سلب سكونها، ثم حذفت الواو عوض عنها هاء التأنيث. قوله: "معتل اللام"(4/276)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عينه التزم" عند سيبويه، فتقول على مذهبه في شية ودية وشوي وودوي؛ لأنه لا يرد العين إلى أصلها من السكون؛ بل يفتح العين مطلقًا ويعامل اللام معاملة المقصور، والأخفش يرد العين إلى سكونها إن كان أصلها السكون، فتقول على مذهبه: وِشْي ووِدْيي، فإن كان المحذوف الفاء صحيح اللام لم يجبر، فتقول في النسب إلى عدة: عدي، وإلى صفة: صفي.
تنبيه: بقي من المحذوف قسم ثالث لم يبين حكمه وهو محذوف العين. وحكمه أنه إن كانت لامه صحيحة لم يجبر؛ كقولك في سه ومذ -مسمى بهما- سهي ومذي، وأصلهما سته ومنذ، كذا أطلق كثير من النحويين، وليس كذلك؛ بل هو مقيد بألا يكون من المضاعف نحو رب المخففة بحذف الباء الأولى إذا سمي بها ونسب إليها، فإنه يقال: ربي برد المحذوف، نص عليه سيبويه ولا يعرف فيه خلاف. وإن كانت لامه معتلة نحو: المري ويرى -مسمى بهما- جبر، فتقول فيهما: المرئي والبَرَئي برد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خبر ثانٍ ليكن بين به وجه الشبه، ولو قال: في اعتلال اللام؛ لكان أوضح. قوله: "وشوي" بكسر الواو وفتح الشين. قوله: "بل يفتح العين مطلقًا" أي: سواء كان أصلها السكون أو الفتح. قوله: "ويعامل اللام معاملة المقصور" أي: بقلبها ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم واوًا كالمقصور. قوله: "وشيي ووديي" بكسر أولهما وسكون ثانيهما. قوله: "لم يبين حكمه" أي: لقلته جدًّا في كلام العرب. شاطبي. قوله: "وحكمه أنه إن كانت... إلخ" أي: فهو على حد محذوف الفاء. قوله: "سه" بسين مهملة مفتوحة وهاء هو الدبر. قوله: "بحذف الياء الأولى" فيكون محذوف العين. قوله: "المري ويرى" المري اسم فاعل أرى ويرى مضارع رأى وأصلهما المرئي ويرأى نقلت حركة الهمزة إلى الراء ثم حذفت الهمزة وهي العين.
قوله: "فتقول فيهما المرئي" أي: برد المحذوف، واعترضه الدماميني بأنه لا وجه لرد العين؛ إذ ينبغي جعل المري كالشجي فيكون النسب إليه بقلب كسرة الراء فتحة والياء ألفًا ثم هذه الألف واوًا فيقال: مروي. لا يقال: قاسوه على دية وشية؛ لأنا نقول: هذا قياس مع الفارق؛ لأن دبة وشية بقيا على حرفين ثانيهما لين، وهذا بقي على ثلاثة ثالثها لين، فلا حاجة لرد الهمزة، ولئن سلمنا ردها لكان اللائق جواز قلب الياء واوًا؛ لأنه حينئذ كالقاضي، وهو يجوز فيه الوجهان، ولا نعلم أحدًا أوجب رد العين المحذوفة بحال إلا المصنف ومن قلده، وكأنه نزل الميم لزيادتها منزلة العدم، فبقي الاسم على حرفين لين فوجب رد المحذوف، وهذا كما قال في لم يع بوجوب هاء السكت. اهـ. ويمكن أيضًا أن يقال: الاقتصار على المرئي بحذف الياء لرجحانه على المرأوي بقلبها واوًا لا لتعينه، ومثل ما ذكر يجري في يرئي أيضًا فيقال: ينبغي جعله كفتى فيكون النسب إليه بقلب ألفه واوًا بلا رد الهمزة.
قوله: "واليرئي" أي: بفتحتين على الياء والراء ورد العين على قول سيبويه من إبقاء الحركة(4/277)
والواحدَ اذكُرْ نَاسِبًا للجَمْعِ إِنْ لَمْ يُشَابِهْ واحدًا بالوَضْعِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحذوف، وفي فتح العين وسكونها المذهبان.
"والواحد اذكر ناسبًا للجمع إن لم يشابه" الجمع "واحدًا بالوضع" الواحد مفعول باذكر، وناسبًا حال من الضمير المستتر في اذكر، يعني أنك إذا نسبت إلى جمع له واحد قياسي، وهو معنى قوله: إن لم يشابه واحدًا بالوضع جيء بواحده، وأنسب إليه، فتقول في النسب إلى فرائض وكتب وقلانس: فرضي وكتابي وقلنسي، وقول الناس: فراضي وكتبي وقلانسي خطأ؛ فإن شابه الجمع واحدًا بالوضع نسب إلى لفظه، وشمل أربعة أقسام:
الأول: ما لا واحد له كعباديد، فتقول فيه: عباديدي؛ لأن عباديد بسبب إهمال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد رد المحذوف؛ وذلك لأنه يصير بعد الرد يرأي بوزن جمزي، فيجب حينئذ حذف الألف؛ لأنها رابعة كلمة ثانيها متحرك، وقياس أبي الحسن الأخفش من عدم إبقاء الحركة بعد الرد يرئي بسكون الراء وحذف الألف، ويرأوى بسكون الراء وقلب الألف واوًا كما تقول: ملهي وملهوي، كذا في التصريح.
قوله: "وفي فتح العين وسكونها" لا يخفى أن عين المرئي واليرئي الهمزة وهي لكونها قبل ياء النسب واجبة الكسر اتفاقًا؛ وإنما الوجهان في فاء الكلمة وهي الراء، فكان الصواب التعبير بالفاء بدل العين كما في التصريح وغيره؛ إلا أن يقال: أراد بالعين الراء وسماها عينًا لتوسطها كالعين. قوله: "المذهبان" أي: مذهب سيبويه ومذهب الأخفش. قوله: "والواحد اذكر... إلخ" قال أبو حيان: بشرط ألا يكون رد الجمع إلى الواحد يغير المعنى، فإن كان كذلك نسب إلى لفظ الجمع كأعرابي؛ إذ لو قيل فيه عربي ردًّا إلى المفرد لتبادر الأعم والقصد الأخص لاختصاص الأعراب بسكان البوادي وعموم العرب. اهـ همع. وتمثيله مبني على أحد القولين: إن الأعراب جمع عرب.
قوله: "للجمع" قاله الشاطبي وتبعه أرباب الحواشي، أراد بالجمع الجمع اللغوي، فيدخل التثنية كالمكسر والسالمين. اهـ. وفيه أنه لا حاجة إلى ذلك لعلم حكم التثنية؛ بل والسالمين من قوله: وعلم التثنية احذف للنسب... إلخ مع أنه يدخل في الجمع اللغوي اسم الجمع والنسب إليه على لفظه، كما في التسهيل واسم الجنس الجمعي. قال الدماميني: ولا يعلم ما المنسوب إليه منه أهو المفرد أم الجمع إلا الله تعالى؛ لأن تاء التأنيث لا بد من سقوطها ألبتة.
قوله: "بالوضع" متعلق بيشابه والباء بمعنى في. قوله: "له واحد قياسي" أي: بحسب الآن ليخرج ما له واحد قياسي بحسب الأصل، وهو الجمع المسمى به واحد، أو الغالب على الواحد، فصح كلامه بعده، فافهم. قوله: "فرضي" لأن واحد الفرائض فريضة، ومر أن النسب إلى فعيلة فعلي. قوله: "وقلنسي" نسبة إلى قلنسوة بحذف الواو كما هو قاعدة المنسوب إلى اسم فيه واو رابعة فصاعدًا قبلها ضمة، كما قدمناه عن الفارضي. قوله: "خطأ" فيه نظر بالنسبة إلى الأول فقد نقل الدنوشري عن بعض الأفاضل أن الفرائض من قبيل العلم كأنمار وكلاب الآتيين؛ بل قال في الهمع: أجاز قوم أن ينسب إلى الجمع على لفظه مطلقًا أي: سواء كان له واحد قياسي من لفظه أو لا، وخرج عليه قول الناس فرائضي وكتبي وقلانسي. اهـ. قوله: "كعباديد" هم الفرق من الناس والخيل الذاهبون في كل وجه(4/278)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واحده شابه نحو: قوم، ورهط، مما لا واحد له.
الثاني: ما له واحد شاذ كملامح، فإن واحده لمحة، وفي هذا القسم خلاف؛ ذهب أبو زيد إلى أنه كالأول ينسب إلى لفظه فتقول: ملامحي، وحكي أن العرب قالت في المحاسن: محاسني، وغيره ينسب إلى واحده وإن كان شاذًّا، فيقول في النسب إلى ملامحك: لمحي، وعلى ذلك مشى الناظم في بقية كتبه. وعبارته في التسهيل: وذو الواحد الشاذ كذي الواحد القياسي لا كالمهمل الواحد خلافًا لأبي زيد، وقد يحتمله كلامه هنا.
الثالث: ما سمي به من الجموع نحو: كلاب وأنمار ومدائن ومعافر، فتقول فيه: كلابي وأنماري، ومدائني ومعافري، وقد يرد الجمع المسمى به إلى الواحد إذا أمن اللبس، ومثال ذلك الفراهيد -علم على بطن من أسد- قالوا فيه: الفراهيدي بالنسب إلى لفظه، والفرهودي النسب إلى واحده؛ لأن اللبس لأنه ليس لنا قبيلة تسمى بالفرهود؛ وإنما قالوا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والآكام والطرق البعيدة واسم موضع وكعباديد أبابيل وأعراب، وقيل: إن أعرابًا جمع عرب.
قوله: "ما له واحد شاذ" في نسبة الشذوذ إلى الواحد تسمح فيما يظهر؛ إذ الواحد هو الأصل، والجمع فرع عنه، فاللائق نسبة الشذوذ إليه بأن يقال: ملامح جمع شاذ للمحة، ويشهد لما قلناه صنيعهم في غير هذا الموضع، فتدبر. قوله: "لمحة" بفتح اللام كما يؤخذ من القاموس. قوله: "ذهب أبو زيد إلى أنه كالأول... إلخ" يتبادر منه أن أبا زيد يوجب النسب إلى لفظه، وهو خلاف المتبادر من قول الهمع: وأجازه أي: النسب إلى لفظ الجمع أبو زيد فيما له واحد شاذ كمذاكير ومحاسن. اهـ. قوله: "في المحاسن" جمع حسن على غير قياس، وقيل: جمع لا واحد له كأعراب وأبابيل، ذكر ذلك المصنف في العمدة. اهـ فارضي. قوله: "وقد يحتمله كلامه هنا" بأن يكون المراد بما شابه الواحد ما لا واحد له لا قياسًا ولا شذوذًا، أو سمي به أو غلب. سم.
قوله: "والثالث ما سمي به" اعترض بأن هذا ليس مما نحن فيه؛ لأنه واحد لا جمع يشابه الواحد، ويجاب بأنه جمع بحسب الأصل ومشابه الآن للواحد أصالة، فهو مما نحن فيه بالاعتبار المذكور. قوله: "نحو: كلاب وأنمار" اسمان لقبيلتين، ومدائن اسم بلد بالعراق، ومعافر بعين مهملة ثم فاء فراء هو ابن مر أخو تميم بن مر. قوله: "لأنه ليس لنا قبيلة تسمى بالفرهود" كذا قال الشارح وغيره، وتعقبه الدماميني بأنه قد نقل غير واحد من أهل اللغة أن الفرهود ولد الأسد وولد الوعل، واللبس يحصل إذا كانت كلمة فرهود مستعملة لشيء آخر وإن لم يكن قبيلة؛ إذ لا دليل على أن الفرهودي نسبة إلى القبيلة لجواز أن يكون نسبة إلى غيرها؛ وحينئذ فاللبس باقٍ، وتعقبه المصرح أيضًا بأن في الصحاح أن الفرهود بالضم الغليظ، وحيّ من نجد وهو بطن من الأزد، فاللبس حاصل.
قوله: "وإنما قالوا... إلخ" قال البعض: هذا جواب عما يرد على قولهم: إن الجمع المسمى به ينسب إلى لفظه. وحاصل الجواب أنه باقٍ على جمعيته. اهـ. وفيه أن ظاهر قوله: فلما اجتمعوا وصاروا يدًا واحدة قيل لهم: الرباب. إن الرباب صار علمًا بالغلبة على مجموع القبائل(4/279)
ومَعَ فاعلٍ وفَعَّالٍ فَعِلْ في نَسَبٍ أَغْنَى عن اليا فقُبِلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في النسب إلى الرِّباب: رُبي؛ لأن الرباب ليس باسم لواحد؛ وإنما الرباب ضبة، وعكل وتميم وثور وعدي. والربة: الفرقة، فلما اجتمعوا وصاروا يدًا واحدة قيل لهم: الرباب.
والرابع: ما غلب فجرى مجرى الاسم العلم؛ كقولهم في الأنصار: أنصاري، وفي الأنبار -وهم قبائل من بني سعد بن عبد مناة بن تميم- أنباري.
تنبيه: إذا نسب إلى تمرات وأرضين وسنين باقية على جمعيتها قيل: تمري وأرضي وسنَهي أو سنَوي، على الخلاف في لامه. وإذا نسب إليها أعلامًا التزم فتح العين في الأولين وكسر الفاء في الثالث.
"ومع فاعل وفعال فعل في نسب أغنى عن اليا فقبل" أي:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخمس، ويؤيده أن لفظ الرباب إذا أطلق لا ينصرف إلا إليهم، فينبغي أن حاصل الجواب أن الرباب لما لم يصر علمًا لواحد؛ بل لمجموع قبائل خمس أشبه ما لم يصر علمًا مما هو باقٍ على جمعيته فعومل معاملته؛ لكن يرد أنه يكون حينئذ من القسم الرابع كالأنصار والأنبار فهلا قالوا: ربابي، كما قالوا: أنصاري وأنباري، تدبر.
قوله: "إلى الرباب" بكسر الراء جمع ربة بضمها كما في الصحاح. قوله: "ربي" بضم الراء كما في الصحاح. قوله: "تنبيه... إلخ" قال شيخنا: هذا تقدم في شرح قوله: وعلم التثنية إلى آخره، فلينظر ما حكمة إعادته. اهـ. قال البعض: أعاده هنا تمهيدًا لقوله: وإذا نسب إليها أعلامًا... إلخ؛ لأن هذا لم يتقدم. اهـ. وهو باطل لتقدم حكم النسب إلى ما سمي به من ذلك أيضًا، نعوذ بالله من التساهل. ويمكن أن يقال: المقصود بالذات فيما تقدم بيان حذف علامة التثنية والجمع هنا بيان غير ذلك، فتأمل. قوله: "إذا نسب إلى تمرات... إلخ" وكذا إذا نسب إلى سدرات وغرفات باتباع عينهما لفائهما باقيين على الجمعية قيل: سدري وغرفي بالإسكان، أو علمين قيل: سدري وغرفي بالتحريك؛ لكن مع إبدال كسرة عين الأول فتحة كما تقول: إبلي بكسر الهمزة وفتح الموحدة، كذا في الهمع. قوله: "قيل: تمري... إلخ" أي: بسكون عين الأولين وفتح فاء الثالث بوجهيه؛ لأن النسب إلى الجمع يرده إلى واحده. قال الأسقاطي وتبعه غيره: وينبغي أن الحكم كذلك إذا نسب إليها أعلامًا بناء على لغة الحكاية، كما علم مما مر.
قوله: "وسنهي أو سنوي... إلخ" هذا إذا أعربت سنين كالجمع، فإن جعلت الإعراب على النون مثل حين نسبت إليه على لفظه؛ لأنه حينئذ مفرد لفظًا جمع معنى فصار مثل قوم فتقول: سنيني. سم. قوله: "التزم فتح العين... إلخ" أي: لأنه لا يتصرف في العلم المنقول عن جمع التصحيح أو الملحق به إلا بحذف علامة الجمع كلها أو بعضها، على ما مر تفصيله للفرق بين النسبة إليها أعلامًا، والنسبة إليها جموعًا. وقد علم تقييد ما ذكره في صورة العلمية بغير لغة الحكاية، وأن صورة العلمية على لغة الحكاية كصورة الجمعية.
قوله: "ومع فاعل... إلخ" فعل مبتدأ خبره أغنى، ومع فاعل حال من الضمير في أغنى أو من فعل على قول سيبويه بجواز الحال من المبتدأ والمعية في الحكم وفي نسب متعلق بأغنى، والفرق بين اسم الفاعل وفاعل في النسب(4/280)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يستغنى عن ياء النسب غالبًا بصوغ فاعل، مقصودًا به صاحب الشيء، قوله: وغررتني وزعمْتَ أنك لابن في الصيفِ تامر
قال سيبويه: أي: صاحب لبن وتمر. وقالوا: فلان طاعم كاس أي: ذو طعام وكسوة، ومنه قوله:
1245- واقْعُد فإنك أنت الطاعمُ الكاسي
وقوله:
1246- كِلِينِي لهم يا أميمةَ نَاصِب
أي: ذي نصب، ويصوغ فعال مقصودًا به الاحتراف كقولهم: بزاز وعطار، وقد يقوم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العلاج وقبول تاء التأنيث في الأول دون الثاني، نقله شيخنا السيد عن شرح الشافية. قوله: "غالبًا" سيأتي محترزة أي: في قوله: وقد يؤتى بياء النسب في بعض ذلك... إلخ.
قوله: "أي: صاحب لبن وتمر" أي: عنده لبن وتمر، وليس المراد أنه يبيعهما ويحترف فيهما؛ وإلا كان من معنى فعال. قوله: "أي: ذو طعام وكسوة" أي: عنده ذلك وليس المراد أنه يأكل ويكسو؛ وإلا كانا اسمي فاعل، وتعبيره تارة بصاحب، وتارة بذي للتفنن. قوله: "ومنه قوله... إلخ" إن أرجع الضمير في منه إلى طاعم كاس في قوله: وقالوا فلان... إلخ كان وجه الفصل بمنه ظاهرًا، وكان قوله: وقوله: كليني... إلخ بالجر عطفًا على مجرور الكاف السابق، وإن أرجع إلى فاعل المقصود به صاحب الشيء لم يظهر وجه الفصل، وكان قوله: وقوله: كليني... إلخ بالرفع عطفًا على قوله: في قوله، ومنه قوله... إلخ. قوله: "كليني لهمّ يا أميمة ناصب" تقدم الكلام على هذا البيت في النداء. قوله: "أي: ذي نصب" أي: يتسبب عنه النصب، فليس هو اسم فاعل؛ لأن الهم متعب لا تاعب. قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1245- صدره: دَعِ المكارمَ لاترحل لبُغْيتها
والبيت من البسيط، وهو للحطيئة في ديوانه ص54، والأزهية ص175، والأغاني 2/ 155، وخزانة الأدب 6/ 299، وشرح شواهد الشافية ص120، وشرح شواهد المغني 2/ 916، وشرح المفصل 6/ 15، والشعر والشعراء ص334، ولسان العرب 10/ 108 "ذوق"، 12/ 364 "طعم"، 15/ 224 "كسا"، وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص418، وخزانة الأدب 5/ 115، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 88.
1246- عجزه: وليل أقاسيه بطيء الكواكب
والبيت من الطويل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص40، والأزهية ص237، وخزانة الأدب 2/ 321، 325، 3/ 272، 4/ 392، 5/ 74، 75، 11/ 22، والدرر 3/ 57، وشرح أبيات سيبويه 1/ 445، والكتاب 2/ 207، 3/ 382، وكتاب السلامات ص102، ولسان العرب 1/ 721 "كوكب"، 758 "نصب"، 6/ 6 "أسس"، 8/ 172 "شبع"، والمقاصد النحوية 4/ 303، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص121، وجمهرة اللغة ص350، 982، ورصف المباني ص161، وشرح المفصل 2/ 107.(4/281)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحدهما مقام الآخر، فمن قيام فاعل مقام فعال قولهم: حائك في معنى حواك؛ لأنه من الحرف، ومن العكس قوله:
1247- وليس بذي رُمْحٍ فيَطْعَنَنِي به وليس بذي سَيْفٍ وليس بنَبَّال
أي: وليس بذي نبل. قال المصنف: وعلى هذا حمل المحققون قوله تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46] أي: بذي ظلم. وقد يؤتى بياء النسب في بعض ذلك، قالوا لبياع العطر ولبياع البتوت -وهي الأكسية- عطار وعطري، وبتات وبتي، وبصوغ فعل مقصودًا به صاحب كذا؛ كقولهم: رجل طعِم ولبس وعمل، بمعنى ذي طعام وذي لباس وذي عمل، أنشد سيبويه:
1248- ولستُ بلَيْلِي ولَكِنِّي نَهِرْ
أراد: ولكني نهاري أي: عامل بالنهار.
تنبيهات: الأول: قد يستغنى عن ياء النسب أيضًا بمفعال؛ كقولهم: امرأة مِعطار أي:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"بزاز" بزايين كما في أكثر النسخ أي: بياع البز وهو القماش. قوله: "قولهم: حائك" مثله صائغ في معنى صوّاغ. قال الدماميني: أي: ضرورة دعت إلى صرف هذين اللفظين عن كونهما اسمي فاعل من صاغ وحاك إلى النسب.
قوله: "فيطعنني" بضم العين وبالنصب في جواب النفي. في المختار أن الطعن في السن وبالرمح وبمعنى القدح من باب نصر، وأن الفراء أجاز فتح عين المضارع في الكل. قوله: "أي: وليس بذي نبل". قوله: "أي: وليس" المراد أنه ليس بصانع نبل بدليل ما قبله. قوله: "وعلى هذا حمل المحققون... إلخ" أي: فرارًا من الحمل على صيغة المبالغة الموهم انصباب النفي عليها ثبوت أصل الظلم مع أن الله تعالى منزه عن ذلك. وأجيب أيضًا على تسليم الحمل على صيغة المبالغة بأن المراد بها اسم الفاعل؛ لكن عدل عنه إليها تعريضًا بأن ثم ظلامًا للعبيد من ولاة الجور، وبأن العبيد جمع كثرة، فجيء في مقابلته بالكثرة.
قوله: "في بعض ذلك" أي: في بعض ما استعمل فيه فاعل وفعال للنسب. قوله: "ولبياع البتوت" بموحدة ففوقيتين بينهما واو. قوله: "نهاري أي: عامل بالنهار" تفسير نهر بنهاري بمعنى عامل بالنهار تفسير بما يؤول إليه المعنى؛ إذ معنى نهر ذو نهار أي: ذو عمل بالنهار. قوله: "كقولهم:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1247- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص33، وشرح أبيات سيبويه 3/ 221، وشرح شواهد المغني 1/ 341، وشرح المفصل 6/ 14، والكتاب 2/ 383، ولسان العرب 11/ 642 "نبل"، والمقاصد النحوية 4/ 540، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 339، ومغني اللبيب 1/ 111، والمقتضب 3/ 162.
1248- الرجز، بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 341، وشرح التصريح 2/ 337، وشرح ابن عقيل ص665، وشرح عمدة الحافظ ص900، والكتاب 3/ 384، ولسان العرب 5/ 238 "نهر"، 11/ 608 "ليل"، والمقاصد النحوية 4/ 518، والمقرب 2/ 55، ونوادر أبي زيد ص249.(4/282)
وغَيْرُ ما أسلفتُه مُقَرَّرَا على الذي يُنْقَلُ منه اقْتُصِرَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذات عطر، ومِفعيل كقولهم: ناقة محضير أي: ذات حضر، وهو الجري.
الثاني: هذه الأبنية غير مقيسة، وإن كان بعضها كثيرًا، هذا مذهب سيبويه. قال: لا يقال لصاحب الدقيق دقاق، ولا لصاحب الفاكهة فكاه، ولا لصاحب البر برار، ولا لصاحب الشعير شعار، والمبرد بقيس هذا. انتهى.
"وغير ما أسلفته مقررا على الذي ينقل منه اقتصر" يعني: أن ما جاء من النسب مخالفًا لما تقدم من الضوابط شاذ، يحفظ ولا يقاس عليه، وبعضه أشذ من بعض، فمن ذلك قولهم في النسب إلى البصرة: بصري بكسر الباء، وإلى الدهر: دهري بضم الدال، وإلى مرو: مروزي، وإلى الري: رازي، وإلى خراسان: خرسي وخرسي، وإلى جلولاء وحروراء -موضعين- جلولي وحروري، وإلى البحرين: بحراني، وإلى أمية: أموي بفتح الهمزة، وإلى السهل: سهلي بضم السين،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
امرأة معطار أي: ذات عطر" هذا لا ينافي أنهم يقولون أيضًا: امرأة معطار أي: كثيرة التعطر، حتى يتجه اعتراض الدماميني بقول الصحاح: رجل معطير كثير التعطر، وامرأة معطير كثيرته، وكذلك معطار. اهـ. وقد ذكر في الصحاح أن المعطير جاء بمعنى العطار أيضًا. قوله: "أي: ذات حضر" بضم الحاء المهملة وسكون الضاد المعجمة. قوله: "وإن كان بعضها كثيرًا" فيه إشارة إلى ما صرح به سابقًا من أن الكثرة لا تثبت القياس. قوله: "يقيس هذا" أي: نحو دقاق وفكاه وبرار وشعار على ما سمع كعطار وبزاز.
قوله: "مقررا" حال من الهاء في أسلفته، واقتصرا بصيغة الماضي المبني للمفعول خبر عن غير ونائب الفاعل قوله: على الذي ينقل منه قدم للضرورة، أو على قول أو ضمير مستتر في اقتصر يعود على مصدره المفهوم منه، أو بصيغة الأمر، والألف بدل من نون التوكيد الخفيفة لأجل الوقف؛ وعلى هذا فغير إما مبتدأ خبره فعل الأمر، أو منصوب على الاشتغال، واقتصر مفسر لناصب غير بطريق اللزوم أي: اقصد غير... إلخ مثلًا.
قوله: "وبعضه أشذ من بعض" لعله لكثرة التغيير المخرج عن القياس أو قوته، فمروزي أشذ من بصري بالكسر؛ لأن التغيير بالحرف أقوى من التغيير بالحركة، ونحو: رقباني أشذ منهما؛ لأن التغيير فيه بزيادة حرفين. قوله: "بصري بكسر الباء" اعلم أن باء البصرة مثلثة، والفتح أفصح، وسمع في المنسوب إليها الفتح والكسر ولم يسمع الضم؛ لئلا تلتبس النسبة إليها بالنسبة إلى بصري الشام كما قيل، وإن كان المتجه عندي جواز الضم بناء على عدم المبالاة باللبس في باب النسب، كما مر. إذا علمت ذلك علمت أنه يجوز حمل البصري بالكسر على النسبة إلى البصرة بالكسر والبصري بالفتح على النسبة إلى البصرة بالفتح، فلا يكون ثَمَّ شذوذ أصلًا، وأفصحية الفتح لا تمنع النظر إلى الكسر، فتدبر.
قوله: "جلولاء" بفتح الجيم وتخفيف اللام المضمومة وبالمد، وحروراء بفتح الحاء المهملة وتخفيف الراء المضمومة وبالمد. قوله: "جلولي وحروري" أي: وكان القياس جلولاوي وحروراوي بإبدال همزة المد واوًا. قوله: "بحراني" لك أن تقول: لِمَ لا يكون بحراني على لغة من جعل المثنى المسمى به جاريًا مجرى سلمان؟ زكريا. قوله: "أموي بفتح الهمزة" والقياس ضمها.(4/283)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإلى بني الحبلي -وهم حي من الأنصار منهم: عبد الله بن أبي سلول المنافق- وسمي أبوهم الحبلي لعظم بطنه، حبلي بضم الحاء وفتح الباء ومنه قولهم: رقباني، وشعراني، وجماني، ولحياني للعظيم الرقبة والشعر والجمة واللحية. وقولهم في النسب إلى الشأم واليمن وتهامة: رجل شآم ويمان وتهام، وكلها مفتوحة الأول، وقد تقدم من ذلك ألفاظ في أثناء الباب.
خاتمة: ألحقوا آخر الاسم ياء كياء النسب للفرق بين الواحد وجنسه، فقالوا: زنج وزنجي، وترك وتركي، بمنزلة تمر وتمرة، ونخل ونخلة، وللمبالغة فقالوا في أحمر وأشقر: أحمري وأشقري، كما قالوا: راوية ونسابة، وزائدة وزيادة لازمة نحو: كرسي وبرني، وهو ضرب من أجود التمر، ونحو: بردي بالفتح وهو نبت، وهذا كإدخال التاء فيما لا معنى فيه للتأنيث؛ كغرفة وظلمة، وزائدة زيادة عارضة؛ كقوله:
1249- أطربًا وأنت قِنَّسْرِيّ والدَّهرُ بالإنسان دَوَّارِيّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "ابن أبي سلول" اعلم أن اسم أبيه أُبي، واسم أمه سلول، فالذي ينبغي ابن أبي ابن سلول، وتكتب ألف ابن سلول، والذي بخط الشارح ابن أُبي رأس المنافقين. قوله: "والجمة" بضم الجيم وتشديد الميم شعر الرأس إذا وصل إلى المنكب. قوله: "شآم... إلخ" الأصل شامي ويمني وتهامي بكسر التاء، فحذفوا إحدى ياءي النسب وعوضوا منها في الأولين الألف وفي الأخير فتحة التاء؛ لتأدية التعويض فيه بالألف إلى اجتماع ألفين، فيضطر إلى حذف إحداهما؛ وحينئذ فلا معنى للتعويض بها، وسمع شذوذًا شآمي ويماني بتشديد الياء جمعًا بين العوض والمعوض. قال الدماميني نقلًا عن المرادي: لا يجيء ذلك إلا في الشعر. قوله: "وكلها مفتوحة الأول" لا حاجة إلى بيان فتح أول شآم ويمان؛ إذ لا شبهة فيه. قوله: "للفرق بين الواحد وجنسه" أي: اسم جنسة الجمعي، واستظهر الدماميني أن الياء في نحو: زنجي وتركي للنسب.
قوله: "كما قالوا: راوية ونسابة" أي: بتاء زائدة لأصل المبالغة في الأول وتأكيدها في الثاني. قوله: "وزائدة" أي: لا للنسب ولا للفرق ولا للمبالغة ومعطوف هذه الواو محذوف لدلالة ما قبلها عليه، ناصب زائدة على الحال أي: وتلحق زائدة إلى آخره. قوله: "وبرني" أي: بفتح الباء الموحدة وسكون الراء وبالنون وقوله: ونحو: بردي بالفتح أي: بفتح الباء فقط وبسكون الراء بالدال. قال في القاموس عقب ذكره أن البردي بفتح الباء وسكون الراء وبالدال نبات معروف ما نصه: وبالضم تمر جيد. اهـ. وظاهره أن ياء البردي بالضم أيضًا زائدة لازمة، وصنيع الشارح يوهم خلافه، وبما ذكرته يعلم ما في كلام البعض من الخلل.
قوله: "زيادة عارضة" أي: غير مقارنة للوضع على ما قاله البعض، أو غير لازمة على ما تفيده مقابلتها اللازمة، وسيأتي التعبير به في كلام الدماميني. قوله: "أطربا" أي: أتطرب طربًا، والهمزة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1249- الرجز للعجاج في ديوانه 1/ 480، وجمهرة اللغة ص1151، وخزانة الأدب 11/ 274، 275، والدرر 3/ 74، وشرح أبيات سيبويه 1/ 152، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1818، وشرح شواهد الإيضاح ص247، وشرح شاهد المغني 1/ 41، 2/ 722، والكتاب 1/ 338، ولسان العرب 5/ 93 "قسر"، 117 "قنسر"، والمحتسب 1/ 310، ومغني اللبيب 1/ 18، وبلا نسبة في خزانة الأدب 6/ 540، والخصائص 3/ 104، وشرح المفصل 1/ 123، 3/ 104، ومغني اللبيب 2/ 681، والمقتضب 3/ 228، 264، 289، والمقرب 1/ 162، 2/ 54، والمنصف 2/ 179، وهمع الهوامع 1/ 192، 2/ 198.(4/284)
الوقف
الوقف: تنوينًا اثْرَ فَتْحِ اجْعَلْ أَلِفَا وَقْفًا وتِلْوَ غَيْرِ فَتْحٍ احْذِفَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: داور، ومنه قول الصلتان:
1250- أنا الصلتاني الذي قد علمتم إذا ما تحكَّم فهو بالْحُكْم صَادِعُ
والله أعلم.
الوقف:
"تنوينًا أثر فتح اجعل ألفا وقفًا وتلو غير فتح احذفا" الوقف قطع النطق عند آخر الكلمة، والمراد هنا الاختياري، وهو غير الذي يكون: استثباتًا، وإنكارًا، وتذكرًا، وترنمًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتوبيخ. وقوله: قنسري نسبة إلى قنسرين بفتح النون وكسرها كورة بالشام كما في القاموس. وقال في المغني: وأنت شيخ كبير. قوله: "دواري" قال الدماميني: يحتمل كون الياء فيه لتأكيد المبالغة كالتاء في علامة، والمثال الجيد للزائدة غير اللازمة قول الصلتان المذكور. قوله: "قول الصلتان" بفتح اللام. قوله: "تحكم" بالفوقية أوله وسكون الميم آخره للوزن.
الوقف:
قوله: "تنوينا اثر فتح" بنقل حركة الهمزة إلى التنوين، ومراده بالفتح ما يشمل الحركة الإعرابية. قال في التصريح: وإنما أبدل التنوين بعد التفحة ألفًا؛ لأن التنوين يشبه الألف من حيث إن اللين في الألف الغنة في التنوين، ولم يبدل بعد الضمة واوًا بعد الكسرة ياء لثقل الواو والياء في أنفسهما، وإذا اجتمعا مع الضمة والكسرة زاد الثقل. اهـ باختصار. قوله: "وقفًا" أي لأجل الوقف أو واقفًا أو في الوقف. قوله: "قطع النطق عند آخر الكلمة" أحسن من قول ابن الحاجب: قطع الكلمة عما بعدها؛ لأنه قد لا يكون بعدها شيء. قوله: "والمراد هنا الاختياري" بالتحتية أي: لا الاضطراري ولا الاختياري بالموحدة؛ وبيان ذلك أن الوقف إن قصد لذاته فاختياري بالتحتية، وإن لم يقصد أصلًا بل قطع النفس عنده فاضطراري، وإن قصد لا لذاته؛ بل لاختبار حال الشخص هل يحسن الوقف على نحو: عم وفيم وبم أو لا فاختباري.
قوله: "وهو" أي: الاختياري المراد هنا غير الذي يكون استثباتًا... إلخ أي: لا مطلق الاختياري، فالاستثباتي هو الواقع في الاستثبات، والسؤال المقصود به تعيين مبهم نحو: منو ومنا ومني، لمن قال:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1250- البيت من الطويل، وهو في أمالي القالي 2/ 141، والمحتسب 1/ 311.(4/285)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وغالبه يلزمه تغييرات، وترجع إلى سبعة أشياء: السكون، والروم، والإشمام، والإبدال، والزيادة، والحذف، والنقل. وهذه الأوجه مختلفة في الحسن والمحل، وستأتي مفصلة. واعلم أن في الوقف على المنون ثلاث لغات: الأولى -وهي الفصحى- أن يوقف عليه بإبدال تنوينه ألفًا إن كان بعد فتحة، وبحذفه إن كان بعد ضمة أو كسرة بلا بدل، تقول: رأيت زيدًا، وهذا زيد، ومررت بزيد. والثانية: أن يوقف عليه بحذف التنوين وسكون الآخر مطلقًا، ونسبها المصنف إلى ربيعة. والثالثة: أن يوقف عليه بإبدال التنوين ألفًا بعد الفتحة، وواوًا بعد الضمة، وياء بعد الكسرة، ونسبها المصنف إلى الأزد.
ننبيهات: الأول: شمل قوله: "اثر فتح" فتحة الإعراب نحو: رأيت زيدًا، وفتحة البناء نحو: أيها وويها، فكلا النوعين يبدل تنوينه ألفًا على المشهور.
الثاني: يستثنى من المنوب المنصوب ما كان مؤنثًا بالتاء نحو: قائمة، فإن تنوينه لا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جاءني رجل، ورأيت رجلًا، ومررت برجل. وأيون وأيين لمن قال: جاءني قوم، ورأيت قومًا، ومررت بقوم، والإنكاري هو الواقع في السؤال المقصود به إنكار خبر المخبر، أو إنكار كون الأمر على خلاف ما ذكر، فإن كانت الكلمة منونة كسرت التنوين وتعينت الياء مدة نحو: أزيدنيه بضم الدال وكسر النون لمن قال: جاءني زيد، وأزيدنيه بفتح الدال وكسر النون لمن قال: رأيت زيدًا، وأزيدنيه بكسرهما لمن قال: مررت بزيد. وإن لم تكن منونة أتيت بالمدة من جنس حركة آخر الكلمة نحو: أعمروه وأعمراه وأحذامية لمن قال: جاءني عمرو ورأيت عمرًا ومررت بحذام. والتذكري هو المقصود به تذكر باقي اللفظ فيؤتى في آخر الكلمة بمدة من جنس حركة آخرها نحو: قالا وتقولوا وفي الداري. ولو قصد الوقف لا للتذكر لم يؤت بها والترنمي كالوقف في قوله: أقلي اللوم عاذل والعتابن
بالتنوين المسمى تنوين الترنم. قوله: "وغالبه" احترز بالغالب عن المقصور غير المنون كالفتى وحبلى، والمنقوص غير المنون كالقاضي؛ إذ لا تغيير فيهما، وجمع التغييرات باعتبار أفراد الوقف. قوله: "وترجع إلى سبعة أشياء" من رجوع الجزئيات إلى كلياتها ولا يرد التضعيف؛ لأنه زيادة حرف مع إسكان، فلم يخرج عن السبعة كما يشير إلى ذلك تعبيره بالرجوع.
قوله: "وهي الفصحى" ولهذا اقتصر المصنف عليها. قوله: "مطلقًا" أي: ليجري الباب مجرى واحدًا. اهـ سم. قوله: "ونسبها المصنف إلى ربيعة" قال ابن عقيل: والظاهر أن هذا غير لازم في لغة ربيعة، ففي أشعارهم كثير الوقف على المنصوب المنون بالألف، فكأن الذي اختصوا به جواز الإبدال. سم. قوله: "شمل قوله: اثر فتح فتحة الإعراب" هذا الشمول باعتبار المراد من الفتح هنا لا باعتبار ظاهره. قوله: "على المشهور" مقابله الحذف بعد فتحة البناء فيقال: ويه. قوله: "يستثنى... إلخ" قد يقال: لا يرد هذا على المصنف؛ لأنه نبه عليه بعد قوله: في الوقف تا تأنيث الاسم ها جعل(4/286)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يبدل بل يحذف، وهذا في لغة من يقف بالهاء، وهي الشهيرة، وأما من يقف بالتاء فبعضهم يجريها مجرى المحذوف فيبدل التنوين ألفًا فيقول: رأيت قائمتا، وأكثر أهل هذه اللغة يسكنها لا غير.
الثالث: المقصور المنون يوقف عليه الألف نحو: رأيت فتى، وفي هذه الألف ثلاثة مذاهب؛ الأول: أنها بدل من التنوين في الأحوال الثلاث، واستصحب حذف الألف المنقلبة وصلًا ووقفًا، وهذا مذهب أبي الحسن والفراء والمازني، وهو المفهوم من كلام الناظم هنا؛ لأنه تنوين بعد فتحة. والثاني: أنها الألف المنقلبة في الأحوال الثلاثة، وأن التنوين حذف فلما حذف عادت الألف، وهو مروي عن أبي عمرو والكسائي والكوفيين، وإليه ذهب ابن كيسان والسيرافي، ونقله ابن الباذش عن سيبويه والخليل، وإليه ذهب المصنف في الكافية. قال في شرحها: ويقوي هذا المذهب ثبوت الرواية بإمالة الألف وقفًا والاعتداد بها رويًّا وبدل التنوين غير صالح لذلك. ثم قال: ولا خلاف في المقصور غير المنون أن لفظه في الوقف كلفظه في الوصل، وأن ألفه لا تحذف إلا في ضرورة؛ كقول الراجز:
1251- رَهْطُ ابْنِ مَرْجُومٍ ورَهْطُ ابْنِ الْمُعَلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ورده سم بأنه يحتمل أن يكون ذكر حكم آخر لتاء التأنيث زيادة على ما هنا، فلا ينافي دخولها في الحكم المذكور هنا، ونظيره أن المنصوب يجوز فيه الروم فهو داخل في قوله الآتي: أوقف رائم التحرك مع دخول المنون منه في قوله: تنوينًا اثر فتح... إلخ. قوله: "ما كان مؤنثًا بالتاء" المراد الهاء، فخرج المؤنث بالتاء نحو: بنت وأخت، فإنه يبدل فيه التنوين ألفًا في النصب كغير المؤنث. سيوطي سم. قوله: "بل يحذف" لثقل المؤنث بالتاء فخفف بحذف تنوينه في الوقف الذي هو موطن تخفيف.
قوله: "قوله: يجريها مجرى المحذوف" أي: يجري الكلمة التي فيها هاء التأنيث مجرى الكلمة المحذوف منها هاء التأنيث في إبدال التنوين ألفًا نصبه، وفي بعض النسخ: مجرى الحروف، وهكذا في المرادي أي: مجرى باقي الحروف في ذلك الإبدال.
قوله: "ثلاثة مذاهب" ثمرة هذا الخلاف تظهر في الإعراب؛ فعلى أنها بدل التنوين يعرب بحركات مقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، وعلى أنها المنقلبة عن الياء يعرب بحركات مقدرة على الموجودة؛ لأنها حينئذٍ محل الإعراب، فاحفظه. قوله: "ووقفًا" كان ينبغي حذف العاطف؛ ليكون معمولًا لاستصحب؛ إذ المعنى واستصحب في الوقف حذفها في الوصل.
قوله: "ويقوي هذا المذهب" يقويه أيضًا كتابة الألف في الإمام بالياء. أسقاطي. قوله: "بإمالة الألف وقفًا" كسدى بالإمالة قراءة حمزة والكسائي. قوله: "غير صالح لذلك" أي: للمذكور من الإمالة والرويّ. قوله: "رهط ابن مرجوم" بالجيم كما هو في شواهد العيني، قال: ومن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1251- صدره: وقبيل من لُكَيزٍ حاضرٍ من الرَّمَلْ
والرجز للبيد في شرح الشواهد للعيني 4/ 205.(4/287)
واحْذِفْ لوَقْفٍ في سِوَى اضْطِرَارِ صِلَة غَيْرِ الفَتْحِ فِي الإِضْمَارِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أراد ابن المعلى. انتهى. ومثال الاعتداد بها رويًّا قول الراجز: إنك يابن جعفر نِعْمَ الفتى
إلى قوله:
1252- ورُبَّ ضيفٍ طَرَقَ الحيَّ سُرًى
والثالث: اعتباره بالصحيح؛ فالألف في النصب بدل من التنوين، وفي الرفع والجر بدل من لام الكلمة، وهذا مذهب سيبويه فيما نقل أكثرهم، قيل: وهو مذهب معظم النحويين، وإليه ذهب أبو علي في غير التذكرة، وذهب في التذكرة إلى موافقة المازني.
"واحذف لوقف في سوى اضطرار صلة غير الفتح في الإضمار" يعني: إذا وقف على هاء الضمير فإن كانت مضمومة أو مكسورة حذفت صلتها ووقف على الهاء ساكنة، تقول: له وبه بحذف الواو والياء، وإن كانت مفتوحة نحو: رأيتها وقف على الألف ولم تحذف. واحترز بقوله: "في سوى اضطرار" من وقوع ذلك في الشعر؛ وإنما يكون ذلك آخر الأبيات. وذكر في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رواه بالحاء المهملة فقد صحفه. قوله: "سرى" هو بضم السين السير ليلًا، فالكلام على حذف مضاف أي: زمن السرى، أو المراد به الليل على التجريد، وهذا محل الشاهد لا الفتى؛ لأنه غير منون، والكلام في المنون؛ وإنما ذكر الشطر الأول دفعًا لتوهم أن الروي الراء، ولا حاجة إلى ما تكلفه البعض.
قوله: "اعتباره بالصحيح" أي: قياسه عليه. قوله: "واحذف" أي: وجوبًا. وقوله: "لوقف" إيضاح لعلم كون الحذف للوقف من المقام. وقوله: "في سوى اضطرار" أي: وأما في الاضطرار فلا يجب الحذف؛ بل يجوز الإثبات، ومن هذا يعلم رد توجيه الغزى قول المصنف: لوقف، وإن تبعه شيخنا والبعض.
قوله: "صلة غير الفتح" أي: المفتوح. وقوله: "في الإضمار" في بمعنى من البيانية الغير مشوبة بتبعيض، والإضمار بمعنى المضمر، هذا هو الأحسن. قوله: "فإن كانت مضمومة أو مكسورة" أي: وكان ما قبلها متحركًا، فخرج ما إذا كان قبل الهاء ساكن ثابت أو محذوف للجزم أو للبناء؛ فإنه يجوز حذف صلتها في الاختيار وإثباتها فتقول: منه ومنهو وعليه وعليهي ولم يدعه ولم يدعهو ولم يرمه ولم يرمهي وادعه وادعهو وارمه وارمهي. شاطبي.
قوله: "حذفت صلتها ووقف على الهاء ساكنة" أفاد أن الكلام في هاء الضمير المتصلة؛ فلا يجوز حذف واو هو وياء هي لتعاصيهما بالحركة عن الحذف؛ بل يوقف عليهما بسكون الواو والياء. قوله: "من وقوع ذلك" أي: ثبوت صلة غير الفتح وقفًا. قوله: "وإنما يكون ذلك" أي: ثبوت صلة غير الفتح وقفًا في الشعر. وقوله: "آخر الأبيات" إنما خصه بآخر الأبيات؛ لأنه المعد للوقف اتفاقًا بخلاف آخر الأشطار الأول فليس معدًّا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1252- صدره: وخيرهم لطارق إذا أتى
والرجز للشماخ في شرح الشواهد للعيني 4/ 205.(4/288)
وأَشْبَهَتْ إِذًا مُنَوَّنًا نُصِبْ فَأَلِفًا في الوَقْفِ نُونُهَا قُلِبْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التسهيل أنه قد يحذف ألف ضمير الغائبة منقولًا فتحه إلى ما قبله اختيارًا؛ كقول بعض طيئ: والكرامة ذات أكرمكم الله بَهْ، يريد: بها، واستشكل قوله: اختيارًا؛ فإنه يقتضي جواز القياس عليه، وهو قليل.
"وأشبهت إذًا منونًا نصب فألفًا في الوقف نونها قلب" اختلف في الوقف على إذًا؛ فذهب الجمهور إلى أنه يوقف عليها بالألف لشبهها بالمنون المنصوب، وذهب بعضهم إلى أنه يوقف عليها بالنون؛ لأنها بمنزلة أن، ونقل عن المازني والمبرد. واختلف في رسمها على ثلاثة مذاهب:
أحدها: أن تكون بالألف، قيل: وهو الأكثر، وكذلك رسمت بالمصحف.
والثاني: أنها تكتب بالنون، وقيل: وإليه ذهب المبرد والأكثرون، وصححه ابن عصفور. وعن المبرد: أشتهي أن أكوي يد من يكتب إذن بالألف؛ لأنها مثل أن ولن، ولا يدخل التنوين الحرف.
والثالث: التفصيل؛ فإن ألغيت كتبت بالألف لضعفها، وإن أعملت كتبت بالنون لقوتها، قاله الفراء. وينبغي أن يكون هذا الخلاف مفرعًا على قول مَن يقف بالألف، وأما من يقف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للوقف اتفاقًا، وإن كان حكمه في الوقف عليه كحكم آخر الأبيات عند المبرد ومن تبعه، كما أسلفته في عوامل الجزم، فاندفع اعتراض يس، وتبعه شيخنا والبعض بأن كلامه يقتضي أنه لا يكون في آخر المصراع الأول مع أنه قد يكون فيه؛ كقوله: ومهمه مغبرة أرجاؤه كأن لون أرضه سماؤه
على أنه يجوز أن يكون ما استشهد به من مشطور الرجز، فيكون أرجاؤه آخر بيت لا آخر شطر أول. قوله: "يريد بها" أي: فحذف الألف ونقل حركة الهاء إلى الباء. قوله: "واستشكل قوله: اختيارًا... إلخ" لا إشكال عندي أصلًا، ودعواه اقتضاء قوله: اختيارًا، جواز القياس عليه ممنوعة، فكم لفظ شاذ وقع اختيارًا. وقوله: وهو قليل، جملة حالية أي: والحال أنه قليل، كما يفيده التعبير بقد الداخلة على المضارع.
قوله: "وأشبهت... إلخ" كان اللائق أن يلصق هذا البيت بالبيت الأول. يس. قوله: "اختلف" أي: في غير القرآن، أما فيه فيوقف عليها وتكتب بالألف إجماعًا، كما في الإتقان وغيره. قوله: "يوقف عليها بالنون" اختاره ابن عصفور، وإجماع القراء السبعة على خلافه. توضيح. قوله: "بمنزلة أن" أي: الناصبة للمضارع. قوله: "أشتهي أن أكوي... إلخ" قال سم: وأقره غيره، كيف هذا مع رسمها في المصحف بالألف كما تقدم؟ اهـ. ولك أن تقول: خط المصحف لا يُقاس عليه؛ بل هو طريقة متبعة، وكلام المبرد فيما يطلب يطلب فيه اتباع القياس. قوله: "لأنها مثل أن ولن... إلخ" صريح في أنها حرف، وهو الصحيح، قال المصرح: وذهب أبو سعيد على ابن مسعود في المستوفى إلى أن أصل إذن إذًا لما يستقبل، ثم ألحق النون عوضًا عن المضاف إليه كما في يومئذ، وعلى هذا يتضح وجه الوقف عليها بالألف. اهـ. أي: ووجه كتابتها بها.
قوله: "فإن ألغيت كتبت بالألف... إلخ" مثله في الهمع في خاتمة الخط، والذي في المغني وفي باب النواصب من هذا الشرح عن الفراء هو العكس؛ لأنها عند إلغائها تلتبس بإذا الشرطية، وعند إعمالها لا تلتبس بها، فافهم. قوله: "وينبغي أن يكون هذا الخلاف" أي: الجاري في رسمها(4/289)
وحَذْفُ يا المنقوصِ ذي التنوينِ ما لم يُنْصَب اولَى من ثُبوت فاعْلَمَا
وغَيْرُ ذي التنوينِ بالعكسِ وفِي نَحْوِ مُرٍ لزوم ردِّ اليا اقْتُفِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالنون فلا وجه لكتابتها عنده بغير النون.
"وحذف يا المنقوص ذي التنوين ما لم ينصب أولى من ثبوت فاعلما" أي: إذا وقف على المنقوص المنون، فإن كان منصوبًا أبدل من تنوينه ألف نحو: رأيت قاضيًا، وإن كان غير منصوب فالمختار الوقف عليه بالحذف، فيقال: هذا قاضٍ ومررت بقاضٍ، ويجوز الوقف عليه برد الياء؛ كقراءة ابن كثير: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [الرعد: 7]، {وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} [الرعد: 1]، {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النحل: 96]، ومحل ما ذكر إذا لم يكن المنقوص محذوف العين، فإن كان تعين الرد كما سيأتي في قوله: وفي نحو مر لزوم رد الياء اقتفي
وأما غير المنون، فقد أشار إليه بقوله: "وغير ذي التنوين بالعكس" أي: المنقوص غير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مفرعًا على قول من يقف بالألف فيه عندي نظر؛ لأن المبرد من أهل هذا الخلاف، وهو قائل بالوقف عليها بالنون، ولأن مَن يقف بالألف لا يسعه أن يكتبها بالنون؛ لأن العبرة في الرسم بحال الوقف، كما أن من يقف بالنون لا يسعه أن يكتبها بالألف -كما قاله الشارح- للعلة المذكورة، وبهذا يبحث فيما حكي عن الجمهور من كتابتها بالنون مع قولهم بالوقف عليها بالألف، ولعل هذا وجه تصدير الشارح حكايته عنهم بقيل، وقد عزا الشارح في باب النواصب كتابتها بالألف إلى الجمهور، فالذي ينبغي أن القولين الأولين في رسمهما مبنيان على الخلاف الأول، فمن يقف بالألف يكتبها بالألف، ومن يقف بالنون يكتبها بالنون. وأما القول الثالث المفصل، فلا يظهر تفريعه على قول من قولي الخلاف؛ بل هو قول مستقل غير مبني على قول آخر. نعم، هو لا يتجه إلا إن وقف قائله بالألف إن أهملت وبالنون إن أعملت، فليراجع، وبما ذكرته يُعلم ما في كلام البعض.
قوله: "وحذف يا المنقوص" أي: عدم ردها كما سيشير إليه الشارح، وإلا فهي محذوفة قبل الوقف لالتقاء الساكنين. وأما ياء الفعل المعتل وواوه فإن كانتا متحركتين نحو: لن يرمي ولم يدعو سكنا وقفًا أو ساكنتين نحو: يرمي ويدعو بقيا بحالهما ولا يحذفان إلا في قافية أو فاصلة؛ كوقف نافع وأبي عمرو على: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} بحذف الياء وسكون الراء مراعاة للفواصل. وأما ياء المتكلم فإن كانت ساكنة أو محذوفة بقيت بحالها وسكن ما قبل المحذوفة، وإن كانت متحركة سكنت وقفًا أو بقيت بحركتها ملحقًا بها هاء السكت. همع باختصار وزيادة.
قوله: "ما لم ينصب اولى" بنقل حركة همزة أولى إلى ما قبلها، وأفهم بتقييد الأولوية بعدم النصب أنه إذا نصب لا يكون الحذف أولى؛ بل حكمه في قوله سابقًا: تنوينًا اثر فتح اجعل ألفا
وقفًا لأن هذا منه. قوله: "فالمختار الوقف عليه بالحذف" هذا مذهب سيبويه والمتأخرين؛ لأن الياء غير ثابتة وصلًا، فلما قصد الوقف عليه حذفت حركته وتنوينه قياسًا على الصحيح، ولأن الوقف محل راحة، فلا يليق أن يُؤتى فيه بما لم يكن في الوصل. يس. قوله: "محذوف العين" أي: أو محذوف الفاء، كما سيذكره الشارح في شرح قوله: وفي نحو مر... إلخ. قوله: "وغير ذي(4/290)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المنون بالعكس من المنون، فإثبات الياء فيه أولى من حذفها، وليس الحذف مخصوصًا بالضرورة خلافًا لبعضهم. وقد دخل تحت قوله: غير ذي التنوين أربعة أشياء:
الأول: المقرون بأل وهو إن كان منصوبًا فهو كالصحيح نحو: رأيت القاضي، فيوقف عليه بإثبات الياء وجهًا واحدًا، وإن كان مرفوعًا أو مجرورًا فكما ذكر، فالمختار: جاء القاضي ومررت بالقاضي بالإثبات، ويجوز: القاض بالحذف.
والثاني: ما سقط تنوينه للنداء نحو: يا قاض؛ فالخليل يختار فيه الإثبات، ويونس يختار فيه الحذف، ورجح سيبويه مذهب يونس؛ لأن النداء محل حذف؛ ولذلك دخل فيه الترخيم، ورجح غيره مذهب الخليل؛ لأن الحذف مجاز ولم يكثر فيرجح بالكثرة.
والثالث: ما سقط تنوينه لمنع الصرف نحو: رأيت جواري نصبًا، فيوقف عليه بإثبات الياء كما تقدم في المنصوب.
والرابع: ما سقط تنوينه للإضافة نحو: قاضي مكة، فإذا وقف عليه جاز فيه الوجهان الجائزان في المنون، قالوا: لأنه لما زالت الإضافة بالوقف عليه عاد إليه ما ذهب بسببها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالعكس" أي: فإثبات يائه ما لم ينصب أولى من حذفها؛ وإنما قلنا: ما لم ينصب؛ لأن الأصل مقيد به فيكون العكس كذلك، فاندفع اعتراض الشارح الآتي بأن المصنف لم يستثنِ المنصوب. قوله: "فهو كالصحيح" أي: غير المنون كالرجل في إسكان آخره للوقف.
قوله: "وجهًا واحدًا" قال المرادي: وينبغي لمن قدر فتحة الياء في النصب أن يقف بالوجهين. قوله: "فكما ذكر" أي: في المتن من جواز الأمرين وأولوية الإثبات؛ ولذا قال: فالمختار جاء القاضي... إلخ، ولا ترد قراءة غير ابن كثير بالحذف في قوله تعالى: {الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} [الرعد: 9] وقوله: {يَوْمَ التَّنَادِ} [غافر: 32] لأن الأكثر قد يتفقون على الوجه المرجوح؛ بل جوز بعضهم اتفاق السبعة على المرجوح. قوله: "فالخليل يختار فيه الإثبات" لعل المصنف وافق الخليل فأطلق رجحان الإثبات، فلا يرد هذا القسم على المصنف.
قوله: "لأن الحذف مُجاز" بضم الميم أي: أجازه النحاة على خلاف الأصل. وقوله: ولم يكسر أي: حتى يكون راجحًا. قوله: "نحو: رأيت جواري" المناسب لصنيعه في القسم الأول أن يقول: وهو إن كان منصوبًا نحو: رأيت جواري وقف عليه... إلخ. قوله: "نصبا" وأما رفعًا وجرًا، ففي الهمع أن الإثبات والحذف جائزان، وأن الأفصح الإثبات. قوله: "بإثبات الياء" أي: وجوبًا. وقوله: كما تقدم في المنصوب أي: المقرون بأل نحو: رأيت القاضي. قوله: "قالوا: لأنه لما زالت الإضافة... إلخ" وبنوا على ذلك فرعًا وهو أن ما سقطت نونه للإضافة إذا وقف عليه ردت نونه نحو: هؤلاء قاضو زيد، فإذا وقفت عليه قلت: قاضون؛ لزوال سبب حذفها. فأما وقف القراء على قوله تعالى: {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ} [المائدة: 1] بحذف النون، فاتباع للرسم، قلت: وفي هذا نظر. مرادي.
قوله: "عاد إليه ما ذهب بسببها" وهو التنوين؛ وحينئذ لا يكون داخلًا في قوله: وغير ذي(4/291)
وغيرها التأنيث من مُحرَّكِ سَكِّنْهُ أَوْ قِفْ رَائِمَ التَّحَرُّكِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو التنوين، فجاز فيه ما جاز في المنون. فقد بان لك أن كلام الناظم معترض من وجهين؛ أحدهما: أن عبارته شاملة لهذه الأنواع الأربعة وليس حكمهما واحدًا، والآخر: أنه لم يستثنِ المنصوب وهو متعين الإثبات كما ذكر ذلك في الكافية.
"وفي نحو مر لزوم رد اليا اقتفي" يعني: إذا كان المنقوص محذوف العين نحو: مر اسم فاعل من أرأى يرئي، أصله مرئي على وزن مُفعل، فأعل إعلال قاض وحذفت عينه وهي الهمزة بعد نقل حركتها، فإنه إذا وقف عليه لزم رد الياء، وإلا لزم بقاء الاسم على أصل واحد وهو الراء، وذلك إجحاف بالكلمة. ومثله في ذلك محذوف الفاء كيف علمًا، فتقول: هذا مري ويفي، ومررت بمري ويفي.
"وغيرها التأنيث من محرك سكنه أو قف رائم التحرك" في الوقف على المتحرك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التنوين؛ بل يدخل في قوله: وحذف يا المنقوص ذي التنوين... إلخ، فلا اعتراض عليه بهذا القسم، قاله سم. قال: وقضية ذلك أي: عود ما ذكر أنه يبدل التنوين في النصب ألفًا، والسابق إلى الفهم أنه غير مراد. اهـ. أي: لضعف التنوين العائد بعدم ظهوره عن التنوين الظاهر الذي يبدل في النصب ألفًا. قوله: "فجاز فيه ما جاز في المنون" أي: مع رجحان الحذف كالمنون. قوله: "معترض من وجهين" قد عرفت اندفاع الاعتراض بالوجه الأول بمنع شمول عبارته للرابع، وعدم ضرر شمولها للثلاثة الأولى، غاية ما فيه أنه مشى في الثاني على مذهب الخليل الذي رجحه غير سيبويه، واندفاع الاعتراض بالوجه الثاني بأنه أخرج المنصوب في ضمن قوله: بالعكس، كما مر بيانه.
قوله: "أحدهما: أن عبارته... إلخ" فيه أن كون عبارته شاملة للأنواع الأربعة مع أن حكمها ليس واحدًا يتضمن وجهي الاعتراض لدخول منصوبها فيها، فكان ينبغي أن يقول أحدهما: إن عبارته شاملة لهذه الأنواع الأربعة رفعًا وجرًّا، وليس حكمها واحدًا. قوله: "فأعل إعلال قاض" أي: حذفت ياؤه لالتقائها ساكنة مع التنوين. قوله: "بعد نقل حركتها" أي: إلى الراء. قوله: "وذلك إجحاف بالكلمة" فإن قلت: هذا لازم في حالة الوصل أيضًا، قلت: لا يمكن إثباتها وصلًا لما يلزم من الجمع بين ساكنين، مع أن في إبقاء التنوين وصلًا جبرًا للكلمة بخلاف الوقف. مرادي. قوله: "ومثله" أي: مثل محذوف العين من المنقوص في ذلك أي: في لزوم رد يائه وقفًا محذوف الفاء من المنقوص وإن لم ينون، فليس الكلام في خصوص المنقوص المنون حتى يردَّ على تمثيله بيف علما اعتراض الدماميني بأنه ممنوع من الصرف للعلمية ووزن الفعل، فلا تنوين فيه، والكلام في المنقوص المنون، على أنا لو سلمنا أن الكلام في المنقوص المنون فلا نسلم أن نحو يف علما غير منون؛ بل هو وإن كان ممنوعًا من الصرف منون تنوين عوض، كما يفيده قول الناظم فيما سبق: وما يكون منه منقوصًا ففي إعرابه نهج جوار يقتفى
قوله: "وغيرها التأنيث... إلخ" لما ذكر الناظم حكم الوقف على ما ينبغي ذكره من الساكن أخذ يذكر المتحرك فقال: وغير... إلخ. اهـ مرادي. ودخل في الغير تاء بنت وأخت، فيجوز فيها غير الإسكان، وقول البعض: فيتعين فيها الإسكان، خطأ واضح. ودخل أيضًا ميم الجمع إذا وصل به واو(4/292)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خمسة أوجه: الإسكان، والروم، والإشمام، والتضعيف، والنقل. ولكل منها حد وعلامة؛ فالإسكان عدم الحركة وعلامته "خ" فوق الحرف، وهي الخاء من خف أو خفيف، والإشمام ضم الشفتين بعد الإسكان في المرفوع والمضموم للإشارة للحركة من غير صوت، والغرض به الفرق بين الساكن والمسكن في الوقف، وعلامته نقطة قدام الحرف هكذا "."، والروم وهو أن تأتي بالحركة مع إضعاف صوتها، والغرض به هو الغرض بالإشمام إلا أنه أتم في البيان من الإشمام، فإنه يدركه الأعمى والبصير، والإشمام لا يدركه إلا البصير؛ ولذلك جعلت علامته في الخط أتم. وهو خط قدام الحرف هكذا "-"، والتضعيف تشديد الحرف الذي يوقف عليه، والغرض به الإعلام بأن هذا الحرف متحرك في الأصل، والحرف المزيد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أو ياء نحو: بكم وبهم؛ لكن قال ابن الحاجب: الأكثر ألا روم ولا إشمام فيها كهاء التأنيث. قال زكريا: وفي معنى ميم الجمع الضمير المذكر إذا ضم ما قبله أو كسر أو كان واوًا أو ياء نحو: يضربه وبه وضربوه وفيه. قوله: "من محرك" أي: من حرف موقوف عليه محرك أي: قبل الوقف أي: حركة غير عارضة، كما قيد بذلك في العمدة؛ لأن ذا الحركة العارضة في حكم الساكن، فلا يوقف عليه إلا بالسكون المحض كتاء تأنيث الفعل في {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} وذال يومئذ، كما في شرح العمدة. قوله: "رائم التحرك" أي: آتيًا في التحرك بالروم.
قوله: "في الوقف على المتحرك" أي: جنس المتحرك بقطع النظر على خصوص كونه هاء التأنيث أو غيرها بدليل تفصيله هذا الإجمال بعد بقوله: فإن كان المتحرك هاء التأنيث... إلخ. وقوله: وإن كان غيرها... إلخ، فافهم. والمراد المتحرك غير المنصوب المنون عند من يبدل تنوينه ألفًا؛ إذ هو لا يأتي فيه شيء من الخمسة على خلاف في النقل يأتي، كذا في الهمع وغيره. قوله: "وعلامة" أي: وجوديه أو عدميه، فلاءم قوله في الخامس، وعلامته عدم العلامة، وفي عبارته حذف الواو مع ما عطفت أي: وغرض؛ لكنه سكت عن الغرض من الإسكان وهو مزيد الاستراحة لظهوره.
قوله: "وعلامته خ... إلخ" وقال الموضح: إنما هي رأس جيم أو رأس ميم، وكلاهما مختصر من اجزم. اهـ. والظاهر أنها رأس حاء مهملة مختصرة من استرح؛ لما مر من أن الوقف استراحة. تصريح. قوله: "ضم الشفتين" أي: مع بعض انفراج بينهما يخرج من النفس. دماميني. قوله: "قدام الحرف" أي: بعده ولم تكن فوقه كسابقه لدفع توهم أنها جزمة، كما أن علامة الروم لم تكن فوقه لدفع توهم أنها نصبة؛ وإنما قال هنا هكذا لصدق النقطة بالصغيرة جدًّا وغيرها وبالمجوفة وغيرها، كما أنه قال: هكذا في علامة الروم لصدق الخط بالقائم والنائم. قوله: "مع إضعاف صوتها" أي: إخفائه؛ لأنك تروم الحركة مختلسًا لها ولا تتمها، نقله المصرح عن الجاربردي، قال في الهمع: فيكون حالة متوسطة بين الحركة والسكون.
قوله: "يدركه الأعمى والبصير" لأن فيه مع حركة الشفة صوتًا يكاد الحرف يكون به متحركًا. دماميني. أي: متحركًا حركة محضة، فلا ينافي أنه متحرك حركة غير محضة. قوله: "المزيد للوقف" أي: لتضعيف الوقف أي: للتضعيف المأتي به للوقف. وقوله: قبله أي: قبل الحرف(4/293)
أَوْ أَشْمِمِ الضمةَ أَوْ قِفْ مُضْعِفًا ما ليس هَمْزًا أو عَلِيلًا إِنْ قَفَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للوقف هو الساكن الذي قبله وهو المدغم، وعلامته "ش" فوق الحرف، وهي الشين من شديد، والنقل تحويل الحركة إلى الساكن قبلها، والغرض به إما بيان حركة الإعراب أو الفرار من التقاء الساكنين، وعلامته عدم العلامة، وسيأتي تفصيل ذلك، فإن كان المتحرك هاء التأنيث لم يوقف عليها إلا بالإسكان، وليس لها نصيب في غيره؛ ولذلك قدم استثناءها، وإن كان غيرها جاز أن يوقف عليه بالإسكان وهو الأصل، وبالروم مطلقًا أعني: في الحركات الثلاث، ويحتاج في الفتحة إلى رياضة لخفة الفتحة؛ ولذلك لم يجزه أكثر القراء في المفتوح ووافقهم أبو حاتم. ويجوز الإشمام والتضعيف والنقل؛ لكن بالشروط الآتية.
وقد أشار إلى الإشمام بقوله: "أو أشمم الضمة" أي: إعرابية كانت أو بنائية، وأما غير الضمة -وهو الفتحة والكسرة- فلا إشمام فيهما، وأما ما ورد من الإشمام في الجر عن بعض القراء، فمحمول على الروم؛ لأن بعض الكوفيين يسمي الروم إشمامًا، ولا مشاحة في الاصطلاح.
ثم أشار إلى التضعيف بقوله: "أو قف مضعفًا ما ليس همزًا أو عليلًا إن قفا"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الذي يوقف عليه، وهو المدغم فيه. قوله: "وعلامته ش" عبارة التصريح: رأس ش. وقوله: من شديد المناسب؛ لقوله سابقًا: من خف أو خفيف أن يزيد أو شدد. قوله: "أو الفرار... إلخ" قال شيخنا وتبعه البعض: أو لمنع الخلو فتجوز الجمع. اهـ. وما ادعياه من منع الخلو ممنوع؛ لأن من لغة لخم -كما سيأتي في الشرح- الوقف على هاء الغائبة بحذف الألف ونقل فتحة الهاء إلى المتحرك قبلها، وهذا النقل ليس لواحد من الأمرين، فإن قيل: كلامهما باعتبار اللغة المشهورة، قلنا: لم يصح حينئذ قولهما: فتجوز الجمع لتلازمهما على اللغة المشهورة، فالجمع واجب لا جائز؛ وإنما يكون جائزًا على لغة لخم من نقل الحركة إلى المتحرك؛ لأن الغرض من هذا النقل بيان الحركة فقط؛ إلا أن يقال: المراد بجواز الجمع عدم امتناعه، فتدبر. قوله: "وسيأتي تفصيل ذلك" أي: بذكر الشروط والمحال.
قوله: "فإن كان المتحرك هاء التأنيث" تسميته هاء مجاز باعتبار حالة الوقف التي هو فيها ساكن، وإن كان باعتبار حالة الوصل التي هو فيها متحرك تاء لا هاء. قوله: "ولذلك قدم استثناءها" لأن تقديمه يؤذن بأن المستثنى لم يحكم عليه بجميع الأحكام المذكورة، وهذا صادق بالحكم عليه ببعضها، وهو هنا التسكين. قوله: "وهو الأصل" إنما كان الإسكان أصلًا؛ لأن الحرف الموقوف عليه ضد المبدوء به، فينبغي أن تكون صفته مضادة لصفته، أو لأن المقصود من الوقف الاستراحة وسلب الحركة أبلغ في تحصيل هذا المقصود. دماميني. قوله: "إلى رياضة" أي: تؤدة وتأنٍّ. قوله: "لخفة الفتحة" وسرعتها في النطق، ولا تكاد تخرج إلا على حالها في الوصل. دماميني. قوله: "أو أشمم الضمة" أي: أشمم الحرف الضمة أي: اجعله شامًّا لها بأن تهيئ العضو للنطق بها على الحرف.
قوله: "ما ليس همزًا... إلخ" زاد بعضهم شرطًا آخر؛ وهو ألا يكون منصوبًا منونًا، وقيل: لا يحتاج إلى اشتراطه؛ لأن المنصوب المنون يبدل تنوينه ألفًا، فيكون الحرف الموقوف عليه الألف لا(4/294)
مُحَرَّكًا وحَرَكَاتٍ انْقُلا لساكنٍ تَحْرِيكُهُ لن يُحْظَلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: تبع.
"محركًا" كقولك في جعفر: جعفرّ، وفي وعل: وعلّ، وفي إضارب: ضاربّ. واحترز بالشرط الأول من نحو: بناء وخطاء، فلا يجوز تضعيفه؛ لأن العرب اجتنبت إدغام الهمزة ما لم تكن عينًا، وبالشرط الثاني من نحو: سرو وبقي والقاضي والفتى فلا يجوز تضعيفه، وبالثالث من نحو: بكر، فلا يجوز تضعيفه. ثم أشار إلى النقل بقوله: "وحركات انقلا لساكن تحريكه لن يحظلا" أي: يجوز نقل حركة الحرف الموقوف عليه إلى ما قبله بشرطين؛ أحدهما: أن يكون ساكنًا، والآخر: أن يكون تحريكه لن يحظل أي: لن يمنع، فتقول في نحو بكر: هذا بكر ومررت ببكر، ومنه قوله:
1253- عجبتُ والدهرُ كثيرٌ عَجَبُهْ مِنْ عَنَزِيٍّ سَبَّنِي لَمْ أَضْرِبُهْ
أراد: لم أضربه، فنقل ضمة الهاء إلى الباء، فإن لم يكن المنقول إليه ساكنًا، أو كان ولكن غير قابل للتحريك، إما لكون تحريكه متعذرًا كما في نحو: ناب وباب، أو متعسرًا كما في نحو: قنديل وعصفور وزيد وثوب، لثقل الحركة على الياء والواو، أو مستلزمًا لفك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما قبلها، والكلام في الموقوف عليه المحرك، وفيه أن المراد بالمحرك في قول المصنف: وغيرها التأنيث من محرك المحرك وصلًا، فهو المتكلم عليه بالأوجه الخمسة، وهو بإطلاقه يشمل المنصوب المنون، فلا بد من قيد يخرجه كما أسلفنا، ويمتنع في المنصوب المنون الروم أيضًا، قاله السيوطي، ولم ينقل التضعيف عن أحد من القراء إلا عن عاصم في مستطر في سورة القمر، كما في شرح التوضيح للشارح، وكما في الهمع للسيوطي عن أبي حيان. ثم قال السيوطي: قال أبو حيان: ولم ينقل النقل عن أحد من القراء إلا ما روي عن أبي عمرو أنه قرأ: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [البلد: 17] بكسر الباء، وعن سلام أنه قرأ: {وَالْعَصْرِ} [العصر: 1] بكسر الصاد، قال: بخلاف الإسكان والروم والإشمام؛ فإنها مروية عنهم.
قوله: "ما لم تكن عينًا" نحو: سآل. قوله: "والقاضي والفتى" الأولى حذفهما؛ لأن الكلام في المحرك وهما ساكنان. قوله: "لن يحظلا" أي: لن يمنع لغة، سواء أمكن نطقًا كالمتعسر تحريكه والمستلزم تحريكه فك إدغام تمنع اللغة فكه أو لم يمكن نطقًا كالمتعذر تحريكه، كما سيذكره الشارح. قوله: "هذا بكر ومررت ببكر" ولم يمثل بالمنصوب؛ لأن فيه خلافًا يأتي في قوله: ونقل فتح... إلخ. قوله: "من غير عنزي" أي: قصير.
قوله: "فإن لم يكن المنقول إليه ساكنًا" لو قال: فإن لم يكن ما قبله ساكنًا لكان أولى؛ لأن ما قبله إذا لم يكن ساكنًا لا يكون منقولًا إليه؛ إلا أن يؤول المنقول إليه بما يراد النقل إليه. قوله: "كما في نحو: قنديل... إلخ" مثل بأربعة أمثلة؛ لأن ما قبل الياء أو الواو تارة يجانسهما وتارة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1253- الرجز لزياد الأعجم في ديوانه ص45، والدرر 6/ 303، وشرح شواهد الإيضاح ص286، وشرح شواهد الشافية ص261، والكتاب 4/ 180، ولسان العرب 12/ 554 "لمم"، وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب 1/ 389، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 322، وشرح عمدة الحافظ ص974، وشرح المفصل 9/ 70، والمحتسب 1/ 196، وهمع الهوامع 2/ 208.(4/295)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إدغام ممتنع الفك في غير الضرورة، كما في نحو: جد وعم، امتنع النقل.
تنبيهات: الأول: يجوز في لغة لخم الوقف بنقل الحركة إلى المتحرك كقوله:
1254- مَن يأتمر للخير فيما قصده تُحْمَد مساعيه ويُعْلَم رَشَدُه
ومن لغتهم الوقف على هاء الغائبة بحذف الألف ونقل فتحة الهاء إلى المتحرك قبلها؛ كقوله:
1255- كنت في لَخْم أَخَافَهُ
أراد: أخافها ففعل ما ذكر.
والثاني: أطلق الحركات وهو شامل للإعرابية والبنائية، والذي عليه الجماعة اختصاصه بحركة الإعراب، فلا يقال: من قبل ولا من بعد ولا مضى أمس؛ لأن حرصهم على معرفة حركة الإعراب ليس كحرصهم على معرفة حركة البناء. وقال بعض المتأخرين: بل الحرص على حركة البناء آكد؛ لأن حركة الإعراب كحرصهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا. قوله: "أو مستلزمًا... إلخ" ظاهر ذكره بعد المتعذر والمتعسر مغايرته لهما، وصريح كلام المصرح أنه من المتعذر؛ إلا أن التعذر في الألف ذاتي، وفي المدغم عرضي، ولجعله من المعسر وجه. قوله: "تنبيهان... إلخ" ترك الشارح من المرادي تنبيهين لا بأس بذكرهما؛ الأول: الذي يظهر في حركة النقل أنها الحركة التي في الحرف الأخير نقلت إلى الساكن، نص على ذلك قوم من النحويين. وقال أبو البقاء العكبري: لا يريدون أنها حركة الإعراب صيرت على ما قبل الحرف؛ إذ الإعراب لا يكون قبل؛ إنما يريدون أنها مثلها. الثاني: لم يؤثر الوقف بالنقل عن أحد من القراء إلا ما روي عن أبي عمرو أنه وقف على قوله تعالى: {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [البلد: 17] بكسر الباء.
قوله: "يجوز في لغة لخم... إلخ" كذا في التسهيل، واستشهد له المصنف بقول الشاعر: من يأتمر... إلخ واعترض بأنه لا حجة فيه؛ لاحتمال أن يكون الأصل قصدوه حملًا على معنى من ثم حذف الواو اكتفاء بالضمة؛ كقوله: فلو أن الاطبا كان حولي
ويجاب بأنه لم يراعِ المعنى في مساعيه ورشده. اهـ سم. أي: ولو كان راعَى المعنى في قصده لراعاه بعد؛ إذ لا تجوز مراعاة اللفظ بعد مراعاة المعنى، كما تقدم في باب الموصول. قوله: "فيما قصده" هذا هو محل الشاهد؛ لأنه نقل حركة الهاء إلى الدال، وهي متحركة قبل. قوله: "لأن حرصهم... إلخ" المناسب أن يقول: لأن حرصهم على معرفة حركة البناء كحرصهم على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1254- الرجز بلا نسبة في الدرر 6/ 304، والمقاصد النحوية 4/ 552، وهمع الهوامع 2/ 208.
1255- تمامه: فإني قد رأيتُ بدارِ قومي نوائبَ كنت في لحم أخَافَه
والبيت من الوافر، وهو بلا نسبة في الإنصاف 2/ 568.(4/296)
ونَقْلُ فَتْح مِنْ سِوَى الْمَهْمُوزِ لا يراه بَصْرِيٌّ وكُوفٍ نَقَلا
والنقلُ إن يُعْدَمْ نَظِيرٌ مُمْتَنِعْ وذاك في المهموز ليس يَمْتَنِعْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على معرفة حركة البناء. وقال بعض المتأخرين: بل الحرص على حركة البناء آكد؛ لأن حركة الإعراب لها ما يدل عليها وهو العامل. انتهى. وقد بقي للنقل شرط مختلف فيه، أشار إليه بقوله: "ونقل فتح من سوى المهموز لا يراه بصري وكوف نقلا" يعني: أن البصريين منعوا نقل الفتحة إذا كان المنقول عنه غير همزة، فلا يجوز عندهم: رأيت بكَر، ولا ضربت الضرَب؛ لما يلزم على النقل حينئذ في المنون من حذف ألف التنوين وحمل غير المنون عليه، وأجاز ذلك الكوفيون. ونقل عن الجرمي أنه أجازه. وعن الأخفش أنه أجازه في المنون على لغة من قال: رأيت بكَر. وأشار بقوله: من سوى المهموز إلى أن المهموز يجوز نقل حركته وإن كانت فتحة فيقال: رأيت الخبَأ والردَأ والبطَأ في رأيت الخبء والردء والبطء، وإنما اغتفر ذلك في الهمزة لثقلها. وإذا سكن ما قبل الهمزة الساكنة كان النطق بها أصعب.
"والنقل إن يعدم نظير ممتنع" فلا تنقل ضمة إلى مسبوق بكسرة، ولا كسرة إلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معرفة حركة الإعراب أي: لشرفها. قوله: "شرط مختلف فيه" وهو ألا تكون الحركة فتحة غير همزة. قوله: "وكوف" أصله كوفي، فحذف الياء الأخيرة تخفيفًا ثم الأولى لالتقاء الساكنين، أو حذف الأولى ثم سكن الثانية لثقل الضمة ثم حذفها لالتقاء الساكنين، والأول أقل كلفة، والثاني أقيس، هكذا ظهر لي. قوله: "لما يلزم على النقل... إلخ" هذا وإن جرى في المهموز المنون نحو: رأيت ردءًا؛ إلا أنهم اغتفروا ذلك فيه لشدة ثقل الهمزة الساكنة التي قبلها ساكن. قوله: "حينئذ" أي: حين إذ نقلت الفتحة. وقوله: من حذف ألف التنوين أي: الألف المبدلة من تنوين المنون المنصوب؛ لأنك إذا نقلت الفتحة إلى ما قبلها في نحو: رأيت عبدًا، تحذف الألف وتنقل فتحة الدال إلى الباء.
قوله: "وحمل غير المنون" من الممنوع الصرف كهند على الأفصح من صرفه والمحلى بأل. قوله: "ونقل عن الجرمي أنه أجازه" أي: مطلقًا كالكوفيين. قوله: "وعن الأخفش أنه أجازه في المنون... إلخ" يعلم منه أنه يجيزه في غير المنون لانتفاء المحذور فيه. قوله: "على لغة من قال: رأيت بكَر" وهم ربيعة -كما مر- أي: لانتفاء المحذور السابق على لغة هؤلاء، ومتقضى كلام الشارح أن الأخفش يتوقى هذا المحذور وكلام الموضح يخالفه؛ حيث قال: وأجاز ذلك -يعني: نقل الفتحة عن غير الهمزة- الكوفيون والأخفش. اهـ. فجعل الأخفش مطلقًا للجواز كالكوفيين. قوله: "رأيت الخبء... إلخ" بفتح الخاء المعجمة وسكون ما خبئ، والردء بكسر الراء وسكون الدال المعين والمهموز المنون كغير المنون في جواز نقل فتحة همزته -كما مر- وإن لم يمثل للمنون.
قوله: "وإذا سكن... إلخ" من تمام العلة. قوله: "إن يعدم نظير" أي: أصلًا كما في فعل بكسر فضم، وفعل بضم فكسر على القول بإهماله، أو نظير كثير كما في فعل بضم فكسر على القول بندوره، وهو التحقيق لوجوده في الوعل بضم فكسر لغة في الوعل بفتح فكسر؛ وهو التيس(4/297)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مسبوق بضمة، فلا يجوز النقل في نحو: هذا بِشر، بالاتفاق لما يلزم عليه من بناء فعل، ولا في نحو: انتفعت بقفل خلافًا للأخفش؛ لما يلزم عليه من بناء فعل، وهو مهمل في الأسماء أو نادر، هذا في غير المهموز، وأما المهموز فيجوز فيه ذلك، كما أشار إليه بقوله: "وذاك في المهموز ليس يمتنع" فتقول: هذا ردء، ومررت بكفء؛ لما مر التنبيه عليه من ثقل الهمزة، وهذه لغة كثير من العرب منهم تميم وأسد، وبعض تميم يقرون من هذا النقل الموقع في عدم النظير إلى اتباع العين للفاء فيقولون: هذا رديء مع كفيء، وبعضهم يتبع ويبدل الهمزة بعد الاتباع فيقول: هذا ردي مع كفو.
تنبيهان: الأول: لجواز النقل شرط رابع وهو أن يكون المنقول منه صحيحًا، فلا ينقل من نحو: ظبي ودلو.
الثاني: إذا نقلت حركة الهمزة حذفها الحجازيون واقفين على حامل حركتها كما يوقف عليه مستبدًا بها، فيقولون: هذا الخب بالإسكان والروم والإشمام وغير ذلك بشروطه. وأما غير الحجازيين، فلا يحذفها؛ بل منهم من يثبتها ساكنة نحو: هذا البُطؤ ورأيت البطَأ ومررت بالبطِئ، ومنهم من يبدلها بمجانس الحركة المنقولة فيقول: هذا البطو ورأيت البطا ومررت بالبطي، وقد تبدل الهمزة بمجانس حركتها بعد سكون باقٍ نحو: هذا البطْؤ ومررت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجبلي. قوله: "في الأسماء" أي: غير الأعلام، فخرج الفعل كضرب والعلم كدئل. قوله: "أو نادر" أو لتنويع الخلاف، وهذا القول هو الراجح لوجوده في الاسم غير العلم كما أسلفناه. قوله: "هذا" أي: امتناع النقل المؤدي إلى عدم النظير. قوله: "وذاك" أي: النقل المؤدي إلى عدم النظير. قوله: "من ثقل الهمزة" أي: وزيادة الصعوبة بسكون ما قبل الهمزة الساكنة. قوله: "منهم تميم" أي: بعض تميم، بدليل ما بعده. قوله: "يتبع ويبدل الهمزة" أي: بمجانس حركة الاتباع قبلها. قوله: "شرط رابع" لم يقل خامس إلغاء للشرط الثالث المختلَف فيه. قوله: "فلا ينقل من نحو: ظبي ودلو" لتأديته إلى تلو الياء ضمة وكون الآخر واوًا قبلها ضمة في المرفوع، وقلب الواو ياء لوقوعها بعد كسرة في المخفوض، وحمل اليائي المخفوض على غيره. قوله: "على حامل حركتها" أي: بالقوة؛ لأنه لم يحمل بالفعل عند الحجازيين إلا السكون، فتنبه.
قوله: "كما يوقف عليه" كذا في بعض النسخ بتذكير الضمير أي: على حامل الحركة، وفي بعضها: كما بخط الشارح عليها، بتأنيث الضمير الراجع إلى حامل الحركة لاكتسابه التأنيث من المضاف إليه، كذا قال شيخنا، وفيه أن شرط الاكتساب وهو صلاحية المضاف للحذف غير موجود هنا، فتأمل.
قوله: "مستبدًّا بها" حال من مجرور على الراجع إلى الحامل وضمير بها للحركة أي: مستقلًّا بها بأن كانت له أصالة. قوله: "وغير ذلك" لو قال: والتضعيف؛ لكان أولى لشمول الغير للنقل، مع أنه غير مراد؛ لأنه لا يجري فيه على اللغة المشهورة. أما على لغة لخم من النقل إلى المتحرك فلا يبعد الجواز، فراجعه. قوله: "وقد تبدل الهمزة... إلخ" على هذا الوجه، والذي(4/298)
في الوَقْفِ تا تأنيث الاسمِ ها جُعِلْ إِنْ لَمْ يَكُنْ بسَاكِنٍ صَحَّ وُصِلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالبطْئ. وأما في الفتح فيلزم فتح ما قبلها، وقد يبدلونها كذلك بعد حركة غير منقولة فيقولون: هذا الكو ومررت بالكلي، وأهل الحجاز يقولون: الكلا في الأحوال كلها؛ لأنهم لا يبدلون الهمزة بعد حركة إلا بمجانسها؛ ولذلك يقولون في أكمؤ: أكمو، وفي ممتلئ: ممتلي.
"في الوقف تا تأنيث الاسم ها جعل إن لم يكن بساكن صح وصل" نحو: فاطمة وحمزة وقائمة. واحترز بالتأنيث من تاء لغيره؛ فإنها لا تغير. وشذ قول بعضهم: قعدنا على الفراء، وبالاسم من تاء الفعل نحو: قامت؛ فإنها لا تغير، وبعدم الاتصال بساكن صحيح من تاء بنت وأخت ونحوهما؛ فإنها لا تغير. وشمل كلامه ما قبله متحرك كما مثل وما قبله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعده لا يكون في الكلمة نقل أصلًا. قوله: "باق" احتراز عن النقل والاتباع. اهـ سم. لكن صرح الفارضي بأن السكون على هذه اللغة لا يبقى؛ بل يبدل بمثل حركة الهمزة فقال: ولا أثر لكون ما قبل الهمزة ساكنًا كما في الخبء فيقولون: مررت بالخبي بإبدال الهمزة المكسورة ياء، فتكسر الباء الساكنة لأجلها، ورأيت الخبا بإبدال الهمزة ألفًا وفتح الباء لأجلها، وهذا الخبو بإبدال الهمزة واوًا وضم الباء لأجلها. اهـ.
قوله: "وأما في الفتح" أي: وأما إبدالها بمجانس حركتها في الفتح، ولو قال: في النصب؛ لكان أحسن. وفي بعض النسخ: وأما في غير الفتح، وهو خطأ. قوله: "فيلزم فتح ما قبلها" أي: فيلزم فيه فتح ما قبلها لمناسبة الألف لا للنقل لعدمه على هذه اللغة، كما في الدماميني. قوله: "وقد يبدلونها كذلك" أي: بمجانس حركتها. قوله: "فيقولون" أي: في الوقف على الكلأ الذي هو الحشيش: هذا الكلو ومررت بالكلي أي: بفتح اللام وسكون الواو والياء. قوله: "إلا بمجانسها" أي: مجانس هذه الحركة. قوله: "في الوقف... إلخ" هذا مفهوم قوله: وغيرها التأنيث. سندوبي. قوله: "تا تأنيث الاسم" أي: ولو بحسب الوضع فقط لتدخل تاء المبالغة كما في راوية، وتاء زيادتها كما في علامة، وقيد في التسهيل التاء بكونها في آخر الاسم احترازًا من نحو: قائمتان، ويغني عنه كون الكلام في الحرف الموقوف عليه، وينبغي أن يراد بالاسم هنا ما يعم جمع التصحيح والملحق به وغيرهما، وبالجعل ما يعم الجعل القليل والجعل الكثير، فيكون قوله: بعد وقل ذا البيت، تفصيلًا للإجمال هنا.
قوله: "من تاء الفعل" وكذا تاء الحرف نحو: ربت عند الجمهور، كما سيشير إليه الشارح؛ وإنما التزمت التاء في الفعل والحرف خوف اللبس بالضمير نحو: ضربه وربه، وحمل ما لا لبس فيه على ما فيه لبس، وفي الخاطريات لابن جني قال سيبويه: لو سميت رجلًا بضربت ثم حقرته لقلت: ضريبه، فيوقف عليها بالهاء؛ لأنه قد انتقل من الفعل إلى الاسم. اهـ تصريح. وقوله: خوف اللبس، بحث في التعليل بخوف اللبس بأنه يقتضي ألا يوقف على نحو: ضاربه بالهاء؛ لوجود لبسها بالضمير. وقوله: ثم حقرته... إلخ قال يس: أما قبل التحقير فهل يوقف عليه بالهاء ظاهر تعليله. نعم، وظاهر كلامه لا، وانظر ما الحكم إذا سمي بثمت وربت ولات، وقد يقال: لا يوقف قبل التحقير بالهاء؛ لتقوى جانب الفعلية والحرفية حينئذ فيبقى على سكون التاء وقفًا. اهـ.
قوله: "من تاء بنت وأخت" كون تائهما للتأنيث لا ينافي كونها للتعويض عن لام الكلمة(4/299)
وقَلَّ ذا في جَمْعِ تَصْحِيحٍ وما ضَاهَى وغَيْرُ ذَيْن بالعَكْسِ انْتَمَى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ساكن غير صحيح، ولا يكون إلا ألفًا نحو: الحياة والفتاة، والأعرف في هذين النوعين إبدال التاء هاء في الوقف؛ وإنما جعل حكم الألف حكم المتحرك؛ لأنها منقلبة عن حرف متحرك.
"وقل ذا في جمع تصحيح وما ضاهى" أي: قل جعل التاء هاء في جمع تصحيح المؤنث نحو: مسلمات، وما ضاهاه أي: شابهه، وأراد بذلك هيهات وأولات كما صرح به في شرح الكافية، فالأعرف في هذا سلامة التاء، وقد سمع إبدالها هاء في قول بعضهم: دفن البناه من المكرماه، يريد: دفن البنات من المكرمات، وكيف بالأخوة والأخواه، وسمع: هيهاه وأولاه، ونقل بعضهم أنها لغة طيئ، وقال في الإفصاح: شاذ لا يقاس عليه.
تنبيه: إذا سمي رجل بهيهات على لغة من أبدل فهي كطلحة تمنع من الصرف للعلمية والتأنيث. وإذا سمي به على لغة من لم يبدل فهي كعرفات يجري فيها وجوه المؤنث السالم إذا سمي به.
"وغير ذين بالعكس انتمى" الإشارة إلى جمع الصحيح ومضاهيه يعني: أن غيرهما يقل فيه سلامة التاء بعكسهما، سواء كان مفردًا كمسلمة أو جمع تكسير كغلمة، ومن إقرارها تاء قول بعضهم: يأهل سورة البقرت، فقال مجيب: ما أحفظ منها ولا آيت. وقوله:
1256- الله أنجاكَ بكَفَّي مَسْلَمَتْ مِنْ بَعْدِ مَا وبَعْدِ ما وبَعْدِ مَتْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أيضًا. وقوله: ونحوهما أي: كهنت. قوله: "ولا يكون" أي: الساكن الذي هو غير صحيح الواقع قبل التاء. قوله: "والأعرف في هذين النوعين" أي: ما قبله متحرك وما قبله ساكن غير صحيح إبدال التاء هاء في الوقف، وهذا مستغنى عن ذكره بقول المصنف: وغير ذين... إلخ.
قوله: "وقل ذا" أي: جعل التاء هاء في جمع تصحيح يعني: ما جمع بألف وتاء مزيدتين. قوله: "وما ضاهى" أي: شابه جمع التصحيح في الدلالة على متعدد حالًا كأولات، وفي الأصل كعرفات، أو في التقدير كهيهات؛ فإنه في التقدير جمع هيهيا، ثم سمي به الفعل وهو بعد كما في التوضيح، فقوله: وأراد بذلك هيهات وأولات قاصر عن نحو: عرفات وأذرعات. قوله: "في قول بعضهم دفن البناه من المكرماه" يوهم أنه ليس بحديث، وفي تمييز الطيب من الخبيث حديث دفن البنات من المكرمات، رواه الطبراني في الكبير والأوسط وغيرهما عن ابن عباس؛ إلا أن يقال: راعى الشارح خصوص الوقف بالهاء. يس.
قوله: "وكيف بالإخوة والأخواه" الباء زائدة في المبتدأ وأسقطها في التوضيح. قوله: "إذا سمي رجل بهيهات" الظاهر أن مثله أولات لجريان اللغتين الإبدال وعدمه فيه أيضًا. قوله: "من بعد ما" أي: من بعد ما كادت، وما بين ذلك توكيد. وقوله: "وبعد مت" أصل مت، قال ابن جني: ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1256- الرجز لأبي النجم الراجز في الدرر 6/ 230، وشرح التصريح 2/ 344، ولسان العرب 15/ 472 "ما"، ومجالس ثعلب 1/ 326، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 113، وأوضح المسالك 4/ 348، وخزانة الأدب 4/ 177، 7/ 333، والخصائص 1/ 304، والدرر 6/ 305، ورصف المباني ص162، وسر صناعة الإعراب 1/ 160، 163، 2/ 563، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 289، وشرح قطر الندى ص325، وشرح المفصل 5/ 89، 9/ 81، والمقاصد النحوية 4/ 559، وهمع الهوامع 2/ 157، 209.(4/300)
وَقِفْ بها السكت على الفِعْلِ الْمُعَل بِحَذْفِ آخِرٍ كأَعْطِ مَنْ سَأَلْ
وليسَ حَتْمًا في سِوَى مَا كَعِ أو كيَعِ مجزومًا فرَاعِ مَا رعَوْا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ كادت نفوس القوم عند الغَلْصَمَتْ وكادت الحرة أن تدعَى أمَتْ
وأكثر من وقف بالتاء يسكنها ولو كانت منونة منصوبة. وعلى هذه اللغة بها كتب في المصحف {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ} و{امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ} وأشباه ذلك، فوقف عليها بالتاء نافع وابن عامر وعاصم وحمزة، ووقف عليها بالهاء ابن كثير وأبو عمرو والكسائي، ووقف الكسائي على لات بالهاء، ووقف الباقون بالتاء. قال في شرح الكافية: ويجوز عندي أن يوقف بالهاء على ربت وثمت قياسًا على قولهم في لات: لاه.
"وقف بها السكت على الفعل المعل بحذف آخر كأعط من سأل" يعني: أن هاء السكت من خواص الوقف، وأكثر ما تزاد بعد شيئين؛ أحدهما: الفعل المعتل المحذوف الآخر جزمًا نحو: لم يعطه، أو وقفًا نحو: أعطه. والثاني: ما الاستفهامية إذا جرت بحرف نحو: على مه ولمه، أو باسم نحو: اقتضاء مه، ولحاقها كل من هذين النوعين واجب وجائز. أما الفعل المحذوف الآخر، فقد نبه عليه بقوله: "وليس حتمًا في سوى ما كع أو كيع مجزومًا فراعِ ما رعوا" يعني: أن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فأبدل الألف هاء ثم أبدل الهاء تاء تشبيهًا لها بهاء التأنيث فوقف عليها بالتاء. وقوله: عند الغلصمت بفتح الغين المعجمة والصاد المهملة أي: رأس الحلقوم. قوله: "وأكثر من وقف بالتاء... إلخ" وبعضهم يقف على المؤنث بالهاء المنون المنصوب كما يقف على المنون المنصوب المجرد. قوله: "وأشباه ذلك" نقل شيخنا السيد: أن كل امرأة ذكرت في القرآن مع زوجها تُرسم بالتاء المجرورة. قوله: "فوقف عليها بالتاء... إلخ" اعلم أن التاء إن رسمت هاء وقف عليها كل القراء بالهاء، وإن رسمت تاء فمنهم من يقف بالهاء مراعاة للأصل، ومنهم من يقف بالتاء موافقة للرسم العثماني، قاله شيخنا السيد. قوله: "على لات بالهاء" مثلها ذات، كما قاله الفارضي وغيره.
قوله: "قياسًا على قولهم... إلخ" فيه أن الوقف على لات بالهاء ليس قياسًا، فكيف يقاس عليه؟ حفيد. قوله: "وقف بها السكت... إلخ" أي: للتوصل إلى بقاء الحركة في الوقف كما اجتلبت همزة الوصل للتوصل إلى بقاء السكون في الابتداء، وسميت هاء السكت؛ لأنه يسكت عليها دون آخر الكلمة. اهـ تصريح. ومواضع اطرادها ثلاثة، تأتي في النظم: الفعل المعتل المحذوف الآخر، وما الاستفهامية، والمبني على حركة بناء لازم. قوله: "بحذف آخر" أي: فقط كما في أعط، أو مع حذف الفاء كما في لم يفِ ولم يعِ، أو العين كما في لم يرَ. قوله: "المعتل" أخذه من المثال ومن لزوم الاعتلال للإعلال. قوله: "أو وقفًا" ليس المراد به هنا مقابل الوصل؛ إذ يلزم عليه أن الحكم المذكور في المحذوف الآخر جزمًا لا يختص بالوقف، وليس كذلك؛ بل المراد به البناء، وبه عبر ابن هشام. زكريا. قوله: "فقد نبه عليه" أي: على حكم لحاق الهاء له من الوجوب والجواز. وقوله: بقوله أي: بمنطوقه في الجواز ومفهومه في الوجوب. قوله: "مجزومًا" حال من يع.(4/301)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقف بهاء السكت على الفعل المعل بحذف الآخر ليس واجبًا في غير ما بقي على حرف واحد أو حرفين أحدهما زائد، فالأول نحو: عه أمر من وعى يعي، ونحو: ره أمر من رأى يرى، والثاني لم يعه ولم يره؛ لأن حرف المضارعة زائد، فزيادة هاء السكت في ذلك واجبة لبقائه على أصل واحد، كذا قاله الناظم. قال في التوضيح: وهذا مردود بإجماع المسلمين على وجوب الوقف على: لم أكْ، من تقْ بترك الهاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "نحو: عه" أصله اوعه، حذفت الواو التي هي فاء الكلمة، فحذفت همزة الوصل؛ لعدم الاحتياج إليها، فالباقي عين الكلمة. وقوله: "ونحو: ره" أصله إرأه، نقلت حركة الهمزة إلى الراء، ثم حذفت وحذفت همزة الأصل لما مر، فالباقي فاء الكلمة، وفي الدماميني على المغني أن حذف هاء السكت في مثل هذين الفعلين حالة الوصل؛ إنما هو في اللفظ لا في الخط، ومثلهما إ أمر من وأى يئي وأيًا بمعنى وعد، وإذا وقع قبله ساكن من كلمة ونقلت حركة الهمزة إليه على غير قياس تخفيف الهمزة قلت: قل بالخير يا زيد، وهند قالت بالخير يا عمرو، فلم يبقَ من الفعل إلا الكسرة في لام قل وتاء قالت، وتقول على هذا: يا زيد قلي بالخير يا هند، فلم يبقَ إلا حركة. وأما الياء فضمير الفاعل الذي كان متصلًا بالهمزة، وقد قيل في ذلك: في أي لفظ يا نحاة المله حركة قامت مقام الجملة
ومن ذلك اللغز المشهور: إِنَّ هندُ المليحة الحسناء وأي من اضمرت لخل وفاء
فأصل إن إين حذفت ياء الفاعل لالتقائها ساكنة مع نون التوكيد، وهند منادى، والمليحة نعت له على اللفظ، والحسناء نعت له على المحل، وأي مصدر مبين للنوع أي: عدن يا هند وعد امرأة أضمرت وفاء لخلها.
قوله: "واجبة" قد يقال: هلا كانت جائزة فقط في الثاني؛ لأن حرف المضارعة كالجزء كما جازت فقط في ما الاستفهامية المجرورة بالحرف؛ لأنه كالجزء. اهـ سم. بل كون حرف المضارعة كالجزء أقوى من كون حرف الجر كالجزء من ما؛ لأن حرف المضارعة لا تقوم بنية المضارع إلا به. قوله: "قال في التوضيح: وهذا مردود بإجماع المسلمين... إلخ" أجيب بأجوبة مردودة؛ منها: أن أك ليس معتل الآخر والكلام فيه، ومنها: أن القراءة سنة متبعة، فلا ينهض حجة على المصنف. ويرد الأول بأن كون أك غير معتل الآخر لا يفيد؛ لأن المصنف علل ببقاء الفعل على أصل واحد، وهو موجود في أك، وكونه غير معتل الآخر لا أثر له على أن كون الكلام في معتل الآخر غير مسلم؛ بل هو في المعل بحذف الآخر وأك منه. ويرد الثاني بأن القراءة الصحيحة لا تخالف العربية، ولا تأتي على ما تمنعه؛ وحينئذ فوقف جميع المسلمين على: لم أك، ومن تق بترك الهاء دليل قاطع على عدم وجوبها. نعم، يرد على ابن هشام أنه وافق المصنف في أواخر باب كان من شرح القطر، وقال بمقالته فيرد عليه ما أورده على المصنف.
قوله: "على وجوب الوقف" أي: حيث أريد الوقف وجب ما ذكر؛ وإلا فالوقف على موضع بخصوصه ليس واجبًا. حفيد. قوله: "بترك الهاء" وإنما يوقف على أك وتق بسكون الكاف والقاف.(4/302)
وما في الاستفهام إن جُرَّتْ حُذِفْ أَلِفُهَا وأَوْلِهَا الها إِنْ تَقِفْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: مقتضى تمثيله أن ذلك إنما يجب في المحذوف الفاء؛ وإنما أراد بالتمثيل التنبيه على ما بقي على حرف واحد أو حرفين أحدهما زائد كما سبق، فمحذوف العين كذلك كما سبق في التمثيل بنحو: ره ولم يره. وفهم منه أن لحاقها لما بقي منه أكثر من ذلك نحو: أعطه ولم يعطه جائز لا لازم.
"وما في الاستفهام إن جُرَّت حُذف ألفها" وجوبًا، سواء جرت بحرف أو اسم. وأما قوله:
1257- على ما قام يشتمني لئيم
فضرورة. واحترز بالاستفهامية عن الموصولة والشرطية والمصدرية نحو: مررت بما مررت به، وبما تفرح أفرح، وعجبت مما تضرب فلا يحذف ألف شيء من ذلك. وزعم المبرد أن حذف ألف ما الموصولة بشئت لغة، ونقله أبو زيد أيضًا. قال أبو الحسن في الأوسط: وزعم أبو زيد أن كثيرًا من العرب يقولون: سل عم شئت، كأنهم حذفوا لكثرة استعمالهم إياه. وفهم من قوله: إن جرت أن المرفوعة والمنصوبة لا تحذف ألفها، وهو كذلك. وأما قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "مقتضى تمثيله... إلخ" أي: لأن عادته الغالبة إعطاء الحكم بالمثال. قوله: "جائز لا لازم" لكن الأجود الإتيان بالهاء محافظة على دليل اللام المحذوفة أعني: حركة ما قبل اللام. قوله: "سواء جرّت بحرف" نحو: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} أو اسم نحو: مجيء من جئت. وقال الشاطبي: حذف الألف من المجرور باسم جائز لا لازم، ونقله عن سيبوبه. تصريح. قوله: "على ما قام يشتمني" من باب ضرب ونصر، كما في القاموس. قوله: "فضرورة" أي: بناء على أنها ما وقع في الشعر مما لا يقع مثله في النثر؛ وإلا فللشاعر مندوحة عن إثبات الألف بحذفها غاية ما يلزم عليه العقل، وهو جائز في الوافر بصلوح، وحكاه الشيخ خالد لغة، وعليها قراءة بعضهم: "عما يتساءلون".
قوله: "قال أبو الحسن في الأوسط" دليل لقوله: ونقله أبو زيد أيضًا. قوله: "لكثرة استعمالهم إياه" أي: التركيب المذكور. قوله: "أن المرفوعة" نحو: ما هذا والمنصوبة نحو: ما اشتريت. قال سم: وقد يفرق بين المجرورة وغيرها بأن الجار يتصل بها اتصال الجزء، فكان كالعوض من حذف الألف ولا كذلك غير المجرورة. اهـ. وهو واضح في المجرورة بالحرف دون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1257- عجزه: كخنزير تمرَّغ في رماد
والبيت من الوافر، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص324، والأزهية ص86، وخزانة الأدب 5/ 130، 6/ 99، 101، 102، 104، والدرر 6/ 314، وشرح التصريح 2/ 345، وشرح شواهد الشافية ص224، ولسان العرب 12/ 497 "قوم"، والمحتسب 2/ 347، ومغني اللبيب 1/ 299، والمقاصد النحوية 4/ 554، ولحسان بن منذر في شرح شواهد الإيضاح ص271، وشرح شواهد المغني 2/ 709، وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص404، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 297، وشرح المفصل 4/ 9، وهمع الهوامع 2/ 217.(4/303)
وليس حتمًا في سوى ما انْخَفَضَا باسم كقولك اقتضاء مَ اقتضى
ووَصْلَ ذي الهاء أَجِزْ بكل ما حُرِّك تحريك بناء لَزِمَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1258- ألام تقول الناعيات ألامه ألا فاندبا أهل الندى والكرامه
فضرورة.
تنبيهات: الأول: أهمل المصنف من شروط حذف ألفها ألا تركب مع ذا، فإن ركبت معه لم تحذف الألف نحو: على ماذا تلومونني، وقد أشار إليه في التسهيل، نقله المرادي.
الثاني: سبب هذا الخلاف إرادة التفرقة بينها وبين الموصولة والشرطية، وكان أولى بالحذف لاستقلالها بخلاف الشرطية؛ فإنها متعلقة بما بعدها، وبخلاف الموصولة؛ فإنها والصلة اسم واحد.
الثالث: قد ورد تسكين ميمها في الضرورة مجرورة بحرف كقوله:
1259- يا أسديًّا لم أكلته لِمَهْ
"وأولها الها إن تقف" أي: جوازًا إن جرت بحرف نحو: عمه، ووجوبًا إن جرت باسم نحو: اقتضاء مه؛ ولهذا قال: "وليس حتمًا في سوى ما انخفضا باسم كقولك اقتضاء م اقتضى" أي: وليس إيلاؤها الهاء واجبًا في سوى المجرورة بالاسم وقد مثله، وعلة ذلك أن الجار الحرفي كالجزء لاتصاله بها لفظًا وخطًّا بخلاف الاسم، فوجب إلحاق الهاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المجرورة بالاسم؛ إلا أن يقال: حملت المجرورة بالاسم على المجرورة بالحرف. قوله: "ألام" فما مفعول تقول؛ لأنه في معنى الجملة أي: أيّ كلام تقول، والناعيات جمع ناعية، وفي بعض النسخ: الناعيان بصيغة تثنية ناعي، وهو الأنسب بقوله: ألا فاندبا. نعم، العرب تخاطب الواحد والجمع بصيغة التثنية. قوله: "فضرورة" أي: بناء على ما مر؛ وإلا فللشاعر مندوحة عن حذف الألف بإثباتها ولا يلزم شيء؛ بل يكون الجزء سالمًا من الزحاف.
قوله: "أهمل المصنف" قد يقال: لا إهمال؛ لأن المصنف أشار إليه بكون المحدث عنه في كلامه لفظ ما فيخرج لفظ ماذا؛ لأن لفظ ما غير لفظ ماذا؛ لما تقرر أن الشيء مع غيره غيره في نفسه. قوله: "وبين الموصولة والشرطية" أي: والمصدرية، أو أراد بالموصولة ما يعمها، فكلامه هنا على نمط قوله سابقًا: واحترز بالاستفهامية... إلخ. قوله: "اسم واحد" أي: كالاسم الواحد. قوله: "تسكين ميمها" أي: وصلًا؛ إذ تسكين ميمها وقفًا جائز نظمًا ونثرًا، أفاده سم. قوله: "يا أسديا لم أكلته لمه" كأنه لم يقصد معينًا من بني أسد فنسب ونكر. قال العيني: وأنشده أبو الفتح: يا فقعسى، والشاهد في لم أكلته؛ حيث سكن الميم وصلًا للضرورة. قوله: "وقد مثله" أي: الاسم الجار. قوله: "لاتصاله بها لفظًا" أي: اتصالًا قويًّا بدليل عدم وقفهم على الجار بدون مجروره بخلاف المضاف. قوله: "وخطًّا" أي: غالبًا، فلا يرد حتام وإلام وعلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1258- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الدرر 6/ 318، والمقاصد النحوية 4/ 553، وهمع الهوامع 2/ 217.
