الاستغاثة
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"ومثله" في ذلك "اسم ذو تعجب ألف" بلا فرق كقولهم: يا للماء ويا للدواهي إذا تعجبوا من كثرتهما. ويقال: يا للعجب، ويا عجبًا لزيد، ويا عجب له.
تنبيه: جاء عن العرب في نحو: يا للعجب فتح اللام باعتبار استغاثته وكسرها باعتبار الاستغاثة من أجله وكون المستغاث محذوفًا.
خاتمة في مسائل متفرقة: الأولى إذا وقف على المستغاث أو المتعجب منه حالة إلحاق الألف جاز الوقف بهاء السكت. الثانية: قد يحذف المستغاث فيلي يا المستغاث من أجله لكونه غير صالح؛ لأن يكون مستغاثًا كقوله:
944-
يا لأُناسٍ أَبَوا إلا مُثابَرَةً على التَّوَغُّلِ في بَغي وعُدْوانِ أي: يا لقومي لأناس. الثالثة قد يكون المستغاث مستغاثًا من أجله نحو: يا لزيد لزيد. أي: أدعوك لتنصف من نفسك. والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: المذكور في المتن من أحكام المستغاث، هذا هو الذي ينبغي، لا ما قاله البعض فانظره. وقوله: ذو تعجب أي: منه ذاتًا أو صفة, وظاهر كلامه أن الاستغاثة غير باقية بل التركيب مستعمل في محض التعجب, ويحتمل أنها باقية وأشرب اللفظ معها معنى التعجب, ويدل عليه ما في التنبيه الآتي.
قوله: "ويا عجبًا لزيد" لا يخفى أن زيدًا مستغاث من أجله ففي متعلق لامه الأقوال المتقدمة في متعلق لام المستغاث من أجله, والمعنى: أدعوك لزيد ليراك فعلم ما في كلام البعض. قوله: "باعتبار استغاثته" أي: الاستغاثة به مجازًا تشبيهًا له بمن يستغاث حقيقة قاله الدماميني أي: يا عجب احضر فهذا وقتك. قوله: "وكون المستغاث محذوفًا" والأصل يا لقومي للعجب، وعلى الوجهين المذكورين في الشرح فتح لام يا للدواهي وكسرها. قوله: "كقوله يا لأناس إلخ" المثابرة المواظبة والتوغل التعمق والبغي الظلم والعدوان التعدي الفاحش. وإنما كان ما ولي يا غير صالح لكونه مستغاثًا مع صحة نداء الناس في الجملة لكونهم مهجوّين بالوصف الذي وصفهم به فلم يقصدوا للاستنصار؛ لأن العاقل لا يهجو من يستنصر به. أفاده الدماميني.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
944- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الدرر 3/ 45؛ والمقاصد النحوية 4/ 271؛ وهمع الهوامع 1/ 181.
247 | 463(1/245)
الندبة
النُّدْبَة:
ما للمُنادى اجْعَل لمَنْدوبٍ وما نُكِّرَ لم يُنْدَبْ ولا ما أُبْهِما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الندبة:
"ما للمنادى" من الأحكام "اجعل لمندوب" وهو المتفجع عليه لفقده حقيقة كقوله:
945-
وقُمْتَ فيه بأَمْرِ اللهِ يا عُمَرا أو لتنزيله منزلة المفقود كقول عمر وقد أخبر بجدب أصاب بعض العرب: واعمراه واعمراه. أو المتوجع له نحو:
946-
فَوَاكَبِدا من حُبِّ من لا يُحِبُّنِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الندبة:
هي بضم النون مصدر ندب الميت إذا ناح عليه وذكر خصاله الحميدة ا. هـ. دماميني وأكثر من يتكلم بها النساء لضعفهن عن احتمال المصائب, قاله الأخفش فارضي. قوله: "ما للمنادى اجعل لمندوب" فيه إشارة إلى أنه في المعنى ليس بمنادى وهو كذلك؛ لأنه لم يطلب إقباله ومن ثم منعوا في النداء يا غلامك؛ لأن خطاب أحد المسميين يناقض خطاب الآخر, ولا يجمع بين خطابين. وأجازوا في الندبة وا غلامك تصريح. وقال الطبلاوي: المراد بالمنادى في قوله: ما للمنادى إلخ المنادى المخصوص ا. هـ. وفيه ميل إلى أن المندوب من المنادى وبه صرح الفارضي نقلًا عن ابن يعيش. والظاهر أنه لا ينافي كلام التصريح؛ لأن كون المندوب منادى باعتبار اللفظ فتدبر. ثم رأيت الرضي صرح بأن المندوب والمتعجب منه ليسا مناديين حقيقة بل هما مناديان مجازًا. قال: فإذا قلت: يا محمداه فكأنك تناديه وتقول له: تعال فإني مشتاق إليك، وإذا قلت: وا حزناه كأنك تناديه وتقول له: احضر حتى يعرفك الناس فيعذروني فيك، وإذا قلت: يا للماء كأنك تناديه وتقول له: احضر حتى يتعجب منك ا. هـ. ببعض تغيير.
قوله: "وهو المتفجع عليه" أي: بوا أو يا ليخرج نحو: تفجعت على زيد سم والتفجع إظهار الحزن. قوله: "بجدب" بالدال المهملة أي: قحط. قوله: "أو المتوجع له" أدرجه صاحب التصريح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
945- صدره:
حُمِّلتَ أمرًا عَظيمًا فاصْطَبَرْتَ له والبيت من البسيط، وهو لجرير في ديوانه ص736؛ والدرر 3/ 42؛ وشرح التصريح 2/ 164، 181؛ وشرح شواهد المغني 2/ 792، وشرح عمدة الحافظ ص289؛ والمقاصد النحوية 4/ 229؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 9؛ وشرح قطر الندى ص222؛ ومغني اللبيب 2/ 372؛ وهمع الهوامع 1/ 180.
946- عجزه:
ومن زفرات ما لهُنَّ فناءُ والبيت من الطويل، وهو لمجنون ليلى في ديوانه ص35؛ والأغاني 2/ 37؛ وتزيين الأسواق ص123؛ وشرح عمدة الحافظ ص291؛ وبلا نسبة في شرح التصريح 2/ 181.
248 | 463(1/246)
الندبة
ويُندَبُ المَوصولُ بالذِي اشْتَهَرْ كَبِئْرَ زَمزَمٍ يَلِي وا مَنْ حَفَرْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أو المتوجع منه نحو: وامصيبتاه فيضم في نحو: وازيد وينصب في نحو: واأمير المؤمنين وواضاربًا عمرا. وإذا اضطر إلى تنوينه جاز ضمه ونصب كقوله:
947-
وَافَقْعَسًا وأين مِنِّي فَقْعَسُ ولا يندب إلا العلم ونحو: كالمضاف إضافة توضح المندوب كما يوضح الاسم العلم مسماه "وما نكر لم يندب" فلا يقال: وارجلاه خلافًا للرياشي في إجازته ندبة اسم الجنس المفرد. وندر واجبلاه "ولا" يندب "ما أبهما" وذلك
اسم الإشارة والموصول بما لا يعينه، فلا يقال: واهذاه، ولا وا من ذهباه؛ لأن غرض الندبة وهو الإعلام بعظمة المصاب مفقود في هذه الثلاثة "ويندب الموصول بالذي اشتهر" اشتهارًا يعينه ويرفع عنه الإبهام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وشارح الجامع في المتوجع منه؛ لأنهما قسماه إلى ما هو محل الألم كوا رأساه وإلى ما هو سبب الألم كوامصيبتاه. قوله: "ووا ضاربًا عمرًا" نظر في التمثيل به بأنه مناف لما سيأتي من أنه لا يندب المنكر, وكذا يقال في قوله الآتي: وفي المشبه به وا ثلاثة وثلاثينا, إلا أن يقال المراد المجعول علمًا كما صرح به الشارح في باب النداء. قوله: "ولا يندب إلا العلم إلخ" حاصله أنه ليس كل منادى يصح ندبه بل إنما يندب ما ليس نكرة ولا مبهمًا من علم ومضاف إلى معرفة توضح بها وموصول بما يعينه خال من أل نحو: وا زيداه وا غلام زيداه وا من حفر بئر زمزماه. وظاهر كلامه ندبة العلم ولو كان غير مشهور وفي الرضي لا يندب إلا المعروف علمًا كان أو لا, فلو كان علمًا غير مشهور لم يندب. قوله: "كما يوضح الاسم العلم مسماه" مراده بالاسم ما قابل الصفة لا ما قابل الكنية واللقب وحينئذٍ, فقوله: العلم من ذكر الخاص بعد العام كما هو المناسب. وفي نسخ سقوط لفظ مسماه وعليها يقرأ يوضح بالبناء للمفعول وهي التي كتب عليها البعض ما نصه: قوله كما يوضح الاسم العلم أي: بالصفة في نحو قولك: جاء زيد التاجر.
قوله: "اسم الجنس المفرد" خرج المضاف نحو: وا غلام زيداه فتجوز ندبته اتفاقًا لكنه أي: المضاف يشمل نحو: وا غلام رجلاه ولا يندب مثله على الصحيح والرياشي يجيزه وندبة كل نكرة، أو المنع إنما هو في المتفجع عليه أما المتوجع منه فإنك تقول: وا مصيبتاه وإن كانت المصيبة غير معروفة ا. هـ دماميني. فلو قال الشارح في إجازته ندبة النكرة كما في عبارة الهمع لكان أولى، وجعل البعض المتوجع له كالمتوجع منه فحرره. قوله: "اسم الإشارة" وكذا المضمر تصريح، وكذا أي: فلا يقال: وا أنتاه ولا وا أيها الرجلاه نقله شيخنا عن الشارح. قوله: "بعظمة المصاب" أي: المعين. قوله: "مفقود في هذه الثلاثة" فلذلك لا يندب إلا المعرفة السالمة من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
947- الرجز لرجل من بني أسد في الدرر 3/ 17؛ والمقاصد النحوية 4/ 272؛ وبلا نسبة في الدرر 3/ 41؛ ورصف المباني ص27؛ وشرح التصريح 2/ 182؛ ومجالس ثعلب 2/ 542؛ والمقرب 1/ 184؛ وهمع الهوامع 1/ 172، 179.
249 | 463(1/247)
الندبة
ومُنْتَهى المَنْدوبِ صِلهُ بالألِفْ مَتْلُوُّها إن كان مِثْلَها حُذِفْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"كبئر زمزم يلي وا من حفر" في قولهم: وا من حفر بئر زمزماه، فإنه بمنزلة وا عبد المطلباه "ومنتهى المندوب" مطلقًا "صله" جوازًا لا وجوبًا "بالألف" المسماة ألف الندبة فتقول في المفرد: وا زيدًا ومنه قوله:
948-
وقُمتَ فيه بأمْرِ اللهِ يا عُمَرَا وفي المضاف يا غلام زيدًا وا عبد الملكا, وفي المشبه به وا ثلاثة وثلاثينا، وفي الصلة وا من حفر بئر زمزما، وفي المركب وا معد يكربا، وفي المحكي وا قام زيدًا فيمن اسمه قام زيد، وأجاز يونس وصل ألف الندبة بآخر الصفة نحو: وا زيد الظريفا ويعضده قول
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإبهام وقد ينازع في دعوى الفقد بالنسبة إلى اسم الإشارة المصحوب بإشارة حسية تعين المشار إليه. قوله: "ويندب الموصول" الخالي من أل أي: عند الكوفيين وهو عند البصريين شاذ, واتفق الجميع على منع ندبة الموصول المبدوء بأل وإن اشتهرت صلته فلا يقال: وا الذي حفر بئر زمزماه إذ لا يجمع بين حرف الندبة وأل. تصريح. قوله: "بالذي اشتهر" متعلق بالموصول لا بيندب أي: بالذي اشتهر انتسابه إلى الموصول.
قوله: "كبئر زمزم" مثال لندبة الموصول بما اشتهر بملاحظة قوله: يلي وا من حفر فكأنه قال كوا من حفر بئر زمزماه. قال في التصريح: وأصل زمزم زمم أبدلت الميم الثانية زايًا قاله في الفردوس. قوله: "ومنتهى المندوب" أي: منتهاه حقيقة أو حكمًا كما في الموصول، فإن الألف تكون في آخر الصلة وهو آخر الموصول حكمًا. قوله: "مطلقًا" أي: مفردًا أو مضافًا أو شبيهًا به أو غيرها مما سيذكره. قوله: "صلة بالألف" ويكون المفرد مبنيا على ضم مقدر على قياس ما عولنا عليه في المستغاث الملحق بالألف وعلى ما صرح به الشاطبي حيث قال: إذا قلت وا زيداه فالضم مقدر في آخر الاسم وكذلك وا غلاماه في غلام المضاف إلى الياء الإعراب مقدر في آخره ا. هـ. وأطلق الناظم كالنحويين وصل المندوب بالألف لكنه في التسهيل قيد ذلك بأن لا يكون في آخره ألف وهاء فلا يجوز وا عبد اللاهاه ولا واجهجاهاه في عبد الله وجهجاه لاستثقال ألف وهاء بعد ألف وهاء وبالجواز صرح ابن الحاجب وغيره.
قوله: "في المفرد" لعله أراد به معنى أخص من معناه السابق في النداء الذي هو ما ليس مضافًا ولا شبيهًا به بدليل مقابلته بالأقسام الثلاثة الأخيرة, إلا أن يكون ذكرها بعده من ذكر الخاص بعد العام لنكتة كقلة ندبتها.
قوله: "وا قام زيدًا" اعلم أن وا قام زيد بلا ألف الندبة مبني على ضم مقدر منع من ظهوره ضمة الحكاية وكذا بالألف مبني على ضم مقدر, لكن هل مانع ظهوره فتحة المناسبة أو ضمة الحكاية المحذوفة لأجل الألف كل محتمل والأقرب الأول؛ لأن اعتبار الملفوظ به مانعًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
948- راجع التخريج رقم 945.
250 | 463(1/248)
الندبة
كذاك تَنوينُ الذي بِهِ كَمَل من صِلَةٍ أو غَيْرِها نِلتَ الأَمَل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعض العرب واجمجمتي الشاميتينا. وهذه الألف "متلوها" وهو منتهى المندوب "إن كان" ألفا "مثلها حذف" لأجلها نحو: وا موساه، وأجاز الكوفيون قلبه ياء قياسًا فقالوا: وا موسياه "كذاك" يحذف لأجل ألف الندبة "تنوين الذي به كمل" المندوب "من صلة أو غيرها" مما مر كما رأيت "نلت الأمل" لضرورة أن الألف لا يكون قبلها إلا فتحة على ما رأيت، والتنوين لاحظ له في الحركة. هذا مذهب سيبويه والبصريين. وأجاز الكوفيون فيه مع الحذف وجهين: فتحه فتقول: وا غلام زيدناه وكسره مع قلب الألف ياء فتقول: وا غلام زيدنيه. قال المصنف: وما رأوه حسن لو عضده سماع لكن السماع فيه لم يثبت. وقال ابن عصفور: أهل الكوفة يحركون التنوين فيقولون: وا غلام زيدناه وزعموا أنه سمع ا. هـ. وأجاز
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أولى من اعتبار المحذوف وكذا في نحو: وا سيبويهاه مع إبدال ضمة الحكاية بكسر البناء الأصلي فتدبر. قوله: "وأجاز يونس إلخ" عزا جواز ذلك في الهمع إلى الكوفيين وابن مالك أيضًا. قوله: "بآخر الصفة إلخ" عبارة التصريح وأما لحاقها توابع المندوب, فقال ابن الخباز في النهاية: إنه لا خلاف في جواز لحاقها آخر الصفة إذا كانت ابنًا بين علمين نحو: وا زيد بن عمرا، وأما البدل والبيان والتوكيد فقياس قول سيبويه والخليل أن لا تلحق البيان والتوكيد, وعندي أنها تدخل آخر البدل؛ لأنه قائم مقام المبدل منه فتقول وا غلامنا زيداه، وتدخل العطف النسقي نحو: وا زيد وعمراه ا. هـ. وتدخل التوكيد اللفظي كما تقدم في قول عمر: وا عمراه وا عمراه ا. هـ. كلام التصريح، ومنه يعلم ما في كلام البعض من الخلل في غير موضع فانظره. قوله: "وا جمجمتي الشاميتينا" بضم الجيم تثنية جمجمة تطلق على عظم الرأس المشتمل على الدماغ وعلى القدح من خشب وهو المراد هنا، ضاع للقائل قدحان شاميان فندبهما. قوله: "متلوها" مبتدأ خبره الجملة الشرطية أو حذف وجواب الشرط على هذا محذوف, ولا فرق في حذف مثل الألف بين أن يكون جزء كلمة كما في المقصور أو كلمة كما في المضاف للياء على لغة من يقلبها ألفًا, وإذا كان متلوها همزة تأنيث لم تحذف كلمياء اسم امرأة, والكوفيون يحذفونها فتحذف الألف لالتقاء الساكنين.
قوله: "وا موساه" فموساه مبني على ضم مقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين, والألف الموجودة للندبة والهاء للسكت, وإنما ألحق هاء السكت به دون الأمثلة المتقدمة؛ لأنه لاختتامه بألف غير ألف الندبة لا يعرف كون الألف الموجودة فيه ألف الندبة إلا بانضمام الهاء إليها, بخلاف الأمثلة المتقدمة فافهم. قوله: "تنوين الذي به كمل" وأما المندوب فلا تنوين فيه حتى يحكم بحذفه كذا قال البعض، وقد يرد عليه نحو: قام زيد مسمى به، ويدفع بأن التنوين فيه تنوين جزئه الأخير لا تنوين مجموعه, فهو داخل في تنوين ما كمل به المندوب. قوله: "كما رأيت" أي: في مثال الناظم بناء على صرف زمزم باعتبار أنه علم على القليب, وكذا على منع صرفه باعتبار أنه علم على البئر إذا أريد بالتنوين في كلامه ما يشمل المقدر فيما لا ينصرف, وفي بعض أمثلة الشارح السابقة هو يا غلام زيدًا ووا قام زيدًا فاقتصار البعض على قوله أي: في مثال
251 | 463(1/249)
الندبة
والشَّكْلَ حَتْمًا أَولِهِ مُجانِسًا إن يَكُن الفَتْحُ بِوَهْم لابِسا
وواقِفًا زد هاء سكتٍ إن تُرِد وإن تَشَأ فالمَدَّ والها لا تَزِدْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفراء وجهًا ثالثًا وهو حذفه مع إبقاء الكسرة وقلب الألف ياء فتقول: وا غلام زيديه "والشكل حتمًا أوله" حرفًا "مجانسًا" فأول الكسر ياء والضم واوًا "إن يكن الفتح بوهم لابسا" دفعا للبس فتقول في ندبة غلام مضافًا إلى ضمير المخاطبة وا غلامكيه وفي ندبته مضافًا إلى ضمير الغائب وا غلامهوه إذ لو قلت: واغلامكاه لالتبس بالمذكر، ولو قلت: وا غلامهاه، لالتبس بالغائبة. قال في شرح الكافية: وهذا الاتباع يعني والحالة هذه متفق على التزامه فإن كان الفتح لا يلبس عدل بغيره إليه وبقيت ألف الندبة بحالها. فتقول في رقاش وا رقشاه، وفي عبد الملك وا عبد الملكاه، وفيمن اسمه قام الرجل وا قام الرجلاه، هذا مذهب أكثر البصريين، وأجاز الكوفيون الاتباع نحو: وا رقاشيه وا عبد الملكيه وا قام الرجلوه.
تنبيه: أجاز الكوفيون أيضًا الاتباع في المثنى نحو: وا زيدانيه واختاره في التسهيل "وواقفا زد" في آخر المندوب "هاء سكت" بعد المد "إن ترد وإن تشأ" عدم الزيادة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الناظم تقصير. قوله: "هذا مذهب سيبويه إلخ" حاصله أن في التنوين أربعة مذاهب. قوله: "وقال ابن عصفور إلخ" رد لقول المصنف لكن السماع فيه لم يثبت لقول الكوفيين أنه سمع فالزعم في كلامه بمعنى القول إذ لا يليق نسبتهم إلى الكذب في حكايتهم السماع.
قوله: "والشكل حتمًا إلخ" معناه أن آخر المندوب إذا كان محركًا بالكسر أو الضم فإن ألف الندبة تقلب حرفًا مجانسًا للحركة, ولا تحذف الحركة ويؤتى بالحركة المناسبة لألف الندبة إن كانت هذه الحركة وهي الفتحة موقعة في اللبس، ومن إيلاء الشكل حرفًا مجانسًا نحو: وا قوميه وا قوموه وا قاموه في ندبة قومي وقاموا مسمى بها. قال الفارضي لو سميت بقاموا قلت في الندبة: وا قاموه فتحذف واو قاموا لالتقاء الساكنين وتقلب ألف الندبة واوًا؛ لأنها بعد ضمة ولو سميت بقومي قلت: وا قوميه فتحذف ياء قومي لالتقاء الساكنين وتقلب ألف الندبة ياء؛ لأنها بعد كسرة ا. هـ. وما قيل في قاموا يقال في قوموا فعلم أن مسألة ندبة نحو: قومي وقوموا مسمى بهما داخلة تحت قوله: والشكل إلخ لا زائدة عليه كما يقتضيه كلام البعض فافهم. قوله:
"حتمًا أوله" يعني إذا أريد زيادة ألف الندبة فيما ذكر أبدلت حتمًا من جنس الحركة قبلها, وإلا فلو قلت: وا غلامك فقط صح كما علم من أول الكلام ومما يأتي سم. قوله: "بوهم لابسًا" من لبست الأمر عليه إذا خلطته فلم يعرف وجهه والوهم بسكون الهاء ذهاب ظن الإنسان إلى غير المراد, يقال وهمت في الشيء بالفتح أهم بالكسر وهما بالإسكان إذا ذهب ذهنك إليه وأنت تريد غيره، فالمعنى إن يكن الفتح خالصًا المقصود بغيره بسبب وهم, وأما الوهم بالتحريك فهو الغلط, يقال وهم في الحساب يهم وهمًا بالفتح إذا غلط.
قوله: "وهذا الاتباع" أي: اتباع حرف الندبة للحركة. قوله: "والحالة هذه" أي: كون الفتح ملبسًا لا مطلقًا. قوله: "عدل بغيره" أي: عن غيره. قوله: "في رقاش" هو اسم امرأة. قوله: "بعد
252 | 463(1/250)
الندبة
وقَائلٌ واعَبْدِيا واعَبْدَا من في النّدا اليا ذا سكونٍ أَبْدَى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"فالمد والهاء لا تزد" بل اجعله كالمنادى الخالي عن الندبة، وقد مر بيان الأوجه الثلاثة. وأفهم قوله: وواقفًا أن هذه الهاء لا تثبت وصلًا, وربما ثبتت في الضرورة مضمومة ومكسورة, وأجاز الفراء إثباتها في الوصل بالوجهين. ومنه قوله:
949-
ألا يا عَمْرُ عَمْرَاهُ وعمرو بنُ الزُّبيراهُ "وقائل" في ندبة المضاف للياء "واعبديا وا عبدا من في الندا اليا ذا سكون أبدى" فقال يا عبدي وأما من قال يا عبد بالكسر أو يا عبد بالفتح أو يا عبد بالضم أو يا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المد" أي: ألفًا كوا زيداه أو ياء كوا غلامكيه أو واوًا كوا غلامهوه. قوله: "بل اجعله كالمنادى إلخ" قال سم: يدل على أنه جعل المد والهاء معمولين للاتزد وقد يلزم عليه التكرار مع قوله أولًا ما للمنادى اجعل لمندوب ا. هـ. ويدفع بأن المراد بما للمنادى ما ثبت له من البناء على الضم تارة والنصب تارة أخرى وجواز الضم والنصب إذا نون اضطرارًا ونحو ذلك: لا عدم زيادة الألف والهاء وإلا ناقضه ما ذكره بعده من جواز زيادة الألف والهاء في المندوب نعم عدم وجوب زيادة الهاء وقفًا معلوم من قوله: إن ترد فالتنبيه بعد ذلك عليه تصريح بما علم مفهومًا. وأما عدم وجوب زيادة الألف فلم يعلم مما مر بل قوله: ومنتهى المندوب صله بالألف يوهم الوجوب فالتنبيه عليه محتاج إليه، فتلخص أن قوله: وإن تشأ إلخ محتاج إليه بالنسبة إلى زيادة الألف غير محتاج إليه بالنسبة إلى زيادة الهاء. قوله: "وقد مر بيان الأوجه الثلاثة" أي: زيادة الألف فقط والجمع بين الألف والهاء والخلو عنهما معًا.
قوله: "وربما ثبتت في الضرورة" أي: وصلًا. قوله: "مضمومة" أي: تشبيهًا بهاء الضمير ومكسورة أي: لالتقاء الساكنين. زاد ابن فلاح ومفتوحة فارضي والفتح لخفته. قوله: "وأجاز الفراء إثباتها في الوصل" أي: اختيارًا. قوله: "ومنه" أي: من ثبوتها في الوصل ضرورة. والشاهد في الأول؛ لأن محل الوصل هو العروض وأما الضرب فمحل وقف فلا شاهد فيه. وقد يقال العروض هنا مصرعة فهي في حكم الضرب فتكون أيضًا محل وقف فلا شاهد في البيت أصلًا وقوله:
وعمرو بن الزبيراه هذا هو الصواب دون ما في بعض النسخ:
ويا عمرو بن الزبيراه لأن زيادة يا تخل بالوزن وتحريك الهاء وقفًا في البيت للروي. قوله: "وقائل" خبر مقدم ومن مبتدأ مؤخر وأبدى صلة من واليًا مفعول أبدى وذا سكون حال من اليا. قوله: "وا عبديا" بفتح الياء لأجل ألف الندبة. قوله: "وا عبدًا" بحذف الياء لالتقاء الساكنين وهذا ونحوه منصوب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
949- البيت من الهزج، وهو بلا نسبة في الدرر 3/ 42؛ ورصف المباني ص27؛ وشرح ابن عقيل ص532؛ والمقاصد النحوية 4/ 273؛ والمقرب 1/ 184.
253 | 463(1/251)
الترخيم
الترخيم:
تَرْخيمًا احذفْ آخرَ المنادَى كيا سُعا فيمن دعا سُعادا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبدا بالألف اقتصر على الثاني، ومن قال يا عبدي، بإثبات الياء مفتوحة اقتصر على الأول.
تنبيه: فتح الياء في ذي الوجهين المذكورين مذهب سيبويه وحذفها مذهب المبرد.
خاتمة: إذا ندب مضاف إلى مضاف إلى الياء لزمت الياء؛ لأن المضاف إليها غير مندوب نحو: وا ولد عبديا والله أعلم.
الترخيم:
"ترخيما احذف آخر المنادى" الترخيم في اللغة ترقيق الصوت وتليينه. يقال صوت رخيم أي: سهل لين. ومنه قوله:
950-
لها بَشَرٌ مثلُ الحريرِ ومنطِقٌ رخيمُ الحواشي لا هُراءٌ ولا نَزْرُ أي: رقيق الحواشي. وأما في الاصطلاح فهو حذف بعض الكلمة على وجه مخصوص. وهو على نوعين: ترخيم التصغير كقولهم في أسود سويد وسيأتي في بابه،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بفتحة مقدرة منع من ظهورها الفتحة لأجل الألف وليس بمبني؛ لأنه مضاف سم. قوله: "اقتصر على الثاني" أي: وا عبدًا بغير عمل سوى الإتيان بألف الندبة على لغة من قلب الياء ألفًا وحذفها وأبقى الفتحة التي قبل الألف المحذوفة وبقلب الكسرة والضمة على لغتيهما فتحة لأجل ألف الندبة, وبحذف الألف المنقلبة عن ياء المتكلم لأجل ألف الندبة على لغة من قلب الياء ألفًا وأبقاها. قوله: "اقتصر على الأول" أي: يا عبديا بغير عمل سوى الإتيان بألف الندبة. قوله: "في ذي الوجهين" هو يا عبدي بسكون الياء ووجهاه وا عبديا وا عبدًا كما مر. قوله: "لزمت الياء" يمكن حذفها على تقدير سكونها لالتقاء الساكنين وإن لم يكن المضاف إليها مندوبًا سم.
الترخيم:
قوله: "ترقيق الصوت وتليينه" عبارة التصريح الترخيم لغة التسهيل والتليين فلم يقيد بالصوت. قوله: "أي: سهل لين" المناسب لعبارته قبل أن يقول أي: رقيق لين نعم هو مناسب لعبارة التصريح السابقة, ولقول القاموس رخم الكلام ككرم فهو رخيم لان وسهل كرخم كنصر. قوله: "رخيم الحواشي" لعل المراد بها الكلمات. وفي القاموس الحاشية جانب الثوب وغيره وقوله: لا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
950- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص577؛ وجمهرة اللغة ص1106؛ والخصائص 1/ 29؛ 3/ 302؛ وشرح شواهد الإيضاح ص333؛ وشرح شواهد الشافية ص491؛ وشرح المفصل 1/ 16؛ ولسان العرب 1/ 181 "هرأ"، 5/ 203 "نزر"؛ والمحتسب 1/ 334؛ والمقاصد النحوية 4/ 285؛ وبلا نسبة في أساس البلاغة ص482 "هرأ"؛ وتذكرة النحاة ص45؛ وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 255؛ وشرح ابن عقيل ص533؛ وشرح المفصل 2/ 19.
254 | 463(1/252)
الترخيم
وجَوَّزنَهُ مُطلقًا في كلِّ ما أُنِّثَ بالها والذي قد رُخِّما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وترخيم النداء وهو مقصود الباب وهو حذف آخر المنادى "كيا سعا فيمن دعا سعادا" وإنما توسع في ترخيم المنادى؛ لأنه قد تغير بالنداء، والترخيم تغيير والتغيير يأنس بالتغيير فهو ترقيق.
تنبيه: أجاز الشارح في نصب ترخيمًا ثلاثة أوجه: أن يكون مفعولًا له أو مصدرًا في موضع الحال أو ظرفًا على حذف مضاف. وأجاز المرادي وجهًا رابعًا وهو أن يكون مفعولًا مطلقًا وناصبه احذف؛ لأنه يلاقيه في المعنى. وأجاز المكودي وجهًا خامسًا وهو أن يكون مفعولًا مطلقًا لعامل محذوف أي: رخم ترخيمًا "وجوزنه" أي: جوز الترخيم "مطلقًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هراء إلخ الهراء بضم الهاء وتخفيف الراء الكلام الكثير والنزر بفتح النون وسكون الزاي القليل, وأراد أن كلامها متوسط لا كثير ممل ولا قليل مخل. قوله: "ترخيم التصغير" أي: حذف بعض الحروف لأجل التصغير. قوله: "وهو حذف آخر المنادى" أي: للتخفيف لا للإعلال ولم يقيد الآخر بكونه حرفًا فشمل كلامه الحرف والحرفين وعجز المركب. ويرد على التعريف أنه غير مانع لشموله نحو: يا يد ويا دم إذ في كل حذف آخر المنادى للتخفيف إلا أن يخرج باعتبار قيد الحيثية أي: من حيث هو آخر المنادى فاعرف ذلك.
قوله: "في ترخيم" في بمعنى الباء السببية. قوله: "فهو ترقيق" بيان للمناسبة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي لكن كان المناسب ذكره عقب المعنى الاصطلاحي لظهور تفريعه عليه فتأمل. قوله: "أن يكون مفعولًا له" رد بأن الترخيم حذف آخر المنادى فيلزم تعليل الشيء بنفسه, وبأن المفعول له يشترط أن يكون قلبيا على الراجح ويمكن دفعهما بتقدير مضاف أي: لإرادة الترخيم لكن يلزم أن المعنى رخم لإرادة الترخيم مثل اضرب لإرادة الضرب وفيه ركاكة لا تخفى. قوله: "أو مصدرًا في موضع الحال" أي: من فاعل احذف أي: مرخمًا لا من المنادى؛ لأنه وإن كان المضاف بعض المضاف إليه فشرط اتيان الحال من المضاف إليه موجود فحال المضاف إليه لا يتقدم عليه. ثم هذه الحال مؤكدة.
قوله: "أو ظرفًا على حذف مضاف" أي: وقت ترخيم وهو وقت اجتماع شروط الترخيم. قوله: "لأنه" أي: احذف بقيد تعلقه بآخر المنادى أما الحذف من حيث هو فأعم من الترخيم. قوله: "مفعولًا مطلقًا لعامل محذوف" أي: ناب ذلك المفعول المطلق منابه في الدلالة على الطلب فيكون قوله: احذف إلخ من التأكيد اللفظي بالمساوى؛ لأن الحذف بقيد تعلقه بآخر المنادى مساوٍ في المعنى للترخيم فليس المفعول المطلق على هذا من باب المصدر المؤكد لعامله حتى يرد أن المصنف يمنع حذف عامل المؤكد, بل من باب الآتي بدلًا من فعله. وجوز الشيخ خالد وجهًا سادسًا وهو أن يكون ترخيمًا مفعولًا به لفعل شرط حذف مع أداته وحذفت الفاء من جوابه للضرورة, والتقدير: إن أردت ترخيمًا فاحذف آخر المنادى وفيه تكلف.
قوله: "مطلقًا" أي: عن التقييد الآتي في غير المؤنث بالهاء بقوله: إلا الرباعي إلخ لكن
255 | 463(1/253)
الترخيم
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في كل ما أنت بالها" أي: سواء كان علمًا أو غير علم ثلاثيا أو زائدًا على الثلاثي كقوله:
951-
أفاطِمُ مَهلًا بعْضَ هذا التَّدلُّلِ وكقوله:
952-
جاري لا تَسْتنكِري عَذِيري ونحو: يا شا ادجني. أي: أقيمي بالمكان. يقال دجن بالمكان يدجن دجونًا أي: أقام به.
تنبيهات: الأول قيد في التسهيل ما أطلقه هنا بالمنادى المبني لإخراج النكرة غير المقصودة والمضاف فلا يجوز الترخيم في نحو قول الأعمى: يا جارية خذي بيدي لغير معينة. ولا في نحو: يا طلحة الخير. وأما قوله:
953-
يا عَلقمَ الخيرِ قد طالَتْ إقامَتُنا فنادر. الثاني شرط المبرد في ترخيم المؤنث بالهاء العلمية فمنع ترخيم النكرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراد الإطلاق عن ذلك في الجملة وإلا لاقتضى جواز ترخيم المؤنث بالهاء ولو كان مضافًا أو مركبًا إسناديا, وليس كذلك أفاده سم. وإلى كون الإطلاق في الجملة أشار الشارح باقتصاره في بيان الإطلاق على ما ذكره ولم يقل مضافًا أو غيره صاحب إسناد أو غيره. قوله: "مهلًا" اسم مصدر أمهل منصوب بفعل حذف وأقيم هو مقامه والأصل أمهلي مهلًا قال العيني: ومعناه كفى. قوله: "عذيري" العذير بفتح العين المهملة وكسر الذال المعجمة ما يعذر الإنسان فيه ا. هـ. فارضي وهو صادق بما يعذر الإنسان في تركه فهو أعم من قول الشارح على ما في كثير من النسخ. العذير بكسر الذال المعجمة الأمر الذي يحاوله الإنسان ويعذر على فعله. قوله: "يا شا ادجني" أي: يا شاة وهو مثال للثلاثي. قوله: "بالمنادى المبني" يشمل المبني قبل النداء كحذام مع أنه لا يرخم على الأصح والمختص بالنداء والمندوب والمستغاث مع أنها لا ترخم كما سيأتي. قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
951- عجزه:
وإن كُنتِ قد أَزْمعت صَرمي فأَجْملي البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص12؛ والجنى الداني ص35؛ وخزانة الأدب 11/ 222؛ والدرر 3/ 16؛ وشرح شواهد المغني 1/ 20؛ والمقاصد النحوية 4/ 289؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 67؛ ورصف المباني ص52؛ ومغني اللبيب 1/ 13؛ وهمع الهوامع 1/ 172.
952- الرجز للعجاج في ديوانه 1/ 332؛ وخزانة الأدب 2/ 125؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 461؛ وشرح التصريح 2/ 185؛ وشرح شواهد الإيضاح ص355؛ وشرح المفصل 2/ 16، 20؛ والكتاب 2/ 231، 241؛ ولسان العرب 4/ 548 "عذر"؛ والمقاصد النحوية 4/ 277؛ والمقتضب 4/ 260؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 58؛ وشرح عمدة الحافظ ص296.
953- الشطر من البسيط.
256 | 463(1/254)
الترخيم
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقصودة والصحيح جوازه كما تقدم. الثالث: منع ابن عصفور ترخيم صلعمة بن قلعمة؛ لأنه كتابة عن المجهول الذي لا يعرف وإطلاق النحاة بخلافه، وليس كونه كناية عن المجهول بمانع؛ لأنه علم جنس. الرابع: إذا وقف على المرخم بحذف الهاء فالغالب أن تلحقه هاء ساكنة، فتقول في المرخم: يا طلحة فقيل هي هاء السكت وهو ظاهر كلام سيبويه. وقيل هي التاء المحذوفة أعيدت لبيان الحركة وإليه ذهب المصنف. قال في التسهيل: ولا يستغنى غالبًا في الوقف على المرخم بحذفها عن إعادتها أو تعويض ألف منها. وأشار بالتعويض إلى قوله:
954-
قِفي قَبلَ التفرُّقِ يا ضُباعا فجعل ألف الإطلاق عوضًا عن الهاء ونص سيبويه وابن عصفور على أن ذلك لا يجوز إلا في الضرورة. وأشار بقوله: غالبًا إلى أن بعض العرب يقف بلا هاء ولا عوض. حكى سيبويه يا حرمل بالوقف بغير هاء. قال أبو حيان: أطلقوا في لحاق هذه الهاء. ونقول إن كان الترخيم على لغة من لا ينتظر لم تلحق. هذا كلامه وهو واضح. الخامس: اختلف النحاة في قوله:
955-
كِليني لَهُمْ يا أُميمةَ ناصِبِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"لغير معينة" صلة قول. قوله: "كما تقدم" أي: في قوله أو غير علم مع تمثيله بجاري ويا شا.
قوله: "صلعمة بن قلعمة" الذي بخط الشارح صلمعة بن قلمعة بتقديم الميم على العين وكذا في القاموس. قوله: "لأنه علم جنس" ولهذا منع الصرف ا. هـ. دماميني. قوله: "بحذف الهاء" صلة المرخم. قوله: "لبيان الحركة" أي: حركة ما قبل المحذوف وهو في المثال المذكور الحاء المهملة. قوله: "لم تلحق" لأنه نقض لما عزموا عليه من جعله اسمًا تامًا حتى بنوه على الضم سم. قوله: "كليني" بكسر الكاف أي: دعيني من وكله وكلا وناصب بالجر صفة هم من النصب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
954- عجزه:
ولا يكُ مَوقفٌ منك الوداعا والبيت من الوافر، وهو للقطامي في ديوانه ص31؛ وخزانة الأدب 2/ 367؛ والدرر 3/ 57؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 444؛ وشرح شواهد المغني 2/ 849؛ والكتاب 2/ 243؛ ولسان العرب 8/ 218 "ضبع"، 8/ 385 "ودع"؛ واللمع ص120؛ والمقاصد النحوية 4/ 295؛ والمقتضب 4/ 94؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 9/ 285، 286، 288، 293؛ والدرر 2/ 73؛ وشرح المفصل 7/ 91؛ ومغني اللبيب 2/ 452.
955- عجزه:
وليلٍ أُقاسيه بطيءِ الكواكبِ والبيت من الطويل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص40؛ والأزهية ص237؛ وخزانة الأدب 2/ 321، 325، 3/ 272، 4/ 392، 5/ 74، 75، 11/ 22؛ والدرر 3/ 57؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 445؛ والكتاب 2/ 207، 3/ 382؛ وكتاب اللامات ص102؛ ولسان العرب 1/ 721 "كوكب"، 1/ 758 "نصب"، 6/ 6 "أسس"،=
257 | 463(1/255)
الترخيم
بِحَذْفِها وَفِّرْهُ بعدُ واحْظُلا تَرْخيمَ ما من هذه الها قد خَلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بفتحك أميمة من غير تنوين فقال قوم: ليس بمرخم، ثم اختلفوا فقيل هو معرب نصب على أصل المنادى ولم ينون؛ لأنه غير منصرف، وقيل بني على الفتح؛ لأن منهم من يبني المنادى المفرد على الفتح؛ لأنها حركة تشاكل كل حركة إعرابه لو أعرب، فهو نظير لا رجل في الدار. وأنشد هذا القائل:
956-
يا ريحَ من نحوِ الشمالِ هُبِّي بالفتح. وذهب أكثرهم إلى أنه مرخم فصار في التقدير: يا أميم ثم أقحم التاء غير معتد بها، وفتحها؛ لأنها واقعة موقع ما يستحق الفتح وهو ما قبل هاء التأنيث المحذوفة المنوية وهو ظاهر كلام سيبويه. وقيل فتحت اتباعًا لحركة ما قبلها وهو اختيار المصنف "والذي قد رخما بحذفها" أي: بحذف الهاء "وفره بعد" أي: لا تحذف منه شيئًا بعد حذف الهاء ولو كان لينًا ساكنًا زائدًا مكملًا أربعة فصاعدًا، فتقول في عقنباة يا عقنبا بالألف، وأجاز سيبويه أن يرخم ثانيًا على لغة من لا يراعي المحذوف. ومنه قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو التعب قاله العيني وتابعه غيره كشيخنا والبعض وفيه أن الهم متعب لا تاعب إلا أن يكون التقدير: تاعب صاحبه, ثم رأيت في القاموس ما نصه وهمّ ناصب منصب على النسب وسمع نصبه الهم أتعبه, ثم قال: ونصبه المرض ينصبه أوجعه كأنصبه ا. هـ. فأفاد ثلاثة أوجه أخرى: وهي أن يكون ناصب من قبيل النسب كلابن وتامر وأن يكون اسم فاعل نصبه بمعنى أتعبه وأن يكون اسم فاعل نصبه بمعنى أوجعه.
قوله: "فقيل هو معرب" تشبيهًا بالمضاف لكنه شاذ. قوله: "لأنها" أي: الفتح وأنثه باعتبار الخبر وهو حركة. قوله: "يا ريح" قال ابن غازي: ولا يمكن دعوى إعراب ريح؛ لأنه لم ينون مع كونه منصرفًا بخلاف أميمة. قوله: "هبي" بضم الهاء أمر من هب. قوله: "ثم أقحم التاء" أي: زادها بين الميم وهاء التأنيث المحذوفة للترخيم. قوله: "غير معتد بها" أي: غير جاعلها تاء التأنيث التي كانت محذوفة للترخيم إذ لو اعتد بها لما كان مرخمًا. قوله: "لأنها واقعة إلخ" لو قال لاستحقاقها الفتح بوقوعها قبل هاء التأنيث لكان أوضح وأخصر.
قوله: "وقيل فتحت إلخ" أي: كفتحة دال يا زيد ابن عمرو اتباعًا لفتحة النون بل الاتباع هنا أولى؛ لأنه في كلمة؛ ولأنه اتباع متأخر لمتقدم. قوله: "وهو اختيار المصنف" لعل وجهه أن فيما اختاره المصنف مراعاة ملفوظ وهو حركة الميم وفيما قبله مراعاة محذوف وهو تاء التأنيث المحذوفة للترخيم المقتضية فتح ما قبلها. قوله: "وفره بعد" أي: بعد حذفها. قوله: "فتقول في عقنباة" أي: في ترخيمه وهو بفتح العين المهملة والقاف وسكون النون بعدها موحدة يقال عقاب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= 8/ 172 "شبع"؛ والمقاصد النحوية 4/ 303؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص121؛ وجمهرة اللغة ص350، 982؛ ورصف المباني ص161؛ وشرح المفصل 2/ 107.
956- الرجز بلا نسبة في المقاصد النحوية 4/ 294.
258 | 463(1/256)
الترخيم
إلا الرُّباعِي فما فوقُ العَلَمْ دونَ إضافةٍ وإسنادٍ مُتَمّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
957-
أحارُ بنَ بدر قد وَلِيتَ وِلايَةً يريد أحارثة. وقوله:
958-
يا أَرْطُ إنَّكَ فاعل ما قُلتَهُ أراد يا أرطاة "واحظلا" أي: امنع "ترخيم ما من هذه الها قد خلا. إلا الرباعي فما فوق" أي: فأكثر "العلم دون إضافة و" دون "إسناد متم" فهذه أربعة شروط: الأول أن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عقنباة أي: حديدة المخالب. قوله: "أن يرخم ثانيًا" أي: إن بقي بعده ثلاثة أحرف سيوطي. قوله: "على لغة من لا يراعي المحذوف" أي: من لا ينتظره واعترض هذا التقييد أبو حيان بأن كون الشاعر رخم أولًا بحذف التاء على لغة من لا ينتظر يحتاج إلى وحي يسفر عنه, ولو قيل إن المؤنث بالتاء يجوز في ترخيمه حذف التاء فقط وهو الكثير وحذفها مع ما قبلها كما في منصور لكان قولًا نقله شيخنا ثم قال: وانظر على مذهب سيبويه بعد حذف الحرف الذي قبل الآخر هل تتعين لغة من لا ينوي أولًا ا. هـ. وكلام العيني صريح في عدم التعين فإنه ضبط حار في البيت بكسر الراء حيث قال: والشاهد في أحار بن بدر حيث أريد به حارثة فرخمه أولًا بحذف الهاء على لغة من لم ينو رد المحذوف, ثم رخمه ثانيًا بحذف التاء على لغة من نوى رد المحذوف, ويؤخذ من كون المقيد بلغة من لا ينتظر عند سيبويه هو الترخيم الأول أن قوله:
على لغة إلخ متعلق بأحار أو بمحذوف تقديره: إن رخم أولًا على لغة إلخ لا بقوله: أن يرخم ثانيًا. قوله: "ما قلته" بفتح التاء بقرينة قوله بعد:
والمرء يستحي إذا لم يصدق قوله: "أراد يا أرطاة" علم منقول من اسم شجرة يدبغ بها قيل همزته زائدة وألفه أصلية ويعضده قولهم: مرطى, وقيل همزته أصلية وألفه زائدة للإلحاق بعرفجة ويؤيده قولهم: مأروط ا. هـ. ابن غازي. قوله: "العلم" بدل من الرباعي أو عطف بيان عليه ودون حال من الرباعي. قوله: "وإسناد" أي: في الغالب بدليل قوله الآتي: وقل ترخيم جملة. قوله: "متم" على زنة اسم المفعول نعت إسناد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
957- عجزه:
فكُنْ جُرَذًا فيها تخونُ وتَسْرِقُ والبيت من الطويل، وهو لأنس بن زينم في لسان العرب 10/ 157 "سرق"؛ والمقاصد النحوية 4/ 296؛ وله أو لأنس بن أبي أنيس في الدرر 3/ 54؛ ولأبي الأسود الدؤلي في ديوانه ص177؛ والعقد الفريد 3/ 90؛ ولأنس بن أنيس، أو لابن أبي إياس الديلي، أو لأبي الأسود الدؤلي في أمالي المرتضى 1/ 384؛
وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 9/ 44؛ وهمع الهوامع 1/ 183.
958- عجزه:
والمرءُ يستحي إذا لم يَصْدُقِ والبيت من الكامل، وهو لزميل من الحارث الفزاري في الأغاني 13/ 37؛ والدرر 3/ 55؛ والمقاصد النحوية 4/ 298؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 184.
259 | 463(1/257)
الترخيم
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يكون رابعيا فصاعدًا، فلا يجوز ترخيم الثلاثي سواء سكن وسطه نحو: زيد أو تحرك نحو: حكم. هذا مذهب الجمهور. وأجاز الفراء والأخفش ترخيم المحرك الوسط. وأما الساكن الوسط فقال ابن عصفور: لا يجوز ترخيمه قولًا واحدًا. وقال في الكافية: ولم يرخم نحو: بكر أحد، والصحيح ثبوت الخلاف فيه، حكي عن الأخفش وبعض الكوفيين إجازة ترخيمه، وممن نقل الخلاف فيه أبو البقاء العكبري وصاحب النهاية وابن الخشاب وابن هشام. الثاني: أن يكون علمًا، وأجاز بعضهم ترخيم النكرة المقصودة نحو: يا غضنف في غضنفر قياسًا على قولهم: أطرق كراء، ويا صاح. الثالث: أن لا يكون ذا إضافة خلافًا للكوفيين في إجازتهم ترخيم المضاف إليه كقوله:
959-
خُذُوا حِذْركُم يا آلَ عِكْرمَ واعلَموا وهو عند البصريين نادر وأندر منه حذف المضاف إليه بأسره كقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال سم: كأنه احتراز عن النسبة الإضافية والتوصيفية. قوله: " أن يكون رباعيا فصاعدًا" أي: لئلا يلزم نقص الاسم عن أقل أبنية المعرب بلا موجب. قوله: "ترخيم المحرك الوسط" أي: تنزيلًا لحركة الوسط منزلة الحرف الرابع ولهذا كان نحو سقر غير مصروف, وفرق الجمهور بأن حركة الوسط ثمت اعتبرت في حذف حرف زائد على الكلمة وهو التنوين وههنا في حذف حرف أصلي, وأيضًا ليس الحذف هنا واردًا على حرف بعينه بل على أي: حرف كان آخرًا فهو مظنة الاشتباه بخلاف عدم الصرف فإنه حذف التنوين لا غير. قوله: "وابن هشام" عبارة الهمع وابن هشام الخضراوي. قوله: "أن يكون علمًا" أي: شخصيا أو جنسيا؛ لأن العلم لكثرة ندائه يناسبه التخفيف بالترخيم. قوله: "قياسًا على قولهم إلخ" اعترضه شيخنا وتبعه البعض بأن أطرق كرا ويا صاح شاذان؛ لأن كلا اسم جنس خال من التاء فلا يقاس عليهما وفيه أن هذا اعتراض بمذهب الغير فإن من يجيز ترخيم النكرة المقصودة لا يقول بشذوذ أطرق كرا ويا صاح.
قوله: "ويا صاح" قال في شرح الكافية: وكثر دعاء بعضهم بعضًا بالصاحب فأشبه العلم فرخم بحذف يائه ا. هـ. وليس مراده بيان أنه مقيس بل بيان المسهل لترخيمه. قوله: "أن لا يكون ذا إضافة"؛ لأن الحذف من المضاف يمنع منه أن المتضايفين كالشيء الواحد فالحذف منه بمنزلة حذف حشو الكلمة والحذف من المضاف إليه يمنع منه أن تالي أداة النداء المضاف, فالحذف من المضاف إليه بمنزلة الحذف من غير المنادى والمراد بذي الإضافة المضاف حقيقة أو حكمًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
959- عجزه:
أواصرنا والرِّحْمُ بالغيب تُذْكَرُ والبيت من الطويل، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص214؛ وأسرار العربية ص239؛ والإنصاف 1/ 347؛ وخزانة الأدب 2/ 329، 330؛ والدرر 3/ 51 وشرح أبيات سيبويه 1/ 462؛ وشرح المفصل 2/ 20؛ والكتاب 2/ 271؛ ولسان العرب 3/ 333 "فرد"، 4/ 549 "عذر"؛ والمقاصد النحوية 4/ 290 وبلا نسبة في لسان العرب 12/ 233 "رحم"؛ 12/ 416 "عكرم"؛ وهمع الهوامع 1/ 181.
260 | 463(1/258)
الترخيم
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
960-
يا عَبْدَ هل تَذْكُرني ساعةً يريد يا عبد هند يخاطب عبد هند اللخمي وذلك علم له. وتقدم أن ترخيم المضاف نادر أيضًا كما في نحو: يا علقم الخير. الرابع: أن لا يكون ذا إسناد فلا يجوز ترخيم برق نحره وتأبط شرا وسيأتي الكلام عليه.
تنبيه: أهمل المصنف من شروط الترخيم مطلقًا ثلاثة: الأول: أن
يكون مختصا بالنداء فلا يرخم نحو: فل وفلة. الثاني: أن لا يكون مندوبًا. الثالث: أن لا يكون مستغاثًا. وأما قوله:
961-
كُلَّما نادى مُنادٍ منهم يا لِتيمِ اللهِ قلنا يا لِمال فضرورة أو شاذ. وأجاز ابن خروف ترخيم المستغاث إذا لم يكن فيه اللام كقوله:
962-
أعام لك ابنُ صَعصعةَ بنِ سَعْدٍ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيدخل شبه المضاف فلا يرخم كما في الدنوشري. قوله: "وذلك علم له" أي: فهو داخل في العلم فيصح الاحتراز عنه بأن لا يكون ذا إضافة فلا يقال إن المضاف خارج بالعلم.
قوله: "أن لا يكون ذا إسناد" أي: إن لا يكون منقولًا عن الجملة؛ لأن الجملة محكية بحالها فلا تغير. قوله: "وسيأتي الكلام عليه" يشير إلى أن اشتراط عدم الإسناد أكثري كما سيأتي. قوله: "مطلقًا" أي: سواء كان بتاء التأنيث أو لا. قوله: "ثلاثة" زاد السيوطي أن لا يكون مبنيا قبل النداء فلا يرخم يا حذام وقد مر ذلك. قوله: "أن لا يكون مندوبًا" قال شيخنا: ظاهره ولو بدون ألف الندبة وهو مفهوم كلام الرضي ا. هـ. وإنما لم يرخم المندوب؛ لأن الغالب زيادة الألف في آخره لمد الصوت إظهارًا للتفجع فلا يناسبه الترخيم. قوله: "أن لا يكون مستغاثًا" أي: لا مجرورًا باللام لعدم ظهور أثر النداء فيه من النصب أو البناء على الضم فلم يرد عليه الترخيم الذي هو من خصائص المنادى ولا مفتوحًا بزيادة الألف؛ لأن الزيادة تنافي الحذف ولا مجردًا من اللام والألف إلحاقًا له بذي اللام والألف. قوله: "يا لمال" أي: يا لمالك. قوله: "أعام" أي: يا عامر وتقدم أن الاستغاثة مختصة بيا وأن الاستغاثة بغيرها شاذة فقوله: أعام فيه شذوذ من وجهين نداء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
960- عجزه:
في مَوْكبٍ أو رائدًا للقنيصْ والبيت من السريع، وهو لعدي بن زيد في ديوانه ص69؛ والمقاصد النحوية 4/ 298؛ وبلا نسبة في شرح التصريح 2/ 184.
961- البيت من الرمل، وهو لمرة بن الوراغ في المقاصد النحوية 4/ 300؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص164؛ وشرح التصريح 2/ 184.
962- صدره:
تمناني ليلقاتي لقيطُ والبيت من الوافر، وهو للأخوص "أو الأحوص" بن شريح في الكتاب 2/ 238؛ والمقاصد النحوية 4/ 300؛ وبلا نسبة في الدرر 3/ 50؛ وشرح التصريح 2/ 184؛ وهمع الهوامع 1/ 181.
261 | 463(1/259)
الترخيم
ومَعَ الآخِرِ احذفْ الذي تَلا إن رِيدَ لَينًا ساكنًا مُكمِّلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والصحيح ما مر "ومع" حذف الحرف "الآخر" في الترخيم "احذف" الحرف "الذي تلا" أي: الذي تلاه الآخر وهو ما قبل الآخر ولكن بشروط أربعة: الأول وإليه أشار بقوله: "إن زيد" أي: إن كان ما قبل الآخر زائدًا، فإن كان أصليا لم يحذف نحو: مختار ومنقاد علمين؛ لأن الألف فيهما منقلبة عن عين الكلمة، فتقول يا مختا ويا منقا. الثاني: أن يكون "لينًا" أي: حرف لين وهو الألف والواو والياء، فإن كان صحيحًا لم يحذف سواء كان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المستغاث بغيريا وترخيمه ولعل قوله: لك خبر لمحذوف أي: ندائي لك أو استغاثة ثانية بعامر والتقدير: يا لك وابن صعصعة نعت لعامر وصدر البيت:
تمناني ليقتلني لقيط وهو اسم رجل. قوله: "والصحيح ما مر" أي: من أنه لا يرخم المستغاث مطلقًا. قوله: "احذف" أي: وجوبًا كما في ابن عقيل وعن الفراء لو سمي بنحو: حمراء جاز حذف الهمزة فقط. قوله: "ولكن بشروط أربعة" تقدم ما يؤخذ منه شرط خامس عند غير سيبويه وهو أن لا يكون الآخر تاء التأنيث كما في أرطاة. قوله: "الأول" مبتدأ خبره محذوف دل عليه الكلام تقديره كونه زائدًا إذ لا جائز أن يكون قول المصنف: إن زيد خبرًا؛ لأنه لا يصلح للخبرية؛ ولأن الشارح جعله مقول القول ولا قول الشارح وإليه إلخ لاقترانه بالواو.
قوله: "إن زيد إلخ" يشمل نحو: هندات وحمدون وزيدين أعلامًا فترخم بحذف الآخر وما قبله ولا يجوز بقاء الألف في هندات علمًا؛ لأن تاءه ليست للتأنيث كذا في الفارضي وظاهر إطلاقه جواز ترخيم ما ذكر على لغة من ينتظر ومن لا ينتظر مع أن ترخيم هندات وزيدين على لغة من لا ينتظر يلبس بنداء المفرد الذي لا ترخيم فيه, وترخيم حمدون على اللغتين يلبس بذلك, ودعوى أن هذا الإلباس لا يلتفتون إليه يردها التفاتهم إليه في مواضع كثيرة من هذا الباب كما ستعرفه, ثم رأيت الفارضي قال: في موضع آخر ما نصه لو سمي بزيدين أو بما فيه ياء النسب كزيدي لزم ترخيمه على اللغة الأولى نحو: يا زيد بكسر الدال ولو رخم على الثانية لالتبس بمنادى لا ترخيم فيه ا. هـ. فهذا يدل على أن نحو: هندات وزيدين إنما يرخم على لغة من ينتظر ونحو: حمدون لا يرخم مطلقًا للإلباس وهذا هو الظاهر فتدبر.
قوله: "فتقول يا مختا ويا منقا" أي: خلافًا للأخفش حيث جوز يا مخت ويا منق بحذف الألف همع. قوله: "لينا" قال المكودي: حال من الضمير في زيد وهو مخفف لين ولا ينافي هذا الإعراب قول الشارح أن يكون لينًا؛ لأنه حل معنى ثم ما ذكر صريح في أن اللام مفتوحة وقول الشارح أي: حرف لين يقتضي أنه بكسرها إلا أن يجعل بيانًا لمعنى لينًا بفتحها واحترز به المصنف عن زائد ليس لينًا نحو: شمأل فالهمزة حرف زائد غير لين وكان الأولى للمصنف أن
262 | 463(1/260)
الترخيم
أَرْبعةً فصاعِدًا والخُلفُ في واوٍ وياءٍ بهما فَتحٌ قُفِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
متحركًا نحو: سفرجل أو ساكنًا نحو: قمطر فتقول يا سفرج ويا قمط خلافًا للفراء في قمطر فإنه يجيز يا قم بحذف حرفين. والثالث: أن يكون "ساكنًا" فإن كان متحركًا لم يحذف نحو: هبيخ وقنور فتقول يا هبخ وقنوى. والرابع: أن يكون "مكملًا أربعة فصاعدًا" فإن كان ثالثًا لم يحذف خلافًا للفراء كما في نحو: ثمود وعماد وسعيد فتقول يا ثمو ويا عما ويا سعي فالمستكمل الشروط نحو: أسماء ومروان ومنصور وشملال وقنديل علمًا، فتقول فيها يا أسم ويا مرو ويا منص ويا شمل ويا قند، ومنه قوله:
963-
يا أَسْم صَبرًا على ما كانَ من حَدَثٍ وقوله:
964-
يا مَرْو إنَّ مَطَيِتِّي مَحبوسةٌ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقول بدل لينًا مدا ليفيد اشتراط أن يكون قبله حركة من جنسه لفظًا كما في منصور أو تقديرًا كما في مصطفون علمًا, إذ أصله مصطفيون كما سيذكره الشارح ويستغنى عن قوله: ساكنًا. قوله: "فإن كان" أي: ما قبل الآخر. قوله: "نحو: سفرجل" اعترض إخراجه بهذا القيد بأنه خارج بقوله: قبل أن زيد؛ لأن الجيم أصلية. قوله: "نحو: قمطر" بكسر القاف وفتح الميم وسكون الطاء المهملة هو الجمل القوي الضخم والرجل القصير ا. هـ. قاموس وفسره صاحب المصباح بما يصان فيه الكتب. قال: ويذكر ويؤنث وربما أنث بالهاء فقيل قمطرة. قوله: "بحذف حرفين" علل بأن الاقتصار على حذف الحرف الأخير يوجب عدم النظير وهو سكون آخر الاسم الصحيح لفظًا وتقديرًا على لغة التمام ولفظًا فقط على لغة الانتظار وفيه أنه على لغة التمام يضم. قوله: "ساكنًا" قال يس: المحققون لا يطلقون أحرف اللين على أحرف العلة إلا إذا كانت ساكنة, فقوله ساكنًا وصف كاشف ا. هـ. ونقل ابن غازي عن بعضهم أن المصنف جعل اللين ههنا شاملًا للمحرك فلذلك أخرجه بقوله: ساكنًا بخلاف قوله: في باب التكثير ما لم يك لينًا.
قوله: "هبيخ" بفتح الهاء والموحدة وتشديد التحتية آخره خاء معجمة الغلام الممتلئ أي: السمين. قوله: "وقنور" بفتح القاف والنون وتشديد الواو آخره راء الصعب اليبوس من كل شيء. قوله: "لم يحذف خلافًا للفراء" حيث جوز أن يقال يا عم ويا ثم ويا سع وقيل إنما قال بالحذف في ثمود فقط فرارًا من بقاء آخر الاسم واوًا بعد ضمة همع. قوله: "علمًا" أي: في حالة كون كل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
963- عجزه:
إن الحوادِثَ مَلقيُّ ومُنْتَظِرُ والبيت من البسيط، وهو للبيد بن ربيعة في ملحق ديوانه ص364؛ والكتاب 2/ 258؛ ولأبي زبيد الطائي في ملحق ديوانه ص151؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 435؛ وللبيد أو لأبي زبيد في شرح التصريح 2/ 186؛ والمقاصد النحوية 4/ 288؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 63.
964- عجزه:
ترجو الحياءَ ورَبُّها لم يَيأسِ والبيت من الكامل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 384؛ وخزانة الأدب 6/ 347؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 505؛ وشرح التصريح 2/ 186؛ والكتاب 2/ 257؛ واللمع ص199؛ والمقاصد النحوية 4/ 292؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 62؛ وشرح قطر الندى ص215؛ وشرح المفصل 2/ 22.
263 | 463(1/261)
الترخيم
والعَجُزَ احذفْ من مُركَّبٍ وقَل تَرْخيمُ جُملَةٍ وذا عمرو نَقَل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"والخلف في واو وياء" استكملا الشروط المتقدمة لكن "بهما فتح قفي" نحو: فرعون وغرنيق علمًا، فذهب الجرمي والفراء إلى أنه يحذف مع الآخر كالذي قبله حركة مجانسة، فيقال يا فرع ويا غرن. قال في شرح الكافية: وغيرهما لا يجيز ذلك، بل يقول يا غرني ويا فرعو.
تنبيه: يقال في ترخيم مصطفون ومصطفين علمين يا مصطف قولًا واحدًا، كما نبه عليه في شرح الكافية؛ لأن الحركة المجانسة فيهما مقدرة؛ لأن أصله مصطفيون ومصطفيين، وإليه أشار في التسهيل بقوله: مسبوق بحركة مجانسة ظاهرة أو مقدرة "والعجز احذف من مركب" تركيب مزج نحو: بعلبك وسيبويه، فتقول يا بعل ويا سيب،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منهما علمًا أو هو راجع لقنديل وأما علمية ما قبله فظاهرة وقد يضعف هذا بخفاء علمية شملال أيضًا. قوله: "بهما فتح قفي" الباء للتعدية الخاصة متعلقة بقفي فالمعنى أتبعا الفتح أي: جعلاتا بعين للفتح. قوله: "وغرنيق" بضم الغين المعجمة وسكون الراء وفتح النون طير من طيور الماء طويل العنق تصريح. قوله: "علمًا" لما مر أنه إنما يرخم من الخالي من التاء العلم. قوله: "إلى أنه" أي: المذكور من الواو والياء المفتوح ما قبلهما وقوله كالذي قبله أي: كاللين الذي قبله إلخ.
قوله: "قولًا واحدًا" أي: بالنظر لحذف حرف اللين مع الآخر فلا ينافي ما سيأتي من أنه على لغة من لا ينتظر يتعين رد المحذوف فيقال يا مصطفى بالألف في ترخيم مصطفون ومصطفين ويا قاضي بالياء في ترخيم قاضون وقاضين لانتفاء سبب حذف الألف والياء لفظًا وتقديرًا وهو التقاء الساكنين وعلى لغة من ينتظر فيه وجهان الرد نظرًا لانتفاء السبب لفظًا وعدم الرد نظرًا لوجوده تقديرًا, فيقال على هذا الأخير يا مصطف بفتح الفاء ويمتنع يا مصطف بضم الفاء على كل حال إذ لا وجه له كما علم مما تقرر, والحاصل أنه لا بد من حذف حرف اللين مع الآخر فلا يقال يا مصطفو ولا يا مصطفى بالواو والياء على اللغتين والتفرقة بينهما إنما هي برد الألف وعدمه كذا قال شيخنا وغيره, وفيه أن الإلباس لازم على لغة من لا ينتظر فهلا قيل بمنعها هنا على قياس ما مر عن الفارضي ثم رأيت عن الرضي فيما يأتي ما يؤيده فاعرفه. قوله: "فيهما مقدرة" فليسا من محل الخلاف بل مما استجمع شروط الوفاق سم. قوله: "لأن أصله مصطفيون" كذا في الفارضي أيضًا قال شيخنا: وإنما جعله بالياء مع أنه واوي؛ لأن آخر المقصور يقلب ياء في المثنى والجمع على حده كما سيأتي
ا. هـ. فمراده بالأصل ما يستحقه عند التثنية والجمع فاندفع
قول البعض كان الصواب مصطفوون ومصطفوين؛ لأنه واوي لا يائي ا. هـ. وإنما كان واويا؛ لأنه من الصفوة.
264 | 463(1/262)
الترخيم
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكذا تفعل في المركب العددي فتقول في خمسة عشر علمًا يا خمسة، ومنع الفراء ترخيم المركب من العدد إذا سمي به، ومنع أكثر الكوفيين ترخيم ما آخره ويه، وذهب الفراء إلى أنه لا يحذف منه إلا الهاء، فتقول يا سيبوي. وقال ابن كيسان: لا يجوز حذف الجزء الثاني من المركب بل إن حذفت الحرف أو الحرفين فقلت يا بعلب ويا حضرم لم أر به بأسًا. والمنقول أن العرب لم ترخم المركب وإنما أجازه النحويون قياسًا.
تنبيه: إذا رخمت اثنا عشر واثنتا عشرة علمين حذفت العجز مع الألف قبله، فتقول يا اثن ويا اثنت كما تفعل في ترخيمهما لو لم يركبا، نص على ذلك سيبويه، وعلته أن عجزهما بمنزلة النون ولذلك أعربا "وقل ترخيم" علم مركب تركيب إسناد، وهو المنقول من "جملة" نحو: تأبط شرا وبرق نحره "وذا عمرو" وهو سيبويه "نقل" أي: نقل ذلك عن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "ويا سيب" مشكل على ما صرح به أبو حيان والسيوطي والدماميني وغيرهم جازمين به من أنه يشترط في المرخم أن لا يكون مبنيًا قبل النداء إلا أن يستثنى المركب أو يبنى على لغة إعرابه إعراب ما لا ينصرف أو يكون الشارح ومن وافقه مخالفين في ذلك الاشتراط ا. هـ سم وهذا الإشكال يجري في نحو: خمسة عشر أيضًا. قوله: "وكذا تفعل في المركب العددي" والمنصوص أنك إذا رخمت خمسة عشر بحذف عجزه ثم وقفت فإنك تقف بالهاء على اللغتين وإذا رخمت بعلبك, ثم وقفت فعلى لغة من ينوي لك أن تقول يا بعله بهاء السكت وإن شئت لم تأت بالهاء ووقفت بإسكان الأخير وأما على لغة من لم ينو فيتحتم الوقف بالإسكان وذهب الأخفش إلى رد المحذوف من المركب المرخم عند الوقف ا. هـ. دماميني وقوله: فيتحتم إلخ يؤيد ما أسلفه الشارح عن أبي حيان في المؤنث بالتاء إذا وقف عليه بعد الترخيم سم.
قوله: "فتقول يا سيبوي" أي: على لغة من ينتظر أما على لغة من لا ينتظر فتقول يا سيبوا؛ لأن الياء تضم على هذه اللغة فتقلب ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها قاله الشارح على الأوضح. قوله: "لا يجوز حذف الجزء الثاني من المركب" أي: إن حصل لبس كأن يكون ثم من اسمه حضر ومن اسمه حضرموت قاله الشارح على الأوضح. قوله: "قياسًا" أي: على ما فيه تاء التأنيث؛ لأن الجزء الثاني يشبه تاء التأنيث من وجوه فتح ما قبله غالبًا وحذفه في النسب وتصغير صدره كما أن تاء التأنيث كذلك واحترزنا بغالبًا عن نحو: معد يكرب. قوله: "إذا رخمت اثنا عشر واثنتا عشرة" بالألف فيهما على الحكاية كما يصرح به قوله مع الألف. قوله: "بمنزلة النون" أي: المحذوفة التي عاقبتها عشر وعشرة ولذلك لا يضاف اثنا عشر واثنتا عشرة كما يضاف ثلاثة عشر وأخواته ونظر فيه ابن الحاجب بأن عشر وعشرة اسمان برأسهما ولا يلزم من معاقبتهما النون حذف الألف معهما كما تحذف مع النون كذا في الدماميني.
قوله: "وقل ترخيم جملة إلخ" الحاصل أن المحذوف للترخيم إما حرف نحو: يا سعا في يا سعاد وإما حرفان نحو: يا مرو وفي يا مروان وإما كلمة برأسها نحو: يا معدي في يا معد يكرب
265 | 463(1/263)
الترخيم
وإنْ نَوَيتَ بعدَ حذفِ ما حُذفْ فالباقيَ استَعْمِل بما فيه ألِف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العرب. قال المصنف: أكثر النحويين لا يجيزون ترخيم المركب المضمن إسنادًا كتأبط شرا، وهو جائز؛ لأن سيبويه ذكر ذلك في أبواب النسب فقال: تقول في النسب إلى تأبط شرا تأبطي؛ لأن من العرب من يقول يا تأبط. ومنع ترخيمه في باب الترخيم، فعلم بذلك أن منع ترخيمه كثير وجواز ترخيمه قليل. وقال الشارح: فعلم إن جواز ترخيمه على لغة قليلة.
تنبيه: عمرو اسم سيبويه، وسيبويه لقبه، وكنيته أبو بشر "وإن نويت بعد حذف ما حذف" ما مفعول نويت: أي: إذا نويت ثبوت المحذوف بعد حذفه للترخيم "فالباقي" من المرخم "استعمل بما فيه ألف" قبل الحذف، وتسمى هذه لغة من ينوي ولغة من ينتظر، فتقول يا حار بالكسر، ويا جعف بالفتح، ويا منص بالضم، ويا قمط بالسكون في ترخيم حارث وجعفر ومنصور وقمطر.
تنبيهان: الأول منع الكوفيون ترخيم نحو: قمطر مما قبل آخره ساكن على هذه اللغة، وحجتهم ما يلزم عليه من عدم النظير، وقد تقدم مذهب الفراء فيه. الثاني: يستثنى من قوله بما فيه ألف مسألتان: ذكرهما في غير هذا الكتاب: الأولى ما كان مدغمًا في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويا تأبط في يا تأبط شرا وإما كلمة وحرف نحو: يا اثن ويا اثنت في اثنا عشر واثنتا عشرة علمين والذي استظهره سم في ترخيم المركب الإسنادي إذا لم ينو المحذوف أنه إن كان الباقي جملة كما في تأبط فإن فاعله مستتر فيه قدر الضم في آخره, وإلا كما في قام من قام زيد ضم آخره لفظًا؛ لأنه كالمستقل والفعل الخالي من الضمير إذا سمي به يعرب لفظًا فإذا نودي ضم لفظًا. قوله: "وذا عمرو نقل" ذا مبتدأ وعمرو مبتدأ ثان خبره نقل والجملة خبر المبتدأ الأول والرابط محذوف تقديره نقله أو ذا مفعول نقل بناء على الصحيح من جواز تقديم معمول الخبر الفعلي على المبتدأ. قوله: "أي: نقل ذلك عن العرب" أي: في باب النسب كما سيذكره الشارح فلا ينافي أنه منع ترخيمه في باب الترخيم. قوله: "لأن من العرب من يقول يا تأبط" هذا محل الاستشهاد.
قوله: "فعلم بذلك" أي: بمجموع كلامه في الموضعين. قوله: "وسيبويه لقبه" سيب بمعنى تفاح وويه بمعنى رائحة والإضافة في لغة العجم على قلبها في لغة العرب ولقب بذلك للطافته؛ لأن التفاح من لطيف الفواكه كذا في التصريح. قوله: "بعد حذف" بالتنوين. قوله: "بما فيه ألف" الباء للملابسة متعلقة باستعمل وما واقعة على حال ولا حاجة إلى جعل الباء بمعنى على. قوله: "من عدم النظير" وهو أن يكون الاسم المتمكن الصحيح الآخر ساكن الآخر ا. هـ. سم وللبصريين أن يقولوا المنوي كالثابت فليس الساكن هو الآخر في الحقيقة وكونه آخرًا لفظًا لا محذور فيه فتأمل. قوله: "ما كان مدغمًا" أي: الباقي الذي كان آخره مدغمًا. وقوله فيما يأتي الثانية ما حذف أي: باقي الاسم ذي الحرف الذي حذف ويحتمل أن التقدير الأولى الحرف الذي كان آخره
266 | 463(1/264)
الترخيم
واجْعَلْهُ إن لم تَنوِ مَحذوفًا كما لو كان بالآخِرِ وَضْعا تُمِّما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحذوف وهو بعد ألف فإنه إن كان له حركة في الأصل حركته بها نحو: مضار ومحاج، فتقول فيهما يا مضار ويا محاج بالكسر إن كانا اسمي فاعل وبالفتح إن كانا اسمي مفعول، ونحو: تحاج تقول فيه يا تحاج بالضم؛ لأن أصله تحاجج، وإن كان أصلي السكون حركته بالفتح نحو: أسحار اسم بقلة، فإن وزنه أفعال بمثلين أولهما ساكن لا حظ له في الحركة، فإذا سمي به ورخم على هذه اللغة قيل يا أسحار بالفتح، فتحركه بحركة أقرب الحركات إليه وهو الحاء. وظاهر كلام الناظم في التسهيل والكافية تعين الفتح فيه على هذه اللغة. واختلف النقل عن سيبويه فقال السيرافي: يحتم الفتح، وقال الشلوبين: يختاره ويجيز الكسر. ونقل ابن عصفور عن الفراء أنه يكسر على أصل التقاء الساكنين وهو مذهب الزجاج. ونقل بعضهم أيضا أنه يحذف كل ساكن يبقى بعد الآخر حتى ينتهي إلى متحرك، فعلى هذا يقال يا أسح. الثانية: ما حذف لأجل واو الجمع كما إذا سمي بنحو: قاضون ومصطفون من جموع معتل اللام فإنه يقال في ترخيمه يا قاضي ويا مصطفى برد الياء في الأول والألف في الثاني لزوال سبب الحذف. هذا مذهب الأكثرين وعليه مشى في الكافية وشرحها، لكنه اختار في التسهيل عدم الرد "واجعله" أي: اجعل الباقي في المرخم "إن لم تنو محذوفًا كما لو كان بالآخر وضعًا تمما" أي: كالاسم التام الموضوع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مدغمًا الثانية الحرف الذي حذف والأول أنسب بالسياق. قوله: "وهو بعد ألف" ليس بقيد بل الياء كذلك كما في خويص تصغير خاص إذا سميت به كما في الدماميني؛ ولذا قال الشارح على الأوضح: بعد مدة فلو لم يكن قبل المدغم مدة كمحمر بقي على سكونه ا. هـ. أي: كبقاء قمطر على سكونه ولكن يلزم ما تقدم من عدم النظير إلا أن يقال ما مر وإنما خص الألف بالذكر هنا لكثرتها.
قوله: "نحو: مضار ومحاج" أي: علمين لما مر. قوله: "بالفتح" لأنه أقرب الحركات إليه أي: إلى السكون ووجهه أنه أخف الحركات فهو أقرب إلى السكون في الخفة؛ لأن السكون أخف من الحركات ا. هـ. سم وعبارة الشارح على الأوضح فتحركه بحركة أقرب المتحركات إليه وهو الحاء وضمير إليه عليها يرجع إلى الحرف الأخير كالراء من أسحار وهذه العبارة هي الواقعة في كثير من نسخ الشارح لكن مع إبدال المتحركات بالحركات فتؤول بالمتحركات كما في عبارته على التوضيح. قوله: "فعلى هذا يقال يا أسح" أي: بالفتح؛ لأن الكلام في لغة من ينتظر. قوله: "الثانية ما حذف" تقدم الكلام عليه. قوله: "لأجل واو الجمع" التقييد بالواو غير جيد؛ لأن الحكم كذلك فيما لو سمي بالجمع ذي الياء نحو: قاضين ومصطفين دماميني. قوله: "لزوال سبب الحذف" وهو التقاء الساكنين.
قوله: "لكنه اختار في التسهيل عدم الرد" فتقول يا قاض بالضم ويا مصطف بالفتح؛ لأن الساكن الأخير كالثابت لفظًا فالتقاء الساكنين موجود تقديرًا ولا خلاف في رد الياء والألف على لغة من لم ينو كما تقدم. قوله: "إن لم ينو محذوف" هكذا في نسخ بافتتاح ينو بتحتية وبنائه
267 | 463(1/265)
الترخيم
فقُل على الأوَّل في ثَمودَ يا ثَمُو ويا ثَمي على الثاني بيا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على تلك الصيغة فيعطي آخره من البناء على الضم وغير ذلك من الصحة والإعلال ما يستحقه لو كان آخرًا في الوضع، فتقول يا حار ويا جعف ويا منص ويا قمط بالضم في الجميع كما لو كانت أسماء تامة لم يحذف منها شيء.
تنبيهان: الأول لو كان ما قبل المحذوف معتلا قدرت فيه الضمة على هذه اللغة فتقول في ناجية يا ناجي بالإسكان وهو علامة تقدير الضم ولو كان مضمومًا قدرت ضمًا غير ضمه الأول نحو: تحاج ومنص. الثاني يجوز في نحو: يا حار بن زيد على هذه اللغة ضم الراء وفتحها كما جاز ذلك في نحو: يا بكر بن زيد "فقل على" الوجه "الأول" وهو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للمجهول ورفع محذوف على النيابة عن الفاعل وفي نسخ إن لم تنو محذوفًا بافتتاح تنو بفوقية وبنائه للفاعل ونصب محذوفًا على المفعولية وهو أوفق بقوله: قبل وإن نويت بعد حذف ما حذف وتسمى هذه اللغة لغة من لا ينتظر. قوله: "كما" قال المكودي في موضع المفعول الثاني لأجله: والظاهر أن ما في قوله كما زائدة ولو مصدرية والتقدير ككونه متممًا بالآخر في الوضع ا. هـ. خالد وإنما كان هذا هو الظاهر مع أن الحقيق بجعله مزيدًا الثاني دون الأول لوقوعه في مركزه لكثرة زيادة ما بخلاف لو. قوله: "بالآخر" أي: آخره بعد الحذف سم. قوله: "من الصحة والإعلال" أي: إن كان آخره صحيحًا بقي على حاله وإلا أعل كما في ثمود فإنه يقال فيه ثمي بقلب الواو ياء والضمة كسرة.
قوله: "على هذه اللغة" أي: لغة التمام وأما على لغة الانتظار فيقال في ترخيم يا ناجية يا ناجي بالفتح كما في سم. قوله: "يا ناجي" مشكل مع قوله الآتي: والتزم الأول إلخ نعم إن خصصنا ما يأتي بالصفة وهذا بالعلم فلا إشكال ا. هـ. سم وأقره شيخنا والبعض. وفيه أن تخصيص ما يأتي بالصفة لا يوافق صنيع الشارح الآتي؛ لأنه جعل كلام المصنف فيما يأتي عاما للصفة وغيرها, والذي ينبغي عندي حمل ما هنا على ما إذا وجدت القرينة الدافعة للبس وما يأتي على ما إذا لم توجد ثم رأيت عن الرضي فيما يأتي ما يؤيده. قوله: "ولو كان" أي: ما قبل المحذوف مضمومًا قدرت إلخ أي: على هذه اللغة ومن نوى لم يقدر شيئًا وظاهر قول الشارح قدرت ضما أنه مبني على ضم مقدر والذي في التصريح أن نحو: تحاج ومنص على لغة التمام مبني على ضمة حادثة للبناء غير الضمة التي كانت قبل الترخيم بدليل أن هذه يجوز اتباعها, والضمة التي كانت قبل الترخيم لا يجوز اتباعها فلو قال الشارح وأتيت بضم غير ضمة الأول لوافق ما في التصريح, والأقرب عندي ما مشى عليه الشارح وإن ضعفه البعض تبعًا للتصريح؛ لأن تقدير ضمة أسهل من تكلف ذهاب الضمة الأصلية وحدوث ضمة أخرى للبناء. وما استدل به صاحب التصريح لا ينهض لجواز أن يكون رفع التابع اتباعًا للضمة المقدرة كما في يا سيبويه العالم برفع العالم لا للضمة الملفوظ بها فاحفظه.
قوله: "على هذه اللغة ضم الراء وفتحها" ومر أنها تكسر على لغة الانتظار ففي نحو: يا
268 | 463(1/266)
الترخيم
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مذهب من ينتظر "في" ترخيم "ثموديا ثمو" بإبقاء الواو؛ لأنها محكوم لها بحكم الحشو فلم يلزم مخالفة النظير "و" قل "يا ثمي على" الوجه "الثاني بيا" أي: بقلب الواو ياء لتطرفها بعد ضمة كما تقول في جمع جرو ودلو الأجري والأدلي والألزم عدم النظير إذ ليس في العربية اسم معرب آخره واو لازمة قبلها ضمة فخرج بالاسم الفعل نحو: يدعو المعرب المبني نحو: هو وذو الطائية، ويذكر الضم نحو: دلو وغزو، وباللزوم نحو: هذا أبوك. وقل في ترخيم نحو: صميان وكروان على الأول يا صمي ويا كرو بفتح الياء والواو لما سبق، وعلى الثاني يا صما ويا كرا بقلبهما ألفا لتحركهما وانفتاح ما قبلهما مع عدم المانع الذي سيأتي بيانه كما فعل برمي ودعا. وقل في ترخيم سقاية وعلاوة على الأول يا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حار بن زيد تثليث الراء. قوله: "وقل يا ثمي على الثاني بيا" يفهم من تقدير الشارح قل أن العطف من عطف الجمل ومن تقديره قل في الجملة الثانية وبإبقاء الواو في الجملة الأولى أن في كلام المصنف احتباكًا حيث حذف من كل من الجملتين نظير ما أثبته في الأخرى. قوله: "بقلب الواو ياء" أي: والضمة كسرة. قوله: "الأجرى والأدلى" أصلهما الأجرو والأدلو بضم الراء واللام فقلبوا الضمة كسرة والواو ياء. قوله: "إذ ليس في العربية إلخ" وذلك لمزيد الثقل بخلاف الياء التي قبلها كسرة وينظر ما الفرق بين الاسم والفعل حيث لم يجز في الأول وجاز في الثاني مع أنه أثقل وكذا يقال في المبني ا. هـ. دنوشري ويمكن أن يقال لما كان وضع الفعل دون الاسم على الثقل قبل النقل دون الاسم. قوله: "اسم معرب" فيه أن هذا منادى معرف مفرد فهو مبني وأجيب بأن له حكم المعرب لعروض بنائه. قوله: "نحو: يدعو" فإن جعل علمًا فهو أمر عارض.
قوله: "وبالمعرب المبني" أي: أصالة لما تقدم. قوله: "نحو: هو إلخ" وأما نحو: سنبو اسم بلد بالصعيد فالظاهر أنه غير عربي ومثل بمثالين إشارة إلى أنه لا فرق في الواو والتي قبلها ضمة بين أن تكون متحركة أو ساكنة. قوله: "نحو: هذا أبوك" فإن الواو فيه ليست لازمة فإنها تقلب ألفًا في النصب وياء في الجر ومما خرج باللزوم نحو: هزو بإبدال الواو ومن الهمزة فإنه يصح فيه الهمز بدل الواو بل هو الأصل فلا يلزمه الواو. قوله: "صميان وكروان" أي: علمين لما مر أن من شروط الترخيم العلمية أو التأنيث بالتاء وكذا يقال في الأمثلة الآتية والصميان في الأصل. هو التقلب والتوثب ويقال رجل صميان أي: شجاع زكريا. قوله: "لما سبق" أي: من الحكم على كل بأنه حشو ولم يقلبا ألفًا كما قلبا على الثاني؛ لأن شرط قلبهما أن لا يكون بعدهما ساكن وعلى هذا بعدهما ساكن تقديرًا لا على الثاني. قوله: "مع عدم المانع الذي سيأتي بيانه" أي: في قول الناظم:
من ياء أو واو بتحريك أصل ألفًا ابدل بعد فتح متصل. إن حرك التالي إلخ فالمانع الآتي أن يكون بعدهما ساكن. قوله: "كما فعل برمى ودعا" فيه لف ونشر مرتب فرمى راجع إلى يا صمى ودعا راجع إلى يا كرافان
269 | 463(1/267)
الترخيم
والتَزَمِ الأولَ في كمُسْلِمَه وجَوِّز الوجهينِ في كمَسْلَمه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سقاي ويا علا وبفتح الياء والواو، وعلى الثاني يا سقاء ويا علاء بقلبهما همزة لتطرفهما بعد ألف زائدة كما فعل برشاء وكساء. وقل في ترخيم لات مسمى به على الأول يا لا وعلى الثاني يا لاء بتضعيف الألف؛ لأنه لا يعلم له ثالث يرد إليه. وقل في ترخيم ذات على الأول يا ذا وعلى الثاني يا ذوا برد المحذوف. وقل في ترخيم سفيرج تصغير سفرجل على الأول يا سفير وعلى الثاني يا سفير عند الأكثرين, وقال الأخفش: يا سفيرل برد اللام المحذوف لأجل التصغير. وفروع هذا الباب كثيرة جدا وفيما ذكرناه كفاية "والتزم الأول
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صمى ورمس يا ئيا اللام وكرا ودعا واو يا ها وكذا يقال فيما بعد. قوله: "وعلاوة" بكسر العين المهملة ما علقته على البعير بعد تمام الوقر ا. هـ. خالد. قوله: "برشاء وكساء" أصلهما رشاي وكساو. قوله: "بتضعيف الألف" أي: وقلب الثانية همزة كما سيأتي في بابه. قوله: "وعلى الثاني يا ذو ابرد المحذوف" هو اللام أي: وقلبه ألفًا وإرجاع العين إلى أصلها وهو الواو إذ أصل ذات ذوي أو ذوو على الخلاف حذفت اللام وعوض عنها تاء التأنيث كما قيل في بنت ثم قلبت الواو التي هي عين الكلمة ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها. فإن قيل لو كانت التاء عوضًا عن اللام ما جمع بينهما في التثنية والجمع حيث قيل ذواتا وذوات قلت لا نسلم الجمع فيهما, بل التاء في التثنية لمحض التأنيث كالتاء في كل مثنى مؤنث والتاء في الجمع هي التاء المزيدة مع الألف في جمع المؤنث واللام باقية على حذفها فلا جمع. هذا ما ظهر لي في هذا المحل وهو متين وإن أوهم بعض العبارات خلافه.
قوله: "برد اللام المحذوفة" أي: لأن حذفها كان بسبب عدم تأتي صيغة التصغير مع بقائها وبقاء الجيم فلما حذفت الجيم ردت اللام لتأتى الصيغة معها حينئذٍ وأما الجيم فسبب حذفها الترخيم وهو موجود فلا ترد. وقوله: لأجل التصغير متعلق بالمحذوفة. قوله: "والتزم الأول إلخ" كلامه هنا شامل للعلم والصفة وعليه درج الشارح وصرح الناظم في بعض كتبه بما قاله جماعة: إن هذا اللبس إنما يعتبر في الصفة لا في العلم وهو الذي دل عليه كلام سيبويه ووجهه أن اشتهار المسمى بعلمه مما يزيل اللبس في الغالب. قال الرضي: والحق أن كل موضع قامت فيه قرينة تزيل اللبس جاز الترخيم على الانتظار كان أولًا، وإلا فلا كذا في الدماميني وعليه فيمتنع الوجهان الترخيم على الانتظار والترخيم على عدمه إذا ألبس كل منهما فيمتنع ترخيم نحو: فتاة رأسًا فإنه على الوجهين يلتبس بيا فتى غير مرخم, قال يس: لكن قضية تجويز الناظم ترخيم المثنى والجمع بحذف زيادتيه كما مر جواز ترخيم ما ذكر, وإن كان فيه لبس ولعل الفرق أن هاء التأنيث وضعت لتمييز المؤنث فلا يليق حذفها عند اللبس لمنافاته الغرض من وضعها ولا كذلك ما عداها ا. هـ. قال البعض: وقد يقال علامة التثنية والجمع وضعت لتمييز المثنى والجمع عن المفرد فلا فرق ا. هـ. وقد أفدناك فيما تقدم أن تجويز ترخيم المثنى والجمع بحذف زيادته محمول على ما إذا رخما على لغة من ينتظر بدون لبس وحينئذٍ فلا إشكال فاعرفه.
270 | 463(1/268)
الترخيم
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في" موضعين: الأول ما يوهم تقدير تمامه تذكير مؤنث "كمسلمة" وحارثة وحفصة فتقول فيه يا مسلم ويا حارث ويا حفص بالفتح؛ لئلا يلتبس بنداء مذكر لا ترخيم فيه. والثاني: ما يلزم بتقدير تمامه عدم النظير كطيلسان في لغة من كسر اللام مسمى به فتقول فيه يا طيلس بالفتح على نية المحذوف ولا يجوز الضم؛ لأنه ليس في الكلام فيعل صحيح العين إلا ما ندر من نحو: صيقل اسم امرأة و"عَذَابٍ بَيئس" في قراءة بعضهم، ولا فيعل معتلها بل التزم في الصحيح الفتح كضيغم وفي المعتل الكسر كسيد وصيب وهين وكحبليات وحبلوي وحمراوي فتقول فيها يا حبلى ويا حبلو ويا حمراو فتح الياء والواو على نية المحذوف, ولا يجوز القلب على نية الاستقلال لما يلزم عليه من عدم النظير وهو كون ألف فعلى وهمزة فعلاء مبدلتين وهما لا يكونان إلا للتأنيث.
تنبيه: ذكر الناظم هذا السبب الثاني في الكافية والتسهيل ولم يذكره هنا لعلة لأجل أنه مختلف فيه فاعتبره الأخفش والمازني والمبرد، وذهب السيرافي وغيره إلى عدم اعتباره وجواز الترخيم فيما تقدم والتمام "وجوز الوجهين في" ما هو "كمسلمة" بفتح الأول اسم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "تذكير مؤنث" ليس بقيد بل مثل إيهام تذكير المؤنث إيهام مجرد نداء مذكر لا ترخيم فيه كما صرحوا به فلو قال ما يوهم تقدير تمامه خلاف المراد لأجاد. قوله: "كمسلمة وحارثة" أي: لمؤنث أو مذكر فلا يجوز ترخيمهما على لغة من لا ينتظر لإيهامه تذكير المؤنث إن كانا لمؤنث ونداء مذكر لا ترخيم فيه إن كانا لمذكر وحفصة أي: لمؤنث فلا يجوز ترخيمها على لغة من لا ينتظر لإيهامه تذكير المؤنث ولا فرق في الثلاثة بين أن تكون أعلامًا أو نكرات مقصودة. وكالثلاثة في التزام الأول كل ما كانت التاء فيه للفرق أما ما ليست التاء فيه للفرق كحمزة وطلحة فيجوز فيه الوجهان.
قوله: "وعذاب بيئس في قراءة بعضهم" عبارة الفارضي وبعذاب بيئس بياء ساكنة قبل همزة مكسورة في قراءة شعبة عن عاصم. قوله: "ولا فيعل معتلها" أي: بفتح العين وذكره تتميمًا للفائدة وإن لم يكن له دخل في التعليل فاندفع ما قاله البعض. قوله: "وكحبليات" عطف على كطيلسان وأعاد الكاف لبعد العهد ولدفع توهم عطفه على ما قبله. قوله: "وحبلوي وحمراوي" أي: بكسر الواو وتشديد الياء فيهما نسبة إلى حبلى وحمراء فقول الشارح بفتح الياء والواو صوابه وكسر الواو إذ لا وجه لفتح الواو إلا أن تصحح عبارته بأن الواو معطوف على فتح لا على الياء هذا ما ظهر لي بعد التوقف, ثم رأيت في الفارضي ما يؤيده حيث قال والثاني كطيلسان وحبلوى علمين. فتقول يا طيلس ويا حبلو بفتح السين وكسر الواو على اللغة الأولى. قوله: "ولا يجوز القلب" فلا تقول يا حبلى بقلب الياء والواو ألفًا لتحركهما وانفتاح ما قبلهما ولا يا حمراء بقلب الواو همزة لتطرفها بعد ألف زائدة. قوله: "لا يكونان إلا للتأنيث" أي: وما للتأنيث لا يكون مبدلًا ا. هـ سم. أي: بل مزيدتين للتأنيث. قوله: "فيما تقدم" أي: في الأمثلة المتقدمة كطيلسان وحبليات
271 | 463(1/269)
الترخيم
ولاضْطرارٍ رَخَّموا دونَ نِدا ما للنِّدا يَصلحُ نحوُ أَحمدا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رجل لعدم المحذورين المذكورين، فتقول يا مسلم بفتح الميم وضمها.
تنبيه: الأكثر فيما جاز فيه الوجهان الوجه الأول وهو أن ينوي المحذوف كما نص عليه في التسهيل، وعبارته تقدير ثبوت المحذوف للترخيم أعرف من تقدير التمام بدونه "ولا
ضطرار رخموا دون ندا ما للندا يصلح نحو أحمدا" أي: يجوز الترخيم في غير النداء بشروط ثلاثة: الأول الاضطرار إليه فلا يجوز ذلك في السعة. الثاني: أن يصلح الاسم للنداء نحو: أحمد فلا يجوز في نحو: الغلام، ومن ثم خطئ من جعل من ترخيم الضرورة قوله:
965-
أوالفامَكَّة من وُرْقِ الحَمى كما ذكره ابن جني في المحتسب والأصل الحمام فحذف الألف والميم الأخيرة لا على وجه الترخيم لما ذكرناه ثم كسر الميم الأولى لأجل القافية. الثالث: أن يكون إما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ونحوهما. قوله: "وجوز الوجهين في كمسلمه" قد يقال ترخيمه على لغة التمام يلبس بنداء مسلم مسمى به ا. هـ سم وقد يجاب بأن التسمية به نادرة فلم تعتبر. قوله: "كمسلمة" أي: وحمزة وطلحة.
فائدة: أجاز الجمهور وصف المرخم ومنه قول الشاعر:
أحار بن عمرو البيت. ومنعه السيرافي والفراء وجعل ابن عمرو بدلًا واستقبحه ابن السراج ويجوز رفع تابعه على لغة التمام مراعاة للفظ وأما على لغة الانتظار فقال سم فيه نظر إذ لا ضم في اللفظ. قال يس: والذي يظهر الجواز؛ لأن الحرف الذي حقه الضم في حكم الثابت وهو يؤيد ما قدمناه عند قول الشارح ولو كان مضمومًا قدرت إلخ. قوله: "للترخيم" صلة المحذوف وقوله: أعرف أي: أشهر في لسان العرب وقوله: بدونه أي: المحذوف. قوله: "ومن ثم" أي: من أجل اشتراط صلاحية الاسم للنداء. قوله: "فحذف الألف إلخ" هذا الذي فعله الشاعر من حذف الحرفين وكسر الميم الأولى في غاية الشذوذ كما في ابن غازي وغيره. قوله: "لما ذكرناه" أي: من اشتراط الصلاحية للنداء فهو علة لقوله: لا على وجه الترخيم.
قوله: "الثالث أن يكون إلخ" اعترض بأن هذا الثالث لا يؤخذ من كلام المصنف فكيف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
965- الرجز للعجاج في ديوانه 1/ 453؛ والدرر 3/ 49؛ وشرح ابن عقيل ص425؛ والكتاب 1/ 26، 110؛ ولسان العرب 15/ 293 "منى"؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص51؛ والمحتسب 1/ 78؛ والمقاصد النحوية 3/ 554، 4/ 285؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 294؛ والإنصاف 2/ 519؛ والخصائص 3/ 135؛ والدرر 6/ 244؛ ورصف المباني ص178؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 721؛ وشرح التصريح 2/ 189؛ وشرح المفصل 6/ 75؛ وهمع الهوامع 8/ 181، 2/ 157.
272 | 463(1/270)
الترخيم
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زائدًا على الثلاثة أو بتاء التأنيث ولا تشترط العلمية ولا التأنيث بالتاء عينًا كما أفهمه كلامه ونص عليه في التسهيل ومنه قوله:
966-
لَيسَ حَيٌّ على المنونِ بخالِ أي: بخالد.
تنبيه: اقتضى كلامه أن هذا الترخيم جائز على اللغتين وهو على لغة التمام إجماع كقوله:
967-
لنِعم الفَتَى تَعْشُو إلى ضوءِ نارِهِ طريفُ بنُ مالٍ لَيلةَ الجوعِ والخَصَرْ أراد ابن مالك فحذف الكاف وجعل ما بقي من الاسم بمنزلة اسم له لم يحذف منه شيء؛ ولهذا نونه وأما على لغة من ينتظر فأجازه سيبويه ومنعه المبرد ويدل للجواز قوله:
968-
ألا أَضْحَت حِبالُكم رِماما وأضحت منكَ شاسِعة أُماما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أوقعه في حيز أي: التفسيرية وزعم البعض أن هذا الشرط مستغنى عنه بالثاني باطل فراجعه تعرف. قوله: "ولا التأنيث بالتاء عينًا" المتبادر أن عينًا راجع إلى التأنيث بالتاء يعني أن خصوص التأنيث بالتاء لا يشترط بل الشرط إما التأنيث بالتاء أو الزيادة على ثلاثة أحرف فلا طائل تحت ما أطال به البعض. قوله: "كما أفهمه كلامه" أي: حيث أطلق ولم يشترط العلمية والتأنيث بالتاء. قوله: "ومنه" أي: من الزائد على الثلاث المرخم ضرورة وليس بعلم ولا مؤنث بالتاء. قوله: "تعشو" بتاء الخطاب أي: تسير في العشاء أي: الظلام والخصر بمعجمة فمهملة مفتوحتين شدة البرد وضبطه بمهملتين سهو ا. هـ. زكريا وكذا ضبطه بإعجام الخاء صاحب مختصر الصحاح, وقال: إنه من باب طرب. وأشار بقوله: وضبطه بمهملتين سهو إلى العيني وصاحب التصريح فإنهما ضبطاه بمهملتين وفسراه بشدة البرد.
قوله: "رمامًا" بكسر الراء جمع رمة بالضم وهي قطعة الحبل البالية والشاسعة البعيدة وأصل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
966- عجزه:
فلَوى ذَرْوَةً فجنبي ذِيالِ والبيت من الخفيف، وهو لعبيد بن الأبرص في ديوانه ص109؛ والدرر 3/ 47؛ والمقاصد النحوية 4/ 461؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 181.
967- البيت من الطويل، وهو لامرئ المقيس في ديوانه ص142؛ وتذكرة النحاة ص420؛ والدرر 3/ 48؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 45؛ وشرح التصريح 2/ 190؛ والكتاب 2/ 254؛ والمقاصد النحوية 4/ 280؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 69؛ ورصف المباني ص239؛ وشرح ابن عقيل ص537؛ وهمع الهوامع 1/ 181.
968- البيت من الوافر وهو لجرير في ديوانه ص221؛ وخزانة الأدب 2/ 365؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 594؛ وشرح التصريح 2/ 190؛ والكتاب 2/ 270؛ والمقاصد النحوية 4/ 282؛ ونوادر أبي زيد ص31؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص240؛ والإنصاف 1/ 353؛ وأوضح المسالك 4/
70؛ وشرح عمدة الحافظ ص313.
273 | 463(1/271)
الاختصاص:
الاختصاصُ كنِداء دونَ يا كأيُّها الفَتَى بإثْرِ ارجُونِيا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هكذا رواه سيبويه. ورواه المبرد:
وما عهدي كعهدك يا أماما قال في شرح الكافية: والإنصاف يقتضي تقرير الروايتين ولا تدفع إحداهما بالأخرى واستشهد سيبويه أيضًا بقوله:
969-
إنَّ ابنَ حارثَ أنْ اشْتَقْ لرُؤيتَهِ أو أَمْتَدِحهُ فإنَّ الناسَ قد عَلِموا خاتمة: قال في التسهيل ولا يرخم في غيرها يعني في غير الضرورة منادى عار من الشروط إلا ما شذ من يا صاح وأطرق كرا على الأشهر، إذ الأصل صاحب وكروان فرخما مع عدم العلمية شذوذًا. وأشار بالأشهر إلى خلاف المبرد فإنه زعم أنه ليس مرخمًا، وإن ذكر الكروان يقال له كرا. والله أعلم.
الاختصاص:
"الاختصاص" قصر الحكم على بعض أفراد المذكور وهو خبر "كنداء" أي: جاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أماما أمامة اسم امرأة ولو رخم على لغة التمام لقيل أمام بالرفع. قوله: "يا أماما" أي: فهو من ترخيم المنادى لا من الترخيم للضرورة فلا شاهد فيه على هذه الرواية لسيبويه. قوله: "إن ابن حارث" أراد حارثة فرخمه بحذف التاء للضرورة على لغة من ينتظر ومفعول علموا محذوف تقديره قد علموا ذاك مني كما في العيني. قوله: "على الأشهر" راجع لأطرق كرا فقط كما يعلم مما بعده. قوله: "إذ الأصل صاحب" زعم ابن خروف أن الأصل صاحبي وأنه أجري مجرى المركب المزجي فرخم بحذف الكلمة الثانية, ثم أدركه ترخيم آخر بعد ذلك الترخيم فحذفت الباء من صاحب وهو تعسف لا داعي إليه. قوله: "مع عدم العلمية" أي: وعدم التاء.
الاختصاص:
الباعث عليه إما فخر نحو: على أيها الجواد يعتمد الفقير أو تواضع نحو: إني أيها العبد فقير إلى عفو الله أو بيان المقصود نحو: نحن العرب أقرى الناس للضيف. قوله: "قصر الحكم على بعض أفراد المذكور" أي: أولًا فإذا قيل لا عالم إلا زيد فقد قصرنا الحكم وهو ثبوت العلم على زيد وهو بعض أفراد المذكور أولًا وهو عالم وهذا معناه لغة وأما اصطلاحًا فهو تخصيص حكم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
969- البيت من البسيط، وهو لأوس بن حنباء في الدرر 3/ 48؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 527؛ وشرح التصريح 2/ 190؛ والكتاب 2/ 272؛ والمقاصد النحوية 4/ 283؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص241؛ والإنصاف 1/ 354؛ والمقرب 1/ 188؛ وهمع الهوامع 1/ 181.
274 | 463(1/272)
الاختصاص
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على صورة النداء لفظًا توسعًا كما جاء الخبر على صورة الأمر والأمر على صورة الخبر والخبر على صورة الاستفهام والاستفهام على صورة الخبر لكنه يفارق النداء في ثمانية أحكام: الأول أنه يكون "دون يا" وأخواتها لفظًا ونية. الثاني: أنه لا يقع في أول الكلام بل في أثنائه، وقد أشار إليه بقوله: "كأيها الفتى بإثر ارجونيا" الثالث: أنه يشترط أن يكون المقدم عليه اسمًا بمعناه. الرابع والخامس أنه يقل كونه علمًا وأنه ينصب مع كونه مفردًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
علق بضمير بما تأخر عنه من اسم ظاهر معرفة معمول لأخص واجب الحذف. قوله: "أي: جاء على صورة النداء" أشار به إلى أن وجه شبه الاختصاص بالنداء كونه على صورته أي: غالبًا فلا يرد أن المنصوب على الاختصاص المقرون بأل ليس على صورة المنادى. ولك أن تقول وجه الشبه أن كلا من الاختصاص والنداء يوجد معه الاسم تارة مبنيا على الضم وتارة منصوبًا وهذا أوجه من قول شيخنا السيد مجيئة على صورة النداء إنما هو في أيها وأيتها لا غير.
قوله: "كما جاء الخبر على صورة الأمر" نحو: أحسن بزيد فإن صورته صورة الأمر وهو خبر على المشهور إذ هو في تقدير ما أحسنه والأمر على صورة الخبر نحو: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ} أي: ليرضعن والخبر على صورة الاستفهام نحو: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} أي: الله كاف عبده والاستفهام على صورة الخبر نحو:
عندك زيد على تقدير همزة الاستفهام. قوله: "في ثمانية أحكام" زاد عليها في التصريح أنه لا يكون نكرة ولا اسم إشارة ولا موصولًا ولا ضميرًا وأنه لا يستغاث به ولا يندب ولا يرخم وأن أيا هنا اختلف في ضمتها هل هي إعراب أو بناء وفي النداء بناء بلا خلاف وأن العامل المحذوف هنا فعل الاختصاص, وفي النداء فعل الدعاء وأن هذا العامل لم يعوض عنه هنا شيء وعوض عنه في النداء حرفه, وجميع الأحكام المذكورة راجعة إلى جهة اللفظ وأما الأحكام المعنوية التي يفترقان فيها فثلاثة: أحدها أن الكلام مع الاختصاص خبر ومع النداء إنشاء. والثاني أن الغرض من ذكره تخصيص مدلوله من بين أمثاله بما نسب إليه بخلاف النداء. والثالث أنه مفيد لفخر أو تواضع أو بيان المقصود.
قوله: "بل في أثنائه" أراد بالاثناء ما قابل الأول فيشمل ما وقع في وسط الكلام كما في نحن معاشر الأنبياء لا نورث لوقوعه بين المبتدأ والخبر وما وقع بعد فراغه كمثال الناظم لوقوع أيها الفتى بعد فراغ كلام تام وهو ارجوني. قوله: "كأيها الفتى باثر ارجونيا" وإعراب ذلك أن يقال: ارجوني فعل أمر للجماعة مبني على حذف النون والواو فاعل والنون للوقاية والياء مفعول وأي: مبني على الضم في محل نصب على المفعولية بأخص المحذوف وجوبًا وها للتنبيه والفتى مرفوع بضمة مقدرة على الألف نعتًا لأي: تابع للفظها فقط. قوله: "اسمًا بمعناه" كالياء في ارجوني فإنها بمعنى أيها الفتى أي: أن المراد منهما شيء واحد وهذا أوضح مما قاله البعض.
قوله: "وأنه ينصب" أي: لفظًا لا محلا فقط مع كونه مفردًا أي: معرفًا. قال في التوضيح: كما في هذا المثال يعني المثال المتقدم في عبارته وهو بك الله نرجو الفضل كما في شرحه ويستثنى من ذلك أي: كما في مثال الناظم فإن نصبها محلي فقط. ومما ذكرنا يعلم ما في كلام
275 | 463(1/273)
الاختصاص
وقَدْ يُرَى ذا دونَ أيٍّ تِلو أَل كمِثلِ نَحنُ العُربَ أَسْخى من بَذَل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السادس: أنه يكون بأل قياسًا كما سيأتي أمثلة ذلك. السابع: أن أيا توصف في النداء باسم الإشارة وهنا لا توصف به. الثامن: أن المازني أجاز نصب تابع أي: في النداء ولم يحكوا هنا خلافًا في وجوب رفعه. وفي الارتشاف لا خلاف في تابعها أنه مرفوع. واعلم أن المخصوص وهو الاسم الظاهر الواقع بعد ضمير يخصه أو يشارك فيه على أربعة أنواع: الأول أن يكون أيها وأيتها فلهما حكمها في النداء وهو الضم، ويلزمهما الوصف باسم محلى بأل لازم الرفع نحو: أنا أفعل كذا أيها الرجل: واللهم اغفر لنا أيتها العصابة. والثاني أن يكون معرفا بأل وإليه الإشارة بقوله: "وقد يرى ذا دون أي تلو أل كمثل نحن العرب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البعض من التخليط. قوله: "وهنا لا توصف به" الاقتصار على اسم الإشارة يدل على أنها توصف بالموصول سم. قوله: "ولم يحكوا هنا خلافًا إلخ" لعل وجهه أنه يتوسع في النداء ما لا يتوسع في الاختصاص لأنه أكثر منه دورانًا. وقوله في وجوب رفعه أي: مراعاة للفظ أي: وظاهر عبارته أن ضمته إعرابية والتحقيق أنها ضمة اتباع كما مر في النداء إذ لا مقتضى للرفع الإعرابي.
قوله: "بعد ضمير يخصه إلخ" شرحه على ظاهره البعض فقال: أي: يخص الاسم الظاهر كأنا أفعل كذا أيها الرجل أو يشارك فيه أي: يشارك الاسم الظاهر في الضمير غيره كنحن العرب أسخى من بذل وبنا تميمًا ا. هـ. وفيه أن الضمير دائمًا يخص الاسم الظاهر بمعنى أن المراد منه هو المراد من الاسم الظاهر كما صرحوا به وقد تقدم وحينئذٍ لا يصح هذا التقسيم اللهم إلا أن يراد بمشاركة غير الاسم الظاهر له في الضمير إمكانها لصلاحية نحن مثلًا في نفسها بقطع النظر عن المقام؛ لأن يراد بها ما يعم الأنبياء وغيرهم فتدبر. وقوله: يشارك فيه إما مبني للمفعول أو للفاعل وضميره المستتر فيه على كل راجع للاسم الظاهر كما علم فهذه الصفة المعطوفة جارية على غير الموصوف وإن كانت الصفة المعطوف عليها جارية عليه ولم يبرز الضمير الراجع إلى الاسم الظاهر لأمن اللبس. ويصح على بناء يشارك للمفعول جعل نائب فاعله قوله: فيه فيكون خاليًا من الضمير جاريًا على الموصوف. قوله: "أيها" أي: للمذكر مفردًا أو مثنى أو جمعًا وأيتها أي: للمؤنث مفردًا أو مثنى أو جمعًا كذا في الشاطبي.
قوله: "نحو: أنا أفعل كذا أيها الرجل إلخ" جملة الاختصاص في المثالين في موضع نصب على الحال والمعنى أنا أفعل ذلك مخصوصًا من بين الرجال, واللهم اغفر لنا مخصوصين من بين العصائب قاله الرضي. قوله: "العصابة" هي بكسر العين الجماعة الذين أمرهم واحد. قوله: "معرفًا بأل" قال ابن الحاجب: المعرف بأل ليس منقولًا عن النداء؛ لأن المنادى لا يكون ذا لام ونحو: أيها الرجل منقول عنه قطعًا والمضاف يحتمل الأمرين: أن يكون منقولًا عن المنادى ونصبه بياء مقدرة كما في أيها الرجل وأن ينتصب بفعل مقدر نحو: أعني أو أخص أو أمدح كما في المعرف بأل والنقل خلاف الأصل فالأولى أن ينتصب انتصاب نحن العرب ا. هـ. وقوله: ونصبه بياء مقدرة أي: مجردة عن معنى النداء وإلا كان منادى حقيقة لا منقولًا عن المنادى هذا والحق ما صرح به الشارح والموضح وغيرهما أن كل مخصوص منصوب بفعل مقدر تقديره أخص مثلًا
276 | 463(1/274)
الاختصاص
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أسخى من بذل" بالذال المعجمة أي: أعطى. والثالث أن يكون معرفًا بالإضافة كقوله -صلى الله عليه وسلم: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث" . وقوله:
نحن بني ضبة أصحاب الجمل قال سيبويه: وأكثر الأسماء دخولًا في هذا الباب بنو فلان، ومعشر مضافة، وأهل البيت وآل فلان. والرابع أن يكون علمًا وهو قليل، ومنه قوله:
970-
بِنا تَمِيمًا يُكْشَفُ الضَّبابُ ولا يدخل في هذا الباب نكرة ولا اسم إشارة.
تنبيه: لا يقع المختص مبنيا على الضم إلا بلفظ أيها وأيتها، وأما غيرهما فمنصوب وناصبه فعل واجب الحذف تقديره: أخص. واختلف في موضع أيها وأيتها: فمذهب الجمهور أنهما في موضع نصب بأخص أيضًا, وذهب الأخفش إلى أنه منادى ولا ينكر أن ينادي الإنسان نفسه، ألا ترى إلى قول عمر -رضي الله عنه: كل الناس أفقه منك يا عمر، وذهب السيرافي إلى أن أيا في الاختصاص معربة وزعم أنها تحتمل وجهين: أن تكون خبرًا لمبتدأ محذوف والتقدير: أنا أفعل كذا هو أيها الرجل أي: المخصوص به. وأن تكون مبتدأ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وليس هناك يا مقدرة. قوله: "وقد يرى ذا" أي: المنصوب على الاختصاص ودون حال من ذا، وتلو مفعول ثان ليرى والكاف في كمثل زائدة. قوله: "العرب" منصوب بمحذوف والجملة معترضة بين المبتدأ والخبر وكذا المنصوب في الحديث والبيت. كذا في المغني.
قوله: $"نحن معاشر الأنبياء" قال في التصريح: هذا الحديث بلفظ نحن قال الحفاظ غير موجود, وإنما الموجود في سنن النسائي الكبرى إنا معاشر الأنبياء ا. هـ. وقال شيخنا السيد: رواه البزار بلفظ نحن ورواه النسائي بلفظ إنا. قوله: "وأهل البيت" قيل منه إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت والصحيح كما في المغني أنه منادى حقيقة؛ لأن الاختصاص بعد ضمير الخطاب قليل كما يأتي. قوله: "يكشف الضباب" هو شيء كالغبار يكون في أطراف السماء. عيني. قوله: "ولا اسم إشارة" ولا موصول ولا ضمير قاله في الارتشاف. تصريح.
قوله: "إلا بلفظ أيها وأيتها" وجه الضم فيهما استصحاب حالهما في النداء بأن نقلا بحالهما عن النداء واستعملا في غيره كذا في الحواشي. وقال في المغني: وجه بنائهما على الضم مشابهتهما في اللفظ أيها وأيتها في النداء وإن انتفى هنا موجب بنائهما في النداء.
قوله: "هو أيها الرجل" لعل أيها على كلامه واقعة على الشخص مثلًا فتأمل. قوله: "أي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
970- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص169؛ وخزانة الأدب 2/ 413؛ والدرر 3/ 15؛ والكتاب 2/ 234؛ والمقاصد النحوية 4/ 302؛ وهمع الهوامع 1/ 171؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 2/ 18.
277 | 463(1/275)
التحذير والإغراء
التحذير والإغراء:
إيَّاكَ والشَّرَّ ونَحوَهُ نَصَبْ مُحَذِّرٌ بما استِثارُهُ وَجَبْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والخبر محذوف والتقدير أيها الرجل المخصوص أنا المذكور.
خاتمة: الأكثر في المختص أن يلي ضمير متكلم كما رأيت, وقد يلي ضمير مخاطب كقولهم بك الله نرجو الفضل، وسبحانك الله العظيم، ولا يكون بعد ضمير غائب.
التحذير الإغراء:
التحذير تنبيه المخاطب على أمر مكروه ليجتنبه والإغراء تنبيهه على أمر محمود
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المخصوص به" تفسير للضمير أعني هو والضمير في به يرجع إلى الفعل المفهوم من إفعل كذا قوله: "أنا المذكور" خبر عن أيها ولا حاجة إلى زيادة قوله المذكور. قوله: "أن يلي ضمير متكلم" ولا يجوز أن يتقدم على الضمير كما قاله السيوطي وغيره. قوله: "ولا يكون بعد ضمير غائب" ولا بعد اسم ظاهر فلا يجوز بهم معشر العرب ختمت المكارم ولا بزيد العالم تقتدي الناس. تصريح.
التحذير والإغراء:
قال في النكت: جمعهما في باب واحد لاستواء أحكامهما وكان ينبغي تقديم الإغراء على التحذير؛ لأن الإغراء هو الأحسن معنى وعادة النحويين البداءة به كما يقولون نعم وبئس وتقول الناس الوعد والوعيد والثواب والعقاب ونحو: ذلك ولا ترى طباعهم العكس ا. هـ. ولك أن تقول إنما قدموا التحذير؛ لأنه من قبيل التخلية والإغراء من قبيل التحلية ثم هما وإن تساويا حكمًا مفترقان معنى فالإغراء التسليط على الشيء والتحذير الإبعاد عنه. ويشتمل التحذير على محذر بكسر الذال وهو المتكلم ومحذر بفتحها وهو المخاطب ومحذر منه وهو الشر مثلًا كذا في الغزي ومثله يجري في الإغراء. وقوله: وهو المخاطب اقتصر عليه مع أنه قد يكون المتكلم والغائب؛ لأن تحذيرهما شاذ كما سيأتي. قال شيخ الإسلام: التحذير يكون بثلاثة أشياء بإياك وأخواتها وبما ناب عنهما من الأسماء المضافة إلى ضمير المخاطب نحو: نفسك وبذكر المحذر منه نحو: الأسد وسيأتي بيانها في كلامه.
قوله: "تنبيه المخاطب" اقتصر على المخاطب مع أن التحذير يكون لغيره؛ لأن تحذيره هو الكثير المقيس فقصد الشارح تعريف هذا النوع منه فقط. قوله: "على أمر مكروه" ولو في زعم المحذر فقط أو المخاطب فقط. أفاده سم. قوله: "ليجتنبه إلخ" بقي تنبيه المخاطب على أمر مذموم ليفعله وتنبيهه على أمر محمود ليجتنبه, والظاهر عندي أن الأول من الإغراء والثاني من التحذير، وإنما لم يذكرهما الشارح؛ لأنهما لا ينبغي صدورهما من العاقل. بقي أن تعريف التحذير يشمل نحو: لا تؤذ أخاك ولا تعص الله، وظاهر ما نقلناه قريبًا عن شيخ الإسلام خلافه وتعريف الإغراء يشمل نحو: أحسن إلى أخيك وأطع الله واصبر، وفي كون كل ذلك ونحوه يسمى إغراء
278 | 463(1/276)
التحذير والإغراء
ودونَ عَطفٍ ذا لإيَّا انسُبْ وما سواهُ سَتْرُ فِعلِهِ لن يَلزما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليفعله، وإنما ذكر ذلك بعد باب النداء؛ لأن الاسم في التحذير والإغراء مفعول به بفعل محذوف ولا يجوز إظهاره كالمنادى على تفصيل يأتي.
واعلم أن التحذير على نوعين: الأول أن يكون بإياك ونحوه. والثاني بدونه: فالأول يجب ستر عامله مطلقًا كما أشار إليه بقوله: "إياك والشر ونحوه" أي: نحو: إياك، كإياك وإياكما وإياكم وإياكن "نصب محذر بما" أي: بعامل "استتاره وجب" لأنه لما كثر التحذير بهذا اللفظ جعلوه بدلًا من اللفظ بالفعل، والأصل احذر تلاقي نفسك والشر، ثم حذف الفعل وفاعله ثم المضاف الاول وأنيب عنه الثاني فانتصب، ثم الثاني وأنيب عنه الثالث فانتصب وانفصل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اصطلاحًا بعد. فتأمل. قوله: "محمود" فيه ما مر في نظيره وكان الأحسن في المقابلة أن يعبر بالمكروه والمحبوب أو بالمذموم والمحمود.
قوله: "بعد باب النداء" أي: حقيقة أو صورة ليشمل الاختصاص. قوله: "على تفصيل يأتي" حاصله أن محل الوجوب إذا كان التحذير بإيا ونحوه أو بغيره مع العطف أو التكرار. قوله: "يجب ستر عامله" أي: حذفه. قال البعض: مقدرًا بعد إياك إذ لا يتقدم الفعل مع انفصال الضمير وفيه أنهم ذكروا من أسباب الانفصال حذف الفعل وتأخره ولا مانع أن يكون سببه هنا الحذف, بل صرح به بعضهم فالفعل المقدر يجوز تقدمه مع انفصال الضمير وما ذكره من عدم جواز تقدمه مع انفصال الضمير, إنما هو في الفعل الملفوظ به فما علل به تقدير الفعل بعد إياك لا ينهض. والتعليل الصحيح ما في الدماميني ونصه: تقدير الفعل بعد إياك واجب إذ لو قدر مقدمًا للزم أن يكون أصله باعدك أي: باعد أنت إياك فيلزم تعدي الفعل الرافع لضمير الفاعل إلى ضميره المتصل وذلك خاص بأفعال القلوب وما حمل عليها ا. هـ. ثم يؤخذ من التعليل ما أفاده صنيع التصريح وصرح به شيخنا السيد من أن وجوب تقديره بعد إياك, إنما هو على جعل الأصل إياك باعد عن الأسد والأسد عنك. وأما على جعل الأصل احذر تلاقي نفسك والأسد وهو ما مشى عليه الشارح والموضح فلا يجب تقديره بعد إياك لانتفاء المحذور المذكور نظرًا إلى أن المفعول في الحقيقة تلاقي لا الضمير. هذا تحقيق المقام فاحتفظ عليه والسلام. فإن قلت المعطوف في حكم المعطوف عليه وإياك محذر والأسد محذر منه وهما متخالفان فكيف جاز العطف فالجواب أنه لا يجب مشاركة الاسم المعطوف للمعطوف عليه إلا في الجهة التي انتسب بها المعطوف عليه إلى عامله وهي هنا كونه مفعولًا به أي: مباعدًا وكذا الأسد مباعد إذ المعنى إياك باعد وباعد الأسد كما مر.
قوله: "مطلقًا" أي: سواء كان مع عطف أو تكرار أولًا. قوله: "جعلوه" أي: هذا اللفظ بدلًا أو عوضًا من اللفظ أي: من التلفظ بالفعل أي: ولا يجمع بين العوض والمعوض. قوله: "وأنيب عنه الثالث" ليس الثالث صفة لمحذوف تقديره المضاف الثالث وإن أوهمته عبارته إذ ليس ثم مضاف ثالث بل الثالث مضاف إليه فيجعل صفة لمحذوف تقديره الاسم الثالث. قوله: "فانتصب وانفصل" أي: بعد أن كان مجرورًا متصلًا. قوله: "ودون عطف" دون ظرف لغو متعلق بانسب
279 | 463(1/277)
التحذير والإغراء
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"ودون عطف ذا" الحكم أي: النصب بعامل مستتر وجوبًا "لإيا انسب" سواء وجد تكرار كقوله:
971-
فإيَّاكَ إيَّاكَ المراءَ فإنَّهُ إلى الشَّرِّ دَعَّاءٌ وللشرِّ جالِبُ أم لم يوجد نحو: إياك من الأسد، والأصل باعد نفسك من الأسد، ثم حذف باعد وفاعله والمضاف، وقيل التقدير أحذرك من الأسد، فنحو: غياك الأسد ممتنع على التقدير الأول وهو قول الجمهور، وجائز على الثاني وهو رأي الشارح وظاهر كلام التسهيل ويعضده البيت. ولا خلاف في جواز إياك أن تفعل لصلاحيته لتقدير من. قال في التسهيل: ولا يحذف يعني العاطف بعد إيا إلا والمحذوف منصوب بإضمار ناصب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكذا قوله: لإيا وذا مفعول مقدم لانسب.
قوله: "والأصل" أي: أصل إياك من الأسد باعد نفسك إلخ. حاصله أنه إذا ذكر المحذر منه بلا عطف فعند الجمهور يتعين جره بمن بناء على أن العامل عندهم في إياك باعد؛ لأنه لا يتعدى إلى الثاني بنفسه وأما البيت فعلى حذف الجار ضرورة وعند ابن الناظم يجوز نصبه ولا تتعين من كما في البيت بناء على أن العامل عنده في إياك احذر ونحوه مما يتعدى إلى اثنين بنفسه كجنب، وعند الناظم على ما يؤخذ من التسهيل إما أن يجر بمن أو ينصب بفعل محذوف آخر تقديره دع أو نحوه ويجوز إظهاره، وأما نحو: إياك أن تفعل فجائز عند الجميع. قوله: "وقيل التقدير أحذرك من الأسد" لأن احذر يتعدى بمن كما يتعدى بنفسه. قال الحفيد: والحق أن يقال لا يقتصر على تقدير باعد ولا على تقدير احذر بل الواجب تقدير ما يؤدي الغرض إذ المقدر ليس أمرًا متعبدًا به لا يعدل عنه. قوله: "ممتنع على التقدير الأول" لأن باعد لا يتعدى إلى المفعول الثاني بنفسه كما مر وجعله منصوبًا بنزع الخافض والأصل من الأسد يرده أنه سماعي إلا مع إن وأن. ومحل الامتناع إذا لم يضمن معنى فعل يتعدى إلى مفعولين بنفسه كجنب وحذر وإلا جاز. قوله: "وهو قول الجمهور" مرجع الضمير الامتناع المفهوم من ممتنع.
قوله: "وجائز على الثاني" لأن احذر يتعدى إلى المفعول الثاني بنفسه كما يتعدى إليه بمن كما مر وينبني أيضًا على التقديرين أن الكلام على الأول انشائي وعلى الثاني خبري. قوله: "وظاهر كلام التسهيل" اعترضه شيخنا والبعض بأن مفاد ما سينقله عن التسهيل أن نصب الثاني بعامل آخر لا بناصب الأول، ولك دفعه بجعل الضمير في قوله: وهو رأي الشارح وظاهر كلام التسهيل إلى مجرد جواز النصب وإن اختلف تخريجه. قوله: "لصلاحيته لتقدير من" تعليل لجوازه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
971- البيت من الطويل، وهو للفضل بن عبد الرحمن في إنباه الرواة 4/ 76؛ وخزانة الأدب 3/ 63؛ ومعجم الشعراء ص310؛ وله للعرزمي في حماسة البحتري ص253؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص686؛ وأوضح المسالك 3/ 336؛ والخصائص 3/ 102؛ ورصف المباني ص137؛ وشرح التصريح 2/ 128؛ وشرح المفصل 2/ 25؛ والكتاب 1/ 279؛ وكتاب اللامات ص70؛ ولسان العرب 15/ 441 "أيا"؛ ومغني اللبيب ص679؛ والمقاصد النحوية 4/ 113، 308؛ والمقتضب 3/ 213.
280 | 463(1/278)
التحذير والإغراء
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
آخر أو مجرور بمن وتقديرها مع أن تفعل كاف.
تنبيهان: الأول ما قدمته من التقدير في إياك والشر هو ما اختاره في شرح التسهيل وقال: إنه أقل تكلفًا وقيل الأصل اتق نفسك أن تدنو من الشر والشر أن يدنو منك، فلما حذف الفعل استغنى عن النفس فانفصل الضمير، وهذا مذهب كثير من النحويين منهم السيرافي واختاره ابن عصفور. وذهب ابن طاهر وابن خروف إلى أن الثاني منصوب بفعل آخر مضمر فهو عندهما من قبيل عطف الجمل. الثاني حكم الضمير في هذا الباب مؤكدًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على التقدير الأول وترك تعليله على الثاني لظهوره. قوله: "بإضمار ناصب آخر" فالتقدير في إياك الشر باعد كودع الشر. ومن كلام التسهيل هذا تعلم موافقة الناظم الجمهور في تقديرهم عامل إياك باعد إذ لو قدره الناظم احذر لم يحتج إلى تقدير ناصب آخر للشر كما فهم.
قوله: "وقيل الأصل اتق نفسك إلخ" وقيل الأصل باعد نفسك من الشر والشر منك وهو أقل تكلفًا من كون الأصل اتق نفسك إلخ, لا من كون الأصل احذر تلاقي نفسك والشر وبهذا القول صارت الأقوال في إياك والشر أربعة. قوله: "أن تدنو من الشر" بدل اشتمال. قوله: "والشر أن يدنو منك" وقد حصل الواجب من اشتراك المتعاطفين في معنى العامل وهو الاتقاء فلا يقال كيف تعاطفا, وأحدهما محذر والآحر محذر منه. قوله: "فانفصل الضمير" ويقدر الفعل بعده لا قبله وإلا كان الأصل أي: الثاني اتقك فيلزم تعدي الفعل الرافع لضمير الفاعل إلى ضميره المتصل وذلك خاص بأفعال القلوب وما حمل عليها ا. هـ. سم وقد يقال هلا نظر إلى كون الفعل إنما تعدى في الحقيقة إلى نفس المقدرة لا إلى الكاف كما مر نظيره إلا أن يفرق بأن المقدر هنا عين الضمير في المعنى بخلاف المقدر في النظير المار وكل هذا يجري في قوله سابقًا نحو: إياك من الأسد والأصل باعد نفسك من الأسد إلخ فتنبه.
قوله: "بفعل آخر مضمر" تقديره ودع الشر مثلًا. قوله: "حكم الضمير في هذا الباب" أراد بالضمير ما يشمل الضمير المنفصل البارز المنصوب والضمير المتصل المستتر المرفوع المنتقل إلى إياك بعد حذف الفعل. وقوله: حكمه في غيره قال الدماميني: فإذا قلت إياك فعندنا ضميران أحدهما هذا البارز المنفصل المنصوب وهو إياك والآخر ضمير رفع مستكن فيه منتقل إليه من الفاعل الناصب له, فإذا أكدت إياك قلت إياك نفسك وأنت بالخيار في تأكيده بأنت قبل النفس، وإن أكدت ضمير الرفع المستكن فيه قلت إياك أنت نفسك ولا بد من تأكيده بأنت قبل النفس حينئذٍ, وأما العطف فتقول في العطف على إياك إياك وزيدًا والشر وإن شئت قلت إياك أنت وزيدًا والشر، وتقول إن عطفت على المرفوع إياك أنت وزيد ويقبح بدون تأكيد أو فاصل على ما تقدم ا. هـ. قال شيخنا والبعض: وهذا مبني على انتقال الضمير من الفعل إلى إياك ونحوه, وهو خلاف ما تقدم في الشرح في قوله: ثم حذف الفعل وفاعله وعليه فليس معنا إلا ضمير واحد. وأجاب شيخنا السيد بأن حذف الفاعل أولًا مع فعله لا ينافي عوده ثانيًا عند مجيء ما يستكن فيه وهو إياك إذ هو في وقت حذفه لم يكن وهذا كله ظاهر على ما في كثير من النسخ من رفع زيد في قوله
281 | 463(1/279)
التحذير والإغراء
إلا مَعَ العَطفِ أو التَّكرارِ كالضَّيغمِ يا ذا السَّارِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أو معطوفًا عليه حكمه في غيره نحو: إياك نفسك أن تفعل، وإياك أنت نفسك أن تفعل، وإياك وزيدًا أن تفعل، وإياك أنت وزيدًا أن تفعل "وما سواه" أي: ما سوى ما بإيا وهو النوع الثاني من نوعي التحذير. "ستر فعله لن يلزما إلا مع العطف" سواء ذكر المحذر نحو: ماز رأسك والسيف أي: يا مازن ق رأسك واحذر السيف، أم لم يذكر نحو: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} [الشمس: 13]، "أو التكرار" كذلك "كالضيغم الضيغم" أي: الأسد الأسد "يا ذا الساري" ونحو: رأسك رأسك جعلوا العطف والتكرار كالبدل من اللفظ بالفعل، فإن لم يكن عطف ولا تكرار جاز ستر العامل وإظهاره، تقول نفسك الشر أي: جنب نفسك الشر، وإن شئت أظهرت، وتقول الأسد أي: احذر الأسد، وإن شئت أظهرت. ومنه قوله:
972-
خَلِّ الطريقَ لمن يَبْنِي المَنارَ بِهِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإياك أنت وزيد أن تفعل أما على ما في بعضها من نصبه فالمراد بالضمير الضمير البارز فقط, وبحكمه جواز الفصل بأنت بينه وبين تأكيده ومعطوفه وترك الفصل, وحينئذٍ فلا اعتراض على الشارح أصلًا فاعرف ذلك.
قوله: "إلا مع العطف" أي: بالواو فقط كما يأتي. قوله: "سواء ذكر المحذر" بفتح الذال المعجمة. قال شيخنا: الظاهر أن مراده به المخاطب كما زمن ماز رأسك والسيف وذا الساري من الضيغم الضيغم يا ذا الساري لكن هذا خلاف ما اصطلحوا عليه من أن المحذر بفتح الذال الاسم المنصوب بفعل محذوف أو مذكور على التفصيل المعلوم من إيا أو ما جرى مجراه، وعليه قول المصنف: وكمحذر إلخ والدليل على أن مراده المخاطب أنه مثل لما لم يذكر فيه المحذر بناقة الله وسقياها مع أنه يصدق عليه أنه اسم منصوب إلخ ا. هـ. وتمثيله بقوله: كماز إلخ يشعر بأن المراد المخاطب بالنداء لا بالكاف فيكون نحو: رأسك رأسك مثالًا لما لم يذكر فيه المحذر. وقد علم من ذلك أن قول المصنف يا ذا الساري ليس تكملة بل من جملة المثال.
قوله: "أي: يا مازن ق رأسك واحذر السيف" هلا جعل تقديره كهو في إياك والشر أي: احذر تلاقي رأسك والسيف. قوله: "ناقة الله وسقياها" فيه ذكر المحذر منه مع العطف. قال البيضاوي: أي: ذروا ناقة الله وسقياها فلا تذودوها عنها. قال الشيخ: زاده في حاشيته عليه هذا إشارة إلى أن ناقة الله منصوب بعامل مضمر على التحذير وإضمار الناصب هنا واجب لمكان العطف ا. هـ. قوله: "كذلك" أي: سواء ذكر المحذر أولا. قوله: "ونحو: رأسك رأسك" فيه تنبيه على أنه قد يكتفي بذكر المحذر عن ذكر المحذر منه كعكسه.
قوله: "ومنه" أي: من الإظهار. قوله: "خل الطريق" الشاهد فيه حيث أظهر العامل؛ لأن المحذر منه وهو الطريق خال من التكرار والعطف. تصريح. والمنار بفتح الميم والنون حدود
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
972- عجزه:
وابُرز ببرزَةَ حيث اضطركَ القَدَرُ والبيت من البسيط، وهو لجرير في ديوانه 1/ 211؛ وشرح التصريح 2/ 195؛ والصاحبي في فقه اللغة ص186؛ والكتاب 1/ 254؛ ولسان العرب 5/ 310 "برز"؛ والمقاصد النحوية 4/ 307؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 78 والرد على النحاة ص75؛ وشرح المفصل 2/ 30.
282 | 463(1/280)
التحذير والإغراء
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهات: الأول أجاز بعضهم إظهار العامل مع المكرر، وقال الجزولي: يقبح ولا يمتنع. الثاني: شمل قوله إلا مع العطف أو التكرار الصور الأربع المتقدمة، وكلامه في الكافية يشعر بأن الأخيرة منها -وهي رأسك رأسك- يجوز فيها إظهار العامل فإنه قال:
ونحو رأسك كإياك جعل إذ الذي يحذر معطوفًا وصل وقد صرح ولده بما تقدم. الثالث: العطف في هذا الباب لا يكون إلا بالواو وكون ما بعدها مفعولًا معه جائز فإذا قلت إياك وزيدًا أن تفعل كذا صح أن تكون الواو واو مع "وشذ" التحذير بغير ضمير المخاطب نحو: "إياي" في قول عمر -رضي الله عنه: لتذك لكم الأسل والرماح والسهام، وإياي وأن يحذف أحدكم الأرنب، والأصل إياي باعدوا عن حذف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأرض ويوجد في بعض النسخ تمام البيت وهو:
وابرز ببرزة حيث اضطرك القدر أي: في برزة وهي الأرض الواسعة. قوله: "ونحو: رأسك كإياك جعل إلخ" يعني أن رأسك إنما يكون كإياك في وجوب ستر عامله حيث عطف عليه المحذور فمفهومه أنه حيث لم يعطف عليه لا يكون كإياك ولو حصل تكرار وهذا وجه الإشعار الذي ذكره, واعترض البعض على الشارح بأن في كلامه قصورًا؛ لأن كلام الكافية يشعر بجواز الإظهار في الثالثة أيضًا إذ ليس في كلامها تقييد بحذف المحذر أي: المخاطب ا. هـ. وأقول إذا أحسنت التأمل في كلام الكافية وجدته مشعرًا بجواز الإظهار في بعض أفراد الرابعة وبعض أفراد الثالثة لا في جميع أفرادهما؛ لأن المراد بنحو: رأسك كل ما كان التحذير فيه بذكر غير المحذر منه أولًا بقرينة قوله إذ الذي يحذر إلخ سواء ذكر المخاطب أولًا وحينئذٍ يفيد كلامها أنه إذا قيل رأسك رأسك أو رأسك رأسك يا زيد حاز إظهار العامل لعدم عطف المحذر منه والأول من أفراد الرابعة والثاني من أفراد الثالثة, ولا تعرض في كلامها منطوقًا ولا مفهومًا لحكم ما إذا قيل الضيغم الضيغم وهو من أفراد الرابعة أو الضيغم الضيغم يا ذا الساري وهو من أفراد الثالثة؛ لأن فرض كلامها فيما إذا كان التحذير بذكر غير المحذر منه أولًا والتحذير في هذين المثالين بذكر المحذر منه أولًا فلم يتم إطلاق الشارح ولا إطلاق البعض فافهم.
قوله: "بما تقدم" أي: من وجوب ستر العامل في الصور الأربع. قوله: "وكون ما بعدها إلخ" وعليه فالحذف حائز لا واجب لعدم العطف قاله الدماميني. قوله: "لتذك" من التذكية. والأسل بفتح الهمزة والسين المهملة مارقّ من الحديد كالسيف والسكين. تصريح. قوله: "والأصل إياي باعدوا عن حذف الأرنب إلخ" هذا قول الجمهور وقال الزجاج: التقدير: إياي وحذف الأرنب
283 | 463(1/281)
التحذير والإغراء
وشَذَّ إيَّاي وإيَّاهُ أَشَذّ وعن سَبيلِ القصدِ من قاسَ انْتَبَذْ
وكمُحذَّرٍ بلا إيَّا اجْعلا مُغَرًى به في كل ما قد فُصِّلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأرنب، وباعدوا أنفسكم عن أن يحذف أحدكم الأرنب. ثم حذف من الأول المحذور ومن الثاني المحذر، ومثل إياي إيانا "وإياه" وما أشبهه من ضمائر الغيبة المنفصلة "أشذ" من إياي كما في قول بعضهم: إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب، والتقديرك فليحذر تلاقي نفسه وأنفس الشواب، وفيه شذوذان: مجيء التحذير فيه للغائب وإضافة إيا إلى ظاهر وهو الشواب، ولا يقاس على ذلك كما أشار إلى ذلك بقوله: "وعن سبل القصد من قاس انتبذ" أي: من قاس على إياي وإياه وما أشبههما فقد حاد عن طريق الصواب ا. هـ.
تنبيه: ظاهر كلام التسهيل أنه يجوز القياس على إياي وإيانا فإنه قال: ينصب محذر إياي وإيانا معطوفًا عليه المحذور فلم يصرح بشذوذ وهو خلاف ما هنا "وكمحذر بلا إيا اجعلا مغرى به في كل ما قد فصلا" من الأحكام، فلا يلزم ستر عامله إلا مع العطف، كقوله: المروءة والنجدة بتقدير الزم، أو التكرار كقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإياكم أن يحذف أحدكم الأرنب فحذف من كل من الجملتين ما أثبت نظيره في الأخرى فيكون احتباكًَا كذا في السندوبي والاحتباك موجود على قول الجمهور أيضًا فتضعيف قول الجمهور بأن فيه الحذف من الأوّل لدلالة الثاني وهو قليل يجري مثله في قول الزجاج, ويزيد بأن فيه ادعاء حذف إياكم وحذفها لا يليق لما استقر لها في هذا الباب من أنها بدل من اللفظ بالفعل.
قوله: "ثم حذف من الأوّل المحذور" وهو حذف الأرنب ومن الثاني المحذر وهو أنفسكم. وقول البعض تبعًا للتصريح وهو باعدوا أنفسكم فيه تساهل. قوله: "وإيا الشواب" بشين معجمة وآخره موحدة جمع شابة ويروى بسين مهملة آخره مثناة فوقية جمع سوأة. قوله: "والتقدير فليحذر تلاقي نفسه وأنفس الشواب" أي: فحذف الفعل مع فاعله ثم تلاقي ثم نفس فانفصل الضمير وانتصب وأقام إيا مقام أنفس. قوله: "وفيه شذوذان" بل ثلاثة ثالثها اجتماع حذف الفعل وحذف لام الأمر كما في التوضيح. وظهر لي رابع وهو جعل إيا محذرًا منه, ثم رأيت في الهمع خلافه حيث ذكر أن المحذر منه يكون ضمير غائب معطوفًَا على المحذر واستشهد بقول الشاعر:
فلا تصحب أخا الجهل وإياك وإياه وذكر الرضي أن المحذور منه المكرر يكون ظاهرًا نحو: الأسد الأسد وسيفك سيفك، ومضمرًا نحو: إياك إياك وإياه إياه وإياي إياي. قوله: "وإضافة إيا إلى ظاهر" يقتضي أن إيا في نحو: إياه مضافة للهاء مع أنها حرف غيبة والضمير إيا وهو غير مضاف فلعل ما ذكره قول، أو أراد بالإضافة الربط والتعلق ا. هـ سم وقد يمنع الاقتضاء وما ترجاه هو الواقع كما مر في باب الضمير. قوله: "مغري به" ولا يكون الإغراء إلا للمخاطب وقيل جاء قليلًَا للغائب نحو: فعليه بالصوم وللمتكلم نحو: عليّ زيدًا. وأول فعليه بالصوم بأن الأمر للمخاطب أي: ألزموه الصوم أو دلوه عليه مثلًَا أفاده سم أي: وكذا يؤول عليّ زيدًَا أي: ألزموني زيدًا ونحو: ذلك وسيأتي في الباب الآتي
284 | 463(1/282)
التحذير والإغراء
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
973-
أخاكَ أخاكَ إنْ من لا أخا له كساعٍ إلى الهَيجا بغير سِلاح
وإنَّ ابنَ عمِّ المَرءِ فاعْلَمْ جَناحُهُ وهل يَنْهضُ البازي بغيرِ جَناح أي: الزم أخاك. ويجوز إظهار العامل في نحو: الصلاة جامعة إذ الصلاة نصب على الإغراء بتقدير احضروا، وجامعة حال، فلو صرحت باحضروا جاز.
تنبيه: قد يرفع المكرر في الإغراء والتحذير كقوله:
974-
إنَّ قومًا منهم عُميرٌ وأَشْبا هُ عُميرٍ ومنهم السَّفاحُ
لجديرونَ بالوفاءِ إذا قا لَ أخو النجدَةِ السِّلاحُ السلاحُ وقال الفراء في قوله تعالى: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} [الشمس: 13]: نصب الناقة على التحذير، وكل تحذير فهو نصب، ولو رفع على إضمار هذه لجاز فإن العرب قد ترفع ما فيه معنى التحذير ا. هـ.
خاتمة: قال في التسهيل: ألحق بالتحذير والإغراء في التزام إضمار الناصب مثل وشبهه نحو: كليهما وتمرًا. وامرأ ونفسه. والكلاب على البقر. وأحشفا وسوء كيلة. ومن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلام آخر في قوله فعليه بالصوم. قوله: "والنجدة" بفتح النون أي: الشجاعة. قوله: "نصب على الإغراء إلخ" ويجوز رفعهما على الابتداء والخبر ورفع الأول على الابتداء مع حذف الخبر أو على الخبرية لمحذوف، ونصب جامعة على الحالية ونصب الأول على الإغراء ورفع الثاني على الخبرية لمحذوف.
قوله: "قد يرفع المكرر إلخ" مثل المكرر المتعاطفان كما أشار إليه بنقل كلام الفراء. قوله: "مثل وشبهه" قال البعض: لم يمثل لشبه المثل ومثاله انتهوا خيرًا لكم ا. هـ. وفي كلام شيخنا السيد ما يرده حيث قال: قوله: وامرأ ونفسه هذا من شبه المثل كما في الدماميني وكذا عذيرك وديار الأحباب وإن تأتني فأهل الليل وأهل النهار ومرحبًا وأهلًا وسهلًا, وهذا ولا زعماتك وكل شيء ولا هذا, ثم قال: ولو أخر ذكر جميع أشباه المثل عن ذكر جميع الأمثال لكان أنسب ا. هـ ملخصًا. وذكر شيخنا أيضًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
973- البيتان من الطويل، وهما لمسكين الدارمي في ديوانه ص29؛ والأغاني 10/ 171، 173؛ وخزانة الأدب 3/ 65، 67؛ والدرر 3/ 11؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 127؛ وشرح التصريح 2/ 195؛ والمقاصد النحوية 4/ 305؛ ولمسكين أو لابن هرمة في فصل المقال ص269؛ ولقيس بن عاصم في حماسة البحتري ص245؛ ولقيس بن عاصم أو المسكين الدارمي في الحماسة البصرية 2/ 60؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 79؛ وتلخيص الشواهد ص62؛ والخصائص 2/ 480؛ والدرر 6/ 44؛ وشرح شذور الذهب ص288؛ وشرح قطر الندى ص134؛ والكتاب 1/ 256.
974- البيتان من الخفيف، وهما بلا نسبة في الخصائص 3/ 102؛ والدرر 3/ 11؛ والمقاصد النحوية 4/ 306؛ والهمع 1/ 180.
285 | 463(1/283)
التحذير والإغراء
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنت زيدًا. وكل شيء ولا هذا. ولا شتيمة حر. وهذا ولا زعماتك. وإن تأت فأهل الليل وأهل النهار. ومرحبًا وأهلًا وسهلًا. وعذيرك وديار الأحباب بإضمار أعطني، ودع، وأرسل، وأتبيع، وتذكر، واصنع، ولا ترتكب، ولا أتوهم، وتجد، وأصبت، وأتيت، ووطئت، واحضر, واذكر. ثم قال: وربما قيل كلاهما وتمرًا. وكل شيء ولا شتيمة حر. ومن أنت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن امرأ ونفسه شبه مثل. قوله: "كليهما وتمرًا" هذا مثل وأصله أن إنسانًا خير بين شيئين فطلبهما جميعًا وطلب الزيادة عليهما ا. هـ. دماميني. قوله: "والكلاب على البقر" مثل معناه خل الناس خيرهم وشرهم واغتنم أنت طريق السلامة. قوله: "وأحشفا وسوء كيلة" بكسر الكاف كالجلسة للهيئة وهو مثل لمن يظلم الناس من وجهين. قوله: "ومن أنت زيدًا" مثل لمن يذكر عظيمًا بسوء.
قوله: "بإضمار أعطني إلخ" ساق الأفعال الناصبة للمنصوبات المتقدمة على ترتيبها في الذكر السابق فأعطني ناصب كليهما وتمرًا وظاهر كلامه أن تمرًا معطوف على كليهما؛ لأنه لم يقدر له ناصبًا وقدر غيره وزدني تمرًا فيكون من عطف الجمل ودع هو ناصب امرأ وأما نفسه فيحتمل أن يكون معطوفًا وأن يكون مفعولًا معه وأرسل هو ناصب الكلاب على البقر وأتبيع ناصب حشفًا, وأما سوء كيلة فيحتمل أن يكون بتقدير وتزيد وأن يكون مفعولًا معه, وتذكر هو ناصب زيدًا واصنع هو ناصب كل شيء ولا ترتكب هو ناصب هذا من قولهم كل شيء ولا هذا ولا أتوهم هو ناصب زعماتك من قولهم هذا ولا زعماتك, وأما هذا في هذا التركيب فناصبه محذوف أي: أرضى هذا ولا أبوهم زعماتك كما قاله ابن الحاجب, ولم ينبه عليه المؤلف لجواز أنه خبر لمحذوف أو مبتدأ خبره محذوف كما قيل أي: الحق هذا أو هذا الحق. وتجد هو ناصب أهل الليل وأهل النهار أي: تجد من يقوم لك مقام أهلك في الليل والنهار وأصبت ناصب مرحبًا وأتيت ناصب أهلًا ووطئت ناصب سهلًا فعلى هذا هي ثلاث جمل وغيره جعل العامل فيها كلها واحدًا وقدره صادفت, فعلى هذا هي جملة واحدة وأحضر ناصب عذيرك قال سيبويه: أي: أحضر عذرك وقال بعضهم: التقدير: أحضر عاذرك واذكر ناصب ديار الأحباب ا. هـ. دماميني ببعض زيادة.
وظاهر سكوته عن قوله ولا شتيمة حر أنه من تتمة ما قبله وأن العامل في شتيمة هو العامل في الكلمة قبلها وهو ترتكب وفي كلام شيخنا السيد تبعًا للدماميني أنه جملة منفردة فتكون شتيمة مستقلة بعامل تقديره: ترتكب, وأنه كان الأولى زيادة واو أخرى قبل قوله: ولا شتيمة حر لتكون إحدى الواوين من الحكاية والأخرى من المحكي فيفيد أن ولا شتيمة حر جملة منفردة. قال: وكذا ما سيذكره الشارح من لفظ كل شيء ولا شتيمة حر جملة أخرى منفردة ا. هـ. وقد يؤخذ من مجموع ذلك أنه قد يقال ولا شتيمة حر فقط. وقد يقال كل شيء
ولا شتيمة حر والظاهر أن الأول عطف على اصنع كل شيء محذوفًا.
قوله: "وربما قيل كلاهما وتمرًا" بإثبات الألف في كلاهما ونصب تمرًا فكلاهما مرفوع ويحتمل أن يكون منصوبًا على لغة من ألزمه الألف. قال شيخنا والبعض: ويترجح بسلامته من عطف الإنشاء على الخبر ا. هـ. وفي أن السلامة من ذلك ممكنة على الرفع أيضًا بأن يقدر ناصب
286 | 463(1/284)
أسماء الأفعال والأصوات
أسماء الأفعال والأصوات:
ما نابَ عن فِعل كَشتَّان وَصَهْ هو اسم فِعل وكذا أَوَّه وَمَهْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زيد، أي: كلاهما لي. وزدني، وكل شيء أمم ولا ترتكب. ومن أنت كلامك زيد أو ذكرك. والله أعلم.
أسماء الأفعال والأصوات:
"ما ناب عن فعل" في العمل ولم يتأثر بالعوامل ولم يكن فضلة "كشتان وصه هو اسم فعل وكذا أوه ومه" فما ناب عن فعل جنس يشمل اسم الفعل وغيره مما ينوب عن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تمرًا أطلب أو آخذ أو أستزيد مثلًا وإن كان خلاف تقدير الشارح. قوله: "وكل شيء" برفع كل كما قاله شيخنا وغيره. قوله: "أمم" بفتحتين أي: سهل يسير. قوله: "كلامك زيد" أي: متكلمك الذي تتكلم فيه. وقوله أو ذكرك أي: مذكورك.
أسماء الأفعال والأصوات:
أي: وأسماء الأصوات كما سيصرح به الشارح، وصرح جماعة بأنها ليست أسماء بل ليست كلمات لعدم صدق حد الكلمة عليها؛ لأنها ليست دالة بالوضع على معنى لتوقف الدلالة على علم المخاطب بما وضعت له والمخاطب بالأصوات مما لا يعقل. وأجاب القائلون بأنها أسماء بأن الدلالة كون اللفظ بحيث متى أطلق فهم منه العالم بالوضع معناه وهذه كذلك ولم يقل أحد إن حقيقة الدلالة كون اللفظ يخاطب به من يعقل.
قوله: "ما ناب عن فعل" أي: اسم ناب عن فعل بدليل الترجمة فالحروف خارجة عن الحد فلا حاجة إلى زيادة ما يخرجها كما فعله الشارح. والنيابة عن الفعل فسرها ابن المصنف بما يخرج المصدر فلا حاجة إلى زيادة ما يخرجه ا. هـ. سم. وقوله: فسرها ابن المصنف بما يخرج المصدر إلخ عبارة ابن الناظم أسماء الأفعال ألفاظ نابت عن الأفعال معنى واستعمالًا كشتان بمعنى افترق وصه بمعنى اسكت وأوّه بمعنى أتوجع ومه بمعنى أكفف واستعمالها كاستعمال الأفعال من كونها عاملة غير معمولة بخلاف المصادر الآتية بدلًا من اللفظ بالفعل فإنها وإن كانت كالأفعال في المعنى فليست مثلها في الاستعمال لتأثرها بالعوامل ا. هـ. ومنه يعلم فساد قول البعض المراد بالنيابة عن الفعل النيابة عنه في المعنى والعمل فلا حاجة إلى زيادة ما يخرج المصدر ا. هـ. وذلك لأن النيابة عن الفعل في المعنى والعمل حاصلة للمصادر المذكورة كما عرفت فكيف تخرج بالنيابة عن الفعل في المعنى والعمل والله الموفق. ثم قول ابن الناظم: كاستعمال الأفعال من كونها عاملة غير معمولة. قال شيخ الإسلام: زكريا أي: غير معمولة للاسم والفعل وإلا فالأفعال تكون معمولة للحرف الناصب أو الجازم ا. هـ. ويرد عليه أنها تكون معمولة للاسم الجازم أيضًا إلا أن يقال عمله فيها لا لذاته بل لتضمنه معنى الحرف وهو أن.
قوله: "هو اسم فعل" فائدة وضعه وعدم الاستغناء عنه بمسماه قصد المبالغة فإن القائل أف كأنه قال أتضجر كثيرًا جدا، والقائل هيهات كأنه قال بعد جدا كما قاله ابن السراج أفاده سم.
287 | 463(1/285)
أسماء الأفعال والأصوات
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفعل، والقيد الأول. وهو لم يتأثر بالعوامل. فصل يخرج المصدر الواقع بدلًا من اللفظ بالفعل واسم الفاعل ونحوهما. والقيد الثاني -وهو ولم يكن فضلة- لإخراج الحروف: فقد بان لك أن قوله: كشتان تتميم للحد, فشتان ينوب عن افترق،
وصه ينوب عن اسكت، وأوه عن أتوجع، ومع عن انكفف، وكلها لا تتأثر بالعوامل وليست فضلات لاستقلالها.
تنبيهان: الأول كون هذه الألفاظ أسماء حقيقة هو الصحيح الذي عليه جمهور البصريين. وقال بعض البصريين: إنها أفعال استعملت استعمال الأسماء. وذهب الكوفيون إلى أنها أفعال حقيقة. وعلى الصحيح فالأرجح أن مدلولها لفظ الفعل لا الحدث والزمان بل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وكذا أوه" فيه لغات منها ما اشتهر من قولهم آه وأه كما في المرادي. قوله: "يخرج المصدر الواقع بدلًا من اللفظ بالفعل" نحو: ضربا زيدًا واسم الفاعل نحو: أقائم الزيدان ونحوهما مما يعمل الفعل فإن العوامل اللفظية والمعنوية تدخل عليها فتعمل فيها ألا ترى أن ضربًا منصوب بما ناب عنه وهو اضرب وقائم مرفوع بالابتداء ا. هـ. تصريح. قوله: "لإخراج الحروف" كإن وأخواتها. قوله: "فقد بان لك" أي: من احتياج قوله: ما ناب عن فعل إلى ما يخرج الحروف ونحو: المصدر النائب عن فعله لكن جعل قوله: كشتان وصه تتميمًا للتعريف إنما هو بقطع النظر عن زيادة الشارح القيدين السابقين فلو أخرج الشارح الحروف ونحو: المصدر المذكور بقول المصنف: كشتان وصه ثم قال: فبان لك إلخ لكان أوضح.
قوله: "ومه عن انكفف" كذا في بعض النسخ وفي بعضها عن اكفف وهي إنما تصح على ما قيل أنه سمع في اكفف التعدي وعدمه مع أنه قد يفسر اللازم بالمتعدي وعكسه. قوله: "كون هذه الألفاظ إلخ" جملة الأقوال سبعة. قوله: "هو الصحيح" بدليل أن منها ما هو على حرفين أصالة كصه وأنها لا يتصل بها ضمائر الرفع البارزة وأن منها ما يخالف أوزان الأفعال نحو: نزال وقرقار وأن الطلبي منها لا تلحقه نون توكيد سم. قوله: "استعملت استعمال الأسماء" أي: من حيث إنها تنوّن تارة ولا تنوّن تارة أخرى ومن حيث أنها لا تتصل بها ضمائر الرفع البارزة ومن حيث أن الطلبي منها لا تلحقه نون توكيد ونحو: ذلك.
قوله: "وذهب الكوفيون إلى أنها أفعال" أي: لدلالتها على الحدث والزمان همع. قوله: "حقيقة" قال البعض: أي: لم تستعمل استعمال الأسماء وليس المراد بالحقيقة ما قابل المجاز ا. هـ. وأنت خبير بأن هذا يؤدي إلى أن قول الكوفيين محض مكابرة وكيف ينكر أحد أنها استعملت استعمال الأسماء فيما مر. والأولى عندي أن مذهب بعض البصريين ومذهب الكوفيين واحد وأن الاختلاف بينهما ليس إلا في العبارة. قوله: "وعلى الصحيح إلخ" كان المناسب تأخيره عن القولين الأخيرين الآتيين أو تقديمه على قوله وقال بعض البصريين إلخ كما هو الظاهر للمتأمل. قوله: "لفظ الفعل" أي: من حيث هو دال على المعنى الموضوع هو له لا من حيث كونه مطلق لفظ، فآمين مثلًا مسمى به الفعل الذي هو استجب لا من حيث كونه لفظًا من الألفاظ بل من
288 | 463(1/286)
أسماء الأفعال والأصوات
وما بِمعنَى افعل كآمينَ كَثُرْ وغيرُهُ كَوَي وهيهاتَ نَزُرْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تدل على ما يدل على الحدث والزمان كما أفهمه كلامه. وقيل إنها تدل على الحدث والزمان كالفعل لكن بالوضع لا بأصل الصيغة. وقيل مدلولها المصادر. وقيل ما سبق استعماله في ظرف أو مصدر باق على اسميته كرويد زيدًا ودونك زيدًا، وما عداه فعل كنزال وصه. وقيل هي قسم برأسه يسمى خالفه الفعل. الثاني ذهب كثر من النحوين منهم الأخفش إلى أن أسماء الأفعال لا موضع لها من الإعراب، وهو مذهب المصنف، ونسبه بعضهم إلى الجمهور. وذهب المازني ومن وافقه إلى أنها في موضع نصب بمضمر، ونقل عن سيبويه وعن الفارسي القولان. وذهب بعض النحاة إلى أنها في موضع رفع بالابتداء وأغناها مرفوعها عن الخبر كما أغنى في نحو: أقائم الزيدان "وما بمعنى افعل كآمين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حيث كونه لفظًا دالا على طلب الاستجابة. دماميني. قوله: "كما أفهمه كلامه" أي: حيث قال هو اسم فعل.
قوله: "وقيل إنها تدل على الحدث والزمان كالفعل" أي: فهي أسماء بمعنى الأفعال وفي قول الرضي لا يفهم منها أي: أسماء الأفعال لفظ الفعل بل معناه ميل إلى هذا القول. قوله: "لكن بالوضع" يعني المادة كالصبوح ولو عبر بها لكان أوضح. وقوله:
لا بأصل الصيغة بهذا تميز اسم الفعل من الفعل على هذا القول فإن دلالته على الحدث بالمادة وعلى الزمان بالصيغة وإضافة أصل إلى الصيغة للبيان, ولو قال لا بالمادة والصيغة لكان أحسن إذ لا قائل في الفعل بأنه يدل على الحدث والزمان بالصيغة حتى يتوهم ذلك في اسم الفعل فيحتاج إلى نفيه ويمكن إرجاع قوله: لكن إلخ إلى الزمان فقط فلا يرد ما ذكر. قوله: "وقيل مدلولها المصادر" أي: النائبة عن أفعالها كما في الفارضي وغيره, ويظهر أن في الكلام حذف مضاف أي: قيل مدلولها مدلول المصادر وإنما بنيت على هذا القول مع إعراب تلك المصادر لما قاله المرادي من أنه دخلها معنى الأمر والمضي والاستقبال التي هي من معاني الحروف, وعليه فالمراد بالأفعال في قولهم أسماء الأفعال الأفعال اللغوية التي هي المصادر كما نقله شيخنا السيد عن الارتشاف.
قوله: "كرويد زيدًا إلخ" نشر على تشويش اللف. قوله: "خالفة الفعل" أي: خليفته ونائبه في الدلالة على معناه. قوله: "الثاني إلخ" هذا الخلاف مبني على الخلاف الأول فعلى القول بأنها أفعال حقيقة أو أسماء لألفاظ الأفعال لا موضع لها من الإعراب وعلى القول بأنها أسماء لمعان الأفعال موضعها رفع بالابتداء وأغنى مرفوعها عن الخبر, وعلى القول بأنها أسماء للمصادر النائبة عن الأفعال موضعها نصب بأفعالها النائبة هي عنها كذا في التصريح والفارضي، ولم يظهر وجه بناء القول بأنها في موضع رفع بالابتداء أغنى مرفوعها عن الخبر على القول بأنها أسماء لمعاني الأفعال كالأفعال بل يظهر أنها عليه لا موضع لها كالأفعال فتأمل. قوله: "وذهب المازني إلخ" ظاهر هذا وما بعده جريانهما في عليك وإليك سم.
قوله: "وذهب بعض النحاة إلخ" يحتاج صاحب هذا القول إلى أنه لا يلزم شرط الاعتماد
289 | 463(1/287)
أسماء الأفعال والأصوات
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كثر" ما موصول مبتدأ وما بعده صلته وكثر خبره أي: ورود اسم الفعل بمعنى الأمر كثير، من ذلك آمين بمعنى استجب، وصه بمعنى اسكت، ومه بمعنى انكفف، وتيد وتيدخ بمعنى أمهل، وهيت وهيا بمعنى أسرع، وويها بمعنى أغر، وإيه بمعنى امض في حديثك، وحيهل بمعنى ائت أو أقبل أو عجل، ومنه باب نزال وقد مر أنه مقيس من الثلاثي، وأن قرقار بمعنى قرقر وعرعار بمعنى عرعر شاذ.
تنبيه: في آمين لغتان: أمين بالقصر على وزن فعيل، وآمين بالمد على وزن فاعيل،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما في الوصف قال الشيخ يس وعليه فما الفرق. قوله: "كثر" لأن الأمر كثيرًا ما يكتفى فيه بالإشارة عن النطق فكيف لا يكتفى بلفظ قائم مقامه ولا كذلك الخبر. تصريح. أي: فالخبر لم يكثر فيه ذلك وإن وجد فيه كالاكتفاء بالإشارة بالرأس عن نعم أو لا. قوله: "وتيد" بفوقية مفتوحة فتحتية ساكنة فدال مهملة قال أبو علي من التؤدة فأبدلت الهمزة ياء. دماميني. قوله: "وتيدخ" بالخاء المعجمة. قوله: "بمعنى أمهل" راجع للكلمتين قبله وفي القاموس أن تيد تأتي بمعنى اتئد أيضًا.
قوله: "وهيت" بفتح التاء وكسرها وضمها وقد قرئ قوله تعالى هيت لك بالأوجه الثلاثة ا. هـ. همع واللام بعدها للتبيين والمعنى إرادتي أو أعني لك ولا تتعلق بهيت دماميني. قوله: "وهيا" بفتح الهاء وكسرها مع تشديد الياء فيهما همع. قوله: "بمعنى أسرع" راجع للكلمتين قبله. قوله: "وويها" بالتنوين لزومًا كما في الفارضي وسيأتي عند قول المصنف واحكم بتنكير الذي ينون إلخ. قوله: "بمعنى أغر" بقطع الهمزة؛ لأنه من أغريت. قوله: "وايه" بكسر الهمزة والهاء وفتحها وتنون المكسورة ا. هـ. قاموس. وأما أيها بفتح الهاء مع التنوين لزومًا فبمعنى انكفف كما في الهمع وجعله في القاموس أمرًا بالسكوت فلعل قول الهمع بمعنى انكفف أي: عن الكلام. قوله: "بمعنى امض في حديثك" هو كقول جماعة بمعنى زدني أي: من حديثك وهمزة امض وصل كما هو ظاهر.
قوله: "وحيهل" وقالوا حيهلًا بالتنوين وحيهلا بالألف بلا تنوين وهي مركبة من حي بمعنى أقبل وهل التي للحث والعجلة لا التي للاستفهام فجعلتا كلمة واحدة مبنية على الفتح في الكثير كخمسة عشر كذا في الفارضي. وذكر بعضهم أن لام حيهل تسكن وتفتح وأن هاء حيهلًا بالتنوين وحيهلا بالألف تفتح وتسكن وأن الألف بدل التنوين وقفًا وأنها قد تثبت وصلًا. قوله: "بمعنى ائت إلخ" هو بمعنى الأول متعد بنفسه وبمعنى الثاني متعد بعلى وبمعنى الثالث متعد بالباء أو بإلى ا. هـ. زكريا. وقد تفرد حي من هل فيستعمل بمعنى أقبل ويعدى بعلى وبمعنى ائت ويعدى بنفسه كما في الدماميني. قوله: "ومن باب نزال" أي: من اسم فعل الأمر. وقوله من الثلاثي أي: التام المتصرف كما مر. وقرقر بمعنى صوت وعرعر بمعنى العب.
قوله: "في آمين لغتان" أي: آمين المتكلم عليها التي هي اسم فعل وأما آمين بالمد وتشديد
290 | 463(1/288)
أسماء الأفعال والأصوات
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكلتاهما مسموعة، فمن الأولى قوله:
975-
تَباعَدَ مِنِّي فَطَحْلٌ وابنُ أمهِ أمينَ فزادَ اللهُ ما بيننا بُعدا ومن الثانية قوله:
976-
ويَرحمُ اللهُ عبدًا قالَ آمينا وعلى هذه اللغة فقيل إنه عجمي معرب؛ لأنه ليس في كلام العرب فاعيل، وقيل أصله أمين بالقصر فأشبعت فتحة الهمزة فتولدت الألف كما في قوله:
977- أقولُ إذ خرَّتْ على الكَلكالِ
قال ابن إياز: وهذا أولى "وغيره كوي وهيهات نزر" أي: غير ما هو من هذه الأسماء بمعنى فعل الأمر قل، وذلك ما هو بمعنى الماضي كشتان بمعنى افترق وهيهات بمعنى بعد،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الميم فليست لغة في آمين المذكورة حتى ترد عليه بل هي كلمة أخرى؛ لأنها جمع آمّ بمعنى قاصد. قوله: "وآمين بالمد" مع الإمالة وعدمها فاللغات تفصيلًا ثلاث. قوله: "أقول إذ خرت على الكلكال" أي: سقطت. قال في القاموس الكلكل والكلكال الصدر أو ما بين الترقوتين ا. هـ. قيل الشاهد في الكلكال فإن أصله الكلكل. واعترض بأن ظاهر القاموس أن كلا أصل ولذا قيل إن آقول بإشباع الهمزة وتوليد الألف والشاهد فيه ولا يخفى أن ثبوت هذا يحتاج إلى نقل صحيح وأما الاعتراض المذكور فيدفع بأن شأن أهل اللغة ذكر لغات الكلمة وإن كان بعضها فرعًا عن بعض فتأمل. قوله: "بمعنى افترق" كذا أطلقه الجمهور وقيده الزمخشري بكون الافتراق في المعاني والأحوال كالعلم والجهل والصحة والسقم فلا تستعمل في غير ذلك فلا يقال شتان الخصمان عن مجلس الحكم ويطلب فاعلًا دالا على اثنين نحو: شتان الزيدان وقد تزاد ما بينهما فيقال شتان ما زيد وعمرو وقد تزاد ما بين بينهما كقوله:
فشتان ما بين اليزيدين في الندى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
975- البيت من الطويل، وهو لجبير بن الأضبط في تهذيب إصلاح المنطق 2/ 42؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص179؛ وشرح شذور الذهب ص152؛ وشرح المفصل 4/ 34؛ ولسان العرب 11/ 518 "فحطل"، 11/ 528 "فطحل"، 13/ 27
"أمن".
976- صدره:
يا ربِّ لا تَسلُبني حُبَّها أَبدًا والبيت من البسيط، وهو للمجنون في ديوانه ص219، ولعمرو بن أبي ربيعة في لسان العرب 13/ 27 "أمن" وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص179؛ وإنباه الرواة 3/ 282؛ وشرح المفصل 4/ 34؛ وشرح شذور الذهب ص151.
977- الرجز بلا نسبة في الإنصاف ص25؛ والجنى الداني ص178؛ ورصف المباني ص12؛ ولسان العرب 11/ 596 "كلل"؛ والمحتسب 1/ 166.
291 | 463(1/289)
أسماء الأفعال والأصوات
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وما هو بمعنى المضارع كأوه بمعنى أتوجع وأف بمعنى أتضجر، ووا ووي وواها بمعنى أعجب؛ كقوله تعالى: {وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} : أي: اعجب لعدم فلاح الكافرين وقول الشاعر:
978-
وا بأبِي أنتِ وفوكِ الأَشَنْبُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولم تجعل ما موصولة على معنى افترق الحالتان اللتان بينهما؛ لأنه لا يقال بين زيد وعمرو حالتان على معنى أن إحداهما مختصة بأحدهما والأخرى بالآخر, بل لا يقال إلا إذا كانا مشتركين في الحالتين فلو فسرنا قوله: شتان ما بين اليزيدين بمعنى افترق الحالتان اللتان بينهما لكانا مشتركين في كل واحدة وهو ضد المقصود وخرّج بعضهم ذلك على أن شتان بمعنى بعد؛ لأنه لا يستلزم اثنين وما واقعة على المسافة أفاده الدماميني قال في شرح الشذور: وأما قول بعض المحدثين:
جاز يتموني بالوصال قطيعة شتان بين صنيعكم وصنيعي فلم تستعمله العرب وقد يخرج على إضمار ما موصولة ببين ا. هـ. وذهب الأصمعي إلى أن شتان مثنى شت بمعنى مفترق وهو خبر لما بعده واحتج بأمرين: أحدهما كسر نونه في لغة. والثاني أن المرفوع بعده لا يكون إلا مثنى أو بمعناه ولا يكون جمعًا ولو كان بمعنى افترق لجاز كون فاعله جمعًا, ورد مذهبه بشيئين: أحدهما فتح نونه في اللغة الفصحى والثاني أنه لو كان خبرًا لجاز تأخره عن المبتدأ ولم يسمع كذا في الدماميني. قوله: "وهيهات بمعنى بعد" فإذا وقع بعدها لام كانت زائدة كما في قوله تعالى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ}. قوله: "وما هو بمعنى المضارع" لم يثبته ابن الحاجب وعليه فأف بمعنى تضجرت وأوه توجعت وهكذا كما قاله الجامي والإنصاف أن المذهبين محتملان. قوله: "كأوه" فيها لغات أشهرهما فتح الهمزة وتشديد الواو وسكون الهاء، ومنها أوه بفتح الهمزة وسكون الواو وكسر الهاء وآه بقلب الواو ألفًا وآوه بفتح الهمزة ممدودة وكسر الواو مشددة ومخففة وسكون الهاء وأوه بفتح الهمزة وفتح الواو المشددة وكسر الهاء وقد تمد الهمزة في هذه كذا في الدماميني.
قوله: "وأف" ذكر صاحب القاموس فيها أربعين لغة منها تثليث الفاء المشددة مع التنوين وعدمه وأف بتثليث الهمزة مع سكون الفاء وألف بضم الهمزة وتخفيف الفاء مثلثة مع التنوين وعدمه, وأف بضم الهمزة وكسرها مع تثليث الفاء مشددة وأفى كحبلى وذكرى وإفى بكسر الهمزة والفاء مشددة وبفتح الهمزة. قوله: "أي: أعجب لعدم فلاح الكافرين" أشار إلى أن وي بمعنى أعجب, وأن الكاف بمعنى لام التعليل وأن أن مصدرية مؤكدة. وحاصل ما ذكره الشارح في وي كأن أربعة أقوال. قوله: "وا بأبي إلخ" خبر مقدم وأنت بكسر التاء مبتدأ مؤخر أي: أنت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
978- الرجز لراجز من بني تميم في الدرر 5/ 304؛ وشرح شواهد المغني 2/ 786؛ والمقاصد النحوية 4/ 310؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 83؛ وجمهرة اللغة ص345، 1218؛ والجنى الداني ص498؛ وجواهر الأدب ص287؛ وشرح التصريح 2/ 197؛ وشرح قطر الندى ص257؛ ولسان العرب 1/ 448 "زرنب"؛ ومغني اللبيب 2/ 369؛ وهمع الهوامع 2/ 106.
292 | 463(1/290)
أسماء الأفعال والأصوات
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقول الآخر:
979- واهًا لسَلْمى ثُمّ واهًا واها
تنبيهان: الأول تلحق وي كاف الخطاب كقوله:
980-
ولقد شَفا نَفْسي وأَبْرَأَ سُقْمَها قِيل الفوارسِ ويكَ عَنترَ أَقْدِمِ قيل والآية المذكورة وقوله تعالى: {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ} [القصص: 82] من ذلك. وذهب أبو عمرو بن العلاء إلى أن الأصل ويلك فحذفت اللام لكثرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مفداة بأبي وفوك مبتدأ والأشنب صفته من الشنب وهو حدة الأسنان وقيل البرودة والعذوبة والخبر قوله: كأنما ذر عليه الزرنب وهو نبت طيب الرائحة.
قوله: "قيل الفوارس" أي: قول الفوارس ويروى هكذا وهو الأصح وقد تنازع فيه شفي وأبرأ فأعمل الثاني وأضمر في الأول وعنتر منادى مرخم أصله يا عنترة وأقدم أمر من قدم يقدم بالضم فيهما كذا في بعض نسخ العيني, وفيه أن قدم يقدم بالضم فيهما ضد حدث يحدث, وهو لا يناسب هنا, ولو قال من قدم يقدم كنصر ينصر بمعنى تقدم كما في القاموس لناسب هنا ولا مانع من قراءته أقدم بقطع الهمزة وكسر الدال من الإقدام كما في بعض آخر من نسخ العيني وهو الشجاعة والتقدم, بل هذا أوفق بالوزن إلا أن تثبت الرواية بخلافه.
والشاهد في ويك حيث ألحق بوي بمعنى أعجب كاف الخطاب والمعنى كلّ فارس أعجب من شجاعتك يا عنترة, فقول البعض الظاهر أن الأصل في البيت ويلك ولا يظهر كونه فيه اسم فعل ممنوع. وقد ذكر العيني أن الكسائي استشهد به على أن ويك مختصر ويلك والكاف مجرورة بالإضافة, وأنه أجيب عن استشهاده بأن وي بمعنى أعجب والكاف للخطاب. قوله: "من ذلك" وعليه ففتح همزة أن لإضمار اللام قبلها كما في المغني عن أبي الحسن الأخفش أو لكونها معمولة لمحذوف تقديره: اعلم كما يؤخذ من التصريح. وقد يجعل قول الشارح وفتح أن إلخ راجعًا لهذا القول أيضًا. واعلم في كلامه بصيغة الأمر على الأظهر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
979- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص168؛ وله أو لأبي النجم في المقاصد النحوية 1/ 123، 3/ 636؛ ولأبي النجم في شرح التصريح 2/ 197؛ وشرح شواهد المغني 1/ 129؛ وشرح المفصل 4/ 72؛ ولسان العرب 13/ 563 "ويه"، 14/ 345 "روي"؛ وله أو لرجل من بني الحارث في خزانة الأدب 7/ 455؛ وبلا نسبة في شرح شواهد المغني 2/ 786؛ وشرح عمدة الحافظ ص967؛ وشرح قطر الندى ص257؛ اللامات ص125، ومجالس ثعلب 275؛ ومغني اللبيب 2/ 369؛ والمقاصد النحوية 4/ 311.
980- البيت من الكامل، وهو لعنترة في ديوانه ص219؛ والجنى الداني ص353؛ وخزانة الأدب 6/ 406، 408، 421؛ وشرح شواهد المغني ص481، 787؛ وشرح المفصل 4/ 77؛ والصاحبي في فقه اللغة ص177؛ ولسان العرب 15/ 418 "ويا"؛ والمحتسب 1/ 16، 2/ 56؛ والمقاصد النحوية 4/ 318؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب ص369.
293 | 463(1/291)
أسماء الأفعال والأصوات
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاستعمال وفتح أن بفعل مضمر كأنه قال: ويك اعلم أن. وقال قطرب: قبلها لام مضمر والتقدير: ويك لأن والصحيح الأول. قال سيبويه: سألت الخليل عن الآيتين فزعم أنها وي مفصولة من كأن، ويدل على ما قاله قول الشاعر:
981-
وَي كأنْ من يَكُنْ له نَشَبٌ يُحْـ ـبَبْ ومن يفتَقِرْ يَعِشْ عيشَ ضُرِّ الثاني ما ذكره في هيهات هو المشهور. وذهب أبو إسحاق إلى أنها اسم بمعنى البعد, وأنها في موضع رفع في قوله تعالى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} [المؤمنون: 36]،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وقال قطرب إلخ" لم يتعرض الشارح لكون ويك على قول قطرب اسم فعل بمعنى أعجب لحقه كاف الخطاب, أو مختصر ويلك فالكاف اسم مضاف إليه ويل, ولعل الثاني أقرب وفي كلام البعض على قول الشارح أي: أعجب لعدم فلاح الكافرين الجزم بالثاني فعليك بالتثبت. قوله: "والصحيح الأول" أي: كون وي اسم فعل بمعنى أعجب والكاف للتعليل بقرينة تقويته بكلام سيبويه فإن هذا المذهب مذهبه ومذهب الخليل كما في التصريح؛ ولأن كلام سيبويه إنما يدل لهذا القول؛ لأن الكاف إنما تكون مفصولة من وي إذا كانت للتعليل بخلاف ما إذا كانت حرف خطاب أو اسمًا مضافًا إليه كذا قال شيخنا. قال البعض: وقد يقال كون الكاف مفصولة من وي لا يعين كونها تعليلية لاحتمال أن يكون كأن للتحقيق فلا ينهض فصلها مصححًا للأول ا. هـ. ملخصًا. ولك دفعه
بأن التعيين إضافي بالنسبة لبقية الأقوال المتقدمة فينهض فصل الكاف مصححًا للأول على ما عداه من تلك الأقوال, فلا ينافي احتمال أن كأن للتحقيق وما أبداه شيخنا وتبعه البعض من احتمال أن قصد الشارح حكاية قول آخر يرده أمران:
الأول ما مر عن التصريح أن القول الأول مذهب سيبويه والخليل, الثاني أن ما نقله عن سيبويه لا يقابل القول الأول فكيف يكون قولًا آخر مقابلًا للأقوال المتقدمة. نعم نقل في المغني عن الخليل خلاف ما نقله عن المصرّح وعبارته وقال الخليل: وي حدها وكأن للتحقيق فاعرف ذلك.
قوله: "ويدل على ما قاله إلخ" فيه أن المذاهب المتقدمة في الآيتين واحتمال التحقيق متأتية في البيت أيضًا غاية الأمر أن النون فيه مخففة من تثقيل فلا دلالة فيه على ما صححه. واسم أن أو كأن في البيت ضمير الشأن والخبر جملة من يكن إلخ والنشب بفتح النون والشين المعجمة المال. قوله: "وأنها في موضع رفع إلخ" واللام على هذا أصلية أي: البعد ثابت للذي توعدونه ولم أرَ من علل البناء على هذا القول ويظهر لي أنه تضمن معنى حرف التعريف. قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
981- البيت من الخفيف، وهو لزيد بن عمرو بن نفيل في خزانة الأدب 6/ 404، 408، 410؛ والدرر 5/ 305؛ وذيل سمط اللآلي ص103؛ والكتاب 2/ 155؛ ولنبيه بن الحجاج في الأغاني 17/ 205؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 11؛ ولسان العرب 15/ 490 "وا"، 15/ 418 "ويا"؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ص353؛ والخصائص 3/ 41، 169؛ وشرح المفصل 4/ 76؛ ومجالس ثعلب 1/ 389؛ والمحتسب 2/ 155؛ وهمع الهوامع 2/ 106.
294 | 463(1/292)
أسماء الأفعال والأصوات
والفِعْلُ من أَسمائِهِ عَليكَا وهكذا دونكَ مع إلَيْكا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وذهب المبرد إلى أنها ظرف غير متمكن وبني لإبهامه، وتأويله عنده في البعد، ويفتح الحجازيون تاء هيهات ويقفون بالهاء، ويكسرها تميم ويقفون بالتاء، وبعضهم يضمها، وإذا ضمت فمذهب أبي علي أنها تكتب بالتاء ومذهب ابن جني أنها تكتب بالهاء. وحكى الصغاني فيها ستًا وثلاثين لغة: هيهاه وأيهاه وهيهات وأيهات وهيهان وأيهان، وكل واحدة من هذه الست مضمومة الآخر ومفتوحته ومكسورته، وكل واحدة منونة وغير منونة فتلك ست وثلاثون. وحكى غيره هياك وأيهاك، وأيهاء وإيهاه وهيهاء وهيهاه ا. هـ. "والفعل من أسمائه عليكا وهكذا دونك مع إليكا" الفعل مبتدأ ومن أسمائه عليك جملة اسمية في موضع الخبر. ودونك أيضًا مبتدأ خبره هكذا. يعني أن اسم الفعل على ضربين: أحدهما ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"غير متمكن" أي: غير منصرف كما قاله شيخنا والبعض ويحتمل أن مراده بغير المتمكن غير المعرب كما هو اصطلاحهم. قوله: "وبنى لإبهامه" أورد عليه شيخنا أن الإبهام لا يقتضي البناء نعم قالوا المبهم المضاف لمبني يجوز بناؤه. قوله: "وتأويله" أي: معناه عنده في البعد فهو خبر مقدم وما توعدون مبتدأ مؤخر واللام زائدة أي: ما توعدون كائن في البعد أي: متلبس به.
