حاشية الصبان
تأليف:محمد بن علي الصبان الشافعي
الناشر:دار الكتب العلمية بيروت-لبنان
الطبعة الأولى 1417 هـ -1997م
عدد المجلدات:
[ 4 ](/)
المجلد الأول
المقدمات
ترجمة الصبان
بسم الله الرحمن الرحيم
ترجمة الصبان 1 :
هو أبو العرفان الشيخ محمد بن علي الصبان الشافعي، ولد بمصر وحفظ القرآن والمتون واجتهد في طلب العلم وحضر على أشياخ عصره وجهابذة مصر وشيوخه، ولم يزل الشيخ الصبان يخدم العلم ويدأب في تحصيله حتى تمهر في العلوم العقلية والنقلية وقرأ الكتب المعتبرة في حياة أشياخه، وربى التلاميذ واشتهر بالتحقيق والتدقيق والمناظرة والجدل وشاع ذكره وفضله بين العلماء بمصر والشام.
ومن مؤلفاته: حاشيته على الأشموني التي سارت بها الركبان وشهد بدقتها أهل الفضائل والعرفان، وهو هذا الكتاب الذي بين أيدينا، وحاشية على شرح العصام على السمرقندية، وحاشية على شرح الملوي على السلم، ورسالة في علم البيان، ورسالة عظيمة في آل البيت، ومنظومة في علم العروض وشرحها، ونظم أسماء أهل بدر، وحاشية على آداب البحث، ومنظومة في مصطلح الحديث ستمائة بيت، ومثلثات في اللغة، ورسالة في الهيئة، وحاشية على السعد في المعاني والبيان، ورسالتان على البسملة صغرى وكبرى، ورسالة في مفعل، ومنظومة في ضبط رواة البخاري ومسلم.
توفي الشيخ الصبان في جمادى الأولى سنة 1206هـ، بعد أن توعك بالسعال وقصبة الرئة، وصلي عليه بالأزهر في مشهد حافل ودفن بالبستان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 من تاريخ الجبرتي.
1 | 435(1/1)
حاشية الصبان
ترجمة الأشموني
ترجمة الأشموني 1 :
هو علي بن محمد بن عيسى بن محمد الأشموني الأصل ثم القاهري الشافعي نور الدين أبو الحسن. فقيه، أصولي، مقرئ، نحوي، متكلم، ناظم. من تصانيفه: شرح ألفية ابن مالك، ونظم منهاج الدين للحليمي في شعب الإيمان، ونظم جمع الجوامع في الأصول، والينبوع في شرح المجموع في فروع الفقه، ونظم إيساغوجي في المنطق، وتعليقة على الأنوار لعمل الأبرار للأردبيلي في فروع الفقه الشافعي.
اختلف في وفاته، فقيل نحو سنة 900هـ، وقيل: سنة 918هـ، وقيل: سنة 929هـ، وقيل غير ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر ترجمته في معجم المؤلفين "7/ 38، 184، 225" والأعلام "5/ 10" وشذرات الذهب "8/ 165" والكواكب السائرة "1/ 284" وهدية العارفين "1/ 739".
2 | 435(1/2)
حاشية الصبان
مقدمة المؤلف:
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد حمد لله على ما منح من أسباب البيان. وفتح من أبواب التبيان. والصلاة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
نحمدك اللهم على ما وجهت نحونا من سوابغ النعم. ونشكرك على ما أظهرت لنا من مبهمات الأسرار ومضمرات الحكم. ونشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك الفاعل لكل مبتدأ ومبتدع، ونشهد أن سيدنا محمدا عبدك ورسولك المفرد العلم والإمام المتبع. اللهمّ صلِّ وسلم عليه وعلى آله وصحبه ما رفعت منصب المنخفض لجلالك. وجبرت بالسكون إليك كسر الجازم بوحدتك في ذاتك وصفاتك وأفعالك.
أما بعد فيقول راجي الغفران "محمد بن علي الصبان" غفر الله ذنوبه وستر في الدارين عيوبه. هذه حواش شريفة. وتقريرات جليلة منيفة. وتحقيقات فائقة. وتدقيقات رائقة. خدمت بها شرح العلامة نور الدين أبي الحسن "علي بن محمد الأشموني" الشافعي على ألفية الإمام "ابن مالك" كل الخدمة. وصرفت في تحرير مبانيها وتهذيب معانيها جميع الهمة. ملخصا فيها زبد ما كتبه عليه المشايخ الأعيان. منبها على كثير مما وقع لهم من أسقام الأفهام وأوهام الأذهان. ضاما إلى ذلك من نفائس المسطور ما ينشرح به الخاطر. مضيفا إليه من عرائس بنات فكري ما تقر به عين الناظر. وحيث أطلقت شيخنا فمرادي به شيخنا العلامة المدابغي. أو قلت شيخنا السيد فمرادي به شيخنا المحقق السيد البليدي. أو قلت البعض فمرادي به الفهامة الفاضل سيدي يوسف الحنفي رحمهم الله وجزاهم عنا خيرا. وما كان زائدا على ما في حواشيهم وليس معزوا لأحد فهو غالبا مما ظهر لي وربما نسبته إليّ صريحا. وعلى الله الاعتماد إنه ولي السداد.
قوله: "أما بعد حمد الله إلخ" اعترض بأن هذه العبارة إنما تفيد سبق حمد وصلاة وسلام منه وهذه الإفادة لا يحصل بها المطلوب من الإتيان بالثلاثة في ابتداء التأليف. ويجاب أولا بأنا لا نسلم تلك الإفادة لأن القصد من قوله حمد الله إنشاء الحمد. وقوله حمد الله وإن لم يكن جملة في قوة الجملة فكأنه قال أما بعد قولي أحمد الله منشئا للحمد. وثانيا بأنا سلمنا تلك الإفادة لكن لا نسلم أن المطلوب لا يحصل بها لأن إفادة سبق الحمد منه تتضمن أن المحمود أهل لأن يحمد وهو وصف بالجميل فقد حصل الحمد ضمنا بهذه العبارة الواقعة في ابتداء التأليف ولا يضر عدم حصوله صريحا إذ المطلوب حصول الحمد مطلقا في الابتداء ومثل ذلك يقال في الصلاة والسلام بناء على أن المقصود بهما التعظيم وهو حاصل بإفادة سبقهما كما أفاده العلامة ابن قاسم في نكته عند قول المصنف: أحمد ربي الله خير مالك مصليا الخ وبه يعرف ما في كلام البعض وما أجاب به هو وشيخنا من أن الشارح أتى بالثلاثة لفظا لا يحسم مادة
3 | 435(1/3)
حاشية الصبان
مقدمة المؤلف
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والسلام على من رفع بماضي العزم قواعد الإيمان. وخفض بعامل الجزم كلمة البهتان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاعتراض لبقاء المؤاخذة بعدم كتابتها المطلوبة أيضا والجواب بحصول الحمد بالبسملة غير نافع في الصلاة والسلام. فإن قلت لا نسلم عدم حصول الحمد صريحا هنا لما تقرر من أن الإخبار عن الحمد حمد أي صريح. قلت ما تقرر إنما هو في الإخبار عن الحمد بثبوته لله بالجملة الاسمية أعني الحمد لله لأنه ثناء بجميل صراحة فهو حمد صريح بخلاف الإخبار عن الحمد بسبق وقوعه، ومثله الإخبار بأنه يقع كما في أحمد ربي الله على أنه خبر لفظا ومعنى فتنبه.
قوله: "على ما منح من أسباب البيان" على تعليلية وما موصول اسمي أو نكرة موصوفة فمن بيانية والعائد محذوف. ويظهر لي عند عدم استدعاء المقام أحد الوجهين ترجح الثاني لأن النكرة هي الأصل ولأن شرط الموصول إذا لم يكن للتعظيم أو التحقير عهد الصلة وقد لا يحصل عهدها إلا بتكلف فاحفظه، أو موصول حرفي ويقوّي هذا أن الحمد يكون حينئذٍ على الفعل والحمد على الفعل أمكن من الحمد على أثره لأن الحمد على الفعل بلا واسطة وعلى أثره بواسطته. ومن زائدة على مذهب الأخفش وبعض الكوفيين أو تبعيضية نكتتها الإشارة إلى أنه تعالى يستحق الحمد على بعض نعمه كما يستحق الحمد على الكل بالأولى. والمنح الإعطاء وبابه قطع وضرب، والمنحة بالكسر العطية كذا في المختار. والبيان يطلق بمعنى الظهور وبمعنى الفصاحة وبمعنى المنطق الفصيح المعرب عما في الضمير أي المنطوق به لا المعنى المصدري لأنه لا يوصف بالفصاحة حقيقة وهذا هو المراد هنا. والمراد بأسبابه جميع ما له دخل في حصوله كسلامة اللسان من العيّ والفهاهة وسلامة القلب من موانع الإدراك لا خصوص ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لذاته لقصوره. قوله: "وفتح من أبواب التبيان" قياس ما كان على التفعال فتح التاء كالتكرار والتذكار وشذ كسر تاء التبيان والتلقاء بعكس الفعلال، وورد الفتح أيضا في التبيان كما في القاموس وإن كان كسره أكثر. والتبيان كما قاله الخطابي أبلغ من البيان لأنه بيان مع دليل وبرهان فهو جار على الأصل من زيادة المعنى لزيادة المبنى. والمراد بأبوابه كل ما له دخل في حصوله كالإدراكات القوية وجودة اللسان والقلب فالأبواب استعارة مصرحة والفتح ترشيح أو في التبيان استعارة بالكناية والأبواب تخييل والفتح ترشيح. وذكر المنح والأسباب في جانب البيان والفتح والأبواب في جانب التبيان لأن التبيان أبلغ كما مر فالوصول إليه أصعب يحتاج إلى فتح أبواب مغلقة.
قوله: "والصلاة والسلام" مجروران عطفا على حمد الله. قوله: "على من رفع" متعلق بمحذوف صفة للصلاة والسلام أي الكائنين على من رفع، أو حال منهما. وقال شيخنا تبعا للمصرح متعلق بالسلام لقربه وهو مطلوب أيضا للصلاة من جهة المعنى على سبيل التنازع. ا. هـ. ومراده كما قاله الفاضل الروداني محشي التصريح التنازع المعنوي الذي هو مجرد الطلب في المعنى لا العملي بدليل كلامه فقوله متعلق بالسلام لقربه يعني مع حذف متعلق الصلاة فسقط ما اعترض به البعض من أن التنازع لا يكون إلا في فعلين متصرفين أو اسمين يشبهانهما كما سيأتي
4 | 435(1/4)
حاشية الصبان
مقدمة المؤلف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"محمد" المنتخب من خلاصة معد ولباب عدنان. وعلى آله وأصحابه الذين أحرزوا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وما ذكر ليس كذلك أي لأن الصلاة والسلام اسما مصدرين جامدان على أنه سيأتي أن المراد اسمان يشبهانهما في العمل لا في التصرف بدليل تمثيلهم باسم الفعل والمصدر. وممن وافق على ذلك هذا البعض وحينئذٍ لا يدل ما سيأتي على عدم جريان التنازع الاصطلاحي بين اسمي المصدر بل على جريانه بينهما كالمصدرين فيتلاشى الاعتراض من أصله. والرفع الإعلاء والمراد به هنا الإظهار والإعزاز. قوله: "بماضي العزم" من إضافة الصفة إلى الموصوف أي العزم الماضي قال في المصباح: عزم على الشيء وعزمه عزما من باب ضرب عقد ضميره على فعله. ا. هـ. لكن سيذكر الشارح قبيل باب التنازع أن عزم لا يتعدّى بنفسه وإن قوله تعالى: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاح} [البقرة: 235] على تضمين معنى تنووا والماضي إما بمعنى النافذ يقال مضى الأمر أي نفذ، وإما بمعنى القاطع يقال سيف ماض أي قاطع فيكون قد شبه في النفس العزم بالسيف والماضي بمعنى القاطع تخييل. قوله: "قواعد الإيمان" يحتمل وهو الظاهر أن يراد بالإيمان التصديق القلبي فتكون إضافة القواعد إليه من إضافة المتعلق بفتح اللام إلى المتعلق بكسرها والمراد بالقواعد جميع ما وجب الإيمان به مما ينبني عليه غيره كعقائد التوحيد وضوابط الفقه المجمع عليهما، أو جميع ما وجب الإيمان به سواء بنى عليه غيره أو لا فيكون في التعبير بالقواعد تغليب، أو البراهين الدالة على حقيقة الإيمان، ويحتمل أن يراد به الإسلام لتلازم الإيمان والإسلام الكاملين فالإضافة من إضافة الأجزاء إلى الكل. والمراد بالقواعد الأركان الخمسة المذكورة في حديث: "بني الإسلام على خمس" وعليه ففي الكلام تلميح إلى هذا الحديث.
قوله: "وخفض بعامل الجزم" الجزم القطع وعامله آلته كالسيف ووصفها بالعمل مجاز عقلي من وصف آلة عمل الشيء به. فإن قلت عامل الجزم لا يخفض في العربية فلا تتم التورية قلت التورية لا تتوقف على خفضه في العربية وإنما روي بخفضه الذي لا يقع في العربية للإشارة إلى أن ما وقع منه صلى الله عليه وسلّم أمر فوق ما ألفه البشر خارج عن طوقهم. قوله: "كلمة البهتان" البهتان الكذب والمراد به هنا الكفر أو مطلق الباطل والمراد بالكلمة الكلام وإضافتها إلى البهتان استغراقية. قوله: "محمد" بدل من أو عطف بيان وقوله المنتخب أي المختار نعت لمحمد لا لمن لئلا يلزم تقديم البدل أو عطف البيان على النعت مع أن النعت هو المقدم على بقية التوابع عند اجتماعها. قوله: "من خلاصة معد ولباب عدنان" خلاصة الشيء بضم الخاء وكسرها ما خلص منه وبمعناه اللباب ففي عبارته تفنن. ومعد بفتح الميم والعين ولد عدنان لصلبه قال الجوهري وهو أبو العرب. وعدنان آخر النسب الصحيح لرسول الله صلى الله عليه وسلّم. وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، فعلم وجه ذكر معد وعدنان. ويحتمل أنه أراد بمعد وعدنان ذرية معد وذرية عدنان المسماتين باسمي أبويهما. وإنما أخر عدنان ذكرا مع تقدمه وجودا لأنه لو قدمه لم يكن لذكر معد
5 | 435(1/5)
حاشية الصبان
مقدمة المؤلف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصبات السبق في مضمار الإحسان. وأبرزوا ضمير القصة والشأن بسنان اللسان ولسان السنان. فهذا شرح لطيف بديع على ألفية ابن مالك. مهذب المقاصد واضح المسالك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فائدة لأنه يلزم من كونه عليه الصلاة والسلام منتخبا من لباب عدنان كونه منتخبا من خلاصة معد ولا عكس. قوله: "أحرزوا" أي حازوا وقوله قصبات السبق الخ كان من عادة العرب أن تغرز قصبة في آخر ميدان تسابق الفرسان فمن أعدى فرسه إليها وأخذها عد سابقا ففي الكلام استعارة تمثيلية إن شبه حال الصحابة في غلبتهم لمن قاواهم في الإحسان بحال السابقين على الخيل في الميدان في سبقهم إلى قصبة السبق بجامع مطلق حوز ما به الشرف، أو استعارة مكنية إن شبه في النفس الإحسان بساحة ذات ميدان وجعل إثبات المضمار أي الميدان تخييلا وإحراز قصبات السبق ترشيحا، أو استعارة مصرحة إن شبهت مراتب العلو بقصبات السبق وجعل المضمار ترشيحا والإحسان تجريدا والمراد بالإحسان إما معناه الشرعي المبين في حديث جبريل بقوله عليه الصلاة والسلام: "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" أو مطلق الطاعة وهذا أقرب.
قوله: "وأبرزوا" أي أظهروا. وقوله ضمير القصة والشأن يحتمل أن المراد المضمر المستور الذي كان له قصة وشأن عظيمان وهو دين الإسلام فيكون تسميته مضمرا باعتبار ما كان. ويحتمل أن المراد ضمير القصة والشأن الاصطلاحي الواقع في قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّه} [محمد: 19] ففي الكلام حذف مضاف أي مفسر ضمير الخ لأن الذي أظهروه مفسره وهو لا إله إلا الله، أو مجاز مرسل علاقته المجاورة حيث سمي المفسر بكسر السين باسم المفسر بفتحها. قوله: "بسنان اللسان ولسان السنان" السنان نصل الرمح، والتركيبان إما من إضافة المشبه به إلى المشبه أي اللسان الذي كالسنان في التأثير والسنان الذي كاللسان في كثرة استعماله، أو من الاستعارة بأن يكون شبه في التركيب الأول كلام اللسان بالسنان في التأثير وشبه في النفس السنان في التركيب الثاني بالإنسان في صدور الفعل العظيم عن كل وأثبت له اللسان تخييلا، أو شبه طرف السنان الذي به الجرح باللسان في كثرة استعماله، وجعل شيخنا إطلاق لسان السنان على طرفه الجارح لا تجوز فيه ممنوع لأنه ليس من معاني اللسان الحقيقية كما يؤخذ من القاموس وغيره. وفي قوله بسنان الخ من أنواع البديع العكس وهو تقديم المؤخر وتأخير المقدم كقولهم عادات السادات سادات العادات. وقد اشتملت خطبته على أنواع أخر كبراعة الاستهلال والتورية في الفتح والرفع والماضي ونحوها. والطباق في الرفع والخفض والإيمان والبهتان والإفراط والتفريط. والجناس اللاحق في الأسد والجسد والتحقيق والتدقيق والمخل والممل، وكذا بين الأدراج والأبراج كما قاله شيخنا والبعض وإن جعل شيخنا السيد الجناس بينهما مضارعا لما سيأتي والجناس المضارع في خلا وعلا. والفرق بين الجناسين أن الاختلاف إن كان بحرف بعيد المخرج فاللاحق أو قريبه فالمضارع. ومعنى بعد المخرج أن يختلف الحرفان في جنس المخرج ومعنى قربه أن يتحدا في جنسه ويختلفا في شخصه.
قوله: "فهذا" اسم الإشارة راجع إلى الألفاظ الذهنية المخصوصة الدالة على المعاني المخصوصة على أرجح الأوجه فهو مستعار مما وضع له، وهو المبصر الحاضر للمعقول لشبهه به
6 | 435(1/6)
حاشية الصبان
مقدمة المؤلف
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يمتزج بها امتزاج الروح بالجسد. ويحل منها محل الشجاعة من الأسد. تجد نشر التحقيق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في كمال إتقان المشير أو السامع إياه حتى كأنه مبصر عنده، وهل استعارة اسم الإشارة ونحوه أصلية أو تبعية خلاف بيناه في رسالتنا في المجازات. والفاء واقعة في جواب إما وجواب الشرط لا بد أن يكون مستقبلا وكون الألفاظ المشار إليها شرحا لطيفا بديعا غير مستقبل فلا بد من تقدير أقول بعد الفاء كما أفاده في التصريح، نعم إن كانت الخطبة قبل التأليف وجعل الشرح بالمعنى اللغوي على أنه مصدر بمعنى الشارح أي خارجا لم يحتج إلى التقدير لأن الشرح الخارجي المدلول على هذا الشرح الذي هو محط الجزاء مستقبل حينئذٍ بل قال الروداني في حواشيه على التصريح إنما يحتاج إلى التقدير لو أريد بالشرط الذي تضمنته أما التعليق مع أن المراد منه مجرد استلزام شيء لشيء، ولو سلم فالتعليق قد يكون في الاستقبال وقد يكون في الماضي كما في شرط لو فليكن هذا منه. ا. هـ. نعم قال يس: يندفع بتقدير القول إشكال آخر وهو أن كون هذه الألفاظ شرحا لطيفا بديعا ثابت حمد أو لم يحمد فما معنى كونه بعد الحمد، فإذا جعل الجزاء القول كان هو المقيد بالبعدية. ا. هـ. وهو مبني على أن الظرف من متعلقات الجزاء كما هو الأحسن مع أن هذا الإشكال الآخر يندفع بجعل شرح بمعنى شارح مرادا منه المعنى اللغوي لصحة تقييده بالبعدية على أنه يرد على تقدير القول أن حذف القول يوجب حذف الفاء معه كما سيصرح به الشارح، لكن في الهمع ما يدل على أن بعضهم يجوز حذف القول مع بقاء الفاء كما سيأتي بسطه في محله فتنبه.
قوله: "لطيف" يعني لا يحجب ما وراءه من المعاني مجازا عما لا يحجب ما وراءه من المحسوسات. قوله: "بديع" فعيل بمعنى المفعول أي مبتدع أي مخترع لا على مثال سابق فإنه بهيئته المخصوصة لم يسبق له مثال والمراد أنه فائق في الحسن على غيره من الشروح ويجيء بديع بمعنى مبدع ومنه بديع السموات والأرض. قوله: "على ألفية ابن مالك" متعلق بمحذوف خاص دل عليه السياق أي دال على ألفية ابن مالك أي على معانيها، أو على بمعنى لام التقوية متعلقة بشرح بمعنى شارح أي كاشف كما قاله البعض، وفيه أنه يلزم على هذا نعت المصدر قبل استيفاء معموله أو بمعنى لام الاختصاص متعلقة بمحذوف صفة لشرح فيكون على استعارة تبعية أو شبه الشرح والمتن بجسم مستعل وجسم مستعلى عليه وذكر على تخييلا. قوله: "مهذب إلخ" التهذيب التنقية، والمقاصد المعاني، والمسالك الألفاظ، وهما مجروران بإضافة الوصف إليهما أو منصوبان على التشبيه بالمفعول به. قوله: "يمتزج بها إلخ" في الكلام مبالغة وإلا فالمزج الخلط بلا تمييز مع أن الشرح والمتن متمايزان، وأشار بهذه السجعة إلى ما في شرحه مما لا بد منه في بيان المتن وبالسجعة الثانية إلى ما زاد على ذلك والمقصود منهما وصف شرحه بجودة السبك وحسن التركيب مع ألفاظ المتن. قوله: "امتزاج الروح" أي امتزاجا كامتزاج الروح بالجسد. لا يقال عبارته تفهم أن شرحه للمتن كالروح للجسد وأن المتن بدونه كالجسد بدون الروح وفي هذا تنقيص لبقية الشروح لأنا نقول مقام المدح لا ينظر فيه إلى أمثال هذه المفاهيم. قوله:
7 | 435(1/7)
حاشية الصبان
مقدمة المؤلف
..............................................................................................ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من أدراج عبارته يعبق. وبدر التدقيق من أبراج إشاراته يشرق. خلا من الإفراط الممل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"ويحل" بضم الحاء وكسرها لأن حل بمعنى نزل يجوز في حاء مضارعه الوجهان كما في القاموس وبهما قرئ في السبع قوله تعالى: {فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} [طه: 81] فاقتصار البعض كشيخنا على الضم تقصير. وأما حل ضد حرم فجاء مضارعه بالكسر فقط. وحل بمعنى فك فجاء مضارعه بالضم فقط. قوله: "منها" قال شيخنا السيد: حال أي كائنا منها لأن حل لا يتعدى بمن وكذا قوله من الأسد أي كائنة من الأسد. ولعل معنى كائنا منها وكائنة من الأسد منتسبا إليها ومنتسبة إلى الأسد ولا يبعد أن من في الموضعين بمعنى في. لا يقال الظرفية في الأول غير ظاهرة لأنا نقول لما امتزج بها كأنه حل فيها. وقوله محل الشجاعة أي حلولها فمحل مصدر ميمي أي حلولا كحلول الشجاعة والمراد بالشجاعة الجراءة لا الملكة المخصوصة لاختصاص الملكات بذوي العلم. قوله: "تجد نشر التحقيق إلخ" النشر الرائحة الطيبة. والتحقيق يطلق على ذكر الشيء على الوجه الحق ويطلق على إثبات المسألة بدليلها مع رد قوادحه. والأدراج بفتح الهمزة جمع درج بفتح الدال وسكون الراء أو فتحها ما يكتب فيه كما في القاموس ويعبق بفتح الباء مضارع عبق الطيب بكسرها عبقا بالتحريك من باب فرح ظهرت رائحته ولا يكون إلا للذكية كما في المصباح، ففي كلامه استعارة مكنية وتخييل وترشيح حيث شبه التحقيق في نفاسته بنحو المسك والنشر تخييل ويعبق ترشيح قال شيخنا السيد: وفي العبارة قلب أي من عبارات أدراجه. ا. هـ. ونكتة القلب الإشارة إلى قوة النشر حتى سرى من العبارات إلى محلها المكتوبة فيه.
قوله: "وبدر التدقيق إلخ" البدر القمر ليلة كماله. والتدقيق يطلق على إثبات المسألة بدليلين أو أكثر وعلى إثبات دليل المسألة بدليل، وعلى ذكر الشيء على وجه فيه دقة. والأبراج جمع برج وهو أحد أقسام الفلك الإثني عشر المسماة بالبروج، وعبر بالأبراج وهو جمع قلة مع أنها اثنا عشر لمزاوجة أدراج. ويشرق بضم أوله وكسر ثالثه مضارع أشرق أي أضاء أو بفتح أوله وضم ثالثه مضارع شرق كطلع وزنا ومعنى، وعلى كل ففي كلامه عيب السناد وهو اختلاف حركة ما قبل الروي. وفي كلامه استعارة مكنية وتخييل وترشيحان حيث شبه التدقيق بالليلة المقمرة كمال الإقمار بجامع الكمال والبدر تخييل والإشراق والأبراج ترشيحان قاله شيخنا السيد. وجعل شيخنا التدقيق مشبها بالسماء في العلوّ. والمتانة ولك أن تجعل الأبراج استعارة مصرحة لعبارات الإشارات أي المعاني الدقيقة إن شبهت بالأبراج في أن كلا محل لما ينتفع به إذ العبارات محل للمعاني والأبراج محل للكواكب، أو تخييلا لاستعارة مكنية إن شبهت الإشارات بالسموات في الرفعة والمتانة ثم ذكر شيخنا السيد أن هنا أيضا قلبا أي من إشارات أبراجه ولا حاجة إليه كما لا يخفى. قوله: "خلا من الإفراط إلخ" الإفراط مجاوزة الحد، والتفريط التقصير أي خلا من الإفراط في التطويل وعلا عن التفريط في تأدية المعاني. وعبر في جانب الإفراط بخلا وفي جانب التفريط بعلا لأن التفريط أفحش فهو أحق بالتباعد عنه الذي هو المراد من علا. وأخر هاتين السجعتين مع أنهما من باب التخلية وما قبلهما من باب التحلية التفاتا إلى تقدم الإثبات على النفي وشرف الوجود على العدم. والممل والمخل وصفان لازمان لأن المراد الذي
8 | 435(1/8)
حاشية الصبان
مقدمة المؤلف
..............................................................................................ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعلا من التفريط المخل. {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67] وقد لقبته "بمنهج السالك إلى ألفية ابن مالك" ولم آل جهدًا في تنقيحه وتهذيبه وتوضيحه وتقريبه. والله أسأل أن يجعله خالصًا لوجهه الكريم. وأن ينفع به من تلقاه بقلب سليم. إنه قريب مجيب.
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شأنه الإملال والذي شأنه الإخلال. قوله: "وكان بين ذلك قواما" أي عدلا. وأفرد اسم الإشارة مع رجوعه إلى اثنين الإفراط والتفريط لتأوله بالمذكور والمرجح للإفراد حصول الاقتباس. قوله: "وقد لقبته" أي سميته وإنما آثر التعبير بالتلقيب
لما في هذا الاسم من الإشعار بالمدح كاللقب. قوله: "ولم آل" مضارع مبدوء بهمزة تكلم تليها ألف منقلبة عن همزة ساكنة كما هو القاعدة عند اجتماع همزتين ثانيتهما ساكنة حذف منه الجازم لامه التي هي واو، وماضيه ألا كعلا، ومصدره إن كان بمعنى التقصير أو الترك أو الاستطاعة: ألو كدلو وألوّ كعلوّ كما في القاموس، وإن كان بمعنى المنع ألو كدلو كما في حاشية شيخنا السيد لكن في حاشية ابن قاسم على المختصر وحاشية خسرو على المطول أن المنع معنى مجازي مشهور للألو لا حقيقي ويصح هنا ما عدا الاستطاعة فعلى الأول قوله جهدا أي اجتهادا منصوب على التمييز محول عن الفاعل والتقدير لم يقصر اجتهادي على الإسناد المجازي، أو نزع الخافض أي في اجتهادي أو حال بمعنى مجتهدا، وعلى الثاني مفعول به وعلى الأخير مفعوله الثاني وحذف مفعول الأول لعدم تعلق الغرض بذكره والتقدير ولم أمنع أحدا جهدا. وعن أبي البقاء أن لم آل من الأفعال الناقصة بمعنى لم أزل، فجهدا خبر بمعنى جاهدا والذي يؤخذ من القاموس والمختار أن الجهد بمعنى الاجتهاد أو المشقة بفتح الجيم لا غير وبمعنى الطاقة بالفتح والضم.
قوله: "وتهذيبه" عطف تفسير قاله شيخنا. قوله: "وتقريبه" عطف لازم. قوله: "والله أسأل إلخ" سأل إن كان بمعنى استعطى كما هنا تعدى لمفعولين بنفسه فالله مفعول قدم لإفادة الحصر أو للاهتمام لعظمته، وأن يجعله مفعول ثان. وإن كان بمعنى استفهم تعدى للأول بنفسه وللثاني بعن نحو {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَال} أو ما بمعناها نحو فاسأل به خبيرا أي عنه. قوله: "سليم" أي سالم من الحقد والحسد ونحوهما. قوله: "وما توفيقي إلا بالله" استقبح أهل اللسان نسبة الفعل إلى الفاعل بالباء لأنه يوهم الآلة فلا يحسن ضربي بزيد إذا كان زيد ضاربا والحسن ضربي من زيد. وفاعل التوفيق هو الله تعالى فالحسن وما توفيقي إلا من الله. وتوجيهه على ما يستفاد من الكشاف في تفسير سورة هود أنه على تقدير مضاف وأن التوفيق مصدر المبني للمجهول حيث قال أي وما كوني موفقا إلا بمعونته وتوفيقه أفاده ابن قاسم. قوله: "عليه توكلت" أي اعتمدت في جميع أموري كما يؤخذ من حذف المعمول أو في الأقدار على تأليف هذا الشرح كما يؤخذ من القيام. وتقديم الجار والمجرور لإفادة الحصر لأن الاعتماد في جميع الأمور والأقدار على تأليف هذا الشرح لا يكون إلا عليه تعالى وإن كان قد يعتمد في بعض الأمور على غيره. قوله: "أنيب" أي أرجع.
9 | 435(1/9)
حاشية الصبان
خطبة الكتاب:
بسم الله الرحمن الرحيم
قال محمد هو ابن مالك أحمد ربي الله خير مالك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
"قال محمد هو" الإمام العلامة أبو عبد الله جمال الدين بن عبد الله "ابن مالك"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "قال محمد" فيه التفات من التكلم إلى الغيبة إن روعي متعلق البسملة المقدر بنحو أؤلف أو تأليفي فإن لم يراع كان فيه التفات على مذهب السكاكي المكتفي بمخالفة التعبير مقتضى الظاهر. وأتى بجملة الحكاية ولم يتركها خوفا من الرياء لقصد الترغيب في كتابه بتعيين مؤلفه المشهور بالجلالة في العلم والإخلاص فيه وبالانتفاع بكتبه وهذا أرجح من مراعاة الحذر من الرياء خصوصا مع الأمن من ذلك كما هو حال المصنف، ولم يقدمها على البسملة أيضا ليحصل لها بركة البسملة ولئلا يفوت الابتداء الحقيقي بالبسملة ولم يؤخرها عن الحمدلة ليقع اسمه بين الجملتين الشريفتين فتحيط به بركتهما فاحفظه.
قوله: "العلامة" معناه لغة كثير العلم جدا لأن الصيغة للمبالغة والتاء لزيادتها وكثرة العلم جدا تحصل بالتبحر في أنواع من الفنون فما اشتهر من أنه الجامع بين المعقولات والمنقولات لعله اصطلاح لبعضهم. قوله: "جمال الدين" هذا لقبه أي مجمل أهل الدين. فإن قيل كل من جمال الدين ومحمد يشعر بالمدح فجعل أحدهما اسما والآخر لقبا تحكم، قلت يؤخذ جواب ذلك مما بحثه بعض المتأخرين ونصه: والذي يظهر أن الاسم ما وضعه الأبوان ونحوهما ابتداء كائنا ما كان، وأن ما استعمل في ذلك المسمى بعد وضع الاسم فإن كان مشعرا بمدح كشمس الدين فيمن اسمه محمد أو ذمّ كأنف الناقة فيمن اسمه ذلك فلقب، أو كان مصدرا بأب كأبي عبد الله فيمن اسمه ذلك أو أمّ كأمّ عبد الله فيمن اسمها عائشة فكنية، وعلى هذا يصح ما حكاه ابن عرفة فيمن اعترض عليه أمير إفريقية في تكنيته بأبي القاسم مع النهي عنه فأجاب بأنه اسمه لا كنيته نقله شيخنا عن الشنواني. وحاصل الجواب أن اعتبار الأشعار والتصدير أما يكون بعد وضع الدال على الذات ابتداء. والظاهر أن الموضوع للذات ابتداء محمد فهو الاسم والموضوع ثانيا مشعرا جمال الدين فهو اللقب. قوله: "ابن عبد الله بن مالك" قد يتوهم من صنيع الشارح أنه جر ابن مالك صفة لعبد الله وليس كذلك لأنه يلزم عليه تغيير إعراب المتن وحذف ألف ابن مع أنها واجبة الثبوت في المتن بل هو باق على رفعه فيكون بالنظر إلى كلام الشارح خبرا آخر لهو فاعرفه. فإن قلت في قول المصنف هو ابن مالك الباس لإيهامه أن مالكا أبوه. قلت هذا الإلباس لا يضر هنا لأنه ليس المقصود هنا بيان نسبه بل تمييزه عمن شاركه في اسمه وهو إنما يتم بهذه الكنية لغلبتها عليه دون غيرها قاله سم، وأيضا فيها تفاؤل بملكه رقاب العلوم. والأكثر حذف ألف مالك العلم وإن كان رسمها أيضا جيدا ومنه رسمها في: {وَنَادَوْا يَا مَالِك} [الزخرف: 77] في المصحف العثماني ويجب رسم ألف مالك الصفة كالذي آخر
11 | 435(1/10)
حاشية الصبان
خطبة الكتاب
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الطائي نسبًا، الشافعي مذهبًا، الجياني منشأ، الأندلسي إقليمًا، الدمشقي دارا ووفاة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شعبان عام اثنتين وسبعين وستمائة وهو ابن خمس وسبعين سنة "أحمد ربي الله خير مالك" أي أثني عليه الثناء الجميل اللائق بجلال عظمته وجزيل نعمته التي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البيت. وأما رسم مالك يوم الدين بدونها فيه فلأن الخط العثماني لا يقاس عليه مع أنه لا يرد على قراءته بدون ألف. قوله: "الطائي نسبا" سيأتي في المتن أن قولهم الطائي من شواذ النسب. قوله: "الجياني منشأ" نسبة إلى جيان بلد من بلاد الأندلس فكان الأولى تأخيره عن قوله الأندلسي إقليما ليكون للمتأخر فائدة، وجواب شيخنا السيد بأنه قدم الجياني اهتماما بالأخص غير نافع وقد يجاب بأن الفائدة حاصلة على تأخير قوله الأندلسي إقليما لمن لا يعلم كون جيان من بلاد الأندلس. والأندلس بفتح الهمزة وسكون النون وفتح الدال وضم اللام كذا في شرح ميارة على متن العاصمية في فصل المزارعة. ثم قال وهي جزيرة متصلة بالبر الطويل والبر الطويل متصل بالقسطنطينية. وإنما قيل للأندلس جزيرة لأن البحر محيط بها من جهاتها إلا الجهة الشمالية. وحكي أن أول من عمرها بعد الطوفان أندلس بن يافث بن نوح عليه السلام فسميت باسمه. ا. هـ. من مختصر ابن خلكان. ونقل صاحب المعيار عن القاضي عياض أن الأندلس كانت للنصارى دمرهم الله تعالى ثم أخذها المسلمون فمنها ما أخذ عنوة ومنها ما أخذ صلحا ثم أسلم بعض أولئك النصارى وسكنوها مع المسلمين. ا. هـ. ما قاله ميارة ببعض حذف، أي ثم بعد مدة طويلة أخذها النصارى ثانيا. هذا ونقل بعض الطلبة أنه رأى نصا بضم الهمزة والدال أيضا.
قوله: "ووفاة" كذا في بعض النسخ وفي بعضها ووفاته والأولى أحسن لإفادتها محل الوفاة دون الثانية. وقبره بسفح قاسيون ظاهر يزار والتمييزات المذكورة من تمييز النسبة غير المحول بناء على ما ذهب إليه كثير كابن هشام أن تحويل تمييز النسبة أغلبي لا المحول عن الفاعل كما زعم لعدم صحته في الجميع ولا من تمييز المفرد وإن قاله شيخنا لأن تمييز المفرد عين مميزه في المعنى والأمر هنا ليس كذلك. قوله: "عام اثنين إلخ" أي عام تمام اثنين إلخ. قوله: "أحمد" بفتح الميم مضارع حمد بكسرها قال المعرب وتبعه شيخنا والبعض: كان مقتضى الظاهر أن يقول يحمد بياء الغيبة لكنه التفت من الغيبة إلى التكلم. ا. هـ. وهو غير صحيح لأن مقتضى الظاهر أن يعبر المتكلم عن فعله أو قوله بما للمتكلم، فلفظ أحمد هو المقول للمصنف فهو الذي يحكى بقال، وشرط الالتفات أن يكون التعبير الثاني خلاف مقتضى الظاهر كما في المطوّل والمختصر وغيرهما فلا التفات في نحو قال إني عبد الله ونحو أنا زيد فاعرفه ولا تكن أسير التقليد. قوله: "ربي الله خير مالك" ذكر في عبارة حمده الفعل والذات والصفة إشارة إلى أنه تعالى يستحق الحمد لفعله وذاته وصفته وإنما قدم الأول لأنه إنعام فالحمد عليه كما هو مقتضى تعليق الحكم بالمشتق يقع واجبا لكن هذا لا يناسب تفسير الشارح الرب بالمالك وإنما يناسب تفسيره بالمربي وهو أولى هنا لذلك ولأن المالكية مذكورة في قوله خير مالك، إلا أن يقال تفسيره بالمالك باعتبار الأشهر وقطع النظر عن خصوص كلام المصنف. وخير أفعل تفضيل حذفت همزته تخفيفا
12 | 435(1/11)
حاشية الصبان
خطبة الكتاب
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا النظم من آثارها واختار صيغة المضارع المثبت لما فيها من الأشعار بالاستمرار التجددي وقصد بذلك الموافقة بين الحمد والمحمود عليه أي كما أن آلاءه تعالى لا تزال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لكثرة الاستعمال كشر ويظهر لي أنه من الخير مصدر خار يخير أي تلبس بالخير أو من الخير بكسر الخاء وهو الكرم والشرف. وبين مالك الأول ومالك الثاني الجناس التام اللفظي لا الخطي إن رسم الأول بغير ألف كما هو الأكثر في مالك العلم فإن رسم بها كما هو أيضا جيد كان لفظيا خطيا فإطلاق البعض كونه لفظيا خطيا محمول على الحالة الثانية. قوله: "الجميل" صفة كاشفة أو مخصصة على الخلاف بين الجمهور القائلين باختصاص الثناء بالخير والعز بن عبد السلام القائل بعمومه للخير والشر. قوله: "بجلال عظمته" لا يبعد أنه إشارة إلى قوله خير مالك وأن قوله وجزيل نعمته إشارة إلى قوله ربي، لكن يعكر على هذا تفسيره فيما بعد الرب بالمالك إلا أن يقال ما تقدم. والجلال العظمة ولا يتعين كون إضافته إلى ما بعده من إضافة الصفة إلى الموصوف كما يوهمه كلام البعض بل ولا يترجح لأنه وإن اقتضته مشاكلة قوله وجزيل نعمته يحوج إلى تأويل الجلال بالجليل. قوله: "وجزيل نعمته" من إضافة الصفة للموصوف قال البعض وأشار إليه شيخنا المراد بالنعمة الإنعام بقرينة قوله التي هذا النظم أثر من آثارها لأنه ليس أثرا للنعمة بمعنى المنعم به بل هو فرد من أفراده. ا. هـ. ولا يتعين ذلك بل يصح أن تكون النعمة بمعنى المنعم به ويترتب عليها ذلك الأثر كنعمة العلم والفهم والقدرة على التأليف فإنه يترتب عليها هذا الأثر.
قوله: "واختار صيغة المضارع" أي على الجملة الاسمية والماضوية. قوله: "المثبت" لا حاجة إليه بل هو لبيان الواقع إذ المنفي لا يتأتى هنا. قوله: "لما فيها من الأشعار" أي بواسطة غلبة الاستعمال. وقوله بالاستمرار التجددي أي الذي هو المناسب هنا كما بينه بعد بقوله وقصد إلخ وقوله التجددي أي الحاصل من تجدد الحمد مرة بعد أخرى وهكذا أو الموصوف به تجدده كذلك أي وكل من الاسمية والماضوية لا يفيد الاستمرار التجددي أصلا، فإن الأولى لا تفيد التجدد وإن كانت تفيد الاستمرار بواسطة العدول كما سيذكره الشارح تبعا لبعضهم أو بواسطة غلبة الاستعمال كما هو الأرجح، والثانية لا تفيد الاستمرار أصلا بل ولا التجدد بمعنى الحصول مرة بعد أخرى وهكذا وإن أفادت التجدد بمعنى الوجود بعد العدم. وقد اختلف هل الاسمية أبلغ أو المضارعية والتحقيق أن كلا أبلغ من الأخرى من بعض الوجوه، فالاسمية أبلغ من حيث تعيين الصفة المحمود بها فيها وهي ثبوت الحمد له تعالى إذ معنى الحمد لله الحمد ثابت لله والمعين أوقع في النفس، والمضارعية أبلغ من حيث صدق المحمود به فيها بجميع الصفات وببعضها الأعم من تلك الصفة لأن معنى أحمدك أثني عليك بالجميل وصفاته تعالى جميلة كلها وبعضها، فالمضارعية أكثر فائدة. قوله: "والمحمود عليه" يعني التربية المفهومة من قول ربي على ما تقدم فاندفع ما اعترض به البعض هنا بناء على ظاهر تفسير الشارح الرب بالمالك من أن كلام الشارح ربما يقتضي أن المصنف أوقع حمده في مقابلة نعمه مع أنه لم يذكر ذلك، ولا حاجة إلى اعتذاره بأنه يمكن أن يقال مراده المحمود عليه الذي يغلب وقوع الحمد في مقابلته. قوله:
13 | 435(1/12)
حاشية الصبان
خطبة الكتاب
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تتجدد في حقنا دائمًا كذلك نحمده بمحامد لا تزال تتجدد. وأيضًا فهو رجوع إلى الأصل إذ أصل الحمد لله أحمد أو حمدت الله فحذف الفعل اكتفاء بدلالة مصدره عليه. ثم عدل إلى الرفع لقصد الدلالة على الدوام والثبوت. ثم أدخلت عليه أل لقصد الاستغراق. والرب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"دائما" توكيد لقوله: لا تزال تتجدد. وقوله: كذلك تأكيد لقوله: كما. قوله: "نحمده بمحامد لا تزال تتجدد" اعترضه البعض كشيخنا بأنه سيصرح بأن الجملة إنشائية معنى، وعليه لا يظهر ما ذكره لأن الحمد الإنشائي ينقطع بانقطاع التلفظ به فأين التجدد وإنما يظهر ذلك على جعلها خبرية لفظا ومعنى. ويمكن دفعه بأن إشعارها بالتجدد باعتبار حالها الأصلي الثابت لها قبل نقلها إلى الإنشاء، وكأنه لم يقطع النظر بعد النقل عما كان قبله بقرينة مناسبة المقام، ولعل هذا مراد شيخنا من الاعتذار بأن ذلك الإشعار على سبيل التوهم والتخيل فافهم.
قوله: "وأيضا" هو مصدر آض إذا رجع، وهو إما مفعول مطلق حذف عامله أو بمعنى اسم الفاعل حال حذف عاملها وصاحبها، فالتقدير هنا على الأول أرجع إلى التعليل رجوعا، وعلى الثاني أقول راجعا إلى التعليل، وإنما تستعمل مع شيئين بينهما توافق ويغني كل منهما عن الآخر فلا يجوز جاء زيد أيضا، ولا جاء زيد ومضى عمرو أيضا، ولا اختصم زيد وعمرو أيضا، قاله شيخ الإسلام زكريا. قوله: "فهو" الفاء للتعليل كما علم مما مر آنفا والضمير للاختيار المفهوم من قوله واختار لكن هذا التعليل إنما ينهض لاختيار المضارعية على الاسمية دون اختيارها على الماضوية بخلاف الأول ولهذا قدمه على هذا. قوله: "إلى الأصل" أي أصل الجملة الاسمية. قوله: "فحذف الفعل" أي وجوبا إن ذكر بعده وشكرا، وشرط بعضهم في الوجوب ذكر لا كفرا بعدهما وجوازا إن ذكر وحده كما سيأتي في باب المفعول المطلق، وإطلاق شيخنا الوجوب في غير محله. قوله: "ثم عدل إلى الرفع إلخ" هذا يقتضي أنه لو لم يعدل إلى الرفع لانتفت الدلالة على الدوام وهو كذلك كما صرح به الرضي في باب المبتدأ لأن بقاء النصب صريح في ملاحظة الفعل وتقديره وهو يدل على التجدد فلا يستفاد الدوام إلا بالعدول إلى الرفع، ولا يكفي في إفادته وجوب حذف العامل مع النصب وإن صرح به الرضي في باب المصدر، وحمل شيخنا السيد ما صرح به في باب المبتدأ على حالة جواز حذف العامل ليوافق كلامه في باب المصدر، لكن الأوجه إبقاؤه على إطلاقه كما يقتضيه التعليل السابق. لا يقال الاسمية هنا خبرها ظرف متعلق إما بفعل وإما باسم فاعل بمعنى الحدوث بقرينة عمله في الظرف فيكون في حكم الفعل، والاسمية التي خبرها فعل تفيد التجدد والحدوث لا الدوام، لأنا نقول: لا نسلم كون اسم الفاعل هنا للحدوث حتى يكون في حكم الفعل ويكفي لعمله في الظرف رائحة الفعل فيعمل فيه بمعنى الثبوت أيضا، ولئن سلمناه فمحل إفادة الاسمية التي خبرها فعل للتجدد إذا لم يوجد داع إلى الدوام، والعدول المذكور داع إليه ذكره الغزي. قوله: "لقصد الدلالة" أي لمقصود هو الدلالة ولو حذف قصد لكان أخصر، هذا أريد بمدخول اللام العلة الغائية، فإن أريد السبب المتقدم على المسبب فقصد على حقيقته ومحتاج إليه. قوله: "والثبوت" إن أراد به ثبوت المسند للمسند إليه
14 | 435(1/13)
حاشية الصبان
خطبة الكتاب
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المالك. والله علم على الذات الواجب الوجود أي لذاته المستحق لجميع المحامد ولم يسم به سواه قال تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا } [مريم: 65] أي هل تعلم أحد تسمى الله غير الله. وهو عربي عند الأكثر، وعند المحققين أنه اسم الله الأعظم: وقد ذكر في القرآن.
في ألفين وثلاثمائة وستين موضعًا واختار الإمام النووي تبعًا لجماعة أنه الحي القيوم قال: ولهذا لم يذكر في القرآن إلا في ثلاثة مواضع: في البقرة وآل عمران وطه والله أعلم.
تنبيه: أوقع الماضي موقع المستقبل تنزيلًا لمقولة منزلة ما حصل إما اكتفاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو المتبادر فهو حاصل قبل العدول فكان الواجب حذفه، وإن أراد به الاستمرار فهو مستغنى عنه بقوله الدوام فكان الأخصر حذفه. قوله: "لقصد الاستغراق" أي مثلا وإلا فقد يكون لقصد العهد أو الجنس. قوله: "والله علم" أي بالوضع لا بالغلبة التقديرية على التحقيق كما بيناه في رسالتنا الكبرى في البسملة. وسيأتي في المعرف بأداة التعريف الفرق بين الغلبة التحقيقية والتقديرية.
قوله: "الواجب الوجود" وصف الذات بالواجب الوجود والمستحق لجميع المحامد لإيضاح الذات المسمى لا لاعتبارها فيه وإلا كان المسمى مجموع الذات والصفة مع أنه الذات المعينة فقط على الصحيح. وتخصيص هذين الوصفين بالذكر لأن وجوب الوجود للذات مبني كل كمال. واستحقاق جميع المحامد هو وجه حصر الحمد في كونه لله. قوله: "أي لذاته" يحتمل وجهين: الأول أنه تفسير لواجب الوجود والمعنى حينئذٍ أي الموجود لذاته. والثاني: أنه تقييد للوجوب أي الواجب الوجود لذاته أي ليس وجوب وجوده لغيره كما في الحوادث المتعلق علم الله بوجودها. قوله: "وهو عربي عند الأكثر" وقيل معرب وأصله بالسريانية. وقيل بالعبرانية لاها فعرّب بحذف ألفه الأخيرة وإدخال أل. قوله: "وقد ذكر إلخ" مسوق لتعليل كونه الاسم الأعظم، ووجه الدلالة أن من أحب شيئا أكثر من ذكره. قوله: "قال ولهذا لم يذكر في القرآن إلا في ثلاثة مواضع" اعترض الناس عليه بأن القلة لو كانت علة الأعظمية لكان اسمه المهيمن أولى بها لأنه لم يذكر إلا مرة واحدة، وفيه بحث لأنه لم يجعل القلة الأعظمية بل جعل الأعظمية علة الذكر في المواضع الثلاثة فقط لأنه لم يقل لأنه لم يذكر إلخ بل قال ولهذا لم يذكر إلخ، ولئن سلم أنه قال لأنه لم يذكر في القرآن إلا في ثلاثة مواضع قلنا ليس قصده التعليل بالذكر في المواضع الثلاثة فقط من حيث القلة بل من حيث ورود خبر بأنه في الثلاثة وهو ما روي عنه صلى الله عليه وسلّم أنه قال: "هو في ثلاث سور البقرة وآل عمران وطه" لكنه لا يرد على الجمهور القائلين بأعظمية اسم الجلالة لأنه متكلم فيه فاعرفه. قوله: "والله أعلم" أي بالاسم الأعظم أو بكل شيء.
قوله: "تنبيه" الذي حققه العصام في شرح الرسالة الوضعية أن أسماء الكتب من علم الشخص وأنها من الوضع الشخصي الخاص بموضوع له خاص. قال إذ الكتاب الذي هو عبارة عن الألفاظ والعبارات المخصوصة لا يتعدد إلا بتعدد التلفظ وذلك التعدد تدقيق فلسفي لا يعتبره
15 | 435(1/14)
حاشية الصبان
خطبة الكتاب
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالحصول الذهني أو نظرًا إلى ما قوي عنده من تحقق الحصول وقربه نحو: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: 1] وجملة هو ابن مالك معترضة بين قال ومقوله لا محل لها من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أرباب العربية، ألا ترى أنهم يجعلون وضع الضرب والقتل وضعا شخصيا لا نوعيا لجعل الموضوع أمرا متعينا لا متعددا. ا. هـ. ومثل أسماء الكتب أسماء التراجم بكسر الجيم كالخواتم والعوالم وكثير من الناس يضمها لحنا، بل وأسماء العلوم لأن مسمياتها وهي الأحكام المعقولة المخصوصة إنما تتعدد بتعدد التعقل. وهذا التعدد تدقيق فلسفي لا يعتبره أيضا أرباب العربية، هذا هو المتجه عندي وإن اشتهر الفرق فتأمل. والتنبيه لغة الإيقاظ، واصطلاحا جملة دالة على بحث يفهم إجمالا من البحث السابق قيل أو على بحث بديهي، فالترجمة به لما لم يفهم مما سبق ولم يكن بديهيا غير جارية على الاصطلاح كما هنا بل غالب تنبيهات الشارح من هذا القبيل فالمراد بها مطلق الإيقاظ الذي هو المعنى اللغوي. قوله: "أوقع الماضي موقع المستقبل" أي على سبيل المجاز. وقرينة هذا المجاز الخطبة على المقصود بدليل وأستعين الله. وكون المراد وأستعين الله على إظهار ألفية أو الانتفاع بها فلا ينافي تأخر الخطبة عن المقصود خلاف المتبادر وقوله تنزيلا لمقوله أي الذي سيحصل في الخارج منزلة ما حصل أي في الخارج. وعلل هذا التنزيل بعلتين ذكر الأولى بقوله أما اكتفاء أي في التنزيل بالحصول الذهني يعني أنه لما حصل في الذهن قوله نزله منزلة ما حصل في الخارج، فالجامع على هذه العلة مطلق الحصول، وذكر الثانية بقوله أو نظرا أي في التنزيل إلى ما قوي عنده إلخ يعني أنه لما قوي ما عنده من تحقق حصول قوله خارجا في المستقبل وقربه نزله منزلة الحاصل في الخارج فالجامع على هذه العلة تحقق الحصول، لكن لو قال الشارح في العلتين أما لحصول مقوله ذهنا أو لتحقق حصوله خارجا عنده لكان أخصر وأظهر. والذي أراه أن التنزيل في كلام النحاة بمعنى التشبيه في كلام البيانيين وأنه لا خلاف بينهما إلا في العبارة بل كثيرا ما يعبر البيانيون بالتنزيل والنحاة بالتشبيه، وأن التنزيل عند النحاة في مثل ما نحن بصدده لا يكفي عن التجوّز في اللفظ بل يقتضيه وإلا لزم أنهم يقولون بحقيقة كل لفظ استعمل في غير ما وضع له لتنزيله منزلة ما وضع له كالأسد في الرجل الشجاع المنزل منزلة الحيوان المفترس وهو في غاية البعد أو باطل. وبهذا مع ما قررنا به أولا كلام الشارح يبطل اعتراض البعض على الشارح بما حاصله: أن قوله أوقع إلخ لا يصح لا على طريقة النحاة لأن التجوز في مثل ذلك على طريقتهم إنما هو في التنزيل، ولا تجوز في الماضي فهو واقع موقعه لا موقع المستقبل، ولا على طريقة البيانيين لأنه لا تنزيل في مثل ذلك على طريقتهم بل فيه تشبيه أحد المصدرين بالآخر واستعارة الفعل، إلا أن يراد بالتنزيل التشبيه على المسامحة، واعتراضه بأن قول الشارح أما اكتفاء إلخ لا يصح أيضا لأن الاكتفاء المذكور لا يحتاج معه إلى التنزيل والعكس.
قوله: "من تحقق الحصول" أي وجوده وثبوته، وليس المراد بالتحقق التيقن لأنه لا يناسب قوله ما قوي عنده فتأمل. قوله: "معترضة" بكسر الراء وبفتحها على الحذف والإيصال
16 | 435(1/15)
خطبة الكتاب
مصليا على النبي المصطفى وآله المستكملين الشرفا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإعراب. ولفظ رب نصب تقديرًا على المفعولية، والباء في موضع الجر بالإضافة. والله نصب بدل من رب أو بيان وخير نصب أيضًا بدل أو حال على حد دعوت الله سميعا، وموضع الجملة نصب مفعول لقال ولفظها خبر ومعناها الإنشاء أي أنشئ الحمد "مصليًا"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والأصل معترض بها، وفائدة الاعتراض بها تمييز المصنف عن غيره ممن شاركه في اسمه، وتجويز جماعة كونها استئنافا بيانيا لا يخرجها عن كونها معترضة، وجوز بعضهم كونها نعتا لمحمد بتقدير تنكيره وهو بعيد، وبعضهم كونها حالا لازمة من محمد فمحلها على هذا نصب وعلى ما قبله رفع ولا محل لها على كونها معترضة. واندفع بكون الجملة معترضة غير مقصود بها قطع النعت أو نعتا أو حالا ما أورد على المصنف من أنها من قطع النعت وهو إنما يجوز إذا تعين المنعوت بدونه، ولو سلم أنها من قطع النعت نقول يكفي في جوازه تعين المنعوت ادعاء كما هنا. ولا يرد عليه وجوب حذف عامل النعت المقطوع لأن محله إذا كان النعت لمدح أو ذم أو ترحم.
فائدة: يصح اقتران الجملة المعترضة بالواو والفاء لا بثم. قوله: "ولفظ رب نصب" أي منصوب ويصح قراءته بلفظ الماضي المجهول وكذا يقال فيما بعد. قوله: "تقديرا إلخ" فقد اجتمع في أحمد ربي الإعراب اللفظي في أحمد والتقديري في ربي والمحلي في الياء. والفرق بين التقديري والمحلي أن المانع في الأول من ظهور الإعراب قائم بآخر الكلمة وفي الثاني قائم بالكلمة بتمامها قاله الشيخ خالد. قوله: "بدل من رب" وكون المبدل منه في نية الطرح أغلبي كما قاله جماعة، أو بحسب العمل لا المعنى كما قاله آخرون، أو معناه كما قاله الدماميني، أنه مستقل بنفسه لا متمم لمتبوعه كالنعت والبيان. وقوله أو بيان أي لرب لأنه أوضح منه ورجح ابن قاسم كونه بدلا من جهة أن البدل على نية تكرار العامل فيكون حامدا في عبارته مرتين، ورجح المعرب الثاني من جهة أن المبدل منه توطئة للبدل وفي حكم الطرح غالبا. قوله: "بدل أو حال" كونه بدلا لا يخلو عن ضعف لأن بدلية المشتق قليلة بل مقتضى كلام ابن هشام الذي نقله عنه المعرب امتناعها مع ما في جعله بدلا من ربي أن جعل الله بدلا من مخالفة الجمهور المانعين تعدد البدل وما في جعله بدلا من الله أن جعل الله بدلا من مخالفتهم في منعهم الإبدال من البدل. وكونه حالا أي لازمة فيه كما قاله ابن قاسم إيهام تقييد الحمد ببعض الصفات فالأولى جعله منصوبا بنحو أمدح. قوله: "وموضع الجملة" أي جملة أحمد ربي الله خير مالك أي والجمل بعدها معطوفة عليها كما سيصرح به الشارح عند قوله: وأستعين الله في ألفية. وعبارة السندوبي وجملة أحمد ربي إلى آخر الكتاب في محل نصب لأنها محكية بالقول. ا. هـ. ويظهر لي حمل الأول على حالة ملاحظة العاطف من الحكاية وجعل كل جملة مقولا مستقلا، وحمل الثاني على حالة ملاحظة العاطف من المحكي واعتبار كون المقول مجموع الجمل وجعل كل جملة جزء المقول فاحفظه فإنه نفيس. وإنما لم يقل مفعول به ليجري على القولين كونه مفعولا به وكونه مفعولا مطلقا وإن كان الراجح الأول.
17 | 435(1/16)
خطبة الكتاب
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي طالبًا من الله صلاته أي رحمته "على النبي" بتشديد الياء من النبوة أي الرفعة لرفعة رتبته على غيره من الخلق أو بالهمز من النبأ وهو الخير لأنه مخبر عن الله تعالى فعلى الأول هو فعيل بمعنى مفعول، وعلى الثاني بمعنى فاعل. ومصليًا حال من فاعل أحمد منوية لاشتغال مورد الصلاة بالحمد أي ناويًا الصلاة على النبي "المصطفى" مفتعال من الصفوة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "ومعناها الإنشاء" قد عرفت في الكلام على قول الشارح أما بعد حمد الله أنه يصح كونها خبرية معنى ويكون حامدا ضمنا. قوله: "مصليا" هذه الحال وإن كانت مفردة إلا أنها في قوة جملة إنشائية أو خبرية على ما مر عند قول الشارح أما بعد حمد الله إلخ أفاده ابن قاسم. ويلزم على الوجه الأول وقوع الإنشاء حالا وهو ممنوع فتأمل. وإنما لم يأت بجملة صريحة إشارة إلى الفرق بين ما يتعلق به تعالى وما يتعلق به صلى الله عليه وسلّم. ولم يذكر السلام جريا على عدم كراهة إفراد أحدهما عن الآخر بل إذا صلى في مجلس وسلم في مجلس ولو بعد مدة طويلة كان آتيا بالمطلوب وهذا هو المختار عندي وفاقا للحافظ ابن حجر وغيره. والآية لا تدل على طلب قرنهما لأن الواو لا تقتضي ذلك. قوله: "أي رحمته" أي اللائقة بمقامه فالإضافة للعهد. قوله: "بتشديد الياء من النبوة إلخ" هكذا اشتهر تخصيص المشدد بكونه من النبوة والمهموز بكونه من النبأ بالتحريك وهو الخبر. وأنا أقول يصح أن يكون المهموز من النبء بسكون الباء وهو الارتفاع على ما ذكره صاحب القاموس أنه يقال نبأ بالهمز كمنع أي ارتفع بل هذا أولى لكون الساكن مصدرا بخلاف المتحرك، وأن يكون المشدد مسهلا من المهموز فيكون من النبأ بفتح الباء أو سكونها فاعرف ذلك. وعلى كون النبي من النبوة يكون واوي اللام وأصله نبيو اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء. قوله: "أي الرفعة" فيه مسامحة إذ النبوة المكان المرتفع وكأنه على حذف مضاف وموصوف أي المكان ذي الرفعة. قوله: "لأنه مخبر عن الله" أي ولو بكونه نبأه فلا يرد أن النبي على الأصح لا يشترط فيه أن يؤمر بتبليغ الشرع الموحى إليه. قوله: "فعلى الأول إلخ" يصح على كل من الأول والثاني أن يكون بمعنى اسم الفاعل وأن يكون بمعنى اسم المفعول ففي كلامه احتباك. قوله: "حال" اعترض بأن الحالية تقتضي تقييد حمده بهذه الحالة ويدفع بأنها إنما تقتضي تقييد حمده في هذا المتن بهذه الحالة لا تقييد مطلق حمده ولا ضرر في ذلك بل هو الواقع.
قوله: "منوية" هي المقدرة ودفع بهذا الاعتراض بأن الصلاة غير ممكنة في حال الحمد لاشتغال موردها حينئذٍ بالحمد. وفيه أنه حينئذٍ لا يكون مصليا بالفعل لأن نية الصلاة ليست صلاة فالأولى أنها مقارنة والمقارنة في كل شيء بحسبه، فمقارنة لفظ للفظ وقوعه عقبه، فاندفع الاعتراض، ودفعه بعضهم بحمل الحمد بناء على خبرية جملته على العرفي لكن يرد عليه أن المأمور بالابتداء به الحمد اللغوي لا العرفي لحدوثه بعذر منه صلى الله عليه وسلّم: وتوجيه كونها مقارنة بأن المعنى أحمده بلساني وأصلي بقلبي يرد عليه أن الصلاة بالقلب من غير تلفظ لا ثواب فيها. قوله: "من الصفوة" كذا بالتاء في نسخ وعليها فتذكير الضمير في قوله بعد وهو الخلوص من الكدر لما قاله ابن الحاجب من أن كل لفظتين وضعتا لشيء واحد وإحداهما مؤنثة والأخرى
18 | 435(1/17)
خطبة الكتاب
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو الخلوص من الكدر قلبت تاؤه طاء لمجاورة الصاد ولامه ألفًا لانفتاح ما قبلها ومعناه المختار "وآله" أي أقاربه من بني هاشم والمطلب "المستكملين" باتباعه "الشرفا" أي العلو.
تنبيه: أصل آل أهل قلبت الهاء همزة كما قلبت الهمزة هاء في هراق الأصل أراق،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مذكرة وتوسطهما ضمير جاز تأنيث الضمير وتذكيره. وفي نسخ من الصفو بلا تاء وتذكير الضمير بعد ظاهر عليها. قوله: "وهو الخلوص من الكدر" هذا يفيد أن معنى المصطفى في الأصل الخالص من الكدر فقوله ومعناه المختار أي معناه المراد هنا. قوله: "لمجاورة الصاد" أي لأنها من حروف الأطباق الأربعة الصاد والضاد والطاء والظاء والتاء إذا وقعت بعد أحدها تقلب طاء. قوله: "أي أقاربه" الأنسب هنا تفسيره بأتباعه في العمل الصالح وحينئذٍ يدخل الصحب فلا يلزم على المصنف إهمالهم بل يكون فيه من أنواع البديع التورية لا خصوص الأقارب ولا عموم الأتباع ولو في أصل الإيمان لعدم ملاءمته لقوله: "المستكملين الشرفا" وما اشتهر من أن اللائق في مقام الدعاء تفسير الآل بعموم الاتباع لست أقول بإطلاقه بل المتجه عندي التفصيل: فإن كان في العبارة المدعو بها ما يستدعي تفسير الآل بأهل بيته حمل عليهم نحو اللهم صل على محمد وعلى آل محمد الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا، أو ما يستدعي تفسير الآل بالأتقياء حمل عليهم نحو اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد الذين ملأت قلوبهم بأنوارك وكشفت لهم حجب أسرارك، فإن خلت مما ذكر حمل على الأتباع نحو اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، ونحو اللهم صل على محمد وعلى آل محمد سكان جنتك وأهل دار كرامتك.
قوله: "المستكملين" صفة لازمة لآل. والسين والتاء إما للطلب والمطلوب كمال زائد على الكمال الحاصل عندهم فالشرف بفتح الشين مفعول المستكملين، أو زائدتان للتأكيد والمعنى الكاملين فهو منصوب على التشبيه بالمفعول به أو على نزع الخافض بناء على القول بأنه قياسي. ومما يدل على أن ثم قولا بقياسيته قول الشمس الشوبري في حواشيه على التحرير الفقهي: الراجح أن النصب بنزع الخافض سماعي. ا. هـ. أو يقال إن المصنفين نزلوه منزلة القياسي لكثرة ما سمع منه فاعرف ذلك. أو للصيرورة كاستحجر الطين أي الذين صاروا كاملين فهو كذلك. واستشكل كلامه بأنهم لم يبلغوا شرف الأنبياء فكيف تصح دعوى استكمالهم الشرف. وقد يقال المراد الشرف اللائق بهم، أو الكلام محمول على المبالغة إشارة إلى أنهم لعلوّ مراتبهم في الشرف كأنهم استكملوه. ومنهم من ضبطه بضم الشين فيكون جمع شريف صفة ثانية ويكون معمول المستكملين محذوفا أي كل شرف أو كل مجد مثلا. وجعل البعض هذا أولى بما في الحذف من الإيذان بالعموم الأنسب بمقام المدح وفيه نظر لأن ذكر المعمول هنا مساو لحذفه لأن المعمول المذكور الشرف بأل الاستغراقية فهو مساو للمحذوف مع أن ذكر الشرفا بالضم بعد المستكملين ليس فيه كبير فائدة لانفهام الثاني من الأول. قوله: "قلبت الهاء همزة" أي توصلا لقلبها ألفا فلا يرد أن الهمزة أثقل من الهاء مع أنها قلبت همزة باقية في ماء وشاء، ولعل وجهه
19 | 435(1/18)
خطبة الكتاب
واستعين الله في ألفية مقاصد النحو بها محوية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم قلبت الهمزة ألفًا لسكونها وانفتاح ما قبلها كما في آدم وآمن هذا مذهب سيبويه. وقال الكسائي: أصله أول كجمل من آل يئول تحركت الواو وانفتح ما قبلها ألفًا وقد صغروه على أهيل وهو يشهد للأول، وعلى أويل وهو يشهد للثاني ولا يضاف إلا إلى ذي شرف بخلاف أهل فلا يقال آل الأسكاف ولا ينتقض بآل فرعون فإن له شرفًا باعتبار الدنيا. واختلف في جواز إضافته إلى المضمر فمنعه الكسائي والنحاس، وزعم أبو بكر الزبيدي أنه من لحن العوام والصحيح جوازه قال عبد المطلب:
1-
وانصر على آل الصليـ ــب وعابديه اليوم آلك وفي الحديث: "اللهم صل على محمد وآله" "وأستعين الله في" نظم قصيدة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنهم قصدوا بقلب هائهما همزة جبر ضعفهما الحاصل بقلب عينهما ألفا لأن الهمزة أقوى من الهاء فتأمل. ولم تقلب الهاء ابتداء ألفا لعدم مجيئه في موضع آخر حتى يقاس عليه. قوله: "كما قلبت الهمزة هاء" أشار بهذا التنظير إلى أن الحرفين تعارضا. قوله: "كما في آدم وآمن" مثل بمثالين من الاسم والفعل. قوله: "وقد صغروه على أهيل" ضعف باحتمال أنه تصغير أهل لا آل فلا يشهد للأول، وأجيب بأن حسن الظن بالنقلة يقتضي أنهم لا يقدمون على التعيين إلا بدليل. قوله: "وهو يشهد للأول" إن قيل الاستدلال بالتصغير فيه دور لأن المصغر فرع المكبر فهو متوقف عليه وقد توقف العلم بأصل ذلك الحرف في المكبر على وجود الأصل في المصغر أجيب بأن توقف المصغر على المكبر توقف وجود وهو غير توقف العلم بالأصالة فجهة التوقف مختلفة فلا دور. قوله: "ولا يضاف إلا إلى ذي شرف" لا ينافي هذا تصغير آل المقتضي الحقارة لأن شرف المضاف إليه لا ينافي تصغير المضاف. ولو سلم أن شرف المضاف إليه يقتضي شرف المضاف نقول الشرف باعتبار يجامع الحقارة باعتبار آخر. وقوله إلى ذي شرف أي معرف مذكر ناطق. وسمع آل المدينة وآل البيت وآل الصليب وآل فلانة. قوله: "الإسكاف" بكسر الهمزة اسم جنس لمن يصلح النعال، والأسكوف لغة فيه والجمع، أساكفة. قوله: "فمنعه الكسائي والنحاس" لعل شبهتهم أن الآل إنما يضاف إلى الأشراف والمفصح عنهم هو الظاهر لا الضمير، والحجب منع الحصر لأن الضمير كمرجعه في الدلالة. ا. هـ. نجاري على المحلي. قوله: "أنه" أي المذكور من الإضافة. قوله: "قال عبد المطلب" أي حين قدم أبرهة بالفيل إلى مكة لتخريب الكعبة.
قوله: "وانصر على آل الصليب" يدل بظاهره على جواز إضافته إلى غير الناطق فينافي ما تقدم، ويجاب بأنه بمنزلة الناطق عند أهله أو شاذ ارتكب للمشاكلة. قوله: "وأستعين الله" أي أطلب منه الإعانة. والمراد بالإعانة هنا الأقدار وسماه إعانة لأنه بصورة الإعانة من حيث كون المقدور بين قدرتين: قدرة العبد كسبا بلا تأثير وقدرة الله تعالى إيجادا وتأثيرا إذ لا يصدق على
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- البيت من مجزوء الكامل، وهو لعبد المطلب بن هاشم في الأشباه والنظائر 2/ 207؛ والدرر 5/ 31، وبلا نسبة في الممتع في التصريف 1/ 349، وهمع الهوامع 2/ 50.
20 | 435(1/19)
خطبة الكتاب
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"ألفية" أي عدة أبياتها ألف أو ألفان بناء على أنها من كامل الرجز أو مشطوره، ومحل هذه الجملة أيضًا نصب عطفًا على جملة أحمد، والظاهر أن في بمعنى على لأن الاستعانة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه الإعانة الإعانة الحقيقية التي هي المشاركة في الفعل ليسهل أفاده الشيخ يحيى في حواشيه على المرادي. وأصل أستعين أستعون بكسر الواو نقلت كسرتها إلى ما قبلها فقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها. وإنما لم يقدم اسم الجلالة على أستعين ليفيد الحصر مع صحة الوزن على تقديمه أيضا للاهتمام بالاستعانة في نحو هذا المقام كما قالوه في: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك} [العلق: 1]، على بعض التقادير. قوله: "في نظم قصيدة" قدر نظم لأن الاستعانة إنما تكون على الفعل، وقصيدة لتجري عليه الصفة أعني ألفية لكن في تسميته هذه الألفية قصيدة ما ستعرفه. قوله: "ألف" نقل شيخنا السيد أن بعضهم أخبر بأنها تنقص عن الألف ستة أبيات فلينظر فإن جماعة ممن أثق بهم أخبروني بعد التحري في عدها بأنها ألف. قوله: "أو ألفان" لا يخفى بعده ولا يرد عليه أنه كان عليه حينئذٍ أن يقول ألفينية لأن علامة التثنية والجمع يجب حذفها عند النسبة. قوله: "بناء على أنها إلخ" فيه لف ونشر مرتب. قوله: "من كامل الرجز" وزنه مستفعلن ست مرات. والشطر حذف النصف بأن يكون البيت على مستفعلن ثلاث مرات فعلى أنها من كامله يكون مثلا:
قال محمد هو ابن مالك أحمد ربي الله خير مالك بيتا مصرعا أعني مجعولة عروضه موافقة لضربه، ويكون كل بيت شعرا مستقلا. وعلى أنها من مشطوره يكون مثلا قال محمد هو ابن مالك بيتا، وأحمد ربي الله خير مالك بيتا ويكون كل بيتين شعرا مزدوجا مستقلا فعلى كل لا يسمى مثل هذه الأرجوزة قصيدة لأنهم لا يلتزمون بناء قوافيها على حرف واحد ولا على حركة واحدة، فلو جعلنا مجموع الأبيات قصيدة للزم وجود الأكفاء والاجازة والأقواء والأصراف في القصيدة الواحدة وتلك عيوب يجب اجتنابها، وهم لا يعدون ذلك في هذه الأراجيز عيبا ولا نجد نكيرا لذلك من العلماء كذا في الدماميني على الخزرجية. ومنه يعلم ما في قول الشارح قصيدة. ويمكن أن يقال سماها قصيدة من حيث مشابهتها للقصيدة في تعلق بعضها ببعض وفي كونها من بحر واحد فتدبر. قوله: "والظاهر أن في بمعنى على" فتكون لفظة في استعارة تبعية لمعنى على كما في: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْل} [طه: 71] ومقابل الظاهر قوله أو أنه ضمن إلخ فهو معطوف على قوله والظاهر. وإنما كان الأول ظاهرا لأن الاستخارة قبل الفعل للمتردد والمصنف جازم لشروعه في الفعل ولأن ارتكاب التجوّز في الحرف أخف منه في الفعل لا على قوله إن في بمعنى على إذ ليس ثم غير هذين الوجهين حتى يكون مقابل الظاهر. لا يقال المتبادر من كلامه التضمين النحوي وهو أشراب كلمة معنى أخرى بحيث تؤدي المعنيين فيكون مقابل الظاهر التضمين البياني وهو تقدير حال تناسب الحرف لأنا نمنع كون التضمين النحوي ظاهرا عن البياني للخلاف في كون النحوي قياسيا وإن كان الأكثرون على أنه قياسي كما في ارتشاف أبي حيان دون البياني فاعرفه. قوله:
21 | 435(1/20)
خطبة الكتاب
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وما تصرف منها إنما جاءت متعدية بعلى قال تعالى: {وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ} [الفرقان: 4]، {وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُون} [يوسف: 18] أو أنه ضمن أستعين معنى أستخير ونحوه مما يتعدى بفي أي وأستخير الله في ألفية "مقاصد النحو" أي أغراضه وجل مهماته "بها" أي فيها "محوية" أي محوزة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "لأن الاستعانة" أي أصل هذه المادة فلا يرد أن أعانه في الآية من تصاريف الإعانة لا الاستعانة. قوله: "إنما جاءت" لم يثن الضمير مراعاة لمعنى ما وهو المتصرفات بعد مراعاة لفظها في تصرف، أو الضمير للاستعانة وخبر ما محذوف لعلمه من هذا. وقوله متعدية أي إلى المستعان عليه لا المستعان لتعديها إليه بنفسها كما هنا وبالباء كما في قوله تعالى: {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّه} [الأعراف: 128]. قوله: "قال تعالى إلخ" استشهاد على التعدية بعلى لا استدلال على المدعي من الحصر المذكور لأن الآية لا تدل عليه. قوله: "معنى أستخير ونحوه" أحسن منه معنى أرجو ونحوه لما عرفت من أن الاستخارة قبل الفعل للمتردد. قوله: "أي أغراضه" هذا تفسير بحسب اللغة. وقوله وجل مهماته عطف تفسير للمراد أشار به إلى أن مراده بالمقاصد المهمات التي عبر بها في آخر الكتاب وأن في كلامه حذف. مضاف ودفع بذلك التنافي بين ما هنا وقوله آخر الكتاب:
نظما على جل المهمات اشتمل وقد أجيب بأجوبة غير هذا: منها أن ما هنا في حيز الطلب وما يأتي إخبار بما تيسر له. وأما الجواب بأن المقاصد اسم كتاب للمصنف فباطل من وجوه ذكرها السيوطي في آخر نكته، وصرفوا ما هنا إلى ما يأتي دون العكس لأن ما يأتي هو المطابق للواقع لأنه ترك من المقاصد باب القسم وباب التقاء الساكنين وغيرهما. قوله: "بها أي فيها" من ظرفية المدلول في الدال لأن الألفية اسم للألفاظ المخصوصة الدالة على المعاني المخصوصة والمقاصد تلك المعاني. ويصح أن تكون الباء سببية وصلة محوية محذوفة أي محوية لمتعاطيها بسببها. قوله: "محوية" اسم مفعول أصله محووية اجتمعت الواو الثانية والياء وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء وكسرت الواو الأولى التي قبل الياء المدغمة للمناسبة. قوله: "النحو في الاصطلاح إلخ" تعريف الفن أحد الأمور التي يتوقف الشروع فيه على بصيرة عليها. ومنها موضوعه وغايته وفائدته: فموضوع هذا الفن الكلمات العربية من حيث عروض الأحوال لها حال أفرادها كالإعلال والإدغام والحذف والإبدال أو حال تركيبها كحركات الإعراب والبناء. وغايته الاستعانة على فهم كلام الله ورسوله والاحتراز عن الخطأ في الكلام. وفائدته معرفة صواب الكلم من خطئه كذا في شرح الخطيب على المتن. وفي كلام البعض جعل الاحتراز عن الخطأ هو الفائدة وله أيضا وجه. وفي الاصطلاح إما مستقر متعلق بمقدر معرف صفة للنحو أو منكر حال منه على تجويز بعض النحاة مجيء الحال من المبتدأ، وإما لغو متعلق بمعنى النسبة التي اشتملت
22 | 435(1/21)
خطبة الكتاب
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: النحو في الاصطلاح هو العلم المستخرج بالمقاييس المستنبطة من استقراء كلام العرب الموصلة إلى معرفة أحكام أجزائه التي ائتلف منها. قاله صاحب المقرب فعلم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عليها الجملة. قوله: "العلم" أي القواعد المعلومة أي التي من شأنها أن تعلم لا ما علم بالفعل لأن النحو له حقيقة في نفسه سواء علم أو لم يعلم فهو مجاز على مجاز بحسب اللغة، والعلاقة في الأول التعلق بين المصدر وما اشتق منه، وفي الثاني الأول، وإن كان مجازا فقط بحسب العرف علاقته الأول لأن إطلاقه على القواعد المعلومة بالفعل حقيقة عرفية كإطلاقه على الملكة أي الكيفية الراسخة في النفس التي يقتدر بها على استحضار ما كانت علمته واستحصال ما لم تعلمه. وأما إطلاقه على الإدراك فحقيقة لغة وعرفا. وأما إطلاقه على فروع القواعد أي المسائل الجزئية المستخرجة منها بجعل القاعدة كبرى لصغرى سهلة الحصول هكذا زيد من قام زيد فاعل وكل فاعل مرفوع فزيد من قام زيد مرفوع فمجاز عند الحكماء. حقيقة عرفية عند علماء الشريعة والأدب كما نقله البعض عن سري الدين. والمجاز على المجاز جائز عند البيانيين والأصوليين إلا الآمدي كما في البحر المحيط في الأصول للزركشي فنقل شيخنا السيد المنع عن الأصوليين فيه نظر. والباء في قوله بالمقاييس للتصوير. وما ذكرناه من أن العلم هنا بمعنى القواعد والباء للتصوير هو اللائق هنا لا الإدراك ولا الملكة سواء جعلنا الباء للسببية متعلقة بالمستخرج إذ لا يستخرجان بالمقاييس المذكورة، أو جعلناها للتصوير إذ لا يتصوران بها ولا الفروع وإن قال به البعض لأنه يلزم عليه كما قاله شيخنا أن لا تسمى تلك القواعد نحوا وفيه ما فيه بل الظاهر أنها هي النحو فتأمل. وخرج بالمستخرج العلم المنصوص في الكتاب أو السنة.
قوله: "بالمقاييس" بغير همز لأصالة الياء الأولى كما في معايش جمع مقياس وهو ما يقاس عليه الشيء ويوافق به من القواعد الكلية. قوله: "من استقراء كلام العرب" من إضافة الصفة إلى الموصوف أي من كلام العرب المستقرأ أي من أحوال أجزائه ففي العبارة حذف مضافين وإن أوّلت الكلام بالكلمات كان فيها حذف مضاف واحد وخرج بهذا القيد المستخرج من الكتاب والسنة والطب ونحوه. قوله: "الموصلة" صفة للمقاييس وتوصيلها لمن بعد الصدر الأول كما أن استنباطها من الصدر الأول. فاندفع ما يقال: استنباط المقاييس من أحوال أجزاء كلامهم يقتضي سبق معرفة تلك الأحوال على استنباط المقاييس وتوصيلها إلى معرفة تلك الأحوال يقتضي تأخرها عنه وفي هذا تناقض وهو ظاهر ودور لتوقف المعرفة على المقاييس المتوقفة على المعرفة مع أن هذا إنما يرد إذا جعل الضمير في قوله أجزائه راجعا إلى عين كلام العرب، أما إذا جعل راجعا إلى جنس كلامهم لأن أحكام ما تكلموا به عرفت بنطقهم فلا تناقض ولا دور أصلا لأن السابق معرفة غير المتأخر معرفته حينئذٍ. وحاصل الدفع الأول اختلاف المعرفة باختلاف العارف. وحاصل الثاني اختلافها باختلاف المعروف وخرج بهذا القيد علم المعاني والبيان ونحوهما. قوله: "أحكام أجزائه" المراد بالأحكام ما يشمل الأحكام التصريفية والأحكام النحوية. قوله: "التي ائتلف منها" صفة للأجزاء والضمير في ائتلف يرجع إلى الكلام فالصلة جرت على غير ما هي له، ولم يبرز
23 | 435(1/22)
خطبة الكتاب
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن المراد هنا بالنحو ما يرادف قولنا علم العربية لا قسيم الصرف، وهو مصدر أريد به اسم المفعول أي المنحو كالخلق بمعنى المخلوق، وخصته غلبة الاستعمال بهذا العلم وإن كان علم منحوا أي مقصودًا كما خصت الفقه بعلم الأحكام الشرعية الفرعية وإن كان كل علم فقها أي مفقوها أي مفهومًا. وجاء في اللغة لمعان خمسة: القصد يقال نحوت نحوك أي قصدت قصدك، والمثل نحو مررت برجل نحوك أي مثلك، والجهة نحو توجهت نحو البيت أي جهة البيت، والمقدار نحو له عندي نحو ألف أي مقدار ألف، والقسم نحو هذا على أربعة أنحاء أي أقسام. وسبب تسمية هذا العلم بذلك ما روي أن عليًّا رضي الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الضمير جريا على مذهب الكوفيين من جواز عدم إبرازه عند أمن اللبس. وقال البعض نقل الراعي في باب المبتدأ والخبر كما أفاده البهوتي أن البصريين فصلوا في وجوب إبراز الضمير بين ما إذا كان المتحمل للضمير وصفا أو فعلا فأوجبوه في الأول دون الثاني. ا. هـ. وهو مخالف لما في الهمع والتصريح من أن الفعل كالوصف في الخلاف المذكور.
قوله: "فعلم" أي من تعريف النحو بما يشمل التصريف. قوله: "ما يرادف قولنا علم العربية" أي المراد به ما يشمل النحو والصرف فقط لتخصيص غلبة الاستعمال علم العربية بهما وإن أطلق على ما يشمل اثني عشر علما: اللغة والصرف والاشتقاق والنحو والمعاني والبيان والعروض والقافية وقرض الشعر والخط وإنشاء الخطب والرسائل والمحاضرات ومنه التواريخ، وجعلوا البديع ذيلا لا قسما برأسه. وإضافة علم إلى العربية من إضافة العام إلى الخاص. قوله: "لا قسيم الصرف" هذا اصطلاح القدماء واصطلاح المتأخرين تخصيصه بفن الإعراب والبناء وجعله قسيم الصرف، وعليه فيعرّف بأنه علم يبحث فيه عن أحوال أواخر الكلم إعرابا وبناء وموضوعة الكلم العربية من حيث ما يعرض لها من الإعراب والبناء. قوله: "وهو مصدر إلخ" قال البهوتي انظر هل يجوز استعمال اسم المصدر بمعنى اسم المفعول كما استعملوا المصدر كذلك أولا. قال البعض لا مانع من الجواز فكان عليه أن يقول هل وقع استعماله كذلك أولا. ا. هـ. وأقول وقع في قوله تعالى: {هَذَا عَطَاؤُنَا} [ص: 39] كما يفيده كلام البيضاوي. قوله: "وخصته غلبة الاستعمال بهذا العلم" أي صار علما بالغلبة عليه والباء داخلة على المقصور عليه. قوله: "وجاء في اللغة لمعان خمسة" زاد شيخ الإسلام سادسا وهو البعض كأكلت نحو السمكة. وذكر أن أظهر معانيه وأكثرها تداولا القصد ولهذا صدر به الشارح، قيل لما كان اللغوي متعددا أخره عن الاصطلاحي وإن كان الأنسب تقديم اللغوي. قوله: "وسبب تسمية هذا العلم بذلك" أي سبب إطلاقه عليه بالغلبة لا بالوضع فلا ينافي ما مر. قوله: "الديلي" ضبطه بعضهم بكسر الدال وسكون التحتية وبعضهم بضم الدال وفتح الهمزة. واسمه ظالم بن عمرو. قال في التصريح: وقد تظافرت الروايات على أن أول من وضع النحو أبو الأسود وأنه أخذه أولا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكان أبو الأسود كوفي الدار بصري المنشأ ومات وقد أسن. واتفقوا على أن أول من وضع التصريف معاذ بن مسلم الهراء بفتح الهاء وتشديد الراء نسبة إلى بيع الثياب الهروية. قوله:
24 | 435(1/23)
خطبة الكتاب
تقرب الأقصى بلفظ موجز وتبسط البذل بوعد منجز
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعالى عنه لما أشار على أبي الأسود الديلي أن يضعه وعلمه الاسم والفعل، والحرف وشيئًا من الإعراب قال: انح هذا النحو يا أبا الأسود "تقرب" هذه الألفية للأفهام "الأقصى" أي الأبعد. من المعاني "بلفظ موجز" الباء بمعنى مع أي تفعل ذلك مع وجازة اللفظ أي اختصاره "وتبسط" أي توسع "البذل" بالمعجمة أي العطاء وهو إشارة إلى ما تمنحه لقارئها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"وشيئا من الإعراب" أي حيث قال الأشياء ظاهر ومضمر وغيرهما وهو الذي يتفاوت في معرفته. قال السيرافي يعني اسم الإشارة. قوله: "انح هذا النحو يا أبا الأسود" روي أن مما ذكره أبو الأسود حكم إن وأن وكأن وليت ولعل ولم يذكر لكنّ فأمره الإمام كرم الله وجهه أن يزيدها فزادها. قوله: "تقرب إلخ" إسناد التقريب إليها مجاز عقلي من باب الإسناد إلى الآلة إذ الفاعل في الحقيقة الله تعالى وفي الظاهر المصنف. قوله: "أي الأبعد من المعاني" تفسير بحسب ظاهر اللفظ فلا ينافي أن المناسب جعل أفعل التفضيل هنا على غير بابه ليشمل بالمطابقة الأبعد والبعيد لأن البعد مقول بالتشكيك. وما قيل من أنه على ظاهره وتقريب البعد يفهم بالأولى ضعف بأنه لا يلزم ذلك لأنها قد تهتم بالأبعد لشدة خفائه ولا تقرب البعد. قوله: "الباء بمعنى مع" لم يجعلها سببية لأن المعهود سببا للتقريب البسط لا الإيجاز. قال سم: ويصح كونها للسببية ويكون فيه غاية المدح للمصنف حيث اتصف بالقدرة على توضيح المعاني بالألفاظ الوجيزة التي من شأنها تبعيدها. ولا إشكال في كون الإيجاز قد يكون سببا للإيضاح إذا بولغ في تهذيب الوجيز وتنقيحه وترتيبه. ا. هـ. وقد يقال السبب حينئذٍ هذه المبالغة لا الإيجاز.
قوله: "مع وجازة اللفظ" دفع بتقدير المضاف اتحاد المصاحب والمصاحب وعليه ففي الكلام وضع الظاهر موضع المضمر والأصل مع وجازتها. وأنت خبير بأن الاتحاد إنما يأتي إذا جعلت المعية حالا من فاعل تقرب ويصح أن تكون من الأقصى فيكون أحد المتصاحبين المعنى والآخر اللفظ فلا اتحاد. وما نقله البعض هنا عن ابن قاسم فيه ما فيه فانظره. قوله: "أي اختصاره" ظاهره ترادف الإيجاز والاختصار وهو ما عليه جماعة. وفي المصباح أن الإيجاز تقليل اللفظ مع عذوبته وسهولة معناه فهو أخص من الاختصار على هذا. قوله: "وتبسط البذل" فسره الشارح بتوسع العطاء أي الإعطاء يعني تكثر إفادة المعاني، ففيه استعارة إما تمثيلية بأن يكون شبه حال الألفية في كثرة إفادتها المعاني عند سماعها بحال الكريم في كثرة إعطائه ووفائه بما يعد، أو مصرحة حيث شبه إفادة المعاني ببذل المال والوعد ترشيح، أو مكنية حيث شبه الألفية بكريم والبذل تخييل والوعد ترشيح. قوله: "وهو" أي البذل إشارة إلى ما تمنحه أي إلى منح ما تمنحه ليوافق تفسيره أولا البذل بالعطاء أي الإعطاء. ويحتمل أن هذا إشارة إلى أن المراد بالبذل المبذول وأن تفسيره أولا بالعطاء بالنظر إلى معناه الأصلي. وقوله من كثرة الفوائد أي من الفوائد الكثيرة. قوله: "بوعد منجز" الباء بمعنى مع أو سببية. فإن قلت الإعطاء بدون وعد أبلغ في المدح فلم قيد بالوعد؟ قلت كأنه لأنه الواقع لأن فهم المعاني منها لا يحصل بمجرد وجودها بل لا بد من
25 | 435(1/24)
خطبة الكتاب
وتقتضي رضا بغير سخط فائقة ألفية ابن معطي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كثرة الفوائد "بوعد منجز" أي موفى سريعًا.
تنبيه: قال الجوهري أوعد عند الإطلاق يكون للشر ووعد للخير وأنشد:
2-
وإني وإن أوعدته أو وعدته لمخلف إيعادي ومنجز موعدي "وتقتضي" أي تطلب لما اشتملت عليه من المحاسن "رضا" محضًا "بغير سخط" يشوبه "فائقة ألفية" الإمام العلامة أبي الحسن يحيى "ابن معطي" بن عبد النور الزواوي الحنفي الملقب زين الدين سكن دمشق طويلًا واشتغل عليه خلق كثير ثم سافر إلى مصر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الالتفات إليها وتصور ألفاظها فكأنها لتهيئها للفهم منها وتوقف الفهم منها على ذلك تعد وعدا ناجزا قاله سم. ويمكن أن يوجه أيضا التقييد بالوعد بأنه للإشارة إلى عزة معانيها لأن الموعود به تتشوف إليه النفس فتكون أحرص عليه ويكون هو أعز عليها. وبين موجز ومنجز الجناس اللاحق وإن قال بعضهم مضارع. قوله: "ووعد للخير" أي عند الإطلاق وحذفه اكتفاء. قوله: "لمخلف إيعادي إلخ" فيه لف ونشر مرتب. قوله: "وتقتضي أي تطلب" أي من الله أو من قارئها أو منهما معا وإسناد الطلب إليها مجاز عقلي من الإسناد إلى السبب إذ الطالب في الحقيقة ناظمها. ويحتمل أنه شبه الألفية بعاقل تشبيها مضمرا في النفس على طريق الاستعارة المكنية وإثبات الطلب تخييل ويحتمل أنه أراد بالاقتضاء الاستلزام على التجوّز. قوله: "رضا" كسر رائه سماعي كضم سين سخط وسكون خائه والقياس الفتح لأن فعلهما كفرح يفرح. قوله: "محضا" كأنه زاد تمهيدا لقوله بغير سخط يشوبه ليقع قوله بغير سخط يشوبه تفسيرا لمحضا. وقوله يشوبه أي يتخلل بين أزمنة الرضا. أو المراد يشوبه من وجه آخر غير وجه الرضا. وعلى كل علم أن قوله وتقتضي رضا لا يغني عن قوله بغير سخط، والسخط تغير النفس وانقباضها لأخذ الثأر والمراد منه في حقه تعالى لازمه وهو إرادة الانتقام أو الانتقام. قوله: "فائقة" أي عالية في الشرف. وإنما فاقتها لأنها من بحر واحد وألفية ابن معطي من بحرين فإن بعضها من السريع وبعضها من الرجز، ولأنها أكثر أحكاما من ألفية ابن معطي. قوله: "الحنفي" في حواشي الشيخ يحيى أنه كان مالكيا وتفقه بالجزائر على أبي موسى الجزولي ثم تشفع كابن مالك وأبي حيان حين الخروج من الغرب. ا. هـ. ويمكن أنه تحنف بعد أن تشفع. قوله: "الملقب زين الدين" يؤخذ منه مع قوله في الديباجة وقد لقبته بمنهج السالك أن لقب يتعدى بنفسه وبالحرف كسمى. قوله: "بالجامع العتيق" هو جامع عمرو بن العاص. قوله: "لأقراء الأدب" اسم لما يشمل الاثني عشر علما المتقدمة فهو مرادف للعربية بالمعنى الشامل لها. قوله: "في سلخ" أي آخر. قوله: "على شفير الخندق" أي حرف الخليج الذي حفره عمرو بن العاص بأمر عمر بن الخطاب ليحمل على السفن فيه الغلال إلى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2- البيت من الطويل، وهو لعامر بن الطفيل في ديوانه ص58؛ ولسان العرب 3/ 464 "وعد"؛ وبلا نسبة في إنباه الرواة 4/ 139.
26 | 435(1/25)
خطبة الكتاب
وهو بسبق حائز تفضيلًا مستوجب ثنائي الجميلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتصدر بالجامع العتيق لإقراء الأدب إلى أن توفي بالقاهرة في سلخ ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وستمائة ودفن من الغد على شفير الخندق وبقرب تربة الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه ومولده سنة أربع وستين وخمسمائة.
تنبيه: يجوز في فائقة النصب على الحال من فاعل تقتضي والرفع خبر المبتدأ محذوف والجر نعتًا لألفية على حد {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَك} في النعت بالمفرد بعد النعت بالجملة والغالب العكس وأوجبه بعضهم "وهو" أي ابن معطي "بسبق" الباء للسببية أي بسبب سبقه إياي "حائز تفضيلًا" على "مستوجب" على "ثنائي الجميلا" عليه لما يستحقه السلف من ثناء الخلف وثنائي مصدر مضاف إليه فاعله وهو الياء والجميل إما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحرمين متصلا بالبحر المالح. قوله: "ومولده سنة" بنصب سنة على الظرفية متعلق بمحذوف إن جعل مولده مصدرا ميميا بمعنى الولادة أي كائن في سنة، وبرفعها على الخبرية إن جعل اسم زمان. قوله: "في فائقة" أي في هذا اللفظ بقطع النظر عن حركة آخره. قوله: "من فاعل تقتضي" لم يجعلها من ألفية لأنها وإن كانت نكرة تخصصت بالوصف، أو من فاعل تقرب أو تبسط لقرب تقتضي.
قوله: "خبر المبتدأ محذوف" أي والجملة حالية أو استئنافية. قوله: "بالجملة" أي جنسها فيصدق بما زاد على واحدة كما في المتن. قوله: "وأوجبه بعضهم" قال شيخنا والبعض لعل القائل بالوجوب يجعل مبارك في الآية خبر مبتدأ محذوف. ا. هـ. وأحسن منه أن يجعل خبرا ثانيا لهذا. قوله: "بسبق" أي علي في الزمن والإفادة وفي تقديم المعمول إشارة إلى أنه لم يحز الفضل على المصنف إلا بالسبق، والجار والمجرور مرتبط بكل من حائز ومستوجب. قوله: "حائز تفضيلا" أي فضلا من إطلاق المسبب على السبب، أو هو مصدر المبني للمفعول فاندفع الاعتراض بأن التفضيل صفة المفضل بالكسر فكيف يحوزه المفضل بالفتح ويمكن أن يدفع أيضا بأن الحيازة في كل شيء بحسبه. فمعنى حيازة التفضيل تعلقه به على وجه التعظيم له. ولا يرد على الجواب الثاني والثالث أنه لا يلزم من التفضيل له على غيره أنه فاضل في نفسه عليه حتى يكون فيه كبير مدح لأن المراد التفضيل ممن يعتد بتفضيله. قوله: "مستوجب" قال سم أي مستحق. ا. هـ. ويحتمل أن السين والتاء للتصيير أي مصير الثناء واجبا عليّ. قوله: "لما يستحقه السلف إلخ" لا يظهر أنه علة لمستوجب لتقديم المصنف علته وهي السبق بناء على ارتباط قوله بسبق بقوله مستوجب أيضا بل هو علة للعلية أي لكون السبق علة للاستيجاب، لكن لا يظهر التعليل إلا بتقدير مضاف أي لوجوب ما يستحقه إلخ ولو قال لاستحقاق السلف ثناء الخلف لكان أخصر وأوضح. قوله: "مصدر" فيه مسامحة لأن الثناء اسم مصدر اثني، ويمكن أن يجعل كلامه على حذف المضاف. قوله: "أما صفة" أي لازمة أو مخصصة على القولين في الثناء وعلى الوصفية يحتاج إلى تعليق قول الشارح عليه بمحذوف حال من ثنائي أو بدل منه أي كائنا عليه أو ثنائي عليه، لا بثنائي
27 | 435(1/26)
خطبة الكتاب
والله يقضي بهبات وافره لي وله في درجات الآخرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صفة للمصدر أو معمول له "والله يقضي" أي يحكم "بهبات" جمع هبة وهي العطية أي عطيات "وافره" أي تامة "لي وله في درجات الآخرة" الدرجات. قال في الصحاح: هي الطبقات من المراتب. وقال أبو عبيدة: الدرج إلى أعلى والدرك إلى أسفل والمراد مراتب السعادة في الدار الآخرة، ولفظ الجملة خبر ومعناها الطلب.
تنبيه: وصف هبات وهو جمع بوافرة وهو مفرد لتأوله بجماعة وإن كان الأفصح وافرات لأن هبات جمع قلة والأفصح في جمع القلة مما لا يعقل وفي جمع العاقل مطلقًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المذكور لاستلزامه وصف المصدر قبل تمام عمله. وقوله أو معمول له أي على أنه صفة لمفعول مطلق لهذا المصدر حذف وأنيب هو منابة أي ثنائي الثناء الجميل، أو على أنه مفعول به على التوسع بإسقاط الخافض والأول أولى لأن الثاني سماعي على الأصح. قوله: "أي يحكم" فسر القضاء في كلامه بالحكم كما هو معناه لغة لأن معناه عند الأشاعرة -كما في شرح المواقف- إرادته الأزلية المتعلقة بالأشياء على ما هي عليه فيما لا يزال وهذا لا يناسب الطلب. قال: وتقديره إيجاده إياها فيما لا يزال على ما هي عليه فيه. ا. هـ. والمراد بالحكم هنا التعلق التنجيزي فيرجع إلى التقدير.
قوله: "أي عطيات" أتى به مع علمه من تفسير المفرد تحسينا لسبك قول المصنف وافرة مع ما قبله من كلام الشارح. قوله: "أي تامة" أفاد به أن وافرة اسم فاعل وفر اللازم لا المتعدي يقال وفر الشيء يفر وفورا أي تم، ووفرته أفره وفرا أي أتممته. قوله: "لي وله في درجات الآخرة" الظرفان صفتان لهبات. وخص درجات الآخرة بالذكر لأنها المهم عند العاقل ولأن الدعاء لابن معطي بعد موته إنما يتأتى بها دون درجات الدنيا. قوله: "قال في الصحاح" بفتح الصاد ومعناه في الأصل الصحيح ومنهم من يكسر على صيغة الجمع. قوله: "هي الطبقات من المراتب" أي علية أو دنية فهو أعم من تفسير أبي عبيدة قاله البعض ورد جعل بعضهم كلام أبي عبيدة بيانا لما في الصحاح. قوله: "والمراد" أي من درجات الآخرة وأشار بهذا إلى أن الإضافة في درجات الآخرة على معنى في. قوله: "وصف هبات إلخ" هذا تصحيح لوصف الجمع بالمفرد وحاصله أن المطابقة في الافراد حاصلة تأويلا فقوله لتأوله بجماعة أي وهو مفرد لفظا وإن كان جمعا معنى. قوله: "وإن كان الأفصح وافرات" أي محافظة على المطابقة اللفظية والواو للحال وإن زائدة ويظهر لي في الجواب عن المصنف أن الإفراد لاستعماله جمع القلة في الكثرة كما هو المناسب لمقام الدعاء فهو جمع كثرة بحسب المعنى فاحفظه فإنه نفيس.
قوله: "لأن هبات جمع قلة" أي بناء على مذهب سيبويه أن جمعي السلامة للقلة. والذي ارتضاه السعد التفتازاني والدماميني أن جمعي القلة والكثرة مبدؤهما ثلاثة ومنتهى جمع القلة ولا منتهى لجمع الكثرة فهما مشتركان في المبدأ مختلفان في المنتهى. والمشهور أن مبدأ جمع
28 | 435(1/27)
الكلام وما يتألف منه
الكلام وما يتألف منه:
كلامنا لفظ مفيد كاستقم واسم وفعل ثم حرف الكلم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المطابقة نحو الأجذاع انكسرت ومنكسرات والهندات والهنود انطلقن ومنطلقات والأفصح في جمع الكثرة مما لا يعقل الإفراد نحو الجذوع وانكسرت ومنكسرة.
خاتمة: بدأ بنفسه لحديث "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دعا بدأ بنفسه" رواه أبو داود وقال تعالى حكاية عن نوح -عليه السلام: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} [نوح: 28] وعن موسى -عليه السلام: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي} [الأعراف: 151] وكان الأحسن أن يقول رحمه الله تعالى:
والله يقضي بالرضا والرحمة دلي وله ولجميع الأمة لما عرفت ولأن التعميم مطلوب.
الكلام وما يتألف منه:
الأصل هذا باب شرح الكلام وشرح ما يتألف الكلام منه اختصر للوضوح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكثرة أحد عشر فيكونان مختلفين في المبدأ والمنتهى. وعلى هذا يأتي استشكال القرافي الذي ذكر أن له عشرين سنة يطلب جوابه ولم يجده وهو أنه إذا قال عليّ دراهم كان إقرارا بثلاثة إجماعا وحقه بأحد عشر لأنه أقل جمع الكثرة فلم قدم المجاز مع إمكان الحقيقة. وإن أجيب عنه ببناء الأقارير على العرف وأما على ما مر عن السعد والدماميني فلا مجاز ولا استشكال. قوله: "والأفصح في جمع القلة إلخ" وجه ذلك بأن العاقل منظور إليه فاعتنى بشأنه في المطابقة بخلاف غيره. وطوبق جمع القلة لغير العاقل جبرا للقلة. وقال شيخنا السيد المطابقة في جمعي العاقل وجمع القلة لغيره على الأصل وعدمها في جمع الكثرة لغيره لأنه لانحطاطه عن العاقل في حكم المفرد بالنسبة إليه ولم يراع ذلك في جمع القلة جبرا للقلة. قوله: "مما لا يعقل" أي من جموع ما لا يعقل. قوله: "وقال تعالى إلخ" لما لم يصلح دليلا لكونه شرع من قبلنا وهو ليس شرعا لنا وإن ورد في شرعنا ما يقرره على ما رجحوه في مذهبنا معاشر الشافعية لم يقل وقوله عطفا على مجرور اللام وإنما ذكره استئناسا. قوله: "لما عرفت" أي من ارتكاب خلاف الأفصح. قوله: "ولأن التعميم مطلوب" قال سم: لعله عمم في اللفظ دون الكتابة ويبقى الكلام في أنه هل يطلب التعميم في الكتابة أيضا وهو محل نظر. ا. هـ. أقول الأقرب الطلب قياسا على طلب كتابة البسملة والحمدلة والصلاة والسلام فتأمل.
الكلام وما يتألف منه:
أي والكلم بمعنى الكلمات العربية الثلاث التي يتألف الكلام منها، وذكر الضمير مراعاة للفظ ما. قوله: "أي هذا باب شرح الكلام إلخ" لا شك أنه شرح الكلام وما يتألف منه على
29 | 435(1/28)
.................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"كلامنا" أيها النحاة "لفظ" أي صوت مشتمل على بعض الحروف تحقيقًا كزيد أو تقديرًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا الترتيب. فشرح الكلام أولا بتعريفه والكلم الثلاث التي يتألف منها ثانيا بذكر أسمائها وعلاماتها فالشرح مختلف، وللإشارة إلى اختلافه صرح بلفظ شرح في المعطوف، على أنه كما قال الروداني تقدير معنى لا تقدير إعراب وإن أوهمه صنيع الشارح لأن شرح المضاف إلى المعطوف عليه متسلط على المعطوف أيضا عند عدم إعادته معه لأن الصحيح أن العامل في المعطوف نفس العامل في المعطوف عليه لا مقدر مثله. وما أشار إليه من أن الكلام خبر مبتدأ محذوف تبعا للموضح غير متعين إذ يجوز كما قاله الشنواني رفعه على أنه مبتدأ حذف خبره أي باب الكلام هذا الآتي، ونصبه على المفعولية بنحو خذ مقدرا لا هاك كما وقع لبعضهم لأن اسم الفعل لا يعمل محذوفا. وفي قوله ما يتألف الكلام إشارة إلى رجوع ضمير يتألف في كلام المصنف إلى الكلام فالصلة جارية على غير ما هي له ولم يبرز الضمير لأمن اللبس المجوز لعدم إبرازه عند الكوفيين. قوله: "اختصر للوضوح" قيل على التدريج لأنه أنسب بالقواعد وأوقع في النفس بأن حذف المبتدأ ثم خبره وأنيب عنه شرح، ثم شرح وأنيب عنه الكلام. وقيل دفعة واحدة لأنه أقل عملا وعليه يحتمل أن الكلام نائب عن الخبر فقط أو عن الخبر والمضاف إليه. ورفع لشرف الرفع على الجر لكونه حكم العمد فلم ينب الكلام عن المبتدأ على هذا القول أصلا كما لم ينب عنه على القول الأول، بل هو على القولين حال في مكانه مقدر ملحوظ فيه لم يقم مقامه شيء، فتجويز البعض نيابته عن المبتدأ على الثاني غير صحيح فتدبر.
قوله: "كلامنا" أتى بالإضافة وإن كان مستغنى عنها بكون التأليف في النحو كما صرح به في الخطبة للإشارة إلى اختلاف الاصطلاحات في الكلام وللإشارة إلى أن المصنف من مجتهدي النحاة. قوله: "أيها النحاة" أي مبنية على الضم في محل نصب بأخص محذوفا. وها للتنبيه والنحاة نعت له على اللفظ. ويظهر لي أن معنى قولهم على اللفظ أنه ضم اتباعا لضم لفظ أي، فتكون ضمته ضمة اتباع ويكون منصوبا بفتحة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الاتباع ضرورة أن النعت موافق للمنعوت في إعرابه ثم رأيته عن بعض المحققين كما سيأتي في محله فاحفظه. قوله: "صوت" يستعمل مصدرا لصات يصوت فيكون معناه فعل الشخص الصائت، ويستعمل بمعنى الكيفية المسموعة الحاصلة من المصدر وهو المراد هنا أفاده يس. وهو قائم بالهواء وقيل الصوت الهواء المتكيف بالكيفية المسموعة. قوله: "مشتمل على بعض الحروف" من اشتمال الكل على جزئه المادي كما قاله البعض لكن هذا ظاهر إذا كان اللفظ حرفين أو أكثر فإن كان حرفا واحدا كواو العطف كان من اشتمال المطلق على المقيد أو العام على الخاص. قوله: "تحقيقا إلخ" تعميم في الصوت فالمنصوب مفعول مطلق لمحذوف أي محقق تحقيقا أو مقدر تقديرا أو بمعنى محققا أو مقدرا حال، ويعلم من هذا التعميم أن لماهية اللفظ أفرادا محققة وأفرادا مقدرة. قال الروداني: واستعماله في كل منهما حقيقة لا أنه في المقدرة مجاز. ا. هـ. ومن التحقيقي المحذوف على ما قاله البعض لتيسر النطق به صراحة وكذا كلامه تعالى اللفظي قبل التلفظ به لا كلامه القديم على قول جمهور أهل السنة أنه ليس بحرف ولا صوت، فالتحقيقي إما
30 | 435(1/29)
.......................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كالضمير المستتر "مفيد" فائدة يحسن السكوت عليها "كاستقم" فإنه لفظ مفيد بالوضع فخرج باللفظ غيره من الدوال مما ينطلق عليه في اللغة كلام كالخط والرمز والإشارة.
وبالمفيد المفرد نحو زيد، والمركب الإضافي نحو غلام زيد، والمركب الإسنادي المعلوم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منطوق به بالفعل أو بالقوة والتقديري ما لا يمكن النطق به فإن الضمير المستتر كما قاله الرضي لم يوضع له لفظ حتى ينطق به، قال وإنما عبروا عنه باستعارة لفظ المنفصل للتدريب. ا. هـ. فقول المعربين في استقم مثلا ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت أي تصوير معناه
تقريبا وتدريبا أنت، قال البعض وحينئذٍ فليس في اضرب مثلا إلا الفاعل المعقول واكتفى بفهمه من غير لفظ عن اعتبار لفظ له فأقيم مقام اللفظ في جعله جزء الكلام الملفوظ كجعله جزء الكلام المعقول فهو ليس من مقولة معينة بل تارة يكون واجبا وتارة يكون ممكنا جسما أو عرضا وتارة يكون من مقولة الصوت إذا رجع الضمير إلى الصوت فقول بعضهم كالجامي ليس من مقولة الحرف أو الصوت أصلا ليس على ما ينبغي أفاده العصام.