1259- الرجز لسالم بن دارة في الحيوان 1/ 267، ولسان العرب 2/ 461 "روح"، وبلا نسبة في الإنصاف ص299، ولسان العرب 12/ 564 "لوم" والمقاصد النحوية 4/ 555.(4/304)
ووَصْلُها بِغَيْرِ تَحْرِيك بِنَا أدِيم شَذَّ في الْمُدَامِ اسْتُحْسِنَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للمجرورة بالاسم لبقائها على حرف واحد.
تنبيه: اتصال الهاء بالمجرورة بالحرف وإن لم يكن واجبًا أجود في قياس العربية وأكثر؛ وإنما وقف أكثر القراء بغير هاء اتباعًا للرسم.
"ووصلها بغير تحريك بنا أديم شذ في المدام استحسنا" يعني: أن هاء السكت لا تتصل بحركة إعراب ولا شبيهة بها؛ فلذلك لا تلحق اسم لا ولا المنادى المضموم، ولا ما بني لقطعه عن الإضافة كقبل وبعد، ولا العدد المركب نحو: خمسة عشر؛ لأن حركات هذه الأشياء مشابهة لحركة الإعراب. وأما قوله:
1260- يا رُبَّ يوم لي لا أُظَلَّلُهْ أُرْمَضُ من تحت وأُضْحَى من عَلُهْ
فشاذ؛ لأن حركة عل حركة بناء عارضة لقطعه عن الإضافة، فهي كقبل وبعد، وإلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وإن لم يكن واجبًا" جملة حالية. قوله: "أجود في قياس العربية" لتكون الهاء عوضًا عن الألف المحذوفة. قوله: "ووصلها بغير... إلخ" يوجد في بعض النسخ قبل هذا البيت بيت آخر؛ وهو: ووصل ذي الهاء أجز بكل ما حرك تحريك بناء لزما
فيكون قوله: ووصلها بغير... إلخ تفصيلًا لإجمال هذا البيت. قوله: "مشابهة لحركة الإعراب" أي: في العروض عند مقتضياتها وزوالها عند عدمها. سم. قوله: "لا أظلله" بالبناء للمجهول أي: لا أظلل فيه، ففيه حذف وإيصال. وقوله: أرمض... إلخ قال زكريا: أرمض مجهول من رمضت قدمه إذا احترقت من حر الرمضاء؛ وهي الأرض التي بها حرارة الشمس، وأصل تحت تحتي، وأضحى مجهول أيضًا من ضحيت للشمس بالكسر والفتح ضحى إذا برزت لها. اهـ. وسبقه إلى ذلك العيني وتبعهما أرباب الحواشي، ولا يخفي ما فيه من الخلل؛ لأن جعل الفعلين من رمضت قدمه وضحيت للشمس ينافي كونهما مجهولين؛ لأن رمض بهذا المعنى وضحى أو ضحا لازمان، كما يدل عليه كلام القاموس وغيره، والمجهول الذي نائب فاعله غير ظرف وجار ومجرور ومصدر لا يكون إلا من المتعدي بنفسه، فالذي ينبغي بناؤهما للفاعل، وناقش الدماميني في الاستشهاد بالبيت لاحتمال أن الهاء ضمير، وبنى على لإضافته إلى مبني. وأجاب عنه سم بأنه خلاف الظاهر، وعندي في صحة ما ذكره من الاحتمال نظر؛ إذ المعهود في المبني لإضافته إلى مبني البناء على الفتح لا الضم ومنه قوله: إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1260- الرجز لأبي مروان في شرح التصريح 2/ 346، ولأبي الهجنجل في شرح شواهد المغني 1/ 448، ومجالس ثعلب ص489، ولأبي ثروان في المقاصد النحوية 4/ 454، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 351، وجمهرة اللغة ص1318، وخزانة الأدب 2/ 397، والدرر 3/ 97، 6/ 305، وشرح عمدة الحافظ ص981، وشرح المفصل 4/ 87، ومغني اللبيب 1/ 154، وهمع الهوامع 1/ 203، 2/ 210.(4/305)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا أشار بقوله: ووصلها بغير تحريكي بناء أديم شذ فحركة على غير حركة بناء مدام؛ بل حركة بناء غير مدام. وأشار بقوله: في المدام استحسنا، إلى أن وصل هاء السكت بحركة المدام البناء أي: الملتزم جائز مستحسن، وذلك كفتحة هو وهي وكيف وثم، فيقال في الوقف: هوه وهيه وكيفه وثمه.
تنبيهان: الأول: اقتضى قوله: ووصلها بغير تحريك بنا أديم شذ أن وصلها بحركة الإعراب قد شذ أيضًا؛ لأن كلامه يشمل نوعين؛ أحدهما: تحريك البناء غير المدام، والآخر: تحريك الإعراب، وليس ذلك إلا في الأول.
الثاني: قوله: في المدام استحسنا يقتضي جواز اتصالها بحركة الماضي؛ لأنها من التحريك المدام، وفي ذلك ثلاثة أقوال؛ الأول: المنع مطلقًا، والثاني: الجواز مطلقًا، والثالث: الجواز إن أمن اللبس نحو: قعده، والمنع إن خيف اللبس نحو: ضربه، والصحيح الأول وهو مذهب سيبويه، واختاره المصنف؛ لأن حركته وإن كانت لازمة فهي شبيهة بحركة الإعراب؛ لأن الماضي إنما بني على حركة لشبهه بالمضارع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بفتح مثل، فتأمل. قوله: "فحركة عل... إلخ" الفاء تعليلية. قوله: "وثم" بفتح المثلثة وضمها فيما يظهر؛ لجواز لحوقها كل متحرك حركة بناء دائمة إلا الماضي. قوله: "اقتضى قوله: ووصلها بغير تحريك بنا أديم... إلخ" دفع بجعل النفي راجعًا للقيد فقط وهو أديم، فكأنه قال: ووصلها بتحريك بناء غير مدام، وبجعل إضافة غير إلى ما بعده للجنس على أن سيبويه حكى: أعطني أبيضة، بلحوق الهاء للمعرب شذوذًا، واقتضى أيضًا أن وصلها بحركة ليست بناء ولا إعرابًا، كما في الزيدانه والمسلمونه شاذ؛ لشمول غير تحريك البناء المدام لها مع أنه يجوز أن تلحقها الهاء بلا شذوذ، كما في الهمع وغيره، واقتضى أن وصلها بالمبني على غير حركة شاذ لشمول عبارته غير الحركة، مع أن منه ما يجوز وصله بالهاء باطراد، كما يدل عليه قول الهمع. قال -أي: أبو حيان-: وكل مبني آخره ألف نحوها وأولا، وهنا يجوز فيه ثلاثة أوجه: إبقاؤها ألفًا كما في الوصل، وإبدالها همزة، وإلحاق هاء السكت بعدها. وشذ قلب الألف هاء في قوله: من هاهنا ومن هنة إلا في الاسم المندوب، فيتعين فيه الوجه الثالث نحو: يا زيداه، ولا يوقف عليه بالألف فقط، ولا تبدل ألفه همزة. أما المعرب فتلحقه هذه الهاء فلا يقال: موساه ولا عيساه؛ لئلا يلتبس بالمضاف إلى الضمير. اهـ. والذي في باب الندبة من الشرح والهمع وغيرهما أن الوقف على المندوب بالألف فقط جائز، وأن الجمع بين الألف والهاء غالب لا واجب.
قوله: "يشمل نوعين" بل ثلاثة بل أربعة كما عرفت. قوله: "وليس ذلك" أي: الشذوذ إلا في الأول أي: فلم يرد في الثاني. اهـ سم. وقد عرفت ما فيه مما مر عن سيبويه. قوله: "إن أمن اللبس" أي: لبس هاء السكت بهاء الضمير. وقوله: نحو قعده أي: لأن قعد لازم، فلا يتعدى للمفعول به حتى تلتبس هاء السكت بضمير المفعول به بخلاف ضربه، وقد يقال: هاء قعده وإن لم تلتبس بضمير المفعول به تلتبس بضمير المصدر؛ إلا أن يقال: هو احتمال بعيد، أو الحاصل معه إجمال لا(4/306)
ورُبَّما أُعطِي لَفْظُ الوَصْلِ ما للوَقْفِ نثرًا وفَشَا منتظِمًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المعرب في وجوه تقدمت في موضعها، فكان من حق المصنف أن يستثنيه، كما فعل في الكافية فقال فيها: ووصل ذي الهاء أجز بكل ما حرك تحريك بناء لزما
ما لم يكن ذلك فعلًا ماضيًا.
"وربما أعطي لفظ الوصل ما للوقف نثرًا وفشا منتظمًا" أي: قد يحكم للوصل بحكم الوقف، وذلك في النثر قليل، كما أشار إليه بقوله: وربما، ومنه قراءة غير حمزة والكسائي: {لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ} [البقرة: 259]، {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ} [الأنعام: 90] ومنه أيضًا: {مَا لِيَهْ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ، خُذُوهُ} [الحاقة: 29]، {مَا هِيَهْ، نَارٌ حَامِيَةٌ} [القارعة: 11]، ومنه قول بعض طيئ: هذه حبلو يا فتى؛ لأنه إنما تبدل هذه الألف واوًا في الوقف، فأجرى الوصل مجراه وهو في النظم كثير، من ذلك قوله:
1261- مثل الحريق وافق القصبا
فشدد الباء مع وصلها بحرف الإطلاق وقوله:
1262- أتَوْا ناري فقلتُ منون أنتم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لبس بخلاف ضربه. قوله: "في وجوه... إلخ" أي: في وقوعه صفة وصلة وخبرًا وحالًا وشرطًا. قوله: "لفظ الوصل" الإضافة على معنى في أي: اللفظ في الوصل. وقوله: ما للوقف أي: للفظ في الوقف فحسنت المقابلة. قوله: "ما للوقف" أي: من إسكان مجرد أو مع الروم أو مع الإشمام ومن تضعيف ونقل ومن اجتلاب هاء السكت. تصريح. قوله: "وفشا" أي: الإعطاء المفهوم من أعطى. وقوله: منتظمًا حال سببية على تقدير مضاف من فاعل فشا أي: منتظمًا محله، وهو اللفظ الذي حصل فيه الإعطاء أو الضمير راجع للفظ الوصل المعطي حكم لفظ الوقف والحال على هذا ظاهرة.
قوله: "{لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ}" قال شيخنا السيد: أشار بذكر وانظر إلى أن الخلاف في إثبات الهاء؛ إنما هو في الوصل، أما في الوقف فثابتة وفاقًا. اهـ. وكذا يقال فيما بعد. قوله: "إنما تبدل هذه الألف واوًا في الوقف" أي: عند بعض طيئ المذكور، وعبارة الهمع: ربما قلبت الألف الموقوف عليها همزة أو ياء أو واوًا نحو: هذه أفعاء أو أفعى أو أفعو في هذه أفعى وهذه عصأ أو عصي أو عصو، والأولى والأخيرة لغة بعض طيئ، والثانية لغة فزارة، ونص سيبويه على أن هذه اللغات الثلاث في كل ألف في آخر اسم، سواء كانت أصلية أو غير أصلية. وحكى الخليل أن بعضهم يقول: رأيت رجلًا فيهمز؛ لأنها ألف في آخر الاسم.
قوله: "منون أنتم" والقياس من أنتم؛ لأن من لا يختلف لفظها وصلًا فأجراها وصلًا مجراها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1261- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص169، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 318، 320، ولربيعة بن صبح في شرح شواهد الإيضاح ص264، ولأحدهما في شرح التصريح 2/ 346، والمقاصد النحوية 4/ 549، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 353، وخزانة الأدب 6/ 138، وشرح ابن عقيل ص673، وشرح المفصل 3/ 94، 139، 9/ 68، 82.
1262- راجع التخريج رقم 1210.(4/307)
الإمالة
الإمالة: الألفَ المبدلَ من يا في طَرَفْ أَمِلْ كَذَا الواقعُ منه اليَا خَلَفْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد تقدم في الحكاية.
خاتمة: وقف قوم بتسكين الروي الموصول بمدة؛ كقوله: أقلي اللوم عاذلَ والعتابْ
وأثبتها الحجازيون مطلقًا فيقولون: العتابا، وإن ترنم التميميون فكذلك، وإلا عوضوا منها التنوين مطلقًا؛ كقوله: سُقيت الغيث أيتها الخِيَامَنْ
وكقوله: يا صاحِ ما هاج العيون الذرفن
وكقوله: لما تزل برحالنا وكأن قدن
والله أعلم.
الإمالة:
وتسمى الكسر والبطح والإضجاع، وقدمها في التسهيل والكافية على الوقف، وما هنا أنسب؛ لأن أحكامه أهم، والنظر في حقيقتها وفائدتها وحكمها ومحلها وأصحابها وأسبابها؛ أما حقيقتها فإن يُنحى بالفتحة نحو الكسرة فتميل الألف إن كان بعدها ألف نحو الياء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقفًا. قوله: "بتسكين الروي" أي: حقيقة أو حكمًا، فدخل في الروي المعروض المصرعة، فلا اعتراض بأن العتاب في البيت المستشهد به ليس رويًّا؛ بل هو عروض. قوله: "بمدة" أي: ألف أو واو أو ياء. قوله: "وأثبتها الحجازيون مطلقًا" أي: قصدوا الترنم أي: مد الصوت فوق حركتين أولًا بقرينة قوله: وإن ترنم التميميون... إلخ أي: قصدوا الترنم، فعلم أن الترنم غير لازم للمدة، وأن إبطال شيخنا تفسير الإطلاق بما ذكر بأن الترنم لازم للألف باطل مع ما فيه من القصور. قوله: "فكذلك" أي: أثبتوا المدة. قوله: "وإلا عوضوا منها" أي: من المدة التنوين أي: ليقطعوا به الترنم مطلقًا أي: بعد ضمه أو فتحه أو كسره بقرينة التمثيل.
الإمالة:
قوله: "وتسمى الكسر" أي: لما فيها من الإمالة إلى الكسر. وقوله: والبطح أي: لما فيها من بطح الفتحة إلى الكسر أي: إمالتها إليه وأصل بطح الشيء إلقاؤه ورميه ويلزمه إمالته. قوله: "أهم" لأنه لا بد منه بخلاف الإمالة. قوله: "والنظر" مبتدأ. وقوله: في حقيقتها... إلخ خبر، وكان عليه أن يزيد الموانع وموانع الموانع. قوله: "فإن ينحى... إلخ" شامل لإمالة الألف؛ لأن فيها أيضًا إمالة الفتحة نحو الكسرة كما يفيده تقريره، وقضية صنيعه أنها عمل واحد يلزمه عند وجود الألف عمل آخر، وهو ظاهر، بخلاف قول ابن الناظم: هي أن تنحو بالفتحة نحو الكسرة، وبالألف نحو الياء مع(4/308)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأما فائدتها فاعلم أن الغرض الأصلي منها هو التناسب، وقد ترد للتنبيه على أصل أو غيره كما سيأتي. وأما حكمها فالجواز. وأسبابها الآتية مجوزة لها لا موجبة. وتعبير أبي علي ومن تبعه عنها بالموجبات تسمح، فكل ممال يجوز فتحه. وأما محلها فالأسماء المتمكنة والأفعال. هذا هو الغالب. وسيأتي التنبيه على ما أميل من غير ذلك. وأما أصحابها فتميم ومَن جاورهم من سائر أهل نجد كأسد وقيس، وأما أهل الحجاز فيفخمون بالفتح وهو الأصل، ولا يميلون إلا في مواضع قليلة. وأما أسبابها فقسمان: لفظي ومعنوي، فاللفظي الياء والكسرة، والمعنوي الدلالة على ياء أو كسرة، وجملة أسباب إمالة الألف على ما ذكره المصنف ستة؛ الأول: انقلابها عن الياء. الثاني: مآلها إلى الياء. الثالث: كونها بدل عين ما يقال فيه فلت. الرابع: ياء قبلها أو بعدها. الخامس: كسرة قبلها أو بعدها. السادس: التناسب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن قوله المذكور يخرج عنه أماله الفتحة التي ليس بعدها ألف. قوله: "هو التناسب" أي: تناسب الأصوات وصيرورتها من نمط واحد؛ بيان ذلك أنك إذا قلت: عابد، كان لفظك بالفتحة والألف تصعدًا واستعلاء، وبالكسرة انحدارًا وتسفلًا، فيكون في الصوت بعض اختلاف، فإذا أملت الألف قربت من الياء وامتزج بالفتحة طرف من الكسرة، فتقارب الكسرة الواقعة بعد الألف، وتصير الأصوات من نمط واحد، وهذا نظير إشمامهم الصاد زايًا في نحو: يصدر للتناسب؛ لأن الصادر حرف مهموس، والدال حرف مجهور، فبينهما نفرة، والزاي تشاكل الصاد في الصفير والدال في الجهر، فإذا أشربوا الصاد زايًا حصل تناسب الأصوات. حفيد. قوله: "أو غيره" كقلبها ياء في التثنية وإن لم يكن أصلها الياء. قوله: "فكل مما يجوز فتحه" أي: رجوعًا إلى الأصل. قال البعض: وكان الأحسن أن يقول: يجوز عدم إمالته ليشمل الألف. اهـ. وجوابه ما سيصرح به الشارح عند قول المصنف: والكف قد يوجبه ما ينفصل
من أن المراد بالفتح ترك الإمالة. قوله: "فيفخمون بالفتح" أي: وجوبًا في غير المواضع القليلة الآتية. قوله: "وجملة أسباب إمالة الألف" أي: تفصيلًا بخلاف ما قبله فإجمال. قوله: "على ما ذكره المصنف" فيه أنه لم يذكر في النظم بعض الرابع؛ وهو الياء بعد الألف؛ إلا أن يقال: المراد ذكره في الجملة أولًا بقيد هذا النظم.
قوله: "الأول: انقلابها عن الياء... إلخ" الأول والثاني يرجعان إلى الدلالة على ياء؛ لأن انقلاب الألف عن الياء أو إلى الياء في بعض الأحوال سبب للدلالة على الياء، ثم لا يخفى أن سبب السبب سبب، فلا تنافي بين جعله أولًا الدلالة سببًا وجعله ثانيًا الانقلاب سببًا، والثالث يرجع إلى الدلالة على الكسرة؛ لأن كون الألف بدل عين ما يقال فيه عند إسناده إلى ضمير المتكلم، قلت: سبب للدلالة على الكسرة، ثم سبب السبب سبب، فلا تنافي أيضًا، والرابع والخامس يرجعان إلى قسمي السبب اللفظي، والسادس لا يرجع إلى خصوص واحد من قسمي اللفظي، ولا خصوص واحد من قسمي المعنوي؛ بل يرجع في كل موضع بواسطة سبب إمالة ما لأجله التناسب إلى هذا السبب أيًّا كان، فتدبر. قوله: "مآلها" أي:(4/309)
دُونَ مَزِيدٍ أو شُذوذٍ ولِمَا تليه ها التأنيث ما الها عَدِمَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذه الأسباب كلها راجعة إلى الياء والكسر. واختلف في أيهما أقوى؛ فذهب الأكثرون إلى أن الكسرة أقوى من الياء وأدعى إلى الإمالة، وهو ظاهر كلام سيبويه، فإن قال في الياء: لأنها بمنزلة الكسرة، فجعل الكسرة أصلًا.
وذهب ابن السراج إلى أن الياء أقوى من الكسرة، والأول أظهر لوجهين؛ أحدهما: أن اللسان يتسفل بها أكثر من تسفله بالياء. والثاني: أن سيبويه ذكر أن أهل الحجاز يميلون الألف إلى الكسرة، وذكر في الياء أن أهل الحجاز وكثيرًا من العرب لا يميلون للياء، فدل هذا من جهة النقل أن الكسرة أقوى.
وقد أشار المصنف إلى السبب الأول بقوله: "الألف المبدل من يا في طرف أمل" أي: سواء في ذلك طرف الاسم نحو: مرمى، والفعل نحو: رمى. واحترز بقوله: في طرف، من الكائنة عينًا، وسيأتي حكمها.
وأشار إلى السبب الثاني بقوله: "كذا الواقع منه اليا خلف دون مزيد أو شذوذ" أي: تمال الألف إذا كانت صائرة إلى الياء دون زيادة ولا شذوذ، وذلك ألف نحو: مغزى وملهى من كل ذي ألف متطرفة زائدة على الثلاثة، ونحو: حبلى وسكرى من كل ما آخره ألف تأنيث مقصورة، فإنها تمال؛ لأنها تؤول إلى الياء في التثنية والجمع، فأشبهت الألف المنقلبة عن الياء. واحترز بقوله: دون مزيد من رجوع الألف إلى الياء بسبب زيادة كقولهم في تصغير قفا: قفي، وفي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أيلولتها أي: رجوعها. قوله: "راجعة إلى الياء والكسرة" قال البعض: كان الأولى إلى الدلالة على الياء أو الكسرة. اهـ. وهو ساقط؛ لأن ما ادعى أولويته لا يشمل الرابع والخامس، بخلاف عبارة الشارح، وقد بينا آنفًا وجه الرجوع، فلا تغفل.
قوله: "وأدعى إلى الإمالة" لعله عطف تفسير. قوله: "يميلون الألف للكسرة" أي: لأجل الكسرة. قوله: "لا يميلون للياء" أي: لأجل الياء أي: فمن يميل الألف للكسرة أكثر ممن يميلها للياء، فكانت أقوى. قوله: "من الكائنة عينًا" أي: ففيها تفصيل، فإن كانت عين فعل كالألف في دان أميلت، وإن كانت عين اسم كالألف في ناب لم تمل على خلاف سيأتي، ولأجل التفصيل والخلاف قال وسيأتي حكمها. قوله: "دون مزيد" أي: مزيد ليس على تقدير الانفصال، فلا يرد أن ألف نحو ملهى إنما تقلب ياء بزيادة علامة التثنية والجمع؛ لأنها زيادة على تقدير الانفصال. قوله: "فإنها" أي: ألف نحو: مغزى وملهى ونحو: حبلى وسكرى. قوله: "والجمع" أي: بالألف والتاء.
قوله: "فأشبهت الألف المنقلبة عن الياء" أي: بجامع الارتباط بالياء في كل. قوله: "في تصغير قفا قفي... إلخ" أصل المصغر قفيو، اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء، وأصل الجمع قفوو قلبت الواو الأخيرة ياء كراهة اجتماع واوين فصار قفوي، فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء وقلبت ضمة الفاء كسرة لأجل الياء، وضمة القاف كسرة لإتباع كسرة الفاء، ومثله عصا، قاله(4/310)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تكسيره قفي فلا يمال قفا لذلك. واحترز بقوله: أو شذوذ من قلب الألف ياء في الإضافة إلى ياء المتكلم في لغة هذيل؛ فإنهم يقولون في عصا وقفا: عصي وقفي، ومن قلب الألف ياء في الوقف عند بعض طيئ نحو عصي وقفي؛ فلا تسوغ الإمالة لأجل ذلك. وخلف في كلامه حال من الياء ووقف عليه بالسكون لأجل النظم، ويجوز في الاختيار على لغة ربيعة.
تنبيهات: الأول: هذا السبب الثاني هو أيضًا من الألف الواقع طرفًا كالأول.
الثاني: قد علم مما تقدم أن نحو قفا وعصا من الاسم الثلاثي لا يمال؛ لأن ألفه عن واو، ولا يؤول إلى الياء إلا في شذوذ أو بزيادة. وقد سمعت إمالة العشا مصدر الأعشى؛ وهو الذي لا يبصر ليلًا ويبصر نهارًا. والمكا -بالفتح- وهو حجر الثعلب والأرنب، والكبا -بالكسرة- الكناسة، وهذه من ذوات الواو لقولهم: ناقة عشواء، وقولهم: المكو والمكوة بمعنى المكا، ولقولهم: كبوت البيت إذا كنسته، والألفاظ الثلاثة مقصورة، وهذا شاذ. لا يقال: لعل إمالة الكبا لأجل الكسرة فلا تكون شاذة؛ لأن الكسرة لا تؤثر في المنقلبة عن واو، وأما الربا فإمالتهم له وهو من ربا يربو لأجل الكسرة في الراء، وهو مسموع مشهور، وقد قرأ به الكسائي وحمزة.
الثالث: يجوز إمالة الألف في نحو دعا وغزا من الفعل الثلاثي، وإن كانت عن واو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصرح. قوله: "من قلب الألف ياء في الإضافة إلى ياء المتكلم في لغة هذيل" نظر فيه الشاطبي بأنه كيف يصح إطلاق الشاذ على لغة شهيرة، واستقرب أنه احتراز عن قلب الألف ياء في الوقف عند بعض طيئ ومن تثنية رضا على رضيان لندور كل. قوله: "مما تقدم" أي: من التقييد بعدم الشذوذ. قوله: "من الاسم الثلاثي" أي: المنقلبة ألفه المتطرفة عن الواو بخلاف نحو: ملهى ومغزى من الاسم المجاوز ثلاثة أحرف المنقلبة ألفه المتطرفة عن الواو لرجوعها ياء دون زيادة وشذوذ. قوله: "العشا" بالفتح والقصر. قوله: "لقولهم" تعليل لقوله: وهذه أي: الثلاثة من ذوات الواو. قوله: "لأن الكسرة" أي: كسرة غير الراء بدليل ما بعده. قوله: "لأجل الكسرة في الراء" أي: لأنها لم تؤثر في إمالة الواوي، سواء تقدمت على الألف كما في الربا، أو تأخرت عنها كما في الدار، نقله سم عن الجاربردي. قوله: "مسموع مشهور" قد يوهم أنه غير مقيس، وليس كذلك، وممن صرح بأنه مقيس شيخ الإسلام في شرح الشافية.
قوله: "يجوز إمالة الألف في نحو دعا... إلخ" قال الموضح: على هذا يشكل قول الناطم: إن إمالة ألف تلا في قوله تعالى: {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا} [الشمس: 2] لمناسبة ألف جلا، وقول ابنه: إن إمالة ألف سجا لمناسبة ألف قلا؛ بل إمالتهما لقولك: تلا وسجا، وسيأتي في الشرح عند قول المصنف: وقد أمالوا لتناسب... إلخ أن تمثيله بتلا إنما هو على رأي غير سيبويه كالمبرد وطائفة، فلا تغفل. وفي القاموس: سجا سجوا سكن. اهـ. وحينئذ ففي الآية مجاز عقلي؛ لأن السكون في الحقيقة(4/311)
وهكذا بَدَلُ عَيْنِ الفِعْلِ إِنْ يؤل إلى فِلْت كماضي خَفْ ودِنْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأنها تؤول إلى الياء في نحو: دعي وغزي من المبني للمفعول، وهو عند سيبويه مطرد، وبهذا ظهر الفرق بين الاسم الثلاثي والفعل الثلاثي إذا كانت ألفهما عن واو. وقال أبو العباس وجماعة من النحاة: إمالة ما كان من ذوات الواو على ثلاثة أحرف نحو: دعا وغزا قبيحة، وقد تجوز على بعد. اهـ. وأشار بقوله: "ولما تليه ها التأنيث ما الها عدما" إلى أن للألف التي قبل هاء التأنيث في نحو: مرماة وفتاة من الإمالة؛ لكونها منقلبة عن الياء ما للألف المتطرفة؛ لأن هاء التأنيث غير معتد بها، فالألف قبلها متطرفة تقديرًا. وأشار إلى السبب الثالث بقوله: "وهكذا بدل عين الفعل إن يؤل إلى فلت" أي: تمال الألف أيضًا إذا كانت بدلًا من عين فعل تكسر فاؤه حين يسند إلى تاء الضمير، سواء كانت تلك الألف منقلبة عن واو مكسورة.
"كماضي خف" وكد، وهو خاف وكاد، أم عن ياء نحو ماضي بع "ودن" وهو باع ودان، فإنك تقول فيها: خفت وكدت وبعت ودنت، فيصيران في اللفظ على وزن فلت، والأصل فعلت، فحذفت العين وحركت الفاء بحركتها، وهذا واضح في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للناس في الليل لا له. قوله: "ظهر الفرق... إلخ" لأن الفعل الثلاثي الواوي تؤول ألفه إلى الياء دون مزيد وشذوذ، بخلاف الاسم الثلاثي الواوي.
قوله: "وقال أبو العباس" أي: المبرد، وهذا مقابل قوله: "وهو عند سيبويه مطرد". فقوله: وقد تجوز على بعد أي: عن القياس، فهي غير مطردة، ودفع به ما قد يوهمه قوله: قبيحة، من عدم سماعها أصلًا يدل على كونه مقابلة قول الشارح في شرح قول المصنف: وقد أمالوا لتناسب... إلخ ليس بخافٍ أن تمثيله بتلا إنما هو على رأي غير سيبيويه كالمبرد وطائفة؛ أما سيبيويه فقد تقدم أنه يطرد عنده إمالة نحو: غزا ودعا... إلخ، فقول البعض: إن هذا تأييد لما قبله غفلة عن صريح كلام الشارح فيما يأتي، وأيضًا كيف يقال في المطرد: إنه قبيح، وقد يجوز على بعد. قوله: "ولما تليه... إلخ" يرجع للألف المنقلبة عن ياء والألف الصائرة ياء، وإن أوهمت عبارة الشارح قصره على الأولى. وقوله: ما الها، على تقدير مضاف أي: حكم ما الها، والها مفعول مقدم لعدم بفتح فكسر أي: فقد.
قوله: "من الإمالة" بيان لما للألف المتطرفة فقوله: لكونها أي: الألف المتطرفة منقلبة عن الياء تعليل لثبوت الإمالة للألف المتطرفة. وقوله: لأن هاء التأنيث... إلخ تعليل لثبوت ما للألف المتطرفة من الإمالة للألف التي قبل هاء التأنيث فاستقامت عبارته؛ لكن في قوله: لكونها منقلبة عن الياء قصور، ولو قال: منقلبة عن الياء أو تؤول إلى الياء لشمل نحو: مغزاة وملهاة، فتدبر. قوله: "إن يؤول إلى فلت" من ذلك: مات، على لغة من يقول: مت بكسر الميم، بخلافه على لغة من قال: مت بضمها.
قوله: "وهو خافٍ وكاد" والدليل على أن ألفها منقلبة عن واو الخوف والكود. قال في الصحاح: كاد يفعل كذا يكاد كودًا ومكادة. قوله: "أم عن ياء" أي: مفتوحة كما في باع ودان، أو مكسورة كما في هاب. قوله: "فيصيران في اللفظ على وزن فلت" هذا لا يتفرع على مجرد حذف العين لصدقه مع ضم الفاء أيضًا، فكان الأولى أن يقول بحذف عين الكلمة ونقل حركتها(4/312)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأولين. وأما الأخيران فقيل: يقدر تحويله إلى فعل بكسر العين ثم تنقل الحركة. هذا مذهب كثير من النحويين. وقيل: لما حذفت العين حركت الفاء بكسرة مجتلبة للدلالة على أن العين ياء، ولبيان ذلك موضع غير هذا. واحترز بقوله: إن يؤل إلى فلت من نحو: طال، وقال: فإنه لا يؤول إلى فلت بالكسر؛ وإنما يؤول إلى فلت بالضم نحو: طلت وقلت.
والحاصل أن الألف التي هي عين الفعل تمال إن كانت عن ياء مفتوحة نحو: دان، أو مكسورة نحو: هاب، أو عن واو مكسورة نحو: خاف، فإن كانت عن واو مضمومة نحو: طال، أو مفتوحة نحو: قال، لم تمل.
تنبيهات: الأول: اختلف في سبب إمالة نحو: خاف وطاب، فقال السيرافي وغيره: إنها للكسرة العارضة في فاء الكلمة؛ ولهذا جعل السيرافي من أسباب الإمالة كسرة تعرض في بعض الأحوال، وهو ظاهر كلام الفارسي. وقال: وأمالوا خاف وطاب مع المستعلى طلبًا للكسر في خفت، وقال ابن هشام الخضراوي: الأولى أن الإمالة في طاب؛ لأن الألف فيها منقلبة عن ياء، وفي خاف؛ لأن العين مكسورة، أرادوا الدلالة على الياء والكسرة.
الثاني: نقل عن بعض الحجازيين إمالة نحو: خاف وطاب، وفاقًا لبني تميم، وعامتهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلى الفاء فيصيران... إلخ، ولو اقتصر على قوله: فإنك تقول فيهما: خفت ودنت، على وزن فلت، والأصل... إلخ لو في بالمراد وسلم مما مر. قوله: "فحذفت العين" لأنها لما نقلت حركتها إلى الفاء التقت ساكنة مع اللام، فحذفت لالتقاء الساكنين، فعلم أن الحذف بعد النقل؛ لكن الشارح نظر إلى أن الواو لا تقتضي الترتيب، فعطف بالواو النقل على الحذف. قوله: "وهذا" أي: تحريك الفاء بحركة العين واضح في الأولين أي: خاف وكاد؛ لأن أصلهما خوف وكود بكسر الواو. وقوله: وأما الأخيران أي: باع ودان. وقوله: فقيل: تحويله، مقتضى الظاهر تحويلهما، ولعله أفرد باعتبار كل أو المذكور.
قوله: "فقيل... إلخ" في تقديمه على القول بعده وعزوه لكثير من النحويين إشعار بترجيحه، ويرجحه أيضًا ظهور سبب حذف العين عليه دون ما بعده، فتأمل. قوله: "ثم تنقل الحركة" يصح قراءته بالنصب بأن مضمرة عطفًا على تحويله أي: ثم يقدر نقل الحركة وبالرفع عطفًا على يقدر أي: ثم تنقل الحركة المقدرة والمآل واحد. قوله: "لما حذفت العين" أي: بلا نقل حركتها. قوله: "عن ياء مفتوحة... إلخ" لعل اقتصاره في الياء على الفتح والكسر مع ذكرهما وذكر الضم في الواو لعدم الضم في الياء، ثم رأيت شيخنا السيد جزم به. قوله: "إنها للكسرة" أي: لوجودها في بعض أحوال الكلمة. قوله: "مع المستعلى" أي: الخاء والطاء، وهذا القيد لبيان الواقع في المثالين، وللإشارة إلى أن حرف الاستعلاء غير مانع هنا من الإمالة، وإن منع منها في مواضع أخر، كما سيأتي. قوله: "طلبًا للكسرة" أي: للدلالة عليها. وقوله: في خفت أي: وطبت.
قوله: "إمالة نحو: خاف وطاب" أي: لأجل الكسرة العارضة في بعض أحوالهما، لا لأجل(4/313)
كذاكَ تِالِي اليَا والفَصْلُ اغْتُفِرْ بحَرْفٍ أو مع هَا كجَيْبَهَا أدِرْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يفرقون بين ذوات الواو نحو: خاف فلا يميلون، وبين ذوات الياء نحو: طاب فيميلون.
الثالث: أفهم قوله: بدل عين الفعل، أن بدل عين الاسم لا تمال مطلقًا. وفصل صاحب المفصل بين ما هي عن ياء نحو: ناب وعاب بمعنى العيب فيجوز، وبين ما هي عن واو نحو: باب ودار فلا يجوز؛ لكنه ذكر بعد ذلك فيما شذ عن القياس إمالة عاب، وصرح بعضهم بشذوذ إمالة الألف المنقلبة عن ياء عينًا في اسم ثلاثي، وهو ظاهر كلام سيبويه، وصرح ابن إياز في شرح فصول ابن معطي بجواز إمالة المنقلبة عن الواو المكسورة كقولهم: رجل مال أي: كثير المال، ونال أي: عظيم العطية، والأصل: مول ونول، وهما من الواواي لقولهم: أموال وتمول والنول، وانكسار الواو لأنهما صفتان مبنيتان للمبالغة، والغالب على ذلك كسر الغين.
وأشار إلى السبب الرابع بقوله: "كذاك تالي اليا والفصل اغتفر بحرف أو مع ها كجيبها أدر" أي: تمال الألف التي تتلو ياء أي: تتبعها متصلة بها نحو: سيال بفتحتين لضرب من شجر العضاه، أو منفصلة بحرف نحو: شيبان، أو بحرفين ثانيهما هاء نحو: جيبها أدر، فإن كانت منفصلة بحرفين ليس أحدهما هاء، أو بأكثر من حرفين امتنعت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الياء في طاب لما أسلفه الشارح من أن أهل الحجاز يميلون لأجل الكسرة لا لأجل الياء، وبهذا يترجح مذهب السيرافي المتقدم على مذهب ابن هشام الخضراوي. قوله: "فلا يميلون" لعله لعدم تقوي الكسرة العارضة في بعض أحوال الكلمة بالياء، بخلاف الكسرة في ذوات الياء؛ فإنها متقوية بالياء. قوله: "لا تمال مطلقًا" أي: سواء كانت منقلبة عن ياء أو واو، وسواء كانت منقلبة عن حرف مكسور أو غير مكسور. قوله: "وصرح بعضهم" تأييد للاستدراك. وقوله: وصرح ابن إياز... إلخ قول ثالث. قوله: "وتمول" بصيغة الماضي أو المصدر، وإن اقتصر شيخنا والبعض على الأول. قوله: "والنول" بفتح النون وسكون الواو. قوله: "والغالب على ذلك كسر العين" كأنه احتراز من الوصف بالمصدر الساكن العين للمبالغة نحو: رجل عدل، ولعل المانع منه في نال انقلاب عينه ألفًا؛ إذ لو كانت عينه وهي الواو ساكنة لكان قلبها ألفًا خلاف القياس، فتدبر.
قوله: "كذاك" أي: كالسابق في جواز الإمالة الألف تالي الياء. قوله: "أو مع ها" قال المكودي: معطوف على مقدر التقدير بحرف وحده أو مع ها. وقال الشاطبي: معطوف على حرف؛ لكن على تقدير: أو حرف مع ها؛ كأنه قال: مع حرف واحد أو حرف مع ها. قوله: "لضرب من شجر العضاه" بكسر العين المهملة آخره هاء جمع عضاهة. قال في القاموس: العضاهة بالكسر أعظم الشجر أو الخمط أو كل ذات شوك أو ما عظم منها وطال كالعضه كعنب، والعضهة كعنبة، والجمع عضاه وعضون وعضوات. اهـ.
قوله: "ثانيهما هاء" هذا التعبير مخالف لعبارة الناظم هنا موافق لعبارته في التسهيل الآتية في كلام الشارح، ولو قال: أحدهما هاء؛ لكان أولى؛ لأنه الموافق لعبارة المصنف هنا ولقول الشارح بعد: والظاهر جواز إمالة... إلخ فعلم فساد جعل شيخنا قوله: ثانيهما هاء من المبادرة بالإصلاح، وهي من الصلاح. قوله: "بحرفين ليس أحدهما هاء" نحو: بيننا، أو بأكثر من حرفين نحو: عيشتنا. قوله:(4/314)
كَذَاكَ ما يَلِيهِ كَسْرٌ أو يَلِي تَالِي كَسْر أو سُكون قَدْ وَلِي
كَسْرًا وفَصْلُ الها كَلا فصل يُعَد فدِرْهَمَاكَ مَنْ يُمِلْهُ لم يُصَد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإمالة.
تنبيهات: الأول: إنما اغتفر الفصل بالهاء لخفائها، فلم تعد حاجزًا.
الثاني: قال في التسهيل: أو حرفين ثانيهما هاء، وقال هنا: أو مع ها، فلم يقيد بكون الهاء ثانة، وكذا فعل في الكافية. والظاهر جواز إمالة هاتان شويهتاك؛ لما سيأتي من أن فصل الهاء كلا فصل، وإذا كانت الهاء ساقطة من الاعتبار فشويهتاك مساوٍ لنحو شيبان.
الثالث: أطلق قوله: أو مع ها، وقيده غيره بألا يكون قبل الهاء ضمة نحوك هذا جيبها؛ فإنه لا يجوز فيه الإمالة.
الرابع: الإمالة للياء المشددة في نحو: بياع أقوى منها في نحو: سيال، والإمالة للياء الساكنة في نحو: شيبان أقوى منها في نحو: حيوان.
الخامس: قد سبق أن من أسباب الإمالة وقوع الياء قبل الألف أو بعدها، ولم يذكر هنا إمالة الألف لياء بعدها وذكرها في الكافية والتسهيل، وشرطها إذا وقعت بعد الألف أن تكون متصلة نحو: بايعته وسايرته، ولم يذكر سيبويه إمالة الألف للياء بعدها، وذكرها ابن الدهان وغيره، وأشار إلى السبب الخامس بقوله: "كذاك ما يليه كسر أو يلي تالي كسر أو سكون" أي: أو يلي تالي سكون "قد ولي كسرا وفصل الها كلا فصل يعد فدرهماك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"بألا يكون قبل الهاء ضمة" أي: عند تأخر الهاء عن الحرف الآخر، ولا يبعد -كما قاله سم- أن يكون ضم الهاء عند تقدمها كضم ما قبلها في اقتضاء المنع له. قوله: "فإنه لا يجوز فيه الإمالة" لأن الضمة فيها ارتفاع في النطق، والإمالة فيها انخفاض، فتدافعتا. همع. قوله: "الإمالة للياء المشددة... إلخ" أي: لتكرر السبب وهو الياء. وقوله: والإمالة للياء الساكنة... إلخ أي: لأن انخفاض الصوت بالساكنة أظهر منه في المتحركة. اهـ تصريح. أي: فالساكنة أقرب من المتحركة للكسرة.
قوله: "أو بعدها" قال الحفيد: مراده بالياء بعد الألف الياء المفتوحة؛ لأن المكسورة كما في مبايع لا تأثير لها في الإمالة؛ وإنما التأثير فيها للكسرة، بدليل جواز الإمالة مع وجود الكسرة وعدم الياء. اهـ. ولم يصرح في المضمومة بشيء، وظاهر كلامه أولًا أنها لا تؤثر الإمالة، وظاهر كلامه آخرًا تأثيرها، ويرد على تعليله أنه يجوز اجتماع السببين وانفرادهما، فتدبر. قوله: "أن تكون متصلة" ينبغي أو منفصلة بالهاء كشاهين. سم.
قوله: "ولم يذكر سيبويه... إلخ" أي: فالناظم تبع سيبويه. قوله: "كذاك ما" أي: ألف والهاء في يليه والضمير في أو يلي يرجعان إلى ما، والضمير في ولي يرجع إلى السكون. قوله: "فدرهماك... إلخ" وذكر ابن الحاجب أن إمالة ذلك شاذة، وهو ظاهر؛ لأن أقلَّ درجات الساكن والهاء أن ينزلا منزلة حرف واحد متحرك غيرهما، ولا إمالة مع الفصل بمتحركين، قاله المصرح.(4/315)
وحَرْفُ الاستعلا يَكُفُّ مُظْهَرَا من كَسْرٍ او يَا وكذا تكف زَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من يمله لم يصد" أي: كذا تمال الألف إذا وليها كسرة نحو: عالم ومساجد، أو وقعت بعد حرف يلي كسرة نحو: كتاب، أو بعد حرفين وليا كسرة أولهما ساكن نحو: شملال، أو كلاهما متحرك ولكن أحدهما هاء نحو: يريد أن يضربها، أو ثلاثة أحرف أولها ساكن وثانيها هاء نحو: هذان درهماك، وهذا والذي قبله مأخوذان من قوله: وفصل الها كلا فصل يعد. فإنه إذا سقط اعتبار الهاء من الفصل ساوى أن يضربها نحو: كتاب ودرهماك نحو: شملال. وفهم من كلامه أن الفصل إذا كان بغير ما ذكر لم تجز الإمالة.
تنبيه: أطلق في قوله: وفصل الها كلا فصل، وقيده غيره بألا ينضم ما قبلها احترازًا من نحو: يضربها؛ فإنه لا يمال، وقد تقدم مثله في الياء.
ولما فرغ من ذكر الغالب من أسباب الإمالة شرع في ذكر موانعها فقال: "وحرف الاستعلا يكف مظهرا" أي: يمنع تأثير سبب الإمالة الظاهر "من كسر أو يا وكذا تكف را" يعني: أن موانع الإمالة ثمانية أحرف، منها سبعة تسمى أحرف الاستعلاء، وهي ما في أوائل هذه الكلمات: "قد صاد ضرار غلام خالي طلحة ظليمًا". والثامن الراء غير المكسورة، فهذه الثمانية تمنع إمالة الألف وتكف تأثير سببها إذا كان كسرة ظاهرة على تفصيل يأتي. وعلة ذلك أن السبعة الأولى تستعلي إلى الحنك؛ فلم تمل الألف معها طلبًا للمجانسة، وأما الراء فشبهت بالمستعلية؛ لأنها مكررة. وقيد بالمظهر للاحتراز من السبب المنوي؛ فإنها لا تمنعه، فلا يمنع حرف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "إذا وليها كسرة" أي: ظاهرة كما مثل، أو مقدرة كما في حاد؛ إذ أصله حادد. قوله: "نحو: شملال" بالشين المعجمة وهي الناقة الخفيفة. تصريح. قوله: "من ذكر الغالب" قيد به؛ لأن من أسباب الإمالة التناسب، وسيذكره بعد، والياء بعد الألف ولم يذكرها. قوله: "أي: يمنع تأثير" أشار إلى أن قول المصنف: يكف مظهرا على حذف مضاف أي: يكف تأثير مظهر.
قوله: "وكذا تكف را" أي: عند جمهور العرب، وبعضهم يميل ولا يلتفت إلى الراء. همع. قوله: "وهي ما في أوائل هذه الكلمات" اعترضه البعض تبعًا لشيخنا بأن فيه ظرفية الشيء في نفسه، ويمكن دفعه بأن المراد بالأوائل ما قابل الأواخر، فتكون الظرفية من ظرفية الجزء في الكل. قوله: "ظليمًا" مفعول صاد والظليم كأمير ذكر النعام. قوله: "إذا كان كسرة ظاهرة" اقتصر عليها مع ذكر المصنف للياء أيضًا للنزاع فيها كما سيأتي. قوله: "لأنها مكررة" أي: قابلة للتكرير إذا شددت أو سكنت؛ فكأنها أكثر من حرف واحد، فلها قوة. قوله: "من السبب المنوي" هو في قاض وقفا وماص كسرة زائلة للوقف والإدغام في خاف وطاب كسرة تعرض في بعض أحوالهما أو كسرة الواو المنقلبة ألفًا في خاف والياء المفتوحة المنقلبة ألفًا في طاب على الخلاف السابق في الشرح، والمراد بكون الكسرة والياء في خاف وطاب منويتين كونهما غير ظاهرتين واعتبارهما؛ لكن إجراء كلامه هنا على الوجه الأول هو الموافق لاقتصار الشارح على الكسرة، وإجراؤه على الثاني هو الموافق لذكر المصنف الكسرة والياء. قوله: "فإنها لا تمنعه" لأنه خفي، فلو منعته لانتفى(4/316)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاستعلاء إمالة الألف في نحو: هذا قاض في الوقف، ولا هذا ماص أصله ماصص، ولا إمالة باب خاف وطاب كما سبق.
تنبيهات: الأول: قوله: أو يا، تصريح بأن حرف الاستعلاء والراء غير المكسورة تمنع الإمالة إذا كان سببها ياء ظاهرة، وقد صرح بذلك في التسهيل والكافية؛ لكنه قال في التسهيل: الكسرة والياء الموجودتين، وفي شرح الكافية: الكسرة الظاهرة والياء الموجودة، ولم يمثل لذلك. وما قاله في الياء غير معروف في كلامهم؛ بل الظاهر جواز إمالة نحو: طغيان وصياد وعريان وريان. وقد قال أبو حيان: لم نجد ذلك يعني: كف حرف الاستعلاء والراء في الياء؛ وإنما يمنع مع الكسرة فقط.
الثاني: إنما يكف المستعلي إمالة الاسم خاصة. قال الجزولي: ويمنع المستعلي إمالة الألف في الاسم ولا يمنع في الفعل من ذلك نحو: طاب وبغى، وعلته أن الإمالة في الفعل تقوى ما لا تقوى في الاسم؛ ولذلك لم ينظر إلى أن ألفه من الياء أو من الواو؛ بل أميل مطلقًا.
الثالث: إنما لم يقيد الراء بغير المكسورة للعلم بذلك من قوله بعد: وكف مستعل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما يدل عليه من الإمالة بخلاف الظاهر؛ فإنه غني بظهوره عن دلالة الإمالة عليه.
قوله: "ولا إمالة باب خاف وطاب" كذا في بعض النسخ، ولا إشكال فيها. وفي أخرى: ولا إمالة ناب وخاف وطاب، فيكون ذكر ناب بناء على ما قدمه عن الزمخشري من جواز إمالة عين الاسم إذا كانت عن ياء. قوله: "لكنه قال في التسهيل... إلخ" استدراك على قوله: صرح، دفع به إيهامه أن المصنف في التسهيل والكافية عبر بالظهور في جانبي الكسرة والياء، والمراد بالوجود الظهور كما يصرح به مقابلته في التسهيل الموجودتين بالمنويتين، فالاختلاف في العبارة فقط، وعبارة التسهيل: فإن تأخر عن الألف مستعل متصل أو منفصل بحرف أو حرفين غلب في غير شذوذ الياء والكسرة الموجودتين، إلى أن قال: لا المنويتين. اهـ. قال الدماميني: المراد بغلبته منعه من الإمالة. قوله: "ولم يمثل لذلك" عبارة الفارضي: ولم يمثل للياء بشيء. قوله: "نحو: طغيان... إلخ" وكذا نحو: بياض، وهذا أبيارك مما تأخر فيه حرف الاستعلاء والراء عن الألف.
قوله: "وإنما يمنع" أي: ما ذكر من حرف الاستعلاء والراء غير المكسورة مع الكسرة فقط، هذا يقتضي أن الياء أقوى من الكسرة، وتقدم أن الراجح العكس، ويمكن أن يكون هذا هو الحامل للناظم على زيادة الياء. قوله: "من ذلك نحو: طاب وبغى" استشكله سم بأن السبب فيهما مقدر، ولا يمنع المانع الإمالة لأجله لا في الاسم ولا في الفعل حتى يفرق بين الاسم والفعل؛ وإنما الكلام في السبب الظاهر. فما ذكره الجزولي لا يخالف ما قاله المصنف. قوله: "تقوى ما لا تقوى في الاسم" يكفي دليلًا على ذلك ما ذكره بعد: وقول البعض: إنه لا يجدي نفعًا غير مسلم. قوله: "إلى أن ألفه" أي: الفعل. قوله: "للعلم بذلك من قوله... إلخ" وجه العلم أن المكسورة مانعة(4/317)
إِنْ كان ما يَكُفُّ بَعْدُ مُتصِلْ أو بعد حرفٍ أو بحرفين فُصِلْ
كذا إذا قُدِّمَ ما لم يَنكسِرْ أو يَسْكُنِ اثْر الكسر كالْمِطْوَاع مِرْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وراء ينكف بكسر را.
وأشار بقوله: "إن كان ما يكف بعد متصل او بعد حرف أو بحرفين فصل" إلى أنه إذا كان المانع المشار إليه -وهو حرف الاستعلاء أو الراء- متأخرًا عن الألف، فشرطه أن يكون متصلًا نحو: فاقد وناصح وباطل وباخل، ونحو: هذا عذارك ورأيت عذارك، أو منفصلًا نحو: منافق ونافخ وناشط، ونحو: هذا عاذرك ورأيت عاذرك، أو بحرفين نحو: مواثيق ومنافيخ ومواعيظ، ونحو: هذه دنانيرك وأريت دنانيرك، أما المتصل والمنفصل بحرف فقال سيبويه: لا يميلهما أحد إلا من يؤخذ بلغته. وأما المنفصل بحرفين فنقل سيبويه إمالته عن قوم من العرب لتراخي المانع. قال سيبويه: وهي لغة قليلة. وجزم المبرد بالمنع في ذلك، وهو محجوج بنقل سيبويه. وقد فهم مما سبق أن حرف الاستعلاء أو الراء لو فصل بأكثر من حرفين لم يمنع الإمالة. وفي بعض نسخ التسهيل الموثوق بها: وربما غلب المتأخر رابعًا، ومثال ذلك يريد أن يضربها بسوط، فبعض العرب يغلب في ذلك حرف الاستعلاء وإن بعد.
وأشار بقوله: "كذا إذا قدم ما لم ينكسر أو يسكن اثر الكسر كالمطواع مر" إلى أن المانع المذكور إذا كان متقدمًا على الألف اشترط لمنعه ألا يكون مكسورًا ولا ساكنًا بعد كسرة، فلا تجوز الإمالة في نحو: طالب وصالح وغالب وظالم وقاتل وراشد، بخلاف نحو: طلاب وغلاب وقتال ورجال، ونحو: إصلاح ومقدام ومطواع وإرشاد.
تنبيهات: الأول: من أصحاب الإمالة من يمنع الإمالة في هذا النوع وهو الساكن إثر الكسر لأجل حرف الاستعلاء، ذكره سيبويه. ومقتضى كلامه في التسهيل والكافية أن الإمالة فيه وتركها على السواء. وعبارة الكافية:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للمانع فلا تكون مانعة للإمالة. قوله: "بعد" حال، ومتصل خبر كان وقف عليه بالسكون على لغة ربيعة، هذا ما قاله شيخنا تبعًا لغيره، وهو أنسب بالمقصود من العكس الذي صنعه البعض. قوله: "أو بحرفين" هل يغتفر هنا الفصل بحرفين وهاء أخذًا مما سبق أولًا، أخذًا من إطلاقه وإطلاق الشارح، توقف في ذلك شيخنا وغيره، وتطلبته في همع الهوامع وشرح التسهيل وغيرهما فلم أجده.
قوله: "فنقل سيبويه... إلخ" أي: فيكون قول المصنف: أو بحرفين باعتبار لغة الجمهور. قوله: "قال سيبويه" من وضع الظاهر موضع المضمر. قوله: "وجزم المبرد بالمنع في ذلك" أي: عند جميع العرب بقرينة قوله: وهو محجوج... إلخ. قوله: "كذا متعلق بمحذوف" أي: يمنع ما يكف إذا قدم كذا أي: كالمتأخر المفهوم من قوله: إن كان ما يكف بعد إذا قدم أي: ما يكف، وأو لنفي الأمرين معًا، كما هو شأنها بعد النفي والنهي. قوله: "كالمطواع" أي: كثير الطوع مر من ماره أي: أتاه بالميرة وهي الطعام، أو أعطاه مطلقًا، وهو أشهر، قاله الشاطبي. قوله: "ورجال" الصواب إسقاطه؛ إذ لا مانع فيه؛ لأن الراء المانعة هي الراء غير المكسورة كما مر، ولو قال: بدله ورشاد لكان مناسبًا.(4/318)
وكَفُّ مُستعلٍ وَرَا يَنْكَفُّ بكسر رَا كغَارِمًا لا أَجْفُو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ كذا إذا قدم ما لم ينكسر وخير إن سكن بعد منكسر
كذا في شرحها. وإن سكن بعد كسر جاز أن يمنع وألا يمنع نحو: إصلاح، وهو يخالف ما هنا.
الثاني: ظاهر قوله -كذا إذا قدم- أنه يمنع ولو فصل عن الألف، والذي ذكره سيبويه وغيره أن ذلك إذا كانت الألف تليه نحو: قاعد وصالح.
"وكف مستعل وراء ينكف بكسر را كغارمًا ولا أجفو" يعني: أنه إذا وقعت الراء المكسورة بعد الألف كفت مانع الإمالة، سواء كان حرف استعلاء أو راء غير مكسورة، فيمال نحو: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ} وغارم وضارب وطارق، ونحو: {دَارُ الْقَرَارِ} ولا أثر فيه لحرف الاستعلاء ولا للراء غير المكسورة؛ لأن الراء المكسورة غلبت المانع وكفته عن المنع، فلم يبقَ له أثر.
تنبيهات: الأول: من هنا علم أن شرط كون الراء مانعة من الإمالة أن تكون غير مكسورة؛ لأن المكسورة مانعة للمانع، فلا تكون مانعة.
الثاني: فهم من كلامه جواز إمالة نحو: {إِلَى حِمَارِكَ} بطريق الأولى؛ لأنه إذا كانت الألف تمال لأجل الراء المكسورة مع وجود المقتضي لترك الإمالة -وهو حرف الاستعلاء أو الراء التي ليست مكسورة- فإمالتها مع عدم المقتضي لتركها أولى.
الثالث: قال في التسهيل: وربما أثرت -يعني الراء منفصلة- تأثيرها متصلة، وأشار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "ظاهر قوله... إلخ" أي: حيث أطلق؛ بل هو صريح مثاله واشتراطه عدم كسر المانع وعدم سكونه بعد كسر؛ إذ لو شرط الاتصال للغا اشتراطه ما ذكر؛ إذ لا يتصور مع اتصال المانع انكساره ولا سكونه بعد كسر حتى يشترط عدمهما. قوله: "إذا كانت الألف تليه" فالفصل لا يغتفر في المتقدم ويغتفر في المتأخر على ما مر؛ لأن المنع بالمتأخر أقوى من المنع بالمتقدم لصعوبة التصعد بعد التسفل بخلاف العكس. قوله: "ورا" أي: وكف را بالتنوين ولا بد؛ كقولهم: شربت ما، وترك تنوينه خطأ، كذا قال الشاطبي، وتقدم عند قوله: وبيا اجرر وانصب... إلخ نحو ذلك، وأنه لا يحذف التنوين إلا ضرورة، وقدمنا أنه يحذف أيضًا للوصل بنية الوقف، وسيأتي عند قوله: ذو اللين فاتا في افتعال أبدلا
مزيد كلام فيه. قوله: "ينكف بكسر را" لأن الراء المكسورة بمنزلة حرفين مكسور فقوت جنب الإمالة، وهذا عند جمهور العرب، وبعضهم يجعل الراء المكسورة مانعة من الإمالة كالمفتوحة والمضمومة. همع. قوله: "بعد الألف" فإن كانت قبلها لم تؤثر كما في {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: 60] لئلا يلزم التصعد بعد التسفل. سم. قوله: "كفت مانع الإمالة" محل كف الراء المكسورة حرف الاستعلاء إذا تقدم على الألف دون ما إذا تأخر عنها لسهولة التسفل بعد التصعد وصعوبة العكس، كذا في همع الهوامع وغيره. قال سم: وحينئذ يشكل تمثيل الشارح بطارق. اهـ. ولم يتعرضوا لهذا التقييد في الراء غير المكسورة، وقضية تعليلهم عدم التقييد فيها لعدم استعلائها، فتأمل. قوله: "ونحو: {دَارُ الْقَرَارِ}" الشاهد في القرار. قوله: "وربما أثرت... إلخ" هذه العبارة تفيد أن(4/319)
ولا تُمِلْ لسببٍ لَمْ يَتَّصِلْ والكَفُّ قد يُوجِبُهُ ما يَنْفَصِلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بذلك إلى أن الراء إذا تباعدت عن الألف لم تؤثر إمالة في نحو: {بِقَادِرٍ} أي: لا تكف مانعها وهو القاف، ولا تفخيمًا في نحو: هذا كافر. ومن العرب من لا يعتد بهذا التباعد فيميل الأول ويفخم الثاني. ومن إمالة الأول قوله:
1263- عسى الله يُغني عن بلاد ابن قادر
قال سيبويه: والذين يميلون كافر أكثر من الذين يميلون بقادر.
"ولا تمل لسبب لم يتصل" بأن يكون منفصلًا من كلمة أخرى، فلا تمال ألف سابور للياء قبلها في قولك: رأيت يدي سابور، ولا ألف مال للكسرة قبلها في قولك: لهذا الرجل مال. وكذلك لو قلت: ها إن ذي عذرة، لم تمل ألف ها لكسرة أن؛ لأنها من كلمة أخرى. والحاصل أن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الراء إذا انفصلت لم تؤثر غالبًا، وأنها قد تؤثر مع الفصل، وقد ذكر الشارح الأول بقوله: إن الراء إذا تباعدت... إلخ، وذكر الثاني بقوله: ومن العرب... إلخ. قوله: "يعني الراء" أي: سواء كانت مانعة للإمالة وهي غير مكسورة، أو كافة لمانع الإمالة وهي المكسورة كما يدل عليه ما بعده. قوله: "إذا تباعدت عن الألف" أي: ولو بحرف كما يفهم من المثال، ومن هنا يعلم أن كلام المتن في راء متصلة. سم.
قوله: "ولا تفخمًا في نحو: هذا كافر" أي: لا تمنع هذه الراء المضمومة إمالة الألف لكسرة الفاء؛ بل تمال، ومقتضى كلام التسهيل المذكور وتقرير الشارح له أن الإمالة في نحو: هذا كافر هي اللغة المشهورة، وأن التفخيم لغة قليلة، ولا يخفى -وإن لم ينتبه له شيخنا والبعض- أن هذا مصادم لما ذكره الشارح نقلًا عن سيبويه عند قول المصنف: إن كان ما يكف... إلخ، من أن المانع المتصل بالألف نحو: ناصح وهذا عذارك، والمنفصل بحرف نحو: ناشط وهذا عاذرك، لا يميل معهما أحد؛ إلا مَن يؤخذ بلغته، وقول شيخنا السيد: الكثرة هنا إضافية، فلا تنافي ما مر، لا يخفى ما فيه؛ لكن المصرح به في التوضيح وحواشي زكريا وغيرهما أن الاتصال شرط أي: أغلبي في منع الراء غير المكسورة للإمالة، وفي كف المكسورة لمانع الإمالة، وهو موافق لما في الشرح هنا.
قوله: "والذين يميلون كافر" برفع كافر على الحكاية. قوله: "لسبب لم يتصل" أي: سواء كان كسرة أو ياء، وسواء تقدم على الألف أو تأخر؛ ولهذا عدد الشارح الأمثلة؛ لكن ترك مثال الياء المتأخرة. قوله: "ها إن ذي عذرة" قال شيخنا السيد نقلًا عن المختار: العذرة بكسر العين المهملة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1263- عجزه: بمنهمر جَوْنِ الرباب سكوب
والبيت من الطويل، وهو لهدبة بن خشرم في ديوانه ص76، وخزانة الأدب 9/ 328، والكتاب 3/ 159، 4/ 139، ولسماعة النعافي في شرح أبيات سيبويه 2/ 141، وشرح التصريح 2/ 351، ولسان العرب 15/ 55 "عا" ولسماعة أو لرجل من باهلة في شرح شواهد الإيضاح ص620، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 358، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص678، وشرح المفصل 7/ 117، 9/ 62، واللمع ص333، والمقتضب 3/ 48، 69.(4/320)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شرط تأثير سبب الإمالة أن يكون من الكلمة التي فيها الألف.
تنبيهان: الأول: يستثنى من ذلك ألف ها التي هي ضمير المؤنثة في نحو: لم يضربها، وأدرجيبها؛ فإنها قد أميلت وسببها منفصل أي: من كلمة أخرى.
الثاني: ذكر غير المصنف أن الكسرة إذا كانت منفصلة عن الألف؛ فإنها قد تمال الألف لها، وإن كانت أضعف من الكسرة التي معها في الكلمة. قال سيبويه: وسمعناهم يقولون لزيد مال فأمالوا للكسرة، فشبهوه بالكلمة الواحدة، فقد بان لك أن كلام المصنف ليس على عمومه، فكان اللائق أن يقول: وغيرها ليا انفصال لا تمل
وإنما كان ذلك دون الكسرة لما سبق من أن الكسرة أقوى من لياء.
"والكف قد يوجبه ما ينفصل" من الموانع، كما في نحو: يريد أن يضربها، قيل: فلا تمال الألف؛ لأن القاف بعدها وهي مانعة من الإمالة، وإنما أثر المانع منفصلًا ولم يؤثر السبب منفصلًا؛ لأن الفتح -أعني ترك الإمالة- هو الأصل فيصار إليه لأدنى سبب، ولا يخرج عنه إلا لسبب محقق.
تنبيهات: الأول: فهم من قوله: قد يوجبه أن ذلك ليس عند كل العرب، فإن من العرب من لا يعتد بحرف الاستعلاء إذا ولي الألف من كلمة أخرى فيميل، إلا أن الإمالة عنده في نحو: مررت بمال ملق، أقوى منها في نحو: بمال قاسم.
الثاني: قال في شرح الكافية: إن سبب الإمالة لا يؤثر إلا متصلًا، وإن سبب المنع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العذر وبضمها البكارة. قوله: "ألف ها... إلخ" قال سم: هذه الألف يعلم استثناؤها من قول المصنف السابق كجيبها أدر، فذاك مخصص لهذا بغير ألف ها، كما أن هذا مخصص لذاك بغير المنفصل. اهـ. وقال ابن غازي: لا حاجة إلى استثنائها؛ إذ مثل هذا يعد متصلًا. قوله: "فإنها قد تمال الألف لها" للمصنف أن يحمله على الشذوذ. قوله: "وإن كانت أضعف" أي: في اقتضاء الإمالة، ولا وجه لأفعل التفضيل؛ إذ لا ضعف في الكسرة المتصلة، واعتذار شيخنا عنه بأنه على غير بابه يمنع منه اقترانه بمن. قوله: "ليس على عمومه" أي: بل دخله تخصيصان. قوله: "وغيرها ليا انفصال لا تمل" أي: لا تمل غير كلمة ها لأجل ياء منفصلة. قوله: "لسبب محقق" المناسب لسبب قوي.
قوله: "نحو: مررت بمال ملق" استشكل هذا التمثيل بأن السياق لمن لا يعتد من العرب بحرف الاستعلاء مع اعتداد غيره به، وحرف الاستعلاء في هذا المثال لا يعتد به من يعتد بحرف الاستعلاء لانفصاله بأكثر من حرفين، ولا اعتداد بما هو كذلك كما تقدم، كذا قال شيخنا وتبعه البعض، وزاد أن عدم الاعتداد بالمنفصل بالأكثر مجمع عليه، وهو غفلة عما أسلفه الشارح نقلًا عن بعض نسخ التسهيل الموثوق بها من أنه قد يؤثر حرف الاستعلاء منع الإمالة مع كونه رابعًا نحو: يريد أن يضربها بسوط؛ وحينئذ يستقيم كلام الشارح هنا، فتدبر. قوله: "قال في شرح الكافية... إلخ"(4/321)
وقد أمالوا لتناسب بلا داعٍ سواها كعِمَادَا وتَلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قد يؤثر منفصلًا، فيقال: أتى أحمد بالإمالة، وأتى قاسم بترك الإمالة، وتبعه الشارح في هذه العبارة، وفي التمثيل بأتى قاسم نظر، فإن مقتضاه أن حرف الاستعلاء يمنع إمالة الألف المنقلبة عن ياء، وليس كذلك، فلعل التمثيل بأيا التي هي حرف نداء فصحفها الكتاب بأتى التي هي فعل.
الثالث: في إطلاق الناظم منع السبب المنفصل مخالفة لكلام غيره من النحويين. قال ابن عصفور في مقربه: وإذا كان حرف الاستعلاء منفصلًا عن الكلمة لم يمنع الإمالة إلا فيما أميل لكسرة عارضة نحو: بمال قاسم، أو فيما أميل من الألفات التي هي صلات الضمائر نحو: أراد أن يعرفها قبل، انتهى. ولولا ما في شرح الكافية لحملت قوله في النظم: والكف قد يوجبه... إلخ على هاتين الصورتين؛ لإشعار قد بالتقليل.
"وقد أمالوا لتناسب بلا ذاع سواه كعمادا وتلا" هذا هو السبب السادس من أسباب الإمالة وهو التناسب، وتسمى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقصود منه قوله: فيقال أتى أحمد بالإمالة، وأتى قاسم بترك الإمالة. قوله: "أتى أحمد" اعترض بأن السبب لا يقال فيه متصل أو منفصل إلا إذا كان خارجًا عن الألف الممالة بأن كان قبلها أو بعدها، والسبب هنا قائم بنفس الألف وهو إبدالها عن الياء في الطرف، وبأنه لا حاجة لذكر أحمد؛ بل ذكره يوهم توقف الإمالة عليه كتوقف منع الإمالة على قاسم مع أنه ليس كذلك.
قوله: "وليس كذلك" لما مر من أن حرف الاستعلاء لا يكف مع اتصاله السبب المقدر، فكيف يكفه مع انفصاله والمثال الجيد كتاب قاسم. قوله: "بأيا التي هي حرف نداء" أي: فقاف قاسم تمنع إمالة الألف للياء الظاهرة قبلها؛ لكن هذا إنما يصح على ما مر في النظم، لا على ما قدمه الشارح من أن حرف الاستعلاء إنما يكف الكسرة الظاهرة ولا يكف الياء مطلقًا، بقي أنه سيأتي أن الحروف لا تمال إلا ألفاظ سمعت إمالتها شذوذًا ذكروا منها يا كما سيذكره الشارح، ولم أرَ بعد المراجعة من ذكر منها أيا، ومن المعلوم أن الشاذ لا يقاس عليه؛ فحينئذ لا تصح إمالة ألف أيا حتى يستقيم كلام الشارح، وبهذا يعلم ما في كلام البعض من الخلل، فتأمل. قوله: "في إطلاق الناظم... إلخ" تبع فيه صاحب التوضيح، ولا يخفى أن مجرد كلام ابن عصفور لا ينهض حجة على المصنف، ولا يقتضي أن نصوص النحويين بخلاف ما قاله. اهـ سم.
قوله: "إلا فيما أميل لكسرة عارضة نحو: بمال قاسم" فإن الكسرة فيه عارضة بدخول عامل الجر؛ وإنما غلب المنفصل الكسرة العارضة لضعفها فيكفها أدنى مانع. وقوله: أو فيما أميل... إلخ أي: لأن الضمير مع ما قبله كالكلمة الواحدة. قوله: "ولولا ما في شرح الكافية... إلخ" هذا كلام الموضح عقب نقله كلام ابن عصفور، ولا يخفى أن ما في شرح الكافية لا يمنع صحة حمل كلامه هنا على الصورتين لجواز أن يكون الناظم مخالفًا هنا لما في شرح الكافية كما يقع ذلك كثيرًا له ولغيره من الأئمة.
قوله: "على هاتين الصورتين" أي: صورة الكسرة العارضة وصورة الألفات التي هي صلات الضمائر. قوله: "بلا داع سواه" فائدته بيان أن التناسب سبب مستقل؛ إذ لو اقتصر على ما قبله لم(4/322)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإمالة للإمالة، والإمالة لمجاورة الممال. وإنما أخره لضعفه بالنسبة إلى الأسباب المتقدمة. ولإمالة الألف لأجل التناسب صورتان؛ إحداهما: أن تمال لمجاورة ألف ممالة كإمالة الألف الثانية في رأيت عمادًا؛ فإنها لمناسبة الألف الأولى؛ فإنها ممالة لأجل الكسرة، والأخرى أن تمال لكونها آخر مجاور ما أميل آخره كإمالة ألف تلا من قوله تعالى: {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا} [الشمس: 2] فإنها إنما أميلت لمناسبة ما بعدها مما ألفه عن ياء أعني: جلاها ويغشاها.
تنبيهان: الأول: ليس بخافٍ أن تمثيله بتلا إنما هو على رأي سيبويه كالمبرد وطائفة. أما سيبويه فقد تقدم أنه يطرد عنده إمالة نحو: غزا ودعا من الثلاثي، وإن كانت ألفه عن واو لرجوعها إلى الياء عند البناء للمفعول، فإمالته عنده لذلك لا للتناسب، وقد مثل في شرح الكافية لذلك بإمالة ألفي: {وَالضُّحَى، وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى} [الضحى: 1، 2] فأما سجا فهو مثل تلا ففيه ما تقدم، وأما الضحى فقد قال غيره أيضًا: إن إمالة ألفه للتناسب، وكذا {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [الشمس: 1] والأحسن أن يقال: إنما أميل من أجل أن من العرب من يثنى ما كان من ذوات الواو إذا كان مضموم الأول أو مكسوره بالياء نحو: الضحى والربا فيقول: ضحيان وربيان، فأميلت الألف لأنها قد صارت ياء في التثنية؛ وإنما فعلوا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يفد ذلك صراحة؛ وإنما قال سواه ليصح نفي الداعي؛ إذ التناسب داع، فلا يصح نفيه على الإطلاق. سم. قوله: "كعمادا" بالنصب بلا تنوين على إرادة الوقف، كما نبه عليه المكودي، وقد قرئ: اليتامى والنصارى بإمالتين، فأميلت الألف الأخيرة لقلبها ياء في التثنية على إرادة الجماعتين، وأميلت الأولى لمناسبة الثانية عكس ما سبق في عمادا. قوله: "لمجاروة الممال" سواء كان في كلمتها كما في الصورة الأولى أو لا كما في الثانية؛ إذ آخر المجاور مجاور، فبان دخول الصورة الثانية من صورتي التناسب واندفع ما للبعض، فتدبر. قوله: "لمجاورة ألف ممالة" أي: في كلمتها. قوله: "لكونها آخر مجاورة ما أميل... إلخ" أي: آخر تركيب مجاورة لتركيب أميل آخره، كذا قال البعض، ويحتمل أن المعنى لكونها آخر لفظ مجاور للفظ أميل آخره؛ إذ المجاورة هنا تصدق مع عدم التلاصق.
قوله: "على رأي غير سيبويه" لو حمل قوله: بلا داع سواه، على معنى بلا اعتبار داع سواه، أعم من أن يكون داع أو لا أمكن كونه على مذهب سيبويه. اهـ سم. ومقتضاه صحة اعتبار السبب الضعيف فقط مع وجود القوى ولا يخفى بعده. قوله: "لا للتناسب" أي: لأن التناسب سبب ضعيف؛ إنما يعتبر عند عدم غيره، فاندفع قول البعض: قد يقال: ما المانع من كونها للسببين معًا؟ نعم يؤيده كلام سم السابق قريبًا مع ما فيه.
قوله: "إن إمالة ألفه" أي: مع أنها عن واو بدليل الضحوة. وقوله: للتناسب أي: لمناسبة ألف سجا وقلى وما بعدهما. قوله: "والأحسن أن يقال... إلخ" فيه نظر، وإن أقره أرباب الحواشي، فإن تثنية هؤلاء الجماعة ما كان من ذوات الواو مضموم الأول أو مكسوره بالياء شاذة، وانقلاب الألف ياء في بعض أحوال الكلمة إنما يكون سببًا في الإمالة إذا لم يكن شاذًّا كما تقدم في قوله: كذا الواقع منه اليا خلف دون مزيد أو شذوذ. قوله: "والربا" إنما(4/323)
ولا تُمِلْ ما لم يَنَلْ تَمَكُّنَا دُونَ سَمَاعٍ غيرها وغيرنَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذلك استثقالًا للواو مع الضمة والكسرة، فكان الأحسن أن يمثل بقوله تعالى: {شَدِيدُ الْقُوَى} [النجم: 5].
الثاني: ظاهر كلام سيبويه أنه يقاس على إمالة الألف الثانية في نحو: رأيت عمادًا لمناسبة الأولى، فإن قال: وقالوا مغزانا، في قول من قال: عمادًا، فأمالهما جميعًا، وذا قياس.
"ولا تمل ما لم ينل تمكنا دون سماع غيرها وغيرنا" أي: الإمالة من خواص الأفعال والأسماء المتمكنة؛ فلذلك لا تطرد إمالة غير المتمكن نحو: إذا وما، إلا هاونا نحو: مر بها ونظر إليها، ومر بنا ونظر إلينا، فهذان تطرد إمالتهما لكثرة استعمالهما. وأشار بقوله: دون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أتى به للتمثيل لمكسورة الأول من ذوات الواو لا للتمثيل لما أميل لانقلاب ألفه ياء في التثنية على لغة بعض العرب كما لا يخفى، فسقوط قول البعض قد يقال: إن سبب إمالته أي: الربا كسرة الراء، فلا حاجة إلى اعتبار رجوع ألفه إلى الياء في التثنية.
قوله: "فكان الأحسن أن يمثل" أي: لما أميل للتناسب بقوله تعالى: {شَدِيدُ الْقُوَى} [النجم: 5] فيه نظر؛ فإن الجمع قد يثنى، فيجري فيه ما جرى في الضحى؛ بل في هذا مقتضٍ آخر لقلب ألفه في التثنية ياء وهو استثقال توالي واوين. قوله: "ظاهر... إلخ" قال سم: لِمَ عبر بالظاهر مع قوله: وذا قياس؟ اهـ. وتبعه أرباب الحواشي جازمين بأنه كان ينبغي أن يقول صريح كلام سيبويه، وقد يقال: يحتمل أن الواو في قول سيبويه: وقالوا مغزانا، راجعة إلى العرب، فيكون المعنى: وقال العرب: مغزانا بإمالة الألفين جريًا على قولهم: عمادًا بإمالة الألفين، ويكون قوله في قول من قال: من وضع الظاهر موضع المضمر، وهذا -أي: الإمالة للإمالة في المثالين- أمر مقيس عليه مطرد، ويحتمل أن المعنى: وقالوا أي: الناس أو النحاة مغزانا بإمالة الألفين جريًا منهم على قول العرب: عمادًا بإمالة الألفين، وهذا أي: الإمالة للإمالة في مغزانا قياس منهم على ما سمع من العرب، وعلى الثاني يكون سيبويه حاكيًا للقياس، ولا يلزم من حكايته أن يكون قائلًا به. نعم، إقراره ظاهر في قوله به، فلأجل ما ذكر قال: ظاهر دون صريح، وعلى الأول يكون مصرحًا بقياسية الإمالة للإمالة، فتأمل. قوله: "لمناسبة... إلخ" علة لإمالة.
قوله: "وقالوا مغزانا" أي: بإمالة الألفين الأولى لرجوعها إلى الياء في التثنية، والثانية لمناسبة الأولى. وقوله: في قول أي: جارين على قول. وقوله: فأما لهما أي: ألفي عمادًا عطف على قال. قوله: "مغزانا" قال البعض: بكسر الميم. اهـ. والذي في المختار مغزانا بفتح الميم مقصدنا من الكلام.
قوله: "ولا تمل ما لم ينقل تمكنا" أي: من الأسماء بقرينة قوله السابق: وهكذا بدل عين الفعل... إلخ. وقوله: كعمادًا وتلا. قوله: "غيرها وغيرنا" مقتضاه أن إمالتهما ليست من قسم المسموع، مع أنها منه وإن كثرت، فكان الأولى أن يقول: إلا الذي سمع نحوها ونا. قوله: "نحو مر بها... إلخ" مثل بمثالين في كل إشارة إلى أنه لا فرق بين أن يكون سبب الإمالة الكسرة أو الياء. قوله: "فهذان تطرد إمالتهما" قال سم: إن أراد به جواز إمالتهما في غير التركيب الذي سمعت إمالتهما فيه، فالظاهر أن هذا ثابت في كل مسموع، وأن وزانهما في الإمالة وزان غيرهما مما لم يتمكن وإن(4/324)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سماع، إلى ما سمعت إمالته من الاسم غير المتمكن، وهو ذا الإشارة ومتى وأنى، وقد أميل من الحروف بلى ويا في النداء، ولا في قولهم: إمالًا؛ لأن هذا لأحرف نابت عن الجمل، فصار لها بذلك مزية على غيرها. وحكى قطرب إمالة لا لكونها مستقلة، وعن سيبويه ومن وافقه إمالة حتى، وحكيت إمالتها عن حمزة والكسائي.
تنبيهات: الأول: لا تمنع الإمالة فيما عرض بناؤه نحو: يا فتى ويا حبلى؛ لأن الأصل فيه الإعراب.
الثاني: لا إشكال في جواز إمالة الفعل الماضي وإن كان مبنيًّا خلاف ما أوهمه كلامه. قال المبرد: وإمالة عسى جيدة.
الثالث: إنما لم تمل الحروف؛ لأن ألفها لا تكون عن ياء ولا تجاور كسرة، فإن سمي بها أميلت، وعلى هذا أميلت الراء من المر الر، والهاء والطاء والحاء في فواتح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أوهمت عبارة الناظم خلافه، وإن أراد به أن إمالتهما لا ضعف فيها، فالظاهر خلافه، وأن إمالة غير المتمكن مطلقًا ضعيفة إلا الفعل الماضي كما يأتي. اهـ. ويمكن أن يكون أراد بالاطراد الكثرة. قوله: "إمالة لا" أي: الجوابية. وقوله: لكونها مستقلة أي: في الجواب كما في المرادي.
قوله: "فيما عرض بناؤه" لا يرد هذا على المصنف؛ لأنه إنما منع الإمالة فيما لم ينل تمكنًا أي: بالكلية كما يقتضيه وقوع النكرة في سياق النفي، وهذا نال تمكنًا في غير حالة ندائه مثلًا. قوله: "خلاف ما أوهمه كلامه" يجاب بأن قوله: وهكذا بدل عين الفعل... إلخ، وقوله: كعمادًا وتلا قرينة على استثناء الماضي من كلامه هنا.
قوله: "ولا تجاور" بالراء المهملة وكلامه باعتبار الغالب، وإلا فألف إلى مجاورة لكسرة الهمزة. قوله: "فإن سمي بها" الضمير راجع إلى الحروف باعتبار عموم كونها كلمات لا باعتبار خصوص كونها حروفًا لصيرورتها بالتسمية بها أسماء لا حروفًا، أو يقال: سماها بعد التسمية بها حروفًا باعتبار ما كان. قوله: "أميلت" أي: إذا وجد سبب الإمالة فلو سمي بحتى أميلت؛ لأن الألف الرابعة في الاسم تقلب ياء في التثنية، بخلاف ما لو سمي بإلى؛ لأن التسمية تجعله من الواوي؛ لأنه أثر من اليائي؛ ولهذا تقول في تثنيته: إلوان، نقله شيخنا السيد عن شرح الشافعية. قوله: "وعلى هذا" أي: وبناء على ما ذكر من إمالة الحروف بعد التسمية بها أميلت الراء من المر والر، وكما أميلت حروف المعاني بعد التسمية بها أميلت حروف المباني بعد التسمية بها، وإن افترقتا ببقاء حروف المعاني بعد التسمية على صورتها قبل التسمية وعدم بقاء حروف المباني لزيادة ألف مقصورة أو ممدودة في أسماء حروف التهجي، ومن هذا يؤخذ أنه كان على الشارح أن يقول: أميلت را من المر والر وها وطا وحا في فواتح السور بقصر الأربعة أي: لفظة را ولفظة ها... إلخ؛ لأن الراء والهاء والطاء والحاء أسماء لا حروف أحادية، وهي ر هـ ط ح مع أن الممال أحرف ثنائية هي را ها طا حا. وقوله: والر ينطق به كما ينطق به في أول السور، فهو عطف على المر. وقوله: والهاء عطف على فاعل أميلت، وكان عليه أن يزيد والياء. واعلم أنه سيأتي(4/325)
والفَتْحُ قَبْلَ كَسْرِ رَاءٍ في طَرَفْ أَمِلْ كللأَيْسَرِ مِلْ تُكْفَ الكُلَفْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السور؛ لأنها أسماء ما يلفظ به من الأصوات المتقطعة في مخارج الحروف، كما أن غاق اسم لصوت الغراب، وطيخ اسم لصوت الضاحك، فلما كانت أسماء أصوات لهذه الأصوات ولم تكن كما ولا، أرادوا بالإمالة فيها الإشعار بأنها قد صارت من حيز الأسماء التي لا تمتنع فيها الإمالة. وقال الزجاج والكوفيون: أميلت الفواتح؛ لأنها مقصورة والمقصور يغلب عليه الإمالة، وقد رد هذا بأن كثيرًا من المقصور لا تجوز إمالته. وقال الفراء: أميلت لأنها إذا ثنيت ردت إلى الياء، فيقال: طيان وحيان، وكذلك إمالة حروف المعجم نحو: با وتا وثا. اهـ.
"والفتح قبل كسر راء في طرف أمل" كما تمال الألف؛ لأن الغرض الذي لأجله تمال الألف -وهو مشاكلة الأصوات وتقريب بعضها من بعض- موجود في الحركة، كما أنه موجود في الحرف. ولإمالة الفتحة سببان؛ الأول: أن تكون قبل راء مكسورة متطرفة "كللأيسر مل تكف الكلف" {تَرْمِي بِشَرَرٍ}، {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}. والثاني سيأتي.
تنبيهات: الأول: فهم من قوله: والفتح أن الممال في ذلك الفتح لا المفتوح، وقول سيبويه: أمالوا المفتوح فيه تجوز.
الثاني: لا فرق بين أن تكون الفتحة في حرف استعلاء نحو: من البقر، أو في راء نحو: {بِشَرَرٍ}، أو في غيرهما نحو: {مِنَ الْكِبَرِ}.
الثالث: فهم من قوله: قبل كسر راء أن الفتحة لا تمال لكسرة راء قبلها نحو: رمم،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الخاتمة أن الإمالة في فواتح السور وأسماء حروف التهجي شاذة، فليحمل ما هنا عليه، وإن أوهم صنيعه هنا خلافه، فاعرف هذه التدقيقات:
قوله: "في فواتح السور" نحو: كهيعص، حم عسق، طه، حم. قوله: "فلما كانت" أي: الراء والهاء والطاء والحاء في فواتح السور. قوله: "ولم تكن كما ولا" أي: في الحرفية. قوله: "أرادوا بالإمالة فيها الإشعار... إلخ" حاصل ما ذكره في علة إمالتها ثلاثة أقوال. قوله: "وكذلك إمالة حروف المعجم" أي: أسماء حروف المعجم التي ليست في فواتح السور على لغة قصر تلك الأسماء. قوله: "كسر راء" من إضافة الصفة إلى الموصوف كما سيشير إليه الشارح. قوله: "وتقريب بعضها من بعض" عطف تفسير. قوله: "موجود في الحركة" أي: في إمالة الحركة. وقوله: كما أنه موجود في الحرف أي: في إمالة الحرف. قوله: "كللايسر" أي: الأمر الأيسر. اهـ خالد. أي: الأسهل. قوله: "ظاهر صنيعه" أي: حيث عبر بالقبلية المتبادر منها الاتصال، وأتى بمثال فيه الفتحة متصلة بالراء، ومن عادته إعطاء الحكم بالمثال، وعبر بالظاهر لصدق القبلية مع الانفصال وجواز مخالفة تمثيله هنا لعادته؛ إذ هي أغلبية لا كلية، وبهذا التحقيق يعلم سقوط ما اعترض به سم وتبعه أرباب الحواشي.
قوله: "أن الفتحة لا تمال... إلخ" فرق شيخنا السيد بين الفتحة والألف؛ حيث لم تمل الفتحة لكسرة راء قبلها وأمليت الألف لياء قبلها أو بعدها كسرة كذلك بأن الألف أقبل للإمالة من(4/326)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد نص على ذلك.
الرابع: ظاهر صنيعه أن الفتحة لا تمال إلا إذا كانت متصلة بالراء، فلو فصل بينهما لم تمل، وليس ذلك على إطلاقه؛ بل فيه تفصيل: وهو أن الفاصل بين الفتحة والراء إن كان مكسورًا أو ساكنًا غير ياء فهو مغتفر، وإن كان غير ذلك منع الإمالة فتمال الفتحة في نحو: أشر، وفي نحو: عمرو، لا في نحو: بجير، نص على ذلك سيبويه، ونبه عليه المصنف في بعض نسخ التسهيل.
الخامس: اشتراط كون الراء في الطرف هو بالنظر إلى الغالب، وليس ذلك باللازم؛ فقد ذكر سيبويه إمالة فتحة الطاء في قولهم: رأيت خَبَط رياح، وذكر غيره أنه يجوز إمالة فتحة العين في نحو: العرد، والراء في ذلك ليست بلام.
السادس: أطلق في قوله: أمل، فعلم أن الإمالة في ذلك وصلًا ووقفًا بخلاف إمالة الفتحة للسبب الآتي؛ فإنها خاصة بالوقف، وقد صرح به في شرح الكافية.
السابع: هذه الإمالة مطردة كما ذكره في شرح الكافية.
الثامن: بقي لإمالة الفتحة لكسرة الراء شرطان غير ما ذكر؛ أحدهما: ألا تكون على ياء، فلا تمال فتحة الياء في نحو: من الغير، نص على ذلك سيبويه وذكره في بعض نسخ التسهيل، والآخر: ألا يكون بعد الراء حرف استعلاء نحو: من الشرق؛ فإنه مانع من الإمالة، نص عليه سيبويه أيضًا، فإن تقدم حرف الاستعلاء على الراء لم يمنع؛ لأن الراء المكسورة تغلب المستعلي إذا وقع قبلها؛ فلهذا أميل نحو: من الضرر.
التاسع: منع سيبويه إمالة الألف في نحو: من المحاذر إذا أميلت فتحة الذال، قال:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفتحة أي: فاحتمل فيها ما لم يحتمل في الفتحة. قوله: "غير ياء" يرجع لساكنًا فقط، كما تفيده عبارة شرح التسهيل لعلي باشا. قوله: "لا في نحو: بجير" مثال للفاصل بين الفتحة والراء إذا كان ياء ساكنة، ولم يمثل للفاصل بينهما إذا كان غير مكسور؛ بأن كان مضمومًا نحو: سمر وهو نوع من الشجر، أو مفتوحًا نحو: شجر، فلا تمال الفتحة الأولى.
قوله: "في قولهم: رأيت خبط رياح" لعله بفتح الخاء المعجمة والباء الموحدة آخره طاء مهملة أي: ورقًا نفضته الرياح من الشجر كما يستفاد من القاموس، ويؤخذ من الإمالة في المثال أنه لا يشترط في إمالة الفتحة بكسر راء بعدها كونهما في كلمة واحدة. قوله: "والآخر: ألا يكون... إلخ" قال سم وتبعه أرباب الحواشي: هذا الآخر قد يؤخذ من قوله في طرف. اهـ سم. وإنما يتم الأخذ؛ إذ كان حرف الاستعلاء لا يمنع إمالة الفتحة إلا إذا كان في كلمتها، وهو خلاف قياس إمالة الفتحة على إمالة الألف التي قد يمنعها المنفصل، كما مر في قول الناظم: والكف قد يوجبه ما ينفصل فحرره. قوله: "لأجل إمالتها" أي: الفتحة.(4/327)
كذا الذي تليه ها التأنيث في وقف إذا ما كان غير ألف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولا تقوى على إمالة الألف أي: ولا تقوى إمالة الفتحة على إمالة الألف لأجل إمالتها، وزعم ابن خروف أن من أمال عمادًا لأجل إمالة الألف قبلها أمال هنا ألف المحاذر لأجل إمالة فتحة الذال، وضعف بأن الإمالة للإمالة من الأسباب الضعيفة، فينبغي ألا ينقاس شيء منها إلا في المسموع؛ وهو إمالة الألف لأجل إمالة الألف قبلها أو بعدها.
"كذا" الفتح "الذي تليه ها التأنيث في وقف إذا ما كان غير ألف" هذا هو السبب الثاني من سببي إمالة الفتحة، فتمال كل فتحة تليها هاء التأنيث؛ إلا أن إمالتها مخصوصة بالوقف، وبذلك قرأ الكسائي في إحدى الروايتين عنه، والرواية الأخرى أنه أمال إذا كان قبل الهاء أحد خمسة عشر حرفًا يجمعها قولك: "فجئت زينب لذود شمس" وفصل في أربعة يجمعها قولك: "أكهر" فأمال فتحتها إذا كان قبلها كسرة أو ياء ساكنة على ما هو معروف في كتب القراءات. وشمل قوله: ها التأنيث هاء المبالغة نحو: علامة، وإمالتها جائزة. وخرج بها التأنيث هاء السكت نحو: كتابيه، فلا تمال الفتحة قبلها على الصحيح. واحترز بقوله: إذا ما كان غير ألف عما إذا كان قبل الهاء ألف؛ فإنها لا تمال نحو: الصلاة والحياة.
تنبيهات: الأول: الضمير في قوله: يليه راجع إلى الفتح؛ لأنه الذي يمال لا الحرف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "أمال هنا ألف المحاذر... إلخ" ظاهر العبارة أن إمالة الألف لإمالة الفتحة مسموعة؛ وحينئذ لا ينهض التضعيف الآتي. قوله: "فينبغي ألا ينقاس" أي: لا يطرد شيء منها أي: من أنواعها إلا في المسموع أي: لكن الاطراد في المسموع من أنواعها يقبل، ولو قال: فينبغي ألا ينقاس شيء منها على المسموع لكان أوضح. قوله: "قبلها" أي: كما في عمادًا أو بعدها أي: كما في اليتامى. قوله: "مخصوصة بالوقف" لأنها في الوصل تاء، والتاء لا تشبه الألف. قوله: "فجئت... إلخ" قال في القاموس: جثا كدعا ورمى جثوًا وجثيًا بضمهما جلس على ركبتيه وقام على أطراف أصابعه. اهـ. والذود بذال معجمة مفتوحة وواو ساكنة ودال مهملة من معانيه السوق والطرد أي: لأجل سوق الشمس ودفعها زينب بحرها، هذا ما ظهر لي. قوله: "أكهر" قال في القاموس: الكهر القهر والانتهار والضحك واستقبالك إنسانًا بوجه عابس تهاونًا به واللهو وارتفاع النهار واشتداد الحر والمصاهرة والفعل كمنع. اهـ. فقول الشاعر أكهر كأكرم من باب التعدية بالهمزة أو أفعل تفضيل. قوله: "هاء المبالغة" لأنها هاء تأنيث في الأصل.
قوله: "فإنها لا تمال" إلا إذا كان فيها ما يوجب الإمالة نحو: إمالة مرضاة وتقاة. اهـ همع. وارتضى البعض مما قيل في علة عدم إمالة الألف قبل هاء التأنيث أن وقوع الألف قبل الهاء أزال شبهها بألف التأنيث؛ لأن هاء التأنيث لا تقع بعدها. ثم قال: ووقع في بعض الحواشي التعليل بغير هذا مما لا معنى له فاحذره. اهـ. وفيه أن ما ارتضاه لا يصح إلا لو جعلنا علة إمالة الألف شبهها بألف التأنيث ولا قائل به، فهو أيضًا لا معنى له، فاللائق في التعليل ما ظهر لي ولله الحمد من أن(4/328)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الذي تليه هاء التأنيث، وإذا كان كذلك فلا وجه لاستثنائه الألف بقوله: إذا ما كان غير ألف؛ إذ لم يندرج الألف في الفتح، وهو إنما فعله لدفع توهم أن هاء التأنيث تسوغ إمالة الألف كما سوغت إمالة الفتحة، فكان حق العبارة أن يقول عاطفًا على ما تقدم: وقبل ها التأنيث أيضًا أن تقف ولا تمل لهذه الهاء الألف
الثاني: إنما قال: ها التأنيث، ولم يقل: تا التأنيث؛ لتخرج التاء التي لم تقلب هاء؛ فإن الفتحة لا تمال قبلها.
الثالث: ذكر سيبويه أن سبب إمالة الفتحة قبل هاء التأنيث شبه الهاء بالألف، فأميل ما قبلها كما يمال ما قبل الألف، ولم يبين سيبويه بأي ألف شبهت، والظاهر أنها شبهت بألف التأنيث.
خاتمة: ذكر بعضهم لإمالة الألف سببين غير ما سبق؛ أحدهما: الفرق بين الاسم والحرف، وذلك في را وما أشبهها من فواتح السور.قال سيبويه: وقالوا: را ويا وتا يعني: بالإمالة؛ لأنها أسماء ما يلفظ به، فليست كإلى وما ولا وغيرها من الحروف المبنية على السكون، وحروف التهجي التي في أوائل السور إن كان في آخرها ألف، فمنهم من يفتح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سبب إمالة الفتحة قبل هاء التأنيث كما سيأتي شبهها بألف التأنيث، وألف التأنيث لا يقع قبلها ألف، فلما وقع قبل الهاء ألف ضعف شبه الهاء بألف التأنيث، فلم تقتضِ إمالة ما قبلها. قوله: "فلا وجه لاستثنائه الألف" أي: إخراجه إياه من الفتح الراجع إليه هاء يليه بقوله: إذا ما كان... إلخ لعدم شمول الفتح للألف، فعلم أن الاستثناء في كلامه بالمعنى اللغوي. نعم، لو جعل المستثنى منه الضمير في كان صح جعل الاستثناء اصطلاحيًّا؛ لكنه خلاف ظاهر صنيع الشارح، ثم ما ذكره الشارح من عدم وجه الاستثناء. قال سم: مبني على أن موصوف الموصول الفتح، وليس بلازم؛ لجواز أن يكون موصوفه الشيء الشامل للفتح والألف اللذين لا يكون قبل الهاء إلا أحدهما، فيتجه الاستثناء على أنه يمكن جعل كان تامة بمعنى وجد وغير ألف حال على معنى المغايرة في الحكم. والتقدير: يمال الفتح إذا وجد حال كونه مغايرًا للألف في هذا الحكم، فلا يكون هناك استثناء أصلًا.
قوله: "التي لم تقلب هاء" يشمل تاء نحو: فاطمة ورحمة عند من يقف بالتاء فلا يمال حينئذ، كما صرح به غيره، وتاء التأنيث المتصل بالفعل نحو: باعت. قوله: "أنها شبهت بألف التأنيث" أي: المقصورة لاتفاقهما في المخرج، وهو أقصى الحلق. وفي المعنى: وهو الدلالة على التأنيث وفي الزيادة على أصول الكلمة وفي التطرف في آخرها وفي الاختصاص بالأسماء الجامدة والمشتقة. تصريح. قوله: "قال سيبويه... إلخ" استدلال على قوله: أحدهما الفرق... إلخ. قوله: "لأنها أسماء ما يلفظ به" أي: من الحروف ويؤخذ منه أن ذا الألف من أسماء حروف التهجي كالباء يقصر كما يمد، وبه صرحوا؛ بل قال في الهمع: يجوز قصره ومده بالإجماع، وجمعه على القصر بيات مثلًا بقلب الألف المقصورة ياء، وعلى المد باءات بإقرار الهمزة. قوله: "وحروف التهجي"(4/329)
التصريف
التصريف: حَرْفٌ وشِبْهُهُ من الصَّرْفِ بري وما سِوَاهما بتَصْرِيف حري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومنهم من يميل، وإن كان في وسطها ألف نحو: كاف وصاد، فلا خلاف في الفتح والآخر كثرة الاستعمال، وذلك إمالتهم الحجاج علمًا في الرفع والنصب، وكذلك العجاج في الرفع والنصب، ذكره بعض النحويين. وإمالة الناس في الرفع والنصب. قال ابن برهان في آخر شرح اللمع: روى عبد الله بن داود عن أبي عمرو بن العلاء إمالة الناس في جميع القرآن مرفوعًا ومنصوبًا ومجرورًا، قاله في شرح الكافية. قال: وهذه رواية أحمد بن يزيد الحلواني عن أبي عمر الدوري عن الكسائي ورواية نصر وقتيبة عن الكسائي. انتهى. واعلم أن الإمالة لهذين السببين شاذة لا يقاس عليها؛ بل يقتصر في ذلك على ما سمع، والله أعلم.
التصريف:
اعلم أن التصريف في اللغة: التغيير، ومنه: {وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ} [البقرة: 164، الجاثية: 5] أي: تغييرها. وأما في الاصطلاح فيطلق على شيئين؛ الأول: تحويل الكلمة إلى أبنية مختلفة لضروب من المعاني كالتصغير والتكسير واسم الفاعل واسم المفعول، وهذا القسم جرت عادة المصنفين بذكره قبل التصريف كما فعل الناظم، وهو في الحقيقة من التصريف. والآخر: تغيير الكلمة لغير معنى طارئ عليها؛ ولكن لغرض آخر. وينحصر في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مبتدأ خبره قوله: إن كان في آخرها ألف فمنهم... إلخ، وفي كلامه حذف مضاف أي: وأسماء حروف التهجي، وقول البعض: إن حروف التهجي معطوف على را وما أشبهها إن لم يكن فاسدًا بالكلية، فهو تعسف لا حاجة إليه، فتأمل. قوله: "من يفتح" أي: لا يميل. قوله: "علمًا" بخلاف ما إذا كان صفة للمبالغة فإنه لا يمال؛ لأنه لم يكثر استعماله. دماميني. قوله: "في الرفع والنصب" أي: لا في الجر؛ فإن الإمالة فيه قياسية لوجود سببها وفي الكسرة. قوله: "شاذة" أي: قياسًا، فلا ينافي قراءة بعض السبعة بالإمالة في فواتح السور، قاله شيخنا السيد.
التصريف:
قوله: "على شيئين" بل على ثلاثة، ثالثها العلم بأحكام بنية الكلمة كما سينقله عن ابن الناظم. قوله: "إلى أبنية" أي صيغ. قوله: "كالتصغير... إلخ" إن كان تمثيلًا للضروب من المعاني احتاج قوله: واسم الفاعل واسم المفعول إلى تقدير مضاف أي: ودلالة اسم الفاعل... إلخ، وإن كان تمثيلًا للأبنية المختلفة كان التصغير والتكسير بمعنى الصيغتين المعروفتين. قوله: "بذكره" أي: بذكر متعلقه الذي هو تلك الأبنية المختلفة؛ إذ هي المذكورة قبل هذا الباب لا نفس التحويل. وقوله: قبل التصريف بالمعنى الآخر الآتي، فافهم. قوله: "وهو في الحقيقة من التصريف" إن أراد من التصريف اللغوي فهو غير محتاج إليه لوضوحه من تعريف التصريف لغة واصطلاحًا، وإن أراد من التصريف بالمعنى الاصطلاحي الآتي فباطل لتغاير المعنيين الاصطلاحيين، كما ينطق به كلامه أو(4/330)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الزيادة والحذف والإبدال والقلب والنقل والإدغام. وهذا القسم هو المقصود هنا بقولهم: التصريف. وقد أشار الشارح إلى الأمرين بقوله: تصريف الكلمة هو تغيير بنيتها بحسب ما يعرض لها من المعنى؛ كتغيير المفرد إلى التثنية والجمع، وتغيير المصدر إلى بناء الفعل واسمي الفاعل والمفعول. ولهذا التغيير أحكام كالصحة والإعلال. ومعرفة تلك الأحكام وما يتعلق بها تسمى علم التصريف؛ فالتصريف إذن هو العلم بأحكام بنية الكلمة بما لحروفها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالمعنى الاصطلاحي السابق فباطل أيضًا؛ إذ لا معنى لكون الشيء من نفسه، فتدبر. قوله: "تغيير الكلمة" أي: عن أصل وضعها. قوله: "ولكن لغرض آخر" كاللإلحاق، والتخلص من التقاء الساكنين، والتخلص من اجتماع الواو والياء، وسبق إحداهما بالسكون. قوله: "وينحصر" أي: هذا التغيير.
قوله: "وقد أشار الشارح إلى الأمرين بقوله... إلخ" نظر فيه سم بأن هذا القول ليس فيه أن التصريف يطلق بمعنى تغيير الكلمة لغير معنى... إلخ، وعارضه البعض فقال: أشار إلى الأول بقوله: هو تغيير بنيتها... إلخ، وإلى الثاني بقوله: ولهذا التغيير أحكام؛ فإن تلك الأحكام ما عدا الصحة تغييرات مخصوصة لأغراض فسقط تنظير بعضهم بأنه ليس فيه إشارة إلى المعنى الثاني. اهـ. وأنت خبير بأن المعنى الثاني تغيير الكلمة لغير معنى طارئ عليها؛ ولكن لغرض آخر، وينحصر في الأنواع الستة المتقدمة، فليس هو لمعنى طارئ للتغيير لمعنى طارئ على الكلمة وليس منه الصحة. والأحكام التي جعل ابن الناظم معرفتها علم التصريف جلعها أحكامًا؛ لأنه المشار إليه بقوله: ولهذا التغيير أحكام وأدخل فيها الصحة؛ حيث قال: كالصحة والإعلال، فمن أين يكون قوله: ولهذا التغيير أحكام إشارة إلى المعنى الثاني، فالحق مع من نظر في كلام الشارح بما ذكر. نعم، يمكن أن يتكلف تصحيح كلام الشارح بجعل اسم الإشارة راجعًا إلى التغيير لا بقيد كونه لمعنى طارئ -بل مطلقًا- وجعل الصحة والإعلال حكمين للتغيير لمعنى طارئ والإعلال فقط بأنواعه الستة حكمًا للتغيير لغرض آخر، والله الموفق للصواب.
قوله: "هو تغيير بنيتها" أي: تحويل بنيتها إلى صيغ مختلفة، ولا يخفى أن هذا التعريف بمعنى التعريف الأول في كلام شارحنا. قوله: "إلى التثنية والجمع" قال زكريا: الأنسب إلى المثنى والمجموع. اهـ. والجواب أن التثنية والجمع يطلقان على المثنى والمجموع. قوله: "ولهذا التغيير" أي: ولمتعلق هذا التغيير من المغير والمغير إليه؛ إذ الصحة مثلًا صفة للفظ لا للتغيير، وبهذا يعرف ما في كلام شيخنا والبعض. قوله: "كالصحة والإعلال" الظاهر أن الكاف استقصائية؛ إذ الإعلال التغيير وهو صادق بالأنواع الستة المتقدمة. قوله: "وما يتعلق بها" كشروطها. قوله: "فالتصريف" أي: فعلم التصريف ليطابق قوله: تسمى علم التصريف بمعنى العلم. وقوله: إذن أي: إذا استعمل بمعرفة تلك الأحكام ثم إذا أطلق التصريف بمعنى العلم ففيه الأوجه الثلاثة في غيره من أسماء الفنون؛ وهي كونه بمعنى الملكة أو المسائل أو الإدراكات؛ وعلى هذا الثالث قول الشارح؛ فالتصريف إذن هو العلم بأحكام بنية الكلمة... إلخ.(4/331)
وليس أدنى من ثلاثي يُرَى قابل تصريفٍ سِوَى ما غُيرا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من أصالة وزيادة وصحة وإعلال وشبه ذلك. اهـ. ولا يتعلق التصريف إلا بالأسماء المتمكنة والأفعال المتصرفة. وأما الحروف وشبهها، فلا تعلق لعلم التصريف بها؛ كما أشار إلى ذلك بقوله: "حرف وشبهه من الصرف بري وما سواهما بتصريف حري" أي: حقيق. والمراد يشبه الحرف الأسماء المبنية والأفعال الجامدة، وذلك عسى وليس ونحوهما؛ فإنها تشبه الحرف في الجمود. وأما لحوق التصغير ذا والذي، والحذف سوف وإن، والحذف والإبدال لعل، فشاذ يوقف عند ما سمع منه.
تنبيه: التصريف وإن كان يدخل الأسماء والأفعال إلا أنه للأفعال بطريق الأصالة لكثرة تغيرها ولظهور الاشتقاق فيها.
"وليس أدنى من ثلاثي يرى قابل تصريف سوى ما غيرا" يعني: أن ما كان على حرف واحد أو حرفين فإنه لا يقبل التصريف إلا أن يكون ثلاثيًّا في الأصل، وقد غير بالحذف؛ فإن ذلك لا يخرجه عن قبول التصريف. وقد فهم من ذلك أمران؛ أحدهما: أن الاسم المتمكن والفعل لا ينقصان في أصل الوضع عن ثلاثة أحرف؛ لأنهما يقبلان التصريف، وما قبل التصريف لا يكون من أصل الوضع على حرف واحد ولا على حرفين. والآخر: أن الاسم والفعل قد ينقصان عن الثلاثة بالحذف؛ أما الاسم فإنه قد يرد على حرفين بحذف لامه نحو: يد، أو عينه نحو: سه، أو فائه نحو: عدة، وقد يرد على حرف واحد نحو: م الله عند من يجعله محذوفًا من ايمن الله، وكقول بعض العرب: شربت ما، وذلك قليل. وأما الفعل فإنه قد يرد على حرفين نحو: قل وبع وسل،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "بما لحروفها" بدل من قوله بأحكام. قوله: "وشبه ذلك" قال زكريا وأقره شيخنا والبعض: أي: كالإخفاء والإظهار والإدغام. اهـ. وفيه أن الإخفاء والإدغام من الإعلال، والإظهار من الصحة؛ إلا أن يخصا، فتدبر. قوله: "ولا يتعلق التصريف" أي: بمعناه المقصود بقولهم: التصريف، كما سبق بقرينة كلامه في التنبيه الآتي، فلا ينافي أن بعض الأسماء المبنية يثنى ويجمع ويصغر كأسماء الإشارة والموصولات، على أن تصغيرها شاذ وتثنيتها وجمعها صوريان لا حقيقيان على التحقيق.
قوله: "والأفعال المتصرفة" أي: غير الجامدة. قوله: "الأسماء المبنية" ككم ومن ولم يمثل لها لكثرتها. قوله: "ونحوهما" كنعم وبئس. قوله: "وأما لحوق التصغير ذا والذي" فيه أن هذا لا يرد إلا لو أريد بالتصريف المتكلم عليه التغيير لمعنى طارئ، وقد أسلف الشارح أن المقصود هنا التصريف بمعنى التغيير لغير معنى طارئ، فليس منه التصغير حتى يرد علينا تصغير ذا والذي.
قوله: "وليس أدنى من ثلاثي... إلخ" إن قلت: هذا البيت مستغنى عنه بما قبله لاستلزام نفي قبول الحرف للتصريف نفي قبول أدنى من ثلاثي وضعًا له؛ لأن الأدنى المذكور لا يكون إلا حرفًا. قلت: ليس مستغنى عنه بالنسبة إلى المبتدئ الذي لا يعرف أن الأدنى المذكور لا يكون إلا حرفًا. قوله: "ثلاثيًّا في الأصل" أي: فصاعدًا نحو: م عند من يجعله مختصرًا من: ايمن.
قوله: "عند من يجعله محذوفًا" أي: مختصرًا. قوله: "شربت ما" أي: بالقصر منونًا؛ ليكون(4/332)
ومُنْتَهَى اسمٍ خَمْسٌ انْ تَجَرَّدَا وإِنْ يُزَدْ فيه فَمَا سبعا عَدَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد يرد على حرف واحد نحو: عِ كلامي وقِ نفسك وذلك فيما أعلت فاؤه ولامه فيحذفان في لأمر.