قوله: "ويفتح الحجازيون إلخ" قال بعضهم: إن المفتوحة التاء مفردة وأصلها هيهية كزلزلة قلبت الياء الأخيرة ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها والتاء للتأنيث فالوقف عليها بالهاء, وأما المكسورة التاء فجمع كمسلمات فالوقف عليها بالتاء وكان القياس هيهات؛ لأن الجمع يرد الأشياء إلى أصولها إلا أنهم حذفوا الألف المنقلبة عن الياء لكون الكلمة غير متمكنة كما حذفوا ألف هذا وياء الذي في التثنية للفرق بين المتمكن وغيره. وأما المضمومة التاء فتحتمل الإفراد والجمع فيجوز الوقف عليها بالهاء والتاء, قال الرضي: وهذا تخمين ولا مانع من كون الألف والتاء زائدتين في جميع الأحوال ولا كون الزائد التاء فقط وأصلها هيهية في جميع الأحوال, وإنما وقف عليها في هذا الوجه بالتاء كما هو الأكثر تنبيهًا على التحاقها بقسم الأفعال من حيث المعنى فكان تاؤها مثل تاء قامت, وهذا الوجه أولى كذا في الدماميني ولعل وجه الوقف عليها بالهاء على أول احتمالي الرضي الفرق بين زيادة الألف والتاء في المتمكن وزيادتهما في غيره.
قوله: "وحكى غيره" أي: زيادة على ما ذكره الصغاني فجملة اللغات اثنتان وأربعون. قوله: "وأيهاء" أي: بالمد وأيهاه أي: بهاء السكت الساكنة كاللغة الأخيرة وبذلك غايرًا أيهاه وهيهاه المعدودتين في اللغات السابقة فإن الهاء فيهما للتأنيث بدل عن التاء ومحركة. وقوله وهيهاء أي: بالمد أيضًا ولم يبين الشارح حركة الآخر على الثلاث الأول والخامسة من هذه اللغات الست ولعلها الفتحة. وزاد في القاموس ثلاث عشرة أخرى هايهات وآيهات وهايهان وآيهان بزيادة ألف بين الهاء أو الهمزة والياء المكسورة لالتقاء الساكنين مثلثات الآخر وأيآت بإبدال الهاءين همزتين. قوله: "والفعل" أي: فعل الأمر. قوله: "يعني أن اسم الفعل إلخ" اعلم أن كلامهم في تقسيم اسم الفعل إلى مرتجل ومنقول يدل على أن اسم الفعل مجموع الجار والمجرور وكلامهم على موضع
295 | 463(1/293)
أسماء الأفعال والأصوات
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وضع من أول الأمر كذلك كشتان وصه، والثاني ما نقل عن غيره وهو نوعان: الأول منقول عن ظرف أو جار ومجرور نحو: عليك بمعنى الزم ومنه عليكم أنفسكم أي: الزموا شأن أنفسكم، ودونك زيدًا بمعنى خذه ومكانك بمعنى اثبت، وأمامك بمعنى تقدم، ووراءك بمعنى تأخر، وإليك بمعنى تنح.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكاف من الإعراب يخالف هذا ويقتضي أن اسم الفعل هو الجار فقط ا. هـ. يس وتوقف البعض في دلالة كلامهم في التقسيم على ما سبق وهو توقف في غير محله بعد قولهم منقول من ظرف أو جار ومجرور. قوله: "ما وضع من أول الأمر كذلك" أي: اسم فعل.
قوله: "نحو: عليك بمعنى الزم" وقد يتعدى بالباء نحو: عليك بذات الدين فيكون بمعنى فعل مناسب متعد بها. وصرح الرضي بأن الباء في مثله زائدة قال, والباء تزاد كثيرًا في مفعول أسماء الأفعال لضعفها في العمل ا. هـ. دماميني. قوله: "ومنه عليكم أنفسكم" قيل ومنه عليكم في قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [الأنعام: 151]، والوقف على قوله: ربكم والذي أحوج القائل إلى ذلك إشكال ظاهر الآية؛ لأن أن إن جعلت مصدرية بدلًا من ما أو من العائد المحذوف ورد أن المحرم الإشراك لا نفيه, وأن الأوامر الآتية بعد ذلك معطوفة على لا تشركوا وفيه عطف الطلب على الخبر, وجعل المأمور به محرمًا فيحتاج إلى تكلفات مثل جعل لا زائدة وعطف الأوامر على المحرم باعتبار حرمة أضدادها وتضمين الخبر معنى الطلب, وإن جعلت أن مفسرة على أن لا ناهية أشكل عطف الأوامر المذكورة على النهي؛ لأنها لا تصلح بيانًا للمحرم بل الواجب وعطف أن هذا صراطي مستقيمًا على أن لا تشركوا إذ لا معنى لعطفه على أن المفسرة والفعل, واختار الزمخشري كونها مفسرة لقرينة عطف الأوامر، وأجاب عن الأول بأن عطف الأوامر على النهي باعتبار لوازمها من النهي عن أضدادها والثاني بمنع عطف أن هذا صراطي مستقيمًا على أن لا تشركوا, بل هو تعليل لاتبعوا على حذف اللام وجاز عود ضمير اتبعوه إلى الصراط لتقدمه في اللفظ.
فإن قيل فعلى هذا يكون اتبعوه عطفًا على لا تشركوا ويصير التقدير: فاتبعوا صراطي؛ لأنه مستقيم وفيه جمع بين حرفي عطف الواو والفاء وليس بمستقيم, وكذا إن جعلنا الواو استئنافية قلنا ورود الواو مع الفاء عند تقديم المعمول فصلًا بينهما سائغ في الكلام مثل وربك فكبر: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18]، فإن أبيت الجمع فاجعل الفاء زائدة فإن أبيت فاجعل المعمول متعلقًا بمحذوف والعامل المقرون بالفاء عطفًا عليه مثل عظم فكبر، وادعوا الله فلا تدعوا، وآثروه فاتبعوه تفتازاني على الكشاف باختصار. قوله: "ومكانك بمعنى أثبت" فيكون لازمًا وحكى الكوفيون تعديته وأنه يقال مكانك زيدًا أي: انتظره قال الدماميني: ولا أدري أي: حاجة إلى جعل مثل هذا الظرف اسم فعل وهلا جعلوه ظرفًا على بابه, وإنما يحسن دعوى اسم الفعل حيث لا يمكن الجمع بين ذلك وذلك الفعل نحو: صه وعليك وإليك وأما إذا أمكن فلا فإنه يصح أن يقال أثبت مكانك وتقدم أمامك ولا تقول اسكت صه إلخ.
296 | 463(1/294)
أسماء الأفعال والأصوات
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهات: الأول قال في شرح الكافية: ولا يقاس على هذه الظروف غيرها إلا عند الكسائي أي: فإن لا يقتصر فيها على السماع، بل يقيس على ما سمع ما لم يسمع. الثاني قال فيه أيضًا: لا يستعمل هذا النوع إلا متصلًا بضمير المخاطب. وشذ قولهم عليه رجل بمعنى ليلزم، وعلي الشيء بمعنى أولنيه، وإلي بمعنى أتنحى. وكلامه في التسهيل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "ولا يقاس على هذه الظروف" أي: المسموعة غيرها مما لم يسمع لخروجها عن أصلها وما خرج عن أصله لا يقاس عليه والمراد بالظروف ما يعم الجار والمجرور كما صرّح به الدماميني. قوله: "بل يقيس إلخ" بشرط كونه على أكثر من حرف احترازًا من نحو: بك ولك ا. هـ. دماميني. قوله: "وشذ قولهم عليه رجلًا بمعنى ليلزم" ولشذوذه رد في المغني قول بعضهم في {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} أن الوقف على فلا جناح وأن عليه بمعنى ليلزم ليفيد صريحًا وجوب التطوف بالصفا والمروة على أنه ليس المقصود من الآية إيجاب التطوف بهما بل إبطال ما كانت الأنصار تعتقده في الجاهلية من تحرج التطوف بهما حتى سألوه عليه الصَّلاة والسَّلام عن ذلك وقالوا: يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة فأنزل الله تعالى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ} الآية كما في صحيح البخاري عن عائشة في قصة ردها على ابن أختها أسماء عروة بن الزبير في زعمه أن الآية لرفع الجناح عمن لم يتطوف بهما بأنها لو كانت كما زعم لكانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما وإنما هي لإبطال معتقد الأنصار. قال في المغني: مع أن الإيجاب لا يتوقف على كون على اسم فعل بل كلمة تقتضي ذلك مطلقًا ا. هـ. وأما قوله عليه الصَّلاة والسَّلام: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم" . فقد حسنه الخطاب, وقال ابن عصفور: إن عليه خبر والصوم مبتدأ والباء زائدة ا. هـ. فارضي. وقوله: فقد حسنه الخطاب عبارة عن بعضهم فقد حسنه كون ضمير الغائب فيه واقعًا على مخاطب؛ لأنه بعض المخاطبين أولًا بقوله من استطاع منكم.
قوله: "بمعنى أولنيه" فيه نظر؛ لأن أول متعد لاثنين وعلى لم يتعد إلا لمفعول واحد فكيف يكون هو ومسماه مختلفين وقد يقال إنه مثل آمين واستجب والظاهر أنه اسم لقولك لا لزم أي: لفعل مضارع مقرون بلام الأمر فإنه متعد لواحد؛ لأن عليك وعليه اسمان لفعل اللزوم فكذا الآخر. فإن قلت يلزم دخول لام الأمر على فعل المتكلم. قلت لزومه غير ضارّ. ففي التنزيل: {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} [العنكبوت: 12]، وفي الحديث قوموا فلأصلّ لكم ا. هـ. دماميني وقوله وقد يقال إنه مثل آمين واستجب أي: في اختلاف الاسم والمسمى فإن آمين لازم واستجب متعد كما سيأتي في الشرح وقوله: والظاهر إلخ يؤخذ منه ومن تفسير الشارح عليه رجلًا بليلزم أن المراد بفعل الأمر الذي جعل الظرف اسمًا له ولو شذوذًا ما يشمل المضارع المقرون بلام الأمر وبهذا يسقط استشكال البعض تفسير الشارح المذكور.
قوله: "بمعنى أتنحى" قياس ما قبله وما بعده وهو المناسب للمعنى أن يؤتى بالأمر فيقال بمعنى نحني وفي نسخة تنح بالأمر وعليها لا إشكال فيه ا. هـ. زكريا وقوله: وعليها لا إشكال فيه
297 | 463(1/295)
أسماء الأفعال والأصوات
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقتضي أن ذلك غير شاذ. الثالث قال فيه أيضًا: اختلف في الضمير المتصل بهذه الكلمات فموضعه رفع عند الفراء ونصب عند الكسائي وجر عند البصريين وهو الصحيح؛ لأن الأخفش روى عن عرب فصحاء: علي عبد الله زيدًا بجر عبد الله، فتبين أن الضمير مجرور الموضوع لا مرفوعه ولا منصوبه، ومع ذلك فمع كل واحد من هذه الأسماء ضمير مستتر مرفوع الموضوع بمقتضى الفاعلية، فلك في التوكيد أن تقول: عليكم كلكم زيدًا بالجر توكيدًا للموجود المجرور، وبالرفع توكيدًا للمستكن المرفوع. والنوع الثاني منقول من مصدر وهو على قسمين: مصدر استعمل لعله ومصدر أهمل فعله، وإلى هذا النوع بقسميه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن هذه النسخة أيضًا لا تناسب المعنى والذي في التسهيل وشرحه للدماميني أتنحى بلفظ المضارع كما في النسخة الأولى فتأمل. قوله: "اختلف في الضمير إلخ" كون الكاف في عليك وأخواته ضميرًا هو مذهب الجمهور, وذهب ابن بابشاذ إلى أنها حرف خطاب كالكاف في ذلك ويرده عدم استعمال الجار وحده, وقولهم على وعليه فإن الياء والهاء ضميران اتفاقًا وحكاية الأخفش على عبد الله زيدًا دماميني. قوله: "فموضعه رفع" أي: على الفاعلية عند الفراء ويرده أن الكاف ليست من ضمائر الرفع ا. هـ. دماميني ويجاب بأنه من استعارة ضمير غير الرفع له ا. هـ. يس. واعلم أن القول بأن موضع الضمير رفع والقول بأن موضعه نصب منظور فيهما إلى ما بعد النقل إلى اسم الفعل, والقول بأن موضعه جر منظور فيه إلى ما قبل النقل؛ لأن اسم الفعل لا يعمل الجر كما هو مصرح به عند قول المصنف: وما لما تنوب عنه من عمل. لها وحينئذٍ فلا يتوارد الخلاف على جهة واحدة.
قوله: "ونصب عند الكسائي" أي: على المفعولية والفاعل مستتر والتقدير ألزم أنت نفسك من الإلزام قال الدماميني: ويرده قولهم عليك زيدًا بمعنى خذ وخذ إنما يتعدى لواحد ا. هـ. وللكسائي أن يمنع كون عليك زيدًا بمعنى خذ ويقول معناه ألزم نفسك زيدًا من الإلزام, وأظهر منه في الرد قولهم مكانك بمعنى أثبت وأمامك بمعنى تقدم ووراءك بمعنى تأخر فإن ما ذكر لازم ويرد عليه أيضًا أنه يلزمه عمل الفعل في ضميري مخاطب وذلك خاص بأفعال القلوب وما حمل عليها. قوله: "وجر عند البصريين" على الأصل بالإضافة في نحو: دونك وبالحرف في نحو: عليك سم. قوله: "على عبد الله زيدًا" بتشديد الياء على أن على جارة لياء المتكلم وزيدًا مفعول به لاسم الفعل وقوله: بجر عبد الله أي: بدل كل من الياء وهذا شاذ عند الجماعة؛ لأنه بدل ظاهر من ضمير الحاضر بدل كل غير مفيد للإحاطة وجواز ذلك رأي الأخفش والأقرب جعله عطف بيان كذا قال الدماميني. وقال شيخ الإسلام زكريا: وهم من فهم أن على في على عبد الله جارة لياء المتكلم لا لعبد الله حتى بني عليه أن عبد الله عطف بيان أو بدل من الياء ا. هـ. وعليه يقرأ على بالألف وعبد مجرور بها. قوله: "ومع ذلك" أي: مع كون الكاف في موضع جر بقرينة قوله: بعد بالجر توكيدًا للموجود المجرر ومثل ذلك ما إذا قلنا إنها في موضع نصب فيجوز عليه أيضًا في التوكيد عليكم كلكم زيدًا بنصب كل توكيدًا للموجود المنصوب وبرفعه توكيدًا للمستكن
298 | 463(1/296)
أسماء الأفعال والأصوات
كَذا رُويدَ بلهَ ناصِبينِ ويَعملانِ الخَفضَ مصدَرينِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإشارة بقوله: "كذا رويد بله ناصبين" أي: ناصبين ما بعدهما نحو: رويد زيدًا وبله عمرًا. فأما رويد زيدًا فأصله أرود زيدًا أروادًا بمعنى أمهله إمهالًا، ثم صغروا الأرواد تصغير الترخيم وأقاموه مقام فعله واستعملوه تارة مضافًا إلى مفعول فقالوا: رود زيد، وتارة منونًا ناصبًا للمفعول فقالوا: رويدًا زيدًا. ثم إنهم نقلوه وسموا به فعله فقالوا رويد زيدًا. ومنه قوله:
982-
رُوَيدَ عَلِيا جِدْ ماثدي أُمّهمْ إلينا ولكنْ بعضُهم مُتبايِنُ أنشده سيبويه. والدليل على أن هذا اسم فعل كونه مبنيا. والدليل على بنائه عدم تنوينه. وأما بله فهو في الأصل مصدر فعل مهمل مرادف لدع واترك، فقيل فيه بله زيد بالإضافة إلى مفعوله كما يقال ترك زيد، ثم قيل بله زيدًا بنصب المفعول وبناء بله على أنه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرفوع بخلاف ما إذا قلنا إنها في موضع رفع لأنها حينئذٍ الفاعل.
قوله: "ناصبين" أي: مع عدم تنوينهما وإلا كانا مصدرين كما سيأتي. قوله: "ثم صغروا الإرواد تصغير الترخيم" أي: حذفوا الهمزة والألف الزائدتين وأوقعوا التصغير على أصوله فقالوا رويد وسمي تصغير ترخيم لما فيه من حذف الزوائد والترخيم حذف ا. هـ. تصريح قال سم: والأحسن أن يكون تصغير مرود؛ لأن اسم الفاعل يصغر فأما المصدر فلا يجوز تصغيره قبل التسمية به ا. هـ. وفيه أنه لو كان تصغير مرود لم يكن مصدرًا والفرض أنه مصدر فتأمل ا. هـ. قوله: "مضافًا إلى مفعوله" وسيأتي أنه يضاف للفاعل أيضًا وقوله: فقالوا رويد زيد أي: إمهال زيد. قوله: "فقالوا رويد زيد" أي: أمهل والفتحة على هذا بنائية بخلافها على ما قبله. قوله: "رويد عليًا إلخ" لم أرَ من تكلم على هذا البيت.
قوله: "والدليل على أن هذا اسم فعل كونه مبنيا" اعترضه الحفيد وأقره شيخنا والبعض بأنه لا يلزم من بنائه كونه اسم فعل لبناء كثير من الأسماء وليست أسماء أفعال, وقد يقال معلوم انحصار رويد بين كونه اسم فعل وكونه مصدرًا والمقصود إثبات كونه اسم فعل ونفي كونه مصدرًا فقوله: والدليل على أن هذا اسم فعل أي: لا مصدر وبعد ملاحظة هذا الانحصار يستلزم كونه مبنيًا كونه اسم فعل لا مصدرًا؛ لأن البناء ينفي المصدرية فثبتت اسمية الفعل فتأمل. قوله: "والدليل على بنائه عدم تنوينه" اعترضه الحفيد بأنه لا يلزم من عدم تنوينه أن يكون مبنيا فكان ينبغي أن يقول الدليل على بنائها أنها أشبهت الحرف في كونها أبدًا عاملة غير معمولة. ولك أن تقول المراد عدم تنوينه مع عدم موجبات عدم التنوين غير البناء فلم يبق إلا البناء فاندفع الاعتراض
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
982- البيت من الطويل، وهو لمالك بن خالد الهذلي في شرح أبيات سيبويه 1/ 100؛ وللمعطل الهذلي في معجم ما استعجم 3/ 737؛ ولأحدهما في شرح أشعار الهذليين 1/ 447؛ وللهذلي في الكتاب 1/ 243؛ ولسان العرب 13/ 396 "مأن"؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 4/ 40؛ ولسان العرب 3/ 189 "رود"، 13/ 426 "مين"؛ والمقتضب 3/ 208، 278.
299 | 463(1/297)
أسماء الأفعال والأصوات
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اسم فعل. ومنه قوله:
983-
بَلهَ الأَكُفَّ كأنّها لم تُخْلَقِ ينصب الأكف. وأشار إلى استعمالها الأصل بقوله: "ويعملان الخفض مصدرين"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا أولى مما أجاب به البعض فتأمل. قوله: "ومنه قوله بله الأكفّ إلخ" صدره:
تذر الجماجم ضاحيًا هاماتها قاله كعب بن مالك شاعر رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- من قصيدة قالها في وقعة الأحزاب وضمير تذر يرجع إلى السيوف ويروى فترى الجماجم إلخ والجماجم جمع جمجمة. قال صاحب الصحاح: هي عظم الرأس المشتمل على الدماغ وربما أطلقت على الإنسان فيقال خذ من كل جمجمة درهمًا كما يقال خذ من كل رأس بهذا المعنى. وقال أيضًا: الهامة من الشخص رأسه فالمناسب هنا أن يفسر الجمجمة بالإنسان. وفرق الزجاج بين الجمجمة والهامة بجعل الهامة بعضًا من الجمجمة فقال: عظم الرأس الذي فيه الدماغ يقال له جمجمة والهامة وسط الرأس ومعظمه. وقوله ضاحيًا: حال سببية من الجماجم وهاماتها فاعل ضاحيًا من ضحا يضحو إذا ظهر وبرز عن محله, وقوله: كأنها لم تخلق متعلق بقوله ضاحيًا هاماتها أي:
كأنها لم تخلق متصلة بمحالها ومعنى بله الأكف على رواية نصب الأكف دع ذكر الأكف فإن قطعها من الأيدي أهون من قطع هامات الجماجم بتلك السيوف, فبله على هذا اسم فعل وعلى الجرّ ترك ذكر الأكف أي: اترك ذكرها تركًا فإنها بالنسبة إلى الهامات سهلة فبله على هذا مصدر مضاف لمفعوله وعلى الرفع كيف الأكف لا تقطعها تلك السيوف مع قطعها ما هو أعظم منها وهي الهامات أي: إذا أزالت هذه السيوف تلك الهامات عن الأبدان فلا عجب أن تزيل الأكف عن الأيدي, فبله على هذا بمعنى كيف للاستفهام التعجبي فبله الأكف على الأول والثالث جملة اسمية وفتحة بل بنائية وعلى الثاني جملة فعلية حذف صدرها وفتحة بله إعرابية ا. هـ. ملخصًا من شرح شواهد الرضي لعبد القادر أفندي وفي شرح الدماميني على المغني أن المعنى على الجر أن السيوف تترك الجماجم منفصلة هاماتها ترك الأكف منفصلة عن محالها كأنها لم تخلق متصلة بها ا. هـ. وعلى هذا يكون بله منصوبًا بتذر ويكون قوله: كأنها لم تخلق إلخ متعلقًا بقوله بله الأكف أو بقوله ضاحيًا هاماتها.
قوله: "ويعملان الخفض" أي: والنصب منونين وسكت عنه؛ لأنه الأصل وقوله دالين على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
983- صدره:
تذَرُ الجَماجِمَ ضَاحيًا هاماتُها والبيت من الكامل، وهو لكعب بن مالك في ديوانه ص245؛ وخزانة الأدب 6/ 211، 214، 217؛ والدرر اللوامع 3/ 187؛ وشرح شواهد المغني ص353؛ ولسان العرب 3/ 478 "بله"؛ بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 217؛ وتذكرة النحاة ص500؛ الجنى الداني ص425؛ وخزانة الأدب 6/ 232؛ وشرح التصريح 2/ 199؛ وشرح شذور الذهب ص513؛ وشرح المفصل 4/ 48؛ ومغني اللبيب ص115؛ وهمع الهوامع 1/ 236.
300 | 463(1/298)
أسماء الأفعال والأصوات
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: معربين بالنصب دالين على الطلب أيضًا، لكن لا على أنهما اسما فعل، بل على أن كلا منهما بدل من اللفظ بفعله نحو: رويد زيد وبله عمرو أي: إمهال زيد وترك عمرو، وقد روي قوله: بله الأكف بالجر على الإضافة فرويد مضاف إلى المفعول كما مر، وإلى الفاعل نحو: رويد زيد عمرًا. وأما بله فإضافتها إلى المفعول كما مر. وقال أبو علي إلى الفاعل. ويجوز فيها حينئذ القلب، نحو: بهل زيد، رواه أبو زيد، ويجوز فيهما حينئذ التنوين ونصب ما بعدهما بهما وهو الأصل في المصدر المضاف، نحو: رويدًا زيدًا وبلها عمرًا، ومنع المبرد النص برويد لكونه مصغرًا.
تنبيهات: الأول الضمير في يعملان عائد على رويد وبله في اللفظ لا في المعنى، فإن رويد وبله إذا كانا اسمي فعل غير رويد وبله المصدرين في المعنى. الثاني: إذا قلت رويدك وبله الفتى احتمل أن يكونا اسمي فعل ففتحتهما فتحة بناء، والكاف من رويدك حرف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الطلب أيضًا أي: لنيابتهما عن فعل الأمر كما ذكره الشارح. قوله: "فرويد تضاف إلى المفعول كما مر" فيه أن ما مر وهو نحو: رويد زيد يحتمل الإضافة إلى المفعول والإضافة إلى الفاعل. قوله: "نحو: رويد زيد عمرًا" ولا يرد على ذلك قولهم المصدر النائب عن فعله لا يرفع الظاهر بل فاعله ضمير مستتر وجوبًا دائمًا؛ لأنه محمول على المنون كما يدل عليه تمثيلهم. قوله: "فإضافتها" مبتدأ وقوله: إلى المفعول خبر كما يشعر بذلك مقابلته بقوله: وقال أبو علي إلى الفاعل وفي قوله: كما مر ما أسلفناه. قوله: "وقال أبو علي إلى الفاعل" ظاهر صنيعه أن الأول يعين إضافتها إلى المفعول والثاني يعين إضافتها إلى الفاعل وكذا صنيع الفارضي يقتضي ذلك ويقتضي جريان الخلاف في رويد أيضًا وعبارته ويكونان مصدرين إذا انجرّ ما بعدهما كرويد زيد وبله عمرو أي: امهال زيد وترك عمرو فكلاهما مصدر مضاف للمفعول وقيل للفاعل ا. هـ.
قوله: "ويجوز فيها حينئذٍ القلب" أي: حين إذ كانت مصدرًا وقوله نحو: بهل زيد أي: بفتح الهاء وسكونها. قوله: "ويجوز فيهما" أي: في رويد وبله حينئذٍ أي: حين إذ كانتا مصدرين لكن تنوين رويدًا ونصب ما بعده تقدم فذكره هنا توطئة لقوله: ومنع المبرد ولك أن تقول هلا ذكر منع المبرد سابقًا واستغنى عن إعادة تنوين رويدًا ونصب ما بعده. قوله: "وهو الأصل في المصدر المضاف" أي: المصدر المنون الناصب لما بعده أصل للمصدر المضاف لما بعده يعني أن المضاف محول عن المنون كما قاله سم. قوله: "ومنع المبرد النصب" وهو الموافق لما جزموا به في إعمال المصدر من اشتراط كونه مكبرًا فكيف أجازوا إعمال هذا المصغر إلى أن يكون هذا مستثنى بناء على ورود نصبه المفعول في كلام العرب على خلاف القياس سم. قوله: "في اللفظ لا في المعنى" أي: ففي كلامه استخدام كذا قيل وفيه نظر؛ لأن المراد من الضمير ومرجعه لفظ رويد ولفظ بله فلا استخدام ومعنى قوله: في اللفظ لا في المعنى باعتبار اللفظ لا باعتبار المعنى.
قوله: "حرف خطاب" وإنما لم تجعل اسمًا فاعلًا؛ لأن الكاف ليست ضمير رفع واستعارتها
301 | 463(1/299)
أسماء الأفعال والأصوات
وما لِما تَنوبَ عنهُ من عَمَل لها وأَخِّرْ ما لِذِي فيهِ العَمَل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطاب لا موضع لها من الإعراب، مثلها في ذلك، وأن يكونا مصدرين ففتحتهما فتحة إعراب وحينئذ فالكاف في رويدك تحتمل الوجهين: أن تكون فاعلًا وأن تكون مفعولًا. الثالث: تخرج رويد وبله عن الطلب فأما بله فتكون اسمًا بمعنى كيف فيكون ما بعدها مرفوعًا، وقد روي بله الأكف بالرفع أيضًا، وممن أجاز ذللك قطرب وأبو الحسن، وأنكر أبو علي الرفع بعدها. وفي الحديث يقول الله تبارك وتعالى: "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ذخرًا من بله ما أطلعتم عليه" ، فوقعت معربة مجرورة بمن وخارجة عن المعاني المذكورة، وفسرها بعضهم بغير وهو ظاهر، وبهذا يتقوى من بعدها من ألفاظ الاستثناء وهو مذهب لبعض الكوفيين. وأما رويد فتكون حالًا نحو: ساروا رويدًا فقيل هو حال من الفاعل أي: مروين. وقيل من ضمير المصدر المحذوف أي: ساروه أي: السير رويدًا. وتكون نعتًا لمصدر إما مذكور نحو: ساروا سيرًا رويدًا أو محذوف نحو: ساروا رويدًا أي: سيرًا رويدًا "وما لما تنوب عنه من عمل لها" ما مبتدأ موصول صلته لما. وما من لما موصول أيضًا صلته تنوب، وعنه ومن عمل متعلقان بتنوب، ولها خبر المبتدأ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للرفع خلاف الأصل ولا مفعولًا؛ لئلا يلزم عمل اسم الفعل في ضميري مخاطب وذلك خاص بأفعال القلوب وما حمل عليها ولا مجرورًا؛ لأن اسم الفعل لا يعمل الجر. قوله: "ذخرًا" بذال معجمة مضمومة. قوله: "من بله" بفتح بله وكسرها فوجه الكسر ما ذكره الشارح وأما وجه الفتح فقال الرضي: إذا كانت بله بمعنى كيف جاز أن تدخله من حكى أبو زيد أن فلانًا لا يطيق حمل الفهر فمن بله أن يأتي بالصخرة أي: كيف ومن أين وعليه تتخرج هذه الرواية فتكون بله بمعنى كيف التي للاستبعاد وما مصدرية في محل رفع بالابتداء والخبر من بله والضمير المجرور بعلى عائد على الذخر ا. هـ. دماميني وشمني. والمعنى على هذا من كيف أي: من أين اطلاعكم على هذا الذخر أي: المدخر ولا يخفى ما في جعلها على هذه الرواية بمعنى كيف من الركاكة ولو جعلت فيها من أول الأمر بمعنى أين لكان أحسن. قوله: "ما أطلعتم" بضم الهمزة وكسر اللام.
قوله: "وخارجة عن المعاني المذكورة" قال الشمني: يجوز أن تكون مصدرًا بمعنى ترك ومن تعليلية أي: من أجل تركهم ما علمتموه من المعاصي فلا تكون خارجة. قوله: "من ضمير المصدر" يعني المصدر الذي دل عليه الفعل وقوله: المحذوف صفة لضمير بقرينة قول الشارح: أي: ساروه. قوله: "سيرًا رويدًا" أي: مرودًا فيه. قوله: "أو محذوف نحو: ساروا رويدًا" مذهب سيبويه أن نصب هذا على الحال ولا يكون نعت مصدر محذوف؛ لأن رويدًا صفة غير خاصة بالموصوف فلا يحذف إلا على قبح. قلت ليس الغرض باشتراط الخصوص بالموصوف إلا ليكون ذلك قرينة يعلم بها المحذوف فإذا حصل العلم بدون كون الصفة خاصة بالموصوف لم يمتنع الحذف كما هنا لحصول العلم بأن الموصوف هو السير للقرينة الدالة عليه فلا ضير في حذفه دماميني.
302 | 463(1/300)
أسماء الأفعال والأصوات
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والعائد على ما الأولى ضمير مستتر في الاستقرار الذي هو متعلق اللام من لما والعائد على ما الثانية الهاء من عنه يعني أن العمل الذي استقر للأفعال التي نابت عنها هذه الأسماء مستقر لها أي: لهذه الأسماء، فترفع الفاعل ظاهرًا في نحو: هيهات نجد وشتان زيد وعمرو؛ لأنك تقول بعدت نجد وافترق زيد وعمرو. ومضمرًا في نجر نزال. وينصب منها المفعول ما ناب عن متعد نحو: دراك زيدًا؛ لأنك تقول أدرك زيدًا، ويتعدى منها بحرف من حروف الجر ما هو بمعنى ما يتعدى بذلك الحرف، ومن ثم عدى حيهل بنفسه لما ناب عن ائت في نحو: حيهل الثريد. وبالباء لما ناب عن عجل في نحو: إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر أي: فعجلوا بذكر عمر. وبعلي لما ناب عن أقبل في نحو: حيهل على كذا.
تنبيهات: الأول قال في التسهيل: وحكمها يعني أسماء الأفعال غالبًا في التعدي واللزوم حكم الأفعال، واحترز بقوله: غالبًا عن آمين فإنها نابت عن متعد ولم يحفظ لها مفعول. الثاني: مذهب الناظم جواز إعمال اسم الفعل مضمرًا قال في شرح الكافية: إن إضمار اسم الفعل مقدمًا لدلالة متأخر عليه جائز عند سيبويه. الثالث قال في التسهيل: ولا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وعنه ومن عمل متعلقان بتنوب" على جعل من عمل متعلقًا بتنوب تكون من بمعنى. والمعنى والعمل الذي ثبت للفعل الذي تنوب هي عنه في العمل ثابت لها وفيه من الركاكة ما لا يخفى وإن خفيت على البعض فأقر هذا الوجه ولهذا قال سم: الوجه أن من عمل بيان للفظ ما المبتدأ ا. هـ. وقال الشيخ خالد: عنه متعلق بتنوب ومن عمل بيان لما الواقعة مبتدأ متعلق بحال محذوفة من الضمير المستتر في الجار والمجرور الواقع خبرها ا. هـ. وقوله: في الجارّ والمجرور الواقع خبرها: أي: أو في الجار والمجرور الواقع صلتها بل هذا أحسن لما يلزم على الأول من تقديم الحال على عاملها الظرفي وهو نادر كما تقدم في قوله: وندر نحو: سعيد إلخ ولم تجعل الحال من ما لمنع الجمهور الحال من المبتدأ.
قوله: "مستتر في الاستقرار" أي: بحسب الأصل أي: قبل حذفه وإلا فالضمير بعد حذف المتعلق مستتر في الظرف لانتقاله إليه من المتعلق على الراجح. قوله: "دراك زيدًا" في بعض النسخ تراك زيدًا بالفوقية والراء والكاف وهذا مقيس ودراك شاذ؛ لأنه من أدرك. قوله: "في نحو: حيهل الثريد" قيل هو الخبز المغمور بمرق اللحم وقيل الخبز المأكول باللحم. قوله: "إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر" هذا أثر يروى عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه والمراد عمر بن الخطاب رضي الله عنه تصريح. قوله: "عن آمين" مثلها إيه فإنه لم يحفظ لها أيضًا مفعول ومسماها وهو زد يتعدى كذا في التصريح. قوله: "مضمرًا" أي: محذوفًا. قوله: "جائز عند سيبويه" وخرج عليه الناظم:
يأيها المائح دلوى دونكا فجعل دلوى منصوبًا بدون مضمرًا لدلالة ما بعده عليه وسينبه على ذلك الشارح فعلم
303 | 463(1/301)
أسماء الأفعال والأصوات
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
علامة للمضمر المرتفع بها يعني بأسماء الأفعال، ثم قال: وبروزه مع شبهها في عدم التصرف دليل على فعليته يعني كما في هات وتعال فإن بعض النحويين غلط فعدهما من أسماء الأفعال وليسا منها بل هما فعلان غير متصرفين لوجوب اتصال ضمير الرفع البارز بهما كقولك للأنثى هاتي وتعالي، وللاثنين والاثنتين هاتيا وتعاليا، وللجماعتين هاتوا وتعالوا وهاتين وتعالين، وهكذا حكم هلم عند بني تميم فإنهم يقولون: هلم هلمي هلما هلموا هلممن، فهي عندهم فعل لا اسم فعل، ويدل على ذلك أنهم يؤكدونها بالنون نحو: هلمن. قال سيبويه: وقد تدخل الخفيفة والثقيلة يعني على هلم، قال: لأنها عندهم بمنزلة رد وردا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بطلان جعل بعضهم نصب نحو: باب كذا بهاك مقدرًا؛ لأن من يجوز عمل اسم الفعل محذوفًا يشترط تأخر دال عليه كما في البيت. قوله: "ولا علامة للمضمر المرتفع بها" أي: لا يبرز معها ضمير بل يستكن معها مطلقًا بخلاف الفعل فتقول صه للواحد والاثنين والجمع وللمذكر والمؤنث بلفظ واحد ا. هـ. همع. فأراد بنفي علامة المضمر نفي ظهوره من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم. قوله: "دليل فعليته" أي: فعلية شبهها. قوله: "كما في هات" بكسر التاء مبني على حذف الياء كارم وتعال بفتح اللام مبني على حذف الألف كاخش. قوله: "غلط فعدهما إلخ" قال الدماميني: لا وجه للتغليط فإن الذاهب إلى هذا لا يلتزم ما قاله المصنف من أن لحوق الضمائر البارزة لا يكون إلا في الأفعال بل من عدهما من أسماء الأفعال يجوز لحوقها بما قوي شبهه بالأفعال ويعتذر عن لحوق الضمائر بهما بقوة مشابهتهما للأفعال فعوملا معاملتها في ذلك ا. هـ. ملخصًا.
قوله: "هاتي وتعالي" بالبناء على حذف النون وأصل هاتي هاتيي بياءين استثقلت الكسرة على الياء الأولى التي هي لام الفعل فحذفت فالتقى ساكنان فحذفت تلك الياء لالتقاء الساكنين, وأصل تعالي تعاليي فقلبت الياء الأولى ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها فالتقى ساكنان فحذفت الألف لالتقاء الساكنين. قوله: "هاتوا وتعالوا" أصلهما هاتيوا وتعاليوا فعل بهما ما مر مع ضم هاتوا لمناسبة الواو. قوله: "وهكذا حكم هلم" نقل بعضهم الإجماع على تركيبها وفي كيفيته خلاف قال البصريون: مركبة من هاء التنبيه ولمّ التي هي فعل أمر من قولهم لمّ الله شعثه أي: جمعه كأنه قيل اجمع نفسك إلينا فحذفت ألفها تخفيفًا ونظرًا إلى أن أصل اللام السكون وقال الخليل: ركبا قبل الإدغام فحذفت الهمزة للدرج إذ كانت همزة وصل وحذفت الألف لالتقاء الساكنين ثم نقلت حركة الميم الأولى إلى اللام وأدغمت, وقال الفراء: مركبة من هل التي للزجر وأم بمعنى اقصد فخففت الهمزة بإلقاء حركتها على الساكن قبلها وحذفت فصار هلم, قال ابن مالك في شرح الكافية: وقول البصريين أقرب إلى الصواب قال في البسيط: ويدل على صحته أنهم نطقوا به فقالوا هالم ا. هـ. همع.
قوله: "فهي عندهم فعل" أي: لبروز الضمائر معها. قوله: "بمنزلة رد إلخ" أي: في كون كل
304 | 463(1/302)
أسماء الأفعال والأصوات
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وردى وردوا وارددن، وقد استعمل لها مضارعًا من قيل له هلم فقال لا أهلم. وأما أهل الحجاز فيقولون هلم في الأحوال كلها كغيرها من أسماء الأفعال. وقال الله تعالى: {وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} [الأحزاب: 18]، وهي عند الحجازيين بمعنى احضر وتأتي عندهم بمعنى أقبل "وأخر ما لذي" الأسماء "فيه العمل" وجوبًا فلا يجوز زيدًا دراك خلافًا للكسائي. قال الناظم: ولا حجة له في قول الراجز:
يَأيُّها المائِحُ دَلوي دُونَكا إني رأيتُ الناسَ يَحْمدونَكا لصحة تقدير دلوي مبتدأ أو مفعولًا بدونك مضمرًا. ثم ذكر ما تقدم عن سيبويه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فعل أمر. قوله: "لا أهلم" بفتح الهمزة والهاء وضم اللام. قوله: "هلم شهداءكم" أي: أحضروا. قوله: "هلم إلينا" أي: أقبلوا كذا قال شيخنا وتبعه البعض وفيه أن اسم الفعل المتعدي بحرف يتعدى بذلك الحرف مثل فعله وأقبل يتعدى بعلى كما مر في الشرح قبيل التنبيهات وكما في غيره فالمناسب أن هلم في الآية بمعنى ائت؛ لأنها ترد بمعنى ائت أيضًا والاتيان يتعدى بإلى كما يتعدى بنفسه. قوله: "وهي عند الحجازيين إلخ" إن قلت هي بمعنى احضر أو أقبل عند التميميين أيضًا. قلت كأنه أراد أنها دالة على لفظ احضر أو لفظ أقبل فلهذا خص الحجازيين بالذكر. قوله: "بمعنى أقبل" أي: وبمعنى ائت نحو: هلمّ الثريد.
فائدة: توقف ابن هشام في عربية قول الناس هلم جرًا قال: والذي ظهر لنا في توجيهه أن هلم هي التي بمعنى ائت إلا أن فيها تجوزين أحدهما أنه ليس المراد بالإتيان المجيء الحسيّ بل الاستمرار على الشيء وملازمته. والثاني أنه ليس المراد الطلب حقيقة بل الخبر كما في قوله: {فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} وجرًا مصدر جره يجره إذا سحبه وليس المراد الجر الحسيّ بل التعميم فإذا قيل كان ذلك عام كذا وهلم جرًا فكأنه قيل واستمر ذلك في بقية الأعوام استمرارًا أو استمر مستمرا على الحال المؤكدة وبهذا التأويل ارتفع إشكال اختلاف المتعاطفين بالخبر والطلب وهو ممتنع أو ضعيف وإشكال التزام افراد الضمير إذ فاعل هلم هذه مفرد أبدًا ا. هـ. أي: مع أن بني تميم لا يلتزمونه في غير هلم هذه.
قوله: "وأخر ما الذي فيه العمل" أي: لضعفها بعدم تصرفها. قوله: "يأيها المائح" بهمزة قبل الحاء المهملة وهو الذي ينزل البئر فيملأ الدلو إذا قل ماؤها أي: البئر. قوله: "لصحة تقدير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
984- الرجز لجارية من بني مازن في الدرر 5/ 301؛ وشرح التصريح 2/ 200؛ والمقاصد النحوية 4/ 311؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص165؛ والأشباه والنظائر 1/ 344؛ والإنصاف ص228؛ وأوضح المسالك 4/ 88؛ وجمهرة اللغة ص574؛ وخزانة الأدب 6/ 200، 201، 206؛ وذيل السمط ص11؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص532؛ وشرح شذور الذهب ص522؛ وشرح عمدة الحافظ ص739؛ وشرح المفصل 1/ 117؛ ولسان العرب 2/ 609 "ميح"؛ ومعجم ما استعجم ص419؛ ومغني اللبيب 2/ 609؛ والمقرب 1/ 137؛ وهمع الهوامع 2/ 105.
305 | 463(1/303)
أسماء الأفعال والأصوات
واحْكُمْ بتنكيرِ الذي يُنوَنُ منها وتعريفُ سواهُ بَيِّنُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويأتي هذا التأويل الثاني في قوله تعالى: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: 24].
تنبيهات: الأول ادعى الناظم وولده أنه لم يخالف في هذه المسألة سوى الكسائي، ونقل بعضهم ذلك عن الكوفيين. الثاني: توهم المكودي أن لذي اسم موصول فقال: والظاهر أن ما في قوله: ما لذي فيه العمل زائدة لا يجوز أن تكون موصولة؛ لأن لذي بعدها موصولة. وليس كذلك بل ما موصولة، ولذي جار ومجرور في موضع رفع خبر مقدم، والعمل مبتدأ مؤخر، والجملة صلة ما. الثالث: ليس في قوله العمل مع قوله: عمل إبطال؛ لأن أحدهما نكرة والآخر معرفة، وقد وقع ذلك للناظم في مواضع من هذا الكتاب "واحكم بتنكير الذي ينون منها" أي: من أسماء الأفعال "وتعريف سواه" أي: سوى المنون "بين" قال الناظم في شرح الكافية: لما كانت هذه الكلمات من قبل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دلوى مبتدأ" أي: خبره دونك بمعنى قدامك أي: ويكون الكلام حينئذٍ كناية عن طلب ملء الدلو كأنا عطشان كناية عن طلب سقي الماء فاندفع تنظير الشيخ خالد وسكت عليه شيخنا والبعض بأن المعنى ليس على الاخبار المحض حتى يخبر عن الدلو بكونه دونه, بل المقصود طلب ملء الدلو على أنه لا يصح على تقدير دلوى مبتدأ خبره دونك أن يكون دونك اسم فعل والخبر جملة اسم الفعل مع فاعله والرابط محذوف أي: دونكه فاعرفه.
قوله: "ويأتي هذا التأويل الثاني في قوله تعالى: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: 24]، أي: بناء على أن عليكم فيه اسم فعل وقال في شرح القطر كتاب مصدر منصوب بفعل محذوف وعليكم متعلق به أو بالعامل المحذوف والتقدير كتب الله ذلك كتابًا عليكم فحذف الفعل وأضيف المصدر إلى فاعله على حد صبغة الله ودل على ذلك المحذوف قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ} [النساء: 23]؛ لأن التحريم يستلزم الكتابة ا. هـ. ومثل ذلك للحفيد حيث قال والصحيح أن كتاب الله مصدر مؤكد لنفسه؛ لأن ما قبله وهو: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23]، يدل على أن ذلك مكتوب فكأنه قال كتب الله عليكم ذلك كتابًا. قوله: "إن لذي اسم موصول" بناء على كون لذي بفتح اللام إحدى لغات الذي.
قوله: "واحكم بتنكير إلخ" قال الرضي: ليس المراد بتنكيره أي: اسم الفعل الذي هو بمعناه؛ لأن الفعل لا يكون معرفًا ولا منكرًا بل التنكير راجع إلى المصدر الذي هو أصل ذلك الفعل فصه منونًا بمعنى اسكت سكوتًا أي: افعل مطلق السكوت عن كل كلام إذ لا تعيين فيه وصه مجردًا من التنوين بمعنى اسكت السكوت المعهود المعين عن هذا الحديث الخاص مع جواز التكلم بغيره هكذا حقق المقام ودع الأوهام ا. هـ. سندوبي وقد يؤخذ منه أنها في حال تعريفها من قبيل المعرف بأل العهدية وهو أظهر من قول بعضهم إنها حينئذٍ من قبيل المعرف بأل الجنسية ومن قول بعضهم إنها حينئذٍ من قبيل علم الجنس, ولنا في هذا المقام تحقيق أسلفناه أول الكتاب في الكلام على التنوين فارجع إليه.
306 | 463(1/304)
أسماء الأفعال والأصوات
وما بِهِ خُوطِبَ ما لا يَعقِلُ من مُشْبِهِ اسمِ الفعلِ صَوتا يُجْعَلُ
كذا الذي أجْدَى حكِايَةً كَقَبْ والزم بنا النوعينِ فهو قد وَجَبْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المعنى أفعالًا ومن قبل اللفظ أسماء جعل لها تعريف تنكير، فعلامة تعريف المعرفة منها تجرده من التنوين، وعلامة تنكير النكرة منها استعماله منونًا. ولما كان من الأسماء المحضة ما يلازم التعريف كالمضمرات وأسماء الإشارة وما يلازم التنكير كأحد وعريب وديار، وما يعرف وقتا وينكر وقتا كرجل وفرس جعلوا هذه الأسماء كذلك فألزموا بعضًا التعريف كنزال وبله وآمين، وألزموا بعضا التنكير كواها وويها، واستعملوا بعضا بوجهين فنون مقصودًا تنكيره وجرد مقصودا تعريفه كصه وصه واف واف ا. هـ.
تنبيه: ما ذكره الناظم هو المشهور. وذهب قوم إلى أن أسماء الأفعال كلها معارف ما نون منها وما لم ينون تعريف علم الجنس "وما به خوطب ما لا يعقل من مشبه اسم الفعل صوتا يجعل. كذا الذي أجدى حكاية كقب" أي: أسماء الأصوات ما وضع لخطاب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "من قبل المعنى أفعالًا" ذكره تتميمًا للفائدة وإلا فقوله: جعل لها تعريف إلخ إنما ينبني على كونها من قبيل اللفظ أسماء. قوله: "كأحد" أطلق أحد وله استعمالات أربعة. أحدها مرادف الأول وهو المستعمل في العدد نحو: أحد عشر. والثاني مرادف الواحد بمعنى المنفرد نحو: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 2]، الثالث مرادف إنسان نحو: وإن أحد من المشركين. الرابع أن يكون اسمًا عاما في جميع من يعقل فما منكم من أحد وهو المراد هنا فإنه الملازم للتنكير, وندر تعريفه قاله الموضح في الحواشي تصريح. قوله: "وبله" لا ينافيه ما مر في شرح قوله: ويعملان الخفض من قوله: وبلها عمرًا؛ لأن ذاك على المصدرية سم. قوله: "تعريف علم الجنس" يعني أن مسماها حقيقة لفظ الفعل المتحدة في الذهن. قوله: "من مشبه اسم الفعل" قال البعض: أي: في الاكتفاء به وعدم احتياجه في إفادة المراد إلى شيء آخر ا. هـ. وفيه أن اسم الفعل لا يفيد المراد وحده بل بضميمة فاعله الظاهر كما في هيهات نجد أو المستتر كما في صه فوجه الشبه المذكور لم يوجد في المشبه به اللهم إلا أن يجعل المشبه به اسم الفعل الرافع للمستتر ويراد الاكتفاء به بحسب الظاهر, وقطع النظر عن الضمير المستتر فتأمل ثم قوله من مشبه اسم الفعل بيان لما حال من الضمير المجرور بالباء على قاعدة من البيانية ومجرورها من كونهما في موضع الحال, وبهذا يعلم اختلال قول البعض تبعًا للفارضي الجار والمجرور بيان لما أو حال من الضمير في به فتنبه.
قوله: "صوتًا يجعل" أي: يجعل اسم صوت. قوله: "كذا الذي أجدى حكاية" أي: أفادها وصريحه أنها ليست نفس الحكاية بل مفيدة ومفهمة لها وهو كذلك؛ لأن من شروط الحكاية أن تكون مثل المحكي وهذه الألفاظ مركبة من حروف صحيحة وليس المحكي كذلك, إذ الحيوانات والجمادات لا تحسن الإفصاح بالحروف لكنهم لما احتاجوا إلى حكاية تلك الأصوات وتعذرت أو تعسرت عليهم أوردوا صورتها بأدنى ما أمكنهم من ألفاظ مركبة من الحروف شبيهة
307 | 463(1/305)
أسماء الأفعال والأصوات
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما لا يعقل، أو ما هو في حكم ما لا يعقل من صغار الآدميين، أو لحكاية الأصوات كذا في شرح الكافية. فالنوع الأول إما زجر كهلا للخيل. ومنه قوله:
وأيُّ جوادٍ لا يُقال لهُ هلا وعدس للبغل ومنه قوله:
985-
عَدَسْ ما لِعَبَّادٍ عليكِ إمارَةٌ وكخ للطفل. وفي الحديث: "كخ كخ فإنها من الصدقة" وهيد وهاد وده وجه وعاه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بتلك الأصوات في الجملة فصار الواقع في كلامهم كالحكاية. فإن قلت بقي عليه الأصوات الدالة على معنى في النفس كأح لذي السعال. قلت هذه ليست موضوعة أصلًا فلا تكون اسمًا بل لا تكون كلمة لأنها إنما تدل بالطبع لا بالوضع ا. هـ. دماميني ملخصًا.
قوله: "كهلا" في القاموس هلا وهال زجران للخيل أي: اقربي ا. هـ. والكلمتان منونتان بالقلم في نسخة العلامة أبي العز العجمي المصححة بخطه لكن في الهمع هلا بوزن ألا لزجر الخيل عن البطء ا. هـ. ومنه يعلم أن قول القاموس أي: اقربي تفسير باللازم. قوله: "للخيل" على حذف مضاف أي: لزجرها وقد يستحث بها العاقل لتنزيله منزلة غيره كقوله:
ألا حييا ليلى وقولا لها هلا ا. هـ. زكريا وكذا يقدر المضاف في نظائره الآتية. قوله: "للبغل" أي: لزجره عن الإبطاء دماميني. قوله: "وكخ" بكسر الكاف وتشديد الخاء ساكنة ومكسورة ا. هـ. سم وفي القاموس جواز تخفيف الخاء وجواز تنوينها وجواز فتح الكاف. قوله: "للطفل" أي: لزجره عن تناول شيء كما في القاموس. قوله: "وفي الحديث إلخ" هو أن الحسن رضي الله عنه أخذ تمرة من تمر الصدقة وجعلها في فيه فقال له عليه الصَّلاة والسَّلام: $"كخ كخ فإنها من الصدقة" فألقاها من فيه. قوله: "وهيد" بفتح الهاء وكسرها وفتح الدال فيهما زكريا والتحتية بينهما ساكنة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
985- عجزه:
نَجوتِ وهذا تحملين طليقُ والبيت من الطويل، وهو ليزيد بن مفرغ في ديوانه ص170؛ وأدب الكاتب ص417؛ والإنصاف 2/ 717؛ وتخليص الشواهد ص150؛ وتذكرة النحاة ص20؛ وجمهرة اللغة ص645؛ وخزانة الأدب 6/ 41، 42، 48؛ والدرر 1/ 269؛ وشرح التصريح 1/ 139، 381؛ وشرح شواهد المغني 2/ 859؛ وشرح المفصل 4/ 79؛ والشعر والشعراء 1/ 371؛ ولسان العرب 6/ 47 "حدس"، 6/ 133 "عدس"؛ والمقاصد النحوية 1/ 442، 3/ 216؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص362، 447؛ وأوضح المسالك 1/ 162؛ وخزانة الأدب 4/ 333، 6/ 388؛ وشرح شذور الذهب ص190؛ وشرح قطر الندى ص106؛ وشرح المفصل 2/ 16، 4/ 23؛ ولسان العرب 15/ 460 "ذوا"؛ والمحتسب 2/ 94؛ ومغني اللبيب 2/ 462؛ وهمع الهوامع 1/ 84.
308 | 463(1/306)
أسماء الأفعال والأصوات
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعيه للإبل وعاج وهيج وحل للناقة. واس وهس وهج وقاع للغنم. وهجا وقج للكلب. وسع للضأن. ووح للبقرة. وعز وعيز للعنز. وحر للحمار. وجاه للسبع. وإما دعاء كأو للفرس. ودوه للربع. وعوه للجحش. وبس للغنم. وجوت وجيء للإبل الموردة. وتؤوتًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وهاد" بكسر الدال على الأصل في التخلص من التقاء الساكنين وده وجه بفتح الدال المهملة من الأول والجيم من الثاني وإسكان الهاء منهما وعاه وعيه بعين مهملة فيهما مكسورة من الثاني وهاء مكسورة فيهما وعاج بعين مهملة وجيم بعد الألف مكسورة وهيج بفتح الهاء وكسرها مع كسر الجيم وسكونها وحل بحاء مهملة مفتوحة فلام ساكنة, ويقال في زجر البعير حل بفتح الحاء المهملة وكسر اللام منونة وإسّ بكسر الهمزة وتشديد السين المهملة مفتوحة وهس مثلها إلا أن أولها هاء, وقال الرضي: إس مكسورة الهمزة ساكنة السين وكذا هس مكسورة الهاء ساكنة السين وقيل بضم الهاء وفتح السين المشددة ا. هـ. دماميني. وقال زكريا: إس وهس بكسر أولهما مع فتح آخرهما أو كسره وتشديده فيهما ا. هـ. وفي القاموس هس بالضم زجر للغنم ولا يكسر ا. هـ. وقوله بالضم أي: ضم الهاء وأما السين فمضبوطة بالقلم بالسكون مشددة في نسخة أبي العز العجمي المصححة بخطه وفي غيرها من النسخ والله أعلم.
قوله: "وهج" بهاء مفتوحة فجيم ساكنة وقاع بقاف فألف فعين مهملة مكسورة وهجا بهاء مفتوحة فجيم فألف مقصورة ا. هـ. دماميني. قوله: "وهج للكلب" بفتح الهاء وسكون الجيم أو كسرها منونة قاله الدماميني. وفي القاموس ما يوافقه وأما هج السابقة التي للغنم فاقتصر شيخنا السيد في ضبطها تبعًا للدماميني والقاموس على فتح الهاء وسكون الجيم كما مر وكتب شيخ الإسلام على هج الأولى ما نصه: قوله: وهج بفتح أوله مع كسر ثانيه وإسكانه وتشديد فيهما وأما هج الآتي فهو بفتح أوله مع إسكان ثانيه وكسره مع تنوينه وتخفيفه فيهما ا. هـ. وملخصه أن الأولى فيها لغتان كسر الثاني وإسكانه مع التشديد فيهما والثانية فيها لغتان كسر الثاني منونًا وإسكانه مع التخفيف فيهما. قوله: "وسع" بسين مفتوحة وعين ساكنة مهملتين ووح بواو مفتوحة وحاء مهملة ساكنة وعز بعين مهملة فزاي ساكنة ا. هـ. دماميني والعين من عز مفتوحة كما يفيده صنيع القاموس وذكره البعض.
قوله: "وعيز" بفتح أوله وكسره مع آخره وكسره ا. هـ. زكريا. وقال الدماميني: بعين مهملة مفتوحة فمثناة تحتية ساكنة فزاي مكسورة والذي في القاموس أن العين بالكسر والفتح والزاي بالفتح وأنه لزجر الضأن. قوله: "وحرّ" بالحاء المهملة بخط الشارح وفي بعض النسخ وهر قال الدماميني بفتح الهاء وكسر الراء المشددة. قوله: "وجاه" بجيم فألف فهاء مكسورة ويكون لزجر البعير أيضًا فهو مشترك دماميني.
قوله: "وإما دعاء" أي: طلب كأو ضبطه المرادي والدماميني بأنه بوزن أو العاطفة وقيل بمد الهمزة وضم الواو. قوله: "ودوه" بفتح الدال المهملة أكثر من ضمها وسكون الواو وكسر الهاء كما في الدماميني وزكريا. قوله: "للربع" بضم الراء وفتح الموحدة وبعدها عين مهملة وهو
309 | 463(1/307)
أسماء الأفعال والأصوات
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتيس المنزي. ونخ مخففًا ومشددًا للبعير المناخ. وهدع لصغار الإبل المسكنة. وسأ وتشؤ للحمار المورد. ودج للدجاج. وقوس للكلب والنوع الثاني كغاق للغراب. وماء بالإمالة للظبية. وشيب لشرب الإبل. وعيط للمتلاعبين. وطيخ للضاحك. وطاق للضرب. وطق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصيل. دماميني. قوله: "وعوه" بعين مهملة فواو ساكنة فهاء مكسورة ا. هـ. دماميني والعين مفتوحة على ما ذكره البعض. قوله: "وبس" بضم الباء وتثليث السين مع تشديدها زكريا وضبطه بعضهم بسكون السين وصدر به الدماميني. قوله: "وجوتّ" بجيم مضمومة فواو ساكنة فمثناة فوقية مفتوحة ا. هـ. دماميني وفي القاموس في فصل الجيم من باب التاء الفوقية أن جوت مثلثة الآخر دعاء للإبل إلى الماء وصنيعه يفيد أن الجيم مفتوحة وكذا ضبطت بالقلم بالفتح في نسخة الصحيحة. قوله: "وجيء" بجيم مكسورة فهمزة ساكنة ا. هـ. دماميني وأما حيء بكسر الحاء المهملة وسكون الهمزة فدعاء للحمار إلى الماء كما في القاموس. قوله: "للإبل الموردة" أي: لدعائها لتشرب زكريا.
قوله: "وتؤ" بمثناة فوقية مضمومة فهمزة ساكنة وتأ بمثناة فوقية مفتوحة فهمزة ساكنة دماميني. قوله: "المنزي" أي: على الإناث. قوله: "ونخ" بكسر النون وإسكان الخاء المعجمة مخففة ومشددة ا. هـ. زكريا وضبطه بعضهم بفتح النون وصدر به الدماميني. قوله: "المناخ" أي: الذي تراد إناخته. زكريا. قوله: "وهدع" بكسر الهاء وفتح الدال وإسكان العين المهملة ا. هـ. دماميني. وزاد في القاموس لغة ثانية سكون الدال مع كسر العين. قوله: "المسكنة" أي: التي يراد تسكينها من نفارها. زكريا. قوله: "وسأ" بفتح السين المهملة وسكون الهمزة وتشؤ بمثناة فوقية مضمومة فشين معجمة مضمومة فهمزة ساكنة ا. هـ. دماميني وزاد زكريا جواز فتح الشين. قوله: "ودج" بفتح الدال المهملة وسكون الجيم مخففة. وقوس بضم القاف وسكون الواو وكسر السين المهملة ا. هـ. دماميني وزكريا. قوله: "كغاق" بغين معجمة وقاف مكسورة ا. هـ. همع وقوله للغراب أي: لحكاية صوته. قوله: "وماء بالامالة" قال الرضي: إن ميمه ممالة وهمزته مكسورة أو ساكنة بعد الألف زكريا.
قوله: "للظبية" أي: لحكاية صوتها إذا دعت ولدها. زكريا. قوله: "وشيب" بكسر الشين المعجمة وسكون التحتية وكسر الموحدة كما في زكريا وقوله لشرب الإبل أي: لحكاية صوت شربها. قوله: "وعيط" بعين مهملة مكسورة فمثناة تحتية ساكنة فطاء مهملة مكسورة ا. هـ. دماميني. زاد زكريا جواز فتح آخره وقوله للمتلاعبين أي: لحكاية أصواتهم الموجودة عند اللعب ومن هنا أخذ الناس العياط كما في الدماميني. قوله: "وطيخ" بكسر الطاء المهملة وسكون التحتية وكسر الخاء المعجمة أو فتحها كما في زكريا وقوله: للضاحك أي: لحكاية صوت ضحكة قال الدماميني: أفرده؛ لأن الضحك يأتي من الواحد بخلاف ما قبله ا. هـ. وفيه نظر ظاهر. قوله: "وطاق" بطاء مهملة مفتوحة فألف فقاف مكسورة وقوله للضرب أي: للصوت الحادث عنده وكذا يقال فيما بعده وطق بطاء مهملة مفتوحة فقاف ساكنة وقب بقاف مفتوحة فموحدة ساكنة وخاق باق بكسر القاف فيهما وأول الأول خاء معجمة قبل ألف وأول الثاني باء موحدة قبل ألف ا. هـ.
310 | 463(1/308)
أسماء الأفعال والأصوات
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لوقوع الحجارة. وقب لوقع السيف. وخاق باق للنكاح. وقاش ماش للقماش.
تنبيه: قوله من مشبه اسم الفعل كذا عبر به أيضًا في الكافية، ولم يذكر في شرحها ما احترز به عنه، قال ابن هاشم في التوضيح: وهو احتراز من نحو قوله:
986-
يا دارَ مَيَّةَ بالعَلياءِ فالسَّندِ وقوله:
987-
ألا أيُّها الليلُ الطويلُ إلا انْجَلي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دماميني وخاق باق اسمان جعلا اسمًا واحدًا وبنيا على الكسر وكذا قاش ماش ا. هـ. زكريا وقوله: للنكاح أي: للصوت الحادث من اصطكاك الأجرام عند النكاح كما في الدماميني.
قوله: "وقاش ماش" بشين معجمة مكسورة آخر كل منهما كما في الدماميني وقوله: للقماش قال زكريا أي: لصوته إذا طوى ا. هـ. هكذا ينبغي التكلم على هذه الألفاظ التي ساقها الشارح وبه يعلم ما في تكلم البعض عليها من التقصير في بعضها والخطأ في بعضها والله الموفق. قوله: "وهو احتراز من نحو: قوله يا دارمية إلخ" فإن قوله يا دارمية خطاب لما لا يعقل ولكنه لم يشبه اسم الفعل في الاكتفاء به لكونه غير مكتفى به؛ ولهذا احتاج إلى قوله: أقوت إلخ وكذلك أيها الليل خطاب لما لا يعقل ولكنه لم يشبه اسم الفعل لكونه غير متكفى به ولهذا احتاج إلى قوله: انجلي كذا في التصريح. قال سم: وفي الاحتراز عن ذلك نظر؛ لأنه يكتفى به بدليل أن حقيقة النداء كلام اصطلاحي أو نائب عنه ا. هـ. وأشار البعض إلى دفعه بأن المراد غير مكتفى به في أداء المعنى المقصود للمتكلم وإن كان كلامًا تاما عند النحاة. قوله: "يا دارمية إلخ" تمامه:
أقوت وطال عليها سالف الأمد إلخ. والعلياء ما ارتفع من الأرض وسند الجبل ارتفاعه حيث يسند فيه أي: يصعد وأقوت خلت والسالف الماضي والأمد الدهر والفاء بمعنى الواو. عيني وتصريح وفي القاموس السند محركة ما قابلك من الجبل وعلا عن السفح ا. هـ. وهو واضح. قوله: "ألا أيها إلخ" تمامه:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
986- البيت من البسيط، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص14؛ والأغاني 11/ 27؛ والدرر 1/ 274، 6/ 326 وشرح أبيات سيبويه 2/ 54؛ والصاحبي في فقه اللغة ص215؛ والكتاب 2/ 321؛ والمحتسب 1/ 251؛ والمقاصد النحوية 4/ 315؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 92؛ ورصف المباني ص452؛ وشرح التصريح 1/ 140؛ ولسان العرب 3/ 223 "سند"، 3/ 355 "قصد"، 14/ 141 "جرا" 15/ 491 "يا".
987- عجزه:
بصبحٍ وما الإصباحُ منكَ بأمْثل والبيت من الطويل وهو لامرئ القيس في ديوانه ص18؛ والأزهية ص271؛ وخزانة الأدب 2/ 326، 327؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 513؛ ولسان العرب 11/ 361 "شلل"؛ والمقاصد النحوية 4/ 317؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 93؛ وجواهر الأدب ص78؛ ورصف المباني ص79.
311 | 463(1/309)
أسماء الأفعال والأصوات
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"والزم بنا النوعين فهو قد وجب" يحتمل أن يريد بالنوعين أسماء الأفعال والأصوات وهو ما صرح به في شرح الكافية. ويحتمل أن يريد نوعي الأصوات وهو أولى؛ لأنه قد تقدم الكلام على أسماء الأفعال في أول الكتاب. وعلة بناء الأصوات مشابهتها الحروف المهملة في أنها لا عاملة ولا معمولة فهي أحق بالبناء من أسماء الأفعال.
تنبيه: هذه الأصوات لا ضمير فيها بخلاف أسماء الأفعال فهي من قبيل المفردات، وأسماء الأفعال من قبيل المركبات.
خاتمة: قد يعرب بعض الأصوات لوقوعه موقع متمكن كقوله:
988-
قَد أَقْبَلَتْ عَزَّةُ من عِراقِها مُلصِقَةَ السَّرجِ بخاقِ باقِها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بصبح وما الإصباح منك بأمثل أي: ليس الإصباح أمثل منك لأني أقاسي فيه أيضًا الهموم وهذا قاله بعد تنبهه والأول في حال غفلته. قوله: "فهو قد وجب" قال الغزي: وهو تتميم لصحة الاستغناء عنه بقوله: والزم ا. هـ. وقال سم: قد يقال الأمر بملازمة البناء لا يستوجب وجوبه فقد يؤمر بملازمة الجائز وحينئذٍ فقوله: فهو قد وجب لبيان وجوبه ودفع توهم جوازه فقط. قوله: "نوعي الأصوات" أي: ما خوطب به ما لا يعقل وما أجدى حكاية. قوله: "في أول الكتاب" أي: في قوله وكنيابة عن الفعل إلخ قال سم: قد يقال لم يصرح بها في أول الكتاب غاية الأمر أنه أدخلها في قوله: وكنيابة عن الفعل إلخ فيجوز أن يريد ههنا لدفع توهم عدم إرادتها هناك.
قوله: "فهي أحق بالبناء من أسماء الأفعال" أي: لأن علة بناء أسماء الأفعال مشابهتها للحروف العاملة في أنها عاملة غير معمولة فوجه الشبه في أسماء الأصوات وهو كونها لا عاملة ولا معمولة نادر في غير نوع الحرف إذ لا يوجد في غير نوعه إلا في أسماء الأصوات فيكون الحرف أخص به فتكون مشابهة أسماء الأصوات للحروف في ذلك الوجه أقوى بخلاف وجه الشبه في أسماء الأفعال, وهو كونها عاملة غير معمولة فإنه موجود في الأنواع الثلاثة الاسم والفعل والحرف فلا يقوى وجوده في الحرف قوة وجود وجه الشبه في أسماء الأصوات فتكون مشابهة أسماء الأفعال للحرف دون مشابهة أسماء الأصوات له هكذا ينبغي تقرير وجه الأولوية. قوله: "قد يعرب بعض الأصوات" أي: وجوبًا كما في الدماميني وقوله لوقوعه موقع متمكن أي: بأن تخرج عن معانيها الأصلية وتستعمل في معنى ذلك المتمكن الذي وقعت موقعه فإن خاق باق في البيت غير مستعمل في معناه الأصلي؛ لأنه لم يحك به صوت الجماع بل استعمل في معنى اسم متمكن وهو الفرج وترك الشارح ذكر جواز إعرابها وبنائها فيما إذا أريد لفظها كما في قوله:
وأي جواد لا يقال له هلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
988- الرجز بلا نسبة في لسان العرب 10/ 94 "خرق".
312 | 463(1/310)
أسماء الأفعال والأصوات
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: بفرجها وقوله:
989-
إذ لِمَّتِي مثلُ جَناح غاقِ أي: غراب. ومنه قول ذي الرمة:
990-
تداعَينَ باسم الشِّيبِ في مُتَثلِّمِ جَوانبُهُ من بَصرَة وسِلامِ وقوله أيضًا:
991-
لا يُنْعِشُ الطَّرفَ إلا ما يُخوِّنُهُ داع يُناديهِ باسمِ الماءِ مَبْغومُ فالشيب صوت شرب الإبل. والماء صوت الظبية كما مر ا. هـ والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "إذ لمتي" بكسر اللام يعني شعر رأسي. قوله: "تداعين" أي: الإبل باسم الشيب أي: بمسمى باسم هو الشيب أي: بالصوت المعهود أي: دعا بعضهم بعضًا بذلك الصوت فالشيب هنا مستعمل في نفس الصوت لا محكي به الصوت وقوله: في متثلم أي: حوض ماء متثلم أي: متكسر وقوله: من بصرة وصلام بكسر السين المهملة هما نوعان من الحجارة قاله شيخنا السيد. وعبارة القاموس في باب الراء البصرة بلد معروف إلى أن قال: وحجارة رخوة فيها بياض وفي باب الميم السلمة كفرحة الحجارة والجمع ككتاب. قوله: "لا ينعش الطرف" بالشين المعجمة أي: لا يرفعه قال في القاموس: نعشه الله كمنعه رفعه كأنعشه ونعشه ا. هـ. ومنه سمي النعش نعشًا لارتفاعه وما فاعل ينعش واقعة على أم الظبي وقوله: يخونه بضم التحتية وفتح الخاء المعجمة وكسر الواو المشددة آخره نون أي: يتعهده قال في القاموس: خونه تعهده كتخونه ا. هـ. وقوله داع بدل من ما أو عطف بيان أو خبر لمحذوف والمبغوم بالموحدة فالغين المعجمة من البغم وهو عدم الإفصاح. والمعنى لا يرفع طرف الظبي إلا سماعه أمه التي تتعهده تقول عند تعهدها له ماء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
989- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص180؛ والدرر 5/ 308؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص152؛ وهمع الهوامع 2/ 107.
990- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص1070؛ وإصلاح المنطق ص29؛ وخزانة الأدب 1/ 104، 4/ 343؛ وشرح شواهد الإيضاح ص307؛ وشرح المفصل 3/ 14، 4/ 82، 85؛ ولسان العرب 1/ 54 "شيب"، 4/ 67 "بصر"؛ وبلا نسبة في الاشتقاق ص35؛ وجمهرة اللغة ص312، 858؛ وخزانة الأدب 6/ 388، 442؛ ولسان العرب 12/ 297 "سلم".
991- البيت من البسيط، وهو لذي الرمة في ديوانه ص390؛ وخزانة الأدب 4/ 344؛ والخصائص 3/ 29؛ ومراتب النحويين ص38.
313 | 463(1/311)
نونا التوكيد
نونا التوكيد:
للفِعلِ تَوْكيدٌ بنونينِ هما كنونَي اذْهبنَّ واقْصدْنَهما
يؤكدانِ افعَل ويَفعَل آتِيا ذا طَلبٍ أو شَرْطا أمَّا تالِيا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نونا التوكيد:
"للفعل توكيد بنونين هما" الثقيلة والخفيفة "كنوني اذهبن واقصدنهما" وقد اجتمعا في قوله تعالى: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ} [يوسف: 32] وقد تقدم أول الكتاب أن قوله:
992-
أَقائِلُنَّ أحْضِروا الشُّهودا ضرورة.
تنبيه: ذهب البصريون إلى أن كلا منهما أصل لتخالف بعض أحكامهما. وذهب الكوفيون إلى أن الخفيفة فرع الثقيلة. وقيل بالعكس. وذكر الخليل أن التوكيد بالثقيلة أشد من الخفيفة "يؤكدان افعل" أي: فعل الأمر مطلقًا نحو: اضربن زيدًا، ومثله الدعاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نونا التوكيد:
قوله: "للفعل" قدمه للاختصاص سم. قوله: "بنونين" أي: بكل منهما سم أي: على انفراده. قوله: "ضرورة" أي: وسهلها شبه الوصف بالفعل. قوله: "لتخالف بعض أحكامهما" كإبدال الخفيفة ألفًا وقفًا في نحو: وليكونا وحذفها في نحو: لا تهين الفقير وهما ممتنعان في الثقيلة وكوقوع الشديدة بعد الألف وهو ممتنع في الخفيفة وعورض التعليل بأن الفرع قد يختص بأحكام ليست في الأصل كما في أن المفتوحة فإنها فرع المكسورة, ولها أحكام تخصها. تصريح مع زيادة وحذف. قوله: "فرع الثقيلة" لاختصارها منها؛ ولأن التأكيد في الثقيلة أبلغ سم. قوله: "وقيل بالعكس" يؤيده أن الخفيفة بسيطة والثقيلة مركبة فالخفيفة أحق بالأصالة والثقيلة أحق بالفرعية. قوله: "أشد من الخفيفة" أي: من التوكيد بالخفيفة ويؤيده أن زيادة البناء تدل على زيادة المعنى وقوله تعالى: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ} فإن امرأة العزيز كانت أشد حرصًا على سجنه من كونه صاغرًا؛ لأنها كانت تتوقع حبسه في بيتها فتقرب منه وتراه كلما أرادت.
قوله: "يؤكدان افعل" أي: جوازًا كما سيأتي. قوله: "أي: فعل الأمر" قال البعض تبعًا لشيخنا الأولى فعل الطلب ليشمل الدعاء ا. هـ. ويدفع بأن المراد فعل الأمر اصطلاحي وهو يشمل فعل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
992- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص173؛ وشرح التصريح 1/ 42؛ والمقاصد النحوية 1/ 118، 3/ 648، 4/ 334؛ ولرجل من هذيل في حاشية يس 1/ 42؛ وخزانة الأدب 6/ 5؛ والدرر 5/ 176؛ وشرح شواهد المغني 2/ 758؛ ولرؤبة أو لرجل من هذيل في خزانة الأدب 11/ 420، 422؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 242؛ وأوضح المسالك 1/ 24؛ والجنى الداني ص141؛ والخصائص 1/ 136؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 447؛ والمحتسب 1/ 193؛ ومغني اللبيب 1/ 336؛ وهمع الهوامع 2/ 79.
314 | 463(1/312)
نونا التوكيد
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كقوله:
"فأنزلن سكينة علينا"
"ويفعل" أي: المضارع بالشرط الآتي ذكره ولا يؤكدان الماضي مطلقًا. وأما قوله:
993-
دامَنَّ سَعدُكَ إنْ رَحِمتَ مُتَيَّمًا فضرورة شاذة سهلها كونه بمعنى الاستقبال. وإنما يؤكد بهما المضارع حال كونه "آتيا ذا طلب" بأن يأتي أمرًا نحو: ليقومن زيد، أو نهيا نحو: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا}
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدعاء مع أنه لو قال فعل الطلب لشمل المضارع المقرون بلام الأمر مع أنه سيذكره المصنف ولا ينافي كون المراد بفعل الأمر ما ذكر قوله: ومثله الدعاء لإمكان حمله على الاستخدام بأن يجعل الضمير عائدًا على فعل الأمر لا بالمعنى الأعم المتقدم, بل بالمعنى الخاص المقابل للدعاء أو على جعل الضمير عائدًا على اضربن زيدًا لا على فعل الأمر فتأمل. قوله: "مطلقًا" أي: من غير شرط؛ لأنه مستقبل دائمًا ا. هـ. تصريح ويرشد إلى تفسير الإطلاق بذلك قوله بعد أي: المضارع بالشرط الآتي فهو أحسن من قول البعض أي: سواء كان على زنة إفعل أو غيرها كانفعل وافتعل. قوله: "فأنزلن سكينة علينا" تمامه:
وثبت الأقدام إن لاقينا وهو من كلامه -صلى الله عليه وسلّم- الموافق لوزن الزجر. قوله: "بالشرط الآتي" هو قوله آتيا ذا طلب إلخ. قوله: "ولا يؤكدان الماضي" لأنهما يخلصان مدخولهما للاستقبال وذلك ينافي المضي ا. هـ. تصريح. قوله: "مطلقًا" أي: ولو كان ذلك الماضي بمعنى المستقبل طردًا للباب. قوله: "دامن سعدك" بكسر الكاف إن رحمت متيمًا من تيمه الحب أي: استعبده وذلله وتمامه:
لولاك لم يك للصبابة جانحا أي: مائلًا والصبابة رقة الشوق. قوله: "فضرورة شاذة" أي: ليس للمولدين ارتكابها في شعرهم وكذا أقائلن إلخ وإن أوهم صنيعه خلافه. قوله: "سهلها كونه بمعنى الاستقبال" لأن الدوام إنما يتحقق في الاستقبال ا. هـ. سم. وقال الدماميني: سهلها ما فيه من معنى الطلب فعومل معاملة الأمر. قوله: "آتيا ذا طلب إلخ" عبارة التوضيح وأما المضارع فله حالات أي: خمس: إحداها أن يكون توكيده بهما واجبًا وذلك إذا كان مثبتًا مستقبلًا جوابًا لقسم غير مفصول من لامه بفاصل نحو: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} [الأنبياء: 57]، ثم قال: والثانية أن يكون قريبًا من الواجب وذلك إذا كان شرطًا؛ لأن المؤكدة بما نحو: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ} [الأنفال: 58]، ثم قال الثالثة أن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
993- عجزه:
لولاك لم يكُ للصَّبابَةِ جَانِحا والبيت من الكامل وهو بلا نسبة في الجنى الداني ص143؛ والدرر 5/ 161؛ وشرح شواهد المغني ص760؛ ومغني اللبيب 2/ 339؛ والمقاصد النحوية 1/ 120، 4/ 341؛ وهمع الهوامع 2/ 78.
315 | 463(1/313)
نونا التوكيد
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[إبراهيم: 42]، أو عرضا نحو: ألا تنزلن عندنا، أو تحضيضًا كقوله:
994-
هَلا تَمُنِّنْ بوعَدٍ غيرَ مُخْلِفةٍ كما عهدتُّكِ في أيامِ ذي سَلَمِ أو تمنيا كقوله:
995-
فَلَيتَكِ يومَ الملتَقى تَرَيِنَّنِي لكي تَعْلمي أني امرؤٌ بكِ هائِمٌ أو استفهامًا كقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يكون كثيرًا وذلك إذا وقع بعد أداة طلب كقوله تعالى: {ولا تحسبن الله غافلًا} "إبراهيم: 42"، ثم قال: والرابعة أن يكون قليلًا وذلك إذا وقع بعد لا النافية أو ما الزائدة التي لم تسبق بأن. ثم قال: والخامسة أن يكون أقل وذلك بعد لم وبعد أداة جزاء غير إما ا. هـ. قال شيخنا: وينبغي أن تزاد سادسة وهي امتناع التوكيد كالمضارع المنفي الواقع جواب القسم نحو: والله لا تفعل كذا والمضارع الحالي نحو: والله ليقوم زيد الآن والمضارع المفصول من لام القسم كما سيذكره الشارح قال في النكت: أورد على الناظم نحو: قولك للعاطس يرحمك الله وقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: 228]، ونحو: ذلك مما أوقع فيه الخبر موقع الطلب فإنه يصدق عليه أنه يفعل آتيا ذا طلب ولا يجوز توكيده, فلو قال يفعل المقترن بنهي أو استفهام إلخ لكان أولى ا. هـ. ويجاب بأنا لا نسلم أن الطلب فيما أورده بالفعل وحده كما هو فرض الكلام بل بالجملة؛ لأنها من الجمل الخبرية المستعملة في الإنشاء ولئن سلم أن الطلب فيه بالفعل وحده فالمراد ذا طلب بأداة كلام الأمر ولا الناهية والطلب فيما أورده ليس كذلك فاعرفه وذا طلب حال من ضمير آتيا.
قوله: "هلا تمنن" أصله تمنين فلما أكد بالنون حذفت نون الرفع تخفيفًا فالتقى ساكنان الياء والنون فحذفت الياء وذي سلم موضع بالحجاز ا. هـ. زكريا وغير مخلفة حال من الياء المحذوفة. قوله: "ترينني" فيه الشاهد وأصله قبل نون التوكيد ترأيين بقلب حركة الهمزة إلى الراء ثم حذفت الهمزة فصار تريين فقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها, ثم حذفت لالتقاء الساكنين فصار ترين فلما أكد بالنون حذفت نون الرفع لتوالي الأمثال وكسرت الياء للتخلص من الساكنين ولم تحذف لعدم ما يدل عليها فلما أتى بياء المتكلم لحقت نون الوقاية فصار ترينني ويوم ظرف لغو متعلق بترينني. قوله: "أو استفهامًا" أي: بجميع أدواته اسمية كانت أو حرفية خلافًا لمن خصه بالهمزة وهل ا. هـ. دماميني ولذا عدد الشارح الأمثلة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
994- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 99؛ والدرر 5/ 150؛ وشرح التصريح 2/ 204؛ والمقاصد النحوية 4/ 322؛ وهمع الهوامع 2/ 78.
995- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 100؛ والدرر 5/ 151؛ وشرح التصريح 2/ 204؛ والمقاصد النحوية 4/ 323؛ وهمع الهوامع 2/ 78.
316 | 463(1/314)
نونا التوكيد
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
996-
وهل يَمْنَعَنِّي ارْتيادِي البِلا د من حَذَرِ الموتِ أن يأتِيَنْ وقوله:
997-
أَفَبَعْدَ كِندَةَ تَمْدحنَّ قَبِيلا وقوله:
998-
فأَقْبِل على رَهْطِي ورَهْطِكَ نَبْتَحِثْ مساعينا حتى نرى كيف نَفْعلا أو دعاء كقوله:
999-
لا يَبْعُدنْ قَومي الذين همو سُمُّ العُداةِ وآفةُ الجُزُرِ
النازلون بكل مُعتركٍ والطيبونَ معاقِدَ الأزُرِ "أو" آيتا "شرطا إما تاليا" إما في موضع النصب مفعول به لتاليا، أي: شرطًا تابعًا أن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وهل يمنعني ارتيادي البلاد" أي: طوافي بها ومن حذر الموت تعليل لارتيادي وقوله: أن يأتين أي: من إتيانه متعلق بيمنعني. قوله: "أفبعد كندة" بكسر الكاف وسكون النون اسم قبيلة وقبيلًا ترخيم قبيلة للضرورة ا. هـ. تصريح. وقال زكريا: قبيلًا أي: جماعة ثلاثة فأكثر ا. هـ. قال أرباب الحواشي: وهو أولى؛ لأنه لا يلزم عليه ارتكاب ضرورة. قوله: "فأقبل إلخ" الشاهد في نفعلا حيث أكده بالنون الخفيفة لوجود الاستفهام ثم أبدلها ألفًا للوقف ونبتحث مساعينا جواب الأمر أي: نفتش عن مآثرنا أفاده زكريا. قوله: "لا يبعدن" أي: لا يهلكن وتقدم الكلام على البيت في النعت. قوله: "أما في موضع النصب إلخ" ويصح أن يكون إما بدلًا من شرطًا وشرطًا مفعول تاليًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
996- البيت من المتقارب، وهو للأعشى في ديوانه ص65، 69؛ والكتاب 4/ 187؛ والدرر 5/ 151؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 346؛ وشرح المفصل 9/ 40، 86؛ والمقاصد النحوية 4/ 324؛ والمحتسب 1/ 349؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 2/ 78.
997- صدره:
قالت فطيمة حَلَّ شِعركِ مِدحَةًَ البيت من الكامل، وهو للمقنع في الكتاب 3/ 514؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 101؛ وجواهر الأدب ص143؛ وخزانة الأدب 11/ 383، 384؛ وشرح التصريح 2/ 204، والمقاصد النحوية 4/ 340؛ وهمع الهوامع 2/ 78.
998- البيت من الطويل، وهو للنابغة الجعدي في شرح أبيات سيبويه 2/ 251 وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في الدرر 5/ 153؛ والكتاب 3/ 513؛ والمقاصد النحوية 4/ 325؛ وهمع الهوامع 2/ 78.
999- البيت من الكامل، وهما للخرنق بنت هفان في ديوانها ص43؛ والأشباه والنظائر 6/ 231؛ وأمالي المرتضى 1/ 205؛ والإنصاف 2/ 468؛ وأوضح المسالك 3/ 314؛ والحماسة البصرية 1/ 227؛ وخزانة الأدب 5/ 41، 44؛ والدرر 6/ 14، وسمط اللآلي ص548؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 16؛ وشرح التصريح 2/ 116؛ والكتاب 1/ 202، 2/ 57، 58، 62؛ ولسان العرب 5/ 214 "نضر"؛ والمحتسب 2/ 198؛ والمقاصد النحوية 3/ 602، 4/ 72؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص416.
317 | 463(1/315)
نونا التوكيد
أو مُثْبتًا في قِسم مُسْتقبَلا وقَلَّ بعدَ ما ولم وبَعْدَ لا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرطية المؤكدة بما، نحو، وإما تخافن، فإما تذهبن، فإما ترين، واحترز من الواقع شرطًا بغير إما. فإن توكيده قليل كما سيأتي "أول" آتيا "مثبتا في" جواب "قسم مستقبلا" غير مفصول من لامه بفاصل نحو: {تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} [الأنبياء: 57]. وقوله:
1000-
فمن يكُ لم يَثْأَرْ بأَعْراضِ قَومِهِ فإنِّي وربِّ الراقصاتِ لأَثْأَرا ولا يجوز توكيده بهما إن كان منفيا نحو: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} [يوسف: 85] إذ التقدير: لا تفتؤ. وأما قوله:
1001-
تاللهِ لا يُحْمدَنَّ المرءُ مُجْتنبًا فِعلَ الكرامِ ولو فاق الوَرى حَسَبا فشاذ أو ضرورة، أو كان حالًا كقراءة ابن كثير: "لأُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ". وقوله:
1002-
يمينًا لأَبْغُضُ كُلَّ امرِئٍ يُزَخْرِفُ قَولا ولا يَفْعلُ وقوله:
1003-
لئن تكُ قد ضاقَتْ عَلَيكم بيوتُكم لَيَعُلمُ رَبِّي أنَّ بَيْتِي واسِعُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والمعنى تاليًا شرطًا إما وشرطًا على هذا بمعنى أداة شرط وعلى ما ذكره الشارح بمعنى فعل شرط. قوله: "المؤكدة بما" أي: الزائدة. قوله: "فإما ترينّ" تقدم تصريفه لكن نون الرفع حذفت هنا للجازم وشذ ثبوتها في قراءة من قرأ "تَرَينَّ" بياء ساكنة بعدها نون الرفع على حد قوله: لم يوفون بالجار كما في المغني.
قوله: "فإن توكيده قليل" عبر بالتوضيح بأقل كما مر. قوله: "فمن يك لم يثأر بأعراض قومه" أي: لم ينتصر لها وهو بسكون المثلثة وفتح الهمزة والأعراض جمع عرض وهو ما يحميه الإنسان من أن يعاب فيه وأراد بالراقصات إبل الحجيج التي تهتز أطرافها في مشيها كأنها ترقص والشاهد في لأثأرا فإنه أكده بالنون الخفيفة ثم أبدلها ألفًا للوقف أفاده زكريا. قوله: "أو كان حالًا" منع البصريون الأقسام على فعل الحال فلا يجوزون والله لأفعل الآن كما سيأتي في التنبيه الثاني ويؤوّلون القراءة والبيتين بأنها على إضمار مبتدأ. قوله: "يمينًا لأبغض" مضارع من باب نصر وأما أبغض يبغض بالضم فلغة رديئة ذكره شيخنا السيد وقوله: يزخرف قولًا إلخ أي: يزين قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1000- البيت من الطويل، وهو للنابغة الجعدي في ديوانه ص76؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 250؛ والكتاب 3/ 512؛ والمقاصد النحوية 4/ 336؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 9/ 39.
1001- البيت من البسيط.
1002- البيت من المتقارب، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 95؛ وشرح التصريح 2/ 203؛ والمقاصد النحوية 4/ 338.
1003- البيت من الطويل، وهو للكميت بن معروف في خزانة الأدب 10/ 68، 70، 11/ 331، 351، 429؛ وبلا نسبة في شرح التصريح 2/ 254، والمقاصد النحوية 4/ 327.
318 | 463(1/316)
نونا التوكيد
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أو كان مفصولًا من اللام مثل: {وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ} [آل عمران: 158]، ونحو: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5].
تنبيهان: الأول التوكيد في هذا النوع واجب بالشروط المذكورة كما نص عليه في التسهيل وهو مذهب البصريين، فلا بد عندهم من اللام والنون فإن خلا منهما قدر قبل حرف النفي، فإذا قلت والله يقوم زيد كان المعنى نفي القيام عنه، وأجاز الكوفيون تعاقبهما، وقد ورد في الشعر، وحكى سيبويه: والله لأضربه. وأما التوكيد بعد الطلب فليس بواجب اتفاقًا. واختلفوا فيه بعد أماو فمذهب سيبويه أنه ليس بلازم ولكنه أحسن ولهذا لم يقع في القرآن إلا كذلك، وإليه ذهب الفارسي وأكثر المتأخرين وهو الصحيح، وقد كثر في الشعر مجيئه غير مؤكد، من ذلك قوله:
1004-
يا صاحِ إما تَجِدْنِي غيرَ ذي جِدَةٍ فما التَّخَلِّي عن الخلّانِ من شِيمِي وقوله:
1005-
فإما تَرَينِي وَلي لِمَّةٌ فإنَّ الحوادِثَ أَودَى بِها وقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالوعد ولا يفعل ما يعد به. قوله: "أو كان مفصولًا من اللام" أي: بمعموله كالمثال الأول أو بحرف تنفيس كالمثال الثاني أو بقد نحو: والله قد يقوم زيد كما في سم. قوله: "التوكيد في هذا النوع" أي: الواقع في جواب القسم واجب؛ لأنهم كرهوا أن يؤكد الفعل بأمر منفصل وهو القسم من غير أن يؤكدوه بما يتصل به وهو النون بعد صلاحيته له. جامي.
قوله: "قدر قبل" وفي بعض النسخ قبله. قوله: "كان المعنى نفي القيام عنه" به أخذ الحنفية فقالوا إذا قال الشخص والله أصوم حنث بالصوم والذي يقتضيه بناء الأيمان على العرف الحنث بعدم الصوم كما هو مذهب غيرهم. قوله: "وأجاز الكوفيون تعاقبهما" أي: اللام والنون فيكتفي بأحدهما. قوله: "غير ذي جدة" بكسر الجيم أي: سعة في المال. قوله: "فأما تريني إلخ" اللمة بكسر اللام شعر الرأس وأودي هلك وهو يتعدى بالباء فمعنى أودى بها أهلكها وإنما لم يقل أودت بها ليوافق تأسيس القافية وهو الألف الواقعة قبل حرف متحرك قبل حرف الرويّ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1004- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 97؛ وخزانة الأدب 11/ 431؛ وشرح التصريح 2/ 204؛ والمقاصد النحوية 4/ 339.
1005- البيت من المتقارب، وهو للأعشى في ديوانه ص221، وخزانة الأدب 11/ 430، 431، 432، 433؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 477؛ وشرح شواهد الإيضاح ص346؛ وشرح المفصل 5/ 95، 9/ 41؛ والكتاب 2/ 46؛ ولسان العرب 2/ 132 "حدث" 15/ 385 "ودي"؛ والمقاصد النحوية 2/ 466؛ وبلا نسبة في الإنصاف ص764؛ وأوضح المسالك 2/ 110؛ ورصف المباني ص103، 316؛ وشرح المفصل 9/ 6.
319 | 463(1/317)
نونا التوكيد
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1006-
فإمَّا تَرَيني كابنَةِ الرَّمْلِ ضَاحِيًا على رِقَّةٍ أَحْفَى ولا أَتَنَعَّلُ وذهب المبرد والزجاج إلى لزوم النون بعد إما، وزعما أن حذفها ضرورة. الثاني: منع البصريون نحو: والله ليفعل زيد الآن، استغناء عنه بالجملة الاسمية المصدرة بالمؤكد كقولك: والله إن زيدًا ليفعل الآن، وأجازه الكوفيون. ويشهد لهم ما تقدم من قراءة ابن كثير لأقسم، والبيتين ا. هـ. "وقل" التوكيد "بعد ما" الزائدة التي لم تسبق بأن من ذلك قولهم: بعين ما أرينك. وبجهد ما تبلغن، وحيثما تكونن آتك، ومتى ما تقعدن أقعد. وقوله:
1007-
إذا ماتَ منهم مَيتٌ سرقَ ابنُهُ ومن عِضَةٍ ما يَنْبُتَنَّ شَكِيرُها وقوله:
1008-
قليلا به ما يحمدنك وارث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زكريا. قوله: "كابنة الرمل" يعني الناقة ضاحيًا يعني ملاقيًا لحر الشمس على رقة يعني مع رقة جلد قدمي. قوله: "منع البصريون نحو: والله ليفعل زيد الآن" أي: من كل جواب قسم مضارع حالي مثبت ويظهر لي أن منعهم ذلك من لوازم قولهم السابق لا بد من اللام والنون فإن نحو: المثال المذكور لم يجتمع فيه اللام والنون لمنافات النون للحال لاقتضائها الاستقبال.
قوله: "من قراءة ابن كثير لأقسم" ومن منع الإقسام على فعل الحال أول ذلك على إضمار مبتدأ أي: لأنا أقسم ا. هـ. زكريا قال الدماميني والذي يظهر مذهب الكوفيين إذ لا حاجة إلى الإضمار مع كون الحال لا ينافي القسم كما اعترف به البصريون في الجملة الاسمية ا. هـ. وفيه أن علة منع البصريين ليست فيما يظهر منافاة القسم للحال حتى يرد عليهم أنه لا ينافي الحال كما قالوا به في الجملة الاسمية بل إنه لا بد عندهم من اجتماع اللام والنون، والنون لا تأتي هنا لمنافاتها الحال كما قدمناه فعلم ما في كلام البعض. قوله: "التي لم تسبق بأن" سواء سبقت بأداة شرط أم لا كما مثل. قوله: "بعين ما أرينك" تقوله لمن يخفى أمرًا أنت به بصير تصريح.
قوله: "وبجهد ما تبلغن" تقوله لمن حملته فعلًا فأباه أي: لا بد لك من فعله مع مشقة تصريح. قوله: "إذا مات إلخ" المعنى إذا مات منهم شخص سرق ابنه صفاته فصار مثله. وقوله: ومن عضة إلخ قال الشارح: في شرحه على التوضيح العضة بالتاء واحدة العضاه بالهاء وهو كل شجر عظيم له شوك والتاء عوض من الهاء الأصلية كما في شفة والشكير ما يثبت حول الشجرة من أصلها قاله الجوهري ا. هـ. قوله: "قليلًا به" أي: حمدًا قليلًا وضمير به للمال في بيت قبله ا. هـ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1006- البيت من الطويل.
1007- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 103؛ وخزانة الأدب 4/ 22، 6/ 281، 11/ 221، 403؛ وشرح التصريح 2/ 205؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1643؛ وشرح شواهد المغني 2/ 761؛ والكتاب 3/ 517؛ ولسان العرب 4/ 426 "شكر"؛ 13/ 516، 518 "عضه"؛ ومغني اللبيب 2/ 340.
1008- عجزه:
إذا نال مما كنت تَجْمَعُ مَغْنَما والبيت من الطويل، وهو لحاتم الطائي في ديوانه ص223؛ والدرر 5/ 163؛ وشرح التصريح 2/ 205؛ وشرح شواهد المغني 2/ 951؛ والمقاصد النحوية 4/ 328؛ ونوادر أبي زيد ص110؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 105؛ وهمع الهوامع 2/ 78.
320 | 463(1/318)
نونا التوكيد
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهان: الأول مراد الناظم أن التوكيد بعد ما المذكور قليل بالنسبة إلى ما تقدم، لا قليل مطلقًا، فإنه كثير كما صرح به في غير الكتاب، بل ظاهر كلامه اطراده. وإنما كان كثيرًا من قبل أن ما لما لازمت هذه المواضع أشبهت عندهم لام القسم فعاملوا الفعل بعدها معاملته بعد اللام. نص على ذلك سيبويه كما حكاه في شرح الكافية. الثاني كلامه يشمل ما الواقعة بعد رب، وصرح في الكافية بأن التوكيد بعدها شاذ، وعلل ذلك بأن الفعل بعدها ماضي المعنى، ونص بعضهم على أن إلحاق النون بعدها ضرورة، وظاهر كلامه في التسهيل أنه لا يختص بالضرورة, وهو ما يشعر به كلام سيبويه فإن حكى ربما يقولن ذلك. ومنه قوله:
1009-
رُبّما أوفَيتُ في عَلَمٍ تَرْفَعَنْ ثَوبِي شمالاتُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زكريا. قوله: "لا قليل مطلقاً" أي: بالنسبة لما تقدم وفي نفسه. قوله: "بل ظاهر كلامه اطراده" لكن في التصريح أنه لا يقاس على المواضع التي سمع فيها زيادة ما, وأنه لا يحذف منها ما. قوله: "لما لازمت هذه المواضع" يعني بعد عين وجهد وحيث ومتى وعضة وقليلًا في التراكيب المتقدمة وما أشبهها, وعندي في اللزوم بالنسبة إلى متى نظر للقطع بجواز متى تقعد أقعد فتأمل, وإنما زيدت ما بعد النكرة لتوكيد الإبهام كما قال شيخنا, وقول البعض لزوال الإبهام سبق قلم. قوله: "أشبهت" أي: في اللزوم وأما قول شيخنا: أي: في التوكيد فيرد عليه أن المشابهة في التوكيد لا تتوقف على اللزوم لترتب التوكيد بما على مجرد حصولها. قوله: "معاملته بعد اللام" أي: في مطلق توكيده فلا يرد أن توكيده بعد اللام واجب عند البصريين وبعد ما هذه قليل. قوله: "ماضي المعنى" أي: فلا يناسبه التوكيد بالنون المقتضية للاستقبال, والمراد ماضي المعنى غالبًا فلا يرد ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين. قوله: "وظاهر كلامه في التسهيل إلخ" يصح تمشيته على أنه قليل وعلى أنه شاذ.
قوله: "ربما أوفيت إلخ" أي: نزلت والعلم الجبل وفي بمعنى على والشاهد في ترفعن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1009- البيت من المديد، وهو لجذيمة الأبرش في الأزهية ص94، 265؛ والأغاني 15/ 257؛ وخزانة الأدب 11/ 404؛ والدرر 4/ 204؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 281؛ وشرح التصريح 2/ 22؛ وشرح شواهد الإيضاح ص219؛ وشرح شواهد المغني ص393؛ والكتاب 3/ 518؛ ولسان العرب 3/ 32 "شيخ"، 11/ 366 "شمل"؛ والمقاصد النحوية 3/ 344، 4/ 328؛ ونوادر أبي زيد ص210؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص293، 366، 368، وأوضح المسالك 3/ 70؛ والدرر 5/ 162؛ ورصف المباني ص335؛ وشرح التصريح 2/ 206؛ وشرح المفصل 9/ 40؛ وكتاب اللامات ص111؛ ومغني اللبيب ص135، 137، 309؛ والمقتضب 3/ 15؛ والمقرب 2/ 74؛ وهمع الهوامع 2/ 38، 78.
321 | 463(1/319)
نونا التوكيد
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ا. هـ. "ولم" أي: وقل التوكيد بعد لم كقوله:
1010-
يَحْسَبُهُ الجاهِلُ ما لم يَعْلَما شيخًا على كُرْسِيِّه مُعَمَّمَا تنبيه: نص سيبويه على أنه ضرورة؛ لأن الفعل بعدها ماضي المعنى كالواقع بعد ربما. قال في شرح الكافية: وهو بعد ربما أحسن "وبعد لا" أي: وقل التوكيد بعد لا النافية. قال في شرح الكافية: وقد يؤكد بإحدى النونين المضارع المنفي بلا تشبيهًا بالنهي كقوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25] وقد زعم قوم أن هذا نهي وليس بصحيح. ومثله قول الشاعر:
1011-
فلا الجارَةُ الدُّنْيا بها تُلحِيَنَّها ولا الضيفُ فيها إن أَناخَ مُحَوَّلُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفاعله شمالات جمع شمال ريح من ناحية القطب، زكريا. قوله: "أي: وقل التوكيد بعد لم" القلة بالنسبة إلى التوكيد بعد لم بمعنى الندور كما في ابن الناظم وغيره. قوله: "يحسبه" أي: الجبل الذي عمه الخصب وحفه النبات والشاهد في ما لم يعلما ا. هـ. عيني وهذا ما نقله السيوطي في شرح شواهد المغني عن الأعلم, ثم قال: وقال ابن هشام اللخمي: ليس كذلك وإنما شبه اللبن في القعب لما عليه من الرغوة حتى امتلأ بشيخ معمم فوق كرسي, وما قبله من الأبيات يدل على ذلك ا. هـ. قوله: "كالواقع بعد ربما" أي: في أنه ماضي المعنى. قوله: "وهو بعد ربما أحسن" قال شيخنا: وتبعه البعض لعلة؛ لأن لم تقلب المضارع إلى المضي أبدًا بخلاف ربما فإنها قد تدخل على المستقبل كما في: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} [الحجر: 2]، ا. هـ. ويحتمل أن الأحسنية لوجود ما الزائدة التي يؤكد بعدها كثيرًا في غير ربما. قوله: "وبعد لا" لم يحتج لتقييدها بالنافية؛ لأنه قد علم من قوله: ذا طلب اطراد التوكيد بعد لا النافية نكت.
قوله: "وليس بصحيح" لعل وجهه أن الجملة صفة فتنة, والجملة الإنشائية لا تقع صفة ا. هـ. سم أي: والأصل عدم التأويلات الآتية من طرف من جعل لا ناهية. قوله: "فلا الجارة الدنيا" أي:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1010- الرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 331؛ وله أو لأبي حيان الفقعسي أو لمساور العبسي أو للدبيري أو لعبد بني عبس في خزانة الأدب 11/ 409، 411؛ وشرح شواهد المغني 2/ 973؛ والمقاصد النحوية 4/ 80؛ ولمساور العبسي أو للعجاج في الدرر 5/ 158؛ ولأبي حيان الفقعسي في شرح التصريح 2/ 205؛ والمقاصد النحوية 4/ 329؛ وللدبيري في شرح أبيات سيبويه 2/ 266؛ وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 409؛ وأوضح المسالك 4/ 106؛ وخزانة الأدب 8/ 388، 451؛ ورصف المباني ص33، 335؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 679؛ وشرح ابن عقيل 546؛ وشرح المفصل 9/ 42؛ والكتاب 3/ 516؛ ولسان العرب 3/ 32 "شيخ"؛ 14/ 229 "خشي"، 15/ 99 "عمي"، 428 "الألف اللينة"؛ ومجالس ثعلب ص620؛ ونوادر أبي زيد ص132؛ وهمع الهوامع 2/ 78.
1011- البيت من الطويل، وهو للنمر بن تولب في ديوانه ص373؛ وشرح شواهد المغني 2/ 628؛ والمقاصد النحوية 4/ 342؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب 1/ 247.
322 | 463(1/320)
نونا التوكيد
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلا أن توكيد تصيبن أحسن لاتصال بلا فهو بذلك أشبه بالنهي كقوله تعالى: {لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ} [الأعراف: 27]، بخلاف قول الشاعر فإنه غير متصل بلا فبعد شبهه بالنهي، ومع ذلك فقد سوغت لا توكيده, وإن كانت منفصلة فتوكيد تصيبن لاتصاله أحق وأولى. هذا كلامه بحروفه.
تنبيهان: ما اختاره الناظم هو ما اختاره ابن جني. والجمهور على المنع. ولهم في الآية تأويلات: فقيل لا ناهية والجملة محكية بقول محذوف هو صفة فتنة فتكون نظير:
1012-
جاءوا بِمَذْقٍ هل رَأيتَ الذِّئبَ قَطْ وقيل لا ناهية، وتم الكلام عند قوله: فتنة، ثم ابتدأ نهي الظلمة عن التعرض للظلم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القريبة لها أي: لجمزة محبوبته وتلحينها خبر الجارة أن ألغيت لا وخبر لا إن أعملت عمل ليس من لحيته ألحاه إذا لمته وفيها بمعنى عنها والضمير لجمزة وتقدير عجز البيت: ولا الضيف محول عنها إن أناخ أي: نزل. وجمزة بالجيم والزاي نقله شيخنا وقوله: وخبر لا إن أعملت عمل ليس أي: بناء على القول بجواز عملها في المعرفة, والذي في المغني بها بالباء بدل اللام وعليه فالباء ظرفية والضمير المجرور بها عائد إلى أرض المحبوبة, وكذا الضمير في فيها وفيها حال من الضيف صرح بذلك الدماميني. قوله: "ما اختاره الناظم" أي: من جواز التوكيد بعد لا النافية على قلة. قوله: "على المنع" أي: منع التوكيد بالنون بعد لا النافية إلا في الضرورة. قوله: "بقول محذوف هو صفة فتنة" والتقدير واتقوا فتنة مقولًا فيها لا تصيبن إلخ أي: وفي لا تصيبن إلخ تحويل النهي الآتي بيانة في الوجه الثاني ويحتمل عندي تنزيل الفتنة منزلة العاقل الذي ينهى فلا تحويل.
قوله: "فأخرج النهي عن إسناده للفتنة" يعني أن النهي وإن كان باعتبار القصد الأصلي عن تعرض المخاطبين للظلم فتصيبهم الفتنة خاصة, والأصل لا تتعرضوا للظلم فتصيبكم الفتنة خاصة, لكنه حول في العبارة عن إيقاعه على هذا التعرض إلى إيقاعه على الإصابة المسببة عنه, وأوقع الذين ظلموا موقع ضمير خطاب جماعة الذكور تنبيهًا على أنهم إن تعرضوا كانوا ظالمين, فقول الشارح: أخرج أي: حول. وقوله: عن إسناده أي: إيقاعه وصلته محذوفة أي: إسناده للتعرض للظلم, وقوله: للفتنة متعلق بأخرج واللام بمعنى إلى مع حذف أي: إلى إسناده لإصابة الفتنة أي: تنزيلًا للمسبب منزلة السبب. وعلى هذا فالإصابة خاصة بالمتعرضين؛ لأن مفعول الإصابة هو فاعل التعرض بخلاف الوجه الأول ومن في منكم على هذا لبيان الجنس لا للتبعيض لئلا ينقسم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1012- الرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 304؛ وخزانة الأدب 2/ 109؛ والدرر 6/ 10؛ وشرح التصريح 2/ 112؛ والمقاصد النحوية 4/ 61؛ وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 115؛ وأوضح المسالك 3/ 310؛ وخزانة الأدب 3/ 30، 5/ 24، 468، 6/ 138؛ وشرح ابن عقيل ص477؛ وشرح عمدة الحافظ ص541؛ وشرح المفصل 3/ 52، 53؛ ولسان العرب 4/ 348 "خضر"، 10/ 340 "مذق"؛ والمحتسب 2/ 165؛ ومغني اللبيب 1/ 246، 2/ 585؛ وهمع الهوامع 2/ 117.
323 | 463(1/321)
نونا التوكيد
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتصيبهم الفتنة خاصة فأخرج النهي عن إسناده للفتنة فهو نهي محول، كما قالوا: لا أرينك ههنا، وهذا تخريج الزجاج والمبرد والفراء. وقال الأخفش الصغير: لا تصيبن هو على معنى الدعاء. وقيل جواب قسم والجملة موجبة والأصل لتصيبن كقراءة ابن مسعود وغيره، ثم أشبعت اللام وهو ضعيف؛ لأن الإشباع بابه الشعر. وقيل جواب قسم ولا نافية ودخلت النون تشبيهًا بالموجب كما دخلت في قوله:
1013-
تاللهِ لا يُحْمَدَنَّ المَرْءِ مُجْتَنِبًا فِعْل الكِرامِ.... وقال الفراء: الجملة جواب الأمر نحو قولك: انزل عن الدابة لا تطرحنك، ولا نافية ومن منع النون بعد لا النافية منع أنزل عن الدابة لا تطرحنك. الثاني: إذا قلنا بما رآه الناظم فهل يطرد التوكيد بعد لا كلامه يشعر بالاطراد مطلقًا، لكن نص غيره على أنه بعد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المتعرضون للظلم إلى ظالم وغير ظالم وليس كذلك بخلاف الوجه الأول فمن عليه للتبعيض. قوله: "كما قالوا لا أرينك" هو نهي محول عن إسناده للمخاطب إلى إسناده للمتكلم, والأصل لا تأت فحول النهي عن الإتيان الذي هو سبب لرؤيته إلى المسبب الذي هو الرؤية سم. قوله: "هو على معنى الدعاء" أي: فلا دعائية لا نافية وحينئذٍ فهي إنشائية فلا تكون صفة فتنة فلا بد من تقدير القول, أو الوقف على فتنة, ولا يخفى أنه يلزم على هذا الوجه أن يكون الدعاء على الظالمين وغيرهم, وأنه إنما يأتي إذا كان هذا الكلام مقولًا على لسان بعض الناس, وفي ذلك ما لا يخفى فهذا الوجه عندي شديد الضعف فتأمل.
قوله: "وقيل جواب قسم ولا نافية" قال البعض: كان الصواب عدم ذكر هذا في التأويلات المذكورة؛ لأنها على مذهب الجمهور المانعين جواز التوكيد بعد لا النافية ا. هـ. وقد يدفع بحمل إنكارهم مجيء التوكيد بعد النفي بلا على النفي الذي ليس جواب قسم بدليل قولهم هنا بسماعه في النفي الذي هو جواب قسم. قوله: "تشبيهًا بالموجب" أي: بالجواب الموجب أي: في التوكيد مع كونه سماعيا. قوله: "جواب الأمر" يعني اتقوا وممن ذكر هذا الوجه الزمخشري وهو فاسد؛ لأن المعنى حينئذٍ أن تتقوها لا تصيب الظالم خاصة, وقوله: إن التقدير: إن أصابتكم لا تصيب الظالم خاصة مردود؛ لأن الشرط إنما يقدر من جنس الأمر لا من جنس الجواب ألا ترى أنك تقدر في ائتني أكرمك إن تأتني أكرمك ا. هـ. مغني. وأجاب التفتازاني بأنه على رأي: من يقدر ما يناسب الكلام ولا يلتزم كون المقدر من جنس الأمر ولا موافقًا له نفيًا وإثباتًا فيصح في الآية تقدير إن لم تتقوا وتقدير إن أصابتكم كذا في الشمني.
قوله: "مطلقا" أي: سواء كانت لا مفصولة من المضارع بفاصل كما في قوله فلا الجارة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1013- تمام البيت:
تاللهِ لا يُحمدَنَّ المرءُ مُجْتنبًا فِعْلَ الكرامِ ولو فاقَ الورَى حَسَبا وهو من البسيط.
324 | 463(1/322)
نونا التوكيد
وغَيْرِ إمّا مِن طَوالِبِ الجَزَا وآخِرَ المؤكَّدِ افْتَحْ كابرُزا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المفصولة ضرورة "وغير إما من طوالب الجزا" أي: وقل بعد غير إما الشرطية من طوالب الجزاء، وذلك يشمل إن المجردة عن ما وغيرها، ويشمل الشرط والجزاء. فمن توكيد الشرط بعد غير إما قوله:
1014- مَنْ يُثْقَفَنْ مِنْهُمْ فَلَيسَ بآيِبٍ
ومن توكيد الجزاء قوله:
1015-
فمهما تَشَأ مِنْهُ فَزازَةُ تُعْطِكُمْ ومهما تَشَأ مِنْه فزارَةُ تَمْنَعَا وقوله:
1016-
ثَبَتُّم ثباتَ الخَيْزُرانِيِّ في الوغَى حديثًا مَتى ما يأتِكَ الخيرُ يَنْفَعا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدنيا البيت المتقدم أو موصولة به. قوله: "على أنه بعد المفصولة ضرورة" الذي في المغني أنه بعد المفصولة والموصولة سماعي. قوله: "وذلك يشمل إلخ" أي: قولنا وقل بعد غير إما الشرطية, لكن محط شمول إن وغيرها قوله: غير إما ومحط شمول الشرط والجزاء قوله: بعد غير. قوله: "وغيرها" بالنصب عطفًا على أن. قوله: "والجزاء" أي: جزاء غير إما من طوالب الجزاء لعدم شمول كلام المصنف جزاء إما, ويمكن أن يعمم في الجزاء بناء على أن جزاء إما داخل في كلام المصنف بمفهوم الموافقة الأولوي فاعرفه. قوله: "من يثقفن" بالبناء للمجهول أي: يوجدن, يقال ثقفته من باب فهم أي: وجدته والآيب الراجع وتوهم البعض أن يثقفن مبني للفاعل بمعنى يوجدن فقال يثقفن مضارع ثقف من باب علم يعلم أي: يوجدن ا. هـ. وهو خطأ واضح, ثم رأيت في نسخة صحيحة من العيني ونسخة صحيحة من ابن الناظم تثقفن بتاء الخطاب مبنيا للفاعل فيكون بمعنى تجدن وهو واضح. قوله: "فمهما تشأ إلخ" منه متعلق بتعطكم وفزارة فاعل تشأ. قوله: "حديثا"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1014- عجزه:
أبدا وقتلُ بني قتيبة شَافي والبيت من الكامل، وهو لبنت مرة بن عاهان في خزانة الأدب 11/ 387، 399؛ والدرر 5/ 163؛ ولبنت أبي الحصين في شرح أبيات سيبويه 2/ 262؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 107؛ وشرح التصريح 2/ 205؛ وشرح ابن عقيل ص547؛ والكتاب 3/ 516؛ والمقتضب 3/ 14؛ والمقاصد النحوية 4/ 330؛ والمقرب 2/ 74؛ وهمع الهوامع 2/ 79.
1015- البيت من الطويل، وهو للكميت بن معروف في حماسة البحتري ص15؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 272؛ وللكميت بن ثعلبة في خزانة الأدب 11/ 387، 388، 390؛ ولسان العرب 8/ 373 "قزع"؛ وللكميت بن معروف أو للكميت بن ثعلبة في المقاصد النحوية 4/ 330؛ ولعوف بن عطية بن الخرع في الدرر 5/ 165؛ والكتاب 3/ 515؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 7/ 509، 510؛ وهمع الهوامع 2/ 79.
1016- البيت من الطويل، وهو للنجاشي الحارثي في ديوانه ص110؛ وخزانة الأدب 11/ 387، 395، 397؛ والدرر 5/ 156؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 308؛ والمقاصد النحوية 4/ 344؛ وبلا نسبة في الكتاب 3/ 515؛ وهمع الهوامع 2/ 78.
325 | 463(1/323)
نونا التوكيد
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهان: الأول مقتضى كلامه أن ذلك جائز في الاختيار وبه صرح في التسهيل فقال: وقد تلحق جواب الشرط اختيارًا، وذهب غيره إلى أن دخولها في غير شرط إما وجواب الشرط مطلقًا ضرورة. الثاني جاء توكيد المضارع في غير ما ذكر وهو في غاية الندرة؛ ولذلك لم يتعرض له، ومنه قوله:
1017-
لَيتَ شِعْرِي وأَشْعُرَنَّ إذا ما قَرَّبُوهَا مَنْشورَةً ودُعِيتُ وأشذ من هذا توكيد أفعل في التعجب كقوله:
1018-
ومُسْتَبْدلٍ من بعدِ عَضْبَى صَرِيمَةً فَأَخْرِ بِهِ مِنْ طولِ فَقْرٍ وأَحْرِيا وهذا تشبيه لفظ بلفظ وإن اختلفا معنى. وأشذ من هذا قوله:
أَقَائِلُنَّ أَحْضِرُوا الشُّهُودا "وآخر المؤكد افتح" لما عرف أول الكتاب أنه تركب معها تركيب خمسة عشر، ولا فرق بين أن يكون صحيحًا "كابرزا" إذ أصه ابرزن بالنون الخفيفة فأبدلت ألفا في الوقف كما سيأتي، واضربن، أو معتلا نحو: اخشين وارمين واغزون: أمرًا كما مثل، أو مضارعًا نحو: هل تبرزن وهل ترمين. هذه لغة جميع العرب سوى فزارة فإنها تحذف آخر الفعل إذا كان ياء تلي كسرة، نحو: ترمين فتقول هل ترمن يا زيد، ومنه قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: حدث حديثًا أي: قل ذلك جهارًا فإنه مسلم.
قوله: "وجواب الشرط" معطوف على غير. وقوله: مطلقًا أي: سواء كان جواب إما أو جواب غيرها. قوله: "الثاني جاء" أي: لضرورة الشعر كما قاله المرادي فمع كونه في غاية الندرة كما قال الشارح: هو خاص بالضرورة. قوله: "في غير ما ذكر" أي: غير المواضع السبعة. قوله: "ليت شعري" أي: علمي أي: ليتني أعلم والضمير في قربوها لصحيفة الأعمال. قوله: "وأشذ من هذا توكيد أفعل في التعجب" أي: لأنه ماض معنى. قوله: "ومستبدل من بعض عضْبَى صريمة" قال الشمني: عضبى معرفة لا تنون ولا تدخلها أل وهي مائة من الإبل وصريمة تصغير صرمة بالكسرة وهي القطعة من الإبل نحو: الثلاثين وأحْريا بحاء مهملة فراء فتحتية. قوله: "من تشبيه لفظ" وهو أفعل في التعجب بلفظ وهو أفعل في الأمر سم. قوله: "وآخر المؤكد افتح" بيان لقاعدة, وقوله: واشكله إلى آخر البيت استثناء منها. قوله: "فإنها تحذف آخر الفعل إلخ" الظاهر أن الفعل على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1017- البيت من الخفيف، وهو للسموأل بن عادياء في الدرر 5/ 166؛ ولسان العرب 2/ 75 "قوت"؛ والمقاصد النحوية 4/ 332؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص277؛ وهمع الهوامع 2/ 79.
1018- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في جواهر الأدب ص58؛ والدرر 5/ 159؛ وشرح شواهد المغني 2/ 759؛ وشرح ابن عقيل ص446؛ ولسان العرب 1/ 650 "غضب"، 14/ 173 "حرى"، 15/ 129 "غضا"؛ ومغني اللبيب 1/ 339؛ والمقاصد النحوية 3/ 645؛ وهمع الهوامع 2/ 78.
326 | 463(1/324)
نونا التوكيد
واشْكُلهُ قَبْلَ مُضْمَرٍ لَيْنٍ بما جانَسَ مِن تَحَرُّك قد عُلِما
والمضْمَرَ احذِفَنَّهُ إلا الأَلِفْ وإن يَكُنْ في آخِرِ الفِعْلِ أَلِفْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1019-
ولا تُقاسِنَّ بَعْدِي اللهَمَّ والجَزَعا هذا إذا كان الفعل مسندًا لغير الألف والواو والياء، فإن كان مسندًا إليهن فحكمه ما أشار إليه بقوله: "واشكله قبل مضمر لين بما جانس" أي: بما جانس ذلك المضمر "من تحرك قد علما" فيجانس الألف الفتح والواو الضم والياء الكسر "والمضمر" المسند إليه الفعل "احذفنه" لأجل التقاء الساكنين مبقيًا حركته دالة عليه "إلا الألف" أبقها لخفتها تقول: يا قوم هل تضربن بضم الباء. ويا هند هل تضربن بكسرها، فأصل يا قوم هل تضربن هل تضربونن فحذفت نون الرفع لكثرة الأمثال فصار تضربون فحذفت الواو لالتقاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه مبني على فتحة الياء المحذوفة. قوله: "هذا" أي: ما ذكر من فتح آخر المؤكد. قوله: "واشكله" أي: حرك آخر المؤكد حالة كون هذا الآخر قبل مضمر لين بفتح اللام مخفف لين هذا هو المسموع والظاهر, وإن جاز كسرها على أنه من النعت بالمصدر, وقوله: من تحرك بيان لما وقول الشيخ خالد متعلق بحانس غير ظاهر.
قوله: "المسند إليه" قيد به نظر إلى المتبادر من لفظ المضمر وإلا فيصح أن يراد بالمضمر ما يعم الحرف المجعول علامة للتثنية والجمع مجازًا على لغة أكلوني البراغيث نحو: هل يضربن الزيدون بضم الباء. قوله: "احذفنه لأجل التقاء الساكنين" أي: لأنه ليس على حده الجائز إذ شرطه أن يكون الساكنان في كلمة, وهنا ليس كذلك بل النون كالكلمة المنفصلة كذا قاله سم. والصحيح الذي درج عليه الشارح فيما يأتي عدم اشتراط كونهما في كلمة بدليل نحو: أتحاجوني, وعلة الحذف عند من لا يشترط ذلك استثقال الكلمة واستطالتها لو أبقى المضمر. فإن قلت: المقتضي للحذف على كلا القولين موجود في اضربان فلم لم تحذف الألف. قلت: لمانع وهو الالتباس بالمفرد لو حذفت الألف, والمانع يغلب على المقتضي. فإن قلت: كسر النون يدفع اللبس. قلت: المقتضي لكسر النون مشابهتها نون التثنية في الوقوع آخرًا بعد الألف فإذا ذهبت الألف ذهب مقتضي الكسر. فإن قلت: كان ينبغي حينئذٍ حذف الألف في اضربنان لعدم الالتباس. قلت: لو حذف لزال الغرض الذي أتى به لأجله, وهو الفصل بين الأمثال وما قدمناه من الخلاف في كون التقاء الساكنين فيما مر على حده أولًا إنما هو مع النون الثقيلة أما مع الخفيفة فالتقاء الساكنين على غير حده اتفاقًا لعدم ادغام الساكن الثاني.
قوله: "لكثرة الأمثال" أي: الزوائد فلا يرد نحو: النسوة جنن ويجنن كما قدمناه أول الكتاب ثم ما ذكره لا يتأتى مع الخفيفة, مع أن نون الرفع تحذف معها أيضًا فيما ذكر إلا أن يقال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1019- صدره:
لا تَتْبَعَنَّ إثري ولا هلعا والبيت من البسيط، وهو لمحمد بن يسير في سمط اللآلي ص104؛ وهمع الهوامع 2/ 79؛ ولمحمد بن بشير في أمالي القالي 1/ 22؛ والدرر 5/ 171.
327 | 463(1/325)
نونا التوكيد
فاجْعَلهُ منه واقعًا غَيْرَ اليا والواوِ ياءً كاسْعَيَنَّ سَعْيا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الساكنين. وأصل يا هند هل تضربن هل تضربينن، فعل به ما ذكر. وتقول: يا زيدان هل تضربان، فأصل تضربان تضربانن فحذفت نون الرفع لما ذكر، ولم تحذف الألف لخفتها ولئلا يلتبس بفعل الواحد، ولم تحرك؛ لأنها لا تقبل الحركة وكسرت نون التوكيد بعدها لشبهها بنون التثنية في زيادتها آخرًا بعد ألف. هذا كله إذا كان الفعل صحيحًا، فإن كان معتلا نظرت إن كان بالواو والياء فكالصحيح تقول: يا قوم هل تغزن وهل ترمن بضم ما قبل النون، ويا هند هل تغزن وهل ترمن بكسره، فتحذف مع نون الرفع الواو والياء. وتقول: هل تغزوان وترميان فتبقى الألف. فإن قلت: ليس هذا كالصحيح؛ لأنه حذف آخره وجعلت الحكرة المجانسة على ما قبل الآخر بخلاف الصحيح. قلت: حذف آخره إنما هو لإسناده إلى الواو والياء لا لتوكيده فهو مساو للصحيح في التغيير الناشيء عن التوكيد، ولذلك لم يتعرض له الناظم. وإن كان بالألف فليس كالصحيح فيما ذكر، بل له حكم آخر أشار إليه بقوله: "وإن يكن في آخر الفعل ألف فاجعله" أي: الألف "منه" أي: من الفعل "رافعًا" حال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حذفت مع الخفيفة حملًا على حذفها مع الثقيلة طردًا ا. هـ. سم وتقدم تعليل الحذف بالتخفيف أيضًا في كلام زكريا. قوله: "هذا كله" أي: ما ذكر من شكل الآخر بالمجانس وحذف المضمر إلا الألف. قوله: "هل تغزن وهل ترمن" أصل الأول قبل التوكيد بالنون تغزوون استثقلت الضمة على الواو الأولى فحذفت الضمة ثم الواو لالتقاء الساكنين ثم أكد بالنون فحذفت نون الرفع لتوالي الأمثال ثم الواو لالتقاء الساكنين مع كون الضمة قبلها دليلًا عليها, وأصل الثاني قبل التوكيد بالنون ترميون استثقلت الضمة على الياء فنقلت إلى ما قبلها ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين ثم أكد بالنون إلى آخر ما تقدم. وإن شئت قلت: استثقلت الضمة على الياء فحذفت الضمة ثم الياء لالتقاء الساكنين ثم قلبت كسرة الميم ضمة لتناسب الواو ثم أكد بالنون إلى آخر ما تقدم.
قوله: "ويا هند هل تغزن وهل ترمن بكسره" أصل الأول تغزوين استثقلت الكسرة على الواو فنقلت إلى ما قبلها, ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين ثم أكد بالنون فحذفت نون الرفع لتوالي الأمثال ثم الياء لالتقاء الساكنين. إن شئت قلت: استثقلت الكسرة على الواو فحذفت الكسرة ثم الواو لالتقاء الساكنين ثم قلبت ضمة الزاي كسرة لتناسب الياء ثم أكد بالنون إلى آخر ما تقدم. وأصل الثاني ترميين استثقلت الكسرة على الياء فحذفت الكسرة ثم الياء لالتقاء الساكنين ثم أكد بالنون إلى آخر ما تقدم. قوله: "ليس هذا" أي: المعتل بالواو والياء. قوله: "لأنه حذف آخره" أي: إذا رفع الواو والياء.
قوله: "إنما هو لإسناده إلى الواو والياء" بدليل أنه إذا لم يسند إليهما ثبت الآخر مفتوحًا نحو: هل تغزون يا زيد وهل ترمين يا عمرو. قوله: "وإن كان بالألف" أي: معتلا بالألف. قوله: "في آخر الفعل" فيه ظرفية الشيء في نفسه؛ لأن الآخر هو الألف، ويدفع بأن المراد بالآخر ما قابل الأول وحينئذٍ تكون الظرفية من ظرفية الجزء في الكل. قوله: "منه" حال من الضمير في
328 | 463(1/326)
نونا التوكيد
واحْذِفهُ من رافِع هاتَيْنِ وَفِي وا وَيَا شَكْلٌ مُجانِسٌ قُفي
نَحْو اخْشَينْ يا هندُ بالكسْرِ وَيا قومُ اخْشَونْ واضمُمْ وقِسْ مُسَوِّيَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الفعل أي: حال كون الفعل رافعًا "غير اليا والواو" أي: بأن رفع الألف أو النون أو ضميرًا مستترًا أو اسمًا ظاهرًا "ياء" مفعول ثان لاجعل: أي: اجعل الألف حيئنذ ياء نحو: هل تخشيان وترضيان يا زيدان، وهل تخشينان وترضينان يا نسوة، ويا زيد هل تخشين وترضين، وهل يخشين ويرضين زيد، والأمر في ذلك كالمضارع "كاسعين سعيا" يا زيد وكذا بقية الأمثلة.
تنبيه: إنما وجب جعل الألف ياء؛ لأن كلامه في الفعل المؤكد بالنون وهو المضارع والأمر، ولا تكون الألف فيهما إلا منقلبة عن ياء غير مبدلة كيسعى، أو مبدلة من ياء والياء منقلبة عن واو كيرضى؛ لأنها من الرضوان "واحذفه" أي: الألف "من رافع هاتين" أي: الياء والواو وتبقى الفتحة قبلهما دليلا عليه. "وفي واو ويا شكل مجانس قفي" أي: تبع. يعني أن الواو بعد حذف الألف تضم والياء تكسر. وإنما احتيج إلى تحريكهما ولم يحذفا؛ لأن قبلهما حركة غير مجانسة أعني فتحة الألف المحذوفة، فلو حذفا لم يبق ما يدل عليهما "نحو اخشين يا هند" وهل ترضين يا هند "بالكسر ويا قوم اخشون" وهل ترضون "واضمم" الواو "وقس" على ذلك "مسويا".
تنبيهان: الأول أجاز الكوفيون حذف الياء المفتوح ما قبلها نحو: اخشين يا هند
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اجعله. قوله: "حال من الفعل" أي: من ضمير الفعل أي: من الضمير الراجع إلى الفعل. قوله: "نحو: هل تخشيان" نشر على ترتيب اللف ومثل بفعلين إشارة إلى أنه لا فرق بين كون الألف منقلبة عن ياء كيخشى أو واو كيرضى؛ لأنه من الرضوان. قوله: "والأمر في ذلك كالمضارع" أي: في التمثيل المذكور أي: في غالبه وإلا فالأمر لا يرفع الظاهر بخلاف المضارع. قوله: "عن ياء غير مبدلة" أي: عن ياء أصلية ليست مبدلة عن شيء. قوله: "لأنه من الرضوان" فأصل يرضى يرضو قلبت الواو ياء لمجاوزتها متطرفة ثلاثة أحرف ثم الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها هذا ما يفيد كلام الشارح, ولعلهم لم يقلبوا الواو من أول الأمر ألفًا ليكون في المضارع ما في الماضي من قلب الواو ياء, فإن أصل رضي رضو قلبت الواو ياء لتطرفها بعد كسرة فاعرف ذلك.
قوله: "واحذفه أي: الألف" إنما لم يقلب ياء كما تقدم؛ لأنه لو كان هنا ياء لاجتمع ياآن في نحو: اخشين يا هند إذ كان يقال اخشيين بفتح الياء الأولى المنقلبة عن الألف وكسر الثانية الفاعل وكذا في نحو: هل ترضين يا دعد إذ كان يقال ترضيين, وكل ذلك ثقيل ولا يلزم ذلك فيما تقدم. وجعل شيخنا وتبعه البعض اللازم على قلب الألف ياء في نحو: هل ترضيين يا دعد اجتماع واو وياء إذ كان يقال ترضوين وهو أيضًا ثقيل, وهذا سهو منهما عن كون الملزوم قلب الألف ياء والله الموفق. قوله: "دليلًا عليه" أي: الألف وذكره باعتبار أنه حرف مثلًا موافقة للنظم. قوله: "وفي واو ويا" من وضع الظاهر موضع المضمر. قوله: "أعني فتحة الألف" فيه مسامحة والمراد فتحة ما قبل الألف. قوله: "أجاز الكوفيون حذف الياء إلخ" وهل تبقى حركة ما قبلها
329 | 463(1/327)
نونا التوكيد
ولم تَقَعْ خَفِيفَةٌ بعدَ الأَلِف لكِنْ شَديدَةٌ وكسرُها ألِفْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتقول اخشن. وحكى الفراء أنه لغة طيئ. الثاني فرض المصنف الكلام على الضمير وحكم الألف والواو اللذين هما علامة. أي: بأن أسند الفعل إلى الظاهر على لغة أكلوني البراغيث. كحكم الضمير. وهذا واضح "ولم تقع" أي: النون "خفيفة بعد الألف" أي: سواء كانت الألف اسمًا بأن كان الفعل مسندًا إليها، أو حرفًا بأن كان الفعل مسندًا إلى ظاهر على لغة أكلوني البراغيث، أو كانت التالية لنون جماعة النساء، وفاقًا لسيبويه والبصريين سوى يونس، وخلافًا ليونس والكوفيين؛ لأنه فيه التقاء الساكنين على غير حده "لكن" تقع "شديدة وكسرها" لالتقاء الساكنين "ألف"؛ لأنه على حدة، إذ الأول حرف لين والثاني مدغم. ويعضد ما ذهب إليه يونس والكوفيون قراءة بعضهم "فَدَمَّرْانَّهُمْ تَدْمِيرًا" حكاها ابن جني. ويمكن أن يكون من هذا قراءة ابن ذكوان: {وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حين حذفها أو يكسر دلالة على الياء قال بعضهم: وهذا الذي ينبغي. قوله: "وحكم الألف والواو اللذين هما علامة إلخ" لم يذكر الياء؛ لأنها لا تكون إلا ضميرًا. قوله: "ولم تقع خفيفة إلخ" هذا شروع فيما تنفرد فيه الخفيفة عن الثقيلة وهو أربعة الأول ما ذكره في هذا البيت.
قوله: "أي: النون" صريح في أن خفيفة بالنصب على الحال من ضمير تقع ويصح رفعها على الفاعلية والوجهان جاريان في قوله: شديدة أيضًا. قوله: "وفاقًا لسيبويه والبصريين" هو وما عطف عليه راجعان لعدم وقوع الخفيفة بعد الألف بأقسامها الثلاثة. قوله: "لأن فيه التقاء الساكنين" أي: بالنظر إلى أصل الخفيفة وهو السكون وإلا فسيأتي أن من أجاز وقوعها بعد الألف يكسرها. نعم روي عن يونس ابقاؤها ساكنة والالتقاء على هذا ظاهر. قوله: "على غير حده" أي: غير طريقه الجائز؛ لأن الساكن الثاني غير مدغم. قوله: "لالتقاء الساكنين" قال سم: فيه نظر؛ لأن التقاء الساكنين متحقق مع الكسر ولا يزيله ا. هـ. وأجاب الإسقاطي: بأنه ليس المراد بالتقاء الساكنين الألف والنون كما هو مبني النظر بل النونين, يعني أن النون المشددة ذات نونين أولاهما ساكنة والثانية محركة بالكسر؛ لئلا تلتقي ساكنة مع النون الأولى, ويدل على أن هذا مراد الشارح قوله: معللًا وقوع الشديدة بعد الألف؛ لأنه أي: التقاء الساكنين بين الألف والنون على حده إلخ أي؛ لأنه لو كان مراده بالساكنين الألف والنون لناقض قوله: لالتقاء الساكنين قوله: لأنه على حده لاقتضاء الأول زواله؛ لأن معناه لدفع التقاء الساكنين والثاني بقاءه. قال شيخنا: وما ذكره بعيد إذ لو كان التحريك لالتقاء الساكنين بمعنى النونين لحركت الأولى كما هو الشأن في التقاء الساكنين ا. هـ. وعلل جماعة الكسر بمشابهتها نون المثنى وهو ما قدمه الشارح آنفًا.
قوله: "لأنه على حده" تعليل لقوله تقع شديدة واعترضه البعض بما علم اندفاعه من القولة السابقة, ثم كون التقاء الساكنين هنا على حدةه مبني على الصحيح من عدم اشتراط كونهما في كلمة كما مر بيانه. قوله: "ولا تتبعان" فالواو للعطف ولا للنهي ونون الرفع محذوفة بها والنون مؤكدة وقال: يمكن لجواز أن تكون الواو للحال ولا للنفي والموجود نون الرفع ا. هـ. تصريح وليس
330 | 463(1/328)
نونا التوكيد
وألفًا زِدْ قَبْلَها مُؤكِّدًا فِعْلًا إلى نونِ الإناثِ أُسْنِدا
واحْذِفْ خَفِيفَةً لساكِنٍ رَدِفَ وبعْدَ غَيْرِ فَتْحَةٍ إذا تَقِفْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[يونس: 89].
تنبيهان: الأول ذكر الناظم أن من أجاز الخفيفة بعد الألف يكسرها، وحمل على ذلك القراءتين المذكورتين. وظاهر كلام سيبويه وبه صرح الفارسي في الحجة: أن يونس يبقي النون ساكنة، ونظر ذلك بقراءة نافع محياي. والثاني هل يجوز لحاق الخفيفة بعد الألف إذا كان بعدها ما تدغم فيه على مذهب البصريين نحو: اضربان نعمان. قال اشيخ أبو حيان: نص بعضهم على المنع، ويمكن أن يقال يجوز، وقد صرح سيبويه بمنع ذلك "وألفا زد قبلها" أي: زد قبل نون التوكيد "مؤكدا فعلًا إلى نون الإناث أسندا" لئلا تتوالى الأمثال، فتقول: هل تضربنان يا نسوة بنون مشددة مكسورة، وفي جواز الخفيفة الخلاف السابق كما تقدم. ولا يجوز ترك الألف فلا تقول: هل تضربنن يا نسوة "واحذف خفيفة لساكن ردف" أي: تحذف النون الخفيفة وهي مرادة لأمرين: الأول أن يليها ساكن نحو: اضرب الرجل تريد اضربن. ومنه قوله:
1020-
لا تُهينَ الفَقِيرَ عَلكَ أنْ تَرْ كَعَ يَومًا والدَّهْرُ قَدْ رَفَعَهْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن الآية الأولى جواب ا. هـ. سندوبي. قوله: "بقراءة نافع محياي" وجهها الوصل بنية الوقف. قوله: "نص بعضهم على المنع" هو ظاهر إطلاق الناظم. قوله: "ويمكن أن يقال يجوز"؛ لأن الساكن الثاني مدغم فيه. قوله: "لئلا تتوالى الأمثال" نظر إلى الصحيح من عدم جواز وقوع الخفيفة بعد الألف فعلل بهذا التعليل الذي لا يظهر بالنسبة للخفيفة على مذهب من أجاز وقوعها بعد الألف؛ لأن اللازم بالنسبة إليها توالي مثلين فقط ولو نظر إلى المذهبين لعلل بقصد التخفيف كما علل غيره وكلا المسلكين صحيح.
قوله: "الخلاف السابق" أي: بين يونس والكوفيين وبين غيرهم وقوله: كما تقدم أي: على ما تقدم من كسرها عند من أجاز الوقوع أو سكونها. قوله: "واحذف خفيفة إلخ" وإنما لم تحرك عند ملاقاتها ساكنًا كما يحرك التنوين عند ملاقاته ساكنًا في الأكثر لنقصها عنه في الفضل بكونها في الفعل وهو في الاسم فقصدوا بحذفها وإبقائه محركًا إظهار شرف الاسم بتشريف ما يختص به على ما يختص بالفعل الذي هو دونه. قوله: "لساكن ردف" أي: لها سواء تلت فتحة كاضرب الرجل يا زيد أو ضمة كاضرب الرجل يا قوم أو كسرة كاضرب الرجل يا هند. دماميني. قوله: "لا تهين الفقير" أصله لا تهن بحذف الياء لالتقاء الساكنين فلما أكد الفعل ردت لزوال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1020- البيت من المنسرح، وهو للأضبط بن قريع في الأغاني 18/ 68؛ والحماسة الشجرية 1/ 474؛ وخزانة الأدب 11/ 450، 452؛ والدرر 2/ 164، 5/ 173؛ وشرح التصريح 2/ 208؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1151؛ وشرح شواهد الشافية ص160؛ وشرح شواهد المغني ص453؛ والشعر والشعراء=
331 | 463(1/329)
نونا التوكيد
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأنها لما لم تصلح للحركة عوملت معاملة حرف المد فحذفت لالتقاء الساكنين، وإذا وليها ساكن وهي بعد ألف على مذهب المجيز, فقال يونس: إنها تبدل همزة وتفتح فتقول: اضرباء الغلام، واضربناء الغلام. قال سيبويه: وهذا لم تقله العرب، والقياس اضرب الغلام واضربن الغلام يعني بحذف الألف والنون. والثاني أن يوقف عليها تالية ضمة أو كسرة، وإلى ذلك أشار بقوله: "وبعد غير فتحة إذا تقف" فتقول: يا هؤلاء اخرجوا، ويا هذه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الالتقاء كذا في مطالع السعد. وما ذكره من دخول الجازم قبل النون هو الموافق لقوله: وبفعل آتيًا ذا طلب وينقدح أن هذا الفعل معرب تقديراً؛ لأن النون لم تدخل إلا بعد استيفاء الجازم مقتضاه, وليس هو كالفعل المتصل بنون الإناث إذا دخل عليه الجازم؛ لأن اتصال نون الإناث سابق على الجازم قاله شيخنا السيد, والذي ذكره هو كغيره في باب إعراب الفعل أنه في محل نصب أو جزم مع نون التوكيد, أو نون الإناث إذا دخل عليه ناصب أو جازم وتقدم هذا أيضًا في باب المعرب والمبني. وقوله: علك أي: لعلك وحمل لعل على عسى فقرن خبرها بأن وهو قليل, وأراد بالركوع انحطاط الرتبة. والبيت من المنسرح لكن دخل في مستفعلن أوله الخرم بالراء بعد خبنه فصار فاعلن كما قاله الدماميني والشمني, ويدل له بقية القصيدة ومنها بعد هذا البيت:
وصل حبال البعيد إن وصل الحبـ ـل وأقص القريب إن قطعه
وارض من الدهر ما أتاك به من قر عينا بعيشه نفعه فقول العيني: ومن تبعه إنه من الخفيف خطأ. قوله: "فقال يونس إلخ" ثم قوله: والقياس إلخ هل يأتيان على ما قاله المصنف كما تقدم أن من يلحق الخفيفة بعد الألف يكسرها وحينئذٍ يفرق بين ما وليه ساكن وغيره أو خاص بما تقدم عن ظاهر كلام سيبويه أن من يلحقها بعد الألف يبقيها ساكنة ا. هـ. سم والظاهر الثاني؛ لأن سيبويه المعارض ليونس فيما ذكر ظاهر كلامه كما مر أن يونس يسكنها بل جزم البعض بالثاني واستدل بما لا يدل. قوله: "فتقول اضرباء الغلام" أي: يا زيدان واضربناء الغلام أي: يا نسوة. قوله: "والقياس" أي: على ما إذا وليها ساكن ولم تكن بعد الألف. قوله: "بحذف الألف" قال شيخنا: أي: ألف التثنية من اضربا الغلام والألف الفاصلة بين نون النسوة وون التوكيد في اضربن الغلام وقوله: والنون أي: نون التوكيد الخفيفة في المثالين ا. هـ. والمتبادر من كلام الشارح حذف الألف لفظًا وخطأ حتى من المثال الأول وهو الموافق لما في النسخ والقياس إثباتها خطأ في المثال الأول كما لا يخفى على العارف.
332 | 463(1/330)
نونا التوكيد
وارْدُدْ إذا حَذَفْتَها فِي الوقْفِ ما من أَجْلِها في الوَصْلِ كان عُدِما
وأَبْدِلَنْها بعدَ فَتح ألِفا وقْفًا كما تقول في قِفَنْ قِفَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اخرجي، تريد اخرجنّ واخرجن. أما إذا وقعت بعد فتحة فسيأتي "واردد إذا حذفتها في الوقف ما" أي: الذي "من أجلها في الوصل كان عدما" فتقول في اضربن يا قوم واضربن يا هند إذا وقفت عليهما: اضربوا واضربي برد واو الضمير ويائه كما مر. وتقول في هل تضربن وهل تضربن إذا وقف عليهما: هل تضربون وهل تضربين برد الواو والياء ونون الرفع لزوال سبب الحذف "وأبدلنها بعد فتح ألفا وقفا" أي: واقفًا، ويحتمل أن يكون مفعولًا له أي: لأجل الوقف، وذلك لشبهها بالتنوين "كما تقول في قفا قفا" ومنه "لنسفعًا وليكونًا" وقوله:
1021-
ولا تَعْبُدِ الشَّيطانَ والله فاعْبُدَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "واردد إلخ" فإن قلت: لم رد المحذوف هنا في الوقف ولم يرد فيه في نحو: هذا قاض مع زوال العلة قلت: يرد فيه أيضًا وإن كان الأكثر خلافه. وعليه فالفرق أن المحذوف هنا وهو الفاعل كلمة وثم جزء كلمة والاعتناء بالكلمة أتم منه بجزئها. زكريا والذي يظهر لي في معنى كلام المصنف والشارح أنه إذا ورد عليك فعل مؤكد سابقًا بالنون الخفيفة لكونه في حال توكيده بها وصل مما بعده واتفق لك الوقف عليه فاحذف منه النون بعد توكيده بها واردد ما كان حذف لأجلها, وليس المراد أنه إذا صدر منك فعل تريد توكيده والوقف عليه فاحذف منه النون بعد توكيده بها واردد ما كان حذف لأجلها حتى يرد قول أبي حيان ما معناه: الذي يظهر لي أن توكيد الفعل الموقوف عليه بالنون الخفيفة خطأ؛ لأنها تحذف في الوقف من غير دليل عليها فلا يظهر للإتيان بها ثم حذفها بلا دليل فائدة. قوله: "في الوقف" تنازعه اردد وحذفتها. قوله: "كما مر" أي: في قوله: فتقول يا هؤلاء اخرجوا ويا هند اخرجي. قوله: "لزوال سبب الحذف" هو في النون اجتماع المثلين وفي الواو والياء التقاء الساكنين. دماميني. قوله: "ألفا" ولذلك رسمت بالألف نظرًا إلى حالتها عند الوقف كما هو قاعدة الرسم. قوله: "أي: واقفا" ضعف بأن مجيء المصدر حالًا سماعي وضعف الاحتمال الثاني بكون الوقف غير قلبي فالأولى كونه ظرفًا بتقدير وقت. قوله: "وذلك لشبهها بالتنوين" قال شيخنا: اسم الإشارة راجع إلى حذفها بعد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1021- صدره:
فإياك والميتات لا تقربنها والبيت من الطويل، وهو للأعشى في ديوانه ص187؛ والأزهية ص275؛ وتذكرة النحاة ص72؛ والدرر 5/ 149؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 678؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 244، 245؛ وشرح التصريح 2/ 208؛ وشرح شواهد المغني 2/ 577، 793؛ والكتاب 3/ 510؛ ولسان العرب 1/ 759 "نصب"، 2/ 473 "سبح"، 13/ 429 "نون"؛ واللمع ص273؛ والمقاصد النحوية 4/ 340؛ والمقتضب 3/ 12؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 657؛ وأوضح المسالك 4/ 113؛ وجمهرة اللغة ص857؛ وجواهر الأدب ص57، 108؛ ورصف المباني ص32، 334؛ وشرح قطر الندى ص149؛ وشرح المفصل 9/ 39؛ ومغني اللبيب 1/ 372؛ والممتع في التصريف 1/ 40؛ وهمع الهوامع 2/ 78.
333 | 463(1/331)
نونا التوكيد
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
1022-
فَمَنْ يَكُ لم يثْأرْ بأعراضِ قومِهِ فإنِّي ورَبِّ الراقِصاتِ لأَثْأرَا وندر حذفها لغير ساكن ولا وقف كقوله:
1023-
اضْرِبَ عَنْكَ الهمومَ طارِقَها وقوله:
1024-
كَما قِيلَ قبلَ اليومِ خالِفَ تُذْكَرَا
وحمل على ذلك قراءة من قرأ: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح: 1].
خاتمة: أجاز يونس للواقف إيدال الخفيفة ياء أو واوًا في نحو: اخشين واخشون، فتقول: اخشي واخشووا وغيره يقول اخشى واخشوا وقد نقل عنه إبدالها واوًا بعد ضمة وياء بعد كسرة مطلقًا، وكلام سيبويه يدل على أن يونس إنما قال بذلك في المعتل فإنه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الضم والكسر وقلبها ألفًا بعد الفتح ا. هـ. وهو وجيه.
قوله: "كقوله إلخ" إن قلت: لعل المحذوف في البيتين والآية النون الثقيلة قلت: تقليل الحذف والحمل على ما ثبت حذفه أولى قاله في المغني. قوله: "اضرب عنك" ضمنه معنى اطرد فعداه بعن وطارقها بدل من الهموم. قوله: "وحمل على ذلك قراءة إلخ" وحملها بعضهم على أنها من النصب بلم كما جزم بلن مقارضة بين الحرفين. دماميني. قوله: "مطلقاً" أي: في المعتل والصحيح بدليل ما بعده، لكن يلزم على الإبدال في الصحيح لبس؛ لأنك إذا قلت اضربي في اضربن التبست الياء المبدلة من النون بياء الضمير وكذا يقال إذا قلت اضربو في اضربن بخلاف المعتل؛ لأنك تنطق بياءين في اخشيي وبواوين في اخشووا ولو لم ترد التوكيد لم تنطق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1022- البيت من الطويل، وهو للنابغة الجعدي في ديوانه ص76؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 250؛ والكتاب 3/ 512؛ والمقاصد النحوية 4/ 336؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 9/ 39.
1023- عجزه:
ضَرْبَكَ بالسُّوطِ قَونَسَ الفَرَسِ والبيت من المنسرح، وهو لطرفة بن العبد في ملحق ديوانه ص155؛ وخزانة الأدب 11/ 450؛ والدرر 5/ 174؛ وشرح شواهد المغني 2/ 933؛ وشرح المفصل 6/ 107؛ ولسان العرب 6/ 183 "قَنَسَ"، 13/ 429 "نون"؛ والمقاصد النحوية 4/ 337؛ ونوادر أبي زيد ص13؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 565؛ وجمهرة اللغة ص852، 1176؛ والخصائص 1/ 126؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 82؛ وشرح المفصل 9/ 44؛ ولسان العرب 11/ 711 "هول"؛ والمحتسب 2/ 367؛ ومغني اللبيب 2/ 643؛ والممتع في التصريف 1/ 323.
1024- صدره:
خلافًا لقولي من فيالة رأيه والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الحيوان 7/ 84؛ والمقاصد النحوية 4/ 345.
334 | 463(1/332)
ما لا ينصرف
ما لا ينصرف:
الصَّرْفُ تَنْوينٌ أَتَى مُبيِّنا معنًى به يكونُ الاسمُ أَمْكَنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال: وأما يونس فيقول: اخشووا واخشيي يزيد الواو والياء بدلًا من النون الخفيفة من أجل الضمة والكسرة، وهو ما نقله الناظم في التسهيل، وإذا وقف على المؤكد بالخفيفة بعد الألف على مذهب يونس والكوفيين أبدلت ألفا، نص على ذلك سيبويه ومن وافقه ثم قيل: يجمع بين الألفين فيمد بمقدارهما، وقيل: بل ينبغي أن تحذف إحداهما ويقدر بقاء المبدلة من النون وحذف الأولى. وفي الغرة: إذا وقفت على اضربان على مذهب يونس زدت ألفا عوض النون فاجتمع ألفان فهمزت الثانية فقلت: اضرباء. ا. هـ. وقياسه في اضربنان اضربناء والله أعلم.
ما لا يَنْصَرِف:
قد مر في أوّل الكتاب أن الأصل في الاسم أن يكون معربًا منصرفًا، وإنما يخرجه عن أصله شبهه بالفعل أو بالحرف، فإن شابه الحرف بلا معاند بني، وإن شابه الفعل بكونه فرعًا بوجه من الوجوه الآتية منع الصرف. ولما أراد بيان ما يمنع الصرف بدأ بتعريف الصرف فقال: "الصرف تنوين أتى مبينًا مغنى به يكون الاسم أمكنا" فقوله: تنوين: جنس يشمل أنواع التنوين، وقد تقدمت أول الكتاب، وقوله: أتى مبينًا إلخ مخرج لما سوى المعبر عنه بالصرف، والمراد بالمعنى الذي يكون به الاسم أمكن، أي: زائدًا في التمكن: بقاؤه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلا بياء واحدة وواو واحدة. قوله: "يجمع بين الألفين" أي: في النطق وفيه أن الجمع بينهما محال لتعذر التقاء الساكنين سكونًا ذاتيا, وممن صرح باستحالة اجتماع الألفين شيخ الإسلام زكريا كما سيأتي عنه في مبحث ألف التأنيث من باب: ما لا ينصرف اللهم إلا أن يراد الجمع بينهما صورة؛ لأن مد الألف بقدر أربع حركات في صورة الجمع بين ألفين, وعلى هذا يكون قول الشارح فيمد بمقدارهما عطفًا تفسيريا وقوله: بمقدارهما نائب فاعل يمد.
ما لا ينصرف:
ذكره عقب نوني التوكيد؛ لأن فيه شبه الفعل فله تعلق به كما أن لهما تعلقًا به؛ ولأن نوني التوكيد ثقيلة وخفيفة, وهذا الباب مشتمل على الثقيل وهو ما لا ينصرف والخفيف وهو المنصرف, وإن لم يكن مقصودًا من الباب بالذات. قوله: "بلا معاند" أي: معارض لشبه الحرف. قوله: "بوجه" الباء سببية متعلقة بفرعًا. قوله: "أمكنا" اسم تفضيل من مكن مكانة إذا بلغ الغاية في التمكن لا من تمكن خلافًا لأبي حيان ومن وافقه؛ لأن بناء اسم التفضيل من غير الثلاثي المجرد شاذ، تصريح. قوله: "والمراد إلخ" يرد عليه أنه حينئذٍ يلزم الدور؛ لأن معرفة هذا المعنى تتوقف على معرفة أنه لم يشبه الفعل فيمنع الصرف لأخذه في تفسيره ومعرفة ذلك تتوقف على معرفة الصرف. لا يقال هذا تعريف لفظي خوطب به من يعلم المعرف والتعريف ويجهل وضع لفظ
335 | 463(1/333)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على أصله أي: إنه لم يشبه الحرف فيبني ولا الفعل فيمنع من الصرف.
تنبيهات: الأول ما ذكره الناظم من أن الصرف هو التنوين هو مذهب المحققين، وقيل الصرف هو الجر والتنوين معًا. الثاني تخصيص تنوين التمكين بالصرف هو المشهور، وقد يطلق الصرف على غيره من تنوين التنكير والعوض والمقابلة. الثالث يستثنى من كلامه نحو: مسلمات فإنه منصرف مع أنه فاقد للتنوين المذكور إذ تنوينه للمقابلة كما تقدم أول الكتاب. الرابع اختلف في اشتقاق المنصرف: فقيل من الصريف وهو الصوت؛ لأن في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتعريف؛ لأنا نقول: لو كان المخاطب هنا عالمًا بهذا التعريف لكان عالمًا بالصرف؛ لأنه مذكور فيه فلا يكون جاهلًا بوضع اللفظ له. وقد يقال إنه ليس لفظيا ويمنع لزوم الدور بأن يقال المعتبر في التعريف عدم مشابهة الفعل, ويمكن ذلك بدون ملاحظة الانصراف وعدمه, وأما قول الشارح: فيمنع الصرف فليس المراد أن ذلك ملاحظ في التعريف بل المراد بيان أمر واقعي أفاده سم.
قوله: "هو التنوين" أي: وحده وأما الجرّ بالكسرة فتابع له فسقوطه بتبعية التنوين لما أسلفه الشارح عند قول المصنف:
وجر بالفتحة ما لا ينصرف وقوله هو مذهب المحققين لوجوه: منها أنه مطابق للاشتقاق من الصريف الذي بمعنى الصوت إذ لا صوت في آخر الاسم إلا التنوين، ومنها أنه متى اضطرّ شاعر إلى صرف المرفوع أو المنصوب نونه وقيل صرفه للضرورة مع أنه لا جرّ فيه ا. هـ. يس وقوله: وقيل صرفه أي: قالوا فيه حينئذٍ: إنه صرفه للضرورة فأطلقوا على مجرد تنوينه صرفًا. قوله: "تخصيص تنوين التمكين بالصرف" الباء داخلة على المقصور. قوله: "يستثنى من كلامه" أي: من مفهوم كلامه فإن مفهومه أن فاقد التنوين المذكور المسمى صرفًا غير منصرف وهذا يشمل نحو: مسلمات مع أنه منصرف فيكون مستثنى واستشكله سم بأن المنصرف هو الذي قام به الصرف وإذا كان حقيقة الصرف هو التنوين المذكور وهو غير قائم بجمع المؤنث السالم فكيف يكون منصرفًا. قال: وقد يجاب بأن المراد أن التنوين علامة الصرف لا نفسه والعلامة لا يجب انعكاسها ا. هـ. قال شيخ الإسلام زكريا: وظاهر كلامهم أن المتصف بالانصراف وعدمه إنما هو الاسم المعرب بالحركات وإلا فينبغي أن يستثنى أيضًا ما يعرب بالحروف إذ يصدق عليه أنه فاقد لتنوين الصرف, مع أنه في الواقع منصرف حيث لا مانع ا. هـ. قوله: "نحو: مسلمات" أراد جمع المؤنث السالم ومحل ذلك قبل التسمية به أما ما سمي به منه نحو: عرفات فإنه غير منصرف ولا كلام فيه. حفيد.
قوله: "إذ تنوينه للمقابلة" هذا مذهب الجمهور, وذهب بعضهم إلى أن تنوينه للصرف وإنما لم يحذف إذ سمي به؛ لأنه لو حذف لتبعه الجرّ في السقوط فينعكس إعراب جمع المؤنث السالم فيبقى لأجل الضرورة ا. هـ.
زكريا ويرده أنه خرج بالتسمية به عن كونه جمع مؤنث حقيقة فلا بعد في انعكاس إعرابه. قوله: "في اشتقاق المنصرف" المراد بالاشتقاق هنا الأخذ من
336 | 463(1/334)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
آخره التنوين وهو صوت، قال النابغة:
1025-
له صَرِيفٌ صَرِيفُ القَعْوِ بالمَسَدِ أي: صوت صوت البكرة بالحبل، وقيل من الانصراف في جهات الحركات. وقيل من الانصراف وهو الرجوع, فكأنه انصرف عن شبه الفعل. وقال في شرح الكافية: سمي منصرفًا لانقياده إلى ما يصرفه عن عدم تنوين إلى تنوين، وعن وجه من وجوه الإعراب إلى غيره ا. هـ. واعلم أن المعتبر من شبه الفعل في منع الصرف هو كون الاسم إما فيه فرعيتان مختلفتان مرجع إحداهما اللفظ ومرجع الأخرى المعنى، وإما فرعية تقوم مقام الفرعيتين؛ وذلك لأن في الفعل فرعية على الاسم في اللفظ وهي اشتقاقه من المصدر، وفرعية في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المناسب في المعنى. قوله: "فقيل من الصريف إلخ" وقيل من الصرف وهو الفضل؛ لأنه له فضلًا على غير المنصرف. قوله: "من الانصراف" أي: الجريان وقوله في جهات الحركات لو حذف لفظ الحركات لكان أولى؛ لأنه بصدد المعنى اللغوي المأخوذ منه الاصطلاحي وابن إياز تنبه لذلك فحذفها ا. هـ. دنوشري. قوله: "فكأنه انصرف عن شبه الفعل" إنما قال كأنه؛ لأنه لم يكن أشبه الفعل حتى يرجع عن شبهه به حقيقة. قوله: "إلى ما يصرفه إلخ" كالتنكير فنحو: الرجل منصرف؛ لأنك تقول فيه رجل, قال شيخنا: والظاهر أن القول الأول والثالث مفرعان على أن الصرف هو التنوين وحده والثاني والرابع على أنه التنوين والجرّ. قوله: "وعن وجه من وجوه الإعراب" أي:
حركة من حركاته.
قوله: "أما فيه فرعيتان إلخ" إنما لم يقتنع في هذا الحكم بكون الاسم فرعًا من جهة واحدة؛ لأن المشابهة بالفرعية غير ظاهرة ولا قوية إذ الفرعية ليست من خصائص الفعل الظاهرة بل يحتاج في إثباتها إلى تكلف وكذا إثبات الفرعية في هذه الأسماء بسبب هذه العلل غير ظاهر فلم يكف واحدة منها إلا إذا قامت مقام اثنتين, وكان اعطاء الاسم حكم الفعل أولى من العكس مع أن الاسم إذا شابه الفعل فقد شابهه الفعل؛ لأن الاسم تطفل على الفعل فيما هو من خواص الفعل وإنما لم يبن الاسم بمشابهة الفعل فيما ذكر لضعفها إذ لم يشبه الفعل لفظًا مع ضعف الفعل في البناء ولم يعط بها عمل الفعل؛ لأنه لم يتضمن معنى الفعل الطالب للفاعل والمفعول ا. هـ يس. واعلم أن معنى فرعية الشيء كونه فرعًا عن غيره لكنها هنا تارة يراد منها الكون فرعًا وتارة يراد منها سبب الكون فرعًا وقد استعمل الشارح الأمرين فتنبه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1025- صدره:
مقذوفة بِدَخيسِ النَّحْضِ بازِلُها والبيت من البسيط، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص16؛ وجمهرة اللغة ص578، 741، 944؛ والدرر 3/ 76؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 31؛ والكتاب 1/ 355؛ ولسان العرب 9/ 19 "صرف"، 277 "قذف"، 11/ 52 "بزل"، 15/ 191 "قعا"؛ وبلا نسبة في لسان العرب 6/ 77 "دخس"؛ ومجالس ثعلب ص320؛ وهمع الهوامع 1/ 193.
337 | 463(1/335)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المعنى وهي احتياجه إليه؛ لأنه يحتاج إلى فاعل والفاعل لا يكون إلا اسمًا، ولا يكمل شبه الاسم بالفعل بحيث يحمل عليه في الحكم إلا إذا كانت فيه الفرعيتان كما في الفعل، ومن ثم صرف من الأسماء ما جاء على الأصل كالمفرد الجامد النكرة كرجل وفرس؛ لأنه خف فاحتمل زيادة التنوين وألحق به ما فرعية اللفظ والمعنى فيه من جهة واحدة كدريهم، وما تعددت فرعيته من جهة اللفظ كأجيمال، أو من جهة المعنى كحائض وطامث؛ لأنه لم يصر بتلك الفرعية كامل الشبه بالفعل، ولم يصرف نحو: أحمد؛ لأن فيه فرعيتين مختلفتين مرجع إحداهما اللفظ وهي وزن الفعل ومرجع الأخرى المعنى
وهو التعريف، فلما كمل شبهه بالفعل ثقل الفعل فلم يدخله التنوين وكان في موضع الجر مفتوحًا. والعلل المانعة من الصرف تسع يجمعها قوله:
عدل ووصف وتأنيث ومعرفة وعجمة ثم جمع ثم تركيب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وهي اشتقاقه من المصدر" وعلى القول بأن المصدر مشتق من الفعل تكون فرعية اللفظ التركيب في معناه كذا قال بعضهم وفيه تأمل؛ لأن التركيب جاء للفعل من حيث المعنى كما اعترف به, لا من حيث اللفظ على أن كثيرًا من الأسماء يدل على شيئين كضارب وأكرم ا. هـ. دنوشري. قوله: "احتياجه" أي: الفعل إليه أي: الاسم. قوله: "ولا يكمل إلخ" من تمام التعليل. قوله: "في الحكم" وهو منع التنوين الدال على الأمكنية. قوله: "ما جاء على الأصل" أي: عدم المشابهة. قوله: "ما فرعية اللفظ والمعنى فيه" أي:
ما الفرعية التي مرجعها اللفظ والفرعية التي مرجعها المعنى فيه إلخ. قوله: "كدريهم" فإن فرعية اللفظ فيه صيغة فعيعل فدريهم فرع من درهم وفرعية المعنى التحقير ا. هـ. يس أي: والتحقير فرع عن عدمه أي: وهاتان الفرعيتان من جهة واحدة وهي التصغير بمعنى أن كلا منهما نشأ عن التصغير الذي هو فعل الفاعل.
قوله: "كأجيمال" تصغير أجمال جمع جمل فإن فيه فرعيتين التصغير الذي هو فرع التكبير والجمع الذي هو فرع الإفراد وهما من جهة اللفظ. قوله: "كحائض وطامث" بمعنى حائض فإن فيهما فرعيتين التأنيث الذي هو فرع التذكير, والوصف الذي هو فرع الموصوف, وجهتهما المعنى كذا قال البعض تبعًا لزكريا. قال شيخنا: لكن فيه أنه سيأتي أن التأنيث من العلل الراجعة إلى اللفظ, والأحسن أن يقال لزوم التأنيث ا. هـ. وسيصرح هذا البعض في الكلام على قول المصنف: كذا مؤنث إلخ, بأن التأنيث مطلقًا من العلل اللفظية ووجهه أن المؤنث تأنيثًا معنويا مقدر فيه تاء التأنيث كما سيأتي. لا يقال هلا منع حينئذٍ صرف نحو: حائض للفرعيتين اللفظية والمعنوية؛ لأنا نقول سيأتي أنه لا عبرة بالتأنيث بالتاء مع الوصفية لصحة تجريد الوصف عنها بخلاف العلم. قوله: "ولم يصرف نحو: أحمد إلخ" عطف على قوله:
صرف من الأسماء ما جاء على الأصل إلخ.
قوله: "تسع" حصرها في التسع استقرائي. قوله: "عدل" أي: تقديري أو تحقيقي وقوله:
338 | 463(1/336)
ما لا ينصرف
فأَلِفَ التَّأْنِيثِ مُطْلَقًا مَنَعْ صَرْفَ الذي حَواهُ كَيْفَما وَقَعْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والنون زائدة من قبلها ألفٌ ووزنُ فعل وهذا القلول تقريبُ المعنوية منها: العلمية والوصفية، وباقيها لفظي، فيمنع مع الوصف ثلاثة أشياء: العدل كمثنى وثلاث، ووزن الفعل كأحمر، وزيادة الألف والنون كسكران، ويمنع مع العلمية هذه الثلاثة: كعمر ويزيد ومروان، وأربعة أخرى وهي: العجمة كإبراهيم، والتأنيث كطلحة وزينب، والتركيب كمعد يكرب، وألف الإلحاق كأرطى، وسترى ذلك كله مفصلًا وجميع ما لا ينصرف اثنا عشر نوعًا: خمسة لا تنصرف في تعريف ولا تنكير، وسبعة لا تنصرف في التعريف وتنصرف في التنكير. ولما شرع في بيان الموانع بدأ بما يمنع في الحالتين؛ لأنه أمكن في المنع فقال: "فألف التأنيث مطلقًا منع صرف الذي حواه كيفما وقع" أي: ألف التأنيث مقصورة كانت أو ممدودة، وهو المراد بقوله: مطلقًا تمنع صرف ما هي فيه كيفما وقع، أي: سواء وقع نكرة كذكرى وصحراء، أم معرفة كرضوى وزكرياء، مفردًا كما مر، أو جمعًا كجرحى وأصدقاء، اسمًا كما مر، أم صفة كحبلى وحمراء. وإنما استقلت بالمنع؛ لأنها قائمة مقام شيئين؛ وذلك لأنها لازمة لما هي فيه، بخلاف التاء فإنها في الغالب مقدرة الانفصال، ففي المؤنث بالألف فرعية من جهة التأنيث وفرعية من جهة لزوم علامته،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتأنيث أي: لفظي أو معنوي وقوله: ومعرفة أي: علمية وقوله: ثم تركيب أي: مزجي. وقوله: زائدة حال من النون, وقوله: من قبلها ألف أي: زائدة وقوله: وهذا القول تقريب أي؛ لأنه ليس فيه تعيين ما يستقل بالمنع وتعيين ما يمنع مع الوصفية ولا بيان الشروط المعتبرة في بعضها. قوله: "كعمرو يزيد ومروان" نشر على ترتيب اللف. قوله: "كأرطى" اسم شجر وألفه للإلحاق بجعفر. قوله: "وسبعة" وهي ما كانت إحدى علتيه العلمية. قوله: "فألف التأنيث" خرج غيرها كالألف الأصلية في نحو: مرمى وألف الإلحاق في نحو: أرطى وعلباء وألف التكثير في نحو: قبعثري نعم ألف الإلحاق المقصورة وألف التكثير يمنعان الصرف مع العلمية كما سيأتي. قوله: "مطلقًا" حال من الضمير في منع العائد على المبتدأ لا من المبتدأ؛ لأنه ممنوع عند الجمهور وإن جوزه سيبويه.
قوله: "كيفما" اسم شرط على مذهب الكوفيين من عده من أسماء الشروط ووقع فعل الشرط والجواب محذوف دل عليه قوله منع والتقدير كيفما وقع ألف التأنيث منع الصرف الذي حواه كذا في الفارضي وخالد، لكن مقتضى كلام الشارح أن ضمير وقع للاسم الذي حوى ألف التأنيث, وتقدير الجواب على هذا كيفما وقع امتنع صرفه أو نحو: ذلك ووقع في كلام البعض ما لا ينبغي. قوله: "كذكرى" مصدر ذكر وقوله: كرضوى بفتح الراء علم على جبل بالمدينة. قوله: "اسمًا كما مر" قد يقال إن جرحى وأصدقاء وصفان إلا أن يقال إنهما غلبت عليهما الاسمية. قوله: "لأنها لازمة لما هي فيه" هذا مسلم بالنسبة لألف التأنيث المقصورة دون الممدودة؛ لأنها على
تقدير الانفصال كالتاء كما سيذكره المصنف بقوله:
وألف التأنيث حيث مدا وتاؤه منفصلين عدا
339 | 463(1/337)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بخلاف المؤنث بالتاء. وإنما قلت في الغالب؛ لأن من المؤنث بالتاء ما لا ينفك عنها استعمالًا، ولو قدر انفكاكه عنها لوجد له نظير كهمزة فإن التاء ملازمة له استعمالًا ولو قدر انفكاكه عنها لكان همز كحطم لكن حطم مستعمل وهمز غير مستعمل. ومن المؤنث بالتاء ما لا ينفك عنها استعمالًا ولو قدر انفكاكه عنها لم يوجد له نظير كحِذْرِيةَ وعَرْقُوَةَ، فلو قدر سقوط تاء حذرية وتاء عرقوة لزم وجدان ما لا نظير له، إذ ليس في كلام العرب فعلى ولا فعلوه، إلا أن وجود التاء هكذا قليل فلا اعتداد به، بخلاف الألف فإنها لا تكون إلا هكذا, ولذلك عوملت خامسة في التصغير معاملة خامس أصلي، فقيل في قرقرى: قر يقر كما قيل في سفرجل سفيرج. وعوملت التاء معاملة عجز المركب فلم ينلها تغير التصغير كما لا ينال عجز المركب فقيل في زجاجة زجيجة.
فرعان: الأول إذا سميت بكلتا من قولك: قامت كلتا جاريتيك: منعت الصرف؛ لأن ألفها للتأنيث وإن سميت بها من قولك رأيت كلتيهما أو كلتي المرأتين في لغة كنانة صرفت؛ لأن ألفها حنيئذ منقلبة فليست للتأنيث. الثاني إذا رخمت حبلوى على لغة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتأمل. قوله: "ففي المؤنث بالألف إلخ" أي: ففيه في الحقيقة فرعيتان: إحداهما من جهة اللفظ وهي الأولى والثانية من جهة المعنى وهي الثانية. قوله: " كحذرية" بكسر الحاء المهملة وسكون الذال المعجمة وكسر الراء بعدها
تحتية وهي القطعة الغليظة من الأرض كما في القاموس. قوله: "وعرقوة" بفتح العين المهملة وسكون الراء وضم القاف إحدى الخشبتين المعترضتين على الدلو كالصليب وهما عرقوتان قاله الجوهري. قوله: "هكذا" أي: لازمة وكذا الآتي. قوله: "في التصغير" متعلق بعوملت. قوله: "معاملة خامس أصلي" أي: فنالها تغيير التصغير حيث حذفت لمراعاة حصول صيغة فعيعل, ويدل على أن ذلك مقصوده مقابلته بما ذكره بعده من حكم التاء سم.
قوله: "زجيجة" بتشديد الياء؛ لأن زجاجة رباعي وتصغير الرباعي يكون على فعيل كما يأتي.
قوله: "إذا سميت بكلتا" قال الإسقاطي: يريد كلتا المرفوعة ا. هـ. قال شيخنا: ولعله أخذ هذا القيد من قول الشارح من قولك: قامت إلخ لكن فيه أن التعليل يقتضي أن المراد كلتا بالألف سواء المرفوعة كما في مثاله أو المنصوبة كما في رأيت كلتا جاريتيك على اللغة الفصحى ا. هـ. أي: أو المجرورة كما في مررت بكلتا جاريتيك على اللغة الفصحى أيضًا, وهذا هو المتجه وبه جزم البعض وإنما اقتضى التعليل ذلك؛ لأنه يقتضي أن المدار على كون الألف للتأنيث. قوله: "وإن سميت بها من قولك إلخ" قال الإسقاطي: يريد كلتا المنصوبة بالياء ا. هـ. قال شيخنا: وفيه أن التعليل يقتضي أن المجرورة مثلها ا. هـ. أي: لأنه يقتضي أن المدار على كون الألف منقلبة عن الياء.
قوله: "في لغة كنانة" أي: الذين يعاملون كلا وكلتا معاملة المثنى وإن أضيفا إلى ظاهر
340 | 463(1/338)
ما لا ينصرف
وزائِدا فَعْلانَ في وَصْف سَلِمْ من أنْ يُرَى بِتاء تأنيثٍ خُتِمْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاستقلال عند من أجازه فقلت: يا حبلى ثم سميت به صرفت لما ذكرت في كلتا "وزائدا فعلان" رفع بالعطف على الضمير في منع أي: ومنع صرف الاسم أيضًا زائدًا فعلان وهما الألف والنون "في وصف سلم من أن يرى بتاء تأنيث ختم" إما؛ لأن مؤنثه فعلى كسكران وغضبان وندمان من الندم، وهذا متفق على منع صرفه. وإما؛ لأنه لا مؤنث له نحو: لحيان لكبير اللحية، وهذا فيه خلاف والصحيح منع صرفه أيضًا؛ لأنه وإن لم يكن له
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فقوله: في لغة كنانة راجع لقوله: أو كلتي المرأتين فقط. قوله: "عند من أجازه" تقدم أن الراجح منع ترخيمه على لغة الاستقلال لما يلزم عليه من عدم النظير إذ ليس لهم فعلى ألفه منقلبة. قوله: "فقلت يا حبلى" أي: بحذف ياء النسب للترخيم, ثم قلب الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها. قوله: "لما ذكرت في كلتا" أي: من أن الألف منقلبة فليست للتأنيث لكن انقلابها هنا عن واو وثم عن ياء. قوله: "فعلان" مضاف إليه ممنوع الصرف للعلمية على الوزن وزيادة الألف والنون ا. هـ. خالد وفعلان بفتح الفاء فخرج غيره كخمصان كما يأتي, وفي حاشية الجامي للعصام الألف والنون في الصفة لا تكون على فعلان بكسر الفاء وبضم الفاء لا تكون إلا مع فعلانة بخلاف الألف والنون في الاسم فإنه يكون على الأوزان الثلاثة. قوله: "بالعطف على الضمير في منع" وجاز العطف عليه لوجود الفصل بالمفعول ويحتمل أن يكون مبتدأ والخبر محذوف لدلالة ما تقدم عليه أي: وزائدًا فعلان كذلك في منع الصرف.
قوله: "أي: ومنع صرف الاسم" هكذا فيما رأيناه من النسخ وكأن النسخة التي وقعت للبعض فيها ويمنع بصيغة المضارع فاعترض بأن المناسب لعبارة المصنف السابقة أن يقول هنا, وفيما يأتي ومنع بصيغة الماضي نعم عبر الشارح فيما يأتي بالمضارع, فالاعتراض عليه فيما يأتي في محل. قوله: "في وصف" حال من زائدًا. قوله: "سلم إلخ" شرط فيه في الغمدة وشرحها شرطًا ثانيًا وهو أصالة الوصفية, ويمكن أن يرجع قول المصنف الآتي وألغين عارض الوصفية إلى هذا أيضًا فيفيد هذا الشرط ولا ينافي رجوعه إلى هذا ما فرعه بقوله: فالأدهم إلخ؛ لأن تفريع بعض الأمثلة والأوزان الخاصة لا يقتضي التخصيص ا. هـ. سم والاحتراز بهذا الشرط عما عرضت فيه الوصفية نحو: مررت برجل صفوان قلبه أي: قاس.
قوله: "من أن يرى" إما علمية فجملة بتاء تأنيث ختم مفعول ثان أو بصرية فهي حال بناء على مذهب الناظم من جواز وقوع الماضي حالًا خاليًا من قد كما في قوله تعالى: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} .
قوله: "وندمان من الندم" وأما ندمان من المنادمة فمصروف؛ لأن مؤنثه ندمانة كما يأتي. قوله: "وهذا متفق على منع صرفه" أي: بين النحاة على غير لغة بني أسد وليس المراد متفق عليه بين العرب حتى يرد اعتراض شيخنا والبعض بأنه ينافي ما سيأتي في الشارح من أن بني أسد تصرف كل ما كان على فعلان لالتزامهم في مؤنثه فعلانة بالتاء فاحفظ ذلك. قوله: "نحو: لحيان" أي: كرحمن. قوله: "وهذا فيه خلاف" فمن لم يشترط لمنع صرف فعلان إلا انتفاء
341 | 463(1/339)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فعلى وجودًا فله فعلى تقديرًا؛ لأنا لو فرضنا له مؤنثًا لكان فعلى أولى به من فعلانة؛ لأن باب فعلان فعلى أوسع من باب فعلان فعلانة، والتقدير في حكم الوجود بدليل الإجماع على منع صرف أكمر وآدر مع أنه لا مؤنث له، ولو فرض له مؤنث لأمكن أن يكون كمؤنث أرمل, وأن يكون كمؤنث أحمر، لكن حمله على أحمر أولى لكثرة نظائره. واحترز من فعلان الذي مؤنثه فعلانة فإن مصروف نحو: ندمان من المنادمة وندمانة وسيفان وسيفانة. وقد جمع المصنف ما جاء على فعلان ومؤنثه فعلانة في قوله:
أَجِزْ فَعْلَى لِفَعْلانا إذا اسْتَثنَيتَ حَبلانا
ودَخْنانا وسَخْنانا وسَيفانا وصَحْيانا
وصَوجانا وعَلّانا وقَشْوانا ومَصّانا
ومَوتانا ونَدْمانا وأَتْبعهُنّ نَصْرانا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فعلانة منعه من الصرف وهو ما مشى عليه في النظم, ومن اشترط وجود فعلى تحقيقًا صرفه. قوله: "والصحيح منع صرفه" يخالف قول أبي حيان إن الصحيح فيه صرفه؛ لأنا جهلنا النقل فيه عن العرب والأصل في الاسم الصرف فوجب العمل به ا. هـ. فهذه المسألة مما تعارض فيها الأصل والغالب فتنبه. قوله: "أكمر" لعظيم الكمرة بفتح الميم وهي الحشفة وآدر بالمد لكبير الأنثيين.
قوله: "كمؤنث أرمل" وهو أرملة والأرمل الفقير. قوله: "ندمان من المنادمة" وهو الموافق للشارب في فعله واحترز بقوله: من المنادمة عن ندمان من الندم, فإن مؤنثه ندمى وفعله ندم وفعل الأول نادم. قوله: "أجز" المراد بالجواز ما قابل الامتناع فيصدق بالوجوب فلا يرد أن ما عدا الألفاظ المستثناة يجب
في مؤنثها فعلى, أو يقال عبر بأجز دون أوجب نظرًا للغة بني أسد الآتية. وهذه الأبيات التي للمصنف بقطع النظر عن تذييل المرادي يحتمل أن تكون من الوافر المجزوّ وأن تكون من الهزج, لكن التذييل يعين الأول لتعين كونه من الأول؛ لأن قوله فيه على لغة بوزن مفاعلتن لا بوزن مفاعلين هذا، وقد نظم الألفاظ الاثني عشر التي في نظم المصنف الشارح الأندلسي مع زيادة تفسيرها فقال:
كل فعلان فهو أنثاه فعلى غير وصف النديم بالندمان
ولذي البطن جاء حبلان أيضًا ثم دخنان للكثير الدخان
ثم سيفان للطويل وصوجا ن لذي قوّة على الحملان
ثم صحيان إن حوى اليوم صحوًا ثم سخنان وهو سخن الزمان
ثم موتان للضعيف فؤادًا ثم علان وهو ذو النسيان
ثم قشوان للذي قل لحمًا ثم نصران جاء في النصراني
ثم مصان في اللئيم وفي لحـ ـيان رحمن يفقد النوعان
342 | 463(1/340)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واستدرك عليه لفظان وهما خمصان لغة في خمصان وأليان في كبش أليان أي: كبير الألية فذيل الشارح المرادي أبياته بقوله:
وزِدْ فيهنَّ خَمْصانا على لُغَةٍ وأليانا فالحبلان الكبير البطن وقيل الممتلئ غيظًا. والدخنان اليوم المظلم. والسخنان اليوم الحار. والسيفان الرجل الطويل. والصحيان اليوم الذي لا غيم فيه. والصوجان البعير اليابس الظهر. والعلان الكثير النسيان. وقيل الرجل الحقير. والقشوان الرقيق الساقين. والمصان اللئيم. والموتان البليد الميت القلب. والندمان المنادم. أما ندمان من الندم فغير مصروف إذ مؤنثه ندمى وقد مر. والنصران واحد النصارى.
تنبيهات: الأول إنما منع نحو: سكران من الصرف لتحقق الفرعيتين فيه: أما فرعية المعنى؛ فلأن فيه الوصفية وهي فرع عن الجمود؛ لأن الصفة تحتاج إلى موصوف ينسب معناها إليه والجامد لا يحتاج إلى ذلك. وأما فرعية اللفظ؛ فلأن فيه الزيادتين المضارعتين لألفي النأنيث في نحو: حمراء في أنهما في بناء يخص المذكر, كما أن ألفي حمراء في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ونظمت ما زاده المرادي مع التفسير في بيت ينبغي وضعه قبل البيت الأخير فقلت:
ولذي ألية كبيرة اليا ن وخمصان جاء في الخمصان قوله: "واستدرك" أي: زيد وقوله: فذيل الشارح أبياته بقوله, أي: جعل قوله المذكور ذيلًا لأبيات المصنف. قوله: "خمصان" يقال رجل خمصان البطن وخميصه أي: ضامره. قوله: "والصوجان البعير اليابس الظهر" في القاموس في فصل الصاد المهملة في باب الجيم الصوجان كل يابس الصلب من الدواب والناس ونخلة صوجانة يابسة ا. هـ. وقال في فصل الضاد المعجمة من باب الجيم: الضوجان الصوجان ا. هـ. فعلم أنه بالصاد المهملة والضاد المعجمة وبالجيم وعلم ما في كلام شيخنا والبعض من القصور. قوله: "والعلان" أي: بعين مهملة كما في القاموس. قوله: "وقيل الرجل الحقير" وفي القاموس امرأة علانة جاهلة وهو علان. قوله: "والقشوان" بقاف وشين معجمة. قوله: "الرقيق الساقين" الذي في خط الشارح الدقيق بالدال وفي القاموس القشوان الدقيق الضعيف وهي بهاء ا. هـ. قوله: "والمصان" بالصاد المهملة كما في القاموس. قوله: "والجامد لا يحتاج إلى ذلك" أي: وما يحتاج فرع عما لا يحتاج.