قوله: "المستتر" أي وجوبا وجوازا فيما يظهر. قوله: "مفيد" أي بالوضع فاندفع ما أورد على التعريف من أنه يشمل اللفظ المفيد عقلا أو طبعا مع أن المراد بالفائدة في تفسير المفيد بالدال على فائدة يحسن السكوت عليها النسبة بين الشيئين. قوله: "فائدة يحسن السكوت عليها" مراد الشارح بهذا بيان ما يطلق عليه المفيد عندهم لا ذكر قيد زائد على ما في المتن لئلا يلزم كون تعريف المتن غير مانع. واندفع بهذا البيان ما يقال المفيد يصدق بما يفهم معنى ما ولو مفردا والمراد بالسكوت سكوت المتكلم على الأصح، ويحسنه عدّ السامع إياه حسنا بأن لا يحتاج في استفادة المعنى من اللفظ إلى شيء آخر لكون اللفظ الصادر من المتكلم مشتملا على المحكوم عليه وبه. قوله: "بالوضع" الظاهر أن مراده الوضع العربي الذي هو قيد لا بد منه في تعريف الكلام كما قال الشاطبي وغيره ليخرج كلام الأعاجم، لا القصد لأنه أدرجه في الإفادة كما سيأتي لكن لا وجه لزيادته في بيان انطباق التعريف على المثال مع تركه في نفس التعريف، فكان الأولى زيادته في التعريف أيضا. ثم حمل الوضع على الوضع العربي مبني على أن المركبات موضوعة وهو الصحيح لكن وضعها نوعي فهو المراد في التعريف. قوله: "فخرج باللفظ" لما كان بينه وبين فصله العموم الوجهي أخرج به. قوله: "من الدوال مما ينطلق إلخ" من الأولى بيانية والثانية تبعيضية إذ ينطلق الكلام لغة على غير الدوال من كل قول. وقيد بقوله من الدوال مع أن اللفظ يخرج غيره دل أولا لأن الدال هو المتوهم دخوله لتسميته كلاما في اللغة وغيره يفهم خروجه بالأولى. قوله: "والرمز" بابه قتل وضرب وهو الإشارة بالحاجب أو الهدب أو الشفة كما في المصباح فعطف الإشارة عليه عطف عام على خاص. قوله: "وبالمفيد إلخ" أخرج به أمورا خمسة وكان الأحسن ذكر المركب التقييدي والمزجي مع الإضافي.
قوله: "والمركب الإسنادي المعلوم إلخ" جرى في إخراج الضروري وغير المقصود من الكلام على ما ذهب إليه المصنف ونقله في شرح التسهيل عن سيبويه والراجح خلافه كما ذهب
31 | 435(1/30)
..............................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مدلوله ضرورة كالنار حارة، وغير المستقبل كجملة الشرط نحو إن قام زيد وغير المقصود كالصادر من الساهي والنائم.
تنبيهات: الأول اللفظ مصدر أريد به اسم المفعول أي الملفوظ به كالخلق بمعنى المخلوق. الثاني يجوز في قوله كاستقم أن يكون تمثيلًا وهو الظاهر فإنه اقتصر في شرح الكافية على ذلك في حد الكلام، ولم يذكر التركيب والقصد نظرًا إلى أن الإفادة تستلزمها لكنه في التسهيل صرح بهما، وزاد فقال: الكلام ما تضمن من الكلم إسنادًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إليه أبو حيان وغيره، فالمراد بإفادة اللفظ فائدة يحسن السكوت عليها دلالته على النسبة الإيجابية أو السلبية سواء كانت حاصلة عند السامع قبل أو لا. قصد بها المتكلم الكلام أولا، طابق كلامه الواقع أولا. قوله: "مصدر أريد به اسم المفعول" أي لا اسم جنس جمعي للفظة حتى يرد اعتراض أبي حيان على التعريف باستلزام أن الكلام المركب من كلمتين لا يسمى كلاما لأن مدلول اسم الجنس الجمعي ثلاثة فأكثر فيكون التعريف غير جامع، ولا باق على مصدريته حتى يرد أن اللفظ فعل اللافظ والكلام النحوي ليس فعلا. فإن قلت: إطلاق المصدر بمعنى اسم المفعول مجاز فلا يحسن دخوله في التعريف. قلت: صار حقيقة عرفية في الملفوظ به لهجر النحاة معناه الأصلي وهو الرمي مطلقا أو من الفم فلا إشكال، فتنظيره بالخلق بمعنى المخلوق الباقي على مجازيته لعدم هجر معناه الأصلي وهو الإيجاد إنما هو في مجرد إطلاق المصدر وإرادة المفعول. قوله: "أن يكون تمثيلا" أي فقط وعليه فهو خبر لمبتدأ محذوف أي وذلك كاستقم. قوله: "وهو الظاهر" أي من العبارة فلا ينافي أن كونه تمثيلا وتتميما كما أشار إليه ابن الناظم أولى. وإنما كان ظاهرها التمثيل فقط لما ذكره الشارح بقوله فإنه اقتصر إلخ ولأن عادتهم بعد إيراد تعريف الشيء إيراد الكاف ومجرورها لمجرد تمثيله. قوله: "فإنه اقتصر في شرح الكافية" أي والألفية خلاصة الكافية. قوله: "نظرا إلى أن الإفادة تستلزمهما" أي لأن المفيد الفائدة المذكورة لا يكون إلا مركبا، ولا ترد الأعداد المسرودة لما تقدم من أن المراد بالإفادة الدلالة على النسبة الإيجابية أو السلبية، وحسن سكوت المتكلم يستدعي أن يكون قاصدا لما تكلم به.
قوله: "لكنه إلخ" استدراك على قوله فإنه اقتصر إلخ لدفع توهم اقتصاره على ذلك في بقية كتبه أيضا. قوله: "صرح بهما" أما تصريحه بالقصد فظاهر. وأما بالتركيب فلذكره بدله الإسناد المفسر كما في شروح التلخيص بضم كلمة أو ما يجري مجراها إلى أخرى أو ما يجري مجراها بحيث يفيد أن مفهوم إحداهما ثابت لمدلول الأخرى. وفسره شيخنا السيد تبعا لغيره بالنسبة بين الركنين، وأرجع بعضهم الأول إلى الثاني بتأويل الضم بالانضمام وتقدير مضاف أي لازم انضمام كلمة إلخ. ثم قال شيخنا السيد فهو شرط في تحقق الكلام لا جزء منه وإن اقتضاه كلام ابن الحاجب وصرّح به الرضي، فقد استشكله السيد الصفوي قاله الشيخ يس والشيخ يحيى. ووقع الخلاف أيضا في الفضلات هل هي خارجة عن الكلام أو داخلة فيه قولان والثالث
32 | 435(1/31)
........................................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مفيدًا مقصودًا لذاته فزاد لذاته، قال: لإخراج نحو قام أبوه من قولك جاءني الذي قام أبوه وهذا الصنيع أولى لأن الحدود لا تتم بدلالة الالتزام، ومن ثم جعل الشارح قوله كاستقم تتميمًا للحد. الثالث إنما بدأ بتعريف الكلام لأنه المقصود بالذات إذ به يقع التفاهم. الرابع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التفصيل فإن كان حذفها مضرا كنساؤه طوالق إلا هند أو عبيده أحرار إلا زيدا دخلت وإلا فلا. ا. هـ. وسيأتي لهذا مزيد بحث. قوله: "من الكلم" أي الكلمات ومن تبعيضية وهي ومجرورها في موضع الحال من ضمير تضمن. قوله: "فزاد لذاته" زاد بعضهم أيضا من ناطق واحد احترازا من أن يصطلح اثنان على أن يذكر أحدهما فعلا والآخر فاعلا، وأجيب بأن هذه الزيادة غير محتاج إليها لأن كل واحد من المصطلحين متكلم بكلام، وإنما اقتصر على التصريح بإحدى الكلمتين اتكالا على تصريح الآخر بالأخرى فهو مقدر ما صرح به الآخر فلا يتصوّر تركيب كلام واحد من متكلمين، ولو سلم قلنا اتحاد الناطق غير شرط في الكلام كما أن اتحاد الكاتب غير شرط في الخط أفاده في الهمع. قوله: "لإخراج نحو قام أبوه إلخ" أي لأن الإسناد فيه ليس مقصودا لذاته بل لتعيين الموصول وتوضيحه، ومثلها الجملة الخبرية والحالية والنعتية. قوله: "وهذا الصنيع" أي التصريح بأجزاء الماهية في الحد.
قوله: "لأن الحدود لا تتم بدلالة الالتزام" اعترضه شيخنا السيد بأن الظاهر أن التركيب والقصد داخلان في مفهوم المفيد فدلالته عليهما تضمنية لا التزامية والتضمنية غير مهجورة في الحدود، ولو سلم أنها التزامية فهجرها إنما هو في الحدود الحقيقية التي بالذاتيات ومثل هذا التعريف ليس منها بل من الرسوم، وقد ينازع فيها استظهره وفي قوله ومثل هذا التعريف ليس منها بل من الرسوم. فإن الأمور الاصطلاحية حصلت مفهوماتها ووضعت أسماؤها بإزائها فليس لها معان غير تلك المفهومات فتكون هي حدودا أفاده شيخ الإسلام في آخر مبحث الكليات من شرحه على إيساغوجي نقلا عن الإمام الرازي. قوله: "ومن ثم" أي هنا من أجل أن الحدود لا تتم بدلالة الالتزام. قوله: "جعل الشارح" يعني ابن الناظم. قوله: "تتميما للحد" أي من جهة الدلالة به على أمرين يتضمنهما معتبرين في الكلام أي وتمثيلا أيضا من جهة الإيضاح به للمحدود لا تمثيلا فقط. ولا ينافي ذلك قول ابن الناظم في آخر كلامه فاكتفى عن تتميم الحد بالتمثيل لأن معناه أنه اكتفى عن تتميم الحد بذكر التركيب والقصد صريحا بتتميمه بالمثال المتضمن لهما، على أنه لو منع مانع كونه تتميما وتمثيلا وسلمنا له ذلك والتزمنا أن المراد تتميما للحد فقط فالمنافاة مدفوعة بحمل ما قاله في آخر كلامه على المعنى الذي ذكرناه، وأن تسمية قول المصنف كاستقم تمثيلا باعتبار الصورة، وعلى كلا الوجهين سقط ما نقله البعض عن البهوتي وأقره من الاعتراض على الشارح بأن في آخر كلام ابن الناظم ما ينافي أما سنده إليه الشارح وإن كان في أول كلامه ما يشير إليه فتأمل. والظاهر على كونه تتميما للحد أن كاستقم ظرف مستقر نعت ثان للفظ. وقول البعض هو في موضع النعت لمفيد يلزم عليه نعت النعت مع وجود المنعوت من غير مقتض مع أنه يضاربه قوله بعد ذلك ومجرور الكاف محذوف والتقدير كفائدة استقم. ا. هـ. لأن
33 | 435(1/32)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنما قال: وما يتألف ولم يقل: وما يتركب لأن التأليف كما قيل أخص إذ هو تركيب وزيادة وهي وقوع الألفة بين الجزأين "واسم وفعل ثم حرف الكلم" الكلم مبتدأ خبره ما قبله أي الكلم الذي يتألف منه الكلام ينقسم باعتبار واحده إلى ثلاثة أنواع: نوع الاسم ونوع الفعل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقتضى هذا أن يكون كاستقم نعتا لمفعول مفيد محذوفا والأصل مفيد فائدة كفائدة استقم، فعليك بالإنصاف. قوله: "إنما بدأ بتعريف الكلام إلخ" جواب عما يقال: لم بدأ بالكلام مع أن الكلمات أجزاؤه والجزء مقدم على الكل ولهذا بدأ كثير بالكلمة؟ وحاصل الجواب أنه راعى كون المقصود بالذات الكلام وأما قصد الكلمات فلتألف الكلام منها والنكات لا تتزاحم.
قوله: "لأن التأليف إلخ" وقال السيد هما بمعنى واحد، قال البعض وهو معنى التأليف. قوله: "وقوع الألفة" المراد بها الارتباط بين الكلمتين بإسناد إحداهما إلى الأخرى، أو إضافتها إليها، أو وصفها بها أو نحو ذلك بخلاف ضمها إليها بدون شيء من ذلك كقام جاء قاله الشنواني أي وليس المراد بها تناسبهما في المعنى لئلا يخرج نحو الحجر مأكول. قوله: "الكلم مبتدأ إلخ" أي كما يقتضيه قولهم إذا اجتمعت معرفة ونكرة فالمعرفة مبتدأ والنكرة خبر. واعلم أن الشارح حمل الكلم في عبارة المصنف على الكلم الاصطلاحي كما يدل عليه كلامه الآتي في غير موضع، وإن كان قوله أي الكلم الذي يتألف منه الكلام يفيد حمل الكلم على الكلمات لأن تألف الكلام منها لا من الكلم الاصطلاحي فيؤول بتقدير مضاف ليوافق أكثر كلامه أي من أجزائه التي يتركب من مجموعها. وقوله باعتبار واحده يحتمل أن المراد بواحده مفرده الاصطلاحي الذي هو لفظ كلمة، ويحتمل أن المراد به جزؤه أي جزء ما صدق عليه. وعلى كل ففي عبارته حذف مضاف تقديره على الأول مفهوم واحده لأن الانقسام إلى الثلاثة باعتبار مفهوم كلمة لا لفظها. وتقديره على الثاني جنس واحده لأن جزأه فرد من أفراد الكلمة والانقسام إلى الثلاثة باعتبار جنس الكلمة لا فرد من أفرادها ثم انقسام الشيء باعتبار شيء آخر انقسام للآخر في الحقيقة فاتضح قول الشارح لأن المقسم وهو الكلمة إلخ. وبتقريرنا كلام الشارح على هذا الوجه تلتئم عبارته ويسقط ما اعترض به البعض وغيره عليه هنا وفيما يأتي فتنبه. ولك أن تستغني عن اعتبار واحد الكلم في تقسيم المصنف الكلم إلى اسم وفعل وحرف بأن تجعل الكلم في كلامه بمعنى الكلمات وترجع الضمير في واحده إلى الكلم بمعنى الكلم الاصطلاحي على الاستخدام لا بمعنى الكلمات وإلا لأنث الضمير فيصير المعنى واسم وفعل ثم حرف الكلمات أي الأنواع الثلاثة للكلمة، وواحد الكلم الاصطلاحي كلمة وهذا أولى لعدم إحواجه إلى تقدير.
قوله: "لأن المقسم" أي محل القسمة يعني المقسوم. قوله: "صادق إلخ" قال يس: الصدق في المفردات بمعنى الحمل، ويستعمل بعلى فيقال: صدق الحيوان على الإنسان. وفي القضايا بمعنى التحقق ويستعمل بفي فيقال: هذه القضية صادقة في نفس الأمر أي متحققة. قوله: "من تقسيم الكل إلخ" تقسيم الكل إلى أجزائه تحليل المركب إلى أجزائه التي تركب منها.
34 | 435(1/33)
............................................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ونوع الحرف فهو من تقسيم الكلي إلى جزئياته لأن المقسم وهو الكلمة صادق على كل واحد من الأقسام الثلاثة أعني الاسم والفعل والحرف. وليس الكلم منقسمًا إليها باعتبار ذاته لأنه لا جائز حينئذ أن يكون من تقسيم الكل إلى أجزائه؛ لأن الكلم ليس مخصوصًا بهذه الثلاثة بل هو مقول على كل ثلاث كلمات فصاعدًا، ولا من تقسيم الكلي إلى جزئياته وهو ظاهر. ودليل انحصار الكلمة في الثلاثة أن الكلمة إما أن تصلح ركنًا للإسناد أولًا الثاني الحرف، والأول إما أن يقبل الإسناد بطرفيه أو بطرف الأول الاسم والثاني
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتقسيم الكلي إلى جزئياته ضم قيود إلى أمر مشترك لتحصل أمور متعددة بعدد القيود. والتقسيم حقيقي إن تباينت أقسامه وإلا فاعتباري. قوله: "ليس مخصوصا بهذه الثلاثة" أي باجتماعها أي لتحققه بدون اجتماعها نحو زيد أبوه قائم والباء داخلة على المقصور عليه. وقوله بل هو مقول على كل ثلاث كلمات فصاعدا أي وإن كانت من نوع الاسم فقط، أو من نوع الاسم والفعل فقط، أو الحرف فقط، والظاهر من كلامهم أن المراد بالكلمات في الكلم الكلمات الاصطلاحية فلا يطلق الكلم على ما تركب من ثلاثة ألفاظ مهملة كلها أو بعضها. ويمكن اختيار كونه من تقسيم الكل إلى أجزائه ويكون جعل الثلاثة أجزاءه باعتبار تركبه من مجموعها وإن لم يتركب من جميعها. قوله: "وهو ظاهر" للزوم تحقق الكلم في الاسم الواحد والفعل الواحد والحرف الواحد مع أنه باطل. قوله: "ودليل انحصار إلخ" أخذ الانحصار من تقديم الخبر في قوله واسم إلخ وإنما يتم هذا الدليل بمعونة الاستقراء وإلا فيمكن أن يقال: لا نسلم أن ما لا يصلح ركنا للإسناد هو الحرف فقط، وما يقبله بطرفيه هو الاسم فقط، وما يقبله بطرف هو الفعل فقط.
قوله: "أن الكلمة" أظهر مع تقدم المرجع لئلا يتوهم عود الضمير إلى الثلاثة. قوله: "إما أن تصلح إلخ" إما حرف تفصيل وأن تصلح في تأويل مصدر خبر أن على تقدير مضاف أي ذات صلوح، أو تأويل المصدر باسم الفاعل أي صالحة لأن الكلمة ليست الصلوح. وهذا أحسن من تقدير مضاف قبل اسم إن أي حال الكلمة لأنه المناسب للمقام، إذ الكلام في تقسيم نفس الكلمة لا في تقسيم حالها، ولأنه في وقت الحاجة لا قبلها، ولأن التقدير قبل اسم أن يحتاج معه في صحة قوله الثاني الحرف إلى تقدير أي ذات الثاني الحرف أو الثاني حال الحرف ولأن الحصر لا يصح عليه لأن حال الكلمة لا ينحصر في الصلوح وعدمه. وفرق السيد بين صريح المصدر وأن والفعل حيث قال: من رجع إلى المعنى يعرف أن الأول لا يرتبط بالذات من غير تقدير أو تأويل بخلاف الثاني. قال شيخنا السيد: ويؤيده صحة عسى زيد أن يقوم دون عسى زيد قياما. وسيأتي لهذا مزيد بيان في آخر الموصول. قوله: "أو بطرف" ليس المراد الطرف الدائر الصادق بأن تكون الكلمة مسندة وبأن تكون مسندا إليها بل الطرف المعين وهو أن تكون الكلمة مسندة بقرينة قوله والثاني الفعل. قوله: "الأول الاسم" أورد عليه أن من الأسماء ما لا يقبله أصلا كالظروف التي لا تتصرف، وما لا يقع إلا مسندا كأسماء الأفعال، وما لا يقع إلا مسندا إليه
35 | 435(1/34)
.............................................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفعل. والنحويون مجمعون على هذا إلا من لا يعتد بخلافه. وقد أرشد بتعريفه إلى كيفية تألف الكلام من الكلم بأنه ضم كلمة إلى كلمة فأكثر على وجه تحصل معه الفائدة المذكورة لا مطلق الضم. وأقل ما يكون منه ذلك اسما نحو ذا زيد وهيهات نجد، أو فعل واسم نحو استقم وقام زيد بشهادة الاستقراء، ولا نقض بالنداء فإنه من الثاني.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كالضمائر المتصلة. وأجيب بأن الكلام باعتبار الغالب أفاده في الأشباه. قوله: "على هذا" أي انحصار الكلمة في الثلاثة. قوله: "إلا من لا يعتد بخلافه" هو أبو جعفر بن صابر فإنه زاد اسم الفعل مطلقا وسماه خالفة والحق أنه من أفراد الاسم. قوله: "إلى كيفية تألف" الإضافة للبيان أي كيفية وحالة هي تألف. وقوله بأنه في موضع الحال من التألف والباء للتصوير، والمراد بالضم الانضمام من إطلاق اسم الملزوم على اللازم. ووجه الإرشاد أنه ذكر في التعريف الإفادة المستلزمة للتركيب. فعلم أن التأليف يكون بالضم والإفادة. وقوله على وجه حال من الضم والمراد بهذا الوجه الحكم بإحدى الكلمتين على الأخرى وقوله الفائدة المذكورة أي التي يحسن السكوت عليها. قوله: "وأقل ما يكون منه ذلك" أي التألف. وظاهر أن الكلام يتركب من أكثر من اسمين أو اسم وفعل وهو ما اعتمده ابن هشام وفصله في شرح القطر مع الإشارة إلى ما دل عليه قول ابن الحاجب لأنه لا يتأتى إلا من اسمين أو اسم وفعل. ويوافقه قول الرضي وكان على المصنف يعني ابن الحاجب أن يقول كلمتين أو أكثر. ا. هـ. لكن قال السيد: قيل الإسناد نسبة فلا يقوم إلا بشيئين مسند ومسند إليه لا بأكثر. وهما إما كلمتان أو ما في حكمهما في قبول إسناده أو الإسناد إليه فلذلك اقتصر على كلمتين. ا. هـ. وقال في محل آخر: إن الكلام إنما يتحقق بالإسناد الذي يتحقق بالمسند إليه والمسند فقط، وهما إما كلمتان أو ما يجري مجراهما وما عداهما من الكلمات التي ذكرت في الكلام خارجة عن حقيقة الكلام عارضة لها. ا. هـ. نقله اسم.
قوله: "اسمان" أي حقيقة كما مثل به أو حكما كزيد قائم فإن الضمير المستتر في الوصف كالعدم لأنه لا يبرز في تثنية ولا في جمع فلا يقال: زيد قائم ثلاثة أسماء لا اسمان فقط. قوله: "نحو ذا زيد" اعترض بأن الأولى نحو ذا أحمد لأن التنوين حرف معنى. ورد بمنع أنه حرف معنى لا سيما على مذهب من زاد في تعريف الكلمة قيد الاستقلال لإخراج مثل ألف المفاعلة وياء التصغير وياء النسب وحروف المضارعة وتاء التأنيث كالمصنف في تسهيله. والمراد بالمستقل ما يسوغ النطق به وحده بنفسه أو بمرادفه فلا ترد الضمائر المتصلة. قوله: "أو فعل واسم" قدم الفعل على الاسم لأن المؤلف من فعل واسم يلزم فيه تقديم الفعل فقدمه في الذكر. ا. هـ. يس. قوله: "وقام زيد" إنما مثل بالماضي وفاعله الظاهر لأن الماضي على تقدير أن فيه ضميرا لا يسمى كلاما على الأصح لأن شرط حصول الفائدة مع الفعل والضمير المنوي أن يكون الضمير واجب الاستتار أفاده في التصريح. وناقشه يس بأنه لا شك في أن قام في جواب هل قام زيد ونحوه كلام فكيف يشترط وجوب الاستتار ويمكن حمله على غير الواقع جواب سؤال. قوله: "ولا نقض بالنداء" أي الجملة الندائية فإنه أي عند الجمهور من الثاني أي المركب من فعل
36 | 435(1/35)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: ثم في قوله ثم حرف بمعنى الواو إذ لا معنى للتراخي بين الأقسام. ويكفي في الأشعار بانحطاط درجة الحرف عن قسيمية ترتيب الناظم لها في الذكر على حسب ترتيبها في الشرف ووقوعه طرفًا. واعلم أن الكلم اسم جنس على المختار. وقيل: جمع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واسم لأن يا نائية عن أدعو وهو فعل واسم وأما المنادى فهو فضلة زائدة على حقيقة الكلام لا منها حتى يقال إن يا زيد مركب من فعل واسمين لا من الثاني. فإن قلت قد أسلفت أن ظاهر قوله وأقل ما يكون إلخ أن الكلام يتركب من أكثر من اسمين أو اسم وفعل ومقتضاه عد المنادى من أجزاء حقيقة الكلام فيكون منافيا لقوله هنا فإنه من الثاني، قلت: لعله يشترط في الأكثر الذي يتألف منه الكلام أن تتوقف عليه الإفادة نحو زيد أبوه قائم وإن قام زيد قمت فلا يلزم عد المنادى من الأجزاء حتى ينافي ما سلف لعدم توقف إفادة أدعو على ذكر المدعو، ثم لا يلزم من نيابة لفظ عن لفظ أن يعطى جميع أحكامه حتى يرد أن النداء إنشاء وأدعو إخبار، على أنه لا مانع من أن يقال إنما نابت يا عن أدعو بعد نقله إلى الإنشاء فتأمل. وأورد أيضا ألا ماء لأنه كلام مركب من حرف واسم لأن ألا التي للتمني لا خبر لها لا ظاهرا ولا مقدرا، ويمكن دفعه بما قيل في يا زيد.
قوله: "ثم في قوله ثم حرف بمعنى الواو" قال الدماميني في قول المغني الباب الثاني من الكتاب في تفسير الجملة وذكر أقسامها وأحكامها ما نصه: الباب مبتدأ والثاني صفة له وفي تفسير الجملة خبر، ومن الكتاب إما حال من الضمير المستكن في الخبر ولا يضر هنا تقديم الحال على عاملها المعنوي لأنها ظرف. وقد صرح ابن برهان بجوازه لتوسعهم في الظروف وإما حال من المبتدأ على حد ما أجاز سيبويه في قول الشاعر:
لمية موحشا طلل إذ صاحب الحال عنده هو النكرة وهو عنده مرفوع بالابتداء وليس فاعلا للظرف كما يقول الأخفش والكوفيون والناصب للحال الاستقرار الذي تعلق به الظرف فكذا أما نحن فيه، وغاية ما يلزم كون العامل في الحال غير العامل في صاحبها وهذا ليس بمحذور عنده، وأما صفة للمبتدأ بأن يقدر متعلقه معرفة أي الباب الثاني الكائن من الكتاب على القول بجواز حذف الموصول مع بعض صلته. وقد اعتمد هذه الطريقة كثير من الأعاجم المتأخرين. ا. هـ. وما ذكره في قول المعنى من الكتاب يأتي مثله في قول الشارح في قوله ثم حرف. قوله: "إذ لا معنى للتراخي بين الأقسام" فيه أن هذا من حيث الانقسام لا من حيث ذواتها فإن بين الأقسام التراخي الرتبي من حيث ذواتها فتكون ثم للتراخي الرتبي بينها من حيث ذواتها. وقوله: يكفي في الأشعار إلخ فيه أن ثم أدل على ذلك لأن المتأخر ذكرا قد يكون أشرف كما في آية: {لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّة} [الحشر: 20] فالأولى إبقاء ثم على حالها وجعلها للتراخي الرتبي بين الأقسام من حيث ذواتها لا من حيث الانقسام. قوله: "أن الكلم اسم جنس على المختار" أي لدلالته وضعا على الماهية من حيث هي. وللبهوتي اعتراض بتنافي كلام الشارح نقله البعض وأقره، وقد
37 | 435(1/36)
............................................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقيل: اسم جمع، وعلى الأول فالمختار أنه اسم جنس جمعي لأنه لا يقال إلا على ثلاث كلمات فأكثر سواء اتحد نوعها أو لم يتحد أفادت أم لم تفد. وقيل: لا يقال إلا على ما فوق العشرة. وقيل: إفرادي أي يقال على الكثير والقليل كماء وتراب. وعلى الثاني فقيل: جمع كثرة وقيل: جمع قلة، ويجري هذا الخلاف في كل ما يفرق بينه وبين واحده بالتاء.
وعلى المختار يجوز في ضميره التأنيث ملاحظة للجمعية والتذكير على الأصل وهو الأكثر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عرفت سقوطه مما قررناه سابقا عند قوله الكلم مبتدأ فلا تغفل.
قوله: "وقيل جمع" رد بأن الغالب تذكيره والغالب على الجمع تأنيثه. وقوله: وقيل اسم جمع رد بأن له واحدا من لفظه والغالب على اسم الجمع خلافه. وقوله: فالمختار أنه اسم جنس جمعي الجمعي صفة لاسم لا لجنس على الصواب قاله يس. واعلم أن الجمع ما دل على آحاده دلالة تكرار الواحد بالعطف. واسم الجمع ما دل على آحاده دلالة الكل على أجزائه والغالب أن لا واحد له من لفظه كقوم ورهط وطائفة وجماعة وقد يكون كركب وصحب. واسم الجنس الإفرادي ما دل على الماهية لا بقيد قلة أو كثرة كماء وتراب والجمعي ما دل على أكثر من اثنين وفرق بينه وبين واحده بالتاء غالبا كتمر وكلم. قال اللقاني: اسم الجنس موضوع للماهية من حيث هي ولا يخفى أن ذلك مناف لكونه جميعا وجوابه ما في الرضي في باب الجمع من أنه وضع للماهية واستعمل في الجمع فهو اسم جنس وضعا جمعي استعمالا. قال الروداني لكن يلزم كونه مجازا دائما والظاهر أنه غير مجاز. وقد يقال أنه مستعمل في الجنس في ضمن أفراد كذا قيل. وفيه أنه لا يدفع التجوز لما قال المحققون من أن استعمال رجل في زيد إن كان من حيث الرجولية مع قطع النظر عن خصوص التشخص فحقيقة، وإن كان بملاحظة خصوصه فمجاز فالأولى التزام لزوم المجاز ولا ثلم فيه. ا. هـ. وأقول الأولى أن يقال إنه غلب استعماله في ثلاثة أفراد فأكثر حتى صار حقيقة عرفية في ذلك فاندفع التجوز من أصله. ولا يبعد حمل كلام الرضي على ما قلنا بأن يكون معنى قوله واستعمل في الجمع وغلب استعماله في الجمع بحيث صار حقيقة عرفية فيه فاحفظه. ثم أقول بقي أن تقسيم اسم الجنس إلى إفرادي وجمعي غير حاصر إذ منه ما ليس جمعيا ولا إفراديا كأسد ثم رأيت بعض المحققين زاده سماه أحاديا. قوله: "وقيل لا يقال" أي الكلم لأنه المحدث عنه لا مطلق اسم الجنس الجمعي. قوله: "أي يقال على الكثير والقليل" هذا بناء على أنه ما دل على الماهية من حيث هي وأما على أنه ما دل عليها بقيد الوحدة الشائعة فلا يستقيم إطلاقه على الكثير إلا من أل مثلا ولذا تدخل عليه مجردا عن الوحدة على هذا، قاله يس.
قوله: "ويجوز في ضميره" أي الكلم لا مطلق اسم الجنس الجمعي لأن المحدث عنه الكلم ولأن من اسم الجنس الجمعي ما يجب تذكير ضميره كغنم وما يجب تأنيث ضميره كبط وما يجوز في ضميره الأمران كبقر وكلم وكذا اسم الجمع منه واجب التذكير كقوم ورهط وواجب التأنيث كإبل وخيل وجائز الأمرين كركب كذا قال أرباب الحواشي وفي غالبه خلاف
38 | 435(1/37)
واحده كلمة والقول عم وكلمة بها كلام قد يؤم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحو: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: 10]، {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [المائدة: 13] وقد أنثه ابن معطي في ألفيته فقال: واحدها كلمة. وذكر الناظم فقال "واحدة كلمة" ونظير كلم وكلمة من المصنوعات لبن ولبنة، ومن المخلوقات نبق ونبقة. فاسم الجنس الجمعي هو الذي يفرق بينه وبين واحده بالتباء غالبًا بأن يكون واحده بالتاء غالبًا والاحتراز بغالبًا عما جاء منه على العكس من ذلك أن يكون بالتاء دالا على الجمعية وإذا تجرد منها يكون للواحد نحو كمء، وكمأة. وقد يفرق بينه وبين واحده بالياء نحو روم ورومي وزنج وزنجي. وحد الكلمة قول مفرد وتطلق في الاصطلاح مجازًا على أحد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نذكره إن شاء الله تعالى في باب العدد. قوله: "واحده كلمة" قال سم: أي واحد معنى الكلم يسمى كلمة. ا. هـ. ومراده بواحد معناه جزء ما صدق عليه ويصح أن يكون مراد المصنف بواحده مفرده الاصطلاحي كما مر. قوله: "ومن المخلوقات" أي ما ليس للعبد دخل فيه وإلا فالعبد وصنعته مخلوقان لله تعالى. قوله: "فاسم الجنس الجمعي" قال البعض تفريع على قول المصنف واحده كلمة هـ وفيه أنه لا تعرض في كلام المصنف لكون الكلم اسم جنس جميعا حتى يتفرع عليه أن اسم الجنس الجمعي يفرق إلخ فالوجه أنه تفريع على قول الشارح سابقا فالمختار أنه اسم جنس جمعي مع قول المصنف واحده كلمة، لكن ما سيذكره من الغلبة غير داخل في التفريع. ولكن أن تجعل الفاء فصيحة أي إذا أردت معرفة اسم الجنس الجمعي فاسم إلخ والجمعي صفة لاسم كما مر. قوله: "هو الذي يفرق إلخ" أي ولم يغلب تأنيثه ليخرج نحو تخم مما فرق بينه وبين واحده بالتاء وهو جمع. واعلم أن فرق بالتضعيف والتخفيف في الأجرام والمعاني وما نقل عن القرافي من تخصيص المضعف بالأجرام والمخفف بالمعاني لعله أريد به الأولوية لأن الفرق لما كان أظهر في الأجرام ناسبه التضعيف عكس المعاني وإلا فأهل اللغة متواطئون على أن مثل كسرته وكسرته في المعاني والأجرام مطلقا أفاده الروداني. فإن قلت يرد على التخصيص وإن حمل على الأولوية قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُم} [الأنعام: 159] {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْر} [البقرة: 50]، قلت أريد في الآية الأولى إفادة التكثير وإنما يؤتى بالمخفف إذا لم ترد تلك الإفادة، وفي الثانية لما كان الماء جسما لطيفا شفافا فهو كالمعاني أتى فيه بالمخفف.
قوله: "والاحتراز بغالبا" أي الثانية وأما محترز غالبا الأولى فقد ذكره بقوله وقد يفرق إلخ. قوله: "وزنج" بكسر الزاي وفتحها طائفة من السودان. قوله: "قول" خبر عن حد وتطابقهما ظاهر. وقول البعض لم يؤنث الخبر مع أن شروط التطابق موجودة لكونه في الأصل مصدرا لا يثنى ولا يجمع وإن أريد به هنا المقول لأن اعتبار الأصل جائز في مثله إنما يستقيم لو قال الشارح: والكلمة قول مفرد لكنه لم يقل ذلك فليس بمستقيم. والتاء في الكلمة للوحدة الراجعة لوحدة الافراد بحيث لا تطلق الكلمة على قولين مفردين معا لا تنافي كلية الجنس المدلول عليه بأل الداخلة على المحدود. وزاد في التسهيل في حد الكلمة قيد الاستقلال لتخرج ألف المفاعلة وأحرف
39 | 435(1/38)
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جزأي العلم المركب نحو امرئ القيس فمجموعهما كلمة حقيقة، وكل منهما كلمة مجازًا وفيها ثلاث لغات: كلمة على وزن نبقة وتجمع على كلم كنبق. وكلمة على وزن سدرة وتجمع على كلم كسدر. وكلمة على وزن تمرة وتجمع على كلم كتمر. وهذه اللغات في كل ما كان على وزن فعل ككبد وكتف. فإن كان وسطه حرف حلق جاز فيه رابعة وهي اتباع فائه لعينه في الكسر اسمًا كان نحو فخذ أو فعلا نحو شهد "والقول" وهو على الصحيح لفظ دال على معنى "عم" الكلام والكلم والكلمة عمومًا مطلقًا فكل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المضارعة وياء التصغير وياء النسب وتاء التأنيث. ونحو ذلك فإنها ليست بكلمات على مذهب المصنف، وذهب الرضي إلى أنها كلمات. قوله: "وتطلق في الاصطلاح مجازا" وكذا في اللغة. وخص الاصطلاح بالذكر لأنه أهم لأن وضع الكتاب لبيانه فسقط قول البعض الصواب إسقاط قوله في الاصطلاح لتوافق اللغة والاصطلاح في ذلك. والمجاز المذكور مرسل علاقته الكلية وما ذكره الشارح من أن هذا الإطلاق مجاز أحد قولين. والثاني أنه حقيقة عند النحاة وأن المفرد عندهم اللفظة الواحدة بدليل إعراب كل منهما بإعراب مستقل والإعراب إنما يكون على آخر الكلمة وأن تفسيره بما لا يدل جزؤه على جزء معناه اصطلاح المناطقة فذكره في العربية من خلط اصطلاح باصطلاح. قوله: "وتجمع" أي جمعا لغويا لا اصطلاحيا فلا ينافي ما سبق من اختياره أنه اسم جنس جمعي لا جمع. قوله: "كسدر" أي بسكون الدال وأما بفتحها كعنب فجمع لسدرة كقربة وقرب، وتجمع أيضا على سدور وسدرات بسكون الدال وكسرها للاتباع وفتحها للتخفيف كما في القاموس وغيره. قوله: "في كل ما كان على وزن فعل" أي من الأسماء فقط كما يشعر به التمثيل. وقوله فإن كان وسطه أي وسط ما كان على وزن فعل لا بقيد كونه من الأسماء فقط بدليل بقية كلامه. وقوله جاز فيه لغة رابعة أي زيادة على جواز الثلاثة فتجوز الأربعة فيما على وزن فعل ووسطه حرف حلق اسما كان أو فعلا، فتسمية اللغة الأخيرة رابعة ليست بالنسبة إلى الأسماء فقط وإن توهمه البعض، بل بالنسبة إلى الأفعال التي وسطها حرف حلق أيضا. قال السعد في شرح تصريف العزى في نحو نعم وشهد أربع لغات: كسر الفاء مع سكون العين، وكسرها وفتح الفاء مع سكون العين وكسرها وهذه اللغات جارية في كل اسم أو فعل على فعل مكسور العين وعينه حرف حلق. ا. هـ. ومثله للشارح في باب نعم وبئس فإن لم يكن وسط الفعل الذي على فعل حلقيا كعلم فليس فيه إلا فتح فائه وكسر عينه أو سكونها تخفيفا.
قوله: "والقول" أي المقول. قوله: "على الصحيح" مقابله أربعة أقوال ذكر الشارح منها فيما يأتي قولين. والثالث أنه مرادف للكلمة. والرابع أنه مرادف للفظ حكاه السيوطي في جمع الجوامع. قوله: "لفظ دال" المراد باللفظ ما يشمل الحقيقي كالكلمات القرآنية لأنها ملفوظة بالفعل بالنسبة لغيره تعالى والحكمي كالضمير المستتر. والمراد بالدال ما يدل بالوضع الشخصي
40 | 435(1/39)
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلام أو كلم أو كلمة قول ولا عكس. أما كونه أعم من الكلام فلانطلاقه على المفيد وغيره والكلام مختص بالمفيد. وأما كونه أعم من الكلم فلانطلاقه على المفرد وعلى المركب من كلمتين وعلى المركب من أكثر والكلام مختص بهذا الثالث. وأما كونه أعم من الكلمة فلانطلاقه على المركب والمفرد وهي مختصة بالمفرد. وقيل: القوم عبارة عن اللفظ المركب المفيد فيكون مرادفًا للكلام. وقيل هو عبارة عن المركب خاصة مفيدًا كان أو غير مفيد فيكون أعم مطلقًا من الكلام والكلم ومباينًا للكلمة. وقد بان لك أن الكلام والكلم بينهما عمومًا وخصوص من وجه فالكلاتم أعم من جهة التركيب وأخص من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كزيد ورجل أو النوعي كالمركبات والمجازات. ومن هذا يعلم سقوط تشكيك صاحب التصريح المذكور في تصريحه فانظره. قوله: "على معنى" أي واحد أو أكثر فدخل المشترك. والمعنى مصدر ميمي بمعنى المفعول أي المقصود من اللفظ. قوله: "عم الكلام والكلم والكلمة عموما مطلقا" أي عم كلا من الثلاثة عموما مطلقا يجتمع مع كل وينفرد عنه لوضعه للقدر المشترك الشامل لها ولنحو غلام زيد. وليس مراده عم مجموع الثلاثة بدليل قوله عاطفا بأو فكل كلام أو كلم أو كلمة إلخ وبدليل قوله أما كونه إلخ. وحمل الشارح عم على أنه فعل ماض لتبادره وعدم إحواجه إلى تكلف وقرره على وجه يستفاد منه ما يستفاد على جعل عم أفعل تفضيل حذفت همزته ضرورة من كونه عم كلا منها وزاد بشموله نحو غلام زيد لحمله العموم على العموم المطلق فلم يكن جعله أفعل تفضيل أكثر فائدة من جعله فعلا هكذا ينبغي تقرير عبارة الشارح، وبه يعلم ما في كلام البعض فانظره. ومثل جعله أفعل تفضيل في البعد بل أبعد جعله اسم فاعل حذفت ألفه ضرورة. واعلم أن عم كغيره من الألفاظ المشددة الموقوف عليها في الشعر يجب تخفيفه لئلا يفسد الوزن.
قوله: "ولا عكس" أي بالمعنى اللغوي. قوله: "وقد بان لك" أي من تعريف المصنف الكلام وتعريف الشارح الكلم بقوله سابقا بل هو مقول على كل ثلاث كلمات فصاعدا، وليس مراده بان لك من تكلم المصنف على الكلام والكلم إذ لا قرينة على هذه الإرادة. فسقط ما نقله البعض عن البهوتي وأقره من اعتراضه بقوله هذا أي قول الشارح وقد بان لك إلخ ظاهر أن أعرب الكلم مبتدأ خبره ما بعده لأنه حينئذٍ مستعمل في معناه الاصطلاحي وهو المركب من ثلاث كلمات فصاعدا، فإن أعرب مبتدأ خبره ما قبله كما مشى عليه الشارح أشكل لأنه حينئذٍ بمعنى الكلمات النحوية وهي الاسم والفعل والحرف. ا. هـ. مع أن دعواه ظهور ذلك البيان على جعل الكلم في عبارة المصنف بمعناه الاصطلاحي غير مسلمة لأن كون الكلام والكلم بينهما العموم من وجه إنما يتبين بتعريفهما لا بتعريف الكلام ومجرد أن واحد الكلم كلمة. ومع أن دعواه كون الكلم بمعنى الكلمات النحوية على إعرابه مبتدأ خبره ما قبله كما مشى عليه الشارح غير مسلمة أيضا لجواز كونه على هذا الإعراب بمعناه الاصطلاحي كما بيناه سابقا فتنبه ولا تكن أسير التقليد. قوله: "بينهما عموم وخصوص من وجه" الجار والمجرور راجع لكل من عموم
41 | 435(1/40)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جهة الإفادة والكلم بالعكس، فيجتمعان في الصدق في نحو زيد أبوه قائم، وينفرد الكلم في نحو قام زيد، وينفرد الكلام في نحو إن قام زيد.
تنبيه: قد عرفت أن القوم على الصحيح أخص من اللفظ مطلقًا فكان من حقه أن يأخذه جنسًا في تعريف الكلام كما فعل في الكافية لأنه أقرب من اللفظ، ولعله إنما عدل عنه لما شاع من استعماله في الرأي والاعتقاد حتى صار كأنه حقيقة عرفية واللفظ ليس كذلك "وكلمة بها كلام قد يؤم" أي يقصد كلمة مبتدأ خبره الجملة بعده، قال المكودي: وجاز الابتداء بكلمة للتنويع لأنه نوعها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وخصوص.
فائدة: قال ابن جماعة: لا بد في اللذين بينهما عموم وجهي من معرفة أمور: معروضين وعارضين وثلاث ما صدقات ومادة ومتعلق. وبيان ذلك هنا ليقاس عليه غيره أن المعروضين الكلام والكلم، والعارضين العموم والخصوص، والماصدقات الثلاث ما صدقات اجتماعهما وانفراد كل، والمادة الاسم والفعل والحرف، والمتعلق الصورة الحاصلة من اجتماع كلمتين أو أكثر وفي عدم الاستغناء عن معرفة هذا المتعلق نظر إذ الظاهر أنه يستغني عن معرفته. قوله: "قد عرفت" أي من تعريف القول. قوله: "على الصحيح" احترز بقوله على الصحيح من بعض الأقوال المقابلة له وهو القول بمرادفته للفظ وإن لم يحكه الشارح سابقا فلا ينافي أنه أخص من اللفظ على بعض الأقوال غير الصحيحة أيضا كالقولين اللذين حكاهما الشارح سابقا في مقابلة الصحيح. والحاصل أن في مفهوم قوله على الصحيح تفصيلا فلا يعترض به فاعتراض البعض تبعا لشيخنا على قوله على الصحيح غير وجيه فافهم. قوله: "فكان من حقه" أي القول أي مما يستحقه، أو المصنف أي من الحق المطلوب منه أي على وجه الأولوية وإلا فأخذ البعيد في التعريف جائز. قوله: "أقرب من اللفظ" أي إلى الكلام لأنه أقل عموما من اللفظ. قوله: "حتى صار كأنه حقيقة عرفية" يفيد أنه لم يصر بالفعل وهو كذلك لعدم هجر المعنى الأصلي. وقال الفاكهيّ: يطلق على غير اللفظ من الرأي والاعتقاد بطريق الاشتراك لكن لا يعترض بهذا على من أخذ القول في التعريف لوضوح القرينة على المراد. قوله: "وكلمة بها كلام قد يؤم" مجموع هذا الكلام جملة كبرى لأن الخبر فيها جملة، وجملة قد يؤم صغرى لوقوعها خبرا، وجملة كلام قد يؤم كبرى وصغرى بالاعتبارين.
قوله: "خبره الجملة بعده" أي جملة كلام قد يؤم التي هي اسمية مركبة من مبتدأ ثان وخبر وقد فصل بين المبتدأ الأول وخبره بمعمول خبر المبتدأ الثاني وهو بها للضروة. قوله: "للتنويع" قال سم: حمل الكلمة على التنويع يقتضي أنه أراد بها هنا معناها دون لفظها وهو غير صحيح لأن المراد بها هنا نفس اللفظ أي ولفظ كلمة إلى آخره، وحينئذٍ فما قاله المكودي لا يصح لأنه غير محتاج إليه فقط. ويمكن أن يجاب بأن لفظ كلمة فرد من أفراد مسمى كلمة إذ يصدق مسمى كلمة على لفظ كلمة كما يصدق على لفظ زيد وعمر مثلا، فكأنه قال وفرد من
42 | 435(1/41)
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلى كونها إحدى الكلم وإلى كونها يقصد بها الكلام. ا. هـ. ولا حاجة إلى ذلك فإن المقصود اللفظ وهو معرفة أي هذا اللفظ وهو لفظ كلمة يطلق لغة على الجمل المفيدة، قال تعالى: {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} [المؤمنون: 100] إشارة {رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون: 99] وقال عليه الصلاة والسلام: "أصدق كلمة" قالها الشاعر كلمة لبيد:
3-
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مسمى كلمة به كلام قد يؤم فصح ما قاله المكودي. ا. هـ. ببعض تصرف.
قوله: "إحدى الكلم" لو قال واحد الكلم لكان أوفق. قوله: "وهو معرفة" أي بالعلمية لأن كل كلمة أريد بها لفظها فهي علم عليه بناء على مذهب السعد ومن تبعه أن الألفاظ موضوعة لأنفسها تبعا لوضعها لمعانيها لا قصدا حتى يصير به اللفظ مشتركا فتنوينها مع وجود العلمية والتأنيث للضرورة. وقال السيد: دلالة الألفاظ على أنفسها إن سلمت فليست بالوضع. ا. هـ. والظاهر أن العلمية المذكورة شخصية كما يعلم مما قررناه في أسماء الكتب عند قول الشارح تنبيه أوقع الماضي موقع المستقبل إلخ وإن قال شيخنا السيد علمية جنسية كما هو ظني. قوله: "يطلق لغة" أي إطلاقا مجازيا كما في التصريح وغيره ويشير إليه الشارح بذكر العلاقة بقوله وهو من باب إلخ، فما نقله البعض عن بعضهم من أن هذا الإطلاق حقيقة عند اللغويين فيه نظر. قوله: "على الجمل" أي جنسها الصادق بالجملة الواحدة والأكثر. قوله: "المفيدة" قال يس: ليس بقيد فإن العلاقة الآتية تفيد أن إطلاقها على الجمل لا يختص بالمفيدة وإن اشتهر في كلامهم التقييد بها. ا. هـ. وقد يقال كلامهم في الإطلاق بالفعل والذي تفيده العلاقة جواز إطلاقها على الجمل غير المفيدة لا إطلاقها بالفعل. قوله: "إنها" أي جملة أرجعون إلخ. قوله: "قالها الشاعر" أل للجنس. قوله: "كلمة لبيد" هو ابن ربيعة العامري الصحابي توفي في خلافة عثمان عن مائة وأربعين سنة. وقيل في أول خلافة معاوية عن مائة وسبع وخمسين سنة قيل إنه لم يقل شعرا منذ أسلم وهو الصحيح عند الإخباريين وقد عمر في الإسلام دهرا. وكان يقول: أبدلني الله بالشعر القرآن حتى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
3- تمام البيت:
وكل نعيم لا محالة زائل وهو من الطويل. وهو في ديوان لبيد ص256؛ وجواهر الأدب ص382؛ وخزانة الأدب 2/ 255-257؛ والدرر 1/ 71؛ وديوان المعاني 1/ 118؛ وسمط اللآلي ص253؛ وشرح التصريح 1/ 29؛ وشرح شذور الذهب ص339؛ وشرح شواهد المغني 1/ 150، 153، 154، 392؛ وشرح المفصل 2/ 78؛ والعقد الفريد 5/ 273؛ ولسان العرب 5/ 351 "رجز" والمقاصد النحوية 1/ 5، 291، ومغني اللبيب 1/ 133؛ وهمع الهوامع 1/ 3؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص211؛ وأوضح المسالك 2/ 289؛ والدرر 3/ 166؛ ورصف المباني ص269؛ وشرح شواهد المغني 2/ 531؛ وشرح عمدة الحافظ ص263 ؛ وشرح قطر الندى ص248؛ واللمع ص154؛ وهمع الهوامع 1/ 226.
43 | 435(1/42)
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو من باب تسمية الشيء باسم بعضه كتسميتهم ربيئة القوم عينًا والبيت من الشعر قافية. وقد يسمون القصيدة قافية لاشتمالها عليها وهو مجاز مهمل في عرف النحاة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال له عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في مدة خلافته: يا لبيد أنشدني شيئا من شعرك، فقال: ما كنت لأقول الشعر بعد أن علمني الله البقرة وآل عمران فزاده عمر في عطائه خمسمائة درهم وقيل: بل قال في الإسلام هذا البيت:
ما عاتب المرء الكريم كنفسه والمرء يصلحه القرين الصالح وقيل بل هذا البيت:
الحمد لله إذ لم يأتني أجلي حتى اكتسيت من الإسلام سربالا قوله: "ألا كل شيء ما خلا الله باطل" أي ذاهب فان. أي جائز عليه ذلك فلا يرد نحو الجنة والنار والأرواح. والظاهر من إيراد العلماء هذا الشطر فقط أنه الواقع في الحديث والخبر عن أصدق دون تمام البيت وهو:
وكل نعيم لا محالة زائل واعترض بأن نعيم الجنة لا يزول، وأجيب بأنه قاله قبل إسلامه وكان يعتقد أن لا جنة أو لا دوام لها، وبأن المراد جائز عليه الزوال وبأن المراد هنا نعيم الدنيا لأن سياق القصيدة لذم الدنيا، وقوله: لا محالة -بفتح الميم- أي لا بد وقيل: لا حيلة. قوله: "وهو" أي الإطلاق المذكور من باب إلخ أي فيكون مجازا مرسلا من إطلاق اسم الجزء على الكل، واعترضه شيخنا السيد بأن السعد نص على أنه يجب أن يكون الجزء الذي يطلق اسمه على الكل له من بين الأجزاء مزيد اختصاص بالمعنى الذي قصد بالكل، فلا يجوّز إطلاق اليد أو الأصبع على الربيئة والأمر هنا ليس كذلك، قال: إلا أن يحمل كلام السعد على الجزء الخاص وما هنا جزء عام لأن الكلمة تعم سائر أجزاء الكلام هذا. ويصح أن يكون من باب الاستعارة لأن الكلام لما ارتبط بعضه ببعض وحصلت له بذلك وحدة أشبه الكلمة. قوله: "ربيئة القوم" كذا في بعض النسخ بالموحدة فتحتية ساكنة فهمز وفي بعضها بالهمز فالتحتية المشددة وهو من يجلس على مكان عال لينظر القوم. قوله: "والبيت من الشعر قافية" لأنها أشرف أجزائه. قوله: "وقد يسمون القصيدة إلخ" من ذلك قول معن بن أوس في ابن أخته:
أعلمه الرماية كل يوم فلما استد ساعده رَماني
وكم علمته نظم القوافي فلما قال قافية هجاني واستد بالسين المهملة أي قوي كما في شيخ الإسلام، قوله: "وهو مجاز مهمل في عرف النحاة" أي أنهم لا يستعملون الكلمة بمعنى الكلام أصلا. ومن هنا اعترض على المصنف في ذكره حتى قيل إنه من أمراض الألفية التي لا دواء لها. وقد أطال سم في دفعه بما حاصله أن إهمال المعنى
44 | 435(1/43)
بالجر والتنوين والندا وأل ومسند للاسم تمييز حصل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: قد في قوله قد يؤم للتقليل ومراده التقليل النسبي، أي استعمال الكلمة في الجمل قليل بالنسبة إلى استعمالها في المفرد، لا قليل في نفسه فإنه كثير. وهذا شروع في العلامات التي يمتاز بها كل من الاسم والفعل والحرف عن أخويه. وبدأ بالاسم لشرفه فقال "بالجر" ويرادفه الخفض قال في شرح الكافية: وهو أولى من التعبير بحرف الجر لتناوله الجر بالحرف والإضافة "والتنوين" وهو في الأصل مصدر نونت أي أدخلت نونًا، ثم غلب حتى صار اسمًا لنون تلحق الآخر لفظًا لا خطا لغير توكيد. فقيد لا خطا فصل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المجازي في عرفهم بتقدير تسليم حصوله من جميعهم لا يمنع من ذكره بل يؤكده لأن إهماله يوهم انتفاءه فيتأكد التنبيه عليه، ويكون قد في عبارته للتوقع فإن استعمال اللفظ في المعنى المجازي بصدد أن تدعو حاجة إليه فيرتكب، أو أنه أراد بيان المعنى اللغوي المجازي لكثرته في نفسه وإن كان قليلا بالنسبة إلى المعنى الحقيقي. قوله: "وهذا" أي الشروع في الكلام الآتي ليصح الحمل ويصح رجوع الإشارة لنفس الكلام ويقدر مضاف في الخبر أي ذو شروع. قوله: "في العلامات" العلامة يجب اطرادها أي وجود المعلم عند وجودها ولا يجب انعكاسها أي انتفاؤه عند انتفائها بخلاف التعريف فإنه يجب اطراده وانعكاسه حدا كان أو رسما إلا عند من جوّز التعريف بالأعم أو الأخص. قوله: "لشرفه" أي لوقوعه محكوما عليه وبه ولأنه لا غنى لكلام عنه. قوله: "بالجر" هو على أن الإعراب لفظي الكسرة وما ناب عنها، وتعريفه بالكسرة التي يحدثها عامل الجر فيه قصور لعدم تناوله نائب الكسرة كالياء والفتحة، ودور لأخذ المعرف فيه وإن أجيب عن الثاني بأنه تعريف لفظي لمن عرف الطرفين وجهل النسبة بينهما، وبأن الجر ليس من أجزاء التعريف وإنما ذكر لتعيين العامل وعلى أنه معنوي تغيير مخصوص علامته الكسرة ومن ناب عنها. وتقديم الجار والمجرور للاهتمام لا للحصر فإن العلامات تزيد على ما ذكره المصنف. قوله: "وهو أولى" قد يقال لا أولوية لأن التعبيرين لم يتواردا على أمر واحد بل على علامتين مختلفتين. ويجاب بأن الأولوية بالنظر لمن أراد أن يقتصر على أحد التعبيرين.
قوله: "من التعبير بحرف الجر" رجح التعبير به ابن هشام من جهة أن عن وعلى والكاف الاسميات ونحوها يستدل على اسميتها بحرف الجر لعدم ظهوره فيها. ولا يرد عليه نحو عجبت من أن تقوم ويوم ينفع لأن المدخول اسم تأويلا لتأويل أن تقوم بالقيام وينفع بالنفع. قوله: "والإضافة" أي المضاف ليجري على الصحيح أن عامل الجر هو المضاف. ولم يقل والتبعية لأن الصحيح أن التبعية ليست عاملة بل العامل في التابع هو العامل في المتبوع. ولم يقل والمجاورة والتوهم لندرتهما. قوله: "وهو في الأصل" أي اللغة. قوله: "أي أدخلت نونا" أي أو صوّت فالتنوين يطلق لغة على إدخال النون وعلى التصويت. قوله: "ثم غلب إلخ" في العبارة اختصار والتقدير ثم نقل إلى النون المدخلة مطلقا ثم غلب إلخ لأن العلم بالغلبة ما وضع لمعنى كلي وغلب استعماله في بعض جزئياته. والنون التي غلب استعمال التنوين فيها فرد من مطلق النون المدخلة لا من إدخال النون إذ هي مباينة له. وباعتبار النقل والغلبة اندفع اعتراض السهيلي بأن
45 | 435(1/44)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مخرج للنون في نحو ضيفن اسم للطفيلي وهو الذي يجيء مع الضيف متطفلًا وللنون اللاحقة للقوافي المطلقة التي آخرها حرف مد عوضًا عن مدة الإطلاق في لغة تميم وقيس كقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التنوين فعل المنوّن فلا يصح حمل النون عليه. قوله: "تلحق الآخر" لم يأخذ الشارح محترزه وسيأتيك عن الروداني. وقوله: لفظا قال يس: بيان للواقع لا للاحتراز. وقوله: لا خطأ أي لأن الكتابة مبنية على الابتداء والوقف وهو يسقط وقفا رفعا وجرا ولما ثبت عوضه وهو الألف في الوقف نصبا كتبت الألف والمراد باللحوق خطأ المنفي لحوقها بنفسها لا أو عوضها حتى يرد أن المنوّن المنصوب في الدرج لا يصدق عليه لفظا لا خطا لأن عوضها وهو الألف لاحق خطا وحتى يكون قوله لغير توكيد مستدركا لخروج نون لنسفعا حينئذٍ بقوله لا خطا، لكن يرد على طرده نون إذا على الصحيح من أنها تكتب ألفا ففي الدرج تلحق لفظا لا خطا وليست تنوينا. ولو زاد قيد الزيادة في التعريف كغيره لخرجت، ويجاب بأنها آخر الكلمة لا أنها لحقت الآخر فتخرج بقيد لحوق الآخر كذا في الروداني.
قوله: "مخرج للنون" أي الأولى المتحركة المزيدة في آخر ضيف، وأخرجها الروداني بقيد تلحق الآخر نظرا إلى أنها آخر ضيفن لا أنها لحقت آخره. والشارح ومن وافقه نظروا إلى أنها آخر ضيفن لا أنها لحقت آخره للإلحاق بجعفر وأما الثانية فتنوين. قوله: "في نحو ضيفن" كرعشن للمرتعش اليد. قوله: "مع الضيف" الضيف يطلق على الواحد والواحدة والاثنين والجماعة. ويجوّز ضيف وضيفة وضيفان وأضياف والأول أفصح قال تعالى: {هَؤُلاءِ ضَيفِي فَلا تَفْضَحُون} [الحجر: 68] قاله الدنوشري. قوله: "للقوافي" جمع قافية وقد اختلف فيها العروضيون على اثني عشر قولا أشهرها قولان: قول الخليل بأنها من المتحرك قبل الساكنين إلى انتهاء البيت، وقول الأخفش بأنها الكلمة الأخيرة. واعترض قوله للقوافي المطلقة بأنه يلحق الأعاريض المصرعة أيضا وبأن المراد آخر القوافي وآخرها مدة والتنوين بدل منها لا أنه لحقها. وأجيب عن الأول بأن المراد بالقوافي ما يشمل الأعاريض المصرعة على الجمع بين الحقيقة والمجاز أو عموم المجاز. وعن الثاني بمنع أن المراد آخرها بل ما يصح حمل الكلام عليه وذلك روي القافية كذا في الروداني. ولا يرد عليه ما إذا وصل الروي بالهاء نحو مقامه لأن المراد لحوق التنوين رويّ القافية ولو مع فصل بينهما نعم. يرد ما إذا كان الروي مدة أصلية فإن الظاهر حينئذٍ حذفها والإتيان بالتنوين بدلها فليس التنوين لاحقا لروي القافية في هذه الصورة فتدبر.
قوله: "عوضا" مفعول لأجله عامله اللاحقة وعليه فالعوض بمعنى التعويض أو حال من ضمير اللاحقة. قوله: "في لغة" متعلق باللاحقة وقوله تميم وقيس عبارة التصريح في لغة تميم أكثرهم أو جميعهم وكثير من قيس وأما في لغة الحجازيين فلا تلحق. قوله: "كقوله" أي الشاعر المفهوم من السياق وإن لم يفهم بخصوص اسمه كجرير هنا والنابغة فيما بعده. قوله: "عاذل" منادى مرخم
46 | 435(1/45)
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
4-
أقلي اللوم عاذل والعتابن وقولي إن أصبت لقد أصابن الأصل العتابا وأصابا وقوله:
5-
أفد الترحل غير أن ركابنا لما تزل برحالنا وكأن قدن الأصل قدى. ويسمى تنوين الترنيم على حذف مضاف أي قطع الترنم لأن الترنم مد الصوت بمدة تجانس الروي، ومخرج أيضًا للنون اللاحقة للقوافي المقيدة وهي التي رويها ساكن غير مد، كقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأصبت بضم التاء كما في التصريح وهو الأقرب وبكسرها كما في الشمني أي إن أردت النطق بالصواب بدل اللوم. وجملة لقد أصابن مقول القول وجواب الشرط محذوف يفسره قولي. قوله: "أفد" في رواية أزف وكلاهما بوزن فهم وبمعنى قرب. والركاب الإبل التي يسار عليها الواحدة راحلة ولا واحد لها من لفظها كما في الصحاح. ولما نافية وتزل مضارع زال التامة. والرحال جمع رحل وهو المسكن وكأن قدن أي كأن قد زالت وذهبت والاستثناء منقطع أي لكن رحالنا لم تزل بالفعل مع عزمنا على الترحل. قوله: "على حذف مضاف إلخ" وقيل لا حذف لأن الترنم يحصل بالنون نفسها لأنها حرف أغنّ نقله في التصريح عن ابن يعيش وغيره. وعليه لا يكون الترنم خصوص مد الصوت بمدة تجانس الروي. قوله: "تجانس الروي" أي حركة الروي. والروي الحرف الذي تنسب إليه القصيدة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
4- البيت من الوافر، وهو لجرير بن عطية الخطفي التميمي في ديوانه ص813؛ وخزانة الأدب 1/ 69، 338، 3/ 151؛ والخصائص 2/ 69، والدرر 5/ 176، 6/ 233، 309؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 349؛ وسر صناعة الإعراب ص471، 479، 480، 493، 501، 503، 513، 677، 726؛ وشرح شواهد المغني 2/ 762؛ وشرح المفصل 9/ 29؛ والكتاب 4/ 205، 208؛ والمقاصد النحوية 1/ 91؛ وهمع الهوامع 2/ 80، 212؛ وبلا نسبة في الإنصاف ص655؛ وجواهر الأدب ص139، 141؛ وأوضح المسالك 1/ 16؛ وخزانة الأدب 7/ 432؛ ورصف المباني ص29، 3543؛ وشرح ابن عقيل ص17؛ وشرح عمدة الحافظ ص98؛ وشرح المفصل 4/ 15، 145، 7/ 9، ولسان العرب 14/ 244 "خنا"؛ والمنصف 1/ 224، 2/ 79؛ ونودر أبي زيد ص127.
5- البيت من الكامل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص89؛ والأزهية ص211؛ والأغاني 11/ 8؛ والجني الداني ص146، 260؛ وخزانة الأدب 7/ 179، 198، 10/ 107؛ والدرر اللوامع 8/ 148، 9/ 18، 52؛ وشرح التصريح 1/ 36؛ وشرح شواهد المغني ص490، 764؛ وشرح المفصل 8/ 148، 9/ 18، 52؛ ولسان العرب 3/ 346 "قدد"؛ ومغني اللبيب ص171؛ والمقاصد النحوية 1/ 80، 2/ 314، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 56، 356؛ وأمالي ابن الحاجب 1/ 455 ؛ وخزانة الأدب 9/ 8، 11/ 260؛ ورصف المباني ص72، 125، 448، وسر صناعة الأعرب ص334، 490، 777؛ وشرح ابن عقيل ص18، وشرح قطر الندى ص160؛ وشرح المفصل 10/ 110، ومغني اللبيب ص342؛ والمقتضب 1/ 42 ، وهمع الهوامع 1/ 143 ، 2/ 80.
47 | 435(1/46)
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
6-
أحار بن عمرو كأني خمرن ويعدو على المرء ما يأتمرن الأصل خمر ويأتمر، وقوله:
7-
وقاتم الأعماق خاوي المحترقن الأصل المخترق وقوله:
8-
قالت بنات العم يا سلمى وإنن كان فقيرًا معدما قالت وإنن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "أحار إلخ" حار منادى مرخم حارث. وخمر بفتح فكسر أي مخمور أي مستور العقل مغلوبه. ويعدو يسطو والواو استئنافية أو تعليلية على مذهب مجوز ذلك ولا حاجة إلى زيادة البعض كونها زائدة على مذهب الأخفش والكوفيين. ما يأتمرن ما مصدرية أي ائتماره لآمر غير رشيد قال في التصريح والمشهور تحريك ما قبله أي ما قبل التنوين الغالي بالكسره كما في صه ويومئذٍ واختار ابن الحاجب الفتح حملا على فتح ما قبل نون التوكيد الخفيفة. قال الموضح: وسمعت بعض العصرين يسكن ما قبله ويقول الساكنان يجتمعان في الوقف وهذا خلاف ما أجمعوا عليه. ا. هـ. ويظهر لي جواز تحريكه بضمته الثابتة له قبل لحوق التنوين فيكون رجوعا إلى الأصل. قوله: "وقاتم" أي ورب مكان قاتم والقاتم المظلم والأعماق جمع عمق بفتح العين وضمها ما يعد من أطراف المفازة مستعار من عمق البئر والخاوي الخالي والمخترق الممر الواسع لأن المار يخترقه أي يقطعه وخبر مجرور رب محذوف أي قطعته. قوله: "قالت بنات العم إلخ"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
6- البيت من المتقارب، و هو لامرئ القيس في ديوانه ص154؛ وخزانة الأدب 1/ 374، 2/ 279، والدرر 5/ 179، ولسان العرب 4/ 30 "أمر" 4/ 254، 255 "خمر"، 6/ 239 "نفس"؛ والمقاصد النحوية 1/ 95، 4/ 264؛ وللنمر بن تولب في محلق ديوانه ص404، ولسان العرب 4/ 29 "أمر" وبلا نسبة في المقتضب 4/ 234.
7- الرجز لرؤبة في ديوانه ص104؛ والأشباه والنظائر 2/ 35؛ والأغاني 10/ 157؛ وجمهرة اللغة ص408 ، 614، 941؛ وخزانة الادب 10/ 25 والخصائص 2/ 228؛ والدرر 4/ 195؛ وشرح أبيات سيبويه 10/ 80 "خفف"؛ 10/ 271 "عمق"؛ 15/ 133 "غلا"، ومغني اللبيب 10/ 342، والمقاصد النحوية 1/ 38؛ والمنصف 2/ 3، 308، وهمع الهوامع 2/ 639؛ وشرح ابن عقيل ص372؛ وشرح المفصل 2/ 118؛ والعقد الفريد 5/ 506؛ والكتاب 4/ 110؛ ولسان العرب 1/ 748 "هرجس" 3/ 373 "قيد" 12/ 461 "قتم"، 13/ 559 "وجه" وهمع الهوامع 2/ 80.
8- الرجز لرؤبة في محلق ديوانه ص186؛ وخزانة الأدب 9/ 14، 16، 11/ 216؛ والدرر 5/ 88 ، وشرح التصريح 1/ 37؛ وشرح شواهد المغني 2/ 936؛ والمقاصد النحوية 1/ 104، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 18؛ والدرر 5/ 81، ورصف المباني ص106 وشرح التصريح 1/ 195؛ وشرح عمدة الحافظ ص370؛ ومغني اللبيب 2/ 649؛ والمقاصد النحوية 4/ 463؛ وهمع الهوامع 2/ 62، 80.
48 | 435(1/47)
............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فإن هاتين النونين زيدتا في الوقف كما زيدت نون ضيفن في الوصل والوقف وليستا من أنواع التنوين حقيقة لثبوتهما مع أل وفي الفعل والحرف، وفي الخط والوقف، وحذفهما في الوصل. ويسمى التنوين الغالي زاده الاخفش، وسماه بذلك لأن الغلو الزيادة وهو زيادة على الوزن. وزعم ابن الحاجب أنه إنما سمي غالبًا لقلته وقد عرفت إن إطلاق اسم التنوين على هذين مجاز فلا يردان على الناظم. وقد لغير توكيد آخر مخرج لنون التوكيد الثابتة في اللفظ دون الخط نحو لنسفعا. وهذا التعريف منطبق على أنواع التنوين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضمير كان يرجع إلى البعل أي الزوج، وجواب الشرط الأول محذوف تقديره ترضين به، والثاني حذف فعله وجوابه وتقديرهما وإن كان فقيرا رضيت به. قوله: "فإن هاتين النونين" أي اللاحقة للقوافي المطلقة واللاحقة للقوافي المقيدة. وقوله: فإن هاتين النونين إلخ إن جعل تعليلا لإخراج قيد لا خطا هاتين النونين وجعل قوله: كما زيدت إلخ تنظيرا في الثبوت وقفا في قوّة التعليل لإخراجه نون ضيفن اتجه عليه أنه كان الصواب حينئذٍ أن يقول فإن هاتين النونين لحقتا خطا كما لحقت نون ضيفن خطا، لأن القيد المذكور في التعريف المخرج به ما ذكر قولنا لا خطا لا قولنا لا وقفا، فالمناسب أن يكون تفريعا على الشواهد المتقدمة لما فيها من زيادة النونين وقفا، قصد به الشارح بيان حالة زيادتهما في القوافي، فيكون قوله: كما زيدت إلخ تنظيرا في مطلق المخالفة للتنوين الحقيقي هذا. وكان الأولى أن يؤخر هذه الجملة والتي بعدها أعني قوله: وليستا إلخ عن قوله: ويسمى التنوين الغالي إلخ كما فعل الموضح لتعلق ما ذكره ثانيا بالنون الثانية المتكلم فيها قبل قوله: فإن هاتين إلخ وتعلق ما ذكره أولا بالنونين معا. بقي أن الدماميني نقل عن الزمخشري أن تنوين الترنم لا يؤتى به وقفا.
قوله: "وليستا من أنواع التنوين حقيقة" ذكره مع علمه من تعريف التنوين توطئة لذكر ما لم يعلم من التعريف وهو تعليل خروجهما بغير ثبوتهما في الخط لأن تعليل خروجهما بثبوتهما في الخط يعلم أيضا من التعريف. قوله: "وهو زيادة على الوزن" فهو في آخر البيت كالخزم بمعجمتين في أوله وهو زيادة أربعة أحرف فأقل أول البيت. قوله: "وزعم ابن الحاجب" لعل وجه تعبيره بالزعم أن ورود الغلو لغة بمعنى القلة غير معروف كما يشعر بذلك عدم ذكر صاحب القاموس له، أو أن التنوين الغالي ليس قليلا وإن أمكن دفع هذا بأن قلته بالنسبة لتركه. واختلف في فائدته فقيل الترنم فلا يصح أن يكون قسيما لتنوين الترنم وهذا إنما يتجه على القول الثاني الذي لم يجر عليه الشارح في قولهم: تنوين الترنم. وقيل: الإيذان بالوقف إذ لا يعلم في الشعر المسكن آخره للوزن أو أصل أنت أم واقف. قوله: "وقد عرفت" أي من خروجهما من تعريف التنوين. قوله: "مجاز" أي بالاستعارة علاقته المشاكلة التي هي المشابهة في الشكل والصورة كما بين في محله. ومن هذا يعلم ما في كلام شيخنا والبعض وشيخنا السيد من الخبط. قوله: "مخرج لنون التوكيد الثابتة في اللفظ دون الخط" وهي نون التوكيد الخفيفة التي قبلها فتحة
49 | 435(1/48)
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهي أربعة: الأول تنوين الأمكنية ويقال: تنوين التمكن وتنوين التمكين كرجل وقاض، سمي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على مذهب الكوفيين من رسمها ألفًا لا نونًا. أما على مذهب البصريين من كتابتها نونًا فهي خارجة بقيد لا خطا كما خرج به التي قبلها ضمة أو كسرة فيستغني عن قيد لغير توكيد أفاده شيخ الإسلام. قوله: "وهي أربعة" أي المشهور منها الكثير الوقوع أربعة. فلا يرد أنه بقي من أنواع التنوين الحقيقي المختصة بالاسم تنوين الحكاية كتنوين عاقلة علم امرأة حكاية لما قبل العلمية. وتنوين الضرورة كتنوين ما لا ينصرف في قوله:
ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة وكتنوين المنادى المضموم في قوله:
سلام الله يا مطر عليها وتنوين الشذوذ حكى هؤلاء قومك بتنوين هؤلاء لتكثير اللفظ. وتنوين المناسبة كما في قراءة بعضهم سلاسلًا مع أن بعضهم أدخل الأولين في تنوين التمكين زاعمًا في القسم الأول أن تنوينه لما كان قبل العلمية تنوين صرف وحكي بعدها بقي على كونه تنوين صرف، ورده الدماميني بأنه ليس في لفظ الحكاية تنوين صرف قطعًا، وكيف يجامع تنوين الصرف ما فيه علتان مانعتان من الصرف ولا ينافي ذلك كونه في المحكي تنوين صرف، ألا ترى أن الحركة في مثل من زيدًا بالنصب حكاية لزيدًا في قول القائل: رأيت زيدًا حركة حكاية مع أنها في المحكي حركة إعراب، وزاعمًا في النوع الأول من القسم الثاني أن الضرورة أباحت الصرف. ورده الدماميني بأن تنوين الصرف هو التنوين الذي يدل على أمكنية الاسم وسلامته من شبه الحرف والفعل. والاسم الموجود فيه مقتضى منع الصرف قد ثبت شبهه بالفعل قطعًا كما ستعرفه. ودخول التنوين فيه عند الضرورة لا يرفع ما ثبت له من شبه الفعل غايته أن أثر العلتين قد تخلف للضرورة فالتحقيق أنه ليس تنوين صرف. ولا يرد قولهم يجوّز صرف غير المنصرف للضرورة لأنه منتقد. على أنهم قد يطلقون الصرف ويريدون به ما هو أعم من تنوين الأمكنية. وزاعمًا في النوع الثاني من القسم الثاني أن الضرورة لما أباحت التنوين أباحت الإعراب ويرد بأن سبب البناء قائم ولا ضرورة إلى الإعراب بل إلى مجرد التنوين فاعرف ذلك. قوله: "تنوين الأمكنية" من إضافة الدال إلى المدلول وكذا يقال فيما بعد. وتنوين الأمكنية هو اللاحق للاسم المعرب المنصرف. قوله: "ويقال تنوين إلخ" ويقال له تنوين الصرف أيضًا. قوله: "وتنوين التمكين" أي التنوين الدال على تمكين الواضع الاسم في باب الاسمية أو المراد بالتمكين التمكن. قوله: "كرجل وقاض" أي وزيد لأنه يدخل المعرفة والنكرة. وإنما مثل برجل ردًا على من زعم أن تنوين المنكر للتنكير، فقد رد بأنه لو كان كذلك لزال بزوال التنكير حيث سمي به واللازم باطل وقد منع بطلانه بأن تنوين التنكير زال وخلفه تنوين التمكين ولا يخفى تعسفه. وجوّز بعضهم كون تنوين المنكر للتمكين لكون الاسم منصرفًا، وللتنكير لكونه موضوعًا لشيء لا بعينه، ومثل بقاض
50 | 435(1/49)
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بذلك لأنه لحق الاسم ليدل على شدة تمكنه في باب الاسمية أي أنه لم يشبه الحرف فيبني ولا الفعل فيمنع من الصرف، والثاني تنوين التنكير وهو اللاحق لبعض المبنيات في حالة تنكيره ليدل على التنكير، تقول سيبويه بغير تنوين إذا أردت معينًا، وإيه بغير تنوين إذا استزدت مخاطبك من حديث معين فإذا أردت غير معين قلت سيبويه وإيه بالتنوين، والثالث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دفعًا لتوهم أن التنوين عوض عن الياء المحذوفة لفساده بثبوت التنوين مع الياء في النصب. قوله: "لأنه لحق إلخ" هذا التعليل أنسب بالاسم الأول. قوله: "أي أنه" بيان للشدة. قوله: "فيبني" منصوب بأن مضمرة وجوبًا بعد فاء السببية في جواب النفي. قوله: "لبعض المبنيات" يعني العلم المختوم بويه قياسًا واسم الصوت سماعًا كما في التصريح. ولم يعين البعض بصريح العبارة اتكالًا على ظهور المراد. فلم تدخل هؤلاء في البعض حتى يرد أن تنوينها ليس للتنكير. قوله: "تقول سيبويه بغير تنوين إذا أردت معينًا" أي فهو حينئذٍ معرفة بالعلمية.
قوله: "وإيه بغير تنوين إذا استزدت مخاطبك من حديث معين" قال في التصريح فهو معرفة من قبيل المعرف بأل العهدية أي الحديث المعهود كذا قالوا، وهو مبني على أن مدلول اسم الفعل المصدر، وأما على القول بأن مدلوله الفعل فلا لأن جميع الأفعال نكرات. ا. هـ. وقوله: أي الحديث المعهود المناسب أي الزيادة المعهودة أي التي هي من حديث معين، وقوله: المصدر أي مدلوله وهو الحدث كما عبر به غيره. وقال محشيه الروداني قوله لأن جميع الأفعال نكرات فيه أنه اسم للفظ الفعل لا لمعناه الذي هو نكرة حتى يكون نكرة بل مسماه لفظ مخصوص فلا يشك في أنه علم له. ا. هـ. أي علم شخصي لما أسلفناه عن العصام أن اللفظ لا يتعدد بتعدد التلفظ، والتعدد بتعدده تدقيق فلسفي لا يعتبره أرباب العربية، وعبارة الشارح صالحة لحملها على هذا القول أيضًا. ولا يخفى أن ما ذكر من علمية اسم الفعل جار في المنوّن وغيره لأنه على كلا الحالين اسم للفظ المخصوص كما مر فكيف جعل المنوّن نكرة على القول بأنه اسم للفظ الفعل، ويظهر لي في التخلص عن ذلك أن المنوّن اسم للفظ الفعل المراد به أي فرد من أفراد حدثه، وغير المنوّن اسم للفظ الفعل المراد به فرد مخصوص من أفراد حدثه: فإيه مثلًا غير منوّن اسم للفظ زد المراد به طلب الزيادة من حديث معين، وإيه منوّنًا اسم للفظ زد المراد به طلب الزيادة من أي حديث، وأن معنى كون الثاني نكرة أنه في حكم النكرة ومشبه لها. وإنما لم يعتبروا التعريف والتنكير في الفعل بالطريق الذي اعتبروا به التعريف والتنكير في اسم الفعل لأنه لا ضرورة تدعو إلى مثل ذلك في الفعل بخلاف اسم الفعل فإنه من جملة الأسماء فأجروه مجراها. ويعتبر مثل ذلك في اسم الصوت فغاق بلا تنوين لحكاية صوت لغراب مخصوص وبالتنوين لحكاية صوت الغراب من غير ملاحظة خصوص. وفي كلام البعض هنا نظر يعلم وجهه مما ذكرناه فتأمل.
قوله: "استزدت" السين والتاء للطلب. قوله: "بإضافة بيانية" لأن بين المتضايفين عمومًا
51 | 435(1/50)
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنوين التعويض ويقال له: تنوين العوض بإضافة بيانية وبه عبر في المغني وهو أولى، وهو إما عوض عن حرف وذلك تنوين نحو جوار وغواش عوضا عن الياء المحذوفة في الرفع والجر هذا مذهب سيبويه والجمهور، وسيأتي الكلام على ذلك في باب ما لا ينصرف مبسوطًا إن شاء الله تعالى. وإما عوض عن جملة وهو التنتوين اللاحق لإذ في نحو يومئذ وحينئذ فإنه عوض عن الجملة التي تضاف إذ إليها الأصل يوم إذ كان كذا فحذفت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وجهيا. قوله: "وهو أولى" لعلة لأن البيانية أشهر من إضافة المسبب إلى السبب وقيل الأول أولى لأن الإضافة عليه حقيقية على معنى اللام. قوله: "نحو جوار وغواش" أي من كل اسم ممنوع الصرف منقوص كعواد وأعيم تصغير أعمى. قوله: "عوضًا عن الياء المحذوفة" أي لالتقاء الساكنين بناء على الراجح من حمل مذهب سيبويه. والجمهور على تقديم الإعلال على منع الصرف لتعلق الإعلال بجوهر الكلمة بخلاف منع الصرف فإنه حال للكلمة. فأصل جواز جواري بالضم والتنوين استثقلت الضمة على الباء فحذفت ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين ثم حذف التنوين لوجود صيغة منتهى الجموع تقديرًا لأن المحذوف لعلة كالثابت فخيف رجوع الياء لزوال الساكنين في غير المنصرف المستثقل لفظًا بكونه منقوصًا ومعنى بكونه فرعًا فعوّضوا التنوين من الياء لينقطع طمع رجوعها، أو للتخفيف بناء على حمل مذهبهم على تقديم منع الصرف على الإعلال: فأصله بعد منع صرفه جواري بإسقاط التنوين استثقلت الضمة على الياء فحذفت ثم حذفت الياء تخفيفًا وعوّض عنها التنوين لئلا يكون في اللفظ إخلال بالصيغة ومقابل مذهب سيبويه والجمهور ما قاله المبرد والزجاج أنه عوض عن حركة الياء ومنع الصرف مقدم على الإعلال فأصله بعد منع صرفه جواري بإسقاط التنوين استثقلت الضمة على الياء فحذفت وأتى بالتنوين عوضًا عنها ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين وكذا يقال في حالة الجر على الأقوال الثلاثة. وإنما كانت الفتحة حال الجر على تقديم منع الصرف ثقيلة لنيابتها عن ثقيل وهو الكسرة. ومن العوض عن حرف تنوين جندل فإنه عوض عن ألف والأصل جنادل على ما قاله ابن مالك واختار في المغني أنه للصرف أفاده في التصريح ببعض زيادة.
قوله: "لإذ في نحو يومئذٍ وحينئذٍ" قال المصنف: إضافة يوم إلى إذ من إضافة أحد المترادفين إلى الآخر. وقال الدماميني: للبيان كشجر أراك. وكأن الأول لم يعتبر تقييد إذ بما تضاف إليه والثاني اعتبره. وما ذكراه ظاهر إن كان المراد من اليوم مطلق الوقت كما هو أحد معانيه مع إطلاق إذ عن تقييدها بالزمن الماضي، أو كان المراد منه ما بين طلوع الفجر وغروب الشمس مع كون الوقت المستعمل فيه إذ كذلك، فإن كان المراد من اليوم مطلق الوقت وكانت إذ باقية على تقيدها بالزمن الماضي فالإضافة للبيان مطلقًا لعموم المضاف وخصوص المضاف إليه مطلقًا. وإن كان المراد منه ما بين طلوع الفجر وغروب الشمس وكان الوقت المستعمل فيه إذ أقصر من هذا القدر فمن إضافة الكل إلى الجزء. أو زائدًا عليه فمن إضافة الجزء إلى الكل وأما
52 | 435(1/51)
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجملة وعوض عنها التنوين. وكسرت إذ لالتقاء الساكنين كما كسرت صه ومه عند تنوينهما. وزعم الأخفش أن إذ مجرورة بالإضافة، وأن كسرتها كسرة إعراب. ورد بملازمتها للبناء لشبهها بالحرف في الوضع وفي الافتقار دائمًا إلى الجملة وبأنها كسرت حيث لا شيء يقتضي الجر في قوله:
9-
نهيتك عن طلابك أم عمرو بعافية وأنت إذ صحيح قيل: ومن تنوين العوض ما هو عوض عن كلمة وهو تنوين كل وبعض عوضًا عما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حينئذٍ فإضافته كإضافة يومئذٍ إذا أريد باليوم مطلق الوقت فافهم. ومثل إذ إذا على ما بحثه جماعة من المتأخرين من أنها تحذف الجملة بعدها ويعوض عنها التنوين نحو: {وَإِذًا لَآَتَيْنَاهُم} [النساء: 67] {إِذًا لَأَمْسَكْتُم} [الإسراء: 100]. {وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِين} [الشعراء: 42]. وتقول لمن قال غدًا آتيك إذًا أكرمك بالرفع أي إذا أتيتني أكرمك فحذفت الجملة وعوض عنها التنوين وحذفت الألف لالتقاء الساكنين. قالوا وليست إذا في هذه الأمثلة الناصبة للمضارع لأن تلك تختص به ولذا عملت فيه وهذه لا تختص به بل تدخل عليه وعلى الماضي وعلى الاسم. قوله: "فحذفت الجملة" أي جوازًا للاختصار. قوله: "وزعم الأخفش" قال بعضهم: حمله على ذلك أنه جعل بناءها ناشئًا عن إضافتها إلى الجملة فلما زالت من اللفظ صارت معربة. قوله: "ورد بملازمتها للبناء" أي على السكون وفيه أن ملازمتها للبناء هي دعوى مخالف الأخفش فكيف يرد عليه بهما؟ فكان الأولى أن يحذفها ويقول ورد بأنها تشبه الحرف، إلا أن يقدر مضاف أي باستحقاق ملازمتها للبناء.
قوله: "في قوله نهيتك إلخ" أجاب عن هذا الأخفش بأن الأصل حينئذٍ فحذف المضاف وبقي الجر كما في قراءة بعضهم: {وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَة} [الأنفال: 67] أي ثواب الآخرة أفاده في المغني ويضعفه أنه تقدير أمر مستغنى عنه وأن إبقاء المضاف إليه على جره بعد حذف المضاف شاذ. والطلاب بكسر الطاء بمعنى الطلب وبعافية حال من الكاف الأولى أو الثانية أي حال كونك متلبسًا بعافية، وكذا وأنت إذ صحيح وهو بمعنى بعافية قاله الدماميني. قال الشمني وهو بناء على أنه بالفاء وقد رأيناه بالقاف في صحاح الجوهري في باب الذال المعجمة وعليه فبعاقبة متعلق بنهيتك أي بذكر عاقبة هذا الطلب لك. قوله: "قيل ومن تنوين العوض إلخ" حكاه بقيل لما قاله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
9- البيت من الوافر، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في خزانة الأدب 6/ 539، 543، 455 ؛ وشرح أشعار الهذليين 1/ 171؛ وشرح شواهد المغني ص260؛ ولسان العرب 3/ 476، "أذذ" 11/ 363 "شلل". 15/ 462 "أذ"؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 301؛ وتذكرة النحاة ص379؛ والجني الدائم 187، 490؛ وجواهر الأدب ص138، والخصائص 2/ 376؛ ورصف المباني ص347 وسر صناعة الإعراب ص504، 505؛ وشرح المفصل 3/ 29، 9/ 31؛ ومغني اللبيب ص86؛ والمقاصد النحوية 2/ 61.
53 | 435(1/52)
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يضافان إليه ذكره الناظم. والرابع تنوين المقابلة وهو اللاحق لنحو مسلمات مما جمع بألف وتاء، سمي بذلك لأنه في مقابلة النون في جمع المذكر السالم في نحو مسلمين. وليس بتنوين الأمكنية خلافًا للربعي لثبوته فيما لا ينصرف منه وهو ما سمي به مؤنث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصرح من أن التحقيق أن تنوينهما تنوين تمكين قال بعضهم: ولا مخالفة بين القولين فتنوينهما عوض عن المضاف إليه بلا شك وللتمكين لأن مدخوله معرب منصرف ومثلهما أي. قوله: "تنوين المقابلة" من إضافة المسبب إلى السبب. قوله: "لأنه في مقابلة النون في جمع المذكر السالم" قال في التصريح: قال الرضي: معناه أنه قائم مقام التنوين الذي في الواحد في المعنى الجامع لأقسام التنوين فقط وهو كونه علامة لتمام الاسم كما أن النون قائمة مقام التنوين الذي في الواحد في ذلك. ا. هـ. وقوله: أولًا الذي في الواحد يرد عليه أن الجمع بالألف والتاء قد لا يكون في واحده تنوين كما في فاطمات إلا أن يجعل التنوين في كلامه شاملًا للفظي والتقديري. ثم إنه يؤخذ مما ذكر أن المراد بالمقابلة المناظرة ولا يلزم من القيام المذكور كونه في رتبتها بل هو أحط منها لسقوطه مع اللام وفي الوقف دون النون لأن النون أقوى وأجلد بسبب حركتها. وما نقله الإسقاطي عن البيضاوي في قوله تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَات} [البقرة: 198] من أن أل تدخل فيما فيه تنوين المقابلة زيفه حواشيه. قوله: "للربعي" بفتح الباء الموحدة نسبة إلى ربيعة كما في يحيى على المرادي. قوله: "هو ما سمي به مؤنث" لاجتماع مانعي الصرف فيه وهما العلمية والتأنيث وتنوين التمكين لا يجامع العلتين ولي فيه بحث لأن من ينون نحو عرفات ينظر إلى ما قبل العلمية فلا يعتبر الاجتماع المذكور كما أن من يمنعه التنوين ويجره بالفتحة ينظر إلى ما بعدها ومن يمنعه ويجره بالكسرة ينظر إلى الحالتين فافهم. قوله: "مردود بأن الكسر إلخ" وبأنه لو كان عوضًا عن الفتحة لم يوجد حالة الرفع والجر.
فائدة: قال في المغني يحذف التنوين لزومًا لدخول وللإضافة ولشبهها نحو لا مال لزيد إذا قدر الجار والمجرور صفة والخبر محذوفًا، فإن قدر خبرًا فحذف التنوين للبناء، وإن قدرت اللام مقحمة والخبر محذوفًا فهو للإضافة ولمانع الصرف وللوقف في غير النصب أما فيه فيبدل ألفًا على اللغة المشهورة وللاتصال بالضمير نحو رضا بك فيمن قال إنه غير مضاف ولكن الاسم علمًا موصوفًا بما اتصل به وأضيف إلى علم من ابن أو ابنة اتفاقًا أو بنت عند قوم من العرب. فأما قوله:
جارية من قيس بن ثعلبة فضرورة ويحذف لالتقاء الساكنين قليلًا كقوله:
فألفيته غير مستعتب ولا ذاكر الله إلا قليلا وإنما آثر ذلك على حذفه للإضافة ليتماثل المتعاطفات في تعين التنكير لاحتمال ذاكر المضي فتفيده إضافته التعريف وقرئ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: 2] بترك تنوين
54 | 435(1/53)
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كأذرعات لقرية، ولا تنوين تنكير لثبوته مع المعربات. ولا تنوين عوض وهو ظاهر. وما قيل إنه عوض عن الفتحة نصبًا مردود بأن الكسرة قد عوضت عنها "والندا" وهو الدعاء بيا أو إحدى أخواتها فلا يرد نحو: {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} [يس: 26].
يا رب سار بات ما توسد ألا يا اسجدوا في قراءة الكسائي لتخلف الدعاء عن يا فإنها لمجرد التنبيه. وقيل إنها للنداء والمنادى محذوف تقديره يا هؤلاء وهو مقيس في الأمر كالآية وفي الدعاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحد لتتماثل الكلمات في ترك التنوين {وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَار} [يس: 40] بترك تنوين سابق ونصب النهار ليماثل ما قبل العاطف في ترك التنوين وفي الحركة. ا. هـ. بإيضاح. والأصل في تحريكه لساكن يليه الكسر ومن العرب من يضمه إذا ولى الساكن ضم لازم نحو هذا زيد أخرج إليه فإن لم يكن لازمًا فليس إلا الكسر نحو زيد ابنك. همع. قوله: "والندا" قال في المصباح: النداء الدعاء وكسر النون أكثر من ضمها والمد فيهما أكثر من القصر. ا. هـ. فعلم أن لغاته أربع وأن القصر في عبارة المصنف ليس للضرورة بل على لغة، لكن المكسور الممدود مصدر قياسي وغيره سماعي لأن قياس مصدر فاعل كنادى الفاعل والمفاعلة ووجه الروداني لغة الضم والمد بأنه لما انتفت المشاركة في نادى كما لا يخفى كان في معنى فعل بلا ألف فمن ضم ومد لم يراع جهة اللفظ المقتضية للكسر والمد بل راعى جهة المعنى لأن المصدر المقيس لفعل الدال على الصوت فعال كصراخ ونباح وصرح كثير كالجوهري والمرادي بأن المضموم اسم لا مصدر. قوله: "وهو الدعاء إلخ" أي طلب إقبال مدخول الأداة بها. قوله: "فلا يرد" تفريع على تفسيره الندا بما ذكر لا بدخول حرف النداء الوارد عليه ما ذكر. قوله: "يا رب سار" أي عازم على السري لتحصيل غرضه بات ما توسدًا أي لم يضع رأسه على وسادة بل على نحو كفه لئلا يغلب عليه النوم فيفوت مقصوده. قوله: "فإنها لمجرد التنبيه" أي وحرف التنبيه لا يختص بالاسم. ولا ينافيه كونه يستدعي منبهًا والمنبه لا يكون إلا معنى اسم إذ يكفي في ذلك ملاحظة المنبه عقلًا من غير تقدير له في نظم الكلام لأنه لم يذكر بعد أداة التنبيه لفظًا أصلًا بخلاف النداء فاندفع ما اعترض به هنا. قوله: "تقديره يا هؤلاء" أي في الآيتين وأما في البيت فيقدر ما يناسب. قوله: "وهو مقيس" أي حذف المنادى مع كون حرف النداء يا خاصة. قوله: "ألا يا اسلمي" تقدير المنادى يا هذه. ومي قيل ترخيم مية للضرورة. وقيل مي اسم آخر لا ترخيم مية وعلى معنى من.
قوله: "وأل" المراد لفظ أل فهو حينئذٍ اسم همزتها همزة قطع كهمزات الأسماء غير المستثناة كما في شرح الجامع. وهذا التعبير هو اللائق على القول بأن حرف التعريف ثنائي الوضع وهمزته قطع وصلت لكثرة الاستعمال. وإلا قيس على القول بأنه ثنائي وهمزته وصل زائدة معتد بها في الواضع كالاعتداد بهمزة نحو استمع حيث لا يعد رباعيًّا نظرًا إلى الاعتداد بالهمزة. ويجوز على الثاني التعبير بالألف واللام نظرًا إلى زيادة الهمزة. أما على القول بأن المعرف اللام
55 | 435(1/54)
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كقوله:
ألا يا اسلمي يا دارمي على البلا "وأل" معرفة كانت كالفرس والغلام، أو زائدة كالحرث وطبت النفس. ويقال فيها أم في لغة طيء، ومنه ليس من امبر امصيام في امسفر. وسيأتي الكلام على الموصولة.
وتستثنى الاستفهامية فإنها تدخل على الفعل نحو أل فعلت بمعنى هل فعلت حكاه قطرب، وإنما لم يستثنها لندرتها "ومسند" أي محكوم به من اسم أو فعل أو جملة نحو أنت قائم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وحدها فاللائق التعبير بالألف واللام أفاده المرادي. قوله: "ويقال فيها أم في لغة طيء" يمكن جعل في الأولى بدلية كالباء في: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَة} [البقرة: 86]. وفي الثانية ظرفية أي ويقال: بدل أل أم في لغة طيء فلم يلزم تعلق حرفي جر بلفظ واحد بمعنى واحد بعامل واحد. قوله: "ومنه ليس إلخ" محمول كما قاله السيوطي على صوم النفل فلا يخالف قوله تعالى: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُم} [البقرة: 184] والحديث ورد بلفظ أل ولفظ أم كلاهما بسند رجاله رجال الصحيح كما قاله المناوي. قوله: "وسيأتي الكلام على الموصولة" حاصله أن الجمهور على اختصاصها بالاسم وأن دخولها على الفعل ضرورة. والناظم جوز دخولها على المضارع اختيار اختيارًا فلا تختص بالاسم عنده. قوله: "تدخل على الفعل" أي الماضي كما في التصريح. قوله: "لندرتها" أي والنادر كالعدم. قوله: "ومسند أي محكوم به" فلا يسند إلا إلى الاسم لكن تارة يراد من الاسم المسند إليه معناه وهو الأكثر نحو زيد قائم، وتارة يراد منه لفظه الواقع في تركيب آخر غير هذا التركيب الذي وقع فيه الإسناد إلى اللفظ نحو زيد ثلاثي وضرب فعل ماض ومن حرف جر لأن الكلمة إذا أريد لفظها كانت اسمًا مسماها لفظها الواقع في التركيب المستعمل في معناه، وهو أعني مسماها المذكور هو المحكوم عليه في الأمثلة الثلاثة، وليس المحكوم عليه فيها اللفظ الواقع فيه حتى يعترض بأن جعل ضرب ومن في ضرب فعل ماض ومن حرف جر اسمين ينافي الإخبار عن الأول بفعل ماض وعن الثاني بحرف جر. ويصح تسمية الإسناد في نحو الأمثلة الثلاثة بالإسناد المعنوي، لأن المحكوم عليه فيها معنى اللفظ الواقع فيها لما مر عن السعد التفتازاني أن الألفاظ موضوعة لا نفسها تبعًا لوضعها لمعانيها كما صح تسميته بالإسناد اللفظي لأن المحكوم عليه فيها لفظ كما عرفت. هذا هو التحقيق وإن كان المشهور تسميته بالثاني.
فائدة: إذا أسندت إلى الاسم مرادًا منه لفظه وكان لفظه مبنيًا جاز لك أن تعربه إعرابًا ظاهرًا بحسب العوامل كأن تقول ضرب بالرفع والتنوين ومن بالرفع والتنوين ما لم يمنع من الظهور مانع ككون آخر الاسم ألفًا كما في على حرف جر وإذا كان ثاني الكلمة الثنائية المراد لفظها حرف لين ضاعفته فتقول في لو لوّ، وفي في فيّ، وفي ما ماء، بقلب الألف الثانية الحادثة بالتضعيف همزة لامتناع اجتماع ألفين، وجاز لك أن تحكيه بحالة لفظه وهو الأكثر فيكون إعرابه مقدرًا منع
56 | 435(1/55)
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقمت و {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} [الحجر: 9].
تنبيه: حمل الشارح لفظ مسند في النظم على إسناد فقال: ومسند أي إسناد إليه فأقام اسم المفعول مقام المصدر وحذف صلته اعتمادًا على التوقيف، ولا حاجة إلى هذا التكلف فإن تركه على ظاهره كاف، أي من علامات اسمية الكلمة أن يوجد معها مسند فتكون هي مسندًا إليها ولا يسند إلا إلى الاسم. وأما تسمع بالمعيدي خير من أن تراه فتسمع منسبك مع أن المحذوفة بمصدر والأصل أن تسمع أي سماعك. فحذفت أن،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من ظهوره حركة الحكاية أو سكونها، ولا يبعد إذا كان لفظه حرفًا أن يبنى للشبه اللفظي بالحرف. وجعل الرضي وتبعه الدماميني التفصيل بين حرف اللين والحرف الصحيح فيما جعل من ذلك علمًا لغير اللفظ. أما ما جعل علمًا للفظ وقصد إعرابه فيضعف ثانيه مطلقًا صحيحًا كان أو حرف لين. وسيأتي مزيد كلام في هذا المقام في بابي الحكاية والنسب. قوله: "على إسناد" هو كما مر ضم كلمة إلى أخرى على وجه الإنشاء أو الإخبار فهو أعم من كل منهما. قوله: "فأقام اسم المفعول مقام المصدر" فيه أن صيغة مفعل كمسند تأتي مصدرًا ميميًّا لأفعل كأسند كما تأتي اسم مفعول واسم زمان واسم مكان، فهلا جعل مسندًا من أول الأمر مصدرًا واستغنى عن تكلف هذه الإقامة. قوله: "وحذف صلته" أي الجار والمجرور المتعلقين به وهما إليه واحتاج إلى تقديرها لأن الإسناد بقطع النظر عنها لا يختص بالاسم بل يشاركه فيه الفعل إذ كل منهما يكون مسندًا. قوله: "اعتمادًا على التوقيف" أي التعليم اعترضه المرادي بأن الاعتماد على التوقيف لا يحسن في مقام التعريف ورده زكريا بأن الاعتماد عليه في مثل ذلك لا يؤثر. قوله: "ولا حاجة إلى هذا التكلف" مثله جعل اللام في للاسم بمعنى إلى متعلقة بمسند للاحتياج مع ذلك إلى تقدير صلة التمييز. وقول البعض لا حذف في الكلام على هذا غير صحيح إلا أن يريد نفي حذف متعلق مسند فقط. قوله: "ولا يسند إلا إلى الاسم" أي على الصحيح. وقيل: يجوز الإسناد إلى الجملة مطلقًا. وقيل: يجوز بشرط كون المسند قلبيًا واقترانه بمعلق نحو ظهر لي أقام زيد وجعلوا منه قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ} [يوسف: 35] وهو على الأول مؤول بأن في بدا ضميرًا يعود على البداء المفهوم من الفعل، وليسجننه معمول لقول محذوف أي قالوا ليسجننه، وقيل بشرط ذلك وكون المعلق استفهامًا ويأتي بسطه في باب الفاعل. قوله: "تسمع بالمعيدي" تصغير معدي منسوب إلى معد بن عدنان. وإنما خففت الدال استثقالًا للجمع بين التشديدين مع ياء التصغير وهو مثل للرجل الذي له صيت في الناس لكنه محتقر المنظر. قوله: "فحذفت أن" أي ورفع المثل. قال الشمني: وحذف أن مع رفع الفعل ليس قياسيًا على المختار. ا. هـ. وجزم الروداني بأنه قياسي وأما رواية نصبه فعلى إضمارها لأن المضمر في قوة المذكور بخلاف المحذوف لكن نصبه على إضمارها في مثل ذلك شاذ كما ستعرفه في باب إعراب الفعل.
57 | 435(1/56)
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وحسن حذفها وجودها في أن تراه. وقد روي أن تسمع على الأصل وأما قولهم زعموا مطية الكذب فعلى إرادة اللفظ مثل من حرف جر وضرب فعل ماض، فكل من زعموا ومن وضرب اسم للفظ مبتدأ وما بعده خبر "للاسم تمييز" عن قسيميه "حصل" تمييز مبتدأ والجملة بعده صفة له وللاسم خبر وبالجر متعلق بحصل. وقدم معمول الصفة على الموصوف الممنوع اختيارًا للضرورة وسهلها كونه جارًّا ومجرورًا. وإنما ميزت هذه الخمسة الاسم لأنها خواص له. أما الجر فلأن المجرور مخبر عنه في المعنى ولا يخبر إلا عن الاسم. وأما التنوين فلأن معانية الأربعة لا تتأتى في غير الاسم. وأما النداء فلأن المنادى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وأما قولهم إلخ" هذا وارد على قوله ولا يسند إلا إلى الاسم. قوله: "زعموا مطية الكذب" أي مطية الحاكي قول غيره إلى نسبة الكذب إلى القول الذي يحكيه على ما قاله شيخنا. ويحتمل أن المراد مطية الكاذب إلى حكاية القول الكذب الذي يحكيه أي كالمطية في التوصيل إلى المقصود. ويروي مظنة بالظاء المشالة والنون. قوله: "اسم للفظ" أي علم شخصي للفظ الواقع في غير هذا التركيب من التراكيب المستعمل فيها اللفظ في معناه كما في سرت من البصرة، وضرب زيد كما مر مفصلًا. قوله: "تمييز" أي تميز لأنه الثابت للاسم لا التمييز الذي هو فعل الفاعل فهو من إطلاق المصدر على الحاصل به. قوله: "تمييز مبتدأ والجملة بعده صفة إلخ" هذا أحد الأوجه في إعراب البيت والمعنى عليه التمييز الحاصل بالجر وما عطف عليه كائن للاسم. ومنها أن يكون الخبر الجملة وللاسم متعلق بتمييز وبالجر متعلق بحصل. ومنها أن يكون الخبر بالجر والجملة صفة لتمييز وللاسم متعلق بحصل. وأوصلها أرباب الحواشي إلى سبعين وجهًا أو أكثر وفي كثير منها نظر يعلم بالتأمل فيما كتبوه. قوله: "الممنوع" صفة لمعمول الصفة فنائب فاعله ضمير عائد عليه لا على قوله الموصوف وإن أوهمه كلام البعض على حذف مضاف أي الممنوع تقديمه لأن الصفة متأخرة في الرتبة عن الموصوف فكيف يقدم ما هو فرعها عليه. ويحتمل أن الممنوع صفة للموصوف فنائب فاعله ضمير عائد عليه على حذف ثلاث مضافات وجار ومجرور أي الممنوع تقديم معمول صفته عليه وفي هذا تكلف كثير. وفي الذي قبله الفصل بين المنعوت والنعت بأجنبي. وأحسن منهما جعل الممنوع صفة لمفعول مطلق محذوف أي التقديم الممنوع. قوله: "مخبر عنه في المعنى" فزيد في مررت بزيد أو جاء غلام زيد مخبر عنه في المعنى على الأول بأنه ممرور به وعلى الثاني بأن له غلامًا. وإنما لم يكتفوا عن التمييز بالجر بالتمييز بالإخبار عنه لوضوح الجر في المجرور بخلاف كونه مخبرًا عنه.
قوله: "معانيه الأربعة" أي الحكم الأربع لأنواعه الأربعة: وهي دلالته على أمكنية الاسم، ودلالته على تنكيره، وكونه في جمع المؤنث السالم مقابلًا للنون في جمع المذكر السالم، وكونه عوضًا فالإضافة على تقدير مضاف أو هي لأدنى ملابسة. وإطلاق معنى الشيء على حكمته لأنها غرض مقصود منه كثير في كلامهم. قوله: "لا تتأتى في غير الاسم" أما الدلالة على
58 | 435(1/57)
بتا فعلت وأتت ويا افعلي ونون أقبلن فعل ينجلي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مفعول به والمفعول به لا يكون إلا اسمًا. وأما أل فلأن أصل معناه التعريف وهو لا يكون إلا للاسم. وأما المسند فلأن المسند إليه لا يكون إلا اسمًا.
تنبيه: لا يشترط لتمييز هذه العلامات وجودها بالفعل بل يكفي أن يكون في الكلمة صلاحية لقبولها "بتا" الفاعل متكلما كان نحو "فعلت" بضم التاء أو مخاطبًا نحو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أمكنية الاسم والدلالة على تنكيره فظاهرتان وأما كونه في جمع المؤنث السالم مقابلًا لنون جمع المذكر السالم فلأن الفعل والحرف لا يجمعان جمع مذكر ولا جمع مؤنث حتى يتصور فيهما ذلك. وأما كونه عوضًا فلأن العوضية إن كانت عن جملة فالفعل والحرف لا يعقبهما جملة، أو عن مضاف إليه فالمضاف لا يكون إلا اسمًا، أو عن حرف فالحرف المعوّض عنه إنما هو آخر الاسم الممنوع من الصرف. قوله: "فلأن المنادى مفعول به" قال شيخنا السيد: ظاهره لفظًا ومعنى وهو مذهب سيبويه والجمهور قالوا: المنادى مفعول به لفعل واجب الحذف تقديره أنادي. وقال ابن كيسان وابن الطراوة: بل هو مفعول به معنى ولا تقدير. ا. هـ. وفي حاشية السيوطي على المغني أن بعضهم ذهب إلى أن أحرف النداء أسماء أفعال متحملة لضمير المتكلم. قوله: "والمفعول به لا يكون إلا اسمًا" أورد عليه أمران: الأول أنه كان ينبغي حينئذٍ التعريف بمطلق المفعولية لا بخصوص النداء وأجاب ابن هشام بأن تلك علامة خفية لا يدركها المبتدي بخلاف كون الكلمة مناداة. وبحث فيه سم بأنه إن أراد بكون الكلمة مناداة مجرد دخول حرف النداء عليها لم يصح علامة لدخوله على غير الاسم أو كون مدلولها مطلوبًا إقباله ففي إدراك المبتدي إياه دون المفعولية نظر ظاهر. الثاني: أن المفعول به قد يكون جملة نحو أظن زيدًا أبوه قائم ونحو قال زيد حسبي الله. وأجيب بأنها مفرد في المعنى لأن المعنى أظن زيدًا قائم الأب وقال زيد هذا اللفظ أو هذا المقول. ويدل لهذا ما سننقله أن التحقيق أن الخبر في نحو نطقي الله حسبي من قبيل الخبر المفرد، فاستبعاد البعض كون مفعول القول مفردًا في المعنى غير متجه.
قوله: "وهو لا يكون إلا للاسم" لأن وضع الفعل على التنكير والإبهام والحرف غير مستقل. قوله: "بتا الفاعل" أشار الشارح بهذا إلى أنه ليس المقصود بقول المصنف بتا فعلت خصوص التاء المضمومة أو خصوص التاء المفتوحة مثلًا بل تاء الفعل مطلقًا من ذكر الملزوم وإرادة اللازم على طريق الكناية أو المجاز المرسل. ومثل ذلك يقال في قوله ويا افعلي ونون أقبلن. وقوله نحو إلخ يقتضي ضم التاء في عبارة المصنف مع أن الرواية الفتح ولعله آثر الأعرف وهو ضمير المتكلم والأشرف وهو الضم أو أشار إلى صحة غير المروي. ثم المراد بتاء الفاعل التاء الدالة بالمطابقة على من وجد منه الفعل أو قام به أو نفى عنه ذلك كضربت ومت وما ضربت وما مت. وبهذا علم أنه ليس المراد الفاعل الاصطلاحي للزوم القصور عليه بخروج التاء اللاحقة لكان وأخواتها ولزوم الدور حيث عرّف الفعل هنا بقبول تاء الفاعل وعرف الفاعل في بابه بأنه الاسم المسند إليه فعل ولا الفاعل اللغوي وهو من حصل منه الفعل لخروج التاء في نحو ما
59 | 435(1/58)
الكلام وما يتألف منه
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تباركت يا الله بفتحها أو مخاطبة نحو قمت يا هند بكسرها "و" تاء التأنيث الساكنة أصالة نحو "أتت" هند والاحتراز بالأصالة عن الحركة العارضة نحو قالت أمة بنقل ضمة الهمزة إلى التاء، وقالت امرأة العزيز بكسر التاس لالتقاء الساكنين، وقالتا بفتحها لذلك. أما تاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضربت ومت. وعلم أيضًا سقوط اعتراض جماعة كالبعض بدخول التاء في نحو ما قام إلا أنت لأنها ليست دالة بالمطابقة على نفس الفاعل بل الدال عليه أن والتاء حرف خطاب فقط. لكن بقي أنه لم تدخل التاء اللاحقة لليس حتى ينهض ما سيأتي من رد زعم حرفيتها بلحاق تاء الفاعل إذ لا يصدق عليها أنها تاء من وجد منه الفعل أو قام به أو نفي عنه لعدم دلالة ليس على الحدث وإن دلت بقية أخواتها عليه، نص على ذلك المصنف في تسهيله، بل هي تاء من نفى عنه الخبر اللهم إلا أن يراد بالفعل ما يشمل مدلول الخبر. وأما دخول اللاحقة لعسى فظاهر إذ هي تاء من قام به الرجاء أو انتفى عنه. ويتعين القصر في قول الناظم بتا للوزن وإن كان في نحو الباء والتاء والثاء المد والقصر كما في الهمع.