"ومنتهى اسم خمس إن تجردا وإن يزد فيه فما سبعًا عدا" أي: ينقسم الاسم إلى مجرد وهو الأصل، وإلى مزيد فيه وهو فرعه، فغاية ما يصل إليه المجرد خمسة أحرف نحو: سفرجل، وغاية ما يصل إليه المزيد فيه بالزيادة سبعة أحرف، فالثلاثي الأصول نحو: اشهيباب مصدر اشهاب، والرباعي الأصول نحو: احرنجام مصدر احرنجمت الإبل أي: اجتمعت. وأما الخماسي الأصول، فإنه لا يزاد فيه غير حرف مد قبل الآخر أو بعده مجردًا أو مشفوعًا بهاء التأنيث نحو: عضرفوط وهو العظاءة الذكر، وقبعثرى وهو البعير الذي كثر شعره وعظم خلقه، والمشفوع نحو: قبعثراة، وندر قَرَعْبلانة؛ لأنه زيد فيه حرفان وأحدهما نون. قيل: إنه لم يسمع إلا من كتاب العين فلا يلتفت إليه. والقرعبلانة دويية عريضة عظيمة البطن محبنطية، وقالوا في تصغيرها: قريعبة. وذكر بعضهم أنه زيد في الخماسي حرف مد قبل الآخر نحو: مغناطيس، فإن صح ذلك وكان عربيًّا جعل نادرًا، وقد حكاه ابن القطاع أعني: مغناطيس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على حرف واحد.
قوله: "ومنتهى اسم" أي: حروف اسم. قوله: "فالثلاثي الأصول" أي: فالمزيد فيه الثلاثي الأصول. قوله: "مصدر اشهاب" بتشديد الموحدة إذا صار أشهب من الشهبة بضم الشين وهي بياض يخالطه سواد. قوله: "مجرَّدًا... إلخ" حال من ضمير حرف المد المستكن في بعده، فهو راجع إلى بعده فقط. قوله: "وهو العظاءة الذكر" عبارة القاموس: العضرفوت العذفوط أو ذكر العظاء أو هو من دواب الجن وركائبهم والجمع عضارف وعضرفوطات. اهـ. وقال في محل آخر: العذفوط بالضم دويبة بيضاء ناعمة تشبه بها أصابع الجواري. اهـ. وقال في محل آخر: العظاية دويبة كسامّ أبرص والجمع عظاء. اهـ. وسامّ أبرص بتشديد الميم قال في القاموس: من كبار الوزغ. اهـ. وفي المصباح أن العظاءة بالمد لغة أهل العالية والعظاية لغة تميم، وأن جمع الأولى عظاء وجمع الثانية عظايا.
قوله: "والمشفوع نحو: قبعثراة" الأنسب بقوله نحو: عضرفوط أن يقول: ونحو قبعثراة. قوله: "قرعبلانة" بفتح القاف والراء وسكون العين المهملة وفتح الموحدة. قوله: "لأنه زيد فيه حرفان" أي: غير الهاء.
قوله: "إلا من كتاب العين" المحشوّ بالخطأ. قوله: "محبنطية" بضم الميم وسكون الحاء المهملة وفتح الموحدة وسكون النون وكسر الطاء المهملة وتخفيف التحتية أي: منتفخة البطن كما في القاموس، ولعل المراد بمنتفخة البطن عظيمة البطن؛ فيكون تأكيدًا لما قبله. قوله: "قريعبة" أي: بحذف الخامس كما هو قاعدة تصغير الخماسي الأصول. قوله: "وذكر بعضهم... إلخ" مقابل قوله: لا يزاد فيه غير حرف مد. قوله: "نحو: مغناطيس" بفتح الميم كما يفيده صنيع القاموس. قوله: "وكان عربيًّا" يظهر أنه عطف سبب على مسبب. قوله: "أعني: مغناطيس" لعله منعه من(4/333)
وغَيْرَ اخِرِ الثلاثي افْتَحْ وضُم واكْسِرْ وزِدْ تسكينَ ثانية تعُم
وفِعلٌ أُهمل والعكسُ يَقِل لقَصْدِهِمْ تخصيصَ فِعْلٍ بفُعِلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهان: الأول: إنما لم يستثن هنا هاء التأنيث وزيادتي التثنية وجمع التصحيح والنسب كما فعل في التسهيل فقال: والمزيد فيه إن كان اسمًا لم يجاوز سبعة إلا بهاء التأنيث أو زيادتي التثنية أو التصحيح؛ لما علم من أن هذه الزوائد غير معتد بها؛ لكونها مقدرة الانفصال.
الثاني: إنما قال: خمس وسبعًا ولم يقل: خمسة وسبعة؛ لأن حروف الهجاء تذكر وتؤنث، فباعتبار تذكيرها تثبت الهاء في عددها، وباعتبار تأنيثها تسقط التاء من عددها.
"وغير آخر الثلاثي افتح وضم واكسر وزد تسكين ثانيه تعم" تقدم أن المجرد ثلاثي ورباعي وخماسي؛ فالثلاثي تقتضي القسمة العقلية أن تكون أبنيته اثني عشر بناء؛ لأن أوله يقبل الحركات الثلاث ولا يقبل السكون؛ إذ لا يمكن الابتداء بساكن. وثانيه يقبل الحركات الثلاث ويقبل السكون أيضًا، والحاصل من ضرب ثلاثة في أربعة اثنا عشر، فهذه جملة أوزان الثلاثي من المجرد، كما أشار إلى ذلك بقوله: تعم.
"وفعل" بكسر الفاء وضم العين "أهمل" من هذه الأوزان لاستثقالهم الانتقال من كسر إلى ضم، وأما قراءة بعضهم: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} [الذاريات: 7] بكسر الحاء وضم الباء، فوجهت على تقدير صحتها بوجهين؛ أحدهما: أن ذلك من تداخل اللغتين في جزأي الكلمة؛ لأنه يقال: حبك بضم الحاء والباء وحبك بكسرها، فركب القارئ منها هذه القراءة. قال ابن جني: أراد أن يقرأ بكسر الحاء والباء، فبعد نطقه بالحاء مكسورة مال إلى القراءة المشهورة فنطق بالباء مضمومة. قال في شرح الكافية: وهذا التوجيه لو اعترف به من عزيت هذه القراءة له لدل على عدم الضبط ورداءة التلاوة، ومن هذا شأنه لا يعتمد على ما سمع منه لإمكان عروض ذلك له، والآخر: أن يكون بكسر الحاء اتباعًا لكسرة تاء ذات، ولم يعتد باللام الساكنة؛ لأن الساكن حاجز غير حصين، قيل: وهذا أحسن.
"والعكس" وهو فعل بضم الفاء وكسر العين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الصرف ميلا إلى احتمال عجمته مع كونه علمًا على اللفظ؛ لأن المراد لفظه. قوله: "إلا بهاء التأنيث" كقرعبلانة. سم. قوله: "أو زيادة التثنية" كقولك في تثنية اشهيباب: اشهيبابان، وفي جمعه: اشهيبابون، عند التسمية به، وفي النسب نحو: اشهيبابي. دماميني.
قوله: "إلى ضم" أي: ضم لازم فخرج نحو: يضرب؛ إذ الضمة تزول نصبًا وجزمًا.
قوله: "وأما قراءة بعضهم" هو أبو السمال بفتح السين وتشديد الميم آخره لام. قوله: "{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ}" في القاموس: الحبك من السماء طرائق النجوم واحدها حبيكة. قوله: "على تقدير صحتها" إنما قال ذلك لأنه قد قيل: إنها لم تثبت. قوله: "من تداخل اللغتين... إلخ" اعترض بأن التداخل في جزأي الكلمة الواحدة غير معهود؛ إنما المعهود التداخل في الكلمتين نحو: كدت بضم الكاف أكاد؛ فإن كدت بالضم على لغة من قال: كاد يكود وأكاد على لغة من قال: كاد يكاد. قوله: "قيل: وهذا أحسن" قائله أبو حيان، واعترض بأن أداة التعريف كلمة منفصلة؛ ومن(4/334)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"يقل" في لسان العرب "لقصدهم تخصيص فعل بفعل" فيما لم يسم فاعله نحو: ضرب وقتل، والذي جاء منه دئل اسم دويبة سميت بها قبيلة من كنانة، وهي التي ينسب إليها أبو الأسود الدؤلي، وأنشد الأخفش لكعب بن مالك الأنصاري:
1264- جاءوا بجيش لو قِيسَ مُعرسه ما كان إلا كعُمْرَس الدُّئِلِ
والرئم اسم للاست، والوُعِل لغة في الوَعِل، حكاه الخليل؛ فثبت في هذه الألفاظ أن هذا البناء ليس بمهمل خلافًا لمن زعم ذلك. نعم، هو قليل كما ذكر.
تنبيه: قد فُهم من كلامه أن ما عدا هذين الوزنين مستعمل كثيرًا أي: ليس بمهمل ولا نادر وهي عشرة أوزان؛ أولها: فَعْل ويكون اسمًا نحو: فلس، وصفة نحو: سهل. وثانيها: فَعَل ويكون اسمًا نحو: فرس، وصفة نحو: بطل. وثالثها: فَعِل ويكون اسمًا نحو: كبد، وصفة نحو: حذر. ورابعها: فعل ويكون اسمًا نحو: عضد، وصفة نحو: يقظ. وخامسها: فِعْل ويكون اسمًا نحو: عدل، وصفة نحو: نكس. وسادسها: فِعَل ويكون اسمًا نحو: عنب، قال سيبويه: ولا نعلمه جاء صفة إلا في حرف معتل يوصف به الجمع وهو قولهم: عدا. وقال غيره: لم يأتِ من الصفات على فعل الأزيم بمعنى متفرق، وعدا اسم جمع. وقال السيرافي: استدرك على سيبويه قيمًا في قراءة من قرأ: {دِينًا قِيَمًا} [الأنعام: 16] ولعله يقول: إنه مصدر بمعنى القيام. اهـ. واستدرك بعض النحاة على سيبويه ألفاظًا أخر، وهي سوى في قوله تعالى:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم امتنع القراء من ضم أول الساكنين إتباعًا لضم ثالثه في نحو: {إِنِ الْحُكْمُ} و{قُلِ الرُّوحُ} و{غُلِبَتِ الرُّومُ} ولم يلحقوها بـ{قُلِ انْظُرُوا} فالساكن المذكور حاجز حصين على أنه لا يجري في غير الآية. اهـ. وقد يقال: اعتراضه بما ذكر لا ينافي أحسنيته مما قبله، مع أن قوله: على أنه لا يجري في غير الآية لا يرد؛ إذ لم يسمع في غير الآية. قوله: "تخصيص فعل بفعل" الباء داخلة على المقصور.
قوله: "فيما لم يسم فاعله" صفة لفعل أي: الكائن في أوزان ما لم يسم فاعله. قوله: "جاءوا بجيش... إلخ" قاله كعب بن مالك الأنصاري يصف جيش أبي سفيان حين غزا المدينة بالقلة والحقارة. وقوله: معرسه بضم الميم وسكون العين المهملة وفتح الراء أي: مكان نزوله، ويقال: معرس كمحمد؛ لأن الفعل أعرس وعرس بالتشديد، والشاهد في الدئل فإنه بضم فكسر فيكون هذا الوزن مستعملًا. قوله: "والرئم" براء فهمزة. وقوله: اسم للاست أي: الدبر. قوله: "لغة في الوعل" أي: بفتح الواو وهو التيس الجبلي. قوله: "الأزيم" بزاي فتحتية. وقوله: بمعنى متفرق يقال: منزل زيم أي: متفرق النبات. قوله: "في قراءة من قرأ" وهو الكوفيون وابن عامر. قوله: "ولعله يقول... إلخ" ظاهر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1264- البيت من المنسرح، وهو لكعب بن مالك في ديوانه ص251، وشرح شواهد الشافية ص12، والمقاصد النحوية 4/ 562، وبلا نسبة في أدب الكاتب ص586، والاشتقاق ص170، إصلاح المنطق ص166، وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 37، والمنصف 1/ 20.(4/335)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{مَكَانًا سُوًى} [طه: 58] ورجل رضُى، وماء روًى، وماء صرًى، وسبى طِيَبَة. ومنهم من تأولها. وسابعها: فِعِل ويكون اسمًا نحو: إبل. ولم يذكر سيبويه من فعل إلا إبلًا، وقال: لا نعلم في الأسماء والصفات غيره. وقد استدرك عليه ألفاظ؛ فمن الأسماء إطل وهي الحاصرة ذكره المبرد، وروي قول امرئ القيس له إطلا ظبي بالكسر. وقيل: كسر الطاء إتباع، ووِتِد ومشط ودبس لغة في الأطل والوتد والمشط والدبس. وقالوا: بأسنانه حبرة أي: قلح. وقالوا للعبة الصبيان: حِلِج بِلِج وجِلِن بِلِن. وقالوا: حبك لغة في الحبك كما تقدم، وعيل اسم بلد. ومن الصفات قولهم: تان إبد وأمه إبد أي: ولود، وامرأة بلز أي: ضخمة. قال ثعلب: ولم يأتِ من الصفات على فعل إلا حرفان: امرأة بلز وأتان إبد، وأما قوله:
1265- علمها إخوانُنا بنو عِجِلْ شُرْبَ النبيذ واصطفافًا بالرجل
فهو من النقل للوقف، أو من الإتباع فليس بأصل. وثامنها: فُعْل ويكون اسمًا نحو: قفل، وصفة نحو: حلو. وتاسعها: فُعَل ويكون اسمًا نحو: صرد، وصفة نحو: حطم. وعاشرها: فُعُل ويكون اسمًا نحو: عنق، وصفة وهو قليل. والمحفوظ منه جنب وشلل، وناقة صرخ أي:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صنيعه أن مثل ذلك لا يأتي في زيم. قوله: "وماء روى" أي: كثير مرو، ويقال: رواء كسماء. قوله: "وماء صرى" كذا في نسخ بكسر الصاد المهملة وفتحها أي: طال مكثه، كذا في القاموس، وفي نسخة هرى بالهاء، ولعله تحريف؛ فإني لم أجده في اللغة.
قوله: "وسبى" بسين مهملة فموحدة في المصباح سبيت العدوَّ سبيًا، والاسم السباء مثل كتاب، والقصر لغة. اهـ. وفي القاموس: السبي ما يسبى والجمع سبي، والنساء لأنهن يسبين القلوب أو يسبين فيملكن. اهـ. وقوله: طيبة بوزن عنبة كما في القاموس، وفيه الشاهد، ومعناه: نالوه نالوه بلا غدر ونقض عهد، كما في القاموس. وتوهم البعض أن الشاهد في سبي فقال بعد نقل عبارة المصباح: وأنت خبير بأن هذا لا دلالة فيه على كونه وصفًا. قوله: "ومنهم من تأولها" أي: بأنها مصادر وصف بها. قوله: "إطل" بالطاء المهملة. قوله: "في الإطل" أي: بكسر فسكون والوتد أي: بفتح فكسر أو فتح والمشط أي: بتثليث أوله فسكون وبفتح فكسر وبضمتين مع تخفيف الطاء وتشديدها كما في القاموس. والدبس أي: بكسر فسكون، وجعل البعض المشط كالدبس بكسر فسكون قصور. قوله: "حبرة" أي: بحاء مهملة فموحدة وقوله: قلح بقاف فلام فحاء مهملة هو صفرة الأسنان. قوله: "حلج" بحاء مهملة فلام فجيم بلج بموحدة فلام فجيم على ما في النسخ، ولم أرهما في القاموس، وجلن بجيم فلام فنون بلن بموحدة فلام فنون كما في القاموس. قوله: "عيل" بعين مهملة فتحتية.
قوله: "وأما قوله... إلخ" ليس متعلقًا بكلام ثعلب؛ لأن عجلا ورجلا ليسا وصفين؛ بل هو دفع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1265- الرجز بلا نسبة في شرح الشواهد للعيني 4/ 240.(4/336)
وافتح وضم واكسر الثاني من فعل ثلاثي وزِدْ نحو ضُمِنْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سريعة.
"وافتح وضم واكسر الثاني من فعل ثلاثي" أي: للفعل الثلاثي المجرد ثلاثة أبنية؛ لأنه لا يكون إلا مفتوح الأول، وثانيه يكون مفتوحًا ومكسورًا ومضمومًا، ولا يكون ساكنًا؛ لئلا يلزم التقاء الساكنين عند اتصال الضمير المرفوع. الأول: فعل ويكون متعديًا نحو: ضرب، ولازمًا نحو: ذهب، ويرد لمعانٍ كثيرة ويختص بباب المغالبة، وقد يجيء فعل مطاوعًا لفعل بالفتح فيها، ومنه قوله: قد جبر الدين الإله فجبر
والثاني: فعل ويكون متعديًا نحو: شرب، ولازمًا نحو: فرح، ولزومه أكثر من تعديه،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لتوهم استدراكهما أيضًا على سيبويه. قوله: "من فعل ثلاثي" أي: مبني للفاعل بدليل قوله: وزد نحو: ضمن. قوله: "لا يكون إلا مفتوح الأول" أي: لا ساكنًا لرفضهم الابتداء بالساكن ولا مقصورًا ولا مضمومًا إلا عند البناء للمفعول كما سيأتي لثقلهما وثقل الفعل. قوله: "ولا يكون ساكنًا" أي: أصالة فلا يرد نحو: رد وشم ولب، ولا نحو: قال وخاف وطال، ولا نحو: علم بالسكون مخفف، ولا نعم وبئس، وليس لأن أصل عين الكل الحركة؛ لأن الكلام في الأفعال الغير الجامدة والثلاثة الأخيرة جامدة فلا ينالها التصريف.
قوله: "الأول فعل" ولا تفتح عين مضارعه دون شذوذ كأبَى يأبى وسلا يسلى وقلا يقلى، وقيل: الفتح لكسر عين الماضي في لغة؛ فيكون ذلك من تداخل لغتين؛ إلا إذا كانت العين أو اللام حرفًا حلقيًّا كسأل يسأل ومدح يمدح؛ بل يخير فيها بين الكسر والضم، ولم يشتهر أحد الأمرين، فإن اشتهر أحدهما تعين كالكسر في يضرب والضم في يقتل. وقال ابن عصفور: بل يجوز الأمران مع اشتهار أحدهما. وقال ابن جني: يتعين الكسر عند عدم الاشتهار، وما لم يلتزم أحدهما لسبب يقتضي ذلك كالتزام الكسر عند غير بني عامر فيما فاؤه واو كوجد يجد. أما بنو عامر فلم يلتزموا الكسر في ذلك فقالوا: يجد بالضم. وعند الجميع فيما عينه ياء كباع يبيع، وفيما لامه ياء وعينه غير حلقية كرمى يرمي، فإن كانت عينه حلقية فتحت كسعى يسعى ونهى ينهي، وفي المضاعف غير المسموع ضمه كحن يحن وأنَّ يئن بخلاف ما سمع ضمه فقط كمر يمر ورد يرد، أو مع كسره كصد يصد ويصد وشط يشط ويشط، وكالتزام الضم فيما عينه واو كقام يقوم وشذتاه وطاح يطيح في لغة من قال: ما أتوهه وما أطوحه، وفيما لامه واو ليست عينه حلقية كغزا يغزو بخلاف ما عينه حلقية كمحا يمحي في إحدى لغاته، وفي المضاعف المتعدي غير المسموع كسره كرد يرد، بخلاف ما سمع كسره فقط وهو حبه يحبه، أو مع ضمه كشده يشده ويشده، وفيما هو للغلبة كسابقني فسبقته أسبقه ما لم يكن فيه ملزم الكسر كواعدني فوعدته أعده وبايعني فبعته أبيعه ورماني فرميته أرميه ولا تأثير لحلقي في ذي الغلبة خلافًا للكسائي، فتقول: فاخرني ففخرته أفخره بالضم، وقد يجيء ذو الحلقي غير ذي الغلبة بكسر كنزع بنزع، أو بضم كدخل يدخل وبكسر وفتح كمنح يمنح ويمنح وبضم وفتح كمحا يمحو ويمحا، وبالتثليث كرجح يرجح ويرجح ويرجح، والمعتمد في ذلك السماع، فإذن فقد رجع إلى الفتح. دماميني باختصار.
قوله: "ويكون متعديًا" وتعديه أكثر من لزومه عكس فعل بكسر العين. دماميني. قوله: "ويرد(4/337)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولذلك غلب وضعه للنعوت اللازمة والأعراض والألوان وكبر الأعضا نحو: شنب وفلج، ونحو: برئ ومرض، ونحو: سود وشهب، ونحو: أذن وعين. وقد يطاوع فعل بالفتح نحو: خدعه فخدع. والثالث: فعل نحو: ظرف، ولا يكون متعديًا إلا بتضمين أو تحويل؛ فالتضمين نحو: رحبتكم الدار، وقول علي: إن بشرًا قد طلع اليمن ضمن الأول معنى وسع والثاني معنى بلغ. وقيل: الأصل رحبت بكم، فحذف الخافض توسعًا. والتحويل نحو: سدته؛ فإن أصله سودته بفتح العين، ثم حُوِّل إلى فعل بضم العين، ونقلت الضمة إلى فائه عند حذف العين، وفائدة التحويل الإعلام بأنه واوي العين؛ إذ لو لم يحول إلى فعل وحذفت عينه لالتقاء الساكنين عند انقلابها ألفًا لالتبس الواوي باليائي. هذا مذهب قوم منهم الكسائي،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لمعانٍ كثيرة" منها: السلب يقال: قررته وأقررته أي: أزلته عن مقره، ومنها: الغلبة والمطاوعة، ونبه الشارح على هذين. قوله: "ويختص بباب المغالبة" الباء داخلة على المقصور، والمراد بباب المغالبة إسناد الغلبة في فعل بين اثنين إلى الغالب فيه منهما نحو: ضاربني زيد فضربته أي: غلبته في الضرب. قوله: "مطاوعًا" أي: مشعرًا بتأثر فاعله بفعل آخر ملاقٍ له في الاشتقاق. قوله: "فجبر" أي: انجبر. قوله: "والثاني فعل" وحق عين مضارعه الفتح وكسرت في ألفاظ قليلة كورث يرث وومق يمق، وأما فضل بالكسر يفضل بالضم من الفضلة فمن باب التداخل. قوله: "ولذلك" أي: لكون لزومه أكثر من تعديه. وقوله: للنعوت اللازمة أي: الصفات اللازمة للذوات القائمة هي بها، فالمراد النعت اللغوي. وقوله: والأعراض... إلخ أي: وكل من المذكورات لا يطلب زيادة على قيامه بمحله فلم يتعد. قوله: "نحو: شنب... إلخ" في كلامه لف ونشر مرتب، والشنب بالتحريك ماء ورقة وبرد وعذوبة في الأسنان، وشنب كفرح فهو شانب وشنيب وأشنب وهي شنباء. قاموس. قوله: "وفلج" بالفاء والجيم كما رأيته في نسخ وهو كفرح من الفلج وهو تباعد الأسنان، وقضية كلام شيخنا -بل صريحه- أنه بالقاف والحاء المهملة كفرح من القلح وهو صفرة الأسنان، ولعل الأول هو المناسب لكونه مثالًا للنعوت اللازمة.
قوله: "إلا بتضمين أو تحويل" قال الدماميني: وتبعه شيخنا والبعض وشيخنا السيد أي: مصاحبًا لذلك، فالباء للمصاحبة، ولا يجوز أن تكون سببية لعطفه التحويل على التضمين، والتحويل ليس سببًا للتعدي قطعًا، ولا يعطف على السبب إلا سبب. اهـ. ومنشؤه ملاحظتهم في قوله: أو تحويل المحول عنه إليه دون المحول، والأنسب بالسياق العكس بأن يكون المراد أو تحويل عن فعل بالفتح؛ وحينئذ يصلح سببًا؛ لأن حاصله مراعاة الأصل، والله الهادي.
قوله: "ثم حول" أي: واستصحب التعدي الثابت له قبل التحويل. دماميني. قوله: "عند حذف العين" أي: عند إرادة حذفها، وإلا فالنقل متقدم على الحذف. قوله: "لالتقاء الساكنين" هما الألف المنقلبة عن العين لتحركها وانفتاح ما قبلها وآخر الفعل الساكن عند اتصال تاء المتكلم به. قوله: "لالتبس الواوي باليائي" أي: واوي العين بيائيها؛ لأن الفتح لا يدل على أحدهما، ولعل المراد بالالتباس هنا الإجمال وهو أيضًا معيب في مقام البيان كما حققناه سابقًا.(4/338)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإليه ذهب في التسهيل. وقال ابن الحاجب: وأما باب سدته فالصحيح أن الضم لبيان بنات الواو لا للنقل، ولا يرد فَعُل إلا لمعنى مطبوع عليه من هو قائم به نحو: كرم ولؤم، أو كمطبوع نحو: فقه وخطب، أو شبهه نحو: جنب شبه بنجس؛ ولذلك كان لازمًا لخصوص معناه بالفاعل. ولا يرد يائي العين إلا هبؤ، ولا متصرفًا يائي اللام إلا نهو؛ لأنه من النهية وهو العقل، ولا مضاعفًا إلا قليلًا مشروكًا نحو: لبب وشرر، وقالوا: لبب وشرر بكسر العين أيضًا، ولا غير مضموم عين مضارعه إلا بتداخل لغتين كما في كدت تكاد، والماضي من لغة مضارعه تكون حكاه ابن خالويه، والمضارع ماضيه كدت بالكسر، فأخذ الماضي من لغة والمضارع من أخرى. وأشار بقوله: "وزد نحو: ضُمن" إلى أن من أبنية الثلاثي المجرد الأصلية فعل ما لم يسم فاعله نحو: ضمن، فعلى هذا تكون أبنية الثلاثي المجرد أربعة، وإلى كون صيغة ما لم يسم فاعله أصلًا ذهب المبرد وابن الطراوة والكوفيون، ونقله في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "هذا" أي: ما ذكر من أن ضم فاء نحو: سدته لثقل حركة عينه إليها بعد تحويله إلى فعل بالضم. قوله: "أن الضم" أي: ضم الفاء وقوله: لبيان بنات الواو أي: فروعها أي: الكلمات الواوية العين. قوله: "أو كمطبوع" أي: أو لمعنى غير مطبوع؛ بل طرأ بالاكتساب؛ لكنه كالمطبوع في عدم المفارقة. قوله: "أو شبهه" الضمير يرجع إلى الكاف الاسمية التي بمعنى مثل في قوله: أو كمطبوع أي: أو شبه مثل المطبوع، ووجه الشبه طروه كمثل المطبوع، هذا هو اللائق في حل عبارته، ولا ينافيه قوله: شبه بنجس؛ لأن المراد النجاسة المعنوية اللازمة بعد اكتسابها كملكة إتقان المكر فسقط ما للبعض، وأما إرجاع شيخنا والبعض الضمير إلى نحو: فقه. والمعنى أن مثل المطبوع قسمان ما لا يزول نحو: فقه، وما يزول نحو: جنب، فغفلة عما يلزم ذلك من كون نحو: جنب كالمطبوع، فيكون غير زائل، والفرض أنه زائل كما اعترفا به، فاعرفه.
قوله: "ولذلك" أي: لكون فعل لا يرد إلا لمعنى مطبوع عليه... إلخ. وقوله: لخصوص معناه بالفاعل أي: اختصاصه به وعدم طلبه زائدًا عليه، وهذا علة للعلية. قوله: "ولا يرد يائي العين" أي: استثقالًا للضمة على الياء. دماميني. قوله: "إلا هيؤ" أي: حسنت هيئته. قوله: "ولا متصرفًا... إلخ" احترز بمتصرفًا من نحو: قضو بمعنى ما أقضاه؛ فإنه مطرد في باب التعجب كما مر، وذكر شيخنا والبعض زهو مع قضو تبعًا للدماميني غير مناسب؛ لأن زهو واوي اللام والكلام في يائيها. قوله: "الأنهو" أصله نهي كما يشير إليه قول الشارح؛ لأنه من النهية أبدلت الياء واوًا لمناسبة الضمة قبلها. قوله: "مشروكًا" بالشين المعجمة كما في عبارة التسهيل أي: مشروكًا بغيره من الأوزان كما بينه الدماميني ونبه عليه الشارح بقوله: وقالوا لبب... إلخ، ووقع في نسخ متروكًا بالفوقية، وهو تحريف منافٍ لقوله: قليلًا. قوله: "لبب" أي: صار لبيبًا، وشرر أي: صار ذا شر.
قوله: "كما في كدت" أي: بضم الكاف. وقوله: تكاد أي: وقياس مضارع كدت بالضم تكود؛ إلا أنهم استغنوا بمضارع كدت بالكسر وهو تكاد عن مضارع كدت بالضم وهو تكود كما في ابن عقيل على التسهيل. قوله: "والماضي" المناسب فاء التعليل، وقول البعض فاء التفريع غير ظاهر.(4/339)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شرح الكافية عن سيبويه والمازني. وذهب البصريون إلى أنها فرع مغيرة عن صيغة الفاعل، ونقله غير المصنف عن سيبويه وهو أظهر القولين، وذهب إليه المصنف في باب الفاعل من الكافية وشرحها.
تنبيهات: الأول: لما لم يتعرض لبيان حركة فاء الفعل فهم أنها غير مختلفة وأنها فتحة؛ لأن الفتح أخف من الضم والكسر، فاعتباره أقرب.
الثاني: ما جاء من الأفعال مكسور الأول أو ساكن الثاني، فليس بأصل؛ بل مغير عن الأصل نحو: شهد وشهد وشهد.
الثالث: مذهب البصريين أن فعل الأمر أصل برأسه، وأن قسمة الفعل ثلاثية. وذهب الكوفيون إلى أن الأمر مقتطع من المضارع، فالقسمة عندهم ثنائية؛ فعلى الأول الصحيح كان من حق المصنف؛ إذ ذكر فعل ما لم يسم فاعله أن يذكر فعل الأمر أو يتركهما معًا كما فعل في الكافية، قال في شرحها: جرت عادة النحويين ألا يذكروا في أبنية الفعل المجرد فعل الأمر ولا فعل ما لم يسم فاعله، مع أن فعل الأمر أصل في نفسه اشتق من المصدر ابتداء كاشتقاق الماضي والمضارع منه، ومذهب سيبويه والمازني أن فعل ما لم يسم فاعله أصل أيضًا؛ فكان ينبغي على هذا إذا عدت صيغ الفعل المجرد من الزيادة أن يذكر للرباعي ثلاث صيغ: صيغة للماضي المصوغ للفاعل كدَحرَج، وصيغة له مصوغًا للمفعول كدُحرج، وصيغة للأمر كدَحرِج، إلا أنهم استغنوا بالماضي الرباعي المصوغ للفاعل عن الآخرين لجريانها على سنن مطرد، ولا يلزم من ذلك انتفاء أصالتهما، كما لا يلزم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وذهب البصريون" أي: جمهورهم. قوله: "ما جاء من الأفعال... إلخ" وارد على قوله هنا: وأنها فتحة، وقوله سابقًا: ولا يكون أي: ثاني الفعل الثلاثي ساكنًا. قوله: "أو ساكن الثاني" أو مانعة خلوّ، فتجوز الجمع كما في شهد بكسر فسكون.
فائدة: تسكين عين فعل المكسور العين أو المضمومها من الأفعال كعلم وظرف، والأسماء ككتف ورجل للتخفيف لغة تميمية كما في التسهيل.
قوله: "كما فعل في الكافية" راجع لقوله: أو يتركهما معًا. قوله: "أبنية الفعل المجرد" ثلاثيًّا كان أو رباعيًّا. قوله: "ومذهب سيبويه والمازني" المناسب قراءته بالنصب عطفًا على فعل الأمر. قوله: "أن يذكر" بالبناء للمفعول. وقوله: للرباعي كان عليه أن يقول للمجرد أو يزيد والثلاثي؛ لأن الأمر من الثلاثي قد يكون مجردًا نحو: قم وبع ودع. قوله: "إلا أنهم... إلخ" اعتذار عن عدم ذكر النحويين الماضي المصوغ للمجهول، وفعل الأمر لا عن ترك المصنف فعل الأمر دون المصوغ للمجهول؛ لأنه لا يصلح اعتذارًا عنه كما هو واضح. قوله: "لجريانها" أي: الصيغ الثلاث للرباعي على سنن مطرد أي: طريق غير مختلف بخلافها في الثلاثي، فبيان إحداها بيان للأخريين. قوله: "ولا يلزم من ذلك" من الاستغناء(4/340)
ومُنْتَهَاهُ أرْبَعٌ إِنْ جُرِّدَا وإِنْ يُزِدْ فيه فما ستًّا عَدَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الاستدلال على المصادر المطردة بأفعالها انتفاء أصالتها، هذا كلامه.
"ومنتهاه" أي: الفعل "أربع إن جردا" وله حينئذ بناء واحد وهو فعلل، ويكون متعديًا نحو: دحرج، ولازمًا نحو: عربد. وقال الشارح: له ثلاثة أبنية؛ واحد للماضي المبني للفاعل نحو: دحرج، وواحد للماضي المبني للمفعول نحو: دُحرج، وواحد للأمر نحو: دَحرِج، وفيه ما تقدم من أن عادة النحويين الاقتصار على بناء واحد وهو الماضي المبني للفاعل كما سبق.
"وإن يزد فيه فما ستًّا عدا" أي: جاوز؛ لأن التصرف فيه أكثر من الاسم فلم يحتمل من عدة الحروف ما احتمله الاسم، فالثلاثي يبلغ بالزيادة أربعة نحو: أكرم، وخمسة نحو: اقتدر، وستة نحو: استخرج. والرباعي يبلغ بالزيادة خمسة نحو: تدحرج، وستة نحو: احرنجم.
تنبيهات: الأول: قال في التسهيل: وإن كان فعلًا لم يتجاوز ستة إلا بحرف التنفيس أو تاء التأنيث أو نون التأكيد، وسكت هنا عن هذا الاستثناء، وهو أحسن؛ لأن هذا في تقدير الانفصال.
الثاني: لم يتعرض الناظم لذكر أوزان المزيد من الأسماء أو الأفعال لكثرتها، ولأنه سيذكر ما به يعرف الزائد. أما الأسماء فقد بلغت بالزيادة في قول سيبويه ثلاثمائة بناء وثمانية أبنية، وزاد الزبيدي عليه نيفًا على الثمانين؛ إلا أن منها ما يصح، ومنها ما لا يصح. وأما الأفعال فللمزيد فيه من ثلاثيها خمسة وعشرون بناء مشهورة، وفي بعضها خلاف؛ وهي: أفعل نحو أكرم، وفعّل نحو فرّح، وتفعل نحو تعلم، وفاعل نحو ضارب، وتفاعل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالماضي، وجعل بيانه بيانًا للآخرين. قوله: "كما لم يلزم من الاستدلال على المصادر... إلخ" كاستدلالنا بكون الفعل على وزن فعل بفتح العين لازمًا على كون مصدره الفعول. وقوله: انتفاء أصالتها أي: المصادر. قوله: "ومنتهاه أربع" وإنما لم يتجاوزها إلى الخمس؛ لئلا يساوي الاسم، وهو نازل عنه بدليل احتياجه إليه واشتقاقه منه، قاله الدماميني. قوله: "كما سبق" الكاف بمعنى لام التعليل أي: لما سبق من جريانها على سنن واحد.
قوله: "لأن التصرف فيه أكثر" لعل مراده بالتصرف التغير، ويشهد له كلامه قبيل قول المصنف: وليس أدنى من ثلاثي يرى... إلخ. قوله: "من الاسم" أي: من التصرف فيه. قوله: "نحو: احرنجم" أي: اجتمع. قوله: "وإن كان" أي: المزيد فيه. قوله: "سيذكر ما به يعرف الزائد" أي: وهذا يغني عن ذكر أوزانها لتضمنه معرفتها. قوله: "نيفًا على الثمانين" أي: قدرًا زائدًا عليها أي: أكثر منها. قوله: "وهي أفعل" يجيء لمعانٍ منها التعدية كأخرج زيد عمرًا، وللكثرة كأضب المكان أي: كثر ضبابه، وأعال الرجل أي: كثرت عياله، وللصيرورة كأغدّ البعير أي: صار ذا غدة، والإعانة على ما اشتق الفعل منه كأحلبت زيدًا أي: أعنته على الحلب، والتعريض له كأبعت العبد أي: عرضته للبيع ولسلبه كأقسط زيد أي: أزال عن نفسه القسوط وهو الجور، وأشكيت زيدًا أي: أزلت شكايته، ووجدان المفعول متصفًا به كأبخلت زيدًا أي: وجدته بخيلًا، وبلوغه كأمأت الدراهم أي: بلغت مائة(4/341)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحو تضارب، وافتعل نحو اشتمل، وانفعل نحو انكسر، واستفعل نحو استغفر، وافعلّ نحو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأنجد زيد أي: بلغ نجدًا، والمطاوعة ككببته فأكب. دماميني باختصار.
قوله: "وفعل" بتشديد العين، واختلف في الزائد منه؛ فالخليل وسيبويه على أنه الأول؛ لأنه في مقابلة الياء من بيطر. وقال آخرون: الزائد هو الثاني؛ لأنه في مقابلة الواو في جهور، وكلا الوجهين حسن، قيل: وهذا الخلاف في الزائد من كل مكرر، ويجيء فعل لمعانٍ منها: تعدية اللازم أو ذي الواحد كفرّحت زيدًا وخوفته عمرًا، والتكثير في الفعل كطوف زيد أي: كثر طوافه، أو الفاعل كبركت الإبل أو المفعول كغلقت الأبواب والسلب كقرّدت البعير أي: أزلت قراده والتوجه كشرق وغرب أي: توجه إلى الشرق والغرب، ونسبة المفعول إلى ما اشتق الفعل منه كفسقته أي: نسبته إلى الفسق، والصيرورة كعجزت المرأة أي: صارت عجوزًا، ولأصل الفعل كفكر أي: تفكر، ومن فعل ما صيغ من المركب لاختصار حكايته نحو: هلل إذا قال: لا إله إلا الله، وأمَّن إذا قال: وايه إذا قال: أيها الرجل ونحوه. دماميني باختصار.
قوله: "وتفعل" يجيء لمعانٍ؛ منها: المطاوعة ككسرته فتكسر وعلمته فتعلم، وفي المثال الثاني كلام أسلفناه في باب تعدي الفعل ولزومه والتكلف أي: معاناة الفاعل الفعل ليحصل كتشجع أي: تكلف الشجاعة وعاناها لتحصل فهو يريد وجودها وإرادة حصول الأصل هنا وعدمها في تفاعل هي الفارقة بينهما مع كون كل لإظهار الأصل بلا حقيقة، والتجنب كتأثم أي: تجنب الإثم والصيرورة كتأيمت المرأة أي: صارت أيمًا، والاتخاذ كتبنيته أي: اتخذته ابنًا، والطلب كتعجل الشيء أي: طلب عجلته وتبينه أي: طلب بيانه. دماميني باختصار. ولأصل الفعل كتفكر أي: فكر. قوله: "وفاعل" هو لاقتسام الفاعلية والمفعولية لفظًا والاشتراك فيهما معنًى، فزيد وعمرو من ضارب زيد عمرًا قد اقتسما الفاعلية والمفعولية بحسب اللفظ؛ فإن أحدهما فاعل والآخر مفعول، واشتركا فيهما بحسب المعنى؛ إذ كل منهما ضارب لصاحبه ومضروب له؛ ولهذا جوز بعضهم إتباع مرفوعه بمنصوب والعكس، وقد جاء لأصل الفعل كباعدته أي: أبعدته، وسافر زيد وقاتله الله وبارك فيه.
قوله: "وتفاعل" هو للاشتراك في الفاعلية لفظًا وفيها وفي المفعولية معنى، وقد جاء لأصل الفعل كتعالَى الله، وتخييل الاتصاف به كتجاهل، والمطاوعة كباعدته فتباعد. قوله: "وافتعل" يجيء لمعانٍ منها التسبب في الشيء والسعي فيه تقول: اكتسبت المال إذا حصلته بسعي وقصد، وتقول: كسبته إن لم يكن بسعي وقصد كالمال الموروث، ولأصيل الفعل كالتحى أي: طلعت لحيته، والمطاوعة كأوقدت النار فاتقدت، ومعنى تفاعل كاقتتلوا واختصموا. دماميني باختصار.
قوله: "وانفعل" هو لمطاوعة الفعل ذي العلاج أي: التأثير المحسوس كقسمته فانقسم، فلا يقال: علمت المسألة فانعلمت، ولا ظننت ذلك حاصلًا فانظن؛ لأن العلم والظن مما يتعلق بالباطن، وليس أثرهما محسوسًا. وأما نحو: فلان منقطع إلى الله تعالى، وانكشفت لي حقيقة المسألة، وحديث: "أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي"، فمن باب التجوز سلمنا أنه حقيقة؛ لكن لا نسلم أنه مطاوع؛ بل هو من باب انطلق زيد، وجاء لأصل الفعل كانطلق أي: ذهب ولبلوغ الشيء كانحجز أي: بلغ الحجاز، واستغنوا عن انفعل بافتعل فيما فاؤه لام كلويته فالتوى، أو راء كرفعته فارتفع، أو واو(4/342)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
احمر، وافعال نحو اشهاب الفرس، وافعوعل نحو اغدودن الشعرن وافعوّل نحو اعلوط فرسه إذا اعروراه، وافعولل نحو اخشوشن، وافعيل نحو اهبيخ، وفوعل نحو حوقل إذا أدبر عن النساء، وفعول نحو هرول، وفعلل نحو شملل إذا أسرع، وفيعل نحو بيطر، وفعيل نحو طشيأ رأيه، وهيأ إذا غلط، وفعلى نحو سلقاه إذا ألقاه على قفاه، وافعنلى نحو اسلنقى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كوصلته فاتصل، أو نون كنقلته فانتقل، وكذا الميم غالبًا كملأته فامتلأ، وسمع محوته فامحى ومزته فاماز، والأصل انمحى وانماز، فقلبت النون ميمًا وأدغمت. وقد يستغنون عنه به في غير ذلك كاستتر واستد، وقد يتشاركان في غير ذلك كحجبت الشيء فانحجب واحتجب. دماميني باختصار.
قوله: "واستفعل" يجيء لمعانٍ منها الطلب كاستغفرت الله وعد الشيء متصفًا بالفعل كاستسمنت زيدًا أي: عددته سمينًا، والصيرورة كاستحجر الطين أي: صار حجرًا، ولوجدان الشيء متصفًا بالفعل كاستوبأت الأرض وجدتها وبيئة، والمطاوعة كأرحته فاستراح، وتقدم في باب تعدي الفعل ولزومه مزيد. قوله: "وافعلّ" بتشديد اللام وكذا افعال وأكثر مجيئهما للألوان ثم العيوب الحسية، وقد يجيئان لغيرهما كانقض الطائر أي: سقط، وإملاس الشيء من الملامسة، والأكثر في ذي الألف العروض وفي ساقطها اللزوم، وقد يكون الأول لازمًا كقوله تعالى في وصف الجنتين: {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: 64] والثاني عارضًا كاحمر وجهه خجلًا. دماميني باختصار. واختلف في أيهما الأصل كما في الهمع.
قوله: "نحو اشهاب الفرس" أي: غلب سواده على بياضه، ومثله اشهب، نقله شيخنا السيد عن شرح الشافية. قوله: "افعوعل" يجيء لمعانٍ منها المبالغة نحو اخشوشن الشعر أي: عظمت خشونته، واعشوشب المكان كثر عشبه، والصيرورة نحو احلولى الشيء أي: صار حلوًا. دماميني.
قوله: "نحو اغدودن" بغين معجمة فدال مهملتين بينهما واو أي: طال. قوله: "وافعول" بتشديد الواو. وقوله: "نحو اعلوط فرسه" بعين وطاء مهملتين. وقوله: إذا اعرورواه أي: ركبه عريا، والذي في القاموس: اعلوط البعير تعلق وعلاه أو ركبه بلا خطام أو عريا. اهـ. قوله: "وافعولل نحو اخشوشن" فيه أن اخشوشن كاعدودن وهو بوزن افعوعل، كما مر في كلام الشارح لا افعولل؛ بل مر عن الدماميني أن اخشوشن بوزن افعوعل، ومعنى اخشوشن الشعر عظمت خشونته، كما مر. قوله: "نحو اهبيخ" بخاء معجمة يقال: اهبيخ الغلام أي: امتلأ.
قوله: "نحو شملل" بالشين المعجمة فالميم فاللامين كما في القاموس. قوله: "نحو بيطر" أي: عمل صنعة البيطرة وهي معالجة الدواب. قوله: "إذا غلط" بالطاء المهملة وهو راجع إلى الفعلين قبله كما قاله شيخنا السيد، ولم يذكر في القاموس الفعل الأول أصلًا؛ وإنما ذكر الرهيأة وفسرها بمعانٍ منها الضعف والتواني وفساد الرأي. قوله: "وافعنلى" مذهب سيبويه عدم تعدي هذا البناء، وخالفه أبو عبيدة وابن جني فقالا: قد يجيء متعديًا كقوله: قد جعل النعاس يغر نديني أدفعه عني ويسر نديني
قال الزبيدي: أحسب هذا مصنوعًا، ومعنى هذين الفعلين واحد أي: يغلبني. دماميني. قوله:(4/343)
لاسم مُجَرَّدٍ رُبَاعٍ فَعْلَلُ وفِعلِلٌ وفِعْلَلٌ وفُعْلُلُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وافعنلأ نحو احبنطأ لغة في احبنطى إذا نام على بطنه، وافعنلل نحو اخرنطم إذا غضب، وفنعل نحو سنبل الزرع، وتمفعل نحو تمندل إذا مسح يده بالمنديل والكثير تندل، ويجيء كل واحد من هذه الأوزان لمعانٍ متعددة لا يحتمل الحال إيرادها هنا، والمزيد من رباعيها ثلاثة أبنية: تفعلل نحو تدحرج، وافعنلل نحو احرنجم، وافعلل نحو اقشعر، وهي لازمة. واختلف في هذا الثالث؛ فقيل: هو بناء مقتضب، وقيل: هو ملحق باحرنحم زادوا فيه الهمزة وأدغموا الأخير فوزنه الآن افعلل ويدل على إلحاقه باحرنجم مجيء مصدره كمصدره.
"لاسم مجرد رباع فعلل وفعلل وفعلل وفعلل ومع فعل فُعْلَل" أي: للرباعي المجرد ستة أبنية؛ الأول: فعلل بفتح الأول والثالث ويكون اسمًا نحو جعفر وهو النهر الصغير، وصفة ومثلوه بسهلب وشجعم، والسهلب الطويل، والشجعم الجريء. وقيل: إن الهاء في سهلب والميم في شجعم زائدتان، وجاء بالتاء عجوز شهربة وشهبرة للكبيرة، وبهكنة للضخمة الحسنة. الثاني: فعلل بكسرالأول والثالث ويكون اسمًا نحو زبرج وهو السحاب الرقيق، وقيل: السحاب الأحمر، وهو من أسماء الذهب أيضًا، وصفة نحو خرمل. قال الجرمي:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"وافعنلأ نحو احبنطأ" بهمزة بعد اللام وبعد الطاء. قوله: "نحو اخرنطم" بخاء معجمة فراء فنون فطاء مهملة، ويظهر لي أنه كاحرنجم، فيكون من مزيد الرباعي. قوله: "بالمنديل" بفتح الميم وكسرها. قوله: "والكثير تندل" بل هو الفصيح. وأما تمندل وتمنطق ونحوهما فشاذ، ذكره شيخنا السيد. قوله: "ويجيء كل واحد... إلخ" يرد عليه أن منها ما لم يوضع لإفادة معنى من المعاني التي تفاد بالأبنية كفوعل وفعول وفيعل وفعيل. قوله: "من رباعيها" أي: الأفعال. قوله: "وقيل: هو ملحق باحرنجم" فأصله قشعر كحرجم زادوا فيه الهمزة وإحدى الراءين، فصار اقشعرر، ثم نقلوا إلى العين فتحة الراء الأولى توصلًا إلى إدغامها في الثانية، ورد هذا القول بأن الملحق به إذا كانت فيه زيادة يجب اشتمال الملحق عليها واقعة فيه موقعها في الأصل، والنون من احرنجم منتفية من اقشعر، وبأنه لا يجوز في الملحق الإدغام مطلقًا ولا الإعلال في الآخر، ومجرد مجيء مصدره كمصدر احرنجم لا يدل على الإلحاق؛ بل لا بد من استيفاء شرائط الإلحاق.
قوله: "وأدغموا الأخير" لو قال: والراء وأدغموا الأخير فيها؛ لكان أوضح، وفي قوله: وأدغموا الأخير إشارة إلى أن الراء الأولى هي الأصلية، وفي ذلك خلاف. قوله: "فوزنه الآن أفعللل" ووزنه قبل ذلك كدحرج. قوله: "رباع" بحذف الثانية من ياءي النسب تخفيفًا ثم حذف الأولى لالتقاء الساكنين، وإن شئت قلت: حذفت ياء النسب برمتها للضرورة. قوله: "ومع فعل فعلل" الواو عاطفة لفعلل على المبتدأ ومع فعل حال من فعلل أو من مجموع الأوزان الخمسة. قوله: "ستة أبنية" ومقتضى القسمة أن تكون ثمانية وأربعين بضرب اثني عشر في أربعة أحوال اللام الأولى؛ لكن لم يأتِ أكثرها لالتقاء الساكنين أو للثقل أو لتوالي أربع متحركات، ومقتضى القسمة أن تكون أبنية الخماسي مائة واثنين وتسعين بضرب ثمانية وأربعين في أربعة أحوال اللام الثانية؛ لكن لم يأتِ أكثرها لما مر. همع. قوله: "وبهكنة" بموحدة فهاء فكاف فنون. قوله: "نحو خرمل" بخاء معجمة(4/344)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخرمل المرأة الحمقاء مثل الخذعل، ونحو: ناقة دلقم، قال الجوهري: هي التي أكلت أسنانها من الكبر. الثالث: فعلل بكسر الأول وفتح الثالث، ويكون اسمًا نحو درهم، وصفة نحو هبلع للأكول. الرابع: فعلل بضم الأول والثالث، ويكون اسمًا نحو برثن، وهو واحد براثن السباع، وهو كالمخلب من الطير، وصفة نحو جرشع للعظيم من الجمال، ويقال: الطويل. الخامس فعل بكسر الأول وفتح الثاني ويكون اسمًا نحو قمطر وهو وعاء الكتب، وفطحل وهو الزمان الذي كان قبل خلق الناس. قال أبو عبيدة: والأعراب تقول: زمن كانت الحجارة فيه رطبة، قال العجاج:
1266- وقد أتاه زمن الفطحل والصخر مبتل كطين الوحل
وقال آخر: زمن الفطحل إذ السلام رطاب
وصفة نحو سبطر وهو الطويل الممتد، وجمل قمطر أي: صلب، ويوم قمطر أي: شديد. السادس: فعلل بضم الأول وفتح الثالث ويكون اسمًا نحو جخدب لذكر الجراد، وصفة نحو جرشع بمعنى جرشع بالضم.
تنبيهات: الأول: مذهب البصريين غير الأخفش أن هذا البناء السادس ليس ببناء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فراء فميم فلام كما في القاموس. قوله: "المرأة الحمقاء" أي: وصف المرأة الحمقاء.
قوله: "مثل الخذعل" بخاء معجمة مكسورة فذال معجمة ساكنة فعين مهملة فلام كما في القاموس، وما في كلام شيخنا مما يخالف ذلك فيه نظر. قوله: "دلقم" بدال مهملة فلام فقاف. قوله: "التي أكلت أسنانها" من باب فرح أي: تكسرت كذا في القاموس. قوله: "نحو هبلع" بهاء فموحدة فلام فعين مهملة، وقيل: الهاء فيه زائدة. قوله: "نحو برثن" بموحدة فراء ففوقية على ما في التصريح، وضبطه زكريا بالمثلثة بدل الفوقية، وصوَّبه يس. قوله: "نحو جرشع" بجيم فراء فشين معجمة فعين مهملة. تصريح. قوله: "وهو وعاء الكتب" قال الشاعر: ليس بعلم ما حوى القمطر ما العلم إلا ما وعاه الصدر
قوله: "وفطحل" بالفاء والطاء والحاء المهملتين. تصريح. قوله: "وهو الزمان... إلخ" وقال المصرح: وهو زمن الطوفان وزمن خروج نوح من السفينة. قوله: "قال العجاج" تبع فيه المرادي. قال العيني: وهو غير صحيح؛ وإنما قاله رؤبة. قوله: "إذ السلام" بكسر السين المهملة أي: الحجارة جمع سلمة بفتح فكسر، والرطاب بكسر الراء جمع رطبة بفتحها كقصاع وقصعة. قوله: "نحو جخدب" بجيم فخاء معجمة فدال مهملة. تصريح. قوله: "بالضم" أي: ضم اللام. وقوله: لأن جميع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1266- الرجز لرؤبة في ديوانه ص128، ولسان العرب 11/ 527 "فطحل"، وله أو للعجاج في الحيوان 4/ 202، وليس في ديوان العجاج، وبلا نسبة في الحيوان 6/ 116.(4/345)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أصلي؛ بل هو فرع على فعلل بالضم فتح تخفيفًا؛ لأن جميع ما سمع فيه الفتح سمع فيه الضم نحو: جخدب وطحلب وبرقع في الأسماء، وجرشع في الصفات. وقالوا للمخلب: برثن، ولشجر البادية: عرفط، ولكساء مخطط: برجد، ولم يسمع فيها فعلل بالفتح. وذهب الكوفيون والأخفش إلى أنه بناء أصلي، واستدلوا لذلك بأمرين؛ أحدهما: أن الأخفش حكى جؤذرا ولم يحكِ فيه الضم، فدل على أنه غير مخفف، وهو مردود؛ فإن الضم فيه منقول أيضًا، وزعم الفراء أن الفتح في جؤذر أكثر.
وقال الزبيدي: إن الضم في جميع ما ورد منه أفصح، والآخر: أنهم قد ألحقوا به فقالوا: عندد، يقال: ما لي عن ذلك عندد أي بد، وقالوا: عاطت الناقة عوطط إذا اشتهت الفحل، وقالوا: سودد، فجاءوا بهذه الأمثلة مفكوكة، وليست من الأمثلة التي استثني فيها فك المثلين لغير الإلحاق، فوجب أن يكون للإلحاق.
وأجاب الشارح بأنا لا نسلم أن فك الإدغام للإلحاق بنحو جخدب؛ وإنما هو لأن فعللا من الأبنية المختصة بالأسماء فقياسه الفك كما في جدد وظلل وحلل، وإن سلمنا أنه للإلحاق فلا نسلم أنه لا يلحق إلا بالأصول، فإنه قد ألحق بالمزيد فيه فقالوا: اقعنسس فألحقوه باحرنجم، فكما ألحق بالفرع بالزيادة فكذا يلحق بالفرع بالتخفيف. الثاني: ظاهر كلام الناظم هنا موافقة الأخفش والكوفيين على إثبات أصالة فعلل.
وقال في التسهيل: وتفريع فعلل على فعلل أظهر من أصالته. الثالث: زاد قوم من النحويين في أبنية الرباعي ثلاثة أوزان وهي: فعلل بكسر الأول وضم الثالث، وحكى ابن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما سمع فيه الفتح أي: فتح اللام. قوله: "عرفط" بعين مهملة فراء ففاء فطاء مهملة. قوله: "برجد" فراء فجيم فدال مهملة.
قوله: "ولم يسمع فيها" أي: الثلاثة المذكورة في قوله: وقالوا... إلخ فعلل بالفتح أي: فقد انفرد الضم دون الفتح، وذلك يدل على أصالة الضم. قوله: "حكى جؤذرا" أي: بفتح الذال المعجمة وهو ولد البقرة الوحشية كالجيذر بالياء والجوذر بالواو مع ضم الجيم أو فتحها أو مع فتحها وكسر الذال، كذا في القاموس. قوله: "وزعم الفراء... إلخ" دليل لكون الضم منقولًا كما قاله شيخنا، وكذا قوله: وقال... إلخ؛ لكن كان الأنسب حذف الواو من: وزعم. قوله: "أنهم قد ألحقوا به" أي: والإلحاق به يدل على أصالته؛ إذ لا يلحق إلا بأصلي. سم. قوله: "عندد" بإهمال العين والدالين. وقوله: عاطت بإهمال العين والطاء. وقوله: سودد في داله الأولى الضم أيضًا. قوله: "التي استثني فيها" أي: من وجوب إدغام المثلين في غير الملحق.
قوله: "وأجاب الشارح" أي: عن الاستدلال بالأمر الآخر. قال سم: وكأن حاصل الجواب الأول منع أنه ليس من الأمثلة التي استثني فيها فك المثلين لغير الإلحاق. قوله: "بالزيادة" الباء(4/346)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جني أنه يقال لجوز القطن الفاسد: خرفع، ويقال أيضًا لزئبِر الثوب: زئبُر، وللضِّئبل -وهو من أسماء الداهية- ضئبل، وفعل بضم الأول وفتح الثاني نحو: خبعث ودلمز، وفعلل بفتح الأول وكسر الثالث نحو: طحربة، ولم يثبت الجمهور هذه الأوزان، وما صح نقله منها فهو عنده شاذ، وقد ذكر الأول من هذه الثلاثة في الكافية فقال: وربما استعمل أيضًا فعلل، والمشهور في الزئبر والضئيل كسر الأول والثالث.
الرابع: قد علم بالاستقراء أن الرباعي لا بد من إسكان ثانيه أو ثالثه، ولا يتوالى أربع حركات في كلمة؛ ومن ثَم لم يثبت فعلل. وأما عبلط للضخم من الرجال وناقة علبطة أي: عظيمة، فذلك محذوف من فعالل، وكذلك دودم وهو شيء يشبه الدم يخرج من شجر السمر، ويقال حينئذ: حاضت السمرة، وكذلك لبن عثلط وعجلط أي: ثخين خاثر ولا فعلل. وأما عرثن لنبت يدبغ به فأصله عرنثن مثل قرنفل، ثم حذفت منه النون كما حذفت الألف في علابط، واستعملوا الأصل والفرع، وكذلك عَرَقُصَان أصله عرنقصان، حذفوا النون وبقي على حاله وهو نبت ولا فعلل.
وأما جندل فإنه محذوف من جنادل، والجندل الموضع فيه حجارة. وجعله الفراء وأبو علي فرعًا على فعليل وأصله جنديل، واختاره الناظم؛ لأن جندلًا مفرد فتفريعه على المفرد أولى. وقد أورد بعضهم هذه الأوزان على أنها من الأبنية الأصول وليست محذوفة،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سببية متعلقة بالفرع، وكذا قوله: بالتخفيف. قوله: "خرفع" بخاء معجمة فراء ففاء فعين مهملة، كما في التصريح. قوله: "لزئبر الثوب" بكسر الزاي وسكون الهمزة وكسر الموحدة؛ وهو ما يعلو الثوب الجديد. وقوله: زئبر أي: بضم الموحدة. قوله: "وللضئبل" بكسر الضاد المعجمة وسكون الهمزة وكسر الموحدة. وقوله: ضئبل أي: بضم الموحدة. قوله: "نحو خبعث" بخاء معجمة فعين مهملة فمثلثة اسم للضخم وقيل: الشديد العظيم الخلق. قوله: "ودلمز" بدال مهملة فلام فميم فزاي اسم للصلب الشديد. قوله: "نحو طحربة" بطاء فحاء مهملتين فراء فموحدة، وفيه ثلاثة أوجه أخرى هي التي اقتصر عليها صاحب القاموس فقال: بفتح الطاء والراء وهو الأشهر وبكسرهما وبضمهما القطعة من الغيم. قوله: "ولا يتوالى" المناسب التفريع. قوله: "لم يثبت فعلل" أي: بضم ففتح فكسر.
قوله: "فذلك محذوف" أي: مختصر. قوله: "دودم" بدالين مهملتين. قوله: "عثلط وعجلط وعكلط" بإهمال عين كل من الثلاثة وطائه، وقيل: اللام من الأول مثلثة ومن الثاني جيم ومن الثالث كاف. قوله: "أي: ثخين خاثر" يرجع لكل من الثلاثة قبله، وفي القاموس: خثر اللبن ويثلث خثرًا وخثورًا وخثارة وخثورة وخثرانًا غلظ. اهـ. فقول الشارح: خائر تأكيد لقوله: ثخين. قوله: "ولا فعلل" أي: بفتح الفاء والعين وضم اللام الأولى. قوله: "عرثن" بعين فراء مهملتين فمثلثة. قوله: "عرقصان" بعين فراء مهملتين مفتوحتين فقاف مضمومة فصاد مهملة. قوله: "ولا فعلل" أي: بفتح الفاء والعين وكسر اللام الأولى. قوله: "على فعليل" أي: عنه. قوله: "وليست محذوفة" أي: مختصرة من(4/347)
ومَعْ فِعَلٍّ فُعْلَلٌ وإِنْ عَلا فمَعْ فَعَلَّلٍ حَوَى فَعْلَلِيلا
كذا فُعْلِّلٌ وفِعْلَلٌّ وما غَايَرَ للزيد أو النقص انْتَمَى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وليس بصحيح لما سبق.
"وإن علا" الاسم المجرد عن أربعة وهو الخماسي "فمع فعلل حوى فعلللا كذا فعلل وفعلل" فالأول من هذه الأبنية فعلل، وهو بفتح الأول والثاني والرابع يكون اسمًا نحو سفرجل، وصفة نحو شمردل للطويل، والثاني وهو بفتح الأول والثالث وكسر الرابع. قالوا: لم يجئ إلا صفة نحو جحمرش للعظيمة من الأفاعي. وقال السيرافي: هي العجوز المسنة، وقهبلس للمرأة العظيمة، وقيل: لحشفة الذكر، وقيل: لعظيم الكمرة فيكون اسمًا. والثالث: وهو بضم الأول وفتح الثاني وكسر الرابع يكون اسمًا نحو خزعبل للباطل وللأحاديث المستطرفة، وقذعمل يقال: ما أعطاني قذعملًا أي: شيئًا، وصفة يقال: جمل قذعمل للضخم والقذعملة من النساء القصيرة، وجمل خبعثن وهو الضخم أيضًا، وقيل: الشديد الخلق العظيم، وبه سمي الأسد. والرابع: وهو بكسر الأول وفتح الثالث يكون اسمًا نحو قرطعب وهو الشيء الحقير، وصفة نحو جردحل وهو الضخم من الإبل، وحنزقر وهو القصير.
تنبيه: زاد ابن السراج في أوزان الخماسي فعلل نحو هندلع اسم بقلة، ولم ثبته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شيء آخر. قوله: "لما سبق" أي: من امتناع توالي أربع متحركات في كلمة. قوله: "الاسم المجرد" فيه إشارة إلى أن الضمير في علا يرجع إلى الاسم المجرد مجردًا عن وصفه بالرباعي ليصح الإسناد، فافهم.
قوله: "عن أربعة" عن بمعنى على. قوله: "فمع فعلل" الظرف حال من مفعول حوى والضمير في حوى يرجع إلى الاسم الخماسي الأصول. قوله: "نحو شمردل" بإعجام الشين فقط. قوله: "جحمرش" بجيم فحاء مهملة فميم فراء فشين معجمة. قوله: "وقهبلس" بقاف فهاء فموحدة فلام فسين مهملة. قوله: "لعظيم الكمرة" أي: للرجل العظيم الكمرة أي: حشفة الذكر ليناسب قوله: فيكون اسمًا. قوله: "فيكون اسمًا" أي: على القولين الأخيرين. قوله: "خزعبل" بخاء معجمة فزاي فعين مهملة فموحدة. قوله: "المستطرفة" يحتمل ضبطه بالطاء المهملة وبالظاء المشالة. قوله: "وقذعمل" بقاف فذال معجمة فعين مهملة. قوله: "وجمل خبعثن" بخاء معجمة أوله لا قاف، كما وقع في بعض النسخ فموحدة فعين مهملة فمثلثة. قوله: "قرطعب" بقاف فراء فطاء فعين مهملتين فموحدة.
قوله: "وهو الشيء الحقير" هذا التفسير على وزان تفسيره القهبلس بالمرأة العظيمة، فلما جعل قرطعب بمعنى الشيء الحقير اسمًا وقهبلس بمعنى المرأة العظيمة صفة؛ إلا أن يدعي عدم اعتبار الحقارة في مفهوم قرطعب دون العظم في مفهوم قهبلس، ولا يخفى ما فيه.
قوله: "جردحل" بجيم فراء فدال فحاء مهملتين. قوله: "وحنزقر" بحاء مهملة فنون فزاي فقاف فراء كما في القاموس. قوله: "فعلل" بضم فسكون فثلاث لامات، أولاها مفتوحة، وثانيتها مكسورة، وكان مقتضى الظاهر نصبه بزاد، ولعله رفعه حكاية لحالة رفعه. قوله: "هندلع" بهاء فنون فدال مهملة فلام(4/348)
والحرفُ إن يَلْزَم فأَصْلٌ الذي لا يَلْزَمُ الزائد مثل تا احْتُذِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سيبويه، والصحيح أن نونه زائدة وإلا لزم عدم النظير، وأيضًا فقد حكي كراع في الهندلع بكسر الهاء، فلو كانت النون أصلية لزم كون الخماسي على ستة أوزان، فيفوت تفضيل الرباعي عليه هو مطلوب، ولأنه يلزم على قوله: أصالة نون كنهبل؛ لأن زيادتها لم تثبت إلا لأن الحكم بأصالتها موقع في عدم النظير، مع أن نون هندلع ساكنة ثانية، فأشبهت نون عنبر وحنظل ونحوهما، ولا يكاد يوجد نظير كنهبل في زيادة نون ثانية متحركة، فالحكم على نون هندلع بالزيادة أولى. وزاد غيره للخماسي أوزانًا أخر لم يثبتها الأكثرون؛ لندورها واحتمال بعضها للزيادة، فلا نطيل بذكرها.
"وما غاير" من الأسماء المتمكنة ما سبق من الأمثلة "للزيد أو النقص انتمى" نحو يد وجندل واستخراج، وكان ينبغي أن يقول: أو الندور؛ لأن نحو طحربة مغاير للأوزان المذكورة، ولم ينتمِ إلى الزيادة ولا النقص؛ ولكنه نادر كما سبق؛ ولهذا قال في التسهيل: وما خرج عن هذه المثل فشاذ، أو مزيد فيه، أو محذوف منه، أو شبه الحرف، أو مركب، أو أعجمي.
"والحرف إن يلزم" الكلمة في جميع تصاريفها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فعين مهملة. قوله: "وإلا لزم عدم النظير" حاصل ما ذكره في توجيه زيادة النون ثلاثة أوجه. قوله: "كراع" بضم الكاف اسم عالم لغوي. قوله: "فيفوت تفضيل الرباعي عليه" لأنه على ستة أوزان كما مر. قوله: "ولأنه يلزم" لو قال: وأيضًا يلزم؛ لناسب ما قبله. قوله: "كنهبل" بفتح الكاف والنون وسكون الهاء وفتح الموحدة وضمها، قال في القاموس: الكنهبل وتضم باؤه شجر عظام كالكهبل والشعير الضخم السنبلة.
قوله: "لم تثبت إلا لأن الحكم بأصالتها... إلخ" فيه أن الحكم بزيادتها موقع أيضًا في عدم النظير، كما سيذكره بقوله: ولا يكاد... إلخ إلا أن يقال في التعليل: حذف تقديره مع كون باب الزيادة أوسع، كما سيأتي في الشرح. قوله: "وزاد غيره" أي: غير ابن السراج. قوله: "واحتمال بعضها للزيادة" أي: لكون بعض حروفه زائدًا. قوله: "من الأسماء المتمكنة" هكذا قيد غيره أيضًا، وعمم بعض الشراح فجعل المراد ما غاير من الأسماء والأفعال؛ لأنه تكلم فيما سبق على الأفعال أيضًا وهو أوجه، وإن وجه سم الأول بما فيه نظر ظاهر، وإن أقره شيخنا والبعض. قوله: "نحو: يد وجندل واستخراج" نقص من يد أصل وهو الياء؛ إذ أصله يدي، ومن جندل بفتح الجيم والنون وكسر الدال زائد وهو الألف أو الياء؛ إذ أصله جنادل أو جنديل على الخلاف السابق في الشرح، وزيد في استخراج همزة الوصل والسين والتاء والألف. قوله: "أو الندور" أي: الشذوذ. قوله: "نحو طحربة" تقدم ضبطها وتفسيرها.
قوله: "أو محذوف منه" أي: فاؤه كعدة، أو عينه كسه، أو لامه كيد، أو شبه الحرف كمن، أو مركب كحضرموت، أو أعجمي كبلخش بفتح الموحدة واللام وسكون الخاء المعجمة وبالشين المعجمة اسم حجر معروفة؛ وإنما لم ينبه المصنف على هذه الثلاثة؛ لأن كلامه هنا في الأسماء المتمكنة البسيطة العربية؛ ولهذا لم يعترض الشارح عليه إلا بعدم التنبيه على النادر. قوله: "والحرف" مبتدأ وجملة الشرط وجوابه في محل رفع خبر. قوله: "حذا(4/349)
.......................................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"فأصل والذي لا يلزم" بل يحذف في بعض التصاريف فهو "الزائد مثل تا احتذي" لأنك تقول: حذا حذوه، فتعلم بسقوط التاء أنها زائدة في احتذي، يقال: احتذى به أي: اقتدى به، ويقال أيضًا: احتذى أي: انتعل. قال: كل الحذاء يحتذي الحافي الوقع
والحذاء النعل. وأما الساقط لعلة من الأصول كواو يعد فإنه مقدر الوجود، كما أن الزائد اللازم كنون قرنفل وواو كوكب في تقدير السقوط؛ ولذا يقال: الزائد ما هو ساقط في أصل الوضع تحقيقًا أو تقديرًا. واعلم أن الزيادة تكون لأحد سبعة أشياء: للدلالة على معنى كحرف المضارعة وألف المفاعلة، وللإلحاق كواو كوثر وجدول، وياء صيرف وعثير، وألف أرطى ومعزى، ونون جحنفل ورعشن، وللمد كألف رسالة وياء صحيفة وواو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حذوه" قال في القاموس: حذا حذو زيد فعل فعله. قوله: "ويقال أيضًا: احتذى أي: انتعل" ويقال أيضًا: احتذاه أي: ألبسه الحذاء أي: النعل. قال في القاموس: حذا النعل حذوًا وحذاء قدرها وقطعها والرجل نعلا ألبسه إياها كاحتذاه. اهـ. قوله: "كل الحذاء" مفعول مطلق إن جعل مصدرًا بمعنى الاحتذاء ومفعول به إن جعل بمعنى النعل وهو الأقرب. وقول البعض مده للضرورة خطأ محض؛ إذ هو ممدود وضعًا كما مر في باب المقصور والممدود.
قوله: "وأما الساقط... إلخ" دفع به الاعتراض على المصنف بأن كلا من تعريفي الأصل والزائد غير جامع وغير مانع. أما عدم جمع تعريف الأصل فلخروج نحو واو وعد مما هو أصل، ويسقط في بعض تصاريف الكلمة لعلة. وأما عدم منعه فلدخول نحو نون قرنفل مما هو زائد، ولا يسقط أصلًا. وأما عدم جمع تعريف الزائد ومنعه فلخروج الثاني عنه ودخول الأول فيه. وحاصل الجواب أن المراد باللزوم اللزوم لفظًا أو تقديرًا، والساقط لعلة كالثابت، وبالسقوط السقوط لفظًا أو تقديرًا، ونحو نون قرنفل في تقدير السقوط. قوله: "من الأصول" حال من الساقط.
قوله: "فإنه مقدر الوجود" أي: فلا يرد على تعريف الأصل جمعًا والزائد منعًا. سم. في تقدير السقوط أي: فلا يرد على تعريف الأصل منها الزائد جمعًا. سم. قوله: "ولذا" أي: لكون الساقط لعلة كالثابت والزائد اللازم في تقدير السقوط. قوله: "وللإلحاق" هو جعل ثلاثي أو رباعي موازنًا لما فوقه كما في التسهيل. قال الدماميني: والمراد الموازنة بحسب الصورة، وإلا فالوزن مختلف بحسب الحقيقة، ألا ترى أن وزن جعفر مثلًا فعلل ووزن كوثر فوعل. اهـ. وقد أفرد الناظم في تسهيله الزائد للإلحاق بفصل ينبغي مراجعته مع شرحه للدماميني. قوله: "كواو كوثر وجدول" الكوثر يطلق على معانٍ؛ منها: الخير الكثير، ونهر في الجنة، والجدول كجعفر ودرهم النهر الصغير كذا في القاموس. قوله: "وياء صيرف وعثير" الصيرف والصيرفي المحتال في الأمور، والعثير التراب والعجاج والأثر الخفي، كذا في القاموس. قوله: "وألف أرطى ومعزى" الأرطَى نبت والمعزى بالقصر ويمد خلاف الضأن كذا في القاموس، وميمه مكسورة كما يفيده قول الدماميني أن ألفه للإلحاق بدرهم. قوله: "ونون جحنفل ورعشن" الجحنفل بفتح الجيم والحاء المهملة(4/350)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حلوبة، وللعوض كتاء زنادقة وإقامة وسين يستطيع وميم اللهم، وللتكثير كميم ستهم وزرقم وابنم زيدت لتفخيم المعنى وتكثيره، ومن هذا المعنى ألف قبعثرى وكمثرى، وللإمكان كألف الوصل؛ لأنه لا يمكن أن يبتدأ بساكن وهاء السكت في نحو: عه وقه؛ لأنه لا يمكن أن يبتدأ بحرف ويوقف عليه، وللبيان كهاء السكت في نحو: ما ليه، ويا زايده، زيدت لبيان الحركة وبيان الألف.
تنبيهان: الأول: الزائدة نوعان؛ أحدهما: أن يكون تكرير أصل لإلحاق أو لغيره، فلا يختص بأحرف الزيادة، وشرطه أن يكون تكرير عين إما مع الاتصال نحو قتل، أو مع الانفصال بزائد نحو عقنقل، أو تكرير لام كذلك نحو جلبب وجلباب، أو فاء وعين مع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وسكون النون وفتح الفاء الغليظ الشفة والجيش العظيم، كما يأتي في الشرح، والرعشن المرتعش. قوله: "كتاء زنادقة" فإنها عوض عن ياء زنديق. سم.
قوله: "وإقامة" فإن التاء عوض عن عين الكلمة المنقلبة ألفًا أو عن ألف الإفعال الزائدة على الخلاف السابق في المحذوف من الألفين. قوله: "وسين يستطيع" فإنها عوض عن حركة العين، كما سيأتي قبيل فصل في زيادة همزة الوصل في شرح قوله: واللام في الإشارة المشتهرة. سم. قوله: "وللتكثير" أراد بالتكثير ما يشمل تفخيم المعنى وتكثير اللفظ بقرينة قوله بعد: لتفخيم المعنى وتكثيره أي: تكثير داله. قوله: "ستهم" في القاموس: الستهم بالضم الكبير العجز. اهـ. وفيه أيضًا الزرق محركة والزرقة لون معروف زرقت عينه كفرح، ثم قال: والزرقم بالضم الشديد الزرق للمذكر والمؤنث. قوله: "ألف قبعثرى وكمثرى" القبعثرى الجمل الضخم، والفصيل المهزول، ودابة تكون في البحر. اهـ قاموس. والكمثرى بضم الكاف وفتح الميم. قوله: "ويوقف عليه" أي: وقفًا جاريًا على وجهه السابق في بابه، فلا يقال: يمكن أن يبتدأ بحرف ويوقف عليه باقيًا على حركته دون زيادة. قوله: "ويا زيداه" عطفًا على ما ليه كما لا يخفى، وإن جعله الأسقاطي عطفًا على هاء السكت.
قوله: "لبيان الحركة وبيان الألف" فيه لف ونشر مرتب، والمراد كمال بيان الألف. قوله: "أو لغيره" كالتعدية. قوله: "فلا يختص بأحرف الزيادة" أي: المصطلح عليها، وهي حروف أمان وتسهيل. قوله: "إما مع الاتصال" أي: اتصال الزائد بالأصل الذي هو تكرير له. قوله: "نحو قتل" أي: بالتشديد، وهل الزائد التاء الأولى أو الثانية؟ خلاف كما في التصريح، والخلاف في اقعنسس أيضًا كما في الهمع، واختار ابن مالك في التسهيل أن الثاني أَوْلَى بالزيادة في باب اقعنسس، والأول أولى في باب علم. قوله: "نحو عقنقل" بفتح العين المهملة والقافين بينهما نون ساكنة وهو الكثيب العظيم المتداخل الرمل، وربما سموا مصارين الضب عقنقلا، قاله الجوهري.
قوله: "أو تكرير لام كذلك" أي: مع الاتصال أو الانفصال، ولا يأتي فيه التفصيل بين الانفصال بزائد والانفصال بأصل؛ لأن تكرير اللام لا يفصل بأصل أبدًا. قوله: "جلبب" بزيادة الباء الثانية للإلحاق(4/351)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مباينة اللام نحو مرمريس، وهو قليل، أو عين ولام مع مباينة الفاء نحو صمحمح، أما مكرر الفاء وحدها كقرقف وسندس، أو العين المفصولة بأصلي كحدرد فأصلي، والآخر: ألا يكون تكرير أصل، وهذا لا يكون إلا أحد الأحرف العشرة المجموعة في أمان وتسهيل، وهذا معنى تسميتها حروف الزيادة، وليس المراد أنها تكون زائدة أبدًا؛ لأنها قد تكون أصولًا وذلك واضح، وأسقط المبرد من حروف الزيادة الهاء، وسيأتي الرد عليه.
الثاني: أدلة زيادة الحرف عشرة؛ أولها: سقوطه من أصل كسقوط ألف ضارب في أصله أعني: المصدر ثانيها سقوطه من فرع كسقوط ألف كتاب في جمعه على كتب، ثالثها: سقوطه من نظيره كسقوط ياء أيطل في إطل والإيطل الخاصرة، وشرط الاستدلال بسقوط الحرف من أصل و فرع أو نظير على زيادته أن يكون سقوطه لغير علة، فإن كان سقوطه لعلة كسقوط واو وعد في يعد أو في عدة لم يكن دليلًا على الزيادة. رابعها: كون الحرف مع عدم الاشتقاق في موضع يلزم فيها زيادته مع الاشتقاق، وذلك كالنون إذا وقعت ثالثة ساكنة غير مدغمة وبعدها حرفان نحو وزنتل وهو الشر، وشَرَنْبَث وهو الغليظ الكفين والرجلين، وعَصَنْصَر وهو جبل، فالنون في هذه ونحوها زائدة؛ لأنها في موضع لا تكون فيه مع المشتق إلا زائدة نحو جحنفل مع الجحفلة، وهي لذي الحافر كالشفة للإنسان،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بدحرج. قال في القاموس: الجلباب كسرداب وسنمار القميص وثوب واسع للمرأة دون الملحفة، أو ما تغطي به ثيابها من فوق كالملحفة أو هو الخمار، وقد جلببه فنجلبب. اهـ. ويطلق الجلباب مصدرًا أيضًا لجلبب كما في التصريح مثل الجلببة. قوله: "مع مباينة اللام" أي: للمكرر. وقوله: نحو مرمريس بفتح الميمين وسكون الراء الأولى هو الداهية ووزنه فعفعيل. قوله: "نحو صمحمح" بمهملات على وزن سفرجل وهو الشديد الغليظ، ووزنه عند البصريين فعلعل، وستأتي بقية الأقوال فيه. قوله: "كقرقف" بقافين مفتوحتين بينهما راء ساكنة وهو الخمر ووزنه فعفل. قوله: "وسندس" هو رقيق الديباج ووزنه فعلف. قوله: "كحدرد" بمهملات على وزن جعفر اسم رجل. قال في التصريح: ولم يجئ على فعلع بتكرير العين غيره. قوله: "المجموعة في أمان وتسهيل" الواو من جملة المجموع فيه، وجمعها في التسهيل بقوله: سألتمونيها. قال الدماميني: وهذه العبارة وقعت لبعض النحاة، وقد سأله أصحابه عن حروف الزيادة فقال: سألتمونيها، فقالوا: نعم، فقال: أحببتكم.
قوله: "وهذا" أي: كون الزائد غير تكرير الأصل لا يكون إلا أحد الأحرف العشرة معنى تسميتها... إلخ هكذا أفهم العبارة، واستغني به عما وقع للبعض من التعسف البارد المبني على الفهم الكاسد. قوله: "في إطل" أي: وهو كأيطل معنى ومادة. قوله: "في يعد أو في عدة" الأول نظير وعد، والثاني أصله ولم يمثل للسقوط من فرع. قوله: "مع عدم الاشتقاق" أي: اشتقاق الكلمة التي هو فيها. قوله: "ورنتل" بفتح الواو والراء وسكون النون وفتح الفوقية. وقوله: وشرنبث بفتح الشين المعجمة والراء وسكون النون وفتح الموحدة آخره مثلثة. وقوله: وعصنصر بفتح العين والصادين(4/352)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والجحنفل العظيم الشفة، وهو أيضًا الجيش العظيم.
خامسها: كونه مع عدم الاشتقاق في موضع يكثر فيه زيادته مع الاشتقاق كالهمزة إذا وقعت أولًا وبعدها ثلاثة أحرف؛ فإنها يحكم عليها بالزيادة، وإن لم يعلم الاشتقاق فإنها قد كثرت زيادتها إذا وقعت كذلك فيما علم اشتقاقه، وذلك نحو: أرنب وأفكل، يحكم بزيادة همزته حملًا على ما عرف اشتقاقه نحو: أحمر، والأفكل الرعدة.
سادسها اختصاصه بموضع لا يقع فيه إلا حرف من حروف الزيادة كالنون من كنتأو، ونحو حنطأو، وسندأو، وقندأو، فالكنتأو الوافر اللحية، والحنطأو العظيم البطن، والسندأو والقندأو الرجل الخفيف.
سابعها: لزوم عدم النظير بتقدير الأصالة في تلك الكلمة نحو تتفل بفتح التاء الأولى وضم الفاء وهو ولد الثعلب، فإن تاءه زائدة؛ لأنها لو جعلت أصلًا لكان وزنه فعلل وهو مفقود.
ثامنها: لزوم عدم النظير بتقدير الأصالة في نظير الكلمة التي ذلك الحرف منها نحو تتفل على لغة من ضم التاء والفاء، فإن تاءه أيضًا زائدة على هذه اللغة وإن لم يلزم من تقدير أصالتها عدم النظير؛ فإنها لو جعلت أصلًا كان وزنه فعلل وهو موجود نحو برثن؛ لكن يلزم عدم النظير في نظيرها أعني: لغة الفتح، فلما ثبتت زيادة التاء في لغة الفتح حكم بزيادتها في لغة الضم أيضًا؛ إذ الأصل اتحاد المادة.
تاسعها: دلالة الحرف على معنى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المهملات وبين الصادين نون وآخره راء. قوله: "مع المشتق" أي: ولو من اسم عين لا مصدر بدليل ما بعده، فالاشتقاق بمعنى مطلق الأخذ. قوله: "نحو جحنفل" تقدم ضبطه قريبًا.
قوله: "وإن لم يعلم الاشتقاق" الواو للحال؛ فلا ينافي قوله: كونه مع عدم الاشتقاق. قوله: "فإنها قد كثرت زيادتها... إلخ" مقتضاه أنها قد تكون في هذا الموضع أصلية، فانظره. قوله: "سادسها اختصاصه... إلخ" لا وجه للتعبير بالاختصاص؛ إلا أن يراد به الوجود، ولو قال: كونه بموضع... إلخ كما عبر به في نظائره لكان واضحًا. وقوله: بموضع... إلخ إن أجري على إطلاقه الشامل للمشتق نحو كنثأ وبمثلثة بعد النون الزائدة من كثأت لحيته كمنع أي: طالت وكثرت، كما في القاموس، وغير المشتق كما في الأمثلة الأربعة التي في الشرح، وأريد بنحو الأربعة ما يتناول كنثأوا بالمثلثة كان الدليل الرابع مندرجًا في السادس وإن قصر على غير المشتق أخذًا من الأمثلة التي ذكرها، وأريد بنحو الأربعة مثل حنظأ وبالظاء المشالة المعجمة وهو الحنطأ وبالطاء المهملة كان الدليل الرابع نفس السادس، فتأمل. ففي المقام صعوبة ما وأن أهملوه.
قوله: "من كنتأ" بفوقية بعد النون الزائدة ويرادفه الكنثأ وبمثلثة بعد النون؛ لكن الذي بالفوقية غير مشتق والذي بالمثلثة مشتق كما يستفاد من القاموس كما مر، فلا تغتر بما يقتضي خلاف ذلك. وقوله: ونحو حنطأو وسندأو بإهمال أولهما وثالثهما، ولو قدم الشارح على نحو كنتأو لكان أجزل. وقوله: وقندأو بقاف ثم دال مهملة، وأول كل من الألفاظ مكسور المذكورة وثالثه مفتوح. قوله: "في تلك الكلمة" متعلق بلزوم. قوله: "نحو برثن" تقدم ضبطه وتفسيره.(4/353)
بضِمْنِ فِعْلِ قَابِل الأصول في وَزْنٍ وزائد بلفظه اكْتُفِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كحروف المضارعة. وألف اسم الفاعل.
عاشرها: الدخول في أوسع البابين عند لزوم الخروج عن النظير، وذلك في كنهبل فإن وزنه على تقدير أصالة النون فعلل كسفرجل بضم الجيم وهو مفقود، وعلى تقدير زيادتها فعنلل، وهو مفقود أيضًا؛ ولكن أبنية المزيد فيه أكثر، ومن أصولهم المصير إلى الكثير، ذكر هذا ابن إياز وغيره.
وقال المرادي: هو مندرج في السابع انتهى.
"بضمن فعل قابل الأصول في وزن" يعني: إذا أردت أن تزن كلمة لتعلم الأصل منها والزائد فقابل أصولها بأحرف فعل الأول بالفاء والثاني بالعين والثالث باللام، مسويًا بين الميزان والموزون في الحركة والسكون، فتقول في فلس: فعل، وفي ضرب: فعل بفتح الفاء والعين، وكذلك في قام وشد؛ لأن أصلهما قوم وشدد، وفي علم فعل، وكذلك في هاب ومل، وفي ظرف فعل، وكذلك في طال وحب.
"وزائد بلفظه اكتفي" عن تضعيف أصله من الميزان، فتقول في أكرم وبيطر وجوهر وانقطع واجتمع واستخرج وانقطاع واجتماع واستخراج: أفعل وفيعل وفوعل وانفعل وافتعل واستفعل وانفعال وافتعال واستفعال، واستثني من الزائد نوعان لا يعبر عنهما بلفظهما؛ أحدهما: المبدل من تاء الافتعال؛ فإنه يعبر عنه بالتاء التي هي أصله، فيقال في وزن اصطبر: افتعل؛ وذلك لأن المقتضي للإبدال مفقود في الميزان، الآخر: المكرر لإلحاق أو غيره؛ فإنه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "عند لزوم الخروج عن النظير" أي: على تقدير الأصالة وعلى تقدير الزيادة. قوله: "وذلك في كنهبل" أي: على لغة من ضم الباء بدليل ما بعد، وقد تقدم ضبطه وتفسيره. قوله: "فعلل كسفرجل بضم الجيم" لو قال: فعلل بضم اللام الأولى لسلم من تكلف الخطأ في ضم الجيم. قوله: "فعنلل" كذا في النسخ بتقديم العين على النون، والصواب فنعلل بتقديم النون على العين. قوله: "ومن أصولهم" أي: قواعدهم. قوله: "هو مندرج في السابع" أي: لزوم عدم النظير بتقدير الأصالة بأن يراد به ما هو الأعم من أن يعدم النظير بتقدير الزيادة أيضًا أو يوجد، فاندفع ما ذكره شيخنا. قوله: "بضمن فعل" أي: ما تضمنه من الحروف، ولم يقل بفعل؛ لأن المقصود مادة فعل دون هيئته؛ إذ الميزان لا يلزم هذه الهيئة. وقوله: في وزن المراد به المعنى المصدري أي: في وقت وزن. قال في الهمع: وإنما اصطلحوا على الوزن بهذه المادة لتناولها جميع الأفعال من أكل وشرب ومشي وغيرها، وحمل ما لا يدل عليها من الأسماء كرجل وأسد على ما يدل عليها. اهـ بإيضاح.
قوله: "لتعلم الأصل منها والزائد" فيه نظر؛ لأن الوزن فرع معرفة الأصل والزائد؛ فإن قرئ لتعلم بوزن تكلم صح. سم. قوله: "وكذلك في قام وشد" فيوزنان بفعل بفتح العين؛ نظرًا لأصلهما قبل الإعلال والإدغام. قوله: "وكذلك في هاب ومل" أي: أصلهما هيب وملل بكسر ثانيهما.
قوله: "وكذلك في طال وحب" أي: لأن أصلهما طول وحبب بضم ثانيهما. قوله: "وزائد" أي: حرف زائد في الموزون. وقوله: عن تضعيف أصله أي: عن مقابلته بضعف أصل من ميزان الكلمة التي هو منها، فإضافة الأصل إلى ضمير الزائد لأدنى ملابسة، فلا يقال في وزن أكرم مثلًا: ففعل. قوله: "لأن المقتضي للإبدال" أي: لإبدال تاء الافتعال طاء، وهو وقوعها بعد حرف من(4/354)
وضَاعِفِ اللام إذا أَصْلٌ بَقِي كراءِ جَعْفَرٍ وقَافِ فُسْتُقِ
وإِنْ يَكُ الزائدُ ضِعْفَ أَصْلٍ فاجْعَلْ في الوَزْنِ ما للأَصْلِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقابل بما يقابل به الأصل كما يأتي بيانه.
"وضاعف اللام" من الميزان "إذا أصل بقي" من الموزون بأن يكون رباعيًّا أو خماسيًّا "كراء جعفر وقاف فستق" وجيم ولام سفرجل، وميم ولام قذعمل، فتقول في وزن الأول فعلل، وفي الثاني فعلل، والثالث فعلل، والرابع فعلل.
"وإن يك الزائد ضعف أصل فاجعل له في الوزن" من أحرف الميزان "ما للأصل" الذي هو ضعفه منها، فإن كان ضعف الفاء قوبل بالفاء، وإن كان ضعف العين قوبل بالعين، وإن كان ضعف اللام قوبل باللام، فتقول في حلتيت: فعليل، وفي سحنون: فعلول، وفي مرمريس: فعفعيل، وفي اغدودن: افعوعل، وفي جلبب: فعلل. وأجاز بعضهم مقابلة هذا الزائد بمثله فتقول في حلتيت: فعليت، وفي سحنون: فعلون، وفي مرمريس: فعمريل، وفي اغدودن: افعودل، وفي جلبب: فعلب، ويلزم من هذا المذهب أمران مكروهان؛ أحدهما: تكثير الأوزان مع إمكان الاستغناء بواحد في نحو صبر وقتر وكثر؛ فإن وزن هذه وما شاكلها على القول المشهور فعل، ووزنها على القول المرغوب عنه فعيل وفعتل وفعثل، وكذا إلى آخر الحروف، وكفى بهذا الاستثقال منفرًا، والآخر: التباس ما يشاكل تفعيلًا بما يشاكل مصدره فعللة، وذلك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حروف الإطباق. قوله: "أو غيره" أي: كالتعدية. قوله: "كما يأتي بيانه" أي: في قوله: وإن يك الزائد ضعف أصل... إلخ. سم. قوله: "وضاعف اللام... إلخ" هذا مذهب البصريين. وأما الكوفيون فذهبوا إلى أن نهاية أصول الكلمة ثلاثة، وما زاد عليها حكموا بزيادته، فيزنون ما كان ثلاثيًّا بلفظ فعل وما زاد عليه نحو جعفر اختلفوا فيه فقيل: لا يوزن؛ لأنه لا يدرى كيفية وزنه، وقيل: يوزن ويقابل آخره بلفظه، وقيل: يوزن ويقابل ما قبل آخره بلفظه فوزن جعفر إما فعلل كما يقول البصريون، أو فعلر بزيادة الراء، أو فعفل بزيادة الفاء، أو لا يدرى ما هو، أقوال أربعة، كذا في التصريح. قوله: "فستق" بضم الفوقية وفتحها كما نقله الفارضي عن الجلال المحلي. قوله: "قذعمل" تقدم ضبطه وتفسيره في الشرح.
قوله: "فاجعل له... إلخ" لا يقال يلزم التباس الأصل بالزائد حينئذ؛ لأنا نقول: نعم؛ ولكن يزول بالضابط السابق في قوله: والحرف إن يلزم... إلخ. قوله: "من أحرف الميزان" من تبعيضية حال من ما للأصل. فقوله ثانيًا منها تأكيد، هذا هو التحقيق، ومن جعل قوله: من أحرف الميزان متعلقًا باجعل كشيخنا والبعض فقد تسمح، فتأمل. وقوله: الذي هو أي: ذلك الحرف الزائد ضعفه أي: ضعف الأصل منها أي: من أحرف الميزان. قوله: "في حلتيت" بحاء مهملة مكسورة ففوقيتين بينهما تحتية، وهو صمغ الأنجذان بفتح الهمزة وضم الجيم وإعجام الذال نبات جيد لوجع المفاصل. قوله: "وفي سحنون" بضم السين المهملة وسكون الحاء المهملة بعدها نونان بينهما واو، وهو أول المطر والريح، قاله شيخنا السيد. قوله: "وفي مرمريس" تقدم ضبطه وتفسيره. قوله: "وفي اغدودن" بإعجام الغين وإهمال الدالين، يقال: اغدودن الشعر إذا طال، واغدودن النبت إذا خضر. تصريح. قوله: "وما شاكلها" كفجر وفحر وفخر، وهكذا إلى آخر حروف الهجاء.
قوله: "إلى آخر الحروف" فيقال في نحو فجر: فعجل، وهكذا. قوله: "التباس ما" أي: فعل(4/355)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن الثلاثي المعتل العين قد تضعف عينه للإلحاق ولغير الإلحاق ويتحد اللفظ به كبين مقصودًا به الإلحاق ومقصودًا به التعدية، فعلى القصد الأول مصدره تبينة مشاكل دحرجة، وعلى القصد الثاني مصدره تبيين، ولا يعلم امتياز المصدرين إلا بعد العلم باختلاف وزني الفعلين، واختلاف وزن الفعلين فيما نحن بصدده ليس إلا على المذهب المشهور.
تنبيهات: الأول: إذا لم يكن الزائد مع حروف أمان وتسهيل فهو ضعف أصل كالباء من جلبب، وإن كان منها قد يكون ضعفًا نحو سأل، وقد يكون غير ضعف؛ بل صورته صورة الضعف؛ ولكن دل دليل على أنه لم يقصد به تضعيف فيقابل في الوزن بلفظه نحو سمنان، وهو ماء لبني ربيعة فوزنه فعلان لا فعلال؛ لأن فعلالا بناء نادر لم يأتِ منه غير المكرر نحو الزلزال، إلا خزعال وهو ناقة بها ظلع، وقهقار للحجر، وأما بهرام وشهرام فعجميان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يشاكل مصدره تفعيلًا على حذف مضاف أي: موازن تفعيل، أخذًا من قوله الآتي: مصدره تبينة مشاكل دحرجة. قوله: "أن الثلاثي المعتل العين" أي: كبان. قوله: "مشاكل دحرجة" أي: كمصدر الملحق به كدحرج. سم. قوله: "واختلاف وزني الفعلين فيما نحن بصدده" أي: نحو بين بوجهيه ليس إلا على المذهب المشهور. قال سم: وأقره شيخنا والبعض كأن مقصوده أن وزن المقصود به التعدية فعل؛ لأنه يذكر الزائد إذا كان تكرير أصل بما يذكر به ذلك الأصل. وأما المقصود به الإلحاق بالرباعي فعلى المشهور يكون وزنه فعلل؛ لأن الملحق وزنه وزن الملحق به، وحينئذ يختلف وزن الفعلين وعلى غير المشهور وزنه فعيل في الحالين فلم يختلف الوزن، فتأمل. اهـ. وفيه عندي نظر لتصريح الشارح سابقًا بأن المكرر للإلحاق أو لغيره يقابل بما يقابل به الأصل؛ وحيئنذ فوزن بين مطلقًا فعل قلم يختلف وزن فعلين على المذهب الشمهور أيضًا، فتدبر. قوله: "فقد يكون ضعفًا نحو سأل" بتشديد الهمزة. سم.
قوله: "وقد يكون غير ضعف... إلخ" ليس في كلامه حصر في القسمين فلا ينافي وجود قسم ثالث وهو ما ليس ضعفًا ولا على صورته كالهمزة في أكرم مثلًا. قوله: "ولكن دل الدليل" كندور فعلال غير مكرر الفاء والعين. قوله: "على أنه لم يقصد به تضعيف" أي: بل قصد مجرد زيادة الحرف، وإن وافق لفظه لفظ أصلي. قوله: "فيقابل في الوزن بلفظه" مفرع على قوله: وقد يكون غير ضعف... إلخ. قوله: "نحو سمنان... إلخ" الذي في القاموس أن مفتوح السين المهملة موضع ومكسورها بلد ومضمومها جبل، فلعل مراده موضع فيه الماء الذي ذكره الشارح، فيتوافق كلامهما. قوله: "لأن فعلالا" أي: بفتح الفاء. قوله: "غير المكرر" المراد بالمكرر ما كررت فاؤه وعينه فخرج نحو قهقار؛ لأنه مكرر الفاء فقط. قوله: "إلا خزعال" بخاء معجمة فزاي فعين مهملة بدل من غير المكرر على المختار، كما قال المصنف:
وبعد نفي أو كنفي انتخب إتباع ما اتصل............
قوله: "بها ظلع" بإعجام الظاء وإهمال العين أي: عرج. قوله: "وقهقار" بقافين(4/356)
واحْكُمْ بتأصِيلِ حُرُوفِ سِمْسِمِ ونحوه والخُلْفُ في كَلَمْلِمِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثاني: المعتبر في الوزن ما استحقه الموزون من الشكل قبل التغيير، فيقال في وزن رد ومرد: فعل ومفعل؛ لأن أصلهما ردد ومردد.
الثالث: إذا وقع في الموزون قلب تقلب الزنة؛ لأن الغرض من الوزن التنبيه على الأصول والزوائد على ترتيبها، فتقول في وزن آدُر أعفل؛ لأن أصله أدور قدمت العين على الفاء، وتقول في ناء: فلع؛ لأنه من النأي، وفي الحادي: عالف؛ لأنه من الوَحْدَة، وكذلك إذا كان في الموزون حذف وزن باعتبار ما صار إليه بعد الحذف، فتقول في وزن قاض: فاع، وفي بع: فل، وفي يعد: يعل، وفي عدة: علة، وفي عه -أمر من الوعي- عه، إلا إذا أريد بيان الأصل في المقلوب والمحذوف، فيقال: أصله كذا ثم أعل. انتهى.
"واحكم بتأصيل" أصول "حروف" الرباعي التي تكررت فاؤه وعينه، وليس أحد المكررين فيه صالحًا للسقوط كحروف "سمسم ونحوه" لأن أصالة أحد المكررين فيه واجبة تكميلًا لأقل الأصول، وليس أصالة أحدهما أولى من أصالة الآخر، فحكم بأصالتهما معًا "والخلف في" الرباعي المذكور الذي أحد المكررين فيه صالح للسقوط "كلملم"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زاد في القاموس: القسطال بالقاف فالسين فالطاء المهملتين وهو الغبار، والخرطال بالخاء المعجمة فالراء فالطاء المهملة وهو حب معروف. قوله: "وأما بهرام وشهرام فعجميان" أي: علمان عجميان؛ فالأول علم لرجل ولفرس النعمان بن عتبة العتكي كما في القاموس، وذكر شيخنا السيد أن في بائه الموحدة الفتح والكسر. قوله: "الثاني المعتبر... إلخ" هذا التنبيه مكرر مع ما أسلفه في شرح قول الناظم: بضمن فعل... إلخ حيث قال: وكذا في قام وشد؛ لأن أصلهما قوم وشدد، وكذلك في هاب ومل. ثم قال: وكذلك في طال وحب، فاعرفه، فإنه مما لم يتنبه له. قوله: "قلب" أي: مكاني؛ كأن قدمت العين على الفاء أو اللام على الفاء والعين. قوله: "على ترتيبها" أي: الواقع في الموزون.
قوله: "فتقول في وزن آدر" بمدة قبل الدال المضمومة جمع دار أصله أدور على وزن أفعل، استثقلت الضمة على الواو، فقدمت العين على الفاء، ثم قلبت الواو ألفًا، فصار وزنه أعفل، وقيل: أبدلت الواو قبل التقديم همزة، ثم قدمت فأبدلت ألفًا قياسًا، قاله الفارضي. قوله: "قدمت العين على الفاء" أي: وقلبت ألفًا. سم. قوله: "وتقول في ناء" بنون فألف فهمزة وأصله نأي، فقدمت اللام وهي الياء على العين وهي الهمزة فصار نيأ على وزن فلع، فقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار ناء، كذا في التصريح. والظاهر أنه يجوز كون قلب الياء ألفًا قبل تقديمها على الهمزة. قوله: "وفي الحادي" أصله واحد فأخرت الفاء وهو الواو عن اللام وهي الدال، ولا يمكن الابتداء بالألف، فقدمت الحاء عليها فصار حادو فقلبت الواو ياء لتطرفها إثر كسرة فصار حادي. قوله: "بتأصيل أصول حروف" لا وجه لزيادة الشارح. أصول. قوله: "الرباعي الذي تكررت فاؤه وعينه" سواء كان اسمًا كمثاله، أو فعلًا كزلزل ووسوس. قوله: "المكررين" هما في مثاله السين الثانية والميم الثانية.
قوله: "كحروف سمسم" بكسر السينين الحب المعروف وبفتحهما الثعلب، قاله الفارضي. قوله: "والخلف... إلخ" ظاهره أنه لا خلاف في القسم الأول، مع أن فيه خلافًا أشار إليه بعضهم(4/357)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أمر من لملم، وكفكف أمر من كفكف، فاللام الثانية والكاف الثانية صالحان للسقوط بدليل صحة كف ولم فقيل: إنه كالنوع الأول حروفه كلها محكوم بأصالتها وإن مادة لملم وكفكف غير مادة لم وكف، فوزن هذا النوع فعلل كالنوع الأول، وهذا مذهب البصريين إلا الزجاج. وقيل: إن الصالح للسقوط زائد، فوزن كفكف على هذا فعكل، وهذا مذهب الزجاج. وقيل: إن الصالح للسقوط بدل من تضعيف العين، فأصل لملم لمم فاستثقل توالي ثلاثة أمثال، فأبدل من أحدها حرف يماثل الفاء، وهذا مذهب الكوفيين واختاره الشارح، ويرده أنهم قالوا في مصدره: فعللة، ولو كان مضاعفًا في الأصل لجاء على التفعيل، فإن تكرر في الكلمة حرفان وقبلهما حرف أصلي كصمحمح وسمعمع حكم فيه بزيادة الضعفين الأخيرين؛ لأن أقل الأصول محفوظ بالأولين والسابق، كذا قاله في شرح الكافية. وقال في التسهيل: فإن كان في الكلمة أصل غير الأربعة حكم بزيادة ثاني المتماثلات. وثالثها نحو صمحمح، وثالثها ورابعها في نحو مرمريس. انتهى. فاتفق كلامه في نحو مرمريس، واختلف في نحو صمحمح، فوزنه في كلامه الأول على طريقة من يقابل الزائد بلفظه فعلمح، وفي كلامه الثاني فعحمل، واستدل بعضهم على زيادة الحاء الأولى في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سيوطي. قوله: "في الرباعي المذكور" أي: الذي تكررت فاؤه وعينه. قوله: "حروفه كلها محكوم بأصالتها" أورد عليه أن هذا منافٍ لقوله في بيان محل الخلاف الذي أحد المكررين فيه صالح للسقوط. وأجيب بأن قوله صالح للسقوط أي: ولو في مادة أخرى من المعنى، أو أنه مبني على غير القول الأول. قوله: "وقيل: إن الصالح للسقوط" أي: الذي هو الحرف الثالث. قوله: "فوزن كفكف على هذا فعكل" جرى الشارح هنا على المذهب المرغوب عنه من مقابلة تكرير الأصل بلفظه، ولو جرى على المشهور لقال: فعلل، وكذا يقال في نظائره الآتية.
قوله: "ولو كان مضاعفًا في الأصل... إلخ" قال أبو حيان: يمكن الجواب عن هذا بأنه إنما كان يلزم ذلك لو بقي على إدغامه، فأما بعد الإبدال والتفكيك فقد أشبه في الصورة ما ألحق بالرباعي نحو: جلبب، فجاء مصدره على وزان مصدره. قوله: "فإن تكرر في الكلمة حرفان... إلخ" محترز قوله: الرباعي الذي تكررت فاؤه وعينه. قوله: "كصمحمح وسمعمع" بإهمال حروفهما. والصمحمح الشديد الغليظ كما مر، والسمعمع صغير اللحية والرأس، ويطلق على غير ذلك كما في القاموس. قوله: "ثاني المتماثلات وثالثها" يعني: الحاء الأولى والميم الثانية. قوله: "فاتفق كلامه في نحو مرمريس" إنما كان يحسن هذا لو نقل الشارح كلامًا للمصنف في نحو مرمريس غير كلامه في التسهيل. قوله: "واستدل بعضهم على زيادة الحاء الأولى... إلخ" قال شيخنا والبعض: هذا إشارة إلى قول مغاير للقولين قبله؛ لأنه اقتصر على أن الزائد هو الحاء الأولى فقط، فوزن صمحمح على هذا فعحلل، ولا دليل عليه؛ بل الأقرب أنه تأييد لكلام المصنف في التسهيل؛ وإنما خص الحاء الأولى بالذكر؛ لأنها التي ينتج دليله زيادتها؛ إذ لا يحذف في التصغير غيرها.(4/358)
فبِأَلِفٌ أَكْثَرَ من أَصْلَيْنِ صَاحَبَ زائدٌ بِغَيْرِ مَيْنِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحو: صمحمح، والميم الثانية في نحو: مرمريس بحذفهما في التصغير؛ حيث قالوا: صميمح ومريريس، ونقل عن الكوفيين في صمحمح أن وزنه فعلل، وأصله صمحح، أبدلوا الوسطى ميمًا.
ولما فرغ من بيان ما يعرف به الزائد من الأصلي شرع في بيان ما تطرد زيادته من الحروف العشرة فقال: "فبألف أكثر من أصلين صاحب زائد بغير مين" ألف مبتدأ، والجملة بعده صفة له، وزائد خبره. والمين الكذب أي: إذا صحبت الألف أكثر من أصلين حكم بزيادتها؛ لأن أكثر ما وقعت الألف فيه، كذلك دل الاشتقاق على زيادتها فيه، فيحمل عليه ما سواه، فإن صحبت أصلين فقط لم تكن زائدة؛ بل بدلًا من أصل ياء أو واو نحو: رمى ودعا ورحا وعصا وباع وقال وناب وباب. وما ذكره إنما هو في الأسماء المتمكنة والأفعال، أما المبنيات والحروف فلا وجه للحكم بزيادتها فيها؛ لأن ذلك إنما يعرف بالاشتقاق وهو مفقود، وكذلك الأسماء الأعجمية كإبراهيم وإسحاق. واعلم أن الألف لا تزاد أولًا لامتناع الابتداء بها وتزاد في الاسم ثانية نحو: ضارب، وثالثة نحو: كتاب، ورابعة نحو: حبلى، وسرادح. وخامسة نحو: انطلاق، وحلبلاب. وسادسة نحو: قبعثرى، وسابعة نحو:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "أن وزنه فعلل" بثلاث لامات.
قوله: "من بيان ما يعرف به الزائد من الأصلي" اعترض بأن ما يعرف به ذلك هو قوله: والحرف إن يلزم البيت، وما عداه زائد على ما يعرف به ذلك، فكان المناسب أن يزيد وما يتبعه. قوله: "فألف" أراد الألف اللينة، وأما الهمزة فستأتي. قوله: "كذلك" أي: مصاحبة أكثر من أصلين. قوله: "فيه" أي: في أكثر ما وقعت فيه الألف كذلك. قوله: "فيحمل عليه ما سواه" أي: على الأكثر ما سوى الأكثر. قوله: "نحو رمى ودعا" لا تخفى على نبيه حكمة تَعْدَاد الأمثلة. قوله: "وما ذكره" أي: من منطوق قوله: فألف أكثر... إلخ، ومفهومه وملخصه أن كون الألف إما زائدة أو منقلبة عن أصل؛ إنما هو في الأسماء المتمكنة والأفعال. أما الحروف والمبنيات نحو: بلى وإلى وعلى، ونحو: متى ومهما، فليست الألف فيها زائدة ولا منقلبة عن أصل؛ إذ لا اشتقاق فيها؛ بل هي أصلية غير منقلبة، كذا قال شيخنا عازيًا للطبلاوي وتبعه البعض، وفيه أن اقتصار الشارح على نفي زيادتها في قوله: فلا وجه للحكم... إلخ ظاهر في أن مراده ما ذكره المصنف من منطوق قوله: فألف أكثر... إلخ فقط وكون المعنى، فلا وجه للحكم بزيادتها فيها ولا بانقلابها عن أصل لا دليل عليه من كلامه؛ إلا أن يقال تعليله بقوله: لأن ذلك... إلخ يشعر بهذه الضميمة.
قوله: "في الأسماء المتمكنة" أي: المعربة، وكان عليه أن يزيد العربية؛ إلا أن يقال: تركه اتكالًا على أخذه مما بعده. قوله: "لأن ذلك إنما يعرف بالاشتقاق وهو مفقود" فيه أن مقتضى قوله: فيحمل عليه ما سواه، أن يحمل على المشتق ما ليس مشتقًّا ولو حرفًا أو اسمًا غير متمكن أو اسمًا أعجميًّا؛ إلا أن يراد بما سواه خصوص ما ليس مشتقًّا من الأسماء المتمكنة العربية. قوله:(4/359)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أربعاوي. وتزاد في الفعل ثانية نحو قاتل، وثالثة نحو تغافل، ورابعة نحو سلقى، وخامسة نحو اجأوى، وسادسة نحو اغرندى.
تنبيهان:
الأول: يستثنى من كلامه نحو عَاعى وضوضى من مضاعف الرباعي؛ فإن الألف فيه بدل من أصل وليست زائدة.