قوله: "المضارعتين لألفي التأنيث في نحو: حمراء" بناه على أن الهمزة تسمى ألفًا وهو صحيح وعلى أنها مع الألف قبلها للتأنيث ولا نظير له إذ ليس لنا علامة تأنيث بحرفين, والمنقول عن سيبويه وغيره أن الهمزة بدل من ألف التأنيث, وأن الأصل حمرى بوزن سكرى, فلما قصدوا مده زادوا قبلها ألفًا أخرى والجمع بينهما محال وحذف إحداهما يناقض الغرض المطلوب, إذ لو حذفوا الأولى لفات المد أو الثانية لفاتت الدلالة على التأنيث, وقلب الأولى مخل بالمد فقلبوا
343 | 463(1/341)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بناء يخص المؤنث، وأنهما لا تلحقهما التاء فلا يقال: سكرانة كما لا يقال: حمراءة مع أن الأول من كل من الزيادتين ألف. والثاني حرف يعبر به عن المتكلم في أفعل ونفعل فلما اجتمع في نحو: سكران المذكور الفرعيتان امتنع من الصرف. وإنما لم تكن الوصفية فيه وحدها مانعة من أن في الصفة فرعية في المعنى كما سبق وفرعية في اللفظ وهي الاشتقاق من المصدر لضعف فرعية اللفظ في الصفة؛ لأنها كالمصدر في البقاء على الاسمية والتنكير، ولم يخرجها الاشتقاق إلى أكثر من نسبة معنى الحدث فيها إلى الموصوف والمصدر بالجملة صالح لذلك كما في رجل عدل ودرهم ضرب الأمير، فلم يكن اشتقاقها من المصدر مبعدًا لها عن معناه، فكان كالمفقود فلم يؤثر، ومن ثم كان نحو: عالم وشريف مصروفًا مع تحقق ذلك فيه، وكذا إنما صرف نحو: ندمان مع وجود الفرعيتين لضعف فرعية اللفظ فيه من جهة أن الزيادة فيه لا تخص المذكر وتلحقه التاء في المؤنث نحو: ندمانة فأشبهت الزيادة فيه بعض الأصول في لزومها في حالتي التذكير والتأنيث وقبول علامته، فلم يعتد بها. ويشهد لذلك أن قومًا من العرب وهم بنو أسد يصرفون كل صفة على فعلان؛ لأنهم يؤنثونه بالتاء, ويستغنون فيه بفعلانة عن فعلى، فيقولون: سكرانة وغضبانة وعطشانة، فلم تكن الزيادة عندهم شبيهة بألفي حمراء فلم تمنع من الصرف. الثاني فهم من قوله: زائدًا فعلان أنهما لا يمنعان في غيره من الأوزان كفعلان بضم الفاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثانية همزة وقيل: إن الأولى للتأنيث والثانية مزيدة للفرق بين مؤنث أفعل ومؤنث فعلان ورد بأنه يفضي إلى وقوع علامة التأنيث حشوًا ا. هـ. زكريا ويمكن دفع الاعتراض بجعل الإضافة في قوله: لألفي التأنيث بالنسبة إلى الألف الأولى لأدنى ملابسة. قوله: "والثاني" أي: من كل منهما وذلك الثاني هو الهمزة في نحو: حمراء والنون في نحو: سكران. قوله: "كما سبق" أي: من أن الصفة فرع الجامد.
قوله: "والمصدر بالجملة صالح لذلك" أي: لما ذكر من نسبة الحدث إلى الموصوف إذا وقع نعتًا أم حالًا أو خبرًا وإنما قال بالجملة؛ لأن المصدر لا يصلح لذلك إلا بالتأويل. قوله: "عن معناه" أي: المصدر وقوله: فكان أي: اشتقاق الصفة. قوله: "ومن ثم" أي: من أجل كون الاشتقاق فيما ذكر غير مؤثر لضعفه المتقدم بيانه كان نحو: إلخ. قوله: "مع تحقق ذلك" أي: ما ذكر من فرعية اللفظ وفرعية المعنى. قوله: "إنما صرف نحو: ندمان" بمعنى المنادم. قوله: "لا تخص المذكر" لوجودها مع المؤنث كندمانة. قوله: "في لزومها إلخ" فيه نشر على ترتيب اللف؛ لأن اللزوم راجع إلى قوله: لا تخص المذكر وقبول علامة التأنيث راجع إلى قوله: وتلحقه التاء في المؤنث. قوله: "ويشهد لذلك" أي: لكون صرف نحو: ندمان لضعف فرعية اللفظ فيه من الجهة المتقدمة وهذا أوضح مما ذكره شيخنا والبعض. قوله: "فلم تكن الزيادة عندهم شبيهة بألفي حمراء" أي: في الاختصاص بواحد من المذكر والمؤنث وفي عدم لحوق التاء.
344 | 463(1/342)
ما لا ينصرف
وَوَصْفٌ أصْلِيٌّ ووزْنُ أَفْعَلا ممنوع تأنيثٍ بتا كأَشْهَلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحو: خمصان لعدم شبههما في غيره بألفي التأنيث. الثالث ما تقدم من أن المنع بزائدي فعلان لشبههما بألفي التأنيث في نحو: حمراء هو مذهب سيبويه، وزعم المبرد أنه امتنع لكون النون بعد الألف مبدلة من ألف التأنيث.
ومذهب الكوفيين أنهما منعا لكونهما زائدتين لا يقبلان الهاء لا للتشبيه بألفي
التأنيث "ووصف أصلي ووزن أفعلا ممنوع" بالنصب على الحال من وزن أفعلا أي: حال كونه ممنوع "تأنيث بتاء كأشهلا" أي: ويمنع الصرف أيضًا اجتماع الوصف الأصلي ووزن أفعل بشرط أن لا يقبل التأنيث بالتاء: إما؛ لأن مؤنثه فعلاء كأشهل، أو فعلى كأفضل؛ أو لأنه لا مؤنث له كأكمر وآدر، فهذه الثلاة ممنوعة من الصرف للوصف الأصلي ووزن أفعل، فإن وزن الفعل به أولى؛ لأن في أوله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "لشبههما بألفي التأنيث" إن قلت: هلا أكتفي في المنع بزيادتهما كألفي التأنيث قلت: المشبه لا يعطي حكم المشبه به من كل وجه, وقال في المغني: إنما شرطت العلمية أو الوصفية؛ لأن الشبه بألفي التأنيث إنما يتقوم بإحداهما ا. هـ. أي: لا يتحقق في الواقع إلا في علم أو صفة. قوله: "امتنع" أي: فعلان لكون النون بعد الألف مبدلة من ألف التأنيث, فكما لا ينصرف حمراء لا ينصرف سكران واستدل على الإبدال بقولهم: بهراني وصنعاني في النسب إلى بهراء وصنعاء. وأجيب بأن النون بدل من الواو والأصل بهراوي وصنعاوي وأيضًا المذكر سابق عن المؤنث لا العكس. قوله: "لكونهما زائدتين إلخ" إن أرادوا مطلق الزيادة ورد عليهم عفريت وإن أرادوا خصوص الألف والنون سألناهم عن علة الخصوصية فلا يجدون معدلًا عن التعليل بأنهما لا يقبلان الهاء فيرجعون إلى ما اعتبره البصريون كذا في المغني. لا يقال هلا اكتفى في علة المنع بالزيادة كما اكتفى بألف التأنيث؛ لأنا نقول المشبه به من كل وجه على أن في المغني أن تعليل منع صرف نحو: سكران بالوصفية والزيادة اشتهر بين المعربين مع أنه مذهب الكوفيين, أما البصريون فمذهبهم أن المانع الزيادة المشبهة لألفي التأنيث؛ ولهذا قال الجرجاني: ينبغي أن تعد موانع الصرف ثمانية لا تسعة.
قوله: "لا للتشبيه بألفي التأنيث" أي: وإن استلزم كونهما زائدتين لا يقبلان الهاء شبههما بألفي التأنيث في الزيادة وعدم قبول الهاء إذ فرق بين اعتبار الشيء وحصوله بدون اعتبار؛ ولهذا عبر صاحب الهمع في علة منعهما عند الكوفيين بقوله: كونهما زائدتين لا يقبلان الهاء من غير ملاحظة الشبه بألفي التأنيث ا. هـ. قوله: "ووصف" معطوف على الضمير في منع أو مبتدأ خبره محذوف على وزان ما مر في زائدًا, وقول خالد: إنه معطوف على زائدًا لا يجري على الصحيح من أن المعطوفات بحرف غير مرتب على الأول. قوله: "على الحال من وزن" وقال خالد: من أفعل قال الفارضي: لأنه علم على اللفظ ا. هـ. وشرط مجيء الحال من المضاف إليه موجود لصحة الاستغناء عن المضاف بأن يقال ووصف أصلي وأفعل أي: هذا الوزن. قوله: "كأشهلا" الشهلة في العين أن يشوب سوادها زرقة.
قوله: "فإن وزن الفعل به أولى" علة لما يفيده سابقه من مدخلية وزن أفعل في منع
345 | 463(1/343)
ما لا ينصرف
وأَلغِينَّ عارِضَ الوَصْفِيَّه كأَرْبَعٍ وعارِضَ الاسْمِيَّه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زيادة تدل على معنى في الفعل دون الاسم، فكان ذلك أصلًا في الفعل؛ لأن ما زيادته لمعنى أصل لما زيادته لغير معنى، فإن أنث بالتاء انصرف نحو: أرمل بمعنى فقير، فإن مؤنثه أرملة لضعف شبهه بلفظ المضارع؛ لأن تاء التأنيث لا تلحقه، وأجاز الأخفش منعه لجريه مجرى أحمر؛ لأنه صفة وعلى وزنه. نعم قولهم عام أرمل غير مصروف؛ لأن يعقوب حكى فيه سنة رملاء، واحترز بالأصلي عن العارض فإنه لا يتعد به كما سيأتي.
تنبيهان: الأول مثل الشارح لما تلحقه التاء بأرمل وأباتر وهو القاطع رحمه، وأدابر وهو الذي لا يقبل نصحًا فإن مؤنثها أرملة وأباترة وأدابرة: أما أرمل فواضح، وأما أباتر وأدابر فلا يحتاج هنا إلى ذكرهما إذ لم يدخلا في كلام الناظم، فإن علق على المنع على وزن أفعل، وإنما ذكرهما في شرح الكافية؛ لأنه علق المنع على وزن أصلي في الفعل أي: الفعل به أولى، ولم يخصه بأفعل. ولفظه فيها:
ووصفٌ أصليٌّ ووَزْنٌ أُصِّلا في الفعْلِ تا أُنْثى بِهِ لن تُوصَلا ولهذا احترز أيضًا من يعمل ومؤنثه يعملة وهو الجمل السريع. الثاني الأولى تعليق الحكم على وزن الفعل الذي هو به أولى لا على وزن أفعل ولا الفعل مجردًا ليشمل نحو: أحيمر وأفيضل من المصغر فإنه لا ينصرف لكونه على الوزن المذكور نحو: أبيطر. ولا يرد نحو: بطل وجدل وندس فإن كل واحد منها وإن كان أصلًا في الوصفية وعلى وزن فعل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صرف الوصف المذكور لكن لو حذف لفظ وزن لكان أوضح, وأما قول البعض علة لمحذوف تقديره وإنما نسب هذا الوزن للفعل؛ لأن إلخ ففيه أنه لم يتقدم منه نسبة هذا الوزن إلى الفعل حتى يقال وإنما نسب إلخ, وفي بعض النسخ فإنه وزن الفعل به أولى وهو أوضح فتأمل. قوله: "لأن في أوله" اعترضه شيخنا والبعض فإن فيه ظرفية الشيء في نفسه فكان الأولى إسقاط في, ويمكن دفعه بأن المراد بالأول ما قابل الآخر فيكون من ظرفية الجزء في الكل. قوله: "على معنى في الفعل" وهو التكلم. قوله: "فكان ذلك" أي: وزن أفعل. قوله: "فإن أنث بالتاء إلخ" محترز قوله: ممنوع تأنيث بتا. قوله: "لضعف إلخ" علة لانصرف. قوله: "لأن تاء التأنيث" أي: المتحركة بحركة إعرابية فلا يرد المتحركة بحركة بنية في نحو: هند تقوم.
قوله: "وأجاز الأخفش منعه" أي: نحو: أرمل. قوله: "نعم إلخ" استدراك على قوله نحو: أرمل. قوله: "عام أرمل" أي: قليل المطر والنفع كما في القاموس وحينئذٍ قد يقال الكلام في أرمل بمعنى فقير إلا أن يجاب بأن تقارب المعنيين كاتحادهما فتأمل. قوله: "وأباتر" من البتر وهو القطع وأدابر من الإدبار ضد الإقبال. قوله: "من يعمل" بوزن يفرح الجمل النجيب المطبوع ويقال للناقة النجيبة المطبوعة يعملة كما في القاموس. قوله: "الذي هو" أي: الفعل به أي: الوزن. قوله: "لكونه على الوزن المذكور" أي: الذي الفعل به أولى وإن لم يكن في حال التصغير على وزن أفعل. قوله: "أبيطر"
346 | 463(1/344)
ما لا ينصرف
فالأَدْهَمُ القَيْدُ لكونِهِ وُضِعْ في الأَصْلِ وَصْفًا انصرافُهُ مُنِعْ
وَأَجْدَلٌ وأَخْيَلٌ وأَفْعَى مصروفَةٌ وقد يَنَلنَ المَنَْعا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لكنه وزن مشترك فيه ليس الفعل أولى به من الاسم فلا اعتداد به ا. هـ "وألغين عارض الوصفية كأربع" في نحو: مررت بنسوة أربع فإنه اسم من أسماء العدد, لكن العرب وصفت به فهو منصرف نظرًا للأصل، ولا نظر لما عرض له من الوصفية، وأيضًا فهو يقبل التاء فهو أحق بالصرف من أرمل؛ لأن فيه مع قبول التاء كونه عارض الوصفية، وكذلك أرنب من قولهم: رجل أرنب أي: ذليل فإنه منصرف لعروض الوصفية إذ أصله الأرنب المعروف "وعارض الإسمية" أي: وألغ عارض الاسمية على الوصف، فتكون الكلمة باقية على منع الصرف للوصف الأصلي، ولا ينظر إلى ما عرض لها من الاسمية "فالأدهم القيد لكونه وضع في الأصل وصفًا انصرافه منع" نظرًا إلى الأصل وطرحًا لما عرض من الاسمية.
تنبيه: مثل أدهم في ذلك أسود للحية العظيمة، وأرقم لحية فيها نقط كالرقم نظرًا إلى الأصل وطرحًا لما عرض من الاسمية "وأجدل" للصقر "وأخيل" لطائر ذي نقط كالخيلان يقال له الشقراق "وأفعى" للحية "مصروفة"؛ لأنها أسماء مجردة عن الوصفية في أصل الوضع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مضارع بيطر إذا عالج الدواب. قاموس. قوله: "وجدل" بفتح الدال وتكسر الصلب الشديد وندس كعضد وكتف السريع الاستماع لصوت خفي والفهم كذا في القاموس. قوله: "وألغينّ عارض الوصفيه" هذا تصريح بمفهوم قوله: أصلي ا. هـ. مرادي وإضافة عارض الوصفية من إضافة الصفة للموصوف, أو بمعنى من ومثلها إضافة عارض الاسمية.
قوله: "وصفت به" أي: في قولهم مررت بنسوة أربع. قوله: "كونه عارض الوصفية" بخلاف أرمل بمعنى فقير فإنه متأصل الوصفية. قوله: "وكذلك أرنب" انظر هل تلحقه تاء التأنيث أولًا, وقد يؤخذ الثاني من اقتصاره في علة
انصرافه على عروض الوصفية فحرره. قوله: "فالأدهم" إلى آخره البيت تفريع على قوله: وعارض الاسمية, وما قاله البعض غير مستقيم. قوله: "القيد" عطف بيان على الأدهم من تفسير الأخفى بالأجلى كما تقول البرّ القمح والعقار الخمر سندوبي. قوله: "وأرقم" مثله أبطح وهو مسيل واسع فيه دقاق الحصى وأجرع, وهو المكان المستوي وأبرق وهو أرض خشنة فيها حجارة ورمل وطين مختلطة. وذكر سيبويه أن العرب لم تختلف في منع صرف هذه الستة أعني أدهم وأسود وأرقم وأبطح وأجرع وأبرق ا. هـ. مرادي ويخالفه ما سيأتي في الشرح من أن بعض العرب يصرف الثلاثة الأخيرة.
قوله: "كالخيلان" بكسر الخاء المعجمة وسكون الياء جمع خال وهو النقطة المخالفة لبقية البدن خالد. قوله: "الشقراق" فيه لغات ذكرها في القاموس منها الشقراق كقرطاس والشرقرق كسفرجل, قال: وهو طائر معروف مرقط بخضرة وحمرة وبياض ويكون بأرض الحرم. قوله: "لأنها أسماء مجردة عن الوصفية في أصل الوضع" أي: وفي الحال وإنما اقتصر الشارح على نفي وصفيتها في الأصل؛ لأنه المعتبر فهي أسماء في الأصل والحال كما في التوضيح. قال
347 | 463(1/345)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولا أثر لما يلمح في أجدل من الجدل وهو الشدة، ولا في أخيل من الخيول وهو كثرة الخيلان، ولا في أفعى من الإيذاء لعروضه عليهن "وقد ينلن المنعا" من الصرف لذلك وهو في أفعى أبعد منه في أجدل وأخيل؛ لأنهما من الجدل ومن الخيول كما مر. وأما أفعى فلا مادة لها في الاشتقاق لكن ذكرها يقارنه تصور إيذائها فأشبهت المشتق وجرت مجراه على هذه اللغة. ومما استعمل فيه أجدل وأخيل غير مصروفين قوله:
1026-
كَأَنَّ العُقَيلِيِّينَ يَومَ لَقِيتُهُمْ فِراخُ القَطا لاقَينَ أجْدَلَ بازِيا وقول الآخر:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شيخنا وتبعه البعض: وبهذا فارقت نحو: أربع فإن أربع اسم في الأصل وصف في الحال وهذه أسماء لم تعرض لها الوصفية, ولكن يتخيل فيها الوصفية وكان
منع صرف أربع أحق من منع صرفها, إلا أنه لم يرد فيه وورد فيها فقبل ا. هـ. وعلى هذا يكون قول المصنف: وأجدل إلخ كلامًا مستقلًا لا مفرعًا على قوله:
وألغينّ عارض الوصفية لأن هذه الأسماء لم تعرض لها الوصفية غاية الأمر أن الوصفية تتخيل فيها فالعارض لها تخيل الوصفية لا نفس الوصفية, إذ لا يلزم من تخيل شيء تحققه, وحينئذٍ كان الأولى للشارح في تعليل صرفها أن يقول: بدل قوله لعروضه
أي: لمح الوصفية عليهنّ لتجردها عن الوصفية رأسًا, وإن تخليت فيها ما مر عن شيخنا والبعض من توجيه عدم منع صرف أربع مع أنها أحق بالمنع من نحو: أجدل لا يصح توجيهًا بل هو تقرير للسؤال فتأمل. قوله: "لما يلمح" عبارة الفارضي وغيره لما يتخيل. قوله: "من الجدل" بسكون الدال. قوله:
"وقد ينلن" أي: يعطين. قوله: "لذلك" أي: للوصفية الملموحة المنضمة إلى وزن أفعل فيكون أجدل بمعنى شديد وأخيل بمعنى متلوّن وأفعى بمعنى مؤذ كل ذلك على سبيل التخيل. قوله: "فلا مادة لها في الاشتقاق" أي: ليس لها مادة يتأتى اشتقاقها منها, وقيل من فوعان السمّ أي: حرارته فأصل أفعى فدخله القلب المكاني, ثم قلبت الواو ألفًا وقيل من فعوة السمّ أي: شدته وعليه فلا قلب مكانيا.
قوله: "كأن العقيليين" بضم العين وقوله: لاقين بنون الإناث أي: فراخ القطا وقوله: أجدل أي: صقرًا وبازيًا صفته من بزي عليه إذا تطاول عليه ويجوز أن يريد بالبازي الطير المشهور ويكون عطفًا على أجدل بحذف العاطف للضرورة, قاله العيني وزكريا. قوله: "ذريني" أي: دعيني والواو بمعنى مع والشيمة الطبيعة والأخيل الشقراق, والعرب تتشاءم به يقال هو أشأم من أخيل قاله العيني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1026- البيت من الطويل، وهو للقطامي في ديوانه ص182؛ وشرح التصريح 2/ 214؛ والمقاصد النحوية 4/ 346؛ ولجعفر بن علبة الحارثي في المؤتلف والمختلف ص19؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 119؛ وجمهرة اللغة ص800؛ وشرح شواهد الإيضاح ص393؛ ولسان العرب 11/ 104.
348 | 463(1/346)
ما لا ينصرف
ومَنْعُ عدْلٍ مَعَ وصْفٍ مُعْتَبَرْ في لفظ مَثْنَى وثُلاثَ وأُخَرْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1027-
ذَرِيني وعلمي بالأمُورِ وشِيمَتي فما طائري يومًا عَلَيكِ بأخْيَلا وكما شذ الاعتداد بعروض الوصفية في أجدل وأخيل وأفعى, كذلك شذ الاعتداد بعروض الاسمية في أبطح وأجرع وأبرق فصرفها بعض العرب، واللغة المشهورة منعها من الصرف؛ لأنها صفات استغنى بها عن ذكر الموصوفات فيستصحب منع صرفها كما استصحب صرف أرنب وأكلب حين أجرى مجرى الصفات، إلا أن الصرف لكونه الأصل ربما رجع إليه بسبب ضعيف بخلاف منع الصرف فإنه خروج عن الأصل فلا يصار إليه إلا بسبب قوي "ومنع عدل مع وصف معتبر في لفظ مثنى وثلاث وأخر" منع مبتدأ وهو مصدر مضاف إلى فاعله وهو عدل، والمفعول محذوف وهو الصرف ومعتبر خبره، وفي لفظ متعلق به: أي: مما يمنع الصرف اجتماع العدل والوصف وذلك في موضعين: أحدهما المعدول في العدد إلى مفعل نحو: مثنى أو فعال نحو: ثلاث والثاني في أخر المقابل لآخرين. أما المعدول في العدد
فالمانع له عند سيبويه والجمهور العدل والوصف: فأحاد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وزكريا. قوله: "بعروض الوصفية إلخ" أي: بعروض تخيل الوصفية ليوافق ما قدمناه فتفطن. قوله: "وأكلب" مقتضى سياقه أنه اسم جنس جامد لكن قد يوصف به عروضًا لا أصالة مثل: أرنب ولم أقف على الجنس المسمى به بعد مراجعة القاموس وغيره فانظره. قوله: "إلا أن الصرف إلخ" يعني أن صرف نحو: أبطح ومنع صرف نحو: أجدل وإن كانا شاذين لكن شذوذ صرف نحو: أبطح أخف من شذوذ منع صرف نحو: أجدل.
قوله: "ومنع عدل" العدل إخراج الكلمة عن صيغتها الأصلية لغير قلب, أو تخفيف أو إلحاق أو معنى زائد فخرج نحو: أيس مقلوب يئس وفخذ بإسكان الخاء مخفف فخذ بكسرها وكوثر بزيادة الواو إلحاقًا له بجعفر ورجيل بالتصغير لزيادة معنى التحقير, وفائدته تخفيف اللفظ وتمحضه للعلمية في نحو:
عمر وزفر لاحتماله قبل العدل للوصفية, وهو تحقيقي إن دل عليه غير منع الصرف وتقديري إن لم يدل عليه إلا منع الصرف قاله الحفيد، ثم هو باعتبار محله أربعة أقسام؛ لأنه إما بتغيير الشكل فقط كجمع عند من قال إنه معدول عن جمع أو بالنقص فقط فيما عدل عن ذي أل وهو سحر وأمس وكذا أخر في قول أو بالنقص وتغيير الشكل كعمر أو بالزيادة والنقص وتغيير الشكل كحذام ومثلث. قوله: "مع وصف" متعلق بمحذوف نعت عدل.
قوله: "والثاني في أخر" الأولى إسقاط في؛ لأن الموضع الثاني نفس أخر وقوله:
المقابل آخرين سيأتي محترزه في التنبيه الأول وهو صريح في أن أخر وصف لجماعة الإناث؛ لأن أخر جمع أخرى وأنه ضد آخرين الذي هو وصف لجماعة الذكور؛ لأن آخرين جمع آخر وأما نحو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1027- البيت من الطويل، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص271؛ وشرح التصريح 2/ 214؛ وشرح شواهد الإيضاح ص392؛ ولسان العرب 11/ 230 "خيل"؛ والمقاصد النحوية 4/ 348؛ وبلا نسبة في الاشتقاق ص300؛ وأوضح المسالك 4/ 120.
349 | 463(1/347)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وموحد معدولان عن واحد واحد وثناء ومثنى معدولان عن اثنين اثنين وكذلك سائرها، وأما الوصف؛ فلأن هذه الألفاظ لم تستعمل إلا نكرات إما نعتًا نحو: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [فاطر: 1]، وإما حالًا نحو: قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3]، وإما خبرًا نحو: صلاة الليل مثنى مثنى. وإنما كرر لقصد التأكيد لا لإفادة التكرير. ولا تدخلها أل. قال في الارتشاف: وإضافتها قليلة. وذهب الزجاج إلى أن المانع لها العدل في اللفظ وفي المعنى: أما في اللفظ فظاهر وأما في المعنى فلكونها تغيرت عن مفهومها في الأصل إلى إفادة معنى التضعيف. ورد بأنه لو كان المانع من صرف أحاد مثلًا عدله عن لفظ واحد وعن معناه إلى معنى التضعيف للزم أحد أمرين: إما منع صرف كل اسم يتغير عن أصله لتجديد معنى فيه كأبنية المبالغة وأسماء الجموع، وإما ترجيح أحد المتساويين على الآخر واللازم منتف باتفاق، وأيضًا كل ممنوع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فعدة من أيام أخر فلتأوله بالجماعات. قوله: "معدولان عن واحد واحد" أي: لأن المقصود التقسيم ولفظ المقصود مكرر أبدًا نحو: جاء القوم رجلًا رجلًا فلما وجدنا أحاد غير مكرر لفظًا, مع أن المقصود التقسيم كما علمت حكمنا بأن أصله لفظ مكرر, ولم يأت بمعناه إلا واحد واحد فحكم بأنه أصله, وكذا يقال في الباقي أفاده الدماميني. قوله: "وأما الوصف إلخ" مقابل لقوله: فأحاد وموحد معدولان إلخ؛ لأنه في قوة أن يقال أما العدل؛ فلأن أحاد إلخ أي: أما بيان العدل فأحاد إلخ وأما بيان الوصف إلخ. ولو قال الوصفية لكان أوضح.
قوله: "لم تستعمل إلا نكرات إما نعتًا إلخ" أي: فتكون أوصافًا أصالة قال السيد: الوصفية في ثلاث مثلا أصلية؛ لأنه معدول عن ثلاثة ثلاثة وهذا المكرر لم يستعمل إلا وصفًا, فكذا المعدول إليه وهو ثلاث وإن لم تكن الوصفية في أسماء العدد واحد اثنان إلخ أصلية. قوله: "إما نعتًا إلخ" علم منه ما صرح به الفارضي من أنه لا بد أن يتقدمها شيء. قوله: "وإنما كرر إلخ" أي: فلا يرد أن مثنى يفيد التكرير فأي: فائدة في إعادته, وقوله: لا لإفادة التكرير أي: لا لتأسيس معنى زائد هو التكرير لحصوله بمثنى الأول. قوله: "ولا تدخلها أل" وادعى الزمخشري أنها تعرف فقال: يقال فلان ينكح المثنى والثلاث. قال أبو حيان: ولم يذهب إليه أحد وكما لا تعرف لا تؤنث فلا يقال مثناة مثلًا قاله الفارضي. قوله: "وذهب الزجاج إلخ" المعدول عنه على مذهبه إلى أحاد وموحد واحد وإلى ثناء ومثنى اثنان, وهكذا كما سيشير إليه الشارح بخلافه على المذهب الأول فواحد واحد واثنان اثنان وهكذا. قوله:
"كأبنة المبالغة" نحو: ضرّاب فإنه تغير عن ضارب لإفادة معنى جديد وهو التكثير.
قوله: "وأسماء الجموع" ليس المراد بها أسماء الجموع المعروفة كقوم ورهط إذ لا تغيير فيها, بل المراد الجموع نفسها فالإضافة للبيان أفاده زكريا, فالجمع تغير عن الواحد لإفادة معنى جديد وهو التعدد. قوله: "ترجيح أحد المتساويين" أي: في التغيير لإفادة معنى جديد على الآخر ومراده بأحدهما المعدود في العدد وبالآخر غيره كأبنية المبالغة والجموع. قوله:
350 | 463(1/348)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الصرف لا بد أن يكون فيه فرعية في اللفظ وفرعية في المعنى، ومن شرطها أن يكون من غير جهة فرعية اللفظ ليكمل بذلك الشبه بالفعل، ولا يتأتى ذلك في أحاد إلا أن تكون فرعيته في اللفظ بعدله عن واحد المضمن معنى التكرار، وفي المعنى بلزومه الوصفية, وكذا القول في أخواته. وأما أخر فهو جمع أخرى أنثى آخر بفتح الخاء بمعنى مغاير فالمانع له أيضًا العدل والوصف: أما الوصف فظاهر, وأما العدل فقال أكثر النحويين: إنه معدول عن الألف واللام؛ لأنه من باب أفعل التفضيل فحقه ألا يجمع إلا مقرونًا بأل، والتحقيق أنه معدول عما كان يستحقه من استعماله بلفظ ما للواحد المذكر بدون تغير معناه، وذلك أن آخر من باب أفعل التفضيل فحقه أن لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث إلا مع الألف واللام أو الإضافة فعدل في تجرده منهما, واستعماله لغير الواحد المذكر عن لفظ آخر إلى لفظ التثنية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"ولا يتأتى ذلك" أي: الشرط المذكور للفرعية في المعنى وهو كونها من غير جهة الفرعية في اللفظ, وقوله: إلا أن تكون إلخ أي: لأن الجهة على ما ذكره الزجاج واحدة وهي العدل. قوله: "واحد المضمن معنى التكرار" يعني واحدًا المكرر أي: عن واحد واحد زكريا. قوله: "بمعنى مغاير" أي: باعتبار الحال وإلا فمعنى آخر في الأصل أشد تأخرًا, وكان في الأصل معنى جاء زيد ورجل أشد تأخيرًا في معنى من المعاني, ثم نقل إلى معنى غير فمعنى رجل آخر رجل غير زيد. دماميني.
قوله: "أما الوصف فظاهر" لأنه اسم تفضيل بمعنى مغاير باعتبار الحال, وبمعنى أشد تأخرًا باعتبار الأصل كما مر, وعلى كل فهو وصف والظاهر أن صوغه من تأخر فهو اسم تفضيل مصوغ من خماسي شذوذًا. قوله: "عن الألف واللام" أي: عن ذي الألف واللام ولا ينافي ذلك أنه نكرة فكيف يكون معدولًا عن معرفة؛ لأنه لا يلزم في المعدول عن الشيء أن يكون بمعناه من كل وجه خلافًا للفارسي. دماميني. قوله: "إلا مقرونًا بأل" أي: أو مضافًا إلى معرفة. قوله: "والتحقيق إلخ" فأخر على الأول معدول عن الآخر, وعلى هذا عن آخر بالإفراد والتذكير, ولعلّ وجه كون هذا القول هو التحقيق تطابق المعدول والمعدول عنه عليه تنكيرًا فتدبر. قوله: "عما كان يستحقه" أي: عن استعمال كان يستحقه بدليل قوله من استعماله إلخ, وقوله: بلفظ ما للواحد المذكر الإضافة للبيان أي: بلفظ هو اللفظ الذي للواحد المذكر, هكذا ينبغي تقرير عبارته لا كما قررها البعض, وكلامه صريح في أن المعدول عنه الاستعمال المذكور مع أنه لفظ الواحد المذكر, فلو قال والتحقيق أنه معدول عما كان يستحقه من لفظ الواحد المذكر لكان أخصر وأولى. وقوله: بدون تغير معناه حال من لفظ أو من ما أي: حالة كون لفظ الواحد المذكر لم يغير معناه الذي هو الواحد المذكر.
قوله: "وذلك" أي: وبيان ذلك. قوله: "أو الإضافة" أي: إلى معرفة. قوله: "فعدل في تجرده" أي: في حالة هي تجرده إلخ. فإن قلت: يجوز أن يكون بتقدير الإضافة قلت: لا؛ لأن
351 | 463(1/349)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والجمع والتأنيث بحسب ما يراد به من المعنى، فقيل عندي رجلان آخران ورجال آخرون وامرأة أخرى ونساء أخر، فكل من هذه الأمثلة صفة معدولة عن آخر, إلا أنه لم يظهر أثر الوصفية والعدل إلا في أخر؛ لأنه معرب بالحركات بخلاف آخران وآخرون، وليس فيه ما يمنع من الصرف غيرهما بخلاف أخرى فإن فيها أيضًا ألف التأنيث. فلذلك خص أخر بنسبة اجتماع الوصفية والعدل إليه وإحالة منع الصرف إليه، فظهر أن المانع من صرف أخر كونه صفة معدولة عن آخر مرادًا به جمع المؤنث؛ لأن حقه أن يستغنى فيه بأفعل عن فعل؛ لتجرده من أل, كما يستغنى بأكبر عن كبر في قولهم: رأيتها مع نساء أكبر منها.
تنبيهان: الأول قد يكون أخر جمع أخرى بمعنى آخرة فيصرف لانتفاء العدل؛ لأن مذكرها آخر بالكسر بدليل: {وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى} [النجم: 47]، {ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ} [العنكبوت: 20]، فليست من باب أفعل التفضيل, والفرق بين أخرى أنثى آخر وأخرى بمعنى آخرة أن تلك لا تدل على الانتهاء ويعطف عليها مثلها من جنسها، نحو: جاءت امرأة أخرى وأخرى، وأما أخرى بمعنى آخرة فتدل على الانتهاء, ولا يعطفع عليها مثلها من جنس واحد وهي المقابلة لأولى في قوله تعالى: {قَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ} [الأعراف: 39]، إذا عرفت ذلك فكان ينبغي أن يحترز عن هذه كما فعل في الكافية فقال:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المضاف إليه لا يحذف إلا إذا جاز إظهاره, ولا يجوز إظهاره هنا نقله الدماميني عن الرضي. وانظر وجه عدم جواز إظهاره, ولعله كونه يؤدي إلى وصف النكرة بالمعرفة في نحو: مررت بنساء ونساء أخر لكن يرد أنه بمعنى مغايرات فلا تفيده الإضافة تعريفًا, إلا أن يقال كونه بمعناه لا يقتضي أنه في حكمه من كل وجه فتأمل. قوله: "عن لفظ آخر" فيه إقامة الظاهر مقام المضمر إذ المعنى عدل في تجرد آخر عن لفظه إلى لفظ المثنى والمجوع والمؤنث. زكريا ولعل نكتة الإظهار طول الفصل. قوله: "لم يظهر أثر إلخ" فيه دلالة ظاهرة على أن جميع هذه الصيغ توصف بمنع الصرف, وإن لم يظهر أثره إلا في المعرب بالحركات فمنع الصرف عنده لا يختص بالمعرب بالحركات بل بالمختص به ظهور أثره كذا في سم. قوله: "فإن فيها أيضًا ألف التأنيث" أي: وهي تستقل بالمنع فاعتبرت؛ لأنها أوضح من الوصفية والعدل كما في زكريا. قوله: "مرادًا به جمع المؤنث" حال من آخر بفتح الهمزة, وفي هذا القيد دفع لما أورد من أن آخر يصلح للواحد والمثنى والجمع وأخر لا يصلح إلا للجمع فكيف يكون معدولًا عنه, ووجه الدفع أنه معدول عن آخر بمعنى الجماعة لا مطلقًا. قوله:"بدليل وأن عليه إلخ" مرتبط بقوله: بمعنى آخرة, ووجه الدلالة أنه وصف النشأة في هذه الآية بالأخرى وبالآخرة في الآية الثانية, وذلك يدل على أن معناهما واحد. قوله: "والفرق" أي: من جهة المعنى. قوله: "مثلها من جنسها" فلا يقال عندي رجل وحمار آخر ولا إمرأة أخرى, كذا قال شيخنا, فالمراد بالجنس الصنف. قوله: "ولا يعطف عليها مثلها" لأن
352 | 463(1/350)
ما لا ينصرف
ووَزْنُ مَثْنَى وثُلاثَ كَهُمَا من واحِدٍ لأَرْبَعٍ فليُعْلَما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومَنْعَ الوَصْفُ وعَدْلٌ أُخَرَا مُقابِلًا لآخَرينَ فاحْصُرا الثاني: إذا سمي بشيء من هذه الأنواع الثلاثة -وهي ذو الزيادتين وذو الوزن وذو العلد- بقي على منع الصرف؛ لأن الصفة لما ذهبت بالتسمية خلفتها العلمية "ووزن مثنى وثلاث كهما من واحد لأربع فليعلما" يعني ما وازن مثنى وثلاث من ألفاظ العدد المعدول من واحد إلى أربع فهو مثلهما في امتناع الصرف للعدل والوصف تقول: مررت بقوم موحد وأحاد، ومثنى وثناء، ومثلث وثلاث، ومربع ورباع، وهذه الألفاظ الثمانية متفق عليها؛ ولهذا اقتصر عليها. قال في شرح الكافية: وروي عن بعض العرب مخمس وعشار ومعشر ولم يرد غير ذلك. وظاهر كلامه في التسهيل أنه سمع فيها خماس أيضًا واختلف فيما لم يسمع على ثلاثة مذاهب: أحدها أنه يقاس على ما سمع وهو مذهب الكوفيين والزجاج ووافقهم الناظم في بعض نسخ التسهيل وخالفهم في بعضها. الثاني لا يقاس بل يقتصر على المسموع وهو مذهب جمهور البصريين. الثالث أنه يقاس على فعال لكثرته لا على مفعل. قال الشيخ أبو حيان: والصحيح أن البناءين مسموعان من واحد إلى عشرة، وحكى البناءين أبو عمرو الشيباني، وحكى أبو حاتم وابن السكيت من أحاد إلى عشار ومن حفظ حجة على من لم يحفظ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الانتهاء الحقيقي لا يتعدد بخلاف معنى المغايرة فيتعدد سم. قوله: "مقابلًا لآخرين" بفتح الخاء بمعنى مغايرين ومنه قوله تعالى: {وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة: 3]، واحترز به عن آخر مقابل آخرين بكسر الخاء في نحو: يجمع الله الأولين والآخرين. وقوله: فاحصرا أي: احصر منع صرف آخر في أخر المقابل لآخرين بفتح الخاء.
قوله: "خلفتها العلمية" فإذا نكر بعد أن سمي به فذهب الخليل وسيبويه إلى أنه لا ينصرف؛ لأنك رددته إلى حال كان لا ينصرف فيها. وذهب الأخفش إلى أنه ينصرف؛ لأن الوصفية قد انتقلت عنه بالعلمية وسيأتي ذلك. قوله: "ووزن" أي: موازن كما أشار إليه الشارح, وقوله: كهما فيه جر الكاف للضمير. وتقدم أنه شاذ فالأولى جعلها اسمًا بمعنى مثل مضافًا إلى الضمير, وقوله: من واحد متعلق بمحذوف حال من الضمير المستكن في الخبر أي: حالة كونه مأخوذًا من واحد وقول شيخنا: أنه بيان لوزن بمعنى موازن غير صحيح. قوله: "متفق عليها" أي: على ورودها عن العرب بدليل ما يأتي. قوله: "إلى عشرة" الغاية داخلة بقرينة ما سبق وما يأتي, وقولهم: الصحيح أن الغاية بإلى خارجة محله إذا لم تقم قرينة على دخولها, وأما قول شيخنا السيد:
الغاية خارجة ولذا عبر بإلى وأما العشرة فغير مسموع صوغ فعال ومفعل منها, كما قاله العصام فهو مخالف لما في الشرح.
قوله: "وحكى وأبو حاتم وابن السكيت من أحاد إلى عشار" ولم يتعرضا لسماع موحد
353 | 463(1/351)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: قال في التسهيل: ولا يجوز صرفها, يعني أخر مقابل آخرين وفعال ومفعل في العدد مذهوبًا بها مذهب الأسماء خلافًا للفراء, ولا مسمى بها خلافًا لأبي علي وابن برهان، ولا منكرة بعد التسمية بها خلافًا لبعضهم ا. هـ. أما المسألة الأولى فالمعنى أن الفراء أجاز: أدخلوا ثلاث ثلاث وثلاثًا ثلاثًا وخالفه غيره وهو الصحيح. وأما الثانية فقد تقدم التنبه عليها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلى معشر ولهذا أخر حكايتهما عن حكاية أبي عمرو الشيباني. قوله: "مذهوبًا بها مذهب الأسماء" أي: المنكرة أو الجامدة على الوجهين الآتيين عاجلًا في كلام الدماميني, وعلى الأول اقتصر في الهمع. قوله: "خلافًا للفراء" أي: فإنه زعم أن هذه الألفاظ منعت الصرف للعدل والتعريف بنية أل وأنه يجوز جعلها نكرة, ويذهب بها مذهب الأسماء المنصرفة, وظاهر تقريرهم المذكور عن الفراء أن يقال: إنها تصرف بناء على كونها أسماء نكرات وأنها في حالة المنع معارف. وكلام المصنف يقتضي أن الفراء يرى أنها حال منع الصرف صفات وحال الصرف أسماء, وأنها على حالة واحدة بالنسبة إلى التعريف والتنكير. دماميني. ورد قول الفراء بمجيئها أحوالًا وصفات للنكرات.
قوله: "ولا مسمى بها خلافًا لأبي علي وابن برهان" أي: لأن الصفة لما ذهبت خلفتها العلمية, وما نقله عن أبي علي وابن برهان نقله في التصريح عن الأخفش وأبي العباس وغيرهما, وعبارته وقال الأخفش في المعاني وأبو العباس: إنه لو سمي بمثنى أو أحد أخواته انصرف؛ لأنه إذا كان اسمًا فليس في معنى اثنين اثنين وثلاثة وثلاثة وأربعة أربعة, فليس فيه إلا التعريف خاصة, وتبعهما على ذلك الفارسي وارتضاه ابن عصفور وردّ بأن هذا مذهب لا نظير له إذ لا يوجد بناء ينصرف في المعرفة ولا ينصرف في النكرة, وإنما المعروف العكس. وعبارة الفارسي في التذكرة تخالف هذا فإنه قال: الوصف يزول فيخلفه التعريف الذي للعلم والعدل قائم في الحالين جميعًا ا. هـ. وحجة الجمهور أن شبه الأصل من العدل حاصل والعلمية محققة فسبب المنع موجود فالوجه امتناع الصرف ا. هـ.
قوله: "فالمعنى أن الفراء إلخ" مراد الشارح تصوير الذهاب بها مذهب الأسماء, وأما ما نقله البعض عن البهوتي وأقره من أنه لما كان كلام التسهيل يقتضي أن الفراء يوجب صرفها لكونه جوازًا مقابلًا للمنع وهو يقتضي الوجوب, مع أن مذهب الفراء في الواقع جواز كل من الصرف وعدمه احتاج الشارح إلى بيانه بقوله: فالمعنى إلخ, فيردّ بأن الجواز الذي قالوا إنه يقتضي الوجوب هو جواز الشيء شرعًا بعد امتناعه شرعًا لا مطلق الجواز في مقابلة مطلق المنع كما في هذا المقام, ألا ترى أنه لا يفهم من مقابلة منع الصرف بجوازه وجوبه فدعوى اقتضاء كلام التسهيل إيجاب الفراء صرفها غير مسلمة.
قوله: "فقد تقدم التنبيه عليها" أي: في قوله إذا سمي بشيء من هذه الأنواع إلخ. قوله: "لجمع" اعترض بأن الجمعية ليست شرطًا كما صرح به السيوطي وغيره, بل كل ما كان على هذين الوزنين, واستوفى الشروط المذكورة في الشرح منع صرفه وإن فقدت الجمعية, فكان الأولى أن يقول للفظ ويجاب بأن الجمع في كلامه تمثيل لا تقييد, بدليل قوله: ولسراويل إلخ, وإنما آثر
354 | 463(1/352)
ما لا ينصرف
وكن لجمع مشبه مفاعلا أو المفاعيل بمنع كافلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"وكن لجمع مشبه مفاعلًا أو المفاعيل بمنع كافلًا" كافلًا خبر كن، وبمنع متعلق بكافلًا، وكذا الجمع، ومفاعل مفعول بمشبه: يعني أن مما يمنع من الصرف الجمع المشبه مفاعل أو مفاعيل أي: في كون أوله مفتوحًا وثالثه ألفًا غير عوض يليها كسر غير عارض ملفوظ أو مقدر على أول حرفين بعدها ثلاثة أوسطها ساكن غير منوي به وبما بعده الانفصال، فإن الجمع متى كان بهذه الصفة كان فيه فرعية اللفظ بخروجه عن صيغ الآحاد العربية وفرعية المعنى بالدلالة على الجمعية فاستحق منع الصرف. ووجه خروجه عن صيغ الآحاد العربية أنك لا تجد مفردًا ثالثه ألف بعدها حرفان أو ثلاثة إلا وأوله مضموم كعذافر، أو ألفه عوض من إحدى ياءي النسب إما تحقيقًا كيمان وشآم فإن أصلهما يمني وشآمي، فحذفت إحدى الباءين وعوض عنها الألف، أو تقديرًا نحو: تهام وثمان فإن ألفهما موجودة قبل، وكأنهم نسبوا إلى فعل أو فعل ثم
حذفوا إحدى الياءين وعرضوا عنها الألف, أو ما يلي الألف غير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجمع بالتمثيل؛ لأنه الغالب في الوزنين. قوله: "مشبه مفاعلًا" أي: في الحال كمساجد أو في الأصل كعذارى إذ أصله عذارى بكسر الراء وتحريك الياء قلبت الكسرة فتحة والياء ألفًا كما يأتي. قوله: "بمنع" أي: لصرفه فصلة منع محذوفة لدلالة المقام عليها. قوله: "أي: في كون أوله مفتوحًا" خرج به نحو: عذافر وبقوله ثالثه ألفًا غير عوض أي: من إحدى ياءي النسب تحقيقًا أو تقديرًا نحو: يمان وشآم ونحو: تهام وثمان, وبقوله: يليها كسر خرج نحو: براكاء وتدارك وبقوله: غير عارض خرج نحو: تدان وتوان وبقوله: أوسطها ساكن خرج ملائكة وبقوله: غير منوي به وبما بعده الانفصال أي: بأن يكونا غير ياءي النسب بأن يكون الثالث غير ياء كمصابيح أو ياء من بنية الكلمة بأن يكون سابقًا على ألف التكسير ككرسي وكراسي خرج نحو: رباحي وجواري, وجملة الشروط ستة كذا قال شيخنا وتبعه البعض. وفيه أن هذه الأمور المخرجة لم تدخل في موضوع المسألة حتى تخرج بهذه القيود؛ لأن موضوع المسألة الجمع والأمور المخرجة مفردات. والجواب ما علم مما مر أن الجمع مثال لا قيد والمراد الجمع وكل لفظ على أحد الوزنين.
قوله: "فإن الجمع متى كان إلخ" تعليل لقوله: مما يمنع من الصرف الجمع إلخ ولا حاجة لجعله تعليلًا لمحذوف كما زعم البعض. قوله: "كعذافر" هو بمهملة فمعجمة الجمل الشديد واسم من أسماء الأسد. قوله: "كيمان وشآم" بحذف الياء المخففة الساكنة؛ لالتقاء الساكنين هي والتنوين. قوله: "فحذفت إحدى الياءين وعوض عنها الألف" أي: وفتحت همزة شآم لتناسب الألف.
قوله: "أو تقديرًا" قال شيخنا: هو مسلم في تهامى أما ثمان ففيه أن الجوهري قال: إنه منسوب حقيقة كما يأتي ا. هـ. قال الدماميني: والذي دعاهم إلى تقدير نسب نحو: تهام سماعه مصروفًا, فإنهم قالوا: رأيت تهاميا بتخفيف الياء والتنوين فلولا أنه على تقدير النسب لمنع الصرف, وإن كان مفردًا كما منع سراويل ولم يجعلوه كجوار في منع الصرف وجعل التنوين عوضًا؛ لأنه ليس من المنقوص. قوله: "موجودة قبل" أي: قبل ياء النسب. قوله: "وكأنهم نسبوا إلخ" أي:
355 | 463(1/353)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مكسور بالأصالة بل إما مفتوح كبرا كاء، أو مضموم كتدارك، أو عارض الكسر لأجل الاعتلال كتدان وتوان، ومن ثم صرف نحو: عبال جمع عبالة؛ لأن الساكن الذي يلي الألف فيه لا حظ له في الحركة. والعبالة الثقل يقال ألقى عبالته أي: ثقله، أو يكون ثاني الثلاثة متحرك الوسط كطواعية وكراهية، ومن ثم صرف نحو: ملائكة وصيارفة، أو هو والثالث عارضان للنسب منوي بهما الانفصال، وضابطه أن لا يسبقا الألف في الوجود سواء كانا مسبوقين بها كرباحي وظفاري، أو غير منفكين كحواري وهو الناصر وحوالي وهو المحتال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فليس هو على النسب حقيقة كما صرّح به ابن الناظم, لكن في كلام الجوهري ما يخالفه حيث قال: وهو يعني ثمان في الأصل منسوب إلى الثمن؛ لأنه الجزء الذي صير السبعة ثمانية فهو ثمنها, ثم فتحوا أوله؛ لأنهم يغيرون في النسب كما قالوا: دهري وسهلي, وحذفوا منه إحدى ياءي النسب وعوضوا منها الألف كما فعلوا في المنسوب إلى اليمن فتثبت ياؤه عند الإضافة, كما تثبت ياء القاضي فتقول: ثماني نسوة وثماني مائة كما تقول: قاضي عبد الله, وتسقط مع التنوين عند الرفع والجر وتثبت عند النصب؛ لأنه ليس بجمع فيجري مجرى جوار وسوار في ترك الصرف, وما جاء في الشعر غير مصروف فهو على التوهم ا. هـ. عبد القادر المكي وقوله: فيجري إلخ
تفريع على المنفي بالميم.
قوله: "إلى فعل" أي: بفتح العين كما نسبوا إلى يمن أو فعل أي: بسكونها كما نسبوا إلى شأم. قوله: "أو ما يلي الألف إلخ" عطف على قوله: وأوله مضموم وكذا ما يأتي. قوله: "كبراكاء" بالمد والهمز الثبات في الحرب ا. هـ. زكريا ومراده أنه ليس مما منع صرفه لكونه على وزن منتهى الجموع وإن كان مما منع صرفه لألف التأنيث الممدودة. قوله: "كتدان وتوان" أصلهما تدانى وتوانى بضم النون فيهما قلبت الضمة كسرة لتناسب الياء وأعلا إعلال قاض. قوله: "ومن ثم إلخ" أي: من أجل وجود غير كسر تالي الألف أصالة في غير وزن منتهى الجموع. قوله: "لا حظ له في الحركة" أي: لأنه ليس له أصل يرجع إليه في ذلك بخلاف نحو: دواب فإنه من دب والماضي أصل عينه التحريك. قوله: "متحرك الوسط" ينبغي حذف الوسط كما في عبارة التصريح؛ لأن الثاني هو الوسط لا شيء له وسط كما هو ظاهر. قوله: "ومن ثم" أي: من أجل وجود تحرك ثاني الثلاثة في غير وزن منتهى الجموع.
قوله: "أو هو" أي: الثاني وقوله: للنسب أي: تحقيقًا كما في رباحي وظفاري أو تقديرًا كما في جواري وحوالي فالياء فيهما ملحقة بياء النسب؛ لأنهما سمعا مصروفين فقدر فيهما النسب, وإن لم يكونا منسوبين حقيقة, وقوله: منوي
بهما الانفصال صفة لازمة لعارضان للنسب. قوله: "وضابطه" أي: العروض للنسب أن لا يسبقا الألف في الوجود بأن سبقتهما الألف أو قارناها لبناء الكلمة على الجميع, فالأول ما أشار إليه بقوله: مسبوقين بها, والثاني ما أشار إليه بقوله: أو غير منفكين. قوله: "كرباحي" نسبة إلى رباح بلد يجلب منه الكافور وظفاري نسبة إلى ظفار بوزن
356 | 463(1/354)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بخلاف نحو: قماري وبخاتي فإنه بمنزلة مصابيح، وقد ظهر من هذا أن زنة مفاعل ومفاعيل ليست إلا لجمع أو منقول من جمع كما سيأتي. وقد دخل بذكر التقدير نحو: دواب فإنه غير منصرف؛ لأن أصله دوابب فهو على وزن مفاعل تقديرًا.
تنبيهات: الأول لا فرق في منع ما جاء على أحد الوزنين المذكورين بين أن يكون أوله ميمًا نحو: مساجد ومصابيح أو لم يكن نحو: دراهم ودنانير. الثاني: اشتراط كسر ما بعد الألف مذهب سيبوبه والجمهور. قال في الارتشاف:
وذهب الزجاج إلى أنه لا يشترط ذلك فأجاز في تكسير هَبَيّ أن يقال هباي بالإدغام أي: ممنوعًا من الصرف. قال: وأصل الياء عندي السكون ولولا ذلك لأظهرتها. الثالث: اتفقوا على أن إحدى العلتين هي الجمع واختلفوا في العلة الثانية, فقال أبو علي: هي خروجه عن صيغ الآحاد وهذا الرأي هو الراجح, وهو معنى قولهم: إن هذه الجمعية قائمة مقام علتين. وقال قوم: العلة
الثانية تكرار الجمع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قطام مدينة باليمن ا. هـ. زكريا. قوله: "بخلاف قماري وبخاتي" أي: ونحوهما ككراسي فالياء المشددة في نحو: قماري موجودة قبل ألف الجمع؛ لأنها وجدت في المفرد نحو: قمري وهو سابق على الجمع.
فائدة: لو نسبت إلى نحو: قماري صرفت المنسوب؛ لأن هذه الياء الموجودة في المنسوب إليه تحذف ويؤتى بياء النسب وهي لا تؤثر المنع كما قاله الدماميني. قوله: "فإنه بمنزلة مصابيح" أي: في سبق الثاني والثالث على الألف. لا يقال ياء مصابيح لم تكن في المفرد حتى تكون سابقة على ألف الجمع؛ لأنا نقول هي بدل ألف مصباح وللبدل حكم المبدل. قوله: "وقد ظهر من هذا" أي: من عدم وجود مفرد عربي على زنة مفاعل أو مفاعيل بالشروط المذكورة, وقوله: أو منقولة من جمع فيه أنه لم يتعرض فيما مر للمنقول من جمع فكيف قال وقد ظهر من هذا إلخ إلا أن يقال: المراد من قوله سابقًا أنك لا تجد مفردًا أي: أصالة فيكون فيه إشارة إلى وجود المفرد بالنقل فتأمل وقوله كما سيأتي أي: في قوله: وإن به سمي إلخ فهو راجع للثاني فقط. قوله: "وقد دخل بذكر التقدير" أي: في قوله: نعتًا لكسر ملفوظ أو مقدر. قوله: "هبيّ" بفتح الهاء والباء والموحدة وتشديد التحتية: الصبي الصغير والأنثى هبية كذا في القاموس. قوله: "ولولا ذلك لأظهرتها" أي: بالفك لكونها متحركة حينئذٍ فكان يقال هبابي, واعترضه سم بأن اجتماع المثلين في كلمة يوجب الإدغام, وإن كان أولهما متحركًا كما في دواب ونحوه, وأجاب يس بأن الياء لو ظهرت لقيل هبايا لما ستعرفه من قول المصنف:
والمد زيد ثالثًا في الواحد همزًا يرى في مثل كالقلائد وافتح ورد الهمز يا فيما أعل.
وإذا قيل هبايا لم يحصل الإدغام, وفيه عندي نظر وإن أقره غيره لعدم دخول
نحو: هبي في قول المصنف: والمد إلخ؛ لأن ثالثه ليس مدا وإن كان لينًا. قوله:
"وهو معنى قولهم إلخ" أي:
357 | 463(1/355)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تحقيقًا أو تقديرًا فالتحقيق نحو: أكالب وأراهط إذ هما جمع أكلب وأرهط، والتقدير نحو: مساجد ومنابر فإنه وإن كان جمعًا من أول وهلة لكنه بزنة ذلك المكرر, أعني أكالب وأراهط فكأنه أيضًا جمع جمع، وهذا اختيار ابن الحاجب. واستضعف تعليل أبي علي بأن أفعالًا وأفعلا نحو: أفراس وأفلس جمعان ولا نظير لهما في الآحاد وهما مصروفان، والجواب عن ذلك من ثلاثة أوجه: الأول أن أفعالًا وأفعلا يجمعان نحو: أكالب وأناعم في أكلب وأنعام. وأما مفاعل ومفاعيل فلا يجمعان، فقد جرى أفعال وأفعل مجرى الآحاد في جواز الجمع، وقد نص الزمخشري على أنه مقيس فيهما. الثاني أنهما يصغران على لفظهما كالآحاد نحو: أكيلب وأنيعام، وأما مفاعل ومفاعيل فإنهما إذا صغرا ردا إلى الواحد أو إلى جمع القلة, ثم بعد ذلك يصغران. الثالث أن كلا من أفعال وأفعل له نظير من الآحاد يوازنه في الهيئة وعدة الحروف، فأفعال نظيره -في فتح أوله وزيادة الألف رابعة- تفعال نحو: تجوال وتطواف، وفاعال نحو: ساباط وخاتام، وفعلال نحو: صلصال وخزعال. وأفعال نظيره
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخروج أي: مع الدلالة على الجماعة معنى قولهم إلخ. ولك أن تقول يحتمل قولهم المذكور أن العلة الثانية تكرارًا الجمع كما هو اختيار ابن الحاجب. قوله: "من أول وهلة" قال في المصباح: يقال لقيته أول وهلة أي: أول كل شيء. قوله: "ولا نظير لهما في الآحاد" أي: فلو كانت العلة الثانية الخروج عن صيغ الآحاد لمنعا من الصرف. قوله: "فلا يجمعان" أي: جمع تكسير وإلا فقد يجمعان جمع تصحيح كقولهم في نواكس نواكسون, وفي أيامن أيامنون وكقولهم في حدائد: حدائدات وفي صواحب صواحبات, قاله الشارح في آخر باب التكسير. قوله: "فقد جرى أفعال وأفعل إلخ" فإن قلت: هذا لا يدفع الاعتراض؛ لأن هذا لا يقتضي أن لهما نظيرًا في الآحاد قلت: حاصل الجواب أن مرادنا بالخروج عن صيغ الآحاد الخروج عن صيغها لفظًا وحكمًا وأفعال وأفعل لم يخرجا عن حكم الآحاد لجواز جمعهما كالآحاد, وكذا يقال في الجواب الثاني ا. هـ. هندي.
قوله: "وقد نص الزمخشري إلخ" أي: فليس في جمع أكلب وأنعام على أكالب وأناعم شذوذ حتى يضعف به الوجه الأول. قوله: "على أنه" أي: الجمع على مفاعل. قوله: "وأنيعام" بالألف لما سيأتي في قول الناظم:
كذاك ما مدة أفعال سبق إلخ, فلا يقال أنيعيم بقلب الألف ياء بل تبقى الألف. قوله: "أو إلى جمع القلة" قال شيخنا: لعله أراد ما يشمل جمعي التصحيح فإنهما من جموع القلة, فتقول في تصغير مساجد: مسيجدات. قوله: "الثالث" محصله عدم تسليم خروجهما عن صيغ الآحاد لفظًا بإثبات نظائر لهما من الآحاد في الهيئة وعدة الحروف وإن لم تكن مبدوءة بالهمزة مثلهما فكان الأولى تقديمه على الجوابين الأولين؛ لأن محصلهما تسليم خروجهما عن صيغ الآحاد لفظًا وعدم إثبات خروجهما عنها حكمًا. قوله: "تجوال وتطواف" مصدران لجال وطاف وقيل لتجول وتطوف. قوله:
358 | 463(1/356)
ما لا ينصرف
وذا اعْتِلالٍٍ مِنْهُ كالجَوارِي رَفْعًا وجَرًّا أَجْرِهِ كَسارِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في فتح أوله وضم ثالثه تفعل نحو: تتفل وتنضب، ومفعل نحو: مكرم ومهلك، على أن ابن الحاجب لو سئل عن ملائكة لما أمكنه أن يعلل صرفه إلا بأن له في الآحاد نظيرًا نحو: طواعية وكراهية "وذا اعتلال منه كالجواري رفعًا وجرا أحره كسارى" يعني ما كان من الجمع الموازن مفاعل معتلا فله حالتان: إحداهما أن يكون آخره ياء قبلها كسرة نحو: جوار وغواش والأخرى أن تقلب ياؤه ألفًا نحو: عذارى ومدارى، فالأول يجري في رفعه وجره مجرى قاض وسار في حذف يائه وثبوت تنوينه نحو: {وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} [الأعراف: 41] {وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1]، وفي النصب مجرى دراهم في سلامة آخره
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"ساباط" هو سقيفة بين دارين تحتها طريق. قاموس. قوله: "وخاتام" لغة في الخاتم.
قوله: "نحو: صلصال" هو الطين ما لم يجعل خزفًا وخزعال بالخاء المعجمة فالزاي فالعين المهملة هو العرج, يقال ناقة بها خزعال أي: عرج. قوله: "نحو: تتفل" بفوقيتين وفاء ولد الثعلب وتنضب بفوقية فنون فضاد معجمة شجر يتخذ منه السهام. قوله: "نحو: مكرم ومهلك" مصدر أكرم وهلك ويجوز في لام مهلك الفتح والكسر أيضًا فتكون مثلثة. قوله: "على أن ابن الحاجب لو سئل إلخ" قد يقال يمكنه أن يعلل صرفه بأنه لم يتكرر لا تحقيقًا وهو ظاهر إذ هو جمع ملك من أول وهلة ولا تقديرًا؛ لأنه ليس على وزن المكرر الذي هو مفاعل أو مفاعيل؛ لتحرك الوسط في الثلاثة التي بعد الألف. سم بإيضاح. قوله: "منه" صفة لذا أو حال منه وكذا قوله: كالجواري وضمير منه للجمع المتقدم, وقوله: كساري أي: إجراؤه كإجراء ساري أو حالة كونه كسارى. قوله: "يعني ما كان إلخ" لما كان مفهوم قول المصحف كالجواري أن ما كان من معتل منتهى الجموع كالعذارى لا يجري كسار في حذف حرف العلة وثبوت التنوين, بل يبقى فيه حرف العلة ولا يثبت التنوين, قال الشارح: يعني فإتيانه بالعناية المقتضية تضمن كلام المصنف حكم نحو: جوار وحكم نحو: العذارى بالنظر إلى المنطوق والمفهوم وهذا لا ينافي ما سيذكره الشارح من خروج نحو: العذارى عن حكم نحو: جوار بقول المصنف كالجواري, كما لا يخفى على ذي بصيرة, ولغفلة البعض عما ذكرنا زعم أن في كلام الشارح تناقضًا لاقتضاء أول كلامه دخول القسمين في النظم, واقتضاه آخر كلامه خروج الثاني منه, وأنه كان الأولى حذف يعني.
قوله: "أن تقلب ياؤه ألفًا" أي: بعد قلب الكسرة قبلها فتحة كما يأتي. قوله: "نحو: عذارى" جمع عذراء بالمد وهي البكر ومدارى جمع مدرى بكسر الميم والقصر, وهو مثل الشوكة تحك به المرأة رأسها وأصلهما عذارى ومدارى بالكسرة, ثم أبدلت الكسرة فتحة أي: اتباعًا لفتحة ما قبل الألف فقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها ا. هـ. تصريح والذي في شرح الشارح على التوضيح أن مدارى جمع مدراء أي: كحمراء وهي المنتفخة الجنبين وفي القاموس ما يوافقه. وذكر أن الفعل مدر كفرح فهو أمدر وهي مدراء ودالها مهملة. قوله: "في حذف يائه إلخ" أي: لا في جميع الوجوه فإن جره بفتحة مقدرة وتنوينه تنوين عوض بخلاف نحو: قاض فإنه بكسرة مقدرة
359 | 463(1/357)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وظهور فتحته نحو: {سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ} [سبأ: 18]. والثاني يقدر إعرابه ولا ينون بحال، ولا خلاف في ذلك، وهذا خرج من كلامه بقول كالجواري.
تنبيهات: الأول اختلف في تنوين جوار ونحوه: فذهب سيبويه إلى أنه تنوين عوض عن الياء المحذوفة لا تنوين صرف، وذهب المبرد والزجاج إلى أنه عوض عن حركة الياء, ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين. وذهب الأخفش إلى أنه تنوين صرف؛ لأن الياء لما حذفت تخفيفًا زالت صيغة مفاعل وبقي اللفظ كجناح فانصرف، والصحيح مذهب سيبويه.
وأما جعله عوضًا عن الحركة فضعيف؛ لأنه لو كان عوضًا عن الحركة لكان التعويض عن حركة الألف في نحو: موسى وعيسى أولى؛ لأن حاجة المتعذر إلى التعويض أشد من حاجة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتنوينه تنوين صرف كما سينبه عليه الشارح. قوله: " {وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ} " فليال مجرور بفتحة مقدرة على الياء المحذوفة؛ لالتقاء الساكنين منع من ظهورها الثقل نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف لصيغة منتهى الجموع تقديرًا أي: بحسب الأصل. قوله: "في سلامة آخره" أي: من الحذف.
قوله: "وهذا خرج من كلامه" أي: من منطوق كلامه, فلا ينافي دخوله في كلامه مفهومًا, أعني أن حكمه مستفادًا من كلامه بطريق المفهوم؛ ولهذا قال الشارح في أول عبارته: يعني كما أوضحناه سابقًا. قوله: "فذهب سيبويه إلى أنه تنوين عوض عن الياء المحذوفة" خرجه الأكثر على أن الإعلال مقدم على منع الصرف لكون سببه وهو الثقل أمرًا ظاهرًا محسوسًا بخلاف منع الصرف فإن سببه مشابهة الاسم الفعل, وهي خفية فأصل جوار على هذا جواري بالتنوين استثقلت الضمة على الياء فحذفت الضمة فالتقى ساكنان فحذفت الياء؛ لالتقائهما, ثم حذف التنوين لوجود صيغة منتهى الجمع تقديرًا؛ لأن المحذوف لعلة كالثابت, ثم خيف رجوع الياء فأتى بالتنوين عوضًا عنها. وخرجه بعضهم على أن منع الصرف مقدم فأصل جوار على هذا جواري بترك التنوين لصيغة منتهى الجمع, فحذفت ضمة الياء للثقل ثم الياء تخفيفًا ثم أتى بالتنوين عوضًا عنها, فعلم أن سبب الحذف على الأول التقاء الساكنين وعلى الثاني التخفيف, وعليه بنى الشارح السؤال والجواب الآتيين.
قوله: "عوض عن حركة الياء" أي: وحصل التعويض قبل حذف الياء بدليل قوله: ثم حذفت الياء, وهذا بناء على أن منع الصرف مقدم على الإعلال, فأصله على مذهب المبرد جواري بترك التنوين حذف ضمة الياء لثقلها وأتى بالتنوين عوضًا عنها, فالتقى ساكنان فحذفت الياء لالتقائهما. قوله: "لأن الياء لما حذفت تخفيفًا" أي: لالتقاء الساكنين فهو مبني على تقديم منع الصرف على الإعلال. قوله: "لأن حاجة المتعذر إلخ" وجهه أن العامل في كل من المنقوص والمقصور طالب أثرًا, وقد ظهر الأثر مع المنقوص في الجملة لظهوره حالة النصب ولم يظهر في المقصور أثر بالكلية فكان أولى بالتعويض, وبهذا سقط ما يقال كان الظاهر عكس الأولوية؛ لأن التعويض
360 | 463(1/358)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المتعسر، ولألحق مع الألف واللام كما ألحق معهما تنوين الترنم واللازم منتف فيهما فكذا الملزوم. وأما كونه للصرف فضعيف أيضًا إذ المحذوف في قوة الموجود, وإلا لكان آخر ما بقي حرف إعراب, واللازم كما لا يخفى منتف. فإن قلت: إذا جعل عوضًا عن الياء فما سبب حذفهما أولًا؟ قلت: قال في شرح الكافية: لما كانت ياء المنقوص قد تحذف تخفيفًا ويكتفى بالكسرة التي قبلها, وكان المنقوص الذي لا ينصرف أثقل التزموا فيه من الحذف ما كان جائزًا في الأدنى ثقلًا ليكون لزيادة الثقل زيادة أثر، إذ ليس بعد الجواز إلا اللزوم. ا. هـ. واعلم أن ما تقدم عن المبرد من أن التنوين عوض عن الحركة هو المشهور عنه, كما نقل الناظم في شرح الكافية. وقال الشارح: ذهب المبرد إلى أن فيما لا ينصرف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقتضي حذف شيء وإقامة غيره مقامه, والمقصور لم يظهر فيه أثر حتى يقال حذف وعوض عنه التنوين بخلاف المنقوص, فإن الحركات تظهر في لفظه لكن ثقل بعضها فترك وعوض عنه التنوين أفاده البهوتي.
قوله: "ولألحق مع الألف واللام كما ألحق إلخ" أي: بجامع أن كلا من تنوين الترنم وتنوين نحو: جوار على مذهب المبرد عوض عن شيء, فتنوين الترنم عوض عن مدة الإطلاق وتنوين نحو: جوار عوض عن حركة الياء, قال البعض تبعًا لشيخنا: كان الأولى أن يقول الشارح: ولألحق مع الألف واللام؛ لأنه عنده عوض عن الحركة والحركة تجامع الألف واللام ا. هـ. ولعل وجهه أن قياس العوض على المعوض عنه أقرب من قياسه على تنوين الترنم فتأمل، ثم قال البعض: وقد يقال هذا اللازم جار على القول بأنه عوض عن الياء, بل هو أظهر فيه بأن يقال لو كان عوضًا عن الياء لألحق مع الألف واللام كما ألحق معهما تنوين الترنم بجامع أن كلا منهما عوض عن حرف ا. هـ. وقد يجاب بأن التنوين هنا ليس لمحض العوضية عن الياء بل للعوضية عنها ومنع عودها؛ لأنه لا يجمع بين العوض والمعوض عنه فكان كضد الياء التي تجامع الألف واللام فناسب أن لا يجامع الألف واللام فاحفظه فإنه دقيق.
قوله: "واللازم" يعني أولوية التعويض عن حركة الألف في نحو: موسى وعيسى وإلحاق التنوين مع الألف واللام, وقوله: فيهما مرتبط باللازم والضمير للقضيتين المتقدمتين, أعني قوله: لكان التعويض إلخ, وقوله: ولألحق إلخ. قوله: "إذ المحذوف" وهو الياء في قوة الموجود أي: فصيغة منتهى الجمع موجودة تقديرًا. قوله: "فإن قلت إلخ" مبني السؤال والجواب على أن منع الصرف مقدم على الإعلال كما مر. قوله: "فما سبب حذفها" أي: على سبيل الوجوب بقرينة أن الجواب يفيد تعليل حذفها على سبيل الوجوب. قوله: "قد تحذف تخفيفًا" يفيد أن حذف ياء المنقوص غير واجب, ويصرح بذلك قوله: ما كان جائزًا في الأدنى, وفيه نظر, فإن أراد المقرون بأل فليس الكلام فيه ا. هـ. سم على أن المقرون بأل يستوي فيه المنصرف وغيره.
قوله: "وقال الشارح ذهب المبرد إلخ" على هذا يكون المبرد مخالفًا لسيبويه في الساكن
361 | 463(1/359)
ما لا ينصرف
ولِسَراوِيلَ بهذا الجَمْعِ شَبَهٌ اقْتَضَى عُموم المَنْعِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنوينًا مقدرًا بدليل الرجوع إليه في الشعر، وحكموا له في جوار ونحوه بحكم الموجود وحذفوا لأجله الياء في الرفع والجر لتوهم التقاء الساكنين, ثم عوضوا عما حذف التنوين وهو بعيد؛ لأن الحذف لملاقاة ساكن متوهم الوجود مما لم يوجد له نظير ولا يحسن ارتكاب مثله. الثاني: ما ذكر من تنوين جوار ونحوه في الرفع والجر متفق عليه، نص على ذلك الناظم وغيره. وما ذكره أبو علي من أن يونس ومن وافقه ذهبوا إلى أنه لا ينون ولا تحذف ياؤه, وأنه يجر بفتحة ظاهرة وهم، وإنما قالوا ذلك في العلم وسيأتي بيانه. الثالث: إذا قلت: مررت بجوار فعلامة جره فتحة مقدرة على الياء؛ لأنه غير منصرف، وإنما قدرت مع خفة الفتحة؛ لأنها نابت عن الكسرة فاستثقلت لنيابتها عن المستثقل, وقد ظهر أن قوله: كسار إنما هو في اللفظ فقط دون التقدير، لأن سار جره بكسرة مقدرة وتنوينه تنوين التمكين لا العوض؛ لأنه منصرف. وقد تقدم أول الكتاب "ولسراويل بهذا الجمع شبه اقتضى عموم المنع" اعلم أن سراويل اسم مفرد أعجمي جاء على وزن مفاعيل فمنع من الصرف لشبهه بالجمع في الصيغة المعتبرة لما عرفت أن بناء مفاعل ومفاعيل لا يكونان في كلام العرب إلا لجمع أو منقول من جمع، فحق ما وازنهما أن يمنع من الصرف, وإن فقدت منه الجمعية إذا تم شبهه بهما، وذلك بأن لا تكون ألفه عوضًا من إحدى ياءي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الذي ردف الياء فسيبويه يقول: هو التنوين الموجود قبل حذفه, والمبرد يقول: هو التنوين المقدر في كل ممنوع من الصرف وموافقًا له في أن المعوض عنه الياء المحذوفة. قوله: "وحذفوا لأجله الياء" أي: بعد حذف حركتها المقدرة استثقالًا زكريا. قوله: "ساكن متوهم الوجود" هو التنوين المقدر. قوله: " وأنه يجر بفتحة ظاهرة" أي: ويرفع بضمة مقدرة على الياء الموجودة فيقال: جاء جواري بياء ساكنة. وقوله: وإنما قالوا ذلك في العلم أي: في المنقوص العلم كقاض علم امرأة, وقوله: وسيأتي بيانه أي: في شرح قول المصنف وما يكون منه منقوصًا إلخ. قوله: "مع خفة الفتحة" لم يضمر؛ لأنه لو أضمر لرجع الضمير إلى خصوص الفتحة المقدرة على الياء نيابة عن الكسرة فيتدافع مع قوله: فاستثقلت إلخ فالمراد بالفتحة جنسها فليس في قوله: مع خفة الفتحة إظهار في مقام الإضمار. قوله: "ولسراويل" خبر شبه وبهذا متعلق بشبه وفيه تقديم معمول المصدر عليه للوزن, كذا قال خالد وتبعه شيخنا والبعض وفيه مسامحة؛ لأن الظاهر أن شبه اسم مصدر لا مصدر. قوله: "اسم مفرد أعجمي" زاد الفارضي نكرة مؤنث, وقال في القاموس: السراويل فارسية معربة, وقد تذكر, ثم قال: والسراوين بالنون والشروال بالشين أي: المعجمة لغة.
قوله: "لما عرفت إلخ" أي: وإنما كان أعجميا لما عرفت إلخ. قوله: "أو منقول من جمع" وهو ما سمي به من هذا الجمع. قوله: "فحق ما وازنهما" أي: فحق اسم الجنس الذي وازن مفاعل أو مفاعيل, وكأنه تفريع على قوله: منع من الصرف لشبهه بالجمع في الصيغة المعتبرة صرّح به توطئة, لقوله: إذا تم شبهه إلخ. قوله: "وذلك" أي: تمام شبهه بهما بأن لا يكون
362 | 463(1/360)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النسب ولا كسرة ما يلي ألفه عارضة، ولا بعد ألفه ياء مشددة عارضة، ولم يوجد ذلك في مفرد عربي كما مر. ولما وجد في مفرد أعجمي وهو سراويل لم يمكن إلا منعه من الصرف وجهًا واحدًا خلافًا لمن زعم أن فيه وجهين: الصرف ومنعه، وإلى التنبيه على ذلك أشار بقوله:
شَبهٌ اقتضى عمومَ المنعِ أي: عموم منع الصرف في جميع الاستعمال خلافًا لمن زعم غير ذلك. ومن النحوين من زعم أن سراويل عربي, وأنه في التقدير جمع سروالة سمي به المفرد، ورد بأن سروالة لم يسمع. وأما قوله:
1028-
عَلَيهِ منَ اللُّؤْمِ سِرْوالةٌ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلخ. قوله: "ولم يوجد ذلك إلخ" مرتبط بقوله: فحق ما وازنهما أن يمنع من الصرف وإن فقدت منه الجمعية إذا تم شبهه بهما, واسم الإشارة يرجع إلى تمام شبهه بهما وكذا الضمير في قوله: ولما وجد. قوله: "خلافًا لمن زعم إلخ" هو ابن الحاجب حيث قال في الكافية: وسراويل إذا لم يصرف وهو الأكثر فقد قيل إنه أعجمي حمل على موازنة, وقيل عربي جمع سروالة وإذا صرف فلا إشكال ا. هـ. وفي التوضيح ونقل ابن الحاجب أن من العرب من يصرفه وأنكر ابن مالك عليه ذلك ا. هـ. قال الحفيد: لا وجه لإنكاره؛ لأن ابن الحاجب ثقة وقد نقله.
قوله: "وأنه في التقدير إلخ" أي: يقدر أن سراويل كان جمع سروالة فنقل من الجمعية إلى تسمية المفرد به, وسيأتي وجه آخر في معنى العبارة. قوله: "سمي به المفرد" أي: أطلق اسم جنس على هذه الآلة المفردة كما عبر بذلك المرادي. قوله: "ورد بأن سروالة لم يسمع" اعترض بأنه لا يصلح ردا للقول بأنه جمع سروالة تقديرًا؛ لأن تقدير كونه جمعًا لسروالة لا يستلزم سماع سروالة وإنما يصلح ردا للقول بأنه جمع سروالة تحقيقًا كما حكاه السندوبي وغيره, وعبارة
السندوبي: وقيل إنه جمع سروالة تقديرًا أو تحقيقًا بناء على سماع سروالة كما نقل عن أهل اللغة ا. هـ. ويمكن حمل كلام الشارح على هذا القول بأن يراد بقوله في التقدير بحسب الأصل. قوله: "عليه من اللؤم سروالة" تمامه:
فليس يرقّ لمستعطف والضمير في عليه للمذموم واللؤم الدناءة في الأصل والخساسة في الفعل. زكريا. قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1028- عجزه:
فليس يَرِقُّ لمُسْتعطِفِ والبيت من المتقارب، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب 1/ 233؛ والدرر 1/ 188؛ وشرح التصريح 2/ 212؛ وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 270؛ وشرح شواهد الشافية ص100؛ وشرح المفصل 1/ 64؛ ولسان العرب 11/ 334 "سرل"؛ والمقتضب 3/ 346؛ وهمع الهوامع 1/ 25.
363 | 463(1/361)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فمصنوع لا حجة فيه. وذكر الأخفش أنه سمع من العرب من يقول: سروالة. ويرد هذا القول أمران: أحدهما أن سروالة لغة في سراويل؛ لأنها بمعناه فليس جمعًا لها كما ذكره في شرح الكافية، والآخر أن النقل لم يثبت في أسماء الأجناس وإنما ثبت في الأعلام.
تنبيهان: الأول قال في شرح الكافية: وينبغي أن يعلم أن سراويل اسم مؤنث فلو مسي به مذكر ثم صغر لقيل فيه سرييل غير مصروف للتأنيث والتعريف، ولولا التأنيث لصرف كما يصرف شراحيل إذا صغر فقيل شريحيل لزوال صيغة منتهى التكسير. الثاني شذ منع صرف ثمان تشبيهًا له بجواز. نظرًا لما فيه من معنى الجمع وأن ألفه غير عوض في الحقيقة. قال في شرح الكافية: ولقد شبه ثمانيًا بجوار من قال:
1029-
يَحْدُوا ثَمانِيَ مُولَعًا بلَقاحِها حتى هَمَمْنَ بزَيفَةِ الإرْتاجِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"فمصنوع" أي: من كلام المولدين. قوله: "وذكر الأخفش" رد للرد ولرده له احتاج إلى رد آخر فقال: ويرد هذا القول أي: القول بأن سراويل جمع سروالة في التقدير أمران إلخ. وحاصل الأول أنا لا نسلم أن سروالة وإن كانت مسموعة مفرد سراويل بل هي لغة فيه, فلا يصح كونه في التقدير جمع سروالة. وحاصل الثاني أنه لو كان في التقدير جمعًا فسمي به المفرد لاستلزم ذلك نقل الجمع إلى اسم الجنس, وهو منتف؛ لأن الثابت إنما هو نقل الجمع إلى العلم كما في مدائن, وإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم وهو أنه كان في التقدير جمعًا, فسمي به المفرد هذا هو اللائق في تقرير كلامه, وبه يعلم أن دعوى البعض أن الأمر الثاني مبني على تسليم أنه جمع سروالة غير مسموعة وأن تبجحه هنا بما لا ينبغي على من لولاه ما راح ولا جاء لم يتم. نسأل الله العافية. وكيف يليق تسلم كونه جمه سروالة ومنع تسمية المفرد به مع أن الغرض ليس إلا منع كونه جمع سروالة؛ لأنه المنازع فيه لا منع تسمية المفرد به؛ لأن مجرد تسمية المفرد به محل اتفاق فلا يصح منعها فتدبر. بقي أنه قد يبحث في الأمر الأول بمنع أن سروالة بمعنى سراويل بل هي بمعنى قطعة خرقة كما في الرضي, وفي الثاني بأن اختصاص النقل بالأعلام دون أسماء الأجناس مسلم في النقل التحقيقي دون التقديري الذي كلامنا فيه, إلا أن يجاب بأن معنى قوله في التقدير بحسب الأصل كما مر إيضاحه فتنبه. قوله: "اسم مؤنث" وإنما لم تلحقه تاء التأنيث عند تصغيره؛ لأن من شرط لحاقها المؤنث تأنيثًا معنويا عند تصغيره أن يكون ثلاثيا كما سيأتي في قول المصنف:
واختم بتا التأنيث ما صغرت من مؤنث عار ثلاثي كسن قوله: "سرييل" أصله سريويل فقلبت الواو ياء لاجتماعها مع الياء وسبق إحداهما بالسكون. قوله: "للتأنيث" أي: لكون اللفظ مؤنث وضعا كزينب. قوله: "لزوال صيغة منتهى التكسير" أي: مع عدم ما يخلفها في المنع بخلاف الأول. قوله: "يحدو ثماني إلخ" الحدو سوق الإبل والغناء لها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1029- البيت من الكامل، وهو لابن ميادة في ديوانه ص91؛ وخزانة الأدب 1/ 157؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 297؛ ولسان العرب 13/ 80 "ثمن"؛ وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب ص164؛ والكتاب 3/ 231؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص47؛ والمقاصد النحوية 4/ 352.
364 | 463(1/362)
ما لا ينصرف
وإنْ بِهِ سُمِّيَ أو بِما لَحِقْ بهِ فالانصِرافُ مَنْعُهُ يَحِقّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والمعروف فيه الصرف لما تقدم. وقيل هما لغتان "وإن به سمي أو بما لحق به فالانصراف منعه يحق" يعني أن ما سمي به من مثال مفاعل أو مفاعيل فحقه منع الصرف, سواء كان منقولًا من جمع محقق كمساجد اسم رجل أو مما لحق به من لفظ أعجمي مثل سراويل وشراحيل، أو لفظ ارتجل للعلمية مثل هوازن. قال الشارع: والعلة منع صرفه ما فيه من الصيغة مع أصالة الجمعية أو قيام العلمية مقامها، فلو طرأ تنكيره انصرف على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومولعًا بفتح اللام حال من الضمير في يحدو من أولع بالشيء أغري به, واللقاح بفتح اللام ماء الفحل وأما بكسرها فجع لقحة وهي الناقة التي تحلب, وليس مرادًا هنا, والزيفة بفتح الزاي الميلة والارتاج بالكسر من ارتجت الناقة إذا أغلقت رحمها على الماء. والمعنى من شدة طربهن من الحدو هممن بميلهن عن الارتاج كذا في العيني. قوله: "من لفظ أعجمي" بيان لما لحق أي: من اسم جنس مفرد أعجمي. قوله: "وشراحيل" مقتضى سياقه أنه اسم جنس مثل سراويل لا علم ولم يذكر في القاموس إلا أنه علم فتدبر.
قوله: "أو لفظ" هكذا في النسخ بالجر عطفًا على لفظ الأول أو على جمع, قال البعض والصواب النصب عطفا على منقولًا؛ لأن العلم المرتجل مقابل للعلم المنقول لا أن الثاني منقول عن الأول ا. هـ. بإيضاح وهو تصويب في غير محله لإمكان تصحيح عبارة الشارح بجعل قوله: أو مما لحق به عطفا على منقولا وجعل من فيه تبعيضية لا صلة النقل, وجعل قوله أو لفظ عطفا على لفظ الأول. والمعنى أو كان ما سمي به من مثال مفاعل أو مفاعيل بعض ما لحق بالجمع من اسم جنس أعجمي أو لفظ ارتجل للعلمية ويرجع هذا أنه عليه يكون اللفظ المرتجل للعلمية داخلًا فيما لحق بالجمع فيكون مما شمله قول المصنف, وإن به سمي أو بما لحق إلخ بخلافه على نصب لفظ عطفا على منقولًا, فإنه يكون هذا القسم زائدًا على كلام المصنف فينافي تصدير الشارح العبارة بالعناية, فعض على هذا التحقيق والله ولي العناية. ثم لا بد من كون هذا اللفظ المرتجل للعلمية أعجميا؛ لئلا ينافي ما أسلفه الشارح من أن هذا الوزن لا يكون في العربية إلا جمعا أو منقولا عن الجمع. لا يقال يدخل هذا القسم حينئذ في قوله: من لفظ أعجمي؛ لأنا نقول قد أسلفنا أن المراد باللفظ الأعجمي اسم الجنس المفرد الأعجمي.
قوله: "مثل هوازن" كذا في نسخ وهي ظاهرة, وفي نسخ أخرى مثل كشاجم بشين معجمة ثم جيم واعترض عليها بأن كشاجم بضم الكاف اسم الشاعر المعروف. وأجيب بأنه يحتمل أن مراد الشارح اسم آخر مفتوح الكاف غير اسم الشاعر. قوله: "والعلة في منع صرفه" أي: ما سمي به من ذلك. قوله: "ما فيه من الصيغة مع أصالة الجمعية" هذه العلة الأولى قاصرة على ما سمي به من الجمع كمساجد علم رجل, ولا تشمل نحو: سراويل وشراحييل, ولا نحو: هوازن وكشاجم ولعل العلة في هذين القسمين ما قاله البعض من وجود صيغة منتهى الجمع قبل العلمية وبعدها.
365 | 463(1/363)
ما لا ينصرف
والعَلمَ امْنَعْ صَرْفَهُ مُرَكَّبَا تَرْكيبَ مَزْجٍ نحوُ مَعْديكربا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقتضى التعليل الثاني دون الأول ا. هـ. قال المرادي: قلت مذهب سيبويه أنه لا ينصرف بعد التنكير لشبهه بأصله. ومذهب المبرد صرفه لذهاب الجمعية، وعن الأخفش القولان، والصحيح قول سيبويه؛ لأنهم منعوا سراويل من الصرف وهو نكرة وليس جمعًا على الصحيح ا. هـ "والعلم امنع صرفه مركبًا مزج نحو معد يكربا" قد تقدم أن ما لا ينصرف على ضربين: أحدهما ما لا ينصرف في تعريف ولا تنكير، والثاني ما لا ينصرف في التعريف وينصرف في التنكير، وقد فرغ من الكلام على الضرب الأول. وهذا شروع في الثاني وهو سبعة قسام كما مر: الأول المركب تركيب المزج نحو: بعلبك وحضرموت ومعد يكرب لاجتماع فرعية المعنى بالعلمية وفرعية اللفظ بالتركيب، والمراد بتركيب المزج أن يجعل الاسمان اسمًا واحدًا لا بإضافة ولا بإسناد بل ينزل عجزه من الصدر منزلة تاء التأنيث ولذلك التزم فيه فتح آخر الصدر, إلا إذا كان معتلا فإنه يسكن نحو: معد يكرب؛ لأن ثقل التركيب أشد من ثقل التأنيث، فجعلوا لمزيد الثقل مزيد تخفيف بأن سكنوا ياء معد يكرب ونحوه، وإن كان مثلها قبل تاء التأنيث يفتح نحو: رامية وعارية، وقد يضاف أول جزأي: المركب إلى ثانيهما فيستصحب سكون ياء معد يكرب ونحوه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "أو قيام العلمية مقامها" أي: أو ما فيه من الصيغة مع قيام علميته مقام جمعيته التي كانت له أو جمعية غيره. قوله: "التعليل الثاني" هو ما فيه من الصيغة مع قيام العلمية مقام الجمعية. وقوله: دون الأول هو ما فيه من الصيغة مع أصالة الجمعية. قوله: "لذهاب الجمعية" أي: بالعلمية التي خلفت الجمعية ثم زالت بلا خلف عنها.
قوله: "لأنهم منعوا سراويل إلخ" فيه رد لتعليل المبرد الصرف بذهاب الجمعية. قوله: "والعلم" مفعول لمحذوف يفسره المذكور باللزوم أي: اقصد العلم امنع صرفه فهو على حد زيدًا أكرم أخاه، قوله: "مركبًا تكريب مزج" أي: غير عددي وغير مختوم بويه كما يؤخذ من قوله نحو: معد يكرب, على ما يأتي. قوله: "ما لا ينصرف في تعريف ولا تنكير" هو ما إحدى علتيه الوصفية وهو ثلاثة وما منع صرفه لعلة واحدة وهو اثنان. قوله: "والثاني ما لا ينصرف إلخ" ضابطه ما إحدى علتيه العلمية. قوله: "بل ينزل عجزه إلخ" التعريف للمركب المزجي المعرب فلا اعتراض بأن المركب العددي والمختوم بويه, والمركب من الأحوال والظروف مركبات مزجية, مع أن التعريف لا يصدق عليها أفاده شيخنا السيد. قوله: "منزلة تاء التأنيث" أي: في أن الإعراب على العجز وما قبله ملازم لحالة واحدة وهي الفتح إلا نحو: معد يكرب كما سيذكره الشارح.
قوله: "ولذلك" أي: للتنزيل المذكور, وقوله: فإنه يسكن أي: يبقى على سكونه. قوله: "بأن سكنوا" الباء سببية متعلقة بمزيد تخفيف أو تصويرية للجعل المذكور. وقوله ونحوه كقالي قلا اسم موضع. وقوله: وإن كان مثلها أي: الياء.
قوله: "وقد يضاف أول جزأي المركب" أي: المزجي سواء كان آخر صدره ياء أو لا فأل للعهد الذكرى لكنه بعد الإضافة لا يسمى مركبًا مزجيا؛ لأن
366 | 463(1/364)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تشبيهًا ببناء دردبيس، فيقال: رأيت معد يكرب؛ ولأن من العرب من يسكن مثل هذه الياء في النصب مع الإفراد تشبيهًا بالألف, فالتزم في التركيب لزيادة الثقل ما كان جائزًا في الإفراد، ويعامل الجزء الثاني معاملته لو كان منفردًا، فإن كان فيه مع التعريف سبب مؤثر امتنع صرفه كهرمز من رام هرمز؛ لأن فيه مع التعريف عجمة مؤثرة فيجر بالفتحة ويعرب الأول بما تقتضيه العوامل نحو: جاء رام هرمز ورأيت رام هرمز ومررت برام هرمز.
ويقال في حضرموت هذه حضرموت ورأيت حضرموت ومررت بحضرموت؛ لأن موتًا ليس فيه من التعريف سبب ثان، وكذلك كرب في اللغة المشهورة، وبعض العرب لا يصرفه حينئذٍ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإضافي قسيم المزجي فتسميته مزجيا باعتبار حالته الأخرى أعني حالة مزجه. واعلم أن هذه الإضافة لفظية لا معنوية؛ لأن بكا مثلًا ليس اسمًا لشيء أضيف إليه بعل حتى تظهر ثمرة الإضافة المعنوية, بل هو بمنزلة الراء من جعفر فلا فرق في المعنى بين الإضافة وعدمها, ولا فائدة لها إلا التنبيه على شدة امتزاج الكلمتين واتحادهما؛ لأن المتضايفين كالشيء الواحد, ولا ينافيه حصول هذه الفائدة بالمزج؛ لأن فائدة الشيء قد تحصل بغيره أيضًا.
قوله: "فيستصحب سكون إلخ" أي: في الأحوال الثلاثة, وقيل تفتح في النصب وتسكن في الرفع والجر. قوله "تشبيها بياء دردبيس" أي: بجامع أن كلا من الياءين وسط, وإن كان دردبيس كلمة تحقيقًا ومعد يكرب كلمة تنزيلا, ودردبيس اسم للداهية والعجوز الفانية وخرزة للحب قاله في القاموس. قوله: "ولأن من العرب من يسكن مثل هذه الياء إلخ" المتبادر أن ذلك على سبيل الجواز لا الوجوب وإن نقله البعض عن البهوتي وأقره وقوله: مع الإفراد أي: عدم التركيب كقوله:
ولو أن واش باليمامة داره وقوله: تشبيها بالألف في نحو: الفتى بجامع؛ أن كلا حرف علة, وقوله: ما كان جائزًا في الإفراد معنى جوازه في الإفراد أن بعض العرب يجيز التسكين والفتح حال النصب, وإن كان البعض الآخر يوجب الفتح أو أن اللفظ في حد ذاته بقطع النظر عن لغة مخصوصة يجوز فيه حال النصب الفتح كما هو لغة بعض العرب, والتسكين كما هو أحد وجهين جائزين عند بعض آخر, وعلى فرض أن من يسكن يوجب التسكين معنى جوازه في الإفراد أن اللفظ في حد ذاته بقطع النظر عن لغة مخصوصة يجوز فيه حال النصب الفتح كما هو لغة بعض العرب والتسكين كما هو لغة بعض آخر. قوله: "ويعامل الجزء الثاني إلخ" معطوف على يضاف فمعاملة الجزء الثاني المذكور على لغة إضافة صدره إلى عجزه كما قاله المرادي, وقوله: معاملته أي: معاملة نفسه في الصرف وعدمه.
قوله: "فإن كان فيه مع التعريف" إنما قال: مع التعريف؛ لأن المركب لم يخرج عن العلمية بهذا الإعراب, فهو معرفة وجزء المعرفة هنا كالمعرفة سم قوله: "وبعض العرب لا يصرفه" أي:
367 | 463(1/365)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيقول في الإضافة: هذا معد يكرب فيجعله مؤنثًا. وقد يبنيان معًا على الفتح ما لم يعتل الأول فيسكن تشبيهًا بخمسة عشر. وأنكر بعضهم هذه اللغة وقد نقلها الأثبات. وقد سبق الكلام على ذلك في باب العلم.
تنبيهان: الأول أخرج بقوله: معد يكرب ما ختم بويه؛ لأنه مبني على الأشهر، ويجوز أن يكون لمجرد التمثيل, وكلامه على عمومه ليدخل على لغة من يعربه، ولا يرد على لغة من بناه؛ لأن باب الصرف إنما وضع للمعربات، وقد تقدم ذكره في باب العلم. الثاني احترز بقوله: تركيب العدد نحو: خمسة عشرة فمتحتم البناء عند البصريين، وأجاز فيه الكوفيون إضافة صدره إلى عجزه وسيأتي في بابه، فإن سمي به ففيه ثلاثة أوجه: أن يقر على حاله، وأن يعرب إعراب ما لا ينصرف، وأن يضاف صدره إلى عجزه. وأما تركيب الأحوال والظروف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كربا, حينئذ أي: حين إذ أضيف إليه معدي. قال الخبيصي: من قدر كربا اسمًا للكربة منع صرفه, ومن قدره اسما للحزن صرفه, ومن قدر بكا وقلا في بعلبك وقالى قلا, ونحو ذلك اسما للبقعة منعه من الصرف, ومن قدره اسمًا لموضع أو مكان صرفه. دماميني. قوله: "فيجعله مؤنثًا" لو قال كابن الناظم يجعله مؤنثًا لكان أولى؛ لأن جعله مؤنثًا لا يتفرع عل ما قبله, بل هو سبب لما قبله. قوله: "تشبيهًا بخمسة عشر" تعليل لبناء الجزأين على الفتح, والمعنى تشبيهًا للنوع المتكلم فيه من المزجي, وهذا النوع منه هو المعرب بنوع آخر منه ليس الكلام فيه, وهو المبنى فلا ينافي كلامه أن المركب العددي من المزجي. قوله: "وقد نقلها الأثبات" جمع ثبت بفتح المثلثة وسكون الموحدة وهو الثقة. قوله: "أخرج بقوله: معد يكربًا إلخ" فيه أن المثال لا يخصص ا. هـ. سم وأجاب شيخنا بأن الناظم كثيرًا ما يستغني بالتمثيل عن التقييد. أي: وقولهم المثال لا يخصص معناه أنه ليس نصا في التخصيص, فلا ينافي أنه راجح فيه لقرينة كعادة الناظم فافهم. قوله: "لأنه مبني" أي: على الكسر أما البناء؛ فلأن ويه اسم صوت, وأما الكسر فعلى أصل التقاء الساكنين.
قوله: "ليدخل على لغة من يعربه" اعلم أن سيبويه لا يجوز فيه البناء على الكسر وأما الجرمي فجوز إعرابه إعراب ما لا ينصرف, قال أبو حيان: وهو مشكل إلا أن يستند إلى سماع وإلا لم يقبل؛ لأن القياس البناء لاختلاط الاسم بالصوت وصيرورتهما اسمًا واحدًا. قوله: "وقد تقدم ذكره في باب العلم" أي: ذكر المختوم بويه بما فيه من اللغات بعضها في المتن وبعضها في الشرح أي: فلا حاجة إلى استقصائها هنا حتى يرد أنه لم يذكر فيه جواز الإضافة كغير المختوم بويه. قوله: "شغر بغر" بغين معجمة مفتوحة فيهما مع فتح أول كل وكسره يقال ذهب القوم شغر بغر أي: متفرقين من أشغر في البلد أبعد وبغر النجم سقط؛ لأنهم بتفرقهم تباعد بعضهم عن بعض وسقطوا في الأماكن التي تفرقوا إليها أفاده الدماميني. وهذا المثال والمثال الثاني لما ركب من الأحوال, وأما الثالث فلما ركب من الظروف الزمانية.
368 | 463(1/366)
ما لا ينصرف
كَذاكَ حاوِي زائِدَيْ فَعْلانَا كَغَطَفَانَ وكَأَصْبَهانَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحو: شعر بغر وبيت بيت وصباح مساء إذا سمي به أضيف صدره إلى عجزه وزال التركيب. هذا رأي سيبويه. وقيل يجوز فيه التركيب والبناء "كذاك حاوي زائدي فعلانا كغطفان وكأصبهانا" يعني أن زائدي فعلان يمنعان مع العلمية في وزن فعلان وفي غيره نحو: حمدان وعثمان وعمران وغطفان وأصبهان. وقد نبه على التعميم بالتمثيل.
تنبيهات: الأول علامة زيادة الألف والنون سقوطهما في بعض التصاريف كسقوطهما في رد نسيان وكفران إلى نسي وكفر، فإن كانا فيما لا يتصرف فعلامة الزيادة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وبيت وبيت" تقول: هو جاري بيت بيت, وأصله بيتًا ملاصقًا لبيت فحذف الجار وهو اللام وركب الاسمان, وعامل الحال ما في قوله: جاري من معنى الفعل فإنه في معنى مجاوري. وجوزوا أن يكون الجار المقدر إلى وأن لا يقدر جار أصلًا بل العاطف. شرح الشذور. قوله: "وصباح ومساء" تقول فلان يأتينا صباح مساء أي: كل صباح ومساء فحذف العاطف وركب الظرفان قصدًا للتخفيف, ولو أضفت فقلت: صباح مساء لجاز أي: صباحًا مقترنًا بمساء ا. هـ. شرح الشذور وظاهره أن العاطف الذي تضمنه التركيب الواو, وفي الرضي أنه الفاء؛ لأن الفاء للتعقيب فتقيد العموم إذ المعنى يأتينا صباحًا فمساء عقبه بلا فصل إلى ما لا يتناهى, فليراجع الرضي. ومثال الظروف المكانية قولهم: سهلت الهمز بين بين وأصله بينها وبين حرف حركتها فحذف ما أضيف إليه بين الأولى وبين الثانية وحذف العاطف وركب الظرفان يس. قوله: "وقيل يجوز فيه التركيب والبناء" أي: كحالة قبل التسمية به فالتركيب والبناء وجه واحد. هذا هو المتبادر ويؤيده أن المعرفة إذا أعيدت معرفة كانت عينًا فيكون المراد التركيب المذكور في قوله: وزال التركيب. وفي قوله: وأما تركيب الأحوال والظروف ومن ادعى غير ذلك كالبعض والبهوتي فعليه الإثبات. قوله: "كذاك حاوي" أي: علم حاوي زائدي فعلانًا.
فائدة: قال أبو الفتح: إذا سميت رجلًا ذان صرفته؛ لأن ألفه وإن كانت زائدة فإنها لما عاقبت ألف ذا التي هي عين جرب مجرى الأصل وأما زيدان المسمى به رجل فإنه لا ينصرف؛ لأنه يبقى بعد إسقاط زائديه ثلاثة أحرف, وهذا شيء يكون وضع الأسماء المعربة عليه. وأما ذان فإنه يبقى بعد الحذف على حرف واحد نقله سم. قوله: "كغطفان" بفتح الغين المعجمة والطاء المهملة اسم قبيلة من العرب سميت باسم أبيها تصريح. قوله: "وكأصبهانا" بفتح الهمزة وكسرها وبفتح الباء الموحدة عند أهل المغرب والفاء عند أهل المشرق اسم مدينة بفارس سميت باسم أول من نزلها, وأصبه اسم فرس كذا في التصريح. قال في القاموس: وهي كلمة أعجمية وأصلها أسباهان أي: الأجناد؛ لأنهم سكنوها وفي كلامه ما يفيد أن فتح الهمزة أكثر من كسرها وأن الموحدة أكثر من الفاء.
قوله: "فعلامة الزيادة إلخ" فإذا جهل كل من زيادة الألف والنون وأصالتهما فسيبويه والخليل يمعنان الصرف لحوقًا بالأكثر وغيرهما لا يحتم الزيادة إلا بدليل ا. هـ. حفيد. قوله:
369 | 463(1/367)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن يكون قبلهما أكثر من حرفين أصولًا، فإن كان قبلهما حرفان ثانيهما مضعف فلك اعتباران: أن قدرت أصالة التضعيف فالألف والنون زائدتان، وإن قدرت زيادة التضعيف فالنون أصلية. مثال ذلك: حسان إن جعل من الحس فوزنه فعلان، وحكمه أن لا ينصرف وهو الأكثر فيه، ومن شعره:
1030-
ما هاجَ حَسَانَ رُسُومُ المَدَامْ ومَظْعَنُ الحَيِّ ومَبنَى الخِيامْ وإن جعل من الحسن فوزنه فعال، وحكمه أن ينصرف. وشيطان إن جعل من شاط يشيط إذا احترق امتنع صرفه، وإن جعل من شطن انصرف. ولو سميت برمان فذهب سيبويه والخليل إلى المنع لكثرة زيادة النون في نحو: ذلك، وذهب الأخفش إلى صرفه؛ لأن فعالًا في النبات أكثر، ويؤيده قول بعضهم: أرض مرمنة. الثاني إذا أبدل من النون الزائدة لام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"فإن كان قبلهما حرفان إلخ" يتبادر إلى الوهم أن هذا مفهوم قوله: أكثر من حرفين أصولًا, وليس كذلك؛ لأنه يلزم عليه أن يكون قوله: فإن كان قبلها حرفان إلخ, من صور ما إذا كانا فيما لا ينصرف وليس كذلك, بدليل التمثيل بحسان وحينئذ فهو كلام مستقل. قوله: "إن قدرت أصالة التضعيف" أي: أصالة ما حصل به التضعيف وهو الحرف الثاني, قيل لبعضهم: أتصرف عفان قال: إن هجوته أي: لأنه حينئذ من العفونة لا إن مدحته أي: لأنه حينئذ من العفة. قوله: "إن جعل من الحق إلخ" عبارة مستقيمة مناسبة, واعتراض البعض عليها بأن المناسب لقوله: إن قدرت إلخ أن يقول: إن جعل وزنه فعلان إلخ, وإن جعل وزنه فعال إلخ بإسقاط من الحس ومن الحسن غير ناهض كما لا يخفى ودعواه أن الكلام فيما لا ينصرف فلا يلائمه قوله: من الحس ومن الحسن قد عرفت منعه, وما يتبادر من العبارة أن المتكلم بنحو: حسان مخير في الصرف وعدمه نظرًا للاعتبارين مسلم ولا ينافيه ما سيأتي في رمان من الخلاف؛ لأن فيه وجد المرجح لأحد الاعتبارين عند القائل بصرفه, والقائل بمنع صرفه بخلاف نحو: حسان.
قوله: "وشيطان إلخ" استطراد؛ لأنه صفة والكلام في الأعلام؛ ولأنه غير مضاعف وكلام الشارح في المضاعف, وقد يبحث في العلة الأولى بأن المراد شيطان المسمى به. قوله: "من شطن" أي: بعد عن الحق وبابه قعد. مصباح. قوله: "لأن فعالًا في النبات أكثر" أي: من فعلان بالضم. قوله: "مرمنة" كذا بخط الشارح وفي بعض النسخ رمنة, والمعنى كثيرة الرمان, كذا قال شيخنا وغيره وسها البعض فعكس وضبط شيخنا السيد مرمنة بفتح الميم أي: الأولى والثانية, ويؤيده ضبطه بالقلم هكذا في النسخ الصحيحة من القاموس. قوله: "إذا أبدل من النون الزائدة لام إلخ" حاصله أن النظر للأصل لا للطارئ ا. هـ. سم أي: في الصورتين اللتين ذكرهما الشارح. قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1030- البيت من السريع، وهو في ديوان حسان ص184.
370 | 463(1/368)
ما لا ينصرف
كذ مُؤنَّثٌ بهاءٍ مُطْلَقا وشرْطُ منعِ العار كونُهُ ارْتَقَى
فوق الثلاثِ أو كحُورَ أو سَقَرْ أو زَيدٍ اسمَ امرأةٍ لا اسمَ ذَكَرْ
وَجْهانِ في العادِمِ تَذْكيرًا سَبَقْ وعُجْمةً كهَنْدَ والمَنْعُ أحقّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منع الصرف إعطاء للبدل حكم المبدل، مثال ذلك أصيلال فإن أصله أصيلان، فلو سمي به منع, ولو أبدل من حرف أصلي نون صرف بعكس أصيلال. ومثال ذلك حنان في حناء أبدلت همزته نونًا. الثالث ذهب الفراء إلى منع الصرف للعلمية وزيادة ألف قبل نون أصلية تشبيهًا لها بالزائدة نحو: سنان وبيان، والصحيح صرف ذلك "كذا مؤنث بهاء مطلقًا وشرط منع العار كونه ارتقى. فوق الثلاث أو كجور أو سقر أو زيد اسم امرأة لا اسم ذكر وجهان في العادم تذكيرًا سبق وعجمة كهند والمنع أحق" مما يمنع الصرف اجتماع العلمية والتأنيث بالتاء لفظًا أو تقديرًا: أما لفظًا فنحو: فاطمة وإنما لم يصرفوه لوجود العلمية في معناه ولزوم علامة التأنيث في لفظه، فإن العلم المؤنث لا تفارقه العلامة، فالتاء فيه بمنزلة الألف في حبلى وصحراء فأثرت في منع الصرف بخلافها في الصفة. وأما تقديرًا ففي المؤنث المسمى في الحال كسعاد وزينب أو في الأصل، كعناق اسم رجل وأقاموا في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"أصيلان" تصغير أصيل على غير قياس ا. هـ. تصريح والأصيل العشي كما في القاموس. قوله: "صرف" لأصالة النون حينئذ؛ لأنها بدل من أصلي. قوله: "حنان" أي: مسمى به؛ لأن الكلام في العلم. قوله: "كذا مؤنث" أي: علم مؤنث, وكذا جزء علم مؤنث كما في أبي هريرة وأبي قحافة سم. قوله: "مطلقًا" حال من الضمير في الخبر.
قوله: "وشرط منع العار" أي: المؤنث العاري من الهاء. قوله: "فوق الثلاث" على حذف مضاف أي: فوق ذي الثلاث؛ لأن الاسم لا يرتقي فوق الأحرف الثلاثة, وإنما يرتقي فوق اسم آخر ذي أحرف ثلاثة كذا في الشاطبي. قوله: "أو كجور" عطف على محل ارتقى. وقوله: أو ستقر أو زيد عطفان على جور. وقوله: اسم امرأة حال من زيد. قوله: "وجهان" مبتدأ والمسوغ كونه في معرض التقسيم وفي العادم خبر. وتذكيرًا مفعول العادم وسبق جملة في محل نصب نعت تذكيرًا وعجمة عطف على تذكيرًا وكان عليه أن يزيد وتحرك الوسط إلا أن يقال هو مأخوذ من قوله: كهند. قوله: "في معناه" أي: فيه باعتبار وضعه لمعناه المشخص ففيه مسامحة. قوله: "ولزوم علامة التأنيث في لفظه" اعترضه سم بأنه مناف لما تقدم من الفرق بين ألف التأنيث وتائه حيث استقلت الأولى بالمنع دون الثانية, بأن الأولى لازمة لما هي فيه دون الثانية. وأجيب بأن الألف لازمه مطلقا أي: في العلم وغيره كالصفة والتاء ليست كذلك بل إنما تلزم في العلم وكلامنا الآن في العلم.
قوله: "بخلافها في الصفة" أي: بخلاف التاء حالة كونها في الصفة كقائمة وقاعدة فإنها لا تؤثر فيها؛ لأنها في حكم الانفصال فإنها تارة تجرد منها وتارة تقترن بها تصريح. قوله: "ففي المؤنث المسمى" من إضافة الوصف إلى مرفوعه أي: المؤنث مسماه وقول البعض أي: المسمى
371 | 463(1/369)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذلك كله تقدير التاء مقام ظهورها. إذا عرفت ذلك فالمؤنث بالتاء لفظًا ممنوع من الصرف مطلقًا: أي: سواء كان مؤنثا في المعنى أم لا، زائدًا على ثلاثة أحرف أم لا، ساكن الوسط أم لا إلى غير ذلك مما سيأتي: نحو: عائشة وطلحة وهبة. وأما المؤنث المعنوي فشرط تحتم منعه من الصرف أن يكون زائدًا على ثلاثة أحرف نحو: زينب وسعاد؛ لأن الرابع ينزل منزلة تاء التأنيث أو محرك الوسط كسقر ولظى؛ لأن الحركة قامت مقام الرابع خلافًا لابن الأنباري فإنه جعله ذا وجهين. وما ذكره في البسيط من أن سقر ممنوع الصرف باتفاق ليس كذلك، أو يكون أعجميا كجور وماه اسمي بلدين؛ لأن العجمة لما انضمت إلى التأنيث والعلمية تحتم المنع، وإن كانت العجمة لا تمنع صرف الثلاثي؛ لأنها هنا لم تؤثر منع الصرف, وإنما أثرت تحتم المنع. وحكى بعضهم فيه خلافًا فقيل: إنه كهند في جواز الوجهين أو منقولًا من مذكر نحو: زيد إذا سمي به امرأة؛ لأنه حصل بنقله إلى التأنيث ثقل عادل خفة اللفظ. هذا مذهب سيبويه والجمهور، وذهب عيسى ابن عمر والجرمي والمبرد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
به؛ لأن الكلام في اللفظ غفلة ناشئة عن توهم أن المسمى صفة للمؤنث وليس كذلك كما علمت, بدليل قوله: في الحال كسعاد وزينب أو في الأصل إلخ فلا تكن من الغافلين. قوله: "وهبة" أي: علمًا. قوله: "وأما المؤنث المعنوي" أي: ما ليس علامته لفظية وإلا فالتأنيث مطلقًا راجع للفظ كما تقدم؛ لأن علامته الملفوظة أو المقدرة لفظية ا. هـ. يس وأراد باللفظية أولًا الظاهرة وثانيًا الأعم فلا تناقض, ومعنى كون المقدرة لفظية أنها ترجع للفظ والمراد المؤنث المعنوي من الأعلام؛ لأنها موضع الكلام.
قوله "لأن الحركة قامت مقام الرابع" لأن الاسم بالحركة خرج عن أعدل الأسماء وهو الثلاثي الساكن الوسط فصار كالرباعي في الثقل؛ ولأنها في النسب كالحرف الخامس, فلو نسبت إلى جمزى لقلت جمزي بحذف الألف لا غير, ولو كان الوسط ساكنًا لجاز فيه الحذف والقلب واوًا تقول في النسب إلى حبلى حبلي أو حبلوي كما سيأتي دنوشري. قوله: "اسمي بلدين" ينبغي أن يقول: اسمي بلدتين ليكون جور وماه مما نحن فيه وأما إذا جعلا اسمي بلدين كانا مذكرين فيكونان مثل نوح ولوط في الصرف. قوله: "أو منقولًا من مذكر إلخ" لي ههنا بحث وهو أنه كيف يتحتم منع نحو: زيد إذا سمي به مؤنث عند سيبويه والجمهور ولا يتحتم عندهم منع نحو: هند مع عروض تأنيث الأول وأصالة تأنيث الثاني ومع استوائهما في عدد الحروف وفي الهيئة وهلا جاز الوجهان في الأول كالثاني أو تحتم منع الثاني كالأول ومن هنا تظهر قوة مذهب عيسى بن عمر والجرمي والمبرد فتأمل. قوله: "وذهب عيسى إلخ" استدلوا بقوله تعالى: {اهْبِطُوا مِصْرًا} مع قوله: وقال {ادْخُلُوا مِصْرَ} فإن مصر في الأصل اسم لمذكر وهو ابن نوح, ثم نقل وجعل علمًا على البلدة, وهي مؤنثة فصار كزيد المذكور وجوابه أنا لا نسلم علمية المنصرف سلمنا لكن لا نسلم أنه مؤنث بل يجوز أن يكون قد لحظ فيه المكان دماميني.
372 | 463(1/370)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلى أنه ذو وجهين. واختلف النقل عن يونس، وأشار بقوله: وجهان في العادم تذكيرًا إلى آخر البيت, إلى أن الثلاثي الساكن الوسط إذا لم يكن أعجميا ولا
منقولًا من مذكر كهند ودعد يجوز فيه الصرف, ومنعه والمنع أحق، فم صرفه
نظر إلى خفة السكون وأنها قاومت أحد السببين، ومن منع نظر إلى وجود
السببين ولم يعتبر الخفة، وقد جمع بينهما الشاعر في قوله:
1031-
لَمْ تَتَلفَّعْ بفَضْلِ مِئْزَرِها دَعُدٌ ولم تُسْقَ دَعْدُ في العُلَبِ تنبيهات: الأول ما ذكره من أن المنع أحق هو مذهب الجمهور. وقال أبو علي: الصرف أفصح. قال ابن هشام: وهو غلط جلي. وذهب الزجاج قيل والأخفش إلى أنه متحتم المنع. قال الزجاج: لأن السكون لا يغير حكمًا أوجبه اجتماع علتين يمنعان الصرف. وذب الفراء إلى أن ما كان اسم بلدة لا يجوز صرفه نحو: فيد؛ لأنهم لا يرددون اسم البلدة على غيرها فلم يكثر في الكلام بخلاف هند. الثاني: لا فرق بين ما سكونه أصلي كهند أو عارض بعد التسمية كفخذ أو الإعلال كدار. الثالث: قال في شرح الكافية: وإذا سميت امرأة بيد ونحوه مما هو على حرفين جاز فيه ما جاز في هند، ذكر ذلك سيبويه، هذا لفظه. وظاهره جواز الوجهين وأن الأجود المنع وبه صرح في التسهيل، فقول صاحب البسيط في يد: صرفت بلا خلاف ليس بصحيح. الرابع: إذ صغر نحو: هند ويد تحتم منعه لظهور التاء نحو: هنيدة ويدية فإن صغر بغير تاء نحو: حريب وهي ألفاظ مسموعة انصرف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "كهند ودعد" مثلهما بنت وأخت علمي مؤنث كما سيأتي. قوله: "والمنع أحق" أي: لوجود السببين. قوله: "لم تتلفع إلخ" يعني أنها ليست من البدو حتى يكون لها ذلك بل هي حضرية قاله شيخنا السيد. قوله: "الصرف أفصح" لمقاومة الخفة أحد السببين مع كون الصرف هو الأصل فيرجع إليه بأدنى سبب فدعوى ابن هشام أنه غلط جلي غير ظاهرة. قوله: "لأنهم لا يرددون اسم البلدة على غيرها" أي: لا يوقعون فيه الاشتراك اللفظي أي: غالبًا بخلاف أسماء الأناسي فإنهم يوقعونه فيها كثيرًا فاحتاجت إلى التخفيف وإنما قلنا أي: غالبًا؛ لأنهم قد يوقعونه في اسم البلدة. قوله: "أو الإعلال كدار" لأن أصله دور فقلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها. قوله: "وبه صرح في التسهيل" وهو ظاهر كلامه هنا أيضًا إذ يد وإن كان ثنائيا لفظًا فهو ثلاثي تقديرًا ساكن الوسط إذ أصله يدي بالإسكان كما في الصحاح زكريا. قوله: "نحو: حريب" تصغير حرب وحرب مؤنثة وقوله: وهي أي: حريب ونحوها مما سيأتي في التصغير. قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1031- البيت من المنسرح، وهو لجرير في ملحق ديوانه ص1021؛ ولسان العرب 3/ 166 "دعد"، 9/ 321 "لفع"؛ ولعبيد الله بن قيس الرقيات في ملحق ديوانه ص178؛ وبلا نسبة في أدب الكاتب ص282؛ وأمالي ابن الحاجب ص395؛ والخصائص 3/ 61؛ وشرح قطر الندى ص318؛ وشرح المفصل 1/ 70؛ والكتاب 3/ 241؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص50؛ والمنصف 2/ 77.
373 | 463(1/371)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخامس: إذا سمي مذكر بمؤنث مجرد من التاء فإن كان ثلاثيا صرف مطلقًا خلافًا للفراء وثعلب إذ ذهبا إلى أنه لا ينصرف سواء تحرك وسطه نحو: فخذ أم سكن نحو: حرب. ولابن خروف في المتحرك الوسط وإن كان زائدًا على الثلاثة لفظًا نحو: سعاد أو تقديرًا كاللفظ نحو: جيل مخفف جيأل اسم للضبع بالنقل منع من الصرف. السادس: إذا سمي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"انصرف" قال الإسقاطي وتبعه غيره: لعل المراد جوازًا فيجوز المنع كهند ا. هـ. وهو متجه ويستفاد من كلام الشارح أن ياء التصغير لم يعتدوا بها في تصييره رباعيا وإلا كان متحتم المنع اتفاقًا.
قوله: "مطلقًا" أي: تحرك وسطه أم لا كما يؤخذ مما ذكره في القولين بعده وسكت عن كونه أعجميا أو لا واستظهر البعض أنه لا فرق قال يس, فإن قلت: لم لم يكتفوا هنا بتحريك الوسط؛ لأن حكمه حكم الزيادة كما تقدم, قلت: لأنه لما كان المسمى مذكرًا ضعف هنا معنى التأنيث جدا لكون اللفظ والمعنى مذكرين فاحتاجوا لتقوية معنى التأنيث بأقوى الأمور القائمة مقام التاء, وهو الحرف الزائد على الثلاثة فإنه في قيامه مقام التاء أقوى من تحرك الوسط ا. هـ. قوله "وإن كان زائدًا على الثلاثة إلخ" شرط في التسهيل لمنع صرفه ثلاثة شروط أن لا يسبق له تذكير انفرد به محققًا أو مقدرًا, وأن لا يحتاج تأنيثه إلى تأويل لا يلزم, وأن لا يغلب استعماله قبل العلمية في المذكر قال الدماميني: فيصرف أن سبق له تذكير انفرد به محققا كدلال علم مذكر منقولًا من مؤنث؛ لأنه في الأصل مصدر أو مقدرًا كحائض علم مذكر لسبق التذكير تقدير إذ المعنى شخص حائض, بدليل أنهم إذا صغروه لم يأتوا بالتاء, وقال الكوفيون: إذا سمي بنحو: حائض مذكر لم يصرف بناء على أن قولهم: إن نحو حائض لم تدخله التاء لاختصاصه بالمؤنث, والتاء إنما تدخل فرق ويرد عليهم أنهم إذا أرادوا بنحو: حائض معنى الفعل وهو الحدوث أدخلوا التاء, فقالوا: حائضة ومرضعة واحترز المصنف بقوله: انفرد به من نحو: ظلوم علم مذكر منقولا من مؤنث فهو ممنوع من الصرف؛ لأنه قبل التسمية به يطلق على المذكر والمؤنث تقول: مررت برجل ظلوم وامرأة ظلوم, وكذا يصرف المؤنث الزائدة على ثلاثة المسمى به مذكر إن احتاج تأنيثه إلى تأويل لا يلزم كرجال علم مذكر؛ لأن تأويله بالجماعة لا يلزم لجواز تأويله بالجمع, وكذا يصرف إن غلب استعماله قبل العلمية في المذكر كذراع علم مذكر فهو في الأصل مؤنث, لكن غلب في أعلام المذكرين ووصف به المذكر فقالوا: ثوب ذراع أي: قصير ا. هـ. باختصار.
قوله: "كاللفظ" صفة تقديرًا أي: تقديرًا كائنًا كاللفظ وبمنزلته بأن يكون الحذف قياسيا فإن حذف الهمزة بعد نقل حركتها قياسي ومنه شمل تخفيف شمأل, واحترز به مما هو على غير قياس كأيم في أيم فليس المحذوف من هذا كالملفوظ به ا. هـ. يس وعبارة الدماميني فإن الحرف المقدر بمنزلة الملفوظ به أما أولًا؛ فلأنه قد ينطق به, وأما ثانيًا؛ فلأن حركة الهمزة مشعرة به؛ ولهذا قال: كاللفظ واحترز به عن نحو: كتف فإن هاء التأنيث مقدرة فيه بدليل ظهورها في التصغير, ومع ذلك فهو مصروف وإن سمي به مذكر إذ لا يلفظ بها وليس في اللفظ مشعر بها ا. هـ. قوله: "اسم للضبع" أي: الأنثى ويقال للذكر ضبعان, وقوله بالنقل متعلق بمخفف. قوله: "إذا
374 | 463(1/372)
ما لا ينصرف
والعَجَمِيُّ الوَضْعِ والتَّعرِيفِ مَعْ زيدٍ على الثَّلاثِ صَرْفُهُ امْتَنَعْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رجل ببنت أو أخت صرف عند سيبويه وأكثر النحويين؛ لأن تاءه قد بنيت الكلمة عليها وسكن ما قبلها فأشبهت تاء جبت وسحت. قال ابن السراج: ومن أصحابنا من قال إن تاء بنت وأخت للتأنيث, وإن الاسم مبنيا عليها فيمنعونهما الصرف في المعرفة, ونقله بعضهم عن الفراء. قلت: وقياس قول سيبويه إنه إذا سمي بهما مؤنث أن يكون على الوجهين في هند. السابع: كان الأولى أن يقول بتاء بدل قوله بهاء, فإن مذهب سيبويه والبصريين أن علامة التأنيث التاء والهاء بدل عندهم عنها في الوقف، وقد عبر بالتاء في باب التأنيث فقال: علامة التأنيث تاء أو ألف، وكأنه إنما فعل ذلك للاحتراز من تاء بنت وأخت, وكذا فعل في التسهيل. الثامن مراده بالعار في قوله: وشرط منع العار العاري من التاء لفظًا، وإلا فما من مؤنث بغير الألف إلا وفيه التاء إما ملفوظة أو مقدرة "والعجمي الوضع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سمي رجل ببنت أو أخت إلخ".
فائدتان: الأولى قال الدماميني: لو سمي مذكر بما هو اسم مؤنث على لغة وصفة لمؤنث على لغة. نحو: جنوب ودبور وشمال بفتح أوله فإنها عند بعض العرب أسماء للريح وعند بعضهم صفات جرت على الريح وهي مؤنثة -ففيه وجهان المنع كزينب والصرف كباب حائض ا. هـ. الثانية قال في التسهيل: صرف أسماء القبائل والأرضين والكلم ومنعه مبنيان على المعنى فإن كان أبا أو حيا أو مكانًا أو لفظًا أو قبيلة أو بقعة أو كلمة أو سورة لم يصرف وقد يتعين اعتبار القبيلة نحو: يهود ومجوس علمين أو البقعة نحو: دمشق أو المكان نحو: بدر ا. هـ. وكذا حروف الهجاء تذكر باعتبار الحرف وتؤنث باعتبار الكلمة قال الدماميني: وإطلاقهم القول بجواز الأمرين محمول على ما إذا لم يتحقق مانعان من الصرف, فإن تحققا فمنع الصرف بكل حال نحو: تغلب وباهلة وخولان وقوله: وقد يتعين إلخ يعني أن جواز الصرف وعدمه بحسب الاعتبارين إنما هو فيما لم يقتصر فيه العرب على أحدهما أما هو فلا تتجاوز فيه ما سمع زاد في الهمع وقد يتعين اعبار الحي ككلب.
قوله: "فأشبهت تاء جبت وسحت" فيه نشر على ترتيب اللف والجبت في الأصل اسم للصنم ثم استعمل في كل ما يعبد من دون الله عز وجل, والسحت هو الحرام. قوله: "وقياس قول سيبويه" أي: قوله: أن بنتا وأختا إذا سمي بهما رجل يصرفان كما في زكريا. قوله: "أن يكون على الوجهين" جزم غير الشارح بنقل ذلك عن سيبويه ا. هـ. سم؛ لأنهما حينئذ كهند وفي عبارة الشارح ركاكة ظاهرة, وكان ينبغي أن يقول إنهما إذا سمي به مؤنث كانا على الوجهين. قوله: "للاحتراز من تاء بنت وأخت" إنما يصح هذا الاحتراز على القول بأن تاءهما ليست للتأنيث أما على أن تاءهما للتأنيث فلا لوجوب منع صرفهما حينئذ مع العلمية. قوله: "وكذا فعل في التسهيل" أي: عبر هنا بالهاء, وفي باب التأنيث بالتاء كما يعلم بالوقوف عليه.
قوله: "والعجمي الوضع والتعريف" إضافته لفظية فليست على معنى حرف كما سلف أي:
375 | 463(1/373)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والتعريف مع زيد على الثلاث صرفه امتنع" أي: مما لا ينصرف ما فيه فرعية المعنى بالعلمية وفرعية اللفظ بكونه من الأوضاع العجمية لكن بشرطين: أن يكون عجمي التعريف أي: يكون علمًا في لغتهم، وأن يكون زئدًا على ثلاثة أحرف، وذلك نحو: إبراهيم وإسماعيل وإسحاق, فإن كان الاسم عجمي الوضع غير عجمي التعريف انصرف كلجام إذا سمي به رجل؛ لأنه قد تصرف فيه بنقله عما وضعته العجم له فألحق بالأمثلة العربية، وذهب قوم منهم الشلوبين وابن عصفور إلى منع صرف ما نقلته العرب من ذلك إلى العلمية ابتداء كبندار وهؤلاء لا يشترطون أن يكون الاسم علمًا في لغة العجم، وكذا ينصرف العلم في العجمة إذا لم يزد على الثلاثة بأن يكون على ثلاثة أحرف لضعف فرعية اللفظ فيه لمجيئة على أصل ما تبنى عليه الآحاد العربية. ولا فرق في ذلك بين الساكن الوسط نحو: نوح ولوط والمتحرك نحو: شتر ولمك. قال في شرح الكافية قولًا واحدًا في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العجمي وضعه وتعريفه وقوله: مع زيد حال من الضمير في العجمي وغير هذا لا يخلو عن شيء والمراد الزيادة على الثلاثة بغير ياء التصغير كما سيأتي, وإنما لم يقم تحرك الوسط هنا مقام الزيادة كا قام في المؤنث لضعف العجمة بعدم علامة لها كعلامة التأنيث عن التقوي بمجرد تحرك الوسط الذي هو مقو ضعيف, وهذا أوجه مما ذكره البعض. قوله: "من الأوضاع" أي: الموضوعات. قوله: "أي: يكو علمًا في لغتهم" وإن نقلته العرب إلى علمية أخرى كأن سمت بإسماعيل شخصًا آخر. قوله: "كلجام" بالجيم وضعه العجم اسم جنس للآلة التي تجعل في فم الفرس ومثله الفرند بكسر الفاء والراء وسكون النون كما في القاموس وغيره وضعه العجم اسم جنس للسيف وقول البعض وفتح الراء سهو. قوله: "إلى العلمية ابتداء" بأن لم تستعمله اسم جنس قبل أن تستعمله علمًا.
قوله: "كبندار" بضم الموحدة هو في لغة العجم اسم جنس للتاجر الذي يلزم المعادن ولمن يخزن البضائع للغلاء وجمعه بنادرة. قوله: "لا يشترطون أن يكون إلخ" بل الشرط عندهم أن يكون أول استعمال العرب له في العلمية. قوله: "لمجيئه على أصل ما تبنى إلخ" إضافة أصل إلى ما على معنى في وذلك الأصل هو عدم الزيادة على الثلاثة؛ لأن العرب يراعون في كلامهم التخفيف, وأما الآحاد العجمية فالأصل فيها الزيادة؛ لأن العجم يراعون في كلامهم الطول. قوله: "نحو: نوح ولوط" أي: من كل علم ثلاثي ساكن الوسط أعجمي مذكر أما المؤنث كماه وجور فممنوع الصرف لتقوي العجمة بالتأنيث, وإنما لم يجز في نوح ولوط الوجهان كما جاز في هند ودعد, مع أن كلا وجد فيه سببان؛ لأن التأنيث سبب قوي فيمكن اعتباره مع سكون الوسط بخلاف العجمة قاله ابن هشام. واعلم أن أسماء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ممنوعة الصرف إلا ستة. محمد وشعيب وصالح وهود ونوح ولوط؛ لخفة الأخيرين, وكون الأربعة الأول عربية, وقيل هود كنوح؛ لأن سيبويه قرنه معه فهو أعجمي وصرفه للخفة ويؤيده ما يقال من أن العرب من ولد
376 | 463(1/374)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لغة جميع العرب، ولا التفات إلى من جعله ذا وجهين مع السكون، ومتحتم المنع مع الحركة؛ لأن العجمة سبب ضعيف فلم تؤثر بدون زيادة على الثلاثة. وقال: وممن صرح بالغاء عجمة الثلاثي مطلقًا السيرافي وابن برهان وابن خروف ولا أعلم لهم من المتقدمين مخالفًا، ولو كان منع صرف العجمي الثلاثي جائزًا لوجد في بعض الشواذ كما وجد غيره من الوجوه الغريبة ا. هـ. قلت: الذي جعل ساكن الوسط على وجهين هو عيسى بن عمر وتبعه ابن قتيبة والجرجاني. ويتحصل في الثلاثي ثلاثة أقوال: أحدهما أن العجمة لا أثر لها فيه مطلقًا وهو الصحيح. الثاني أن ما تحرك وسطه لا ينصرف وفيما سكن وسطه وجهان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إسماعيل وما كان قبل ذلك فليس بعربي, وهود قبل إسماعيل فكان كنوح كذا في الجامي. قال العصام: ويرد على الحصر في الستة شيث وعزير, وقال البيضاوي: تنوين عزير بناء على أنه عربي وترك تنوينه بناء على أنه أعجمي ا. هـ. واستشكله سم بأن ثبوت التنوين وتركه في القرآن كما هو قضية القراءة بهما يوجب جوازهما فكيف يكون أحدهما مبنيا على أنه عربي والآخر على أنه أعجمي مع أنه في الواقع لا يكون عربيا وعجميا بل أحدهما فقط. وأجيب بأنه يكفي في تخريج القراءة المطابقة لوجه نحوي, وإن لم يوافق توجيه القراءة الأخرى, وقد قرئ تترى بالتنوين على أن الأنف للإلحاق, وتركه على أنها للتأنيث, ولا يمكن أن تكون في الواقع لهما, والياء على أعجمي ليست للتصغير؛ لأن الظاهر أن الكلمة وضعت عليها في لغة العجم فلا تكون للتصغير لاختصاص لغة العرب بياء التصغير؛ ولأنها لو كانت للتصغير لم تؤثر عجمته منع الصرف لما مر من أن الأعجمي إذا كان رباعيا بياء التصغير انصرف, ولم يعتد بالياء فعلم ما في كلام البعض على قول الشارح ولا يعتد بالياء فتأمل.
قوله: "نحو: شتر" بفتح الشين المعجمة والتاء الفوقية اسم قلعة فهو مؤنث, فيشكل على ما سلف أن العجمة إذا انضمت إلى تأنيث الثلاثي الساكن الوسط تحتم المنع فكيف لا تؤثر مع تحركه إلا أن يقال اعتبار التأنيث فيه غير متعين لجواز إرادة المكان يس. قوله: "ولمك" فسره شيخنا والبعض بما في القاموس من أنه جلاء يكتحل به وهو غير مناسب؛ لأن الكلام في العلم, ولمك بهذا المعنى اسم جنس, ونقل شيخنا السيد عن السيد في شرح اللباب: أن لمك بفتح اللام والميم هو ابن متوشلخ بن نوح الأمر عليه ظاهر. قوله: "لأن العجمة سبب ضعيف" علة لقوله ولا فرق في ذلك إلخ. قوله: "مطلقًا" أي: ساكن الوسط أو متحرك. قوله: "جائزًا" المراد بالجواز ما قابل الامتناع فيصدق بالوجوب في متحرك الوسط وقوله: لوجد في بعض الشواذ المناسب لمذهب من يجعل ساكن الوسط ذا وجهين ومتحركه متحتم المنع أن يقول لوجد في بعض كلامهم؛ لأن صاحب هذا المذهب لا يقول بشذوذ المنع إلا أن يقال المراد المبالغة في عدم وجوده في كلامهم رأسًا فالمعنى لوجد ولو في بعض الشواذ فتفطن. قوله: "ويتحصل" أي: من كلام النحاة لا مما تقدم إذا القول الثالث لم يتقدم.
377 | 463(1/375)
ما لا ينصرف
كَذاكَ ذو وَزْنٍ يَخُصُّ الفِعْلا أو غالِبٍ كأحمَدٍ ويَعْلَى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثالث أن ما تحرك وسطه لا ينصرف, وما سكن وسطه ينصرف وبه جزم ابن الحاجب.
تنبيهات: الأول قوله زيد هو مصدر زاد يزيد زيدًا وزيادة وزيدانًا. الثاني المراد بالعجمي ما نقل من لسان غير العرب ولا يختص بلغة الفرس. الثالث إذا كان الأعجمي رباعيا وأحد حروفه ياء التصغير انصرف ولا يعتد بالياء. الرابع تعرف عجمة الاسم بوجوه: أحدها نقل الأئمة، ثانيها خروجه عن أوزان الأسماء العربية نحو: إبراهيم، ثالثها عروه من حروف الذلاقة وهو خماسي أو رباعي فإن كان في الرباعي السين فقد يكون عربيا نحو: عسجد وهو قليل, وحروف الذلاقة ستة يجمعها قولك: مر بنفل، رابعها أن يجتمع فيه من الحروف ما لا يجتمع في كلام العرب كالجيم والقاف بغير فاصل نحو: قج وجق، والصاد والجيم نحو: صولجان، والكاف والجيم نحو: أسكرجة، وتبعية الراء للنون أول كلمة نحو: نرجس والزاي بعد الدال نحو: مهندز "كذاك ذو وزن يخص الفعلان أو غالب كأحمد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وما سكن وسطه ينصرف" أي: وجوبًا ليغاير الثاني. قوله: "مصدر زاد يزيد إلخ" الأحسن أن يقول مصدر زاد يقال زاد يزيد إلخ. قوله: "عروه من حروف الذلاقة" اعلم أن العلامة يلزم اطرادها ولا يلزم انعكاسها أي: يلزم من وجودها وجود المعلم ولا يلزم من عدمها عدمه فيلزم من وجود الخلو في الخامسي أو الرباعي وجود العجمة ولا يلزم من عدم الخلو فيما ذكر عدم العجمة فلا يرد أن يوسف أعجمي وقد وجد فيه حرف من حروف الذلاقة وهو الفاء. إذا علمت أن ما فرعه يس. وتبعه شيخنا والبعض على هذه العلامة بقوله فما فيه حرف من حروف الذلاقة عربي, وينبغي أن يقال حيث لم تنقل عجمته ولم يكن فيه سبب آخر ناشئ عن الغفلة عن حكم العلامة فتدبر. قوله: "فإن كان في الرباعي السين" أي: ما ذكر من عجمة الرباعي العاري عن حروف الذلاقة إذا لم يكن فيه السين فإن كان إلخ.
قوله: "نحو: عسجد" هو الذهب والجوهر والبعير الضخم قاموس. قوله: "بغير فاصل" لم يشترط ذلك بعضهم ومثل لما فيه الفاصل بالجرموق.
قوله: "نحو: قج وجق" الأول بقاف مفتوحة وجيم مشوبة بالشين ساكنة لغة تركية بمعنى اهرب وبمعنى كم الاستفهامية وأما بكسر القاف فبمعنى الرجل, والثاني بكسر الجيم وسكون القاف بمعنى اخرج, وقال في القاموس: الجقة بالكسر الناقة الهرمة, وجق الطائر ذرق ا. هـ. ولم يذكر قج ويؤخذ من صنيع شيخنا السيد أن مراد الشارح التمثيل بقج وجق التركيتين, وحينئذ يرد على الشارح أن كلامه في الأسماء وجق ليس في اللغة التركية اسمًا اللهم إلا أن يراد بالأسماء مطلق الكلمات فتأمل. قوله: "نحو: صولجان" بفتح الصادر واللام المحجن وجمعه صوالجة قاموس ومثله الجص والصنجة. قوله: "نحو: أسكرجة" قال البعض: بسكون السين وضم الكاف وضم الراء المشددة اسم لوعاء مخصوص ا. هـ. وانظر ما حركة الهمزة. قوله "والزاي بعد الدال" أي: وكالزاي بعد الدال, ولو قال: والزاي للدال أي: وتبعية الزاي للدال لكان أخصر وقيد في الهمع تبعية الزاي
378 | 463(1/376)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويعلى" أي: مما يمنع الصرف مع العلمية وزن الفعل بشرط أن يكون مختصا به أو غالبًا فيه. والمراد بالمختص ما لا يوجد في غير فعل إلا في نادر أو علم أو أعجمي كصيغة الماضي المفتتح بتاء المطاوعة كتعلم أو بهمزة وصل كانطلق، وما سوى أفعل ونفعل وتفعل ويفعل من أوزان المضارع وما سلمت صيغته من مصوغ لما لم يسم فاعله وبناء فعل، وما صيغ للأمر من غير فاعل، والثلاثي نحو: أَنطلق ودحرج فإذا سمي بهما مجردين عن الضمير قيل هذا أنطلق ودحرج ورأيت أنطلق ودحرج ومررت بأنطلق ودحرج، وهكذا كل وزن من الأوزان المبنية على أنها تختص بالفعل والاحتراز بالنادر من نحو: دئل لدويبة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للدال بكونها في آخر الكلمة وقوله: نحو: مهندز, قال يس: وقد تبدل زايه سينًا.
قوله: "كذاك ذو وزن" أي: علم ذو وزن وفي البيت عطف الاسم على الفعل لكون أحدهما بمعنى الآخر, والأحسن هنا إرجاع الأولى إلى الثاني؛ لأن الأصل في الوصف الإفراد. قوله: "كأحمد" منقول من فعل ماض أو مضارع أو من اسم تفضيل ا. هـ. سم. قوله: "إلا في نادر" أي: لفظ نادر عربي غير علم بقرينة عطف العلم والعجمي عليه, والعطف يقتضي المغايرة وقوله: كصيغة الماضي إلخ تمثيل للمختص وعطف عليه قوله: وما سوى إلخ, وقوله: وما سلمت إلخ, وقوله: وبناء فعل, وقوله: وما صيغ إلخ. قوله: "أو بهمزة وصل" وحكم همزة الوصل في الفعل المسمى به القطع؛ لأن المنقول من فعل بعد عن أصله فالتحق بنظائره من الأسماء فحكم فيه بقطع الهمزة بخلاف المنقول من اسم كاقتدار فإن الهمزة تبقى على وصلها بعد التسمية؛ لأن المنقول من اسم لم يبعد عن أصله فلم يستحق الخروج عما هو له. تصريح.
قوله: "وما سوى أفعل ونفعل وتفعل ويفعل" أي: لأن هذه من الغالب كما يعلم مما يأتي ا. هـ. سم ومثال ما سواها يدحرج ويستخرج. قوله: "وما سلمت إلخ" احترز بالسلامة عن الغير كرد وقيل وسيأتي, وقوله: من مصوغ بيان لما سلمت إلخ, وقوله: وبناء فعل أي: بالتشديد. قوله: "من غير فاعل" أما ما صيغ للأمر من فاعل كضارب بكسر الراء أمر من ضارب بفتحها فليس من المختص, ولا من الغالب بل هو بالاسم أولى فلا يؤثر. تصريح. قوله: "والثلاثي" أي: وغير الثلاثي؛ لأن ما صيغ من الثلاثي من الغالب كما يأتي سم. قوله: "نحو: انطلق ودحرج" تمثيل لما صيغ للأمر من غير فاعل وغير الثلاثي. قوله: "مجردين عن الضمير" إذ لو اقترنا به لكانا من المحكي لا من الممنوع الصرف؛ لأن العلم حينئذ منقول من الجملة لا من الفعل وحده لكن هذا القيد لا يخص هذين المثالين كما لا يخفى. قوله: "قيل هذا أنطلق" بقطع الهمزة لما مر. قوله: "وهكذا" أي: كالمذكور من صيغة الماضي المفتتح بتاء المطاوعة وغيره مما مر وقوله: المبنية أي: الموضوعة.
قوله: "والاحتراز بالنادر من نحو: دئل" أي: من خروج وزن نحو: دئل بصيغة الماضي المجهول وينجلب وتبشر عن ضابط المختص بالفعل, وقوله: لدويبة أي: شبيهة بابن عرس أي: اسم
379 | 463(1/377)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وينجلب لخرزة وتبشر لطائر، وبالعلم من نحو: خضم بالمعجمتين لرجل وشمر لفرس وبالأعجمي من بقم وإستبرق فلا يمنع وجدان هذه الأسماء اختصاص أوزانها بالفعل؛ لأن النادر والعجمي لا حكم لهما؛ ولأن العلم منقول من فعل فالاختصاص باق، والمراد بالغالب ما كان الفعل به أولى إما لكثرته فيه كإثمد وأصبع وأُبْلُم فإن أوزانها تقل في الاسم وتكثر في الأمر من الثلاثي؛ وإما لأن أوله زيادة تدل على معنى في الفعل دون الاسم كأفكل وأكلب فإن نظائرهما تكثر في الأسماء والأفعال، لكن الهمزة من أفعل وأفعل تدل على معنى في الفعل نحو: أذهب وأكتب ولا تدل على معنى في الاسم فكان المفتتح بأحدهما من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لهذا النوع وكذا يقال في قوله: لخرزة وقوله: لطائر فدئل وينجلب وتبشر أسماء أجناس فلو جعلت أعلامًا منعت الصرف, وكذا بقم وإستبرق كذا قال سم, وفي التوضيح ما يؤيده وينجلب بجيم بعد النون وتبشر بضم التاء وفتح الباء وكسر الشين مشددة كما في سم. وغيره وصدر في القاموس بضم الباء الموحدة ثم حكى فتحها. قوله: "من نحو: خضم" بفتح الخاء المعجمة وتشديد الضاد المعجمة مفتوحة كما في القاموس. قوله: "من بقم وإستبرق" البقم بفتح الموحدة وتشديد القاف مفتوحة صبغ معروف وهو العندم والإستبرق الديباج الغليظ. قوله: "إما لكثرته فيه" يرد عليه أن وزن فاعل بفتح العين كضارب وقاتل أكثر في الأفعال مع أن ما على وزنه من الأسماء كخاتم بالفتح مصروف إلا أن يكون أطلق بناء على أن الغالب أن أكثرية الوزن في الفعل تقتضي المنع ومن غير الغالب قد لا تقتضيه.
قوله: "كإثمد" بكسر الهمزة والميم وسكون المثلثة وبالدال المهملة وإصبع بكسر الهمزة وفتح الباء الموحدة واحدة الأصابع وفيها عشر لغات حاصلة من ضرب ثلاثة أحوال الهمزة في ثلاثة أحوال الباء والعاشر أصبوع وأبلم بضم الهمزة واللام بينهما موحدة ساكنة سعف المقل ا. هـ. تصريح ونقل البعض عن البهوتي فتح الهمزة واللام وكسرهما أيضًا. قوله: "وإما لأن أوله" احترز بقوله: أوله من وزن فاعل بالفتح فإنه وإن اشتمل على زيادة تدل في الفعل كضارب دون الاسم كخاتم وهي ألف المفاعلة, لكن ليست أوله فليس الفعل أولى به من الاسم وإن كان أكثر في الفعل فتفطن. قوله: "زيادة إلخ" احترز بزيادة عما لو كان أوله أصليا فلا أثر له وإن ماثل حروف المضارعة كما في نرجس ونهشل. واعلم أنه يدخل في كلامه نحو: ينجلب وتبشر فلم جعل ذلك من المختص وهلا جعله من الغالب ا. هـ. سم. قلت: إنما جعل ذلك من المختص نظرًا إلى الصيغة بتمامها وهو أولى من جعله من الغالب نظرًا إلى جزئها فتأمل ا. هـ. إسقاطي والعجب من البعض حيث ذكر السؤال بلا عزو والجواب بلا عزو كما هو عادته ولم يحذف لفظ قلت: فأوهم أن الجواب له وليس كذلك كما علمت.
قوله: "كأفكل" وهو الرعدة وأكلب جمع كلب, وقوله: فإن نظائرهما إلخ نظائر أفكل من الأسماء أبيض وأسود وأفضل ومن الأفعال أذهب أوعلم وأسمع ومن نظائر أكلب من الأسماء أبحر
380 | 463(1/378)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأفعال أصلًا للمفتتح بأحدهما من الأسماء، وقد يجتمع الأمران نحو: يرمع وتنضب فإنهما كإثمد في كونه على وزن يكثر في الأفعال ويقل في الأسماء وكأفكل في كونه مفتتحًا بما يدل على معنى في الفعل دون الاسم.
تنبيهات: الأول قد اتضح بما ذكر أن التعبير عن هذا النوع بأن يقال أو ما أصله للفعل كما فعل في الكافية، أو ما هو به أولى كما في شرحها والتسهيل أجود من التعبير عنه بالغالب. الثاني قد فهم من قوله يخص الفعل أو غالب أن الوزن المشترك غير الغالب لا يمنع الصرف نحو: ضرب ودحرج خلافًا لعيسى بن عمر فيما نقل من فعل فإنه لا يصرفه تمسكًا بقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأوجه وأعين ومن الأفعال: أنصر وأدخل وأخرج. قوله: "بأحدهما" أي: بهمزة أحدهما أي: أفعل وأفعل. قوله: "وقد يجتمع الأمران" أي: المعلل بهما الأولوية وهما الأكثرية والافتتاح بزيادة تدل على معنى في الفعل دون الاسم, هذا ما يدل عليه كلامه بعد وأما ما قاله سم وتبعه شيخنا والبعض من أنهما الأكثرية والأولوية فلا يناسب كلامه بعد فافهم. قوله: "نحو: يرمغ" بتحتية فراء فميم فغين معجمة بوزن يضرب اسم لحجارة بيض دقاق تلمع وتنضب بفوقية فنون فضاد معجمة فموحدة بوزن تنصر اسم شجر, فلو قال يدل قوله: فإنهما كإثمد فإنهما كاصبع وأصبع لكان أنسب نعم يرد على الشارح أن وزن أفعل بضم العين كثير في الأسماء أيضا كما قدمه فتأمل.
قوله: "قد اتضح بما ذكر إلخ" يجوز أن يحمل قول المصنف أو غالب على الغالب حقيقة لكثرته في الفعل أو حكمًا بأن يكون القياس يقتضي كثرته في الفعل؛ لأن أنسب به؛ لأن أوله زيادة تدل على معنى فيه دون الاسم ا. هـ. سم. ويدل على هذا الحمل تمثيله بأحمد ويعلى للغالب؛ لأنهما من الغالب حكمًا. قوله: "عن هذا النوع" أي: المعبر عنه هنا بالغالب. قوله: "أجود إلخ" أي: لأنه قد بان أن هذا النوع قسمان ما يغلب في الفعل وما الفعل به أولى وإن لم يغلب. وقول الناظم: أو غالب لا يشمل القسم الثاني بدون تأويل. قوله: "الثاني قد فهم من قوله إلخ" عبارة السندوبي وفهم من كلامه أن الوزن الخاص بالاسم أو الغالب فيه أو المستوى فيه هو والفعل لا يؤثر وهو كذلك, وخالف عيسى بن عمر في المنقول من الفعل ا. هـ. فقول الشارح: المشترك أي: وكذا المختص بالاسم وقوله: غير الغالب أي: في الفعل فيصدق بالغالب في الاسم والمستوى فيه هو والفعل. قوله: "لعيسى بن عمر" هو شيخ سيبويه وشيخ شيخه الخليل دماميني.
قوله: "فيما نقل من فعل" أي: من موازن فعل بفتحتين يعني من الفاعل الماضي مطلقًا أي: لا بقيد صيغة مخصوصة كما يدل عليه كلام عيسى بن عمر فإنه قال كما في الشاطبي: كل فعل ماض إذا سمي به, فإنه لا ينصرف وبدليل الرد عليه بعد بأن العرب أجمعوا على صرف كعسب اسم رجل مع أنه منقول من كعسب إذا أسرع, إذ لو كانت مخالفة عيسى في خصوص الماضي الذي على وزن فعل كأكل وضرب لم يصح الرد عليه بصرف كعسب إجماعًا؛ لأن وزن كعسب
381 | 463(1/379)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1032-
أنا ابْنُ جَلا وطَلاعِ الثَّنايا ولا حجة فيه؛ لأنه محمول على إرادة أنا ابن رجلا جلا الأمور وجربها، فجلا جملة من فعل وفاعل فهو محكي لا ممنوع من الصرف كقوله:
1033-
نُبِّئْتُ أخْوالِي بَنِي يَزِيدُ والذي يدل على ذلك إجماع العرب على صرف كعسب اسم رجل مع أنه منقول من كعسب إذا أسرع. وقد ذهب بعضهم إلى أن الفعل قد يحكى مسمى به وإن كان غير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فعلل وكلامه في موازن فعل. قوله: "أنا ابن رجل جلا إلخ" فجملة جلا في موضع خفض صفة لمحذوف واعترض بأن الموصوف بالجملة لا يحذف إلا إذا كان بعض اسم مجرور بمن أو في كما مر في النعت, لكن نقل يس عن بعضهم عدم اعتبار هذا الشرط, ونقل شيخنا السيد أن اعتباره خاص بما إذا كان الموصوف مرفوعًا. قوله: "فهو محكي" نظر في تفريع هذا على سابقه بأنه إنما يتفرع كون الجملة محكية على جعلها مسمى بها لا على أنها صفة لمحذوف؛ لأن الجملة الموصوف بها لا تسمى محكية بل هما احتمالان كما تصرح به عبارة التوضيح وهي: وأجيب بأنه يحتمل أن يكون سمي بجلا من قولك: زيد جلا ففيه ضمير وهو من باب المحكيات كقوله:
نبئت أخوالي بني يزيد وأن يكون ليس بعلم بل صفة لمحذوف أي: أنا انب رجل جلا الأمور ا. هـ. فكان الظاهر أن يقول أو هو محكي. قوله: "بني يزيد" فيزيد مسمى به وفيه ضمير مستتر بدليل رفعه على الحكاية, ولو كان مجردًا عن الضمير لجر بالفتحة تصريح. قوله: "والذي يدل على ذلك" أي: الصرف فيما نقل عن الفعل الماضي خلافًا لعيسى وما ذكره البعض من المناقشة في الدلالة المذكورة علم رده مما كتبناه على قوله فيما نقل من فعل. قوله: "إلى أن الفعل قد يحكى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1032- عجزه:
متى أضعُ العمامَةَ تَعْرفونِي والبيت من الوافر، وهو لسحيم بن وثيل الرياحي في الاشتقاق ص224؛ والأصمعيات ص17؛ وجمهرة اللغة ص495، 1044؛ وخزانة الأدب 1/ 255، 257، 266؛ والدرر 1/ 99؛ وشرح شواهد المغني 1/ 459؛ وشرح المفصل 3/ 62؛ والشعر والشعراء 2/ 647؛ والكتاب 3/ 207؛ والمقاصد النحوية 4/ 356؛ وبلا نسبة في الاشتقاق ص314؛ وأمالي ابن الحاجب ص456؛ وأوضح المسالك 4/ 127؛ وخزانة الأدب 9/ 402؛ وشرح شواهد المغني 2/ 749؛ وشرح قطر الندى ص86؛ وشرح المفصل 1/ 61، 4/ 105؛ ولسان العرب 14/ 124 "ثنى"، 152 "جلا"؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص20؛ ومجالس ثعلب 1/ 212؛ ومغني اللبيب 1/ 160؛ والمقرب 1/ 283؛ وهمع الهوامع 1/ 30.
1033- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص172؛ وخزانة الأدب 1/ 270؛ وشرح التصريح 1/ 117؛ والمقاصد النحوية 1/ 388، 4/ 370؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 124؛ وشرح المفصل 1/ 28؛ ولسان العرب 3/ 200 "زيد"، 329 "فدد"؛ ومجالس ثعلب ص212؛ ومغني اللبيب 2/ 626.
382 | 463(1/380)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مسند إلى ضمير متمسكًا بهذا البيت. ونقل عن الفراء ما يقرب من مذهب عيسى، قال: في الأمثلة التي تكون للأسماء والأفعال إن غلبت للأفعال فلا تجره في المعرفة نحو: رجل اسمه ضرب, فإن هذا اللفظ وإن كان اسمًا للعسل الأبيض هو أشهر في الفعل، وإن غلب في الاسم فأجره في المعرفة والنكرة نحو: رجل مسمى بحجر؛ لأنه يكون فعلًا. تقول: حجر عليه القاضي ولكنه أشهر في الاسم. الثالث يشترط في الوزن المانع للصرف شرطان: أحدهما أن يكون لازمًا. الثاني أن لا يخرج بالتغيير إلى مثال هو للاسم، فخرج بالأول نحو: امرئ فإنه لو سمي به انصرف, وإن كان في النصب شبيهًا بالأمر من علم وفي الجر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مسمى به" أي: فعلى تسليم أن جلا مجرد عن الضمير مسمى به لا نسلم دلالته على منع الصرف الذي ادعاه عيسى, لاحتمال أن يكون محكيا بناء على هذا المذهب. وقوله: بهذا البيت أي: أنا ابن جلا إلخ. قوله: "وما يقرب من مذهب عيسى" إنما قال يقرب لمخالفته مذهب عيسى فيما غلب استعماله اسمًا وإن وافقه فيما غلب استعماله فعلًا؛ ولأن نظر عيسى إلى الوزن بقطع النظر عن المادة ونظر الفراء إلى المادة ذات الوزن.
قوله: "الأمثلة التي تكون إلخ" أي: الكلمات التي تارة تكون أسماء وتارة أفعالًا إن غلب استعمالها أفعالًا إلخ, ولم ينقل الشارح حكم ما استعمل اسمًا وفعلا على السواء عند الفراء, ولعله يجوز الوجهين في المعرفة فراجع. قوله: "فلا تجره" أي: بالكسرة والضمير البارز للأمثلة لتأولها بالمذكور. قوله "أن يكون لازمًا" أي: للكلمة فنحو: إثمد لازم له وزن اضرب ونحو: إصبع لازم له على إحد لغاته وزن اقطع ونحو: أبلم لازم له وزن اكتب. قال الحفيد: اعلم أن الوزن إذا كان مختصا تجب الموازنة في اللفظ والتقدير, وإن كان غالبا لكونه مبدوءًا بزيادة هي بالفعل أولى من الاسم فلا تشترط الموازنة في اللفظ؛ لأن أوله مما ينبه على الوزن؛ ولهذا امتنع صرف أهب وأشد علمين إذا علمت هذا علمت عدم عموم قوله: أن يكون لازمًا إلخ ا. هـ. وقوله: إذا كان مختصا أي: أو غالبا لكثرته في الفعل دون الاسم بدليل بقية كلامه, واللائق كتابة هذا الكلام على الشرط الثاني وإبدال قوله: علمت عدم عموم قوله: أن يكون لازمًا بقوله: علمت عدم عموم قوله: أن لا يخرج بالتغيير إلى مثال هو للاسم, ومع كون البعض تبعه في كتابة ذلك على الشرط الأول تصرف في عبارته واختصرها تصرفًا واختصارًا مخلين.
قوله: "الثاني أن لا يخرج إلخ" اعترضه البعض بأنه لا حاجة إلى هذا الشرط فإن ما أخرجه به من نحو: رد وقيل خارج من الضابط السابق للوزن المختص وخارج أيضًا بقيد السلامة في قوله سابقًا وما سلمت صيغته من مصوغ لما لم يسم فاعله؛ لأن المراد بالسالم عندهم ما سلم من الاعتلال والتضعيف ويمكن أن يدفع بأن خروجه من ضابط الوزن المختص لا يستلزم خروجه من مطلق الوزن المانع الصرف وكلامه الآن في شرط مطلق الوزن المانع وقوله: وما سلمت إلخ من مدخول كاف التمثيل والمثال لا يخصص فتدبر. قوله: "نحو: امرئ" أي: على لغة الاتباع فيه
383 | 463(1/381)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شبيهًا بالأمر من ضرب وفي الرفع شبيهًا بالأمر من خرج؛ لأنه خالف الأفعال بكون عينه لا تلزم حركة واحدة فلم تعتبر فيه الموازنة، وخرج الثاني نحو: رد وقيل فإن أصلهما ردد وقول، ولكن الإدغام والإعلال أخرجاهما إلى مشابهة برد وقيل فلم يعتبر فيهما الوزن الأصلي. ولو سميت رجلًا بألبب بالضم جمع لب لم تصرفه؛ لأنه لم يخرج بفك الإدغام إلى وزن ليس للفعل. وحكى أبو عثمان عن أبي الحسن صرفه؛ لأنه بابن الفعل بالفك. وشمل قولنا إلى مثال هو للاسم قسمين: أحدهما ما خرج إلى مثال غير نادر ولا إشكال في صرفه نحو: رد وقيل، والآخر ما خرج إلى مثال نادر نحو: انطلق إذا سكنت لامه فإنه خرج إلى بناء انْتَحَل وهو نادر، وهذا فيه خلاف، وجوز فيه ابن خروف الصرف والمنع. وقد فهم من ذلك أن ما دخله الإعلال ولم يخرجه إلى وزن الاسم نحو: يزيد امتنع صرفه. الرابع اختلف في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فإن سمي به على لغة من يلتزم فتح عينه منع من الصرف لكون الوزن لازمًا حينئذ, وكذا الكلام في ابنم على اللغتين دماميني بحذف. قوله: "وفي الرفع شبيهًا بالأمر من خرج" رد بأن همزته مكسورة كما كانت قبل التسمية, وهمزة اخرج مضمومة فلا مشابهة وحينئذ فصرفه في هذه الحالة أقوى من صرفه في الحالين الأولين. قوله: "ولكن الإدغام" أي: في رد والإعلال أي: في قيل بالنقل والقلب.
قوله: "ولو سميت إلخ" محترز قوله: إلى مثال هو للاسم. قوله: "بالضم" أي: ضم الباء الأولى, وأما الهمزة فمفتوحة كما في الفارضي, قال الدماميني: واحترز عن ألبب بفتح الباء الأولى فإنه لا خلاف في منع صرفه؛ لأنه اسم تفضيل بمعنى أعقل فيستحق منع صرفه مطلقًا للصفة والوزن. قوله: "جمع لب" بضم اللام وتشديد الموحدة وهو العقل وجمع لب على ألبب قليل والأكثر أن يجمع على ألباب تصريح. قوله: "لأنه باين الفعل" أي: فعله الذي هو لب لا الفعل مطلقًا فإنه بوزن اكتب واقتل ا. هـ. زكريا والظاهر أنه لا حاجة إلى ذلك؛ لأن الشارح لم يدع انتفاء كونه بوزن الفعل وإنما ادعى كونه مباينًا للفعل بالفك؛ لأن الفعل الذي على وزنه مدغم نحو: أشد وأرد أي: فضعف اعتبار الوزن, قال في الهمع: والأصح وعليه سيبويه منعه ولا مبالاة بفكه؛ لأنه رجوع إلى أصل متروك فهو كتصحيح مثل: استحوذ, وذلك لا يمنع اعتبار الوزن إجماعًا فكذا الفك؛ ولأن وقوع الفك في الأفعال معهود كاشدد في التعجب ولم يردد وألل السقاء فلم يباينه. قوله: "إلى مثال نادر" ليس المراد أنه نادر في الاسم وكثير في الفعل وإلا كان من أوزان الفعل بل المراد أنه من أوزان الاسم الخاصة به إلا أنه نادر فيه سم.
قوله: "إلى بناء انتحل" قال شيخنا: بالحاء المهملة الساكنة ا. هـ. ولم أجده في القاموس. قوله: "ما دخله الإعلال ولم يخرجه إلخ" نحو: يزيد فإنه أعل إذ أصله يزيد كيضرب ولم يخرج بالإعلال إلى مثال الاسم فمنع من الصرف فإن قيل يزيد على وزن بريد، أجيب بأنه وإن كان على وزنه لكن يزيد مفتتح بياء تدل في الفعل على معنى هو الغيبة بخلاف بريد فلم يخرج يزيد
384 | 463(1/382)
ما لا ينصرف
وما يَصِيرُ عَلمًا من ذي أَلِفْ زِيدَتْ لإلحاقٍ فليسَ يَنْصَرفْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سكون التخفيف العارض بعد التسمية نحو: ضرب بسكون العين مخففًا من ضرب المجهول: فمذهب سيبويه أنه كالسكون اللازم فينصرف وهو اختيار المصنف، وذهب المازني والمبرد ومن وافقهما إلى أنه ممتنع الصرف، فلو خفف قبل التسمية انصرف قولًا واحدًا "وما يصير علمًا من ذي ألف زيدت لإلحاق فليس ينصرف" أي: ألف الإلحاق المقصورة تمنع الصرف مع العلمية لشبهها بألف التأنيث من وجهين: الأول أنها زائدة ليست مبدلة من شيء بخلاف الممدودة فإنها مبدلة من ياء. والثاني أنها تقع في مثال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن كونه من أوزان الفعل. قوله: "وهو اختيار المصنف" لأن الوزن قد زال والأصل الصرف ولصرفهم جندل بعد حذف الألف, وإن كان حذفًا عارضًا مع أن فيه ما يدل على تقديرها وهو توالي أربع متحركات دماميني. قوله: "ممتنع الصرف"
أي: لعروض السكون كما لا ينصرف جيل المخفف من جيأل. وأجيب عن هذا بأن الفتحة باقية فهي بمنزلة الهمزة دماميني. قال في الهمع: ويجري القولان في يعفر علمًا إذا ضم ياؤه اتباعًا فالأصح صرفه وعليه سيبويه, لورود السماع به فيما حكاه أبو زيد وخروجه إلى شبه الاسم والثاني منعه وعليه الأخفش لعروض الضمة فلا اعتداد بها ويجريان أيضًا في بدل همزة أفعل كهراق أصله أراق علمًا والأصح فيه المنع ولا مبالاة بهذا الإبدال.
قوله: "فلو خفف" أي: بالسكون. قوله: "لإلحاق" هو جعل كلمة على مثال أخرى رباعية الأصول أو خماسيتها كجعل أرط وعلقى على مثال جعفر وعزهى وذفرى على مثال درهم وجلبب جلببة وجلبابًا على مثال دحرج دحرجة ودحراجًا وحلتيت وحلاتيت وعفريت وعفاريت على مثال قنديل وقناديل. قوله: "المقصورة" خرج به ألف الإلحاق الممدودة كما سيأتي. قوله: "مع العلمية" ولم تستقل ألف الإلحاق بالمنع كألف التأنيث؛ لأن الملحق بغيره أحط رتبة منه سم. قوله: "لشبهها بألف التأنيث" أي: المقصورة وقوله: من وجهين أي: لا من كل وجه فإنها تفارقها من حيث أن ألف التأنيث لا يقبل ما هي فيه التنوين ولا تاء التأنيث وما فيه ألف الإلحاق يقبلهما, وقد استعمل بعض الأسماء منونًا بجعل ألفه للإلحاق وغير منون بجعل ألفه للتأنيث نحو: تترى وبالوجهين قرئ في السبع قوله: "بخلاف الممدودة" أي: ألف الإلحاق الممدودة فإنها لا تؤثر منع الصرف لعدم شبهها بألف التأنيث الممدودة؛ لأن همزة الإلحاق منقلبة عن ياء وهمزة التأنيث منقلبة عن ألف وأيضًا همزة التأنيث منقلبة عن مانع وهو الألف فتمنع, وهمزة الإلحاق منقلبة عن غير مانع وهو الياء فلا تمنع أفاده في التصريح.
قوله: "فإنها مبدلة من ياء" أي: فلم تشبه ألف التأنيث الممدودة؛ لأنها مبدلة من ألف ثانية, وظاهر هذا الجري على أن ألف الإلحاق الممدود الهمزة بعد الألف وألف التأنيث الممدودة الهمزة بعد الألف وفيه خلاف سيأتي في باب التأنيث. قوله: "في مثال" أي: وزن وقوله: نحو: أرطي اسم شجر وألفه للإلحاق بجعفر على الراجح وقيل إن أرطى أفعل فمانعه العلمية ووزن الفعل
385 | 463(1/383)
ما لا ينصرف
والعَلَمَ امنَعْ صَرْفَهُ إنْ عُدِلا كفُعَل التوكيدِ أو كثُعَلا
والعَدلُ والتعرِيفُ مانِعا سَحَرْ إذا به التَّعيينُ قَصْدًا يُعتَبَرْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صالح لألف التأنيث نحو: أرطى فإنه على مثال سكرى وعزهى فهو على مثال ذكرى بخلاف الممدودة نحو: علباء، وشبه الشيء بالشيء كثيرًا ما يلحقه به كحاميم اسم رجل، فإنه عند سيبويه ممنوع الصرف لشبهه بهابيل في الوزن والامتناع من الألف واللام، وكحمدون عند أبي علي حيث يمنع صرفه للتعريف والعجمة، ويرى أن حمدون وشبهه من الأعلام المزيد في آخرها واو بعد ضمة ونون لغير جمعية لا يوجد في استعمال عربي مجبول على العربية، بل في استعمال عجمي حقيقة أو حكمًا، فألحق بما منع صرفه للتعريف والعجمة المحضة.
تنبيهان: الأول كان ينبغي أن يقيد الألف بالمقصود صريحًا أو بالمثال أو بهما كما فعل في الكافية فقال:
وألِفُ الإلحاقِ مَقصورًا مَنع كعلقَ إن ذا عَلَميّة وَقَعْ الثاني: حكم ألف التكثير كحكم ألف الإلحاق في أنها تمنع مع العلمية نحو: قبعثري. ذكره بعضهم "والعلم امنع صرفه إن عدلا كفعل التوكيد أو كثعلا والعدل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الفارضي: ولا يجوز أن تكون ألف أرطى وعلقى للتأنيث؛ لأنهم قالوا: أرطاة وعلقاة فلو كانت للتأنيث لاجتمع تأنيثان في الكلمة ا. هـ. قوله: "وعزهى فهو على مثال ذكرى" كذا زيد في نسخ والعزهى بعين مهملة فزاي اسم للرجل الذي لا يلهو كما سيأتي في الشرح في باب التأنيث, وألفه للإلحاق بدرهم وترك مثال الضم لعدم ألف الإلحاق في فعلى بالضم بل هي ألف تأنيث كخنثى. قوله: "بخلاف الممدود" أي: ألف الإلحاق الممدودة فإنها لا تقع في مثال صالح لألف التأنيث. قوله: "نحو: علباء" بعين مهملة فلام فموحدة اسم لعصبة العنق وألفه الممدودة للإلحاق بقرطاس, وإنما لم تكن ألفه للتأنيث, قال الفارضي: لأن علباء لا يوازنه شيء من أوزان ألف التأنيث الممدودة كما سيأتي إن شاء الله تعالى في علامة التأنيث.
قوله: "وشبه الشيء" بتحريك شبه. قوله: "لشبهه بهابيل" فيكون مانعه من الصرف العلمية وشبه العجمة. قوله: "للتعريف والعجمة" أي: الحكمية بقرينة ما بعده ويعبر عنها بشبه العجمة. قوله: "في استعمال عربي" أي: في استعمال شخص عربي مجبول على العربية أي: فصيح موثوق بعربيته. قوله: "والعجمة المحضة" يعني الحقيقة. قوله: "حكم ألف التكثير" أي: التي أتى بها لأجل تكثير حروف الكلمة وتلحقها تاء التأنيث كألف الإلحاق فيقال قبعثراة. قوله: "نحو: قبعثرى" ومن أدخلها في ألف الإلحاق فقدسها إذ ليس في أصول الاسم سداسي فيلحق به ا. هـ تصريح والقبعثرى الجمل العظيم والفصيل المهزول قاموس.
قوله: "والعلم" أي: حقيقة أو حكمًا بقرينة التمثيل بفعل التوكيد فإنه ليس بعلم حقيقة عند
386 | 463(1/384)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والتعريف مانعًا سحر إذا به التعيين قصدًا يعتبر" أي: يمنع من الصرف اجتماع التعريف والعدل في ثلاثة أشياء: أحدها فعل في التوكيد وهو جمع وكتع وبصع وبتع فإنها معارف بنية الإضافة إلى ضمير المؤكد فشابهت بذلك العلم لكونه معرفة من غير قرينة لفظية. هذا ما مشى عليه في شرح الكافية، وهو ظاهر مذهب سيبويه، واختاره ابن عصفور. وقيل بالعلمية وهو ظاهر كلامه هنا ورده في شرح الكافية وأبطله, وقال في التسهيل: بشبه العلمية أو الوصفية. قال أبو حيان: وتجويزه أن العدل يمنع مع شبه الصفة في باب جمع لا أعرف له فيه سلفًا، ومعدولة عن فعلاوات فإن مفرداتها جمعاء وكتعاء وبصعاء وبتعاء، وإنما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الناظم كما في شرح الكافية وتصحيح بعضهم إبقاء العلمية على ظاهرها بجعل الكاف للتنظير لا للتمثيل يمنعه العطف في قوله: أو كثعلا؛ لأن فعل مثال قطعًا فالمناسب أن يكون ما قبله كذلك نعم يصح الإبقاء بإجراء كلامه هنا على القول بأن فعل التوكيد علم حقيقة لمعنى هو الإحاطة, وإن كان خلاف ما مشى عليه في الكافية. قوله: "كفعل التوكيد" الإضافة على معنى اللام أوفى وكلام الشارح يشير إلى هذا. قوله: "كثعلا" هو علم جنس للثعلب. قوله: "إذا به" الباء بمعنى في متعلقة بيعتبر وقصدًا أي: مقصودًا حال مؤكدة من نائب الفاعل وفي كلامه إدخال إذا على المضارع وهو جائز وإن كان قليلا. قوله: "بنية الإضافة إلى ضمير المؤكد" والأصل في رأيت النساء جمع جمعهن فحذف الضمير للعلم به, واستغنى بنية الإضافة, وضعف هذا القول بأن تعريف الإضافة غير معتبر في منع الصرف. وأجيب بأن عدم اعتباره إذا وجد المضاف إليه؛ لأن حكم منع الصرف لا يتبين معه, وأما مع حذفه فما المانع من اعتباره.
قوله: "فشابهت بذلك العلم إلخ" فإن سمي به أعني بفعل المؤكد به فمذهب سيبويه بقاؤه على المنع, وعن الأخفش صرفه؛ لأن العدل إنما كان حال التوكيد وقد ذهب فإن نكر بعد التسمية صرف وفاقًا لذهاب العلمية بلا عوض عنها بخلاف أخر؛ لأنه في الأصل صفة أفاده السيوطي. قوله: "وقيل بالعلمية" أي: لمعنى الإحاطة ا. هـ. تصريح فهي علم جنس للمعنى كسبحان. قوله: "وهو ظاهر كلامه هنا" لأنه مثل للعلم المعدول بفعل التوكيد, وإنما قال ظاهر؛ لإمكان حمل العلم في كلامه على ما يشمل العلم حكمًا وهو ما يشبه العلم الحقيقي في كون تعريفه بغير أداة ظاهرة. قوله: "ورده في شرح الكافية وأبطله" فقال: وليس -يعني جمع- بعلم؛ لأن العلم إما شخصي أو جنسي فالشخصي مخصوص ببعض الأشخاص فلا يصح لغيره, والجنسي مخصوص ببعض الأجناس فلا يصلح لغيره وجمع بخلاف ذلك فالحكم بعلميته باطل
ا. هـ. قلت: علم الإحاطة من قبيل علم الجنس المعنوي كسبحان للتسبيح وفي ارتكابه توفية بالقاعدة وهي أنه لا يعتبر في منع الصرف من المعارف إلا العلمية تصريح.
قوله: "يشبه العلمية" أي: نظرًا لكونه معرفًا بغير أداة ظاهرة, وقوله: أو الوصفية أي:
وشبه الوصفية أي: نظرًا لكون مذكره أفعل ومؤنثه فعلاء كما هو شأن الصفات. قوله: "ومعدولة عن فعلاوات" عطف على معارف في قوله السابق: فإنها معارف بنية الإضافة سم. قوله: "لأن مذكره
387 | 463(1/385)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قياس فعلاء إذا كان اسمًا أن يجمع على فعلاوات كصحراء وصحراوات؛ لأن مذكره جمع بالواو والنون فحق مؤنثه أن يجمع بالألف والتاء، وهذا اختيار الناظم. وقيل معدولة عن فعل؛ لأن قياس أفعل فعلاء أن يجمع مذكره ومؤنثه على فُعْل نحو: حمر في أحمر وحمراء, وهو قول الأخفش والسيرافي واختاره ابن عصفور. وقيل إنه معدول عن فعالي كصحراء وصحاري، والصحيح الأول؛ لأن فعلاء لا يجمع على فعل إلا إذا كان مؤنثًا لأفعل صفة كحمراء وصفرء، ولا على فعالي إذا كان اسمًا محضًا لا مذكر له كصحراء، وجمعاء ليس كذلك. الثاني علم المذكر والمعدول إلى فعل نحو: عمر وزفر وزحل ومضر وثعل وهبل وجشم وقثم وجمح وقزح ودلف: فعمر معدول عن عامر وزفر معدول عن زافر، وكذا باقيها. قيل وبعضها عن أفعل وهو ثعل، وطريق العلم بعدل هذا النوع سماعه غير مصروف عاريًا من سائر الموانع، وإنما جعل هذا النوع معدولًا لأمرين: أحدهما أنه لو لم يقدر عدله لزم ترتيب المنع على علة واحدة إذ ليس فيه من الموانع غير العلمية. والآخر أن الأعلام يغلب عليها النقل فجعل عمر معدولًا عن عامر العلم المنقول من الصفة ولم يجعل مرتجلًا، وكذا باقيها. وذكر بعضهم لعدله فائدتين: إحداهما لفظية وهي التخفيف، والأخرى معنوية وهي تمحيض العلمية إذ لو قيل عامر لتوهم أنه صفة، فإن ورد فعل مصروفًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جمع إلخ" كان ينبغي أن يقول: ولأن مذكره إلخ؛ لأن هذا تعليل آخر للناظم وابنه غير تعليل ابن هاشم السابق في قوله: فإن مفرداتها جمعاء وكتعاء وبصعاء وبتعاء وإنما قياس فعلاء إلخ؛ ولأن صنيعه يوهم أن صحراء له مذكر وليس ذلك كما سيصرح به الشارح أفاده البهوتي. قوله: "عن فعل" أي: بضم الفاء وسكون العين. قوله: "وقيل إنه معدول عن فعالى" أي: لأن فعلاء الذي ليس بصفة قياسه أن يجمع على فعالى دماميمي. قوله: "صفة" حال من أفعل وقوله: لا مذكر له بيان لقوله: محضًا كما تدل عليه عبارة الدماميني. قوله: "وجمعاء ليس كذلك" لأنه ليس بصفة وله مذكر فبطل القولان الأخيران. قوله: "نحو: عمر إلخ" دخل تحت نحو: هدل وعصم وبلع وحجى فجملة الأعلام الموازنة فعل خمسة عشر. قوله: "وزفر عن زافر" بمعنى ناصر أو حامل كما في الفارضي قال: وأما زفر بمعنى كثير العطاء فيصرف؛ لأنه نكرة بدليل
دخول أل عليه ا. هـ.
قوله: "وهو ثعل" قال أبو حيان: لأن ثاعلا غير مستعمل وأثعل مستعمل قال في الصحاح: الثعل بالتحريك زوائد في الأسنان واختلاف منابتها، رجل أثعل وامرأة ثعلاء ا. هـ. قوله: "عاريًا من سائر الموانع" أي: غير العلمية؛ لأن الكلام في العلم. قوله: "لو لم يقدر عدله إلخ" وإنما قدر العدل دون غيره لإمكانه دون غيره دماميني. قوله: "عن عامر العلم المنقول من الصفة" صريح في أن المعدول عنه العلم لا الصفة. قوله: "وهي التخفيف" أي: بحذف الألف. قوله: "فإن ورد فعل مصروفًا إلخ" وما لم يسمع صرفه ولا عدمه فسيبويه يصرفه حملًا على الأصل في الأسماء وغيره يمنع صرفه حملا الغالب في فعل علمًا, وليس يجيد قاله الخضراوي ا. هـ. تصريح.
وعبارة
388 | 463(1/386)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو علم علمنا أنه ليس بمعدول، وذلك نحو: أدد وهو عند سيبويه من الود فهمزته عن واو، وعند غيره من الأد وهو العظيم فهمزته أصلية، فإن وجد في فعل مانع مع العلمية لم يجعل معدولًا نحو: طوى فإن منعه للتأنيث والعلمية، ونحو: تتل اسم أعجمي فالمانع له العجمة والعلمية عند من يرى منع الثلاثي للعجمة إذ لا وجه لتكلف تقدير العدل مع إمكان غيره. ويلتحق بهذا النوع ما جعل علمًا من المعدول إلى فعل في النداء كغدر وفسق فحكمه حكم عمر. قال المصنف: وهو أحق من عمر بمنع الصرف؛؛ لأن عدله محقق وعدل عمر مقدر ا. هـ. وهو مذهب سيبويه. وذهب الأخفش وتبعه ابن السيد إلى صرفه. الثالث سحر إذا أريد به سحر يوم بعينه فالأصل أن يعرف بأل أو بالإضافة، فإن تجرد منهما مع قصد التعيين فهو حينئذ ظرف لا يتصرف ولا ينصرف نحو: جئت يوم الجمعة سحر والمانع له
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأشباه للسيوطي قال في البسيط لو سمي بفعل مما لم يثبت كيفية استعماله ففيه ثلاثة أقوال: أحدها الأولى منع صرفه حملًا له على الأكثر. والثاني الأولى صرفه نظرًا إلى الأصل؛ لأن تقدير العدل على خلاف القياس. والثالث إن كان مشتقا من فعل منع الصرف حملًا على الأكثر وإلا صرف وهو فحوى كلام سيبويه ا. هـ.