قوله: "وأتت" عطف على تا فعلت بتقدير مضاف أي وتاء أتت أو على فعلت مع جعل التاء في قوله بتاء من استعمال المشترك في معنييه كما أفاده سم فلا اعتراض بأن كلام المصنف يقتضي اتحاد تاء فعلت وتاء أتت مع أنهما نوعان متباينان. قوله: "التأنيث" أي تأنيث الفاعل فلا يرد تاء ربت وثمت على لغة سكونها نعم يرد أنه لم تدخل التاء اللاحقة لليس حتى ينهض ما سيأتي من رد زعم حرفيتها بلحاق تاء التأنيث، إذ ليست التاء في نحو ليست هند قائمة تاء تأنيث الفاعل بالمعنى المتقدم لما مر إلا أن يجاب بما مر. لكن الاعتراض بليس هنا وفيما مر آنفًا مبني على ما اشتهر أنها للنفي لا على ما يأتي عن السيد فتنبه. ويرد أيضًا أنه لم تدخل اللاحقة لعسى حتى ينهض ذلك إذ ليست التاء في نحو عست هند أن تقوم تاء المتصفة بالرجاء إذ المتصف به المتكلم، إلا أن يجاب بما مر أو بأن معنى عسى في الأصل قارب كما يأتي وهند مثلًا هي المتصفة بالمقاربة، وكذا تاء نعمت وبئست فإن معناهما إن كان أمدح وأذم ففاعلهما المتكلم والتاء ليست له، أو حسن وقبح فالفاعل الجنس وهو لا يتصف بذكورة ولا أنوثة. ويمكن اختيار الثاني. ويقال لما كان مدح الجنس لأجل تلك المؤنثة كان كأن الجنس مؤنث فتأمل. قوله: "الساكنة" هذا القيد للإخراج وقوله أصالة قيد لهذا القيد فيكون للإدخال. فقوله بعد والاحتراز بالأصالة عن الحركة العارضة أي عن خروج ذي الحركة العارضة. وإنما سكنت تاء الفعل للفرق بين تائه وتاء الاسم ولم يعكس لئلا ينضم ثقل الحركة إلى ثقل الفعل. قوله: "قالت أمة بنقل إلخ" هو رواية ورش عن نافع فهي سبعية. قوله: "لالتقاء الساكنين" أي للتخلص من التقائهما. قوله: "بفتحها لذلك" أي للتخلص من التقاء الساكنين واعلم أن لفتح التاء جهتين جهة عموم وهي جهة كونه حركة. وجهة خصوص وهي جهة كونه فتحًا: فعلة جهة العموم التخلص وعلة جهة الخصوص
مناسبة الألف. والكلام هنا في فتح التاء من جهة العموم بدليل قوله
60 | 435(1/59)
الكلام وما يتألف منه
...............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التأنيث المتحركة أصالة فلا تختص بالفعل بل إن كانت حركتها إعرابًا اختصت بالاسم نحو فاطمة وقائمة وإن كانت غير إعراب فلا تختص بالفعل بل تكون في الاسم نحو لا حول ولا قوة إلا بالله، وفي الفعل نحو هند تقوم، و في الحرف نحو رب وثمت. بهاتين العلامتين وهما تاء الفاعل وتاء التأنيث الساكنة رد على من زعم من البصريين كالفارسي حرفية ليس، وعلى من زعم من الكوفيين حرفية عيسى، وبالثانية رد على من زعم من الكوفيين كالفراء اسمية نعم وبئس .
تنبيه: اشترك التاءان في لحاق ليس وعسى، وانفردت الساكنة بنعم وبئس، وانفردات تاء الفاعل بتبارك، هكذا مشى عليه الناظم فإنه قال في شرح الكافية: وقد انفردت يعني تاء التأنيث بلحاقها نعم وبئس كما انفردت تاء الفاعل بلحاقها تبارك. وفي شرح الآجرومية للشهاب البجائي أن تبارك تقبل التاءين تقول: تباركت يا الله، وتباركت أسماء الله "ويا افعلي" يعني ياء المخاطبة ويشترك في لحاقها الأمر والمضارع نحو قومي يا هند، وأنت يا هند تقومين "ونون"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والاحتراز بالأصالة عن الحركة العارضة وقوله: أما تاء التأنيث المتحركة أصالة، فلهذا قال الشارح لذلك ولم يقل لمناسبة الألف فسقط ما اعترض به البعض وغيره على قوله لذلك فلا تكن من الغافلين.
قوله: "وإن كانت غير إعراب" بأن كانت حركة بناء كما في قوة، أو حركة بنية كما في تقوم فلا اعتراض على تمثيله. قوله: "نحو ربت وثمت" أي على لغة تحريك تاءيهما وهما ولات ولعلت على لغة من ألحق لعل تاء ساكنة، وليس من الحروف ما أنث بالتاء إلا هي كما نقله شيخنا السيد عن الشيخ إبراهيم اللقاني. قوله: "رد على من زعم من البصريين إلخ" أجاب الفارسي بأن لحاق التاء لليس لشبهها بالفعل في كونه على ثلاثة أحرف، وبمعنى ما كان، ورافعًا، وناصبًا كذا في الدماميني ومثله يجري في عسى. قوله: "حرفية ليس" أي قياسًا على ما النافية. نقل الروداني أن السيد ذكر في العباب أن ليس عند من جعلها فعلًا معناها ثبت انتفاؤه أي انتفاء وصف ما أسندت إليه وعليه الجمهور. وأن القول بأنها للنفي قول بحرفيتها لأن النفي معنى في الإسناد. ا. هـ. قوله: "حرفية عسى" أي قياسًا على لعل نقل الروداني أن السيد ذكر في العباب أن عسى زيد أن يخرج معناه الأصلي قارب زيد الخروج ثم صار إنشاء للرجاء. ا. هـ. وما قاله إنما يظهر على أنها فعل كما هو الصحيح أما على كونها حرفًا فهي للترجي. قوله: "في لحاق" بفتح اللام مصدر لحق بكسر الحاء. قوله: "وتباركت أسماء الله" قال في التصريح هذا إن كان مسموعًا فذاك وإلا فاللغة لا تثبت بالقياس. ا. هـ. وردّ بأن هذا ليس من إثبات اللغة بالقياس لأنه وضع اسم معنى على معنى آخر لجامع بينهما وما هنا ليس كذلك لأن غاية ما فيه إدخال علامة في فعل يصلح لدخولها.
قوله: "ويا افعلي" بقصر يا للوزن ولم يقل وياء الضمير أو وياء المتكلم للحوقهما الاسم
61 | 435(1/60)
الكلام وما يتألف منه
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوكيد ثقيلة كانت أو خفيفة نحو "أقبلن" ونحو لنسفعا. وقد اجتمعا حكاية في قوله: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ } [يوسف: 32] وأما لحاقها اسم الفاعل في قوله:
10-
أشاهرن بغدنا السيوفا وقوله: 11-
أقائلن أحضروا الشهودا فشاذ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والفعل والحرف نحو مرّ بي أخي فأكرمني. وبهذه العلامة رد على من قال كالزمخشري بأن هات بكسر التاء وتعالى بفتح اللام اسمًا فعلى أمر: فهات بمعنى ناول وتعالى بمعنى أقبل. والصحيح أنهما فعلا أمر مبنيان على حذف حرف العلة إن خوطب بهما مذكر وعلى حذف النون إن خوطب بهما مؤنث. قوله: "يعني ياء المخاطبة" أي لا خصوص اللاحقة للأمر وإن أوهمته العبارة. وانظر لم لم يقل كسابقه ولاحقه وياء المخاطبة في الأمر نحو افعلي والمضارع نحو أنت يا هند تقومين ولعله للتفنن. قوله: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ} قيل أكدت في الأول بالثقيلة لقوة قصدها سجنه وشدة رغبتها فيه، وفي الثاني بالخفيفة لعدم قوة قصدها تحقيره وإهانته وعدم شدة رغبتها في ذلك لما عندها من المحبة له. قوله: "وأما لحاقها اسم الفاعل" وكذا الماضي في قوله:
دا من سعدك إن رحمت متيمًا لولاك لم يك للصبابة جانحا قوله: "أشاهرن" هو جمع كما يفيده صدر البيت:
يا ليت شعري منكم حنيفا أي يا ليتني أعلم حال كوني حنيفًا منكم جواب هذا الاستفهام. وأما جعل البعض تبعًا للعيني حنيفًا مفعول شعري فيلزم عليه عدم ارتباط قوله أشاهرن إلخ بما قبله، على أن الرضي قال: التزم حذف الخبر في ليت شعري مردفًا باستفهام نحو ليت شعري أتأتيني أم لا؟ فهذا الاستفهام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
10- صدر البيت:
يا ليت شعري منكم حنيفا والرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص179، وخزانة الأدب 11/ 42، 427، 428، والمقاصد النحوية 1/ 122؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص673؛ والجني الداني ص142؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 442؛ ولسان العرب 4/ 433 "شهر".
11- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص173؛ وشرح التصريح 1/ 42، والمقاصد النحوية 1/ 118، 3/ 648، 4/ 443؛ ولرجل من هذيل في حاشية ياسين 1/ 42؛ وخزانة الأدب 6/ 5؛ والدرر 5/ 176؛ وشرح شواهد المغني 2/ 758، ولرؤبة أو لرجل من هذيل في خزانة الأدب 11/ 420، 442، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 242؛ وأوضح المسالك 1/ 24؛ والجني الداني ص141؛ والخصائص 1/ 136؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 447؛ والمحتسب 1/ 193؛ ومغني اللبيب 1/ 336؛ همع الهوامع 2/ 79.
62 | 435(1/61)
الكلام وما يتألف منه
سواهما الحزف كهل وفي ولم فعل مضارع يلي لم كيشم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"فعل ينجلي" مبتدأ. وخبر وسوغ الابتداء بفعل قصد الجنس مثل قولهم: تمرة خير من جرادة. وبتا متعلق بينجلي أي يتضح الفعل ويمتاز عن قسيميه بهذه العلامات لاختصاصها به فلا توجد مع غير إلا شذوذ كما تقدم.
تنبيه: قولهم في علامات الاسم والفعل يعرف بكذا أو بكذا هو من باب الحكم بالجميع لا بالمجموع أي كل واحد علامة بمفرده لا جزء علامة "سواهما" أي سوى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مفعول شعري والخبر محذوف وجوبًا بلا ساد مسده لكثرة الاستعمال. ا. هـ. فأصله أشاهرون فأدخلت نون التوكيد فحذفت نون الجمع لتوالي الأمثال ثم الواو لالتقاء الساكنين وكذا أقائلن كما يفيده كلام العيني. وروي أقائلون الشهودا أي على أن الولد الذي حبلت به تلك المرأة من حليلها كما قاله السيوطي، فالاسم معرب بالواو ولو كان مفردًا لأعرب مع النون بالحركة ولم يبن معها كالمضارع لأن الأصل في الاسم الإعراب بخلاف الفعل. وبحث الدماميني في الاستشهاد بالأخير بأنه يجوز أن يكون الأصل أقائل أنا فحذفت همزة أنا اعتباطًا وأدغم التنوين في النون. وفي هذا الاحتمال من البعد والمخالفة لرواية أقائلون ما يصحح الاستشهاد المبني على الظاهر فتدبر. قوله: "فشاذ" وسهل شذوذه مشابهته للمضارع لفظًا ومعنى. قوله: "قصد الجنس" أي في ضمن أفراد بعض أنواعه من غير تعيين لهذا البعض قبل اعتبار خصوص علامة من العلامات الأربع ومع تعيينه بعد اعتبار خصوص العلامة التي يقبلها، فإن اعتبر خصوص تاء الفاعل أو تاء التأنيث الساكنة تعين هذا البعض بكونه الماضي، أو خصوص نون التوكيد تعين بكونه المضارع أو الأمر، أو خصوص ياء المخاطبة فكذلك. فسقط بقولنا في ضمن أفراد ما قيل من أن الجنس الماهية الذهنية وهي لا تلحقها العلامات لعدم حصولها في الخارج، وبقولنا: بعض أنواعه إلخ ما قيل إن الجنس يوجد في ضمن جميع أفراده وجنس الفعل في ضمن جميع أفراده لا ينجلي بواحدة من العلامات الأربع إذ لا شيء منها يلحق الأنواع الثلاثة جميعًا. وجعل المعرب المسوّغ كون فعل قسيم المعرفة أي الاسم والحرف.
قوله: "وبتا متعلق بينجلي" إن قلت: يلزم عليه تقديم معمول الخبر الفعلي على المبتدأ وهو ممنوع قلت: هذا التقديم مغتفر هنا للضرورة أو لكون المعمول جارًّا ومجرورًا والظروف يتوسع فيها، مع أن منع هذا التقديم أحد مذهبين، وثانيهما جوازه وهو الأصح. قوله: "فلا توجد مع غيره" فيه إشارة إلى أن الباء في قوله لاختصاصها به داخلة على المقصور عليه. قوله: "من باب الحكم بالجميع" أي بكل فرد. قال شيخنا السيد: ولا حاجة لكون الباء بمعنى على لأن العلامات متعلقة بالمحكوم به لأن المعنى الفعل ينجلي بكل مما ذكر. وقوله: لا بالمجموع أي الأفراد معتبرًا فيها الهيئة الاجتماعية أي الحاصلة من اجتماع هذه العلامات. وقوله: أي كل واحد إلخ بيان لحاصل المعنى. ولو قال أي الفعل ينجلي بكل واحد مما ذكر لكان أوفق كما يعلم مما قدمناه عن شيخنا السيد. قوله: "سواهما" خبر مقدم والحرف مبتدأ مؤخر لأنه المحدث عنه فهو
63 | 435(1/62)
الكلام وما يتألف منه
.............................................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قابلي العلامات التسع المذكورة "الحرف" لما علم من انحصار أنواع الكلمة في الثلاثة، أي علامة الحرفية أن لا تقبل الكلمة شيئًا من علامات الأسماء ولا شيئًا من علامات الأفعال، ثم الحرف على ثلاثة أنواع: مشترك "كهل" فإنك تقول: هل زيد قائم وهل يقعد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المبتدأ وإن قلنا بتصرف سوى كما هو الراجح. قوله: "أي سوى قابلي العلامات" أشار بذلك إلى ما قاله ابن هشام من أن في كلام المصنف حذف مضافين والتقدير والحرف سوى قابلي علاماتهما، ولو لم يحصل على ذلك اختلّ فإنه قد علم من قوله:
واسم وفعل ثم حرف الكلم أن كلا من الثلاثة غير الآخرين قطعًا. وأورد عليه سم في نكته أنه علم من قوله واسم إلخ أيضًا قطعًا أن الحرف سوى قابلي علامات الاسم والفعل للقطع بأن مقابل الشيء لا يقبل علاماته فما ذكره من التقدير مختل أيضًا، إلا أن يقال إن في هذا التقدير إشارة إلى أن علامة الحرف مجرد عدم قبول علاماتهما ولهذا قال الشارح بعد أي علامة الحرفية إلخ فهو بيان للمقصود من التقدير. ومنهم من جعل فائدة قوله سواهما الحرف التمهيد لتقسيمه إلى أقسامه الثلاثة. لا يقال هذا شامل للجملة لأنها لا تقبل شيئًا من علامات الاسم والفعل لأنا نقول جنس تعريفه الحرف بقوله سواهما الحرف كلمة مقدرة بقرينة أن الحرف من أقسام الكلمة والتقدير الحرف كلمة سواهما. قوله: "التسع المذكورة" هي وإن كان بعضها حروفًا في الواقع إلا أنها لم تجعل علامات بعنوان كونها حروفًا حتى يعترض بلزوم الدور في جعل عدم قبولها علامة الحرف بل بعنوان كونها ألفاظًا معينة بقطع النظر عن كونها حروفًا أولًا. وإنما قال الشارح التسع المذكورة لأنه لو عمم في العلامات وجعلها شاملة للعلامات التي لم تذكر هنا لكان في الكلام إحالة على مجهول. وأورد على كلامه أن من الأسماء ما لا يقبل شيئًا من هذه التسع كقط وعوض وحيث وبعض اسم الفعل. وأجيب بأن هذا تعريف بالأعم وهو جائز عند المتقدمين لإفادته التمييز في الجملة. وما قيل من أنه يؤدي إلى خطأ المبتدي إذ يعتقد حرفية بعض الأسماء دفع بأن التوقيف الذي لا يستغنى عنه المبتدي كاف في بيان اسمية ما انتفت عنه العلامات المذكورة. وقد يجاب عن أصل الإيراد بأنا لا نسلم أن ما ذكر لا يقبل الإسناد إليه لأن المراد بقبول الاسم ذلك ما هو أعم من أن يقبل بنفسه أو بمرادفه أو بمعنى معناه، وقط وعوض وحيث تقبله بمرادفها وهو الوقت الماضي والوقت المستقبل والمكان. واسم الفعل يقبله إما بمرادفه وهو المصدر بناء على أن مدلوله الحدث أو بمعنى معناه بناء على أن مدلوله لفظ الفعل، ونعني بمعنى معناه المعنى التضمني لمعناه فتنبه.
قوله: "أي علامة الحرفية أن لا تقبل إلخ" أورد عليه أن عدم قبول ما ذكر لا يصلح علامة للحرف لتصريحهم بأن العدم لا يصلح علامة للوجودي. وأجيب بأن ذلك في العدم المطلق وما هنا عدم مقيد. قوله: "ثم الحرف على ثلاثة أنواع" إشارة إلى نكتة تعداد المصنف الأمثلة. ولك أن تجعل نكتته الإشارة إلى أن الحرف مهمل وعامل العمل الخاص بالأسماء وعامل
64 | 435(1/63)
الكلام وما يتألف منه
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"و" مختص بالأسماء نحو "في و" مختص بالأفعال نحو "لم".
تنبيهان: الأول إنما عدت هل من المشترك نظرًا إلى ما عرض لها في الاستعمال من دخولها على الجملتين نحو: {فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ} [الأنبياء: 80] و: {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ} [المائدة: 112] لا نظرًا إلى أصلها من الاختصاص بالفعل، ألا ترى كيف وجب النصب وامتنع الرفع بالابتداء في نحو هل زيدًا أكرمته كما سيجيء في بابه، ووجب كون زيد فاعلًا لا مبتدأ في هل زيد قام التقدير هل قام زيد قام وذلك لأنها إذا لم تر الفعل في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العمل الخاص بالأفعال لكن يرد على هذا ترك العامل العمل المشترك. ومراد الشارح بالأنواع الأنواع اللغوية وهي الأصناف من الشيء لا المنطقية لأن الحرف نوع من جنس الكلمة والكليات المندرجة تحت النوع ليست أنواعًا بل هي أصناف. ثم الأنواع الثلاثة التي ذكرها الشارح بالبسط ثمانية لأن المشترك إما مهمل لا عمل له وهو الأصل فيه كهل وبل، أو عامل على خلاف الأصل كما ولا وإن المشبهات بليس. والمختص بالأسماء إما عامل العمل الخاص بها وهو الأصل كفى أو غير الخاص كإن وأخواتها أو مهمل كلام التعريف. والمختص بالأفعال كذلك كلم ولن وقد. وما جاء على الأصل لا يسأل عنه، وما جاء على خلافه يسأل عن حكمة مخالفته الأصل وسيذكر الشارح ذلك. قوله: "لا نظرًا إلى أصلها من الاختصاص بالفعل" إنما كان أصلها ما ذكر لأنها في الأصل بمعنى قد كما في: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَان} [الإنسان: 1] وقد مختصة بالفعل لكنها لما تطفلت على همزة الاستفهام انحطت رتبتها عن الاختصاص. قوله: "ألا ترى" استدلال على اختصاصها بحسب الأصل بالفعل والاستفهام للتقرير بالرؤية كهو في: {أَلَمْ نَشْرَح} ، لأن الاستفهام التقريري حمل المخاطب على الإقرار بالحكم الذي يعرفه من إثبات كما في: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح: 1] {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَه} [الزمر: 36] أو نفي كما في: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّه} [المائدة: 116]، لا حمل المخاطب على الإقرار بما يلي الهمزة دائمًا وإلا ورد مثل هذه الآيات وإنما أولى الهمزة ضد المقرر به في مثل هذه الآيات لنكتة ككون إيراد الكلام على صورة ما يزعمه الخصم أبعث له على إصغائه إليه وإذعانه للحق الذي هو المقر به فاعرفه. وقال شيخنا السيد الاستفهام للإنكار أي لإنكار نفي الرؤية. قوله: "كيف وجب" الجملة في محل نصب لسدها مسد مفعولي ترى المعلق بالاستفهام وكيف في محل نصب على الحالية من فاعل وجب. قوله: "في نحو هل زيدًا أكرمته" هذا والمثال بعده يدلان على أن هل يجوز أن يليها لفظًا اسم بعده فعل اختيارًا مرفوعًا كان أو منصوبًا وأنه يكفي في هذه الصورة أن يليها تقديرًا فعل وهو مذهب الكسائي ومذهب سيبويه أن الفعل متى وجد في حيزها لا يجوز أن يليها لفظًا اسم في الاختيار وأنه لا يكفي حينئذٍ أن يليها تقديرًا فعل.
قوله: "وذلك" أي المذكور من وجوب النصب على المفعولية لمحذوف في هل زيد
65 | 435(1/64)
الكلام وما يتألف منه
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حيزها تسلت عنها ذاهلة، وإن رأته في حيزها حنت إليه لسابق الألفة فلم ترض حينئذ إلا بمعانقته. الثاني حق الحرف المشترك الإهمال، وحق المختص يقبل أن يعمل العمل الخاص بذلك القبيل، وإنهما عملت ما ولا وإن النافيات مع عدم الاختصاص لعارض الحمل على ليس، على أن من العرب من يهملهن على الأصل كما سيأتي. وإنما لم تعمل ها التنبيه وأل المعرفة مع اختصاصهما بالأسماء، ولا قد والسين وسوف وأحرف المضارعة مع اختصاصهن بالأفعال لتنزيلهن منزلة الجزء من مدخولهن، وجزء الشيء لا يعمل فيه. وإنما لم تعمل إن وأخواتها وأحرف النداء الجر لما يذكر في موضعه. وإنما عملت لن النصب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أكرمته، ووجوب الرفع على الفاعلية لمحذوف في هل زيد قام ثابت لأنها إلخ هكذا ينبغي فهم العبارة وما قاله البعض في حلها غير ظاهر. قوله: "في حيزها" أي قرب حيزها لاشتغال حيزها بها أو المراد بحيزها تركيبها أي التركيب التي هي فيه. قوله: "ذاهلة" أي غافلة عنه تركًا له في مقابلة تركه لها. قوله: "حنت" بالتشديد والتخفيف. قوله: "لسابق الألفة" أي للألفة السابقة. قوله: "إلا بمعانقته" أي ولو تقديرًا على ما مشى عليه الشارح قيل من مذهب الكسائي أما على مذهب سيبويه فلا ترضى إلا بمعانقته لفظًا. قوله: "حق الحرف المشترك الإهمال" استظهر بعضهم أن حقه عدم العمل الخاص لا عدم العمل مطلقًا. قوله: "أن يعمل العمل الخاص" لتظهر مزية الاختصاص الدال على قوة تأثير الحرف في القبيل المختص به. قوله: "لعارض الحمل" أي لعارض هو الحمل فالإضافة للبيان أو للحمل على ليس العارض فالإضافة من إضافة الصفة إلى الموصوف والحمل القياس والجامع فيه إفادة كل النفي. قوله: "ها التنبيه" بالقصر ولا يجوز المد لأنه علم على الكلمة المركبة من هاء وألف فنكر وأضيف إلى التنبيه إضافة الدال إلى المدلول ليتضح المراد به، ولو مدّ اقتضى أن لنا هاء مفردة تكون للتنبيه وليس كذلك أفاده يس. قوله: "وأل المعرفة" قيد بالمعرفة مراعاة لمذهب المصنف من عدم اختصاص الموصولة بالأسماء. ولا ترد الزائدة لأنها في الأصل المعرفة فهي داخلة في عبارته فاندفع ما اعترض به البعض. قوله: "لتنزيلهن" أي الستة. ووجه التنزيل في ها التنبيه وأل وأحرف المضارعة أن العامل يتخطاها ويعمل فيما بعدها. ووجهه في قد والسين وسوف أن قد تفيد قرب الفعل من الحال أو تحقيقه أو تقليله، ومقابليها يفيدان تأخره فمجموع الفعل وأحد الثلاثة بمنزلة كلمة دالة وضعًا على الحدث وقربه أو تحقيقه أو تقليله أو تأخره، لكن في كون أحرف المضارعة بمنزلة الجزء نظر فإنها أجزاء من المضارع حقيقة لا تنزيلًا. وقوله: لتنزيلهن إلخ أورد عليه بعضهم أن وكي المصدريتين لعملهما في المضارع مع كونهما بمنزلة الجزء لأنهما موصولتان. وعلل عدم عمل تلك الحروف بأنها مخصصة لمدخولها والمخصص للشيء كالوصف له والوصف لا يعمل في الموصوف فتأمله.
قوله: "لما يذكر في موضعه" أي من شبه إن وأخواتها بالأفعال في المعنى فإن وأن يشبهان أؤكد، وليت أتمنى، ولعل أترجى، وكأن أشبه، ولكن استدرك ومن نيابة أحرف النداء عن
66 | 435(1/65)
الكلام وما يتألف منه
وماضي الأفعال بالتاء مز وسم وبالنون فعل الأمر إن أمر فهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دون الجزم حملًا على لا النافية للجنس لأنها بمعناها، على أن بعضهم جزم بها كما سيأتي. ولما كانت أنواع الفعل ثلاثة: مضارع وماض وأمر أخذ في تمييز كل منها عن أخويه مبتدئًا بالمضارع لشرفه بمضارعته الاسم أي بمشابهته كما سيأتي بيانه فقال: "فعل مضارع يلي" أي يتبع "لم "النافية أي ينفى بها "كيشم" بفتح الشين مضارع شممت الطيب ونحوه بالكسر من باب علم يعلم، هذه اللغة الفصحى. وجاء أيضًا من باب نصر ينصر، حكى هذه اللغة الفراء وابن الإعرابي ويعقوب وغيرهم؛ ولا عبرة بتخطئة ابن درستويه العامة في النطق بها "وماضي الأفعال بالتا" المذكورة أي تاء فعلت وأتت "مز" لاختصاص كل منهما به. ومز أمر من مازه يميزه. يقال: مزته فامتاز. وميزته فتميز "وسم" أي علم "بالنون" المذكورة أي نون التوكيد "فعل الأمر إن أمر" أي طلب "فهم" من اللفظ أي علامة فعل الأمر مجموع شيئين: إفهام الكلمة الأمر اللغوي وهو الطلب. وقبولها نون التوكيد فالدور منتف. فإن قبلت الكلمة النون ولم تفهم الأمر فهي مضارع نحو هل تفعلن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أدعو. قوله: "وإنما عملت لن النصب إلخ" هذا سؤال يجري في أن وكي وإذن الناصبات للمضارع أيضًا دون الجواب فتدبر. قوله: "لأنها بمعناها" أي ملابسة لمعناها أي لجنس معناها وهو مطلق النفي فلا يرد أن لا لنفي الجنس ولن لمطلق النفي. قوله: "لشرفه" ولسبق الاستقبال على المضي فإن الغد المستقبل يصير ماضيًا، هذا إذا كان الزمن المتصف بالاستقبال والمضي واحدًا فإن كان متعددًا كأمس وغد فالماضي سابق؛ كذا قال الشمني وبه يجمع بين القولين. قوله: "بمضارعته الاسم" أي المصوغ للفاعل لفظًا لموافقته له في السكنات والحركات وعدد الحروف بقطع النظر عن خصوص الحركة والحرف ومعنى لدلالة كل منهما على الحال والاستقبال. قوله: "لم النافية" الصفة لازمة. قوله: "وماضي الأفعال" الإضافة على معنى من التبعيضية. قوله: "بالتاء المذكورة" أي فأل للعهد الذكرى والمعهود التاء المتقدمة بنوعيها على أنها من باب استعمال المشترك في معنييه كما مر. ولا يجوز أن تكون للجنس لدخول التاء الخاصة بالأسماء فيه كما قاله الراعي. قوله: "فهم من اللفظ" أي باعتبار وضعه فلا يرد الأمر المستعمل في غير الطلب مجازًا لأن عدم فهم الطلب منه باعتبار القرينة لا الوضع، على أن القرينة إنما تمنع إرادة المعنى الحقيقي لا فهمه أي تصوره عند سماع اللفظ. والمراد بقوله من اللفظ من صيغته فلا يرد المضارع المقرون بلام الأمر لأن انفهام الطلب ليس من صيغة المضارع بل من اللام. قوله: "وقبولها نون التوكيد" صريح في قبول هات وتعال على الصحيح من فعليتهما نون التوكيد وإن لم يسمعا بها قاله الروداني فيجوز هاتين وتعالين بإعادة اللام مفتوحة كما تقول أرمين وأخشين.
قوله: "فالدور" أي الحاصل من أخذ الأمر في تعريف فعل الأمر منتف وهذا تفريع على تفسير الأمر في قوله إن أمر فهم بالأمر اللغوي الذي هو الطلب فالمعلم الأمر الاصطلاحي
67 | 435(1/66)
الكلام وما يتألف منه
والأمر إن لم يك للنون محل فيه هو اسم نحو صه وحيهل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أو فعل تعجب نحو أحسنن بزيد. فإن أحسن لفظه لفظ الأمر وليس بأمر على الصحيح كما ستعرفه "والأمر" أي اللفظ الدال على الطلب "إن لم يك للنون محل فيه" فليس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والمعلم به اللغوي. قوله: "فإن قبلت الكلمة إلخ" لما لم يتكلم المصنف على مفهوم هذا القيد كما تكلم على مفهوم قبول النون تكلم الشارح على مفهومه بقوله: فإن قبلت الكلمة إلخ لكن كان الأنسب ذكره بعد قول المصنف الآتي والأمر إلخ. قوله: "أو فعل تعجب" فيه أن دخول النون على فعل التعجب شاذ والكلام في قبول الكلمة النون قياسًا، وإلا كان عليه ذكر اسم الفاعل والماضي لورود تأكيدهما بها شذوذًا فالمناسب ترك فعل التعجب. قوله: "كما ستعرفه" أي في بابه. قوله: "والأمر" مبتدأ خبره هو اسم وجواب الشرط محذوف دل عليه الخبر، وكأن قول الشارح فليس بفعل أمر إشارة إلى تقديره. ومن جعل هو اسم جزاء الشرط حذفت منه الفاء للضرورة سها عن قولهم متى اجتمع مبتدأ وشرط وكان المبتدأ مقدمًا فإن لم يقترن ما وقع بعد بالفاء ولم يصلح لمباشرة الأداة كان خبرًا والجزاء محذوف وإن اقترن بالفاء أو صلح لمباشرة الأداة كان جواب الشرط والخبر محذوف كذا قال البعض. ونقل شيخنا السيد عن شيخه ابن الفقيه أن الخبر في الحالة الثانية مجموع الشرط والجواب وهو المتجه عندي. ثم رأيت صاحب المغني في خاتمة الباب الخامس منه جزم بهذا وجوز ما جوزه البعض وما منعه في قول ابن معطي:
اللفظ أن يفد هو الكلام فيحمل ما نقله البعض في الحالة الأولى على السعة. وبقي حالة ثالثة وهي أن يكون المبتدأ اسم الشرط وفي خبره حينئذٍ ثلاثة أقوال: قيل: فعل الشرط وقيل: جوابه وقيل: مجموعهما والأصح الأول، فيكون من الخبر المفيد بتابعه فافهم.
قوله: "أي اللفظ الدال" أي بنفسه فخرج لام الأمر لأن دلالة الحرف بغيره. وفي كلامه إشارة إلى أن في كلام المصنف حذف مضاف أي دال الأمر وأن المراد بالأمر الأمر اللغوي لا الاصطلاحي فلا منافاة بين المبتدأ والخبر. وفي عبارته ميل إلى أن مدلول اسم الفعل معنى الفعل لا لفظه ويوافقه قوله بعد الدالة على معنى المضارع وقوله الدالة على معنى الماضي. وفي قوله الآتي فإن معناه اسكت وقوله معناه أقبل إلخ ميل إلى أن مدلوله لفظ الفعل وهو الراجح. قال سعد الدين في حاشيته على الكشاف: كل لفظ وضع بإزاء معنى اسمًا كان أو فعلًا أو حرفًا فله اسم علم هو نفس ذلك اللفظ من حيث دلالته على ذلك الاسم أو الفعل أو الحرف، كما تقول في قولنا خرج زيد من البصرة خرج فعل وزيد اسم ومن حرف جر فتجعل كلا من الثلاثة محكومًا عليه، لكن هذا وضع غير قصدي لا يصير به اللفظ مشتركًا ولا يفهم منه معنى مسماه، وقد اتفق لبعض الأفعال أن وضع لها أسماء أخر غير ألفاظها تطلق ويراد بها الأفعال من حيث دلالتها على معانيها وسموها أسماء الأفعال: فصه مثلًا اسم موضوع بإزاء لفظ اسكت لكن لا يطلق ويقصد به
68 | 435(1/67)
الكلام وما يتألف منه
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بفعل أمر بل "هو اسم" إما مصدر نحو "فند لا زريق المال" أي اندل. وأما اسم فعل أمر "نحو صه" فإن معناه اسكت "وحيهل". معناه. أقبل. أو قدم. أو عجل ولا محل للنون فيهما.
تنبيهات: الأول كما ينتفي كون الكلمة الدالة على الطلب فعل أمر عند انتفاء قبول النون كذلك ينتفي كون الكلمة الدالة على معنى المضارع فعلًا مضارعًا عند انتفاء قبول لم. كأوه بمعنى أتوجع. وأف بمعنى أتضجر. وينتفي كون الكلمة الدالة على معنى الماضي فعلًا ماضيًا عند انتفاء قبول التاء كهيهات بمعنى بعد. وشتان بمعنى افترق. فهذه أيضًا أسماء أفعال فكان الأولى أن يقول:
وما يرى كالفعل معنى وانخزل عن شرطه اسم نحو صه وحيهل ليشمل أسماء الأفعال الثلاثة ولعله إنما اقتصر في ذلك على فعل الأمر لكثرة مجيء اسم الفعل بمعنى الأمر وقلة مجيئه بمعنى الماضي والمضارع كما ستعرفه. الثاني إنما يكون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نفس اللفظ كما في الأعلام المذكورة بل ليقصد به اسكت الدال على طلب السكوت حتى يكون صه مع أنه اسم لأسكت كلامًا تامًا، بخلاف اسكت الذي هو اسم لأسكت الذي هو فعل أمر في قولك اسكت فعل أمر. ا. هـ. وبقي قولان آخران كون مدلوله الحدث وكون اسم الفعل فعلًا فالأقوال أربعة كما في الروداني.
قوله: "محل" مصدر ميمي بمعنى حلول. قوله: "إما مصدر" فيه أن المصدر لم يدل على الأمر بل ناب مناب الدال عليه وهو فعل الأمر قاله الروداني ويمكن دفعه بأن يراد بالدلالة الدلالة ولو باعتبار النيابة عن الدال. قوله: "نحو صه وحيهل" لو مثل بنزال ودراك كما فعل صاحب التوضيح لكان أحسن لأن اسمية صه وحيهل علمت مما تقدم لقبولهما التنوين. وفي حيهل ثلاث لغات: سكون اللام وفتحها منونة وبلا تنوين، وكلام المصنف يحتمل الأولى والأخيرة وكذا الثانية بناء على اللغة القليلة من الوقف على المنصوب المنون بالسكون كالمرفوع والمجرور. ونقل شيخنا السيد لغة رابعة هي أبدال الحاء عينًا وانظر ضبط اللام على هذه اللغة. قوله: "معناه أقبل أو قدم أو عجل" يتعدى على الأول بعلى وعلى الثاني بنفسه وعلى الثالث بالباء. قوله: "ولا محل" أي حلول كما مر. قوله: "كذلك" تأكيد لقوله كما. قوله: "فكان الأولى أن يقول" قال ابن غازي ولو شاء التصريح بالثلاثة لقال:
وما يكن منها لذي غير محلّ فاسم كهيهات ووي وحيهل أي وما يكن من الكلمات الدالة على معاني الأفعال الثلاثة غير محل لهذه العلامات المذكورة للفعل فهو اسم إلخ. قوله: "عن شرطه" أي علامته. قوله: "أسماء الأفعال الثلاثة" يصح جر الثلاثة ونصبها. قوله: "كما ستعرفه" أي من قول الناظم في باب اسم الفعل:
69 | 435(1/68)
الكلام وما يتألف منه
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتفاء قبول التاء دالًّا على انتفاء الفعلية إذا كانت للذات فإن كان لعارض فلا وذلك كما في أفعل في التعجب. وما عدا وما خلا وحاشا في الاستثناء. وحبذا في المدح. فإنها لا تقبل إحدى التاءين مع أنها أفعال ماضية. لأن عدم قبولها التاء عارض نشأ من استعمالها في التعجب والاستثناء والمدح. بخلاف أسماء الأفعال فإنها غير قابلة للتاء لذاتها. الثالث إنما دل انتفاء قبول لم والتاء والنون على انتفاء الفعلية مع كون هذه الأحرف علامات والعلامة ملزومة لا لازمة فهي مطردة ولا يلزم انعكاسها. أي يلزم من وجودها الوجود ولا يلزم من عدمها العدم لكونها مساوية للازم فهي كالإنسان وقابل الكتابة يستلزم نفي كل منهما نفي الآخر. بخلاف الاسم وقبول النداء فإن قبول النداء علامة للاسم ملزومة له وهي أخص منه إذ يقال كل قابل للنداء اسم ولا عكس. وهذا هو الأصل في العلامة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وما بمعنى افعل كآمين كثر وغيره كوى وهيهات نزر قوله: "إذا كان" أي هذا الانتفاء للذات أي ذات الكلمة. قوله: "وما عدا إلخ" أي وعدا وخلا من ما عدا وما خلا وحب من حبذا. قوله: "لأن عدم قبولها التاء عارض إلخ" أي كما عرض لسبحان ولبيك ونحوهما عدم قبول خواص الأسماء من التزام طريقة واحدة. قوله: "نشأ من استعمالها في التعجب إلخ" أي من استعمالها فيما ذكر استعمال الأمثال التي تلزم طريقة واحدة. قوله: "والعلامة ملزومة لا لازمة" أي الغالب فيها ذلك كما يعلم مما بعده أي وانتفاء الملزوم وهو العلامة لا يوجب انتفاء اللازم وهو المعلم لجواز كون اللازم أعم كالضوء للشمس والأعم ينفرد عن الأخص. قوله: "فهي مطردة إلخ" اطراد الشيء استلزام وجوده وجود شيء آخر وانعكاسه استلزام عدمه عدم شيء آخر، فقول الشارح أي يلزم من وجودها الوجود تفسير لقوله مطردة؛ وقوله ولا يلزم من عدمها العدم تفسير لقوله ولا يلزم انعكاسها على اللف والنشر المرتب لكن في قوله ولا يلزم انعكاسها حزازة ولو قال ولا ينعكس لكان مستقيمًا لما علمت من أن الانعكاس استلزام العدم للعدم. قوله: "لكونها" علة لقوله دل. قوله: "مساوية للازم" أي لازمها وهو المعلم: أي والملزوم المساوي للازمة مطرد منعكس، فقولهم العلامة غير منعكسة محله إذا لم تكن مساوية للمعلم. وأجاب ابن قاسم في نكته بأن قبول ذلك مع كونه علامة هو شرط لازم فلزم من عدم القبول العدم من جهة كونه شرطًا لازمًا لا من جهة كونه علامة إذ الشرط يلزم من عدمه العدم. قوله: "وهي أخص" لم يرد بالأخص ما هو المتبادر منه وهو ما يصح حمل الأعم عليه بل ما يلزم من وجوده وجود الأعم من غير عكس. قوله: "وهذا هو الأصل" أي الغالب.
70 | 435(1/69)
المعرب والمبني
المعرب والمبني:
الاسم منه معرب ومبني لشبه من الحروف مدني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المعرب والمبني:
المعرب والمبني اسما مفعول مشتقان من الإعراب والبناء. فوجب أن يقدم بيان الإعراب والبناء فالإعراب في اللغة مصدر أعرب أي أبان. أي أظهر. أو أجال. أو حسن. أو غير أو أزال عرب الشيء وهو فساده. أو تكلم بالعربية. أو أعطى العربون. أو ولد له ولد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المعرب والمبني:
أي من الاسم والفعل لذكره هنا المعرب والمبني من الفعل أيضًا بقوله:
وفعل أمر ومضى بنيا وأعربوا مضارعًا إلخ والقصر على الاسم وجعل ذكر الفعل هنا استطراديًّا تعسف لا حاجة إليه وإن سلكه شيخنا وتبعه البعض. قوله: "المعرب والمبني اسما مفعول إلخ" لم يضمر لأن الترجمة للمعرب والمبني المصطلح عليهما والاشتقاق لما يعم الاصطلاحي واللغوي ولأنهما في الترجمة بمعنى المعنى وفي قوله المعرب والمبني اسما مفعول بمعنى اللفظ. قوله: "فوجب أن يقدم إلخ" أي عكس ما فعل المصنف حيث أخر بيان الإعراب بقوله والرفع والنصب إلخ ففي كلامه تلميح إلى اعتراض ابن هشام على المصنف، وأجاب عنه سم بأنه ليس المراد هنا بيان المعرب والمبني من حيث اتصافهما بالإعراب والبناء بالفعل حتى يقال معرفة المشتق منه سابقة على معرفة المشتق بل، من حيث قبولهما الإعراب والبناء وبيان سبب القبول وضابطه وذلك لا يتوقف على بيان المشتق منه، وعلى هذا ففي تقديم بيان المعرب والمبني على بيان الإعراب والبناء توطئة لإجرائهما على الكلمة، لأن من عرف أولًا قابل الإعراب وغير قابله تأتي له إجراء الإعراب على قابله ونفيه من غير قابله لأن إجراء الإعراب على الكلمة وعدم إجرائه عليها فرعًا قبولها وعدم قبولها فلذا بين أولًا القابل وغير القابل ثم بين الإعراب، وقال سم فتأمله فإنه في غاية الدقة والنفاسة غفل عنه المعترض بما ذكر. وقيل إنما قدم المعرب على الإعراب نظرًا إلى تقدم المحل على الحال. وفي حواشي البعض أن كلام الشارح يوهم أن المصنف أغفل الكلام على الإعراب مع أنه سيأتي في قوله والرفع والنصب إلخ. ا. هـ. ودعواه الإيهام ممنوعة كما علم من صدر القولة. قوله: "أي أبان" هذا أنسب بالمعنى الاصطلاحي على أن الإعراب لفظي كما هو الصحيح ولهذا قدم معنى الإبانة، والأنسب به على أنه معنوي التغيير. قوله: "أي أظهر" أتى به لأن أبان يأتي بمعنى فصل ولازمًا بمعنى ظهر. قوله: "أو أجال" يقال أعرب زيد دابته أي أجالها ونقلها من مكان في مرعاها إلى آخر. قوله: "أو أزال عرب الشيء" بفتحتين يقال عرب يعرب عربًا من باب فرح أي فسد كذا في القاموس. قوله: "أو أعطى العربون" بفتحتين وبضم فسكون ويقال: عربان بضم
71 | 435(1/70)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عربي اللون. أو تكلم بالفحش. أو لم يلحن في الكلام. أو صار له خيل عراب. أو تحبب إلى غيره. ومنه العروب المتحببة إلى زوجها. وأما في الاصطلاح ففيه مذهبان: أحدهما أنه لفظي واختاره الناظم ونسبه إلى المحققين، وعرفه في التسهيل بقوله: ما جيء به لبيان مقتضى العامل من حركة أو حرف أو سكون أو حذف. والثاني أنه معنوي والحركات دلائل عليه، واختاره الأعلم وكثيرون؛ وهو ظاهر سيبويه؛ وعرفوه بأنه تغيير أواخر الكلم لاختلاف العوامل الداخلة عليها لفظًا أو تقديرًا. والمذهب الأول أقرب إلى الصواب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فإسكان وبإبدال العين همزة في الثلاثة ففيه ست لغات. قوله: "أو لم يلحن في الكلام" هذا لازم للتكلم بالعربية، إلا أن يراد بالتكلم بها التكلم بألفاظها بقطع النظر عن أحوال أواخرها. قوله: "ما جيء به" أي شيء نطق به وإن لم يكن طارئًا ليصدق على الواو من جاء أبوك لوجودها قبل دخول عامل الرفع أفاده الدنوشري. قوله: "لبيان مقتضى العامل" أي مطلوبه فالعامل كجاء ورأى والباء والمقتضى الفاعلية والمفعولية والإضافة العامة لما في الحرف، والإعراب الذي يبين هذا المقتضى الرفع والنصب والجر، لكن هذا التعريف يقتضي اطراد وجود الثلاثة أعني المقتضى والإعراب والعامل مع كل معرب، وليس كذلك بل هو أغلبي فقط لعدم تحقق المقتضى في نحو لم يضرب زيد وخرج بهذا القيد حركة البناء والنقل والاتباع والمناسبة والتخلص من التقاء الساكنين وسكون البناء وحرفه وحذفه وسكون الوقف والإدغام والتخفيف. ثم إن فسر العامل بما فسره به ابن الحاجب رحمه الله تعالى وهو ما به يتقوم المعنى المقتضي للإعراب لزم الدور كما قاله سم لأخذ الإعراب في تعريف العامل وأخذ العامل في تعريف الإعراب، قال: إلا أن يجعل التعريف لفظيًّا. ولزم القصور أيضًا لعدم دخول نحو لم إذ لم يتقوّم بها معنى يقتضي الجزم كما مر فإن فسر بالطالب لأثر مخصوص لم يلزم الدور ولا القصور.
قوله: "من حركة" بيان لما. قوله: "أو سكون أو حذف" قال الروداني: كونهما لفظيين إنما هو من حيث إشعار اللفظ بهما لأن من سمعه بنقص حركة أو حرف علم بهما أو من حيث إن اللفظ متعلقهما ومحل لهما. قوله: "والحركات" أي وجودًا وعدمًا ليدخل السكون. وكان الأحسن أن يزيد والحروف أي وجودًا وعدمًا ليدخل الحذف. وتوجيه جماعة كشيخنا والبعض الاقتصار على الحركات بأنها الأصل أي في الجملة وإلا فقد تكون فرعًا كفتحة ما لا ينصرف وكسرة جمع المؤنث السالم لا يدفع أحسنية زيادة الحروف. قوله: "تغيير أواخر الكلم" أورد عليه أن التغيير فعل الفاعل فهو وصف له فلا يصح حمله على الإعراب الذي هو وصف للكلمة. وأجيب بأن المراد به المعنى الحاصل بالمصدر وهو التغير أو هو مصدر المبني للمفعول. واستشكل البعض قول المورد أن الإعراب وصف للكلمة وتأويل المجيب التغيير بما يصح وصف الكلمة به بأن الإعراب مصدر أعرب أي غير لغة واصطلاحًا فهو وصف للفاعل لا للكلمة، يدلك على هذا قول النحاة هذا اللفظ معرب بصيغة المفعول وقد صرحوا بأن الأصل في المعاني الاصطلاحية كونها أخص من اللغوية لا مباينة لها، فالذي ينبغي إبقاء المصدر على ظاهره وعدم
72 | 435(1/71)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأن المذهب الثاني يقتضي أن التغيير الأول ليس إعرابًا لأن العوامل لم تختلف بعد وليس كذلك. والبناء في اللغة وضع شيء على شيء على صفة يراد بها الثبوت. وأما في الاصطلاح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ارتكاب التأويل فيه. وأنا أقول: يرد على هذا البعض قول النحاة: هذا اللفظ مبني بصيغة المفعول فإنهم اشتقوه من البناء وهو مفسر اصطلاحًا على القول بأنه معنوي بلزوم آخر الكلمة حالة واحدة الذي هو وصف للكلمة قطعًا لا بإلزام آخر الكلمة حالة واحدة فحيث لم يدل قولهم مبني على أن البناء وصف للفاعل لم يدل قولهم معرب على أن الإعراب وصف للفاعل. وحيث كان البناء اصطلاحًا وصفًا للكلمة بدليل تعريفهم له كان مقابله وهو الإعراب كذلك، وحينئذٍ يكون التغيير بمعنى التغيير ويكون الإعراب اصطلاحًا منقولًا من وصف الفاعل إلى وصف الكلمة بقرينة أن مقابله وهو البناء كذلك والجري على الأصل من أخصية المعاني الاصطلاحية إذا لم تقم قرينة على خلافه كما هنا، ويكون قولهم معرب ومبني باعتبار حال ما قبل النقل كما نقول بالنقل وباعتبارهم في قولهم معرب ومبني حال ما قبل النقل على القول بأن الإعراب والبناء لفظيان، ولذلك نظائر كقولهم هذه الكلمة منوّنة مع أن التنوين اصطلاحًا النون المخصوصة نعم إن أول اللزوم في تعريف البناء بالإلزام اندفع عن هذا البعض الإيراد وكان كل من الإعراب والبناء وصفًا للفاعل وكان قولهم معرب ومبني باعتبار ما بعد النقل أيضًا لكن يرجح ما قدّمناه تناسب القولين عليه وتواردهما على محل واحد أعني القول بأن الإعراب والبناء لفظيان والقول بأنهما معنويان لتوافقهما عليه على أن كلًا من الإعراب والبناء وصف للكلمة. نعم قد يطلق الإعراب على فعل الفاعل كما في قولك أعربت الكلمة لكن ليس هذا هو المعقود له الباب بقرينة اختلافهم في أنه معنوي أو لفظي إذ فعل الفاعل معنوي قطعًا هذا هو تحقيق المقام والسلام. ثم المراد بالتغيير الانتقال ولو من الوقف إلى الرفع أو غيره فلا يرد أن التعريف لا يشمل نحو سبحان اللازم النصب على المصدرية والإضافة في أواخر الكلم للجنس فاندفع الاعتراض بأن العبارة تقتضي توقف تحقق الإعراب على تغيير ثلاث أواخر مع أنه ليس كذلك. وفي العبارة مقابلة الجمع بالجمع المقتضية للقسمة آحادًا، فاندفع الاعتراض بأن العبارة تفيد أن لكل كلمة أواخر مع أن الكلمة الواحدة ليس لها إلا آخر واحد والمراد بالآخر الآخر حقيقة أو تنزيلًا لتدخل الأفعال الخمسة فإن إعرابها بالنون وحذفها وهي ليست الآخر حقيقة لأنها بعد الفاعل وهو إنما يأتي بعد الفعل، لكن لما كان الفاعل الضمير بمنزلة الجزء من الكلمة كانت النون بمنزلة الآخر، والمراد بتغيير الآخر ما يعم تغييره ذاتًا بأن يبدل حرف بحرف حقيقة كما في الأسماء الستة والمثنى المرفوع والمنصوب أو حكمًا كما في المثنى المنصوب والمجرور أو صفة بأن تبدل حركة بحركة حقيقة كما في جمع المؤنث السالم المرفوع والمنصوب أو حكمًا كما في جمعه المنصوب والمجرور. وإنما جعل الإعراب والبناء في الآخر لأنهما وصفان للكلمة والوصف متأخر عن الموصوف.
قوله: "لاختلاف العوامل الداخلة عليها" المراد بالاختلاف لازمه وهو الوجود ليدخل المعرب في أول أحواله أفاده الشنواني ومنه يؤخذ جواب اعتراض الشارح الآتي. وأل في العوامل للجنس والمراد بدخول العامل على الكلمة طلبه إياها ليشمل العامل المعنوي كالابتداء والعامل
73 | 435(1/72)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فقال في التسهيل: ما جيء به لا لبيان مقتضى العامل من شبه الإعراب وليس حكاية أو اتباعًا أو نقلًا أو تخلصًا من سكونين ، فعلى هذا هو لفظي. وقيل: هو لزوم آخر الكلمة حركة أو سكونًا لغير عامل أو اعتلال؛ وعلى هذا هو معنوي؛ والمناسبة في التسمية على المذهبين فيهما ظاهرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المتأخر. وخرج بقوله لاختلاف إلخ التغيير لاتباع أو نقل أو نحوهما. قوله: "لفظًا أو تقديرًا" الأولى أنهما راجعان إلى تغيير واختلاف العوامل ليدخل التغيير لفظًا كما في زيد وتقديرًا كما في الفتى ووجود العامل لفظًا كما في جاء زيد وتقديرًا كما في زيدًا ضربته. وجعل التغيير لفظيًا وتقديريًا باعتبار داله من الحركة ونحوها والأظهر من جهة المعنى أنهما منصوبان بنزع الخافض وإن ضعف من جهة اللفظ بسبب أن النصب به سماعي أي على الراجح. ويصح أن يكون مفعولًا مطلقًا على تقدير أي تغيير واختلاف لفظ أو تقدير. قوله: "أقرب إلى الصواب" يقتضي أنه ليس بصواب لأن الأقرب إلى الشيء غير ذلك الشيء. ويمكن دفعه بأن المغايرة هنا اعتبارية والمعنى أن الأول الذي هو الصواب باعتبار ظننًا أقرب إلى الصواب باعتبار نفس الأمر. ويقتضي أن الثاني قريب إلى الصواب وهو كذلك على تأويل الاختلاف بالوجود لاندفاع اعتراض الشارح عليه بهذا التأويل. فاعتراض الشارح عليه المقتضي فساد الثاني لأقربه إلى الصواب إنما هو باعتبار الظاهر وقطع النظر عن التأويل وللإشارة إلى إمكان الجواب عبر بأقرب فاندفع ما أشار إليه البعض من تنافي كلام الشارح ولا حاجة إلى دفعه بأن أفعل التفضيل ليس على بابه. فإن قلت: بعد التأويل السابق كانا متساويين لا أقربية لأحدهما على الآخر قلت: أقربية الأول حينئذٍ باعتبار عدم إحواجه إلى تأويل بخلاف الثاني.
قوله: "لأن المذهب الثاني" أي لأن تعريف أهل المذهب الثاني أو المراد لأن المذهب الثاني يقتضي باعتبار التعريف عليه فافهم. قوله: "التغيير الأول" أي الانتقال من الوقف إلى الرفع. قوله: "لم تختلف بعد" أي الآن أي حين التغيير الأول أي لأن حقيقة اختلاف الأشياء أن يخلف كل منها الآخر. قوله: "على صفة" أي حال والجار والمجرور حال من وضع. واحترز بقوله على صفة إلخ عن الوضع لا على تلك الصفة فلا يسمى بناء لغة كوضع ثوب على ثوب. وقوله الثبوت أي مدة طويلة فأل للعهد ولم يعبر بالثبات المشهور استعماله في الدوام لإيهامه الدوام الحقيقي. فإن قلت التعبير بالثبوت يوهم أن المراد به ما يقابل الانتفاء قلت القرينة الظاهرة مانعة من ذلك وهي لزوم عدم الفائدة في قوله على صفة إلخ على فرض أن يراد من الثبوت ما قابل الانتفاء لانفهام الثبوت بمعنى مقابل الانتفاء من قوله وضع شيء على شيء، فاندفع ما اعترض به البعض. قوله: "لا لبيان إلخ" خرج به الإعراب. قوله: "من شبه الإعراب" بكسر فسكون أو بفتحتين أي مشابهه في كون كل حركة أو سكونًا أو حرفًا أو حذفًا ومن بيان لما. قوله: "وليس" أي ما جيء به. وقوله حكاية إلخ أي لأجل الحكاية كما في من زيدًا حكاية لمن قال رأيت زيدًا، أو الاتباع كما في الحمد لله بكسر الدال اتباعًا لكسر اللام، أو النقل كما في فمن أوتي بنقل ضمة الهمزة إلى النون أو التخلص من التقاء الساكنين كما في اضرب الرجل فهذه
74 | 435(1/73)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"والاسم منه" أي بعضه "معرب" على الأصل فيه ويسمى متمكنًا "و" منه أي وبعضه الآخر "مبني" على خلاف الأصل فيه ويسمى غير متمكن ولا واسطة بينهما على الأصل الذي ذهب إليه الناظم ويعلم ذلك من قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحركات ليست إعرابًا ولا بناء بل الإعراب والبناء مقدران منع من ظهورهما هذه الحركات. ولا ينافي هذا ما سيأتي من عدم الاتباع والتخلص من أسباب البناء على حركة لأن ما هنا فيما إذا كان التابع والمتبوع والساكنان في كلمتين وما سيأتي فيما إذا كان ذلك في كلمة، وكان عليه أن يقول ولا مناسبة ولا وقفًا ولا تخفيفًا ولا إدغامًا، ولكن درج على التعريف بالأعم. قوله: "لزوم آخر الكلمة" كان الأولى إسقاط آخر لأن المبني قد يكون حرفًا واحدًا كتاء الفاعل. والمراد باللزوم عدم التغير لعامل فلا يرد أن في آخر حيث لغات: الضم والفتح والكسر. قوله: "حركة أو سكونًا" كان عليه أن يزيد أو حرفًا أو حذفًا، وأمثلة الأربعة: هؤلاء، كم، لا رجلين، ارم، فدخل في تعريف البناء بناء اسم لا والمنادى للزومهما حالة واحدة ما داما منادى واسم لا ويحتمل تخصيص التعريف بالبناء الأصلي فلا يردان لعروض بنائهما.قوله: "لغير عامل" متعلق بلزوم وخرج به نحو سبحان والظرف غير المتصرف كلدى بناء على إعرابها كما سيأتي في الإضافة والاسم الواقع بعد لولا الامتناعية فإن لزومها حالة واحدة للعامل وهو أسبح في الأول ومتعلق الظرف في الثاني والابتداء في الثالث.
قوله: "أو اعتلال" خرج به نحو الفتى، وأورد عليه أن المراد اللزوم لفظًا وتقديرًا والفتى غير لازم تقديرًا بل هو متغير تقديرًا فهو خارج من قولنا لزوم فلا حاجة إلى قوله أو اعتلال في إخراج ما ذكر. ويمكن الاعتذار عنه بأنه لما كان لازمًا بحسب الظاهر وداخلًا بحسبه في اللزوم أتى بما يخرجه صريحًا. هذا وفي كلام الشارح لف ونشر مرتب فقوله لغير عامل راجع لقوله حركة وقوله أو اعتلال راجع لقوله سكونًا كما قاله شيخنا السيد عن الشيخ يحيى، والأولى رجوع قوله لغير عامل إلى الأمرين. قوله: "والمناسبة في التسمية" أي تسمية الإعراب والبناء باللفظي على المذهب الأول وتسميتها بالمعنوي على المذهب الثاني. قوله: "ظاهرة" لأن ما جيء به للبيان أولًا للبيان من الحركات أو غيرها أمر ملفوظ به والتغير واللزوم معنيان من المعاني المعقولة. قوله: "أي بعضه" تفسير من ببعض أقرب إلى مذهب الزمخشري الجاعل من التبعيضية اسمًا بمعنى بعض وعليه فمن مبتدأ ومعرب خبر وهذا أحسن في المعنى. وأما على مذهب الجمهور من حرفيتها فمعرب مبتدأ ثان مؤخر ومنه خبر مقدم ويكون تفسيره المذكور بيانًا لحاصل المعنى. قوله: "على الأصل" أي الراجح والغالب. قوله: "ويسمى متمكنًا" فإن كان متصرفًا يسمى متمكنًا أمكن.
قوله: "ومنه أي وبعضه" دفع بتقدير ذلك ما يوهمه ظاهر العبارة من انصباب المعرب والمبني على شيء واحد ومن أن المعرب والمبني معًا بعض. وقوله الآخر أفاد به أن هذا التقسيم للحصر وإن لم تفده العبارة والدليل على ذلك ما سيذكره من أن علة البناء شبه الحرف شبهًا قويًّا
75 | 435(1/74)
المعرب والمبني
كالشبه الوضعي في اسمي جئتنا والمعنوي في متى وفي هنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومعرب الأسماء ما قد سلما من شبه الحرف وبناؤه "لشبه من الحروف مدني" أي مقرب لقوته يعني أن علة بناء الاسم منحصرة في مشابهته الحرف شبهًا قويًّا يقربه منه. والاحتراز بذلك من الشبه الضعيف وهو الذي عارضه شيء من خواص الاسم "كالشبه الوضعي" وهو أن يكون الاسم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأن المعرب ما سلم من هذا الشبه. قال السندوبي: وكما لا تقتضي عبارته الحصر لا تقتضي ثبوت الواسطة خلافًا لبعض الشراح. فإن قلت: ما تصنع في من التبعيضية فإنها تقتضي ذلك. قلت: هي هنا على حد قوله تعالى: {فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَر} [البقرة: 253]، وقولهم منا ظعن ومنا أقام إذ ليس في الآية والشاهد إلا قسمان فكذلك قول الناظم والاسم إلخ. ا. هـ. وحاصل الجواب أن من التبعيضية إنما تقتضي بعضية مدخولها وكل من المعرب والمبني على حدته مدخول لها لا مجموعها لما عرفت من أن التقدير منه معرب ومنه مبني فالذي تقتضيه العبارة أن كلًّا بعض من الاسم وهو صحيح. قوله: "ولا واسطة" كان المناسب التفريع إلا أنه راعى قوله على الأصح فقط فترك التفريع. قوله: "على الأصح" وقيل المضاف إلى ياء المتكلم لا معرب ولا مبني والصحيح أنه معرب. وذهب بعضهم إلى أن الأسماء قبل التركيب لا معربة ولا مبنية وسينقل الشارح هذا قبيل قوله ومعرب الأسماء. قوله: "ويعلم ذلك" أي عدم الواسطة. قوله: "من قوله ومعرب الأسماء إلخ" أي مع قوله هنا ومبني لشبه إلخ. قوله: "وبناؤه" أي الواجب فلا يرد على الناظم ما سيأتي في الإضافة أن من أسباب البناء الإضافة إلى مبني لأنها مجوزة. وإنما قدر الشارح ذلك مع أنه يصح تعلق قوله لشبه بقوله مبني ليتوافق قسمًا التقسيم في الإطلاق فيتناسبا، وليفيد انحصار البناء في كونه لشبه الحرف على حد الكرم في العرب لأن الإضافة تأتي لما تأتي له اللام ولهذا قال الشارح يعني أن علة بناء الاسم منحصرة إلخ. قوله: "لشبه من الحروف مدني" اعترض على التعليل بأنه يقتضي تقدم وضع الحرف على وضع الاسم وإلا لزم حمل الاسم الموجود على الحرف المعدوم ولا معنى لذلك مع أن اللائق تقدم وضع الاسم لشرفه. وأجيب بأنا لا نسلم ذلك الاقتضاء فإنه يمكن مع تقدم وضع الاسم إلحاقه بالحرف مع تأخر وضعه بأن يوضع الاسم أولًا من غير نظر إلى حكمه من إعراب أو بناء، ثم الحرف ثانيًا، ثم يحكم للاسم بحكم الحرف لوجود المشابهة، وأيضًا يجوز أن يكون بناء الاسم لشبه الحرف باعتبار تعقل الواضع وما رتبه في عقله بأن يكون تعقل أولًا الأنواع الثلاثة عند إرادة وضعها ولاحظ معانيها ومقتضاها وحكم باستحقاق بعضها الحمل على بعض فيما يقتضيه من الحكم. وإنما اكتفى في بناء الاسم بشبهه للحرف من وجه واحد ولم يكتف في منع الصرف بشبه الفعل إلا من جهتين جهة اللفظ وجهة المعنى لأن الشبه الواحد بالحرف يبعده عن الاسمية ويقربه من الحرف الذي ليس بينه وبينه مناسبة إلا في الجنس الأعم وهو الكلمة، والفعل ليس كالحرف في البعد عن الاسم لأن كلًا منهما له معنى في نفسه بخلاف الحرف. وإنما لم يعرب الحرف إذا
76 | 435(1/75)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موضوعًا على صورة وضع الحروف. بأن يكون قد وضع على حرف أو حرفي هجاء كما "في اسمي" قولك "جئتنا" وهما التاء ونا؛ وإذ الأول على حرف والثاني على حرفين، فشابه الأول الحرف الأحادي كباء الجر، وشابه الثاني الحرف الثنائي كعن. والأصل في وضع الحروف أن تكون على حرف أو حرفي هجاء، وما وضع على أكثر فعلي خلاف الأصل.
وأصل الاسم أن يوضع على ثلاثة فصاعدًا فما وضع على أقل منها فقد شابه الحرف في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أشبه الاسم كما بني الاسم إذا أشبه الحرف لعدم فائدة الإعراب في الحرف وهي تمييز المعاني المتواردة على اللفظ المفتقرة إلى الإعراب لأن الحرف لا تتوارد عليه تلك المعاني.
قوله: "منحصرة في مشابهة الحرف إلخ" أي خلافًا لمن يجعل البناء بغير شبه الحرف أيضًا كشبه الفعل كما في نزال المشابه لأنزل، وشبه شبه الفعل كما في حذام المشابه لنزال المشابه لأنزل، والوقوع موقع الضمير كما في المنادى والتركيب كما في اسم لا وكل هذه في التحقيق ترجع لشبه الحرف. قوله: "وهو الذي عارضه إلخ" كما في أي فإنها سواء كانت موصولة أو شرطية أو استفهامية مشابهة للحرف، ولكن عارض شبهها للحرف لزومها الإضافة التي هي من خواص الأسماء. قوله: "كالشبه الوضعي" نسبة الشبه إلى الوضع نسبة له إلى وجهه. فإن قلت: قال سيبويه: إذا سميت بباء اضرب قلت: اب باجتلاب همزة الوصل وبالإعراب، وقال غيره قلت رب بالإتيان بما قبل الحرف وبالإعراب وهذا ينافي اقتضاء الشبه الوضعي للبناء. قلت: لا منافاة لأن شرط تأثير هذا الشبه كونه بأصل وضع اللغة بخلاف وضع التسمية فإنه عارض فضعف عن تأثير البناء ولما كان التعبير بالوضعي منبهًا على شرط تأثير هذا الشبه اختاره على التعبير باللفظي الأنسب في مقابلة المعنوي ولعل الإتيان بهمزة الوصل أو بما قبل الحرف لتكون الكلمة ثنائية فيكون لها نظير بحسب الظاهر في الإعراب بالحركات كيد ودم، فاندفع ما نقله البعض عن الطبلاوي وسكت عليه من استشكال الإتيان بالهمزة مع تحرك الآخر بحركات الإعراب وإنما قدم الوضعي مع إنكار كثيرين له تقديمًا للحسي أو اهتمامًا به لكونه في مظنة المنع.
قوله: "على صورة وضع الحرف" المصدر بمعنى المفعول والإضافة بيانية أي موضوع هو الحرف قاله شيخنا السيد. قوله: "قد وضع على حرف إلخ" بالتنوين والإضافة على حد: قطع الله يد ورجل من قالها. قوله: "في اسمي جئتنا" الإضافة على معنى من واشتراط صحة الإخبار بالمضاف إليه عن المضاف في الإضافة التي على معنى من فيما إذا كان المضاف إليه جنسًا للمضاف أفاده الروداني. قوله: "قولك" ذكره لزيادة الإيضاح لا لما قيل من أنه لو لم يذكره لم يصح التمثيل لأن المراد حينئذٍ لفظ جئتنا والذي يراد لفظه علم كما سلف فتكون التاء ونا فيه كالزاي من زيد لا اسمين لأن المراد اسمي مسمى جئتنا التي نطق بها المصنف وهو جئتنا المستعمل في معناه كما في قولك جئتنا يا زيد والتاء ونا فيه اسمان لا نفس جئتنا التي نطق بها المصنف حتى يلزم ما ذكر على أن إرادة لفظ جئتنا ثقة مع تقدير القول أيضًا فلو تم ما قيل لم يخلص منه تقدير القول فتأمل. قوله: "كعن" هذا على مذهب غير الشاطبي ولو جرى عليه لقال
77 | 435(1/76)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وضعه واستحق البناء. وأعرب نحو يد ودم لأنهما ثلاثيان وضعًا.
تنبيه: قال الشاطبي: نا في قوله جئتنا موضوعة على حرفين ثانيهما حرف لين وضعًا أوليًّا كما ولا، فإن شيئًا من الأسماء على هذا الوضع غير موجود نص عليه سيبويه والنحويون، بخلاف ما هو على حرفين وليس ثانيهما حرف لين فليس ذلك من وضع الحرف والمختص به؛ ثم قال: وبهذا بعينه اعترض ابن جني على من اعتل لبناء كم ومن بأنهما موضوعان على حرفين فأشبها هل وبل. ثم قال: فعلى الجملة وضع الحرف المختص به إنما هو إذا كان ثاني الحرفين حرف لين على حد ما مثل به الناظم، فما أشار إليه هو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما ولا. قوله: "والأصل في وضع الحروف إلخ" أراد بالأصل الغالب فلا يرد قول الصرفيين الأصل في كل كلمة أن توضع على ثلاثة أحرف حرف يبتدأ به وحرف يوقف عليه وحرف يتوسط بينهما لأن مرادهم بالأصل الملائم للطبع. قوله: "أو حرفي هجاء" ظاهره ولو كان ثانيهما غير حرف لين وهو مذهب غير الشاطبي بكون الثاني حرف لين كما سيذكره الشارح. قوله: "وأعرب نحو يد ودم إلخ" جواب سؤال مقدر وارد على قوله فما وضع على أقل منها إلخ وحاصله أنهم أعربوا ذلك مراعاة لأصله كما راعوه في التصغير والنسب فأعادوا الياء مع قلبها واوًا في النسب على ما سيأتي فقالوا في التصغير يدية ودمي وفي النسب يدوي ودموي، وكذا راعوه في التثنية على شذوذ فقد جاء شذوذًا يديان ودميان ودموان قاله السيوطي في جمع الجوامع. قال البعض: قد يقال حكمة عدم مراعاتهم الأصل في التثنية أي على اللغة غير الشاذة أنه لما طالت الكلمة بحرفي التثنية لم تعد الياء لئلا يتزايد الثقل ولغة العرب مبنية على التخفيف ما أمكن. ا. هـ. وهذا غير صحيح لوجود الطول بحرفين في النسب إلى يد ودم لأن ياء النسب بحرفين وفي تصغير يد لأن المؤنث بلا تاء إذا صغر لحقته التاء كما سيأتي مع أنهم أعادوا الياء فيهما فلعل ترك إعادتها في التثنية على اللغة الكثيرة للتخفيف لأن استعمال تثنية يد ودم أكثر من استعمال تصغيرهما ونسبهما إليه فتنبه.
قوله: "قال الشاطبي" هو أبو إسحق شارح المتن وأما القارئ صاحب حرز الأماني فهو أبو القاسم وما قاله الشاطبي قال يس هو الحق لكن رجح الشيخ يحيى في حواشيه على المرادي ما لغير الشاطبي. قوله: "وضعًا أوليًّا" احتراز عن نحو شربت ما بالقصر والوقف لأن وضعه على حرفين ثانوي عرض بالتغيير لا أولى فلا يعتد به. قوله: "فإن شيئًا" علة لمحذوف تقديره وهذا الوضع خاص بالحرف لأن شيئًا إلخ. قوله: "من الأسماء" أي المعربة لوجود أسماء مبنية على هذا الوضع كما الموصولة والشرطية والاستفهامية. وقال الدماميني: المراد الأسماء البحتة أي التي لا تؤدي مع المعنى الاسمي معنى الحرف فلا يرد نحو ما المذكورة. قوله: "فليس ذلك من وضع الحرف المختص به" لوجوده في الاسم معربًا نحو مع بناء على القول بأنها ثنائية وضعًا. وقيل ثلاثية وضعًا وأصلها معي ونحو قد الاسمية التي بمعنى حسب بناء على لغة إعرابها وإن كان
78 | 435(1/77)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التحقيق؛ من أطلق الوضع على حرفين وأثبت به شبه الحرف ليس إطلاقه بشديد. ا. هـ.
"و" كالشبه "المعنوي" وهو أن يكون الاسم قد تضمن معنى من معاني الحروف، لا بمعنى أنه حل محلًّا هو للحرف كتضمن الظرف معنى في والتمييز معنى من بل بمعنى أنه خلف حرفًا في معناه: أي أدى به معنى حقه أن يؤدى بالحرف لا بالاسم. سواء تضمن معنى حرف موجود كما "في متى" فإنها تستعمل للاستفهام نحو متى تقوم، وللشرط نحو متى تقم أقم، فهي مبنية لتضمنها معنى الهمزة في الأول ومعنى إن في الثاني، وكلاهما موجود أو غير موجود "و" ذلك كما "في هنا" أي أسماء الإشارة فإنها مبنية لأنها وتضمنت معنى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الغالب بناءها. قوله: "وبهذا بعينه" أي كون الوضع على حرفين المختص بالحرف أن يكون الثاني حرف لين. قوله: "على من اعتل إلخ" أي فالصحيح على ما ذكره الشاطبي أن علة بناء كم الشبه المعنوي لتضمنها معنى همزة الاستفهام إن كانت استفهامية ومعنى رب التكثيرية إن كانت خبرية. وعلة بناء من الشبه المعنوي إن كانت استفهامية أو شرطية، والافتقاري إن كانت موصولة، وحملت النكرة الموصوفة على الموصولة فلا إشكال. قوله: "فعلى الجملة" أي أقول قولًا مشتملًا على الجملة أي الإجمال أو جملة الأحوال وجميعها قال المنوفي وكان حكمة الاختصاص كون الحرف آلة للغير فخفف في وضعه.
قوله: "قد تضمن معنى" أي زيادة على معناه الأصلي الموضوع له أو لا وبالذات ولكون وضعه له أولًا وبالذات ووضعه لمعنى الحرف ثانيًا وبالعرض جعل اسمًا ولم يجعل حرفًا، ولذا قال: تضمن ولم يقل: وضع لئلا يتوهم منه الوضع الأولى وإنما راعينا تضمنه معنى الحرف فبنيناه وفاء بحق العنى الثانوي أيضًا. والحاصل أنا راعينا ما وضع له أولًا فجعلناه اسمًا وما وضع له ثانيًا فبيناه وفاء بحق المعنيين. قوله: "من معاني الحروف" أي من المعاني التي حقها أن تؤدي بالحروف وهي النسب الجزئية الغير المستقلة بالمفهومية على ما اختاره العضد والسيد الجرجاني ونقله شيخنا السيد في باب النكرة والمعرفة عن الشاطبي عن جميع النحاة إلا أبا حيان من أن معاني الحروف جزئيات وضعًا واستعمالًا، فعلى هذا يكون المتبادر من عبارة الشارح أن المعنى الذي تضمنه الاسم المبني النسبة الجزئية. وقال الروداني: المراد بالمعنى هنا متعلق المعنى لا النسبة الجزئية التي حقق السيد أنها معنى الحرف. ا. هـ. والظاهر أن مراده بمتعلق المعنى كليه كما في فن البيان، ولعل وجه ما ذكره أنه المتبادر من مثل قولهم تضمنت من الاستفهامية الاستفهام والشرطية الشرط وغير ذلك. قوله: "لا بمعنى أنه حل محلًا هو للحرف" أي بحيث يكون الحرف منظورًا إليه جائز الذكر لكون الأصل في الموضع ظهوره وإنما نفى التضمن بهذا المعنى لأنه بهذا المعنى لا يقتضي البناء.
قوله: "خلف حرفًا في معناه" أي في إفهام معناه أي بحيث صار الحرف مطروحًا غير منظور إليه وغير جائز الذكر مع الاسم. قوله: "سواء تضمن إلخ" تعميم في قوله أن يكون الاسم قد تضمن معنى إلخ. قوله: "أو غير موجود" معطوف على قوله موجود من قوله سواء تضمن
79 | 435(1/78)
المعرب والمبني
وكنيابة عن الفعل بلا تأثر وكافتقار أصلًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حرف كان من حقهم أن يضعوه فما فعلوا؛ لأن الإشارة معنى حقه أن يؤدى بالحرف كالخطاب والتنبيه "وكنياية عن الفعل" في العمل "بلا تأثر"بالعوامل ويسمى الشبه الاستعمالي، وذلك موجود في أسماء الأفعال فإنها تعمل نيابة عن الأفعال، ولا يعمل غيرها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معنى حرف موجود. قوله: "فما فعلوا" قال يس: نوزع فيه بأنهم قد صرحوا بأن اللام العهدية يشار بها إلى معهود ذهنًا أو خارجًا وهي حرف فقد وضعوا للإشارة حرفًا. ا. هـ. وأجيب بأن المراد بالإشارة التي لم يضعوا لها حرفًا الإشارة الحسية وهي ما كانت بشيء من المحسوسات كاليد والرأس والإشارة بأل ليست كذلك، هذا وقد نقل ابن فلاح عن أبي علي كما في نكت السيوطي أن هنا بنيت لتضمنها معنى أل كأمس وعلى هذا فقد تضمنت معنى حرف موجود. قوله: "حقه أن يؤدي إلخ" لكونه نسبة مخصوصة بين المشير والمشار إليه، كما أن الخطاب مثلًا نسبة مخصوصة بين المخاطب والمخاطب، والتنبيه نسبة مخصوصة بين المنبه والمنبه. قوله: "وكنيابة" أي وكشبه نيابة أي شبه في نيابة كما يفيده عطفه على قوله كالشبه الوضعي ومثله يقال في قوله وكافتقار أصلًا. قوله: "في العمل" زاد في التصريح والمعنى. قوله: "بلا تأثر" التأثر قبول الأثر الذي هو الإعراب، فالمعنى يبنى الاسم لشبهه الحرف في مجموع شيئين: النيابة وعدم قبول الإعراب بحسب وضعه ومعناه بأن يأبى وضعه ومعناه الإعراب، وبقولنا بحسب وضعه ومعناه اندفع عن المصنف ما أوردوه عليه من أن التأثر قبول الأثر الذي هو الإعراب فكأنه قال: يبني الاسم لعدم قبوله الإعراب وهو غير مستقيم لما فيه من التهافت، ولأن عدم التأثر مسبب عن البناء فهو متأخر عنه، وجعل سببًا له يقتضي تقدمه وهذا تناف. وأجيب أيضًا بأن المراد بعدم التأثر سببه وهو عدم تسلط العامل عليه ونظر فيه بأن عدم تسلط العامل فرع البناء فهو متأخر عنه فلا يصلح سببًا له لتقدم السبب. ولك أن تمنع الفرعية فتأمل. فإن قلت: وجه الشبه ينبغي أن يكون في المشبه به أصلًا، وهل وجه الشبه هنا وهو مجموع النيابة عن الفعل وعدم التأثر بالعامل أصل في الحرف؟ قلت: لا شك أن عدم التأثر بالعامل أصل في الحرف دون الاسم لأن الأصل في الاسم الإعراب فبتسليم أن النيابة عن الفعل أصل في كل من الاسم والحرف لا في الحرف فقط تكون أصالة وجه الشبه بالمشبه به باعتبار أحد جزأي وجه الشبه وهو عدم التأثر هكذا ينبغي تقرير السؤال والجواب ومنه يعرف ما في صنيع البعض.
فائدة: قال الشيخ خالد: بلا تأثر متعلق بمحذوف نعت لنيابة ولا هنا اسم بمعنى غير نقل إعرابها إلى ما بعدها لكونها على صورة الحرف وتأثر مصدر حذف متعلقه والتقدير وكنيابة كائنة بغير تأثير بعامل. ا. هـ. أقول: لم قيل بنقل إعراب لا إلى تأثر وتقدير إعراب تأثر مع أن ذلك خلاف الظاهر، ولم لم يقل بأن لا معربة محلًا أو تقديرًا وأنها مضافة إلى تأثر وأن جر تأثر إعراب له لا للا إلا أن يستأنس لما مر بالقياس على نقل إعراب إلا بمعنى غير إلى ما بعدها كما في: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] فتأمل. قوله: "ويسمى الشبه الاستعمالي" الضمير يعود إلى معلوم من السياق أي يسمى الشبه في النيابة بلا تأثر الشبه الاستعمالي ومثله يقال في
80 | 435(1/79)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيها بناء على الصحيح من أن أسماء الأفعال لا محل لها من الإعراب كما سيأتي، فأشبهت ليت ولعل مثلًا؛ ألا ترى أنهما نائبتان عن أتمنى وأترجى، ولا يدخل عليهما فاعل.
والاحتراز بانتفاء التأثر عما ناب عن الفعل في العمل ولكنه يتأثر بالعوامل كالمصدر النائب عن فعله فإنه معرب لعدم كمال مشابهته للحرف "وكافتقار أصلًا" ويسمى الشبه الافتقاري وهو أن يفتقر الاسم إلى الجملة افتقارًا مؤصلًا أي لازما كالحرف، كما في إذ وإذا وحيث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ويسمى الشبه الافتقاري. قوله: "وذلك موجود في أسماء الأفعال" فكلها مبنية للشبه الاستعمالي وفتحة نحو وراءك فتحة حكاية لما قبل نقله من الظرفية إلى اسمية الفعل خلافًا لابن خروف في جعله معربًا بالفتحة منصوبًا بما ناب عنه كنصب المصدر. قوله: "ولا يعمل غيرها فيها" أي لعدم دخول عامل عليها، ولو قال: ولا يدخل عليها عامل لكان أوضح لإيهام ما عبر به أن العامل قد يدخل عليها ولا يعمل مع أن العامل لا يدخل عليها اتفاقًا، ولا يرد قول زهير:
فلنعم حشو الدرع أنت إذا دعيت نزال ولج في الذعر لأنه من الإسناد إلى اللفظ.
قوله: "بناء على الصحيح" مقابلة أنها مبتدأ أغنى فاعلها عن الخبر كما لجماعة أو مفعول مطلق لمحذوف وجوبًا موافق لها في المعنى بناء على أنها موضوعة للحدث كما لجماعة منهم المازني، وانظر ما علة البناء على هذين القولين. قوله: "نائبتان عن أتمنى وأترجى" لعل معنى نيابتهما عن الفعلين إفادتهما معناهما لا أن الأصل ذكر الفعلين فتركا وأقيم مقامهما الحرفان كما في نيابة حرف النداء عن ادعو. قوله: "كالمصدر النائب إلخ" مبني على أحد مذهبين ثانيهما أن المنصوب بعده معمول للفعل المحذوف لا له وعليه فهو نائب عن الفعل معنى لا عملًا. وإنما قيد بالنائب لأنه العامل لزومًا وغيره وإن كان أيضًا يتأثر بالعوامل تارة يعمل وتارة لا. قوله: "أصلًا" ألفه للإطلاق ولو جعلها ضمير تثنية عائدًا على نيابة وافتقار لصلح واستغنى عن قوله بلا تأثر المسوق لإخراج المصدر النائب عن فعله لأن نيابته عنه عارضة في بعض التراكيب بخلاف اسم الفعل فإن نيابته عنه متصلة حقيقة في المرتجل كآمين وتنزيلًا في المنقول كوراءك. قوله: "وهو" أي الشبه الافتقاري، أن يفتقر الاسم، أي ذو أن يفتقر الاسم، أو الضمير راجع إلى افتقار. قوله: "إلى الجملة" أي أو ما قام مقامها كالوصف في أل الموصولة أو عوض عنها كالتنوين في إذ. ا. هـ. دنوشري. ولعله أخذ التقييد بالجملة من جعل تنوين افتقار للتعظيم وهو أولى من جعل شيخنا إياه للتنويع لأن النوع كما يتحقق بالافتقار إلى الجملة يتحقق بغيره. ولا يرد على كلامه القول المقصود منه الحكاية لعدم افتقاره دائمًا إلى الجملة أو المفرد القائم مقامها كالقصيدة والشعر لأنه قد ينصب المفرد المراد به لفظه كقلت زيدًا أي قلت هذا اللفظ والمفرد الواقع على مفرد كقلت كلمة إذا كنت تلفظت بزيد مثلًا، وقد ينزل منزلة الفعل اللازم فلا ينصب شيئًا. هكذا ينبغي تقرير المقام ومنه يعلم ما في كلام البعض.
81 | 435(1/80)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والموصلات الاسمية. أما ما افتقر إلى مفرد كسبحان، أو إلى جملة لكن افتقارًا غير مؤصل أي غير لازم كافتقار المضاف في نحو: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} [المائدة: 119] إلى الجملة بعده فلا يبني لأن افتقار يوم إلى الجملة بعده ليس لذاته وإنما هو لعارض كونه مضافًا إليها، والمضاف من حيث هو مضاف مفتقر إلى المضاف إليه، ألا ترى أن يومًا في غير هذا التركيب لا يفتقر إليها نحو هذا يوم مبارك؛ ومثله النكرة الموصوفة بالجملة فإنها مفتقرة إليها لكن افتقارًا غير مؤصل لأنه ليس لذات النكرة وإنما هو لعارض كونها موصوفة لها، والموصوف من حيث هو موصوف مفتقر إلى صفته وعند زوال عارض الموصوفية يزول الافتقار.
تنبيهات: الأول إنما أعربت أي الشرطية والاستفهامية والموصولة وذان وتان واللذان واللتان لضعف الشبه بما عارضه في أي من لزوم الإضافة. وفي البواقي من وجود التثنية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "أي لازمًا" تفسير مراد إذ المؤصل غير العارض لكن لما كان من شأنه اللزوم أطلق وأريد به اللازم فهو من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم بحسب الشأن. قوله: "كالحرف" إنما افتقر الحرف في إفادة معناه إلى الجملة لأنه وضع لتأدية معاني الأفعال أو شبه الأفعال إلى الأسماء. قوله: "كسبحان" أي على المشهور من مذهبين ثانيهما أنه يستعمل مضافًا وغير مضاف كقوله:
سبحان من علقمة الفاخر أي براءة منه قال عبد الحكيم في حواشيه على شرح المواقف سبحان نصب على المصدر بمعنى التنزيه والتبعيد من السوء الأصل سبحت بتشديد الباء سبحانًا حذف الفعل وجوبًا لقصد الدوام وأقيم المصدر مقامه وأضيف إلى المفعول فهو مصدر من الثلاثي استعمل بمعنى مصدر الرباعي كما في أنبت الله نباتًا. ويجوز أن يكون مصدر سبح في الأرض والماء كمنع إذا ذهب وأبعد أي أبعد من السوء إبعادًا أو من إدراك العقول وإحاطتها فيكون مضافًا إلى الفاعل. ولا يجوز أن يكون من سبح سبحانًا كمنع أو سبح تسبيحًا إذا قال: سبحان الله فيهما للزوم الدور. ا. هـ. مع بعض إيضاح وزيادة من القاموس. وفي كونه علم جنس على التنزيه أو غير علم خلاف. قوله: "فلا يبني" جواب أما أي فلا يبنى وجوبًا أعم من أن لا يبنى أصلًا كما في سبحان أو يبنى جوازًا كما في يوم وببنائه على الفتح قرأ نافع. قوله: "وعند زوال عارض الموصوفية" كذا في نسخ وهو المناسب لقوله قبل لعارض كونها موصوفة وفي نسخ الوصفية وهو لا يناسب ما قبله إلا أن يجعل المصدر من المبني للمفعول فيكون بمعنى ما في النسخ الأولى. قوله: "إنما أعربت إلخ" جواب سؤال وارد بالنظر إلى أي الشرطية والاستفهامية وذان وتان على الشبه المعنوي، وبالنظر إلى أي الموصولة واللذان واللتان على الشبه الافتقاري.
قوله: "من لزوم الإضافة" أي المفرد فخرج باللزوم كم فإنها قد تضاف إلى المفرد وقد لا تضاف أصلًا وبالمفرد إذ وإذا وحيث فإنها إنما تضاف إلى الجملة ولدن فإنها قد تضاف إلى
82 | 435(1/81)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهما من خواص الأسماء، وإنما بنيت أي الموصولة وهي مضاف لفظًا إذا كان مصدر صلتها ضميرًا محذوفًا نحو: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدّ} [مريم: 69] قرئ بضم أي بناء، وبنصبها لأنها لما حذفت صدر صلتها نزل ما هي مضافة إليه منزلته فصارت كأنها منقطعة عن الإضافة لفظًا ونية مع قيام موجب البناء، فمن لاحظ ذلك بنى ومن لاحظ الحقيقة أعرب. فلو حذف ما تضاف إليه أعربت أيضًا لقيام التنوين مقامه كما في كل. وزعم ابن الطراوة أن أيهم مقطوعة عن الإضافة فلذلك بنيت، وأن هم أشد مبتدأ وخبر. ورد برسم المصحف الضمير متصلًا، والإجماع على أنها إذا لم تضعف كانت معربة. وإنما بنى الذين وإن كان الجمع من خواص الأسماء لأنه لم يجر على سنن الجموع لأنه أخص من الذي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المفرد وقد، تضاف إلى الجملة فلم يوجد المعارض ولو سلم وجوده في لدن فإعراب لدن لغة والمعارض قد لا يمنع إلا تحتم البناء. وبهذا الأخير يجاب عن إيراد قد الاسمية لأن فيها أيضًا لغتي الإعراب والبناء. قوله: "من وجود صورة التثنية" اعترض بأن من قال بالإعراب حكم بأن التثنية حقيقية ومن قال بالبناء لاشتراطه في إعراب التثنية إعراب المفرد وقبوله التنكير وهو الأصح حكم بأنها صورية لأن مفرد ما ذكر مبني لا يقبل التنكير، والشارح لفق بين القولين فحكم أولًا بالإعراب وثانيًا بأن التثنية صورية والجواب منع التلفيق بل هو جار على القول بالإعراب ولا ينافيه التعبير بالصورة لأنه لما لم تجيء هذه التثنية على قياس التثنية لأن قياس تثنية ما كان كذا وتا والذي والتي ذيان وتيان واللذيان واللتيان كان كأنها غير حقيقة فلذلك قال صورة. قوله: "وهما" أي الإضافة والتثنية. قوله: "إنما بنيت أي الموصولة" دفع لما يرد على قوله لضعف الشبه بما عارضه إلخ وكذا قوله فيما يأتي وإنما بنى الذين إلخ. قوله: "وبنصبها" ذكره زيادة فائدة ولا دخل له في الإيراد وهذه القراءة شاذة. قوله: "كأنها منقطعة عن الإضافة لفظًا ونية" أما الأول فللتنزيل المذكور. وأما الثاني فلأنه لا معنى لتقدير المضاف إليه مع وجوده لفظًا، ومصب كأن مجموع قوله لفظًا ونية لا كل واحد على حدته حتى يرد أنها على هذا التنزيل منقطعة عن الإضافة نية تحقيقًا فتأمل. قوله: "مع قيام موجب البناء" وهو شبه الحرف في الافتقار اللازم إلى جملة.
قوله: "فمن لاحظ ذلك" أي التنزيل المذكور مع قيام موجب البناء. قوله: "ومن لاحظ الحقيقة" أي وجود المعارض للشبه من الإضافة. قوله: "فلو حذف ما تضاف إليه" أي سواء ذكر صدر الصلة أو حذف أعربت أيضًا أي كما أعربت حال الإضافة وحذف صدر الصلة على لغة. قوله: "لقيام التنوين مقامه" أي مقام ما تضاف إليه، ولما لم يحسن تنزيل هذا التنوين منزلة صدر الصلة لتكون كأنها منقطعة عن الإضافة فتبنى اتفق على إعرابها. قوله: "وزعم ابن الطراوة" هذا مقابل لقوله سابقًا وهي مضافة لفظًا إذا كان صدر صلتها ضميرًا محذوفًا إلخ. وحاصل ما زعمه ابن الطراوة شيئان ردهما الشارح على طريق اللف والنشر المشوش. قوله: "وإن كان الجمع" أي اللغوي فلا ينافي أنه اسم جمع والواو للحال. قوله: "لأنه لم يجر على سنن
83 | 435(1/82)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وشأن الجمع أن يكون أعم من مفرده ومن أعربه نظر إلى مجرد الصورة. وقيل هو على هذه اللغة مبني جيء به على صورة المعرب ذو وذات الطائيتين حملهما على ذي وذات بمعنى صاحب وصاحبة. الثاني عد في شرح الكافية من أنواع الشبه الشبه الإهمالي، ومثل له
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجموع" يرد عليه أن التثنية في ذان وتان واللذان واللتان لم تجر أيضًا على سنن التثنية لما مر. ويمكن دفعه بأن جهة عدم جريان التثنية فيما ذكر على سنن التثنية لفظية وجهة عدم جريان الجمع في الذين على سنن الجموع معنوية والجهة المعنوية أقوى فلهذا اعتبرت دون الجهة اللفظية. فاحفظه فإنه نفيس. قوله: "لأنه أخص من الذي" لأن الذي يستعمل في العاقل وغيره حقيقة والذين لا يستعمل حقيقة إلا في العاقل. قوله: "ومن أعربه" أي بالواو رفعًا بالياء نصبًا وجرًا نظر إلى مجرد الصورة أي إلى صورة الجمع المجردة عن النظر إلى المعنى من كونه أخص من مفرده. قوله: "على هذه اللغة" اسم الإشارة يرجع إلى لغة الإعراب لا بقيد كونه حقيقيًا فلا ينافي قوله بعد مني إلخ أو إلى لغة من ينطق بالواو في حال الرفع المعلومة من المقام.
قوله: "ومن أعرب ذو وذات" جواب سؤال وارد على الشبه الافتقاري. قوله: "الشبه الإهمالي" أي شبه الاسم الحرف المهمل في إهماله عن العمل أي كونه لا عاملًا ولا معمولًا. قال في التصريح. وأدخله ابن مالك في الشبه المعنوي وأدخله غيره في الاستعمالي. ا. هـ. وإنما يظهر القولان اللذان ذكرهما إذ لم يرد بالمعنوي والاستعمالي خصوص معناهما السابق بل أريد الأعم الشامل للشبه الإهمالي. وعد بعضهم من أنواع الشبه الشبه الجمودي والأقرب إرجاعه إلى الشبه الاستعمالي بمعنى يشمله لا بخصوص معناه السابق، وبعضهم الشبه اللفظي فقد ذكر الناظم أن حاشا الاسمية بنيت لشبهها الحرفية في اللفظ وكذا يقال في على الاسمية وكلا بمعنى حقًا وقد الاسمية. ونقل شيخنا السيد أن الشبه اللفظي مجوز للبناء لا محتم له، فعليه يجوز أن يكون حاشا وعلى وكلا الاسميات معربة تقديرًا كالفتى. وقد الاسمية معربة لفظًا وقد مر هذا. قوله: "ومثل له" أي للمشتمل عليه بفواتح السور أي نحو ص وق والم وهذا مبني على أنها لا محل لها لكونها متشابهة لا يعرف معناها ولم يصحبها عامل. أما على أنها أسماء للسور مثلًا وأن محلها رفع بالابتداء أو الخبرية، أو نصب على المفعولية لمحذوف أي اقرأ، أو جر بحرف القسم المقدر فليست من هذا النوع بل كان منها مفردًا كص أو موازن مفرد كحم موازن قابيل جاز إعرابه لفظًا أو تقديرًا بأن يسكن حكاية لحاله قبل العلمية وما عدا ذلك كالم وكهيعص يتعين فيه الثاني كذا في تفسير البيضاوي وحواشيه. وفي الهمع أن المفرد إذا أعرب يصرف ويمنع من الصرف باعتبار تذكير المسمى وتأنيثه، وأن موازنه إذا أعرب يمنع لموازنته الاسم الأعجمي، وأن ما لم يكن مفردًا ولا موازنه وأمكن جعله مركبًا مزجيًا كطسم يجوز فيه الحكاية وبناء الجزأين على الفتح كخمسة عشر والإعراب على الميم مع فتح النون أو على النون مع إضافة أول الجزأين لثانيهما وعلى هذا في ميم الصرف وعدمه بناء على تذكير الحرف وتأنيثه. ا. هـ. بتصرف وبقولنا ولم يصحبها عامل سقط ما للبعض من الاعتراض على التعليل بكونها متشابهة بأن كونها متشابهة
84 | 435(1/83)
المعرب والمبني
ومعرب الأسماء ما قد سلما من شبه الحرف كأرض وسما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بفواتح السور والمراد الأسماء مطلقًا قبل التركيب فإنها مبنية لشبهها بالحروف المهملة في كونها لا عاملة ولا معمولة. وذهب بعضهم إلى أنها موقوفة أي لا معربة. ولا مبنية، وبعضهم إلى أنها معربة حكمًا ولأجل سكوته عن هذا النوع أشار إلى عدم الحصر فيما ذكره بكاف التشبيه: "ومعرب الأسماء ما قد سلما من شبه الحرف" الشبه المذكور. وهذا على قسمين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا يقتضي عدم المحل وعدم الإعراب لثبوت ذلك في غيرها من المتشابه.
قوله: "والمراد" أي بما بني للشبه الإهمالي. وقوله: الأسماء أي التي لم تكن مبنية قبل التركيب وبعده لا كمتى وأين. وقوله: مطلقًا أي فواتح السور أولًا. والمراد بالتركيب كما قاله الغنيمي ما يشمل الإسنادي والإضافي. قوله: "وبعضهم إلى أنها معربة حكمًا" أي قابلة للإعراب فالخلاف بينه وبين ما قبله لفظي لأن الأول لا ينفي قبولها للإعراب والثاني لا ينفي كونها غير معربة ولا مبنية بالفعل فالخلاف بينهما إنما هو في التسمية وعدمها كذا قال البعض وهو يدل على أن القولين متفقان على أنها معربة بالمعنى المصطلح عليه في المعرب وهو ما سلم من شبه الحرف فرجع الخلاف إلى قولين فقط: كونها مبنية لشبهها بالحرف، وكونها معربة لسلامتها من شبهه. وقال في شرح الجامع وعلى أنها معربة حكمًا فللمعرب معنيان: أحدهما المتصف بالاختلاف بالفعل والثاني مقابل المبني فبين المبني والمعرب بالمعنى الثاني تقابل العدم والملكة، وبين المبني والمعرب بالمعنى الأول تقابل التضاد ولذا جاز ارتفاعهما. ا. هـ. ببعض تلخيص. وقال الجامي في شرح قول ابن الحاجب في كافيته: فالمعرب أي من الأسماء المركب الذي لم يشبه مبني الأصل أي المبني الذي هو أصل في البناء ما نصه: اعلم أن صاحب الكشاف جعل الاسماء المعدودة العارية عن المشابهة المذكورة معربة وليس النزاع في المعرب الذي هو اسم مفعول من قولك أعربت فإن ذلك لا يحصل إلا بإجراء الإعراب على آخر الكلمة بعد التركيب بل في المعرب اصطلاحًا، فاعتبر العلامة مجرد الصلاحية لاستحقاق الإعراب بعد التركيب وهو الظاهر من كلام الإمام عبد القاهر، واعتبر المصنف مع الصلاحية حصول الاستحقاق بالفعل ولهذا أخذ التركيب في تعريفه. وأما وجود الإعراب بالفعل في كون الاسم معربًا فلم يعتبره أحد ولذلك يقال لم يعرب الكلمة وهي معربة. ا. هـ. وهو حسن ينبغي أن يحمل عليه موهم خلافه. قوله: "ولأجل سكوته عن هذا النوع" أي وعن غيره كالشبه الجمودي وإن أوهم تقديمه الظرف خلافه.
قوله: "بكاف التشبيه" الأولى بكاف التمثيل. قوله: "ومعرب الأسماء" قال يس: الإضافة على معنى من وضابطها موجود وهو أن يكون بين المضاف والمضاف إليه عموم وخصوص من وجه. ا. هـ. واعتراض البعض عليه بأن شرط هذه الإضافة صحة حمل الثاني على الأول كخاتم حديد مدفوع بما مر عن الروداني من أن صحة الحمل أغلبي لا شرط لازم. وإنما صرح المصنف بتعريف معرب الأسماء مع انفهامه من قوله: ومبني لشبه من الحروف مدني. توطئة لتقسيمه إلى ظاهر الإعراب ومقدره. قوله: "ما قد سلما من شبه الحرف" ما واقعة على اسم فاندفع الاعتراض
85 | 435(1/84)
المعرب والمبني
وفعل أمر ومضي بنيا وأعربوا مضارعًا إن عريا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيح يظهر إعرابه "كأرض و" معتل يقدر إعرابه نحو "سما" بالقصر لغة في الاسم. وفيه عشر لغات منقولة عن العرب: اسم وسم وسمًا مثلثة، والعاشرة سماة. وقد جمعتها في قولي:
لغات الاسم قد حواها الحصر في بيت سمر وهو هذا الشعر
اسم وحذف همزة والقصر مثلثان مع سماة عشر تنبيه: بدأ في الذكر بالمعرب لشرفه، وفي التعليل بالمبني لكونه علته وجودية وعلة المعرب عدمية، والاهتمام بالوجودي أولى من الاهتمام بالعدمي، وأيضًا فلأن أفراد معلول علة البناء محصورة بخلاف علة الإعراب، فقدم علية البناء ليبين أفراد معلولها "وفعل أمر و"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بأن التعريف صادق على الحرف إذ الشيء لا يشبه نفسه. قوله: "الشبه المذكور" أشار به إلى أن الإضافة في شبه الحرف للعهد الذكرى والمعهود شبه الحرف المتقدم أعني المدني أي الذي لم يعارضه معارض. وبجعل الإضافة عهدية دخلت أي ونحوها من المعربات التي أشبهت الحرف شبهًا ضعيفًا فلا يقال التعريف غير جامع لخروج أي ونحوها لأن فيها شبهًا ضعيفًا فلا يقال غير جامع لخروج أي ونحوها لأن فيها شبهًا بالحرف. قوله: "يظهر إعرابه" أي إن لم يمنع من ظهوره مانع كوقف وإدغام وحكاية وتخفيف واتباع. قوله: "وفيه عشر لغات" بل ثمانية عشر جمعت في هذا البيت:
سم سمة اسم سماة كذا سما سماء بتثليث لأوّل كلها قوله: "في الذكر" أي ذكر قسمي الاسم ولو قال في التقسيم لكان أوضح إذ الذكر لا يخص التقسيم. قوله: "وفي التعليل" المراد بالتعليل ما يشمل الصريح كما في المبني والضمني كما في المعرب؛ لأن قوله ومعرب الأسماء ما قد سلما من شبه الحرف يتضمن تعليل الإعراب بسلامة الاسم من شبه الحرف لأن تعليق الحكم بالمشتق يؤذن بالعلية فلا يرد أن المصنف لم يعلل إعراب الاسم. والمراد أيضًا ما يشمل التعليل بعلة تامة كما في المبني والتعليل بعلة ناقصة كما في المعرب، فلا يرد أن علة إعراب الاسم ليست السلامة فقط بل توارد المعاني التركيبية المختلفة عليه مع السلامة. قوله: "فلأن" الفاء زائدة وهذا تعليل ثان لتقديم المبني في التعليل. قوله: "أفراد معلول علة البناء" أي أفراد موصوف معلول علة البناء لأن علة البناء شبه الحرف ومعلولها البناء وموصوفه المبني وأفراده النوعية محصورة لأنها المضمرات وأسماء الشرط وأسماء الاستفهام وأسماء الإشارة والأسماء الموصولة وأسماء الأفعال وأسماء الأصوات وكذا المنادى واسم لا إن جعل الكلام فيما يشمل البناء الأصلي والعارض ويصح أن يراد أفراده الشخصية فيتعين جعل الكلام في البناء الأصلي وإلا ورد أن أفراد المنادى واسم لا الشخصية غير محصورة. قوله: "بخلاف علة الإعراب" أي أفراد معلول علة الإعراب أي أفراد موصوف معلولها. قوله: "فقدم علة البناء ليبين أفراد معلولها" أي فيما يأتي وكان الأولى حذفه لأن تبيين أفراد معلول علة البناء لا
86 | 435(1/85)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فعل "مضي بنيا" على الأصل في الأفعال الأولى على ما يجزم به مضارعه من سكون أو حذف. والثاني على الفتح كضرب أو تقديرًا كرمي. وبني على الحركة لمشابهته المضارع في وقوعه صفة وصلة وخبرًا وحالًا وشرطًا، وبني على الفتح لخفته. وأما نحو ضربت وانطلقنا واستبقن فالسكون فيه عارض أوجبه كراهتهم توالي أربع متحركات فيما هو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يصلح علة لتقديم علة البناء مع أنه أسلف تعليل تقديم علة البناء فتأمل. قوله: "وفعل مضيّ" فيه إشارة إلى جرّ مضى وتقدير حذفه المصنف لمماثلته المعطوف عليه وأبقى المضاف إليه بحاله، وأن قوله بنيا الرافع لضمير التثنية خبر عن المذكور والمحذوف فلا يلزم الإخبار عن مفرد بمتحمل ضمير التثنية. ويحتمل كلام المصنف رفع مضى عطفًا على فعل على أنه أقيم مقام المضاف عند حذفه أو على أنه بمعنى ماض. ويحتمل أن ألف بنيا للإطلاق وأن ضميره يرجع إلى فعل مرادًا به الجنس في ضمن نوعيه: فعل الأمر وفعل المضي. وأصل مضى مضوي قلبت الواو ياء لاجتماعها مع الياء وسبق إحداهما بالسكون، وقلبت ضمة الضاد كسرة للمناسبة.
قوله: "الأول على ما يجزم به مضارعه" تبع فيه التوضيح وأورد عليه أن أمر الإناث مبني على السكون صحيحًا كاضربن أو معتلًا كاخشين مع أن مضارعه ليس مجزومًا لبنائه باتصال نون الإناث والأمر المؤكد بالنون مبني على سكون مقدر مع أن مضارعه ليس مجزومًا لبنائه باتصال نون التوكيد والأمر الذي لا مضارع له كهات وتعال مبني مع أنه لا مضارع له حتى يكون مجزومًا. وأجاب بعضهم عن الأولين بأن المضارع الذي اتصلت به نون الإناث أو نون التوكيد في محل جزم واستبعد لكن يأتي قريبًا ما يؤيده. وبعضهم بأن المراد ما يجزم به مضارعه بقطع النظر عن اللواحق ويرد عليه أمر الإناث المعتل فإنه مبني على السكون ومضارعه المجرد من نون الإناث مجزوم بحذفي آخره، وبعضهم عن الأخير بأن المراد لو كان له مضارع ولك أن تستغني عن هذه التكلفات بجعل كلامه أغلبيًا. وقال شيخنا السيد: التحقيق أن هات له مضارع يقال: هاتي يهاتي مهاتاة كناجي يناجي مناجاة. ا. هـ. قوله: "من سكون" أي ظاهر أو مقدر كمر بزيد وقوله أو حذف أي حذف حرف علة أو نون وقد لا يبقى منه إلا حركة كما في قل أصله قل أأي عد نقلت حركة الهمزة إلى اللام وحذفت. قوله: "لمشابهته المضارع" أي والمضارع معرب والأصل في الإعراب الحركة. قوله: "في وقوعه صفة إلخ" لا يخفى أن الواقع صفة وصلة وخبر أو حالًا هو الجملة لا الفعل وحده لكن لما كان المقصود بالذات من الجملة الفعل اعتبروه أو المراد وقوعه كذلك صورة قاله يس. قوله: "وأما نحو ضربت إلخ" أشار بالأمثلة الثلاثة إلى الصور الثلاث التي يعرض فيها سكون آخر الماضي وهي اتصاله بتاء الضمير أو نا التي للفاعل أو نون النسوة.
قوله: "كراهتهم توالي أربع متحركات" أي في الثلاثي وبعض الخماسي كانطلقت وحمل الرباعي والسداسي وبعض الخماسي كتعظمت عليه إجراء للباب على وتيرة واحدة. وإنما حمل الأكثر على الأقل لأن في حمله على الأقل دفع المحذور بخلاف العكس. ولا يرد على كراهتهم
87 | 435(1/86)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كالكلمة الواحدة لأن الفاعل كالجزء من فعله، وكذلك ضمة ضربوا عارضة أوجبها مناسبة الواو.
تنبيه: بناء الماضي مجمع عليه وأما الأمر فذهب الكوفيون إلى أنه معرب مجزوم بلام الأمر مقدرة. وهو عندهم مقتطع من المضارع، فأصل قم لتقم فحذفت اللام للتخفيف، وتبعها حرف المضارعة. قال في المغني وبقولهم أن قول، لا الأمر معنى فحقه أن يؤدى بالحرف، ولأنه أخو النهي وقد دل عليه بالحرف. ا. هـ "وأعربوا مضارعًا" بطريق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذلك علبط وجندل لأنهما مزالان عن أصلهما وهو علابط وجنادل، ولا نحو شجرة لأن تاء التأنيث على تقدير الانفصال. ويرد عليه أن نحو قلنسوة يدل على اعتبارها وعدم تقدير انفصالها وإلا وجب قلب الواو ياء والضمة كسرة لرفضهم الواو المتطرفة المضموم ما قبلها وأيضًا جعل الفعل مع تاء الفاعل كالكلمة الواحدة وعدم جعل الكلمة مع تاء تأنيثها كالكلمة الواحدة تحكم. ومن ثم اختار بعضهم أن الموجب لسكون آخر الفعل فيما مر تمييز الفاعل من المفعول في نحو أكرمنا بالسكون وأكرمنا بالفتح وحملت التاء ونون النسوة على نا للمساواة في الرفع والاتصال. قوله: "فيما هو إلخ" ظرف للتوالي لا لأربع متحركات لئلا يلزم ظرفية الشيء في نفسه في نحو ضربت لا في نحو انطلقت بل ظرفية الأربع فيه من ظرفية الجزء في الكل. قوله: "لأن الفاعل إلخ" علة للتشبيه. قوله: "وكذلك ضمة ضربوا إلخ" ليس من هذا القبيل على الأوجه فتحة ضربًا بل هي أصلية لا لمناسبة الألف والأصلية ذهبت كما قيل بمثل ذلك في مررت بغلامي. والفرق أن كسرة الإعراب غير سابقة على ياء المتكلم حتى تستصحب بعد الإضافة إليها لوجود ياء المتكلم قبل دخول عامل الجرّ فتكون الكسرة كسرة مناسبة فتستصحب بعد دخول عامل الجر بخلاف فتحة بناء الفعل فإنها سابقة على الألف فتستصحب بعدها هكذا ينبغي تقرير الفرق. قوله: "أوجبها مناسبة الواو" لا يرد عليه نحو غزوا وقضوا حيث لم يضم ما قبل الواو لوجود الضم قبلها تقديرًا إذ الأصل غزووا وقضيوا قلبت الواو في الأول والياء في الثاني ألفًا لتحركهما وانفتاح ما قبلهما ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين. قوله: "فذهب الكوفيون" قال شيخنا السيد أي والأخفش. ومما ضعف به مذهبهم أن حذف الجازم وإبقاء عمله ضعيف كحذف الجار. ولهم منع ذلك في لام الأمر.