الثاني: إذا كانت الألف مصاحبة لأصلين والثالث يحتمل الأصالة والزيادة، فإن قدرت أصالته فالألف زائدة، وإن قدرت زيادته فالألف غير زائدة؛ لكن إن كان المحتمل همزة أو ميمًا مصدرة أو نونًا ثالثة ساكنة في خماسي كان الأرجح الحكم عليه بالزيادة، وعلى الألف بأنها منقلبة عن أصل نحو: أفعى وموسى وعقنقى إن وجد في كلامهم، ما لم يدل دليل على أصالة هذه الأحرف، وزيادة الألف كما في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"وسرداح" بإهمال حروفه وكسر أوله الناقة الطويلة. قوله: "وحلبلاب" بكسر الحاء المهملة واللام وهو اللباب، كذا في القاموس، ولا وجود له فيه بالجيم. قوله: "نحو أربعاوي" بضم الهمزة والموحدة قعدة المتربع كما في القاموس، وقد أسلفنا في باب ألفي التأنيث عن السيوطي والدماميني ضبطه بفتح الهمزة. قوله: "نحو سلقى" في القاموس سلق فلانًا طعنه كسلقاه. قوله: "نحو اجأوى" قال في الصحاح: الجؤوة حمرة تضرب إلى سواد. وفي القاموس: أنه يقال: جؤوة كحمرة وجؤة كثبة وجأى كجوى والفعل جئي الفرس وجأى واجأوى والنعت أجوى وجأواء. قوله: "نحو اغرندى" بالغين المعجمة فالراء أي: علا.
قوله: "نحو عاعى" بعينين مهملتين أي: زجر الضأن فقال: عا أوعو أوعاى، ويقال أيضًا في الفعل: عوعى وعيعى، كما في القاموس. قوله: "وضوضى" بضادين معجمتين، قال في القاموس في باب الهمزة: الضأضاء والضوضاء أصوات الناس في الحرب، ورجل مضوض مصوت، وقال في باب الألف اللينة: الضوّة الجلبة كالضوضاة. اهـ. والجلبة بفتح الجيم واللام الأصوات. قوله: "من مضاعف الرباعي" يعني: لامه الأولى من جنس فائه ولامه الثانية من جنس عينه. قوله: "فإن الألف" أل للجنس؛ إذ كل من ألفي عاعى الأولى والثانية وألف ضوضى بدل من أصل؛ لأن وزنهما فعلل. قوله: "الثاني: إذا كانت الألف... إلخ" يؤخذ من هذا التنبيه أن قول المصنف: أكثر من أصلين أي: محققًا أصالة جميعه؛ فإن كان فيه ما ليس محققها؛ بل محتملها فقط، ففيه تفصيل. قوله: "والثالث يحتمل الأصالة والزيادة" كما في أبان؛ فإنه يحتمل أن وزنه فعال بزيادة الألف وأصالة الهمزة أو أفعل بالعكس. قوله: "مصدرة" يرجع لكل من الهمزة والميم. قوله: "منقلبة عن أصل" قال شيخنا: انظر هل هو ياء أو واو؟
قوله: "نحو أفعى" نظر الدماميني في التمثيل به بأن منع صرفه أي: للوصفية المتخلية ووزن الفعل دل على زيادة همزته أي: فليس مما زيادة همزته راجحة الذي الكلام فيه؛ بل مما زيادة همزته متعينة. قوله: "وموسى" مراده موسى الحديد لا اسم النبي. اهـ دماميني. أي: لأنه أعجمي. قوله: "وعقنقى" لم أجده في القاموس، ولعل ذلك نكتة قول الشارح إن وجد في كلامهم، ومقتضى الحكم على ألفه بأنها منقلبة عن أصل أن وزنه فعنعل. قوله: "ما لم يدل دليل... إلخ"(4/360)
واليَا كَذَا والواوُ إِنْ لَمْ يَقَعَا كَمَا هُمَا فِي يُؤْيُؤٍ وَوَعْوَعَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أرطى عند من يقول: أديم مأروط أي: مدبوغ بالأرطي، وكما في معزى لقولهم: معز ومعز، وإن كان المحتمل غير هذه الثلاثة حكمنا بأصالته وزيادة الألف. انتهى.
"واليا كذا والواو" أي: مثل الألف في أن كلا منهما إذا صحب أكثر من أصلين حكم بزيادته "إن لم يقعا" مكررين "كما هما في يؤيؤ" اسم طائر ذي مخلب يشبه الباشق "ووعوعا" إذا صوّت، فهذا النوع يحكم فيه بأصالة حروفه كلها كما حكم بأصالة حروف سمسم، والتقسيم السابق في الألف يأتي هنا أيضًا. فتقول: كل من الياء والواو له ثلاثة أحوال:
فإن صحب أصلين فقط فهو أصل كبيت وسوط، وإن صحب ثلاثة فصاعدًا مقطوعًا بأصالتها فهو زائد إلا في الثنائي المكرر كما تقدم في المتن، وإن صحب أصلين وثالثًا محتملًا، فإن كان المحتمل همزة أو ميمًا مصدرة حكم بزيادة المصدر منهما وأصالة الياء والواو نحو أيدع ومزود؛ إلا أن يدل دليل على أصالة المصدر وزيادتهما كما في أُولق عند من يقول: أُلق فهو مألوق أي: جن فهو مجنون، وكما في أيطل لما تقدم من قولهم فيه أطل، أو أصالة الجميع كما في مريم ومدين؛ فإن وزنهما فعلل لا فعيل؛ لأنه ليس في الكلام، ولا مفعل، وإلا وجب الإعلال.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قيد في قوله: كان الأرجح الحكم عليه بالزيادة. قوله: "عند من يقول: أديم مأروط" بخلافه عند من يقول: أديم مرطى؛ لدلالة الدليل عنده على زيادة: وأصالة الألف. قوله: "حكمنا بأصالته وزيادة الألف" ظاهره تعين ذلك. اهـ أسقاطي. وأقره غيره، وفيه أنه كيف تتعين أصالته مع فرض أنه يحتمل الأصالة والزيادة؛ إلا أن يقال: معنى احتماله للزيادة أنه من الأحرف العشرة التي قد تُزاد.
قوله: "إذا صحب أكثر من أصلين" كما في قتيل ومقتول. قوله: "إن لم يقعا... إلخ" أي: ولم تصدر الواو مطلقًا عند الجمهور ولا الياء قبل أربعة أصول في غير المضارع، كما سيذكر الشارح كل ذلك. قوله: "كما هما... إلخ" أي: وقوعًا مثل الوقوع الذي هما واقعان عليه في يؤيؤ ووعوعا إن جعلت ما موصولًا اسميًّا أو وقوعًا كوقوعهما في يؤيؤ ووعوعا إن جعلت موصولًا حرفيًّا. قوله: "إلا في الثنائي المكرر" هو المعبر عنه آنفًا بمضاعف الرباعي. قوله: "مصدرة" راجع لكل من الهمزة والميم، ولم يقل: أو نونًا ثالثة ساكنة في خماسي، كما قال في الألف؛ لعله لعدم الظفر بمثاله هنا. قوله: "نحو أيدع" بفتح الهمزة وسكون التحتية وفتح الدال المهملة بعدها عين مهملة، له معانٍ منها الزعفران. قوله: "ومزود" المزود كمنبر وعاء الزاد وهو طعام المسافر. قوله: "كما في أولق" هو اسم على وزن جوهر بمعنى الجنون. قوله: "عند من يقول ألق" بالبناء للمجهول لزومًا كما في القاموس أي: وأما عند من يقول: ولق بالبناء للفاعل أي: أسرع كما في القاموس، فالواو أصلية والهمزة زائدة. قوله: "كما في مريم" مقتضاه أن مريم اسم عربي؛ وإلا لم يأتِ فيه حكم بأصالة أو زيادة لما قدمه الشارح. قوله: "وإلا وجب الإعلال" بأن يقال: مرام ومدان بنقل حركة الياء إلى الساكن قبلها ثم قلبها ألفًا لتحركها بحسب الأصل وانفتاح ما قبلها الآن.(4/361)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإن كان المحتمل غيرهما حكم بأصالته وزيادة الياء والواو ما لم يدل دليل على خلاف ذلك؛ كما في نحو: يهير؛ وهو الحجر الصلب. وقال ابن السراج: اليهير اسم من أسماء الباطل، قال: وربما زادوه ألفًا فقالوا: يهيرّى، وقيل: هو السراب، يقال: أكذب من اليهير أي: من السراب؛ فإنه قضى فيه بزيادة الياء الأولى دون الثانية؛ لأنه ليس في الكلام فعيل، ولا خفاء في زيادتها ي نحو: يحمر، وكما في عِزويت وهو اسم موضع. وقيل: هو القصير أيضًا؛ فإنه قضى فيه بأصالة الواو وزيادة الياء والتاء؛ لأنه لا يمكن أن يكون وزنه فعويلًا لأنه ليس في الكلام، ولا فعويتًا لأن الكلمة تصير بغير لام؛ فتعين أن يكون وزنه فعليتًا مثل عفريت.
واعلم أن الياء تزاد في الاسم: أولى نحو يلمع، وثانية نحو ضيغم، وثالثة نحو قضيب، ورابعة نحو حِذرية، وخامسة نحو سُلحفية. قيل: وسادسة نحو مغناطيس، وسابعة نحو خُنزوانية. وتزاد في الفعل: أولى نحو يضرب، وثانية نحو بيطر، وثالثة عند من أثبت فعيل في أبنية الأفعال نحو رهيأ، ورابعة نحو قلسيت، وخامسة نحو تقلسيت، وسادسة نحو اسلنقيت. والواو تزاد في الاسم: ثانية نحو كوثر، وثالثة نحو عجوز، ورابعة نحو عرقوة، وخامسة نحو قلنسوة، وسادسة نحو أربعاوي. وتزاد في الفعل: ثانية نحو حوقل،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وإن كان المحتمل غيرهما" أي: غير الهمزة والميم المصدرتين. قوله: "كما في نحو يهير" بتشديد الراء مثال للمنفي أعني: ما دل الدليل على خلاف ما تقدم أي: على أصالة الياء أو الواو، وزيادة المحتمل والمحتمل فيه، لولا دليل الزيادة هو الياء الأولى. قوله: "ولا خفاء... إلخ" كأنه تعليل في المعنى لمحذوف، والتقدير: لأنه ليس في الكلام فعيل بخلاف يفعل؛ إذ لا خفاء فيه. قوله: "وكما في عزويت" عطف على قوله: كما في نحو يهيرّ، وهو بكسر العين المهملة وسكون الزاي آخره فوقية. قوله: "بأصالة الواو وزيادة الياء والتاء" أي: لا بأصالة الواو والتاء معًا على وزن فعليل، ولا بزيادتهما معًا على وزن فعويت، ولا بالعكس على وزن فعويل، فالقسمة رباعية، وذكره الياء التحتية غير ضروري؛ إذ لا تتوهم أصالتها.
قوله: "نحو يلمع" بالعين المهملة وهو السراب. قوله: "نحو حذرية" بكسر الحاء المهملة وسكون الذال المعجمة وكسر الراء وتخفيف التحتية القطعة الغليظة من الأرض. قوله: "نحو سلحفية" بضم السين المهملة وفتح اللام وسكون الحاء المهملة وكسر الفاء حيوان معروف. قوله: "مغناطيس" بفتح الميم كما يفيده صنيع القاموس. قوله: "نحو خنزوانية" بضم الخاء المعجمة وسكون النون وضم الزاي وبعد الألف نون مكسورة فتحتية مخففة التكبر. قوله: "نحو رهيأ" أي: غلظ كما قدمه الشارح، وفسر في القاموس الرهيأ بمعانٍ؛ منها: الضعف والتواني وفساد الرأي. قوله: "نحو قلسيت... إلخ" يقال: قلسيته فتقلسى أي: ألبسته القلنسوة فلبسها، ويقال أيضًا: قلنسته فتقلنس، كما في القاموس. قوله: "نحو اسلنقيت" أي: نمت على ظهري. قوله: "عرقوة" بعين مهملة مفتوحة فراء ساكنة فقاف مضمومة إحدى خشبتي الدلو اللتين على فمه كالصليب. قوله: "نحو أربعاوي" تقدم تقريبًا ضبطه وتفسيره.(4/362)
وهَكَذَا هَمْزٌ ومِيمٌ سَبَقَا ثلاثةً تأصيلُها تَحَقَّقَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وثالثة نحو جمهور، ورابعة نحو اغدودن.
تنبيهان: الأول: مذهب الجمهور أن الواو لا تزاد أولًا، قيل: لثقلها، وقيل: لأنها إن زيدت مضمومة اطرد همزها، أو مكسورة فكذلك، وإن كان همز المكسورة أقل، أو مفتوحة فيتطرق إليها الهمز؛ لأن الاسم يُضم أوله في التصغير، والفعل يضم أوله عند بنائه للمفعول، فلما كانت زيادتها أولًا تؤدي إلى قلبها همزة رفضوه؛ لأن قلبها همزة قد يوقع في اللبس. وزعم قوم أن واو ورنتل زائدة على سبيل الندور؛ لأن الواو لا تكون أصلًا في بنات الأربعة وهو ضعيف؛ لأنه يؤدي إلى بناء وفنعل وهو مفقود. والصحيح أن الواو أصلية، وأن اللام زائدة مثلها في فحجل بمعنى فحج، وهِدْمِل بمعنى هدم؛ فإن لزيادة اللام آخرًا نظائر، بخلاف زيادة الواو أولًا.
الثاني: إذا تصدرت الياء وبعدها ثلاثة أصول فهي زائدة كما سبق في يلمع، وإذا تصدرت وبعدها أربعة أصول في غير المضارع فهي أصل كالياء في يستعور وهو اسم مكان بالحجاز، وهو أيضًا اسم شجر يُستاك به؛ لأن الاشتقاق لم يدل على الزيادة في مثله إلا في المضارع. انتهى.
"وهكذا همز وميم سبقا ثلاثة تأصيلها تحققا" أي: الهمزة والميم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "نحو جهور" أي: رفع صوته، وأما جهور كجعفر فاسم موضع. قوله: "نحو اغدودن" تقدم ضبطه وتفسيره. قوله: "اطرد همزها" أي: قلبها همزة.
قوله: "قد يوقع في اللبس" أي: بما همزته أصلية غير منقلبة، كما في وكل بالتخفيف؛ فإنه إذا بني للمجهول تطرق إليه قلب الواو همزة، فيلبس بأكل الذي همزته أصلية، وجعل شيخنا اللبس باعتبار احتمال انقلاب الهمزة عن ياء وعن واو غير ظاهر؛ إذ مثل هذا إجمال لا لبس. قوله: "ورنتل" تقدم ضبطه وتفسيره في شرح قول المصنف: والحرف إن يلزم... إلخ. قوله: "في فحجل" بفاء فحاء مهملة فجيم كجعفر. وقوله: بمعنى فحج، عبارة القاموس: ذكر النحاة الفحجل وفسروه بالأفحج، وقال في محل آخر: فحج كمنع تكبر وفي مشيته تداني صدور قدميه وتباعد عقباه. اهـ. وقال شيخنا: الفحج المتباعد الساقين واللام للإلحاق أي: بجعفر. وعبارة الشارح بعد في مبحث زيادة اللام، وقد سمع من كلامهم قولهم في عبد: عبدل، وفي الأفحج -وهو المتباعد الفخذين- فحجل. اهـ. قوله: "وهدمل" بكسر الهاء وسكون الدال المهملة وكسر الميم واللام للإلحاق بزبرج. وقوله: بمعنى هدم هو الثوب الخلق.
قوله: "فإن لزيادة اللام... إلخ" تعليل لقوله: والصحيح... إلخ. قوله: "في يستعور" بفتح التحتية وسكون السين المهملة وفتح الفوقية وضم العين المهملة آخره راء على وزن فعللول كما في التصريح. قوله: "إلا في المضارع" كيدحرج. قوله: "وهكذا همز... إلخ" اعترض بأنه كان ينبغي أن يقول: ثلاثة فقط؛ ليخرج ما سبق أكثر كإصطبل ومرزجوش، وبأنه كان مقتضى استثنائه فيما سبق نحو: يؤيؤ ووعوع، بعد تنصيصه أولًا على مسألة سمسم أن يستثني هنا مرمر، وبأنه كان ينبغي أن(4/363)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
متساويتان في أن كلًّا منهما إذا تصدر وبعده ثلاثة أحرف مقطوع بأصالتها فهو زائد نحو: أحمد ومسجد؛ لدلالة الاشتقاق في أكثر الصور على الزيادة، فحمل عليه ما سواه، فخرج بقيد التصدر الواقع منهما حشوًا أو آخره؛ فإنه لا يقضى بزيادته إلا بدليل كما سيأتي بيانه، وبقيد الثلاثة نحو: أكل ومهد، ونحو: إصطبل ومرزجوش، وبقيد الأصالة نحو: أمان ومعزى، وبقيد التحقق نحو: أرطى؛ فإنه سمع في المدبوغ به مأروط ومرطى، فمن قال: مأروط جعل الهمزة أصلية والألف زائدة، ومن قال: مرى جعل الهمزة زائدة والألف بدلًا من ياء أصلية، فوزنه على الأول فعلى وألفه زائدة للإلحاق، فلو سمي به لم ينصرف للعلمية وشبه التأنيث، ووزنه على الثاني أفعل، فلو سمي به لم ينصرف للعلمية ووزن الفعل، والقول الأول أظهر؛ لأن تصاريفه أكثر؛ فإنهم قالوا: أرطت الأديم إذا دبغته بالأرطى، وأرطت الإبل إذا أكلته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ينص على أن الميم التي في أول اسم فاعل الفعل الحاوي أربعة أحرف فأكثر واسم مفعوله والمصدر الميمي واسمي الزمان والمكان زائدة، سواء كان بعدها ثلاثة أصول أم أكثر، وأن الهمزة تقع في أول الفعل زائدة، ولو كان بعدها أكثر من ثلاثة أصول. قوله: "فإنه لا يقضى بزيادته إلا بدليل" كميم دلامص وزرقم؛ لقيام الدليل على زيادتها فيهما -كما سيذكره الشارح- بخلاف ميم ضرغام مثلًا؛ لعدم قيام الدليل على زيادتها.
قوله: "كما سيأتي" أي: في التنبيه الثاني. قوله: "نحو: أكل ومهد... إلخ" أي: فلا يحكم بزيادتهما؛ بل يحكم بأصالتهما. أما إذا سبقا أصلين فقط فتكميلًا لأقل الأبنية. وأما إذا سبقا أربعة فإن الاشتقاق لم يدل على الزيادة في نحو ذلك إلا في فعل، أو محمول عليه نحو: أدحرج ومدحرج، فوزن إصطبل فعلل، وورن مرزجوش فعللول، وقياس إبراهيم وإسماعيل أن تكون همزتهما أصلية ولو كانا غير عربيين. اهـ مرادي. فإن سبقا أربعة أحرف، وكان بعضها زائدًا فهما أيضًا زائدان كإكرام وانطلاق ومضروب ومنطلق. قوله: "ونحو إصطبل ومرزجوش" أي: لأن قيد الثلاثة يخرج الأقل منه والأكثر، والإصطبل بقطع الهمزة معروف، والمرزجوش بفتح الميم وسكون الراء وفتح الزاي وضم الجيم آخره شين معجمة وهو المردقوش بميم وراء ودال مهملة وقاف ثم شين معجمة على وزن الأول بقلة طيبة الرائحة، وكلا اللفظين فارسي معرب كما في زكريا. ويقال للمرزجوش: مرزنجوش بزيادة نون ساكنة قبل الجيم كما في القاموس.
قوله: "وبقيد التحقق نحو أرطى... إلخ" وقوله فيما يأتي الثالث أفهم قوله: تأصيلها تحققا... إلخ كلاهما يتعلق بمفهوم قوله: تأصيلها تحققا، فكان ينبغي ذكر حاصلهما في محل واحد، ثم عبارته توهم أن أحد الأحرف الثلاثة التي بعد همزة أرطى يحتمل الأصالة والزيادة، وهو ممنوع لتحقق أصالة الثلاثة عند من يقول مرطيّ، وتحقق زيادة الألف عند من يقول: مأروط، كما يؤخذ ذلك من قوله: فمن قال: مأروط... إلخ إلا أن يراد باحتمال الحرف لهما ما يشمل اختلاف العرب في أصالته وزيادته. قوله: "ومرطيّ" أصله مرطوي اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وكسر ما قبلها لمناسبتها وأدغمت الياء في الياء. قوله: "وشبه التأنيث" أي: شبه(4/364)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وآرطت الأرض إذا أنبتته، وقيل أيضًا: أرطت الأرض إذا أنبتت الأرطى، وكذا الأولق؛ لأنه قيل: هو من أُلِق فهو مألوق إذا جُن، فالهمزة أصل والواو زائدة، وقيل: هو من وَلق إذا أسرع، فالهمزة زائدة والواو أصل ووزنه أفعل والأول أرجح، وكذا الأوتكى لنوع من التمر رديء دائر بين أن يكون وزنه أفعلى كأجفلى وفوعلى كخوزلى، ويخرج به أيضًا نحو: موسى؛ فإن ميمه محتملة الأصالة والزيادة؛ ولكن الأرجح الزيادة كما مر.
تنبيهات: الأول: محل الحكم بزيادة ما استكمل القيود المذكورة من الحرفين المذكورين ما لم يعارضه دليل على الأصالة من اشتقاق ونحوه، فإن عارضه دليل على الأصالة عمل بمقتضى الدليل، كما في ميم مِرجل ومغفور ومرعزى، حكم بأصالتها على أن بعدها ثلاثة أصول؛ أما مرجل فمذهب سيبويه وأكثر النحويين أن ميمه أصل لقولهم: مرجل الحائك الثوب إذا نسجه موشى بوشي يقال له: المراجل، قال ابن خروف: الممرجل ثوب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ألف التأنيث وهو ألف الإلحاق. قوله: "وآرطت الإبل" لم أرَ نصًّا في ضبطه، وكتب شيخنا عقبه: اسم الفاعل آرِط. قوله: "وآرطت الأرض" أي: بهمزة فألف مبدلة من همزة ساكنة، وبهذا يحصل الفرق بينه وبين ما بعده. وقول البعض: بهمزتين ذكر في القاموس: آرطت الأرض أخرجت الأرطى كأرطت إرطاء أو هذه لحن للجوهري. اهـ. ولعل اللغة الثانية هي مراد الشارح بقوله: وقيل أيضًا: أرطت الأرض.
قوله: "وكذا الأولق لأنه قيل... إلخ" على هذا القول اقتصر في القاموس فقال: الأولق الجنون أو شبهه، ألق كعنى فهو مألوق ومؤلق. اهـ. قوله: "من ألق" بالبناء للمجهول كما مر. قوله: "وقيل: هو من ولق" بالبناء للفاعل، قال في القاموس: ولق يلق أسرع، وفلان طعنه خفيفًا وبالسيف ضربه، وفي السير أو الكذب استمر. قوله: "ووزنه أفعل" أي: على الثاني، وأما على الأول فوزنه فوعل. قوله: "وكذا الأوتكى" بفوقية بين الواو والكاف وألفه زائدة قطعًا، فليس الكلام فيها؛ وإنما الكلام في الهمزة مع الواو. قوله: "كأجفلى... إلخ" تقدم ضبط أجفلى وخوزلى وتفسيرهما في باب ألف التأنيث. قوله: "فإن ميمه... إلخ" كان المناسب للسياق أن يقول: فإن ألفه محتملة للأصالة والزيادة؛ ولكن الأرجح الأصالة؛ فيكون الأرجح زيادة ميمه. قوله: "ونحوه" كالتصغير والجمع واللغات كما سيأتي في دلامص.
قوله: "كما في ميم مرجل ومغفور ومرعزى" المرجل بكسر الميم وسكون الراء وفتح الجيم المشط والقدر من الحجارة والنحاس، والمغفور بضم الميم وسكون الغين المعجمة وضم الفاء شيء ينضحه الثمام والعشر والرمث كالعسل، والمرعزى والمرعز بكسر الميم وسكون الراء وكسر العين المهملة وتشديد الزاي فإن خففتها مددت وقد تفتح الميم في الكل: الزغب الذي تحت شعر العنز، كذا في القاموس، وبه يعم ما في كلام البعض من الخلل. قوله: "على أن" أي: مع أن. قوله: "لقولهم: مرجل... إلخ" أي: ولو كانت الميم زائدة لقالوا: رجل الحائك الثوب بحذفها.(4/365)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعمل بدارات كالمراجل وهي قدور النحاس، وقد ذهب أبو العلاء المعري إلى زيادة ميم مرجل اعتمادًا على الأصل المذكور، وجعل ثبوتها في التصريف كثبوت ميم تمسكن من المسكنة، وتمندل من المنديل، وتمدرع إذا لبس المِدرعة والميم فيها زائدة، ولا حجة له في ذلك؛ لأن الأكثر في هذا تسكن وتندل وتدرع، قال أبو عثمان: هو الأكثر في كلام العرب. وأما مغفور فعن سيبويه فيه قولان؛ أحدهما: أن الميم زائدة، والآخر: أنها أصل لقولهم: ذهبوا يتمغفرون أي: يجمعون المغفول وهو ضرب من الكمأة. وأما مرعزى فذهب سيبويه إلى أن ميمه زائدة، وذهب قوم -منهم الناظم- إلى أنها أصل لقولهم: كساء ممرعزى دون مرعز، وكما في همزة إمعة وهو الذي يكون تبعًا لغيره لضعف رأيه، والذي يجعل دينه تبعًا لدين غيره ويقلده من غير برهان حكم بأصالة همزته على أن بعدها ثلاثة أصول، فوزنه فعلة لا أفعلة؛ لأنه صفة وليس في الصفات أفعلة، وإمرة مثل إمعة وزنًا ومعنًى وحكمًا؛ وهو الذي يأتمر لكل من يأمره لضعف رأيه، ويقال أيضًا: إمع وإمر.
الثاني: أفهم قوله سبقًا: أنهما لا يحكم بزيادتهما متوسطتين ولا متأخرتين إلا بدليل، ويسثنى من ذلك الهمزة المتأخرة بعد الألف، وقبلها أكثر من أصلين، كما سيأتي في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "موشى" حال من ضمير الثوب أي: مزينًا. قوله: "يقال له: المراجل" أي: يطلق عليه ذلك أي: على طريق المجاز أو حذف أداة التشبيه كما تفيده عبارة ابن خروف الآتية. قوله: "وهي قدور النحاس" أي: أو قدور الحجارة، كما يدل عليه ما نقلناه آنفًا عن القاموس. قوله: "اعتمادًا على الأصل المذكور" أي: القاعدة المذكورة في قول الناظم: وهكذا همز وميم سبقا... إلخ. قوله: "إذا لبس المدرعة" بكسر الميم وسكون الدال المهملة وفتح الراء نوع من الثياب الصوف كما في القاموس.
قوله: "لأن الأكثر في هذا تسكن... إلخ" أي: فليست الميم في هذا ثابتة في التصريف لزومًا بخلاف الميم في مرجل، فقياس مرجل على هذا قياس مع الفارق. قوله: "لقولهم: ذهبوا يتمغفرون" أي: ولو كانت ميمه زائدة لقالوا: يتغفرون. قوله: "منهم الناظم" أي: في غير هذا الكتاب، قال المرادي: وألزم المصنف سيبويه أن يوافق على الأصالة في مرعزى أو يخالف في الجميع. قوله: "ممرعز دون مرعز" بتشديد الزاي فيهما. قوله: "وكما في همزة إمعة" عطف على قوله: كما في ميم مرجل، وهو بهمزة مكسورة فميم مشددة فعين مهملة. قوله: "وهو الذي يكون تبعًا لغيره... إلخ" زاد الشارح في شرح التوضيح: والذي يتبع الناس إلى الطعام من غير أن يُدعى، والذي يقول أنا مع الناس. قوله: "على أن بعدها" أي: مع أن بعدها. قوله: "وحكمًا" فيحكم بأصالة همزته كإمعة.
قوله: "وهو الذي يأتمر... إلخ" لا حاجة إليه بعد قوله: ومعنى؛ إلا أن يجعل معنى آخر أخص مما سبق لإمعة، فتأمل. قوله: "بعد ألف وقبلها أكثر من أصلين" أي: كما في حمراء؛ فإن همزته(4/366)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلامه. فمثال ما حكم فيه بزيادة الهمزة وهي غير مصدرة: شمأل واحبنطأ، ومثال ما حكم فيه بزيادة الميم وهي غير مصدرة: دلامص وزرقم وبابه، أما الشمأل فالدليل على زيادة همزتها سقوطها في بعض لغاتها، وفيها عشر لغات: شمأل وشأمل بتقديم الهمزة على الميم، وشَمَال على وزن قذال، وشمول بفتح الشين، وشَمَل بفتح الميم، وشَمْل بإسكان الميم، وشيمل على وزن صيقل، وشِمَال على وزن كتاب، وشَمِيل على وزن طويل، وشَمْأَلّ بتشديد اللام، واستدل ابن عصفور وغيره على زيادة همزة شمأل بقولهم: شملت الريح إذا هبت شمالًا، واعترض بأنه يحتمل أن يكون أصله شمألت، فنقل؛ فلا يصح الاستدلال به.
وأما احبنطأ فالدليل على زيادة همزته سقوطها في الحبط يقال: حبط بطنه إذا انتفخ. وأما دلامص ويقال فيه: دمالص ودملص ودميلص وهو البرّاق، فلقولهم: درع دلاص ودليص ودلصته أنا، وذهب أبو عثمان إلى أن الميم في دلامص أصل وإن وافق دلاصًا في المعنى، فهو عنده من باب سبط وسبطر. وأما زرقم وبابه نحو: ستهم ودلقم وضِرزم وفُسحم ودِرْدم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زائدة وإن كانت في الآخر. وقوله: كما سيأتى في كلامه أي: في قوله: كذاك همز آخر بعد ألف... إلخ. قوله: "واحبنطأ" بالحاء والطاء المهملتين أي: انتفخ بطنه. قوله: "دلامص" بضم الدال المهملة وتخفيف اللام آخره صاد مهملة، وسيفسره الشارح. قوله: "وفيه عشر لغات" زاد في القاموس: شوملًا كجوهر. قوله: "وزن قذال" بفتح القاف وتخفيف الذال المعجمة مؤخر الرأس ومعقد العذار من الفرس خلف الناصية كما في القاموس. قوله: "على وزن صيقل" بفتح الصاد المهملة وسكون التحتية وفتح القاف جلاء السيوف. قوله: "بتشديد اللام" أي: مع فتح الشين وسكون الميم وفتح الهمزة. قوله: "شملت الريح" أي: تحولت شمالًا وبابه دخل. اهـ مختار. قوله: "فنقل" أي: نقلت حركة الهمزة إلى الميم ثم حذفت الهمزة. قوله: "في الحبط" بفتحتين؛ وهو أن تأكل الماشية فتكثر حتى تنتفخ لذلك بطونها، ولا يخرج عنها ما فيها. وقال ابن السكيت: هو أن ينتفخ بطنها من أكل الزرق وهو الحندقوق. صحاح. قوله: "حبط بطنه" من باب فرح.
قوله: "ويقال فيه: دمالص ودملص" كذا في نسخ، وفي نسخ أخرى: ودلمص بتقديم اللام وكل صحيح؛ إذ كل منهما لغة في دلامص كما سيعلم من كلامه في التنبيه الرابع؛ فكان ينبغي ذكرهما معًا هنا، وكل بضم الأول وفتح الثاني مخففًا وكسر ما قبل الآخر. قوله: "وهو البراق" بفتح الموحدة وتشديد الراء. قوله: "دلاص ودليص" الأول ككتاب والثاني كأمير، كما في القاموس. قوله: "ودلصته أنا" ظاهر قول القاموس التدليص التليين والتمليس أن لام دلصته مشددة. قوله: "في دلامص" زاد المرادي وأخوانه. قوله: "من باب سبط وسبطر" الأول ككتف والثاني كهزبر كما في القاموس أي: من المترادفات المتفقة في معظم الحروف، فليست الراء زائدة؛ بل هي أصلية؛ إذ هي ليست من حروف سألتمونيها ولا ضعف أصل.
قوله: "وأما زرقم وبابه" أي: كل ثلاثي زيد في آخره ميم تكثيرًا للفظ ومبالغة في المعنى، والزرقم بضم الزاي وسكون الراء وضم القاف الشديد الزرقة، والستهم بوزن الزرقم الكبير العجز(4/367)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فلأنها من الزرقة والستة والاندلاق وهو الخروج والضرِّز وهو البخيل، يقال: ناقة ضرزة أي: قليلة اللبن، والانفساح والدرد وهو عدم الأسنان، والوصف منه أدرد ودرد.
الثالث: أفهم قوله: تأصيلها تحققًا أنهما إذا سبقا ثلاثة لم يتحقق تأصيل جميعها؛ بل كان في أحدها احتمال أنه لا يقدم على الحكم بزيادتهما إلا بدليل، وهو ما جزم به في التسهيل، وهو المعروف من أن الهمزة والميم إذا سبقا ثلاثة أحرف أحدها يحتمل الأصالة والزيادة أنه يحكم بزيادة الهمزة والميم وأصالة ذلك المحتمل؛ إلا أن يقوم دليل بخلاف ذلك؛ ولذلك حُكم بزيادة همزة أفعى وأيدع، وميم موسى ومزود، وجاء في ميم مجن عن سيبويه قولان أصحهما أنها زائدة، فإن دل الدليل على أصالة الهمزة والميم وزيادة ذلك المحتمل حُكم بمقتضاه كما حكم بأصالة همزة أرطى فيمن قال: أديم مأروط، وهمزة أولق فيمن قال: ألق، فهو مألوق كما سبق، وبأصالة ميم مهدد ومأجج، وزيادة أحد المثلين؛ إذ لو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والدلقم بدال مهملة مكسورة ولام ساكنة وقاف مكسورة العجوز والناقة المسنة المتكسرة الأسنان، والضرزم بضاد معجمة فراء فزاي، قال في القاموس: كزبرج وجعفر المسنة من النوق أو وفيها بقية شباب أو الكبيرة القليلة اللبن، وأفعى ضرزم كزبرج شديدة العض، وقال في الصحاح: قال ابن السكيت: الضرزم من النوق القليلة اللبن مثل الضمرز. قال: ونرى أنه من قولهم: رجل ضرز إذا كان بخيلًا والميم زائدة. وقال غيره: الضمرز الناقة القوية. وأما الضرزم فالمسنة وفيها بقية شباب. اهـ. فعلم من كلام القاموس أن قول البعض بكسر الضاد والراء وتشديد الزاي خطأ. والفسحم بضم الفاء وسكون السين المهملة وضم الحاء المهملة يقال: مكان فسح كقفل وفسحم متسع، ورجل فسح كقفل وفسحم واسع الصدر. والدردم بالإهمال وكسر الدالين وسكون الراء المرأة التي تجيء وتذهب بالليل والناقة المسنة.
قوله: "والسته" بفتحتين وهو الدبر. قوله: "والضرز" ضبطه الشارح بخطه بكسر الضاد والراء وتشديد الزاي وكذا في القاموس. قوله: "والدرد" بفتحتين. قوله: "ودرد" على وزن فرح. قوله: "أنه لا يقدم... إلخ" الصواب حذف أنه كما في عبارة المرادي؛ لأن جواب إذا لا يصدر بأن المفتوحة والتكلف لتصحيحه بأنه على حذف الفاء، وجعل أن المفتوحة ومعموليها في تأويل مصدر مبتدأ، والخبر محذوف، أو على حذف الفاء، وقراءة إن بالكسر يعكر عليه أن حذف الفاء في مثله لا يجوز في الاختيار. قوله: "أنه يحكم... إلخ" فيه ما قدمناه. قوله: "ولذلك" أي: للحكم بزيادة الهمزة والميم وأصالة المحتمل عند عدم الدليل على خلاف ذلك. قوله: "وأيدع" تقدم ضبطه وتفسيره في شرح قوله: إن لم يقعا كما هما... إلخ. قوله: "مجن" بكسر وفتح الجيم وتشديد النون الترس. قوله: "فيمن قال" أي: في لغة من قال: أديم مأروط أي: وأما في لغة من قال: أديم مرطى فبالعكس.
قوله: "وبأصالة ميم مهدد ومأجج" الأول بدالين مهملتين من أسمائهن، والثاني بجيمين(4/368)
كَذَلكَ هَمْز آخِر بعد أَلِفْ أَكْثَرَ من حرفين لَفْظُهَا رَدِف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت ميمه زائدة لكان مفعلًا، فكان يجب إدغامه، وأجاز السيرافي في مهدد ومأجج أن تكون الميم زائدة، ويكون فكهما شاذًّا كما فك الأجل في قوله: الحمد لله العلي الأجلل
الرابع: تزاد الهمزة في الاسم أولى كأحمر، وثانية كشأمل، وثالثة كشمأل، ورابعة كحطائط وهو القصير، وخامسة كحمراء، وسادسة كعقرباء وهي بلد، وسابعة كبرناساء والبرناساء الناس. والميم تزاد أولى كمرحب، وثانية كدملص، وثالثة كدلمص، ورابعة كرزقم، وخامسة كضبارم؛ لأنه من الضبر وهو شدة الخلق، وذهب ابن عصفور إلى أنها في ضبارم أصلية، قال في الصحاح: الضبارم بالضم الشديد الخلق من الأسد. اهـ.
"كذلك همز آخر بعد ألف أكثر من حرفين لفظها ردف" أي: يحكم بزيادة الهمزة أيضًا باطراد إذا وقعت آخرًا بعد ألف قبل تلك الألف أكثر من حرفين نحو: حمراء وعلباء وقرفصاء، فخرج بقيد الآخر الهمزة الواقعة في الحشو، وبقيد قبلها ألف الواقعة آخرًا وليست بعد ألف؛ فإنه لا يقضى بزيادة هاتين إلا بدليل كما سبق في حطائط واحنبطأ، وبقيد أكثر من حرفين نحو: ماء وشاء وكساء ورداء، فالهمزة في ذلك ونحوه أصل أو بدل من أصل لا زائدة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موضع وكلاهما بوزن جعفر، كذا في القاموس. قوله: "وزيادة أحد المثلين" أي: للإلحاق بجعفر، ولو قال: ثاني المثلين لكان أوضح. قوله: "إذ لو كانت ميمه" أي: المذكور من مهدد ومأجج. قوله: "كحطائط" بضم الحاء المهملة وتخفيف الطاء المهملة. قوله: "كعقرباء" بفتح العين المهملة وسكون القاف وفتح الراء بعدها موحدة. قوله: "كبرناساء" بفتح الموحدة وسكون الراء بعدها نون ثم سين مهملة، كذا في الدماميني وغيره. فقول البعض: بضم الباء وفتح الراء غير صحيح. قوله: "كضبارم" بضم الضاد المعجمة وفتح الموحدة مخففة وكسر الراء. قوله: "وهو شدة الخلق" بفتح الخاء المعجمة وسكون اللام. قوله: "من الأسد" على صيغة الجمع. قوله: "أكثر" مفعول ردف. وقوله: لفظها أي: الألف. قوله: "بزيادة الهمزة" إما للإلحاق كعلباء وقوباء، أو للإبدال من ألف التأنيث لالتقائها ساكنة مع الألف قبلها كصحراء وحمراء. قوله: "نحو حمراء... إلخ" عدد الأمثلة إشارة إلى أنه لا فرق بين همزة الإلحاق وهمزة التأنيث، ولا بين ما قبل ألفه ثلاثة أصول وما قبل ألفه أربعة، ولا بين مفتوح الأول ومكسوره ومضمومه.
قوله: "كما سبق في حطائط" الذي سبق له في حطائط إنما هو ذكر زيادة همزته دون الدليل على زيادتها كما توهمه عبارته، والدليل على زيادة همزته سقوطها في بعض التصاريف كالحط والمحطوط. وقوله: واحبنطأ، هذا سبق له ذكر زيادة همزته، وأن الدليل على زيادة الهمزة والنون قولهم: حبط بطنه. قوله: "فالهمزة في ذلك ونحوه أصل" كما في شاء جمع شاة، أو بدل من أصل كما في ماء وكساء ورداء؛ فإن همزة ماء بدل من هاء، وهمزة كساء بدل من واو، وهمزة رداء بدل من ياء، كذا قال سم، وأقره شيخنا والبعض. وفي كون همزة شاء أصلًا غير منقلبة عن(4/369)
والنونُ في الآخِرِ كالهمز وَفِي نحو غَضَنْفَرٍ أَصَالَةً كُفِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: مقتضى قوله: أكثر من حرفين، أن الهمزة يحكم بزيادتها في ذلك، سواء قطع بأصالة الحروف التي قبل الألف كلها أن قطع بأصالة حرفين واحتمل الثالث وليس كذلك؛ لأن ما آخره همزة بعد ألف بينها وبين الفاء حرف مشدد نحو: سُلاء وحواء، أو حرفان أحدهما لين نحو: زِيزاء وقوباء، فإنه محتمل لأصالة الهمزة وزيادة أحد المثلين أو اللين وللعكس، فإن جعلت الهمزة أصلية كان سلاء فعالًا وحواء فعالًا من الحواية، وإن جعلت زائدة كان سلاء فعلاء وحواء فعلاء من الحوة، فإن تأيد أحد الاحتمالين بدليل حكم به وأُلغي الآخر؛ ولذلك حكم على حواء بأن همزته زائدة إذا لم يصرف، وبأنها أصل إذا صرف نحو حواء للذي يعاني الحيات، والأولى في سلاء أن تكون همزته أصلًا؛ لأن فعالًا في النبات أكثر من فعلاء، فلو قال الناظم: أكثر من أصلين لكان أجود. اهـ.
"والنون في الآخر كالهمز" أي: فيقضى بزيادتها بالشرطين المذكورين في الهمزة؛ وهما أن يسبقها ألف وأن يسبق تلك الألف أكثر من أصلين نحو: عثمان وغضبان، بخلاف نحو: أمان وزمان ومكان، ويشترط لزيادة النون مع ما ذكر أن تكون زيادة ما قبل الألف على حرفين ليست بتضعيف أصل، فالنون في نحو: جنجان أصل لا زائدة. وهذا الشرط مستفاد من قوله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شيء نظر؛ فإن الظاهر أنها منقلبة عن هاء، والأصل شوه قلبت الواو ألفًا والهاء همزة، بدليل قوله في المفرد: أصله شوهة؛ وحينئذ يكون قول الشارح: أصل بالنظر إلى بعض نحو ذلك لا إلى ذلك، أو يقرأ شاء في عبارته بصيغة الفعل الماضي، فتدبر.
قوله: "نحو سلاء" بضم السين المهملة وتشديد اللام شوك النخل واحده سلاءة. قال الدماميني: ولا يصح التمثيل بسلاء لزوال الاحتمال عنه بحكاية أبي زيد سلأت النخل سلأ إذا نزعت ملاءه أي: شوكه. قوله: "زيزاء" بزايين معجمتين مكسور أولاهما الأرض الغليظة.
قوله: "وزيادة أحد المثلين" أي: في نحو سلاء وحواء، أو اللين أي: في نحو زيزاء وقوباء. قوله: "من الحواية" لم أظفر بنص في ضبط الحاء، وقول البعض: بفتح الحاء لا يعتمد عليه وحده لكثرة تساهله، كما لا يفخى على ممارس حاشيتنا؛ بل النفس الآن أميل إلى الكسرة لكثرته في أمثال هذه اللفظة كالهداية والوقاية والحماية والعناية والرعاية والرماية والسراية والولاية. قوله: "من الحوة" بضم الحاء المهملة وتشديد الواو سواد إلى خضرة أو حمرة إلى سواد. قوله: "إذا لم يصرف" لأن منع الصرف يدل على كونها همزة التأنيث وهي زائدة.
قوله: "فلو قال الناظم: أكثر من أصلين لكان أجود" أي: ليخرج ما ردفت فيه الألف ثلاثة أحدها محتمل، واعترضه البعض بأن هذا أيضًا لا يفيد اشتراط تحقق أصالة الثلاثة؛ لأن قوله: أكثر من أصلين صادق لكون الثالث غير محقق الأصالة، ويدفع بأن المعنى أصولًا أكثر من أصلين بقرينة قوله: من أصلين؛ فيستفاد منه الاشتراط المذكور، فتأمل.
قوله: "أن تكون زيادة... إلخ" الظاهر إتيان هذا الشرط في الهمزة أيضًا مع أنه لم يذكره فيها. قوله: "ليست بتضعيف أصل" يعني: الفاء لا مطلق أصل؛ وإلا لم يتم قوله: وهذا الشرط(4/370)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سابقًا: واحكم بتأصيل حروف سمسم
وقد اقتضى إطلاقه أنه يقضي بزيادة النون عينًا فيما يتوسط فيه بين الألف والفاء حرف مشدد نحو: حسان ورمان، أو حرف لين نحو: عقيان وعنوان، وهذا الإطلاق على وفق ما ذهب إليه الجمهور؛ فإنهم يحكمون بزيادة النون في مثل: حسان وعقيان؛ إلا أن يدل دليل على أصالتها، بدلالة منع صرف حسان على زيادة نونه في قول الشاعر:
1267- ألا من مبلغ حسان عني مغلغلة تدب إلى عكاظ
لكنه ذهب في التسهيل والكافية إلى أن النون في ذلك كالهمزة في تساوي الاحتمالين، فلا يلغى أحدهما إلا بدليل، فكان ينبغي له أن يقيد إطلاقه بذلك، وهذا مذهب لبعض المتقدمين، وزاد بعضهم لزيادتها آخرًا شرطًا آخر؛ وهو ألا تكون في اسم مضموم الأول مضعف الثاني اسمًا لنبات نحو رمان، فجعلها في ذلك أصلًا؛ لأن فعالًا في أسماء النبات أكثر من فعلال، وإلى هذا ذهب في الكافية حيث قال: فمل عن الفعلال والفعلاء في النبت للفعال كالسلاء
ورد بأن زيادة الألف والنون آخرًا أكثر من مجيء النبات على فعال، ومذهب الخليل وسيبويه أن نون رمان زائدة، قال سيبويه: وسألته -يعني الخليل- عن الرمان إذا سمي به، فقال: لا أصرفه في المعرفة، وأحمله على الأكثر؛ إذ لم يكن له معنى يعرف به، وقال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مستفاد... إلخ، فتأمل. قوله: "في نحو جنجان" بكسر الجيم الأولى، وأصله جنجن كسمسم، قال في القاموس: الجناجن عظام الصدر الواحد جنجن وجنجنة بكسرهما ويفتحان وجنجون بالضم. قوله: "وهذا الشرط مستفاد من قوله... إلخ" أي: لأن أصل جنجان جنجن كسمسم على ما مر. قوله: "بزيادة النون عينًا" أي: زيادة متعينة. قوله: "نحو عقيان" بكسر العين المهملة وسكون القاف وفتح التحتية ذهب ينبت كما في القاموس. قوله: "بدلالة" متعلق بيحكمون، وفي بعض النسخ باللام، وفي بعضها بالكاف، وهي للتعليل أو مجرد التنظير. قوله: "ألا من مبلغ... إلخ" قاله أمية بن خلف الخزاعيّ من قصيدة من الوافر يهجو بها حسانًا -رضي الله تعالى عنه- وألا للتنبيه، ومن استفهامية مبتدأ، ومبلغ خبره، والرسالة المغلغلة المحمولة من بلد إلى بلد، وعكاظ سوق من أسواق الجاهلية. اهـ عيني. ومغلغلة بغينين ومعجمتين، وتدب بضم الدال المهملة تسير.
قوله: "فكان ينبغي له" أي: على ما ذهب إليه في التسهيل والكافية. وقوله: بذلك أي: بألا يتوسط بين الألف والفاء حرف مشدد أو لين. وقوله: وهذا أي: ما ذهب إليه في التسهيل والكافية. قوله: "لزيادتها" أي: النون. قوله: "وأحمله على الأكثر" عطف علة على معلول أي: إنما منعته(4/371)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخفش: نونه أصلية مثل: قُرَّاص وحُمَّاض؛ لأن فعالًا أكثر من فعلال -يعني في النبات- والصحيح ما ذهب إليه لا لما ذكره؛ بل لثبوتها في الاشتقاق قالوا: أرض مرمنة لكثرة الرمان، ولو كانت النون زائدة لقالوا مرمة.
"و" النون "في نحو غصنفر" وعقنقل وقرنفل وحبنطأ وورنتل مما هو فيه متوسط وتوسطه بين أربعة أحرف بالسوية وهو ساكن وغير مدغم "أصالة كُفي" كفي مجهول فيه ضمير النون هو المفعول الأول عن الفاعل ناب، وأصالة نصب بالمفعول الثاني أي: اطردت زيادة النون فيما تضمن القيود المذكورة لثلاثة أمور:
أولها: أن النون في ذلك واقعة موقع ما تيقنت زيادته كياء سَميذع وواو فدوكس وألف عذافر وجحادب.
ثانيها: أنها تعاقب حرف اللين غالبًا لقولهم للغليظ الكفين: شَرنبث وشُرابث، وللضخم: جرنفش وجرافش ولنبت عرنقصان وعريقصان.
ثالثها: أن كل ما عرف له اشتقاق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الصرف إذا كان علمًا حملًا على الأكثر وهو زيادة الألف والنون. وقوله: إذ لم يكن... إلخ كذا بخط الشارح على أنه تعليل للحمل على الأكثر أي: لأنه ليس له علامة يعرف بها حال نونه، وفي نسخ: إذا. قوله: "مثل قراص" بضم القاف وتشديد الراء آخره صاد البابونج وعشب ربعي والورس، قاله في القاموس. قوله: "وحماض" بضم الحاء المهملة وتشديد الميم آخره ضاد معجمة. قوله: "لا لما ذكره" أي: لرده كما مر بأن زيادة الألف والنون آخرًا أكثر من مجيء النبات على فعال. قوله: "لقالوا مرمة" نقل شيخنا عن الشارح أنه ضبطه بخطه بفتح الميم والراء والميم الثانية مع تشديدها قال: وقياس ضبطه مرمنة بفتح الميمين وسكون الراء. اهـ. وبه جزم شيخنا السيد. قوله: "وعقنقل" بعين مهملة وقافين بينهما نون يطلق على الوادي العظيم المتسع وعلى الكثيب المتراكم. قوله: "وورنتل" بفتح الواو والراء وسكون النون وفتح الفوقية الداهية والأمر العظيم وموضع كذا في القاموس.
قوله: "لثلاثة أمور" ليس من مدخول أي: لعدم تضمن كلام المصنف أن الاطراد لتلك الأمور الثلاثة، وقول البعض: إلا أن يقال: هو مستفاد من لفظ نحو لا يخفى فساده. قوله: "كياء سميذع" بفتح السين المهملة والميم وسكون التحتية وفتح الذال المعجمة بعدها عين مهملة السيد الكريم الموطأ الأكناف والشجاع والذئب والخفيف في حوائجه والسيف. قوله: "وواو فدوكس" بفتح الفاء والدال المهملة وسكون الواو وفتح الكاف بعدها سين مهملة الأسد والرجل الشديد كذا في القاموس، وفي محل آخر منه أن الأسد يقال له: دوكس أيضًا بلا فاء، فعلم ما في كلام البعض من الخبط. قوله: "وألف عذافر" بضم العين المهملة وتخفيف الذال المعجمة وكسر الفاء بعدها راء الأسد والعظيم الشديد من الإبل. قوله: "وجخادب" بضم الجيم وتخفيف الخاء المعجمة وكسر الدال المهملة بعدها موحدة عظيم الخلق. قوله: "شرنبث" بفتح الشين والراء وسكون النون وفتح الموحدة بعدها مثلثة. قوله: "وشرابث" بضم الشين وتخفيف الراء وكسر الموحدة كعلابط. قوله: "جرنفش" بفتح الجيم والراء وسكون النون وفتح الفاء بعدها شين(4/372)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أو تصريف وجدت فيه زائدة فيحمل غيره عليه، وقد خرج بالقيد الأول النون الواقعة أولًا؛ فإنها أصل نحو نهشل؛ إلا أن يقضي بزيادتها دليل كما في نحو نرجس؛ لأنها لو كانت أصلًا لكان وزنه فعلل وهو مفقود، وبالقيد الثاني نحو: قنطار وقنديل وعنقود وخندريس وعندليب؛ فإنها أصل إلا أن يقضي دليل بالزيادة كما في نحو عنبس؛ لأنه من العبوس وحنظل لقولهم: حظلت الإبل وعنسل؛ لأنه من العسلان وعرند لأنه من قولهم: شيء عرد أي: صُلْب، وكنهبل لقولهم فيه كهبل، ولعدم النظير على تقدير الأصالة، وبالقيد الثالث نحو غرنيق وهو السيد الرفيع، وخرنوب وكُنأبيل، فالنون أصلية؛ إذ ليس في الكلام فعنيل ولا فعنول ولا فنعليل، وبالرابع نحو عجنس فإنه تعارضت فيه زيادة النون مع زيادة التضعيف فغلب التضعيف لأنه أكثر وجعل وزنه فعلل كعدبس، قال أبو حيان: والذي أذهب إليه أن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معجمة. قوله: "وجرافش" على وزن علابط. قوله: "عرنقصان" بفتح العين المهملة والراء وسكون النون وفتح القاف بعدها صاد مهملة. قوله: "وعريقصان" بضم العين وفتح الراء وسكون التحتية وكسر القاف.
قوله: "أن كل ما عرف له اشتقاق... إلخ" نحو جحنفل فإن اشتقاقه من الجحفلة كما مر، يدل على زيادة نونه فيحمل عليه غيره كشرنبث. قوله: "نحو نهشل" بنون فهاء فشين معجمة كجعفر الذئب. قوله: "لكان وزنه فعلل" بكسر اللام الأولى. قوله: "وخندريس" بفتح الخاء المعجمة وسكون النون وفتح الدال المهملة وكسر الراء بعدها تحتية فسين مهملة من أسماء الخمر. قوله: "وعندليب" بفتح العين المهملة وسكون النون وفتح الدال المهملة وكسر اللام بعدها تحتية فموحدة طائر يصوت أنوانًا يقال له الهزار جمعه عنادل وعنادب كما في القاموس. قوله: "حظلت الإبل" في القاموس حظل البعير كفرح أكثر من أكل الحنظل. قوله: "وعنسل" بفتح العين المهملة وسكون النون وفتح السين المهملة. قوله: "من العسلان" بالتحريك وهو الاضطراب. قوله: "وعرند" بفتح العين المهملة وسكون الراء وفتح النون بعدها دال مهملة. قوله: "شيء عرد" بفتح العين وسكون الراء. قوله: "وكنهبل" بفتح الكاف والنون وسكون الهاء وفتح الموحدة وضمها شجر عظيم والشعير الضخم السنبلة قاله في القاموس.
قوله: "لقولهم فيه كهبل" أي: بفتح الباء. قوله: "ولعدم النظير" أي: مع دخول أضيق البابين؛ وإلا فعدم النظير لازم على تقدير الزيادة أيضًا؛ إذ كما ليس في الأوزان فعلل بضم اللام الأولى المشددة ليس فيها فنعلل بضم اللام الأولى؛ لكن باب الزيادة أوسع كما مر. قوله: "نحو غرنيق" بضم الغين المعجمة وسكون الراء وفتح النون وسكون التحتية بعدها قاف طير من طيور الماء، ويطلق على غير ذلك كما في القاموس. قوله: "وكنأبيل" بكاف مضمومة فنون مفتوحة فهمزة ساكنة فموحدة مكسورة فتحتية ساكنة فلام اسم موضع باليمن كذا في التصريح. قوله: "عجنس" بفتح العين المهملة والجيم وتشديد النون بعدها سين مهملة الجمل الضخم الشديد. قوله: "كعدبس" بفتح العين والدال المهملتين وتشديد الموحدة بعدها سين مهملة الشديد من الإبل(4/373)
والتاءُ في التأنيثِ والمضارعَهْ ونحو الاستفعال والمطاوعَهْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النونين زائدتان ووزنه فعنل، والدليل على ذلك أنا وجدنا النونين مزيدتين فيما عرف له اشتقاق نحو: ضَفَنّط وزونك، ألا ترى أنه من الضفاطة والزوك فيه عمل ما لا يعرف له اشتقاق على ذلك.
تنبيهات: الأول: بقي مما تزاد فيه النون باطراد ثلاثة مواضع: المضارع كنضرب، والانفعال وفروعه كالانطلاق، والافعنلال كالاحرنجام؛ وإنما سكت عنها لوضوحها.
الثاني: إنما لم يذكر التنوين ونون التثنية والجمع وعلامة الرفع في الأمثلة الخمسة ونون الوقاية ونون التوكيد؛ لأن هذه زيادة متميزة ومقصود الباب تمييز الزيادة المحتاجة إلى تمييز لاختلاطها بأصول الكلمة حتى صارت جزءًا منها.
الثالث: اعلم أن النون تزاد أولى نحو نضرب، وثانية نحو حنظل، وثالثة نحو غضنفر، ورابعة نحو رعشن، وخامسة نحو عثمان، وسادسة نحو زعفران، وسابعة نحو عبوثران.
"والتاء" تزاد في أربعة مواضع "في التأنيث" كضربت وضاربة وضربة وأنت وفروعه على المشهور "و" في "المضارعه" كتضرب "و" في "نحو الاستفعال" من المصادر وذلك الافتعال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وغيرها، والشرس الخلق والضخم الغليظ، وضبطه شيخنا السيد بنون بدل الموحدة، وهو خلاف ما في نسخ القاموس الصحيحة. قوله: "نحو ضفنط" بفتح الضاد المعجمة والفاء وتشديد النون آخره طاء مهملة كما في القاموس والدماميني، وصحفه البعض فضبطه بالغين المعجمة بدل الفاء. قوله: "وزونك" بفتح الزاي والواو وتشديد النون بعدها كاف. قوله: "من الضفاطة" وهي الجهل وضعف الرأي وضخامة البطن والفعل ككرم. اهـ قاموس.
قوله: "والزوك" بفتح الزاي وسكون الواو مشي الغراب وتحريك المنكبين في المشي والتبختر. قوله: "عبوثران" بفتح العين والموحدة وسكون الواو وفتح المثلثلة وضمها ويقال له: عبيثران بالتحتية مكان الواو نبات طيب الرائحة.
قوله: "والتاء في التأنيث... إلخ" قد يفهم اقتصاره على ما ذكر أن تاء ترجمان بفتح التاء والجيم وضمهما وفتح التاء وضم الجيم وهو المفسر للسان أصلية وهو الأصح الذي يدل عليه ثبوتها في بقية تصاريف الكملة، وهو معرب، وقيل: عربي. قوله: "كسربت" حمل الشارح التأنيث في النظم على ما يعم تأنيث الاسم وتأنيث الفعل، وكان عليه حينئذ أن يدخل فيه تأنيث الحرف أيضًا كربت وثمت ولات. قال ابن هشام: عندي أن تاء قامت ونحوها لا تعد في هذا الباب؛ لأنها كلمة مستقلة قائمة بنفسها بخلاف تاء مسلمة ومسلمات؛ فإنها جزء كلمة؛ ولهذا يحلها الإعراب. قوله: "وضربه" كذا في نسخ بالتاء المربوطة بمعنى المرة من الضرب، وفي نسخ بتاء مجرورة على أنه فعل مبني للمجهول، وقوله قبله: كضربت بالبناء للفاعل فلا تكرار، وأما ما يتوهم من أنه بتاء خطاب مكسورة فغلط؛ إذ هذه التاء اسم؛ لأنها فاعل، والكلام في الحروف الزائدة.
قوله: "على المشهور" مقابله قولان؛ الأول: أن التاء هي الاسم الضمير وأن حرف عماد وكون التاء على هذا ليست حرفًا زائدًا ظاهر. الثاني: أن المجموع هو الضمير فتكون التاء جزءه، وقد يقال: كونها جزء الاسم لا ينافي زيادتها كما لا يخفى، فتأمل. قوله: "والمضارعه" قال ابن(4/374)
والهاءُ وَقفًا كَلِمَهْ وَلَمْ نَرَهْ واللامُ في الإشارةِ المشْتَهِرَهْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كالاستخراج والاقتدار وفروعهما، والتفعيل والتفعال كالترديد والترداد دون فروعهما "و" في نحو "المطاوعه" كتعلم تعلمًا وتدحرج تدحرجًا وتغافل تغافلًا، ولا يقضى بزيادتها في غير ما ذكر إلا بدليل. واعلم أنه قد زيدت التاء أولًا وآخرًا وحشوًا؛ فأما زيادتها أولًا فمنه مطرد وقد تقدم، ومنه مقصور على السماع كزيادتها في تنضب وتتفل وتدرأ وتِحْلِئ.
وأما زيادتها آخرًا فكذلك منه مطرد وقد تقدم، ومنه مقصور على السماع كالتاء في رغبوت ورحموت وملكوت وجبروت، وفي تَرَنْموت وهو صوت القوس عند الرمي؛ لأنه من الترنم ووزنه تفعلوت، وفي عنكبوت ومذهب سيبويه أن نون عنكبوت أصل لقولهم في معناه العنكب فهو عنده رباعي، وذهب بعض النحاة إلى أنه ثلاثي ونونه زائدة، وأما زيادتها حشوًا فلا تطرد إلا في الاستفعال والافتعال وفروعهما، وقد زيدت حشوًا في ألفاظ قليلة ولقلة زيادتها حشوًا ذهب الأكثر إلى أصالتها في يستعور وإلى كونها بدلًا من الواو في كلتا.
"والهاء وقفًا كلمه ولم تره" أي: الهاء من حروف الزيادة كما سبق إلا أن زيادتها قليلة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هشام: لم يعد من حروف المضارعة إلا التاء ولا فرق بينها وبين غيرها. اهـ. قوله: "وذلك" أي: نحو الاستفعال، فاندفع قول ابن هشام أنها بقت عليه. نعم، فاته التنبيه على زيادة السين في الاستفعال، وسيجيب الشارح عن هذا. قوله: "وفروعهما" من الفعل والوصف. قوله: "دون فروعهما" لأن فروعهما كردد ومردد بدون تاء. قوله: "وفي نحو المطاوعة" كان ينبغي حذف وجعل المطاوعة عطفًا على نحو الاستفعال؛ إذ لا نحو لتاء المطاوعة تطرد زيادته، وأما تاء نحو ترمسه بمعنى رمسه فزيادتها غير مطردة، فتدبر.
قوله: "في تنضب وتتفل وتدرأ وتجلئ" الأول بفتح التاء وسكون النون وضم الضاد المعجمة آخره موحدة شجر حجازي شوكه كشوك العوسج وقرية قرب مكة. والثاني بتاءين ففاء كتنضب وقنفذ ودرهم وجعفر وزبرج وجندب ويقال: تفل كسكر الثعلب أو جروه، وكتنضب ما يبس من العشب أو الشجر أو نبات أخضر. والثالث ضم الفوقية وسكون الدال المهملة وفتح الراء يقال: رجل ذو تدرأ وتدرأة مدافع ذو عز ومنعة. والرابع بكسر الفوقية وسكون الحاء المهملة وكسر اللام شعر وجه الأديم ووسخه وسواده كالتحلئة وما أفسده السكين من الجلد إذا قشر. اهـ قاموس مع زيادة من الدماميني. وبه يعلم ما في كلام البعض من الخطأ تارة والقصور أخرى. قوله: "وفي ترنموت" بفتح فسكون ففتح فضم قاله شيخنا السيد. قوله: "فلا تطرد إلا في الاستفعال... إلخ" وتغييره الأسلوب يوهم أن زيادتها حشوًا باطراد أقل من زيادتها أولًا وآخرًا باطراد، وليس كذلك كما هو ظاهر.
قوله: "والهاء وقفًا" قال ابن هشام: قد تقرر في باب الوقف أن التاء في نحو طلحة ومسلمة أصل، وأنها منقلبة إلى الهاء، فلا تعد هاء طلحة ومسلمة وقفًا فيما زيدت فيه الهاء؛ بل تعد فيما زيدت فيه التاء؛ لأنها الأصل. قوله: "كلمة" ألغز فيه بعضهم فقال: يا قارئًا ألفية ابن مالك وسالكًا في أحسن المسالك(4/375)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في غير الوقف، ولم تطرد إلا في الوقف على ما الاستفهامية مجرورة نحو لمه، وعلى الفعل المحذوف اللام جزمًا أو وقفًا، وعلى كل مبني على حركة لازمة إلا ما تقدم استثناؤه في باب الوقف، وهي واجبة في بعض ذلك وجائزة في بعضه على ما تقدم في بابه، وأنكر المبرد زيادتها وقال: إنها إنما تلحق في الوقف بعد تمام الكلمة للبيان كما في نحو: ماليه ويا زيداه، وللإمكان كما في نحو: عه وقه -كما قدمته- فهي كالتنوين وباء الجر، والصحيح أنها من حروف الزيادة، وإن كانت زيادتها قليلة، والدليل على ذلك قولهم في أمات: أمهات، ووزنه فعلهات؛ لأنه جمع أم، وقد قالوا: أمات. والهاء في الغالب فيمن يعقل وإسقاطها فيما لا يعقل، وقالوا في أم: أمهة، ووزنها فعلهة، وأجاز ابن السراج أن تكون أصلية، وتكون فعلة مثل قبرة وأبهة، ويقوي قوله ما حكاه صاحب كتاب العين من قولهم: تأمهت أمًّا بمعنى اتخذت، ثم حذفت الهاء فبقي أم ووزنه فع، فإن ثبت هذا فأم وأمهة أصلان مختلفان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ في أيّ بيت جاء في كلامه لفظ بديع الشكل في نظامه
حروفه أربعة تضم وإن تشأ فقل ثلاث واسم
وهو إذا نظرت فيه أجمع مركب من كلمات أربع
وصار بالتركيب بعد كلمة وقد ذكرت لفظه لتفهمه
قوله: "أو وقفًا" أراد بالوقف البناء لا مقابل الوصل. قوله: "وعلى كل مبني على حركة لازمة" أي: للكلمة نحو: هوه وكيفه، بخلاف المبني على حركة عارضة لسبب قد يزول كالمنادى واسم لا. قوله: "إلا ما تقدم استثناؤه" وهو الفعل الماضي. قوله: "وهي واجبة في بعض ذلك" يعني الوقف على ما الاستفهامية المجرورة بالاسم المضاف إليها نحو اقتضاء مه، والفعل الباقي بعد الحذف على حرف أو حرفين نحو عه ولم يعه. وقوله: وجائزة في بعضه يعني: ما عدا ذلك. قوله: "وأنكر المبرد زيادتها" أي: جنس الهاء لا خصوص هاء السكت، بدليل قوله فيما يأتي، ولا جواب للمبرد عن زيادتها في إهراق... إلخ. قوله: "للبيان" أي: بيان الحركة وبيان الألف أي: كمال بيانها كما تقدم في محله. وقوله: وللإمكان أي: إمكان الوقف الذي لا يكون إلا على ساكن. قوله: "فهي كالتنوين وباء الجر" أي: فهي زيادة متميزة ومقصود الباب تمييز الزيادة المختلطة بأصول الكلمة حتى صارت جزءًا منها؛ لأنها المحتاجة للتمييز. قوله: "والصحيح أنها" أي: جنس الهاء لكن في ضمن غير هاء السكت، فلا ينافي قوله الآتي: التحقيق ألا تذكر هاء السكت مع حروف الزيادة. قوله: "لأنه جمع أم" تعليل لدلالة قولهم المذكور على ذلك. قوله: "وقد قالوا: أمات" لما لم يكن قوله: في أمات نصًّا في سماعه نص على سماعه بقوله: وقد قالوا أمات تأييدًا لكون هاء أمهات زائدة؛ لأن سقوط الحرف في بعض التصاريف من علامات الزيادة كما مر.
قوله: "وقالوا في أم أمهة" يعني: فكما زادوا الهاء في الجمع زادوها في المفرد. قوله: "قبرة" طائر وأبهة هي العظمة والبهجة والكبر والنخوة. اهـ قاموس. قوله: "ويقوي قوله... إلخ" وجه التقوية أن الهاء لو لم تكن أصلية لقالوا: تأممت بميم مشددة فميم ساكنة. قوله: "ثم حذفت الهاء(4/376)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كسبط وسبطر ودَمِث ودُمَثِر، فتكون أمهات على هذا جمع أمهة وأمات جمع أم. وما ذهب إليه ابن السراج ضعيف؛ لأنه خلاف الظاهر، وأما حكاية صاحب العين فلا يحتج بها لما فيه من الخطأ والاضطراب.
قال أبو الفتح: ذاكرت بكتاب العين يومًا شيخنا أبا علي فأعرض عنه ولم يرضه لما فيه من القول المردود والتصريف الفاسد. وزيدت الهاء في قولهم: أهرقت الماء فأنا أهريقه إهراقة، والأصل أراق يريق إراقة، وألف أراق منقلبة عن الياء. وأصل يريق يؤريق ثم أبدلوا من الهمزة هاء، وإنما قالوا: يهريقه وهم لا يقولون: أأريقة لاستثقالهم الهمزتين، وقالوا أيضًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلخ" لعله عطف على محذوف والتقدير: فأصل أم أمهة ثم حذفت الهاء... إلخ، وجوز البعض أن يكون عطفًا على قوله: وقالوا في أم أمهة، وهو سهو ظاهر؛ لما يلزم عليه من التنافي الواضح بين المتعاطفين؛ لأن الشارح قال في جانب المعطوف عليه: ووزنها فعلهة، فصرح بأن الهاء زائدة، وقال في جانب المعطوف: فبقي أم ووزنه فع فصرح بأن الهاء أصلية. قوله: "فبقي أم" أي: بقي هذا اللفظ، ولو قال: فبقي أما بالنصب أي: فصار اللفظ أما لكان أوضح.
قوله: "فإن ثبت هذا" المتبادر رجوع اسم الإشارة إلى ما حكاه صاحب كتاب العين؛ وحينئذ ففي كلامه نظر؛ لأن ثبوت ما حكاه يقتضي أن أما فرع أمهة، وأن أمهة فقط هو الأصل، وعبارة المرادي عقب قوله: ووزنه فع، أو تكون أمهة وأم من باب سبط وسبطر. اهـ. وهي ظاهرة لتعبيره بأو. نعم، إن أرجع اسم الإشارة إلى ما حكاه وما يدل عليه الكلام السابق من أن وزن أم فعل صحت عبارته. قوله: "كسبط وسبطر" السبط ككتف الطويل، وكذا السبطر كهزبر كما في القاموس، وأما السبط بفتح فسكون وبفتحتين أو بفتح فكسر فليس بمعنى السبطر؛ بل هو نقيض الجعد كما في القاموس، فلا يناسب أن يكون مراد الشارح، وبهذا التحقيق تعلم ما في كلام شيخنا. قوله: "ودمث ودمثر" الدمث بمثلثة ككتف السهل، وكذا الدمثر بضم الدال المهملة وفتح الميم وكسر المثلثة وبكسر الدال وفتح الميم وسكون الميم وفتح المثلثة كذا في القاموس.
قوله: "لأنه خلاف الظاهر" لوجود ما يفيد الزيادة في أمهة وهو أم دون قبرة وأبهة مع قلة باب سبط وسبطر، قاله شيخنا السيد. قوله: "في قولهم: أهرقت الماء" بفتح الهاء وسكونها كما في زكريا على الشافية. قوله: "والأصل" أي: أصل أهراق يهريق إهراقة. قوله: "منقلبة عن الياء" أي: لتحركها بحسب الأصل وانفتاح ما قبلها الآن. قوله: "وأصل يريق يؤريق" إن كان مراده الأصل الأول كان يؤريق بسكون الراء وكسر الياء بعدها، وعليه يكون الشارح حذف تمام التصريف، وهو نقل كسرة الياء إلى الراء، وإن كان مراده الأصل الثاني كان يؤريق بكسر الراء وسكون الياء بعدها، وعليه يكون الشارح تاركًا للأصل الأول، وهذا أقرب إلى اقتصاره على قوله: ثم أبدلوا من الهمزة هاء بدون أن يقول: ونقلوا كسر الياء إلى الراء. قوله: "ثم أبدلوا من الهمزة هاء" هذا يفيد أن الهاء لم تزد في المضارع من أول وهلة؛ وإنما هي فيه بدل من مزيد بخلاف الماضي والمصدر، فتدبر.(4/377)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أهرق الماء يهريقه إهراقًا، ولا جواب للمبرد عن زيادتها في إهراق إلا دعوى الغلط من قائله؛ لأنه لما أبدل الهمزة هاء توهم أنها فاء الكلمة فأدخل الهمزة عليها وأسكنها. وادعى الخليل زيادة الهاء في هِرْكَولة وأنها هفعولة وهي العظيمة الوركين؛ لأنها تركل في مشيها، والأكثرون على أصالتها وأنها فعلولة، وقال أبو الحسن: إنها زائدة في هِبْلَع وهو الأكول، وهجرع وهو الطويل، فهما عنده هفلع؛ لأن الأول من البلع والثاني من الجرع وهو المكان السهل. وحجة الجماعة أن العرب تقول في الهجرعين: هذا أهجر من هذا أي: أطول، وكذلك تقول في هلقامة وهو الأسد والضخم الطويل أيضًا. ويجوز أن تكون زائدة في سَهْلَب وهو الطويل؛ لأن السلب أيضًا الطويل، يقال: قرن سهلب وسلب أي: طويل، ويجوز
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وإنما قالوا يهريقه... إلخ" في عبارته عندي حزازة؛ لأن هذا الكلام إن كان جواب سؤال حاصله لِمَ أتوا بالهاء بدلًا من الهمزة مع رفضهم الهمزة بالكلية في مثل: يريق ويجيز ويكرم؟ فحق العبارة أن يقول: وإنما قالوا يهريقه وهم لا يقولون يؤريقه لخفة الهاء، وإن كان جواب سؤال حاصله لِمَ أبدلوا من الهمزة هاء؟ ولِمَ يبقوا الهمزة؟ فحق العبارة أن يقول: وإنما قالوا يهريقه ولم يقولوا يؤريقه استثقالًا للهمزتين في أأريقه، وطردًا للباب في بقية الصور، فتأمل. قوله: "وقالوا أيضًا... إلخ" بيان للغة ثالثة جاءت على وزن أفعل يفعل أفعالًا. قوله: "لما أبدل الهمزة" أي: التي في المضارع للعلة السابقة. وقوله: فأدخل الهمزة عليها أي: في الماضي والمصدر.
قوله: "وأسكنها" قدمنا عن زكريا أن في هاء أهراق السكون والفتح. قوله: "في هركولة" بكسر الهاء وسكون الراء وفتح الكاف كبرذونة كما في القاموس، فضبط شيخنا السيد والبعض له بغير ذلك فيه نظر. قوله: "لأنها تركل" في القاموس الركل ضربك الفرس برجلك ليعدو. اهـ. وبابه نصر كما يفيده قاعدة القاموس في ضبط مثل ذلك، ولا يخفى أن الركل بهذا المعنى لا يسند حقيقة إلى الدابة، فلعل الفعل في عبارة الشارح مبني للمجهول. وأما قول البعض: قوله: لأنها تركل في مشيها أي: تتأتى، ففيه نظر كما علمت من كلام القاموس.
قوله: "في هبلع" كدرهم وبفتح الهاء والباء وتشديد اللام ويقال: هبلاع كقرطاس. قوله: "وهجرع" بالراء كدرهم وجعفر، وأما هجزع بالزاي كدرهم، فالجبان هفعل من الجزع كذا في القاموس، وهذا مما يرد على منكر زيادة الهاء. قوله: "فهما هفلع" صوابه هفعل كما في بعض النسخ. قوله: "من الجرع" قال في الصحاح: الجرعة بالتحريك واحدة الجرع، وهي رملة مستوية لا تنبت شيئًا، وكذلك الجرعاء والأجرع. قوله: "وحجة الجماعة" أي: في أصالة هاء هجرع ووجه الحجية أن الهاء لو كانت زائدة لقالوا أجرع بحذف الزائد وإبقاء الأصل، فلما قالوا: أهجر علمنا أن الهاء أصل؛ وإنما حذفوا العين مع أنها أيضًا أصل بلا خلاف؛ لأن الحذف أليق بالأواخر.
قوله: "وكذلك تقول في هلفامة" أي: كما قلته لك في هجرع من الخلاف تقول: أنت في هلقامة بكسر فسكون. قوله: "في سهلب" كذا في النسخ بتقديم الهاء على اللام، والذي في القاموس تقديم اللام على الهاء، وكذا الصلهب بالصاد المهملة بمعنى السلب أيضًا، وكل منهما بوزن(4/378)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن يكون من باب سبطر وسبط.
تنبيه: التحقيق ألا تذكر هاء السكت مع حروف الزيادة لما تقدم.
"واللام في الإشارة المشتهره" أي: من حروف الزيادة اللام، والقياس يقتضي ألا تزاد لبعدها من حروف المد؛ فلهذا كانت أقل الحروف زيادة، ولم تطرد زيادتها إلا في الإشارة نحو: ذلك وتلك وهنالك وأولالك، وما سواها فبابه السماع، وقد سمع من كلامهم قولهم في عبد: عبدل، وفي الأفحج وهو المتباعد الفخذين: فحجل، وفي الهيق وهو الظليم: هيقل، وفي الفَيْشة وهي الكمرة: فيشلة، وفي الطيس وهو الكثير: طيسل، ونقل عن أبي الحسن أن لام عبدل أصل وهو مركب من عبد الله كما قالوا عبشمي، ويبعده قولهم في زيد: زيدل، على أنه قال في الأوسط: اللام تزاد في عبدل وحده وجمعه عبادلة فيكون له قولان، نعم البواقي يحتمل أن تكون من مادتين كسبط وسبطر.
تنبيهان: الأول: حق لام الإشارة ألا تذكر مع أحرف الزيادة لما قلناه في هاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جعفر، وأما ضبط البعض سهلب بكسر اللام فخطأ. قوله: "لأن السلب" بفتح السين وكسر اللام كما في القاموس. قوله: "واللام في الإشارة المشتهره" يصح أن يكون خبر المبتدأ جملة فعلية تقديره: تزاد في الإشارة المشتهرة، وإلى هذا أشار الشارح في قول المصنف: والتاء في التأنيث... إلخ، وعليه يتعين كون المشتهرة صفة لازمة للإشارة، ولا يصح كونها صفة للام لامتناع الإخبار قبل النعت، وأن يكون الخبر جارًّا ومجرورًا تقديره من أحرف الزيادة، وإلى هذا أشار الشارح هنا بقوله: أي من حروف الزيادة اللام، وعليه يصح أن يكون المشتهرة صفة لازمة للإشارة، وأن يكون صفة ثانية لازمة للام أي: اللام الكائنة في الإشارة المشتهرة هي أي: تلك الكلام، وعلى هذا يكون المراد المتشهرة في الجملة؛ لئلا يخرج اللام في أولى لك، ولا يصح على هذا عندي أن تكون للاحتراز عن اللام التي شذت زيادتها كما في عبدل وزيدل، وإن نقله السيوطي عن ابن هشام وأقره أرباب الحواشي؛ لخروج هذه اللام بالصفة الأولى أعني: قوله في الإشارة، فاعرفه.
قوله: "لبعدها من حروف المد" قد يمنع بأن ما فيها من الاستطالة يقربها من حروف المد. قوله: "وأولالك" بقصر أولى؛ لأن أولاء الممدود لا تلحقه اللام. قوله: "وما سواها" الإشارة. قوله: "وفي الأفحج" بتقديم الحاء المهملة على الجيم. قوله: "وفي الهيق" بفتح الهاء وسكون التحتية آخره قاف. قوله: "وهو الظليم" بالظاء المعجمة كأمير ذكر النعام. قوله: "وفي الفيشة" بفتح الفاء وسكون التحتية بعدها شين معجمة. قوله: "وهي الكمرة" بسكون الميم أي: حشفة الذكر. قوله: "وفي الطيس" بفتح الطاء وسكون التحتية آخره سين مهملة. قوله: "وهو الكثير" أي: الرمل الكثير كما في نسخ. قوله: "وحده" أي: دون البواقي من زيدل وغيره، وكأن أبا الحسن يقول: البواقي من باب سبط وسبطر. قوله: "فيكون له" أي: في عبدل. قوله: "نعم البواقي" أي: ما سوى عبدل. وقوله: يحتمل أن تكون من مدتين... إلخ أي: فيصبح قوله: تزاد في عبدل وحده.(4/379)
وامْنَعْ زيادةً بلا قَيْدٍ ثَبَتْ إِنْ لَمْ تَبَيَّنْ حُجَّةٌ كحظلَتْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السكت من أنها كلمة برأسها.
الثاني: ذكر في النظم من أحرف الزيادة تسعة وسكت عن السين وهي تزاد باطراد مع التاء في الاستفعال وفروعه، وقيل: وبعد كاف المؤنثة وقفًا نحو: أكرمتكس وهي الكسكسة، ويلزم هذا القائل أن يعد شين الكشكشة نحو: أكرمتكش، والغرض من الإتيان بهما بيان كسرة الكاف، فحكمهما حكم هاء السكت في الاستقلال، ولا تطرد زيادتها في غير ذلك؛ بل تحفظ كسين قُدموس بمعنى قديم، وأسطاع يسطيع بقطع الهمزة وضم أول المضارع؛ فإن أصله عند سيبويه أطاع يطيع، وزيدت السين عوضًا عن حركة عين الفعل؛ لأن أصل أطاع أطوع، والعذر للناظم أن السين لا تطرد زيادتها إلا في موضع واحد، وقد مثل به في زيادة التاء؛ إذ قال: ونحو الاستفعال، فكأنه اكتفى بذلك؛ ولهذا قال في الكافية في ذكره زيادة التاء: ومع سين زيد في استفعال وفرعه كاستقص ذا استكمال
انتهى.
"وامنع زيادة بلا قيد ثبت" أي: متى وقع شيء من هذه الحروف العشرة خاليًا عما قيدت به زيادته فهو أصل "إن لم تبين حجة" على زيادته "كحظلت" الإبل إذا تأذت من أكل الحنظل، فسقوط النون في الفعل حجة على زيادتها في الحنظل مع أنها خلت من قيد الزيادة؛ وهو كونها آخرًا بعد ألف مسبوق بأكثر من أصلين، أو واقعة كما هي في نحو: غضنفر كما سبق بيانه، وقد تقدمت أمثلة كثيرة مما حكم فيه بالزيادة لحجة مع خلوه من قيد الزيادة، فليراجع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "والغرض من الإتيان بهما... إلخ" اعتراض ثانٍ على هذا القائل. قوله: "قدموس" بضم القاف والميم وبينهما دال ساكنة وفي آخره سين مهملة العظيم، وهو ملحق بعصفور، وفي خط ابن المرحل قدموس على وزن قربوس. اهـ تصريح. أي: فيكون بفتح القاف والدال. قوله: "بقطع الهمزة... إلخ" احتراز من اسطاع يسطيع بوصل الهمزة وفتح أول المضارع بمعنى استطاع يستطيع. قوله: "وزيدت السين... إلخ" اعترض عليه المبرد بأن حركة العين لم تذهب؛ وإنما نقلت إلى الفاء؛ لأن أصله أطوع فنقلت حركة العين وهي الواو إلى فاء الكلمة فسكنت العين ثم قلبت حركته ألفًا لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها الآن. وأجيب بأن التعويض إنما وقع من ذَهَاب حركة العين من العين لا من ذهاب الحركة مطلقًا. قوله: "ومع سين زيد" أي: التاء. قوله: "إن لم تبين" بفتح التاء الفوقية مبنيًّا للفاعل بحذف إحدى التاءين وحجة فاعله، ويجوز ضم التاء على أنه مضارع بين فيكون مبنيًّا للمفعول وحجة نائب الفاعل. اهـ غزي. قوله: "حجة" أي: دليل.
قوله: "كحظلت" مثال للحجة على الزيادة وبابه فرح كما مر عن القاموس. قوله: "فسقوط النون في الفعل" لم يقل فقولهم: حظلت بسقوط النون مع أنه أنسب بقول المنصف: كحظلت إشارة إلى أن الحجة في الحقيقة سقوط النون في حظلت لا نفس حظلت.(4/380)
فصل في زيادة همزة الوصل:
للوَصْلِ هَمْزٌ سَابِقٌ لا يَثْبُتُ إلا إذا ابْتُدِي به كاسْتَثْبِتُوا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في زيادة همزة الوصل:
هو من تتمة الكلام على زيادة الهمزة. وإنما أفرده لاختصاصه بأحكام، وقد أشار إلى تعريف همزة الوصل بقوله: "للوصل همز سابق لا يثبت إلا إذا ابتدي به كاستثبتوا" أي: همز الوصل كل همز ثبت في الابتداء وسقط في الدرج، وما يثبت فيهما فهو همز قطع. وقد اشتمل كلامه على فوائد:
الأولى: أن همزة الوصل وضعت همزة لقوله: للوصل همز، وهذا هو الصحيح، وقيل: يحتمل أن يكون أصلها الألف، ألا ترى إلى ثبوتها ألفًا في نحو آالرجل في الاستفهام لما لم يضطر إلى الحركة.
الثانية: أن همزة الوصل لا تكون إلا سابقة؛ لأنه إنما جيء بها وصلة إلى الابتداء بالساكن؛ إذ الابتداء به متعذر.
الثالثة: أنها لا تختص
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في زيادة همزة الوصل:
قال الفارضي: تعرف همزة الوصل بسقوطها في التصغير كبني وسمي في ابن واسم، بخلاف همزة القطع كما تقول: أبي وأخي في أب وأخ، وإن كان أول المضارع مفتوحًا كيكتب ويستخرج فالهمزة من أمره وصل نحو: اكتب واستخرج، وإن كان مضمومًا كيكرم ويعطي فقطع نحو: أكرم وأعطِ، ولا تحذف همزة القطع إلا في الضرورة كقوله: إن لم أقاتل فالبسوني برقعا
وإذا استفهمت عما هي أي: همزة القطع فيه تقول: أأكرمت يا زيد عمرًا، أو آأكرمت بألف بين همزتين كراهة اجتماعهما، أو آكرمت بألف بعد همزة الاستفهام، وتقول: أأعطيك يا زيد بهمزتين، أو أو أعطيك بقلب الثانية واوًا، أو آأعطيك بألف بين همزتين، أو آوعطيك بألف بين همزة وواو، وقرئ بالأوجه: {أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ} وتقول: أإنك ذاهب بهمزتين، أو أينك بقلب الثانية ياء، أو آإنك بألف بين همزتين، أو آينك بألف بين همزة وياء، وقرئ بالأوجه: {أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ}. اهـ باختصار.
قوله: "لاختصاصه" أي: الفصل أي: اختصاص المتكلم عليه فيه وهو الهمزة أو الضمير راجع للهمزة، وذكرها باعتبار أنها حرف، ولو قال: لاختصاصها لكان أوضح. قوله: "كاستثبتوا" ضبطه ابن المصنف بفتح التاء الأولى على أنه أمر، ويجوز ضمها على البناء للمفعول. اهـ غزي. ويصح فتح التاء الأولى والموحدة أيضًا على أنه ماضٍ مبني للفاعل.
قوله: "وما يثبت فيهما" يشمل همزة نحو: أكل وأخذ، فتكون همزتهما مع كونها فاء الكلمة همزة قطع، وفي كلام الفارضي السابق ما يدل عليه، ويحتمل أن يكون الوصل والقطع من عوارض الهمز الزائد؛ فلا تسمى همزة نحوهما همزة قطع كما لا تسمى همزة وصل، ويمكن إخراجها على هذا بإيقاع ما على همز زائد. قوله: "لقوله: للوصل همز" أي: دون أن يقول ألف. قوله: "وقيل: يحتمل... إلخ" عبارته في شرح التوضيح: وقيل: وضعت ألفًا في نحو آلرجل في(4/381)
وهو لفِعْلٍ ماضٍ احْتَوَى على أَكْثَرَ من أربعةٍ نحوُ انْجَلَى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقبيل؛ بل تدخل على الاسم والفعل والحرف، أخذ ذلك من إطلاقه، والمثال لا يخصص.
الرابعة: امتناع إثباتها في الدرج إلا لضرورة كقوله:
1268- ألا لا أرى اثنين أحسن شيمة على حدثان الدهر مني ومن جمل
واختلف في سبب تسميتها بهمزة الوصل مع أنها تسقط في الوصل؛ فقيل: اتساعًا، وقيل: لأنها تسقط فيتصل ما قبلها بما بعدها، وهذا قول الكوفيين، وقيل: لوصول المتكلم بها إلى النطق بالساكن، وهذا قول البصريين، وكان الخليل يسميها سلم اللسان.
ثم أشار إلى مواضعها مبتدئًا بالفعل؛ لأنه الأصل في استحقاقها لما سأذكره بعد فقال: "وهو لفعل ماضٍ احتوى على أكثر من أربعة" أما بها "نحو انجلى" وانطلق، أو سواها نحو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاستفهام. اهـ. وبين العبارتين فرق، فانظر الموافق للواقع منهما. قوله: "إذ الابتداء به متعذر" أي: محال في كل لغة إجماعًا في الألف، وأما في غيرها فعلى ما نص عليه أبو الفتح وأبو البقاء العكبري وذهب السيد الجرجاني والكافيجي إلى أنه ممكن إلا أنه مستثقل، قاله السيوطي. قوله: "والحرف" يعني: أل وأم في لغة حمير على القول بأن الهمزة فيهما للوصل.
قوله: "والمثال" أي: قوله: كاستثبتوا. وقوله: لا يخصص أي: ليس نصًّا في التخصيص، فلا ينافي تبادر التخصيص من أمثلة المتن بسبب أن عادة المصنف الغالبة إعطاء الحكم بالمثال. قوله: "على حدثان الدهر" بفتح الحاء والدال أي: ما يحدث فيه من النوائب والنوازل، وجمل بضم الجيم وسكون الميم اسم امرأة، قاله العيني. قوله: "مع أنها تسقط في الوصل" أي: فكان المناسب أن تسمى همزة الابتداء. قوله: "فقيل اتساعًا" أي: تجوزًا لعلاقة الضدية فيما يظهر.
قوله: "فيتصل ما قبلها بما بعدها" اعلم أن الوصول مصدر وصل المتعدي والوصول مصدر وصل اللازم بمعنى اتصل، ومقتضى عبارة الشارح في هذا القول والذي بعده أنها للوصل؛ فكان ينبغي حينئذ تسميتها بهمزة الوصول لا بهمزة الوصل، ولو قيل في هذا القول؛ لأنها تسقط، فيصل المتكلم ما قبلها بما بعدها لوافق تسميتها بهمزة الوصل، فاعرف ذلك؛ فإنه مما غفل عنه مع وضوحه.
قوله: "لما سأذكره بعد" من أصالة الفعل في التصريف وبناء أوله في بعض الأمثلة على السكون. قوله: "لفعل ماضٍ... إلخ" ليس المراد لكل فعل ماضٍ احتوى... إلخ؛ فإن من الخماسي ما لا تدخل همزة الوصل فيه ولا في الأمر والمصدر منه نحو: تدحرج وتعلم، ثم المراد -كما هو ظاهر- الفعل الماضي وفعل الأمر الباقيان على فعليتهما، وأل الباقية على حرفيتها، فلو سميت شخصًا بشيء من ذلك، أو قصدت به لفظه؛ وجب قطع الهمزة على قياس همزات الأسماء الصرفة غير العشرة المستثناة الآتية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1268- البيت من الطويل، وهو لجميل بثينة في ديوانه ص182، وكتاب الصناعتين ص151، والمحتسب 1/ 248، ونوادر أبي زيد ص204، ولابن دارة في الأغاني 21/ 255، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 368، وخزانة الأدب 7/ 202، ورصف المباني ص41، وسر صناعة الإعراب 1/ 341، وشرح التصريح 2/ 366، وشرح المفصل 9/ 19، ولسان العرب 14/ 117 "ثَنَى"، والمقاصد النحوية 4/ 569.(4/382)
والأمرِ والمصدرِ منه وكَذَا أمرُ الثلاثي كاخْشَ وامْضِ وانْفُذَا
وفي اسمٍ استٍ ابنٍ ابنمٍ سُمِعْ واثنين وامرئ وتأنيث تَبِعْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
استخرج.
"والأمر والمصدر منه" أي: من المحتوى على أكثر من أربعة: نحو انجلى انجلاء، وانطلق انطلاقًا، واستخرج استخراجًا "وكذا أمر الثلاثي" الذي يسكن ثاني مضارعه لفظًا، سواء في ذلك مفتوح العين ومكسورها ومضمومها "كاخش وامض وانفذا" فإن تحرك ثاني مضارعه لم يحتج إلى همزة الوصل، ولو سكن تقديرًا كقولك في الأمر من يقوم: قم، ومن يعد: عد، ومن يرد: رد. ويستثنى خذ وكل ومر؛ فإنها يسكن ثاني مضارعها لفظًا، والأكثر في الأمر منها حذف الفاء والاستغناء عن همزة الوصل.
"وفي اسم است ابن ابنم سمع واثنين وامرئ وتأنيث تبع وايمن" فهذه عشرة أسماء؛ لأن قوله: وتأنيث تبع عني به ابنة واثنتين وامرأة، ونبه بقوله: سمع على أن افتتاح هذه الأسماء العشرة بهمز الوصل غير مقيس؛ وإنما طريقه السماع؛ وذلك أن الفعل لأصالته في التصريف استأثر بأمور:
منها: بناء أوائل بعض أمثلته على السكون، فإذا اتفق الابتداء بها صدرت بهمزة الوصل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبقولنا: الصرفة أي: التي ليست جارية مجرى الفعل لا يرد نحو: الانطلاق والاقتدار والاستخراج؛ وإنما أبقيت همزة الوصل على حالها فيما إذا سميت أو قصدت اللفظ بنحو: الانطلاق، أو اسم من العشرة مع تغير المعنى؛ لأن الكلمة لم تنقل من قبيل إلى قبيل فاستصحب ما كان بخلاف مثل: انجلى واستمع واضرب وأل؛ فإن فيه نقل الكلمة من الفعلية أو الحرفية إلى الاسمية، قاله الدماميني.
قوله: "نحو: انجلى وانطلق أو سواها نحو استخرج" كذا في نسخ، وهو الصواب، وفي نسخ: نحو انجلى أو سواها نحو انطلق واستخرج، وهو خطأ. قوله: "وهو الأمر والمصدر" مخفوضان بالعطف على فعل. قوله: "الذي يسكن ثاني مضارعه لفظًا" لم يقيد بمثل ذلك أمر ما زاد على أربعة، لعله لأن مضارعه لا يكون إلا ساكنًا بالاستقراء، فيحتاج دائمًا إلى همزة الوصل، كذا قال سم، وأقره أرباب الحواشي، ويرد عليه نحو: تدحرج وتعلم، فتدبر. قوله: "فإن تحرك ثاني مضارعه" أي: لفظًا كما عرف.
تنبيه: ذكر أمر ما زاد على أربعة وأمر الثلاثي وسكت عن أمر الرباعي كأنه لأن ثاني مضارعه لا يكون إلا متحركًا كقاتل يقاتل ودحرج يدحرج، فلا حاجة إلى همزة الوصل. سم. قوله: "ويستثنى" أي: من قوله: وكذا أمر الثلاثي الذي يسكن ثاني مضارعه لفظًا. قوله: "خذ وكل ومر" فالقياس في الثلاثة: اؤخذ واؤكل واؤمر؛ لكنهم حذفوا الهمزة الأصلية لكثرة الاستعمال، ثم همزة الوصل لعدم الاحتياج إليها لزوال الابتداء بالساكن، وهذا حذف غير قياسي. قوله: "والأكثر في الأمر منها... إلخ" جملة حالية، وما ذكره الشارح من أن الحذف في كل وخذ أكثر فقط لا واجب، يخالفه ما في شرح تصريف العزى لسعد الدين التفتازاني: أن الحذف فيهما واجب بخلاف ما مر؛ لأنهما أكثر استعمالًا. قوله: "وفي اسم است... إلخ" وكمفردهما مثناها فتقول: اسمان واستان بهمزة الوصل، وكذا البقية.
قوله: "لأصالته في التصريف" تقدم تعليله في أول التصريف. قوله: "بعض أمثلته" هو(4/383)
وايْمُنُ هَمْزُ أل كَذَا ويُبْدَلُ مَدًّا في الاستفهامِ أو يُسَهَّلُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للإمكان، ثم حملت مصادر تلك الأفعال عليها في إسكان أوائلها واجتلاب الهمز، وهذه الأسماء العشرة ليست من ذلك، فكان مقتضى القياس أن تبنى أوائلها على الحركة ويستغنى عن همزة الوصل؛ وإنما شذت عن القياس لما سأذكره:
أما اسم فأصله سيبويه سِمْوٌ كقنو، وقيل: سمو كقفل، فحذفت لامه تخفيفًا وسكن أوله، وقيل: نقل سكون الميم إلى السين وأتي بالهمزة توصلًا وتعويضًا؛ ولهذا لم يجمعوا بينهما؛ بل أثبتوا أحدهما فقالوا في النسبة إليه: اسمي أو سموي كما عرف في موضعه. واشتقاقه عند البصريين من السمو، وعند الكوفيين من الوَسْم؛ ولكنه قلب فأخرت فاؤه فجعلت بعد اللام، وجاءت تصاريفه على ذلك، والخلاف في هذه المسألة شهير فلا نطيل بذكره.
وأما است فأصله سَتَةٌ لقولهم ستيهة وأستاه، وزيد أسته عن عمرو، حذفت اللام وهي الهاء تشبيهًا بحروف العلة، وسكن أوله وجيء بالهمزة لما ذكر، وفيه لغتان أخريان: سَهٌ بحذف العين فوزنه فل، وسَتٌ بحذف اللام فوزنه فع، والدليل على كون الأصل ستة بفتح الفاء فتحها في هاتين اللغتين، والدليل على التحريك والفتح في العين ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخماسي والسداسي وأمر الثلاثي بشرطه السابق. قوله: "فإذا اتفق الابتداء بها" أي: بهذا البعض وأنت ضميره مراعاة للمعنى؛ لأن بعض الأمثلة أمثلة ثلاثة كما عرفت. قوله: "للإمكان" أي: إمكان الابتداء بها. قوله: "عليها" أي: على ذلك البعض، وفي تأنيث الضمير ما قلناه. قوله: "ليست من ذلك" أي: من مصادر تلك الأفعال وتذكير اسم الإشارة باعتبار المذكور. قوله: "فأصله عند سيبويه سمو... إلخ" بدليل جمعه على أسماه وتصغير على سمي. وقوله: في عله سميت والأصل أسماو وسميو وسموت، فاقتضى القانون التصريفي قلب الواو همزة في الأول وياء في الأخيرين، ولو كان أصله وسما بكسر الواو كما يقول الكوفيون لقيل أوسام ووسيم ووسمت، وادعاء القلب المكاني بعيد.
قوله: "وقيل سمو كقفل" مقتضى صنيعه ألا قائل بأن أصله سمو بفتح السين، ووجهه أن فعلا بالفتح لا يجمع على أفعال. قوله: "فحذفت لامه تخفيفًا" وقيل: لثقل تعاقب الحركات الإعرابية على الواو. قال الدماميني: وهو غير مستقيم بدليل دلو وقنو وشلو ونحوها. قوله: "وسكن أوله" يعلم منه، ومن قوله: فأصله عند سيبويه سمو أن قولهم: اسم من الكلمات العشر التي بنيت أوائلها على السكون، معناه: وضعت وضعًا ثانويًّا لا أوليًّا. قوله: "وتعويضًا" أي: عن اللام المحذوفة. قوله: "ولهذا لم يجمعوا بينهما" أي: بين اللام والهمزة. قوله: "أو سموي" أي: بكسر السين أو ضمها مع فتح الميم فيهما، وأجاز بعضهم سكونها كما مر في محله. قوله: "واشتقاقه" قال شيخنا السيد: المراد به اللغوي وهو مجرد الأخذ. قوله: "من السمو" لعلوه على قسيميه الفعل والحرف بوقوعه في ركني الإسناد. قوله: "من الوسم" لأنه علامة على مسماه. قوله: "لقولهم ستيهة" ظهور تاء التأنيث في التصغير يدل على أن الاست مؤنث، وهو ما يفيد صنيع القاموس. قوله: "على كون الأصل ستة" برفع ستة حكاية لقوله سابقًا: فأصله ستة.(4/384)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يذكر في ابن. وأما ابن فأصله بَنَوٌ كقلم فعل به ما سبق في اسم واست، ودليل فتح فائه قولهم في جمعه: بنون، وفي النسب: بنوي بفتحها، ودليل تحريك العين قولهم في جمعهم: أبناء، وأفعال إنما هو جمع فعل بتحريك العين، ودليل كونها فتحة كون أفعال في مفتوح العين أكثر منه في مضمومها كعضد وأعضاد، ومكسورها ككبد وأكباد، والحمل على الأكثر. ودليل كون لامه واوًا لا ياء ثلاثة أمور:
أحدها: أن الغالب على ما حذف لامه الواو ولا الياء.
والثاني: أنهم قالوا في مؤنثه: بنت، فأبدلوا التاء من اللام، وإبدال التاء من الواو أكثر من إبدالها من الياء، كما ستعرفه في موضعه.
والثالث: قولهم البنوة.
ونقل ابن الشجري في أماليه أن بعضهم ذهب إلى أن المحذوف ياء واشتقه من بنى بامرأته يبني، ولا دليل في البنوة؛ لأنها كالفتوة وهي من الياء. ولو بنيت من حميت فعولة لقلت: حموة. وأجاز الزجاج الوجهين. وأما ابنم فهو ابن زيدت فيه الميم للمبالغة كما زيدت في زرقم. قال الشاعر:
1269- وهل لي أُمٌّ غيرها إن ذكرتُها أبَى الله إلا أن أكون لها ابْنَمَا
وليست عوضًا من المحذوف؛ وإلا لكان المحذوف في حكم الثابت، ولم يحتج لهمزة الوصل.
وأما اثنان فأصله ثنيان بفتح الفاء والعين؛ لأنه من ثنيت، ولقولهم في النسبة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "والفتح" عطف خاص على عام. قوله: "فأصله بنو كقلم... إلخ" قال في المصباح: وقيل: أصله بنو بكسر الباء مثل حمل بدليل قولهم: بنت، وهذا القول يقل فيه التغيير، وقلة التغيير تشهد بالأصالة. اهـ. يعني تغيير بنت، فافهم. قوله: "ما سبق في اسم واست" أي: من حذف لامه وتسكين فائه واجتلاب الهمزة. قوله: "بفتحها" أي: في الجمع والنسب. قوله: "ودليل تحريك العين" أي: بعد ثبوت فتح الفاء فلا يرد ما اعترض به شيخنا على الدليل وتبعه البعض من أن جمع اسم أسماء ولم يدل على تحريك عينه.
قوله: "والحمل على الأكثر" مبتدأ وخبر. قوله: "واشتقه من بنى بامرأته" لأن الابن مسبب عن بناء الأب والأم. قوله: "وهي من الياء" لكن قلبت الياء واوًا لمناسبة الضمة والواو اللتين قبلها وأدغمت الواو في الواو. قوله: "للمبالغة" لأن تكثير الحروف يدل على زيادة المعنى.
قوله: "وإلا لكان المحذوف في حكم الثابت" أي: للتعويض عنه بالميم. قوله: "لم يحتج لهمزة الوصل" أي: للتعويض بالميم وعدم تسكين الفاء حينئذ. قوله: "لأنه من ثنيت" تعليل لكون اللام ياء. وقوله: ولقولهم في النسبة إليه: ثنوي أي: بفتحتين تعليل لفتح الفاء والعين، ويرد عليه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1269- البيت من الطويل، وهو للمتلمس في ديوانه ص30، والأصمعيات ص245، وخزانة الأدب 10/ 58، 59، والمقاصد النحوية 4/ 568، والمقتضب 2/ 93، وبلا نسبة في الخصائص 2/ 182، وسر صناعة الإعراب 1/ 115، وشرح المفصل 9/ 133، والمنصف 1/ 58.(4/385)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إليه: ثنوي، فحذفت لامه وسكن أوله وجيء بالهمز. وأما امرؤ فأصله مرء فخفف بنقل حركة الهمزة إلى الراء، ثم حذفت الهمزة وعوض عنها همزة الوصل، ثم ثبتت عند عود الهمزة؛ لأن تخفيفها سائغ أبدًا فجعل المتوقع كالواقع. وأما تأنيث ابن واثنين وامرئ، فالكلام عليها كالكلام على مذكراتها، والتاء في ابنة واثنتين للتأنيث كالتاء في امرأة كما أفهمه كلامه، بخلاف التاء في بنت وثنتين؛ فإنها فيهما بدل من لام الكلمة؛ إذ لو كانت للتأنيث لم تسكن ما قبلها، ويؤيد ذلك قول سيبويه: لو سميت بهما رجلًا لصرفتهما يعني بنتًا وأختًا، وإفهام التأنيث مستفاد من أصل الصيغة لا من التاء. وأما ايمن المخصوص بالقسم فألفه للوصل عند البصريين، والقطع عند الكوفيين؛ لأنه عندهم جمع يمين، وعند سيبويه اسم مفرد من اليمن وهو البركة، فلما حذفت نونه فقيل: أيم الله، أعاضوه الهمزة في أوله ولم يحذفوها لما أعادوا النون؛ لأنها بصدد الحذف كما قلنا في امرئ. وفيه اثنتا عشرة لغة جمعها الناظم في هذين البيتين: همز ايم وأيمن فافتح واكسر أو إم قل أو قل مِ أو من بالتثليث قد شكلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن قولهم: ثنوي لا يمنع سكون العين في الأصل؛ لأنك تقول في النسبة إلى اسم سموي بفتح الفاء والعين على الصحيح كما تقدم في باب النسب، فتأمل. قوله: "ثم حذفت الهمزة وعوض عنها همزة الوصل" أي: وسكنت الميم كما في نظائره. قوله: "لأن تخفيفها" أي: الهمزة التي هي اللام بنقل حركتها إلى الساكن قبلها مع أل كما في التصريح ثم حذفها. قوله: "فجعل المتوقع" أي: التخفيف المتوقع كالواقع فاستصحبت همزة الوصل. قوله: "وأما تأنيث ابن واثنين وامرئ" أي: مؤنثاتها يعني ابنة واثنتين وامرأة. وقوله: فالكلام عليها... إلخ أي: فالأصل بنوة وثنيتان ومرأة. قوله: "لو سميت بها رجلًا لصرفتهما" فلو سميت بهما امرأة لجاز الصرف وعدمه، وهو أولى كما مر في محله.
قوله: "وإفهام التأنيث... إلخ" هذا ينافي ما أسلفه في غير هذا الباب من أن تاء بنت وأخت للتعويض والإشعار بالتأنيث؛ إلا أن يحمل ما هنا على أنها لا تفهم التأنيث أصالة أو صراحة، فلا ينافي أنها تفهمه عروضًا وإشعارًا، فتأمل. قوله: "المخصوص بالقسم" احتراز عن أيمن في نحو قولهم: بر القوم في أيمنهم، فليس فيه الخلاف الآتي؛ بل هو جمع يمين اتفاقًا. قوله: "لأنه عندهم جمع يمين" رد بأن همزته سمع كسرها وحذفها وصلًا وميمه سمع فتحها. قوله: "وعند سيبويه" أي: وغيره من البصريين. قال في المغني: ويلزمه أي: ايمن الرفع بالابتداء وحذف الخبر أي: ايمن الله قسمي، وإضافته إلى اسم الله تعالى، وجوز ابن درستويه جره بواو القسم، وابن مالك إضافته إلى الكعبة وكاف الضمير والذي، وابن عصفور كونه خبرًا والمحذوف مبتدأ أي: قسمي ايمن الله. اهـ بتلخيص وزيادة من الدماميني.
قوله: "أعاضوه الهمزة في أوله" إن كانت الهمزة موجودة قبل الحذف فالمعنى قصدوا كونها عوضًا، وإن كان أصله يمن بلا همزة فحذفت النون واجتلبت الهمزة عوضًا عنها، فينبغي أن(4/386)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وإيمن اختم به والله كلا اضف إليه في قسم تستوف ما نقلا
ثم أشار إلى ما بقي مما يدخل عليه همزة الوصل بقوله: "همز أل كذا" أي: همز وصل معرفة كانت أو موصولة أو زائدة. ومذهب الخليل أن همزة أل قطع وصلت لكثرة الاستعمال، واختاره الناظم في غير هذه الكتاب، ومثل أل أم في لغة أهل اليمن.
تنبيهان: الأول: علم من كلامه أن همزة الوصل لا تكون في مضارع مطلقًا، ولا في حرف غير أل، ولا في ماضٍ ثلاثي ولا رباعي، ولا في اسم إلا مصدر الخماسي والسداسي والأسماء العشرة المذكورة.
الثاني: كان ينبغي أن يزيد ايم لغة في ايمن؛ فتكون الأسماء غير المصادر اثني عشر. فإن قيل: هي ايمن حذفت اللام، يقال: وابنم هو ابن وزيدت الميم. انتهى. "ويبدل"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقول: فلما حذفت نونه أعاضوه الهمزة في أوله فقيل: ايم الله. قوله: "همز ايم وايمن" بنصب همز على المفعولية ووصل همزة ايم وايمن، ونقل حركة همزة أو إلى راء كسر وكسر همزة إم وضم ميمها. وقوله: فافتح واكسر أي: مع ضم الميم فيهما. وقوله: أو من بضم النون. وقوله: بالتثليث أي: تثليث الميم راجع لم ومن. وقوله: وإيمن اختم به أي: بكسر الهمزة وفتح الميم، والحاصل أن همزة ايمن إن فتحت تعين ضم الميم وإن كسرت جاز ضمها وفتحها. اهـ يس على الفاكهي مع زيادة من الفارضي. ونقل شيخنا السيد عن شرح الشافية أم بفتح الهمزة وضم الميم، وأيمن بفتح الهمزة والميم بدل إيمن بكسر الهمزة وفتح الميم، وعلى هذا لا يتعين في أيمن مفتوح الهمزة ضم الميم، وتحصل من مجموع ذلك أربع عشرة لغة، وقد أسلفنا في أول حروف الجر عن الهمع عدها عشرين. وقوله: كلا اضف بنقل حركة أضف إلى تنوين كلا.