قوله: "هو علم" يظهر لي أن هذا القيد لكون الكلام في الأعلام وأن ما ورد مصروفًا وهو وصف كحطم ولبد ليس أيضًا معدولًا وإلا استحق منع الصرف. قوله: "من الود" أي: مشتق من الود وقوله: من الأد أي: مأخوذ من الإد؛ لأن الإد بكسر الهمزة بمعنى العظيم ليس مصدرًا. قوله: "فإن منعه للتأنيث" أي: المعنوي باعتبار البقعة وتنوينه باعتبار المكان لغة فيه قرئ بها في السبع. قوله: "ونحو: تتل" بفوقيتين اسم لبعض عظماء الترك وقوله: عند من يرى إلخ. أما عند من يرى عدم منعه فمانع تتل العلمية. والعدل وقوله: إذ لا وجه إلخ علة لقوله: لم يجعل معدولًا. قوله "بهذا النوع" أي: الثاني. قوله: "حكم عمر" فإن نكر زال المنع سيوطي. قوله: "لأن عدله محقق" فغدر معدول عن غادر وفسق معدول عن فاسق وهذا محقق له قبل التسمية, وأما بعدها فبقي لفظ المعدول على ما هو عليه فاعتبر فمانعه العلمية وبقاء لفظ العدل دماميني. قوله: "سحر إذا أريد به سحر يوم بعينه فالأصل إلخ" كان يكفيه أن يقول سحر إذا أراد به سحر يوم بعينه فهو حينئذ ظرف إلخ وكأنه إنما زاد قوله: فالأصل إلخ لبيان وجه العدل لكن يرد عليه أنه قد بينه في قوله: أما العدل إلخ وإن لم يذكر ثم الإضافة فتأمل وقوله: إذا أريد به سحر يوم بعينه أي: وجعل ظرفًا كما سيأتي.
قوله: "نحو: جئت يوم الجمعة سحر" قال في مبحث: إذًا من المغني وعمل العامل في ظرفي زمان يجوز إذا كان أحدهما أعم نحو: أتيك يوم الجمعة سحر ا. هـ. واستشكل بأن السحر هو الوقت الواقع قبل الفجر بقليل وضبطه بعضهم بالسدس الأخير من الليل واليوم ما بين طلوع الشمس وغروبها أو ما بين الفجر والغروب فلم يصدق أحد الطرفين على الآخر فلا عموم. وأجيب
389 | 463(1/387)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الصرف العدل والتعريف: أما العدل فعن اللفظ بأل فإنه كان الأصل أن يعرف بها، وأما التعريف فقيل بالعلمية؛ لأنه جعل علمًا لهذا الوقت وهذا ما صرح به في التسهيل. وقيل بشبه العلمية؛ لأنه تعرف بغير أداة ظاهرة كالعلم وهو اختيار ابن عصفور. وقوله هنا والتعريف يومئ إليه إذ لم يقل والعلمية. وذهب صدر الأفاضل وهو أبو الفتح ناصر بن أبي المكارم المطرزي إلى أنه مبني لتضمنه معنى حرف التعريف. قال في شرح الكافية: وما ذهب إليه بثلاثة أوجه: أحدها أن ما ادعاه ممكن وما ادعيناه ممكن لكن ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بحمل السحر على أول الفجر لقربة منه أو حمل اليوم على ما يشمل ما قبل الفجر. قوله: "فعن اللفظ بأل" أي: عن لفظ سحر المقرون بأل أي: العهدية كما في الدماميني؛ وذلك لأنه اسم جنس أريد به معين كرجل إذا أريد به معين فحقه أن يكون مع الإضافة أو أل لكنهم عدلوا عن قرنه بأل إلى جعله علمًا على هذا الوقت. فإن قلت كما يجوز أن يكون معدولًا عن ذي أل يجوز أن يكون معدولًا عن المضاف فلم حكمتم بأنه معدول عن ذي اللام دون المضاف؟ فالجواب أن التعريف بأل أخصر من التعريف الإضافي والضرورة داعية إلى اعتبار التعريف ومعها إنا يرتكب قدر الحاجة فلهذا لم يقل الشارح أو الإضافة مع أنه المطابق لقوله سابقًا, فالأصل أن يعرف بأل أو الإضافة. واعلم أن عدل سحر تحقيقي لا تقديري لما عرفت من أنه يدل عليه دليل غير منع الصرف وهو أنه اسم جنس أريد به معين فحقه أن يعرف بأل بخلاف التقديري فإنه لا دليل عليه إلا منع الصرف وليس المراد بالتحقيق ما نطقوا بأصله.
قوله: "بالعلمية" قال الحفيد أي: الشخصية ا. هـ. قال سم ويلزم عليه تعدد الأوضاع بتعدد الأسحار المعينة أي: والأصل عدم تعدد الوضع فالأقرب جعله علم جنس.
قوله: "وهذا ما صرح به في التسهيل" استشكله أبو حيان بأن المعدول له يشتمل على معنى المعدول عنه كاشتمال مثنى وفسق على معنى اثنين اثنين وفاسق وكيف يشتمل سحر على معنى السحر ويكون علمًا مع أن تعريف العلمية لا يجامع تعريف اللام فلا يجامع علمية سحر اشتماله على معنى السحر. همع باختصار. قوله: "إلى أنه مبنى" هذا ثاني أربعة أقوال فيه ذكرها الفارضي ثالثها أنه معرب منصرف وسينقله الشارح عن السهيلي والشلوبين الصغير. رابعها أنه لا معرب ولا مبني وهي مفروضة في سحر المراد به معين المجعول ظرفًا فإن نكر صرف وإن أريد به معين ولم يجعل ظرفًا قرن بأل أو أضيف وجوبًا كما صرح به الدماميني. قوله: "لتضمنه معنى حرف التعريف" الفرق بين العدل والتضمين أن العدل تغيير صيغة اللفظ مع بقاء معناه الأصلي والتضمين إشراب اللفظ معنى زائدًا على أصل معناه من غير تغييره عن صيغته الأصلية فسحر المذكور عند الجمهور مغير عن لفظ السحر من غير تغيير لمعناه وعند صدر الأفاضل وارد على صيغته الأصلية مع إشرابه معنى زائدًا على أصل معناه وهو التعيين أفاده في التصريح فالتغيير على العدل في اللفظ دون المعنى وعلى التضمين بالعكس.
قوله: "ما ادعاه" أي: من البناء وتضمن معنى حرف التعريف فالمصنف إنما سلم إمكان
390 | 463(1/388)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ادعيناه أولى؛ لأنه خروج عن الأصل بوجه دون وجه؛ لأن الممنوع الصرف باق على الإعراب، بخلاف ما ادعاه فإنه خروج عن الأصل بكل وجه. الثاني أنه لو كان مبنيا لكان غير الفتح أولى به؛ لأنه في موضع نصب فيجب اجتناب الفتحة؛ لئلا يتوهم الإعراب كما اجتنبت في قبل وبعد والمنادى المبني. الثالث أنه لو كان مبنيا لكان جائز الإعراب جواز إعراب حين في قوله:
1034-
عَلى حِينِ عاتَبْتُ المَشِيب عَلَى الصِّبا لتساويهما في ضعف سبب البناء بكونه عارضًا، وكان يكون علامة إعرابه تنوينه في بعض المواضع، وفي عدم ذلك دليل على عدم البناء وأن فتحته إعرابية، وأن عدم التنوين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التضمن الذي علل به صدر الأفاضل البناء لا وجوده وإنما لم يحكم بعدمه؛ لأن ما سلكه أسلم له فسقط ما نقله البعض عن البهوتي وأقره من الاعتراض. قوله: "لأنه خروج عن الأصل بوجه إلخ" إيضاحه أن أصل الاسم الإعراب والانصراف فالمنع من الصرف عدول عن وجه والبناء عدول عن وجهين معًا. قوله: "لكان غير الفتح إلخ" قد ينقض باسم لا التبرئة المبني؛ لأن بناءه على الفتح مع أنه في موضع نصب فلعل كلامه باعتبار الغالب. قوله: "فيجب اجتناب الفتحة" أي: يتأكد ليوافق قوله قبل لكان غير الفتح أولى به. قوله: "جائز الإعراب" جوازًا وقوعيا كما يؤخذ من بقية كلامه. قوله قبل لكان غير الفتح أولى به. قوله: "جائز الإعراب" جوازًا وقوعيا كما يؤخذ من بقية كلامه. قوله: "جواز إعراب حين" أي: إذا أضيف إلى جملة واللازم باطل عند صدر الأفاضل؛ لأنه مبني عنده مطلقًا زكريا.
قوله: "في ضعف إلخ" وفي كون كل منهما ظرفًا زمانيا. قوله: "بكونه عارضًا" اعترضه البعض بأن الفرق بين سحر وحين ظاهر؛ لأن سبب بناء حين إضافته لمبنى وهي مجوز للبناء لا موجبة وسبب بناء سحر تضمنه معنى الحرف وهو موجب لا مجوز كما لا يخفى أي: ومجرد اشتراكهما في عروض البناء لا يقتضي جواز البناء فقد يكون البناء العارض واجبًا كبناء المنادى واسم لا. قوله: "وكان يكون إلخ" عطف على لكان جائز الإعراب. قوله: "وفي عدم ذلك" أي: التنوين دليل على عدم البناء؛ لأن انتفاء اللازم وهو جواز الإعراب مع التنوين يوجب انتفاء الملزوم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1034- عجزه:
وقلتُ ألَمَّا أصْحُ والشِّيبُ وازعُ والبيت من الطويل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص32؛ والأضداد ص151؛ وجمهرة اللغة ص1315؛ وخزانة الأدب 2/ 456، 3/ 407، 6/ 550، 553؛ والدرر 3/ 144؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 506؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 53؛ وشرح التصريح 2/ 42؛ وشرح شواهد المغني 2/ 816، 883؛ والكتاب 2/ 330؛ ولسان العرب 8/ 390 "وزع"، 9/ 70 "خشف"؛ والمقاصد النحوية 3/ 406، 4/ 357؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 111؛ والإنصاف 1/ 292؛ وأوضح المسالك 3/ 133؛ ورصف المباني ص349؛ وشرح شذور الذهب ص102؛ وشرح ابن عقيل ص387؛ وشرح المفصل 3/ 16، 4/ 591، 8/ 137؛ ومغني اللبيب ص571؛ والمقرب 1/ 290، 2/ 516؛ والمنصف 1/ 58؛ وهمع الهوامع 1/ 218.
391 | 463(1/389)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنما كان من أجل منع الصرف فلو نكر سحب وجب التصرف والانصراف كقوله تعالى: {نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ، نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا} [القمر: 34] ا. هـ. وذهب السهيلي إلى أنه معرب وإنما حذف تنوينه لنية الإضافة. وذهب الشلوبين الصغير إلى أنه معرب، وإنما حذف تنوينه لنية أل، وعلى هذين القولين فهو من قبيل المنصرف، والصحيح ما ذهب إليه الجمهور.
تنبيه: نظير سحر في امتناعه من الصرف أمس عند بني تميم فإن منهم من يعربه في الرفع غير منصرف ويبنيه على الكسر في النصب والجر، ومنهم من يعربه إعراب ما لا ينصرف في الأحوال الثلاث خلافًا لمن أنكر ذلك، وغير بني تميم يبنونه على الكسر. وحكى ابن أبي الربيع أن بني تميم يعربونه إعراب ما لا ينصرف إذا رفع أو جر بمد أو منذ فقط. وزعم الزجاج أن من العرب من يبنيه على الفتح، واستشهد بقول الراجز:
1035-
إني رأيتُ عَجبًا مُذْ أمْسَا قال في شرح التسهيل: ومدعاه غير صحيح لامتناع الفتح في موضع الرفع، ولأن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو البناء فثبت وجوب الإعراب مع عدم الصرف. قوله: "فلو نكر سحر" هذا مقابل قوله: إذا أريد به سحر يوم بعينه, واعلم أن هذا من تتمة كلام المصنف في شرح الكافية فلا يعترض بأن الأولى تأخيره عن جملة الأقوال في سحر المعرفة. قوله: "إلى أنه معرب" أي: ومنصرف كما يؤخذ من قوله: وإنما حذف تنوينه إلخ والخلاف بين السهيلي والشلوبين إنما هو في علة حذف التنوين كما هو ظاهر في سياقه. قوله: "نظير سحر في امتناعه من الصرف أمس إلخ" مثل ذلك أيضًا رجب وصفر فإن كلا منهما علم جنس على الشهر المخصوص ومعدول عن ذي أل. قوله: "من يعربه في
الرفع إلخ" قال البعض: انظر ما وجه التفرقة بين حالة الرفع وغيرها ا. هـ. وأقول قد توجه بأن الرفع شأن العمد فلم يخرج فيه عن الأصل في الأسماء بالكلية بخلاف النصب والجر فإنهما شأن الفضلات فيقبلان الخروج عن الأصل بالكلية فاعرفه. قوله: "ويبنيه على الكسر" أي: لما يأتي قريبًا. قوله: "يبنونه على الكسر" أي: بالشروط الخمسة المأخوذة من قوله فيما يأتي, ولا خلاف في إعراب أمس وهي أن لا يكسر ولا يصغر ولا ينكر ولا يضاف ولا يحلى بأل وإنما بني لتضمنه معنى حرف التعريف وعلى حركة للتخلص من التقاء الساكنين وكانت كسرة؛ لأنها الأصل في التخلص.
قوله: "إذا رفع أو جر بمذ أو منذ فقط" أي: ويبنونه على الكسر في غير ذلك, ولعل وجه تخصيص مذ ومنذ كثرة جر أمس بهما. قوله: "لامتناع الفتح في وضع الرفع" قال البعض: أي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1035- الرجز بلا نسبة في أسرار العربية ص32؛ وأوضح المسالك 4/ 132؛ وجمهرة اللغة ص841، 863؛ وخزانة الأدب 7/ 167، 168؛ والدرر 3/ 108؛ وشرح التصريح 2/ 226؛ وشرح شذور الذهب ص128؛ وشرح قطر الندى ص16؛ وشرح المفصل 4/ 106، 107؛ والكتاب 3/ 284؛ ولسان العرب 6/ 9، 10 "أمس"؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص95؛ والمقاصد النحوية 4/ 357؛ ونوادر أبي زيد ص57؛ وهمع الهوامع 1/ 209.
392 | 463(1/390)
ما لا ينصرف
ابْنِ عَلَى الكَسْرِ فَعَالِ عَلَما مُؤنَّثًا وهو نَظيرُ جُشَما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سيبويه استشهد بالرجز على أن الفتح في أمسا فتح إعراب، وأبو القاسم لم يأخذ البيت من غير كتاب سيبويه، فقد غلط فيما ذهب إليه واستحق أن لا يعول عليه ا. هـ. ويدل للإعراب قوله:
1036-
اعْتَصِمْ بالرّجاءِ إنْ عَنَّ بَأسٌ وتَناسَ الذي تَضَمَّنَ أمْسُ وأجاز الخليل في لقيته أمس أن يكون التقدير بالأمس، فحذف الباء وأل، فتكون الكسرة كسرة إعراب. قال في شرح الكافية: ولا خلاف في إعراب أمس إذا أضيف، أو لفظ معه بالألف واللام، أو نكر، أو صغر، أو كسر "وابن على الكسر فعال علما مؤنثًا"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لعدم وجدان الفتح في لسانهم في موضع الرفع فقالوا: مضى أمس بالرفع ولم يفتحوه ولو كان مبنيا على الفتح في الأحوال كلها أي: عند بعض العرب لسمع مضى أمس بالفتح ا. هـ. وفيه تصريح بأن منقول الزجاج البناء على الفتح في كل الأحوال وحينئذ يتم التعليل أما إن كان منقوله البناء على الفتح في الجر فقط فلا. قوله: "ولأن سيبويه استشهد بالرجز إلخ" هذا التعليل غير ناهض إذ لا ضرر في تخريج إنسان بيتًا على خلاف تخريج من نقل هذا البيت عن العرب فتدبر. قوله: "فتح إعراب" أي: نائب عن الكسر كما هو شأن الممنوع من الصرف وزعم بعضهم أن أسسًا فيه فعل فعل ماض فاعله ضمير مستتر أي: أمسى هو أي: المساء. قوله "وأبو القاسم" أي: الزجاج. قوله: "ويدل للإعراب إلخ" إن كان مقصوده الرد بذلك على الزجاج لم يتم لأن الزجاج لم يدع البناء على الفتح عند جميع العرب بل البناء على الفتح عند بعضهم فيجوز أن يكون قائل البيت من غير هذا البعض فافهم. قوله: "اعتصم" أي: تمسك وعن ظهر. قوله: "ولا خلاف إلخ" نظ فيه بعضهم بأن من العرب من يستصحب البناء مع أل كقوله:
وإني وقفت اليوم والأمس قبله ببابك حتى كادت الشمس تغرب بكسر سين الأمس وهو في موضع نصب عطفًا على اليوم وخرج على أن أل زائدة لغير تعريف واستصحب معنى المعرفة فاستديم البناء أو أنها المعرفة وجر على إضمار الباء فالكسر إعراب لا بناء. قوله: "أو نكر" أي: أريد به يوم من الأيام الماضية مبهم كما في التوضيح بقي ما إذا أريد به معين من الأيام الماضية غير اليوم الذي يليه يومك كأن يراد به اليوم الذي يلييه أول الشهر الماضي ولا يبعد أن يكون حكمه حكم ما لو أريد به اليوم الذي يليه يومك ويكون التقييد باليوم الذي يليه يومك لأن الغالب في إرادة المعنى ا. هـ. سم وربما يشير إلى ذلك قولن التوضيح سهم فما يتبادر من كلام البعض من أن حكم هذا حكم المنكر غير صحيح. قوله: "أو صغر" أي: على مذهب من يجيز تصغيره كالمبرد وابن برهان ونص سيبويه على أنه لا يصغر وكذا غد استغناء بتصغير ما هو أشد تمكنًا وهو اليوم والليلة قاله أبو حيان. قوله: "أو كسر" أي: جمع جمع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1036 البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 133؛ والدرر 3/ 107؛ وشرح التصريح 2/ 226؛ والمقاصد النحوية 4/ 372؛ وهمع الهوامع 1/ 209.
393 | 463(1/391)
ما لا ينصرف
عندَ تَميمِ واصْرِفَنْ ما نُكِّرا منْ كلِّ ما التعريفُ فيه أثَّرا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: مطلقًا في لغة الحجازيين لشبهه بنزال وزنا وتعريفًا وتأنيثًا وعدلًا. وقيل لتضمنه معنى هاء التأنيث. قال الربعي. وقيل لتوالي العلل وليس بعد منع الصرف إلا البناء. قاله المبرد، والأول هو المشهور: تقول هذه حذام ووبار، ورأيت حذام ووبار، ومررت بحذام ووبار، ومنه قوله:
1037-
إذا قالتْ حَذامِ فَصَدِّقُوها فإنَّ القولَ ما قالتْ حَذامِ "وهو نظير جشما" وعمر وزفر "عند تميم" أي: ممنوع الصرف للعلمية والعدل عن فاعلة، وهذا رأى سيبيويه. وقال المراد: للعلمية والتأنيث المعنوي كزينب، وهو أقوى على ما لا يخفى. وهذا فيما ليس آخره راء: فأما نحو: وبار وظفار وسفار فأكثرهم يبنيه على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تكسير على آمس كأفلس وأموس كفلوس وآماس كأوقات فعلم ما في قول البعض بأن قيل أموس من القصور.
قوله: "مطلقًا" أي: سواء ختم براء أو لا. والحاصل أن فيه ثلاث لغات بناءه على الكسر مطلقًا وإعرابه إعراب ما لا ينصرف مطلقًا والتفصيل بين ما آخره راء فيبنى وما لا فيمنع من الصرف. قوله: "لشبهه بنزال" علة لابن ولا ينافي ما سبق من حصر سبب البناء في شبه الحرف؛ لأن الشبه بالحرف صادق بالشبه بلا واسطة وبها كما هنا؛ لأن نزال تشبه الحرف, وقوله: وتعريفًا لما مر من أن اسم الفعل الغير المنون معرفة وقوله: وتأنيثًا لعله في نزال باعتبار أنه اسم لكلمة انزل وهو جار على مذهب المبرد أن نزال بمعنى النزلة وعبارة الهمع لشبهه بفعال الواقع موقع الأمر كنزال في الوزن والعدل والتعريف فأسقط التأنيث. قوله: "لتضمنه معنى هاء التأنيث" أي: التي في المعدول عنه. قوله: "لتوالي العلل" أي: العلمية والتأنيث والعدل ورد بأن أذربيجان فيه خمسة أسباب وهو مع ذلك معرب ا. هـ. حفيد ويجاب بأنهم نبهوا بإعرابه على أن اجتماع الأسباب مجوز للبناء لا موجب سم والخمسة هي العلمية والعجمة وزيادة الألف والنون والتأنيث؛ لأنه علم بلدة والتركيب. قوله: "حذام" معدول عن حاذمة من الحذم وهو القطع, ومن هذا الباب صلاح اسمًا لمكة وسكاب اسمًا لفرس.
قوله: "جشما" معدول عن جاشم أي: عظيم كما في سم. قوله: "وهذا رأي: سيبويه" وهو مقتضى قول المصنف وهو نظير جشما. قوله: "وهو أقوى على ما لا يخفى" أي: لأن التأنيث متحقق فلا حاجة إلى تقدير العدل لأنه إنما يقدر إذا لم يتحقق غيره وأجاب الدماميني بأن الغالب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1037- البيت من الوافر، وهو للجيم بن صعب في شرح التصريح 2/ 225؛ وشرح شواهد المغني 2/ 596؛ والعقد الفريد 3/ 363؛ ولسان العرب 6/ 306 "رقش"؛ والمقاصد النحوية 4/ 370؛ وله أو لوشيم بن طارق في لسان العرب 2/
99 "نصت"؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 131؛ والخصائص 2/ 178؛ وشرح شذور الذهب ص123؛ وشرح ابن عقيل ص58؛ وشرح قطر الندى ص14؛ وشرح المفصل 4/ 64؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص75؛ ومغني اللبيب 1/ 220.
394 | 463(1/392)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكسر كأهل الحجاز؛ لأن لغتهم الإمالة، فإذا كسروا توصلوا إليها، ولو منعوه الصرف لامتنعت. وقد جمع الأعشى بين اللغتين في قوله:
1038-
ومَرَّ دهْرٌ عَلى وَبارِ فَهَلَكَتْ جَهْرةً وَبارُ تنبيهات: الأول أفهم قوله مؤنثًا أن حذام وبابه لو سمي به مذكر لم يبن، وهو كذلك، بل يكون معربًا ممنوعًا من الصرف للعلمية والنقل عن مؤنث كغيره، ويجوز صرفه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على الأعلام النقل فلذا جعلها سيبويه منقولة عن فاعلة المنقولة عن الصفة كما تقدم في عمر، وعلى مذهب المبرد تكون مرتجلة وأجيب بغير ذللك أيضًا كما ذكره شيخنا. قوله: "نحو: وبار" اسم لأرض كانت لعاد وظفار اسم مدينة وسفار اسم ماء وكل معدول عن فاعلة وقولنا سفار اسم ماء تبعنا فيه التوضيح قال شارحه من مياه العرب ملحوظ فيه معنى التأنيئث؛ ولهذا قال سيبويه: اسم لماءة وقال الجوهري: اسم لبئر وهو المناسب؛ لأن الكلام في أعلام المؤنث والماء مذكر ا. هـ.
قوله: "لأن لغتهم الإمالة" أي: لغة جميعهم كما صرحوا به واعترض بأن التوصل للإمالة ليس من أسباب البناء ولو سلم فمقتضى إمالة جميعهم إن جميعهم يبنون على الكسر لا أكثرهم فقط, ويدفع بأن سبب البناء ليس التوصل للإمالة بل الشبه بنزال على ما تقدم لكن أكثرهم اعتبر هذا الشبه لتقويه بترتب الإمالة التي هي لغتهم عليه وبعضهم لم يعتبره لكونه لا يقتضي البناء عنده, ولم يعتبر ترتب الإمالة عليه لكونه لا يجنح إلى الإمالة إلا عند تحقق مقتضى الكسر فاعرف ذلك. قوله: "وقد جمع الأعشى إلخ" أي: حيث كسر الأول بلا تنوين كما في الفارضي ورفع الثاني بالضمة, قال الدنوشري: فيه إشكال؛ لأن الأعشى إن كان غير تميمي فليس عنده إلا البناء على الكسر وكذا إن كان من أكثر بني تميم وإن كان من القليل فليس عنده إلا الإعراب, وقول بعضهم: يجوز للعربي أن يتكلم بغير لغته مردود ا. هـ. والتحقيق كما أوضحناه سابقًا أن العربي قادر على التكلم بغير لغته وحينئذ لا إشكال. نعم قال في شرح الشذور وقيل إن وبار الثاني ليس باسم كوبار الذي في حشو البيت بل
الواو عاطفة وما بعدها فعل ماض وفاعل والجملة معطوفة على قوله: هلكلت وقال أولا هلكت بالتأنيث على معنى القبيلة, وثانيًا باروا بالتذكير على معنى الحي, وعلى هذا القول يكتب باروا بالواو والألف كما يكتب ساروا ا. هـ. فعلى هذا القول لا جمع بين اللغتين.
قوله: "والنقل عن مؤنث" لو قال: والتأنيث بحسب الأصل لكان أحسن؛ لأن النقل نفسه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1038- البيت من مخلع البسيط, وهو للأعشى في ديوانه ص331؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 240؛ وشرح التصريح 2/ 225؛ وشرح شذور الذهب ص125؛ وشرح المفصل 4/ 64، 65؛ والكتاب 3/ 279؛ ولسان العرب 5/ 273 "وبر"؛ والمقاصد النحوية 4/ 358؛ وهمع الهوامع 1/ 29؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص264؛ وأوضح المسالك 4/ 130؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص77؛ والمقتضب 3/ 50؛ والمقرب 1/ 282.
395 | 463(1/393)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأنه إنما كان مؤنثًا لإرادتك به ما عدل عنه، فلما زاد العدل زال التأنيث بزواله. الثاني فعال يكون معدولًا وغير معدول: فالمعدول إما علم مؤنث كحذام وتقدم حكمه، وإما أمر نحو: نزال، وإما مصدر نحو: حماد، وإما حال نحو:
1039-
والخَيلُ تَعْدُو في الصَّعيدِ بَدادِ وإما صفة جارية مجرى الأعلام نحو: حلاق للمنية. وإما صفة ملازمة للنداء نحو: فساق، فهذا خمسة أنواع كلها مبنية على الكسر معدولة عن مؤنث، فإن سمي ببعضها مذكر فهو كعناق وقد يجعل كصباح، وإن سمي به مؤنث فهو كحذام ولا يجوز البناء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليس من أسباب منع الصرف. قوله: "لأنه إنما كان مؤنثًا إلخ" أي: لأن حذام إنما كان مؤنثًا؛ لأنك أردت به في حالة كونك اسما لأنثى مدلول المؤنث الذي عدل عنه وهو حاذمة, فلما زال العدل بجعله اسمًا لمذكر وعدل إرادة مدلول حاذمة زال التأنيث فانتفى سبب منع الصرف وإنما زال العدل بذلك؛ لأنه لا يصح أن يكون في حالة كونه اسما لمذكر معدولًا عن حاذمة لامتناع إطلاق حاذمة على المذكر مع أن شأن العدل صحة إطلاق المعدول عنه على مسمى المعدول, ولو قال الشارح بدل قوله: فلما زال العبد إلخ فلما لم ترد ذلك زال التأنيث فزال العدل بزواله لكان واضحًا فتأمل.
قوله: "وأما أمر" إن حمل على الأمر الاصطلاحي كان التقدير اسم فعل أمر وإن حمل على الأمر اللغوي وهو الطلب كان التقدير دال أمر. قال في التسهيل: وفتح فعال أمرًا لغة أسدية. قال الدماميني: فيقولون نزال بفتح الآخر إيثارًا للتخفيف. قوله: "نحو: حماد" معدول عن محمدة بفتح الميم الثانية وكسرها. قوله: "في الصعيد" قال في لقاموس: الصعيد التراب أو وجه الأرض أو الطريق وبلاد بمصر مسيرة خمسة عشر يومًا طولًا, وموضع قرب وادى القرى به مسجد للنبي -صلى الله عليه وسلم ا.
هـ. وقوله: بداد معدول عن متبددة. قوله: "جارية مجرى الأعلام" أي: في استعمالها غير تابعة لموصوف وقوله: حلاق بالحاء المهملة معدول عن حالقة والمنية الموت. قوله: "معدولة عن مؤنث" هذا في الأمر ظاهر على رأي المبرد أنه معدول عن مصدر مؤنث معرفة أما على ظاهر كلام سيبويه أنه معدول عن الفعل كما في الهمع فتأنيث الفعل باعتبار أنه كلمة أو لفظة. قوله: "فهو كعناق" أي: في الإعراب والمنع من الصرف كما مر وقوله: كصباح في الإعرب والصرف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1039- صدره:
وذَكَرَتْ من لبن المُحَلَّق شُرْبةً والبيت من الكامل، وهو للنابغة الجعدي في ملحق ديوانه ص241؛ والكتاب 3/ 275؛ ولسان العرب 10/ 64 "حلق"؛ ولعوف بن عطية بن الخرع في جمهرة اللغة ص999؛ والخزانة 6/ 363، 368، 370؛ والدرر 1/ 98؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 299؛ وشرح المفصل 4/ 54؛ ولسان العرب 3/ 78 "برد"؛ والمعاني الكبير ص104؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص66؛ وخزانة الأدب 6/ 340؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص73؛ والمعاني الكبير ص389؛ والمقتضب 3/ 371؛ وهمع الهوامع 1/ 29.
396 | 463(1/394)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خلافًا لابن بابشاذ. وغير المعدول يكون اسما كجناح، ومصدرًا نحو: ذهاب، وصفة نحو: جواد، وجنسًا نحو: سحاب، فلو سمي بشيء من هذه مذكر انصرف قولًا واحدًا إلا ما كان مؤنثًا كعناق "واصرفن ما نكرا من كل ما التعريف فيه أثرا" وذلك الأنواع السبعة المتأخرة وهي: ما امتنع للعلمية والتركيب، أو الألف والنون الزائدتين، أو التأنيث بغير الألف، أو العجمية، أو وزن الفعل، أو ألف الإلحاق، أو العدل: تقول رب معد يكرب وعمران وفاطمة وزينب وإبراهيم أحمد وأرطى وعمر لقيتهم، لذهاب أحد السببين وهو العلمية. وأما الخمسة المتقدمة وهي: ما امتنع لألف التأنيث، أو للوصف والزيادتين، أو للوصف ووزن الفعل، أو للوصف والعدل، أو للجمع المشبه مفاعل أو مفاعيل فإنها لا تصرف نكرة، فلو سمي بشيء منها لم ينصرف أيضًا. أما ما فيه ألف التأنيث؛ فلأنها كافية في منع الصرف ووهم من قال في حواء امتنع للتأنيث والعلمية. وأما ما فيه الوصف مع زيادتي فعلان أو وزن أفعل؛ فلأن العلمية تخلف الوصف فيصير منعه للعلمية والزيادتين أو للعلمية ووزن أفعل. وأما ما فيه الوصف والعدل وذلك أخر وفعال ومفعل نحو: أحاد وموحد فمذهب سيبويه أنها إذا سمي بها امتنعت من الصرف للعلمية والعدل. قال في شرح الكافية: وكل معدول سمي به فعدله باق إلا سحر وأمس في لغة بني تميم فإن عدلهما يزول بالتسمية فيصرفان، بخلاف غيرهما من المعدولات فإن عدله بالتسمية باق فيجب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وإن سمي به مؤنث إلخ" أتى به تتميمًا للتقسيم وإلا فهو مما دخل تحت قول المصنف وابن على الكسر فعال علمًا مؤنثًا وهذا أولى مما ذكره البعض لما يلزم عليه من قصور النظم فتدبر.
قوله: "فهو كحذام" فتنبيه على لغة الحجاز وتعربه غير منصرف على لغة تميم وإن كان آخره راء فعلى ما تقدم أيضًا نحو: حذار ويسار ا. هـ. دماميني.قوله: "ولا يجوز البناء" قال الدماميني: أي: فيما سمي به مذكر ا. هـ. أي: لا فيما سمي به مؤنث حتى يعترض بأن في كلامه تناقضًا؛ لأن قضية التشبيه بحذام جواز البناء فينافي قوله: ولا يجوز البناء, لكن لو ذكره قبل قوله: وإن سمي به مؤنث إلخ, لسلم من الإيهام. قوله: "من كل إلخ" حال من ما بيان لها. قوله: "من كل ما التعريف فيه أثرًا" أي: مما يمكن تنكيره فلا يرد أن فعل في التوكيد مما يؤثر فيه التعريف مع أنه لا ينكر لوجوب إضافته ولونية إلى ضمير المؤكد. قوله: "ووهم من قال إلخ" أي: لأن ألف التأنيث كافية في المنع فلا وجه لاعتبار غيرها.
قوله: "وكل معدول إلخ" حاصل ما فرق به بين ما يبقى فيه العدل بعد التسمية وما يزول فيه بعدها أن الأول فيه ما يشعر بالعدل وهو تغيير الحركات بخلاف الثاني ا. هـ. زكريا ووجه بعضهم زوال عدل سحر وأمس بالتسمية بأن أل لا تجامع العلمية. قوله: "في لغة بني تميم" راجع لأمس فقط أي: وأما في لغة الحجازيين فمبني على الكسر. قوله: "فإن عدله بالتسمية باق"
397 | 463(1/395)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منع صرفه للعدل والعلمية عددًا كان أو غيره. هذا هو مذهب سيبويه، ومن عزا إليه غير ذلك فقد أخطأ، وقوله: ما لم يقل، وإلى هذا أشرت بقولي:
وعَدْلُ غير سَحَر وأمْسِ في تسْميَة تَعرِضُ غيرُ مُنْتَفِي وذهب الأخفش وأبو علي وابن برهان إلى صرف العدد المعدول مسمى به، وهو خلاف مذهب سيبويه رحمه الله تعالى. هذا كلامه بلفظه. وأما الجمع المشبه مفاعل أو مفاعيل فقد تقدم الكلام على التسمية به، وإذا نكر شيء من هذه لأنواع الخمسة بعد التسمية لم ينصرف أيضًا. أما ذو ألف التأنيث فللألف، وأما ذو الوصف مع زيادتي فعلان أو مع وزن أفعل أو مع العدل إلى فعال أو مفعل؛ فلأنها لما نكرت شابهت حالها قبل التسمية فمنعت الصرف لشبه الوصف مع هذه العلل. هذا مذهب سيبويه. وخالف الأخفش في باب سكران فصرفه. وأما باب أحمر ففيه أربعة مذاهب: الأول منع الصرف وهو الصحيح. والثاني: الصرف وهو مذهب المبرد والأخفش في أحد قوليه ثم وافق سيبويه في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الباء بمعنى مع متعلقة بباق. قوله: "عددًا كان" أي: غير سحر وأمس وتسمية نحو: ثلاث مسمى به عددًا باعتبار ما كان. قوله: "هذا كلامه بلفظه" يحتمل أنه قاله تقوية لنقله ويحتمل أنه قاله تبريًا من التكرار الذي فيه؛ لأن قوله: وهو خلاف مذهب سيبويه يغني عنه التنصيص على مذهبه أول العبارة. قوله: "أو مع العدل إلى فعال أو مفعل" لا يشمل أخر مع أن حكمه حكم معدول العدد ولو أسقط قوله إلى فعال أو مفعل لشمله. قوله: "شابهت حالها قبل التسمية" لم يقل عاد الوصف؛ لأن معنى أحمر مثلا قبل التسمية ذات ما اتصفت بالحمرة بلا قصد وصفية بالحمرة ولما لوحظ بعد التنكير اتصاف الذات المبهمة بالتسمية بأحمر أشبه أحمر بعد التنكير حاله قبل التسمية في إيهام الذات, وملاحظة مطلق الاتصاف, ولم يجعل وصفًا بالتسمية حقيقيا لعدم التعبير بقولنا مسمى بأحمر. قوله: "لشبه الوصف" القياس على مواضع تقدمت أن يقال للوصف بحسب الأصل لكن كل صحيح.
قوله: "وخالف الأخفش في باب سكران فصرفه" أي: عند قصد تنكيره. قوله: "وأما باب أحمر" أي: عند قصد تنكيره ففيه أربعة مذاهب إلخ لو قال وخالف المبرد والأخفش في أحد قوليه في باب أحمر فصرفاه ثم قال: والفراء وابن الأنباري فقالا: إن سمي بأحمر رجل أحمر إلخ. ثم قال: والفارسي في بعض كتبه فجوز الصرف وتركه لكان أخصر وأولى لتقدم ذكر باب أحمر وذكر المذهب الأول فيه وأنسب بقوله وخالف الأخفش في باب سكران فصرفه. قوله: "الأول منع الصرف" أي: لشبه الوصفية ووزن الفعل. قوله: "والثاني الصرف" أي: لأن الوصفية زالت بالعلمية بلا عود بعد التنكير. قوله: "والأخفش في أحد قوليه" حكى أن أبا عثمان المازني سأل الأخفش لم صرفت أربع في نحو: مررت بنسوة أربع فقال: لأنه في الأصل اسم للعدد والوصف به
398 | 463(1/396)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتابه الأوسط. قال في شرح الكافية: وأكثر المصنفين لا يذكرون إلا مخالفته، وذكر موافقته أولى؛ لأنها آخر قوليه. والثالث إن سمي بأحمر رجل أحمر لم ينصرف بعد التنكير، وإن سمي به أسود أو نحوه انصرف وهو مذهب الفراء وابن الأنباري. والرابع: أنه يجوز صرفه وترك صرفه. قاله الفارسي في بعض كتبه. وأما المعدول إلى فعال أو مفعل فمن صرف أحمر بعد التسمية صرفه وقد تقدم الخلاف في الجمع إذا نكر بعد التسمية.
تنبيه: إذا سمي بأفعل التفضيل مجردًا من من ثم نكرة بعد التسمية انصرف باجماع كما قاله في شرح الكافية. قال: لأنه لا يعود إلى مثل الحال التي كان عليها إذا كان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عارض فلم يعتد به فقال: هلا اعتبرت أحمر إذا نكرته يعني في كونه وصفًا في الأصل والتسمية به عارضة فلم يأت بمقنع ولعل موافقته سيبويه آخرًا من أجل ذلك كذا في الفارضي.
قوله: "لم ينصرف بعد التنكير" أي: لمشابهة حال التنكير حال الوصفية في وجود المشتق منه وهو الحمرة في المدلول فكأن الوصفية باقية بعد التنكير وهذا أحسن مما علل به البعض. قوله: "يجوز صرفه وترك صرفه" فالصرف نظرًا إلى زوال الوصفية بالعلمية والعلمية بالتنكير وتركه نظرًا إلى شبه الوصفية ووزن الفعل. قوله: "فمن صرف أحمر بعد التسمية" أي: بعد زوالها بالتنكير. قوله: "مجردًا من من" أي: لفظًا وتقديرًا كما يؤخذ مما بعده كأنه سمي شخص بأكرم.
قوله: "لأنه لا يعود إلى مثل الحال إلخ" أي: لأن أفعل من إذا كان وصفًا معناه ذات معينة ثبت لها الزيادة على ذات أخرى معينة, وإذا سمي به صار دالا على الذات فقط. وإذا نكر صار دالا على ذات ما ثبت لها الزيادة, ولم ينظر إلى كون الزيادة على ذات أخرى فلم ترجع الحالة الأولى ولا شبهها؛ لأن شبهها يكون مركبًا أيضًا من مفضل ومفضل عليه, وإن كانت مبهمين نقله البعض عن البهوتي وأقره. وأنا أقول فيه نظر من وجوه: الأول أن ما ادعاه من كون معنى أفعل من إذا كان وصفًا ذاتًا معينة إلخ غير مسلم لتصريحهم بأن مدلول الصفات ذات مبهمة لا معينة, والتعيين إذا وجد يكون بقرينة لا بالوضع وتصريحهم بأن المفضل عليه قد يكون معينًا وقد يكون مبهمًا. والثاني: أن ما ادعاه من كون معناه إذا نكر بعد التسمية ذاتًا ما ثبت لها الزيادة غير مسلم بل معناه ذات ما ثبت لها التسمية بكذا, وممن صرح بهذا وبكون مدلول الصفة ذاتا مبهمة ذلك البعض قبل هذه القولة بنحو: نصف صفحة. الثالث: أن ما ادعاه من عدم رجوع شبه الحالة الأولى ينازع فيه ما تقدم في الكلام على قول الشارح لما نكرت شابهت حالها قبل التسمية من توجيه المشابهة بأن معنى أحمر مثلا بعد التنكير ذات ما مسماة بأحمر, فلما لوحظ بعد التنكير اتصاف الذات المبهمة بالتسمية بأحمر أشبه أحمر بعد التنكير حاله قبل التسمية في الإبهام, وملاحظة مطلق الاتصاف ووجه المنازعة أن هذا التوجيه بعينه جار في أفعل من بعد التنكير وهذا يدل على رجوعه لشبه الحالة الأولى, وأما ما ادعاه من كون شبهها يكون مركبا أيضا من مفضل ومفضل عليه, ففي محل المنع؛ لأن ذلك غير لازم, وحينئذ يقال هلا منع من الصرف, وأما ما في الشرح من
399 | 463(1/397)
ما لا ينصرف
وما يكونُ منهُ مَنقوصًا ففي إعرابِهِ نَهْج جوارٍ يَقْتَفِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صفة، فإن وصفيته مشروطة بمصاحبة من لفظا أو تقديرا ا. هـ. فإن سمي به مع من ثم نكر امتنع صرفه قولا واحدًا، وكلام الكافية وشرحها يقتضي إجراء الخلاف في نحو: أحمر فيه "وما يكون منه منقوصًا ففي إعرابه نهج جوار يقتفي" يعني أن ما كان منقوصًا من الأسماء التي لا تنصرف سواء كان من الأنواع السبعة التي إحدى علتيها العلمية أو من الأنواع الخمسة التي قبلها, فإنه يجري مجرى جوار وغواش، وقد تقدم أن نحو: جوار يلحقه التنوين رفعًا وجرا فلا وجه لما حمل عليه المرادي كلام الناظم من أنه أشار إلى الأنواع السبعة دون الخمسة؛ لأن حكم المنقوص فيهما واحد: فمثاله في غير التعريف أعيم تصغير أعمى فإنه غير منصرف للوصف والوزن، ويلحقه التنوين رفعا وجرا نحو: هذا أعيم ومررت بأعيم ورأيت أعيمي، والتنوين فيه عوض من الياء المحذوفة كما في نحو: جوار، وهذا لا خلاف فيه. ومثاله في التعريف: قاض اسم امرأة فإنه غير منصرف للتأنيث والعلمية, ويعيل تصغير يعلى ويرم مسمى به فإنه غير منصرف للوزن والعلمية، والتنوين فيهما في الرفع والجر عوض من الياء المحذوفة. وذهب يونس وعيسى بن عمر والكسائي إلى نحو: قاض
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعليل عدم العود بأن الوصفية مشروطة بمصاحبة من فلا يدل إلا على عدم عود الوصفية لا على عدم عود شبهها فيما مر على أن الوصفية المشروطة بمصاحبة من الوصفية بالزيادة لا مطلق الوصفية فتأمل.
قوله: "وما يكون منه منقوصا إلخ" أي: والذي يكون مما لا ينصرف منقوصًا فهو يقتفي نهج جوار في إعرابه فلو سميت بيرمي ويقضي أعللته إعلال جوار ولو سميت بيغزو ويدعو ورجعت بالواو للياء أجريته مجرى جوار, وتقول في النصب رأيت يرمي ويغزي. قال بعضهم ووجه الرجوع بالواو للياء ما ثبت أن الأسماء المتمكنة ليس فيها ما آخره واو قبلها ضمة فتقلب الواو ياء ويكسر ما قبلها, وإذا سميت بيرم ومن لم يرم رددت إليه ما حذف منه ومنعته من الصرف, تقول هذا يرم ومررت بيرم والتنوين للعوض ورأيت يرمي وإذا سميت بيغز من لم يغز قلت هذا يغز ومررت بيغز ورأيت يغزي, إلا أن هذا ترد إليه الواو وتقلب ياء لما تقدم, ثم يستعمل استعمال جوار سم. قوله: "من الأسماء التي لا تنصرف" يشير إلى أن الهاء في منه لما لا ينصرف أعم من المعرفة والنكرة ليشمل محل الخلاف والوفاق كما سيذكره.
قوله: "فلا وجه لما حمل إلخ" اعتذر عنه بأن الباعث له على ذلك أن أقرب مذكور إلى الضمير في وما يكون منه ما التعريف فيه أثرًا وبأن العلم منقوص محل الخلاف فيعتني به. قوله: "وهذا لا خلاف فيه" أي: لا خلاف في حذف الياء ولحوق التنوين رفعًا وجرا في نحو: أعيم بخلاف قاض ويعيل ويرم أعلامًا ففي حذف يائه ولحوق التنوين له رفعًا وجرا خلاف, نبه عليه بقوله الآتي: وذهب يونس إلخ. قوله: "إلى أن نحو: قاض إلخ" أي: من كل علم منقوص وجد فيه مقتضى ممنع الصرف قال سم: يمكن الفرق من جهة المعنى على قولهم بخفة العلم فاحتملت
400 | 463(1/398)
ما لا ينصرف
ولاضطرارٍ أو تناسُبْ صُرِفْ ذو المنعِ والمصروفُ قد لا يَنصرِفْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اسم امرأة، ويعيل ويرم يجري مجرى الصحيح في ترك تنوينه وجره بفتحة ظاهرة، فيقولون هذا يعيلى ويرمى وقاضي، ورأيت يعيلى ويرمي وقاضي، ومررت بيعيلى ويرمى وقاضي، واحتجوا بقوله:
1040-
قَدْ عَجِبَتْ مِنّي ومن يَعْيلِيا لَمّا رأتني خَلَقًا مُقْلوْلِيا وهو عند الخليل وسيبويه والجمهور محمول على الضرورة كقوله:
1041-
ولكنَّ عبدَ اللهِ مَولَى مَوالِيا "ولاضطرار أو تناسب صرف ذو المنع" بلا خلاف مثال الضرورة قوله:
1042-
ويَوْمُ دخلتُ الخدْرَ خدْرَ عُنَيزَة فقالتْ لك الوَيلاتُ إنّك مُرْجِلي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحركة على الياء. قوله: "يجري مجرى الصحيح إلخ" حاصل مذهبهم أن المعرب تثبت ياؤه مطلقًا وتسكن رفعًا لثقل الضمة وتفتح جرا ونصبًا لخفة الفتحة. قوله: "خلقًا" بفتح المعجمة واللام أي: عتيقًا جدا وأراد به الضعيف رث الهيئة. وقوله: مقوليا بضم الميم؛ لأنه اسم فاعل اقلولى أي: تجافى وانكمش كما في القاموس, فقول التصريح بفتح الميم غير ظاهر, ولعل المراد بالمقلولي هنا دميم الخلقة. قوله: "مولى مواليًا" بإضافة مولى إلى مواليًا جمع مولى.
قوله: "أو تناسب" هو قسمان تناسب لكلمات منصرفة انضم إليها غير منصرف نحو: سلاسلًا وأغلالًا وتناسب لرءوس الآي, كقوارير, الأول فإنه رأس آية فنون ليناسب بقية رءوس الآي في التنوين أو بدله وهو والألف في الوقف, وأما قوارير الثاني فنون ليشاكل قوارير الأول كذا قال شيخنا وهو الصواب الموافق في التصريح وغيره. وأما في كلام البعض من العكس فخطأ. قوله: "صرف" أي: وجوبًا في الضرورة وجوازًا في التناسب. قوله: "ويوم دخلت الخدر" بكسر الخاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1040- الرجز للفرزدق في الدرر 1/ 102؛ وشرح التصريح؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 134؛ والخصائص 1/ 6؛ والكتاب 3/ 315؛ ولسان العرب 15/ 94 "علا"، 15/ 200 "قلا"؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص114؛ والمقتضب 1/ 142؛ والممتع في التصريف 2/ 557؛ والمنصف 2/ 68، 79، 3/ 67؛ وهمع الهوامع 1/ 36.
1041- صدره:
فلو كانَ عبدُ اللهِ مَولًى هَجَوْتُهُ والبيت من الطويل، وهو للفرزدق في إنباه الرواة 2/ 105؛ وبغية الوعاة 2/ 42؛ وخزانة الأدب 1/ 235، 239، 5/ 145؛ والدرر 1/ 101؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 311؛ وشرح التصريح 2/ 229؛ وشرح المفصل 1/ 64؛ والكتاب 3/ 313، 315؛ ولسان العرب 15/ 47 "عرا" 409 "ولى"؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص114؛ ومراتب النحويين ص31، والمقاصد النحوية 4/ 375؛ والمقتضب 1/ 143؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 140؛ وهمع الهوامع 1/ 36.
1042- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص11؛ وخزانة الأدب 9/ 345؛ وشرح التصريح 2/ 227؛ وشرح شواهد المغني 2/ 766؛ والمقاصد النحوية 4/ 374؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 136؛ ومغني اللبيب 2/ 343.
401 | 463(1/399)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
1043-
وأَتاها أُحَيمرٌ كأخي السَّهْـ ـمِ بِعَضْبٍ فقال كُوني عَقِيرا وقوله:
1044-
تَبَصَّرْ خَليلي هل تَرى من ظَعائِنٍ وهو كثير. نعم اختلف في نوعين: أحدهما ما فيه ألف التأنيث المقصورة فمنع بعضهم صرفه للضرورة، قال: لأنه لا فائدة فيه إذ يزيد بقدر ما ينقص، ورد بقوله:
1045-
إنِّي مُقَسِّمُ ما مَلكتُ فجاعِلٌ جزءًا لآخِرَتي ودُنيا تَنفعُ أنشده ابن الأعرابي بتنوين دنيا. وثانيهما: أفعل من، منع الكوفيون صرفه للضرورة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المعجمة وسكون الدال أي: الهودج وقوله: إنك مرجلي أي: مصيري راجلة أي: ماشية لعقرك ظهر بعيري تصريح.
قوله: "وأتاها" أي: ناقة صالح عليه الصلاة والسلام أحيمر هو الذي عقرها وكان أحمر أزرق أصهب كأخي السهم أي: كمثل السهم والعضب السيف وعقيرًا فعيل يستوي فيه المذكر والمؤنث ا. هـ. عيني, وقال الدماميني: كأخي السهم من إضافة الملغي إلى المعتبر. قوله: "أحدهما ما فيه ألف التأنيث المقصورة" مقتضى التعليل الآتي أن تكون ألف الإلحاق المقصورة كألف التأنيث المقصورة. قوله: "إذ يزيد بقدر ما ينقص" لأنه إذا نون سقطت الألف لالتقاء الساكنين والتنوين قدر الألف المحذوفة وكل ساكن. وأجيب بأنه قد يكون فيه فائدة بأن تلتقي الألف مع ساكن بعده فيحتاج الشاعر إلى كسر الأول فينون ثم يكسر. ومقتضى هذا أنه لم يحتج إلى تنوينه لم ينون ا. هـ. مرادي وهو مبني على أن الضرورة ما لا مندوحة عنه ما وقع في الشعر ا. هـ. سم أي: مما لا يقع مثله في النثر.
قوله: "ورد بقوله إلخ" قال الصفوي: وضعف الرد بمنع الدليل؛ لأن تنوين المؤنث بالألف كدنيا لغة فيه, فلعل الشاعر من أهل هذه اللغة. قوله: "ودنيا" معطوف على جزءًا والمعنى فجاعل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1043- البيت من الخفيف، وهو لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص 35؛ والمقاصد
النحوية 4/ 377؛ والمقرب 2/ 202.
1044- عجزه:
سَوالُك نَقْبا بين حَزْمَي شَعَبْعَبِ والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص 43؛ والمقاصد النحوية 4/ 368؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص563.
1045- البيت من الكامل، وهو للمسلم بن رياح في خزانة الأدب 8/ 297؛ والمقاصد النحوية 4/ 376.
402 | 463(1/400)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قالوا: لأن حذف تنويه لأجل من فلا يجمع بينهما. ومذهب البصريين جوازه؛ لأن المانع له إنما هو الوزن والوصف كأحمر لا من، بدليل صرف خير منه وشر منه لزوال الوزن. ومثال الصرف للتناسب قراءة نافع والكسائي: "سَلَاسِلا وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا" [الإنسان: 4]، "قَوَارِيرا، قَوَارِيرا" [الإنسان: 16]، وقراءة الأعمش بن مهران:
"وَلَا يَغُوثًا وَيَعُوقًا وَنَسْرًا" [نوح: 23].
تنبيه: أجاز قوم صرف الجمع الذي لا نظير له في الآحاد اختيارًا, وزعم قوم أن صرف ما لا ينصرف مطلقًا لغة. قال الأخفش: وكأن هذه لغة الشعراء؛ لأنهم اضطروا إليه في الشعر فجرت ألسنتهم على ذلك في الكلام "والمصروف قد لا ينصرف" أي: للضرورة أجاز ذلك الكوفيون والأخفش والفارسي، وأباه سائر البصريين. والصحيح الجواز. واختاره الناظم لثبوت سماعه، من ذلك قوله:
1046-
وما كانَ حِصنٌ ولا حابِسٌ يَفوقانِ مِرْداسَ في مَجْمَعِ وقوله:
1047-
وقائِلةٍ ما بالُ دَوْسَرَ بَعْدَنا صحا قلْبُهُ عن آلِ ليلَى وعن هِنْدِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منه جزءًا لآخرتي وجاعل منه دنيا تنفع. قوله: "لأجل من" أي: لقيامها مقام المضاف إليه, فالمانع قوي لكونه كلمة مستقلة بخلاف سائر موانع الصرف, وقوله: فلا يجمع بينهما أي: بين التنوين ومن ملفوظة أو مقدرة إلا اختيارًا ولا ضرورة. قوله: "ومذهب البصريين جوازه" ويدل له قول امرئ القيس:
وما الإصباح منك بأمثل فصرف أمثل للضرورة مع وجود من المقدمة عليه في قوله: منك قاله الدماميني. قوله: "إنما هو الوزن والوصف" أي: فيجوز الجمع بينهما وبين التنوين ضرورة لعدم قوتهما قوة من. قوله: "صرف الجمع الذي لا نظير له في الآحاد" كسلاسلا وسببه جمعهم له جمع السامة نحو: صواحبات فأشبه الآحاد ا. هـ. دماميني. قوله: "في الكلام" أي: النثر. قوله: "وأباه" أي: منعه سائر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1046- البيت من المتقارب، وهو لعباس بن مرداس في ديوانه ص84؛ والأغاني 14/ 291؛ والإنصاف 2/ 499؛ وخزانة الأدب 1/ 147، 148، 253؛ والدرر 1/ 104؛ وسمط اللآلي ص33؛ وشرح التصريح 2/ 119؛ وشرح المفصل 1/ 68؛ والشعر والشعراء 1/ 107، 306، 2/ 752؛ ولسان العرب 6/ 97 "ردس"؛ والمقاصد النحوية 4/ 365؛ وبلا نسبة في صناعة الإعراب 2/ 546، 547؛ ولسان العرب 10/ 316 "فوق".
1047- البيت من الطويل، وهو لدوسر بن دهبل في الأصمعيات ص150؛ والإنصاف 2/ 500؛ والمقاصد النحوية 4/ 366؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 1/ 149، 150؛ وجواهر الأدب ص237؛ ومجالس ثعلب ص176.
403 | 463(1/401)
ما لا ينصرف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
1048-
طَلَبَ الأَزَارِقِ بالكتائِبِ إذ هَوَتْ بشَبيبَ غائِلةَ النفوسِ غَدُرُ وأبيات أخر.
تنبيه: فصل بعض المتأخرين بين ما فيه علمية، فأجاز منعه لوجود إحدى العلتين، وبين ما ليس كذلك فصرفه، ويؤيده أن ذلك لم يسمع إلا في العلم. وأجاز قوم منهم ثعلب وأحمد بن يحيى منع صرف المنصرف اختيارًا.
خاتمة: قال في شرح الكافية: ما لا ينصرف بالنسبة إلى التكبير والتصغير أربعة أقسام: ما لا ينصرف مكبرًا ولا مصغرًا، وما لا ينصرف مكبرًا وينصرف مصغرًا، وما لا ينصرف مصغرًا وينصرف مكبرًا، وما يجوز فيه الوجهان مكبرًا ويتحتم منعه مصغرًا فالأول نحو: بعلبك وطلحة وزينب وحمراء وسكران وإسحاق وأحمر ويزيد مما لا يعدم سبب المنع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البصريين لكونه خروجًا عن الأصل بخلاف صرف ما لا ينصرف, فإنه رجوع إلى الأصل فاحتمل في الضرورة, وللكوفيين ومن وافقهم أن يمنعوا عدم تجويز الضرورة الخروج عن الأصل, قوله: "طلب الأزارق" أصله الأزارقة فحذف الهاء للضرورة جمع أزرقي بتقديم الزاي على الراء قوم من الخوارج نسبوا إلى نافع بن الأزرق وهو مفعول طلب وفاعله ضمير يعود على سفيان نائب الحجاج وزوج ابنته, والكتائب جمع كتيبة بفوقية بعد الكاف وهي الجيش. وإذ ظرف زمان, وهوت من هوى به الأمر إذا أطمعه وغره وغائلة النفوس فاعل هوت أي: شرها وغدور مبالغة غادرة خبر لمحذوف أو بدل من غائلة. والشاهد في شبيب بشين معجمة مفتوحة فموحدة مكسورة فتحتية فموحدة وهو شبيب بن زيد رأس الأزارقة كذا في العيني, وشيخ الإسلام فقول البعض في هوت: أي: سقطت فيه شيء.
قوله: "بين ما فيه علمية" اقتصاره على العلمية يقتضي أن غيرها كالوصفية في نحو: قائم ليس مثلها لمزية العلمية على غيرها؛ لأن لها من القوة ما ليس لغيرها ولورود السماع فيها دون غيرها, كذا في حاشية شيخنا وعليه كان المناسب للشارح أن يعلل بما ذكر لا بوجود إحدى العلتين؛ لأنه يقتضي أن غير العلمية من العلل مثلها فليتأمل. قوله: "فأجاز منعه" أي: في الضرورة فهذا التفصيل خاص بالضرورة كما هو ظاهر كلام الشارح لكن ظاهر صنيع التصريح عدم اختصاصه بالضرورة وعبارته في منع المصروف أربعة مذاهب: أحدها الجواز مطلقًا الثاني المنع مطلقًا الثالث وهو الصحيح الجواز في الشعر والمنع في الاختيار الرابع يجوز في العلم خاصة قوله: "أربعة أقسام" هي مبنية على قاعدة وهي أن كل مصغر لم يذهب تصغيره أحد سببيه فهو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1048- البيت من الكامل، وهو للأخطل في ديوانه ص197؛ والإنصاف 2/ 493؛ وشرح التصريح 2/ 228؛ والمقاصد النحوية 4/ 362؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 137.
404 | 463(1/402)
إعراب الفعل
إعراب الفعل:
ارفَعْ مُضارعًا إذا يُجَرَّدُ من ناصِب وجازِم كتَسْعَدُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في تكبير ولا تصغير. والثاني نحو: عمر وشمر وسرحان وعلقى وجنادل أعلامًا مما يزول بتصغيره سبب المنع، فإن تصغيرها عمير وشمير وسريحين وعليق وجنيدل بزوال مثال العد ووزن الفعل, وألفي سرحان وعلقى وصيغة منتهى التكسير، والثالث نحو: تحلئ وتوسط وترتب وتهبط أعلامًا مما يتكمل فيه بالتصغير سبب المنع فإن تصغيرها تحيلئ وتويسط وتريتب وتهيبط على وزن مضارع بيطر، فالتصغير كمل لها سبب المنع، فمنعت من الصرف فيه دون التكبير فلو جيء في التصغير بياء معوضة مما حذف تعين الصرف لعدم وزن الفعل. الرابع نحو: هند وهنيدة فلك فيه مكبرًا وجهان وليس لك فيه مصغرًا إلا منع الصرف. والله أعلم.
إعراب الفعل:
"ارفع مضارعًا إذا يجرد من ناصب وجازم كتسعد" يعني أنه يجب رفع المضارع حينئذ, والرافع له التجرد المذكور كما ذهب إليه حذاق الكوفيين منهم الفراء، ولا وقوعه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غير منصرف وإلا فهو منصرف دماميني. قوله: "وسرحان" بخلاف سكران؛ لأنك تقول في تصغيره سكيران فتبقى الزيادتان بحالهما ا. هـ. دماميني وهو بكسر السين كما في القاموس وفسره بمعان منها الذئب والأسد والمراد المجعول علمًا. قوله: "وعلقى" وهو في الأصل اسم نبت.
قوله: "وجنادل" هو في الأصل جمع جندل والجندل قال في القاموس: كجعفر ما يقله الرجل من الحجارة وتكسر الدال ا. هـ. قوله: "بزوال مثال العدل" إذ العدل في عمر تقديري فلا يصار إليه إلا عند سماع الاسم ممنوعًا من الصرف وما سمع من أفواههم عمير إلا مصروفًا فصار ادعاء العدل فيه مناقضًا لكلامهم. وإذا حكمنا في أدد بأنه غير معدول مع مجيئه على صيغة عمر لكونه مصروفًا فهذا أجدر دماميني. قوله: "نحو: تحلئ" ضبطه في التصريح بكسر التاء الفوقية وسكون الحاء المهملة وكسر اللام وبالهمزة آخره. قال الشارح في شرحه على التوضيح: هو شعر وجه الأديم ووسخه وسواده وما أفسده السكين من الجلد' إذا قشروا لتهبط بكسرات مشددة الباء طائر والترتب كقنفذ وجندب الشيء المقيم الثابت ا. هـ. والتوسط مصدر توسط. قوله: "مما حذف" وهو أحد المثلين في توسط وتهبط بأن يقال تويسيط وتهيبيط, أما تحلئ وترتب فلم يحذف منهما شيء فكلامه بالنظر للبعض. قوله: "إلا منع الصرف" أي: لوجود التاء لفظًا.
إعراب الفعل:
قوله: "حينئذ" أي: حين إذ جرد من ناصب وجازم . قوله: "والرافع له التجرد" لأن الرافع دائر معه وجودًا وعدمًا والدوران مشعر بالعلية ا. هـ. دماميني؛ لأن الدوران من مسالكها.
405 | 463(1/403)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موقع الاسم كما قال البصريون، ولا نفس المضارعة كما قال ثعلب، ولا حروف المضارع كما نسب للكسائي، واختار المصنف الأول. قال في شرح الكافية: لسلامته من النقض, بخلاف الثاني فإنه ينتقض بنحو: هلا تفعل وجعلت أفعل وما لك لا تفعل ورأيت الذي تفعل، فإن الفعل في هذه المواضع مرفوع مع أن الاسم لا يقع فيها، فلو لم يكن للفعل رافع غير وقوعه موقع الاسم لكان في هذه المواضع مرفوعًا بلا رافع، فبطل القول بأن رافعه وقوعه موقع الاسم، وصح القول بأن رافعه التجرد ا. هـ. ورد الأول بأن التجرد عدمي والرفع وجودي والعدمي لا يكون علة للوجودي، وأجاب الشارح بأنا لا نسلم أن التجرد من الناصب والجازم عدمي؛ لأنه عبارة عن استعمال المضارع على أول أحواله مخلصًا عن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "ولا نفس المضارع" لأنها إنما اقتضت مطلق الإعراب لا خصوص الرفع, لكن هذا لا يأتي على قول الكوفيين: إن إعراب المضارع بالأصالة لا بالحمل على الاسم ومضارعته إياه. قوله: "ولا حروف المضارعة" لأن جزء الشيء لا يعمل فيه. قوله: "كما نسب للكسائي" قال: وإنما لم تعمل مع عاملي النصب والجزم لقوتهما عنها. قوله: "فإنه ينتقض إلخ" جوابه أن المراد الحلول في الجملة ا. هـ. حفيد. وأيضًا فالرفع استقر قبل حرف التحضيض ونحوه, فلم يغيره إذ أثر العامل لا يغير إلا بعامل آخر ا. هـ. تصريح. قوله: "بنحو: هلا تفعل" لأن أداة التحضيض مختصة بالفعل ومن نحو: المذكورات سيقوم زيد وسوف يقوم زيد. قوله: "وجعلت أفعل" لأن أفعال الشروع لا يكون خبرها اسمًا مفردًا إلا شذوذًا كما مر. قوله: "وما لك لا تفعل" قال شيخنا: لعله؛ لأنه لم يسمع الاسم بعد ما لك وإن كانت الجملة في تأويله؛ لأنها حال أي: أي شيء ثبت لك حالة كونك غير فاعل.
قوله: "ورأيت الذي تفعل" لأن الصلة لا تكون اسمًا مفردًا. قوله: "فبطل القول بأن رافعه وقوعه موضع الاسم" أي: الذي هو أقوى من القول الثالث والرابع لكونه قول البصريين مع ظهور بطلانهما بما تقدم فاندفع اعتراض البعض على قوله, وصح القول بأن رافعه التجرد بأن مجرد إبطال أن الرافع وقوعه موقع الاسم لا يقتضي صحة أن الرافع التجرد, وإنما يقتضيها إبطال الأقوال الثلاثة. قوله: "وأجاب الشارح بأنا لا نسلم إلخ" هذا جواب بمنع أن التجرد عدمي وتسليم أن العدمي لا يكون علة للوجودي, ولك أن تقول سلمنا أنه عدمي لكن لا نسلم أن العدمي لا يكون علة للوجودي على الإطلاق بل ذاك في الأعدام المطلقة, أما العدم المضاف كالعمى فيجوز كونه علة للوجودي. قوله: "لأنه عبارة عن استعمال المضارع إلخ" الاستعمال هنا مصدر المبني للمجهول ليكون وصفًا للفعل فيصح تفسير التجرد الذي هو وصف للفعل به.
406 | 463(1/404)
إعراب الفعل
وبِلَنِ انْصِبْهُ وكي كذا بأنْ لا بعدَ عَلْمٍ والتي من بعْدِ ظَنّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لفظ يقتضي تغييره، واستعمال الشيء والمجيء به على صفة ما ليس بعدمي.
تنبيه: إنما لم يقيد المضارع هنا بالذي لم تباشره نون توكيد ولا نون إناث اكتفاء بتقدم ذلك في باب الإعراب "وبلن انصبه وكي" أي: الأدوات التي تنصب المضارع أربع: وهي لن وكي وأن وإذن، وسيأتي الكلام على الأخيرتين: فأما لن فحرف نفي تختص بالمضارع وتخلصه للاستقبال وتنصبه كما تنصب لا الاسم، نحو: لن أضرب ولن أقوم، فتنفي ما أثبت بحرف التنفيس ولا تفيد تأبيد النفي ولا تأكيده، خلافًا للزمخشري: الأول في أنموذجه والثاني في كشافه، وليس أصلها لا فأبدلت الألف نونًا خلافًا للفراء، ولا لا أن فحذفت الهمزة تخفيفًا والألف للساكنين خلافًا للخليل والكسائي.
تنبيهات: الأول الجمهور على جواز تقديم معمول معمولها عليها نحو: زيدًا لن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "اكتفاء بتقدم ذلك في باب الإعراب" قال يس: لا حاجة إلى ذلك؛ لأن رفع المضارع أعم من كونه لفظيا أو محليا كالمضارع المؤكد بالنون, والذي فاعله نون الإناث ا. هـ. وهو تابع في ذلك لشيخه سم قال شيخنا: وفيه نظر إذ المضارع مع إحدى النونين ليس له محل رفع أبدًا, وله محل الناصب والجازم صرح بذلك القليوبي وغيره. قوله: "وبلن انصبه" ولا يجوز الفصل بين لن والفعل اختيارًا عند البصريين وهشام, وأجاز الكسائي الفصل بالقسم ومعمول الفعل ووافقه القراء على القسم وزاد الفصل بأظن والشرط كذا في السيوطي. قوله: "أي: الأدوات إلخ" تفسير لقوله: وبلن انصبه وكي مع ملاحظة قوله: كذا بأن وقوله: ونصبوا بإذن المستقبلا فافهم. قوله: "ما أثبت بحرف التنفيس" أي: معه وخصه بالذكر لمشاركته لن في تخليص الفعل للاستقبال.
قوله: "خلافًا للزمخشري إلخ" وافقه على التأكيد كثيرون, ورد ادعاؤه التأبيد بأنه لا دليل عليه وبأنها لو كانت للتأبيد للزم التناقض بذكر اليوم في {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} والتكرار بذكر أبدًا في ولن يتمنونه أبدًا, وأما التأبيد في لن يخلقوا ذبانًا فلأمر خارجي لا من مقتضيات لن, ويجاب عن التناقض بأن القائل بالتأبيد إنما يقول به عند إطلاق منفيها وخلوه عن مقيداته وعن التكرار بأن هذا ليس تكررًا باللفظ وهو ظاهر ولا بالمرادف؛ لأن الاسم لا يرادف الحرف؛ ولأن التأبيد نفس معنى أبدًا وجزء معنى لن فلا يكون تكرارًا وإنما هو تصريح ودلالة بالمطابقة على ما فهم بالتضمن كذا في الشمني, وحاصله أنه ليس التكرار بل من توكيد معنى تضمني لكلمة سابقة بلفظ دل على هذا المعنى مطابقة. قوله: "خلافًا للفراء" لأن المعهود إبدال النون ألفًا كنسفعا لا العكس.
قوله: "خلافًا للخليل والكسائي" لأن دعوى التركيب إنما تصح إذا كان الحرفان
407 | 463(1/405)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أضرب وبه استدل سيبويه على بساطتها، ومنع ذلك الأخفش الصغير. الثاني تأتي لن للدعاء كما أتت لا كذلك وفاقًا لجماعة منهم ابن السراج وابن عصفور، من ذلك قوله:
1049-
لن تَزالُوا كَذلِكم ثُمّ لا زِلـ ـتُ لكم خالِدًا خُلودَ الجِبالِ وأما: {فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ} [القصص: 17] فقيل ليس منه؛ لأن فعل الدعاء لا يسند إلى المتكلم بل إلى المخاطب أو الغائب، ويرده قوله: ثم لا زلت لكم. الثالث زعم بعضهم أنها قد تجزم كقوله:
1050-
فلن يَحْلَ للعَينينِ بعدَكِ مَنْظَرُ وقوله:
1051-
لَنْ يَخِبْ الآن من رجائِكَ من حَرْ رَكَ دونَ بابِكَ الحلقَهْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ظاهرين حالة التركيب كلولا والظاهر هنا جزء كل منهما. قوله: "الجمهور على جواز إلخ" استثنى أبو حيان التمييز فلا يجوز عرقًا لن يتصبب زيد, قال الدماميني: إنما يمتنع ذلك عند الجمهور لمنعهم تقديم التمييز على عامله فلا يقال عندهم عرقًا تصبب زيد فهو ممتنع قبل مجيء لن, وأما ابن مالك فلا يسلم هذا الاستثناء؛ لأنه يجوز تقديم التمييز على عامله المتصرف بقلة, كما تقدم فيجوز عنده قليلًا عرقًا لن يتصبب زيدًا ا. هـ. ملخصًا. قوله: "وبه استدل سيبويه على بساطتها" وجه الاستدلال أنه يمتنع تقديم معمول معمول أن عليها ونوقش في الدليل بأنه يجوز أن يتغير حكم الشيء بالتركيب دماميني. قوله: "ومنع ذلك الأخفش" لأن النفي صدر الكلام ورد بأن ذلك خاص بما بخلاف لن بدليل قول الشاعر:
منه عاذلي فهائمًا لن أبرحا قوله: "لن تزالوا كذلكم" الدليل على أنه دعاء لا إخبار عطف الدعاء عليه, وهو ثم لا زلت إلخ أفاده سم. قوله: "فلن يحل" بفتح اللام من حليت المرأة في عيني بالكسر تحلى بالفتح وأما حلا الشيء في فمي فمضارعه يحلو شمني والكاف في قوله: بعدك, مكسورة والمنظر بفتح الظاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1049- البيت من الخفيف، وهو للأعشى في ديوانه ص63؛ والدرر 2/ 42/ 62؛ وشرح شواهد المغني 2/ 684؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص68؛ وشرح التصريح 2/ 230؛ ومغني اللبيب 2/ 284؛ وهمع الهوامع 2/ 4.
1050- صدره:
أيادي سَبا يا عَزُّ ما كنتُ بعْدَكُمْ والبيت من الطويل، وهو لكثير عزة في ديوانه ص328؛ وشرح شواهد المغني 2/ 687؛ وبلا نسبة في في رصف المباني ص288؛ ومغني اللبيب 1/ 285.
1051- البيت من المنسرح، وهو لأعرابي في الدرر 4/ 63؛ وشرح شواهد المغني 2/ 688؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 336؛ ومغني اللبيب 1/ 285؛ وهمع الهوامع 2/ 4.
408 | 463(1/406)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والأول محتمل للاجتزاء بالفتحة عن الألف للضرورة. وأما كي فعلى ثلاثة أوجه: أحدها أن تكون اسمًا مختصرًا من كيف كقوله:
1052-
كَي تَجْنحون َإلى سِلمٍ وما ثُئِرتْ قَتْلاكم ولَظَى الهَيْجاء تَضْطَرِمُ الثاني: أن تكون بمنزلة لام التعليل معنى وعملًا وهي الداخلة على ما الاستفهامية في قولهم في السؤال عن العلة: كيمه بمعنى لمه، وعلى ما المصدرية كما في قوله:
1053-
إذا أنت لم تَنْفعْ فضرَّ فإنَّما يُرجَّى الفتى كيما يَضُرَّ ويَنْفعٍ وقيل ما كافة، وعلى أن المصدرية مضمرة نحو: جئت كي تكرمني إذا قدرت النصب بأن، ولا يجوز إظهار أن بعدها. وأما قوله:
1054-
كَيما أنْ تَغُرَّ وتَخْدَعَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "لن يخب الآن إلخ" البيت من المنسرح إلا أنه سقط من قلم الناسخ لفظ من بعد حرك, والحلقة بتسكين اللام سواء حلقة الحديد وحلقة القوم, وجوز بعضهم الفتح كما في البيت. قوله: "اسمًا مختصرًا من كيف" فتكون بمعنى كيف ويليها الاسم والماضي والمضارع مرفوعًا ونظيرها في الاختصار سوأفعل أي: سوف أفعل. وحكى الكوفيون سف أقوم كذا في الفارضي. قوله: "كي تجنحون إلخ" أي: كيف تميلون والسلم بكسر السين وفتحها الصلح, وثئرت بالمثلثة في أوله مبني للمفعول من ثأرت القتيل وبالقتيل قاتله, واللظى النار والهيجاء الحرب, تمد كما في البيت وتقصر وتضطرم تلتهب, والجملتان حالان من فاعل تجنحون, أو الثانية حال من قتلاكم. قوله: شمني. "كيما يضر وينفع" أي: للضر والنفع. قوله: "وقيل ما كافة" أي: كفت كي المصدرية عن نصب المضارع. قوله: "مضمرة" أي: وجوبًا كما سيشير إليه وهو منصوب على الحالية من أن. قوله: "ولا يجوز إظهار أن بعدها إلخ" جعل في التسهيل إظهار أن بعد كي قليلًا ونقل في الهمع عن الكوفيين جواز إظهارها اختيارًا. قوله: "كيما أن تغر وتخدعا" العطف تفسيري كما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1052- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الجنى الداني ص265؛ وجواهر الأدب ص233؛ وخزانة الأدب 7/ 106؛ والدرر 3/ 135؛ وشرح شواهد المغني 1/ 507، 2/ 557؛ ومغني اللبيب 1/ 182، 205؛ والمقاصد النحوية 4/ 387؛ وهمع الهوامع 1/ 214.
1053- البيت من الطويل، وهو للنابغة الجعدي في ملحق ديوانه ص246؛ وله أو للنابغة الذبياني في شرح شواهد المغني 1/ 507؛ وللنابغة الجعدي، أو للنابغة الذبياني، أو لقيس بن الخطيم في خزانة الأدب 8/ 498؛ والمقاصد النحوية 4/ 245؛ ولقيس بن الخطيم في ملحق ديوانه ص235؛ وكتاب الصناعتين ص315؛ وللنابغة الذبياني في شرح التصريح 2/ 3؛ والمقاصد النحوية 4/ 379؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 10؛ وتذكرة النحاة ص609؛ والجنى الداني ص262؛ والحيوان 3/ 76؛ وخزانة الأدب 7/ 105؛ وشرح عمدة الحافظ 266؛ ومغني اللبيب 1/ 182؛ وهمع الهوامع 1/ 5، 31.
1054- تمامه:
فقالت أَكُلَّ الناسِ أصبحتَ مَانِحًا لِسانَكَ كيما أنْ تُغُرَّ وتَخْدَعا
409 | 463(1/407)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضرورة. الثالث أن تكون بمنزلة أن المصدرية معنى وعملًا وهو مراد الناظم، ويتعين ذلك في الواقعة بعد اللام وليس بعدها أن, كما في نحو: {لِكَيْ لَا تَأْسَوْا} [الحديد: 23]، ولا يجوز أن تكون حرف جر لدخول حرف الجر عليها، فإن وقع بعدها أن كقوله:
1055-
أَردتَ لكيما أنْ تَطِيرَ بقَرْبَتِي احتمل أن تكون مصدرية مؤكدة بأن، وأن تكون تعليلية مؤكدة للام، وبترجح هذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قاله الشمني, ويظهر لي أن ما زائدة بين الجار ومجروره نحو: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} وصدر البيت:
فقالت أكل الناس أصبحت مانحا لسانك كيما إلخ.
قوله: "معنى وعملًا" أما الثاني فظاهر، وأما الأول؛ فلأن كلا حرف مصدري استقبالي. قوله: "ويتعين ذلك إلخ" ويتعين كونها جارة إذا جاءت قبل اللام سيوطي. قوله: "لدخول حرف الجر عليها" أي: ولا يجمع بين حرفي جر في الفصيح. ولك أن تقول هلا جاز ذلك, ويكون الثاني مؤكدًا كما لو وقع بعدها أن وكما لو جاءت قبل نحو: كي لأقرأ إلا أن يقال الضرورة داعية إلى التوكيد هناك أي: فيما إذا توسطت كي بين اللام وأن, أو تقدمت على اللام بخلاف ما هنا وفيه نظر ا. هـ. سم, ببعض تغيير ولعل وجه النظر أن الضرورة لا تدعو في صورة التوسط إلى كون خصوص كي تأكيدًا للام لاندفاعها بكون أن تأكيدًا لكي, ويمكن دفعه بأن المراد الضرورة المتلخص منها على وجه وجيه, وسيأتي أن جعل كي تأكيدًا للام أولى من جعل أن تأكيدًا لكي من ثلاثة أوجه فتأمل. وقوله: "أردت لكيما أن تطير بقربتي" تمامه:
وتتركها شنا ببيداء بلقع تطير تذهب سريعًا مستعار من طيران الطير, والشن بفتح الشين المعجمة القربة الخلقة والبيداء بفتح الموحدة والمد الأرض التي يبيد أي: يهلك من يدخل فيها والبلقع الأرض القفر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= والبيت من الطويل، وهو لجميل بثينة في ديوانه ص108؛ وخزانة الأدب 8/ 481، 482، 483, 488، والدرر 4/ 67؛ وشرح التصريح 2/ 3، 231؛ وشرح المفصل 9/ 14، 16؛ وله أو لحسان بن ثابت في شرح شواهد المغني 1/ 508؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 11؛ وخزانة الأدب ص125؛ وجواهر الأدب ص125؛ والجنى الداني ص262؛ ورصف المباني ص217؛ وشرح التصريح 2/ 30؛ وشرح شذور الذهب ص373؛ وشرح عمدة الحافظ ص267؛ ومغني اللبيب 1/ 183؛ وهمع الهوامع 2/ 5.
1055- عجزه:
فتتركها شِنًّا ببيداء بَلْقَع والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الإنصاف 2/ 580؛ وأوضح المسالك 4/ 154؛ والجنى الداني ص265؛ وجواهر الأدب ص232؛ وخزانة الأدب 1/ 16، 8/ 481؛ 484، 485، 486، 487؛ ورصف المباني ص216، 316؛ وشرح التصريح 2/ 231؛ وشرح شواهد المغني 1/ 508؛ وشرح المفصل 7/ 19، 9/ 16، ومغني اللبيب 1/ 182؛ والمقاصد النحوية 4/ 405.
410 | 463(1/408)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثاني بأمور: الأول أن أن أم الباب, فلو جعلت مؤكدة لكي لكانت كي هي الناصبة فيلزم تقديم الفرع على الأصل. الثاني ما كان أصلًا في بابه لا يكون مؤكدًا لغيره. الثالث أن أن لاصقت الفعل فترجح أن تكون هي العاملة، ويجوز الأمران في نحو: جئت كي تفعل: {كَيْلَا يَكُونَ دُولَةً} [الحشر: 7]، فإن جعلت جارة كانت أن مقدرة بعدها وإن جعلت ناصبة كانت اللام مقدرة قبلها.
تنبيهات: الأول ما سبق من أن كي تكون حرف جر ومصدرية هو مذهب سيبويه وجمهور البصريين، وذهب الكوفيون إلى أنها ناصبة للفعل دائمًا, وتأولوا كيمه على تقدير كي تفعل ماذا، ويلزمهم كثرة الحذف وإخراج ما الاستفهامية عن الصدر، وحذف ألفها في غير الجر، وحذف الفعل المنصوب مع بقاء عامل النصب، وكل ذلك لم يثبت. ومما يرد قولهم قوله:
1056-
فأَوْقَدتُ ناري كي لِيُبْصَرَ ضَوْءُها وقوله:
1057-
كي لِتَقْضِينِي رُقيَّةُ ما وَعَدَتْنِي غيرَ مُخْتَلَسِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التي لا شيء فيها. شمني. قوله: "لا يكون مؤكدًا لغيره" أي: لا يليق أن يكون مؤكدًا لغيره, وليس المراد لا يجوز أن يكون مؤكدًا لغيره؛ لأن مقتضى ما قدمه جوازه بمرجوحية. قوله: "تنبيهات" أي: تتعلق بكي وأما التنبيهات قبل فتتعلق بلن. والحاصل أنه أفرد كلا بتنبيهات ذكرها في مبحثه, وهذا يغنيك عما للبعض من التكلف البارد. قوله: "على تقدير كي تفعل ماذا" أي: لكي تفعل أي شيء. والمتبادر من عبارته أن أداة الاستفهام في هذا التركيب بحسب أصله ماذا لا ما وحدها. وحينئذ لا يظهر قوله: وإخراج ما إلخ لما يأتي قريبًا, ولا قوله: في غير الجر؛ لأن ألف ماذا الاستفهامية لا تحذف لا في الجر ولا في غيره, فالمناسب جعل تعبيره بماذا لمجرد بيان أن ما في كيمه استفهامية؛ لا لأن الأصل ماذا. قوله: "وإخراج ما إلخ" ذهب بعضهم إلى أنها لا يلزم صدريتها وفي الصحيح أقول ماذا. قال ابن مالك: فيه شاهد على أن ما الاستفهامية إذا ركبت مع ذا تفارق وجوب التصدير شمني.
قوله: "كي لتقضيني" بإسكان الياء آخر الفعل للضرورة؛ لأن البيت من المديد كما قاله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1056- عجزه:
وأَخْرَجْتُ كَلْبِي وهو في البيتِ داخِله والبيت من الطويل، وهو لحاتم الطائي في ديوانه ص287؛ وشرح شواهد المغني 1/ 509؛ والمقاصد النحوية 4/ 406؛ وللنمري أو لرجل من باهلة في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1697؛ وبلا نسبة في مجالس ثعلب ص349؛ ومغني اللبيب 1/ 183.
1057- البيت من المديد، وهو لعبيد الله بن قيس الرقيات في خزانة الأدب 8/ 488، 490؛ والدرر 1/ 170؛ وشرح التصريح 2/ 231؛ والمقاصد النحوية 4/ 379؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 151؛ وهمع الهوامع 1/ 53.
411 | 463(1/409)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأن لام الجر لا تفصل بين الفعل وناصبه. وذهب قوم إلى أنها حرف جر دائمًا، ونقل عن الأخفش. الثاني أجاز الكسائي تقديم معمول معمولها عليها نحو: جئت النحو كي أتعلم، ومنعه الجمهور. الثالث: إذا فصل بين كي والفعل لم يبطل عملها خلافًا للكسائي نحو: جئت كي فيك أرغب، والكسائي يجيزه بالرفع لا بالنصب. قيل والصحيح أن الفصل بينها وبين الفعل لا يجوز في الاختيار. الرابع زعم الفارسي أن أصل كما في قوله:
1058-
وطَرْفُكَ إمّا جِئْتَنا فاحْبِسَنَّهُ كما يَحْسَبوا أنَّ الهَوَى حيثُ تَنْظُرُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العيني قال. ومختلس بفتح اللام مصدر ميمي بمعنى الاختلاس ا. هـ. وأقره شيخنا والبعض ولا حاجة إلى جعله مصدرًا ميميا, بل الظاهر أنه اسم مفعول حال من ما . قوله: "لأن لام الجر لا تفصل إلخ" أي: فليس النصب بكي بل بأن المضمرة بعد اللام المؤكدة لكي الجارة فبطل القول بأنها مصدرية ناصبة للفعل دائمًا. قوله: "حرف جر دائمًا" أي: والنصب بعدها بأن مضمرة أو ظاهرة ورد بقوله تعالى {لِكَيْ لَا تَأْسَوْا} فإن زعم أن كي تأكيد للام كقوله:
ولا للمابهم أبدًا دواء رد بأن الفصيح المقيس لا يخرج على الشاذ تصريح. قوله: "ومنعه الجمهور" لأن كي من الموصولات الحرفية ومعمول الصلة لا يتقدم على الموصول وإن كانت جارة فأن مضمرة بعدها وهي موصولة سم. قوله: "إذا فصل بين كي إلخ" قال أبو حيان: وأجمعوا على جواز الفصل بينها وبين معمولها بلا النافية وبما زائدة وبهما معًا, وأما الفصل بغير ما ذكر فلا يجوز عند البصريين وهشام ومن وافقه من الكوفيين في الاختيار مطلقًا سواء رفع الفعل أو نصب, وجوزه الكسائي بمعمول الفعل الذي دخلت عليه وبالقسم وبالشرط فيبطل عملها فيرفع الفعل, واختار ابن مالك وولده جواز الفصل بما ذكر من العمل فينصب الفعل فتلخص في الفصل ثلاثة أقوال ا. هـ. سيوطي وبه يعلم ما في كلام الشارح من الإجمال والإبهام.
قوله: "بالرفع لا بالنصب" أي: مع الرفع لا مع النصب. قوله: "وطرفك إلخ" الطرف العين ولا يجمع؛ لأنه في الأصل مصدر بل يطلق على الواحد والجماعة. قال تعالى: {لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ} [إبراهيم: 43]، وهو مبتدأ خبره جملة الشرط والجزاء ولا يجوز نصبه بمحذوف يفسره احبسنه؛ لأن فعل الجزاء لا يعمل في متقدم على شرطه فلا يفسر عاملًا فيه ا. هـ. شمني وقوله: فاحبسنه أي: عن النظر إلينا وقوله: كما يحسبوا قال شيخنا: قال شيخنا السيد: أي: يظنوا من حسب كما في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1058- البيت من الطويل، وهو لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص101؛ وخزانة الأدب 5/ 320؛ والدرر 4/ 70؛ ولجميل بثينة في ديوانه ص90؛ ولعمر أو لجميل بثينة في شرح شواهد المغني 1/ 498؛ وللبيد أو لجميل في المقاصد النحوية 4/ 407؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 586؛ والجنى الداني ص483؛ وجواهر الأدب ص233؛ وخزانة الأدب 8/ 502، 10/ 224؛ ورصف المباني ص214؛ ومجالس ثعلب ص154؛ ومغني اللبيب 1/ 177؛ وهمع الهوامع 2/ 6.
412 | 463(1/410)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كيما فحذفت الياء ونصب بها وذهب المصنف إلى أنها كاف التشبيه كفت بما ودخلها معنى التعليل فنصبت، وذلك قليل. وقد جاء الفعل بعدها مرفوعًا في قوله:
1059-
لا تَشْتُمْ الناسَ كما لا تُشْتم الخامس: إذا قيل جئت لتكرمني فالنصب بأن مضمرة، وجوز أبو سعيد كون المضمر كي، والأول أولى؛ لأن أنَّ أمكن في عمل النصب من غيرها فهي أقوى على التجوز فيها بأن تعمل مضمرة و"كذا بأن" أي: من نواصب المضارع أن المصدرية نحو: {وَأَنْ تَصُومُوا} [البقرة: 184]، {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي} [الشعراء: 82]، "لا بعد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نسخة قديمة بيدي من شرح الكافية ضبط قلم وتنظر بتاء الخطاب ا. هـ. والمعنى إذا جئتنا فلا تجعل نظرك إلينا بل إلى غيرنا ليظنوا أن هواك للشيء الذي تنظر إليه لا لمحبوبتك فيستتر أمرك. قوله: "ونصب بها" فتكون كي مصدرية واللام مقدرة قبلها. قوله: "كاف التشبيه إلخ" عبارة المغني, وقال ابن مالك: هي كاف التعليل وما الكافة ا. هـ. وهي تفيد أن كونها كافة التشبيه بحسب الأصل.
قوله: "فنصبت" يلزم عليه عمل عامل الاسم المختص به في الفعل وهو ممتنع. وأجيب بأن نسبة نصب الفعل إلى الكاف التعليلية كنسبته إلى اللام التعليلية وهي نسبة مجازية باعتبار أن النصب بأن مضمرة بعدها, ولا يخفى أن التكلف فيما قاله ابن مالك وأن رواية لكي يحسبوا مؤيدة لقول الفارسي, وأنه يمكن أن يقال إن ما في البيت مصدرية لا كافة والفعل منصوب بها حملًا على أن أختها كما قيل في كما تكونوا يولي عليكم كذا في الشمني. وأنا أقول لا يخفى أن ادعاءه التكلف فيما قاله ابن مالك غير ظاهر وإن تبعه البعض وإن أسهل مما قاله ومما قاله ابن مالك ومما قاله الفارسي أن تكون الكاف تعليلية وما مصدرية كما في قوله تعالى: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 198]، والفعل مرفوع بالنون المحذوفة تخفيفًا كما في قوله:
أبيت أسري وتبيتي تدلكي فاحفظه. قوله: "وذلك قليل" أي: النصب بكاف التشبيه المضمنة معنى التعليل كذا قال شيخنا, وهو صريح في بقائها على إفادة التشبيه مع زيادة التعليل, والظاهر أنها في مثل ذلك للتعليل فقط وتسمية المصنف لها كاف التشبيه باعتبار الأصل كما مر فتدبر. قوله: "وجوز أبو سعيد" أي: السيرافي ووافقه ابن كيسان وحملهما على ذلك أن العرب أظهرت بعد لام كي أن تارة وكي تارة وهمع. قوله: "كذا بأن" هي أم الباب؛ لأنها تعمل ظاهرة ومقدرة وإنما أخرها عن لن وكي لطول
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1059- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص183؛ وجواهر الأدب ص131؛ وخزانة الأدب 8/ 500، 501، 503، 10/ 213، 224؛ والدرر 4/ 211؛ والكتاب 3/ 116؛ والمقاصد النحوية 4/ 409؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ص484؛ ورصف المباني ص214؛ واللمع في العربية ص58، 59، 154؛ وهمع الهوامع 2/ 38.
413 | 463(1/411)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
علم" أي: ونحوه من أفعال اليقين فإنها لا تنصبه؛ لأنها حينئذ المخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن نحو: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ} [المزمل: 20], {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ} [طه: 89]، أي: إنه سيكون وإنه لا يرجع. وأما قراءة بعضهم أن لا يرجع بالنصب وقوله:
1060-
نَرْضَى عنِ اللهِ أنَّ الناسَ قد عَلِموا أن لا يُدانِينا من خَلْقِهِ بَشَرُ فمما شذ. نعم إذا أول العلم بغيره جاز وقوع الناصبة بعده، ولذلك أجاز سيبويه ما علمت إلا أن تقوم بالنصب، قال: لأنه كلام خرج مخرج الإشارة فجرى مجرى قولك أشير عليك أن تقوم, وقيل يجوز بلا تأويل. ذهب إليه الفراء وابن الأنباري. والجمهور على المنع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكلام عليها عنهما قال في الهمع: ويقال فيها عن بإبدال الهمزة عينًا. قوله: "أي: ونحوه" حمل كلام المصنف على أن المعنى لا بعد مادة علم فاحتاج إلى قوله: ونحوه والأولى حمله على أن المعنى لا بعد مفيد علم كرأي وتحقق وتيقن وتبين وظن مستعملًا في العلم, وحينئذ لا يحتاج إلى ذلك, ومثل هذا يقال في قوله" والتي من بعد ظن قوله: "نرضى عن الله" يعني نثني عليه ونشكره وقوله: أن الناس إلخ استئناف بياني مسوق للتعليل وقوله: أن لا يدانينا أي: يقاربنا في المفاخر. قوله: "إذا أول العلم بغيره من ذلك ما إذا أريد به الظن.
قوله: "ولذلك أجاز سيبويه إلخ" ومنع المبرد النصب بعد العلم مطلقًا باقيًا على حقيقته أو مؤولا كما في الهمع. قوله: "خرج مخرج الإشارة" أي: وقع موقع الكلام الدال على الإشارة فمعنى ما علمت إلخ ما أشير عليك إلا بأن تقوم. وقوله: فجرى إلخ أي: فعومل معاملة قولك: أشير إلخ في نصب الفعل. قوله: "والجمهور على المنع" أي: منع وقوع الناصبة للمضارع بعد العلم بلا تأويل. قال الدماميني: هو الصواب؛ لأن الناصبة تدخل على ما ليس بمستقر ولا ثابت؛ لأنها تخلص المضارع للاستقبال فلا تقع بعد أفعال التحقيق بخلاف المخففة فإنها تقتضي تأكيد الشيء وثبوته واستقراره ا. هـ. وفيه عندي نظر؛ لأنه إن أريد بعدم استقرار مدخولها وثبوته عدم تيقنه فممنوع وتعليله باستقبال مدخولها لا يفيده فقد يكون المستقبل متيقنًا. وحينئذ لم يضر تلو أن أفعال اليقين وإن أريد به عدم حصوله وقت التكلم فمسلم, لكن لا يلزم من ذلك عدم تيقن حصوله في المستقبل. فإذا كان كذلك لم يضر تلو أن أفعال اليقين فكيف التصويب الذي ارتكبه, وقال الفارضي: إنما وجب كونها مخففة؛ لأن العلم لا يناسبه إلا التوكيد وأن المثقلة كالمخففة في التوكيد, وأما أن المصدرية فإنها للرجاء والطمع فلا يناسبان العلم ا. هـ. ثم ما ذكرناه من أن المراد بالمنع في قول الشارح والجمهور على المنع مع وقوع الناصبة للمضارع بعد العلم بلا تأويل لا مطلقًا هو المتبادر من عبارة التصريح والهمع والذي ترجاه شيخنا ويدل له تعليل الدماميني الذي قدمناه فقول البعض بعد العلم مطلقًا غير ظاهر, وقد تلخص أن الأقوال ثلاثة: قول المبرد بالمنع مطلقًا ولم يذكره الشارح, وقول الفراء وابن الأنباري بالجواز مطلقًا وقول سيبويه والجمهور
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1060- البيت من البسيط، وهو لجرير في ديوانه 1/ 157؛ والدرر 4/ 56؛ وهمع الهوامع 2/ 2.
414 | 463(1/412)
إعراب الفعل
فانْصَبْ بها والرفعَ صحِّحْ واعتقِدْ تَخْفيفها من أن فهو مُطَّرِدْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"والتي من بعد ظن" ونحوه من أفعال الرجحان "فانصب بها" المضارع إن شئت بناء على أنها الناصبة له "والرفع صحح واعتقد" حينئذ "تخفيفها من أن" الثقيلة "فهو مطرد" وقد قرئ بالوجهين: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [المائدة: 71]، قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي برفع تكون والباقون بنصبه. نعم النصب هو الأرجح عند عدم الفصل بينها وبين الفعل، ولهذا اتفقوا عليه في قوله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} [العنكبوت: 2].
تنبيهات: الأول أجرى سيبويه والأخفش أن بعد الخوف مجراها بعد العلم لتيقن المخوف نحو: خفت أن لا تفعل وخشيت أن تقوم، ومنه قوله:
1061-
أخافُ إذا ما مِتُّ أن لا أَذُوقَها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالتفصيل فاعرف ذلك.
قوله: "والتي من بعد ظن إلخ" قال أبو حيان: وليس في الواقعة بعد الشك إلا النصب. سيوطي. قوله: "واعتقد حينئذ" أي: حين إذ رفعت بها. قوله: "هو الأرجح إلخ" أي: لأن الناصبة للمضارع أكثر وقوعًا من المخففة. أما عند الفصل فالأرجح الرفع؛ لأن الفصل بين المخففة ومدخولها أكثر من الفصل بين الناصبة للمضارع ومدخولها كذا قال البعض. وقد يقال أكثرية الفصل بين المخففة ومدخولها معارض بأكثرية وقوع الناصبة للمضارع, ومقتضى ذلك استواء الوجهين عند الفصل ويؤيده اختلاف القراء عند الفصل في قوله تعالى: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [المائدة: 71] ولو كان راجحًا لاتفقوا عليه كما اتفقوا على النصب لرجحانه في قوله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} [العنكبوت: 2]، كما سيذكره الشارح. نعم ذكر بعضهم أن السبعة قد يتفقون على المرجوح فافهم. قوله: "عند عدم الفصل" أي: بلا فقط؛ لأنها التي يحتمل معها كون أن مخففة أو ناصبة لجواز الفصل بها بين المخففة والفعل أو الناصبة والفعل بخلاف غيرها مما يفصل به بين المخففة والفعل كان وقد ولو وحرف التنفيس؛ لأن غيرها لا يفصل به بين الناصبة والفعل فمعه يتعين كون أن مخففة فيجب الرفع لا أنه يترجح فقط. فقول شيخنا عند عدم الفصل أي: بلا أو لن أو ما أشبههما من الحروف التي تفصل بين أن المخففة والفعل غير صحيح.
قوله: "بعد الخوف" أي: الذي لم يستعمل بمعنى العلم وإلا كان من بابه سم. قوله: "لتيقن المخوف" أي: عند تيقنه. قال سم: ويفهم منه وجوب النصب عند عدم التيقن وهو شامل لظن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1061- صدره:
ولا تَدْفُنَنِّي في الفَلاةِ فإنَّنِي والبيت من الطويل وهو لأبي محجن الثقفي في ديوانه ص48؛ والأزهية ص67؛ وخزانة الأدب 8/ 398، 402؛ والدرر 4/ 57؛ وشرح شواهد المغني 1/ 101؛ والشعر والشعراء 1/ 431؛ ولسان العرب 8/ 257 "فنع"؛ والمقاصد النحوية 4/ 381؛ وهمع الهوامع 2/ 2؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب 1/ 30.
415 | 463(1/413)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومنع ذلك الفراء. الثاني: أجاز الفراء تقديم معمول معمولها عليها مستشهدًا بقوله:
1062-
رَبَّيْتُهُ حتّى إذا تَمَعْددا كانَ جزائي بالعَصا أنْ أُجْلَدا قال في التسهيل: ولا حجة فيما استشهد به لندوره أو إمكان تقدير عامل مضمر الثالث: أجاز بعضهم الفصل بينها وبين منصوبها بالظرف وشبهه اختيارًا نحو: أريد أن عندك أقعد، وقد ورد ذلك مع غيرها اضطرارًا كقوله:
1063-
لَمَّا رأيتُ أبا يَزيدَ مُقاتِلا أَدَع القتالَ وأَشْهَد الهَيْجَاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المخوف فظاهره أنه حينئذ لا يلحق بالظن كما ألحق بالعلم عند التيقن فليراجع ا. هـ. وقد يقال الذي يفهم من قوله: لتيقن المخوف أنه لا يجب الرفع عند عدم التيقن وعدم وجوب الرفع صادق بوجوب النصب وبجواز الوجهين فتأمل. قوله "أن لا أذوقها" أي: برفع أذوق كبقية القوافي والضمير للخمرة. قوله: "ومنع ذلك الفراء" أي: فأوجب النصب في تلك الصورة ونقله في الهمع عن المبرد. قوله: "أجاز الفراء إلخ" ومذهب البصريين المنع؛ لأن معمول الصلة من تمامها فكما لا تتقدم الصلة لا يتقدم معمولها همع. قوله: "تمعددا" أي: قويت معدته كناية عن كبره. قوله: "أو إمكان تقدير عامل مضمر" أي: كان جزائي أن أجلد بالعصا أن أجلد فالجار والمجرور متعلق بأجلد المحذوف لا المذكور. دماميني.
قوله: "أجاز بعضهم إلخ" أما الجمهور ومنهم سيبويه فيمنعون في الاختيار الفصل مطلقًا قوله: "بالظرف إلخ" وأجازه الكوفيون بالشرط نحو: أردت أن أن تزرني أزورك بالنصب. همع. قوله: "وشبهه" هو الجار والمجرور. قوله: "لما رأيت إلخ" يلغز به فيقال: أين جواب لما وبم انتصب أدع. والجواب أن الأصل لن ما فأدغمت النون في الميم للتقارب وحقهما أن يكتبا منفصلين لكن وصلا خطأ في بعض النسخ للإلغاز وما ظرفية مصدرية وقد فصل بها وبصلتها بين لن والفعل, وأشهد ليس معطوفًا على أدع لمنافاته قوله: لن أدع القتال بل منصوب بأن مضمر وأن والفعل عطف على القتال أي: لن أدع القتال وشهود الهيجاء فهو من عطف الفعل على المصدر الصريح ونظيره في الإلغاز قوله:
عافَتَ الماء في الشتاء فقلنا برديه تصادفيه سخينا فيقال كيف يكون التبريد سببًا لمصادفته سخينًا. وجوابه أن الأصل بل رديه بوزن عديه من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1062- الرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 281؛ وخزانة الأدب 8/ 429، 430، 432، والدرر 1/ 292، 2/ 50؛ والمحتسب 2/ 310؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 142؛ والدرر 4/ 59؛ وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 336؛ وشرح المفصل 9/ 151؛ واللامات ص59؛ والمنصف 1/ 129؛ وهمع الهوامع 1/ 88، 112، 2/ 3.
1063- البيت من الكامل، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 233؛ والخصائص 2/ 411 وشرح شواهد المغني 2/ 683؛ ومغني اللبيب 1/ 283، 2/ 529، 694.
416 | 463(1/414)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والتقدير لن أدع القتال مع شهود الهيجاء مدة رؤية أبي يزيد. الرابع أجاز بعض الكوفيين الجزم بها، ونقله اللحياني عن بعض بني صباح من ضبة وأنشدوا:
1064-
إذا ما غَدَوْنا قالَ وِلدانُ أَهْلِنا تعالَوْا إلى أنْ يَأْتِنا الصيدُ نَحْطِبِ وقوله:
1065-
أُحاذِرُ أنْ تَعْلَمَ بِها فَتَرُدَّها فتَتْرُكَها ثِقْلا عليَّ كما هِيا وفي هذا نظر؛ لأن عطف المنصوب -وهو فتتركها- عليه يدل على أنه سكن للضرورة لا مجزوم. الخامس تأتي أن مفسرة وزائدة فلا تنصب المضارع. فالمفسرة هي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الورود أي: اشربيه تجديه سخينا. قوله: "اللحياني" بكسر اللام وسكون الحاء المهملة, ولحيان أبو قبيلة وصباح بفتح الصاد المهملة وتشديد الموحدة وآخره حاء مهملة أبو بطن من ضبة وضبة بمعجمة مفتوحة وموحدة مشددة أبو قبيلة. شمني مع زيادة قولي: أبو بطن من ضبة. واللحياني من البصريين كما في الهمع. قوله: "إذا ما غدونا" أي: بكرنا ونحطب بحاء مهملة فطاء مهملة مكسورة مضارع حطب أي: جمع الحطب وهو جواب الأمر. قوله: "أن تعلم بها" الضمير المستتر في تعلم يرجع إلى بثينة محبوبة الشاعر الذي هو جميل, والضمير البارز في بها يرجع إلى الحاجة المذكورة في البيت قبله, والثقل بكسر فسكون واحد الأثقال وهي الأشياء الثقيلة. قوله: "وهو فتتركها" حصر المنصوب في فتتركها؛ لأنه المنصوب نصا بخلاف فتردها إذ قد يدعي أنه مجزوم وحرك تخلصًا من التقاء الساكنين, وكان حركته فتحة للخفة. قوله: "تأتي أن مفسرة إلخ" وضميرًا للمتكلم في قول بعض العرب: أن فعلت وضميرًا للمخاطب في نحو: أنت وأنت إلخ. قال الكوفيون: وشرطية كإن المكسورة كما في قوله:
أبا خِراشة إما أنت ذا نفر فإن قومي لم تأكلهم الضبع ورجحه في المغني بأمور منها مجيء الفاء بعدها كثيرًا كما في البيت, وتقدم تخريجه على غير قولهم في باب كان وأخواتها. قيل ونافية كإن المكسورة كما في قوله تعالى حكاية عن طائفة من أهل الكتاب، {أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ} [آل عمران: 73]، وخرجه الزمخشري وغيره على معنى صدر منكم ما صدر كراهة أن يؤتى إلخ
, أي: حملكم على ذلك الحسد فيكون متعلقًا بمحذوف من مقول قل, أو على معنى ولا تظهروا الإيمان بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من الكتاب إلا لمن تبع دينكم فيكون متعلقًا بقوله: ولا تؤمنوا, وجملة {قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ} اعتراض ونوقش
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1064- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ملحق ديوانه ص389؛ وخزانة الأدب 4/ 292؛ وسمط اللآلي ص67؛ وشرح شواهد المغني ص91؛ والمحتسب 2/ 295؛ وبلا نسبة في أمالي المرتضى 2/ 191؛ والجنى الداني ص227؛ وجواهر الأدب ص192؛ ومغنى اللبيب ص30.
1065- البيت من الطويل، وهو لجميل بثينة في ديوانه ص224؛ والدرر 4/ 59؛ وشرح شواهد المغني 1/ 98؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ص227؛ ومغني اللبيب 1/ 30؛ وهمع الهوامع 2/ 3.
417 | 463(1/415)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المسبوقة بجملة فيها معنى القول دون حروفه نحو: {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} [المؤمنون: 27], {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا} [ص: 6] والزائدة هي التالية للما نحو: {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ} [يوسف: 96] والواقعة بين الكاف ومجرورها كقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بأن ما قبل إلا لا يعمل فيما بعدها إلا المستثنى والمستثنى منه وتابع أحدهما. وأجيب باحتمال أن الزمخشري لا يرى ذلك في الظرف والجار والمجرور لتوسعهم فيهما. قوله: "مفسرة" أي: لمتعلق فعل قبلها. قال الرضي: وأن لا تفسر إلا مفعولًا لا مقدرًا نحو: كتبت إليه أن قم أي: كتبت إليه شيئًا هو قم أو ظاهرا نحو: {إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى، أَنِ اقْذِفِيهِ} . دماميني.
قوله: "المسبوقة بجملة إلخ" بقي قيدان: وهما أن يتأخر عنها جملة ولم تقترن بجار فخرج من التعريف {وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} لعدم تقدم الجملة فأن فيه مخففة من الثقيلة كما في الفارضي وغيره, وإنما لم تكن المسبوقة بمفرد مفسرة؛ لأن المفسرة ليس ما بعدها من صلة ما قبلها, بل يتم الكلام دونه ولا يحتاج إليه من جهة تفسير المبهم فيه وما بعد المسبوق بمفرد ليس كذلك, فإن أن الحمد لله خبر آخر دعواهم. قاله الرضي وقلت له: أن افعل لوجود حروف القول فلا يقال هذا التركيب لعدم وجوده في كلامهم؛ لأن الجملة تقع مفعولا لصريح القول, وعلى تسليم أنه يقال لا تجعل أن فيه تفسيرية بل زائدة وجوز الزمخشري في أن {أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ} أن تكون أن مفسرة على تأويل قلت بأمرت, واستحسنه في المغني. قال: وعلى هذا فمعنى شرطهم أن لا يكون في الجملة قبلها حروف القول أي: باقيًا على حقيقته غير مؤول بغيره ا. هـ. وجوز ابن عصفور أن يفسر بها صريح القول ولا يقال أخذت عسجدًا أن ذهبًا لعدم تأخر الجملة فلا يؤتى بأن بل تحذف أو يؤتى بدلها بأي: وكتبت إليه بأن افعل أو كتبت إليه أن افعل إذا قدر معها الباء لاقترانها بالجار فهي مصدرية في الموضعين؛ لأن حرف الجر لا يدخل إلا على اسم صريح أو مؤول.
قوله: {أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} قيل الجملة مفسرة فلا محل لها كما في المغني, وفيه عندي نظر؛ لأنه إنما يظهر في المفسرة التي ليست في معنى المفرد كما في زيدًا ضربته لا في المفسرة بعد أن للمفعول؛ لأن الظاهر أن هذه في محل نصب تبعًا لما فسرته؛ لأنها في معنى هذا اللفظ فيحل المفرد محلها. وفي كلام الكافيجي ما نصه: الظاهر أن الإيحاء متعلق بالجملة تعلق مفعولية فتكون منصوبة المحل ا. هـ. وهو يؤيد ما قلنا: إن أراد المفعولية في المعنى مع بقاء أن على كونها مفسرة فإن أراد المفعولية في اللفظ مع كون أن زائدة فشيء آخر فتدبر. قوله: "وانطق الملأ إلخ" ليس المراد بالانطلاق المشي بل انطلاق ألسنتهم بهذا الكلام, كما أنه ليس المراد بالمشي في أن امشوا المشي المتعارف بل الاستمرار على الشيء.
فائدة: إذا ولي أن الصالحة للتفسير مضارع معه لا, نحو: أشرت إليه أن لا يفعل جاز رفعه على تقدير لا نافية وجزمه على تقديرها ناهية, وعليهما فأن مفسرة ونصبه على تقديرها نافية, وأن مصدرية فإن فقدت لا امتنع الجزم, وجاز الرفع والنصب ا. هـ. مغني أقول: يصح على الجزم بلا ناهية أن تكون أن مصدرية بناء على الأصح من كونها توصل بالأمر والنهي. قوله: "التالية للما"
418 | 463(1/416)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1066-
كأنْ ظَبْيَةٍ تَعْطُو إلى وارِقِ السَّلَمْ في رواية الجر. وبين القسم ولو كقوله:
1067-
فأُقْسِمُ أن لو التَقَيْنا وأنتم لكان لكم يومٌ من الشّرِّ مُظْلمُ وأجاز الأخفش إعمال الزائدة، واستدل بالسماع كقوله تعالى: {وَمَا لَنَا أَلَّا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: التوقيتية كما في المغني احترازًا عن النافية وهي الجازمة والموجبة وهي التي بمعنى إلا فما يقتضيه كلام البعض من مغايرة الجازمة للنافية فاسد.
قوله: "نحو: {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ} " وتقول: أكرمك لما أن يقوم زيد بالرفع فارضي. قوله: "لكان لكم إلخ" جواب القسم لتقدمه وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب لقسم عليه بناء على أن الشرط الامتناعي كغيره في كون الجواب له عند تقدمه أو جواب لو وجواب القسم محذوف بناء على أن الجواب للامتناع, تقدم على القسم أو تأخر أو جواب لو ولو وما دخلت عليه جواب القسم. وسيأتي هذا الخلاف في بحث عوامل الجزم. قوله: {وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ} إن قلت ليست هذه من مواضع الزيادة المتقدمة. قلت الأخفش لا يخص الزيادة بما تقدم, بل زعم أنها تزاد في غير ذلك ا. هـ. تصريح ووجه زيادتها في الآية أن ما لنا ونحو: كما لك لا يقع بعده عند الأخفش إلا الفعل الصريح عن أن الجملة حالية نحو: {مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ} [النمل: 20]، أو الاسم الصريح على أنه حال نحو: ما لك قائمًا دون المؤول بالاسم ولا يرد أن الجملة الحالية لا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1066- صدره:
ويومًا تَوافَيْنا بوجْه مُعَسَّمٍ والبيت من الطويل، وهو لعلباء بن أرقم في الأصمعيات ص157؛ والدرر 2/ 200؛ وشرح التصريح 1/ 234؛ والمقاصد النحوية 4/ 384؛ ولأرقم بن علباء في شرح أبيات سيبويه 1/ 525؛ ولزيد بن أرقم في الإنصاف 1/ 202؛ ولكعب بن أرقم في لسان العرب 12/ 482 "قسم"؛ ولباغت بن صريم اليشكري في تخليص الشواهد ص390؛ وشرح المفصل 8/ 83؛ والكتاب 2/ 134؛ وله أو لعلباء بن أرقم في المقاصد النحوية 2/ 301؛ ولأحدهما أو لأرقم بن علباء في شرح شواهد المغني 1/ 111؛ ولأحدهما أو لراشد بن شهاب اليشكري أو لابن أصرم اليشكري في خزانة الأدب 10/ 411؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 377؛ وجواهر الأدب ص197؛ والجنى الداني ص222، 522؛ ورصف المباني ص117، 211؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 683؛ وسمط اللآلي ص829؛ وشرح عمدة الحافظ ص241، 331؛ وشرح قطر الندى ص157؛ والكتاب 3/ 165؛ والمحتسب 1/ 308؛ ومغني اللبيب 1/ 33؛ والمقرب 1/ 111، 2/ 204؛ والمنصف 3/ 128؛ وهمع الهوامع 1/ 143.
1067- البيت من الطويل، وهو للمسيب بن علس في خزانة الأدب 4/ 145، 10/ 580، 581، 11/ 318؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 185؛ وشرح شواهد المغني 1/ 109؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 160؛ وجواهر الأدب ص197؛ وشرح التصريح 2/ 233؛ وشرح المفصل 9/ 94؛ والكتاب 3/ 107؛ ولسان العرب 12/ 378 "ظلم"؛ ومغني اللبيب 1/ 33؛ والمقاصد النحوية 4/ 418.
419 | 463(1/417)
إعراب الفعل
وبَعْضُهم أَهْمَلَ أنْ حَمْلا على ما أُخْتِها حيثُ اسْتَحَقَّت عَمَلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نُقَاتِلَ} [البقرة: 246]، وبالقياس على حرف الجر الزائد، ولا حجة في ذلك؛ لأنها في الآية مصدرية، فقيل: دخلت بعد ما لنا لتأوله بما منعنا، وفيه نظر؛ لأنه لم يثبت إعمال الجار والمجرور في المفعول؛ ولأن الأصل أن لا تكون لا زائدة، والصواب قول بعضهم: إن الأصل وما لنا في أن لا نقاتل، والفرق بينها وبين حرف الجر أن اختصاصه باق مع الزيادة بخلافها فإنها قد وليها الاسم في البيت الأول والحرف في الثاني "وبعضهم" أي: بعض العرب "أهمل أن حملا على ما أختها" أي: المصدرية "حيث استحقت عملا" أي: واجبًا، وذلك إذا لم يتقدمها علم أو ظن كقراءة ابن محيصن: "لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمُّ الرَّضَاعَةَ" [البقرة: 233]، وقوله:
1068-
أَنْ تَقْرآنِ على أسْماءِ وَيَحْكُما مِنّي السلامَ وأن لا تُشْعرا أَحَدا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تصدر بدليل استقبال؛ لأن دليل الاستقبال أن غير الزائدة لا الزائدة, كذا في الدماميني. قوله: "لتأوله بما منعنا" أي: فأن لا نقاتل مفعول ثان للجار والمجرور لتأوله بفعل يتعدى لاثنين.
قوله: "إعمال الجار والمجرور" وهو لنا في المفعول وهو أن لا نقاتل ا. هـ. سم قال الدماميني: قد يقال إنما يرد ذلك لو كان أن لا نقاتل عند هذا القائل مفعولًا مصرحًا وليس في كلامه ما يقتضيه لاحتمال أن يكون عنده على نزع الخافض وهو عن فإنه يقال منعته عن كذا كما في الصحاح وغيره والمحل نصب أو خفض على الخلاف. قوله: "أن لا تكون لا زائدة" أي: كما لزم على هذا القول إذ المعنى عليه وما منعنا أن نقاتل سم. قوله: "والصواب قول بعضهم إلخ" هذا مقابل القيل السابق كما هو صريح المغني لا قول الأخفش, كما زعم البعض؛ لأنه قابل قول الأخفش بقوله: لأنها في الآية مصدرية, ثم ذكر قولين على أنها مصدرية. قوله: "في أن لا نقاتل" فتكون أن مصدرية منسبكة مع ما بعدها بمصدر مجرور بجار محذوف متعلق بما تعلق به لنا. قوله: "والفرق بينها إلخ" هذا رد لقياس الأخفش أن الزائدة على حرف الجر الزائد.
قوله: "حملا" أي: بالحمل على ما بجامع أن كلا منهما حرف مصدري ثنائي, وبعضهم أعمل ما المصدرية حملا على أن المصدرية نحو: كما تكونوا يولي عليكم ا. هـ. مغني قال الدماميني: ولا حاجة إلى جعل ما هنا ناصبة فإن في ذلك إثبات حكم لها لم يثبت في غير هذا المحل بل الفعل مرفوع ونون الرفع محذوفة وقد سمع نثرًا ونظمًا ا. هـ. قوله: "حيث استحقت" أي: إن عملًا أي: واجبًا كما يفيده كلام الشارح والظرف متعلق بأهمل. قوله: "وذلك" أي: استحقاق أن العمل. قوله: "لمن أراد أن يتم" أي: بالرفع والقول بأن أصله يتمون فهو منصوب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1068- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 333؛ والإنصاف 2/ 563؛ وأوضح المسالك 4/ 156؛ والجنى الداني ص220؛ وجواهر الأدب ص192؛ وخزانة الأدب 8/ 420، 421، 423، 424؛ والخصائص 1/ 390؛ ورصف المباني ص113؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 549؛ وشرح التصريح 2/ 232؛ وشرح شواهد المغني 1/ 100؛ وشرح المفصل 7/ 15، 8/ 143؛ 9/ 19؛ ولسان العرب 13/ 33 "أنن"؛ ومجالس ثعلب ص290؛ ومغني اللبيب 1/ 30؛ والمنصف 1/ 278؛ والمقاصد النحوية 4/ 380.
420 | 463(1/418)
إعراب الفعل
ونَصَبُوا بإذَن المُسْتَقبلا إنْ صُدِّرَت والفِعلُ بعدُ مُوصَلا
أو قَبْلَهُ اليمينُ وانْصَبْ وارْفَعا إذا إذنْ من بعدِ عَطْفٍ وَقَعا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا مذهب البصريين، وأما الكوفيون فهي عندهم مخففة من الثقيلة.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أن إهمالها مقيس "ونصبوا بإذن المستقبلا إن صدرت والفعل بعد موصلا. أو قبله اليمين" أي: شروط النصب بإذن ثلاثة: الأول أن يكون الفعل مستقبلا، فيجب الرفع في إذن تصدق جوابًا لمن قال: أنا أحبك. الثاني: أن تكون مصدره، فإن تأخرت نحو: أكرمك إذن أهملت، وكذا إن وقعت حشوا كقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بحذف النون وحذفت الواو للساكنين واستصحب ذلك خطأ, والجمع باعتبار معنى من تكلف. تصريح. قوله: "أن تقرآن إلخ" إما محل نصب بدل من حاجة في قوله قبله:
يا صاحبي فدت نفسي نفوسكما وحيثما كنتما لاقيتما رشدا
أن تحملا حاجة لي خف محملها وتصنعا نعمة عندي بها ويدا أو من أن تحملا المنصوب بمحذوف تقديره: أسألكما وإما في محل رفع خبر مبتدأ محذوف عائد إلى حاجة أي: هي أن تقرآن، والشاهد في أن الأولى وليست مخففة من الثقيلة خلافًا للكوفيين, قيل بدليل أن المعطوف عليها واعترض بأنه لا مانع من عطف أن الناصبة وصلتها على أن المخففة وصلتها إذ هو عطف مصدر على مصدر ا. هـ. يس مع زيادة وقد يجاب بأن مراده أن عطف أن الناصبة مرجح لكون أن العطوف عليها ناصبة للتناسب والترجيح كاف في الاستشهاد ولا يلزم التعيين ولك أن تستدل على كونها ليست المخففة بعدم وقوعها بعد دال علم أو ظن فاحفظه. قوله: "ظاهر كلام المصنف إلخ" وظاهره أيضًا اختصاصها بالإهمال ووجهه أنهم يتوسعون في الأمهات وضعفها من جهة أنها قد تهمل لا ينافي كونها أما إذ لا يلزم في الأم قوتها من كل وجه فاندفع اعتراض البعض.
قوله: "ونصبوا" اعلم أن أكثر العرب يلتزم إعمال إذن عند استيفاء شروطه والقليل منهم يلتزم إهمالها عند ذلك كما سيذكره الشارح. إذا علمت ذلك فالضمير في نصبوا لأكثر العرب وهو على الوجوب, فقول البعض تبعًا لشيخنا: ونصبوا أي: جوازًا كما سينبه الشارح عليه غير ظاهر فتأمل, والواو في والفعل بعد حالية وموصلًا حال من الضمير المستكن في الخبر أعني بعد. وقوله: أو قبله اليمين إما معطوف على بعد واليمين فاعل الظرف لاعتماده على المبتدأ أو مبتدأ مؤخر وقبله خبر مقدم, وإما معطوف على موصلًا على الوجهين المذكورين في العطف على بعد, والمراد بالبعدية على هذا ما يشمل البعدية مع الانفصال. قوله: "أن يكون الفعل مستقبلا" إجراء لها مجرى سائر النواصب وإنما لم تعمل النواصب في فعل الحال؛ لأن له تحققا في الوجود كالأسماء فلا يعمل فيه عوامل الأفعال. دماميني. قوله: "فيجب الرفع في إذن تصدق إلخ" أي: لأنه حال ومن شأن الناصب أن يخلص المضارع للاستقبال. همع. قوله: "أن تكون مصدرة" أي: في جملتها بحيث لا يسبقها شيء له تعلق بما بعدها, وإنما لم تعمل غير مصدرة لضعفها بعدم تصدرها
421 | 463(1/419)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1069-
لَئِنْ عادَ لي عبدُ العزيزِ بِمْثِلها وأَمْكننِي منها إذا لا أُقِيلُهَا فأما قوله:
1070-
لا تَتْرُكَنِّي فيهُمُ شَطِيرا إنِّي إذًا أَهْلِكُ أو أَطيرا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن العمل ا. هـ. دماميني وفي الشمني أن ترك تصديرها داخلة على المضارع إنما يكون في ثلاثة مواضع بالاستقراء أن يكون ما بعدها خبرًا لما قبلها نحو: أنا إذن أكرمك أو جوابًا لشرط قبلها نحو: إن تزرني إذن أكرمك أو لقسم قبلها نحو: والله إذن لأخرجن ا. هـ. وفي الموضع الأول خلاف كما في الهمع فأجاز هشام النصب بعد مبتدأ كالمثال وأجازه الكسائي بعد اسم أنه نحو: إني إذن أهلك أو أطير أو اسم كان نحو: كان زيد إذن يكرمك قال أبو حيان: وقياس قوله جواز النصب بعد ظن نحو: ظننت زيدًا إذن يكرمك.
قوله: "أهملت" أي: وجوبًا بلا خلاف؛ لأن الفعل المنصوب لا يجوز تقديمه على ناصبه همع. قوله: "بمثلها" أي: بمثل مقالته سابقًا تمن علي وقوله: لا أقبلها أي: لا أترك مقالتي سابقًا أتمنى عليك أن أكون كاتبًا عندك. وعبد العزيز هذا والد عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه وأخوه بعد الملك بن مروان تولى إمارة مصر لا الخلافة العظمى كما في الشمني وغيره, كان الشاعر وهو كثير عزة امتدحه بقصيدة أعجبته فقال له: تمن علي. فقال له: أتمنى عليك أن أكون كاتبك, فقال له: ويحك أنت لا تحسن الكتابة وأعطاه جائزة فصمم على أنه إن قال له عبد العزيز ثانيًا تمن علي لا يتمنى إلا كونه كاتبه وقد عد هذا من حمقه. وإرجاع الضمير للمقالة هو ما قاله الدماميني والعيني وأرجعه الشمني لخطة الرشد في قوله قبل:
عجبت لتركي خطة الرشد بعد ما بدا لي من عبد العزيز قبولها والشاهد في قوله: لا أقيلها حيث رفعه لعدم تصدر إذن لكونها جواب قسم سابق عليها في قوله:
حلفت برب الراقصات إلى منى إلخ وجواب الشرط محذوف فعلم ما في كلام الحواشي من الخلل. قوله: "شطيرا" بفتح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1069- البيت من الطويل، وهو لكثير عزة في ديوانه ص305؛ وخزانة الأدب 8/ 473, 474، 476؛ والدرر 4/ 71؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 397؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 144؛ وشرح التصريح 2/ 234؛ وشرح شواهد المغني ص63؛ وشرح
المفصل 9/ 13، 22؛ والكتاب 3/ 15؛ والمقاصد النحوية 4/ 382؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 165؛ وخزانة الأدب 8/ 447، 11/ 340؛ ورصف المباني ص66، 243؛ وشرح شذور الذهب ص375؛ والعقد الفريد 3/ 8؛ ومغني اللبيب 1/ 21.
1070- الرجز بلا نسبة في الإنصاف 1/ 177؛ وأوضح المسالك 4/ 166؛ والجنى الداني ص362 وخزانة الأدب 8/ 456، 460؛ والدرر 4/ 72؛ ورصف المباني ص66؛ وشرح التصريح 2/ 234؛ وشرح شواهد المغني 1/ 70؛ وشرح المفصل 7/ 17؛ ولسان العرب 4/ 408 "شطر"؛ ومغني اللبيب 1/ 22؛ والمقاصد النحوية 4/ 383؛ والمقرب 1/ 261؛ وهمع الهوامع 2/ 7.
422 | 463(1/420)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضرورة أو الخبر محذوف أي: إني لا أستطيع ذلك، ثم استأنف: إذن أهلك، فإن كان المتقدم عليها حرف عطف فسيأتي. الثالث: أن لا يفصل بينها وبين الفصل بغير القسم، فيجيب الرفع في نحو. إذا أنا أكرمك ويغتفر الفصل بالقسم كقوله:
1071-
إذنْ واللهِ نَرْميهُم بحَرْبٍ يَشِيبُ الطفلُ من قبلِ المشيبِ وأجاز ابن بابشاذ الفصل بالنداء والدعاء، وابن عصفور الفصل بالظرف، والصحيح المنع إذ لم يسمع شيء من ذلك. وأجاز الكسائي وهشام الفصل بمعمول الفعل، والاختيار حينئذ عند الكسائي النصب وعند هشام الرفع "وانصب وارفعا إذا إذن من بعد عطف"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشين المعجمة أي: غريبًا وأهلك بكسر اللام ويجوز فتحها على ما في القاموس. قوله: "أن لا يفصل إلخ" لضعفها مع الفصل عن العمل. ا. هـ. تصريح. قوله "وبالقسم" كذا بلا النافية؛ لأن القسم تأكيد لربط إذن ولا لم يعتد بها فاصلة في أن فكذا في إذن سيوطي. قوله "والدعاء" نحو: إذن غفر الله لك أكرمك. قوله: "بمعمول الفعل" فلو قدم معمول الفعل على إذن نحو: زيدًا إذن أكرم فذهب الفراء إلى أنه يبطل عملها, وأجاز الكسائي الرفع والنصب. قال أبو حيان: ولا نص أحفظه عن البصريين في ذلك ومقتضى اشتراطهم في عملها التصدير أن لا تعمل حينئذ؛ لأنها غير مصدرية ويحتمل أن يقال تعمل؛ لأنها وإن لم تتصدر لفظًا فهي مصدرة في النية؛ لأن النية بالمعمول التأخير ا. هـ. سيوطي قال سم: ويؤخذ من كلامه عدم العمل قطعًا في نحو: يا زيد إذن أكرمك؛ لأن المتقدم عليها معمول ا. هـ. وفيه عندي نظر لتصدرها في جملتها؛ ولأن نحو: هذا المثال ليس من المواضع الثلاثة المحصورة فيها عدم تصدرها داخلة على المضارع.
كما مر قوله: "عند الكسائي النصب" فيه أنه تقدم عن الكسائي في الفصل بين كي والفعل بمعموله أنه يبطل عملها ويمكن الفرق بشدة اقتضاء كي المصدرية الاتصال بالفعل؛ لأنهما في تأويل اسم واحد سم. قوله: "وعند هشام الرفع" لضعف عملها بالفصل وكان القياس بطلان العمل فلا أقل من أن يكون مرجوحًا. قوله: "وانصب وارفعا" وقد يجزم إن اقتضاه الحال كما سيأتي في الشرح, وإنما جاز النصب والرفع؛ لأنك عطفت جملة مستقلة على جملة مستقلة فمن حيث كون إذن في ابتداء جملة مستقلة هو متصدر فيجوز انتصاب الفعل بعده ومن حيث كون ما بعد العاطف من تمام ما قبله بسبب ربط حرف العطف بعض الكلام ببعض هو متوسط وإلغاؤها أجود كما في الرضي؛ لأنها غير متصدرة في الظاهر ا. هـ. سم ويشير إلى رجحانه قوله: وارفعا بنون التوكيد الخفيفة المبدلة ألفًا ومقتضى التعليل المذكور تعين النصب إذا كانت الواو أو الفاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1071- البيت من الوافر، وهو لحسان بن ثابت في ملحق ديوانه ص371؛ والأشباه والنظائر 2/ 233؛ والدرر 4/ 70؛ وشرح شواهد المغني ص97؛ والمقاصد النحوية 4/ 106؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 168؛ وشرح التصريح 2/ 235؛ وشرح شذور الذهب ص376؛ وشرح قطر الندى ص59؛ ومغني اللبيب ص693؛ وهمع الهوامع 2/ 7.
423 | 463(1/421)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالواو والفاء "وقعا" وقد قرئ شاذا "وَإِذًا لَا يَلْبَثُوا خِلَفَك" {فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا} [النساء: 53]، على الأعمال نعم الغالب الرفع على الإهمال وبه قرأ السبعة.
تنبيهات: الأول أطلق العطف والتحقيق أنه إذا كان العطف على ما له محل ألغيت، فإذا قيل أن تزرني أزرك وإذن أحسن إليك فإن قدرت العطف على الجواب جزمت وأهملت إذن لوقوعها حشوًا، أو على الجملتين معًا جاز الرفع والنصب. وقيل يتعين النصب؛ لأن ما بعدها مستأنف؛ أو لأن المعطوف على الأول أول. ومثل ذلك: زيد يقوم وإذن أحسن إليه إن عطفت على الفعلية رفعت، أو على الاسمية فالمذهبان. الثاني الصحيح الذي عليه الجمهور أن إذن حرف، وذهب بعض الكوفيين إلى أنها اسم والأصل في إذن أكرمك إذا جئتني أكرمك، ثم حذفت الجملة وعوض عنها التنوين وأضمرت أن. وعلى الأول
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
استئنافية كما إذا قيل لك آتيك غدًا فقلت مستأنفًا وإذن أكرمك. قوله: "على ما له محل" قال البعض: كان الأولى أن يقول على ما له إعراب ليشمل اللفظي والمحلي بقرينة التمثيل ا. هـ. ويدفع بأن ما له محل شامل لما إعرابه لفظي؛ لأنه معرب لفظًا ومحلا فهو مما له محل فتدبر.
قوله: "ألغيت" أي: وجوبًا لوقوعها حشوًا كما سيذكره الشارح. قوله: "لوقوعها حشوًا" أي: بين جزأي الجواب, وإن شئت قلت بين الشرط والجواب؛ لأن المعطوف على الجواب جواب. قوله: "أو على الجملتين معًا" أي: جملتي الشرط والجواب.
قوله: "وقيل يتعين النصب" ليس المراد وقيل إن قدرت العطف على الجملتين معًا يتعين النصب؛ لأنه ينافيه قوله: لأن ما بعدها مستأنف بل المراد وقيل إن لم تعطف عن الجواب أعم من أن تقدر الواو عاطفة أو استئنافية ثم المراد تعين النصب على لغة أكثر العرب الملتزمين إعمال إذن عند استيفاء الشروط فلا ينافي جواز الرفع على لغة بعضهم الملغى لها عند استيفاء الشروط, فاندفع ما أطال به البعض. قوله: "لأن ما بعدها مستأنف" أي: بناء على أن الواو استئافية وقوله: لأن المعطوف إلخ أي: بناء على أنها عاطفة.
قوله: "فالمذهبان" أي: القول بجواز الأمرين والقول بتعين النصب. قوله: إلى أنها اسم" أي: غير ناصب للفعل, وإنما الناصب له أن مضمرة بعده كما سيذكره. قوله: " وعوض عنها التنوين" أي: وحذفت الألف لالتقاء الساكنين. قوله: "وأضمرت أن" ولعل المفرد المؤول به أن ومدخولها عند صاحب هذا القول فاعل أي: إذا جئتني وقع إكرامك لا مبتدأ خبره محذوف أي: حاصل وإلا وجبت الفاء الرابطة الواجبة مع الجملة الاسمية الواقعة جوابًا قاله الدماميني. وذهب الرضي إلى أنها اسم وأصلها إذا حذفت الجملة المضاف إليها وعوض عنها التنوين وفتح ليكون في صورة ظرف منصوب وقصد جعله صالحًا لجميع الأزمنة بعد ما كان مختصا بالماضي وضمن معنى الشرط غالبًا. قال: وإنما قلنا غالبًا؛ لأنه لا معنى للشرط في نحو: {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ} [الشعراء: 20]، ثم قال: وإذا كان بمعنى الشرط في الماضي جاز إجراؤه مجرى لو في قرن جوابه باللام نحو: {إِذًا لَأَذَقْنَاكَ} أي: ولو ركنت شيئًا قليلا لأذقناك وإذا كان بمعنى الشرط في المستقبل جاز
424 | 463(1/422)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فالصحيح أنها بسيطة لا مركبة من إذ وأن وعلى البساطة فالصحيح أنها الناصبة لا أن مضمرة بعدها كما أفهمه كلامه. الثالث معناها عند سيبويه الجواب والجزاء فقال الشلوبين: في كل موضع. وقال الفارسي: في الأكثر. وقد تتمحض للجواب بدليل أنه يقال أحبك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قرن جوابها بالفاء كقوله:
ما إن أتيت بشيء أنت تكرهه إذا فلا رفعت سوطًا إلي يدي أي: إن أتيت فلا إلخ وقد تستعمل بعد لو وإن توكيدًا لهما نحو: لو زرتني إذن لأكرمتك وإن جئتني إذن أزرك ثم قال: ولما احتمل إذن التي يليها المضارع معنى الجزاء فالمضارع مستقبل واحتمل معنى مجرد الزمان فالمضارع حال وقصد التنصيص على معنى الجزاء في إذن نصب المشارع بأن المقدرة؛ لأنها تخلصه للاستقبال فتحمل إذن على الغالب فيها من الجزاء لانتفاء الحالية المانعة من الجزاء بسبب النصب بأن ثم قال: وإنما ادعينا أن إذن زمانية لظهور معنى الزمان فيها في جميع استعمالاتها وقلب نونها في الوقف ألفًا يرجح جانب اسميتها وتجويز الفصل بينهما وبين منصوبها بالقسم ونحوه يقوي كونها غير ناصبة بنفسها كأن ولن إذ لا يفصل بين الحرف ومعموله بما ليس من معموله ا. هـ. ولا يخفى أن أكثر ما قاله متأت على أن أصلها إذا. وفي حاشية السيوطي على المغني عن بعضها أن إذن تأتي على وجهين حرف ناصب للمضارع مختص به واسم أصله إذا أو إذ حذفت الجملة المضاف إليها وعوض عنها التنوين وهذه تدخل على غير المضارع وعلى المضارع فيرفع فيجوز أن تقول لمن قال: أنا آتيك إذن أكرمك بالرفع على أن الأصل إذا أتيتني أكرمك وبالنصب على أنها الحرفية.
قوله: "وعلى الأول" أو على أنها حرف أما على الثاني فبسيطة قطعًا وقوله: لا مركبة من إذ وإن نقلت حركة الهمزة إلى الذال ثم حذفت ا. هـ. سم أي: وغلب عليها وحكم الحرفية, وهذا قول الخليل قال: فإذا قال القائل أزورك فقلت إذن أكرمك فكأنك قلت حينئذ إكرامي واقع ا. هـ. أي: ولا من إذا وأن حذفت همزة أن ثم ألف إذ لالتقاء الساكنين كما يقول الرندي مستدلا بأنها تعطي الربط كإذا والنصب كأن أفاد كل ذلك في الهمع. قوله: "وعلى البساطة" قيد بذلك؛ لأن القائل بالتركيب يجعل النصب بأن المشتملة عليها إذن كما في حاشية السيوطي على المغني. قوله: "لا أن مضمرة بعدها" كما ذهب إليه الخليل في أحد قوليه؛ لأن أن لا تضمر إلا بعد عاطف أو جار ا. هـ. دماميني واعتل الخليل بعدم اختصاصها لدخولها على الجملة الاسمية نحو: إذن عبد الله يأتيك همع. قوله: "كما أفهمه كلامه" يعني قوله: ونصبوا بإذن المستقبلا. قوله: "الجواب" أي: لكلام آخر ملفوظ أو مقدر سواء وقعت في الصدر أو الحشو أو الآخر وقوله: والجزاء أي: المجازاة لمضمون كلام آخر وفي كلامه مسامحة أي: ربط الجواب إلخ.
قوله: "فقال الشلوبين: في كل موضع" وتكلف تخريج نحو: {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ} على الشرط والجزاء أي: إن كنت فعلت الوكزة كافرًا لأنعمك كما زعمت يا فرعون فأنا من
425 | 463(1/423)
إعراب الفعل
وبَيْنَ لا ولامِ جَرٍّ التُزِمْ إظهارُ أنْ ناصِبةً وإنْ عُدِمْ
لا فأن اعمِل مُظهرًا أو مُضمرا وبعد نَفْي كان حَتما أضْمِرا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتقول: إذن أظنك صادقًا إذ لا مجازاة هنا. الرابع اختلف في لفظها عند الوقف عليها والصحيح أن نونها تبدل ألفًا تشبيهًا لها بتنوين المنصوب. وقيل بوقف بالنون؛ لأنها كنون لن وأن. وروي ذلك عن المازني والمبرد، وينبني على هذا الخلاف خلاف في كتابتها، والجمهور يكتبونها بالألف وكذا رسمت في المصاحف، والمازني والمبرد بالنون وعن الفراء إن علمت كتب بالألف وإلا كتبت بالنون للفرق بينها وبين إذا، وتبعه ابن خروف. الخامس حكى سيبويه وعيسى بن عمر أن من العرب من يلغيها مع استيفاء الشروط وهي لغة نادرة، ولكنها القياس؛ لأنها غير مختصة، وإنما أعملها الأكثرون حملًا على ظن؛ لأنها مثلها في جواز تقدمها على الجملة وتأخرها عنها وتوسطها بين جزأيها، كما حملت ما على ليس؛ لأنها مثلها في نفي الحال ا. هـ. "وبين لا ولام جر التزم إظهار أن ناصبة" نحو: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} [البقرة: 15]، {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} [الحديد: 29]، لا في الآية الأولى نافية وفي الثانية مؤكدة زائدة "وإن عدم لا فأن اعمل مظهرا أو مضمرا" لا في موضع الرفع بعدم، وأن في موضع النصب بأعمل، ومظهرًا ومضمرًا نصب على الحال: إما من أن إن كانا اسمي مفعول، أو من فاعل أعمل المستتر إن كانا اسمي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الضالين بل فعلتها غير قاصد القتل وغير كافر لأنعمك. قوله "إذا أظنك صادقًا" برفع أظن؛ لأن للحال كما يفيده ما سننقله عن الرضي. قوله: "إذ لا مجازاة هنا" قال الرضي: لأن الشرط والجزاء إما في الاستقبال أو في الماضي ولا مدخل للجزاء في الحال ا. هـ. ولأن ظن الصدق لا يصلح جزاء للمحبة. قوله: "اختلف في لفظها إلخ" أي: في غير القرآن أما فيه فيوقف عليها وتكتب بالألف إجماعًا كما في الإتقان اتباعًا للمصحف العثمان, قال السيوطي في حاشية المغني: ينبغي أن يكون الخلاف في الوقف عليها مبنيًا على الخلاف في حقيقتها فعلى أنها حرف يوقف عليها بالنون وعلى أنها اسم منون يوقف عليها بالألف. قوله: "والجمهور يكتبونها إلخ" المناسب فالجمهور بالفاء كما في عبارة المغني. قوله: "والمازني والمبرد بالنون" وعزاه أبو حيان إلى الجمهور. قوله: "وعن الفراء إلخ" ونقل السيوطي قولًا بالعكس لضعفها في الإهمال وقوتها في العمل. قوله: "إن عملت كتبت بالألف" لمنع العمل التباسها بإذا الظرفية ويرد عليه أن العمل في اللفظ وليس الشكل لازمًا فالفرق في الكتابة محتاج له على العمل أيضًا.
قوله: "وهي لغة نادرة" تلقها البصريون بالقبول فلا التفات إلى قول من أنكرها دماميني قوله: "وبين لا" أي: سواء كانت نافية أو زائدة ولهذا مثل بمثالين. قوله: "ناصبة" أتى به مع علمه من كون الكلام في أن الناصبة دفعًا لتوهم إهمالها لفصلها من الفعل بلا. قوله: "فإن أعمل" أي: إن الواقعة بعد لام الجر سواء كانت للتعليل كما مثل أو للعاقبة نحو: {فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} [القصص: 8]، أو للتوكيد وهي الآتية بعد فعل متعد نحو: وأمرنا لنسلم لرب
426 | 463(1/424)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فاعل، أي: يجوز إظهار أن وإضمارها بعد اللام إذا لم يسبقها كون ناقص ماض منفي ولم يقترن الفعل بلا فالإضمار نحو: {وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 71]،
والإظهار نحو: {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} [الزمر: 12] فإن سبقها كون ناقص ماض منفي وجب إضمار أن بعدها هذا أشار إليه بقوله: "وبعد نفي كان حتما أضمرا" أي: نحو: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ} [العنكبوت: 40] {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} [النساء: 137]، وتسمى هذه اللام لام الجحود، وسماها النحاس لام النفي وهو الصواب، والتي قبلها لام كي؛ لأنها للسبب كما أن كي للسبب. وحاصل كلامه أن لأن بعد لام الجحود ثلاثة أحوال: وجوب إظهارها مع المقرون بلا، ووجوب إضمارها بعد نفي كان، وجواز الأمرين فيما عدا ذلك. ولا يجب الإضمار بعد كان التامة؛ لأن اللام بعدها ليست لام الجحود،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العالمين. قاله الفاكهي, أي: أو للتعدية نحو: أعددت زيدًا ليقاتل. قوله: "إذا لم يسبقها إلخ" أخذ من قوله الآتي: وبعد نفي كان إلخ. قوله: "ماض" أي: لفظًا ومعنى أو معنى فقط. قوله: "نحو: وأمرنا لنسلم لرب العالمين إلخ" اختلف في اللام في نحو: الآيتين فقيل زائدة وقيل للتعليل والمفعول محذوف أي: وأمرنا بما أمرنا به لنسلم لرب العالمين وقيل للتعليل ولا مفعول بل الفعل في معنى مصدر مرفوع بالابتداء واللام ومجرورها خير عنه؛ لأن الفعل إذا جرد عن الزمان وأريد به الحدث فقط كان كالاسم في صحة الإضافة والإسناد إليه كذا في المغنى والشمني. قوله: "وبعد نفي كان إلخ" يعني ما لم ينتقض النفي نحو: ما كان زيد إلا ليضرب عمرًا ويجوز ذلك مع لام كي نحو: ما جاء زيد إلا ليضرب عمرًا قاله أبو حيان, وظاهر قوله ويجوز ذلك مع لام كي أن المراد بقوله: ما لم ينتقض, النفي أنه لا يجوز انتقاض النفي مع لام الجحود فتأمل. قال: والفرق أن النفي مسلط مع لام الجحود على ما قبلها وهو المحذوف الذي تتعلق به اللام, فيلزم من نفيه نفي ما بعدها وفي لام كي يتسلط على ما بعدها نحو: ما جاء زيد ليضرب فينتفي الضرب خاصة ولا ينتفي المجيء إلا بقرينة تدل على انتفائه ا. هـ. وحاصل الفرق كما قاله شيخنا أن النفي مع لام الجحود مسلط على الكلام بتمامه أعني ما قبلها وما بعدها, ومع لام كي مسلط على ما بعدها فقط أي: فاغتفر الانتقاض معها بخلاف لام الجحود.
قوله: "لا الجحود" من تسمية العام بالخاص؛ لأن الجحود إنكار الحق لا مطلق النفي والنحويون أطلقوه وأرادوا الثاني ا. هـ. تصريح وبهذا يندفع تصويت قول النحاس. قوله: "والتي قبلها لام كي" وحكمها الكسر وفتحها لغة تميم. همع. قوله: "لأنها للسبب" أي: في الجملة والأفلام كي قد تكون لغير السبب كالتي للعاقبة والزائدة والمعدية. قوله "وجوب إظهارها مع المقرون بلا" كراهة اجتماع اللامين سم. قوله: "ووجوب إضمارها إلخ" علل بأن إثبات ما كان زيد ليفعل كان زيد سيفعل جعلت اللام معادلة للسين فكما لا يجمع بين أن السين لا يجمع بين أن واللام زكريا. قوله: "ليست لام الحجود" بل هي لام كي نحو: ما كان زيد ليلعب أي: ما وجد للعب.
427 | 463(1/425)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإنما لم يقيد كلامه بالناقصة اكتفاء بأنها المفهومة عند إطلاق كان لشهرتها وكثرتها في أبواب النحو. ودخل في قوله نفي كان نحو: لم يكن أي: المضارع المنفي بلم كما رأيت؛ لأن لم تنفي المضارع. وقد فهم من النظم قصر ذلك على كان خلافًا لمن أجازه في أخواتها قياسًا ولمن أجازه في ظننت.
تنبيهات: الأول ما ذكره من أن اللام التي ينصب الفعل بعدها هي لام الجر والنصب بأن مضمرة هو مذهب البصريين، وذهب الكوفيون إلى أن اللام ناصبة بنفسها، وذهب ثعلب إلى أن اللام ناصبة بنفسها لقيامها مقام أن، والخلاف في اللامين أعني لام الجحود ولام كي. الثاني اختلف في الفعل الواقع بعد اللام: فذهب الكوفيون إلى أنه خبر كان واللام للتوكيد. وذهب البصريون إلى أن الخبر محذوف واللام متعلقة بذلك الخبر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "لأن لم تنفي المضارع" لو قال: لأن لم تقلب المضارع إلى المضي لأنتج مطلوبه وفي بعض النسخ؛ لأن لم تنفي الماضي أي: الماضي معنى وهو المضارع لفظًا ولا إشكال عليها فتأمل.
قوله: "لمن أجازه في أخواتها" نحو: ما أصبح زيد ليضرب عمرًا ولم يصبح زيد ليضرب عمرًا وقوله: ولمن أجازه في ظننت أي: قياسًا نحو: ما ظننت زيدا ليضرب عمرًا ولم أظن زيدا ليضرب عمرا قال أبو حيان: وهذا كله تركيب لم يسمع فوجب منعه ا. هـ. فما يتبادر من قول البعض والحق أن اللام فيما ذكر لام كي لا لام الجحود كما يظهر بالنظر في المعنى ا. هـ. من جواز هذه التراكيب ممنوع من أن دعواه أن اللام فيها لام كي وأن النظر في المعنى يرشد إلى ذلك باطلة قال في التصريح وبعضهم أجازه في كل فعل تقدمه نفي نحو: ما جاء زيد ليفعل ا. هـ. قال يس: وهو فاسد؛ لأن هذه يعني اللام في نحو: ما جاء زيد ليفعل لام كي. قوله: "ما ذكره من أن اللام إلخ" لأن كلامه في أن الواقعة بعد لام الجر لقوله: وبين لا ولام جر إلخ. قوله: "والنصب بأن مضمرة" إنما قال مضمرة مع أن النصب عند البصريين بعد اللام بأن مظهرة أو مضمرة وعند الكوفيين باللام أظهر أن أو أضمرت كما سيصرح به الشارح عند شرح قول المصنف وبعد حتى إلخ لأجل قول ثعلب؛ لأنه إنما يأتي عند إضمار أن فتأمل. قوله: "ناصبة بنفسها" أي: بطريق الأصالة بدليل ما بعده واحتجوا بقوله:
لقد عذلتني أم عمرو ولم أكن مقالتها ما كنت حيا لأسمعا إذا لو كانت أن الناصبة للزم تقدم معمول صلتها عليها وهو ممتنع ورد بأن مقالتها معمول لمحذوف يفسره المذكور نظير ما مر في قوله: كان جزائي العصا أن أجلدا وقوله: ما كنت أي: مدة وجودي حيا. قوله: "لقيامها مقام أن" أي: نيابة عن أن. قوله: "اختلف في الفعل إلخ" الظاهر أن هذا الاختلاف مبني على الاختلاف في الناصب هل هو اللام أو أن المضمرة. قوله: "إلى أنه" أي: الفعل وفيه مسامحة؛ لأن الخبر جملة الفعل والفاعل. قوله: "واللام للتوكيد" أي: زائدة لتوكيد النفي كالباء في ما زيد بقائم واعترض قولهم بأن اللام الزائدة تعمل الجر في
428 | 463(1/426)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحذوف، وقدروه ما كان زيد مريدًا ليفعل، وإنما ذهبوا إلى ذلك؛ لأن اللام جارة عندهم، وما بعدها في تأويل مصدر. وصرح المصنف بأنها مؤكدة لنفي الخبر إلا أن الناصب عنده أن مضمرة، فهو قول ثالث. قال الشيخ أبو حيان: ليس بقول بصري ولا كوفي. ومقتضى قوله مؤكدة أنها زائدة، وبه صرح الشارح، لكن قال في شرحه لهذا الموضع من التسهيل: سميت مؤكدة لصحة الكلام؛ لا لأنها زائدة لم يكن لنصب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأسماء وعوامل الأسماء لا تعمل في الأفعال، وأجيب بأنهم لعلهم لا يسلمون هذه الكلية ا. هـ. دماميني قال الحفيد: وتظهر فائدة الخلاف في قولك: ما كان محمد طعامك ليأكل فإنه لا يجوز على رأي البصريين؛ لأن كما في حيز أن لا يعمل فيما قبلها ويجوز على رأي: الكوفيين؛ لأن اللام لا تمنع العمل فيما قبلها.
قوله: "واللام متعلقة بذلك الخبر المحذوف" قال المرادي: قولهم متعلقة بالخبر يقتضي أنها ليست بزائدة وتقديرهم مريدا يقتضي أنها زائدة تقوية للعامل ا. هـ. وفي المغني أن المقوية ليست زائدة محضة ولا معدية محضة بل بينهما ا. هـ. فزيادتها عند الكوفيين محضة وعند البصريين غير محضة. قوله: "وقدروه إلخ" تقدير مريدًا غير لازم فيما يظهر بل قد يقدر غيره إذا اقتضاه المقام كما قدر في قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم: 46]، وإن كان مكرهم أهلًا لتزول إلخ ويدل لما قلناه ما يأتي من شرح التسهيل. قوله: "لأن اللام جارة عندهم" أي: جارة غير زائدة زيادة محضة أي: والجار غير الزائد زيادة محضة لا بد له من متعلق.
قوله: "إلا أن الناصب عنده أن مضمرة" اعترض بأنه يلزمه الإخبار بالمصدر عن الجثة وهو لا يجوز، وأجيب بما قاله بعضهم من أن الإخبار بالفعل المؤول بالمصدر عن الجثة جائز كما في زيد إما أن يعيش وإما أن يموت وإن لم يجز الإخبار بالمصدر الصريح عنها لدلالة الفعل بصيغته على الفاعل والزمان بخلاف المصدر الصريح لا سيما وقد التزم إضمار أن فصار منخرطا في سلك الفعل على أنه يحتمل أن يكون في الكلام حذف. قوله: "ومقتضى قوله مؤكدة" أي: مع قوله لنفي الخبر إذ لولاه لأمكن حمل قوله مؤكدة على أنها مقوية للعامل فيوافق ما يأتي عن شرح التسهيل ويكون نفس قول البصريين ولا يرد عليه لزوم الإخبار بالمصدر عن الجثة, وقوله: أنها زائدة أي: محضة. قوله: "لكن قال" أي: الناظم في شرحه إلخ كذا قال شيخنا وشيخنا السيد وهو الظاهر, وأرجع البعض الضمير للشارح ابن الناظم فإنه له شرح على التسهيل كما في الهمع ثم رأيت في بعض النسخ لكن قال المصنف في شرحه إلخ وهو نص في الأول, ورأيت بخط بعض الفضلاء بهامش الهمع عزو العبارة التي في الشرح إلى شرح التسهيل لابن الناظم وهو نص في الثاني والجمع ممكن والله أعلم.
قوله: "لصحة الكلام بدونها" هذا ظاهر على تقدير ما يتعدى بنفسه كمريدًا دون ما يتعدى باللام كمستعدا إلا أن يراد أن اللام يصح حذفها لفظًا لاطراد حذف الجار مع أن هذا وقال في
429 | 463(1/427)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفعل بعدها وجه لم يكن لنصب الفعل بعدها وجه صحيح، وإنما هي لام اختصاص دخلت على الفعل لقصد ما كان زيد مقدرًا أو هاما أو مستعدا؛ لأن يفعل. الثالث قد تحذف كان قبل لام الجحود كقوله:
1072-
فَمَا جَمْعٌ لِيَغْلبَ جَمْعَ قَومِي مقاوَمَة ولا فرْدٌ لفَرْدِ أي: فما كان جمع. ومنه قول أبي الدرداء في الركعتين بعد العصر: ما أنا لأدعهما. الرابع: أطلق النافي ومراده ما ينفي الماضي وذلك ما ولم دون لن؛ لأنها تختص بالمستقبل، وكذلك لا؛ لأن نفي غير المستقبل بها قليل. وأما لما فإنها وإن كانت تنفي الماضي لكن تدل على اتصال نفيه بالحال. وأما إن فهي بمعنى ما وإطلاقه يشملها. وزعم كثير من الناس في قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم: 46]، في قراءة غير الكسائي أنها لام الجحود، لكن يبعده أن الفعل بعد لام الجحود لا يرفع إلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المغني وجه كونها مؤكدة على رأي: البصريين أن الأصل ما كان قاصدًا للفعل ونفي الفعل أبلغ من نفيه. قوله: "لا لأنها زائدة" أي: محضة بأن يكون دخولها في الكلام كخروجها. وقوله إذ لو كانت زائدة أي: محضة وإلا فلام التقوية زائدة لكن زيادتها غير محضة كما مر. قوله: "لم يكن لنصب الفعل إلخ" إذ يلزم علي الإخبار بالمصدر عن الجثة وهو لا يجوز أي: إلا بتكلف فلا ينافي ما مر فقوله وجه صحيح خال عن التكلف. قوله: "لام اختصاص" أي: دلت على اختصاص الإرادة المنفعة بالفعل وهذا لا ينافي كونها لتقوية العامل أو للتعدية لجواز كونها لهما باعتبارين. قوله: "أو هاما" هو بمعنى قول البصريين مريدًا. قوله: "أي: فما كان جمع" قال سم: أي: ضرورة إلى هذا التقدير ا. هـ أي: لصحة فما جمع مريد ليغلب إلخ, وقد يقال الداعي إليه موافقة النظائر وعبارة الدماميني والشمني ليس ما ذكره في البيت, وقول أبي الدرداء متعينًا لجواز أن يكون المعنى في البيت فما جمع متأهلًا لغلب قومي, وفي قول أبي الدرداء أو ما أنا مريدًا لتركهما. قوله: "ما أنا لأدعهما" أي: ما كنت فلما حذف الفعل انفصل الضمير. قوله: "أطلق النافي" أي: الذي تضمنه قوله ونفي كان.
قوله: "وإن كانت تنفي الماضي" أي: في المعنى وقوله: لكن تدل على اتصال نفيه بالحال أي: وشرط النافي هنا أن يكون نافيًا للحدث في الماضي فقط. قوله: "وأما أن" ألحقها السيوطي وغيره بلن قال: فلا يجوز إن كان زيد ليخرج. قوله: "في قراءة غير الكسائي" أما في قراءته بفتح اللام ورفع الفعل فإن مخففة من الثقيلة واللام للفصل أي: وإن مكرهم لتزول منه الأمور المشبهة في عظمها بالجبال كبأس أعدائهم الكثيرين. قوله: "أنها لام الجحود" أي: ليس مكرهم أهلًا لتزول منه الجبال أي: ما هو كالجبال ثباتًا وتمكنًا من آيات الله تعالى وشرائعه وباختلاف المشبه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1072- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 110؛ وتذكرة النحاة ص560؛ والجنى الداني ص117؛ وشرح شواهد المغني 2/ 562؛ ومغني اللبيب 1/ 212.
430 | 463(1/428)
إعراب الفعل
كذاكَ بعْدَ أو إذا يَصْلُحُ في مَوضِعها حتّى أو إلا أنْ خَفِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضمير الاسم السابق، والذي يظهر أنها لام كي وأن إن شرطية، أي: وعند الله جزاء مكرهم وهو مكر أعظم منه, وإن مكرهم لشدته معدا لأجل زوال الأمور العظام المشبهة في عظمها بالجبال، كما يقال أنا أشجع من فلان وإن كان معدا للنوازل، الخامس أجاز بعض النحويين حذف لام الجحود وإظهار أن مستدلًا بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى} [يونس: 37]، والصحيح المنع، ولا حجة في الآية؛ لأن أن يفترى في تأويل مصدر وهو الخير "كذاك بعد أو إذا يصلح في موضعها حتى أو إلا أن خفي" أن مبتدأ وخفى خبره وكذاك وبعد متعلقان بخفي، وحتى فاعل يصلح، وإلا عطف عليه: أي: كذا يجب إضمار أن بعد أو إذا صلح في موضعها حتى، نحو: لألزمنك أو تقضيني حقي،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالجبال على وجهي النفي والإثبات يندفع التنافي بينهما. قوله: "أن الفعل بعد لام الجحود" أما بعد لام كي فيرفع غير ضمير الاسم السابق, وقوله: لا يرفع إلا ضمير إلخ لعل هذا أغلبي لا واجب بدليل تعبيره بيبعده دون يمنعه وأنه يبعد جدا امتناع ما كان زيد ليضربه أبوه ثم رأيت الدماميني ذكر أن المخرجين للآية على النفي لا يشترطون رفع الفعل ضمير الاسم السابق وقوله: الاسم السابق أي: المرفوع بفعل الكون. قوله: "شرطية" أي: حذف جوابها لعلمه مما قبلها وقوله: وجزاء مكرهم إشارة إلى تقدير مضاف في الآية, وقوله: وهو أي: جزاء مكرهم وقوله: الاسم السابق أي: المرفوع بفعل الكون. قوله: "معدا لأجل زوال إلخ" كان الأظهر إسقاط أجل وجعل اللام للتعدية أصله معدا أي: مهيأ ولا ينافيه أن الغرض كون اللام لام كي؛ لأن المراد بلام كي ما هو أعم من لام العليل كما مر, وبه يعلم ما في كلام شيخنا والبعض. قوله: "الأمور العظام" كبأس الجيش الكثير من أعدائهم.
قوله: "لأن ن يفترى في تأويل مصدر" أي: وهذا المصدر بمعنى اسم المفعول كما أن القرآن مصدر بمعنى اسم المفعول فحصل التطابق. قوله: "كذاك" الإشارة راجعة إلى أن بعد نفي كان. قوله: "إذا يصلح" أي: من حيث المعنى كما سينبه الشارح عليه وقوله: حتى هو فيما يتطاول, وقوله: أو إلا هو فيما لا يتطاول. قوله: "متعلقان بخفي" لكن تعلق بعد على وجه الظرفية لخفي وتعلق كذاك على وجه الحالية من فاعل خفي أو الوصفية لمفعول مطلق لخفي أي: خفاء كذاك أي: كخفاء ذاك. قوله: "أي: كذا يجب إلخ" هذا بيان لحاصل المعنى وإلا فالتقدير أن خفي بعد أو إذا يصلح في موضعها حتى أو إلا حال كونه كان بعد نفي في وجوب الخفاء, أو خفاء كخفاء أن بعد نفي كان في الوجوب, وإنما وجب ليتجانس المتعاطفان صورة بخلاف ما لو قيل لأطيعن الله أو أن يغفر لي فلا تجانس في الصورة لذكر أن في المعطوف دون المعطوف عليه. وقال الجامي: وأما الفاء والواو وأو؛ فلأنها لما اقتضت نصب ما بعدها للتنصيص على معنى السببية والجمعية والانتهاء صارت كعوامل النصب فلم يظهر الناصب بعدها. قال ابن الناظم: وإنما نصب المضارع بعد أو هذه ليفرقوا بين أو التي لمجرد العطف المفيدة مساواة ما بعدها لما قبلها في الشك مثلًا وأو التي تقتضي مخالفة ما بعدها لما قبلها في ذلك فإن ما قبلها محقق
431 | 463(1/429)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
1073-
لأَسْتَسهِلنَّ الصعْبَ أو أُدْرِكَ المُنَى فما انْقادَتِ الآمالُ إلا لصابِرِ أو إلا كقولك: لأقتلن الكافر أو يسلم وقوله:
1074-
وكنتُ إذا غَمَزتُ قَناةَ قومٍ كَسَرْتُ كُعُوبهَا أو تَسْقِيما ويحتمل الوجهين قوله:
1075-
فقُلتَ له لا تَبْكِ عينُكَ إنما نحاوِلُ مُلكًا أو نَموتَ فَنُعْذَرَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقوع حتى يحصل ما بعدها وكان النصب بعد هذه بأن مضمرة لا بها نفسها لعدم اختصاصها.
قوله: "نحو: لألزمنك إلخ" لا يتعين في هذا المثال تقدير حتى بل هو صالح للتقديرات الثلاثة التعليل والغاية الاستثناء من الأزمان كما قاله الشارح في شرحه على التوضيح, قال: ويتعين الأول في نحو: لأطيعن الله أو يغفر لي والثاني في نحو: لأنتظرنه أو يجيء والثالث في نحو: لأقتلن الكافر أو يسلم ا. هـ. وقد يقال لأنتظرنه أو يجيء صالح للاستثناء فتأمل. وأما لأستسهلن إلخ فصالح للتعليل والغاية وجوز أبو حيان أن تكون أو فيه للاستثناء. قال الدماميني: وليس بشيء ا. هـ. وفيه نظر. قوله: "المنى" جمع منية ما يتمنى والمراد بالآمال المأمولات وبانقيادها حصولها قاله الشمني. قوله: "وكنت إذا غمزت إلخ" بالغين والزاي المعجمتين عصرت والقناة بالقاف والنون الرمح والكعوب النواشز في أطراف الأنابيب, وهذه استعارة تمثيلية شبه حالة إذا أخذ في إصلاح قوم اتصفوا بالفساد فلا يكف عن حسم المواد التي ينشأ عنها فسادهم إلا أن يحصل صلاحهم بحاله إذا غمزت قناة معوجة حيث يكسر ما ارتفع من أطرافها ارتفاعًا يمنع من اعتدالها ولا يفارق ذلك إلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1073- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 172؛ والدرر 4/ 77؛ وشرح شذور الذهب ص385؛ وشرح شواهد المغني 1/ 206؛ وشرح ابن عقيل ص568؛ وشرح قطر الندى ص69؛ ومغني اللبيب 1/ 67؛ والمقاصد النحوية 4/ 384؛ وهمع الهوامع 2/ 10.
1074- البيت من الوافر، وهو لزياد الأعجم في ديوانه ص101؛ والأزهية ص122؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 169؛ وشرح التصريح 2/ 237؛ وشرح شواهد الإيضاح ص254؛ وشرح شواهد المغني 1/ 205؛ والكتاب 3/ 48؛ ولسان العرب 5/ 389؛ "غمز"؛ والمقاصد النحوية 4/ 385؛ والمقتضب 2/ 92؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 172؛ وشرح شذور الذهب ص386؛ وشرح ابن عقيل ص569؛ وشرح قطر الندى ص70؛ وشرح المفصل 5/ 15؛ ومغني اللبيب 1/ 66؛ والمقرب 1/ 263.
1075- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص66؛ والأزهية ص122؛ وخزانة الأدب 4/ 212، 8/ 544، 547؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 59؛ وشرح المفصل 7/ 22، 33؛ والصاحبي في فقه اللغة ص128؛ والكتاب 3/ 47؛ واللامات ص68؛ والمقتضب 2/ 28؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 313؛ والجنى الداني ص231؛ الخصائص 1/ 263؛ ورصف المباني ص133؛ وشرح عمدة الحافظ ص644؛ واللمع ص211.
432 | 463(1/430)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واحترز بقوله إذا يصلح في موضعها حتى أو إلا من التي لا يصلح في موضعها أحد الحرفين، فإن المضارع إذا ورد بعدها منصوبًا جاز إظهار أن كقوله:
1076-
ولولا رجالٌ من رِزامٍ أعِزَّةٌ وآل سُبَيعٍ أو أسُوءَكَ عَلقَما تنبيهات: الأولى قال في شرح الكافية: وتقدير إلا وحتى -في موضع أو- تقدير لحظ فيه المعنى دون الإعراب، والتقدير الإعرابي المرتب على اللفظ أن يقدر قبل أو مصدر وبعدها أن ناصية للفعل وهما في تأويل مصدر معطوف بأو على المقدر قبلها، فتقدير لأنتظرنه أو يقدم: ليكونن انتظار أو قدوم، وتقدير لأقتلن الكافر أو يسلم: ليكونن قتله أو إسلامه، وكذلك العمل في غيرهما. الثاني ذهب الكسائي إلى أن أو المذكورة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن تستقيم ا. هـ. تصريح ويظهر صحة تقدير حتى بمعنييها أيضًا في هذا البيت فتدبر.
فائدة: قال شارح أبيات الإيضاح: وقع هذا البيت في قصيدة لزياد الأعجم غالبها مرفوع القوافي وبعضها مجرورها, وقال الزمخشري في شرح أبيات الكتاب أبيات القصيدة غير منصوبة وإنما أنشده سيبويه منصوبًا؛ لأنه سمعه كذلك ممن يستشهد بقوله وإنشاد الأبيات على الوقف مذهب لبعض العرب فإن أنشد بيت منها أنشد على حقه من الإعراب, وإن أنشد جميعها أنشد على الوقف من شرح شواهد المغني للسيوطي. قوله: "إذا ورد بعدها منصوبًا" فيه إشارة إلى جواز وروده بعدها مرفوعًا لعدم تقدير ناصب.
قوله: "ولولا رجال إلخ" رزام براء مكسورة فزاي حي من تميم وأعزة صفة ثانية لرجال وآل سبيع بالتصغير حي أيضًا, وهو معطوف على رجال لا رزام فيما يظهر لئلا يلزم الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بأجنبي وهو أعزة والشاهد في أو أسوءك فإنه منصوب بأن مضمرة جوازًا لعدم صحة تقدير أو بأحد الحرفين إذ المعنى لولا رجال وإساءتك وعلقم, قال العيني: منادى مرخم أي: يا علقمة وبهذا التقدير يعلم ما في كلام البعض من الإيهام. قوله: "المرتب على اللفظ" أي: الذي يقتضيه لفظ الفعل المنصوب بعد أو بأن المقدرة ولفظ أو التي لأحد الشيئين لاقتضاء الأول كون ما بعد أو مصدرًا مؤولًا, والثاني كون المعطوف عليه مصدرًا كالمعطوف ليتجانس الشيئان اللذان أو لأحدهما. قوله: "أن يقدر قبل أو مصدر" أي: يتوهم ويلحظ قبلها مصدر متصيد من الفعل السابق فلا ينافي قوله الآتي, ولكن عطفت مصدرًا مقدرًا على مصدر متوهم, وإنما قدر؛ لأن الفعل بعد أو مؤول بمصدر, ولا يصح عطف الاسم على الفعل إلا في نحو: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} [الأنعام: 95]، على ما سبق في آخر العطف فلا بد أن يكون المعطوف عليه هنا اسمًا والمصدر هو المناسب من بين أنواع الاسم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1076- البيت من الطويل، وهو للحصين بن الحمام في خزانة الأدب 3/ 324؛ والدرر 4/ 78؛ وشرح اختيارات المفصل ص334؛ وشرح التصريح 2/ 244؛ وشرح المفصل 3/ 50؛ والمقاصد النحوية 4/ 411؛ وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب 1/ 272؛ والمحتسب 1/ 326؛ وهمع الهوامع 2/ 10، 17.
433 | 463(1/431)
إعراب الفعل
وبَعْد حتّى هكذا إضمارُ أنْ حَتْمٌ كجُدْ حتّى تَسُرَّ ذا حَزَنْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ناصية بنفسها، وذهب الفراء ومن وافقه من الكوفيين إلى أن الفعل انتصب بالمخالفة، والصحيح أن النصب بأن مضمرة بعدها لأن أو حرف عطف فلا عمل لها، ولكنها عطفت مصدرًا مقدرًا على مصدر متوهم، ومن ثم لزم إضمار أن بعدها. الثالث قوله: إذا يصلح في موضعها حتى أو إلا أحسن من قوله في التسهيل بعد أو الواقعة موقع إلى أن أو إلا أن؛ لأن لحتى معنيين كلاهما يصح هنا: الأول الغاية مثل إلى. والثاني التعليل مثل كي، فيشمل كلامه هنا نحو: لأرضين الله أو يغفر لي بخلاف كلام التسهيل؛ لأن المعنى حتى يغفر لي بمعنى كي يغفر لي. وقد بان لك أن قول الشارح يريد حتى بمعنى إلى لا التي بمعنى كي لا وجه له. وكلتا العبارتين خير من قول الشارح بعد أو بمعنى إلى أو إلا فإنه يوهم أن أو ترادف الحرفين وليس كذلك، بل هي أو العاطفة كما مر "وبعد حتى هكذا إضمار أن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "ليكونن" بفتح اللام. قوله: "في غيرهما" أي: غير المثالين المذكورين.
قوله: "انتصب بالمخالفة" أي: مخالفة الثاني للأول من حيث لم يكن شريكًا له في المعنى ولا معطوفًا عليه ا. هـ. همع ونقض بنحو: ما جاء زيد لكن عمرو وجاء زيد لا عمرو فإن الثاني خالف الأول في المعنى ولم يختلف في الإعراب إلا أن يخص ذلك بالفعل لضعفه عن الاسم في الإعراب. قوله: "أن النصب بأن إلخ" ولذا لا يتقدم معمول الفعل عليها ولا يفصل بينها وبين الفعل؛ لأنها حرف عطف وجوز الأخفش الفصل بينهما بالشرط نحو: لألزمنك أو إن شاء الله تقتضيني حقي. سيوطي. قوله: "ولكنها عطفت" لعل الاستدراك لرفع ما يتوهم من قوله حرف عطف من ظهور المتعاطفين كما هو الغالب. قوله: "متوهم" إنما كان متوهمًا لعدم آلة السبك لفظًا وتقديرًا. قوله: "ومن ثم" أي: من أجل أنها عطفت مصدرًا مقدرًا على مصدر متوهم لزم إضمار أن بعدها, وفيه أنه لا يتسبب عن عطفها مصدرًا مقدرًا على مصدر متوهم لزوم إضمار أن ولا إضمارها إذ لو ظهرت لم تخرج عن عطفها مصدرًا مقدرًا أي: من أن والفعل على مصدر متوهم فكان عليه أن يعلل اللزوم بتجانس المتعاطفين في الصورة كما مر, وبهذا علم ما في قول البعض تبعًا لشيخنا؛ الأولى أن يقال ومن ثم أضمرت أن بعدها؛ لأن عطفها ما ذكر لا يقتضي لزوم إضمار أن.
قوله: "موقع إلى أن أو إلا أن" الصواب حذف أن فإن أو إنما وقعت موقع إلى وحدها أو إلا وحدها ا. هـ. دماميني أي: لأنها لو كانت بمعنى إلى أن أو إلا أن لزم التكرار, إذ النصب بأن مضمرة بعدها على الراجح, وقد يجاب بأن المراد الواقعة مع المضمر بعدها موقع إلى أن أو إلا أن. قوله: "لأن لحتي معنيين إلخ" وجه الشارح الأحسنية بما حاصله عموم كلامه هنا وتوجه أيضًا بسلامته من الاعتراض على كلامه في التسهيل بما مر عن الدماميني. قوله: "بمعنى كي يغفر لي" ولا يناسب هنا معنى إلى ولا معنى إلا؛ لأنه يوهم انقطاع الإرضاء إذا حصل الغفران سم قوله: "فإنه يوهم إلخ" أي: إيهامًا قويا, إذ أصل الإيهام موجود في العبارتين أيضًا. أفاده سم. قوله "وبعد حتى" الجارة ومن أحكامها أنها لا يفصل بينها وبين الفعل شيء وأجازه بعضهم بالظرف
434 | 463(1/432)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حتم" أي: واجب. والغالب في حتى حينئذ أن تكون للغاية نحو: {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} [طه: 91]، وعلامتها أن يصلح في موضعها إلى وقد تكون للتعليل "كجد حتى تسر ذا حزن" وعلامتها أن يصلح في موضعها كي، وزاد في التسهيل أنها تكون بمعنى إلا أن كقوله:
1077-
لَيسَ العطاءُ من الفُضولِ سَماحةً حتى تجودَ وما لديك قليلُ وهذا المعنى على غرابته ظاهر من قول سيبويه في تفسير قولهم: والله لا أفعل إلا أن تفعل المعنى حتى أن تفعل. وصرح به ابن هشام الخضراوي، ونقله أبو البقاء عن بعضهم في: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا} [البقرة: 102] والظاهر في هذه الآية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والشرط الماضي والقسم والجار والمجرور والمفعول ا. هـ. سيوطي والظرف متعلق بإضمار الذي هو مبتدأ وهكذا إما متعلق بإضمار والخبر حتم فيكون قوله هكذا توكيدًا؛ لأن معناه كالإضمار السابق في الوجوب والوجوب مستفاد من قوله: حتم وعلى هذا اقتصروا فحكموا بأن قول المصنف هكذا خشو وإما خبر وقوله: حتم خبر ثان جيء به لبيان وجه الشبه وعلى هذا فلا يكون في كلامه توكيد لعدم استفادة التحتم من التشبيه لاحتمال أنه في نصب المضارع بها فقط.
قوله: "والغالب في حتى حينئذ" أي: حين إذ أضمرت أن بعدها أن تكون للغاية هذا مخالف لقول الجامي الأغلب فيها أن تستعمل بمعنى كي ا. هـ. وإنما تكون للغاية إذا كان ما بعدها غاية لما قبلها وللتعليل إذا كان مسببًا عما قبلها, كذا في التصريح واحترز بقوله حينئذ عن حتى الابتدائية فإنها بمعنى الفاء. قوله: "كجد حتى تسر" الغاية هنا ممكنة أيضًا سم. قوله: "بمعنى إلا أن" الصواب إسقاط أن لما تقدم قيل إلا التي حتى تكون بمعناها للاستثناء المنقطع, وقال الدماميني: سواء كان الاستثناء متصلًا أو منقطعًا وجعل الاستثناء في والله لا أفعل حتى تفعل أي: إلا أن تفعل متصلًا مفرغًا للظرف إذ المعنى لا أفعل وقتًا من الأوقات إلا وقت فعلك ويظهر أن الغاية ممكنة فيه وفي البيت الآتي منقطعًا إذ المعنى ليس العطاء في حال الغنى سماحة لكن في حال الفقر والغاية ممكنة فيه كما قاله الفاكهي تبعًا للدماميني وابن الناظم, لكن نظر فيه سم بأن النفي قبل حتى لا ينقطع عما بعدها بل هو ثابت مع ثبوته فكيف تكون غائية فتأمل, ولا تنافي بين كونها جارة وكونها بمعنى إلا؛ لأن عمل الجر ثبت مع إفادة الاستثناء كخلا وحاشا إذا جر بهما.
قوله: "من الفضول" جمع فضل وهو الزيادة والمراد زيادات المال وهي ما لا يحتاج إليه منه. دماميني. قوله: "على غرابته" أي: مع غرابته. قوله: "حتى أن تفعل" ففسر إلا بحتى فاقتضى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1077- البيت من الكامل، وهو للمقنع الكندي في خزانة الأدب 3/ 370؛ والدرر 4/ 75؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1734؛ وشرح شواهد المغني 1/ 372؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ص555؛ ومغني اللبيب 1/ 125؛ والمقاصد النحوية 4/ 412؛ وهمع الهوامع 2/ 9.
435 | 463(1/433)
إعراب الفعل
وتِلوَ حَتَّى حالا أو مُؤولا بِهِ ارْفَعَنَّ وانصِبِ المُستقْبِلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خلافه. وأن المراد معنى الغاية. نعم هو ظاهر في قوله:
1078-
واللهِ لا يَذْهَبُ شَيخي باطِلًا حَتى أُبِيرَ مالكًا وكاهِلا لأن ما بعدها ليس غاية لما قبلها ولا مسببًا عنه.
تنبيه: ذهب الكوفيون إلى أن حتى ناصبة بنفسها وأجازوا إظهار أن بعدها توكيدًا كما أجازوا ذلك بعد لام الجحود "وتلو حتى حالا أو مؤولا به" أي: بالحال "ارفعن"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن حتى تكون بمعنى إلا. قوله: "حتى يقولا" أي: إلا أن يقولا والاستثناء مفرغ للظرف والمعنى وما يعلمان أحدًا في وقت إلا وقت أن يقولا إلخ. "وأن المراد معنى الغاية" أي: يمتد انتفاء تعليمهما إلى وقت قولهما ذلك, واعترضه الدماميني بأن هذا وإن أمكن لكن لا مرجح له حتى يكون هو الظاهر دون الاستثناء.
قوله: "نعم هو" أي: كون حتى بمعنى إلا ظاهر في قوله: والله إلخ. والمعنى لا أترك الأخذ بثأر شيخي أي: الحسين بن علي إلا أن أقتل هذين الحيين أي: لكن أقتل هذين الحيين فالاستثناء منقطع كما قاله الدماميني, ونقله في الهمع عن ابن هشام الخضراوي مقتصرًا عليه, وتصحيح البعض تبعًا لشيخنا كونه متصلًا؛ لأن قتل الحيين أخذ بالثأر باطل؛ لأن المعنى حينئذ لا أترك أخذ ثأر شيخي إلا قتل الحيين فأتركه وهو
فاسد ولا يصح كونها للغاية؛ لأن المعنى عليه يمتد انتفاء ترك الأخذ بالثأر إلى قتل الحيين فينقطع الانتفاء ويوجد الترك وهو فاسد. وأما كونها للتعليل أي: ينتفي الترك المذكور لكوني أقتل الحيين فصحيح لولا ما أفاده الشارح وصرح به الشيخ خالد من أن حتى التعليلية هي التي ما بعدها مسبب عما قبلها؛ لأن ما بعد حتى في البيت ليس مسببًا عما قبلها كما قاله الشارح, بل هو سبب لما قبلها فعلم ما في تجويز الشمني وتبعه شيخنا والبعض كونها للغاية وكونها للتعليل فكن ممن يعرف الرجال بالحق.
وما مر من أن المراد بشيخ الشاعر الحسين بن علي هو ما ذكره بعضهم والذي قاله الدماميني والشمني والسيوطي أن قائل البيت امرؤ القيس بن حجر حين بلغه أن بني أسد قتلت أباه وأن المراد بشيخه أبوه.
قوله: "حتى أبير" بهمزة مضمومة فموحدة فراء أو دال مهملة من أباره الله أو أباده أهلكه ومالك وكاهل قبيلتان من بني أسد قاله الشمني. قول: "لأن ما بعدها" وهو قتل الحيين ليس غاية لما قبلها وهو انتفاء ترك الأخذ بالثأر ولا مسببًا عما قبلها بل هو سبب له أي: فلم يصح كونها غائية ولا تعليلية فثبت كونها استثنائية إذ لا تخرج حتى في البيت عن المعاني الثلاثة فإذا انتفى اثنان تعين الثالث فلا غبار على التعليل خلافًا للبعض. وقول شيخنا هذا يعني النفي في كلام الشارح بحسب الظاهر وإن كانت الغاية والتعليل محتملين احتمالا مرجوحًا علم رده مما أسلفناه فتنبه, قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1078- الرجز لامرئ القيس في ديوانه ص134؛ والأغاني 9/ 87؛ وخزانة الأدب 1/ 333، 2/ 213؛ والدرر 4/ 75؛ وشرح شواهد المغني 1/ 372؛ ومعجم ما استعجم ص56؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب 1/ 144؛ وهمع الهوامع 2/ 9.
436 | 463(1/434)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حتمًا "وانصب المستقبلا" أي: لا ينصب الفعل بعد حتى إلا إذا كان مستقبلًا: ثم إن كان استقباله حقيقيا بأن كان بالنسبة إلى زمن التكلم فالنصب واجب نحو: لأسيرن حتى أدخل المدينة وكالآية السابقة. وإن كان غير حقيقي بأن كان بالنسبة إلى ما قبلها خاصة فالنصب جائز لا واجب نحو: {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} [البقرة: 214]، فإن قولهم إنما هو مستقبل بالنظر إلى الزلزال لا بالنظر إلى زمن قص ذلك علينا. فالرفع -وبه قرأ نافع- على تأويله بالحال، والنصب -وبه قرأ غيره- على تأويله بالمستقبل: فالأول يقدر اتصاف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"أو مؤولا به" أي: أو غير حال من ماض أو مستقبل مؤولا به. قوله: "ارفعن حتمًا" لأن نصبه بتقدير أن وهي للاستقبال والحال ينافيه. قوله: "وانصب المستقبلا" أي: وجوبًا إن كان الاستقبال حقيقيا بأن كان بالنسبة إلى زمن التكلم, وجواز إن لم يكن حقيقيا بأن كان بالنسبة إلى ما قبل حتى والمراد المستقبل الذي لم يؤول بالحال كما قاله سم؛ لوجوب رفع المستقبل المؤول به وإنما شرط في نصب المضارع استقباله؛ لأن نصبه بأن المضمرة وهي تخلصه للاستقبال. قوله: "إلى زمن التكلم" أي: بالكلام الذي وقع فيه حتى.