قوله: "وتبعها حرف المضارعة" أي دفعا للبس بالمضارع الخبري الصحيح العين واللام في الوقف وحمل المعتل العين أو اللام كقم وارم والصحيح في الوصل عليه. قوله: "لأن الأمر معنى" أي نسبي بين الآمر والمأمور فلا يستقل بالمفهومية وإنما حذف النعت لأخذه من قوله فحقه إلخ فاتضح قوله فحقه إلخ واندفع الاعتراض بأنه ليس كل معنى يؤدى بالحرف فإن المضي معنى والاستقبال معنى وقد أديا بغير الحرف. قوله: "ولأنه أخو النهي" أي نظيره في مطلق الطلب وإن كان الأمر طلب فعل والنهي طلب ترك على كلام بين في محله. وبحث شيخنا السيد في هذا التعليل فقال: قد يقال الأمر الذي هو أخو النهي ما كان معنى غير مستقل كما هو معنى الحرف
88 | 435(1/87)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمل على الاسم لمشابهته إياه في الإبهام والتخصيص، وقبول لام الابتداء، والجريان على لفظ اسم الفاعل في الحركات والسكنات وعدد الحروف وتعيين الحروف الأصول والزوائد. وقال الناظم في التسهيل بجواز شبه ما وجب له، يعني من قبوله بصيغة واحدة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأما الأمر الذي هو مدلول فعل الأمر فمعنى مستقل لكونه مع الحدث. قوله: "وأعربوا" أي العرب بمعنى نطقوا به معربًا أو النحاة بمعنى حكموا بإعرابه. قوله: "على الاسم" أي مطلق الاسم لا خصوص اسم الفاعل كما يؤخذ من قوله والجريان على لفظ اسم الفاعل حيث لم يقل والجريان عليه. قوله: "في الإبهام إلخ" ذكر لشبه المضارع بالاسم أربعة وجوه: أما الأول والثاني فلاحتمال المضارع الحال والاستقبال وتخصيصه بأحدهما بالقرينة كالآن وغدًا ومثل رجل فإنه مبهم ويتخصص بقرينة كالوصف وأل. وأما الثالث والرابع فظاهران. فإن قلت ذكروا في باب الإضافة أن المضاف لا يكون إلا اسمًا لأنه يستفيد من المضاف إليه تعريفًا أو تخصيصًا وهما لا يكونان إلا في الاسم فيشكل على قولهم هنا الفعل المضارع يشبه الاسم في التخصيص. قلت المراد بالتخصيص المذكور في باب الإضافة التخصيص الحاصل بالحرف المقدر كاللام أو من، وتقديره لا يكون في الفعل، أو يقال ما هناك بالنظر للأمرين معًا أي التعريف والتخصيص لا يكونان معًا إلا في الاسم، أو المراد أن ذلك لا يكون بالأصالة إلا فيه. ثم ظاهر ما مر من احتمال المضارع الحال والاستقبال أنه مشترك بينهما وهو أحد الأقوال، ثانيها أنه حقيقة في الحال مجاز في الاستقبال واعتمده جماعة كالدماميني والسيوطي لترجح كونه للحال عند التجرد عن القرائن كما هو شأن الحقيقة وللأول أن يقول قد يكثر استعمال المشترك في أحد معنييه بحيث يتبادر منه عند الإطلاق فيترجح الحمل عليه ولأن المناسب أن يكون للحال صيغة تخصه كما أن للماضي صيغة الفعل الماضي وللمستقبل صيغة فعل الأمر، ثالثها عكسه وليس المراد بالحال عند أهل العربية الآن وهو الزمان الفاصل بين الزمان الماضي والمستقبل بل أجزاء من أواخر الماضي وأوائل المستقبل مع ما بينهما من الآن ولهذا تسمعهم يقولون يصلي من قول القائل زيد يصلي حال مع أن بعض أفعال صلاته ماض وبعضها باق فجعلوا الصلاة الواقعة في الآناث المتتالية واقعة في الحال قاله الدماميني وما ذكرنا من أن زمن فعل الأمر مستقبل هو باعتبار الحدث المأمور به أما باعتبار الأمر والطلب فحال.
قوله: "والجريان" أي ولو باعتبار الأصل ليدخل يقوم فإنه جار على لفظ قائم باعتبار الأصل لأن أصله يقؤم نقلت حركة الواو إلى ما قبلها للثقل. قوله: "في الحركات" أي مطلقها من غير نظر إلى خصوص الحركة. قوله: "وتعيين الحروف الأصول والزوائد" أي تعيين مقدار كل منهما وإن اختلف محل الزائد أو شخصه كما في يضرب وضارب وينطلق ومنطلق. قوله: "وقال الناظم في التسهيل" أي لعدم ارتضائه التعليل السابق فقد رده في شرحه بأن الوجه الأول والثاني يأتيان في الماضي فإن زمانه يحتمل القرب والبعد فإذا دخلت عليه قد تخصص بالقرب، والثالث أيضًا يأتي في الماضي فإنه يقبل اللام إذا كان جوابًا للو. والرابع ليس بمطرد فقد لا
89 | 435(1/88)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معاني مختلفة لولا الإعراب لالتبست. وأشار بقوله بجواز إلى أن سبب الإعراب واجب للاسم وجائز للمضارع؛ لأن الاسم ليس له ما يغنيه عن الإعراب لأن معانيه مقصورة عليه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يجري المضارع على اسم الفاعل في جميع ما ذكر ولو سلم فالماضي قد يجري على الاسم كفرح فهو فرح وأشر فهو أشر، وغلب غلبًا وأجلب جلبًا فالأوجه الأربعة ليست تامة في نفسها وبتقدير تمامها لا تفيد لأنها ليست علة حكم الأصل وهو الاسم حتى يترتب على ثبوتها في الفرع وهو المضارع حكم الأصل مع أن شرط القياس ذلك. وأجيب عن قوله وبتقدير تمامها لا تفيد إلخ بأن وجود علة حكم الأصل في الفرع إنما يشترط في قياس العلة. ويصح أن يكون ما هنا من قياس الشبه وقد صرحوا بأنه يصح الإلحاق فيه بسبب المشابهة ولو في غير علة الحكم لكن يرد عليه أن قياس الشبه لا يصار إليه مع إمكان قياس العلة وهو ممكن هنا بأن يقاس المضارع على الاسم في الإعراب بجامع توارد المعاني التركيبية التي يميزها الإعراب على كل وإن أمكن تمييزها في الفرع بغير الإعراب كما سيأتي. ودعوى أن قياس العلة متعذر هنا لأن علة إعراب الاسم توارد المعاني التي لا يميزها إلا الإعراب لا مطلقًا وهذا غير موجود في المضارع لا يسلمها المصنف.
قوله: "بجواز شبه" أي مشابه والباء سببية متعلقة بشابه في كلام التسهيل حيث قال: شابه الاسم بجواز إلخ أي بسبب جواز قبول المضارع المعاني المختلفة المشابه لما وجب للاسم من قبوله المعاني المختلفة. ومعنى كون قبوله واجبًا أن معانيه الواردة عليه التي يقبلها كالفاعلية والمفعولية والإضافة في نحو ما أحسن زيدًا مقصورة عليه لا تتعدى إلى غيره. ومعنى كون قبول المضارع جائزًا أن معانيه الواردة عليه التي يقبلها كالنهي عن كل من الفعلين في المثالين اللذين ذكرهما الشارح والنهي عن المصاحبة والنهي عن الأول وإباحة الثاني غير مقصورة عليه بل تستفاد بوضع اسم مكانه. وإنما قال شبه لاختلاف القبولين كما عرفت باعتبار الصفة لأن أحدهما واجب والآخر جائز وباعتبار المعاني المقبولة أيضًا فسقط اعتراض الدماميني على ذكر شبه بأنه فاسد، وسقط ما قد يقال المتصف بالوجوب والجواز الإعراب لا قبول المعاني. نعم يرد على المصنف أن الماضي أيضًا قابل للمعاني التركيبية المختلفة نحو ما صام واعتكف فإنه يحتمل كون المعنى ما صام وما اعتكف، وما صام معتكفًا، وما صام ولكن اعتكف. وأجيب بأنه نادر فلا يعتبر وفيه بحث تأمل. قوله: "لالتبست" أي في بعض الأحيان وإنما قيدنا ببعض الأحيان لأن الإعراب قد يدخل فيما لا إلباس فيه نحو يشرب زيد الماء حملًا على ما فيه الإلباس ليجري الباب على سنن واحد. ا. هـ. دماميني. بقي له بحث وهو أن اللازم على فرض عدم الإعراب وهو الإجمال لا الإلباس لاحتمال المعاني حينئذٍ على السواء من غير تبادر خلاف المراد وقد قالوا: الإجمال من مقاصد البلغاء. وجوابه أنه ليس من مقاصدهم في مقام البيان كمقام بيان الفاعلية والمفعولية والإضافة بل يتحاشون عنه فيه فاعرفه. قوله: "لأن معانيه" أي المعاني المتواردة عليه كالفاعلية والمفعولية والإضافة.
90 | 435(1/89)
المعرب والمبني
من نون توكيد مباشر ومن نون إناث كيرعن من فتن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والمضارع يغنيه عن الإعراب وضع اسم مكانه كما في نحو: لا تعن بالجفاء وتمدح عمرًا، فإنه يحتمل المعاني الثلاثة في لا تأكل السمك وتشرب اللبن. يغني عن الإعراب في ذلك وضع الاسم مكان كل من المجزوم والمنصوب والمرفوع:؛ فيقال: لا تعن بالجفاء ومدح عمرو، ولا تعن بالجفاء مادحًا عمرًا، ولا تعن بالجفاء ولك مدح عمرو؛ ومن ثم كان الاسم اصلًا والمضارع فرعًا خلافًا للكوفيين فإنهم ذهبوا إلى أن الإعراب أصل في الأفعال كما هو أصل في الأسماء؛ قالوا لأن اللبس الذي أوجب الإعراب في نحو الأسماء موجود في الأفعال في بعض المواضع كما في نحو لا تأكل السمك وتشرب اللبن كما تقدم. واجيب بأن اللبس في المضارع كان يمكن أزالته بغير الإعراب كما تقدم. وإنما يعرب المضارع "إن عريا. من نون توكيد مباشر" له نحو ليسجنن وليكونا "ومن نون إناث كيرعن" من قولك النسوة يرعن أي يخفن "من فتن" فإن لم يغر منهما لم يعرب لمعارضة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "مقصورة عليه" أي لا تحصل إلا بلفظه فتعين إعرابه طريقًا لبيانها. قوله: "لا تعن" بصيغة المجهول على المشهور لأنه بمعنى تهتم بخلاف الذي بمعنى تقصد فمبني للفاعل. قوله: "فيقال لا تعن بالجفاء ومدح عمرو إلخ" ومثل ذلك يقال في لا تأكل السمك وتشرب اللبن. قوله: "ومن ثم" أي من أجل أن الاسم ليس له ما يغنيه عن الإعراب بخلاف الفعل. قوله: "كان الاسم" أي إعرابه أصلًا والمضارع أي إعرابه فرعًا. قوله: "خلافًا للكوفيين" أي ولمن ذهب إلى أن الإعراب أصل في الفعل فرع في الاسم لوجوده في الفعل من غير سبب فهو لذاته بخلاف الاسم وهو باطل لما علمت من أن سبب الإعراب فيهما توارد المعاني. قوله: "إن عريا" بكسر الراء ماضي يعرى كرضي يرضى أي خلا، وأما عرا يعرو كعلا يعلو فبمعنى عرض. قوله: "مباشر" أي ولو تقديرًا كقوله:
لا تهين الفقير علك أن تركع يومًا والدهر قد رفعه أصله تهينن بنون التوكيد الخفيفة حذفت لالتقاء الساكنين أفاده يس وغيره. قوله: "ومن نون إناث" أي نون موضوعة للإناث وإن استعملت مجازًا في الذكور كما في قوله:
يمرون بالدهنا خفافًا عيابهم ويرجعن من دارين بجر الحقائب قوله: "لم يعرب" أي لفظًا وهو معرب محلًا إن دخل عليه ناصب أو جازم كما في يس. وسكت عن محلية الرفع بالتجرد والقياس أنها كذلك، إلا أن يقال التجرد ضعيف لأنه عامل معنوي كذا قال شيخنا السيد. ثم رأيت شيخنا في باب إعراب الفعل نقل عن سم أن له محل رفع في حال التجرد من الناصب والجازم ونظر فيه. وجزم بأنه ليس له في حال التجرد محل رفع ناقلًا ذلك عن القليوبي وغيره. قوله: "لمعارضة إلخ" فيه أن عدم إعرابه هو الأصل فلا يحتاج إلى التعليل ويجاب بأن المضارع لما أشبه الاسم في الأمور المتقدمة كان كأن الإعراب
91 | 435(1/90)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شبه الاسم بما هو من خصائص الأفعال فرجع إلى أصله من البناء فيبنى مع الأولى على الفتح لتركيبه معها تركيب خمسة عشر، ومع الثانية على السكون حملًا على الماضي المتصل بها لأنهما مستويان في أصالة السكون وعروض الحركة كما قاله في شرح الكافية والاحتراز بالمباشر عن غير المباشر وهو الذي فصل بين الفعل وبينه فاصل: ملفوظ به كألف الاثنين، أو مقدر كواو الجماعة وياء المخاطبة، نحو هل تضربان يا زيدان، وهل تضربن يا زيدون، وهل تضربن يا هند، والأصل تضربانن وتضربون وتضربين، حذفت نون الرفع لتوالي الأمثال، ولم تحذف نون التوكيد لفوات المقصود منها بحذفها، ثم حذفت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
متأصل فيه فإذا خرج عنه فكأنه خرج عن الأصل فلهذا ذكر وجه البناء. قوله: "بما هو من خصائص الأفعال" أي القوى بتنزيله منزلة الجزء الخاتم للكلمة فاندفع الاعتراض بلزوم بناء المضارع المقرون بلم أو قد أو حرف التنفيس أو ياء الفاعلة لمعارضة الشبه فيه بما هو من خصائص الأفعال. لكن هذا الاندفاع لا يظهر بالنسبة لياء الفاعلة لاتصالها بالآخر وتنزلها منزلة الجزء من الفعل إلا أن يقال تنزل نون التوكيد أقوى وأتم. قوله: "لتركيبه معها إلخ" تعليل لكون البناء على الفتح كما قاله غير واحد لا لأصل البناء لأنه ذكره لا لأن التركيب لا يصلح علة للبناء بدليل بعلبك كما قيل لأن المراد هنا خصوص التركيب العددي كما يصرح به قول الشارح تركيب خمسة عشر لا مطلق التركيب المزجي. والتركيب العددي يصلح علة للبناء كما ستعرفه في بابه وإنما اقتضى التركيب الفتح لأنه يحصل به ثقل فيحتاج معه إلى التخفيف بالفتح. وقال شيخنا السيد ما ذكره الشارح علة لكون البناء على الفتح مع نون التوكيد وعلى السكون مع نون الإناث عازيًا لشرح الكافية إنما ذكره المصنف في شرح الكافية علة لأصل البناء لا لكونه على الفتح أو السكون ففي عزوه إلى شرح الكافية نظر.
قوله: "حملًا على الماضي المتصل بها" أي في كون كل ساكن الآخر لفظًا لا في البناء على السكون لئلا ينافي ما سبق من كون الماضي المتصل بنون الإناث مبنيًا على فتح مقدر وإن درج شيخنا على المنافاة أخذًا بظاهر العبارة. وإنما علل سكونه مع أن الأصل في المبني السكون لأنه لما استحق الإعراب الذي أصله الحركة وبني مع نون التوكيد على حركة دل على أن المنظور إليه فيه هو الحركة فاحتيج في خروجه عنها مع نون الإناث إلى وجه. قوله: "لأنهما" أي الماضي والمضارع وهذا تعليل للحمل على الماضي في كون الآخر لفظًا لا في البناء على السكون لما عرفت. قوله: "مستويان في أصالة السكون وعروض الحركة" لما مر من أن الأصل الأصيل في الأفعال البناء وفي المبني السكون، فإن قلت: إذا كان الماضي والمضارع مستويين في أصالة السكون فلا معنى لحمل المضارع على الماضي. قلت: المراد بالاستواء الاشتراك ولو مع التفاوت في القوة. ولما خرج المضارع عن أصله وأعرب ضعفت أصالة السكون فيه فحمل على الماضي الذي لم يخرج فلم تضعف أصالة السكون فيه. قوله: "لتوالي الأمثال" أي الممنوع
92 | 435(1/91)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الواو والياء لالتقاء الساكنين، وبقيت الضمة والكسرة دليلًا على المحذوف، ولم تحذف الألف لئلا يلتبس بفعل الواحد وسيأتي الكلام على ذلك في موضعه مستوفى فهذا ونحوه معرب. والضابط أن ما كان رفعه بالضمة إذا أكد بالنون بني لتركبه معها. وما كان رفعه بالنون إذا اكد بالنون لم يبن لعدم تركبه معها لأن العرب لم تركب ثلاثة أشياء.
تنبيه: ما ذكرناه من التفرقة بين المباشرة وغيرها هو المشهور والمنصور. وذهب الأخفش وطائفة إلى البناء مطلقًا، وطائفة إلى الإعراب مطلقًا. وأما نون الإناث فقال في شرح التسهيل: إن المتصل بها مبني بلا خلاف، وليس كما قال، فقد ذهب قوم منهم ابن درستويه وابن طلحة والسهيلي إلى أنه معرب بإعراب مقدر منع من ظهوره ما عرض فيه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وذلك إذا كانت كلها زوائد فلا يرد نحو النسوة جننّ لأن الزائد المثل الأخير فقط. قوله: "لفوات المقصود منها بحذفها" أي لعدم ما يدل عليها بخلاف نون الرفع فإنها وإن أتى بها لمعنى مقصود لكن لا يفوت بحذفها لوجود الدليل عليها وهو أن الفعل معرب لم يدخل عليه ناصب ولا جازم للعلم حينئذٍ بأن نون الرفع مقدرة. قوله: "لالتقاء الساكنين" أي لدفعه وفيه أن التقاء الساكنين هنا على حده فهو جائز فلا حاجة إلى حذف الواو والياء للتخلص منه. ويمكن دفعه بأنه وإن كان جائزًا لا يخلو عن ثقل ما فالحذف للتخلص من الثقل الحاصل به.
قوله: "لئلا يلتبس بفعل الواحد" لا يقال: كسر النون يدفع اللبس لأنا نقول: لو حذفت لم تكسر النون لأن سبب الكسر وقوعها بعد ألف تشبه ألف المثنى على أن اللبس حاصل حال الوقف. قوله: "بني لتركبه معها" علل الشارح هنا أصل البناء بالتركيب مخالفًا لما أسلفه وقد أسلفنا أن هذا ما درج عليه الناظم في شرح الكافية فيكون الشارح هنا موافقًا له فافهم. قوله: "لم تركب ثلاثة أشياء" اعترض بأنهم ركبوها في قولهم لا ماء بارد ببناء الوصف معها على الفتح كما سيأتي في باب لا. وأجيب هناك بأن لا إنما دخلت بعد تركيب الموصوف والوصف وجعلهما كالشيء الواحد ولا يقاس على باب لا غيره، فلا يدعي هنا تركيب الفعل مع الفاعل ثم إدخال نون التوكيد.
قوله: "بين المباشرة" أي بين نون التوكيد المباشرة لأن نون الإناث لا تكون إلا مباشرة ولذا لم يقيدها الناظم بالمباشرة. قوله: "إلى البناء" أي على الفتح حتى في المسند إلى واو الجماعة أو ياء المخاطبة لكنه فيه مقدر منع من ظهوره حركة المناسبة هذا هو الأقرب وإن توقف فيه البعض. قوله: "إلى الإعراب مطلقًا" لكنه في المباشرة مقدر منع من ظهوره حركة التمييز بين المسند للواحد والمسند للجماعة والمسند للواحدة. قوله: "ما" أي سكون، ومن في قوله من الشبه بالماضي تعليلية وجعل السكون هنا عارضًا للمضارع باعتبار ما صار كالمتأصل فيه من الإعراب فلا ينافي ما أسلفه الشارح من استواء المضارع والماضي في أصالة السكون لأنه باعتبار
93 | 435(1/92)
المعرب والمبني
وكل حرف مستحق للبنا والأصل في المبني أن يسكنا
ومنه ذو فتح وذو كسر وضم كأين أمس حيث والساكن كم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الشبه بالماضي "وكل حرف مستحق للبنا" الذي به الإجماع إذ ليس فيه مقتضى الإعراب لأنه لا يتعوره من المعاني ما يحتاج إلا الإعراب "والأصل في المبني" اسما كان أو فعلًا أو حرفًا "أن يسكنا" أي السكون لخفته وثقل الحركة، والمبني ثقيل فلو حرك اجتمع ثقيلان "ومنه" أي من المبني ما حرك لعارض اقتضى تحريكه. والمحرك "ذو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأصل الأصيل فتنبه.
قوله: "الذي به" أشار به إلى الجواب عن الاعتراض بأن كلام المصنف لا يفيد بناء الحروف بالفعل إذ لا يلزم من الاستحقاق الحصول. وحاصل ما أشار إليه من الجواب أن أل في البناء للعهد الحضوري أي البناء الحاضر في الحرف فيكون كلام المصنف مفيدًا لبناء كل حرف واستحقاقه بناءه الحاصل له. ويجاب أيضًا بأن حصول البناء للحرف علم من قوله:
لشبه من الحروف مدني والقصد الآن بيان استحقاق الحرف بناءه الحاصل له. قوله: "لا يعتوره" أي لا يتوارد عليه. قوله: "ما يحتاج" أي معان تركيبية يحتاج التمييز بينها إلى الإعراب. وأما المعاني الإفرادية كالابتداء والتبعيض والبيان بالنسبة إلى من فتعتور الحرف لكن لا يميز بينهما بالإعراب. قوله: "والأصل في المبني" أي الراجح فيه أو المستصحب لا الغالب إذ ليس غالب المبنيات ساكنًا. قوله: "أي السكون" فسر أن يسكن بالسكون لأنه عبارة النحاة لا لتأوله بالتسكين والتسكين فعل الفاعل فهو وصف له لا للكلمة وإن توهمه شيخنا والبعض لأن المصدر المؤول به أن يسكن مبني للمفعول قطعًا أي كونه مسكنًا وهو وصف للكلمة قطعًا فلا تغفل. بقي شيء آخر أورده السيوطي في نكته وهو أن المصنف لم يذكر أن غير السكون والفتح والكسر والضم ينوب عنها كما ذكر نظير ذلك في الإعراب فربما توهم عدم ذلك هنا، وليس كذلك فينوب عن السكون الحذف في الأمر المعتل والأمر لاثنين أو جماعة أو مخاطبة، وعن الفتح الكسر في نحو لا مسلمات لك، والياء في نحو لا مسلمين ولا مسلمين لك، والألف في نحو "لا وتران في ليلة" وعن الكسر الفتح في نحو سحر على رأي من يقول ببنائه، وعن الضم الواو والألف في نحو يا زيدون ويا زيدان. ا. هـ. وفيما ذكره من نيابة الفتح عن الكسر في نحو سحر نظر فتأمل. قوله: "والمبني ثقيل" للزومه حالة واحدة ولافتقار الحرف إلى ضميمة وتركب معنى الفعل ومشابهة الاسم المبني الحرف الثقيل. وأما تعليل ثقله بكون مدلوله مركبًا لتضمنه معنى الحرف زيادة على معناه الأصلي كما اقتصر عليه البعض فقاصر كما قاله شيخنا على المبني من الأسماء للشبه المعنوي كمتى.
قوله: "ومنه" أشار به إلى عدم الانحصار فيما ذكره لأن من المبني ما بني على حرف كيا زيدان ويا زيدون ولا رجلين، وما بني على حذف كاغز واخش وارم واضربا واضربوا واضربي.
94 | 435(1/93)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتح وذو كسر و" ذو "ضم" فذو الفتح "كأين" وضرب ورب. وذو الكسرة نحو "أمس" وجير. وذو الضم نحو "حيث" ومنذ "والساكن" نحو "كم" واضرب وهل. فالبناء على السكون يكون في الاسم والفعل والحرف لكونه الأصل. وكذلك الفتح لكونه أخف الحركات وأقربها إلى السكون. وأما الضم والكسر فيكونان في الاسم والحرف لا الفعل لثقلهما وثقل الفعل، وبني أين لشبهه بالحرف في المعنى وهو الهمزة إن كان استفهاما وإن كان شرطًا وبني أمس عند الحجازيين لتضمنه معنى حرف التعريف لأنه معرفة بغير أداة ظاهرة. وبني حيث للافقتار اللازم إلى جملة. وبني كم للشبه الوضعي أو لتضمن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "ذو فتح" قدمه لأن الفتح أخف الحركات ويليه الكسر. قوله: "وذو الضم نحو حيث" فإن قلت: من أين يعلم أن الناظم أتى بها مثالًا للضم مع أن فيها الفتح والكسر أيضًا. قلت: لأن أين تعينت مثالًا للفتح وأمس تعينت مثالًا للكسر فيكون حيث مثالًا للضم وأيضًا الضم أشهروا الحمل على الأشهر أرجح. قوله: "لا الفعل" وأما نحو ضربوا فمبني على فتح مقدر والضمة للمناسبة كما مر. وأما رد بضم الدال فمبني على سكون مقدر وضمته للاتباع. وأما نحو ع و ق فمبني على الحذف والكسرة بنية. وأما رد بكسر الدال فمبني على سكون مقدر والكسرة للتخلص من التقاء الساكنين. قوله: "لثقلهما وثقل الفعل" أما الأول فلأن الضم إنما يحصل بإعمال العضلتين معًا والكسر بإعمال العضلة السفلى بخلاف الفتح فإنه يحصل بمجرد فتح الفم. وأما الثاني فلتركب معناه من حدث وزمان قيل ونسبة على ما بين في محله. قوله: "وهو الهمزة" الضمير يرجع إلى الحرف. قوله: "وبني أمس عند الحجازيين" أي بشروط خمسة ذكرها الشارح في باب ما لا ينصرف: أن يراد به معين، وأن لا يضاف، ولا يصغر، ولا يكسر، ولا يعرف بأل. وأما التميميون فبعضهم يعربه إعراب ما لا ينصرف في الأحوال الثلاثة للعلمية والعدل عن الأمس وأكثرهم يخص ذلك بحالة الرفع ويبنيه على الكسر في غيرها فإن فقد شرط من الشروط المتقدمة فلا خلاف في إعرابه وصرفه.
قوله: "لتضمنه معنى حرف التعريف" معناه التعيين. وبيان ذلك أنه اسم لمعين وهو اليوم الذي يليه يومك. وأما المقرون بأل العهدية فهو لليوم الماضي المعهود بين المتخاطبين وليه يومك أم لا وإذا نوّن كان صادقًا على كل أمس. وفيها ألغز ابن عبد السلام بقوله. ما كلمة إذا عرفت نكرت وإذا نكرت عرفت، ومراده بالأول حالة اقترانه بأل وبالثاني حالة بنائه فاعرفه. فإن قلت: العلة التي ذكرها الشارح موجودة في جميع المعارف لتضمنها التعيين فيلزم بناؤها قلت: التعيين الذي هو معنى أل نسبة جزئية غير مستقلة بالمفهومية كما هو شأن معنى الحرف بخلاف التعيين الاسمي الموجود في العلم مثلًا فافهم. قال الشنواني والفرق بين العدل والتضمين أن العدل يجوز معه إظهار أل بخلاف التضمين. ا. هـ. فعلى بنائه لتضمنه معنى أل تكون أمس مؤدية معنى أل مع طرحها وعدم النظر إليها وامتناع ذكرها، وعلى إعرابه إعراب ما لا ينصرف للعلمية والعدل يكون أمس حالًا محل الأمس مع النظر إلى أل وجواز ذكرها. قوله: "لأنه معرفة بغير أداة ظاهرة"
95 | 435(1/94)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاستفامية معنى الهمزة والخبرية معنى رب التي للتكثير.
تنبيه: ما بني من الأسماء على السكون فيه سؤال واحد لم بني؟ وما بني منها على الحركة فيه ثلاث أسئلة: لم بني ولم حرك ولم كانت الحركة كذا وما بني من الأفعال أو الحروف على السكون لا يسأل عنه. وما بني منهما على حركة فيه سؤالان: لم حرك؟ ولم كانت الحركة كذا؟ وأسباب البناء على الحركة خمسة: التقاء الساكنين كأين، وكون الكلمة على حرف واحد كبعض المضمرات، أو عرضة لأن يبتدأ بها كباء الجر، أو لها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بدليل وصفه بالمعرفة في نحو قولهم أمس الدابر لا يعود. وكان ينبغي حذف قوله ظاهرة لإيهامه أن الأداة مقدرة مع أن من يعلل البناء بالتضمين المذكور يقول بتأدية أمس معنى حرف التعريف مع طرح الحرف وقطع النظر عنه وبعد ذلك فالعلة ناقصة، ولو قال لأنه معرفة وليس من أنواع المعرفة الآتية لتم التعليل فافهم. قوله: "وبني كم للشبه الوضعي" أي على مذهب غير الشاطبي وقوله أو لتضمن إلخ أي على مذهب الشاطبي أيضًا. قوله: "وما بني من الأفعال" أي غير المضارع لأن المضارع لما استحق الإعراب بسبب المشابهة السابقة حتى كأنه أصل فيه استحق أن يسأل عنه إذا بني على السكون سؤالان: لم بني؟ ولم سكن؟ كما يدل على ذلك قول الشارح سابقًا لمعارضة شبه الاسم إلخ وقوله ومع الثانية على السكون حملا على الماضي المتصل بها قاله البعض. أقول: يؤخذ منه أن قول الشارح وما بني منهما على حركة إلخ محله أيضًا في غير المضارع وأن سؤالي المضارع المبني على حركة لم بني ولم كانت الحركة كذا وأنه لا يسأل عن تحريكه لموافقته ما يستحقه المضارع من الإعراب الذي الأصل فيه الحركة، ويرد على ما ذكر أنه لا يسأل عن سكون المبني من الأسماء ويسأل عن تحريكه مع أنها أشد أصالة من المضارع في الإعراب الذي الأصل فيه الحركة. اللهم إلا أن يقال لما ضعفت أصالة المضارع في الإعراب لكون الأصل الأصيل فيه البناء فربما توهم عدم تأصله في الإعراب بالكلية احتيج إلى دفع هذا التوهم بالسؤال عند سكونه عن سبب سكونه وعدم السؤال عند تحريكه عن سبب تحريكه لإشعار ذلك بأن له أصالة ما في الإعراب الذي الأصل فيه الحركة بخلاف أصالة الاسم في الإعراب فإنها قوية غير محتاجة إلى ذلك فتأمل.
قوله: "وأسباب البناء على الحركة" المقصود بالذات قوله على الحركة لا قوله البناء، ولو قال وأسباب تحرك المبني لكان أوضح. ونظير ذلك يقال في قوله وأسباب البناء على الفتح وما بعده. قوله: "التقاء الساكنين" أي دفعه. وأورد هنا أيرادًا أسلفناه مع جوابه عند الكلام على تعريف البناء على أنه لفظي. قوله: "وكون الكلمة على حرف واحد" يرد عليه أن السبب ما يلزم من وجوده الوجود والكون المذكور ليس كذلك فقد يوجد ولا توجد الحركة كما في تاء التأنيث الساكنة وبعض الضمائر كواو الجماعة وألف الاثنين وياء المخاطبة ويجاب بأن المراد بالسبب هنا أعم من ذلك. قوله: "أو عرضة لأن يبتدأ بها" اعترض بأنه يغني عنه ما قبله لأنه من أفراد ما قبله ويجاب بأنه بصدد التنصيص على ما يصلح سببًا للبناء على حركة وكون الكلمة عرضة لأن يبتدأ
96 | 435(1/95)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أصل في التمكن كأول، أو شابهت المعرب كالماضي فإنه أشبه المضارع في وقوعه صفة وصلة وحالًا وخبرًا كما تقدم. وأسباب البناء على الفتح: طلب الخفة كأين، ومجاورة الألف كأيان، وكونها حركة الأصل نحو يا مضار ترخيم مضارر اسم مفعول. والفرق بين معنيين بأداة واحدة نحو يا لزيد لعمرو، والاتباع نحو كيف بنيت على الفتح اتباعًا لحركة الكاف؛ لأن الياء بينهما ساكنة والساكن حاجز غير حصين. وأسباب البناء على الكسر:
التقاء الساكنين كأمس. ومجانسة العمل كباء الجر، والحمل على المقابل كلام الأمر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بها يصلح سببًا باعثًا له ولو مع الذهول عن كون الكلمة على حرف واحد كما أن كون الكلمة على حرف واحد يصلح سببًا لبنائها على حركة وإن لم تكن عرضة لأن يبتدأ بها كتاء الفاعل، هكذا ينبغي تقرير الاعتراض والجواب. قوله: "أولها أصل في التمكن" أي حالة في التمكن أي أنها تعرب في بعض الأحوال وليس المراد أنها متمكنة أصالة حتى يعترض بمنافاته حكمهم بأن المبني غير متمكن. قوله: "كأول" أي إذا حذف ما تضاف إليه ونوى معناه كابدأ بذا من أول بالضم. قوله: "أو شابهت المعرب كالماضي" لأن بناءها على الحركة أقرب إلى الإعراب من بنائها على السكون.
قوله: "يا مضار" أي على لغة من ينتظر. ونظر فيه الشنواني بأن هذه الفتحة ليست فتحة البناء التي الكلام فيها بل هي فتحة بنية. وحركة البناء على هذه اللغة إنما هي الضمة على الحرف المحذوف للترخيم وكذا يقال في الموضعين الآتيين. قوله: "والفرق بين معنيين" أي كالمستغاث به والمستغاث له في المثال المذكور. وقوله بأداة واحدة متعلق بمحذوف صفة لمعنيين أي منبه عليهما بأداة واحدة لا ظرف لغو متعلق بالفرق لأن الفرق باختلاف الحركة لا بالأداة الواحدة. قوله: "نحو يا لزيد لعمرو" بفتح لام المستغاث به للفرق بينها وبين لام المستغاث له. وأورد عليه أن الفرق يحصل بالعكس. وأجيب بأن المراد الفرق المصحوب بالمناسبة وهي هنا أن المستغاث منادى والمنادى كضمير المخاطب واللام الداخلة عليه مفتوحة. قوله: "نحو كيف" إن قلت لم مثل للفتح اتباعًا بكيف وللفتح تخفيفًا بأين مع أنه يصح العكس وكون الفتح في كل للأمرين معًا لأن الأسباب قد تتعدد. أجيب بأن وجه ما صنعه أن الهمزة لما كانت ثقيلة ناسب أن يمثل بأين لطلب الخفة بخلاف الكاف فإنها خفيفة فناسب أن يمثل بكيف للاتباع. قوله: "التقاء الساكنين" فيه أن التقاء الساكنين إنما هو سبب البناء على حركة والمعدود من أسباب الكسر كونه الأصل في التخلص من التقاء الساكنين لأن الكسرة لا تلتبس. بحركة الإعراب إذ لا تكون حركة إعراب إلا مع التنوين أو أل أو الإضافة قاله يس. وعبارة الدماميني على المغني قالوا وإنما كان الأصل في ذلك الكسر لأن الجزم في الأفعال عوض عن الجر في الأسماء وأصل الجزم السكون فلما ثبت بينهما التعارض وامتنع السكون في بعض المواضع جعلوا الكسر عوضًا عنه. ا. هـ.
فائدة: الساكنان يلتقيان في الوقف مطلقًا سواء كان الأول حرف لين أم لا، ولا يلتقيان في
97 | 435(1/96)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كسرت حملًا على لام الجر، فإنها في الفعل نظيرتها في الاسم، والإشعار بالتأنيث نحو أنت، وكونها حركة الأصل نحو يا مضار ترخيم مضارر اسم فاعل، والفرق بين أداتين كلام الجر كسرت فرقًا بينها وبين لام الابتداء في نحو لموسى عبد، والاتباع نحو ذه وته بالكسر في الإشارة للمؤنثة. وأسباب البناء على الضم أن لا يكون للكلمة حال الإعراب نحو {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} [الروم: 3] بالضم، ومشابهته الغايات نحو يا زيد فإنه أشبه قبل وبعد، قيل: من جهة أنه يكون متمكنًا في حالة أحرى، وقيل: من جهة أنه لا تكون له
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوصل إلا وأولهما حرف لين. وثانيهما مدغم متصل كدابة ودويبة فلو لم يكن الأول حرف لين حرك. كما في اضرب الرجل بكسر الباء أو حذف كما في اضرب الرجل بفتحها تريد اضربن بنون التوكيد الخفيفة. ولو لم يكن الثاني مدغمًا حرك كغلاماي ومن سكنه من القراء في ومحياي فللوصل بنية الوقف، ولو لم يكن الثاني متصلًا حذف الأول نحو: {دَعَوُا اللَّه} [يوسف: 22]، {يَقُولُوا الَّتِي } [الإسراء: 53] {أَفِي اللَّهِ شَك} [إبراهيم: 10] وربما ثبت كقراءة: {عَنْهُ تَلَهَّى} [عبس: 10]، بإشباع الهاء وتشديد التاء {مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُون} [الصافات: 25] بإثبات ألف ولا وتشديد التاء وربما فرّ من التقائهما في المتصل بإبدال الألف همزة مفتوحة قرىء {وَلَا جَان} [الرحمن: 39] {وَلا الضَّالِّين} [الفاتحة: 7] بالهمزة. قال أبو حيان ولا ينقاس شيء من ذلك إلا في الضرورة على كثرة ما جاء منه. همع بتلخيص وزيادة. قوله: "ومجانسة العمل" نقض بكاف التشبيه وواو القسم وتائه إلا أن يقال المراد أخذا من كلام الشاطبي ومجانسة الحرف اللازم للحرفية عمله اللازم له، فخرج بلزوم الحرفية كاف التشبيه، وبلزوم العمل واو القسم وتاؤه لأن الواو والتاء لا يلزمهما الجر لانفكاكه عنهما إذا كانتا للعطف والخطاب. قوله: "حملًا على لام الجر" أي الداخلة على ظاهر غير مستغاث به. قوله: "فإنها" أي لام الأمر حالة كونها في الفعل نظيرتها أي لام الجر حالة كونها في الاسم أي في أن كلا عمل العمل الخاص بمدخوله. قوله: "والإشعار بالتأنيث" أي لأن الكسر المعنوي يناسب المؤنث فيكون في الكسر اللفظي إشعار به.
قوله: "والفرق بين أداتين" قال هنا بين أداتين وفي يا لزيد لعمرو جعل الأداة واحدة لاختلاف النوع هنا واتحاده هناك فإن لام الابتداء نوع غير لام الجر بخلاف اللامين هناك فإنهما من نوع حرف الجر. قوله: "كسرت فرقًا بينها إلخ" ولم يعكس لتناسب حركة لام الجر عملها واعترض كلامه بأن الفرق لا يظهر مع الضمير نحو الزيدون لهم عبيد إلا أن يقال الكلام باعتبار الأغلب. قوله: "نحو لموسى عبد" الأنسب كسر اللام ليكون مثالًا للام الجر المحدّث عنها. قوله: "ومشابهة الغايات" هي الظروف المنقطعة عن الإضافة كقبل وبعد سميت بذلك لصيرورتها بعد حذف المضاف إليه غاية في النطق. ا. هـ. فاكهي وإنما لم يسم كل وبعض بذلك لوجود ما هو عوض عن المضاف إليه وهو التنوين. قوله: "نحو يا زيد" أي فضمة زيد لمشابهته للغايات وأما أصل بنائه فلتضمنه معنى الخطاب الذي هو من معاني الحروف وأما كونه على حركة فلأن له أصلًا في
98 | 435(1/97)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الضمة حالة الإعراب. وقال السيرافي: من جهة أنه إذا نكر أو أضيف أعرب. ومن هذا حيث فإنها إنما ضما لشبهها بقبل وبعد من جهة أنها كانت مستحقة للإضافة إلى المفرد كسائر أخواتها فمنعت ذلك كما منعت قبل وبعد الإضافة، وكونها حركة الأصل نحو يا تحاج ترخيم تحاجج مصدر إذا سمى به، وكونها في الكلمة كالواو في نظيرتها كنحن ونطيرتها همو، وكونه في الكلمة مثله في نظيرتها نحو اخشوا القوم، ونظيرتها قل ادعوا. والاتباع كمنذ. وقد بان لك أن ألقاب البناء ضم وفتح وكسر وسكون، ويسمى أيضًا وقفًا. وهذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التمكن أي حالة في الإعراب. قوله: "وقيل من جهة إلخ" لا يخفى مغايرته لما قبله المتحد مع قول السيرافي معنى فقول شيخنا أنه بمعنى قول السيرافي غير صحيح. قوله: "لا تكون له الضمة حالة الإعراب" أي وهو منادى وأما الفتح والكسر فيوجدان فيه وهو منادى معرب أما الأول فظاهر وأما الثاني ففي حالة الاستغاثة به باللام. قوله: "وقال السيرافي" هذا عين القول الأول. قوله: "ومن هذا حيث" أي مما ضم لمشابهته الغايات حيث على لغة ضمها ولما كان شبهها بالغايات ليس من الجهات السابقة بين الشارح وجه الشبه بقوله فإنها إنما ضمت إلخ. قوله: "كالواو" أي في كون كل يكون علامة رفع ومن واد واحد. قوله: "كنحن إلخ" حاصله أن نحن ضمير لجماعة الحاضرين وهمو ضمير لجماعة الغائبين فهما نظيرتان فلما بنوا نحن على حركة لالتقاء الساكنين اختاروا الضمة لتناسب الواو في نظيرتها ولما كانت نحن لعدد أقله اثنان وهمو لعدد أقله ثلاثة كانت همو أقوى فاستحقت واوها أن تكون أصلًا يحمل عليه
الضم عند فقد سبب آخر له وكون علة الضم ما ذكر أحد أقوال.
قوله: "نحو اخشوا القوم إلخ" حاصله أنهم ضموا آخر قل عند وصله بنحو ادعوا اتباعًا لثالث ما اتصل به لا نقلًا لأن الهمزة همزة وصل فلما أرادوا تحريك واو اخشوا التي هي لكونها فاعلًا بمنزلة الجزء الأخير من الفعل عند اتصال نحو القوم به اختاروا الضمة حملًا للشيء على نظيره، فوجه الشبه بين الضمتين كون كل في آخر الفعل أعم من أن يكون آخرًا حقيقة أو تنزيلًا. وأورد على الشارح أن ضمة الواو لمناسبتها لها كما قالوا في لتبلونّ فهي ضمة مناسبة لا ضمة بناء، وضمة قل لاتباع ثالث ما بعده فهي ضمة اتباع لا ضمة بناء. وأصل تحريكهما للتخلص من التقاء الساكنين وكلامنا في أسباب ضم البناء فكان الأولى إسقاط هذا الأخير.
فائدة: ضم واو الجمع المفتوح ما قبلها الساكن ما بعدها هو المشهور، وسمع كسرها وفتحها، كما سمع الضم في غير واو الجمع نحو لو انطلقنا كذا في الهمع. قوله: "وقد بان لك" أي من قوله والأصل في المبني أن يسكنا ومنه إلخ. قوله: "أن ألقاب البناء" أي ألقاب أنواع البناء الأصلية فاندفع بأنواع الاعتراض بأن هذه الألقاب ليست للبناء الذي هو جنس كلي لأن حق ألقاب الشيء اتحادها معنى، والأمر هنا ليس كذلك بل لأنواعه المخصوصة بمعنى أن كل نوع منها له لقب من هذه الألفاظ، ويجري الاعتراض والجواب في قولهم ألقاب الإعراب أيضًا، وبالأصلية الاعتراض بأن أنواع البناء لا تنحصر في الأربعة فإن منه البناء على حرف كما
99 | 435(1/98)
المعرب والمبني
والرفع والنصب واجعلن إعرابًا لاسم وفعل نحو لن أهابا
والاسم قد خصص بالجر كما قد خصص الفعل بأن ينجزما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شروع في ذكر ألقاب الإعراب وهي أيضًا أربعة: رفع ونصب وجر وجزم وعن المازني أن الجزم ليس بإعراب. فمن هذه الأربعة ما هو مشترك بين الأسماء والأفعال. وما هو مختص بقبيل منهما. وقد أشار إلى الأول بقوله: "والرفع والنصب اجعلن إعرابًا لاسم وفعل" فالاسم نحو أن زيدًا قائم والفعل "نحو" أقوم و"لن أهابا" إلى الثاني أشار بقوله "والاسم قد خصص بالجر" أي فلا يوجد في الفعل. قال في التسهيل: لأن عاملة لا يستقل فيحمل غيره عليه بخلاف الرفع والنصب "كما قد خصص الفعل بأن ينجزما" أي بالجزم لكونه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في يا زيدان ويا زيدون ولا رجلين والبناء على حذف كما في اغز واخش وارم، واضربا واضربوا واضربي واعلم أن أنواع البناء وأنواع الإعراب وإن اتحدتا في الصورة مختلفتان في الحقيقة كما اختلفتا في الأسماء، فإن الأولى لازمة غير مجتلبة لعامل، والثانية متغيرة مجتلبة لعامل. واصطلحوا على تسمية الضمة والفتحة والكسرة والسكون في الإعراب رفعًا ونصبًا وجرًا أو خفضًا وجزمًا. وفي البناء ضمًا وفتحًا وكسرًا وسكونًا فلا يطلق اسم نوع من أنواع أحدهما على نوع من أنواع الآخر. وهل حركات البناء أصل لعدم تغيرها؟ أو حركات الإعراب لدلالتها على المعاني كالفاعلية والمفعولية والإضافة وتغيرها إنما هو لمعان؟ أو كل أصل أقوال. قوله: "رفع إلخ" بدأ بالرفع لأنه أشرف إذ هو إعراب العمد ولا يخلو منه كلام، وثني بالنصب لأنه أوسع مجالًا فإن أنواعه أكثر. قال أبو حيان ولو بدأ بالجر لأنه مختص بالاسم الذي الإعراب فيه أصل لاتجه أيضًا. ا. هـ. دماميني. قوله: "وعن المازني أن الجزم ليس بإعراب" وجهه أن الجزم ليس في الاسم حتى يحمل عليه المضارع قاله الشيخ يحيى. قوله: "والرفع والنصب اجعلن إعرابًا" اعترضه السيوطي بأن الفعل المؤكد بالنون لا يتقدم معموله عليه والناظم مشى على ذلك في عدة مواضع كقوله:
والفاعل المعنى انصبن بأفعلا وقوله: وبه الكاف صلا، وعلله بعض شراح الجزولية بأن تأكيد الفعل يقتضي اهتمامًا به فيقدم أفاده الشيخ يحيى. وينبغي حمل امتناع التقدم إن سلم على حالة الاختيار دون الضرورة كما هنا، وحينئذٍ يندفع الاعتراض. قوله: "والاسم قد خصص بالجر" الباء داخلة على المقصور كما هو الأكثر. لا يقال هذا تكرار مع قوله سابقًا بالجر والتنوين إلخ لأنا نقول: ذكر الجر هناك لبيان علامة الاسم وهنا لبيان أنه نوع من أنواع الإعراب خاص بالاسم. قوله: "لأن عامله" أي عامل الجر أصالة وهو الحرف لا يستقل لافتقاره إلى ما يتعلق به. وقوله فيحمل بالنصب لوقوعه بعد فاء جواب النفي بإضماران. وقوله غيره عليه أن غير الجر في الاسم وهو الجر في الفعل لو كان على الجر في الاسم. وقوله بخلاف الرفع والنصب أي في الاسم فإنهما لقوة عاملهما أصالة بالاستقلال يقبلان أن يحمل عليهما رفع المضارع ونصبه. قوله: "كما قد خصص إلخ" الكاف قد تأتي لمجرد التنظير من غير اعتبار كون المشبه به أقوى كما هنا. قوله: "أي بالجزم" فسر أن ينجزم بالجزم لأنه الواقع في عبارة النحاة لمناسبته الرفع والنصب والخفض فيكون المصنف أطلق
100 | 435(1/99)
المعرب والمبني
فارفع بضم وانصبن فتحا وجر كسرا كذكر الله عبده يسر
واجزم بتسكين وغير ما ذكر ينوب نحو جا أخو بني نمر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيه حينئذ كالعوض من الجر قاله في التسهيل. واعلم أن الأصل في كل معرب أن يكون إعرابه بالحركات أو السكون. والأصل في كل معرب بالحركات أن يكون رفعه بالضمة ونصبه بالفتحة وجره بالكسرة، وإلى ذلك الإشارة بقوله:
فارفع بضم وانصبن فتحا وجر كسرا كذكر الله عبده يسر تنبيه: لا منافاة بين جعل هذه الأشياء إعرابًا وجعلها علامات إعراب؛ إذ هي إعراب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللازم وأراد الملزوم باعتبار المعنى الأصلي للجزم.
قوله: "لكونه فيه حينئذٍ" أي حين إذ خص الاسم بالجر والفعل بالجزم كالعوض من الجر ليحصل لكل من الاسم والفعل ثلاثة أوجه من الإعراب: اثنان مشتركان وواحد مختص ولا يخفى أن عامل الجزم أصالة الحرف فهو كالجر في عدم استقلال العامل أصالة لأن الحرف غير مستقل جارًا كان أو جازمًا أو غيرهما، فلا شرف للجزم على الجر باستقلال عامله، أصالة حتى يرد ما ذكره البعض من لزوم اختصاص الإشراف وهو الاسم بالمرجوح وهو الجر لعدم استقلال عامله، فيجاب بأن له جهة رجحان وهو كونه ثبوتيًا فتعاد لا فالسؤال من أصله باطل وإن اغتر به المذكور. فإن قلت: كان القياس خفض المضارع إذا أضيف إليه اسماء الزمان نحو: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُم} [المائدة: 119] لاقتضاء الإضافة جر المضاف إليه وجزم الاسم الذي لا ينصرف لشبه الفعل، فلم لم يخفض المضارع المذكور ولم يجزم الاسم المذكور؟. قلت: أما الأول فلأن الإضافة في المعنى للمصدر المفهوم من الفعل لا الفعل. وأما الثاني فلما يلزم من الإجحاف لو حذفت الحركة أيضًا بعد حذف التنوين إذ ليس في كلامهم حذف شيئين من جهة واحدة. قوله: "واعلم أن الأصل إلخ" توطئة للمتن. قوله: "فارفع بضم" الباء للتصوير من تصوير النوع بصنفه ليوافق مذهب الناظم من أن الإعراب لفظي وسيأتي للشارح كلام آخر. قوله: "وانصبن فتحًا وجر كسرًا" الأقرب أن فتحًا وكسرًا منصوبان بنزع الخافض ليتوافقا مع قوله بضم. وقوله بتسكين وإن كان النصب به سماعيًا على الراجح لأنه لا يبعد عندي أن محل كونه سماعيًا على هذا القول إذا لم يصرح بالخافض في نظير المنصوب بحذفه.
قوله: "تنبيه لا منافاة إلخ" قصده الجواب عن منافاة ظاهر قول المصنف فارفع بضم إلخ من كون الإعراب معنويًا لما هو مذهبه من كونه لفظيًا. قوله: "لا منافاة بين جعل هذه الأشياء" يعني الضم وأخواته إعرابًا كما هو مذهب المصنف لا كما هو مقتضى قوله اجعلن إعرابًا لأن جعل الرفع والنصب إعرابًا جار على المذهبين. والخلاف إنما يظهر في الضمة وأخواتها؛ فعلى أنه لفظي هي نفس الإعراب، وعلى أنه معنوي علامات إعراب. وقوله وبين جعلها علامات إعراب أي كما هو ظاهر قوله فارفع بضم إلخ لأن المتبادر منه أن الضم وأخواته علامات إعراب والمعنى فارفع معلمًا بضم إلخ وإن احتمل أن تكون الباء للتصوير فتندفع المنافاة من أصلها كما مر.
101 | 435(1/100)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من حيث عموم كونها أثرًا جلبه العامل، وعلامات إعراب من حيث الخصوص "وغير ما ذكر" من الإعراب بالحركات والسكون مما سيأتي فرع عما ذكر "ينوب" عنه: فينوب عن الضمة الواو والألف والنون. وعن الفتحة الألف والياء والكسرة وحذف النون. وعن الكسرة الفتحة والياء. وعن السكون حذف الحرف. فللرفع أربع علامات واللنصب خمس علامات، وللجر ثلاث علامات، وللجزم علامتان، فهذه أربع عشرة علامة: منها أربعة أصول وعشرة فروع لها تنوب عنها. فالإعراب بالفرع النائب "نحو جا أخو بني نمر" فأخو فاعل والواو فيه نائبة عن الضمة، وبني مضاف إليه والياء فيه نائبة عن الكسرة وعلى هذا الحذو.
واعلم أن النائب في الاسم إما حرف وإما حركة، وفي الفعل إما حرف وإما حذف؛ فنيابة الحرف عن الحركة في الاسم تكون في ثلاثة مواضع: الأسماء الستة والمثنى والمجموع على حده، فبدأ بالأسماء الستة لأنها أسماء مفردة، والمفرد سابق المثنى والمجموع، ولأن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكلامه يقتضي أن القائل بأن الإعراب لفظي يجوّز جعل هذه الأشياء علامات من حيث خصوصها بمعنى أن وجودها علامة على وجود الإعراب من تعليم وجود الكلي بوجود جزئيه ولا مانع من ذلك. وإن كان المشهور أن القائل بأن الإعراب لفظي يقول مرفوع ورفعه كذا. والقائل بأنه معنوي يقول مرفوع وعلامة رفعه كذا. بقي شيء آخر وهو أنه تقدم أن الضم وأخواته أنواع البناء فكيف جعلت إعرابًا أو علامات إعراب ويمكن أن يقال في عبارة المصنف ومن عبر مثل تعبيره مسامحة والأصل فارفع بضمة وانصب بفتحة واجرر بكسرة فتكون الضمة والفتحة والكسرة مشتركة بين الإعراب والبناء وكذا السكون. وقال شيخنا السيد: البصريون يطلقون ألقاب البناء على علامات الإعراب فاحفظه.
قوله: "من الإعراب بالحركات والسكون" بيان لما وقوله مما سيأتي بيان لغير. قوله: "فرع عما ذكر إلخ" أي على طريق التوزيع فالواو والألف والنون فروع الضمة، والألف والياء والكسرة وحذف النون فروع الفتحة وهكذا. وليس المعنى أن كل واحد من غير ما ذكر فرع عن كل واحد مما ذكر. وليس هذا حل إعراب بل هو دخول على قول المصنف ينوب مناسب له أتى به الشارح لأنه مقابل صريحًا لقوله سابقًا والأصل في كل معرب أن يكون إعرابه إلى قوله رفعه بالضمة إلخ وبتقريرنا قول الشارح فرع عما ذكر على هذا الوجه يسقط ما نقله البعض عن البهوتي وسكت عليه من الاعتراض. قوله: "نحو جا أخو بني نمر" بقصر جا لا للضرورة بل لكثرة حذف إحدى الهمزتين من كلمتين إذا اجتمعتا. ونمر بفتح فكسر أبو قبيلة من العرب. قوله: "والياء فيه نائبة عن الكسرة" لأنه ملحق بجمع المذكر السالم. قوله: "وعلى هذا الحذو" يعني القياس من حذاه يحذوه إذا تبعه وهو مرفوع بالابتداء خبره الظرف قبله أو مجرور بدلًا من اسم الإشارة ومتعلق الظرف محذوف أي واجر على هذا الحذو، أو منصوب مفعولًا لمحذوف أي احذ هذا الحذو. قوله: "والمجموع على حده" أي حد المثنى وطريقه من الإعراب بالحروف. واحترز به عن جمع التكسير فإن إعرابه بالحركات. قوله: "فبدأ" أي إذا علمت ذلك
102 | 435(1/101)
المعرب والمبني
وارفع بواو وانصبن بالألف واجرر بياء ما من الأسما أصف
ممن ذاك ذو إن صحبة أبانا والفم حيث الميم منه بانا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إعرابها على الأصل في الإعراب بالفرع من كل وجه فقال: "وارفع بواو وانصبن بالألف واجرر بياء" أي نيابة عن الحركات الثلاث "ما" أي الذي "من الأسما أصف" لك بعد "من ذاك" أي من الذي أصفه لك "ذو إن صحبة أبانا" أي أظهر لا ذو الموصولة الطائية فإن الأشهر فيها البناء عند طيء "والفم حيث الميم منه بانا" أي انفصل، فإن لم ينفصل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فبدأ والأولى الواو قاله شيخنا أي لعدم احتياجها إلى تقدير بخلاف الفاء الفصيحة.
قوله: "ولأن إعرابها على الأصل إلخ" أي لأن الأصل في المعرب بالفرع وهو الحرف أن يكون رفعه بالواو ونصبه بالألف وجره بالياء ليجانس الفرع الأصل، ويؤخذ من هذه العلة الثانية وجه تقديم ما ناب فيه حرف عن حركة على ما ناب فيه حركة عن حركة لأنه لم يجر على الأصل ولا من بعض الوجوه بخلاف ما ناب فيه حرف عن حركة فإن بعضه جاء على الأصل في الإعراب بالفرع من كل وجه كالأسماء الستة وبعضه جاء على الأصل من بعض الوجوه كالمثنى والجمع على حده فإن الأول جاء على الأصل في الجر والثاني جاء عليه في الرفع والجر. قوله: "وارفع بواو" المناسب الفاء لأن هذا تفصيل لقوله وغير ما ذكر ينوب إلخ والواو توهم أنه أجنبي منه. قوله: "نيابة عن الحركات الثلاث" مفعول مطلق لمحذوف أي تنوب هذه الأحرف نيابة ولا يصح أن يكون مفعولًا لأجله تنازعه العوامل الثلاثة لعدم صحة انفراد أحدها بالعمل فيه نظرًا إلى متعلقه أعني قوله عن الحركات الثلاث إلا أن تجعل أل للجنس. قوله: "ما من الأسما أصف" تنازعه العوامل الثلاثة فأعملنا الأخير وأضمرنا فيما قبله ضميره وحذفناه لكونه فضلة ولا يجوّز كون العامل غير الأخير لوجوب إبراز الضمير حينئذٍ فيما بعد وإن كان فضلة. قوله: "ذو" مبتدأ مؤخر مرفوع بضمة مقدرة لأن إعرابها بالحروف إذا كانت مستعملة في معناها وهي هنا المراد بها اللفظ. قوله: "إن صحبة أبانا" صحبة مفعول لمحذوف يفسره المذكور من باب الاشتغال لا مفعول مقدم لأبانا لأن أداة الشرط لا يليها إلا فعل ظاهر أو مقدر واشتراط كون الشاغل ضميرًا أكثريّ لا كلي أو الضمير مقدر قاله يس. وقد يقال إذا جعل صحبة مفعولًا مقدمًا لأبانا فقد ولى أن الفعل الظاهر تقديرًا. قوله: "لا ذو الموصولة" احترز عنها مع أن الكلام في المعرب وهي مبنية دفعًا لتوهم المبتدىء الذي لا يعرف أنها مبنية دخولها في قوله ذو. قوله: "والفم حيث الميم منه بانا" استعمل حيث في الزمان على رأي الأخفش أو في المكان الاعتباري أعني التركيب واعترض كلامه بأنه يوهم أن الأصل فم بالميم فالذي ينبغي وفوه إن لم يبدل من واوه ميم وقد يقال لا نسلم أن الأصل الواو قال الناظم: الصحيح أن للفم أربع مواد ف م ي، ف م و، ف م م، ف و ه. كذا في الروداني وبأن الفم إذا فارقته الميم هو الفاء وحدها ولا تعرب أصلًا والمعرب هو فوك وهو غير الفم بنقص الميم ففي عبارته حكم على ما لم يثبت له الحكم مع ترك الحكم على ما ثبت له الحكم. وأجيب بأن المراد بالفم العضو المخصوص لا اللفظ على تقدير مضاف أي ودال الفم حيث الميم من داله بان والدال يعم ما معه ميم وما معه غيرها.
103 | 435(1/102)
المعرب والمبني
أب آخ حم كذاك وهن والنقص في هذا الأخير أحسن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منه أعرب بالحركات أعني الظاهرة عليها. وفيه حينئذ عشر لغات: نقصه وقصره وتضعيفه مثلث الفاء فيهن، والعاشرة اتباع فائه لميمه، وفصحاهن فتح فائه منقوصًا و"أب" و"أخ" و"حم كذاك" مما أصف "وهن" وهي كلمة يكنى بها عن أسماء الأجناس، وقيل: عما يستقبح ذكره وقيل: عن الفرج خاصة. فهذه الأسماء الستة تعرب بالواو رفعًا وبالألف نصبًا وبالياء جرًّا. وهذا الإعراب متعين في الأول منها وهو ذو ولهذا بدأ به، وفي الثاني منها وهو الفم في حالة عدم الميم ولهذا ثني به، وغير متعين في الثلاثة التي تليهما: وهي أب أخ وحم لكنه الأشهر والأحسن فيها "والنقص في هذا الأخير" وهو من "أحسن" من الإتمام وهو الإعراب بالأحرف الثلاثة ولذلك أخره. والنقص أن تحذف لامه ويعرب بالحركات الظاهرة على العين وهي النون. وفي الحديث "من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "الظاهرة عليها" كان الأولى إسقاطه لتدخل الحركات المقدرة في لغة القصر. قوله: "وفيه حينئذٍ" أي حين إذ لم ينفصل منه الميم وقوله: عشر لغات قال شيخ الإسلام في شرحه على الشذور ما نصه: الفم بالميم يعرب بالحركات مع تضعيف ميمه وبدونه ومنقوصًا كقاض ومقصورًا كعصا بتثليث فائه فيها فهذه مع لغة حذف الميم ثلاث عشرة لغة، واقتصر في التسهيل على عشرة وأفصحها فتح فائه منقوصًا. ا. هـ. فأنت تراه ذكر في الفم بالميم اثنتي عشرة لغة بزيادة ثلاث لغات على ما ذكره الشارح وهي إعرابه على الياء كقاض مثلث الفاء وإسقاط لغة اتباع فائه لميمه فإذا ضمت إلى الاثنتي عشرة كانت لغات الفم بالميم ثلاث عشرة فما نقله البعض وسكت عليه من أنها عشرون وأن شيخ الإسلام ذكرها في شرحه على الشذور لا أصل له. وبقي لغات ثلاث نقلها الدماميني وغيره وهي فاه وفوه وفيه قال: وجمع الثلاثة أفواه ثم وجه ذلك فراجعه. قوله: "نقصه" مراده بالنقص حذف اللام وجعل الإعراب على الميم. قوله: "وقصره" أي إعرابه بالحركات مقدرة على الألف كما في فتى. قوله: "اتباع فائه لميمه" أي في حالة نقصه قيل: وهذه اللغة أضعف اللغات ذكره شيخنا. قوله: "وأب" مبتدأ لأنه معرفة لأن المراد لفظه وأخ وحم معطوفان عليه وكذاك خبر أي كما ذكر من ذو والفم في كون كل مما أصف فقول الشارح مما أصف بيان لحاصل معنى قوله كذاك. والحم أقارب الزوج وقد يطلق على أقارب الزوجة. قوله: "وهن" مبتدأ محذوف الخبر أي كذاك.
قوله: "عن أسماء الأجناس" كان ينبغي حذف أسماء لأن ما ذكر كناية عن الأجناس نفسها قال الجوهري: الهن كناية ومعناه شيء تقول: هذا هنك أي شيئك، ويمكن جعل عن متعلقة بمحذوف لا بيكنى أي بدلًا على أسماء الأجناس فصح كلام الشارح. قوله: "عما يستقبح ذكره" أي فرجًا كان أو غيره. قوله: "ولهذا ثني به" أي لكونه متعين الإعراب بالحروف لا مطلقًا بل في حالة عدم الميم. قوله: "أحسن" أي أكثر استعمالًا يس. قوله: "من تعزى إلخ" قال الموضح في شرح شواهد ابن الناظم: تعزى بمثناة مفتوحة فعين مهملة فزاي مشددة أي من انتسب وانتمى، وهو
104 | 435(1/103)
المعرب والمبني
وفي أب وتالييه يندر وقصرها من نقصهن أشهر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بهن أبيه ولا تكنوا" ولقلة الإتمام في هن أنكر الفراء جوازه وهو محجوج بحكاية سيبويه الإتمام عند العرب. ومن حفظ حجة على من لم يحفظ "وفي أب وتالييه" وهما أخ وحم "يندر" أي يقل النقص. ومنه قوله:
12-
بأبه اقتدى عدي في الكرم ومن يشابه أبه فما ظلم "وقصرها" أي قصر أب وأخ وحم "من نقصهن أشهر" قصرها مبتدأ، وأشهر خبره، ومن نقصهن متعلق بأشهر وهو من تقديم من على أفعل التفضيل وهو قليل كما ستعرفه.
والمراد استغمال أب وأخ وحم مقصورة أي بالألف مطلقًا أكثر وأشهر من استعمالها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الذي يقول يا لفلان ليخرج الناس معه في القتال إلى الباطل، فأعضوه بهمزة مفتوحة فعين مهملة مكسورة فضاد معجمة مشددة، أي قولوا له: عض على هن أبيك أي على ذكر أبيك استهزاء به، ولا تجيبوه إلى القتال الذي أراده أي تمسك بذكر أبيك الذي انتسبت إليه عساه أن ينفعك فأما نحن فلا نجيبك. ولا تكنوا بفتح التاء وسكون الكاف بعدها نون مضمومة مخففة أي لا تذكروا كناية الذكر وهي الهن بل اذكروا له صريح اسمه وهو الأير بفتح الهمزة وسكون التحتية. ا. هـ. وقوله أي تمسك بذكر أبيك الذي انتسبت إليه إلخ. يحتمل أيضًا أن معنى عض على هن أبيك عض على ذكر أبيك حيث لم يلد من يعضدك على الباطل من إخوتك.
فائدة: قال يس: الحديث المذكور في الجامع الصغير عن الإمام أحمد والنسائي لكن بلفظ "إذا رأيتم الرجل يتعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه" إلخ وقد اقتصر ابن الأثير في النهاية على ما في الشرح. ا. هـ.
قوله: "فما ظلم" أي ما حصل منه ظلم في المشابهة لأنه لم يشابه أجنبيًّا فالفعل منزل منزلة اللازم أو ما ظلم أحدًا في الصفة المشابه فيها لكونها صفة أبيه، فالمفعول محذوف إيذانًا بالعموم، أو ما ظلم أباه بتضييع صفته، أو ما ظلم أمه باتهامها فيه إذا لم يشابه أباه. قوله: "وقصرها من نقصهن" عبر بضمير الإفراد ثم بضمير الجمع إشارة إلى جواز الأمرين وإن كان الأفصح في الثلاث إلى العشر هن وفيما فوق العشر ها كما يشير إليه الإفراد أولًا والجمع ثانيًا في قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُور} [التوبة: 36]، الآية. ذكره السيوطي في كتابه المسمى بالشماريخ في علم التاريخ: فما في حاشية شيخنا السيد من أن العشر كما فوقها ليس على ما ينبغي. قوله: "أشهر" يفيد أن النقص شهير وهو كذلك ولا ينافيه قوله وفي أب وتاليه يندر أي النقص لأن الشهرة ضد الخفاء فلا تنافي الندرة التي هي قلة الاستعمال. وأشهر أفعل تفضيل شاذ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
12- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص182؛ والدرر 1/ 106 وشرح التصريح 1/ 64، والمقاصد النحوية 1/ 129؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 44؛ وتخليص الشواهد ص75، وشرح ابن عقيل ص32؛ وهمع الهوامع 1/ 39.
105 | 435(1/104)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منقوصة أي محذوفة اللامات معربة على الأحرف الصحيحة بالحركات الظاهرة. ومن القصر قوله:
12-
إن أباها وأبا أباها قد بلغا في المجد غايتاها وفي المثل: مكره أخاك لا بطل. وحاصل ما ذكره أن في أب وأخ وحم ثلاث لغات أشهرها الإعراب بالأحرف الثلاثة، والثانية أن تكون بالألف مطلقًا، والثالثة أن تحذف منها الأحرف الثلاثة وهذا نادر. وأن في هن لغتين: النقص وهو الأشهر، والإتمام وهو قليل؛ وزاد في التسهيل في أب التشديد فيكون فيه أربع لغات، وفي أخ التشديد وأخو بإسكان الحاء فيكون فيه خمس لغات، وفي حم حمو كقرو، وحمء كقرء وحمأ كخطأ، فيكون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأنه إما من شهر المبني للمجهول أو أشهر الزائد على الثلاثي. قوله: "والمراد إلخ" إنما قال والمراد لأن المتن لم يصرح بالأكثرية وكأن الشارح يشير إلى أن كلام المتن حذفًا. قوله: "أكثر وأشهر إلخ" مقتضاه أن النقص فيهن كثير وهو مناف لتصريح المصنف بندرته فيهن. إلا أن يقال الندرة في كلام المصنف بالنسبة إلى القصر والإتمام فلا تنافي كثرته في نفسه. قوله: "إن أباها إلخ" الشاهد في الثالث صراحة وفي الأولين بقرينة الثالث إذ يبعد كل البعد التلفيق بين لغتين فمن قال: الشاهد في الثالث فقط أراد الشاهد صراحة. وقوله: غايتاها على لغة من يلزم المثنى الألف والضمير إلى المجد وأنثه باعتبار الصفة أو الرتبة. والمراد بالغايتين المبدأ والمنتهى كما قيل. أو غاية المجد في النسب وغاية المجد في الحسب. وقيل: الألف بعد التاء الفوقية للإشباع لا للتثنية.
قوله: "مكره أخاك" خبر مقدم ومبتدأ مؤخر أو مكره مبتدأ وأخاك نائب فاعل سد مسد الخبر على قول الكوفيين والأخفش من أنه لا يشترط في الوصف اعتماده على نفي أو شبهه. قال في التصريح: قيل أول من قاله عمرو بن العاص حين حمله معاوية على مبارزة عليّ فلما التقيا قال له عمرو ذلك فأعرض عنه عليّ رضي الله تعالى عنهم. وذكر الأخ للاستعطاف. قوله: "وأن في هن لغتين" زاد في الهمع ثالثة دونهما وهي تشديد النون. قوله: "وزاد في التسهيل إلخ" ذكر الروداني أنه يجوّز في الأب والأخ المشددين إعرابهما بالحروف فيقال: هذا أبوك وأخوك مثلًا بالتشديد والإعراب بالحروف. قوله: "كقرو" القرو بفتح القاف وسكون الراء وبالواو يطلق على
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
13- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص168؛ وله أو لأبي النجم في الدرر 1/ 106؛ وشرح التصريح 1/ 65، وشرح شواهد المغني 1/ 127؛ والمقاصد النحوية 1/ 133، 3/ 636؛ وله أو لرجل من بني الحارث في خزانة الأدب 7/ 455؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص46، والإنصاف ص18؛ وأوضح المسالك 1/ 46؛ وتخليص الشواهد ص58؛ وخزانة الأدب 4/ 105، 7/ 453، ورصف المباني ص24، 236، وسر صناعة الإعراب 2/ 705؛ وشرح شذور الذهب ص62؛ وشرح شواهد المغني 2/ 585، وشرح ابن عقيل ص33، وشرح المفصل 1/ 53، ومغني اللبيب 1/ 38؛ وهمع الهوامع 1/ 39.
106 | 435(1/105)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيه ست لغات.
تنبيه: مذهب سيبويه أن ذو بمعنى صاحب وزنها فعل بالتحريك ولامها ياء. ومذهب الخليل أن وزنها فعل بالإسكان ولامها واو فهي من باب قوة: وأصله ذوو وقال ابن كيسان: تحتمل الوزنين جميعًا. وفوك وزنه عند الخليل وسيبويه فعل بفتح الفاء وسكون العين، وأصله فوه لامه هاء وذهب الفراء إلى أن وزنه فعل بضم الفاء؛ واب وأخ وحم وهن وزنها عند البصريين فعل بالتحريك ولاماتها واوات بدليل تثنيتها بالواو. وذهب بعضهم إلى أن لام حم ياء من الحماية لأن أحماء المرأة يحمونها، وهو ومردود بقولهم في التثنية حمو إن وفي إحدى لغاته حمو، وذهب الفراء إلى أن وزن أب وأخ وحم فعل بالإسكان، ورد بسماع قصرها وبجمعها على أفعال وأما هن فاستدل الشارح على أن أصله التحريك بقولهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القصد والتتبع وقدح من خشب. قوله: "كقرء" القرء بفتح القاف وسكون الراء وبالهمز يطلق على الجمع والحيض والطهر وقد تضم قافه كما في القاموس. قوله: "وزنها فعل بالتحريك ولامها ياء" أما الأول فلانقلاب لامها ألفًا في نحو ذواتًا وقيل ذاتًا أيضًا بلا رد اللام كما في التسهيل وأما الثاني فلأن يأتي اللام أكثر من واويه والحمل على الأكثر أرجح فأصلها ذوي حذفت الياء اعتباطًا ونقلت حركة الإعراب إلى الواو وحركت الذال بحركة الواو اتباعًا لها، ثم في حال الرفع حذفت ضمة الواو للثقل وفي النصب قلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، في حال الجر حذفت كسرة الواو للثقل فوقعت الواو متطرفة إثر كسرة فقلبت ياء. فإن قلت: لا وجه للنقل والاتباع في حال النصب لفتح الواو والذال فتحًا أصليًّا. قلت: يقدر ذهاب فتحهما الأصلي وفتح الواو بفتحة الإعراب التي كانت على اللام المحذوفة وفتح الذال بفتحة الاتباع لتكون حالة النصف كحالتي الرفع والجر على قياس ما سيأتي للشارح ترجيحه في أب قبيل التنبيه الآتي، ولك أن لا تتكلف ذلك على مقياس مقابله الآتي.
قوله: "فعل بالإسكان" أي مع فتح الفاء واستدل بأن الحركة زيادة فلا يقدم عليها إلا مثبت. وأجيب عن حجة سيبويه بأن الاسم إذا حذفت لامه ثم ثني لا ترد عينه إلى سكونها قاله يس أي فالمقتضى لقلب اللام ألفًا موجود. قوله: "ولامها واو" انظر ما دليله على أن لامها واو. ثم رأيت الاستدلال بأن أول أحواله واو ولام أخواته غير فوك واو فأجرى الباب على سنن واحد. قوله: "من باب قوة" أي من باب ما عينه ولامه واو بقطع النظر عن حركة الفاء. قوله: "وأصله ذوو" حذفت الواو الثانية اعتباطًا ونقلت حركة الإعراب إلى الواو الأولى وفعل بالكلمة ما تقدم. قوله: "بفتح الفاء وسكون العين" لأن حركة العين زيادة فلا تثبت إلا بمثبت ولا يرد جمعه على أفعال لأن ما على فعل الساكنة العين يجمع على أفعال إذا كان معتل العين كثوب وسيف. قوله: "وأصله فوه" حذفت الهاء، اعتباطًا لشبهها بحرف العلة في الخفاء وقربها منه في المخرج ثم تارة يعوض عن واوه الميم لأنها من مخرجها وأخف من الياء وتارة لا فتنقل حركة الإعراب إلى الواو ويفعل بالكلمة ما تقدم. قوله: "لامه هاء" بدليل قولهم في الجمع أفواه وفي التصغير فويه. قوله:
107 | 435(1/106)
المعرب والمبني
وشرط ذا الإعراب أن يضفن لا لليا كجا أخو أبيك ذا اعتلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هنة وهنوات. وقد استدل بذلك بعض شراح الجزولية، واعترضه ابن إياز بأن فتحه النون في هنة يحتمل أن تكون لهاء التأنيث، وفي هنوات لكونه مثل جفنات فتح لأجل جمعه بالألف والتاء وإن كانت العين ساكنة في الواحدة؛ وقد حكى بعضهم في جمعه أهناء فبه يستدل على أن وزنه بالتحريك "وشرط ذا الإعراب" بالأحرف الثلاثة في الكلمات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"بسماع قصرها" لأن قصرها يوجب فتح العين إذ لا مقتضى لقلب اللام ألفًا إلا تحركها مع انفتاح ما قبلها. قوله: "ويجمعها على أفعال" أي لأن ما على فعل الصحيح العين الساكنة لا يجمع على أفعال بل على أفعل كما سيأتي في قول الناظم:
لفعل اسمًا صح عينًا افعل لكن هذا لا ينهض على القراء إلا في حم لا في أب وأخ لأن مذهبه أن ما على فعل بالسكون وفاؤه همزة يجوّز جمعه على أفعال وأفعل ومفاد كلام الشارح جواز جمع أخ على آخاء وتوقف شيخنا في سماعه. قوله: "فبه يستدل" أي لا بما ذكره الشارح كما يفيده تقديم المعمول لما علمت من رده. قوله: "وشرط ذا الإعراب بالأحرف الثلاثة" أخذه الشارح من كون المقام مقام الإعراب بالنائب ومن المثال ويكفي هذان في صرف اسم الإشارة عن رجوعه إلى أقرب مذكور فلا اعتراض على المصنف. قوله: "أن يضفن" أي ولو نية في فانصبا كما في التسهيل وجمع الجوامع للسيوطي كقول العجاج:
خالط من سلمى خياشيم وفا أي خياشيمها وفاها قال في الهمع: خص البصريون ذلك بالضرورة، وجوّزه الأخفش والكوفيون وتابعهم ابن مالك في الاختيار تخريجًا على أنه حذف المضاف إليه ونوى ثبوته فأبقى المضاف على حاله. ورأيت بخط الشنواني عن سم أنه لا يقاس على ذلك عند المصنف أيضًا غير فا من فو وفي وبقية الأسماء الستة وأورد عليه أن هذا الاشتراط في ذو والفم بلا ميم تحصيل الحاصل لأنهما ملازمان للإضافة. وأجيب بأن الشرط ينصرف إلى ما هو محتاج إليه بدلالة العقل والمحتاج إليه هنا هو ما عداهما، فقول الشارح في الكلمات الست فيه. ما فيه ولا يرد على اشتراط الإضافة لا أبا لك لأنه مضاف إلى الضمير واللام مقحمة على مذهب الجمهور فالشرط موجود فيه في الحقيقة، نعم انجرار ما بعد اللام بها لا بالمضاف كما قاله في المغني وعلله بأن اللام أقرب وبأن الجار لا يعلق فيكون مستثنى من عمل المضاف في المضاف إليه. فإن قلت لو كان مضافًا إلى الضمير لكان معرفة فيجب الرفع وتكرار لا كما سيأتي في باب لا النافية للجنس. قلت تركوا الرفع والتكرار نظرًا إلى عدم الإضافة بحسب الظاهر والحاصل أنا راعينا الحقيقة تارة فأعربنا ما بعد لا بالحرف والظاهر تارة فأعملنا لا فيه ولم نكررها. أقول: بقي أن يقال لم أعربنا لا أبالي بالحرف مع إضافته في الحقيقة للياء وعدم إضافته أصلًا في الظاهر؟ والقاطع للإشكال من أصله ما ذكره بعضهم من حمل ما ذكر على لغة القصر وإنما ترك التنوين
108 | 435(1/107)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الست "أن يضفن لا لليا" مع ما هن عليه من الإفراد "كجا أخو أبيك ذا اعتلا" فكل واحد من هذه الأسماء مفرد مكبر مضاف وإضافته لغير الياء. وقد احتوت هذه الأمثلة على أنواع غير الياء، فإن غير الياء إما ظاهر أو مضمر، والظاهر إما معرفة أو نكرة. واحترز بالإضافة عما إذا لم تضف فإنها تكون منقوصة معربة بالحركات الظاهرة نحو جاء أب ورأيت أخا ومررت بحم. وكلها تفرد إلا ذو فإنها ملازمة للإضافة وإذا أفرد فوك عوض من عينه وهي الواو وميم وقد تثبت الميم مع الإضافة كقوله:
14-
يصبح ظمآن وفي البحر فمه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للبناء وسيأتي بسط ذلك في باب لا. قوله: "لا لليا" معطوف على متعلق يضفن المحذوف والتقدير أن يضفن لأي اسم لا للياء ولم يقيد الياء بياء المتكلم لأن الإضافة لا تكون لياء المخاطبة أصلًا لاختصاصها بالفعل. قوله: "مع ما هن عليه إلخ" أشار به إلى دفع اعتراض على المصنف في سكوته عن الشرطين المذكورين وحاصل الدفع أنه استغنى عن التصريح بهما بكونه ذكرها كذلك. قوله: "ذا اعتلا" حال من المضاف لا من المضاف إليه لعدم شرطه. والاعتلاء العلوّ. قوله: "أنواع غير الياء" أي أنواع المضاف إليه المغاير للياء. قوله: "عما إذا لم تضف" أي تلك الأسماء أي القابل منها لعدم الإضافة فلا يرد أن ذوو الفم بلا ميم ملازمان للإضافة. قوله: "فإنها تكون منقوصة معربة بالحركات الظاهرة" يظهر لي أنه ليس بقيد بالنسبة إلى أب وأخ وحم لإطلاقهم جواز قصرها مثلًا فتفطن ولا يرد عليه قوله:
خَالَطَ مِنْ سَلْمَى خَيَاشِيمَ وَفَا لأن لفظ المضاف إليه منوي الثبوت فهو كالمذكور صراحة أي خياشيمها وفاها. ولا يرد عليه أيضًا أن من لغات الفم الفمى كالفتى وهو مقصور معرب بالحركات المقدرة مع الإضافة وعدمها لأن الكلام ليس في الفم بالميم بل ليس في ذي والفم مطلقًا لما ذكرناه عند قول المصنف أن يضفن وما ذكرناه عند قول الشارح عما إذا لم تضف فافهم. قوله: "عوض من عينه وهي الواو ميم" وجه التعويض أن الإضافة إذا زالت يأتي التنوين فيدخل على واو هي ساكن فتحذف للساكنين فعوضوا الميم عنها لتبقى، وعند الإضافة لا يحتاج إلى الميم للأمن من ذلك لفقد التنوين أفاده الدماميني، وتقدم وجه إيثار الميم دون غيرها. قوله: "وقد تثبت" أي على قلة، إجراء لحال الإضافة مجرى حال عدمها.
قوله: "يصبح" أي الحوت المذكور قبل. وجملة وفي البحر فمه حالية. قوله: "لخلوف فم الصائم" بضم الخاء وقد تفتح لكن الفتح لغة شاذة كما في تحفة ابن حجر بل قيل خطأ: أي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
14- الرجز لرؤبة في ديوانه ص159؛ والحيوان 3/ 265؛ وخزانة الأدب 4/ 451، 454، 460، والدرر 1/ 114؛ وشرح شواهد المغني 1/ 467؛ والمقاصد النحوية 1/ 139؛ وبلا نسبة في شرح التصريح 1/ 64؛ وهمع الهوامع 1/ 40.
109 | 435(1/108)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولا يختص بالضرورة خلافًا لأبي علي، لقوله -صلى الله عليه وسلم: "لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" والاحتراز بقوله لا لليا عما إذا أضيفت للياء فإنها تعرب بحركات مقدرة كسائر الأسماء المضافة للياء وكلها تضاف للياء إلا ذو فإنها لا تضاف لمضمر وإنما تضاف لاسم جنس ظاهر غير صفة وما خالف ذلك فهو نادر وبكونها مفردة عما إذا كانت مثناة أو مجموعة سلامة فإنها تعرب إعرابهما. وإن جمعت جمع تكسير أعربت بالحركات الظاهرة. وبكونها مكبرة عما إذا صغرت فإنها تعرب أيضًا بالحركات الظاهرة. وأعلم أن ما ذكره الناظم من أن إعراب هذه الأسماء بالأحرف هو مذهب طائفة من النحويين منهم الزجاجي وقطرب والزبادي من البصريين، وهشام من الكوفيين في أحد قوليه. قال في شرح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تغير رائحته بعد الزوال. ومعنى أطيبيته عند الله حقيته بثناء الله على صاحبه ورضاه به. ولا تختص أطيبيته بيوم القيامة على المعتمد وذكره في رواية مسلم لكونه وقت الجزاء. قوله: "فإنها تعرب بحركات مقدرة" أي على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها كسرة المناسبة في أبي وأخي وحمى وهنى بلا رد للاماتها المحذوفة كما هو الشائع، أو منع من ظهورها سكون ما قبل الياء للإدغام في الأربعة برد لاماتها وقلبها ياء وإدغامها في ياء المتكلم وفي فيّ فيجب قلب عين في ياء وإدغامها في ياء المتكلم معربًا بحركات مقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها سكونه للإدغام كما صرّح به الرضي.
قوله: "لاسم جنس ظاهر" أراد باسم الجنس ما وضع لمعنى كلي معرفًا أو منكرًا: وأراد بالصفة المشتق للدلالة على معنى وذات لا المعنى القائم بالموصوف. وخرج بقوله اسم جنس العلم والجملة فلا يقال: أنت ذو محمد أو ذو تقوم. وبقوله ظاهر الضمير الراجع إلى بعض الأجناس فلا يقال: الفضل ذوه أنت وبقوله غير صفة الصفة فلا يقال: أنت ذو فاضل هكذا ينبغي تقرير عبارة الشارح. ووجه ما ذكره الشارح من الحصر أن ذو صلة للوصف والضمير، والعلم لا يوصف بهما. والمشتق غني عنها لصلاحيته بنفسه للوصف وكذا الجملة. قوله: "وما خالف ذلك فهو نادر" كإضافته إلى العلم في نحو: أنا الله ذو بكة، وإلى الجملة في نحو اذهب بذي تسلم: أي اذهب في وقت صاحب سلامة. وفي نكت السيوطي أن إضافته إلى العلم قليلة وإلى الجملة شاذة. وفي يس أنه أضيف إلى الضمير شذوذًا. قوله: "أو مجموعة جمع سلامة" أي بالواو والنون أو الياء والنون إن أريد بها من يعقل أو بالألف والتاء إن أريد بها ما لا يعقل كأن يقال: أبوات وأخوات وقد سمع جمع أب وأخ وذي جمع مذكر سالمًا قيل: وهن وحم وفم بلا ميم أيضًا.
قوله: "وأبعدها عن التكلف" بخلاف مذهب سيبويه فإن فيه تكلف حركات مقدرة مع الاستغناء عنها بنفس الحروف لحصول فائدة الإعراب بها وهي بيان مقتضى العامل. ولا محذور في جعل الإعراب حرفًا من نفس الكلمة إذا صلح له كما جعلوه في المثنى والمجموع على حده من نفسها. قوله: "وأتبع فيها ما قبل الآخر للآخر" إن قلت: لم أتبعوا في هذه الأسماء دون
110 | 435(1/109)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التسهيل: وهذا أسهل المذاهب وأبعدها عن التكلف. ومذهب سيبويه والفارسي وجمهور البصريين أنها معربة بحركات مقدرة على الحروف وأتبع فيها ما قبل الآخر للآخر، فإذا قلت: قام أبو زيد فأصله أبو زيد ثم أتبعت حركة الباء لحركة الواو فصار أبو زيد فاستثقلت الضمة على الواو فحذفت. وإذا قلت رأيت أبا زيد فأصله أبو زيد فقيل: تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفا. وقيل: ذهبت حركة الباء ثم حركت اتباعًا لحركة الواو ثم انقلبت الواو ألفًا، قيل: وهذا أولى ليتوافق النصب مع الرفع والجر في الاتباع، وإذا قلت: مررت بأبي زيد فأصله بأبو زيد فأتبعت حركة الباء لحركة الواو فصار بأبو زيد فاستثقلت الكسرة على الواو فحذفت كما حذفت الضمة ثم قلبت الواو ياء لكونها بعد كسرة كما في نحو ميزان وذكر في التسهيل أن هذا المذهب أصح وهذان المذهبان من جملة عشرة مذاهب في إعراب هذه الأسماء وهما أقواها.
تنبيه: إنما أعربت هذه الأسماء بالأحرف توطئة لإعراب المثنى والمجموع على حده بها، وذلك أنهم أرادوا أن يعربوا المثنى والمجموع بالأحرف للفرق بينهما وبين المفرد،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نظائرها من الأسماء المعتلة نحو عصاك ورحاك. قلت الفرق أن للاتباع في هذه الأسماء فائدة وهي الإشعار بأن ما قبل الآخر كان في غير حالة الإضافة حرف إعراب نحو: {إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا} [يوسف: 78] {فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَه} [يوسف: 77]، بخلاف النظائر. ومن المقرر أن الشيء إذا لزم شيئًا من باب أجرى جميع الباب على وتيرته فلا يرد فوك وذو مال. قوله: "ثم انقلبت الواو ألفًا" أي لتحركها وانفتاح ما قبلها. قوله: "وهذا أولى" أورد عليه أن حركة الياء على هذا عارضة للاتباع فلا تصلح موجبًا لقلب الواو المتحركة ألفًا لما سيأتي في محله من أنه يشترط أصالة الفتح. وأجيب بأن حركتها في الحقيقة غير عارضة. والحكم بذهاب حركتها الأصلية والإتيان بحركة أخرى للاتباع أمر تقديري ارتكبناه إجراء للباب على وتيرة واحدة. وعلى تسليم عروضها في الحقيقة يقال لما حلت محل الأصلية ونابت عنها واتحدت معها نوعًا أعطيت حكمها أفاده الدماميني. قوله: "وذكر في التسهيل أن هذا المذهب أصح" أي لأن الأصل في الإعراب أن يكون بالحركات ظاهرة أو مقدرة فمتى أمكن تقديرها لم يعدل عنه، ولا يمكن تمشية كلام المصنف هنا عليه لأنه في الإعراب بالنيابة كما قال سابقًا وغير ما ذكر ينوب إلخ. قوله: "من جملة عشرة مذاهب" بل من جملة اثني عشر مذهبًا ساقها السيوطي في همع الهوامع فراجعه. قوله: "إنما أعربت هذه الأسماء بالأحرف" الأولى والمناسب لقوله في السؤال الثاني وإنما اختيرت هذه الأسماء أن يقول هنا إنما أعرب بعض المفردات بالأحرف إلخ ثم يقول: وكان ذلك البعض الأسماء الستة لأنها تشبه المثنى إلخ وتصحيح كلام الشارح أن يقال: المنظور إليه في السؤال الأول جهة عموم الأسماء الستة وهي كونها بعضًا من الأسماء المفردة لا جهة خصوصها وهي كونها هذه الأسماء بأشخاصها. قوله: "للفرق بينهما إلخ" ولم يعكس ليكون
111 | 435(1/110)
المعرب والمبني
بالألف ارفع المثنى وكلا إذا بمضمر مضافا وصلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فأعربوا بعض المفردات بها ليأنس بها الطبع. فإذا انتقل الإعراب بها إلى المثنى والمجموع لم ينفر منه لسابق الألفة وإنما اختيرت هذه الأسماء لأنها تشبه المثنى لفظًا ومعنى أما لفظا فلأنها لا تستعمل كذلك إلا مضافة والمضاف مع المضاف إليه اثنان. وأما معنى فلاستلزام كل واحد منها آخر: فالأب يستلزم ابنا والأخ يستلزم أخًا وكذا البواقي وإنما اختيرت هذه الأحرف لما بينها وبين الحركات الثلاث من المناسبة الظاهرة "بالألف ارفع المثنى" نيابة عن الضمة. والمثنى اسم ناب عن اثنين اتفقا في الوزن والحروف بزيادة أغنت عن العاطف والمعطوف: فاسم ناب عن اثنين يشمل المثنى الحقيقي كالزيدين وغيره
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأصل للأصل والفرع للفرع. قوله: "وكذا البواقي" فالحم لكونه أقارب الزوج أو الزوجة يستلزم واحدًا منهما، وذو لكونه بمعنى الصاحب يستلزم مصحوبًا، والفم يستلزم صاحبه وكذا الهن. قوله: "ارفع المثنى" سيأتي شروط المثنى. قوله: "والمثنى" أي اصطلاحًا أما لغة فهو المعطوف كثيرًا.
قوله: "اسم" أي معرب بدليل أن الكلام في المعرف فلا يرد على التعريف أنتما. قوله: "ناب عن اثنين" أي اسمين اثنين أعم من أن يكونا مذكرين أو مؤنثين مفردين كالزيدين أو جمعي تكسير كالجمالين أو اسمي جمع كالركبين، أو اسمي جنس كالغنمين. والمراد ناب عنهما في الحالة الراهنة لأن معنى الفعل غير معتبر في التعاريف فلا يرد أن التعريف غير مانع لدخول المثنى المسمى به والمراد النيابة عنهما بطريق الوضع فلا يرد أن التعريف غير جامع لخروج نحو {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْن} [الملك: 4] مما استعمل في الكثرة لأن نيابته عن أكثر من اثنين ليست بطريق الوضع، على أن منهم من جعله ملحقًا بالمثنى لا مثنى حقيقة. قوله: "في الوزن والحروف" لم يقل والمعنى مراعاة لمذهب الناظم الذي يجوز تثنية المشترك مرادًا بها معنياه المختلفان وجمعه كذلك عند أمن اللبس بتثنيته مرادًا بها فردان لأحد معنييه. نحو عندي عينان: منقودة ومورودة وبجمعه كذلك. ويجوز تثنية اللفظ مرادًا بها حقيقته ومجازه وجمعه كذلك عند ذلك معللًا ذلك بأن الأصل في التثنية والجمع العطف وهو في المتفقين والمختلفين جائز بالاتفاق والعدول عنه اختصار فإذا جاز في أحدهما فليجز في الآخر قياسًا. قال في شرح الجامع وبعضهم بنى المسألة على جواز استعمال المشترك في معنييه أي واللفظ في حقيقته ومجازه. فإن قلنا به جاز وإلا فلا. ا. هـ. وهو ظاهر. قوله: "بزيادة" الباء سببية متعلقة بناب. قوله: "أغنت عن العاطف والمعطوف" فلا يقال جاء زيد وزيد مثلًا في غير ضرورة أو شذوذ إلا لنكتة كقصد تكثير نحو أعطيتك مائة ومائة، وكفصل ظاهر نحو جاء رجل طويل ورجل قصير أو مقدر نحو قول الحجاج: إنا لله محمد ومحمد في يوم. أي محمد ابني ومحمد أخي وأل في العاطف للعهد والمعهود الواو خاصة ففي كتاب العسكري لا يجوز في قام زيد فزيد قام الزيدان بخلاف قام زيد وزيد. قال: ولهذا لا يجوز قام زيد فزيد الظريفان لأن النعت كالمنعوت فكما لا يجتمع المنعوتان في لفظ واحد كذلك نعتاهما كذا في الدماميني. وعلى هذا لا يجوز بالطريق الأولى جاء زيد فعمرو
112 | 435(1/111)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كالقمرين، واثنين واثنتين، وكلا وكلتا، والألفاظ الموضوعة للاثنين كزوج وشفع فخرج
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الظريفان وعندي أنه يجوز جاء زيد فزيد الظريفان وجاء زيد فعمرو الظريفان لانتفاء اللبس المانع من جواز جاء الزيدان في جاء زيد فزيد أو فعمرو ولأنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع فعليك بالإنصاف. وأل في المعطوف أيضًا للعهد والمعهود المعطوف من لفظ المثنى فلا يرد أن التعريف يدخل فيه اثنان لنيابته عن رجل ورجل واثنتان لنيابته عن امرأة وامرأة لأن المعطوف ليس من لفظ المثنى.
قوله: "فاسم ناب عن اثنين يشمل إلخ" يتبادر من هذا مع سكوته عن إخراج قوله ناب عن اثنين لما دل على أقل من اثنين كرجلان أي ماش. ولما دل على أكثر كصنوان جمع صنو، ولما أعرب كالمثنى والمراد به مفرد اسم جنس ككلبتي الحداد أو علم كالبحرين لمكان. وجعله اتفقا في الوزن قيد أول أنه جعل مجموع قوله اسم ناب عن اثنين جنسًا وهو خلاف المألوف والموافق للمألوف جعل اسم جنسًا وناب عن اثنين فصلًا أول مخرجًا لما مر. قوله: "كالقمرين" للشمس والقمر تغليبًا للمذكر. ولم يغلبوا المؤنث إلا في مسألتين: قولهم ضبعان بفتح فضم في تثنية ضبع للمؤنث، وضبعان بكسر فسكون للمذكر. ونحو قولك كتبته لثلاث بين يوم وليلة وضابطه أن يكون معك عدد مميز بمذكر ومؤنث كلاهما مما لا يعقل وفصلًا من العدد ببين كذا في المغني. قال الدماميني ومن أمثلة المسألة الثانية اشتريت عشرًا بين جمل وناقة. ثم قال ووقع تغليب المؤنث في غير تينك المسألتين ففي التنزيل: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] والمراد عشرة أيام بلياليهن لكن أنث العدد لتغليب الليالي وقوله تعالى: {إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا} [طه: 104] بعد قوله: {إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا} [طه: 103] مشعر بأن المراد بالعشر الأيام فأنث تغليبًا لليالي. وزعم زاعم أنه عليه الصَّلاة والسَّلام غلب المؤنث في قوله: "حبب إليّ من دنياكم ثلاث النساء والطيب وجعلت قرّة عيني في الصلاة" اهتمامًا بالنساء. وهذا الحديث رواه النسائي عن أنس وليس فيه ذكر الثلاث ولا أعلمها ثابتة من طريق صحيح. ا. هـ. أقول عد في آخر المغني من أمثلة التغليب قولهم المروتين في الصفا والمروة وهذا من تغليب المؤنث.
فائدة: أذكرني ذكر القمرين قول القائل:
رأت قمر السماء فأذكرتني ليالي وصلها بالرقمتين
كلانا ناظر قمرًا ولكن رأيت بعينها ورأت بعيني قال الدماميني: هذا من المبالغة حيث ادعى أن القمر الحقيقي هو وجهها وأن قمر السماء قمر مجازي لمشابهته وجهها. وقوله: رأيت بعينها ورأت بعيني يرشد إليه. ا. هـ. أي لأن معنى رأيت بعينها إلخ إني رأيت القمر الحقيقي وهي رأت القمر المجازي لأني رأيت وجهها وهو القمر الحقيقي وهي رأت قمر السماء وهو القمر المجازي قال الصلاح الصفدي: وهذا أحسن ما يقال في معنى البيتين. وذهب بعضهم إلى أن نحو القمرين مثنى حقيقة وأن التثنية إنما حصلت بعد
113 | 435(1/112)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالقيد الأول نحو العمرين في عمرو وعمر وبالثاني نحو العمرين في أبي بكر وعمر، وبالثالث كلا وكلتا واثنان واثنتان وثنتان؛ إذ لم يسمع كل ولا كلت، ولا اثن ولا اثنة ولا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تسمية المغلب عليه باسم المغلب مجازًا وهو مبني على جواز تثنية اللفظ مرادًا بها حقيقته ومجازه. قوله: "كزوج وشفع" فيه أنهما لم يوضعا لاثنين خاصة بل لأعم من اثنين وهو ما انقسم بمتساويين ومثلهما زكا يقال: خسا أو زكا أي فردًا أو زوجًا قاله الروداني. قوله: "فخرج بالقيد الأول نحو العمرين" يصح ضبطه بالفتح فالإسكان تغليبًا للأخف وبالضم فالفتح إشارة إلى قوله صلى الله عليه وسلّم: "اللهم أعز الإسلام بأحب العمرين إليك" يعني عمر بن الخطاب وعمرو بن هشام الذي هو أبو جهل تغليبًا للأشرف الذي سبقت له السعادة فيكون في الحديث رمز إلى أنه الذي يسلم. قال الدماميني يغلب الأخف لفظًا ما لم يكن غير الأخف مذكرًا. أقول أو اقتضى تغليبه سبب غير التذكير كما قررناه في العمرين بالضم فالفتح. وما نقلناه عن الدماميني نقله الشمني عن التفتازاني. ثم نقل الدماميني عن ابن الحاجب أن شرط التغليب تغليب الأدنى على الأعلى وضعفه، وعن غيره أن شرطه تغليب الأعلى على الأدنى وضعفه. قوله: "وبالثاني نحو العمرين" كان الأولى أن يقول نحو الزيدين في زيد وعمرو لأن المثال الذي ذكره خارج بالقيد الأول لاختلاف الوزن أيضًا فيه. قوله: "وبالثالث كلا وكلتا" قال شيخنا أي خرج بالثالث ما لا زيادة فيه أغنت عن العاطف والمعطوف بأن لا يكون فيه زيادة أصلًا أو يكون فيه زيادة لا تغني عن العاطف والمعطوف بأن لا يكون له مفرد من لفظه. ا. هـ. فالأول نحو كلا وزوج وشفع والثاني نحو كلتا واثنان واثنتان وثنتان إذ لم يسمع كلت واثن واثنة وثنت، ومن هذا يعلم أنه كان ينبغي للشارح ذكر زوج وشفع مع الألفاظ الخمسة لخروجهما أيضًا بالقيد الثالث إلا أن يقال تركهما للمقايسة وأنه كان ينبغي له تعليل خروج كلا بعدم الزيادة فيها أصلًا لا بعدم سماع مفرد لها لإيهامه أن فيها زيادة لكن لا تغني عن العاطف والمعطوف لعدم سماع مفرد لها فتأمل. واعلم أن إخراج زوج وشفع بالقيد الثالث إنما هو على التنزل مع الشارح في دخول شفع وزوج في قولنا اسم ناب عن اثنين وتقدم ما فيه.
فائدة: قال في التصريح ويشترط في كل ما يثنى عند الأكثرين ثمانية شروط: أحدها الإفراد فلا يثنى المثنى ولا المجموع على حده ولا الجمع الذي لا نظير له في الآحاد ولا جمع المؤنث السالم وإن ثنى غير ذلك من جمع التكسير واسم الجمع واسم الجنس كما مر. الثاني الإعراب فلا يثنى المبني وأما ذان وتان واللذان واللتان فصيغ موضوعة للاثنين وليس من المثنى حقيقة على الأصل عند جمهور البصريين، وأما قولهم منان ومنين فليست الزيادة فيهما للتثنية بل للحكاية بدليل حذفها وصلًا ولا يرد نحو يا زيدان ولا رجلين لأن البناء وارد على المثنى فهما من بناء التثنية لا من تثنية المبني. الثالث عدم التركيب فلا يثنى المركب تركيبًا إسناديًّا باتفاق ولا مزجيًا على الأصح فإن أريد الدلالة على اثنين أو اثنتين مما سمى بهما أضيف إليهما ذوا أو ذوا تاو المجوزون تثنية المزجي قال بعضهم: يقال معديكربان وسيبويهان. وقال بعضهم: يحذف عجز المختوم بويه ويثنى صدره، ويقال: سيبان. وأما العلم الإضافي فإنما يثنى جزؤه الأول على
114 | 435(1/113)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثنت وأما قوله:
15-
في كلت رجليها سلامى واحدة فإنما أراد كلتا فحذف الألف للضرورة. فهذه المخرجات ملحقات بالمثنى في إعرابه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الصحيح وانظر حكم المركب التقييدي العلم. الرابع التنكير فلا يثنى العلم باقيًا على علميته بل ينكر ثم يثنى مقرونًا بأل أو ما يفيد فائدتها ليكون كالعوض من العلمية فيقال جاء الزيدان ويا زيدان مثلًا ولهذا لا تثنى كنايات الإعلام كفلان وفلانة لأنها لا تقبل التنكير. الخامس اتفاق اللفظ وأما نحو الأبوين للأب والأم فتغليب وتقدم بيانه. السادس اتفاق المعنى فلا يثنى اللفظ مرادًا به حقيقته ومجازه أو مرادًا به معنياه المختلفان المشترك هو بينهما عند الجمهور. وأما قولهم القلم أحد اللسانين فشاذ وأورد عليهم جواز تثنية العلم إذ نسبة العلم المشترك إلى مسمياته كنسبة المشترك إلى مسمياته. وأجاب ابن الحاجب بوجهين أقواهما أنه لا يلزم من جواز تثنية العلم المشترك جواز تثنية المشترك لأن تثنية المشترك باعتبار معنييه تلتبس تثنيته باعتبار فردي أحد معنييه وهذا مفقود في تثنية العلم إذ ليس شيء من معانيه جنسًا وقد مر أن المصنف يشترط أمن اللبس فلا يرد عليه ما ذكر. السابع أن لا يستغنى عن تثنيته بتثنية غيره نحو سواء فإنهم استغنوا عن تثنيته بتثنية سي فقالوا: سيان لا سواءان أي قياسًا فلا ينافي أنه شذ سواءان وبعض فإنهم استغنوا عن تثنيته بتثنية جزء أو بملحق بالمثنى نحو أجمع وجمعاء فإنهم استغنوا عن تثنيتهما بكلا وكلتا أو بغير ذلك نحو ثلاثة وأربعة فإنهم استغنوا عن تثنيتهما بستة وثمانية. الثامن أن يكون له ثان في الوجود فلا يثنى الشمس والقمر، وأما قولهم القمران فتغليب وقد مر بيانه. ا. هـ. مع زيادة من الهمع وغيره ويظهر أن المركب التقييدي العلم كالمزجي. وزاد بعضهم كالسيوطي في الهمع أن يكون لتثنيته فائدة فلا يثنى كل وأحد وعريب وديار لإفادة الجميع العموم ورد زيادته بأنه يغني عنه الاتفاق في المعنى غير ظاهر وأن لا يشبه الفعل فلا يثنى أفعل من ورد بعضهم زيادة هذا بأن مانع التثنية في افعل من عرض من التركيب أي مع من فلا يعتد به إذ هو في حد ذاته يصح أن يثنى.
قوله: "سلامى" هي بضم السين المهملة وتخفيف اللام وفتح الميم العظم بين المفصلين من مفاصل أصابع اليد أو الرجل قاله العيني. قوله: "وكلا" هذا شروع في ذكر بعض ما حمل على المثنى. وألف كلا قيل: بدل عن واو وقيل: عن ياء وألف كلتا للتأنيث والتاء بدل عن واو وقيل: عن ياء. وقيل: الألف أصلية لام الكلمة والتاء زائدة للإلحاق وقيل: للتأنيث. فإن قلت: إذا كانت ألف كلا أصلية وألف كلتا للتأنيث أو أصلية فالألف فيهما غير مجتلبة لعامل فكيف تكون إعرابًا. أجيب بأن الإعراب قد يكون حرفًا من نفس الكلمة كما في الأسماء الستة والمثنى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
15- تمامه: كلتاهما مقرونة بزائدة، والرجز بلا نسبة في أسرار العربية ص288؛ والإنصاف 2/ 439؛ وخزانة الأدب 1/ 129، 133؛ والدرر 1/ 120، ولسان العرب 15/ 229 "كلا"؛ واللمع في العربية ص172؛ والمقاصد النحوية 1/ 159 ؛ وهمع الهوامع 1/ 41.
115 | 435(1/114)
المعرب والمبني
كلتا كذاك اثنان واثنتان كابنين وابنتين يجريان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وليست منه "وكلا إذا بمضمر مضافا وصلا" الألف للإطلاق أي وارفع بالألف كلا إذا وصل بمضمر حال كونه مضافًا إلى ذلك المضمر حملًا على المثنى الحقيقي و"كلتا كذاك" أي ككلا في ذلك: تقول جاءني الرجلان كلاهما والمرأتان كلتاهما، فإن أضيفا إلى ظاهر أعربا بحركات مقدرة على الألف رفعًا ونصبًا وجرًّا. وبعضهم يعربهما إعراب المثنى في هذه الحالة أيضًا. وبعضهم يعربهما إعراب المقصور مطلقًا ومنه قوله:
16-
نعم الفتى عمدت إليه مطيتي في حين جدبنا المسسير كلانا تنبيه: كلا وكلتا اسمان ملازمان للإضافة ولفظهما مفرد ومعناهما مثنى، ولذلك أجيز في ضميرهما اعتبار المعنى فيثنى واعتبار اللفظ فيفرد، وقد اجتمعا في قوله:
17-
كلاهما حين جد الجري بينهما قد أقلعا وكلا أنفيهما رابي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والجمع على حده لكن ذلك الحرف قبل دخول العامل ليس إعرابًا بل هو دال على التثنية أو الجمع أو غير دال على شيء كما في الأسماء الستة وبعد دخوله إعراب فقد تغير الآخر بدخول العامل عما كان عليه قبل دخوله تغير صفة فتدبر. قوله: "بمضمر" متعلق بوصل مقدره لدلالة وصل المذكورة لأن أداة الشرط لا يليها إلا فعل ظاهر أو مقدر كذا قيل وفيه ما مر. وقوله مضافًا حال من الضمير المستتر في وصل العائد إلى كلا مؤسسة احترز به عما إذا اتصلت بالضمير غير مضافة إليه نحو زيد وعمرو هما كلا الرجلين لأن الاتصال يشمل القبلي والبعدي فعلم ما في كلام شيخنا. قوله: "أي وارفع إلخ" أشار إلى أن كلا معطوف على المثنى وأن مضافًا حال من نائب فاعل وصل وأن متعلق مضافًا محذوف لدلالة الكلام عليه. قوله: "كلتا كذاك" مبتدأ وخبر هذا هو الظاهر. قوله: "في هذه الحالة" أي حالة الإضافة إلى ظاهر. قوله: "مطلقًا" أي سواء أضيفا إلى مضمر أو ظاهر. قوله: "عمدت" أي قصدت وبابه ضرب كما في المختار والإسناد في جدبنا المسير مجاز عقلي والأصل جددنا في المسير. قوله: "ملازمان للإضافة" أي إلى المعرب الذي يدل على اثنين بلا تفرق ولو كان بحسب اللفظ مفردًا أو جمعًا كما سيأتي في الإضافة.
قوله: "كلاهما" أي الفرسين وقوله: جد الجري مجاز عقلي والأصل جدا في الجري وقوله: قد أقلعا أي كفا عن الجري وقوله: رابي أي منتفخ والشاهد في أقلعا ورابي. قوله: "وبه جاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
16- البيت من الكامل، وهو بلا نسبة هنا في شرح الأشموني.
17- البيت في البسيط، وهو للفرزدق في أسرار العربية ص287؛ وتخليص الشواهد ص66؛ وخزانة الأدب 4/ 299؛ والخصائص 3/ 314؛ والدرر 1/ 122؛ وشرح التصريح 2/ 43؛ وشرح شواهد المغني ص552؛ ونوادر أبي زيد ص162؛ ولم أقع عليه في ديوانه، وهو للفرزدق أو لجرير في لسان العرب 9/ 156 "سكف"؛ وبلا نسبة في الإنصاف ص447؛ والخزانة 1/ 131؛ والخصائص 2/ 421؛ وشرح شواهد الإيضاح ص171؛ وشرح المفصل 1/ 54؛ ومغني اللبيب ص204، وهمع الهوامع 1/ 41.