قوله: "ومذهب الخليل... إلخ" مقابل لقول المصنف: همز أل كذا. قوله: "في غير هذا الكتاب" أي: وأما في هذا الكتاب فلم يصرح باختيار قول. قوله: "ولا في حرف غير أل" أي: المعرفة أو الزائدة. وأما الموصولة فهي اسم على الراجح؛ ولهذا قال الشارح: فتكون الأسماء غير المصادر اثني عشر. قوله: "كان ينبغي أن يزيد ايم" خص ايم بالزيادة دون أم، وهذا يوهم أن همزتها همزة قطع، فتأمل. قوله: "اثني عشر" هي الأسماء العشرة المذكورة في قوله: وفي اسم... إلخ، وأل الموصولة الداخلة في قوله: همز أل كذا وايم. قوله: "يقال: وابنم هو ابن... إلخ" لهم أن يتخلصوا بالفرق بأن ابنما حدث له بزيادة الميم إتباع النون للميم في حركاتها بحسب العوامل، فصار كالكلمة الأصلية حتى ذهب الكوفيون إلى أنه معرب من مكانين، بخلاف ايم في لغة ايمن؛ فإنه لم يصر حينئذ بهذه المثابة، ثم لا خصوصية للمعارضة بذكر ابنم؛ فإن مؤنثات هذه الأسماء هي مذكراتها بزيادة التاء. اهـ تصريح. وعندي في هذا الفرق -وإن أقروه- نظر؛ لأن ايمًا أيضًا حدث له بالنقص جعل الإعراب على الميم، فكل من ابنم وايم تغير محل إعرابه؛ لكن الأول بسبب الزيادة، والثاني بسبب النقص، وتخالفهما بهذا غير مؤثر، فتدبر.(4/387)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
همز الوصل المفتوح "مدا في الاستفهام" وهو الأرجح "أو يُسهل" بين الهمزة والألف مع القصر، ولا يحذف كما يحذف المضموم من نحو قولك: اضطر الرجل، وكما يحذف المكسور في نحو: {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا} [ص: 63] {أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ} [المنافقون: 6] لئلا يلتبس الاستفهام بالخبر ولا يحقق؛ لأن همز الوصل لا يثبت في الدرج إلا لضرورة كما مر، فتقول: آلحسن عندك وآيمن الله يمينك، بالمد راجحًا، وبالتسهيل مرجوحًا، ومنه قوله:
1270- آلحقُّ إِنْ دَارُ الربابِ تَبَاعَدَتْ أو انبَتَّ حَبْلٌ أَنَّ قَلْبَكَ طَائِرُ
وقد قرئ بالوجهين في مواضع من القرآن نحو: {آلذَّكَرَيْنِ}، {آلْآنَ}.
خاتمة: في مسائل: الأولى: اعلم أن لهمزة الوصل بالنسبة إلى حركتها سبع حالات: وجوب الفتح وذلك في المبدوء بها أل، ووجوب الضم وذلك في نحو: انطلق واستخرج مبنيين للمفعول، وفي أمر الثلاثي المضموم العين في الأصل نحو: اقتل واكتب، بخلاف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "همز الوصل المفتوح" وذلك في أل وأم بدلها في لغة حمير وايمن وايم، ولعل الشارح أرجع الضمير في يبدل إلى همز الوصل المفتوح مع أن الظاهر من صنيع المصنف رجوعه إلى همز أل فقط؛ لأن ما فعله الشارح أكثر فائدة. قوله: "أو يسهل" أو هذه للتخيير والتسهيل، وإن كان مرجوحًا هو القياس؛ لأن الإبدال مدا شأن الهمزة الساكنة كذا في التصريح. قال شيخنا السيد: لا يتوهم من كون التسهيل مرجوحًا أنه لم يقرأ به؛ إذ لا منافاة بين كونه مرجوحًا وكونه فصيحًا. وقد صرح السعد في حواشي الكشاف بأن القراء قد يجمعون على وجه مرجوح عربية؛ كما في قوله تعالى: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} [القيامة: 9].
قوله: "أضطر الرجل" بالاقتصار على همزة الاستفهام المفتوحة وحذف همزة الوصل المضمومة بعدها. قوله: "لئلا يلتبس... إلخ" علة لقوله: ولا يحذف. قوله: "ولا يحقق" بقافين عطف على قوله: يبدل. قوله: "وبالتسهيل مرجوحًا" لكنه القياس كما مر. قوله: "ومنه" أي: من التسهيل. قوله: "آلحق... إلخ" ألحق مرفوع بالابتداء وإن شرطية وأن قلبك طائر خبره وجواب الشرط محذوف للعلم به من جملة المبتدأ والخبر، وقيل: منصوب بالظرفية في محل الخبر، والرباب براء وموحدتين كسحاب اسم امرأة، وانبتّ انقطع، والحبل العهد.
قوله: "وذلك في المبدوء بها أل" أي: لكثرة الاستعمال. قوله: "وفي أمر الثلاثي... إلخ" أي: كراهة للخروج من الكسر إلى الضم؛ لأن الحاجز الساكن غير حصين، وربما كسرت قبل الضمة الأصلية، حكاه ابن جني في المنتصف عن بعض العرب، ووجهه أنه الأصل، ولم تلتقِ الكسرة والضمة لفصل الساكن بينهما، والوجهان مرجعهما الاعتداد بالساكن وعدم الاعتداد به. اهـ تصريح. وفي الفارضي أن الكسر لغة رديئة. قوله: "في الأصل" متعلق بالمضموم ومعنى كون الضم في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1270- البيت من الطويل، وهو لعمرو بن أبي ربيعة في ديوانه ص133، والأغاني 1/ 127، وخزانة الأدب 10/ 277، والكتاب 3/ 136، ولجميل في ملحق ديوانه ص237، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 369، وشرح التصريح 2/ 366، وشرح ابن عقيل ص689.(4/388)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
امشوا وامضوا، ورجحان الضم على الكسر، وذلك فيما عرض جعل ضمة عينه كسرة نحو اغزى، قاله ابن الناظم.
وفي تكملة أبي علي أنه يجب إشمام ما قبل ياء المخاطبة وإخلاص ضمة الهمزة، وفي التسهيل أن همزة الوصل تشم قبل الضم المشم، ورجحان الفتح على الكسر وذلك في ايمن وايم، ورجحان الكسر على الضم وذلك في كلمة اسم، وجواز الضم والكسر والإشمام وذلك في نحو: اختار وانقاد مبنيين للمفعول، ووجوب الكسر وذلك فيما بقي وهو الأصل.
الثانية: قد علم أن همزة الوصل إنما جيء بها للتوصل إلى الابتداء بالساكن. فإذا تحرك ذلك الساكن استغنى عنها نحو استتر إذا قصد إدغام تاء الافتعال فيما بعدها نقلت حركتها إلى الفاء فقيل ستر، إلا لام التعريف إذا نقلت حركة الهمزة إليها في نحو الأحمر، فالأرجح إثبات الهمزة، فتقول: ألحمر قائم، وبضعف لحمر قائم، والفرق أن النقل للإدغام أكثر من النقل لغير الإدغام.
الثالثة: إذا اتصل بالمضمومة ساكن صحيح، أو جار مجراه جاز كسره وضمه نحو: {أَنِ اقْتُلُوا}، {أَوِ انْقُصْ}.
الرابعة: مذهب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأصل أنه أصل غير عارض. قوله: "بخلاف امشوا وامضوا" فإن الهمزة فيهما مكسورة؛ لأن عينهما في الأصل مكسورة، والأصل امشيوا وامضيوا، استثقلت الضمة على الياء فحذفت، ثم الياء لالتقاء الساكنين، وضمت العين لمناسبة الواو، وإن شئت قلت: فنقلت منها إلى ما قبلها، ثم حذفت لالتقاء الساكنين، فالضمة على الأول مجتلبة، وعلى الثاني منقولة. تصريح باختصار. والثاني أشهر.
قوله: "نحو اغزى" بضم الهمزة راجحًا وكسرها مرجوحًا؛ لأن الأصل اغزوى استثقلت الكسرة على الواو فنقلت، ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين، فالضم نظرًا إلى الأصل، والكسر نظرًا إلى الحالة الراهنة، ومرجع الوجهين الاعتداد بالعارض وعدم الاعتداد به، ولم يجز هذان الوجهان في امشوا؛ لأن الأصل كسر الهمزة، وقد عضد بأصل كسر العين، فألغي العارض لمعارضة أصلين، ولا كذلك اغزى؛ لأن هذا العارض داعٍ لأصل هو الكسر، فجاز الاعتداد به دون الضم في امشوا. اهـ تصريح باختصار. قوله: "وفي تكملة أبي علي... إلخ" مخالف لما قاله ابن الناظم في حكم الهمزة. قوله: "أنه يجب إشمام... إلخ" المراد بالإشمام هنا ما يُسمى عند القراء رومًا، وهو أن يُنحي بالضمة نحو الكسرة لا ما تقدم من ضم الشفتين من غير صوت؛ وإنما وجب ذلك تنبيهًا على الضم الأصلي.
قوله: "أن همزة الوصل تشم قبل الضم المشم" يعني: إذا أشممت الثالث أشممت الهمزة، وإلا فلا، ففيه مخالفة لكلام أبي علي من وجهين: الإشمام وإخلاص ضم الهمزة. اهـ تصريح. قوله: "في نحو: اختار وانقاد مبنيين للمفعول" فتقول: اختير وانقيد بضم الهمزة والثالث وكسرهما وإشمامهما، قاله الدماميني. قوله: "فيما بقي" أي: من الأسماء العشرة والمصادر والأفعال. تصريح. قوله: "وهو الأصل" أي: الكسر هو الأصل. قوله: "فقيل: ستر" أي: بفتح السين وتشديد التاء، ويظهر الفرق بين هذا وستر من التستير في المضارع والمصدر؛ لأنك تفتح حرف المضارعة من هذا وتضمه في الثاني، وتقول في مصدر هذا: ستارًا بكسر السين، وفي مصدر الثاني: تستيرًا. قوله: "أن(4/389)
الإبدال:
أَحْرُفُ الإبدالِ هَدَأْتَ مُوطِيَا فأَبْدِلِ الهمزةَ من واوٍ وَيَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البصريين أن أصل همزة الوصل الكسر؛ وإنما فتحت في بعض المواضع تخفيفًا وضمت في بعضها إتباعًا، وذهب الكوفيون إلى أن كسرها في اضرب وضمها في اسكن إتباعًا للثالث، وأورد عدم الفتح في اعلم. وأجيب بأنها لو فتحت في مثله لالتبس الأمر بالخبر. والله أعلم.
الإبدال:
الغرض من هذا الباب بيان الحروف التي تُبدل من غيرها إبدالًا شائعًا لغير إدغام؛ فإن إبدال الإدغام لا ينظر إليه في هذا الباب؛ لأنه يكون في جميع حروف المعجم إلا الألف،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النقل للإدغام أكثر" أي: فلم يعتبر معه ما كان قبل النقل. قوله: "أو جار مجراه" أي: أو ساكن معتل جار مجرى الصحيح؛ بأن تكون حركة ما قبله غير مجانسة له، فخرج نحو: {قَالُوا اقْتُلُوا}. قوله: "نحو: {أَنِ اقْتُلُوا} {أَوِ انْقُصْ}" على اللف والنشر المرتب.
قوله: "مذهب البصريين... إلخ" عبارة الهمع: اختلف البصريون في كيفية وضعها؛ فقال الفارسي وغيره: اجتلبت ساكنة؛ لأن أصل المبني السكون، وكسرت لالتقاء الساكنين، وقيل: اجتلبت متحركة؛ لأن سبب الإتيان بها التوصل إلى الابتداء بالساكن، فوجب كونها متحركة كسائر الحروف المبدوء بها، وأحق الحركات بها الكسرة؛ لأنها راجحة على الضمة بقلة الثقل، وعلى الفتحة بأنها لا توهم استفهامًا. اهـ. فمراد الشارح الأصل الثاني أو الأول على القولين. قوله: "وأورد" أي: على قول الكوفيين. قوله: "بالخبر" أي: بالمضارع حالة الوقف. اهـ تصريح. والمضارع ليس بقيد؛ لأنه قد يلتبس أيضًا بالماضي المعدى بالهمزة كما في مثال الشارح؛ فإن فتح همزة أعلم يلبس بالمضارع وقفًا بالماضي المعدى بالهمزة وقفًا، والله أعلم.
الإبدال:
وهو في الاصطلاح جعل حرف مكان حرف آخر مطلقًا، فخرج بقيد المكان العوض؛ فإنه قد يكون في غير مكان المعوض عنه كتاء عدة وهمزة ابن، وبقيد الإطلاق القلب؛ فإنه مختص بحروف العلة. اهـ تصريح. ومقتضاه أن الإبدال يجري في جميع الحروف وهو كذلك إن كان هذا تعريفًا لمطلق الإبدال الشامل لإبدال الإدغام، وكذلك إن كان هذا تعريفًا للإبدال غير إبدال الإدغام؛ لكن أعم من أن يكون شائعًا أو غير شائع.
قوله: "إبدالًا شائعًا" أي: في التصريف لما ستعرفه أن الشائع في كلام العرب أعم من الشائع في التصريف المراد هنا. قوله: "حروف المعجم" قيل: المعجم صفة موصوف محذوف أي: الخط المعجم اسم مفعول أعجمت الحرف نقطته، وقيل: مصدر ميمي بمعنى الإعجام أي: النقط، فتكون إضافة الحروف من إضافة الشيء إلى ما هو من متعلقات ذلك الشيء، وفي العبارة الوجهين تغليب أكثر الحروف، وهو ما ينقط، وقيل: المعجم من أعجمت الكتاب(4/390)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما أن الزائد للتضعيف لا ينظر إليه في حروف الزيادة لذلك. وأراد بالإبدال ما يشمل القلب؛ إذ كل منهما تغيير في الموضع؛ إلا أن الإبدال إزالة والقلب إحالة؛ ومن ثم اختص بحروف العلة والهمزة؛ لأنها تقارب حروف العلة بكثرة التغيير، وذلك كما في قام أصله قوم فألفه منقلبة عن واو في الأصل، وموسى ألفه عن الياء، وراس ألفه عن الهمزة؛ وإنما لينت لثبوتها فاستحالت ألفًا، والبدل لا يختص كما ستراه ويخالفهما التعويض؛ فإن العوض يكون في غير موضع المعوض منه كتاء عدة وهمزة ابن وياء سفيريج، ويكون عن حرف -كما ذكر- وعن حركة كسين إسطاع كما تقدم.
وقد ضمن الناظم هذا الباب أربعة أحكام من التصريف: الإبدال والقلب والنقل والحذف، وأشار إلى حصر حروف البدل الشائع في التصريف بقوله: "أحرف الإبدال هدأت موطيا" وخرج بالشائع البدل الشاذ نحو إبدال اللام من نون أصيلان تصغير أصيل على غير قياس، كما في مغرب ومغيربان في قوله:
1271- وقفتُ فيها أصيلالًا أُسائِلُها أَعْيَتْ جوابًا وما بالرَّبْعِ مِنْ أَحَدِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: أزلت عجمته أي: خفاءه بما يوضحه كالنقط كما في المصباح وغيره، وعليه لا تغليب؛ لأن الخفاء كما يزول عما ينقط كالجيم بنقطه يزول عما لا ينقط كالحاء المهملة بترك نقطه، وهذا ما نقله ابن جني عن أبي علي الفارسي وارتضاه، كما في حاشية السيوطي على المغني.
قوله: "وأراد بالإبدال ما يشمل القلب" أي: مجازًا؛ فالإبدال على هذا جعل حرف مكان حرف آخر أعم من أن يكون على وجه الإحالة أو الإزالة. وقوله: إذ كل منهما أي: من الإبدال بالمعنى الخاص الحقيقي المباين للقلب والقلب ففي كلامه استخدام. وقوله: إلا أن الإبدال أي: بالمعنى الخاص الحقيقي، فلا تنافي بين جعله أولًا الإبدال أعم من القلب، وجعله ثانيًا الإبدال مباينًا له. وقوله: ومن ثم أي: من أجل أن القلب إحالة اختص... إلخ؛ لأن الإحالة إنما تكون بين الأشياء المتشاكلة المتقاربة، ثم أخصية أحد الشيئين من الآخر محلًّا لا تنافي تباينهما مفهومًا، وإن توهمه شيخنا، والباء في قوله: بحروف العلة داخلة على المقصور عليه. قوله: "إلا أن الإبدال... إلخ" انظر ما الدليل على هذه الدعوى. قوله: "وموسى" أي: الذي هو اسم للحديد المعروف. قوله: "لثبوتها" عبارة بعضهم لنبرتها، وعبارة المرادي: لشدتها.
قوله: "ويخالفهما التعويض" سكت عن الإعلال وهو كما في شرح الغزى تغيير حرف العلة بقلب أو حذف أو إسكان للتخفيف. قوله: "كتاء عدة... إلخ" فإن التاء عوض عن فاء الكلمة، والهمزة عوض عن لامها، والياء عوض عن خامس سفرجل. قوله: "كسين إسطاع" فإن السين بدل من حركة عين أطاع عند سيبويه ومن وافقه -كما مر- ذلك مع بيان الخلاف فيه. قوله: "الشائع في التصريف" أما الشائع في كلام العرب -ولو قومًا منهم- فحروفه أكثر من تسعة. قوله: "تصغير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1271- البيت من البسيط، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص14، والأغاني 11/ 27، والإنصاف 1/ 170، وخزانة الأدب 4/ 122، 124، 11/ 36، والدرر 3/ 159، وشرح أبيات سيبويه 2/ 54، وشرح شواهد الإيضاح ص191، وشرح المفصل 2/ 80، والكتاب 2/ 321، ولسان العرب 11/ 17 "أصل"، واللمع ص151، والمقتضب 4/ 414، وبلا نسبة في أسرار العربية ص260، والإنصاف 1/ 170، ورصف المباني ص324، ومجالس ثعلب ص504.(4/391)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن ضاد اضطجع في قوله:
1272- مال إلى أرطاة حقف فالطجع
والقليل نحو إبدال الجيم من الياء المشددة في الوقف كقوله:
1273- خالي عُويف وأبو علج المطعمان اللحم بالعشج
وبالغداة كتل البرنج يقلع وبالصيصج
وربما أبدلت دون وقف كقولهم في الأيَّل أجَّل. ودون تشديد كقوله:
1274- لا همَّ إن كنت قَبِلْتَ حِجَّتِجْ فلا يَزَالُ شَاحِجٌ يأتيكَ بِجْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أصيل" وقال الجوهري: تصغير أصلان جمع أصيل على غير قياس أيضًا؛ لأن الجمع إنما يصغر على لفظ واحده. اهـ. والأصيل الوقت بعد العصر إلى المغرب كما في الصحاح. اهـ تصريح. قوله: "أعيت جوابًا" أي: عجزت دار الحبيبة عن الجواب. وقوله: وما بالربع أي: المنزل. قوله: "ومن ضاد اضطجع" لأن بعض العرب -كما قاله المازني- يكره الجمع بين حرفي إطباق ويبدل من الضاد أقرب حرف إليها وهو اللام. قوله: "مال إلى أرطاة حقف فالطجع" الضمير يرجع إلى الذئب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1272- الرجز لمنظور بن حية الأسدي في شرح التصريح 2/ 367، والمقاصد النحوية 4/ 584، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 340، وإصلاح المنطق ص95، وأوضح المسالك 4/ 371، والخصائص 1/ 63، 263، 2/ 350، 3/ 163، 326، وسر صناعة الإعراب 1/ 321، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 324، 3/ 226، وشرح شواهد الشافية ص274، وشرح المفصل 9/ 82، 10/ 46، ولسان العرب 5/ 304 "أبز"، 7/ 255 "أرط" 8/ 219 "ضجع"، 14/ 325 "رطا"، والمحتسب 1/ 107، والممتع في التعريف 1/ 403، والمنصف 2/ 329.
1273- الرجز بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 372، وجمهرة اللغة ص42، 242، وسر صناعة الإعراب 1/ 175، وشرح التصريح 2/ 367، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 287، وشرح شواهد الشافية ص212، وشرح المفصل 9/ 74، 10/ 55، والصاحبي في فقه اللغة ص55، والكتاب 4/ 182، ولسان العرب 2/ 320 "عجج"، 4/ 395 "شجر"، والمحتسب 1/ 75، والمقرب 2/ 29، والممتع في التعريف 1/ 353، والمنصف 2/ 178، 3/ 79.
1274- الرجز لرجل من اليمانيين في الدرر 3/ 40، والمقاصد النحوية 4/ 570، وبلا نسبة في الدرر 6/ 229، وسر صناعة الإعراب 1/ 177، وشرح التصريح 2/ 367، وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 287، وشرح شواهد الشافية ص215، وشرح المفصل 9/ 75، 10/ 50، ولسان العرب 10/ 103 "دلق"، ومجالس ثعلب 1/ 143، والمحتسب 1/ 75، والمقرب 2/ 166، والممتع في التعريف 1/ 355، ونوادر أبي زيد ص164، وهمع الهوامع 1/ 178، 2/ 157.(4/392)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أقْمُرنَّهاتٌ يُنَزِّي وَفْرَتِجْ
وتسمى هذه عجعجة قضاعة، ومعنى هدأت سكنت، وموطيا من أوطأته جعلته وطيئًا، فالياء فيه بدل من الهمزة. وذكره الهاء زيادة على ما في التسهيل؛ إذ جمعها فيه في طويت دائمًا. ثم إن لم يتكلم عليها هنا مع عده إياها، ووجهه أن إبدالها من التاء إنما يطرد في الوقف على نحو: رحمة ونعمة، وذلك مذكور في باب الوقف. وأما إبدالها من غير التاء فمسموع كقولهم: هِياك ولهنك قائم، وهرقت الماء، وهردت الشيء، وهرحت الدابة.
تنبيهات: الأول: ذكر في التسهيل أن حروف البدل الشائع -يعني في كلام العرب- اثنان وعشرون حرفًا، وهذه التسعة المذكورة هنا حروف الإبدال الضروري في التصريف،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والأرطاة شجر من شجر الرمل، والحقف بكسر الحاء المهملة وسكون القاف بعدها فاء المعوج من الرمل. عيني.
قوله: "في الوقف" أي: على الكلمة المشتملة على الجيم المبدلة من الياء، وإن لم يكن على نفس الجيم كما في الشعر الذي استشهد به؛ فإن الجيم في أشطاره الأربعة مشددة وبعدها ياء الإطلاق، فلم يكن الوقف على الجيم حتى يستشكل بتشديدها؛ بل على حرف الإطلاق كما في سائر القوافي المطلقة. وأما ما نقله المصرح عن السيد في شرح الشافية وأقره وتبعه شيخنا والبعض من أن هذا من إجراء الوصل مجرى الوقف ففيه نظر؛ لأن الضروب وما في حكمها من الأعاريض المقصود موافقتها للضروب محال للوقف، ولا ضرورة إلى دعوى الوصل، فتدبر.
قوله: "كتل البرنج... إلخ" الكتل بضم الكاف وفتح الفوقية جمع كتلة بضم الكاف وسكون الفوقية وهي القطعة المجتمعة، والبرني بفتح الموحدة وسكون الراء ضرب من التمر، والود بفتح الواو وتشديد الدال الوتد سكنت التاء تخفيفًا وأبدلت دالًا وأدغمت في الدال، والصيصي بكسر الصادين المهملتين قرن البقرة. قوله: "الأيَّل" بضم الهمزة وكسرها مع فتح التحتية المشددة وبفتح الهمزة مع كسر التحتية المشددة الوعل كذا في القاموس.
قوله: "شاحج" بشين معجمة وحاء مهملة بعدها جيم هو البغل. وقوله: أقمر أي: أبيض صفة لشاحج، وكذا نهات بفتح النون وتشديد الهاء آخره فوقية أي: صياح، وكذا جملة ينزي بفتح النون وتشديد الزاي أي: يحرك، والوفرة شعر الرأس إذا بلغ شحمة الأذن. قوله: "وذكره الهاء" أي: في إجمال العدد هنا زيادة... إلخ ووجهه أنها تقع بدلًا من التاء وقفًا باطراد، ووجه إسقاط التسهيل لها في إجمال العدد وتفصيله علم ذلك من باب الوقف. قوله: "ولهنك قائم" بفتح اللام وكسر الهاء، ولم يبالوا بتوالي حرفين مؤكدين لتغيير صورة الثاني بهذا الإبدال.
قوله: "الشائع يعني في كلام العرب" منه يعلم أن الشائع في التصريف وهو الإبدال الضروري في التصريف أقل من الشائع في كلام العرب كلهم أو قوم منهم. قوله: "وهذه التسعة... إلخ" ليس المعنى: وذكر أن هذه التسعة... إلخ؛ لأنه لم يذكر فيه التسعة؛ بل ثمانية، وأسقط الهاء كما(4/393)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فقال: يجمع حروف البدل الشائع في غير إدغام قولك: لجدّ صرف شكس آمن طي ثوب عزته، والضروري في التصريف: هجاء دائمًا، هذا كلامه. فأفهم أن باقي حروف المعجم وهي الحاء والخاء والذال والظاء والضاء والغين والقاف قد تبدل على وجه الشذوذ. وقد قال ابن جني في قراءة الأعمش: {فَشَرِّدْ بِهِم} [الأنفال: 57] بالذال المعجمة أن الذال بدل من الدال كما قالوا: لحم خراذل وخَرادل. والمعنى الجامع لهما أنهما مجهوران ومتقاربان، وخرَّجها الزمخشري على القلب بتقديم اللام على العين من قولهم: شذر مذر. وأفهم أيضًا من أن الشائع ما تقدم من إبدال اللام من النون ومن الضاد، ومن إبدال الجيم من الياء، وكذا إبدال النون من اللام كقولهم في الرفل -وهو الفرس الذَّيال- رفن، ومن الميم كقولهم في أمغرت الشاة -إذا خرج لبنها أحمر كالمغرة- أنغرت. وينبغي ألا يسمى ذلك شائعًا؛ بل الشائع في ذلك ما اطرد أو كثر في بعض اللغات كالعجعجة في لغة قضاعة، والعنعنة كقولهم: ظننت عنك ذاهب أي: أنك، والكشكشة في لغة تميم، كقولهم -في خطاب المؤنث- ما الذي جاء بِشِ، يريدون بك، وقراءة بعضهم: "قد جعل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أسلفه الشارح، وكما سينقله عنه بقوله فقال: يجمع حروف البدل، إلى أن قال: والضروري في التصريف هجاء طويت دائمًا؛ بل هذه جملة معترضة بين المعطوف عليه وهو قوله: ذكر في التسهيل والمعطوف وهو قوله: فقال، ولو حذفها لكان أحسن. قوله: "لجد صرف شكس... إلخ" الشكس بفتح الشين المعجمة وضم الكاف أو كسرها الصعب الخلق كذا في القاموس. قوله: "وهي الحاء والخاء... إلخ" كلها بالإعجام إلا الحرف الأول فبالإهمال. قوله: "لحم خراذل وخرادل" في القاموس خردل اللحم قطع أعضاءه وافرة أو قطعه وفرقه ولحم خراديل مخردل، ثم قال: وخرذل اللحم أي: بإعجام الذال لغة في خردل أي: بإهمالها ولم يذكر فيه خرادل بلا تحتية، والمتبادر من صنيع القاموس أن الخاء مفتوحة.
قوله: "والمعنى الجامع لهما" أي: للدال والذال. قوله: "وخرجها" أي: قراءة الأعمش. وقوله: على القلب أي: المكاني. قوله: "شذر مذر" كلمتان مبنيتان على الفتح للتركيب، قال في القاموس: وتفرقوا شذر مذر ويكسر أولهما ذهبوا في كل وجه وتشذر الجمع تفرقوا. قوله: "أن من الشائع" يعني: في كلام العرب ولو قومًا منهم فلا ينافي ما أسلفه من إخراج ما ذكر بالشائع في التصريف.
قوله: "في الرفل" بكسر الراء وفتح الفاء وتشديد اللام كما في القاموس. قوله: "الذيال" بفتح الذال المعجمة وتشديد التحتية أي: طويل الذيل. قوله: "كالمغرة" المغرة بفتح الميم وسكون الغين المعجمة وبفتحتين طين أحمر، والمغرة بضم الميم والمغر بفتحتين لون ليس بناصع الحمرة أو شقرة بكدرة، كذا في القاموس. قوله: "ألا يسمى ذلك" أي: المذكور من إبدال اللام من النون وما بعده. قوله: "كالعجعجة" هي إبدال الجيم من الياء. قوله: "والعنعنة" هي إبدال العين من الهمزة كما سيذكره الشارح بعد، فقول شيخنا أو من الحاء في حتى أو نحو ذلك، فيه نظر. قوله: "في لغة تميم" راجع للعنعنة أيضًا بدليل كلام شرح الكافية الآتي قريبًا.(4/394)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ربشِ تحتَش سرايا" والكسكسة في لغة بكر، كقولهم -في خطاب المؤنث- أبوس وأمسّ يريدون أبوك وأمك. قال في شرح الكافية: وهذا النوع من الإبدال جدير بأن يذكر في كتب اللغة لا في كتب التصريف، وإلا لزم أن تذكر العين؛ لأن إبدالها من الهمزة المتحركة مطرد في لغة بني تميم، ويسمى ذلك عنعنة، وكان يلزم أيضًا أن يذكر الكاف؛ لأن إبدالها من تاء الضمير مطرد؛ كقول الراجز:
1275- يابن الزبير طالما عَصَيْكَا وطالما عَنِيتَنَا إليكا
أراد عصيت، وأمثال هذا من الحروف المبدلة من غيرها كثيرة؛ وإنما ينبغي أن يعد في الإبدال التصريفي ما لو لم يبدل أوقع في الخطأ أو مخالفة الأكثر، فالموقع في الخطأ كقولك في مال: مول، والموقع في مخالفة الأكثر كقولك في سقاءة: سقاية، هذا كلامه.
الثاني: عد كثير من أهل التصريف حروف الإبدال اثني عشر حرفًا، وجمعوها في تراكيب كثيرة منها: طال يوم أنجدته، وأسقط بعضهم اللام وعدها أحد عشر، وجمعها في قوله: أجد طويت منها. وزاد بعضهم الصاد والزاي وعدها أربعة عشرة، وجمعها في قوله: انصت يوم زل طاه جد. وعدها الزمخشري ثلاثة عشر، وجمعها في استنجده يوم طال. قال ابن الحاجب: هو وهم؛ لأنه أسقط الصاد والزاي وهما من حروف الإبدال؛ كقولهم:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وهذا النوع" أي: العجعجة وما بعدها إلا أنه لم يذكر في شرح الكافية قبل اسم الإشارة العنعنة؛ ولهذا قال: وإلا لزم أن تذكر العين... إلخ. قوله: "وإلا لزم أن تذكر العين... إلخ" فيه إشعار بأن من ذكر في كتاب التصريف جميع الحروف التي تبدل من غيرها باطراد أو كثرة ولو عند قوم من العرب لا اعتراض عليه؛ وإنما الاعتراض على من ذكر البعض وترك البعض، ويخالفه أول كلامه وآخره، فتدبر. قوله: "ما لو لم يبدل" أي: إبدال ما أي: حرف لو لم يبدل... إلخ، ولك أن تستغني عن التقدير وتوقع ما على الإبدال. قوله: "كقولك في مال: مول" لوجوب قلب الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها. قوله: "كقولك في سقاءة" بفتح السين وتشديد القاف تأنيث سقاء، وكذا قوله: سقاية؛ إلا أن الأول بالهمز على الكثير والثاني بالياء على القليل؛ لما سيأتي في شرح قول الناظم، فأبدل الهمزة من واو ياء... إلخ.
قوله: "حروف الإبدال" أي: الأعم من الضروري. قوله: "طال يوم أنجدته" بإضافة الظرف إلى الجملة. قوله: "أجد" فعل أمر من الإجادة. قوله: "طاه" بالطاء المهملة اسم فاعل من طها يطهو أي: طبخ وهو فاعل زل وجد فاعل أنصت. قوله: "فإن أورد" أي: الزمخشري على وجه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1275- الرجز لرجل من حمير في خزانة الأدب 4/ 428، 430، وشرح شواهد الشافية ص425، وشرح شواهد المغني 446، ولسان العرب 15/ 445 "تا"، والمقاصد النحوية 4/ 591، ونوادر أبي زيد ص 105، وبلا نسبة في الجنى الداني ص468، وسر صناعة الإعراب 1/ 280، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 202، ولسان العرب 15/ 193 "قفا"، ومغني اللبيب 1/ 153، والمقرب 2/ 183، والممتع في التعريف 1/ 414.(4/395)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زِراط وزَقَر في صراط وسقر، وزاد السين وليست من حروف الإبدال، فإن أورد اسمَّع ورد اذَّكر واظَّلم؛ لأنه من باب الإدغام لا من باب الإبدال المجرد، هذا كلامه. قلت: قد أجاز النحاة في استخذ أن يكون أصله اتخذ، فأبدلوا من التاء الأولى السين، كما أبدلوا التاء من السين في ست؛ إذ اصله سدس، فلعله نظر إلى ذلك. والذي ذكره سيبويه أحد عشر حرفًا: ثمانية من حروف الزيادة وهي ما سوى اللام والسين، وثلاثة من غيرها وهي الدال والطاء والجيم.
الثالث: يعرف الإبدال بالرجوع في بعض التصاريف إلى المبدل منه لزومًا أو غلبة، فالأول نحو جدف فإن فاءه بدل من ثاء جدث؛ لأنهم قالوا في الجمع أجداث بالثاء فقط، والثاني نحو أفلط أي: أفلت؛ فإن طاءه بدل من التاء؛ لأن التاء أغلب فيه في الاستعمال وكذا قولهم في لِصّ لصت التاء بدل من الصاد؛ لأن جمعه على لصوص أكثر من لصوت، فإن لم يثبت ذلك في ذي استعمالين فهو من أصلين نحو: أرخ وورخ ووكد وأكد؛ لأن جميع التصاريف جاءت بهما فليس أحدهما بدلًا من الآخر. وقال ابن الحاجب: يعرف البدل بكثرة اشتقاقه كتراث، فإن أمثلة اشتقاقه ورث ووارث وموروث، وبقلة استعماله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التمثيل لوقوع السين بدلًا. وقوله: اسمع أي: بتشديد السين وتخفيف الميم وعلى وزنه اذكر واظلم. قوله: "اذكر واظلم" والأصل اذتكر واظتلم، فأبدلت التاء في الأول دالًا والدال ذالًا وأدغم وفي الثاني طاء والطاء ظاء وأدغم أي: فكان ينبغي أن يذكر الذال المعجمة والظاء المشالة. قوله: "لأنه من باب الإدغام... إلخ" علة لمحذوف أي: مع أنه لا يصح إيراد اسمع؛ لأنه من باب الإدغام أي: من باب الإبدال للإدغام لا من باب الإبدال المجرد عن الإدغام. قوله: "في ستّ" اسم العدد المخصوص، قال في القاموس: الستّ بالكسر معروف أصله سدس، فأبدلت السين تاء، وكذا الدال وأدغم. قوله: "فلعله" أي: الزمخشري. قوله: "في بعض التصاريف... إلخ" أي: في بعض تصاريف الكلمة التي فيها البدل فيكون محل الرجوع إلى المبدل منه لزومًا أو غلبة غير تلك الكلمة من تصاريفها، وبهذا تعلم أنه لا يصح التمثيل الثاني الذي هو الرجوع غلبة بأفلط؛ لأن غلبة الرجوع إلى التاء هي نفس أفلط؛ فإن استعمالها بالتاء أكثر من استعمالها بالطاء لا في غيرها من تصاريفها كمفلت ومفلت أي: وإفلات للزوم التاء بقية تصاريفها كما قاله الدماميني، فكان عليه أن يمثل به للأول أيضًا، ويقتصر في التمثيل للثاني على نحو لصت، وتعلم أيضًا أن التعليل بقوله: لأن التاء أغلب فيه أي: في أفلط في الاستعمال غير مناسب لأول كلامه، فتنبه.
قوله: "في لص" بكسر اللام أفصح من الضم والفتح. وقوله: لصت بفتح اللام، نقل ذلك شيخنا السيد عن شرح الشافية. قوله: "فإن لم يثبت ذلك" أي: الرجوع لزومًا أو غلبة. وقوله: في ذي استعمالين أي: في لفظ ذي استعمالين. وقوله: فهو أي: ذو الاستعمالين. قوله: "بكثرة اشتقاقه" على تقدير مضافين أي: بكثرة أمثلة اشتقاق مبدلة أي: بكثرة الأمثلة الملاقية للفظ البدل في الاشتقاق المشتملة على الحرف الأصلي المبدل منه. قوله: "كتراث" هو المال الموروث. قوله: "وبقلة استعماله" على تقدير مضاف أي: استعمال لفظه أي: اللفظ المشتمل على البدل. قوله: "لها(4/396)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كقولهم: الثعالي في الثعالب، والأراني في الأرانب. وأنشد سيبويه:
1276- لها أشاريرُ من لحم تُتَمِّرُهُ من الثعالي ووَخزٌ من أرَانِيهَا
قال ابن جني: ويحتمل أن يكون الثعالي جمع ثعالة ثم قلب، فيكون كقولهم: شراعي في شرائع. والذي قاله سيبويه أولى ليكون كأرانيها. وأيضًا فإن ثعالة اسم جنس، وجمع أسماء الأجناس ضعيف يعني بقوله: اسم جنس علم جنس، وبكونه فرعًا والحرف زائد كضويرب تصغير ضارب؛ لأنه لما علم الأصل علم أن هذه الواو مبدلة من الألف وبكونه فرعًا وهو أصل كمويه فإنه تصغير ماء، فلما صغر على مويه علم أن الهمزة مبدلة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أشارير... إلخ" الضمير يرجع إلى فرخة عقاب، والأشارير بالشين المعجمة قطع قديد من اللحم، والتتمير بفوقيتين التجفيف، ووخز بالخاء والزاي المعجمتين شيء قليل، وهو عطف على أشارير. قوله: "ثم قلب" أي: الجمع قلبًا مكانيًّا بتقديم اللام على الهمزة، والأصل ثعائل كذؤابة وذوائب؛ إلا أن الهمزة لما أخرت عن محلها أبدلت ياء تخفيفًا. قوله: "ضعيف" لأن الجمع للإفراد وموضوع علم الجنس الماهية باعتبار حضورها ذهنًا وقطع النظر عن الإفراد.
قوله: "يعني بقوله: اسم جنس... إلخ" أي: وبقوله: أسماء الأجناس أعلام الأجناس. قوله: "وبكونه" أي: البدل أي: لفظه أي: اللفظ المشتمل عليه فرعًا أي: عن لفظ آخر. قوله: "والحرف" أي: المبدل منه زائد أي: على أصول الكلمة من فائها وعينها ولامها، وأتى بهذه الجملة الحالية وبنظيرتها أعني: قوله بعد: وهو أصل تقسيمًا للفرع قسمين. قوله: "لأنه لما علم الأصل" وهو المكبر. قوله: "وبكونه فرعًا وهو أصل... إلخ" هذه العبارة عندي غير مستقيمة؛ لأنها إن أجريت على نسق ما قبلها بأن كان المراد وبكون لفظ البدل فرعًا عن لفظ آخر والحرف المبدل منه أصل من أصول الكلمة، ورد أن الفرع الذي هو مويه ليس لفظ البدل؛ بل لفظ الحرف الأصلي المبدل منه، كما سيذكره بقوله: فلما صغر على مويه علم أن الهمزة مبدلة من هاء، فإن قلت: كون همزة المكبر بدلًا من هاء لا ينافي كون هاء المصغر بدلًا من همزة مكبرة ولا دور؛ لأنا لم ندع أن همزة المكبر بدل من نفس هاء التصغير. قلت: لو أراد الشارح بيان بدلية هاء المصغر من همزة المكبر لقال على نسق ما قبله؛ لأنه لما علم الأصل -وهو المكبر- علم أن هاء مويه بدل من همزة ماء وإن كان أصل همزته هاء، مع أنه يرد عليه أنه لا وجه لتخصيص الهمزة بالذكر؛ لأن واو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1276- البيت من البسيط، وهو لأبي كاهل النمر بن ثولب اليشكري في الدرر 3/ 47، والمقاصد النحوية 4/ 583، ولأبي كاهل اليشكري في شرح أبيات سيبويه 1/ 560، وشرح شواهد الشافية ص443، ولسان العرب 1/ 433 "رنب"، 4/ 93 "تمر"، 401 "شرر"، 5/ 428 "وخز"، ولرجل من بني يشكر في الكتاب 2/ 273، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص327، وجمهرة اللغة ص395، 1246، وسر صناعة الإعراب 2/ 742، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 212، وشرح المفصل 10/ 24، والشعر والشعراء 1/ 107، وكتاب الصناعتين ص151، ولسان العرب 1/ 237 "ثعب"، 11/ 84 "ثعل"، 12/ 66 "تلم"، والمقتضب 1/ 247، والممتع في التعريف 1/ 369، وهمع الهوامع 1/ 181، 2/ 157.(4/397)
آخرًا اثْرَ أَلِفٍ زِيدَ وفي فَاعِلِ ما أعل عينًا ذَا اقْتُفِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من هاء وبلزوم بناء مجهول نحو هراق يحكم بأن أصله أراق؛ لأنه لو لم يكن كذلك لوجب أن يكون وزنه هفعل وهو بناء مجهول.
"فأبدل الهمزة من واو ويا آخرا اثر ألف زيد" أي: تبدل الهمزة من الواو والياء وجوبًا في أربع مسائل؛ الأولى: هذه، وهي إذا تطرفت إحداهما بعد ألف زائدة نحو: كساء وسماء ودعاء، ونحو: بناء وظباء وقضاء، بخلاف نحو: قاول وبايع وتعاون وتباين لعدم التطرف، ونحو: غزو وظبي لعدم الألف، ونحو واو وآي لعدم زيادة الألف؛ لأنها أصلية فيهما فلا إبدال، وإلا لتوالى إعلالان وهو ممنوع.
تنبيهان: الأول: تشاركهما في ذلك الألف في نحو حمراء؛ فإن أصلها حمرى كسكرى، فزيدت الألف قبل الآخر للمد كألف كتاب وغلام، فأبدلت الثانية همزة، فكان الأحسن أن يقول كما قال في الكافية:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصغر بدل من ألف المكبر، كما أن ألف المكبر أيضًا بدل من واو، فتأمل.
قوله: "وهو بناء مجهول" أي: لا يعرف في الأوزان. قوله: "آخرًا" جعله حالًا من المتعاطفين قبله وإن أحوج إفراده إلى تأويلهما بالمذكور وإلى ارتكاب الحال من النكرة بلا مسوغ وهو نادر هو السالم مما يلزم على جعل آخرًا ظرفًا لصفة محذوفة أي: كائنتين في آخر من ظرفية الشيء في نفسه المستفاد من نصب لا ما في قول الشارح بعد: فلو أتى موضع قوله: آخرًا بلا ما فقال: لا ما باثر ألف زيد لاستقام، فاعرف ذلك. قوله: "أي: تبدل الهمزة... إلخ" كان ينبغي حذف أي: إلا أن يدعي أنه تفسير لقول الناظم: فأبدل الهمزة... إلخ مع ما بعده من بقية كلامه على المسائل الأربع. قوله: "إذا تطرفت إحداهما" بأن كانت لا ما أو زائدة بعدها للإلحاق على ما ستعرفه.
قوله: "بعد ألف زائدة" سواء كسر أول كلمتها أم فتح أم ضم. اهـ تصريح. وهذا نكتة تمثيل الشارح لكل من الواو والياء بثلاثة أمثلة، ومبنى ذلك أن ظباء بضم الظاء المعجمة، ولم أجد في القاموس ظباء بالضم، والمدبل جمع الظبية بالكسر والمد، وجمع الظبة التي هي حد السيف ونحوه بالضم والقصر، وكذا اسم الموضع على ما في نسخ القاموس. قوله: "ونحو بناء... إلخ" قال في التصريح: ونحو: علباء وقوباء، فالهمزة فيهما مبدلة من باء زائدة للإلحاق بقرطاس وقرناس. قوله: "لعدم التطرف" أي: لوقوعهما عينًا. قوله: "ونحو واو" أي: اسم الحرف المخصوص وآي بمد الهمزة جمع آية بمعنى العلامة أو القطعة من السورة.
قوله: "لأنها أصلية فيهما" أي: منقلبة عن أصل وهو في الكلمة الأولى واو عند أبي علي وياء عند أبي الحسن، وفي الثانية ياء، ووزن كل فعل بفتحتين قلبت العين ألفًا لتحركها وانفتاح ما قلبها، قاله المصرح. قوله: "وإلا" بأن أبدلت لامهما. وقوله: لتوالي إعلالان هما قلب عينهما ألفًا وقلب لامهما همزة ومن تذكر ما تقدم عن شرح الغزى من أن الإعلال تغيير حرف العلة بقلب أو حذف أو إسكان علم أن قول شيخنا والبعض: الأولى أن يقول: وإلا لتوالى إعلال وإبدال؛ إلا أن يجعل في كلامه تغليب، أو يقال: مراده بالإعلال مطلق التغيير، فيه نظر ظاهر. قوله: "تشاركهما" أي: الواو والياء. قوله: "فكان الأحسن أن يقول... إلخ" أمر لشموله الأحرف الثلاثة.(4/398)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ من حرف لين آخر بعد ألف مزيد إبدل همزة وذا ألف
الثاني: هذا الإبدال مستصحب مع هاء التأنيث العارضة نحو: بناء وبناءة، فإن كانت هاء التأنيث غير عارضة امتنع الإبدال نحو: هداية وسقاية وعداوة؛ لأن الكلمة بنيت على التاء أي: أنها لم تبنَ على مذكر. قال في التسهيل: وربما صح مع العارضة وأبدل مع اللازمة؛ فالأول كقولهم في المثل: اسق رقاش، فإنها سَقَّاية لأنه لما كان مثلًا والأمثال لا تغير أشبه ما بني على هاء التأنيث. ومنهم من يقول: فإنها سقاءة بالهمز كحاله في غير المثل. والثاني كقولهم: صلاءة في صَلاية. وحكم زيادتي التثنية حكم هاء التأنيث في استصحاب هذا الإبدال نحو: كساءين ورداءين، فإن بنيت الكلمة على التثنية امتنع الإبدال وذلك كقولهم: عقلته بثنايين، وهما طرفا العقال.
الثالث: قد أورد على الضابط المذكور مثل غاوي في النسب إذا رخمته على لغة من لا ينوي؛ فإنك تقول: يا غاو بضم الواو من غير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "مع هاء التأنيث العارضة" أي: على صيغة المذكر. قال سم: وعبارة المصنف صادقة على ذلك بأن يراد الآخر ولو تقديرًا؛ لأن هاء التأنيث في تقدير الانفصال.
قوله: "نحو بناء وبناءة" كلاهما صيغة مبالغة. قوله: "وسقاية" بكسر السين وضمها موضع السقي كما في القاموس. قوله: "وإداوة" بكسر الهمزة وهي المطهرة كما في القاموس. قوله: "لم تُبنَ على مذكر" أي: لم تصغ بغير تاء لمذكر من المعنى بأن لم تصغ لمذكر أصلًا كهداية، أو صيغت له من معنى آخر كسقاية؛ فإن السقاء جلد السخلة المهيأ للماء أو اللبن، كما في القاموس، وهو غير معنى السقاية الذي هو محل السقي كما مر.
قوله: "وربما صح" أي: حرف اللين أي: أبقي من غير قلب. قوله: "اسق رقاش فإنها سقاية" بفتح السين وتشديد القاف، ويروى سقا بلا ياء وهاء، وعليه فلا شاهد فيه، وهو مثل يضرب للمحسن أي: أحسن إليه لإحسانه. قوله: "لأنه لما كان مثلًا... إلخ" فيه عندي نظر؛ لأنه إنما يصلح تعليلًا لتصحيح الياء بعد صيرورة هذا التركيب مثلًا لا لتصحيحها في النطق به أولًا. قوله: "كقولهم صلاءة في صلاية" بفتح الصاد وتخفيف اللام فيهما، قال في القاموس: الصلاية ويهمز الجبهة واسم ومدق الطيب والجمع صلى وصلى. قوله: "في استصحاب هذا الإبدال" أي: جوازًا فلا ينافي قول الناظم السابق: ونهو علباء كساء وحيا
بواو أو همز. قوله: "نحو كساءين ورداءين" أي: مما همزته بدل من أصل أو من حرف إلحاق لا من ألف تأنيث؛ لأن الهمزة المبدلة من ألف التأنيث يجب في التثنية قلبها واوًا. قوله: "على الضابط المذكور" أي: في قوله: فأبدل الهمزة من واو وياء... إلخ؛ لأن التقدير من كل واو وياء. قوله: "في النسب" ليس بقيد؛ فإنه إذا رخم غاوى بلا نسب كان حكمه كذلك، ومن ثم لما نقل السيوطي في النكت عبارة المرادي أسقط هذه اللفظة منها. نعم، الشرط في ترخيمه أن يكون علمًا كما هو مصرح به، وأجيب عن إيراد ما ذكر بأنه لا يرد؛ لأن واو غاو ليست آخرًا؛ بل(4/399)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إبدال مع اندراجه في الضابط المذكور؛ وإنما لم يبدل لأنه قد أعلّ بحذف لامه فلم يجمع فيه بين إعلالين، فلو أتى موضع قوله: آخرًا بلامًا فقال: لامًا باثر ألف زيد -لاستقام.
الرابع: اختلف في كيفية هذا الإبدال؛ فقيل: أبدلت الياء والواو همزة وهو ظاهر كلام المصنف. وقال حذاق أهل التصريف: أبدل من الواو والياء ألف، ثم أبدلت الألف همزة؛ وذلك أنه لما قيل: كساو ورداي تحركت الواو والياء بعد فتحة ولا حاجز بينهما إلا الألف الزائدة، وليست بحاجز حصين لسكونها وزيادتها، وانضم إلى ذلك أنهما في محل التغيير وهو الطرف، فقلبا ألفًا حملًا على باب عصا ورحا، فالتقى ساكنان فقلبت الألف الثانية همزة؛ لأنها من مخرج الألف. انتهى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هي حشو والحذف عارض. سم. قوله: "بحذف لامه" أي: لأجل ياء النسب كما أفصح به المرادي. قوله: "لاستقام" لأنه يخرج غاو؛ لأن الواو فيه عين. اهـ سم. ويرد على التعبير بلاما أنه لا يشمل نحو: علباء وقوباء مما الهمزة فيه مبدلة من ياء زائدة للإلحاق؛ ولهذا قال المرادي بإصلاح الضابط أن يقال من واو وياء هي لام أو ملحق بها، ويرد أيضًا على تعبير الشارح بلاما وعلى إصلاح المرادي الضابط أنهما لا يشملان نحو: حمراء مما الهمزة فيه مبدلة من ألف التأنيث.
قوله: "فقلبت الألف الثانية همزة" ولم تقلب الأولى؛ لأن قبلها يفوت الغرض منها وهو المد، ولأن التغيير أليق بالأواخر، ولأن في تحريك الثانية تحصيلًا لظهور الإعراب الذي يحصل به الفرق بين المعاني. قوله: "لأنها من مخرج الألف" فيه تساهل؛ لأن الهمزة من أقصى الحلق والألف من الجوف فهما متقاربا المخرج.
"فائدة" في حاشية السيوطي على المغني أن الفراء يرى ترادف الهمزة والألف فيقول: الهمزة هي الأصل والألف الساكنة هي الهمزة ترك همزها. وفرق سيبويه بينهما فقال: الهمزة حرف كالعين يحتمل الحركة والسكون ويكون في أول الكلمة وآخرها ووسطها، والألف حرف آخر لا يكون إلا ساكنًا ولا يكون في أول الكلمة؛ ولذلك وضع واضع حروف المعجم الهمزة أول الحروف، والألف مع اللام قبل الياء. وقال ابن جني في سر الصناعة: اعلم أن حروف المعجم عند الكافة تسعة وعشرون حرفًا بعد الهمزة والألف اللينة حرفين. وعدها أبو العباس ثمانية وعشرين بإسقاط الهمزة؛ لأنها لا تثبت في الخط على صورة واحدة كبقية الحروف، وهو غير مرضي؛ وبيان ذلك أن الألف التي في أول حروف المعجم هي صورة الهمز في الحقيقة؛ وإنما كتبت الهمزة واوًا مرة وياء مرة على مذهب أهل الحجاز في التخفيف، ولو أريد تحقيقها ألبتة لوجب أن تكتب ألفًا، على كل حال يدل على صحة ذلك أنك إذا أوقعتها موقعًا لا يمكن فيه تخفيفها لم يحز أن تكتب إلا ألفًا مفتوحة كانت أو مضمومة أو مكسورة، وذلك إذا وقعت أولًا نحو: أخذ وإبراهيم، وأن كل حرف سميته فأول حروف اسمه لفظه بعينه، وكذلك ألف حروفه همزة، فهذان دليلان على أن صورة الهمزة مع التحقيق ألف.
أما الألف في نحو: قام وكتاب، فصورتها أيضًا صورة الهمزة المحققة؛ إلا أن هذه الألف لا(4/400)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم أشار إلى الثانية بقوله: "وفي فاعل ما أعل عينًا ذا اقتفي" أي: اتبع ذا إشارة إلى إبدال الواو والياء همزة أي: يجب إبدال كل من الواو والياء همزة إذا وقعت عينًا لاسم فاعل أعلت عين فعله نحو: قائل وبائع، الأصل: قاول وبايع، فحملا على الفعل في الإعلال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تكون إلا ساكنة، ولا ينافي اتحاد صورتها وصورة الهمزة المحققة اختلاف مخرجيهما؛ بدليل أن النون الساكنة من نحو: من وعن، والمحركة من نحو: نعم ونفر، تسمى كل واحدة منهما نونًا، ويكتبان شكلًا واحدًا مع أن المتحركة من طرف اللسان مع ما يليه من الحنك الأعلى والساكنة من ذلك مع الخيشوم. وأما إخراج أبي العباس لها من الحروف محتجًّا بعدم ثباتها على صورة واحدة فليس بشيء؛ لأن جميع هذه الحروف إنما أثبتت لوجودها في اللفظ الذي هو قبل الخط والهمزة موجودة في اللفظ كغيرها من الحروف وانقلابها في بعض أحوالها لعارض كتخفيف وإبدال لا يخرجها عن كونها حرفًا، ألا ترى أن انقلاب غيرها في بعض أحواله لعارض لا يخرجه عن كونه حرفًا. اهـ. وقال التفتازاني في حاشية الكشاف: الألف اسم للمدة التي هي أوسط حروف جاء، والهمزة التي هي آخرها بدليل قولهم: الألف واللام للتعريف، وألف الوصل تسقط في الدرج، وقولهم: الألف على ضربين: لينة ومتحركة؛ فاللينة تسمى ألفًا والمتحركة تسمى همزة، والهمزة اسم مستحدث لا أصلي؛ وإنما يذكر في حروف التهجي اسم الألف لا الهمزة. اهـ.
فعلم أن الألف تطلق بمعنى عام يشمل الهمزة والألف اللينة وبمعنى خاص باللينة. اهـ ما في حاشية السيوطي بتلخيص وبعض زيادة. وفي الهمع عن ابن جني: لما لم يمكن أن يلفظ بالألف اللينة في أول اسمها كما فعل في أخواتها توصل إلى النطق بها باللام، وقيل في اسمها لا كما توصل إلى النطق بلام التعريف بالألف، وقيل في الابتداء الغلام ليتقارضا، وقول المعلمين لام ألف خطأ؛ لأن كلا من اللام والألف مضى ذكره، وليس الغرض بيان كيفية تركيب الحروف؛ بل سرد أسماء الحروف البسائط. اهـ. ويرد عليه أن تقارض اللام في نحو الغلام مع الهمزة لا مع الألف اللينة، وقد يجاب بأنه يكفي في تحقق تقارض اللام مع الألف اللينة أن كلا من الهمزة والألف اللينة يسمى ألفًا. وقوله: لأن كلا من اللام والألف مضى ذكره يرد عليه أن الألف الماضي ذكرها صدر الحروف الهمزة لا الألف اللينة المشار إليها بلا -كما مر- فيوجه قول المعلمين لام ألف بأن ذكرهم الألف تنبيه على أن لا إشارة إلى الألف اللينة وذكرهم اللام؛ لأنها المتوصل بها إلى النطق بالألف اللينة في قولهم: لا، فاعرف ذلك.
قوله: "ثم أشار إلى الثانية" أي: من مسائل إبدال الهمزة من الواو والياء. قوله: "وفي فاعل ما أعل عينًا" أي: وفي اسم فاعل فعل أعلت عينه، ولا فرق في اسم الفاعل المذكور بين أن يتجرد من علامة التأنيث والتثنية والجمع أو لا. قوله: "إذا وقعت" أي: كل منهما. قوله: "فحملا على الفعل في الإعلال" قال في التصريح: ما ذكره تبعًا لغيره من أن اسم الفاعل فرع الفعل في الإعلال، والتصحيح مشكل لوجهين؛ أحدهما: أنه قد يدخله الإعلال وإن لم يكن له فعل أصلًا كما سيذكره من جائز وجائزة، فإن ادعوا أنهما منقولان من أسماء الفاعلين، فقد كثروا النقل في أسماء(4/401)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بخلاف نحو عور، فهو عاور، وعين فهو عاين.
تنبيهات: الأول: هذا الإبدال جار فيما كان على فاعل ولم يكن اسم فاعل؛ كقولهم: جائز وهو البستان، قال:
1277- صَعْدَةٌ نابتة في جائز أينما الريح تُمَيِّلُها تَمِلْ
وكقولهم: جائزة وهي خشبة تجعل في وسط السقف. وكلام الناظم هنا وفي الكافية لا يشمل ذلك، وقد نبه عليه في التسهيل.
الثاني: اختلف في هذا الإبدال أيضًا؛ فقيل: أبدلت الواو والياء همزة كما قال المصنف. وقال الأكثرون: بل قلبتا ألفًا، ثم أبدلت الألف همزة كما تقدم في كساء ورداء، وكسرت الهمزة على أصل التقاء الساكنين. وقال المبرد: أدخلت ألف فاعل قبل الألف المنقلبة في قال وباع وأشباههما، فالتقى ألفان وهما ساكنان فحركت العين لأن أصلها الحركة، والألف إذا تحركت صارت همزة.
الثالث: يكتب نحو:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأجناس وهو قليل؛ بل قيل: ممنوع. والوجه الثاني أن الصحيح أن الوصف فرع عن المصدر لا عن الفعل. اهـ. وقد يجاب عن الأول بالتزام النقل ومنع التكثير، وعن الثاني بأن فرعية الوصف عن المصدر على الراجح من حيث الاشتقاق، وهذا لا ينافي ما قالوه هنا من أن فرعيته عن الفعل من حيث الإعلال والتصحيح، فافهم. قوله: "في الإعلال" أي: في مطلق الإعلال وإن كان الإعلال فيهما بقلب العين همزة وفي الفعل بقلبها ألفًا. قوله: "نحو عور... إلخ" في القاموس: العور ذهاب حس إحدى العينين، عور كفرح وعار يعار وأعور وأعوار فهو أعور والجمع عور وعيران وعوران. وفيه عين كفرح عينا وعينة بالكسر عظم سواد عينه في سعة فهو أعين.
قوله: "هذا الإبدال جار" بالراء من الجري كما في عبارة المرادي، وفي نسخ من الشرح: جائز بالزاي من الجواز بمعنى عدم الامتناع لوجوب الإبدال في هذا القسم أيضًا، كما هو صريح التسهيل. واغتر شيخنا السيد بظاهر ما في هذه النسخ فقال ما قال. قوله: "كقولهم جائز" ضبطه الشيخ خالد بالجيم والزاي وفسره بالبستان. قوله: "وضبطه" العيني في البيت بالحاء المهملة والراء وفسره بمجتمع الماء. قوله: "صعدة" هي القناة المستوية تنبت كذلك قاموس. قوله: "لا يشمل ذلك" لأنه لا فعل له؛ بل ليس اسم فاعل حقيقة. قوله: "كما قال المصنف" لو قال: وهو ظاهر كلام المصنف كما قال في نظيره السابق لكان أحسن.
قوله: "قلبتا ألفًا" لتحرك كل منهما بعد فتحة مفصولة بحاجز غير حصين. قوله: "قبل الألف... إلخ" عبارة التصريح على ألف قال وباع ونحوهما. اهـ. أي: فلم يلحظ الواو والياء في اسم الفاعل على قول المبرد بخلافهما على القولين قبله هذا ما ظهر لي، وبه يفارق قول المبرد قول الأكثرين، فتأمل. قوله: "بالياء" أي: مع رسم همزة فوقها، وبها استغني عن النقطتين. قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1277- راجع التخريج رقم 1125.(4/402)
والمدُّ زِيدَ ثالثًا في الواحدِ هَمْزًا يُرَى في مِثْلِ كالقَلائِدِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قائل وبائع بالياء على حكم التخفيف؛ لأن قياس الهمزة في ذلك أن تسهل بين الهمزة والياء؛ فلذلك كتبت ياء، وأما إبدال الهمزة في ذلك ياء محضة فنصوا على أنه لحن، وكذلك تصحيح الياء في بائع، ولو جاز تصحيح الياء في بائع لجاز تصحيح الواو في قائل، ومن ثم امتنع نقط الياء من قائل وبائع، قال المطرزي: نقط الياء من قائل وبائع عامي، وقال: ومر بي في بعض تصانيف أبي الفتح ابن جني أن أبا علي الفارسي دخل على واحد من المتسمين بالعلم، فإذا بين يديه جزء مكتوب فيه: قائل -بنقطتين من تحت- فقال أبو علي لذلك الشيخ: هذا خط من؟ فقال: خطي، فالتفت إلى صاحبه وقال: قد أضعنا خطواتنا في زيارة مثله، وخرج من ساعته. انتهى.
ثم أشار إلى الثالثة بقوله: "والمد زيد ثالثًا في الواحد همزا يُرى في مثل كالقلائد" أي: يجب إبدال حرف المد الزائد الثالث همزة إذا جمع على مثال مفاعل نحو: رعوفة ورعائف، وقلادة وقلائد، وصحيفة وصحائف، وعجوز وعجائز، وسليق وسلائق، وشمال وشمائل، بخلاف نحو: قسورة وقساور لعدم المد، وبخلاف نحو: مفازة ومفاوز،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"التخفيف" أي: بتسهيل الهمزة بين الهمزة المحضة والياء المحضة بدليل ما بعده. قوله: "فلذلك كتبت ياء" مكرر مع ما قبله. قوله: "تصحيح الياء" أي: الإتيان بها على أنها الأصلية لا مبدلة من الهمزة، فهو غير ما قبله. قوله: "ومن ثم" أي: من أجل أن ما ذكره من الإبدال والتصحيح لحن. قوله: "هذا خط من" كان الواجب أن يقول: خط من هذا؟ لوجوب صدارة الاستفهام وما أضيف اليه. قوله: "والمد" أي: حرف المد واوًا أو ياء أو ألفًا، وجملة زيد حال من ضمير يُرى، وثالثًا حال من ضمير زيد، فهي حال متداخلة أو من ضمير يرى، فهي مترادفة. وقوله: في الواحد بيان للواقع لا للاحتراز؛ ولهذا لم يذكر له الشارح محترزًا.
قوله: "أي يجب إبدال... إلخ" وذلك لأنك لما جمعت قلادة على مفاعل وقعت ألف الجمع ثالثة ووقع بعدها ألف قلادة، فاجتمع ألفان فلم يكن بد من حذف إحداهما أو تحريكها، فلو حذفوا الأولى فاتت الدلالة على الجمع، ولو حذفوا الثانية تغير بناء الجمع؛ لأن هذا الجمع لا بد أن يكون بين ألفه وحرف إعرابه حرف مكسور ليكون كمفاعل، فتعين تحريك الثانية بالكسر ليكون كعين مفاعل والألف إذا حركت قلبت همزة ثم شبهت واو عجوز وياء صحيفة بألف قلادة لسكونهما إثر حركة من جنسهما كالألف، هذا تعليل ابن جني. وقال الخليل: إنما همزت الألف والياء والواو في رسائل وصحائف وعجائز؛ لأن حروف اللين فيهن ليس أصلهن الحركة؛ وإنما هي حروف ميتة لا تدخلهن الحركة، فلما وقعن بعد الألف همزن ولم يظهرن؛ إذ كن لا أصل لهن في الحركة، كذا في التصريح.
قوله: "نحو رعوفة" بالراء والعين المهملة والفاء من رعف كنصر ومنع وكرم وعنى وسمع خرج من أنفه الدم كذا في القاموس. قوله: "وسليق" كأمير يطلق على معانٍ منها ما تحات من صغار الشجر وسليق الطريق جانبه. قوله: "قسورة" هو الأسد، ويقال فيه: قسور بغير تاء. قوله:(4/403)
كذاكَ ثاني لَيِّنَيْنِ اكْتَنَفَا مد مَفَاعِلَ كجَمْعِ نَيِّفَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومعيشة ومعايش، ومثوبة ومثاوب؛ لعدم الزيادة، وشذ مصائب ومنائر، والأصل مصاوب ومناور، وقد نطق فيهما بهذا الأصل، وبخلاف نحو: صيرفي وعوسج وحائط ومفتاح وقنديل ومكوك لعدم كونه ثالثًا.
ثم أشار إلى الرابعة بقوله: "كذاك ثاني لينين اكتنفا مد مفاعل كجمع نيفا" نيفًا نصب على المفعول به بالمصدر المنون وهو جمع، وأضافه في الكافية للفاعل فقال: كجمع شخص نيفًا أي: يجب أيضًا إبدال كل من الواو والياء همزة إذا وقع ثاني حرفين لينين بينهما ألف مفاعل، سواء كان اللينان ياءين كنيائف جمع نيف، أو واوين كأوائل جمع أول، أو مختلفين كسيائد جمع سيد وأصله سيود، وصوائد جمع صائد، والأصل سياود وصوايد.
واعلم أن ما اقتضاه إطلاق الناظم هو مذهب الخليل وسيبويه ومَن وافقهما، وذهب الأخفش إلى أن الهمزة في الواوين فقط، ولا يهمز في الياءين ولا في الواو مع الياء، فيقول: نيايف وسياود وصوايد على الأصل، وشبهته أن الإبدال في الواوين إنما كان لثقلها، ولأن لذلك نظيرًا وهو اجتماع الواوين أول كلمة، وأما إذا اجتمعت الياءان أو الياء والواو فلا إبدال؛ لأنه إذا التقت الياءان أو الياء والواو أول كلمة فلا همز
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"وشذ مصائب ومنائر" وشذ أيضًا همزة معايش في رواية عن نافع والمشهور عنه الياء كما في المرادي. قوله: "وقد نطق فيهما" الضمير راجع لمصائب ومنائر بقطع النظر عن همزهما. قوله: "نحو صيرف وعوسج" فيه أن صيرفًا وعوسجًا خرجا بقيد المد، والصيرف المحتال في الأمور كالصيرفي، والعوسج شوك واسم فرس كذا في القاموس. قوله: "اكتنفا" أي: أحاطا. قوله: "نيفا" هو الزيادة على العقد من ناف ينيف. وقول الشاطبي: أصله نيوف، مبني على أنه من ناف ينوف، وتقدم في العدد بيانه كذا في التصريح. قوله: "بالمصدر المنون" تصريح بأن لفظ جمع في قوله: كجمع ليس عبارة عن اللفظ الدال على جماعة؛ وحينئذ لا يصح التمثيل به لمفاعل؛ لأنه لفظ، فلا يمثل له بالحدث ولا للإبدال؛ لأن الجمع ليس إبدالًا. ويجاب بأنه مثال لمفاعل على حذف مضاف أي: كحاصل جمع نيفًا أي: الحاصل به أي: كاللفظ الحاصل بسبب جمعك نيفًا وهو نيائف فقد مثل بنيائف وهو لفظ سم.
قوله: "أو مختلفين" تحته صورتان تقديم الياء على الواو وعكسه وقد مثل لهما. قوله: "وصوائد" الواو بدل ألف صائد. اهـ سم. لما تقدم في قوله في التصغير الذي مثله التكسير والألف الثاني المزيد يجعل واوًا. قوله: "في الواوين" أي: في صورة الواوين. قوله: "ولأن لذلك نظيرًا" الإشارة للإبدال في الواوين. وقوله: وهو اجتماع أي: الإبدال عند اجتماع الواوين أول الكلمة نحو أواصل؛ فإن أصله وواصل، ومناظرة هذا لمسألتنا في مطلق إبدال إحدى الواوين همزة وإن كانت المبدلة في مسألتنا الثانية وفي النظير الأولى. قوله: "وأما إذا اجتمعت الياءان أو الياء والواو" أي: في جمع مفاعل نحو: نيائف وسيائد، ولو حذف قوله: وأما... إلخ واقتصر على قوله: وإذا التقت الياءان... إلخ لكان أخصر وأسبك. قوله: "نحو يين ويوم" الأول بفتحتين قرية باليمن وعين أو واد بين ضاحك وضويحك وهما جبلان بالحجاز، والثاني بفتح فكسر يقال: يوم أيوم ويوم كفرح شديد، كذا(4/404)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحو: يَيَن ويَوم اسم موضع، واحتج أيضًا بقول العرب في جمع ضَيْوَن، وهو ذكر السنانير ضياون من غير همز، والصحيح ما ذهب إليه الأولان للقياس والسماع؛ أما القياس فلأن الإبدال في نحو أوائل إنما هو بالحمل على كساء ورداء لشبهه به من جهة قربه من الطرف وهو في كساء ورداء لا فرق بين الياء والواو فكذلك هنا. وأما السماع فحكى أبو زيد في سيِّقة سيائق بالهمز، وهو فعلية من ساق يسوق، وحكى الجوهري في تاج اللغة جيد وجيائد وهو من جاد، وحكى أبو عثمان عن الأصمعي في جمع عيل عيائل، وأما ضياون فشاذ مع أنه لما صح في واحده صح في الجمع فقالوا: ضياون، كما قالوا: اضيون، وكان قياسه ضين، والصحيح أنه لا يقاس عليه.
تنبيهات: الأول: فهم من قوله: مد مفاعل اشتراط اتصال المد بالطرف، فلو فصل بمدة شائعة ظاهرة أو مقدرة فلا إبدال، فالأولى نحو طواويس، والثانية نحو قوله:
1278- وكَحَلَ العينين بالعَوَاوِرِ
أراد بالعواوير لأنه جمع عوار وهو الرمد، فحذف الياء ضرورة، فهي في تقدير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في القاموس، ومنه يعلم أنه كان الأولى أن يقدم الشارح قوله: اسم موضع، على قوله: ويوم، كما صنع المصرح.
قوله: "في جمع ضيون" بفتح الضاد المعجمة وسكون التحتية وفتح الواو كصيقل كما نقله يس عن شرح الشافية. قوله: "ذكر السنانير" جمع سنور بكسر السين المهملة وتشديد النون مفتوحة وسكون الواو. قوله: "من جهة قربه" من سببية، وإضافة جهة إلى قرب للبيان، وفي الكلام حذف أي: قرب حرف العلة منه. قوله: "وهو" الإبدال بالهمزة. قوله: "سيقة" بياء مشددة ما استقاقه العدو من الدواب والدريئة يستتر فيها الصائد فيرمي الوحش كما في القاموس وأصله سيوقة بوزن فيعلة اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء. فقول الشارح: وهو فيعلة صوابه فعيلة بتقديم الياء على العين كما في المرادي. قوله: "مع أنه... إلخ" كان المناسب أن يجعله تعليلًا لقولهم: ضياون شذوذًا. قوله: "والصحيح أنه لا يقاس عليه" أي: على ضياون في تصحيح الواو وما أشبهه في صحة واحدة إذا وجد وذهب أناس إلى القياس، كذا في المرادي. قوله: "مد مفاعل" أي: ألفه. وقوله: اتصال المد أي: اللين الثاني الذي ينقلب همزة ووجه فهم ما ذكر من قوله: مد مفاعل أن المفصول مفاعيل لا مفاعل. قوله: "بمدة شائعة" أي: قياسية.
قوله: "وكحل" الضمير فيه يرجع إلى الدهر، وضبطه المصرح بتخفيف الحاء ولعله الرواية؛ وإلا فالتشديد صحيح معنى. قوله: "جمع عوار" قال العيني: بضم العين وتخفيف الواو وهو الرمد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1278- الرجز للعجاج في الخصائص 3/ 326، وليس في ديوانه، ولجندل بن المثنى الطهوي في شرح أبيات سيبويه 2/ 429، وشرح التصريح 2/ 369، وشرح شواهد الشافية ص374، والمقاصد النحوية 4/ 571، =(4/405)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموجودة. أما الفصل بمدة غير شائعة فلا أثر له، ويجب الإبدال كقوله:
1279- فيها عيائيلُ أُسُودٍ ونُمُرْ
الأصل عيائل؛ لكنه أشبع الهمزة اضطرارًا فنشأت الياء كقوله: تنقاد الصياريف؛ لأنه جمع عيل واحد العيال. قال الصغائي: واحد العيال عيل والجمع عيائل مثل: جيد وجياد وجيائد.
الثاني: لا يختص هذا الإبدال بتالي ألف الجمع كما أوهمه كلامه؛ بل لو بنيت من القول مثل عوارض قلت: قوائل بالهمز، هذا مذهب سيبويه والجمهور وعليه مشى في التسهيل، وخالف الأخفش والزجاج فذهبا إلى منع الإبدال في المفرد لخفته.
الثالث: حكم هذه الهمزة في كتابتها ياء ومنع النقط كما سبق في قائل وبائع. ثم أشار إلى تقييد ما أطلقه من الحكم في الهمز المبدل مما بعد ألف مفاعل في النوعين المذكورين،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشديد، وقيل: هو كالقذى. اهـ. وتبعه المصرح في هذا الضبط. قال سم: وضبطه المكي بتشديد الواو وهو الظاهر. اهـ.
قوله: "فهي في تقدير الموجودة" ولذلك صحت فيه الواو لبعدها من الطرف في التقدير. قوله: "تنقاد" بفتح التاء أي: نقد، وإضافته إلى الصياريف من إضافة المصدر لفاعله. قوله: "لأنه قد جمع عيل واحد العيال" يؤخذ منه وما بعده أن للعيل جمعين عيالًا وعيائل. قوله: "كما أوهمه كلامه" قد يقال: مراد المصنف موازن مفاعل في مجرد عدد الحروف والهيآت فيشمل المفرد ولا ينافيه قول كجمع نيفًا؛ لأن المثال لا يخصص. اهـ سم. وقولهم: عدد المصنف إعطاء الحكم بالمثال غير مطرد. قوله: "مثل عوارض" أي: مفردًا على وزن عوارض. قوله: "ثم أشار إلى تقييد ما أطلقه... إلخ" فيه شيء؛ لأن الحكم الذي أطلقه فيما سبق إطلاقه معتبر؛ لأن الإبدال همزة ثابت في هذه الصورة أيضًا غير أنه بين هنا زيادة حاصلها أن الهمزة المبدلة لا تبقى فيما إذا كانت اللام معتلة؛ بل تغير وتصير ياء إلا أن يريد بالإطلاق الإطلاق باعتبار بقاء الحكم فحينئذ يتضح التقييد؛ لأنه بين هنا أن ذلك الحكم وهو الإبدال همزة لا يبقى؛ بل يغير. قاله سم. قوله: "في النوعين المذكورين" أي: المشار إلى أولهما بقوله: والمد زيد... إلخ وإلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 785، وأوضح المسالك 4/ 374، والخصائص 1/ 195، 3/ 164، وسر صناعة الإعراب 2/ 771، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 131، وشرح المفصل 5/ 70، 10/ 91، 92، والكتاب 4/ 370، ولسان العرب 4/ 615 "عور"، والمحتسب 1/ 107، 124، والممتع في التعريف 1/ 339، والمنصف 2/ 49، 3/ 50.
1279- الرجز لحكيم بن معية في شرح أبيات سيبويه 2/ 397، ولسان العرب 5/ 234 "نمر"، والمقاصد النحوية 4/ 586، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 316، 376، وشرح التصريح 2/ 310، 370، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 132، وشرح شواهد الشافية ص376، وشرح المفصل 5/ 18، 10/ 92، والكتاب 3/ 574، ولسان العرب 11/ 489 "عيد"، والمقتضب 2/ 203، والممتع في التعريف 1/ 344.(4/406)
وافْتَحْ وَرُدَّ الهمزَ يا فِيمَا أعلّ لامًا وَفِي هِرَاوةٍ جُعِلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أعني: ما استحق الهمز لكونه مدًّا مزيدًا في الواحد، وما استحق الهمز لكونه ثاني لينين اكتتفا مد مفاعل بقوله: "وافتح ورد الهمز يا فيما أعل لامًا" فالألف واللام في الهمز للعهد أي: يجب في هذين النوعين إذا اعتلت لامهما أن يخففا بإبدال كسرة الهمزة فتحة ثم بإبدالها ياء فيما لامه همزة أو ياء أو واو ولو تسلم في الواحد، فالنوع الأول مثال ما لامه همزة منه: خطيئة وخطايا، ومثال ما لامه ياء منه: هدية وهدايا، ومثال ما لامه واو منه لم تسلم في الواحد: مطية ومطايا، فأصل خطايا خطائي بياء مكسورة، وهي ياء خطيئة، وهمزة بعدها هي لامها، ثم أبدلت الياء همزة على حد الإبدال في صحائف فصار خطائي بهمزتين، ثم أبدلت الثانية ياء لما سيأتي من أن الهمزة المتطرفة بعد همزة تبدل ياء وإن لم تكن بعد مكسورة، فما ظنك بها بعد المكسورة، ثم فتحت الأولى تخفيفًا، ثم قلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار خطاءا بألفين بينهما همزة، والهمزة تشبه الألف فاجتمع شبه ثلاث ألفات، فأبدلت الهمزة ياء فصار خطايا بعد خمسة أعمال. وأصل هدايا هدايي -بياءين الأولى ياء فعيلة والثانية لام هدية- ثم أبدلت الأولى همزة كما في صحائف، ثم قلبت كسرة الهمزة فتحة، ثم قلبت الياء ألفًا، ثم قلبت الهمزة ياء، فصار هدايا بعد أربعة أعمال، وأصل مطايا مطايو؛ لأن أصل مفرده وهو مطية مطيوة -فعيلة من المطا وهو الظهر- أبدلت الواو ياء، وأدغمت الياء فيها، على حد ما فعل بسيد وميت، فقلبت الواو ياء لتطرفها بعد كسرة كما في الغازي والداعي، ثم قلبت الياء الأولى همزة كما في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثانيهما بقوله: كذاك ثاني... إلخ. قوله: "أعني: ما استحق" أي: جمعا استحق الهمز بكونه أي: الهمز في الأصل مدًّا مزيدًا في الواحد، وكذا يقال فيما بعده. قوله: "فيما" أي: جمع أعل لامًا، وأراد به ما يشمل المهموز كما سينبه عليه الشارح، ولو قال: فيما اعتل لامًا لكان أوفق باصطلاحهم.
قوله: "للعهد" أي: الذكري، فالمراد بالهمز الهمز المذكور سابقًا في النوعين. قوله: "كسرة الهمزة" أي: الوالية لألف مفاعيل. قوله: "فيما لامه... إلخ" ما واقعة على جمع والجار والمجرور بدل من قوله: في هذين النوعين. قوله: "ولم تسلم في الواحد" حال من الواو فقط أي: بل انقلبت ياء، وسيأتي محترزة في قوله: وفي مثل هراوة جعل واوًا ولو حذف الواو كما في نظيره الآتي لسلم من إتيان الحال من النكرة بلا مسوغ. قوله: "فالنوع الأول" أي: من النوعين. قوله: "بهمزتين" الأولى المبدلة من الياء والثانية لام الكلمة. قوله: "لما سيأتي" أي: في قوله: ما لم يكن لفظًا أتم فذاك ياء مطلقًا جا.
قوله: "والهمزة تشبه الألف" لقرب مخرجها وهو أقصى الحلق من مخرج الألف وهو الجوف، فقول شيخنا والبعض: لكونها من مخرجها، فيه تساهل. قوله: "وهو مطية" المطية الراحلة. قوله: "من المطا وهو الظهر" أو من المطو وهو المد يقال: مطوت بهم في السير أي: مددت. تصريح. قوله: "أبدلت الواو... إلخ" راجع للمفرد. وقوله: فقلبت الواو... إلخ راجع للجمع.(4/407)
واوًا وهمزًا أَوَّلَ الواوين رُدّ في بَدْءِ غير شِبْهِ ووفي الأَشُدّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحائف، ثم أبدلت الكسرة فتحة ثم الياء ألفًا ثم الهمزة ياء، فصار مطايا بعد خمسة أعمال. وإن كانت الهمزة أصلية سلمت نحو: المرآة والمرآة والمرائي، فإن الهمزة موجودة في المفرد، فإن المرآة مفعلة من الرؤية فلا تغير في الجمع، وشذ مرايا كهدايا سلوكًا بالأصلي مسلك العارض، كما شذ عكسه وهو السلوك بالعارض مسلك الأصلي في قوله:
1280- فما بَرِحَتْ أقدامُنا في مَكَانِنَا ثَلاثَتَنَا حتى أُزِيرُوا الْمَنَائِيَا
وقول بعض العرب: اللهم اغفر لي خطائئي -بهمزتين- والنوع الثاني مثاله زاوية وزوايا أصله زوائي بإبدال الواو همزة لكونه ثاني لينين اكتنفا مد مفاعل، ثم خفف بالفتح فصار زوائي، ثم قلبت الياء ألفًا فصار زواءًا، ثم قلبت الهمزة ياء على نحو ما تقدم في هدايا.
تنبيه: أدرج الناظم هنا الهمزة في حروف العلة حسبما حمل الشارح كلامه على ذلك؛ ولكنه غاير بينهما في التسهيل. وفي الهمزة ثلاثة أقوال؛ أحدها: حرف صحيح، والثاني: حرف علة، وإليه ذهب الفارسي، والثالث: أنها شبيهة بحرف العلة. انتهى.
وأشار بقوله: "وفي مثل هراوة جُعل واوًا" إلى أن المجموع على مثال مفاعل إذا كانت لامه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وإن كانت الهمزة" أي: الوالية لألف مفاعل أصلية، هذا محترز القيد الذي تضمنه قول المصنف: الهمز بلام العهد؛ لأن المعهود الهمز السابق في كلامه، وهو لهمز المبدل من مدة الواحد الزائدة أو ثاني لينيه أو القيد الذي في قول الشارح أعني: ما استحق الهمز لكونه أي: الهمز في الأصل مدًّا مزيدًا في الواحد.
قوله: "مفعلة" بكسر الميم. تصريح. قوله: "فلا تغير في الجمع" بل تبقى هي وكسرتها والياء بعدها. قوله: "سلوكًا بالأصلي" أي: الهمز الأصلي مسلك العارض بسبب الجمع. قوله: "فما برحت أقدامنا... إلخ" قاله عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم النبي، من قصيدة قالها في شأن يوم بدر وما جرى له يومه من قطع رجله ومبارزته هو وحمزة وعلي، وهم المراد من قوله: ثلاثتنا، ومات رضي الله عنه بالصفراء وهم راجعون، وثلاثتنا بدل من "نا" في أقدامنا.
قوله: "وقول بعض العرب" بجر قول عطفًا على المجرور بفي قبله. قوله: "والنوع الثاني" أي: الجمع الذي ألفه بين لينين. قوله: "مثاله زاوية وزوايا" لم يقل قياس صنيعه في النوع الأول مثال ما لامه ياء منه زاوية وزوايا، ومثال ما لامه واو منه لم تسلم في الواحد كذا وكذا؛ لعدم هذا القسم فيما يظهر، فتدبر. قوله: "أصله زوائي" أي: أصله الثاني كما يؤخذ من بقية كلامه وأصله الأول زواوي. قوله: "حسبما" بفتح السين. قوله: "غاير بينهما في التسهيل" لعطفه الهمزة على حرف العلة، والعطف يقتضي المغايرة. قوله: "وفي مثل هراوة" أي: في جمع مثل هراوة وهي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1280- البيت من الطويل، وهو لعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب في المقاصد النحوية 4/ 188، ولبعض الصحابة في شرح عمدة الحافظ ص588، وبلا نسبة في المقاصد النحوية 4/ 188.(4/408)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واوًا لم تعل في الواحد؛ بل سلمت فيه كواو هراوة جعل موضع الهمزة في جمعه واوًا فيقال: هراوي، والأصل هرائو بقلب ألف هراوة همزة، ثم هرائي بقلب الواو ياء لتطرفها بعد الكسرة، ثم خففت بالفتح فصار هراءي، ثم قلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار هراءًا، فكرهوا ألفين بينهما همزة -لما سبق- فأبدلوا الهمزة واوًا طلبًا للتشاكل؛ لأن الواو ظهرت في واحده رابعة بعد ألف، فقصد تشاكل الجمع لواحده، فصار هراوي، بعد خمسة أعمال.
تنبيهات: الأول: إنما ترد الهمزة ياء فيما أعل لامًا من الجمع المذكور إذا كانت عارضة كما رأيت، فإن كانت أصلية سلمت.
الثاني: شذ جعل الهمزة واوًا فيما لامه ياء، وذلك قولهم في هدايا: هداوي، وفيما لامه واو أعلت في الواحد، وذلك قولهم في مطايا: مطاوي، وقاس الأخفش على هداوي، وهو ضعيف؛ إذ لم ينقل منه إلا هذه اللفظة.
الثالث: مذهب الكوفيين أن هذه الجموع كلها على وزن فعالي صحت الواو في هراوي كما صحت في المفرد، وأعلت في مطايا كما أعلت في المفرد، وهدايا على وزن الأصل، وأما خطايا فجاء على خطية بالإبدال والإدغام على وزن هدية، وذهب البصريون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العصا الضخمة، كما في التصريح. قوله: "جعل موضع الهمزة" لو قال: أبدلت الهمزة فيه واوًا، أو جعلت الهمزة فيه واوًا -كما قال الناظم- لكان أخصر وأظهر في كون الواو مبدلة من الهمزة. قوله: "لما سبق" أي: من اجتماع شبه ثلاث ألفات، وهم يكرهون اجتماع الأمثال.
قوله: "لأن الواو ظهرت في واحده... إلخ" إلا أن الواو في الواحد لام الكلمة، وفي الجمع بدل من الهمزة الزائدة المبدلة من ألف الواحد. قوله: "فقصد تشاكل الجمع لواحده" قد يستغنى عنه بقوله: طلبًا للتشاكل على أن صوابه أن يقول: تشاكل الجمع وواحده أو مشاكلة الجمع لواحده؛ لأن التشاكل تفاعل يقتضي التعدد، ولازم لا يتعدى ولا بلام التقوية. قوله: "إنما ترد الهمزة ياء... إلخ" هذا التنبيه متعلق بقوله: وافتح ورد الهمز... إلخ، فكان المناسب ذكره في شرحه مع التنبيه المذكور مع أنه مكرر مع قوله سابقًا: وإن كانت الهمزة أصلية... إلخ. نعم، في بعض النسخ إسقاط ما سبق، وعليه لا تكرار هنا.
قوله: "وقاس الأخفش على هداوي" أي: بالدال، ورسمه في بعض النسخ بالراء تحريف، ولا يبعد عندي أن يقيس على مطاوي أيضًا؛ فإنه أولى بأن يقاس عليه من هداوي؛ لأن الإتيان بالواو في مطاوي له وجه وهو الرجوع إلى الأصل، فراجع. قوله: "وهو ضعيف" وقال الدماميني: لا يظهر لقياسه على هداوي وجه. قوله: "على وزن فعالي" فما بعد ألف الجمع لام الكلمة والألف للتأنيث. قوله: "وهدايا على وزن الأصل" أي: على طبق المفرد أي: صحت لامه كما صحت لام المفرد. فقوله هنا على وزن الأصل بمنزلة قوله: في هراوي صحت الواو فيه كما صحت في المفرد(4/409)
مدخل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلى أنها فعائل حملًا للمعتل على الصحيح، ويدل على صحة مذهب البصريين قوله: حتى أزيروا المنائيا. وأما ما نقل عن الخليل من أن خطايا وزنها فعالي فليس كقول الكوفيين؛ لأن الألف عندهم للتأنيث وعنده بدل من المدة المؤخرة؛ وذلك لأنه يقول: إن مدة الواحد لا تبدل في هذا همزة؛ لئلا يلزم اجتمع همزتين؛ بل تقلب بتقديم الهمزة على الياء فيصير خطائي ثم يعل كما تقدم. انتهى طائي.
"وهمزًا أول الواوين رد في بدء غير شبه ووفي الأشد" أي: هذه مسألة خامسة اختصت بها الواو يعني: أن كل كلمة اجتمع في أولها واوان؛ فإن أولاهما يجب إبدالها همزة بشرط ألا تكون الثانية منهما مدة غير أصلية، فخرج أربع صور؛ الأولى: أن تكون الثانية مدة بدلًا من ألف فاعل نحو: ووفي الأشد،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: في مطايا أعلت الواو فيه كما أعلت في المفرد؛ إلا أنه خالف الأسلوب تفننًا في التعبير، فلا يرد الاعتراض بأن هراوي ومطايا على وزن الأصل. قوله: "فجاء على خطية بالإبدال والإدغام" يرد أنه على هذا يكون خطايا أيضًا على وزن الأصل كهراوي ومطايا وهدايا، فلا تحسن مقابلة الثلاثة بخطايا في قوله: وأما خطايا... إلخ إلا أن يقال: المقابلة من حيث ظهور كون الثلاثة على وزن الأصل من غير احتياج إلى شيء بخلاف خطايا؛ فإنهم احتاجوا في كونها على وزن الأصل إلى جعلها جمع خطية بالإبدال والإدغام، فافهم.
قوله: "وذهب البصريون... إلخ" وهو الذي ذهب اليه المصنف حملًا للمعتل كهدية وهدايا على الصحيح كصحيفة وصحائف. قوله: "لأن الألف عندهم للتأنيث" أي: زائدة للتأنيث. وأما اللين الزائد في المفرد فحذف في الجمع للتخلص من التقاء الساكنين. قوله: "بدل من المدة" أي: التي كانت في المفرد. وقوله: المؤخرة أي: التي عرض تأخيرها في الجمع بعد أن كانت مقدمة في المفرد، وهي المدة التي تقلب همزة في فعائل. قوله: "لا تبدل في هذا" أي: فيما لامه همزة كخطيئة. قوله: "لئلا يلزم اجتماع همزتين" اعترض بأن القياس قلب الياء همزة وإذا اجتمع همزتان فعل فيهما ما يقتضيه القياس، وبأنهم قد نطقوا به على الأصل، سمع من بعض العرب: اللهم اغفر لي خطائي، ولو كان كما قال الخليل لم يكن ثم همزة ألبتة، كذا في المرادي والتصريح.
قوله: "بل تقلب" أي: مدة الواحد قلبًا مكانيًّا. فقوله: على الياء من وضع الظاهر موضع المضمر وكان مقتضى الظاهر أن يقول عليها أي: المدة. قوله: "وهمزًا" مفعول ثانٍ لرد وأول مفعوله الأول. قوله: "الأشد" نائب فاعل ووفي والأشد، ويضم أوله القوة وهو ما بين ثماني عشرة إلى ثلاثين سنة واحد جاء على صيغة الجمع أو جمع لا واحد له من لفظه أو واحده شدة بالكسر على غير قياس، أو شد ككلب وأكلب، أو شد كذئب وأذؤب، قاله في القاموس، وعن ابن عباس في قوله تعالى: {بَلَغَ أَشُدَّهُ} [يوسف: 22] أن الأشد ثلاث وثلاثون سنة.
قوله: "أي: هذه مسألة خامسة" أي: للمسائل الأربع المذكورة في قوله: فأبدل الهمزة من واو يا... إلخ لكن هذه الخامسة مختصة بالواو بخلاف الأربع ولم يقدمها على قوله: وافتح ورد الهمز... إلخ لتعلقه بالثالثة والرابعة فسقط ما اعترض به شيخنا وتبعه البعض. قوله: "ألا تكون الثانية(4/410)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وووري عنهما.
والثانية: أن تكون مدة بدلًا من همزة كالوولى مخفف الوؤلى بواو مضمومة فهمزة، وهي أنثى الأوأل أفعل تفضيل من وأل إذا لجأ.
والثالث: أن تكون عارضة كأن تبني من الوعد مثال فوعل ثم ترده إلى ما لم يسم فاعله.
والرابعة: أن تكون زائدة كأن تبني من الوعد مثال طومار فتقول: ووعاد، فهذه الصور الأربع لا يجب فيها الإبدال بل يجوز، وخالف قوم في الرابعة فأوجبوا الإبدال لاجتماع واوين وكون الثانية غير مبدلة من زائد، فإن الضمة التي قبلها غير عارضة، وإلى هذا ذهب ابن عصفور، واختار المصنف القول بجواز الوجهين؛ لأن الثانية وإن كان مدها غير متجدد لكنها مدة زائدة فلم تخلُ عن الشبه بالألف المنقلبة، ودخل صورتان يجب فيهما الإبدال:
الأولى: أن تكون الثانية غير مدة نحو قولك في جمع الأولى أنثى الأول: أوّل، الأصل وول، وقولك في جمع واصلة وواقية: أواصل وأواق، والأصل وواصل ووواق بواوين؛ أولاهما فاء الكلمة، والثانية بدل من ألف فاعلة كما تبدل في التصغير نحو: أويصل وأويق، وكذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منهما مدة غير أصلية" بأن تكون غير مدة أو تكون مدة أصلية. قوله: "من ألف فاعل" بفتح العين. قوله: "وهي أنثى الأوأل" إن قرئ الأوأل بواو ساكنة فهمزة فالضمير في وهي راجع للوؤلى بالهمز، وإن قرئ بواو مشددة فالضمير راجع للوولى بلا همز.
قوله: "أن تكون عارضة" أي: لا لإبدال لتباين هذه الصورة ما قبلها. قوله: "مثال فوعل" بفتح فسكون ففتح. قوله: "ثم ترده إلى ما لم يسم فاعله" فتقول ووعد، فالثانية مدة عارضة لعروض الضمة قبلها كما يفهم من كلامه الآتي: والعارضة غير أصلية. سم. قوله: "مثال طومار" بضم الطاء المهملة الصحيفة، ويقال لها: الطامور أيضًا، كذا في القاموس. قوله: "غير مبدلة من زائد" أي: وإن كانت مدة زائدة بخلاف واو نحو: ووفي. قوله: "فإن الضمة... إلخ" تعليل لكون الثانية غير مبدلة من زائد أي: بخلاف الضمة قبل مدة نحو: ووفي، واعترض البعض التعليل بأنه يفيد أن الضمة إذا كانت عارضة تكون الثانية مبدلة دائمًا، وليس كذلك، كما يشهد له ما تقدم في الثالثة، وفيه نظر؛ لأنه إنما يفيد أن الضمة إذا كانت عارضة لا يلزم أن تكون الثانية غير مبدلة، وهذا صادق بكونها في بعض الصور غير مبدلة، كما في المثال المتقدم للثالثة.
قوله: "وإن كان مدها غير متجدد" أي: لبناء الكلمة ووضعها عليه. قوله: "بالألف المنقلبة" أي: الصائرة واوًا ثانية في نحو: ووفي، ولو قال بالواو المنقلبة عن الألف واضحًا. قوله: "وأواق" هو مما أعل إعلال قاض فتثبت الياء إذا حُلي بأل. قوله: "ووواق" بثلاث واوات أولاها عاطفة والثانية والثالثة من بنية الكلمة، وهما مراد الشارح بقوله: بواوين... إلخ. قوله: "كما تبدل" أي: ألف فاعلة واوًا في التصغير؛ لأن التكسير كالتصغير في ذلك. قوله: "نحو: أويصل وأويق" تصغير واصل وواق، فالواو في تصغيرهما بدل من ألفهما، كما تقول في ضارب: ضويرب، ولو قال نحو: أويصلة وأويقية لكان أنسب بما قبله.(4/411)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لو بنيت من الوعد مثال كوكب قلت: أوعد والأصل ووعد.
والثانية: أن تكون مدة أصلية نحو الأولى أنثى الأول أصلها وولى بواوين أولاهما فاء مضمومة والثانية عين ساكنة؛ وإنما وجب الإبدال حينئذ كراهة ما لا يكون في أول الكلمة من التضعيف إلا نادر كددن، وخرج بتقييده بالبدء نحو: هووي ونووي.
تنبيهات: الأول: ظهر أن في كلام المصنف أمورًا:
أحدها: أنه يوهم قصر المستثنى على نحو ووفي مما مدته زائدة بدل من ألف فاعل، وأن ما سواه مما مدته زائدة يجب فيه الإبدال، وليس كذلك كما عرفت. ثانيها أنه يوهم أيضًا أن المستثنى ممتنع الإبدال، وليس كذلك؛ لما عرفت أن الصور الأربع المخرجة يجوز فيها الإبدال. ثالثها: أن كلامه ليس صريحًا في وجوب الإبدال فيما يجب فيه مما سبق، فلو قال: واوًا وهمزًا بدء واوي مبدا حتمًا سوى ما الثان طار مدا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "حينئذ" أي: حين إذ كانت الواو الثانية غير مدة أو مدة أصلية. قوله: "كراهة... إلخ" ولأنهم لما أجازوا البدل في وجوه وهي واو مفردة لثقلها بالضمة التزموه عند توالي واوين؛ لأنه أثقل من واو مفردة مضمومة. قوله: "من التضعيف" قال سم: قد يقال: التضعيف موجود في الصور الثلاث الأول من الصور الخارجة السابقة؛ إلا أن يقال: هو عارض فلا يعتبر. اهـ. وأقره شيخنا وتبعه البعض، وهو مثل سؤالًا وجوابًا؛ أما الأول فلأن التضعيف موجود في الصورة الرابعة من الصور الخارجة، فلا وجه لتخصيص السؤال بالثلاث الأول منها، وأما الثاني فلأن الصورة الثالثة لم يعرض فيها التضعيف؛ وإنما العارض فيها المد، فتأمل.
قوله: "كددن" بفتح الدالين المهملتين اللعب. قوله: "نحو: هووي ونووي" أي: في المنسوب إلى هوى ونوى، فلا تبدل الواو الأولى همزة لعدم تصدرها. تصريح. قوله: "يوهم قصر المستثنى" اعترض بأن فيه قصر الشيء على نفسه، وأجيب بأن المراد بالمستثنى الاستثناء أو أل في المستثنى للجنس، فالمعنى المستثنى في كلام النحاة لا في خصوص المتن، وما أجاب به البعض عن هذا الإيهام من أن المراد بشبه ووفي الأشد ما مدته عارضة أو زائدة؛ إنما يصحح عبارة المصنف: لا يدفع إيهامها.
قوله: "يوهم أيضًا أن المستنثى... إلخ" أجاب سم بأن رد فعل أمر لا ماض مجهول، والأصل في الأمر الوجوب، فالمفهوم حينئذ أنه لا يجب الإبدال فيما خرج لا أنه لا يجوز. قال شيخنا وتبعه البعض: ومنه يعلم جواب الأمر الثالث، وفيه نظر؛ إذ الصريح ما لا يحتمل غير المراد، ورد على تسليم أنه فعل أمر ظاهر في الوجوب لا صريح فيه كما لا يخفى على مَن له مسكة. قوله: "واوًا" معمول جعل في قول المصنف وفي مثل هراوة جعل واوًا... إلخ، وهمزًا عطف على واوًا، وبدء بالرفع عطف على نائب فاعل جعل. والمعنى: وجعل أول واوين وقعا مبدأ كلمة أي: صدرها همزًا حتمًا. وخفف الشارح مبدأ بإبدال همزته ألفًا كما خفف طار بإبدال همزته ياء وأعله إعلال قاض. وقوله: سوى ما الثان... إلخ استثناء من مبدأ، وما موصول عائد محذوف أي: سوى الصدر الذي الثاني(4/412)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لخلص من ذلك كله لما عرفت.
الثاني: زاد في التسهيل: لوجوب الإبدال شرطًا آخر؛ وهو ألا يكون اتصال الواوين عارضًا بحذف همزة فاصلة، مثال ذلك أن تبني افعوعل من الوأي فتقول: ايأوأي، والأصل اوأوأى، فقلبت الواو الأولى ياء لسكونها بعد كسرة، وقلبت الياء الأخيرة ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فإذا نقلت حركة الهمزة الأولى إلى الياء الساكنة قبلها حذفت همزة الوصل للاستغناء عنها، ورجعت الياء إلى أصلها وهو الواو لزوال موجب قلبها، فتصير الكلمة إلى ووأى، فقد اجتمع واوان أول الكلمة، ولا يجب الإبدال؛ ولكن يجوز الوجهان، وكذلك لو نقلت حركة الهمزة الثانية إلى الواو فصارت ووا جاز الوجهان وفاقًا للفارسي، قيل: وذهب غيره إلى وجوب الإبدال في ذلك، سواء نقلت الثانية أم لا.
الثالث: بقي مما تبدل منه الهمزة خمسة أشياء؛ أحدها: الواو المضمومة ضمة لازمة غير مشددة ولا موصوفة بموجب الإبدال السابق. ثانيها: الياء المكسورة بين ألف وياء مشددة. ثالثها: الواو المكسورة المصدرة. رابعها وخامسها: الهاء والعين، وقد ذكرتين في التسهيل؛ وإنما لم يذكر هذه الخمسة؛ لأن إبدال الهمزة منها جائز لا واجب؛ وإنما تعرض هنا للواجب وإن تعرض لغيره فعلى سبيل الاستطراد، فأما إبدالها من الواو المضمومة المذكورة فحسن مطرد نحو أُجُوه جمع وجه، وأدؤر جمع دار، وأنؤر جمع نار، الأصل وجوه وأدور وأنور، ونحو سؤوق جمع ساق، وغؤور مصدر غار الماء يغور غورًا وغؤورًا، وليس القلب في هذا الاجتماع الواوين؛ لأن الثانية مدة زائدة، والاحتراز بالمضمومة عن المكسورة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منه أوأل عوض عن الضمير أي: ثانيه ومدًّا بفتح الميم تمييز محول عن فاعل طار، والأصل طارئ مده لا يقال لا يخرج بهذا الاستثناء نحو ووفي؛ لأن مد ثانيه لم يطرأ، غاية الأمر أن الثاني بعد عروض البناء للمجهول واو وقبله ألف؛ لأنا نقول: شخص مد ووفي طارئ، والمد الموجود قبل ذلك غيره. قوله: "أن تبني افعوعل" أي: موازن افعوعل. قوله: "من الوأي" بفتح الواو وسكون الهمزة وهو الوعد.
قوله: "فإذا نقلت... إلخ" فيه وفيما بعده مخالفة لما سيأتي في كلام المصنف لساكن صح... إلخ من أن النقل؛ إنما يكون لحرف صحيح، فتأمل. قوله: "إلى ووأى" بواو مفتوحة فواو ساكنة فهمزة مفتوحة فألف. قوله: "فصارت ووا" بواوين مفتوحتين فألف. قوله: "الوجهان" إقرار الواو وإبدالها همزة. سم. قوله: "نقلت الثانية" أي: حركة الهمزة الثانية. قوله: "أحدها الواو المضمومة... إلخ" مصدرة كالمثال الأول أولًا كباقي الأمثلة.
قوله: "لازمة" مما خرج به ضمة واو سور جمع سوار؛ لأنها يجوز إسكانها تخفيفًا. قوله: "وقد ذكرتين" في بعض النسخ: ذكرهن، وهي الأولى لذكر الخمسة في التسهيل. قوله: "وإن تعرض لغيره" أي: كما يأتي في قوله: وأؤم ونحوه وجهين في ثانيه أم. قوله: "لأن الثانية مدة زائدة" أورد شيخنا وتبعه البعض على التعليل أنه لا ينافي(4/413)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والمفتوحة، وسيأتي الكلام عليهما. وبكون الضمة لازمة من ضمة الإعراب نحو: هذه دلو وضمة التقاء الساكنين نحو: {اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ} [البقرة: 16] {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ} [البقرة: 237] والاحتراز بغير مشددة من نحو: التعوذ والتحول؛ فإنه لا يبدل فيه، والاحتراز بالقيد الأخير من نحو: أواصل وأواق؛ فإن ذلك واجب كما مر. وأما إبدالها من الياء المذكورة فنحو: رائي وغائي في النسب إلى راية وغاية الأصل راييّ وغاييّ بثلاث ياءات فخفف بقلب الأولى همزة، وأما إبدالها من الواو المكسورة المصدرة فنحو: أشاح وإفادة وإسادة في وشاح ووفادة ووسادة.
وقرأ أبيّ وابن جبير والثقفي: "من إعاء أخيه" [يوسف: 76] ورأى أبو عثمان ذلك مطردًا مقيسًا وقصره غيره على السماع، والاحتراز بالمصدرة عن نحو واو طويل فلا تقلب؛ لأن المكسورة أخف من المضمومة فلم تقلب في كل موضع والوسط أبعد من التغيير. وأما الواو المفتوحة فلا تقلب لخفة الفتحة إلا ما شذ من قولهم: امرأة أناة، والأصل وناة؛ لأنه من الوَنية وهو البطء. قال ابن السراج: وأسماء اسم امرأة؛ لأنه في الأصل وسماء من الوسامة وهو الحسن، وأحد المستعمل في العدد، أصله وحد من الوحدة بخلاف أحد في ما جاءني أحد، فقيل: همزته أصلية؛ لأنه ليس بمعنى الوحدة. وأما إبدال الهمزة من الهاء والعين فقليل، فمن إبدالها من الهاء قولهم: ماه، والأصل ماء، وأصل ماه موه بدليل أمواه ومويه فتحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفًا، وإعلال حرفين متلاصقين من الشاذ، ومن ذلك أيضًا قولهم: أل فعلت وألا فعلت بمعنى هل فعلت وهلا فعلت، ومن إبدالها من العين قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جواز الإبدال لما تقدم من أنه يجوز إذا كانت الثانية مدة زائدة، فالصواب تعليل سم بأنهما ليسا في المبدأ، ولك دفعه بأن الذي تقدم الجواز فقط والذي ذكره الشارح هنا أن إبدال الواو المضمومة المذكورة حسن، والحسن أخص من الجائز. قوله: "وسيأتي الكلام عليهما" أي: في قوله: وأما إبدالها من الواو المكسورة... إلخ وقوله: وأما الواو المفتوحة... إلخ. قوله: "من نحو أواصل وأواق" سبقه إلى هذا المرادي في شرح التسهيل. قال الدماميني: وهو سهو؛ لأن الكلام في الواو المضمومة لا المفتوحة.
قوله: "ورأى أبو عثمان... إلخ" عبارة الدماميني: وهذا مطرد عند الجمهور، وبعض النحاة يجعل ذلك مقصورًا على السماع، والصحيح اطراده، ثم نقل عن المرادي أنه قال في بعض الكتب: إنه لغة هذيل. قوله: "أناة" بالنون بوزن قناة. قوله: "من الونية" بفتح الواو وسكون النون كما يفهم من القاموس. قوله: "اسم امرأة" احترز به عن أسماء جمع اسم. قوله: "فقيل همزته أصلية" وقيل: بدل من الواو. قوله: "فقليل" أي: شاذ. قوله: "وإعلال حرفين... إلخ" استئناف نبه به على أن في ماء شذوذًا من وجهين. قوله: "وألا فعلت" هذا أحد قولين ثانيهما أن الهمزة أصلية كما أن(4/414)
ومَدًّا ابْدِلْ ثَانِيَ الْهَمْزَيْنِ مِنْ كلمةٍ انْ يَسْكُنْ كآثِرْ وائْتَمِنْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1281- وماج ساعات ملا الوديق أُباب بَحْر ضاحك هَرْوَقِ
فأصل أباب عباب. وقال بعضهم: ليست الهمزة فيه بدلًا من العين؛ وإنما هو فعال من أب إذا تهيأ؛ لأن البحر يتهيأ للارتجاج، فالهمز على هذا أصل. ومما شذ إبدالها من الألف في قولهم: دأبة وشأبة وابيأض، وما روي عن العجاج من همز العألم والخأتم، وإبدالها من الفاء في قولهم: قطع الله أديه أي: يديه، يريد يده. فردت اللام وأبدلت الياء همزة، وقالوا في أسنانه ألل أي: يلل، واليلل قصر الأسنان، وقيل: إحديدًا بها إلى داخل الفم. يقال: رجل أيل وامرأة يلاء ، وهمز بعضهم الشيمة وهي الخلقة، وكذلك رئبال وهو الأسد. انتهى.
"ومدا ابدل ثاني الهمزين من كلمة إن يسكن كآثر وائتمن" أي: إذا اجتمع همزتان في كلمة كان لهما ثلاثة أحوال: أن تتحرك الأولى وتسكن الثانية، وعكسه، وأن يتحركا معًا. وأما الرابع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهاء أصلية، فألا وهلا مادتان مستقلتان. قوله: "وماج ساعات... إلخ" قال في القاموس: الملاة كقناة فلاة ذات حر وسراب والجمع ملا، وقال أيضًا: الوديقة شدة الحر، وذكر من معاني العباب الموج، وقال أيضًا ضحك السحاب برق والقرد صوت. قوله: "من أب" بتشديد الموحدة.
قوله: "دأبة وشأبة وابيأض" بفتح الهمزة في الثلاثة للساكن، قاله شيخنا السيد. قوله: "أديه" بفتح الهمزة وسكون الدال المهملة. وقال الفارسي: هي لغة فيديه وأديه بمنزلة يلملم وألملم، ونازعه تلميذه أبو الفتح ابن جني. اهـ فارضي. قوله: "في أسنانه ألل" يقال: أللت أسنانه من باب فرح. قوله: "احديدا بها" أي: ميلها. قوله: "رجل أيل" بفتح الهمزة والتحتية وتشديد اللام. وقوله: وامرأة يلاء بفتح التحتية وتشديد اللام مع المد كذا في القاموس. قوله: "الشيمة" بشين معجمة. قوله: "وكذلك رئبال" براء مكسورة فهمزة أو تحتية ساكنة فموحدة.