قوله: "وكالآية السابقة" وهي لن نبرح عليه إلخ, وقد يقال إنها من القسم الثاني فإن العكوف عليه ورجوع موسى ماضيان بالنسبة إلى زمن النزول, والرجوع مستقبل بالنسبة إلى العكوف فهو على حد الزلزال, وقول الرسول في الآية الآتية والجواب أن قوله تعالى: {قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ} [طه: 91]، إلخ فيه حكاية كلامهم وعبارتهم الصادرة فالمنظر فالمنظور إليه فيه هو المحكي لا الحكاية, ورجوع موسى مستقبل بالنسبة إلى زمن التكلم بالمحكي؛ لأنه المعتبر في المحكي بخلاف ما في الآية الآتية, فإنه ليس حكاية لكلام آخر بل هو إخبار منه فينظر فيه لزمن النزول؛ لأنه زمن التكلم بالنظر إليه ا. هـ سم والحاصل أن ما كان حكاية كلام ينظر فيه لزمن المحكي وهو وقت حصول الواقعة, وما كان غير حكاية كلام ينظر فيه لزمن الإخبار لنا. قوله: "بالنسبة إلى ما قبلها" أي: لزمن الفعل قبلها قال سم: أي: ولم يكن للحال حقيقة بدليل ما يأتي أنه يجب رفع الحال حقيقة مع أنه قد يكون مستقبلًا بالنسبة لما قبلها نحو: سرت حتى أدخلها إذا قلت ذلك حال الدخول ا. هـ. وقوله خاصة أي: لا بالنسبة إلى زمن التكلم.
قوله: "وزلزلوا" أزعجوا إزعاجا شديدًا شبيهًا بالزلزلة. قوله: "الرسول" وهو اليسع أو شعياء، دماميني. قوله: "فإن قولهم" أي: الرسول والذين آمنوا معه. قوله: "إلى زمن قص ذلك علينا" أي: زمن تكلم جبريل بالآية وهو زمن نزولها أي: لأنه ماض بالنظر إلى زمن القص. قوله: "على تأويله بالحال" بأن يقدر القول الماضي واقعًا في الحال أي: في زمن التكلم لاستحضار صورته العجيبة فكأنه قيل حتى حالتهم الآن أن الرسول والذي آمنوا معه يقولون. قوله: " على تأويله بالمستقبل" بأن يقدر أنهم في الحال عازمون على القول فيلزم استقبال القول على ما سيشير إليه الشارح. قوله: "فالأول إلخ" عبارة الدماميني. قال ابن الحاجب: من رفع يقول فعلى إرادة الإخبار بوقوع شيئين: الزلزال والقول لكن الخبر الأول على وجه الحقيقة والثاني على حكاية الحال والمراد مع
437 | 463(1/435)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المخبر عنه وهو الرسول والذين آمنوا معه بالدخول في القول فهو حال بالنسبة إلى تلك الحال. والثاني يقدر اتصافه بالعزم عليه فهو مستقبل بالنسبة إلى تلك الحال، ولا يرتفع الفعل بعد حتى إلا بثلاثة شروط: الأول أن يكون حالًا، إما حقيقة نحو: سرت حتى أدخلها إذا قلت ذلك وأنت في حالة الدخول، والرفع حيئنذ واجب، أو تأويلًا نحو: "حَتَّى يَقُولُ الرَّسُولُ" [البقرة: 214] في قراءة نافع. والرفع حينئذ جائز كما مر. الثاني: أن يكون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذلك الإعلام بأمر ثالث وهو تسبب القول عن الزلزال ومن نصب فعلى إرادة الإخبار بوقوع شيء واحد وهو الزلزال وبأن شيئًا آخر كان مترقبًا وقوعه عند حصول الزلزال وهو القول وليس فيه إخبار بوقوع القول كما في قراءة الرفع, وإن كان الوقوع ثابتًا في نفس الأمر, ولكن ثبوته بدليل آخر لا من هذه القراءة. قلت وذلك الدليل هو قراءة الرفع؛ لأن القراءتين كالآيتين وإنما قدر القول مترقبًا في قراءة النصب يحتمل أن تكون حتى بمعنى إلى وأن تكون بمعنى كي وعلى الرفع حتى حرف ابتداء ا. هـ.
قوله: "وبالدخول في القول" أي: زمن التكلم فالماضي فرض حاصلًا في الحال. ولو قال بالقول بدل بالدخول في القول لكان أوضح. قوله: "فهو" أي: القول حال بالنسبة إلى تلك الحال أي: باعتبار تلك الحال وهي تقدير اتصافهم بالقول زمن التكلم. قوله: "والثاني بقدر إلخ" فرض هذا التأويل فيما إذا كان الفعل قد مضى, وهل يأتي فيما إذا كان الفعل حالا حقيقة, وقد يقال إتيانه فيه أولوى وأقرب إلى اعتبار استقباليته من الماضي فيحتمل أن وجوب الرفع في الحال حقيقة ما لم يؤول بالمستقبل وفي كلام الرضي والجامي ما يوافقه لكن يخالفه ظاهر ما في المغني. وظاهر قول الدماميني في شرح التسهيل تلخيص مسألة حتى بأسهل طريق أن يقال إن صلح المضارع بعدها لوقوع الماضي موقعه نحو: حتى يقول الرسول جاز فيه الرفع والنصب وإلا فإن كان حاضرًا فالرفع أو مستقبلا فالنصب ا. هـ. أفاده سم.
قوله: "بالعزم عليه" أي: القول فهو أي: القول مستقبل بالنسبة إلى تلك الحال أي: باعتبار تلك الحال وهي تقدير اتصافهم بالعزم زمن التكلم على القول. قوله: "والرفع حينئذ واجب" ما لم يؤول بالمستقبل التأويل السابق على ما فيه. قوله: "أو تأويلًا نحو: حتى يقول إلخ" ونحو: سرت حتى أدخلها تريد فأنا الآن متمكن من الدخول. وحاصلهما أن يكون الماضي أو المستقبل قدر أنه موجود في الحال ا. هـ. دماميني فعلم أن من الحال المقدرة تقدير المستقبل حاضرًا سم. قوله: "والرفع حينئذ جائز كما مر" فيه عندي نظر؛ لأن رفع المؤول بالحال واجب كما قال المصنف والشارح سابقًا وتلو حتى حالًا أو مؤولًا به أي: بالحال ارفعن حتمًا ا. هـ. والذي مر إنما هو جواز الرفع والنصب إذا كان الاستقبال بالنسبة إلى زمن الفعل قبل حتى فالرفع على التأويل بالحال والنصب على التأويل بالمستقبل, ثم رأيت في المغني وشرحه للدماميني التصريح بأن المضارع إذا
438 | 463(1/436)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مسببًا عما قبلها فيمتنع في نحو: لأسيرن حتى تطلع الشمس، وما سرت حتى أدخلها، وأسرت حتى تدخلها لانتفاء السببية: أما الأول؛ فلأن طلوع الشمس لا يتسبب عن السير. وأما الثاني؛ فلأن الدخول لا يتسبب عن عدم السير. وأما الثالث؛ فلأن السبب لم يتحقق, ويجوز الرفع في أيهم سار حتى يدخلها، ومتى سرت حتى تدخلها؛ لأن السير محقق, وإنما الشك في عين الفاعل أو في عين الزمان، وأجاز الأخفش الرفع بعد النفي على أن يكون أصل الكلام إيجابًا ثم أدخلت أداة النفي على الكلام بأسره لا على ما قبل حتى خاصة. ولو عرضت هذه المسألة بهذا المعنى على سيبويه لم يمنع الرفع فيها وإنما منعه إذا كان النفي مسلطًا على السبب خاصة, وكل أحد يمنع ذلك. الثالث أن يكون فضلة فيجب النصب في نحو: سيري حتى أدخلها، وكذا في كان سيري أمس حتى أدخلها إن قدرت كان ناقصة ولم تقدر الظرف خبرًا ا. هـ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان للحال المحكية تحتم رفعه؛ لأن النصب بأن يناقض قصد الحكاية وأن محل نصبه إذا لم تقصد الحكاية وهو يؤيده النظر هذا. وقال السيوطي: حكى الجرمي أن من العرب من ينصب بحتى في كل شيء. قال أبو حيان: وهي لغة شاذة.
قوله: "أن يكون مسببًا عما قبلها" أي: ليحصل الربط معنى ويؤخذ من كلامه بعد أنه لا بد من وقوع السبب خارجًا. قوله: "وما سرت حتى أدخلها" نعم إن انتقض النفي نحو: ما سرت إلا يوما حتى أدخلها جاز الرفع لعدم انتفاء السببية, وأما فلما سرت حتى أدخلها, فإن أردت نفي السير وهو الأغلب في كلامهم وجب النصب وإن أردت التقليل جاز الرفع على ضعف نقله شيخنا عن الرضي ثم رأيت الدماميني ذكره. قوله: "فلأن السبب لم يتحقق" أي: للاستفهام عنه فلو رفع لزم تحقق وقوع المسبب مع الشك في وقوع السبب, وذلك لا يصح أفاده في التصريح. قوله: "وأجاز الأخفش إلخ" قال الرضي نقلًا عن الأخفش: إلا أن العرب لم تتكلم به قال الدماميني, والذي يظهر إجراء ما قاله الأخفش في الاستفهام أيضًا بأن يقدر الكلام خاليًا عن الاستفهام ثم أدخلت أدائه على الكلام بأسره لا على ما قبل حتى خاصة كأن يقول شخص لآخر سرت حتى تدخلها فشككت أنت في صدق الخبر فتقول: أنت للمخاطب هل سرت حتى تدخلها أي: هل ما أخبرك به هذا الشخص صحيح ا. هـ. قوله: "على الكلام بأسره" فيكون التقدير ما سرت فأنا لا أدخلها. قوله: "لم يمنع الرفع فيها" أي: لوجود الشرط؛ لأن عدم السر يتسبب عنده عدم الدخول فلا خلاف في الحقيقة.
قوله: "أن يكون فضلة" لئلا يبقى المبتدأ بلا خبر؛ لأنه إذا رفع الفعل كانت حتى حرف ابتداء فالجملة بعدها مستأنفة تصريح. قوله: "فيجب النصب في نحو: سيري إلخ"
ينبغي ما لم يتم الكلام بتقدير مبتدأ أو خبر, وإلا لم يجب ا. هـ. أي: وقامت قرينة
على التقدير. قوله: "إن قدرت إلخ" فإن قدرت كان تامة أو قدر الظرف وهو أمس خبرًا جاز الرفع؛ لأن ما بعد حتى
439 | 463(1/437)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهات: الأول: تجيء حتى في الكلام على ثلاثة أضرب: جارة وعاطفة وقد مرتا، وابتدائية أي: حرف تبتدأ بعده الجمل أي: تستأنف، فتدخل على الجمل الاسمية كقوله:
1079-
فما زالتِ القَتْلَى تَمُجُّ دِماءَها بِدَجْلَةَ حتّى ماءُ دِجْلةَ أَشْكَلُ وعلى الفعلية التي فعلها مضارع كقوله:
1080-
يُغْشَونَ حتّى ما تَهِرُّ كِلابُهُمْ وقراءة نافع: {حَتَّى يَقُولُ الرَّسُولُ} [البقرة: 214]، وعلى الفعلية التي فعلها ماض نحو: {حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا} [الأعراف: 195] وزعم المصنف أن حتى هذه جارة ونوزع في ذلك. الثاني إذا كان الفعل حالًا أو مؤولًا به فحتى ابتدائية، وإذا كان مستقبلًا أو مؤولًا به فهي الجارة وأن مضمرة بعدها حتى تقدم. الثالث علامة كونه حالًا أو مؤولًا به صلاحية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضلة. قوله: "على ثلاثة أضرب" أي: كائنة على ثلاثة أقسام من كينونة المجمل على المفصل أو الجنس على الأنواع فإبدال جارة وعاطفة وابتدائية من ثلاثة أضرب صحيح وإن كان بحيث لو أسقط المبدل منه صار التركيب غير مألوف فتدبر. "جارة" وهي ثلاثة أقسام غائية وتعليلية واستثنائية كما تقدم. قوله: "وابتدائية" قال شيخنا السيد: مقتضى كلامه هنا والتنبيه الثالث أن الابتدائية ليست غائية والذي في المغني وشرح جمع الجوامع للمحلي أنها غائية أي: غير جارة. قوله: "أي: حرف تبتدأ بعده الجمل" فالابتدائية هي الداخلة على الجمل اسمية أو فعلية. قوله: "فما زالت القتلى إلخ" تمج أي: تقذف ودجلة بكسر الدال نهر العراق والأشكل الأبيض الذي يخالطه حمرة ا. هـ. زكريا وقوله: بكسر الدال أي: وفتحها.
قوله "يغشون" بغين معجمة مبني للمجهول أي: يؤتون وتهر من هر من باب ضرب أي: صوت كذا في المصباح أي: حتى ما تصوت على الضيوف لكثرتهم أو اشتغالها بآثار القرى يصف قومًا بكثرة غشيان الضيوف لهم. قوله: "أن حتى هذه" أي: الداخلة على الماضي نحو: حتى عفوًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1079- البيت من الطويل، وهو لجرير في ديوانه ص143؛ والأزهية ص216؛ والجنى الداني ص552؛ وخزانة الأدب 9/ 477، 479؛ والدرر 4/ 32؛ وشرح شواهد المغني 1/ 377؛ وشرح المفصل 8/ 18؛ واللمع ص163؛ ومغني اللبيب 1/ 128؛ والمقاصد النحوية 4/ 386؛ وللأخطل في الحيوان 5/ 330؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص267؛ والدرر 4/ 112؛ ولسان العرب 11/ 357 "شكل"؛ وهمع الهوامع 1/ 248، 2/ 24.
1080- عجزه:
لا يَسْألونَ عن السوادِ المُقْبِلِ والبيت من الكامل، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص123؛ وخزانة الأدب 2/ 412؛ والدرر 4/ 76؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 69؛ وشرح شواهد المغني 1/ 378، 2/ 964؛ والكتاب 3/ 19؛ ومغني اللبيب 1/ 129؛ وهمع الهوامع 2/ 9.
440 | 463(1/438)
إعراب الفعل
وبَعْدَ فا جَوابِ نَفْي أو طَلَبْ مَحْصَيْنِ أنْ وَسَتْرُها حَتْمٌ نَصَبْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جعل الفاء في موضع حتى، ويجب حينئذ أن يكون ما بعدها فضلة مسببًا عما قبلها ا. هـ "وبعد فا جواب نفي أو طلب محصين أن وسترها ختم نصب" أن مبتدأ ونصب خبرها، وسترها حتم مبتدأ وخبر في موضع الحال من فاعل نصب، وبعد متعلق بنصب، يعني أن تنصب الفعل مضمرة بعد فاء جواب نفي نحو: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} [فاطر:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما في حواشي زكريا وقوله جارة أي: للمصدر المنسبك من أن مضمرة والفعل. قوله: "وبعد فا" هي فاء السببية أي: التي قصد بها سببية ما قبلها لما بعدها بقرينة العدول عن العطف على الفعل إلى النصب. وقوله: جواب نفي أو طلب سمي جوابًا؛ لأن ما قبله من النفي والطلب المحضين لما كان غير ثابت المضمون أشبه الشرط الذي ليس بمتحقق الوقوع فيكون ما بعد الفاء كالجواب للشرط. قال الحفيد: وسواء النفي بالرحف كما أو الفعل كليس أو الاسم كغير والتقليل المراد به النفي كالنفي نحو: قلما تأتينا فتحدثنا وربما نفي بقد فنصب الجواب بعدها نحو: قد كنت في خبر فتعرفه قاله السيوطي, ويزاد خامس وهو التشبيه المراد به النفي كما سينبه عليه الشارح.
قوله: "محضين" اعترض ابن هشام تقييد النفي بالمحض بأنه يخرج تالي التقرير نحو: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} [الروم: 9، فاطر: 44، غافر: 21]، فتكون لكن في العمدة وشرحها أن تالي التقرير لا ينصب جوابه, وفي التوضيح أن مما احترز عنه بتقييد النفي بالمحض النفي التالي تقريرًا نحو: ألم تأتني فأحسن إليك إذا لم ترد الاستفهام الحقيقي. قال خالد: فثبت أن الاستفهام التقريري يتضمن ثبوت الفعل فلا ينصب جوابه لعدم تمحض النفي وما ورد منه منصوبًا فلمراعاة صورة النفي وإن كان تاليًا تقريرًا؛ أو لأنه جواب الاستفهام ا. هـ. وقال في المغني: ولكون جواب الشيء مسببًا عنه امتنع النصب جوابًا للاستفهام في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً} [الحج: 63]، لأن رؤية إنزال الماء ليست سبب اخضرار الأرض بل سببه نفس إنزال الماء بخلافه في آية: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا} [الروم: 9، فاطر: 44، غافر: 21] لأن السير في الأرض سبب كمال العقل هذا هو الصواب ا. هـ. بإيضاح من الشمني وعليه فيكون في النفي تقريرًا تفصيل لكن تعليل خالد بمراعاة صورة النفي أو الاستفهام قد يقتضي جواز النصب في آية: {أَلَمْ تَرَ} ، فلعل المراد مراعاتهما شذوذًا أو هو موافقة لقول حكاه في المغني ورده أن النصب في الآية جائز عربية ما في آية: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا} لكن قصد العطف على أنزل بتأويل تصبح بأصبحت ويوافق هذا القول قول الهمع لا فرق في النفي بين كونه محضًا نحو: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} أولًا بأن نقض بإلا نحو: ما تأتينا فتحدثنا إلا بخير أو دخلت عليه أداة الاستفهام التقريري نحو: لم تأتنا فتحدثنا ويجوز في هذا الجزم والرفع أيضًا ا. هـ. ملخصًا فتأمل واعترض سم تقييد الطلب بالمحض بأنه يوهم رجوعه لكل أنواعه مع أنه خاص منها بالأمر والنهي والدعاء. ومعنى كون الثلاثة محضة أن تكون بفعل صريح في ذلك.
قوله: "في موضع الحال" أي: أو معترضة. قوله: "وبعد متعلق بنصب" وجعله ابن المصنف حالًا من مفعوله المحذوف أي: نصب الفعل واقعًا بعد ما ذكر. قوله: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ
441 | 463(1/439)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
36]، أو جواب طلب وهو إما أمر أو نهي أو دعاء أو استفهام أو عرض أوتحضيض أو تمن. فالأمر نحو: قوله:
1081-
يا ناقُ سِيرِي عَنْقًا فَسِيحًا إلى سُليمانَ فَنَسْتَرِيحا والنهي نحو: {لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ} [طه: 61]، وقوله:
لا يَخْدَعَنَّكَ مأثورٌ وإنْ قَدُمَتْ تِرائُهُ فيَحِقَّ الحزنُ والنَّدَمُ والدعاء نحو: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس: 88]، وقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فَيَمُوتُوا} أي: لا يحكم عليهم بالموت فيموتوا أي: لا يكون قضاء عليهم فموت لهم لانتفاء المسبب بانتفاء سببه وهو القضاء به, وإنما قدروا هذا التقدير فيه وفيما يأتي لاقتضاء أن المقدرة كون ما بعد الفاء مصدرًا, ولا يصح عطف الاسم على الفعل إلا في نحو: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ} [الأنعام: 95]، كما تقدم فلا بد أن يكون المعطوف عليه اسمًا والمصدر هو المناسب من بين أنواع الاسم. وهذا كما في المغني من العطف المسمى بالعطف على المعنى والعطف على التوهم فاعرفه. وفي قوله شيخنا والبعض استرواحًا بقول الشارح بعد على معنى ما تأتينا محدثًا أي: لا يقضى عليهم ميتين نظر لتصريحهم بأن ما بعد الفاء مسبب عما قبلها فيكون متأخرًا عنه, والحالية تقتضي خلاف ذلك ويمكن دفع هذا بأن يراد بالقضاء بالموت تعلق الإرادة به تنجيزًا فيما لا يزال والموت مقارن له وجودًا متأخر رتبة فتدبر. قوله: "أما أمر إلخ" أي: أو ترج كما يأتي فالجملة مع النفي المتقدم تسعة مجموعة في قول بعضهم:
مروانه وادع وسل واعرض لحضهم تمن وارج كذاك النفي قد كملا والفرق بين العرض والتحضيض أن الأول الطلب بلين ورفق والثاني الطلب بحث وإزعاج. قوله: "أو استفهام" أي: بأي أداة كانت, وقد يحذف السبب بعد الاستفهام لوضوح المعنى نحو: متى فأسير معك أي: متى تسير. قوله: "يا ناق إلخ" ناق مرخم ناقة, والعنق بفتحتين ضرب من السير أي: ليكن منك سير فاستراحة وكذا يقال فيما يأتي. قوله: "فيسحتكم" بضم الياء وكسر الحاء أو بتفحهما أي: يهلككم. قوله: "لا يخدعنك مأثور إلخ" المأثور بالمثلثة المال المتروك والتراث الوراث فأبدلت الواو تاء ولعل معنى وإن قدمت تراثة رأى وإن تقادمت وارثوه من غيرهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1081- الرجز لأبي النجم في الدرر 3/ 52، 4/ 79؛ والرد على النحاة ص123؛ وشرح التصريح 2/ 239؛ والكتاب 3/ 35؛ ولسان العرب 3/ 83 "نفخ"؛ والمقاصد النحوية 4/ 387؛ وهمع الهوامع 2/ 10؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 182؛ ورصف المباني ص381؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 270، 274؛ وشرح شذور الذهب ص394؛ وشرح ابن عقيل ص570؛ وشرح قطر الندى ص71؛ وشرح المفصل 7/ 26؛ واللمع في العربية ص210؛ والمقتضب 2/ 14؛ وهمع الهوامع 1/ 182.
442 | 463(1/440)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1082-
رَبِّ وَفْقِّنِي فلا أعْدِلَ عَن نن الساعينَ في خيرِ سَنِنْ وقوله:
1083-
فيا رَبِّ عَجَّل ما أُؤَمِّلُ منهُمُ فَيَدْفَأَ مَقْرورٌ ويَشْبَعَ مُزْمِلُ والاستفهام نحو: {فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا} [الأعراف: 53] وقوله:
1084-
هل تَعْرفونَ لُبَاناتي فَأرْجُوَ أنْ تُقْضَى فَيُرْتَدَّ بعضُ الروحِ للجَسَدِ والعرض نحو: قوله:
1085-
يابنَ الكرامِ لا تَدْنُو فَتُبْصِر ما قد حَدَّثوكَ فما راءَ كمَنْ سَمِعا والتحضيض نحو: {لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} [المنافقون: 10] وقوله:
1086-
لولا تَعْوجِينَ يا سلمى على دَنِفٍ فَتُحْمِدِي نارَ وَجْدٍ كادَ يُفْنِيهِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو باق عندهم فإنه لا ينفع. قوله: "سنن" بفتحتين أي: طريق. قوله: "فيدفأ مقرور إلخ" المقرور بالقاف البردان والمرمل العادم للقوت. قوله: "لباناتي" جع لبانة بضم اللام وهي الحاجة, وإنما قال بعض الروح؛ لأن الارتداد مرتب على الرجاء وقد لا يتحقق المرجو.
قوله: "فأصدق وأكون من الصالحين" وقرئ وأكن بالجزم عطفًا على محل فأصدق بناء على أن جواب الطلب المقرون بالفاء معها في محل جزم بجعل المصدر المسبوك من أن وصلتها مبتدأ حذف خبره, والجملة جواب شرط مقدر أي: إن أخرتني فتصدق ثابت وأكن. وضعفه في المغني قال: والتحقيق أنه عطف على فأصدق بتقدير سقوط الفاء وجزم أصدق ويسمى العطف على المعنى أي: العطف الملحوظ فيه المعنى؛ لأن المعنى أخرني أصدق, ثم قال: ويقال له في غير القرآن العطف على التوهم أي: تأدبًا وعلى الثاني مشى في الإتقان نقلًا عن الخليل وسيبويه وفي التسهيل فقال:
وقد يجزم المعطوف على ما قرن بالفاء اللازم لسقوطها ا. هـ. قال الدماميني: كقراءة أبي عمرو {لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ} ثم قال: والجزم في ذلك على توهم وتقدير سقوط الفاء. قوله: "لولا تعوجين" أي: تعطفين. قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1082- البيت من الرمل، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 80؛ وشرح شذور الذهب ص396؛ وشرح ابن عقيل ص571؛ وشرح قطر الندى ص72 والمقاصد النحوية 4/ 388؛ وهمع الهوامع 2/ 11.
1083- البيت من الطويل.
1084- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في شرح قطر الندى ص73؛ والمقاصد النحوية 4/ 388.
1085- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 82؛ وشرح التصريح 2/ 239؛ وشرح شذور الذهب ص398؛ وشرح ابن عقيل ص571؛ وشرح قطر الندى ص74؛ والمقاصد النحوية 4/ 389؛ وهمع الهوامع 2/ 12.
1086- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 82؛ وهمع الهوامع 2/ 12.
443 | 463(1/441)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والتمني نحو: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا} [النساء: 73] وقوله:
1087-
يا ليتَ أمَّ خُليدٍ واعَدَتْ فَوَفَتْ ودامَ لي ولها عمْرٌ فَنَصْطَحِبا واحترز بفاء الجواب عن الفاء التي لمجرد العطف نحو: ما تأتينا فتحدثنا؛ بمعنى ما تأتينا فما تحدثنا، فيكون الفعلان مقصودًا نفيهما, وبمعنى ما تأتينا فأنت تحدثنا على إضمار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"لمجرد العطف" يفيد أن فاء الجواب عاطفة أيضًا وهو كذلك على ما يأتي, واحترز أيضًا عن الفاء الاستثنائية كقوله:
ألم تسأل الربع القواء فينطق وهل يخبرنك اليوم بيداء سملق فإنها في فينطق للاستئناف أي: فهو ينطق وليست للعطف ولا للسببية إذ العطف يقتضي الجزم والسببية تقتضي النصب, وهو مرفوع ولو نصب لجاز لكن القوافي مرفوعة كذا قيل, وزيفه الدماميني بأن النصب مع السببية غالب لا لازم فقد ورد الرفع معها. كقوله تعالى: {وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات: 36]، ولعل مراده مع وجود السببية وإن لم تقصد بأن قصد مجرد العطف فلا ينافي لزوم النصب مع قصدها بدليل قول الشارح, وإذا قصد الجواب لم يكن الفعل إلا منصوبًا إلخ فإن قوله: أو على معنى إلخ إشارة إلى قصد السببية لكن قال في المغني: للرفع استئنافًا وجه آخر, وهو أن يكون على معنى السببية, وانتفاء الثاني لانتفاء الأول وهو أحد وجهي النصب وهو قليل جدا وعليه قوله:
ولقد تركت ضبية مرحومة لم تدر ما جزع عليك فتجزع أي: لم تعرف الجزع فلم تجزع وأجازه ابن خروف في قراءة عيسى بن عمر فيموتون والأعلم في قراءة السبعة, "وَلَا يُؤْذَنَ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ" وقد كان النصب ممكنًا
مثله في فيموتون لكن عدل عنه لتناسب الفواصل والمشهور في توجيهه أنه لم يقصد إلى معنى السببية بل إلى مجرد العطف على الفعل وإدخاله معه في سلك النفي, ولا يحسن حمل التنزيل على القليل جدا ا. هـ. باختصار والقواء الخالي والبيداء القفر والسملق الأرض التي لا تنبت شيئًا. قوله: "بمعنى ما تأتينا فما تحدثنا إلخ" قال شيخنا: ذكر على كل من الرفع والنصب وجهين: فالرفع على العطف أو الاستئناف والنصب على الحالية أو ترتب انتفاء الثاني على انتفاء الأول فتأمل ا. هـ. وكون الفاء على ثاني وجهي الرفع للاستئناف غير متعين بل يصح كونها لعطف جملة على جملة بل يعين كون هذا مراد الشارح فرضه الكلام في الفاء التي لمجرد العطف, حيث قال: واحترز بفاء الجواب عن الفاء التي لمجرد العطف فاعرفه. وقوله: على الحالية متابعة لقول الشارح على معنى ما تأتينا محدثًا وفيه ما أسلفناه سابقًا من النظر والتمحل عنه, وكان الأولى للشارح أن يقول على معنى ما تأتينا محدثا وفيه ما أسلفناه سابقا من النظر والتمحل عنه وكان الأولى للشارح أن يقول على معنى ما يكون منك إتيان يترتب عليه تحديث وحاصله جعل الثاني قيدًا للأول فينصب عليه النفي؛ لأن الغالب انصباب النفي على القيد فيصدق بثبوت المقيد وبانتفائه أيضًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1087- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في المقاصد النحوية 4/ 389.
444 | 463(1/442)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مبتدأ، فيكون المقصود نفي الأول وإثبات الثاني، وإذا قصد الجواب لم يكن الفعل إلا منصوبًا على معنى ما تأتينا محدثًا، فيكون المقصود نفي اجتماعهما أو على معنى ما تأتينا فكيف تحدثنا فيكون المقصود نفي الثاني لانتفاء الأول، واحترز بمحضين عن النفي الذي ليس بمحض وهو المنتقض بإلا والمتلو بنفي نحو: ما أنت تأتينا إلا فتحدثنا، ونحو: ما تزال تأتينا فتحدثنا، ومن الطلب الذي ليس بمحض وهو الطلب باسم الفعل و بالمصدر أو بما لفظه خبر نحو: صه فأكرمك، وحسبك الحديث فينام الناس، ونحو: سكوتًا فينام الناس،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فائدة: إذا قلت ما يليق بالله الظلم فيظلمنا فالفعلان منفيان وانتفاء الثاني مسبب عن انتفاء الأول فيجوز رفع الثاني على مجرد العطف أي: فما يظلمنا ونصبه على ترتب انتفاء الثاني على انتفاء الأول أي: فكيف يظلمنا, وإذا قلت ما يحكم الله تعالى بحكم فيجوز فالثاني فقط هو المنفي والنصب واجب على جعل الثاني قيدًا للأول أي: ما يكون منه حكم يترتب عليه جور.
قوله: "وبمعنى ما تأتينا" أي: في المستقبل فأنت تحدثنا أي: الآن وإلا فظاهره مشكل إذ لا يمكن أن يحدثه مع عدم الإتيان ا. هـ. زكريا وصوره البعض بأن يكون أحدهما على شط نهر والآخر على شطه الآخر. قوله: "فيكون المقصود نفي اجتماعهما" أي: لانصباب النفي حينئذ على المعطوف أي: ما يكون منك إتيان يعقبه تحديث أعم من أن ينتفي أصل الإتيان أيضًا, أو يثبت هذا مقتضى عبارة الشارح, ومقتضى عبارة المغني والرضي ثبوت أصل الإتيان على هذا المعنى. وعبارة الثاني ومعنى النفي في ما تأتينا فتحدثنا انتفى الإتيان فانتفى التحديث لانتفاء شرطه وهو الإتيان هذا هو القياس, ثم قال: ويجوز أن يكون النفي راجعًا إلى التحديث في الحقيقة لا إلى الإتيان أي: ما يكون منك إتيان بعده تحديث وإن حصل مطلق الإتيان وعلى هذا المعنى ليس في الفاء معنى السببية, لكن انتصب الفعل عليه تشبيهًا بفاء السببية ا. هـ.
قوله: "أو على معنى ما تأتينا فكيف تحدثنا" هذا المثال وإن صح فيه المعنيان المذكوران لكن ليس كل مثال كذلك فقد قال في المغني: وعلى المعنى الأول يعني الثاني من وجهي قصد الجواب في كلام الشارح جاء قوله سبحانه وتعالى: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} [فاطر: 36]، أي: فكيف يموتون ويمتنع أن يكون على الثاني يعني الأول في كلام الشارح إذ يمتنع أن يقضى عليهم ولا يموتوا ا. هـ. وهذا أيضًا يعكر على ما سبق عن شيخنا والبعض من قولهما في الآية أي: لا يقضى عليهم ميتين. قوله: "وهو الطلب باسم الفعل" إنما لم يكن محضًا؛ لأنه ليس موضوعًا للطلب بناء على الصحيح أنه موضوع للفظ الفعل, وكذا على أنه موضوع للحدث أما على أنه موضوع لمعنى الفعل فمشكل أفاده سم. قوله: "أو بالمصدر" أي: الواقع بدلًا من اللفظ بفعله, قال ابن هشام: ألحق أن المصدر الصريح إذا كان للطلب ينصب ما بعده سيوطي. قوله: "وحسبك الحديث" مقتضاه أن حسب اسم فعل أمر وليس كذلك؛ لأن حسب إما اسم فعل مضارع بمعنى يكفي فضمته بناء وإما اسم فاعل بمعنى كاف فضمته إعراب فكان ينبغي تأخير هذا
445 | 463(1/443)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ونحو: رزقني الله مالًا فأنفقه في الخير، فلا يكون لشيء من ذلك جواب منصوب. وسيأتي التنبيه على خلاف في بعض ذلك.
تنبيهات: الأول مما مثل به في شرح الكافية لجواب النفي المنتقض ما قام فيأكل إلا طعامه، قال ومنه قول الشاعر:
1088-
وما قامَ منّا قائمٌ في نَدِيِّنا فينطِقُ إلا بالتي هي أَعْرَفُ وتبعه الشارح في التمثيل بذلك، واعترضهما المرادي وقال: إن النفي إذا انتقض بإلا بعد الفاء جاز النصب، نص على ذلك سيبويه. وعلى النصب أنشد:
فينطِقَ إلا بالتي هي أعرفُ الثاني قد تضمر أن بعد الفاء الواقعة بين مجزومي أداة شرط أو بعدهما أو بعد حصر بإنما اختيارًا نحو: إن تأتني فتحسن إلي أكافئك، ونحو: متى زرتني أحسن إليك فأكرمك، ونحو: {إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة: 117، آل عمران: 47، مريم: 35]، في قراءة من نصب، وبعد الحصر بإلا والخبر المثبت الخالي من الشرط اضطرارًا نحو: ما أنت إلا تأتينا فتحدثنا ونحو: قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المثال عما بعده؛ لأن حسبك الحديث جملة خبرية بمعنى الأمر أي: اكفف فهو من قبيل: رزقني الله مالًا إلخ. قوله: "في ندينا" الندى مجلس القوم ومتحدثهم ومناصلة قائم زكريا.
قوله: "جاز النصب" أي: والرفع كما في النكت وإنما جاز النصب؛ لأن الانتقاض إنما جاء بعد استحقاق الفعل النصب ويتفرع على ذلك ما إذا قلت ما جاءني أحد إلا زيد فأكرمه, فإن جعلت الهاء لأحد نصبت لتقدم الفعل في التقدير على انتقاض النفي, وإن جعلتها لزيد رفعت لتأخره عنه في التقدير. قوله: "قد تضمران إلخ" سيذكره المصنف في الجوازم بقوله:
والفعل من بعد الجزاء إن يقترن إلخ وهناك بسطه. قوله: "ونحو: إذا قضى أمرًا إلخ" إنما لم يجعل منصوبًا في جواب كن؛ لأنه ليس هناك قول كن حقيقة بل هي كناية عن تعلق القدرة تنجيزًا بوجود الشيء ولما سيأتي عن ابن هشام من أنه لا يجوز توافق الجواب والمجاب في الفعل والفاعل, بل لا بد من اختلافهما فيهما أو أحدهما فلا يقال قم تقم, وبعضهم جعله منصوبًا في جوابه نظرًا إلى وجوب الصيغ في هذه الصورة ويرد ما ذكرناه عن ابن هشام. قوله: "اضطرارًا" راجع للأمرين قبله فقوله نحو: ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1088- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 2/ 29؛ وجمهرة أشعار العرب ص887؛ وخزانة الأدب 8/ 540، 541، 542؛ والرد على النحاة ص154؛
وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص535؛ والكتاب 3/ 32؛ والمقاصد النحوية
4/ 390؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص71.
446 | 463(1/444)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1089-
سأتْرُكَ مَنْزِلي لبَنِي تميمٍ وأَلحَقُ بالحجازِ فأَسْتَرِيحا الثالث يلحق بالنفي التشبيه الواقع موقعه نحو: كأنك وال علينا فتشتمنا أي: ما أنت وال علينا ذكره في التسهيل, وقال في شرح الكافية: إن غيرًا قد تفيد نفيًا فيكون لها جواب منصوب كالنفي الصريح، فيقال غير قائم الزيدان فتكرمهما أشار إلى ذلك ابن السراج، ثم قال: ولا يجوز هذا عندي. قلت وهو عندي جائز والله أعلم. هذا كلامه بحروفه. الرابع ذهب بعض الكوفيين إلى أن ما بعد الفاء منصوب بالمخالفة, وبعضهم إلى أن الفاء هي الناصبة كما تقدم في أو, والصحيح مذهب البصريين؛ لأن الفاء عاطفة فلا عمل لها لكنها عطفت مصدرًا مقدرًا على مصدر متوهم، والتقدير في نحو: ما تأتينا فتحدثنا ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنت إلخ نظير للجائز في الشعر لا مثال، قوله: "يلحق بالنفي التشبيه إلخ" وفي التسهيل وشرحه للدماميني ما نصه وربما نفى بقد فنصب الجواب بعدها ذكر ذلك ابن سيده صاحب المحكم. وحكى عن بعض الفصحاء قد كنت في خير فتعرفه يريد ما كنت في خير فتعرفه ا. هـ. قوله: "غير قائم الزيدان" أي: ما قائم الزيدان, فليس المعتبر في غير هنا مجرد المغايرة. قوله: "بالمخالفة" قال الفارضي: لأن الثاني خبر والأول ليس بخبر؛ لأنه إما نفي أو طلب فلما خالفه في المعنى خالفه في الإعراب ونقض بنحو: ما جاء زيد لكن عمرو وجاء زيد لا عمرو فقد خالف الثاني الأول في المعنى ولم يخالفه في الإعراب ا. هـ. ومراده بالخبر ما ليس نفيًا ولا طلبًا.
قوله: "إلى أن الفاء هي الناصبة" عبارة الفارضي وعن الجرمي النصب هنا بالفاء والواو ورد بأنهما عاطفان وحرف العطف لا يعمل لعدم اختصاصه. قوله: "لأن الفاء عاطفة إلخ" ولذا امتنع عندهم تقديم الجواب على سببه نحو: ما زيد فنكرمه يأتينا, وأجازه الكوفيون إذ الفاء عندهم ليست للعطف ومذهبهم جواز تقديم جواب الشرط على الشرط دماميني. قوله: "لكنها إلخ" استدراك على قوله عاطفة دفع به توهم أنها عطفت صريحًا على صريح. قوله: "عطفت مصدرًا إلخ" استشكله الرضي بأن فاء العطف لا تكون للسببية إلا إذا عطفت جملة على جملة, واختار هو جعلها للسببية فقط لا للعطف. قال: وإنما نصبوا ما بعدها تنبيهًا على تسببه عما قبلها وعدم عطفه عليه إذ المضارع المنصوب بأن مفرد وما قبل الفاء المذكورة جملة فيكون ما بعد الفاء مبتدأ محذوف الخبر وجوبًا ا. هـ. وقوله جملة على جملة أي: أو صفة على صفة كما بيناه في باب العطف وللجماعة دفع الاستشكال بمنع الحصر وإلحاق المصادر بالجمل والصفات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1089- البيت من الوافر، وهو للمغيرة بن حيناء في خزانة الأدب 8/ 522؛ والدرر 1/ 240، 4/ 79؛ وشرح شواهد الإيضاح ص251؛ وشرح شواهد المغني ص497؛ والمقاصد النحوية 4/ 390؛ وبلا نسبة في الدرر 5/ 130؛ والرد على النحاة ص125؛ ورصف المباني ص379؛ وشرح شذور الذهب ص389؛ وشرح المفصل 7/ 55؛ والكتاب 3/ 39، 92؛ المحتسب 1/ 197؛ ومغني اللبيب 10/ 175؛ والمقتضب 2/ 24؛ والمقرب 1/ 263.
447 | 463(1/445)
إعراب الفعل
والواوُ كالفا إنْ تُفِد مفهومَ مَعْ كلا تَكُنْ جَلدًا وتُظهِرَ الجَزَعْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يكون منك إتيان فتحديث، وكذا يقدر في جميع المواضع. الخامس شرط في التسهيل في نصب جواب الاستفهام أن لا تضمن وقوع الفعل احترازًا من نحو: لم ضربت زيدًا فيجازيك؛ لأن الضرب قد وقع فلم يمكن سبك مصدر مستقبل منه، وهو مذهب أبي علي، ولم يشترط ذلك المغاربة. وحكى ابن كيسان أين ذهب زيد فنتبعه بالنصب مع أن الفعل في ذلك محقق الوقوع، وإذا لم يمكن سبك مصدر مستقبل من الجملة سبكناه من لازمها، فالتقدير ليكن منك إعلام بذهاب زيد فاتباع منا "والواو كالفا" في جميع ما تقدم "إن تفد مفهوم مع" أي: بقصد بها المصاحبة "كلا تكن جلدًا وتظهر الجزع" أي: لا تجمع بين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وكذا يقدر في جميع المواضع" يؤخذ منه أنه يشترط في النصب أن يتقدم على الفاء ما يتصيد منه مصدر من فعل أو شبهه وهو كذلك, فقد قال السيوطي: يشترط أن لا يكون المتقدم جملة اسمية خبرها جامد فإن كان نحو: ما أنت زيد فنكرمك امتنع النصب وتعين القطع أو العطف والقطع أحسن؛ لأن العطف ضعيف لعدم المشاكلة من حيث إنه عطف فعلية على اسمية ا. هـ. ومراد بالقطع الاستئناف, وقال في محل آخر: يتعين الرفع في نحو: هل أخوك زيد فنكرمه بخلاف نحو: أفي الدار زيد فنكرمه أو أزيد منا فنكرمه لنيابة الجار والمجرور مناب الفعل. قوله: "وقوع الفعل" أي: في الزمن الماضي. قوله: "فالتقدير" أي: في المثال الثاني وأما التقدير في الأول ليكن منك إعلام بسبب ضرب زيد فمجازاة لك منه. قوله: "إعلام بذهاب زيد" أي: بمكان ذهاب زيد؛ لأن المكان هو المجهول المسئول عنه. قوله: "والواو كالفا" ألحق الكوفيون بهما ثم في قوله -صلى الله عليه وسلم: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه" وضعف بأنه يصير المعنى على النصب النهي عن الجمع بين البول والاغتسال فيقتضي أن البول في الماء الدائم بلا غسل منه غير داخل تحت النهي, وليس كذلك, وأجاب في المغني بأن اعتبار المفهوم محله إذا لم يصد عنه دليل, والدليل هنا قام على إلغائه وجوز ابن مالك وغيره في الحديث الرفع على الاستئناف لا العطف وإلا لزم عطف الخبر على الإنشاء ويؤخذ من هذا أن ثم تكون استئنافية وبه صرح صاحب رصف المباني قاله الدماميني.
قوله: "إن تفد مفهوم مع" أي: مع العطف فلا ينافي ما صرحوا به من أنها عاطفة مصدرًا مقدرًا على مصدر متوهم, قال في المغني: ويسمى الكوفيون هذه الواو واو الصرف ا. هـ. وخالف الرضي في كون الواو التي ينصب المضارع بعدها عاطفة فقال: لما قصدوا في واو الصرف معنى الجمعية نصبوا المضارع بعدها ليكون الصرف عن سنن الكلام المتقدم مرشدًا من أول الأمر, إلى أنها ليست للعطف فهي إذن, أما واو الحال وأكثر دخولها على الاسمية فالمضارع بعدها في تقدير مبتدأ محذوف الخبر وجوبًا, فمعنى قم وأقوم وقيامي ثابت أي: في حال ثبوت قيامي وأما بمعنى مع أي: قم مع قيامي كما قصدوا في المفعول معه مصاحبة الاسم للاسم فنصبوا ما بعد الواو, ولو جعلنا الواو عاطفة للمصدر على مصدر متصيد من الفعل قبله كما قال النحاة أي: ليكن قيام منك وقيام مني لم يكن فيه تنصيص على معنى الجمع ا. هـ. واستظهره الدماميني ودفع
448 | 463(1/446)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذين، وقد سمع النصب مع الواو في خمسة مما سمع مع الفاء: الأول النفي نحو: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 142]. الثاني الأمر نحو: قوله:
1090-
فقلتُ ادْعِي وأَدْعُو إنَّ أَنْدَى لصَوتِ أنْ يُنادِيَ داعيانِ الثالث النهي نحو: قوله:
1091-
لا تَنْهَ عن خُلُق وتأتي مِثلُهُ عارٌ عليكَ إذا فَعَلتَ عَظِيمُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
استشكال وجوب حذف الخبر مع عدم سد شيء مصدره بأن ذلك لكثرة الاستعمال.
قوله: "أي: يقصد بها المصاحبة" أي: لا التشريك بين الفعلين ويؤخذ من كلامه أن النصب بعدها ليس على معنى الجواب كما هو بعد الفاء, وهو كذلك خلافًا لمن زعمه, وقولهم: الواو تقع في جواب كذا فيه تجوز ظاهر أفاده زكريا عن المرادي. قوله: "جلدًا" الجلد من الرجال الصلب القوي على الشيء. قوله: "ولما يعلم الله إلخ" الخطاب بالآية لجماعة جاهدوا ولم يصبروا على ما أصابهم وطمعوا مع ذلك في دخول الجنة مع أن الطمع في ذلك إنما ينبغي إذا اجتمع مع الجهاد الصبر, فالمعنى بل حسبتم أن تدخلوا الجنة ولم يكن لله علم بجهادكم مصاحب للعلم بصبركم أي: ولم يجتمع علمه بجهادكم وعلمه بصبركم لعدم وقوع صبركم, وإذا لم يقع صبرهم لم يعلم الله تعالى بوقوعه؛ لأن علم غير الواقع واقعًا جهل. وإذا انتفى عنه تعالى هذا العلم انتفى عنه العلم المصاحب له فلا ينافي هذا ما قرره من تعلق علمه تعالى بالمعدوم؛ لأن معنى تعلقه بالمعدوم أنه تعالى يلعم عدمه لا وقوعه.
قوله: "فقلت ادعى" أصله ادعوى بضم العين فلما حذفت الواو لالتقائها ساكنة مع الياء بعد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1090- البيت من الوافر، وهو للأعشى في الدرر 4/ 85؛ والرد على النحاة ص128، والكتاب 3/ 45؛ وليس في ديوانه؛ وللفرزدق في أمالي القالي 2/ 90؛ وليس في ديوانه؛ ولدثار بن شيبان الثمري في الأغاني 2/ 159؛ وسمط اللآلي ص726؛ ولسان العرب 15/ 316 "ندى"؛ وللأعشى أو للحطيئة أو لربيعة بن جشم في شرح المفصل 7/ 35؛ ولأحد هؤلاء الثلاثة أو لدثار بن شيبان في شرح التصريح 2/ 239؛ وشرح شواهد المغني 2/ 827؛ والمقاصد النحوية 4/ 392؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 2/ 864؛ والإنصاف 2/ 531؛ وأوضح المسالك4/ 182؛ وجواهر الأدب ص167؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 392؛ وشرح شذور الذهب ص401؛ وشرح ابن عقيل ص573؛ وشرح عمدة الحافظ ص341؛ ولسان العرب 12/ 560 "لوم"؛ ومجالس ثعلب 2/ 524؛ ومغني اللبيب 1/ 397؛ وهمع الهوامع 2/ 13.
1091- البيت من الكامل، وهو لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه ص404؛ والأزهية ص234؛ وشرح التصريح 2/ 238؛ وشرح شذور الذهب ص310؛ وهمع الهوامع 2/ 13؛ وللمتوكل الليثي في الأغاني 12/ 156؛ وحماسة البحتري ص117؛ والعقد الفريد 2/ 311؛ والمؤتلف والمختلف ص179؛ ولأبي الأسود أو للمتوكل في لسان العرب 7/ 447 "عظظ"؛ ولأحدهما أو للأخطل في شرح شواهد الإيضاح ص252؛ ولأبي الأسود أو للأخطل أو للمتوكل الكناني في الدرر 4/ 86؛ والمقاصد النحوية 4/ 393؛ ولأحد هؤلاء =
449 | 463(1/447)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرابع الاستفهام نحو قوله:
1092-
أُتَبِيتُ رَبَّانَ الجفُونِ من الكَرَى وأَبَيتُ منك بليلةِ المَلسوعِ وقوله:
1093- ألم أكُ جارَكم ويكونَ بَيْنِي
وبينكُمُ المودَّةُ والإخاءُ
الخامس التمني نحو: {يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنعام: 27] في قراءة حمزة وحفص. وقس الباقي, قال ابن السراج: الواو ينصب ما بعدها في غير الموجب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حذف حركة الواو استثقالًا لها كسرت العين لمناسبة الياء ويجوز في الهمزة نظرًا لضم العين في الأصل والكسر نظرًا لكسرها الآن أفاده الإسقاطي على ابن عقيل, وقوله: إن أندى من الندى بفتح النون والدال مقصورًا وهو بعد ذهاب الصوت ا. هـ. زكريا. واللام في لصوت زائدة بين المتضايفين على ما يؤخذ من العيني ولا حاجة إليه لصحة كون المعنى أن أبعد ذهاب لصوت كما قاله الدماميني والشمني. قوله: "أتبيت إلخ" التاء في الفعلين لام الكلمة والخطاب في الأول مستفاد من تاء المضارعة والتكلم في الثاني من الهمزة فاستشكال من قال كيف ضم التاء من تبيت وهو للمخاطب وفتحها من أبيت وهو للمتكلم غلط, والكرى النوم وشبهه بالماء في أن بكل راحة النفس واستعاره له بالكناية, وريان تخييل والباء في بليلة الملسوع بمعنى في وليلة الملسوع كناية عن ليلة السهر. قوله: "ألم أك جاركم إلخ" الاستفهام للتقرير وتقدم ما فيه. قوله: "في قراءة حمزة وحفص" بنصب نكذب ونكون ووافقهما ابن عامر في الثاني. قوله: "وقس الباقي" وهو الدعاء والعرض والتحضيض والترجي, وقال أبو حيان: لا ينبغي أن يقدم على ذلك إلا بسماع.
قوله: "في غير الموجب" أي: غير الخبر المثبت وغيره هو النفي والطلب وقوله: من حيث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= أو للمتوكل الليثي أو للطرماح أو للسابق البربري في خزانة الأدب 8/ 564، 567؛ وللأخطل في الرد على النحاة ص127؛ وشرح المفصل 7/ 24؛ والكتاب 3/ 42؛ ولحسان بن ثابت في شرح أبيات سيبويه 2/ 188؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 6/ 294؛ وأمالي ابن الحاجب 2/ 864؛ وأوضح المسالك 4/ 181؛ وجواهر الأدب ص168؛ والجنى الداني ص157؛ ورصف المباني ص424؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص535؛ وشرح ابن عقيل ص573؛ وشرح عمدة الحافظ ص342؛ وشرح قطر الندى ص77؛ ولسان العرب 15/ 489 "وا"؛ ومغني اللبيب 2/ 361؛ والمقتضب 2/ 26.
1092- البيت من الكامل، وهو للشريف الرضي في ديوانه 1/ 497؛ وحاشية الشيخ ليس 1/ 184؛ والدرر 4/ 87؛ وللشريف المرتضى في مغني اللبيب 2/ 668؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 2/ 13.
1093- البيت من الوافر، وهو للحطيئة في ديوانه ص54؛ والدرر 4/ 88؛ والرد على النحاة ص128/ وشرح أبيات سيبويه 2/ 73؛ وشرح شذور الذهب ص403؛ وشرح شواهد المغني ص950؛ وشرح ابن عقيل ص574؛ والكتاب 3/ 43؛ ومغني اللبيب ص669؛ والمقاصد النحوية 4/ 417؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص168؛ ورصف المباني ص47؛ وشرح قطر الندى ص76؛ والمقتضب 2/ 27؛ وهمع الهوامع 2/ 13.
450 | 463(1/448)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من حيث انتصب ما بعد الفاء، وإنما يكون كذلك إذا لم ترد الاشتراك بين الفعل والفعل، وأردت عطف الفعل على مصدر الفعل الذي قبلها كما كان في الفاء وأضمرت أن، وتكون الواو في هذا بمعنى مع فقط، ولا بد مع هذا الذي ذكره من رعاية أن لا يكون الفعل بعد الواو مبنيا على مبتدأ محذوف؛ لأنه متى كان كذلك وجب رفعه، ومن ثم جاز فيما بعد الواو من نحو: لا تأكل السمك وتشرب اللبن ثلاثة أوجه: الجزم على التشريك بين الفعلين في النهي، والنصب على النهي عن الجمع، والرفع على ذلك المعنى، ولكن على تقدير وأنت تشرب اللبن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلخ من بمعنى في وهو كما قال شيخنا: بدل من غير الموجب أي: في الأمكنة التي ينتصب فيها ما بعد الفاء، قوله: "عطف الفعل" فيه تسمح إذ المعطوف أن والفعل المؤولان بالمصدر لكن لما كان الموجود في اللفظ الفعل فقط اقتصر عليه وبهذا يعلم ما في كلام البعض. قوله: "بمعنى مع فقط" أي: للمصاحبة دون الاشتراك بين الفعلين وإلا فهي للعطف أيضا كما سبق وكما يدل عليه قوله: وأردت عطف الفعل إلخ. قوله: "ولا بد مع هذا إلخ" هذا علم من قول ابن السراج وأردت عطف الفعل على مصدر الفعل الذي قبلها ا. هـ. زكريا أي: فليس زائدًا على كلام ابن السراج كما يقتضيه كلام الشارح, بقي أن رفع ما بعد الواو استئنافًا لإباحته بعد النهي عما قبلها لا يتوقف على تقدير مبتدأ فما الداعي إلى تقديره, ثم رأيت في شرح الدماميني عند قول المغني: أجرى ابن مالك ثم مجرى الفاء والواو بعد الطلب فأجاز في قوله -صلى الله عليه وسلم: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه" ثلاثة أوجه الرفع بتقدير ثم هو يغتسل فيه وبه جاءت الرواية والجزم بالعطف على موضع فعل النهي والنصب بأن مضمرة ما نصه تقدير هو ليس لأجل كونه متعينًا وإنما هو لتحقيق كون الكلام مستأنفًا كما جرت به عادة النحاة عند الاستئناف ا. هـ.
قوله: "على التشريك بين الفعلين في النهي" أي: على النهي عن كل منهما كما عبر به في المغني وغيره, قال الدماميني: ولي فيه نظر إذ لا موجب لتعين أن يكون المراد النهي عن كل منهما بل يحتمل أن المراد النهي عن الجمع بينهما كما قالوا إذا قلت ما جاءني زيد وعمرو احتمل أن المراد نفي كل منهما على كل حال وأن المراد نفي اجتماعهما في وقت المجيء فإذا جيء بلا صار الكلام نصا في المعنى الأول فكذا إذا قلت لا تضرب زيدًا وعمرًا احتمل تعلق النهي بكل منهما مطلقًا وتعلقه بهما على معنى الاجتماع ولا يتعين الأول إلا بلا ولا فرق في ذلك بين الاسم والفعل. قال الشمني: يرتفع هذا النظر بأن معنى قولهم النهي عن كل منهما أي: ظاهرًا فلا ينافي احتمال النهي عن الجمع بينهما.
قوله: "على ذلك المعنى" أي: بناء ما بعد الواو على مبتدأ محذوف ولا موقع للاستدراك بعد بل كان عليه أن يحذفه أو يبدله بقوله: وهو تقدير إلخ ولا يصح رجوع الإشارة إلى النهي عن الجمع؛ لأنه يمنع منه كون الإشارة للبعيد وكون الرفع على النهي عن الأول وإباحة الثاني لا على النهي عن الجمع اللهم إلا أن يكون هذا توجيهًا للرفع غير المشهور وعليه تكون الواو للحال لا
451 | 463(1/449)
إعراب الفعل
وبعدَ غيرِ النفي جَزمًا اعْتَمدْ إنْ تَسْقُطِ الفاء والجزاءُ قد قُصِدْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: الخلاف في الواو كالخلاف في الفاء وقد تقدم "وبعد غير النفي جزما اعتمد" جزمًا مفعول به مقدم أي: اعتمد الجزم "إن تسقط الفاء والجزاء قد قصد" أي: انفردت الفاء عن الواو بأن الفعل بعدها ينجزم عند سقوطها بشرط أن يقصدك الجزاء. وذلك بعد الطلب بأنواعه كقوله:
1094-
قِفا نَبْكِ من ذِكرى حَبيبٍ ومَنْزِلِ وكذا بقية الأمثلة. أما النفي فلا يجزم جوابه؛ لأنه يقتضي تحقق عدم الوقوع كما يقتضي الإيجاب تحقق الوقوع، فلا يجزم بعده كما لا يجزم بعد الإيجاب، ولذلك قال: وبعد غير النفي. واحترز بقوله: والجزاء قد قصد عما إذا لم يقصد الجزاء فإنه لا يجزم بل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للاستئناف ثم رأيت صاحب المغني نقل هذا عن ابن الناظم وبحث فيه وعبارته وإن رفعت فالمشهور أنه نهى عن الأول وإباحته للثاني وأن المعنى ولك شرب اللبن وتوجيهه أنه مستأنف فلم يتوجه إليه حرف النهي. وقال بدر الدين بن مالك: إن معناه كمعنى وجه النصب ولكنه على تقدير لا تأكل السمك وأنت تشرب اللبن ا. هـ. وكأنه قدر الواو للحال وفيه بعد لدخولها في اللفظ على المضارع المثبت ثم هو مخالف لقولهم إذا جعلوا لكل من أوجه الإعراب معنى ا. هـ. بالحرف.
قوله: "وبعد غير النفي" قال السيوطي نقلًا عن ابن هشام: ينبغي أن يسثنى أيضًا لو التي للتمني في نحو: فلو أن لنا كرة فنكون ووجهه أن أشرابها التمني طارئ عليها فلذا لم يسمع الجزم بعدها ا. هـ. وغير النفي هو الطلب. قوله: "أن تسقط الفا" أي: لم توجد مع الفعل والسقوط بهذا المعنى لا يستدعي سبق الوجود. قوله: "والجزاء قد قصد" بأن تقدره مسببًا عن الطلب المتقدم كما أن جزاء الشرط مسبب عن فعل الشرط ا. هـ. تصريح والواو في الجزاء قد قصد حالية.
قوله: "وكذا بقية الأمثلة" نحو: لا تعص الله يدخلك الجنة ويا رب وفقني أطعك وهل تزورني أزرك وليت لي ما لا أنفقه ولا تنزل تصب خيرًا ولولا تجيء أكرمك ولعلك تقدم أحسن إليك. قوله: "فلا يجزم جوابه" أي: على الصحيح خلافًا للزجاج كما في الهمع. قوله: "كما لا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1094- عجزه:
بسقط اللِّوى بين الدخولِ فحَوْمَلِ والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص8؛ والأزهية ص244، 245؛ وجمهرة اللغة ص567؛ والجنى الداني ص63، 64؛ وخزانة الأدب 1/ 332، 3/ 224؛ والدرر 6/ 71؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 501؛ وشرح شواهد الشافية ص242؛ وشرح شواهد المغني 1/ 463؛ والكتاب 4/ 205؛ ولسان العرب 15/ 209 "قوا"؛ ومجالس ثعلب ص127؛ وهمع الهوامع 2/ 129؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 656؛ وأوضح المسالك 3/ 359؛ وجمهرة اللغة ص580؛ وخزانة الأدب 11/ 6؛ والدرر 6/ 82؛ ورصف المباني ص353؛ وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 316؛ وشرح قطر الندى ص80؛ والصاحبي في فقه اللغة ص110؛ ومغني اللبيب 1/ 161، 266؛ والمنصف 1/ 224؛ وهمع الهوامع 2/ 131.
452 | 463(1/450)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برفع: إما مقصودًا به الوصف نحو: ليت لي مالًا أنفق منه، أو الحال أو الاستئناف، ويحتملهما قوله تعالى: {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا} [طه: 77]، وقوله:
1095-
كُرُّوا إلى حَرَّتَيْكُمُ تَعْمُرونَهُما كما تَكُرُّ إلى أوطانِها البَقَرُ تنبيهان: الأول قال في شرح الكافية: الجزم عند التعري من الفاء جائز بإجمال الثاني: اختلف في جازم الفعل حينئذ: فقيل إن لفظ الطلب ضمن معنى حرف الشرط فجزم، وإليه ذهب ابن خروف واختاره المصنف ونسبه إلى الخليل وسيبويه. وقيل إن الأمر والنهي وباقيها نابت عن الشرط: أي: حذفت جملة الشرط وأنيبت هذه في العمل منابها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يجزم إلخ" ففيه حمل الشيء على نقيضه. قوله: "إما مقصودًا به الوصف" يتعين إن كان قبل الفعل نكرة لا تصلح لمجيء الحال منها نحو: فهب لي من لدنك وليا يرثني في قراءة من رفع والمراد إرث العلم والنبوة فلا اعتراض بتخلف الإرث بموت يحيى في حياة زكريا عليهما الصلاة والسلام, وقوله: أو الحال يتعين إن كان قبله معرفة نحو: {ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} فإن كان قبله نكرة تصلح لمجيء الحال منها احتمل الوصفية والحالية نحو: أكرم شخصًا من العلماء يقرأ وبهذا التقرير يعلم ما في كلام شيخنا والبعض من الإيهام.
قوله: "ويحتملهما" أي: الحال والاستئناف ومما يحتملهما قراءة ابن ذكوان "وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفُ" بالرفع قال الدماميني: وقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} [التوبة: 103]، يحتمل الأمرين المذكورين والنعت أيضًا. قوله: "كروا إلى حرتيكم إلخ" الكر الرجوع وبابه رد وحرتيكم تثنية حرة وهي أرض ذات حجارة سود ا. هـ. مختار. قوله: "جائز بإجماع" أي: وإنما الخلاف في عامله كما قال الثاني اختلف إلخ. قوله: "فقيل إن لفظ الطلب إلخ" حاصله أربعة أقوال على الأولين يكون العامل مذكورًا وهو لفظ الطلب إلا أنه على الأول لتضمنه معنى حرف الشرط وعلى الثاني لنيابته عنه وعلى الأخيرين يكون مقدرًا. قوله: "ضمن معنى حرف الشرط" كما أن أسماء الشرط إنما جزمت لذلك ا. هـ. تصريح ونوقش بأن تضمن الفعل معنى الحرف إما غير واقع أو غير كثير بخلاف تضمن الاسم معنى الحرف, وفي الهمع أن ابن عصفور رد هذا القول بأنه يقتضي كون العامل جملة ولا يوجد عامل جملة وأبا حيان بأن في تضمين ائتني مثلا معنى إن تأتني تضمين معنيين معنى أن ومعنى تأتني ولا يوجد في لسانهم تضمين معنيين مع أن معنى إن تأتني معنى غير طلبي فلو تضمنه فعل الطلب لكان الشيء الواحد طلبًا غير طلب ا. هـ. باختصار.
قوله: "ثابت عن الشرط إلخ" كما أن النصب بضربا في ضربا زيدًا لنيابته عن اضرب لا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1095- البيت من البسيط، وهو للأخطل في ديوانه ص176؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 87؛ والكتاب 3/ 99؛ ولسان العرب 13/ 451 "وطن"؛ ومعجم ما استعجم ص481؛ وبلا نسبة في المقرب 1/ 273.
453 | 463(1/451)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فجزمت. وهو مذهب الفارسي والسيرافي وابن عصفور. وقيل الجزم بشرط مقدر دل على الطلب، وإليه ذهب أكثر المتأخرين. وقيل الجزم بلام مقدرة فإذا قيل: ألا تنزل تصب خيرًا فمعناه لتصب خيرًا وهو ضعيف، ولا يطرد إلا بتجوز وتكلف والمختار القول الثالث لا ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لتضمنه معناه ورد بأن نائب الشيء يؤدي معناه والطلب لا يؤدي معنى الشرط إذا لا تعليق في الطلب بخلاف الشرط والأرجح في ضربا زيدًا أن زيدًا منصوب بالفعل المحذوف لا المصدر ا. هـ. تصريح وقد يمنع ما ذكره من ترجيح نصب زيدًا في ضربًا زيدًا بالفعل لا بالمصدر. قوله: "جملة الشرط" أي: أداته وفعله. قوله: "بشرط مقدر" أي: هو وفعله بعد الطلب لدلالته على الشرط وفعله والظاهر أنه يتعين تقدير إن؛ لأنها أم الأدوات بل صرحوا بأنه لا يحذف منه إلا هي.
قوله: "ولا يطرد إلا بتجوز وتكلف" بمنزلة التعليل للضعف أي: لأنه لا يستقيم من جهة المعنى في كل موضع إلا بتجوز وتكلف في بعض المواضع نحو: أكرمني أكرمك أما التجوز فلما قيل من أن أمر المتكلم نفسه إنما هو على التجوز بتنزيل نفسه منزلة الأجنبي وأما التكلف؛ فلأن دخول لام الأمر على فعل المتكلم قليل كما سيأتي فلا يحسن تخريج الكثير عليه ولا يرد على صاحب هذا ما سيأتي في الجوازم أن اللام إنما تجزم محذوفة اختيارًا بعد قول؛ لأنه لا يسلم هذا الحصر بل يقول بجزمها محذوفة اختيارًا قياسًا في جواب الطلب أيضًا ولم يفهم البعض مراد الشارح بالاطراد مع ظهوره فخطأه في قوله: إلا بتجوز وتكلف فقال قوله لا يطرد إلا بتجوز وتكلف أي: لا ينقاس في سائر المواضع؛ لأن اللام إنما تجزم محذوفة اختيارًا بعد قول كما سيأتي في الجوازم وكان الصواب حذف قوله إلا بتجوز وتكلف؛ لأنه لا معنى له فتأمل ا. هـ. وقد ظهر لك إن كان عندك أدنى تنبه أنه لم يخطئ إلا ابن أخت خالته.
قوله: "والمختار القول الثالث" أبطله المصنف بقوله تعالى: {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ} [إبراهيم: 31]، قال: لأن تقدير أداة الشرط يستلزم أن لا يتخلف أجد من المقول له ذلك عن الامتثال لكن التخلف واقع, قال الدماميني: وهذا مبني على أن الشرط والجزاء ملازمة عقلية وهو ممنوع قال بعض المتأخرين: يكفي الشرط في كونه شرطًا توقف الجزاء عليه وإن كان متوقفًا على أشياء أخر نحو: إن توضأت صحت صلاتك وأجاب ابن المصنف عن اعتراض والده بأن الحكم مسند إليهم على سبيل الإجمال لا إلى كل فرد فيحتمل أن يكون الأصل يقم أكثرهم ثم حذف المضاف وأنيب عنه المضاف إليه فارتفع واتصل بالفعل وباحتمال أنه ليس المراد بالعباد المؤمنين مطلقهم بل المخلصون منهم وكل مخلص قال له الرسول أقم الصلاة أقامها, وقال المبرد: التقدير: قل لهم أقيموا يقيموا فالجزم في جواب أقيموا المقدر لا في جواب قل ورده في المغني بأن الجواب لا بد أن يخالف المجاب إما في الفعل والفاعل نحو:
ائتني أكرمك أو في الفعل نحو: أسلم تدخل الجنة أو في الفاعل نحو: قم أقم ولا يجوز أن يتوافقا فيهما بقي شيء آخر يظهر لي وهو أن مقول قل في الآية على أن يقيموا مجزوم في جواب الأمر محذوف لدلالة الجواب عليه أي: قل لهم أقيموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناكم يقيموا إلخ إذ لا
454 | 463(1/452)
إعراب الفعل
وشَرْطُ جزمٍ بعد نَهي أنْ تَضَعْ إنْ قبلَ لا دونَ تخالُفٍ يَقَعْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذهب إليه المصف؛ لأن الشرط لا بد له من فعل, ولا جائز أن يكون هو الطلب بنفسه ولا مضمنًا له مع معنى حرف الشرط لما فيه من زيادة مخالفة الأصل، ولا مقدرًا بعده لامتناع إظهاره بدون حرف الشرط بخلاف إظهاره معه؛ ولأنه يستلزم أن يكون العامل جملة وذلك لا يوجد له نظير ا. هـ. "وشرط جزم بعد نهي" فيما مر أن يصح "إن تضع إن" الشرطية "قبل لا" النافية "دون تخالف" في المعنى "يقع" ومن ثم جاز لا تدن من الأسد تسلم، وامتنع لا تدن من الأسد يأكلك بالجزم خلافًا للكسائي. وأما قول الصحابي: يا رسول الله لا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يصح أن يكون هو الجواب؛ لأن مقول القول مفعول به للقول فلا يصح جوابًا له لوجوب استقلال الجواب, لكن هذا التقدير ظاهر على غير القول بأن جزم الجواب بلام أمر مقدرة أما عليه فيلزم تكرار الأمر بالإقامة والإنفاق لو قدرنا ذلك ويعجبني
ما ارتضاه المصنف في هذه الآية أن يقيموا مجزوم بلام أمر مقدرة من غير أن يكون جوابًا, فيكون مقول القول إلا أنه محكي بالمعنى إذ لو حكاه بلفظه لقال لتقيموا بتاء الخطاب فاحفظ هذا التحقيق.
قوله: "لأن الشرط" أي: أداته لا بد له إلخ, أجيب بأن هذا في الشرط التحقيقي لا التقديري الذي كلام المصنف فيه؛ لأن المصنف لم يجعله شرطًا حقيقة بل مضمنًا معناه. "أن يكون هو" أي: الفعل الطلب بنفسه؛ لأن الطلب لا يصلح لمباشرة الأداة. قوله: "ولا مضمنًا" معطوف على الطلب أي: ولا يجوز أن يكون هو أي: الفعل مضمنًا له أي: للطلب أي: مجعولًا في ضمن الطلب فعلم أن ما تكلفه شيخنا والبعض لا حاجة إليه. قوله: "لما فيه من زيادة مخالفة الأصل" وذلك؛ لأن تضمن الطلب معنى الحرف مخالف للأصل فتضمنه مع ذلك فعل الشرط فيه زيادة مخالفة للأصل. قوله: "بدون حرف الشرط" أي: وإنما يجوز تقديره إذا جاز إظهاره مع حرف الشرط؛ ولهذا قال بخلاف إظهاره معه وإنما لم يجز إظهار حرف الشرط هنا؛ لأن الطلب قد تضمن معناه فلا يصح إظهاره مع فعل الشرط.
قوله: "ولأنه" أي: ما ذهب إليه المصنف يستلزم أن يكون العامل جملة الطلب ويرد هذا على القول الثاني أيضًا, ولك أن تقول لا نسلم الاستلزام المذكور بل العامل على ما ذهب إليه المصنف وكذا على الثاني الفعل فقط لا الجملة فافهم. قوله: "فيما مر" أي: فيما إذا سقطت الفاء وقصد الجزاء. قوله" أن يصح" أشار به إلى أن الكلام على تقدير مضاف؛ لأن الشرط صحة وضع ما ذكر لا وضعه بالفعل ولهذا الشرط أجمع السبعة على الرفع في قوله تعالى: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: 6]، وأما قراءة الحسن البصري تستكثر بالجزم فعلى إبداله من تمنن لا على الجواب أو على أن المعنى تستكثر من الثواب أي: تزدد منه. قوله: "قبل لا النافة" وفي بعض النسخ لا الناهية وكل صحيح؛ لأنها قبل دخول إن ناهية وبعده نافية فتسميتها ناهية باعتبار الحالة الأولى وتسميتها نافية باعتبار الثانية أفاده الفارضي.
قوله: "دون تخالف" حال من إن والمراد بالتخالف بطلان المعنى. قوله: "خلافًا للكسائي" فإنه لم يشترط صحة دخول إن على لا وجوز الجزم في نحو: لا تدن من الأسد يأكلك بتقدير أن
455 | 463(1/453)
إعراب الفعل
والأَمرُ إنْ كانَ بغيرِ افعَل فلا تَنصِبْ جَوابَهُ وجَزْمَهُ اقْبَلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تشرف يصبك سهم، وقوله عليه الصلاة والسلام: "من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مسجدنا يؤذنا بريح الثوم" ، فجزمه على الإبدال من فعل النهي لا على الجواب، على أن الرواية المشهورة في الثاني يؤذينا بثبوت الياء.
تنبيهان: الأول قال في شرح الكافية: لم يخالف في الشرط المذكور غير الكسائي. وقال المرادي: وقد نسب ذلك إلى الكوفيين. الثاني: شرط الجزم بعد الأمر صحة وضع إن تفعل، كما أن شرطه بعد النهي صحة وضع إن لا تفعل، فيمتنع الجزم في نحو: أحسن إلي لا أحسن إليك، فإنه لا يجوز إن تحسن إلي لا أحسن إليك لكونه غير مناسب وكلام التسهيل يوهم إجراء خلاف الكسائي فيه ا. هـ. "والأمر إن كان بغير افعل" بأن كان بلفظ الخبر أو باسم فعل أو باسم غيره "فلا تنصب جوابه" مع الفاء كما تقدم "وجزمه اقبلا" عند حذفها. قال في شرح الكافية: بإجماع، وذلك نحو: قوله تعالى: {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ} [الصف: 11، 12]، وقوله: اتقي الله امرؤ فعل خيرًا يثب عليه. وقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تدن بغر نفي واحتج بنحو: الأثر والحديث الآتيين وسيأتي الجواب عنهما وبالقياس على النصب فإنه يجوز لا تدن من الأسد فيأكلك, ورد البصريون القياس بأنه لو صح القياس على النصب لصح الجزم بعد النفي قياسًا له على النصب. قال في التصريح: وفي الرد نظر فإن الكوفيين قائلون بجواز الجزم بعد النفي. قوله: "بريح الثوم" بضم المثلثة. قوله: "على الإبدال" أي: إبدال الاشتمال تصريح. قوله: "بعد الأمر" غير الأمر من أنواع الطلب غير النهي كالأمر في الشرط المذكور نحو: أين بيتك أزرك أي: إن تعرفنيه أزرك بخلاف أين بيتك أضرب زيدًا في السوق إذ لا معنى لقولك أن تعرفنيه أضرب زيدًا في السوق وقس الباقي نقله شيخنا عن بعضهم. قوله: "يوهم إجراء إلخ" قال الدماميني: فيجوز عنده أي: الكسائي أسلم تدخل النار بمعنى إن لم تسلم تدخل النار وبجريان خلاف الكسائي فيه أيضًا صرح صاحب الهمع والرضي مقيدًا تجويزه في القسمين بقيام القرينة.
قوله: "فلا تنصب جوابه" أي: عند الأكثرين كما سيذكره الشارح فلا نصب في نحو: صه فأحسن إليك ونزل فتصيب خيرًا بل يجب الرفع إذ لا يتصيد من اسم الفعل مصدر يعطف عليه ما بعد الفاء لو نصب لجمود اسم الفعل غالبًا. قوله: "مع الفاء" قيد بها مع أن الواو كذلك لأجل قوله: وجزمه اقبلا فإن الجزم خاص بما إذا كان الساقط الفاء كما مر في قوله: وجزمًا اعتمد. أن تسقط الفاء. إلخ. قوله: " {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} إلخ" هذا هو صواب التلاوة وفي بعض النسخ زيادة من وهي غير صواب والجزم في جواب تؤمنون وتجاهدون؛ لأنهما بمعنى الأمر لا في جواب الاستفهام؛ لأن غفران الذنوب لا يتسبب عن الدلالة بل عن الإيمان والجهاد وقيل الجزم في جوابه تنزيلًا للسبب منزلة المسبب وهو الامتثال.
456 | 463(1/454)
إعراب الفعل
والفعلُ بعدَ الفاءِ في الرَّجا نُصِبْ كنصْبِ ما إلى التمَنِّي يَنْتَسِبْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1096-
مَكانَكِ تُحْمَدِي أو تَسْتَرِيحي وقولهم: حسبك الحديث ينم الناس، فإن المعنى: آمنوا، وليتق، واثبتي، واكفف.
تنبيهان: الأول أجاز الكسائي النصب بعد الفاء المجاب بها اسم فعل أمر نحو: صه، أو خبر بمعنى الأمر نحو: حسبك. وذكر في شرح الكافية أن الكسائي انفرد بجواز ذلك، لكن أجازه ابن عصفور في جواب نزال ونحوه من اسم الفعل المشتق وحكاه ابن هشام عن ابن جني، فالذي انفرد به الكسائي ما سوى ذلك. الثاني أجاز الكسائي أيضًا نصب جواب الدعاء المدلول عليه بالخبر نحو: غفر الله لزيد فيدخله الجنة "والفعل بعد الفاء في الرجا نصب كنصب ما إلى التمني ينتسب" وفاقًا للفراء لثبوت ذلك سماعًا كقراءة حفص عن عاصم: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ، أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ} [غافر: 36، 37]،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "مكانك" اسم فعل بمعنى اثبتي تحمدي أي: بالشجاعة أو تستريحي أي: بالقتل من آلام الدنيا والخطاب للنفس. قوله: "حسبك الحديث ينم الناس" حسبك إما اسم فاعل بمعنى كافيك وإما اسم فعل مضارع بمعنى يكفي, فقول الشارح: واكفف بيان للمراد من جملة المبتدأ والخبر أو من جملة اسم الفعل وفاعله لا لمعنى لفظ حسب. قوله: "نحو: حسبك" أي: مع قولك الحديث؛ لأن الخبر الذي بمعنى الأمر جملة حسبك الحديث. قوله: "ونحوه من اسم الفعل المشتق" كضراب عمرًا فيستقيم فخرج نحو: صه فأحسن إليك. قوله: "بعد الفاء" قيد بذلك لعدم سماع النصب بعد
الواو في الرجاء وكذا بعدها في الطلب اهتمامًا بشأنه لكون البصريين خالفوا فيه. قوله: "كقراءة حفص إلخ" لا حجة فيه لجواز نصب أطلع جوابًا لقوله ابن أو عطفًا على الأسباب على حد:
ولبس عباءة وتقر عيني أو عطفًا على المعنى في لعلي أبلغ فإن خبر لعل يقترن بأن كثيرًا نحو: فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ا. هـ. زكريا والاحتمال الثالث يأتي في الآية الثانية وفي الرجز وهذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1096- صدره:
وقولي كُلَّما جَشَأْت وجاشَتْ والبيت من الوافر، وهو لعمرو بن الإطنابة في إنباه الرواة 3/ 281؛ وحماسة البحتري ص9؛ والحيوان 6/ 425؛ وجمهرة اللغة ص1095؛ وخزانة الأدب 2/ 428؛ والدرر 4/ 84؛ وديوان المعاني 1/ 114؛ وسمط اللآلي ص574؛ وشرح التصريح 2/ 243؛ وشرح شواهد المغني ص546؛ ومجالس ثعلب ص83؛ والمقاصد النحوية 4/ 415؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 189؛ والخصائص 3/ 35؛ وشرح شذور الذهب ص447، 534؛ وشرح قطر الندى ص117؛ وشرح المفصل 4/ 74؛ ولسان العرب 1/ 48 "جشأ"؛ ومغني اللبيب 1/ 203؛ والمقرب 1/ 273؛ وهمع الهوامع 2/ 13.
457 | 463(1/455)
إعراب الفعل
وإنْ على اسمٍ خالِصٍ فِعْلٌ عُطِفْ تَنْصِبُهُ أنْ ثابِتا أو مُنْحَذِفْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكذلك: {لَعَلَّهُ يَزَّكَّى، أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى} [عبس: 3]، وقول الراجز أنشده الفراء:
1097-
عَلَّ صُروفَ الدَّهرِ أو دُوَلاتِها تُدِلننا اللَّمَّةُ من لَمَّاتِها
فَتَستَرِيحَ النفسُ من زَفراتِها ومذهب البصريين أن الرجاء ليس له جواب منصوب وتأولوا ذلك بما فيه بعد، وقول أبي موسى: وقد أشربها معنى ليت من قرأ فأطلع نصبًا: يقتضي تفصيلًا.
تنبيه: القياس جواز جزم جواب الترجي إذا سقطت الفاء عند من أجاز النصب. وذكر في الارتشاف أنه قد سمع الجزم بعد الترجي، وهو يدل على صحة ما ذهب إليه الفراء. ا. هـ. "وإن على اسم خالص فعل عطف تنصبه أن ثابتًا أو منحذف" فعل رفع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معنى قول الشارح الآتي: وتأولوا بما فيه بعد. قوله: "عل صروف إلخ" أي: لعل حوادث الدهر, والدولات جمع دولة قال أبو عبيدة: الدولة بالضم اسم الشيء الذي يتداول يكون مرة لهذا ومرة لهذا, والدولة بالفتح الفعل. وقال أبو عمرو بن العلاء: الدولة بضم الدال في المال وبفتحها في الحرب وقيل هما واحد كذا في المختار, قال زكريا: وتدلننا من الأدالة هي الغلبة والنصر واللمة بالفتح الشدة وهي مفعول ثان لتدلننا. والشاهد في فتستريح, والزفرات جمع زفرة وهي الشدة وسكنت الفاء للضرورة ا. هـ. وقوله: وهي مفعول ثان غير ظاهر وإن تبعه شيخنا والبعض. والظاهر أنه منصوب بنزع الخافض أي: باللمة إن أريد بالأدالة الغلبة ولعل قصد الشاعر على هذا ترجي الموت ليستريح من مشقات الدنيا أو ترجي اشتداد الكرب ليعقبه الفرد فيستريح من الكروب كما قال تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 5]، أو على اللمة أو باللمة النازلة بالعدا إن أريد بالأدالة النصر والمعنى عليه ظاهر وقوله وهي الشدة في كلام الدماميني والشمني أنها إدخال النفس بشدة والشهيق إخراجه.
قوله: "يقتضي تفصيلًا" وهو أن الترجي إن أشرب معنى التمني نصب الفعل بعد الفاء في جوابه وإلا فلا. قوله: "على صحة ما ذهب إليه الفراء" من نصب الفعل بعد الفاء في جواب الترجي؛ لأن الجزم فرع النصب. قوله: "ينصبه أن" ينبغي أن يضبط بالياء التحتية؛ لأنه اعتبر تذكير أن لكونه حرفًا أو لفظًا بدليل قوله: ثابتًا أو منحذف كذا ذكره شيخنا وتبعه البعض, والظاهر أنه لا يتعين بل يجوز ضبطه بالتاء الفوقية على تأويل أن بالكلمة فيكون قوله: ثابتًا أو منحذف على تذكير أن بعد تأنيثها قال السيوطي: قال ابن هشام: ظاهر كلام المصنف وجوب النصب ويشكل عليه القراءة بالرفع "أَوْ يُرْسِلُ رَسُولًا" والجواب أنه حينئذ مسنأنف لا معطوف على الاسم ا. هـ. ويلزمه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1097- الرجز بلا نسبة في الإنصاف 1/ 220؛ والخصائص 1/ 316؛ والجنى الداني ص584؛ ورصف المباني ص249؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 407؛ وشرح شواهد المغني 1/ 454؛ وشرح عمدة الحافظ ص339؛ واللامات ص135؛ ولسان العرب 11/ 473 "علل"، 12/ 550 "لمم"؛ والمقاصد النحوية 4/ 396.
458 | 463(1/456)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالنيابة بفعل مضمر يفسره الفعل بعده وينصبه جواب الشرط، وأن بالفتح فاعل ينصبه، وثابت حال من أن، ومنحذف عطف عليه وقف عليه بالسكون للضرورة، أي: ينصب الفعل بأن مضمرة جوازًا في مواضع -وهي خمسة- كما ينصب بها مضمرة وجوبًا في خمسة مواضع وقد مرت. فالأول من مواضع الجواز: بعد اللام إذا لم يسبقها كون ناقص ماض منفي ولم يقترن الفعل بلا وقد سبق في قوله: وإن عدم لا فأن اعمل مظهرًا أو مضمرًا. والأربعة الباقية هي المرادة بهذا البيت وهي أن تعطف الفعل على اسم خالص بأحد هذه الحروف الأربعة: الواو والفاء وثم، نحو: قوله:
1098-
لَلِبْسُ عَبَاءَةٍ وتَقَرَّ عَينِي أَحَبُّ إليَّ مِنْ لِبسِ الشُّفوفِ ونحو: أو يرسل رسولًا في قراءة غير نافع بالنصب عطفًا على وحيا، ونحو قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن تكون أو للاستئناف. قوله: "وينصبه جواب الشرط" ورفع لكون فعل الشرط ماضيًا كما يأتي في قوله:
وبعد ماض رفعك الجزا حسن قوله: "بالسكون للضرورة" أي: عند غير ربيعة أما عندهم فالسكون لغة ويحتمل أن المصنف جرى عليها. قوله: "على اسم خالص" أي: من شائبة الفعلية بأن لا يكون في تأويل الفعل وهو الجامد. قوله: "للبس عباءة إلخ" الصحيح وليس بواو العطف والشفوف بضم الشين المعجمة وبالفاءين الثياب الرقاق ا. هـ. عيني ومنه:
ولولا رجال من رزام أعزه وآله سبيع أو أسوءك علقمًا بنصب أسوءك فلا يشترط خصوص المصدر كما سيذكره. قوله: "عطفًا على وحيًا" استثناء الوحي والإرسال من التكليم منقطع؛ لأنهما ليسا منه وقوله: إلا وحيًا أي: إلهامًا كما وقع لأم موسى وقوله: {أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} " أي: أو تكليمًا من وراء حجاب كما وقع لموسى عليه الصلاة والسلام, وقوله: أو يرسل أي: إرسال كما هو عادة الأنبياء وجعل في المغني الاستثناء مفرغًا فقال كان في الآية تحتمل النقصان والتمام والزيادة وهي أضعفها فعلى النقصان الخبر أما البشر ووحيًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1098- البيت من الوافر، وهو لميسون بن جندل في خزانة الأدب 8/ 503، 504؛ والدرر 4/ 90؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 273؛ وشرح التصريح 2/ 244؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1477، وشرح شذور الذهب ص405؛ وشرح شواهد الإيضاح ص250؛ وشرح شواهد المغني 2/ 653؛ ولسان العرب 13/ 408 "مسن"؛ والمحتسب 1/ 326؛ ومغني اللبيب 1/ 267؛ والمقاصد النحوية 4/ 397؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 277؛ وأوضح المسالك 4/ 192؛ والجنى الداني ص157؛ وخزانة الأدب 8/ 523؛ والرد على النحاة ص128؛ ورصف المباني ص423؛ وشرح ابن عقيل ص576؛ وشرح عمدة الحافظ ص344؛ وشرح قطر الندى ص65؛ وشرح المفصل 7/ 25؛ والصاحبي في فقه اللغة ص112، 118؛ والكتاب 3/ 45؛ والمقتضب 2/ 27.
459 | 463(1/457)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1099-
لولا تَوَقُّعَ مُعتَرٍّ فَأُرْضِيَهُ ما كنتُ أُوثِرُ أَتْرابًا على تِرْبِ وكقوله:
1100-
إني وقَتْلي سُليكًا ثُمّ أَعْقِلَهُ كالثورِ يُضْربُ لمّا عافَتِ البَقَرُ والاحتراز بالخالص من الاسم الذي في تأويل الفعل نحو: الطائر فيغضب زيد الذباب فيغضب واجب الرفع؛ لأن الطائر في تأويل الذي يطير ومن العطف على المصدر المتوهم فإنه يجب فيه إضمار إن كما مر.
تنبيهات: الأول إنما قال على اسم ولم يقل على مصدر كما قال بعضهم ليشمل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
استثناء مفرغ من الأحوال فمعناه موحيًا أو موحى إليه على كونه حالًا من الفاعل أو المفعول وقوله: أو من وراء حجاب أي: أو مكلمًا من وراء حجاب وقوله: أو يرسل رسولًا أي: أو إرسالًا لملك الوحي إليه أي: أو مرسلًا أو مرسلًا وإما وحيًا والتفريغ في الإخبار أي: ما كان تكليمهم إلا إيحاء أو تكليمًا من وراء حجاب أو إرسالًا وجعل الإيحاء والإرسال تكليمًا على حذف مضاف أي: تكليمم وحي أو تكليم إرسال ولبشر على هذا تبيين فهو خبر لمحذوف أي: إرادتي لبشر أو مفعول لمحذوف أي: لبشر أعني وعلى التمام فالتفريغ في الأحوال من الفاعل أو المفعول ولبشر تبيين أو متعلق بكان التامة وعلى الزيادة فالتفريغ في الأحوال من الضمير المستتر في لبشر الواقع خبر لأن يكلمه الله ا. هـ. ملخصًا مع تغيير وزيادة من الدماميني والشمني وغيرهما.
قوله: "لولا توقع معتر إلخ" المعتر بالعين المهملة المتعرض لسؤال المعروف, والأتراب جمع ترب بكسر الفوقية وهو الموافق في العمر. قوله: "إني وقتلي سليكًا" أي: لأجل تحصيل غرض غيري وسليك بالتصغير اسم رجل. والشاهد في نصب أعقله أي: أعطي ديته, وعافت كرهت أي: أن البقر كرهت شرب الماء وامتنعت منه لا تضرب؛ لأنها ذات لبن وإنما يضرب الثور لتفزع هي فتشرب ووجه الشبه أن كلا حصل له ضرر الأجل نفع غيره. قوله: "في تأويل الذي يطير" لأنه صلة أل وصلتها في تأويل الفعل. قوله: "ومن العطف على المصدر المتوهم" قد يقال المصدر المتوهم يصدق عليه أنه اسم خالص فكيف يحترز عنه بالخالص ويجاب بأن المراد اسم خالص موجود؛ لأنه المتبادر من قولنا اسم خالص والمتوهم ليس بموجود فافهم. قوله: "كما قال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1099- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 194؛ والدرر 4/ 92؛ وشرح التصريح 2/ 244؛ وشرح شذور الذهب ص405؛ وشرح ابن عقيل ص577؛ والمقاصد النحوية 4/ 398؛ وهمع الهوامع 2/ 17.
1100- البيت من البسيط، وهو لأنس بن مدركة في الأغاني 2/ 357؛ والحيوان 1/ 81؛ والدرر 4/ 93؛ وشرح التصريح 2/ 244؛ ولسان العرب 4/ 109 "ثور"، 8/ 380 "وجع"، 9/ 260 "عيف"؛ والمقاصد النحوية 4/ 399؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 195؛ وخزانة الأدب 2/ 462؛ وشرح شذور الذهب 406؛ وشرح ابن عقيل ص577؛ ولسان العرب 4/ 110 "ثور"؛ وهمع الهوامع 2/ 17.
460 | 463(1/458)
إعراب الفعل
وشَذَّ حَذفُ أنْ ونَصْبٌ في سِوى ما مَرَّ فاقْبَل مِنْهُ ما عَدْلٌ رَوَى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غير المصدر فإن ذلك لا يختص به، فتقول لولا زيد ويحسن إلي لهلكت. الثني يجوز في قوله: فعل عطف فإن المعطوف في الحقيقة إنما هو المصدر. الثالث: أطلق العاطف ومراده الأحرف الأربعة إذ لم يسمع في غيرها "وشذ حذف أن ونصب سوى ما مر فاقبل منه ما عدل روى" أي: حذف أن مع النصب في غير المواضع العشرة المذكورة شاذ لا يقبل منه إلا ما نقله العدول كقولهم: خذ اللص قبل أن يأخذك، ومره يحفرها، وقول بعضهم تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، وقراءة بعضهم: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ} [الأنبياء: 18] وقرءة الحسن: "قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدَ" [الزمر: 64] ومنه قوله:
1101-
ونَهْنَهْتُ نَفْسِي بعدَ ما كدتُ أَفْعَلَهْ تنبيهات: الأول أفهم كلامه أن ذلك مقصور على السماع لا يجوز القياس عليه وبه صرح في شرح الكافية, وقال في التسهيل: وفي القياس عليه خلاف. الثاني أجاز ذلك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعضهم" تبع الفارضي هذا البعض فاشترط المصدرية. قوله: "إنما هو المصدر" أي: المؤول من أن والفعل. قوله: "في سوى ما مر" أي: وسوى ما يأتي في الباب الآتي من جواز نصب الفعل المقرون بالفاء أو الواو بعد الشرط والجزاء ا. هـ. زكريا وسينبه عليه الشارح بقوله: الرابع إلخ قال سم: أي: وسوى الفعل بعد كي التعليلية فإن المصنف لم يتعرض لها فيما سبق.
قوله: "المواضع العشرة" ي مواضع وجوب إضمار أن الخمسة ومواضع جواز إضمارها الخمسة. قوله: "وقراءة بعضهم بل نقذف إلخ" أي: بنصب يدمغه ا. هـ. فارضي. قوله: "أعبد" أي: أن أعبد وانتصاب غير في هذه القراءة من رفع أعبد لا يكون بأعبد؛ لأن الحرف المصدري محذوف إما مع بقاء أثره في قراءة النصب أو مع ذهابه في قراءة الرفع, والصلة لا تعمل فيما قبل الموصول بل بتامروني وأن أعبد بدل اشتمال منه أي: تأمروني غير الله عبادته. دماميني. قوله: "ونهنهت" أي: زجرت وما في بعد ما كدت أفعله مصدرية أي: بعد قربي من الفعل وقال المبرد: أراد أفعلها برفع الفعل فنقل فتحة الهاء إلى اللام وحذف الألف وحينئذ لا شاهد فيه. قوله: "الثاني أجاز ذلك" أي: القياس عليه الكوفيون ومن وافقهم ولا وجه لإفراد هذا بتنبيه مع أنه من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1101- صدره:
فَلَمْ أرَ مِثلها خُباسَةَ واحدٍ والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ملحق ديوانه ص471؛ وله أو لعمرو بن جؤين في لسان العرب 6/ 62 "خبس"؛ ولعامر بن جؤين في الأغاني 9/ 93؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 337؛ والكتاب 1/ 307؛ والمقاصد النحوية 4/ 401؛ ولعامر بن جؤين أو لبعض الطائيين في شرح شواهد المغني 2/ 931؛ ولعامر بن الطفيل في الإنصاف 2/ 561؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص148؛ وجمهرة اللغة ص289؛ والدرر 1/ 177؛ ورصف المباني ص113؛ ومغني اللبيب 2/ 640؛ والمقرب 1/ 270؛ وهمع الهوامع 1/ 58.
461 | 463(1/459)
إعراب الفعل
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكوفيون ومن وافقهم. الثالث كلامه يشعر بأن حذف أن مع رفع الفعل ليس بشاذ، وهو ظاهر كلامه في شرح التسهيل فإنه جعل منه قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا} [الروم: 24]، قال: فيريكم صلة لأن حذفت وبقي يريكم مرفوعًا، وهذا هو القياس؛ لأن الحرف عامل ضعيف فإذا حذف بطل عمله هذا كلامه، وهذا الذي قاله مذهب أبي الحسن أجاز حذف أن ورفع الفعل دون نصبه وجعل منه قوله تعالى: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ} [الزمر: 64]، وذهب قوم إلى أن حذف أن مقصور على السماع مطلقًا فلا يرفع ولا ينصب بعد الحذف إلا ما سمع، وإليه ذهب متأخرو المغاربة، قيل وهو الصحيح. الرابع: ما ذكره من أن حذف أن والنصب في غير ما مر شاذ ليس على إطلاقه لما ستعرفه في قوله في باب الجوازم: والفعل من بعد الجزاء إن يقترن. إلخ ا. هـ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تتمة التنبيه قبله فكان ينبغي حذف قوله الثاني.
قوله: "وهو ظاهر كلامه في شرح التسهيل" اعلم أن قوله في شرح التسهيل: وهذا هو القياس يحتمل رجوعه إلى ما ذكر قبله من حذف أن ورفع الفعل فيفيد كلامه قياسية الحذف والرفع, ويحتمل رجوعه إلى رفع الفعل فقط. ويؤيد هذا الاحتمال أمران: قرب الرفع إلى اسم الإشارة والتعليل بقوله: لأن الحرف عامل ضعيف إلخ وعلى هذا لا يفيد كلامه إلا قياسية الرفع دون قياسية الحذف لجواز أن يكون معنى قياسية الرفع كما قال سم أنه بعد ارتكاب الحذف الشاذ يكون القياس الرفع فلا تدل حينئذ قياسية الرفع على قياسية الحذف إذا عرفت ذلك عرفت أن قول الشارح ظاهر ممنوع. لأن ظاهر كلامه الاحتمال الثاني الذي لا يفيد الكلام علي قياسية الحذف, اللهم إلا أن يقال الظاهر فيما بني عليه أمر قياسي أن يكون قياسيا, هذا وفي الفارضي أن كون حذفها مع رفع الفعل ليس بشاذ مذهب الأخفش فتفطن.
462 | 463(1/460)
المجلد الرابع
بسم الله الرحمن الرحيم
عوامل الجزم:
بلا ولام طالبًا ضَعْ جَزْمَا في الفِعْلِ هكذا بلَمْ ولَمَّا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عوامل الجزم:
"بلا ولام طالبًا ضع جزما في الفعل" طالبًا حال من فاعل ضع المستتر، وجزمًا مفعول به؛ أي: تجزم لا واللام الطلبيتان الفعل المضارع، أما لا فتكون للنهي نحو: {لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ} [لقمان: 13]، وللدعاء نحو: {لا تُؤَاخِذْنَا} [البقرة: 286]، وأما اللام فتكون للأمر نحو: {لِيُنْفِقْ} [الطلاق: 7]، وللدعاء نحو: {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف: 77]. وقد دخل تحت الطلب الأمر والنهي والدعاء. والاحتراز به من غير الطلبيتين مثل لا النافية والزائدة واللام التي ينتصب بعدها المضارع. وقد أشعر كلامه أنهما لا يجزمان فعلي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عوامل الجزم:
الجزم في اللغة: القطع، وسميت هذه الكلمات جوازم؛ لأنها تقطع من الفعل حركة أو حرفًا، وإنما عملت الجزم لما فصله السيرافي فقال: إن أصل الجوازم وعملت الجزم لأنه لما طال مقتضاها -يعني: الشرط والجزاء- اقتضى القياس تخفيفه، والجزم إسقاط ثم حمل عليها لم؛ لأن كلا منهما ينقل الفعل، فإن تنقله إلى الاستقبال؛ أي: إلى التعين له، ولم إلى الماضي، وكذلك لما. وأما لام الأمر فجزمت لأن أمر المخاطب -أي: كاضرب- موقوف -أي: مبني- فجعل لفظ المعرب كلفظ المبني؛ لأنه مثله في المعنى، وحملت عليها لا في النهي من حيث كانت ضرة لها وفيه نظر من جهة حمل الإعراب على البناء، وقد أنكر على ابن الخياط مثله. اهـ حفيد. وأجيب بأنه لا يضر حمل الإعراب على البناء فيما ذكر؛ لكونه فرعًا عنه في الفعل، وسكت السيرافي عن بقية أدوات الشرط؛ لأنها ضمنت معنى "إن". قوله: "بلا" جوز ابن عصفور والأبدي حذف مجزومها مع إبقائها لدليل نحو: اضرب زيدًا إن أساء وإلا فلا. همع.
قوله: "طالبًا" أي: آمرًا أو ناهيًا أو داعيًا أو ملتمسًا. قوله: "الطلبيتان" لكن اللام لطلب الفعل ولا لطلب الترك، والمراد الطلبيتان أصالة، وإلا فاللام قد يراد بها وبمصحوبها الخبر نحو: {فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} والتهديد نحو: {وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} ولا قد تستعمل في التهديد كقولك لعبدك: لا تطعني، وأما {لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا} فيحتمل اللامان فيه التعليل فيكون ما بعدهما منصوبًا والتهديد فيكون مجزومًا.
قوله: "للنهي" وللالتماس كقولك لمساويك: لا تفعل يا فلان، إذا لم ترد الاستعلاء عليه. قوله: "للأمر" وللالتماس كقولك لمساويك: لتفعل يا فلان، إذا لم ترد الاستعلاء عليه. دماميني. قوله: "الأمر" أي: في اللام والنهي؛ أي: في لا والدعاء؛ أي: فيهما. قوله: "والاحتراز به" أي: بالطلب. قوله: "مثل لا النافية" وأما تجويز الكوفيين الجزم في المنفي بلا الصالح قبلها كي لحكاية الفراء عن العرب ربطت الفرس لا ينفلت برفع ينفلت وجزمه، فعلى توهم وتقدير جملة شرطية، والتقدير:(4/3)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المتكلم، وهو كذلك في لا، وندر قوله:
1102- لا أعرفن ربربًا حورًا مدامعها مردفات على أعقاب أكوار
وقوله:
1103- إذا ما خرجنا من دمشق فلا نعد لها أبدًا ما دام فيها الجراضم
نعم، إن كان للمفعول جاز بكثرة نحو: لا أخرج ولا تخرج؛ لأن المنهي غير المتكلم. وأما اللام فجزمها لفعلي المتكلم مبنيين للفاعل جائز في السعة لكنه قليل، ومنه: قوموا فلأصلِّ لكم {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} [العنكبوت: 12]، وأقل منه جزمها فعل الفاعل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ربطت الفرس؛ لأني إن لم أربطه ينفلت قاله الدماميني.
قوله: "واللام التي يقتضي بعدها المضارع" هي لام كي ولام الجحود. قوله: "وقد أشعر كلامه... إلخ" أي: حيث قال طالبًا؛ لأن الانسان لا يطلب من نفسه؛ أي الغالب فيه ذلك، فاندفع تنظير سم. قوله: "فعلى المتكلم" أي: المبدوء بالهمزة والمبدوء بالنون. تصريح. قوله: "وندر قوله... إلخ" أفاد أنه لا يقاس على ما سمع منه لا نثرًا ولا نظمًا. قوله: "لا أعرفن... إلخ" الربرب القطيع من البقر شبه النساء به في حسن العيون وسكون المشي حورًا صفته جمع حوراء من الْحَوَر؛ وهو شدة بياض العين في شدة سوادها، ومدامعها مرفوع بحورًا، وأراد بها العيون؛ لأنها مواضع الدمع، ومردفات حال من ربربا، والأكوار جمع كور بضم الكاف؛ وهو الرحل بأداته، والأعقاب جمع عقب، وعقب كل شيء آخره. اهـ عيني. ويصح جعل مردفات صفة ثانية لربربا، والمردفات المركبات خلف الراكب. قوله: "الجراضم" تعريض بمعاوية رضي الله تعالى عنه، والجراضم بضم الجيم الأكول الواسع البطن، وكان معاوية كذلك. عيني. قوله: "نعم إن كان" مقتضى الظاهر أن يقول: كانا أي: فعلا المتكلم، إلا أن يقال: أفرد للتأويل بالمذكور.
قوله: "لأن المنهي غير المتكلم" وهو الفاعل المحذوف النائب عنه ضمير المتكلم. قوله: "فجزمها لفعلي المتكلم... إلخ" سكت عن المبني للمفعول لفهمه بالأولى سم. قوله: "فلأصلِّ لكم" قال يس وتبعه غيره: كالبعض؛ أي: لأجلكم والفاء زائدة. اهـ. وفيه أن الفاء يحتمل أن تكون عاطفة جملة على جملة، وأن الأولى كون اللام للتعدية؛ لأن الصلاة بمعنى الدعاء بخير كما هنا تتعدى باللام فاعرفه. قوله: "وأقل منه جزمها... إلخ" وذلك لأن له صيغة تخصه، وهي فعل الأمر، واختص المخاطب بالأمر بالصيغة وغيره بالأمر باللام؛ لأن أمر المخاطب أكثر استعمالًا، فكان التخفيف فيه أَوْلَى. قوله: "فعل الفاعل المخاطب" أما المبني للمفعول نحو: لتكرم يا زيد بضم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1102- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في مغني اللبيب 1/ 246.
1103- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في الأزهية ص150، ومغني اللبيب 1/ 247، وليس في ديوانه، وللوليد بن عقبة في شرح التصريح 2/ 246، وللفرزدق أو للوليد في شرح شواهد المغني 2/ 633، والمقاصد النحوية 4/ 420، وبلا نسبة في المسالك 4/ 200.(4/4)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المخاطب كقراءة أبي وأنس: "فبذلك فلتفرحوا" [يونس: 58]، وقوله عليه الصلاة والسلام: "لتأخذوا مصافكم". والأكثر الاستغناء عن هذا بفعل الأمر.
تنبيهات:
الأول: زعم بعضهم أن أصل لا الطلبية لام الأمر زيدت عليها ألف فانفتحت. وزعم بعضهم أنها لا النافية والجزم بعدها بلام الأمر مضمرة قبلها، وحذفت كراهة اجتماع لامين في اللفظ، وهما ضعيفان.
الثاني: لا يفصل بين لا ومجزومها. وأما قوله:
1104- وقالوا أخانا لا تخشع لظالم عزير ولاذا حق قومك تظلم
فضرورة. وأجاز بعضهم في قليل من الكلام نحو: لا اليوم تضرب.
الثالث: حركة اللام الطلبية الكسر، وفتحها لغة، ويجوز تسكينها بعد الواو والفاء وثم، وتسكينها بعد الواو والفاء أكثر من تحريكها، وليس بضعيف بعد ثم ولا قليل ولا ضرورة خلافًا لمن زعم ذلك.
الرابع: تحذف لام الأمر ويبقى عملها، وذلك على ثلاثة أضرب: كثير مطرد، وهو حذفها بعد أمر بقول نحو: {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ} [إبراهيم: 31]، وقليل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التاء وفتح الراء فإنه كثير؛ لأن الأمر فيه للغائب. فارضي. قوله: "فانفتحت" أي: وحدث لها بسبب ذلك معنى وهو طلب الكف. قوله: "مضمرة قبلها" أي: ليتسلط الأمر على النفي فيكون نهيًا، وفيه أن النهي طلب الكف لا طلب النفي بمعنى الانتفاء. قوله: "وهما ضعيفان" لما فيهما من التكلف بلا حاجة ولما مر في الثاني. قوله: "وقالوا أخانا... إلخ" أي: يا أخانا لا تتخشع... إلخ. والشاهد في فصل لا الثانية من مجزومها، وهو تظلم بمفعولي تظلم، وهما: ذا وحق قومك كذا في العيني، وفي كون حق مفعولًا ثانيًا خفاء، ولعله منصوب بنزع الخافض؛ أي: ولا تظلم هذا في أخذ حق قومك منك فتأمل. قوله: "نحو لا اليوم تضرب" أي: من كل تركيب فصل فيه بين لا ومجزومها بالظرف أو الجار والمجرور. قوله: "حركة اللام الطلبية الكسر" أي: حملًا على لام الجر؛ لأنها أختها في الاختصاص بنوع وعملها فيه، فإن قلت لام الجر تفتح مع المضمر فهلا حملت على لام المضمر في الفتح. قلت: لأن مدخول لام الأمر هو المضارع، وهو شبيه باسم الفاعل الذي هو من الاسم المظهر. دماميني. قوله: "وفتحها لغة" أي: لغة سليم كما في المغني، قيل: إنما تفتح على هذه اللغة إن فتح تاليها بخلاف ما إذا كسر نحو: لتيذن أو ضم نحو لتكرم. سيوطي. قوله: "وليس" أي: التسكين بضعيف نعم الكسر بعد ثم أجود من الإسكان. فارضي. قوله: "كثير مطرد... إلخ" كذا في التسهيل وغيره. وقال السيوطي: الأصح أن جواز الحذف مختص بالشعر مطلقًا. قوله: "نحو قل لعبادي... إلخ" كون الجزم في هذه الآية بلام مقدرة هو اختيار المصنف، وذهب أكثر المتأخرين إلى كونه في جواب قل، وقد أشبعنا الكلام على ذلك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1104- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الدرر 5/ 63، والمقاصد النحوية 4/ 444، وهمع الهوامع 2/ 56.(4/5)
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جائز في الاختيار، وهو حذفها بعد قول غير أمر؛ كقوله:
1105- قلت لبواب لديه دارها تيذن فإني حمؤها وجارها
قال المصنف: وليس مضطرًّا لتمكنه من أن يقول: ايذن. قال: وليس لقائل أن يقول: هذا من تسكين المتحرك، على أن يكون الفعل مستحقًّا للرفع فكسن اضطرارًا؛ لأن الراجز لو قصد الرفع لتوصل إليه مستغنيًا عن الفاء، فكان يقول: تئذن إني، وقليل مخصوص بالاضطرار، وهو الحذف دون تقدم قول بصيغة أمر ولا بخلافه؛ كقوله:
1106- محمد تفد نفسك كل نفس إذا ما خفت من أمر تبالا
وقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الباب السابق. قوله: "قلت لبواب... إلخ" لديه خبر مقدم ودارها مبتدأ مؤخر. والشاهد في تيذن أصله لتأذن، فحذف اللام وكسر حرف المضارعة. اهـ سم؛ أي: لأن كسره لغة مبنية بتفصيلها في كتب التصريف زاد البعض فانقلبت الهمزة ياء. اهـ. وهو مسلم إن كان الرواية وإلا فالانقلاب غير لازم.
قوله: "قال المصنف... إلخ" دفع به الاعتراض على قوله في الاختيار بأنه لا يصح الاستشهاد بالشعر على الوقوع في الاختيار. قوله: "وليس مضطرا لتمكنه... إلخ" لا يأتي على قول غير المصنف أن الضرورة ما وقع في الشعر مما لا يقع مثله في النثر، وإن كان للشاعر عنه مندوحة، وكذا قوله بعده؛ لأن الراجز... إلخ لا يأتي على قوله غيره. قوله: "من أن يقول ايذن" قيل: هذا تخلص من ضرورة لضرورة؛ وهي إثبات همزة الوصل في الوصل، ورد بأن قوله: قلت... إلخ بيتان لا بيت مصرع فالهمزة في أول بيت لا في حشوه سلمنا أنه بيت مصرع، فالبيت المصرع أو المقفى يعامل معاملة بيتين، قال الدماميني: ولولا ذلك لم يكن للصدر روي كما للعجز. اهـ. بل قال بعضهم: لا ضرورة وإن لم يكن البيت مصرعًا؛ لما ذكره المبرد في كتاب الكامل: أن النصف الأول موقوف عليه؛ أي: وإن لم يكن البيت مصرعًا أو مقفى، قال الشاعر:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1105- الرجز لمنظور بن مرثد في الدرر 5/ 62، وشرح شواهد المغني 2/ 600، والمقاصد النحوية 4/ 444، وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص340، والجنى الداني ص114، وخزانة الأدب 9/ 13، ولسان العرب 1/ 61 "حمأ"، 12/ 560 "لوم"، 13/ 10 "أذن"، 14/ 197 "حما"، 15/ 444 "تا"، ومغني اللبيب 1/ 225.
1106- البيت من الوافر، وهو لأبي طالب في شرح شذور الذهب ص275، وله أو للأعشى في خزانة الأدب 9/ 11، وللأعشى أو لحسان أو لمجهول في الدرر 5/ 61، وبلا نسبة في أسرار العربية ص319، 321، والإنصاف 2/ 530، والجنى الداني ص113، ورصف المباني ص256، وسر صناعة الإعراب 1/ 391، وشرح شواهد المغني 1/ 597، وشرح المفصل 7/ 35، 60، 62، 9/ 24، والكتاب 3/ 8، واللامات ص96، ومغني اللبيب 1/ 224، والمقاصد النحوية 4/ 418، والمقتضب 2/ 132، والمقرب 1/ 272، وهمع الهوامع 2/ 55.(4/6)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1107- فلا تستطل مني بقائي ومدتي ولكن يكن للخير منك نصيب
انتهى.
و"هكذا بلم ولما" أي: لم ولما يجزمان المضارع مثل لا واللام الطلبيتين نحو: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: 3]، ونحو: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ} [البقرة: 214]، {وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 214]، ويشتركان في الحرفية والاختصاص بالمضارع والنفي والجزم وقلب معنى الفعل للمضي. وتنفرد لم بمصاحبة الشرط نحو: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: 67]، وجواز انقطاع نفي منفيها عن الحال، بخلاف لما فإنه يجب اتصال نفي منفيها بحال النطق؛ كقوله:
1108- فإن كنت مأكولًا فكن خير آكل وإلا فأدركني ولما أمزق
ومن ثم جاز: لم يكن ثم كان. والفصل بينها وبين مجزومها اضطرارًا؛ كقوله:
1109- فذاك ولم إذا نحن امترينا تكن في الناس يدركك المراء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا نسب اليوم ولا خلة اتسع الخرق على الراقع
فاستأنف اتسع لكون النصف الأول موقوفًا عليه، قال: وهذا كثير حسن غير معيب. اهـ. قوله: "تبالا" التبال بفتح الفوقية فالموحدة الفساد، وقيل: الحقد والعداوة. عيني. قوله: "فلا تستطل... إلخ" يخاطب به ابنه لما تمنى موته. عيني. قوله: "وهكذا بلم ولما" أشار بتقدير الواو إلى أن قوله: "بلم ولما" معطوف على قوله: "بلا ولام". وقوله: هكذا أي: حالة كونهما كالمذكور في وضع الجزم به في الفعل وهو حشو. قوله: "بمصاحبة الشرط" أي: بجواز مصاحبته. قوله: "وجواز انقطاع... إلخ" أي: يجوز أن ينقطع وألا ينقطع، ومن غير المنقطع: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} إلخ وهذا الجواز ثابت للم في الجملة، وإلا فقد يكون نفيها واجب الاتصال بالحال كما في لم يزل ولم يبرح ولم ينفك. أفاده الحفيد. قوله: "فإن كنت مأكولًا... إلخ" قيل: كتبه عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه- متمثلًا به إلى علي -كرم الله تعالى وجهه- يدعوه إليه حين حاصره الخوارج، وتوهم أنه بإغراء علي، وهو لشاعر جاهلي يلقب بالممزق لأجل هذا البيت. قوله: "والفصل" أي: وجواز الفصل.
قوله:"فذاك... إلخ" امترينا: تجادلنا، وجملة: يدركك المراء أي: الجدال خبر تكن والظرف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1107- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص112، والجنى الداني ص114، ورصف المباني ص256، وسر صناعة الإعراب ص390، وشرح شواهد المغني ص597، ومجالس ثعلب ص524، ومغني اللبيب ص224، والمقاصد النحوية 4/ 420.
1108- البيت من الطويل، وهو للممزق العبدي في الاشتقاق ص330، والأصمعيات ص166، وجمهرة اللغة ص823، وخزانة الأدب 7/ 280، وشرح شواهد المغني 2/ 680، والشعر والشعراء 1/ 407، ولسان العرب 10/ 343 "مزق"، 11/ 21 "أكل"، والمقاصد النحوية 4/ 590، وبلا نسبة في رصف المباني ص281، ومغني اللبيب 1/ 278.
1109- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب 9/ 5، وجواهر الأدب ص256، وشرح شواهد المغني ص678، والمغني ص278.(4/7)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
1110- فأضحت معانيها قفارًا رسومها كأن لم سوى أهل من الوحش تؤهل
وأنها قد تلغَى فلا يجزم بها. قال في التسهيل: حملًا على لا، وفي شرح الكافية: حملًا على ما، وهو أحسن؛ لأن ما تنفي الماضي كثيرًا بخلاف لا. وأنشد الأخفش على إهمالها قوله:
1111- لولا فوارس من ذهل وأسرتهم يوم الصليفاء لم يوفون بالجار
وصرح في أول شرح التسهيل بأن الرفع لغة قوم. وتنفرد لما بجواز حذف مجزومها والوقف عليها في الاختيار؛ كقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفاصل بين لم ومجزومها متعلق بيدرك، والأصل: ولم تكن في الناس يدركك المراء إذا نحن امترينا. قوله: "فأضحت مغانيها... إلخ" المغاني بالغين المعجمة جمع مغنى؛ وهو الموضع الذي كان غنيًّا به أهله، والقفار جمع قفر مفازة لا نبات فيها ولا ماء، والرسوم جمع رسم؛ وهو ما كان من آثار الديار لاصقًا بالأرض. اهـ شمني. والشاهد في فصل لم من مجزومها وهو تؤهل، والأصل: كأن لم تؤهل الدار سوى أهل من الوحش. قوله: "بخلاف لا" فإن الغالب نفيها المستقبل. قوله: "لولا فوارس... إلخ" الفوارس جمع فارس على غير قياس، وذهل بضم الذال المعجمة حي من بكر، وأسرة الرجل بالضم رهطه، والصليفاء بضم الصاد المهملة وبالفاء والمداسم موضع. اهـ عيني. والذي في المغني: نُعْم بضم النون وسكون العين بدل ذهل، ويجوز رفع أسرتهم عطفًا على فوارس وجره عطفًا على نعم أو ذهل. يوم الصليفاء يوم من العرب كانت فيه وقعة، والصليفاء في الأصل مصغر الصلفاء؛ وهي الأرض الصُّلْبة، والظرف متعلق بخبر فوارس المحذوف؛ أي: موجودة يوم الصليفاء، ولا يصح تعلقه بلم يوفون؛ لأنه جواب لولا وما في حيز الجواب لا يتقدم عليه. كذا في الشمني وغيره.
قوله: "بجواز حذف مجزومها" أي: لدليل كما في المغني والتسهيل، قال أبو حيان: إنما انفردت بذلك عن لم لتركها من لم وما، فكأن ما عوض عن المحذوف. وقال غيره: لأن مثبتها وهو قد فعل يجوز أن يقتصر فيه على قد؛ كقوله: وكأن قد. كذا في الهمع. قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1110- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص1465، وخزانة الأدب 9/ 5، والخصائص 2/ 410، والدرر 5/ 63، وشرح شواهد المغني 2/ 678، والمقاصد النحوية 4/ 445، وبلا نسبة في الجنى الداني ص269، ومغني اللبيب 1/ 278، وهمع الهوامع 2/ 56.
1111- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الجنى الداني ص266، وخزانة الأدب 1/ 205، 9/ 3، 11/ 431، والدرر 5/ 68، وسر صناعة الإعراب 1/ 448، وشرح شواهد المغني 2/ 674، وشرح عمدة الحافظ ص376، وشرح المفصل 7/ 8، ولسان العرب 9/ 198 "صلف"، والمحتسب 2/ 42، ومغني اللبيب 1/ 277، 339، والمقاصد النحوية 4/ 446، وهمع الهوامع 2/ 56.(4/8)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1112- فجئت قبورهم بدءًا ولما فناديت القبور فلم يجبنه
أي: ولما أكن بدءًا بل ذلك؛ أي: سيدًا. وتقول: قاربت المدينة ولما أي: ولما أدخلها، وهو أحسن ما خرج عليه قراءة من قرأ: {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا} ولا يجوز ذلك في لم. وأما قوله:
1113- اخفظ وديعتك التي استودعتها يوم الأعازب إن وصلت وإن لم
فضرورة وبكون منفيها يكون قريبًا من الحال، ولا يشترط ذلك في منفي لم، تقول: لم يكن زيد في العام الماضي مقيمًا، ولا يجوز: لما يكن. وقال المصنف: كون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"كقوله: فجئت... إلخ" شاهد على جواز حذف مجزومها، ولما لم يدل البيت على كون الحذف لمجزومها والوقف عليها اختيارًا احتاج إلى قوله: وتقول... إلخ، وبدأ حال من التاء، والهاء في فلم يجبنه للسكت. قوله: "أي ولما أكن بدءًا قبل ذلك" أي: قبل مجيء قبورهم، والظاهر أن قول هذا البيت بعد مضي مجيء قبورهم بدءًا، فيكون فيه مخالفة لما تقدم من وجوب اتصال نفي منفيها بحال التكلم.
قوله: "قراءة من قراء" أي: من السبعة {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا} بتشديد نون أن وميم لما، قال ابن الحاجب: لما هذه جازمة حذف فعلها، والتقدير: لما يهملوا بدليل تقدم ذكر السعداء والأشقياء ومجازاتهم. قال ابن هشام: الأولى أن يقدر لما يوفوا أعمالهم؛ أي: أنهم إلى الآن لم يوفوها وسيوفونها، ووجه رجحانه أمران؛ أحدهما: أن بعده ليوفينهم، وهو دليل على أن التوفية لم تقع بعد؛ أي: الآن، وأنها ستقع. والثاني: أن منفي لما متوقع الثبوت والإهمال غير متوقع الثبوت. اهـ. ولمانع أن يمنع أنه يلزم في منفي لما أن يكون متوقع الثبوت سلمناه؛ لكن لا نسلم أن الإهمال غير متوقع الثبوت؛ بل هو متوقع الثبوت للكفار؛ ولذا كانوا يسترسلون في الأفعال القبيحة؛ ظنًّا منهم أن يتركوا سدى ويقولون: نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين، فهم متوقعون الإهمال برأيهم الفاسد، ولا يشترط في توقع الثبوت أن يكون من المتكلم؛ بل قد ينفي المتكلم شيئًا بلما بناء على توقع غيره لثبوته كما أن قد تكون لتوقع المتكلم ولتوقع غيره. دماميني. قوله: "استودعتها" بالبناء للمجهول كما قاله العيني. وقوله: "يوم الأعازب" يُروى بالعين المهملة والزاي المعجمة والغين المعجمة والراء المهملة؛ أي: الأباعد. اهـ تصريح.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1112- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 113، وخزانة الأدب 10/ 113، 117، والدرر 4/ 245، 5/ 69، وشرح شواهد المغني 2/ 681، والصاحبي في فقه اللغة ص149، ولسان العرب 12/ 554 "لمم"، ومغني اللبيب 1/ 280، وهمع الهوامع 2/ 57.
1113- البيت من الكامل، وهو لإبراهيم بن هرمة في ديوانه ص191، وخزانة الأدب 9/ 8، 10، والدرر 5/ 66، وشرح شواهد المغني 2/ 682، والمقاصد النحوية 4/ 443، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 114، وأوضح المسالك 4/ 202، وجواهر الأدب ص256، 424، والجنى الداني ص269، ومغني اللبيب 1/ 280، وهمع الهوامع 2/ 56.(4/9)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منفي يكون قريبًا من الحال غالب لا لازم. وبكون منفيها يتوقع ثبوته بخلاف منفي لم، ألا ترى أن معنى: {بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} [ص: 8]، أنهم لم يذوقوه إلى الآن، وأن ذوقهم له متوقع. قال الزمخشري في: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: 14] ما: في لما من معنى التوقع دال على أن هؤلاء قد آمنوا فيما بعد. انتهى. وهذا بالنسبة إلى المستقبل، فأما بالنسبة إلى الماضي فهما سيان في التوقع وعدمه. مثال التوقع: ما لي قمت ولم تقم أو ولما تقم. ومثال عدم التوقع أن تقول ابتداء: لم يقم أو لما يقم.
تنبيهات: الأول: قال في التسهيل: ومنها لم ولما أختها، يعني من الجوازم، فقيد لما بقوله: أختها؛ احترازًا من لما بمعنى إلا، ومن لما التي هي حرف وجود لوجود. وكذلك فعل الشارح فقال: احترز بقولي أختها من لما الحينية، ومن لما بمعنى إلا. هذا كلامه، وإنما لم يقيدها هنا بذلك -وكذا فعل في الكافية- لأن هاتين لا يليهما المضارع؛ لأن التي بمعنى إلا لا تدخل إلى على جملة اسمية نحو: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق: 4]، في قراءة من شدد الميم أو على الماضي لفظًا لا معنى نحو: أنشدك الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وبكون منفيها يكون قريبًا من الحال" أي: بكون انتفاء منفيها؛ أي: بالنظر إلى ابتدائه لما عرفت أنه يجب أن تكون متصلة بالحال، والمراد بالحال زمن التكلم كما مر. قوله: "يتوقع ثبوته" أي: ينتظر، وهو غالب في لما، ومن غير الغالب ندم إبليس ولما ينفعه الندم. تصريح. قوله: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} جملة مستأنفة أو حال من الضمير في قولوا وليست تكرارًا بعد قوله: "لم تؤمنوا"؛ لأن فائدة قوله: "لم تؤمنوا" تكذيب دعواهم، وفائدة قوله: "ولما يدخل... إلخ" توقيت قوله: ما أمروا أن يقولوه. نقله شيخنا عن بعضهم، وإنما يظهر التوقيت على الحالية كما تفيده عبارة البيضاوي، ونصها: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} توقيت لقولوا، فإنه حال من ضميره أي: ولكن قولوا أسلمنا ولم تواطئ قلوبكم ألسنتكم بعد. قوله: "دال على أن هؤلاء قد آمنوا فيما بعد" أي: لأن التوقع في كلامه تعالى يحمل على التحقيق، وهذا على أن التوقع من المتكلم، وقد مر عن الدماميني أنه يكون من غيره. قوله: "ولم تقم أو ولما تقم" أي: مع أني كنت متوقعًا منك فيما مضى القيام كما يشعر به التعجب من عدم قيام المخاطب. قوله: "أختها" أي: نظيرتها في الأمور الخمسة المتقدمة.
قوله: "التي هي حرف وجود لوجود" إنما يظهر على القول بأنها حرف، وهو خلاف مذهب المصنف كما ستعرفه، ويمكن إجراؤه على القول بأنها ظرف بجعل الحرف مراد به مطلق الكلمة، والقول بأنها حرف قال الدماميني: هو مذهب سيبويه، ورجح بأشياء منها قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ} وقوله تعالى: {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ} إذ ما بعد ما النافية وإذا الفجائية لا يعمل فيما قبلها، ومنها: إجماعهم على زيادة أن بعدها ولو كانت ظرفًا، والجملة بعدها في محل خفض بالإضافة لزم الفصل بين المضاف إليه بأن. اهـ. قوله:(4/10)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما فعلت؛ أي: إلا فعلت، والمعنى: ما أسألك إلا فعلك. والتي هي حرف وجود لوجود لا يليها إلا ماضٍ لفظًا ومعنى نحو: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا}. وأما قوله:
1114- أقول لعبد الله لما سقاؤنا ونحن بوادي عبد شمس وهاشم
فقد تقدم الكلام عليه في باب الإضافة. وتسمية الشارح لما هذه حينية هو مذهب ابن السراج، وتبعه الفارسي وتبعهما ابن جني وتبعهم جماعة؛ أي: أنها ظرف بمعنى حين. وقال المصنف: بمعنى إذ، وهو أحسن؛ لأنها مختصة بالماضي وبالإضافة إلى الجملة، وعند ابن خروف أنها حرف. الثاني: حكى اللحياني عن بعض العرب: أنه ينصب بلم. وقال في شرح الكافية: زعم بعض الناس أن النصب بلم لغة؛ اغترارًا بقراءة بعض السلف: "ألم نشرحَ لك صدرك" [الشرح: 1]، بفتح الحاء، وبقول الراجز:
1115- في أي يومي من الموت أفر أيوم لم يقدر أم يوم قدر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"ولا يليهما المضارع" أي: وكلامه فيما يليه المضارع فلا حاجة إلى الاحتراز عنهما. قوله: "إلا فعلك" أي: إلا أن تفعل فالماضي في لما فعلت بمعنى المستقبل؛ ولهذا قال الشارح: الماضي لفظًا لا معنى. قوله: "فقد تقدم... إلخ" حاصله أن وَهِيَ فعل بمعنى سقط مفسر لفعل محذوف رفع سقاؤنا على الفاعلية وشم فعل أمر من شمت البرق إذا نظرت إليه، ولا يستعمل إلا في البرق كما قاله الفارضي، وهو وفاعله مقول القول. قوله: "لما هذه" أي: التي هي حرف وجود لوجود.
قوله: "وعند ابن خروف" بل وسيبويه على ما مر. قوله: "أن النصب بلم لغة" جزم به السيوطي. قوله: "أيوم" بالجرّ بدل من يومي ويجوز بناؤه على الفتح. قوله: "على أن الفعل مؤكد... إلخ" قال الدماميني: أو على أن الفتحة إتباع للفتحة قبلها أو بعدها، وخرج في المغني النصب في لم يقدر على أنه نقلت حركة همزة أم إلى راء يقدر الساكنة، ثم أبدلت الهمزة الساكنة ألفًا، ثم الألف همزة متحركة لالتقاء الساكنين، وكانت الحركة فتحة إتباعًا لفتحة الراء، كما في: "ولا الضالين" فيمن همز، وعلى ذلك قولهم: المرأة والكماة بالألف وقوله: كأن لم ترا قبلي أسيرا يمانيا
ولكن لم تحرك الألف فيهن لعدم التقاء الساكنين، وبيان ذلك في "ترا" أن أصله ترأى حذفت الألف للجازم ونقلت حركة الهمزة إلى الراء ثم أبدلت ألفًا. قال الدماميني: وعلى هذا تكتب ألف ترا ألفًا لا ياء. قوله: "وما" أي: الزائدة كما في الهمع. قوله: "تدخل همزة الاستفهام... إلخ" والأكثر كونها للتقرير أي: حمل المخاطب على الإقرار أي: على الاعتراف بالحكم الذي يعرفه من إثبات كما في: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} أو نفي كما في: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1114- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح شواهد المغني 2/ 682، ومغني اللبيب 1/ 281.
1115- الرجز للإمام علي بن أبي طالب في ديوانه ص79، وحماسة البحتري ص37، وللحارث بن منذر الجرمي في شرح شواهد المغني 2/ 674، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 14، والخصائص 3/ 94، والجنى الداني ص267، ولسان العرب 5/ 75 "قدر"، والمحتسب 2/ 366، ومغني اللبيب 1/ 277، والممتع في التصريف 1/ 322، ونوادر أبي زيد ص13.(4/11)
واجزِمْ بإِنْ ومَنْ وما ومهما أيٍّ متى أيَّان أين إذما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو عند العلماء محمول على أن الفعل مؤكد بالنون الخفيفة، ففتح لها ما قبلها، ثم حذفت ونويت. هذا كلامه وفيه شذوذان: توكيد المنفي بلم، وحذف النون لغير وقف ولا ساكنين. الثالث: الجمهور على أن لما مركبة من لم وما، وقيل: بسيطة. الرابع: تدخل همزة الاستفهام على لم ولما فيصيران ألم وألما باقيتين على عملهما نحو: ألم نشرح، ألم يجدك يتيمًا. ونحو قوله:
1116- وقلت ألما أصح والشيب وازع
ولما فرغ مما يجزم فعلًا واحدًا انتقل إلى ما يجزم فعلين فقال: "واجزم بإن ومن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} لا حمله على الإقرار بما يلي الهمزة دائمًا والأورد مثل هاتين الآيتين، وقد تجيء لغيره كالاستبطاء نحو: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ} والتوبيخ نحو: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ} ودخولها على لم أكثر. قوله: "وازع" أي: زاجر.
قوله: "إلى ما يجزم فعلين" أي: غالبًا وإلا فقد يجزم فعلًا وجملة كما إذا كان الجزاء جملة مقرونة بالفاء أو إذا الفجائية، فإن محلها جزم على ما في المغني من التفصيل، بين أن يكون الجزاء لشرط غير جازم مطلقًا أو جازم ولم يقترن بالفاء ولا بإذا الفجائية، فلا يكون له محل نحو: لو قام زيد لقام عمرو، ونحو: إن يقم أقم؛ لظهور الجزم في لفظ الفعل، وإن قمت قمت؛ لأن الذي في محل جزم الفعل لا الجملة بأسرها، وأن يكون الجزاء لشرط جازم، وقد اقترن بالفاء أو إذا الفجائية فيكون في محل جزم؛ لأنه لم يصدر بمفرد يقبل الجزم لفظًا أو محلًّا؛ لكن قال الدماميني وأقره الشمني: الحق أن جملة جواب الشرط لا محل لها مطلقًا؛ إذ كل جملة لا تقع موقع المفرد لا محل لها، وأما جزم "ويذرهم" من قوله تعالى: "فلا هادي له ويذرْهم" على قراءة الجزم، فبحرف شرط مقدر حذف لدلالة ما تقدم عليه، وإن يفعل ذلك يذرهم والمحكوم على محله بالجزم على القول به مجموع الفاء أو إذا وما بعدها كما في المغني في غير موضع، وفي الكشاف لأن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1116- صدره: على حين عاتبت المشيب على الصبا
والبيت من الطويل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص32، والأضداد ص151، وجمهرة اللغة ص315، وخزانة الأدب 2/ 456، 3/ 407، 6/ 550، 553، والدرر 3/ 144، وسر صناعة الإعراب 2/ 506، وشرح أبيات سيبويه 2/ 53، وشرح التصريح 2/ 42، وشرح شواهد المغني 2/ 816، 883، والكتاب 2/ 330، ولسان العرب 8/ 390 "وزع"، 9/ 70 "خشف"، والمقاصد النحوية 3/ 406، 4/ 357، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 111، والإنصاف 1/ 292، وأوضح المسالك 3/ 133، ورصف المباني ص349، وشرح شذور الذهب ص102، وشرح ابن عقيل ص387، وشرح المفصل 3/ 16، 4/ 591، 8/ 137، ومغني اللبيب ص571، والمقرب 1/ 290، 2/ 516، والمنصف 1/ 58، وهمع الهوامع 1/ 218.(4/12)
وحيثما أنَّى وحَرْفٌ إذما كإن وبَاقِي الأدواتِ أَسْمَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وما ومهما أي متى أيان أين إذ ما وحيثما أنى" فهذه إحدى عشرة أداة، كلها تجزم فعلين نحو: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284]، {وَإِمَّا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المجموع هو الذي لو وقع موقعه ما هو مصدر بمضارع لجزم وعلى ما في الغني مع القول بأن جملة اسم جواب الشرط الواقع مبتدأ هي خبره تكون جملة الجواب في نحو: من يقم فأني أكرمه، لها محل جزم ومحل رفع باعتبارين، وفي نحو: من يمقم أكرمه، لها محل رفع ولا محل لها باعتبارين. اهـ ملخصًا. وقد يجزم فعلًا واحدًا كما إذا كان فعل الشرط ماضيًا وجاء بعده مضارع مرفوع على ما صرح به جمع كما سيأتي، والتحقيق في نحو قولهم: زيد وإن كثر ماله بخيل، أن إن زائدة لمجرد الوصل؛ ولهذا تسمى وصلية والواو للحال أو شرطية والواو للعطف على مقدر؛ أي: أن لم يكثر ماله وإن كثر ماله، والجواب محذوف للدلالة عليه بقولنا: زيد بخيل؛ لكن ليس المراد بالشرط فيها حقيقة التعليق؛ إذ لا يعلق حقيقة على الشيء ونقيضه معًا بأن المراد التعميم كما في الدماميني. وقد يكون المحذوف الواو ومعطوفها كما في قوله تعالى: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} أي: وإن لم تنفع على أحد أوجه فيه ذكرها في المغني. قوله: "واجزم بأن" ذكر هنا ورود إن شرطية وفي باب إن وأخواتها ورودها مخففة من الثقيلة، وفي فصل أدوات النفي العاملة عمل ليس ورودها نافية وزائدة، وهذه هي أوجهها الأربعة المشهورة. قال في المغني: وزعم قطرب أنها قد تكون بمعنى قد كما في: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى}. وزعم الكوفيون أنها تكون بمعنى إذ التعليلية، وجعل منه: {اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، و{لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ}، وحديث: "وإنا إن شاء الله بكم لاحقون"، وقول الشاعر: أتغضب إن أذنا قتيبة حزنا جهارًا ولم تغضب لقتل ابن حازم
في رواية من كسر همزة إن أي: أغضبت جهارًا لقطع أذني قتيبة، ولم تغضب لما هو أعظم وهو قتل ابن حازم. وأجيب بأن إن قد يُؤتى بها للشرط المحقق لنكتة كالتهييج في الآية؛ كما تقول لابنك: إن كنت ابني فافعل كذا، وكتعليم العباد كيفية إخبارهم عن الأمر المستقبل في الثانية كالتبرك في الحديث، وأما البيت فإما على إقامة السبب مقام المسبب، والأصل: أتغضب أن يتفخر مفتخر بسبب حزه فيما مضى أذني قتيبة، وأما على معنى التبين أي: أتغضب أن يتبين حز أذني قتيبة فيما مضى، فالشرط غير محقق على الوجهين. اهـ بتخليص وإيضاح. وفي حاشية السيوطي على المغني الجواب عن أكثر أدلتهم بأن ما شأنه أن يكون مترددًا فيه بين الناس حسن تعليقه بأن من الله ومن غيره، سواء كان معلومًا للمتكلم أو للسامع أم لا.
قوله: "أنَّى" كما تأتي شرطًا تأتي استفهامًا بمعنى من أين نحو: {أَنَّى لَكِ هَذَا}؟ وبمعنى كيف نحو: {أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ} وبمعنى متى فتكون ظرف زمان نحو: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} على أحد أوجه. قال الشهاب في حواشي البيضاوي: أجاز المفسرون وجوه "أنَّى" كلها في هذه الآية، واعترضه أبو حيان بأنه لا يصح كونها شرطية؛ لأنها حينئذ ظرف مكان فتقتضي إباحة الإتيان في غير القبل، ولأنها لا يعمل فيها ما قبلها لصدراتها ولا استفهامية؛ لأنها لا يعمل فيها ما قبلها، ولأنها تلحق ما بعدها نحو: {أَنَّى لَكِ هَذَا} وهذه مفتقرة لما قبلها، فهي مشكلة على كل حال، ثم استظهر(4/13)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [الأعراف: 200]، ونحو: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123]، ونحو: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} [البقرة: 284]، وقوله:
1117- أرى العمر كنزًا ناقصًا كل ليلة وما تنقص الأيام والدهر ينفد
ونحو: {وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آَيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 230]، وقوله:
1118- ومهما يكن عند امرئ من خليقة وإن خالها تخفى على الناس تُعلم
ونحو: {أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: 110] وقوله:
1119- في أي نحو يميلوا دينه يَمِل
ونحو قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنها شرطية جوابها مقدر؛ أي: أنى شئتم فأتوه، نزل فيها تعميم الأحوال منزلة الظرفية المكانية، والجواب عن اعتراض الشرطية أن جوابها مقدر كما قال لتقدم دليله وما أوهمته من جوازه في غير القبل يأباه قوله حرث؛ لأن الحرث لا يكون إلا حيث ينبت البذر، وعن اعتراض الاستفهام بأنه لما خرج عن حقيقته جاز عمل ما قبله فيه نحو كان ماذا كما صرَّح به النحاة وأهل المعانى. اهـ ملخصًا. قوله: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ} أي: وشر ففيه اكتفاء.
قوله: "وقالوا مهما تأتنا... إلخ" الضميران في به وبها عائدان -كما قال الزمخشري- على مهما حملًا على اللفظ في الأول والمعنى في الثاني؛ لأنها بمعنى الآية، والأولى -كما في المغني- أن يعود ضمير بها على الآية، ومن آية حال من الهاء في به، وإطلاق الحال على الجار والمجرور تسمح إذا لحال في الحقيقة المتعلق المحذوف، فلا يرد أن جعله حالًا من الهاء في به يستلزم كون العامل فيه تأت؛ لأن العامل في الحال هو العامل في صاحبها مع تصريحهم بأن اللغو لا يقع حالًا ولا صفة ولا خبرًا، وما في {فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} حجازية، و"مؤمنين" في محل نصب خبرها؛ لأن الخبر لم يجئ في التنزيل مجردًا من الباء بعدما إلا منصوبًا. قوله: "من خليقة" أي: طبيعة بيان لمهما ويكن تامة ورابط الخبر والجملة الضمير في يكن، ويجوز غير ذلك كما سيأتي. وقوله: "خالها" أي: ظنها وتعلم جواب مهما. قوله: {أَيًّا مَا تَدْعُوا} أي: اسم تسموه فأيا واقعة على اسم مفعول ثانٍ لتدعوا بمعنى تسموا، وما زائدة والمفعول الأول محذوف. قوله: "في أي نحو" أي: جهة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1117- البيت من الطويل.
1118- البيت من الطويل، وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص32، والجنى الداني ص612، والدرر 4/ 184، 5/ 72، وشرح شواهد المغني ص386، 738، 743، وشرح قطر الندى ص37، ومغني اللبيب ص330، وبلا نسبة في مغني اللبيب ص323، وهمع الهوامع 2/ 35، 58.
1119- صدره: لَمَّا تمكَّنَ دنياهم أطاعهم
والبيت من البسيط، وهو لعبد الله بن همام في الكتاب 3/ 80، وبلا نسبة في لسان العرب 13/ 414 "كمن".(4/14)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1120- متى تأته تعشو إلى ضوء ناره تجد خير نار عندها خير موقد
وقوله:
1121- متى ما تلقني فردين ترجف روانف أليتيك وتستطارا
ونحو قوله:
1122- أيان نؤمنك تأمن غيرنا وإذا لم تُدرك الأمن منا لم تزل حذرا
وقوله:
1123- فأيان ما تعدل به الريح تنزل
ونحو قوله:
1124- أين تصرف بنا العُداة تجدنا نصرف العِيسَ نحوها للتلاقي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله:"تعشو" مرفوع في موضع الحال أي: عاشيًا، من عشا إذا أتى نارًا يرجو عندها خيرًا. عيني. قوله: "فردين" حال من الضمير المستتر والياء في تلقني. وقوله: "روانف" براء ثم نون ففاء جمع رانفة، وهي كما في القاموس أسفل الألية إذا كنت قائمًا. وقوله: "وتستطارًا" يقال: استطير فلان أي: إذا زعر وفزع. قوله: "تصرف بنا" إلينا. والعداة بضم العين جمع عاد، والعيس إبل بيض بشقرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1120- البيت من الطويل، وهو للأعشى في ديوانه ص51، وإصلاح المنطق ص198، والأغاني 2/ 168، وخزانة الأدب 3/ 74، 7/ 156، 9/ 92، 94، وشرح أبيات سيبويه 2/ 65، والكتاب 3/ 86، ولسان العرب 15/ 57 "عشا"، ومجالس ثعلب ص467، والمقاصد النحوية 4/ 439، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص871، وخزانة الأدب 5/ 210، وشرح ابن عقيل ص581، وشرح عمدة الحافظ ص363، وشرح المفصل 2/ 66، 4/ 148، 7/ 45، 53، وما ينصرف وما لا ينصرف ص88، والمقتضب 2/ 65.
1121- البيت من الوافر، وهو لعنترة في ديوانه ص234، وخزانة الأدب 4/ 297، 7/ 507، 514، 553، 8/ 22، والدرر 5/ 94، وشرح التصريح 2/ 294، وشرح شواهد الشافية ص505، وشرح عمدة الحافظ ص460، وشرح المفصل 2/ 55، ولسان العرب 4/ 513 "طير"، 14/ 43 "ألا"، 14/ 231 "خصا"، والمقاصد النحوية 3/ 174، وبلا نسبة في أسرار العربية ص191، وأمالي ابن الحاجب 1/ 451، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 301، وشرح المفصل 4/ 116، 6/ 87، ولسان العرب 9/ 127 "رنف"، وهمع الهوامع 2/ 63.
1122- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في شرح شذور الذهب ص436، وشرح ابن عقيل ص582، والمقاصد النحوية 4/ 423.
1123- صدره: إذا النعجة الأدماء كانت بقفرة
والبيت من الطويل، وهو لأمية بن أبي عائذ في شرح أشعار الهذليين 2/ 526، وشرح عمدة الحافظ ص363، وبلا نسبة في الدرر 5/ 95، وشرح قطر الندى ص88، وهمع الهوامع 2/ 63.
1124- البيت من الخفيف، وهو لابن همام السلولي في الكتاب 2/ 58، وبلا نسبة في شرح المفصل 4/ 105، 7/ 45، والمقتضب 2/ 48.(4/15)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ونحو قوله تعالى: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ} [النساء: 78] وقوله:
1125- صعدة نابتة في حائر أينما الريح تميلها تمل
ونحو قوله:
1126- وإنك إذ ما تأتِ ما أنت آمر به تلف من إياه تأمر آتيا
ونحو قوله:
1127- حيثما تستقم يقدر لك اللـ ـه نجاحًا في غابر الأزمان
وقوله:
1128- خليلي أن تأتياني تأتيا أخا غير ما يرضيكما لا يحاول
"وحرف إذ ما" أي: إذ ما حرف "كإن" معنى وفاقًا لسيبويه، لا ظرف زمان زيد عليها ما، كما ذهب إليه المبرد في أحد قوليه، وابن السراج والفارسي. "وباقي الأدوات أسما" أما: من وما ومتى وأي وأيان وأين وأنى وحيثما فباتفاق، وأما: مهما فعلى الأصح.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله:"صعدة... إلخ" أي: تلك المرأة في اللين والاعتدال كالصعدة أي: الرمح المستوي والحائر بالحاء والراء المهملتين مجتمع الماء.
قوله: "نجاحًا" أي: ظفرًا بالمقصود. وقوله: "في غابر الأزمان" الغابر يطلق على المستقبل والماضي والمراد هنا الأول كما قاله العيني والدماميني والشمني. قوله: "معنى" فهي لمجرد التعليق. قوله: "وباقي الأدوات أسما" تفصيل إعراب أسماء الشروط على ما في الهمع وغيره أن يقال: إذا وقعت الأداة الشرطية بعد حرف جار أو مضاف فهي في محل جر نحو: عما تسأل أسأل، وغلام من تضرب أضرب، وإلا فإن وقعت على زمان أو مكان فظرف، فهي في موضع نصب على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1125- البيت من الرمل، وهو لكعب بن جعيل في خزانة الأدب 3/ 47، والدرر 5/ 79، وشرح أبيات سيبويه 2/ 196، والمؤتلف والمختلف ص84، وله أو للحسام بن ضرار في المقاصد النحوية 4/ 424، وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 618، وخزانة الأدب 9/ 39، 43، وشرح المفصل 9/ 10، والكتاب 3/ 113، ولسان العرب 4/ 223 "حير"، والمقتضب 2/ 75، وهمع الهوامع 2/ 59.
1126- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح ابن عقيل ص583، وشرح عمدة الحافظ ص365، وشرح قطر الندى ص89، والمقاصد النحوية 4/ 425.
1127- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في تذكرة النحاة ص736، وخزانة الأدب 7/ 20، وشرح شذور الذهب ص437، وشرح شواهد المغني 1/ 391، وشرح ابن عقيل ص583، وشرح عمدة الحافظ ص365، وشرح قطر الندى ص89، ومغني اللبيب 1/ 133، والمقاصد النحوية 4/ 426.
1128- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح شذور الذهب ص437، وشرح ابن عقيل ص583، والمقاصد النحوية 4/ 42(4/16)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتنقسم هذه الأسماء إلى ظرف وغير ظرف، فغير الظرف: من وما ومهما، فمن لتعميم أولي العلم، وما لتعميم ما تدل عليه، وهي موصولة، وكلتاهما مبهمة في أزمان الربط، ومهما بمعنى ما، ولا تخرج عن الاسمية -خلافًا لمن زعم أنها تكون حرفًا- ولا عن الشرطية -خلافًا لمن زعم أنها تكون استفهامًا- ولا تجر بإضافة ولا بحرف جر بخلاف من وما. وذكر في الكافية والتسهيل أن ما ومهما قد يردان ظرفي زمان. قال في شرح الكافية: جميع النحوين يجعلون ما ومهما مثل من في لزوم التجرد عن الظرفية، مع أن استعمالهما ظرفين ثابت في أشعار الفصحاء من العرب. وأنشد أبياتًا منها ما في قول الفرزدق:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الظرفية نحو: متى تقم أقم و{أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ} [النساء: 78] أو على حدث فمفعول مطلق نحو: أي ضرب تضرب أضرب، وإلا فإن وقع بعدها فعل لازم نحو: من يقم أقم معه، فمبتدأ خبره فعل الشرط وفيه ضميرها؛ لأن قولك: من يقم لو خلا عن معنى الشرط بمنزلة قولك: كل من الناس يقوم، وقيل: هو والجواب؛ لأن الكلام لا يتم إلا بالجواب، فكان داخلًا في الخبر، وقيل: الجواب؛ لأن الفائدة به تمت، ورد بأنه أجنبي من المبتدأ، وفيه نظر، وبأن توقف الفائدة عليه من حيث التعليق لا من حيث الخبرية أو متعد واقع عليها نحو: من يضرب زيدًا أضربه، ومن تضرب أضربه، فمفعول به أو واقع على ضميرها نحو: من يضربه زيد أضربه، ومن تضربه أضربه، أو متعلقها نحو: من يضرب زيد أخاه فاضربه، فاشتغال فيجوز في أداة الشرط أن تكون في موضع رفع على الابتداء، وأن تكون في موضع نصب بفعل مضمر يفسره الظاهر بعدها ومثلها في هذا التفصيل أسماء الاستفهام.
قوله: "لتعميم أولي العلم" أي: لأولي العلم عمومًا، وكذا يقال فيما بعده. قوله: "وهي موصولة" حال من فاعل تدل أي: لتعميم مدلولها في حال الموصولية وليس استئنافًا حتى يفيد أنها حال الشرطية موصولة. اهـ سم. ولعل الشارح إنما قال ذلك ولم يقل: لتعميم غير العاقل؛ ليجري كلامه على القول بوضع ما لغير العاقل، والقول بوضعها لما يعمه ويعم العاقل. قوله: "مبهمة في أزمان الربط" أي: لا تدل على زمن معين من أزمان ربط الجواب بالشرط. قوله: "ومهما بمعنى ما" وقيل: أعم منها. قوله: "أنها تكون حرفاً" زاعم ذلك هو السهيلي قال: هي في قوله: "ومهما يكن عند امرئ" البيت حرف بدليل أنها لا محل لها، ولم يعد عليها ضمير، ورد بأنها إما خبر يكن وخليقة اسمها ومن زائدة، وإما مبتدأ واسم يكن ضمير يعود عليها وعند امرئ خبرها إن جعلت يكن ناقصة أو الضمير في يكن فاعلها وعند امرئ ظرف لغو متعلق بيكن إن جعلت تامة، ومن بيان لمهما على وجهي كونها مبتدأ. قوله: "أنها تكون استفهامًا" زاعم ذلك هو المصنف وجماعة قالوا: هي في قوله: مهما لي الليلة مهما ليه
مبتدأ ولي الخبر، وأعيدت الجملة توكيدًا، وأجيب بأنه يحتمل أن التقدير منه اسم فعل ثم استأنف استفهامًا بما وحدها. قوله: "ولا تجر بإضافة" فلا يقال جهة مهما تكن أكن.(4/17)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1129- وما تحي لا أرهب وإن كنت جارمًا ولو عد أعدائي عليَّ لهم دخلا
وقول ابن الزبير:
1130- فما تحي لا تُسأم حياة وإن تمت فلا خير في الدنيا ولا العيش أجمعا
وفي مهما قول حاتم:
1131- وإنك مهما تُعطِ بطنك سؤله وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا
وقول طفيل الغنوي: نبئت أن أبا شُتيم يدَّعِي مهما يعش يسمع بما لم يسمع
قال ابنه: ولا أرى في هذه الأبيات حجة؛ لأنه يصح تقديرها بالمصدر. انتهى. وأصل مهما ماما الأولى شرطية والثانية زائدة، فثقل اجتماعهما، فأبدلت ألف الأولى هاء. هذا مذهب البصريين. ومذهب الكوفيين أصلها مه بمعنى اكفف زيدت عليها ما، فحدث بالتركيب معنى لم يكن. وأجازه سيبويه. وقيل: إنها بسيطة. وأما أي: فهي عامة في ذوي العلم وغيرهم، وهي بحسب ما تضاف إليه، فإن أضيفت إلى ظرف مكان فهي ظرف مكان، وإن أضيفت إلى ظرف زمان فهي ظرف زمان، وإن أضيفت إلى غيرهما فهي غير ظرف. وأما الظرف فينقسم إلى زماني ومكاني؛ فالزماني: متى وأيان -وهما لتعميم الأزمنة- وكسر همزة أيان لغة سليم. وقرئ بها شاذًّا. والمكاني: أين وأنى وحيثما، وهي لتعميم الأمكنة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وما تحي لا أرهب" أي: لا أخف وإن كنت جارمًا أي: مذنبًا. وقوله: "دخلًا" ذكر للدخل صاحب القاموس معاني منها الغدر والخديعة. قوله: "لأنه يصح تقديرها بالمصدر" أي: وحده من غير تقدير الظرف، والتقدير: أي حياة تحي وأي إعطاء تعط وأي عيشة تعش، فموضع ما ومهما في هذه الأبيات نصب على المفعولية المطلقة. قوله: "معنى لم يكن" وهو الشرط. قوله: "وقيل: إنها بسيطة" هو المختار؛ لأنه لم يقم على التركيب دليل قاله أبو حيان. اهـ سم. قال الدماميني: وينبغي لمن قال بالبساطة أن يكتبها بالياء، ولمن قال أصلها ماما أن يكتبها بالألف. اهـ. وكمن قال أصلها ماما من قال: أصلها مه وما، قال في الهمع: وألفها على البساطة قيل: تأنيث وقيل: إلحاق. قوله: "فالزماني متى وأيان... إلخ" ظاهر إطلاقه أن أيان لا تختص بالمستقبل، وهو صريح تمثيل السكاكي والقزويني بأيان جئت، والذي في التسهيل وكلام أبي حيان أنها تختص بالمستقبل؛ كقوله تعالى: {أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النحل: 21، النمل: 65] فلا يقال: أيان خرجت قاله الدماميني.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1129- البيت من الطويل، وهو في ديوان الفرزدق 2/ 127.
1130- البيت من الطويل، وهو ليس في ديوان ابن الزبير.
1131- البيت من الطويل، وهو في ديوان حاتم الطائي ص174، والجنى الداني ص610، وخزانة الأدب 9/ 27، والدرر 5/ 71، وشرح شواهد المغني ص744، ومغني اللبيب ص331.(4/18)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهات: الأول: هذه الأدوات في لحاق ما على ثلاثة أضرب: ضرب لا يجزم إلا مقترنًا بها، وهو حيث وإذ -كما اقتضاه صنيعه- وأجاز الفراء الجزم بهما بدون ما، وضرب لا يلحقه ما وهو من وما ومهما وأنَّى، وأجازه الكوفيون في من وأنى، وضرب يجوز فيه الأمران، وهو إن وأي ومتى وأين وأيان، ومنع بعضهم في أيان، والصحيح الجواز. الثاني: ذكر في الكافية والتسهيل: أن إن قد تُهمل حملًا على لو كقراءة طلحة: "فإما ترين" [مريم: 26] بياء ساكنة ونون مفتوحة، وأن متى قد تُهمل حملًا على إذا، ومثل بالحديث: إن أبا بكر رجل أسيف، وأنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس. وفي الارتشاف: ولا تهمل حملًا على إذا خلافًا لمن زعم ذلك يعني متى. الثالث: لم يذكر هنا من الجوازم إذا وكيف ولو، أما إذا فالمشهور أنه لا يجزم بها إلا في الشعر، لا في قليل من الكلام ولا في الكلام إذا زيد بعدها ما، خلافًا لزاعم ذلك، وقد صرح بذلك في الكافية فقال: وشاع جزم بإذا حملًا على متى وذا في النثر لم يُستعملا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "حيث وإذ" قال الدماميني: وإنما وجبت زيادة ما فيهما لتكفهما عن الإضافة فيتأتى الجزم بهما؛ وإنما لم تجتمع الإضافة والجزم؛ لأن المضاف إليه حال محل الاسم، فهو واجب الجر فكيف يجزم. اهـ. وقال الفارضي: زيدت ما عوضًا عن الجملة التي تضاف إليها إذ وحيث. اهـ. وقيل: فرقًا بين حالة جزمهما وحالة عدمه. قوله: "فإما ترين" بياء المخاطبة الساكنة ونون الرفع المفتوحة. قوله: "أسيف" أي: ذو أسف وحزن. وقوله: "يقوم مقامك" أي: في الصلاة. وقوله: "لا يسمع الناس" أي: لبكائه كما في الفارضي. قوله: "يعني متى" تفسير للضمير في ولا تهمل. قوله: "لم يذكر هنا... إلخ" قال في الهمع: ولا يجزم المسبب عن صلة الذي وعن صفة النكرة الموصوفة، وأجازه الكوفيون تشبهًا بجواب الشرط، فيقال: الذي يأتيني أحسن إليه، وكل رجل يأتيني أكرمه، واختاره ابن مالك. قوله: "أما إذا... إلخ" قال أبو حيان: وإذا استعملت إذا شرطًا فهل تكون مضافة للجملة بعدها أم لا؟ قولان وينبني على ذلك الخلاف في العامل فيها، فمن قال: إنها مضافة، أعمل فيها الجزاء ولا بد، ومن منع ذلك أعمل فيها الشرط كسائر الأدوات. اهـ.وظاهره أن الخلاف في الإضافة وعدمها جارٍ فيها وإن كانت جازمة، وهو خلاف ما في المغني من أنه إذا لم تكن جازمة -وهو الظاهر- لعدم اجتماع الإضافة كما مر قريبًا عن الدماميني، وفائدة الخلاف أن نحو: إذا جاء زيد فأنا أكرمه، جملة اسمية إن قلنا: إن عامل إذا جوابها أي: ما في جوابها من فعل أو شبهه؛ لأن صدر الكلام جملة اسمية، وإذا وما أضيف إليه في رتبة التأخير كما في يوم تسافر أنا أسافر، وإن قلنا: فعل الشرط وإذا غير مضافة فالجملة فعلية قدم ظرفها كما في: متى تقم فأنا أقوم، والقائل بالأول يعتبر فاء الربط مانعة من عمل ما بعدها فيما قبلها؛ لأن تقدم الاسم لغرض وهو تضمنه معنى الشرط الذي له الصدر جوز ذلك.
قوله: "لا يجزم بها إلا في الشعر" لأنها موضوعة لزمن معين واجب الوقوع والشرط المقتضي للجزم لا يكون إلا فيما يحتمل الوقوع وعدمه. قوله: "من الكلام" أي: النثر. قوله:(4/19)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال في شرحها: وشاع في الشعر الجزم بإذا حملًا على متى، فمن ذلك إنشاد سيبويه:
1132- ترفَّع لي خندف والله يرفع لي نارًا إذا خمدت نيرانهم تقد
وكإنشاد الفراء:
1133- واستغنَ ما أغناك ربك بالغنى وإذا تصبك خصاصة فتجمل
ولكن ظاهر كلامه في التسهيل جواز ذلك في النثر على قلة، وهو ما صرح به في التوضح فقال: هو في النثر نادر وفي الشعر كثير، وجعل منه قوله عليه الصلاة والسلام لعلي وفاطمة رضي الله عنهما: "إذا أخذتما مضاجعكما تُكبرا أربعًا وثلاثين" الحديث. وأما كيف فيجازى بها معنى لا عملًا خلافًا للكوفيين فإنهم أجازوا الجزم بها قياسًا مطلقًا ووافقهم قطرب، وقيل: يجوز بشرط اقترانها بما، وأما لو فذهب قوم -منهم ابن الشجري- إلى أنها يجزم بها في الشعر، وعليه مشى المصنف في التوضيح. وورد ذلك في الكافية فقال: وجوَّز الجزم بها في الشعر ذو حجة ضعفها من يدري
وتأول في شرحها قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"خندف" بكسر الخاء المعجمة والدال وبالفاء بوزن زبرج لقب امرأة اسمها ليلى، قاله شيخنا السيد وخمدت بفتح الميم وكسرها. قوله: "وكإنشاد الفراء" لو قال: وإنشاد الفراء، عطفًا على إنشاد سيبويه لكان مناسبًا. قوله: "خصاصة" أي: فقر فتحمل يروي بالحاء المهملة وبالجيم. قوله: "معنى لا عملًا" لمخالفتها لأدوات الشرط بوجوب موافقة شرطها لجوابها قالوا: ومن ورودها شرطًا ينفق كيف يشاء {يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ} [آل عمران: 6] وجوابها في ذلك محذوف لدلالة ما قبلها، وهذا يشكل على إطلاقهم وجوب مماثلة جوابها لشرطها، فأما أن يمنع كونها فيما ذكر شرطية أو يقيد إطلاقهم بما إذا كان شرطها غير المشيئة والإرادة.
قوله: "مشى المصنف في التوضيح" كتاب للمصنف ألَّفه في إعراب مشكلات البخاري. قوله: "وتأول" في شرحها. قوله: "لو يشأ... إلخ" سيذكر الشارح في فصل لو أن البيت الأول جاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1132- البيت من البسيط، وهو للفرزدق في الأزمنة والأمكنة 1/ 241، وخزانة الأدب 7/ 22، وشرح المفصل 7/ 47، والكتاب 3/ 62، وبلا نسبة في المقتضب 2/ 56.
1133- البيت من الكامل، وهو لعبد قيس بن خفاف في الدرر 3/ 102، وشرح اختيارات المفضل ص1558، وشرح شواهد المغني 1/ 271، ولسان العرب 1/ 712 "كرب"، والمقاصد النحوية 2/ 203، ولحارثة بن بدر الغداني في أمالي المرتضى 1/ 383، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 335، وشرح عمدة الحافظ ص374، ومغني اللبيب 1/ 93، وهمع الهوامع 1/ 206.(4/20)
فِعْلَيْنِ يَقْتَضِينَ شَرْطٌ قُدِّمَا يتلو الجزاء وَجَوَابًا وُسِمَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1134- لو يشأ طار به ذو ميعة
وقوله:
1135- تامت فؤادك لو يُحزنك ما صنعت إحدى نساء بني ذهل ابن شيبانا
ووقع له في التسهيل كلامان؛ أحدهما: يقتضي المنع مطلقًا. والثاني: ظاهره موافقة ابن الشجري "فعلين يقتضين" أي: تطلب هذه الأدوات فعلين "شرط قدما يتلو الجزاء" أي:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على لغة من يقول في شاء يشاء شايشا بالألف، ثم أبدلت همزة ساكنة كما قيل العألم والخأتم، وأن الثاني سكن فيه الفعل تخفيفًا؛ كقراءة أبي عمر: {وَيَنْصُرْكُمْ} [التوبة: 14] و{يُشْعِرُكُمْ} [الأنعام: 109] وهذا التأويل يجيء في الأول أيضًا، وفي بعض النسخ تمام البيت؛ وهو: لاحق الآطال نهد ذو خصل
قال الشمني: والميعة النشاط وأول جري الفرس واللاحق الضامر، والآطال جمع إطل بكسر الهمزة وسكون الطاء وكسرها وهي الخاصرة، فاستعمل الشاعر الجمع فيما فوق الواحد، ونهد بفتح النون وسكون الهاء؛ أي جسيم، وخصل بضم الخاء المعجمة وفتح الصاد المهملة جمع خصلة؛ وهي القطعة من الشعر. اهـ. وقوله: والميعة النشاط الذي في القاموس ماع الفرس يميع جرى. اهـ. وفي بعض النسخ منعة بالنون بدل التحتية؛ أي: قوة، والضمير في "يشأ" يرجع إلى الفارس المذكور في البيت قبله، والذي رأيته في المغني وشرح شواهده للسيوطي طار به بضمير مذكر يرجع إلى الفارس. قال السيوطي: أي لو يشأ أنجاه فرس له ذو ميعة... إلخ، فما في نسخ من تأنيث الضمير المجرور بالباء غير صواب. قوله: "تامت فؤادك... إلخ" يقال: تامة الحب وتيمه أي: أذله.
قوله: "المنع مطلقًا" أي: في النثر والشعر. قوله: "فعلين يقتضين" فعلين مفعول مقدم ليقتضين كما يفيده قول الشارح أي: تطلب هذه الأدوات فعلين، والجملة مستأنفة لا نعت لقوله: اسمًا؛ لإيهامه أن إذ ما وإن لا يقتضيان فعلين، وعلى الإعراب المذكور فاجزم في قوله سابقًا واجزم بأن... إلخ محذوف المفعول للعلم به من هنا أو منزل منزلة اللازم، ويصح جعل فعلين مفعوله وجملة يقتضين نعت لفعلين والرابط محذوف أي: يقتضينهما وعليه فقوله: سابقًا وحرف إذ ما... إلخ كلام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1134- عجزه: لا حق الآطال نهد ذو خُصل
والبيت من الرمل، وهو لعلقمة الفحل في ديوانه ص134، ولامرأة من بني الحارث في الحماسة البصرية 1/ 243، وخزانة الأدب 11/ 298، 300، والدرر 5/ 97، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1108، وشرح شواهد المغني 2/ 664، ولعلقمة أو لامرأة من بني الحارث في المقاصد النحوية 2/ 539، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 334، وتذكرة النحاة ص39، والجنى الداني ص287، ومغني اللبيب 1/ 271، وهمع الهوامع 2/ 64.
1135- البيت من البسيط، وهو للقيط بن زرارة في لسان العرب 12/ 75 "تيم"، والعقد الفريد 6/ 84، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص411، وشرح شواهد المغني 2/ 665، ومغني اللبيب 1/ 271.(4/21)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبعه الجزاء "وجوابًا وسما" أي: علم؛ يعني: يسمى الجزاء جوابًا أيضًا؛ وإنما قال فعلين ولم يقل جملتين للتنبيه على أن حق الشرط والجزاء أن يكونا فعلين، وإن كان ذلك لا يلزم في الجزاء، وأفهم قوله يتلو الجزاء أنه لا يتقدم، وإن تقدم على أداة الشرط شبيه بالجواب فهو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معترض بين الفعل ومفعوله وشرط مبتدأ وسوغ الابتداء به وقوعه في معرض التفصيل خبره قدمًا أو خبر لمحذوف أي: أحدهما شرط وجملة المبتدأ والخبر على كل مستأنفة وجملة يتلو الجزاء إما مستأنفة أو خبر ثانٍ على جعل شرط مبتدأ أو صفة ثانية على جعله خبرًا لمحذوف والرابط محذوف أي: يتلوه. وفي بعض النسخ شرطًا بالنصب على المفعولية ليقتضين بناء على أن فعلين مفعول لا جزم لا ليقتضين وأن يقتضين مستأنف لا نعت لفعلين ولا يصح جعله بدلًا من فعلين؛ لأن التابع غير مستوفٍ للمتبوع؛ وإنما يجوز الاتباع فيما كان مستوفيًا نحو: لقيت الرجلين زيدًا وعمرًا، وبتقرير المقام على هذا الوجه التام يعلم ما في كلام البعض من القصور والإيهام. واعلم أن جملة الشرط يجب تصديرها بفعل مضارع غير دعاء ولا ذي تنفيس مثبت أو منفي بلا أو لم أو بفعل ماضٍ عارٍ من قد ونفي ودعاء وجمود، ولو كان الفعل مضمرًا يفسره فعل نحو: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} وكونه في هذه الحالة مضارعًا دون لم ضرورة نحو: ولديك أن هو يستزدك مزيد
والاختيار أن يكون عند الإضمار والتفسير ماضيًا أو مضارعًا مقرونًا بلم، وكذا تقديم الاسم عند الإضمار والتفسير مع غير أن ضرورة في الأصح نحو: فمن نحن نؤمنه يبت وهو آمن
وقوله: أينما الريح تميلها تمل
وجوَّزه الكسائي اختيارًا مع من وأخواته كذا في الهمع. قوله: "يتلو الجزاء" شرطه الإفادة كخبر المبتدأ، فلا يجوز: إن يقم زيد يقم. فإن دخله معنى يخرجه للإفادة جاز، ومنه: "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله". سيوطي. قوله: "وجوابا وسما" قال أبو حيان: التسمية بهما مجاز فإن الجزاء الثواب أو العقاب على فعل. والجواب ما وقع في مقابلة كلام المسائل؛ لكن لما أشبه الفعل الثاني في ترتبه على الأول الجزاء والجواب سُمي جزاء وجوابًا. اهـ ملخصًا. قال سم: دعوى التجوز صحيحة باعتبار اللغة، وأما باعتبار الاصطلاح فهي ممنوعة؛ بل الظاهر أن التسمية حقيقة اصطلاحية. قوله: "وإنما قال فعلين" أي: اعتبارًا بالمسند فقط ولم يقل جملتين أي: كما قال في التسهيل اعتبارًا بمجموع المسند والمسند إليه للتنبيه على أن... إلخ أي: ولأن التعبير بجملتين يوهم جواز كون الشرط جملة اسمية مع أنه ليس كذلك. قوله: "أنه لا يتقدم" كذا معموله إلا أن يكون الجواب مرفوعًا نحو: خيرًا إن أتيتني تصيب وسوغ ذلك أنه ليس فعل جواب؛ بل في نية التقديم والجواب محذوف. اهـ. سيوطي. وفي الفارضي ما نصه: أجاز الكسائي والفراء تقديم معمول الجزاء على أداة الشرط نحو: خيرًا إن تكرمني تصب، وأجاز الكسائي(4/22)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دليل عليه وليس إياه. هذا مذهب جمهور البصريين. وذهب الكوفيون والمبرد وأبو زيد إلى أنه الجواب نفسه. والصحيح الأول. قوله: "وأفهم" يقتضين: أن أداة الشرط هي الجازمة للشرط والجزاء معًا لاقتضائها لهما: أما الشرط فنقل الاتفاق على أن الأداة جازمة له، وأما الجزاء ففيه أقوال؛ قيل: هي الجازمة له أيضًا كما اقتضاه كلامه، قيل: وهو مذهب المحققين من البصريين، وعزاه السيرافي إلى سيبويه. وقيل: الجزم بفعل الشرط، وهو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تقديم معمول الشرط نحو: زيدًا إن لقيت فأكرمه، والمعتمد خلاف ذلك كما سبق في الاشتغال. اهـ. قوله: "وإن تقدم على أداة الشرط... إلخ" قال في التسهيل: ولا يكون الشرط حينئذ أي: حين إذ حذف الجواب وقدم دليله غير ماضٍ إلا في الشعر؛ كقوله: ولديك ان هو يستزدك مزيد
وإن كان غير ماضٍ مع من أو ما أو أي وجب في السعة جعلها موصولة، وإعطاؤها حكم الموصول فتقول: أعطِ من يعطي زيدًا وأحب ما يحبه وأكرم أيهم يحبك برفع الفعل والمجيء بالعائد وكون الجملة لا محل لها، أما في الضرورة فيجوز بقاء الشرطية والجزم، وكذا إن أضيف إليهن اسم زمان نحو: أتذكر إذ من يأتينا تأتيه؛ لأن أسماء الزمان لا تضاف إلى جملة مصدرة بأن، فكذا المصدرة بما تضمن معناها كمن، خلافًا للزيادي حيث جوَّز في هذه الصورة الجزم اختيارًا، ويجب ما ذكر لهن مطلقًا سعة أو ضرورة تلاهن ماضٍ أو مضارع إثر هل؛ لأن هل لا تدخل على أن، فكذا ما تضمن معنى أن بخلاف الهمزة فيجوز معها الجزم على الأصح نحو: أمن يأتك تأته لدخولها على أن أو إثر ما النافية أو باب كان أو باب أن، وأما قول الأعشى: إن من يدخل الكنيسة يومًا يلق فيها جآذرا وظباء
فعلى تقدير ضمير الشأن، وإنما وجبت موصوليتها بعد هذه العوامل؛ لأن اسم الشرط لا يعمل فيه عامل متقدم إلا الجار أو إثر؛ لكن المخففة أو إذا الفجائية غير مضمر بعدهما مبتدأ، فإن أضمر جاز الجزم تقول: رأيت زيدًا فإذا من يأته يكرمه أي: فإذا هو وزيد جميل الأخلاق؛ لكن من يزره يهنه أي: لكن هو. اهـ. مع زيادات من الدماميني والهمع. قوله: "فنقل الاتفاق... إلخ" حُكي في التصريح قولًا بأن الشرط والجواب تجازما، وهو يمنع الاتفاق المذكور، فافهم.
قوله: "وأما الجزاء... إلخ" حاصل ما ذكره فيه أربعة أقوال وبقي قولان؛ أحدهما: ما في الفارضي عن المازني أن الشرط والجزاء مبنيان مطلقًا حتى في نحو: إن تقم أقم؛ لأن المضارع إنما أعرب لوقوعه موقع الاسم، وهو متعذر هنا، ونقض بلن أضرب؛ إذ لا يقع الاسم هنا أيضًا مع أن الفعل معرب ثانيهما ما حكاه في التصريح أنهما تجازما. قوله: "هي الجازمة له أيضًا" اعترض بأن الجازم كالجار فلا يعمل في شيئين، وبأنه ليس لنا ما يتعدد عمله إلا ويختلف كرفع ونصب، ويجاب بالفرق بأن الجازم لما كان لتعليق حكم على آخر عمل فيهما بخلاف الجار، وبأن تعدد العمل قد عهد من غير اختلاف كمفعولي ظن ومفاعيل أعلم. تصريح قوله: "بفعل الشرط" لأنه مستدع له بما أحدثت فيه الأداة من معنى الاستلزام ورد باستغراب عمل الفعل الجزم. دماميني.(4/23)
وماضِيَيْنِ أو مضَارِعَيْنِ تُلْفِيهِمَا أو مُتَخَالِفَيْنِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مذهب الأخفش، واختاره في التسهيل. وقيل: بالأداة والفعل معًا، ونسب إلى سيبويه والخليل. وقيل: بالجوار، وهو مذهب الكوفين. "وماضيين أو مضارعين تلفيهما" أي: تجدهما "أو متخالفين" هذا ماضٍ وهذا مضارع، فمثال كونهما مضارعين وهو الأصل نحو: {وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ} [الأنفال: 19]، وماضيين نحو: {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا} [الإسراء: 8]، وماضيًا فمضارعًا نحو: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ} [الشورى: 20]، وعكسه قليل، وخصه الجمهور بالضرورة، ومذهب الفراء والمصنف جوازه في الاختيار، وهو الصحيح لما رواه البخاري من قوله عليه الصلاة والسلام: "مَن يقم ليلة القدر إيمانًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "معًا" أي: لارتباطهما، وحرف الشرط ضعيف كالجار لا يقدر على عملين، وجوابه مر آنفًا. قوله: "بالجوار" رد بأنه قد يكون بينهما معمولات فاصلة، فلا تجاور. تصريح.
قوله: "وماضيين" أي: لفظًا لا معنى؛ لأن هذه الأدوات تقلب الماضي للاستقبال شرطًا أو جوابًا، سواء في ذلك كان وغيرها على الأصح بدليل: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] الآية. وقال ابن الحاجب: قد يستعمل الفعل الواقع شرطًا لأن أو غيرها في مطلق الزمان مجازًا نحو: {وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ} [محمد: 36] ونحو: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ} فيدخل الماضي والمستقبل، كذا في الدماميني. وزعم المبرد وتبعه الرضي أن كان تبقى على المضي لقوتها فيه، كما أن كنت قلته علمته، ويجاب بأن المعنى إن أكن موصوفًا بأني قتلته فيما مضى، وسواء في ذلك أيضًا الجواب المقرون بالفاء وقد ظاهرة أو مقدرة وغيره على الأصح، وقال المصنف تبعًا للجزولي: إن الفعل المقرون بالفاء وقد ظاهرة أو مقدرة يكون جواب الشرط وهو ماضي اللفظ والمعنى نحو: {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} [يوسف: 77] و{وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ} [يوسف: 27] فكذبت أي: فقد كذبت. قال أبو حيان: وذلك مستحيل من حيث أن الشرط يتوقف عليه مشروطه، فيجب أن يكون الجواب بالنسبة إليه مستقبلًا، فيتأول ما ورد من ذلك على حذف الجواب أي: إن يسرق فتأسّ فقد سرق أخ له من قبل، ومثله {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ} [فاطر: 4] أي: فتسل فقد كذبت، قال: وإنما سُمي المذكور جوابًا لأنه مغنٍ عنه ومفهم له، كذا في الهمع، وتأوله بعضهم بأن المراد ترتيب الأخبار بسرقة أخيه في الزمن الماضي على سرقته في الزمن المستقبل، وترتيب الأخبار بكذبها في الزمن الماضي على قد قميصه من دبر في الزمن المستقبل. قال الدماميني: والأصل عدم تكرر المشروط بتكرر الشرط ما لم يقتضِ العرف ذلك كما في {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا} [المائدة: 6] الآية، وكما في {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 6] الآية. اهـ. واعلم أن الأحسن أن يكونا مضارعين لظهور تأثير العامل فيهما، ثم ماضيين للمشاكلة في عدم التأثير، ثم أن يكون الشرط ماضيًا والجواب مضارعًا؛ لأن فيه الخروج من الأضعف إلى الأقوى؛ أعني: من عدم التأثير إلى التأثير، وأما عكسه فخصه الجمهور بالضرورة. سيوطي عن أبي حيان.
قوله: "وخصه الجمهور بالضرورة" لأن إعمال الأداة في لفظ الشرط ثم المجيء بالجواب ماضيًا كتهيئة العامل للعمل ثم قطعه. اهـ حفيد. قوله: "إيمانًا" أي: تصديقًا بأنها حق وطاعة واحتسابًا(4/24)
وبعد ماضٍ رفعك الجزا حَسَنْ ورفعه بعد مضارع وَهَنْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واحتسابًا غفر له". ومن قوله عائشة رضي الله عنها: إن أبا بكر رجل أسيف متى يقم مقامك رق. ومنه: {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ} لأن تابع الجواب جواب. وقوله:
1136- من يكدني بسيئ كنت منه كالشجا بين حلقه والوريد
وقوله:
1137- إن تصرمونا وصلناكم وإن تصلوا ملأتم أنفس الأعداء إرهابًا
وقوله:
1138- إن يسمعوا سُبة طاروا بها فرحًا مني وما يسمعوا من صالح دفنوا
وأورد له الناظم في توضيحه عشرة شواهد شعرية: "وبعد ماض رفعك الجزا حسن" كقوله:
1139- وإن أتاه خليل يوم مسغبة يقول لا غائب ما لي ولا حرم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: طلبًا لرضا الله وثوابه لا للرياء ونحوه. قوله: "لأن تابع الجواب جواب" قد يقال: يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع، ويُجاب بأن هذا خلاف الأصل؛ ولذا لم يغتفر مطلقًا بل في مواضع مخصوصة. سم. قوله: "كنت منه" بفتح التاء لأنه يمدح شخصًا به والشجا بفتح الشين المعجمة والجيم ما ينشب في الحلق من عظم أو غيره، والوريد عرق غليظ في العنق. عيني.
قوله: "إن تصرمونا" من الصرم؛ وهو القطع، وبابه ضرب ونصر كما أفاده في القاموس والإرهاب الإخافة. قوله: "إن يسمعوا سبة" بضم السين وتشديد الموحدة ما يسب به من العيوب، وفي بعض النسخ سيئة بياء مخففة فهمزة. قوله: "وبعد" متعلق برفع وتقديم معمول المصدر المقدر بأن والفعل جائز إذا كان ظرفًا ويصح جعله حالًا من الجزاء، وإن لم يذكروه وما ذكروه من احتمال كونه لغوًا متعلقًا بحسن ضعيف معنى فتأمل. قوله: "ماض" أي: لفظًا أو معنى كما سيذكره. قوله: "وإن أتاه خليل" أي: فقير من الْخَلة بفتح الخاء؛ وهي الحاجة، يوم مسغبة أي:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1136- البيت من الخفيف، وهو لأبي زبيد الطائي في ديوانه ص52؛ وخزانة الأدب 9/ 76، والمقاصد النحوية 4/ 427، وبلا نسبة في رصف المباني ص105، وشرح ابن عقيل ص585، والمقتضب 2/ 59، والمقرب 1/ 275، ونوادر أبي زيد ص68.
1137- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الدرر 5/ 73، والمقاصد النحوية 4/ 428، وهمع الهوامع 2/ 59.
1138- البيت من البسيط، وهو لقعنب ابن أم صاحب في سمط اللآلئ ص362، وشرح شواهد المغني 2/ 965، ولسان العرب 4/ 434 "شور"، 8/ 378 "هيع"، 13/ 10 "أذن"، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص203، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1450، والمحتسب 1/ 206، ومغني اللبيب 2/ 692.
1139- البيت من البسيط، وهو لزهير بن أبي سُلمى في ديوانه ص153، والإنصاف 2/ 625، وجمهرة اللغة ص108، وخزانة الأدب 9/ 48، 70، والدرر 5/ 82، ورصف المباني ص104، وشرح أبيات سيبويه 2/ 85، وشرح التصريح 2/ 249، وشرح شواهد المغني 2/ 838، والكتاب 3/ 66، ولسان العرب 11/ 215 "خلل"، 12/ 128 "حرم"، والمحتسب 2/ 65، ومغني اللبيب 2/ 422، والمقاصد النحوية 4/ 429، والمقتضب 2/ 70، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 207، وجواهر الأدب ص203، وشرح شذور الذهب ص451، وشرح ابن عقيل ص586، وشرح عمدة الحافظ ص353، وشرح المفصل 8/ 157، وهمع الهوامع 2/ 60.(4/25)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
1140- ولا بالذي إن بان عنه حبيبه يقول ويُخفي الصبراني لجازع
ورفعه عند سيبويه على تقدير تقديمه، وكون الجواب محذوفًا. وذهب الكوفيون والمبرد إلى أنه على تقدير الفاء، وذهب قوم إلى أنه ليس على التقديم والتأخير ولا على حذف الفاء؛ بل لما لم يظهر لأداة الشرط تأثير في فعل الشرط؛ لكونه ماضيًا ضعفت عن العمل في الجواب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجاعة، وفي رواية: يوم مسألة أي: سؤال، وقوله: "حرم" بفتح الحاء وكسر الراء المهملتين أي: ممنوع.
قوله: "ورفعه عند سيبويه... إلخ" فعلى مذهب سيبويه يكون المرفوع مستأنفًا دليل الجواب لا نفسه، فلا يجوز جزم ما عطف عليه، ويجوز أن يفسر ناصبًا لما قبل الأداة نحو: زيدًا إن أتاني أكرمه، وعلى قول المبرد يكون المرفوع نفس الجواب، فيجوز جزم ما عطف عليه، ويمتنع التفسير ضرورة أن ما بعد فاء الجواب لا يمكن تسليطه على ما قبل الأداة، فلا يفسر عاملًا فيه، فهذا ثمرة الخلاف، أفاده الدماميني. وإنما جاز جزم المعطوف على الجواب على قول المبرد؛ لأنه على قوله مجزوم محلًا، كما صرح به الفارضي، وظاهر هذا الكلام أن الذي في محل جزم هو الفعل فقط، ويرده أنه لا مانع من ظهور جزمه، فكيف يجعل محليًّا، ولهذا كتب الشنواني بهامش الدماميني ما نصه: محل جواز الجزم على قول المبرد أن قدر العطف على الجملة، وأما إن قدر العطف على الفعل فقط فلا وجه لجواز الجزم. اهـ. يعني جملة الجواب، وسيأتي أن التحقيق كون المرفوع خبرًا لمبتدأ محذوف، والجملة جواب الشرط، وسيأتي الكلام على القول الثالث.