116 | 435(1/115)
المعرب والمبني
وتخلف اليا في جميعها الألف جرا ونصبا بعد فتح قد ألف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلا أن اعتبار اللفظ أكثر، وبه جاء القرآن قال تعالى: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آَتَتْ أُكُلَهَا} [الكهف: 33] ولم يقل: آتتا فلما كان لكلا وكلتا حظ من الإفراد وحظ من التثنية أجريا في إعرابهما مجرى المفرد تارة ومجرى المثنى تارة، وخص إجراؤهما مجرى المثنى بحالة الإضافة إلى المضمر لأن الإعراب بالحروف فرع الإعراب بالحركات. والإضافة إلى المضمر فرع الإضافة إلى الظاهر لأن الظاهر أصل المضمر فجعل الفرع من الفرع والأصل مع الأصل مراعاة للمناسبة "اثنان واثنتان" بالمثلثة اسمان من أسماء التثنية وليسا بمثنيين حقيقة كما سبق "كابنين وابنتين" بالموحدة اللذين هما مثنان حقيقة "يجريان" مطلقًا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القرآن" أي نصًّا وأما اعتبار المعنى فلم يجىء فيه نصًّا لأن الضمير في قوله تعالى: {وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا} [الكهف: 33] لا يتعين رجوعه إلى كلتا من قوله تعالى: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آَتَتْ أُكُلَهَا} [الكهف: 33] بل يحتمل رجوعه إلى الجنتين وإن كان رجوع الضمير إلى المضاف أكثر من رجوعه إلى المضاف إليه ولهذا مشى في شرح الجامع على رجوع الضمير إلى كلتا قال الدماميني: ويتعين الإفراد مراعاة للفظ في نحو: كلانا غني عن أخيه وضابطه أن ينسب إلى كل منهما حكم الآخر بالنسبة إليه لا بالنسبة إلى ثالث إذ المراد كل واحد منا غني عن أخيه. قال في المغني: وقد سئلت قديمًا عن قول القائل زيد وعمرو كلاهما قائم وكلاهما قائمان أيهما الصواب فكتبت أن قدر كلاهما توكيدًا قيل قائمان لأنه خبر عن زيد وعمرو وإن قدر مبتدأ فالوجهان والمختار الإفراد وعلى هذا فإذا قيل: إن زيدًا وعمرًا فإن قيل: كليهما قيل: قائمان أو كلاهما فالوجهان. ا. هـ. قوله: "اثنان واثنتان" تجوز إضافتهما إلى ما يدل على اثنين لكن لا بد أن يكون الاثنان الواقع عليهما المضاف غير الاثنين الواقع عليهما المضاف إليه لئلا يلزم إضافة الشيء إلى نفسه لا فرق في ذلك بين الظاهر والضمير على المرضي عندي. ويؤيده تصريح بعضهم كما في الروداني بجواز اثنا كما إذا أريد بالاثنين أمران غير المخاطبين مضافان إليهما كعبدين لهما. وأما ما نقله في التصريح عن الموضح في شرح اللمحة وتبعه البعض من امتناع إضافة اثنين واثنتين إلى ضمير تثنية لأنها إضافة الشيء إلى نفسه فغير ظاهر على إطلاقه.
قوله: "من أسماء التثنية" أي من الأسماء الدالة وضعًا على اثنين. قوله: "كابنين وابنتين إلخ" قال بعضهم: لما لم يتزن له أن يقول مثل المثنى أتى بمثالين منه وأقام ذلك مقام قوله كالمثنى. وقال آخر: كان يمكنه أن يقول مثل المثنى فيه يجريان أي في الرفع بالألف إفاده في النكت. قوله: "مطلقًا" أي سواء أفردا كقوله تعالى: {حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَان} [المائدة: 106] أي شهادة اثنين ليصح الإخبار به عن شهادة بينكم أو ركبًا نحو: {فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} [البقرة: 60] أو ضيفًا نحو اثناكم واثنتاكم. قوله: "وتخلف اليا" أي تقوم مقامها في بيان مقتضى العامل لا في النوع الخاص بالألف وهو الرفع والمراد الخلف ولو تقديرًا ليدخل نحو لبيك مما لم يستعمل مرفوعًا. قوله: "في هذه الألفاظ جميعها" جعل الشارح جميعًا تأكيدًا لمحذوف وهو ممنوع عند غير الخليل إلا أن يقال: هو حلّ معنى لا حلّ إعراب. قوله: "بعد
117 | 435(1/116)
المعرب والمبني
وارفع بواو وبيا اجرر وانصب سالم جمع عامر ومذنب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يرفعان بالألف ومثل اثنتين ثنتان في لغة تميم "وتخلف اليا في" هذه الألفاظ "جميعها" أي المثنى وما ألحق به "الألف جرا ونصبا بعد فتح قد ألف" اليا فاعل تخلف قصره للضرورة والألف مفعول به وجرًّا ونصبًا نصب على الحال من المجرور بقي أي مجرورة ومنصوبة، وسبب فتح ما قبل الياء الإشعار بأنها خلف عن الألف، والألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحًا. وحاصل ما قاله أن المثنى وما أحلق به يرفع بالألف ويجر وينصب بالياء المفتوح ما قبلها.
تنبيهان: الأول في المثنى وما ألحق به لغة أخرى وهي لزوم الألف رفعًا ونصبًا وجرًّا وهي لغة بني الحرث بن كعب وقبائل أخر، وأنكرها المبرد وهو محجوج بنقل الأئمة. قال الشاعر:
18-
فأطرق إطراق الشجاع ولو رأى مساغًا لنا باه الشجاع لصمما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتح قد ألف" ذكره وإن كان يؤخذ الفتح من السكوت على ما قبل الألف الذي هو مفتوح لأن التصريح أقوى في البيان ولإفادة علة فتح ما قبل ياء المثنى وهي ألفة الفتح مع الألف كما في نكت السيوطي فقوله قد ألف في معنى التعليل. قوله: "للضرورة" فيه أن قصر ذي الألف من أسماء حروف التهجي لغة لا ضرورة إلا أن يقال: المراد أن القصر هنا متعين لضرورة الوزن.
قوله: "نصب على الحال" فيه أن مجيء المصدر حالًا وإن كان كثيرًا مقصور على السماع فالأولى كونه منصوبًا على الظرفية بتقدير مضاف حذف وأقيم المضاف إليه مقامه والأصل وقت جر ونصب كما في آتيك طلوع الشمس. قوله: "أي مجرورة ومنصوبة" لم يقل أي مجرورًا ومنصوبًا مع أن المجرور بفي وهو لفظ جمع مذكر لأن الغالب مراعاة ما أضيف إليه كل وجميع لا لمجرد اكتساب التأنيث من المضاف إليه وإن اقتضاه كلام شيخنا والبعض. قوله: "وسبب فتح" أي إبقاء فتح والسبب الذي ذكره غير السبب المستفاد من كلام المصنف كما مر. قوله: "خلف عن الألف" إنما كانت الألف أصلًا لأن الرفع أول أحوال الإعراب ومثلها الواو في الجمع. قوله: "والألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحًا" في معنى التعليل للإشعار. قوله: "لزوم الألف" أي والإعراب بحركات مقدرة عليها كالمقصور وبعض من يلزمه الألف يعربه بحركات ظاهرة على النون كالمفرد الصحيح فيقول جاء الزيدان بضم النون ورأيت الزيدان بفتحها ومررت بالزيدان بكسرها وهي لغة قليلة جدًا كذا في الدماميني وغيره والظاهر على هذه اللغة منع صرف المثنى إذا انضم إلى زيادة الألف والنون علة أخرى كالوصفية في نحو صالحان فتأمل. قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
18- البيت من الطويل، وهو للمتلمس في ديوانه ص34 ؛ والحيوان 4/ 263؛ وخزانة الأدب 7/ 487؛ والمؤتلف والمختلف ص71؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص757؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 704؛ وشرح المفصل 3/ 128.
118 | 435(1/117)
المعرب والمبني
وشبه ذين وبه عشرونا وبابه ألحق والأهلونا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وجعل منه أن هذان لساحران ولا وتران في ليلة. الثاني لو سمي بالمثنى في إعرابه وجهان: أحدهما إعرابه قبل التسمية والثاني يجعل كعمران فيلزم الألف ويمنع الصرف وقيده في التسهيل بأن لا يجاوز سبعة أحرف فإن جاوزها كاشهيبابين لم يجز إعرابه بالحركات "وارفع بواو" نيابة عن الضمة "وبيا اجرر وانصب" نيابة عن الكسرة والفتحة "سالم جمع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"لصمما" أي عض ونيب.
قوله: "وجعل منه إن هذان لساحران" وقيل: اسم إن ضمير الشأن وهذان مبتدأ وساحران خبر مبتدأ محذوف دخلت عليه لام الابتداء أي لهما ساحران والجملة خبر هذان والجملة خبر إن. واعترض بأن حذف ضمير الشأن شاذ إلا مع أن المفتوحة المخففة وكأن المخففة فإنهم استسهلوه معهما لكونه في كلام بني على التخفيف فحذفه تبع لحذف النون. ورب شيء يحذف تبعًا ولا يحذف استقلالًا كالفاعل يحذف مع الفعل ولا يحذف وحده وإنما كان مع غيرهما شاذًّا لأن فائدة ضمير الشأن تمكين ما يعقبه في ذهن السامع لأنه موضوع لمبهم يفسره ما بعده فإذا لم يتعين للسامع منه معنى انتظر ما بعده ولهذا اشترط أن يكون مضمون الجملة مهما وهذه الفائدة مفقودة عند حذفه وبأن حذف المبتدأ ينافي التأكيد لأن تأكيد الشيء يقتضي الاعتناء به وحذفه يقتضي خلافه. وأجيب عن هذا بمنع تنافيهما لعدم تواردهما على محل واحد لأن التأكيد للنسبة والحذف للمبتدأ ولأن المحذوف لدليل كالثابت وقد صرح الخليل وسيبويه بجواز حذف المؤكد وبقاء التأكيد في نحو مررت بزيد وجاءني أخوه أنفسهما بالرفع على تقديرهما صاحباي أنفسهما وبالنصب على تقدير أعينهما أنفسهما قاله الدماميني. وقيل هذان مبني لتضمنه معنى الإشارة كمفرده وجمعه وكذا هذين لما ذكر لكن هذان أقيس لأن الأصل في المبني أن لا تختلف صيغه لاختلاف العامل مع أن فيه مناسبة لألف ساحران وإنما قال لأكثر هذين جرا ونصا نظرًا لصورة التثنية. قوله: "ويمنع الصرف" للعلمية وزيادة الألف والنون. قوله: "كإشهيبابين" تثنية اشهيباب وهي السنة المجدبة التي لا مطر فيها. قوله: "وارفع بواو" أي ظاهرة كما في الزيدون أو مقدرة كما في صالحو القوم أو منقلبة إلى الياء كما في مسلميّ على التحقيق. قوله: "وبيا اجرر وانصب" ليس المجرور متنازعًا فيه لاجرر وانصب على الأصح لتأخر العاملين فلا يصح عمل المتأخر المعطوف فيما قبل المعطوف عليه للفصل به بل يقدر له معمول آخر وعلى القول الثاني يصح كونه من باب التنازع لطلب المعمول في الجملة قاله الشيخ يحيى. وبه يعرف ما في كلام البعض وعلى هذا القول فالذي أعملناه هو الثاني إذ لو كان الأول لوجب الإضمار في الثاني بلا حذف للضمير وقصر يا مع حذف تنوينه للضرورة كما قاله الشنواني.
قوله: "نيابة عن الكسرة والفتحة" يحتمل أن يكون مفعولًا مطلقًا لمحذوف وجوبًا أي نابت الياء فيما ذكر نيابة. ويحتمل أن يكون قوله نيابة عن الكسرة مفعولًا لأجله لقوله اجرر وقوله: والفتحة أي ونيابة عن الفتحة مفعولًا لأجله لقوله وانصب فيكون كلامه على التوزيع والحذف
119 | 435(1/118)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عامر و" جمع "مذنب" وهما عامرون ومذنبون ويسمى هذا الجمع جمع المذكر السالم لسلامة بناء واحده. ويقال له جمع السلامة لمذكر، والجمع على حد المثنى لأن كلا منهما يعرب بحرف علة بعده نون تسقط للإضافة. وأشار بقوله "وشبه دين" إلى أن الذي يجمع هذا الجمع اسم وصفة فالاسم ما كان كعامر علما لمذكر عاقل خاليًا من تاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الثاني لدلالة الأول. قوله: "سالم" تنازعه العوامل الثلاثة قبله وأعمل الأخير وأضمر في الأولين ضميره وحذفه. وإضافته إلى جمع من إضافة الصفة إلى الموصوف والصفة لبيان الواقع بالنسبة لعامر ومذنب إذ لا جمع لهما غير سالم ومخصصة بالنسبة لشبه ذين. ويشترط في هذا الجمع زيادة على ما يأتي شروط التثنية كما قاله الروداني وغيره. وسيأتي الكلام على جمع التكسير في بابه. قوله: "وجمع مذنب" دفع بتقدير جمع هنا إيهام كلام المصنف اشتراك عامر ومذنب في جمع واحد وإنما لم يبال المصنف بهذا الإيهام لضعفه جدا بوضوح انتفاء الاشتراك فلا لبس والمضاف إلى متعدد إنما تجب فيه المطابقة إذا خيف اللبس. قوله: "جمع المذكر السالم" أي المذكر باعتبار معناه لا لفظه فدخل نحو زينب وحبلى لمذكرين فإنهما يقال فيهما زينبون وحبلون. وخرج زيد وعمرو علمين لمؤنثين فلا يجمعان هذا الجمع ويصح نصب السالم نعتًا لجمع وجره نعتًا للمذكر والأرجح الثاني لأن السلامة في الحقيقة للمذكر عند جمعه كما يفهم من قوله لسلامة بناء واحده نقله شيخنا السيد عن الشنواني. قوله: "لسلامة بناء واحده" أي بنيته أي لغير إعلال فدخل في جمع السلامة نحو قاضون ومصطفون. قوله: "اسم وصفة" جمع الوصف بالواو لتكون الواو فيه كواو الجماعة في الفعل بجامع الدلالة على الجمعية وكانت واو الفعل أصلًا لأنها اسم وواو الوصف حرف والعلم لتأويله بالمسمى كان وصفًا نقله الشيخ يحيى عن السهيلي. قوله: "علمًا" أي شخصيًّا فلا يجمع العلم الجنسي بالواو والنون أو الياء والنون إلا ما كان علمًا على الشمول التوكيدي نحو أجمع فإنه يقال فيه أجمعون وأجمعين لأنه صفة في أصله لأنه أفعل تفضيل أصالة قاله الروداني. ثم اشتراط العلمية للإقدام على الجمعية واشتراط عدمها المصرح به في قولهم: لا يثنى العلم ولا يجمع إلا بعد قصد تنكيره لتحقق الجمعية بالفعل فلا منافاة بين الاشتراطين أو يقال العلمية من الشروط المعدة بكسر العين أي المهيئة لقبول الجمعية وهي لا توجد مع المشروط وبهذين الجوابين ينحل لغز الدماميني المشهور الذي ذكره شيخنا والبعض.
قوله: "لمذكر عاقل" أي مذكر باعتبار المعنى لا اللفظ فدخل زينب وسعدى علمين لمذكرين وخرج زيد وعمرو علمين لمؤنثين. وإنما لم يعتبروا المعنى في طلحة واعتبروا اللفظ حيث لم يجمعوه بالواو والنون أو الياء والنون بل جمعوه بالألف والتاء لوجود المانع من مراعاة المعنى وهو تاء التأنيث كذا نقل عن الغزي والمراد مذكر عاقل ولو تنزيلًا ومنه في الصفة قوله تعالى: {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِين} [فصلت: 11] {رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِين} [يوسف: 4] والمراد ما شأن جنسه العقل فدخل الصبي غير المميز والمجنون هذا. وقد ذكر في التسهيل أنه يكفي ذكورة
120 | 435(1/119)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التأنيث ومن التركيب ومن الإعراب بحرفين فلا يجمع هذا الجمع ما كان من الأسماء غير علم كرجل أو علمًا لمؤنث كزينب، أو لغير عاقل كلاحق علم فرس، أو فيه تاء التأنيث كطلحة، أو التركيب المزجي كمعدي كرب وأجازه بعضهم، أو الإسنادي كبرق نحره بالاتفاق أو الإعراب بحرفين كالزيدين أو الزيدين علمًا. والصفة ما كان كمذنب صفة لمذكر عاقل خالية من تاء التأنيث ليست من باب أفعل فعلاء، ولا من باب فعلان فعلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعض أفراد المثنى والمجموع وعقله مع اتحاد المادة أي لا مع اختلافها فلا يقال: رجلان في رجل وامرأة ولا عالمون في عالم وقائمتين. قال سم: وقضية عبارته اشتراط العقل والتذكير في التثنية أيضًا فليحرر. ا. هـ. أقول في الدماميني على التسهيل أن إدخال المثنى في هذا الحكم سهو وأنه لا حاجة إلى اشتراط اتحاد المادة هنا لأن الاتفاق في اللفظ مأخوذ في تعريف كل من التثنية والجمع وتقدم الكلام على التغليب. قوله: "خاليًا من تاء التأنيث" ما لم تكن عوض فاء أو لام كما سيذكره الشارح. أما ألف التأنيث فلا يشترط الخلو منها مقصورة أو ممدودة فلو سمي مذكر بسلمى أو صحراء جمع هذا الجمع بحذف المقصورة وقلب همزة الممدودة واوًا. وإنما اشترط الخلو من تاء التأنيث لأنها إن حذفت في الجمع التبس بجمع ما لا تاء فيه وإن أبقيت لزم الجمع بين علامتين متضادتين بحسب الظاهر ووقوع تاء التأنيث حشو وإنما اغتفروا وقوعها حشوًا في التثنية لأنه ليس لتثنية ذي التاء صيغة تخصها فلو حذفوا التاء من تثنيته لالتبست بتثنية ما لا تاء فيه بخلاف جمعه.
قوله: "ومن التركيب ومن الإعراب بحرفين" قال البعض: الأولى حذفهما لأنهما شرطان لمطلق الجمع مصححًا أو مكسرًا وكلامنا في شروط جمع السلامة بخصوصه. ا. هـ. ولك أن تقول لا دليل على أن كلامنا في شروط جمع السلامة بخصوصه بل الظاهر أن كلامنا في شروطه أعم من أن تخصه أولًا لكن يعكر عليه أنه لم يستوف مطلق شروطه. قوله: "بحرفين" فيه مسامحة إذ الإعراب بحرف فقط ولا دخل للنون فيه لكن لما كانت النون قرينة حرف الإعراب قال ذلك تسمحًا، أو يقال: أراد بالحرفين الواو والياء على سبيل التوزيع أي الواو في حال الرفع والياء في حالي النصب والجر. قوله: "وأجازه بعضهم" أي مطلقًا وقيل: إن ختم بويه جاز وإلا فلا وعلى الجواز في المختوم بويه قيل: تلحق العلامة بآخره فيقال: سيبويهون وقيل: تلحق بالجزء الأول ويحذف الثاني فيقال: سيبون. قوله: "أو الإسنادي" فإذا أريد الدلالة على اثنين أو أكثر مما سمي بأحد هذين المركبين قيل ذوا كذا وذوو كذا من إضافة المسمى إلى الاسم كذات مرة وذات يوم. وسكت عن الإضافي لأنه يثنى ويجمع جزؤه الأول وجوز الكوفيون تثنية الجزأين وجمعهما قال الروداني: لا أظن أن أحدًا يجترئ على مثل ذلك فيما فيه الإضافة إلى الله تعالى: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِد} [النساء: 171]. ا. هـ. قوله: "كالزيدين أو الزيدان علمًا" أي أعربا إعرابهما قبل التسمية لاستلزامه اجتماع إعرابين في كلمة واحدة فإن أعربا بالحركات جاز جمعهما.
قوله: "صفة لمذكر عاقل" لا يرد عليه الجمع المطلق عليه تعالى كما في: {وَإِنَّا
121 | 435(1/120)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولا مما يستوي في الوصف به المذكر والمؤنث، فلا يجمع هذا الجمع ما كان من الصفات لمؤنث، كحائض، أو لمذكر غير عاقل كسابق صفة فرس أو فيه تاء التأنيث كعلامة ونسابة أو كان من باب أفعل فعلاء كأحمر وشذ قوله:
19-
فما وجدت نساء بني تميم حلائل أسودين وأحمرينا أو من باب فعلان فعلى كسكران فإن مؤنثة سكرى أو يستوي في الوصف به المذكر والمؤنث كصبورة جريح فإنه يقال فيه: رجل صبور وجرير وامرأة صبور وجريح.
تنبيهات: الأول أجاز الكوفيون أن يجمع نحو طلحة هذا الجمع. الثاني يستثنى مما فيه التاء ما جعل علمًا من الثلاثي المعوض من فائه تاء التأنيث نحو عدة أو من لامه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لَمُوسِعُون} [الذاريات: 47] {فَنِعْمَ الْمَاهِدُون} [الذاريات: 48]، {وَنَحْنُ الْوَارِثُون} [الحجر: 23]. لأنه سماعي لأن أسماءه تعالى توقيفية والكلام في الجمع المقيس قال الدماميني: معنى الجمعية في أسماء الله تعالى ممتنع وما ورد منها بلفظ الجمع فهو للتعظيم يقتصر فيه على محل وروده ولا يتعدى فلا يقال: الله رحيمون قياسًا على ما ورد كوارثون. ا. هـ. قوله: "خالية من تاء التأنيث" أي من التاء الموضوعة له وإن استعملت في غيره ليصح إخراج علامة فإن تاءه لتأكيد المبالغة لا للتأنيث. قوله: "أفعل فعلاء" بالإضافة التي لأدنى ملابسة أي ليست من باب أفعل الذي له مؤنث على فعلاء وكذا يقال في نظيره وعبارته صادقة بأن لا يكون من باب أفعل أصلًا كقائم وبأن يكون من باب أفعل الذي ليس له مؤنث أصلًا كأكمر لكبير كمرة الذكر وبأن يكون له مؤنث على غير فعلاء كفعلى بالضم نحو الأفضل فهذان القسمان يجمعان هذا الجمع كالقسم الأول وكذا قوله ولا من باب فعلان فعلى صادق بأن لا يكون من باب فعلان أصلًا كقائم وبأن يكون من باب فعلان الذي ليس له مؤنث أصلًا كلحيان لطويل اللحية وبأن يكون له مؤنث على غير فعلى كفعلانة نحو ندمان وندمانة من المنادمة لا من الندم. وقوله: ليست من باب أفعل فعلاء ولا من باب فعلان فعلى ولا مما إلخ هو بمعنى قول الموضح قابلة للتاء أو تدل على التفضيل وإنما اعتبر في الصفة قبول التاء لأن قبولها يدل على شبه الفعل لأنه يقبلها وجمع الصفة هذا الجمع إنما هو لتكون الواو فيها كالواو في الفعل الذي هو أخوها في الاشتقاق في الدلالة على الجمعية كما مر وإنما جمع الأفضل لالتزام التعريف فيه عند جمعه فأشبه الفعل اللازم للتنكير. قوله: "كصبور وجريح" على استواء المذكر والمؤنث باطراد في فعول إذا كان بمعنى فاعل وأجرى على موصوف مذكور وفي فعيل إذا كان بمعنى مفعول وأجرى على موصوف مذكور فإن جعل نحو صبور وجريح علمًا جمع هذا الجمع. قوله: "يستثنى مما فيه التاء ما جعل علمًا إلخ" لا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
19- البيت من الوافر، وهو للكميت بن زيد في ديوانه 2/ 116؛ والمقرب 2/ 50؛ وللحكيم الأعور بن عياش الكلبي في خزانة الأدب 1/ 178؛ والدرر 1/ 132؛ وشرح شواهد الشافية ص143؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 8/ 18؛ وشرح شافية بن الحاجب 2/ 171؛ وشرح المفصل 5/ 60، وهمع الهوامع 1/ 45.
122 | 435(1/121)
المعرب والمبني
أولو وعالمون عليونا وأرضون شذ والسنونا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحو ثبة. فإنه يجوز جمعه هذا الجمع. الثالث يقوم مقام الصفة التصغير فنحو رجيل يقال فيه: رجليون. الرابع لم يشترط الكوفيون الشرط الأخير مستدلين بقوله.
20-
منا الذي هو ما إن طر شاربه والعانسون ومنا المرد والشيب فالعانس من الصفات المشتركة التي لا تقبل التاء عند قصد التأنيث لأنها تقع للمذكر والمؤنث بلفظ واحد ولا حجة لهم في البيت لشذوذه "وبه" أي وبالجمع السالم المذكر "عشرونا. وبابه" إلى التسعين "ألحق" في الإعراب بالحرفين وليس بجمع وإلإ لزم صحة انطلاق ثلاثين مثلًا على تسعة وعشرين، على ثلاثين وهو باطل "و" ألحق به أيضًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يخفى أن هذا لا ينافيه ما سيأتي من عد جمع الثلاثي المذكور من الملحقات بجمع السلامة لا أنه جمع سلامة حقيقة لأن ما هنا فيما إذا جعل علمًا وما سيأتي فيما إذا لم يجعل علمًا.
قوله: "فإنه يجوز جمعه هذا الجمع" أي عند الجمهور ومنعه المبرد وأوجب جمعه على نحو عدات. قوله: "التصغير" لدلالته على التحقير ونحوه مما يناسب المقام. قوله: "الشرط الأخير" يعني أن لا يستوي في الوصف به المذكر والمؤنث هذا هو الذي يقتضيه صنيع الشارح بعد وإن خالف الكوفيون في اشتراط أن لا يكون من باب أفعل فعلاء أو فعلان فعلى أيضًا كما في الهمع. قوله: "ما إن طرّ" ما نافية وإن زائدة وطر بفتح الطاء من باب مر أي نبت وتضم بهذا المعنى أيضًا وبمعنى قطع. والعانس من بلغ أوان التزوج ولم يتزوج ذكرًا كان أو أنثى والأمرد من لم يبلغ أوان الإنبات وليس مكررًا مع قوله ما إن طر شاربه لأن المراد لم ينبت شاربه مع بلوغه أوان الإنبات وتخلص ابن السكيت من التكرار بجعله ما بمعنى حين زيدت بعدها إن لشبهها في اللفظ بما النافية انتهى عيني بتلخيص وزيادة ويرد على البيت بعد ذلك أن العانس صادق على الشائب فلا يكون قسيمًا له ودفعه الدماميني بتقدير صفة للشيب أي والشيب غير العانسين. قوله: "وبه عشرونًا إلخ" شروع في ذكر ما ألحق بالجمع وهو أربعة أنواع: أسماء جموع كعشرين وأولى، وجموع لم تستوف شروط الجمع كأهلين وعالمين، وجموع سمي بها كعليين، وجموع تكسير كأرضين وسنين. قوله: "وبابه" أي نظيره وقوله إلى التسعين الغاية داخلة. قوله: "ألحق" أفرد ولم يثن على إرادة المذكور. قوله: "بالحرفين" أي الواو والياء على التوزيع أو المراد الواو والنون أو الياء والنون على المسامحة السابقة. قوله: "وليس بجمع" بل هو اسم جمع لا واحد له من لفظه ولا من معناه كما قاله الدنوشري والروداني. قوله: "وعشرين" أي وانطلاق عشرين. قوله: "وهو" أي اللازم باطل أي فكذا الملزوم. قوله: "وإن كان جمعًا" أي غير مستوف لشروط الجمع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
20- البيت من البسيط، وهو لأبي قيس بن رفاعة الأنصاري في إصطلاح المنطق ص341؛ ولسان العرب 6/ 149 "عنس"؛ ولأبي قيس بن رفاعة أو لأبي قيس بن الأسلت في الدرر 1/ 131؛ وشرح شواهد المغني ص716 ؛ والمقاصد النخوية 1/ 167؛ وبلا نسبة في الأزهية ص97، وأمالي القالي 2/ 72؛ وسر صناعة الإعراب ص683، ومغني اللبيب ص304؛ وهمع الهوامع 1/ 45.
123 | 435(1/122)
المعرب والمبني
وبابه ومثل حين قد يرد ذا الباب وهو عند قوم يطرد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"الأهلونا" لأنه وإن كان جمعًا لأهل فأهل ليس بعلم ولا صفة وألحق به "أولو" لأنه اسم جمع لا جمع "و" ألحق به أيضًا "عالمونا" لأنه إما أن لا يكون جمعًا لعالم لأنه أخص منه إذ لا يقال إلا على العقلاء والعالم يقال على كل ما سوى الله ويجب كون الجمع أعم من مفرده أو يكون جمعًا له باعتبار تغليب من يعقل فهو جمع لغير علم ولا صفة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "فأهل ليس بعلم ولا صفة" بل هو اسم جنس جامد للقريب بمعنى ذي القرابة. وأورد عليه الوصف به في قولهم الحمد لله أهل الحمد. وأجيب بأن الكلام في الأهل بمعنى القريب لا المستحق فإن هذا وصف وجمعه على أهلين حقيقي لا ملحق كذا قالوا. ولي فيه بحث لأنه إن كان المعتبر اللفظ فهو جامد مطلقًا أو المعنى فهو في معنى المشتق مطلقًا فما الفارق الداعي إلى كون الذي بمعنى القريب غير صفة، والذي بمعنى المستحق صفة، إلا أن يختار الثاني، ويقال القريب بمعنى ذي القرابة ملحق بالجامد لغلبة الاسمية عليه فتأمل. ثم رأيت الروداني ذكر أن أهلا الوصف لم يستوف جمعه الشروط لأنه لا يقبل التاء ولا يدل على التفضيل.
قوله: "لأنه اسم جمع" أي لذي ويكتب بالواو بعد الهمزة للفرق بينه وبين إلى الجارة في الرسم نصبًا وجرًا وحمل عليهما الرفع. قوله: "إما أن لا يكون جمعًا لعالم" أي بل يكون اسم جمع له. قوله: "على كل ما سوى الله" أي على مجموع ما سوى الله تعالى وهذا أحد إطلاقيه والإطلاق الثاني إطلاقه على كل صنف من أصناف المخلوقات على حدته. قوله: "ويجب كون الجمع إلخ" من تمام العلة والمتجه عندي أن هذا كلي لا أغلبي وأنه لا يجوز أن يكون مساويًا لمفرده وإن ذكره شيخنا والبعض إذ لو جاز كونه مساويًا له لم يكن في الجمع فائدة ولم يتم قولهم أقل مراتب الجمع أن يشمل ثلاثة من مفرده أو اثنين على الخلاف لأنهما إذا تساويا فأين الشمول وما استند إليه من حصول المساواة على الاحتمال الثاني في كلام الشارح سيظهر لك رده فتنبه وانصف. قوله: "أو يكون جمعًا له" أي غير مستوف للشروط كما يفيده قوله فهو جمع لغير علم ولا صفة. قوله: "باعتبار تغليب من يعقل" اندفع باعتبار التغليب الاعتراض بأن الجمع بالواو والنون أو الياء والنون من خواص العقلاء وكان عليه أن يزيد وباعتبار إطلاق العالم على كل صنف من أصناف الخلق على حدته ليندفع بهذا الاعتبار لزوم عدم كون الجمع أعم من مفرده لأنا إذا جعلنا على هذا الاحتمال الثاني مفرد العالمين عالمًا بمعنى صنف من الأصناف على حدته لم يلزم كون المفرد أعم ولا مساويًا لأن مدلول المفرد حينئذٍ صنف من أصناف العوالم ومدلول الجمع جميع تلك الأصناف فلم يكن المفرد أعم ولا مساويًا بل الأعم الجمع فما ذكره شيخنا والبعض من لزوم كون المفرد مساويًا لجمعه على الاحتمال الثاني وأنه لا محذور في ذلك لأن كون الجمع أعم أغلبي غير مسلم كما انكشف لك. لا يقال المساواة من حيث صدق عالم المفرد على أي عالم كان وصدق الجمع على أي عالم كان لأنا نقول: فرق بين الصدقين لأن صدق عالم المفرد عموم بدلي وصدق الجمع عموم شمولي والمعتبر هنا العموم الشمولي وإلا لزم أن غالب الجموع وهو كل جمع لغير علم كالرجال والصالحين مساوية لمفردها فيبطل قولهما: إن
124 | 435(1/123)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وألحق به "عليونا" لأنه ليس بجمع وإنما هو اسم لأعلى الجنة "وأرضون" بفتح الراء جمع أرض بسكونها "شذ" قياسًا لأنه جمع تكسير ومفرده مؤنث بدليل أريضة وغير عاقل "و" كذلك "السنونا" بكسر السين جمع سنة بفتحها "وبابه" كذلك شذ قياسًا. والمراد بيا به كل كلمة ثلاثية حذفت لامها عوضت منها هاء التأنيث ولم تكسر. فهذا الباب اطراد فيه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كون الجمع أعم أغلبي هذا تحقيق المقام فاحتفظ عليه والسلام.
قوله: "لغير علم ولا صفة" بل اسم جنس لكل صنف من أصناف المخلوقات أي فهو جمع لم يستوف شروط جمع السلامة لمذكر. وقال الرضي العالم الذي يعلم منه ذات موجده تعالى ويكون دليلًا عليه فهو بمعنى الدال. ا. هـ. وبالنظر إلى هذا يكون صفة فيكون جمعه مستوفيًا للشروط كما قاله شيخنا. قوله: "لأنه ليس بجمع" أي في هذه الحالة فلا ينافي ما قيل أنه في الأصل جمع عليّ كسكيت من العلوّ ثم سمي به أعلى الجنة أو الكتاب الموضوع فيه. قوله: "اسم لأعلى الجنة" وعلى هذا التفسير يحتاج إلى تقدير مضاف في قوله تعالى: {كِتَابٌ مَرْقُوم} [المطففين: 9، 20] أي محل كتاب. وفي الكشاف أنه اسم لديوان الخير الذي دوّن فيه كل ما عملته الملائكة وصلحاء الثقلين وعلى هذا يكون كتاب في قوله: {إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَار} [المطففين: 18] مصدرًا بمعنى كتابة مع تقدير مضاف أي كتابة أعمال الأبرار. قوله: "وأرضون" مبتدأ وشذ خبره وقوله والسنون مبتدأ خبره محذوف أي كذلك. هذا ما درج عليه الشارح. قوله: "بفتح الراء" وحكي إسكانها قاله الدماميني وقال شيخنا تسكينها ضرورة. قوله: "شذ قياسًا" أي لا استعمالًا أما كونه شذ قياسًا فلعدم استيفائه شروط جمع المذكر السالم وأما كونه لم يشذ استعمالًا فلكثرة استعماله والشاذ استعمالًا ما ندر وقوعه وإنما خص أرضين وباب سنين بالتنصيص على شذوذهما قياسًا مع أن جميع الملحقات شاذة قياسًا ولهذا كانت ملحقة بجمع المذكر السالم لا منه حقيقة لشدة شذوذهما لكونه من ثلاثة أوجه ذكرها الشارح لأن كلًا منهما جمع تكسير ومفرده مؤنث وغير عاقل بل أربعة لأن مفرد كل غير علم وغير صفة ويدل على ما ذكرناه قول المصنف في شرحه على العمدة ما ملخصه: إن عالمين وأهلين مستويان في الشذوذ وأن أرضين وسنين أشذ منهما. ا. هـ. وقولنا مع أن جميع الملحقات شاذة شامل لعليين وعلى شذوذه درج التسهيل ونازع فيه الدماميني بأنه إذا جعل اسمًا لأعلى الجنة كان علمًا منقولًا عن جمع والعلم المنقول عن جمع ولو كان المسمى به غير عاقل ولو كان مفرده في الأصل غير علم ولا صفة يستحق هذا الإعراب ألا ترى إلى قنسرين ونصيبين بل صرح المصنف بأنه إذا سمى بالجمع على سبيل النقل يعني عن الجمع أو على سبيل الارتجال يعني لصيغة تشبه صيغة الجمع ففيه تلك اللغات يعني التي سيذكرها الشارح في الجمع المسمى به. ثم قال الدماميني نعم لو قيل إن عليين غير علم بل هو جمع عليّ وصفت به الأماكن المرتفعة كان شاذًا لعدم العقل.
قوله: "بدليل أريضة" وبدليل يا عبادي إن أرضي واسعة. قوله: "كذلك" أي مثل أرضين في الشذوذ قياسًا فقوله بعد شذ قياسًا بيان لوجه الشبه. قوله: "كل كلمة ثلاثية" ذكر ستة قيود:
125 | 435(1/124)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجمع بالواو والنون رفعًا وبالياء والنون جرًّا ونصبًا نحو عضة وعضين وعزة وعزين وارة وارين وثبة وثبين وقلة وقلين، قال الله تعالى: {كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ} [المؤمنون: 112] {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآَنَ عِضِينَ} [الحجر: 91] {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ} [المعارج: 37] وأصل سنة سنو أو سنه لقولهم في الجمع سنوات وسنهات، وفي الفعل سانيت وسانهت. وأصل سانيت قلبوا الواو ياء حين جاوزت متطرفة ثلاثة أحرف وأصل عضه عضو من العضو واحد الأعضاء، أي أن الكفار جعلوا القرآن أعضاء أي مفرقًا، يقال: عضيته وعضوته تعضية أي فرقته تفرقة. قال ذو الرمة:
21-
وليس دين الله بالمعضى أي بالمفرق لأنهم فرقوا أقاويلهم فيه، أو عضه من العضة وهو البهتان، والعضه أيضًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كون الكلمة ثلاثية والحذف منها وكون المحذوف اللام والتعويض عنها وكون العوض هاء التأنيث وعدم التكسير ولكن من تأمل كلام الشارح الآتي في أخذ المحترزات عرف أن الشارح ألغى القيد الأول فلم يخرج به وجعل ما يخرج به نحو إوزّون خارجًا بقيد الحذف وهذا يقتضي أنه جعل قوله ثلاثية لبيان الواقع لا للاحتراز وكل جائز. قوله: "ولم تكسر" أي تكسيرًا تعرب معه بالحركات وإلا فسنون جمع تكسير وإنما اشترط انتفاء التكسير لأنه إذا كسر ردت لامه المحذوفة والحامل على جمعه بالواو والياء والنون جبر حذف لامه. وشرط بعضهم شرطًا آخر وهو أن لا يكون له مذكر جمع بالواو أو الياء والنون ليخرج نحو هنة فإن مذكره وهو هن جمع به فلو جمع هو أيضًا به التبس المؤنث بالمذكر. قوله: "اطرد فيه الجمع" أي كثر وشاع استعمالًا فلا ينافي قوله آنفًا شذ قياسًا. قوله: "سنو أو سنه" أو للتخيير لا للشك كما زعمه شيخنا لثبوت أصالة كل منهما بدليل. قوله: "لقولهم في الجمع إلخ" اعترض بأن فيه دورًا لتوقف الجمع على المفرد لأنه فرع المفرد وتوقف الحكم بأصالة ذلك الحرف في الفرد على ثبوته في الجمع ودفع بأن توقف الجمع على المفرد توقف وجود وتوقف الحكم بأصالة الحرف في المفرد على الجمع توقف علم فلم تتحد جهة التوقف. قوله: "وفي الفعل سانيت" أي والفعل المسند إلى التاء يرد الأشياء إلى أصولها. قوله: "وأصل سانيت" جواب عما يقال ما ذكرت من الفعل يدل على أن الأصل الياء لا الواو. قوله: "عضو" بدليل ما يأتي وبدليل جمعه على عضوات. قوله: "أعضاء" أي كالأعضاء في التفرقة فقوله أي مفرقًا بيان لحاصل المعنى. قوله: "أي مفرقًا" أي مفرقًا فيه أي مفرقة أقوالهم في شأنه. قوله: "يقال عضيته وعضوته" الأول بالتشديد والثاني بالتخفيف إذ لو كان مشددًا لقلبت واوه لمجاوزتها متطرفة ثلاثة أحرف فقوله تعضية مصدر الأول ومصدر الثاني عضو بفتح فسكون. وقوله أي فرقته تفرقة تفسير لهما وإن كان بالأول أنسب. قوله: "لأنهم فرقوا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
21- الرجز لرؤبة في ديوانه ص81؛ وشرح التصريح 1/ 73، وشرح شذور الذهب ص78؛ ولذي الرمة هنا في شرح الأشموني، وليس في ديوانه.
126 | 435(1/125)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السحر في لغة قريش: قال الشاعر:
22-
أعوذ بربي من النافثا ت في عقد العاضه العضة وأصل عزة -وهي الفرقة من الناس- عزو، وأصل أرة -وهي موضع النار- أرى، وأصل ثبة -وهي الجماعة- ثبو وقيل: ثبي من ثبيت أي جمعت والأول أقوى وعليه الأكثر لأن ما حذف من اللامات أكثره واو. وأصل قلة وهي عودان يلعب بها الصبيان قلو، ولا يجوز ذلك في نحو تمرة لعدم الحذف وشذ إضون جمع إضاة كقناة وهي الغدير، وحرون جمع حرة، وإحرون جمع أحرة، والأحرة الأرض ذات الحجارة السود، وأوزون جمع أوزة وهي البطة، ولا في نحو عدة وزنة لأن المحذوف الفاء، وشذ رقون في جمع رقة وهي الفضة، ولدون في جمع لدة وهي التراب، وحشون في جمع حشة وهي الأرض الموحشة. ولا في يد ودم لعدم التعويض وشذ أبون وأخون ولا في نحو اسم. وأخت لأن المعوض غير الهاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أقاويلهم فيه" علة لقوله: جعلوا القرآن أعضاء أي فمنهم من قال: سحر ومنهم من قال: شعر ومنهم من قال: أساطير الأولين. قوله: "أو عضه" ويدل له تصغيره على عضيهة. قوله: "من النافثات" جمع نافثة من النفث وهو البصق اليسير والعاضه الساحر والعضه مبالغة العاضه والبيت يعطي أن النافثات غير السحرة إلا أن يكون من الإظهار في مقام الإضمار.
قوله: "عزو" في التصريح عزي فلامه ياء. قوله: "وهي الجماعة" أي لا وسط الحوض لأن ثبة بمعنى وسط الحوض ليست مما نحن فيه على الصحيح لأنها محذوفة العين لا اللام من ثاب يثوب إذا رجع وقيل: بل هي أيضًا محذوفة اللام من ثبيت فعلى الأول لا تجمع بالواو والنون وعلى الثاني تجمع بهما. قوله: "ولا يجوز ذلك إلخ" شروع في محترزات ضابط باب سنة ولو عبر بالفاء لكان أحسن. قوله: "وشذ إضون" بكسر الهمزة أي شذ قياسًا واستعمالًا وكذا يقال فيما يأتي فلا اعتراض بأن الباب كله شاذ. قوله: "وإحرون" بكسر الهمزة وحكي فتحها وبفتح الحاء وتشديد الراء وقوله جمع إحرة بكسر الهمزة وفي التصريح أن إحرين أيضًا جمع حرة وأن أصل حرة إحرة حذفت همزته وأن هذا الأصل ترك وصار نسيًا منسيًا أي فالمستعمل حرة بلا همزة وعلى هذا يكون قول الشارح جمع إحرة بالنظر إلى الأصل لا المستعمل الآن. قوله: "ولا في نحو عدة إلخ" أصل عدة وزنة ورقة ولدة وحشة وعد ووزن ووراق وولد ووحش بكسر الواو في الكل فاستثقلت الكسرة على الواو فنقلت إلى ما بعدها وحذفت الواو وعوض عنها هاء التأنيث. قوله: "وهي الفضة" ظاهره مطلقًا وقيدها صاحب القاموس وغيره بالمضروبة. قوله: "وهي التراب" أي المساوي في السن. قوله: "لعدم التعويض" أي من لامهما المحذوفة وأصلهما يدي ودمي بسكون الدال والميم. ا. هـ. تصريح وحكي في المصباح قولًا بفتح الدال وقولًا بفتح الميم وقولًا بأن لام دم واو.
قوله: "وشذ أبون وأخون" أي وهنون وحمون وذوون وفون على القول بسماع الكل كما
127 | 435(1/126)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذ هو في الأول الهمزة وفي الثاني التاء. وشذ بنون في جمع ابن وهو مثل اسم، ولا في نحو شاة وشفة لأنهما كسرًا على شياه وشفاء. وشذ ظبون في جمع ظبة وهي حد السهم والسيف فإنهم كسروه على ظبي بالضم وأظب ومع ذلك جمعوه على ظبين.
تنبيه: ما كان من باب سنة مفتوح الفاء كسرت فاؤه في الجمع نحو سنين، وما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مر قال الدماميني: نحو أبون يحتمل وجهين الأول أن يكون الأصل أبوون أي برد اللام ثم أتبعوا كما أتبعوا في المفرد المضاف ثم استثقلوا ضمة اللام فحذفوها ثم حذفوا اللام للساكنين والثاني أنهم لم يردوا اللام بل استعملوه ناقصًا كما كان في حالة إفراده وعدم إضافته. قوله: "اسم وأخت" أصل الأول سمو بكسر السين أو ضمها وسكون الميم حذفت لامه تخفيفًا وعوض عنها الهمزة وسكنت السين وأصل أخت أخو بضم الهمزة وسكون الخاء كما استظهره الروداني حذفت اللام وعوض عنها تاء التأنيث لا هاؤه وكذا أصل بنت بنو بكسر فسكون كما استظهره الروداني فعل به ما مر. وقيل أصل الكلمتين بفتحتين كمذكريهما وهو مفاد كلام الشارح في النسب. قال في التصريح والفرق بين تاء التأنيث وهائه أن تاء التأنيث لا تبدل في الوقف هاء وتكتب مجرورة وهاء التأنيث يوقف عليها بالهاء وتكتب مربوطة. ا. هـ. قوله: "وشذ بنون في جمع ابن" قال في التصريح: وقياس جمعه جمع السلامة ابنون كما يقال في تثنيته ابنان ولكن خالف تصحيحه تثنيته لعلة تصريفية أدت إلى حذف الهمزة. ا. هـ. قال الروداني: هي أن أصل ابن بنو حذفت لامه تخفيفًا وعوض عنها الهمزة وتثنيته وجمعه بنوان وبنون لأنهما يردان الأشياء إلى أصولها فأرادوا مناسبتهما للمفرد كمناسبة هراو لهراوة ففعل بهما ما فعل بالمفرد من حذف اللام وتعويض الهمزة لكن استثقال الانتقال من كسرة الهمزة في الجمع إلى ضمة النون أوجب حذف الهمزة والفاصل بينهما لكونه حاجزًا غير حصين كلا فاصل. ثم إن جمع ابن هذا الجمع خاص بما إذا أريد به من يعقل قال في التسهيل: يقال في المراد به من يعقل من ابن وأب وأخ وهن وذي بنون وأبون وأخون وهنون وذوون. ا. هـ. أي وأما المراد به ما لا يعقل فيجمع بالألف والتاء. قوله: "شاة وشفة" أما شاة فأصلها شوهة قال في التصريح بسكون الواو فحذفت لامها وهي الهاء وقصد تعويض هاء التأنيث منها فلقيت الواو هاء التأنيث فلزم انفتاحها فقلبت ألفًا فصار شاة. ويرد عليه أن حركة الواو عارضة فلا توجب قلبها ألفًا وقال الروداني لو قيل أصله شوهة كرقبة لكان أقرب مسافة لأن إعلالًا واحدًا أولى من إعلالين ولكان كشفة إذ أصله شفهة. ا. هـ. وأما شفة فأصله شفهة بالتحريك كما يفيده كلام الروداني فحذفت لامها وهي الهاء وقصد تعويض هاء التأنيث منها.
قوله: "على شياه" أصله شواه قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها. قوله: "في جمع ظبة" بكسر الظاء كما في التصريح وبضمها كما في القاموس ولامها واو كما في التصريح قال لقولهم ظبوته إذا أصبته بالظبة. قوله: "وأظب" أصله أظبو كأرجل. قوله: "كسرت فاؤه في الجمع" أي ما لم يكن مضعف العين فيبقى فتحه كحرون في حرة أو يقال الكلام في المطرد وحرون ونحوه مما شذ على أن الكلم في باب سنة وجرة ليست من باب سنة كما علم من الضابط المتقدم.
128 | 435(1/127)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان مكسور الفاء لم يغير في الجمع على الأفصح نحو مئين. وحكي مئون وسنون وعزون بالضم. وما كان مضموم الفاء ففيه وجهان الكسر والضم نحو ثبين وقلين "ومثل حين قد يرد ذا الباب" فيكون معربا بالحركات الظاهرة على النون مع لزوم الياء كقوله:
23-
دعاني من نجد فإن سنينه لعبن بنا شينا وشيبننا مردا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "على الأفصح" راجع لكل من قوله: كسرت وقوله: لم يغير بدليل قوله: وحكي إلخ فيستفاد من كلام الشارح أن في جمع مفتوح الفاء مكسورها ومضمومها لغتين لكن الأفصح في الأولين الكسر وهل هما في الثالثة على حد سواء أو لا، والذي يؤخذ من عبارة جمع الجوامع للسيوطي أنهما سواء حيث قال وكثر فاء كسرت أو فتحت في مفرد أشهر من ضمها أو ساغًا إن ضمت. ا. هـ. وكذا يؤخذ من الشارح وأما عبارة التصريح فلفظها وما كان مضموم الفاء ففي جمعه وجهان الضم والكسر نحو ثبين بضم الثاء وكسرها وهو الأكثر. ا. هـ. وهي ليست نصًا في أكثرية كسر جمع المضموم مطلقًا لاحتمال أن حكمه بالأكثرية على الكسر في يبين فقط ففي نقل البهوتي عن شرح التوضيح أكثرية الكسر فيما مفرده مضموم تساهل وإن نقله عنه البعض وسكت عليه اللهم إلا أن يريد بشرح التوضيح شرحًا آخر غير التصريح وهو في غاية البعد والذي يتجه عندي رجحان الضم في حال الرفع لمناسبة الواو وللفرار من الانتقال من كسر إلى ضم ورجحان الكسر في حالي النصب والجر لمناسبة الياء وللفرار من الانتقال من ضم إلى كسر.
قوله: "نحو مئين" قضيته أنه من باب سنين وبه صرح في النكت ولامها المحذوفة المعوض عنها هاء التأنيث ياء كما صرح به في المصباح فزال توقف البعض فيها. قوله: "ومثل حين" حال من ذا أو صفة لمحذوف أي ورودًا مثل ورود حين أي في الإعراب بالحركات الظاهرة على النون ولزوم الياء ولزوم النون فلا تسقط للإضافة لكن في باب سنين حينئذٍ لغتان التنوين وعدمه كما في التصريح وكأن تركه مراعاة لصورة الجمع ثم رأيت المرادي قال في شرحه على التسهيل علل المصنف ترك التنوين بأن وجوده مع هذه النون كوجود تنوينين في كلمة واحدة وظاهر كلامه أن من لم ينوّن يجر بالكسرة الظاهرة وظاهر كلام الفراء أنه يمنع الصرف فيجر بالفتحة. ا. هـ. وانظر ما علة منع الصرف. وبقي في باب سنين لغتان أخريان ذكرهما السيوطي في جمع الجوامع: إحداهما أن يلزم الواو وفتح النون والظاهر أن إعرابه على هذه اللغة بحركات مقدرة على الواو كما سيتضح قبيل الكلام على قوله وجر بالفتحة إلخ. ثانيهما أن يلزم الواو ويعرب على النون بالحركات. قوله: "دعاني" أي اتركاني وعادتهم يخاطبون الواحد بلفظ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
23- البيت من الطويل، وهو للصمة بن عبد الله القشيري في تخليص الشواهد 71؛ وخزانة الأدب 8/ 58، 59، 61، 62، 76؛ وشرح التصريح 1/ 77؛ وشرح شواهد الإيضاح ص579؛ وشرح المفصل 5/ 11، 12؛ والمقاصد النحوية 1/ 169؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 75؛ وجواهر الأدب ص157؛ وشرح ابن عقيل ص39؛ ولسان العرب 3/ 413 "نجد"، 13/ 501 "سنة"؛ ومجالس ثعلب ص177، 320.
129 | 435(1/128)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي الحديث "اللهم اجعلها عليهم سنينا كسنين يوسف" في إحدى الروايتين "وهو" أي مجيء الجمع مثل حين "عند قوم" من النحاة منهم الفراء "يطرد" في جمع المذكر السالم وما حمل عليه خرجوا عليه قوله:
24-
رب حي عرندس ذي طلال لا يزالون ضاربين القباب وقوله:
25-
وقد جاوزت حد الأربعين والصحيح أنه لا يطرد بل يقتصر فيه على السماع.
تنبيهات: الأول قد عرفت أن إعراب المثنى والمجموع على حده مخالف للقياس من وجهين الأول من حيث الإعراب بالحروف والثاني من حيث إن رفع المثنى ليس بالواو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاثنين تعظيمًا والشاهد في قوله: فإن سنينه لأنه لو كان معربًا بالحروف لحذفت النون للإضافة. قوله: "في إحدى الروايتين" والرواية الأخرى سنين كسني يوسف بإسكان الياء وحذف النون.
قوله: "أي مجيء" لو قال أي ورود لكان أحسن لأنه المتقدم ضمنًا في قوله يرد إلا أن يقال أشار بذلك إلى أن الورود بمعنى المجيء وقوله الجمع يعني جمع سنة وبابه وإضافة مجيء إلى الجمع بمعنى اللام والمعنى المجيء مثل حين الثابت لسنين وبابه يطرد في جمع المذكر السالم فلا ركاكة في حل الشارح لأنها إنما تكون إذا أريد بالجمع في قوله أي مجيء جمع المذكر السالم القياسي. قوله: "عرندس" أي قويّ شديد والطلال بالفتح الحالة الحسنة وفي قوله لا يزالون مراعاة معنى الحي بعد مراعاة لفظه والقباب جمع قبة وهي التي تتخذ من الأديم والخشب واللبد ونحوها وقد تطلق على ما يتخذ من البناء والشاهد في ضاربين حيث أثبت النون ولم يحذفها للإضافة فعلم أنه معرب بالحركات وقيل الأصل ضاربين بين ضاربي القباب على الإبدال أو ضاربين للقباب فحذف المضاف أو اللام وأبقى القباب على جره. قوله: "مخالف للقياس" أي الأصل. قوله: "من حيث إن رفع المثنى" بكسر الهمزة أو بفتحها على أنها مع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
24- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 59؛ وتخليص الشواهد ص75؛ وخزانة الأدب 8/ 61؛ والدرر 1/ 136 ؛ وشرح التصريح 1/ 77؛ ومغني اللبيب ص643؛ والمقاصد النحوية 1/ 176؛ وهمع الهوامع 1/ 47.
25- وقبله: وماذا تبتغي الشعراء مني. وهو لسحيم بن وثيل الرياحي في إصلاح المنطق ص156؛ وتخليص الشواهد ص74؛ وتذكرة النحاة ص480؛ وخزانة الأدب 8/ 61، 62، 65، 67، 68، وحماسة البحتري ص13، والدرر 1/ 140، وسر صناعة الإعراب 2/ 627؛ وشرح التصريح 1/ 77؛ وشرح ابن عقيل ص41؛ وشرح المفصل 5/ 11؛ ولسان العرب 3/ 513 "نجذ"، 8/ 99 "ربع"، 14/ 255 "دري"؛ والمقاصد النحوية 1/ 191؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 247؛ وأوضح المسالك 1/ 61؛ وجواهر الأدب ص155؛ والمقتضب 3/ 332؛ وهمع الهوامع 1/ 49.
130 | 435(1/129)
المعرب والمبني
ونون مجموع وما به التحق فافتح وقل من بكسره نطق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ونصبه ليس بالألف وكذا نصب المجموع أما العلة في مخالفتهما القياس في الوجه الأول فلأن المثنى والمجموع فرعان عن الآحاد، والإعراب بالحروف فرع عن الإعراب بالحركات فجعل الفرع للفرع طلبًا للمناسبة وأيضًا فقد أعرب بعض الآحاد وهي الأسماء التسعة بالحروف فلو لم يجعل إعرابهما بالحروف لزم أن يكون للفرع مزية على الأصل.
ولأنهما لما كان في آخرهما حروف وهي علامة التثنية والجمع تصلح أن تكون إعرابًا بقلب بعضها إلى بعض فجعل إعرابهما بالحروف لأن الإعراب بها بغير حركة أخف منها مع الحركة. وأما العلة في مخالفتهما للقياس في الوجه الثاني فلأن حروف الإعراب ثلاثة والإعراب ستة ثلاثة للمثنى وثلاثة للمجموع فلو جعل إعرابهما بها على حد إعراب الأسماء الستة لالتبس المثنى بالمجموع في نحو رأيت زيداك، ولو جعل إعراب أحدهما كذلك دون الآخر بقي الآخر بلا إعراب فوزعت عليهما وأعطي المثنى الألف لكونها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معموليها في تأويل مبتدأ والخبر محذوف أي من حيث ذلك موجود هذا إن جرينا على مذهب الجمهور من اختصاص حيث بالجمل فإن جرينا على مذهب الكسائي من عدم الاختصاص جاز الفتح من غير تقدير خبر. قوله: "وأيضًا فقد أعرب بعض الآحاد" هذا التوجيه يقتضي أن سبب إعراب المثنى والمجموع على حده بالحروف إعراب بعض الآحاد بها لأنهما لو أعربا بالحركات لزم مزية الفرع على الأصل وقد سبق عنه أن سبب إعراب بعض الآحاد بها إرادة إعراب المثنى والمجموع بها ليكون توطئة لإعرابهما بها وفي هذا دور فافهم. قوله: "لزم أن يكون للفرع مزية على الأصل" اعترض بأن التثنية والجمع ليسا فرعين لكل مفرد بل لمفردهما وبأن هذا يقتضي إعراب كل جمع بالحروف لوجود الفرعية وليس كذلك. ويجاب عن الأول بأنهما فرعان عن المفرد في الجملة وبأن من جملة المثنى أبوان وأخوان ونحوهما ومن جملة الجمع أبون وأخون وحمون فلو أعربت بالحركات لزم مزيتها على مفرداتها المعربة بالحروف وعن الثاني بأن ما ذكر حكمة فلا يلزم اطرادها.
قوله: "لما كان" أي وجد، جواب لما قوله فجعل والفاء زائدة في بعض النسخ بإسقاط لما وهي ظاهرة. قوله: "بقلب بعضها إلى بعض" أي خلف بعضها عن بعض. قوله: "بغير حركة" أي بغير اعتبار حركة للإعراب ظاهرة أو مقدرة وقوله أخف منها أي أخف من وجودها ملغاة وهي صالحة للإعراب بها وقوله مع الحركة أي مع اعتبار الحركة هكذا ينبغي تقدير هذا المحل. قوله: "فلأن حروف الإعراب" أي في الاسم فلا يرد النون في الأفعال الخمسة. قوله: "والإعراب ستة" أي رفع ونصب وجر في المثنى ومثلها في الجمع. قوله: "في نحو رأيت زيداك" أي من كل مثنى أو مجموع أضيف سواء كان مع الألف في حال النصب أو مع الواو في حال الرفع لا الياء لتميزهما معها بفتح ما قبلها في المثنى وكسره في الجمع فقول البعض أو الياء سهو. قوله: "بقي الآخر بلا إعراب" إن كان المراد بقي الآخر بلا إعراب أصلًا ورد عليه أن المقدم لا يستلزم التالي حينئذٍ لجواز إعراب الآخر بحرفين فقط وإن كان المراد بلا إعراب على حد إعراب الأسماء
131 | 435(1/130)
المعرب والمبني
ونون ما ثني والملحق به بعكس ذاك استعملوه فانتبه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مدلولًا بها على التثنية مع الفعل اسمًا في نحو اضربا، وحرفًا في نحو ضربا أخواك وأعطي المجموع الواو لكونها مدلولا بها على الجمعية في الفعل اسمًا في نحو اضربوا وحرفًا في نحو أكلوني البراغيث، وجرًّا بالياء على الأصل وحمل النصب على الجر فيهما، ولم يحمل على الرفع لمناسبة النصب للجر دون الرفع لأن كلًّا منهما فضلة، ومن حيث المخرج لأن الفتح من أقصى الحلق والكسر من وسط الفم والضم من الشفتين. الثاني ما أفهمه النظم وصرح به في شرح التسهيل من أن إعراب المثنى والمجموع على حده بالحروف هو مذهب قطرب وطائفة من المتأخرين، ونسب إلى الزجاج والزجاجي. قيل: وهو مذهب الكوفيين وذهب سيبويه ومن وافقه إلى أن إعرابهما بحركات مقدرة على الألف "ونون مجموع وما به التحق" في إعرابه "فافتح" طلبًا للخفة من ثقل الجمع،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الستة ورد عليه أن لزوم هذا لا يضر فلا يتم التوجيه إذ لقائل أن يقول: هلا أعرب الآخر بغير إعراب الأسماء الستة بأن يعرب بحرفين وإن كان المراد بلا إعراب رافع للالتباس ولو أعرب الآخر بحرفين لزم التباس المثنى بالمجموع في الرفع والنصب ورد عليه أن لنا احتمالين لا التباس فيهما بأن يعرف المجموع بالأحرف الثلاثة والمثنى بالألف والياء والعكس اللهم إلا أن يقال المثنى سابق على المجموع فهو الأحق بأن يعطي الأحرف الثلاثة ويعطي المجموع حرفين والمناسب أن يكون أحدهما الواو رفعًا لدلالتها على الجمعية وحينئذٍ يحصل الالتباس ولا بد فيكون المراد بلا إعراب دافع للالتباس لائق لكن هذا يؤدي إلى أن المراد بأحدهما في كلام الشارح المثنى وبالآخر المجموع لا الأحد الدائر والآخر الدائر فتأمل.
قوله: "اسمًا" حال من الضمير في بها العائد على الألف. قوله: "لأن كلًا منهما فضلة" أي إعراب فضلة أو التقدير لأن محل كل منهما فضلة. قوله: "ومن حيث المخرج" عطف على قوله: لأن كلًّا منهما فضلة فهو علة ثانية للمناسبة أي ولتقارب المخرج. قوله: "لأن الفتح إلخ" اعترضه البعض كشيخنا بأنه غير ظاهر لأن الحركة تابعة للحرف في المخرج فإن كان الحرف حلقيًا كالهمزة فحركته مطلقًا كذلك وقس على ذلك وهو مدفوع بأن الحركة في حد ذاتها إن كانت فتحة فلها ميل إلى أقصى الحلق وإن كانت كسرة فلها ميل إلى وسط الفم وإن كانت ضمة فلها ميل إلى الشفتين والحس شاهد صدق على ذلك فإنك إذا نطقت بالهمزة مفتوحة ورجعت إلى حسك وجدت لها ميلًا إلى أقصى الحلق أو مكسورة وجدت لها ميلًا إلى وسط الفم أو مضمومة وجدت لها ميلًا إلى الشفتين. قوله: "بحركات مقدرة" رده الناظم بلزوم ظهور النصب في الياء لخفته وبلزوم تثنية المنصوب بالألف لتحرك الياء وانفتاح ما قبلها وأجاب أبو حيان عن الأول بأنهم لما حملوا النصب على الجر جعلوا الحكم واحدًا فقدروا الفتحة كما قدروا الكسرة تحقيقًا للحمل وعن الثاني بأن المانع من قلبها قصد الفرق بين المثنى وغيره. قوله: "ونون مجموع" الأقرب نصبه على المفعولية لافتح والفاء زائدة لتزيين اللفظ ورفعه مبتدأ يحوج
132 | 435(1/131)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفرقا بينه وبين نون المثنى "وقل من بكسره نطق" من العرب. قال في شرح التسهيل: يجوز أن يكون كسر نون الجمع وما ألحق به لغة، وجزم به في شرح الكافية، ومما ورد منه قوله:
26-
عرفنا جعفرًا وبني أبيه وأنكرنا زعانف آخرين وقوله:
27-
وقد جاوزت حد الأربعين "ونون ما ثني والملحق به" وهو اثنان واثنتان وثنتان "بعكس ذاك" النون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلى تقدير الرابط في الخبر.
فائدة: تحذف نون الجمع ونون المثنى للإضافة وللضرورة ولتقصير الصلة نحو:
خليليّ ما إن أنتما الصادقا هوى إذا خفتما فيه عذولا وواشيا ونحو قراءة الحسن والمقيمي الصلاة بنصب الصلاة. وقد تحذف نون الجمع اختيارًا قبل لام ساكنة كقراءة بعضهم غير معجزي الله بنصب الله. وقراءة بعضهم: "إنكم لذائقوا العذابَ" [الصافات: 38] بنصب العذاب وهو أكثر من حذفها لا قبل لام ساكنة كقراءة الحسن: "وما هم بضارين به من أحد" [البقرة: 102] كذا في التسهيل وشرحه للدماميني. وفي المغني يحذف النونان لشبه الإضافة نحو لا غلامي لزيد ولا مكرمي لعمرو. وإذا قدر الجار والمجرور صفة والخبر محذوفًا وسيأتي بسط إعرابهما في باب لا. قوله: "فافتح" أي ضامًا ما قبل الواو ولو تقديرًا في نحو: {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْن} [آل عمران: 139] إذ أصله الأعلوون وكاسرًا ما قبل الياء ولو تقديرًا في نحو: {وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْن} [ص: 47] إذ أصله المصطفوين. قوله: "من ثقل الجمع" من تعليلية متعلقة بطلبا. قوله: "وفرقا" أي وزيادة فرق إذ أصل الفرق حاصل في نحو المصطفين بحذف ألف الجمع وقلب ألف المثنى ياء وفي غيره بحركة ما قبل الياء. قوله: "وقل من بكسره نطق" أي مع الياء. قال في التصريح ولم تكسر النون بعد الواو في نثر ولا شعر لعدم التجانس. قوله: "لغة" أي لا ضرورة كما قيل به. قوله: "وجزم به" أي بكونه لغة وهذا هو الراجح. قوله: "زعانف" جمع زعنفة بكسر الزاي والنون وهو القصير وأراد بهم الأدعياء الذين ليس أصلهم واحدًا. قوله: "حد الأربعين" استشهد به هنا على أن كسر نون والملحق به لغة لبعض من يعربهما بالحروف وسابقًا على أن إعرابه بالحركة على النون لغة نظرًا إلى أن كلا محتمل ويرد عليه أن الشاهد لا يكفي فيه الاحتمال كما صرحوا به وإن زعم البعض خلافه ويمكن أن يجعل مثالًا. قوله: "وهو اثنان واثنتان وثنتان" الحصر بالنسبة لما ذكره المصنف من الملحقات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
26- البيت من الوافر، وهو لجرير في ديوانه ص429، والاشتقاق ص538؛ وتخليص الشواهد ص72؛ وتذكرة النحاة ص480؛ وخزانة الأدب 8/ 956؛ والدرر 1/ 140؛ والمقاصد النحوية 1/ 187؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 67؛ وشرح ابن عقيل ص40.
27- راجع التخريج رقم 25.
133 | 435(1/132)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"استعملوه" فكسروه كثيرًا على الأصل في التقاء الساكنين، وفتحوه قليلًا بعد الياء "فانتبه" لذلك وهذه اللغة حكاها الكسائي والفراء كقوله:
28-
على أحوذيين استقلت عشية فما هي إلا لمحة وتغيب وقيل: لا تختص هذه اللغة بالياء بل تكون مع الألف أيضًا وهو ظاهر كلام النظم، وبه صرح السيرافي كقوله:
29-
أعرف منها الجيد والعينانا ومنخرين أشبها ظبيانا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصحوبة بالنون وإن كان الملحق المصحوب بالنون لا ينحصر في الألفاظ الثلاثة لأن منه المذروين والثنايين وما سمي به من المثنى كالبحرين وباب التغليب كالقمرين على قول الجمهور فاندفع ما اعترض به شيخنا والبعض. قوله: "بعكس ذاك" أي بخلافه لأن الكثير هنا قليل هناك والقليل هنا كثير هناك فالعكس لغويّ قطعًا فما حكاه البعض من أنه لا لغويّ ولا منطقي غير صحيح. قوله: "على الأصل في التقاء الساكنين" قد يقال: هذا خلاف الأصل لأن قياس التقاء الساكنين إذا كان الأول حرف لين أن يحذف كما قال:
إن ساكنان التقيا اكسر ما سبق وإن يكن لينًا فحذفه استحق ويجاب بأن محل الحذف ما لم يمنع مانع من حذفه ولو حذف هنا للزم فوات الإعراب والتثنية. ووجه كون النون ساكنة أنها عوض عما هو ساكن وهو التنوين أو أنها زائدة والزائد ينبغي فيه التخفيف والساكن أخف. قوله: "على أحوذيين" تثنية أحوذيّ وهو خفيف المشي لحذفه وأراد بهما جناحي قطاة يصفها بالخفة والضمير في استقلت أي ارتفعت يرجع إليها. وقوله فما هي إلا لمحة أي فما مسافة رؤيتها إلا مقدار لمحة. وقوله وتغيب أي بعد تلك اللمحة جملة فعلية عطفت على الجملة الاسمية قبلها. قوله: "أعرف منها" الضمير يرجع إلى سلمى في البيت قبله كما قاله العيني. والجيد العنق. وقوله ومنخرين إن كان بفتح النون الأخيرة فالأمر ظاهر أو بكسرها ففي البيت تلفيق من لغتين وفي البيت تلفيق آخر من لغتين لأنه جرى في قوله: والعينانا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
28- البيت من الطويل، وهو لحميد بن ثور في ديوانه ص55؛ وخزانة الأدب 7/ 458؛ والدرر 1/ 137؛ وشرح المفصل 4/ 141؛ والمقاصد النحوية 1/ 177؛ وبلا نسبة في أوضح المساك 1/ 63؛ وتخليص الشواهد ص79؛ وجواهر الأدب ص154 ؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 488؛ وشرح التصريح 1/ 78؛ وشرح ابن عقيل ص42؛ ولسان العرب 3/ 486؛ "حوذ" والمقرب 3/ 136؛ وهمع الهوامع 1/ 49.
29- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص187؛ ولرؤبة أو رجل من ضبة في الدرر 1/ 139؛ والمقاصد النحوية 1/ 184؛ ولرجل في نوادر أبي زيد ص15؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 64؛ وتخليص الشواهد ص80؛ وخزانة الأدب 7/ 452، 453، 456، 457، ورصف المباني ص24؛ وسر صناعة الإعراب 489؛ 705؛ وشرح التصريح 1/ 78؛ وشرح ابن عقيل ص42؛ وشرح المفصل 3/ 129، 4/ 64، 67، 143، وهمع الهوامع.
134 | 435(1/133)
المعرب والمبني
ومائتا وألف قد جمعا يكسر في الجر و في النصب معا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وحكى الشيباني ضمها مع الألف كقول بعض العرب: هما خليلان وقوله:
30-
يا أبتا أرقني القذان فالنوم لا تألفه العيان تنبيه: قيل: لحقت النون المثنى والمجموع عوضًا عما فاتهما من الإعراب بالحركات ومن دخول التنوين وحذفت مع الإضافة نظرًا إلى التعويض بها عن التنوين. ولم تحذف مع الألف واللام وإن كان التنوين يحذف معهما نظرًا إلى التعويض بها عن الحركة أيضًا. وقيل: لحقت لدفع توهم الإضافة في نحو جاءني خليلان موسى وعيسى، ومررت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على لغة من يلزم المثنى الألف وفي قوله: ومنخرين على لغة من ينصبه ويجره بالياء. وقال الدماميني: في قوله: ومنخرين بالياء دلالة على أن أصحاب تلك اللغة لا يوجبون الألف بل تارة يستعملون المثنى بالألف مطلقًا وتارة يستعملونه كالجماعة. ا. هـ. وعلى هذا ينتفي التلفيق الثاني. والمنخر بفتح الميم وكسر الخاء وبفتحهما وضمهما. وظبيان اسم رجل على ما صوّبه العيني رادًا على من جعله تثنية ظبي كالدماميني وعلى ما قاله العيني فانظر هل المراد أشبها منخري ظبيان في الكبر أو أشبها نفس الرجل في العظم أو القبح.
قوله: "أرّقني" أي أسهرني والقذان بكسر القاف وتشديد الذال المعجمة جمع قذة بضم فتشديد أو قذذ كبطل والقذة والقذذ البرغوث مثلث الباء والضم أفصح. قوله: "عما فاتهما من الإعراب بالحركات إلخ" هذا مذهب سيبويه والصحيح الذي اختاره المحقق الرضي وغيره أن النون عوض عن التنوين في المفرد فقط لقيام الحروف مقام حركات الإعراب على الراجح ولأن سيبويه يقول: إن إعراب المثنى والمجموع بحركات مقدرة والمقدر كالثابت فلا يصح التعويض عنها، إلا أن يقال المراد أنها عوض عن ظهور الحركات. فإن قلت: إذا كانت النون عوضًا عن التنوين فقط فلم ثبتت مع أل مع أن المعوض عنه لا يثبت مع أل قلت: قال الرضي: إنما سقط التنوين مع لام التعريف لأنه يلزم عليه اجتماع حرف التعريف وحرف يكون في بعض المواضع علامة التنكير وفي ذلك قبح لا يخفى والنون لا تكون للتنكير أصلًا فلذلك ثبتت معها. ا. هـ. قوله: "ومن دخول التنوين" أي الظاهر أو المقدر كما في الممنوع من الصرف. قوله: "وحذفت مع الإضافة إلخ" حاصله أنه تارة رجح جانب التعويض بها عن التنوين فحذفت مع الإضافة كما يحذف التنوين معها تارة وتارة جانب التعويض بها عن الحركة فثبتت مع أل كما ثبتت الحركة معها ولم يعكس للزوم الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالنون والفصل بينهما ممتنع بغير الأمور الآتية في قول الناظم فصل مضاف إلخ. قوله: "نظرًا إلى التعويض بها عن الحركة أيضًا" لا وجه لقوله أيضًا لأن المنظور إليه في عدم الحذف مع أن أل هو كونها عوضًا عن الحركة فقط إلا أن يكون المراد كما نظر إلى التعويض بها عن التنوين في الحذف مع الإضافة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
30- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص186؛ وخزانة الأدب 1/ 92؛ وبلا نسبة في الدرر 1/ 142 ؛ وشرح التصريح 1/ 78 ، وهمع الهوامع 1/ 49.
135 | 435(1/134)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ببنين كرام، ودفع توهم الأفراد في نحو جاءني هذان ومررت بالمهتدين؛ وكسرت مع المثنى على الأصل في التقاء الساكنين لأنه قبل الجمع، ثم خولف بالحركة في الجمع طلبًا للفرق، وجعلت فتحة طلبًا للخفة وقد مر ذلك وإنما لم يكتف بحركة ما قبل الياء فارقًا لتخلفه في نحو المصطفين. ولما فرغ من بيان ما ناب فيه حرف عن حركة من الأسماء أخذ في بيان ما نابت فيه حركة عن حركة وهو شيئان: ما جمع بالألف وتاء وما لا ينصرف. وبدأ بالأول لأن فيه حمل النصب على غيره، والثاني فيه حمل الجر على غيره، والأول أكثر فقال: "وما بتا وألف قد جمعا" الباء متعلقة بجمع أي ما كان جمعا بسبب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وقيل لدفع إلخ" هذا هو الذي اختاره الناظم. قوله: "لدفع توهم الإضافة" أي وحمل ما لا توهم فيه على ما فيه توهم وكذا يقال فيما بعده. قوله: "ودفع توهم الإفراد" أورد عليه أنه لو اعتبر دفع هذا التوهم لامتنعت إضافة جمع المنقوص جرًا نحو مررت بقاضيك لالتباسه بالمفرد حينئذٍ. وأجيب بالفرق بأنه في الجمع المذكور يمكن دفع الإلتباس بالوقف على المضاف لعود النون حينئذٍ ولا كذلك ما نحن فيه على تقدير عدم النون واقتصرنا في الإيراد على الجر لأنه لا التباس حال النصب لأن ياء المفرد تفتح نصبًا وياء الجمع تسكن، فما نقله شيخنا عن سم وأقره هو والبعض من زيادة النصب سهو. قوله: "في نحو جاءني هذان" مبني على أنه مثنى حقيقة والراجح خلافه أو يراد بالمثنى في أول التنبيه هو وما ألحق به. قوله: "طلبًا للفرق" أي بين نوني المثنى والجمع وكلامه هذا يقتضي أن طلب الفرق علة اختلاف الحركة وهو مخالف لما قدمه من جعل الفرق علة للفتح إلا أن يحمل ما مر على تعليل الفتح من جهة عمومه وهو كونه حركة غير كسرة لا من جهة خصوصه. وحاصل ما استفيد من كلامه هنا أن تحريك النون فيهما للتخلص من التقاء الساكنين وأن الكسر في المثنى لكونه الأصل في التخلص وأن مخالفة حركة نون الجمع لحركة نون المثنى للفرق وأن خصوص فتحها لطلب الخفة فافهم.
قوله: "وقد مر ذلك" أي مر أن علة الفتح طلب الخفة. قوله: "لتخلفه في نحو المصطفين" فيه كما قال سم أن هذا التخلف لا يضر لحصول الفرق بحذف الألف في الجمع وقلبها ياء في التثنية كما مر على أنه لو كان الفرق بحركة النون للتخلف المذكور لورد عليه أن النون الحاصل بحركتها الفرق تسقط في حال إضافة نحو المصطفين ولو قال وإنما لم يكتف بحركة ما قبل الياء فارقًا مبالغة في الفرق لكان أتم. قوله: "من الأسماء" بيان لما مشوب بتبعيض. قوله: "ما نابت فيه حركة عن حركة" لم يقل من الأسماء لعدم الاحتياج إلى التقييد به هنا لأن ما ناب فيه حركة عن حركة لا يكون إلا من الأسماء بخلاف ما ناب فيه حرف عن حركة. قوله: "والأول أكثر" لأنه أفراد ثلاثة أنواع هي المثنى والمجموع على حده والجمع بالألف والتاء. وأما الثاني فأفراد نوع واحد هو ما لاينصرف. قوله: "وما" أي جمع قوله قد جمعا أي تحققت وحصلت جمعيته فاندفع ما قيل يلزم تحصيل الحاصل إن أوقعت ما على جمع وإعراب المفرد في حالتي النصب والجر بالكسر مع أن المعرب به الجمع إن أوقعت ما على مفرد.
136 | 435(1/135)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملابسته للألف والتاء أي كان لهما مدخل في الدلالة على جمعيته "يكسر في الجر وفي النصب معًا" كسر إعراب خلافًا للأخفش في زعمه أنه مبني في حالة النصب، وهو فاسد إذ لا موجب لبنائه، وإنما نصب بالكسرة مع تأتي الفتحة ليجري عل سنن أصله، وهو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واعلم أن الجمع بالألف والتاء يطرد في خمسة أنواع ما فيه تاء التأنيث مطلقًا وما فيه ألف التأنيث مطلقًا ومصغر مذكر ما لا يعقل كدريهم وعلم مؤنث لا علامة فيه كزينب ووصف مذكر عاقل كأيام معدودات ونظمها الشاطبي فقال:
وقسه في ذي التا ونحو ذكرى ودرهم مصغر وصحرا
وزينب ووصف غير العاقل وغير ذا مسلم للناقل فيقتصر فيما عدا الخمسة على السماع كسموات وأرضات وسجلات وحمامات وثيبات وشمالات وأمهات. ويستثنى من الأول خمسة ألفاظ لا تجمع بالألف والتاء: امرأة وأمة وشاة وشفة وقلة، زاد الروداني وأمة بالضم والتشديد وملة وقيل تجمع شفة على شفهات أو شفوات وأمة على أموات أو أميات. ومن الثاني فعلاء أفعل وفعلى فعلان غير منقولين إلى العلمية لما لم يجمع مذكرهما بالواو والنون لم يجمع مؤنثهما بالألف والتاء واختلف في فعلاء الذي لا أفعل له كعجزاء ورتقاء فقال ابن مالك: يجمع بألف وتاء لأن المنع في حمراء تابع لمنع جمع التصحيح وهو مفقود هنا ومنعه غيره. ويستثنى من الرابع باب حزام في لغة من بناه قاله الروداني وغيره. قوله: "بتا" بالتنوين لأنه مقصور للضرورة على ما مر والمقصور إذا لم تدخل عليه أل ولم يضف ولم يوقف عليه ينوّن فإعرابه مقدر على الألف المحذوفة لا على الهمزة المحذوفة لأن حذف الألف لعلة تصريفية والمحذوف لعلة تصريفية كالثابت بخلاف الهمزة، فهي أحق من الهمزة بجعلها حرف الإعراب ويجوز ترك تنوينه للوصل بنية الوقف. قوله: "بسبب ملابسته" أشار بقوله بسبب إلى أن الباء سببية وبقوله ملابسته إلى أن في عبارة المصنف تقدير مضاف لأن السبب ليس وجود الألف والتاء ولو من غير ملابستهما للكلمة بل السبب ملابستهما لها وبهذا يستغنى عما أطال به البهوتي هنا من التعسف وبجعل الباء سببية يستغنى عن تقييد الألف والتاء بالزيادة لأنهما إنما يكونان سببًا في الجمعية إذا كانتا مزيدتين. قوله: "في الجر" إنما ذكره مع أنه جاء على الأصل والكلام في النيابة ولهذا لم يذكر الرفع للإشارة إلى أن النصب حمل على الجر. قوله: "معًا" منصوب على الحال وهي بمعنى جميعًا عند الناظم فلا تقتضي اتحاد الوقت فلا إشكال على مذهبه أما عند ثعلب وابن خالويه فتقتضي اتحاد الوقت بخلاف جميعًا وعلى هذا تكون معًا هنا مجازًا في مطلق الاجتماع بقرينة استحالة اجتماع النصب والجر في وقت واحد.
قوله: "ليجري على سنن أصله" ولأنه لو لم يحمل نصبه على جره لزم مزية الفرع على الأصل. فإن قلت: قد تحملت مزية كون جمع المؤنث معربًا بالحركات فهلا تحملت تلك المزية أيضًا. قلت: تحملها ثم لغرض فقد هنا وهو دفع الثقل الناشئ من اجتماع الحرف والحركة ولا
137 | 435(1/136)
المعرب والمبني
كذا أولات والذي اسما قد جعل كأذرعات فيه ذا أيضًا قبل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جمع المذكر السالم في حمل نصبه على جره. وجوز الكوفيون نصبه بالفتحة مطلقًا، وهشام فيما حذفت لامه، ومنه قول بعض العرب: سمعت لغاتهم. ومحل هذا القول ما لم يرد إليه المحذوف فإن رد إليه نصب بالكسرة كسنوات وعضوات.
تنبيه: إنما لم يعبر بجمع المؤنث السالم كما عبر به غيره ليتناول ما كان منه لمذكر كحمامات وسرادقات، وما لم يسلم فيه بناء الواحد نحو بنات وأخوات، ولا يرد عليه نحو أبيات وقضاة لأن الألف والتاء فيهما لا دخل لهما في الدلالة على الجمعية "كذ أولات" وهو اسم جمع لا واحد له من لفظه يعرب هذا الإعراب إلحاقًا له بالجمع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يلزم من تحمل المحذور لغرض تحمله لا لغرض قاله شيخ الإسلام. وقوله: من اجتماع الحرف والحركة أي في جمع المذكر السالم لو أعرب بحركة على الواو والياء. قوله: "مطلقًا" أي حذفت لامه أولًا. قوله: "وهشام فيما حذفت لامه" لمشابهته المفرد حيث لم يجر على سنن الجموع في رد الأشياء إلى أصولها وجبر الحذف لامه. قوله: "سمعت لغاتهم" أي بفتح التاء وهو جمع لغة أصلها لغو أو لغى حذفت اللام وعوض هنا هاء التأنيث. قوله: "فإن رد إليه نصب بالكسرة" لانتفاء العلتين المذكورتين.
قوله: "إنما لم يعبر بجمع المؤنث السالم إلخ" أجيب عمن عبر به بأنه صار علمًا في اصطلاحهم على ما جمع بألف وتاء مزيدتين. قوله: "وسرادقات" جمع سرادق وهو ما يمد فوق صحن البيت كما في القاموس. قوله: "نحو بنات وأخوات" لم ترد اللام في بنات وردت في أخوات حملًا لكل على جمع مذكره وهو أبناء وأخوة لعدم الرد في أبناء والرد في أخوة قاله البعض وفيه نظر لأنهم ردوا اللام في أبناء أيضًا لكنهم قلبوها همزة كما هو شأن الواو بعد الألف الزائدة كما في كساء إلا أن يقال لما غيرت عن أصلها كان كأنها لم ترد. قوله: "لا دخل لهما في الدلالة على الجمعية" بل الدلالة على الجمعية فيهما بالصيغة. قوله: "كذا أولات" أي مثل ما جمع بألف وتاء في إعرابه السابق أولات فقول الشارح يعرب هذا الإعراب بيان لوجه الشبه ولا يخفى أن المقصود لفظ أولات فيكون معرفة بالعلمية فإن اعتبرت مؤنثة لتأولها بالكلمة أو اللفظة منعت الصرف لاجتماع العلمية والتأنيث المعنوي وإن اعتبرت مذكرة لتأولها باللفظ أو الاسم صرفت وإنما لم تكن مؤنثة لفظًا لأن ما فيها تاء التأنيث والمانع للصرف هو هاء التأنيث كما سننقله عن شيخنا وبهذا يعرف ما في كلام البعض. وأصل أولات ألى بضم الهمزة وفتح اللام قلبت الياء ألفًا ثم حذفت لاجتماعها مع الألف والتاء المزيدتين فوزنه فعات قاله في التصريح، قال الروداني فيه إنه يلزم من زيادتهما أن يكون جمعًا حقيقيًا لا ملحقًا به وهو خلاف المفروض فالصواب أن وزنه فعلت بلا حذف اللام وما قيل لا يلزم من زيادتهما أن يكون جمعًا يدفعه أنا لم نجد زيادتهما في غير المفرد معنى إلا وهو جمع بخلاف المفرد نحو أرطاة وسعلاة وبهماة فلو كانتا زائدتين لكان جمعًا. ا. هـ. قوله: "لا واحد له من لفظه" بل من معناه وهو ذات فهو في
138 | 435(1/137)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المذكور. قال تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْل} [الطلاق: 6] "والذي اسما قد جعل" من هذا الجمع "كأذرعات" اسم قرية بالشام. وذاله معجمة أصله جمع أذرعة التي هي جمع ذراع "فيه ذا" الإعراب "أيضًا قبل" على اللغة الفصحى ومن العرب من يمنعه التنوين ويجره وينصبه بالكسرة، ومنهم من يجعله كأرطاة علمًا فلا ينونه ويجره وينصبه بالفتحة. وإذا وقف عليه قلب التاء هاء. وقد روي بالأوجه الثلاثة قوله:
31-
تنورتها من أذرعات وأهلها بيثرب أدنى دارها نظر عالي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المؤنث نظير أولى في المذكر إلا أن أولى مختص بالعاقلين بخلاف أولات. قوله: "وإن كن" أصله كون بفتح الواو ثم نقل إلى فعل بالضم توصلًا لما يأتي ثم نقلت ضمة الواو إلى الكاف فسكنت الواو فاجتمع ساكنان فحذفت الواو لالتقاء الساكنين. قوله: "والذي اسمًا" أي علمًا لمذكر أو مؤنث كما في شرح التسهيل لابن عقيل لكن محل جواز منعه التنوين كما في اللغتين الأخريين إذا سمي به مؤنث فإن سمي به مذكر لم يمتنع التنوين لفقد التأنيث كما في التصريح وغيره. قال شيخنا: وإنما لم يجعل من التأنيث اللفظي لأن ما فيه تاء التأنيث والمانع من الصرف هو هاء التأنيث كما سيأتي. قوله: "كأذرعات" بكسر الراء وقد تفتح "قاموس". قوله: "أيضًا" أي كما قيل في أولات كذا قيل. ويبعده عدم وقوعه عقب قوله فيه مع أن حمله على هذا المعنى يؤدي إلى عدم فائدة له والمفيد الذي يقتضيه وقوعه عقب قوله ذا حمله على أن المعنى كما قيل فيه غير هذا الإعراب من الوجهين اللذين سيذكرهما الشارح. قوله: "قبل" أراد القبول القياسي لأنه إنما يتكلم في الأصول القياسية. ا. هـ. يس. قوله: "على اللغة الفصحى" المراعى فيها الحالة الأصلية فقط. وقال المرادي: إنما بقي تنوينه مع أن حقه منع الصرف للتأنيث والعلمية أي إذا كان علمًا على مؤنث لأن تنوينه ليس للصرف بل للمقابلة. ا. هـ. أي وتنوين المقابلة يجامع علتي منع الصرف. قوله: "من يمنعه التنوين" أي مراعاة للحالة الراهنة المقتضية منع تنوينه لاجتماع العلمية والتأنيث المعنوي وإن لم يكن تنوينه تنوين صرف بل مقابلة كما مر لأنه مشبه لتنوين الصرف في الصورة كما قاله شيخنا وغيره وبه يوجه ترك التنوين في الوجه الثالث وقوله: ويجره وينصبه بالكسرة أي مراعاة للحالة الأصلية. ففي هذه اللغة مراعاة الحالتين ومن كون المراعى في جره ونصبه بالكسرة الحالة الأصلية يعلم أن الكسرة في حال النصب نائبة عن الفتحة لا في حال الجر وإن ذكره شيخنا والبعض تبعًا للتصريح. قوله: "ومنهم من يجعله كأرطأة" والمراعى في هذه اللغة الحالة الراهنة فقط. قوله: "وإذا وقف عليه قلب التاء هاء" يعني فلا يرد أن المنع إنما هو مع هاء التأنيث لا مع تائه على أن التأنيث المعنوي موجود أيضًا.
قوله: "تنورتها" أي نظرت بقلبي لا بعيني إلى نارها لشدة شوقي إليها وجملة وأهلها بيثرب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
31- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص31؛ وخزانة الأدب 1/ 56؛ والدرر 1/ 82؛ ورصف المباني ص345؛ وسر صناعة الأعراب ص497؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 219 ؛ وشرح التصريح 1/ 83؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1359؛ وشرح المفصل 1/ 47؛ والكتاب 3/ 233؛ والمقاصد النحوية 1/ 169؛ والمقتضب 3/ 333؛ 4/ 38؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 69؛ وشرح ابن عقيل ص44؛ وشرح المفصل 9/ 34.
139 | 435(1/138)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والوجه الثالث ممنوع عند البصريين جائز عند الكوفيين.
تنبيه: قد تقدم بيان حكم إعراب المثنى إذا سمي به وأما المجموع على حده ففيه خمسة أوجه: الأول كإعرابه قبل التسمية به. والثاني أن يكون كغسلين في لزوم الياء والإعراب بالحركات الثلاث على النون منونة. والثالث أن يجري مجرى عربون في لزوم الواو والإعراب بالحركات على النون منونة. والرابع أن يجري مجرى هرون في لزوم الواو والإعراب على النون غير مصروف للعلمية وشبه المعجمة. والخامس أن تلزمه الواو وفتح
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حالية وكذا جملة أدنى دارها إلخ ويثرب اسم لمدينة النبي صلى الله عليه وسلّم سميت باسم من نزلها من العماليق وقد ورد النهي عن تسميتها بيثرب ولأنه من التثريب وهو الحرج وأما قوله تعالى: {يَا أَهْلَ يَثْرِب} [الأحزاب: 13] فحكاية عمن قاله من المنافقين. وأدنى دارها مبتدأ ونظر عالي خبر والكلام على حذف مضاف إما من المبتدأ أي نظر أدنى دارها أو الخبر أي ذو نظر عالي. والمعنى أن نظر الأقرب من دارها إلى نظر عظيم فكيف بنظري نفس دارها. قوله: "جائز عند الكوفيين" هو الحق لوجود العلتين فيه وورود السماع به فلا وجه لمنعه. قوله: "قد تقدم" أي في الشرح أي وتقدم حكم إعراب المسمى بما جمع بألف وتاء في المتن وأورد عليه أنه تقدم في المتن حكم إعراب المسمى بجمع المذكر السالم حيث قال عليون ومقتضى كلام الشارح أنه لم يتقدم والجواب أن مراده أنه لم يتقدم بسائر أوجهه بل بوجه واحد وهو إعرابه كإعرابه قبل التسمية به. قوله: "كغسلين" هو ما يسيل من جلود أهل النار وشبه بغسلين دون حين لشبه الجمع بغسلين في كونه ذا زيادتين الياء والنون. قوله: "منونة" أي إن لم يكن أعجميًّا فإن كان أعجميًّا امتنع التنوين وأعرب إعراب ما لا ينصرف نحو قنسرين. ا. هـ. تصريح قال شيخنا: ومثله يقال فيما بعده والعجمة ليست بقيد بل مدار عدم التنوين على أن ينضم إلى العلمية مانع آخر كالعجمة والتأنيث المعنوي أفاده البعض وقد كتب الروداني على قول المصرح فإن كان أعجميًا إلخ ما نصه: هذا كلام ظاهري فإن ضمير كان عائد إلى ما سمي به من الجمع وما ألحق به وقنسرون وسائر الأعجميات ليس واحدًا منها بل هي أسماء مرتجلات لمسمياتها فلا بد من زيادة نوع من أنواع الملحقات بالجمع تركه الموضح وزاده الدماميني في شرح التسهيل وهو كل اسم وافق لفظه لفظ الجمع نكرة كان كياسمين أو علمًا كصفين ونصيبين وقنسرين وفلسطين فإنه يعرب إعراب الجمع للمشابهة اللفظية كما منعوا سراويل من الصرف لتلك المشابهة والأولى جعل عليين من هذا النوع. ا. هـ. ببعض تغيير وهو حسن جدًا طالما كان يلوح ببالي.
قوله: "وشبه العجمة" لأن وجود الواو والنون في الأسماء المفردة من خواص الأسماء
140 | 435(1/139)
المعرب والمبني
وجر بالفتحة ما لا ينصرف ما لم يضف أو يك بعد أل ردف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النون ذكره السيرافي. وهذه الأوجه مترتبة كل واحد منها دون ما قبله. وشرط جعله كغسلين وما بعده أن لا يتجاوز سبعة أحرف، فإن تجاوزها كاشهيبايين تعين الوجه الأول.
قاله في التسهيل "وجر بالفتحة" نيابة عن الكسرة "ما لا ينصرف" وهو ما فيه علتان من علل تسع كأحسن، أو واحدة منها تقوم مقامهما كمساجد وصحراء كما سيأتي في بابه؛ لأنه شابه الفعل فثقل فلم يدخله التنوين لأنه علامة الأخف عليهم والأمكن عندهم، فامتنع الجر بالكسرة لمنع التنوين لتآخيهما في اختصاصهما بالأسماء ولتعاقبهما على معنى واحد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأعجمية وقد نص بعضهم على أن نحو حمدون وسحنون يجوز فيه الصرف والمنع للعلمية وشبه العجمة كما في الشيخ يحيى. قوله: "أن تلزمه الواو وفتح النون" والإعراب بحركات مقدرة على الواو لا النون كما يفيده كلام التصريح حيث قاسه على المثنى عند من يلزمه الألف ويكسر نونه ويقدر الإعراب على الألف لا النون ويؤيده أنه لا معنى لتقدير الحركات على النون مع سهولة ظهورها عليها وما اعترض به من أنه يلزم تقدير الإعراب في وسط الكلمة يمكن دفعه بأن النون لما كانت في الأصل أعني في حالة الجمعية قبل التسمية عوضًا عن التنوين وهو إنما يلحق الآخر استصحب ذلك بعد التسمية فتكون الواو آخر الكلمة. قوله: "وجر" يحتمل كونه فعل أمر ناصبًا ما لا ينصرف على المفعولية فيكون مثلث الآخر وكونه ماضيًا مجهولًا رافعًا له بالنيابة عن الفاعل فيكون مفتوح الآخر يؤيد الأول لاحقه والثاني سابقه والمراد بالفتحة ما يشمل الظاهرة كأحمد والمقدرة كموسى وأورد اللفاني على قوله وجر بالفتحة إلخ أنه منقوض بما سمي به مؤنث من الجمع بألف وتاء والملحق به بناء على أنه معرب بإعراب أصله ويمكن دفعه بأنه علم استثناؤه من قوله سابقًا والذي اسمًا قد جعل إلخ فافهم. قوله: "وهو ما فيه علتان" العلة اصطلاحًا ما يترتب عليه الحكم والحكم هنا وهو منع الصرف إنما يترتب على اثنتين من التسع أو واحدة منها تقوم مقام اثنتين فالعلة في الحقيقة على الأول مجموع الاثنتين فتسمية كل منهما علة من تسمية الجزء باسم الكل أو أراد بالعلة ما يشمل العلة الناقصة.
قوله: "لأنه شابه الفعل" أي في اجتماع علتين فرعيتين إحداهما لفظية والأخرى معنوية كما سيأتي بسط ذلك وهذا تعليل لقول المصنف: وجر إلخ ومحط التعليل قوله فامتنع الجر بالكسرة لمنع التنوين. قوله: "فامتنع الجر بالكسرة لمنع التنوين" فإذا نوّن للضرورة عاد الجر بالكسرة لأنه إنما امتنع تبعًا له وقد عاد فيعود وهذا ظاهر على القول بأن تنوين الضرورة تنوين صرف أما على القول بأنه تنوين آخر أتى به لمجرد الضرورة وهو الراجح فقيل: لا يجر بالكسرة بل بالفتحة مع التنوين الضروري وقيل يجر بالكسرة نظرًا إلى أنه بصورة تنوين الصرف. قوله: "ولتعاقبهما" أي تناوبهما على معنى واحد هو مطلق التمييز أعم من أن يكون نصًا أو احتمالًا وذلك أنك إذا قلت: عندي راقود خلا كان القصد المظروف نصًا لأن التمييز المنصوب على معنى من نصًا وإذا قلت: عندي راقود خل احتمل أن يكون خل تمييزًا على معنى من فيكون القصد المظروف وأن تكون إضافة راقود إليه على معنى اللام فيكون القصد الظرف ووجه تعاقبهما أن راقودًا إن نوّن لم يجر
141 | 435(1/140)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في باب راقود خلا وراقود خل، فلما منعوه الكسرة عوضوه منها الفتحة نحو: {فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا} [النساء: 86] وهذا "ما لم يضف أو يك بعد أل ردف" أي تبع فإن أضيف أو تبع أل ضعف شبه الفعل فرجع إلى أصله من الجر بالكسرة نحو: {فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم} [التين: 4] {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]، ولا فرق في أل بين المعرفة كما مثل والموصولة نحو: "كالأعمى والأصم" وقوله:
32-
وما أنت باليقظان ناظره إذا نسيت بمن تهواه ذكر العواقب بناء على أن أل توصل بالصفة المشبهة وفيه ما سيأتي. والزائدة كقوله:
33-
رأيت الوليد بن اليزيد مباركا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خلّ بل ينصب تمييزًا وإلا جر بإضافة راقود إليه إضافة المميز إلى التمييز والراقود دنّ طويل يطلى داخله بالقار وهو معرب كما في زكريا. قوله: "نحو فحيوا بأحسن منها" تمثيل للجر بالفتحة وقوله سابقًا كأحسن وكمساجد صحراء تمثيل لذي العلتين وذي العلة. قوله: "ما لم يضف إلخ" أي مدة عدم الإضافة والردف لأل لأن النفي مع العطف بأو يفيد نفي كل نحو: {مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَة} [البقرة: 236]، قاله سم فهو من عموم السلب. قوله: "ردف" ليس حشوًا لأن البعدية لا تقتضي الاتصال. ا. هـ. يس.
قوله: "فإن أضيف" أي إلى ظاهر نحو مررت بأفضلكم أو مقدر نحو:
ابدأ بذا من أول في رواية الكسر بلا تنوين على نية لفظ المضاف إليه شنواني. قوله: "ضعف شبه الفعل" أي لمصاحبته خاصة الاسم المؤثرة في معناه وهي أل أو الإضافة لاختصاصهما بالاسم وتأثيرهما في معناه التعريف أي في الجملة فلا ترد أل الزائد والإضافة اللفظية وبقولنا المؤثرة في معناه يندفع الاعتراض بأن مقتضى التعليل جر ما لا ينصرف بالكسرة إذا صحب حرف الجر لأنه من خصائص الاسم. قوله: "وما أنت" في بعض النسخ ما أنت فيكون في البيت الخرم بخاء معجمة فراء وهو حذف أول البيت والناظر يطلق كثيرًا على إنسان العين والمراد به هنا القلب بدليل الشرط. قوله: "بناء" بالنصب مفعول لأجله لمحذوف أي ومثلنا بالأعمى والأصم واليقظان لأنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
32- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في المقاصد النحوية 1/ 215.
33- تمام البيت:
شديدًا بأحناء الخلافة كاهله وهو من الطويل، وهو لابن ميادة في ديوانه ص192؛ وخزانة الأدب 2/ 226؛ والدرر 1/ 87؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 451؛ وشرح شواهد الشافية ص12؛ وشرح شواهد المغني 1/ 164؛ ولسان العرب 3/ 200 "يد"؛ والمقاصد النحوية 1/ 218، 509؛ ولجرير في لسان العرب 8/ 393 "وسع"؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 322؛ والأشباه والنظائر 1/ 23، 8/ 306؛ والإنصاف 1/ 317؛ وأوضح المسالك 1/ 73؛ وخزانة الأدب 7/ 247؛ 9/ 442؛ وشرح التصريح 1/ 153؛ وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 36؛ وشرح قطر الندى ص53؛ ومغني اللبيب 1/ 52؛ وهمع الهوامع 1/ 24.
142 | 435(1/141)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومثل أل إذا في لغة طيئ كقوله:
34-
أإن شمت من نجد بريقا تألقا تبيت بليل أم أرمد اعتاد أو لقا تنبيهان: الأول ما الأولى موصولة والثانية حرفية، وهي ظرفية مصدرية أي مدة كونه غير مضاف ولا تابع لأل الثاني ظاهر كلامه أن ما لا ينصرف إذا أضيف أو تبع أل يكون باقيًا على منعه من الصرف هو اختيار جماعة. وذهب جماعة منهم المبرد والسيرافي وابن السراج إلى أنه يكون منصرفًا مطلقًا وهو الأقوى. واختار الناظم في نكته على مقدمة ابن الحاجب أنه إذا زالت منه علة فمنصرف نحو بأحمدكم، وإن بقيت العلتان فلا نحو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بنينا على إلخ أو مفعول مطلق لمحذوف أي والتمثيل به بني بناء أو الرفع خبر محذوف أي والتمثيل به بناء على إلخ أي مبني. قوله: "أإن شمت إلخ" يحتمل أن تكون أن مصدرية حذفت قبلها لام التعليل وأن تكون شرطية أتى بجوابها مرفوعًا لأن فعل الشرط ماضٍ والاستفهام للتقرير وشمت بكسر الشين المعجمة أي نظرت. وبريقًا تصغير برق وتألق لمع والأولق الجنون وجملة اعتاد أو لقا حال من المضاف إليه أو نعت له لأنه نكرة في المعنى كما في: {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة: 5] كذا قال العيني وتبعه غيره وفي الحالية نظر لعدم شرط مجيء الحال من المضاف إليه.
قوله: "ظاهر كلامه" إنما كان ظاهر كلامه البقاء على المنع لأن الضمير في يضف وما بعده يرجع إلى ما لا ينصرف ومفهومه أنه إذا أضيف ما لا ينصرف أو تبع أل جر بالكسرة ولا شك أن المحكوم عليه في هذا المفهوم ما لا ينصرف. قوله: "وهو اختيار جماعة" هو مبني على أن الصرف هو التنوين فقط وهو مفقود مع أل والإضافة وإنما جر بالكسرة لأمن دخول التنوين فيه قاله في الهمع وظاهر صنيع الشارح أن هؤلاء يقولون بالمنع وإن زالت منه علة ولا وجه له إلا الاستصحاب. قوله: "وذهب جماعة إلخ" يحتمل أن القائل بهذا المذهب يقول الصرف هو التنوين ولم يظهر لوجود أل أو الإضافة ويحتمل أن يقول هو الجر بالكسرة فقول شيخنا والبعض إنه مبني على أن الصرف هو الجر بالكسرة إن كان مستنده أن الواقع أن هؤلاء يقولون إن الصرف هو الجر بالكسرة فمسلم وإن كان استنباطًا فلا. قوله: "مطلقًا" أي وزالت منه علة أو لا. قوله: "وهو الأقوى" التحقيق تفصيل الناظم. قوله: "إذا زالت منه علة" أي بأن كانت إحدى علتيه العلمية لأن العلم لا يضاف ولا تدخل عليه أل حتى ينكر. قوله: "فمنصرف" أي ولم يظهر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
34- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في خزانة الأدب 3/ 92، 96، والخصائص 2/ 396؛ والدرر 3/ 88؛ ولسان العرب 7/ 426 "وسط"، 12/ 103 "جلم" ونوادر أبي زيد ص163؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 201.
143 | 435(1/142)
المعرب والمبني
واجعل لنحو يفعلان النونا رفعا وتدعين وتسألونا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بأحسنكم. ولما فرغ من مواضع في الاسم شرع في مواضعهما في الفعل فقال "واجعل لنحو يفعلان" أي من كل فعل مضارع اتصل به ألف اثنين اسمًا أو حرفًا "النونا رفعا" الأصل علامة رفع فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، يدل على ذلك ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التنوين لوجود أل أو الإضافة.
قوله: "واجعل لنحو يفعلان إلخ" إنما أعربت هذه الأمثلة بالحرف لمشابهة فعل الاثنين مثنى الاسم وفعل الجماعة مجموعه فأجريا مجراهما في الإعراب بالحرف وحمل على الفعلين فعل المخاطبة لمشابهته لهما ولأنها لو أعربت بالحركات لكانت إما مقدرة على الضمائر أو على ما قبلها ولا سبيل إلى الأول لأن الضمائر كلمات في ذاتها ولا يقدر إعراب كلمة على كلمة أخرى ولا إلى الثاني لأن ضمائر الرفع المتصلة شديدة الاتصال بالأفعال فكأن ما قبلها حشو والإعراب لا يقع حشوا ولمن يعربها بحركات مقدرة على ما قبل الضمائر أن يقول إن سلم أن ما قبلها كالحشو لا يسلم أن الإعراب لا يكون على ما هو كالحشو وبدليل أن البناء الذي هو نظير الإعراب يكون على ما هو كالحشو نحو ضربت وضربوا فافهم ولم يكن حرف إعرابها الألف والواو والياء الموجودات لأنها أسماء والأسماء لا تكون حروف إعراب وأيضًا لو كانت إعرابًا لأذهبها الجازم كما في سائر حروف العلة ولا حرف علة آخر لوجوب حذفه لالتقائه ساكنًا مع الضمائر الساكنة وكان حرف إعرابها النون لمشابهتها حروف العلة لأنها تدغم في الواو نحو من وأل وفي الياء نحو ومن يقنت وتبدل ألفًا في الوقف على المنصوب المنون في اللغة المشهورة وفي الوقف على المؤكد بنون التوكيد الخفيفة التالية فتحًا وفي الوقف على إذن وجاز وقوع علامة الإعراب بعد الفاعل لأنه هنا ضمير رفع متصل وهو كالجزء وقد تحذف هذه النون في حالة الرفع وجوبًا فتقدر كما في نحو هل تضربان هل تضربن يا زيدون وهل تضربن يا هند وجوازًا بكثرة في الفعل المتصل بنون الوقاية نحو تأمروني بناء على الصحيح من أن المحذوف نون الرفع لا نون الوقاية وإذا لم تحذف جاز الفك والإدغام وبالأوجه الثلاثة قرئ تأمروني وبقلة في غير ذلك نحو:
أبيت أسرى وتبيتي تدلكي وجهك بالعنبر والمسك الذكي وفي الحديث "والذي نفس محمد بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا" الأصل لا تدخلون ولا تؤمنون وقرئ: {قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا} [القصص: 48] أي يتظاهران فأدغم التاء في الظاء وحذف النون كذا في التصريح وغيره لكن قال الدماميني وشارح الجامع إنه شاذ وقال في الهمع لا يقاس عليه في الاختيار. قوله: "ألف اثنين" أي شخصين سواء كانا مخاطبين أو مخاطبتين أو غائبين أو غائبتين. قوله: "اسمًا" بأن كانت ضميرًا فاعلًا نحو الزيدان يفعلان وقوله أو حرفًا أي دالًّا على التثنية نحو فعلان الزيدان على لغة أكلوني البراغيث. قوله: "الأصل علامة رفع" دفع بتقدير المضاف عدم تناسب كلامي المصنف لأنه جعل أوّلًا النون إعرابًا وثانيًا الحذف علامة إعراب والمناسب جعلهما معًا إعرابًا أو علامة إعراب وأرجع ما هنا إلى
144 | 435(1/143)
المعرب والمبني
وحذفها للجزم والنصب سمه كلم تكوني لترومي مظلمه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعده؛ والتقديد اجعل النون علامة الرفع لنحو يفعلان "و" لنحو "تدعين" من كل مضارع اتصل به ياء المخاطبة "وتسألونا" من كل مضارع اتصل به واو الجمع اسمًا أو حرفًا.
فالأمثلة خمسة على اللغتين وهي يفعلان وتفعلان وتفعلون ويفعلون وتفعلين، فهذه الأمثلة رفعها بثبات النون نيابة عن الضمة "وحذفها" أي النون "للجزم والنصب سمه" أي علامة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما سيأتي من قوله: وحذفها إلخ ولم يعكس مع أن في العكس التأويل وقت الحاجة لا قبلها لبعد التأويل في الثاني بحمل الجزم والنصب على المعنى المصدري الذي هو فعل الفاعل لأنهما لا يطلقان اصطلاحًا بهذا المعنى دون التأويل في الأول ولا ينافي التأويل في الأول مذهب المصنف من كون الإعراب لفظيًّا كما قيل لما قدمه الشارح من أنه لا منافاة بين جعل الشيء إعرابًا وجعله علامة إعراب لأن جعله إعرابًا من حيث عموم كونه أثرًا جلبه عامل وجعله علامة إعراب من حيث خصوصه فاندفع ما أطال به البعض.