قوله: "ومدًّا ابدل" بنقل فتحة همزة ابدل إلى التنوين. قوله: "إن يسكن" أي: الثاني أي: والأول متحرك لوضوح تعذر سكونهما معًا. قوله: "وائتمن" بفتح التاء على أنه فعل أمر كما نقل عن خط ابن هشام؛ لأنه مقتضى رسمه بالتحتية لا بضمها على أنه ماض مجهول، وإن أوهمه صنيع الشارح بعد وصنيع الفارضي؛ لأنه لو كان كذلك لرسم بالواو ونكتة تعداد المثال الإشارة إلى أنه لا فرق بين أن تكون أولى الهمزتين همزة قطع أو همزة وصل، ثم التمثيل بائتمن باعتبار حالة الابتداء به؛ إذ لا يلتقي الهمزتان إلا حينئذ لا باعتبار حالة وصله بما قبله، كما في عبارة الناظم؛ حيث عطفه على ما قبله، ولو حذف المصنف واو العطف ليكون قوله: ائتمن بهمزة وصل مكسورة فياء مبدلة من همزة ساكنة على أنه جملة مبتدأة غير موصولة بما قبلها لكان واضحًا. قوله: "أي: إذا اجتمع" المناسب حذف أي: كما لا يخفى.
قوله: "همزتان" لم يتعرض المصنف والشارح لتفصيل الهمزة المفردة. وفي الهمع: يجوز
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1281- الرجز بلا نسبة في سر صناعة الإعراب ص106، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 207، وشرح شواهد الشافية ص432، وشرح المفصل 10/ 15، 16، ولسان العرب 1/ 205 "أبب"، والمقرب 2/ 164.(4/415)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو أن يسكنا معًا فمتعذر، فإن تحركت الأولى وسكنت الثانية وجب -في غير ندور- إبدال الثانية حرف مد يجانس حركة ما قبلها نحو: آثرت أوثر إيثارًا الأصل أأثرت أؤثر إئثارًا، ومن الإبدال ألفًا بعد الفتحة قول عائشة رضي الله عنها: "وكان يأمرني أن آتَزِر" بهمزة فألف، وعوام المحدثين يحرفونه فيقرءونه بألف وتاء مشددة.
وبعضهم يرويه بتحقيق الهمزتين، ولا وجه لواحد منهما؛ وإنما وجب الإبدال لعسر النطق بهما، وخص بالثانية لأن أفراط الثقل حصل بها، وشذت قراءة بعضهم: "ائلافهم رحلة الشتاء والصيف" [قريش: 2] بتحقيق الهمزتين، والاحتراز بكونهما من كلمة عن نحو: أأتمن زيد أم لا؟ وأأنت فعلت هذا؟ وأأتمر بكر أم لا؟ فإنه لا يجب فيه الإبدال؛ بل يجوز
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تخفيف الهمزة المفردة الساكنة بإبدالها بمجانس حركتها فتبدل ألفًا في رأس وياء في ذئب وواوًا في بؤس، والمتحركة بعد ساكن بحذفها ونقل حركتها إلى الساكن قبلها كقولك في اسأل: سل ما لم يكن الساكن قبلها مدًّا زائدًا غير ألف كخطيئة ومقروءة، أو ياء تصغير كخطيئة، فتبدل الهمزة بمثل المد وتدغم فيه أو نون انفعال كانأطر أي: اعوع فتقر الهمزة أو ألفًا فتسهل بجعلها بينها وبين مجانس حركتها كالهباءة وهي أرض لغطفان، وكذا تسهل أن تحركت بعد فتح مطلقًا مفتوحة كسال أو مكسورة كسئم أو مضمومة كلؤم، أو كانت بعد كسر أو ضم، وهي في الصورتين مكسورة أو مضمومة كمئين وسئل ويستهزئ ورءوس، فإن كانت مفتوحة أبدلت بعد الكسرة ياء كمير في مئر جمع مئرة وهي التميمة، وبعد الضم واوًا كجون في جؤن جمع جؤنة، وهي سل مغسى بجلد يجعله العطار ظرفًا لطيبه، ورجل سولة في سؤلة، وخالف الأخفش في صورتين المضمومة بعد كسر كيستهزئ، والمكسورة بعد ضم كسؤل، فأبدل الأولى ياء والثانية واوًا. اهـ. بزيادة من القاموس. قال الرضي في شرح الشافية: وقد تبدل الهمزة ألفًا إذا انفتحت وانفتح ما قبلها كسال وياء ساكنة إذا انكسرت وانكسر ما قبلها كمستهزئين واوًا ساكنة إذا انضمت وانضم ما قبلها كرءوس. قال سيبويه: وهذا سمعي وليس بقياسي، إلا في الضرورة. اهـ ملخصًا. وإذا أبدلت ياء ساكنة في مستهزئين واوًا ساكنة في رءوس التقى ساكنان، فيحذف أحدهما للتخلص.
قوله: "في غير ندور" احترازًا من قراءة: "ائلافهم" بهمزتين شذوذًا. قوله: "وكان" أي: النبي يأمرني أي: إذا حضت أن آتزر أي: لحرمة ما وراء الإزار من الحائض. قوله: "بألف" أي: يابسة وهي الهمزة. قوله: "ولا وجه لواحد منهما" لأن التاء لا تبدل من الهمزة الساكنة وتحقيق الهمزتين ممنوع. قال شيخنا السيد: لكن أجاز البغداديون اتزر واتمن واتهل من الإزار والأمانة والأهل بقلب الثانية تاء وإدغامها في التاء. وحكى الزمخشري اتزر بالإدغام. وقال الناظم: إنه مقصور على السماع.
قوله: "عن نحو: أأتمن زيد" بصيغة المعلوم وبهمزة استفهام مفتوحة فهمزة ساكنة هي فاء الكلمة وحذفت همزة الوصل المكسورة التي كانت بينهما للاستغناء عنها لعدم الابتداء بكلمتها بعد دخول همزة الاستفهام. وقوله: وأأنت بهمزتين مفتوحتين، فإن قلت: هذا المثال لا يناسب فرض(4/416)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التحقيق كما رأيت والإبدال فتقول: أوتمن زيد أم لا؟ وآنت فعلت؟ وايتمر بكر أم لا؟ لأن همزة الاستفهام كلمة، والهمزة التي بعدها أول كلمة أخرى.
وأما قول القراء في همزة الاستفهام وما يليها همزتان في كلمة، فتقريب على المتعلمين. وإن سكنت الأولى وتحركت الثانية، فإن كانتا في موضع العين أدغمت الأولى في الثانية نحو: سآل ولآل ورآس، ولم يذكر هذا القسم؛ لأنه لا إبدال فيه. وإن كانتا في موضع اللام فسيأتي الكلام عليهما عند قوله: ما لم يكن لفظًا أتم. وإن تحركتا معًا فإما أن يكون ثانيهما هذا في موضع اللام أم لا، فهذان ضربان: فأما الأول فسيأتي بيانه، وأما الثاني فله تسعة أنواع؛ لأن الثانية إما مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة، وعلى كل حال من هذه الثلاثة فالأولى أيضًا إما مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة، فثلاثة في ثلاثة بتسعة، وقد أخذ في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلامه وهو سكون الهمزة الثانية. قلت: لعل الشارح أراد بالضمير في قوله: والاحتراز بكونهما الهمزتين لا بقيد كون ثانيتهما ساكنة إشارة إلى أن كونهما من كلمة شرط لوجوب الإبدال في غير صورة سكون ثانيتهما أيضًا. وقوله: وأأتمر بكر بصيغة المعلوم وهمزة استفهام مفتوحة فهمزة ساكنة هي فاء الكلمة، وحذفت همزة الوصل المكسورة التي كانت بينهما لما مر.
قوله: "فتقول أوتمن... إلخ" كذا في النسخ برسم أوتمن بألف فواو، ورسم ايتمر بألف فياء، وفيه -كما قال سم- توقف؛ لأن همزة الاستفهام مفتوحة وإبدال الهمزة الثانية إنما يكون من جنس حركة الأولى فما وجه قلب الثانية في أوتمن واوًا وفي ايتمر ياء، واعتذر شيخنا وتبعه البعض بأن الإبدال واوًا وياء فيما ذكر مبني على فرض ضم همزة الاستفهام أو كسرها، فيقرأ أوتمن بضم همزة الاستفهام وايتمر بكسرها، والمثال لا يشترط صحته، وأنا أقول: فرار هذا من خطأ إلى خطأ، وإزالة لضرر بضرر، والذي ينبغي قراءة أوتمن وايتمر بهمزة استفهام مفتوحة فألف لينة؛ وإنما رسم الشارح هنا الألف في الأول واوًا وفي الثاني ياء اعتبار لما يرسم في بعض أحوال الكلمتين قبل دخول الاستفهام، وهو حال قراءة أوتمن بالبناء للمجهول وايتمر بصيغة الأمر ولا يخفى بعده، فتأمل. قوله: "وآنت فعلت" بهمزة استفهام مفتوحة فألف لينة بدل من همزة أنت وقول البعض بإبدال همزة أنت ياء لا واوًا خلافًا لما في الحواشي خطأ فاحش، وتقول: باطل.
قوله: "وأما قول القراء" بالقاف جمع قارئ؛ كقول الشاطبي: منهم باب الهمزتين من كلمة وعد من ذلك نحو: "أأنذرتهم"، فإن كانتا في موضع العين... إلخ ولا تكونان في موضع الفاء لتعذر الابتداء بالساكن. سم. قوله: "نحو سآل" أي: كثير السؤال ولآل أي: بائع اللؤلؤ ورآس أي: بائع الرءوس. سم. قوله: "فسيأتي الكلام عليهما" عند قوله: ما لم يكن لفظًا أتم فإنه سيصرح ثم بأنك إذا بنيت من قرأ مثال قمطر قلت: قرأي بإبدال الهمزة الثانية ياء. قوله: "فإما أن يكون ثانيهما" لم يقل: فإما أن يكونا على صنيعه في الهمزتين الساكنة أولاهما؛ لأن الهمزتين الساكنة أولاهما كالحرف الواحد بخلاف المتحركتين. قوله: "فسيأتي بيانه" أي: في الكلام على قوله: ما لم يكن لفظًا أتم؛ فإنه سيصرح ثم بأن الثانية تبدل ياء مطلقًا، سواء فتحت الأولى أو كسرت أو ضمت.(4/417)
إِنْ يُفْتَح اثْر ضَمٍّ اوْ فَتْح قُلِبْ واوًا وياءً إثْرِ كَسْرٍ يَنْقَلِبْ
ذُو الكَسْرِ مطلقًا كَذَا ومَا يُضَمُّ واوًا أَصِرْ ما لم يَكُنْ لفظًا أَتَمُّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بيان ذلك بقوله: "إن يفتح" أي: ثاني الهمزتين "اثر ضم أو فتح قلب واوًا" فهذان اثنان من التسعة:
الأول: نحو أويدم تصغير آدم. والثاني: نحو أوادم جمعه، والأصل أويدم وأآدم بهمزتين، فالواو بدل من الهمزة وليست بدلًا من ألفه كما في ضارب وضويرب وضوارب؛ لأن المقتضي لإبدال همزته ألفًا زال في التصغير والجمع، وذهب المازني إلى إبدال المفتوحة إثر فتح ياء فيقول في أفعل التفضيل من أنَّ: زيد أينّ من عمرو، ويقول الواو في أودام بدل من الألف المبدلة من الهمزة؛ لأنه صار مثل خاتم، والجمهور يقولون: هو أونّ من عمرو.
"وياء إثر كسر ينقلب" ثاني الهمزتين المفتوحة وثانيهما "ذو الكسر مطلقًا كذا" أي: ينقلب ياء، سواء كان إثر فتح أو كسر أو ضم، فهذه أربعة أنواع، مثال الأول أن تبنى من أم مثل إصبع بكسر الهمزة وفتح الباء، فتقول ائمم بهمزتين مكسورة فساكنة، ثم تنقل حركة الميم الأولى إلى الهمزة قبلها لتتمكن من إدغامها من الميم الثانية فيصير ائم، ثم تبدل الهمزة الثانية ياء فتصير الكلمة ايم، ومثال الثاني والثالث والرابع أن تبنى من أم مثل أصبع بفتح الهمز أو كسرها أو ضمها والباء فيهن مكسورة، وتفعل ما سبق فتصير الكلمة إيم وأيم وأيم. وأما قراءة ابن عامر والكوفيين "أئمة" بالتحقيق فمما يوقف عنده ولا يتجاوز "وما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "إن يفتح... إلخ" هذا تصريح بمفهوم قوله: إن يسكن لما فيه من التفصيل. قوله: "نحو أويدم... إلخ" قال المصرح: التمثيل بجمع آدم وتصغيره مبني على أنه عربي، وقد اضطرب فيه كلام الزمخشري؛ فذهب في الكشاف إلى أنه أعجمي على وزن فاعل كآزر، وذهب في المفصل إلى أنه عربي على وزن أفعل. اهـ. وأقره أرباب الحواشي. وأنت خبير بأن هذا الخلاف إنما هو في آدم العلم لا آدم الصفة المشتقة من الأدمة، وهي اللون المعروف؛ فإنه عربي باتفاق، ولا ضرورة إلى حمل المثال على العلم حتى يجعل التمثيل به مبنيًّا على أحد القولين، فافهم.
قوله: "وليست" أي: الواو في التصغير والجمع بدلًا من ألفه أي: ألف آدم. قوله: "كما في ضارب" راجع للمنفي. قوله: "لأن المقتضي" هو وقوعها ساكنة بعد همزة مفتوحة. قوله: "بدل من الألف... إلخ" أي: لا من الهمزة حتى يرد على المازني. وقوله: لأنه صار... إلخ علة لقوله: بدل من الألف، وقوله: صار مثل خاتم أي: فأشبهت ألفه المبدلة من همزة ألف خاتم الغير المبدلة.
قوله: "وياء إثر كسر ينقلب" معطوف على جملة قوله: إن يفتح... إلخ أي: وينقلب الهمز الثاني المفتوح ياء بعد كسر للهمز الأول. قوله: "وثانيهما" هذا تقدير لمنعوت ذو. قوله: "مطلقًا" حال من الضمير المستكن في الجار والمجرور أعني كذا. قوله: "من أم" بفتح الهمزة وتشديد الميم أي: قصد. قوله: "حركة الميم الأولى" وهي الفتحة. وقوله: فتصير الكلمة إيم أي: بكسر الهمزة وفتح الياء. قوله: "وما يضم... إلخ" لم يقل مطلقًا: كما في سابقه ولاحقه؛ اكتفاء بترك التقييد ببعض(4/418)
فَذَاكَ ياء مطلقًا جَا وأؤم ونَحْوُه وجهين في ثَانِيهِ أم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يضم" من ثاني الهمزين المذكورين "واوًا أصر" سواء كان الأول مفتوحًا أو مكسورًا أو مضمومًا، فهذه ثلاثة أنواع بقية التسعة المذكورة. أمثلة ذلك أوب جمع أب وهو المرعى، وأن تبنى من أم مثل إصبع بكسر الهمزة وضم الباء، أو مثل أبلم فتقول: إوم بهمزة مكسورة وواو مضمومة، وأوم بهمزة وواو مضمومتين، وأصل الأول أأبب على وزن أفلس. وأصل الثاني والثالث ائمم وأؤمم فنقلوا فيهن، ثم أبدلوا الهمزة واوًا وأدغموا أحد المثلين في الآخر.
تنبيه: خالف الأخفش في نوعين من هذه التسعة وهما المكسورة بعد ضم فأبدلها واوًا والمضمومة بعد كسر فأبدلها ياء، والصحيح ما تقدم. انتهى. ثم أشار إلى الضرب الأول من ضربي اجتماع الهمزتين المتحركتين؛ وهو أن يكون ثانيهما في موضع اللام بقوله: "ما لم يكن" أي: ثاني الهمزتين "لفظًا أتم" أتم فعل ماضٍ، ولفظًا إما مفعول به مقدم والجملة خبر يكن، أو خبر يكن ومفعول أتم محذوف أي: أتم الكلمة أي: كان آخرها، والجملة نعت للفظًا.
"فذاك ياء مطلقًا جا" أي: سواء كان إثر فتح أو كسر أو ضم أو سكون، أمثلة ذلك أن تبنى من قرأ مثل جعفر وزبرج وبرثن وقمطر، فتقول في الأول قرأى على وزن سلمى، والأصل قرأأ، فأبدلت الهمزة الأخيرة ياء ثم قلبت الياء لتحركها وانفتاح ما قبلها، وتقول في الثاني قرء على وزن هند، والأصل قرئئ، أبدلت الهمزة الأخيرة ياء ثم أعل إعلال قاض، وتقول في الثالث قرء على وزن جمل، والأصل قرؤؤ، أبدلت الهمزة الأخيرة ياء ثم أعل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأحوال عن التصريح بالإطلاق. قوله: "واوًا أصر" أي: صيره واوًا. قوله: "جمع أب" بفتح الهمزة وتشديد الموحد. قوله: "أو مثل أبلم" بضم الهمزة واللام وبينهما موحدة ساكنة وهو سعف المقل. تصريح.
قوله: "ما لم يكن... إلخ" تنازعه كل من قوله: قلب واوًا، وقوله: واوًا أصر؛ لأنه تقييد لهما. قوله: "إما مفعول به مقدم" ولفظًا على هذا واقع على الكلمة المختومة بالهمزة، وعلى الثاني واقع على نفس الهمزة؛ فيكون عليه من الأخبار الموطئة لما بعدها كما في {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} فاعرفه.
قوله: "أو سكون" فيه إن فرض كلام المصنف في الهمزتين المتحركتين فكان ينبغي أن يقول: وكذا إذا سكنت الأولى وتحركت الثانية. قوله: "وتقول في الثاني قرء" أي: بكسر الهمزة؛ لأنه منقوص، وكذا الثالث كما سيذكره الشارح. قوله: "ثم أعل إعلال قاض" أي: سكنت الياء تخفيفًا ثم حذفت لالتقاء الساكنين. قوله: "أيد" وأصله أيدي كأفلس. قوله: "أي: سكنت الياء" أي: تخفيفًا وأبدلت الضمة قبلها كسرة أي: لتناسب الياء أي: ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين، وهل التسكين قبل إبدال الضمة أو بعده؟ كل محتمل، ولعل الثاني أولى، ثم ما صنعه الشارح أقرب مسافة مما صنعه الدماميني، وعبارته: وإذا بنيت مثل برثن قلت: قرؤو أصله قرؤؤ، قلبت الثانية ياء فقيل: قرءي فاستثقلت الضمة على الياء فسكنت فانقلبت الياء واوًا لانضمام ما قبلها فصار آخر الاسم واوًا(4/419)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إعلال أيد أي: سكنت الياء وأبدلت الضمة قبلها كسرة، فهذا والذي قبله منقوصان كل منهما على هذا الوزن رفعًا وجرًّا، وتعود له الياء في النصب فيقال: رأيت قرئيًّا وقرئيًّا، وتقول في الرابع قرأى، والأصل قرأأ بهمزتين ساكنة فمتحركة أبدلت المتحركة ياء وسلمت لسكون ما قبلها؛ وإنما أبدلت الهمزة الأخيرة ياء ولم تبدل واوًا، قال في شرح الكافية: لأن الواو الأخير لو كانت أصلية ووليت كسرة أو ضمة لقلبت ياء ثالثة فصاعدًا، وكذلك تقلب رابعة فصاعدًا بعد الفتحة، فلو أبدلت الهمزة الأخيرة واوًا -فيما نحن بصدده- لأبدلت بعد ذلك ياء فتعينت الياء.
"وأؤم ونحوه" مما أولى همزتيه للمضارعة "وجهين في ثانيه أم" أي: اقصد وهما الإبدال والتحقيق، فتقول في مضارع أم وأن أوم وأين بالإبدال، وأؤمم وأئن بالتحقيق تشبيهًا لهمزة المتكلم بهمزة الاستفهام نحو: {أَأَنْذَرْتَهُمْ} [البقرة: 6، يس: 10] لمعاقبتها النون والتاء والياء.
تنبيهات: الأول: قد فهم من هذا أن الإبدال فيما أولى همزتيه لغير المضارعة واجب في غير ندور كما سبق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ساكنة قبلها ضمة، فقلبت الضمة كسرة والواو ياء فأعل إعلال قاض. اهـ.
قوله: "كل منهما على هذا الوزن" الكلام على التوزيع أي: الأول على وزن هند، والثاني على وزن جمل؛ وإنما أعاده توطئة لقوله: رفعًا وجرًّا... إلخ. قوله: "وقرئيا" همزته مكسورة كهمزة ما قبله لا مضمومة كما توهم، بدليل اقتصار الشارح على عود الياء، وبدليل {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ}.
قوله: "أبدلت المتحركة ياء" أي: فرارًا من الثقل، وسأل أبو عثمان أبا الحسن: هلا أدغموا في مثال قمطر من قرأ كما أدغموا في سآل؟ فأجاب: بأن العينين لا يكونان إلا من جنس واحد، بخلاف اللامين بدليل درهم وقردد أي: فالعينان أحرى بالإدغام من اللامين، وبأن الحشو يجوز فيه ما لا يجوز في الطرف بدليل توالي الواوين في هووى وامتناعه في جمع واقية. قوله: "أبدلت الهمزة الأخيرة ياء... إلخ" توجيه لقول المصنف: فذاك ياء مطلقًا جا، وسكت عن توجيه الإبدال بعد سكون الهمزة الأولى، ولعله الحمل على الإبدال بعد الحركة، فتدبر. قوله: "لو كانت أصلية" أي: غير منقلبة عن همزة. وقوله: ووليت كسرة أو ضمة أي: كثمي في ثمو. قوله: "رابعة" أي: كمعطعيان فإن ياءه منقلبة عن الواو التي هي أخيرة تقديرًا؛ لأن علامة التثنية في تقدير الانفصال.
قوله: "وأؤم... إلخ" تقييد لبعض الصور المتقدمة، فتأمل. قوله: "تشبيهًا... إلخ" تعليل لجواز الوجهين، والجامع دلالة كل من الهمزتين على معنى زائد على أصل معنى الكلمة. قوله: "لمعاقبتها... إلخ" تعليل لتشبيه همزة المتكلم بهمزة الاستفهام أي: إنما شبهنا همزة المتكلم بهمزة الاستفهام دون الهمزة التي من كلمة الهمزة الثانية لمعاقبتها بقية أحرف المضارعة التي يجوز في الهمزة بعدها الوجهان، كما في يؤمن من الإيمان، ويؤمن من التأمين، ولو جعله علة ثانية لجواز الوجهين في همزة المتكلم لكان أحسن. قوله: "أن الإبدال" أي: المذكور سابقًا من إبدال المفتوحة إثر همزة مفتوحة أو مضمومة واوًا وإثر مكسورة ياء وهكذا. قوله: "حققت الأولى... إلخ"(4/420)
وياءً اقْلِبْ ألفًا كَسْرًا تَلا أو ياءَ تَصْغِيرٍ بواو ذَا افْعَلا
في آخِرٍ أو قَبْلَ تا التأنيث أَوْ زِيَادَتَيْ فَعْلانَ ذا أيضًا رَأَوْا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثاني: لو توالى أكثر من همزتين حققت الأولى والثالثة والخامسة وأبدلت الثانية والرابعة، مثاله: لو بنيت من الهمزة مثل أترجة قلت: أُوأُوأَة والأصل أُأْأُأْأَة.
الثالث: لا تأثير لاجتماع همزتين بفصل نحو آأ وآأة. انتهى.
"وياء اقلب ألفا كسرا تلا أو ياء تصغير" ألفًا مفعول أول باقلب، وياء مفعول ثان قدم، وكسرًا مفعول بتلا، وياء تصغير عطف عليه، وتلا ومعموله في موضع نصب نعت لألف، والتقدير: اقلب ألفًا تلا كسرًا أو تلا ياء تصغير أي: يجب قلب الألف ياء في موضعين؛ الأول: أن يعرض كسر ما قبلها كقولك في جمع مصباح ودينار: مصابيح ودنانير، وفي تصغيرهما: مصيبيح ودنينير. والثاني: أن يقع قبلها ياء التصغير كقولك في تصغير غزال: غزيل.
"بواو ذا" القلب "افعلا في آخر" أي: تفعل بالواو الواقعة آخرًا ما تفعل بالألف من قبلها ياء إذا عرض قلبها كسرة أو ياء التصغير، فالأول نحو: رضي وغزي وقوي وغاز، أصلهن: رضو وغزو وقوو وغازو؛ لأنهن من الرضوان والغزو والقوة فقلبت الواو ياء لكسر ما قبلها وكونها آخرًا؛ لأنها بالتأخير تتعرض لسكون الوقف وإذا سكنت تعذرت سلامتها فعوملت بما يقتضيه السكون من وجوب إبدالها ياء توصلًا إلى الخفة وتناسب اللفظ، ومن ثم لم تتأثر الواو بالكسرة وهي غير متطرفة كعوض وعوج؛ إلا إذا كان مع الكسرة ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: فيما إذا كانت الهمزات خمسًا، وقس على ذلك ما إذا كانت أقل من خمس أو أكثر. قوله: "قلت: أوأوأة" أي: بهمزة مضمومة فواو ساكنة فهمزة مضمومة فواو ساكنة فهمزة مفتوحة فتاء تأنيث. فقوله: "والأصل أأأأأة" أي: بخمس همزات الثانية والرابعة ساكنتان، والأولى والثالثة مضمومتان، والخامسة مفتوحة. قوله: "نحو آأ" بهمزة مفتوحة فألف ساكنة فهمزة اسم نوع من الشجر، كما في الدماميني مفرده آأة. قوله: "ذا القلب" أي: إلى الياء لا بقيد كونه قلب ألف. قوله: "في آخر" أعربه بعضهم صفة لواو وهو ما يشير إليه صنيع الشارح؛ وعليه فالفصل بين النعت والمنعوت للضرورة، وأعربه بعضهم ظرفًا لغوا متعلقًا بأفعل، والأول أظهر معنى.
قوله: "إذا عرض قبلها... إلخ" قوله: في التعبير هنا تغليب ياء التصغير وكسرة غزي المبني للمجهول على كسرة رضي وقوي وغاز. قوله: "وقوي" إنما رجحوا الإبدال في قوي ويقوى على الإدغام كما في قوة مع تحقق مقتضى الإدغام أيضًا وحصول التخفيف به أيضًا؛ لأن التخفيف بالإبدال أكثر من التخفيف بالإدغام؛ لأن التلفظ بالهمزة فالبدل أسهل من التلفظ بالهمزة المدغمة فالهمزة المدغم فيها، نقله الدنوشري. قوله: "وإذا سكنت" أي: للوقف. وقوله: تعذرت سلامتها أي: صناعة لوقوعها ساكنة إثر كسرة، والقاعدة تقتضي قلبها ياء. وقوله: فعوملت أي: وهي متحركة في غير الوقف بما يقتضيه السكون أي: للوقف، والذي يقتضيه سكونها مع كسر ما قبلها قلبها ياء، كما قال: من وجوب... إلخ. قوله: "وتناسب اللفظ" أي: الملفوظ من الكسرة والياء. قوله: "ما يعضدها"(4/421)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعضدها كحياض وسياط، كما سيأتي بيانه. والثاني: كقولك في تصغير جرو: جري، والأصل جريو فاجتمعت الياء والواو وسبقت إحداهما بالسكون وفقد المانع من الإعلال فقلبت الواو ياء وأدغمت في الياء.
تنبيه: هذا الثاني ليس بمقصود من قوله: بواو ذا افعلا في آخر؛ إنما المقصود التنبيه على الأول؛ لأن قلب الواو ياء لاجتماعها مع الياء وسبق إحداهما بالسكون لا يختص بالواو المتطرفة ولا بما سبق ياء التصغير على ما سيأتي بيانه في موضعه؛ ولذلك قال في التسهيل: تبدل الألف ياء لوقوعها إثر كسرة أو ياء تصغير، وكذلك الواو الواقعة إثر كسرة متطرفة، فاقتصر في الواو على ذكر الكسرة، فلو قال: باثر يا التصغير أو كسر ألف تقلب يا والواوان كسرا ردف
لطابق كلامه في التسهيل. انتهى.
"أو قبل تا التأنيث أو زيادتي فعلان" أي: نحو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: وهو الألف الذي هو في حكم الياء، كما يأتي سم.
قوله: "كما سيأتي" أي: في شرح قوله: وجمع ذي عين... إلخ سم. قوله: "وفقد المانع من الإعلال" هو كونهما من كلمتين كالقاضي ولى وكون السابق غير متأصل ذاتًا وسكونًا كديوان؛ لأن أصله دووان قلبت الواو الأولى ياء كما يأتي ذلك. قوله: "وأدغمت في الياء" في العبارة قلب، والأصل: وأغمت فيها الياء. قوله: "لا يختص... إلخ" قد يقال: عدم الاختصاص المذكور لا يمنع من كون الثاني أيضًا مقصودًا بكلام المصنف: لا يقال: يلزم على قصده تكراره مع ما سيأتي لدخوله في عموم ما سيأتي؛ لأنا نقول: ذكر العام بعد الخاص لا تكرار فيه. نعم، قد يجاب بأن المراد ليس بواجب القصد، وأما جواب الحواشي بأن المراد ليس بمقصود بالذات، فلا يدفع الاعتراض بالكلية، فتأمل.
قوله: "متطرفة" حال من الضمير في الواقع. قوله: "أو قبل تا التأنيث" عطف على: في آخر. قال المصرح: ولم يفرقوا بين كون تاء التأنيث بنيت الكلمة عليها أو لا، وكان ينبغي في عريقية ألا تقلب الواو ياء؛ لأن الكلمة قد بنيت على التاء بدليل أنه ليس لنا اسم معرب آخره واو قبلها ضمة. اهـ. قوله: "أو زيادتي فعلان" ليس المراد خصوص فعلان بهذه الهيئة؛ بل هو تمثيل لموضع الزيادتين؛ لأن الواو تقلب ياء في فعلان ساكن العين؛ بل في مكسورها، كما سيصرح به الشارح؛ ولهذا عبر الموضح بقوله: أو قبل الألف والنون الزائدتين.
قوله: "أي نحو شجية" بتخفيف الياء أي: حزينة؛ وإنما خص الشارح الكلام بالواو بعد كسرة كما هو ظاهر صنيعه مع أن ظاهر المتن يشمل الواو قبل ياء التصغير أيضًا كجرية تصغير جروة جرياء على ما أسلفه من أن قلب الواو ياء بعد ياء التصغير غير مقصود هنا، وتقدم ما فيه. قوله: "وعريقية" قال المصرح: كان ينبغي في عريقية ألا تقلب الواو ياء لبناء عرقوة على التاء؛ إذ ليس لنا اسم معرب آخره واو قبلها ضمة؛ وحينئذ فعرقوة بمنزل عنفوان. قوله: "تصغير عرقوة" بفتح العين المهملة وسكون الراء وضم القاف كما في القاموس أحد الخشبتين المعترضتين على فم الدلو.(4/422)
في مصدر المعتل عينًا والفِعَلْ منه صحيحٌ غالبًا نحو الحِوَلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شجية وأكسية وغازية وعريقية تصغير عرقوة، الأصل شجوة وأكسوة وغازوة وعريقوة، ونحو: غزيان وشجيان من العزو والشجو، والأصل غزوان وشجوان، فعلة القلب ياء هو تطرف الواو بعد كسرة؛ لأن كلا من تاء التأنيث وزيادتي فعلان كلمة تامة، فالواقع قبلها آخر في التقدير، فعومل معاملة الآخر حقيقة، وشذ تصحيحًا من الأول مقاتوة بمعنى خدام وسواسوة جمع سواء، ومن الثاني إعلالًا قولهم: رجل عليان، مثل عطشان من علوت، وناقة عليان، وقولهم: صبيان بضم الصاد، وأما صبية وصبيان بكسر الصاد فسهل أمره وجود الكسرة والفاصل بينه وبين الواو ساكن وهو حاجز غير حصين.
ثم أشار إلى موضع ثان تقلب فيه الواو ياء بقوله: "ذا" أي: الإعلال المذكور في الواو بعد الكسرة "أيضًا رأوا في مصدر" الفعل "المعتل عينًا" إذا كان بعدها ألف كصيام وقيام وانقياد واعتياد بخلاف سواك وسوار لانتفاء المصدرية، ونحو: لاوذ لواذًا وجاور جوارًا لصحة عين الفعل، وحال حولًا وعاد المريض عودًا لعدم الألف، والأصل: صوام وقوام وانقواد واعتواد؛ لكن لما أعلت عينه في الفعل اسثقل بقاؤها في المصدرية فعلوها في المصدر بعد كسرة وقبل حرف يشبه الياء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وشجيان" قال المصرح: على وزن قطران بفتح القاف وكسر الطاء. اهـ. ويؤخذ منه أن الألف والنون فيه ليستا للتثنية؛ بل هما زائدتان كما هما في قطران. قوله: "مقاتوة" بقاف ثم فوقية. قال الدماميني: جمع مقتو اسم فاعل من اقتوى بمعنى خدم. اهـ. وأصله -كما في التصريح- مقتوو قلبت الواو الثانية ياء لتطرفها إثر كسرة ثم أعل إعلال قاض.
قوله: "وسواسوة" قال الدماميني: هم الجماعة المستوون في السن. وقوله: جمع سواء بفتح السين والمد بمعنى متسوو قالوا: سواسية على الأصل في الإعلال ووزنه فعافلة، وفيه شذوذ من جهات أخرى؛ إحداها: تكرار الفاء في الجمع مع عدم تكرارها في الواحد، وهو نظير تكرار العين في تصغير عشية على عشيشية مع عدم تكرارها في المكبر. الثانية: جمع فعال على هذا الوزن، فإن قياس جمعه أسوية كقباء وأقبية. الثالثة: تكرار الفاء زائدة مع عدم تكرار العين معها، فإن قياس تكرارها زائدة أن تكرار العين معها كمرمريس، فإن كانت أصلية فتكرارها وحدها قياس كقرقف وسندس، كذا في التصريح. قوله: "ومن الثاني إعلالا" أي: وشذ من الثاني إعلالا... إلخ ووجه الشذوذ أن الكلام في الواو المكسور ما قبلها والواو في المذكورات لم يكسر ما قبلها بل سكن فيكون الإعلال شاذًّا.
قوله: "لصحة عين الفعل" أي: عدم إعلالها وإلا فهي معتلة. يس. قوله: "لعدم الألف" كان عليه أن يزيد نحو: رواح وعوار لعدم الكسرة قبل الواو؛ إذ ما قبلها في الأول مفتوح وفي الثاني مضموم ليستكمل محترزات الشروط الأربعة. قوله: "فعلوها في المصدر" صوابه فأعلوها. قوله: "وقبل حرف" هو الألف وقوله: يشبه الياء أي: يقرب منها قربًا أكثر من قربه من الواو. قوله: "فأعلت" مكرر مع قوله: فعلوها. قال البعض: وفي النسخ الصحيحة إسقاط. قوله: فعلوها في المصدر. قوله: "ليصير العمل في اللفظ" أي: المادة من وجه واحد وهو الإعلال وإن كان في الفعل(4/423)
وجَمْعُ ذي عَيْنٍ أَعِلَّ أَوْ سَكَنْ فاحْكُمْ بِذَا الإعلال فيه حَيْثُ عَنّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فأعلت بقلبها ياء حملًا للمصدر على فعلة فقلبها ياء ليصير العمل في اللفظ من وجه واحد. وشذ تصحيحًا مع استيفاء الشروط قولهم: نار نوارًا أي: نفر، ولا نظير له، وكان الأحسن أن يقول: المعل عينًا؛ لأن لاوذ يطلق عليه معتل العين؛ إذ كل ما عينه حرف علة فهو معتل وإن لم يعل. وقد أشار إلى الشرط الأخير بقوله: "والفعل منه صحيح غالبًا نحو الحول" يعني: أن كل ما كان على فعل من مصدر الفعل المعل العين فالغالب فيه التصحيح نحو: الحول والعود. قال في شرح الكافية: ونبه بتصحيح ما وزنه فعل على أن إعلال المصدر المذكور مشروط بوجود الألف فيه حتى يكون على فعال. انتهى.
وفي تخصيصه بفعال نظر؛ فإن الإعلال المذكور لا يختص به لما عرفت من مجيئه في الانفعال والافتعال كما سبق، واحترز بقوله: منه أي: من المصدر عن فعل من الجمع؛ فإن الغالب فيه الإعلال كما سيأتي؛ لكن قال في التسهيل: وقد يصحح ما حقه الإعلال من فعل مصدرًا أو جمعًا وفعال مصدرًا فسوى بين هذه الثلاثة في أن حقها الإعلال، وهو يخالف ما هنا من أن الغالب على فعل مصدرا التصحيح. ثم أشار إلى موضع ثالث تقلب فيه الواو ياء بقوله: "وجمع ذي عين أعل أو سكن فاحكم بذا الإعلال" أي: المذكور وهو القلب ياء لكسر ما قبلها "فيه حيث عن" أي: إذا وقعت الواو عينًا لجمع صحيح اللام وقبلها كسرة، وهي في الواحد إما معلة، وإما شبيهة بالمعل وهي الساكنة وجب قلبها ياء؛ فالأول: نحو دار وديار وحيلة وقيمة وقيم، الأصل: دوار وحول وقوم؛ لأنه لما انكسر ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالقلب ألفًا وفي المصدر بالقلب ياء. قوله: "قولهم نار" بنون ثم راء. قوله: "وكان الأحسن" لم يقل: الصواب؛ لإمكان الجواب بأنه أراد بالمعتل المعل، وقد وقع من المصنف ذلك غير مرة. قوله: "إلى الشرط الأخير" وهو أن يكون بعد العين ألف. قوله: "منه" أي: من مصدر الفعل المعل عينًا. قوله: "في الانفعال والافتعال" أي: كالانقياد والاعتياد. قوله: "كما سيأتي" أي: في قوله: وفي فعل وجهان، والإعلال أولى كالحيل.
قوله: "من فعل مصدرا" هذا محل مخالفة التسهيل للنظم. قوله: "وجمع" أي: وأما جمع كما قيل في وربك فكبره سم، وجعل خالد الفاء في فاحكم زائدة. قوله: "ذي عين" أي: مفرد ذي عين. قوله: "بذا الإعلال" يؤخذ منه أن العين واو وأن قبلها كسرة. قوله: "حيث عن" أي: ظهر الجمع غزى. قوله: "فالأولى" أي: الواو المعلة ولا يشترط أن يكون بعدها في الجمع ألف كما يؤخذ من التمثيل بحيلة وحيل وقيمة وقيم، ومن ذكر هذا الشرط في الثانية وتركه هنا؛ لكن هذا الصنيع إنما يوافق ما مر عن التسهيل من أن حق فعل مصدرًا أو جمعًا الإعلال، والموافق لقوله هنا: بذا الإعلال، وقوله: وفي فعل وجهان... إلخ تقييد الواو المعلة أيضًا بأن يكون بعدها في الجمع ألف، ولم يجر الشارح على ما يوافقه؛ لأنه سيرد.
قوله: "لأنه لما انكسر... إلخ" تعليل لقلب الواو ياء في نحو ديار. وقوله: وإعلال الباقي... إلخ(4/424)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قبل الواو في الجمع في نحو ديار، وكانت في الإفراد معلة بقلبها ألفًا ضعفت فسلطت الكسرة عليها، وقوى تسلطها وجود الألف وإعلال الباقي لإعلال واحده ولوقوع الكسرة قبل الواو، وشذ من ذلك حاجة وحوج، والثانية وشرطها أن يكون بعدها في الجمع ألف نحو: سوط وسياط وحوض وحياض وروض ورياض، الأصل: سواط وحواض ورواض؛ لأنه لما انكسر ما قبلها في الجمع وكانت في الإفراد شبيهة بالمعل لسكونها ضعفت فسلطت الكسرة عليها وقوى تسلطها وجود الألف لقربها من الياء وصحة اللام؛ لأنه إذا صحت اللام قوي إعلال العين. فتلخص أن لقلب الواو ياء في هذا ونحوه خمسة شروط: أن يكون جمعًا، وأن تكون الواو في واحده ميتة بالسكون، وأن يكون قبلها في الجمع كسرة، وأن يكون بعدها فيه ألف، وأن يكون صحيح اللام، فالثلاثة الأول مأخوذة من البيت، والرابع يأتي في البيت بعده، والخامس لم يذكره هنا وذكره في التسهيل: فخرج بالأول المفرد فإنه لا يعل، نحو: خوان وسوار؛ إلا المصدر وقد تقدم، وشذ قولهم في الصوان والصوار: صيان وصيار، وبالثاني نحو طويل وطوال، وشذ قوله:
1282- تَبيَّنَ لي أن القماءة ذِلة وأن أعزاء الرجال طيالُها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعليل لقلبها ياء في نحو: حيل وقيم. قوله: "في نحو ديار" أي: مما كان بعد عينه ألف وقلبت عين مفردة ألفًا. وقوله: وكانت أي: الواو. قوله: "فسلطت الكسرة عليها" أي: غلبت عليها. قوله: "وجود الألف" أي: لما مر من أن الألف تشبه الياء. قوله: "في هذا" أي: المذكور من سياط وحياض ورياض ونحوه أي: من كل جمع كان بعد عينه ألف. فقوله: فتلخص... إلخ مرتبط بالواو الثانية فقط أعني: الشبيهة بالمعل؛ ولهذا اقتصر على قوله: وأن تكون الواو في واحده ميتة بالسكون، ولم يقل: أو معلة، وذكر من الشروط أن يكون بعدها ألف، وهذا إنما يشترط في الثانية، قاله سم. قوله: "ميتة بالسكون" أي: بسبب السكون. قوله: "مأخوذة من البيت" محل أخذ الثالث منه اسم الإشارة في قوله: بذا الإعلال كما مر. قوله: "يأتي في البيت بعده" أي: يؤخذ من البيت بعده. قوله: "نحو خوان" الخوان ككتاب وغراب ما يؤكل عليه الطعام. قاموس. قوله: "في الصوان" صوان الثوب وصيانه مثلثين ما يصان فيه. اهـ قاموس. قوله: "والصوار" بالصاد المهملة ككتاب وغراب قطيع من البقر. قاموس.
قوله: "أن القماءة" بفتح القاف والمد أي: القصر. قوله: "قيل: ومنه" أي: من شذوذ إعلال الواو المتحركة في المفرد، وهو مبني على أن الجياد جمع جواد. قوله: "الصافنات" أي: الخيل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1282- البيت من الطويل، وهو لأنيف بن زبان في الحماسة البصرية 1/ 35، وشرح شواهد الشافية ص385، ولآثال بن عبدة بن الطبيب في خزانة الأدب 9/ 488، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 886، وشرح التصريح 2/ 389، وشرح المفصل 5/ 45، 10/ 88، وعيون الأخبار 4/ 54، ولسان العرب 11/ 410 "طول"، والمحتسب 1/ 184، ومجالس ثعلب 2/ 412، والمقاصد النحوية 4/ 588، والممتع في التعريف 2/ 497، والمنصف 1/ 342.(4/425)
وصححوا فِعَلَة وفي فِعَلْ وجهان والإعلالُ أَوْلَى كالخِيَلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قيل: ومنه {الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ}، وقيل: إنه جمع جيد لا جواد، وبالثالث نحو: أسواط وأحواض، وبالرابع ما أشار إليه بقوله: "وصححوا فعلة" أي: جمعًا لعدم الألف، فقالوا: كوز وكوزة وعود وعودة، وشذ الإعلال في قولهم: ثور وثيرة. قال المبرد: أرادوا أن يفرقوا بين الثور الذي هو الحيوان والثور الذي هو القطعة من الأقط، فقالوا في الحيوان: ثيرة، وفي الأقط: ثورة، وذهب ابن السراج والمبرد فيما حكاه عنه الناظم أن ثيرة مقصور من فعالة وأصله ثيارة كحجارة، حذفت الألف وبقيت الفتحة دليلًا عليها، وقيل: جمعوه على فعلة بسكون العين فقلبت الواو ياء لسكونها ثم حركت وبقيت الياء، وقيل: حملًا على ثيران ليجري الجمع على سنن واحد. وبالخامس نحو رواء في جمع ريان وأصله رويان؛ لأنه لما أعلت اللام في الجمع سلمت العين لئلا يجتمع إعلالان، ومثله جواء جمع جو بالتشديد أصله جواو، فلما اعتلت اللام سلمت العين "وفي فعل" جمعًا "وجهان" الإعلال والتصحيح "والإعلال أولى كالحيل" جمع حيلة، والقيم جمع قيمة، والديم جمع ديمة، وجاء التصحيح أيضًا نحو: حاجة وحوج.
تنبيهان: الأول: اقتضى تعبيره بأولى أن التصحيح مطرد، وليس كذلك؛ بل هو شاذ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الصافنات؛ وهي التي تقوم على ثلاث قوائم وطرف حافر الرابعة وهو من الصفات المحمودة في الخيل لا تكاد تكون إلا في العراب الخلص الجياد أي: المسرعة في جريها، وقيل: التي تجود بالركض، ويظهر أن الأول مبني على أن الجياد جمع جيد من لجودة، والثاني على أنه جمع جواد من الجود، ووصفها بالأمرين ليجمع لها بين الوصفين المحمودين واقفة وسائرة. قوله: "وقيل: إنه جمع جيد لا جواد" عبارة التصريح: وقيل: الجياد في الآية ليس بشاذ؛ وإنما هو جمع جيد بتشديد الياء لا جمع جواد. اهـ. أي: وأصل جيد جيود فيكون من أفراد الواو المعلة. قوله: "وعود" بعين مفتوحة ودال مهملتين وهو المسن من الإبل والشتاء، كما في القاموس.
قوله: "في قولهم" أي: في الجمع من قولهم. قوله: "فقالوا في الحيوان: ثيرة... إلخ" ولم يعكسوا مع حصول الفرق بالعكس أيضًا؛ لأنهم لما قالوا في جمع ثور من الحيوان ثيران بقلب الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها حملوا ثيرة في جمعه عليه، وليس لثور من الأقط ما يحمل جمعه في القلب عليه، نقله المصرح عن الجاربردي. قوله: "فيما حكاه... إلخ" إنما قال ذلك لمخالفة هذه الحكاية للحكاية قبلها. قوله: "نحو رواء" كرجال وأصله رواي أبدلت الياء همزة لتطرفها إثر ألف زائدة. تصريح. قوله: "في جمع ريان" نقيض عطشان. قوله: "وأصله رويان" اجتمع فيه الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء، واكتفي هنا باستفادة أصل الجمع من ذكر أصل المفرد عن التصريح بأصل الجمع الذي سلكه في لاحقه. قوله: "إعلالان" إعلال العين بإبدالها ياء للكسرة قبلها وإعلال اللام بإبدالها همزة لوقوعها طرفًا إثر ألف زائدة، فاقتصر على إعلال اللام؛ لأنها محل التغيير. تصريح. قوله: "كما تقدم" أي: في قوله(4/426)
والواوُ لامًا بعد فَتْحٍ يا انْقَلَبْ كالْمُعْطَيَانِ يُرْضَيان وَوَجَبْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما تقدم، فكان اللائق أن يقول: وصححوا فعلة وفي فعل قد شذ تصحيح فحتم أن يعل
وقد تقدم نقل كلامه في التسهيل.
الثاني: إنما خالف فعل فعلة؛ لأن فعلة لما عدمت الألف وخف النطق بالواو بعد الكسرة لقلة عمل اللسان انضم إلى ذلك تحصين الواو ببعدها عن الطرف بسبب هاء الثأنيث فوجب تصحيحها بخلاف فعل. ثم أشار إلى موضع رابع تقلب فيه الواو ياء بقوله: "والواو لامًا بعد فتح يا انقلب كالمعطيان يرضيان" أي: إذا وقعت الواو طرفًا رابعة فصاعدًا بعد فتح قلبت ياء وجوبًا؛ لأن ما هي فيه حينئذ لا يعدم نظيرًا يستحق الإعلال فيحمل هو عليه، وذلك نحو أعطيت أصله أعطوت؛ لأنه من عطا يعطو بمعنى أخذ، فلما دخلت همزة النقل صارت الواو رابعة فقلبت ياء حملًا للماضي على مضارعه، وقد أفهم بالتمثيل أن هذا الحكم ثابت لها، سواء كانت في اسم كقولك المعطيان وأصله المعطوان فقلبت الواو ياء حملًا لاسم المفعول على اسم الفاعل، أو في فعل كقولك يرضيان أصله يرضوان؛ لأنه من الرضوان فقلبت الواو ياء حملًا لبناء المفعول على بناء الفاعل، وأما يرضيان المبني للفاعل من الثلاثي المجرد فلقولك في ماضيه رضي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وشذ من ذلك حاجة وحوج. قوله: "فحتم أن يعل" تصريح بما فهم من قوله: قد شذ تصحيح.
قوله: "وقد تقدم" أي: في شرح قوله: والفعل منه صحيح غالبًا نحو الحول، وقوله: نقل كلامه في التسهيل أي: الدال على ما قلنا من شذوذ التصحيح. قوله: "لما عدمت الألف وخف... إلخ" لعل العطف من عطف المسبب على السبب؛ إذ بفقد البعيد من الواو وهو الألف يخف النطق بالواو ولا يخفى أن انعدام الألف وخفة النطق جهة جمع وموافقة لا جهة فرق ومخالفة فكان اللائق أن يقتصر على قوله: لأن في فعلة تحصين الواو... إلخ.
قوله: "لامًا" حال من ضمير انقلب. وقوله: كالمعطيان بفتح الطاء يرضيان بفتح الضاد مع فتح أوله أو ضمه، وعلى هذا حل الشارح. قوله: "طرفًا" أخذه من قوله: لامًا، وقوله: رابعة فصاعدا أخذه من التمثيل بجعله قيد اسم. قوله: "لأن ما هي فيه" أي: لأن اللفظ الذي تلك الواو فيه. قوله: "نظيرًا" كمعطيان اسم فاعل فإنه نظير معطيان اسم مفعول. قوله: "فيحمل" بالرفع هو أي: ما هي فيه عليه أي: على النظير. قوله: "وذلك" أي: المستوفي للشروط. قوله: "على مضارعه" لأنها قلبت في مضارعه وهو يعطي ياء لوقوعها بعد كسرة. قوله: "كقولك يرضيان" بضم أوله على البناء للمفعول أخذًا مما بعده. قوله: "على بناء الفعل" وهو يرضيان بكسر الضاد مع ضم أوله. قوله: "وأما يرضيان" أي: بفتح أوله وثالثه.
قوله: "فلقولك في ماضيه رضي" أي: وأصل رضي رضو فقلبت الواو ياء لوقوعها بعد كسرة. قوله: "نحو المعطاة" فألفه منقلبة عن ياء لتحركها وانفتاح ما قبلها، وهذه الياء منقلبة عن(4/427)
إبدالُ واوٍ بعد ضَمٍّ من أَلِفْ ويا كمُوقِنٍ بذالها اعْتُرِفْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهان: الأول: يستصحب هذا الإعلال مع هاء التأنيث نحو المعطاة، ومع تاء التفاعل نحو تغازينا وتداعينا مع أن المضارع لا كسر قبل آخره. قال سيبويه: سألت الخليل عن ذلك فأجاب بأن الإعلال ثبت قبل مجيء التاء في أوله وهو غازينا وداعينا حملًا على نغازي ونداعي، ثم استصحب معها.
الثاني: شذ قولهم في مضارع شأو بمعنى سبق يشأيان والقياس يشأوان؛ لأنه من الشأو، ولا كسرة قبل الواو فتقلب لأجلها ياء ولم تقلب في الماضي فيحمل مضارعه عليه، نعم إن دخلت عليه همزة النقل قلت: يشأيان حملًا على المبني للفاعل. وأشار بقوله: "ووجب إبدال واو بعد ضم من ألف ويا كموقن بذالها اعترف" إلى إبدال الواو من أختيها الألف والياء؛ أما إبدالها من الألف ففي مسألة واحدة وهي أن ينضم ما قبلها نحو: بويع وضورب، وفي التنزيل: {مَا وُورِيَ عَنْهُمَا} [الأعراف: 20] وأما إبدالها من الياء لضم ما قبلها ففي أربع مسائل؛ الأولى: أن تكون ساكنة مفردة أي: غير مكررة في غير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واو لوقوعها رابعة إثر فتحة، وفي التسهيل وشرحه للدماميني بعد مبحث إبدال الواو الواقعة إثر كسرة ياء ما نصه: وكذلك الواو الواقعة إثر فتحة في الاسم نحو ملهى، أو في الفعل نحو عاديت فصاعدا نحو مصطفى واصطفيت طرفا -كما مثلنا- أو قبل هاء التأنيث نحو: مدعاة ومصطفاة. اهـ. فقلب الواو ياء أعم من الظاهر والمقدر، فحمل شيخنا التمثيل بنحو المعطاة على ما إذا ثني أو جمع فإنه يقال فيه حينئذ: المعطيتان والمعطيات غير محتاج إليه؛ بل غير ملائم للتعبير بهاء التأنيث؛ إذ المستصحب معه حينئذ تاء التأنيث لا هاؤه؛ لأن تاءه هي الموجودة في تثنية المعطاة وجمعه؛ بل دعوى أن تثنيته المعطيتان غير صحيح؛ لأن تثنيته المعطاتان لا غير، فاعرف ذلك، والله الموفق.
قوله: "مع أن المضارع" وهو نتغازى ونتداعى. قوله: "وهو" عائد على معلوم من السياق وهو المعل المجرد من التاء. قوله: "في مضارع شأو" بفتح الهمزة وكذا المضارع. قوله: "لأنه من الشأو" بسكون الهمزة أي: فهو واوي. قوله: "فتقلب" بالنصب أي: حتى تقلب، وكذا قوله: فيحمل. قوله: "قلت يشأيان" بالبناء للمفعول، وقوله: حملا على المبني للفاعل أي: المقلوبة واوه ياء لأجل الكسرة قبلها، وفي بعض النسخ قلت: يشئيان وكان قياسًا وتقول فيه: مبنيًّا للمفعول يشأيان بالقلب أيضًا... إلخ وعليه يقرأ قلت: يشئيان بالبناء للفاعل.
قوله: "ووجب إبدال... إلخ" اعترضه الغزى بأن فيه العيب المسمى بالتضمين وهو أن يتصل آخر البيت بأول البيت بعده. وقوله: من ألف متعلق بإبدال. قوله: "ويا كموقن" أي: باعتبار أصله، فلا يقال: موقن لا ياء فيه. قوله: "بذا" الإشارة راجعة إلى الإبدال واوًا لا بقيد كون المبدل منه ألفًا. قوله: "إلى إبدال الواو" أي: إبدالًا غير ما تقدم في محله من إبدال الواو من الألف في جمع نحو ضاربة على ضوارب وتصغير نحو ضارب على ضويرب، وكذا قوله: أما إبدالها من الألف فصح قول الشارح: ففي مسألة واحدة واندفع الاعتراض عليه بمسألة الجمع، أما التصغير فداخل في عموم هذه المسألة الواحدة وإن أوهم اقتصاره في التمثيل لها على نحو: بويع وضورب خلافه.(4/428)
ويُكْسَرُ المضمومُ في جَمْعٍ كَمَا يُقَالُ هِيمٌ عند جَمْعِ أَهْيَمَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جمع نحو: موقن وموسر أصلهما ميقن وميسر؛ لأنهما من أيقن وأيسر، فقلبت الياء واوًا لانضمام ما قبلها، وخرج بالساكنة المتحركة نحو هيام؛ فإنها تحصنت بحركتها، فلا تقلب إلا فيما سيأتي بيانه، وبالمفردة المدغمة نحو حيض؛ فإنها لا تقلب لتحصنها بالإدغام، وبغير الجمع من أن تكون في جمع؛ فإنها لا تقلب واوًا؛ بل تبدل الضمة قبلها كسرة فتصح الياء، وإلى هذا أشار بقوله: "يكسر المضموم في جمع كما يقال هيم عند جمع أهيما" أو هيماء، فأصل هيم هيم بضم الهاء؛ لأنه نظير حمر جمع أحمر أو حمراء، فخفف بإبدال ضمة فائه كسرة لتصح الياء؛ وإنما لم تبدل ياؤه واوًا كما فعل في المفرد؛ لأن الجمع أثقل من المفرد والواو أثقل من الياء فكان يجتمع ثقلان، ومثل هيم بيض جمع أبيض أو بيضاء.
تنبيهات: الأول: سمع في جمع عائط عوّط بإقرار الضمة وقلب الياء واوًا وهو شاذ، وسمع عيط على القياس.
الثاني: سيأتي في كلامه أن فعلى وصفًا كالكوسى أنثى الأكيس يجوز فيها الوجهان عنده، فكان ينبغي أن يضمها إلى ما تقدم في الاستثناء من الأصل المذكور.
الثالث: حاصل ما ذكره أن الياء الساكنة المفردة المضمومة ما قلبها إذا كانت في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "نحو موقن وموسر" هذا في الاسم، ومثاله من الفعل يوقن ويوسر. قوله: "نحو هيام" بضم الهاء وتخفيف الياء يطلق على العطش الشديد، وعلى اختلال العقل من العشق، وعلى ما يأخذ الإبل فتهيم في الأرض ولا ترعى.
قوله: "إلا فيما سيأتي بيانه" أي: في قوله: وواوًا إثر الضم رد اليا متى... إلخ. قوله: "نحو حيض" بتشديد الياء جمع حائض، فهذا المثال خارج بقوله: في غير جمع أيضًا. قال المصرح: والمثال الجيد أن يبنى من البيع مثل حماض فتقول: بياع، ولا يعل لما ذكرنا. قوله: "فكان يجتمع ثقلان" اسم كان ضمير الشأن. قوله: "عائط" بعين وطاء مهملتين الناقة التي لا تحمل. تصريح. قوله: "كالكوسى أنثى الأكيس" والكياسه تطلق على معانٍ منها العقل وخلاف الحمق. قوله: "عنده" أي: المصنف، أما عند سيبويه والجمهور فيتعين فيه إقرار الضمة وقلب الياء واوًا، كما سيأتي. قوله: "فكان ينبغي أن يضمها" أي: باعتبار أحد وجهيها وهو إبدال الضمة كسرة وإقرار الياء، ويجاب بأن ضمها إلى ذلك معلوم مما يأتي. سم.
قوله: "إلى ما تقدم" أي: الجمع الذي تقدم. وقوله: في الاستثناء أراد الاستثناء بالمعنى اللغوي وهو مطلق الإخراج. وقوله: من الأصل المذكور أي: القاعدة المذكورة في قوله: وياء كموقن... إلخ؛ لأنه في قوة قولك: كل ياء قبلها ضمة تقلب واوًا. قوله: "في اسم مفرد" قيد بالاسم مع أن كلام المصنف يشمل الفعل نحو يوقن ويوسر -كما مر- فلو قال: في فعل أو اسم مفرد... إلخ لكان(4/429)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اسم مفرد غير فعلى الوصف تقلب واوًا، تحت ذلك نوعان؛ أحدهما: ما الياء فيه فاء الكلمة نحو موقن -وقد مر- والآخر: ما الياء فيه عين الكلمة كما إذا بنيت من البياض مثل برد فتقول: بيض، وفي هذا خلاف: فمذهب سيبويه والخليل إبدال الضمة فيه كسرة كما فعل في الجمع، ومذهب الأخفش إقرار الضمة وقلب الياء واوًا، وظاهر كلام المصنف موافقته، فتقول على مذهبهما: بيض، وعلى مذهبه: بوض؛ ولذلك كان ديك عندهما محتملًا لأن يكون فِعلًا وأن يكون فَعلًا، ويتعين عنده أن يكون فعلا بالكسر. وإذا بنيت مفعلة من العيش قلت على مذهبهما: معيشة، وعلى مذهبه: معوشة؛ ولذلك كانت معيشة عندهما محتملة أن تكون مفعَلة وأن تكون مفعِلة، ويتعين عنده أن تكون مفعلة بالكسرة واستدل لهما بأوجه؛ أحدها: وقول العرب: أعيس بين العيسة، ولم يقولوا: العوسة، وهو على حد أحمر بين الحمرة. ثانيها: قولهم مبيع والأصل مبيوع، نقلت الضمة إلى الباء ثم كسرت لتصح الياء وسيأتي بيانه. ثالثها: أن العين حكم لها بحكم اللام فأبدلت الضمة لأجلهما كما أبدلت لأجل اللام، واستدل الأخفش بأوجه؛ أحدها: قول العرب: مضوفة لما يحذر منه، وهي من ضاف يضيف إذا أشفق وحذر. قال الشاعر:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موافقًا. قوله: "مثل برد" أي: اسمًا مفردًا على وزن برد. قوله: "وظاهر كلام المصنف موافقته" لدخوله في قوله: كموقن مع كونه لم يستثن إلا الجمع. قوله: "أن يكون فعلا بالكسر" إذ لو كان فعلًا بالضم لوجب أن يقال فيه: دوك. قوله: "قلت" أي: بعد نقل ضمة العين إلى الفاء ثم قلبها كسرة. قوله: "أن تكون مفعلة بالكسر" إذ لو كانت مفعلة بالضم لوجب أن يقال فيه: معوشة. قوله: "بين العيسة" بعين وسين مهملتين بياض يخالطه شقرة، كما في القاموس. قوله: "على حد أحمر بين الحمرة" أي: على طريقته فيكون أصل العيسة بضم العين. قوله: "نقلت الضمة إلى الباء" أي: الموحدة أي: فحذفت الواو لالتقاء الساكنين. وقوله: ثم كسرت أي: الباء الموحدة لتصح الياء أي: التحتية.
قوله: "أن العين حكم لها... إلخ" حاصله أن الضمة أبدلت كسرة لأجل اللام في نحو أظب جمع ظبي؛ إذ أصله أظبي كأرجل فكسرت الموحدة لتسلم التحتية، فيقاس على ذلك إبدالها كسرة لأجل العين فيما إذا بنيت من البياض مثل برد، ولو قال الشارح: ثالثها قياس العين على اللام في إبدال الضمة كسرة لأجلها لكان أوضح. قوله: "مضوفة" بضاد معجمة وفاء. قوله: "إذا أشفق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1283- البيت من الطويل، وهو لأبي جندب في شرح أشعار الهذليين 1/ 588، وشرح شواهد الشافية ص383، ولسان العرب 4/ 154 "جور"، 9/ 212 "ضيق"، 9/ 331 "نصف"، 13/ 366 "كون"، والمعاني الكبير ص700، 1119، وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص241، وخزانة الأدب 7/ 417، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص29، 688، وشرح المفصل 10/ 81، والمحتسب 1/ 214، والممتع في التعريف 2/ 470، والمنصف 1/ 301.(4/430)
وواوًا اثر الضم رُدَّ اليا متى أُلْفِيَ لام فَعْلٍ او من قَبْلِ تَا
كتَاءِ بانٍ من رَمَى كمَقْدُرَهْ كذا إذا كسَبُعَانَ ضَيَّرَهْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1283- وكنت إذا جاري دعا لمضوفة أشمر حتى يبلغ الساق مئزري
ثانيها: أن المفرد لا يقاس على الجمع؛ لأنا وجدنا الجمع يقلب فيه ما لا يقلب في المفرد، ألا ترى أن الواوين المتطرفتين يقلبان ياءين في الجمع نحو عتي جمع عات، ولا يقلبان في المفرد نحو عتو مصدر عتا.
ثالثها: أن الجمع أثقل من المفرد، فهو أدعى إلى التخفيف، وصحح أكثرهم مذهب الخليل وسيبويه، وأجابوا عن الأول من أدلة الأخفش بوجهين؛ أحدهما: أن مضوفة شاذ، فلا تبنى عليه القواعد، والآخر: أن أبا بكر الزبيدي ذكره في مختصر العين من ذوات الواو، وذكر أضاف إذا أشفق رباعيًّا، ومن روى ضاف يضيف فهو قليل. وعن الثاني والثالث بأنهما قياس معارض للنص فلا يلتفت إليه. اهـ. ثم أشار إلى ثلاث مسائل أخرى ثانية وثالثة ورابعة تبدل فيها الياء واوًا لانضمام ما قبلها بقوله: "وواوًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وحذر" العطف للتفسير كما يفيده كلام القاموس. قوله: "أشمر... إلخ" كناية عن شدة قيامه واهتمامه في نصرة جاره عند حلول النائبة به، والساق بالنصب مفعول مقدم، ومئزري فاعل مؤخر. قوله: "نحو عتى" بضم العين وكسرها، واقتصار البعض على الكسر قصور. قوله: "جمع عات" أصله عتوو بواوين فاستثقل اجتماعهما بعد ضمتين، فكسرت التاء فانقلبت الواو الأولى ياء لسكونها وانكسار ما قبلها فاجتمعت واو وياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء وكسرت العين في إحدى اللغتين إتباعًا لما بعدها.
قوله: "ولا يقلبان في المفرد" أي: لا يجب ذلك؛ بل هو قليل؛ لما سيأتي عند قوله: كذاك ذو وجهين جا الفعول... إلخ أنه يقل الإعلال المذكور نحو عتا عتيا. قوله: "أن الجمع أثقل من المفرد" لو جعله علة ثانية لكون المفرد لا يقاس على الجمع لكان أحسن. قوله: "أن مضوفة شاذ" أي: والقياس مضيفة، وحكى أبو سعيد سماعه وسماع مضافه أيضًا كما في العيني. قوله: "من ذوات الواو" فيكون مضوفة من ضاف يضوف فلا شاهد فيه؛ لأن الواو حينئذ أصل لا بدل ياء. قوله: "وذكر أضاف إذا أشفق رباعيًّا" هذا زيادة فائدة، ولا دخل له في الجواب. قوله: "بأنهما قياس" لعل مراده بالقياس ما كان من جهة نظر العقل لا من جهة النقل. وقوله: للنص هو قول العرب أعيس بين العيسة، وقولهم: مبيع.
قوله: "ثم أشار إلى ثلاث مسائل... إلخ" قال الأسقاطي: جعل الشارح هذا البيت إشارة إلى ثلاث مسائل وقياس ما أسلفه في قول النظم قبل بواو ذا افعلا في آخر أو قبل تاء التأنيث أو زيادتي فعلان من جعل ذلك مسألة واحدة أن يجعل ما هنا مسألة واحدة. اهـ. ويمكن توجيه المخالفة بأنها إشارة إلى جواز الاعتبارين. قوله: "وواوًا إثر الضم... إلخ" أي: رد أي: صير الياء إثر الضم واوًا متى ألفي أي: وجد الياء لام فعل أو من قبل تاء التأنيث كتاء شخص بأن من رمى كلمة كمقدرة بفتح الميم وضم الدال كذا رد الياء إثر الضم واوًا إذا صير الباني لفظ رمى مثل سبعان بفتح السين المهملة وضم الموحدة وأضاف التاء للباقي لملابسته لها؛ لأنه المتكلم بها وسبعان. قال ابن هشام: الصواب فتح نونه على لغة من أجرى المثنى مسمى به مجرى سلمان ولو(4/431)
وإِنْ تَكُنْ عينًا لفُعْلَى وصفًا فذاك بالوجهين عنهم يُلْفَى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اثر الضم رد اليا متى ألفي لام فعل أو من قبل تا كتاء بان من رمى كمقدرة كذا إذا كسبعان صيره" فالأولى من هذه الثلاثة أن تكون الياء لام فعل نحو قضو الرجل ورمو، وهذا مختص بفعل التعجب، فالمعنى ما أقضاه وما أرماه، ولم يجئ مثل هذا في فعل متصرف إلا ما ندر من قولهم: نهو الرجل فهو نهي إذا كان كامل النهية وهو العقل، والثانية أن تكون لام اسم مختوم بتاء بنيت الكلمة عليها كأن تبنى من الرمي مثل مقدرة فإنك تقول: مرموة، بخلاف نحو تواني توانية؛ فإن أصله قبل دخول التاء توانيًا بالضم كتكاسل تكاسلًا، فأبدلت ضمته كسرة لتسلم الياء من القلب؛ لأنه ليس في الأسماء المتمكنة ما آخره واو قبلها ضمة لازمة، ثم طرأت التاء لإفادة الوحدة وبقي الإعلال بحاله؛ لأنها عارضة لا اعتداد بها، والثالثة أن تكون لام اسم مختوم بالألف والنون كأن تبنى من الرمي مثل سبعان اسم الموضع الذي يقول فيه ابن أحمر:
1284- ألا يا ديارَ الحيّ بالسبُعَان أَمَلَّ عليها بالبِلى الْمَلَوَانِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كسرت النون لزم أن يقال: كسبعين. اهـ. وعندي فيما ذكره من اللزوم نظر؛ لأن إلزام المثنى وما ألحق به الألف لغة كما سبق.
قوله: "وهذا" أي: كون الياء المنقلبة واوًا لوقوعها إثر ضم لام فعل مختص... إلخ. قوله: "فإنك تقول: مرموة" ولا يرد قولهم: ليس لنا اسم معرب آخره واو قبلها ضمة لازمة؛ لأن التاء لما كانت لازمة لبناء الكلمة عليها كانت الواو كأنها حشو لا لام؛ ولهذا لم يقل: توانوة؛ لأن تاءها ليست لازمة كما سيذكره الشارح. قوله: "بخلاف نحو توانية" هذا محترز قوله: بنيت الكلمة عليها. قوله: "لأنه ليس... إلخ" علة لسلامة الياء من القلب.
قوله: "وبقي الإعلال بحاله... إلخ" جواب عما يقال: لا يلزم بعد طروّ التاء من إعادة الضمة وقلب الياء واوًا وقوع اسم معرب آخره واوًا قبلها ضمة لازمة، فهلا قيل: توانوة، وإطلاق الإعلال على إبدال الضمة كسرة مجاز؛ لأن الإعلال كما في الشافية تغيير حرف العلة للتخفيف بحذف أو قلب أو إسكان.
قوله: "ابن أحمر" رده العيني بأن قائله تميم بن أبي مقبل لا ابن أحمر. قوله: "أمل" إملال الكتاب واملأوه أن يقوله فيكتب عنه، ولعله ضمن أمل معنى كر فعداه بالباء، والبِلى بكسر الموحدة والقصر مصدر بلي الثوب إذا خلق، والملوان الليل والنهار. قوله: "لا يكونان أضعف... إلخ" لك أن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1284- البيت من الطويل، وهو لابن أحمد في ديوانه ص188، ولابن مقبل في ديوانه ص335، وإصلاح المنطق ص394، وخزانة الأدب 7/ 302، 303، 304، وسمط اللآلي ص533، وشرح أبيات سيبويه 2/ 422، وشرح التصريح 2/ 329، 384، والكتاب 4/ 259، ولسان العرب 8/ 150 "سبع"، 11/ 621 "ملل"، 15/ 291 "ملا"، ومعجم ما استعجم ص719، ولأحدهما في معجم البلدان 3/ 185 "السبعان"، والمقاصد النحوية 4/ 542، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 333، والخصائص 3/ 202، ولسان العرب 4/ 591 "كفزر".(4/432)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا يكونان أضعف حالًا من التاء اللازمة في التحصين من الطرف "وإن تكن" الياء الواقعة إثر ضم "عينا لفعلى وصفا فذاك بالوجهين عنهم" أي: عن العرب "يُلفَى" أي: يوجد كقولهم في أنثى الأكيس والأضيق الكيسي الضيقي والكوسي والضوقي بترديد بين حمله على مذكره تارة وبين رعاية الزنة أخرى، واحترز بقوله: وصفًا عما إذا كانت عينًا لفعلى اسما كطوبى مصدرًا لطاب، أو اسما لشجرة في الجنة تظلها فإنه يتعين قلبها واوًا، وأما قراءة طيبي لهم فشاذ.
تنبيه: فعلى الواقعة صفة على ضربين؛ أحدهما: الصفة المحضة، وهذه يتعين فيها قلب الضمة كسرة لسلامة الياء، ولم يسمع منها إلا {قِسْمَةٌ ضِيزَى} أي: جائرة يقال ضازه حقه يضيزه إذا بخسه وجار عليه، ومشية حِيكى أي: يتحرك فيها المنكبان، يقال: حاك في مشيه يحيك إذا حرك منكبيه، والآخر غير المحضة وهي الجارية مجرى الأسماء وهي فعلى أفعل كالطوبى والكوسى والضوقى والخورى مؤنثات الأطيب والأكيس والأضيق والأخير، وهذا الضرب هو مراد المصنف، وهو فيما ذكره فيه مخالف لما عليه سيبويه والنحويون؛ فإنهم ذكروا هذا الضرب في باب الأسماء، فحكموا له بحكم الأسماء أعني: من إقرار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تقول: إذا بني من الغزو مثل ظربان، فإنه يقال: غزيان، فيعطى ما قبل الألف والنون حكم ما وقع آخرًا محضًا كرضي أي: من قلب الواو ياء لتطرفها إثر كسرة، ومقتضى هذا أنه لا يقال في مثل سبعان من الرمي رموان؛ لأنه لا يجوز أن يقال في مثل عضد من الرمي رمو؛ لأنه ليس لنا اسم متمكن آخره واو لازمة بعد ضمة؛ بل يجب أن تقلب الضمة كسرة فتسلم الياء فيقول: رم، فكذا يجب أن يقال رميان بإعلال الحركة دون الحرف، قاله الموضح. اهـ تصريح. وقوله: في التحصين متعلق بأضعف أي: تحصين الواو. وقوله: من الطرف أي: من أن تكون طرفا فيلحقها الإعلال أي: بل هما كالتاء أو أقوى في هذا التحصين. قوله: "فذاك" أي: الياء الواقع إثر ضم.
قوله: "بالوجهين" أي: السابقين وهما إبدال الضمة التي قبل الياء كسرة وإبقاء الضمة فتقلب الياء واوًا. قوله: "بترديد" أي: لفعلى المذكور والباء سببية وفي نسخ ترديدًا. وقوله: بين حمله على مذكره أي: في وجود الياء وتعبيره بالحمل أولًا وبالرعاية ثانيًا تفنن، ولو قال: رعاية لمذكره تارة وللزنة أخرى لكان أوضح وأخصر. قوله: "مصدرًا" عبارة المرادي: اسم مصدر من الطيب. قوله: "ومشية حيكى" بحاء مهملة مكسورة فتحتية ساكنة فكاف، ويقال فيها: حيكى بفتحات كجمزى كما في القاموس. قوله: "كالطوبى" تمثيله هنا بالطوبى للصفة الجارية مجرى الأسماء لا ينافي تمثيله به سابقًا للاسم؛ لأن الممثل به هنا طوبى مؤنث الأطيب -كما سيصرح به- وسابقًا طوبى المصدر أو اسم الشجرة كما صرح به.
قوله: "هو مراد المصنف" أي: وإن صدق كلامه على الأولى أيضًا. قوله: "في باب الأسماء" أي: نوعها لجريانه مجراها. وقوله: فحكموا الأحسن وحكموا بالواو. وقوله: أعني من إقرار الضمة ينبغي حذف أعني أو من، فتأمل. قوله: "كما في طوبى" أي: كالعمل الذي في طوبَى(4/433)
فصل: من لام فعلى اسما أتى الواو بدل
فصل: من لام فعلى اسما أتى الواو بدل
من لام فَعْلَى اسمًا أتى الواوُ بَدَلْ ياء كتَقْوَى غالبًا جا ذا البدل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الضمة وقلب الياء واوًا كما في طوبى مصدرًا، وظاهر كلام سيبويه أنه لا يجوز فيه غير ذلك. والذي يدل على أن هذا الضرب من الصفات جار مجرى الأسماء أن أفعل التفضيل يجمع على أفاعل فيقال: أفضل وأفاضل وأكبر وأكابر، كما يقال في جمع أفكل -وهي الرعدة- أفاكل، والمصنف ذكره في باب الصفات وأجاز فيه الوجهين، ونص على أنهما مسموعان من العرب، فكان التعبير السالم من الإيهام الملاقي لغرضه أن يقول: وإن يكن عينًا لفعلى أفعلا فذاك بالوجهين عنهم يجتلي
فصل:
"من لام فعلى اسمًا أتى الواو بدل ياء كقتوى غالبًا جا ذا البدل" أي: إذا اعتلت لام فعلى بفتح الفاء فتارة تكون لامها واوًا وتارة تكون ياء، فإن كانت واوًا سلمت في الاسم نحو دعوى، وفي الصفة نحو نشوى، ولم يفرقوا في ذوات الواو بين الاسم والصفة. وإن كانت ياء سلمت في الصفة نحو خزيا وصديا مؤنثًا خزيان وصديان، وقلبت واوًا في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والكاف للتنظير. وقوله: مصدرًا أي: أو اسم الشجرة؛ لأن طوبى الاسم ليس محصورًا في طوبى المصدر كما مر. قوله: "كما يقال في جمع أفكل" أي: الذي هو اسم لا صفة. قوله: "وأجاز فيه الوجهين" أي: فيكون مخالفًا لسيبويه والنحويين من وجهين. قوله: "السالم من الإيهام" أي: إيهام الشمول للصفة المحضة. وقوله: الملاقي لغرضه أي: من خصوص الصفة الجارية مجرى الأسماء. قوله: "وإن يكن" بالياء التحتية كما في قول المصنف: وإن يكن عينًا لفعلى وصفًا بقرينة إشارة المذكر في قوله: فذاك.
فصل:
قوله: "اسمًا" حال من فعلى. وقوله: بدل ياء حال من الواو. قوله: "كتقوى" أصله وقيا قلبت واوه تاء كما في تراث وياؤه واوًا وهو غير منصرف؛ لأن ألفه للتأنيث. وفي الكشاف عن عيسى بن عمر: أنه قرأ: "على تقوى" بالتنوين بجعل الألف للإلحاق كتترى، ولا يمتنع اجتماع إعلالين غير متواليين في كلمة كما هنا، وكما في يفون ومصطفى؛ إذ أصلهما يوفيون ومصنفو؛ إنما الممتنع تواليهما بلا فاصل. صرّح به زكريا في فصل لساكن صح... إلخ، ولا يرد تواليهما في نحو ماء لشذوذه. قوله: "غالبًا" إن جعل متعلقا بجا كان لقوله: جا ذا البدل فائدة من حيث تقييده بغالبًا وإن جعل متعلقًا بأتى كان تكرارًا. قوله: "نحو نشوى" في المصباح النشوة السكر، ورجل نشوان مثل سكران إن بحروفه أي: وامرأة نشوى مثل سكرى والفعل منه نشى كما في القاموس لا نشو لوجوب قلب الواو ياء على قياس رضي ونحوه كما مر، فقول شيخنا والبعض: في المصباح نشو سكر خطأ نقلًا ومنقولًا، والله الموفق. قوله: "مؤنثًا خزيان وصديان" أي: وهما مؤنثًا... إلخ. قوله:(4/434)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاسم نحو: تقوى وشروى وفتوى، فرقًا بين الاسم والصفة، وأوثر الاسم بهذا الإعلال؛ لأنه أخف فكان أحمل للثقل، وإنما قال: غالبًا للاحتراز من الريا للرائحة وطغيًا لولد البقرة الوحشية وسعيًا لموضع كما صرح بذلك في شرح الكافية، وفي الاحتراز عن هذه نظر: أما ريا فالذي ذكره سيبويه وغيره من النحويين أنها صفة غلبت عليها الاسمية، والأصل رائحة ريا أي: مملوءة طيبًا، وإما طغيًا فالأكثر فيه ضم الطاء، ولعلهم استصحبوا التصحيح حين فتحوا للتخفيف، وأما سعيًا فعلم فيحتمل أنه منقول من صفة كخزيا وصديا.
تنبيه: ما ذكره الناظم هنا وفي شرح الكافية موافق لمذهب سيبويه وأكثر النحويين أعني: في كون إبدال الباء واوًا في فعلى الاسم مطردًا وإقرار الياء فيها شاذ، وعكس في التسهيل فقال: وشذ إبدال الواو من الياء لفعلى اسمًا. وقال أيضًا في بعض تصانيفه: من شواذ الإعلال إبدال الواو من الياء في فعلى اسمًا كالنشوى والتقوى والعنوى والفتوى، والأصل فيهن الياء، ثم قال: وأكثر النحويين يجعلون هذا مطردًا فألحقوا بالأربعة المذكورة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"وشروى" بشين معجمة فراء بمعنى مثل يقال لك: شرواه أي: مثله. تصريح. قوله: "لأنه أخف" أي: من الصفة لتركب معناها.
قوله: "للاحتراز من الريا" قيل: لا شذوذ في الريا؛ لأنها إنما لم تقلب ياؤها واوًا لمانع وهو إن قلب ياؤها واوًا يستلزم قلب الواو ياء عملًا بقاعدة أخرى؛ وهي أنه إذا اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء، وأدغمت في الياء، ونظر فيه الدنوشري بأن شرط هذه القاعدة أن تكون الواو أصلية كما يأتي وهي هنا عارضة بالإبدال من الياء، وسيأتي ما فيه في أول الفصل الآتي. قوله: "للرائحة" وأماريا من الري ضد عطشى، فعدم القلب فيها واضح؛ لكونها صفة دنوشري. قوله: "وطغيا" بطاء مهملة فغين معجمة.
قوله: "وسعيًا لموضع" هذا بالإهمال فقط، أما سعيا اسم النبي الذي بشر بعيسى، فبإهمال السين وإعجامها كذا في القاموس. وحكى الدنوشري أن اسم الموضع بإعجام الشين واقتصر عليه البعض. قوله: "وفي الاحتراز عن هذه نظر... إلخ" أي: فكان الأولى إسقاط قوله: غالبًا لخروج الأول والثالث بقوله: اسما، والثاني بقوله: فعلى أي: بالفتح. قوله: "أنها صفة" أي: وتصحيح الصفة ليس بشاذ. قوله: "منقول من صفة" أي: واستصحب التصحيح بعد جعله علمًا. تصريح. قوله: "أعني: في كون... إلخ" ينبغي حذف في. قوله: "وإقرار الياء فيها شاذ" جملة مستأنفة استئنافًا بيانيًّا. وفي بعض النسخ: شاذًّا بالنصب فيكون إقرارًا بالجر عطفًا على إبدال أي: وكون إقرار... إلخ. قوله: "كالنشوى" ينافي ما مر أنها صفة نعم نشوى بدون أل بلد بأذربيجان كما في القاموس. قوله: "والعنوى" في النسخ رسم هذا المثال بعين مهملة فنون ولم أجد له ذكرًا في القاموس ولا في المصباح ولا في غيرهما والذي في كتب اللغة العَنْوَة بتاء التأنيث وفسرت بالقهر وبالمودة، فحرره.
قوله: "يجعلون هذا" أي: الإبدال المذكور. قوله: "والطغوى" بطاء مهملة فغين معجمة بمعنى الطغيان كما في القاموس. قوله: "واللقوى" كذا في النسخ بالقاف، ولم أجد له ذكرًا في القاموس(4/435)
بالعَكْسِ جاء لامُ فُعْلَى وَصْفَا وكونُ قُصْوَى نادرًا لا يَخْفَى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشروى والطغوى واللقوى والدعوى زاعمين أن أصلها الياء، والأولى عندي جعل هذه الأواخر من الواو سدًّا لباب التكثير من الشذوذ، ثم قال: ومما يبين أن إبدال يائها واوًا شاذ تصحيح الريا وهي الرائحة، والطغيا -وهي ولد البقرة الوحشية- تفتح طاؤها وتضم، وسعيًا اسم موضع، فهذه الثلاثة الجاثية على الأصل، والتجنب للشذوذ أولى بالقياس عليها، هذا كلامه. وقد مر تعقب احتاجه بهذه الثلاثة، وهذه المسألة خامس مسألة تبدل فيها الياء واوًا. ثم أشار إلى موضع خامس تقلب فيه الواو ياء بقوله: "بالعكس جاء لام فعلى وصفًا وكون قصوى نادرًا لا يخفى" أي: إذا اعتلت لام فعلى بضم الفاء فتارة تكون لامها ياء وتارة تكون واوًا؛ فإن كانت ياء سلمت في الاسم نحو الفتيا، وفي الصفة نحو القصيا تأنيث الأقصى، فلم يفرقوا في فعلى من ذوات الياء بين الاسم والصفة كما لم يفرقوا في فعلى بالفتح من ذوات الواو كما سبق، وإن كانت واوًا سلمت في الاسم نحو حزوى اسم موضع قال الشاعر:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وغيره والذي فيه اللغوى بالغين المعجمة بمعنى اللغو، وهو ما لا يعتد به من كلام أو غيره، فلعل ما في النسخ تحريف وإن لم يتنبه له أرباب الحواشي. قوله: "هذه الأواخر" أي: الشرى والثلاثة بعده. وقوله: من الواو أي: من ذوات الواو، وهذا هو الموافق لما أسلفه الشارح قريبًا في دعوى، ولما في القاموس في طغوى حيث قال: طغا يطغو طغوًا وطغوانًا بضمهما كطغى يطغى والاسم الطغوى {كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا}. اهـ. وقوله: كطغى يطغى أي: بمعنى طغى يطغى كرضي يرضى. قوله: "سدًّا لباب التكثير من الشذوذ" هذا لا يرد على أكثر النحويين؛ لأنهم لا يقولون بشذوذ هذه الأربعة.
قوله: "أن إبدال يائها" أي: النشوى والثلاثة بعده. قوله: "تصحيح الريا... إلخ" في استدلاله بتصحيح الألفاظ الثلاثة نظرًا لاحتمال أن يكون تصحيحها هو الشاذ وبتسليم عدم شذوذه عليه ما قدمه الشارح في قوله: وفي الاحتراز عن هذه نظر... إلخ، وسينبه الشارح على هذا. قوله: "وقد مر تعقب احتجاجه بهذه الثلاثة" أي: مر ما يؤخذ منه تعقب احتجاجه بها وهو تعقب الاحتراز عنها بقول الناظم: غالبًا. قوله: "تبدل فيها الياء واوًا" والأربعة تقدمت في قوله: وياء كموقن... إلخ. قوله: "تقلب فيه الواو ياء" وتقدمت الأربعة في قوله: بواو ذا افعلا، إلى قوله: يرضيان. قوله: "بالعكس" أي: عكس لام فعلى بالفتح اسمًا. قوله: "تأنيث الأقصى" قال شيخنا والبعض: احترازًا من القصيا الآتي الخلاف فيها بين الحجازيين والتميميين، فإن أصلها الواو وهذه أصلها الياء. اهـ. وما ذكراه من التفرقة هو صريح كلام الشارح، ومقتضاه أن القصيا المختلف فيها ليست تأنيث الأقصى، وفيه توقف، فتأمل. قوله: "نحو حزوى" بحاء مهملة فزاي. قوله: "أدارًا... إلخ" الهمزة للنداء، ونصب المنادى مع أنه نكرة مقصودة لوصفه بما بعده، والنكرة المقصودة إذا وصفت ترجح نصبها على(4/436)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1285- أدارًا بحزوى هجت للعين عَبرة فماءُ الهوى يرفض أو يَترقْرَقُ
وقلبت ياء في الصفة نحو: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا} ونحو قولك: للمتقين الدرجة العليا، وأما قول الحجازيين: القصوى، فشاذ قياسًا فصيح استعمالًا، نبه به على الأصل، وتميم يقولون: القصيا على القياس، وشذ أيضًا الحلوى عند الجميع.
تنبيه: ما ذهب إليه الناظم مخالف لما عليه أهل التصريف؛ فإنهم يقولون: إن فعلى إذا كانت لامها واوًا تقلب في الاسم دون الصفة، ويجعلون حزوى شاذًّا. قال الناظم في بعض كتبه: النحويون يقولون: هذا مخصوص بالاسم، ثم لا يمثلون إلا بصفة محضة أو بالدنيا والاسمية فيها عارضة، ويزعمون أن تصحيح حزوى شاذ كتصحيح حيوة، وهذا قول لا دليل على صحته، وما قلته مؤيد بالدليل وموافق لأئمة اللغة. حكى الأزهري عن الفراء وابن السكيت أنهما قالا: ما كان من النعوت مثل الدنيا والعليا فإنه بالياء؛ فإنهم يستثقلون الواو مع ضمة أوله، وليس فيه اختلاف إلا أن أهل الحجاز أظهروا الواو في القصوى وبنو تميم قالوا: القصيا. انتهى. وأما قول ابن الحاجب: بخلاف الصفة كالغزوى يعني: تأنيث الأغزى، فقال ابن المصنف: هو تمثيل من عنده وليس معه نقل، والقياس أن يقال: الغزيا، كما يقال: العليا. انتهى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضمها كما في حديث: "يا عظيم يرجى لكل عظيم"، والعَبرة بفتح العين المهملة الدمع، وماء الهوى دمعه أضيف إليه لكونه سببه، ويرفض بسكون الراء وفتح الفاء وتشديد الضاد المعجمة يسيل بعضه في إثر بعض، ويترقرق براءين وقافين يبقى في العين متحيرًا يجيء ويذهب. قوله: "الدنيا... إلخ" الأصل الدنوي والعلوي؛ لأنهما من الدنوّ والعلو قلبت الواو فيهما ياء لاستثقال الواو مع الضمة وعلامة التأنيث في الصفة. تصريح.
قوله: "فصيح استعمالًا" لوروده في قوله تعالى: {وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى}. قوله: "على الأصل" وهو الواو. قوله: "يقولون هذا" أي: قلب واو فعلى ياء. قوله: "ثم لا يمثلون... إلخ" أي: فتمثيلهم ينافي دعواهم. قوله: "أو بالدنيا" أي: المراد بها ما قابل الآخرة؛ لأنها التي عرضت لها الاسمية لا الواقعة صفة موصوف كالتي في قوله تعالى: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا} لأنها محضة بدليل النعت بها، فتأمل. قوله: "كتصحيح حيوة" بفتح الحاء المهملة وسكون التحتية والدرجاء المحدث أي: وكان القياس قبل الواو ياء كما سيأتي في الفصل الآتي. قوله: "مؤيد بالدليل" قال شيخنا والبعض: كالبيت السابق؛ وهو قوله: أدارًا بحزوى... إلخ وكون حزوى شاذًّا خلاف الأصل. قوله: "يستثقلون الواو مع ضمة أوله" أي: ومع ثقل النعت، فلا يرد أن ذلك القدر موجود في الاسم. قوله: "أظهروا الواو" أي: مخالفين للقياس تنبيهًا على الأصل كما مر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1285- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص456، وخزانة الأدب 2/ 190، وشرح أبيات سيبويه 1/ 488، والكتاب 2/ 199، والمقاصد النحوية 4/ 236، 579، وبلا نسبة في الأغاني 10/ 119، وأوضح المسالك 4/ 388، والمقتضب 4/ 203.(4/437)
فصل: إن يسكن السابق من واو ويا
فصل: إن يسكن السابق من واو ويا
إِنْ يَسْكُنِ السابقُ من واوٍ وَيَا واتَّصَلا ومِنْ عروض عَزِيَا
فياءَ الواو اقْلِبَنْ مُدْغِمَا وشَذَّ مُعْطَى غير ما قَدْ رُسِمَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل:
"إن يسكن السابق من واو ويا واتصلا ومن عروض عريا فياء الواو اقلبن مدغما" أي: هذا موضع سادس تقلب فيه الواو ياء؛ وهو أن تلتقي هي والياء في كلمة أو ما هو في حكم الكلمة كمسلمي والسابق منهما ساكن متأصل ذاتًا وسكونًا، ويجب حينئذ إدغام الياء في الياء. مثال ذلك فيما تقدمت فيه الياء: سيد وميت، أصلهما سيود وميوت، ومثاله فيما تقدمت فيه الواو: طي ولي، مصدرًا طويت ولويت، وأصلهما طوى ولوى. ويجب التصحيح إن لم يلتقيا كزيتون، وكذا إن كانا من كلمتين نحو: يدعو ياسر ويرمي واعد، أو كان السابق منهما متحركًا نحو: طويل وغيور، أو عارض الذات نحو: روية مخفف رؤية،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل:
قوله: "واتصلا" بأن كانا من كلمة ولم يفصل بينهما فاصل فتحت قوله: واتصلا شرطان. قوله: "ومن عروض" أي: جائز كما في روية مخفف رؤية بالهمز بخلاف العروض الواجب؛ فإنه لا يمنع الإبدال كما في ايم الله؛ فإنه على مثال أبلم بضم الأول والثالث، وأصله أؤيم، أبدلت الهمزة الثانية واوًا وجوبًا لسكونها وضم ما قبلها، فقلبت الواو ياء وأدغمت في الياء للقاعدة، كذا في المرادي والتصريح. قوله: "ومن عروض عريا" المتبادر من صنيع الناظم أن الألف للتثنية، والمفهوم من كلام الموضح والشارح أنها للإطلاق، وقضيته أن الثاني لو كان عارضًا جاءت هذه القاعدة، وهو كذلك كما في ريا للرائحة؛ فإنها قلبت ياؤها الثانية واوًا عملًا بالقاعدة المتقدمة في الفصل السابق، ثم قلبت الواو ياء عملًا بالقاعدة المذكورة في قوله: إن يسكن السابق... إلخ هذا ما ارتضاه شيخنا وتبعه البعض. وقد يقال: لا حاجة إلى هذا التكلف، وما المانع من أن يقال: محل القاعدة المتقدمة في الفصل السابق إذا لم يمنع منها مانع كلزوم قلب الواو ياء كما مر.
قوله: "فياء الواو اقلبن" لأنها أثقل من الياء. قوله: "أو ما هو في حكم الكلمة كمسلمي" أي: حالة الرفع؛ لأن المتضايفين كالشيء الواحد، لا سيما إذا كان المضاف إليه ياء المتكلم. قوله: "ويجب حينئذ" أي: حين إذ قلبت الواو ياء. قوله: "أصلهما: سيود وميوت" لأنهما من ساد يسود اتفاقًا ومات يموت على إحدى اللغتين، ووزنهما على الراجح عند البصريين فيعل بكسر العين. وقال البغداديون: فيعل بفتحها كضغيم وصيرف نقل إلى فيعل بكسرها قالوا: لأنه لم يوجد مكسور العين في الصحيح حتى يحمل عليه المعتل ورد بأن المعتل نوع مستقل قد يأتي فيه ما لا يأتي في الصحيح، فيجوز أن يختص هذا البناء بالمعتل كاختصاص جمع فاعل منه بفعلة بضم الفاء كقضاة ورماة، كذا في التصريح. قوله: "ويجب التصحيح" الأولى فاء التفرع. قوله:(4/438)
مِنْ واوٍ أو ياءٍ بتحريك أصِلْ ألفًا ابْدِلْ بَعْدَ فَتْحٍ مُتَّصِلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وديوان إذ أصله دوان، وبويع إذ واوه بدل من ألف بايع، أو عارض السكون نحو قوي؛ فإن أصله الكسر ثم سكن التخفيف، كما يقال في علم علم.
تنبيه: لوجوب الإبدال المذكور شرط آخر لم ينبه عليه هنا؛ وهو ألا يكون في تصغير ما يكسر على مفاعل، فنحو: جدول وأسود للحية يجوز في مصغره الإعلال نحو: جديل وأسيد، وهو القياس، والتصحيح نحو: جديول وأسيود حملًا للتصغير على التكسير، أما أسود صفة فتقول فيه أسيد لا غير؛ لأنه لم يجمع على أسود.
"وشذ معطى غير ما قد رُسما" وذلك ثلاثة أضرب: ضرب أعل ولم يستوفِ الشروط كقراءة بعضهم: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43] بالإبدال، وحكى بعضهم اطراده على لغة، وضرب صحح مع استيفائها نحو ضيون، وهو السنور الذكر، ويوم أيوم، وعوى الكلب عوية، ورجاء بن حيوة. وضرب أبدلت فيه الياء واوًا وأدغمت الواو فيها نحو: عوى الكلب عوة، وهو نهو عن المنكر. ثم أشار إلى إبدال الألف من أختيها بقوله: "من واو أو راء بتحريك أصل ألفًا ابدل بعد فتح متصل" أي: يجب إبدال الواو والياء ألفًا بشروط أحد عشر:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"نحو روية" أي: بالواو مخفف رؤية أي: بالهمز. قوله: "نحو قوي" أي: بسكون الواو. قال المصرح: وأجاز بعضهم قيّ بالإدغام بعد القلب.
قوله: "كما يقال في علم" أي: بكسر اللام علم أي: بسكونها. قوله: "وهو ألا يكون" أي: اجتماع الواو والياء في تصغير ما يكسر على مفاعل أي: في مصغر مفرد محرك الواو ويجمع جمع تكسير على ما فعل. واحترزنا بقولنا: محرك الواو من نحو: عجوز؛ لأن إعلال مصغره واجب، وإن جمع على مفاعل، والفرق ضعف الساكن وقوة المحرك. تصريح. قوله: "بالإبدال" أي: والإدغام مع أن الواو عارضة الذات. قوله: "وحكى بعضهم اطراده" أي: الإبدال في نحو الريا مما واوه بدل من همزة، هكذا يظهر.
قوله: "نحو ضيون" بفتح الضاد المعجمة وسكون التحتية وفتح الواو. قوله: "أيوم" أي: كثير الشدة. تصريح. قوله: "ورجاء" براء فجيم ممدودة. وقوله: ابن حيوة بفتح الحاء المهملة وسكون التحتية. قوله: "وهو نهوّ" قال المصرح: بضم النون وتشديد الواو والقياس نهى؛ لأن أصله نهوى؛ لأنه فعول من النهي. اهـ. قال شيخنا: انظر هل هو مصدر وصف به الواحد للمبالغة أو هو جمع. زاد البعض: وظاهر عبارة الشارح أنه مصدر أي: حيث عبر بضمير الواحد في قوله: وهو نهوّ، والوجه عندي أنه بفتح النون مبالغة الناهي فهو على فعول بفتح الفاء، ويؤيده أنه يقال على القياس نهى عن المنكر وأمر بالمعروف كما في القاموس، ثم رأيت في كلام يس ما يؤيده.
قوله: "أصل" ضبطه الشيخ خالد بالبناء للمجهول وأقره غيره، وفيه عندي نظر؛ لأنه إنما يصح إذا كان له من هذا المعنى فعل متعد مبني للفاعل ولم أجده بعد مراجعة القاموس وغيره؛ وحينئذ ينبغي قراءته في المتن ككرم بمعنى تأصل، وإن لزم عليه اختلاف حركة ما قبل الروي المقيد، وهو عيب من عيوب القافية يسمى سناد التوجيه، فاعرف ذلك. ثم رأيت هذا الضبط منقولًا عن خط ابن النحاس تلميذ الناظم، فلله الحمد. قوله: "ألفًا ابدل" بنقل همزة ابدل إلى تنوين ألفًا. قوله:(4/439)
إِنْ حُرِّكَ التالي وإِنْ سُكِّنَ كَفّ إعلالَ غيرِ اللامِ وَهِيَ لا يُكَفّ
إعلالُها بساكنٍ غيرِ أَلِفْ أو ياء التشديد فيها قَدْ أَلِفْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأول: أن يتحركا فلذلك صحتا في القول والبيع لسكونهما، والثاني: أن تكون حركتهما أصلية؛ ولذلك صحتا في جيل وتوم مخففي جيئل وتوءم، وفي: {اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ} [البقرة: 16] {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: 186] {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 237]. والثالث: أن ينفتح ما قبلهما؛ ولذلك صحتا في العوض والحل والسور. والرابع: أن تكون الفتحة متصلة أي: في كلمتيها؛ ولذلك صحتا في أن عمر وجد يزيد. والخامس: أن يكون اتصالهما أصليًّا، فلو بنيت مثل بنيت مثل علبط من الغزو والرمي قلت فيه: غزو ورمي منقوصًا، ولا تقلب الواو والياء ألفًا؛ لأن اتصال الفتحة بهما عارض بسبب حذف الألف؛ إذ الأصل غزاوي ورمايي؛ لأن علبطًا أصله علابط. والسادس: أن يتحرك ما بعدهما إن كانتا عينين وألا يليهما ألف ولا ياء مشددة إن كانتا لامين. وإلى هذا أشار بقوله: "إن حرك التالي" أي: التابع "وإن سكن كف إعلال غير اللام وهي لا يكف إعلالها بساكن غير ألف أو ياء التشديد فيها قد ألف" ولذلك صحت العين في نحو: بيان وطويل وغيور وخورنق، واللام في نحو: رميا وغزوا وفتيان وعصوان وعلوى وفتوى، وأعلت العين في قام وباع وناب وباب لتحرك ما بعدها، واللام في غزا ودعا ورمى وتلا؛ إذ ليس بعدها ألف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"لسكونهما" علة لعلية اشتراط التحرك أي: واقتضى اشتراط التحرك الصحة في القول والبيع لسكونهما. قوله: "مخففي جيئل وتوءم" أي: حال كونهما مخففي... إلخ. اهـ تصريح. وإنما جعله حالًا لا صفة؛ لأن المراد لفظ جيئل، ولفظ توءم فهما معرفتان، والجيئل بالجيم الضبع، والتوءم بالفوقية معروف.
قوله: "والحيل" بالحاء المهملة. قوله: "أي: في كلمتيهما" لم يقل أي: في كلمتيهما من غير فاصل مع أن المراد بالاتصال مجموع الأمرين -كما مر- اقتصارًا على الخفي. قوله: "في إن عمر وجد يزيد" إنما كان ذلك في حكم المنفصل لجواز الوقف بين الكلمتين. قوله: "والخامس" هذا لا يؤخذ من المتن. قوله: "علبط" بضم العين المهملة وفتح اللام وكسر الموحدة الضخم. قوله: "غزو ورمي" أصلهما غزو وبواوين ورمي بياءين. وقوله: منقوصًا أي: فتكون الواو والياء الموجودتان مكسورتين، ويكون إعلال الكلمتين كإعلال قاض، وأفرد منقوصًا مع أن صاحب الحال اثنان للتأويل بما ذكر.
قوله: "إن حرك التالي" إن كان هناك تالٍ وإلا لم يتأتَ هذا الاشتراط. قوله: "إعلال" بالنصب مفعول كف. وقوله: غير اللام هو العين. قوله: "أو ياء... إلخ" أي: أو نون توكيد، ولم يذكر ذلك لعلمه من باب نون التوكيد. قوله: "وخورنق" بفتح الخاء المعجمة قصر بالعراق كما في التصريح. وعبارة القاموس: قصر للنعمان الأكبر. قوله: "وعلوي وفتوي" جمع بين هذين المثالين؛ لأن الواو في الأول منقلبة عن ياء على الثانية المنقلبة عن واو، وفي الثاني منقلبة عن ألف فتي المنقلبة عن ياء. قوله: "في قام... إلخ" الألف في الفعل الأول والاسم الثاني منقلبة عن واو، وفي الفعل(4/440)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولا ياء مشددة، وكذلك يخشون ويمحون وأصلهما يخشيون ويمحوون، فقلبتا ألفين لتحركهما وانفتاح ما قبلهما ثم حذفتا للساكنين، وكذلك تقول في جمع عصا مسمى به قام عصون والأصل عصوون ففعل به ما ذكر، وعلى هذا لو بنيت من الرمي والغزو مثل عنكبوت.
قلت: رمْيَوْت وغزْوَوْت والأصل ومييوت وغزوووت ثم قلبتا وحذفتا لملاقاة الساكن، وسهل ذلك أمن اللبس؛ إذ ليس في الكلام فعلوت، وذهب بعضهم إلى تصحيح هذا لكون ما هو فيه واحدًا؛ وإنما صححوا قبل الألف والياء المشددة؛ لأنهم لو أعلوا قبل الألف لاجتمع ألفان ساكنان، فتحذف إحداهما، فيحصل اللبس في نحو رميا؛ لأنه يصير رمى، ولا يدرى للمثنى هو أم للمفرد؟ وحمل لا لبس فيه على ما فيه لبس؛ لأنه من بابه. وأما نحو علوى فلأن واوه في موضع تبدل فيه الألف واوًا. والسابع: ألا تكون إحداهما عينًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثاني والاسم الأول عن ياء. قوله: "ورمى" ألفه عن ياء وألفات الاثنين قبله والرابع بعده عن واو، فالجمع بين الثلاثة للإيضاح. قوله: "ويمحون" أي: بفتح الحاء المهملة على لغة من قال: محاه يمحاه محوًا، لا على لغة من قال: محاه يمحاه كما زعم البعض؛ لأنه يرده قول الشارح: ويمحوون بواوين؛ لأن أصله على هذه اللغة يمحيون بياء فواو. نعم، وجد هكذا في بعض النسخ فلعل كتابة البعض على هذه، ولا على لغة من قال: محاه يمحيه محيا؛ لأن حاء يمحون على هذه مضمومة، ولأن أصله عليها يمحيون لا يمحوون، ولا على لغة من قال: محاه يمحوه محوًا، أو هي الأشهر لضم حاء يمحون على هذه أيضًا. نعم، إن قرئ بالبناء للمفعول صح عليها، فتبين أن فيه أربع لغات كما في القاموس، واندفع اعتراض المصرح بأن يمحي لم يثبت لغة؛ وإنما الثابت يمحو؛ فلا يصح التمثيل بيمحون بفتح الحاء؛ إلا أن يقرأ بالبناء للمفعول.
قوله: "مسمى به" أي: مسمى به مذكر عاقل والتقييد بذلك ليصح جمعه بالواو والنون. قوله: "وعلى هذا" أي: ما ذكر في يخشون ويمحون وعصون. قوله: "قلت: رميوت وغزووت" أي: بفتح أولهما وثالثهما وسكون ثانيهما. قوله: "أمن اللبس" أي: لبس المعل بالأصل. قوله: "إذ ليس في الكلام فعلوت" أي: فيفهم أنه معل والأصل فعللوت. قوله: "إلى تصحيح هذا" أي: حرف العلة في المبني على عنكبوت من الرمي والغزو بقرينة قوله: لكون ما هو فيه واحدًا أي: لكون اللفظ الذي حرف العلة فيه واحدًا، ولو كان اسم الإشارة راجعًا إلى نفس المبني المذكور لقال: لكونه واحدًا يعني: والواحد دون الجمع أي: الدالّ على جماعة كيخشون ويمحون وعصون في الثقل، فناسب في الجمع التخفيف بالإعلال المذكور.
قوله: "ولا يدرى... إلخ" ولو قال: ويتبادر منه المفرد لكان أولى لاقتضاء عبارته أنه إجمال لا لبس. قوله: "ما لا لبس فيه" نحو: فتيان وعصوان. قوله: "لأنه من بابه" أي: على طريقة في أن بعد الياء والواو ألفًا ساكنة. قوله: "فلأن واوه... إلخ" أي: لأن ياء النسب تستوجب قلب الألف واوًا، فلو قلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها لقلبت الألف واوًا لأجل ياء النسب، ولزم التسلسل، ولم نزل في قلب إلى الألف وقلب إلى الواو.(4/441)
وصَحَّ عينُ فَعَلٍ وفَعِلا ذَا أَفْعَل كأَغْيَد وأَحْوَلا
وإِنْ يَبِنْ تَفَاعُلٌ مِن افْتَعَلْ والعينُ واوٌ سَلِمَتْ وَلَمْ تُعَلّ
وإِنْ لحرفَيْنِ ذَا الإعلال استُحِقّ صُحِّحَ أَوَّلٌ وعَكْسٌ قَدْ يَحِقّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لفعل الذي الوصف منه على أفعل. والثامن: ألا تكون عينًا لمصدر هذا الفعل، وإلى هذين الشرطين الإشارة بقوله: "وصح عين فعل" أي: نحو الغيد والحول "وفعلا" أي نحو: غيد وحول "ذا أفعل" أي: صاحب وصف على أفعل "كأغيد وأحولا" وإنما التزم تصحيح الفعل في هذا الباب حملًا على أفعل نحو: أحول وأعور؛ لأنه بمعناه، وحمل مصدر الفعل عليه في التصحيح، واحترز بقوله: ذا أفعل من نحو خاف؛ فإنه فعل بكسر العين بدليل أمن واعتل؛ لأن الوصف منه فاعل كخائف لا على أفعل. والتاسع: وهو مختص بالواو ألا تكون عينًا لافتعل الدال على معنى التفاعل أي: التشارك في الفاعلية والمفعولية، وإلى هذا أشار بقوله: "وإن يبن" أي: يظهر "تفاعل من افتعل والعين واوًا سلمت ولم تعل" أي: إذا كان افتعل واوي العين بمعنى تفاعل صحح حملًا على تفاعل لكونه بمعناه نحو: اجتوروا وازدوجوا بمعنى تجاوروا وتزاوجوا.
واحترز بقوله: وإن يبن تفاعل من أن يكون افتعل لا بمعنى تفاعل؛ فإنه يجب إعلاله مطلقًا نحو اختان بمعنى خان، واحتاز بمعنى جاز، وبقوله: والعين واو من أن تكون عينه ياء؛ فإنه يجب إعلاله ولو كان دالًا على التفاعل نحو: امتازوا وابتاعوا واستافوا أي: تضاربوا بالسيون، بمعنى تمايزوا وتبايعوا وتسايفوا؛ لأن الياء أشبه بالألف من الواو، فكانت أحق بالإعلال منها. والعاشر: ألا تكون إحدهما متلوة بحرف يستحق هذا الإعلال. وإلى هذا أشار بقوله: "وإن لحرفين ذا الإعلال استحق صحح أول" أي: إذا اجتمع في الكلمة حرفا علة واوان أو ياءان أو واو وياء وكل منهما يستحق أن يقلب ألفًا لتحركه وانفتاح ما قبله فلا بد من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "لفعل" بكسر العين. قوله: "ذا أفعل" حال من المعطوف. قوله: "كأغيد" هو بالغين المعجمة الناعم البدن، ويقال في الأنثى: غيداء وغادة. قوله: "حملا على أفعل" قال شيخنا السيد: هو بتشديد اللام. وقوله: لأنه بمعناه فعور بمعنى اعورّ بتشديد الراء، وهكذا. قوله: "وحمل مصدر الفعل عليه" أي: على الفعل فهو مقيس على المقيس. قوله: "بدليل أمن" أي: وأمن ضد خاف، والشيء يعرف بضده. قوله: "لأن الوصف منه" أي: من نحو خاف. قوله: "ولم تعل" عطف على سلمت. قوله: "لكونه بمعناه" أي: فحركة تاء اجتوروا في حكم السكون. قوله: "نحو اجتوروا" بالجيم. وقوله: وازدوجوا أصله ازتوجوا أبدلت التاء دالًا. قوله: "مطلقًا" أي: يائيًّا نحو ارتاب، أو واويًّا نحو اجتاز، ومثله اختان؛ لأنه وإن كان من الخيانة فأصل الخيانة الخوانة بدليل خان يخون، وإن أوهم صنيع الشارح خلافه.