قوله: "على تقدير الفاء" أي: لتقوم في إفادة الربط مقام جزم الجواب، فيصح رفعه وترك جزمه استغناء عنه بالفاء، هذا ما ظهر، ثم رأيت الفارضي علل تقدير الفاء بقوله: لأنه أي: الفعل يرفع بعد الفاء أي: لكونه حينئذٍ خبر مبتدأ محذوف، والجواب هو الجملة الاسمية. قال في التسهيل: وإن قرن أي: المضارع الواقع في حيز الجواب بالفاء رفع مطلقًا. قال الدماميني: أي سواء كان الشرط ماضيًا نحو: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} [المائدة: 95] أو مضارعًا نحو: {فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ} [الجن: 13] وهو إذ ذاك خبر مبتدأ محذوف والجملة اسمية ولذلك دخلت الفاء. اهـ. قوله: "لما لم يظهر... إلخ" قضيته أن المضارع المبني كالماضي، فإذا وقع شرطًا جاز رفع الجواب، وقد يُفرق بأن شأن المضارع التأثر لفظًا. سم. قوله: "ضعفت عن العمل في الجواب"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1140- البيت من الطويل.(4/26)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهان: الأول: مثل الماضي في ذلك المضارع المنفي بلم، تقول: إن لم تقم أقوم، وقد يشمله كلامه. الثاني: ذهب بعض المتأخرين إلى أن الرفع أحسن من الجزم، والصواب عكسه كما أشعر به كلامه. وقال في شرح الكافية: الجزم مختار، والرفع جائز كثير. "ورفعه" أي: رفع الجزاء "بعد مضارع وهن" أي: ضعيف. من ذلك قوله:
1141- يا أقرع بن حابس يا أقرع إنك إن يُصرع أخوك تصرع
وقوله:
1142- فقلت تحمَّل فوق طوقك إنها مطبعة من يأتها لا يضيرها
وقراءة طلحة بن سليمان: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ} [النساء: 78]، وقد أشعر كلامه بأنه لا يختص بالضرورة، وهو مقتضى كلامه أيضًا في شرح الكافية وفي بعض نسخ التسهيل، وصرح في بعضها بأنه ضرورة، وهو ظاهر كلام سيبويه، فإنه قال: وقد جاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فالمرفوع نفس الجواب من غير تقدير الفاء، فالأقوال ثلاثة، وكلام المصنف يحتمل الثاني والثالث. قال الحفيد: يلزم من القول الثالث ألا يكون الجزاء معمولًا لأداة الشرط لفظًا ولا تقديرًا. اهـ. وتكون الأداة عليه لا عمل لها في الجزاء أصلًَا، صرح به الرضي؛ فعلم أنه على الثالث يمتنع جزم المعطوف ويمتنع التفسير؛ لأن الجواب لا يعمل فيما قبل الأداة فلا يفسر عاملًا فيه.
قوله: "وقد يشمله كلامه" بأن يراد الماضي لفظًا أو معنى. قوله: "كما أشعر به كلامه" حيث قال: حسن، ولم يقل: أحسن. قوله: "بعد مضارع" أي: غير منفي بلم كما مر وسيأتي. قوله: "وهن" سيأتي أنه مقيد بما إذا لم يتقدم على أن ما يطلب الجزاء. قوله: "فقلت تحمل... إلخ" الخطاب للبختي وضميره أنها للقربة مطبعة؛ أي: مملوءة من الطعام. وقوله: "لا يضيرها" أي: لا يضرها كذا في العيني، قال شيخنا السيد مطبعة بالعين المهملة كما في البهوتي. اهـ. ويشهد له قول القاموس طبع الدلو ملأها كطبعها، ولعل المعنى لا يضرها بكثرة النقص لقوة امتلائها، وكأن مقصود الشاعر توطين نفس الجمل الحامل على التجلد على حملها وتنشيطه على ذلك. قوله: "وقراءة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1141- الرجز لجرير بن عبد الله البجلي في شرح أبيات سيبويه 2/ 121، والكتاب 3/ 67، ولسان العرب 11/ 46 "بجل"، وله أو لعمرو بن خثارم العجلي في خزانة الأدب 8/ 20، 23، 28، وشرح شواهد المغني 2/ 897، والمقاصد النحوية 4/ 430، ولعمرو بن خثارم البجلي في الدرر 1/ 227، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص202، والإنصاف 2/ 623، ورصف المباني ص104، وشرح التصريح 2/ 249، وشرح ابن عقيل ص587، وشرح عمدة الحافظ ص354، وشرح المفصل 8/ 158، ومغني اللبيب 2/ 553، والمقتضب 2/ 72، وهمع الهوامع 2/ 72.
1142- البيت من الطويل، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في خزانة الأدب 9/ 52، 57، 71، وشرح أبيات سيبويه 2/ 193، وشرح أشعار الهذليين 1/ 208، وشرح التصريح 2/ 249، والشعر والشعراء 2/ 659، والكتاب 3/ 70، ولسان العرب 4/ 495 "ضير"، 8/ 233 "طبع"، والمقاصد النحوية 4/ 431، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 208، وشرح المفصل 8/ 158، والمقتضب 2/ 72.(4/27)
..............................................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الشعر. وقد عرفت أن قوله: بعد مضارع ليس على إطلاقه؛ بل محله في غير المنفي بلم كما سبق.
تنبيهات: الأول: اختلف في تخريج الرفع بعد المضارع؛ فذهب المبرد إلى أنه على حذف الفاء مطلقًا، وفصل سيبويه بين أن يكون قبله ما يمكن أن يطلبه نحو: إنك في البيت، فالأولى أن يكون على التقديم والتأخير، وبين ألا يكون، فالأولى أن يكون على حذف الفاء، وجوز العكس؛ وقيل: إن كانت الأداة اسم شرط فعلى إضمار الفاء، وإلا فعلى التقديم والتأخير. الثاني: قال ابن الأنباري: يحسن الرفع هنا إذا تقدم ما يطلب الجزاء قبل إن كقولهم: طعامك إن تزرنا نأكل، تقديره: طعامك نأكل إن تزرنا. الثالث: ظاهر كلامه موافقة المبرد لتسميته المرفوع جزاء، ويحتمل أن يكون سماه جزاء باعتبار الأصل وهو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طلحة" هذه القراءة تمنع اختصاصه بالضرورة. قوله: "على حذف الفاء مطلقًا" أي: سواء كان قبله ما يطلبه أو لا، كانت الأداة اسم شرط أو لا، وأورد في التصريح على هذا القول والقول بعده أن حذف فاء الجواب مع غير القول مختص بالضرورة ولك دفعه بأن ذلك فيما لا يصلح لمباشرة الأداة؛ لكون الفاء فيه واجبة، والكلام فيما يصلح، فتأمل.
قوله: "وفصل سيبويه... إلخ" قال شيخنا: انظر لِمَ خالف سيبويه هنا مذهبه فيما تقدم؟ ويمكن الفرق بين الماضي والمضارع. اهـ. ولعل الفرق أن الماضي لما لم تؤثر فيه الأداة الجزم احتيج إلى جعل الكلام على التقديم والتأخير وتقدير جواب يظهر فيه أثرها إذا نطق به وفاء بحقها في الجملة، بخلاف المضارع لتأثيرها فيه فحصل الوفاء بذلك، فتأمل. قوله: "نحو: إنك في البيت" أي: البيت الأول؛ لأن إن يمكن أن تطلب الجزاء خبرًا لها.
قوله: "فالأولى أن يكون على التقديم والتأخير" لضعف طلب الأداة للفعل؛ بسبب تقدم ما يمكن أن يطلبه غيرها. قوله: "وجوز العكس" يفهم منه بالأولى أنه يجوز أيضًا كونه على التقديم والتأخير مطلقًا وكونه على حذف الفاء مطلقًا؛ لأن في العكس مخالفة الأولى في القسمين، وفي هذين الوجهين مخالفة الأولى في قسم واحد. قوله: "إن كانت الأداة اسم شرط فعلى إضمار الفاء" أي: ويكون المرفوع الجواب ووجهه ضعف طلب الأداة لجزم الجواب؛ بسبب عروض الشرطية على اسم الشرط بتضمنه معنى أن، فعلم ما في توجيه البعض ذلك بقوة طلب الأداة بكونها اسمًا. قوله: "ما يطلب الجزاء" قال شيخنا: يحتمل أن الجزاء بالنصب مفعول يطلب، وعليه فيقرأ في المثال: طعامك بالرفع على الابتداء وجملة: نأكل خبر؛ أي: والرابط محذوف فطعامك طالب للجزاء؛ لأن المبتدأ عامل في الخبر ويحتمل أن الجزاء بالرفع فاعل والمفعول محذوف؛ أي: ما يطلبه الجزاء قبل أن فيقرأ طعامك بالنصب مفعول نأكل فيكون طعامك مطلوبًا للجزاء. اهـ. وإنما أوجب على نصب الجزاء رفع طعامك وعلى رفعه نصب طعامك بناء على المتبادر من طلب لفظ للفظ من كون الطالب عاملًا والمطلوب معمولًا، فلو جعل الطلب شاملًا لطلب المعمول العامل لأن يعمل فيه لم يجب ما ذكر.
قوله: "قبل أن" ظاهره أن غير إن ليس كإن في ذلك، فليتأمل. قوله: "موافقة المبرد" فيه(4/28)
واقْرُنْ بفا حَتْمًا جوابًا لو جُعل شرطًا لإِنْ أو غيرها لم يَنْجَعِلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجزم وإن لم يكن جزاء إذا رفع "واقرن بفا حتمًا" أي: وجوبًا "جوابًا لو جعل شرطًا لإن أو غيرها" من أدوات الشرط "لم ينجعل" وذلك الجملة الاسمية نحو: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأنعام: 17]، والطلبية نحو: {إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نظر وإن سكتوا عنه لاحتمال كلام المصنف مذهب المبرد، والمذهب الثالث من مذاهب الرفع بعد الماضي كما مر. قوله: "ويحتمل أن يكون سماه" أي: على جعله غير جواب جزاء باعتبار الأصل... إلخ أي: فيوافق كلامه جميع المذاهب. قوله: "واقرن بفا حتمًا" خصت الفاء بذلك لما فيها من معنى السببية والتعقيب والجزاء متسبب عن الشرط ومتعقب عنه، أفاده في التصريح وصرح في المغني بأن المحل لمجموع الفاء وما بعدها ويستثنى من وجوب القرن بالفاء ما إذا صدر الجواب بهمزة الاستفهام، سواء كان جملة فعلية أو اسمية، فلا تدخل الفاء سابقة على الهمزة وإن دخلت مسبوقة بها؛ كما في قوله تعالى: {أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ} [الزمر: 19] وخصت الهمزة بعدم دخول الفاء عليها دون أخواتها كهل ومن لعراقتها وقوة صدارتها، فغير الهمزة يجوز دخول الفاء عليه لعدم عراقته.
قوله: "الجملة الاسمية" أورد عليه نحو: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام: 121] وأجاب الرضي بأن القسم مقدر قبل الشرط والجواب له، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه؛ لكن من غير اعتبار لوجود الفاء أو عدمها، فلا يقال: الجواب المذكور للقسم بلا فاء، فيدل على جواب للشرط مثله بلا فاء فيعود الإيراد، لا يقال: لو كان القسم مقدرًا لثبتت اللام الموطئة له لتدل عليه؛ لأنا نقول: ذكر هذه اللام عند حذف القسم أكيد لا واجب كما قاله الأسقاطي على ابن عقيل، ثم رأيت الشمني صرح به ويكفي دالًّا على القسم عدم الفاء في الجواب، وقول بعضهم: إن الجواب في الآية للشرط على تقدير الفاء مردود؛ لأن تقديرها إنما يجوز في الضرورة. وأما زيادة البعض أن جملة القسم وجوابه جواب الشرط، فيردها أن الفرض تقدير القسم قبل الشرط، فيلزم أن يتوسط الشرط بين أجزاء جوابه وهو ممنوع، وجملة ما ذكره الشارح من المواضع التي تجب فيها الفاء سبعة، نظمها بعضهم في قوله: طلبية واسمية وبجامد وبما وقد وبلن وبالتنفيس
زاد الكمال بن الهمام تصديره برب وبالقسم، والدنوشري تصديره بأداة شرط نحو: {وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ} [الأنعام: 35] الآية. قوله: "نحو: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ}... إلخ" ذكر في المغني أن التحقيق في مثل: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآَتٍ} [العنكبوت: 5] كون الجواب محذوفًا؛ لأن الجواب مسبب عن الشرط، وأجل الله آتٍ، سواء وجد الرجاء أو لم يوجد، فالأصل فليبادر للعمل فإن أجل الله لآت؛ وحينئذ يقال: كيف جعل الجواب الاسمية مع أن الله على كل شيء قدير، سواء مس بخير أو لا، وكأنه مشى مع بعض القوم الظاهر كما أفاده الدماميني، واستشكل في حاشيته على المغني ذكره من أمثلة ذلك: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ} [الأنعام: 17] {وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ} [طه: 7] أي: فاعلم أنه غني عن جهرك، فإنه يعلم السر {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ} أي: فتصبر فقد كذبت رسل، ونحو ذلك مما فعل الشرط فيه مضارع بأنهم نصوا على أن الجواب لا(4/29)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31]، ونحو: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} [طه: 112] في رواية ابن كثير، وقد اجتمعا في قوله تعالى: {وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} [آل عمران: 16]، والتي فعلها جامد نحو: {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا، فَعَسَى رَبِّي} [الكهف: 39]، أو مقرون بقد نحو: {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} [يوسف: 77]، أو تنفيس نحو: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ} [التوبة: 28] أو لن نحو: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} [آل عمران: 115]، أو ما نحو: {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ} [يونس: 72]. وقد تحذف للضرورة كقوله:
1143- من يفعل الحسنات الله يشكرها
وقوله:
1144- ومن لا يزل ينقاد للغي والصبا سيُلغى على طول السلامة نادما
قال الشارح: أو ندور، ومثل لندور بما أخرجه البخاري من قوله -صلى الله عليه وسلم- لأبي بن كعب: "فإن جاء صاحبها وإلا استمتع بها". وعن المبرد إجازة حذفها في الاختيار. وقد جاء حذفها وحذف المبتدأ في قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يحذف إلا إذا كان فعل الشرط ماضيًا لفظًا، ويجاب بأن محل هذا إذا لم يسد شيء مسد الجواب، وهذه المواضع التي فيها فعل الشرط مضارع فيها شيء سد مسد الجواب. قوله: "وقد اجتمعا" أي: الاسمية والطلبية.
قوله: "من قوله صلى الله عليه وسلم" أي: في شأن اللقطة وجواب الشرط الأول
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1143- عجزه: والشر بالشر عند الله مثلان
والبيت من البسيط، وهو لكعب بن مالك في ديوانه ص288، وشرح أبيات سيبويه 2/ 109، وله أو لعبد الرحمن بن حسان في خزانة الأدب 9/ 49، 52، وشرح شواهد المغني 1/ 178، ولعبد الرحمن بن حسان في خزانة الأدب 2/ 365، ولسان العرب 11/ 47 "بجل"، والمقتضب 2/ 72، ومغني اللبيب 1/ 56، والمقاصد النحوية 4/ 433، ونوادر أبي زيد ص31، ولحسان بن ثابت في الدرر 5/ 81، والكتاب 3/ 65، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 114، وأوضح المسالك 4/ 210، وخزانة الأدب 9/ 40، 77، 11/ 357، والخصائص 2/ 281، وسر صناعة الإعراب 1/ 264، 265، وشرح شواهد المغني 1/ 276، وشرح المفصل 9/ 2، 3، والكتاب 3/ 114، والمحتسب 1/ 193، والمقرب 1/ 276، والمنصف 3/ 118، وهمع الهوامع 2/ 60، ويُروى "سيان" مكان "مثلان".
1144- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 211، وشرح التصريح 2/ 250، والمقاصد النحوية 4/ 433.(4/30)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1145- بَنِي ثُعَل من ينكع العنز ظالم
وإنما وجب قرن الجواب بالفاء فيما لا يصلح شرطًا ليعلم الارتباط، فإن ما لا يصح للارتباط مع الاتصال أحق بألا يصلح مع الانفصال، فإذا قرن بالفاء علم الارتباط. أما إذا كان الجواب صالحًا لجعله شرطًا -كما هو الأصل- لم يحتج إلى فاء يقترن بها، وذلك إذا كان ماضيًا متصرفًا مجردًا من قد وغيرها، أو مضارعًا مجردًا أو منفيًّا بلا أو لم. قال الشارح: ويجوز اقترانه بها، فإن كان مضارعًا رفع، وذلك نحو قوله تعالى: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ} [يوسف: 26]، وقوله: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ} [النمل: 90] وقوله: {فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا} [الجن: 13]، هذا كلامه. وهو معترض من ثلاثة أوجه؛ الأول: أن قوله: ويجوز اقترانه بها، يقتضي ظاهره أن الفعل هو الجواب مع اقترانه بالفاء والتحقيق حينئذ أن الفعل خبر مبتدأ محذوف، والجواب جملة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محذوف للعلم به أي: فأدها إليه. قوله: "بني ثعل" أي: يا بني ثعل من ينكع العنز بتحتية فنون ساكنة فكاف مفتوحة فعين مهملة أي: يجهدها حلبًا. قوله: "مع الاتصال" أي: بأداة الشرط بأن يقع شرطًا. سم. قوله:"وغيرها" كما النافية ولن وحروف التنفيس. قوله: "أو منفيًّا بلا" أورده بعضهم على الضابط الذي ذكره المصنف من جهة أنه صالح لأن يجعل شرطًا ومع ذلك يجوز اقترانه بالفاء. وأجيب بأن لا تستعمل تارة لنفي المستقبل وتارة لمجرد النفي، فعلى التقدير الأول لا يصح مجامعتها لحرف الشرط فتجيء الفاء، وعلى الثاني يمكن مجامعتها لحرف الشرط فتمنع الفاء. اهـ دماميني. وعندي في كل من الإيراد والجواب نظر، أما الإيراد فلأن مفهوم كلام المصنف عدم وجوب الفاء في الصالح لا عدم جوازها حتى يتوجه الإيراد، وأما الجواب فلأنه قد يمنع عدم مجامعة لا لحرف الشرط على تقدير كونها لنفي المستقبل، ويمنع تفرع منع الفاء على مجامعة لا لحرف الشرط في تقدير كونها لمجرد النفي؛ لأن الفاء قد تجوز مع الصالح وقد تجب، كما سيأتي عن سم، فتدبر.
قوله: "ويجوز اقترانه" أي: الجواب الصالح لأن يكون شرطًا بصوره الأربع، قال الأسقاطي: ظاهره جواز اقترانه بها إذا كان مضارعًا منفيًّا بلم وكلام الكافية والجامي يخالفه. اهـ. قوله: "فإن كان مضارعًا رفع" هذا في غير المقرون بلم لأنه يجزم. قوله: "وذلك نحو قوله تعالى... إلخ" اسم الاشارة راجع إلى اقتران الجواب بالفاء. قوله: "أن الفعل هو الجواب مع اقترانه بالفاء" أي: وهو في المضارع مخالف للواقع على التحقيق كما سيأتي. وأما قول شيخنا أي: ويلزم عليه انتقاض الضابط الذي ذكره المصنف وهو أن الفاء تدخل على ما لا يصلح شرطًا ففيه أن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1145- صدره: بني ثعل لا تنكعوا العنز شِرْبَها
والبيت من الطويل، وهو للأسدي "من دون تحديد" في الكتاب 3/ 65، والمقاصد النحوية 4/ 448، وبلا نسبة في لسان العرب 8/ 364 "نكع"، والمحتسب 1/ 122، 193.(4/31)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اسمية.
قال في شرح الكافية: فإن اقترن بها فعلى خلاف الأصل، وينبغي أن يكون الفعل خبر مبتدأ، ولولا ذلك لحكم بزيادة الفاء، وجزم الفعل إن كان مضارعًا؛ لأن الفاء على ذلك التقدير زائدة في تقدير السقوط؛ لكن العرب التزمت رفع المضارع بعدها، فعلم أنها غير زائدة، وأنها داخلة على مبتدأ مقدر كما تدخل على مبتدأ مصرح به. الثاني: ظاهر كلامه جواز اقتران الماضي بالفاء مطلقًا، وليس كذلك؛ بل الماضي المتصرف المجرد على ثلاثة أضرب: ضرب لا يجوز اقترانه بالفاء، وهو ما كان مستقبلًا معنًى ولم يقصد به
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الضابط الذي ذكره المصنف إنما هو لوجوب الفاء لا في الجواز الذي كلام ابن الناظم فيه. قوله: "والتحقيق حينئذ" أي: حين إذ قرن الجواب الصالح بالفاء أي: إذا كان مضارعًا بقرينة ما سيذكره الشارح في الماضي. قوله: "فإن اقترن" أي: الجواب الصالح للشرطية. قوله: "وينبغي" أي: يجب كما يُؤخذ من السياق.
قوله: "خبر مبتدأ" الظاهر أن الفاء على هذا الاعتبار واجبة؛ لأن الجواب على هذا جملة اسمية؛ وإنما جعلها ابن المصنف فيما نقله الشارح عنه جائزة؛ لأنه لم يقل بجعل الفعل خبر مبتدأ محذوف، فدعوى البعض تبعًا لشيخنا أنها على هذا جائزة لا دليل عليها، مع كونها خلاف المتبادر من كلام شارح الكافية، ومع كونها يشكل عليها تصريحهم بوجوب الفاء في الجملة الاسمية، فيحتاج إلى المحل بأن الجواز بالنظر إلى ظاهر اللفظ من عدم التقدير وصلاحية الجواب لمباشرة الأداة فعليك بالإنصاف. قوله: "وجزم الفعل إن كان مضارعًا" أي: جزمه رجحانًا لا وجوبًا لما مر أن رفع الجواب المضارع جائز يحسن بعد فعل الشرط الماضي ويضعف بعد فعل الشرط المضارع. قوله: "على ذلك التقدير" أي: تقدير كون مدخولها هو الجواب، وهذا التقدير إن كان تقدم في كلام شرح الكافية؛ لكن لم ينقله الشارح فلا إشكال في الإشارة بذلك، وإلا كانت باعتبار فهم التقدير من قوله: ولولا ذلك لحكم بزيادة الفاء؛ إذ معناه: ولولا جعل الفعل خبر مبتدأ محذوف لا نفس الجواب لحكم... إلخ.
قوله: "كما تدخل على مبتدأ مصرح به" لشيخنا وللبعض هنا كلام رددناه قريبًا. قوله: "جواز اقتران الماضي" أي: المتصرف المجرد من قد وغيرها. وقوله: "مطلقًا" أي: سواء كان مستقبلًا معنى أو لا قصد به وعد أو وعيد أو لا. قوله: "على ثلاثة أضرب" إذ لاحظته مع ما تقدم في المضارع المجرد أو المقرون بلا أو لم ظهر لك أن مفهوم قوله: لو جعل شرطًا... إلخ فيه تفصيل؛ وهو أنه تارة يجوز الوجهان كما في المضارع المقرون بلا أو لم والمجرد والماضي المستقبل معنى وقصد به وعد أو وعيد، وتارة تمتنع الفاء، وتارة يجب كما في الضرب الأول والثاني من هذه الأضرب الثلاثة. سم. قوله: "لا يجوز اقترانه بالفاء" جعل منه الجامي كالكافية المضارع المنفي بلم. قوله: "وهو ما كان مستقبلًا معنى" لأنه تحقق تأثير حرف الشرط فيه بقلب معناه إلى الاستقبال فاستغنوا منه عن الرابطة. جامي.(4/32)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعد أو وعيد، نحو: إن قام زيد قام عمرو. وضرب يجب اقترانه بالفاء؛ وهو ما كان ماضيًا لفظًا ومعنى نحو: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ} [يوسف: 26]، وقد معه مقدرة. وضرب يجوز اقترانه بالفاء؛ وهو ما كان مستقبلًا معنى وقصد به وعد أو وعيد، نحو: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} [النمل: 90]. قال في شرح الكافية: لأنه إذا كان وعدًا أو وعيدًا حسن أن يقدر ماضي المعنى فعومل معاملة الماضي حقيقة، وقد نص على هذا التفصيل في شرح الكافية. الثالث: أنه مثل ما يجوز اقترانه بالفاء بقوله تعالى: {فَصَدَقَتْ} [يوسف: 26] وليس كذلك؛ بل هو مثال الواجب كما مر.
تنبيه: هذه الفاء فاء السبب الكائنة في نحو: يقوم زيد فيقوم عمرو، وتعينت هنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وهو ما كان ماضيًا لفظًا ومعنى" يؤخذ مما مر عن الجامي تعليل وجوب الفاء في هذا بعدم تأثير حرف الشرط فيه لا لفظًا ولا معنى، فاحتيج إلى الرابط وعلل سم الوجوب فيه بعدم صلاحيته لأن يجعل شرطًا، وكذا نقل شيخنا السيد عن شرح الكافية للمصنف، وهو ينافي ما مر عن سم من التفصيل في مفهوم قول المصنف: لو جعل شرطًا... إلخ، وينافي كلام الشارح فيما يصلح لأن يجعل شرطًا، وكأن وجه عدم الصلاحية أنه على تقدير قد، فتأمل. وعبارة التسهيل: وقد يكون الجواب ماضي اللفظ والمعنى مقرونًا بالفاء مع قد ظاهرة أي نحو: {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ}، أو مقدرة نحو: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ} [يوسف: 27] الآية. قال الدماميني: وهذا لا يتمشى للمصنف مع القول بأن الشرط سبب والجزاء مسبب؛ إذ الشرط مستقبل. وأجاب ابن الحاجب مع التزام هذه القاعدة بأن الجزاء قسمان؛ أحدهما: أن يكون مضمونه مسببًا عن مضمون الشرط نحو: إن جئتني أكرمتك. والثاني: ألا يكون مضمون الجزاء مسببًا عن مضمون الشرط؛ وإنما يكون الإخبار به مسببًا نحو: إن تكرمني فقد أكرمتك أمس، والمعنى: إن اعتددت علي بإكرامك إياي فأنا أيضًا أعتد عليك بإكرامي إياك، والآيتان المتلوتان من هذا القبيل، فلا إشكال. وقال الرضي: لا نسلم أن الشرط سبب والجزاء مسبب دائمًا؛ وإنما الشرط عندهم ملزوم والجزاء لازم، سواء كان الشرط سببًا أم لا كقولك: إن كان النهار موجودًا كانت الشمس طالعة.
قوله: "لفظًا ومعنى" بناء على جوازه بلا تأويل، وتقدم ما فيه عند قول الناظم: وماضيين أو مضارعين... إلخ. قوله: "وقد معه مقدرة" لتقربه من الحال الأقرب إلى الاستقبال من الماضي. قوله: "حسن أن يقدر ماضي المعنى" أي: مبالغة في تحقق وقوعه، وإن كان مستقبلًا في الواقع قاله الأسقاطي وبه تعلم ما في صنيع البعض من دعوى ما لغيره له، وقوله: "فعومل معاملة الماضي حقيقة" أي: الماضي لفظًا ومعنى أي: عومل معاملته في مجرد الإتيان بالفاء، وإن كان الإتيان به في الماضي حقيقة على سبيل الوجوب، وفي هذا على سبيل الجواز، والحاصل: أن الإتيان في هذا بالفاء نظرًا إلى تقديره ماضي المعنى فعومل معاملة الماضي حقيقة وتركها؛ نظرًا إلى كونه في الواقع مستقبل المعنى فعومل معاملة المضارع المستقبل فاعرفه. قوله: "الثالث أنه مثل ما يجوز... إلخ" يجاب بأن الجواز في ذلك في مقابلة الامتناع الذي عبر عنه الشارح ابن الناظم بالخلو فيصدق بالوجوب. زكريا. قوله: "هذه الفاء" أي: في الأصل، فلا ينافي. قوله: "بعد وتعينت هنا... إلخ"(4/33)
وتخلُف الفاء إذا المفاجأة كإن تجد إذا لنا مكافأة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للربط لا للتشريك. وزعم بعضهم أنها عاطفة جملة على جملة فلم تخرج عن العطف وهو بعيد. "وتخلف الفاء إذا المفاجأة" في الربط إذا كان الجواب جملة اسمية غير طلبية لم يدخل عليها أداة نفي ولم يدخل عليها إن. "كإن تجد إذا لنا مكافأة" {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} [الروم: 36] لأنها مثلها في عدم الابتداء بها، فوجودها يحصل ما تحصل الفاء من بيان الارتباط. فأما نحو: إن عصى زيد فويل له، ونحو: إن قام زيد فما عمرو قائم، ونحو: إن قام زيد فإن عمرًا قائم، فيتعين فيها الفاء، وقد أفهم كلامه أن الربط بإذا نفسها لا بالفاء مقدرة قبلها خلافًا لمن زعمه، أنها ليست أصلًا في ذلك بل واقعة موقع الفاء، وأنه لا يجوز الجمع بينهما في الجواب.
تنبيهان: الأول: أعطي القيود المشروطة في الجملة بالمثال؛ لكنه لا يعطي اشتراطها، فكان ينبغي أن يبينه. الثاني: ظاهر كلامه أن إذا يربط بها بعد إن وغيرها من أدوات الشرط، وفي بعض نسخ التسهيل: وقد تنوب بعد إن إذا المفاجأة عن الفاء، فخصه بإن، وهو ما يؤذن به تمثيله. قال أبو حيان: ومورد السماع إن، وقد جاءت بعد إذا الشرطية نحو: {فَإِذَا أَصَابَ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: "فاء السبب" أي: التي تعطف الجمل لإفادة السببية، وقوله: "لا للتشريك" أي: في الإعراب، وإلا لجزم ما بعدها لفظًا إن كان مضارعًا ولا في المعنى، وإلا انقلب الجواب شرطًا فلا تكون عاطفة وبه صرَّح في المغني، فهي كالفاء في نحو: أحسن زيد إليك فأحسن إليه؛ إذ لو جعلت في هذا المثال عاطفة للزم عطف الإنشاء على الخبر. قوله: "وتخلف الفاء... إلخ" الفاء مفعول تخلف، وإذا فاعله، وإضافة إذا إلى المفاجأة من إضافة الدال إلى المدلول.
قوله: "ولم يدخل عليها إن" بكسر الهمزة وتشديد النون، وعبارة الفارضي: ولم يدخل عليها ناسخ، وهي أعم. قوله: "لنا" أي: منا. قوله: "في عدم الابتداء بها" وفي اقتضائها التعقيب. حفيد. قوله: "لا يجوز الجمع بينهما" لأنها عوض عن الفاء خلافًا لمن منع ذلك. اهـ تصريح. ويرد نحو: {فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنبياء: 97] إلا أن يجاب بما قاله الأسقاطي على ابن عقيل: إن محل المنع من الجمع إذا كانت إذا عوضًا عن الفاء في الربط لا لمجرد التوكيد كما في الآية. قوله: "أعطي القيود... إلخ" أي: أعطي اعتبارها أعم من أن يكون على وجه الشرطية أو الكمال بدليل قوله لكنه... إلخ. وقوله: "في الجملة" أي: المصدرة بإذا المفاجأة، وقوله: "لكنه لا يعطي اشتراطها" فيه أن المصنف كثيرًا ما يعطي الاشتراط بالتمثيل. قوله: "وفي بعض نسخ التسهيل" وقد تنوب بعد أن... إلخ كلام التسهيل هذا في الشروط الجازمة، فلا يرد قول أبي حيان: جاء الربط بإذا الفجائية بعد إذا الشرطية.
وقوله: "ومورد السماع إن وقد جاءت... إلخ" قضيته أن الآية ليست من مورد السماع وهو باطل، إلا أن يقال: المراد ومورد السماع إن وإذا كما يؤخذ مما بعده، وهذا كله إن كان قوله: "وقد جاءت... إلخ" من كلام أبي حيان، وهو مقتضى صنيع غير واحد، فإن كان من كلام الشارح ردًّا على(4/34)
والفعل من بعد الجزا إن يقترن بالفا أو الواو بتثليث قَمِن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [الروم: 48]، "والفعل من بعد الجزا" وهو أن تأخذ أداة الشرط جوابها. "إن يقترن بالفاء أو الواو بتثليث قمن" أي: حقيق، فالجزم بالعطف والرفع على الاستئناف، والنصب بأن مضمرة وجوبًا وهو قليل، قرأ عاصم وابن عامر: {يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ} [البقرة: 284] بالرفع، وباقيهم بالجزم، وابن عباس بالنصب. وقرئ بهن: {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ} [البقرة: 271]. وقد روى بهن نأخذ من قوله:
1146-
فإن يهلك أبو قابوس يهلك ربيع الناس والبلد الحرام
ونأخذ بعده بذناب عيش أجب الظهر ليس له سنام
وإنما جاز النصب بعد الجزاء لأن مضمونه لم يتحقق وقوعه، فأشبع الواقع بعده الواقع بعد الاستفهام. أما إذا كان اقتران الفعل بعد الجزاء بثم، فإنه يمتنع النصب ويجوز الجزم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أبي حيان فالأمر ظاهر. قوله: "والفعل" مبتدأ وقمن خبره وجواب الشرط محذوف للضرورة؛ لأن شرط حذف الجواب اختيارًا مضى الشرط لفظًا أو معنى، ويصح جعل قمن خبر مبتدأ محذوف، والجملة جواب الشرط وحذف الفاء للضرورة، وجملة الشرط وجوابه خبر المبتدأ كما تقدم بسطه أول الكتاب عند قول المصنف: ولأمر إن لم يك للنون محل
فيه هو اسم. قوله: "من بعد الجزا" ولو جملة اسمية كما في التصريح، وهو واضح لأنها في محل جزم ومثاله الآية الثانية والثالثة.
قوله: "وهو أن تأخذ... إلخ" لا حاجة إليه؛ بل هو غير مناسب؛ إذ الجزاء هو الجواب كما تقدم في النظم لا أخذ الأداة الجواب. قوله: "بتثليث قمن" قال في شرح الشذور: جزمه قوي ونصبه ضعيف ورفعه جائز. سيوطي. قوله: "فالجزم بالعطف" على الجزاء؛ لأنه مجزوم لفظًا أو محلًّا. قوله: "والرفع على الاستئناف" صريحة أن الفاء يستأنف بها كالواو، وفي المغني: أنه قيل بذلك ورده فليراجع؛ وحينئذ يكون مراده بالاستئناف عدم العطف على الجواب، فتكون للعطف على مجموع الشرط والجواب. قوله: "فإن يهلك أبو قابوس... إلخ" تقدم الكلام عليه في باب الصفة المشبهة. قوله: "فأشبه الواقع بعده" أي: بعد الجزاء. قوله: "فإنه يمتنع النصب" وقياس ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1146- البيتان من الوافر، وهما للنابغة الذبياني في ديوانه ص106، والأغاني 11/ 26، وخزانة الأدب 7/ 511، 9/ 363، وشرح أبيات سيبويه 1/ 28، وشرح المفصل 6/ 83، 85، والكتاب 1/ 196، والمقاصد النحوية 3/ 579، 4/ 434، وبلا نسبة في أسرار العربية ص200، والأشباه والنظائر 6/ 11، والاشتقاق ص105، وأمالي ابن الحاجب 1/ 458، والإنصاف 1/ 134، وشرح ابن عقيل ص589، وشرح عمدة الحافظ ص358، ولسان العرب 1/ 249 "حبب"، 390 "ذنب"، والمقتضب 2/ 179.(4/35)
وجزم أو نصب لفعل إثر فا أو واوان بالجملتين اكتُنفا
والشرط يُغني عن جواب قد عُلم والعكس قد يأتي إن المعنى فهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والرفع، فإن توسط المضارع المقرون بالفاء أو الواو بين جملة الشرط وجملة الجزاء فالوجه جزمه، ويجوز النصب. وإلى ذلك الإشارة بقوله: "وجزم أو نصب لفعل إثر فا أو واو إن بالجملتين اكتنفا" فالجزم نحو: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 90] وهو الأشهر. ومن شواهد النصب قوله:
1147- ومن يقترب منا ويخضع نؤوه
ولا يجوز الرفع؛ لأنه لا يصح الاستئناف قبل الجزاء. وألحق الكوفيون ثم الفاء والواو فأجازوا النصب بعدها، واستدلوا بقراءة الحسن: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ} [النساء: 100]. وزاد بعضهم: "والشرط يغني عن جواب قد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يأتي عن الكوفيين من جوازه بعدها فيما إذا وقع المضارع بعدها بين الشرط والجزاء جوازه هنا أيضًا وإن لم يسمع. زكريا. قوله: "وجزم أو نصب" في الشذور الجزم قوي والنصب ضعيف، وفي شرح الكافية نحوه. اهـ سيوطي. قال في التصريح: والنصب في مسألة التوسط أمثل منه في مسألة التأخير؛ لأن العطف فيها على فعل الشرط، وفعل الشرط غير واجب، فكان قريبًا من الاستفهام والأمر والنهي نحوها. اهـ. وقوله: "أو نصب" عطف عليه. وقوله: "لفعل" خبر. وقال الشيخ خالد: تنازعه جزم ونصب، والخبر هو جملة إن بالجملتين اكتنفا مع الجواب المحذوف أو الخبر محذوف تقديره جائز. اهـ. وتقدير الجواب المحذوف فهو جائز. قوله: "إثر فا" في موضع الصفة لفعل. قوله:"اكتنفا" بألف الإطلاق وبالبناء للمفعول على الصواب كما قاله الشيخ خالد أي: حوط بالجملتين أي: توسط بينهما خلافًا لظاهر شرح الشاطبي أنه مبني للفاعل. قوله: "ولا يجوز الرفع" أجازه ابن خروف مع الواو خاصة على أن الفعل خبر محذوف، والجملة حال أفاده الشاطي.
قوله: "لأنه لا يصح الاستئناف" قال الأسقاطي: هلا جاز على الاعتراض فإنه يجوز الاعتراض بالجملة بين الشرط والجزاء إن صدرت بالفاء أو الواو، كما صرح به في المغني، وانظر لِمَ امتنع الاستئناف بين الشرط والجزاء دون الاعتراض. اهـ. ويظهر أنه لإشعار الاستئناف بتمام الكلام قبله دون الاعتراض. قوله: "وزاد بعضهم أو" لم يذكر زيادة ثم وأو إلا فيما بين الشرط والجزاء دون ما بعد الجزاء، وعبارة السيوطي في جمع الجوامع تقتضي عدم الفرق. قال الدماميني في شرح المغني: وهو الظاهر.
فائدة: إذا عُري الفعل من العاطف أعرب بدلًا إن جزم كما في قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1147- عجزه: ولا يَخْشَ ظلمًا ما أقام ولا هضما
والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 214، وشرح التصريح 2/ 251، وشرح شواهد المغني 2/ 401، وشرح شذور الذهب ص454، وشرح عمدة الحافظ ص361، ومغني اللبيب 2/ 566، والمقاصد النحوية 4/ 434.(4/36)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عُلم" أي: بقرينة نحو: {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ} [الأنعام: 35] الآية أي: فافعل. وهذا كثير. ويجب ذلك أن كان الدال عليه ما تقدم مما هو جواب في المعنى نحو: {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139]، أو ما تأخر من جواب قسم سابق عليه كما سيأتي "والعكس" وهو أن يغني الجواب عن الشرط "قد يأتي" قليلًا "إن المعنى فُهم" أي: دل الدليل على المحذوف كقوله:
1148- فطلقها فلست لها بكفء وإلا يعل مفرقك الحسام
أي: وإلا تطلقها يعل. وقوله:
1149- متى تؤخذوا قسرًا بظنة عامر ولا ينجُ إلا في الصفاد يزيد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا تجد حطبًا جزلًا ونارًا تأججا
وحالًا إن رفع كما في قوله: متى تأته تعشو إلى ضوء ناره تجد خير نار عندها خير موقد
أفاده الفارضي. قوله: "والشرط" أي: الماضي ولو معنى، فإن كان مضارعًا غير منفي بلم لم يغنِ عن الجواب إلا في الشعر كما سيأتي. وقوله: "يغني عن جواب" أي: يذكر دون الجواب سواء أشعر بالجواب كما في {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا...} إلخ، أو لا كما في قولك: إن جاء في جواب: أتكرم زيدًا. قوله: "ويجب ذلك" أي: الاستغناء عن الجواب. قوله: "كما سيأتي" وقد يغني عن جواب الشرط خبر ذي خبر متقدم على أداة الشرط نحو: {وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ} [البقرة: 70] أو خبر مبتدأ مقدر بعد الشرط كقوله: بني ثعل من ينكع العنز ظالم
قاله الشارح على التوضيح، وكأنه اعتبر في الثاني كون الجواب يظلم مقدرًا، وقد يقال: الجواب نفس فهو ظالم فحذف بعض الجواب، كما مر في الشرح، فليس من حذف الجواب لدليل، فتأمل. وعبارة المغني حذف جملة جواب الشرط واجب إن تقدم عليه أو اكتنفه ما يدل على الجواب، فالأول نحو: هو ظالم إن فعل، والثاني نحو: هو إن فعل ظالم {وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ} [البقرة: 70]. اهـ. قوله: "مفرقك" بفتح الميم والراء وبفتح الميم وكسر الراء وسط الرأس الذي يفرق فيه الشعر. قوله: "متى تؤخذوا قسرًا" أي: قهرًا. والظنة بكسر الظاء التهمة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1148- البيت من الوافر، وهو للأحوص في ديوانه ص190، والأغاني 15/ 234، والدرر 5/ 87، وخزانة الأدب 2/ 151، وشرح التصريح 2/ 252، وشرح شواهد المغني 2/ 767، 936، والمقاصد النحوية 4/ 435، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 72، وأوضح المسالك 4/ 215، ورصف المباني ص106، وشرح شذور الذهب ص445، وشرح ابن عقيل ص590، وشرح عمدة الحافظ ص369، ولسان العرب 15/ 469 "أما لا" ومغني اللبيب 2/ 647، والمقرب 1/ 276، وهمع الهوامع 2/ 62.
1149- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الدرر 5/ 90، وشرح التصريح 2/ 252، والمقاصد النحوية 4/ 436، وهمع الهوامع 2/ 63.(4/37)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أراد: متى تثفقوا تؤخذوا.
تنبيهات: الأول: أشار بقد إلى أن حذف الشرط أقل من حذف الجواب كما نص عليه في شرح الكافية؛ لكنه في بعض نسخ التسهيل سوَّى في الكثرة بين حذف الجواب وحذف الشرط المنفي بلا تالية إن كما في البيت الأول، وهو واضح، فليكن مراده هنا أنه أقل منه في الجملة. الثاني: قال في التسهيل: ويحذفان بعد إن في الضرورة؛ يعني: الشرط والجزاء كقوله:
1150- قالت بنات العم يا سلمى وإن كان فقيرًا معدمًا قالت وإن
التقدير: وإن كان فقيرًا معدمًا رضيته. وكلامه في شرح الكافية يؤذن بجوازه في الاختيار على قلة. وكذا كلام الشارح. ولا يجوز ذلك؛ أعني: حذف الجزأين معًا مع غير إن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والصفاد بكسر الصاد المهملة ما يوثق به الأسير، وفي هذا البيت رد على مَن شرط في حذف فعل الشرط أن تكون الأداة إن، وزعم أنه لا يحفظ إلا فيها. اهـ زكريا. وقد جوز بعضهم في {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} أن تكون ما شرطية حذف فعل شرطها والأصل: وما يكن بكم... إلخ. قوله: "تثقفوا" بالبناء للمفعول أي: توجدوا.
قوله: "لكنه في بعض نسخ التسهيل... إلخ" عبارته يحذف الجواب كثيرًا لقرينة، وكذا الشرط المنفي بلا تالية إن. اهـ. ومفهومه أن الشرط إذا كان مثبتًا أو منفيًّا بلم لا يكثر حذفه وهو كذلك. قوله: "إنه أقل منه في الجملة" أي: في بعض الصور وهو ما عدا المنفي بلا التالية إن، وقد يقال: لا حاجة إلى ذلك؛ لأن الكلام في حذف الشرط وحده كله؛ لأن هذا هو القليل كما سيذكره الشارح، وليس المحذوف في البيت الأول الشرط كله؛ لأن لا من الشرط وهي لم تحذف، فتأمل. قوله: "ويحذفان... إلخ" قد بقي حذف الأداة وحدها. قال السيوطي: لا يجوز حذف أداة الشرط وإن كانت إن في الأصح، كما لا يجوز حذف غيرها من الجوازم، وجوز بعضهم حذف إن فيرتفع الفعل وتدخل الفاء إشعارًا بذلك وخرج عليه. قوله تعالى: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ}. وقد وقع لشيخ الإسلام في شرح منهجه تقدير لو الشرطية فيحذفها من المتن ويذكرها في الشرح، فلينظر هل له سند في ذلك؟ قال شيخنا: وقد يقال كلامهم في الأدوات الجازمة فلا ينافي حذف غير الجازم كلو. قوله: "بجوازه في الاختيار على قلة" أيد السيوطي في الهمع هذا القول بأن الحذف ورد في عدة من الآثار.
قول: "مع غير إن" كذا في الهمع وغيره، وأورد عليه ما حكاه ابن الأنباري عن العرب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1150- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص186، وخزانة الأدب 9/ 14، 16، 11/ 216، والدرر 5/ 88، وشرح التصريح 1/ 37، وشرح شواهد المغني 2/ 936، والمقاصد النحوية 1/ 104، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 18، والدرر 5/ 181، ورصف المباني ص106، وشرح التصريح 1/ 195، وشرح عمدة الحافظ ص370، ومغني اللبيب 2/ 649، والمقاصد النحوية 4/ 436، وهمع الهوامع 2/ 62، 80.(4/38)
واحذف لدى اجتماع شرط وقسم جواب ما أخرت فهو ملتزم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثالث: إنما يكون حذف الشرط قليلًا إذا حذف وحده كله، فإن حذف مع الأداة فهو كثير؛ من ذلك قوله تعالى: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ} [الأنفال: 17]، تقديره: إن افتخرتم بقتلهم فلم تقتلوهم أنتم ولكن الله قتلهم، وقوله تعالى: {فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ} [الشورى: 9]، تقديره: إن أرادوا وليًّا بحق فالله هو الولي بالحق ولا ولي سواه، وقوله تعالى: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} [العنكبوت: 56]، أصله: فإن لم يتأتَ أن تخلصوا العبادة لي في أرض فإياي في غيرها فاعبدون، وكذا إن حذف بعض الشرط نحو: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6] ونحو: إن خيرًا فخير. "واحذف لدى اجتماع شرط" غير امتناعي "وقسم جواب ما أخرت" أي: منهما استغناء بجواب المتقدم "فهو" أي: الحذف "ملتزم" فجواب القسم يكون مؤكدًا باللام أو إن أو منفيًّا. وجواب الشرط مقرون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما في التصريح: من يسلم عليك فسلم عليه ومن لا فلا، وما في حديث أبي داود: "من فعل فقد أحسن ومن لا فلا". قال ابن رسلان وغيره: فيه شاهد على جواز حذف فعل الشرط المنفي بلا بعد من الشرطية. وأنا أقول: كلام الشارح وغيره في حذف الشرط والجواب معًا بتمامهما، وما أورد ليس كذلك لبقاء لا في كل من الشرط والجواب كما مر.
قوله: "إذا حذف وحده كله" برفع كله تأكيدًا للضمير في حذف، والمراد: إذا حذف جميع أجزاء الشرط أي: جميع أجزاء جملة فعل الشرط أي: الجملة التي فيها فعل الشرط. قوله: "فإن حذف مع الأداة... إلخ" هذا محترز قوله: وحده، وقوله: وكذا إن حذف بعض الشرط، هذا محترز قوله: كله. قوله: "نحو: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ}" اعترضه البعض بأن المحذوف في الآية الشرط بتمامه لا بعضه؛ لأنه الفعل لا جملة الفعل والفاعل، ويدفع بأن المراد بالشرط في قوله: إنما يكون حذف الشرط قليلًا... إلخ جملة فعل الشرط أي: الجملة التي فيها فعل الشرط كما أسلفناه، فلا اعتراض، ومن التمثيل بالآية يُعلم أن المراد بالكثير في قوله: فهو كثير ما يصدق بالواجب؛ فإن الحذف فيها واجب للتعويض عنه بمفسره بعده.
قوله: "غير امتناعي" أي: غير دال على امتناع لامتناع كلو أو على امتناع لوجود كلولا، فإنه يتعين ذكر جوابهما تقدمًا أو تأخرًا، والقرينة على هذا الاستثناء ذكر هذا الحكم قبل لو ولولا، فيشعر بأن مراده بالشرط الشرط غير الامتناعي، وسيشير الشارح إلى ذلك، وشمل الشرط غير الامتناعي الشرط غير الجازم كإذا، وإن لم يذكره المصنف هنا بخصوصه. قوله: "وقسم" ولو مقدرًا ومثله الحفيد بقوله تعالى: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام: 121] قال: فالقسم مقدر قبل إن، وقول بعضهم: لو كان مقدرًا وجبت اللام الموطئة تنبيهًا عليه مردود بأن دخولها آكد لا واجب، وقول بعضهم: إن الجواب للشرط على تقدير الفاء مردود بأنه مختص بالشعر. قوله: "يكون مؤكدًا باللام" أي: وحدها وهو قليل أو مع نون التوكيد وهو كثير، وهذا في المثبت المضارع. أما الماضي فإن كان متصرفًا فتارة يقرن باللام وتارة بقد وتارة بهما وهو الغالب وتارة يجرد، وإن كان غير متصرف قرن باللام فقط. وأما الجملة الاسمية فتقرن بإن واللام -وهو الأكثر- أو(4/39)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالفاء أو مجزوم، فمثال تقدم الشرط: إن قام زيد والله أكرمه، وإن يقم والله فلن أقوم. ومثال تقدم القسم: والله إن قام زيد لأقومن، والله إن لم يقم زيد إن عمرًا ليقوم، أو يقوم. والله إن لم يقم زيد ما يقوم عمرو. وأما الشرط الامتناعي نحو: لو ولولا، فإنه يتعين الاستغناء بجوابه تقدم القسم أو تأخر كقوله:
1151- فأقسم لو أندى الندي سواده لما مسحت تلك المسالات عامر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بإن فقط أو باللام فقط، وندر تجردها منهما أفاده الفارضي، وبه يُعلم ما في كلام شيخنا والبعض من القصور لكن في خاتمة الباب الخامس من المغني أن حق الماضي لفظًا ومعنى المتصرف المثبت المجاب به القسم أن يقرن باللام وقد. ثم قال: وقيل في {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ} [البروج: 4] إنه جواب القسم على إضمار اللام وقد جميعًا حذفًا للطول وقال: حلفت لها بالله حلفة فاجر لناموا فما إن من حديث ولا صال
فأضمر قد وفى حرف القاف من الباب الأول أن ابن عصفور فصل فأوجبهما إن كان الماضي قريبًا من الحال، وإن كان بعيدًا جيء باللام وحدها، ثم ما اقتضاه كلام الفارضي السابق من أن للمضارع المثبت الواقع جواب للقسم حالتين القرن باللام ونون التوكيد والقرن باللام وحدها لا يوافق مذهب البصريين ولا مذهب الكوفيين، وإن تبعه في ذلك شيخنا والبعض؛ لأن مذهب البصريين وجوب اللام والنون، ومذهب الكوفيين جواز تعاقبهما كما صرَّح بذلك الشارح في باب نوني التوكيد، فللمضارع المثبت على الأول حالة واحدة، وعلى الثاني ثلاث حالات، فاعرف ذلك. وما ذكره من تدور وتجرد الجملة الاسمية من إن واللام هو ما ارتضاه أبو حيان، والذي في المغني أنه مع قلته مخصوص باستطالة القسم؛ كقول ابن مسعود: "والله الذي لا إله غيره هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة". ونقل الدماميني عن ابن مالك أنه حسن مع الاستطالة قليل بدونها؛ كقول أبي بكر: "والله أنا كنت أظلم منه" يعني: من عمر في تفاقم جرى بينهما، ثم الكلام في جواب القسم غير الاستعطافي؛ إذ جواب الاستعطافي لا يكون إلا جملة إنشائية كما في المغني كقول: بربك هل ضممت إليك ريا
وقوله: بعيشك يا سلمى ارحمي ذا صبابة
قال الشمني: قال ابن جني: القسم جملة إنشائية يؤكد بها جملة أخرى، فإن كانت خبرية فهو القسم غير الاستعطافي وإن كانت طلبية فهو الاستعطافي. قوله: "أو إن" أي: سواء قرن خبرها باللام أو لا كما يؤخذ من الأمثلة. قوله: "أو منفيًّا" أي: بما أو إن أو لا، وشذ قرن المنفي بما باللام كقوله: أما والذي لو شاء لم يخلق الورى لئن غبت عن عيني لما غبت عن قلبي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1151- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في لسان العرب 11/ 351 "سيل"؛ والمقاصد النحوي 4/ 450.(4/40)
وإن تواليا وقبل ذو خبر فالشرط رجع مطلقًا بلا حذر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكقوله:
1152- والله لولا الله ما اهتدينا
نص على ذلك في الكافية والتسهيل وهو الصحيح. وذهب ابن عصفور إلى أن الجواب في ذلك للقسم لتقدمه ولزوم كونه ماضيًا؛ لأنه مغنٍ عن جواب لو ولولا، وجوابهما لا يكون إلا ماضيًا. وقوله في باب القسم في التسهيل: وتصدر -يعني: جملة الجواب في الشرط الامتناعي- بلو أو لولا، يقتضي أن لو ولولا وما دخلتا عليه جواب القسم. وكلامه في الفصل الأول من باب عوامل الجزم يقتضي أن جواب القسم محذوف استغناء بجواب لو ولولا، والعذر له في عدم التنبيه هنا على لو ولولا أن الباب موضوع للشرط غير الامتناعي، المغاربة لا يسمون لولا شرطًا ولا لو إلا إذا كانت بمعنى إن، وهذا الذي ذكره إذا لم يتقدم على الشرط غير الامتناعي والقسم ذو خبرة، فإن تقدم جعل الجواب للشرط مطلقًا، وحذف جواب القسم تقدم أو تأخر، كما أشار إلى ذلك بقوله: "وإن تواليا وقبل ذو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وشذ نفي الجواب بلم أو لن أفاده الفارضي. قوله: "لو أندى الندي... إلخ" كلام العين يفيد أن أندى بالنون لا بالباء كما توهمه البعض ففسره بأظهر، وعلى أنه بالنون يكون بمعنى أحضر، قال في القاموس: ندا القوم حضروا. اهـ. وإسناد الإحضار إلى الندى مجاز عقلي من باب الإسناد إلى المكان؛ لأن الندى مجلس القوم والضمير في سواده يرجع للمدوح وسواده بمعنى شخصه كما في العيني وهو المناسب، وإن فسره البعض بالجيش، قال العيني: والمسالاة بضم الميم وتخفيف السين المهملة جمع مسالة؛ وهي جانب اللحية وأراد بعامر قبيلة قريش. والمعنى: أن الشاعر يحلف أن الممدوح لو حضر مجلس القوم لما قدر عامر أن تمسح مسالاتهم من هيبته وسطوته على الناس. اهـ. قوله: "والتسهيل" أي: في باب الجوازم كما ستعرفه. قوله: "ولزوم" مبتدأ خبره قوله: لأنه مغنٍ... إلخ، وفي بعض النسخ: ولزم وهو الذي بخط الشارح وهو جواب عن سؤال تقديره: إذا كان الجواب للقسم فلم التزم كونه ماضيًا، مع أن المضي إنما يلزم في بجواب لو ولولا.
قوله: "يعني: جملة الجواب" أي: جواب القسم، وقوله في الشرط الامتناعي أي: في التعليق الامتناعي. وقوله: "بلو أو لولا" متعلق بتصدر. قوله: "يقتضي أن لو ولولا... إلخ" أي: وهذا قول ثالث غير ما نص عليه المصنف في الكافية وغير ما ذهب إليه ابن عصفور. قوله: "والمغاربة... إلخ" اعتذار ثانٍ حاصله أن مراد المصنف بالشرط هنا ما يُسمى شرطًا اتفاقًا. قوله: "وهذا الذي ذكره... إلخ" دخول على المتن. قوله: "وقبل ذو خبر" قبل خبر مقدم وذو مبتدأ مؤخر، والجملة حال أو معترضة، كما في الشيخ خالد وفي جعل قبل خبرًا منافاة لما سلف عن بعضهم من منع جعل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1152- الرجز لعبد الله بن رواحة في ديوانه ص108، ولعامر بن الأكوع في المقاصد النحوية 4/ 451، وله أو لعبد الله في الدرر 4/ 236، وشرح شواهد المغني 1/ 287، وبلا نسبة في الأزهية ص167، وشرح المفصل 3/ 118، وهمع الهوامع 2/ 43.(4/41)
وربما رُجح بعد قسم شرط بلا ذي خبر مقدم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خبر فالشرط رجح مطلقًا بلا حذر" وذلك نحو: زيد إن يقم والله يكرمك، وزيد والله إن يقم يكرمك، وإن زيدًا إن يقم والله يكرمك، وإن زيدًا والله إن يقم يكرمك؛ وإنما جعل الجواب للشرط مع تقدم ذي خبر؛ لأن سقوطه مخل بمعنى الجملة التي هو منها، بخلاف القسم فإن مسوق لمجرد التوكيد. والمراد بذي الخبر ما يطلب خبرًا من مبتدأ أو اسم كان ونحوه. وأفهم قوله رجح أنه يجوز الاستغناء بجواب القسم، فتقول: زيد والله إن قام أو إن لم يقم لأكرمنه، وهو ما ذكره ابن عصفور وغيره؛ لكن نص في الكافية والتسهيل على أن ذلك على سبيل التحتم، وليس في كلام سيبويه ما يدل على التحتم "وربما رجح بعد قسم شرط بلا ذي خبر مقدم"، كما ذهب الفراء تمسكًا بقوله:
1153- لئن مُنيت بنا عن غب معركة لا تُلفنا عن دماء القوم تنتفل
وقوله:
1154- لئن كان ما حُدثته اليوم صادقًا أصم في نهار القيظ للشمس باديا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الظرف المبني على الضم كقبل وبعد خبرًا وتأييدًا لما اخترناه من جواز ذلك. قوله: "لأن سقوطه" أي: الشرط مخل... إلخ وقد يقال: إخلال سقوط الشرط بمعنى الجملة موجود في صورة اجتماعهما بلا تقدم ذي خبر فهلا رجح الشرط مطلقًا فيها أيضًا إلا أن يقال: الإخلال فيها أخف من الإخلال في صورة الاجتماع مع تقدم ذي خبر، فتفطن.
قوله: "وأفهم قوله رجح" أي: دون أن يقول أوجب. قوله: "وربما رجح... إلخ" هذا مقيد لقوله السابق فهو ملتزم فالمعنى ملتزم غالبًا، ويحتمل أن يكون ذكره حكاية لمذهب الغير، فيبقى قوله ملتزم على إطلاقه. سم. قوله: "لئن منيت" أي: بليت بنا عن غب معركة غب الشيء بكسر الغين المعجمة عاقبته أي: حالة كوننا منفصلين عن عاقبة معركة؛ وإنما قيد بذلك لأنه مظنة الضعف والفتور؛ بسبب المعركة المنفصلين عنها. "لا تلفنا" أي: تجدنا، وفيه الشاهد فإنه جزمه بحذف الياء على أنه جواب الشرط المتأخر عن القسم من غير أن يتقدم عليهما ذو خبر. قال الفارضي: ويحتمل أنه للقسم وحذف الياء للضرورة. اهـ. وننتفل بالفاء لا بالقاف كما بخط الشارح وضبطه كذلك سم على ابن المصنف وفي القاموس انتقل منه تبرأ وانتفى. قوله: "لئن كان ما حدثته... إلخ" هذا الشاعر يعتذر للمخاطب من ذنب حُكي عنه مؤكد ذلك بنذر هذا الصوم الشاق معلقًا على صدق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1153- البيت من البسيط، وهو للأعشى في ديوانه ص113، وخزانة الأدب 11/ 227، 300، 331، 333، 357، ولسان العرب 11/ 672 "تفل"، والمقاصد النحوية 3/ 283، 4/ 437، وبلا نسبة في خزانة الأدب 11/ 343، وشرح ابن عقيل ص592.
1154- البيت من الطويل، وهو لامرأة من عقيل في خزانة الأدب 11/ 328، 329، 331، 336، والدرر 4/ 237، وشرح التصريح 2/ 254، وشرح شواهد المغني 2/ 610، والمقاصد النحوية 4/ 438، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 219، ولسان العرب 12/ 164 "ختم"، ومغني اللبيب 1/ 236، وهمع الهوامع 2/ 43.(4/42)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومنع الجمهور ذلك، وتأولوا ما ورد على جعل اللام زائدة.
تنبيهات: الأول: كل موضع استغني فيه عن جواب الشرط لا يكون فعل الشرط فيه إلا ماضي اللفظ أو مضارعًا مجزومًا بلم نحو: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف: 87] ونحو: {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ} [مريم: 46] ولا يجوز: أنت ظالم إن تفعل، ولا والله تقم لأقومن، وأما قوله:
1155- ولديك إن هو يستزدك مزيد
وقوله:
1156- لئن تك قد ضاقت عليكم بيوتكم ليعلم ربي أن بيتي واسع
فضرورة. وأجاز ذلك الكوفيون إلا الفراء. الثاني: إذا تأخر القسم وقرن بالفاء وجب جعل الجواب له، والجملة القسمية حينئذ هي الجواب. وأجاز ابن السراج أن تنوي الفاء فيعطى القسم المتأخر مع نيتها ما أعطيه مع اللفظ بها، فأجاز: إن تقم بعلم الله لأزورنك، على تقدير: فبعلم الله، ولم يذكر شاهدًا. وينبغي ألا يجوز ذلك؛ لأن حذف فاء جواب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحديث الذي قيل عنه، والقيظ بالقاف والظاء المعجمة شدة الحر، وباديا حال من فاعل أصم. اهـ. دماميني. ويؤخذ منه أن التاء في ما حدثته مفتوحة وبه صرَّح شيخنا السيد. قوله: "على جعل اللام" أي: في لئن زائدة أي: وليست جواب قسم مقدر، وقيل: ترجيح الشرط في الأبيات ضرورة. قوله: "كل موضع استغني... إلخ" شامل لاجتماع الشرط مع القسم وانفراده كما تقدم في قوله: والشرط يغني عن جواب قد علم
سم. قوله: "إلا ماضي اللفظ... إلخ" أي: ليكون على وجه لا تعمل فيه أدوات الشرط. جامي. قوله: "إن هو يستزدك" كذا في بعض النسخ بالجزم إعطاء للمفسر بالكسر حكم المفسر بالفتح كقول الشاعر: فمن نحن نؤمنه بيت وهو آمن
كما في قواعد ابن هشام، وفي بعض النسخ: يستزيد بالرفع، وهو الذي بخط الشارح. قوله: "والجملة القسمية" أي: مع جوابها. وقوله: "هي الجواب" أي: جواب الشرط. قوله: "ما أعطيه مع اللفظ بها" أي: من كون الجواب للقسم وجملة القسم وجوابه جواب الشرط. قوله: "إذا توالى... إلخ"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1155- صدره: يثني عليك وأنت أهل ثنائه
والبيت من الكامل، وهو لعبد الله بن غلمة في خزانة الأدب 9/ 41، 42، والدرر 5/ 75، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1041، وبلا نسبة في الخصائص 1/ 110، وهمع الهوامع 2/ 59.
1156- البيت من الطويل، وهو للكميت بن معروف في خزانة الأدب 10/ 68، 70، 11/ 331، 351، 429، وبلا نسبة في شرح التصريح 2/ 254، والمقاصد النحوية 4/ 327.(4/43)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرط لا يجوز عند الجمهور إلا في الضرورة. الثالث: لم ينبه هنا على اجتماع الشرطين فتذكره مختصرًا: إذا توالى شرطان دون عطف فالجواب لأولهما، والثاني مقيد للأول كتقييده بحال واقعة موقعه؛ كقوله:
1157- إن تستغثوا بنا إن تذعروا تجدوا منا معاقل عِز زانها كرم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقول لقول محذوف أي: فنقول إذا توالى... إلخ، وقد وجد لفظ فنقول في خط الشارح، وقوله: شرطان أي: أو أكثر نحو: إن أعطيتك إن وعدتك إن سألتني فعبدي حر. قوله:"فالجواب لأولهما" هو الأصح وجواب ما بعده محذوف لدلالة الأول وجوابه عليه، ومنهم من جعل الجواب للأخير وجواب الأول الشرط الثاني وجوابه وجواب الثاني الشرط الثالث إن كان وجوابه، وهكذا على إضمار الفاء، فإذا قال: إن جاء زيد إن أكل إن ضحك فعبدي حر، فعلى الأصح الضحك أول ثم الأكل ثم المجيء، فإن وقعت على هذا الترتيب ثبت العتق وعلى مقابله عكسه، فإن وقع المجيء ثم الأكل ثم الضحك لزم العتق، وعلى أن الجواب للأول ينبغي مجيء فعل الشرط الثاني ماضيًا لما مر لا على مقابله؛ إذ على مقابله لا حذف. اهـ. سيوطي.
وقوله: "وجواب ما بعده" أي: بعد الأول محذوف لدلالة الأول وجوابه عليه أي: وتقديره في البيت الذي أورده الشارح: إن تذعروا فإن تستغيثوا بنا تجدوا، وبقول السيوطي المذكور تعلم أن قول الشارح والثاني مقيد للأول مخالف للأصح المذكور، وبه صرح شيخنا السيد، وبه يُعلم ما في كلام شيخنا، فتأمل.
ومن فروع المسألة ما إذا قال لامرأته: إن أكلت إن شربت فأنت طالق، فلا تطلق على الأصح إلا إذا شربت ثم أكلت؛ لأن التقدير عليه: إن شربت فإن أكلت فأنت طالق، فالثاني أول والأول ثانٍ، وعلى مقابله لا تطلق إلا إذا أكلت ثم شربت؛ لأن التقدير عليه: إن أكلت فإن شربت فأنت طالق، فالأول أول والثاني ثانٍ. واعلم أن تصحيح الأول هو على مذهب أصحابنا الشافعية وكذا الحنفية كما قاله الشمني، ووجهه ابن الحاجب بأنه لا يصح أن يكون الجواب للشرطين معًا، وإلا توارد عاملان على معمول واحد ولا لغيرهما وإلا لزم ذكر ما لا دخل له في ربط الجزاء وترك ما له دخل ولا للثاني؛ لأنه يلزم حينئذ أن يكون الثاني وجوابه جوابًا للأول فتجب الفاء ولا فاء، وحذفها شاذ أو ضرورة فتعين أن يكون جوابًا للأول، ويكون الأول وجوابه دليل جواب الثاني. قال الدماميني: ومذهب مالك الطلاق سواء أتت بالشرطين مرتبين كما هما في اللفظ أو عكست الترتيب. قال: وبعض أصحابنا يوجه ذلك بأنه على حذف واو العطف؛ كما في قول الشاعر: كيف أصبحت كيف أمسيت مما يغرس الود في فؤاد اللبيب
ثم قال: ولا أدري وجه اشتراط أهل المذهبين -يعني: مذهبي الشافعية والمالكية- في وقوع الطلاق فعلها لمجموع الأمرين مع أنه يمكن أن يكون جواب الأول محذوفًا لدلالة جواب الثاني ولا محذور في حذف الجواب؛ بل هو أسهل من تقديرهم لما فيه من الحذف والفصل بين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1157- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 112، وخزانة الأدب 11/ 358، والدرر 5/ 90، وشرح التصريح 2/ 254، ومغني اللبيب 2/ 614، والمقاصد النحوية 4/ 452، وهمع الهوامع 2/ 63.(4/44)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإن تواليا بعطف فالجواب لهما معًا، كذا قاله المصنف في شرح الكافية، ومثَّل له بقوله تعالى: {وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ} [محمد: 36] الآية. وقال غيره: إن توالَى الشرطان بعطف بالواو فالجواب لهما نحو: إن تأتني وإن تحسن إلَيَّ أحسن أليك، أو بأو فالجواب لأحدهما نحو: إن جاء زيد أو إن جاءت هند فأكرمه أو فأكرمها، أو بالفاء فنصبوا على أن الجواب للثاني، والثاني وجوابه جواب الأول، وعلى هذا فإطلاق المصنف محمول على العطف بالواو.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرط الأول وجوابه بالشرط الثاني فتأمله. اهـ. قال الشمني: وجه اشتراطهم لوقوع الطلاق مجموع الأمرين أنهم لو أوقعوا الطلاق بأيهما كان بناء على إمكان كون جواب الأول محذوفًا مدلولًا عليه بجواب الثاني لزم إيقاع الطلاق بالاحتمال وهو خلاف قاعدة الشرع. اهـ بحذف. قوله: "كقوله: إن تسغيثوا... إلخ"، وكقوله تعالى: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} [هود: 34] وكقوله تعالى: {إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ} [الأحزاب: 5] إلخ كذا قالوا. قال الدماميني بعد نقله جعل الآية الأولى من هذا القبيل ما نصه: قال ابن هشام: وفيه نظر؛ إذ لم يتوالَ في الآية شرطان وبعدهما جواب؛ وإنما تقدم عل الشرطين ما هو جواب في المعنى للشرط الأول؛ فينبغي أن يقدر إلى جانبه، ويكون الأصل: إن أردت أن أنصح لكم فلا ينفعكم نصحي إن كان الله يريد أن يغويكم، وإما أن يقدر الجواب بعدهما ثم يقدر بعد ذلك مقدمًا إلى جانب الشرط الأول فلا وجه له. اهـ. وكذا يقال في الآية الثانية.
"فائدة": ليس من قاعدة توالي الشرطين قوله تعالى: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ} إلى قوله: {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا} [الفتح: 25] وإن اقتضاه كلام المغني، وإلا كان "لعذبنا" جواب لولا، ولولا وجوابها دليلًا على جواب لو المحذوف على قاعدة توالي الشرطين، وهو غير ظاهر كما قاله الدماميني، واستظهر ما ذكره الزمخشري من جعل جواب لولا محذوفًا لدلالة الكلام عليه. والمعنى: لولا كراهة أن تهلكوا ناسًا مؤمنين بين ظهراني المشركين وأنتم غير عارفين بهم فيصيبكم بإهلاكهم مكروه ومشقة لما كف أيديكم عنهم.
قوله: "إن تُذعروا" بالبناء للمفعول أي: تفزعوا. والمعاقل جمع معقل كمجلس وهو الملجأ. قوله: "ومثل له بقوله تعالى... إلخ" في هذا التمثيل نظر؛ إذ ليس فيه توالي أداتي شرط كما هو موضوع الكلام؛ لأن العطف ليس على نية تكرار العامل. قوله: "وقال غيره... إلخ" في نقل كلام غير المصنف إشارة إلى الاعتراض على كلام المصنف في شرح الكافية من وجهين؛ من حيث إطلاق العطف، ومن حيث التمثيل.
قوله: "فالجواب لهما" يلزم عليه اجتماع مؤثرين علي أثر واحد، إلا أن يقال: هما في حكم المؤثر الواحد، فتأمل. قوله: "أو بالفاء" أي: أو توالَى الشرطان بالفاء فهو معطوف على بعطف لا على بالواو؛ لأن الفاء هنا ليست عاطفة. قوله: "فإطلاق المصنف" أي: في قوله في شرح الكافية: وإن تواليا بعطف فالجواب لهما معًا.(4/45)
فصل "لو":
لو حرف شرط في مضي ويقل إيلاؤه مستقبلًا لكن قبل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل لو:
اعلم أن "لو" تأتي على خمسة أقسام؛ الأول: أن تكون للعرض نحو: لو تنزل عندنا فتصيب خيرًا، ذكره في التسهيل. الثاني: أن تكون للتقليل نحو: تصدقوا ولو بظلف محرق. ذكره ابن هشام اللخمي وغيره. الثالث: أن تكون للتمني نحو: لو تأتينا فتحدثنا، قيل ومنه: {لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً} [البقرة: 167] ولهذا نصب فنكون في جوابها. واختلف في لو هذ فقال ابن الصائغ وابن هشام الخضراوي: هي قسم برأسها لا تحتاج إلى جواب كجواب الشرط؛ ولكن قد يُؤتى لها بجواب منصوب كجواب ليت. وقال بعضهم: هي لو الشرطية أشربت معنى التمني بدليل أنهم جمعوا لها بين جوابين: جواب منصوب بعد الفاء، وجواب باللام كقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصل لو:
قوله: "على خمسة أقسام" بل ستة، سادسها التحضيض نحو: لو تأمر فتطاع، كما في جمع الجوامع وشرحه. قوله: "تصدقوا ولو بظلف محرق" المعنى: تصدقوا بما تيسر من قليل أو كثير، ولو بلغ في القلة إلى الظلف مثلًا فإنه خير من العدم، وهو بكسر الظاء المعجمة للبقر والغنم كالحافر للفرس والخف للجمل، وقيد بالإحراق أي: الشي كما هو عادة العرب؛ لأن النيئ قد لا يؤخذ وقد يرميه آخذه فلا ينتفع به بخلاف المشوي كذا في المحلى. قوله: "ذكره ابن هشام اللخمي وغيره" قال في المغني: وفيه نظر. قال الدماميني: وجه النظر أن كل ما أورد شاهدًا على التقليل يجوز أن تكون لو فيه بمعنى إن والتقليل مستفاد من المقام لا من نفس لو. قوله: "لو تأتينا فتحدثنا" قال شيخنا: محل كونها في المثال للتمني إذا كان المخاطب مأيوس الإتيان إلى المتكلم أو متعسره عادة. اهـ. ووجهه أن التمني طلب ما لا طمع فيه أو ما فيه عسر. قوله: "{لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً}" أي: رجعة إلى الدنيا. قوله: "ولهذا نصب فنكون" لا دليل فيه لجواز أن يكون النصب في نكون مثله في: ولبس عباءة وتقر عيني
فهو بأن مضمرة جوازًا، وأن والفعل في تأويل مصدر معطوف على كرة؛ ولهذا قال قيل ومنه. قوله: "واختلف في لو هذه" لم يتعرض لكون القسمين الأولين يحتاجان إلى جواب أو لا، وما قاله ابن الصائغ وابن هشام الخضراوي يظهر في لو التي لعرض ولو التي للتحضيض، وانظر لو التي للتقليل على رأي ابن هشام اللخمي، هل لها جواب مقدر أو لا جواب لها؟ قوله: "هي قسم برأسها" أي: مغايرة للو الشرطية والمصدرية كما في زكريا. قوله: "ولكن قد يُؤتى لها بجواب منصوب" أي: وقد لا يُؤتى لها بجواب أصلًا كما في قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ(4/46)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1158- فلو نُبش المقابر عن كليب فيُخبر بالذنائب أي زير
بيوم الشعثمين لقر عينًا وكيف لقاء مَن تحت القبور
وقال المصنف: هي لو المصدرية أغنت عن فعل التمني؛ وذلك أنه أورد قول الزمخشري: وقد تجيء لو في معنى التمني نحو: لو تأتيني فتحدثني، فقال: إن أراد أن الأصل وددت لو تأتيني فتحدثني، فحذف فعل التمني لدلالة لو عليه، فأشبهت ليت في الأشعار بمعنى التمني، فكان لها جواب كجوابها فصحيح، أو أنها حرف وضع للتمني كليت فممنوع لاستلزامه منع الجمع بينها وبين فعل التمني كما لا يجمع بينه وبين ليت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ} [البقرة: 103] إن الشارح سيصرح في آخر الباب بأن لو في هذه الآية للتمني ولا جواب لها أصلًا، وأن قوله: {لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ} [البقرة: 103] مستأنف أو جواب قسم محذوف.
وقوله: "فلو نُبش المقابر" قاله مهلهل حين أخذ بثأر أخيه كليب. وقوله: "فيخبر" بالبناء للمفعول. وقوله: "بالذنائب" أي: في الموضع المسمى بالذنائب بفتح الذال المعجمة فنون وفي آخره باء موحدة وفيه قبر كليب فالباء في بالذنائب ظرفية كذا قال الدماميني والشمني والعيني. وقوله: "أي زير" نائب فاعل يخبر بعد حذف الموصوف والأصل زير أي زير، والزير الأصل من يكثر زيارة النساء لقب به كليب؛ لأنه كان يكثر زيارتهن فهو من وضع الظاهر موضع المضمر. وقوله: "بيوم الشعثمين" متعلق بيخبر أي: بوقعة يوم الشعثمين. قال العيني: وأراد بالشعثمين شعثمًا وشعيبًا ابني معاوية بن عمرو. اهـ. والذي قاله الدماميني والشمني معاوية بن عامر، وأضيف اليوم لهما لظهور بطشهما فيه أو غير ذلك، كما قاله الدماميني ثم بحث في الاستشهاد بالبيتين باحتمال أن نصب يخبر بأن مضمرة والمصدر المنسبك منهما معطوف على مصدر متصيد من فعل الشرط؛ أي: لو حصل نبش فإخبار كما قالوه في نحو: إن تأتني فتكرمني آتك بنصب تكرم.
قوله: "في معنى التمني" أي: لمعنى هو التمني. وقوله: "فقال" أي: المصنف معطوف على أورد. قوله: "لدلالة لو عليه" لعل وجه دلالتها عليه أنها جعلت عند حذف فعل التمني كالعوض منه أو كثرة مصاحبتها فعل التمني؛ بحيث صارت تشعر به عند حذفه. قوله: "أو أنها حرف وضع للتمني" قال الدماميني: الظاهر أن هذا الوجه هو مراد الزمخشري، وما أورده عليه من استلزامه منع الجمع بينها وبين فعل التمني لا يرد عليه، فإنها عند مجامعتها لفعل التمني تكون لمجرد المصدرية مسلوبة الدلالة على التمني فلا يمتنع الجمع إذ ذاك، ولا إشكال؛ لكن يحتاج هذا إلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1158- البيتان من الوافر، وهما للمهلهل بن ربيعة في الأصمعيات ص154، 155، والأغاني 5/ 32، 49، وأمالي القالي 2/ 131، وتذكرة النحاة ص72، وجمهرة اللغة ص306، 712، 1064، وخزانة الأدب 11/ 305، والرد على النحاة ص125، وسمط اللآلي ص112، وشرح شواهد المغني 2/ 654، ولسان العرب 1/ 393 "ذنب"، والمقاصد النحوية 4/ 463، وبلا نسبة في الاشتقاق ص338 "البيت الأول فقط"، والجنى الداني ص289، ومغني اللبيب 1/ 267.(4/47)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال في التسهيل بعد ذكره المصدرية: وتغني عن التمني فينصب بعدها الفعل مقرونًا بالفاء. وقال في شرحه: أشرت إلى نحو قول الشاعر:
1159- سرينا إليهم في جموع كأنها جبال شَرُورَى لو تُعَانُ فتَنْهُدَا
قال: فلك في تنهدا أن تقول: نصب؛ لأنه جواب تمنٍّ إنشائي كجواب ليت؛ لأن الأصل: وددنا لو تعان، فحذف فعل التمني لدلالة لو عليه، فأشبهت ليت في الإشعار بمعنى التمني دون لفظه، فكان لها جواب كجواب ليت، وهذا عندي هو المختار. ولك أن تقول: ليس هذا من باب الجواب بالفاء؛ بل من باب العطف على المصدر؛ لأن لو والفعل في تأويل مصدر. هذا كلامه. ونص على أن لو في قوله تعالى: {لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً} [البقرة: 167] مصدرية. واعتذر عن الجمع بينها بين أن المصدرة بوجهين: أحدهما: أن التقدير: لو ثبت أن، والآخر: أن تكون من باب التوكيد. الرابع: أن تكون مصدرية بمنزلة أن، إلا أنها لا تنصب، وأكثر وقوع هذه بعد ود أو يود؛ نحو: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [القلم: 9]، {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ} [البقرة: 96]، ومن وقوعها بدونهما قول قُتيلة:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثبوت أن الزمخشري يوافقه على مجيء لو مصدرية. اهـ. قوله: "لاستلزامه منع الجمع... إلخ" أي: والجمع ليس بممنوع بدليل: {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ}. قوله: "وقال في التسهيل... إلخ" لما ادعى الشارح أن المصنف قال: هي لو المصدرية أغنت عن فعل التمني، ولم يكن في عبارة المصنف السابقة التي حكاها عنه الشارح تصريح يكون لو هذه مصدرية وإن كان يستفاد منها ذلك؛ لأن الشرطية لا تقع بعد ود أو يود على الراجح أتي بعبارة التسهيل لصراحتها في كونها مصدرية.
قوله: "وتغني عن التمني" أي: عن فعله. قوله: "شرورى" بفتح الشين المعجمة وضم الراء الأولى وفتح الثانية: اسم موضوع. وقوله: "فتنهدا" من نهد إلي العد وأي نهض. قوله: "إنشائي" صفة لازمة. "دون لفظه" أي: لفظ التمني أي مادته وحروفه أي كل من ليت ولو فيه معنى التمني دون حروفه، وهذا أحسن من قول شيخنا: والبعض مراده بقوله دون لفظه أنها ليست موضوعة للتمني. قوله: "بل من باب العطف على المصدر" أي: مجرد العطف وإلا فالفاء الواقعة في الجواب لعطف المصدر أيضًا؛ لكن مع كونها فاء الجواب. قوله: "في تأويل مصدر" وبالتقدير في البيت: وددنا إعانتها فنهودها أي نهوضها. قوله: "ونص على أن لو... إلخ" هذا أيضًا تقوية لنقل الشارح عن المصنف أن لو التي للتمني مصدرية، ووجه التقوية أن لو في الآية للتمني على ما ذكره سابقًا بقوله: ومنه {لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً} وقد نص المصنف على أنها مصدرية فتكون لو التي للتمني مصدرية. قوله: "أن التقدير لو ثبت أن" وحينئذ فلا جمع. قوله: "والآخر" سيأتي رده. قوله: "بعد ود أو يود" لو قال: بعد دال مودة لكان أحسن كوددت وأحببت.
قوله: "قُتيلة" تصغير قتلة بالقاف والتاء الفوقية بنت النضر بن الحارث تخاطب النبي صلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1159- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في المقاصد النحوية 4/ 413، 465.(4/48)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1160- ما كان ضرك لو مننت وربما منَّ الفتى وهو المغيظ المحنق
وقول الأعشى:
1161- وربما فات قومًا جل أمرهم من التأني وكان الحزم لو عجلوا
وأكثرهم لم يثبت ورود لو مصدرية. وممن ذكرها الفراء وأبو علي، ومن المتأخرين التبريزي أبو البقاء وتبعهم المصنف، وعلامتها: أن يصلح في موضعها أن. ويشهد للمثبتين قراءة بعضهم: "وَدُّوا لو تُدْهن فيدهنوا" [القلم: 9] بحذف النون، فعطف يدهنوا بالنصب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الله عليه وسلم حين قتل أباها النضر صبرًا بالصفراء بعد أن انصرف من غزوة بدر؛ بسبب أنه كان يقرأ أخبار العجم على العرب ويقول: محمد يأتيكم بأخبار عاد وثمود، وأنا آتيكم بأخبار الأكاسرة والقياصرة، فيزيد بذلك أذى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما سمعها النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو سمعتها قبل أن أقتله ما قتلته". اهـ تصريح. وقال العيني: إن البيت قالته قتيلة بنت الحارث من قصيدة ترثي بها أخاها النضر بن الحارث، كان النبي صلى الله عليه وسلم ضرب عنقه بالصفراء حين قفل من بدر، ويقال: لما سمعها النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو سمعتها قبل أن أقتله ما قتلته". اهـ. وهو يخالف قول التصريح: حين قتل أباها... إلخ. قال الشمني: قال السهيلي: والصحيح أنها بنت النضر بن الحارث لا أخته، ثم قال الشمني: وأسلمت قتيلة يوم الفتح. قوله: "ما كان... إلخ" قال الشمني: ما نافية أو استفهامية. اهـ. قال في التصريح: والمغيظ بفتح الميم اسم مفعول من غاظة. والمحنق بضم الميم وفتح النون اسم مفعول من أحنقه بالحاء المهملة أي: غاظه فهو توكيد للمغيظ. اهـ. قال الشنواني: ولو مننت يحتمل أن يكون اسم كان وضرك خبرها أي: ما كان منك ضرك على الأصح من جواز تقديم الخبر الفعلي على الاسم في هذا الباب، ويحتمل أن يكون فاعلًا بضرك، والجملة خبر كان، واسمها ضمير الشأن. اهـ. وعلى كون ما استفهامية فهي في محل نصب على المفعولية المطلقة لضرك، والمعنى: أي ضرر كان ضرك، بقي أنه يحتمل أن تكون لو شرطية حذف جوابها لعلمه من أول الكلام وحينئذ فلا شاهد فيه فتدبر. قوله: "من التأني" من تعليلة لفات.
قوله: "وأكثرهم لم يثبت ورود لو مصدرية" ويقولون في نحو {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ} أنها شرطية، وأن مفعول يود وجواب لو محذوفان، والتقدير: يود أحدهم التعمير لو يعمر ألف سنة لسره ذلك، ولا يخفى ما في ذلك من التكلف. مغني. قوله: "فعطف يدهنوا... إلخ" كذا في المغني قال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1160- البيت من الكامل، وهو لقتيلة بنت النضر في الأغاني 1/ 30، وحماسة البحتري ص276، والجنى الداني ص288، وخزانة الأدب 11/ 239، والدرر 1/ 250، وشرح التصريح 2/ 254، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص966، وشرح شواهد المغني 2/ 648، ولسان العرب 7/ 450 "غيظ"، 10/ 70 "حنق"، والمقاصد النحوية 4/ 471، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 223، وتذكرة النحاة ص38، ومغني اللبيب 1/ 265، وهمع الهوامع 1/ 81.
1161- البيت من البسيط، وهو للأعشى في مغني اللبيب 1/ 265، وللقطافي في شرح شواهد المغني 2/ 650، وليس في ديواني الشاعرين.(4/49)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على تدهن لما كان معناه أن تدهن. ويشكل عليهم دخولها على أن في نحو: {وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} [آل عمران: 30]، وجوابه: أن لو إنما دخلت على فعل محذوف مقدر بعدها تقديره: تود لو ثبت أن بينها وبينه، كما أجاب به المصنف في {لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً} [البقرة: 167] على رأيه كما سبق. وأما جوابه الثاني وهو أن يكون من باب توكيد اللفظ بمرادفه على حد {فِجَاجًا سُبُلًا} [الأنبياء: 31] ففيه نظر؛ لأن توكيد المصدر قبل مجيء صلته شاذ؛ كقراءة زيد بن علي: {وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [الأنفال: 52، وغيرها] بفتح الميم. الخامس: أن تكون شرطية وهي المراد بهذا الفصل، وهي على قسمين: امتناعية، وهي للتعليق في الماضي، وبمعنى إن وهي للتعليق في المستقبل، فأشار إلى القسم الأول بقوله: "لو حرف شرط في مضي" يعني: أن لو حرف يدل على تعليق فعل فيما مضى، فيلزم من تقدير حصول شرطها حصول جوابها، ويلزم كون شرطها محكومًا بامتناعه؛ إذ لو قدر حصوله لكان الجواب كذلك. ولم تكن للتعليق في الماضي؛ بل للإيجاب فتخرج عن معناها، وأما جوابها فلا يلزم كونه ممتنعًا على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدماميني والطي يظهر أن يدهنوا منصوب بأن مضمرة جوازًا والمجموع منها ومن صلتها معطوف على المجموع من لو وصلتها، فالتقدير: ودوا ادهانك فادهانهم. اهـ. وناقشه الشمني فقال: لا نسلم أن إضمار أن بعد الفاء هنا جائز؛ لأن ذلك إذا كان العطف على اسم ليس في تأويل الفعل نحو: لولا توقع معترّ فأرضيه
حتى لو كان العطف بها على اسم في تأويل الفعل نحو: الطائر فيغضب زيد الذباب وجب الرفع، وعلى ما قاله الدماميني يكون العطف بها على مجموع حرف وفعل صريح، وذلك المجموع في تأويل اسم، وهو أولى بوجوب الرفع. اهـ. وقيل: النصب على أنه جواب ودّ لتضمنه معنى ليت، فتحصل في النصب ثلاثة أوجه. قوله: "لما كان معناه... إلخ" أي: فهو عطف على المعنى وهو عطف التوهم فهما واحد كما في المغني والشمني؛ لكن لا يعبر في القرآن بعطف التوهم، وقيل: عطف المعنى يلاحظ فيه المعنى وعطف التوهم يتوهم فيه وجود أن مثلًا في اللفظ؛ لكون الغالب وقوعها في ذلك الموضع، أفاده شيخنا السيد. قوله: "دخولها على أن... إلخ" أي: لأن الحرف المصدري لا يدخل على مثله.
قوله: "ففيه نظر" هذا النظر لصاحب المغني. وقوله: لأن توكيد المصدر عبارة المغني الموصول وهي أحسن . وقوله: قبل مجيء وصلته قال سم: انظر معناه ما بعد أن إنما يصلح لها لا للو، فأين صلة لو التي أكدت لو قبل مجيئها إلا أن يقال: التوكيد قبل الصلة صادق مع عدمها. اهـ. ومقتضى السؤال والجواب أنه لا صلة للو هنا على جعل أن مؤكدة للو وهو مشكل؛ لأن الموصول الحرفي لا بد له من صلة تذكر لفظًا، ولأن المعهود إعطاء المؤكد بالفتح ما يطلبه دون المؤكد بالكسر كما مر في نحو: "أتاك أتاك اللاحقون"، وعلى مقتضى ما ذكر يكون الأمر هنا بالعكس فتفطن. قوله: "للتعليق في الماضي" أي: لتعليق حصول مضمون الجواب على حصول مضمون(4/50)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كل تقدير؛ لأنه قد يكون ثابتًا مع امتناع الشرط، نعم الأكثر كونه ممتنعًا، وحاصله: أنها تقتضي امتناع شرطها دائمًا، ثم إن لم يكن لجوابها سبب غيره لزم امتناعه؛ نحو: {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا} [الأعراف: 176]، وكقولك: لو كانت الشمس طالعة لكان النهار موجودًا، وإلا لم يلزم نحو: لو كانت الشمس طالعة لكان الضوء موجودًا، ومنه: نعم المرء صهيب لو لم يخفف الله لم يعصه. فقد بان لك أن قولهم: لو حرف امتناع لامتناع فاسد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرط في الماضي، ففي الماضي ظرف للحصولين، وأما نفس التعليق فهو في الحال، وقد يشكل كونه في الحال مع كون المعلق والمعلق عليه في الماضي أي: لوجوب سبق التعليق عليهما، إلا أن يراد بالتعليق بيان أنه كان معلقًا. اهـ سم. أي: الإخبار بأن الجواب كان مربوطًا في النفس بالشرط، فالربط النفساني ماضٍ والتعليق اللفظي هو الواقع حالًا، فتدبر. قوله: "في مضي" متعلق بحصول الذي تضمنه شرط كما عرف. قوله: "فيما مضى" ظرف لفعلين كما عرف.
قوله: "من تقدير حصول شرطها" قال البعض: أي من حصول شرطها المقدر؛ إذ حصول الجواب إنما يلزم حصول الشرط لا تقديره كما لا يخفى. اهـ. وفيه أن الإشكال باقٍ بحاله؛ لأن حصول الجواب إنما يلزم حصول الشرط المحقق لا المقدر، اللهم إلا أن يراد بحصول الجواب حصوله المقدر، ولك أن تجيب بتقدير مضاف أي: فيلزم من تقدير حصول شرطها تقدير حصول جوابها. قوله: "ويلزم" أي: من كونها للتعليق كنا يؤخذ مما بعده.
قوله: "إذ لو قدر حصوله" قال البعض: الأولى -بل الصواب- إذ لو حصل. اهـ. أي: لأنه تعليل للحكم بامتناع الشرط؛ وإنما يقابله حصول الشرط لا تقدير حصوله، ولأن حصوله هو الذي يترتب عليه ما ذكره بقوله: لكان... إلخ، من حصول الجواب، وكون لو ليست للتعليق في المضي؛ بل للإيجاب. وقوله: لكان الجواب كذلك أي: حاصلًا. وقوله: ولم تكن للتعليق... إلخ أي: لأن الثابت الحاصل لا يعلق. قوله: "على كل تقدير" أي: سواء كان له سبب غير الشرط أو لا.
قوله: "نعم الأكثر كونه ممتنعًا" أي: لأن الغالب كون المسبب الواحد له سبب واحد. قوله: "لزم امتناعه" لأنه يلزم من انتفاء السبب المنفرد انتفاء مسببه. قوله: "لكان النهار" أي: في عرف الحكماء وهو من طلوع الشمس إلى غروبها.
قوله: "ومنه نعم المرء صهيب... إلخ" هو من كلام عمر، وجعله من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وهم كما في التصريح قال: وإنما الوارد -أي: عنه صلى الله عليه وسلم- ما رواه أبو نعيم في الحلية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في سالم مولى أبي حذيفة: "إنه شديد الحب لو كان لا يخاف الله ما عصاه"، فلا دلالة للو في هذا الأثر على انتفاء الجواب لانتفاء الشرط حتى يلزم ثبوت المعصية مع ثبوت الخوف، ووجهه: أن لانتفاء عصيان صهيب أسبابًا: الإجلال والحياء والمحبة والخوف، فلا يلزم من انتفاء الشرط وهو عدم الخوف بثبوت الخوف انتفاء الجواب وهو عدم العصيان بثبوت العصيان لقيام سبب آخر وهو الخوف مقام السبب المنتفي بمقتضى لو وهو عدم الخوف؛ أعني بعدم الخوف الحياء أو المحبة أو الإجلال، فالكلام مسوق لإثبات الجواب، وأنه محقق ولا بد لأنه على تقدير انتفاء أحد أسبابه وهو الخوف يخلفه سبب آخر، فلو في مثل هذا الأثر لتقرير الجواب وجد الشرط أو فقد، وقال في التصريح: وإنما لم تدل لو على انتفاء الجواب هاهنا؛ لأن دلالتها على ذلك إنما هو من باب(4/51)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لاقتضائه كون الجواب ممتنعًا في كل موضع وليس كذلك؛ ولهذا قال في شرح الكافية: العبارة الجيدة في لو أن يقال: حرف يدل على امتناع تالٍ يلزم لثبوته ثبوت تاليه، فقيام زيد من قولك: لو قام زيد لقام عمرو محكوم بانتفائه فيما مضى، وكونه مستلزمًا ثبوته لثبوت قيام عمرو، وهل لعمرو قيام آخر غير اللازم عن قيام زيد أو ليس له لا يتعرض لذلك؛ بل الأكثر كون الأول والثاني غير واقعين. انتهى. وعبارة سيبويه: حرف لما كان سيقع لوقوع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مفهوم المخالفة، وفي هذا الأثر دل مفهوم الموافقة على عدم المعصية؛ لأنه انتفت المعصية عند عدم الخوف فعند الخوف أولى، وإذا تعارض هذان المفهومان قدم مفهوم الموافقة. اهـ.
قوله: "حرف امتناع لامتناع" هذه عبارة الجمهور، والمشهور أن المراد بها امتناع الجزاء لامتناع الشرط أي: أن الجزاء منتفٍ في الخارج بسبب انتفاء الشرط في الخارج. قال السيرافي في حاشيته على المطول في لو أربع استعمالات؛ أحدها: لا تقتضي الامتناع أصلًا بأن تستعمل لمجرد الوصل والربط كان الوصيلة نحو زيد ولو كثر ماله بخيل. ثانيها: أنها للترتيب الخارجي فتكون لامتناع الأول نحو: {أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا}. ثالثها: أنها للاستدلال العقلي فتكون لامتناع الأول لا لامتناع الثاني نحو: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22]. رابعها: أنها لبيان استمرار شيء بربطه بأبعد النقيضين كقوله: لو لم يخف الله لم يعصه. اهـ. بزيادة التمثيل للثاني والثالث. قوله: "فاسد" أي: إذا قطع النظر عن تأويله بما يأتي. وقوله: لاقتضائه أي: بحسب الظاهر. قوله: "العبارة الجيدة... إلخ" قال الدماميني: هي عبارة متوسطة بين عبارة الجمهور وعبارة سيبويه، فإن عبارة سيبويه تقتضي أن موضوعها ثبوت لثبوت، وعبارة الجمهور تقتضي أنه امتناع لامتناع، وعبارة المصنف تقتضي أن الشرط ممتنع والجواب ثابت بتقدير ثبوت الشرط، والثبوتان في عبارة سيبويه فرضيان، والامتناعان في عبارة الجمهور حقيقيان، والثبوت في عبارة المصنف فرضي والامتناع فيها حقيقي. اهـ. وأجود من عبارة المصنف أن يقال: حرف يدل على الامتناع في الماضي لما يليه، واستلزام ثبوته لثبوت تاليه؛ لعدم إفادة العبارة الأولى كون الامتناع المدلول لها في الماضي، نبه عليه في المغني.
قوله: "وكونه مستلزمًا" أي: ومحكوم بكونه... إلخ. قوله: "حرف لما كان سيقع" وهو الجواب لوقوع غيره وهو الشرط أي: لما كان في الماضي متوقع الوقوع لوقوع غيره؛ لكنه لم يقع لعدم وقوع الغير فالإتيان بكان للاحتراز عن إذا وإن، فإنهما لما يقع في المستقبل لوقوع غيره، وبالفعل المستقبل للاحتراز عن لما، فإنها لما وقع لوقوع غيره، وبالسين الدالة على التوقع للدلالة على أنه لم يكن حينئذٍ أيضًا أي: لم يقع في هذه الحالة كما لم يقع في الماضي لضرورة استقباله، فهي مصرحة بأنه لم يكن وقع ولا هو واقع في ذلك الوقت، فمعنى عبارته: أن لو تدل مطابقة على أن وقوع الثاني كان يحصل على تقدير وقوع الأول، وتدل التزامًا على امتناع وقوع الثاني لامتناع وقوع الأول؛ لأن عدم اللازم يُوجب عدم الملزوم، كذا في الدماميني، ومنه يعلم أن عبارة سيبويه مساوية لعبارة مَن قال: حرف لامتناع الجواب لامتناع الشرط، كما نقله الشمني عن البدر بن مالك، وإن أوهم صنيع الشارح خلافه، وفي الهمع عن أبي حيان أن سيبويه نظر إلى المنطوق وغيره إلى المفهوم، ونظر الشمني في الاحتراز عن إذا ولما بأن قوله:(4/52)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غيره، وهي إنما تدل على الامتناع الناشئ عن فقد السبب لا على مطلق الامتناع، على أنه مراد العبارة الأولى: أي أن جواب لو ممتنع سببه، وقد يكون ثابتًا لثبوت سبب غيره. وأشار إلى القسم الثاني بقوله: "ويقل إيلاؤه مستقبلًا لكن قبل" أي: يقل إيلاء لو فعلًا مستقبل المعنى، وما كان من حقها أن يليها؛ لكن ورد السماع به فوجب قبوله، وهي حينئذ بمعنى إن كما تقدم، إلا أنها لا تجزم. من ذلك قوله:
1162- ولو تلتقي أصداؤنا بعد موتنا ومن دون رمسينا من الأرض سبسب
لظل صدى صوتي وإن كنت رمة لصوت صدى ليلى يهش ويطرب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حرف لا يتناولهما، فكيف يحترز عنهما. وقوله: ولما أي: على القول باسميتها، قال الشارح: على التوضيح، واللام في قوله: لوقوع غيره للتوقيت أي: عند وقوع غيره مثلها في قوله تعالى: {لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ} [الأعراف: 187] وليست لام العلة، ألا ترى أنه يصح أن يقال: لو أهانني زيد لأكرمته، ومن المعلوم أن الإهانة ليست علة للإكرام، ومثله في المغني.
قوله: "وهي إنما تدل... إلخ" أي: لقوله: لوقوع غيره. قوله: "على أنه" أي: الامتناع الناشئ عن فقد السبب، وقوله: مراد العبارة الأولى هي قولهم: حرف امتناع لامتناع، وحينئذ فلا تقتضي كون الجواب ممتنعًا في كل موضع فلا فساد. قوله: "وأشار إلى القسم الثاني" وهو كونها بمعنى أن بقوله: ويقل إيلاؤها... إلخ. والحاصل أن لو إن كانت امتناعية وليها الماضي لفظًا ومعنًى نحو: لو جاء زيد أمس لأكرمته، أو معنى فقط كما سيأتي في قوله: وإن مضارع تلاها... إلخ نحو: لو يجيء زيد أمس لأكرمته، وإن كانت بمعنى إن وليها المستقبل لفظًا ومعنى نحو: ولو تلتقي أصداؤنا بعد موتنا
البيت، أو معنى فقط نحو: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا} [النساء: 9] الآية. قوله: "ويقل إيلاؤها مستقبلًا" أي: يقل أن تستعمل بمعنى إن فيليها المستقبل فلا يرد أنها إذا كانت بمعنى إن كما هو فرض الكلام وكان إيلاؤها المستقبل واجبًا لا قليلًا فقط، فتأمل. قوله: "وما كان من حقها أن يليها" أي: وما كان من حقها أن تستعمل بمعنى إن فيليها فلا يقال: إذا كانت بمعنى إن فمن حقها أن يليها.
قوله: "ولو تلتقي أصداؤنا... إلخ" الأصداء جمع صدى كفتَى وهو الذي يجيبك بمثل صوتك في الجبال وغيرها، والرمس القبر وترابه، والسبسب كجعفر بمهملتين وموحدتين المفازة، والرمة بكسر الراء العظام البالية.
وقوله: لصوت صدى ليلى فيه قلب، والأصل: لصدى صوت ليلى كما قال قبل: صدى صوتي، ويهش بفتح الهاء وكسرها، قال في المصباح: هش الرجل هشاشة من بابي تعب وضرب تبسم وارتاح. اهـ. والطرب خفة لسرور أو حزن، والمراد الأول.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1162- البيتان من الطويل، وهما لأبي صخر الهذلي في شرح أشعار الهذليين ص938، وشرح شواهد المغني ص643، وهما للمجنون في ديوانه ص39، وشرح التصريح 2/ 255، والمقاصد النحوية 4/ 470، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 224، ومغني اللبيب ص261.(4/53)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
1163- لا يلفك الراجوك إلا مظهرًا خلق الكرام ولو تكون عديمًا
وإذا وليها حينئذ ماض أُوِّل بالمستقبل؛ نحو: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا} [النساء: 9] الآية، وقوله:
1164- ولو أن ليلى الأخيلية سلَّمت عليَّ ودُوني جندل وصفائح
وإن تلاها مضارع تخلص للاستقبال، كما أن إن الشرطية كذلك. وأنكر ابن الحاج في نقده على المقرب مجيء لو للتعليق في المستقبل، وكذلك أنكره الشارح، وتأول ما احتجوا به من نحو: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا} [النساء: 9] الآية. وقوله: ولو أن ليلى الأخيلية سلمت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "لو تركوا" أي: شارفوا أن يتركوا؛ وإنما أولنا الترك بمشارفة الترك؛ لأن الخطاب للأوصياء؛ وإنما يتوجه إليهم قبل الترك؛ لأنهم بعده أموات. اهـ معنى. وأقره شيخنا والبعض وفيه أن تصحيح الخطاب حاصل بتأويل الماضي بمستقبل، فلا حاجة إلى تأويل الترك بمشارفته لأجل هذا؛ بل لأجل أن مضمون الجواب -وهو الخوف- إنما يقع منهم قبل الترك بالفعل؛ إذ هم بعده أموات، فاعرفه، ثم رأيت الدماميني والشمني نقلا توجيه هذا التأويل بما ذكرته عن حاشية الكشاف للتفتازاني مقتصرين عليه، فلله الحمد. قوله: "ولو أن ليلى الأخيلية... إلخ" بعده: لسلمت تسليم البشاشة أوزقي إليها صدى من جانب القبر صائح
والجندل الحجارة، والصالح الحجارة العراض التي تكون على القبور، وزقي بالزاي والقاف صاح، وتقدم معنى الصدى، قال زكريا: وأو بمعنى إلى أن عاطفة. اهـ. وفي الاحتمال الأول من التعسف ما لا يخفى، ويحتمل أنها بمعنى الواو. وقال السندوبي: ومن اللطائف ما حُكي عن مجنون ليلى أنه لما مات وتزوجت برجل من أقربائها مرَّا على قبره فقال لها: هذا قبر الكذاب، فقالت: حاشى الله، إنه لم يكذب. فقال لها: أليس هو القائل: ولو أن ليلى... إلخ. فقالت له: تأذنني في أن أسلم عليه. فقال: نعم. فقالت: السلام عليك يا قتيل الغرام وحليف الوجد والهيام فقرّ الصدى من القبر فسقطت ميتة ودفنت عنده، فطلع بعد موتها شجرتان يلتفّ بعضهما على بعض، فسبحان من حارت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1163- البيت من الكامل، وهو بلا نسبة في الجنى الداني ص285، وجواهر الأدب ص267، وشرح التصريح 2/ 256، وشرح شواهد المغني 2/ 646، ومغني اللبيب 1/ 261، والمقاصد النحوية 4/ 469.
1164- البيت من الطويل، وهو لتوبة بن الحمير في الأغاني 11/ 229، وأمالي المرتضى 1/ 450، والحماسة البصرية 2/ 108، والدرر اللوامع 5/ 96، وسمط اللآلي ص120، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1311، وشرح شواهد المغني ص644، والشعر والشعراء 1/ 453، ومغني اللبيب 1/ 261، والمقاصد النحوية 4/ 453، ولرؤبة في همع الهوامع 2/ 64، وليس في ديوانه، وهو بلا نسبة في الجنى الداني ص286، وشرح ابن عقيل ص593.(4/54)
وهي في الاختصاص بالفعل كإن لكن لو أن بها قد تقترن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال: لا حجة فيه لصحة حمله على المضي. وما قاله لا يمكن في جميع المواضع المحتج بها.فما لا يمكن ذلك فيه، وصرح كثير من النحويين بأن لو فيه بمعنى إن قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} [التوبة: 33]، {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33]، {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} [المائدة: 100]، {وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} [البقرة: 221]، {وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} [البقرة: 221]، {وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ} [الأحزاب: 52]، ونحو: أعطوا السائل ولو جاء على فرس. وقوله:
1165- قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم دون النساء ولو باتت بأطهار
"وهي في الاختصاص بالفعل كإن" أي: لو مثل إن الشرطية في أنها لا يليها إلا فعل أو معمول فعل مضمر يفسره فعل ظاهر بعد الاسم؛ كقول عمر رضي الله عنه: لو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأفكار في عجيب قدرته. اهـ. قوله: "لصحة حمله على المضي" إذ يمكن في الآية أن يقال: لو علموا فيما مضى أنهم يخلفون ذرية ضعافًا لخافوا عليهم؛ لكنهم لم يعلموا ذلك. اهـ زكريا. قال البعض: وانظر كيف الحمل على المضي في البيت السابق وهو: ولو أن ليلى... إلخ. اهـ. وقد يقال: سيذكر الشارح أن الحمل على المضي لا يمكن في مواضع كثيرة مما احتجبوا بها، فليكن منها هذا البيت، وذكر الشارح له إنما هو لكونه مما احتجوا به لا لكون ابن الناظم صرَّح فيه بخصوصه بالحمل على المضي أو يقال نزل الشاعر نفسه منزلة الميت المدفون ثم قال البيتين، فتكون لو فيهما للتعليق في المضي على هذا، فتأمله.
قوله: "{وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا...} إلخ" وإنما لم يمكن فيه ذلك لاستحالة أن يراد: لو كنا صادقين فيما مضى ما أنت بمصدق لنا لكنا لم نصدق. اهـ شمني. وللبدر أن يجعل الآية لتقرير الجواب على حد نعم العبد صهيب أي: لو كنا غير متهمين عندك لا تصدقنا فكيف ونحن متهمون عندك؟!
قوله: "{وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}" ولو يكره بدليل قوله قبله {لِيُظْهِرَهُ} فالإظهار مستقبل، فكذا الكراهة لأنها توجد عنده. قوله: "{وَلَوْ أَعْجَبَكَ}" أي: ولو يعجبك بدليل ربطه بالمستقبل؛ أعني: لا يستوي، وكذا يقال في {وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} {وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} {وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ}. وقول شيخنا والبعض بدليل عطفه على يستوي لا يخفى ما فيه.
قوله: "شدوا مآزرهم" المآزر جمع مئزر وهو الإزار، وشد المئزر هنا كناية عن ترك الجماع. شمني. وقوله: "ولو باتت بأطهار" أي: ولو تبيت لأنه في حيز إذا التي للاستقبال. قوله: "وهي" أي: لو مطلقًا امتناعية أو بمعنى إن، وفي الاختصاص متعلق بما تعلق به الخبر أو بالكاف لما فيها من معنى التشبيه على خلاف فيها، والباء في بالفعل داخلة على المقصور عليه.
قوله: "لا يليها إلا فعل أو معمول فعل" أشار به إلى أن معنى قول المصنف: وهي في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1165- البيت من البسيط، وهو للأخطل في ديوانه ص84، وحماسة البحتري ص34، وشرح شواهد المغني 2/ 646، ونوادر أبي زيد ص150، وبلا نسبة في الجنى الداني ص285، ورصف المباني ص291، وشرح عمدة الحافظ ص583، 584، ومغني اللبيب 1/ 264، والمقرب 1/ 90.(4/55)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غيرك قالها با أبا عبيدة. وقال ابن عصفور: لا يليها فعل مضمر إلا في ضرورة؛ كقوله:
1166- أخلاي لو غير الحمام أصابكم عتبت ولكن ما على الدهر معتب
أو نادر كلام؛ كقول حاتم: لو ذات سوار لطمتني. والظاهر أن ذلك لا يختص بالضرورة والنادر؛ بل يكون في فصيح الكلام؛ كقوله تعالى: {لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي} [الإسراء: 100]، حذف الفعل فانفصل الضمير. وأما قوله:
1167- لو بغير الماء حلقي شرق كنت كالغصان بالماء اعتصاري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاختصاص بالفعل أنها لا تدخل إلا على الفعل لفظًا أو تقديرًا، ومن الثاني "التمس ولو خاتمًا من حديد" أي: ولو كان الملتمس خاتمًا من حديد، كما في المغني. وقوله: "مضمر" أي: محذوف. قوله: "لو غيرك قالها" الضمير المنصوب يعود إلى كلمة أبي عبيدة؛ وذلك أن عمر -رضي الله تعالى عنه- لما توجه في زمن خلافته بالجيش إلى الشام بلغه في أثناء الطريق أنه وقع بها وباء، فأجمع رأيه على الرجوع بعد أن أشار به جمع من أكابر الصحابة، فقال له أبو عبيدة: أفرارًا من قدر الله تعالى؟ فقال له عمر رضي الله تعالى عنه: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله، وجواب لو محذوف أي: لعددتها ولا مجال للتمني هنا. دماميني.
قوله: "إخلاي" بياء مفتوحة فهو من قصر الممدود للضرورة. قال التبريزي: وأجود من ذلك في حكم العربية أن ينشد إخلاء بهمزة مكسورة، والأصل أخلائي، فحذفت ياء الإضافة لدلالة الكسرة عليها، والحمام الموت، ومعتب بمعنى عتاب. قوله: "كقول حاتم" أي: حين لطمته جارية وهو مأسور في بعض أحياء العرب، وسبب اللطمة أن صاحبة المنزل أمرته أن يفصد ناقة لها لتأكل دمها فنحرها، فقيل له في ذلك فقال: هذا قصدي، فلطمته الجارية، فقال: لو ذات سوار لطمتني وذات السوار الحرة؛ لأن الإماء عند العرب لا تلبس السوار، وجواب لو محذوف تقديره: لهان عليَّ ذلك. تصريح.
قوله: "حذف الفعل... إلخ" قيل: الأصل: لو تملكون تملكون، فحذف الفعل الأول فانفصل الضمير، وقيل: الأصل: لو كنتم تملكون، ورد بأن المعهود في حذف كان بعد لو حذف مرفوعها معها فأجيب بأن المراد أن الأصل لو كنتم أنتم فحذفا وفيه نظر؛ لأن الحذف والتوكيد متنافيان، كذا في المغني، وزيف الدماميني التنظير بأن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1166- البيت من الطويل، وهو للغطمَّش الضبي في شرح التصريح 2/ 259، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص893، 1036، ولسان العرب 1/ 57، والمقاصد النحوية 4/ 465، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 229، وتذكرة النحاة ص40، والجنى الداني ص279.
1167- البيت من الرمل، وهو لعدي بن زيد في ديوانه ص93، والأغاني 2/ 94، وجمهرة اللغة ص731، والحيوان 5/ 138، 593، وخزانة الأدب 8/ 508، 11/ 15، 203، والدرر 5/ 99، وشرح شواهد المغني 2/ 658، والشعر والشعراء 1/ 235، واللامات ص128، ولسان العرب 4/ 580 "عصر"، 7/ 60 "غصص"، 10/ 177 "شرق"، والمقاصد النحوية 4/ 454، وبلا نسبة في الاشتقاق ص269، وتذكرة النحاة ص40، والجنى الداني ص280، وجواهر الأدب ص263، وشرح التصريح 2/ 259، وشرح عمدة الحافظ ص323، والكتاب 3/ 121، ومغني اللبيب ص1/ 268، وهمع الهوامع 2/ 66.(4/56)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فقيل: على ظاهره، وأن الجملة الاسمية وليتها شذوذًا. وقال ابن خروف: هو على إضمار كان الشانية. وقال الفارسي: هو من الأول، والأصل لو شرق حلقي هو شرق، فحذف الفعل أولًا والمبتدأ آخرًا، ثم نبه على ما تفارق فيه لو إن الشرطية فقال: "لكن لو أن بها قد تقترن" أي: تختص لو بمباشرة أن نحو: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آَمَنُوا} [البقرة: 103]، {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا} [الحجرات: 5]، {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ} [النساء: 66]، {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ} [النساء: 66]. وقوله: ولو أن ما أسعى لأدنَى معيشة
وهو كثير. وموضعها عند الجميع رفع، فقال سيبويه وجمهور البصريين بالابتداء، ولا تحتاج إلى خبر لاشتمال صلتها على المسند والمسند إليه. وقيل: الخبر محذوف، فقيل: يقدر مقدمًا أي: ولو ثابت إيمانهم، على حد: {وَآَيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا} [يس: 41]، وقال ابن عصفور: بل يقدر هنا مؤخرًا، ويشهد له أنه يأتي مؤخرًا بعد أما، كقوله: عندي اصطبار وأما أنني جزع يوم النوى فلوجد كاد يبريني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخليل وسيبويه أجازا الجمع بين الحذف والتأكيد.
قوله: "وأما قوله... إلخ" وارد على المتن. قوله: "لو بغير الماء... إلخ" المعنى: لو شرقت بغير الماء أسغت شرقي بالماء، فإن غصصت بالماء فبمَ أسيغه واعتصاري نجاتي. اهـ زكريا. وقوله: كالغصان فعلان من الغصة وهو الذي غص أي: شرق، والمراد: بغير الماء. قوله: "على إضمار كان الشانية" أي: والجملة الاسمية الملفوظ بها خبر كان الشانية. قوله: "فحذف الفعل أولًا" أي: من التركيب الأول والمبتدأ آخرًا أي: من التركيب الآخر، وليس المراد أن حذف المبتدأ بعد حذف الفعل لعدم لزوم هذه البعدية ثم جملة هو شرق مفسرة لفعل الشرط، وقد يفسر الفعل بجملة اسمية كما قيل به في قوله تعالى: {أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ} [الأعراف: 193] أي: أم صمتم، فيكون البيت من حذف فعل شرطها، هذا هو الظاهر، وأما حذف جوابها لقرينة فكثير، وندر حذف شرطها وجوابها معًا في قوله: إن يكن طبعك الدلال فلو في سالف الدهر والسنين الخوالي
التقدير عند الأخفش: فلو وجد في سالف الدهر والسنين الخوالي لكان كذا. قوله: "ولو أن ما أسعى" أي: ولو أن سعي فأن داخلة على مجموع ما وصلتها المؤول بالمصدر لا على ما فقط حتى يرد أن الحرف المصدري لا يدخل على مثله. قوله: "وموضعها" أي: مع صلتها. قوله: "فقيل يقدر مقدمًا" أي: على المبتدأ لا على لو. قوله: "على حد {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا}" أي: على طريقته في تقديم الخبر على المبتدأ الذي هو أن وصلتها. قوله: "وذلك" أي: تقدير الخبر هنا مؤخرًا ثابت؛ لأن لعل... إلخ أي: لأن وجوب تقديم خبر أن المفتوحة وصلتها عليها لدفع اشتباه أن المؤكدة بالتي هي لغة في لعل، وهذا الاشتباه مفقود هنا؛ لأن لعل لا تقع بعد لو كما لا تقع بعد(4/57)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وذلك لأن لعل لا تقع هنا، فلا تشتبه أن المؤكدة إذا قدمت بالتي بمعنى لعل، فالأولى حينئذ أن يقدر الخبر مؤخرًا على الأصل؛ أي: ولو إيمانهم ثابت. وقال الكوفيون والمبرد والزجاج والزمخشري: فاعل ثبت مقدرًا كما قال الجميع في ما وصلتها في لا أكلمه ما أن في السماء نجمًا، ومن ثم قال الزمخشري: يجب أن يكون خبر أن فعلًا ليكون عوضًا عن الفعل المحذوف. ورده ابن الحاجب وغيره بقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ} [لقمان: 27]، وقالوا: إنما ذلك في الخبر المشتق لا الجامد كالذي في الآية. وفي قوله:
1168- ما أطيب العيش لو أن الفتى حجر تنبو الحوادث عنه وهو ملموم
وقوله:
1169- ولو أنها عصفورة لحسبتها مسومة تدعو عبيدًا وأزغا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما هذا تقرير كلامه، وفيه أنه لا اشتباه أيضًا إذا أخر الخبر وقطع النظر عن وقوع أن بعد لو أو أما؛ لأن الإخبار عن أن وصلتها لكونهما في تأويل مصدر مبتدأ يميزها عن التي هي لغة في لعل؛ إذ لا ينسبك منها ومن مدخولها مصدر حتى يخبر عنه، اللهم إلا أن يقال المراد أن وقوع أن بعد لو أو أما يدفع الاشتباه من أول وهلة، وفيه أيضًا أنه يوهم أن القائل بتقديره مقدمًا يعلله بدفع اشتباه أن المؤكدة بالتي هي لغة في لعل، ويرد عليه أن تقدير الخبر -ولو مؤخرًا- يدفع هذا الاشتباه لما مر، اللهم إلا أن يقال: المراد أن تقديره مقدمًا يدفع الاشتباه من أول وهلة، فتدبر.
قوله: "فاعل ثبت مقدرًا" والدال عليه أن فإنها تعطي معنى الثبوت، ورجح بأن فيه إبقاء لو على اختصاصها بالفعل ويبعده نوع إبعاد أن الفعل لم يحذف بعد لو وغيرها من أدوات الشرط إلا مفسرًا بفعل بعده إلا كان نحو: التمس ولو خاتمًا من حديد أي: ولو كان الملتمس، والمقرون بلا بعد إن نحو: إن تقم أقم، وإلا فلا.
قوله: "كما قال الجميع في ما وصلتها... إلخ" قد يفرق بأن الموصول الحرفي أحوج إلى الفعل من الشرط. سم. وقد تمنع الأحوجية فتأمل. قوله: "ومن ثم" أي: من أجل كونه فاعل ثبت مقدرًا. قوله: "أن يكون خبر أن" أي: الواقعة بعد لو فعلًا أي: جملة فعلية. قوله: "إنما ذلك" أي: وجوب كون خبر أن فعلًا في الخبر المشتق أي: إذا أريد الإتيان بخبرها مشتقًّا وجب كونه فعلًا فما زعمه الزمخشري لا يسلم على إطلاقه. قوله: "تنبو الحوادث عنه" أي: تبعد مصائب الدهر عنه.
قوله: "ولو أنها... إلخ" الضمير في أنها يرجع إلى الأسودة التي تُرى من بعيد، ومسومة أي:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1168- البيت من البسيط، وهو لابن مقبل في ديوانه ص273، وشرح شواهد المغني 2/ 661، ولسان العرب 2/ 5 "أمت"، 12/ 580 "نعم"، وبلا نسبة في الحيوان 4/ 310، وخزانة الأدب 11/ 304، والخصائص 1/ 318، وشرح المفصل 1/ 87، ومغني اللبيب 1/ 270.
1169- البيت من الطويل، وهو لجرير في ديوانه ص323، وشرح شواهد المغني 2/ 662، وله أو للبعيث في حماسة البحتري ص261، وللعوام بن شوذب الشيباني في العقد الفريد 5/ 195، ولسان العرب 12/ 277 "زنم"؛ والمعاني الكبير ص927، ومعجم الشعراء ص300، والمقاصد النحوية 4/ 467، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص73، وجمهرة اللغة ص828، والجنى الداني ص281، ومغني اللبيب 1/ 270.(4/58)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ورد المصنف قول هؤلاء بأنه قد جاء اسمًا مشتقًّا؛ كقوله:
1170- لو أن حيا مدرك الفلاح أدركه ملاعب الرماح
وقوله:
1171- ولو أن ما أبقيت مني معلق بعود ثُمام ما تأوَّد عودها
وقوله:
1172- ولو أن حيا فائت الموت فاته أخو الحرب فوق القارح العدوان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خيلًا معملة، وعبيدًا بضم العين بطن من الأوس، وأزنم بطن من بني يربوع. اهـ عيني. وقال الشمني: مسومة أي: فرسًا مسومة، وعبيدًا بضم العين وأزنما بفتح الهمزة وسكون الزاي وفتح النون اسما شخصين. اهـ. والتاء في لحسبتها تاء مخاطبة، يهجوه الشاعر كما في شرح شواهد المغني للسيوطي وإن مشى الدماميني على خلافه. قوله: "ورد المصنف... إلخ" قال في المغني: وقد وجدت آية في التنزيل وقع الخبر فيها اسمًا مشتقًّا ولم يتنبهوا لها وهي قوله تعالى: {وَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ} [الأحزاب: 20] ورده الدماميني بأن لو في هذه الآية مصدرية لا شرطية؛ لمجيئها بعد فعل دال على التمني، صرح بذلك الرضي والكلام في لو الشرطية.
قوله: "ملاعب الرماح" هو أبو براء عامر بن مالك الذي يقال له: ملاعب الأسنة، وغيره الشاعر لبيد إلى هذا للقافية. عيني. قوله: "ولو أن ما أبقيت" بكسر التاء والثمام بضم المثلثة وتخفيف الميم نبت ضعيف، وتأود تعوج، ولعل الضمير في قوله: عودها يرجع إلى ما، وتأنيثه باعتبار وقوع ما على بقية.
قوله: "فائت الموت" قال البعض: من إضافة الوصف لفاعله أي: فائته الموت. اهـ. وفيه نظر، أما أولًا فلأن الوصف المتعدي لا يضاف إلى فاعله على ما تقدم في باب الإضافة، وأما ثانيًا فلأن المناسب لقوله: فإنه أخو الحرب أن يكون من إضافة الوصف لمفعوله، فتنبه. وقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1170- الرجز للبيد بن ربيعة في ديوانه ص333، وجمهرة اللغة ص555، وخزانة الأدب 11/ 304، والدرر 2/ 181، وشرح شواهد المغني 2/ 663، ولسان العرب 1/ 741 "لعب"، والمقاصد النحوية 4/ 466، ولبنت عامر بن مالك في الحماسة الشجرية 1/ 329، وبلا نسبة في الجنى الداني ص282، ومغني اللبيب 1/ 270، وهمع الهوامع 1/ 138.
1171- البيت من الطويل، وهو لابن الدمينة في سمط اللآلي ص181، وليست في ديوانه، وللراعي النميري في الأشباه والنظائر 5/ 259، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في خزانة الأدب 11/ 369، ورصف المباني ص290، ولسان العرب 12/ 81 "ثمم".
1172- البيت من الطويل، وهو لصخر بن عمرو السلمي في المقاصد النحوية 4/ 459، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص73، وجمهرة اللغة ص1237، ولسان العرب 15/ 31 "عدا".(4/59)
وإن مضارع تلاها صُرفا إلى المضي نحو لو يَفِي كفَى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"وإن مضارع تلاها صُرفا إلى المضي نحو لو يفي كفى" أي: لو وفي كفى. ومنه قوله:
1173- لو يسمعون كما سمعت حديثها خروا لعزة رُكعًا وسجودًا
وهذا في الامتناعية. وأما التي بمعنى إن فقد تقدم أنها تصرف الماضي إلى المستقبل، وإذا وقع بعدها مضارع فهو مستقبل المعنى.
تنبيهان:
الأول: لغلبة دخول لو على الماضي لم تجزم ولو أريد بها معنى إن الشرطية، وزعم بعضهم أن الجزم بها مطرد على لغة، وأجازه جماعة في الشعر -منهم ابن الشجري- كقوله:
ولو يشأ طار بها ذو ميعة
وقوله:
1174- تامت فؤادك لو يحزنك ما صنعت إحدى نساء بني ذهل بن شيبانا
وخرج على أن ضمة الإعراب سكنت تخفيفًا؛ كقراءة أبي عمرو: {يَنْصُرْكُمْ} [آل عمران: 160]، و"يُشْعِرْكُمْ" [الأنعام: 109]، و"يَأْمُرْكُمْ" [البقرة: 67]، والأول على لغة من يقول: شايشا بالألف، ثم أبدلت همزة ساكنة كما قيل: العألم والخأتم.
الثاني: جواب لو إما ماضٍ معنى نحو: لو لم يخف الله لم يعصه. أو وضعًا وهو إما مثبت فاقترانه باللام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخو الحرب أي: ملازمها فوق القارح الفارس، القارح الذي عمره خمس سنين، والعدوان بفتحات شديد العدو. قوله: "كقوله: ولو يشأ... إلخ" تقدم في عوامل الجزم الكلام على هذا الشاهد والذي بعده. قوله: "وخرج" أي: البيت الثاني. وقوله: "سكنت" أي: أبدلت بالسكون. قوله: "إما ماض معنى" هو المضارع المقرون بلم ويجب تجرده من اللام؛ لأن اللام لا تدخل على نافٍ إلا ما كما في التصريح. قوله: "أو وضعًا" لو قال: لفظًا لكان أنسب.
قوله: "فاقترانه باللام... إلخ" قال عبد اللطيف في باب اللامات: هذه اللام تسمى لام التسويف؛ لأنها تدل على تأخير وقوع الجواب عن الشرط، كما أن إسقاطها يدل على التعجيل أي: وقوع الجواب عقب الشرط بلا مهلة؛ ولهذا دخلت في {لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا} لأن في تأخير جعله حطامًا تشديدًا للعقوبة أي: إذا استوى على سوقه وقويت به الأطماع جعلناه حطامًا، كما قال تعالى:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1173- البيت من الكامل، وهو لكثير عزة في ديوانه ص441، والخصائص 1/ 27، ولسان العرب 12/ 523 "كلم"، والمقاصد النحوية 4/ 460، وبلا نسبة في الجنى الداني ص283، وشرح ابن عقيل ص595.
1174- البيت من البسيط، وهو للقيط بن زرارة في لسان العرب 12/ 75 "تيم"، والعقد الفريد 6/ 84، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص411، وشرح شواهد المغني 2/ 665، ومغني اللبيب 1/ 271.(4/60)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحو: {لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا} [الواقعة: 65] أكثر من تركها نحو: {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} [الواقعة: 70]، وإما منفي بما فالأمر بالعكس نحو: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} [الأنعام: 112]، ونحو قوله:
1175- ولو نُعطَى الخيار لما افترقنا ولكن لا خيار مع الليالي
وأما قوله عليه الصلاة والسلام فيما أخرجه البخاري: "لو كان لي مثل أحد ذهبًا ما يسرني ألا يمر عليَّ ثلاث وعندي منه شيء" فهو على حذف كان؛ أي: ما كان يسرني. قيل: وقد تجاب لو بجملة اسمية نحو: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ} [البقرة: 103]، وقيل: الجملة مستأنفة أو جواب لقسم مقدر، ولو في الوجهين للتمني فلا جواب لها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا} [يونس: 24] الآية، وحذفت في {جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} إشارة إلى عدم تراخي الجعل أجاجًا، أفاده في التصريح. قال السيوطي: وقد يقترن جوابها بإذن، وندر كونه تعجبًا أو مصدرًا برب أو الفاء. اهـ. وقال في المغني: وورد جوابها الماضي مقرونًا بقد وهو غريب. قوله: "وأما قوله عليه الصلاة والسلام... إلخ" وارد على قوله: جواب لو إما ماض معنى أو وضعًا، ولأنه في هذا الحديث مستقبل لفظًا ومعنًى.
قوله: "لو كان لي مثل أحد ذهبًا ما يسرني... إلخ" يفيد التركيب، حصول انتفاء السرور بعدم مرور الثلاث عليه وعنده منه شيء، على تقدير حصول الشرط وليس بمراد، فلعل لا زائدة، وأما تخلص البعض عن ذلك بقوله: ما نافية، وقد أبطل نفيها لو، وموقع النفي في ألا يمر القيد فيدل التركيب على سروره بمرور الثلاث وليس عنده شيء وهو المراد. اهـ. ففيه نظر؛ لأن الاعتراض إنما هو بمفهوم التركيب على تقدير حصول الشرط قبل النظر إلى ما تفيده لو من النفي؛ أي: نفي الشرط وما ترتب عليه/ فتأمله فإنه متين. قوله: "بجملة اسمية" أي: مقرونة باللام كالآية أو بالفاء؛ كقوله: لو كان قتل يا سلام فراحة
أي: يا سلامة فهو راحة، نقله شيخنا عن الشارح، ثم رأيته في المغني. قال الدماميني: لا يتعين هذا لاحتمال أن يكون راحة عطفًا على قتل وجواب لو محذوفًا أي: لثبت، ويدل عليه بقية البيت: لكن فررت مخافة أن أوسرا
إذ مراده الاعتذار عن الفرار بأنه لو تحقق حصول الموت والراحة من ذل الأسر لثبت في موقف الحرب؛ لكن خاف الأسر المفضي إلى المعرة والذل ففر. قوله: "{لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ}" أي: مما شروا به أنفسهم.
قوله: "وقيل الجملة مستأنفة" فاللام لام الابتداء، لا الواقعة في جواب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1175- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 231، وخزانة الأدب 4/ 145، 10/ 82، والدرر 5/ 101، وشرح التصريح 2/ 260، وشرح شواهد المغني 2/ 665، ومغني اللبيب 1/ 271، وهمع الهوامع 2/ 66.(4/61)
أما ولولا ولوما
أَمَّا ولولا ولوما: أما كمهما يكُ من شيء وفا لتلو تلوها وجوبًا أُلِفَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما ولولا ولوما:
"أما كمهما يك من شيء" أي: أما -بالفتح والتشديد- حرف بسيط فيه معنى الشرط والتفصيل والتوكيد؛ أما الشرط فبدليل لزوم الفاء بعدها نحو: {فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لو. وقوله: أو جواب لقسم مقدر أي: والله لمثوبة. قوله:"للتمني" أي: على سبيل الحكاية أي: أنهم بحال يتمنى العارف بها إيمانهم واتقاءهم تلهفًا عليهم لا على سبيل الحقيقة لاستحالة التمني حقيقة عليه تعالى، أفاده الدماميني. هذا ويجوز أن تكون لو على الوجهين في {لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ} شرطية وجوابها محذوف لدلالة السياق عليه تقديره: لأثيبوا.
أما ولولا ولوما:
قوله: "كمهما يك من شيء" مهما اسم شرط مبتدأ، وفي خبره الخلاف السابق، ويكن تامة فاعلها ضمير فيها يرجع على مهما، أو ناقصة اسمها ذلك الضمير وخبرها محذوف أي: موجودًا، ومن شيء بيان لمهما. فإن قلت: أي فائدة في هذا البيان مع كونه كالمبين في العموم والإبهام؟ قلت: دفع توهم إرادة نوع بعينه والبيان كما يكون للتخصيص وهو الغالب يكون للتعميم، وأما ما قيل من أن من زائدة وشيء فاعل يكن أو اسمها فيلزم عليه خلو الخبر من رابطه بالمبتدأ.
قوله: "حرف بسيط" في إدخال ذلك تحت حيز أي التفسيرية؛ نظرًا لأن التشبيه الذي في المتن لا يفيده، وكذا قوله: والتفصيل، لا قوله: والتوكيد أيضًا وإن زعمه البعض؛ لأن المراد بالتوكيد هنا تحقيق الجواب وإفادة أنه واقع ولا بد بتعليقه على محقق، وهذا حاصل مع مهما يكن من شيء كما لا يخفى.
قوله: "فيه معنى الشرط" قال أبو حيان: قال بعض أصحابنا: لو كانت شرطًا لتوقف جوابها على شرطها، مع أنك تقول: أما علمًا فعالم فهو عالم إن ذكرت العلم أو لم تذكره بخلاف إن قام زيد قام عمرو، فقيام عمرو متوقف على قيام زيد. وأجيب بأنه قد يجيء الشرط على ما ظاهره عدم التوقف كقوله: من كان ذا بت فهذا بتي
لكن يخرج ذلك على إقامة السبب مقام المسبب، ألا ترى أن المعنى: من كان ذا بتّ فإني لا أخونه؛ لأن لي بتا، وكذا قولهم: أما علمًا فعالم، فالمعنى مهما تذكر علمًا فذكرك له حق لأنه عالم، ولا يكون ذكره حقًّا حتى تذكره، قاله السيوطي. وقد أساء البعض التصرف فيه فقرره على غير وجهه؛ وإنما قال فيه معنى الشرط ولم يقل للشرط لتصريح غير واحد من النحاة بأنها ليست حرف شرط؛ وإنما إفادتها للشرط لنيابتها عن أداة الشرط وفعله، أفاده الشمني وغيره. ثم الشرط في أما لكون القصد منه تحقيق وقوع الجزاء لا محالة ليس على أصل الشروط من تخصيص وقوع الجزاء بحالة وقوع الشرط دون غيرها، أفاده الدماميني. وعلى هذا لا يرد الاعتراض السابق الذي نقله أبو حيان عن بعض الأصحاب.(4/62)
وحذف ذي الفا قل في نثر إذا لم يكُ قول معها قد نُبذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ} [البقرة: 26] الآية، وإلى ذلك الإشارة بقوله: "وفا لتلو تلوها وجوبًا أُلفا" فاء مبتدأ خبره ألف، ولتلو متعلق بأُلف. ومعنى تلو تال. ووجوبًا حال من الضمير في ألف. وأشار بقوله: "وحذف ذي الفا قل في نثر لم يك قول معها قد نبذا" أي: طرح، إلى أنه لا تحذف هذه الفاء إلا إذا دخلت على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "فبدليل... إلخ" قال في المغني: وجه الدلالة أن الفاء في نحو الآية التي ذكرناها وهي {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ...} إلخ لا يصح أن تكون عاطفة؛ إذ لا يعطف الخبر على مبتدئه، ولا زائدة لعدم الاستغناء عنها؛ فتعين أنها فاء الجزاء. اهـ بتصرف. قال الشمني: وقد يقال: لا يمتنع أن تكون زائدة وقد لزمت. وكم زائد يلزم كالباء في أفعل به في التعجب. اهـ. ولك دفعه بأن اللزوم لغير مقتضٍ ينافي الزيادة ولزوم الباء في أفعل به مع زيادتها لمقتضٍ وهو قبح إسناد صورة الأمر إلى الظاهر، فإن قلت: مهما التي أما في تقديرها لا يلزمها الفاء إلا إذا لم يصلح جوابها لمباشرتها فلم لزمت الفاء أما مطلقًا.
قلت: قال الرضي: إنما وجبت الفاء في جواب أما ولم يجز الجزم وإن كان فعلًا مضارعًا؛ لأنه لما وجب حذف شرطها فلم تعمل فيه قبح أن تعمل في الجزاء الذي هو أبعد منها من الشرط، ولما لم تعمل في الجزاء وجبت الفاء. اهـ.
وقال بعضهم: لما كانت شرطية أما خفية لكونها بطريق النيابة بخلاف شرطية مهما لكونها بطريق الأصالة جعل لزوم الفاء قرينة شرطيتها بقي في المقام بحث، وهو أن الفاء إنما تدل على كون أما فيها معنى مطلق الشرط فلم قدروها بخصوص مهما؟ وقد يجاب بأن تقديرها أولى؛ لأن إن للشك وهو لا يناسب الشرط؛ لأن وجود شيء ما محقق، وأيا تستدعي زيادة المقدر للزومها الإضافة؛ كأن يقال: أي شيء يكن... إلخ. وغير هذين خاص بقبيل كالزمان في متى والمكان في أين والعاقل في من وغير العاقل في ما وليس المراد الخصوص؛ لكن هذا إنما يتم على القول بأن مهما أعم من ما لا على ما قدمه الشارح أن مهما بمعنى ما. قال في التصريح: وكون أما تقدر بمهما هو قول الجمهور، وقال بعضهم: إذا قلت: أما زيد فمنطلق، فالأصل إن أردت معرفة حال زيد فزيد منطلق حذفت أداة الشرط وفعل الشرط وأنيبت أما مناب ذلك. اهـ. فتفطن.
قوله: "وفا لتلو... إلخ" كالاستدراك على قوله: أما كمهما يك من شيء، واعلم أن هذه الفاء مؤخرة من تقديم؛ لأن أما زيد فقائم أصله: مهما يكن من شيء فزيد قائم، فحذف اسم الشرط وفعل الشرط ومتعلقه ثم جيء بأما نائبة عما حذف فصار أما فزيد قائم فزحلقت الفاء لإصلاح اللفظ؛ إذ يستكره تلو الفاء الأداة، أو لأنها أشبهت العاطفة، وليس في الكلام معطوف عليه، فصار أما زيد فقائم بتأخير الفاء من المبتدأ إلى الخبر، ويجوز تأخير المبتدأ نحو: أما قائم فزيد، كذا في الفارضي. قال السندوبي: فقد حصل من ذلك أربعة أشياء: تخفيف الكلام بحذف الشرط، وقيام ما هو الملزوم حقيقة وهو زيد؛ لأنه ملزوم القيام مقام الملزوم ادعاء وهو الشرط فإنه ملزوم للجواب، واشتغال حيز واجب الحذف بشيء آخر فإنه لا يحذف شيء من كلامهم وجوبًا إلا مع قيام غيره مقامه، ووقوع الفاء في غير موضعها؛ ولذا اغتفروا هنا تقديم ما يمتنع في غير هذا الموضع. اهـ. وقوله: تقديم ما يمتنع... إلخ أي: نحو {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} [الضحى: 9]. قوله: "ووجوبًا حال" أي: على تقدير(4/63)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قول قد طرح استغناء عنه بالمقول فيجب حذفها معه نحو: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ} [آل عمران: 106]، أي: فيقال: لهم أكفرتم؟ ولا تحذف في غير ذلك إلا في ضرورة؛ كقوله:
1176- فأما القتال لا قتال لديكم ولكنَّ سيرًا في عراض المواكب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مضاف أي: ذا وجوب أو على تأويله بواجبًا. قوله: "فيجب حذفها معه" صريح في أنه لا يجوز إبقاء الفاء مع حذف القول، وهو يمنع جواب غير واحد في مواضع كثيرة عن عدم صلاحية ما بعد الفاء لأن يكون جوابًا بتقدير. أقول: لكني كنت أسمع الإنذار عن المنع المذكور بأن منهم مَن لا يقول بوجوب حذف الفاء مع القول من غير سند قوي يؤيد هذا النقل حتى وقفت على هذا القول في همع الهوامع للسيوطي، ونصه: ويجوز حذفها -أي: الفاء- في سَعَة الكلام إذا كان هناك قول محذوف؛ كقوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [آل عمران: 106] الأصل: فيقال لهم: أكفرتم؟ فحذف القول استغناء عنه بالمقول فتبعته الفاء في الحذف ورب شيء يصح تبعًا، ولا يصح استقلالًا، هذا قول الجمهور، وزعم بعض المتأخرين أن الفاء لا تحذف في غير الضرورة أصلًا، وأن الجواب في الآية: فذوقوا العذاب، والأصل: فيقال لهم: ذوقوا العذاب، فحذف القول وانتقلت الفاء للمقول وأن ما بينهما أي أما والفاء اعتراض. اهـ.
قوله: "فأما القتال... إلخ" قال البعض: لا يصح تقدير القول هنا؛ لأن المعنى ليس عليه، ولعدم صحة الإخبار حينئذ. اهـ. وتعليلًا باطلان لصحة المعنى والإخبار على تقدير القول هنا، أما صحة المعنى فواضحة، وأما صحة الإخبار فاشتمال الخبر على إعادة لفظ المبتدأ، فهي الرابط، فافهم.
وقوله: سيرًا، منصوب على أنه اسم لكن وخبرها محذوف أي: ولكن لديكم سيرًا، أو على المصدرية أي: تسيرون سيرًا، واسم لكن محذوف أي: ولكنكم كذا في شرح شواهد المغني للسيوطي. وقوله: في عراض المواكب بالعين المهملة والضاد المعجمة أي: شقها وناحيتها، وقد صحفه من قال: جمع عرصة الدار، والمواكب جمع موكب، وهم القوم الراكبون على الإبل أو الخيل للزينة، قاله الشارح، والعين في عراض مكسورة كما في القاموس.
قوله: "أو ندور" كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "أما موسى كأني أنظر إليه إذ ينحدر في الوادي"، وقول عائشة رضي الله تعالى عنها: "أما الذين جمعوا بين الحج والعمرة طافوا طوافًا واحدًا". وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "أما بعد: ما بال رجال يشترطون" فيجوز أن يكون مما حذف فيه الفاء تبعًا للقول، والتقدير: فأقول ما بال رجال، كذا في بعض النسخ، وقد يقال: ما جوزه في الحديث الثاني يجوز في الأول وقول عائشة، وفي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1176- البيت من الطويل، وهو للحارث بن خالد المخزومي في ديوانه ص45، وخزانة الأدب 1/ 452، والدرر 5/ 110، وبلا نسبة في أسرار العربية ص106، والأشباه والنظائر 2/ 153، وأوضح المسالك 4/ 234، والجنى الداني ص524، وسر صناعة الإعراب ص265، وشرح شواهد الإيضاح ص107، وشرح شواهد المغني ص177، وشرح ابن عقيل ص597، وشرح المفصل 7/ 134، 9/ 412، والمنصف 3/ 118، ومغني اللبيب ص56، والمقاصد النحوية 1/ 577، 4/ 474، والمقتضب 2/ 71، وهمع الهوامع 2/ 67.(4/64)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أو ندور نحو ما خرَّج البخاري من قوله صلى الله عليه وسلم: "أما بعد ما بال رجال"، وقول عائشة: "أما الذين جمعوا بين الحج والعمرة طافوا طوافًا واحدًا". وأما التفصيل فهو غالب أحوالها كما تقدم في آية البقرة، ومنه: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} [الكهف: 79]، {وَأَمَّا الْغُلَامُ} [الكهف: 80]، {وَأَمَّا الْجِدَارُ} [الكهف: 82] الآيات. وقد يترك تكرارها استغناء بذكر أحد القسمين عن الآخر أو بكلام يذكر بعدها في موضع ذلك القسم؛ فالأول نحو: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا} [النساء: 174]، {فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ} [النساء: 175]، أي: وأما الذين كفروا بالله فلهم كذا وكذا. والثاني نحو: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران: 7]، {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران: 7]، أي: وأما غيرهم فيؤمنون به ويكلون معناه إلى ربهم. ويدل على ذلك قوله تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: 7]، أي: كل من المتشابه والمحكم من عند الله تعالى، والإيمان بهما واجب، فكأنه قيل: أما الراسخون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعض النسخ: أو ندور نحو ما خرج البخاري من قوله صلى الله عليه وسلم: "أما موسى" إلى آخر ما تقدم. وفي بعض النسخ: أو ندور نحو ما خرج البخاري من قوله صلى الله عليه وسلم: "أما بعد: ما بال رجال"، وقول عائشة: "أما الذين جمعوا بين الحج والعمرة طافوا طوافًا واحدًا". وأما التفصيل... إلخ، وفي بعض النسخ غير ذلك.
قوله: "كما تقدم في آية البقرة" هي: {فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ} [البقرة: 26] إلخ. ثم إما أن يقدر فيها مجمل أي: فيتفرق الناس أو يراد بالتفصيل فيها ذكر أشياء مفصولًا كل منها عن الآخر، وإن لم يكن ثم إجمال. قوله: "وقد يترك تكرارها" أي: في مقام التفصيل.
قوله: "ويدل على ذلك" أي: القسم المحذوف ما ذكر في موضعه وهو والراسخون... إلخ. قوله: "فكأنه قيل... إلخ" يرد عليه أن هذا يقتضي أن قول: والراسخون هو المقابل سقطت منه أما والفاء لا أنه محذوف للدلالة عليه بقوله: والراسخون... إلخ، كما هو مدعاه أولًا، فتأمل.
قوله: "وعلى هذا" أي: كون. قوله: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} إلخ في موضع القسم الثاني قائمًا مقامه فالوقف على "إلا الله"؛ لأن الراسخين عليه لا يؤولون فيكون قوله: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} إلخ منقطعًا عما قبله، ويؤيده قراءة ابن مسعود: "أن تأويله إلا عند الله" بإن النافية، وقراءة أبيّ وابن عباس في رواية طاوس عنه: "ويقول الراسخون"، ويؤيد مقابله أن الراسخ لو لم يعلم المتشابه لم يكن لقيد الرسوخ فائدة لاشتراك أهل أصل العلم؛ بل الإسلام مطلقًا في هذا الحكم، إلا أن يقال: خص الراسخون بالذكر لأنهم أثبت على هذا الحكم.
قال الشمني: قال السعد: والحق أنه إن أريد بالمتشابه ما لا سبيل إليه للمخلوق فالحق الوقف على قوله: "إلا الله"، وإن أريد به ما لا يتضح بحيث يتناول المجمل والمؤول فالحق العطف. اهـ.(4/65)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في العلم فيقولون، وعلى هذا فالوقف على "إلا الله"، وهذا المعنى هو المشار إليه في آية البقرة السابقة، فتأملها. وقد تأتي لغير تفصيل نحو: أما زيد فمنطلق، وأما التوكيد فقلَّ مَن ذكره. وقد أحكم الزمخشري شرحه، فإنه قال: فائدة أما في الكلام أن تعطيه فضل توكيد، تقول ذاهب، فإذا قصدت توكيد ذلك، وأنه لا محالة ذاهب، وأنه بصدد الذهاب، وأنه منه عزيمة، قلت: أما زيد فذاهب؛ ولذلك قال سيبويه في تفسيره: مهما يكن من شيء فزيد ذاهب، وهذا التفسير مدل بفائدتين: بيان كونه توكيدًا، وأنه في معنى الشرط. انتهى.
تنبيهات: الأول: ما ذكره من قوله: أما كمهما يك، لا يريد به أن معنى أما كمعنى مهما وشرطها؛ لأن أما حرف، فكيف يصح أن تكون بمعنى اسم وفعل؛ وإنما المراد أن موضعها صالح لهما، وهي قائمة مقامهما لتضمنها معنى الشرط. الثاني: يؤخذ من قوله: لتلو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وهذا المعنى" أي: كون الذين في قلوبهم زيغ يتبعون ما تشابه منه وغيرهم يؤمنون بأنه من عند الله هو المشار إليه في آية البقرة يعني: {فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ} [البقرة: 26] إلخ، وعبر بالإشارة لعدم صراحة آية البقرة في المعنى المذكور؛ لأن انقسام الناس فيها إلى قسمين في خصوص ضرب المثل بالبعوضة فما فوقها، وبه يعلم ما في كلام شيخنا من المؤاخذة، ثم هذا يقتضي أن المتبعين للمتشابه كفار لتصريح آية البقرة بالكفر، وهو محمول على مَن وجد منه في اتباعه المتشابه وتأويله كفر؛ ولهذا كله قال، فتأملها.
قوله: "وقد تأتي لغير تفصيل" أي: لا لفظًا ولا تقديرًا، ومَن التزم فيها التفصيل وقدر في نحو: أما زيد فقائم، فقد تكلف. قوله: "شرحه" أي: بيانه. قوله: "فضل توكيد" أي: توكيدًا فاضلًا. قوله: "وأنه بصدد الذهاب... إلخ" هذا يوهم أن الذهاب لم يحصل بالفعل وهو خلاف ظاهر ذاهب. قوله: "عزيمة" أي: لا بدَّ منه. قوله: "قلت: أما زيد فذاهب" وجه التوكيد أن المعنى مهما يكن من شيء فزيد ذاهب، فقد علق ذهابه على وجود شيء ما وهو محقق والمعلق على المحقق؛ ولذا رجحوا في بعد التي في الخطب أن تكون من متعلقات الجزاء؛ لأن إطلاق الشرط بالكلية أنسب بغرض التأكيد؛ لأنه أعظم تحققًا، وأيضًا لا داعي لتقييد الشرط ببعدية البسملة والحمدلة بخلاف الجزاء فيدعو لتقييده امتثال الحديث.
قوله: "في تفسيره" أي: تبيين حاصل معناه لما يأتي في الشرح. قوله: "مدل" أي: مفصح. قوله: "وهي قائمة مقامهما" قد يقال: إن أما لم تقم إلا مقام مهما، وما تقدم عن سيبويه في تفسير: أما زيد فذاهب، لا يدل على قيامها مقام مهما وشرطها؛ لأنه بملاحظة شرط أما المحذوف بعدها، فتأمل. ثم رأيت في كلام ابن الحاجب ما يؤيد هذا البحث؛ حيث قال: هي لتفصيل ما في نفس المتكلم من أقسام متعددة، ثم قد تذكر الأقسام وقد يذكر قسم ويترك الباقي، والتزموا حذف الفعل بعدها للجري على طريقة واحدة، كما التزموا حذف متعلق الظرف إذا وقع خبرًا، والتزموا أن يقع بينها وبين جوابها ما هو كالعوض من الفعل المحذوف، والصحيح أنه جزء من الجملة الواقعة بعد الفاء قدم عليها لغرض العوضية وكراهة تلو الفاء أما وللتنبيه على أن ما بعد أما هو النوع المقصود(4/66)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تلوها أنه لا يجوز أن يتقدم الفاء أكثر من اسم واحد، فلو قلت: أما زيد طعامه فلا تأكل، لم يجز كما نص عليه غيره. الثالث: لا يفصل بين أما والفاء بجملة تامة إلا إن كانت دعاء بشرط أن يتقدم الجملة فاصل؛ نحو: أما اليوم رحمك الله فالأمر كذلك. الرابع: يفصل بين أما وبين الفاء بواحد من أمور ستة؛ أحدها: المبتدأ كالآيات السابقة. ثانيها: الخبر نحو: أما في الدار فزيد. ثالثها: جملة الشرط نحو: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ، فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ}
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جنسه بالتفصيل من بين ما في الجملة الواقعة بعد الفاء، وكان قياسه ألا يقع إلا مرفوعًا على الابتداء؛ لأن الغرض الحكم عليه بما بعد الفاء؛ لكنهم خالفوا ذلك في مواضع إيذانًا من أول الأمر بأن التفصيل باعتبار الصفة التي ذلك النوع عليها في الجملة الواقعة بعد الفاء من كونه مفعولًا به أو مصدرًا أو غير ذلك؛ نحو: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ} وأما إكرام الأمير فأكرم زيدًا. اهـ. بعض زيادة وحذف وصدر عبارته مبني على أن التفصيل لازم لأما دائمًا، وهو خلاف الراجح كما علمت.
قوله: "لتضمنها معنى الشرط" الإضافة للبيان إن أريد بالشرط التعليق، وحقيقة إن أريد به الأداة ومعناه التعليق، وقد يبحث في العلة بأنها إنما تنتج قيام أما مقام أداة الشرط دون قيامها مقام فعله، فتأمل. قوله: "من اسم واحد" أي: ما هو بمنزلته كجملة الشرط والجار والمجرور. قال الدماميني: وإذا امتنع بالفصل بأكثر من اسم واحد أشكل قول بعضهم في قوله تعالى: {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ} [الفجر: 15] أن الظرف متعلق بيقول؛ لأنه يلزم عليه الفصل بالمبتدأ، ومعمول الفعل فتأمله. اهـ. واختار في موضع آخر تعلقه بمضاف مقدر أي: شأن الإنسان؛ لأن نحو الشأن والقصة والخبر والنبأ والحديث يجوز إعمالها في الظرف خاصة؛ لتضمن معانيها الكون والحصول. قال تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} [ص: 21] {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ، إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ} [الذاريات: 24] يعني: والشيء وما يتعلق به في حكم الشيء الواحد؛ لكن يرد عليه أنه لا يصح الإخبار عن الشأن بأنه يقول؛ إذ الذي يقول نفس الإنسان فالأولى جعل الظرف حالًا من الإنسان بناء على مجيء الحال من المبتدأ، ولك دفع الاعتراض بجعل يقول على تقدير أن.
قوله: "لا يفصل بين أما والفاء بجملة تامة" هذا مفهوم من التنبيه الثاني؛ وإنما أعاده لأجل استثناء الدعائية واحترز بالتامة عن جملة الشرط. قوله: "بشرط أن يتقدم الجملة... إلخ" يُوجه بأن أما قائمة مقام الفعل فلا يليها الفعل، وفيه أن الدعائية لا تنحصر في الفعلية. سم. وقد يجاب بأن الاسمية أجريت مجرى الفعلية لطرد الباب. قوله: "{فَرَوْحٌ...} إلخ" هذا جواب أما، وجواب الشرط محذوف مدلول عليه بجوابها، هذا مذهب البصريين، وصححه أبو حيان وغيره. قال ابن هشام: وإنما ارتكب ذلك لوجهين؛ أحدهما: أن القاعدة أنه إذا اجتمع شرطان ولم يذكر بعدهما إلا جواب واحد كان الجواب لأسبقهما. الثاني: أن شرط أما قد حذف، فلو حذف جوابها لحصل إجحاف بها. اهـ. وزعم الأخفش أن الجواب المذكور لأما وأداة الشرط معًا وأبو علي في أحد قوليه: أن الفاء جواب أن، وجواب أما محذوف، وقوله الثاني كالأول أفاده الشمني. قال الدماميني: ولقائل أن يقول:(4/67)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[الواقعة: 89] الآيات. رابعها: اسم منصوب لفظًا أو محلًّا بالجواب نحو: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} الآيات. خامسها: اسم كذلك معمول لمحذوف يفسره ما بعد الفاء؛ نحو: أما زيدًا فاضربه، وقراءة بعضهم: "وما ثمودَ فهديناهم" [فصلت: 17] بالنصب. ويجب تقدير العامل بعد الفاء وقبل ما دخلت عليه؛ لأن أما نائبة عن الفعل فكأنها فعل والفعل لا يلي الفعل. سادسها: ظرف معمول لأما لما فيها من معنى الفعل الذي نابت عنه، أو للفعل المحذوف، نحو: أما اليوم فإني ذاهب، وأما في الدار فإن زيدًا جالس، ولا يكون العامل ما بعد أن؛ لأن خبر أن لا يتقدم عليها، فكذلك معموله. هذا قول سيبويه والمازني والجمهور،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا نسلم أن الكلام من باب اجتماع شرطين بعدهما جواب واحد؛ بل ما بعد الفاء جواب أن وإن جوابها جواب أما والفاء داخلة على إن تقديرًا، والأصل: مهما يكن من شيء فإن كان المتوفَّى من المقربين فجزاؤه روح، فأنيب أما مناب مهما يكن من شيء، وقدم الشرط على الفاء جريًا على قاعدة الفصل بين أما والفاء، فالتقى فاءان الأولى فاء جواب أما والثانية فاء جواب إن، فحذفت الثانية؛ لأنها التي أوجبت الثقل، ولأن الحذف بالثواني أليق. "اسم منصوب... إلخ" قال الرضي: ويقدم على الفاء من أجزاء الجزاء المفعول به والظرف والحال والمفعول المطلق والمفعول له، وإنما جاز هنا عمل ما بعد فاء الجزاء فيما قبلها مع امتناعه في غير أما؛ لأن الفاء بعد أما مزحلقة عن محلها كما تقدم، ولأن التقديم لأعراض مهمة سبق ذكرها فلا يلتفت معها إلى ذلك المانع الصناعي. قوله: "لفظًا أو محلًّا" مثال الأول: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} [الضحى: 9] ومثال الثاني: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: 11] ولذلك قال الآيات. قوله: "اسم كذلك" أي: منصوب لفظًا أو محلًّا ومثالاه الآتيان من الأول ومثال الثاني: أما الذي يكرمك فأكرمه. دماميني. قوله: "بعد الفاء وقبل ما دخلت عليه" بأن يقال: فهدينا هديناهم.
قوله: "لأن أما نائبة عن الفعل... إلخ" هذا التعليل إنما ينتج وجوب تقدير العامل بعد المعمول، ولا ينتج وجوب تأخيره عن الفاء ولا وجوب تقديمه على مدخولها، وقد علل الأول بأن العامل المقدر هو الجواب في الحقيقة، وبأنه لو قدر قبل الفاء وبعد المعمول للزم الفصل بأكثر من واحد، والثاني بأن حق المفسر بفتح السين التقديم على المفسر بكسرها.
قوله: "والفعل لا يلي الفعل" وأما زيد كان يفعل ففي كان ضمير فاصل. اهـ مغني. ونظر الدماميني في التعليل بأن أما نائبة عن جملة الشرط لا فعله فقط، فلم يجاور الفعل بتقدير كونه مقدمًا فعلًا أي: للفصل بالفاعل الموجود تقديرًا، وقد يدفع النظر بأن الفعل الذي نابت عنه أما لما لم يذكر ضعف مرفوعه عن أن يكون فاصلًا بخلاف مرفوع زيد كان يفعل، فتأمل.
قوله: "ظرف" بالمعنى الشامل للمجرور كما مُثل. قوله: "لما فيها من معنى الفعل... إلخ" فعلى هذا تكون نائبة عن فعل الشرط معنى عملًا وعلى الثاني معنى لا عملًا. قوله: "أو للفعل المحذوف" أي: الذي نابت عنه وأو لتنويع الخلاف. قوله: "نحو أما اليوم فإني ذاهب... إلخ" لا يخفى أن القصد أن الذهاب اليوم والجلوس في الدار، فهذا مما يؤيد مذهب المبرد ومَن وافقه، ولا يلتفت مع أما لمانع التقديم، وإن تعدد لكونه لأغراض مهمة كما سبق.
قوله: "هذا قول سيبويه... إلخ" قال الدماميني: إذا عرفت أن مذهب الجمهور نحو: أما اليوم(4/68)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وخالفهم المبرد وابن درستويه والفراء والمصنف. الخامس: سمع أما العبيدَ فذو عبيد بالنصب، وأما قريشًا فأنا أفضلها، وفيه دليل على أنه لا يلزم أن يقدر: مهما يكن من شيء؛ بل يجوز أن يقدر غيره مما يليق بالمحل؛ إذ التقدير هنا: مهما ذكرت، وعلى ذلك فيخرج أما العلم فعالم، وأما علمًا فعالم، فهو أحسن مما قيل: إنه مفعول مطلق معمول لما بعد الفاء، أو مفعول لأجله إن كان معرفًا، وحال إن كان منكرًا. وفيه دليل أيضًا على أن أما ليست العاملة؛ إذ لا يعمل الحرف في المفعول به. السادس: ليس من أقسام أما التي في قوله: {أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النمل: 84]، ولا التي في قول الشاعر:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فإني ذاهب كون الظرف معمولًا لفعل الشرط أو لأما كان الفاصل بين الفاء وأما جزاءً مما في حيز فعل الشرط لا الجواب والفاء ليست مزالة من مركزها الأصلي؛ بل هي فيه داخلة على الجواب، فتخلص أن الفاصل بين أما والفاء تارة يكون جزءًا من الجواب نحو: أما زيد فذاهب إذ التقدير: مهما يكن من شيء فزيد ذاهب، وتارة يكون جزءًا من متعلقات فعل الشرط نحو: أما اليوم فإني ذاهب إذ التقدير: مهما يكن من شيء اليوم، وأما الفاء في جميع التراكيب فإنما تدخل على الجواب كالمثال الأخير أو على شيء منه كالمثال الذي قبله هذا كله على مذهب الجمهور. اهـ.
قوله: "وخالفهم المبرد... إلخ" أي: فقالوا بعمل ما بعد إن فيما قبلها مع أما خاصة نحو: أما زيدًا فإني ضارب. قال أبو حيان: وهذا لم يرد به سماع ولا يقتضيه قياس صحيح. قال: وقد رجع المبرد إلى مذهب سيبويه فيما حكاه ابن ولاد عنه. وقال الزجاج: رجوعه مكتوب عندي بخطه. اهـ سيوطي. فعلم أن مخالفتهم ليست في الظرف فقط وإن أوهمه صنيع الشارح نعم تخصيص الظرف قول آخر حكاه السيوطي بعد ذلك. قال شيخنا: وهل هو أي قول هؤلاء بناء على جواز تقدمه أو التوسع في المعمول راجعه. اهـ. والثاني: هو الظاهر أو المتعين.
قوله: "سمع" أي: على قلة وضعف، والراجح الكثير الرفع نقله الرضي عن سيبويه. قوله: "بالنصب" أي: على أنه مفعول للفعل المحذوف الذي نابت عنه أما وهو ذكرت لا بأما قياسًا على نصبها الظرف كما مر آنفًا؛ لأن الحرف لا ينصب المفعول به وإن نصب الظرف لنيابته عن فعل كما سيذكر الشارح ذلك تبعًا للمغني وغيره. وقال الرضي: على أنه مفعول به لما بعد الفاء؛ لأن معنى ذو عبيد يملكهم ومعنى أفضلها أغلبها في الفضل.
قوله: "وعلى ذلك" أي: جواب تقدير ما يليق بالمحل. قوله: "فهو أحسن... إلخ" لا لاطراده في كل موضع وأصالة الفعل في العمل. قوله: "مفعول مطلق... إلخ" فإنه لا يتأتى في نحو: أما العلم فذو علم أو فإنه عالم أو فلا علم له لوجود المانع من عمل ما بعد تالي الفاء فيما قبله، وهذا على مذهب الجمهور وفيه ما مر. دماميني. قوله: "أو مفعول لأجله" أي: للفعل المحذوف، والتقدير: مهما ذكرت أحدًا لأجل العلم. وقوله: "وحال" أي: من مفعول الفعل المحذوف، والتقدير: مهما ذكرت شيئًا حال كونه علمًا؛ لكن تقدير المفعول على هذا معرفة أولى ليكون صاحب الحال معرفة. قوله: "ليست العاملة" أي: فيما بعدها مطلقًا؛ لأن الأصل في العامل الاطراد، وأما لا(4/69)
لولا ولوما يلزمان الابتدا إذا امتناعًا بوجود عَقَدَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1177- أبا خُراشة أما أنت ذا نفر
بل هي فيهما كلمتان، والتي في الآية أم المنقطعة وما الاستفهامية أدغمت الميم في الميم. والتي في البيت هي أن المصدرية وما المزيدة. وقد سبق الكلام عليها في باب كان. السابع: قد تبدل ميم أما الأولى ياء استثقالًا للتضعيف؛ كقوله:
1178- رأت رجلًا أَيْمَا إذا الشمس عارضت فيُضْحَى وأيْمَا بالعشي فيخصر
"لولا ولوما يلزمان الابتدا إذا امتناعا بوجود عقدا" أي: للولا ولوما استعمالان:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعمل في المفعول به، فالظاهر أن غيره كذلك. قوله: "التي" اسم ليس لا نعت أما. قوله: "أم المنقطعة" أي: لمجرد الإضراب وتسميتها منقطعة على رأي الكوفيين، وأما البصريون فلا يسمون أم التي لمجرد الإضراب متصلة ولا منقطعة كما سلف. قوله: "وما الاستفهامية" أي: التي استفهم بها وحدها إن جعلت ذا موصولة أو مع ذا إن ركبت ذا مع ما وجعل المجموع اسم استفهام. قوله: "الأولى" نعت ميم. قوله: "عارضت" أي: ارتفعت بحيث تقابل الرأس فيضحَى بفتح الحاء المهملة مضارع ضحى بكسرها وفتحها أي: برز، ويخصر بالخاء المعجمة وفتح الصاد المهملة مضارع خصر بكسر الصاد أي: آلمه البرد في أطرافه. اهـ شمني. فضبط البعض يخصر بالحاء المهملة خطأ، وكذا ما اقتضاه صنيعه من أن قول أبي العلاء المعري: لو اختصرتم من الإحسان زرتكم والعذب يهجر للإفراط في الخصر
بالحاء المهملة خطأ؛ وإنما هو بالخاء المعجمة.
فائدة: قد تحذف أما ويطرد ذلك قبل الأمر والنهي نحو: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ، وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ، وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} ولا يقال: زيدًا فضربت، ولا زيدًا فتضربه، بتقدير أما، انظر حاشية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1177- البيت من البسيط، وهو لعباس بن مرداس في ديوانه ص128، والأشباه والنظائر 2/ 113، والاشتقاق ص313، وخزانة الأدب 4/ 13، 14، 17، 200، 5/ 445، 6/ 532، 11/ 62، والدرر 2/ 91، وشرح شذور الذهب ص242، وشرح شواهد الإيضاح ص479، وشرح شواهد المغني 1/ 116، 179، وشرح قطر الندى ص140، ولجرير في ديوانه 1/ 349، والخصائص 2/ 381، وشرح المفصل 2/ 99، 8/ 132، والشعر والشعراء 1/ 341، والكتاب 1/ 293، ولسان العرب 6/ 294 "خرش"، 8/ 217 "ضبع"، والمقاصد النحوية 2/ 55، وبلا نسبة في الأزهية ص147، وأمالي ابن الحاجب 1/ 411، 442، والإنصاف 1/ 71، وأوضح المسالك 1/ 265، وتخليص الشواهد ص260، والجنى الداني ص528، وجواهر الأدب 198، 416، 421، ورصف المباني ص99، 101، وشرح ابن عقيل ص149، ولسان العرب 14/ 47 "أما"، ومغني اللبيب 1/ 35، والمنصف 3/ 116، وهمع الهوامع 1/ 23.
1178- البيت من الطويل، وهو لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص94، والأزهية ص148، والأغاني 1/ 81، 82، 9/ 88، وخزانة الأدب 5/ 315، 321، 11/ 367، 368، 370، والدرر 5/ 108، وشرح شواهد المغني ص174، والمحتسب 1/ 284، ومغني اللبيب 1/ 55، 56، الممتع في التصريف 1/ 375، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص120، والجنى الداني ص527، ورصف المباني ص99، ولسان العرب 14/ 477 "ضحا"، وهمع الهوامع 2/ 67.(4/70)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحدهما: أن يدلا على امتناع شيء لوجود غيره، وهذا ما أراده بقوله: إذا امتناعا بوجود عقدا
أي: إذا ربطا امتناع شيء بوجود غيره ولازمًا بينهما، ويقضيان حينئذ مبتدأ ملتزمًا فيه حذف خبره غالبًا، وقد مر بيان ذلك في باب المبتدأ، وجوابًا كجواب لو مصدرًا بماضٍ أو مضارع مجزوم بلم، فإن كان الماضي مثبتًا قرن باللام غالبًا نحو: {لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} [سبأ: 31]، ونحو قوله:
1179- لولا الإصاخة للوشاة لكان لي من بعد سُخطك في الرضاء رجاء
وإن كان منفيًّا تجرد منها غالبًا؛ نحو: {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا} [النور: 21] وقوله:
1180- والله لولا الله ما اهتدينا
وقوله: لولا ابنُ أوس نأى ما ضيم صاحبه
وقد يقترن بها المنفي؛ كقوله:
1181- لولا رجاء لقاء الظاعنين لَمَا أبقت نواهم لنا روحًا ولا جسدا
وقد يخلو منها المثبت؛ كقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السيوطي على المغني. قوله: "الابتداء" أي: المبتدأ كما سيشير إليه الشارح والألف في "عقدا" للتثنية. قوله: "ولازما" عطف تفسير على ربطًا. قوله: "في باب المبتدأ" أي: عند قول المصنف، وبعد لولا غالبًا إلخ.قوله: "لولا الإصاخة" بصاد مهملة وخاء معجمة أي: الاستماع. وقوله: "في الرضا" متعلق بقوله رجاء. قوله: "وإن كان منفيًّا" هذا مقابل قوله فإن كان الماضي مثبتًا فالضمير في قوله: وإن كان منفيًّا يرجع إلى الماضي، ومن المعلوم أن لم لا تدخل على الماضي فقول البعض تبعًا لشيخنا. قوله: وإن كان منفيًّا أي: بغير لم فإن كان منفيًّا بها امتنعت اللام لا موقع له وقيد في الهمع نفي الماضي هنا بأن يكون بما وهو ظاهر صنيع الشارح فلا يجوز لولاك لا قمت ولا قعدت. قوله: "وكم موطن الخ" تقدم الكلام عليه في حروف الجر.
قوله: "نحو: {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} إلخ" لفضحكم وعاجلكم بالعقوبة. قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1179- البيت من الكامل، وهو بلا نسبة في شرح التصريح 1/ 263، وشرح عمدة الحافظ ص316، ومغني اللبيب ص276.
1180- الرحز لعبد الله بن رواحة في ديوانه ص108، ولعامر بن الأكوع في المقاصد النحوية 4/ 451، وله أو لعبد الله في الدرر 4/ 236، وشرح شواهد المغني 1/ 287، وبلا نسبة في الأزهية ص167، وشرح المفصل 3/ 118، وهمع الهوامع 2/ 43.
1181- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الجنى الداني ص599.(4/71)
وبهما التحضيض مز وهلَّا ألَّا ألَا وأولينها الفعلا
وقد يليها اسم بفعل مضمر عُلِّق أو بظاهر مؤخَّر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لولا زهير جفاني كنت منتصرا
وقوله:
1182- وكم موطنٍ لولايَ طحت كما هوى بأجرامه من قُنة النِّيق منهوى
وإذا دل على الجواب دليل جاز حذفه؛ نحو: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ} [النور: 10]، والاستعمال الثاني أن يدلا على التحضيض فيختصان بالجمل الفعلية، ويشاركهما في ذلك هلا وألا الموازنة لها، وألا بالتخفيف، وقد أشار إلى ذلك بقوله: "وبهما التحضيض مز وهلَّا ألَّا ألَا أولينها الفعلا" أي: المضارع أو ما في تأويله؛ نحو: {لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ} [النمل: 46]، ونحو: {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ} [الفرقان: 21]، ونحو: {لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ} [الحجر: 7]، ونحو قوله: هلا تسلم، أو ألا تسلم فتدخل الجنة، ونحو: {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ} [التوبة: 13]، والعرض كالتحضيض، إلا أن العرض طلب بلين ورفق، والتحضيض طلب بحث. "وقد يليها" أي: قد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"التحضيض" مبالغة الحض، يقال: حضه على كذا أي: رغَّبه في فعله. قوله: "الموازنة لها" أي: لهلا. قوله: "مز" أمر ماز بمعنى ميز. قوله: "وهلا" عطف على الضمير المجرور بلا إعادة الجار لجواز ذلك عند الناظم كما مر. قوله: "أولينها" أي: هذه الأدوات الخمس. قوله: "الفعلا" أي: الخبري؛ إذ الطلبي لا يطلب. قوله: "أي المضارع... إلخ" قال الفارضي: قال سيبويه: إنها -أي: الأدوات المذكورة- كلها للتحضيض، سواء وليها ماضٍ أو مضارع، وأبو الحسن بن بابشاذ قال: إن وليهن المستقبل كنَّ تحضيضًا للفاعل على الفعل ليفعله نحو: هلا تضرب اللص، وإن وليهن الماضي كن توبيخًا لا تحضيضًا لامتناع طلب الماضي نحو: لولا ضربت اللص أي: لأي شيء ما ضربته. وقال سيبويه: إن فات الماضي فلا يفوت مثل فعله. اهـ. ولا يبعد عندي أنهنَّ بالاشتراك إذا دخلن على الماضي كن توبيخًا على ترك الفعل في الماضي، وتحضيضًا على فعل مثله في المستقبل، فتدبر.
قوله: "والعرض كالتحضيض" أي: في كون كل طلبًا. قوله: "وقد يليها... إلخ" قال في المغني: وقد فصلت من الفعل بإذ وبإذا معمولين له وبجملة شرطية معترضة فالأول نحو: {وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ}
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1182- البيت من الطويل، وهو ليزيد بن الحكم في الأزهية ص171، وخزانة الأدب 5/ 336، 337، 342، والدرر 4/ 175، وسر صناعة الإعراب ص395، وشرح أبيات سيبويه 2/ 202، وشرح المفصل 3/ 118، 9/ 23، والكتاب 2/ 374، ولسان العرب 12/ 92 "جرم"، 15/ 370 "هوا"، وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 691، والجنى الداني ص603، وجواهر الأدب ص397، وخزانة الأدب 10/ 333، ورصف المباني ص295، وشرح ابن عقيل ص353، ولسان العرب 15/ 470 "إما لا"، والممتع في التصريف 1/ 191، والمنصف 1/ 72.(4/72)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يلي هذه الأدوات "اسم بفعل مضمر عُلق أو بظاهر مؤخر" فالأول نحو قولك: هلا زيدًا تضربه، فزيدًا علق بفعل مضمر بمعنى أنه مفعول للفعل المضمر. والثاني نحو قولك: هلا زيدًا تضرب، فزيدًا علق بالفعل الظاهر الذي بعده؛ لأنه مفرغ له.
تنبيهات: الأول: ترد هذه الأدوات للتوبيخ والتنديم، فتختص بالماضي أو ما في تأويله، ظاهرًا أو مضمرًا؛ نحو: {لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 13]، {فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آَلِهَةً} [الأحقاف: 28]، ونحو قوله:
1183- تَعُدُّون عَقَرَ النِّيبِ أفضل مجدكم بني ضَوْطَرَي لولا الكمي المقنَّعا
أي: لولا تعدون الكمي، بمعنى لولا عددتم؛ لأن المراد توبيخهم على ترك عده في الماضين؛ وإنما قال: تعدون على حكاية الحال، ونحو قوله:
1184- أتيتَ بعبد الله في القِدِّ مُوثِقَا فهَلَا سعيدًا ذا الخيانة والغدر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا}. والثاني والثالث {فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ} إلى {صَادِقِينَ} المعنى: فهلا ترجعون الروح إذا بلغت الحلقوم إن كنتم غير مربوبين، وحالتكم أنكم تشاهدون ذلك ونحن أقرب إلى المحتضر منكم بعلمنا أو بالملائكة؛ ولكنكم لا تشاهدون ذلك، ولولا الثانية تأكيد للأولى. اهـ. والقسمان الأولان يشملهما النظم.
قوله: "مضمر" أي: محذوف يدل عليه الكلام لفظًا نحو: هلا زيدًا ضربته، أو معنى نحو: هلا زيدًا غضبت عليه أي: هلا أهنت زيدًا أو تركت زيدًا. وقوله: "أو بظاهر" أي: مذكور. قوله: "للتوبيخ" أي: اللوم على ترك الفعل "والتنديم" أي: الإيقاع في الندم، وجعل شيخنا والبعض العطف من عطف الملزوم على اللازم وجعله من العكس صحيح بل أظهر.
قوله: "تعدون عقر النيب" جمع ناب؛ وهي الناقة المسنة، وضوطرى بالضاد المعجمة والطاء المهملة: المرأة الحمقاء، والكمي: الشجاع المتكمي في سلاحه، والمقنع: الذي على رأسه بيضة حديد. شمني. قوله: "بمعنى لولا عددتم" وإنما لم يقدر عددتم من أول وهلة؛ لأنه لا دليل عليه؛ إذ الفعل المذكور المشعر بالمحذوف مضارع.
قوله: "لأن المراد... إلخ" قال الدماميني: يصح أن يراد تحضيضهم على عده في المستقبل، وهو متضمن لتوبيخهم على تركه في الماضي. قوله: "في القِد" بكسر القاف سير من جلد غير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1183- البيت من الطويل، وهو لجرير في ديوانه ص907، وتخليص الشواهد ص431، وجواهر الأدب ص394، وخزانة الأدب 3/ 55، 57، 60، والخصائص 2/ 45، والدرر 2/ 240، وشرح شواهد الإيضاح ص72، وشرح شواهد المغني 2/ 669، وشرح المفصل 2/ 38، 8/ 144، والمقاصد النحوية 4/ 475، ولسان العرب 15/ 470 "إما لا"، وللفرزدق في الأزهية ص168، ولسان العرب 4/ 498 "ضطر"، ولجرير أو للأشهب بن رميلة في شرح المفصل 8/ 145، وبلا نسبة في الأزهية ص170، والأشباه والنظائر 1/ 240، والجنى الداني ص606، وخزانة الأدب 11/ 245، ورصف المباني ص293، وشرح ابن عقيل ص600، وشرح عمدة الحافظ ص321، وشرح المفصل 2/ 102، والصاحبي في فقه اللغة ص164، 182، ومغني اللبيب 1/ 274، وهمع الهوامع 1/ 148.
1184- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في مجالس ثعلب 1/ 74، والمقاصد النحوية 4/ 475.(4/73)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: فهلا أسرت سعيدًا. الثاني: قد يقع بعد حرف التحضيض مبتدأ وخبر فيقدر المضمر كان الشانية؛ كقوله:
1185- ونُبئت ليلى أرسلت بشفاعة إلَيَّ فهلَّا نفس ليلى شفيعها
أي: فهلا كان الشأن نفس ليلى شفيعها. الثالث: المشهور أن حروف التحضيض أربعة؛ وهي: لولا ولوما وهلا وألَّا بالتشديد، ولهذا لم يذكر في التسهيل والكافية سواهن. وأما ألَا بالتخفيف فهي حرف عرض، فذكره لها مع حروف التحضيض يحتمل أن يريد أنها قد تأتي للتحضيض، ويحتمل أن يكون ذكرها معهن لمشاركتها لهن في الاختصاص بالفعل وقرب معناها من معناهن، ويؤيده قوله في شرح الكافية: وألحق بحروف التحضيض في الاختصاص بالفعل ألَا المقصود بها العرض نحو: ألا تزورنا.
خاتمة: أصل لولا ولوما: لو رُكبت مع لا وما، وهلا مركبة من: هل ولا، وألا يجوز
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مدبوغ. سم. قوله: "فيقدر المضمر" أي: الفعل المضمر. قوله: "أرسلت" في محل نصب مفعول ثالث لنبئت. وقوله: "بشفاعة" أي: بذي شفاعة يشفع لها. قوله: "أي: فهلا كان الشأن نفس ليلى شفيعها" أي: ليحصل اللقاء، ولأنه لا أكرم عليه منها حتى يشفع لها عنده، بدليل قوله بعد هذا البيت: أأكرم من ليلى عليَّ فتبتغي به الجاه أم كنت امرأ لا أطيعها
فنفس مبتدأ وشفيعها خبر أو بالعكس، والجملة خبر كان الثانية المحذوفة، وكان هنا بمعنى يكون لوقوعها بعد حرف التحضيض؛ وإنما لم يقدر يكون من أوَّل وهلة؛ لأن المعهود في غير هذا الموضع تقدير كان، فحُمل عليه هذا الموضع، وقيل: التقدير: فهلا تشفع نفس ليلى؛ لأن الإضمار من جنس المذكور أقيس. قال في المغني: وشفيعها على هذا خبر لمحذوف أي: هي شفيعها. قوله: "ويحتمل أن يكون... إلخ" استشكل بتسلط من التحضيض عليها. وأجيب بأن المراد مزه بمجموع الأدوات لخمس.
قوله: "وقرب معناها من معناهنَّ" لاجتماع المعنيين في مطلق الطلب. قوله: "أصل لولا ولوما... إلخ" عبارة الفارضي: والأجود أن أدوات التحضيض كلها مفردة، وقيل: مركبة، فهلا من هل ولا النافية، ولولا ولوما من لو وحرف النفي، وألَّا بالتشديد من أن ولا، فقلبت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1185- البيت من الطويل، وهو للمجنون في ديوانه ص154، ولإبراهيم الصولي في ديوانه ص185، ولابن الدمينة في ملحق ديوانه ص206، وللمجنون أو لابن الدمينة أو للصمة بن عبد الله القشيري في شرح شواهد المغني 1/ 221، والمقاصد النحوية 3/ 416، ولأحد هؤلاء أو لإبراهيم الصولي في خزانة الأدب 3/ 60، وللمجنون أو للصمة القشيري في الدرر 5/ 106، وللمجنون أو لغيره في المقاصد النحوية 4/ 457، وبلا نسبة في الأغاني 11/ 314، وأوضح المسالك 3/ 129، وتخليص الشواهد ص320، وجواهر الأدب ص394، والجنى الداني ص509، 613، وخزانة الأدب 8/ 513، 10/ 229، 11/ 245، 313، ورصف المباني ص408، والزهرة ص193، وشرح التصريح 2/ 41، وشرح ابن عقيل ص322، ومغني اللبيب 1/ 74، وهمع الهوامع 2/ 67.(4/74)
الإخبار بالذي والألف واللام
الإخبار بالذي والألف واللام:
ما قيل أَخْبِرْ عنه بالذي خَبَر عن الذي مبتدأ قَبْلُ استقر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن تكون هلا؛ فأبدل من الهاء همزة. وقد يلي الفعل لولا غير مفهمة تحضيضًا؛ كقوله:
1186- أنت المبارك والميمون سيرته لولا تقوِّم درء القوم لاختلفوا
فتؤول بلو لم أي: لو لم تقوم، أو تجعل المختصة بالأسماء والفعل صلة لأن مقدرة على حد تسمع بالمعيدي. والله تعالى أعلم.