قوله: "اتصل به ياء المخاطبة" ترك التعميم هنا لأنها لا تكون إلا اسمًا. قوله: "واو الجمع" المراد الجمع بالمعنى اللغوي وهو الجماعة ليدخل نحو زيد وعمرو وبكر يفعلون وفي نسخ واو الجماعة وهي ظاهرة. قوله: "فالأمثلة خمسة" تفريع على ما يفيده تعميم الشارح في الفعل حيث قال من كل فعل إلخ ويشعر به بدء المصنف الفعل تارة بالياء وتارة بالتاء من ثبوت الأمرين لا على تعميمه في ألف الاثنين وواو الجماعة بقوله اسمًا أو حرفًا لأن المعروف أن عدّها خمسة باعتبار بدء يفعلان تارة بالياء وتارة بالتاء لا باعتبار اسمية الألف والواو وحرفيتهما ويدل على ما ذكرناه قوله وهي يفعلان وتفعلان إلخ فقوله: خمسة على اللغتين أي جارية على كل من اللغتين وإن كان الاختلاف بين اللغتين في غير تفعلون بالفوقية وتفعلين ومراده باللغتين لغة من يجرد الفعل المسند إلى اثنين أو جماعة من العلامة ولغة من يلحقها به. وهذه الخمسة بالتفصيل عشرة باعتبار أن تضربان بالفوقية يصلح للمخاطبين والمخاطبتين والغائبتين والألف في الأولين اسم فقط وفي الثالث تكون اسمًا وحرفًا ويضربان بالتحتية للغائبين فقط اسمًا أو حرفًا فهذه ستة ويضربون بالتحتية للغائبين اسمًا أو حرفًا وتضربون بالفوقية للمخاطبين اسمًا فقط والعاشرة تضربين وإن نظر إلى تغليب المذكر على المؤنث أو الحاضر على الغائب والعكس وإلى كون المؤنث حقيقي التأنيث أو مجازيه زاد العدد وسمى يفعلان وتفعلان ويفعلون وتفعلون وتفعلين أمثلة لأنه ليس المقصود هي بخصوصها بل هي وما ماثلها في اتصال الألف أو الواو أو الياء.
فائدة: إذا قلت: هما تفعلان تعني امرأتين فهل يفتتح الفعل بتاء فوقية حملًا للمضمر على المظهر ورعيًا للمعنى أو بياء تحتية رعيًا للفظ فإن هذا اللفظ يكون للمذكرين الأول قول ابن أبي العافية تلميذ الأعلم وهو الراجح الذي ورد به السماع والثاني قول ابن الباذش قاله الدماميني. قوله: "بثبات النون" أي بثبوتها أي بالنون الثابتة لكن عبر بذلك لتكون المقابلة بقوله وحذفها إلخ أتم وهذه النون تكسر مع الألف وتفتح مع الواو والياء تشبيهًا بنون المثنى والجمع وقد تفتح مع الألف أيضًا قرئ: {أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَج} [الأحقاف: 17]، بفتحها وذكر ابن فلاح في المعنى
145 | 435(1/144)
المعرب والمبني
وسم معتلا من الأسماء ما كالمصطفى والمرتقى مكارما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نيابة عن السكون في الأول وعن الفتحة في الثاني "كلم تكوني لترومي مظلمه" الأصل تكونين وترومين، فحذفت النون للجازم في الأول وهو لم، وللناصب في الثاني وهو أن المضمرة بعد لام الجحود.
تنبيهان: الأول قدم الحذف للجزم لأنه الأصل والحذف للنصب محمول عليه، وهذا مذهب الجمهور. وذهب بعضهم إلى أن إعراب هذه الأمثلة بحركات مقدرة على لام الفعل. الثاني إنما ثبتت النون مع الناصب في قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ} [البقرة: 237] لأنه ليس من هذه الأمثلة إذ الواو فيه لام الفعل والنون ضمير النسوة والفعل معها مبني مثل يتربصن ووزنه يفعلن بخلاف الرجال يفعون فإنه من هذه الأمثلة، وإذ واوه ضمير الفاعل ونونه علامة الرفع تخذف للجازم والناصب نحو: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [البقرة: 237] ووزنه تفعوا، وأصله تعفووا. ولما فرغ من بيان إعراب الصحيح من القبيلين شرع في بيان إعراب المعتل منهما وبدأ بالاسم فقال: "وسم معتلا من الأسماء ما" أي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنها تضم أيضًا قرىء شاذًّا: {لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِه} [يوسف: 37] بضمها قاله الروداني. قوله: "وحذفها للجزم إلخ" وقد تحذف حيث لا ناصب ولا جازم كما مر. قوله: "مظلمه" بفتح اللام على القياس وكسرها على الكثير. قوله: "لأنه الأصل" أي الحذف للجزم أصل للحذف للنصب وإنما كان أصلًا لمناسبة الحذف للسكون الذي هو الأصل الأصيل في الجزم ووجه المناسبة كون كل عدم شيء فالسكون عدم الحركة والحذف عدم الحرف تأمل. قوله: "والحذف للنصب محمول عليه" كما حمل النصب على الجر في المثنى والجمع على حده لأن الجزم نظير الجر في الاختصاص. قوله: "وهذا" أي إعراب تلك الأمثلة بثبوت النون رفعًا وحذفها جزمًا ونصبًا مذهب الجمهور إلخ ولو قدمه الشارح على التنبيه لكان أليق. قوله: "بحركات مقدرة على لام الفعل" منع من ظهورها حركة المناسبة أي وثبوت النون أو حذفها دليل على ذلك المقدر. ا. هـ. دماميني فالحذف عند الجازم فرقا بين صورتي المجزوم والمرفوع لا به والجازم إنما حذف الحركة المقدرة وكالجازم الناصب والمراد الحركات وجودًا أو عدمًا ليدخل السكون.
قوله: "بخلاف الرجال يعفون" أي في الأمور الأربعة المذكورة لكن لم يصرح بكون الفعل في هذا معربًا اكتفاء بدلالة قوله علامة الرفع على الإعراب. قوله: "تعفووا" أي بواوين الأولى لام الفعل والثانية ضمير الفاعل استثقلت الضمة على الأولى فحذفت ثم الأولى لالتقاء الساكنين وخصت بالحذف لكونها جزء كلمة بخلاف الثانية فكلمة عمدة. قوله: "وبدأ بالاسم" لكن في ابتدائه بالاسم فصل بين النظائر وهي أبواب النيابة ولهذا قدم الموضح الفعل المعتل. قوله: "معتلًا" مفعول ثان وما مفعول أول والمعتل عند النحاة ما آخره حرف علة وعند الصرفيين ما فيه حرف علة أولًا أو وسطًا أو آخرًا كالوعد ووعد وكالبيع وباع وكالفتى والرمي ويغزو ويسمى الأول مثالًا
146 | 435(1/145)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاسم المعرب الذي حرف إعرابه ألف لينة لازمة "كالمصطفى" وموسى والعصا، أو ياء لازمة قبلها كسرة كالداعي "والمرتقي مكارما".
تنبيه: إنما سمي كل من هذين الاسمين معتلًا لأن آخره حرف علة، أو لأن الأول يعل آخره بالقلب إما عن ياء نحو الفتى، أو عن واو نحو المصطفى. والثاني يعل آخره بالحذف، فخرج بالمعرب نحو متى والذي، وبذكر الألف في الأول والمنقوص نحو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لمماثلته الصحيح في عدم إعلال الماضي واسمي الفاعل والمفعول والثاني أجوف وذا الثلاثة لأنه في الحكاية عن النفس بالماضي على ثلاثة أحرف كقلت وبعت والثالث ناقصًا ومنقوصًا لنقص حرفه الأخير وقفًا وجزمًا من بعض أفراده كأغز ولم يغز ونقص الإعراب كلا أو بعضًا من بعض آخر كالفتى ويغزو وذا الأربعة لأنه في الحكاية على أربعة كدعوت والمعتل بالفاء والعين ولا يكون في الفعل أو بالعين واللام لفيف مقرون أو بالفاء واللام لفيف مفروق ومعتل الثلاثة نادر كالواو والصحيح إن سلم من التضعيف والهمز فسالم وإلا فلا فكل سالم صحيح ولا عكس. قوله: "الذي حرف إعرابه ألف إلخ" دخل فيه المثنى على لغة من يلزمه الألف. قوله: "لينة" لم يكتف بكون الألف عند الإطلاق تنصرف إلى اللينة لأن توهم الشمول قائم والمطلوب في التعاريف الإيضاح.
قوله: "لازمة" أي في الأحوال الثلاثة لفظًا أو تقديرًا كما في المقصور المنون واعترض بأنه لا يشمل الألف المنقلبة عن الهمزة كالمقرإ اسم مفعول من أقرأه الكتاب لعدم لزومها إذ يجوز النطق بدلها بالهمزة أي التي هي الأصل. وأجيب بأن إبدال الهمزة المتحركة من جنس حركة ما قبلها شاذ والشاذ لا يعترض به ومثل هذا الاعتراض والجواب يجري في قوله ياء لازمة. قوله: "كالمصطفى وموسى والعصا" أشار بتعداد الأمثلة أنه لا فرق بين العربي والعجمي ولا بين العاقل وغيره. قوله: "كالداعي والمرتقي" أشار بزيادة الداعي إلى أنه لا فرق بين الثلاثي والمزيد أو إلى أنه لا فرق بين ما ياؤه أصلية كالمرتقي أو منقلبة عن واو كالداعي ولم يذكر المصنف في معتل الأسماء ما آخره واو كما ذكره في معتل الأفعال لأنه لا يوجد اسم معرب عربي آخره أصالة واو لازمة فلا يرد الاسم المبني كذو الطائية والأعجمي قال في الهمع: كهندو ورأيت بخط ابن هشام السمندو. ا. هـ. وما واوه عارضة التطرف نحو يأثمو مرخم ثمود أو غير لازمة كالأسماء الستة حالة الرفع. قوله: "مكارمًا" منصوب على المفعولية أو التمييز المحول عن الفاعل أو الظرفية المجازية. قوله: "يعل" أي بغير آخره بالقلب أي دائمًا فلا يرد أن الثاني قد يعل آخره بالقلب كما في الداعي فإن ياءه منقلبة عن واو كما مر. قوله: "والثاني يعل آخره بالحذف" أي حذف يائه للتنوين وفيه أن الأول يعل آخره بحذف الألف للتنوين أيضًا. قوله: "فخرج بالمعرب" لم يخرج من معتل الأسماء بالاسم الفعل والحرف كيخشى وعلى ويرمي وفي نظرًا إلى أن شأن الجنس أن لا يخرج به وبعضهم أخرجهما به نظرًا إلى أن الجنس إذا كان بينه وبين فصله عموم وجهي كما هنا قد
147 | 435(1/146)
المعرب والمبني
فالأول الإعراب فيه قدرا جميعه وهو الذي قد قصرا
والثان منقوص ونصبه ظهر ورفعه ينوى كذا أيضًا يجر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرتقي، وبذكر اللينة المهموز نحو الخطأ، وبذكر الياء في الثاني المقصور نحو الفتى، وبذكر اللزوم فيهما نحو رأيت أخاك وجاء الزيدان في الأول، ومررت بأخيك وغلاميك وبنيك في الثاني، وباشتراط الكسرة قبل الياء نحو ظبي وكرسي "فالأول" وهو ما كان كالمصطفى "الإعراب فيه قدرا جميعه" على الألف لتعذر تحريكها "وهو الذي قد قصرا" أي سمي مقصورًا، والقصر الحبس، ومنه: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} [الرحمن: 72] أي محبوسات على بعولتهن، وسمي بذلك لأنه محبوس عن المد أو عن ظهور الإعراب "والثان" وهو ما كان كالمرتقي "منقوص" سمي بذلك لحذف لامه للتنوين، أو لأنه نقص منه ظهور بعض الحركات "ونصبه ظهر" على الياء لخفته نحو رأيت المرتقي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يخرج بكل ما دخل في الآخر وفيه أن الحرف لم يدخل في المعرب كما لم يدخل في الاسم. قوله: "وغلاميك" لا يقرأ بصيغة الجمع للاستغناء به حينئذٍ عما بعده ولأن الغلام ليس علمًا ولا صفة بل بصيغة التثنية واعتراض شيخنا والبعض عليه بأن المثنى خارج باشتراط الكسرة يرده أن اشتراط الكسرة متأخر عن اشتراط اللزوم وإنما الإخراج بالسابق. قوله: "نحو ظبي وكرسي" مما آخره ياء قبلها ساكن صحيح أو معتل.
قوله: "جميعه" إما تأكيد للضمير في قدرًا العائد إلى الإعراب أو نائب فاعل قدرًا وتأكيد للإعراب ولا يضر الفصل بما توسط بينهما لكونه معمولًا للمؤكد فهو على حد: {وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آَتَيْتَهُنَّ كُلُّهُن} [الأحزاب: 51] لكن الفاصل في الآية معمول لعامل المؤكد ويستثنى من تقدير الكسرة حال الجر ما لا ينصرف حال الجر فإنه إنما يقدر فيه الفتحة خلافًا لابن فلاح معللًا بأنه لا ثقل مع التقدير كما قاله سم. قوله: "على الألف" موجودة كالفتى ومقدرة كفتى. قوله: "والقصر" أي في اللغة. قوله: "لأنه محبوس عن المد" أي الفرعي وهو الزائد على المد الطبيعي ووجه التسمية لا يوجبها فلا يعترض على هذا التعليل بوجوده في نحو يخشى ولا على الثاني بوجوده في نحو غلامي على أنه قد يقال: المراد الحبس الذاتي عن ظهور الحركات والحبس عنه في نحو غلامي ليس ذاتيًا. قوله: "لحذف لامه" لا يرد عليه حذف لام المقصور للتنوين ولا على الثاني نحو يدعو ويرمي كما مر. قوله: "ونصبه ظهر على الياء" ما لم تكن الياء آخر الجزء الأول من مركب مزجي أعرب إعراب المتضايفين نحو معه بكرب وقالي قلا فتسكن ولا تظهر عليها الفتحة قال في همع الهوامع بلا خلاف استصحابًا لحكمها حالة البناء وحالة منع الصرف ووجه ذلك الرضي بأن هذه الإضافة ليست حقيقية بل شبهت الكلمتان بالمتضايفين من حيث إن أحدهما عقب الأخرى لكن في حواشي شيخنا عن سم أن الدماميني نقل عن البسيط وشرح الصفار جواز فتح الياء وإسكانها. قوله: "لخفته" لكونه فتحًا غير لازم للياء بخلاف الفتح في نحو يبيع ورمي فإنه للزومه الياء لو أبقى استثقل فقلبت الياء ألفًا فاندفع
148 | 435(1/147)
المعرب والمبني
وأي فعل آخر منه ألف أو واو أو ياء فمعتلا عرف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومرتقياه: {أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ} [الاحقاف: 31] {دَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ} [الأحزاب: 46] "ورفعه ينوى" على الياء ولا يظهر نحو: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ} [القمر: 6] {لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [الرعد: 7] فعلامة الرفع ضمة مقدرة على الياء الموجودة أو المحذوفة و"كذا أيضًا يجر" بكسر منوي نحو: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاع} [البقرة: 186] و {أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ} . وإنما لم يظهر الرفع والجر استثقالا لا تعذرًا لإمكانهما. قال جرير:
35-
فيوما يوافين الهوى غير ماضي وقال الآخر:
36-
لعمرك ما تدري متى أنت جائي ولكن أقصى مدة العمر عاجل تنبيه: من العرب من يسكن الياء في النصب أيضًا. قال الشاعر:
37-
ولو أن واش باليمامة داره وداري بأعلى حضرموت اهتدى ليا قال أبو العباس المبرد وهو من أحسن ضرورات الشعر؛ لأنه حمل حالة النصب على حالتي الرفع والجر "وأي فعل" كان "آخر منه ألف" نحو يخشى "أو واو" نحو يدعو "أو
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
استشكال الفرق فتأمل. قوله: "ورفعه ينوي" عبر هنا بالنية وسابقًا بالتقدير للتفنن. قوله: "ولا يظهر" فائدته بعد قوله ينوي دفع توهم أن المراد ينوي جوازًا. قوله: "بكسر منويّ" أي إذا كان منصرفًا وإلا قدرت الفتحة حال الجر. قوله: "غير ماضي" أي وفاء غير نافذ بل مقطوع. قوله: "ولو أن واش إلخ" واش اسم أن منصوب بفتحة مقدرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين منع من ظهورها السكون العارض من إجراء المنصوب مجرى المرفوع والمجرور.
قوله: "وهو من أحسن ضرورات الشعر" الأصح جوازه في السعة بدليل قراءة جعفر الصادق من أوسط ما تطعمون أهاليكم بسكون الياء. قوله: "وأي فعل" أي مضارع ولم يقيد به
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
35- تمام البيت:
ويومًا ترى منهن غولا تغول من الطويل، وهو لجرير في ديوانه ص140؛ وخزانة الأدب 8/ 358؛ والخصائص 3/ 159؛ وشرح المفصل 10/ 101؛ والكتاب 3/ 314؛ ولسان العرب 11/ 507 "غول"، 15/ 283 "مض"؛ والمقاصد النحوية 1/ 227 ؛ والمقتضب 1/ 144؛ والمنصف 2/ 114؛ ونوادر أبي زيد ص203 ؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 10/ 104؛ والمقتضب 3/ 354؛ والممتع في التصريف 2/ 556؛ والمنصف ص637.
36- البيت في الطويل، وهو بلا نسبة في الإنصاف 2/ 729؛ وتذكرة النحاة ص637.
37- البيت من الطويل، وهو للمجنون في ديوانه ص233؛ وخزانة الأدب 10/ 484؛ وشرح شواهد الشافية ص71 ، 4105؛ وشرح شواهد المغني 2/ 698؛ وبلا نسبة في بغية الوعاة 1/ 289؛ والدرر 1/ 166؛ وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 177، 183؛ وشرح المفصل 6/ 51؛ ومغني اللبيب 1/ 289؛ وهمع الهوامع 1/ 53.
149 | 435(1/148)
المعرب والمبني
فالألف انو فيه غير الجزم وأبد نصب ما كيدعو يرمي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ياء" نحو يرمي "فمعتلا عرف" أي شرط، وهو مبتدأ مضاف وفعل مضاف إليه، وكان بعده مقدرة، وهي إما شانية وآخر منه ألف جملة من مبتدأ وخبر خبرها مفسرة للضمير المستتر فيها، أو ناقصة وآخر اسمها وألف خبرها ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة، وعرب جواب الشرط وفيه ضمير مستكن نائب عن الفاعل على فعل وخبر المبتدأ جملة الشرط وقيل: هي وجملة الجواب معًا، وقيل: جملة الجواب فقط. ومعتلا حال منه مقدم على عامله. والمعنى أي فعل كان آخره حرفًا من الأحرف المذكورة فإنه يسمى معتلا "فالألف انو فيه غير الجزم" وهو الرفع والنصب نحو زيد يسعى ولن يخشى لتعذر الحركة على الألف، والألف نصب بفعل مضمر يفسره الفعل الذي بعده "وأبد" أي أظهر نصب ما" آخره، واو "كيدعو" أو ياء نحو "يرمي" لخفة النصب.
وأما قوله:
38-
أبي الله أن أسمو بأم ولا أب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأن الكلام في المعرب. قوله: "وكان بعده مقدرة" جواب عما يقال أداة الشرط لا تدخل على الجملة الإسمية لكن اعترض بأن الفعل لا يحذف بعد أداة الشرط غير أن ولو إلا إن كان مفسرًا بفعل بعده كما نص عليه ابن هشام في شرح بانت سعاد اللهم إلا أن يكون ذلك في غير الضرورة. قوله: "إما شأنية" أي إما ناقصة شأنية أي اسمها ضمير الشأن وقوله: أو ناقصة أي غير شانية ففي عبارته شبه احتباك فاندفع الاعتراض بأن الشأنية من الناقصة على الأصح فلا تحسن مقابلتها بها وفي بعض النسخ أو غير شأنية والأمر عليها ظاهر. قوله: "جملة من مبتدأ وخبر خبرها" فهي في محل نصب وقولهم الجملة المفسرة لا محل لها في مفسرة العامل لا ضمير الشأن. قوله: "وألف خبرها" وعلى هذا فقوله أو واو أو ياء خبر مبتدأ محذوف أي أو هو واو أو ياء فلا إشكال في رفعه. قوله: "وخبر المبتدأ جملة الشرط" هذا هو الراجح وتوقف الفائدة على الجواب من حيث التعليق لا من حيث الخبرية قاله في المغني. قوله: "حال منه" أي من الضمير المستكن في عرف وهذا على المتبادر من عدم جعل عرف بمعنى علم فإن جعل بمعنى علم فهو مفعوله الثاني وهذا أولى لأن القصد علم كونه معتلًا لا معرفة ذات مقيدة به. قوله: "والمعنى إلخ" لا يخفى أنه حل معنى لا حل إعراب فلا يقال مقتضى حله
أن كان غير شأنية وأن معتلًا مفعول عرف بمعنى سمى. قوله: "والألف نصب إلخ" ويجوز رفعه لكنه خلاف المختار كما سيعلم من باب الاشتغال. قوله: "يفسره" أي معنى لا لفظًا والتقدير أقصد الألف أو أعتبر أو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
38- صدر البيت:
فما سودتني عامر في وراثة وهو من الطويل. وهو لعامر بن الطفيل في الحيوان 2/ 95، وخزانة الأدب 8/ 343، 345، 348؛ وشرح شواهد الشافية ص404؛ وشرح المغني ص953؛ وشرح المفصل 10/ 101؛ والشعر والشعراء ص343، ولسان العرب 11/ 593 "كلل" والمقاصد النحوية 1/ 242؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 185؛ والخصائص 2/ 342؛ وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 183؛ والمحتسب 1/ 127؛ ومغني اللبيب ص677.
150 | 435(1/149)
المعرب والمبني
والرفع فيهما انو واحدف جازما ثلاثهن تقض حكما لازما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
39-
ما أقدر الله أن يدني على شحط من داره الحزن ممن داره صول فضرورة "والرفع فيهما" أي الواوي واليائي "انو" لثقله عليهما "واحدف جازمًا ثلاثهن" وأبق الحركة التي قبل المحذوف دالة عليه "تقض حكما لازمًا" نحو لم يخش
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لابس. قوله: "أبى الله إلخ" يعني أن علوه وسيادته من نفسه لاتصافه بالأوصاف الحميدة لا أنها وراثة من آبائه. قوله: "ما أقدر الله أن يدني على شحط من داره الحزن ممن داره صول" ما تعجبية وعلى بمعنى مع والشحط بشين معجمة فحاء مهملة مفتوحتين البعد. والحزن بفتح المهملة فسكون الزاي موضع ببلاد العرب وصول بضم الصاد المهملة ضيعة من ضياع جرجان كذا في شرح الشواهد للعيني والذي في القاموس أنه قرية بصعيد مصر وهذا الشاهد ساقط في كثير من النسخ.
قوله: "ثلاثهن" من إضافة الصفة إلى الموصوف وإنما جاز حذف الآخر في الجزم وليس علامة الرفع قال الرضي: لأن شأن الجازم عندهم حذف الرفع الذي في الآخر والرفع الذي فيه محذوف للاستثقال أو التعذر قبل دخول الجازم فلما دخل لم يجد في الآخر إلا حرف العلة مشابها للحركة فحذفه. ومذهب سيبويه أن الجازم حذف الحركة المقدرة وحرف العلة حذف عند الجازم لا به فرقًا بين صورة المجزوم والمرفوع وكلام المصنف محتمل لهذا المذهب أيضًا وإنما لم يلحق النصب بالجزم في الفعل المعتل كما ألحق به في الأفعال الخمسة لأنه إنما ألحق به ثم لتعذر الإعراب بالحركة بخلافه هنا فأعرب نصبًا بالحركة على الأصل وقولنا بخلافه هنا هو باعتبار الغالب فلا ينافي أن ما آخره ألف من المعتل متعذر الحركة فتأمل. وقال بعضهم: إنما ثبتت ألف نحو يخشى نصبًا لا جزمًا لأن الجزم ذهاب الحركات وإذا ذهبت فلا فائدة لثبوت حرفها الذي هو الألف بخلاف النصب فإن الحركة فيه موجودة إلا أنها تغيرت من ضمة إلى فتحة فلو حذفت الألف بقيت الحركة التي هي الفتحة بلا حرف. واعلم أنه لا يحذف حرف العلة إلا إذا كان متأصلًا فإن كان بدلًا من همزة كيقرا ويقري ويوضو فإن كان الإبدال بعد دخول الجازم فهو قياسي لسكون الهمزة ويمتنع الحذف لأن العامل أخذ مقتضاه وإن كان قبله فهو شاذ والأكثر حينئذٍ عدم الحذف بناء على عدم الاعتداد بالعارض.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
39- البيت من البسيط، وهو لحندج بن حندج المري في الجرر 6/ 266؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1831؛ ومعجم البلدان 3/ 435 "صول"؛ والمقاصد النحوية 1/ 381؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 164؛ والإنصاف 1/ 128؛ وهمع الهوامع 2/ 167.
151 | 435(1/150)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولم يغز ولم يرم. فالرفع نصب المفعولية، لأنو، وفيهما متعلق به، وأحذف عطف على انو، وفي كل منهما ضمير مستتر وهو فاعله، وجاز ما حال من فاعل احذف، وثلاثهن مفعول به إما لا حذف والضمير في ثلاثهن لأحرف العلة الثلاثة، ومعمول الحال محذوف وهي الأفعال الثلاثة المعتلة والتقدير احذف أحرف العلة ثلاثهن حال كونك جازمًا الأفعال الثلاثة المذكورة، أو يكون معمولًا للحال والضمير للأفغال ومعمول الفعل محذوف وهو الأحرف الثلاثة. والتقدير احذف أحرف العلة حال كونك جازمًا الأفعال ثلاثهن. وتقض مجزوم جواب احذف، وحكمًا مفعول به إن كان تقض بمعنى تؤد ومفعول مطلق إن كان بمعنى تحكم.
خاتمة: قد ثبت حرف العلة مع الجازم في قوله:
40-
وتضحك مني شيخة عبشمية كأن لم ترى قبلي أسيرًا يمانيا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "أو يكون معمولًا للحال" لو قال أو للحال لكان أخصر وأنسب بالعطف على قوله إما لا حذف. قوله: "إن كان تقض بمعنى إلخ" والحكم على هذا بمعنى المحكوم به. واعلم أنه لا ينحصر تقدير الإعراب في الاسم المعتل والفعل إذ منه في الاسم ما سكن آخره للإدغام نحو: {وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ} [البقرة: 251] بإدغام الدال في الجيم أو للوقف أو للتخفيف والمحكي نحو من زيدًا لمن قال: ضربت زيدًا ومنه ما جعل علمًا من المركب الإسنادي على مختار السيد وسيأتي في العلم والمشتغل آخره بحركة الاتباع والمضاف لياء المتكلم لفظًا أو تقديرًا وكالياء بدلها نحو يا غلامًا ويا أبتا ويا أمتا ومنه في الفعل ما سكن للإدغام نحو زيد يضرب بكرًا أو للوقف أو للتخفيف نحو يأمركم بسكون الراء ولا يختص ذلك بالشعر بل يجوز في النثر على الصحيح وما حرك لالتقاء الساكنين: كـ {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [البينة: 1] وما أدغم في آخره كلم يشد وما حرك من القوافي في نحو:
وأنك مهما تأمري القلب يفعل وكما تقدر الحركات تقدر الحروف كما في الأسماء الستة أو المثنى أو الجمع إذا أضيف إلى كلمة أولها ساكن. قوله: "قد ثبت حرف العلة" أي وجد وليس المراد خصوص حرف العلة الموجود قبل دخول الجازم الذي هو لام الكلمة بل الأعم منه ومن المزيد للإشباع فظهر قول الشارح بعد فقيل: ضرورة وقيل: بل حذف إلخ أي فقيل: حرف العلة الموجود هو الأصلي وثبت مع الجازم للضرورة وقيل: ليس هو الأصلي بل الأصلي حذف ثم أشبعت الفتحة إلخ فلا حاجة إلى ما تكلفه البعض. هذا وفي الهمع أن ثبوت حرف العلة مع الجازم لغة فيكون أهل هذه اللغة قد اكتفوا عند دخول الجازم بحذف الحركة المقدرة. قوله: "في قوله وتضحك إلخ" وأما قراءة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
40- البيت من الطويل، وهو لعبد يغوث بن وقاص الحارثي في الأغاني 16/ 258؛ وخزانة الأدب 2/ 196، 202؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 76؛ وشرح اختيارات المفصل ص768؛ وشرح شواهد الإيضاح ص 414؛ وشرح شواهد المغني 2/ 675؛ ولسان العرب 3/ 517 "هذذ"، 5/ 75 "قدر" 6/ 115 "شمس"؛ ومغني اللبيب 1/ 277؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 15؛ وشرح المفصل 5/ 79، 10/ 107؛ والمحتسب 1/ 69.
152 | 435(1/151)
المعرب والمبني
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
41-
ألم يأتيك والأنباء تنمي بما لاقت لبون بني زياد وقوله:
42-
هجوت زبان ثم جئت معتذرًا من هجو زبان لم تهجو ولم تدع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قنبل: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقيِ وَيَصْبِرْ} [يوسف: 90]، بإثبات الياء وتسكين الراء فقيل: من موصولة وتسكين يصبر للتخفيف أو الوصل بنية الوقف وقيل: شرطية والياء إشباع أو لإجراء المعتل مجرى الصحيح فجزم بحذف الحركة المقدرة. قوله: "شيخة عبشمية" أي عجوز منسوبة إلى عبد شمس ويمانيا أصله يمنيا حذفت إحدى ياءي النسب وعوض عنها الألف. قوله: "والأنباء تنمي" بفتح الفوقية أي الاخبار تزداد وتنتشر يقال: نما الشيء ينمو وينمي ازداد. ونمى الحديث ينمي ارتفع ونماه بالتخفيف ينميه رفعه كذا في القاموس. قال العيني: والجملة معترضة بين الفعل والفاعل وهو ما لاقت والباء زائدة ويحتمل أنه تنازع يأتي وتنمي في ما لاقت وأعمل الثاني وأضمر الفاعل في الأول وحينئذٍ فلا اعتراض ولا زيادة والباء على هذا للتعدية قال في المغني: والمعنى على الأول يعني زيادة الباء واعتراض الجملة أوجه إذ الأنباء من شأنها أن تنمي بهذا وبغيره وقوله: لبون هي الناقة ذات اللبن ويروى قلوص بفتح القاف وضم اللام وهي الناقة الشابة. قوله: "هجوت زبان" اسم رجل والقصد الإنكار عليه في الهجو ثم الاعتذار حيث لم يثبت على حالة واحدة. قوله: "فقيل ضرورة" وعليه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
41- البيت من الوافر، وهو لقيس بن زهير في الأغاني 17/ 131؛ وخزانة الأدب 8/ 359، 361، 362، والدرر 1/ 162؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 340؛ وشرح شواهد الشافية ص408؛ وشرح شواهد المغني ص328، 808 ؛ والمقاصد النحوية 1/ 320، ولسان العرب 14/ 14 "أتى"، وبلا نسبة في أسرار العربية ص103، والأشباه والنظائر 5/ 208؛ والإنصاف 1/ 30 ؛ وأوضح المسالك 1/ 76؛ والجني الداني ص50؛ وجواهر الأدب ص50؛ وخزانة الأدب 9/ 524، والخصائص 1/ 333، 337؛ ورصف المباني ص149؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 87، 2/ 631، وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 184؛ وشرح المفصل 8/ 24، 10/ 104؛ والكتاب 3/ 316؛ ولسان العرب 5/ 75 "قدر" 14/ 324 "رضي"، 14/ 434 "شظي"، 15/ 492 "يا"؛ والمحتسب 1/ 67، 215، ومغني اللبيب 1/ 108، 2/ 387؛ والمقرب 1/ 50، 203؛ والممتع في التصريف 2/ 537؛ والمنصف 2/ 81 ، 114، 115، وهمع الهوامع 1/ 52.
42- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الإنصاف 1/ 24؛ وخزانة الأدب 8/ 359؛ والدرر 1/ 162؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 630؛ وشرح التصريح 1/ 87؛ وشرح شافية ابن الحاجب 3/ 184؛ وشرح شواهد الشافية ص406؛ وشرح المفصل 10/ 104؛ ولسان العرب 15/ 492 "يا"؛ والمقاصد النحوية 1/ 243 ؛ والممتع في التصريف 2/ 537؛ والمنصف 2/ 115ح وهمع الهوامع 1/ 52.
153 | 435(1/152)
النكرة والمعرفة
النكرة والمعرفة:
نكرة قابل أل مؤثرا أو واقع موقع ما قد ذكرا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فقيل: ضرورة وقيل: بل حذف حرف العلة ثم أشبعت الفتحة في تر فنشأت ألف، والكسرة في ياتك فنشأت ياء، والضمة في تهج فنشأت واو. وأما: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى} [الأعلى: 6] فلا نافية لا ناهية أي فلست تنسى.
النكرة والمعرفة:
"نكرة قابل أل مؤثرا" فيه التعريف كرجل وفرس وشمس وقمر "أو واقع موقع ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فجزم الفعل بإسقاط الضمة المقدرة.
النكرة والمعرفة:
هما في الأصل اسما مصدرين لنكر وعرف ثم جعلا اسمي جنس للاسم المنكر والاسم المعرف لا علمين وإن وقع في كلام شيخنا. قيل تقسيم الاسم إلى النكرة والمعرفة على سبيل منع الخلو لا منع الجمع لأن المعرف بلام الجنس نكرة معنى والتحقيق أنه معرفة معنى أيضًا لأنه الماهية المشخصة بقيد ظهورها في فرد ما فالشيوع إنما جاء من انتشار الفرد وهذا لا يقدح في كون الاسم معرفة معنى لتعين الموضوع له وهو الماهية غاية الأمر أن انتشار الفرد جعله كالنكرة أفاده الروداني.
فائدة: الجملة وشبهها من الظرف والجار والمجرور بعد النكرة المحضة صفتان نحو رأيت طائرًا يصيح أو فوق غصن أو على غصن وبعد المعرفة المحضة حالان نحو رأيت الهلال يضيء أو بين السحاب أو في الأفق وبعد النكرة التي كالمعرفة أو المعرفة التي كالنكرة محتملان للوصفية والحالية نحو هذا ثمر يانع يعجب الناظر أو فوق أغصانه أو على أغصانه لأن النكرة الموصوفة كالمعرفة ونحو يعجبني الزهر يفوح نشره أو فوق أغصانه أو على أغصانه لأن المعرف الجنسي كالنكرة فقول المعربين: الجمل وشبهها بعد النكرات صفات وبعد المعارف أحوال ليس على إطلاقه كذا في المغني. وأسلفنا عن الدماميني جواز كون الظرف بعد المعرفة المحضة صفة بتقدير متعلقة معرفة.
فائدة ثانية: قال في المغني: قالوا إن النكرة إذا أعيدت نكرة كانت غير الأولى وإن أعيدت معرفة أو أعيدت المعرفة معرفة أو نكرة كانت نفس الأولى وحملوا على ذلك ما روي: "لن يغلب عسر يسرين" ثم نقض الأحكام الأربعة بتخلفها ثم دفع النقض بحمل كلامهم على الإطلاق وعدم القرينة فأما مع القرينة فالتعويل عليها ووجه حمل لن يغلب عسر يسرين على ذلك أن قوله إن مع العسر يسرًا وإن احتمل التأكيد فيكون أخذ اليسرين من جعل تنوين يسرًا للتكثير لكن جعله تأسيسًا خير فيكون في الكلام عسر واحد ويسران والمراد بالعسر عسر الدنيا الذي كانوا فيه وباليسرين ما تيسر لهم من الفتوح في زمنه عليه الصَّلاة والسَّلام وما تيسر في أيام الخلفاء أو يسر
154 | 435(1/153)
النكرة والمعرفة
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قد ذكرا" أي ما يقبل أل، وذلك كذي بمعنى صاحب، ومن وما في الشرط والاستفهام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدنيا ويسر الآخرة. وقال التفتازاني في تلويحه المذكور أولًا إما نكرة أو معرفة وعلى كل إما أن يعاد نكرة أو معرفة فالأقسام أربعة وحكمها أن الثاني إن كان نكرة فهو مغاير للأول وإلا كان المناسب التعريف لكونه معهودًا سابقًا في الذكر وإن كان معرفة فهو الأول حملًا له على المعهود الذي هو الأصل في اللام والإضافة. ا. هـ. وكلامه مخالفًا لكلام المغني في صورة إعادة المعرفة نكرة وقد حكى البهاء بن السبكي فيها قولين كما في الشمني فكل منهما مشى على قول. ثم قال التفتازاني: واعلم أن المراد أن هذا هو الأصل عند الإطلاق وخلو المقام من القرائن وإلا فقد تعاد النكرة نكرة مع عدم المغايرة نحو: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَه} [الزخرف: 84] وقد تعاد النكرة معرفة مع المغايرة نحو: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} [الأنعام: 92] إلى قوله تعالى: {أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْن} [الأنعام: 156] وقد تعاد المعرفة معرفة مع المغايرة نحو: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ} [المائدة: 48] وقد تعاد المعرفة نكرة مع عدم المغايرة نحو: {أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِد} [الأنبياء: 108]. ا. هـ. ومثال تخلف الحكم الرابع على ما مشى عليه المغني: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا} [النساء: 153].
قوله: "نكرة قابل أل إلخ" أورد عليه أنه غير جامع لخروج الأسماء المتوغلة في الإبهام كأحد الملازم للنفي وهو ما همزته أصلية وبمعنى إنسان لا ما يقع في الإثبات والنفي وهو ما همزته بدل من واو شذوذًا وبمعنى واحد فالفرق بينهما من جهة الاستعمال وجهة اللفظ وجهة المعنى وكعريب وديار وغير وشبه لأنها لا تقبل أل وخروج أسماء الفاعلين والمفعولين لأن أل الداخلة عليها موصولة وخروج الحال والتمييز واسم لا التبرئة ومجرور ربّ وأفعل من لأنها لا تقبل أل وغير مانع لدخول ضمير الغائب العائد إلى نكرة كجاءني رجل فأكرمته لوقوعه موقع ما يقبل أل وهو رجل ودخول يهود ومجوس فإنهما يقبلان أل مع أنهما معرفتان إذ منعا الصرف للعلمية والتأنيث والجواب عن الأول بمنع الخروج لأن كلًّا من المتوغلة وأسماء الفاعلين والمفعولين واقع موقع ما يقبل أل كإنسان وكذات ثبت لها الضرب أو وقع عليها الضرب مثلًا والحال وما بعدها قابلة لأل في حالة الافراد ولا يضر عدم قبولها أل في تلك التراكيب وعن الثاني بمنع وقوع الضمير المذكور موقع ما يقبل أل لأن معناه الرجل المتقدم ذكره فليس واقعًا موقع رجل بل موقع الرجل والرجل لا يقبل أل أفاده سم. ومنع أن يهود ومجوس يقبلان أل حال كونهما معرفتين بالعلمية على القبيلتين وإنما يقبلان أل حال كونهما جمعين ليهودي ومجوسي كروم ورومي وهما حينئذٍ نكرتان. قوله: "كرجل وفرس إلخ" لا يخفى على النبيه حكمة تعداد الأمثلة. قوله: "أو واقع إلخ" أو للتنويع أي لتنويع مفهوم النكرة إلى نوعين فهي موضوعة لقدر مشترك بين النوعين وهو ما دل على شائع في جنسه كما قاله ابن هشام.
قوله: "كذي بمعنى صاحب" أورد عليه أن صاحبًا الذي يقع موقعه ذو صفة من باب اسم
155 | 435(1/154)
النكرة والمعرفة
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خلافًا لابن كيسان في الاستفهاميتين فإنهما عنده معرفتان، فهذه لا تقبل أل لكنها تقع موقع ما يقبلها؛ إذ الأولى تقع موقع صاحب، ومن وما يقعان موقع إنسان وشيء، ولا يؤثر خلوهما من تضمن معنى الشرط والاستفهام، فإن ذلك طارئ على من وما إذ لم يوضعا في الأصل له، ومن ذلك أيضًا من وما نكرتين موصوفتين كما في مررت بمن معجب لك وبما معجب لك، فإنهما لا يقبلان أل لكنهما واقعان موقع إنسان وشيء وكلاهما يقبل أل.
وكذلك صه ومه بالتنوين لا يقبلان أل لكنهم يقعان موقع ما يقبلها وهو سكوتًا وانكفافًا وما أشبه ذلك، ونكرة مبتدأ والمسوغ قصد الجنس، وقابل أل خبر، ومؤثرًا حال من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفاعل وإن كان صاحب يستعمل كثيرًا استعمال الأسماء الجامدة وأل الداخلة على الصفة التي من باب اسم الفاعل موصولة لا معرفة. وأجيب بأن المراد واقع موقع ما يقبل أل ولو في الجملة وصاحب يقبل أل المعرفة باعتبار معناه الاسمي وإن لم يكن معناه عند وقوع ذي موقعه قاله سم أو يقال صاحب الذي هو معنى ذو واقع موقع ذات ثبت لها الصحبة فذو واقع موقع ما يقبل أل بواسطة وقال الروداني تحرير هذا المحل أن ذو اسم فيه معنى الوصف وضع لأن يوصف به كما يوصف بالصفات المشبهة وهو متحمل للضمير كالصفة وأن صاحب لا يشك في أنه يجوز أن يستعمل مرادًا به الحدوث من صحبه فهو صاحب أي مصاحب وعليه يقال مررت برجل صاحب أخوه عمرًا وإنكار ذلك مكابرة للواضح ويجوز أن يستعمل صفة مشبهة بأن يراد به الثبوت والدوام وهو بهذا المعنى مرادف لذو فتكون أل الداخلة عليه معرفة لا موصولة فلا يتجه التزام كون أل في الصاحب الواقع موقعه ذو موصولة والجواب بما مر. ا. هـ. ملخصًا وهو حسن. قوله: "فإنهما عنده معرفتان" لأن جوابهما معرفة نحو زيد ولقاؤك في جواب من عندك وما دعاك إلى كذا. وشرط الجواب مطابقة السؤال. وردّ بجواز أن يقال في الجواب رجل من بني فلان وأمر مهمّ كذا في شرح الجامع. قوله: "ولا يؤثر خلوّهما" جواب عن إيراد على قوله ومن وما يقعان إلخ. قوله: "موصوفتين" أي بمفرد كما مثل أو بجملة كمررت بمن قام وسررت بما رأيت أي بإنسان قام وبشيء رأيت وإنما مثل بما وصف بالمفرد لعدم احتماله كون من وما وموصولتين لأن الصلة لا تكون مفردًا.
قوله: "وهو سكوتًا وانكفافًا" أي النائبين عن اسكت وانكفف أي اسكت سكوتًا ما وانكفف انكفافًا ما وبجعل المراد المصدرين النائبين عن الفعلين المراد بهما طلب سكوت ما وانكفاف ما كانا دالين على الطلب والتنكير كصه ومه فاندفع اعتراض اللقاني بأنه إن أريد المصدر النائب عن فعله فات التنكير لأن اسكت إنما يدل على طلب السكوت من حيث هو أو غير النائب فات الطلب على أن قولهم الفعل من قبيل النكرات يقتضي دلالة اسكت على طلب سكوت ما لكن قيل ما ذكره الشارح مبني على أن مدلول اسم الفعل هو المصدر والذي عليه الجمهور أن مدلوله الفعل. قال الروداني: والذي نفهمه أنه يصح كلامه على المذهبين فيكون صه واقعًا موقع سكوتًا بواسطة وقوعه موقع اسكت عند الجمهور وبلا واسطة عند غيرهم. قوله:
156 | 435(1/155)
النكرة والمعرفة
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المضاف إليه وهو أل. وشرط جواز ذلك موجود وهو اقتضاء المضاف العمل في الحال وصاحبها. واحترز بمؤثرًا عما يدخله أل من الإعلام لضرورة أو لمح وصف على ما سيأتي بيانه فإنها لا تؤثر فيه تعريفًا فليس بنكرة.
تنبيه: قدم النكرة لأنها الأصل إذ لا يوجد معرفة إلا وله اسم نكرة ويوجد كثير من النكرات لا معرفة له، والمستقبل أولى بالأصالة، وأيضًا فالشيء أول وجوده تلزمه الأسماء العامة، ثم يعرض له بعد ذلك الأسماء الخاصة كالآدمي إذا ولد فإنه يسمى إنسانًا أو مولودًا أو موجودًا، ثم بعد ذلك يوضع له الاسم العلم واللقب والكنية. وأنكر النكرات مذكور، ثم محدث، ثم جوهر، ثم جسم، ثم نان، ثم حيوان، ثم إنسان، ثم رجل، ثم عالم، فكل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"ونكرة مبتدأ" منع البعض فيما يأتي كون نكرة مبتدأ حتى يحتاج إلى مسوّغ وعلل ذلك بأن التعريف غير محمول على المعرف لا حمل مواطأة ولا حمل اشتقاق بل هو تصوّر ساذج أي لا حكم معه كما صرح به الميزانيون. وفيه نظر لا يخفى إذ التصوّر الساذج مجرد التعريف لا مجموع القضية المركبة من المعرف والتعريف إذ لا تخلو قضية عن الحكم ودعوى أن التعريف غير محمول على المعرف أصلًا ينبغي حملها على معنى أن المقصود من التعريف تصوّر ماهية المعرف لا حمله عليه وإن كان حمله عليه حمل مواطأة لازمًا فتأمل. قوله: "قصد الجنس" أي في ضمن الأفراد إذ الحقيقة المحضة لا تتصف بقبول أل ولا الوقوع موقع ما يقبلها وقيل: المسوّغ الوقوع في معرض التقسيم وقيل غير ذلك. قوله: "وقابل أل خبر" ولا يعترض بتذكير الخبر وتأنيث المبتدأ لأن قابل صفة لمحذوف أي اسم قابل والاسم يقع على المذكر والمؤنث ويحتمل أن يكون قابل مبتدأ مؤخرًا ونكرة خبرًا مقدّمًا وهو أنسب بقول المصنف وغيره معرفة لكن يضعفه أن المحدث عنه النكرة فهي الأولى بالابتداء. قوله: "أو لمح وصف" لو قال أو لمح أصل لكان أولى ليدخل نحو النعمان فإنه في الأصل اسم عين لدم. قوله: "لأنها الأصل" أي الغالب والسابق، يدل على الغلبة العلة الأولى وعلى السبق العلة الثانية ولا يرد أن المعرفة أشرف لأن النكات لا تتزاحم ولأن الأنسب اعتبار كون الأسبق في الوجود هو الأسبق في المذكر. قوله: "إلا وله" أي لمدلوله. قوله: "ويوجد كثير من النكرات" كأحد وعريب وديار وقول البعض: وحائط وحصير وحصاة يرده أن الثلاثة لها معرفة بأل. قوله: "والمستقل إلخ" من تمام علة الأصالة ومراده بالمستقل ما ينفرد في بعض الصور ويلزمه الأكثرية ولو عبر بدله بالأكثر لكان أوضح. قوله: "الاسم العلم واللقب والكنية" العلم عطف بيان على الاسم لدفع توهم أن المراد بالاسم ما قابل الفعل والحرف وقوله واللقب والكنية معطوفان على الاسم لكن قد يقال: دفع التوهم حاصل بعطف الكنية واللقب فكان الأولى تقديم العلم على الاسم ليكون لذكر المتأخر كبير فائدة وليكون ما بعد العلم تفصيلًا بعد إجمال. قوله: "مذكور ثم موجود إلخ" ليس القصد من هذا الحصر بل التقريب إذا ما شابه هذه الأشياء كهي فكمذكور أي ما شأنه أن
157 | 435(1/156)
النكرة والمعرفة
وغيره معرفة كهم وذي وهند وابني والغلام والذي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واحد من هذه أعم مما تحته وأخص مما فوقه: فتقول: كل عالم رجل ولا عكس، وهكذا كل رجل إنسان إلى آخره "وغيره" أي غير ما يقبل أل المذكورة أو يقع موقع ما يقبلها "معرفة" إذ لا واسطة. واستغنى بحد النكرة عن حد المعرفة. قال في شرح التسهيل: من تعرض لحد المعرفة عجز عن الوصول إليه دون استدراك عليه. وأنواع المعرفة على ما ذكره هنا ستة: المضمر "كهم و" اسم الإشارة نحو "ذي و" العلم نحو "هند و" المضاف إلى معرفة نحو "ابني و" المحلي بأل نحو "الغلام و" الموصول نحو "الذي" وزاد في شرح الكافية المنادي المقصود كيا رجل. واختار في التسهيل أن تعريفه بالإشارة إليه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يذكر معلوم أن ما شأنه أن يعلم وكموجود معدوم وكحيوان شجر وكإنسان فرس وكرجل امرأة وكعالم جاهل بقي النظر في الشيئين اللذين بينهما العموم والخصوص الوجهي والظاهر أنهما في مرتبة واحدة لسقوط عموم كل بخصوصه.
قوله: "ثم نام ثم حيوان" كذا في بعض النسخ وفي بعضها إسقاط ثم نام والأولى أولى. قوله: "ثم عالم" أورد عليه أن عالمًا يطلق على الله تعالى وعلى الملك والجني فهو أعم من رجل من هذا الوجه وأجيب بأن المراد ثم عالم من بني آدم وفيه ما فيه. قوله: "وأخص مما فوقه" هذا باعتبار غالب ما ذكره إذ الطرف الأعلى ليس فوقه شيء فتأمل. قوله: "وغيره معرفة" في الأخبار قلب كما يقتضيه صنيع نظيره السابق وجعلهم المحدث عنه هو المبتدأ وإنما أفرد الضمير مع أن المرجع اثنان لتأوّله بالمذكور وقول البعض: لكون العطف بأو سهو عن المنصوص عليه من أن إفراد الضمير إنما هو بعد أو التي للشك ونحوها مما يكون الحكم معها لأحد الأمرين أو الأمور لا التي للتنويع لأنها بمنزلة الواو. قوله: "إذ لا واسطة" وأثبتها بعضهم في المجرد من أل والتنوين كمن وما ومتى وأين وكيف. قوله: "بحد النكرة" أي تعريفها الصادق بالرسم فاندفع ما يقال إن ما ذكره رسم لأحد على أنا قدّمنا رده في بحث الكلام وقوله عن حد المعرفة اعترض بأن قوله وغيره معرفة في قوة قولك المعرفة ما لا يقبل أل ولا يقع موقع ما يقبلها فقد ذكر لها حدًّا. وأجيب بأن المراد عن حدها مصرحًا به فلا ينافي أنه يفهم من كلامه ضمنًا. قوله: "دون استدراك" أي اعتراض عليه الضمير إلى من أو حدّ. ومن جملة ما علل به المصنف أن من الأسماء ما هو معرفة معنى نكرة لفظًا كما في قولك كان ذلك عامًا أول وعكسه كأسامة قال الدماميني وهو كلام ظاهري خال عن التحقيق أي لأن الأول في الأصل مبهم وتعينه عارض من الوصف فهو نكرة لفظًا ومعنى بحسب الأصل والثاني مدلوله عند غير الناظم معين وهو الماهية فهو معرفة معنى ولفظًا وقد عرّف غير واحد المعرفة بما وضع لشيء بعينه ولا استدراك. قوله: "والمضاف إلى معرفة" أي إضافة محضة كما يشير إليه المثال. قوله: "المنادى المقصود" أي المنكر المقصود نداؤه بعينه وإنما سكت عنه هنا لذكره له في باب النداء كما سكت عن اسم الفعل غير المنون وأجمع ونحوه من ألفاظ التوكيد وسحر المراد به سحر يوم بعينه وأمس المراد به يوم بعينه لذكره الأول في بابه والثاني في باب التوكيد والثالث والرابع فيما لا ينصرف على أن منهم من
158 | 435(1/157)
النكرة والمعرفة
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والمواجهة، ونقله في شرحه عن نص سيبويه وذهب قوم إلى أنه معرفة بأل مقدرة وزاد ابن كيسان من وما الاستفهاميتين كما تقدم ولما فات على الناظم ترتيب المعارف في الذكر على حسب ترتيبها في المعرفة لضيق النظم رتبه في التبويب على ما ستراه فأعرفها المضمر على الأصح، ثم العلم ثم اسم الإشارة ثم الموصول، ثم المحلى وقيل: هما في مرتبة واحدة وقيل: المحلى أعرف من الموصول وأما المضاف فإنه ما أضيف إليه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يرد الأربعة إلى الستة أما المنكر غير المقصود نداؤه بعينه فهو باق على تنكيره وأما المعرف قبل النداء فالصحيح بقاؤه على تعريفه وإنما زاده النداء وضوحًا وقيل تعرف بالنداء بعد زوال تعريف العلمية. قوله: "واختار إلخ" بيان لوجه زيادته وأنه ليس من المعارف الستة.
قوله: "والمواجهة" يظهر أن العطف تفسيري. قوله: "بأل" أي الحضورية وناب حرف النداء منابها. قوله: "فات على الناظم" كان عليه حذف على لأن فات يتعدى بنفسه ويمكن أنه ضمنه معنى عسر. قوله: "فأعرفها" فيه صوغ أفعل التفضيل من الرباعي المجهول وهو شاذ من وجهين والسالم التعبير بأعلاها أو أرفعها من رفع ككرم رفعة بكسر الراء شرف وعلا قدره كما في القاموس. واعلم أنه قد يعرض للمفوق ما يجعله مساويًا لفائقه كالموصول والعلم في سلام على من أنزل عليه الكتاب أو فائقًا عليه كالعلم والضمير في جواب طارق الباب للقائل من بالباب نبه عليه الشارح في شرحه على التوضيح. قوله: "على الأصح" وقيل أعرفها العلم وقيل اسم الإشارة وقيل المحلي والخلاف في غير اسم الله تعالى فهو أعرف المعارف إجماعًا قال الشنواني ويليه ضميره. قوله: "ثم العلم" وأعرفه علم المكان ثم علم الآدمي ثم علم غيره من الحيوانات وقيد المصنف في بعض نسخ التسهيل العلم بالخاص قال شارح الجامع: ولا بد منه كما قاله أبو حيان ليخرج بذلك نحو أسامة. ا. هـ. يعني فليس بعد العلم وقيل اسم الإشارة وانظر ما رتبته فتأمل. قوله: "ثم اسم الإشارة" وأعرفه ما للقريب ثم ما للمتوسط ثم ما للبعيد. قوله: "ثم الموصول" قيل: أعرفه ما كان مختصًّا ثم ما كان مشتركًا ويظهر أن أعرف كل منهما ما كان معهودًا معينًا ثم ما للاستغراق ثم ما للجنس لمجيء الموصول للثلاثة كأل والإضافة. قوله: "ثم المحلي" وأعرفه ما للعهد ثم ما للاستغراق ثم ما للجنس. فإن قلت: مدار التعريف والتنكير على المعنى وقد شاع أن المعرف بلام الجنس نكرة معنى وإن كان معرفة لفظًا. قلت: التحقيق أنه معرفة معنى أيضًا كما مر عن الروداني في أول الباب.
قوله: "وقيل هما في مرتبة واحدة" اختاره الناظم وعلله بأن تعريف كل منهما بالعهد وهو يقتضي أن الذي في مرتبة الموصول عنده هو المحلي بأل العهدية كما أشار إليه الدماميني. قوله: "وقيل المحلى أعرف من الموصول" قائله ابن كيسان واستدل بقوله تعالى: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى} [الأنعام: 91] إذ الصفة لا تكون أعرف من الموصوف. وأجاب المصنف بأن الذي بدل أو مقطوع أو الكتاب علم بالغلبة على التوراة عند المقصودين بالمخاطب وهم بنو إسرائيل ولك أن تجيب أيضًا بأن الآية على تقدير وصفية الذي إنما تمنع أعرفية الموصول
159 | 435(1/158)
النكرة والمعرفة
فما لذي عيبة أو حضور كأنت وهو سم بالضمير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مطلقًا عند الناظم وعند الأكثر أن المضاف إلى المضمر في رتبة العلم وأعرف الضمائر ضمير المتكلم ثم المخاطب ثم الغائب السالم عن الإبهام وجعل الناظم هذا في التسهيل دون العلم "فما وضع "لذي غيبة" تقدم ذكره لفظًا أو معنى أو حكمًا على ما سيأتي في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من المحلى لا تساويهما الذي ذهب إليه المصنف وحينئذٍ فلا تدل الآية على أعرفية المحلى فافهم. قوله: "في رتبة العلم" أي لا الضمير لأنه يقع صفة للعلم في نحو مررت بزيد صاحبك على أن اسم الفاعل للمضي والصفة لا تكون أعرف بل مساوية أو دون كذا قالوا والأظهر عندي أن المضاف دون المضاف إليه مطلقًا كما ذهب إليه المبرد لاكتسابه التعريف منه وأن قولهم في علة استثناء الضمير أن الصفة لا تكون أعرف ممنوع لأنه إذا كان المقصود من الصفة أيضاح الموصوف فأي مانع من كونها أعرف لا يقال المانع أن التابع لا يفضل عن المتبوع لأنا نقول هذا منقوض بجواز إبدال المعرفة من النكرة ويقوّي ذلك المنع أنه يقال الرجل الذي قام أبوه والظاهر أن الموصول فيه نعت ثم رأيت الفارضي في باب النعت نقل عن ابن هشام جواز كون النعت أعرف من المنعوت وذكر أن اشتراط كونه دونه أو مساويه مذهب الأكثر ورأيت الشارح أيضًا في باب النعت نقل جواز ذلك عن الفراء والشلوبين وأن الناظم رجحه وبما ذكر يعلم عدم اتجاه رد القول بأن المضاف دون المضاف إليه مطلقًا بنحو: {وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَن} [طه: 80] لأن النعت لا يكون أعرف فتأمل منصفًا.
قوله: "ثم الغائب السالم عن الإبهام" فسرفي التصريح السلامة من الإبهام بأن يتقدم اسم واحد معرفة أو نكرة فمثال غير السالم جاءني زيد وعمرو فأكرمته فهذا الضمير ناقص الاختصاص باحتمال عوده للأول والثاني لعدم ما يعين رجوعه إلى أحدهما بخصوصه وإن كان عوده للثاني راجحًا فاندفع ما نقله شيخنا والبعض عن الدماميني من النظر ويحتمل تفسيرها بأن يرجع إلى معرفة أو نكرة معينة بالصفة فتأمل أما الذي لم يسلم منه فقيل: مؤخر عن رتبة العلم وقيل: في رتبته هذا. وقد اختلف في ضمير الغائب العائد إلى النكرة فالجمهور على أنه معرفة مطلقًا وقيل إن خصصت قبل بحكم نحو جاءني رجل فأكرمته بخلاف ربه رجلًا ويا لها قصة ورب رجل وأخيه واختاره الدماميني وعلله بأن في الضمير في الأول من التعيين والإشارة إلى المرجع ما ليس في المظهر النكرة ألا ترى أنك إذا أردت تفسير الضمير في جاءني رجل فأكرمته قلت: هذا الرجل لا رجلًا وقيل إن لم يجب تنكيرها بخلاف واجبته كالحال والتمييز وقيل: ليس معرفة بالكلية. قوله: "وجعل الناظم هذا" أي السالم عن الإبهام فغير السالم بالأول وهذا من جملة مقابل الأصح المتقدم.
قوله: "فما وضع" قدر متعلق الجار والمجرور خاصًا لدلالة المقام عليه وما واقعه على جامد وقوله: لذي غيبة أو حضور أي مع اعتبار دلالته على الغيبة أو الحضور فخرج بما التي أوقعناها على جامد لفظ غائب وحاضر ومتكلم ومخاطب وبقوله لذي غيبة أو حضور ضمير الفصل وياء الغيبة لأنهما حرفان وضع أولهما للغيبة أو الحضور لا لذي الغيبة أو ذي الحضور
160 | 435(1/159)
النكرة والمعرفة
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
آخر باب الفاعل "أو" لذي "حضور" متكلم أو مخاطب "كأنت" وأنا "وهو" وفروعها "سم"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وثانيهما للغيبة لا لذي الغيبة وكاف الخطاب وتاؤه الحرفيان لأنهما وضعا للخطاب لا لذي الخطاب ونون تكلم المتكلم مصاحبًا لغيره أو معظمًا نفسه لأنها وضعت للتكلم لا لذي التكلم وكذا همزة التكلم وبقولنا مع اعتبار دلالته على الغيبة أو الحضور الأسماء الظاهرة المستعملة في غائب أو حاضر هكذا ينبغي تقرير هذا المحل وبه تندفع الإيرادات هذا وكلام المصنف يحتمل جريانه على مذهب السعد والجمهور من أن المضمرات ونحوها كليات وضعًا جزئيات استعمالًا. والمعنى فما وضع لمفهوم ذي غيبة أو حضور وعلى مذهب العضد والسيد من أنها جزئيات وضعًا واستعمالًا. والمعنى فما وضع لكل فرد ذي غيبة أو حضور على حدته بواسطة استحضار أمر عام لتلك الأفراد ثم المراد الغيبة والحضور حقيقة أو تنزيلًا.
قوله: "تقدم ذكره إلخ" بيان لما يجب لضمير الغائب وتقدم الذكر لفظًا أن يتقدم المرجع صريحًا نحو جاءني رجل فأكرمته وضرب زيدًا غلامه وتقدمه معنى أن يكون المرجع في قوة المتقدم صريحًا لتقدمه رتبة نحو ضرب غلامه زيد أو لتضمن الكلام السابق إياه نحو {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] فإن الفعل متضمن لمرجع الضمير أو لاستلزام الكلام إياه استلزامًا قريبًا نحو {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُس} [النساء: 11] أي الميت بقرينة ذكر الإرث أو بعيدًا نحو {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَاب } [ص: 32] أي الشمس على قول بقرينة ذكر العشي وتقدمه حكمًا أن يلحق بالمتقدم لحكم الواضع بتقدم المرجع وإن خولف لنكتة الإجمال ثم التفصيل وهذا في المسائل الست التي يعود فيها الضمير على متأخر لفظًا ورتبة نحو نعم رجلًا زيد كذا في الخطابي وحفيد السعد وخرج بذلك نحو ضربته زيدًا فإن المرجع لم يتقدم فيه لا لفظًا ولا معنى ولا حكمًا أما الأولان فظاهران وأما الثالث فلأنه لم يلحق بما تقدم فيه المرجع إذ ليس من المسائل الست وبتقرير المقام على هذا الوجه يسقط ما ذكره البعض هنا فتدبر وتلك المسائل الست رفع الضمير بنعم وبابه ورفعه بأول المتنازعين وجره برب وإبدال المفسر منه نحو اللهم صل عليه الرؤوف الرحيم وضمير الشأن ولإخبار عن الضمير بالمفسر نحو هي النفس تحمل ما حملت وهي العرب تقول: ما شاءت وقيل: الضمير فيه للقصة وقيل: ما بعده بدل مفسر له ونحو إن هي إلا حياتنا الدنيا وجوّز الزمخشري تفسير الضمير بالتمييز بعده في غير بأبي نهم ورب نحو {فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} جوّز كون سبع تمييزًا مفسرًا للضمير وقولنا وإن خولف لنكتة الإجمال ثم التفصيل إيضاحه أنهم إنما خالفوا في المسائل الست وضع الضمير بتأخير مفسره لأنهم قصدوا التفخيم بذكر الشيء أولًا مبهمًا ثم تفسيره لتضمن ذلك تشوق النفس إلى التفسير فيكون أوقع فيها والذكر مرتين بالإجمال والتفصيل فيكون آكد وفي الهمع أن الضمير قد يرجع إلى نظير السابق نحو وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره أي عمر معمر، آخر:
قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا إلى حمامتنا أو نصفه فقد أي نصف حمام، آخر بقدره عندي درهم ونصفه أي نصف درهم آخر. ا. هـ. قال الدماميني كذا قال ابن مالك وجماعة قال ابن الصانع: وهو خطأ إذ المراد ومثل نصفه فالضمير عائد على نفس ما قبله.
161 | 435(1/160)
النكرة والمعرفة
وذو اتصال منه ما لا يبتدا ولا يلي إلا اختيارا أبدًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في اصطلاح البصريين "بالضمير" والمضمر. وسماه الكوفيون كناية ومكنيا.
تنبيه: رفع إبهام دخول اسم الإشارة في ذي الحضور بالتمثيل "وذو اتصال منه ما لا يبتدا" به "ولا يلي إلا" الاستثنائية "اختيارا أبدًا" وقد يليها اضطرارًا كقوله:
43-
وما نبالي إذا ما كنت جارتنا ألا يجاورنا إلاك ديار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فائدة: قال في التسهيل: ولا يكون أي مفسر ضمير الغائب غير الأقرب إلا بدليل. ا. هـ. قال الدماميني: وينبغي أن يكون المراد بالأقرب غير المضاف إليه أما إذا كان الأقرب مضافًا إليه فلا يكون الضمير له إلا بدليل. ثم قال: فإن قلت: هذا أي ما ذكره المصنف إذا لم يمكن عود الضمير إلا إلى أحدهما أي الشيئين المتقدمين كما في قولك: جاءني زيد وعمرو وأكرمته، وأما إذا أمكن عوده إلى أحدهما وعوده إليهما معًا كما في قولك: جاء الزيدون والعمرون وأكرمتهم فهل الحكم كذلك. قلت: لم أر فيه بخصوصه نصًا وينبغي أن يجري على مسألة ما إذا تعقب الاستثناء أو الصفة مثلًا أشياء معدودة فمن قال هناك بالعود إلى الأخير يقول هنا كذلك ومن قال عناك بالعود إلى الجميع وهو الصحيح يقول هنا الضمير عائد لكل ما تقدم لا إلى الأقرب فقط فتأمله. قوله: "كأنت وهو" ليس من جر الكاف للضمير المنفصل على حد ما أنا كأنت لأن المراد هنا اللفظ لا معنى الضمير يس. قوله: "بالضمير" فعيل من الضمور وهو الهزال. وقوله: والمضمر مفعل من الإضمار وهو الإخفاء فإطلاق الأول على كثير الحروف كنحن، والثاني على البارز بتغليب غيرهما عليهما. قوله: "رفع إيهام إلخ" أي رفع قوته وأضعفه وإلا فالتمثيل ليس نصًا في الرفع.
قوله: "ما لا يبتدأ به ولا يلي إلا" أي ما لا يؤتى به في افتتاح النطق ولا يقع بعد إلا بحسب قانون اللغة العربية وإن أمكن ذلك عقلًا كما قاله حفيد الموضح وإنما لم يبتدأ به ولم يل إلا لأن وضعه على أن يلي عامله نعم كان القياس أن يلي إلا على القول بأنها عاملة لكنه رفض والمراد لا يبتدأ به ولا يلي إلا باقيًا على حالته التي كان عليها قبل الابتداء، وتلو إلا فاندفع ما أورده اللقاني من أن الضمير في ضربتهما وضربتهم وضربتهن متصل ويبتدأ به ويقع بعد إلا نحو هما ضربا وهم ضربوا وهن ضربن وما ضرب إلا هما أو هم أو هن لصيرورته مبتدأ أو فاعلًا بعد أن كان مفعولًا وإنما يرد لو صح أن يقال هما ضربت مثلًا على أن هما مفعول به لضربت وأما ما أجاب به هو نقلًا عن الرضي وغيره من أن الضمير حال الاتصال الهاء فقط وحال الانفصال المجموع فلا يأتي على مذهب من يجعله الهاء فقط حال الانفصال أيضًا مع أن فيه اعترافًا بالانفصال حال الابتداء أو تلو إلا. قوله: "الاستثنائية" قيل: هو بيان للواقع وقيل: احتراز عن إلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
43- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 129؛ وأمالي ابن الحاجب ص385؛ وأوضح المسالك 1/ 83؛ وتخليص الشواهد ص100؛ وخزانة الأدب 5/ 278، 279، 325، والخصائص 1/ 307، 2/ 195؛ والدرر 1/ 176؛ وشرح شواهد المغني ص844؛ وشرح ابن عقيل ص52؛ وشرح المفصل 3/ 101؛ ومغني اللبيب 2/ 441؛ والمقاصد النحوية 1/ 253؛ وهمع الهوامع 1/ 75.
162 | 435(1/161)
النكرة والمعرفة
كالياء والكاف من ابني أكرمك والياء والها من سليه ما ملك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وذلك "كالياء والكاف من" قولك "ابني أكرمك والياء والهاء من" قولك "سليه ما ملك" فالأول وهو الياء ضمير متكلم مجرور والثاني وهو الكاف ضمير مخاطب منصوب. والثالث وهو الياء ضمير المخاطبة مرفوع. والرابع وهو الهاء ضمير الغائب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوصفية التي بمعنى غير في نحو مررت برجل إلاك أي غيرك لكن في شرح الجامع ما نصه: وربما اقتضى كلامه أي ابن هشام في متن الجامع أن إلا إذا كانت لغير الاستثناء كالموصوف بها يجوز معها الاتصال وليس مرادًا. ا. هـ. قوله: "إلاك" الكاف في محل نصب على الاستثناء لتقدمه على المستثنى منه وهو ديار.
قوله: "كالياء والكاف إلخ" أشار بتعداد الأمثلة إلى أنواع الضمير الثلاثة المتكلم والمخاطب والغائب ومحاله الثلاثة الرفع والنصب والجر والمقصود بذكر ياء وهاء سليه التمثيل للمرفوع وللغائب لا المخاطب والمنصوب لحصولهما بالكاف من أكرمك ومن المتصل المرفوع تاء تضم للمتكلم وتفتح للمخاطب وتكسر للمخاطبة للفرق وخصوا المتكلم بالضمة لتقدم مرتبته فأعطى أشرف الحركات والمخاطب المذكر بالفتح لأن خطابه أكثر من خطاب المؤنث فالتخفيف به أولى وأيضًا هو مقدم على المؤنث فأعطى التخفيف فلم يبق للمؤنث إلا الكسر وحكى بعضهم أن وصل فتحة تاء الضمير وكافه بألف وكسرتهما بياء لغة رديئة لربيعة فيجوز عليها قمتا ورأيتكا وقمتي ورأيتكي وتوصل التاء المذكورة مضمومة بميم وألف للمخاطبين والمخاطبتين. وإنما ضمت التاء إجراء للميم مجرى الواو لتقاربهما في المخرج وبميم ساكنة للمخاطبين ويجوز ضم الميم موصولة بواو بل هو أكثر من التسكين إذا ولى الميم ضمير متصل كضربتموه وشذ ضمها بلا وصل وهو المسمى اختلاسًا وبنون مشددة للمخاطبات دماميني ملخصًا. قال الرضي زيد للأناث نون مشددة لتكون بإزاء الميم والواو في الذكور واختاروا النون لمشابهتها بسبب الغنة الميم. ا. هـ. ولم تحذف النون الثانية كما تحذف الواو ولأنها غير مدة.
قوله: "والهاء" تضم هذه الهاء إلا أن وليت كسرة أو ياء ساكنة فيكسرها غير الحجازيين أما هم فيضمونها وبلغتهم قرأ حفص وما أنسانيه وبما عاهد عليه الله وحمزة لأهله امكثوا، وتشبع حركتها بعد متحرك ويختار الاختلاس بعد ساكن مطلقًا عند المبرد والناظم وبقيد كونه حرف علة نحو عليه ورموه عند غيرهما والراجح الأول وقد تسكن أو تختلس حركتها بعد متحرك عند بني عقيل وبني كلاب اختيارًا فيقولون له بالإسكان والاختلاس وعند غيرهم اضطرارًا وإن فصل في الأصل الهاء المتحركة ساكن حذف جزمًا نحو لا يؤدّه إليك ونصله جهنم أو بناء نحو فألقه جازت الأوجه الثلاثة. وكسر ميم الجمع بعد الهاء المكسورة باختلاس قبل ساكن نحو بهم الأسباب وبإشباع دونه نحو فيهم إحسان أسهل من ضمها وإن كان الضم أقيس لأنه حركة واو الجماعة وضمها قبل ساكن وإسكانها قبل متحرك أشهر فقد قرأ الأكثر بهم الأسباب بضم الميم وأنعمت عليهم بسكونها دماميني ملخصًا. قوله: "مجرور" أي في محل جر وكذا يقال في
163 | 435(1/162)
النكرة والمعرفة
وكل مضمر له البنا يجب ولفظ ما جر كلفظ ما نصب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منصوب. وهي ضمائر متصلة لا تتأتى البداءة بها ولا تقع بعد إلا "وكل مضمر" متصلًا كان أو منفصلًا "له البنا يجب" باتفاق النحاة. واختلف في سبب بنائه: فقيل لمشابهته الحرف في المعنى لأن كل مضمر مضمن معنى التكلم أو الخطاب أو الغيبة وهي من معاني الحروف. وذكر في التسهيل لبنائها أربعة أسباب: الأول مشابهة الحرف في الوضع لأن أكثرها على حرف أو حرفين وحمل الباقي على الأكثر. والثاني مشابهته في الافتقار لأن المضمر لا تتم دلالته على مسماه إلا بضميمة من مشاهدة أو غيرها. والثالث مشابهته له في الجمود فلا يتصرف في لفظه بوجه من الوجوه حتى بالتصغير ولا بأن يوصف أو يوصف به. الرابع الاستغناء عن الإعراب باختلاف صيغه لاختلاف المعاني. قال الشارح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نظائره. قوله: "وكل مضمر إلخ" كان الأولى تقديمه على تقسيم الضمير إلى المتصل وغيره بالكلية أو تأخيره عنه بالكلية ولا يخفى أنه لا يستفاد بناء الضمائر جميعها من قوله سابقًا كالشبه الوضعي في اسمي جئتنا وإن زعمه البعض حتى تلتمس فائدة لذكر هذا بعد قوله كالشبه إلخ إذ المستفاد من قوله: كالشبه إلخ بناء التاء ونا فقط. قوله: "يجب" أي يلزم فاندفع ما نقله البعض عن البهوتي وأقره من أنه لا يلزم من الوجوب الحصول بالفعل وحينئذٍ لا يستفاد من كلامه أنها مبنية بالفعل نظير ما قيل في قوله:
وكل حرف مستحق للبنا قوله: "وهي من معاني الحروف" أي من المعاني النسبية التي حقها أن تؤدي بالحروف قال ابن غازي وقد أديت بالفعل بأحرف المضارعة وباللواحق في نحو إياي إيانا إياك إياه بناء على أنها حروف لا ضمائر ومقتضى هذا أن مثل أحرف المضارعة كلمات اصطلاحية وهو قول الرضي كما قدمنا. قوله: "مشابهته في الافتقار" اعترض بأن الافتقار لا يوجب البناء إلا إذا كان إلى جملة. قوله: "في الجمود" أي عدم التصرف كما يدل عليه قوله فلا يتصرف إلخ. قوله: "فلا يتصرف في لفظه" فلا يثنى ولا يجمع وأما هما وهم ونحن فأسماء للاثنين والجماعة دماميني. قوله: "الاستغناء عن الإعراب" أي مشابهة الحرف في الاستغناء إلخ قال سم: فيه بحث إذ مقتضى كون البناء للاستغناء أن لا يكون لها محل من الإعراب فإنه إذا كان مستغنى عنه فلا معنى لإثباته في المحل ولا فائدة لذلك. ا. هـ. وقد يجاب بإن إثباته في المحل لطرد أبواب الفاعل والمفعول والمضاف إليه ونحوها على وتيرة واحدة فتأمل. قوله: "باختلاف صيغه" الباء سببية متعلقة بالاستغناء واللام في قوله لاختلاف المعاني لتعليل اختلاف الصيغ قال البعض: المراد باختلاف صيغه اختلاف ألفاظه أعم من أن يكون اختلاف مادة كما بين هو ونحن وبين أنت وإياه أو هيئة كما بين تاء المتكلم وتاء المخاطب وتاء المخاطبة والمراد باختلاف المعاني اختلافها حقيقة كأنا للمتكلم وأنت للمخاطب وهو للغائب أو باختلاف محالها من الإعراب كالمتكلم له في الرفع تاء مضمومة وفي النصب والجر ياء والمخاطب له في الرفع مع التذكير تاء مفتوحة ومع التأنيث تاء مكسورة وفي النصب والجر مع التذكير كاف مفتوحة ومع التأنيث
164 | 435(1/163)
النكرة والمعرفة
للرفع والنصب وجر نا صلح كاعرف بنا فإننا نلنا المنح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولعل هذا هو المعتبر عند الشيح في بناء المضمرات. ولذلك عقبه بتقسيمها بحسب الإعراب كأنه قصد بذلك إظهار علة البناء فقال: "ولفظ ما جر كلفظ ما نصب" نحو أنه وله، ورأيتك ومررت بك "للرفع والنصب وجر نا" الدال على المتكلم المشارك أو المعظم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كاف مكسورة فأغنى ذلك عن إعراب الضمير لأن المقصود من الإعراب الامتياز وهو حاصل. ا. هـ. بإيضاح ولا يخفى أنه لا دخل لاختلاف بعض المواد كهو ونحن واختلاف الهيئة واختلاف المعاني حقيقة في سبب الاستغناء عن الإعراب فالأنسب حمل اختلاف الألفاظ على اختلاف بعض موادها كأنت وإياه ونحن وإياك وحمل المعاني على المعاني التي تقتضيها العوامل كالفاعلية والمفعولية لأن ما ذكر هو الذي له دخل في استغناء الضمير عن الإعراب فتأمل. هذا ولا يضر في كون اختلاف الصيغ لاختلاف المعاني سببًا في استغناء الضمير عن الإعراب اشتباه صيغ المنصوب بصيغ المجرور ولا صلاحية نا للأحوال الثلاثة كما لم يضر اشتباه النصب بالجر في جمع المؤنث السالم وما لا ينصرف وغاية ذلك أن يكون اختلاف الصيغ لاختلاف المعاني أغلبيا.
قوله: "ولعل هذا إلخ" قال الشنواني: يعارضه قوله السابق كالشبه الوضعي في اسمي جئتنا. قوله: "عقبه بتقسيمها" أي إلى صيغ مختلفة وقوله بحسب الإعراب أي المحلي فلا اعتراض بأن المضر مبني وبأن تقسيمها بحسب الإعراب يقتضي أنها معربة فكيف بتضمن علة البناء نعم يرد على ابن الناظم أنه إنما عقبها بصلاحية ضمير الجر المتصل للنصب وصلاحية نا للأحوال الثلاثة وصلاحية الألف والواو والنون للغائب والمخاطب وليس هذا سببًا للبناء بل ينبغي أن يكون سببًا للإعراب إلا أن يقال محط التعقيب قوله وذو ارتفاع إلخ. قوله: "كأنه قصد بذلك إظهار علة البناء" لأنه إذا ذكر أن صيغة الضمير الذي يقع في محل رفع غير صيغة الضمير الذي يقع في محل نصب وهكذا علم أنها تتميز باختلاف الصيغ فتستغنى عن الإعراب فتبنى. قوله: "ولفظ ما جر" الإضافة للبيان والمراد الجر محلًّا والنصب محلًّا والرفع محلًّا فلا يرد أن المضمرات واجبة البناء والجر والنصب والرفع أنواع للإعراب وإنما قال:
ولفظ ما جر كلفظ ما نصب ولم يقل: ولفظ ما نصب كلفظ ما جر لينبه من أول وهلة على أن كلامه في المتصل إذ المجرور من خواصه فالمعنى ولفظ ما جر من الضمائر المتصلة كلفظ ما نصب منها فاندفع اعتراض ابن هشام بأن مشابهة ضمير الجر لضمير النصب خاصة بالمتصل فكيف يطلق. قوله: "كلفظ ما نصب" ولو مع اختلاف الحركة نحو به وضربته. قوله: "نحو أنه وله" ونحو بي وإني. قوله: "للرفع" متعلق بصلح وقدم معمول الخبر الفعلي على المبتدأ لجواز تقدمه عند البصريين إذا كان الخبر الفعلي متصرفًا كما هنا وإن لم يجز تقدم عامله الذي هو الخبر الفعلي وقولهم: جواز تقدم المعمول يؤذن بجواز تقدم العامل أغلبي. قوله: "وجر" عطف النكرة على المعرفة كما عطف المعرفة على النكرة في قوله بعد وألف والواو إلخ إشارة إلى جواز ذلك ولقد
165 | 435(1/164)
النكرة والمعرفة
والف والواو والنون لما غاب وغيره كقاما واعلما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نفسه "صلح" مع اتحاد المعنى والاتصال "كاعرف بنا فإننا نلنا المنح" فنافى بنا في موضع جر بالياء، وفي فإننا في موضع نصب بأن وفي نلنا في موضع رفع بالفاعلية، وأما الياء وهم فإنهما يستعملان للرفع والنصب والجر لكان لا يشبهان نا من كل وجه، فإن الياء وإن استعملت للثلاثة وكانت ضميرًا متصلًا فيها إلا أنها ليست فيها بمعنى واحد؛ لأنها في حالة الرفع للمخاطبة نحو اضربي، وفي حالة الجر والنصب للمتكلم نحو لي وإني. وهم تستعمل للثلاثة وتكون فيها بمعنى واحد إلا أنها في حالة الرفع ضمير منفصل، وفي الجر والنصب ضمير متصل "وألف والواو والنون" ضمائر رفع بارزة متصلة "لما غاب وغيره" أي المخاطب فالغائب "كقاما" وقاموا وقمن "و" المخاطب نحو "اعلما" واعلموا واعلمن.
تنبيه: رفع توهم شمول قوله وغيره المتكلم بالتمثيل ولما كان الضمير المتصل على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحسن المصنف حيث اكتفى بهذه الإشارة هنا عن التصريح بالمسألة في باب العطف. قوله: "أو المعظم نفسه" ظاهر عبارة الشارح وغيره إن استعمال نا ونون المضارعة في المعظم نفسه حقيقة وفي الدماميني أن بعضهم قال: إنما يستعمل المعظم لنفسه نون المضارعة في نفسه وحدها حيث ينزل نفسه منزلة الجماعة مجازًا. ا. هـ. ومثلها نا. قوله: "صلح" بفتح اللام وضمها والفتح أوفق بالقافية لعدم اختلاف ما قبل الروي عليه. قوله: "كاعرف بنا" أي اعترف بقدر نا. قوله: "بالفاعلية" أي بسبب الفاعلية أو الباء بمعنى على ولو قال بالفعل لكان أوضح. قوله: "وأما الياء وهم إلخ" جواب عن سؤال تقديره لم خص المصنف نا بذكر الصلاحية للأحوال الثلاثة مع أن الياء وهم أيضًا صالحان لها. قوله: "لكن لا يشبهان نا من كل وجه إلخ" اعترض بأن هذا ظاهر بالنسبة لما مثل به ونحوه لا مطلقًا لأن الياء تكون بمعنى واحد في الأحوال الثلاثة في نحو أعجبني كوني مسافرًا إلى أبي فإنها في الجميع للمتكلم ومحلها نصب في الأول ورفع في الثاني وجر في الثالث وهم يكون ضميرًا متصلًا في الأحوال الثلاثة في نحو أعجبهم كونهم مسافرين إلى آبائهم فإنها ضمير متصل في الجميع ومحلها نصب في الأول ورفع في الثاني وجر في الثالث والجواب أن وقوع الياء وهم فيما ذكر في محل رفع عارض نشأ من كون المضاف كالفعل يطلب مرفوعًا والكلام فيما هو مشترك بين الثلاثة بطريق الأصالة. قوله: "والواو" ندر حذفها والاستغناء عنها بالضمة قبلها كقوله:
فلو أن الأطبا كان حولي وكان من الأطباء الأساة وكقراءة طلحة: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُون} [المؤمنون: 1]، بضم الحاء والجري على لغة أكلوني البراغيث كما في الكشاف وبهذه القراءة يرد على قول أبي حيان أن ذلك ضرورة وسمع ذلك مع الأمر أيضًا أفاده الدماميني. قوله: "ضمائر رفع بارزة" أي إذا اتصلت بالأفعال كما في
166 | 435(1/165)
النكرة والمعرفة
ومن ضمير الرفع ما يستتر كافعل أوافق نعتبط إذ تشكر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نوعين بارز وهو ما له وجود في اللفظ ومستتر وهو ما ليس كذلك وقدم الكلام على الأول شرع في بيان الثاني بقوله: "ومن ضمير الرفع" أي لا النصب ولا الجر "ما يستتر" وجوبًا أو جوازًا فالأول هو الذي لا يخلفه ظاهر ولا ضمير منفصل، وهو المرفوع بأمر الواحد المخاطب. "كافعل" يا زيد، أو بمضارع مبدوء بهمزة المتكلم مثل "أوافق" أو بنون المتكلم المشارك أو المعظم نفسه مثل "نغتبط" أو بتاء المخاطب نحو "إذ تشكر" أو بفعل استثناء كخلا وعدا ولا يكون في نحو قاموا ما خلا زيدًا وما عدا عمرًا ولا يكون بكرًا، أو بأفعل التعجب نحو ما أحسن الزيدين، أو بأفعل التفضيل نحوهم أحسن أثاثًا، أو باسم فعل ليس بمعنى المضي كنزال ومه وأف وأوه. والثاني هو الذي يخلفه الظاهر أو
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مثاله فالألف والواو في نحو الضاربان والضاربون حرفان والفاعل مستتر. قوله: "ما له وجود في اللفظ" أي ولو بالقوة فيدخل الضمير المحذوف فإن له وجودًا في اللفظ بالقوة لا مكان النطق به بخلاف المستتر فإنه لا وجود له في اللفظ لا بالفعل ولا بالقوة لعدم إمكان النطق به بل هو أمر عقلي فحصل الفرق بين المستتر والمحذوف: قال اللقاني: فإن قلت فالمحذوف أحسن حالًا من المستتر والأمر بالعكس ولذا اختص المستتر بالعمدة. قلت: المستتر متصف بدلالة العقل واللفظ والمحذوف زالت عنه دلالتهما ولذا احتاج إلى قرينة ودلالتها أضعف من دلالتهما. ا. هـ. ومن ثم كان المستتر في حكم الموجود بخلاف المحذوف ولهذا إذا سمي بيضرب ممن زيد يضرب حكى كما تحكي الجمل وإذا سمي بقائم من أيهم قائم بحذف صدر الصلة أعرب ولا يحكى إذ ليس جملة كما قاله الروداني. قوله: "ومستتر" تصريح بأن المستتر قسم من المتصل وهو أصح أقوال ثلاثة ثانيها منفصل ثالثها واسطة. قوله: "أي لا النصب ولا الجر" أخذه من تقديم الخبر وقوله وجوبًا أو جوازًا أي استتارًا ذا وجوب أو ذا جواز. قوله: "لا يخلفه ظاهر" أي لا يحل محله بأن لا يرتفع بعامله. قوله: "بأمر الواحد" خرج أمر الواحدة والاثنين والجمع فالضمير فيها بارز. وقوله المخاطب بيان للواقع وأما نهي الواحد المخاطب فهو داخل في الفعل المبدوء بتاء الخطاب وبهذا يعرف ما في كلام البعض. قوله: "أو بمضارع" أي مذكور لأنه إذا حذف المضارع برز الضمير منفصلًا كما سيأتي. قوله: "أو بتاء المخاطب نحو إذ تشكر" لا يخفى أنه يحتمل أن تكون التاء في مثال المتن للتأنيث كهند تشكر بل هو أولى ليكون الناظم ممثلًا للمستتر جوازًا أيضًا وخرج بإضافة تاء إلى المخاطب الضمائر المرفوع بمضارع مبدوء بتاء المخاطبة والمخاطبين والمخاطبتين والمخاطبين والمخاطبات فإنها بارزة.
قوله: "أو بفعل استثناء" لأنه لكثرة استعماله أجروه مجرى الأمثال التي تلزم طريقة واحدة. قوله: "أو بأفعل التفضيل" أي في غير مسألة الكحل وبدون ندور فلا يرد أن أفعل التفضيل يرفع الظاهر باطراد في مسألة الكحل وبندور في غيرها نحو مررت برجل أفضل منه أبوه. قوله: "أو باسم فعل" زاد بعضهم الصفة الجارية على من هي له فعلًا أو غيره لأن بروزه يوهم جريانها على غير من هي له وزاد في التصريح المرفوع بالمصدر النائب عن فعله نحو {فَضَرْبَ الرِّقَاب} [محمد: 4] وأما
167 | 435(1/166)
النكرة والمعرفة
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الضمير المنفصل وهو المرفوع بفعل الغائب أو الغائبة أو الصفات المحضة قال في التوضيح: هذا تقسيم ابن مالك وابن يعيش وغيرهما، وفيه نظرًا إذ الاستتار في نحو زيد قام واجب فإنه لا يقال قام هو على الفاعلية، وأما زيد قام أبوه أو قام إلا هو فتركيب آخر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زيادة فاعل نعم وبئس إذا كان ضميرًا فغير صحيحة كما يعلم من ضابطي واجب الاستتار وجائزه. قوله: "ليس بمعنى المضي" أما الذي بمعناه فمرفوعه جائز الاستتار لأنه يخلفه الظاهر ويجمع رفعه الظاهر والضمير قولك هيهات العقيق هيهات على أنه من تأكيد الجمل.
قوله: "كنزال ومه" فالضمير فيهما مستتر وجوبًا سواء كانا لمفرد مذكر أو غيره، نحو نزال يا زيد ويا زيدان ويا زيدون ويا هند ويا هندان ويا هندات، وكذا كل اسم فعل أمر. قوله: "يخلفه الظاهر" أي يحل محله بأن يرتفع بعامله. قوله: "بفعل الغائب أو الغائبة" أي غير ما تقدم من فعلي الاستثناء والتعجب. قوله: "المحضة" أي التي لم يغلب عليها الاسمية ومثلها الظرف والجار والمجرور أما غير المحضة كالأبطح والأجرع فغير متحملة للضمير أصلًا وكان عليه أن يقول أو باسم فعل ماض نحو هيهات العقيق هيهات بناء على أنه من تأكيد الجمل كما مر وأما تمثيل المصرح بزيد هيهات فإنما يصح على القول بأن اسم الفعل يتأثر بالعامل وهو خلاف المشهور على ما قاله الروداني وفيه نظر لأن الاختلاف إنما هو في تأثر اسم الفعل نفسه أما تأثر الجملة المركبة منه ومن فاعله محلًا فما أظن أحدًا يمنعه فتأمل. ولعل الشارح لم يزده لنقصانه عن فعل الغيبة والصفات المحضة بعدم رفعه الضمير البارز والظاهر المحصور كما نقله شارح الجامع عن ارتشاف أبي حيان. قوله: "وفيه نظر" قال سم حيث فسر المستتر جوازًا بما يخلفه الظاهر أو الضمير المنفصل في الرفع بعامله لم يرد هذا الاعتراض وإنما يرد لو فسر بما يجوز إبرازه على الفاعلية ولا مشاحة في الاصطلاح فمعنى وجوب الاستتار وجوازه عندهم وجوب كون المرفوع بالعامل ضميرًا مستترًا وعدم وجوب ذلك لا وجوب استتار الضمير المستتر بأن لا يجوز بروزه وعدم وجوبه بأن يجوز بروزه إذ ليس لنا ضمير مستتر يجوز بروزه فقول الموضح إذ الاستتار إلخ إن أراد وجوب الاستتار بمعناه عندهم منع وإن أراد بمعناه عنده كان مشاحة في الاصطلاح على أن تقسيم الاستتار بالمعنى الذي بيناه هو عين التقسيم الذي جعله التحقيق لا فرق بينهما إلا باعتبار أن المقسم في تقسيمهم هو الضمير المستتر باعتبار العامل وفي تقسيمه عكسه. ا. هـ. مع بعض تلخيص.
قوله: "فإنه لا يقال قام هو على الفاعلية" أي حتى يلزم بروز الضمير المستتر فيكون استتاره جائزًا وبحث في هذا النفي بأن سيبويه أجاز في قوله تعالى: {أَنْ يُمِلَّ هُو} [البقرة: 282] وقولك مررت برجل مكرمك وهو كون الضمير فاعلًا وكونه تأكيدًا وإن استشكل بأن القاعدة أن لا فصل مع إمكان الوصل إلا فيما استثنى وليس هذا منه فعلى قياس ما ذكره سيبويه يجوز أن يقال قام هو على الفاعلية. قوله: "فتركيب آخر" فيه أن هذا لا يضرهم أصلًا إذ لم يشترطوا في الخلفية اتحاد التركيب وكلامهم في الضابط لا يدل على اشتراطه أصلًا وبتحقيق
168 | 435(1/167)
النكرة والمعرفة
وذو ارتفاع وانفصال أنا هو وأنت والفروع لا تشتبه
وذو انتصاب في انفصال جعلا وإياي، والتفريع ليس مشكلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والتحقيق أن يقال: ينقسم العامل إلى ما لا يرفع إلا الضمير، كأقوم، وإلى ما يرفعهما كقام. ا. هـ.
تنبيه: إنما خص ضمير الرفع بالاستتار لأنه عمدة يجب ذكره، فإن وجد في اللفظ فذاك وإلا فهو موجود في النية والتقدير، بخلاف ضميري النصب والجر فإنهما فضلة ولا داعي إلى تقدير وجودهما إذا عدما من اللفظ "وذو ارتفاع وانفصال أنا" للمتكلم و"هو" للغائب "وأنت" للمخاطب "والفروع" عليها واضحة "لا تشتبه" عليك "وذو انتصاب في انفصال جعلا. إياي" وفروعه "والتفريع ليس مشكلًا" فتلخص أن الضمير على خمسة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقام على هذا الوجه يعلم ما في تأييد البعض النظر من النظر. قوله: "إلى ما لا يرفع إلا الضمير" أي المستتر كما يؤخذ من المقام أي بطريق الأصالة فلا يرد أن أقوم مثلًا يرفع البارز المؤكد للمستتر بناء على أن العامل في التابع هو العامل في المتبوع لأنه بطريق التبعية للمستتر. قوله: "وإلى ما يرفعهما" أي الضمير والظاهر وعبارة التوضيح وإلى ما يرفعه وغيره ولو أتى بها لكان أحسن. قوله: "يجب ذكره" أي لفظًا أو تقديرًا أو المراد بذكره اعتباره. قوله: "والتقدير" قال شيخنا عطف تفسير. قوله: "ولا داعي إلى تقدير وجودهما" أي غالبًا فلا يعترض بأنه قد يكون هناك داع إلى تقديرهما كربط الصفة أو الصلة أو الخبر أو الحال بهما. قوله: "وذو ارتفاع" أي محلًا وكذا يقال فيما بعد. قال الروداني: ينبغي تقييد ما ذكره المصنف بكونه على وجه الكثرة والأصالة والإطراد حتى لا ينتقض بنحو أنا كأنت فإنه قليل ولا بما أكد به المنصوب أو المجرور كما يأتي في باب التوكيد فإنه بطريق النيابة ولا بنحو يا أنت لأنه في محل نصب فإن ذلك شاذ لا مطرد. ا. هـ. قوله: "أنا إلخ" وقد تنوب الثلاثة عن ضمير الجر فتجر بالكاف نحو أنا كأنت وأنت كأنا وأنت كهو. قوله: "هو" قال في التسهيل: وتسكين هاء هو وهي بعد الواو والفاء واللام وثم جائز وقد تسكن بعد همزة الاستفهام وكاف الجر اضطرارًا وقد تحذف الواو والياء اضطرارًا وتسكنهما قيس وأسد وتشددهما همدان. ا. هـ. بزيادة كلمة من الدماميني.
قوله: "والفروع عليها" أي المتفرعة عليها. قوله: "في انفصال" أي مع انفصال والظاهر أن قوله هنا في انفصال وقوله قبل وانفصال للتفنن. قوله: "إياي" قال الغزي في شرحه اقتصر الناظم هنا على المتكلم فقط ولم يذكر المخاطب وهو إياك والغائب وهو إياه كما فعل في المرفوع أي مع أن الثلاثة أصول في الموضعين لأن جميع المراتب الثلاث هنا اللفظ فيها واحد وإنما اختلف بتكلم أو خطاب أو غيبة في آخره فلذلك قال والتفريع أي على إياي ليس مشكلًا. ا. هـ. ولا بعد في جعل الأصلين فرعين لإياي قال في الهمع وفي أيا سبع لغات قرئ بها تشديد الياء وتخفيفها مع الهمزة وإبدالها هاء مسكورتين ومفتوحتين فهذه ثمانية يسقط منها فتح الهاء مع التشديد وأشهرها كسر الهمزة مع التشديد وبها قرأ الجمهور. قوله: "والتفريع" لما ذكر هنا أصلًا واحدًا
169 | 435(1/168)
النكرة والمعرفة
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنواع: مرفوع متصل، ومرفوع منفصل، ومنصوب متصل، ومنصوب منفصل، ومجرور ولا يكون إلا متصلًا.
تنبيه: مذهب البصريين أن ألف زائدة والاسم هو الهمزة والنون. ومذهب الكوفيين واختاره الناظم أن الاسم مجموع الأحرف الثلاثة، وفيه خمس لغات ذكرها في التسهيل: فصحاهن إثبات ألفه وقفًا وحذفها وصلًا. والثانية إثباتها وصلًا ووقفًا وهي لغة تميم. والثالثة هنا بإبدال همزة هاء. والرابعة آن بمدة بعد الهمزة. قال الناظم: من قال آن فإنه قلب أنا كما قال بعض العرب راء في رأي. والخامسة أن كعن حكاها قطرب. وأما هو فمذهب البصريين أنه بجملته ضمير وكذلك هي. وأما وهم وهن فكذلك عند أبي علي وهو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وذكر فيما قبله أصولًا ثلاثة عبر هنا بالتفريع وعبر فيما قبله بالفروع ليكون الواحد مع الواحد والجماعة مع الجماعة. قوله: "فتلخص" أي من جموع كلامه حيث أشار إلى المرفوع المتصل بقوله: وألف إلخ وقوله: ومن ضمير إلخ وإلى المرفوع المنفصل بقوله: وذو ارتفاع إلخ وإلى المنصوب والمجرور المتصلين بقوله: كالياء والكاف إلخ. وقوله: ولفظ ما جر كلفظ إلخ. وإلى المنصوب المنفصل بقوله: وذو انتصاب إلخ وإلى المتصل المرفوع والمنصوب والمجرور بقوله: للرفع والنصب إلخ. قوله: "على خمسة أنواع" تحت النوع الأول الذي هو المرفوع المتصل ستة عشر ضربت ضربنا ضربت ضربت ضربتما ضربتم ضربتن ضرب ضربت ضربا ضربوا ضربن أضرب نضرب تضرب اضربي وأما اضربا وضربتا فهما وضربا قسم واحد لاتحاد لفط الضمير فيها وكذا ضربوا واضربن مع ضربوا وضربن وكذا تضربين مع اضربي وكذا اضرب مع تضرب والاثنا عشر الأول تجري نظائرها في الأنواع الأربعة الباقية فجملة الضمائر أربعة وستون وبما ذكرنا يعرف ما في كلام البعض وغيره من القصور.
قوله: "مذهب البصريين إلخ" تظهر فائدة الخلاف فيما إذا سمينا به فعلى أن الضمير مجموع الحروف يعرب لأن سبب البناء قد زال وعلى أنه أن يحكى لكونه مركبًا من اسم وحرف نقله يس. قوله: "هو الهمزة والنون" أي وزيدت الألف وقفًا لبيان الحركة فهي كهاء السكت. قوله: "والثالثة هنا" انظر هل يوافق أهل هذه اللغة أهل اللغة الأولى في الألف الأخيرة أو أهل اللغة الثانية لم أر من صرّح بذلك والأقرب الأول. قوله: "فإنه قلب أنا" أي قلبًا مكانيًا وهو تقديم الحرف عن مكانه أو تأخيره عنه واستشكل الدماميني كونه قلبًا بأن الحرف وشبهه بريء من الصرف والقلب نوع منه. قوله: "حكاها" أي اللغة الخامسة. قوله: "وأما هما وهم وهنّ" أي المنفصلات. قوله: "وقيل غير ذلك" هو ما ذهب إليه الكوفيون من أن الهاء من هو وهي الضمير والواو والياء إشباع وهو ضعيف وما ذهب إليه جمهور البصريين من أن الميم والألف في هما والميم في هم والنون في هن حروف زائدة والضمير الهاء فقط. قوله: "فالضمير عند البصريين أن إلخ" وذهب الفرّاء إلى أن الضمير مجموع أن والتاء وذهب ابن كيسان إلى أن الضمير التاء
170 | 435(1/169)
النكرة والمعرفة
وفي اختيار لا يجيء المنفصل إذا تأتي أن يجيء المتصل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ظاهر كلام الناظم هنا وفي التسهيل. وقيل غير ذلك. وأما أنت فالضمير عند البصريين أن، والتاء حرف خطاب كالاسم لفظا وتصرفًا. وأما إياي فذهب سيبويه إلى أن أيا هو الضمير، ولواحقه وهي الياء من إياي والكاف من إياك والهاء من إياه حروف تدل على المراد به من تكلم أو خطاب أو غيبة. وذهب الخليل إلى أنها ضمائر واختاره الناظم "وفي اخيتار لا يجيء" الضمير "المنفصل إذا تأتي أن يجيء" الضمير "المتصل" لأن الغرض من وضع المضمرات إنما هو الاختصار، والمتصل أخصر من المنفصل فلا عدول عنه إلا حيث لم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فقط وكثرت بأن، همع. قوله: "والتاء حرف خطاب" أي حرف جعل له الواضع مدخلًا في الدلالة على الخطاب بمعنى أنه شرط في دلالة الضمير على الخطاب لحاق التاء له قاله الشنواني وبه يندفع ما أورد من أن الضمير هو ما دل على متكلم أو مخاطب أو غائب والدال على الخطاب التاء لا أن كما يفيده ظاهر كلام الشارح ومثل الإيراد والجواب المذكورين يجري في إياي. وأجيب أيضًا عن الإيراد فيها بأن إيا مشتركة بين المتكلم والمخاطب والغائب فيحتاج في فهم المراد منها إلى قرينة تعينه وهي اللواحق فالتكلم والخطاب والغيبة مدلولات لا يا لكن المعين المعين للمراد منها حال استعمالها تلك اللواحق وفي قول الشارح تدل على المراد به إلخ إشارة إلى هذا الجواب.
قوله: "كالاسم" أي كالتاء الواقعة اسمًا في نحو ضربت وقوله وتصرفًا أي في الجملة إذ تاء أنت لا تضم ويحتمل أن مراده كتاء الخطاب الواقعة اسمًا وحينئذٍ لا يحتاج إلى قولنا في الجملة. قوله: "وذهب الخليل إلخ" وقيل الضمير هو اللواحق وإيا عماد أي حرف زائد تعتمد عليه اللواحق ليتميز الضمير المنفصل من الضمير المتصل وقيل الضمير اللواحق وإيا اسم ظاهر أضيف إليها. قوله: "إلى أنها ضمائر" أي وإيا مضافة إليها بدليل ظهور الإضافة في قوله فإياه وإيا الشواب إضافة العام للخاص لأن إيا مشتركة كما مر ورد بأنه لو صرح ذلك لوجب إعرابها لأن المبني إذا لزم الإضافة أعرب وما استدل به شاذ والشاذ لا تقوم به حجة. قوله: "واختاره الناظم" وجعل إضافته مع أنه معرفة لزيادة الوضوح كما في:
علا زيدنا يوم النقا رأس زيدكم قوله: "وفي اختيار" مفهومه أنه في حال الضرورة يجيء المنفصل مع إمكان المتصل وهو صحيح على قول الجمهور أن الضرورة ما وقع في الشعر وإن كان للشاعر عنه مندوحة أما على قول الناظم أنهما ما ليس للشاعر عنه مندوحة فمشكل إلا أن يراد بإمكان الاتصال عدم المانع الصناعي غير الوزن أو أنه لا مفهوم لقوله وفي اختيار ويدل على هذا صنيع الشارح فإنه لم يأخذ له مفهومًا وجعل الضرورة من أسباب عدم تأتي الاتصال حيث قال: لم يتأت الاتصال لضرورة نظم
171 | 435(1/170)
النكرة والمعرفة
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتأت الاتصال لضرورة نظم كقوله:
44-
وما أصاحب من قوم فأذكرهم إلا يزيدهم حبا إليَّ هم وقوله:
45-
بالباعث الوارث الأموات قد ضمنت إياهم الأرض في دهر الدهارير
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلخ. قوله: "لضرورة نظم إلخ" ذكر من أسباب عدم تأتي الاتصال خمسة وبقي عليه أسباب أخر ذكرها في التصريح، منها أن يرفع الضمير بمصدر مضاف إلى منصوب نحو بنصركم نحن كنتم ظافرين أو يرفع بصفة جارية على غير من هي له مطلقًا عند البصريين وبشرط خوف اللبس عند الكوفيين نحو زيد عمرو ضاربه هو وأن يكون عامله حرف نفي نحو ما هنّ أمهاتهم وأن يفصله متبوع نحو يخرجون الرسول وإياكم وأن يلي واو المصاحبة كقوله:
فآليت لا أنفك أحذو قصيدة تكون وإياها بها مثلًا بعدي وأن يلي إما المكسورة نحو إما أنا وإما أنت ومن الأسباب التي عدها في التصريح أن ينصب بمصدر مضاف إلى المرفوع نحو عجبت من ضرب الأمير إياك ورده الدماميني بجواز اتصاله فاصلًا بين المتضايفين كأن يقال عجبت من ضربك الأمير بجر الأمير. قوله: "فأذكرهم" بالنصب جوابًا للنفي وبالرفع عطفًا على أصاحب والضمير يرجع إلى قومه لا إلى القوم الذين صاحبهم وكذا ضمير يزيدهم بخلاف الضمير المنفصل آخر البيت والمعنى وما أصاحب قومًا فأذكر لهم قومي إلا يزيدون قومي حبًا إليّ لكثرة ثنائهم على قومي والشاهد في هم الأخير الذي هو فاعل يزيد كذا في المغني واستقرب الدماميني أن الذكر قلبي بمعنى التذكر وأن زيادتهم قومه حبًّا إليه لكونه يراهم منحطين رتبة عن قومه وجوز الشمني أن يكون فاعل يزيد ضميرًا يرجع إلى الذكر القلبي المفهوم من فأذكرهم والضمير المنفصل تأكيدًا للمتصل لأنه يؤكد بضمير الرفع المنفصل كل ضمير متصل ولا شاهد على هذا. قوله: "بالباعث" الباء متعلقة بحلفت في بيت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
44- البيت من البسيط، وهو لزياد بن منقذ في خزانة الأدب 5/ 250، 255، وسر صناعة الإعراب 1/ 271؛ وشرح التصريح 1/ 104؛ وشرح ديوان الحماسية للمرزوقي ص1392؛ وشرح شواهد المغني 1/ 135، 137، 428؛ وشرح المفصل 7/ 26؛ والشعر والشعراء 2/ 701؛ ومعجم الشعراء ص409؛ والمقاصد النحوية 1/ 256؛ ولبدر بن سعيد أخي زياد "أو المرار" في الأغاني 10/ 330؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 90؛ وتخليص الشواهد ص83؛ ومغني اللبيب 1/ 146.
45- البيت من البسيط، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 214؛ وخزانة الأدب 5/ 288؛ 290؛ والدرر 1/ 195؛ وشرح التصريح 1/ 104؛ والمقاصد النحوية 1/ 274؛ ولأمية بن أبي الصلت في الخصائص 1/ 307، 2/ 195؛ ولم أقع عليه في ديوانه؛ ولأمية أو للفرزدق في تخليص الشواهد ص87؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 129؛ والإنصاف 2/ 698؛ وأوضح المسالك 1/ 92 ؛ وتذكرة النحاة ص43، وشرح ابن عقيل ص56، 60؛ وهمع الهوامع 1/ 62.
172 | 435(1/171)
النكرة والمعرفة
وصل أو افصل هاء سلنيه وما أشبهه في كنته الخلف انتمى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأصل ألا يزيدونهم، وقد ضمنتهم. أو تقدم الضمير على عامله نحو إياك نعبد: أو كونه محصورًا بألا أو إنما نحو {أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [يوسف: 40] ونحو قوله:
46-
أنا الذائد الحامي الذمار وإنما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي لأن المعنى لا يدافع إلا أنا أو كون العامل محذوفًا أو معنويًّا نحو إياك والشر، وأنا زيد، لتعذر الاتصال بالمحذوف والمعنوي "وصل أو افصل هاء سلنيه وما أشبهه" أي وما أشبه هاء سلنيه من كل ثاني ضميرين أولهما أخص وغير مرفوع والعامل فيهما غير ناسخ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قبله. والباعث هو الذي يبعث الأموات ويحييهم. والوارث هو الذي ترجع إليه الأملاك بعد فناء الملاك والأموات إما مجرور بإضافة الباعث أو الوارث إليه على حد قوله:
بين ذراعي وجبهة الأسد أو منصوب بالوارث على أن الوصفين تنازعاه وأعمل الثاني. وضمنت بمعنى تضمنت أي اشتملت عليهم أو بمعنى تكفلت بأبدانهم والدهارير قال في التصريح: بمعنى الشدائد. ا. هـ. وتبعه شيخنا والبعض والذي في القاموس الدهارير أول الدهر في الزمن الماضي بلا واحد والسالف. ودهور دهارير مختلفة. ا. هـ. وقال العيني: وقولهم: دهر دهارير أي شديد كليلة ليلاء ويوم أيوم وساعة سوعاء والإضافة فيه مثل جرد قطيفة. ا. هـ. والموافق لصدر عبارته أن يقول والإضافة فيه مثل مسجد الجامع فافهم. قوله: "أو كونه محصورًا" أي فيه قد يقال ما قبله محصور فيه أيضًا. وأجاب شيخ الإسلام بأن هذه مصطلح علماء المعاني أما النحاة فإنما يكون الحصر عندهم بإنما أو ما وإلا. قوله: "أنا الذائد" بالذال المعجمة أي المانع والحامي من الحماية وهي الوقاية والذمار ما لزم الشخص حفظه مما يتعلق به والحسب الفعل الحسن للشخص ولآبائه مأخوذ من الحساب لأنهم يحسبونه ويعدونه عند المفاخرة. قال السعد التفتازاني لما كان غرضه أن يخص المدافع لا المدافع عنه فصل الضمير وأخره إذ لو قال: وإنما أدافع عن أحسابهم لصار المعنى إنما أدافع عن أحسابهم لا عن أحساب غيرهم وهو ليس بمقصود. قوله: "إياك والشر" أصله احذر تلاقيك والشر. قوله: "وصل أو افصِل إلخ" استثنى هذه الأبواب الثلاثة من القاعدة المتقدمة في قوله: وفي اختيار إلخ وقوله: أو افصل أي ائت بالضمير المنفصل بدلها لأن هاء سلنيه لا يمكن فصلها لأنها لا وجود لها مع الانفصال والهاء الموجودة معه حرف غيبة وقدم الوصل إشارة إلى رجحانه مع الفعل الذي صرح به في عبارته.
قوله: "أولهما أخص" أي أعرف فلو لم يكن أعرف وجب الوصل في نحو ضربونا والفصل في نحو أعطاه إياك وإياه وأعطاك إياي أو إياك كما ستعرفه. قوله: "وغير مرفوع" أي فقط فلا يرد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
46- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 2/ 153؛ وتذكرة النحاة ص85، والجني الداني ص397؛ وخزانة الأدب 4/ 465؛ والدرر 1/ 196؛ وشرح شواهد المغني 2/ 718؛ ولسان العرب 15/ 200 "قلا"، والمحتسب 2/ 195؛ ومعاهد التنصيص 1/ 260؛ ومغني اللبيب 1/ 309؛ والمقاصد النحوية 1/ 277؛ ولأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص48؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 11، 114، 7/ 242؛ وأوضح المسالك 1/ 95؛ ولسان العرب 3/ 311 "أنن"؛ وهمع الهوامع 1/ 62.