قوله: "أشبه بالألف" أي: أقرب إليها في الخفة. وقوله: فكانت أي: الياء. قوله: "ذا الإعلال" بنقل حركة الهمزة إلى اللام وحذف ألف ذا إبقاء لما كان حذفها لالتقاء الساكنين، وإن زال هذا(4/442)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تصحيح إحدهما؛ لئلا يجتمع إعلالان في كلمة، والآخر أحق بالإعلال؛ لأن الطرف محل التغيير، فاجتماع الواوين نحو الحوى مصدر حوى إذا اسود، ويدل على أن ألف الحوى منقلبة عن واو قولهم في مثناه حووان وفي جمع أحوى حو، وفي مؤنثه حواء، واجتماع الياءين نحو الحيا للغيث وأصله حيي؛ لأن تثنيته حييان، فأعلت الياء الثانية لما تقدم، واجتماع الواو والياء نحو الهوى وأصله هوى فأعلت الياء؛ ولذلك صحح في نحو حيوان؛ لأن المستحق للإعلال هو الواو وإعلاله ممتنع؛ لأنه لام وليها ألف، وأشار بقوله: "وعكس قد يحق" إلى أنه ربما أعل فيما تقدم الأول وصحح الثاني، كما في نحو غاية أصلها غيية أعلت الياء الأولى وصحت الثانية، وسهل ذلك كون الثانية لم تقع طرفًا، ومثل غاية في ذلك ثاية وهي حجارة صغار يضعها الراعي عند متاعه فيثوي عندها، وطاية وفي السطح والدكان أيضًا، وكذلك آية عند الخليل أصلها أيية فأعلت العين شذوذًا؛ إذ القياس إعلال الثانية، وهذا أسهل الوجوه كما قال في التسهيل.
أما من قال أصلها أيية بسكون الياء الأولى فيلزمه إعلال الياء الساكنة، ومن قال:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الالتقاء بعد نقل حركة الهمزة إلى اللام، هذا ما ظهر لي، فاحفظه؛ فإنه نفيس. قوله: "وكل من منهما... إلخ" فلو كان المستحق للإعلال أحدهما؛ ولكن لزم من إعلاله الآخر لم يكن ذلك من توالي الإعلالين الممنوع، فلا إشكال في نحو: معدي وعصي جمع عصا وعتي مصدر عتا، قاله البعض. قوله: "إحداهما" أي: الواو والياء. قوله: "لئلا يجتمع إعلالان" أي: بلا فاصل؛ وإلا فاجتماعهما جائز مع الفاصل نحو يفون؛ إذ أصله يوفيون؛ بل رد في شرح الكافية أن توالي الإعلالين إجحاف ينبغي اجتنابه على الإطلاق، فمنع تواليهما إذا اتفقا واغتفره إذا اختلفا كماء وشاء وترى؛ فإن الأصل موه وشوه وترأى، وقد يجاب بأن هذه الألفاظ شاذة، قاله يس.
قوله: "والآخر" بكسر الخاء. قوله: "نحو الحوى" بفتح الحاء المهملة. وقوله: مصدر حوى أي: على وزن قوى. قوله: "حوّ" بضم الحاء وتشديد الواو. قوله: "نحو الحيا" بالقصر. قوله: "قد يحق" أي: يثبث شذوذًا. قوله: "فيما تقدم" أي: في اجتماع حرفي علة في الكلمة. قوله: "أصلها غيية" أي: بفتح الياءين. قوله: "غاية" بفتح الثاء المثلثة كما يؤخذ من قوله: فيثوى عندها. وأما التاية بالفوقية فهي الطاية كما في القاموس. قوله: "فيثوي بوزن يرمي" أي: يقيم.
قوله: "وهذا أسهل الوجوه" أي: الستة على ما في التصريح، وأقره شيخنا والبعض وغيرهما الأربعة التي ذكرها الشارح. الخامس: أن أصلها أيية بضم الياء الأولى كسمرة قلبت العين ألفًا. قال المصرح: وردّ بأنه إنما كان يجب قلب الضمة كسرة. اهـ. وفيه نظر لا يخفى وإن أقروه. وعبارة الفارضي: وقيل: أيية بضم الياء الأولى فإعلالها على القياس. اهـ. السادس: أن أصلها أيية بفتح الأولى كالقول الأول. اهـ. أنه أعلت الثانية على القياس فصار أياة كحياة، فقدمت اللام إلى موضع العين فوزنها حينئذ فلعة بثلاث فتحات. وفي تفسير القاضي البيضاوي وجهان آخران: أوية بسكون الواو(4/443)
وعَيْنُ ما آخره قَدْ زِيدَ مَا يَخُصُّ الاسمَ واجِبٌ أَنْ يَسْلَمَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أصلها آيية على وزن فاعلة فيلزمه حذف العين لغير موجب، ومن قال: أيية كنبقة فيلزمه تقديم الإعلال على الإدغام، والمعروف العكس، بدليل إبدال همزة أئمة ياء لا ألفًا.
والحادي عشر: ألا تكون عينًا لما آخره زيادة تختص بالأسماء، وإلى هذا أشار بقوله: "وعين ما آخره قد زيد ما يخص الاسم واجب أن يسلما" يعني: أنه يمنع من قلب الواو والياء ألفًا لتحركهما وانفتاح ما قبلهما كونهما عينًا لما في آخره زيادة تخص الأسماء؛ لأنه بتلك الزيادة بعد شبهه بما هو الأصل في الإعلال وهو الفعل، وذلك نحو: جولان وسيلان، وما جاء من هذا النوع معلًا عد شاذًّا نحو: داران وماهان، وقياسهما دوران وموهان، وخالف المبرد فزعم أن الإعلال هو القياس، والصحيح الأول، وهو مذهب سيبويه.
تنبيهات: الأول: زيادة تاء التأنيث غير معتبرة في التصحيح؛ لأنها لا تخرجه عن صورة فعل؛ لأنها تلحق الماضي فلا يثبت بلحاقها مباينة في نحو: قالة وباعة، وأما تصحيح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أو وأوية بفتحها فتكون الأوجه ثمانية. قوله: "فيلزمه حذف العين لغير موجب" أي: لحذفها؛ لأن المعهود في مثله قلب الياء الأولى همزة كما في بائعة وقاتلة. قوله: "فيلزم تقديم الإعلال... إلخ" فيه أن هذا لازم على الوجه الأول أيضًا، وأنه قد ثبت في كلامهم تقديم الإعلال على الإدغام كما في قوى، والمراد بالتقديم الترجيح أي: اختيار الشيء على شيء آخر كما في تقديم الإعلال على الإدغام في آية وقوى أو البدء به أولًا قبل غيره كما في تقديم الإدغام على الإعلال في أئمة.
قوله: "بدليل إبدالي همزة أئمة ياء لا ألفًا" وجه الدلالة أن إبدال الهمزة ياء إنما هو لتقديم الإدغام على الإعلال، وبيان ذلك أن أصل أئمة أممة، فلم يقدموا الإعلال ويبدلوا أولًا الهمزة الثانية الساكنة ألفًا من جنس حركة الهمزة الأولى؛ بل قدموا الإدغام فنقلوا لأجله أولًا كسرة الميم الأولى إلى الساكن قبلها وهو الهمزة الثانية وأدغموا ثم أبدلوا الهمزة الثانية ياء من جنس حركتها، وهذا منهم يدل على أن عنايتهم بالإدغام فوق عنايتهم بالإعلال، وذهب الجاربردي إلى تقديم الإعلال، وبعضهم إلى تقديم الإدغام في العين وتقديم الإعلال في اللام، كما بسطه المصرح، فانظره.
قوله: "ألا تكون" أي: إحدى الواو والياء. قوله: "زيادة تختص بالأسماء" كالألف والنون وألف التأنيث. تصريح. قوله: "ما آخره" بنصب آخر على الظرف متعلق بزيد، وما في قوله: ما يخص الاسم نائب فاعل زيد وواجب خبر عين. قوله: "من هذا النوع" أي: نحو جولان وسيلان مما عينه واو أو ياء وفي آخره ألف ونون. قوله: "داران وماهان" قال شيخنا السيد: قيل: إنهما أعجميان، فلا يحسن عدهما فيما شذ.
قوله: "فزعم أن الإعلال" أي: فيما عينه واو أو ياء وفي آخره ألف ونون. وقوله: هو القياس أي: لأن الألف والنون لا يخرجان الاسم عن مشابهة الفعل لكونهما في تقدير الانفصال. قال الفارسي: ويؤيده قولهم في زعفران: زعيفران، فبقيا في التصغير ولم يحذفا. تصريح. قوله: "لا تخرجه" أي: لا تخرج ما هي فيه.
قوله: "لأنها تلحق الماضي" الضمير يرجع لتاء التأنيث لا بقيد اللاحقة للأسماء وهي(4/444)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حوكة وخونة، فشاذ بالاتفاق.
الثاني: اختلف في ألف التأنيث المقصورة في نحو صَوَرَى، وهو اسم ماء، فذهب المازني إلى أنها مانعة من الإعلال لاختصاصها بالاسم، وذهب الأخفش إلى أنها لا تمنع الإعلال؛ لأنها لا تخرجه عن شبه الفعل لكونها في اللفظ بمنزلة فعلى، فتصحيح صورى عند المازني مقيس، وعند الأخفش شاذ لا يقاس عليه، فلو بني مثلها من القول لقيل على رأي المازني: قولي، وعلى رأي الأخفش: قالي، وقد اضطرب اختيار الناظم في هذه المسألة: فاختار في التسهيل مذهب الأخفش، وفي بعض كتبه مذهب المازني، وبه جزم الشارح. واعلم أن ما ذهب إليه المازني هو مذهب سيبويه.
الثالث: بقي شرطان آخران؛ أحدهما: وذكره في التسهيل وشرح الكافية: ألا تكون العين بدلًا من حرف لا يعل، واحترز به عن قولهم في شجرة: شيرة، فلم يعلوا؛ لأن الياء بدل من الجيم. قال الشاعر:
1286- إذا لم يَكُنْ فِيكُنَّ ظِلٌّ ولا جَنَى فأبعدكُنَّ اللهُ من شِيَرَات
والآخر: ألا تكون في محل حرف لا يعل وإن لم تكن بدلًا، والاحتراز بذلك عن نحو: أيس بمعنى يئس؛ فإن ياءه تحركت وانفتح ما قبلها، ولم تعل؛ لأنها في موضع الهمزة، والهمزة لو كانت في موضعها لم تبدل، فعوملت الياء معاملتها لوقوعها موقعها، هكذا قال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المتحركة يعني: أن جنس تاء التأنيث يلحق الماضي، فلا يختص بالأسماء؛ فلهذا لم تمنع الإعلال إذا لحقت آخر الاسم المستحق للإعلال، وإن كانت تاء التأنيث المتحركة تختص بالأسماء، فاندفع تنظير الأسقاطي، وأقره شيخنا والبعض بأن اللالحقة للماضي هي الساكنة، والكلام فيما يخص الأسماء، وهي المتحركة. قوله: "في نحو: قالة وباعة" جمعي قائل وبائع أصلهما قولة وبيعة ككملة جمع كامل، وكذلك حوكة وخونة جمعًا حائك وخائن. قوله: "في نحو صورى" بفتح الصاد المهملة والواو والراء. تصريح. قوله: "اسم ماء" مثله في شرح المرادي. وقال الصغاني: اسم واد، وقد خلا عنه الصحاح والقاموس، كذا في التصريح، والذي في القاموس صورى كسكرى ماء ببلاد مزينة. قوله: "بمنزلة فعلا" أي: بمنزلة ألف فعلا الدالة على اثنين. قوله: "مثلها" أي: مثل هذه الكلمة التي هي صورى. قوله: "لا يعل" أي: لا يجوز إعلاله قياسًا. قوله: "شيرة" بفتح الشين وكسرها أجود، نقله شيخنا السيد عن شرح الكافية.
قوله: "وإن لم تكن بدلًا" الواو للحال. قوله: "لو كانت موضعها" الظاهر أن الضمير للهمزة، ويصح رجوعه للياء أي: موضع الياء الذي حدث لها بسبب التأخير. وقوله: لم تبدل أي: لعدم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1286- البيت من الطويل، وهو لجعيثنة البكائي في سمط اللآلي ص834، وبلا نسبة في المقاصد النحوية 4/ 589.(4/445)
وقبل بَا اقْلِبْ ميمًا النون إذَا كان مُسَكَّنًا كمَنْ بَتَّ انْبِذَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في شرح الكافية قال: ويجوز أن يكون تصحيح ياء أيس انتفاء علتها؛ فإنها كانت قبل الهمزة ثم أخرت فلو أبدلت لاجتمع فيها تغييران: تغيير النقل وتغيير الإبدال، هذا كلامه. وذكر بعضهم: أن أيس إنما لم يعل لعروض اتصال الفتحة به؛ لأن الياء فاء الكلمة فهي في نية التقديم والهمزة قبلها في نية التأخير، وعلى هذا فيستغنى عن هذا الشرط بما سبق من اشتراط أصالة اتصال الفتحة.
الرابع: ذكر ابن بابشاذ لهذا الإعلال شرطًا آخر؛ وهو أن يكون التصحيح للتنبيه على الأصل المرفوض، واحترز بذلك عن القود والصيد والجيد، وهو طول العنق وحسنه، والحيدي يقال: حمار حيدي إذا كان يحيد عن ظله لنشاطه، والحوكة والخونة، وهذا غير محتاج إليه؛ لأن هذا مما شذ مع استيفائه الشروط، ومثل ذلك في الشذوذ قولهم: روح وغيب جمع رائح وغائب، وعفوة جمع عفو وهو الجحش، وهيوة، وأوو جمع أوة وهو الداهية من الرجال، وقروة جمع قرو وهي ميلغة الكلب. انتهى.
"وقبل با اقلب ميمًا النون إذا كان مُسكنًا" أي: تبدل النون الساكنة قبل الباء ميمًا؛ وذلك لما في النطق بالنون الساكنة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
توفر شروط إبدالها القياسي. قوله: "انتفاء علتها" لئلا ينتفي إعلالها لو أعلت؛ إذ لو أبدلت ألفًا لزال القلب لامتناع توالي إعلالين، وإذا زال القلب لم يكن لإبدالها ألفًا سبب، فيؤدي إعلالها إلى عدمه، وما أدى وجوده إلى عدمه كان باطلًا من أصله، وفي نسخة: إبقاء علتها بالموحدة فالقاف أي: ليبقى اعتلالها بالقلب المكاني. قوله: "النقل" أي: القلب المكاني. قوله: "والصيد" بالصاد المهملة له معانٍ منها التكبر وميل العنق وداء يصيب الإبل. قوله: "والجيد" بالجيم والوصف منه للذكر أجيد وللأنثى جيداء وجيدانة والجمع جود، قاله في القاموس. قوله: "والحيدى" بحاء مهملة وكون الحيدى شاذًّا إنما يتمشى على مذهب الأخفش أن ألف التأنيث لا تمنع الإعلال لا على مذهب المازني أنها تمنعه. قوله: "روح وغيب" الأول براء ثم حاء مهملة، والثاني بغين معجمة ثم موحدة. وقوله: جمع رائح وغائب أي: وجمع غائب، ومراده هنا وفيما بعده الجمع اللغوي.
قوله: "وعفوة" صريح كلامه أنه بفتح الفاء؛ وعليه فهل العين المهملة مفتوحة ككملة، أو مكسورة كقردة حرره، والذي في القاموس عفوة بفتح العين المهملة وسكون الفاء. وقوله: جمع عفو بتثليث العين وسكون الفاء كما في القاموس. قوله: "وهيوة" كذا في النسخ بهاء فتحتية فواو فهاء تأنيث، ولم أجد لها ذكرًا في القاموس والمصباح وغيرهما، والذي وجدته في التسهيل: هيؤ بهاء مفتوحة فتحتية مضمومة فهمزة مرسومة واوًا على صيغة الفعل الماضي، فالظاهر أن ما في النسخ تحريف، وإن لم يتنبه له أحد من المحشين، والله الهادي.
قوله: "وأوو" بضم الهمزة كصرد. وقوله: جمع أوة بضم الهمزة وتشديد الواو كذا في القاموس. قوله: "وقروة" بقاف فراء. وقوله: جمع قرو بتثليث القاف، كما في القاموس، وانظر حركة قاف الجمع؛ فإني لم أرَ لهذا الجمع ذكرًا في القاموس. قوله: "ميلغة الكلب" ميلغ الكلب وميلغته بكسر الميم فيهما الإناء الذي يلغ فيه، قاله في(4/446)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قبل الباء من العسر لاختلاف مخرجيهما مع تنافر لين النون وغنتها لشدة الباء؛ وإنما اختصت الميم بذلك لأنها من مخرج الباء ومثل النون في الغنة، ولا فرق في ذلك بين المنفصلة والمتصلة، وقد جمعهما في قوله: "كمن بت انبذا" أي: من قطعك فألقه عن بالك واطرحه، وألف انبذا بدل من نون التوكيد الخفيفة.
تنبيهات: الأول: كثيرًا ما يعبرون عن إبدال النون ميمًا بالقلب كما فعل الناظم، والأولى أن يعبر بالإبدال لما عرفت أول الباب.
الثاني: قد تبدل النون ميمًا ساكنة ومتحركة دون ياء وذلك شاذ، فالساكنة كقولهم في حنظل: حمظل، والمتحركة كقولهم في بنان: بنام، ومنه قوله:
1287- يا هالُ ذاتُ المنطقِ التَّمْتَامِ وكفك المخضَّبِ البَنَامِ
وجاء عكس ذلك في قولهم: أسود قاتن وأصله قاتم.
الثالث: أبدلت الميم أيضًا من الواو في فم؛ إذ أصله فوه بدليل أفواه، فحذفوا الهاء تخفيفًا ثم أبدلوا الميم من الواو، فإن أضيف رجع به إلى الأصل فقيل: فوك، وربما بقي الإبدال نحو: "لخلوف فم الصائم".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القاموس. قوله: "بين المنفصلة" أي: النون المنفصلة عن الباء بأن كانت في كلمة والباء في أخرى مع تلاقيهما. قوله: "كمن بت" في نسخة بالفوقية، وعليها شرح الشارح، وفي نسخة بالمثلثة أي: من أفشى أسرارك. قوله: "انبذا" بكسر الموحدة.
قوله: "لما عرفت أول الباب" أي: من أن القلب اصطلاحًا إنما يكون في حروف العلة أو الهمزة. قوله: "يا هال" منادى مرخم، هالة علم امرأة، والتمتام من التمتمة وهي تكرير التاء والميم، والبنام أطراف الأصابع، وكفك إما بالرفع مبتدأ، والمخضب البنام تركيب إضافي خبر، والجملة حال من المنادى أو من الضمير في ذات؛ لأنه بمعنى صاحبه أو بالجرِّ عطفًا على المنطق، والمخضب نعت له، أو بالنصب مفعولًا لمقدر، ولا يصح نصبه عطفًا على المنادى؛ لما مرَّ في النداء أنه لا يصح: يا غلامك. قال يس: والجر هو المضبوط به في النسخ المصححة، والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1287- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص183، وجواهر الأدب ص98، وسر صناعة الإعراب 422، وشرح التصريح 2/ 392، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 216، وشرح شواهد الشافية ص455، وشرح المفصل 10/ 33، والمقاصد النحوية 4/ 580، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 401، وشرح المفصل 10/ 35.(4/447)
فصل: لساكن صح انقل التحريك من
لساكنٍ صَحَّ انْقُلِ التحريكَ مِنْ ذِي لِينٍ آتٍ عَيْنَ فِعْلٍ كَأَبِنْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل:
"لساكن صح انقل التحريك من ذي لين آت عين فعل كأبن" أي: إذا كان عين الفعل واوًا أو ياء وقبلهما ساكن صحيح وجب نقل حركة العين إليه لاستثقالها على حرف العلة نحو: يقوم ويبين، الأصل يقوم ويبين بضم الواو وكسر الياء، فنقلت حركة الواو والياء إلى الساكن قبلهما وهو قاف يقوم وياء يبين فسكنت الواو والياء، ثم اعلم أنه إذا نقلت حركة العين إلى الساكن قبلها فتارة تكون العين مجانسة للحركة المنقولة، وتارة تكون غير مجانسة، فإن كانت مجانسة لها لم تغير بأكثر من تسكينها بعد النقل وذلك مثل ما تقدم، وإن كانت غير مجانسة لها أبدلت حرفًا يجانس الحركة كما في نحو: أقام وأبان، أصلهما أقوم وأبين، فلما نقلت الفتحة إلى الساكن بقيت العين غير مجانسة لها فقلبت ألفًا لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها، ونحو يقيم أصله يقوم فلما نقلت الكسرة إلى الساكن بقيت العين غير مجانسة لها فقلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها؛ ولهذا النقل شروط؛ الأول: أن يكون الساكن المنقول إليه صحيحًا، فإن كان حرف علة لم ينقل إليه نحو: قاول وبايع وعوق وبين، وكذا الهمزة لا ينقل إليها نحو يأيس مضارع أيس؛ لأنها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل:
اعلم أن نقل حركة حرف العلة إلى الساكن الصحيح قبله في أربع مسائل؛ إحداها: أن يكون حرف العلة عين فعل وذكرها بقوله: لساكن صح... إلخ. الثانية: أن يكون عين اسم يشبه المضارع في وزنه دون زيادته أو عكسه وذكرها بقوله: ومثل فعل... إلخ. الثالثة: أن يكون عين إفعال أو استفعال وذكرها بقوله: وألف الإفعال... إلخ. الرابعة: أن يكون عين مفعول وذكرها بقوله: وما لا فعال... إلخ.
قوله: "انقل التحريك" أي: أثره وهو الحركة. قوله: "ذي لين" أي: أو همزة كما سيأتي في الشرح. قوله: "كأبن" فعل أمر أصله أبين نقلت حركة الياء إلى الباء الموحدة وحذفت الياء لالتقائها ساكنة مع النون، وهذا العمل مع زيادة في نحو قل والأصل أقول نقلت ضمة الواو إلى القاف وحذفت همزة الوصل للاستغناء عنها بالحركة والواو لالتقاء الساكنين. قوله: "لاستثقالها... إلخ" أي: إذا كانت الحركة ضمة أو كسرة، فإن كانت فتحة فنقلها حملًا على أختيها وطردًا للباب؛ وإنما لم تستثقل الضمة والكسرة على الواو والياء في نحو دلو وظبي فتنقلا إلى الساكن قبلهما؛ لأن حركة الإعراب منتقلة لا لازمة، ولأنها دالة على معنى فكانت قوية.
قوله: "مجانسة للحركة المنقولة" بأن كانت واوًا والحركة ضمة أو ياء والحركة كسرة. قوله: "مثل ما تقدم" أي: من يقوم ويبين. قوله: "وانفتاح ما قبلها" أي: الآن. قوله: "نحو يأيس"(4/448)
ما لم يَكُنْ فِعْلَ تَعَجُّبٍ ولا كابْيَضَّ أو أَهْوَى بلام عُلِّلا
ومِثْلُ فِعْلٍ في ذا الاعلالِ اسم ضَاهَى مضارعًا وفيه وَسْمُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معرضة للإعلال بقلبها ألفًا، نص على ذلك في التسهيل؛ وإنما لم يستثنها هنا؛ لأنه قد عدها من حروف العلة فقد خرجت بقوله: صح.
الثاني: ألا يكون الفعل فعل تعجب نحو ما أبين الشيء وأقومه وأبين به وأقوم به، حملوه على نظيره من الأسماء في الوزن والدلالة على المزية وهو أفعل التفضيل.
الثالث: أن لا يكون من المضاعف اللام نحو ابيض واسود، وإنما لم يعلوا هذا النوع لئلا يلتبس مثال بمثال، وذلك أن ابيض لو أعل الإعلال المذكور لقيل فيه باض، وكان يظن أنه فاعل من البضاضة وهي نعومة البشرة.
الرابع: أن لا يكون من المعتل اللام نحو أهوى، فلا يدخله النقل لئلا يتوالى إعلالان، وإلى هذه الشروط الثلاثة أشار بقوله: "ما لم يكن فعل تعجب ولا كابيض أو أهوى بلام عللا" وزاد في التسهيل شرطًا آخر؛ وهو أن لا يكون موافقًا لفعل الذي بمعنى أفعل نحو: يعور ويصيد مضارعا عور وصيد، وكذا ما تصرف منه نحو: أعوره الله، وكأنه استغنى عن ذكره هنا بذكره في الفصل السابق في قوله: وصح عين فعل وفعلا ذا أفعل. فإن العلة واحدة "ومثل فعل في ذا الإعلال اسم ضاهى مضارعًا وفيه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بتحتيتين مفتوحتين بينهما همزة ساكنة. قوله: "بقلبها ألفا" أي: تخفيفًا أي: فكأنها ألف والألف لا ينقل إليها؛ لأنها لا تقبل الحركة والباء للتصوير. قوله: "في الوزن" لا يخفى أن الموازن لأفعل التفضيل إنما هو ما أفعله لا أفعل به؛ لكنه حمل على ما أفعله. قال الفارضي: وحكى أبو حيان عن الكسائي جواز النقل في التعجب نحو أقوم به فتقول أقم به، وهو ضعيف. اهـ.
قوله: "وهو أفعل التفضيل" إنما لم يعلّ أفعل التفضيل لكونه اسمًا أشبه المضارع في الوزن والزيادة، وسيأتي أن ما كان كذلك يصحح. قوله: "نحو ابيضّ واسودَّ" بتشديد الضاد والدال. قوله: "لو أعل الإعلال المذكور" بأن نقلت حركة الياء إلى الباء ثم قلبت ألفًا لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها الآن حذفت همزة الوصل للاستغناء عنها، وكذلك يلتبس اسودّ بسادّ من السد. تصريح. قوله: "باض" بتشديد الضاد. قوله: "أنه فاعل" بفتح العين. قوله: "بلام عللا" أي: حكم بأنه حرف علة ابن غازي إنما قال بلام عللا؛ لئلا يظن خصوص افعل فيخرج استهوى ونحوه. قوله: "موافقا" أي: في المعنى بأن يدل على خلقة أو لون. وقوله: بمعنى افعل بتشديد اللام. وقوله: نحو يعور ويصيد تمثيل للموافق.
قوله: "وكذا ما تصرف منه" أي: من الموافق المذكور. قوله: "بذكره" أي: ضمنًا لا صريحًا، ولو قال:بفهمه لكان أوضح. قوله: "فإن العلة" أي: علة التصحيح هنا وهناك واحدة وهي الحمل على افعل بتشديد اللام. قوله: "ضاهى مضارعًا" إنما اشترط في إعلال الاسم مشابهته للمضارع من وجه؛ لأن الفعل هو الأصل في الإعلال، فلا يحمل عليه فيه إلا إذا أشبهه وجه واشترط مخالفته له من وجه لدفع التباسه به الحاصل على تقدير إعلال الاسم مع المشابهة من كل وجه. قوله:(4/449)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وسم" أي: الاسم المضاهي للمضارع وهو الموافق له في عدد الحروف والحركات يشارك الفعل في وجوب الإعلال بالنقل المذكور بشرط أن يكون فيه وسم يمتاز به عن الفعل، فاندرج في ذلك نوعان:
أحدهما: ما وافق المضارع في وزنه دون زيادته كمقام؛ فإنه موافق للفعل في وزنه فقط، وفيه زيادة تنبئ على أنه ليس من قبيل الأفعال وهي الميم فأعل، وكذلك نحو: مقيم ومبين. وأما مدين ومريم فقد تقدم أن وزنهما فعلل لا مفعل وإلا وجب الإعلال، ولا فعيل لفقده في الكلام. ولو بنيت من البيع مفعلة بالفتح قلت مباعة أو مفعِلة بالكسر قلت مبيعة أو مفعُلة بالضم، فعلى مذهب سيبويه تقول مبيعة أيضًا، وعلى مذهب الأخفش تقول مبوعة، وقد سبق ذكر مذهبهما. والآخر: ما وافق المضارع في زيادته دون وزنه كأن تبنى من القول أو البيع اسمًا على مثال تِحْلِئ بكسر التاء وهمزة بعد اللام، فإنك تقول: تقيل وتبيع بكسرتين بعدهما ياء ساكنة، وإذا بنيت من البيع اسمًا على مثال تُرْتُب قلت: على مذهب سيبويه تبيع بضم فكسر، وعلى مذهب الأخفش تبوع، فالوسم الذي امتاز به هذا النوع عن الفعل هوكونه على وزن خاص بالاسم وهو أن تفعلا بكسر التاء وضمها لا يكون في الفعل ولذلك أعل، أما ما شابه المضارع في وزنه وزيادته أو باينه فيهما معًا فإنه يجب تصحيحه؛ فالأول: نحو ابيض واسود؛ لأنه لو أعل لتوهم كونه فعلًا، وأما نحو يزيد علمًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"وفيه وسم" أي: علامة يمتاز بها عن المضارع. قوله: "فإنه موافق للفعل في وزنه فقط" لأن أصله مقوم بفتح الميم والواو وسكون القاف كيعلم فنقلوا وقلبوا.
قوله: "وجب الإعلال" أي: بالنقل ثم القلب. قوله: "ولو بنيت من البيع مفعلة... إلخ" إنما أعلت مفعلة بأوجهها الثلاثة لمشابهتها المضارع في الوزن دون الزيادة؛ لأن تاء التأنيث في تقدير الانفصال فلا تمنع الوزن ولدفع توهم مخالفتها له في الوزن أيضًا بسبب التاء، نبه الشارح على إعلالها. قوله: "فعلى مذهب سيبويه" أي: من إبدال الضمة في مثل ذلك كسرة. وقوله: وعلى مذهب الأخفش أي: من إقرار الضمة وقلب الياء واوًا. قوله: "وقد سبق ذكر مذهبهما" أي: في شرح قول المصنف: ويكسر المضموم في جمع... إلخ. قوله: "بكسر التاء" أي: الفوقية وسكون الحاء المهملة وكسر اللام يطلق على شعر وجه الأديم ووسخه وقشره. قوله: "بكسرتين... إلخ" راجع لكل من الكلمتين وقوله: بعدهما ياء ساكنة أي: أصلية في تبيع ومنقلبة عن الواو في تقيل فإعلال تبيع بالنقل فقط وإعلال تقيل بالنقل والقلب. قوله: "على مثال ترتب" بفوقيتين مضمومتين وتفتح الثانية بينهما راء آخره موحدة الشيء المقيم الثابت.
قوله: "وهو" أي: كونه على وزن خاص بالاسم أي: بيان ذلك. قوله: "بكسر التاء" أي: والعين، وهذا راجع إلى ما على مثال تحلئ. وقوله: وضمها أي: مع ضم العين، وهذا راجع إلى ما على مثال ترتب. قوله: "لا يكون في الفعل" أي: فلا يتوهم كون موازنه فعلا. قوله: "نحو ابيض(4/450)
ومِفْعَلٌ صُحِّحَ كالْمِفْعَالِ وأَلِفَ الأفعالِ واسْتِفْعَالِ
أَزِلْ لِذَا الإعلالِ والتَّا الزَمْ عِوَضْ وحَذْفُهَا بالنَّقْلِ رُبَّمَا عَرَضْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فمنقول إلى العلمية بعد أن أعل إذ كان فعلًا. والثاني: كمخيط، هذا هو الظاهر، وقال الناظم وابنه: حق نحو مخيط أن يعل؛ لأن زيادته خاصة بالأسماء وهو مشبه لتعلم أي: بكسر حرف المضارعة في لغة قوم؛ لكنه حمل على مخياط لشبهه به لفظًا ومعنى. انتهى.
وقد يقال: لو صح ما قالا للزم أن لا يعل مثال تحلئ؛ لأنه يكون مشبهًا لتحسب في وزنه وزيادته، ثم لو سلم أن الإعلال كان لازمًا لما ذكرا لم يلزم الجميع؛ بل من يكسر حرف المضارعة فقط. وقد أشار إلى هذا الثاني بقوله: "ومفعل صحح كالمفعال" يعني: أن مفعالًا لما كان مباينًا للفعل أي: غير مشبه له في وزن ولا زيادة استحق التصحيح كمسواك ومكيال، وحمل عليه في التصحيح مفعل لمشابهته له في المعنى كمقول ومقوال ومخيط ومخياط، والظاهر ما قدمته من أن علة تصحيح نحو مخيط مباينته الفعل في وزنه وزيادته؛ لأنه مقصور من مخياط هو لا أنه محمول عليه، وعلى هذا كثير من أهل التصريف.
"وألف الإفعال واستفعال أزل لذا الإعلال والتا الزم عوض" أي: إذا كان المصدر على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واسود" هما وصفان على وزن أحمر، فهذان أشبها أعلم في الوزن والزيادة. قوله: "وأما نحو يزيد... إلخ" جواب عما يقال نحو يزيد علما شابه المضارع وزنا وزيادة مع أنه أعل، وحاصل الجواب أن علميته بعد إعلاله؛ لأن إعلاله حين فعليته. قوله: "نحو مخيط" بكسر الميم؛ فإنه مباين للمضارع في كسر أوله وكون أوله ميما زائدة. قوله: "هذا" أي: كون تصحيح نحو مخيط لمباينته المضارع وزنا وزيادة بدون التفات إلى من يكسر حرف المضارعة لقلته.
قوله: "لكنه حمل على مخياط" لم يعكسوا لأصالة التصحيح دون الإعلال والضمير في لكنه حمل إن أرجع إلى نحو مخيط كان قوله على مخياط على تقدير مضاف أي: على نحو مخياط، وإن أرجع إلى مخيط فلا، والمراد بالحمل القياس، وأما في التصريح وأقره شيخنا والبعض من أن المراد به مخيطا مقصور من مخياط ففي غاية البعد من العبارة. قوله: "لفظا" أي: لعدم الفرق بين لفظهما إلا بالألف ومعنى أي: لاتحاد معناهما. قوله: "لو صح ما قالا... إلخ" أجيب بأن صحته في مخيط لم يعارضها شذوذ في الفعل بخلافها في مثال تحلئ؛ لأن كسر العين في تحسب شاذ كذا ذكره زكريا، وأقره شيخنا والبعض، وفيه أنه إنما ينفع في خصوص تحسب دون غيره من الأفعال المضارعة المكسورة العين قياسا كتجلس وتضرب وتعرف لموازنة تحلئ لها على لغة من يكسر حرف المضارعة بدون شذوذ كسر العين. قوله: "مشبها لتحسب" أي: بكسر التاء في لغة قوم. قوله: "لم يلزم الجميع" أي: جميع العرب. تصريح.
قوله: "إلى هذا الثاني" أي: المباين للمضارع وزنا وزيادة كمخيط. قوله: "لأنه مقصور... إلخ" لعل احتياجه إلى تعليل المباينة بذلك لدفع دعوى موازنة مخيط لتعلم في لغة من يكسر حرف المضارعة. قوله: "إلا أنه محمول عليه" عطف على مباينة. قوله: "عوض" حال من التاء ووقف عليه(4/451)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إفعال أو استفعال مما أعلت عينه حمل على فعله في الإعلال، فتنقل حركة عينه إلى فائه ثم تقلب ألفًا لتجانس الفتحة فيلتقي ألفًا فتحذف إحداهما لالتقاء الساكنين ثم تعوض عنها تاء التأنيث، وذلك نحو: إقامة واستقامة أصلهما إقوام واستقوام، فنقلت فتحة الواو إلى القاف ثم قلبت الواو ألفًا لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها فالتقى ألفان الأولى بدل العين والثانية ألف افعال واستفعال فوجب حذف إحداهما. واختلف النحويون أيتهما المحذوفة؛ فذهب الخليل وسيبويه إلى أن المحذوفة ألف إفعال واستفعال؛ لأنها الزائدة ولقربها من الطرف، ولأن الاستثقال بها حصل، وإلى هذا ذهب الناظم؛ ولذلك قال: وألف الإفعال واستفعال أزل. وذهب الأخفش والفراء إلى أن المحذوفة بدل عين الكلمة. والأول أظهر. ولما حذفت الألف عوض عنها تاء التأنيث فقيل: إقامة واستقامة. وأشار بقوله: "وحذفها بالنقل" أي: بالسماع "ربما عرض" إلى أن هذه التاء التي جعلت عوضًا قد تحذف، فيقتصر في ذلك على ما سمع ولا يقاس عليه، من ذلك قول بعضهم: أراه إراء، وأجابه إجابًا، حكاه الأخفش.
قال الشارح: ويكثر ذلك مع الإضافة كقوله تعالى: {وَإِقَامَ الصَّلَاةَ} [الأنبياء: 73]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالسكون على لغة ربيعة. قوله: "مما أعلت عينه" خبر ثان لكان أو حال من افعال واستفعال أي: كائنين مما أعلت عينه أي: مما عينه حرف علة وأعل في فعله. قوله: "لتحركها في الأصل... إلخ" علل الانقلاب هنا بهذا، وعلله قبله بمجانسة الفتحة؛ إشارة إلى صحة التعليلين، وإن كان الثاني أقوى، وأورد على كلامه أن شرط قلب الواو ألفًا إذا كانت عينًا ألا يقع بعدها ساكن كما مر، وأجيب بأن محل ذلك في غير الأفعال والاستفعال؛ لأن الإعلال فيه بالحمل على الفعل، والاشتراط المذكور إنما هو في استحقاق الكلمة لذاتها هذا الإعلال، ويمكن دفعه أيضًا بأن هذا الساكن لما كان يحذف بعد الإعلال بناء على مذهب الخليل وسيبويه واختاره الناظم كان وجوده كالعدم.
قوله: "ولأن الاستثقال" نظر فيه الدنوشري بأنه لا يمكن الجمع بين الألفين حتى يحصل الاستثقال وزيفه الأسقاطي بأن الجمع بين الألفين ممكن؛ بل واقع كما هو صريح كلام القراء والنحويين أي: عند المد بقدر أربع حركات. قوله: "بدل عين الكلمة" يؤيد هذا المذهب تعويض التاء عنها؛ لأن المعهود في التاء أنها لا تعوض إلا من الأصول كما في عدة وثبة وسنة. قوله: "بالنقل" الباء للملابسة متعلقة بعرض. قوله: "إراء" أصله ارآي نقلت حركة الهمزة إلى ما قبلها ثم حذفت الهمزة وتطرفت الياء إثر ألف زائدة فقلبت همزة ولم يؤت بتاء التعويض لا يقال: المتحرك فيه همزة لا حرف علة؛ لأنا نقول: قد تقدم أن الناظم عدها من حروف العلة. اهـ زكريا. وأقره غيره؛ لكن ظاهر قوله: ثم حذفت الهمزة أنها حذفت ابتداء بدون قلبها ألفًا لتحركها بحسب الأصل وانفتاح ما قبلها الآن، وهو خلاف صورة المسألة، فلعل المراد حذفت بعد قلبها ألفًا بناء على أن المحذوف بدل عين الكلمة.
قوله: "ويكثر ذلك مع الإضافة" أي: لسدها مسد التاء، أفاده المصرّح. قوله: "أعول إعوالا"(4/452)
وما لإِفْعَالٍ مِنَ الْحَذْفِ ومِنْ نَقْلٍ فمَفْعُولٌ به أيضًا قَمنْ
نَحْوُ مَبِيعٍ ومَصُونٍ ونَدَرْ تَصْحِيحُ ذِي الواوِ وفي ذي اليا اشتُهِر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقيل: وحسن حذف الياء في الآية مقارنته لقوله بعد: {وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ} [الأنبياء: 73].
تنبيه: قد ورد تصحيح إفعال واستفعال وفروعهما في ألفاظ: منها أعول إعوالًا، وأغيمت السماء إغيامًا، واستحوذ استحواذًا، واستغيل الصبي استغيالًا، وهذا عند النجاة شاذ يحفظ ولا يقاس عليه. وذهب أو زيد إلى أن ذلك لغة قوم يقاس عليها. وحكى الجوهري عنه أنه حكى عن العرب تصحيح أفعل وقام واستفعل تصحيحًا مطردًا في الباب كله. وقال الجوهري في مواضع أخر: تصحيح هذه الأشياء لغة فصيحة. وذهب في التسهيل إلى موضع ثالث وهو أن التصحيح مطرد فيما أهمل ثلاثيه، وأراد بذلك نحو: استنوق الجمل استنواقًا، واستتيست الشاة استتياسًا أي: صار الجمل ناقة وصارت الشاة تيسًا، وهذا مثل يضرب لمن يخلط في حديثه، لا فيما له ثلاثي نحو استقام. انتهى.
"وما لإفعال" واستفعال المذكورين "من الحذف ومن نقل فمفعول به أيضًا قمن" أي: حقيق "نحو مبيع ومصون" والأصل مبيوع ومصوون، فنقلت حركة الياء والواو إلى الساكن قبلهما، فالتقى ساكنان الأول عين الكلمة والثاني واو مفعول الزائدة، فوجب حذف إحداهما، واختلف في أيتهما المحذوفة على حد الخلف في إفعال واستفعال المتقدم. ثم ذوات الواو نحو: مصوم ومقول ليس فيها عمل غير ذلك، وأما ذوات الياء نحو: مبيع ومكيل فإنه لما حذفت واوه على رأي سيبوبه بقي مبيع ومكيل بياء ساكنة بعد ضمة فجعلت الضمة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هو بالعين المهملة يطلق بمعنى رفع صوته بالبكاء وبمعنى كثر عياله. قوله: "وأغيمت السماء" بالغين المعجمة أي: صارت ذا غيم أي: سحاب. وقوله: واستحوذ أي: غلب. قوله: "واستغيل الصبي" أي: بالغين المعجمة أي: شرب الغيل بفتح الغين المعجمة وسكون التحتية وهو اللبن الذي ترضعه المرأة ولدها وهي تُؤْتَى أو وهي حامل. قوله: "تصحيح أفعل... إلخ" الظاهر أن مثل أفعل واستفعل ما تصرف منهما كالمصدر واسم الفاعل. قوله: "وقام" كذا في بعض النسخ، وفي بعضها إسقاطه، وكذا أسقطه المرادي، واعترض أرباب الحواشي ذكره بأنه ليس فيه نقل، والكلام فيما فيه نقل، وقد يقال: بل المراد فيما حكاه الجوهري عن أبي زيد الأعم مما فيه نقل بأن يراد ما عينه حرف علة مطلقًا. قوله: "في الباب كله" أي: سواء أهمل ثلاثيه أو لا. قوله: "وهذا مثل... إلخ" يحتمل رجوع اسم الإشارة إلى مجموع الجملتين وإلى كل منهما. قوله: "من الحذف ومن نقل" أي: دون التعويض بالتاء. وقوله: فمفعول أي: فاسم مفعول الفعل الثلاثي المعتل. وقوله: به متعلق بقمن.
قوله: "لما حذفت واوه على رأي سيبويه" أورد عليه أمران؛ الأول: أن الواو علامة اسم المفعول فلا تحذف. وأجيب بمنع أنها علامة بدليل عدمها في اسم مفعول المزيد كالمنتظر وإنما جيء بها لرفضهم مفعلا إلا في مكرم ومعون ومألك ومهلك؛ وإنما العلامة الميم الثاني أن المحذوف من نحو: قاض الأصلي وهو الياء دون الزائد وهو التنوين ومن نحو: قل وبع وخف(4/453)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المنقولة كسرة لتصح الياء، وأما على رأي الأخفش فإنه لما حذفت ياؤه كسرت الفاء وقلبت الواو ياء فرقًا بين ذوات الواو وذوات الياء، وقد خالف الأخفش أصله في هذا، فإن أصله أن الفاء إذا ضمت وبعدها ياء أصلية باقية قلبها واوًا لانضمام ما قبلها إلا في الجمع نحو بيض، وقد قلب هاهنا الضمة كسرة مراعاة للعين التي هي ياء مع حذفها، ومراعاتها موجودة أجدر.
تنبيه: وزن مصون عند سيبويه مفُعْل، وعند الأخفش مفول، وتظهر فائدة الخلاف في نحو مسو مخففًا. قال أبو الفتح: سألني أبو علي عن تخفيف مسوء فقلت: أما على قول أبي الحسن فأقول: رأيت مسوّا، كما تقول في مقروء: مقروّ؛ لأنها عنده واو مفعول. وأما على مذهب سيبويه فأقول: رأيت سواء، كما تقول في خبء: خب، فتحرك الواو لأنها في مذهبه العين، فقال لي أبو علي: كذلك هو. اهـ. "وندر تصحيح ذي الواو" من ذلك في قول بعض العرب: ثوب مصوون، ومسك مدووف، وفرس مقوود، ولا يقاس على ذلك خلافًا للمبرد "و" التصحيح "في ذي اليا" من ذلك "اشتهر" لخفة الياء كقولهم: خذه مطيوبة به نفسًا، وقوله: كأنها تفاحة مطيوبة
وقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الساكن الأول لا الثاني. وأجيب بأن محل ذلك كله إذا كان ثاني الساكنين حرفًا صحيحًا وهما هنا حرفا علة. اهـ تصريح بإيضاح وزيادة. قوله: "وقد خالف الأخفش... إلخ" فيه عندي نظر وإن أقروه؛ لأنا لا نسلم أن قبله هاهنا الضمة كسرة والواو ياء مراعاة للعين المحذوفة؛ بل الفرق بين ذوات الواو وذوات الياء كما قدمه الشارح، فافهم. قوله: "في هذا" متعلق بخالف أي: في نحو مبيع ومكيل. قوله: "عند سبيويه مفعل" بضم الفاء وسكون العين. قوله: "مخففًا" أي: بإبدال همزته واوًا ثم إدغام واو مفعول فيها على رأي الأخفش وبنقل حركتها إلى الواو التي هي عين ثم حذفها على رأي سببويه، ولا يخفى أن أصل مسوء مسووء بوزن مفعول. قوله: "أما على قول... إلخ" وجه ذلك أن الهمزة المتحركة إذا كانت الواو التي قبلها زائدة لغير إلحاق قلبت الهمزة واوًا وأدغمت الواو فيها، وإن كانت أصلية نقلت حركة الهمزة إليها وحذفت. قوله: "خب" أي: بحذف الهمزة بعد نقل حركتها إلى الباء.
قوله: "كذلك هو" أي: تخفيف مسوء. قوله: "ومسك مدووف" بدال مهملة ثم فاء آخره أي: مبلول، وقيل: مسحوق، وسمع مدوف على القياس، كذا في المختار وغيره، ورسمه بنون -كما في بعض النسخ- تحريف. قوله: "خذه مطيوبة" اسم مفعول طابه يقال: طابه وأطابه أي: طيبه، ولعل الصواب مطيوبة به نفس برفع نفس على النيابة على الفاعل، أو مطيوبًا به نفسًا بالتذكير وإنابة الضمير في مطيوبا العائد على فاعل خذ عن الفاعل، فتأمل. قوله: "كأنها" أي: الخمرة. قوله:(4/454)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1288- وأخَالُ أنَّكَ سيِّدٌ مَعْيُونُ
وقوله:
1289- حتى تذَّكر بيضاتٍ وهيَّجه يوم الرِّذاذ عليه الدَّجْنُ مَغْيُومُ
وهذه لغة تميمية.
تنبيه: قالوا مشيب في المختلط بغيره والأصل مشوب؛ ولكنهم لما قالوا في الفعل شيب حملوا عليه اسم المفعول، وكما قالوا مشيب بناء على شيب قالوا مهوب بناء على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"معيون" اسم مفعول عانه من باب باع أي: أصابه بالعين.
قوله: "حتى تذكر" الضمير يرجع لذكر النعام، ويوم فاعل هيجه، والرذاذ بذالين معجمتين كسحاب المطر الضعيف، ويروى: يوم رذاذ بالتنكير، ويظهر أن الهاء في عليه لليوم، وأن على بمعنى في، والدجن بفتح الدال المهملة وسكون الجيم -كما في كتب اللغة- إلباس الغيم السماء، ودجن يومنا من باب نصر صار ذا دجن. وقوله: مغيوم أي: ذو غيم مطبق صفة ثانية ليوم الرذاذ بعد الصفة الجملة أعني: فيه الدجن بناء على أن أل جنسية مدخولها في معنى النكرة بدليل الرواية الثانية، فإن جعل خبرًا عن الدجن والجملة صفة أو حال من يوم احتيج إلى جعل الدجن بمعنى الغيم، وإلى ادعاء المبالغة في وصف الغيم بأنه مغيوم، ثم صريح كلام القاموس وغيره أن غام لازم بمعنى صار ذا غيم؛ وحينئذ فبناء اسم المفعول منه خلاف القياس، ولك أن تجعله على الحذف والإيصال أي: مغيوم فيه أي: اليوم السماء، أو مغيوم به أي: الدجن هذا ما ظهر لي في تقرير البيت، فتأمله. قوله: "قالوا مشيب" أي: بقلب ضمته كسرة وواوه ياء بعد صيرورته مشوبا فرع مشووب بنقل ضمة واوه إلى شينه وحذف إحدى الواوين الساكنين على الخلاف.
قوله: "والأصل" أي: القياس مشوب لا مشيب؛ لأنه واوي العين وليس مراده الأصل التصريفي؛ إذ هو مشووب بواوين. قوله: "قالوا مهوب" أي: بإبقاء الضمة بعد نقلها من الياء وحذف الياء بناء على مذهب الأخفش أن المحذوف العين وبإبقاء الضمة بعد نقلها من الياء وقلب الياء واوًا بناء على مذهب سيبويه أن المحذوف واو مفعول، فعلم ما في كلام الحواشي من القصور.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1288- صدره: نبئت قومك يزعمونك سيدًا
والبيت من الكامل، وهو للعباس بن مرداس في ديوانه ص108، وجمهرة اللغة ص956، والحيوان 2/ 142، وشرح التصريح 2/ 395 وشرح شواهد الشافية ص387، ولسان العرب 13/ 301 "عين"، والمقاصد النحوية 4/ 574، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 404، والخصائص 1/ 261، والمقتضب 1/ 102.
1289- البيت من البسيط، وهو لعلقمة بين عبدة في ديوانه ص59، وجمهرة اللغة ص963، وخزانة الأدب 11/ 295، والخصائص 1/ 261، وشرح المفصل 10/ 87، 80، والمقتضب 1/ 101، والممتع في التعريف 2/ 460، والمنصف 1/ 286، 3/ 47.(4/455)
وصَحِّحِ المفعولَ مِنْ نَحْوِ عَدَا وأَعْلِلِ انْ لَمْ تَتَحَرَّ الأَجْوَدَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوب الأمر في لغة من يقول: بوع المتاع، والأصل مهيب.
"وصحح المفعول من" كل فعل واوي اللام مفتوح العين كما في "نحو عدا" ودعا؛ فإنك تقول في المفعول منهما: معدو ومدعو حملًا على فعل الفاعل. هذا هو المختار. ويجوز الإعلال مرجوحًا كما أشار إليه بقوله: "وأعلل إن لم تتحر" أي: لم تقصد "الأجودا" فتقول: معدي ومدعي، ويروى بالوجهين قوله:
1290- أنا الليث معديًّا عليه وعاديا
أنشده المازني معدوًّا بالتصحيح، وأنشده غيره بالإعلال. واختلف في علة الإعلال؛ فقيل: حملًا على فعل المفعول، وهو قول الفراء وتبعه المصنف واعترض بوجود القلب في المصدر نحو: عتا عتيا، والمصدر ليس مبنيًّا على فعل المفعول، وقيل: أعل تشبيهًا بباب أدل وأجر؛ لأن الواو الأولى ساكنة زائدة حقيقة بالإدغام فلم يعتد بها حاجزًا، فصارت الواو التي هي لام الكلمة كأنها وليت الضمة فقلبت ياء على حد قلبها في أدل وأجر،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "والأصل" أي: القياس مهيب؛ لأنه يائي العين، وليس مراده الأصل التصريفي؛ إذ هو مهيوب بياء فواو. قوله: "وصحح المفعول" أي: اسم المفعول. قوله: "حملا على فعل الفاعل" وهو عدا فإنه صحح بمعنى أنه لم يعل بقلب واوه ياء وإن قلبت ألفًا. زكريا. قوله: "ويجوز الإعلال مرجوحًا... إلخ" كلام المصنف والشارح يفيد عدم شذوذ الإعلال، وصرَّح ابن هشام بشذوذه. قوله: "وأعلل إن لم" بنقل حركة الهمزة إلى اللام وحذف الهمزة. قوله: "حملا على فعل المفعول" وهو عدى ودعي.
قوله: "والمصدر ليس... إلخ" يجاب بجواز تعدد العلل فيجوز أن تكون العلة في المصدر شيئًا آخر، وبأن المصدر يصلح للفاعل والمفعول فاعل مصدر المفعول، وحمل عليه مصدر الفاعل طردًا لباب المصدر. يس. قوله: "ليس مبنيًّا" أي: محمولًا. قوله: "لأن الواو الأولى" أي: من معدوو ومدعوو. قوله: "كأنها وليت الضمة" أي: وليس في الأسماء العربية المعربة بالحركات ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1290- صدره: وقد عَلِمَتْ عِرسي مُليكةُ أنَّنِي
والبيت من الطويل، وهو لعبد يغوث بن وقاص الحارثي في خزانة الأدب 2/ 101، وسر صناعة الإعراب 2/ 691، وشرح أبيات سيبويه 2/ 433، وشرح اختيارات المفصل ص771، وشرح التصريح 2/ 382، والكتاب 4/ 385، ولسان العرب 5/ 219 "نظر"، 15/ 34 "عدا"، والمقاصد النحوية 4/ 589، وبلا نسبة في أدب الكاتب ص569، 600، وأمالي ابن الحاجب ص331، وأوضح المسالك 4/ 390، وشرح شافية ابن الحاجب ص172، وشرح شواهد الشافية ص400، وشرح المفصل 5/ 36، 10/ 22، 110، ولسان العرب 6/ 115 "شمس"، 14/ 148 "جفا"، والمحتسب 2/ 207، والمقرب 2/ 187، والممتع في التعريف 2/ 550، والمنصف 1/ 118، 2/ 122.(4/456)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والاحتراز بواوي اللام من يائيها، فإنه يجب الإعلال نحو: رمى وقلى، فإنك تقول في المفعول منه: مرمي ومقلي، والأصل: مرموي ومقلوي، قلبت الواو ياء لاجتماعها مع الياء وسبق إحداهما بالسكون وأدغمت في لام الكلمة وكسر المضموم لتصح الياء، وقد سبق الكلام على هذا. وبكونه مفتوح العين من مكسورها وهو على قسمين: ما ليس عينه واوًا، وما عينه واو؛ فأما الأول نحو رضي؛ فإن الإعلال فيه أولى من التصحيح؛ لأن فعله في قلبت فيه الواو ياء في حالة بنائه للفاعل وفي حالة بنائه للمفعول، فكان إجراء اسم المفعول على الفعل في الإعلال أولى من مخالفته له؛ ولهذا جاء الإعلال في القرآن دون التصحيح فقال تعالى: {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} [الفجر: 28] ولم يقل: مرضوة مع كونه من الرضوان، وقرأ بعضهم: "مرضوة" وهو قليل. هذا ما ذكره المصنف أعني: ترجيح الإعلال على التصحيح في نحو مرضي. وذكر غيره أن التصحيح في ذلك هو القياس، وأن الإعلال فيه شاذ، فإن كان فعل بكسر العين واويها نحو قوي تعين الإعلال وجهًا واحدًا فتقول: مقوي، والأصل مقووو، فاستثقل اجتماع ثلاث واوات في الطرف مع الضمة فقلبت الأخيرة ياء ثم قلبت المتوسطة ياء؛ لأنه قد اجتمع ياء وواو وسبقت إحداهما بالسكون، ثم قلبت الضمة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
آخره واو قبلها ضمة لثقل ذلك. وقوله: فقلبت ياء أي: والضمة التي قبلها كسرة يشير إلى ذلك كله. قوله: على حد قلبها... إلخ وعدم ذكر المصنف هذا في أسباب قلب الواو ياء لا ينهض الاعتراض به على الشارح، وإن اعترضوا به مع أنه يمكن تقديم قلب الضمة كسرة على قلب الواو ياء، فيكون من الأسباب التي ذكرها المصنف، فتأمل.
قوله: "على حد قلبها في أدل وأجر" أي: على طريقته من قلب الضمة التي قبل الواو كسرة دون بقية أعمال أدل وأجر، وكأنهم لم يستثقلوا الضمة والكسرة على الياء فيحذفوها ثم يحذفوا الياء لالتقاء الساكنين كما فعلوا في أدل وأجر؛ نظرًا إلى كون الواو تلت في الوقع ساكنًا فخفت.
قوله: "فإنه يجب فيه" أي: في اسم مفعوله الإعلال، سواء كانت عينه مفتوحة أو مكسورة، وسواء كانت واوًا أو غيرها. قوله: "وقد سبق الكلام على هذا" أي: في عموم قوله: إن يسكن السابق من واو ويا... إلخ. قوله: "وبكونه" أي: الفعل الواوي اللام؛ إذ الكلام فيه. قوله: "فإن الإعلال فيه" أي: في اسم مفعوله. قوله: "وقرأ بعضهم: مرضوة" أي: شذوذًا. قوله: "ما ذكره المصنف" أي: في غير هذا الكتاب كالتسهيل. قوله: "فإن كان فعل... إلخ" مقابل قوله: فأما الأول نحو رضي... إلخ ولو قال: وأما الثاني نحو قوي فيتعين إعلاله لكان أخصر وأحسن في المقابلة، وقد علم من كلام المصنف والشارح أن الفعل الذي لامه واو ثلاثة أقسام: ما يختار تصحيح اسم مفعوله، وهو ما ذكره الناظم بقوله: وصحح المفعول... إلخ، وما يختار إعلال اسم مفعوله، وهو مكسور العين غير واويها كرضي، وما يتعين إعلال اسم مفعوله، وهو مكسور العين واويها كقوي.
قوله: "ثم قلبت المتوسطة ياء" ولا يضر عروضها؛ لأن اشتراط الأصالة ذاتًا وسكونًا إنما هو(4/457)
كَذَاكَ ذَا وَجْهَيْنِ جَا الفُعُولُ مِنْ ذِي الوَاوِ لام جَمْعٍ او فَرْدٍ يَعِن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كسرة لأجل الياء وأدغمت الياء في الياء فقيل: مقوي.
تنبيه: باب مرضي ومقوي سابع موضع تقلب فيه الواو ياء.
"كذاك ذا وجهين جا الفعول من ذي الواو لام جمع أو فرد يعن" هذا موضع ثامن تقلب فيه الواو ياء أي: إذا كان الفعول مما لامه لم يخل من أن يكون جمعًا أو مفردًا، فإن كان جمعًا جاز فيه الإعلال والتصحيح إلا أن الغالب نحو: عصا وعصي وفقا وقفي ودلو ودلي، والأصل: عصوو وقفوو ودلوو، فأبدلت الواو الأخيرة ياء حملًا على باب أدل، وأعطيت الواو التي قبلها ما استقر لمثلها من إبدال وإدغام، وقد ورد بالتصحيح ألفاظ، قالوا: أبوّ وأخوّ، ونحوّ -جمعًا لنحو وهي الجهة- ونجوّ -بالجيم جمعًا لنجو وهو السحاب الذي هراق ماؤه- وبهوّ -جمع لبهو وهو الصدر- وإن كان مفردًا جاز فيه الوجهان؛ إلا أن الغالب التصحيح نحو: {وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا} [الفرقان: 21] {لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا} [القصص: 83] وتقول: نما المال نموًّا وسما زيد سموًّا، وقد جاء الإعلال في قولهم: عتا الشيخ عتيًّا وعسا عسيًّا أي: ولى وكَبِرَ، وقسا قلبه قسيًّا؛ وإنما كان الإعلال في الجمع أرجح والتصحيح في المفرد أرجح لثقل الجمع وخفة المفرد.
تنبيهان: الأول: في كلامه ثلاثة أمور؛ أحدها: أن ظاهره التسوية بين فعول المفرد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في السابق من الواو والياء كما مر، والسابق هنا أصلي، نقله شيخنا السيد عن الدنوشري. قوله: "باب مرضي ومقوي... إلخ" لم يقل: ومعدي؛ لقلة قلب واوه ياء كما مر. قوله: "ذا وجهين" حال من الفعول بضم الفاء والعين مؤكدة لما يستفاد من التشبيه. وقوله: لام جمع حال من الواو. قوله: "أي: إذا كان الفعول" لا يخفى أنه ينبغي إسقاط أي. قوله: "حملا على باب أدل" وجهه ما أسلفه الشارح قريبًا في قوله: وقيل أعل أي: اسم مفعول نحو عدا تشبيهًا بباب أدل وأجر... إلخ. قوله: "ما استقر لمثلها" أي: في قول المصنف: إن يسكن السابق... إلخ وقوله: من إبدال وإدغام أي: وكسر ما قبل الياء. قوله: "أبو وأخو" جمعين لأب وأخ حكاهما ابن الأعرابي. تصريح. قوله: "ونحوّ" بالحاء المهملة، حكى سيبويه: إنكم لتطيرون في نحو كثيرة. تصريح. قوله: "هراق ماؤه" كذا في النسخ، والذي في القاموس وغيره أن هراق متعد، فالصواب نصب ماءه أو بناء الفعل للمجهول. قوله: "جمعا لبهو" بفتح الموحدة وسكون الهاء. تصريح. قوله: "أي: ولى وكَبِرَ" ارجع لكلا الفعلين والعطف للتفسير، هذا ما تفيده كتب اللغة.
قوله: "التسوية بين فعول المفرد وفعول الجمع في الوجهين" لا يخفى أن التسوية بينهما في الوجهين صادقة بتساوي الوجهين في كل منهما، وبكون التصحيح أولى في كل، وبكون الإعلال أولى في كل؛ وحينئذ لا يغني هذا الأمر الأول عن الأمر الثاني المذكور بقول الشارح: ثانيها ظاهره أيضًا التسوية بين الإعلال والتصحيح في الكثرة أي: إعلال الجمع والمفرد وتصحيحهما. نعم، الأمر الثاني يغني عن الأول لاستلزام الثاني للأول؛ لكن ليس من عادتهم(4/458)
وشَاعَ نَحْوُ نُيِّمٍ في نُوَّم ونَحْوُ نُيَّام شُذُوذُهُ نُمِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفعول الجمع في الوجهين، وليس كذلك كما عرفت. ثانيها: ظاهره أيضًا التسوية بين الإعلال والتصحيح في الكثرة، وليس كذلك كما عرفت، وقد رفع هذين الأمرين في الكافية بقوله: ورجح الإعلال في الجمع وفي مفرد التصحيح أولى ما قفي
ثالثها: أطلق جواز التصحيح في فعول من الواوي اللام وهو مشروط بألا يكون من باب قوي، فلو بني من القوة فعول وجب أن يفعل به ما فعل بمفعول من القوة وقد تقدم، فكان التعبير السالم من هذه الأمور المناسب لغرضه أن يقول: كذا الفعول منه مفردًا وإن يعن جمعًا فهو بالعكس يعن
والضمير في منه يرجع لنحو عدا في البيت قبله. الثاني: ظاهر كلامه هنا وفي الكافية وشرحها أن كلًّا من تصحيح الجمع وإعلال المفرد مطرد يقاس عليه؛ أما تصحيح الجمع فذهب الجمهور إلى أنه لا يقاس عليه، وإليه ذهب في التسهيل قال: ولا يقاس عليه خلافًا للفراء، هذا لفظه، وأما إعلال المفرد فظاهر التسهيل اطراده، والذي ذكره غير أنه شاذ.
"وشاع" أي: كثر الإعلال بقلب الواو ياء إذا كانت عينًا لفعل جمعًا صحيح اللام "نحو نيم في نوم" جمع نائم، وصيم في صوم جمع صائم، وجيع في جوع جمع جائع، ومنه قوله:
1291- ومُعَرِّص تَغْلِي المآجل تحته عَجِلَتْ طبيختُه لقَوْمٍ جُيَّعِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاعتراض بإغناء الثاني عن الأول كما هو مشهور، فعلم ما في كلام شيخنا والبعض. نعم، يرد على الشارح أنا لا نسلم الأمر الثاني؛ لأن قول المصنف: كذاك ناف لاستواء التصحيح، والإعلال مقتض لرجحان التصحيح في الجمع والمفرد لرجوع اسم الإشارة إلى المفعول من نحو عدا المتقدم في قوله: وصحح المفعول... إلخ، فكان ينبغي للشارح أن يقول في كلامه: أمران أحدهما أن ظاهره التسوية بين فعول المفرد وفعول الجمع في رجحان التصحيح على الإعلال، وليس كذلك كما عرفت ثانيهما أطلق جواز التصحيح... إلخ.
قوله: "المناسب لغرضه" قد يمنع بأن ما ذكره من البيت لا يشمل الفعول من باب رضي لإرجاعه الضمير في منه لنحو عدا. قوله: "جمع نائم" أصله ناوم؛ لأنه من النوم، فأبدلت الواو همزة على القاعدة وكذا صائم وجائع. قوله: "ومعرّص" بضم الميم وفتح العين المهملة والراء المشددة وبالصاد المهملة وهو اللحم الملقى في العرصة للجفاف، ويروى بغير هذا الوجه، كما في العيني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1291- البيت من الكامل، وهو للحادرة "واسمه قطبة" في ديوانه ص58، وبلا نسبة في الخصائص 3/ 219، ولسان العرب 8/ 61 "جوع"، والممتع في التعريف 2/ 497، والمنصف 2/ 3.(4/459)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ووجه ذلك أن العين شبهت باللام لقربها من الطرف فأعلت كما تعل اللام فقلبت الواو الأخيرة ياء ثم قلبت الواو الأولى ياء وأدغمت الياء في الياء، ومع كثرته التصحيح أكثر منه نحو: نوم وصوم، ويجب إن اعتلت اللام لئلا يتوالى إعلالان وذلك كشوى وغوى جمع شاو وغاو، أو فصلت من العين كنوام وصوام لبعد العين حينئذ من الطرف "ونحو نيام شذوذه نمي" أي: روي في قوله:
1292- فما أرَّق النُّيَّامَ إلا كَلامُهَا
تنبيهات: الأول: قوله شاع ليس نصًّا في أنه مطرد، وقد نص غيره من النحويين على اطراده. وقد بان لك أن قوله شاع نحو نيم هو بالنسبة إلى نيام لا إلى نوم.
الثاني: يجوز في فاء فعل المعل العين والكسر، والضم أولى، وكذلك فاء نحو دلي وعصي وألي جمع ألوى وهو الشديد الخصومة.
الثالث: هذا الموضع تاسع موضع تقلب فيه الواو ياء، وبقي عاشر لم يذكره هنا وهو أن تلي الواو كسرة وهي ساكنة مفردة نحو: ميزان وميقات، الأصل موازن وموقات، فقلبوا الواو ياء استثقالًا للخروج من كسرة إلى الواو كالخروج من كسرة إلى ضمة؛ ولذلك لم يكن في كلامهم مثل فِعل، وخرج بالقيد الأول نحو موعد، وبالثاني نحو طِوَل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتغلي كترمي كما في القاموس، والمراجل جمع مرجل، وهو القدر من النحاس.
قوله: "ويجب إن اعتلت اللام" هذا محترز قوله: صحيح اللام. وقوله: أو فصلت من العين محترز اتصال اللام بالعين المفهوم من التمثيل بنحو نيم في نوم. قوله: "كشوى وغوى" بإعجام أولهما وضمه وتشديد ثانيهما والأصل شوى وغوى قلبت ياؤهما ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين. قوله: "جمع شاو وغاو" اسمي فاعل شوى يشوي كرمى يرمي وغوى يغوي كرمى يرمي وغوى يغوي كعمى يعمي غواية بالفتح كما في القاموس، والأول أفصح، كما في التصريح. قوله: "أي روى" وقال السندوبي أي: نسب لعلماء العربية. قوله: "جمع ألوى" ضبط في نسخ القاموس كأفعل التفضيل. قوله: "مثل فعل" أي: بكسر الفاء وضم العين. قوله: "نحو طول" بكسر الطاء المهملة وفتح الواو مخففة حبل تشد به قائمة الدابة كما في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1292- صدره: ألا طرقتنا مية بنة منذر
والبيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص1003، وخزانة الأدب 3/ 419، 420، وشرح شواهد الشافية ص381، وشرح المفصل 10/ 93، والمنصف 2/ 5، 49، ولأبي النجم الكلابي في شرح التصريح 2/ 383، وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 391، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 143، 173، وشرح ابن عقيل ص707، ولسان العرب 12/ 596 "نوم"، والممتع في التعريف 2/ 498، ويروى "سلامُها" بدل "كلامُها".(4/460)
فصل: ذو اللين فاتا في افتعال أبدلا
فصل: ذو اللن فاتا في افتعال أبدلا ذُو اللينِ فَاتَا في افتعالٍ أَبْدِلا وشَذَّ فِي ذي الهمز نَحْوُ ائتَكَلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعوض وصوان وسوار، بالثالث نحو: اجلواذ واعلواط.
فصل:
"ذو اللين فاتا في افتعال أبدلا" تا مفعول ثانٍ لأبدل، والأول ضمير مستتر نائب عن الفاعل يعود على ذي اللين، وفا حال منه أي: إذا كان فاء الافتعال حرف لين يعني واوًا أو ياء وجب في اللغة الفصحى إبدالها تاء فيه وفي فروعه من الفعل واسمي الفاعل والمفعول لعسر النطق بحرف اللين الساكن مع التاء لما بينهما من مقاربة المخرج ومنافاة الوصف؛ لأن حرف اللين من المجهور والتاء من المهموس. مثال ذلك في الواو اتصال واتصل ويتصل واتصل ومتصل ومتصل به، والأصل واتصال واوتصل ويوتصل وايوتصل وموتصل وموتصل به، ومثاله في الياء اتسار واتسر ويتسر واتسر ومتسر ومتسر، والأصل ايتسار وايتسر وييتسر وايتسر وميتسر وميتسر؛ وإنما أبدلوا الفاء في ذلك تاء؛ لأنهم لو أقروها لتلاعبت بها حركات ما قبلها، فكانت تكون بعد الكسرة ياء وبعد الفتحة ألفًا وبعد الضمة واوًا، فلما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القاموس. قوله: "وصوان" هو وعاء الشيء. قوله: "نحو اجلواذ" بالجيم والذال المعجمة دوام السير مع السرعة. تصريح. قوله: "واعلواط" بالعين والطاء المهملتين التعلق بالعنق يقال: اعلوط بعيره أي: تعلق بعنقه. تصريح. والله أعلم.
فصل:
قوله: "فاتا" تقدم للشاطبي أن ما لم يضف وقصر من أسماء هذه الحروف منون على حد شربت ما بالقصر، ونقل ابن غازي عن بعضهم أن الصواب عدم تنوينها؛ لأنها مبنية لوضعها وضع الحروف، وعندي أنه يجوز الوجهان: التنوين على أن مقصور تلك الأسماء مختصر من ممدودها، وعدمه على أنه موضوع أصالة، فافهم.
قوله: "فاء الافتعال" أي: وفروعه بدليل ما بعد. قوله: "يعني: واوًا أو ياء" إنما أتى بالعناية؛ لأن حرف اللين يشمل الألف مع أنه ليس مرادًا كما سيذكره الشارح. قوله: "إبدالها تاء" ولم تقلب الواو ياء تحتية على ما هو مقتضى القياس؛ لأنها إن قلبت ياء لزم قلبها تاء في هذه اللغة، فالأولى الاكتفاء بإعلال واحد، كذا ذكره ابن الحاجب. قال التفتازاني: وفيه نظر؛ إذ لو قلبت الواو ياء تحتية لم يجز قلب التحتية فوقية كما في الياء التحتية المنقلبة عن الهمزة. وأجيب بأنه يجوز هنا للفرق بين الياء المنقلبة عن الواو والمنقلبة عن الهمزة؛ لأن الهمزة لا تبدل فوقية بخلاف الواو، كذا في التصريح. قوله: "اتسار" فسره الفارضي بالقمار وأقره شيخنا، ووجه أخذه من اليسر بأن أهل الجاهلية كانوا يظنون أنه يورث اليسار، وفي المصباح الميسر مثال مسجد قمار العرب منه يسر الرجل يسرًا من باب وعد فهو ياسر. قوله: "لتلاعبت بها حركات ما قبلها" أي: طلبًا للمجانسة.
قوله: "فكانت تكون" لا حاجة إلى تكون. وقوله: ياء أي: أصلية إن كانت الفاء ياء ومنقلبة(4/461)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رأوا مصيرها إلى تغيرها لتغير أحوال ما قبلها أبدلوا منها حرفًا وجهًا واحدًا وهو التاء وهو أقرب الزوائد من الفم إلى الواو، وليوافق ما بعده فيدغم فيه. وقال بعض النحويين: البدل في باب اتصل إنما هو من الياء؛ لأن الواو لا تثبت مع الكسرة في اتصال وفي اتصل، وحمل المضارع واسم الفاعل واسم المفعول منه على المصدر والماضي.
تنبيهان: الأول: ذو اللين يشمل الواو والياء كما تقدم، وأما الألف فلا مدخل لها في ذلك؛ لأنها لا تكون فاء ولا عينًا ولا لامًا.
الثاني: من أهل الحجاز قوم يتركون هذا الإبدال، ويجعلون فاء الكلمة على حسب الحركات قبلها فيقولون: ايتصل ياتصل فهو موتصل وايتسر ياتسر فهو موتسر، وحكى الجرمي أن من العرب من يقول: ائتصل وائتسر بالهمز وهو غريب "وشذ" إبدال فاء الافتعال تاء "في ذي الهمز نحو" قولهم في "ائتكلا" وايتزر افتعل من الأكل والإزار: اتكل واتزر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن واو إن كانت الفاء واوًا، وكذا يقال في قوله: وبعد الضمة واوًا. قوله: "وبعد الفتحة ألفًا" يرد عليه أن شرط قلب الياء والواو ألفًا تحركهما كما مر في قوله: من ياء أو واو بتحريك أصل... إلخ؛ إلا أن يقال: هذا الشرط لم تجمع عليه العرب، كما يستفاد من التنبيه الثاني.
قوله: "وهو أقرب الزوائد" في معنى التعليل لمحذوف يدل عليه قوله: وهو التاء، تقديره: واختاروا التاء؛ لأنه أقرب... إلخ والمراد الأقربية في المخرج؛ لأن التاء من بين طرف اللسان والثنيتين العليين والواو من الشفة إن لم تكن حرف مد، فإن كانت حرف مد فمن الجوف وأقربية التاء إليها؛ حينئذ من حيث مرور الحرف الجوفي على مخرج التاء وغيره لا في الصفة؛ إذ صفة التاء الهمس وصفة حرف اللين الذي منه الواو الجهر، فهما متباعدان صفة، ويرد على دعواه أقربية التاء إلى الواو الميم؛ فإنها أقرب إلى الواو مخرجًا من التاء؛ لأنها من الشفة إلا أن يقال: مراده الأقربية في الجملة، ولما كان يرد حينئذ أن يقال: هلا جعلوا البدل الميم دفعه بقوله: ليوافق ما بعده فيدغم فيه، والمراد بالزوائد حروف الزيادة المجموعة بقول بعضهم: سألتمونيها.
وقوله: من الفم أي: الخارجة من الفم، والمراد مقدم الفم من الشفتين والثنايا وطرف اللسان أو ما يعم جميع المخارج. وقوله: إلى الواو متعلق بأقرب. وقوله: ليوافق المناسب أنه على حذف العاطف على قوله: وهو أقرب... إلخ بقرينة التصريح به في نسخة، ولما كان التعليل بالأقربية قاصرًا على إبدال التاء من الواو دون إبدالها من الياء أتى بالتعليل بالموافقة الجاري فيهما، فتأمل.
قوله: "وقال بعض النحويين... إلخ" للأول أن يقول محل قولهم: إن الواو لا تثبت مع الكسرة إذا أريد ثبوتها دائمًا، وهنا ليست كذلك، فتثبت ثم تبدل تاء. زكريا. قوله: "ولا عينًا ولا لامًا" أي: مع أصالة الألف، فلا ينافي أنها تكون عينًا ولامًا، وهي بدل كما في قام ورمى. قوله: "من أهل الحجاز... إلخ" هذا مع قوله: وحكى الجرمي... إلخ محترز قوله سابقًا في اللغة الفصحى. قوله: "نحو ايتكلا" قال المرادي: ظاهر تمثيله بايتكلا أنه مما سمع فيه الإبدال شذوذًا، وهو ما يدل عليه(4/462)
طَا تَا افْتِعَالٍ رُدَّ إِثْرَ مُطْبَقِ في آدَّانَ وازْدَدْ وادَّكِرْ دالًّا بَقِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بإبدال الياء المبدلة من الهمزة تاء وإدغامها في التاء. وكذا قولهم في أوتمن افتعل من الأمانة اتمن بإبدال الواو المبدلة من الهمزة تاء، واللغة الفصيحة في ذلك كله عدم الإبدال وإلا توالى إعلالان، وقول الجوهري في اتخذ أنه افتعل من الأخذ وهم؛ وإنما التاء أصل وهو من تخذ كاتبع من تبع. قال أبو علي: قال بعض العرب تخذ بمعنى اتخذ، ونازع الزجاج في وجود مادة تخذ، وزعم أن أصله اتخذ، وحذف وصحح ما ذهب إليه الفارسي بما حكاه أبو زيد من قولهم: تخذ يتخذ تخذًا، وذهب بعض المتأخرين إلى أن تخذ مما أبدلت فاؤها تاء على اللغة الفصحى؛ لأن فيه لغة وهي وخذ بالواو، وهذه اللغة وإن كانت قليلة إلا أن بناءه عليها أحسن؛ لأنهم نصوا على أن اتمن لغة رديئة.
"طا تا افتعال رد إثر مطبق" طا مفعول ثان لرد والمفعول الأول تا إن كان رد أمرًا وضميره إن كان رد مجهولًا أي: إذا بني الافتعال وفروعه مما فاؤه أحد الحروف المطبقة؛ وهي الصاد والضاد والطاء والظاء وجب إبدال تائه طاء، فتقول في افتعل من صبر: اصطبر، ومن ضرب: اضطرب، ومن طهر: اططهر، ومن ظلم: اظطلم، والأصل اصتبر واضترب واطتهر واظتلم، فاستثقل اجتماع التاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلام بعضهم، وفي كلام الشارح -يعني ابن الناظم- خلافه؛ حيث قال: ولا يريد أنه يقال في افتعل من الأكل: اتكل. اهـ. أي: بل المراد أن الإبدال سمع فيما هو من جنسه وإن كان لم يسمع فيه. اهـ ملخصًا. وقول شارحنا نحو قولهم صريح في الأول. قوله: "اتكل واتزر" مقول قولهم. قوله: "في أوتمن" بالبناء للمجهول كما يدل عليه قوله: بإبدال الواو... إلخ؛ إذ لو كان مبنيًّا للفاعل لقال بإبدال الياء. قوله: "وإلا توالى إعلالان" فيه نظر وإن أقروه؛ لأن توالي الإعلالين الممنوع تواليهما على حرفين لا على حرف واحد كما هنا، فتأمل. قوله: "وهم" علله التفتازاني -كما في التصريح- بأنه لو كان من الأخذ لوجب أن يقال: ايتخذ بغير إبدال وإدغام. قوله: "وإنما التاء" أي: الأولى، أما الثانية فتاء الافتعال قطعًا. وقوله: أصل أي: لا بدل من ياء مبدلة من همزة كما زعم الجوهري.
قوله: "وزعم أن أصله اتخذ" يحتمل أنه يقول: أصل تخذ افتعل من الأخذ كما يقول الجوهري، أو من الوخذ كما سيحكيه الشارح عن بعض المتأخرين، وهو الأَوْلَى، واقتصار شيخنا والبعض على ترجى أنه يقول بالأول قصور. قوله: "وحذف" أي: حذف منه همزة الوصل وتاء الافتعال وفتحت التاء التي هي فاء الكلمة وكسرت الخاء. قوله: "تخذ يتخذ تخذًا" من باب تعب وقد تسكن خاء المصدر، قاله في المصباح. قوله: "إلا أن بناءه" أي: اتخذ عليها بأن يكون افتعل من الوخذ والأصل اوتخذ قلبت الواو تاء وأدغمت في تاء الافتعال على القياس. وقوله: أحسن أي: من جعله افتعل من الأخذ. قوله: "تا افتعال" وقد تجري تاء الضمير مجرى هذه التاء تشبيهًا بها في نحو حصط من الحوص وهو الخياطة، حكاه الجابردي. فارضي.
قوله: "وضميره" أن ضمير تا. قوله: "المطبقة" بفتح الموحدة على الحذف والإيصال أي: المطبق عندها اللسان بأعلى الحنك فاندفع ما قيل هنا، ويجوز كسرها -كما في زكريا- على(4/463)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مع الحرف المطبق لما بينهما من تقارب المخرج وتباين الصفة؛ إذ التاء مهموسة مستفلة والمطبق مجهور مستعل، فأبدل من التاء حرف استعلاء من مخرجها وهو الطاء.
تنبيه: إذا أبدلت التاء طاء بعد الطاء اجتمع مثلان والأول منهما ساكن فوجب الإدغام. وإذا أبدلت بعد الظاء اجتمع متقاربان فيجوز البيان والإدغام مع إبدال الأول من جنس الثاني ومع عكسه. وقد روي بالأوجه الثلاثة قوله:
1293- وهو الجواد الذي يعطيك نائله عفوًا ويُظْلَمُ أحيانًا فيَظْطَلِمُ
روي فيظطلم وفيظلم وفيطلم، وقد روي أيضًا فينظلم بالنون، وليس مما نحن فيه. وإذا أبدلت بعد الصاد اجتمع أيضًا متقاربان، فيجوز البيان والإدغام بقلب الثاني إلى الأول دون عسكه فتقول: اصطبر اصبر، ولا يجوز اطبر؛ لما في الصاد من الصفير الذي يذهب في الإدغام، وإذا أبدلت بعد الضاد اجتمع أيضًا متقاربان، فيجوز البيان والإدغام بقلب الثاني إلى الأول دون عكسه فتقول: اضطرب واضرب، ولا يجوز اطرب؛ لأن الضاد حرف مستطيل، فلو أدغم في الطاء لذهب ما فيه من ذلك. وقد حكي في الشذوذ اطجع وهو في الندور والغرابة مثل الطجع باللام. وقد روي بالأوجه الأربعة قوله:
1294- مَالَ إلى أرطاة حِقْفِ فَالْطَجَعْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجزرية. قوله: "من تقارب المخرج" أي: في الجملة؛ وإلا فمن المطبق الطاء وهي من مخرج التاء كما سيذكره الشارح قريبًا على أن مخرجيهما الشخصيين مختلفان في الحقيقة كما قرر في محله. قوله: "حرف استعلاء" أي: وجهر، كما لا يخفى فتم تباين الصفة. قوله: "من مخرجها" عبارة التصريح: من مخرج المطبق واختيرت الطاء لكونها من مخرج التاء. قوله: "ومع عكسه" قال التفتازاني: هذا عكس الإدغام -أي: المشهور- الذي هو إدخال الحرف الأول في الثاني؛ لأن هذا إدخال الثاني في الأول. وقال شيخنا: لا يسمى هذا إدغامًا عند القراء.
قوله: "وهو الجواد" الضمير لهرم بن سنان، والنائل العطاء. وقوله: عفوا أي: سهلا بلا منٍّ ولا مطل. وقوله: ويظلم أحيانًا بالبناء للمجهول أي: يطلب منه في أوقات لا يطلب من مثله فيها فيظطلم أي: يتحمل ذلك ولا يرد سائله نقله المصرح عن الجاربردي. قوله: "الذي يذهب في الإدغام" أي: إدغامها في الطاء بعد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1293- البيت من البسيط، وهو لزهير بن أبي سُلمى في ديوانه ص152، وسر صناعة الإعراب 1/ 219، وسمط اللآلي ص467، وشرح أبيات سيبويه 2/ 403، وشرح التصريح 2/ 391، وشرح شواهد الشافية ص493، وشرح المفصل 10/ 47، 149، والكتاب 4/ 468، ولسان العرب 12/ 377 "ظلم"، والمقاصد النحوية 4/ 582، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 399، والخصائص 2/ 141، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 189، ولسان العرب 13/ 273 "ظنن".
1294- الرجز لمنظور بن حية الأسدي في شرح التصريح 2/ 367، والمقاصد النحوية 4/ 584، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 340، وإصلاح المنطق ص95، وأوضح المسالك 4/ 371، والخصائص 1/ 63، 263، =(4/464)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"في ادَّانَ وازدد وادَّكر دالا بقي" أي: إذا بني الافتعال مما فاؤه دال نحو دان، أو زاي نحو زاد، أو ذال نحو ذكر -وجب إبدال تائه دالًا فيقال: ادان وازداد وادكر، والأصل ادتان وازتاد واذتكر، فاستثقل مجيء التاء بعد هذه الأحرف؛ لأن هذه الأحرف مجهورة والتاء مهموسة، فجيء بحرف يوافق التاء في مخرجه، ويوافق هذه الأحرف في الجهر وذلك الدال.
تنبيهات: الأول: إذا أبدلت تاء الافتعال دالًا بعد الدال وجب الإدغام لاجتماع المثلين، وإذا أبدلت دالًا بعد الزاي جاز الإظهار والإدغام بقلب الثاني إلى الأول دون عسكه فيقال: ازدجر وازجر، ولا يجوز ادجر لفوات الصغير، وإذا أبدلت دالًا بعد الذال جاز ثلاثة أوجه: الإظهار الإدغام بوجهيه فيقال: اذدكر، ومنه قوله:
1295- والْهَرْمُ تُذْرِيه اذدراء عَجَبًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قلبها طاء. قوله: "مال" أي: الذئب، والأرطاة شجرة من شجر الرمل، والحقف بكسر الحاء المهملة وسكون القاف بعدها فاء الرمل المعوج. عيني. قوله: "دالًا بقي" دالًا خبر بقي؛ فإنها بمعنى صار والضمير في بقي يعود على التاء. اهـ فارضي. وأعرب المكودي دالًا حالًا من فاعل بقي. قوله: "ويوافق هذه الأحرف... إلخ" فيه أن من جملة هذه الأحرف الدال، ولا معنى لموافقة الشيء نفسه؛ إلا أن يقال: التعبير بالموافقة باعتبار الجملة. قوله: "والهرم تذريه اذدراء عجبا" صدره: تنحى على الشوك جرازا مقضبا
والضمير في تنحى يرجع إلى الناقة، وهو بالنون فالحاء المهملة إما مبني للفاعل من أنحى على الشيء أي: أقبل عليه -كما في القاموس- أو للمفعول من أنحاه أي: أماله -كما في القاموس- وجرازا بجيم فراء ثم زاي كغراب السيف القاطع -كما في القاموس- وأما قوله: البعض المراد بالجراز بكسر الجيم أسنان الناقة فلم أرَ له مساعدًا في كتب اللغة، وهو حال من الضمير في تنحى على تقدير أداة التشبيه، ومقضبا بقاف فضاد معجمة فموحدة كمنبر السيف القاطع والمنجل -كما في القاموس- وهو بدل من جرازا، والهرم بفتح الهاء وسكون الراء، قال في القاموس: نبت وشجر أو البقلة الحمقاء. اهـ. وقوله: تذريه بضم الفوقية من أذرى، قال في القاموس: ذرت الريح الشيء ذروا وأذرته وذرنه أطارته وأذهبته وذرا هو بنفسه. اهـ. وأخبرني بعض من أثق به من فضلاء الطلبة أن شرح دلائل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= 2/ 350، 3/ 163، 326، وسر صناعة الإعراب 1/ 321، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 324، وشرح شواهد الشافية ص 274، وشرح المفصل 9/ 82، 10/ 46، ولسان العرب 5/ 304 "أبز"، 7/ 255 "أر"، 8/ 219 "ضجع"، 14/ 325 "رطا"، والمحتسب 1/ 107، والممتع في التعريف 1/ 403، والمنصف 2/ 329.
1295- الرجز لأبي حكاك في سر صناعة الإعراب 1/ 187، وشرح المفصل 10/ 49، والممتع في التعريف 1/ 358، والمقرب 2/ 166، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص523، وشرح المفصل 10/ 150، ولسان العرب 4/ 308 "ذكر".(4/465)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وادكر واذاكر بذال معجمة، وهذا الثالث قليل. وقد قرئ شاذًّا: فهل من مذكر" بالمعجمة.
الثاني: مقتضى اقتصار الناظم على إبدال تاء الافتعال طاء بعد الأحرف الأربعة ودالًا بعد الثلاثة أنها تقر بعد سائر الحروف ولا تبدل. وقد ذكر في التسهيل أنها تبدل ثاء بعد الثاء فيقال: أثرد بثاء مثلثة وهو افتعل من ثرد، أو تدغم فيها الثاء فيقال: اترد بتاء مثناة. قال سيبويه: والبيان عندي جيد -يعني الإظهار- فيقال اثترد، ولم يذكر المصنف هذا الوجه. وذكر في التسهيل أيضًا أنها قد تبدل دالًا بعد الجيم كقولهم في اجتمعوا اجدمعوا، وفي اجتز اجدز. ومنه قوله:
1296- فقلتُ لصاحبي لاتحبسانا بنزع أصوله واجدزَّ شِيحَا
وهذا لا يقاس عليه. وظاهر كلام المصنف في بعض كتبه أنه لغة لبعض العرب، فإن صح أنه لغة جاز القياس عليه، وهذا آخر ما ذكره الناظم م باب الإبدال وما يتعلق به من أوجه الإعلال.
خاتمة: قد علم مما ذكر أن حروف الإبدال منقسمة إلى ما يبدل ويبدل منه كالهمزة وحروف العلة الثلاثة، وكالهاء فإنها تبدل من الهمزة أولًا كهراق وتبدل منها الهمزة آخرًا كماء فإن أصله موه، وإلى ما يبدل ولا يبدل منه وهو الميم والطاء والدال،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخيرات للفاسي أنه يقال: ذرت الريح الشيء ذروًا وذريًا، وعلى هذا يصح فتح تاء المضارعة في البيت. وقوله: اذدراء مفعول مطلق لتذريه موافق له في أصل الاشتقاق نحو: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا} هذا ما ظهر لي في ضبط البيت وحله، وتكلم شيخنا السيد عليه بما هو بمعزل عنه معنى ولفظًا.
قوله: "وهذا الثالث" أي: اذكر بذال معجمة. قوله: "ثاء بعد الثاء" أي: ثاء مثلثة بعد الثاء المثلثة. قوله: "أو تدغم فيها" أي: في التاء الفوقية الثاء أي: المثلثة أي: بعد قلبها تاء فوقية كما هو معلوم. قوله: "وفي اجتز" بالزاي بقرينة ما بعد. قوله: "لا تحبسانا" من خطاب الواحد بما للاثنين كما قد تفعله العرب أي: لا تحبسنا عن شيء اللحم بقلع أصول الكلأ؛ بل جز الشيخ وأسرع لنا في الشيِّ، قاله العيني. قوله: "إلى ما يبدل" أي: يكون بدلًا. وقوله: ويبدل منه أي: يكون مبدلًا منه. قوله: "وكالهاء... إلخ" فيه أن هذا لم يعلم مما ذكره الناظم، ولا يدفع الاعتراض إعادة الكاف وإن زعمه البعض. قوله: "أولًا" حال من الهمزة. وقوله: بعد آخرًا حال من الضمير في منها العائد على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1296- البيت من الوافر، وهو لمضرس بن ربعي في شرح شواهد الشافية ص481، وله أو ليزيد بن الطثرية في لسان العرب 5/ 319، 320 "جزز"، والمقاصد النحوية 4/ 591، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 85، وخزانة الأدب 11/ 17، وسر صناعة الإعراب ص187، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 228، وشرح المفصل 10/ 49، والصاحبي في فقه اللغة ص109، 218، ولسان العرب 4/ 125 "جرر"، والمقرب 2/ 166، والممتع في التعريف 1/ 357.(4/466)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإلى ما يبدل منه ولا يبدل وهو التاء، أما إبدال الحروف المتقاربة بعضها من بعض لأجل الإدغام فلم يعدوها في باب الإبدال لعروضها، وعلم أيضًا أن الهمزة تبدل من ثلاثة أحرف وهي الألف والواو والياء، وأن الياء تبدل من ثلاثة أحرف وهي الهمزة والألف والواو، وأن الواو تبدل من ثلاثة أحرف وهي الهمزة والألف والياء، وأن الألف تبدل من ثلاثة أحرف وهي الهمزة والواو والياء، وأن الميم تبدل من النون، وأن التاء تبدل من حرفين وهما الواو والياء، وأن الطاء تبدل من التاء، وأن الدال تبدل من التاء، وأن الثاء تبدل من التاء على ما سبق مفصلًا.
وقد تقدم أول الباب أن ما قصد الناظم ذكره هنا هو الضروري في التصريف، وأن حروف الإبدال الشائع اثنان وعشرون حرفًا، وأن الإبدال قد وقع في غيرها أيضًا؛ ولكنه ليس بشائع. وقد رأيت أن أذيل ما سبق ذكره باستيفاء الكلام على إبدال جميع الحروف على سبيل الإيجاز مرتبًا للحروف على ترتيبها في المخارج، فأقول وبالله التوفيق: الهمزة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهاء؛ وإنما قلنا ذلك اعتبارًا بالأصل في الموضعين. قوله: "وهو التاء" إن قرئ بالفوقية كما في غالب النسخ ورد أنه قد علم من النظم كما سيعترف به الشارح أن الفوقية تبدل ويبدل منها الأول من قوله: ذو اللين فا تا في افتعال أبدلا
والثاني من قوله: طا تا افتعال رد اثر مطبق
وإن قرئ بالمثلثة كما في بعض النسخ ورد أن كلامه في حروف الإبدال التي ذكرها المنصف بدليل قوله: قد علم مما ذكره... إلخ مع أن المثلثة وقعت بدلًا ومبدلًا منها كما أفاده الشارح فيما مر قريبًا وفيما يأتي، وبهذا التحقيق يعرف ما في كلام البعض من الخطأ. قوله: "أما إبدال الحروف المتقاربة... إلخ" مقابل لمحذوف تقديره: هذا في غير إبدال الحروف المتقاربة للإدغام أما... إلخ. قوله: "فلم يعدوها" أنث الضمير مع رجوعه إلى إبدال الحروف المتقاربة لاكتسابه التأنيث من المضاف إليه. قوله: "وعلم أيضًا" أي: من كلام الناظم حيث قال: أحرف الإبدال هدأت موطيا فأبدل الهمزة من واو ويا
إلخ؛ إلا أن الشارح لم يذكر هنا أول الأحرف التي يجمعها هدأت موطيا وهو الهاء اكتفاء بذكره قريبًا في قوله: وكالهاء... إلخ، واقتداء بالمصنف في عدم ذكره لها في تفصيل أحرف الإبدال استغناء بما ذكره في باب الوقف من إبدالها من تاء التأنيث وقفًا. قوله: "وهي الألف" فيه أن إبدال الهمزة من الألف لم يعلم من كلام المصنف؛ وإنما ذكره الشارح في شرح قول المصنف: فأبدل الهمزة من واو ويا... إلخ، واعترض هناك على المصنف بعدم شمول عبارته الألف. قوله: "الضروري في التصريف" أي: اللازم بمقتضى قاعدة التصريف. قوله: "الشائع" أي: في كلام العرب كلهم أو قوم منهم على ما مر في أول باب الإبدال. قوله: "ما سبق ذكره" أي: متنًا(4/467)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أبدلت من سبعة أحرف وهي الألف والياء والواو والهاء والعين والخاء والغين، وقد تقدم الكلام عليها سوى الأخيرين. فأما إبدالها من الخاء فقولهم في صرخ: صرأ، حكاه الأخفش عن الخليل، ومن الغين قولهم في غنه: رأنه، حكاه النضر بن شمبل عن الخليل، وإبدالها من هذين الحرفين غريب جدًّا. الألف أبدلت من أربعة أحرف وهي الياء والواو والهمزة والنون الخفيفة، وقد تقدم الكلام عليها سوى الأخيرة، فأما إبدالها من النون الخفيفة فنحو: {لَنَسْفَعًا}. الهاء أبدلت من ستة أحرف وهي الهمزة والألف والواو والواو والياء والتاء والحاء، فإبدالها من الهمزة قد تقدم أول الباب، وأما إبدالها من الألف ففي قوله:
1297- قد وردت من أمكنه من هاهنا ومن هنه
إن لم أُرَوِّهَا فَمَه
فأبدل الهاء في هنه من الألف، وأما قوله: فمه فيجوز أن يكون من ذلك أي: فما أصنع أو فما انتظاري لها، ويجوز أن يكون فمه بمعنى اكفف أي: أنها قد وردت من كل جانب وكثرت؛ فإنه لم أروها فلا تلمني واكفف عني، ومن ذلك قولهم في أنا: أنه، ويجوز أن تكون ألحقت لبيان الحركة، وقالوا في حيهله: إن الهاء الأخيرة بدل من الألف في حيهلا. وأما إبدالها من الواو ففي قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وشرحًا. قوله: "في رغنه" الرغن كالمنع الإصغاء للقول وقبوله.
قوله: "وقد تقدم الكلام عليها" أي: في باب الإبدال فلا يعترض قوله: سوى الأخيرة بتقدم الكلام عليها في باب نوني التوكيد. قوله: "قد وردت" أي: الإبل. قوله: "من ذلك" أي: من إبدال الهاء من الألف. قوله: "أن تكون" أي: الهاء ألحقت أي: في الوقت بعد حذف الألف لبيان الحركة أي: حركة النون؛ إذ لو وقف عليها بعد حذف الألف بدون الهاء لسكنت لا أن الهاء بدل من الألف، وإيضاح ذلك أن ألف أنا زيدت عند البصريين وقفًا لبيان حركة النون، وقد تحذف الألف ويُؤْتَى بالهاء فيحتمل أن يكون الإتيان بها لإبدالها من الألف، ويحتمل أن تكون لبيان حركة النون كالألف إذا لم تحذف، وعلى هذا الاحتمال اقتصر الدماميني في باب الضمير من شرح التسهيل؛ حيث قال بعد ذكره: إن ثبوت الألف في الوقف لبيان الفتحة ما نصه: وقد تبين فتحتها بهاء السكت؛ كقول حاتم هكذا فزدني أنه.
قوله: "وقالوا في حيهله... إلخ" لعل وجه التبري أنه يجوز أن تكون الهاء لبيان الحركة كما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1297- الرجز بلا نسبة في الدرر 1/ 242، 2/ 214، ورصف المباني ص163، وسر صناعة الإعراب 1/ 163، وشرح شواهد الشافية ص476، وشرح المفصل 3/ 138، 4/ 6، 9/ 81، 10/ 42، 43، والمحتسب 1/ 277، والمقرب 2/ 32، والممتع في التعريف 1/ 400، والمنصف 2/ 156، وهمع الهوامع 1/ 78، 2/ 157.(4/468)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1298- وقد رَابَنِي قولُها يَاهَنَا هُ وَيْحَكَ ألْحَقْتَ شَرًّا بِشَرّ
وقد اختلف في ذلك؛ فذهب الجماعة إلى أنها مبدلة من الواو والأصل يا هناو، وقال أبو الفتح: ولو قيل: إن الهاء بدل من الألف المنقلبة من الواو الواقعة بعد الألف لكان قولًا قويًّا؛ إذ الهاء إلى الألف أقرب منها إلى الواو، وإبدالها من الياء في قولهم هذه في هذي وهنيهة في هنية، وإبدالها من التاء في نحو طلحة في الوقف على مذهب البصريين وقد تقدم، وحكى قطرب عن طيئ أنهم يقولون: كيف البنون والبناه؟ وكيف الإخوة والأخواه؟ وهو شاذ. ومن الشاذ قولهم في التابوت تابوه، قال بن جني: وقد قرئ بها يعني في الشواذ. قال: وسمع بعضهم يقول: قعدنا على الفراه يريد على الفرات، وإبدالها من الحاء في قولهم: طهر الشيء بمعنى طحره أي: أبعده، ومته الدلو بمعنى متحها، ومدهه بمعنى مدحه.
وفرق بعضهم بين ذي الحاء وذي الهاء فجعل المدح في الغيبة والمده في الوجه، والأصح كونهما بمعنى واحد إلا أن المدح هو الأصل. العين أبدلت من حرفين الحاء والهمزة، فالحاء في قولهم ضبع بمعنى ضج، والهمزة في نحو عن زيدًا قائم بمعنى إن زيدًا قائم وهي عنعنة تميم وقد تقدم. الغين أبدلت من حرفين وهما الخاء والعين، فالخاء نحو قولهم: غطر بيديه يغطر بمعنى خطر يخطر حكاه ابن جني. والغين في قولهم لغن في لعن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جاز حذف هذا في أنه. قوله: "ولو قيل: إن الهاء بدل من الألف" الظاهر أن مراده بالألف الهمزة؛ لأنها المبدلة من الواو في باب كساء وغطاء. قوله: "في قولهم هذه" أي: بإسكان الهاء. قوله: "وهنيهة في هنية" هي الشيء اليسير.
قوله: "ومته الدلو بمعنى متحها" بفوقية فيهما، قال في القاموس: مته الدلو كمنع متحها، وفسر المتح في موضع آخر بالنزع، وفسر الميح بالتحتية في موضع آخر بدخول البئر لملء الدلو لقلة مائها، وفي المصباح: متحت الدلو من باب نفع إذا استخرجتها، ثم قال في موضع آخر: ماح الرجل ميحًا من باب باع انحدر في الركية فملأ الدلو وذلك حين يقل ماؤها، ولا يمكن أن يستقي منها إلا بالاغتراف باليد فهو مائح. اهـ. ولم أجد فيهما ولا في غيرهما الميه بمعنى الميح بالتحتية فيهما؛ وإنما الميه -كما في القاموس- طلاء السيف وغيره بماء الذهب، وميه الركية وموهها كثرة مائها، فعلم ما في كلام شيخنا من الخطأ، والله الهادي.
قوله: "وفرق بعضهم... إلخ" قال البعض: الظاهر أنه على هذا لا إبدال إلا أن يكون التخصيص في كل استعماليًّا لا وضعيًّا. اهـ. وهو متجه. قوله: "ضبح" بضاد معجمة فموحدة يقال: ضبح الفرس كمنع أي: صوت صوتًا ليس بصهيل ولا همهمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1298- البيت من المتقارب، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص160، وخزانة الأدب 1/ 375، 7/ 275، وسر صناعة الإعراب 1/ 66، 2/ 560، وشرح المفصل 10/ 43، ولسان العرب 13/ 438 "هنن"، 15/ 366، 367 "هنا"، والمقاصد النحوية 4/ 264، وبلا نسبة في رصف المباني ص400، وشرح المفصل 1/ 48، ولسان العرب 15/ 369 "هنا"، والمنصف 3/ 139.(4/469)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحاء أبدلت من العين قالوا: ربح بمعنى ربع وهو قليل. الخاء أبدلت من الغين قالوا: الأخن يريدون الأغن، فقد وقع التكافؤ بينهما وذلك في غاية القلة. القاف أبدلت من الكاف قالوا في وكنة الطائر -وهي مأواه من الجبل- وقنة حكاه الخليل. الكاف أبدلت من حرفين القاف والتاء، فالقاف في قولهم: عربي كح أي: قح، وفسر الأصمعي القح فقال: هو الخالص من اللؤم، فقد وقع التكافؤ بينهما؛ لكن إبدال الكاف من القاف أكثر من عكسه والتاء في قوله: يابن الزبير طالما عصيكا
وقد تقدم. الجيم أبدلت من الياء وقد تقدم. الشين أبدلت من ثلاثة أحرف: الكاف التي للمؤنث والجيم والسين، فالكاف في نحو أكرمتك قالوا: أكرمتش وهي كشكشة تميم كما تقدم، والجيم كما في قوله:
1299- إذ ذاك إذ حبل الوصال مُدْمَشُ
أي: مدمج. قال ابن عصفور: ولا يحفظ غيره، وسهل ذلك كون الجيم والشين متفقتين في المخرج. والسين قالوا: جعشوش في جعسوس وهو القميء الذليل، ويجمع بالمهملة دون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "بمعنى خطر يخطر" في القاموس: خطر بباله وعليه يخطِر ويخطُر خطورًا ذكره بعد نسيان، والفحل بذنبه يخطِر خَطْرًا وخَطَرانًا وخطيرًا ضرب به يمينًا وشمالًا، والرجل بسيفه ورمحه رفعه مرة ووضعه أخرى وفي مشيته رفع يديه ووضعهما خطرانًا والرمح اهتز. اهـ. وقاعدته أنه إذا ذكر المضارع مرة واحدة ولم يقيده صراحة بضبط فهو بكسر العين؛ وحينئذ تفيد عبارته أن مضارع خطر بباله بكسر العين وضمها ومضارع غيره بالكسر لا غير، فاحفظه.
قوله: "في لعنّ" أي: التي هي لغة في لعل. قوله: "ربع" قال في القاموس: ربع كمنع وقف وانتظر ثم ساق معاني أخر. قوله: "يريدون الأغن" هو الذي يخرج صوته من خيشومه. قوله: "فقد وقع التكافؤ بينهما" أي: إبدال كل منهما من الأخرى. قوله: "وذلك" أن التكافؤ بينهما. قوله: "وكنة الطائر" بتثليث الواو وسكون الكاف بعدها نون. وأما وقنة بالقاف فبالضم لا غير. وفي نسخ رسمها بفاء بدل النون وهو تحريف، نقله شيخنا السيد. قوله: "أي: مدمج" أي: مدخل بعضه في بعض لشدة فتله وإحكامه. قوله: "جعشوش" بوزن عصفور. وقوله: وبذلك أي: بجمعه بالمهملة دون المعجمة.
قوله: "وهو القميء" بقاف مفتوحة فميم مكسورة فياء ساكنة فهمزة، قال في القاموس: قمَأ كجمع وكرُم قَمْأ وقَمَاءة وقُمْأء بالضم وبالكسر ذل وصغر فهو قميء. اهـ. وفي بعض النسخ وهو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1299- الرجز بلا نسبة في سر صناعة الإعراب 1/ 205، ولسان العرب 2/ 274 "رمج"، والممتع في التعريف 1/ 412.(4/470)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المعجمة؛ وبذلك علم الإبدال. الياء وهي أوسع حروف الإبدال، أبدلت من ثمانية عشر حرفًا؛ من الألف في نحو مصابيح وغليم تصغير غلام، ومن الواو في نحو أغزيت وما تصرف منه، ومن الهمزة في نحو بير في بئر، ومن الهاء قالوا دهديت الحجر في دهدهته، وقالوا صهصيت بالرجل أي: صهصهت به إذا قلت له: صه صه، ومن السين في قوله:
1300- إذا ما عُد أربعة فِسَالٌ فزوجُك خامسٌ وأبوك سَادِي
أي: سادس. ومن الباء في قولهم: الأراني والثعالي، والأصل الأرانب والثعالب وقد مر. ومن الراء في قيراط وشيراز والأصل قراط وشراز لقولهم في الجمع: قراريط وشراريز. وقال بعضهم في شيراز: شواريز، فيكون البدل من الواو والأصل شوراز، ومن النون في أناسي وظرابي والأصل أناسين وظرابين؛ لأنهما جمعا إنسان وظربان، وكذلك تظنيت أصله تظننت من الظن. وكان أبو عمرو بن العلاء يذهب إلى أن قوله تعالى: {لَمْ يَتَسَنَّهْ} أصله يتسنن أي: لم يتغير من قوله تعالى: {مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} [الحجر: 26 و28 و33] وكذلك دينار أصله دنار لقولهم دنانير ودنينير، وقالوا في إنسان: إيسان بالياء، ومن الصاد في قولهم: قصيت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقمأ بالهمزة على صيغة اسم مفعول أقمأ، قال في القاموس: قمأه كمنعه وأقمأه صغره وأذله. اهـ. وعلى كل فقول الشارح الذليل صفة كاشفة وإن كان أنسب بالنسخة الأولى. قوله: "في نحو أغزيت" بغين معجمة فزاي يقال: أغزيته إذا بعثته بغزو. مصباح.
قوله: "وما تصرف منه" أي: من مصدره نحو: يغزي ومغزى. قوله: "دهديت الحجر" أي: دحرجته. قوله: "فسال" بكسر الفاء جمع فسل بفتحها وسكون السين المهملة أي: ردى، كما في المصباح. قوله: "فزوجك" بكسر الكاف بقرينة تذكير خامس. قوله: "وشيراز" في المصباح: الشيراز مثل دينار اللبن الرائب يستخرج منه ماؤه. وقال بعضهم: لبن يغلي حتى يثخن ثم ينشف حتى يتثقف ويميل طعمه إلى الحموضة، وشيراز بلد بفارس. اهـ. قوله: "في شيراز" أي: في جمعه. قوله: "لم يتسنه" لم يتغير بمر السنين عليه. قوله: "أصله يتسنن" أي: فأبدلت النون الأخيرة ياء ثم الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم حذفت للجازم وزيدت هاء السكت، وغير قول أبي عمرو قولان؛ أحدهما: أن أصله يتسنو بناء على أصل سنة سنو لقولهم: سانيت قلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم حذفت للجازم وزيدت هاء السكت. ثانيهما: أن الهاء أصلية بناء على أن أصل سنة سنة لقولهم: سانهت.