الإخبار بالذي والألف واللام:
الباء في قوله بالذي للسببية لا للتعدية لدخولها على المخبر عنه؛ لأن الذي يجعل في هذا الباب مبتدأ لا خبرًا كما ستقف عليه، فهو في الحقيقة مخبر عنه، فإذا قيل: أخبر عن زيد من قام زيد، فالمعنى: أخبر عن مسمى زيد بواسطة تعبيرك عنه بالذي، هذا الباب وضعه النحويون للتدريب في الأحكام النحوية، كما وضع التصريفيون مسائل التمرين في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النون لامًا وأدغمت، وقيل: أصلها هلا. اهـ. وقال قبل ذلك: ألا المخففة بسيطة في التحضيض، وقيل: مركبة، وأما التي للعرض وألا الاستفتاحية فبسيطة كما سبق في باب لا. اهـ. قوله: "لولا نقوم" أي: تعدل. وقوله: "درء القوم" قال في القاموس: الدرء الميل والعوج في القناة ونحوها. قوله: "فتؤول بلو لم" فتكون لو الامتناعية داخلة على لا النافية. وقوله: "أو تجعل المختصة بالأسماء" فتكون لولا الامتناعية، والدليل على حملها بأحد هذين المعنيين السياق وقرن جوابها باللام.
الإخبار بالذي والألف واللام:
مثلهما التي ومثنى الذي والتي وجمعهما، وأما غير ذلك من الموصولات فلا يخبر به. قوله: "للسببية" فمعنى أخبر عن زيد من قام زيد بالذي أخبر عن زيد بسبب التعبير عنه بالذي. وقال ابن الحاجب: إنها باء الاستعانة أي: أخبر عن زيد متوصلًا إلى هذا الإخبار المقصود بالذي. وقال أبو حيان: إنها بمعنى عن. اهـ سم. وعلى الأخير عن في قولنا عن زيد مثلًا بمعنى الباء، وأشار في التوضيح إلى أنه متعلق بمحذوف حال أي: معبرًا بهذا اللفظ. قوله: "أخبر عن مسمى زيد بواسطة... إلخ" يعني: أن مسمى زيد مخبر عنه معبرًا عنه بالذي وخبر معبرًا بزيد.
قوله: "وضعه النحويون... إلخ" وبنوه على أبواب النحو كباب الفاعل والمبتدأ والخبر ونواسخهما وجميع المفعولات وغيرها؛ ليمكنوا الطالب من استحضار الأحكام النحوية، وليكون له بالامتحان مَلَكَةٌ يقوى بها على التصرف، فإنهم إذا قالوا: أخبر عن الاسم الفلاني من الجملة الفلانية بالذي بعد بيانهم طريقة الإخبار به، فلا بد من تذكر كثير من المسائل وتدقيق النظر فيها؛ حتى يعلم هل ذلك الاسم مما يصح الإخبار عنه أو يمتنع. قوله: "للتدريب" أي: التمرين والتجريب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1186- البيت من البسيط.(4/75)
وما سواهما فوَسِّطْهُ صِلَهْ عائدُها خلفُ معطي التكمِلَهْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القواعد التصريفية. وبعضهم يسمى هذا الباب باب السبك. قال الشارح: وكثيرًا ما يصار إلى هذا الإخبار لقصد الاختصاص أو تقوي الحكم أو تشويق السامع أو إجابة الممتحن. انتهى.
والكلام في هذا الباب في أمرين؛ الأول: في حقيقة ما يخبر عنه، والثاني: في شروطه. وقد أشار إلى الأول بقوله: "ما قيل أخبر عنه بالذي خبر عن الذي مبتدأ قبل استقر" ما موصولة مبتدأ، وخبر خبرها، ومبتدأ حال من الذي الثاني، والذي الأول والثاني في البيت لا يحتاجان إلى صلة؛ لأنه إنما أراد تعليق الحكم على لفظهما لا أنهما موصولان، والتقدير: ما قيل لك أخبر عنه بهذا اللفظ -أعني: الذي- هو خبر عن لفظ الذي حال كونه مبتدأ مستقرًّا أولًا. "وما سواهما" أي: ما سوى الذي وخبره. "فوسطه صله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "كما وضع التصريفيون... إلخ" فكما يقال على جهة الامتحان للطالب كيف تبني من قرأ مثل جعفر وما أشبهه يقال: كيف تخبر عن هذا الاسم بالذي ونحوه، فكما لا يحسن أن يبني من اللفظة غيرها إلا مَن برع في التصريف لا يعرف حقيقة الإخبار بالذي ونحوه إلا مَن نبغ في علم العربية. اهـ سندوبي. وإذا بنيت من قرأ مثال جعفر قلت قرآى، والأصل قرأأ بهمزتين فقلبت الثانية ياء ثم الياء ألفًا، وفي الأشباه والنظائر النحوية للسيوطي قال ابن جني: قال أبو علي الفارسي: سألت ابن خالويه بالشام عن مسألة فما عرف السؤال بعد أن أعدته ثلاث مرات؛ وهي كيف تبني من وأى مثل كوكب على قراءة من قرأ: {قَدْ أَفْلَحَ} بنقل حركة الهمزة على الدال وحذفها ثم تجمعه بالواو والنون ثم تضيفه إلى نفسك، وجوابها أنه في الأصل ووأى نحو كوكب، فانقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار وأى، ثم نقلت حركة الهمزة إلى الواو الساكنة وحذفت فصار ووا، فاجتمع واوان في أول الكلمة فقلبت الأولى همزة فصار أوا، فإذا جمعته بالواو والنون قلت: أوون بحذف الألف لالتقائها ساكنة مع واو الجمع كما في مصطفون، فإذا أضفته إلى نفسك قلت أويّ بحذف نون الجمع للإضافة وقلب واوا الجمع ياء لاجتماعها مع الياء وسبق إحداهما بالسكون وادغام الياء في الياء. اهـ ملخصًا. وهذه القصة مما يؤيد عد ابن هشام في المغني ابن خالويه من النحاة الضعفاء.
قوله: "باب السبك" أي: سبك كلام من كلام آخر، كما أفاده الشارح على التوضيح. قوله: "وكثيرًا ما يصار إلى هذا الإخبار" أي: لا بقيد كونه عن مسمى اسم في تركيب آخر، فافهم. قوله: "لقصد الاختصاص" كقولك: الذي قام زيد ردًّا على مَن قال: قام عمرو، أو قال: قام زيد وعمرو، أو إزالة لشك الشاك في القائم. قوله: "أو تقوي الحكم" لأن في هذا الإخبار إسنادين إلى الضمير وإلى الظاهر فهو أقوى مما فيه إسناد واحد. قوله: "أو تشويق السامع" كقول واصف ناقة صالح عليه الصلاة والسلام: والذي حارت البرية فيه حيوان مستحدث من جما
ابن غازي. قوله: "قبل" ظاهره وجوب تقديم المبتدأ في هذا الباب على الخبر، وعليه نص جماعة من النحاة، وفي البسيط أن ذلك على جهة الأولى والأحسن، وأنه يصح أن تقول: زيد الذي ضرب عمرًا، وعلى الجواز المبرد أفاده المرادي. قوله: "وما سواهما" أي: من بقية الجملة. قوله:(4/76)
نحو الذي ضربتُه زيدٌ فذا ضربتُ زيدًا كان فادرِ المأخذا
وباللذين والذين والتي أَخْبِرْ مراعيًا وِفَاقَ الْمُثْبَتِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عائدها" وهو ضمير الموصول. "خلف معطي التكمله" وهو الخبر فيما كان له من فاعلية أو مفعولية أو غيرهما. "نحو الذي ضربته زيد فذا ضربت زيدًا كان فادر المأخذا" أي: إذا قيل لك: أخبر عن زيد من شربت زيدًا، قلت: الذي ضربته زيد، فتصدر الجملة بالذي مبتدأ، وتؤخر زيدًا وهو المخبر عنه فتجعله خبرًا عن الذي، وتجعل ما بينهما صلة الذي، وتجعل في موضع زيد الذي أخرته ضميرًا عائدًا على الموصول. ولو قيل لك: أخبر عن التاء من هذا المثال، قلت: الذي ضربت زيدًا أنا ففعلت به ما ذكر، إلا أن التاء ضمير متصل لا يمكن تأخيرها مع بقاء الاتصال. وإن قيل: أخبر عن زيد من قولك: زيد أبوك، قلت: الذي هو أبوك زيد، أو عن أبوك قلت: الذي هو زيد أبوك. "وباللذين والذين والتي أخبر مراعيًا وفاق المثبت" وهو ما قيل لك: أخبر عنه في التثنية والجمع والتأنيث، كما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"عائدها خلف معطى التكمله" أي: خلف الاسم الذي يكمل به الكلام بعد تركيب الإخبار، وكلامه يفيد أن الضمير الذي يخلف الاسم المتأخر لا بد من مطابقته للموصول؛ لكونه عائده، ويلزم عند الجمهور كونه غائبًا؛ لأنه عائد على غائب؛ لأن الموصول في حكم الغائب ولو خلف ضمير متكلم أو مخاطب، وأجاز بعضهم مطابقته للخبر في التكلم والخطاب؛ كأن يقال في الإخبار عن تاء ضربتَ بالفتح: الذي ضربت أنت، وعن تاء ضربتُ بالضم: الذي ضربت أنا، كذا في المرادي؛ وإنما منع الجمهور ذلك هنا مع تجويزهم: أنت الذي قام، وأنت الذي قمت؛ لأنه يلزم هنا أن تكون فائدة الخبر حالة في المبتدأ، وذلك خطأ بخلافه هناك.
واعلم أنه لو كان الإخبار عن زيد من: جاء زيد وعمرو، وجب توكيد الخلف المستتر ليحصل الفصل بينه وبين المعطوف عليه، فيصح العطف تقول: الذي جاء هو عمرو وزيد، فلفظ هو توكيد للضمير المستتر الذي هو خلف، وأنه لو كان الإخبار عن زيد من مررت بزيد وعمرو، احتيج إلى إعادة الجار في العطف على الخلف بناء على اشتراط ذلك في العطف على الضمير المجرور تقول: الذي مررت به وبعمرو زيد وهكذا. اهـ يس. وقوله: لأنه يلزم هنا أن تكون فائدة الخبر حالة في المبتدأ؛ لأنه حينئذ يعلم التكلم والخطاب قبل الخبر.
قوله: "فيما كان له" متعلق بخلف. وقوله: "أو غيرهما" كالمبتدئية والخبرية. قوله: "فتصدر الجملة... إلخ" حاصله خمسة أعمال: تصدير الجملة بالذي وتأخير زيد ورفعه، وأشار إليه بقوله: فتجعله خبرًا عن الذي وجعل ما بينهما صلة، وأن تجعل في مكان زيد الذي نقلته عنه ضميرًا مطابقًا له في معناه وإعرابه. قوله: "قلت الذي هو زيد أبوك" صوابه: الذي زيد هو أبوك بتأخير هو عن زيد؛ ليكون في موضع المخبر عنه. قوله: "وباللذين... إلخ" ظاهر كلام المتن والشرح لا يفيد جواز الإخبار باللتين واللاتي، ويفيده قوله التوضيح باب الإخبار بالذي وفروعه؛ لأن التي وفروعها الذي. اهـ سم. ولو قال المصنف: وبفروع للذي نحو التي(4/77)
قبول تأخير وتعريف لِمَا أخبر عنه هاهنا قد حُتما
كذا الغِنَى عنه بأجنبي أو بمضمر شرط فرَاعِ ما رَعَوْا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تراعى وفاقه في الإفراد والتذكير. فإذا قيل لك: أخبر عن الزيدين من نحو: بلغ الزيدان العمرين رسالة، قلت: اللذان بلغا العمرين رسالة الزيدان، أو عن العمرين قلت: الذين بلغهم الزيدان رسالة العمرون، أو عن الرسالة قلت: التي بلغها الزيدان العمرين رسالة، فتقدم الضمير وتصله؛ لأنه إذا أمكن الوصل لم يجز العدول إلى الفصل؛ وحينئذ يجوز حذفه لأنه عائد متصل منصوب بالفعل. ثم أشار إلى الثاني وهو ما في شروط المخبر عنه بقوله: "قبول تأخير وتعريف لما أخبر عنه هاهنا قد حُتما كذا في الغنَى عنه بأجنبي أو بمضمر شرط فراعِ ما رعوا" اعلم أن الإخبار إن كان بالذي أو أحد فروعه اشترط للمخبر عنه تسعة أمور:
الأول: قبوله التأخير، فلا يخبر عن أيهم من قولك: أيهم في الدار؛ لأنك تقول حينئذ: الذي هو في الدار أيهم، فيخرج الاستفهام عما له من وجوب الصدرية، وكذا القول في جميع أسماء الاستفهام والشرط وكم الخبرية وما التعجبية وضمير الشأن، فلا يخبر عن شيء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لدخل في كلامه: اللتان واللاتي واللائي والأُلَى. قوله: "في التثنية... إلخ" متعلق بقول المصنف "وفاق" بمعنى الموافقة. قوله: "فاذا قيل لك أخبر... إلخ" وإذا قيل لك: أخبر عن الهندات من ضربت الهندات، قلت: اللاتي ضربتهن الهندات. قال في الارتشاف: ويستوي الموصول بغيره في الإخبار، فإذا أخبرت عن الذي من ضربت الذي ضربته تقول: الذي ضربته الذي ضربته. اهـ فارضي. فتجعل مكان الموصول وصلته ضميرًا لأنهما شيء واحد، وتجعل الموصول وصلته خبرًا كما في الهمع. قال سم: قياس ذلك أن يقال في الإخبار عن الذي من قولك: الذي في داره زيد عمرو الذي هو عمرو الذي في داره زيد.
قوله: "فتقدم الضمير وتصله" مراده بالضمير ضمير العمرين في مثال الإخبار عنهم، وضمير الرسالة في مثال الإخبار عنها أو كان حق الضمير لولا وجوب الاتصال؛ حيث أمكن أن يكون مرجعه منفصلًا لكونه خلفه. قوله: "وحينئذ" أي: حين إذ قدمت الضمير ووصلته. قوله:"قد حُتما" خبر قبول وألفه للإطلاق وإن زعم السندوبي أنها للتثنية. قوله: "الأول قبوله التأخير" ليكون خبرًا، فإن الخبر هنا واجب التأخير عند الجمهور.
قوله: "فلا يخبر عن أيهم... إلخ" كذا لا يخبر عن ضمير الفصل؛ لئلا يخرج عما له من لزوم التوسط. اهـ زكريا. وهو إنما يظهر على القول بأنه اسم، أما على الصحيح من أنه حرف على صورة ضمير الرفع المنفصل فعدم الإخبار عنه لعدم اسميته اللازمة للمخبر عنه، ثم من أجاز تقديم الخبر في هذا الباب -كابن عصفور والمبرد- أجاز الإخبار عن أيهم ونحوه مع المتقدم على المبتدأ فيقال: أيهم الذي هو في الدار على أن أيهم خبر مقدم.
قوله: "وكم الخبرية وما التعجبية" فلا يقال في: كم عبد لي وما أحسن زيدًا، الذي هو لي كم عبد ولا الذي هو أحسن زيد. قوله: "وضمير الشأن" في جعله من لازم الصدر نظر؛ لأنه يقتضي أن العوامل لا تتقدم عليه، وقد قالوا في قوله: إذ مت كان الناس نصفان(4/78)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منها لما ذكرته. وفي التسهيل: أن الشرط أن يقبل الاسم أو خلفه التأخير؛ وذلك لأن الضمير المتصل يخبر عنه مع أنه لا يتأخر ولكن يتأخر خلفه، وهو الضمير المنفصل كما مر.
الثاني: قبوله التعريف، فلا يخبر عن الحال والتمييز؛ لأنهما ملازمان للتنكير فلا يصح جعل المضمر مكانهما؛ لأنه ملازم للتعريف، وهذا القيد لم يذكره في التسهيل.
الثالث: قبول الاستغناء عنه بأجنبي، فلا يخبر عن اسم لا يجوز الاستغناء عنه بأجنبي ضميرًا كان أو ظاهرًا. فالضمير كالهاء من نحو: زيد ضربته؛ لأنه لا يستغني عنها بأجنبي كعمرو وبكر، فلو أخبرت عنها لقلت: الذي زيد ضربته هو، فالضمير المنفصل هو الذي كان متصلًا بالفعل قبل الإخبار، والضمير المتصل الآن خلف عن ذلك الضمير الذي كان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن اسم كان ضمير شأن، وفي قوله تعالى: {أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} إن اسم أن ضمير شأن قاله ابن جماعة؛ وحينئذ فامتناع الإخبار عنه إنما هو لما يلزم عليه من تقديم مفسره الذي هو مرجعه عليه مع أنه يجب تأخيره عنه؛ إذ هو مما يعود على متأخر لفظًا ورتبة. قوله: "فلا يخبر عن الحال والتمييز" لأنك لو قلت في جاء زيد ضاحكًا وملكت تسعين نعجة: الذي جاء زيد إياه ضاحك والتي ملكت تسعين نعجة؛ لكنت نصبت الضمير المنفصل في الأول على الحال وفي الثاني على التمييز، وذلك ممتنع. قال السندوبي: فإن قلت: هل يجوز ذلك على مذهب مَن جوز تعريفهما؟ قلت: لم أره منقولًا، والظاهر نعم؛ لأن الحكم يدور مع العلة وجودًا وعدمًا، فتدبر. اهـ.
قوله: "لم يذكره في التسهيل" أي: استغناء عنه بالشرط الرابع الآتي المعبر عنه في التسهيل بقوله: منوبًا عنه بضمير. قال شراحه أبو حيان ومتابعوه المرادي وابن عقيل وناظر الجيش والشمني: واللفظ له أي: عن ذلك الاسم الذي تريد أن تخبر عنه، وتحرز بذلك من الأسماء التي لا يجوز إضمارها؛ كالحال والتمييز والأسماء العاملة عمل الفعل نحو: اسم الفاعل واسم المفعول وأمثلة المبالغة والمصادر والصفات المشبهة وأسماء الأفعال كذا في التصريح؛ وإنما لم ينب الضمير عن الأسماء العاملة عمل الفعل؛ لأن ضميرها لا يعمل عملها، وإخراجها بالشرط الرابع -كما مر- أولى من إخراجها بالشرط الثاني كما صنع البعض.
قوله: "قبول الاستغناء عنه بأجنبي" أي: صحة وضع أجنبي موضعه، وهذا يفيد جواز الإخبار عن ضمير الغائب الذي يجوز الاستغناء عنه بأجنبي، وله صورتان: إحداهما: أن يكون عائد الاسم من جملة أخرى نحو: أن يذكر إنسان فتقول لقيته، فيجوز الإخبار عن الهاء فيقال: الذي لقيته هو، وصرح بذلك المصنف. والأخرى: أن يكون عائدًا على بعض الجملة إلا أنه غير محتاج إليه للربط نحو: ضرب زيد غلامه، فلا يمتنع على مقتضى كلامه الإخبار عن الهاء؛ لأنه يجوز أن يخلفها الأجنبي نحو: الذي ضرب زيد غلامه هو. اهـ مرادي. ويفيد أيضًا عدم جواز الإخبار عن الضمير في قائم؛ إذ لا يستغنى عنه بأجنبي، لا يجوز: زيد قائم عمرو. سم. قوله: "ضميرًا كان أو ظاهرًا" تعميم في الاسم الذي لا يجوز الاستغناء عنه بأجنبي. قوله: "المتصل الآن" أي: بالفعل. قوله:(4/79)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
متصلًا، ففصلته وأخرته، ثم هذا الضمير المتصل إن قدرته رابطًا للخبر بالمبتدأ الذي هو زيد بقي الموصول بلا عائد وانخرمت قاعدة الباب، وإن قدرته عائدًا على الموصول بقي الخبر بلا رابط، والظاهر كاسم الإشارة في نحو: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف: 26]، وغيره مما حصل به الربط، فإنه لو أخبر عنه لزوم المحذور السابق، وكالأسماء الواقعة في الأمثال؛ نحو الكلاب في قولهم: الكلاب على البقر، فلا يجوز أن تقول: التي هي على البقر الكلاب؛ لأن الكلاب لا يستغنى عنه بأجنبي؛ لأن الأمثال لا تغير.
الرابع: قبوله الاستغناء عنه بالضمير، فلا يخبر عن الاسم المجرور بحتى أو بمذ أو بمنذ؛ لأنهن لا يجرون إلا الظاهر، والإخبار يستدعي إقامة ضمير مقام المخبر عنه كما تقدم، ففي نحو قولك: سر أبا زيد قرب من عمرو الكريم، ويجوز الإخبار عن زيد ويمتنع عن الباقي؛ لأن الضمير لا يخلفهن، أما الأب فلأن الضمير لا يضاف، وأما القرب فلأن الضمير لا يتعلق به جار ومجرور ولا غيره، وأما عمرو والكريم فلأن الضمير لا يوصف ولا يوصف به. نعم إن أخبرت عن المضاف والمضاف إليه معًا، أو عن العامل والمعمول معًا، أو عن الموصوف وصفته معًا؛ جاز لصحة الاستغناء حينئذ بالضمير عن المخبر عنه، فتقول في الإخبار عن المضاف مع المضاف إليه: الذي سره قرب من عمرو الكريم أبو زيد، وعن العامل مع المعمول: الذي سر أبا زيد قرب من عمرو الكريم، وعن الموصوف مع صفته: الذي سر زيد قرب منه عمرو الكريم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"وإن قدرته عائدًا على الموصول... إلخ" ولا يجوز تقديره راجعًا لهما؛ لأن الضمير الواحد لا يعود لشيئين. نعم كان يمكن جعله لأحدهما وتقدير عائد الآخر بما يناسب الحال. سم. قوله: "كاسم الإشارة... إلخ" فلا يقال: الذي لباس التقوى هو خير ذلك.
قوله: "وغيره مما حصل به الربط" فلا يخبر عن زيدًا من زيد ضربت زيدًا فلا يقال: الذي زيد ضربته زيد؛ لأن زيدًا رابط. قوله: "التي هي على البقر" كان المناسب التي إياها على البقر؛ لأن الكلاب منصوبة. قوله: "الاستغناء عنه بالضمير" خرج ما لا يجوز إضماره كالأسماء العاملة عمل الفعل كما مرَّ. قوله: "لا يجررن إلا الظاهر" قد يتبادر إلى الذهن جواز الإخبار عن مجرور ربَّ؛ لأنها تجر الضمير؛ ولكن التحقيق أنه لا يجوز؛ لأن الضمير حينئذ يعود على ما قبل رب وهو الموصول؛ وإنما يعود ضمير رب على ما بعده؛ وذلك ليحصل له به إبهام يقرب به من النكرة. فإن قلت: إذا قلت في رب رجل قام: الذي ربه قام رجل، فإنما تجعل العائد ضمير قام لا ربه، قلنا: القاعدة في باب الإخبار أن الضمير العائد خلف الظاهر المؤخر لا ضمير آخر، ثم إن الضمير في ربه لا بد له من تمييز ولا تمييز هنا. دماميني. قوله: "أو عن العامل والمعمول معًا" كان عليه أن يزيد وصفة المعمول؛ لأن الإخبار عن الثلاثة كما لا يدل عليه البيان الآتي. قوله: "وعن العامل مع المعمول الذي سر... إلخ" فالخلف ضمير مستتر في سر لا مكان استتاره، فلا يعدل إلى الانفصال(4/80)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخامس: جواز استعماله مرفوعًا، فلا يخبر عن لازم النصب كسبحان وعند.
السادس: جواز وروده في الإثبات، فلا يخبر عن أحد وديار وعريب؛ لئلا يخرج عما لزمه من الاستعمال في النفي.
السابع: أن يكون في جملة خبرية، فلا يخبر عن اسم في جملة طلبية؛ لأن الجملة بعد الإخبار تجعل صلة والطلبية لا تكون صلة.
الثامن: ألا يكون في إحدى جملتين مستقلتين نحو زيد من قولك: قام زيد وقعد عمرو، وإلا يلزم بعد الإخبار عطف ما ليس صلة على الذي استقر أنه الصلة بغير الفاء، فإن كانتا غير مستقلتين بأن كانتا في حكم الجملة الواحدة كجملتي الشرط والجزاء، وكما لو كان العطف بالفاء أو كان في الأخرى ضمير الاسم المخبر عنه جاز الإخبار لانتفاء المحذور المذكور. ففي نحو: إن قام زيد قام عمرو، تقول في الإخبار عن زيد: الذي إن قام قام عمرو زيد، وعن عمرو: الذي إن قام زيد قام عمرو، وفي نحو قام زيد فقعد عمرو تقول في الإخبار عن زيد: الذي قام فقعد عمرو زيد، وعن عمرو: الذي قام زيد فقعد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بتأخيره إلى محله. تصريح. قوله: "فلا يخبر عن لازم النصب" قال المرادي: ولا عن لازم الرفع نحو: ايمن الله، وفيه نظر. اهـ زكريا. ويجاب بأنه لما لزم حالًا واحدًا وهو الرفع على وجه مخصوص وهو الرفع على الابتدائية أو الخبرية في القسم كان غير متصرف، والإخبار يقتضي تصرفه؛ لأنه وإن لزم الرفع على الخبرية إلا أنه ليس خبرًا في القسم. سم.
قوله: "فلا يخبر عن أحد" أي: في نحو ما جاءني من أحد؛ لأنه لو قيل: الذي ما جاءني أحد، لزم وقوع أحد في الإثبات، وهو ممتنع عند الجمهور. زكريا. قوله: "أن يكون في جملة خبرية" أي: ليتأتى الإتيان بصلة للموصول كما ذكره الشارح، فلا يخبر عن اسم ليت ولعلَّ وخبرهما ما لم يكونا بعض جملة خبرية نحو: قال زيد ليت عمرًا قائم أو لعل بكرًا فاضل، فيقال: الذي قال زيد ليته قائم عمرو أو ليت عمرًا هو قائم، والذي قال زيد لعله فاضل بكر أو لعل بكرًا هو فاضل، ومما لا يتصور الإخبار عنه معمول لكن؛ لأن لكن لا تقع صلة وإن كانت خبرية؛ لئلا يلزم الاستدراك من غير مستدرك. قوله: "فلا يخبر عن اسم في جملة طلبية" محله ما لم يكن بعض جملة خبرية وإلا جاز الإخبار عنه نحو: قال زيد اضرب عمرًا، ومنطوق زيد اضرب عمرًا على قياس ما مر.
قوله: "مستقلتين" أي: لا رابط لإحداهما بالأخرى مما سيأتي. قوله: "عطف ما ليس صلة... إلخ" هلا زاد أو العطف ما ليس صلة بغير الفاء ليكون شاملًا لما إذا أخبر عن الاسم من الجملة الثانية نحو عمرو في المثال. سم. قوله: "بغير الفاء" هذا إن لم تجعل الواو للحال وإلا جاز كما في الفارضي. قوله: "أو كان في الأخرى" أي: الجملة المغايرة للجملة المشتملة على الضمير الخلف. قوله: "لانتفاء المحذور المذكور" وهو عطف ما ليس صلة على ما استقر أنه الصلة أو العكس. قوله: "ففي نحو... إلخ" تصوير للأقسام الثلاثة قبله على اللف والنشر المرتَّب؛ لكن عدد(4/81)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عمرو؛ لأن ما في الفاء من معنى السببية نزل الجملتين منزلة الشرط والجزاء. وفي نحو: قام زيد وقعد عنده عمرو، تقول في الإخبار عن زيد: الذي قام وقعد عنده عمرو زيد، وعن عمرو: الذي قام زيد وقعد عنده عمرو، وفي نحو: ضربني وضربت زيدًا، ونحو: أكرمني وأكرمته عمرو، تقول في الإخبار عن زيد: الذي ضربني وضربته زيد، وعن عمرو: الذي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أمثلة القسم الثالث. قوله: "وعن عمرو: الذي قام زيد وقعد عنده عمرو" كان الصواب إسقاطه؛ لأن المحذور موجود فيه، وهو عطف ما يصلح للصلة بغير الفاء على ما لا يصلح لها؛ لأن الجملة الأولى ليس فيها عائد -أفاده سم- ولأن فيه خروجًا عن الممثل له؛ لأن المشتمل على الضمير في حال الإخبار عن عمرو ليس الجملة الأخرى أي: المغايرة للجملة المشتملة على الضمير الخلف؛ بل الجملة المشتملة على الخلف، فافهم.
قوله: "وفي نحو: ضربني... إلخ" وتقول في الإخبار عن الياء في هذا المثال: الذي ضربه وضرب زيدًا أنا، فتأتي بدل كل من الياء والتاء بضمير الغيبة وهو الهاء في الأول والضمير المستتر في الثاني؛ لأنهما راجعان للموصول وهو غائب، وكذا إذا أخبرت عن التاء. اهـ. واعلم أن هذا المثال وما بعده من أمثلة ما إذا كان في الجملة الأخرى ضمير الاسم المخبر عنه؛ لأن المراد بالأخرى الجملة المغايرة للجملة المشتملة على الضمير الخلف عن الاسم الظاهر أعم من أن تكون الجملة المغايرة أولى كهذا المثال أو ثانية كالذي بعده، واعترض البعض على الشارح بأن الصواب إسقاط المثالين؛ لأن كلًّا من الجملتين بعد الإخبار فيه عائد كما لا يخفي فلا يكون من كون الجملتين في حكم الجملة الواحدة، وهو ساقط؛ لأن من صور كونهما في حكم الواحدة اشتمال كل على ضمير، كما هو صريح كلام الشارح سابقًا؛ حيث قال: فإن كانتا غير مستقلتين بأن كانتا في حكم الجملة الواحدة كجملتي الشرط والجزاء، وكما لو كان العطف بالفاء أو كان في الأخرى ضمير الاسم المخبر عنه، ومعنى كونهما في حكم الجملة الواحدة صلاحية وقوعهما معًا صلة كصلاحية وقوع الجملة الواحدة صلة، على أن هذا الاعتراض لو سلم لتوجه على قوله، وفي نحو: قام زيد وقعد عنده عمرو... إلخ أيضًا لاشتمال كل من الجملتين بعد الإخبار عن زيد على ضمير، فلا تغفل.
فائدتان: الأولى: قال في التسهيل: وإن كانت الجملة ذات تنازع في العمل لم يغير الترتيب ما لم يكن الموصول الألف واللام والمخبر عنه غير المتنازع فيه، فإن كان ذانك -أي: وجد الأمران- قدم المتنازع فيه معمولًا لأول المتنازعين، وإن كان قبل معمولًا للثاني. اهـ. قال الدماميني: فتقول في الإخبار عن التاء من ضربت وضربني زيد الضارب. زيدًا والضارب به هو أنا، قدمت زيدًا وجعلته معمولًا للأول؛ لأنه كان يطلبه منصوبًا، وأضمرت في الوصف الأول ضمير غائب عوضًا عن ضمير المتكلم؛ ليصح أن يكون عائدًا على أل مستترًا لجريان الوصف على من هو له؛ لأن أل نفس أنا، وفاعل الضرب في المعنى أنا، ثم جئت بموصول ثانٍ؛ لأن أل لا تُفصل من صلتها، فلا يصح أن تعطف وصفًا على وصف هو صلة أل وأتيت بدل ياء المتكلم بهاء غائب(4/82)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أكرمني وأكرمته عمرو.
التاسع: إمكان الاستفادة، فلا يخبر عن اسم ليس تحته معنى كثواني الأعلام نحو بكر -من أبي بكر- إذ لا يمكن أن يكون خبرًا عن شيء.
تنبيهات: الأول: الشرط الرابع في كلامه مغنٍ عن اشتراط الثاني؛ لأن ما لا يقبل التعريف لا يقبل الإضمار، وقد نبه في شرح الكافية على أنه ذكره زيادة في البيان. الثاني: أو -في قوله أو بمضمر- بمعنى الواو لما بان لك أن الشروط المذكورة في النظم أربعة، وأن الثالث والرابع لا يُغني أحدهما عن الآخر، وقد عطف في الكافية ثلاثة شروط بأو فقال: وشرط الاسم مخبر عنه هنا جواز تأثير ورفع وغنى
عنه بأجنبي أو بمضمر أو مثبت أو عادم التنكر
مع عده كلا منها في الشرح شرطًا مستقلًّا. الثالث: سكت في الكافي أيضًا عن الثلاثة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لتعود على أل، وفصلت ضمير الفاعل فقلت: هو لجريان الوصف الثاني على غير صاحبه؛ لأن أل نفس أنا، والذي فعل الضرب الثاني زيد، ثم قال في التسهيل: وهذا أَوْلَى من مراعاة الترتيب بجعل خبر أول الموصولين غير خبر الثاني. اهـ. قال الدماميني: فتقول هذا في المثال السابق إذا أخبرت عن ضمير المتكلم الضاربه أنا هو والضاربه زيد أنا، فتأتي للوصف الأول بمفعول مضمر يعود على أل وهو الهاء وتفصل الفاعل وهو أنا وتجعل خبر أل ضميرًا مرفوعًا منفصلًا يعود على زيد وتأتي للوصف الثاني مكان ياء المتكلم بهاء وهي المفعول والعائد وزيد الفاعل وأنا الخبر. قال: وهذا رأي المازني، ثم اعترض عليه بما يُعلم بمراجعته.
الثانية: قال الدماميني: قال ابن الصائغ: إذا قيل قام وقعد، وقد قلت في الإخبار بالذي عن زيد: الذي قام وقعد زيد، وفي الإخبار بأل القائم وقعد زيد والعطف على حده في: {وَأَقْرَضُوا اللَّهَ} وإن شئت كررت، قلت: القائم والقاعد زيد، وكذا الذي قام والذي قعد زيد، ولا يجوز في قولك: الذي يطير فيغضب زيد الذباب أن تكرر الموصول فتقول: فالذي يغضب زيد؛ لأنك إن جعلت زيدًا فاعل يغضب خلت الصلة من ضمير، وإن جعلته خبرًا عن الذي الثانية كنت قد فصلت بين الذي الأولى وخبرها، ولا يصح ارتباطها بالصلة لأن الفاء إنما تصير الجملتين كالجملة في الجمل الفعلية لا الاسمية؛ لظهور السببية مع الفعلية، وشبه الجملتين إذ ذاك بجملتي الشرط والجزاء. اهـ.
قوله: "مغنٍ عن اشتراط الثاني" لأن الرابع أخص من الثاني، وثبوت الأخص يستلزم ثبوت الأعم من غير عكس. قوله: "لأن ما لا يقبل التعريف... إلخ" المناسب في التعليل أن يقول: لأن ما يقبل الإضمار يقبل التعريف. قوله: "بمعنى الواو" والقرينة عليه معنوية وهي النظر في المعنى، وأن الخارج بكل منهما غير الخارج بالآخر، فيعلم أن أحدهما لا يُغني عن الآخر، فتكون أو بمعنى الواو. سم. قوله: "أو مثبت" بالرفع عطفًا على جواز. قوله: "أو عادم التنكر" أي: عادم لزوم التنكير، وهذا(4/83)
وأَخبروا هنا بأل عن بعض ما يكون فيه الفعل قد تقدَّما
إن صحَّ صوغ صلة منه لأل كصوغٍ واقٍ من وقى الله البطل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخيرة، وقد ذكرها في التسهيل. "وأخبروا هنا بأل" أي: الموصولة "عن بعض ما يكون فيه الفعل قد تقدما" أي: يشترط لجواز الإخبار عن أل ثلاثة شروط زيادة على ما سبق في الذي وفروعه؛ الأول: أن يكون المخبر عنه من جملة تقدم فيها الفعل -وهي الفعلية- وإلى هذا الإشارة بقوله: فيه الفعل قد تقدما. الثاني: أن يكون ذلك الفعل متصرفًا. الثالث: أن يكون مثبتًا فلا يخبر عن زيد من قولك: زيد أخوك، ولا من قولك: عسى زيد أن يقوم، ولا من قولك: ما قام زيد، وإلى هذين الشرطين الإشارة بقوله: "إن صح صوغ صلة منه لأل" إذ لا يصح صوغ صلة لأل من الجامد ولا من المنفي. ثم مثل لما يصح ذلك منه بقوله: "كصوغ واق من وقى الله البطل" فإن أخبرت عن الفاعل قلت: الواقي البطل الله، أو عن المفعول قلت: الواقية الله البطل، ولا يجوز لك أن تحذف الهاء؛ لأن عائد الألف واللام لا يُحذف إلا في الضرورة؛ كقوله:
1187- ما المستفِزُّ الهوَى محمودُ عاقبةٍ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرط يغني عنه. قوله: أو بمضمر كما مر أنه اعتذر عنه في شرحها. قوله: "وأخبروا هنا بأل... إلخ" ذكر الأخفش مسألتين يخبر فيهما بأل لا بالذي؛ الأولى: قامت جاريتا زيد لا قعدتا، فإذا أخبرت عن زيد قلت: القائم جاريتاه لا القاعدتان زيد، ولا تقول: الذي قامت جاريتاه لا قعدتا زيد؛ لعدم ضمير يعود من الجملة المعطوفة على الذي الثانية، يجوز: المضروب الوجه زيد، ولا يجوز: الذي ضرب الوجه زيد. فأما المسألة الأولى فيجوز الإخبار فيها بالذي أيضًا عند مَن أجاز: مررت بالذي قام أبواه لا الذي قعدا، وقد جوز المصنف في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ} أن يكون "يتربصن" خبر الذين؛ لأن النون عائدة للأزواج المضافة في المعنى لضمير الموصول، فقد اكتفى في عائد المبتدأ برجوع ضمير من الخبر إلى مضاف في المعنى للمبتدأ، فبالأولى أن يكتفي في عائد الموصول برجوع ضمير من الصلة إلى مضاف في اللفظ للموصول. وأما الثانية فقال المرادي: ينبغي أن يجيز: الذي ضرب الوجه زيد، مَن أجاز تشبيه الفعل اللازم بالفعل المتعدي أي: كالصفة. وقول ابن غازي: إن تشبيه اللازم بالمتعدي خاص بالصفات يُدفع بأن من حفظ حجة على مَن لم يحفظ، فتدبر.
قوله: "عن بعض ما" أي: تركيب. قوله: "لجواز الإخبار عن أل" الموافق لعبارة المصنف كغيره الإخبار بأل. قوله: "وهي الفعلية" تفسير خاص بعام؛ لأن الفعلية صادقة بما إذا تقدم على الفعل معمول له أو أداة من الأدوات، مع أن ذلك مانع من الإخبار بأل كما في سم. قال: فلا يسوغ الإخبار بها في نحو: زيدًا ضرب عمرو، ولا في نحو: ما يقوم زيد، والإخبار هنا بالذي سائغ فتقول: الذي ما يقوم زيد. اهـ. ولعل وجه المنع لزوم الفصل بالمعمول أو الأداة بين أل وصلتها؛ أعني: الوصف المصوغ من الفعل. قوله: "الواقي البطل الله" بنصب البطل على أنه مفعول، وجره على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1187- عجزه: ولو أُتيح له صفوٌ بلا كَدَرِ
والبيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 171، وتخليص الشواهد ص161، والدرر 1/ 298، وشرح التصريح 1/ 146، والمقاصد النحوية 1/ 447، وهمع الهوامع 1/ 89.(4/84)
وإن يكن ما رَفَعَتْ صلةُ أل ضمير غيرها أُبِينَ وانفصل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"وإن يكن ما رفعت صلة أل ضمير غيرها" أي: غير أل "أبين وانفصل" وإن رفعت ضمير أل وجب استتاره، ففي نحو قولك: بلغت من أخويك إلى الزيدين رسالة، إن أخبرت عن التاء فقلت: المبلغ من أخويك إلى الزيدين رسالة أنا كان في المبلغ ضمير مستتر؛ لأنه في المعنى لأل؛ لأنه خلف من ضمير المتكلم، وأل للمتكلم لأن خبرها ضمير المتكلم والمبتدأ نفس الخبر، وإن أخبرت عن شيء من بقية أسماء المثال وجب إبراز الضمير وانفصاله لجريان رافعه على غير ما هو له، تقول في الإخبار عن الأخوين: المبلغ أنا منهما إلى الزيدين رسالة أخواك، وعن الزيدين: المبلغ أنا من أخويك إليهم رسالة الزيدون، وعن الرسالة: المبلغها أنا من أخويك إلى الزيدين رسالة، فالمبلغ خالٍ من الضمير في هذه الأمثلة؛ لأن فعل المتكلم وأل فيهن لغير المتكلم؛ لأنها نفس الخبر الذي أخرته، فأنا فاعل المبلغ وضمير الغيبة هو العائد، وكذا تفعل مع ضمير الغيبة فتقول في الإخبار عن ضمير الغائب الفاعل من نحو زيد ضرب جاريته: زيد الضارب جاريته هو، ففي الضارب ضمير أل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنه مضاف إليه. قوله: "أبين وانفصل" هذا الإطلاق موافق لقوله في باب الابتداء: وأبرزنه مطلقًا حيث تلا ما ليس معناه له محصلا
وقد اختار المصنف في التسهيل جواز عدم الإبراز عند أمن اللبس وفاقًا للكوفيين، وعلى هذا يقيد هذا الإطلاق بخوف اللبس. سم. قوله: "وإن رفعت ضمير أل وجب استتاره" بيان لمفهوم ضمير غيرها وسكت عن محترز الضمير وهو الظاهر. قال الشاطبي: أما إذا كان ظاهرًا فلا ضمير فيها كما لو أردت أن تخبر عن عمرو من ضرب زيد عمرًا فتقول: الضاربه زيد عمرو، فأل هنا لغير الضارب؛ وإنما هي لصاحب الضمير المنصوب وهو عمرو جرت الصلة على غير من هي له، وهذا شأنها إذا رفعت الظاهر أبدًا، ولا يلزم في ذلك محذور اللبس أو عن زيد من ضرب أخو زيد عمرًا. قلت: الضارب أخوه عمرًا زيد. سم.
قوله: "وجب استتاره" أي: في الصلة. قوله: "ففي نحو قولك... إلخ" وتقول في نحو ضربتني: إن أخبرت عن الفاعل الضاربي أنت فيستتر فاعل الصلة؛ لأنه لأل وأنت خبرها أو عن المفعول، فإن قلنا بقول الجمهور: إنه يجب كون الخلف غائبًا مطلقًا، قلت: الضاربه أنت أنا، فالهاء مفعول عائد على أل وأنت مرفوع الصلة أبرز لكونه لغير أل وأنا خبر أل، أو بقول غيرهم: إنه يجوز المطابقة بين الخلف والمخبر عنه في الخطاب ومثله التكلم قلت: الضاربي أنت أنا. قوله: "لأنه فعل المتكلم" أي: لأن مضمونه وهو التبليغ أو لأنه متضمن فعل المتكلم. قوله: "من نحو زيد ضرب جاريته زيد... إلخ" فإن قلت: هذا مخالف لظاهر كلامهم من وجهين؛ أحدهما: اشتراطهم تقدم الفعل. والثاني: قولهم: إن المخبرية يكون مبتدأ والمخبر عنه يكون خبرًا، والضار بها من جملة الخبر، فالجواب: أنه لا إشكال؛ لأن معنى تقدم الفعل تقدمه في الجملة التي يقع فيها الإخبار لا تقدمه في أول كل شيء متكلم به، وأما الثاني فواضح(4/85)
العدد
العدد: ثلاثةً بالتاء قل للعشره في عد ما آحاده مذكره
في الضد جرِّد والمميِّز اجرر جمعًا بلفظ قلة في الأكثر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مستتر لجريانه على ما هو له، فإن أخبرت عن الجارية قلت: زيد الضاربها هو جاريته، فلا ضمير في الضارب؛ بل فاعله الضمير المنفصل لجريانه على غير ما هو له.
خاتمة: يجوز الإخبار عن اسم كان بأل وغيرها فتقول في نحو كان زيد أخاك: الكائن أو الذي كان أخاك زيد، وأما الخبر ففيه خلاف والصحيح الجواز نحو: الكائنة أو الذي كان زيد أخوك، وإن شئت جعلته منفصلًا فقلت: الكائن أو الذي كان زيد إياه أخوك، وعن الظرف المتصرف فيجاء مع الضمير الذي يخلفه بفي كقولك مخبرًا عن يوم الجمعة من صمت يوم الجمعة: الذي صمت فيه يوم الجمعة، فإن توسعت في الظرف وجعلته مفعولًا به على المجاز جئت بخلفه مجردًا من في، فتقول: الذي صمته يوم الجمعة. واعلم أن باب الإخبار طويل الذيل، فليكتف بما تقدم، والله أعلم.
العدد:
"ثلاثة بالتاء قل للعشره في عد ما آحاده مذكره في الضد" وهو ما آحاده مؤنثة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأن الضاربها مبتدأ وهو فاعل، وجاريته خبر المبتدأ، والمبتدأ وخبره عن زيد، فكونه من جملة الخبر لم يخرجه عن أن يكون مبتدأ. قاله ابن هشام. قوله: "وغيرها" أي: الذي وفروعه.
قوله: "وأما الخبر ففيه خلاف" ظاهر سياقه أن مراده خبر كان. وعبارة السيوطي في الهمع: والأصح جواز الإخبار عن خبر باب كان الجامد، كما يجوز في خبر المبتدأ وباب إن وباب ظن الجامد بلا خلاف، فتقول: الذي كان زيدًا إياه أو كأنه زيد أخوك والذي زيد هو أخوك والذي إن زيدًا هو أخوك والذي ظننت زيدًا إياه أو ظننته زيدًا أخوك، ومنعه في كل خبر مشتق لمبتدأ أو كان أو إن أو ظن وفي مرفوع نحو عسى من جوامد أفعال المقاربة؛ لعدم صحة وقوعها صلة بخلاف المتصرفة ككاد فيجوز: الذي كاد يضرب عمرًا زيد، ويجوز في كل من المتعاطفين بغير أم وفي باقي التوابع مع المتبوع. اهـ باختصار.
قوله: "والصحيح الجواز" أي: جواز الإخبار عن الخبر مطلقًا مشتقًّا أو جامدًا، وقيده السيوطي بالجامد كما تقدم في عبارته. قوله: "وعن الظرف المتصرف... إلخ" وكذا عن المفعول لأجله، ويقرن ضميره باللام فتقول: الذي ضربت زيدًا له التأديب، وعن المفعول معه فتقول في الإخبار عن الطيالسة من جاء البرد والطيالسة التي جاء البرد وإياها الطيالسة وعن المصدر المخصص لا المؤكد فتقول في قام زيد قيامًا حسنًا أو قيام الأمير الذي قامه زيد قيام حسن أو قيام الأمير على الأصح في المسائل الثلاث كما في الهمع.
العدد:
هو ما ساوى نصف مجموع حاشيتيه القريبتين أو البعيدتين على السواء كالاثنين، فإن حاشيته السفلى واحد والعليا ثلاثة، ومجموع ذلك أربعة ونصف الأربعة اثنان وهو المطلوب، من ثم قيل: الواحد ليس بعدد؛ لأنه لا حاشية له سفلى حتى تُضم مع العليا، والمراد به هنا: الألفاظ الدالة(4/86)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولو مجازًا "جرد" من التاء نحو: {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ} [الحاقة: 7]، هذا إذا ذكر المعدود، فإن قصد ولم يذكر في اللفظ فالفصيح أن يكون كما لو ذكر، فتقول: صمت خمسة -تريد: أيامًا- وسرت خمسًا -تريد: ليالي- ويجوز أن تحذف التاء في المذكر، ومنه: "وأتبعه بست من شوال"، أما إذا لم يقصد معدود؛ وإنما قصد العدد المطلق كانت كلها بالتاء نحو: ثلاثة نصف ستة، ولا تنصرف لأنها أعلام -خلافًا لبعضهم- وأما إدخال أل عليها من قولهم: الثالثة نصف الستة فكدخولها على بعض الأعلام كقولهم: إلاهة -وهو اسم من أسماء الشمس- حيث قالوا: الإلآهة، وكذلك قولهم: شَعُوب، والشعوب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على المعدود. تصريح. قوله: "ثلاثة" بالنصب مفعول مقدم بقل؛ لأن المراد به مجرد لفظه أو لتضمين قل معنى اذكر، وبالتاء متعلق بقل، وكذا للعشرة، واللام بمعنى إلى والغاية داخلة أو بالرفع مبتدأ وبالتاء نعته وقل خبره على تقدير: قله وخرج واحد واثنان وواحدة واثنتان، فهي جارية على القياس فتخالف الثلاثة والعشرة وما بينهما في هذا الحكم، وتخالفهما أيضًا في أنها لا تضاف إلى المعدود، فلا يقال: واحد رجل ولا اثنا رجلين؛ لأن قولك رجل يفيد الجنسية والوَحْدَة، وقولك رجلين يفيد الجنسية وشفع الواحد، فلا حاجة إلى الجمع بينهما. اهـ توضيح. وأما قوله: فيه ثنتا حنظل فضرورة شاذة والقياس حنظلتان قاله الشارح.
قوله: "في عَدِّ ما" أي: معدود. قوله: "في الضد جَرِّد" بقي عليه أن يقول وسكن الشين، وإنما حذفت التاء من عدد المؤنث وأثبتت في عدد المذكر؛ لأن الثلاثة وأخواتها أسماء جماعات؛ كزمرة وأمة وفرقة، فالأصل أن تكون بالتاء؛ لتوافق نظائرها فاستصحب الأصل مع المذكر لتقدم مرتبته وحذفت مع المؤنث فرقًا لتأخر رتبته. تصريح. قوله: "ولو مجازًا" راجع لكل من قوله: مذكره، وقوله: مؤنثه، ومن المجاز ما في الآية التي مثل بها.
قوله: "هذا إذا ذكر المعدود" أي: بعد اسم العدد، فلو تقدم وجعل اسم العدد صفة جاز إجراء القاعدة وتركها كما لو حذف تقول: مسائل تسع ورجال تسعة، وبالعكس كما نقله الإمام النووي عن النحاة فاحفظها فإنها عزيزة شرح الكافية للسيد الصفوي. قوله: "فإن قصد ولم يذكر... إلخ" أطلقه تبعًا لجماعة وقيده السبكي بما إذا كان المعدود المحذوف لفظ أيام وجعل حذف التاء هو الموافق لكلام العرب.
قوله: "ويجوز أن تحذف التاء في المذكر" يمكن أن يُوجه بأن في حذف المعدود إبهامًا، فناسب مراعاة الإبهام في لفظ العدد أيضًا. اهـ سم. وهل يجوز إثباتها حينئذ في المؤنث؟ نقل الأسقاطي عن بعضهم المنع، ومقتضى ما مر عن الصفوي الجواز. قوله: "لأنها أعلام" أي: مؤنثة، والظاهر أنها أعلام أجناس كما قاله شيخنا وتبعه البعض.
قوله: "فكدخولها على بعض الأعلام... إلخ" لعلها في هذه الأعلام للمح، فتكون أل في الثلاثة والستة للمح الوصفية العارضة، فتأمل. قوله: "إلاهة" كعبادة ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث. قوله: "شَعُوب" بفتح الشين المعجمة وضم العين المهملة آخره موحدة من شعب القوم من باب نفع أي: فرقهم؛ لأنها تفرق الخلق، ويستعمل شعب بمعنى جمع أيضًا، فهو من الأضداد، كذا(4/87)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للمنية، وهذه لم يشملها كلامه، وشمل الأوليين.
تنبيهات: الأول: فُهم من قوله: "ما آحاده" أن المعتبر تذكير الواحد وتأنيثه لا تذكير الجمع وتأنيثه، فيقال: ثلاثة حمامات، خلافًا للبغداديين، فإنهم يقولون: ثلاث حمامات، فيعتبرون لفظ الجمع. وقال الكسائي تقول: مررت بثلاث حمامات ورأيت ثلاث سجلات، بغير هاء. وإن كان الواحد مذكرًا، وقاس عليه ما كان مثله، ولم يقل به الفراء. الثاني: اعتبار التأنيث في واحد المعدود إن كان اسمًا فبلفظه تقول: ثلاثة أشخص -قاصد نسوة- وثلاث أعين- قاصد رجال- لأن لفظ شخص مذكر ولفظ عين مؤنث، هذا ما لم يتصل بالكلام ما يقوي المعنى أو يكثر فيه قصد المعنى، فإن اتصل به ذلك جاز مراعاة المعنى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في المصباح. قوله: "وهذه" أي: صورة عدم قصد معدود لم يشملها كلامه لقوله: "في عد ما آحاده مذكره" حيث أضاف العد إلى المعدود. وقوله: "ويشمل الأوليين" أي: صورة ذكر المعدود وصورة حذفه لعدم اشتراط التلفظ بالمعدود. قوله: "وقال الكسائي" حاصله أن الكسائي كالبغداديين؛ وإنما لم يقل: خلافًا للبغداديين والكسائي مع أنه أخصر؛ لأنه قصد حكاية كلام الكسائي. قوله: "اعتبار التأنيث" أي: والتذكير بقرينة التمثيل.
قوله: "إن كان اسمًا" أي: جامدًا بقرينة مقابلته بالصفة فيما يأتي. قوله: "فبلفظه" ظاهره أن ذلك على سبيل الوجوب، ويخالفه ما نقله السيوطي عن ابن هشام وغيره من أن ما كان لفظه مذكرًا ومعناه مؤنثًا أو بالعكس فإنه يجوز فيه وجهان. اهـ سم. ويخالفه أيضًا ما في التسهيل وشرحه للدماميني، وعبارة التسهيل: تحذف تاء الثلاثة وأخواتها إن كان واحد المعدود مؤنث المعنى حقيقة أو مجازًا. قال الدماميني: استفيد منه أن الاعتبار في الواحد بالمعنى لا باللفظ؛ فلهذا يقال: ثلاثة طلحات بالتاء.
ثم قال في التسهيل: وربما أول مذكر بمؤنث ومؤنث بمذكر، فجيء بالعدد على حسب التأويل، ومثل الدماميني الأول بنحو: ثلاث شخوص -تريد نسوة- وعشر أبطن -تريد قبائل- والثاني بنحو: ثلاثة أنفس -أي: أشخاص- وتسعة وقائع -أي: مشاهد- فتأمل.
وبما ذكره الشارح يرد ما استدل به بعض العلماء في قوله تعالى: {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] {بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 4] على أن الأقراء الأطهار لا الحيض، وعلى أن شهادة النساء غير مقبولة؛ لأن الحيض جمع حيضة، فلو أريد الحيض لقيل ثلاث، ولو أريد النساء لقيل بأربع. ووجه الرد أن المعتبر هنا اللفظ ولفظ قرء وشهيد مذكر. يس.
قوله: "تقول: ثلاثة أشخص قاصد نسوة" وكذا إذا كنت قاصد رجال، ولم ينبه على ذلك؛ لأنه على الأصل؛ إذ هو جارٍ على اللفظ والمعنى معًا، فالشخص يستوي فيه المذكر والمؤنث، وإذا أعيد الضمير عليه إنما يعود مذكرًا؛ فلذلك يُؤنث العدد إذا أضيف إلى جمعه، سواء أريد به مذكر أو مؤنث. حفيد. قوله: "وثلاثة أعين قاصد رجال" وكذا إذا قصد النسوة، ولم ينبه عليه؛ لأنه على الأصل كما مر. قوله: "ما لم يتصل بالكلام" مراده بالكلام ما يشمل لفظ العدد بدليل ثلاثة أنفس. قوله: "أو يكثر فيه... إلخ" معطوف على "يقوي المعنى". قوله: "جاز مراعاة المعنى" في(4/88)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فالأول كقوله:
1188- ثلاث شخوص كاعبان ومِعْصَرُ
وقوله:
1189- وإن كلابًا هذه عشر أبطن وأنت بريء من قبائلها العشر
وجعل منه في شرح الكافية: {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا} [الأعراف: 160]، قال: فبذكر أمم ترجح حكم التأنيث؛ لكنه جعل أسباطًا في شرح التسهيل بدلًا من اثنتي عشرة، وهو الوجه كما سيأتي. والثاني: كقوله: ثلاثة أنفس وثلاث ذود، فإن النفس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوضيح أن ذلك ليس قياسًا، وهو خلاف ما تقدم عن ابن هشام وغيره من أن ما كان لفظه مذكرًا ومعناه مؤنثًا أو بالعكس يجوز فيه وجهان؛ أي: ولو لم يكن هناك مرجح للمعنى، وهو خلاف ما تقدم عن التسهيل وشرحه أن العبرة بالمعنى، فتأمل.
قوله: "كاعبان ومعصر" الكاعب الجارية حين يبدو ثديها للنهود، والمعصر الجارية أول ما تدرك، وسميت معصرًا لدخولها في عصر الشباب، قاله الخليل. تصريح.
قوله: "عشر أبطن" أي: قبائل، فالقياس عشرة أبطن؛ لأن البطن مذكر بحسب اللفظ؛ لكنه راعى المعنى وهو القبيلة لوجود ما يقوي المعنى، وهو هذه وقبائلها. قوله: "وجعل منه في شرح الكافية... إلخ" مبني على أن أسباطًا تمييز، ويرد عليه أنه جمع، وتمييز مثل هذا العدد مفرد؛ ولهذا كان الوجه جعله بدلًا كما سيذكره الشارح. قوله: "منه" أي: مما رُوعي فيه المعنى لاتصاله بما يقوي المعنى لا بقيد كونه مما نحن بصدده وهو ثلاثة وعشرة وما بينهما، فافهم.
قوله: "ترجح حكم التأنيث" ولولا ذلك لقيل: "اثني عشر أسباطًا" لأن السبط مذكر. اهـ مرادي. أي: وواحد واثنان يذكران لتذكير المعدود ويؤنثان لتأنيثه على خلاف قاعدة ثلاثة إلى عشرة كما مر.
قوله: "بدلًا من اثنتي عشرة" أي: وأممًا صفته، والتمييز محذوف أي: فرقة، وعليه لا يكون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1188- صدره: فكان نصيري دون ما كنت أتَّقِي
والبيت من الطويل، وهو لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص100، والأشباه والنظائر 5/ 48، 129، والأغاني 1/ 90، وأمالي الزجاجي ص118، والإنصاف 2/ 770، وخزانة الأدب 5/ 320، 321، 7/ 394، 396، 398، والخصائص 2/ 417، وشرح أبيات سيبويه 2/ 366، وشرح التصريح 2/ 271، وشرح شواهد الإيضاح ص313، والكتاب 3/ 566، ولسان العرب 7/ 45 "شخص"، والمقاصد النحوية 4/ 483، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 104، وأوضح المسالك 4/ 251، وشرح التصريح 2/ 275، وشرح عمدة الحافظ ص519، وعيون الأخبار 2/ 174، والمقتضب 2/ 148، والمقرب 1/ 307.
1189- البيت من الطويل، وهو للنواح الكلابي في الدرر 6/ 196، والمقاصد النحوية 4/ 484، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 105، 5/ 49، وأمالي الزجاجي ص118، والإنصاف 2/ 769، وخزانة الأدب 7/ 395، والخصائص 2/ 417، وشرح عمدة الحافظ ص520، والكتاب 3/ 565، ولسان العرب 1/ 722 "كلب"، 13/ 54 "بطن"، والمقتضب 2/ 148، وهمع الهوامع 2/ 149.(4/89)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كثر استعمالها مقصودًا بها إنسان، وإن كان صفة فبموصوفها المنوي لا بها نحو: {فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160]، أي: عشر حسنات، وتقول: ثلاثة ربعات -إذا قصدت رجالًا- وكذا تقول: ثلاثة دواب -إذا قصدت ذكورًا- لأن الدابة صفة في الأصل. الثالث: إنما تكون العبرة في التأنيث والتذكير بحال المفرد مع الجمع، أما مع اسمي الجنس والجمع فالعبرة بحالهما فيُعطي العدد عكس ما يستحقه ضميرهما فتقول: ثلاثة من القوم، وأربعة من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذلك مما نحن فيه؛ لأن المعدود محذوف ومؤنث اللفظ والمعنى. قوله: "ثلاثة أنفس" فيه الشاهد؛ لأنه كان القياس ثلاث أنفس؛ لأن النفس مؤنثة؛ لكنه راعى المعنى وهو مذكر؛ لكثرة استعمال النفس في الإنسان.
وقوله: "وثلاث ذود" الذود من الإبل من الثلاثة إلى العشرة، وهو مؤنث لا واحد له من لفظه. قوله: "أي: عشر حسنات" ولولا ذلك لقيل عشرة؛ لأن المثل مذكر. قوله: "ربعات" بفتح الباء جمع ربعة بسكونها يوصف به المذكر والمؤنث يقال: رجل ربعة وامرأة ربعة أي: لا طويل ولا قصير. تصريح.
قوله: "ثلاثة دواب... إلخ" وقال بعض العرب: ثلاثة دواب؛ لأنها جرت مجرى الأسماء الجامدة. مرادس. قوله: "فالعبرة بحالهما" أي: فيجب اعتبار حال لفظهما تذكيرًا وتأنيثًا.
قوله: "عكس ما يستحقه ضميرهما... إلخ" اعترضه شيخنا ابن الشارح ذكر في بحث الكلام أن اسم الجنس يجوز في ضميره التذكير والتأنيث، وظاهره يخالف ما ذكره هنا من أنه ثلاثة أقسام: واجب التذكير، وواجب التأنيث، وجائزهما، ومنشؤه توهم رجوع الضمير في قول الشارح في بحث الكلام: يجوز في ضميره... إلخ إلى مطلق اسم الجنس الجمعي وليس كذلك؛ بل إلى الكلم كما حققناه هناك؛ وحينئذ فلا تخالف أصلًا.
ومن العجائب أن البعض جزم هناك برجوع الضمير إلى الكلم، ورد على مَن أرجعه إلى مطلق اسم الجنس الجمعي حيث قال: قوله: "يجوز في ضميره" أي: الكلم كما هو الظاهر لا مطلق اسم الجنس الجمعي؛ لأن منه ما يجب في ضميره التذكير كالغنم، وما يجب فيه التأنيث كالبط، وما يجوز فيه الأمران كالبقر والكلم، فما فهمه بعض أرباب الحواشي من رجوع الضمير المطلق اسم الجنس الجمعي وبني عليه ما بني؛ أي: من الاعتراض على الشارح في إطلاقه الجواز غير سديد. اهـ.
ثم نسي هذا هنا فتابع شيخنا في الاعتراض وزاد في التقول على الشارح؛ حيث قال: ما ذكره في اسم الجنس هنا خلاف ما ذكره في بحث الكلام من أن اسم الجنس مطلقًا يجوز في ضميره الوجهان. اهـ باختصار. هذا وقال الدماميني نقلًا عن ابن هشام: المؤنث من اسم الجنس النحل والبط ولا ثالث لهما؛ لأن الباقي إما واجب التذكير وهو ستة: الموز والعنب والسدر والرطب والقمح والكلم، وإما فيه لغتان وهو بقية الألفاظ. اهـ. وفيه مخالفة لما مر في الكلم والنحل في كلامه بالحاء المهملة لذكره بعد أن النخل بالخاء المعجمة فيه التذكير والتأنيث، وبهما ورد القرآن، بقي أن ظاهر صنيعه أن اسم الجمع مذكر دائمًا، وليس كذلك، ففي الهمع أن منه المذكر كقوم ورهط ونفر، والمؤنث كإبل، وتقدم في بحث الكلام أنه ثلاثة أقسام: واجب التذكير كقوم ورهط، وواجب التأنيث كإبل وخيل، وجائزهما كركب.
ومثل الدماميني لاسم الجمع المؤنث بالنسوة والإبل والذود. وفي الفارضي في باب التأنيث أن الإبل تذكر وتؤنث. وفي التصريح عن ابن عصفور أنه إن كان لمن يعقل، فحكمه حكم المذكر(4/90)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الغنم -بالتاء- لأنك تقول: قوم كثيرون وغنم كثير -بالتذكير- وثلاث من البط -بترك التاء- لأنك تقول: بط كثيرة -بالتأنيث- وثلاثة من البقر أو ثلاث؛ لأن في البقر لغتين التذكير والتأنيث، قال تعالى: {إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا} [البقرة: 70]، وقرئ: "تشابهت" هذا ما لم يفصل بينه وبين العدد صفة دالة على المعنى، وإلا فالمراعَى هو المعنى. أو يكن نائبًا عن جمع مذكر، فالأول نحو: ثلاث إناث من الغنم وثلاثة ذكور من البط، ولا أثر للوصف المتأخر كقولك: ثلاثة من الغنم إناث وثلاث من البط ذكور. والثاني: نحو: ثلاث رَجلة، فرجلة اسم جمع مؤنث إلا أنه جاء نائبًا عن تكسير راجل على أرجال، فذكر عدده
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كالقوم والرهط والنفر، وإن مكان لما يعقل فحكمه حكم المؤنث كالجامل والباقر. اهـ. وأقره شيخنا والبعض وهو مشكل؛ لأن نحو: النساء والنسوة والجماعة أسماء جموع لمن يعقل وليس حكمها حكم المذكر، ولأن الجامل مذكر في قول الشاعر: ربما الجامل المؤبل فيهم
وفي الفارضي نقلًا عن الصحاح: أن قومًا ورهطًا ونفرًا مما هو للآدميين يُذكر ويُؤنث، فتأمل. قوله: "ثلاثة من القوم" هذا من اسم الجمع. وقوله: "وأربعة من الغنم" هذا من اسم الجنس، وقيل: من اسم الجمع. قوله: "بالتاء" كذا في التوضيح.
وقال ابن المصنف: تقول عندي ثلاث من الغنم بحذف التاء؛ لأن الغنم مؤنث. اهـ. وهو ما ذكره الجوهري وغيره، وبه يرد كلام الشارح كالتوضيح، أفاده زكريا، ويدل له {إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ}. وفي الفارضي في باب التأنيث أن الغنم تذكر وتؤنث، وهو مقتضى ما نقله الدماميني عن ابن هشام، وقد أسلفناه آنفًا.
قوله: "التذكير" أي: ملاحظة للفظ أو معنى الجمع والتأنيث أي: ملاحظة لمعنى الجماعة. قال السيوطي: والمدرك في وجوب تذكير البعض ووجوب تأنيث البعض وجواز الأمرين في البعض إنما هو السماع أي: فلا يرد أن الملاحظتين ممكنتان في الجميع. قوله: "هذا" أي: اعتبار حال لفظ اسم الجنس واسم الجمع تذكيرًا وتأنيثًا. قوله: "ما لم يفصل بينه" أي: اسم الجنس أو اسم الجمع، وهذا النفي صادق بعدم ذكر الصفة أصلًا، وذكرها مؤخرة عنهما.
قوله: "والا فالمراعَى هو المعنى" أي: وجوبًا، وخالف في الوجوب بعض المتأخرين، ولك أن تقول: ما الفرق بين هذا وبين ما مر في الجمع المضاف إليه العدد إذا اتصل به ما يقوي المعنى؛ حيث جاز اعتبار المعنى، ثم ووجب اعتباره هنا حالة الفصل وامتنع اعتباره حالة التأخير. زكريا. قوله: "هو المعنى" أي: معنى المعدود. قوله: "أو يكن" عطف على يفصل. قوله: "ولا أثر للوصف المتأخر" كذا لا أثر للوصف الذي لا يدل على المعنى نحو: ثلاث حسان من البط، فإن حسانًا مشترك بين الذكور والإناث. دماميني.
قوله: "ثلاثة رَجْلة"بفتح الراء وسكون الجيم أي: مشاة. قال المرادي: ومثله ثلاثة أشياء، فوزن أشياء فعلاء ناب عن جمع أفعال، فأشياء وإن كان مؤنثًا لكن لما ناب عن جمع مذكر وجب إثبات التاء فيه. اهـ. وقوله: "فوزن أشياء فعلاء" أي: بحسب الأصل قبل القلب المكاني؛ إذ أصل أشياء شيآء، فاستثقلوا همزتين بينهما ألف، فقدموا الأولى التي هي اللام(4/91)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما كان يفعل بالمنوب عنه. الرابع: لا يعتبر أيضًا لفظ المفرد إذا كان علمًا فتقول: ثلاثة الطلحات وخمس الهندات. الخامس: إذا كان في المعدود لغتان التذكير والتأنيث كالحال جاز الحذف والإثبات تقول: ثلاث أحوال وثلاثة أحوال. اهـ.
"والمميز اجرر جمعًا بلفظ قلة في الأكثر" أي: مميز الثلاثة وأخواتها لا يكون إلا مجرورًا، فإن كان اسم جنس أو اسم جمع جُر بمن نحو: {فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ} [البقرة: 260]، ومررت بثلاثة من الرهط. وقد يجر بإضافة العدد نحو: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ} [النمل: 48]، وفي الحديث: "ليس فيما دون خمس ذود صدقة". وقوله: ثلاثة أنفس وثلاث ذود، والصحيح قصره على السماع. وإن كان غيرهما فبإضافة العدد إليه، وحقه حينئذ أن يكون جمعًا مكسرًا من أبنية القلة نحو: ثلاثة أعبد وثلاث آمٍ. وقد يتخلف كل واحد من هذه الثلاثة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فصار أشياء بوزن لفعاء، وهذا هو الصحيح من خلاف فيها.
قوله: "فذكر عدده... إلخ" يحتمل أن الكاف مخففة من الذكر، والمعنى: فذكر عدده على الوجه الذي يفعل به مع المنوب عنه، ويحتمل أنها مشددة من التذكير ضد التأنيث فيكون مراده بتذكير العدد هنا جعله دالًّا بثبوت التاء فيه على أن المعدود مذكر. قوله: "لا يعتبر أيضًا... إلخ" أي: كما لا يعتبر لفظ المفرد في اسمي الجنس والجمع. وقوله: "لفظ المفرد" أي: بل يعتبر معناه. قوله: "وخمس الهندات" فقد اعتبرت معنى المفرد لا لفظه الذي هو مذكر. وأما قول البعض تبعًا لشيخنا قد يقال: هذا فيه مراعاة اللفظ والمعنى معًا فممنوع. قوله: "والمميز اجرر" أي: إن لم يكن موصوفًا ولا صفة، فالأول نحو: أثواب خمسة، والثاني نحو: خمسة أثواب، والأحسن في الثاني أن يكون عطف بيان لجموده، ولم يكن العدد مضافًا إلى مستحقه نحو: خمسة زيد؛ لأنه قد عرفها وميزها فلا تحتاج إلى تمييز ولم يرد بها حقائقها نحو: ثلاثة نصف ستة، ووجه الجر بأنه لما كثر استعماله آثروا جر المميز بالإضافة للتخفيف؛ لأنها تسقط التنوين، وكونه جمعًا للمطابقة بين العدد والمعدود، وكونه للقلة للمطابقة أيضًا لقلة المعدود. يس بحذف يسير. وقوله: والأحسن في الثاني أن يكون عطف بيان، لعله لم يوجب كونه عطف بيان لإمكان تأويل أثواب بمشتق كأن يقال مسماة بأثواب. وقوله: لأنه قد عرفها أي: لأنه لا يقال خمسة زيد إلا لمن عرف زيدًا وخمسته، كما سيأتي الدماميني.
قوله: "فإن كان اسم جنس... إلخ" صنيعه يقتضي دخول هذا في المتن، وفيه نظر؛ لأنه وإن أمكن حمل الجمع على مفهم الجمع ليشمل ذلك؛ لكن قوله بلفظ قلة لا يناسب إلا الجمع. سم. قوله: "من الرهط" هو من الثلاثة إلى العشرة وليس له واحد من لفظه. زكريا. قوله: "مكسرًا" لأن ألفاظ العدد أقرب إلى جمع التكسير لفظًا فتحصل المطابقة لفظًا. قوله: "من أبنية القلة" التي هي أفعلة وأفعل وأفعال وفعلة، وأما جمعها التصحيح فحكمهما حكم جمع القلة إلا في هذا الموضع، فلا يميز بهما العدد، قاله الفارضي وغيره.
قوله: "وثلاث آم" بمد الهمزة وتخفيف الميم مكسورة جمع أَمَة على وزن أفعل، وأصله أأمي، قلبت الهمزة ألفًا ثم ضمة الميم كسرة، ثم أعل إعلال قاضٍ(4/92)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيضاف للمفرد، وذلك إن كان مائة نحو: ثلاثمائة وسبعمائة، وشذ في الضرورة قوله:
1190- ثلاث مئين للملوك وَفَى بها
ويضاف لجمع التصحيح في ثلاث مسائل؛ إحداها: أن يهمل تكسير الكلمة نحو: سبع سماوات، وخمس صلوات، وسبع بقرات. والثانية: أن يجاور ما أهمل تكسيره نحو سنبلات، فإنه في التنزيل مجاور لسبع بقرات. والثالثة: أن يقل استعمال غيره نحو: ثلاث سعادات، فيجوز لقلة سعائد، ويجوز: ثلاث سعائد أيضًا؛ بل المختار في هاتين الأخيرتين التصحيح، ويتعين في الأولى لإهمال غيره، فإن كثر استعمال غيره ولم يجاور ما أهمل تكسيره لم يضف إليه إلا قليلًا؛ نحو: ثلاثة أحمدين وثلاث زينبات. والإضافة إلى الصفة منه ضعيفة نحو: ثلاثة صالحين، فالأحسن الاتباع على النعت ثم النصب على الحال. ويضاف لبناء الكثرة في مسألتين؛ إحداهما: أن يهمل بناء القلة نحو: ثلاث جوار وأربعة رجال وخمسة دراهم. والثانية: أن يكون له بناء قلة؛ ولكنه شذ قياسًا أو سماعًا، فينزل لذلك منزلة المعدوم. فالأول نحو: {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]، فإن جمع قَرْء -بالفتح- على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا هو الصواب، وأخطأ من ضبطه بتشديد الميم. قوله: "إن كان" أي: المميز مائة؛ لأن المائة جمع في المعنى. تصريح. قوله: "ثلاث مئين للملوك وَفَى بها" تمامه: ردائي وجلت عن وجوه الأهاتم
فثلاث مبتدأ، وجملة: وفي بها ردائي خبر، وأراد بالرداء السيف، وقيل: هو على حقيقته؛ لأنه يفخر بذلك حيث رهن رداءه بالديات الثلاث؛ وذلك أن ثلاثة من الملوك قتلوا في المعركة، وكانت دياتهم ثلاثمائة بعير فرهن رداءه بالديات الثلاث. وقوله: "وجلت" بالتشديد بمعنى جلت بالتخفيف، وفاعله ضمير ردائي، وأراد بوجوه الأهاتم: أعيانهم، والأهاتم جمع أهتم وهم بنو سنان، الأهتم سمى بذلك لانكسار ثنيته، كذا في العيني، ومائتين بكسر الميم أفصح من ضمها. قوله: "نحو سنبلات" فلم يقل: سبع سنابل لمجاورته لسبع بقرات. قوله: "بل المختار... إلخ" إضراب انتقالي عن قوله: فيجوز لقلة سعائد. قوله: "نحو: ثلاثة أحمدين وثلاث زينبات" أي: فالكثير ثلاثة أحامد وثلاث زيانب. قوله: "ولكنه شذ قياسًا" بأن خالف القواعد "أو سماعًا" بأن ندر استعماله في لسان العرب.
قوله: "فإن جمع قرء بالفتح... إلخ" يرد عليه أمران؛ الأول: ما في المرادي من أن بعضهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1190- عجزه: ردائي وجلت عن وجوه الأهاتم
والبيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 2/ 310، وخزانة الأدب 7/ 370، 373، وشرح التصريح 2/ 272، ولسان العرب 14/ 317 "ردى"، والمقاصد النحوية 4/ 480، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 253، وشرح عمدة الحافظ ص518، وشرح المفصل 6/ 21، 23، والمقتضب 2/ 170.(4/93)
ومائةً والألفَ للفرد أَضِفْ ومائة بالجمع نَزْرًا قد رُدِفْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أقراء شاذ. والثاني نحو: ثلاثة شسوع، فإن أشساعًا الاستعمال.
"ومائة والألف للفرد أضف" نحو: عندي مائة درهم ومائتا ثوب وثلاثمائة دينار وألف عبد وألفا أمة وثلاثة آلاف فرس. "ومائة بالجمع نزرا قد ردف" في قراءة حمزة والكسائي: "ثلاثمائةِ سنين" [الكهف: 25].
تنبيه: شذ تمييز المائة بمفرد منصوب؛ كقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذكر أنه جمع قرء بضم القاف، فلا يكون شاذًّا. الثاني: أن القرء بالفتح بناء قلة مطردًا وهو اقرؤ فإن أفعلا مطرد في فعل بفتح الفاء وسكون العين إذا كان صحيحها كما هنا، وعبارة ابن الناظم: وإن لم يهمل -يعني: جمع القلة لمفرد المميز- جيء به -يعني: بالمميز- جمع قلة في الغالب نحو: ثلاثة أجبل وخمس آكم، وقد يجاء به جمع كثرة؛ كقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] مع مجيء الأقراء. اهـ.
قوله: "ثلاث شسوع" بمعجمة فمهملة جمع شِسْع بكسر أوله وسكون ثانية أحد سيور النعل. تصريح. قوله: "ومائة والألف" أي: هذين الجنسين الشاملين لمفردهما ومثناهما وجمعهما كما يؤخذ من تَعْدَاد الأمثلة، سواء كان الجمع بصيغة الجمع نحو: مائتي رجل وثلاثة آلاف رجل، أو بإضافة ثلاثة فما فوق إليه نحو: ثلاثمائة رجل وأحد عشر ألف رجل، ولك أن تجعل هذين من المفرد اعتبارًا بلفظ مائة ولفظ ألف.
فائدة: قال في التسهيل: واختص الألف بالتمييز به مطلقًا، ولا يميز بالمائة إلا ثلاث وإحدى عشرة وأخواتهما. اهـ. نحو: مائة ألف وأحد عشر ألفًا وعشرون ألفًا وأحد وعشرون ألفًا وثلاثمائة وخمسمائة وإحدى عشرة مائة وخمس عشرة مائة. قوله: "والألف" أل من الحكاية لا من المحكي؛ إذ لا يجوز الألف رجل مثلًا، قال الفارضي: وأما دخول أل على المضاف في قوله أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: فلما قدم جاء الألف دينار، فقيل: زائدة، وقيل: تقديره: بالألف ألف دينار، فحذف ألف وهو بدل من الألف. قوله: "للمفرد أضف" لأن المائة اجتمع فيها ما افترق في عشرة وعشرين من الإضافة والإفراد؛ لأنها مشتملة عليهما، فأخذت من العشرة الخفض، ومن العشرين الإفراد، والألف عوض عن عشر مائة، وهي تميز بمفرد مخفوض، فعُوملت الألف معاملة ما عوضت منه. اهـ تصريح.
وقوله: "فأخذت... إلخ" وجهه أن هذا أخف، ولو عكس لحصل الثقل بالجمع والتنوين. اهـ سم. وقال الدماميني: أما كونه مفردًا مع أن القياس جمعه كما جمعوه في ثلاثة دراهم للعلة المتقدمة، ولأنه عدد في معناه كثرة فكرهوا جمع مميزه؛ لئلا ينضم الثقل اللفظي إلى الثقل المعنوي.
قوله: "في قراءة حمزة والكسائي: ثلاثمائةِ سنين" بإضافة مائة إلى سنين، ووجه ذلك تشبيه المائة بالعشرة؛ إذ هي تعشير للعشرات، كما أن العشرة تعشير للآحاد، وقيل: من وضع الجمع موضع المفرد، وقرأ الباقون بتنوين مائة على جعل سنين بدلًا أو عطف بيان لا تمييزًا؛ لئلا يلزم الشذوذ من وجهين: جمع تمييز المائة ونصبه، قاله الدماميني. وقال في التصريح: لأنه يقتضي أنهم أقل ما لبثوا تسعمائة، قاله الموضح في الحواشي. اهـ. وسبقه إلى هذا أبو إسحاق الزجاج. قال ابن الحاجب: ووجهه أن مميز المائة واحد من المائة، فإذا كان كذلك وقلت: سنين، فيكون سنين واحدة من(4/94)
وأَحَدَ اذكر وصِلَنْهُ بعَشَرْ مُركبًا قاصدَ معدودٍ ذَكَرْ
وقل لدى التأنيث إحدى عَشْرَه والشينُ فيها عن تميمٍ كَسْرَه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1191- إذا عاش الفتى مائتين عامًا
فلا يقاس عليه، وأجاز ابن كيسان المائة درهم والألف دينارًا.
"وأحد اذكر وصلنه بعشر" مجردًا من التاء "مركبًا" لهما "قاصد معدود ذكر" نحو: {أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} [يوسف: 4]، وهمزة أحد مبدلة من واو وقد قيل: وحد عشر على الأصل، وهو قليل. وقد يقال: واحد عشر على أصل العدد. "وقل لدى التأنيث إحدى عشرة" امرأة بإثبات التاء، وقد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المائة وهي ثلاثمائة، وأقل السنين ثلاثة، فيجب أن تكون تسعمائة، وهذا وارد أيضًا على قراءة حمزة والكسائي؛ إذ سنين عندهما تمييز لا غير وإن كان مجرورًا، ثم أجاب ابن الحاجب بأن ما ذكر إنما يلزم إذا كان التمييز مفردًا، أما إذا كان جمعًا -كما هو الأصل لما مر- فالقصد فيه كالقصد في وقوع التمييز جمعًا في نحو: ثلاثة أثواب، ويمكن أن يُجاب أيضًا بأن المحل لما كان للمفرد لكونه المقيس فيه كان الجمع الحال في ذلك المحل في حكم المفرد بأن يراد منه الجنس المتيقن تحققه في واحد، فلا يلزم أن يكون أقل السنين ثلاثة حتى يرد المحذور، فتأمل.
قوله: "إذا عاش الفتى مائتين عامًا" تمامه: فقد ذهب اللذاذة والفتاء
قوله: "وأحد اذكر... إلخ" لما تكلم على العدد المضاف شرع في المركب فقال: وأحد اذكر... إلخ. قوله: "مركبًا" بكسر الكاف أي: حال كونك مركبًا، ويجوز أن يكون بفتح الكاف حالًا من عشر مركبًا معه أي مع أحد. اهـ سندوبي. وإلى الأول جنح الشارح لكونه أنسب بما بعده. قوله: "وهمزة أحد... إلخ" كذا همزة إحدى، إلا أن الأول شاذ لازم غالبًا، والثاني مطرد على الأصح كإشاح وإكاف؛ ولهذا نبهوا على الأصل في أحد فقالوا: وحد، ولم ينبهوا عليه في إحدى. اهـ تصريح. وألف إحدى للتأنيث عند الأكثرين، وقيل: للإلحاق، وزال التنوين في إحدى عشر للتركيب فتقول في العطف: إحدى وعشرين بالتنوين، نقله ابن هشام. وفي الفارضي عن ابن بابشاذ أن أحد المنقلبة همزتها عن واو المستعملة في العدد هي التي في نحو قولك: كل أحد في الدار وجمعها آحاد. وأما التي تستعمل بعد النفي نحو: ما جاءني من أحد، فهمزتها أصلية غير مبدلة ولا تجمع ولا تستعمل في العدد ولا في المثبت.
قوله: "إحدى عشرة" ولا تستعمل إحدى إلا مركبة أو معطوفًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1191- عجزه: ففد أودى المسرة والفتاء
والبيت من الوافر، وهو للربيع بن ضبع في أمالي المرتضى 1/ 254، وخزانة الأدب 7/ 379، 380، 381، 385، والدرر 4/ 41، وشرح التصريح 2/ 273، وشرح عمدة الحافظ ص525، والكتاب 1/ 208، 2/ 162، ولسان العرب 15/ 145 "فتا"، والمقاصد النحوية 4/ 481، وهمع الهوامع 1/ 135، وبلا نسبة في أدب الكاتب ص299، وأوضح المسالك 4/ 255، وجمهرة اللغة ص1032، وشرح المفصل 6/ 21، ومجالس ثعلب ص333، والمقتضب 2/ 169، والمنقوص والممدود ص17.(4/95)
ومع غير أَحَدٍ وإِحْدَى ما معهما فعَلْتَ فافعل قَصْدَا
ولثلاثة وتسعة وما بينهما إن رُكبا ما قُدما
وأول عَشْرَةَ اثنتي وعَشَرَا اثْنَيْ إذا أُنْثَى تشا أو ذَكَرَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقال: واحد عشرة. "والشين فيها عن تميم كسره" أي: مع المؤنث فيقولون: إحدى عشرة واثنتا عشرة بكسر الشين، وبعضهم يفتحها وهو الأصل، إلا أن الأفصح التسكين وهو لغة الحجاز. وأما في التذكير فالشين مفتوحة، وقد تسكن عين عشر فيقال: أحد عْشر وكذلك أخواته لتوالي الحركات، وبها قرأ أبو جعفر، وقرأ هبيرة -صاحب حفص- "اثنا عشر شهرًا" [التوبة: 36]، وفيها جمع بين ساكنين.
"و" أما "مع غير أحد وإحدى ما معهما فعلت" في العشرة من التجريد من التاء مع المذكر، وإثباتها مع المؤنث "فافعل قصدا" والحاصل أن للعشرة في التركيب عكس ما لها قبله، فتحذف التاء في التذكير وتثبت في التأنيث.
"ولثلاثة وتسعة وما بينهما إن ركبا ما قدما" أي: في الإفراد؛ وهو ثبوت التاء مع المذكر وحذفها مع المؤنث. "وأول عشرة اثنتي وعشرا اثني إذا أُنْثَى تشا أو ذكرا"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عليها أو مضافة نحو: {إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ}. زكريا.
قوله: "وقد تسكن عين عشر" أي: في المذكر، كما صرح به في بعض النسخ. قال الدماميني: فإن قيل: كيف جاز تسكين فاء الاسم؟ قلنا: إذا جاز تسكين هاء هو وهي بعد الواو والفاء فهذا أجدر. قوله: "لتوالي الحركات" ولإفادة المبالغة في الامتزاج. دمامي.
قوله: "وأما مع غير إحدى" أي: من اثنين واثنتين إلى تسعة وتسع، قدر الشارح إما لأجل الفاء في قوله: فافعل، ويحتمل أن الفاء زائدة. قال سم: بَيَّنَ المصنف بهذا -أي: بقوله ومع غير أحد وإحدى... إلخ- حكم العشرة إذا رُكبت مع التسعة فما دونها، ثم بيَّن بقوله الآتي: ولثلاثة وتسعة... إلخ حكم التسعة وما تحتها إذا رُكبت معها العشرة. قوله: "قصدا" قال شيخنا والبعض: حال بمعنى مقتصدًا أي: عادلًا وهو غير متعين لجواز أن يكون مفعولًا مطلقًا على حذف مضاف أي: فعل قصد أي: اقتصاد؛ بل هذا أَوْلَى لما مر غير مرة أن مجيء المصدر حالًا وإن كثر سماعي.
قوله: "فتحذف التاء في التذكير" كراهة اجتماع علامتي تأنيث فيما هو كالكلمة الواحدة، فلا يقال: ثلاثة عشرة. قوله: "إن رُكبا" أي: مع العشرة. قوله: "وأول عشرة... إلخ" اعترض الفارضي وغيره هذا البيت بأنه قد علم من قوله: ومع غير أحد وإحدى... إلى آخر البيت، فإنه علم منه كون اثني له عشر واثنتي له عشرة، وقد يقال: إنما صرح به دفعًا لتوهم أن اثنين في حال تركيبه مع العقد كثلاث فما فوق في هذه الحالة يجرد من التاء عند التأنيث وتلحقه عند التذكير. قال الدماميني: في إحدى عشرة واثنتي عشرة سؤال مشهور، حاصله لزوم الجمع بين علامتي تأنيث فيما هو كالكلمة الواحدة، وجوابه أن ألف التأنيث بمنزلة ما هو من نفس الكلمة؛ ولذا لم تسقط في جمعي التصحيح والتكسير بخلاف التاء؛ إذ قالوا: حبلى وحبليات وحبالى وجفنة وجفنات وجفان. وأما اثنتان فبني على التاء؛ إذ لا واحد له من لفظه، فكانت كالأصل.
قوله: "إذا أنثى... إلخ" لف ونشر مرتب. قوله: "تشا" مضارع شاء قصره للضرورة. وقال(4/96)
واليا لغير الرفع وارفع بالألف والفتح في جزأَي سواهما أُلف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتقول: جاءتني اثنتا عشرة امرأة واثنا عشر رجلًا.
"واليا لغير الرفع" وهو النصب والجر "وارفع بالألف" كما رأيت، وأما الجزء الثاني فإنه مبني على الفتح مطلقًا "والفتح في جزأي سواهما" أي: سوى اثنتي عشرة واثني عشر "ألف" أما العجز فعلة بنائه تضمنه معنى حرف العطف، وأما الصدر فعلة بنائه وقوع العجز منه موقع تاء التأنيث في لزوم الفتح؛ ولذلك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المكودي: ويجوز أن يكون حذف الهمزة من تشا لاجتماعها مع همزة أو خالد. قوله: "والياء" أي: في اثنين اثنتين. قوله: "مطلقًا" أي: في الأحوال الثلاثة. قوله: "أما العجز" أي: عجز العدد المركب سواء كان اثني عشر واثنتي عشرة أو غيرهما. قوله: "تضمنه معنى حرف العطف" أي: الواو؛ إذ الأصل قبل التركيب: أعطيتك خمسة وعشرة مثلًا، فحذفت الواو ورُكب العددان اختصارًا ودفعًا لما يتبادر من العطف من أن الإعطاء دفعتان. قاله الدماميني. فإن ظهر العاطف مع التركيب والبناء لفقد المقتضي كقوله: كأنَّ بها البدر ابن عشر وأربع
وانظر إذا ميز كيف يكون التمييز حينئذ. وزعم أبو حيان أنه -أي: العاطف- لا يظهر إلا مع تقدم العقد كالبيت المذكور وليس كذلك، فقد أنشد ابن الشجري: وقمر بدا ابن خمس وعشر
اهـ. وقوله: وانظر... إلخ، الذي يظهر أن التمييز حينئذ جمع مجرور كتمييز ثلاثة إلى عشرة، وللبعض اعتراض على هذه العلة لا معنى له، فانظره إن أردت التعجب. قوله: "وأما الصدر... إلخ" عبارة الفارضي بني الصدر؛ لأنه كجزء الكلمة.
قوله: "فعلة بنائه وقوع العجز منه" أي: من الصدر والجار والمجرور متعلق بوقوع. وقوله: موقع تاء التأنيث في لزوم الفتح أي: فتح ما قبلها، وعندي في هذا التعليل نظر من وجوه؛ الأول: أنه كان المناسب أن يقول: فعلة بنائه وقوعه موقع ما قبل تاء التأنيث في لزوم الفتح كما لا يخفى على الفطن. الثاني: أن بناءه بمعنى لزومه الفتح، فيؤول التعليل إلى تعليل الشيء بنفسه؛ لأنه جعل علة لزوم الفتح المشابهة بما قبل تاء التأنيث وعلة المشابهة لزوم الفتح؛ لأن وجه المشابهة علة لها وعلة العلة علة. الثالث: أنه لو كان الوقوع موقع ما قبل تاء التأنيث يقتضي البناء للزم بناء صدر المركب المزجي مع أن فتحة صدره فتحة بنية لا فتحة بناء كما سلف تحقيقه في محله، إلا أن يجاب عن هذا بأن في تعبيرهم ببناء صدر المركب العددي مسامحة؛ لأن فتحته وإن كانت فتحة بنية تشبه فتحة البناء في اللزوم، وفيه بعد لا يخفى. وذكر يس اعتراضين آخرين؛ حاصل الأول أن سبب البناء منحصر في شبه الحرف، فلا يصح تعليله بما ذكر، وأجاب عنه بأن المنحصر في شبه الحرف سبب البناء الأصلي اللازم للكلمة، والبناء هنا عارض للكلمتين بالتركيب مفارق بمفارقته، وحاصل الثاني أن آخر الصدر صار وسطًا، والوسط ليس محلًّا للإعراب ولا للبناء، ولم يجب عن هذا، ويمكن الجواب عنه بما أجبنا به عن اعتراضنا الثالث، فتأمل. قال يس: وإنما بني على حركة؛ لأن له حالة إعراب، وكانت الحركة فتحة؛ لأن هذا الاسم طال بالتركيب فأوثر بأخف الحركات. قوله: "ولذلك" أي: لكون علة البناء الوقوع المذكور أعرب(4/97)
وميِّز العشرين للتسعينَا بواحد كأربعين حِينَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أعرب صدر: اثني عشر واثنتي عشرة؛ لوقوع العجز منهما موقع النون، وما قبل النون محل إعراب لا محل بناء، ولوقوع العجز منهما موقع النون لم يضافا بخلاف غيرهما فيقال: أحد عشرك، ولا يقال: اثنا عشرك.
تنبيهان: الأول: قد فُهم من كلامه أنه لا يجوز تركيب النيِّف مع العشرين وبابه؛ بل يتعين العطف فتقول: خمسة وعشرون، ولا يجوز: خمسة عشرين. ولعله للإلباس في نحو: رأيت خمسة عشرين رجلًا، فإنه يحتمل خمسة لعشرين رجلًا، وقيل غير ذلك. الثاني: أجاز الكوفيون إضافة صدر المركب إلى عجزه فيقولون: هذه خمسة عشر، واستحسنوا ذلك إذا أضيف نحو: خمسة عشرك "وميز العشرين" وبابه "للتسعينا بواحد" منكر منصوب "كأربعين حينا" وخمسين شهرًا، ويقدم النيف بحاليته أي: بثبوت التاء في التذكير وسقوطها في التأنيث، ثم يذكر العقد معطوفًا على النيف فيقال في المذكر: ثلاثة وعشرون رجلًا، وفي المؤنث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صدر... إلخ أي: لأن العلة تدور مع المعلول وجودًا وعدمًا، وهي معدومة في اثني عشر واثنتي عشرة، فينعدم بناء الصدر وما ذكره من إعراب صدرهما هو الصحيح، والقول ببنائه مردود باختلافه باختلاف العوامل وذلك علامة إعرابه. قوله: "لوقوع العجز... إلخ" اعترضه شيخنا وتبعه البعض بأنه علل قوله: أعرب بقوله لذلك، فلا يصح تعليله ثانيًا بقوله: لوقوع العجز... إلخ من غير عطف، ويمكن دفعه بجعله بدل اشتمال من قوله؛ لذلك لا شعار عليه الوقوع موقع التاء للبناء بعلية الوقوع موقع النون للإعراب، فتأمل.
قوله: "قد فُهم من كلامه" يعني قوله: وصلنه بعشر؛ حيث اقتصر على عشر، والاقتصار على الشيء في مقام البيان يقتضي الحصر. قوله: "النيِّف" بفتح النون وتشديد الياء المكسورة وقد تخفف كهين، وأصله نيوف من ناف ينوف إذا زاد، وهو من واحد إلى تسعة بإدخال المبدأ والغاية، أفاده في التصريح. قوله: "فإنه يحتمل... إلخ" هذا إنما ينتج الإجمال لا الإلباس. قوله: "إضافة صدر المركب إلى عجزه" فيكون الصدر على حسب العامل، والعجز مجرور لا غير، ومنه قول الشاعر: كلف من عنائه وشقوته بنت ثمان عشرة من حجته
بجر عشرة منونًا. فارضي.
قوله: "واستحسنوا ذلك إذا أضيف" أي: المركب، ولا يخفى أن المضاف في الحقيقة إنما هو عجز، والعجز المركب، فالصدر مضاف إلى العجز مضاف إلى كاف المخاطب، ففي عبارته مسامحة. قوله: "وميز العشرين للتسعينا بواحد" أجاز الفراء جمع تمييز باب عشرين كما في الفارضي. وأجاز المصنف في شرح التسهيل: عندي عشرون دراهم لعشرين رجلًا عند قصد أن لكل واحد منهم عشرين، كما في السيوطي.
قوله: "بواحد منكر منصوب" إنما كان مفردًا نكرة؛ لأنه ذكر لبيان حقيقة المعدود، وهو يحصل بالمفرد النكرة التي هي الأصل بالتعذر الإضافة مع النون التي في صورة نون الجمع. قوله: "أي بثبوت التاء في التذكير... إلخ" محله في غير اثنين واثنتين. قوله: "معطوفًا على النيف" أي: بالواو إذا أريد وقوعهما دَفْعَةً واحدة، وإلا فلا مانع من أن تقول: قبضت منه ثلاثة فعشرين أو ثم عشرين إذا قصد الترتيب مع الفور أو(4/98)
وميَّزوا مركبًا بمثل ما مُيِّز عشرون فسَوِّيَنْهُمَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً}.
"وميزوا مركبًا بمثل ما ميز عشرون" وبابه؛ أي: بمفرد منكر منصوب "فسوينهما" نحو: {أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} [يوسف: 4]، واثنتي عشرة عينًا. وأما {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا} [الأعراف: 160] فأسباطًا بدل من اثنتي عشرة والتمييز محذوف أي: اثنتي عشرة فرقة، ولو كان أسباطًا تمييزًا لذكر العددان وأفرد التمييز؛ لأن السبط مذكر. وزعم الناظم أنه تمييز وإن ذكر أممًا رجح حكم التأنيث.
تبيهات: الأول: يجوز في نعت هذا التمييز منهما مراعاة اللفظ نحو: عندي أحد عشر درهمًا ظاهريًّا وعشرون دينارًا ناصريًّا، ومراعاة المعنى فتقول ظاهرية وناصرية، ومنه قوله:
1192- فيها اثنتان وأربعون حَلُوبةً سُودًا كخافية الغراب الأسْحَمِ
الثاني: قد يضاف العدد إلى مستحق المعدود فيستغني عن التمييز نحو: هذه عشر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التراخي. دماميني. قوله: "أي: بمفرد منكر منصوب" إنما كان مفردًا منكرًا لما مر، ومنصوبًا لامتناع جعل ثلاثة أشياء كالشيء الواحد لو قيل: خمسة عشر عبد مثلًا. فارضي.
قوله: "فسوينهما" أي: المركب والعشرين وبابه، وفائدته: دفع توهم أن المثلية قبله غير تامة، وقد يقع تمييز المركب بجمع إذا صدق على كل واحد من العدد؛ كقوله تعالى: {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا} [الأعراف: 160] لأن المراد: وقطعناهم اثنتي عشرة قبيلة، وكل قبيلة أسباط لا سبط، فوضع أسباطًا موضع قبيلة، هذا أحد الأوجه في الآية، وسيأتي الباقي. قوله: "بدل" أي: بدل كل من كل، ولا يرد أن المبدل منه في نية الطرح؛ لأنه أغلبي، وقد يخرج القرآن على غير الغالب كما في قراءة التنوين في: "ثلاثمائة سنين" كما مر. قوله: "لذكر العددان" أي: بحذف التاء منهما. وقوله: لأن السبط مذكر، علة لقوله: لذكر العددان. قوله: "وأفرد التمييز" ذهب الفراء إلى جواز جمعه، وظاهر الآية يشهد له. اهـ تصريح. وترك علة قوله: وأفرد التمييز، وهي كونه تمييز مركب لعلمها من قوله: وميزوا... إلخ. قوله: "رجح حكم التأنيث" هذا توجيه للتأنيث، وبقي توجيه الجمع من أن القياس الإفراد كما مر. سم.
قوله: "في نعت هذا التمييز منهما" أي: من المركب وعشرين وبابه، وقضيته أن تمييز غيرهما لا يجوز في نعته مراعاة المعنى، فقول شيخ الإسلام زكريا في تحريره وهي -أي: الأوسق الخمسة التي هي نصاب زكاة النابت- ألف وستمائة رطل بغدادية، يكون بغدادية فيه مرفوعًا نعتًا لألف وستمائة، وانظر هل مثل النعت بقية التوابع، وعلى كونها مثل النعت يجوز أن يكون أسباطًا في الآية بدلًا من التمييز المحذوف وهو فرقة على مراعاة المعنى، فتدبر.
قوله: "فيها" أي: الركائب والخافية بالخاء المعجمة واحدة الخوافي، وهي ما دون الريشات العشر من مقدم الجناح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1192- البيت من الكامل، وهو لعنترة في ديوانه ص193، والحيوان 3/ 425، وخزانة الأدب 7/ 390، وشرح شذور الذهب ص325، والمقاصد النحوية 4/ 487، وبلا نسبة في شرح المفصل 3/ 55، 6/ 24.(4/99)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وزيد، ويفعل ذلك بجميع الأعداد المركبة إلا اثني عشر، فيقال: أحد عشرك وثلاثة عشرك، ولا يقال: اثني عشرك؛ لأن عشر من اثني عشر بمنزلة نون الاثنين -كما مر- فلا تجامع الإضافة، ولا يقال: اثناك؛ لئلا يلتبس بإضافة اثنين بلا تركيب. الثالث: حكم العدد المميز بشيئين في التركيب لمذكرهما مطلقًا إن وجد العقل نحو: عندي خمسة عشر عبدًا وجارية، وخمسة عشر جارية وعبدًا، وإن فقد فللسابق بشرط الاتصال نحو: عندي خمسة عشر جملًا وناقة، وخمس عشرة ناقة وجملًا، وللمؤنث إن فصلا نحو: عندي ست عشرة ما بين ناقة وجمل أو ما بين جمل وناقة، وفي الإضافة لسابقهما مطلقًا نحو: عندي ثمانية أعبد وآم، وثمان آم وأعبد، ولا يضاف عدد أقل من ستة إلى مميزين مذكر ومؤنث؛ لأن كلًّا من المميزين جمع، وأقل الجمع ثلاثة. الرابع: لا يجوز فصل هذا التمييز. وأما قوله:
1193- على أنني بعدما قد مضى ثلاثون للهَجْر حولًا كَمِيلَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والأسحم بالحاء المهملة الأسود. عيني. قوله: "فيستغني عن التمييز" لأنك إذا قلت: عشروك، فقد خاطبت مَن يعرف العشرين المنسوبة إليه، ولا تقول: عشرو زيد إلا لمن يعرف زيدًا وعشريه، كما أنك لا تقول: غلام زيد إلا لمن يعرف الغلام وزيدًا. دماميني.
قوله: "الأعداد المركبة" وكذا غير المركبة كمائة زيد. قوله: "إلا اثني عشر" أي: واثنتي عشرة. قوله: "ولا يقال: اثناك" ما لم يكن اثنا عشر علمًا، وإلا جاز أن تضيفه بحذف عشر إذا قصد تنكير العلم لفقد العلة كما في الفارضي. قوله: "لئلا يلتبس... إلخ" صريح في جواز أن يقال: اثناك، في قصد إضافة اثنين بلا تركيب. أسقاطي. قوله: "لمذكرهما مطلقًا" أي: سبق المذكر أولا وقع الفصل ببين أولا. قوله: "إن وجد العقل" أي: في الشيئين أو أحدهما، وظاهره ترجيح المذكر إذا كان العاقل مؤنثًا، والقياس يقتضي تغليب العاقل فتقول: أربع عشرة جملًا وأمة؛ لأن وصف الأنوثة مع العقل أرجح من وصف الذكورة مع عدم العقل، أفاده الدماميني.
قوله: "فللسابق" أي: مذكرًا أو مؤنثًا. وقوله: بشرط الاتصال أي: اتصال التمييز بالعدد. قوله: "وللمؤنث إن فصلًا" أي: فصل بين العدد والتمييز ببين؛ لأنها تقتضي التساوي في الحكم، فكأن الأسبقية منتفية فرجح ما مراعاته كمراعاة الشيئين وذلك أن فذكر ما لا يعقل في استعمالهم كالمؤنث حتى إنه قد يعود عليه ضميره، فإذا جعلنا الحكم للمؤنث كنا كأنا اعتبرناهما بخلاف ما إذا جعل للمذكر كذا في الدماميني.
قوله: "لسابقهما مطلقًا" أي: عاقلًا كان المضاف إليه أو لا مذكرًا أو لا؛ وإنما كان كذلك لأن المتضايفين كالشيء الواحد، فلا ينبغي أن يختلف حالهما. فإن قيل: المعطوف على المضاف إليه مضاف إليه؟ قلنا: نعم؛ لكن المعطوف مضاف إليه بواسطة، والأول
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1193- بعده: يذكِّرْنِيكَ حنين العُجُولِ ونوحُ الحمامة تدعو هديلا
والبيتان من المتقارب، وهما للعباس بن مرداس في ديوانه ص136، وأساس البلاغة ص398 "كمل" ، وخزانة الأدب 3/ 299، والدرر 4/ 24، وشرح شواهد الإيضاح ص198، وشرح شواهد المغني 2/ 908 والمقاصد النحوية 4/ 489، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 308، وخزانة الأدب 6/ 467، 470، 8/ 255، وشرح عمدة الحافظ ص532، وشرح المفصل 4/ 130، والكتاب 2/ 158، ولسان العرب 11/ 598 "كمل" "البيت الأول فقط"، ومجالس ثعلب 2/ 492، ومغني اللبيب 2/ 572، والمقتضب 3/ 55، وهمع الهوامع 1/ 254.(4/100)
وإن أُضيف عددٌ مركَّبُ يبقَ البِنَا وعَجُزٌ قد يُعربُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضرورة.
"وإن أضيف عدد مركب يبق البنا" في الجزأين على حاله نحو: أحد عشرك مع أحد عشر زيد بفتح الجزأين، هذا هو الأكثر؛ لأن البناء يبقى مع الألف واللام بالإجماع، فكذا مع الإضافة. والثاني: أن يعرب عجزه مع بقاء التركيب كبعلبك، حكاه سيبويه عن بعض العرب؛ نحو: أحد عشرك مع أحد عشر زيد، وإليه أشار بقوله: "وعجز قد يعرب" واستحسنه الأخفش، واختاره ابن عصفور، وزعم أنه الأفصح، ووجه ذلك بأن الإضافة ترد الأشياء إلى أصلها في الإعراب، ومنع في التسهيل القياس عليه. وقال في شرحه: لا وجه لاستحسانه؛ لأن المبني قد يُضاف نحو: كم رجل عندك، {مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود: 1]، وفيه مذهب ثالث؛ وهو أن يُضاف صدره إلى عجزه مزالًا بناؤهما، حكى الفراء أنه سمع من أبي فقعس الأسد وأبي الهيثم العقيلي: ما فعلت خمسة عشرك، وذكر في التسهيل أنه لا يُقاس عليه خلافًا للفراء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مضاف إليه بالمباشرة، فكان أولى بالاعتبار، وقد أهمل الشارح ذكر العدد المعطوف، والقياس يقتضي أنه كالعدد المركب فتقول: عندي أحد وعشرون عبدًا وأمة بتغليب المذكر، وأحد وعشرون جملًا وناقة بتغليب السابق، وإحدى وعشرون بين جمل وناقة بتغليب المؤنث. دماميني.
قوله: "وآم" تقدم الكلام عليه. قوله: "وإن أضيف عدد مركب" أي: غير اثني عشر واثنتي عشرة -لما مر- من أنهما لا يضافان، ويستغني العدد المركب إذا أضيف عن التمييز كما سبق. قوله: "والثاني... إلخ" مقابل قوله: هذا هو الأكثر. قوله: "كبعلبك" أي: في بقاء التركيب مع إعراب العجز، وإن كان بعلبك غير منصرف لوجود العلتين بخلاف أحد عشر لأنه ليس بعلم. قوله: "نحو أحد عشرك مع أحد عشر زيد" بفتح دال أحد في المثالين ورفع راء عشر الأول وجر راء الثاني. قوله: "وعجز" مبتدأ، والمسوغ قصد التفصيل. فارضي.
قوله: "ترد الأشياء إلى أصلها في الإعراب" لا يقال: هذا يقتضي إعراب الجزء الأول أيضًا؛ لأنا نقول: المضاف مجموع الجزأين لا الأول فقط ولا الثاني فقط؛ لكن لما كان آخر الثاني آخر المجموع المضاف ظهر فيه الإعراب. قوله: "ومنع في التسهيل القياس عليه" قال بعضهم: هي لغة ضعيفة عند سيبويه، وإذا ثبت كونه لغة لم يمتنع القياس عليها وإن كانت ضعيفة. مرادي. قوله: "لأن المبني قد يضاف... إلخ" قد يُفرق بين ما بناؤه أصلي فلا يرد إلى الإعراب وما بناؤه عارض بسبب التركيب فيرد إليه بأدنى ملابسة. تصريح. قوله: "من أبي فقعس" كذا بخط الشارح، ويوجد في بعض النسخ: بني، وهو تحريف.
قوله: "خلافًا للفراء" تقدم قبيل قول المصنف: وميز العشرين... إلخ فقال الشارح قول الفراء عن(4/101)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهات: الأول: قال في التسهيل: ولا يجوز بإجماع ثماني عشرة إلا في الشعر، يعين بإضافة الأول إلى الثاني دون إضافة المجموع كقوله:
1194- كَلِفَ من عنائه وشِقْوَتِه بنت ثماني عشرةٍ من حِجَّتِه
أي: من عامة ذلك. وفي دعواه الإجماع نظر، فإن الكوفيين يجيزون إضافة صدر المركب إلى عجزه مطلقًا، كما سبق التنبيه عليه. الثاني: في ثماني إذا ركب أربع لغات: فتح الياء وسكونها وحذفها مع كسر النون وفتحها ومنه قوله:
1195- ولقد شَرَيْتُ ثمانيًا وثمانيَا وثمانَ عشرةَ واثنتين وأربعَا
وقد تُحذف ياؤها أيضًا في الإفراد، ويجعل إعرابها على النون كقوله:
1196- لها ثنايا أربعٌ حسانٌ وأربعٌ فثُغْرُها ثمانُ
وهو مثل قراءة بعض القراء: "وله الجوارُ المنشآت" بضم الراء. الثالث: قال في شرح الكافية: لبضعة وبضع حكم تسعة وتسع في الإفراد والتركيب وعطف عشرين وأخواته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكوفيين. قوله: "دون إضافة المجموع" أي: إلى شيء آخر، وفيه أنه إذا أضيف الأول إلى الثاني ووجدت الإضافة إلى شيء آخر كان المضاف إلى الشيء الآخر الثاني لا المجموع، وإذا أضيف المجموع إلى شيء آخر لم يكن الأول مضافًا إلى الثاني، فتدبر. قوله "كلف... إلخ" يظهر أنه يصح تشديد لام كلف على أنه من التكليف، وتخفيفها على أنه من الكلف بالتحريك، ومن للتعليل، والعناء بفتح العين المهملة التعب، والشقوة بالكسر الشقاء. قوله: "مطلقًا" أي: سواء كان المجموع مضافًا نحو: ثماني عشرك أولا وفيه ما مر. قوله: "في ثماني" أي: الواقعة في عدد المؤنث. قوله: "وسكونها" أي: كسكونها في معدي كرب. وقوله: مع كسر النون أي: دلالة على الياء. وقوله: وفتحها أي: للتركيب. همع.
قوله: "وقد تحذف ياؤها" مصب قد التقليلية قوله: ويجعل إعرابها على النون أي: والأكثر أن يجري مجرى المنقوص المصروف فتقول: جاء ثمانٍ ومررت بثمانٍ ورأيت ثمانيًا، وقد يقال: رأيت ثماني بلا تنوين؛ لمشابهته جواري لفظًا وهو ظاهر ومعنى لأنه وإن لم يكن جمعًا لفظًا هو جمع معنى كما أجري سراويل مجرى سرابيل، فكتابة البعض على قول الشارح ويجعل إعرابها على النون ما نصه أي: وحينئذ تكون جارية في الإعراب مجرى المنقوص المصروف. اهـ غفلة عجيبة. قوله: "لبضعة وبضع" بكسر الموحدة على المشهور، وبعض العرب يفتحها، قاله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1194- الرجز لنفيع بن طارق في الحيوان 6/ 463، والدرر 6/ 197، وشرح التصريح 2/ 275، والمقاصد النحوية 4/ 488، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 309، وأوضح المسالك 4/ 259، وخزانة الأدب 6/ 430، 432، ولسان العرب 14/ 438 "شقا"، وهمع الهوامع 2/ 149.
1195- البيت من الكامل، وهو للأعشى في لسان العرب 13/ 81 "ثمن"، وليس في ديوانه.
1196- الرجز بلا نسبة في خزانة الأدب 7/ 365، وشرح التصريح 2/ 274، ولسان العرب 4/ 103 "ثغر"، 13/ 81 "ثمن".(4/102)
وصُغْ من اثنين فما فوق إلى عَشَرَةٍ كفاعل من فَعَلَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عليه نحو: لبثت بضعة أعوام وبضع سنين، وعندي بضعة عشر غلامًا وبضع عشرة أمة، وبضعة وعشرون كتابًا، وبضع وعشرون صحيفة، ويراد ببضعة من ثلاثة إلى تسعة، وببضع من ثلاث إلى تسع. انتهى.
"وصغ من اثنين فما فوق" أي: فما فوقها "إلى عشرة" وصفًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدماميني. وما ذكره الشارح هو الراجح من أقوال في مسمى البضع والبضعة، وعليه لا يطلقان على أقل من ثلاثة ولا أكثر من تسعة، وقيل: مسماهما أربعة وثمانية وما بينهما، وقيل: الواحد والعشرة وما بينهما، وقيل: أربعة وتسعة وما بينهما، وقيل غير ذلك، واختلفوا أيضًا فيما يصاحبه، فالجمهور على أنه يصاحب العشرة والعشرين إلى التسعين، فلا يصاحب المائة والألف، وقيل: لا يصاحب إلا العشرة، وهو مردود بنحو قوله صلى الله عليه وسلم: "الإيمان بضع وستون شعبة"، وفي رواية: "بضع وسبعون". ونقل الكرماني أنه يصاحب المائة والألف، هذا وفي بعض النسخ بدل قوله: الثالث لبضعة وبضع... إلخ ما نصه: الثالث: قال في شرح الكافية: إن بضعة قدير أدبه واحد فما فوقه إلى تسعة، هذا قول الفراء، وأنه يجري مجرى تسعة مطلقًا أي: في الإفراد والتركيب وعطف عشرين وأخواته عليه، وأن تاءه كتاء تسعة في ثبوت وسقوط نحو: لبثت بضعة أعوام وبضع سنين وعندي بضعة عشر غلامًا وبضع عشرة أمة وبضعة وعشرون كتابًا وبضع وعشرون صحيفة، وهذا المراد بقولي: ومطلقًا مجراه يجري حيث حل
والأَوْلَى أن يراد ببضعة من ثلاثة إلى تسعة، وببضع من ثلاث إلى تسع، فيحمل الثابت التاء على الثابتها والساقطها على الساقطها. اهـ. قال شيخنا: وهكذا رأيته بخطه على التوضيح. اهـ. وقوله: وإن تاءه كتاء تسعة في ثبوت وسقوط بيان لما قبله من جريانه مجرى تسعة. وقوله: فيحمل الثابت التاء... إلخ أي: فيحمل بضعة الثابت التاء على ثلاثة مثلًا الثابت التاء وبضع الساقطها على ثلاث مثلًا الساقطها. وفرق في الهمع بين النيِّف والبضع بأن النيِّف من واحد إلى تسعة، ويكون للمذكر والمؤنث بلا هاء، ولا يذكر إلا مع عقد نحو: عشرة ونيف. والبضع من ثلاثة إلى تسعة، ويكون للمذكر بالهاء وللمؤنث بدونها، ولا يجب معه ذكر العقد، كما في بضع سنين.
قوله: "وصغ من اثنين... إلخ" ظاهر كلام المصنف أن نحو: ثانٍ وثالث مصوغ من لفظ العدد، سواء كان بمعنى بعض أو بمعنى جاعل العدد الأقل مساويًا لما فوقه، وهو مسلم في الذي بمعنى بعض دون الآخر؛ لأنه مصوغ من الثني مصدر ثنيت الرجل والثلاث مصدر ثلثت الرجلين، وهكذا كما سيأتي، لا من اثنين وثلاثة... إلخ؛ وإنما قلنا: ظاهر كلام المصنف؛ لأنه يمكن حمل قوله: وإن ترد جعل الأقل... إلخ على معنى وإن ترد بالوصف لا بقيد كونه مشتقًّا من لفظ العدد، فاعرفه.
وقول الشارح: وصفًا ظاهر بالنسبة لما بمعنى جاعل دون ما بمعنى بعض؛ لأن الذي بمعنى بعض اسم جامد كما يؤخذ من كلامه بعد، اللهم إلا أن يراد بالوصفية بالنسبة له الوصفية الصورية، فتأمل. قال في التصريح: الاشتقاق من أسماء العدد سماعي؛ لأنه من قبيل الاشتقاق من أسماء الأجناس؛ كتربت يداه من التراب، واستحجر الطين من الحجر. قوله: "أي: فما فوقهما" الأنسب فوقه أي: لفظ الاثنين؛ لأن الصوغ من اللفظ. سم. قوله: "إلى عشرة" أُتي به بيانًا للغاية. قوله:(4/103)
واخْتِمْهُ في التأنيث بالتا ومتى ذَكَّرْتَ فاذكر فاعلًا بغير تا
وإن تُرِدْ بعض الذي منه بُني تُضف إليه مثلَ بعضٍ بيِّن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"كفاعل" أي: على وزن فاعل "من فَعَلَا" كضرب نحو: ثانٍ وثالث ورابع إلى عاشر. وأما واحد فليس بوصف؛ بل اسم وُضع على ذلك من أول الأمر.
"واختمه في التأنيث بالتا ومتى ذكرت" أي: صفته لمذكر "فاذكر فاعلًا بغير تا" فتقول في التأنيث ثانية إلى عاشرة، وفي التذكير ثان إلى عاشر، كما تفعل باسم الفاعل من نحو: ضارب وضاربة. وإنما نبه على هذا مع وضوحه؛ لئلا يتوهم أنه يسلك به سبيل العدد الذي صيغ منه "وإن تُرد" بالوصف المذكور "بعض" العدد "الذي منه بني تضف إليه مثل بعض بين" أي: كما يضاف البعض إلى كله؛ نحو: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ} [التوبة: 40] {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} [المائدة: 73] وتقول: ثانية اثنتين، وثالثة ثلاث إلى عاشر عشرة وعاشر عشر؛ وإنما لم ينصب حينئذ؛ لأنه ليس في معنى ما يعمل ولا مفرعًا عن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"كفاعل" صفة لموصوف محذوف قدره الشارح هو مفعول صغ أو الكاف بمعنى مثل، وهي اسم مفعول به لصغ كما قاله الشاطبي، أفاده سم. قوله: "من فعلا" فائدته مع ما قبله بيان أن هذا أي: في الجملة وصف لا اسم جامد، ولم يكتفِ بفهم ذلك من ذكر الصوغ؛ لأنه قد يُراد به إثبات مجرد المناسبة، وبيان مطلق الأخذ.
قوله: "وأما واحد" أي: وواحدة، وهذا مفهوم قوله: من اثنين فما فوق. قوله: "فليس بوصف" تبع فيه التوضيح؛ لكن قال الرضي: والواحد اسم فاعل من وحد يحد وحدًا أي: انفرد، فالواحد بمعنى المنفرد أي: العدد المنفرد. قوله: "لئلا يتوهم أنه يسلك به... إلخ" أي: في إثبات التاء مع التذكير وحذفها مع التأنيث، وكلامه صريح في مخالفة الوصف للعدد الذي صيغ منه في التذكير والتأنيث، وهو مسلم في غير ثان وثانية لموافقتهما في ذلك لما صيغا منه. قوله: "وإن ترد بعض الذي... إلخ" أي: وإن ترد بالوصف بعض العدد الذي بني هو منه تضفه أي: الوصف إليه العدد حالة كون الوصف مثل بعض في معناه أو في إضافته إلى كله، وإلى هذا يرمز كلام الشارح، فالصلة جارية على غير من هي له ومفعول تضف محذوف ومثل حال من هذا المفعول والمراد بالبعض في هذا الباب الواحد لا الأعم، وهذه الإضافة غير واجبة؛ إذ يجوز الثاني من الاثنين مثلًا، ومن قال بوجوبها أراد به منع نصب الوصف ما بني هو منه كما ستعرفه ومقابل قوله: وإن ترد... إلخ ما سيأتي من قوله: وإن ترد جعل الأقل... إلخ، وللبعض هنا كلام حقيق بالطرح. قوله: "بين" أي: ظاهر البعضية.
قوله: "أي: كما يضاف البعض إلى كله" فيفيد حينئذ أن الموصوف به بعض تلك العدة المعينة، فرابع أربعة معناه بعض جماعة منحصرة في أربعة كما في التوضيح. قوله: "وإنما لم ينصب حينئذ" أي: حين إذ أريد به بعض ما بني هو منه، وقول شيخنا أي: حين إذا أضيف إلى ما اشتق منه وهو كله غير ظاهر. قوله: "لأنه" أي: الوصف الذي بمعنى بعض ما بني هو منه ليس في معنى ما يعمل أي: ليس في معنى لفظ يعمل كمصير وجاعل حتى يعمل ولا مفرعًا عن فعل أي: ولا مشتقًّا من فعل حتى يمكن عمله؛ بل هو مأخوذ من لفظ العدد، ولو اقتصر الشارح على قوله(4/104)
وإن تُرد جَعْلَ الأقل مثل ما فوق فحُكم جاعلٍ له احْكُمَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فعل فالتزمت إضافته؛ لأن المراد أحد اثنين وإحدى اثنتين وأحد عشرة وإحدى عشر، فتضيفه، كما تقول بعض هذه العدة بالإضافة. هذا مذهب الجمهور. وذهب الأخفش وقطرب والكسائي وثعلب إلى أنه يجوز إضافة الأول إلى الثاني ونصبه إياه كما يجوز في ضارب زيد، فيقولون: ثان اثنين وثالث ثلاثة، وفصل بعضهم فقال: يعمل ثان ولا يعمل ثالث وما بعده، وإلى هذا ذهب في التسهيل قال: لأن العرب تقول: ثنيت الرجلين إذا كنت الثاني منهما، فمن قال: ثان اثنين بهذا المعنى عذر لأن له فعلًا، ومن قال: ثالث ثلاثة لم يعذر؛ لأنه لا فعل له، فهذه ثلاثة أقوال.
تنبيه: قال في الكافية: وثَعْلَبٌ أجاز نحو رابع أربعة وما له مُتابع
وقال في شرحها: ولا يجوز تنوينه والنصب به، وأجاز ذلك ثعلب وحده، ولا حجة له في ذلك. هذا كلامهم فعمم المنع. وقد فصل في التسهيل، وخص الجواز بثعلب، وقد نقله فيه عن الأخفش، ونقله غيره عن الكسائي وقطرب كما تقدم. اهـ.
"وإن ترد جعل الأقل مثل ما فوق" أي: إذا أردت بالوصف المصوغ من العدد أنه يجعل ما هو تحت ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأنه ليس في معنى ما يعمل لكفاه في تعليل عدم النصب؛ ولكن قصد الشارح تقوية العلة، فتدبر.
قوله: "لأن المراد أحد اثنين... إلخ" أي: باعتبار وقوعه في المرتبة الثانية أو الثالثة، وهكذا كما يؤخذ من العنوان؛ أعني: لفظ ثاني وثالث وهكذا لا مطلقًا حتى يلزم صحة إرادة الواحد الأول من عاشر عشرة، وذلك مستبعد جدًّا، أفاده الجامي. قوله: "ونصبه إياه" أي: إذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال كما لا يخفى.
قوله: "ثان اثنين وثالث ثلاثة" على أن معناه متمم اثنين ومتمم ثلاثة. سيوطي. قوله: "وإلى هذا ذهب في التسهيل... إلخ" تعقبه أبو حيان فقال: ثنيت الرجلين مخالف لنقل النحاة، ثم هو ليس نصًّا في ثنيت الاثنين حتى يبني عليه جواز ثان اثنين. قال الموضح: وما نقله ابن مالك عن العرب قاله ابن القطاع في كتاب الأفعال، وإذا جاز ثنيت الرجلين جاز ثنيت الاثنين، ولا يتوقف فيه إلا ظاهري جامد. تصريح. قوله: "لأنه لا فعل له" أي: لا يقال ثلثت الثلاثة إذا كنت الثالث، وقد ينافيه قول الجوهري: ثلثت القوم أثلثهم بالكسر إذا كنت ثالثهم أو أكملت ثلاثة بنفسك وثلثت الثلاثة بالتخفيف أيضًا. أسقاطي. قوله: "قال في الكافية... إلخ" غرضه التورك على كلام الكافية وشرحها من وجهين: مخالفته لتفصيله في التسهيل بين ثان وغيرها، واقتصاره على العزو لثعلب مع أنه منقول عن غيره أيضًا.
قوله: "وقد نقله فيه" أي: التسهيل. قوله: "مثل ما فوق" أي: بدرجة واحدة. قوله: "المصوغ من العدد" هذا لا يوافق قوله الآتي: الوصف حينئذٍ ليس مصوغًا من ألفاظ العدد، ولعله ذكر هذا متابعة لظاهر المتن وذاك أي: ما يأتي استدراك عليه. سم. قوله: "أنه" أي: الوصف بجعل ليس خصوص المضارع مرادًا وإلا لم يتأتَ التفصيل الذي سيذكره بقوله: فإن كان بمعنى(4/105)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اشتق منه مساويًا له. "فحكم جاعل له احكما" فإن كان بمعنى المضي وجبت إضافته، وإن كان بمعنى الحال أو الاستقبال جازت إضافته وجاز تنوينه وإعماله فتقول: هذا رابع ثلاثةٍ ورابعٌ ثلاثةً؛ أي: هذا مصير الثلاثة أربعة، وتؤنث الوصف مع المؤنث كما سبق، فالوصف المذكور حينئذ اسم فاعل حقيقة؛ لأنك تقول: ثلثت الرجلين إذا انضممت إليهما فصرتم ثلاثة، وكذلك ربعت الثلاث إلى عشرت التسعة، ففاعل هنا بمعنى جاعل وجار مجراه لمساواته له في المعنى والتفرع على فعل، بخلا فاعل الذي يراد به معنى أحد ما يضاف إليه، فإن الذي هو في معناه لا عمل ولا تفرع له على فعل، فالتزمت إضافته كما سبق.
تنبيهات: الأول: الوصف حينئذ ليس مصوغًا من ألفاظ العدد؛ وإنما هو من الثلث والربع والعشر على وزن الضرب، مصادر ثلث وربع وعشر على وزن ضرب، ومضارعها على وزن يضرب إلا ما كان لامه عينًا وهو ربع وسبع وتسع فإنه على وزن شفع يشفع. الثاني: لا يستعمل هذا لاستعمال ثان، فلا يقال ثاني واحد ولا ثان واحدًا، وأجازه بعضهم وحكاه عن العرب. الثالث: أفهم كلامه جواز صوغ الوصف المذكور من العدد المعطوف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المضي... إلخ. قوله: "ما هو تحت" أي: بدرجة واحدة؛ إذ لا يقال: رابع اثنين، مع أنه يصدق أنه تحت ما اشتق منه. حفيد. وقوله: ما أتى العدد الذي هو أي: هذا العدد تحت العدد الذي اشتق الوصف منه مساويًا له أي: لما اشتق منه، فعلم أن صلة ما الأولى جارية على ما هي له وصلة ما الثانية جارية على غير ما هي له، فهي الحقيقة بإبراز الضمير دون صلة ما الأولى بعكس ما فعله الشارح، فاعرف ذلك.
قوله: "فحكم جاعل" مصدر نوعي منصوب على المفعولية المطلقة باحكما، وإنما خص التمثيل بجاعل للتنبيه على أن معنى اسم فاعل العدد إذا استعمل مع ما تحته معنى جاعل، فإذا قلت: رابع ثلاثة، فمعناه جاعل الثلاثة ومصيرهم أربعة، أفاده المرادي.
قوله: "جازت إضافته... إلخ" لكنهم قالوا: الإضافة في هذا أكثر من النصب بخلاف سائر أسماء الفاعلين، فإن نصب ما بعده على المفعولية وخفضه على الإضافة مستويان، أو النصب أكثر. قال الرضي: وإنما قل النصب هاهنا؛ لأن الانفعال والتأثر في هذا المفعول غير ظاهر إلا بتأويل؛ وذلك لأن نفس الاثنين لا تصير ثلاثة أصلًا، وإن انضم إليها واحد؛ بل يكون المنضم إليه معًا ثلاثة، والتأويل أنه أسقط عن المفعول الأوَّل بانضمام ذلك الواحد اسم الاثنين، وصار يطلق على المجموع اسم الثلاثة، فكأنه صار المفعول الأوَّل هو المجموع. كذا في الدماميني.
قوله: "وإعماله" أي: بالشروط السابقة في باب اسم الفاعل. قوله: "حينئذ" أي: حين إذا كان بمعنى جاعل. قوله: "ثلثت الرجلين... إلخ" بتخفيف ثاني ثلثت وربعت وعشرت كما سيذكره الشارح، وكذا أخواتها.
قوله: "وجار مجراه" أي: في العمل. قوله: "فإن الذي هو في معناه" أي: فإن فاعلًا الذي هو في معنى أحد فالمحل للضمير، وكأنه لم يقل: فإنه دفعًا لتوهم عود الضمير على أحد. قوله: "الوصف حينئذ" أي: حين إذ كان بمعنى جاعل. قوله: "وأجازه بعضهم... إلخ" رجحه الدماميني(4/106)
وإن أردت مثل ثاني اثنين مركبًا فجيء بتركيبتين
أو فاعلًا بحالتيه أَضف إلى مركب بما تَنوي يفي
وشاع الاستغنا بحادِي عَشَرَا ونحوه وقبل عشرين اذْكُرَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عليه عقد للمعنيين المذكورين، فيقال: هذا ثالث ثلاثة وعشرين بالإضافة، وهذه رابعة ثلاثًا وثلاثين بالإعمال، ورابعة ثلاث وثلاثين بالإضافة. اهـ.
"وإن أردت مثل ثاني اثنين مركبًا فجيء بتركيبين" أي: إذا أردت صوغ الوصف المذكور من العدد المركب -بمعنى بعض أصله كثاني اثنين- فجيء بتركيبين صدر أولهما فاعل في التذكير وفاعلة في التأنيث، وصدر ثانيهما الاسم المشتق منه، وعجزهما عشر في التذكير وعشرة في التأنيث، فتقول في التذكير: ثاني عشر اثني عشر إلى تاسع عشر تسعة عشر، وفي التأنيث: ثانية عشرة اثنتي عشرة إلى تاسعة عشرة تسع عشرة بأربع كلمات مبنية، وأول التركيبين مضاف إلى ثانيهما إضافة ثاني إلى اثنين. وهذا الاستعمال هو الأصل، ووراءه استعمالان آخران؛ الأول منهما أن يقتصر على صدر الأول فيعرب لعدم التركيب ويضاف إلى المركب باقيًا بناؤه، وإلى هذا أشار بقوله "أو فاعلًا بحالتيه" يعني: التذكير والتأنيث.
"أضف إلى مركب بما تنوي يفي" يفي جواب أضف، فهو مجزوم أشبعت كسرته. والمعنى: أنك إذا فعلت ذلك وفي الكلام بالمعنى الأول الذي نويته، فتقول في التذكير: ثاني اثني عشر إلى تاسع تسعة عشر، وفي التأنيث ثانية اثنتي عشرة إلى تاسعة تسع عشرة. والثاني منهما أن يقتضر على صورة التركيب الأول بأن يحذف العقد من الأول والنيف من الثاني، وإليه أشار بقوله: "وشاع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وضعف الأول بأنه لا مانع من قولك: زيد ثان واحدًا أي: مصير واحدًا اثنين بنفسه. قوله: "أفهم كلامه" أي: حيث أطلق. وقوله: للمعنيين المذكورين أي: كونه بمعنى بعض وكونه بمعنى جاعل، وفيه أن صوغ الوصف للمعنى الثاني في مثاليه ليس من العدد المعطوف عليه العقد. قوله: "مثل" مفعول أردت ومركبًا حال منه أو مركبًا مفعول ومثل حال من مركب؛ لأن نعت النكرة إذا تقدم عليها أعرب حالًا. قوله: "بمعنى بعض أصله" أي: بعض مدلول أصله. قوله: "بأربع كلمات مبنية" فيه تغليب؛ إذ اثنا واثنتا ليسا مبنيين ومثله يأتي في قوله: بعد باقيا بناؤه... إلخ. قوله: "هو الأصل" أي: ما حق التركيب أن يكون عليه وليس مراده بالأصل الغالب لما يأتي قريبًا عن أبي حيان.
قوله: "أن يقتصر على صدر الآراء... إلخ" قال أبو حيان: وهذا الوجه أكثر استعمالًا وجائز اتفاقًا. تصريح. قوله: "فيعرب... إلخ" هل يجوز بناؤه بتقدير عجزه المحذوف هذا محتمل وغيره بعيد. سم. قوله: "ويضاف إلى المركب" قال أبو حيان: وقياس من أجاز الإعمال في ثالث ثلاثة أن يجيزه هنا على معنى متمم اثني عشر مثلًا. سيوطي.
قوله: "يفي جواب أضف" ما المانع من جعله وصفًا لمركب أي: مركب واف بما تنوي بأن يكون مناسبًا لفاعل المذكور ومن جنسه. اهـ سم. والفعل على الأول مجزوم، فالياء إشباع وعلى المثاني مرفوع فالياء لام الفعل. قوله: "بالمعنى الأول الذي نويته" وهو كون المضاف أحد اثني عشر كائنًا في المرتبة الثانية عشرة؛ لأن معنى ثاني اثني عشر ثاني عشر اثني عشر؛ لكن حذف(4/107)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاستغنا بحادي عشرا ونحوه" أي: ثاني عشر إلى تاسع عشر. وفي التأنيث حادية عشرة إلى تاسعة عشرة، فتذكر اللفظين مع المذكر وتؤنثهما مع المؤنث. وفيه حينئذ وجهان؛ الأول: أن يعرب الأول ويُبنى الثاني. حكاه ابن السكيت وابن كيسان والكسائي. ووجهه أنه حذف عجز الأول فأعربه لزوال التركيب، ونوى صدر الثاني فبناه، ولا يقاس على هذا الوجه لقلته. وزعم بعضهم أنه يجوز بناؤهما لحلول كل منهما محل المحذوف من صاحبه. وهذا مردود بأنه لا دليل حينئذ على أن هذين الاسمين منتزعان من تركيبين بخلاف ما إذا أعرب الأول. والثاني: أن تعربهما معًا مقدرًا حذف عجز الأول وصدر الثاني لزوال مقتضى البناء فيهما حينئذ، فيجري الأول على حسب العوامل، ويجر الثاني بالإضافة. أما إذا اقتصرت على التركيب الأول بأن استعملت النيف مع العشرة ليفيد الاتصاف بمعناه مقيدًا بمصاحبته العشرة كما هو ظاهر النظم وعليه شرح الشارح، فإنه يتعين بقاء الجزأين على البناء.
تنبيهان: الأول: إنما مثل بحادي عشر دون غيره؛ ليتضمن التمثيل فائدة التنبيه على ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عجز التركيب الأول اختصارًا، فعلم ما في كلام البعض. قوله: "وفي التأنيث حادية عشرة... إلخ" في التأنيث حال مما بعده والواو عاطفة حادية عشرة على ثاني عشر، ولم يقل: وفي التأنيث بحادية عشرة... إلخ إشارة إلى دخوله في النحو، فيكون مشمولًا لكلام الناظم. قوله: "وفيه حينئذ" أي: حين إذا اقتصر على صورة التركيب الأول، وإن شئت قلت: حين إذا استغنى بحادي عشر ونحوه.
قوله: "وجهان الأوَّل أن يعرب الأول ويبني الثاني... إلخ" كذا في أكثر النسخ، وفي بعضها ثلاثة أوجه؛ الأول: أن يبني صدره وعجزه مقدر احذف التركيب الثاني بكماله، وأن هذا الباقي هو الأول بكماله. والثاني: أن يعرب صدره مضافًا إلى عجزه مبنيًّا حكاه... إلخ وهو لا يناسب فرض الكلام، وهو الاقتصار على صورة التركيب الأول بأن يحذف العقد من الأول والنيف من الثاني لمنافاة الأول من الأوجه الثلاثة، فتأمل.
قوله: "ويبني الثاني" أي: يبقى بناؤه. قوله: "فبناه" أي: أبقى بناءه. قوله: "وزعم بعضهم... إلخ" بهذا الزعم تكون الأوجه ثلاثة لا اثنين. قوله: "لحلول كل... إلخ" وجه هذا تقدير ما حذف من كل منهما، كما وجهوا بناء الثاني بنية صدره. اهـ سم. أي: فكأن التركيبين باقيان. قوله: "بأنه لا دليل حينئذ" أي: حين إذ يبنيان، وقد يقال: عدم الدليل هنا لا يضر؛ إذ لا يترتب عليه اختلال المعنى. قوله: "بخلاف ما إذا أعرب الأول" فإن إعرابه دليل على ذلك. قوله: "لزوال مقتضى البناء" وهو التركيب كما في التصريح، وهذا لا يلاحظ المحذوف أعني عجز الأول وصدر الثاني. قوله: "أما إذا اقتصرت... إلخ" هذا مقابل أن يقتصر على صورة التركيب الأول... إلخ، وهذا ساقط في كثير من النسخ. قوله: "على التركيب الأول" أي: على حقيقته لا صورته فقط.
قوله: "بأن استعملت النيف" يعني الحادي والثاني ونحوهما. وقوله: ليفيد أي: النيف الاتصاف بمعناه أي: معنى النيف. وقوله: مقيدًا حال من الضمير في بمعناه. قوله: "فائدة التنبيه"(4/108)
وبابه الفاعلَ من لفظ العدد بحالتيه قبلَ واوٍ يُعتمد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التزموه حين صاغوا أحدًا وإحدى على فاعل وفاعلة من القلب، وجعل الفاء بعد اللام فقالوا: حادي عشر وحادية عشرة، والأصل واحد وواحدة فصار حاد ووحادوة، فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها فوزنهما عالف وعالفة.
وأما ما حكاه الكسائي من قول بعضهم: واحد عشر فشاذ، نبه به على الأصل المرفوض. قال في شرح الكافية: ولا يستعمل هذا القلب في واحد إلا في تنييف أي: مع عشرة أو مع عشرين وأخواته. الثاني: لم يذكر هنا صوغ اسم الفاعل من المركب بمعنى جاعل لكونه لم يسمع، إلا أن سيبويه وجماعة من المتقدمين أجازوه قياسًا. وذهب الكوفيون وأكثر البصريين إلى المنع، وعلى الجواز فتقول: هذا رابع عشر ثلاثة عشر أو رابع ثلاثة عشر. ولا يجوز أن تحذف النيف من الثاني مع حذف العقد من الأول للإلباس، ويتعين أن يكون التركيب الثاني في موضع خفض. قال في أوضح المسالك: بالإجماع؛ لكن قال المرادي: أجاز بعض النحويين: هذا ثان أحد عشر وثالث اثني عشر بالتنوين، وهو مصادم لحكاية الإجماع. "وقبل عشرين اذكرا. وبابه الفاعل من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإضافة للبيان. قوله: "من القلب" أي: قلب الواو ياء. وقوله: وجعل الفاء أي: التي هي الواو بعد اللام أي: التي هي الدال، وهذا الجعل قلب مكاني، فعلم أن في الكلمة القلبين. قوله: "لانكسار ما قبلها" أي: مع تطرفها؛ لأن تاء التأنيث في حكم الانفصال، والواو إذا تطرفت إثر كسرة قلبت ياء؛ لكن يعل الحادي إعلال القاضي بخلاف الحادية لفتح الياء، أفاده في التصريح.
قوله: "وأما ما حكاه" وارد على قوله: التزموه. قوله: "الثاني لم يذكر هنا... إلخ" هذا يتعلق بمفهوم قوله السابق مثل ثاني اثنين. سم. قوله: "هذا رابع عشر ثلاثة عشر" بإضافة التركيب الأوَّل برمته إلى الثاني برمته مع بناء الكلمات الأربع على الفتح. قوله: "أو رابع ثلاثة عشر" أي: بحذف العقد من التركيب الأول. قال شيخنا: الظاهر أن الوصف حينئذ يُعرب على حسب العوامل. اهـ. وعندي أنه يجوز بناؤه بنية العجز كما مر نظيره. قوله: "للإلباس" أي: لإلباس الوصف بمعنى المصير بالوصف بمعنى بعض كذا فلا فرق بين الإعراب والبناء، وهذا أولى من قول التصريح للإلباس بما ليس أصله تركيبين، فإن الإلباس على تفسيره يزول بإعراب الجزأين أو الأول فقط، فإن ذلك جائز في الاستغناء بحادي عشر عن حادي عشر أحد مثلًا كما تقدم، أفاده سم. وتصرف البعض فيه بما كدره.
قوله: "ويتعين" أي: فيما إذا أتي بالتركيبين برمتهما أو حذف العقد من التركيب الأول وأتى بالتركيب الثاني. قوله: "في موضع خفض" أي: بإضافة التركيب الأول أو صدره إلى الثاني، ومن هنا يعلم أن المركب يكون مضافًا. قال البعض تبعًا لشيخنا: وهو مخالف لما تقدم في باب العلم فيما إذا كان الاسم واللقب مركبين أو الأول فقط أي: من امتناع إضافة أولهما إلى ثانيهما، وقد يدفع التخالف بحمل المركب ثم على الإضافي كما يشعر به تمثيلهم فلا ينافي ما هنا من إضافة المركب العددي، فتأمل.
قوله: "وهو مصادم لحكاية الإجماع" جوابه: أن الإجماع مخصوص بصورة ما إذا جئت بتركيبين؛ لأن عمل فاعل إنما يتأتى مع تنوينه، والتنوين منتفٍ مع التركيب، فيتعين أن يكون التركيب(4/109)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لفظ العدد بحالتيه" من التذكير والثأنيث "قبل واو يُعتمد" يعني: أن العشرين وبابه إلى التسعن يعطف على اسم الفاعل بحالتيه، فتقول: الحادي والعشرون إلى التاسع والتسعين، والحادية والعشرون إلى التاسعة والتسعين، ولا يجوز أن تحذف الواو وتركب فتقول: حادي عشرين، كما تقول: حادي عشر إلحاقًا لكل فرع بأصله، فإنه يجوز أحد عشر بالتركيب، ولا يجوز أحد عشرين بالتركيب كما مر.
تنبيه: لم يذكروا في العشرين وبابه اسمًا مشتقًّا. وقال بعض أهل اللغة: عَشْرَنَ وثَلْثَنَ إذا صار له عشرون أو ثلاثون، وكذلك إلى التسعين، واسم الفاعل من هذا مُعَشْرِن ومُتَسْعِن. اهـ.
خاتمة: يؤرخ بالليالي لسبقها، فحق المؤرخ أن يقول في أول الشهر: كتب لأول ليلة منه أو لغرته أو مهله أو مستهله، ثم يقول: كتب لليلة خلت، ثم لليلتين خلتا، ثم لثلاث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثاني في موضع خفض، وكلام التوضيح يدل عليه عند التأمل، قاله مكي. سم. قوله: "يعتمد" نعت لواو أي: يعتمد عليها دون غيرها من حروف العطف. قوله: "ولا يجوز أن تحذف الواو وتركب" أي: موازن فاعل مع عشرين وأخواته. قال ابن هشام: في قول الشهود: حادي عشرين شهر جُمادى مثلًا ثلاث لحنات حذف الواو وإثبات النون وذكر لفظ الشهر وهو لا يذكر إلا مع رمضان والربيعين. اهـ. لكن قال السيوطي: والمنقول عن سيبويه جاز إضافة شهر إلى كل الشهور. قال الدماميني في باب الظروف: وهو قول أكثر النحويين. قوله: "يؤرخ" بالهمز وبالواو؛ ولذا يقال: تاريخ وتوريخ. اهـ سيوطي.
فائدة: كانت العرب تؤرخ بالخصب وبالعامل يكون عليهم وبالأمر المشهور، ولم يزالوا كذلك حتى فتح عمر بلاد العجم، فذكر له أمر التاريخ فاستحسنه هو وغيره، ثم اختلفوا، فقال بعضهم: من البعثة، وقال قوم: من الوفاة، ثم أجمعوا عى الهجرة، ثم اختلفوا بأي شهر يبدءون؛ فقال بعضهم: رمضان، وبعضهم: رجب، وبعضهم: ذو الحجة، ثم أجمعوا على المحرم؛ لأنه شهر حرام، ومنصرف الناس من الحج، فرأس التاريخ قبل الهجرة بشهرين واثنتي عشرة ليلة؛ لأن قدومه عليه الصلاة والسلام المدينة يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول، وقيل: المؤرخ بالهجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما بسط ذلك الجلال السيوطي في كتابه الشماريخ في علم التاريخ.
قوله: "بالليالي" جمع ليلاة واستغنى بجمعها عن جمع ليلة. دماميني. قوله: "لسبقها" أي: لسبق الليالي الأيام باعتبار أن شهور العرب قمرية والقمر إنما يطلع ليلًا. اهـ دماميني. وقال السيوطي في الهمع: لأن أول الشهر ليلة وآخره يوم، ولأن الليل أسبق من النهار خلقًا كما أخرجه ابن أبي حاتم. وأما تأخر ليلة عرفة عن يومها فلأمر شرعي؛ وهو الاعتداد بالوقوف في ذلك الوقت المخصوص.
قوله: "لأول ليلة منه" اللام بمعنى في أو عند. اهـ دماميني. وكذا في قوله: لنصفه أو لمنتصفه أو انتصافه. قوله: "أو مهله أو مستهله" بضم الميم وفتح الهاء اسما زمان على صيغة اسم المفعول(4/110)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خلون إلى عشر، ثم لإحدى عشرة خلت إلى النصف من كذا أو منتصفه أو انتصافه، وهو أجود من لخمس عشرة خلت أو بقيت، ثم لأربع عشرة بقيت إلى تسع عشرة، ثم لعشر بقين أو ثمان بقين إلى ليلة بقيت، ثم لآخر ليلة منه أو سَراره أو سَرره، ثم لآخر يوم منه أو سلخه أو انسلاخه، وقد تخلف النون التاء وبالعكس، والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من أهلَّ الهلال واستهل مبنيين للمفعول أي: أظهر فالمراد كتب لوقت إهلال هلال الشهر أو استهلاله، ومن كسر الهاء من المستهل جعل المستهل اسم فاعل من قولهم: استهل الهلال بمعنى تبين، فيكون قولهم: كتب لمستهل كذا بمثابة قولك: كتب لهلال كذا أي: لوقت هلاله. دماميني مع حذف وبعض زيادة.
قوله: "لليلة خلت" اللام فيه وفي أمثاله بمعنى بعد. قوله: "ثم لثلاث خلون إلى عشر" التعبير مع الثلاث إلى العشر بخلون ومع ما فوقها إلى النصف بخلت، إنما هو على سبيل الأولوية، كما يشير إليه الشارح بقوله: وقد تخلف... إلخ لما تقدم أول الكتاب من أن الأفصح في غير جمع الكثرة لما لا يعقل المطابقة وفي جمع الكثرة لما لا يعقل الإفراد، وكجمع القلة ما كان من أعداده، وكجمع الكثرة ما كان من أعداده، ولأن تميز ثلاثة إلى عشر لما كان جمعًا ناسبه ضمير الجماعة وتمييز ما فوق عشر لما كان مفردًا ناسب ضمير الإفراد، فاحفظه. وقول الشارح: إلى عشر متعلق بمحذوف أي: ويجري على مثل هذا إلى عشر وكذا يقال في نظائره.
قوله: "إلى النصف من كذا" أي: إلى النصف فيقول للنصف من كذا ولو صرح به لكان أوضح. قوله: "وهو أجود" أي: لكونه أخصر. قوله: "ثم لأربع عشرة بقيت" يظهر أن اللام فيه وفي أمثاله بمعنى عند أوفَى بتقدير مضاف أي: عند استقبال أو في استقبال أربع عشرة. قال الدماميني: وبعضهم يقول: لست عشرة ليلة مضت، فيؤرخ بما مضى لتحققه، ووجه الأول اعتبار العدد الأقل. قوله: "إلى تسع عشرة" الغاية داخلة ليقول ليلتها لإحدى عشرة ليلة بقيت.
قوله: "لعشر بقين" أي: بدون تعليق تغليبًا لتمام الشهر أو إن بقين أي: نظرًا لاحتمال نقصانه؛ لكن مثل هذا يجري في أربع عشرة إلى تسع عشرة، فتأمل.
قوله: "إلى ليلة بقيت" وهذا يقال في ليلة التاسع والعشرين وفي يوم تلك الليلة وهو اليوم التاسع والعشرون، والمعنى: لاستقبال ليلة بقيت. دماميني. قوله: "ثم لآخر ليلة منه" وهذه ليلة ثلاثين، فإن مضت وكتب في الثلاثين قيل: لآخر يوم منه، وإذا كتبت لآخر ليلة أو لآخر يوم علمنا أن الشهر كان تامًّا. دماميني.
قوله: "أو سراره أو سرره" بفتح السين والراء المهملتين فيهما وتكسر سين الأول، قال في القاموس: السرار كسحاب من الشهر آخر ليلة منه كسراره وسرره. اهـ. فقولك: لسراره أو سرره بمعنى قولك: لآخر ليلة منه، فلا يقال: إلا إذا كانت الكتابة في آخر ليلة، وفسرهما البعض تبعًا لشيخنا بانقطاع الشهر، ومقتضاه: أنه يؤرخ بهما إذا كانت الكتابة في آخر يوم منه؛ لأن بفراغه انقطاع الشهر، وانظر هل يؤرخ بهما على هذا إذا كانت الكتابة في آخر ليلة أيضًا فيكون في التاريخ بهما اشتباه كالتاريخ بسلخه أو انسلاخه كما يأتي أولًا حرره.
قوله: "أو سلخه أو انسلاخه" كل منهما يقال في ليلة الثلاثين ويومه لسلخهما ليالي الشهر وأيامه وانسلاخهما في ذاتها، وعلى هذا فيحصل في التاريخ بهما اشتباه وانتصابهما في قولك: كتب سلخ شهر كذا أو انسلاخه على الظرفية بتقدير(4/111)
كم وكأين وكذا
كم وكأين وكذا:
ميِّز في الاستفهام كم بمثل ما ميَّزتَ عشرين ككم شخصًا سَمَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كم وكأين وكذا:
هذه ألفاظ يكنى بها عن العدد؛ ولهذا أردف بها باب العدد. أما كم فاسم لعدد مبهم الجنس والمقدار، وهي على قسمين: استفهامية بمعنى أي عدد، وخبرية بمعنى عدد كثير، وكل منهما يفتقر إلى تمييز؛ أما الأول فمميزها كمميز عشرين وأخواته في الإفراد والنصب، وقد أشار إلى ذلك بقوله: "ميِّز في الاستفهام كم بمثل ما ميَّزت عشرين ككم شخصًا سما". أما الإفراد مطلقًا خلافًا للكوفيين، فإنهم يجيزون جمعه مطلقًا، وفصل بعضهم فقال: إن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مضاف، والأصل: وقت سلخ أو انسلاخ، فحذف الظرف المضاف، وأقيم المصدر المضاف إليه مقامه، وأما في قولك: مهل كذا أو مستهل كذا، فمثل مقدم الحاج فلا يحتاج إلى تقدير مضاف لصلاحية اللفظ للزمن بلا تقدير، أفاده الدماميني. وفي الهمع: يقال: كتبته في العشر الأول والأواخر لا الأوائل والآخر. والله أعلم.
كم وكأين وكذا:
قوله: "مهم الجنس والمقدار" قال البعض أي: عند المتكلم ويبين إبهام الأول بالتمييز وإبهام الثاني بالبدل التفصيلي نحو: كم عبدًا ملكت عشرين أم ثلاثين؟ اهـ. وفيه نظر من وجهين:
الأوَّل: أن دعوى إبهام الجنس عند المتكلم بالنسبة للاستفهامية ممنوعة لتعينه عنده بدليل أنه الآتي بالتمييز، ودعوى إبهام الجنس والمقدار عند المتكلم بالنسبة للخبرية ممنوعة أيضًا، كما هو ظاهر، ولو جعل إبهام الجنس والمقدار باعتبار السامع قبل الإتيان بما بعدكم لكان صحيحًا.
الثاني: أي: دعوى تعين المقدار بالبدل التفصيلي بالنسبة للاستفهامية ممنوعة أيضًا، وإن تبع فيها الدماميني كما هو واضح، وإنما يتعين فيها بالجواب فعليك باتباع الحق.
قوله: "بمعنى أيّ عدد" أي: فالسؤال بها كمية الشيء. قوله: "وخبرية" من الخبر قسيم الإنشاء، سميت بذلك لأن ما هي فيه خبر مسوق للإعلام بالكثرة محتمل للصدق والكذب، وفي المقام زيادة كلام ستأتي. قوله: "في الإفراد والنصب" لأنه لم يسمع إلا كذلك، فالعلة في ذلك السماع كما قاله الدماميني، أو لأن كم الاستفهامية مقدَّرة بعدد مقرون باستفهام، فأشبهت العدد المركب، فأفرد مميزها ونصب كمميزة كما قاله الحديثي، أو لأن مميز العدد الوسط الذي هو من أحد عشر إلى المائة، كذلك فحملت عليه؛ لأنه أعدل فلا تحكم، كما أفاده الشمني، ولك نقضه بأن من العدد الوسط المائة، فتأمل.
قوله: "بمثل ما ميزت عشرين" آثر عشرين على أحد عشر لخفة عشرين وثقل المركب. قوله: "ككم شخصًا سَمَا" كم في محل رفع مبتدأ، وشخصًا تمييز، وسما جملة في محل رفع خبر. قوله: "فلازم مطلقًا" أي: سواء أريد به الأصناف أولًا. قوله: "خلافًا للكوفيين فإنهم يجيزون جمعه مطلقًا" نحو: كم عبيدًا ملكت، وجعله البصريون حالًا والتمييز محذوف أي: كم نفسًا ملكت حالة(4/112)
وأجزان تَجُره من مُضمرا إن وَلِيَتْ كَمْ حرف جر مُظهرا
واسْتَعْمِلَنْهَا مُخْبِرًا كعَشَرَه أو مائة ككم رجال أو مَرَه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان السؤال عن الجماعات نحو: كم غلمانًا لك؟ إذا أردت أصنافًا من الغلمان جاز، وإلا فلا، وهو مذهب الأخفش. وأما النصب ففيه أيضًا ثلاثة مذاهب؛ أحدها: أنه لازم مطلقًا، والثاني: ليس بلازم؛ بل يجوز جره مطلقًا حملًا على الخبرية، وإليه ذهب الفراء والزجاج والسيرافي، وعليه حمل أكثرهم: كم عمَّةٍ لك يا جريرُ وخالة
والثالث: أنه لازم إن لم يدخل على كم حرف جر، وراجح على الجر إن دخل عليها حرف جر، وهذا هو المشهور. ولو يذكر سيبويه جره إلا إذا دخل عليها حرف جر، وإلى هذا الإشارة بقوله: "وأجزان تجره من مضمرا إن وليت كم حرف جر مظهرا" فيجوز في بكم درهم اشتريت النصب وهو الأرجح، والجر أيضًا وفيه قولان؛ أحدهما: أنه يمن مضمرة كما ذكر، وهو مذهب الخليل وسيبويه والفراء وجماعة. والثاني: أنه بالإضافة وهو مذهب الزجاج. وأما الثانية وهي الخبرية فمميزها يستعمل تارة كمميز عشرة فيكون جمعًا مجرورًا، وتارة كمميز مائة فيكون مفردًا مجرورًا. وقد أشار إلى ذلك بقوله:
"واستعملها مخبرًا كعشره أو مائة ككم رجال أو مره" ومن الأول قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كونهم عبيدًا أي: مملوكين، وكذا إذا قلت: كم لك غلمانًا؟ فالتقدير: كم نفسًا استقروا لك حالة كونهم غلمانًا؟ أي: خدامًا، فلو قلت: كم غلمانًا لك؟ لم يتمشَ هذا التخريج إلا على رأي الأخفش في تجويز تقديم الحال على عاملها المعنوي، كما قاله الدماميني. قوله: "وفصل بعضهم" هو تفصيل حسن. قوله: "إذا أردت أصنافًا من الغلمان جاز" فالمعنى: كم صنفًا من أصناف الغلمان استقروا لك؟ فالسؤال فيه عن عدد أصناف الغلمان لا عن عدد آحادهم. قوله: "أنه لازم مطلقًا" أي: سواء دخل على كم حرف جر أو لا.
قوله: "وعليه حمل أكثرهم: كم عمة" أي: بناء على أنها استفهامية استفهام تهكم، كما سيذكره الشارح. قوله: "ولم يذكر سيبويه جره... إلخ" أي: فمذهبه القول الثالث، ووجه الجر حينئذ تطابق كم ومميزها في الجرّ. قوله: "مضمرًا" ظاهره منع ظهور من عند دخول حرف الجر على كم، وهو المشهور؛ لأن حرف الجرِّ الداخل على كم عوض من اللفظ بمن المضمرة. وقيل: يجوز نحو: بكم من درهم اشتريت؟
واعلم أن مَن تدخل على مميزكم الخبرية والاستفهامية، كما قاله ابن الحاجب، فشاهد الخبرية نحو: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ} واستشهد في المطول للاستفهامية بقوله تعالى: {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آَتَيْنَاهُمْ مِنْ آَيَةٍ بَيِّنَةٍ} [البقرة: 211] رادًّا به توقف الرضي في دخول مَن على مميز الاستفهامية، وعزو البعض التوقف إلى ابن الحاجب خطأ، ودخولها على مميزكم الخبرية كثير بخلاف الاستفهامية.
قوله: "فيكون جمعًا... إلخ" أما إفراده فلمشابهة كم للمائة والألف في الدلالة على الكثرة ومميزهما مفرد. وأما جمعه فليكون في اللفظ تصريح بما يدلُّ على الكثرة. قوله: "وقد أشار إلى ذلك" أي: المذكور أن الاستعمالين. قوله: "ككم رجال أو مره" كم(4/113)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1197- كم ملوكٍ باد ملكُهم
ومن الثاني قوله:
1198- وكم ليلةٍ قد بتها غير آثم
وقوله:
1199- كم عمةٍ لك يا جرير وخالة فَدْعَاءَ قد حلبتْ عليَّ عِشَارَى
ويروى هذا البيت بالنصب والرفع أيضًا؛ أما النصب فقيل: إن لغة تميم نصب تمييز الخبرية إذا كان مفردًا، وقيل: على تقديرها استفهامية استفهام تهكم أي: أخبرني بعدد عماتك وخالاتك اللاتي كن يخدمنني فقد نسيته، وعليهما فكم مبتدأ خبره قد حلبت، وأفرد الضمير حملًا على لفظ كم. وأما الرفع فعلى أنه مبتدأ وإن كان نكرة؛ لأنها قد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مبتدأ والخبر محذوف أي: عندي مثلًا أو مفعول لمحذوف أي: ملكت مثلًا، ورجال مضاف إليه على الصحيح كما ستعرفه، وأصل "مره" مرأة نقلت حركة الهمزة للراء ثم حذفت الهمزة. قوله: "باد ملكهم" أي: هلك. قوله: "غير آثم" أي: غير سكران.
قوله: "فقيل: إن لغة تميم... إلخ" أي: والبيت للفرزدق وهو تميمي. قوله: "نصب تمييز الخبرية" أي: جوازًا كما يصرح به قول التوضيح، فقيل: إن تميمًا تجيز نصب تمييز الخبرية. قوله: "إذا كان مفردًا" كذا قال الشلوبين، والصحيح أنه يجوز فيه الإفراد والجمع على هذه اللغة، كما في شرح الكافية، ونص على ذلك السيرافي. مرادي. قوله: "وعليهما" أي: الجر والنصب أو على قولي النصب والأول أولى. قوله: "وأفرد الضمير" أي: مع أن مقتضى الظاهر تثنيته. قوله: "حملًا على لفظ كم" قد يقال: تاء التأنيث تنافي هذا الحمل، والجواب: أن اعتبار لفظ كم من حيث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1197- عجزه: ونعيمٍ سوقةٍ بادوا
والبيت من مجزوء المديد، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 47، وشرح شواهد المغني 1/ 511، ومغني اللبيب 1/ 185، والمقاصد النحوية 4/ 495، وهمع الهوامع 1/ 254.
1198- عجزه: بساجية الحجلين ريَّانة القلب
والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في المقاصد النحوية 4/ 496.
1199- البيت من الكامل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 361، والأشباه والنظائر 8/ 123، وأوضح المسالك 4/ 271، وخزانة الأدب 6/ 458، 489، 492، 493، 495، 498، والدرر 4/ 45، وشرح التصريح 2/ 280، وشرح شواهد المغني 1/ 511، وشرح عمدة الحافظ ص536، وشرح المفصل 4/ 133، والكتاب 2/ 72، 162، 166، ولسان العرب 4/ 573 "عشر"، واللمع 228، ومغني اللبيب 1/ 185، والمقاصد النحوية 4/ 489، وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب 1/ 331، وشرح ابن عقيل ص116، ولسان العرب 12/ 528 "كمم"، والمقتضب 3/ 58، والمقرب 1/ 312، وهمع الهوامع 1/ 254.(4/114)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصفت بلك، وبفدعاء محذوفة مدلول عليها بالمذكورة، كما حذفت لك من صفة خالة مدلولًا عليها بلك الأولى، والخبر قد حلبت، ولا بد من تقدير: قد حلبت أخرى؛ لأن المخبر عنه حينئذ متعدد لفظًا ومعنى نظير زينب وهند قامت. وكم على هذا الوجه ظرف أو مصدر والتمييز محذوف أي: كم وقت أو حلبة.
تنبيهات: الأول: إفراد تمييز الخبرية أكثر وأفصح من جمعه، وليس الجمع بشاذ كما زعم بعضهم. الثاني: الجر هنا بإضافة كم على الصحيح؛ إذ لا مانع منها، وقال الفراء: إنه بمن مقدرة، ونقل عن الكوفيين. الثالث: شرط جر تمييز كم الخبرية الاتصال، فإن فصل نصب حملًا على الاستفهامية، فإن ذلك جائز فيها في السعة. وقد جاء مجرورًا مع الفصل بظرف أو مجرور كقوله:
1200- كم دون مية موتاةٌ يُهال لها إذا تيمَّمها الْخِرِّيتُ ذو الجَلَدِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإفراد لا ينافي اعتبار المعنى من حيث التأنيث، ووجه في التوضيح الإفراد بأن التاء للجماعة؛ لأن عمة وخالة في معنى عمات وخالات. قوله: "كما حذفت لك... إلخ" وعليه يكون في البيت اجتباك، وحمل الشارح البيت على ذلك أمر مستحسن ليتجانس الموصوفان لا واجب ولم يذكره في الجر والنصب مع استحسانه فيهما أيضًا؛ لعدم ذكر حديث الوصفية فيهما للاستغناء فيهما عن الوصفية. وقوله: من صفة خالة أي: من صفات خالة، والمراد بالجمع ما فوق الواحد، فافهم.
قوله: "والخبر قد حلبت" أي: خبر المبتدأ الذي هو عمة. وقوله: ولا بد من تقدير قد حلبت أخرى أي: ليكون خبرًا عن خالة، هذا مقتضى صنيعه، ويحتمل أن قد حلبت المذكورة خبر خالة، وقد حلبت المحذوفة خبر عمة. قوله: "إفراد تمييز... إلخ" أشار به إلى دفع ما يوهمه تقديم المصنف الجمع من رجحانه على الإفراد وإلى أن المصنف إنما قدمه اهتمامًا به ردًّا على من زعم شذوذه.
قوله: "الجر هنا... إلخ" وأما في تمييز الاستفهامية فالصحيح أن الجر بمن مقدرة. قوله: "بإضافة كم" أي: حملًا لها على ما هي مشابهة له من العدد. شمني. قوله: "إذ لا مانع منها" يُوهم أن في الاستفهامية مانعًا من الإضافة فانظره. قوله: "أنه بمن مقدرة" لأنه لما كثر دخول من على مميز الخبرية جاز تركه لقوة الدلالة عليه. شمني. قوله: "الاتصال" أي: اتصال مميزكم بها. قوله: "فإن فصل" أي: بجملة أو ظرف أو جار ومجرور. وقوله: نصب أي: وجوبًا إن كان الفصل بجملة أو ظرف وجار ومجرور معًا، وبرجحان إن كان بظرف فقط أو جار ومجرور فقط كما سيأتي فعُلم ما في كلام شيخنا والبعض.
قوله: "حملًا على الاستفهامية" أي: في النصب، وعلل الحمل بقوله: فإن ذلك أي: الفصل جائز فيها أي: في الاستفهامية، وإن كان الأولى عدم فصلها. قوله: "كم دون مية... إلخ" موتاة أي: مفازة تمييز. قال شيخنا: رأيت بخط الشارح ضبط الميم الأولى بالفتحة. اهـ. وكذا في القاموس، ويهال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1200- البيت من البسيط، وهو لذي الرمة في المقاصد النحوية 4/ 496، وبلا نسبة في عمدة الحافظ ص534.(4/115)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
1201- كم بِجَوْدٍ مُقْرِف نَالَ العُلا وكريم بُخْله قد وَضَعَه
وقوله:
1202- كم من بَنِي بكر بن سعد سيد ضخم الدَّسِيعَة ماجدٍ نفَّاعِ
والصحيح اختصاصه بالشعر. ومثله فصل تمييز العدد المركب وشبهه، وقد مر. وذهب الكوفيون إلى جوازه في الاختيار. وقيل: إن كان الفصل بناقص نحو: كم اليوم جائع أتاني، وكم بك مأخوذ جاءني جاز. وإن كان بتام لا يجوز، وهو مذهب يونس. فإن كان الفصل بجملة كقوله:
1203- كم نالني منهم فضلًا على عدم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فعل مجهول أي: يفزع منها وتيممها قصدها، والخريت بكسر الخاء المعجمة وتشديد الراء آخره فوقية الماهر الحاذق. قوله: "كم بجود... إلخ" مقرف تمييز. قال زكريا: المقرف الذي أبوه عجمي وأمه عربية والكريم الذي أبوه وأمه عربيان والوضيع الخسيس. اهـ. وقال العيني: أراد بالمقرف الذي ليس له أصالة من جهة الأب. قوله: "سيد" تمييز كم ضخم الدسيعة بدال وسين وعين مهملات أي: عظيم العطية.
قوله: "والصحيح اختصاصه" أي: الفصل كما يدل عليه قوله: ومثله... إلخ وكما تصرح به عبارته في شرحه على التوضيح وعبارة ابن الناظم.
قوله: "وقيل: إن كان الفصل بناقص جاز" كأن مراده بالناقص الغير المستقر كالأمثلة، فإن الظرف فيها متعلق بمذكور، ويؤيده أن الرضي عبر بعدم الاستقرار. سم. قوله: "فضلًا" منصوب على التمييز ويجوز جره على لغة من جر التمييز مع الفصل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1201- البيت من الرمل، وهو لأنس بن زنيم في ديوانه ص113، وخزانة الأدب 6/ 471، والدرر 4/ 49، وشرح شواهد الشافية ص53، والمقاصد النحوية 4/ 493، ولعبد الله بن كريز في الحماسة البصرية 2/ 10، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 303، والدرر 6/ 204، وشرح أبيات سيبويه 2/ 30، وشرح عمدة الحافظ ص534، وشرح المفصل 4/ 132، والكتاب 2/ 167، والمقتضب 3/ 61، والمقرب 1/ 313، وهمع الهوامع 1/ 255، 2/ 156.
1202- البيت من الكامل، وهو للفرزدق في خزانة الأدب 6/ 476، وشرح المفصل 4/ 132، والكتاب 2/ 168، والمقاصد النحوية 4/ 492، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 304، وخزانة الأدب 6/ 496، وشرح المفصل 4/ 130، واللمع ص229، والمقتضب 3/ 62.
1203- عجزه: إذ لا أكادُ من الأقتارِ أَحْتَمِلُ
والبيت من البسيط، وهو للقطامي في ديوانه ص30، وخزانة الأدب 6/ 477، و478، 483، والدرر 4/ 49، وشرح المفصل 4/ 131، والكتاب 2/ 165، واللمع ص227، والمقاصد النحوية 3/ 298، 4/ 494، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 283، والإنصاف 1/ 305، وخزانة الأدب 6/ 469، وشرح عمدة الحافظ ص 535، والمقتضب 3/ 60، وهمع الهوامع 1/ 255.(4/116)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أو بظرف وجار ومجرور معًا كقوله:
1204- تؤم سنانًا وكم دُونَه من الأرض مُحْدَوْدِبًا غارُها
تعين النصب، قاله المصنف. وهو مذهب سيبويه. الرابع: الاستفهامية والخبرية يتفقان في سبعة أمور ويفترقان في ثمانية أمور؛ فيتفقان في أنهما اسمان، ودليله واضح، وأنهما مبنيان، وأن بناءهما على السكون، وقد سبق ذلك في أول الكتاب. وأنهما يفترقان إلى مميز لإبهامهما، وأنهما يجوز حذف مميزهما إذا دل عليه دليل خلافًا لمن منع حذف تمييز الخبرية، وأنهما يلزمان الصدر فلا يعمل فيهما ما قبلهما إلا المضاف وحرف الجر،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ورفعه على الفاعلية لنالني، كذا في العيني، والتمييز على الرفع محذوف لدلالة السياق أي: كم يومًا أو كم ليلة، فكم منصوبة على الظرفية أو المصدرية حينئذ. قوله: "تؤم" أي: تقصد، ومحدودبًا بكسر الدال الثانية كما قاله شيخنا، السيد تمييز من الحدَب؛ وهو ما ارتفع من الأرض، وغارها مرفوع به أي: على أنه فاعل، وأصله غائرها؛ وهو المكان الغائر من الأرض، فحذفت عين الكلمة كما حذفت في رجل شاك أصله شائك، كذا في العيني وزكريا. قوله: "تعين النصب" لأن الفصل بالجملة بين المتضايفين لا يجوز ألبتة، وجوزه الكوفيون بناء على أن الجر بمن لا بالإضافة. اهـ سيوطي. وظاهر كلام المبرد جواز جر المفصول بجملة في الشعر، وقد مر عن العيني أنه يجوز: كم نالني منهم فضل على عدم
بجر فضل. قال زكريا: ومحل تعين النصب فيما لا يحتمل طلب الفعل للمميز مفعولًا، وإلا فيجر بمن ففي المطول في بحث حذف المفعول، وإذا فصل بين كم الخبرية ومميزها بفعل متعد وجب الإتيان بمن؛ لئلا يلتبس بمفعول ذلك الفعل؛ نحو قوله تعالى: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الدخان: 25] {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ} [القصص: 58] ومحل كم هاهنا النصب على المفعولية. اهـ. قوله: "وهو مذهب سيبويه" مقابله مذهب الكوفيين ومذهب المبرد اللذين قدمناهما.
قوله: "يتفقان في سبعة أمور" بقي أنهما يتفقان في البساطة وفي أن تمييزهما لا يكون منفيًّا لا يقال: كم لا رجلًا جاءك، وكم لا رجل صحبت، نص عليه سيبويه، وأجازه بعض النحويين. نعم، يجوز العطف عليه بالنفي مع الاستفهامية. يس. وسيأتي قول بتركيب كم. قوله: "ودليله واضح" هو جرهما بالحرف والإضافة نحو: بكم درهم اشتريت؟ وغلام كم رجل ملكت؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1204- البيت من المتقارب، وهو لزهير بن أبي سُلمى في شرح المفصل 4/ 131، والكتاب 2/ 165، وليس في ديوانه، وللأعشى في المحتسب 1/ 138، وليس في ديوانه، ولزهير أو لكعب بن زهير في المقاصد النحوية 4/ 491، وليس في ديوان كعب، ولزهير أو لكعب أو للأعشى في شرح شواهد الإيضاح ص197، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 306، وشرح عمدة الحافظ ص535، وشرح المفصل 4/ 129، ولسان العرب 5/ 35 "غور".(4/117)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأنهما على حد واحد في وجوه الإعراب، فكم بقسميها إن تقدم عليها حرف جر أو مضاف فهي مجرورة، وإلا فإن كانت كناية عن مصدر أو ظرف فهي منصوبة على المصدر أو على الظرف، وإلا فإن لم يلها فعل أو وليها وهو لازم أو رافع ضميرها أو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "يجوز حذف مميزهما... إلخ" نحو: كم صمت؟ قوله: "وأنهما يلزمان الصدر" أما في الاستفهامية فواضح، وأما في الخبرية فبالحمل على رب. اهـ زكريا. ووجه الحمل أنها لإنشاء التكثير كما أن رب لإنشاء التكثير أو التقليل، ولا تنافي بين كونها خبرية وكونها لإنشاء التكثير لاختلاف الجهة؛ لأن خبريتها باعتبار الكثرة التي توجد في الخارج بدون قول، وإنشائيتها من جهة التكثير القائم بذهن المتكلم من غير وجود له في الخارج، فإذا قلت: كم رجل عندي، فله جهتان؛ إحداهما: التكثير القائم بذهنك الذي لا وجود له خارجًا، ومن هذه الجهة تكون إنشائية. والأخرى: كثرة الرجال المخبر عنهم بأنهم عندك التي توجد خارجًا بدون القول، ومن هذه الجهة تكون خبرية لاحتمال الصدق والكذب باعتبار المطابقة للواقع وعدمها، كذا في الدماميني عن ابن الحاجب بإيضاح، ثم نقل عن الرضي رده بما حاصل أن ما وجه به الإنشاء يطرد في جميع الأخبار، فيلزم إن تكون إنشاءات من هذا الوجه، ولا قائل به، وذلك أن نحو: زيد قائم، خبر بلا شك، ولا يحتمل الصدق والكذب من حيث نفس الإخبار الذي هو فعل المخبر؛ لأنه أوجده بهذا اللفظ قطعًا؛ بل من حيث المخبر به، وهو ثبوت القيام لزيد.
قوله: "فلا يعمل فيهما ما قبلهما إلا المضاف وحرف الجر" قال المرادي: وحكى الأخفش أن بعض العرب يقدم العامل على كم الخبرية، فقيل: لا يقاس عليه، والصحيح جواز القياس عليه؛ لأنها لغة. اهـ. وعليها بنَى الفراء إعرابه كم فاعلًا في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا} [يس: 31] والوجه أن الفاعل مصدر أي: الهدى، كذا في الفارضي أي: ضمير يرجع إلى المصدر أي: أو إلى الله أي: لأن تخريج الآية على هذه اللغة مع أنها رديئة كما في المغني غير متجه. وأما قوله تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ} فكم مفعول لأهلكنا، والجملة معمولة ليروا على أنه علق عن العمل في لفظها، وأن وصلتها مفعول لأجله ليروا، وقيل غير ذلك. وأما الاستفهامية فقال الفارضي: أعمل بعض العرب في الاستفهام ما قبله شذوذًا كقولهم: ضرب من منا وقولهم كان ماذا. اهـ. ولم ينقل سماع ذلك شذوذًا في خصوص كم، فقول شيخنا بعد نقل كلام الفارضي تلخص أن تقدم العامل على كم الاستفهامية شاذ، وعلى كم الخبرية لغة غير مسلم في جانب الاستفهامية، إلا بإثبات السماع في خصوصها، فتدبر.
قوله: "فكم بقسميها إن تقدم عليها... إلخ" حاصل ما ذكره إحدى عشرة صورة ثنتان للجر وثلاثة للنصب وخمس للرفع وواحدة محتملة للرفع والنصب. قوله: "إن تقدَّم عليها حرف جر" نحو: بكم درهم اشتريت، أو مضاف نحو: غلام كم رجل عندك. قوله: "عن مصدر" نحو: كم ضربة ضربت، أو ظرف نحو: كم يومًا صمت. قوله: "فإن لم يلها فعل" نحو: كم رجل في الدار، أو وليها وهو لازم نحو: كم رجل قام. قوله: "أو رافع ضميرها" أي: أو معتد رافع ضميرها نحو:(4/118)
كَكَمْ كَأَيِّنْ وكَذَا ويَنْتَصِبْ تمييزُ ذَيْنِ أو به صِلْ مِنْ تُصِبْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سببيها فهي مبتدأ، وإن وليها فعل متعد ولم يأخذ مفعوله فهي مفعولة، وإن أخذه فهي مبتدأ، إلا أن يكون ضميرًا يعود عليها ففيها الابتداء والنصب على الاشتغال. ويفترقان في أن تمييز الاستفهامية أصله النصب وتمييز الخبرية أصله الجر، وفي أن تمييز الاستفهامية مفرد وتمييز الخبرية يكون مفردًا وجمعًا، وفي أن الفصل بين الاستفهامية وبين مميزها جائز في السعة، ولا يفصل بين الخبرية ومميزها إلا في الضرورة على ما مر، وفي أن الاستفهامية لا تدل على تكثير والخبرية للتكثير خلافًا لابن طاهر وتلميذه ابن خروف، وفي أن الخبرية تختص بالماضي كرب؛ فلا يجوز: كم غلمان لي سأملكهم، كما لا يجوز: رب غلمان سأملكهم، ويجوز: كم عبد سأشتريه، وفي أن الكلام مع الخبرية محتمل للتصديق والتكذيب بخلافه مع الاستفهامية، وفي أن الكلام مع الخبرية لا يستدعي جوابًا بخلافه مع الاستفهامية، وفي أن الاسم المبدل من الخبرية لا يقترن بالهمزة بخلاف المبدل من الاستفهامية، فيقال في الخبرية: كم عبيد لي خمسون بل ستون، وفي الاستفهامية: كم مالك أعشرون أم ثلاثون؟ اهـ.
"ككم" يعني هذه أي: الخبرية في الدلالة على تكثير عدد مبهم الجنس والمقدار "كأين وكذا وينتصب تمييز ذين أو به صل من نصب" بخلاف تمييز كم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كم رجل ضرب عمرًا، أو سببها نحو: كم رجل ضرب أخوه عمرًا. قوله: "وإن وليها فعل متعد ولم يأخذ مفعوله" نحو: كم رجل ضربت، والمراد بالمفعول ما يشمل المفعول الواحد والأكثر ليدخل نحو: كم تعطي زيدًا. قوله: "فهي مفعولة" أي: مفعول به. قوله: "وإن أخذه" نحو: كم رجل ضرب زيد عمرًا عنده. قوله: "إلا أن يكون" أي: المفعول ضميرًا يعود عليها نحو: كم رجل ضربته. قوله: "الابتداء والنصب على الاشتغال" والابتداء أرجح. دماميني. قوله: "جائز في السعة" نحو: كم عندك عبدًا.
قوله: "ولا يفصل بين الخبرية... إلخ" أي: إذا كان مميزها مجرورًا بالإضافة فلا يرد نحو: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ}. قوله: "بخلافه مع الاستفهامية" والأجود في جوابها أن يكون على حسب موضعها من الإعراب ولو رفعا مطلقا لجاز. اهـ مرادي. قوله: "لا يقترن بالهمزة" عدم تضمن المبدل منه معنى الهمزة بخلافه في الاستفهامية. قوله: "أي: الخبرية" قيد به مع ذكره بعد أن كأين تأتي للاستفهام نادرًا؛ لأن من المشبه كذا، وهي لا تأتي للاستفهام أصلًا، وليوافق التقييد به في التسهيل والكافية. قوله: "في الدلالة على تكثير... إلخ" مسلم في كأين دون كذا؛ لأنها ليست للتكثير؛ بل لعدد مبهم قليل أو كثير، فلك أن تكني بها عن واحد وعن اثنين وعن ثلاثة، قاله الدماميني.
وقوله: "وينتصب تمييز ذين" وكان حقهما أن يضافا إليه كما تضاف كم؛ لكن منع من ذلك أن في آخر كأين تنوينًا يستحق الثبوت لأجل الحكاية، وفي آخر كذا اسم اشارة/ وهما مانعان من الإضافة. اهـ دماميني. وقوله: "لأجل الحكاية" أي: حكاية الكلمتين كما كانتا عليه قبل التركيب. قوله: "أو به" يعني بتمييز كأين فقط أو التقدير بتمييز ذي بالنظر للمجموع لما يأتي. سم. قوله:(4/119)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخبرية فتقول: كأين رجلًا رأيت، ومنه قوله:
1205- وكائن لنا فَضْلَا عليكم ومِنَّةً قديمًا ولا تَدْرُونَ ما مَنَّ مُنْعِمُ
وقوله:
1206- اطردِ اليأسَ بالرجاء فكائن آلمًا حُمَّ يُسْرُهُ بعد عُسْرِ
وتقول: كأين من رجل لقيت، ومنه: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} [آل عمران: 146]، {وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا} [يوسف: 105]، وتقول: رأيت كذا رجلًا.
تنبيهات: الأول: توافق كل واحدة من كأين وكذا كم في أمور وتخالفها في أمور: أما كأين فإنها توافق كم في خمسة أمور وتخالفها في خمسة؛ فتوافقها في الإبهام، والافتقار إلى التمييز، والبناء، ولزوم التصدير، وإفادة التكثير تارة وهو الغالب والاستفهام أخرى وهو نادر، ولم يثبته إلا ابن قتيبة وابن عصفور والمصنف، واستدل له بقول أبيِّ بن كعب لابن مسعود: كأين تقرأ سورة الأحزاب آية؟ فقال: ثلاثًا وسبعين. وتخالفها في أنها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"بخلاف تمييز كم الخبرية" فإنه مجرور عند غير تميم، وعند تميم يجوز نصبه -كما سبق- هذا إن اتصل، فإن
فصل ففيه ما مر. قوله: "فتقول كأين" مفعول رأيت. قوله: "وكائن" مبتدأ خبره الظرف، وهذا البيت والذي بعده واردان على لغة مَن قال: كائن بألف بعد الكاف فهمزة مكسورة. قال في جمع الجوامع وشرحه: ولا يخبر عنها -أي: كأين- إذا وقعت مبتدأ إلا بجملة فعلية مصدرة بماضٍ أو مضارع نحو: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ...} إلخ، {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ}. اهـ. ويرد عليه: وكائن لنا فضلا؛ فإن الخبر فيه جار ومجرور، وقوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ} [العنكبوت: 60] إن جعل الخبر الجملة الاسمية -أعني: الله يرزقها- فإن جعل لا تحمل رزقها لم ترد الآية فتأمل. قوله: "آلمًا" بوزن فاعل من ألم، وحُم قدر. شمني. قوله: "رأيت كذا رجلًا" فكذا مفعول ورجلًا تمييز.