173 | 435(1/172)
النكرة والمعرفة
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للابتداء سواء كان فعلًا نحو سلنيه وسلني إياه، والدرهم أعطيتكه وأعطيتك إياه، والاتصال حينئذ أرجح، قال تعالى: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّه} [البقرة: 137]، {أَنُلْزِمُكُمُوهَا} [هود: 28] {إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا} [محمد: 37]، {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا} [الانفال: 43]، ومن الفصل أن الله ملككم إياهم. ولو شاء لملكهم إياكم. أو اسمًا نحو:
الدرهم أنا معطيكه ومعطيك إياه، والانفصال حينئذ أرجح. ومن الاتصال قوله:
47-
لئن كان حبيك لي كاذبًا لقد كان حبيك حقًّا يقينا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحو حبيك في البيت الآتي لأنه وإن كان في محل رفع هو في محل جر أيضًا بالإضافة فلو كان مرفوعًا وجب الوصل إن كان العامل فعلًا نحو ضربته أما إذا كان اسمًا ولا يكون حينئذٍ الضمير الأول المرفوع إلا مستترًا فيجوز اتصال الثاني وانفصاله نحو أنا الضاربك والضارب إياك عند من يعرب الضمير مفعولًا لا مضافًا إليه. أما عند من يعربه مضافًا إليه فيتعين الوصل إذ الضمير المنفصل لا يكون مجرورًا. قوله: "أنلزمكموها إن يسألكموها" الواو فيهما تولدت من إشباع الضمة. ا. هـ. شنواني. قوله: "إذ يريكهم الله إلخ" هذا التمثيل لا يناسب هنا لأن الكلام فيما إذا كان العامل في الضميرين غير ناسخ للابتداء. ويرى في الآية حلمية وهي من نواسخ الابتداء فكان ينبغي ذكرها في أمثلة باب خلتنيه. وأجيب بأن النسخ في الآية إنما هو للمفعول الثاني والثالث لا للأول والثاني إذ الأول فاعل في الأصل فالنسخ ليس للضميرين معًا بل لثانيهما فقط فالآية داخلة فيما نحن فيه لأن المراد بالنسخ المنفي في قولنا غير ناسخ للابتداء نسخ المفعولين معًا فتأمل. وفي الهمع إذا وردت مفاعيل أعلم الثلاثة ضمائر فحكم الأول والثاني حكم باب أعطيت وإن كان بعضها ظاهرًا فإن كان المضمر واحدًا وجب اتصاله أو اثنين أول وثان أو ثالث فكأعطيت أو ثان وثالث فكظننت. قوله: "إن الله ملككم إياهم إلخ" ساقه في التصريح حديثًا والشاهد في هذه الجملة فقط وضمير الغيبة للإرقاء. قوله: "والانفصال حينئذٍ أرجح" لأن عمل الاسم لمشابهته الفعل لا لذاته فهو نازل الدرجة عنه في اتصال الضمير به.
قوله: "لئن كان إلخ" لام لئن موطئة للقسم كما قاله العيني والشيخ خالد زاد العيني وتسمى المؤذنة أيضًا لأنها تؤذن بأن الجواب بعد أداة الشرط التي دخلت عليها مبني على قسم قبلها لا على الشرط. ا. هـ. وبذلك يعلم بطلان ما ذكره البعض في البيت الآتي أعني قول للشاعر: لئن كان إياه إلخ من أن الموطئة هي لام لقد فتنبه ولام لقد جواب القسم كما قاله الشيخ خالد. وقول العيني إنه جواب الشرط واللام للتأكيد مردود كما يعلم من صدر عبارته وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه والشاهد في الشطر الثاني فقط وقول العيني الشاهد فيه وفي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
47- البيت من المتقارب، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 97، وشرح التصريح 1/ 107؛ والمقاصد النحوية 1/ 283.
174 | 435(1/173)
النكرة والمعرفة
كذاك خلتنيه واتصالا وأختار غيري اختار الانفصالا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
48-
ومنعكها بشيء يستطاع "وفي" هاء "كنته" وبابه "الخلف" الآتي ذكره "انتمى" أي انتسب، و"كذاك" في هاء "خلتننيه" وما أشبه من كل ثاني ضميرين أولهما أخص وغير مرفوع، والعامل فيهما ناسخ للابتداء "واتصالا أختار" في البابين لأنه الأصل ومن الاتصال في باب كان قوله صلى الله عليه وسلم في ابن صياد: "إن يكنه فلن تسلط عليه، وألا يكنه فلا خير لك في قتله" وقول الشاعر:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأول لا يلتفت إليه كما نبه الشيخ خالد عليه. قوله: "ومنعكها" مصدر مضاف لفاعله كما قاله العيني وغيره لا لمفعوله الأول بعد حذف الفاعل وها مفعول ثان أي ومنعيكها لأنه لا يناسب سياق القصيدة وضمير الغيبة راجع إلى فرس تسمى سكاب مذكورة في الأبيات قبله كان طلبها بعض الملوك من الشاعر فاستعطفه ليرجع عن طلبه إياها؛ والباء إما صلة المنع ويستطاع خبر منع أي منعك إياها مني بأي شيء أردت مستطاع لك هين عليك فلا ينبغي أن توجه همتك العلية إليها وإما زائدة في خبر منع ويستطاع صفته وصدر البيت:
فلا تطمع أبيت اللعن فيها وأبيت اللعن كانت تحية الملوك في الجاهلية أي أبيت أسباب لعن الناس لك والواو في ومنعكها للحال من فاعل تطمع أو مجرور في لا للعطف لما يلزم عليه من عطف الخبر على الإنشاء من شرح شواهد المغني للسيوطي وشرح الشواهد للعيني وغيرهما. قوله: "وبابه" أي أخوات كان سواء كان الاسم ضميرًا كالمثال أم لا نحو الصديق كأنه زيد ومحل جواز الوجهين في كان وأخواتها في غير الاستثناء أما فيه فيجب الفصل نحو زيد قام القوم ليس إياه ولا يكون إياه فلا يجوز ليسه ولا يكونه كما لا يجوز إلاه فكما لا يقع المتصل بعد إلا لا يقع بعد ما هو بمعناها والظاهر أن كاد وأخواتها لا تدخل في باب كان لأن خبرها يجب كونه فعلًا مضارعًا إلا في ندور وجزم في شرح التسهيل بأن ذلك خاص بكان وأن الفصل متعين في أخواتها وأن قولهم ليسى وليسك شاذ. قوله: "الخلف" أي في الراجح من الوجهين كما يشير إليه قول الشارح الآتي ذكره فلا خلاف في جوازهما. قوله: قوله صلى الله عليه وسلّم أي لعمر بن الخطاب حين أراد قتل ابن صياد ظنًّا منه أنه الدجال ولعل هذا الترديد منه عليه الصَّلاة والسَّلام قبل أن يعرف تفصيل حال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
48- صدر البيت:
فلا تطمع أبيت اللعن فيها وهو من الوافر، وهو لعبيدة بن ربيعة في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص211، ولرجل من تميم في تخليص الشواهد ص89، وله أو لعبيدة بن ربيعة في خزانة الأدب 5/ 267، 299؛ ولرجل من تميم أو لقحيف العجلي في شرح شواهد المغني 1/ 338؛ والمقاصد النحوية 1/ 302؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص55؛ ورصف المباني ص150؛ ومغني اللبيب 1/ 110.
175 | 435(1/174)
النكرة والمعرفة
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
49-
فإن لا يكنها أو تكنه فإنه أخوها غذته أمه بلبانها وأما الاتصال في باب خال فلمشابهة خلتنيه وظننتكه بسألتنيه وأعطيتكه وهو ظاهر ومنه قوله:
50-
بلغت صنع امرئ بر إخالكه إذ لم تزل لاكتساب الحمد مبتدرا وأما "غيري" سيبويه والأكثر فإنه "اختار الانفصالا" فيهما؛ لأن الضمير في البابين خبر في الأصل وحق الخبر الانفصال وكلاهما مسموع. فمن الأول قوله:
51-
لئن كان إياه حال بعدنا عن العهد والإنسان قد يتغير ومن الثاني قوله:
52-
أخي حسبتك إياه وقد ملئت أرجاء صدرك بالأضغان والإحن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدجال. قوله: "فإن لا يكنها إلخ" قبله:
دع الخمر يشربها الغواة فإنني رأيت أخاها مغنيًا بمكانها يخاطب غلامًا له ينهاه عن الخمر دون نبيذ الزبيب وهو المراد بأخيها واللبان بالكسر اللبن والضمير المستتر في يكنها يرجع إلى أخيها والبارز إليها وقوله: أو تكنه بالعكس والمراد بأمه شجرة الكرم. قوله: "وأما الاتصال إلخ" لا موقع لأما هنا ولو قال عطفًا على قوله لأنه الأصل ولمشابهة خلتنيه إلخ لكان حسنًا. قوله: "وهو ظاهر" أي ما ذكر من المشابهة لأن كلًا من الضميرين في البابين منصوب وأولهما أخص. قوله: "بلغت" الظاهر أنه بتاء المتكلم أي أخبرت بصنع امرئ بر بفتح الباء أي محسن أخالكه بكسر الهمزة على الأفصح وفتحها على القياس. قوله: "لأن الضمير إلخ" رده الناظم في شرح الكافية بأنه يقتضي جواز انفصال الضمير الأول بل رجحانه لأنه مبتدأ في الأصل وهو ممتنع بالإجماع وأجاب الرضى بأن قرب الأول من الفعل منع من رعاية الأصل. قوله: "وكلاهما" أي البابين أي فصليهما مسموع. قوله: "لئن كان إياه" انظر مرجع الضمير وقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
49- البيت من الطويل، وهو لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه ص162، 306 ؛ وأدب الكاتب ص407 ؛ وإصلاح المنطق ص297؛ وتخليص الشواهد ص92؛ وخزانة الأدب 5/ 327، 331؛ والرد على النحاة ص100 ؛ وشرح المفصل 3/ 107؛ والكتاب 1/ 46؛ ولسان العرب 13/ 371 "كنن"؛ 374 "لبن"؛ والمقاصد النحوية 1/ 310؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 823؛ والمقتضب 3/ 89؛ والمعرب 1/ 96.
50- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 100؛ وشرح التصريح 1/ 108؛ والمقاصد النحوية 1/ 278.
51- البيت من الطويل، وهو لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص94؛ وتخليص الشواهد ص93؛ وخزانة الأدب 5/ 312، 313؛ وشرح التصريح 1/ 108؛ وشرح المفصل 3/ 107؛ والمقاصد النحوية 1/ 314؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 102؛ والمقرب 1/ 95.
52- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 99؛ وشرح التصريح 1/ 107، والمقاصد النحوية 1/ 286.
176 | 435(1/175)
النكرة والمعرفة
وقدم الأخص في اتصال وقدمن ما شئت في انفصال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: وافق الناظم في التسهيل سيبويه على اختيار الانفصال في باب خلتنيه قال: لأنه خبر مبتدأ في الأصل وقد حجزه عن الفعل منصوب آخر، بخلاف هاء كنته فإنه خبر مبتدأ في الأصل، ولكنه شبيه بهاء ضربته في أنه لم يحجزه إلا ضمير مرفوع والمرفوع كجزء من الفعل وما اختار الناظم هنا هو مختار الرماني وابن الطرواة "وقدم الأخص" من الضمريرين في الابواب الثلاثة على غير الاخص منهما وجوبًا "في" حال "اتصال" فقدم ضمير المتكلم على ضمير المخاطب وضمير المخابط على ضمير الغائب كما في سلنيه واعطيتكه وكنته وخلتنيه وظننتكه وحسبتنيك. ولا يجوز تقديم الهاء على الكاف ولا الهاء ولا الكاف على الياء في الاتصال "وقدمن ما شئت" من الاخص وغير الأخص "في انفصال" نحو سلني إياه وسله إياي والدرهم أعطيتك إياه وأعطيته إياك، والصديق كنت إياه وكان إياي، وهكذا إلى آخره: ومنه أن الله ملككم إياهم ولو شاء لملكهم إياكم.
تنبيه: حاصل ما ذكره أن الضمير الذي يجوز اتصاله وانفصاله هو ما كان خبرًا لكان أو إحدى أخواتها، أو ثاني ضميرين أولهما أخص وغير مرفوع، فخرج مثل الكاف من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حال أي تحول. قوله: "أخي حسبتك إياه" الظاهر أن أخي مبتدأ وحسبتك إياه خبر أو أن الكلام من باب الاشتغال لا أن أخي منادى حذف منه حرف النداء كما زعمه العيني ثم رأيت الدنوشري قال ما قلته وقوله: وقد ملئت إلخ جملة حالية والأرجاء جمع رجا بالقصر وهو الناحية والأضغان والأحن جمعا ضغن وإحنة بكسر أولهما وهما الحقد. قوله: "والمرفوع كجزء من الفعل" أي الفصل به كلا فصل. قوله: "وقدم الأخص إلخ" من فوائده التنصيص على تقييد جواز الأمرين في باب سلنيه بتقديم الأخص وأنه إذا قدم غير الأخص تعين الانفصال وأما مجرد قوله وما أشبهه فلا يفيده صريحًا لجواز أن لا يعتبر في الشبه تقديم الأعرف أفاده سم وإنما وجب تقديم الأخص في حال الاتصال كراهة تقديم الناقص على القوي فيما هو كالكلمة الواحدة وإنما قدموه على القوي في نحو ضربتني لتقويه بتوغله في الجزئية بكونه فاعلًا بخلاف ما نحن فيه من الضميرين اللذين ليس أولهما مرفوعًا. قوله: "في الأبواب الثلاثة" فلا يجب تقديم الأخص في غيرهما كضربونا. قوله: "وحسبتنيك" كذا في بعض النسخ بياء المتكلم قبل الكاف وفي بعضها وحسبتكه بلا ياء متكلم بل بكاف بعدها هاء والأول المناسب لقول الشارح بعد ولا الكاف على الياء وأما على الثاني فيكون ولا الكاف على الياء أي في مثال آخر غيرها تقدم فتأمل. قوله: "ولا يجوز تقديم الهاء على الكاف إلخ" أي إلا ما ندر من قول عثمان أراهمني الباطل شيطانًا وقاسه المبرد وكثير من القدماء ولكن الانفصال عندهم أرجح كذا في زكريا. قوله: "وقدمن ما شئت في انفصال" أي في حال انفصال ثاني الضميرين وشرط ذلك أمن اللبس فإن خيف وجب تقديم الفاعل منهما في المعنى نحو زيد أعطيتك إياه ومن هذا تعلم أن الحديث الذي ذكره الشارح ليس من باب التخيير بل تقديم الأخص في الجملة الأولى منه واجب وتقديم غيره في الجملة
177 | 435(1/176)
النكرة والمعرفة
وفي اتحاد الرتبة الزم فصلا وقد يبيح الغيب فيه وصلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحو أكرمتك ودخل مثل الهاء من نحو قوله:
53-
ومنعكها بشيء يستطاع فإن الهاء ثاني ضميرين أولهما وهو الكاف أخص وغير مرفوع لأنه مجرور بإضافة المصدر إليه "وفي اتحاد الرتبة" وهو أن لا يكون فيهما أخص بأن يكونا معًا ضميري تكلم أو خطاب أو غيبة "الرم فصلًا" نحو سلني إياي وأعطيتك إياك وخلته إياه ولا يجوز سلنيني ولا أعطيتكك ولا خلتهه "وقد يبيح الغيب" أي كونهما للغيبة "فيه" أي في الاتحاد "وصلا" من ذلك ما رواه الكسائي من قول بعض العرب: هم أحسن الناس وجوهًا وانضرهموها. وقوله:
54-
لوجهك في الاحسان بسط وبهجة أنا لهماه قفو أكرم والد وقوله:
55-
وقد جعلت نفسي تطيب لضغمة لضغمهما يقرع العظم نابها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأخيرة منه واجب فافهم. قوله: "أو ثاني ضميرين إلخ" أي سواء كان العامل فيهما ناسخًا أو لا فدخل بابًا سأل وخال. قوله: "وفي اتحاد الرتبة" متعلق بباب سلنيه وخلتنيه لأن من قيودهما كون أحد الضميرين أعرف فذكر في هذا البيت مفهوم هذا القيد أفاده سم.
قوله: "الزم فصلًا" أي على الصحيح كما يصرح به قول المرادي أجاز بعضهم الاتصال مع اتحاد الضميرين في التكلم أو الخطاب أو الغيبة مطلقًا وهو ضعيف. ا. هـ. وقوله: مطلقًا أي سواء اختلف ضمير الغيبة فيما يأتي أو اتفقا. قوله: "وخلته إياه" وانعقاد المبتدأ والخبر من مفعولي خال هنا على حد شعري شعري كما قاله زكريا. قوله: "أي كونهما للغيبة" كان الظاهر أن يقول أي وجود ضمير غيبة ليكون لقول المصنف فيه فائدة إذ على تفسير الشارح يصير ضائعًا لعلم اتحاد الرتبة من كونهما ضميري غيبة. قوله: "وأنضرهموهما" الضمير الثاني للوجوه وهي تمييز فيلزم وقوع الضمير فإما أن يجري على القول بأن الضمير العائد على النكرة نكرة أو على المذهب الكوفي أنه لا يشترط في التمييز أن يكون نكرة. قوله: "لوجهك في الإحسان" أي في وقت الإحسان. والبسط البشاشة، والبهجة الحسن، والقفو الاتباع والمراد أن ذلك وراثة من آبائه وليس عارضًا فيه. قوله: "وقد جعلت نفسي إلخ" هذا البيت من قصيدة يرثي بها الشاعر أخاه ويشتكي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
53- راجع التخريج رقم 48.
54- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 105؛ وتخليص الشواهد ص9؛ وتذكرة النحاة ص50؛ والدرر 1/ 203؛ وشرح التصريح 1/ 109؛ والمقاصد النحوية 1/ 342؛ وهمع الهوامع 1/ 63.
55- البيت من الطويل، وهو لمغلس بن لقيط في تلخيص الشواهد ص94؛ وخزانة الأدب 5/ 301، 303، 305؛ وشرح شواهد الإيضاح ص75، والمقاصد النحوية 1/ 333؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص381؛ والكتاب 2/ 364؛ ولسان العرب 12/ 357 "ضغم".
178 | 435(1/177)
النكرة والمعرفة
وقبل يا النفس مع الفعل التزم
نون وقاية وليسي قد نظم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وشرط الناظم لجواز ذلك أن يختلف لفظاهما كما في هذه الشواهد. قال: فإن اتفقا في الغيبة، وفي التذكير أو التأنيث، وفي الإفراد أو التثنية أو الجمع ولم يكن الأول مرفوعًا وجب كون الثاني بلفظ الانفصال، نحو فأعطاه إياه ولو قال: فأعطاهوه بالاتصال لم يجز لما في ذلك من استثقال توالي المثلين مع إيهام كون الثاني تأكيدًا للأول. وكذا لو اتفقا في الإفراد والتأنيث نحو أعطاها إياها، أو في التثنية أو الجمع أعطاهما إياهما، أو أعطاهم إياهم. أو أعطاهن إياهن، فالاتصال في هذا وأمثاله ممتنع. هذه عبارته في بعض كتبه. ثم قال: فإن اختلفا وتقاربت الهاء آن نحو أعطاهوها وأعطاها ازداد الانفصال حسنًا وجودة؛ لأن فيه تخلصًا من قرب الهاء من الهاء؛ إذ ليس بينهما فصل إلا بالواو في نحو أعطاهوها وبالألف في نحو أعطاهاه بخلاف انضرهموها وأنا لهماه وشبهه.
تنبيه: وقد اعتذر الشارح عن الناظم في عدم ذكره الشرط المذكور بأن قوله وصلًا بلفظ التنكير على معنى نوع من الوصل تعريض بأنه لا يستباح الاتصال مع الاتحاد في الغيبة مطلقًا، بل يقيد وهو الاختلاف في اللفظ "وقبل يا النفس" دون غيرها من المضمرات "مع الفعل" مطلقًا "التزم نون وقاية" مكسورة نحو دعاني، ويكرمني، وأعطني،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من قريبين له يؤذيانه. والضغمة العضة يكنى بها عن الشدة لعض الإنسان عندها على يده. واللام في لضغمة بمعنى الباء وفي لضغمهماها للتعليل والضميران مفعولان لضغم: الأول مفعول به والثاني مفعول مطلق فهو مصدر حذف فاعله أي لأجل ضغم الدهر القريبين إياها أي مثل الضغمة التي ضغمت بها. ويقرع العظم نابها صفة لضغمة أفاده زكريا. والإضافة في نابها لأدنى ملابسة. قوله: "يختلف لفظاهما" بأن يكون أحدهما مذكرًا والآخر مؤنثًا، أو مفردًا والآخر مثنى أو جمعًا، أو مثنى والآخر جمعًا كما يفيده ما بعد. قوله: "ولم يكن الأول مرفوعًا" احترز به عن نحو الدرهم زيد أعطاه، والزيدون العمرون أعطوهم، فلا يجب الفصل هنا لأن استتار الضمير الأول في الأول ومخالفته للثاني لفظًا في الثاني مانع من توالي المثلين المستثقل واختلاف المحل مانع من إيهام التأكيد. ومن مثل كالبعض بنحو زيد ضربه عمرو فقد أخطأ من وجهين لأنه خروج عما الكلام فيه وهو باب سلنيه وخلتنيه ولأنه ليس في هذا المثال إلا ضمير واحد.
قوله: "لم يجز" في كلام سيبويه ما يدل على الجواز حيث قال والكثير في كلامهم أعطاه إياه وينبغي أن جواز ذلك عند الفصل بين الهاءين بواو الإشباع كما في عبارة الشارح وأنه إذا لم يؤت بها تعين الانفصال. قوله: "وكذا" أي كاتفاقهما في الافراد والتذكير في نحو أعطاه إياه. قوله: "وتقاربت الهاءان" وبالأولى إذا توالتا نحو أعطاهما. قوله: "ازداد الانفصال إلخ" يقتضي أن الانفصال عند تباعد الهاءين حال الاتحاد حسن وجيد، وهو كذلك كما يستفاد من كلام الناظم. قوله: "على معنى نوع إلخ" أي ووكل بيان ذلك النوع إلى الموقف. قوله: "مطلقًا" أي ماضيًا أو مضارعًا أو أمرًا متصرفًا أو جامدًا كما مثل. قوله: "نون وقاية" نقل يس عن بعضهم أنه
179 | 435(1/178)
النكرة والمعرفة
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقام القوم ما خلاني، وما عداني وحاشاني، إن قدرتهن أفعالًا؛ وما أحسنني إن اتقيت الله، وعليه رجلًا ليسنى، وندر ليسى بغير نون كما أشار إليه بقوله: "وليسي قد نظم" أي في قوله:
56-
إذ ذهب القوم الكرام ليسي وجوز الكوفيون ما أحسني بناء على ما عندهم من أنه اسم لا فعل. وأما نحو تأمروني فالصحيح أن المحذوفة نون الرفع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عدها في حروف المعاني وأن المعنى الموضوعة له. الوقاية واستشكله الروداني بأن الوقاية ليست مدلول النون بل حاصلة به كما تحصل بأي حرف لو فرض الحجزر به. وقال الدنوشري: الظاهر أنها حرف مبني وذكر المغني لها في أوجه النون المفردة يفيد أنها حرف معنى. قوله: "مكسورة" أي مناسبة لياء المتكلم. قوله: "إن قدرتهن أفعالًا" فإن قدرتهن حروفًا أسقطت نون الوقاية وفيه أن تقدير الحرف لا يظهر في ما خلا وما عدا لوجود ما المصدرية التي لا توصل إلا بالفعل ولا يظهر جعل ما زائدة. فقوله: إن قدرتهن أفعالًا لا يظهر إلا في حاشا كذا في يس عن اللقاني، ولهذا قال في المغني وحاشا إن قدرت فعلًا. ويمكن دفعه بجعل المفهوم بالنسبة لغير حاشا باعتبار غير هذا التركيب مما ليس فيه ما فتأمل. قوله: "وعليه رجلًا ليسني" في المغني أنه قاله بعضهم وقد بلغه أن إنسانًا تهدده أي ليلزم رجلًا غيري. ا. هـ. فمدلول اسم الفعل هنا ليس فعلًا موضوعًا للأمر بل فعل مضارع مقرون بلام الأمر وهذا شاذ لأن الفعل والحرف مختلفا
الجنس فينبغي أن لا ينوب عنهما الاسم. قوله: "وندر ليس بغير نون" وإنما جاز حذف النون فيها لأنها لا تتصرف فأشبهت الحروف الآتي بيانها. زكريا. قوله: "إذ ذهب إلخ" صدره:
عددت قومي كعديد الطيس بفتح الطاء أي الرمل الكثير. وفي قوله ليس شذوذ آخر من جهة الوصل لما تقدم من وجوب الفصل مع فعل الاستثناء. قوله: "نحو تأمروني" بنون واحدة مخففة. قوله: "فالصحيح أن المحذوفة إلخ" لأنها نائبة عن الضمة وقد حذفت تخفيفًا في قراءة السوسي "وما يشعركم"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
56- صدر الرجز:
عددت قومي كعديد الطيس وهو لرؤبة في ملحق ديوانه ص175، وخزانة الأدب 5/ 324، 325، والدرر 1/ 204؛ وشرح التصريح 1/ 110؛ وشرح شواهد المغني 2/ 488؛ 769؛ ولسان العرب 6/ 128 "طيس"؛ والمقاصد النحوية 1/ 344؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 108؛ وتخليص الشواهد ص99؛ والجني الداني ص150 ؛ وجواهر الأدب ص15؛ وخزانة الأدب 5/ 396، 9/ 266؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 32؛ وشرح ابن عقيل ص60، وشرح المفصل 3/ 108، ولسان العرب 6/ 211 "ليس"، ومغني اللبيب 1/ 171، 2/ 344؛ وهمع الهوامع 1/ 64، 233.
180 | 435(1/179)
النكرة والمعرفة
وليتني فشا وليتي ندرا ومع لعل اعكس وكن مخيرا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: مذهب الجمهور أنها إنما سميت نون الوقاية لأنها تقي الفعل الكسر. وقال: الناظم بل لأنها تقي الفعل اللبس في أكرمني في الأمر فلولا النون لالتبست ياء المتكلم بياء المخاطبة، وأمر المذكر بأمر المؤنثة، ففعل الأمر أحق بها من غيره، ثم حمل الماضي والمضارع على الأمر "وليتني" بثبوت نون الوقاية "فشا" حملًا على الفعل لمشابهتها له مع عدم المعارض "وليتني" بحذفها "ندرا" ومنه قوله:
57-
كمنية جابر إذ قال ليتي وهو ضرورة. وقال الفراء: يجوز ليتي وليتني. وظاهره الجواز في الاختيار "ومع لعل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسكون الراء فحذف النائبة عنها للتخفيف أولى وللاحتجاج إلى تغيير حركة النون بالكسر لو كانت الباقية نون الرفع بخلاف ما إذا كانت نون الوقاية. وقيل: نون الوقاية لأنها منشأ الثقل فهي أولى بالحذف ولأنها لأمر استحساني ولا دلالة لها على شيء بخلاف نون الرفع، وعليه يستثنى هذا الموضع من وجوب لحاق نون الوقاية الفعل. بقي ما إذا اجتمع نون الوقاية ونون الإناث فالمحذوف نون الوقاية قال في البسيط: إجماعًا. وقال المصنف في شرح التسهيل على الصحيح: لأن نون الإناث فاعل والفاعل لا يجوز حذفه أفاده الدماميني.
قوله: "لأنها تقي الفعل الكسر" أي الذي يدخل مثله في الاسم وهو الكسر بسبب ياء المتكلم أي والكسر أخو الجر فصين عنه الفعل كما صين عن الجر. أما الكسر الذي ليس بهذه المثابة فلا حاجة إلى صونه عنه كالكسر قبل ياء المخاطبة والكسر للتخلص من التقاء الساكنين كذا في شرح الجامع. قال زكريا: والتعليل المذكور ظاهر في غير المعتل. أما فيه نحو دعا ورمى فلا فكان ينبغي أن يزاد وألحق المعتل بغيره طردًا للباب. ا. هـ. وكان ينبغي أن يزاد أيضًا وتقي ما تتصل به غير الفعل من تغير آخره ليشمل التعليل نون الوقاية في غير الفعل. قوله: "ثم حمل الماضي إلخ" قال البعض: ظاهره أنه لا لبس مع الماضي وليس كذلك لوجوده في نحو ضربني إذ لولا النون لالتبس الماضي بالاسم فإن الضرب نوع من الفعل. ا. هـ. وفيه أنه إنما يتجه إذا كان مراده مطلق اللبس أما إذا أريد خصوص التباس فعل أمر الواحد بفعل أمر الواحدة كما يؤخذ من قوله في نحو أكرمني إلخ فلا فتدبر. قوله: "لمشابهتها له" أي في المعنى والعمل. وقوله مع عدم المعارض هو الجر وتوالي الأمثال فأل للجنس. قوله: "وهو ضرورة" يفيد ظاهره أن قول الناظم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
57- تمام البيت:
أصادفه وأفقد بعض مالي وهو من الوافر، وهو لزيد الخيل في ديوانه ص87؛ وتخليص الشواهد ص100؛ وخزانة الأدب 5/ 375، 377؛ والدرر 1/ 205؛ شرح أبيات سيبويه 2/ 79؛ وشرح المفصل 3/ 123؛ والكتاب 2/ 370، ولسان العرب 2/ 87 "بيت" والمقاصد النحوية 1/ 346 ؛ ونوادر أبي زيد ص68؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص153؛ ورصف المباني ص300، 361؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 550؛ وشرح ابن عقيل ص61، ومجالس ثعلب ص129؛ والمقتضب 1/ 250، وهمع الهوامع 1/ 64.
181 | 435(1/180)
النكرة والمعرفة
في الباقيات واضطرارا خففا مني وعني بعض من قد سلفا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اعكس" هذا الحكم. فالأكثر لعلي بلا نون، والأقل لعلني. ومنه قوله:
58-
فقلت أعيراني القدوم لعلني أخط بها قبرًا لأبيض ماجد ومع قلته هو أكثر من ليتي؛ نبه على ذلك في الكافية، وإنما ضعفت لعل عن أخواتها لأنها تستعمل جارة نحو:
59-
لعل أبي المغوار منك قريب وفي بعض لغاتها لعن بالنون فيجتمع ثلاث نونات "وكن مخيرًا في" أخوات ليت ولعل "الباقيات" على السواء فتقول إني وأنني، وكأني، وكأنني، ولكني ولكنني؛ فثبوتها لوجود المشابهة المذكورة، وحذفها لكراهة توالي الأمثال "واضطرارًا خففا مني وعني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ندر معناه وقع ضرورة والمناسب حمله على المتبادر أنه قليل فيصدق بوقوعه نثرًا كما هو أحد قولي الناظم وإن كان قوله الثاني أنه ضرورة وإنما قلنا ظاهره لاحتمال أن يكون الشارح أشار بقوله: وهو ضرورة إلى قول آخر مقابل لما في المتن ثم أشار إلى ما في المتن مؤيدًا له بموافقة القراء. فقال: وقال الفراء إلخ بل هذا الاحتمال هو المناسب لتفسير الشارح العكس مع لعل بقوله فالأكثر لعلي بلا نون والأقل لعلني ولو جرى على ما يوافق ذلك الظاهر لقال فالكثير لعلي بلا نون والضرورة لعلني. ويمكن تطبيق قوله: فالأكثر إلخ. على ذلك الظاهر بأن يراد بالأقل الضرورة لكن قد يتوقف في كون لعلني ضرورة. ثم رأيت ابن الناظم صرّح بأنه ضرورة لكن رده الموضح وغيره فتأمل. قوله: "فالأكثر لعلي بلا نون والأقل لعلني" أفعل التفضيل في الموضعين على غير بابه.
قوله: "فقلت أعيراني إلخ" القدوم آلة النحت، وأخط أنحت والقبر الغلاف والأبيض السيف، والماجد العظيم. قوله: "لأنها تستعمل إلخ" ولتعدد المعارض فيها قوي على المشابهة بخلاف أخواتها الآتية فإن المعارض فيها توالي الأمثال فقط. قوله: "وحذفها لكراهة توالي الأمثال" مبني على أن المحذوفة في أني نون الوقاية لأنها منشأ الثقل. وقيل الأولى المدغمة لأنها ساكنة والساكن يسرع إليه الإعلال. وقيل الوسطى المدغم فيها لأنها في محل اللامات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
58- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص105، والدرر 1/ 212؛ وشرح ابن عقيل ص621؛ وهمع الهوامع 1/ 64.
59- صدر البيت:
فقلت ادع أخرى وأرفع الصوت داعيا وهو من الطويل، وهو لكعب بن سعد الغنوي في الأصمعيات ص96، وخزانة الأدب 10/ 426، 428، 430، 436؛ والدرر 4/ 174؛ وسر صناعة الإعراب ص407؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 269؛ وشرح شواهد المغني ص691؛ ولسان العرب 1/ 283 "جوب"، 11/ 4743 "علل"؛ والمقاصد النحوية 3/ 247؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص375؛ وشرح ابن عقيل ص350؛ وشرح التصريح 1/ 213 وكتاب اللامات ص136؛ ولسان العرب 12/ 550 "لمم"، ومغني اللبيب ص286، 441؛ وهمع الهوامع 2/ 33.
182 | 435(1/181)
النكرة والمعرفة
وفي لدني لدني قل وفي قدني وقطني الحذف أيضًا قد يفي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعض من قد سلفا" من العرب فقال:
60-
أيها السائل عنهم وعني لست من قيس ولا قيس مني وهو في غاية الندرة، والكثير مني وعني بثبوت نون الوقاية، وإنما لحقت نون الوقاية من وعن لحفظ البناء على السكون "وفي لدني" بالتشديد "لدني" بالتخفيف "قل" أي لدني بغير نون الوقاية قل في لدني بثبوتها، ومنه قراءة نافع "قد بلغت من لدني عذرًا" بتخفيف النون وضم الدال، وقرأ الجمهور بالتشديد "وفي قدني وقطني" بمعنى حسبي "الحذف" للنون "أيضًا قد يفي" قليلًا ومنه قوله -جامعًا بين اللغتين في قدني:
61-
قدني من نصر الخبيبين قدي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التي يلحقها التغيير وبعض هذا الخلاف يجري في أنا فقيل: المحذوفة الأولى وقيل: الثانية، ولم يقل أحد يعتد به إنها الثالثة لأنها اسم كذا في الروداني. قوله: "لست من قيس إلخ" يجوز في قيس الصرف على إرادة أبي القبيلة والمنع على إرادتها نفسها ومنع الثاني أوفق بالقافية. قوله: "لحفظ البناء على السكون" إنما حافظوا عليه دون غيره كالبناء على الفتح والضم لأنه الأصل ولهذا قال سيبويه: يقال في لد بالضم لدى بغير نون وفي لد بالسكون لدني بالنون. قوله: "ومنه قراءة نافع" قيل: يجوز أن تكون المذكورة نون الوقاية لأن حذف نون لدن لغة. وأجيب بأن المحذوفة النون المتحركة الآخر لا تلحقها نون الوقاية كما مر في كلام سيبويه لأنها إنما يؤتى بها في مثل ذلك لتقي الآخر من الحركة والمحذوفة النون الساكنة الآخر التي تلحقها النون للمحافظة على سكون البناء الأصلي لا يحتملها ما في الآية لضم دال ما فيها وأما ما ذكره البعض تبعًا للدماميني من الجواب بأن نون لدن إنما تحذف إذا كان المضاف إليه ظاهرًا لا ضميرًا فيرده ما مر في كلام سيبويه من أنه يقال في لد بالضم لدى بغير نون لصراحته في أنه يضاف إلى ياء المتكلم فتأمل. قوله: "بمعنى حسبي" راجع للأمرين قبله. احترز به عن قد الحرفية وقط الظرفية فإن ياء المتكلم لا تتصل بهما وعن قد وقط اسمي فعل بمعنى يكفي على ما يأتي، فإن نون الوقاية تلزمهما عند اتصال الياء بهما. ا. هـ. زكريا قال الروداني: والغالب عليهما إذا كانا بمعنى حسب البناء على السكون وقد يبنيان على الكسر وقد يعربان. قوله: "قد يفي" أي يأتي. وأشار بقد إلى قلة الحذف لكنه ليس من الضرورات على الصحيح. قوله: "قدني من نصر الخبيبين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
60- البيت من المديد، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 90، وأوضح المسالك 1/ 118؛ وتخليص الشواهد ص106؛ والجني الداني ص151؛ وجواهر الأدب ص152؛ وخزانة الأدب 5/ 308، 381؛ ورصف المباني ص361؛ والدرر 1/ 310؛ وشرح التصريح 1/ 112؛ وشرح ابن عقيل ص63؛ وشرح المفصل 3/ 125؛ والمقاصد النحوية 1/ 352؛ وهمع الهوامع 1/ 64.
61- الرجز لحميد بن مالك الأرقط في خزانة الأدب 5/ 382، 383، 385، 391، 392؛ والدرر 1/ 207؛ وشرح شواهد المغني 1/ 487؛ ولسان العرب 1/ 344 "خبب"؛ والمقاصد النحوية 1/ 357؛ ولحميد بن ثور في لسان العرب 3/ 389 "لحد" وليس في ديوانه؛ ولأبي بجدلة في شرح المفصل 3/ 124؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 241؛ وأوضح المسالك 1/ 120؛ وتخليص الشواهد ص108؛ والجني الداني ص253؛ وخزانة الأدب 6/ 246، 7/ 431؛ ورصف المباني ص362؛ وشرح ابن عقيل ص64؛ والكتاب 2/ 371؛ ومغني اللبيب 1/ 170؛ ونوادر أبي زيد ص205.
183 | 435(1/182)
النكرة والمعرفة
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي الحديث: "قط قط بعزتك" يروى بسكون الطاء وبكسرها مع الياء ودونها.
ويروى قطني قطني بنون الوقاية قط بالتنوين، والنون أشهر. ومنه قوله:
62-
امتلأ الحوض وقال قطني مهلًا رويدً قد ملأت بطني وكون قد وقط بمعنى حسب في اللغتين هو مذهب الخليل وسيبويه، وذهب الكوفيون إلى أن من جعلهما بمعنى حسب قال: قدي وقطي بغير نون كما تقول: حسبي.
ومن جعلهما اسم فعل بمعنى اكتفى قال: قدني وقطني بالنون كغيرهما من أسماء الأفعال.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قدي" قيل: أراد بهما عبد الله بن الزبير وأخاه مصعبًا على التغليب لأن عبد الله كان يكنى أبا خبيب. وقيل: خبيب بن عبد الله بن الزبير وأباه عبد الله قيل: على التغليب أيضًا وفيه نظر. ويروى الخبيبين بصيغة الجمع على إرادة خبيب بن عبد الله وأبيه وعمه مصعب بن الزبير. وقيل: على إرادة أبي خبيب عبد الله ومن كان على رأيه. واعترض الاستشهاد على حذف النون بجواز أن الأصل قد بالسكون وحركت بالكسر لأجل الروي فتكون الياء للإشباع لا للمتكلم. قال الروداني: أو أن الشاعر جرى فيه على لغة من يبنيه على الكسر والياء للإشباع. ا. هـ. وقد يقال: مشاكلة اللاحق للسابق ترجح احتمال الإضافة لياء المتكلم. قوله: "وفي الحديث قط قط" في صحيح البخاري مرفوعًا "لا تزال جهنم تقول: هل من مزيد حتى يضع رب العزة قدمه فيها فتقول: قط قط وعزتك ويزوي بعضها إلى بعض" . قوله: "والنون أشهر" راجع إلى قول المصنف وفي قدني وقطني إلخ. قوله: "مهلًا" اسم مصدر أمهل، ورويدًا مصغر إروادًا بمعنى إمهالًا تصغير الترخيم كما سيذكره الشارح في باب أسماء الأفعال والأصوات فهو تأكيد لمهلًا لا صفته كما زعمه العيني وتبعه غيره كشيخنا والبعض. وملأت بفتح التاء كما قاله شيخنا السيد وشيخنا والضم الذي جوّزه البعض يحوج إلى تجوز. قوله: "بمعنى أكتفى" كان الصواب بمعنى يكفي كما في المغني أو كفي كما في الجني الداني لابن أم قاسم واستقر به الدماميني لأن مجيء اسم الفعل بمعنى المضارع فيه خلاف وفي كلام التفتازاني مجيء قط بمعنى انته فيكون اسم فعل أمر وإنما قلنا الصواب ذلك ليكون متعديًا.
قوله: "كغيرهما من أسماء الأفعال" أي التي تتصل بها ياء المتكلم وهي المتعدية لكون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
62- الرجز بلا نسبة في إصلاح المنطق ص75، 342؛ والإنصاف ص130؛ وأمالي المرتضى 2/ 309؛ وتخليص الشواهد ص111؛ وجواهر الأدب ص151؛ والخصائص 1/ 23؛ ورصف المباني ص361؛ وسمط اللآلي ص475؛ وشرح المفصل 1/ 82؛ 2/ 131، 3/ 125؛ وكتاب اللامات ص1410؛ ولسان العرب 7/ 382؛ "قطط"، 13/ 344 "قطن"، ومجالس ثعلب ص189؛ والمقاصد النحوية 1/ 361.
184 | 435(1/183)
النكرة والمعرفة
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خاتمة: وقعت نون الوقاية قبل ياء النفس مع الاسم المعرب في قوله -صلى الله عليه وسلم لليهود: $"فهل أنتم صادقوني؟" وقول الشاعر:
63-
وليس بمعييني وفي الناس ممتع صديق إذا أعيا علي صديق وقوله:
64-
وليس الموافيني ليرفد خائبًا فإن له أضعاف ما كان أملا للتنبيه على أصل متروك، وذلك لأن الأصل أن تصحب نون الوقاية الأسماء المعربة المضافة إلى ياء المتكلم لتقيها خفاء الإعراب فلما منعوها ذلك نبهوا عليه في بعض الأسماء المعربة المشابهة للفعل. ومما لحقته هذه النون من الأسماء المعربة المشابهة للفعل أفعل التفضيل في قوله -صلى الله عليه وسلم: "غير الدجال أخوفني عليكم" لمشابهة أفعل التفضيل لفعل التعجب، نحو ما أحسنني إن اتقيت الله والله أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مدلولاتها أفعالًا متعدية كدراكني وعليكني وسمع الفراء مكانكني: أي انتظرني وإنما اتصلت بها نون الوقاية حملًا لها على مدلولاتها وهي الأفعال المتعدية وما ذكره الشارح من وجوب لحاق نون الوقاية أسماء الأفعال هو ما صرح به في التوضيح واقتضاه صنيع التسهيل لكن عبارة سبك المنظوم تشعر بقلة لحاقها فإنه قال: وربما لحقت اسم الفاعل اختيارًا واسم الفاعل اضطرارًا. ا. هـ. قال شيخنا: وصريح كلام الرضي أن لحاقها اسم الفعل جائز لا واجب وفي المغني وشرحه للدماميني أن أجل يأتي حرفًا بمعنى نعم واسم فعل بمعنى يكفي فتلزمه نون الوقاية وهو نادر واسمًا مرادفًا لحسب فلا تلحقه نون الوقاية إلا قليلًا. قوله: "وقعت نون الوقاية" أي شذوذًا. قوله: "ليرفد" بالبناء للمجهول أي يعطي. قوله: "للتنبيه على أصل متروك" اعترض بأنه لو كان للتنبيه لأدخلوها على ما لم يشابه الفعل من نحو غلامي فالأولى أنه لمشابهة الفعل كدخول نون التوكيد في اسم الفاعل ولك أن تقول: الدخول للتنبيه وتخصيص اسم الفاعل ونحوه لمشابهة الفعل فتأمل. قوله: "فلما منعوها" أي للزوم الفصل بالنون بين المضاف والمضاف إليه. قوله: "غير الدجال أخوفني عليكم" روي بحذف النون أيضًا أي أخوف مخوفاتي عليكم فاندفع ما يقال الحديث يقتضي أن الدجال وغيره خائفان لا مخوف منهما لأن حق أفعل التفضيل أن يصاغ من الثلاثي وهو هنا خاف لا أخاف وأن غير الدجال الواقع عليه أخوف بعض النبي -صلى الله عليه وسلّم- لأن أفعل التفضيل بعض ما يضاف إليه نعم يبقى صوغ أفعل من المبني للمجهول وهو شاذ عند الجمهور.
فائدة: حيث قيل بالجواز والامتناع في أحكام العربية فإنما يعني بالنسبة إلى اللغة ولا يلزم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
63- البيت من الطويل وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 15.
64- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 15؛ والدرر 1/ 213 ومغني اللبيب 2/ 345؛ والمقاصد النحوية 1/ 387؛ وهمع الهوامع 1/ 65.
185 | 435(1/184)
العلم
العلم:
اسم يعين المسمى مطلقًا علمه كجعفر وخرنقا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العلم:
"اسم يعين المسمى" به "مطلقًا علمه" أي علم ذلك المسمى. فاسم مبتدأ. ويعين المسمى جملة في موضع رفع صفة له. ومطلقًا حال من فاعل يعين وهو الضمير المستتر، وعلمه خبر. ويجوز أن يكون علمه مبتدأ مؤخرًا، واسم يعين المسمى خبرًا مقدمًا، وهو حينئذ مما تقدم فيه الخبر وجوبًا لكون المبتدأ ملتبسًا بضميره. والتقدير علم المسمى اسم يعين المسمى مطلقًا: أي مجردًا عن القرائن الخارجية. فخرج بقوله يعين المسمى النكرات،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من التكلم بما لا يجوز لغة الإثم الشرعي فمن لحن في غير التنزيل والحديث كأن نصب الفاعل ورفع المفعول لا نقول إنه يأثم إلا أن يقصد إيقاع السامع في غلط يؤدي إلى نوع ضرر فعليه حينئذٍ إثم هذا القصد المحرم. قاله الشيخ بهاء الدين السبكي في شرح المختصر.
العلم:
يطلق على الجبل والراية والعلامة والظاهر أن النقل إلى المعنى الاصطلاحي من الثالث بدليل قولهم لأنه علامة على مسماة. قوله: "يعين المسمى" أي خارجًا كعلم الشخص الخارجي أو ذهنًا كعلم الجنس بناء على التحقيق الآتي. أما على مذهب المصنف فعلم الجنس غير داخل في هذا التعريف لخروجه بقوله يعين فيكون خاصا بعلم الشخص وكعلم الشخص الذهني أعني الموضوع لمعين ذهنًا متوهم وجوده خارجًا كالعلم الذي يضعه الوالد لابنه المتوهم وجوده خارجًا في المستقبل وكعلم القبيلة فإنه موضوع لمجموع أبناء الأب الموجودين حين الوضع وغير الموجودين حينه فإن المجموع لا وجود له إلا في ذهن الواضع فقولهم تشخص العلم الشخصي خارجي أغلبي أفاده يس. والمراد بقوله: يعين المسمى أنه يدل على مسمى معين لا أنه يحصل له التعيين لأنه معين في نفسه فيلزم تحصيل الحاصل.
قوله: "حال" أو صفة مفعول مطلق محذوف أي يعين تعيينًا مطلقًا. قوله: "ويجوز أن يكون إلخ" هذا أولى بل متعين لأن المعرف هو الذي يجعل مبتدأ والتعريف هو الذي يجعل خبرًا ولأن علمه معرفة ولا يخبر بالمعرفة عن النكرة على ما سيأتي. قوله: "بضميره" أي ضمير ملابسه كما يدل عليه قوله: والتقدير علم المسمى إلخ. قوله: "مجردًا عن القرائن الخارجية" أي الخارجية عن ذات الاسم كما سيصرح به والمراد غير الوضع إذ لا بد منه وهو من القرائن كما في الروداني.
قوله: "النكرات" كرجل وفرس فإنهما لا تعيين فيهما أصلًا وكشمس وقمر فإنهما وإن عينا فردين لكن ذلك التعيين لأمر عرض بعد الوضع وهو عدم وجود غيرهما من أفراد المسمى. وأما بحسب الوضع فلا تعيين فيهما. ودخل نحو زيد مسمى به جماعة فإنه باعتبار كل وضع يعين مسماه والشيوع إنما جاء من تعدد الأوضاع وهو أمر عارض. ولا يخرج بقوله مطلقًا لأنه وإن
186 | 435(1/185)
العلم
وقرن وعدن ولاحق وشدقم وهيلة وواشق
واسما أتى وكنية ولقبا وأخرن ذا إن سواه صحبا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبقوله: مطلقا بقية المعارف فإنها إنما تعين مسماها بواسطة قرينة خارجة عن ذات الاسم. إما لفظية كأل والصلة، أو معنوية كالحضور والغيبة. ثم العلم على نوعين: جنسي وسيأتي، وشخصي ومسماه العاقل وغيره مما يؤلف من الحيوان وغيره "كجعفر" لرجل "وخرنقا" لامرأة، وهي أخت طرفة بن العبد لأمه "وقرن" لقبيلة ينسب إليها أويس القرني "وعدن" لبلد "ولاحق" لفرس "وشذقم" لجمل "وهيلة" لشاة "وواشق" لكلب "واسما أتى" العلم، والمراد به هنا ما ليس بكنية ولا بلقب "و" أتى "كنية" وهي ما صدر بأب أو أم، كأبي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
احتاج في تعيين مسماه إلى قرينة من وصف أو إضافة أو نحوهما لكن ذلك الاحتياج لا بالنسبة إلى أصل الوضع كبقية المعارف. قوله: "كأل" ولو للعهد الذهني لأن المراد بمدخولها الحقيقة وهي معينة وكونها مرادة في ضمن فرد مبهم لا يخرجها عن التعيين. قوله: "كالحضور" أي في ضميري المتكلم والمخاطب. وقوله: والغيبة أي ومرجع الغيبة يعني أن تعين معنى ضمير الغيبة بواسطة مرجعه. أما إذا كان المرجع معرفة فالتعيين ظاهر وأما إذا كان نكرة فلأن معناه الشيء المتقدم فتعين معناه من حيث أن المراد به الشيء المتقدم بعينه وإن كانت عين ذلك الشيء مبهمة فسقط ما للبعض هنا. وكان عليه أن يقول: أو حسية كالإشارة الحسية في اسم الإشارة لأنها القرينة التي بها تعين مدلول اسم الإشارة لا مجرد الحضور كما زعمه البعض مدخلًا لقرينة اسم الإشارة في قوله أو الحضور. ويمكن أن يقال: أراد الشارح بالمعنوية ما قابل اللفظية فشمل الحسية فافهم. قوله: "لرجل" أي مخصوص وكذا يقال فيما بعد وهو منقول عن اسم النهر الصغير. قوله: "وخرنقًا" هو منقول عن اسم ولد الأرنب. قوله: "أخت طرفة" بفتح الراء كما في القاموس. قوله: "وعدن لبلد" أي بساحل اليمن تصريح. قوله: "ولاحق لفرس" أي لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما تصريح. قوله: "وشذقم" ضبطه بعضهم بالذال المعجمة وبعضهم بالمهملة وهو الذي يقتضيه صنيع القاموس وذكر شيخنا فيه الوجهين. وقوله: الجمل أي للنعمان بن المنذر. قوله: "وواشق لكلب" قال في التصريح ذكر في النظم سبعة أعلام وثامنها علم الكلب وفي ذلك موازاة لقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُم} [الكهف: 22]. قوله: "والمراد به هنا" أي بخلافه في تعريف العلم فإن المراد به ما قابل الفعل والحرف. ويطلق أيضًا الاسم ويراد به ما قابل الصفة وقوله: ما ليس أي علم ليس إلخ.
قوله: "وكنية" من كنيت أي سترت. واعلم أنه قد يقصد بالكنية التعظيم والفرق بينها حينئذٍ اللقب المقصود به التعظيم أن التعظيم في اللقب بمعناه وفي الكنية لا بمعناها بل بعدم التصريح بالاسم لأن بعض النفوس تأنف أن تخاطب باسمها وقد يقصد بها التفاؤل كتكنية الصغير تفاؤلًا بأن يعيش حتى يصير له ولد أفاده الروداني. قوله: "وهي ما صدّر" أي علم مركب تركيبًا إضافيًا صدر فلا انتقاض بنحو أبو زيد قائم وأب لزيد قائم مسمى بهما لأن المركب الإضافي في
187 | 435(1/186)
العلم
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بكر وأم هانئ "و" أتى "ولقما" وهو ما أشعر برفعة مسماه أوضعته كزين العابدين وبطة "وأخرن ذا" أي أخر اللقب "إن سواه" يعني الاسم "صحبا" تقول: جاء زيد زين العابدين، ولا يجوز جاء زين العابدين زيد لأن اللقب في الأغلب منقول من غير الإنسان كبطة، فلو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأول جزء العلم لا هو والثاني لا إضافة فيه أفاده الشنواني. قوله: "بأب أو أم" أو ابن أو بنت أو أخ أو أخت أو عم أو عمة أو خال أو خالة كما ذكره سم. قوله: "وهو ما أشعر" أي بحسب وضعه الأصلي لا العلمي إذ بحسب وضعه العلمي لا إشعار له إلا بالذات كذا قال جمع من أرباب الخواشي والمتجه عندي أنه يشعر بحسبه أيضًا وإن كان المقصود بالذات الدلالة على الذات إذ الإشعار الدلالة الخفية وهي لا تنافي كون المقصود بالذات ما ذكر، ولا مانع من قصد الواضع ذلك تبعًا. ثم رأيت في التصريح عن بعضهم وفي كلام السيد ما يؤيده. وأورد على تعريف اللقب أنه يشمل بعض الأسماء نحو محمد ومرة وبعض الكنى نحو أبي الخير وأبي جهل. وأجيب بأن ما وضع للذات أولًا فهو الاسم أشعر ولم يشعر صدر أو لم يصدر، ثم ما وضع ثانيًا وصدر فهو الكنية أشعر أو لم يشعر، ثم ما وضع ثالثًا وأشعر فهو اللقب. فالإشعار وعدمه والتصدير وعدمه غير منظور إليه في الموضع أولًا والإشعار وعدمه غير منظور إليه في الموضوع ثانيًا كذا نقل عن سم والأقرب عندي من هذا وجهان: الأول أن الاسم هو الموضوع أولًا للذات واللقب الموضوع لا أولالها مشعرًا بالرفعة أو الضعة فبينهما التباين وأن الكنية ما صدرت بأب أو أم سواء وضعت أولًا أشعرت أولًا فتجامع كلًا منهما وتنفرد فيما وضع لا أولًا ولم أشعر وإنما كان هذا أقرب من ذاك لشمول اللقب عليه ما وضع ثانيًا وأشعر وشمول الكنية عليه ما وضع ثالثًا وصدر وعدم شمولها على ذاك ما ذكر فيلزم عليه كون ما ذكر واسطة وهو خلاف المقرر، ولأن اشتراط كون وضع الكنية ثانيًا واللقب ثالثًا مع كونه لا وجه له مخالف لكلام المحدثين وغيرهم حيث جعلوا بعض الكنى من الأسماء كما في أم كلثوم فقد قالوا اسمها كنيتها. الثاني ما قيل أنه يصح اجتماع الثلاثة والفرق بينها بالحيثية وإنما كان هذا أيضًا أقرب من ذاك لما مر وفي الروداني أن المفهوم من كلام الأقدمين أن الاسم ما وضع أول مرة كائنًا ما كان والكنية ما وضع بعد ذلك وصدر بأب أو أم دل على المدح أو الذم أولًا، واللقب ما وضع بعد ذلك أيضًا أي بعد الاسم وأشعر بمدح أو ذم ولم يصدر بأب أو أم فهي متباينة. ا. هـ. ويرد عليه أيضًا أنه مخالف لما نقلناه عن المحدثين وغيرهم فتأمل.
قوله: "أوضعته" بفتح الضاد أو كسرها أي خسته وهاؤه عوض عن الواو. قوله: "يعني الاسم" تفسير للسوي وأبقاه كثير على عمومه مرجحين وجوب تأخيره عن الكنية أيضًا ويؤيده تعليله الآتي بقوله لأن اللقب في الأغلب إلخ لاقتضائه وجوب تأخيره عن الكنية أيضًا لجريانه فيها ولا يدل على التخصيص قول المصنف وإن يكونا مفردين كما سيأتي للشارح لما يأتي عن سم ومحل وجوب تأخير اللقب عن الاسم إذا لم يكن اجتماعهما على سبيل إسناد أحدهما إلى الآخر وإلا أخر منهما ما قصد المتكلم الحكم به. قوله: "لأن اللقب إلخ" وقيل: لأنه لو قدم
188 | 435(1/187)
العلم
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قدم لأوهم إرادة مسماه الأول وذلك مأمون بتأخيره. وقد ندر تقديمه في قوله:
65-
أنا ابن مزيقيا عمرو وجدي أبوه منذر ماء السماء وقوله:
66-
بأن ذا الكلب عمرا خيرهم حسبًا ببطن شريان يعوي حوله الذيب تنبيه: لا ترتيب بين الكنية وغيرها فمن تقديمها على الاسم قوله:
67-
أقسم بالله أبو حفص عمر ما مسها من نقب ولا دبر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ضاعت فائدة الاسم لأنه يفيد فائدة الاسم وزيادة ولأنه يشبه الصفة وهي متأخرة عن الموصوف وقوله: في الأغلب احتراز عن نحو زين العابدين. قوله: "فلو قدم لأوهم" يؤخذ منه أنه إذا انتفى ذلك الإيهام لاشتهار المسمى باللقب جاز تقديمه وهو كذلك كما في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَم} [النساء: 171]، أفاده يس. قوله: "أنا ابن إلخ" الشاهد في مزيقيًا حيث قدم اللقب على الاسم. وقصر مزيقيًا للضرورة كما قاله الروداني. وإنما لقب به لأنه كان يلبس كل يوم حلتين فإذا أمسى مزقهما كراهة أن يلبسهما ثانيًا وأن يلبسهما غيره. وعمرو هذا من أجداد أوس ابن الصامت قائل هذا البيت أخي عبادة بن الصامت. وقوله: وجدي أي من جهة الأم. وإنما لقب منذر بماء السماء لحسن وجهه وقيل: هو في الأصل لقب أمه ثم استعمل فيه. ومراد الشاعر أنه نسيب الطرفين. قوله: "بأن ذا الكلب" أي صاحب الكلب والباء متعلقة بأبلغ في البيت قبله وهو:
أبلغ هذيلًا وأبلغ من يبلغها عني حديثًا وبعض القول تكذيب قالتهما أخت عمرو المذكور من قصيدة ترثيه بها أولها:
كل امرئ بمحال الدهر مكروب وكل من غالب الأيام مغلوب وقوله ببطن شريان بكسر الشين المعجمة وفتحها اسم موضع دفن فيه عمرو. والشريان شجر يتخذ منه القسي، وببطن خبر أن إذا نصب خبر على النعتية لعمرو وخبر ثان إذا رفع على الخبرية لأن. قوله: "وغيرها" أي اسمًا أو لقبًا كما سيذكره. قوله: "أقسم بالله أبو حفص عمر إلخ" بعده:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
65- البيت من الوافر، وهو لأوس بن الصامت في شرح التصريح 1/ 121؛ والمقاصد النحوية 1/ 391 ؛ ولبعض الأنصار في خزانة الأدب 4/ 365؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 127؛ وتخليص الشواهد ص118؛ ولسان العرب 10/ 343 "مزق"، 13/ 545 "موه" 15/ 208 "قوا".
66- البيت من البسيط، وهو لجندب أخت عمرو ذي كلب في تخليص الشواهد ص118؛ والدرر 1/ 225؛ ولسان العرب 14/ 431 "شري"؛ ومعجم ما استعجم ص739؛ والمقاصد النحوية 1/ 395؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص66؛ وهمع الهوامع 1/ 71.
67- الرجز لرؤبة في شرح المفصل 3/ 71؛ وليس في ديوانه، ولا يمكن أن رؤبة هو قائله، ذلك أنه رؤبة غير معدود من التابعين، وليس هو من هذه الطبقة، وقد مات سنة 145هـ؛ وهو لعبد الله بن كيسبة أو لأعرابي في خزانة الأدب 5/ 154، 156، ولأعرابي في شرح التصريح 1/ 121؛ والمقاصد النحوية 4/ 115؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 128، وشرح شذور الذهب ص561؛ وشرح ابن عقيل ص489؛ ولسان العرب 1/ 766 "نقب"، 5/ 48 "فجر"؛ ومعاهد التنصيص 1/ 279.
189 | 435(1/188)
العلم
وإن يكونا مفردين فأضف حتما وإلا أتبع أي ردف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن تقديم الاسم عليها قوله:
68-
وما اهتز عرش الله من أجل هالك سمعنا به إلا لسعد أبي عمرو وكذلك يفعل بها مع اللقب. ا. هـ وقد رفع توهم دخول الكنية في قوله: سواء بقوله: "وإن يكونا" أي الاسم واللقب "مفردين فأضف" الاسم إلى اللقب "حتمًا" إن لم يمنع من الإضافة مانع على ما سيأتي بيانه. هذا ما ذهب إليه جمهور البصريين، نحو هذا سعيد كرز يتأولون الأول بالمسمى والثاني بالاسم، وذهب الكوفيون إلى جواز اتباع للأول على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فاغفر له اللهم إن كان فجر أنشده بعض العرب حين قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن ناقتي قد نقبت فاحملني، فقال له: كذبت وحلف على ذلك. والنقب والدبر رقة الخف. وفجر حنث في يمينه كذا في التصريح. قوله: "هالك" أي ميت. وسعد أبو عمرو هو سعد بن معاذ سيد الأوس رضي الله تعالى عنه. قوله: "وكذلك يفعل بها مع اللقب" ذهب قوم كابن الصائغ والمرادي إلى تأخير اللقب عن الكنية وأبقوا قوله سواه على ظاهر من العموم. قوله: "وقد رفع إلخ" قال سم الرفع ممنوع لصدق قوله وإن يكونا مفردين مع عموم قوله سواه: أي وإن يكن اللقب وسواه مفردين كما في الاسم واللقب: ولا يمنع ذلك كون بعض أفراد سواه لا يكون إلا مركبًا كالكنية. قوله: "مفردين" المراد بالمفرد هنا ما قابل المركب، كما أن المراد به في باب الإعراب ما قابل المثنى والمجموع والملحق بهما والأسماء الستة وفي باب المبتدأ ما قابل الجملة وفي باب لا والمنادى ما قابل المضاف والمشبه به. وأما إطلاقه على ما لا يدل جزؤه على جزء معناه فاصطلاح منطقي.
قوله: "فأضف حتمًا" لا يخفى أن الإضافة بالتأويل الآتي في الشرح تخرج عن إضافة الاسم إلى اسم اتحد به في المعنى لأنها على التأويل الآتي تكون من إضافة المسمى إلى الاسم فمعنى الاسم الأول الذات دون الثاني لأن المقصود منه لفظه، فمعناه اللفظ الواقع في التركيب المستعمل في الذات فلا تنافي بين قوله هنا فأضف حتمًا وقوله فيما سيأتي:
ولا يضاف اسم لما به اتحد معنى. وإن ذكره شيخنا والبعض. قوله: "كرز" هو في الأصل خرج الراعي ويطلق على اللئيم والحاذق. قوله: "يتأولون الأول بالمسمى إلخ" أي غالبًا وإلا فقد يعكسون كما في كتبت سعيد كرز ونحوه من كل تركيب لا يناسب الحكم فيه إلا ذلك. قوله: "وذهب الكوفيون" أي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
68- البيت من الطويل، وهو لحسان بن ثابت في أوضح المسالك 1/ 129؛ وشرح التصريح 1/ 121؛ والمقاصد النحوية 1/ 393؛ ولم أقع عليه في ديوانه.
190 | 435(1/189)
العلم
ومنه منقول كفضل وأسد وذو ارتجال كسعاد وأدد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنه بدل منه أو عطف بيان نحو هذا سعيد كرز، ورأيت سعيدًا كرزًا ومررت بسعيد كرز.
والقطع إلى النصب بإضمار فعل، وإلى الرفع بإضمار مبتدأ نحو مررت بسعيد كرزًا وكرز، أي أعني كرزًا وهو كرز "وإلا" أي وإن لم يكونا مفردين: بأن كانا مركبين نحو عبد الله أنف الناقة، أو الاسم نحو عبد الله بطة، أو اللقب نحو زيد أنف الناقة امتنعت الإضافة للطول؛ وحينئذ "أتبع الذي ردف" وهو اللقب للاسم في الإعراب بيانًا أو بدلًا، ولك القطع على ما تقدم؛ وكذا إن كانا مفردين ومنع من الإضافة مانع كأل نحو الحارث كرز "ومنه" أي بعض العلم "منقول" عن شيء سبق استعماله فيه قبل العلمية، وذلك المنقول
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبعض البصريين كما يدل عليه ما قبله وهذا المذهب هو الحق وجرى عليه في التسهيل. قوله: "على أنه بدل منه" أي بدل كل من كل وجوّز الدنوشري وجهًا ثالثًا وهو أن يكون تأكيدًا بالمرادف. قوله: "والقطع" يفيد أن البدل والبيان يقطعان وهو كذلك كما يفيده كلام الشنواني، ونقله يس عن بعضهم، وصرح به الروداني. وقال بعضهم: لا يقطعان إلا شذوذًا. قوله: "بإضمار فعل" أي جوازًا وكذا قوله بإضمار مبتدإ فيجوز إظهارهما صرح به في التصريح. قوله: "وإلا إلخ" ظاهره وصريح كلام الشارح امتناع الإضافة إذا كان الأول مفردًا والثاني مركبًا والوجه خلافه كما صرح به الرضي لجواز كون المضاف إليه مركبًا كغلام عبد الله بخلاف المضاف. قوله: "أتبع الذي ردف" أي تبع الاتباع، الأول اصطلاحي والثاني لغوي فليس في كلامه طلب تحصيل الحاصل الذي هو عبث. وهذا الأمر كناية عن منع الإضافة فلا ينافي ما صرح به الشارح من جواز القطع. وأتبع جواب إن الشرطية المدغمة في لا، وحذف الفاء للضرورة. قوله: "بيانا" وهذا أنسب شعر بكون اللقب أوضح. قوله: "كأل" وككون اللقب وصفًا في الأصل مقرونًا بأل كهارون الرشيد ومحمد المهدي قاله في التصريح. قوله: "عن شيء" أي معنى، وضمير سبق استعماله راجع إلى بعض العلم، وضمير فيه راجع إلى شيء، فالمنقول عنه معنى لا لفظ، هذا مفاد هذه العبارة. وقوله وذلك المنقول عنه مصدر كفضل واسم عين مثل أسد إلخ يفيد أن المنقول عنه لفظ ويمكن إرجاع عبارته الثانية إلى الأولى بتقدير مضاف في الثانية أي معنى مصدر إلخ والعكس بتقدير مضاف في الأولى أي عن لفظ شيء إلخ ولا يرد على هذا اتحاد المنقول والمنقول عنه لاختلافهما صفة، فإن لفظ مثلًا متصف قبل العلمية بالمصدرية وبعدها بالعلمية وهذا الاختلاف كاف. بقي أنه يرد على الشارح أنه خالف ظاهر المتن بلا حاجة حيث جعل قوله كفضل إلخ تمثيلًا للمنقول عنه، وظاهر المتن أنه تمثيل للمنقول فتدبر. ا. هـ.
قوله: "سبق استعماله فيه" الأولى سبق وضعه له ليدخل في المنقول ما وضع لشيء ولم يستعمل فيه ثم نقل لغيره فإنه من المنقول كما يفيده كلام الجامع وصرح به شارحه. قوله: "قبل العلمية" أل للعهد الحضوري أي قبل النوع الحاضر من العلمية، فيتناول الحد ما استعمل قبل نوع العلمية الحاضرة في نوع آخر من العلمية كأسامة علما لشخص فهو من المنقول كما قاله
191 | 435(1/190)
العلم
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عنه مصدر "كفضل و" اسم عين مثل "أسد" واسم فاعل كحرث. واسم مفعول كمسعود، وصفة مشبهة كسعيد، وفعل ماض كشمر علم فرس. قال الشاعر:
69-
أبوك حباب سارق الضيف برده وجدي يا حجاج فارس شمرا وفعل مضارع كيشكر قال الشاعر:
70-
ويشكر الله لا يشكره وجملة وسيأتي "و" بعضه الآخر "ذو ارتجال" إذ لا واسطة على المشهور. وذهب بعضهم إلى أن الذي علميته بالغلبة لا منقول ولا مرتجل. وعن سيبويه أن الأعلام كلها منقولة. وعن الزجاج كلها مرتجلة. والمرتجل هو ما استعمل من أول الأمر علمًا "كسعاد"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشنواني وغيره وباعتبارنا النوع دون الشخص يندفع ما قاله الروداني من أن جعل أل للعهد الحضوري يقتضي أن سعاد مسمى به امرأة غير الأولى منقول وهو باطل فافهم. قوله: "أبوك حباب" أي جبان على ما قيل، ولم أجده في القاموس ولا غيره. وفي القاموس أنهم سموا بمضموم الحاء ناسًا وشيطانًا، ويطلقونه على الحية، وسموا بمفتوحها ومكسورها ناسًا وذكر للثلاثة معاني أخر لا تناسب هنا. وسارق الضيف من إضافة الوصف لفاعله وبرده مفعول له. وقد يقال: لا شاهد في البيت لاحتمال أن يكون منقولًا من جملة فعلية فاعلها ضمير مستتر إلا أن يقال النقل من الجملة خلاف الغالب، والشيء يحمل على الغالب ما لم يصرفه عنه صارف، وكذا يقال في الشاهد بعده. قوله: "وذو ارتجال" من ارتجل الخطبة والشعر أي ابتدأهما من غير تهيؤ لهما قبل. فمعنى كون العلم مرتجلًا أنه ابتدىء بالتسمية به من غير سبق استعماله من غير علم قاله الدماميني. قوله: "إذ لا واسطة إلخ" علة المقدر أي وزدت لفظ الآخر المفيد للحصر مع أن عبارة الناظم لا تؤديه لأنه لا واسطة. قوله: "لا منقول ولا مرتجل" أما الأول فلأن النقل يستدعي الوضع للمعنى الثاني ولا وضع فيه له، وأما الثاني فلأنه سبق له استعمال في غير العلمية والتحقيق أنه منقول بوضع تنزيلي لأن غلبة استعمال المستعملين بمنزلة الوضع منهم كما ذكره سم في الآيات البينات. قوله: "كلها منقولة" أي لأن الأصل في الأسماء التنكير ولا يضر جعل المعنى الأصلي للاسم الذي يتوهم أنه مرتجل. قوله: "كلها مرتجلة" مبني على قوله: إن المرتجل ما لم يتحقق عند وضعه قصد نقله من معنى أول وهذا القصد غير متحقق وموافقة بعض الأعلام نكرة أو وصفًا أو غيرهما أمر اتفاقي لا بالقصد.
قوله: "ما استعمل من أول الأمر علمًا" أورد عليه أنه غير جامع لعدم صدقه على ما وضع للذات ابتداء ولم يستعمل فيه مع أنه علم مرتجل، إذ لا يشترط في العلمية الاستعمال كما هو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
69- البيت من الطويل، وهو لجميل بثينة في ديوانه ص80، والعقد الفريد 5/ 299؛ وبلا نسبة في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص315، ولسان العرب 4/ 429 "شمر"، 12/ 53 "بقم".
192 | 435(1/191)
العلم
وجملة وما بمزج ركبًا ذا إن بغير ويه ثم أعربا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
علم امرأة "وأدد" علم رجل "و" عن المنقول ما أصله الذي نقل عنه "جملة" فعلية والفاعل ظاهر كبرق نحوه وشاب قرناها، أو ضمير بارز كأطرقا، علم مفازة. قال الشاعر:
71-
على أطرقا باليات الخيام أو مستتر كيزيد في قوله:
72-
نبئت أخوالي بني يزيد ظلما علينا لهم فديد ومنه إصمت علم مفازة قال الشاعر:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ظاهر قول التفتازاني: العلم ما وضع لمسمى بمشخصاته وغير مانع لصدقه على علم الشخص المنقول من علم الجنس كأسامة علمًا لشخص. ويمكن دفع هذا بأن المراد العلمية الحاضرة كما مر. قال البعض: فكان الأولى أن يقول ما وضع لشيء لم يسبق وضعه لغيره. ا. هـ. وفيه أنه يخرج عن هذا العلم المرتجل المسمى به شخص بعد تسمية آخر به فيكون هذا أيضًا غير جامع فتأمل. قوله: "وأدد" نوزع بأنه جمع أدة بمعنى المرة من الودّ فالهمزة بدل من واو كما في أقتت فهو منقول من جمع لا مرتجل. قوله: "ومن المنقول إلخ" أشار بذلك لدفع ما يوهمه ظاهر المتن من عطفه على ما قبله المقتضى كونه قسيمًا للمنقول والمرتجل. وإنما تكلم على المنقول من جملة، والمنقول من مركب مزجي، والمنقول من متضايقين دون المنقول من بقية المركبات كالمركب التقييدي لكونها المسموعة عن العرب دون غيرها. قاله يس. قوله: "قرناها" أي ذؤابتاها.
قوله: "على أطرقا باليات الخيام" يحتمل أنه خبر مقدم ومبتدأ مؤخر، ويحتمل أن الجار والمجرور متعلق بقوله عرفت الديار في البيت السابق. وباليات الخيام منصوب على الحال من الديار. وسميت تلك المفازة بأطرقًا لأن السالك فيها يقول لصاحبيه أطرقا أي اسكتا مخافة ومهابة. قاله العيني. قوله: "نبئت" أي أخبرت يتعدى إلى ثلاثة مفاعيل: الأول التاء التي نابت عن الفاعل. الثاني أخوالي، وبني يزيد بدل أو بيان لأخوالي. الثالث جملة لهم فديد أي صياح، وظلمًا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
71- تمام البيت:
إلا الثمام وإلا العصي وهو من المتقارب، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في خزانة الأدب 2/ 317، 7/ 372، وشرح أشعار الهذليين 1/ 100؛ وشرح المفصل 1/ 31؛ ولسان العرب 10/ 224 "طرق"؛ ومعجم ما استعجم 1/ 167؛ والمقاصد النحوية 1/ 397؛ وللهذلي في خزانة الأدب 7/ 326؛ وشرح المفصل 1/ 29؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص333.
72- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص172؛ وخزانة الأدب 1/ 270؛ وشرح التصريح 1/ 117؛ والمقاصد النحوية 1/ 388، 4/ 370؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 124؛ وشرح المفصل 1/ 28؛ ولسان العرب 3/ 200 "زيد " 329 "قدد"؛ ومجالس ثعلب ص212؛ ومغني اللبيب 2/ 626.
193 | 435(1/192)
العلم
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
73-
أشلى سلوقية باتت وبات بها بوحش إصمت في أصلابها أود تنبيه: حكم العلم المركب تركيب إسناد وهو المنقول من جملة أن يحكي أصله،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مفعول لأجله ناصبه محذوف تقديره يصيحون، وعلينا متعلق بهذا المحذوف لا بفديد لأن صلة المصدر لا تتقدم عليه، ولم يقل: عليهم لأن المتكلم يغلب على غيره في إعادة الضمير تقول: أنا وزيد فعلنا ولا تقول: فعلا كذا في التصريح. وأنت خبير بأنه حيث كان العامل في ظلمًا وعلينا محذوفًا تقديره يصيحون كان هو الجدير بجعله المفعول الثالث فيكون جملة لهم فديد حالًا مؤكدة. والشاهد في يزيد فإنه علم منقول عن الجملة بدليل ضمة الدال. والمشهور في يزيد في البيت أنه بالياء التحتية. وتصويب ابن يعيش أنه بالتاء الفوقية أبو قبيلة من العرب تنسب إليه البرود التزيدية رده ابن الحاجب كما في زكريا بأن الرواية إنما صحت بالتحتية. وبأن تزيد بالفوقية لم يسمع إلا مفردًا لا جملة ونظير يزيد في هذا البيت جلا في قوله:
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا على القول بأنه علم محكي منقول من نحو زيد جلا، فيكون جملة لا من نحو جلا زيد وإلا كان مفردًا منصرفًا لأن هذا الوزن لا يؤثر منع الصرف عند الجمهور. وقيل: الموصوف محذوف أي أنا ابن رجل جلا الأمور وكشفها كذا في المغني والدماميني. قوله: "ومنه إصمت" بهمزة قطع وميم مكسورتين. وإن كان الأمر من الصمت بهمزة وصل وميم مضمومتين على أنه من صمت بفتح الميم، وبهمزة وصل مكسورة وميم مفتوحة على أنه من صمت بكسرها لأن الأعلام كثيرًا ما يغير لفظها عند النقل كما في التصريح. قوله: "أشلى" أي أغرى الصائد سلوقية أي كلابًا سلوقية نسبة إلى سلوق قرية باليمن. والباء في بها بمعنى مع. وقوله: بوحش صلة أشلى. وقوله في أصلابها أود أي عوج جملة في محل نصب صفة لسلوقية. وعندي وقفة في الاستشهاد بهذا البيت على النقل من جملة فعل الأمر وفاعله المستتر لأن إصمت في البيت مجرور بالفتحة كما هو شأن المنقول من الفعل وحده، ولو كان منقولًا من الجملة لوجب بقاء سكون الفعل كما وجب بقاء ضمة يزيد في البيت السابق وكون التحريك للضرورة بعيد. ثم رأيت بعضهم نقل عن بعض شرّاح التسهيل الاستشهاد به على النقل من الفعل وحده، ورأيت صاحب التصريح عد أصمت مما نقل من الفعل وحده كشمر ويشكر وهو يؤيد ما قلنا فاحفظه. قوله: "حكم العلم المركب تركيب إسناد" مثله المركب العددي فإنه يحكى وكذا المركب من حرفين كأنما أو حرف وفعل كقد قام أو حرف واسم كيازيد فكل ذلك يحكى، ولم ينص الشارح على ما ذكر لأنه شبيه بالمركب الإسنادي فكأنه داخل فيه. ويستثنى من المركب من حرف واسم المركب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
73- البيت من البسيط، وهو للراعي النميري في ديوانه ص69؛ وخزانة الأدب 7/ 324، 327، 336، 341؛ وشرح المفصل 1/ 29؛ 30؛ ولسان العرب 2/ 55 "صمت"؛ والمعاني الكبير 1/ 220؛ ومعجم البلدان 1/ 212 "إصمت"؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص306، 341.
194 | 435(1/193)
العلم
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولم يرد عن العرب علم منقول من مبتدأ وخبر، لكنه بمقتضى القياس جائز. ا. هـ. "و" من العلم "ما بمزج ركبًا" وهو كل اسمين جعلا اسمًا واحدًا منزلًا ثانيهما من الأول منزلة تاء التأنيث مما قبلها، نحو بعلبك. وحضرموت، ومعديكرب، وسيبويه و"ذا" المركب تركيب مزج "إن بغير ويه تم" أي ختم "أعربًا" إعراب ما لا ينصرف على الجزء الثاني، والجزء الأول يبنى على الفتح ما لم يكن آخره ياء كمعديكرب فمبني على السكون. وقد يبنى ما تم بغير ويه على الفتح تشبيها بخمسة عشر. وقد يضاف صدره إلى عجزه والأول
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من جار فوق حرف مجرور فإن الأجود فيه إعراب الجار مضافًا لمجروره معطى ما له لو سمي به وحده بأن يضعف آخره إن كان لينًا كفي ولا يضعف بل يجعل كيد ودم إن كان صحيحًا كمن ويجوز حكايته. وقيل: يجب الإعراب والإضافة في ثلاثي أو ثنائي صحيح كربّ ومن، والحكاية في ثنائي معتل كفي فإن كان الجار حرفًا أحاديًا وجبت الحكاية عند الجمهور. وأجاز المبرد والزجاج إعرابهما مكملًا أولهما بتضعيف حرف لين يجانس حركته كما لو سمي به وحده فيقال في زيد جاءني زيد كذا في الهمع. وأما المركب من تابع ومتبوع فكالمفرد كما صرح به شيخ الإسلام فيعرب بحسب العوامل. وأما نحو قائم أبوه فيعرب قائم بحسب العوامل ويبقى مرفوعه بحاله ومثله شارب زيدًا.
قوله: "أن يحكي أصله" أي ويكون معربًا تقديرًا كما نقله يس عن السيد واللباب. وقيل مبني لا محكي. وذكر في التسهيل أنه ربما أضيف صدر ذي الإسناد إلى عجزه إن كان ظاهرًا نحو جاء برق نحره. واحترز من المضمر نحو برقت وخرجت مسمى بهما فلا يجوز فيهما إلا الحكاية وأجاز بعضهم إعرابه تقول هذا قمت ورأيت قمتا ومررت بقمت أفاده الدماميني. قوله: "ولم يرد عن العرب إلخ" بيان لمفهوم قوله سابقًا وجملة فعلية. قوله: "ومن العلم" الأولى ومن المنقول. قوله: "بمزج" أي مع مزج. قوله: "منزلًا ثانيهما" حال من ضمير جعلا الراجع إلى الاسمين. وقوله منزلة تاء التأنيث مما قبلها أي في فتح ما قبلها وجريان حركات الإعراب عليها. واعترض اللقائي هذا الحد بأنه لا يشمل نحو معديكرب ولا نحو سيبويه، ومنشؤه جعل وجه التنزيل فتح ما قبلها وجريان حركات الإعراب غير المحلي عليها ولو جعل وجهه لزوم ما قبلها حالة واحدة في أحوال الإعراب الثلاثة وجريان حركات الإعراب ولو محلًا لم يتجه هذا الاعتراض. وقد يؤيد ما قلنا التعبير بتاء التأنيث التي قد يكون ما قبلها ساكنًا كما في بنت وأخت دون هاء التأنيث فتأمل. قوله: "ومعديكرب" بكسر الدال شذوذًا والقياس فتحها كمرمى ومسعى قاله المصرح هنا، لكن قال في باب النداء: معنى معديكرب عداه الكرب أي تجاوزه. ا. هـ. وقضيته أنه اسم مفعول أعلّ إعلال مرمى فلا شذوذ في كسر داله لا مفعل فإنه خلاف المعنى المذكور قاله الروداني، ويبعد كونه اسم مفعول تخفيف يائه إذ القياس تشديدها كما في مرميّ.
قوله: "يبنى على الفتح إلخ" كان الأولى والأخصر يبقى على ما كان عليه من فتح أو سكون لأنهما ليسا للبناء. قوله: "تشبهًا بخمسة عشر" أي تشبيهًا بصنف آخر من المزجي
195 | 435(1/194)
العلم
وشاع في الأعلام ذو الإضافة كعبد شمس وأبي قحافة
ووضعوا لبعض الأجناس علم كعلم الأشخاص لفظًا وهو عم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هو الأشهر. أما المركب المزجي المختوم بويه كسيبويه وعمرويه فإنه مبني على الكسر لما سلف. وقد يعرب غير منصرف كالمختوم بغير ويه "وشاع في الأعلام ذو الإضافة" وهو كل اسمين جعلا اسمًا واحدًا منزلًا ثانيهما من الأول منزلة التنوين. وهو على ضربين: غير كنية "كعبد شمس و" كنية مثل "أبي قحافة" وإعرابه إعراب غيره من المتضايفين "ووضعوا لبعض الأجناس" التي لا تؤلف غالبًا كالسباع والوحوش والأجناس "علم" عوضًا عما فاتها من وضع الإعلام لأشخاصها لعدم الداعي إليه. وهذا هو النوع الثاني من نوعي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والمركب العددي فلا يقتضي كلامه أن العددي ليس من المزجي كما زعمه البعض تبعًا لغيره. ولا ينافيه تعريفه السابق لأن المراد بالإعراب فيه ما يشمل الإعراب المحلي كما مر، لكن قال يس: إذا كان العددي من المزجي ورد أنه إذا سمي به يحكي كما صرح به اللقاني، والناظم لم يذكر الحكاية في المزجي. ا. هـ. وهو مدفوع بأنه لا مانع من اختصاص صنف من نوع بحكم وأن المصنف لم يذكر الحكاية في المزجي لأن كلامه في المزجي غير العددي. قوله: "وقد يضاف صدره إلى عجزه" فيخفض العجز ويعطى ما يستحقه لو انفرد من صرف وغيره نحو هذا رام هرمز. ويجري الأول بوجوه الإعراب إلا أن الفتحة لا تظهر في المعتل نحو معديكرب وقد يمنع العجز من الصرف مطلقًا مع جريان الأول بوجوه الإعراب. ا. هـ. دماميني بإيضاح وزيادة من الهمع. قوله: "لما سلف" علة لكون البناء على الكسر لأن مراده بما سلف كون الكسر الأصل في التخلص من التقاء الساكنين. وأما أصل البناء فلأن ويه اسم صوت وهو مبني بما سيأتي في بابه فيبني سيبويه تغليبًا لجانب الصوت لأنه الآخر. قوله: "وقد يعرب غير منصرف إلخ" وقد يبنى على الفتح كخمسة عشر قاله في الهمع. قوله: "وهو على ضربين إلخ" نبه على حكمة تعداد المثال ويحتمل أن تكون حكمته الإشارة إلى أنه لا فرق في الجزء الأول بين أن يكون معربًا بالحركات أو الحروف وفي الثاني بين أن يكون منصرفًا أو غير منصرف. قوله: "وإعرابه إعراب غيره من المتضايقين" أي لأنهم أجروا على كلمتيه أحكامهما قبل العلمية فأعربوا الجزأين وأعطوا جزءه الأخير حكم العلم فمنعوا صرف أوبر وهريرة في بنات أوبر وأبي هريرة، وقالوا: جاء أبو بكر بن زيد بترك تنوين بكر مع أن الموصوف بابن مجموع المركب قاله ابن هشام وغيره.
قوله: "ووضعوا" أي العرب وإسناد الوضع إليهم مجاز لكونه ظهر على ألسنتهم وإلا فالواضع على الأصح هو الله تعالى. وفي كلامه إشارة إلى أن علم الجنس سماعي فلا يقاس على ما ورد منه. قوله: "غالبًا" وقد يوضع العلم الجنسي لجنس يؤلف كما سيذكره الشارح في الخاتمة. قوله: "والوحوش" عطف عام لشموله ما لا يعدو بنابه. وقوله: والأحناش بحاء مهملة ثم شين معجمة آخره عطف مغاير لأن الحنش كما في القاموس الذباب والحية وكل ما يصطاد من الطير والهوام وحشرات الأرض وهي صغار دوابها. قوله: "لعدم الداعي" علة للفوات والداعي
196 | 435(1/195)
العلم
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العلم وهو "كعلم الأشخاص لفظًا" فلا يضاف، ولا يدخل عليه حرف التعريف؛ ولا ينعت بالنكرة ويبتدأ به، وتنصب النكرة بعده على الحال، ويمنع من الصرف مع سبب آخر غير العلمية كالتأنيث في أسامة وثعالة ووزن الفعل في بنات أوبر وابن آوى، والزيادة في سبحان علم التسبيح، وكيسان علم على الغدر، وعلم مفعول بوضعوا، ووقف عليه بالسكون على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هو الألفة. قوله: "وهو كعلم الأشخاص" ظاهره أن كعلم خبر مبتدأ محذوف والأولى أنه نعت لعلم. قوله: "فلا يضاف" أي ما دامت علميته فإن نكر جازت إضافته وكذا يقال فيما بعده.
فائدة: قد ثنوا وجمعوا علم الجنس أيضًا فقالوا الأسامتان والأسامات. وينبغي أن يكون ذلك كما في الارتشاف بالنظر إلى الشخص الخارجي لا الكلي الذهني لاستحالة ذلك فيه. ا. هـ. شرح الجامع وتقدم في مبحث جمع المذكر السالم أنه لا يجمع منه بالواو أو الياء والنون إلا علم الشمول التوكيدي كأجمع فيقال أجمعون. قوله: "ويبتدأ به" أي لا مسوغ وكذا يقال فيما بعده. قوله: "بعده" إنما قيد به لأن تقدم الحال مسوّغ لمجيئها من النكرة. قوله: "في بنات أوبر" علم على ضرب رديء من الكمأة. قوله: "وابن آوى" علم على حيوان كريه الرائحة فوق الثعلب ودون الكلب فيه شبه من الذئب وشبه من الثعلب طويل الأظفار يشبه صياحه صياح الصبيان قاله الكمال الدميري. ا. هـ. تصريح. قوله: "علم التسبيح" أي عند قطعه عن الإضافة كما عليه البيضاوي أو مطلقًا عليه كما عليه غيره، وإضافته للإيضاح كحاتم طيئ وفرعون موسى فلا تبطل العلمية لأن المبطلة لها ما للتعريف أو التخصيص ومنع كثير علميته. قال الرضي: لا دليل على علميته لأن أكثر ما يستعمل مضافًا فلا يكون علمًا وإذا قطع فقد جاء منونًا في الشعر كقوله:
سبحانه ثم سبحانًا نعوذ به وقد جاء باللام كقوله:
سبحانك اللهم ذا السبحان قالوا دليل علميته قوله:
سبحان من علقمة الفاخر ولا منع من أن يقال حذف المضاف إليه ونوى وبقي المضاف على حالة مراعاة لأغلب أحواله أعني التجرد عن التنوين كقوله:
خالط من سلمى خياشم وفا هذا وقول الشارح علم التسبيح كذا في بعض النسخ. وفي بعضها علم على التسبيح وهو المناسب لقوله وكيسان علم على الغدر ويتعين عليه رفع علم بالخبرية لمحذوف أي وهو علم إلخ ولا يصح جر علم على النعتية لسبحان لأن المقصود لفظه فيكون معرفة فلا يصح وصفه بالنكرة، وهكذا قوله علم على الغدر. قوله: "عمّ" فعل ماض كما أشار إليه الشارح بالعطف لا أفعل تفضيل حذفت همزته ضرورة لاقتضائه العموم في المفضل عليه وهو علم الشخص وليس كذلك. قوله: "في أمته" أي جماعته وأفراده. قوله: "وأنه في الشياع كأسد" أي الذي هو اسم
197 | 435(1/196)
العلم
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لغة ربيعة. ولفظًا تمييز: أي العلم الجنسي كالعلم الشخصي من حيث اللفظ "وهو" من جهة المعنى "عم" وشاع في أمته فلا يختص به واحد دون آخر، ولا كذلك علم الشخص لما عرفت. وهذا معنى ما ذكره الناظم في باب النكرة والمعرفة من شرح التسهيل من أن أسامة ونحوه نكرة معنى معرفة لفظًا، وأنه في الشياع كأسد، وهو مذهب قوم من النحاة لكن تفرقة الواضع بين اسم الجنس وعلم الجنس في الأحكام اللفظية تؤذن بالفرق بينهما في المعنى أيضًا. وفي كلام سيبويه الإشارة إلى الفرق، فإن كلامه في هذا حاصله أن هذه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جنس نكرة وهو من ذكر اللازم بعد الملزوم. قوله: "بين اسم الجنس" أي الذي هو النكرة كما للآمدي وابن الحاجب وجماعة. وكما هو الظاهر من عبارات كثير من النحاة وسيصرح به الشارح نقلًا عن بعضهم. وأما ما في حواشي شيخنا السيد أن النحاة على أن اسم الجنس وضع للماهية بلا قيد الاستحضار ففيه ما فيه. قوله: "تؤذن بالفرق إلخ" إذ لو لم يكن بينهما فرق من جهة المعنى لزم التحكم. قوله: "الإشارة إلى الفرق" أي بين علم الجنس واسم الجنس الذي هو النكرة على ما مر. ولما لم يبين سيبويه معنى اسم الجنس اتكالًا على ظهوره عندهم عبر بالإشارة. واشتهر عن كثير من العلماء الفرق بين الثلاثة بما حاصله أن علم الجنس موضوع للحقيقة المعينة ذهنًا باعتبار حضورها فيه بمعنى أن الحضور جزء مفهومه أو شرط على القولين، والصحيح عندي منهما الثاني وإن اقتصر البعض على الأول لأن التعين سواء كان شخصيًّا كما في علم الشخص أو ذهنيًّا كما في علم الجنس أمر اعتباري كما صرحوا به، فلو كان جزءًا داخلًا في مفهوم العلم لزم أن يكون مدلول العلم شخصيًّا أو جنسيًّا أمرًا اعتباريًّا لأن المجموع المركب من الوجودي والاعتباري اعتباري، وأن دلالة لفظ زيد مثلًا على مجرد الذات تضمن لا مطابقة، وكل من اللازمين في غاية البعد إن لم يكن باطلًا، واسم الجنس موضوع للحقيقة المعينة ذهنًا لا بهذا الاعتبار والنكرة موضوعة للفرد المنتشر. قال البعض ولي فيه وقفة لأن اسم الجنس على تقدير كونه موضوعًا للحقيقة يلزم أن يكون معرفة لأن الحقيقة من حيث هي متحدة ذهنًا وعدم اعتبار قيد الحضور معها لا يخرجها عن التعين وحينئذٍ فالفرق المذكور من جهة المعنى لا يجدي نفعًا في إجراء أحكام المعارف على علم الجنس دون اسمه ويؤيد ذلك حكمهم على مدخول أل الجنسية في قولك: الرجل خير من المرأة بأنه معرفة مع أن المراد بمدخولها الحقيقة من حيث هي مع أن جعل اسم الجنس قسيمًا للنكرة ينافي حصر الجمهور الاسم في المعرفة والنكرة، ومنهم القائلون بهذا الفرق فالذي يختاره العقل ويميل إليه أن اسم الجنس كالنكرة موضوع للفرد المنتشر كما سيذكره الشارح هذا كلامه. وأنا أقول: قال العلامة سم في الآيات البينات عند قوله ابن السبكي العلم ما وضع لمعين إلخ ما نصه: فيه أي في تعريف العلم بما ذكر أن النكرة وضع لمعين أيضًا إذ الواضع إنما يضع لمعين فقوله أي المحلي خرج النكرة ممنوع. ويجاب بأن المراد أنه وضع لمعين باعتبار تعينه فخرج النكرة فإنه وإن وضع لمعين لم يعتبر تعينه. ا. هـ.
وقد عرّف غير واحد من المحققين المعرفة بما وضع لمعين باعتبار تعينه. فتبين أن تعين
198 | 435(1/197)
العلم
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأسماء موضوعة للحقائق المتحدة في الذهن، ومثله بالمعهود بينه وبين مخاطبه، فكما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموضوع له حاصل في النكرة أيضًا وأن الفرق بين النكرة والمعرفة اعتبار التعين في المعرفة وعدم اعتباره في النكرة، فوجود التعين المراد من الحضور في عبارة من عبر به في اسم الجنس من غير اعتباره لا يقتضي كونه معرفة واستناده إلى حكمهم على مدخول أل الجنسية بأنه معرفة مع أن المراد بمدخولها الحقيقة من حيث هي من باب الاشتباه لأن المراد بقولهم من حيث هي في كلامهم على مدخول أل الجنسية عدم اعتبار الفرد معها بالكلية لا عدم اعتبار التعين لأنه معتبر في مدخولها كما صرح به السعد في مطوله ومختصره في الكلام على تعريف المسند إليه بأل، وكذا سائر المعارف كما علمت. ومن ثم فرقوا بين علم الجنس ومدخول أل الجنسية بأن دلالة الأول على اعتبار التعين بجوهره والثاني بقرينة أل. والمراد بقولهم من حيث هي في تعريف اسم الجنس عدم اعتبار التعين فيه وتشبثه بأن جعل اسم الجنس قسيمًا للنكرة ينافي حصر الجمهور الاسم في المعرفة والنكرة، ومنهم القائلون بهذا الفرق لا ينهض لأن النكرة تطلق اطلاقين خاصًا وعامًا كما قاله يس وغيره: فتطلق تارة ويراد بها ما قابل المعرفة فتعم اسم الجنس، وتطلق تارة ويراد بها ما قابل اسم الجنس فتخص. إذا أشرقت في سماء بصيرتك شمس أنوار هذا التحقيق عرفت انحلال وقفته بحذافيرها والله ولي التوفيق. وكثيرًا ما يخطر ببالي فرق آخر بين علم الجنس واسمه قريب من الفرق السابق وهو أن الحقيقة الذهنية لها جهتان: جهة تعينها ذهنًا وجهة صدقها على كثيرين، فعلم الجنس هو ما وضع للحقيقة من حيث تعينها ذهنًا بمعنى أن تعينها ذهنًا هو المعتبر الملحوظ في وضعه دون الصدق، فيكون الصدق حاصلًا غير مقصود في وضعه ولهذا كان معرفة، واسم الجنس ما وضع لها من حيث صدقها على كثيرين، بمعنى أن الصدق هو المعتبر الملحوظ في وضعه دون التعين فيكون التعين حاصلًا غير مقصود في وضعه ولهذا كان نكرة عند تجرده من أل والإضافة وهو فرق نفيس، وفي ظني أني رأيت ما يؤيده في كلام بعضهم والذي استوجهه الشيخ الغنيمي وتلميذه الشبراملسي أن الفرق بين اسم الجنس والنكرة بأن اسم الجنس للحقيقة بلا قيد والنكرة للفرد اعتباري وأن كلًا من رجل وأسد يصح أن يكون نكرة واسم جنس بالاعتبارين المذكورين ويمكن مثله في فرقنا أيضًا هذا. وفي حواشي شيخنا السيد أن المراد بالذهن في هذا المقام ذهن المخاطب لأن المعتبر في جميع المعارف تعينها وعهدها في ذهن المخاطب، وكان رحمه الله تعالى يقرر ذلك في دروسه، ويعكر عليه أن بعض أصحاب الفرق الأول وهو المحقق الخسروشاهي شيخ القرافي صرح بأنه ذهن الواضع فاعرف ذلك.
قوله: "أن هذه الأسماء" أي أعلام الأجناس. قوله: "للحقائق المتحدة في الذهن" أي المتوحدة فيه، وانظر هل يقول سيبويه بأن اسم الجنس للحقيقة المتحدة ذهنًا فيكون الفرق بين علم الجنس واسمه عنده اعتبار التعين في علم الجنس دون اسمه كما هو المشهور. أو بأنه للفرد المنتشر فيكون الفرق عنده ظاهرًا ولعل هذا أقرب إلى كلامه. قوله: "ومثله" أي نظيره وشبهه في اعتبار التعين فقط فلا يرد أن الممثل ماهية والممثل به فرد والضمير يرجع إلى الحقائق المتحدة
199 | 435(1/198)
العلم
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صح أن يعرف ذلك المعهود باللام فلا يبعد أن يوضع له علم. قال بعضهم: والفرق بين أسد وأسامة أن أسدًا موضوع للواحد من آحاد الجنس لا بعينه في أصل وضعه، وأسامة موضوع للحقيقة المتحدة في الذهن. فإذا أطلقت أسدًا على واحد أطلقته على أصل وضعه وإذا أطلقت أسامة على واحد فإنما أردت الحقيقة. ولزم من إطلاقه على الحقيقة باعتبار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الذهن، وذكره للتأول بالمذكور أو مدلول هذه الأسماء أي وتماثلهما يقتضي أن ما ثبت لأحدهما يثبت هو أو نظيره للآخر فلذلك قال: فكما صح أن يعرف ذلك المعهود باللام أي التي هي أحد طرق التعريف فلا يبعد أن يوضع له أن للمذكور من تلك الحقائق علم لأن العلمية أحد طرق التعريف أيضًا نظير أل. قوله: "قال بعضهم" هذا تأييد وإيضاح لما قاله سيبويه في علم الجنس وتصريح بما سكت عنه من بيان اسم الجنس. قوله: "لا بعينه" أي حالة كون الواحد غير ملتبس بتعينه في أصل وضعه. قوله: "أطلقته على أصل وضعه" أي إطلاقًا جاريًا على أصل هو وضعه، أو المراد بالوضع الموضوع له والظرف حينئذٍ لغو متعلق بأطلقته والإضافة على كل للبيان وهذا على ما قدمه من أنه موضوع للواحد لا بعينه. وأما على أنه موضوع للحقيقة فإذا أطلق على الفرد المبهم أو المعين من حيث وجودها فيه وصدقها عليه كان إطلاقًا حقيقيًّا وإلا كان مجازًا، وكذا يقال في علم الجنس إذا أطلق على الفرد المبهم أو المعين كما قاله الفاكهي. وما ذكر من التفصيل هو الذي قاله السعد في مطوّله. والذي قاله الكمال بن الهمام ونقله عن المتقدمين أن إطلاق اسم الحقيقة على أفرادها حقيقة مطلقًا.
قوله: "وإذا أطلقت أسامة على واحد" أي معين كما في هذا أسامة مقبلًا أو مبهم كما في إن رأيت أسامة ففر منه. قوله: "فإنما أردت الحقيقة" أي لاحظت حال إطلاقه على الفرد ما تضمنه من الحقيقة فالذي استعمل فيه اللفظ وأطلق عليه حقيقة هو الحقيقة الموجودة في الفرد. ويرد عليه أنه يجوز أن يريد بأسامة الفرد من غير ملاحظة الحقيقة فما ذكره من الحصر ممنوع ويمكن دفعه بأن كلامه في الإطلاق الحقيقي أي وإذا أطلقت إسامة على واحد إطلاقًا حقيقيًّا فيتم الحصر. قوله: "باعتبار الوجود" أي وجودها في ضمن الأفراد المستعمل فيها اللفظ وقوله: فجاء التعدد أي تعدد معنى أسامة تعددًا بدليًا ضمنًا أي لزومًا من الإطلاق والاستعمال، إذ يلزم من إطلاقه على الحقيقة التي توجد في ضمن أفراد متعددة التعدد. وقوله باعتبار أصل الوضع عطف على محذوف أي باعتبار الاطلاق والاستعمال لا باعتبار أصل الوضع فاندفع قول البعض كان المناسب لقوله لا باعتبار أصل الوضع أن يقول فجاء التعدد باعتبار الاستعمال. قوله: "وهي" أي مسألة الفرق. قوله: "للفجره" لم يقل للفجور لأن فعال من أعلام المؤنث. قوله: "بمعنى الفجور" أي لا بمعنى المرة من الفجور فالتاء لتأنيث الحقيقة لا للوحدة. قوله: "أنا اقتسمنا" بفتح همزة أنا لوقوعها مفعولًا لعلمت في البيت قبله والخطة بالضم الخصلة. وأما بالكسرة فالأرض التي يخط عليها لتحاز وتبنى. قوله: "دعوا" بالبناء للمفعول كيسان أي إلى كيسان.
قوله: "يكون للذوات والمعاني" هذا التقسيم على مذهب غير المصنف باعتبار الماصدق
200 | 435(1/199)
العلم
من ذاك أم عريط للعقرب وهكذا ثعالة للثعلب
ومثله برة للمبرة كذا فجار علم للفجرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوجود التعدد، فجاء التعدد ضمنًا لا باعتبار أصل الوضع. قال الأندلسي شارح الجزولية: وهي مسألة مشكلة "من ذاك" الموضوع علما للجنس "أم عريط" وشبوة "للعقرب وهكذا ثعالة" وأبو الحصين "للثعلب" وأسامة وأبو الحرث للأسد، وذؤالة وأبو جعدة للذئب "ومثله برة" علم "للمبره" بمعنى البرو "كذا فجار" بكسر كحذام "علم للفجرة" بمعنى الفجور وهو الميل عن الحق. وقد جمعهما الشاعر في قوله:
74-
أنا اقتسمنا خطتينا بيننا فحملت برة واحتملت فجار ومثله كيسان علم على الغدر. ومنه قوله:
75-
إذا ما دعوا كيسان كانت كهولهم إلى الغدر أدنى من شبابهم المرد وكذا أم قشعم للموت، وأم صبور للأمر الشديد. فقد عرفت أن العلم الجنسي يكون للذوات والمعاني ويكون اسمًا وكنية.
وخاتمة: قد جاء علم الجنس لما يؤلف كقولهم للمجهول العين والنسب: هيان بن بيان، وللفرس: أبو المضاء، وللأحمق أبو الدغفاء وهو قليل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا المفهوم الذي هو دائمًا الماهية الذهنية وكونه للذوات أكثر من كونه للمعاني. قوله: "قد جاء علم الجنس لما يؤلف" هو ما احترز عنه بقوله فيما مر غالبًا. قوله: "كقولهم للمجهول إلخ" وكقولهم للبغل أبو الأثقال، وللجمل أبو أيوب، وللحمار أبو صابر، وللدجاجة أم جعفر، وللشاة أم الأشعث، وللنعجة أم الأموال. قوله: "هيان بن بيان" هو من أسماء الأضداد لأن المجهولات مستصعبة خفية، لا هينة بينة. قوله: "وهو قليل" لأن الأشياء المألوفة توضع الأعلام لآحادها لا لأجناسها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
74- البيت من الكامل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص55 ؛ وإصلاح المنطق ص336 ، وخزانة الأدب 6/ 327 ، 330، 333، والدرر 1/ 97؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 216؛ وشرح التصريح 1/ 125؛ وشرح المفصل 4/ 53؛ والكتاب 3/ 274؛ ولسان العرب 5/ 42 "برر"، 5/ 48 "فجر"، 11/ 174 "حمل"؛ والمقاصد النحوية 1/ 405؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 349؛ وجمهرة اللغة ص463؛ وخزانة الأدب 6/ 284؛ والخصائص 2/ 198، 3/ 261، 265؛ وشرح عمدة الحافظ ص141؛ وشرح المفصل 1/ 38؛ ولسان العرب 13/ 37 "أنن"، ومجالس ثعلب 2/ 464؛ وهمع الهوامع 2/ 29.
75- البيت من الطويل، وهو للنمر بن تولب في ملحق ديوانه ص399؛ والأغاني 14/ 28؛ وله أو لضمرة بن ضمرة في شرح المفصل 1/ 37، 38 ؛ ولسان العرب 6/ 201 "كيس"؛ وبلا نسبة في شرح التصريح 1/ 215.
201 | 435(1/200)
اسم الإشارة
اسم الإشارة:
بذا لمفرد مذكر أشر بذي وذة تي تا على الأنثى اقتصر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اسم الإشارة :
اسم الإشارة: ما وضع لمشار إليه، وترك الناظم تعريفه بالحد اكتفاء بحصر أفراده
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اسم الإشارة:
أي اسم تصحبه الإشارة الحسية وهي التي بأحد الأعضاء. قوله: "لمشار إليه" أي إشارة حسية، ولم يصرّح بذلك لأن الإشارة حقيقة في الحسية دون الذهنية والمطلق يحمل على حقيقته، فلا يرد ضمير الغائب وأل ونحوهما لأن الإشارة بذلك ذهنية، ولا دور في التعريف لأن أخذ جزء المعرف في التعريف لا يوجبه لجواز أن يكون معرفة ذلك الجزء ضرورية أو مكتسبة بشيء آخر، صرح بجميع ذلك الدماميني. وأما الجواب بأن الإشارة في التعريف لغوية وفي المعرف اصطلاحية ففيه أن المراد بالمعرف اسم تصحبه الإشارة الحسية فالإشارة فيه لغوية كالتعريف، وكون الإشارة حسية يستلزم كون المشار إليه محسوسًا بالبصر حاضرًا فاستعماله في غيره مجاز بالاستعارة التصريحية الأصلية أو التبعية على خلاف في ذلك بيناه في رسالتنا في الاستعارات. وما يقتضيه كلام ابن الناظم من أن استعماله في المنزل منزلة المحسوس الحاضر حقيقة خلاف المعروف. قوله: "بحصر أفراده" أي أفراد اسم الإشارة وهي سبعة عشر: ثلاثة للمفرد المذكر، وعشرة للمفردة المؤنثة، وذان وتان وأولى بالمد والقصر، فقوله وهي ستة غير ظاهر إلا أن يقال جعله أفراد اسم الإشارة ستة باعتبار المشار إليه وإن كانت في نفسها أكثر من ستة، وباعتبار المشار إليه يندفع ما يقال كيف عد اسم إشارة الجمع المذكر والمؤنث فردين مع اتحاد اللفظ. قوله: "بذا" تقديم الجار والمجرور للحصر الإضافي أي بالنسبة إلى الصيغ المذكورة في المتن. فالمعنى بذا لا بغيره من الصيغ الآتية، فلا ينافي أنه يشار إلى المفرد المذكر بغير ذا مما ذكره الشارح. وزاد في التسهيل للبعيد آلك بهمزة ممدودة فلام. قال الدماميني وينبغي أن يكون كل من الذال والهمزة أصلًا ليس أحدهما بدلًا من الآخر لتباعد مخرجيهما ويسأل عن هذا في باب النداء عند ذكر آ في حروف نداء البعيد فيقال في أي موضع يكون آ اسمًا. ا. هـ. باختصار. واعلم أن مذهب البصريين أنه ثلاثي الأصل لا ثنائي، وألفه زائدة لبيان حركة الذال كما يقوله الكوفيون، ولا ثنائي وألفه أصلية مثل ما كما يقول السيرافي لغلبة أحكام الثلاثي عليه من الوصفية والموصوفية والتثنية والتصغير ولا شيء من الثنائي كذلك. وأصله ذيي بالتحريك بدليل الانقلاب ألفًا حذفت لامه اعتباطًا وقلبت عينه ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها. وقيل: ذوي لأن باب طويت أكثر من باب حييت. وقيل: ذيي بإسكان العين والمحذوف العين والمقلوب ألفًا اللام لأن حذف الساكن أهون من حذف المتحرك. وردّ الأول بحكاية سيبويه إمالة ألفه ولا سبب لها هنا إلا انقلابها عن الياء مع كون الحذف أليق بالآخر فلا يقال: يحتمل أن المحذوف الواو والمقلوب
202 | 435(1/201)
اسم الإشارة
وذان تان للمثنى المرتفع وفي سواه ذين تين اذكر تطع
وبأولى أشر لجمع مطلقًا والمد أولى ولدى البعد انطقا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالعد وهي ستة لأنه إما مذكر أو مؤنث، وكل منهما إما مفرد أو مثنى أو مجموع "بذا" مقصورًا "لمفرد مذكر أشر" وقد يقال: ذاء بهمزة مكسورة بعد الألف، وذائه بهاء مكسورة بعد الهمزة "بذي وذه" وته بسكون الهاء وبكسرها أيضا بإشباع وباختلاس فيهما و"تي" وتا" وذات "على الأنثى" المفردة "اقتصر" فلا يشار بهذه العشرة لغيرها كما حكاها في التسهيل "وذان" و"تان للمثنى المرتفع" الأول لذكره والثاني لمؤنثه "وفي سواه" أي سوى المرتفع وهو المجرور والمنتصب "ذين" و"تين" بالياء "اذكر تطع" وأما {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [طه: 63] فمؤول "وبأولى أشر لجمع مطلقًا" أي مذكرًا كان أو مؤنثا "والمد أولى" فيه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الياء، والثاني بأن الحذف أليق بالآخر.