قوله: "من حمأ" أي: طين أسود مسنون أي: متغير. قوله: "في قولهم: قصيت أظفاري" بتشديد الصاد، قال في المصباح: قصصته قصًّا من باب قتل قطعته وقصيته بالتثقيل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1300- البيت من الوافر، وهو لامرئ القيس في ملحق ديوانه ص459، وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص301، والدرر 6/ 226، وسر صناعة الإعراب 2/ 741، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 213، وشرح شواهد الشافية ص446، وشرح المفصل 10/ 24، ولسان العرب 2/ 40 "ستت"، 11/ 519 "فسل"، 14/ 377 "سدا"، 15/ 492 "يا"، والممتع في التعريف 1/ 368، وهمع الهوامع 2/ 157.(4/471)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أظفاري. والأصل قصصت، وقيل: إن الياء هاهنا أصلها الواو وأن المعنى تتبعت أقصاها، ومن الضاد في قوله:
1301- إذا الكرامُ ابتدَرُوا الباغَ بَدَرْ تَقَضِّي البازِي إذا البازِي كَسَرْ
أي: تقضض البازي من الانقضاض، ومن اللام في أمليت وأصله أمللت، ومن الميم في قوله:
1302- تَزُورُ امرأً أمَّا الإله فيتَّقِي وأمَّا بفعل الصالحين فيَأْتَمِي
قالوا ابن الأعرابي: أراد فيأتم. ومن العين في قوله:
1303- ومَنْهَل ليس له حَوَازِقُ ولضَفَادِي جَمِّه نَقَانِقُ
يريد: ولضفادع. وقالوا: تعليت من اللعاعة وهي بقلة والأصل تلععت. ومن الدال في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مبالغة والأصل قصصته فاجتمع ثلاثة أمثال فأبدل من أحدها ياء للتخفيف. اهـ.
قوله: "ابتدروا الباغ" بدر إلى الشيء من باب قعد وابتدر، وبادر أسرع، والباغ بموحدة ثم غين معجمة الكرم كما في العيني والمصباح، وعبارته: الباغ الكرم لفظة أعجمية استعملها الناس بالألف واللام. اهـ. والضمير في بدر يرجع إلى الممدوح. وقوله: تقضي البازي، في القاموس: انقض الطائر هوى ليقع كتق وتقضي. اهـ. ومنه يؤخذ أن التقضي مصدر تقضى فيكون بكسر الضاد المعجمة المشددة كالتدلي والتجلي والتحلي والتخلي وهو مفعول مطلق لبدر ملاق له في المعنى كفرح جذلًا.
قوله: "من الانقضاض" أي: مأخوذ من الانقضاض، وبجعل هذا أخذًا لا اشتقاقًا يندفع ما يقال: لا يشتق مصدر مزيد من أزيد منه. قوله: "حوازق" بحاء مهملة وقبل القاف زاي أي: جوانب تحزق الماء أي: تحسبه. وقوله: ولضفادي جمه ضفادي مضاف وجم مضاف إليه وجم مضاف والهاء مضاف إليه أي: لضفادي عظمه وكثرته كما نقله شيخنا السيد عن الجاربردي. وقوله: نقانق بفتح النون الأولى وقافين أي: أصوات وهو مبتدأ مؤخر خبره لضفادي. قوله: "تلعيت... إلخ" ضبط في القاموس اللعاعة بضم اللام وفسرها بمعان منها الهندبا، فلعلها مراد الشارح بالبقلة، ثم قال: وتلعى تناولها ويؤخذ منه أن العين في قول الشارح: تلعيت مشددة، وكذا العين الأولى من قوله: تلععت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1301- الرجز للعجاج في ديوانه 1/ 42، وأدب الكاتب ص487، والأشباه والنظائر 1/ 48، وإصلاح المنطق ص302، والدرر 6/ 20، وشرح المفصل 10/ 25، والممتع في التعريف 1/ 374، وبلا نسبة في الخصائص 2/ 90، والمقرب 2/ 171، وهمع الهوامع 2/ 157.
1302- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في سر صناعة الإعراب 2/ 760، وشرح المفصل 10/ 24، ولسان العرب 12/ 26 "أمم"، 14/ 46 "أما"، 256 "دسا"، والمقرب 2/ 172، والممتع في التعريف 1/ 374.
1303- الرجز لخلف الأحمر في الدرر 6/ 227، وبلا نسبة في خزانة الأدب 4/ 438، وسر صناعة الإعراب 2/ 762، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 212، وشرح المفصل 10/ 24، والكتاب 2/ 273، والمقتضب 1/ 247، والممتع في التعريف 1/ 376.(4/472)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التصدية وهي التصفيق والصوت، والأصل تصددة لأنها من صددت أصد، قال تعالى: {إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57] ومن التاء في قوله:
1304- قام بها ينشد كل منشد وايتصلت بمثل ضوء الفرقد
أي: واتصلت. ومن الثاء في قوله:
1305- قد مر يومان وهذا الثالي
أي: الثالث. ومن الجيم في قوله:
1306- فأبعدكن الله من شيرات
أي: من شجرات، وقالوا: دياجي في جمع ديجوج والأصل دياجيج. ومن الكاف في قولهم: مكوك ومكاكي، والأصل مكاكيك، وهو مكيال. الصاد أبدلت من حرفين؛ من السين في قولهم: صراط في السراط، ومن اللام في قولهم: رجل جصد أي: جلد. اللام أبدلت من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "في التصدية" أقول: وكذا في التصدي قال في المصباح: تصديت للأمر تفرغت له وتبتلت والأصل تصددت فأبدل للتخفيف. قوله: "من صددت أصد" من باب ضرب يضرب كما في المصباح. قوله: "في جمع ديجوج" بدال مهلة وتحتية وجيمين يقال: ليلة ديجوج أي: مظلمة.
قوله: "والأصل دياجيج" قال البعض أي: فحذفت ياء الجمع ثم أبدلت الجيم ياء. اهـ. والقياس أن يقال مثل هذا في قوله: والأصل مكاكيك وهو إنما يصح إذا كانت الياء من دياجي ومكاكي مخففة فإذا كانت مشددة كما ضبطت به ياء مكاكي فيما رأيته من نسخ القاموس الصحيحة فلا؛ بل تكون الياء الساكنة ياء الجمع والتي تليها بدل الجيم، والله أعلم. قوله: "مكوك" كتنور. قوله: وهو مكيال أي: يسع صاعًا ونصفًا على أحد أقوال ذكرها في القاموس. قوله: "الصاد أبدلت من حرفين من السين في قولهم: صراط في السراط ومن اللام... إلخ" كذا في بعض النسخ، قال السندوبي: كل كلمة فيها سين بعدها طاء أو خاء أو غين أو قاف جاز إبدال سينها صادًا، سواء كانت هذه الأحرف ثانية أو ثالثة أو رابعة نحو: صراط وبصط والصخب والمصغبة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1304- الرجز بلا نسبة في سر صناعة الإعراب 2/ 764، وشرح المفصل 10/ 24، 26، ولسان العرب 11/ 726 "وصل"، والمقرب 2/ 173، والممتع في التعريف 1/ 378.
1305- الرجز بلا نسبة في الدرر 6/ 224، وسر صناعة الإعراب ص764، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 213، وشرح شواهد الشافية ص448، وشرح المفصل 10/ 24، 28، ولسان العرب 2/ 121 "ثلث"، وهمع الهوامع 2/ 157.
1306- صدره: إذا لم يكن فيكن ظل ولا جنى
والبيت من الطويل، وهو لجعيثنة البكائي في سمط اللآلي ص834، وبلا نسبة في المقاصد النحوية 4/ 589.(4/473)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حرفين وهما النون في أصيلان، والضاد في اضطجع كما مر. الراء أبدلت من اللام في قولهم: نثره بمعنى نثله، ورعلّ بمعنى لعل. النون أبدلت من أربعة أحرف: من اللام في قولهم: لعن في لعل، ونَابَنْ فعلت كذا في لابل لم فعلت كذا، ومن الميم في قولهم للحية: أيم وأين.
وقالوا: أسود قاتم وقاتن، ومن الواو في صعناني وبهراني نسبة إلى صنعاء وبهراء والأصل صنعاوي وبهراوي؛ لأن همزة التأنيث في النسب تقلب واوًا كما تقدم في بابه. ومن الهمزة حكى الفراء حنان في حناء وهو الذي يخضب به، وأما قول الخليل وسيبويه أن نون فعلان الذي مؤنثه فعلى بدل من همزة فعلاء كنون سكران وغضبان، فليس المراد به هذا البدل؛ وإنما المراد أن النون عاقبت الهمزة في هذا الموضع كما عاقبت لام التعريف التنوين الطاء أبدلت من حرفين: من التاء في الافتعال بعد حروف الأطباق وقد تقدم، ومن الدال حكى يعقوب عن الأصمعي مط الحرف في مده، والإبعاط في الإبعاد. الدال أبدلت من ثلاثة أحرف: من التاء في الافتعال بعد الدال والذال والزاي والجيم كما مر، ومن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصيقل في سراط وبسط وسخب ومسغبة وسيقل. اهـ. وعلى هذه النسخة يكون قوله: بعد الصاد أبدلت من السين في نحو: صراط مكررًا. وفي بعض النسخ: الضاد أي: المعجمة أبدلت من اللام في قولهم: رجل جضد أي: جلد. وعلى هذه النسخة لا تكرار، ولا يخفى أن النسختين متعارضتان في رجل جضد لاقتضاء النسخة الأولى أنه بالصاد المهملة، واقتضاء الثانية أنه بالمعجمة فحرره؛ فإني لم أجد في كتب اللغة بعد المراجعة شيئًا من اللفظين. قوله: "النون في أصيلان" رسمه بالنون التي هي مبدل منها دون اللام التي هي بدل مع أن رسمها باللام قياس صنيعه في النظائر ليتعين للناظر أن اللام المبدلة نونًا هي اللام الثانية لا الأولى.
قوله: "نثره بمعنى نثله" بنون فمثلثة فيهما على ما رأيت في النسخ، وفيه أن نثله بمعنى استخرجه، وليس نثره بهذا المعنى، فلعلهما في كلامه بنون ففوقية لتشاركهما حينئذ في معنى الجذب. قوله: "أيم وأين" بفتح همزتها وسكون يائهما التحتية. قال في الصحاح: قال ابن السكيت: أصل أيم أيم فخففت مثل لين ولين وهين وهين. اهـ. وما نقله عن ابن السكيت هو قضية صنيع القاموس. قوله: "أسود قاتم وقاتن" قال في القاموس: القتام كسحاب الغبار. ثم قال: والأقتم الأسود كالقاتم. اهـ. وحينئذ فالقاتم تأكيد للأسود. قوله: "ومن الواو في صنعاني وبهراني... إلخ" إنما جعلوا النون بدل الواو لا بدل همزة التأنيث إجراء للنسب إلى ذي الهمزة على وتيرة واحدة في قلب الهمزة واوًا. قوله: "كنون سكران وغضبان" تمثيل لنون فعلان. قوله: "هذا البدل" أي: الاصطلاحي الذي الكلام فيه.
قوله: "عاقبت الهمزة" لأن الهمزة للمؤنث والنون للمذكر فلا يجتمعان، وفي إطلاق المعاقبة على ذلك تجوز الحرفين المتعاقبين يكونان في كلمة واحدة وما هنا ليس كذلك؛ إذ(4/474)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جنت ونعمت؛ لأنه جعل الهاء أصلًا. الصاد أبدلت من السين في نحو صراط. الزاي أبدلت من حرفين من السين الساكنة قبل دال نحو يُزدل في يسدل ويزدر في يسدر، يقال: سدر البعير يسدر سدرًا إذا تحير من شدة الحر، ومن الصاد الساكنة قبل الدال نحو يزدق في يصدق، ونحو القزد في القصد، فإن تحركت الصاد لم تبدل، وفي كلامهم: لم يحرم الرفد من قزد له أي: من قصد له، فأسكن الصاد وأبدلها زايًا. السين أبدلت من ثلاثة أحرف: من التاء في استخذ على أحد الوجهين وأصله اتخذ، ومن الشين في قولهم في مشدود: مسدود، ومن اللام في قولهم: استقطه في التقطه، وهو في غاية الشذوذ. الظاء لم أرَ في إبدالها شيئًا. الذال أبدلت من حرفين: من الدال في قراءة من قرأ: "فشرذ بهم" بالمعجمة، ومن الثاء في قولهم: تلعذم الرجل أي: تلعثهم إذا أبطأ في الجواب. الثاء أبدلت من حرفين: من الفاء في مغثور والأصل مغفور، ومن الذال في قولهم في الجذوة من النار: جثوة. الفاء أبدلت من حرفين: من الثاء في قولهم: زيد فُم عمرو أي: ثم عمرو حكاه يعقوب. وقولهم: فوم بمعنى ثوم، ومن الباء في قولهم خذه بإفانه أي: بإبانه. الباء أبدلت من حرفين: من الميم في قولهم: با اسمك؟ يريدون: ما اسمك؟ ومن الفاء في قولهم: البسكل في الفسكل. الميم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يخفى على من له أدنى إلمام بالعروض. قوله: "نحو يزذل في يسدل... إلخ" سدل باللام من باب ضرب ونصر أي: أرخى وسدر بالراء من باب فرح كذا في القاموس. قوله: "ونحو القزد" بقاف فزاي.
قوله: "فإن تحركت الصاد لم تبدل" وكذا السين، وإنما اقتصر على الصاد؛ لأنه إنما أتى بهذا الكلام توطئة لما بعده. قوله: "لم يحرم الرفد" بكسر الراء وسكون الفاء أي: العطاء، والهاء من قزد له ترجع إلى الممدوح. قوله: "على أحد الوجهين" قال البعض: والوجه الثاني أن السين أصلية. اهـ. أي: فيكون استخذ افتعل من سخذ ولست على وثوق منه؛ فإني لم أجد في القاموس ولا في غيره وجودًا لمادة سخذ، فلعل الوجه الثاني أن السين بدل من واو هي فاء الكلمة بتاء، على ما نقله الشارح سابقًا عن بعض المتأخرين: أن الأصل قبل تاء الافتعال وخذ وبعدها اوتخذ فأبدلت الواو سينًا تارة وتاء أخرى. قوله: "وهو غاية الشذوذ" أي: إبدال اللام من السين. قوله: "في مغثور والأصل مغفور" الذي يؤخذ من القاموس أنهما بميم مضمومة وغين معجمة؛ فإنه قال في فصل الغين المعجمة في باب الراء: المغثور بالضم والمغثر كمنبر شيء ينضحه الثمام، إلى أن قال: والجمع مغاثير، ثم قال: والمغافير المغاثير الواحد مغفر كمنبر ومغفر ومغفور بضمهما ومغفار ومغفير بكسرهما. اهـ. ولم يصح مثل ذلك في عثر وعفر بالعين المهملة؛ وحينئذ فرسم معثور ومعفور في كلام الشارح بالعين المهملة تصحيف وإن لم يتنبه له أرباب الحواشي. قوله: "بإفانه" بكسر الهمزة وتشديد الفاء أي: في وقته. قوله: "في الفسكل" كقنفذ وزبرج الفرس الذي يجيء في الحلبة آخر الخيل ورجل فسكل كزبرج رذل وقد فسكل في القاموس في فصل الفاء من باب(4/475)
فصل: فا أمر أو مضارع من كوعد
فصل: فا أمر أو مضارع من كوعد فا أمر او مضارع من كوعد احذف وفي كعدة ذاك اطرد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أبدلت من أربعة أحرف: من الواو في فم عند الأكثر أصله فوه مثل فوج فحذفت الهاء تخفيفًا؛ لأنه قد يضاف إلى الضمير فيقال فوهه، فيستثقل ذلك، ثم أبدلت الميم من الواو، ومن النون في نحو: عمير والبنام في نحو البنان، ومن البناء في قولهم: بنات مخر في بنات بَخْر للسحاب؛ لأنه من البخار، وقولهم: ما زلت راتمًا على هذا أي: راتبًا، وعن ابن السكيت رأيته من كثب ومن كثم أي: قرب، فالميم بدل من الباء؛ لأنهم قالوا: كتب الفقيه الأمر، ولم يقولوا: كتم. ومنه قوله:
1307- فبادرت سربها عجلى مثابرة حتى استقت دون محيا جيدها نغما
أراد: نغبًا، والنغبة الجرعة. ومن لام التعريف في اللغة اليمنية. الواو أبدل من ثلاثة أحرف: الألف والياء والهمزة، وقد تقدمت، والله أعلم.
فصل في الإعلال بالحذف:
وهو على ضربين: مقيس وشاذ، فالمقيس هو الذي تعرض لذكره هذا الفصل وهو ثلاثة أنواع، وقد أشار إلى الأول منها بقوله: "فا أمر أو مضارع من كوعد احذف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللام وفسكله غيره لازم ومتعد. اهـ. وفيه في فصل الباء الموحدة البسكل بالضم الفسكل من الخيل. اهـ.
قوله: "في بنات بخر" بفتح الموحدة وسكون الخاء المعجمة كما في القاموس. قوله: "من كثب ومن كثم" بكاف ومثلثة مفتوحتين فيهما كما في المصباح والقاموس، فكتابتهما بالفوقية تصحيف وإن لم يتنبه له شيخنا والبعض وغيرهما. وقوله: لأنهم قالوا: كتب الفقية الأمر إن كان بالفوقية -كما في النسخ- فهو تصحيف أو تعليل باطل لخروجه عن الموضوع، وإن كان بالمثلثة فلعل معناه قرب من الأمر. قوله: "فبادرت سربها" أي: أسرعت إلى جماعتها. وقوله: مثابرة بمثلثة ثم موحدة أي: مواظبة على العجلة والسرعة يقال: ثابر على كذا أي: واظب كما في القاموس. وقوله: دون محيا جيدها لعله حال من نغما أي: حال كونه دون القدر الذي به حياة عنقها يعني نفسه. وقوله: نغما بفتح النون وسكون الغين المعجمة وكذا النغب وفعله نغب كمنع ونصر وضرب كما في القاموس. قوله: "والنغبة الجرعة" في القاموس النغبة أي: بالفتح الجرعة وتضم أو الفتح للمرة والضم للاسم. اهـ.
فصل في الإعلال بالحذف:
قوله: "ثلاثة أنواع" ما يتعلق بفاء الكلمة وما يتعلق بحرف زائد فيها وما يتعلق بعينها أو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1307- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في سر صناعة الإعراب 1/ 426، وشرح المفصل 10/ 33، ولسان العرب 1/ 765 "نغب"، والمقرب 2/ 178، والممتع في التعريف 1/ 393.(4/476)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي كعدة ذاك اطرد" أي: إذا كان الفعل ثلاثيًّا واوي الفاء مفتوح العين فإن فاءه تحذف في المضارع ذي الياء نحو وعد يعد والأصل يوعد، فحذف الواو استثقالًا لوقوعها بين ياء مفتوحة وكسرة، وحمل على ذي الياء أخواته نحو: أعد وتعد ونعد، والأمر نحو عد، والمصدر الكائن على فعل بكسر الفاء وسكون العين نحو عدة؛ فإن أصله وعد على وزن فعل، فحذفت فاؤه حملًا على المضارع وحركت عينه بحركة الفاء وهي الكسرة؛ ليكون بقاء كسرة الفاء دليلًا عليها وعوضوا منها تاء التأنيث؛ ولذلك لا يجتمعان، وتعويض التاء هنا لازم، وقد أجاز بعضهم حذفها للإضافة تمسكًا بقوله:
1308- وأخلفوك عدا الأمر الذي وعدوا
يعني: عدة الأمر، وهو مذهب الفراء، وخرجه بعضهم على أن عدا جمع عدوة أي: ناحية أي: وأخلفوك نواحي الأمر وعدوا.
تنبيهات: الأول: فهم من قوله: من كوعد أن حذف الواو مشروط بشروط؛ أولها: أن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لامها على الخلاف الآتي، وقد ذكرها على هذا الترتيب. قوله: "إذا كان الفعل" أي: الماضي. وقوله: مفتوح العين في مفهومه تفصيل؛ لأن مضمومها لا تحذف فاء مضارعه نحو: وضؤ يوضؤ ووسم يوسم ومكسورها انكسرت عين مضارعه حذفت فاء مضارعه نحو: وثق يثق وومق يمق وورث يرث، وإن فتحت فقد تحذف فاء مضارعه نحو: وسع يسع ووطئ يطأ، وقد لا تحذف نحو: وجل يوجل ووجع يوجع، وإن استعملت بالكسر والفتح جاز حذف فاء مضارعه وعدم حذفها كقوله: فإنه جاء من باب تعب فلم تحذف فاء مضارعه ومن باب وعد فحذفت؛ لكن هذه لغة قليلة كما في المصباح.
قوله: "لوقوعها بين ياء مفتوحة وكسرة" أي: وهما ضدان للواو والواقع بين ضديه مستثقل. قوله: "وتعويض التاء" أي: التعويض بالتاء. وقوله: هنا لعله احتراز عن التعويض بالتاء في باب إقامة واستقامة؛ فإنه غالب لا لازم. قوله: "لازم" فحذفها شاذ على الراجح.
قوله: "وقد أجاز بعضهم... إلخ" مقابل قوله: وتعويض التاء هنا لازم. وقوله: للإضافة أي: لقيامها مقام التاء. قوله: "وخرجه بعضهم... إلخ" اعلم أن احتمال ما في البيت لأن يكون مفردًا وأن يكون جمعًا إنما هو بقطع النظر عن رسمه؛ وإلا فهو إن رسم بألف بعد الدال تعين كونه جمعًا أولا تعين كونه مفردًا فاندفع ما ذكره شيخنا والبعض. قوله: "أن حذف الواو" أي: من المضارع. قوله: "يدع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1308- صدره: إن الخليط أجدوا البين فانجردوا
والبيت من البسيط، وهو للفضل بن عباس في شرح التصريح 2/ 396، وشرح شواهد الشافية ص64، ولسان العرب 1/ 651 "غلب"، 7/ 293 "خلط"، والمقاصد النحوية 4/ 572، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/ 241، وأوضح المسالك 4/ 407، والخصائص 3/ 171، وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 158، وشرح عمدة الحافظ ص486، ولسان العرب 3/ 462 "وعد"، 7/ 293 "خلط".(4/477)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تكون الياء مفتوحة فلا تحذف من يوعد مضارع أوعد، ولا من يوعد مبنيًّا للمفعول، وشذ من ذلك قولهم: يُدَع ويُذَر في لغة. ثانيها: أن تكون عين الفعل مكسورة، فإن كانت مفتوحة نحو يوجل، أو مضمومة نحو يوضؤ لم تحذف الواو، وشذ قول بعضهم في مضارع وجد يجد، ومنه قوله:
1309- لو شئت قد نُقع الفؤاد بشربة تدع الصوادي لا يجدن غليلا
وهي لغة عامرية، وأما حذف الواو من يقع ويضع ويهب فللكسر المقدر؛ لأن الأصل فيها كسر العين؛ إذ ماضيها فعل بالفتح، فقياس مضارعها يفعل بالكسر ففتح لأجل حرف الحلق تخفيفًا، فكان الكسر فيه مقدرًا، ويسع كذلك لأنه وإن كان ماضيه وسع بالكسر وقياس مضارعه الفتح إلا أنه لما حذفت منه الواو دل ذلك على أنه كان مما يجيء على يفعل بالكسر نحو ومق يمق، وإلى هذا أشار في التسهيل بقوله: بين ياء مفتوحة وكسرة ظاهرة كيعد أو مقدرة كيقع ويسع. ثالثها: أن يكون ذلك في فعل، فلو كان في اسم لم تحذف الواو، فتقول في مثال يقطين من وعد يوعيد؛ لأن التصحيح أولى بالأسماء من الإعلال.
الثاني: فهم من قوله: كعدة أن حذف الواو من فعلة المشار إليها مشروط بشرطين:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويذر" ببنائهما للمفعول وشذوذهما كما في التصريح من وجهين: ضم يائهما وفتح عينهما، فقد انتفى فيهما الشرط الأول والثاني والقياس يودع ويوذر؛ لكن حمل فعل المفعول على فعل الفاعل، وحسنه أن هذه الواو لم ينطق بها في شيء من تصاريف هذين الفعلين إلا نادرًا. قوله: "أن تكون عين الفعل" أي: المضارع، فالمدار على كسر العين فيه لا على فتحها في الماضي وإن أوهمه كلامه السابق. قوله: "يجد" أي: بضم الجيم، أما على اللغة المشهورة من كسرها فلا شذوذ.
قوله: "لو شئت" خطاب لأمامة ونقع بالنون والقاف والعين المهملة أي: روي والصوادي جمع صادية وهي العطشى، وغليلا بالغين المعجمة مفعول لا يجدن بمعنى لا يصبن؛ ولهذا اقتصر على مفعول واحد، والجملة حال من الصوادي. اهـ عيني. وفي القاموس: نقع بالشراب كمنع اشتفى منه، وفيه أيضًا الغليل كأمير العطش أو شدته أو حرارة الجوف. قوله: "دل ذلك" أي: حذف الواو منه. وقوله: على أنه كان... إلخ قد يبحث فيه بأنه يحتمل أن يكون الحذف مجرد شذوذ، كما يشير إليه قول المصرح: وشذ يسع من وجهين: كون ماضيه مكسور العين وكون مضارعه مفتوحها. اهـ. نعم،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1309- البيت من الكامل، وهو لجرير في الدرر 5/ 103، وشرح شواهد الشافية ص53، ولسان العرب 8/ 361 "نقع"، ومغني اللبيب 1/ 272، والمقاصد النحوية 4/ 591، وليس في ديوانه، وهو للبيد بن ربيعة في شرح شافية ابن الحاجب 1/ 32، وللبيد أو جرير في لسان العرب 3/ 445 "وجد"، وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب 2/ 596، وشرح المفصل 10/ 60، والمقرب 2/ 184، والممتع في التعريف 1/ 177، 2/ 427، والمنصف 1/ 187، وهمع الهوامع 2/ 66.(4/478)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحدهما: أن تكون مصدرًا كعدة، وشذ من الأسماء رقة للفضة وحشة للأرض الموحشة، ومن الصفات لدة بمعنى ترب، ويقع على الذكر فيجمع بالواو والنون، وعلى الأنثى وبالألف والتاء قال:
1310- رأين لداتهن مؤزَّرات وشَرْخ لدي أستار الهرام
وفيها احتمال؛ وهو أن تكون مصدرًا وصف به، ذكره الشلوبين. وقوله في التسهيل: وربما أعل بذا الإعلال أسماء كرقة وصفات كلدة فيه نظر؛ لأن مقتضاه وجود أقل الجمع من النون عين، أما الأسماء فقد وجد رقة وحشة وجهة عند من جعلها اسمًا، وأما الصفات فلا يحفظ غير لدة. وقد أنكر سيبويه مجيء صفة على حرفين. ثانيهما: ألا تكون لبيان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوجه الأول لا ينهض مع كون المدار على كسر عين المضارع -كما قدمنا- وبأن القياس على ومق يمق في كسر عين المضارع قياس على ما هو خلاف القياس؛ لأن قياس الماضي مكسور العين فتح عين مضارعه، فتدبر. ثم رأيت في المصباح كلامًا آخر حسنًا لا يرد عليه ما ذكر، وعبارته: قيل: الأصل في المضارع الكسر؛ ولهذا حذفت الواو لوقوعها بين ياء مفتوحة وكسرة، ثم فتحت بعد الحذف لمكان حرف الحلق، ومثله يهب ويقع ويدع ويلغ ويطأ ويضغ ويلع. اهـ. قوله: "للفضة" أي: المضروبة. قوله: "للأرض الموحشة" بكسر الحاء المهملة أي: الخالية التي لا أنيس بها كما يستفاد من الصحاح والقاموس.
قوله: "ومن الصفات لدة بمعنى ترب" بفوقية مكسورة فراء ساكنة فموحدة من ساواك سنًّا، ولم أجد للدة سواء قلنا: إنه صفة أو مصدر فعلًا بهذا المعنى، والذي في القاموس: ولدت تلد ولادًا وولادة وإلادة ولدة ومولدًا. ثم قال: واللدة الترب. ثم قال: ووقت الولادة كالمولد والميلاد. قوله: "رأين" أي: النسوة لداتهن أي: أترابهن مؤزرات أي: مستورات بالأزر، وشرخ لدى بشين معجمة مفتوحة فراء ساكنة فخاء معجمة قال البعض: أي ستر أترابي. اهـ. ولم أجد في القاموس ولا الصحاح ولا غيرهما الشرخ بمعنى الستر، وعبارة الصحاح: الشارخ الشاب والجمع شرخ مثل صاحب وصحب. ثم قال: وشرخ الأمر والشباب أوله. ثم قال: وهما شرخان أي: مثلان والجمع شروخ وهم الأتراب. اهـ. وانظر هل الهرام جمع هرم ككتف يطلق على النفس والعقل وكبير السن كما في القاموس، وتأمل المعنى.
قوله: "عند من جعلها" أي: جهة اسمًا أي: لا مصدرًا كما يأتي عن الشلوبين. قوله: "وقد أنكر سيبويه مجيء صفة على حرفين" المناسب للسياق أن المراد استعمال صفة على حرفين أصليين وإن وضعت في الأصل على ثلاثة أحرف حذف أحدها وعوض عنه، ثم يحتمل أن المراد: أنكر سيبويه مجيء صفة كذلك غير لدة؛ فيكون تأييدًا لما قبله، ويحتمل أن المراد أنكر ذلك بالكلية حتى منع كون لدة صفة فيكون مقابلًا له.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1310- البيت من الوافر، وهو للفرزدق في ديوانه 2/ 291، ولسان العرب 3/ 469 "ولد".(4/479)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهيئة نحو الوعدة والوقفة المقصود بهما الهيئة؛ فإنه لا يحذف منهما كما اقتضاه كلام الكفاية.
الثالث: قد ورد إتمام فعلة شاذًّا قالوا: وتره وترًا ووترة بكسر الواو، حكاه أبو علي في أماليه. قال الجرمي: ومن العرب من يخرِّجه على الأصل فيقول: وعدة ووثبة ووجهة، وذهب المازني والمبرد والفارسي إلى أن وجهة اسم للمكان المتوجه إليه؛ فعلى هذا لا شذوذ في إثبات واوه؛ لأنه ليس بمصدر، وذهب قوم إلى أنه مصدر، وهو ظاهر كلام سيبويه، ونسب إلى المازني أيضًا، وعلى هذا فإثبات الواو فيه شاذ. قال بعضهم: والمسوغ لإثباتها فيه دون غيره من المصادر أنه مصدر غير جار على فعله؛ إذ لا يحفظ وجه يجه، فلما فقد مضارعه لم يحذف منه؛ إذ لا موجب لحذفها إلا حمله على مضارعه ولا مضارع، والفعل المستعمل منه توجه واتجه، والمصدر الجاري عليه التوجه فحذفت زوائده، وقيل: وجهة، ورجح الشلوبين القول بأنه مصدر قال: لأن وجهة وجهة بمعنى واحد، ولا يمكن أن يقال في جهة: إنها للمكان؛ إذ لا يبقى للحذف وجه.
الرابع: ربما فتحت عين هذا المصدر لفتحها في مضارعه نحو: سعة وضعة، قد تضم. قالوا في الصلة صلة بالضم، وهو شاذ.
الخامس: ربما أعل بهذا الإعلال مصدر فعل بالضم نحو وقح قحة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "لا يحذف منهما" أي: لا تحذف واوهما للإلباس. تصريح. قوله: "قالوا وتره" يقال: وترت العدد أفردته والصلاة جعلتها وترًا وزيدا حقه نقصته إياء والكل من باب وعد، كذا في المصباح. قوله: "بكسر الواو" راجع للثاني فقط. قوله: "من يخرجه" أي: فعلة المصدر أن ينطق به على الأصل الذي هو الإتمام شذوذًا ليوافق ما قبله وما بعده، ويحتمل أن مراد الجرمي أن ذلك لغة مطردة لبعض العرب، فيكون قولًا آخر. قوله: "إلى أنه مصدر" أي: غير جار على فعله، وهو توجه أو اتجه لحذف زوائده. قال الطبلاوي: وهذا هو المراد بقول بعضهم: اسم مصدر؛ لأن اسم المصدر هو المصدر الجاري على غير فعله. اهـ. قوله: "لإثباتها فيه" أي: شذوذًا. وقوله: دون غيره من المصادر لعل هذا القائل لم يطلع على ورود وترة ووعدة ووثبة أو لم يثبت عنده ورودها. قوله: "التوجه" أي: أو الاتجاه.
قوله: "ولا يمكن أن يقال في جهة: إنها اسم" قدم الشارح أن منهم من جعلها اسمًا حذفت واوها شذوذًا كرقة وحشة. قوله: "إذ لا يبقى للحذف وجه" أي: لأن الاسم لا يحذف منه؛ وإنما يحذف من المصدر، والقائل باسميتها يقول: المصدرية شرط لاطراد الحذف، والحذف في وجهة شاذ. قوله: "نحو سعة وضعة" بفتح أولهما ويكسر في لغة، وبالكسر قرأ بعض التابعين: "ولم يؤت سعة من المال" كما في المصباح. قوله: "وقد تضم" أي: عين المصدر وإن كانت في مضارعه مكسورة. قوله: "وقح قحة" القحة والوقاحة قلة الحياء كما في المصباح. قوله: "يسر(4/480)
وحذف همز أَفْعَلَ اسْتَمَرَّ فِي مضارعٍ وبِنْيَتَيْ مُتَّصِف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السادس: فهم من تخصص هذا الحذف بما فاؤه واو أن ما فاؤه ياء لا حظ له في هذا الحذف إلا ما شذ من قول بعضهم في مضارع يسر يسر والأصل ييسر، وفي مضارع يئس يئس والأصل ييئس. انتهى.
ثم أشار إلى النوع الثاني بقوله: "وحذف همز أفعل استمر في مضارع وبنيتي متصف" أي: مما اطرد حذفه همزة أفعل من مضارعه واسمي فاعله ومفعوله، وهما المراد بقوله: وبنيتي متصف، فتقول: أكرم يكرم فهو مكرم ومكرم، والأصل يؤكرم ومؤكرم ومؤكرم؛ إلا أنه لما كان من حروف المضارعة همزة المتكلم حذفت همزة أفعل معها؛ لئلا يجتمع همزتان في كلمة واحدة، وحمل على ذي الهمزة أخواته واسما الفاعل والمفعول، ولا يجوز إثبات هذه الهمزة على الأصل إلا في ضرورة أو كلمة مستندرة، فمن الضرورة قوله:
1311- فإنه أهل لأن يؤكرما
والكلمة المستندرة قولهم: أرض مؤرنبة بكسر النون أي: كثيرة الأرانب، وقولهم: كساء مؤرنب إذا خلط صوفه بوبر الأرانب، هذا على القول بزيادة همزة أرنب، وهو الأظهر.
تنبيه: لو أبدلت همزة أفعل هاء كقولهم في أراق: هراق، أو عينًا كقولهم في أنهل الإبل: عنهل لم تحذف؛ لعدم مقتضى الحذف، فتقول: هراق يهريق فهو مهريق ومهراق، وعنهل الإبل يعنهلها فهو معنهل وهي معنهلة. اهـ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يسر" كوعد يعد أي: لعب القمار كما في المصباح. قوله: "وفي مضارع يئس" اعلم أن كلا من مضارع يئس بتحتية فهمزة مكسورة ومضارع يبس بتحتية فموحدة مكسورة جاء كيمنع اطرادًا وكيضرب شذوذًا كما في القاموس، وأن كلا من المضارعين سمع فيه الحذف شذوذًا، كما في شرح علي باشا على التسهيل، فيصح ضبط يئس في عبارة الشارح بالهمزة وبالموحدة، والظاهر أن سماع الحذف فيهما على لغة كسر عينهما وإلا كان شذوذ الحذف فيهما من وجهين: كون المحذوف الياء، وكون عينه مفتوحة.
قوله: "وبنيتي متصف" أي: صيغتي الذات المتصف أي: الصيغتين الدالتين على الذات المتصف بذلك المعنى على جهة القيام به والوقوع عليها. سم. قوله: "أخواته" نحو: نكرم وتكرم ويكرم. قوله: "كساء مؤرنب" بفتح النون كما في القاموس. قوله: "هذا" أي: استندار قولهم: أرض مؤرنبة وكساء مؤرنب على القول... إلخ أما على القول بأصالة همزة أرنب؛ فلا يكون قولهم ذلك مستندرًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1311- الرجز بلا نسبة في الإنصاف ص11، وأوضح المسالك 4/ 406، وخزانة الأدب 2/ 316، والخصائص 1/ 144، والدرر 6/ 319، وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 139، وشرح شواهد الشافية ص58، ولسان العرب 1/ 435 "رنب"، 12/ 512 "كرم"، والمقاصد النحوية 4/ 578، والمقتضب 2/ 98، والمنصف 1/ 37، 192، 2/ 184، وهمع الهوامع 2/ 218.(4/481)
ظِلْتُ وظَلْتُ في ظَلِلْتُ اسْتُعْمِلا وقِرْنَ في اقْرِرْنَ وقَرْنَ نُقِلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم أشار إلى النوع الثالث بقوله: "ظلت وظلت في ظللت استعملا" أي: كل فعل ثلاثي مكسور العين ماض عينه ولامه من جنس واحد يستعمل في إسناده إلى الضمير المتحرك على ثلاثة أوجه: تامًّا كظللت، ومحذوف اللام مع نقل حركة العين إلى الفاء كظلت، ودون نقلها كظلت. وكذا تفعل في ظللن. فإن زاد على الثلاثة تعين الإتمام نحو أقررت، وشذ أحست في أحسست، وكذا يتعين الإتمام إن كان مفتوح العين نحو حللت، وشذ همت في هممت حكاه ابن الأنباري. وإن كان الفعل مضارعًا أو أمرًا واتصل بنون نسوة جاز الوجهان الأولان فقط نحو: يقررن ويقرن واقررن وقرن، وإلى ذلك الإشارة بقوله: "وقرن في اقررن" أي: استعمل قرن في اقررن، قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} وهو أمر من قررت بالمكان أقر بالفتح في الماضي والكسر في المستقبل، فلما أمر منه اجتمع مثلان وأولهما مكسور فحسن الحذف كما فعل بالماضي، وقيل: هو أمر من الوقار، يقال: وقر يقر فيكون قرن محذوف الفاء مثل عدن، ورجح الأول لتتوافق القراءتان، فإن كان أول المثلين مفتوحًا كما في لغة من قال: قررت بالمكان بالكسر أقر بالفتح فالتخفيف قليل، وإليه أشار بقوله: "وقرن نقلا" أي: في قراءة نافع وعاصم؛ لأنه تخفيف لمفتوح، وقد أفهم بقوله: نقلا أن ذلك لا يطرد وصرح به في الكافية، وأما الذي قبله فصرح في الكافية باطراده فقال: وقرن في اقررن وقس معتضدا
وذكر غيره أنه لا يطرد وهو ظاهر كلام التسهيل؛ بل ذهب ابن عصفور إلى أن الحذف في ظللت ونحوه غير مطرد، وقد صرح سيبويه بأنه شاذ، وأنه لم يرد إلا في لفظتين من الثلاثي وهما: ظلت ومست، وفي لفظ ثالث من الزوائد على ثلاثة وهو أحست في أحسست، وإلى الاطراد ذهب الشلوبين، وحكي في التسهيل أن الحذف لغة سليم، وبذلك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "أو عينًا" أي: مهملة. قوله:"يهريق" بفتح الهاء وكذا مهريق ومهراق. قوله: "استعملا" ألفه للتثنية. قوله: "تامًّا" هو وما بعده بدل من قوله: على ثلاثة أوجه الواقع حالًا فلا إشكال في نصب تامًّا. قوله: "فإن زاد... إلخ" محترز ثلاثي. وقوله: وكذا يتعين الإتمام إن كان... إلخ محترز مكسور العين. وقوله: وإن كان الفعل... إلخ محترز ماض ولم يذكر محترز قوله: عينه ولامه... إلخ لوضوحه. قوله: "نحو أقررت" فلا يقال: أقرت. قوله: "وشذ أحست في أحسست" حذف منه العين أو اللام ونقلت حركة العين إلى الفاء.
قوله: "جاز الوجهان الأولان فقط" أي: الإتمام وحذف اللام مع نقل حركة اللعين وهي الكسرة إلى الفاء؛ لكن العين هنا عين المضارع أو الأمر وفيما سبق عين الماضي. قوله: "من وقر يقر" كوعد يعد. قوله: "فالتخفيف" أي: بحذف الهمزة مع نقل حركة العين وهي الفتحة إلى الفاء. قوله: "لأنه تخفيف لمفتوح" تعليل لقوله: فالتخفيف قليل، وجوز في شرح الكافية أن يكون المفتوح من قار يقار إذا اجتمع ومنه القارة وهي الأكمة لاجتماعها قوله: "وإلى الاطراد" أي: اطراد الحذف في ظللت ونحوه، فهو مقابل لقوله: بل ذهب(4/482)
الإدغام
الإدغام: أَوَّلَ مِثْلَيْنِ مُحَركَيْنِ فِي كِلْمَةٍ ادْغِمْ لا كَمِثْلِ صُفَفِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يرد على ابن عصفور.
تنبيهان: الأول: اختلف كلام الناظم في المحذوف؛ فذهب في شرح الكافية إلى أن المحذوف اللام، وذهب في التسهيل إلى أن المحذوف العين، وهو ظاهر كلام سيبويه.
الثاني: أجاز في الكافية وشرحها إلحاق المضموم العين بالمكسور فأجاز في اغن أن يقال: غضن قياسًا على قرن، واحتج له بأن فك المضموم أثقل من فك المكسور، وإذا كان فك المفتوح قد فر منه إلى الحذف في قرن المفتوح القاف ففعل ذلك بالمضموم أحق بالجواز، قال: ولم أره منقولًا. اهـ.
فصل في الإدغام:
يعني: اللائق بالتصريف كما قيده في الكافية. وهو لغة: الإدخال، واصطلاحًا: الإتيان بحرفين ساكن فمتحرك من مخرج واحد بلا فصل، والإدغام بالتشديد افتعال منه، وهو لغة سيبويه. وقال ابن يعيش: الإدغام بالتشديد من ألفاظ البصريين والإدغام بالتخفيف من ألفاظ الكوفيين. ويكون الإدغام في المتماثلين وفي المتقاربين وفي كلمة وفي كلمتين وهو باب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ابن عصفور... إلخ. قوله: "على ابن عصفور" أي: وعلى سيبويه أيضًا. قوله: "في اغن أن يقال غضن" بنون النسوة فيهما، هذا هو الصواب، وإسقاطها تحريف؛ لأن الكلام في الفعل المسند إلى نون النسوة كما قاله الشارح فيما مر. قوله: "فك المفتوح" أي: الذي هو أخف من فك المكسورة الذي هو أخف من فك المضموم. قوله: "أحق بالجواز" لما فيه من مزيد الثقل.
فصل في الإدغام:
قوله: "اللائق بالتصريف" وهو إدغام المثلين في كلمة والاحتراز به عن الإدغام اللائق بالقراء فإنه أعم. قوله: "وهو" أي: الإدغام لا بقيد اللائق بالتصريف حتى يرد أن التعريف أعم من المعرف. قوله: "لغة الإدخال" يقال: أدغمت اللجام في فم الفرس أي: أدخلته. قوله: "الإتيان... إلخ" وسمي هذا إدغامًا لخفاء الساكن عند المتحرك كخفاء الداخل في المدخول فيه. قوله: "من مخرج واحد" صفة لحرفين وخرج به الإخفاء؛ لأن الحرف المخفي ليس من مخرج ما بعده. وقوله: بلا فصل يظهر أنه متعلق بالإتيان وأن المراد به دفعة واحدة بدليل تعريف كثيرين الإدغام بأنه رفع اللسان بالحرفين رفعًا واحدًا ووضعه بهما كذلك وخرج به الفك.
قوله: "افتعال منه" فأصله ادتغام فقلبت التاء دالًا لوقوعها بعد الدال وأدغمت الدال في الدال. قوله: "ويكون الإدغام" أي: لا بالقيد السابق. قوله: "وفي المتقاربين" أي: باعتبار الأصل وإلا فليس إلا في المتماثلين؛ لأن المتقاربين لا بد من قلب أحدهما مماثلًا للآخر.(4/483)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
متسع، واقتصر الناظم في هذا الفصل على ذكر إدغام المثلين في كلمة فقال: "أول مثلين محركين في كلمة ادغم" أي: يجب إدغام أول المثلين المتحركين بشروط وهي أحد عشر:
أحدها: أن يكونا في كلمة نحو: شد ومل وحب أصلهن شدد بالفتح وملل بالكسر وحبب بالضم، فإن كانا في كلمتين مثل جعل لك كان الإدغام جائزًا لا واجبًا بشرطين: ألا يكونا همزتين نحو قرأ آية؛ فإن الإدغام في مثله رديء، وألا يكون الحرف الذي قبلهما ساكنًا غير لين نحو شهر رمضان، فإن هذا لا يجوز إدغامه عند جمهور البصريين، وقد روي عن أبي عمرو إدغام ذلك، وتأولوه على إخفاء الحركة وأجازه الفراء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "أول مثلين محركين" أما المثلان الساكن أولهما المتحرك ثانيهما فيجب إدغام أولهما بثلاثة شروط؛ أحدها: ألا يكون أول المثلين هاء سكت، فإن كان هاء سكت لم يدغم؛ لأن الوقف على الهاء منوي الثبوت، وقد روي عن ورش إدغام "ماليه هلك"، وهو ضعيف من جهة القياس. والثاني: ألا يكون همزة منفصلة عن الفاء نحو: لم يقرأ أحد؛ فإن الإدغام في ذلك رديء، فلو كانت الهمزة متصلة بالفاء وجب الإدغام نحو سآل. والثالث: ألا يكون مدة في الآخر أو مبدلة من غيرها دون لزوم؛ فإن كان أول المثلين مدة في الآخر لم يدغم نحو: يعطي ياسر ويدعو واقد؛ لئلا يذهب المد بسبب الإدغام بخلاف ما لو كان لينًا فقط نحو: اخشى ياسرًا واخشوا واقدا، فيدغم فإن لم تكن في الآخر وجب الإدغام نحو مغزو أصله مغزوو على وزن مفعول، واغتفر زوال المدة في هذا لقوة الإدغام فيه، وإن كان مدة مبدلة من غيرها دون لزوم لم يجب الإدغام؛ بل يجوز إن لم يلبس نحو: "أثاثًا وريًا" في وقف حمزة، ويمتنع إن ألبس نحو: قوول بالبناء للمفعول؛ لأنه لو أدغم لالتبس بقول، وإن كانت المدة مبدلة من غيرها إبدالًا لازمًا وجب الإدغام، كما لو بنيت من الأوب على مثال أبلم فتقول أوّب بهمزة مضمومة وواو مشددة مضمومة أصله أأوب بهمزتين مضمومة فساكنة أبدلت الثانية واوًا وأدغمت في الواو الثانية ويمتنع الإدغام إذا تحرك أول المثلين وسكن ثانيهما نحو: ظللت ورسول الحسن؛ لأن شرط الإدغام تحرك المدغم فيه. اهـ تصريح مع زيادة من الدماميني. وقد ذكر هذا في الكافية فقال: أول مثلين ادغم أن سكنا وليس همزة نأت عن فاالبنا
وليس ها سكت ولا مدا ختم أو مبدلًا ابداله لم يلتزم
قوله: "نحو شهر رمضان" حذف الفعل وأمر، ونحو {الشَّمْسَ سِرَاجًا} [نوح: 16] {عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ} [الأعراف: 77] {ذِكْرُ رَحْمَتِ} [مريم: 2] {الْبَحْرَ رَهْوًا} [الدخان: 24] "من خزي يومئذ". قوله: "لا يجوز إدغامه عند جمهور البصريين" لما يلزم عليه من اجتماع الساكنين على غير حده وصلًا ومقابل جمهورهم أبو عمرو فإنه منهم كما في الهمع عن أبي حيان، وعبارته: لم يجزه البصريون غير أبي عمرو وهو رأس في البصريين. قوله: "وتأولوه على إخفاء الحركة" أي: فيكون تسميته إدغامًا لقربه، ومقتضاه: أن أبا عمرو لا يقرأ بالإدغام المحض، وليس كذلك بل يقرأ به كما نقله شيخنا وغيره، وقد نقل ابن الحاجب هذا التأويل عن الشاطبي، وأنه جمع به بين(4/484)
وذُلُلٍ وكِلَلٍ ولَبَبِ ولا كجُسَّسٍ ولا كَاخْصُصَ ابِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثاني: ألا يتصدرا نحو ددن، قال المصنف في بعض كتبه: إلا أن يكون أولهما تاء المضارعة، فقد تدغم بعد مدة أو حركة نحو: {وَلَا تَيَمَّمُوا} [البقرة: 267] و{تَكَادُ تَمَيَّزُ} [الملك: 8] انتهى. ويجوز الإدغام في الفعل الماضي إذا اجتمع فيه تاءان والثانية أصلية نحو تتابع، ويؤتى بهمزة الوصل فيقال اتابع، وسيأتي الكلام عليه، ولم يذكر هنا هذا الشرط لوضوحه، وقد ذكره في الكافية وغيرها. الثالث والرابع والخامس والسادس: ألا يكونا في اسم على فعل بضم أوله وفتح ثانيه كصفف جمع صفة وجدد جمع جدة وهي الطريق في الجبل، أو فعل بضمتين نحو ذلل جمع ذلول بالمعجمة ضد الصعبة وجدد جمع جديد، أو فعل بكسر أوله وفتح ثانيه نحو كلل جمع كلة ولم جمع لمة، أو فعل بفتحتين نحو لبب وطلل، فكل هذه يمتنع إدغامها. وإلى ذلك أشار بقوله: "لا كمثل صفف وذلل وكلل ولبب" وعلة امتناع الإدغام في هذه الأمثلة الأربعة أن الثلاثة الأول منها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منع النحاة هذا الإدغام وتجويز القراء له، ثم رده بأن القراء لا يمتنعون من الإدغام المحض؛ بل كان الشاطبي نفسه يقرأ به، فلا يصح الجمع بذلك. ثم قال: والأولى الأخذ بقول القراء؛ إذ ليس قول النحاة حجة إلا عند إجماعهم، ولم يجمعوا على المنع، ولأنهم ناقلون عمن ثبتت عصمته عن الغلط في مثله، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولثبوت القرآن تواترًا، وما نقله النحاة آحاد، ولو سلم أن مثل ذلك بمتواتر فالقراء أعدل وأكثر. اهـ باختصار. وعبارة إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر إذا كان ما قبل المدغم ساكنًا صحيحًا عسر الإدغام معه؛ لكونه جمعًا بين ساكنين ليس أولهما حرف علة، وذلك نحو شهر رمضان، وفيه طريقان صحيحان: طريق المتقدمين إدغامه إدغامًا صحيحًا، وطريق أكثر المتأخرين إخفاؤه بمعنى اختلاس حركته، وهو المسمى بالروم، وهو في الحقيقة مرتبة ثالثة لا إدغام ولا إظهار، وليس المراد به الإخفاء المذكور في باب النون الساكنة والتنوين؛ لأن الجمع بين ساكنين أولهما صحيح لا يجوز إلا وقفًا لعروضه لا وصلًا. وأجاب المجوزون للإدغام المحض بأنا لا نسلم أن الجمع بين الساكنين غير جائز؛ بل هو غير مقيس، وما خرج عن القياس وثبت سماعه يقبل ويكون شاذًّا قياسًا فقط، ولا يمتنع وقوعه في القرآن، وبأن الوصل هنا كالوقف؛ إذ لا فرق بين الساكن للوقف والساكن للإدغام. اهـ باختصار.
قوله: "نحو ددن" بدالين مهملتين وهو اللعب، ويقال فيه: ددى كفتى ودد كدم. قوله: "وسيأتي الكلام عليه" أي: في شرح قوله: كذاك نحو تتجلى واستتر. قوله: "جمع صفة" اسم لبناء والصفة أيضًا الظلة كالسقيفة غزى. قوله: "جمع جدة" بضم الجيم وتشديد الدال. تصريح. قوله: "جمع كلة" هي بكسر الكاف وتشديد اللام الستر الرقيق يخاط كالبيت يتقى به من البعوض، ويسمى في عرفنا الناموسية. تصريح. قوله: "جمع لمة" بكسر اللام وتشديد الميم الشعر المجاوز شحمة الأذن. اهـ تصريح. وعبارة المصباح: الشعر يلم بالمنكب أي: يقرب. اهـ. قوله: "نحو لبب" هو موضع القلادة من المصدر وما يشد على صدر المركوب ليمنع الرحل من الاستئخار وما استدق من الرمل. زكريا. قوله: "وطلل" هو الشاخص من آثار الديار. تصريح.(4/485)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مخالفة للأفعال في الوزن، والإدغام فرع عن الإظهار، فخص بالفعل لفرعيته، وتبع الفعل فيه ما وازنه من الأسماء دون ما لم يوازنه، وأما الرابع فإنه وإن كان موازنًا للفعل إلا أنه لم يدغم لخفته وليكون منبهًا على فرعية الإدغام في الأسماء؛ حيث أدغم موازنه في الأفعال نحو رد، فيعلم بذلك ضعف سبب الإدغام فيه وقوته في الفعل.
تنبيهات: الأول: يمتنع الإدغام أيضًا فيما وازن أحد هذه الأمثلة بصدره لا بجملته نحو خششاء لعظم خلف الأذن، ونحو رُددان مثل سلطان بمعنى سلطان من الرد، ونحو حِببة جمع حُب، ونحو الدَّجَجان مصدر دج بمعنى دب.
الثاني: كان ينبغي أن يسثني مثالًا خامسًا يمتنع فيه الإدغام وهو فعل نحو إبل لكونه مخالفًا لأوزان الأفعال، فلو بنيت من الرد مثل إبل قلت ردد بالفك، ولعل عذره في عدم استثنائه أنه بناء لم يكثر في الكلام ولم يسمع في المضاعف، وقد استثناه في بعض نسخ التسهيل.
الثالث: اعلم أن أوزان الثلاثي التي يمكن فيها اجتماع مثلين متحركين لا تزيد على تسعة وقد سبق ذكر خمسة منها، وبقيت أربعة منها واحد مهمل فلا كلام فيه وهو فعل بكسر الفاء وضم العين، وثلاثة مستعملة وهي: فعل نحو كتف، وفعل نحو عضد، وفعل نحو دئل، فإذا بنيت من الرد مثل كتف أو عضد قلت: رد أو رد بالإدغام؛ لأنهما موافقان لوزن الفعل وليسا في خفة فعل نحو لبب، هذا مذهب الجمهور، وخالف ابن كيسان فقال: ردد وردد بالفك، ووافقه الناظم في التسهيل في الأول دون الثاني. وإذا بنيت من الرد مثل دئل قلت: ردد بالفك، ومن رأى أن فعل أصل في الفعل ينبغي أن يدغم وقياس مذهب ابن كيسان الفك؛ بل هو في هذا أولى، وعليه مشى في التسهيل. انتهى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وتبع الفعل فيه... إلخ" الفعل مفعول مقدم وما فاعل مؤخر. قوله: "وإن كان موازنًا للفعل" الواو للحال. قوله: "وقوته في الفعل" أي: لثقله بتركب مدلوله فاحتاج للتخفيف بالإدغام بخلاف الاسم.
قوله: "نحو خششاء" بمعجمات فإنه موازن بصدره لفعل بضم ففتح، وفي الصحاح ما يخالف كلام الشارح كالموضح؛ فإنه قال: الخشاء أصله الخششاء على فعلاء فأدغم، نبه عليه المصرح. قوله: "ونحو رددان" من الرد؛ فإنه موازن بصدره لفعل بضمتين. وقوله: مثل سلطان بضم اللام، في المصباح: السلطان بضم اللام للإتباع لغة. قوله: "ونحو حببة" بحاء مهملة وموحدتين جمع حب بضم الحاء وهو الخابية كما في الدماميني؛ فإنه موازن بصدره لفعل بكسر ففتح. قوله: "ونحو الدججان" بدال مهملة فجيمين فإنه موازن بصدره لفعل بفتحتين. قوله: "قلت: رد أو رد" بفتح الراء فيهما ولا يصح ضم راء أحدهما؛ لأن حركة المدغم لا تنقل لما قبله إلا إذا كان ما قبلها ساكنًا كما يأتي، وكان يكفيه الاقتصار على أحدهما كما في عبارة المرادي. قوله: "بل هو"(4/486)
ولا كَهَيْلَلٍ وشَذَّ في أَلِلْ ونحوه فَكٌّ بنَقْلٍ فقُبِلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السابع من الشروط: ألا يتصل بأول المثلين مدغم فيه، وإليه أشار بقوله: "ولا كجسس" وهو جمع جاس اسم فاعل جس الشيء إذا لمسه، أو من جس الخبر إذا فحص عنه وهو الجاسوس، وإنما وجب الفك؛ لأنه لو أدغم فيه المدغم لالتقى ساكنان.
الثامن: ألا يعرض تحريك ثانيهما، وإليه أشار بقوله: "ولا كاخصص ابي" لأن الأصل اخصص بالإسكان فنقلت حركة الهمزة إلى الساكن قبلها فلم يعتد بها لعروضها.
التاسع: ألا يكون ما هما فيه ملحقًا بغيره، وإليه أشار بقوله: "ولا كهيلل" وهذا نوعان؛ أحدهما: ما حصل فيه الإلحاق بزائد قبل المثلين نحو هيلل إذا أكثر من لا إله إلا الله، فإن الياء فيه مزيدة للإلحاق بدحرج، والآخر ما حصل فيه الإلحاق بأحد المثلين نحو جلبب؛ فإن إحدى ياءيه مزيدة للإلحاق بدحرج، وإنما امتنع في هذين النوعين لاستلزامه فوات ما قصد من الإلحاق.
العاشر: ألا يكون مما شذت العرب في فكه اختيارًا، وهي ألفاظ محفوظة لا يقاس عليها، وإلى هذا أشار بقوله: "وشذ في ألل ونحوه فك بنقل فقبل" أي: شذ الفك في ألفاظ منها قولهم: ألل السقاء إذا تغيرت رائحته، وكذلك الأسنان إذا فسدت، والأذن إذا رقت، وقولهم: دبِب الإنسان إذا نبت الشعر في جبينه، وصكِك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: الفك أولى في هذا؛ لأن ابن كيسان فك فيما هو على الوزن المتفق على أصالته في الفعل وهو ردد بفتح فكسر وردد بفتح فضم فلأن يفك فيما هو على الوزن المختلف في أصالته في الفعل وهو ردد بضم فكسر بالأولى. قوله: "مدغم فيه" أي: حرف مدغم في أول المثلين وهو مساو لقول الموضح: ألا يتصل أول المثلين بمدغم. قوله: "وهو الجاسوس" الضمير يرجع إلى الجاس من جس الخبر. وقال جماعة: الجاسوس بالجيم صاحب خبر الشر، والحاسوس بالحاء المهملة والناموس صاحب خبر الخير.
قوله: "حركة الهمزة" أي: من أبي. قوله: "كهيلل" فعل ماض ملحق بدحرج، وهو أحد الألفاظ المنحوتة من المركبات كبسمل إذا قال: باسم الله، وسبحل إذا قال: سبحان الله، وحوقل إذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، وحيعل إذا قال: حي على كذا، وحمدل إذا قال: الحمد الله، وجعفل إذا قال: جعلت فداءك، وطلبق إذا قال: أطال الله بقاءك، ودمعز إذا قال: أدام الله عزك، وحسبل إذا قال: حسبي الله، والباب سماعي، وقد أوسعنا الكلام فيه في آخر رسالتنا الكبر على البسملة. قوله: "وهذا" أي: ما المثلان فيه ملحق بغيره المشار إليه بقوله: كهيلل. قوله: "نوعان" بل ثلاثة ثالثها ما حصل فيه الإلحاق بأحد المثلين وغيره نحو اقعنسس أي: تأخر ورجع فإنه ملحق باحرنجم؛ وإلا إلحاق حصل فيه بالسين الثانية على المختار وبالهمزة والنون، قاله المصرح.
قوله: "ما قصد من الإلحاق" هو موازنة الملحق للملحق به. قوله: "في ألل" بوزن فرح. قوله: "دبب" بدال مهملة فموحدتين، قال شيخنا والبعض: بابه ضرب، وقد يؤخذ من كلام القاموس كونه من باب فرح.
قوله: "إذا نبت الشعر في جبينه" مثله في الصحاح، وعبارة الفارضي: في جبهته. قوله:(4/487)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفرس إذا اصطكت عرقوباه، وضبِبت الأرض إذا كثر ضِبابها، وقطِط الشعر إذا اشتدت جعودته، ولحِحت العين ولخخت إذا التصقت بالرمص، ومشِشت الداية إذا شخص في وظيفها حجم دون صلابة العظم، وعزِزت الناقة إذا ضاق إحليلها وهو مجرى لبنها، فشذوذ ترك الإدغام في هذه الأفعال كشذوذ ترك الإعلال في نحو: القود والحيد والصيد والحوكة والخونة مما سبق في موضعه. فلا يجوز القياس على شيء من هذه المفكوكات كما لا يقاس على شيء من تلك المصححات، وما ورد من ذلك في الشعر عد من الضرورات؛ كقول أبي النجم:
1312- ألحمد لله العلي الأجلل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"وصكك الفرس" جعله شيخنا نقلًا عن المختار من باب دخل، وتبعه البعض في هذا الضبط، وقد راجعت المختار فلم أجد فيه صكك بالمعنى الذي ذكره الشارح؛ وإنما فيه ما نصه: صكه ضربه وبابه رد من قوله تعالى: {فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} [الذاريات: 29]. اهـ. والذي في القاموس: رجل أصك مضطرب الركبتين والعرقوبين، وقد صككت يا رجل كمللت صككا. اهـ. وهو يفيد أن بابه فرح. قوله: "عرقوباه" العرقوب من الإنسان عصب غليظ فوق عقبه ومن الدابة في رجلها بمنزلة الركبة في يدها. قال الأصمعي: كل ذي أربع عرقوباه في رجليه وركبتاه في يديه ومن القطا ساقها، كذا في الصحاح وغيره.
قوله: "وضببت" بضاد معجمة فموحدتين بوزن فرح كما في القاموس. وقوله: ضبابها بكسر الضاد جمع ضب كما في القاموس. قوله: "وقطط" بقاف فطاءين مهملتين بوزن فرح، وجاء بالإدغام أيضًا، كذا في القاموس. قوله: "ولححت العين" بلام فحاءين مهملتين، قال شيخنا السيد والبعض: من باب فرح. قوله: "ولخخت" بلام فخاءين معجمتين، ولم يذكره صاحب الصحاح والقاموس إلا مدغمًا. قوله: "ومششت" بميم فشينين معجمتين بوزن فرح، كما في الصحاح والقاموس.
قوله: "إذا شخص" قال البعض: بضم الخاء، وهو خطأ؛ لأن المضموم الخاء بمعنى بدن وضخم، وهو لا يناسب هنا. وأما شخص بغير هذا المعنى كالذي بمعنى ارتفع، والذي بمعنى طلع فبفتح الخاء كمنع كذا في القاموس.
قوله: "في وظيفها" الوظيف بظاء معجمة ثم فاء مستدق الذراع والساق من الخيل والإبل. وقوله: حجم أي: شيء ذو حجم. وقوله: دون صلابة العظم أي: ليس لهذا الشيء الشاخص صلابة العظم الصحيح هكذا تفيد عبارة الصحاح. قوله: "وعززت" بعين مهملة فزايين معجمتين، قال شيخنا وتبعه البعض: بابه دخل. والذي في القاموس: العزوز الناقة الضيقة إلا حليل والجمع عزز، وقد عزت كمدت عزوزًا وعزازًا بالكسر، وعززت ككرمت وأعزت وتعززت. اهـ. قوله: "كشذوذ ترك الإعلال في نحو القود... إلخ" فيه نظر وإن سكتوا عليه؛ لأن تصحيح العين في ذلك مطرد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1312- الرجز لأبي النجم في خزانة الأدب 2/ 390، والدرر 6/ 138، وشرح شواهد المغني 1/ 449، والمقاصد النحوية 4/ 595، وبلا نسبة في الخصائص 3/ 87، والمقتضب 1/ 142، 253، والممتع في التعريف 2/ 649، والمنصف 1/ 339، ونوادر أبي زيد ص44، وهمع الهوامع 2/ 157.(4/488)
وحَيي افْكُكْ وادَّغِمْ دُونَ حَذَرْ كَذَاكَ نَحْوُ تَتَجَلَّى واسْتَتَرْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: قد شذ الفك أيضًا في كلمات من الأسماء منها قولهم: رجل ضفف الحال وحبب، وحكى أبو زيد طعام قضَضَ إذا كان فيه ييس.
"وحيي" وعيي ونحوهما مما عينه ولامه ياءان لازم تحريكهما "افك وادغم دون حذر" في واحد منها لوروده، فمن أدغم نظر إلى أنها مثلان في كلمة وحركة ثانيهما لازمة وحق ذلك الإدغام لاندراجه في الضابط المتقدم، ومن فك نظر إلى أن حركة الثاني كالعارضة لوجودها في الماضي دون المضارع والأمر والعارض لا يعتد به غالبًا؛ ومن ثَم لم يجز الإدغام في نحو: لن يحيي ورأيت محييًا، وأما قوله:
1313- وكأنها بين النساء سبيكة نمشي بسُدة بيتها فتُعِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مستثنى من قاعدة قلب الواو والياء ألفًا عند تحركهما وانفتاح ما قبلهما، كما مر في قول الناظم: وصح عين فعل وفعلا... إلخ.
قوله: "رجل ضفف الحال" بضاد معجمة ففاءين بوزن كتف من الضفف بفتحتين وهو الضيق والشدة والحاجة، والذي في القاموس والصحاح: رجل ضف الحال بالإدغام، فليس ضفف في عبارة الشارح كلبب حتى يتجه توقف البعض في شذوذ فك ضفف في قولهم: رجل ضفف الحال بأنه كلبب. نعم، يتجه التوقف في طعام قضض بقاف فضادين معجمتين؛ لأنه كليب على ما في القاموس، وعبارته: قض الطعام يقض بالفتح وهو طعام قضض محركة. ثم قال: وقض المكان يقض بالفتح فهو قض وقضض ككتف صار فيه الق كأقض واستقض. اهـ. وقوله: صار فيه القضض بفتحتين أي: الحصا الصغار كما في القاموس والصحاح. قوله: "ومحبب" بحاء مهملة فموحدتين على وزن اسم المفعول. قوله: "لازم تحريكهما" صوابه تحريك ثانيهما كما عبر به الموضح وغيره وكما سيعبر به في قوله: وحركة ثانيهما لازمة؛ لأن اللازم تحريكه من نحو: حيي الياء الثانية فقط؛ لأنه فعل ماض مبني على الفتح الظاهر. أما الأولى فيجوز تحريكها على الفك وإسكانها على الإدغام. قوله: "كالعارضة" أي: بجامع عدم اللزوم في جميع التصاريف.
قوله: "والعارض لا يعتد به غالبًا" أي: فكذا ما هو كالعارض. قوله: "ومن ثم" أي: من أجل عدم الاعتداد بالعارض. قوله: "في نحو لن يحيي" مضارع أحيا ورأيت محييا اسم فاعل أحيا؛ لأن حركة الثانية فيهما عارضة بعروض الناصب وهو لن ورأيت.
قوله: "سبيكة" أي: قطعة مستطيلة من فضة، وسدة البيت بضم السين بابه. اهـ عيني بزيادة. وقوله: فتعي ضبطه البعض بفتح التاء الفوقية، وهو خطأ؛ لأن الكلام في المثلين العارض تحريك ثانيهما، وتعي بفتح التاء مضارع عيي عار عنهما؛ لأنه بياء تحتية فألف متعذرة التحريك؛ بل هو بضم الفوقية وكسر العين المهملة مضارع أعيا، كما قاله الدماميني، وكسرة العين منقولة إليها من الياء الأولى عند إرادة إدغامها في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1313- البيت من الكامل، هو بلا نسبة في الدرر 1/ 172، ولسان العرب 15/ 112 "عيا"، والمحتسب 2/ 269، والممتع في التعريف 2/ 585، 587، والمنصف 2/ 206، وهمع الهوامع 1/ 53.(4/489)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فشاذ لا يقاس عليه خلافًا للفراء.
تنبيه: الفك أجود من الإدغام وإن كان كل منهما فصيحًا مقروءًا به في المتواتر، ولعل الناظم أومأ إلى ذلك بتقديم الفك في النظم. اهـ.
"كذلك" يجوز الفك والإدغام فيما اجتمع فيه تاءان إما في أوله أو وسطه "نحو تتجلى واستتر" أما الأول فقال في شرح الكافية: إذا أدغمت فيما اجتمع في أوله تاءان زدت همزن وصل تتوصل بها إلى النطق بالتاء المسكنة للإدغام فقلت في تتجلى: اتجلى.
هذا كلامه، فيه نظر؛ لأن تتجلى فعل مضارع، واجتلاب همزة الوصل لا يكون في المضارع، والذي ذكره غيره من النحاة أن الفعل المفتتح بتاءين إن كان ماضيًا نحو: تتبع وتتابع جاز فيه الإدغام واجتلاب همزة الوصل فيقال: اتبع وأتابع، وإن كان مضارعًا نحو تتذكر لم يجز فيه الإدغام إن ابتدئ به لما يلزم من اجتلاب همزة الوصل، وهي لا تكون في المضارع؛ بل يجوز تخفيفه بحذف إحدى التاءين، وسيأتي في كلامه، وإن وصل بما قبله جاز إدغامه بعد متحرك أو لين نحو: {تَكَادُ تَمَيَّزُ} [الملك: 8] {وَلَا تَيَمَّمُوا} [البقرة: 268] لعدم الاحتجاج في ذلك إلى اجتلاب همزة الوصل.
وأما الثاني وهو استتر ونحوه من كل فعل على افتعل اجتمع فيه تاءان، فهذا يجوز فيه الفك وهو قياسه لبناء ما قبل المثلين على السكون، ويجوز فيه الإدغام بعد نقل حركة أول المثلين إلى الساكن فتقول: ستر بطرح همزة الوصل من أوله لتحرك الساكن بحركة النقل.
تنبيهات: الأول: إذا أوثر الإدغام في استتر صار اللفظ به كاللفظ بستر الذي وزنه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الياء الثانية، وأعيا يستعمل لازمًا ومتعديًا، ومن الأول ما هنا، والشاهد في فتعي حيث أدغم اعتدادًا بالحركة العارضة في البيت لأجل الرويّ مع أنها في غيره أيضًا عارضة لأجل الناصب.
قوله: "لأن تتجلى... إلخ" عبارة التوضيح: ولم يخلق الله همزة وصل في أول المضارع؛ وإنما إدغام هذا النوع في الوصل دون الابتداء، وبذلك قرأ البزي في الوصل نحو: "ولا تيمموا" "ولا تبرجن".
قوله: "واجتلاب همزة الوصل لا يكون في المضارع" قد يقال: مرادهم أنها لا تكون فيه على وجه اللزوم له عند الابتداء به كما في الماضي والأمر والمصدر، ولا يظن بالمصنف أن يقدم على ذلك بمجرد التشهي من غير سند كسماع واستنباط من لغة العرب وقياس ليس في لغتهم ما ينافيه، وناهيك بمن نقل الثقات عنه أنه قال: طالعت الصحاح جميعًا فلم أستفد منه إلا ثلاث مسائل ولا يضره عدم ذكر السند صريحًا. قال يس: ونص ابن الناظم على أن الناظم ذكر المسألة في بعض كتبه على ما يوافق الجمهور.
قوله: "فيقال اتبع" أي: بتشديد الفوقية والموحدة. قوله: "ونحوه" كاقتتل واكتتب. قوله: "وهو قياسه" فيه عندي نظر وإن سكتوا عليه؛ لأنه يقتضي أن الإدغام خلاف القياس، وليس كذلك؛ لتوفر ضابط الإدغام فيه، ولو قال: وهو الأحسن لكان مستقيمًا. قوله: "لبناء ما قبل المثلين على السكون" أي: فيحوج الإدغام إلى تكلف نقل حركة(4/490)
وَمَا بِتَاءَيْنِ ابْتُدِي قَدْ يُقْتَصَرْ فِيهِ عَلَى تَا كَتَبَيَّنُ العِبَرْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فعل بتضعيف العين؛ ولكن يمتازان بالمضارع والمصدر؛ لأنك تقول في مضارع الذي أصله افتعل يستر بفتح أوله وأصله يستتر فنقل وأدغم، وتقول في مضارع الذي وزنه فعل يستر بضم أوله، وتقول في مصدر الذي أصله افتعل سِتَّارًا وأصله استارًا، فلما أريد الإدغام نقلت الحركة فطرحت الهمزة، وتقول في مصدر الذي وزنه فعل تستيرًا على وزن تفعيل.
الثاني: يجوز في استتر ونحوه إذا أدغم وجه آخر وهو أن يقال: ستر بكسر فائه؛ وذلك أن الفاء ساكنة وحين قصد الإدغام سكنت التاء الأولى فالتقى ساكنان فكسر أولهما على أصل التقاء الساكنين، ويجوز على هذه اللغة كسر التاء إتباعًا لفاء الكلمة فتقول فعل والمضارع واسم الفاعل واسم المفعول مبنية على ذلك؛ إلا أن اسم الفاعل يشتبه بلفظ اسم المفعول على لغة من كسر التاء إتباعًا فيصير مشتركًا كمغتار فيحتاج إلى قرينة.
الثالث: ما ذكره في هذا البيت كالمستثنى من الضابط المتقدم. اهـ.
"وما بتاءين ابتدي قد يقتصر فيه على تا كتبين العبر" الأصل تتبين بتاءين الأولى تاء المضارعة والثانية تاء تفعل، وعلة الحذف أنه لما ثقل عليهم اجتماع المثلين ولم يكن سبيل إلى الإدغام لما يؤدي إليه من اجتلاب همزة الوصل وهي لا تكون في المضارع عدلوا إلى التخفيف بحذف إحدى التاءين، وهذا الحذف كثير جدًّا، ومنه في القرآن مواضع كثيرة نحو: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ} [القدر: 4] {لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ} [هود: 105] {نَارًا تَلَظَّى} [الليل: 14].
تنبيهات: الأول: مذهب سيبويه والبصريين أن المحذوف هو التاء الثانية؛ لأن الاستثقال بها حصل، وقد صرح بذلك في شرح الكافية، وقال في التسهيل: والمحذوفة هي الثانية لا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أول المثلين إلى الساكن. قوله: "بفتح أوله" أي: وثانيه وتشديد ثالثه مع كسره، ولم يذكر الشارح ذلك؛ لأنه قدر مشترك بين المضارعين. قوله: "ستارًا" بكسر أوله وتشديد ثانيه. قوله: "بكسر فائه" وهي السين.
قوله: "على أصل التقاء الساكنين" فليست الكسرة منقولة؛ إذ لا كسر في التاء المدغمة. قوله: "مبينة على ذلك" أي: فإن فتحت سين الماضي فتحت سين المضارع واسم الفاعل واسم المفعول، وكانت التاء على ما يقتضيه الحال، فهي مكسورة في المضارع واسم الفاعل ومفتوحة في اسم المفعول، وإن كسرت سين الماضي وتاؤه كسرتا في الثلاثة؛ وحينئذ يشتبه اسم الفاعل واسم المفعول، كما قاله الشارح. قوله: "من الضابط المتقدم" أي: ضابط وجوب الإدغام المتقدم في قوله: أول مثلين... إلخ. قوله: "قد يقتصر... إلخ" قد للتحقيق أو للتقليل النسبي. وفي قول الشارح: وهذا الحذف كثير جدًّا رمز إلى الأول. قوله: {نَارًا تَلَظَّى} فأصله تتلظى، فحذفت إحدى التاءين، ولو كان ماضيًا لقيل: تلظت لوجوب التأنيث مع المجازي إذا كان ضميرًا متصلًا. قوله: "لأن الاستثقال بها حصل" ولدلالة الأولى على المضارعة والحذف مخل بها.(4/491)
وفُكَّ حَيْثُ مُدْغَمٌ فِيهِ سَكَنْ لِكَوْنِهِ بِمُضْمَرِ الرَّفْع اقْتَرَنْ
نَحْوُ حَلَلْتُ مَا حلَلْتَهُ وفِي جَزْمٍ وشِبْهِ الجَزْمِ تَخْييرٌ قُفِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأولى خلافًا لهشام يعني: أن مذهب هشام أن المحذوفة هي الأولى، ونقله غيره عن الكوفيين.
الثاني: قد أرشد بالمثال إلى أن هذا إنما في المضارع الواقع في الابتداء؛ لأنه الذي يتعذر فيه الإدغام، وأن الماضي نحو تتابع فلا يتعذر فيه الإدغام، وكذا المضارع الواقع في الوصل كما سبق بيانه.
الثالث: قال في شرح الكافية: وقد يفعل ذلك -يعني التخفيف- بالحذف بما تصدر فيه نونان، ومن ذلك ما حكاه أبو الفتح من قراءة بعضهم: {ونزلُ الملائكةَ تنزيلا} [الفرقان: 25] وفي هذه القراءة دليل على أن المحذوفة من تاءي تتنزل حين قال تنزل إنما هي الثانية؛ لأن المحذوفة من نوني نزل في القراءة المذكورة إنما هي الثانية. هذا كلامه. قال الشارح: ومنه على الأظهر قوله تعالى: {كَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 88] في قراءة عاصم، أصله ننجي؛ ولذلك سكن آخره. انتهى.
الحادي عشر من شروط وجوب الإدغام: ألا يعرض سكون ثاني المثلين إما لاتصاله بضمير رفع، وإما لجزم وشبهه، وقد أشار إلى الأول بقوله: "وفك حيث مدغم فيه سكن لكونه بمضمر الرفع اقترن" لتعذر الإدغام بذلك، والمراد بمضمر الرفع تاء الضمير ونا ونون الإناث "نحو حللت ما حللته" وحللنا والهندات حللن، فالإدغام في ذلك ونحوه لا يجب بل لا يجوز، قال في التسهيل: والإدغام قبل الضمير لغية، قال سيبويه: وزعم الخليل أن ناسًا من بكر بن وائل يقولون: ردنا ومرنا وردت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "خلافا لهشام" أي: الضرير، ودليله أن الثانية لمعنى كالمطاوعة وحذفها مخل بهذا المعنى. قوله: "بما تصدر فيه نونان" أي: متحركان. قوله: "ونزل الملائكة" برفع اللام ونصب الملائكة. قوله: "دليل... إلخ" وجه الدلالة ضم النون؛ إذ لا وجه لضم الثانية. ابن غازي. قوله: "من نوني نزل" الأوضح والأنسب بقوله قبل: من تاءي تتنزل أن يقول: من نوني ننزل. قوله: "ومنه" أي: حذفت إحدى النونين. قوله: "على الأظهر" مقابله قولان؛ الأول: أن نجي فعل ماض مجهول سكنت ياؤه للتخفيف على لغة، وأنيب عن الفعل ضمير المصدر. قال في المغني: وفيه ضعف من جهات إسكان آخر الماضي وإنابة ضمير المصدر مع أنه مفهوم من الفعل، فلا فائدة في ذكره وإنابة غير المفعول به مع وجوده. اهـ. الثاني: أن أصله ننجي بسكون النون الثانية فأدغمت في الجيم كإجاصة وإجانة أصلهما انجاصة وانجانة، فأدغمت النون في الجيم، وهذا أضعف مما قبله؛ لأن إدغام النون في الجيم لا يكاد يعرف، كما في التصريح. قوله: "أصله ننجي" بفتح النون الثانية وتشديد الجيم. قوله: "وفك" ماض مجهول نائب فاعله ضمير يرجع إلى أول المثلين أو فعل أمر. وقوله: لكونه علة سكن. وقوله: بمضمر الرفع أي: البارز المتحرك.
قوله: "بل لا يجوز" أي: عند جمهور العرب كما يفيده قوله: قال في التسهيل... إلخ وقوله: قال سيبويه... إلخ وهؤلاء الجمهور يلتزمون إسكان ما قبل الضمير بدون زيادة حرف. قوله: "لغية" أي:(4/492)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذه لغة ضعيفة كأنهم قدروا الإدغام قبل دخول النون والتاء وأبقوا اللفظ على حاله. وأشار إلى الثاني بقوله: "وفي جزم وشبه الجزم" والمراد به الوقف "تخيير" أي: بين الفك والإدغام "قفي" أي: تبع نحو: لم يحلل ولم يحل واحلل وحل، الفك لغة أهل الحجاز والإدغام لغة تميم.
تنبيهات: الأول: المراد بالتخيير استواء الوجهين في أصل الجواز لا استواؤهما في الفصاحة؛ لأن الفك لغة أهل الحجاز، وبها جاء القرآن غالبًا نحو: {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ} [آل عمران: 120] {وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي} [طه: 81] {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} [لقمان: 19] {وَلَا تَمْنُنْ} [المدثر: 6] وجاء على لغة تميم: {مَنْ يَرْتَدَّ} [المائدة: 54] {وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ} [الحشر: 4].
الثاني: إذا أدغم في الأمر على لغة تميم وجب طرح همزة الوصل لعدم الاحتجاج إليها، وحكى الكسائي أنه سمع من عبد القيس أرد واغض وامر بهمزة الوصل، ولم يحك ذلك أحد من البصريين.
الثالث: إذا اتصل بالمدغم فيه واو جمع نحو ردوا، أو ياء مخاطبة نحو ردى، أو نون توكيد نحو ردن، أدغم الحجازيون وغيرهم من العرب؛ لأن الفعل حينئذ مبني على هذه العلامات فليس تحريكه بعارض.
الرابع: التزم المدغمون فتح المدغم فيه قبل ها الغائبة نحو ردها ولم يردها، والتزموا ضمة قبل هاء الغائب نحو رد ولم يرده؛ لأن الهاء خفيفة فلم يعتدوا بوجودها، فكان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقوم لا يلتزمون إسكان ما قبل الضمير، وحكي ردن بزيادة نون ساكنة قبل نون الإناث مدغمة فيها وردات بزيادة ألف قبل تاء الضمير، كذا في شرح التسهيل لعلي باشا، والمحكي عنه هذا يلتزمون الإسكان المذكور مع زيادة الحرف الساكن. قوله: "قبل دخول النون والتاء" أي: ونا.
قوله: "وأبقوا اللفظ على حاله" أي: بعد دخولهما. قوله: "والمراد به الوقف" أي: البناء لا ما قابل الوصل. قوله: "الإدغام لغة تميم" عبارة الهمع: والإدغام لغة غير الحجازيين من العرب نظرًا إلى عدم الاعتداد بالعارض. قوله: "الثالث إذا اتصل بالمدغم فيه... إلخ" وجه تعلقه بما نحن بصدده من اشتراط أن لا يعرض سكون ثاني المثلين أنه مما صدق عليه هذا النفي، وكان الأنسب كما قال البعض، ذكره في شرح قوله: ولا كاخصص ابي، المشار به إلى اشتراط عدم عروض حركة ثاني المثلين. قوله: "أدغم الحجازيون وغيرهم" أي: أبقوا الإدغام. قوله: "مبني على هذه العلامات" لو قال: متحرك قبل هذه العلامات؛ لكان واضحًا، فتأمل. قوله: "التزم المدغمون فتح المدغم فيه... إلخ" أي: على قول بدليل ما سيأتي. قوله: "قبل ها الغائبة" بقراءة ها بالقصر على إرادة اللفظ المركب من الهاء والألف؛ لأن المجموع هو ضمير الغائبة وإضافته إلى الغائبة من(4/493)
وفَكُّ أَفْعِلْ في التعجب التُزِمْ والتُزِمَ الإدغامُ أيضًا في هَلُمّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدال قد وليها الألف والواو، وحكى الكوفيون ردها بالضم والكسر ورده بالفتح والكسر وذلك في المضموم الفاء، وحكى ثعلب الأوجه الثلاثة قبل هاء الغائب وغلط في تجويزه الفتح. وأما الكسر فالصحيح أنه لغية سمع الأخفش من ناس من عقيل مده عضه بالكسر، والتزم أكثرهم الكسر قبل ساكن فقالوا رد القوم؛ لأنها حركة التقاء الساكنين في الأصل ومنهم من يفتح وهم بنو أسد، وحكى ابن جني الضم، وقد روي بهن قوله:
1314- فغُضَّ الطرف إنك من نُمَير
نعم الضم قليل، قال في التسهيل في باب التقاء الساكنين: ولا يضم قبل ساكن بل يكسر وقد يفتح. هذا لفظه، فإن لم يتصل الفعل بشيء مما ذكر ففيه ثلاث لغات: الفتح مطلقًا نحو رد وفر وعض هي لغة أسد وناس غيرهم، والكسر مطلقًا نحو رد وفر وعض وهي لغة كعب ونمير، والإتباع لحركة الفاء نحو رد وفر وعض وهذا أكثر في كلامهم. اهـ.
"وفك أفعل في التعجب التزم" قال في شرح الكافية: بإجماع، وكأنه أراد إجماع العرب لأن المسموع الفك، ومنه قوله:
1315- وقال نبي المسلمين تقدموا وأجبب إلينا أن تكون المقدَّما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إضافة الدال للمدلول، وهذا بخلاف قوله: هاء الغائب فإنه بالمد. قوله: "ورده بالفتح والكسر" ظاهره بقاء ضم الهاء مع كسر الدال، وهو إنما يأتي على لغة الحجازيين الذي يضمون هاء الغائب وإن وليت كسرة أو ياء ساكنة لا على لغة غيرهم؛ لأن غيرهم يكسرها بعد هاتين كما تقدم في باب الضمير. قوله: "وغلط في تجويزه الفتح" لا وجه لتغليطه بعد حكاية الكوفيين له، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ. قوله: "فالصحيح أنه لغية" أي: في مضموم الفاء ومفتوحها بدليل قوله: سمع الأخفش... إلخ. قوله: "فغض الطرف إنك من نمير" قاله جرير وتمامه: فلا كعبا بلغت ولا كلابا
ونمير بضم النون من قيس عيلان. اهـ عيني. قوله: "قال في التسهيل... إلخ" استدلال بإنكار المصنف الضم على قلته؛ لأن شأن ما ينكره كثير الاطلاع مع وجوده أن يكون قليلًا. قوله: "مما ذكر" أي: واو الجمع وياء المخاطبة ونون التوكيد وها الغائبة وهاء الغائب. قوله: "مطلقًا" أي: مضموم الفاء أو مكسورها أو مفتوحها، وقد مثل للثلاثة على هذا الترتيب. قوله: "وفك أفعل"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1314- عجزه: فلا كعبًا بلغت ولا كلابا
والبيت من الوافر، وهو لجرير في ديوانه ص821، وجمرة اللغة ص1096، وخزانة الأدب 1/ 72، 74، 9/ 542، والدرر 6/ 322، وشرح المفصل 9/ 128، ولسان العرب 3/ 142، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 411، وخزانة الأدب 6/ 531، 9/ 306، وشرح شافية ابن الحاجب ص244، والكتاب 3/ 533، والمقتضب 1/ 185.
1315- البيت من الطويل، وهو لعباس بن مرداس في ديوانه ص102، والدرر 5/ 234، والمقاصد النحوية 3/ 656، وبلا نسبة في الجنى الداني ص49، والدرر 5/ 343، 6/ 321، وشرح التصريح 2/ 89، وشرح ابن عقيل ص451، ولسان العرب 1/ 292 "حبب"، والمقاصد النحوية 4/ 593، وهمع الهوامع 2/ 90، 91، 227.(4/494)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإلا فقد حكي عن الكسائي إجازة إدغامه "والتزم الإدغام أيضًا في هلم" بإجماع، كما قاله في شرح الكافية فلم يقل فيه هلمم.
تنبيهات: الأول: هذا البيت استدراك على ما قبله أي: يستثنى من فعل الأمر صيغتان لا تخيير فيهما؛ الأولى: أفعل في التعجب فإنه ملتزم فكه، والثانية: هلم في لغة تميم فإنه ملتزم إدغامه، وقد سبق في باب أسماء الأفعال أن هلم عند الحجازيين اسم فعل بمعنى احصر أو أقبل، وعند بني تميم فعل أمر، وباعتبار هذه اللغة ذكر هاهنا.
الثاني: التزموا أيضًا فتح هلم، وحكى الجرمي الفتح والكسر عن بعض تميم وإذا اتصل بها هاء الغائب نحو هلمه لم يضم بل يفتح، وكذا إذا اتصل بها ساكن نحو هلم الرجل، وقد تقدم أن لكونها عند تميم فعلًا اتصلت بها ضمائر الرفع البارزة فيقال: هلما وهلموا وهلمي بضم الميم قبل الواو وكسرها قبل الياء، وإذا اتصل بها نون الإناث فالقياس هلممن، وزعم الفراء أن الصواب هلمن بفتح الميم وزيادة نون ساكنة بعدها وقاية لفتح الميم، ثم تدغم النون الساكنة في نون الضمير. وحكي عن أبي عمرو أنه سمع هلمين يا نسوة بكسر الميم مشددة وزيادة ياء ساكنة قبل نون الإناث، وحكي عن بعضهم هلمُّن بضم الميم، وهو شاذ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بكسر العين. تصريح. قوله: "إجازة إدغامه" فيقول: أحب بزيد. قوله: "في هلم بإجماع" لثقلها بالتركيب، وفي كيفية تركيبها خلاف سيذكره الشارح. قوله: "من فعل الأمر" أي: ولو صورة فدخل فعل التعجب فصح استثناؤه من فعل الأمر. قوله: "ذكرها هنا" أي: على وجه استثنائها من فعل الأمر. قوله: "التزموا أيضًا" أي: كما التزموا الإدغام. قوله: "فتح هلم" تخفيفًا لثقلها بالتركيب ولم يجيزوا في آخرها ما أجازوا في آخر نحو رد من الضم للإتباع والكسر على الأصل في التخلص من التقاء الساكنين. قوله: "هاء الغائب" مثلها بالأولى ها الغائبة. قوله: "لم يضم" أي: تبعًا لضم الهاء. قوله: "بل يفتح" هل يأتي هنا ما حكاه الجرمي عن بعض تميم من الكسر. قوله: "أن لكونها" اسم أن ضمير الشأن محذوف. قوله: "وكسرها قبل الياء" لم يقل: وفتحها قبل الألف لمجيئه على الأصل فيها، فلم يحتج للتنبيه عليه.
قوله: "وإذا اتصل بها نون الإناث... إلخ" حاصل ما ذكره فيها حينئذ أربعة أقوال. قوله: "وقاية لفتح الميم" لأن نون النسوة تستدعي سكون ما قبلها كغيرها من ضمائر الرفع البارزة المتحركة، فلولا زيادة النون لسكنت الميم. قوله: "بكسر الميم" أي: لمناسبة الياء بعدها. وقوله: وزيادة ياء ساكنة أي: محافظة على ما تستدعيه نون النسوة من ساكن قبلها. قوله: "وحكي عن(4/495)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثالث: مذهب البصريين أن هلم مركبة من ها التنبيه ومن لم التي هي فعل أمر من قولهم: لَمَّ الله شعثه أي: جمعه، كأنه قيل: اجمع نفسك إلينا فحذفت ألفها تخفيفًا، وقال الخليل: ركبا قبل الإدغام فحذفت الهمزة للدرج إذ كانت همزة وصل وحذفت الألف لالتقاء الساكنين، ثم نقلت حركة الميم الأولى إلى اللام. وقال الفراء: مركبة من هل التي للزجر وأم بمعنى اقصد فخففت الهمزة بإلقاء حركتها على الساكن قبلها فصار هلم. ونسب بعضهم هذا القول إلى الكوفيين. وقول البصريين أقرب إلى الصواب. قال في البسيط: ومنهم من يقول: إنها ليست مركبة. اهـ.
خاتمة في النون الساكنة ومنها التنوين: اعلم أن للنون الساكنة أربعة أحكام؛ أولها: الإدغام، وهو بلا غنة في اللام والراء، وبغنة في حروف ينمو، ما لم تكن مواصلتها في كلمة واحدة كالدنيا وصنوان وأنمار؛ فإن الفك في ذلك لازم. والثاني: الإظهار وهو في حروف الحلق الستة: العين والغين والحاء والخاء والهاء والهمزة؛ لبعد مخرج النون من مخرجها. والثالث: القلب ميمًا عند الباء، ويستوي كونها في كلمة نحو: {أَنْبِئْهُمْ}، أو كلمتين نحو: {أَنْ بُورِكَ}، وموجب هذا القلب أن الباء بعدت من النون وشابهت أقرب الحروف إليها وهي الميم؛ لأن النون والميم حرفا غنة، فلما بعدت عن الباء لم يمكن إدغامها فيها ولما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعضهم هلمن بضم الميم" أي: مع تشديدها، ولعل ضمها إتباع لضم اللام، وهل مع زيادة نون ساكنة قبل نون الإناث كما تقدم عن الفراء أولا الأقرب الأول فراجعه. قوله: "اجمع نفسك إلينا" هذا إنما يناسب استعمالها بمعنى أقبل، والمناسب لاستعمالها بمعنى أحضرا جمع كذا إلينا. قوله: "تخفيفًا" أي: ونظرا إلى أن أصل لام لم قبل الإدغام السكون كما في التصريح أي: فالحذف للتخفيف وللتخلص من التقاء الساكنين باعتبار الأصل.
قوله: "فحذفت الهمزة" أي: همزة الميم الذي هو أصل لم قبل الإدغام. قوله: "ثم نقلت حركة الميم الأولى" أي: وأدغمت في الميم الثانية بعد تحريكها تخلصًا من الساكنين. قوله: "بإلقاء حركتها على الساكن قبلها" أي: ثم حذفها. قوله: "قال في البسيط... إلخ" بهذا يرد ادعاء بعضهم الإجماع على تركيبها وإن كان تركيبها هو الأصح. قوله: "ما لم تكن مواصلتها... إلخ" أنت خبير بأن هذا التقييد بالنسبة إلى الياء والميم والواو دون النون؛ ولهذا لم يمثل لمواصلة النون للنون في كلمة؛ لأن إدغام إحدى النونين في الأخرى واجب ولو كان اجتماعهما في كلمة واحدة نحو: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا} [الطور: 27] وإضافة مواصلتها من إضافة المصدر إلى فاعله أو مفعوله. قوله: "ويستوي" أي: في القلب ومثله الإظهار والإخفاء كونها أي: النون مع الياء وقوله: أو كلمتين أو بمعنى الواو؛ لأن الاستواء إنما يكون بين متعدد. قوله: "أن الباء بعدت من النون" أي: في الصفة؛ لأن النون حرف لين أغن والباء حرف شديد مع أن مخرجيهما مختلفان. وقوله: وشابهت أي: النون، وكذا الضمير في بعدت وإدغامها.(4/496)
وما بِجَمْعِهِ عُنِيتُ قَدْ كَمَلْ نَظْمًا على جُلِّ الْمُهِمَّاتِ اشْتَمَلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قربت بمشابهة القريب منها لم يحسن إظهارها، فأوجب التخفيف أمرًا آخر وهو قلبها ميمًا؛ لأنها أختها في الغنة. والرابع: الإخفاء وذلك إذا وليها شيء من الحروف غير المذكورة، وذلك خمسة عشر حرفًا يجمعها أوائل هذا البيت: ترى جار دعد قد ثوى زيد في ضنى كما ذاق طير صيد سوء شبا ظفر
وإنما أخفيت عند هذه الحروف؛ لأنها قربت منها قربًا متوسطًا؛ لأن حروف الحلق بعدت منها فأظهرت. وحروف لم يرو قربت منها قربًا شديدًا فأدغمت، وهذه الخمسة عشر لم تبعد بعد تيك ولم تقرب قرب هذه فأخفيت. والإخفاء حال بين الإظهار والإدغام، والله سبحانه وتعالى أعلم.
ولما يسر الله له إكمال ما وعد به في الخطبة من قوله: مقاصد النحو بها محويه
أخبر بذلك فقال: وما بجمعه عنيت قد كمل نظمًا على جل المهمات اشتمل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "ولما قربت" أي: النون من الباء. وقوله: بمشابهة... إلخ أي: بسبب مشابهة النون الحرف القريب من الباء وهو الميم لكون الميم والباء من مخرج واحد ووجه المشابهة كما أسلفه أن كلا من النون والميم حرف أغن ويصح أن يكون قوله: منها تنازعه كل من قربت والقريب. قوله: "لأنها أختها" أي: لأن النون أخت الميم في الغنة. قوله: "قد ثوى" بالمثلثة أي: أقام. وقوله: زيد في ضنى حال من فاعل ثوى بتقدير قد ويحتمل غير ذلك. وقوله: كما ذاق راجع لقول زيد في ضنى. وقوله: صيد بالبناء للمجهول نعت لطير. وقوله: سوء مفعول ذاق. وقوله: شبا ظفر بشين معجمة مفتوحة فموحدة أي: حدة ظفر الصائد من كلب وصقر ونحوهما.
قوله: "لأن حروف الحلق... إلخ" علة لقوله: قربت منها قربًا متوسطًا. قوله: "وحروف لم يرو" من الرواية أو الرى أو الإرواء لا الرؤية، وإلا كان حقه أن يكتب بألف بعد الواو؛ لأنها واو جماعة وكتابته بها مخل وحروف لم يرو هي حروف الإدغام أعم من أن يكون بغنة أولا، وأسقط منها النون؛ لأنه لا يصح أن يقال: قربت النون من النون، ولأن وجوب إدغام النون الساكنة في النون في غاية الوضوح. قوله: "كمال ما وعد به" لو قال: إكمال ما استعان الله فيه لكان أوفق بما سلف في الخطبة.
قوله: "وما يجمعه عنيت" الواو للاستئناف أو لعطف قصة على قصة، وما موصولة واقعة على الألفاظ على ما هو الأقرب والأليق بقوله: نظمًا... إلخ. وقوله: أحصى... إلخ وتذكير ضمير ما باعتبار لفظها أو لأن المراد مجموع الألفاظ؛ لأنه المناسب لقوله: بجمعه. قوله: "قد كمل" بتثليث الميم والكسر أضعف اللغات والفتح أفصحها وأولى هنا لسلامة البيت عليه من عيب إسناد التوجيه اللازم على الضم وهو اختلاف حركة ما قبل الروي المقيد، والكمال والتمام بمعنى واحد لغة(4/497)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقال: عني بكذا أي: اهتم به ويلزم بناؤه للمفعول، وبناؤه للفاعل لنية حكاها في اليواقيت، وأنشد عليها:
1316- عان بأُخراها طويل الشغل
ونظمًا حال من الهاء في بجمعه أو تمييز محول عن الفاعل واشتمل نعت لنظما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كالتكميل والتتميم، وأما في اصطلاح علماء المعاني فالتكميل ويسمى بالاحتراس أيضًا هو أن ما يؤتى في كلام يوهم خلاف المقصود بما يدفعه كما في قوله: فسقي ديارك غير مفسدها صوب الربيع وديمة تهم
والتتميم أن يُؤتى في كلام لا يوهم خلاف المقصود بفضلة من مفعول أو حال أو نحوهما لنكتة كالمبالغة في نحو: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} أي: مع حبه. قوله: "على جل المهمات" فيه إشارة إلى أن قوله: في الخطبة مقاصد النحو على حذف مضاف كما تقدم بسطه، والمهمات جمع مهم أو جمع مهمة، فتقدير الموصوف على الأول الأحكام المهمات وعلى الثاني المسائل المهمات؛ لكن يلزم على الثاني وصف جمع الكثرة لما لا يعقل بالمطابق، مع أن الأفصح فيه الإفراد كما أن الأفصح في غيره المطابقة إلا أن يقال: لما حذف ضعف عن المراعاة. وقوله: اشتمل أي: اشتمال الدال على المدلول، والجملة يحتمل أن تكون في محل نصب صفة لنظمًا، وعليه اقتصر الشارح فيما يأتي؛ لأنه أقرب أو حالًا أخرى أو في محل رفع خبر آخر لما، وكذا جملة أحصي، فافهم.
قوله: "ويلزم بناؤه للمفعول" أي: وإن كان بمعنى المبني للفاعل كما تفيده عبارته؛ وإنما يلزم ذلك إذا كان بمعنى اهتم، أما عنا عنوا من باب قعد بمعنى خضع وذل، وعنا يعنو عَنْوَةً بمعنى أخذ الشيء قهرًا أو صلحًا، وعنى من باب رمى بمعنى قصد، وعناه كذا من باب رمى شغله، وعَنِيَ من باب تعب أصابه مشقة فبالبناء للفاعل، كذا في المصباح.
قوله: "وبناؤه للفاعل" أي: مجعولًا كرمى يرمي عناية كما في المصباح. وقوله: لغية أي: قللة. قوله: "وأنشد عليها" وجهه أن اسم الفاعل إنما يصاغ من المبني للفاعل، فعلى اللغة المشهورة إنما يقال: أنا معني بكذا. قوله: "حال" أي: فيكون مصدرًا بمعنى اسم المفعول، أما على كونه تمييزًا فباقٍ على مصدريته. وقوله: من الهاء في بجمعه، فيه عندي نظر لما يلزم عليه من الفصل بين الحال وصاحبها بأجنبي، وهو قد كمل وذلك ممنوع، فينبغي جعله حالًا من الضمير في كمل، ثم الحال هنا موطئة لما بعدها لانفهام كونه نظمًا من قوله: وما بجمعه عنيت؛ لأن الذي عنى بجمعه ألفية في النحو والألفية؛ إنما تكون نظمًا، وكذا يقال في احتمال التمييز. قوله: "أو تمييز... إلخ" رجح هذا بأن مجيء المصدر حالًا مع كثرته سماعي، وقد ترجح الحالية بأنها أوفق بوصف نظمًا بالجملتين بعده؛ لأن الاشتمال على المهمات وإحصاء خلاصة الكافية أليق بالنظم بمعنى المنظوم من النظم بالمعنى المصدري، فتدبر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1316- الرجز بلا نسبة في الصاحبي في فقه اللغة ص263، ولسان العرب 15/ 105 "عنا".(4/498)
أَحْصَى من الكافية الخلاصه كما اقتضى غِنًى بلا خصاصه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعلى جل المهمات متعلق باشتمل.
ثم وصف نظما بصفة أخرى فقال: "أحصى من الكافية الخلاصه" أي: جمع هذه النظم من منظومة المصنف المسماة بالكافية الخالص الصافي مما يكدره "كما اقتضى" أي: أخذ "غِنًى بلا خصاصه" تشوبه، والخصاصة ضد الغنى وهو كناية عما جمع من المحاسن الظاهرة. ثم قابل بالشرك نعمة الإتمام، وأردفه بالصلاة على سيدنا محمد سيد الأنام، وعلى آله وأصحابه الكرام؛ لإحراز أجر ذلك ويمنه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "من الكافية" أي: من معانيها، ومن تبعيضية حال من الخلاصة أو ابتدائية متعلقة بأحصى، وإلى هذا الثاني أشار الشارح بعد: وبالخلاصة اشتهر هذا النظم أعني الألفية. قوله: "أي جمع هذا النظم... إلخ" أشار به إلى أن أحصى فعل ماض، ومن الكافية صلته، والخلاصة مفعوله. قال جماعة: ولا يجوز أن يكون أحصى أفعل تفضيل خبرًا مقدمًا. والخلاصة مبتدأ مؤخرًا؛ لأن بناء أفعل التفضل من الرباعي شاذ على الصحيح ولتكذيب الحس له إذا الكافية مشتملة على أبواب كاملة ليست في الخلاصة كباب ضمير الشأن وضمير الفصل والتاريخ والتقاء الساكنين وتصحيحه بإرادة كافية ابن الحاجب تكلف بارد ومما يؤيد كون أحصى فعلا إسناد الفعل إلى ضمير النظم في قوله: كما اقتضى؛ وإلا لقال: كما اقتضت، ثم إن كانت أل في الخلاصة للاستغراق كما هو المناسب للمدح كان في الكلام مبالغة؛ لأن المقام مقام مدح؛ وإلا فقد فات الألفية كثير من زبد الكافية كما علم.
قوله: "كما اقتضى" ما مصدرية والجار والمجرور صفة لمصدر محذوف أي: إحصاء كاقتضائه الغنى بجامع حصول السرور والنفع بكل. فإن قلت: مقتضى جعله إحصاء الألفية خلاصة الكافية مشبهًا واقتضائها الغني مشبهًا به أن الاقتضاء أقوى من الإحصاء، فما وجه ذلك؟ قلت: وجهه أنه يلزم من إغنائها الطالبين إحصاؤها خلاصة الكافية وإلا لم تغنهم لاحتياجهم حينئذ إلى ما في الكافية، ولا يلزم من الإحصاء الإغناء لاحتمال احتياجهم إلى زيادة على خلاصة الكافية مع أن الكاف قد تأتي لمجرد التشريك بين شيئين في أمر من غير اعتبار كون المشبه به أقوى كما في كل من زيد وعمرو كصاحبه.
قوله: "أي أخذ غنى" المناسب لتفسيره الاقتضاء بالأخذ أن يكون المراد بالغنى القدر المغني كما يفيده قوله: وهو أي: الغني كناية أي: لغوية عما جمع من المحاسن الظاهرة، وعبر عنه بالمصدر مبالغة؛ فإن فسر الاقتضاء بالاستلزام لم يحتج لذلك، والغنى بالكسر والقصر الاستغناء وبالكسر والمد التغني وبالفتح والمد النفع. وقوله: بلا خصاصة أي: فقر دفع به توهم تخلل الفقر بين أزمنة الغني، وفي كلامه تشبيه العلم بالمسائل الكثيرة بالغني والجهل بها بالفقر، ووجه الشبه ظاهر، وقد قيل: العلم محسوب من الرزق؛ وإنما مدح هذا النظم باقتضائه الغنى بلا خصاصة؛ لأنها لصغرها تقبل الناس عليها فيحصل لهم الغنى بما فيها الكافية لكبرها تقصر عنها همم كثير من الناس، فلا يشتغلون بها، فلا يحصل الغنى بمسائل العربية.
قوله: "ويمنه" أي: بركته. وقوله: في البدء والختام يرد عليه أن المناسب لاقتصاره أولًا على مقابلة نعمة الإتمام أن يقال في الختام كالبدء؛ إلا أن يقدر قبل التعليل كما فعل ذلك في الابتداء.
قوله: "وجمعني وإياه في دار السلام" اعترض الشارح سابقًا على تخصيص الناظم في(4/499)
فأحمدُ الله مصليًا على محمد خير نبي أُرْسِلا
وآله الغُرِّ الكرام البرره وصَحْبِه المنتخبين الخيَرَه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في البدء والختام، فقال رحمه الله: وجمعني وإياه في دار السلام: فأحمد الله مصليًا على محمد خير نبي أرسلا
وآله الغر الكرام البررة وصحبه المنتخبين الخيره
الحمد لله أولًا وآخرًا باطنًا وظاهرًا، وصلى الله على سيدنا محمد سيد المرسلين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه أجمعين، صلاة وسلامًا دائمين متلازمين إلى يوم الدين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخطبة الدعاء بنفسه وبابن معطى بأن الأولى تعميم الدعاء، فيعترض على الشارح هنا بمثل ذلك. قوله: "فأحمد الله" أي: فبسبب كمال هذا النظم على الوجه المذكور... إلخ. قوله: "مصليا" في كون هذه الحال مقدرة أو مقارنة ما سلف في نظيره في الخطبة. قوله: "خبر نبي" بدل من محمد لا نعت له ولا عطف بيان لاختلاف محمد وخبر نبي تعريفًا وتنكيرًا. قوله: "وآله" الأولى أن يراد بهم أتباعه كما تقدم بسطه. قوله: "الغر" جمع أغر وهو في الأصل الأبيض الجبهة من الخيل، ففي الكلام استعارة تصريحية أو تشبيه بليغ، ويحتمل أن يكون تلميحًا إلى ما وصف به نبينا صلى الله عليه وسلم أمته بقوله: "أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من أثر الوضوء".
قوله: "المنتخبين" أي: المختارين. قوله: "الخيرة" بكسر الخاء المعجمة وفتح التحتية وسكونها بمعنى الاختيار كما في المصباح، فهو مصدر أو اسم مصدر على الخلاف وصف به مبالغة؛ ولهذا التزم إفراده وحيث كان المراد من الخيرة هنا المختارين، فذكره بعد المنتخبين تأكيد؛ لأن المقام مقام مدح. قال ابن غازي: ويحتمل أن يضبط هنا بفتح الخاء على أنه جمع خير، حكى الفراء: قوم خيرة بررة. اهـ. قوله: "أولًا وآخرًا" ظرف عامله الاستقرار الذي هو متعلق الجار والمجرور قبله أو محذوف تقديره: أقول ذلك أولًا وآخرًا، والله أعلم.
تم بعون الله تعالى ما قصدته من حاشية نطقت بدقائق هذا الشرح ونكاته، وكشفت النقاب عن وجوه مخدراته ومخبآته، وأوضحت من مكنونات أسراره ما خفي على الواقفين، وأبرزت من عرائس أبكاره ما احتجب عن الناظرين، فهي جديرة بأن يرد عذب مناهل تحقيقاتها الظامئون، حقيقة بأن يهتدي بأنوار شموس تدقيقاتها الحائرون، ومع ذلك لم أبعها بشرط البراءة من كلِّ عيب؛ لأن الإنسان محل الخطأ والنسيان بلا ريب، غير أن كثير الحسنات يمحو قليل السيئات، فالحمد لله على ما أولاه، والصلاة والسلام على نبيه الختام.
قال مؤلفها خاتمة المحققين وتتمة المدققين كان الفراغ من رقم هذه الحاشية ضحوة يوم الثلاثاء لأربع عشرة ليلة مضت من صفر سنة 1193 ثلاثة وتسعين ومائة وألف على يد مؤلفها الفقير إلى عفو مولاه "محمد بن علي الصبان" عاملهما مولاهما بمزيد الإحسان الأمين.
بحمد الله تعالى تم طبع كتاب "حاشية العلامة الصبان" على شرح الشيخ الأشموني: على ألفية الإمام ابن مالك.(4/500)