قوله: "أما كأين فإنها توافق كم" أي: من حيث هي لا بقيد الاستفهامية ولا بقيد الخبرية؛ ليصح قوله: وإفادة التكثير تارة وهو الغالب والاستفهام أخرى وهو نادر، والغلبة والندور بالنسبة إلى كأين لا بالنسبة إلى كم؛ لورودها لهما كثيرًا، فالموافقة في أصل إفادة التكثير تارة والاستفهام أخرى بقطع النظر عن الغلبة والندور، فتفطن. قوله: "كأين تقرأ سورة الأحزاب" هل كأين في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1205- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 51، وشرح شواهد المغني 2/ 513، ومغني اللبيب 1/ 187، وهمع الهوامع 1/ 255.
1206- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 51، وشرح التصريح 2/ 281، وشرح شواهد المغني 2/ 513، والمقاصد النحوية 4/ 495، وهمع الهوامع 1/ 255.(4/120)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مركبة وكم بسيطة على الصحيح، وتركيبها من كاف التشبيه وأي المنونة؛ ولهذا جاز الوقف عليها بالنون؛ لأن التنوين لما دخل في التركيب أشبه النون الأصلية؛ ولهذا رُسم في المصحف نونًا، ومَن وقف بحذفه اعتبر حكمه في الأصل وهو الحذف في الوقف، وفي أن مميزها مجرور بمن غالبًا حتى زعم ابن عصفور لزوم ذلك، ويرده ما سبق، وفي أنها لا تقع استفهامية عند الجمهور وقد مضى، وفي أنها لا تقع مجرورة خلافًا لابن قتيبة، وابن عصفور أجاز: بكائن تبيع هذا الثوب، وفي أن مميزها لا يقع إلا مفردًا.
وأما كذا فتوافق كم في أربعة أمور وتخالفها في أربعة؛ فتوافقها في البناء، والإبهام، والافتقار إلى المميز، وإفادة التكثير. وتخالفها في أنها مركبة -وتركيبها من كاف التشبيه وذا الإشارية- وأنها لا تلزم التصدير فتقول: قبضت كذا وكذا درهمًا، وأنها لا تستعمل غالبًا إلا معطوفًا عليها كقوله:
1207- عِدِ النفسَ نُعْمَى بَعْدَ بُؤسَاكَ ذَا ذاكرًا كذا وكذا لُطْفًا به نُسِيَ الْجُهْدُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موضع الحال من سورة، وهل يمكن أنه مفعول ثانٍ لتقرأ بمعنى تعد. اهـ سم. واستظهر البعض الاحتمال الأول وفيه أن الحال لا تكون إنشاء فالظاهر الثاني، وعليه اقتصر شيخنا السيد. وقوله: "آية" قال سم: إن كان هو التمييز أفاد جواز الفصل بين الاستفهامية ومميزها بجملة. اهـ. وعبارة الدماميني على التسهيل كقول أُبيِّ بن كعب لعبد الله: كأين تقرأ سورة الأحزاب أو كأين تعد سورة الأحزاب؟ فقال عبد الله: ثلاثًا وسبعين، فقال أُبي: ما كانت كذا قط. اهـ. قوله: "مركبة" وقيل: بسيطة، واختاره أبو حيان قال: ويدل على ذلك تلاعب العرب بها في اللغات الآتية. همع. قوله: "وكم بسيطة على الصحيح" وقيل: مركبة من كاف التشبيه وما الاستفهامية، وحذفت ألف ما لدخول الكاف عليها وسكنت الميم تخفيفًا، ويرده أن الألف لم يبقَ عليها دليل بخلاف بِمَ وهم، وأنه على تسليمه إنما يناسب كم الاستفهامية دون الخبرية وإن كان قد يعتذر عن الأخير بما يأتي قريبًا.
قوله: "من كاف التشبيه" وقيل: الكاف فيها زائدة لازمة لا تشبيهية. همع. قوله: "وأي المنونة" أي: الاستفهامية كما قاله الفارضي أي: والمستعملة خبرية حدث لها بالتركيب معنى آخر وإن كان أصلها استفهامًا فلا إشكال. قوله: "لأن التنوين... إلخ" ليس علة لقوله: جاز لتعليله أولًا بقوله: ولهذا العامل الواحد لا يعلل بعلتين إلا باتباع؛ بل هو علة لمحذوف أي: وإنما اقتضى تركيبها من كاف التشبيه وأي المنونة جواز الوقف عليها بالنون لأن... إلخ، وهذا بمعنى قول من قال: علة لعلية تركيبها مما ذكر لجواز الوقف عليها بالنون.
قوله:"ولهذا" أي: لشبهه بالنون الأصلية. قوله: "ويرده ما سبق" أي: من البيتين. قوله: "وإفادة التكثير" ممنوع كما مر. وفي جمع الجوامع وشرحه الهمع: وتتصرف أي: كذا بوجوه الإعراب، فتكون في محل رفع ونصب وجر بالإضافة والحرف، ولا تتبع بتابع لا نعت ولا غيره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1207- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 281، والدرر 4/ 54، وشرح شواهد المغني 2/ 514، ومغني اللبيب 1/ 188، والمقاصد النحوية 4/ 497، وهمع الهوامع 1/ 256.(4/121)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وزعم ابن خروف أنهم لم يقولوا: كذا درهمًا ولا كذا كذا درهما -بدون عطف. وذكر الناظم أن ذلك مسموع ولكنه قليل، وعبارة التسهيل: وقل ورود كذا مفردًا ومكررًا بلا واو، وأنها يجب نصب تمييزها، فلا يجوز جره بمن اتفاقًا ولا بالإضافة خلافًا للكوفيين، فأنهم أجازوا في غير تكرار ولا عطف أن يقال: كذا ثوب وكذا أثواب، قياسًا على العدد الصريح؛ ولهذا قال فقهاؤهم: إنه يلزمه بقوله: عندي كذا درهم مائة، وبقوله: كذا دراهم ثلاثة، وبقوله: كذا كذا درهمًا أحد عشر، وبقوله: كذا درهمًا عشرون، وبقوله: كذا وكذا درهمًا أحد وعشرون، حملًا على المحقق من نظائرهن من العدد الصريح. ووافقهم على هذه التفاصيل -غير مسألتي الإضافة- المبرد والأخفش وابن كيسان والسيرافي وابن عصفور، ووهم ابن السيد فنقل اتفاق النحويين على إجازة ما أجازه المبرد ومن ذكر معه، وعبارة التسهيل: وكنى بعضهم بالمفرد المميز بجمع عن ثلاثة وبابه، وبالمفرد المميز بمفرد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "من كاف التشبيه وذا الإشارية" وقيل: الكاف زائدة لازمة، وقيل: اسم كمثل فعلى هذا لها محل من الإعراب وعلى غيره لا محل لها، كذا في الهمع. قوله: "عد النفس نُعمى" بضم النون والقصر النعمة، وكذا النعماء بالفتح والمد، والبؤسى بضم الموحدة وسكون الهمزة والقصر خلاف النعمى. وقوله: "نسي الجهد" بفتح الجيم وضمها أي: المشقة. قوله: "لم يقولوا كذا درهمًا" أي: بلا تكرار "ولا كذا كذا درهمًا" أي: بالتكرار من غير عطف.
قوله: "فإنهم أجازوا في غير تكرار ولا عطف... إلخ" رد بأن عجزها اسم إشارة لا يقبل الإضافة، وقد يقال لما ركب مع الكاف لم يبقَ على ما كان عليه قبل ذلك لتضمنه بعد التركيب معنى لم يكن موجودًا له قبل التركيب. وقال الحوفي: إن المجرور بدل من اسم الإشارة، وهو بعيد؛ لأن كذا صارت كلمة واحدة، ولا يبدل من جزء الكلمة ولا تضاف كأين يوجه كما تقدم تعليله وقضية كلامه كالمغني عدم إجازتهم الإضافة مع التكرار أو العطف. وقال ابن معطي في شرح الجزولية: فلو جر درهم مع تكرير كذا بدون حذف لزمه ثلاثمائة درهم؛ لأنها أقل عددين أضيف ثانيهما إلى المفرد، ولو جر مع التكرير والعطف لزمه ألف ومائة درهم لأجل العطف وجر التمييز وإفراده، فيحتمل أن هذا من ابن معطي مجرد حكم بمقتضى القياس إذا لفظ بهذا اللفظ من غير إجازة منه للإضافة، ويحتمل أن مذهبه جواز الإضافة ولو مع التكرار والعطف، وقد يقال: إن التمييز المجرور عند العطف للثاني فقط والأول كناية عن عدد ما فيحمل على الواحد؛ لأنه المحقق فيلزمه مائة وواحد. أما لو قال: كذا درهم بالرفع، فيلزمه واحد، وكأنه قال: عدد مبهم هو درهم.
قوله: "ولهذا" أي: للقياس على العدد الصريح. قوله: "فقهاؤهم" وأما مذهبنا -معاشر الشافعية- ففي المنهج وشرحه أنه لو قال كذا درهم بالرفع، أو عطف بيان، أو النصب تمييزًا، أو الجر لحنًا، أو السكون وقفًا، أو كذا كذا درهم بالأحوال الأربعة، أو كذا وكذا درهم بغير النصب لزمه درهم واحد، أو كذا وكذا درهمًا بالعطف والنصب لزمه درهمان. اهـ. قوله: "حملًا على المحقق" هو أول كل مرتبة من مراتب العدد الصريح. قوله: "وعبارة التسهيل... إلخ" لم يذكر فيها كذا درهمًا(4/122)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن مائة وبابه، وبالمكرر دون عطف عن أحد عشر وبابه، وبالمكرر مع عطف عن أحد وعشرين وبابه. الثاني: قد بان لك أن قوله: أو به صل من نصب، راجع إلى تمييز كأين دون كذا، فلو قال: ككم كأين وكذا ونصبًا وقيل كائن بعده من وجبا
لكان أحسن من أوجه؛ أحدها: التنصيص على الخلف السابق. ثانيها: التنبيه على اختصاص كأين بمن دون كذا. ثالثها: إفهام أن وجود من بعد كأين أكثر من عدمها لجريان خلف في وجوبها. رابعها: إفادة أن كائن لغة في كأين، وفيها خمس لغات: أفصحها كأين، وبها قرأ السبعة إلا ابن كثير، ويليها كائن على وزن كاعن، وبها قرأ ابن كثير، وهي أكثر في الشعر من الأولى وإن كانت الأولى هي الأصل، ومنه البيتان السابقان، وقوله:
1208- وكائن بالأباطح من صديقٍ يراني لو أُصِبْتُ هو الْمُصَابَا
والثالثة كأْيِن مثل كعْيِن، وبها قرأ الأعمش وابن محيصن. والرابعة كيئن بوزن كيْعِن. والخامسة كأن على وزن كعن، وسبب تلعبهم بهذه الكلمة كثرة الاستعمال. الثالث: تأتي كذا هذه -أعني المركبة- كناية عن غير العدد، وهو الحديث مفرده ومعطوفه، ويكنى بها عن المعرفة والنكرة، ومنه الحديث: "يقال للعبد يوم القيامة: أتذكر يوم كذا وكذا". وتكون كذا أيضًا كلمتين على أصلهما؛ وهما كاف التشبيه وذا الإشارية نحو: رأيت زيدًا فاضلًا وعمرًا كذا. ومنه قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كناية عن عشرين. قوله: "الخلف السابق" أي: في جر تمييز كأين بمن هل هو لازم أو غير لازم. قوله: "ويليها كائن" قال الخليل: الياء الساكنة من أي قدمت على الهمزة وحركت بحركتها لوقوعها موقعها وسكنت الهمزة لوقوعها موقع الياء الساكنة، ثم قلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قلبها فاجتمع ساكنان الألف والهمزة؛ فكسرت الهمزة لالتقاء الساكنين، وبقيت الياء الأخيرة بعد كسرة، فأذهبها التنوين بعد زوال حركتها كالمنقوص. شمني.
قوله: "والثالثة كأين" بهمزة ساكنة فياء مكسورة. "والرابعة كيئن" بياء ساكنة فهمزة مكسورة، وأصله كأين قدمت الياء مشددة ثم خففت كميت. دماميني. قوله: "أعني المركبة" أي: لا الباقية على أصلها من عدم التركيب.
قوله: "وهو الحديث" يعني اللفظ الواقع في التحديث عن شيء فعل أو قول. قال السيوطي في الأشباه والنظائر نقلًا عن ابن هشام: الذي شهد به الاستقراء وقضى به الذوق الصحيح أن كذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1208- البيت من الوافر، وهو لجرير في خزانة الأدب 5/ 397، 401، والدرر 1/ 224، وشرح شواهد الإيضاح ص200، وشرح شواهد المغني ص875، ومغني اللبيب ص495، وليس في ديوانه، وهو بلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص662، وخزانة الأدب 4/ 53، 5/ 139، ورصف المباني ص130، وشرح المفصل 3/ 110، 4/ 135، وهمع الهوامع 1/ 68، 256، 2/ 76.(4/123)
الحكاية
الحكاية:
احكِ بأيٍّ ما لِمَنْكُورٍ سُئِلْ عنه بها في الوقف أو حين تَصِلْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1209- وأَسْلَمَنِي الزمانُ كذا فلا طَرَبٌ ولا أُنْسُ
وتدخل عليها ها التنبيه نحو: {أَهَكَذَا عَرْشُكِ} [النمل: 42].
خاتمة: يكنى عن الحديث أيضًا بكَيت وكِيت وذَيت وذِيت -بفتح التاء وكسرها والفتح أشهر- وهما مخففتان من كية وذية، وقالوا على الأصل: كان من الأمر كية وكية وذية وذية، وليس فيهما حينئذ إلا البناء على الفتح، ولا يقال: كان من الأمر كيت؛ بل لا بد من تكررها، وكذا ذيت؛ لأنها كناية عن الحديث، والتكرير مشعر بالطول.
الحكاية:
هذا الباب للحكاية بأي وبمن. والعلم بعد من "احك بأي ما لمنكور سئل عنه بها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المكنى بها عن غير العدد إنما يتكلم بها من يخبر عن غيره، فتكون من كلامه لا من كلام المخبر عنه، فلا تقول ابتداء: مررت بدار كذا ولا بدار كذا وكذا؛ بل تقول: بالدار الفلانية، ويقول من يخبر عنك: قال فلان: مررت بدار كذا أو بدار كذا وكذا. اهـ.
قوله: "بكيت وكيت وذيت وذيت" وهما مبنيان لنيابتهما عن الجمل. اهـ فارضي. ولنيابتهما عن الجمل جاز أن يعمل فيهما القول وإن كانا غير جملة فتقول: قلت: كيت وكيت أو ذيت وذيت، فيكونان في محل نصب على المفعولية. قال شيخنا: والحكم بالنصب محلًّا على مجموع الكلمتين أعني: كيت وكيت وكذا ذيت وذيت؛ لأنهما صارا بالتركيب بمنزلة كلمة واحدة. اهـ. ويستفاد منه أن البناء أيضًا للمجموع. قوله: "بفتح التاء وكسرها" أي: وضمها كما في التسهيل. قوله: "كان من الأمر... إلخ" إذا قيل: كان من الأمر كيت وكيت، فكان شانية خبرها كيت وكيت؛ لأنه نائب عن الجملة، ولا يكون كيت وكيت اسمًا لكان كما لا يكون اسمها جملة، قاله الفارسي، واستحسنه ابن هشام؛ لكن يلزم عليه تفسير ضمير الشأن بغير جملة مصرح بجزأيها، والظاهر أن من الأمر تبيين يتعلق بأعني مقدرًا. دماميني. قوله: "وليس فيهما حينئذٍ إلا البناء على الفتح" أي: بخلاف المخففتين، ففيهما البناء على الفتح والكسر؛ بل والضم كما مر.
الحكاية:
هي لغة: المماثلة، واصطلاحًا: إيراد اللفظ المسموع على هيئته من غير تغيير كمن زيدًا إذا قيل: رأيت زيدًا، أو إيراد صفته نحو: أيا لمن قال: رأيت زيدًا. وأما حكاية اللفظ أو معناه بالقول فلم يتكلم عليها المصنف، وسيذكرها الشارح في الخاتمة. قوله: "احك بأي" الباء للآلة أو ظرفية. اهـ سم. وأي المحكي بها استفهامية، وهي معربة؛ لكن اختلف في حركتها والحروف اللاحقة لها؛ فقيل:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1209- البيت من مجزوء الوافر، وهو بلا نسبة في شرح شواهد المغني 2/ 514، ومغني اللبيب 1/ 187.(4/124)
ووقفًا احكِ ما لمنكور بِمَنْ والنونَ حرِّكْ مطلقًا وأَشْبِعَنْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الوقف أو حين تصل" أي: يحكي بأي وصلًا ووقفًا ما لمنكور مذكور مسئول عنه بها من إعراب وتذكير وإفراد وفروعهما، فيقال لمن قال: رأيت رجلًا وامرأة وغلامين وجاريتين وبنين وبنات: أيا وأية وأيين وأيتين وأيين وأيات، هذا في الوقف، وكذا في الوصل فيقال: أيايًا هذا وأية يا هذا إلى آخرها. واعلم أنه لا يحكي بها جمع تصحيح إلا إذا كان موجودًا في المسئول عنه أو صالحًا لأن يوصف به نحو: رجال، فإنه يوصف بجمع التصحيح فيقال: رجال مسلمون، هذه اللغة الفصحى، وفي لغة أخرى يحكي بها ما له من إعراب وتذكير وتأنيث فقط ولا يثنى ولا يجمع فيقال: أيا أو أيايًا، هذا لمن قال: رأيت رجلًا أو رجلين أو رجالًا، وأية أو أية يا هذا لمن قال: رأيت امرأة أو امرأتين أو نساء.
"ووقفًا احك ما لمنكور بمن والنون حرك مطلقًا وأشبعن" فتقول لمن قال: قام رجل منو، ولمن قال: رأيت رجلًا منا،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إعراب فأي بالرفع مبتدأ خبره محذوف مؤخر عنها؛ لأن الاستفهام له الصدر تقديره في قام رجل أي قام، وأيا مفعول افعل محذوف مؤخر عنها لما مر تقديره في ضربت رجلًا أيا ضربت، وأي بالجر بحرف محذوف تقديره في مررت برجل بأي مررت، وكذا يقال في أيان وأيتان وأيون وأيات رفعًا وأيين وأيتين وأيين وأيات نصبًا وجرًّا، ويلزم على هذا القول إضمار حرف الجر، وقيل: حركات حكاية وحروف فهي مرفوعة بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الحكاية أو حرف الحكاية، على أنها مبتدأ والخبر محذوف، وقيل: الحركة والحرف في حالة الرفع إعراب، وفي حالتي النصب والجر حركة حكاية وحرف حكاية. قوله: "ما لمنكور" احتراز عن المعرفة؛ فإنها لا تحكي بأي. سم.
قوله: "في الوقف" متعلق باحكِ. قوله: "مذكور" أي: سابق في كلام غيرك، واحترز به عن المسئول بها ابتداء فإنها حينئذٍ على حسب العوامل. قوله: "لمن قال رأيت رجلًا... إلخ" وتقول لمن قال: جاء رجل أي بالرفع، ولمن قال جاء رجلان أيان وهكذا. قوله: "وأيتين" فلو قيل: رأيت رجلًا وامرأة قيل في السؤال أيا وأية، وهل يجوز أن يثنى مع تغليب المذكر، سيأتي فيه احتمالان عن أبي حيان. قوله: "وأيات" بكسر التاء نيابة عن الفتحة. قوله: "إلا إذا كان موجودًا في المسئول عنه" كما في المثال السابق من بنين وبنات، قاله شيخنا، ولا يرد عليه أنهما في الحقيقة جمعا تكسير لتغير المفرد فيهما؛ لأن المراد بجمع التصحيح هنا الجمع بالواو أو الياء والنون أو الألف والتاء المزيدتين. قوله: "أو صالحًا" أي: أو كان هو أي: الجمع لا بقيد كونه تصحيحًا صالحًا؛ لأن يوصف به أي: بجمع التصحيح، فلا يقال: أيون أو أيين لمن قال عندي حمير أو رأيت حميرًا.
قوله:"هذه اللغة الفصحى" أي: حكاية ما للمنكور من الإعراب والتذكير والإفراد وفروعهما. قوله: "ولا تثنى ولا تجمع" أي: لفظه أي. قوله: "ما لمنكور بمن" أي: منكور مذكور، وإنما اشترط في لحاق العلامة المذكورة بمن كونها سؤالًا عن نكرة؛ لأن المعارف إذا استفهم بمن عنها ذكرت بعد من في الأغلب إما محكية أو غير محكية؛ لأن الاستفهام عن المعارف ليس في الكثرة مثل(4/125)
وقُل مَنَانِ ومَنَيْنِ بَعَدَ لي إِلْفَانِ بَابْنَيْنِ وسَكِّن تَعْدِل
وقل لِمَنْ قال أتتْ بنتٌ مَنَهُ والنونُ قبلَ تا المثنَّى مُسْكَنَهْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولمن قال: مررت برجل مني، هذا في المفرد المذكور.
"وقل" في المثنى المذكر "منان ومنين بعد" قول القائل "لي إلفان بابنين" وضرب حران عبدين، فمنان لحكاية المرفوع ومنين لحكاية المجرور، والمنصوب "وسكن" آخرهما "تعدل"، وإنما حرك في النظم للضرورة "وقل" في المفرد المؤنث "لمن قال أتت بنت منه" بفتح النون وقلب التاء هاء، وقد يقال: منت بإسكان النون وسلامة التاء. وقل في المثنى المؤنث لمن قال: لي زوجتان مع أمتين، أو ضربت حرتان رقيقتين، منتان ومنتين؛ فمنتان لحكاية المرفوع، ومنتين لحكاية المجرور
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاستفهام عن النكرات، فلم يطلب التخفيف بحذف المسئول عنه كما في النكرات. أسقاطي. والمراد بالمنكور هنا المنكور العاقل؛ لأن مَن للعاقل بخلاف المنكور السابق في أي؛ فإن المراد به ما يعم العاقل وغيره؛ لأن أيا تستعمل فيهما، وسيذكر الشارح ذلك. قوله: "والنون حرك... إلخ" العطف تفسير لاحك؛ لأن حكاية المنكور بمن في الوقف نفس التحريك والإشباع لا غيرهما كما يوهمه العطف، أفاده ابن هشام. قوله: "مطلقًا" أي: في أحوال إعراب المحكي الثلاثة. قوله: "وأشبعن" فيه إشارة إلى أن الحروف إشباع دفعًا للوقف على المتحرك، وقيل: الحروف اجتلبت أولًا للحكاية، فلزم تحريك ما قبلها، وصوبه ابن خروف وصححه أبو حيان، وقيل: بدل من التنوين، أفاده في التصريح. قال ابن غازي: نون أشبعن ثقيلة خُففت للوقف، ولو كانت خفيفة بالأصالة لوجب إبدالها ألفًا. يس.
قوله: "وقل منان... إلخ" الظاهر أن منان ومنين ليس اسم معربًا كما قد يتوهم أي: من التثنية؛ وإنما هو لفظ من، وهي مبنية؛ لكن زيد عليها هذه الحروف دلالة على حال المسئول عنه، وكذا يقال في منون ومنين ومنتان ومنتين ومنات، فمن في الجميع مع هذه الزيادة اسم مبني في محل رفع، وهذه الكلمات ليست مثنًى ولا جمعًا؛ بل على صورته. سم. وقوله: اسم مبني على سكون مقدر على آخره منع من ظهوره اشعال المحل بحركة مناسبة الحرف الذي جلبته الحكاية. قوله: "بابنين" أي: مع ابنين أي: ولي ابنان، وفي نسخة: "كابنين". سم.
قوله: "لحكاية المجرور والمنصوب" واقتصر الناظم في التمثيل على المجرور هنا وفيما يأتي؛ لأن المنصوب محمول على المجرور في مثل ذلك. قوله: "تعدل" أي: تقم العدل؛ لأن هذا حكم العرب. سم. قوله: "وقل لمن قال أتت بنت منه" وكذا يقال في النصب والجر، ولم يمكن إثبات حرف المد في منه للدلالة على الإعراب؛ لأن هاء التأنيث لا تكون في الوقف إلا ساكنة، فاكتفوا بحكاية التأنيث، وتركوا حكاية الإعراب؛ لأن الإعراب فرع التأنيث، وإذا تعارضت مراعاة الأصل والفرع كانت مراعاة الأصل أولى، كذا ذكر شيخنا. وعلى معنى كون الإعراب فرع التأنيث أن الاحتياج إلى الدلالة عليه دون الاحتياج إلى الدلالة على التأنيث؛ لأن التأنيث صفة للمدلول والإعراب صفة للدال، فتأمل، ولو قيل باستحسان الإشارة بالشفتين إلى حركة الإعراب لم يبعد.(4/126)
والفتحُ نَزْرٌ وصِلِ التا والألف بِمَنْ بإِثْرِ ذا بنِسْوةٍ كَلِفْ
وقل مَنُون ومَنِينَ مُسْكِنًا إن قيل جَا قومٌ لقومٍ فُطِنَا
وإن تَصِلْ فلفظُ مَنْ لا يَختلف ونادرٌ مَنُون في نَظْم عُرف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والمنصوب "والنون قبل تا المثنى مسكنه والفتح" فيها "نزر" أي: قليل. وإنما كان الفتح أشهر في المفرد والإسكان أشهر في التثنية؛ لأن التاء في منت متطرفة، وهي ساكنة للوقف، فحرك ما قبلها لئلا يلتقي ساكنان، ولا كذلك منتان "وصل التا والألف بمن" في حكاية جمع المؤنث السالم فقل: "بإثر" قول القائل: "ذا بنسوة كلف" منات بإسكان التاء "وقل" في حكاية جمع المذكر السالم "منون ومنين مسكنًا" آخرهما "إن قيل جا قوم لقوم فطنا" أو ضرب قوم قومًا. فمنون للمرفوع، ومنين للمجرور والمنصوب.
تنبيه: في الحكاية بمن لغتان: إحدهما -وهي الفصحى- أن يحكى بها ما للمسئول عنه من إعراب وإفراد وتذكير وفروعهما على ما تقدم، ولم يذكر المصنف غيرها، والأخرى أن يحكى بها إعراب المسئول عنه فقط، فيقال لمن قال: قام رجل أو رجلان أو رجال، أو امرأة أو امرأتان أو نساء: منو، وفي النصب: منا، وفي الجر: مني.
"وإن تصل فلفظ من لا يختلف" فتقول: من يا فتى في الأحوال كلها، هذا هو الصحيح. وأجاز يونس إثبات الزوائد وصلًا: منويًّا فتى، وتشير إلى الحركة في منت ولا تنون، ونكسر نون المثنى وتفتح نون الجمع وتنون منات ضمًّا وكسرًا، وهو مذهب حكاه يونس عن بعض العرب، وحمل عليه قول الشاعر:
1210- أَتَوْا نَارِي فقلتُ مَنُونَ أنتم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "والنون قبل تا المثنى" وكذا النون الأخيرة؛ لأنه لا يوقف على متحرك. اهـ فارضي. ولم ينبه عليه المصنف لفهمه بالمقايسة من قوله: وسكن تعدل. قوله: "مسكنه" تنبها بإسكانها على أن التاء ليست لتأنيث الكلمة اللاحقة لها؛ بل لحكاية تأنيث كلمة أخرى. قوله: "لئلا يلتقي ساكنان" وإن كان جائزًا في الوقف. سم. قوله: "وإن تصل" هذا مفهوم قوله: وقفًا. قوله: "وتشير" أي: بحركة تاء منت إلى الحركة أي: حركة المحكي. وقوله: في منت، متعلق بتشير، ولو قال: وتحرك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1210- البيت من الوافر، وهو لشمر بن الحارث في الحيوان 4/ 482، 6/ 197، وخزانة الأدب 6/ 167، 168، 170، والدرر 6/ 246، ولسان العرب 3/ 149 "حد"، 13/ 420 "منن"، ونوادر أبي زيد ص123، ولسمير الضبي في شرح أبيات سيبويه 2/ 183، ولشمر أو لتأبط شرًّا في شرح التصريح 2/ 383، وشرح المفصل 4/ 16، ولأحدهما أو لجذع بن سنان في المقاصد النحوية 4/ 498، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 462، وأوضح المسالك 4/ 282، وجواهر الأدب ص107، والحيوان 1/ 328، والخصائص 1/ 128، والدرر 6/ 310، ورصف المباني ص437، وشرح ابن عقيل ص618، وشرح شواهد الشافية ص295، والكتاب 2/ 411، ولسان العرب 6/ 12 "أنس"، 14/ 378 "سرا"، والمقتضب 2/ 307، والمقرب 1/ 300، وهمع الهوامع 2/ 157، 211.(4/127)
والعَلَمَ احْكِيَنَّهُ مِنْ بَعْدِ مَنْ إِنْ عَرِيَتْ مِنْ عَاطِفٍ بها اقْتَرَنْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا شاذ عند سيبويه والجمهور من وجهين؛ أحدهما: إثبات العلامة وصلًا، والآخر: تحريك النون. وقال ابن المصنف: والآخر أنه حكي مقدرًا غير مذكور، وقد أشار المصنف إلى البيت المذكور بقوله: "ونادر منون في نظم عرف" وهو لتأبط شرًّا، ويقال: لشمر الغساني، وتمامه: فقالوا الجن قلت عِمُوا ظَلامَا
ويروى: عموا صباحا. ويغلط المنشد على إحدى الروايتين بالرواية الأخرى، وكذلك فعل الزجاجي فغلط من أنشده صباحًا، وليس الأمر كما يظن؛ بل كل واحدة من الروايتين صحيحة؛ فهو على رواية: عموا ظلاما، من أبيات رواها ابن دريد عن أبي حاتم السختياني عن أبي زيد الأنصاري أولها: ونارٍ قد خَضَأتُ بُعَيْدَ وهْنٍ بدار ما أريدُ بها مُقَاما
وهي مشهورة. وعلى رواية: عموا صباحا، من أبيات معزوة إلى خديج بن سنان الغساني أولها: أتَوْا ناري فقلت منونَ أنتم فقالوا الجن قلت عِمُوا صباحا
نزلتُ بشِعْبِ وادي الجن لما رأيتُ الليل قد نَشَرَ الْجَناحَا
قيل: وكلا الشعرين أكذوبة من أكاذيب العرب.
"والعلم احكينه من بعد مَن إن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تاء منت بحركة المحكي لكان أوضح. قوله: "مقدرًا غير مذكور" تقديره: قالوا: أتينا فقلت منون أنتم. اهـ زكريا. وعليه يكون المقدر المحكي ضميرًا فيكون فيه شذوذ آخر. ومنع صاحب التصريح كونه من حكاية المقدر، وادعى كونه حكاية للضمير في أتوا، وهو مردود. قال يس: لا يخفى أن قول الشاعر: أتوا... إلخ حكاية لما وقع له مع الجن، وأنه حين إتيانهم قال لهم: منون أنتم، فحين إتيانهم لم يتكلم بقوله: أتو ناري، ثم بقوله: منون أنتم؛ بل لم يتكلم بقوله: أتوا ناري، إلا بعد قوله: منون أنتم حين إتيانهم. فما في التصريح ممنوع منعًا واضحًا. قوله: "لشمر" بكسر الشين المعجمة وسكون الميم. قوله: "ويغلط المنشد... إلخ" أي: يغلطه من لم يدرِ أنهما روايتان صحيحتان من قصيدتين.
قوله: "عن أبي زيد الأنصاري" ليس المراد أنه قائل هذه الأبيات لمنافاته ما قدمه من أنها لتأبط شرًّا أو لشمر الغساني؛ بل أبو زيد من رواتها. قوله: "ونار قد خضأت بعيد وهن" كذا بخط الشارح. قال عبد القادر في حاشيته على ابن الناظم: خضأت بالخاء والضاد المعجمتين معناه سعرت وأوقدت، وبعيد ظرف تصغير بعد، والوَهْن بفتح الواو وسكون الهاء من أول الليل إلى ثلثه اشتق من وهن يهن إذا فتر وضعف لهدوء الناس فيه، والدار المكان الذي عرس فيه. اهـ. أي: نزل فيه ليلًا. قوله: "إلى خَدِيج" بفتح الخاء المعجمة وكسر الدال المهملة. قوله: "قد نشر الجناحا" أي: ظلمته المشبهة بالجناح. قوله: "والعلم احكينه" اسمًا كان أو كنية أو لقبًا دون بقية المعارف(4/128)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عربت من عاطف بها اقترن" فتقول لمن قال جاء زيد: من زيد؟ ورأيت زيدًا: من زيدًا؟ أو مررت بزيد: من زيدٍ؟ وهذه لغة الحجازيين. وأما غيرهم فلا يحكون؛ بل يجيئون بالعلم المسئول عنه بعد من مرفوعًا مطلقًا؛ لأنه مبتدأ خبره مَن، أو خبر مبتدؤه مَن، فإن اقترنت بعاطف نحو: ومن زيد؟ تعين الرفع عند جميع العرب.
تنبيهات: الأول: يشترط لحكاية العلم بمن ألا يكون عدم الاشتراك فيه متيقنًا، فلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأن الأعلام لما كانت كثيرة الاستعمال جاز فيها ما لم يجز في غيرها. فارضي.
قوله: "مِن بعد مَن" ظاهره أن حكاية العلم بعد مَن لا تتقيد بالوقف وهو قضية إطلاقهم. اهـ سم. وأقره شيخنا، وقد يتوقف فيه مع قول الشارح في التنبيه السادس الآتي. ثانيها: أن مَن تختص بالوقف إلا أن يخص الآتي بمن المحكي بها المنكور، وسيأتي ما يؤيده، فتفطن. وخرج أي فلا يحكى العلم بعدها كسائر المعارف، فإذا قيل: رأيت زيدًا أو مررت بزيد قلت: أي بالرفع لا غير؛ لأن الإعراب يظهر في أي، فكرهوا أن يخالفه الثاني بخلاف مَن زيدًا ومَن زيدٍ. قوله: "من عاطف" أي: صورة؛ لأنه للاستئناف كما قاله بعضهم. وفي كلام الرضي أنه للعطف على كلام المخاطب، ويلزم عليه عطف الإنشاء على الخبر إذا كان كلام المخاطب خبرًا كرأيت زيدًا. قال يس: أطلق العاطف. وعبارة الشاطبي تدل على اختصاصه بالواو والفاء. وفي شرح اللباب التصريح بأنه الواو والفاء خاصة. اهـ. وقال الفارضي: إنه الواو فقط. قوله: "وهذه لغة الحجازيين" هي إحدى اللغتين عندهم؛ لأنهم لا يتلزمون الحكاية؛ بل يجوزون الحكاية والإعراب؛ بل يرجحون الإعراب. وعلل ابن الناظم الحكاية بدفع توهم أن المسئول عنه غير الأول، وفي حالة الرفع وإن اتحدت الحركة في حالتي الحكاية والإعراب، إلا أن وقوع الاسم عقب ذكر المحكي بصورته يدل على إرادة حكاية هذا المذكور في الجملة. يس.
قوله: "مرفوعًا مطلقًا" أي: في الأحوال الثلاثة. قوله: "تعين بالرفع" على أنه خبر عن من أو مبتدأ خبره من كما في الفارضي. قال سم: كأن وجه تعين الرفع أن المقصود من الحكاية بيان المراد والعطف يشعر به. اهـ. ثم رأيته في الرضي وعبارته إنما تعين الرفع اتفاقًا لزوال اللبس؛ إذ العطف على كلام المخاطب يؤذن بأن السؤال إنما هو عمن ذكره دون غيره. اهـ. قال يس: ويستثنى من تعين الرفع نحو قولك: من زيدًا ومن عمرًا، لمن قال: رأيت زيدًا وعمرًا، فلا يبطل دخول حرف العطف على الثاني الحكاية؛ لأنه إنما يبطلها في الأول، ثم رأيته بخط الشنواني نقلًا عن أبي حيان عن صاحب البسيط قال الشنواني: ومنه يؤخذ أن حكاية العلم بمن لا تتقيد بالوقف، وهو مقتضى إطلاقهم.
قوله: "يشترط لحكاية العلم بمن... إلخ" ويشترط أيضًا أن يكون علمًا لعاقل، وألا يتبع في حكايته بتابع توكيد أو بدل أو بيان أو نعت بغير ابن مضافًا إلى علم بخلاف النعت بابن مضافًا إلى علم كما سيأتي؛ لأنه مع المنعوت كشيء واحد كما في التصريح، وفي العطف الخلاف الآتي، قال في التصريح: وإنما اشترطوا انتفاء التابع؛ لأنهم استغنوا بإطالته عن الحكاية. اهـ. أي: لأن إطالته بالتابع تبينه. ثم قال: واستثني عطف النسق على القول(4/129)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقال: مَن الفرزدق -بالجر- لمن قال: سمعت شعر الفرزدق؛ لأن هذا الاسم تيقن انتفاء الاشتراك فيه.
الثاني: شمل كلامه العلم المعطوف على غيره، والمعطوف عليه غيره، وفيه خلاف منعه يونس وجوَّزه غيره واستحسنه سيبويه، فيقال لمن قال رأيت زيدًا وأباه: مَن زيدًا وأباه، ومن قال رأيت أخا زيد وعمرًا: من أخا زيد وعمرًا.
الثالث: أجاز يونس حكاية سائر المعارف قياسًا على العلم، والصحيح المنع.
الرابع: لا يحكى العلم موصوفًا بغير ابن مضاف إلى علم، فلا يقال: من زيدًا العاقل، ولا من زيدًا ابن الأمير، لمن قال: رأيت زيدًا العاقل، أو رأيت زيدًا ابن الأمير، ويقال: من زيد بن عمرو، لمن قال: رأيت زيد بن عمرو.
الخامس: فُهم من قوله: احكينه، أن حركاته حركات حكاية، وأن إعرابه مقدَّر، وقد صرح به في غير هذا الكتاب، والجمهور على أن مَن مبتدأ والعلم بعدها خبر، سواء كانت حركته ضمة أو فتحة أو كسرة، وحركة إعرابه مقدرة لاشتغال آخره بحركة الحكاية.
السادس: قد بان لك أن مَن تخالف أيًا في باب الحكاية في خمسة أشياء؛ أحدها: أن من تختص بحكاية العاقل، وأي عامة في العاقل وغيره. ثانيها: أن من تختص بالوقف، وأي عامة في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالجواز فيه؛ لأنه ليس فيه بيان للمتبوع، فلا يبين بلا بالحكاية.
قوله: "الثاني: شمل كلامه العلم المعطوف على غيره والمعطوف عليه غيره، وفيه خلاف منعه يونس وجوزه غيره واستحسنه سيبويه، فيقال لمن قال رأيت زيدًا وأباه: من زيدًا وأباه، ومن قال رأيت أخا زيد وعمرًا: من أخا زيد وعمرًا" كذا في بعض النسخ، ويرد عليه أن أخا زيد لا يُحكى؛ لأنه غير علم. وفي بعض النسخ: والمعطوف عليه، وفيه خلاف؛ ذهب يونس وجماعة إلى أن عطف أحد الاسمين على الآخر يبطل الحكاية، وذهب غيرهم إلى خلافه فيحكيان إذا كانا مما يُحكى فتقول: من زيدًا وعمرًا، وإذا كان أحدهما فقط مما يحكى بنيت على ما تقدم وأتبعته الآخر، فإذا قيل: رأيت صاحب عمرو وزيدًا، فلا حكاية إن عكس حكيت، وكذا الحكم لو قيل: رأيت رجلًا وزيدًا أو زيدًا ورجلًا، فلا يُحكى في الأول ويُحكى في الثاني. اهـ. وهو الصواب.
وقوله: "بنيت على ما تقدم" أي: اعتمدت على المتقدم من المتعاطفين، فإن كان مما يحكى جازت حكاية المتعاطفين، وإن كان مما لا يحكى لم تجز حكايتهما. قوله: "والصحيح المنع" فيجب رفع غلام زيد في حكاية: رأيت غلام زيد أو مررت بغلام زيد. قوله: "لا يحكى العلم موصوفًا... إلخ" أي: لا يجوز أن يُحكى بصفته؛ بل إن حُكي يحكى بدون صفته، كما في شرح التوضيح للشارح. قوله: "مضاف" الصواب -كما في بعض النسخ- مضافًا؛ لأن المراد لفظ ابن، فهو معرفة.
قوله: "والجمهور على أن مَن مبتدأ... إلخ" الظاهر أن مقابل قولهم إعراب مَن خبر مقدمًا والعلم بعده مبتدأ مؤخر. قوله: "وحركة إعرابه... إلخ" أعاده مع تقدمه تأييدًا له بكونه من كلام الجمهور. قوله: "مقدرة" أي: في الأحوال الثلاثة للتعذر العارض باشتغال المحل بحركة الحكاية، وذهب بعضهم إلى أن حركته هذا إلا أن يقال: بان من هنا بضميمة ما سبق في باب الموصول(4/130)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقف وفي الأصل. ثالثها: أن من يجب فيها الإشباع فيقال: منو ومنا ومنى، بخلاف أي. رابعها: أن من يحكى بها النكرة ويحكى بعدها العلم، وأي تختص بالنكرة. خامسها: أن ما قبل تاء التأنيث في أي واجب الفتح تقول: أيه وأيتان، وفي من يجوز الفتح والإسكان على ما سبق.
خاتمة: الحكاية على نوعين: حكاية جملة، وحكاية مفرد؛ فأما حكاية الجملة فضربان: حكاية ملفوظ وحكاية مكتوب؛ فالملفوظ نحو قوله تعالى: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ} [الأعراف: 43]، وقوله:
1211- سمعتُ الناسُ ينتجعون غَيْثًا فقلتُ لصَيْدَح انتجعي بلالا
والمكتوب نحو قوله: قرأت على فصه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي مطردة، ويجوز حكايتها على المعنى فتقول في حكاية زيد قائم: قال قائل: قائم زيد، فإن كانت الجملة ملحونة تعين المعنى على الأصح.
وأما حكاية المفرد فضربان: ضرب بأداة الاستفهام ويُسمى الاستثبات بأي أو بمن وهو ما تقدم، وضرب بغير أداة، وهو شاذ؛ كقول بعض العرب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن من العاقل وأيا بحسب ما تضاف إليه.
قوله: "بخلاف أي" قد يقال لها: وجب فيها الإشباع عند الوقف دفعًا للوقف على متحرك، فتدبر. قوله: "على ما سبق" من أن الأشهر في المفرد الفتح وفي التثنية الإسكان. قوله: "فالملفوظ... إلخ" قال شيخنا: مراده بالملفوظ الجملة المحكية بالقول وفروعه. اهـ. ويرد على تقييده بالجملة أن القول يُحكى به لفظ المفرد أيضًا نحو: قلت زيدًا أي: هذا اللفظ، إلا أن يقال التقييد بالجملة؛ لأنه الغالب.
قوله: "وقوله سمعت الناس... إلخ" أتى به تنبيهًا على أنه يُحكى بالسماع كما يُحكى بالقول. قوله: "سمعت... إلخ" سمع الشاعر قومًا يقولون: الناس ينتجعون غيثًا، برفع الناس على الابتداء، فحكى ذلك كما سمع، وينتجعون بنون ثم جيم أي: يطلبون، وصيدح بصاد مهملة فتحتية فدال فحاء مهملتين بوزن حيدر اسم ناقته، وبلال اسم الممدوح، فهذا البيت محل تخلص الشاعر إلى المدح. قوله: "على فصه" بالفاء والصاد المهملة أي: فص خاتم النبي صلى الله عليه وسلم. وقوله: "تعين المعنى على الأصح" أي: مع التنبيه على اللحن، وإنما تعين المعنى صونًا عن اللحن، ولئلا يتوهم أن اللحن من الحاكي، فإذا قال شخص: جاء زيدٍ بالجر، وأردت حكاية كلامه قلت: قال فلان: جاء زيدٌ؛ لكنه خفض زيدًا. قوله: "ويُسمى" أي: هذا الاستفهام في اصطلاحهم بالاستثبات؛ لأن السائل طالب للإثبات. قال ابن هشام وكذا كل سؤال عن شيء سبق ذكره، فإن كانت أي سؤالًا عن غير مذكور، فلا تكاد توجد إلا مفردة مذكرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1211- البيت من الوافر، وهو لذي الرمة في ديوانه ص1535، وجمهرة اللغة ص503، وخزانة الأدب 9/ 167، 168، وسر صناعة الإعراب 1/ 232، وشرح التصريح 2/ 282، ولسان العرب 2/ 509، 8/ 347، والمقتضب 4/ 10، ونوادر أبي زيد ص32، وبلا نسبة في أسرار العربية ص390، وخزانة الأدب 9/ 268، 393.(4/131)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد قيل له هاتان تمرتان: دعنا من تمرتان. قال سيبويه: وسمعت أعرابيًّا وسأله رجل فقال: أنهما قرشيان، فقال: ليسا بقرشيان. وسمعت عربيًّا يقول لرجل سأله: أليس قرشيًّا؟ قال: ليس بقرشيًّا. والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وشذ قوله: بأيّ كتاب أم بأية سنة ترى حبهم عارًا عليّ وتحسب
قوله: "وضرب بغير أداة وهو شاذ" محل شذوذه إذا قصد المعنى، فإن قصد اللفظ بأن كان الحكم للفظ دون المعنى فلا شذوذ، كما يدل عليه قول المصنف في الكافية: وإن نسبت لأداة حكمًا فاحكِ أو أعرب واجعلنها اسمًا
وقد أوضح الفارضي هذه المسألة فقال: إذا نسب إلى حرف أو غيره حكم هو للفظه دون معناه جاز أن يعرب على حسب العوامل، وإن يحكى بلفظه فتقول على الإعراب من حرف جر بالرفع، وعلى البناء من حرف جر بسكون النون، وكذا نحو: قام فعل ماضٍ، فتقول على الإعراب قام بالرفع، وعلى الحكاية قام بفتح الميم، ومن الحكاية قوله عليه الصلاة والسلام: "إياكم ولو؛ فإن لو تفتح عمل الشيطان" فلو اسم إن قصد فيها الحكاية، قاله المصنف في شرح الكافية، ورواه غيره على الإعراب، ولفظه: "إياكم واللو؛ فإن اللو تفتح عمل الشيطان" فلما جعلت الأداة اسمًا، وأعربت دخلت عليها أل، والأداة التي تعرب إن أولتها بالكلمة منعتها الصرف إن استحقت ذلك أو بلفظ صرفتها فنحو قام إذا أعرب فيه وجهان كهندان أول بكلمة، ونحو دحرج إن أول بكلمة منه؛ لأنه رباعي كزينب، ونحو ضرب إن أول بكلمة منع؛ لأنه كسقروان أول كل بلفظ صرف والأداة التي على حرفين إن أعربت وجب تضعيف الحرف الثاني إن كان لينًا فتقول: لو حرف امتناع لامتناع بالرفع، وتضعيف الواو في حرف جر بالرفع وضعيف الياء، فإن كان الحرف الثاني اللين ألفًا قلبت الألف الثانية همزة تخلصًا من التقاء الساكنين، فإذا ضعفت ما النافية قلت ما حرف نفي بهمزة بعد الألف، وإن حكيت فلا تضعيف ولا قلب؛ بل تأتي بلو وفي وما على حالها. اهـ ملخصًا. وسيأتي في باب النسب مزيد الكلام.
قوله: "وسأله رجل" أي: عن رجلين، والجملة حالية بتقدير: قد. وقوله: "فقال: إنهما قرشيان" عطف على سأل عطف مفصل على مجمل وهمزة أنهما مفتوحة؛ لأنها همزة استفهام اجتمعت مع همزة إن، فحذفت الثانية، ويحتمل أن المحذوف همزة الاستفهام والمذكور همزة إن المكسورة، ونظيره في دخول همزة الاستفهام على إن قوله تعالى: {قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ} هذا ما ظهر. وقوله: "فقال: ليسا بقرشيان" كان ينبغي حذف الفاء؛ لأن مدخولها المفعول الثاني لسمعت، أو حال من أعرابيًّا على الخلاف. قوله: "قال: ليس بقرشيًّا" كان عليه حذف قال؛ لأن الجملة بعده مقول يقول، ويمكن جعله تأكيدًا ليقول.(4/132)
التأنيث
التأنيث:
علامةُ التأنيثِ تاءٌ أو أَلِفْ وفي أَسَام قدَّرُوا التا كالكَتِفْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التأنيث:
"علامة التأنيث تاء أو ألف" فالتاء على قسمين: متحركة وتختص بالأسماء كقائمة، وساكنة وتختص بالأفعال كقامت. والألف كذلك مفردة وهي المقصورة كحبلى، وألف قبلها فتقلب هي همزة وهي الممدودة كحمراء. واعلم أن التاء أكثر وأظهر دلالة من الألف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التأنيث:
لو قال: التأنيث والتذكير، كما في الكافية والتسهيل لكان أحسن؛ لأنه نظير قوله: المعرب والمبني، والنكرة والمعرفة، والمقصور والممدود. اهـ سيوطي. وفيه نظر؛ لأن المصنف لم يتكلم هنا على التذكير، فكيف يذكره في الترجمة، بخلاف المعرب والمبني والنكرة والمعرفة والمقصور والممدود، فإنه تكلم على كل من ذلك.
قوله: "علامة التأنيث" أي: في الاسم المتمكن، كما في التسهيل. قال الدماميني: احترازًا من المبني بطريق الأصالة، فإنهم لم يجعلوا علامة تأنيثه ما يذكر؛ بل ربما دلوا على تأنيثه بغير ذلك؛ كالكسر في أنتِ والنون في هن ونحوه. اهـ. وفيه أنه إن أريد تأنيث المدلول ورد نحو: طلحة وحمزة اسمي رجلين، وإن أريد تأنيث الكلمة ورد نحو: ربت وثَمَّت بفتح التاء وسكونها، فإن تأنيثهما بالتاء مع أنهما حرفان، ويمكن اختيار الأول ودفع ورود نحو: طلحة وحمزة، بأن مدلولهما في الأصل مؤنث؛ أي: قبل جعلهما اسمي رجلين. والظاهر أن قول التسهيل: في الاسم المتمكن صلة التأنيث لإعلامه أي: التأنيث الكائن في مدلول الاسم المتمكن، فتدخل تاء التأنيث المتصلة بالفعل؛ لأنه يصدق عليها أنها علامة تأنيث مدلول الاسم المتمكن وهو الفاعل، فلا يقال: التقييد بالاسم يخرجها مع أن المقصود دخولها كما صنع الشارح.
واعلم أن ما فيه تاء التأنيث ومدلوله مذكر كطلحة وحمزة يذكر ولا يؤنث؛ نظرًا للفظ، وشذ قوله: أبوك خليفة ولدته أخرى
وأن الفرق بين المذكر والمؤنث ليس في كل اللغات؛ بل بعضها لا يفرق فيه بينهما بفرق لفظي كالتركية؛ بل بالقرائن كما قاله سم وغيره.
قوله: "تاء أو ألف" أتى بأو التي لأحد الشيئين إشارة إلى أن العلامتين لا يجتمعان في كلمة واحدة، فلا يقال في ذكرى مثلًا: ذكراة. وأما علقاة وأرطاة فألفهما مع وجود التاء للإلحاق بجعفر، ومع عدمها للتأنيث، قاله سم، وتبعه شيخنا والبعض، وفيه أن كون الألف عند عدم التاء للتأنيث غير لازم؛ بل هي حينئذ تحتمل الإلحاق والتأنيث كما سلف.
قوله: "وتختص بالأسماء" أي: إذا لحقت آخرًا أو إذا تمحضت للتأنيث، فلا يرد أن المحركة تلحق أول المضارع للدلالة على تأنيث الفاعل وعلى المضارعة. قوله: "وألف قبلها ألف فتقلب هي همزة" يفيد أن ألف التأنيث هي الثانية المنقلبة همزة لا الأولى وهو كذلك. اهـ سم. أي: على الراجح كما أوضحناه في باب ما لا ينصرف، وسيأتي أيضًا قريبًا. فإن قلت: إذا كانت(4/133)
ويُعْرَفُ التقديرُ بالضميرِ ونحوِهِ كالردِّ في التصغيرِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأنها لا تلتبس بغيرها، بخلاف الألف فإنها تلتبس بغيرها، فيحتاج إلى تمييزها بما يأتي ذكره؛ ولهذا قدمها في الذكر على الألف. وإنما قال تاء ولم يقل هاء ليشمل الساكنة، ولأن مذهب البصريين أن التاء هي الأصل، والهاء المبدلة في الوقف فرعها، وعكس الكوفيون. وإنما لم يوضع للتذكير علامة لأنه الأصل؛ فلم يحتج لذلك "وفي أسام قدروا التا كالكتف" واليد والعين، ومأخذه السماع.
"ويعرف التقدير بالضمير" العائد على الاسم "ونحوه كالرد في التصغير" كيديه إلى ما هي فيه حسًّا، والإشارة إليه بذي وما في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ألف التأنيث هي الألف الثانية المنقلبة همزة كانت مفردة، وكلام الشارح يقتضي أنها غير مفردة؛ حيث قابل بها المفردة. قلت: معنى كونها غير مفردة احتياجها لسبق مثلها عليها، فتأمل. قوله: "وهي الممدودة" قال البصريون: هي فرع عن المقصورة، والكوفيون: هي أيضًا أصل كذا في الهمع.
قوله: "واعلم أن التاء أكثر... إلخ" ولذا قال المصنف: إن التاء أصل للألف، وقيل بالعكس؛ لأن التأنيث بالألف لازم. قال ابن إياز: والذي أرى أن كلًّا منهما أصل على حدته أسقاطي كألف الإلحاق وألف التكثير. قوله: "ليشمل الساكنة" كتاء قامت هند. قوله: "وعكس الكوفيون" قال الدماميني: نظرًا إلى أن الهاء تشبه الألف. اهـ. قال الرضي: وليس -أي: قول الكوفيين- بشيء؛ لأن التاء في الوصل والهاء في الوقف، والأصل هو الوصل لا الوقف. قوله: "لأنه الأصل" لأصالة التذكير دليلان؛ أحدهما: أنه ما من مذكر ولا مؤنث إلا ويطلق عليه شيء وشيء مذكر، والثاني: أنه لا يفتقر إلى زيادة، والتأنيث لا يحصل إلا بزيادة، ولا يتحقق التذكير والتأنيث إلا في الأسماء إذا قصد مدلولها، فإن قصد لفظ الاسم جاز تذكيره باعتبار اللفظ وتأنيثه باعتبار الكلمة، وكذا الفعل والحرف وحرف الهجاء، ويجوز فيه الوجهان بالاعتبارين. وذهب الفراء إلى أن تذكير حروف الهجاء لا يجوز إلا في الشعر. دماميني.
قوله: "وفي أَسَام" جمع أسماء التي هي جمع اسم فهي جمع الجمع. قوله: "وقدروا التا" قال الرضي: ولا يقدر غيرها؛ لأن وضعها على العروض والانفكاك، فيجوز أن تحذف وتقدر. اهـ. ولما مر من أن التاء أكثر وأظهر دلالة من الألف. قوله: "ويعرف التقدير" أي: تقدير التاء في الاسم.
قاعدة: ما لا يتميز مذكره عن مؤنثه، فإن كان فيه التاء فهو مؤنث مطلقًا؛ كالنملة والقملة للمذكر والمؤنث، وإن كان مجردًا من التاء فهو مذكر مطلقًا؛ كالبرغوث للمذكر والمؤنث، قاله أبو حيان.
قوله: "بالضمير" أي: بعود الضمير على الكلمة مؤنثًا نحو: {النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا}، {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا}، {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} فالنار والحرب والسلم مؤنثات لتأنيث ضميرها. قوله: "كالرد في التصغير" نحو: عيينة وأذينة مصغر عين وأذن من الأعضاء المزدوجة، فإن التصغير يرد الأشياء إلى أصولها، وغير المزدوج مذكر كالرأس والقلب. اهـ تصريح. وما ذكره أغلبي وإن أقره أرباب الحواشي، فمن المزدوج الحاجب والصدغ والخد واللحى والمرفق والزند والكوع والكرسوع، وهي مذكرة كما في المصباح. وقد عد الفارضي مما يُذكر ويؤنث الإبط وهو(4/134)
ولا تَلِي فارقةً فَعُولا أصلًا ولا المفعالَ والمِفْعِيلَا
كذاك مِفْعَلٌ وما تليه تا الفرق من ذي فشذوذٌ فيه
ومن فَعِيلٍ كقَتِيلٍ إن تَبِعْ موصوفَهُ غالبًا التا تَمْتَنِعْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معناها، ووجودها في فعله وسقوطها من عدده، وتأنيث خبره أو نعته أو حاله، والأمثلة واضحة.
"ولا تلي فارقة فعولا أصلا ولا المفعال والمفعيلا" أي: لا تلي التاء هذ الأوزان فارقة بين المذكر والمؤنث، فيقال: هذا رجل صبور ومهذار ومعطير، وهذه امرأة صبور ومهذار ومعطير. وفُهم من قوله: "ولا تلي فارقة" أنها قد تلي غير فارقة كقولهم: ملولة وفروقة، فإن التاء فيهما للمبالغة؛ ولذلك تلحق المؤنث والمذكر. واحترز بقوله: أصلًا عن فعول بمعنى مفعول، فإنه قد تلحقه التاء نحو: أكولة بمعنى مأكولة، وركوبة بمعنى مركوبة، وحلوبة بمعنى محلوبة، وإنما كان فعول بمعنى فاعل أصلًا؛ لأن بنية الفاعل أصل. وقال الشارح: لأنه أكثر من فعول بمعنى مفعول فهو أصل له.
"كذاك مفعل" أي: لاتليه التاء فارقة، فيقال: رجل مغشم وامرأة مغشم "وما تليه تا الفرق من ذي" الأوزان الأربعة "فشذوذ فيه" نحو: عدو وعدوة، وميقان وميقانة، ومسكين ومسكينة. وسمع امرأة مسكين على القياس، حكاه سيبويه "ومن فعيل" بمعنى مفعول "كقتيل" بمعنى مقتول وجريح بمعنى مجروح "إن تبع موصوفه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مزدوج والعنق واللسان والقفا، وهي غير مزدوجة، وعد مما يؤنث الكبد والكرش، وهما غير مزدوجين، وعد في المصباح مما يذكر ويؤنث العضد وهو مزدوج قال: والذراع مؤنث. قال الفراء: وبعض العرب عكل تذكره فتقول هو الذراع. اهـ. قال الدماميني: وهذه العلامة -يعني التصغير- تختص بالثلاثي. قال الشاطبي: وكذا الرباعي إذا صغر تصغير الترخيم نحو: عنيقة في عناق، وذريعة في ذراع.
قوله: "إلى ما هي فيه حسا" متعلق برد أي كرد الاسم في حال تصغيره إلى اسم تلك التاء فيه لفظًا كفاطمة، ومعنى رده إليه جعله مثله في ظهور التاء، ويحتمل أن معنى كلام المصنف كرد التاء إلى الاسم في حال تصغيره؛ بل هذا أسهل مما صنع الشارح. قوله: "وما في معناها" أي: ما في معنى ذي من بقية إشارات المؤنث. قوله: "ووجودها في فعله" أي: الفعل المسند إليه نحو: {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ}. قوله: "وسقوطها من عدده" نحو: ثلاث قسى. قوله: "فارقة" حال من فاعل تلي. وقوله: "أصلا" حال من فعول. قوله: "ومهذار" بالذال المعجمة كثير الهذيان في منطقة. زكريا. قوله: "ومعطير" أي: طيب الرائحة. قوله: "ملولة" من الملل؛ وهو السآمة، وفروقة من الفرَق بفتح الراء وهو الخوف. زكريا. قوله: "فإن التاء فيهما للمبالغة" وقال الرضي: للنقل إلى الاسمية. اهـ. ومقتضاه أنهما غلبت عليهما الاسمية وصارا اسمين وقد يتوقف فيه. قوله: "فإنه قد تلحقه التاء" يفيد أن إلحاقها له غير واجب بل قليل، وقد يتوقف في القلة. قوله: "مغشم" بغين وشين معجمتين هو الذي لا ينتهي عما يريده ويهواه لشجاعته. تصريح. قوله: "وما" مبتدأ أول و"شذوذ" مبتدأ ثانٍ، والمسوغ وقوعه بعد الفاء، وفيه خبر المبتدأ الثاني، والجملة خبر المبتدأ الأول.
قوله: "نحو عدو وعدوة" بمعنى مَن قام به العداوة، فإن أريد به مَن وقعت عليه العداوة فلا شذوذ. قوله: "وميقان" من اليقين؛ وهو عدم التردد، يقال: رجل ميقان أي: لا يسمع شيئًا إلا أيقنه. قوله:(4/135)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غالبًا التا تمتنع" فيقال: رجل قتيل وجريح، وامرأة قتيل وجريح. والاحتراز بقوله: "كقتيل" من فعيل بمعنى فاعل نحو: رحيم وظريف، فإنه تلحقه التاء فتقول: امراة رحيمة وظريفة، وبقوله: "إن تبع موصوفه" من أن يستعمل استعمال الأسماء غير جارٍ على موصوف ظاهر ولا منوي لدليل فإنه تلحقه التاء نحو: رأيت قتيلًا وقتيلة؛ فرارًا من اللبس. ولو قال: ومن فعيل كقتيل إن عُرف موصوفه غالبًا التا تنحَذِف
لكان أجود؛ ليدخل في كلامه نحو: رأيت قتيلًا من النساء، فإنه مما يحذف فيه التاء للعلم بموصوفه؛ ولهذا قال في شرح الكافية: فإن قصدت الوصفية وعلم الموصوف جرد من التاء. وأشار بقوله: "غالبًا" إلى أنه قد تلحقه تاء الفرق حملًا على الذي بمعنى فاعل؛ كقول العرب: صفة ذميمة، وخصلة حميدة، كما حمل الذي بمعنى فاعل عليه في التجرد نحو: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [الأعراف: 56]، {قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: 78].
تنبيه: الأصل في لحاق التاء الأسماء إنما هو تمييز المؤنث من المذكر، وأكثر ما يكون ذلك في الصفات نحو: مسلم ومسلمة، وظريف وظريفة، وهو في الأسماء قليل نحو:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"ومن فعيل" متعلق بتمتنع، وكقتيل حال. قوله: "إن تبع موصوفه" قال ابن هشام: لا يريد الموصوف الصناعي بل المعنوي؛ لأنك في نحو: هند قتيل لا تلحق التاء، مع أن قتيل خبر لا نعت. سيوطي. قوله: "غالبًا" أي: في الغالب، ويؤخذ من صنيعه أن لحوق التاء فعيلا بمعنى مفعول خلاف الغالب لا شاذ بخلاف لحوق التاء للأوزان الأربعة السابقة فشاذ. قوله: "غير جارٍ" حال مفسرة لاستعمال الأسماء. وقوله: لدليل متعلق بمنوي. قوله: "فرارًا من اللبس" أي: لبس المذكر بالمؤنث. قال ابن هشام: هذا التعليل موجود في بقية الصفات إذا قلت: رأيت صبورًا أو شكورًا أو نحو ذلك، ولم يفرقوا فيه بين الجري على موصوف وعدم الجري عليه، فإن كان ما قالوه في فعيل بالقياس فالجميع سواء، وإن كان مستندهم السماع -وهو الظاهر- فلا إشكال. سيوطي. قوله: "لكان أجود... إلخ" أجاب عنه سم بأن المراد بتبعيته موصوفة أن يذكر معه في الكلام فيكون تابعًا له في المعنى وبأنه مفهوم بالموافقة. قوله: "ولهذا" أي: لكون المدار على علم الموصوف لا التبعية.
قوله: "فإن قصدت الوصفية" بأن لم يستعمل استعمال الأسماء الجامدة. قوله: "وعلم الموصوف" يدخل في ذلك ما إذا علم الموصوف بإشارة إليه أو ضمير يعود إليه أو نحو ذلك. سم. قوله: "{قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ}" هذا بناء على أن رميم بمعنى فاعل، وقيل: بمعنى مفعول أي: مرموم. فارضي. قوله: "وأكثر ما يكون ذلك في الصفات" أي: المشتركة بين المذكر والمؤنث. أما الصفات المختصة بالمؤنث فالغالب ألا تلحقها التاء إن لم يقصد فيها معنى الحدوث كحائض وطالق ومرضع؛ لعدم الحاجة بأمن اللبس، فإن قصد معنى الحدوث فالتاء لازمة كحاضت فهي حائضة وطلقت فهي طالقة، وقد تلحقها التاء وإن لم يقصد الحدوث، كذا في(4/136)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رجل ورجلة، وامرئ وامرأة، وإنسان وإنسانة، وغلام وغلامة، وفتى وفتاة. وتكثر زيادة التاء لتمييز الواحد من الجنس في المخلوقات نحو: تمر وتمرة، ونخل ونخلة، وشجر وشجرة، وقد تزاد لتمييز الجنس من الواحد نحو: جبأة وجبء، وكمأة وكمء، ولتمييز الواحد من الجنس في المصنوعات نحو: جر وجرة، ولبن ولبنة، وقلنسو وقلنسوة، وسفين وسفينة. وقد يجاء بها للمبالغة كراوية لكثير الرواية، ولتأكيد المبالغة كعلَّامة ونسَّابة. وقد تجيء معاقبة لياء مفاعيل كزنادقة وجحاجحة. فإذا جيء بالياء لم يجأ بها، بل يقال: زناديق، وجحاجيح، فالياء والهاء متعاقبان. وقد يجاء بها دالة على النسب كقولهم: أشعثي وأشاعثة، وأزرقي وأزارقة، ومهلبي ومهالبة. وقد يجاء بها دالة على تعريب الأسماء المعجمة نحو: كَيْلجة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التسهيل وشرحه والرضي وتصرف البعض فيه بما كدره. قوله: "وهو في الأسماء قليل" ولا يقاس عليه. قوله: "وإنسانة" هذا ليس بعربي؛ بل من تصرف العامة، كما يستفاد من الصحاح وغيره، والعربي أن يقال للأنثى أيضًا: إنسان، أفاده سم.
قوله: "وتكثر زيادة التاء... إلخ" المراد بزيادتها زيادتها على أصول الكلمة لا استواء وجودها في الكلمة وعدمها، وقد يؤخذ من صنيعه أن التاء في نحو: شجرة ونخلة ليست للتأنيث؛ بل لتمييز الواحد من الجنس فقط، وهو مسلم إن أريد بالتأنيث المنفي التأنيث الحقيقي لا الأعم، فإنها مع كونها للتمييز هي للتأنيث المجازي أيضًا بدليل تأنيث ضميرها وصفتها ونحوهما، وكان اقتصار الشارح على التمييز؛ لأنه المقصود، ولانفهام التأنيث من كون الكلام في تاء التأنيث.
قوله: "لتمييز الواحد" فتكون داخلة على الواحد. قوله: "لتمييز الجنس" فتكون داخلة على الجنس. قوله: "نحو جبأة" بفتح الجيم وسكون الموحدة بعدها همزة ضرب من الكمأة أحمر. انتهى تصريح. وما ذكره الشارح من كون جبأة وكمأة للجنس وجبء وكمء للواحد هو ما عليه الأكثرون، وقيل بالعكس، أفاده الدماميني. قوله: "وقلنسو" الذي بخط الشارح في شرح التوضيح ما نصه: وقلنس وقلنسوة، وأصل قلنس قلنسو كسرت السين وقلبت الواو ياء. اهـ. أي: وحذفت الياء لالتقاء الساكنين، وما في شرح التوضيح هو الصواب الذي لم يُذكر في القاموس سواه، وعلل تصريفها بما مر بأنه ليس في الأسماء العربية اسم معرب آخره واو قبلها ضمة.
قوله: "كراوية... إلخ" وإنما أنثوا المذكر؛ لأنهم أرادوا أنه غاية في ذلك، والغاية مؤنثة. تصريح. "معاقبة لياء مفاعيل" أي: لكونها عوضًا منها. قوله: "وجحاجحة" جمع جحجاح بتقديم الجيم المفتوحة على الهاء المهملة الساكنة وهو السيد. قوله: "أشعثي وأشاعثة" بشين معجمة وعين مهملة وثاء مثلثة، فالتاء للدلالة على أن واحد هذا الجمع منسوب، وذلك أنهم لما أرادوا أن يجمعوا المنسوب جمع تكسير وجب حذف ياء النسب؛ لأن ياء النسب والجمع لا يجتمعان، فلا يقال في النسب إلى رجال: رجالي؛ بل رجلي، فحذف ياء النسب ثم جمع وأتي بالتاء بدلًا من الياء، وإنما أبدلت منها لتشابه التاء والياء في كونهما للوحدة كتمرة وزنجي، وللمبالغة كعلامة ودواري، وفي كونهما يزادان لا لمعنى كطلحة وكرسي، كذا في الرضي. قوله: "وأزرقي" بزاي فراء فقاف(4/137)
وأَلِفُ التأنيثِ ذاتُ قَصْرِ وذاتُ مَدٍّ نحو أنثَى الغُرِّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكيالجة، ومَوْزَج وموازجة، والكيلجة مقدار من الكيل معروف، والموزج: الخف. وقد تكون لمجرد تكثير حروف الكلمة كما هي في نحو: قرية وبلدة وغرفة وسقاية، وتجيء عوضًا من فاء نحو: عدة، أو من عين نحو: إقامة، أو من لام نحو: سنة. وقد عوضت من مدة تفعيل في نحو: تزكية وتنمية وتنزية، وقد تكون التاء لازمة فيما يشترك فيه المذكر والمؤنث كربعة للمعتدل القامة من الرجال والنساء، وقد تلازم ما يخص المذكر كرجل بُهمة وهو الشجاع. وقد تجيء في لفظ مخصوص بالمؤنث لتأكيد تأنيثه كنعجة وناقة، ومنه نحو: حجارة وصقورة وخؤولة وعمومة، فإنها لتأكيد التأنيث اللاحق للجمع.
"وألف التأنيث ذات قصر وذات مد نحو أنثى الغر" أي: غراء، والمقصورة هي الأصل؛ فلهذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: "ومهلي" بضم الميم وفتح الهاء وتشديد اللام مفتوحة، والأشعثي والأزرقي والمهلي منسوبون إلى محمد بن عبد الرحمن بن الأشعث بن قيس ونافع الأزرق والمهلب بن أبي صفرة. دماميني. قوله: "على تعريب الأسماء المعجمة" أي: استعمال العرب إياها مع نوع تغيير لها عما كان لها في العجمية.
قوله: "نحو: كيلجة" بكاف مفتوحة فتحتية ساكنة فلام مفتوحة فجيم، وعبارة السيوطي في الهمع: وكيالجة جمع كيلج. لكن ما في الشرح هو ما في القاموس. قوله: "وموزج" بفتح الميم وسكون الواو وفتح الزاي بعدها جيم. اهـ تصريح. قوله: "لمجرد تكثير حروف الكلمة" أي: للتكثير المجرد عما تقدم فلا ينافي أنها فيما يذكره من الأمثلة لتأنيث الكلمة أيضًا كما نقله شيخنا عن المصنف فاندفع اعتراض البعض. قوله: "وتنزية" بزاي بعد نون أي: تحريك. قوله: "كرجل بُهمة" بضم الموحدة فسكون الهاء، ولعل اختصاص المذكر به من حيث الاستعمال وإلا فالمعنى وهو الشجاعة كما يكون في المذكر يكون في المؤنث، فتدبر، ثم رأيته في الدماميني. ثم قال الدماميني: وإنما جاز ذلك لأنه صفة لمؤنث مقدر؛ إذ الأصل نفس بهمة، كما ذكر حائض؛ نظرًا إلى أنه صفة لمذكر مقدر، والأصل شخص حائض، وإن لم يستعملوه.
قوله: "وخؤولة وعمومة" نظر فيه شيخنا وتبعه البعض بأن الخؤولة والعمومة مصدران لا جمعان، كما قاله الدماميني. وعندي في التنظير نظر؛ فقد صرح في القاموس بأنهما جمعا خال وعم أيضًا.
فائدة: قال في الهمع: قد يُذكر المؤنث وبالعكس حملًا على المعنى نحو قوله: ثلاثة أنفس وثلاث ذود
ذكر الأنفس بإلحاق التاء في عددها حملًا على الأشخاص، وسمع: جاءته كتابي فاحتقرها، أنث الكتاب حملًا على الصحيفة، ومن تأنيث المذكر حملًا على المعنى تأنيث المخبر عنه لتأنيث الخبر؛ كقوله تعالى: "ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا" في قراءة من نصب "فتنتهم" خبر "تكن"، وقوله تعالى: "قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَيْتَةً" في قراءة من قرأ "تكون" بالفوقية و"ميتة" بالنصب.
قوله: "وذات مد" يصح عندي إجراؤه على قول البصريين أن ألف التأنيث هي الألف الثانية المنقلبة همزة، وعلى قول الزجاج والكوفيين أنها الهمزة من غير(4/138)
والاشتهارُ في مباني الأَوْلَى يُبْدِيه وَزْنُ أرَبَى والطُّولَى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قدمها.
"والاشتهار في مباني الأولى" أي: المقصورة "يبديه" أي: يظهره أوزان؛ الأول: "وزن" فُعَلى بضم الأول وفتح الثاني نحو "أُرَبَى" للداهية، وأُدَمى وشُعَبى لموضعين. وزعم ابن قتيبة أنها لا رابع لها، ويرد عليه أرنى بالنون لحب يعقد به اللبن، وجُنَفى لموضع، وجُعَبى لعظام النمل.
تنبيه: جعل في التسهيل هذا الوزن من المشترك بين المقصورة والممدودة وهو الصواب، ومنه مع الممدودة اسمًا خُششاء للعظم الذي خلف الأذن، وصفة ناقة عُشراء، وامرأة نُفساء، وهو في الجمع كثير نحو: كرماء وفضلاء وخلفاء. الثاني: فُعْلى بضم الأول وسكون الثاني، ومنه اسمًا بُهْمى لنبت، وصفة نحو: حُبْلى.
"والطولى" ومصدرًا نحو: رُجْعى وبُشْرى. الثالث: فَعَلى بفتحتين، ومنه اسمًا بَرَدَى لنهر بدمشق، وأَجَلَى لموضع، ومصدرًا بَشَكَى وجَمَزَى "ومَرَطَى" يقال: بَشَكت الناقة، وجَمَزت، ومرطت أي: أسرعت، وصفة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انقلاب لها عن ألف، فمعنى كونها "ذات مد" على هذين أنها مصاحبة وتابعة له، وعلى قول الأخفش أن الألف والهمزة معًا للتأنيث، فمعنى كونها "ذات مد" اشتمالها على المد، وغاية ما يلزم على هذا أنه أطلق ألف التأنيث على المجموع ومثله سهل، فحصل بما ذكرنا اندفاع ما ذكره شيخنا والبعض وأقرَّاه من الاعتراض بأن قوله: وذات مد، يقتضي أن ألف التأنيث في نحو: حمراء اسم للألف التي بعدها الهمزة؛ لأنها التي تمد، وهذا لم يقل به أحد؛ بل الخلاف منحصر في الأقوال الثلاثة المذكورة.
قوله: "نحو أنثى الغر" أي: نحو اسم أنثى الغر. سم. أي: ألف اسم... إلخ. قوله: "والاشتهار" مبتدأ، و"في مباني الأولى" أي: الألفاظ التي هي فيها حال من الهاء في يبديه أو من الاشتهار على مذهب سيبويه، ويبديه... إلخ خبر، وفي كون هذه الأوزان كلها مشتهرة نظر، ففي التوضيح أنَّ وزن أُرَبَى نادر، وفي شرحه أنه شاذ، وفي شرح العمدة أن سمهى وخليطي وشقارى من الأبنية الشاذة، ويجاب بأن الحكم بالاشتهار على الأوزان التي ذكرها باعتبار مجموعها لا جميعها. وأراد بـ"مباني الأولى" ما يكون لها أعم من أن يكون لغيرها أيضًا أو لا فلا ينافى الاشتراك في بعضها.
قوله: "أوزان" أي: اثنا عشر. قوله: "وأدمى" بالدال المهملة، و"شعبى" بشين معجمة فعين مهملة فموحدة. قوله: "بالنون" أي: بعد الراء. قوله: "وجنفى" بجيم فنون ففاء، وقوله: لموضع تبع فيه التوضيح والصحاح وفي القاموس وشرح الشارح على التوضيح أنه اسم ماء لفزارة، وأن الجوهري وهم فقال: اسم موضع. قوله: "وجعبى" بجيم فعين مهملة فموحدة. وقوله: لعظام النمل أي: لكباره، فهو جمع عظيم لا عظم، كما في التصريح. قوله: "خششاء" بخاء معجمة وشينين معجمتين، وعبارة القاموس الخشاء بالضم العظم الناتئ خلف الأذن، وأصلها الخششاء، وهما خششاوان.
قوله: "بُهمى" بالباء الموحدة. قوله: "بردى" بموحدة فراء فدال مهملة. قوله: "وأجلى" بالجيم فاللام. وقوله: لموضع عبارة القاموس وأجلى كجمزى مرعى لهم معروف. قوله: "بشكى" بموحدة فشين معجمة فكاف. قوله: "وجمزى" بجيم فميم فزاي. قوله: "يقال: بشكت الناقة... إلخ" الأفعال الثلاثة على وزن ضرب. وقوله: "أي أسرعت" راجع للثلاثة. قوله:(4/139)
ومَرَطَى ووزن فَعْلَى جَمْعَا أو مصدرًا أو صفة كشَبْعَى
وكحُبَارَى سُمَّهَى سِبَطْرَى ذِكْرَى وحِثِّيثَى مَعَ الكُفُرَّى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كحيَدى.
تنبيه: عد في التسهيل هذا الوزن من المشترك، ومنه مع الممدودة قرَماء وجَنفاء لموضعين، وابن دَأثاء وهي الأمة، ولا يحفظ غيرها. الرابع: فَعْلى بفتح الأول وسكون الثاني، وقد أشار إليه بقوله: "ووزن فعلى جمعا" نحو: جرحى "أو مصدرًا" نحو: نجوى "أو صفة" لأنثى فعلان "كشبعى" فإن كان فعلى اسمًا لم يتعين كون ألفه للتأنيث ولا قصرها؛ بل قد تكون مقصورة كسلمى ورضوى، وتكون ممدودة كالعوَّاء وهي منزلة من منازل القمر، وفيها القصر والمد، وتكون للتأنيث -كما مر- وللإلحاق، ومما فيه الوجهان: أرطى وعلقى وتترى. الخامس: فُعالى بضم أوله ويكون اسمًا كسُمَانَى "وكحُبارى" لطائرين. وجمعًا كسُكارَى، وزعم الزبيدي أنه جاء صفة مفردًا، وحكى قولهم: جمل عُلادى. السادس: فُعَّلى بضم الأول وتشديد الثاني مفتوحًا نحو "سمهى" للباطل. السابع: فِعَلى بكسر الأول وفتح الثاني وتسكين الثالث نحو: "سِبَطْرَى" ودِفَقَّى لضربين من المشي. الثامن: فِعْلَى بكسر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"كحيدى" يقال: حمار حيدى بحاء مهملة فتحتية فدال مهملة أي: يحيد عن ظله لنشاطه، ولم يجئ نعت مذكر على فعلى غيره كما في الصحاح والقاموس. قوله: "قرماء" بقاف فراء قال في القاموس: وقرمى كمجزى وتمد موضع باليمامة، وخطأ في موضع آخر الجوهري في جعله بالفاء. قوله: "وجنفاء" لغة في جنفى السابق. قال الشارح على التوضيح: وفي لغة ثالثة وهي جنفاء كحمراء، وذكر في القاموس له لغات خمسًا. فقال: كجمزى وأربى ويمدان وكحمراء. اهـ. قوله: "وابن دأثاء" بدال مهملة فهمزة فمثلثة، وعبارة القاموس: الدأثاء وتحرك الأمة، والجمع دأث محركة مخففة، وابن دأثاء الأحمق والذاهب الأصول. اهـ.
قوله: "ووزن فعلى" هو من الأوزان المشتركة "قوله: ولا قصرها... إلخ" لا وجه لتخصيص فعلى اسمًا بذلك لجريانه في فعلى صفة أيضًا فإنه لا يتعين قصرها؛ بل قد تكون مقصورة كسكرى وممدودة كحمراء، فتأمل. قوله: "ورضوى" براء فضاد معجمة علم جبل. قوله: "وما فيه الوجهان" كون الألف للتأنيث وكونها للإلحاق، والوجهان مبنيان على الصرف وعدمه، فمن صرف قدر الألف للإلحاق، ومن منع قدرها للتأنيث. تصريح. قوله: "أرطى وعلقى وتترى" الأرطى شجر ينبت في الرمل يدبغ به الأديم، والعلقى نبت، والتترى قال في القاموس: جاءوا تترى، وينون وأصلها وترى متواترين. قوله: "وكحبارى" اسم طائر للمذكر والمؤنث والواحد والجمع، وهو أشد الطير طيرانًا، وولدها يسمى النهار وفرخ الكروان يسمى الليل. فارضي. قوله: "جمل علادى" بعين مهملة أوله ودال مهملة قبل آخره كما بخط الشارح أي: شديد، ويوجد في نسخ علاوى بالواو، وهو تحريف من الناسخ.
قوله: "ودفقى" بدال مهملة ففاء فقاف "لضربين من المشي" فالأول: مشية فيها تبختر(4/140)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأول وسكون الثاني مصدرًا نحو: "ذكرى" وجمعًا نحو: حِجْلى وظِرْبَى جمع حجلة وظربان -على وزن قطران- وهي دويبة تشبه الهرة منتنة الفسو، ولا ثالث لهما في الجموع. فإن كان فِعْلى غير مصدر أو جمع لم يتعين كون ألفه للتأنيث؛ بل إن لم ينون في التنكير فهي للتأنيث نحو ضئرى -بالهمز- وهي القسمة الجائرة، والشيزى وهو خشب يُصنع منه الجفان، والدفلى وهو شجر، وإن نون فألفه للإلحاق نحو: رجل كِيصى وهو المولع بالأكل وحده، وعِزهى وهو الذي لا يلهو. وإن كان ينون في لغة ولا ينون في أخرى ففي ألفه وجهان نحو: ذِفرى وهو الموضع الذي يعرق خلف أذن البعير، والأكثر فيه منع الصرف، ومنهم أيضًا من نوَّن دفلى، وعلى هذا فتكون ألفه للإلحاق. التاسع: فِعِّيلى بكسر الأول والثاني مشددًا نحو: هِجِّيرَى للعادة "وحِثِّيثَى" مصدر حث، ولم يجئ إلا مصدرًا.
تنبيه: عد هذا الوزن في التسهيل من المشترك، وقد سمع منه مع الممدودة قولهم: هو عالم بدخيلائه أي: بأمره الباطن، وخصيصاء للاختصاص، وفخيراء للفخر، ومكيناء للتمكن، وهذه الكلمات تمد وتقصر. وجعل الكسائي هذا الوزن مقيسًا، والصحيح قصره على السماع.
العاشر: فُعُلَّى بضم الأول والثاني وتشديد الثالث نحو: حُذُرَّى وبذرى من الحذر والتبذير "مع الكُفُرَّى" وهو وعاء الطلع، وهو بفتح الثاني أيضًا مع تثليث الكاف.
تنبيه: حكي في التسهيل سُلَحْفاء بالمد، وحكاه ابن القطاع، فعلى هذا يكون من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والثاني: مشية فيها تدفق وإسراع. تصريح. قوله: "حجلى" بحاء مهملة فجيم. قوله: "وظربى" بظاء معجمة فراء فموحدة. قوله: "جمع حجلة" بفتحات اسم طائر. قوله: "ضئزى" بتحتية بعد الضاد المعجمة أو بهمزة ويثلث أوله إذا همز، أفاده في القاموس، وبه يعلم أن تقييد الشارح بقوله: بالهمز، ليس في محله. قوله: "والشيزى" بشين معجمة فتحتية فزاي. قوله: "والدفلى" بدال مهملة ففاء فلام. وقوله: "وهو شجر" عبارة القاموس: وهو نبت مر. قوله: "كيصى" بكاف فتحتية فصاد مهملة، ويجوز فتح كافه، قال في القاموس: فلان كيصى كعيسى وينون، وكسكرى يأكل وحده وينزل وحده، ولا يهمه غير نفسه. اهـ. ومنه يعلم أن كيصى مما في ألفه وجهان لا للإلحاق فقط كما صنع الشارح وأقره الحواشي. قوله: "وعزهى" بعين مهملة فزاي. قوله: "ذفرى" بذال معجمة ففاء فراء. وقوله: "وهو الموضع... إلخ" فسره في القاموس بالعظم الشاخص خلف الأذن من جميع الحيوان.
قوله: "ومنهم أيضًا... إلخ" أيضًا مقدمة من تأخير، والأصل منهم من نون دفلى أيضًا، وقد يقال: كان المناسب حينئذ ألا يذكر دفلى في القسم الأول أعني: ما لا ينون عند التنكير فتكون ألفه للتأنيث وجهًا واحدًا، ويقتصر على ذكره في القسم الأخير أعني: ما ينون في لغة دون لغة. قوله: "مصدر حث" أي: على غير قياس. قوله: "حذرى وبذرى" الأول بحاء مهملة وذال معجمة والثاني بموحدة فذال معجمة. قوله: "سلحفاء" بسين مهملة مضمومة فلام مفتوحة فحاء مهملة ساكنة ففاء فألف التأنيث الممدودة دويبة معروفة. دماميني. وقضية صنيع الشارح أنه بضم اللام؛ لكن(4/141)
كَذَاكَ خُلَّيْطَى مع الشُّقَّارَى واعْزُ لغيرِ هذه استِنْدَارا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأوزان المشتركة. وحكى الفراء سلحفاة، وظاهره أن ألف السلحفاة ليست للتأنيث إلا أن يجعل شاذًّا مثل بهماة. الحادي عشر: فُعَّيْلَى بضم الأول وفتح الثاني مشددًا نحو: قُبَّيْطَى للناطف "كذاك خُلَّيْطَى" للاختلاط، ولُغَّيْزَى للُّغَزِ.
تنبيه: سمع منه مع الممدودة هو عالم بدحيلائه، ولم يسمع غيره. الثاني عشر: فُعَّالَى بضم الأول وتشديد الثاني نحو: خُبَّازَى "مع الشُّقَّارَى" لنبتين، وخُضَّارَى لطائر "واغز" أي: انسب "لغير هذه" الأوزان في مباني المقصورة "استندارا" فمما ندر فَعْيَلى كخَيْسرى للخسارة، وفَعْلَوى كهَرْنَوى لنبت، وفعولى كقَعْوَلى لضرب من مشي الشيخ، وفيْعُولى كفَيْضُوضى، وفَوْعُولى كفَوْضُوضى للمفاوض، وفُعَلايا كبُرَحايا للعجب، وأفعلاوى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صنيع القاموس يؤيد الأول، فتأمل. قوله: "ليست للتأنيث" لأن ألف التأنيث لا يتلوها تاء التأنيث؛ إذ لا يجتمع علامتا تأنيث. قوله: "مثل بهماة" أي: في اجتماع العلامتين فيه شذوذًا فقد تقدم أن بهمى لنبت ألفه للتأنيث، وقيل: للإلحاق. قوله: "قبيطي" بقاف فموحدة فتحتية فطاء مهملة، ويقال: القباطي، والقبيط بضم القاف وتشديد الباء فيهما والقبيطاء كحميراء، قاله في القاموس. وقوله: "للناطف" بنون وطاء مهملة وفاء نوع من الحلوى. قوله: "للغز" بضم اللام وفتح الغين المعجمة وتسكن وبضمتين وبفتحتين ويقال: لغيزاء كحميراء.
قوله: "خبازى" بضم الخاء المعجمة وتشديد الموحدة وقبل آخره زاي، وقد تخفف ويقال: الخباز والخبازة والخبيز، قاله في القاموس. قوله: "وخضارى" بالخاء والضاد المعجمتين. وقوله: "لطائر" عبارة القاموس: الخضارى كغرابى طائر وكالشقارى نبت. اهـ. وبه يعلم ما في كلام الشارح من الخلل وإن أقره الحواشي.
قوله: "واعز لغير هذا استندارا" ينبغي حمل هذه الإضافة على الجنس، فلا تقتضي العبارة ثبوت الندرة لكل أفراد الغير. فإن قلت: لم يذكر المصنف نظير ما هنا في الممدودة فقضيته أنه لا مستندر فيها. قلت: ذلك غير لازم لجواز أن يكون التخصيص لكثرة النادر هنا وقلته هناك، أو أن يكون نبه بهذا على نظيره هناك. اهـ سم. وبحمل الإضافة على الجنس يندفع تنظير الشارح الآتي. قوله: "كخيسرى" بفتح الخاء المعجمة وسكون التحتية وفتح السين المهملة وتخفيف الراء. قوله: "كهرنوى" بفتح الهاء وسكون الراء وفتح النون بعدها واو مخففة، قيل: واوه أصلية فوزنه فعللى، وقيل: زائدة فوزنه فعلوى. قوله: "كقعولى" بفتح القاف وسكون العين المهملة وبعد الواو لام مخففة، وعبارة الفارضي: كقوعلى بقاف وعين مهملة، قال الشاعر: قاربت أمشي القوعلى والفنجلة
اهـ. ولكن ما في الشرح هو ما في الهمع والتسهيل وغيرهما. قوله: "كفوضوضى" بفاء فتحتية فضادين معجمتين بينهما واو يقال: أموالهم فيضوضا وفوضوضا بينهم بالقصر والمد فيهما أي: هم شركاء فيها يتصرف كل منهم في مال الآخر، وفوضى كسكرى أيضًا، ويقال: قوم فوضى أي: متساوون لا رئيس لهم، أو متفرقون، أو مختلط بعضهم ببعض، كذا في حاشية شيخنا نقلًا عن عبد القادر. وعبارة القاموس: أمرهم فيضيضى بينهم وفيضوضى ويمدان وفيوضى بالفتح أي: فوضى(4/142)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كأربعاوى لضرب من مشي الأرنب، وفَعَلوتى كرهبوتي للرهبة، وفعْلَلولى كحَندَقوقى لنبت، وفعَيَّلى كهَبيَّخَى لمشية بتبختر، ويَفْعَلى كيَهْيَرَى للباطل، وإفْعلى كإيجلَّى، ومَفْعلَّى كمَكْورَّى للعظيم الأرنبة، ومُفِعلَّى كمُكِورَّى للعظيم الروثة من الدواب، ومِفعلَّى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اهـ. وقال قبل ذلك: المفاوضة الاشتراك في كل شيء والمساواة والمجاراة في الأمر. اهـ. ويؤخذ مما ذكر أن معنى قول الشارح للمفاوضة للمفاوض فيه. قوله: "كبرحايا" بضم الباء وفتح الراء والحاء المهملة بعدها ألف فمثناة تحتية فألف كلمة تعجب، ولم يجئ غيرها على وزنها. اهـ عبد القادر. ويؤخذ منه أن قول الشارح للعَجَب بفتح العين والجيم ويؤيده قول القاموس أبرحه أعجبه. اهـ. وقول ابن عقيل في شرح التسهيل: ومعناه العجب يقال: ما أبرح هذا الأمر أي: ما أعجبه. اهـ. لا بضم العين وسكون الجيم بمعنى الكِبْر كما توهمه البعض.
قوله: "كأربعاوى لضرب من مشي الأرنب" في كلامه خلل، وبيانه أن المفسر بضرب من مشي الأرنب إنما هو أربعى، وأما أربعاوى قال الشمني: بضم الهمزة والباء الموحدة. وقال المرادي: بفتح الهمزة وضم الباء فهي قعدة المتربع. وفي القاموس: وقعد الأربعاء والأربعاوي بضم الهمزة والباء فيهما أي: متربعًا. اهـ عبد القادر. وعبارة السيوطي في الهمع: وأفعلاوى بالفتح وضم العين نحو: أربعاوى لقعدة المتربع وبفتح الهمزة. قال الدماميني أيضًا: وقول عبد القادر إنما هو أربعى أي: بضم الهمزة وفتح الموحدة كما في ابن عقيل على التسهيل. قوله: "كرهبوتي" بفتح الراء والهاء وضم الموحدة وبعد الواو فوقية اسم للرهبة كرغبوتي للرغبة. قوله: "كحندقوقى" بفتح الحاء والدال المهملتين بينهما نون وضم القاف الأولى وبكسر الحاء وبكسرها والدال وبفتح الدال والقاف الأولى مع فتح الحاء وكسرها وفي نونها قولان: أصلية فوزن الكلمة فعللولى، أو زائدة فوزنها فنعلولى. اهـ همع وعبد القادر باختصار غير مخل. كما فعل البعض، وبه يعلم أن الشارح جرى على القول بأصالة النون، وهو ما يفيده صنيع القاموس.
قوله: "كهبيخى" بفتح الهاء والموحدة والتحتية المشددة والخاء المعجمة. قوله: "كيهيرى" بفتح التحتيتين بينهما هاء ساكنة وقبل آخره راء مشددة. وقوله: "للباطل" عبارة القاموس: اليهيرى مقصورًا مشددًا الماء الكثير والباطل ونبات أو شجر زنته يفعلى أو فعيلى أو فعللى.
قوله: "كإيجلى" قال الفارضي: بكسر الهمزة وتشديد اللام. اهـ. وقال الدماميني: بهمزة مكسورة فتحتية فجيم مكسورة فلام اسم موضع. وقال الأصمعي: اسم رجل. اهـ. ونص المرادي في شرح التسهيل على سكون التحتية وكسر الهمزة والجيم، ويخالف ذلك جعل السيوطي في الهمع وزنه إفعلى بكسر الهمزة وفتح العين. قوله: "ومفعلَّى" ذكر الشارح منه ثلاثة أوزان؛ الأول: بفتح الميم كما يؤخذ من ضبط الدماميني مكورى المفسر بعظيم الأرنبة بفتح الميم، وإن قال بعد ذلك: ونقل فيه ضم الميم وكسرها. اهـ. والثاني: بضمها. والثالث: بكسرها كما يؤخذ من ضبط الدماميني مرقدَّى بكسر الميم. والثلاثة بسكون الفاء وتشديد اللام، والأولان منها بفتح العين والأخير بكسرها، كما يؤخذ من الدماميني، فعلم ما في كلام شيخنا والبعض. قوله: "كمكورَّى" بتشديد الراء في الأول والثاني.(4/143)
لمدِّها فَعْلَاءُ أَفْعِلَاءُ مُثَلَّثَ العَيْنِ وفَعْلَلَاءُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كمرقدَّى للكثير الرقاد، وفَوْعَلى كدَوْدَرَى للعظيم الخصيتين، وفِعللَّى كشِفْصِلَّى لحمل نبت، وفَعَلَيَّا كمَرَحَيَّا للمرح، وفعْلَلايا كبَرْدَرايا، وفوعالَى كحَوْلايا، وهذان لموضعين. وفي كون هذه كلها نادرة نظر.
"لمدِّها" أي: لألف التأنيث الممدودة أوزان مشهورة وأوزان نادرة، وقد ذكر من المشهورة سبعة عشر وزنًا؛ الأول: "فعلاء" كيف أتى: اسمًا كصحراء، أو مصدرًا كرغباء، أو جمعًا في المعنى كطرفاء، أو صفة لأنثى أفعل كحمراء، أو لغيره كديمة هطلاء. والثاني والثالث والرابع "أفعلاء مثلث العين" كأربَعاء وأربُعاء وأربِعاء بفتح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "للعظيم الأرنبة" وأما بغير هذا المعنى فمثلث الميم. قال في القاموس: رجل مكورى ومكور وتثلث ميمهما فاحش مكثار أو لئيم أو قصير عريض. قوله: "كمرقدى" بكسر الميم وسكون الراء وكسر القاف وتشديد الدال المهملة، وهذه الكلمة مما إذا شدد قصر وإذا خفف مد، قاله الدماميني. وفي ابن عقيل على التسهيل: أن الميم تفتح أيضًا. قوله: "للكثير الرقاد" الذي في القاموس: الارقداد الإسراع ورجل مرقدى كمرعزى يسرع في أموره. اهـ.. قوله: "كدودرى" بفتح الدالين المهملتين بينهما واو ساكنة وتشديد الراء. قوله: "كشفصلى" بكسر الشين المعجمة وسكون الفاء وكسر الصاد المهملة وتشديد اللام، وحكى ابن القطاع في شينه الكسر والفتح، قاله الدمامني وغيره، فجعله في نسخ الشرح بالقاف تصحيف. وقوله: "لحمل نبت" بكسر الحاء وسكون الميم أي: طرحه، وفسره بعضهم بنبات يلتوي على الشجر، وذكر في القاموس القولين فقال: نبات يلتوي على الشجر أو ثمره وهو حبٌّ كالسمسم. قوله: "كمرحيَّا" بفتح الميم والراء والحاء المهملة والتحتية المشددة. وقوله: "للمرح" هو شدة الفرح والنشاط، وقيل: مرحيَّا موضع. قوله: "كبردرايا" بموحدة مفتوحة كما في القاموس والدماميني وغيرهما، فقول البعض بمثناة تحتية خطأ، ثم رأيت شيخنا والبعض جزما في باب التصغير بما صوبته عازيًا شيخنا ذلك إلى التصريح فراء ساكنة فدال مهملة مفتوحة فراء فألف فتحتية، وذكر ابن القطاع أن وزنه فعلعايا.
قوله: "كحولايا" بفتح الحاء المهملة وسكون الواو وقبل آخره تحتية، وذكر المرادي في شرح التسهيل وأبو حيان والشمني أن وزنه فعلايا، كذا في عبد القادر وما نقله عن الجماعة هو ما في الدماميني أيضًا، وهو أقرب مما قاله الشارح.
قوله: "لمدها" من إضافة النوع إلى جنسه، فهي على معنى من ومد بمعنى ممدود، أفاده سم. وكلام الشارح يشعر بأنها من إضافة الصفة إلى الموصوف. قوله: "كرغباء" بالراء والغين المعجمة مصدر رغب إليه إذا أراد ما عنده. قوله: "أو جمعًا في المعنى كطرفاء" إنما قال في المعنى؛ لأن فعلاء كطرفاء ليس من أبنية جمع التكسير؛ ولهذا كان الراجح أن طرفاء اسم جنس جمعي لا جمع، والطرفاء بالطاء المهملة والراء والفاء شجر، قال في القاموس: وهي أربعة أصناف؛ منها الأثل، الواحدة طرفاءة وطرفة محركة وبها لقب طرفة بن العبد واسمه عمرو. اهـ. قوله: "أو لغيره" أي: لغير أنثى أفعل كديمة هطلاء فإنه لا يقال: سحاب أهطل؛ بل هَطِل بكسر الطاء أو هطَّال بتشديدها. والديمة المطر الذي ليس فيه رعد ولا برق وهطلاء متتابعة المطر. اهـ زكريا. مع زيادة من عبد القادر؛ وإنما لم يقل: أو لغيرها للتأول بالمذكور.(4/144)
ثم فِعَالَا فُعْلُلَا فَاعُولَا وفَاعِلَاءُ فِعْلِيَا مَفْعُولَا
ومُطْلَق العينِ فعَالَا وَكَذَا مُطْلَق فاءٍ فَعَلاء أُخِذَا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الباء وكسرها وضمها للرابع من أيام الأسبوع، نعم هو بفتح العين من المشترك، ذكره في التسهيل. ومن المقصورة قولهم: أجْفَلى لدعوة الجماعة. "و" الخامس "فعللاء" كعقرَباء لمكان، وهو من المشترك. ومن المقصورة فرتنى اسم امرأة. "ثم" السادس "فِعَالا" كقصاصاء للقصاص كما حكاه ابن دريد، ولا يحفظ غيره. والسابع "فُعْلُلا" بضم الأول كقرفصاء ولم يجئ إلا اسمًا، وحكى ابن القطاع أنه يقال: قعد القرفصى بالقصر، فعلى هذا يكون مشتركًا، ويجوز في ثالثه الفتح والضم. والثامن "فاعولا" كعاشوراء وهو من المشترك. ومن المقصورة بادولى اسم موضع. "و" التاسع "فَاعِلَاء" كقاصعاء لأحد بابي حجرة اليربوع. والعاشر "فِعلَيا" بكسر الأول وسكون الثاني ككبرياء. والحادي عشر "مَفعولَاء" كمشيوخاء لجماعة الشيخوخ. والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر فعالاء وفعيلاء وفعولاء، وإليها أشار بقوله: "ومطلق العين فَعالا" والفاء مفتوحة فيهن؛ ففعالاء نحو بَرَاساء، يقال: ما أدربي أي البراساء هو أول أي الناس هو. وبَراكاء القتال شدته، وقد أثبت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "للرابع من أيام الأسبوع" مبني على الراجح أن أول الأسبوع الأحد وآخره السبت، وقيل: السبت وآخره الجمعة. قوله: "أجفلى" بالجيم والفاء. وقوله: "لدعوة الجماعة" أي: على العموم إلى الطعام، يقال: دعوت القوم الجفَلَى محركة والأجفلى بالقصر والأجفلاء بالمد كما ذكره الدماميني، وإن اقتصر الشارح على القصر دعوتهم عمومًا إلى الطعام ويقابله النقرى بالنون والقاف والراء محركة أي: دعوة قوم على الخصوص. قوله: "فعللاء" بفتح فسكون ففتح. قوله: "كعقرباء" بعين مهملة فقاف فراء فموحدة. وقوله: "لمكان" وقيل: لأنثى العقارب. فارضي. قوله: "فرتنى" بفاء فراء ففوقية فنون. قوله: "فعالًا" بكسر الفاء. قوله: "بضم الأول" أي: والثالث.
قوله: "ويجوز في ثالثه الفتح والضم" أي: على لغة المد كما يستفاد من الهمع. وأما على لغة القصر فيجوز تثليث القاف والفاء كما في القاموس فتقول: القرفصى بضمهما وفتحهما وكسرهما، قال في القاموس: وهي أن يجلس على ألييه ويلصق بطنه بفخذيه ويتأبط كفيه. اهـ. وفي بعض النسخ: التعبير بيكون بدل يجوز والأول أولى؛ لأن فتح الثالث وضمه لم يعلم من كلام ابن القطاع حتى يعطف على المفرع عليه كما يتبادر من نسخة: ويكون... إلخ، ولما مر من أن جواز فتح الثالث وضمه على لغة المد لا القصر كما يتبادر من نسخة: ويكون... إلخ. قوله: "بادولى" بموحدة مهملة ولام، وفي القاموس أن في الدال الفتح والضم. قال الدماميني: على الضم يكون وزنه مشتركًا بين الألفين بدليل عاشوراء. قوله: "كقاصعاء" بقاف وصاد وعين مهملتين.
قوله: "لجماعة الشيوخ" جمع شيخ؛ وهو من استبانت فيه السن أو من خمسين أو إحدى وخمسين إلى آخره عمره أو إلى الثمانين. اهـ قاموس. قوله: "ومطلق العين" الواو عاطفة فعالا على فعلاء ومطلق العين حال من فعالا، هذا هو المناسب للسياق بخلاف رفع مطلق على أنه خبر مقدم لفعالا. قوله: "براساء" بموحدة وراء وسين مهملة. قوله: "وبراكاء القتال" بموحدة فراء. وفي الدماميني وابن عقيل على(4/145)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ابن القطاع فعالى مقصورًا في ألفاظ؛ منها: خَرازى اسم جبل، فعلى هذا يكون مشتركًا، وفعيلاء نحو بَريساء بمعنى براساء، وتمر قَريثاء وكَريثاء لنوع منه، وعده في التسهيل من المشترك. ومن المقصورة كثيرى، وفعولاء نحو دَبوقاء للعذرة، وحَروراء لموضع تنسب إليه الحرورية.
تنبيه: عد في التسهيل هذا الوزن في المختص بالممدودة، وأثبت ابن القطاع فعولى بالقصر، من ذلك حضورى لموضع، ودبوقى لغة في دبوقاء بالمد، ودقوقى لقرية بالبحرين، وقطورى قبيلة في جُرْهم. وفي شعر امرئ القيس: عقاب تنوفى. وعلى هذا فهو مشترك، وهو الصحيح. والخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر فعلاء مثلث الفاء والعين مفتوحة فيها، وإليها أشار بقوله: "وكذا مطلق فاء فعلاء أخذا" فالفتح نحو: جَنَفاء اسم موضع، وقد تقدم أن هذا الوزن من المشترك، والكسر نحو: سِيَراء وهو ثوب مخطط يُعمل من القز، والضم نحو: عُشَراء ونُفَساء، وقد تقدم أنه من المشترك.
تنبيه: كلامه يوهم حصر أوزان الممدودة المشهورة فيما ذكره، وقد بقي منها أوزان ذكرها في غير هذا الكتاب؛ منها فِيَعلاء نحو دِيَكْساء لقطعة من الغنم، ويَفاعِلاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التسهيل أن البراء كاء تبريك الإبل لينزل عنها للقتال على الأرجل. قوله: "خزازى" بخاء معجمة فزاي فألف فزاي كما في القاموس، وعبارته في مادة خزز بخاء وزايين معجمات، وخزازى كحبالى أو كسحاب جبل كانوا يوقدون عليه غداة الغارة. قوله: "قريثاء" بقاف وراء ومثلثة بعد التحتية، ومثله كريثاء لكن بإبدال القاف كافًا. قوله: "كثيرى" بكاف فمثلثة اسم البزر، كما في الفارضي. قوله: "دبوقاء" بدال مهملة وموحدة وقاف. وقوله: "للعذرة" بفتح العين المهملة وكسر الذال المعجمة.
قوله: "وحروراء" بحاء مهملة فراء فواو فراء فألف، وفي القاموس: أنه قد يقصر. قوله: "تنسب إليه الحرورية" هم طائفة من الخوارج. قوله: "حضورى" بحاء مهملة فضاد معجمة فواو فراء. قوله: "ودقوقى" بدال مهملة وقافين بينهما واو. قوله: "وقطورى" بقاف فطاء فواو فراء. قوله: "تنوفى" بفوقية فنون فواو ففاء. قوله: "وكذا" متعلق بأخذا، ومطلق فاء حال من الضمير في أخذا، وفعلاء مبتدأ، وأخذا خبره. قوله: "سيراء" بسين مهملة فتحتية فراء.
قوله: "كلامه يوهم... إلخ" أي: لأن الاقتصار في مقام البيان يُوهم الانحصار، لا لكون المصنف قدم الخبر وهو لمدها على المبتدأ وهو فعلاء... إلخ؛ لأن تقديم الخبر على المبتدأ إنما يفيد حصر المبتدأ في الخبر لا حصر الخبر في المبتدأ. نعم، قد يعترض على المصنف بأن تقديم الخبر على المبتدأ يفيد انحصار الأوزان المذكورة في الممدودة، مع أن منها المشترك بين الممدودة والمقصورة -كما بينه الشارح- ويجاب بأن المصنف إنما ذكر هذه الأوزان ممدودة وهي بهذه الصفة غير مشتركة، وجعل الشارح بعضها مشتركًا إنما هو بقطع النظر عن المد، أو يقال: التقديم للوزن لا للحصر، فاعرف.
قوله: "ديكساء" قال في القاموس: بكسر الدال وفتح الياء التحتية. اهـ. والكاف مضبوطة(4/146)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحو: يَنابِعاء لمكان، وتَفعُلاء كتَرْكُضاء لمشية المتبختر، وفَعْنَالاء نحو: بَرْنَاساء بمعنى براساء وهم الناس، وفعنلاء نحو: برنساء بمعناه أيضًا، وفِعْلِلاء نحو: طرمساء لليلة المظلمة، وفُنْعُلاء نحو: خنفساء وعنصلاء وهو بصل البر، وفَعْلُولَاء نحو: معكوكاء وبعكوكاء للشر والجلبة، وفعولاء نحو: عشوراء لغة في عاشوراء، ومَفِعْلاء نحو: مشيخاء للاختلاط، وفُعيلياء نحو:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالقلم في النسخ الصحاح منه بالسكون، فقول شيخنا وتبعه البعض: إنها بالفتح غير معول عليه ومما يرده أنه يلزم عليه توالي أربع متحركات في الكلمة الواحدة، وهو مرفوض عندهم، فتأمل. ثم رأيت الدماميني ضبطها بغير ما مر فقال: بدال مهملة مكسورة فمثناة تحتية ساكنة فكاف مكسورة فسين مهملة والياء فيه زائدة فوزنه فيعلاء، وقيل: أصلية فوزنه فعللاء، وقواه بعضهم.
وقوله: "لقطعة من الغنم" عبارة القاموس: لقطعة عظيمة من النعم والغنم. قوله: "ينابعاء" بتحتية مفتوحة فنون فموحدة مكسورة فعين مهملة. اهـ دماميني. وحُكي في أوله الضم أيضًا كما في ابن عقيل على التسهيل. قوله: "كتركضاء" بفوقية مفتوحة فراء ساكنة فكاف مضمومة فضاد معجمة، قال أبو حيان والمرادي والشمني: ويقال: تِركِضاء بكسر التاء والكاف، قال في القاموس: وعندي أنهما الركض. اهـ عبد القادر. قوله: "برناساء" بموحدة مفتوحة فراء ساكنة فنون فألف فسين مهملة. وقوله: "برنساء" بفتح الموحدة وسكون الراء وفتح النون مثل عقرباء، قاله في الصحاح، ثم ذكر فيه لغات أخرى، فانظره. قوله: "طرمساء" بطاء مهملة مكسورة فراء ساكنة فميم مكسورة فسين مهملة. قوله: "خنفساء" بضم الخاء المعجمة والفاء يقال لها: خنفس بفتح الفاء وضمها كما في القاموس.
قوله: "وعنصلاء" بضم العين والصاد المهملتين وتفتح الصاد أيضًا، ويقال أيضًا: كقنفذ وعنصل كجندب؛ أي: بفتح الصاد، قاله في القاموس. قوله: "معكوكاء" بفتح الميم وسكون العين المهملة وضم الكاف الأولى، ومثله بعكوكاء؛ لكن بإبدال الميم باء موحدة. وقوله: "للشر والجلبة" راجع لكل منهما كما يفيده كلام القاموس. والجلبة بفتح الجيم واللام والموحدة ارتفاع الأصوات.
قوله: "مشيخاء" بميم مفتوحة فشين معجمة مكسورة فتحتية ساكنة فخاء معجمة وأصله مشيخاء بسكون الشين وكسر الياء فأعل إعلال مبيع، وقد ضبطه بإعجام الخاء الدماميني ولم يذكر معناه على هذا الضبط، ثم قال: وقال ابن القطاع السعدي رحمه الله تعالى: يقال: القوم في مشيحاء بحاء مهملة أي: في جد وعزم. وفي شرح الكافية للمصنف بالجيم وهو الاختلاط من قوله تعالى: {مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ} [الإنسان: 2] ووزنه على هذا فعيلاء. اهـ. وفي القاموس في فصل الشين المعجمة من باب الحاء المهملة هم في مشيوحاء من أمرهم ومشيحى أي: في أمر يبتدرونه أو في اختلاط. اهـ. ولم أرَ فيه ولا في غيره من كتب اللغة مشيخاء بالخاء المعجمة بمعنى الاختلاط، وإنما ذكر في القاموس مشيخاء بفتح الميم وسكون الشين وضم التحتية جمعًا لشيخ، وقد مثل صاحب الهمع لوزن مفعلاء بفتح الميم وكسر العين بمرعزاء براء فعين مهملة فزاي وهو الزغب الذي تحت شعر العنز، فراجعه. قوله: "وفعيلياء... إلخ" قال أبو حيان: لم يذكره إلا ابن القطاع وتبعه ابن مالك، وكأنهم رأوا أن الياء ياء تصغير فكأنه في الأصل بنى على فعلياء وإن لم ينطق به فيكون كما لو صغرت كبرياء على كبيرياء، وما جاء في لسانهم على هيئة المصغر وضعًا فإنه لا يثبت بناء أصليًّا(4/147)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مُزَيقياء لعمرو بن عامر ملك اليمن.
خاتمة: الأوزان المشتركة بينهما فعلا بفتحتين، وفعلًا بضم ثم فتح، وفعللا بفتح الأول والثالث وسكون الثاني، وفعيلاء بفتح الأول وكسر الثاني، وفعيلاء بكسر الأول والثاني مشددًا، وفعيلاء بضم الأول وفتح الثاني مشددًا، وفاعولاء وقد تقدم التنبيه عليها. ومنها أيضًا افعيلى نحو: اهجيرى واهجيراء وهي العادة، وفوعلى نحو: خوزلى لضرب من المشي، وحوصلى للحوصلة، وفيعلى نحو: خيزلى بمعنى خوزلي، ودَيْكَساء بمعنى دِيكِساء، وفعلى بكسر الأول والثاني وتشديد الثالث نحو: زمكى وزمكاء لمثبت ذنب الطائر، وفعنلى بضم الأول وفتح الثاني وسكون الثالث نحو: جلندى وجلنداء، وفعاللى نحو: جخادبى وجخادباء لضرب من الجراد. وأما فعلاء كعلباء وهو عرق في العنق، وحرباء وهو دويبة، وسيساء وهو حد فقار الظهر، والشيشاء وهو الشيص، وفعلاء كحواء وهو نبت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سيوطي. قوله: "مزيقياء" بميم مضمومة فزاي مفتوحة فتحتية ساكنة فقاف مكسورة فتحتية مخففة. قوله: "الأوزان المشتركة... إلخ" لم يستوفها الشارح، فقد ترك هنا منها مما تقدم التنبيه عليه، أفعلى بفتح فسكون ففتح كأحفلى بالقصر والمد، وفعلى بفتح فسكون كالعوا بالقصر والمد، ومما لم يتقدم التنبيه عليه فعليا بفتحتين فكسر فتشديد كزكريا بالقصر والمد، ويفاعلا بفتحتين ثم كسرة كينابعا بالقصر والمد كما في الدماميني.
قوله: "وفعللا... إلخ" بقي عليه فعللا بكسر الأول والثالث وسكون الثاني كالهندبا بالقصر والمد. قوله: "وقد تقدم التنبيه عليه" أي: على المذكور من الأوزان من جهة قصره ومده، وفي بعض النسخ: عليها، وهي أظهر. قوله: "اهجيرى" بكسر الهمزة والجيم كما في الهمع وغيره، وفي القاموس: أنه قد يمد، وأنه يقال: هجيره واهجورته وهجرياه. قوله: "خوزلى" بخاء معجمة مفتوحة فواو ساكنة فزاي مفتوحة فلام مخففة. قوله: "وحوصلى" بحاء وصاد مهملتين.
قوله: "وفيعلى نحو: خيزلى... إلخ" عبارة الدماميني: وفيعلى كالخيزلى لغة في الخوزلى، وكأنهم أبدلوا الواو ياء تخفيفًا، هذا المقصور.
أما الممدود فنحو: ديكساء بفتح الدال والكاف لغة في الديكساء بكسرهما، وقد مر. اهـ. قوله: "وديكساء" بفتح فسكون ففتح. قوله: "ومكى" بزاي فيميم فكاف. قوله: "جلندى" بجيم مضمومة فلام مفتوحة فنون فدال مهملة. قال في الهمع: اسم ملك أي: وصوب في القاموس ضم اللام إذا قصر وأن فتحها إذا مد فقط. قوله: "جخادبى" بجيم مضمومة فخاء معجمة فألف فدال مهملة مكسورة فموحدة. وقوله: "لضرب من الجراد" هو الأخضر الطويل الرجلين، ويقال له: أبو جخادب وأبو جخادبى أيضًا كما في القاموس.
قوله: "وأما فعلاء... إلخ" يعني: أن هذين الوزنين -وهما فعلاء بكسر الفاء وفعلاء بضمها- ليسا من أوزان الممدودة؛ لأن ألفهما للإلحاق لا للتأنيث بدليل تنوينهما. قوله: "كعلباء" يعني مهملة فلام فموحدة. قوله: "وحرباء" بحاء مهملة فراء موحدة. قوله: "وسيساء" بسينين مهملتين بينهما تحتية. وقوله: "وهو حد فقار الظهر" بفتح الفاء، وهو -كما في القاموس- ما انتضد من عظام الصلب من(4/148)
المقصور والممدود:
إذا اسمٌ اسْتَوْجَبَ من قبلِ الطَّرَف فَتْحًا وكان ذَا نظيرٍ كالأَسَف
فَلِنَظِيرِهِ الْمُعَلِّ الآخِرِ ثُبُوتُ قَصْرٍ بقياسٍ ظاهرِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واحده حواءة، ومزاء وهو ضرب من الخمر، وقوباء وهو الحزاز، وخشاء وهو العظم الناتئ خلف الأذن، فكل هذه ألفها للإلحاق بقرطاس وقرناس؛ لأنها منونة.
المقصور والممدود:
المقصور: هو الذي حرف إعرابه ألف لازمة. والممدود: هو الذي حرف إعرابه همزة قبلها ألف زائدة، وكلاهما قياسي وهو وظيفة النحوي، وسماعي وهو وظيفة اللغوي. وقد أشار إلى المقصور القياسي بقوله: "إذا اسم" صحيح "استوجب من قبل الطرف فتحًا وكان ذا نظير" من المعتل "كالأسف" مثال للصحيح "فلنظيره المعل الآخر ثبوت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لدن الكاهل إلى العجب. قوله: "والشيشاء" بشينين معجمتين بينهما تحتية، وانظر ما وجه تعريفه دون نظائره. وقوله: "وهو الشيص" أي: التمر الذي لم يشتد. قوله: "كحواء" بحاء مهملة فواو. قوله: "ومزاء" بميم فزاي. قوله: "وقوباء" بقاف فواو فموحدة. وقوله: "وهو الحزاز" بحاء مهملة مفتوحة فزاي مخففة فألف فزاي واحدته حزازة ويداوى بالريق. قوله: "وخشاء" بخاء وشين معجمتين، وقد أسلفنا عن القاموس أن أصل خشاء خششاء، وتقدم في الشرح أن ألف خششاء للتأنيث، فتكون ألف خشاء أيضًا للتأنيث، وهذا يخالف ما ذكره الشارح، فتأمل. قوله: "للإلحاق بقرطاس وقرناس" فيه لف ونشر مرتب، والقرطاس اسم للورق، والقرناس بقاف مضمومة فراء ساكنة فنون فألف فسين مهملة وتكسر أيضًا القاف، قال في القاموس: القرناس بالضم والكسر شبه الأنف يتقدم من الجبل. اهـ. أي: قطعة من الجبل متقدمة تشبه الأنف في التقدم والبروز.
المقصور والممدود:
ذكر هذا الباب عقب ما قبله بمنزلة ذكر العام بعد الخاص، فإنه قد تقدم الألف المقصورة والألف الممدودة اللتان هما علامتا تأنيث. قال الجاربردي: المقصور والممدود ضربان من الاسم المتمكن، فالحرف والفعل والاسم غير المتكمن لا يقال فيها ذلك، وقولهم في هؤلاء ممدود تسمح أو على مقتضى اللغة كقول الفراء في جاء وشاء: ممدودان.
قوله: "المقصور هو الذي... إلخ" اعترض بأنه غير مانع لشموله نحو: يخشى. وأجيب بأن ألفه غير لازمة لحذفها عند الجازم، فهو خارج بقوله: لازمة، كما خرج به نحو: أباك، لا يقال ألف المقصور الذي ينون تحذف عند تنوينه، فلا يدخل في التعريف؛ لأنا نقول: حذفه حينئذ لالتقاء الساكنين، والمحذوف لعلة تصريفية كالثابت، وخرج بقوله: حرف، إعرابه المبني كهذا ومتى. قوله: "قبلها ألف زائدة" خرج ما آخره همزة بعد ألف بدل عن أصل نحو: ماء، أصله موه، قلبت الواو ألفًا والهاء همزة، فإنه لا يسمى ممدودًا، كما نص عليه الفارسي لعروض المد فيه؛ لأن ألفه واو في الأصل. سم.
قوله: "استوجب" أي: استحق بمقتضى القواعد. قوله: "فلنظيره... إلخ" أفاد أن المقصور(4/149)
كفِعَلٍ وفُعَلٍ في جَمْعِ ما كفِعْلَةٍ وفُعْلَةٍ نحو الدُّمَى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصر بقياس ظاهر" نحو: جوى جوي، وعمى عمي، وهوى هوي، فهذه وما أشبهها مقصورة؛ لأن نظيرها من الصحيح مستوجب فتح ما قبل آخره نحو: أسف أسفًا، وفرح فرحًا، وأشر أشرًا، لما علمت في باب أبنية المصادر أن فعل المكسور العين اللازم باب فعل بفتح العين، وأما قوله:
1212- إذا قلتُ مهلًا غارت العينُ بالبكا غراءً ومدَّتْها مدامعُ نُهَّلُ
فغراء مصدر غاريت بين الشيئين غراء إذا واليت، كما قاله أبو عبيدة، لا مصدر غريت بالشيء أغرَى به إذا تماديت فيه في غضبك "كفِعَل" بكسر الفاء "وفُعَل" بضمها، والعين مفتوحة فيهما "في جمع ما كفعلة" بكسر الفاء "وفُعْلة" بضمها والعين ساكنة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القياسي اسم معتل له نظير من الصحيح استوجب ذلك النظير فتح ما قبل آخره. قوله: "المعل الآخر" لو قال: المعتل الآخر لكان أحسن. قوله: "جوى جوي" هو الحرقة من حزن أو عشق. قوله: "نحو أسف أسفًا... إلخ" معنى كونه نظيره أنه بوزنه، وأن كلا مصدر، وأن فعل كل فعل المكسور العين اللازم فليس المراد الزنة فقط. قوله: "لما علمت... إلخ" علة لقوله: مستوجب فتح ما قبل آخره.
قوله: "فغراء مصدر غاريت... إلخ" أي: فيكون غراء من الممدود القياسي؛ لأن له نظيرًا من الصحيح قبل آخره ألف كقتال، ويكون غارت في البيت بمعنى والت، وأصله غاريت، فقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين والباء في بالبكاء زائدة، والنهل بضم النون وتشديد الهاء بمعنى الكثيرة كما في العيني. وقوله: "لا مصدر غريت... إلخ" أي: كما يؤخذ هذا الانتفاء من وقوعه مصدرًا لغارت أي: فلا يرد على قولنا: فعل المكسور العين اللازم باب مصدره فعل. وفي قوله: "لا مصدر غريت... إلخ" رد للقول بأنه مصدر غري بالشيء على غير قياس، كما نقله الفارضي، وفي القاموس: غري به كرضي، غري وغراء أُولع كأُغري به وغري مضمومتين، وعلى هذا القول الذي رده الشارح يكون غراء في البيت منصوبًا على المصدرية لفعل محذوف معطوف على الفاعل المذكور، وفيه تعسف لا يخفى.
قوله: "كفعل... إلخ" قال ابن هشام: كان حقه أن يقول: وفعل بالواو، عطفًا على قوله: كالأسف. قال: وكأنه بتقدير وكفعل فحذف العاطف. اهـ سيوطي. قال سم: وفيه نظر ظاهر؛ لأن قوله كفعل تمثيل لقوله: فلنظيره المعل الآخر. وقوله: كالأسف، تمثيل للاسم الصحيح في قوله: إذا اسم، كما قال الشارح، فكيف يعطف أحدهما على الآخر. اهـ. وبه تعلم أن الواو التي قدرها الشارح في بعض النسخ قبل قوله: كفعل للعطف على قوله: نحو جوى... إلخ لا على قول المصنف: كالأسف.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1212- البيت من الطويل، وهو لكثير عزة في ديوانه ص255، وأمالي القالي 1/ 60، وسمط اللآلي ص223، وشرح التصريح 2/ 292، وشرح المفصل 6/ 39، والمقاصد النحوية 4/ 509، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 292.(4/150)
وما اسْتَحَقَّ قبل آخِرٍ أَلِفْ فالمدُّ في نظيرِه حَتْمًا عُرِفْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيهما: الأول للأول والثاني للثاني: فالأول نحو: فرية وفرى، ومرية ومرى، والثاني "نحو" الدمية و"الدمى" ومدية ومدى، فإن نظيرهما من الصحيح قربة وقرب بكسر القاف، وقربة وقرب بضمها، وهو مستوجب فتح ما قبل آخره، وكذا اسم مفعول ما زاد على ثلاثة أحرف نحو معطى ومقتنى، فإن نظيرهما من الصحيح مكرم ومحترم وهو مستوجب ذلك، وكذلك أفعل صفة لتفضيل كان كالأقصى أو لغير تفضيل كأعمى وأعشى، فإن نظيرهما من الصحيح الأبعد والأعمش، وكذلك ما كان جمعًا للفعلى أنثى الأفعل كالقصوى والقصى، والدنيا والدنى فإن نظيرهما من الصحيح الكبرى والكبر، والأخرى والأخر، وكذلك ما كان من أسماء الأجناس دالًّا على الجمعية بالتجرد من التاء كائنًا على وزن فعل بفتحتين وعلى الوحدة بمصاحبة التاء كحصاة وحصا وقطاة وقطا، فإن نظيرهما من الصحيح شجرة وشجر، ومدرة ومدر، وكذلك المفعل مدلولًا به على مصدر أو زمان أو مكان نحو: ملهى ومسعى، فإن نظيرهما من الصحيح مذهب ومسرح، وكذلك المفعل مدلولًا به على آلة نحو: مرمى ومهدى وهو وعاء الهدية، فإن نظيرهما من الصحيح مخصف ومغزل. ثم أشار إلى الممدودة القياسي بقوله "وما استحق" أي: من الصحيح "قبل آخر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "الأول للأول... إلخ" أي: فكلام المصنف على اللف والنشر المرتب. قوله: "نحو: فرية... إلخ" الفرية الكذبة، والمرية من المراء وهو الجدال. قوله: "الدمية" بضم الدال المهملة وهي الصورة من العاج ونحوه والصنم، كذا في الصحاح والقاموس، والمراد بها هنا الصورة، وربما تُستعار للذات الجميلة. قوله: "ومدية ومدى" المدية السكين. قوله: "الأبعد والأعمش" نشر على ترتيب اللف، فإن الأبعد راجع للأقصى والأعمش راجع للأعمى والأعشى. قوله: "أنثى الأفعل" احترز به من نحو بهمى لنبت وحبلى وصفافان مأخذ قصر نحوهما السماع. دماميني. قوله: "كائنًا على وزن فعل" حال من الضمير في دالًّا أو خبر ثانٍ لكان، وفي كلامه إظهار المتعلق العام والجمهور على امتناعه، فلعله جرى على مذهب ابن جني المجوز للإظهار. قوله: "ومدر" بفتحتين، وهو كما في المصباح التراب المتلبد.
قوله: "نحو: ملهى ومسعى" بفتح أول كل منهما. قوله: "نحو: مرمى ومهدى" بكسر أول كل منهما. قوله: "وهو وعاء الهدية" هذا يقتضي أن مهدى اسم مكان لا اسم آلة، ويمكن أن يكون اسم مكان واسم آلة باعتبارين، فتأمل. قوله: "فإن نظيرهما من الصحيح مخصف ومغزل" الأول اسم آلة بالخاء المعجمة والصاد المهملة والفاء وهو الخرز، والثاني اسم آلة الغزل. فإن قلت نظيرهما أيضًا محراث ومجراف ونحوهما فإن الآلة كما تأتي على مفعل تأتي على مفعال، فهلا مدَّ مرمى ومهدى. فالجواب أنه رجح النظر إلى نحو مخصف ومغزل لأمرين؛ الأول: أن نحو: مرمى ومهدى أشبه بنحو: مخصف ومغزل، كما هو ظاهر. الثاني: أن مجيء الآلة على مفعل أكثر من مجيئها على مفعال.
قوله: "وما استحق... إلخ" أفاد أن الممدود قياسًا هو اسم مهموز له نظير من الصحيح أي: غير المهموز مستوجب ذلك النظير ألفًَا زائدة قبل آخره. وقوله: "أَلِفْ" مفعول به(4/151)
كمَصْدَرِ الفعلِ الذي بُدِئَا بهمزِ وصلٍ كارْعَوَى وكارْتَأَى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ألف فالمد في نظيره" من المعتل "حتما عُرف" وذلك "كمصدر الفعل الذي قد بدئا بهمز وصل كارعوى" ارعواء "وكارتأى" ارتياء، وكاستقصى استقصاء، فإن نظيرهما من الصحيح انطلق انطلاقًا، واقتدر اقتدارًا، واستخرج استخراجًا، وكمصدر أفعل نحو: أعطى إعطاء، فإن نظيره من الصحيح أكرم إكرامًا، وكمصدر فعل دالًّا على صوت أو مرض كالرُّغاء والثُّغاء والمشاء، فإن نظيرها من الصحيح البغام والدوار، وكفعال مصدر فاعل نحو: ولي ولاء وعادى عداء، فإن نظيرهما من الصحيح ضارب ضرابًا وقاتل قتالًا، وكمفرد أفعلة نحو: كساء وأكسية ورداء وأردية، فإن نظيره من الصحيح حِرار وأحرَّة وسلاح وأسلحة، ومن ثم قال الأخفش: أرجية وأقفية من كلام المولدين؛ لأن رجا وقفا مقصوران، وأما قوله:
1213- في ليلة من جُمادى ذاتِ أنديةٍ لا يُبْصِرُ الكلبُ من ظلمائها الطُّنُبَا
والمفرد ندى بالقصر -فضرورة. وقيل: جمع ندى على نداء كجمل وجمال، ثم جمع نداء على أندية، ويبعده أنه لم يسمع نداء جمعًا، وكذا ما صيغ من المصادر على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لاستحق وقف عليه بالسكون على لغة ربيعة. وقوله: "كارعوى" أي: انكف. وقوله: "وكارتأى" أي: تدبر.
قوله: "وكمصدر فعل" بفتح العين مخففًا مضارعه يفعل بضمها. قوله: "كالرغاء" بضم الراء وتخفيف الغين المعجمة والثغاء بضم المثلثة وتخفيف الغين المعجمة والمشاء بضم الميم وتخفيف الشين المعجمة والأولان دالان على الصوت إلا أن الرغاء صوت ذوات الخف والثغاء صوت الشاة من ضأن أو معز والثالث دال على المرض؛ لأنه استطلاق البطن وأفعال الثلاثة رغا وثغا ومشى كدعا. قوله: "البغام" بضم الموحدة وتخفيف الغين المعجمة؛ وهو صوت الظبية، والدوار بضم الدال المهملة وتخفيف الواو وهو دوران الرأس. قوله: "حرار وأحرة" قال شيخنا: كذا في النسخ. والذي بخط الشارح في شرح التوضيح حمار وأحمرة وسلاح وأسلحة. اهـ. وما في نسخ الشارح صحيح أيضًا؛ إذ الحرار بكسر الحاء المهملة جمع حرة بضم الحاء كأحرار أو جمع حَرة بفتح الحاء وهي الأرض ذات الحجارة السود، وجمع الجمع أحرة، أو بكسر الجيم جمع جرة بفتحها؛ وهي الإناء المعروف، وجمع الجمع أجرة.
قوله: "ومن ثم" أي: من أجل أن مفرد أفعلة من المعتل ممدود قياسًا. قوله: "المولَّدين" بفتح اللام وهم الذين عربيتهم غير محضة. قوله: "والمفرد ندى بالقصر" أي: وجمعه القياسي أنداء. قوله: "ثم جمع نداء" أي: المكسور الممدود على أندية كحمار وأحمرة، فيكون أندية جمع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1213- البيت من البسيط، وهو لِمُرَّة بن مَحْكَان في الأغاني 3/ 318، والخصائص 3/ 52، 3/ 237، وسر صناعة الإعراب ص620، وشرح التصريح 2/ 293، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1563، ولسان العرب 15/ 318 "ندى"، والمقاصد النحوية 4/ 510، والمقتضب 3/ 81، وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 294، وشرح شافية ابن الحاجب ص329، وشرح المفصل 10/ 17، ولسان العرب 11/ 268 "رجل".(4/152)
والعادمُ النظير ذا قصرٍ وذا مدٍّ بنقلٍ كالْحِجَا وكالْحِذَا
وقَصْرُ ذي المدِّ اضطرارًا مُجْمَعُ عليه والعكسُ بِخُلْفٍ يَقَعُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تَفعال، ومن الصفات أو مفعال لقصد المبالغة كالتعداء والعداء والمعطاء؛ لأن نظيرها من الصحيح التذكار والخباز والمهذار.
"والعادم النظير ذا قصر وذا مد بنقل كالحجا وكالحذا" العادم مبتدأ وبنقل خبره، وذا قصر وذا مد حالان من الضمير المستتر في الخبر، وهو من تقديم الحال على عاملها المعنوي، وفيه ما عرف في وضعه. والمعنى أن ما ليس له نظير اطرد فتح ما قبل آخره فقصره سماعي، وما ليس له نظير اطرد زيادة ألف قبل آخره فمده سماعي، فمن المقصور سماعًا الفتى واحد الفتيان، والسنا الضوء، والثرى التراب، والحجا العقل، ومن الممدود سماعًا الفتاء حداثة السن، والسناء الشرف، والثراء كثرة المال، والحذاء النعل.
"وقصر ذي المد اضطرارًا مجمع عليه" لأنه رجوع إلى الأصل؛ إذ الأصل القصر، ومنه قوله:
1214- لَا بُدَّ مِنْ صَنْعَا وإن طَالَ السَّفَرْ
وقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجمع. قوله: "على تَفعال" أي: بفتح التاء وسكون الفاء. دماميني. قوله: "ومن الصفات" احتراز عن مفعال المراد به الآلة. قوله: "كالتعداء" مصدر عدا، والعدَّاء كثير العدو أي: الجري. قوله: "والمهذار" بالذال المعجمة أي: كثير الهذيان في منطقه. قوله: "كالحجا وكالحذا" نشر على ترتيب اللف، فالحجا مقصور لا غير، والحذاء ممدود لا غير، كما ذكره الموضح وغيره، فقصر المصنف الحذاء للضرورة، وما يوجد في بعض نسخ الشارح من ذكر الحجا والحذاء في المقصور والممدود من تصرف النساخ فاحذره، فالصواب ما في بعض النسخ من الاقتصار في المقصور على ذكر الحجا، وفي الممدود على ذكر الحذاء.
قوله: "فمن المقصور سماعًا الفتى... إلخ" فهذه ونحوها وإن كان لها موازن من الصحيح كعنب وبطل وهي مقصورة سماعًا؛ لأن موازنها المذكور ليس نظيرها؛ إذ لم يجتمعا في مصدرية ولا جمع ولا آلية ونحو ذلك، كما اجتمع نحو: الجوى والأسف، ونحو: المرمى والمغزل، ونحو: الدمى والغرف. قوله: "وقصر ذي المد... إلخ" قال الشاطبي: لم يذكر الناظم كيفية القصر، ولا ما الذي يُحذف، والقياس حذف الألف قبل الآخر. اهـ باختصار. قال سم: ولم يبين ما يفعل بعد حذف ما قبل الآخر، فهل تبدل الهمزة التي هي الآخر ألفًا أو ترجع إلى أصلها الذي انقلبت عنه وهو الألف في حمراء ولام الكلمة في نحو: كساء وحياء؛ إذ أصلهما كساو وحياي، لكن تقر الألف بعد الرجوع إليها في القسم الأول وتبدل اللام ألفًا في القسم الثاني فيه نظر. اهـ. قوله: "مجمع عليه" أي: على جوازه. قوله: "إذ الأصل القصر" بدليل أن الممدود لا تكون ألفه إلا زائدة، وألف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1214- الرجز بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 296، والدرر 6/ 219، وشرح التصريح 2/ 293، والمقاصد النحوية 4/ 11، وهمع الهوامع 2/ 156.(4/153)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1215- فَهُمْ مثلُ الناس الذي يعرفونه وأهلُ الوَفَا من حادثٍ وقَدِيمِ
تنبيه: منع الفراء قصر ما له قياس يوجب مده نحو: فعلاء أفعل، فقول المصنف: وقصر ذي المد اضطرارًا مُجمع عليه، يعني في الجملة، ويرد مذهب الفراء قوله:
1216- وأنتِ لو باكرتِ مشمولةً صَفْرًا كلَوْنِ الفَرَسِ الأَشْقَرِ
وقوله:
1217- والقارحُ وكلُّ طِمِرَّةٍ ما إن ينال يد الطويل قَذَالَهَا
"والعكس" وهو مد المقصور اضطرارًا "بخلف يقع" فمنعه جمهور البصريين مطلقًا، وأجازه جمهور الكوفيين مطلقًا، وفصل الفراء فأجاز مد ما لا يخرجه المد إلى ما ليس في أبنيتهم، فيجيز مد مِقلى بكسر الميم فيقول: مقلاء لوجود مفتاح، ويمنع مد مولى لعدم مفعال بفتح الميم، وكذا يمد لحى بكسر اللام فيقول: لحاء لوجود جبال، ويمنعه في لُحى بضم اللام؛ لأنه ليس في أبنية الجموع إلا نادرًا، والظاهر جوازه مطلقًا لوروده؛ من ذلك قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقصور قد تكون أصلية والزيادة خلاف الأصلي. قوله: "فهم مثل الناس... إلخ" أراد أن هؤلاء القوم الذين مدحهم مثل للناس يضربونه أي: يضربون بهم المثل في كل خير، والذي نعت لمثل، وأهل عطف على مثل. وقوله: "من حادث وقديم" أي: في زمن حادث وزمن قديم.
قوله: "وأنت" قال شيخنا: الذي بخط الشارح فقلت. اهـ. والتاء مكسورة كما يؤخذ من بقية القصيدة. وقوله: "مشمولة" هي الخمر إذا كانت باردة الطعم، قاله العيني. قوله: "والقارح" بالقاف وهو الفرس الذي بلغ خمس سنين العداء شديد العدو. "وكل طمرة" بكسر الطاء المهملة وكسر الميم وتشديد الراء أي: فرس طويلة القوائم. وقوله: "ما أن... إلخ" أن زائدة للتوكيد، والقذال بفتح القاف والذال المعجمة القفا. والشاهد في قصر العداء للضرورة.
"قول والعكس وهو مد المقصور" لم يبين كيفية المد، فهل معناه أنه يزاد همزة في الآخر فيصير ممدودًا أو معناه أنه يزاد ألف قبل الآخر ثم يبدل الآخر همزة؟ وهذا أوفق بقولهم الممدود ما آخره همزة قبلها ألف زائدة؛ إذ على الأول لا يكون ما قبل الهمزة ألفًا زائدة مطلقًا؛ بل قد يكون كما في فعلى، وقد تكون أصلية كما في جوى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1215- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 296، والدرر 6/ 220، وشرح التصريح 2/ 293، والمقاصد النحوية 4/ 512، وهمع الهوامع 2/ 156.
1216- البيت من السريع، وهو للأقيشر الأسدي في ديوانه ص43، والدرر 6/ 221، وشرح التصريح 2/ 293، والمقاصد النحوية 4/ 516، وبلا نسبة في تذكرة النحاة 448، والحماسة البصرية 2/ 368، ومجالس ثعلب 1/ 110، وهمع الهوامع 2/ 156.
1217- البيت من الكامل، وهو بلا نسبة في الإنصاف 2/ 752.(4/154)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1218- والمرءُ يُبليه بِلاءَ السِّرْبَالْ تعاقب الإهلالِ بعدَ الإهلالْ
وقوله:
1219- سيغنيني الذي أغناك عني فلا فقرٌ يدومُ ولا غِنَاءُ
وليس هو من غانيته إذا فاخرته بالغنى، ولا من الغناء بالفتح بمعنى النفع -كما قيل- لاقترانه بالفقر. وقوله:
1220- يا لك من تمرٍ ومن شِيشَاءِ يَنْشَبُ في الْمَسْعَل واللِّهاءِ
وممن وافق الكوفيين على جواز ذلك ابن ولاد وابن خروف، وزعما أن سيبويه استدل على جوازه في الشعر بقوله: وربما مدوا فقالوا: منابير. قال ابن ولاد: فزيادة الألف قبل آخر المقصور كزيادة هذه الياء.
تنبيه: الكلام في هذه المسألة هو الكلام في صرف ما لا ينصرف للضرورة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومستدعى. قوله: "بلاء السربال" بكسر الباء، أما البَلاء بفتح الباء فممدود أصالة لا ضرورة.
قوله: "وليس هو" أي: غناء الذي في البيت من غانيته أي: جزئيًّا من جزئيات مصدر غانيته إذا فأخرته بالغنى بالقصر. وقوله: "ولا... إلخ" أي: ولا جزئيًّا من جزئيات الغناء بالفتح أي: مع المد بمعنى النفع، هكذا ينبغي تقرير العبارة، ومراد الشارح بذلك رد تأويل المانعين مد القصور ضرورة بأن ما في البيت مصدر غانيت أو بالفتح والمد بمعنى النفع فلا يكون من مد المقصور.
قوله: "لاقترانه بالفقر" علة للنفي. قوله: "يا لك... إلخ" يا للتنبيه، ولك خبر لمبتدأ محذوف أي: لك شيء من، ومن للبيان، والشيشاء بشينين معجمتين أولاهما مكسورة بينهما تحتية وهو الشيص أي: التمر الذي لم يشتد، وينشب بفتح الشين المعجمة أي: يتعلق، والمسعل موضع السعال من الحلق، واللهاء جمع لهاة كالحصى جمع حصاة مده للضرورة، واللهاة لحمة مطبقة في أقصى سقف الحنك، كذا في الفارضي مع زيادة من العيني، وبهذا البيت يرد على الفراء المفصل؛ لأن الشاعر مدَّ اللهاء للضرورة مع كونه يخرجه المد عن النظير؛ إذ ليس في الجموع فعال بالفتح.
قوله: "كزيادة هذه الياء" أي: فثبت الجواز بالسماع كما مر وبالقياس على الإشباع الجائز للضرورة بالإجماع قاله الشاطبي. قوله: "الكلام في هذه المسألة... إلخ" يعني: أن قصر الممدود
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1218- البيت من السريع، وهو للعجاج في شرح الشواهد للعيني 4/ 110.
1219- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في الإنصاف ص747، وأوضح المسالك 4/ 297، وتذكرة النحاة ص509، والدرر 6/ 222، وشرح التصريح 2/ 293، وشرح ديوان زهير ص73، ولسان العرب 15/ 136 "غنا"، والمقاصد النحوية 4/ 513، والمنقوص والممدود ص28.
1220- الرجز لأبي مقدام الراجز في سمط اللآلي ص874، وله أو لأعرابي من أهل البادية في الدرر 6/ 222، والمقاصد النحوية 4/ 507، وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 746، والخصائص 2/ 231، 318، وشرح ابن عقيل ص628، ولسان العرب 3/ 141 "حدد"، 6/ 311 "شيش"، 15/ 262 "لها"، وهمع الهوامع 2/ 157.(4/155)
كيفية تثنية المقصور والممدود وجمعهما تصحيحًا: آخرَ مقصورٍ تُثنِّي اجعله يا إن كان عن ثلاثةٍ مُرتَقِيَا
كذا الذي اليا أصله نحو الفتى والجامد الذي أُمِيلَ كمتى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعكسه.
كيفية تثنية المقصور والممدود وجمعهما تصحيحًا:
إنما اقتصر عليهما لوضوح تثنية غيرهما وجمعه "آخر مقصور تثني اجعله يا إن كان عن ثلاثة مرتقبا" ياء كان أصله أو واوًا، رابعًا كان نحو: حبلى ومعطى، أو خامسًا نحو: مصطفى وحبارى، أو سادسًا نحو: مستدعى وقبعثرى، تقول: جبليان ومعطيان، ومصطفيان وحباريان، ومستدعيان وقبعثريان. وشذ من الرباعي قولهم لطرفي الألية: مذروان، والأصل مذريان لأنه تثنية مذرى في التقدير. ومن الخماسي قولهم: قهقران وخوزلان بالحذف في تثنية قهقرى وخوزلى.
"كذا الذي اليا أصله" أي: أصل ألفه "نحو الفتى" قال تعالى:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للضرورة كصرف ما لا ينصرف للضرورة في الجواز بالإجماع. وفي مدِّ المقصور للضرورة ثلاثة أقوال: الجواز مطلقًا، والمنع مطلقًا، والتفصيل بين ما يخرج إلى عدم النظير فيمتنع وما لا فيجوز، كما أن الأقوال الثلاثة في منع صرف المصروف للضرورة.
كيفية تثنية المقصور والممدود وجمعهما تصحيحًا:
بجر جمعهما عطفًا على تثنية، وتصحيحًا تمييز محول عن جمع أي: وكيفية تصحيح جمعهما أو مصدر في موضع الحال من جمع أي: مصححًا. قوله: "إنما اقتصر عليهما" أي: المقصور والممدود. قوله: "لوضوح... إلخ" ولم يذكر جمعها تكسيرًا؛ لأنه عقد لجمع التكسير بابًا فناسب ذكره فيه. سم. قوله: "إن كان عن ثلاثة مرتقيا" لأن ما زاد على الثلاثة من ذوات الياء يرد إلى أصله وما زاد عليها من ذوات الواو يرد الفعل فيه إلى الياء نحو: ألهيت واستدعيت واصطفيت؛ فلذلك جعل الاسم الزائد على الثلاثة في التثنية ياء، وإن كان من ذوات الواو، قاله الشارح على التوضيح. قوله: "وقعبثرى" هو الجمل الضخم والفصيل المهزول. اهـ قاموس. قال سم: هلا قال الشارح: أم سابعًا نحو: أربعاوى. قوله: "لطرفي الألية" بفتح الهمزة كما في التصريح. قوله: "مذروان" بكسر الميم وسكون الذال المعجمة، أما المدرى بالمهملة فشيء كالمسلة يصلح به قرن النساء، نطق به هكذا بصيغة الإفراد، فإذا ثنيتها قلت: مدريان على الأصل، وأما مذروان الذي نحن فيه فبني على صيغة المثنى، قاله الدماميني.
قوله: "في التقدير" إنما قال ذلك لما علمت من أنه موضوع على صيغة المثنى ولم ينطقوا له بمفرد والظرف متعلق بتثنية، ومعنى كونها تقديرية أنها واقعة على مفرد مقدَّر وتُسمى أيضًا تثنية صورية كما في كلام شيخنا، فالتثنية التحقيقية لا بد لها من مفرد مستعمل. قوله: "قولهم: قهقران وخوزلان" والقياس قهقريان وخوزليان. سم. قوله: "بالحذف" أي: بحذف الياء. قوله:(4/156)
في غيرِ ذا تُقْلَبُ واوًا الألف وأَوْلِهَا ما كان قبلُ قد أُلِفْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ} [يوسف: 46]، وشذ قولهم في حمى: حموان بالواو. "والجامد الذي أميل كمتى" وبلى إذا سمي بهما فإنك تقول تثنيتهما: متيان وبليان.
و"في غير ذا" المذكور أنه تقلب ألفه ياء "تقلب واوًا الألف" وذلك شيئان؛ الأول: أن تكون ألفه ثالثة بدلًا من واو نحو: عصا وقفا، ومنا -لغة في المن الذي يُوزن به- فتقول: عصوان وقفوان ومنوان. قال:
1221- وقد أعددتُ للعُذَّالِ عندي عصًا في رأسها مَنَوا حديدِ
وشذ قولهم في رضا رضيان بالياء مع أنه من الرضوان. والثاني: أن تكون غير مبدلة ولم تمل نحو: ألا الاستفتاحية وإذا، تقول إذا سميت بهما: ألوان وإذوان.
تنبيهان: الأول: في الألف التي ليست مبدلة وهي الأصلية، والمراد بها ما كانت في حرف أو شبهه، والمجهول الأصل ثلاثة مذاهب؛ الأول: وهو المشهور أن يعتبر حالهما بالإمالة، فإن أميلا ثنيا بالياء، وإن لم يمالا فبالواو، وهذا مذهب سيبويه وبه جزم هنا. والثاني: إن أميلا أو قلبا ياء في موضع ما ثنيا بالياء، وإلا فبالواو، وهذا اختيار ابن عصفور،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"حموان" والقياس حميان؛ لأن ألفه بدل من ياء تقول: المكان أحميه حماية. قوله: "والجامد" المراد به ما ليس له أصل معلوم يرد إليه ويدخل فيه ما ألفه أصلية وما ألفه مجهولة الأصل كما قاله شيخنا. وقوله: "الذي أميل" أي: قبل الإمالة، ووجه قلب ألفه ياء أن الإمالة انحاء الألف إلى الياء. قوله: "إذا سمي بهما" أي: ليصح تثنيتهما ووصفهما بالقصر؛ إذ التثنية والقصر من خصائص الأسماء المتمكنة كما مر، وهما قبل التسمية بهما ليسا اسمين متمكنين؛ بل متى اسم وبلى حرف.
قوله: "تقلب واوًا الألف" اعتبارًا للأصل حقيقة أو حكمًا مع خفة الثلاثي. اهـ سم. وقوله: "حقيقة" أي: كما في القسم الأول، أو حكمًا كما في القسم الثاني. قوله: "أن تكون غير مبدلة" أي: عن حرف معلوم بعينه، فدخلت المجهولة الأصل كما هو مقتضى صنيعه بعد. قوله: "ولم تمل" أي: لم تقبل الإمالة. قوله: "التي ليست مبدلة" أي: عن أصل معلوم بألا تكون مبدلة بالكلية أو تكون مبدلة عن أصل مجهول عينه. قوله: "ما كانت في حرف" كبلى أو شبهه كمتى، وظاهر كلام ابن المصنف أن التي في حرف وشبهه من المجهولة الأصل أيضًا. سم. قوله: "والمجهولة الأصل" عطف على الأصلية كما يدل عليه قول الشارح بعد والثالث الألف الأصلية والمجهولة... إلخ، ومثل المرادى المجهولة الأصل بنحو: الددا وهو اللهو، قال: لأن ألفه لا يدرى أهي عن ياء أو واو. اهـ. وإنما قال: عن ياء أو واو لما قاله زكريا: إن الألف في الثلاثي المعرب لا تكون إلا منقلبة عن إحداهما.
قوله: "ثلاثة مذاهب" بل أربعة، رابعها قلبهما واوًا أميلتا أولًا كما في الهمع. قوله: "حالهما"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1221- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 299، وشرح التصريح 2/ 295.(4/157)
وما كصحراءَ بواو ثنِّيَا ونحو عِلْبَاء كساء وحيا
بواوٍ او همزٍ وغير ما ذُكر صحِّحْ وما شذ على نقلٍ قُصر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبه جزم في الكافية، فعلى هذا يثنى على وإلى ولدى بالياء لانقلاب ألفهن ياء مع الضمير، وعلى الأول يثنين بالواو، والقولان عن الأخفش، والثالث الألف الأصلية والمجهولة يقلبان ياء مطلقًا. الثاني: قد يكون للألف أصلان باعتبار لغتين، فيجوز فيها وجهان كرحى، فإنها يائية في لغة من قال: رحيت، وواوية في لغة من قال: رحوت، فلمن ثناها أن يقول: رحيان ورحوان، والياء أكثر "وأولها ما كان قبل قد ألف" أي: أول الواو المنقلبة إليها الألف ما ألف في غير هذا من علامة التثنية المذكورة في باب الإعراب.
"وما كصحراء" مما همزته بدل من ألف التأنيث "بواو ثنيا" نحو: صحراوان وحمراوان بقلب الهمزة واوًا. وزعم السيرافي أنه إذا كان قبل ألفه واو يجب تصحيح الهمزة؛ لئلا يجتمع واوان ليس بينهما إلا الألف، فتقول في عشواء عشواءان بالهمز، ولا يجوز عشواوان. وجوز الكوفيون في ذلك الوجهين. وشذ حمرايان بقلب الهمزة ياء، وحمراءان بالتصحيح، كما شذ قاصعان وعاشوران في قاصعاء وعاشوراء بحذف الهمزة والألف معًا. والجيد الجاري على القياس قاصعاوان وعاشوراوان.
"ونحو علباء" وقوباء مما همزته بدل من حرف الإلحاق، والعباء عصبة العنق، وهما علباوان بينهما منبت العرف، والقوباء داء معروف ينتشر ويتسع ويعالج بالربق، وأصلهما: علباي وقوياء بياء زائدة لتلحقهما بقرطاس وقرناس، ونحو "كساء" مما همزته بدل من أصل هو واو؛ إذ أصله كسا و"و" نحو "حيا" مما همزته بدل من أصل هو ياء؛ إذ أصله حياي يثنى "بواو أو همز" فتقول: علباءان وكساءان وحياءان،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: الأصلية والمجهولة. قوله: "الألف الأصلية والمجهولة" لا حاجة إلى التصريح بهما هنا؛ لأن الكلام ليس إلا فيهما. وقوله: "مطلقًا" أي: سواء أميلا أم لا، قلبتا ياء في موضع أم لا. قوله: "رحيت" أي: أدرت الرحى. قوله: "ما كان قبل" يعني: في باب المعرب والمبني قد ألف من ألف ونون مكسورة في حالة الرفع وياء مفتوح ما قبلها ونون مكسورة في حالة الجر والنصب. قوله: "أي أول الواو" فيه قصور؛ إذ الحكم المذكور لا يختص بالواو؛ بل يجري في الياء المنقلبة إليها الألف أيضًا، فكان الأولى أن يقول أي: أول اللفظة المنقلبة إليها الألف من ياء أو واو، أفاده سم. وكلام الفارضي يفيد رجوع الضمير من أولها إلى الألف المنقلبة ياء أو واوًا، وبه صرح الشيخ خالد في إعرابه، وما قاله سم أظهر. قوله: "عشواء" بفتح العين المهملة وسكون الشين المعجمة وهي التي لا تبصر ليلًا وتبصر نهارًا. تصريح.
قوله: "بحذف الهمزة والألف معًا" أي: الألف التي قبل الهمزة، ولو قال: بحذف الألف والهمزة معًا لكان أوضح، وإن كانت الواو لا تقتضي ترتيبًا. قوله: "ونحو" مبتدأ خبره بواو أو همزة. قوله: "وهما" أي: العصبتان المدلول عليهما بقوله عصبة. قوله: "وقرناس" تقدم الكلام عليه(4/158)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعلباآن وكساآن وحياآن، نعم الأرجح في الأول الإعلال وفي الأخيرين التصحيح، هكذا ذكره المصنف وفاقًا لبعضهم، نص سيبويه والأخفش وتبعهما الجزولي على أن التصحيح مطلقًا أحسن، إلا أن سيبويه ذكر أن القلب في التي للإلحاق أكثر منه في المنقلبة عن أصل مع اشتراكهما في القلة، وشذ كسايان بقلب الهمزة ياء، كما شذ ثنايان لطرفي العقال، قالوا: عقل بعيره بثنايين والقياس بثناوين أو بثناءين؛ لأنه تثنية ثناء على وزن كساء تقديرًا.
"وغير ما ذكر" من المهموز وهو ما همزته أصلية أي: غير مبدلة من نحو: قرَّاء ووضَّاء "صحح" في التثنية، فتقول: قراءان ووضاءان. والقراء الناسك، والوضاء الوضيء، وشذ قراوان بقلب الهمزة الأصلية واوًا "وما شَذَّ" في تثنية المقصور والممدود مما تقدم التنبيه عليه في مواضعه "على نقل قُصر" فلا يقاس عليه.
تنبيه: جملة ما شذ من المقصور ثلاثة أشياء؛ الأول: قولهم مذروان، والقياس مذريان كما تقدم، وعلة تصحيحه أنه لم يستعمل إلا مثنى، فلما لزمته التثنية صارت الواو كأنها من حشو الكلمة، ومثله في الممدود ثنايان. قال في التسهيل: وصححوا مذروين وثنايين تصحيح شقاوة وسقاية للزوم على التثنية والتأنيث؛ يعني: أنه لم ينطق بمذروين وثنايين إلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
آخر باب التأنيث. قوله: "نعم الأرجح في الأول الإعلال" تشبيهًا لهمزته بهمزة حمراء من جهة أن كلًّا منهما بدل من حرف زائد. تصريح. قوله: "وفي الأخيرين التصحيح" لأن الهمزة فيهما أقرب إلى الأصلية لكونها بدلًا عنها. سم. قوله: "مطلقًا" أي: في الثلاثة. قوله: "إلا أن سيبويه... إلخ" أي: لكن سيبويه... إلخ ودفع بهذا توهم استواء الثلاثة في قلة القلب. قوله: "ثنايان" بكسر الثاء المثلثة. قوله: "تقديرًا" إنما قال ذلك؛ لأنه لم يسمع لثنايين مفرد، وتقديرًا بمعنى مقدرًا حال من ثناء أو على نزع الخافض معمول لتثنية كما مر. قوله: "وغير ما ذكر... إلخ" وتلخص أن الممدود أربعة أضرب؛ لأن همزته إما أصلية أو مبدلة من أصل أو من ياء الإلحاق أو من ألف التأنيث، هذا هو التحقيق، وإن أفاد كلام ابن الناظم خلافه.
قوله: "نحو قراء" بضم القاف ووضاء بضم الواو كلاهما بوزن رمان. قوله: "الناسك" أي: المتعبد. وقوله: "الوضيء" أي: الحسن الوجه. قوله: "مما تقدم التنبيه عليه في مواضعه" وسيجمله في قوله: "تنبيه: جملة ما شذ... إلخ". قوله: "وعلة تصحيحه" أي: عدم تغييره عما نطقوا إلى ما هو القياس وإلا فلا تصحيح فيه، فليست هذه العلة علة لنطقهم بخلاف القياس؛ لأنها لا تصلح علة له، كما لا يخفى على المتيقظ ويظهر لي في علته أن يقال: لما أرادوا رفض المفرد والاقتصار على استعمال المثنى خالفوا القياس والتزموا الواو تنبيهًا بمخالفته على الفرق بين تثنية ما له مفرد تحقيقًا وما له مفرد تقديرًا، فتدبر.
قوله: "ومثله" أي: في مخالفة القياس وعدم استعمال مفرده. قوله: "تصحيح شقاوة" بفتح الشين المعجمة "وسقاية" بكسر السين المهملة، والقياس لولا التاء إبدال الواو والياء همزة؛ ولذلك إذا حذفوا التاء قالوا: شقاء وسقاء.(4/159)
واحذف من المقصور في جَمْع على حد المثنَّى ما به تَكَمَّلا
والفتحَ أَبْقِ مُشعرًا بما حُذف وإن جمعتَه بتاء وأَلِفْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مثنى، ولم ينطق بشقاوة وسقاية إلا بتاء التأنيث، فلما بنيت الكلمة مع ذلك قويت الواو والياء لكونهما حشوًا، وبعدًا عن التطرف فلم يعلا؛ لكن حكى أبو عبيد عن أبي عمرو: مذرى مفردًا، وحكي عن أبي عبيدة: مذرى ومذريان على القياس. الثاني: خوزلان وقهقران، وقاس عليه الكوفيون. الثالث: رضيان، وقاس عليه الكسائي فأجاز تثنية رضا وعلا من ذوات الواو المكسور الأول والمضمومة بالياء.
والذي شذ من الممدودة خمسة أشياء؛ الأول: حمراءان بالتصحيح، حكى ابن النحاس أن الكوفيين أجازوه. والثاني: حمرايان بالياء، وحكى بعضهم أنها لغة فزارة. والثالث: نحو: قاصعان بحذف الهمزة والألف، وقاس عليه الكوفيون. والرابع: كسايان، وقاس عليه الكسائي، ونقله أبو زيد عن لغة فزارة. والخامس: قراوان بقلب الألف الأصلية واوًا.
وفي كلام بعضهم ما يقتضي أنه لم يسمع "واحذف من المقصور في جمع على حد المثنى ما به تكملا" يعني: إذا جمعت المقصور الجمع الذي على حد المثنى -وهو جمع المذكر السالم- حذفت ما تكمل به -وهو الألف- لالتقاء الساكنين.
"والفتح" أي: الذي قبل الألف المحذوفة "أبق مُشعرًا بما حذف" وهو الألف نحو: {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} [آل عمران: 139، محمد 35]، {وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ} [ص: 47].
تنبيهات: الأول: أفهم إطلاقه أنه لا فرق فيما ذكره بين ما ألفه زائدة وما ألفه غير زائدة، وهذا مذهب البصريين. وأما الكوفيون فنقل عنهم أنهم أجازوا ضم ما قبل الواو وكسر ما قبل الياء مطلقًا. ونقله المصنف عنهم في ذي الألف الزائدة نحو: حبلى مسمى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "أبو عبيد" هذا بلا تاء بخلاف الآتي، فإنه بالتاء، فهما اثنان كما بخط الشارح. قوله: "من ذوات الواو" حال من رضا وعلا. قوله: "المكسور الأول" لا يصح أن يكون بالإضافة على أنه نعت حقيقي لذوات الواو؛ لوجوب مطابقة النعت الحقيقي لمنعوته تذكيرًا وتأنيثًا، ولا أن يكون برفع الأول نائب فاعل المكسور والرابط محذوف أي: الأول منها على أنه نعت سببي؛ لأنه يمنع منه قوله: والمضمومة بالإضافة إلى الضمير، فتعين أن يكون نعتًا للواو بتقدير مضاف أي: المكسور أول كلمته، فعلم ما في كلام البعض، فتفطن.
قوله: "في جمع" أي: في حال إرادة جمع اسم منه. قوله: "على حد المثنى" أي: طريقه في أنه أعرب بحرفين وسلم فيه بناء الواحد وختم بنون تحذف للإضافة. زكريا. قوله: "لالتقاء الساكنين" أي: الألف المقصورة وواو الجمع أو يائه. قوله: "والفتح أبقِ" وإنما لم يبقوا الكسر في المنقوص مشعرًا لثقله. اهـ سم. أي: لثقله قبل الواو. قوله: "مشعرًا" حال من الفتح أو من فاعل أبق شاطبي.
قوله: "وأنتم الأعلون... إلخ" والأصل: الأعلوون والمصطفوين، قلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت لالتقاء الساكنين. وقول شيخنا: الأصل: الأعليون والمصطفيين سهو. قوله: "زائدة" كحبلى مسمى به. وقوله: غير زائدة كالمصطفى أي: في ذي الألف الزائدة وغيره. قوله: "ونقله المصنف عنهم... إلخ" الضمير في قوله: ونقله يرجع إلى ما ذكر من الضم قبل الواو(4/160)
فالألفَ اقلبْ قَلْبَهَا في التثنيه وتاء ذي التا أَلْزِمَنَّ تَنْحِيَه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
به. قال في شرح التسهيل: فإن كان أعجميًّا نحو: عيسى، أجازوا فيه الوجهين لاحتمال الزيادة وعدمها.
الثاني: إنما يذكر حكم الممدود إذا جمع هذا الجمع إحالة على ما علم في التثنية؛ فإن الحكم فيهما فيه على السواء، فنقول في وضاء وضاءون بالتصحيح، وفي حمراء -علمًا لمذكر- حمراوون بالواو، ويجوز الوجهان في نحو: علباء وكساء علمي مذكر.
الثالث: كان ينبغي أن ينبه على أن ياء المنقوص تحذف في هذا الجمع وكسرها، فيضم ما قبل الواو ويكسر ما قبل الياء نحو: القاضُون ورأيت القاضِين.
"وإن جمعته" أي: المقصور "بتاء وألف فالألف اقلب قلبها في التثنية" الألف مفعول به لاقلب مقدمًا، وقلبها نصب على المصدرية؛ يعني: أن المقصور إذا جمع بالألف والتاء قلبت ألفه مثل قلبها إذا ثني، فتقول: حبليات، ومصطفيات، ومستدعيات، وفتيات، ومتيات في جمع متى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والكسر قبل الياء في ذي الألف الزائدة لا بقيد كونه جائزًا لما أفاده عبد القادر المكي من أن نقل المصنف ذلك عنهم على سبيل الوجوب لا الجواز، كما هو ظاهر كلام ابن المصنف، وكلام والده في شرح التسهيل الذي نقله عنه الشارح: لكن الوجوب في غير الأعجمي؛ لأن غيره هو الذي تعلم زيادة ألفه الزائدة، وهذا بخلاف نقل غير المصنف عنهم الجواز.
قوله: "في ذي الألف الزائدة" أي: بخلاف الأصلية، فيجب بقاء الفتح قبلها عندهم؛ لأن الاعتناء بالأصلي أشد من الاعتناء بالزائد. قوله: "نحو: حبلى مسمى به" أي: مذكر، أما غير المسمى به مذكر فجمعه بالألف والتاء لا بالواو أو الياء والنون. قوله: "فإن كان" أي: المقصور. قوله: "فإن الحكم فيهما" أي: في التثنية والجمع فيه أي: في الممدود والظرف، الثاني حال من ضمير التثنية والجمع، فلا يعترض بأن في عبارته تعلق حرفي جر متحدي اللفظ والمعنى بعامل واحد.
قوله: "ويجوز الوجهان" أي: التصحيح الذي هو الهمز والواو. قوله: "كان ينبغي... إلخ" وجه ترك المصنف ذلك أنه لم يتعرض في هذا الباب لغير المقصور والممدود. قوله: "وكسرها" عطف على الضمير المستتر في تحذف لوجود الفصل بقوله: في هذا الجمع أو هو بالنصب مفعول معه والإضافة في كسرها لأدنى ملابسة؛ لأن الكسرة لما قبلها لا لها، وظاهر كلامه أن الكسر يحذف ولو مع ياء الجمع، وأن الكسرة مع يائه غير الكسرة السابقة، وهو تكلف دعا إليه توافق الكسرة مع الياء والضم مع الواو في الاجتلاب، ويمكن أو يكون قول الشارح: وكسرها أي: مع الواو. وقوله: "ويكسر ما قبل الياء" أي: يبقى على كسره.
قوله: "وإن جمعته بتاء وألف... إلخ" تقدم منافي باب المعرب والمبني التكلم على ما يجمع بالألف والتاء قياسًا، وكان المناسب للمصنف التكلم عليه هنا أو في باب المعرب والمبني. قوله: "أي: المقصور" تبع فيه المكودي والشاطبي. قال خالد: ولو رجعاه إلى الاسم المختتم بالألف مطلقًا لشمل المقصور والممدود، وطابق قوله في الترجمة: وجمعهما تصحيحًا. قوله: "فتقول حبليات... إلخ" أي: في جمع حبلى ومصطفاة ومستدعاة وفتاة ومتى اسمًا لأنثى سميت متى. وأنت خبير بأن الكلام في المقصور ومصطفاة ومستدعاة وفتاة ليست منه؛ لأنه -كما مر- ما(4/161)
والسالم العين الثلاثي اسمًا أَنِلْ إتباعَ عين فاءه بما شُكل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مسمى بها أنثى بالياء. وتقول في جمع عصا وألا وإذا مسمى بهن أناث: عصوات وألوات وأذوات، بالواو لما عرفت في المثنى.
تنبيه: حكم الممدود والمنقوص -إذا جُمعا هذا الجمع- كحكمهما إذا ثنيا أيضًا، فلم يذكرهما إحالة على ذلك، وإنما ذكر المقصور وإن كان كذلك لاختلاف حكمه في جمعي التصحيح كما عرفت.
"وتاء ذي التا ألزمن تنحيه" تاء مفعول أول بالزمن، وتنحيه مفعول ثانٍ أي: ما آخره تاء من المقصور وغيره تحذف تاؤه عند جمعه هذا الجمع؛ لئلا يجمع بين علامتي تأنيث، ويعامل الاسم بعد حذفها معاملة العاري منها، فتقول في مسلمة: مسلمات، وإذا كان قبلها ألف قلبت على حد قلبها في التثنية، فتقول في فتاة: فتيات، وفي قناة: فتوات، وفي معطات: معطيات. وإذا كان قبلها همزة تلي ألفًا زائدة صححت إن كانت أصلية نحو: قراءة وقراءات، وجاز فيها القلب والتصحيح إن كانت بدلًا من أصل نحو: نَباءة فيقال: نباءات ونباوات كما في التثنية.
"والسالم العين الثلاثي اسمًا أنل إتباع عين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حرف إعرابه ألف لازمة، وحرف إعراب ما ذكر التاء لا الألف، فالتمثيل بمصطفيات ومستدعيات وفتيات خروج عن الموضوع، إلا أن يقال: المراد ما حرف إعرابه ولو بحسب التذكير قبل لحوق التاء، فتدبر.
قوله: "مسمى بها" أي: بمتى. قوله: "بالياء" متعلق بتقول. قوله: "أيضًا" أي: كما أن حكم المقصور إذا جمع هذا الجمع كحكمه إذا ثني. قوله: "فلم يذكرها" أي: لم يذكر حكم جمعهما إحالة على ذلك أي: على حكمهما إذا ثنيا، وفيه أنه لم يذكر حكم تثنية المنقوص، فإحالة حكم جمعه على حكم تثنيته إحالة على غير مذكور، إلا أن يقال: إنه لظهوره في حكم المذكور، فتدبر.
قوله: "وإن كان كذلك" أي: حكمه إذا جمع كحكمه إذا ثني. قوله: "لاختلاف حكمه... إلخ" لك أن تقول المنقوص كذلك؛ لأنه يحذف آخره في جمع المذكر ويبقى في جمع المؤنث كما في التثنية، فتأمل. سم. قوله: "وتاء ذي التا" ولو عوضًا عن أحد أصول الكلمة كما في بنت وعدة؛ لكن تارة يرد المعوض عنه في الجمع كما في أخوات وسنوات وهنوات، وتارة لا كما في بنات وهنات وعدات وذوات. قوله: "أي: ما آخره تاء من المقصور وغيره" فيه أنه لا شيء من المقصور آخره تاء، وأما توهم كون نحو: فتاة مقصورًا، فباطل لما تقدم أن المقصور ما حرف إعرابه ألف لازمة، ويمكن الجواب بما مر. ولو قال: ما آخره تاء سواء كان قبلها ألف أو لا لكان أحسن.
قوله: "لئلا يجمع بين علامتي تأنيث" يدل على أن التاء في جمع المؤنث علامة تأنيث. سم. قوله "نحو: نباءة" بفتح النون والباء الموحدة بعدها ألف زائدة فهمزة بدل من واو. قال الجوهري: النبوة والنباوة ما ارتفع من الأرض. وأما ضبط عبد القادر المكي لها بفتح النون وسكون الموحدة بعدها همزة فتاء تأنيث وهي الصوت الخفي، فلا يوافق قول الشارح. وإذا كان قبلها همزة تلي ألفًا زائدة مع أنها بضبطه لا يجوز فيها إبدال الهمزة واوًا، كما قاله الأسقاطي.
قوله: "ونباوات" أي: برد الهمزة إلى أصلها وهو الواو، ويقال: في نحو بناءة بفتح الموحدة(4/162)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فاءه بما شُكل إن ساكن العين مؤنثًا بدا" يعني: أن ما جمع بالألف والتاء وحاز هذه الشروط المذكورة تتبع عينه فاءه في الحركة مطلقًا. والشروط المذكورة خمسة:
الأول: أن يكون سالم العين، واحترز به عن شيئين؛ أحدهما: المشددة نحو: جَنة وجِنة وجُنة، فليس فيه إلا التسكين، والآخر: ما عينه حرف علة، وهو ضربان: ضرب قبل حرف العلة فيه حركة مجانسة نحو: تارة ودولة وديمة، فهذا يبقى على حاله. وضرب قبل حرف العلة فيه فتحة نحو: جوزة وبيضة، وهذا فيه لغتان: لغة هذيل فيه الإتباع، ولغة غيرهم الإسكان، وسيأتي ذكره.
الثاني: أن يكون ثلاثيًّا، واحترز به من الرباعي نحو: جعفر وخرنق وفستق أعلامًا لإناث، فإنه يبقى على حاله.
الثالث: أن يكون اسمًا، واحترز به من الصفة نحو: ضخمة وجلفة وحلوة، فليس فيه إلا التسكين.
الرابع: أن يكون ساكن العين، واحترز به من متحركها نحو: شجَرة ونبِقة وسَمُرة، فإنه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتشديد النون مؤنث بناء بناآت وبنايات برد الهمزة إلى أصلها وهو الياء؛ لأنه من بنى يبني كما في التصريح.
قوله: "والسالم العين" أي: من الإعلال والتضعيف والثلاثي نعت للسالم، واسمًا حال، وإتباع مفعول ثانٍ لأنل، ومفعوله الأول السالم، وهو مصدر مضاف لمفعوله الأول، وفاءه مفعوله الثاني، والباء في بما بمعنى في؛ والمعنى: أعطِ الاسم الثلاثي السالم العين إتباعك عينه لفائه في الحركة التي شكلت بها الفاء، وذكر ضمير الفاء لتأولها بالحرف، ولم يبرز الضمير مع جريان الصلة على غير ما هي له من اللبس، وفي كلامه حذف العائد المجرور مع عدم مماثلة جاره لجار الموصول معنى ومتعلقًا، وهو نادر كما سلف في باب الموصول. قوله: "مؤنثًا" قيل: لا حاجة إليه إذا الكلام في المؤنث؛ لأن المقسم وهو مبني على ربط قوله: والسالم العين... إلخ بقوله: وتاء ذي التاء ألزمن تنحيه، فيكون المعنى: والسالم العين من ذي التاء، وهذا أمر لا دليل عليه؛ بل يمنعه قوله: مختتمًا بالتاء أو مجردًا؛ فلهذا قال: مؤنثًا، فتدبر.
قوله: "تتبع عينه فاءه" أي: جوازًا في مكسور الفاء ومضمومها ووجوبًا في مفتوحها، كما يؤخذ مما يأتي، فأنل في كلام المصنف مستعمل في الوجوب والجواز معًا. قوله: "مطلقًا" أي: فتحة أو ضمة أو كسرة. قوله: "خمسة" بل ستة باعتبار تضمن سلامة العين شرطين: ألا يكون معتلها، وألا يكون مضعفها. قوله: "نحو: جنة... إلخ" الجنة بالفتح: البستان، وبالكسر: الجنون والجن، وبالضم: الوقاية. قوله: "فليس فيه إلا التسكين" لأن تحريك العين يستلزم الفك المؤدي إلى الثقل. قوله: "وجلفة" بكسر الجيم مؤنث جلف وهو الرجل الجافي. قوله: "فليس فيه إلا التسكين" لأن الصفة ثقيلة بالاشتقاق وتحمل الضمير. اهـ فارضي. ومحل التسكين في جمع الصفة ما لم تحرك عينها، وإلا حركت عين الجمع، كما يؤخذ مما أجاب به فيما يأتي عن لجبات، أفاده(4/163)
إنْ ساكنَ العين مونثًا بدَا مختتمًا بالتاء أو مُجردا
وسكِّن التالي غير الفتح أو خفِّفْهُ بالفتح فكُلًّا قد رَوَوْا
ومنعُوا إتباعَ نحو ذِرْوَه وزُبْيَة وشَذ كسرُ جِرْوَه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا يغير. نعم يجوز الإسكان في نحو: نبقات وسمرات، كما كان جائزًا في المفرد، لا أن ذلك حكم تجدد حالة الجمع.
الخامس: أن يكون مونثًا، واحترز به من المذكر نحو: بكر، فإنه لا يجمع هذا الجمع فلا يكون فيه الإتباع المذكور، ولا يشترط للإتباع المذكور أن يكون فيه تاء التأنيث، كما أشار إلى ذلك بقوله: "مختتمًا بالتاء أو مجردا" فمثال المستكمل للشروط المذكورة مختتمًا بالتاء: جفنة وسدرة وغرفة، ومثاله مجردًا منها: دعد وهند وجمل، فتقول في جمعها الجمع المذكور: جفنات وسدرات وغرفات ودعدت وهندات وجملات.
"وسكن التالي غير الفتح أو خففه بالفتح فكلا قد رووا" أي: يجوز في العين بعد الفاء المضمومة أو المكسورة وجهان مع الإتباع؛ وهما الإسكان والفتح، ففي نحو: سدرة وهند -من مكسور الفاء، وغرفة وجمل من مضمومها- ثلاث لغات: الإتباع والإسكان والفتح.
تنبيهات: الأول: أشار بقوله: "فكلا قد رووا" إلى أن هذه اللغات منقولة عن العرب، خلافًا لمن زعم أن الفتح في غرفات إنما هو على أنه جمع غرف، ورد بأن العدول إلى الفتح تخفيفًا أسهل من ادعاء جمع الجمع، ورده السيرافي بقولهم: ثلاث غرفات بالفتح. الثاني: أفهم كلامه أن نحو: دعد وجفنة، لا يجوز تسكينه مطلقًا، واتثنى من ذلك في التسهيل معتل اللام كظبيات، وشبه الصفة نحو: أهل وأهلات، فجوز فيهما التسكين اختيارًا.
"ومنعوا إتباع" الكسرة فيما لامه واو، وإتباع الضمة فيما لامه ياء كما في "نحو ذروه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سم. قوله: "فإنه لا يغير" بل تبقى عينه على حركتها الثابتة لها في الإفراد، وإنما جاز الإسكان في نحو: سمرات ونبقات؛ لجواز ذلك في المفرد تخفيفًا من ثقل الضمة والكسرة، لا أن ذلك حكم تجدد في حالة الجمع، أفاده الشارح على التوضيح، ثم رأيت في بعض نسخ الشارح بعد قوله: "فإنه لا يغير" ما نصه: نعم يجوز الإسكان في نحو: نبقات وسمرات، كما كان جائزًا في المفرد، لا أن ذلك حكم تجدد حالة الجمع.
قوله: "غير الفتح" بالنصب على المفعولية أو الجر على الإضافة. قوله: "ورده السيرافي... إلخ" هذا رد ثانٍ للزعم المذكور، ووجه الرد أنه لو كان غرفات بضم الغين وفتح الراء جمع الجمع والفتح فيه لكونه أصليًّا في مفرده لا للتخفيف لما قيل: ثلاث غرفات؛ لأن لفظ ثلاث ظاهر في الآحاد الثلاثة، وأقل ما يصدق عليه جمع الجمع تسعة آحاد، أفاده سم. قوله: "لا يجوز تسكينه" بل يجب فتحه إتباعًا للفاء؛ فرقًا بين الصفة والاسم، وإنما كانت الصفة بالسكون أليق لثقلها باقتضائها الموصوف ومشابهتها الفعل؛ ولذلك كانت إحدى علل منع الصرف. دماميني. قوله: "مطلقًا" أي: معتقل اللام أو لا، شبه الصفة أو لا. قوله: "وشبه الصفة" أي: في الجري على(4/164)
ونادرٌ أو ذو اضطرارٍ غير ما قدمتُه أو لأناسٍ انْتَمَى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وزُبية" لاستثقال الكسرة قبل الواو والضمة قبل الياء، ولا خلاف في ذلك. "وشذ كسر جروه" فيما حكاه يونس من قولهم: جروات بكسر الراء، وهو في غاية الشذوذ؛ لما فيه من الكسرة قبل الواو.
تنبيهات: الأول: قد ظهر أن لإتباع الكسرة والضمة شرطًا آخر غير الشروط السابقة. الثاني: فهم من كلامه جواز الإسكان والفتح في نحو: ذروة وزبية؛ إذ لم يتعرض لمنع غير الإتباع، وبه صرح في شرح الكافية. الثالث: فهم منه أيضًا جواز اللغات الثلاث في نحو: خطوة ولحية، ومنع بعض البصريين الإتباع في نحو لحية؛ لأن فيه توالي كسرتين قبل الياء، وعليه مشى في التسهيل. ومنع الفراء إتباع الكسرة مطلقًا فيما لم يسمع، والصحيح الجواز مطلقًا. قال ابن عصفور: كما لم يحفلوا باجتماع ضمتين والواو كذلك لم يحفلوا باجتماع كسرتين والياء.
"ونادر أو ذو اضطرار غير ما قدمته أو لأناس انتمى" أي: ما ورد من هذا الباب مخالفًا لما تقدم فهو إما نادر وإما ضرورة وإما لغة قوم من العرب؛ فمن النادر قول بعضهم: كهلات بالفتح حكاه أبو حاتم ، وقياسه الإسكان؛ لأنه صفة ولا يقاس عليه خلافًا لقطرب، ولا حجة في قولهم: لجبات وربعات في جمع لجبة وربْعة؛ لأن مِن العرب مَن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموصوف كما يفيده قول الفارضي: وتسكين العين أيضًا في شبه الصفة نحو: امرأة كلبة ونساء كلبات، ذكره في التسهيل. قوله: "إتباع نحو ذروة وزبية" أي: إتباع جمع نحو... إلخ أي: الإتباع فيه.
قوله: "كما في نحو" أي: كالإتباع في جمع نحو: ذروة بكسر الذال المعجمة وضمها كما في القاموس؛ وهي أعلى الشيء، وزبية بضم الزاي وسكون الموحدة وفتح التحتية وهي حفرة الأسد. قوله: "جروه" هي بكسر الجيم لا غير، وأما قول التصريح: وشذ جروات بالكسر في الراء إتباعًا للجيم على إحدى اللغات، فعلى إحدى اللغات يرجع لكسر الراء لا لكسر الجيم. فقول الأسقاطي: بكسر الجيم على إحدى اللغات ناشئ عن عدم فهم عبارة التصريح، والجروة الأنثى من ولد الكلب والسبع والصغيرة من القثاء.
قوله: "شرطا... إلخ" وهو ألا تكون اللام واوًا في إتباع الكسرة ولا ياء في إتباع الضمة. سم. قوله: "والفتح" أي: تخفيفًا، ولا يضر كون الياء أو الواو متحركة مفتوحًا ما قبلها في هذه الأمثلة؛ لأن الألف الساكنة التي بعدها كفت الإعلال، كما سيأتي في محله. قوله: "في نحو خطوة ولحية" أي: من كل اسم لامه واو بعد ضمة أو ياء بعد كسرة. قوله: "إتباع الكسر مطلقًا" أي: قبل الياء أو قبل غيرها. قوله: "الجواز مطلقًا" أي: فيما سمع وما لم يسمع قبل الياء أو غيرها مما سوى الواو. قوله: "لم يحلفوا" بحاء مهملة ساكنة وفاء مكسورة أي: لم يبالوا. قوله: "كهلات" جمع كهلة؛ وهي التي جاوزت ثلاثين سنة. تصريح.
قوله: "في جمع لجبة" بلام مثلثة وجيم ساكنة وباء موحدة، قال في القاموس: اللجبة مثلثة(4/165)