قوله: "لمفرد" قيل: اللام بمعنى إلى ومقتضاه أن الإشارة لا تتعدى باللام وهو ما يفيده صنيع القاموس، والمراد المفرد حقيقة أو حكمًا كالجمع والفريق. قال في متن الجامع وقد يستعار لغير المفرد ماله نحو عوان بين ذلك أي الفارض والبكر. ولك أن تقول المرجع ما ذكر فهو مفرد حكمًا. قوله: "مذكر" أي حقيقة أو حكمًا نحو: "فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي" وقيل: التذكير لأن الله تعالى حكى قول إبراهيم ولا فرق في لغته بين المذكر والمؤنث لأن الفرق بينهما خاص بالعرب. قوله: "بعد الهمزة" أي المكسورة أيضًا. وروي ضمهما معًا أيضًا كما في التصريح. قوله: "بذي" بقلب ألف ذا ياء، وذه بقلب ياء ذي هاء، وتي بقلب الذال تاء والألف ياء. وعلى هذا قياس البقية نقله الروداني. قوله: "وذات" بالبناء على الضم وهي أغربها واسم الإشارة ذا والتاء للتأنيث شنواني. قوله: "على الأنثى" أي حقيقة أو حكمًا كالمذكر المنزل منزلة الأنثى وقوله المفردة: أي حقيقة أو حكمًا كالفرقة والجماعة.
قوله: "فلا يشار بهذه العشرة إلخ" أشار إلى أن الباء داخلة على المقصور لا على المقصور عليه وهذا إذا لوحظ كل واحد من العشرة على حدته فإن لوحظ المجموع جاز الأمران. قوله: "للمثنى المرتفع" اعترض بأنه إن أريد بالمثنى اللفظ الذي هو صيغة التثنية ورد عليه أنه نفس ذان وتان وحينئذٍ يختل الكلام. وإن أريد به المعنى الذي هو الاثنان ورد عليه أن الارتفاع وصف اللفظ لا المعنى ويجاب باختيار الشق الثاني وتقدير مضاف عقب المرتفع: أي المرتفع داله، أو الأول وتقدير المضاف قبل المثنى أي المدلول المثنى المرتفع وهو الاثنان أولًا تقدير والنسبة المستفادة من اللام من نسبة الجزئي لكليه. والمراد المثنى صورة المرتفع محلًّا فلا يقال: اسم الإشارة مبني فلا يثنى ولا يرفع. هذا هو الأصح. والظاهر أن الاسمين مبنيان على الألف والياء كما في يا رجلان ولا رجلين. واعلم أنه لا يثنى من أسماء الإشارة إلا ذا وتا. قوله: "الأول لمذكره والثاني لمؤنثه" أورد عليه فذانك برهانان لأن المرجع اليد والعصا وهما مؤنثان. وأجيب بأن التذكير لمراعاة الخبر ذكره في المغني. قوله: "وفي سواه" أي في حال إرادة سواه.
203 | 435(1/202)
اسم الإشارة
بالكاف حرفا دون لام أو معه واللام إن قدمت ها ممتنعه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من القصر لأنه لغة الحجاز، وبه جاء التنزيل، قال الله تعالى: {هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ} [آل عمران: 119]، والقصر لغة تميم.
تنبيه: استعمال أولاء في غير العاقل قليل. ومنه قوله:
76-
ذم المنازل بعد منزلة اللوى والعيش بعد أولئك الأيام وما تقدم هو فيما إذا كان المشار إليه قريبًا "ولدى البعد" وهي المرتبة الثانية من مرتبتي المشار إليه على رأي الناظم "انطقا" مع اسم الإشارة "بالكاف حرفًا" ألف انطقا مبدلة من نون التوكيد الخفيفة، وحرفًا حال من الكاف: أي انطقن بالكاف محكومًا عليه بالحرفية، وهو اتفاق. ونبه عليه لئلا يتوهم أنه ضمير كما هو في غلامك، ولحق الكاف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "فمؤول" من تأويلاته أنه على لغة من يلزم المثنى الألف. قوله: "مطلقًا" حال من جمع وهو نكرة بلا مسوغ من المسوغات الآتية في باب الحال فيكون مجيء الحال منه من القليل.
قوله: "والمدّ أولى فيه من القصر" فيه أن المد والقصر من خواص المعرب عند النحاة وأولى مبني. والجواب أنه جرى على عرف اللغويين والقراء الذين لا يخصونهما بالمعرب. ووزن الممدود فعال وقيل فعل كهدى زيد في آخره ألف فانقلبت الثانية همزة ووزن المقصور فعل اتفاقًا وألفها أصل لعدم التمكن وقيل منقلبة عن ياء لإمالتها وتنوين الممدود لغة. قال ابن مالك: والجيد أن يقال إن صاحب هذه اللغة زاد نونًا كنون ضيفن وبناء آخره على الضم لغة وكذا إشباع الهمزة أوله وإبدال أوله هاء مضمومة وإبداله هاء مفتوحة تليها واو وساكنة كذا في التسهيل وشرحه وتكتب مقصورة وممدودة بواو قبل اللام لئلا يلتبس باليك جارًا ومجرورًا وتكتب ألف المقصورة ياء. قوله: "قليل" ومنه في القرآن: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا} [الإسراء: 36]. قوله: "ذم" بفتح آخره تخفيفًا وكسره على الأصل وضمه اتباعًا وهي على هذا الترتيب في الحسن على ما يظهر لي. والمراد بالعيش المعيشة. قوله: "قريبًا" أي حقيقة أو حكمًا وكذا في البعد. قوله: "ولدى البعد" أي بعد المشار إليه قليلًا أو كثيرًا على رأي الناظم أنه له مرتبتين كما سيأتي. قوله: "على رأي الناظم" أي تبعًا لبعض النحاة، وعزى لسيبويه وهو الراجح لأنه سيأتي أن ترك اللام لغة التميميين والإتيان بها لغة الحجازيين، فلو كانت المراتب ثلاثة كما عليه الجمهور للزم أن التميميين لا يشيرون إلى البعيد والحجازيين لا يشيرون إلى المتوسط. قوله: "محكومًا عليه بالحرفية" أشار إلى أن هذه الحال وإن كانت جامدة لفظًا هي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
76- البيت من الكامل، وهو لجرير في ديوانه ص990 وفي "الأقوام" مكان "الأيام"؛ وتخليص الشواهد ص123، وخزانة الأدب 5/ 430؛ وشرح التصريح 1/ 128؛ وشرح شواهد الشافية ص167؛ وشرح المفصل 9/ 129؛ ولسان العرب 5/ 437 "أولي"، والمقاصد النحوية 1/ 408؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 134؛ وشرح ابن عقيل ص72؛ والمقتضب 1/ 185.
204 | 435(1/203)
اسم الإشارة
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للدلالة على الخطاب، وعلى حال المخاطب من كونه مذكرًا أو مؤنثًا. مفردًا أو مثنى أو مجموعًا فهذه ستة أحوال تضرب في أحوال المشار إليه وهي ستة كما تقدم فذلك ستة وثلاثون يجمعها هذان الجدولان وطريقة هذين الجدولين المشار إليهما أنك تنظر لأحوال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مشتقة تأويلًا. قوله: "للدلالة على الخطاب" أي بالمادة وقوله: وعلى حال المخاطب أي بهيئته أو ما يلحقه. وأما دلالتها على البعد فعارض نشأ من استعمالهم إياها عند البعد.
فائدة: تتصل هذه الكاف الحرفية بأرأيت بمعنى أخبرني لا بمعنى أعلمت مغنيًا لحاق علامات الفروع بها عن لحاقها بالتاء، والتاء حينئذٍ اسم مجرد عن الخطاب ملتزم فيه الأفراد والتذكير هو الفاعل. وعكس الفراء فجعل التاء حرف خطاب والكاف فاعلًا. وقال الكسائي: التاء فاعل والكاف مفعول. والصحيح الأول قال ابن هشام: وأرأيت هذه منقولة من أرأيت بمعنى أعلمت لا من أرأيت بمعنى أأبصرت، ألا ترى أنها تتعدى إلى مفعولين، وهذا من الإنشاء المنقول إلى إنشاء آخر، يعني أن هذا الكلام كان أولًا لإنشاء هو الأمر إذ هو بمعنى أخبر. وقال الرضي: أرأيت بمعنى أخبر منقول من أرأيت بمعنى أأبصرت أو أعرفت ولا يستعمل إلا في الاستخبار عن حالة عجيبة. وقد يؤتى بعده بالمنصوب الذي كان مفعولًا به نحو أرأيت زيدًا ما صنع، وقد يحذف نحو: {أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّه} [الأنعام: 40]، الآية وكم ليس بمفعول بل حرف خطاب ولا بد سواء أتيت بذلك المنصوب أولًا من استفهام ظاهر أو مقدر يبين الحال المستخبر عنها، فالظاهر نحو أرأيت زيدًا ما صنع وأرأيتكم إن أتاكم عذاب الله الآية، والمقدر نحو: {أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَن} [الإسراء: 62] أي أرأيتك هذا المكرم لم كرمته عليّ. وقوله: لئن أخرتن كلام مستأنف ولا محل لجملة الاستفهام لأنها مستأنفة لبيان الحال المستخبر عنها كأن المخاطب قال لما قلت: أرأيت زيدًا عن أي شيء من حالة تستخبر فقلت: ما صنع فهو بمعنى قولك أخبرني عنه ما صنع، وليست الجملة المذكورة مفعولًا ثانيًا لأرأيت كما ظنه بعضهم. ا. هـ. بحذف وفيه مخالفة لكلام ابن هشام من وجهين: أحدهما جعله أرأيت منقولًا من أرأيت بمعنى أأبصرت أو أعرفت، والثاني أنها ليست متعدية إلى مفعولين وأن الجملة المذكورة بعدها لا مفعول ثان ولم يبين وجه نصب زيد في مثل أرأيت زيدًا ما صنع فإنه لا يصح أن يكون منصوبًا على إسقاط الخافض أي أخبرني عن زيد وإن كان في كلامه ما يشير إلى هذا الوجه وذلك لأن النصب على إسقاط الخافض ليس بقياس في مثل هذا ولا مفعولًا به لأرأيت لأن معنى الرؤية قد انسلخ عن هذا اللفظ ونقل إلى طلب الإخبار، والذي يظهر لي أنه على حذف مضاف أي خبر زيد. ا. هـ. دماميني ملخصًا.
وقد يختار ما أشار إليه الرضي ويجعل النصب بنزع الخافض هنا من موارد السماع. ومفاد ما مر عن ابن هشام أن زيدًا مفعول به أول وجملة الاستفهام في موضع المفعول الثاني وبه صرح غيره، ويشكل عليه الانسلاخ المذكور اللهم إلا أن ينظر إلى المنقول عنه فتأمل. قوله: "فذلك ستة وثلاثون" هذا العدد ملحوظ فيه المعنى لا اللفظ وإلا فمن ستة المشار إليه حالتان مشتركتان
205 | 435(1/204)
اسم الإشارة
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المخاطب الستة، فتأخذ كل حال منها مع أحوال المشار إليه الستة مبتدئًا منها بالمفرد بقسميه، ثم بالمثنى كذلك، ثم بالمجموع كذلك، وابتدئ بالمخاطب المذكر المفرد ثم المثنى ثم المجموع. ثم المخاطبة المؤنثة المفردة ثم المثنى ثم المجموع. وإنما قضى على هذه الكاف بالحرفية على اختلاف مواقعها؛ لأنها لو كانت اسمًا لكان اسم الإشارة مضافًا واللازم باطل؛ لأن اسم الإشارة لا يقبل التنكير بحال. وتلحق هذه الكاف اسم الإشارة "دون لام" كما رأيت، وهي لغة تميم "أو معه" وهي لغة الحجاز. ولا تدخل اللام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في اللفظ وهما الجمع المذكر والجمع المؤنث ومن ستة المخاطب حالتان كذلك وهما المثنى المذكر والمثنى المؤنث، فبالنظر إلى اللفظ يكون المضروب خمسة والمضروب فيه خمسة بخمسة وعشرين كما قاله شيخنا ومن هنا يظهر لك ما في كلام البعض من السهو. واعلم أنك إذا ضربت الستة والثلاثين في مرتبتي القرب والبعد كان الحاصل اثنين وسبعين وعلى اعتبار التوسط يكون المجموع مائة وثمانية المتعذر منها ثلاثون، ولأن إشارات القريب التي هي ستة باعتبار أحوال المشار إليه لا تتعدد بحسب أحوال المخاطب إذ لا يلحقها كاف الخطاب فيسقط ثلاثون والممتنع منها اثنى عشر وهي ما اجتمع فيها الكاف واللام، والجائز منها ست وستون، فمن جدولها منهم كالشارح لم يستوعب أقسامها الجائزة، ومن لم يجدولها كصاحب التصريح بل اكتفى بالتصوير العقلي لم يبين المتعذر منها والجائز والممتنع.
وهذا جدول كافل بجميع ذلك. والصفر الموضوع في الأسطر الستة علامة على أنه ليس لذلك الاسم علامة تدل على المخاطب بالإشارة، وذلك في جميع صور القريب.
قوله: "مبتدئًا منها" أي من أحوال المشار إليه قوله: "بالمفرد بقسميه" المذكر والمؤنث وعلى هذا يقرأ السطر الأول من الجدول الأيمن ثم السطر المقابل له من الجدول الأيسر ثم السطر الثاني من الأيمن ثم المقابل له من الأيسر وهكذا. قوله: "وابتدئ" أي من أحوال المخاطب فترتيب أحواله على خلاف ترتيب أحوال المشار إليه. قوله: "على اختلاف إلخ" أي مع اختلاف مواقعها كالاسمية قال في التصريح هذه الكاف وإن كانت حرفية تتصرف تصرف الكاف الاسمية في غالب اللغات فتفتح للمخاطب وتكسر للمخاطبة وتلحقها علامة التثنية والجمعين، ودون هذا أن تفتح في التذكير وتكسر في التأنيث ولا تلحقها علامة تثنية ولا جمع، ودون هذا أن تفتح مطلقًا ولا تلحقها علامة تثنية ولا جمع. قوله: "لأن اسم الإشارة إلخ" ولقولهم ذانك وذينك ولو كان مضافًا لحذفت النون. قوله: "لا يقبل التنكير بحال" لأنه لمصاحبته الإشارة الحسية لا يقبل شياعًا أصلًا. قوله: "وتلحق هذه الكاف اسم الإشارة" ظاهره مطلقًا وفي الدماميني والهمع وغيرها أنها لا تلحق من إشارات المؤنث إلا تي وتا وكذا ذي على خلاف قالوا تيك وتلك وتيلك بكسر التاء في الثلاثة، وتيك وتلك بفتح التاء فيهما، وتالك وذيك وأنكر الأخيرة ثعلب وجعلها الجوهري خطأ ولا يقتضي جواز فتح تيك جواز تي بفتح التاء للقريب إذ لا بعد في اختصاص فتح التاء بالمتوسط والبعيد كاختصاص ذلك بالبعيد.
206 | 435(1/205)
اسم الإشارة
207 | 435(1/206)
اسم الإشارة
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على الكاف مع جميع أسماء الإشارة مع المفرد مطلقًا، نحو ذلك، وتلك. ومع أولى مقصورًا نحو أولاك وأولى لك. وأما المثنى مطلقا وأولاء الممدود فلا تدخل معهما اللام.
"واللام إن قدمت ها" التنبيه فيه "ممتنعه" عند الكل، فلا يجوز اتفاقًا هذلك، ولا هاتلك ولا هؤلاء لك كراهة كثرة الزوائد.
تنبيه: أفهم كلامه أن ها التنبيه تدخل على المجرد من الكاف، نحو هذا هذه وهذان وهاتان وهؤلاء وعلى المصاحب لها وحدها نحو هذاك وهاتيك وهاذانك وهاتانك وهؤلاتك، لكن هذا الثاني قليل. ومنه قوله طرفة:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وهي لغة تميم" فلا يأتون باللام مطلقًا لا في مفرد ولا في مثنى ولا في جمع كما في التوضيح وشرحه للشيخ خالد فقول الشارح ومع أولى مقصورًا أي عند غير بني تميم ممن يوافقهم في القصر كقيس وأسد وربيعة كما في التصريح فلا يقال لغة بني تميم وهم لا يأتون باللام وفي شرح التوضيح للشارح أن بني تميم يأتون باللام مع الجمع مقصورًا وهو مخالف لما مر فتدبر. قوله: "أو معه" أو للتخيير بالنسبة إلى المفرد وأولى المقصور ولتنويع اسم الإشارة بالنسبة إلى المثنى وأولاء الممدود مع غيرهما، وظاهر عبارة الشارح أنها لتنويع خلاف العرب فافهم. قوله: "بل مع المفرد مطلقًا" أي مذكرًا أو مؤنثًا على ما علم مما مر وهذه اللام لتأكيد بعد المشار إليه على ما يناسب مذهب المصنف وقيل: لبعد المشار إليه وقيل: لبعد المخاطب حكى الثلاثة يس. وأصلها السكون وكسرت للتخلص من التقاء الساكنين أو للفرق بينها وبين لام الجر في نحو ذلك لكن تارة يبقى سكونها وتحذف الياء أو الألف قبلها للتخلص من التقاء الساكنين كما في تلك بكسر التاء وتلك بفتحها. وتارة تبقى الياء أو الألف قبلها وتحرك هي بالكسر كما مر في تيلك وتالك وذلك.
قوله: "واللام" مبتدأ خبره ممتنعة وجواب الشرط محذوف لدلالة خبر المبتدأ عليه. وما أشار إليه الشارح تبعًا للمكودي من أن ممتنعة خبر مبتدأ محذوف مع الفاء والجملة جواب الشرط وجملة الشرط وجوابه خبر المبتدأ ممنوع كما تقدم بيانه في قول المصنف:
والأمر إن لم يك للنون محل إلخ كذا قال البعض، وهو مبني على ما ذكره هناك من الضابط وقد أسلفنا هناك أن صاحب المغني جوز الوجهين في قول ابن معطي:
اللفظ أن يفد هو الكلام وأن ذلك الضابط محمول على السعة فاعرفه. قوله: "وهاذانك وهاتانك وهؤلائك" أي على الأصح عند أبي حيان وغيره. وقيل: لا يجمع بين الكاف وها التنبيه في مثنى أو جمع وعليه المصنف في شرح التسهيل والقولان ذكرهما في الهمع فسقط اعتراض البعض كغيره على تمثيل الشارح بالأمثلة الثلاثة الأخيرة. قوله: "لكن هذا الثاني قليل" أي لأن المخاطب ربما لا يبصر
208 | 435(1/207)
اسم الإشارة
209 | 435(1/208)
اسم الإشارة
وبهنا أو ههنا أشر إلى داني المكان وبه الكاف صلا
في البعد أو بثم فه أو هنا أو بهنالك انطقن أو هنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
77-
رأيت بني غبراء لا ينكرونني ولا أهل هذاك الطراف الممدد "وبهنا" المجردة من ها التنبيه "أو ههنا" المسبوقة بها "أشر إلى داني المكان" أي قريبه نحو: {إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24] "وبه الكاف صلا في البعد" نحو هناك وههناك "أو بثم فيه" أي انطق في البعد بثم، نحو: {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآَخَرِينَ} [الشعراء: 64] "أو هنا" بالفتح والتشديد "أو بهنالك" أي بزيادة اللام مع الكاف "انطقن" على لغة الحجاز كما تقول ذلك نحو: {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ} [الأحزاب: 11]، ولا يجوز
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المتوسط أو البعيد فلا يصح أن ينبه عليه إذ لا ينبه أحد ليرى ما ليس بمرئي له، ولهذا لا يجامع اللام التي لأقصى البعد قاله في شرح الجامع. قوله: "بني غبراء" قيل: أراد بهم اللصوص وقيل: الفقراء والصعاليك، وقيل: الأضياف وقيل: أهل الأرض لأن الغبراء اسم للأرض وأهل عطف على الضمير المرفوع في لا ينكرونني. وقد وقع الفصل بالمفعول. والطراف بكسر الطاء المهملة البيت من الأدم. وأراد بأهل الطراف الأغنياء قاله العيني. قوله: "وبهنا إلخ" تقديم المعمول المفيد لحصر الإشارة إلى المكان في هذه الألفاظ إنما هو من حيث كونه ظرفًا للفعل فإنه من هذه الحيثية لا يشار إليه إلا بها فلا ينافي صلاحية أسماء الإشارة المتقدمة لكل مشار إليه ولو مكانًا وقع غير ظرف أفاده يس. واعلم أن هنا ملازمة للظرفية أو شبهها لكن شبه الظرفية فيها ليس خصوص الجر بمن كما في عند ولدن وقبل وبعد بل الجر بمن أو إلى كما في أين قاله الدماميني. ومثل هنا ثم كما في شرح الجامع. قال: ولذا غلط من زعم أن ثم في قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْت} [الإنسان: 20]، مفعول لرأيت بل مفعوله محذوف إما اختصارًا أي وإذا رأيت ثم الموعود به، أو اقتصارًا أي وإذا حصلت رؤيتك في ذلك المكان.
قوله: "وبه الكاف صلا" ظاهره مساواة هذه الكاف لكاف ذلك في التصرف وليس كذلك بل هذه تلزم الفتح والإفراد كما نقله سم عن أبي حيان وابن هشام وغيرهما. قوله: "أو بثم" وقد تلحقها وقفًا هاء السكت، وقد يجري الوصل مجرى الوقف، وقد تلحقها تاء التأنيث كربت كذا رأيته في غير موضع ومقتضى التشبيه بربت جواز فح التاء إسكانها. قوله: "وأزلفنا ثم" أي في المسلك الذي سلكه موسى وقومه وهو ما بين الماءين وسط البحر. الآخرين: أي فرعون وقومه قرّبناهم من بني إسرائيل وأدنينا بعضهم من بعض حتى لا ينجو منهم أحد. قوله: "أو هنا" هي والمكسورة تصحبها ها والكاف كما في همع الهوامع. قوله: "هنالك ابتلي المؤمنون" أي على
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
77- البيت من الطويل، وهو لطرفة بن العبد في ديوانه ص31، وتخليص الشواهد ص125، وجمهرة اللغة ص754؛ والجني الداني ص347 ؛ والدرر اللوامع 1/ 236، ولسان العرب 5/ 5 "غبر"؛ 14/ 92 "بني"؛ والمقاصد النحوية 1/ 410؛ وبلا نسبة في الاشتقاق ص214؛ وشرح ابن عقيل ص73؛ وهمع الهوامع 1/ 76.
210 | 435(1/209)
اسم الإشارة
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ههنالك كما لا يجوز هذالك على اللغتين "أو هنا" بالكسر والتشديد قال الشاعر:
78-
هنا وهنا ومن هنا لهن بها ذات الشمائل والأيمان هينوم تروى الأولى بالفتح الثانية بالكسر والثالثة بالضم بتشديد النون في الثلاث، وكلها بمعنى، وهو الإشارة إلى المكان، لكن الأوليان للبعيد، والأخيرة للقريب، وربما جاءت للزمان ومنه قوله:
79-
حنت نوار ولات هنا حنت وبدا الذي كانت نوار أجنت خاتمة: يفصل بين ها التنبيه وبين اسم الإشارة بضمير المشار إليه نحو ها أنا ذا،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنها في الآية للمكان كما عليه أبو حيان. وذهب ابن مالك إلى أنها في الآية للزمان المذكور قبل في قوله: {إِذْ جَاءُوكُم} [الأحزاب: 10] الآية. قوله: "هنا وهنا ومن هنا" روي البيت بفتح الثلاثة وبفتح الأول وكسر الثاني وضم الثالث فاستفيد منه لغة الضم مع التشديد قاله الروداني والضمير في لهن للجن وفي بها أي فيها للأرجاء في البيت قبله، وذات نصب على الظرفية بالعامل في بها المقدر، والشمائل جمع شمال على غير قياس، والأيمان جمع يمين والهينوم الصوت الخفي. قوله: "وربما جاءت" ظاهره رجوع الضمير للأخيرة وأرجعه بعضهم إلى الثلاثة وعبارة الجامع وقد يستعار غير ثم للزمان. قوله: "حنت نوار" بكسرة البناء كحذام وضمة الإعراب قاله شيخنا. وقوله ولات هنا حنت لات ههنا مهملة هنا خبر مقدم وحنت مبتدأ مؤخر على تقدير حرف السبك كما عند الفارسي أي وليس في هذا الوقت حنين. وقوله أجنت بالجيم أي سترت والمراد بالذي أجنته محبتها وشوقها.
قوله: "بين اسم الإشارة" ظاهره مطلقًا وقيده في التسهيل بالمجرد من الكاف. قال الدماميني وإنما امتنع ها إنا ذاك مع أن ها التنبيه تدخل على ذاك لأن لحاق ها له قليل فلم يحتمل التوسع. ا. هـ. وأفهم كلام الشارح منع إدخال ها التنبيه على الضمير المنفصل الذي ليس خبره اسم الإشارة وبه صرّح الدماميني نقلًا عن ابن هشام فإنه قال في حاشيته على المغني: وقع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
78- البيت من البسيط، وهو لذي الرمة في ديوانه ص409، وتخليص الشواهد ص133، وجمهرة اللغة ص1204؛ وشرح شواهد الإيضاح ص435؛ وشرح التصريح 1/ 129؛ وشرح المفصل 3/ 137؛ ولسان العرب 15/ 484 "هنا"؛ والمقاصد النحوية 1/ 412؛ وبلا نسبة في الخصائص 3/ 38.
79- البيت من الكامل، وهو لشبيب بن جعيل في الدرر 1/ 244، 2/ 119؛ وشرح شواهد المغني ص919؛ والمؤتلف والمختلف ص84؛ والمقاصد النحوية 1/ 418؛ ولحجل بن نضلة في الشعر والشعراء ص102؛ ولهما معًا في خزانة الأدب 4/ 195؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص130؛ وتذكرة النحاة ص734؛ والجني الداني ص489؛ وجواهر الأدب ص249؛ وخزانة الأدب 5/ 463؛ ومغني اللبيب ص592 ؛ وهمع الهوامع 1/ 78، 126.
211 | 435(1/210)
الموصول
الموصول:
موصول الأسماء الذي الأنثى التي واليا إذا ما ثنيا لا تثبت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وها نحن ذان، وها نحن أولاء، وها أنا ذي، وها نحن تان؛ وها نحن أولاء، وها أنت ذا، وها أنتما ذان، وها أنتم أولاء، وها أنت ذه، وهما أنتما تان، ها أنتن أولاء، وها هو ذا، وها هما ذان، وها هم أولاء، ها هي تا، وها هما تان، وها هن أولاء، وبغيره قليلًا نحو:
ها إن ذي عذرة وقد تعاد بعد الفصل توكيدًا نحو: ها أنتم هؤلاء والله أعلم.
الموصول:
"موصول الأسماء" ما افتقر أبدا إلى عائد أو خلفه، وجملة صريحة ومؤولة كذا حده في التسهيل، فخرج بقيد الأسماء الموصول الحرفي وسيأتي ذكر آخر الباب. وبقوله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للمصنف إدخال ها التنبيه على ضمير الرفع المنفصل مع أن خبره ليس اسم إشارة كقوله في ديباجة الكتاب وها أنا بائح بما أسررته. وقد صرح المصنف في حاشيته على التسهيل بشذوذ ذلك مشيرًا إلى أن قول صاحب التسهيل وأكثر استعمال ها مع ضمير رفع منفصل أو اسم إشارة معترض بأن ظاهره أن الاخبار عن الضمير المذكور باسم الإشارة غير شرط وليس كذلك فإن تخلفه إنما يقع شاذًّا. ا. هـ. كلام الدماميني. قوله: "نحو ها أنا ذا" ها للتنبيه وأنا مبتدأ وذا خبر كما هو صريح الدماميني. وحاصل ما ذكره الشارح ثمانية عشر مثالًا لأن ضمير المشار إليه إما ضمير متكلم أو مخاطب أو غائب وكل إما مذكر أو مؤنث وكل إما مفرد أو مثنى أو جمع. قوله: "وبغيره" أي غير الضمير المذكور قليلًا، ويستثنى من الغير كاف التشبيه نحو هكذا واسم الله تعالى في القسم عند حذف الجار نحوها الله ذا بقطع الهمزة ووصلها مع إثبات ألف ها وحذفها قاله الدماميني. قوله: "ها إن ذي عذرة" بكسر العين أي معذرة، وأما بالضم فالبكارة. وهو صدر شطر بيت من كلام النابغة. قوله: "توكيدًا" أي لتوكيد التنبيه.
الموصول:
أي الاسميّ بقرينة عدم ذكره الحرفي إلا الأعم لئلا يلزم الترجمة لشيء والنقص عنه، ولأن الكلام في المعارف. وأل فيه معرفة لا موصولة لانسلاخ مدخولها عن الوصفية. قوله: "موصول الأسماء" مبتدأ والذي مبتدأ ثان حذف خبره تقديره منه والجملة خبر المبتدأ الأول. قوله: "إلى عائد" هو الضمير وخلفه هو الاسم الظاهر على ما سيأتي تفصيله ومن اقتصر على العائد أراد مطلق الرابط. قوله: "أو مؤولة" من باب الحذف والإيصال أي مؤول بها غيرها والمراد بتأويل الغير بها كونه في معناها كما في صلة أل أو تقديرها قبله كما في الظرف والجار والمجرور. قوله: "فخرج بقيد الأسماء" اعترضه سم وغيره بأنه في حيز المعرّف لا التعريف حتى يخرج به، فالمناسب إخراج الحرفي بقوله إلى عائد أو ما الواقعة على اسم لأنها وإن كانت جنسًا
212 | 435(1/211)
الموصول
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أبدًا النكرة الموصوفة بجملة فإنها إنما تفتقر إليها حال وصفها بها فقط. وبقوله إلى عائد حيث وإذ وإذا فإنها تفتقر أبدًا إلى جملة لكن لا تفتقر إلى عائد. قوله أو خلفه لإدخال نحو قوله:
80-
سعاد التي أضناك حب سعادا وقوله:
81-
وأنت الذي في رحمة الله أطمع مما ورد فيه الربط بالظاهر. وأراد بالمؤولة الظرف، والمجرور، والصفة الصريحة على ما سيأتي بيانه. وهذا الموصول على نوعين: نص ومشترك فالنص ثمانية "الذي"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فبينها وبين الفصل عموم وجهي فيصح الإخراج بها. وأجيب بأن مراده الأسماء التي هي مصدوق ما لا الواقعة في حيز المعرف وسماها قيدًا مع أنها جنس لأنها من حيث الخصوص فصل، ولذا صح الإخراج به. وهو مع بعده يرد عليه أن ما واقعة على اسم كما قدمنا لا على أسماء لأن المعهود في التعاريف الافراد لا الجمع ولأنها خبر عن موصولة الأسماء الذي هو مفرد فتدبر. قوله: "حيث وإذ وإذا" أي وضمير الشأن. قوله: "في رحمة الله" والقياس في رحمته وإن كان يجوز في رحمتك كما سيأتي. قوله: "مما ورد" أشار إلى أن الربط بالظاهر سماعي ولا مقيس. قوله: "وأراد بالمؤولة إلخ" قال البعض أورد عليه أن كلًّا من الثلاثة ليس جملة أوّلت بشيء آخر فالصواب أن يقول: وجملة ملفوظ بها أو مقدرة أو مفرد مؤول بالجملة. ا. هـ. وقد علمت سقوطه بما كتبناه على قوله أو مؤولة فتنبه.
قوله: "نص" أي مختص بمعنى وضع له كأن يختص بالمفرد المذكر أو المفردة المؤنثة أو المثنى المذكر وهلمّ جرًّا. قوله: "الذي" يكتب الذي والتي بلام واحدة لكثرة كتابتهما وإن كان الأصل كتابتهما بلامين كما هو القياس في كتابة اللفظ المبدوء بلام المحلي بأل كاللبن ويكتب الذين جمعا بلام واحدة لتلك الكثرة وللفرق بين رسمه ورسم اللذين مثنى في الجر والنصب لا الرفع لحصول الفرق فيه بالألف في المثنى دون الجمع ولم يعكس لسبق المثنى فيكون أحق بالأصل من اجتماع اللامين فافهم. هذا وقيد الفنزي في حواشي المطّول كتابة الذين جمعا بلام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
80- عجزه:
وإعراضها عنك استمر وزادا والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح الأشموني 1/ 67؛ وشرح التصريح 1/ 140، وشرح شذور الذهب ص184.
81- البيت من الطويل، وهو للمجنون في الدرر 1/ 286؛ وشرح شواهد المغني 2/ 559؛ والمقاصد النحوية 1/ 497، وليس في ديوانه، وبلا نسبة في شرح التصريح 1/ 140؛ ومغني اللبيب 1/ 210؛ وهمع الهوامع 1/ 78.
213 | 435(1/212)
الموصول
بل ما تليه أوله العلامة والنون إن تشدد فلا ملامة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للمفرد المذكر عاقلًا كان أو غيره "والأنثى" المفردة لها "التي" عاقلة كانت أو غيرها.
وفيهما ست لغات: إثبات الياء، وحذفها مع بقاء الكسرة وحذفها مع إسكان الذال أو التاء، وتشديدها مكسورة مضمومة. والسادسة حذف الألف واللام وتخفيف الياء ساكنة "واليا" منهما "إذا ما ثنيا لا تثبت بل ما تليه" الياء وهو الذال من الذي والتاء من التي "أوله العلامة" الدالة على التثنية وهي الألف في حالة الرفع والياء في حالتي الجر والنصب، تقول: اللذان واللتان، واللذين، واللتين، وكان القياس اللذيان واللتيان واللذين واللتيين بإثبات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واحدة بلغة لزوم الياء مطلقًا دون لغة من ينطق به بالواو رفعًا، ووجه ذلك بأن لزوم حالة واحدة يوجب الثقل فخفف بحذف إحدى اللامين. قوله: "للمفرد" أي حقيقة أو حكمًا كالفريق. وقوله المذكر أي حقيقة أو حكمًا كالفرقة، وكذا يقال فيما بعد. ولم يقل المصنف الذي للمذكر اكتفاء بعلمه من قوله الأنثى التي.
قوله: "عاقلًا كان" الأولى عالمًا لإطلاقه عليه تعالى بخلاف العاقل. قال الروداني: والعجب كيف لا يتحاشون عن لفظ المذكر أيضًا وقول بعضهم: إنهم أرادوا بالمذكر ما ليس بمؤنث لا يدفع البشاعة اللفظية فهو كقول القائل: المراد بالعاقل العالم مجازًا لعلاقة اللزوم. قوله: "لها التي" مقتضاه أن التي مبتدأ ثان خبره محذوف والجملة خبر المبتدأ الأول الذي هو الأنثى وهو غير متعين لجواز أن يكون التي خبر الأنثى. والمعنى الأنثى للذي التي أي مؤنث الذي التي فتأمل. قوله: "وحذفها" أي بالياء. قوله: "وتشديدها" أي الياء مكسورة كسر بناء ومضمومة ضم بناء وقيل يجوز على لغة التشديد إعرابها بوجوه الإعراب وهو مشكل لقيام موجب البناء بلا معارض. قوله: "إذا ما ثنيا" وكذا إذا جمع ولم يذكره لمجيئه في قوله جمع الذي الألى الذين ولأن سقوط الياء إذا جمع على قياس جمع المنقوص كالقاضين فلا حاجة لذكره. قيل: كان عليه أن يقول في غير تصغير لأنك تقول في التصغير اللذيان واللتيان بإثبات الياء. والجواب أنه إنما حكم على لفظ الذي والتي المكبرين. قوله: "لا تثبت" بضم التاء الأولى على أنه مسند لضمير المخاطب ولا ناهية والياء مفعول مقدم وهو المناسب لقوله أوله العلامة، ولا يلزم عليه تقديم معمول جواب الشرط على الشرط إذ ليس في كلامه ما يقتضي أن إذا شرطية، وأما جعله بفتح التاء على أنه مسند إلى ضمير الياء والياء مبتدأ ففيه أنه مع عدم مناسبته كان الواجب حينئذٍ رفع تثبت لتجرده عن الناصب والجازم ولا ضرورة خصوصًا عند الناظم. ا. هـ. يس مع زيادة والمراد لا تجز ثبوتها فلا يقتضي كلامه امتناع حذف الياء في حالة الافراد.
قوله: "بل ما تليه" تصريح بما علم مما قبله وبل للانتقال لا للإضراب وما واقعة على ما قبل الياء وهو الذال والتاء، والضمير المستتر في تليه عائد على الياء كما أشار إليه الشارح بقوله الياء فهو بدل أو بيان لهذا الضمير لا على ما فالصلة جارية على غير ما هي له ولم برز لأمن اللبس. وأما الضمير البارز في تليه فعائد على ما. قوله: "وكان القياس اللذيان إلخ" ظاهر قول
214 | 435(1/213)
الموصول
والنون من ذين وتين شددا أيضًا وتعويض بذاك قصدا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الياء كما يقال: الشجيان والشجيين في تثنية الشجي وما أشبهه، إلا أن الذي والتي لم يكن ليائهما حظ في التحريك لبنائهما، فاجتمعت ساكنة مع العلامة فحذفت لالتقاء الساكنين "والنون" من مثنى الذي والتي "إن تشدد فلا ملامة" على مشددها وهو في الرفع متفق على جوازه وقد قرئ: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} [النساء: 16] وأما في النصب فمنعه البصري وأجازه الكوفي وهو الصحيح، فقد قرئ في السبع: {رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا} [فصلت: 29]، "والنون من ذين وتين" تثنية ذا وتا "شددا أيضا" مع الألف باتفاق، ومع الياء على الصحيح. وقد قرئ: {فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ} [القصص: 32]، {إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} [القصص: 27]، بالتشديد فيهما "وتعويض بذاك" التشديد من المحذوف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصنف ثنيا وقول الشارح: وكان القياس أي قياس التثنية أنها تثنية حقيقية وإليه ذهب بعضهم غير مشترط في التثنية الحقيقة الإعراب. وذهب بعضهم إلى أنهما صيغتان مستأنفتان للدلالة على اثنين وليس وضعهما مبنيًا على واحدهما. ويمكن إجراء كلامهما على هذا بأن يكون معنى قول المصنف إذا ما ثنيا إذا أتى بهما على صورة المثنى. ومعنى قول الشارح وكان القياس أي قياس صورة المثنى. والأصح أنهما مبنيان. والظاهر أن بناءهما على الألف أو الياء. قوله: "فحذفت لالتقاء الساكنين" ولقصد الفرق بين تثنية المعرب وتثنية المبني سم. قوله: "والنون إن تشدد فلا ملامه" والنون المزيدة قال الفارسي: هي الثانية لئلا يلزم الفصل بين ألف التثنية ونونها. وقال أبو حيان: هي الأولى لئلا يكثر العمل بإسكان الأولى وإدغامها. قال في التوضيح وشرحه: وبلحارث وبعض ربيعة يحذفون نون اللذان واللتان في حالة الرفع تقصيرًا للموصول لطوله بالصلة لكونهما كالشيء الواحد. قال الفرزدق:
أبني كليب إنّ عمي اللذا قتلا الملوك وفككا الأغلالا الهمزة للنداء وبني منادى، والغلّ بالضم حديد يجعل في العنق. ا. هـ. مع حذف. وبلحارث أصله بنو الحرث وبعضهم يستعمله هكذا ثم نحت من الكلمتين كلمة واحدة كما نحت من عبد القيس عبقسي في النسب. وشاهد حذف نون اللتان قوله:
هما اللتا لو ولدت تميم لقيل فخر لهم صميم وفيهما لغة رابعة لذان ولتان بحذف أل. قوله: "وقد قرئ واللذان" هي قراءة سبعية وكذا فذانك. قوله: "وأما في النصب" أي والجر وترك ذكره لعلمه بالمقايسة. قوله: "ربنا أرنا اللذين" ضبطه البعض بسكون الراء لأن من يشدد النون يسكن راء أرنا وهذا مستحسن لا واجب لأن التلفيق من قراءتين جائز إذا لم يختل المعنى والإعراب كما هنا. قوله: "وتعويض" مبتدأ خبره قصد. وسوغ الابتداء به ما في الجملة من معنى الحصر لأن المعنى ما قصد بذاك إلا التعويض فهو على حد شيء جاء بك أي ما جاء بك إلا شيء، وفائدة هذا الحصر الرد على القول الضعيف. قال سم: ينبغي على أن التشديد للتعويض أن لا يجوز التشديد في المصغر لعدم الحذف
215 | 435(1/214)
الموصول
جمع الذي الألى اللذين مطلقا وبعضهم بالواو رفعا نطقا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو الياء من الذي والتي، والألف من ذا وتا "قصدًا" على الأصح. وهذا التشديد المذكور لغة تميم وقيس. وألف شددا وقصدا للإطلاق. انتهى حكم تثنية الذي والتي. وأما "جمع الذي" فشيئان: الأول "الألى" مقصورًا وقد يمد قال الشاعر:
82-
وتبلي الألى يستلئمون على الألى تراهن يوم الروع كالحدإ القبل وقال الآخر:
83-
أبى الله للشم الألاء كأنهم سيوف أجاد القين يومًا صقالها والكثير استعماله في جمع من يعقل، ويستعمل في غيره قليلًا، وقد يستعمل أيضًا جمعًا للتي كما في قوله في البيت الأول على الألى تراهن وقوله:
84-
محا حبها حب الألى كن قبلها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منه فلا تعويض. ا. هـ. وإنما لم يعوضوا في يدين ودمين لأن الحذف فيهما ليس للتثنية بخلاف ما نحن فيه فحصل الفرق. قوله: "على الأصح" من جملة مقابله أن التشديد لتأكيد الفرق بين تثنية المعرب وتثنية المبني. قوله: "الألى" يلزمه أل فلا يشتبه بإلى الجارة ولهذا يكتب بغير واو كما في التصريح عن ابن هشام بخلاف أولى الإشارية فتكتب بواو بعد الهمزة لعدم أل فيها فتشتبه بإلى الجارة. قوله: "وتبلي" الضمير راجع إلى النون في البيت قبله وهو الموت. ويستلئون يلبسون اللأمة وهي الدرع وعلى الألى حال أي حالة كونهم على الخيول الألى إلخ. والروع بالفتح الفزع والمراد الحرب والحدأ كعنب جمع حدأة كعنبة وهي الطائر المعروف. والقبل بضم فسكون جمع قبلاء كحمراء وهي التي في عينها قبل بفتحتين أي حول. قاله العيني.
قوله: "للشم" قال العيني: في محل نصب على المفعولية جمع أشم من الشمم وهو ارتفاع قصبة الأنف مع استواء أعلاه. والقين الحداد، والصقال الجلاء. ا. هـ. وكأنه يشير إلى أن الشم مفعول به دخلت عليه اللام الزائدة وحينئذٍ ففي الكلام حذف أي أبى الله ضرر الشم إلخ. وبحث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
82- البيت من الطويل، وهو لأبي ذؤيب الهذلي في تخليص الشواهد ص139، وخزانة الأدب 11/ 249؛ والدرر 1/ 261؛ وشرح أشعار الهذليين 1/ 92؛ وشرح شواهد المغني 2/ 672؛ والمقاصد النحوية 1/ 459؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص78؛ وهمع الهوامع 1/ 83.
83- البيت من الطويل، وهو لكثير عزة في ديوانه ص87؛ والدرر 1/ 262؛ والمقاصد النحوي 1/ 459؛ وبلا نسبة في شرح التصريح 1/ 132؛ وشرح شذور الذهب ص159؛ وهمع الهوامع 1/ 83.
84- تمام البيت:
وحلت مكانا لم يكن حل من قبل وهو من الطويل، وهو للمجنون في ديوانه ص170؛ وشرح التصريح 1/ 133؛ والمقاصد النحوية 1/ 430؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 144.
216 | 435(1/215)
الموصول
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والثاني "الذين" بالياء "مطلقًا" أي رفعًا ونصبًا وجرًّا "وبعضهم" وهم هذيل أو عقيل "بالواو رفعًا نطقًا" قال:
85-
نحن الذون صبحوا الصباحا يوم النخيل غارة ملحاحا تنبيه: من المعلوم أن الألى اسم جمع لا جمع، فإطلاق الجمع عليه مجازًا، وأما الذين فإنه خاص بالعقلاء، والذي عام في العاقل وغيره، فهما كالعالم والعالمين. ا. هـ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الروداني في الاستشهاد بالبيت على أن المدلغة باحتمال أنه ضرورة. وقد يقال: الأصل عدم الضرورة. قوله: "أو عقيل" كذا بالشك في التصريح أيضًا وعقيل بالتصغير. قوله: "بالواو رفعًا نطقا" وهل هو حينئذٍ معرب أو مبني جيء به على صورة المعرب قولان الصحيح الثاني إذ هذا الجمع ليس حقيقيًا حتى يعارض شبه الحرف لاختصاص الذين بالعقلاء وعموم الذي للعاقل وغيره، ولأن الذي ليس علمًا ولا صفة ولهذا لم تتفق العرب على إجرائه مجرى المعرب بخلاف التثنية، ولعل وجه الأول أنه على صورة الجمع الذي هو خصائص الأسماء فيعارض. قوله: "صبحوا الصباحا" أي صبحوهم أي أتوهم في الصباح، وذكر الصباح تأكيد لانفهامه من صبحوا، والنخيل بالتصغير موضع بالشام والغارة اسم مصدر من الإغارة على العدو مفعول له أو بمعنى مغيرين حال. والملحاح بكسر الميم الشديد الدائم. هذا ملخص ما في التصريح والعيني. ويكتب الذون على هذه اللغة بلامين لمشابهته المعرب الذي تظهر معه أل كما في يس وقد مرت المسألة عن الفنري بتعليل آخر قريبًا.
قوله: "مجاز" أي بالحذف والتقدير اسم جمع الذي أو بالاستعارة لعلاقة المشابهة بالجمع الحقيقي في إفادة كل التعدد. ولك أن تجعل الجمع بمعناه اللغوي وحينئذٍ لا تجوز. قوله: "فإنه خاص بالعقلاء إلخ" كذا في ابن الناظم، ورد بأن عموم الذي لا يمنع جرى جمعه على سنن الجموع بل إن كان للعاقل جمع على الذين وإن كان لغيره منع كسائر الأوصاف من نحو قائم وداخل وخارج فإنها عامة للعاقل وغيره وتجمع إن كانت للعاقل وإلا فلا، ويكون جمعها على سنن الجموع قطعًا. والحق أن الجمع غير جار على سنن الجموع لكن لا من الحيثية التي ذكرها الشارح بل من حيث إن الذي ليس علمًا ولا صفة، والتثنية جارية على ما حقه أن يكون على سنن تثنية المبنيات فإن المبني لاحظ له من الحركة فياؤه ساكنة وحقها الحذف لالتقاء الساكنين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
85- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص172؛ ولليلى الأخيلية في ديوانها ص61؛ ولرؤبة أو ليللى أو لأبي حرب الأعلم في الدرر 1/ 259؛ وشرح شواهد المغني 2/ 832؛ والمقاصد النحوية 1/ 462؛ ولأبي حرب الأعلم أو لليلي في خزانة الأدب 6/ 23؛ والدرر 1/ 187؛ ولأبي حرب الأعلم في نوادر أبي زيد ص47؛ وللعقيلي في مغني اللبيب 2/ 410؛ وبلا نسبة في الأزهية ص298؛ وأوضح المسالك 1/ 143؛ وتخليص الشواهد ص135؛ وشرح التصريح 1/ 133؛ وشرح ابن عقيل ص79؛ وهمع الهوامع 1/ 60، 83.
217 | 435(1/216)
الموصول
باللات واللاء التي قد جمعا واللاء كالذين نزرا وقعا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"باللات واللاء" بإثبات الياء وحذفها فيهما "التي قد جمعا" التي مبتدأ، وقد جمع خبره وباللات متعلق بجمع، أي التي قد جمع باللاتي واللائي نحو: {وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} [النساء: 15]، { وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} [الطلاق: 40]، وقد تقدم أنها تجمع على الألى وتجمع أيضًا على اللواتي بإثبات الياء وحذفها، وعلى اللواء ممدودًا ومقصورًا، وعلى اللا بالقصر واللاءات مبنيًّا على الكسرة أي معربًا بإعراب أولات، وليست هذه بجموع حقيقة وإنما هي أسماء جموع "واللاء كالذين نزرًا وقعا" واللاء مبتدأ، ووقع خبره، وكالذين متعلق به، ونزرًا أي قليلًا حال من فاعل وقع، وهو الضمير المستتر فيه والألف للإطلاق والمعنى أن اللاء جمعًا للذي قليلًا، كما وقع الألى جمعًا للتي كما
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما تقدم. وإثبات الياء حق المعربات لا حق المبنيات كذا في الروداني. ولك منع الرد بأن الذي ليس صفة كما اعترف به بعد فكيف يقاس على سائر الأوصاف فتأمل. وإنما اختص الذين بالعقلاء لأنه على صورة ما يختص بهم كالزيدين والعمرين. والمراد بالعقلاء العقلاء حقيقة أو تنزيلًا كما في شرح الجامع. ومثل الثاني بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُم } [الأعراف: 194]، بتنزيل المشركين الأصنام منزلة من يعقل. قوله: "فهما كالعالم والعالمين" أي في اختصاص الجمع بالعقلاء وعموم المفرد لهم ولغيرهم أي فيكون الذين اسم جمع كالعالمين وهو مبني على خلاف التحقيق كما مر بيانه. قوله: "باللات" الباء بمعنى على أوللآلة. قوله: "أي التي قد جمع باللاتي" لم يقل كالنظم باللات بلا ياء إشارة إلى أن إثبات الياء هو الأصل ويشير إلى ذنك أيضًا تقديمه إثباتها على حذفها في قوله بإثبات إلخ. قوله: "على الألى" أي فتكون الألى مشتركة بين جمع الذي وجمع التي. ا. هـ. دماميني. قوله: "وتجمع أيضًا على اللواتي" هذا عطف على قوله وقد تقدم إلخ قال الروداني والصحيح أن اللوائي واللواتي جمعان للائي واللاتي كالهادي والهوادي. واللاءات جمع اللائي. ا. هـ. ويؤخذ من مجموع كلامه وكلام الشارح أنه يقال اللوائي بالمد وإثبات الياء واللواء بالمد وحذف الياء واللوا بالقصر وحذف الياء واللاءات بألفين بينهما همزة. قوله: "واللاء كالذين" قال شيخنا يحتمل أن يريد أن اللاء وقع موضع الذين ويحتمل أن يريد أنه كالذين في أنه يزاد فيه الياء والنون فيقال: اللائين كما قال الشاعر:
وأنا من اللائين إن قدروا عفوا وإن أتربوا جادوا وإن تربوا عفوا وسمع اللاءون رفعًا كما سمع اللذون رفعا. ا. هـ. ولتبادر الأول جرى عليه الشارح. قوله: "وكالذين متعلق به" ظاهره أنه ظرف لغو متعلق بوقع وهو غير ظاهر وعبارة المعرب متعلق بحال محذوفة من فاعل وقع ونزرًا حال أخرى منه. ا. هـ. وهذا هو الظاهر ويمكن إرجاع كلام الشارح إليه ومن هنا يعرف ما في كلام البعض فتأمل.
قوله: "والمعنى أن اللاء إلخ" قال شيخنا: فيكون اللاء مشتركًا بين جمع الذي والتي
218 | 435(1/217)
الموصول
ومن وما وأل تساوي ما ذكر وهكذا ذو عند طيئ شهر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تقدم، ومن هذا قوله:
86-
فما آباؤنا بأمن منه علينا اللاء قد مهدوا الحجورا والمشترك ستة: من وما وأل وذو وأي على ما سيأتي شرحه، وقد أشار إليه بقوله: "ومن وما وأل تساوي" أي في الموصولية "ما ذكر" من الموصولات "وهكذا ذو عند طيئ شهر" بهذا فأما من فالأصل استعمالها في العالم وتستعمل في غيره لعارض تشبيه به كقوله:
87-
أسرب القطا هل من يعير جناحه لعلي إلى من قد هويت أطير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كالألى. ا. هـ. وقد يدعي أن استعمال اللاء بمعنى الذين ويفرق بينه وبين استعمال الألى بمعنى اللائي بقلته التي صرّح بها المصنف، ويؤيده تقديمهم احتمال المجاز على احتمال الاشتراك فتأمل. قوله: "وقع جمعًا" أي اسم جمع وكذا يقال فيما بعد. قوله: "بأمن منه" أي من هذا الممدوح واللاء إلخ صفة لآباؤنا وفيه الفصل بين النعت والمنعوت بأجنبي وتجويزه قول. قوله: "وأل" نقل عن السعد وغيره أن الخلاف الجاري في أل المعرفة من أنها أل بجملتها أو اللام فقط يجري في الموصولة. قوله: "تساوي ما ذكر" أي تساوي كلًا مما ذكر سابقًا أي تستعمل فيما يستعمل فيه كل مما ذكر. قوله: "في الموصولية" ولو قال في الاستعمال أي استعمالها في المذكر والمؤنث والمفرد وقسيميه لكان أولى، إذ ليس الغرض مساواة هذه لما ذكر في مجرد كون كل موصولة لأنه لا يفيد لاشتراك الذي هو المقصود. قوله: "وهكذا إلخ" هكذا أي هكذا حال من الضمير في شهر وذو مبتدأ وشهر خبره أي ذو شهر حالة كونه كمن وما وأل وإفراد اسم الإشارة بتأول المذكور. قوله: "بهذا" أي بالمساواة التي تضمنها تساوي تضمن الفعل حدثه الذي هو معنى مصدره. وتذكير اسم الإشارة باعتبار المذكور أو بالتساوي اللازم لتساوي فافهم. قوله: "وتستعمل في غيره" أي مجازًا بالاستعارة وإليه أشار بقوله لعارض تشبيه أو مرسلًا لعلاقة الجزئية وإليه أشار بقوله أو تغليبه عليه لأن التغليب مجاز مرسل علاقته الجزئية على ما قاله ابن كمال باشا، أو لعلاقة المجاورة وإليه أشار بقوله أو اقترانه إلخ هذا ما ظهر لي في تقرير عبارته. والضمير في تستعمل عائد على من لا بقيد كونها موصولة فصح تمثيله بقوله أسرب القطا إلخ مع أن من فيه نكرة لا موصولة. قوله: "أسرب القطا" الهمزة للنداء، والسرب القطيع من كل شيء، وهويت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
86- البيت من الوافر، وهو لرجل من بني سليم في تخليص الشواهد ص137؛ والدرر 1/ 213؛ وشرح التصريح 1/ 133؛ والمقاصد النحوية 1/ 429؛ وبلا نسبة في الأزهية ص301؛ وأوضح المسالك 1/ 146؛ وشرح ابن عقيل ص79؛ وهمع الهوامع 1/ 83.
87- البيت من الطويل، وهو للمجنون في ديوانه ص106، وللعباس بن الأحنف في ديوانه ص168؛ وتخليص الشواهد ص141؛ وللعباس أو للمجنون في الدرر 1/ 300؛ وشرح التصريح 1/ 133؛ والمقاصد النحوية 1/ 431؛ وبلا نسبة في شرح أوضح المسالك 1/ 147؛ وشرح ابن عقيل ص80، 81.
219 | 435(1/218)
الموصول
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
88-
ألا عم صباحا أيها الطلل البالي وهل يعمن من كان في العصر الخالي أو تغليبه عليه في اختلاط نحو: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسكر الواو من باب رضي وأما هوى يهوي كرمى يرمي فبمعنى سقط. فنداؤه السرب وطلب إعارة الجناح منه يقتضي تشبيهه بالعالم. قوله: "ألا عم صباحًا" قيل: أصل عم أنعم من نعم ينعم بكسر العين فيهما أي تنعم حذفت الهمزة والنون تخفيفًا على غير قياس، ويصح أن يكون أمرًا من وعم يعم كوعد يعد بمعنى نعم أي تنعم، وكذا يصح الوجهان في قوله يعمن. ويقال: عم بفتح العين من نعم ينعم كعلم يعلم أو من وعم يعم كوضع يضع. وصباحًا منصوب على الظرفية أو التمييز عن الفاعل. والطلل ما شخص من آثار الديار. والبالي المشرف على العدم والاستفهام إنكاري. والعصر بضمتين لغة في العصر بفتح فسكون كالعصر بضم فسكون. وعم صباحًا من تحية الجاهلية دماميني ببعض زيادة.
قوله: "في اختلاط" أي في حال اختلاط العاقل بغيره. قال في المغني: يغلبون على الشيء غيره لتناسب بينهما كما في الأبوين للأب والأم والمشرقين والمغربين إلا أن يراد مشرقًا الصيف والشتاء ومغرباهما والخافقين للمشرق والمغرب وإنما الخافق المغرب ثم تسميته خافقًا مجاز لأنه مخفوق فيه أي مغروب فيه والقمرين للشمس والقمر ولاختلاط كما في تغليب المخاطبين على الغائبين في: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون} بعد قوله: {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُم} [البقرة: 21]، لأن لعلكم مرتبط بخلقكم لا باعبدوا والمذكر على المؤنث حتى عدت منهم في وكانت من القانتين بناء على أن من تبعيضية. والملائكة على إبليس حتى استثني منهم في: {فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيس} [البقرة: 34]، ولهذا عد جماعة الاستثناء متصلًا والذين آمنوا بشعيب عليه السلام في: {أو لتعودن في ملتنا} بعد قوله تعالى: {لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا} [الأعراف: 88]، فإنه عليه الصَّلاة والسَّلام لم يكن في ملتهم قط بخلاف الذين آمنوا معه والمخاطبين على الغيب والعقلاء على غيرهم في يذرؤكم فيه بعد قوله تعالى: {جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} [النحل: 72] من الأنعام أزواجًا، وإلا لقال يذرؤكم وإياها ومعنى يذرؤكم فيه يبثكم ويكثركم بهذا الجعل. ا. هـ. مع اختصار وبعض زيادة من الدماميني. قوله: "نحو ولله يسجد" أي يخضع فلا إشكال في وصف غير العاقل به. وما ذكره الشارح ليس لفظ الآية فلعله لم يرد التلاوة فلا اعتراض عليه قال في التوضيح: ونحو من يمشي على رجلين فإنه يشمل الآدمي والظائر. ا. هـ. قال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
88- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص27، وجمهرة اللغة ص1319؛ وخزانة الأدب 1/ 60، 328، 332، 2/ 371، 10/ 44؛ والدرر 2/ 192؛ وشرح شواهد المغني 1/ 340 ؛ والكتاب 4/ 39؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 148؛ وخزانة الأدب 7/ 105؛ وشرح المغني 1/ 485؛ ومغني اللبيب 1/ 169؛ وهمع الهوامع 2/ 82.
220 | 435(1/219)
الموصول
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[الحج: 18]، أو اقترانه به في عموم فصل بمن نحو: {فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ} [النور: 45]، لاقترانه بالعاقل في كل دابة. وتكون بلفظ واحد للمذكر والمؤنث مفردًا كان أو مثنى أو مجموعًا، والأكثر في ضميرها اعتبار اللفظ نحو: {وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ } [يونس: 40]، {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُن}
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شيخنا ومنه يعلم أن ذكر الشارح له ليس للتمثيل به بل لنظم الآية لأنه ليس من الثاني بل من الأول يعني التغليب.
قوله: "أو اقترانه" أي غير العاقل به أي العاقل ولم يعبر بالاختلاط بدل الاقتران تفننًا لتغيير المغني بالاختلاط في هذه الآية الثانية أيضًا أو لحمله العموم في صورة التغليب على الكل المجموعي وفي هذه الآية على الكل الافرادي فافهم. قوله: "فصل بمن" أي الجارة هذا هو الأوجه لأنها المتقدمة في الذكر والأقرب إلى عبارته لأنه لو كان مراده الموصولة لقال بها بالإضمار لأن الكلام فيها وفي التصريح بمن الموصولة. قوله: "نحو فمنهم من يمشي إلخ" فيه أنه يحتمل أن تكون من نكرة موصوفة إلا أن يقال هذا مثال والمثال لا يضره الاحتمال ويظهر أن من الوسطى للاقتران والتغليب معًا لشمولها الإنسان والطائر واقترانهما في العموم السابق. قوله: "والأكثر في ضميرها" أي من لا بقيد الموصولة بدليل التمثيل بقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْنُت} [الأحزاب: 31] ومحل كون الأكثر مراعاة اللفظ إذا لم يحصل من مراعاته لبس نحو أعط من سألتك لا من سألك أو قبح نحو من هي حمراء أمك فيجب مراعاة المعنى فلا يقال أعط من سألك ولا من هو حمراء أمك لقبح الإخبار بمؤنث عن مذكر كعكسه نحو من هي أحمر أمك ولا من هو أحمر أمك لأن الموصول وصلته كشيء واحد، فكأنك أخبرت عن مذكر بمؤنث لكن القبح في الصورتين الأوليين أشد، لأن تخالف الخبر والمخبر عنه فيهما في الصلة وفي الموصول وخبره، وفي الصورة الثالثة في الموصول وخبره فقط، وما لم يعضد المعنى سابق فيختار مراعاته كقوله:
وإن من النسوان من هي روضة فأنث الضمير لتقدم ذكر النسوان كذا في التصريح مع زيادة من حاشية الروداني عليه، ومن الدماميني. ولي فيه بحث لأنه يلزم على مراعاة اللفظ في قوله من هي روضة أيضًا الاخبار بمؤنث عن مذكر، فمقتضى التعليل به لوجوب مراعاة المعنى في قوله من هي حمراء أمك وجوب مراعاة المعنى في قوله من هي روضة أيضًا، إذ لا فرق بين المؤنث بالتاء والمؤنث بالألف كما في الدماميني، ولا بين الصفات كحسنة وحمراء والأسماء كروضة وصحراء بدليل ما مر من استقباح من هو حمراء أمك فتدبر.
فائدة: يعتبر المعنى بعد اعتبار اللفظ كثيرًا نحو: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِين} [البقرة: 8]، وقد يعتبر اللفظ ثم المعنى ثم اللفظ نحو: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيث} [لقمان: 6]، إلى قوله: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا } [الأنفال: 31]. وأما
221 | 435(1/220)
الموصول
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[الأحزاب: 31] ويجوز اعتبار المعنى نحو: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} [يونس: 42] ومنه قوله:
89-
تعش فإن عاهدتني لا تخونني نكن مثل من يا ذئب يصطحبان وأما ما فإنها لغير العالم نحو: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ} [النحل: 96]، وتستعمل في غيره قليلًا إذا اختلط به نحو: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة: 1]،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاقتصار على اعتبار المعنى ثم اللفظ فممنوع كما نقله الفارسي عن النحويين وعللوه بأنه يكون الباسا بعد البيان بخلاف اعتبار اللفظ ثم المعنى فإنه يكون تفسيرًا، وأقره ابن هشام وغيره. ا. هـ. دماميني ملخصًا، لكن قال في الهمع وتجوز البداءة بالمعنى كقولك من قامت وقعد وشرط قوم لجوازه وقوع الفصل بين الجملتين نحو من يقومون في غير شيء وينظر في أمر ناقومك. ا. هـ. وفي الرضي ما نصه: وأما تقديم مراعاة المعنى على مراعاة اللفظ من أول الأمر فنقل أبو سعيد عن بعض الكوفيين منعه والأولى الجواز على ضعف إلا في اللام الموصولة فإنه يمنع ذلك فيها فلا يقال: الضاربة به جاء لخفاء موصوليتها. ا. هـ.
قوله: "تعش" الخطاب لذئب وقوله لا تخونني أي على أن لا تخونني وقيل جواب القسم الذي تضمنه عاهدتني. قوله: "فإنها لغير العالم" أي موضوعة لغير العالم. قال في التلويح كون ما لغير العقلاء قول بعض أئمة اللغة والأكثرون على أنها للعقلاء وغيرهم. ا. هـ. قال في شرح الجامع: روي ذلك أي كونها لغير العقلاء عن النبي -صلى الله عليه وسلّم- كما في كثير من كتب الأصول وغيرها أن ابن الزبعري لما سمع قوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّم} [الأنبياء: 98]، قال: لأخصمن محمدًا فجاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلّم- فقال: أليس قد عبدت الملائكة أليس قد عبد المسيح فيكون هؤلاء حطب جهنم فقال له النبي -صلى الله عليه وسلّم: "ما أجهلك بلغة قومك؟ ما لا يعقل" . ا. هـ. وهذا إن صح كان نصًا في المسألة. قوله: "نحو ما عندكم ينفد" قيل أي ما عندكم من متاع الدنيا ومتاع الدنيا يشمل الرقيق وهو عاقل فيكون من الاستعمال في غير العالم للاختلاط. قوله: "وتستعمل في غيره" الضمير لغير العالم وغير غيره هو العالم واستعمالها فيه إما على طريق الاستعارة أو المجاز المرسل وإن لم يشر الشارح إلا إلى الثاني بقوله إذا اختلط به أي بأن غلب غير العالم على العالم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
89- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 2/ 329، وتخليص الشواهد ص142؛ والدرر 1/ 284؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 84؛ وشرح شواهد المغني 2/ 536؛ والكتاب 2/ 416؛ ومغني اللبيب 2/ 404؛ والمقاصد النحوية 1/ 461؛ وبلا نسبة في الخصائص 2/ 422؛ وشرح شواهد المغني 2/ 829؛ وشرح المفصل 2/ 132؛ 4/ 13؛ والصاحبي في فقه اللغة ص173؛ ولسان العرب 13/ 419 "منن"؛ والمحتسب 1/ 219؛ والمقتضب 2/ 295، 3/ 253.
222 | 435(1/221)
الموصول
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتستعمل أيضًا في صفات العالم نحو: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3]، وحكى أبو زيد سبحان ما يسبح الرعد بحمده، وسبحان ما سخركن لنا. وقيل: بل هي فيها لذوات من يعقل. وتستعمل في المبهم أمره كقولك. وقد رأيت شبحًا من بعد: انظر إلى ما أرى؛ وتكون بلفظ واحد كمن.
تنبيه: تقع من وما موصولتين كما مر، واستفهاميتين نحو من عندك، وما عندك،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "في صفات العالم" أي في ذوات العالم ملحوظًا فيها الصفات غير المفهومة من الصلة كالبكارة والثيوبة في المثال الأول لأنه لما كان الملحوظ فيها الصفات وهي من غير العالم كان كأنها مستعملة في غير العالم وإنما قلنا أي في ذوات إلخ لأن ما في الأمثلة ليست واقعة على الصفات نفسها إذ النكاح في المثال الأول لا يتعلق إلا بالذات والتنزيه في المثالين الأخيرين للذات، وإنما قلنا غير المفهومة من الصلة لئلا يرد عليه أن كل موصول استعمل في العالم نحو جاءني من قام ملحوظ فيه الصفة المفهومة من صلته لوجوب ملاحظة الصلة. وعبارة الكشاف في تفسير قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاء} [النساء: 30]، ما نصه وقيل ما ذهابا إلى الصفة ولأن الإناث من العقلاء يجرين مجرى غير العقلاء. ا. هـ. قال السعد في حواشيه عليه التفرقة أي بين من وما إذا أريد الذات أي لا مع ملاحظة الصفة أما إذا أريد الصفة أي لوحظت مع الذات نحو ما زيد أفاضل أم كريم وفي الموصولة نحو أكرم ما شئت من هؤلاء الرجال القائم والقاعد فما كمن يحكم الوضع على ما ذكره المصنف أي الزمخشري والسكاكي وغيرهما وإن أنكره البعض. والمعنى ههنا انكحوا الموصوفة بأي صفة أردتم من البكر والثيب إلى غير ذلك من الأوصاف. ا. هـ. ويوجد في بعض نسخ الشارح بعد فانكحوا ما طاب لكم من النساء أي الطيب، والمتبادر منه أن المراد الصفة المفهومة من الصلة وليس كذلك كما مر فالجيد سقوطه كما في غالب النسخ.
قوله: "لذوات من يعقل" أي أعم من أن يلاحظ الصفات معها أولًا وكان الأولى يعلم بدل يعقل. قوله: "وتستعمل" أي حقيقة كما في يس. وقوله في المبهم أمره أي الذي لم يدرأ إنسان هو أو غير أنسان. قال المصنف: وكذا لو علمت إنسانيته ولم يدر أذكر هو أو أنثى كقوله تعالى: {إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} [آل عمران: 35]. قوله: "وتكون بلفظ واحد كمن" أي والأكثر في ضميرها اعتبار اللفظ ويجوز اعتبار المعنى. قوله: "تقع من وما إلخ" ذكر خمسة معان تشترك فيها من وما وتنفرد ما عن من بمعان أخر ككونها تعجبية ونافية وكافة وزائدة ومصدرية ظرفية وغير ظرفية ومهيئة كما في حيثما فإن ما هيئت حيث للشرطية أو مغيرة كما في لو ما ضربت زيدًا فإن ما غيرت لو من الشرطية إلى التحضيض. قال المصنف في التسهيل: ويوصف بها أي بما على رأى. ا. هـ. قال الدماميني: نحو لأمر ما جدع قصير أنفه أي لأمر أي أمر وهذه التي يعبر عنها بالإبهامية، ويتفرع على الإبهام الحقارة نحو أعطه شيئًا، والفخامة نحو: "لأمر ما جدع قصير أنفه"، والنوعية نحو اضربه ضربًا ما قال المصنف والمشهور أنها زائدة منبهة على
223 | 435(1/222)
الموصول
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وشرطيتين نحو: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي} [الإسراء : 97]، {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} [البقرة: 272]، ونكرتين موصوفتين كقوله:
90-
ألا رب من تغتشه لك ناصح وقوله:
91-
رب من أنضجت غيظا قلبه قد تمنى لي موتا لم يظع وقوله:
92-
لما نافع يسعى فلا تكن بشيء بعيد نفعه الدهر ساعيا وقوله:
93-
رب ما تكره النفوس من الأمر له فرجة كحل العقال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصف لائق بالمحل وهو أولى لأن زيادتها عوضًا عن محذوف ثابتة في كلامهم نحو أما أنت منطلقًا انطلقت، فزادوها عوضًا من كان. وليس في كلامهم نكرة موصوف بها جامدة إلا وهي مردفة بمثل الموصوف نحو مررت برجل أي رجل، وطعمنا شاة كل شاة فالحكم على ما المذكورة بالاسمية واقتضاء الوصفية حكم بما لا نظير له فوجب اجتنابه. ا. هـ باختصار. قوله: "وما تفعلوا من خير يوف إليكم" المتجه أن الشارح لم يقصد لفظ التلاوة حتى يرد اعتراض البعض كغيره بأنه لفق من آيتين فكان الصواب أن يقول إما: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُم} [البقرة: 272] وإما: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّه} [البقرة: 197]، بل قصد ذكر مثال من عنده.
قوله: "رب ما تكره" يجب فصل رب من ما لأن الذي يوصل برب ما الكافة وما هنا نكرة موصوفة بالجملة بعدها والرابط ضمير محذوف أي تكرهه. وقوله: فرجة بالفتح أي انفراج. وقال
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
90- تمام البيت:
وهو مؤتمن بالغيب غير أمين وهو من الطويل، وهو لعبد الله بن همام في حماسة البحتري ص175؛ وبلا نسبة في الجني الداني ص452؛ والدرر 1/ 301، 4/ 132، 213؛ والكتاب 2/ 109؛ ولسان العرب 6/ 323 "غشش"؛ وهمع الهوامع 1/ 92، 2/ 28، 39.
91- البيت من الرمل، وهو لسويد، بن أبي كاهل في الأغاني 13/ 98؛ وخزانة الأدب 6/ 123؛ 125؛ والدرر 1/ 302؛ وشرح شذور الذهب ص170؛ وشرح المفصل 4/ 11؛ ومغني اللبيب 1/ 328.
92- البيت من الطويل وهو بلا نسبة في شرح شواهد المغني 2/ 707؛ ومغني اللبيب 1/ 297.
93- البيت من الخفيف، وهو لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص50؛ والأزهية ص82، 95؛ وحماسة البحتري ص223؛ وخزانة الأدب 6/ 108، 113، 10/ 9 ؛ والدرر 1/ 77؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 3؛ والكتاب 2/ 109؛ ولسان العرب 2/ 340 "فرج"؛ وله أو لحنيف بن عمر أو لنهار ابن أخت مسيلمة الكذاب في شرح شواهد المغني 2/ 707، 708 والمقاصد النحوية 1/ 484؛ وله أو لأبي قيس صرمة بن أبي أنس أو لحنيف في خزانة الأدب 6/ 115؛ ولعبيد في ديوانه ص128؛ وبلا نسبة في إنباه الرواة 4/ 134؛ وأساس البلاغة ص327 "فرج"، والأشباه والنظائر 3/ 186؛ وأمالي المرتضى 1/ 486، والبيان والتبيين 3/ 260؛ وجمهرة اللغة ص463؛ وجواهر الأدب ص369؛ وشرح شذور الذهب ص171؛ وشرح المفصل 4/ 352، 8/ 30؛ ومغني اللبيب 2/ 297؛ والمقتضب 1/ 42؛ وهمع الهوامع 1/ 8.
224 | 435(1/223)
الموصول
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن ذلك فيهما قولهم: مررت بمن معجب لك، وبما معجب لك. ويكونان أيضًا نكرتين تامتين: أما من فعلى رأي أبي علي زعم أنها في قوله:
94-
ونعم من هو في سر وإعلان تمييز والفاعل مستتر وهو هو المخصوص بالمدح. وقال غيره من موصول فاعل، وقوله هو مبتدأ خبره هو آخر محذوف على حد قوله شعري شعري. وأما ما فعلى رأي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النحاس الفرجة بالفتح في الأمر المعنوي وبالضم فيما يرى من الحائط ونحوه كذا في العيني. وفي القاموس أن الفرجة بمعنى الخلوص من الهم مثلثة وأن فرجة نحو الحائط بالضم. والعقال بالكسر الحبل الذي تشد به الدابة ليمنعها من القيام ووجه الشبه السهولة والسرعة. قال في المغني: ويجوز أن تكون ما كافة والمفعول المحذوف اسمًا ظاهرًا أي قد تكره النفوس من الأمر شيئًا أي وصفًا فيه، أو الأصل من الأمور أمرًا وفي هذا إنابة المفرد عن الجمع وفيه وفي الأول إنابة الصفة غير المفردة عن الموصوف إذ جملة له فرجة إلخ عليهما صفة لمحذوف. ا. هـ. وقوله: إنابة الصفة إلخ أي وهي لا تجوز اختيارًا إلا إذا كان الموصوف بعض اسم سابق مجرور بمن أو في نحو منا ظعن ومنا أقام وفينا ظعن وفينا أقام. قوله: "فعلى رأي أبي علي" متعلق بمحذوف أي فتكون نكرة تامة على رأي أبي علي. قوله: "والفاعل مستتر" أي يعود على التمييز كما سيأتي في قوله:
ويرفعان مضمرًا يفسره مميز كنعم قومًا معشره وسيأتي أنه مما يغتفر عوده على متأخر لفظًا ورتبة. قوله: "وهو هو المخصوص" أي ولفظ هو هو المخصوص فهو إما مبتدأ خبره متعلق الجار والمجرور المحذوف والمعنى الممدوح مثلًا في سر وإعلان، أو الجملة قبله والجار والمجرور في محل نصب على الحال وإما خبر مبتدأ محذوف على ما يأتي. قوله: "خبره هو آخر" أي والجملة صلة الموصول والجار والمجرور
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
94- صدر البيت:
ونعم مزكاء من ضاقت مذاهبة وهو من البسيط، وهو بلا نسبة في جمهرة اللغة ص1098، 1308؛ وخزانة الأدب 9/ 410، 411، 412، 414، والدرر 1/ 303، 5/ 215؛ وشرح شواهد المغني 2/ 741؛ وشرح عمدة الحافظ ص790؛ ولسان العرب 1/ 91 "زكا"، ومغني اللبيب 1/ 329، 435، 437، والمقاصد النحوية 1/ 487؛ وهمع الهوامع 1/ 92، 2/ 86.
225 | 435(1/224)
الموصول
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البصريين إلا الأخفش في نحو ما أحسن زيدًا؛ إذ المعنى شيء حسن زيدًا على ما سيأتي بيانه في بابه. وفي باب نعم وبئس عند كثير من النحويين المتأخرين منهم الزمخشري نحو غسلته غسلًا نعمًا، أي نعم شيئًا فما نصب على التمييز. وأما أل فللعاقل وغيره. وما ذكره الناظم من أنها اسم موصول هو مذهب الجمهور. وذهب المازني إلى أنها حرف موصول، والأخفش إلى أنها حرف تعريف. والدليل على اسميتها أشياء: الأول عود الضمير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
متعلق بهو المحذوف لما فيه من معنى الفعل أي ونعم من هو الموصوف بالفضائل في حالتي سر وإعلان. قال ابن هشام: ويحتاج إلى تقدير هو ثالث يكون مخصوصًا خبره الجملة قبله. قال الدماميني: ورابع على القول بأن المخصوص مبتدأ حذف خبره. ا. هـ. وفيه أنه لا يتعين تقدير الخبر هو لجواز تقديره الممدوح مثلًا. فإن قيل هلا جعل الجار والمجرور خبر هو المذكور؟ أجيب بأنه لو كان كذلك لكان متعلقًا بكون عام والمراد تعلقه بكون خاص هو معنى هو المحذوف إذ المراد ونعم من هو الموصوف بالفضائل في سر وإعلان. وفيه أنه يجوز تعلقه بخاص لقرينة المدح أي الممدوح في سر وإعلان كما جرينا عليه آنفًا. قوله: "على حد قوله شعري شعري" أي على طريقته في التأويل بما يخرجهما عن الاتحاد من كل وجه بأن يراد بهو المبتدأ الذات بقطع النظر عن صفتها وبهو الخبر الذات الموصوفة بالفضائل. قوله: "إلا الأخفش" اعترض بأنه لا يمنع ذلك بل يجوزه، ويجوز كون ما موصولة أو نكرة موصوفة والخبر عليهما محذوف وجوبًا تقديره شيء عظيم. قوله: "وفي باب نعم وبئس" عطف على قوله على رأي البصريين إلخ. وزاد بعضهم موضعًا ثالثًا وهو قولهم إذا أرادوا المبالغة في الإخبار عن أحد بالإكثار من فعل الكتابة مثلًا أن زيدًا مما أن يكتب أي من شيء كتابة فما بمعنى شيء وأن وصلتها في تأويل مصدر بدل من ما أو عطف بيان، والمعنى أنه ملازم للكتابة حتى كأنه خلق منها أفاده الدماميني.
قوله: "فما نصب على التمييز" اعترض بأن ما مساوية للضمير في الإبهام فكيف تميزه. وأجيب بمنع المساواة لأن معناها شيء عظيم، وبهذا الاعتبار يحصل التمييز. ا. هـ. شمني ثم الفاعل على هذا ضمير مستتر في نعم يعود على التمييز والمخصوص محذوف تقديره هو، وما درج عليه الشارح أحد أقوال في ما هذه ستأتي في باب نعم وبئس، وقد درج عليه في المغني في موضع، ودرج في موضع آخر على قول آخر منها وهو أنها معرفة تامة فاعل ومثل بها للمعرفة التامة الخاصة أي المقدرة من لفظ اسم تقدمها هي وعاملها صفة له في المعنى فتقديرها في المثال نعم الغسل ومثل للتامة العامة أي المقدرة بالشيء وهي ما لم يتقدمها ذلك بنحو: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِي} [البقرة: 271]، أي فنعم الشيء هي والأصل فنعم الشيء إبداؤها، لأن الكلام فيه فحذف المضاف وأنيب عنه المضاف إليه فانفصل وارتفع، والحاصل أن ما الاسمية كما تكون نكرة ناقصة وهي الموصوفة وتامة وهي غير الموصوفة تكون معرفة ناقصة وهي الموصولة وتامة كما مر. قوله: "هو مذهب الجمهور" محل الخلاف حيث لا عهد أي في الخارج وإلا فهي حرف تعريف اتفاقًا نحو جاء محسن فأكرمت المحسن قاله الرضي. قوله: "إلى أنها حرف
226 | 435(1/225)
الموصول
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عليها في نحو قد أفلح المتقي ربه. وقال المازني: عائد على موصوف محذوف. ورد بأن لحذف الموصوف مظان لا يحذف في غيرها إلا لضرورة وليس هذا منها. الثاني استحسان خلو الصفة معها عن الموصوف، نحو جاء الكريم، فلولا أنها اسم موصولا قد اعتمدت الصفة عليه كما تعتمد على الموصوف لقبح خلوها عن الموصوف. الثالث إعمال اسم الفاعل معها بمعنى المضي فلولا أنها موصولة واسم الفاعل في تأويل الفعل لكان منع اسم الفاعل حينئذ معها أحق منه بدونها. الرابع دخولها على الفعل في نحو:
95-
ما أنت بالحكم الترضى حكومته
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موصول" رد بأنها لو كانت كذلك لأولت مع ما بعدها بمصدر. قوله: "إلى أنها حرف تعريف" رد بأنها لو كانت كذلك لمنعت من اعمال اسمي الفاعل والمفعول بمعنى الحال أو الاستقبال لإبعادها لهما عن شبه الفعل كالتصغير وبدخولها على الجملة. قوله: "عود الضمير عليها" أي والضمير لا يعود إلا على الأسماء. قوله: "بأن الحذف الموصوف مظان" أي مواقع وهي ثلاثة كون النعت صالحًا لمباشرة العامل، وكون المنعوت بعض اسم سابق مخفوض بمن أو في نحو: {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَات} [سبأ: 11] أي دروعًا ومنا ظعن ومنا أقام أي فريق، وفينا سلم وفينا هلك. قوله: "إلا لضرورة" كقوله:
ترمي بكفي كان من أرمي البشر أي بكفي رجل. قوله: "وليس هذا منها" قد يقال: هو من الأول لأن النعت صالح لمباشرة العامل. قوله: "نحو جاء الكريم" فيه أن كريمًا صفة مشبهة وأل المتصلة بها حرف تعريف على الأصح فكان الأولى التمثيل بنحو جاء الضارب. قوله: "لكان منع اسم الفاعل" أي منع اسم الفاعل بمعنى المضي حينئذٍ أي حين إذ كانت غير موصولة بل حرف تعريف. وقوله: أحق منه أي من منع عمل اسم الفاعل بمعنى المضي بدونها أي والواقع أنه يعمل معها ويمتنع عمله بدونها ووجه الأحقية أن عمله بسبب شبه الفعل المضارع وهي مبعدة له عن شبهه ومقربة له من الجوامد لأنها حينئذٍ من خصائص الأسماء التي الأصل فيها الجمود لأن أصل وضعها للذوات والتزم الأخفش كون اسم الفاعل بمعنى المضي لا يعمل معها فلم ينهض عليه هذا الدليل. قوله: "على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
95- تمام البيت:
ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل وهو من البسيط، وهو للفرزدق في ديوانه، والإنصاف 2/ 521؛ وجواهر الأدب ص319؛ وخزانة الأدب 1/ 23؛ والدرر 1/ 274؛ وشرح التصريح 1/ 38، 142؛ وشرح شذور الذهب ص21؛ ولسان العرب 6/ 9 "أمس"، 12/ 565 "لوم"؛ والمقاصد النحوية 1/ 111 ؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 20؛ وتخليص الشواهد ص145؛ والجني الداني ص202؛ ورصف المباني ص75، 148؛ وشرح ابن عقيل ص85؛ وشرح عمدة الحافظ ص99؛ والمعرب 1/ 60؛ وهمع الهوامع 1/ 85.
227 | 435(1/226)
الموصول
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والمعرفة مختصة بالاسم. واستدل على حرفيتها بأن العامل يتخطاها نحو مررت بالضارب، فالمجرور ضارب ولا موضع لأل؟ ولو كانت اسمًا لكان لها موضع من الإعراب. قال الشلوبين: الدليل على أن الألف واللام حرف قولك: جاء القائم، فلو كانت اسمًا لكان فاعلًا واستحق قائم البناء لأنه على هذا التقدير مهمل لأنه صلة والصلة لا يسلط عليها عامل الموصول. وأجاب في شرح التسهيل بأن مقتضى الدليل أن يظهر عمل عامل الموصول في آخر الصلة لأن نسبتها منه نسبة عجز المركب منه، لكن منع من ذلك كون الصلة جملة والجمل لا تتأثر بالعوامل، فلما كانت صلة الألف واللام في اللفظ غير جملة جيء بها على مقتضى الدليل لعدم المانع. ا.هـ. ويلزم في ضمير أل اعتبار المعنى نحو الضارب والضاربة والضاربين والضاربات, وأما ذو فإنها للعاقل وغيره قال الشاعر:
96-
ذاك خليلي وذو يواصلني يرمي ورائي بامسهم وامسلمة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حرفيتها" أي في القولين الأخيرين. قوله: "لكان لها موضع من الإعراب" أي واستحق مدخولها عدم الإعراب لكون العامل أخذ مقتضاه كما يؤخذ مما بعده. قوله: "قال الشلوبين" تقوية وإيضاح لما قبله. قوله: "واستحق قائم البناء" يعني عدم الإعراب بدليل ما بعده. قوله: "مهمل" أي لا يتسلط عليه عامل.
قوله: "ولا يتسلط عليها عامل الموصول" أي لأخذه مقتضاه من العمل في الموصول. قوله: "وأجاب" أي الناظم وقوله: بأن مقتضى الدليل أي القياس على جعل الإعراب على عجز المركب المزجي الشبيه بمجموع الموصولة وصلته أخذًا مما يأتي. قال الروداني: وإنما لم يمنع مجموع أل وصلتها من الصرف مع أنه شبيه بالمزجي لعدم العلمية. ا. هـ. وبحث الدماميني في الجواب بما حاصله الفرق بين الموصول والمركب المزجي بأن المقصود الموصول وإنما جيء بالصلة لتوضيحه فحق الإعراب أن يدور عليه بخلاف المركب المزجي، والدليل على ذلك ظهور الإعراب في أيّ الموصولة واللذين واللتين على القول بإعرابهما والذين واللائين على لغة، وأجاب الرضي عن الدليل بأن أل لما كانت على صورة الحرف نقل إعرابها إلى صلتها عارية كما في لا التي بمعنى غير. قوله: "لأن نسبتها منه نسبة عجز المركب منه" ولهذا لا يتبع الموصول ولا يخبر عنه ولا يستثنى منه قبل تمام الصلة. قوله: "ويلزم في ضمير أل إلخ" أي لخفاء موصوليتها وجوز أبو حيان مراعاة اللفظ إذا لم يقع خبرًا أو نعتًا نحو جاء الضارب. قوله: "وذو يواصلني"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
96- البيت من المنسرح، وهو لبجير بن غنمة في الدرر 1/ 446؛ وشرح شواهد الشافية ص451، 452؛ وشرح شواهد المغني 1/ 159؛ ولسان العرب 12/ 192 "خندم"، 297 "سلم" 155/ 459 "ذو"؛ والمؤتلف والمختلف ص59؛ والمقاصد النحوية 1/ 464؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص143 ؛ والجني الداني ص140؛ وشرح عمدة الحافظ ص121؛ وشرح قطر الندى ص114 ؛ وشرح المفصل 9/ 17، 20؛ ولسان العرب 12/ 36 "أمم"؛ ومغني اللبيب 1/ 48؛ وهمع الهوامع 1/ 79.
228 | 435(1/227)
الموصول
وكالتي لديهم ذات وموضع اللاتي أتى ذوات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال الآخر:
97-
فقولا لهذا المرء ذو جاء ساعيًا هلم فإن المشرفي الفرائض وقال الآخر:
98-
فإما كرام موسرون لقيتهم فحسبي من ذو عندهم ما كفانيا وقال الآخر:
99-
فإن الماء ماء أبي وجدي وبئري ذو حفرت وذو طويت والمشهور فيها البناء وأن تكون بلفظ واحد كما في الشواهد. وبعضهم يعربها إعراب ذي بمعنى صاحب، وقد روي بالوجهين قوله:
100-
فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا "وكالتي أيضًا لديهم" أي عند طيئ "ذات" أي بعض طيئ ألحق بذو تاء التأنيث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عطف على خليلي وجملة يرمي إلخ خبر ثان لذاك وقوله وامسلمه بكسر اللام وهي الحجر. قوله: "ساعيًا" أي آخذًا لصدقات الأموال. والمشر في السيف المنسوب إلى مشارف موضع بأرض العرب، والفرائض الزكوات.
قوله: "وبعضهم يعربها إلخ" استشكل الإعراب بقيام سبب البناء وعدم معارض له. قوله: "إعراب ذي بمعنى صاحب" أي بالواو رفعًا وبالألف نصبًا بالياء جرًا. وخص بعضهم الإعراب بحال الجر قال لأنه المسموع كما في التصريح. قوله: "ألحق بذو تاء التأنيث" أي بعد قلب الواو ألفًا ومفاد عبارته أن ذات ليست صيغة مستقلة بل أصلها ذو مفاد عبارة غيره كالغزي أنها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
97- البيت من الطويل، وهو لقوال الطائي في خزانة الأدب 5/ 28، 6/ 410؛ وشرح ديوان الحماسية للمرزوقي ص640؛ وللطائي في الإنصاف 1/ 383.
98- البيت من الطويل، وهو لمنظور بن سحيم بن الدرر 1/ 268؛ وشرح التصريح 1/ 63، 137؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1158؛ وشرح شواهد المغني 2/ 830؛ وشرح المفصل 3/ 148؛ والمقرب 1/ 59؛ والمقاصد النحوية 1/ 127؛ وللطائي في مغني اللبيب 2/ 410؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 42؛ وتخليص الشواهد ص54، 14؛ وشرح ابن عقيل ص30/ 82؛ وشرح عمدة الحافظ ص122؛ وهمع الهوامع 1/ 84.
99- البيت من الوافر، وهو لسنان بن الفحل في الإنصاف ص384؛ وخزانة الأدب 6/ 34، 35؛ والدرر 1/ 267؛ وشرح التصريح 1/ 137؛ وشرح المفصل 3/ 147؛ 8/ 45؛ ولسان العرب 15/ 460 "ذوا" وهمع الهوامع 1/ 84.
100- راجع التخريج رقم 98.
229 | 435(1/228)
الموصول
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مع بقاء البناء على الضم، حكى الفراء: بالفضل ذو فضلكم الله به، والكرامة ذات أكرمكم الله به "وموضع اللاتي أتى ذوات" جمعًا لذات. قال الراجز:
101-
جمعتها من أينق موارق ذوات ينهضن بغير سائق تنبيه: ظاهر كلام الناظم أنه إذا أريد غير معنى التي واللاتي يقال: ذو على الأصل وأطلق ابن عصفور القول في تثنية ذو وذات وجمعهما. قال الناظم: وأظن أن الحامل له
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صيغة مستقلة فتأمل. وقوله مع بقاء البناء على الضم ينبغي حذف لفظ بقاء لاقتضائه أن ذو مبنية على الضم مع أنها مبنية على السكون وفي التوضيح. وحكي إعراب ذات وذوات إعراب ذات ذوات بمعنى صاحبة وصاحبات أي مع التنوين لعدم الإضافة كما في التصريح. وحكي إعراب ذات إعراب جمع المؤنث السالم كما في الهمع وشرح ابن عقيل على النظم فيكون في ذات ثلاث لغات. قوله: "بالفضل إلخ" ليس بشعر كما توهم أي أسألكم بالفضل. وبه الأخيرة بفتح فسكون أصله بها نقلت حركة الهاء إلى الباء بعد سلب حركتها فسكنت الهاء وحذفت الألف لالتقاء الساكنين. قوله: "جمعتها" أي النوق المتقدمة في البيت قبله والأينق جمع ناقة وأصلها نوقة قلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها. وأصل أينق أنوق قدمت الواو لتسلم من الضم وقلبت ياء مبالغة في التخفيف. والموارق جمع مارقة أي سوابق. وقوله: ذوات ينهضن بدل أو نعت على مذهب الكوفيين المجوّزين تخالف النعت والمنعوت تعريفًا وتنكيرًا في المدح والذم أو خبر لمحذوف أي هن ذوات إلخ. ويجوز كون ذوات بمعنى صاحبات أضيف إلى الفعل بمعنى المصدر أي ذوات نهوض كقولهم اذهب بذي تسلم أي بوقت ذي سلامة. وقوله بغير سائق بالهمز من السوق. قوله: "إذا أريد" أي على لغة من يقول ذات وذوات، وقوله: غير معنى التي واللاتي بأن أريد المفرد المذكر أو المثنى مطلقًا أو جمع الذكور أي مع أن مثنى المؤنث يقال له على هذه اللغة ذات لا ذو.
قال الرضي: في ذو الطائية أربع لغات أشهرها ما مر أعني عدم تصريفها أصلًا مع بنائها والثانية ذو للمفرد المذكر ومثناه ومجموعه في الأحوال الثلاثة وذات مضمومة للمفرد المؤنث ومثناه ومجموعه والثالث كالثانية إلا أنه يقال لجمع المؤنث ذوات مضمومة في الأحوال كلها. والرابعة تصريفها تصريف ذو بمعنى صاحب مع إعراب جميع تصريفاتها حملًا على التي بمعنى صاحب وكل هذه لغات طائية. ا. هـ. والمصنف ذكر الأولى وكذا الثالثة بنوع تأويل بأن يجعل في كلامه حذف والتقدير وكالتي واللتين لديهم إلخ. ولإمكان هذا التقدير قال الشارح: ظاهر كلام الناظم إلخ فافهم.
قوله: "وأطلق ابن عصفور القول في تثنية إلخ" المتجه أن الجار والمجرور متعلق بالقول
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
101- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص180؛ والدرر 1/ 267؛ وبلا نسبة في الأزهية ص295؛ وأوضح المسالك 1/ 156؛ وتخليص الشواهد ص144؛ وهمع الهوامع 1/ 83.
230 | 435(1/229)
الموصول
ومثل ما ذا بعد ما استفهام أومن إذا لم تلغ في الكلام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على ذلك قولهم ذات وذوات بمعنى التي واللاتي فأضربت عنه لذلك، لكن نقل الهروي وابن السراج عن العرب ما نقله ابن عصفور "ومثل ما" الموصولة فيما تقدم من أنها تستعمل بمعنى الذي وفروعه بلفظ واحد "ذا" إذا وقعت "بعد ما استفهام" باتفاق "أو" بعد "من" استفهام على الأصح وهذا "إذا لم تلغ" ذا "في الكلام" والمراد بإلعائها أن تجعل مع ما أو من اسمًا واحدًا مستفهمًا به ويظهر أثر الأمرين في البدل من اسم الاستفهام وفي الجواب، فتقول عند جعلك ذا موصولًا: ماذا صنعت أخير أم شر بالرفع على البدلية من ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومعنى إطلاق القول فيه عدم تقييده ببعض طيئ بل أسنده إليهم فعلية مؤاخذة من هذه الجهة أيضًا نبه عليه الشاطبي وغيره لكن الشارح لم يتعرض لها بل إنما تعرض لمؤاخذة المصنف إياه من جهة إثبات غير ذو وذات وذوات وإنما لم يتعرض الشارح لتلك الجهة لأن في نقل هذا الإطلاق عن ابن عصفور نظرًا. قال ابن عصفور في المقرب: وذو وذات في لغة طيئ وتثنيتهما وجمعهما عند بعضهم. وقال السيوطي في النكت: لم يذكر ابن مالك في جميع كتبه تثنية ذو وجمعه فبان أن لا إطلاق في عبارة ابن عصفور لتصريحه بأن ذلك خاص ببعض طيئ وأن ابن مالك إنما نازع في الثبوت كذا في الروداني، وعلى هذا كان ينبغي للشارح أن يقول وحكى ابن عصفور تثنية إلخ. قوله: "على ذلك" أي على قوله بتثنية ذو وذات وجمعهما. قوله: "لذلك" أي لكونه قاله قياسًا على ما قالوه. قوله: "ومثل ما ذا" لعل التشبيه بما دون من مثلًا لموازنتها ذا ولخفتها باختتامها بالألف فتدبر. قوله: "من أنها إلخ" إنما قصر وجه الشبه على ذلك لأن من جملة ما تقدم كون ما لغير العاقل مع أن ذا تكون للعاقل بعد من ولغيره بعد ما كما نقله ابن غازي. قوله: "من استفهام" ففي المتن حذف من الثاني لدلالة الأول لكن في صنيع الشارح تحريك من مع سكونها في المتن. قوله: "على الأصح" وقيل بعد ما الاستفهامية فقط ورد بالسماع في كليهما. قوله: "اسمًا واحدًا مستفهمًا به" أي أو مع ما اسمًا واحدًا موصولًا أو نكرة موصوفة، فصور التركيب ثلاثة ويقال له الإلغاء الحكمي وإلغاؤها الحقيقي جعل ذا زائدة وما استفهامية على رأي الناظم تبعًا للكوفيين المجوّزين زيادة الأسماء قالوا وذلك المجموع المجعول اسمًا واحدًا مستفهمًا به مخصوص بجواز عمل ما قبله فيه نحو أقول ماذا، ذكره الدماميني نقلًا عن المصنف وغيره وكذا في الروداني وغيره فمما ذكره البعض من عدم عمل ما قبله فيه توهمًا منه أنه كبقية أسماء الاستفهام غير صحيح. ويظهر أثر الإلغاءين في نحو سألته عما ذا فتثبت الألف مع الجار على تقدير الإلغاء الحكمي وتحذف معه على تقدير الحقيقي قاله الشيخ يحيى. قوله: "لأنه مبتدأ وذا وصلته خبر" قال شيخنا الظاهر إنه يجوز عكسه بل هو أولى لأن ذا معرفة حينئذٍ فتأمل. ا. هـ. وجاز هنا الإخبار بمعرفة عن نكرة لأن هذا التركيب من قبيل كم مالك وقد قال الناظم: لا يخبر بمعرفة عن نكرة وإن تخصصت إلا في نحو كم مالك وخيرمنك زيد عند سيبويه. وفي النسخ نحو فإن حسبك الله على أن ابن هشام اكتفى في الإخبار عن النكرة بالمعرفة بتخصيصها ثم الموافق للصناعة أن الخبر أو المبتدأ الموصول فقط لا مجموع الموصول والصلة كما صنع
231 | 435(1/230)
الموصول
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لأنه مبتدأ وذا وصلته خبر، ومثله من ذا أكرمت أزيد أم عمرو قال الشاعر:
102-
ألا تسألان المرء ماذا يحاول أنحب فيقضى أم ضلال وباطل وتقول عند جعلهما اسمًا واحدًا: ماذا صنعت أخيرًا أم شرًّا، ومن ذا أكرمت أزيدًا أم عمرًا بالنصب على البدلية من ماذا أو من ذا لأنه منصوب بالمفعولية مقدمًا وكذا تفعل في الجواب نحو: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة: 219] قرأ أبو عمرو برفع العفو على جعل ذا موصولًا، والباقون بالنصب على جعلها ملغاة كما في قوله تعالى: {مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا} [النحل: 30]، فإن لم يتقدم على ذا ما ومن الاستفهاميتان لم يجز أن تكون موصولة، وأجازه الكوفيون تمسكًا بقوله:
103-
عدس ما لعباد عليك إمارة نجوت وهذا تحملين طليق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشارح فتدبر. قوله: "قال الشاعر إلخ" قال الدماميني: يجوز في البيت كون ماذا اسمًا واحدًا مبتدأ خبره يحاول والرابط محذوف أي يحاوله لجواز مثل هذا في الشعر أو مفعولًا ليحاول ونحب خبر محذوف أي هو نحب. قوله: "يحاول" أي طلب. والنحب في الأصل المدة يقال: فلان قضى نحبه أي مدة حياته وأراد به هنا النذر والمعنى ألا تسألان المرء ماذا يطلبه باجتهاده في أمور الدنيا أنذر أو جبه على نفسه فهو يسعى في قضائه أم هو ضلال وباطل.
قوله: "وتقول عند جعلهما اسمًا واحدًا" فيصح أيضًا في هذه الحالة تقدير ضمير منصوب بالفعل وجعل ما ذا في موضع رفع مبتدأ خبره الجملة الفعلية والعائد الضمير المقدر أو في موضع نصب بمحذوف يفسره المذكور ولكن كل هذا تكلف مع أنه يرد على الأول أن حذف رابط جملة الخبر مخصوص بالشعر كما يفيده ما مر عن الدماميني وعلى الثاني أن حذف الضمير الشاغل قبيح كما سيأتي في باب الاشتغال. قوله: "وكذا تفعل في الجواب" أي استحسانًا لأن حق الجواب أن يطابق السؤال اسمية أو فعلية. قوله: "قل العفو" أي الزائد على قدر الحاجة. قوله: "وأجازه الكوفيون" أي كما أجازوا في بقية أسماء الإشارة أن تكون موصولة تمسكًا بقوله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
102- البيت من الطويل، وهو للبيد بن ربيعة في ديوانه ص254؛ والأزهية ص206؛ والجني الداني ص239؛ وخزانة الأدب 2/ 252، 253، 6/ 145، 147؛ وديوان المعاني 1/ 119؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 40؛ وشرح التصريح 1/ 139؛ وشرح شواهد المغني 1/ 150؛ 2/ 711؛ والكتاب 2/ 417؛ ولسان العرب 1/ 751 "نحب"، 11/ 187 "حول"، 15/ 459 "ذو"، والمعاني الكبير ص201؛ ومغني اللبيب ص300؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك ص1/ 159؛ ورصف المباني ص188؛ وشرح المفصل 3/ 149، 150، 4/ 23؛ وكتاب اللامات ص64؛ ومجالس ثعلب ص530.
103- البيت من الطويل، وهو ليزيد بن مفرغ في ديوانه ص170؛ وأدب الكاتب ص417؛ والإنصاف 2/ 717؛ وتخليص الشواهد ص150؛ وتذكرة النحاة ص20؛ وجمهرة اللغة ص645؛ وخزانة الأدب 6/ 41، 42، 48 والدرر 1/ 269؛ وشرح التصريح 1/ 139، 381؛ وشرح شواهد المغني 2/ 859، وشرح المفصل 4/ 89؛ والشعر والشعراء 1/ 371؛ ولسان العرب 6/ 47؛ "حدس"، 6/ 133 "عدس " والمقاصد النحوية 1/ 442؛ 3/ 216؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص362، 447؛ وأوضح المسالك 1/ 162؛ وخزانة الأدب 4/ 333، 6/ 388؛ وشرح شذور الذهب ص190؛ وشرح قطر الندى ص106، وشرح المفصل 2/ 16، 4/ 23؛ ولسان العرب 15/ 460 "ذوا" والمحتسب 2/ 94؛ ومغني اللبيب 2/ 462؛ وهمع الهوامع 1/ 84.
232 | 435(1/231)
الموصول
وكلها يلزم بعده صله على ضمير لائق مشتمله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وخرج على أن هذا طليق جملة اسمية وتحملين حال أي وهذا طليق محمولًا.
تنبيه: يشترط لاستعمال ذا موصولة مع ما سبق أن لا تكون مشارًا بها نحو ماذا التواني؟ وماذا الوقوف؟ وسكت عنه لوضوحه "وكلها" أي كل الموصولات "يلزم" أن تكون "بعده صله" تعرفه ويتم به معناه إما ملفوظة نحو جاء الذي أكرمته أو منوية كقوله:
104-
نحن الآلى فاجمع جمو عك ثم وجههم إلينا أي نحن الألى عرفوا بالشجاعة بدلالة المقام. وأفهم بقوله بعده أنه لا يجوز تقديم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعالى: {ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُون} [البقرة: 85ي، وقوله تعالى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِك} [طه: 17]، أي الذين تقتلون والتي بيمينك. وأجيب بجعل تقتلون وبيمينك حالًا قاله الدماميني.
قوله: "عدس" اسم صوت يزجر به البغل وقد يسمى به البغل. والإمارة بالكسر الحكم. والبيت من قصيدة هجا بها الشاعر عباد بن زياد بن أبي سفيان وقد كتب هجوه على الحيطان فلما ظفر به ألزمه محوه بأظفاره ففسدت أنامله ثم أطال سجنه فكلموا فيه معاوية فوجه له بريدًا فأخرجه وقدمت له بغلة فنفرت فقال ذلك. عيني باختصار. قوله: "وتحملين حال" أي من ضمير طليق بناء على الأصح من جواز تقديم الحال على عاملها الصفة المشبهة كما في شرح الجامع. قوله: "أن لا تكون مشارًا بها" زاد البعض تبعًا لشيخنا شرطًا آخر وهو أن لا يكون بعدها اسم موصول نحو: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِه} [البقرة: 255] ولا حاجة إليه للاستغناء عنه بقوله إذا لم تلغ في الكلام لأنها في هذه الحالة ملغاة فتكون مع من مبتدأ والذي خبر. وفي الدماميني أن الإلغاء يترجح في هذه الحالة أيضًا ولا يتعين لأنه يحتمل أن تكون ذا موصولة والذي تأكيد له أو خبر لمبتدأ محذوف. ا. هـ. وفي البيضاوي أن من مبتدأ وذا خبر والذي بدل. ا. هـ.
قوله: "وكلها يلزم بعده صلة" قال في التسهيل: وقد ترد صلة بعد موصولين أو أكثر مشتركًا فيها أو مدلولًا بها على ما حذف. ا. هـ. فالاشتراك فيما إذا ناسبت الصلة جميع ما قبلها من الموصولات والدلالة فيما إذا لم تناسب إلا واحدًا منها والقسم الأول داخل تحت قول الشارح
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
104- البيت من مجزوء الكامل، وهو لعبيد بن الأبرص ص142؛ وخزانة الأدب 2/ 289؛ والدرر 1/ 279؛ وشرح شواهد المغني 1/ 258؛ ولسان العرب 15/ 437 "أولى وألاء"؛ والمقاصد النحوية 1/ 490؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 6/ 542؛ وشرح التصريح 1/ 142؛ ومغني اللبيب 1/ 86؛ وهمع الهوامع 1/ 89.
233 | 435(1/232)
الموصول
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الصلة ولا شيء منها على الموصول وأما نحو: {وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} [يوسف: 20] ففيه متعلق بمحذوف دلت عليه صلة أل لا بصلتها والتقدير وكانوا زاهدين فيه من الزاهدين ويشترط في الصلة أن تكون معهودة أو منزلة منزلة المعهود وإلا لم تصلح للتعريف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملفوظة والثاني داخل تحت قوله أو منوية. قوله: "بعده" ويجوز الفصل بينه وبينها وبالجملة القسمية والندائية والاعتراضية كما في الهمع والدماميني. قوله: "تعرفه" اعترض بأن الموصول لو كان معرّفًا بصلته لتعرفت النكرة الموصوفة بصفتها. وأجيب بأن تعين الموصول بصلته وضعي لوضعه معرفة مشارًا به إلى المعهود بمضمون صلته بين المتكلم والمخاطب، فمعنى قولك لقيت من ضربته إذا كانت موصولة لقيت الإنسان المعهود بكونه مضروبًا لك، فهي موضوعة على أن تكون معرفة بصلتها. وأما إذا جعلتها موصوفة فالمعنى لقيت إنسانًا مضروبًا لك فالتخصيص بمضروبية المخاطب وإن حصل لقولك إنسانًا لكنه ليس تخصيصًا وضعيًّا بل هو عارض لأن إنسانًا موضوع لإنسان ما، بخلاف الذي ومن مثلًا فإنهما وضعًا لمخصوص بمضمون صلتهما فالفرق بين المعرفة والنكرة المخصصة أن تخصيص المعرفة وضعي وهو المراد بالتعريف عندهم، وليس المراد به مطلق التخصيص ألا ترى أنك قد تخصص النكرة بوصف لا يشاركها فيه شيء آخر مع أنها لا تسمى بذلك معرفة لكونه غير وضعي كقولك اعبد إلهًا خلق السماوات والأرض. ا. هـ. دماميني ببعض تلخيص وسيأتي قريبًا جواب آخر فتنبه.
قوله: "ولا شيء منها" أي ولو ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا. قوله: "على الموصول" وأما تقديم بعض أجزاء الصلة على بعض فجائز نحو جاء الذي قائم أبوه. وقال في التسهيل: وقد يلي معمول الصلة الموصول إن لم يكن حرفًا أو أل. وعلل في الشرح المنع مع الحرف وأل بأن امتزاج الحرف بصلته أشد من امتزاج الاسم بصلته فتقديم معمولها كإيقاع كلمة بين جزأي مصدر وكذا اشتد امتزاج أل. قال المرادي: وفصل في الحرف قوم فأجازوا في غير العامل نحو عجبت مما زيدًا تضرب ومنعوا في العامل كأن. قوله: "ففيه متعلق إلخ" اختار قوم كابن الحاجب جواز تقديم معمول صلة أل إذا كان ظرفًا كما في الآية وعليه لا تقدير. قال ابن الحاجب: والفرق عندنا بين أل وغيرها أن أل على صورة الحرف المنزل جزءًا من الكلمة فكانت كغيرها من الأجزاء التي لا تمنع التقدم وفرقنا بينها وبين غيرها في ذلك كالفرق بينها وبين غيرها اتفاقًا في جعل صلتها اسم فاعل أو اسم مفعول لتكون مع أل كالاسم الواحد. واختار السيوطي ما نقله في الهمع عن الكوفيين من جواز تقديم الظرف المتعلق بصلة الموصول اسميًّا كان أو حرفيًّا.
قوله: "بمحذوف" تقديره وكانوا زاهدين فيه من الزاهدين وعلى هذا يكون من الزاهدين أما صفة مؤكدة نحو عالم من العلماء أو مؤسسة على معنى ممن بلغ بهم الزهد إلى أن يعدوا من الزاهدين أو خبر ثان لكان أفاده الدماميني. قوله: "دلت عليه صلة أل" لا يرد أن ما لا يعمل لا يفسر عاملًا لأن ذلك في باب الاشتغال قاله يس. قوله: "أن تكون معهودة" بأن يعلمها المخاطب ويعلم تعلقها بمعين أما صفة النكرة فالشرط فيها علم المخاطب بها فقط هذا هو الفرق بينهما
234 | 435(1/233)
الموصول
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فالمعهود نحو جاء الذي قام أبوه، والمنزلة منزلة المعهود هي الواقعة في معرض التهويل والتفخيم نحو {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} [طه: 78]، {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 10]، وأن تكون "على ضمير لائق" بالموصول أي مطابق له في الإفراد والتذكير وفروعهما "مشتمله" ليحصل الربط بينهما وهذا الضمير هو العائد على الموصول وربما خلفه اسم ظاهر كقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومنه يعلم وجه تعرف الموصول بصلته دون النكرة بصفتها قيل محل اشتراط العهد إذا أريد بالموصول معهود فإن أريد به الجنس أو الاستغراق فالشرط كون صلته كذلك وفي الروداني بعد كلام والتحرير أن المراد بكون الصلة معهودة أن تكون معروفة للسامع سواء كان تعريفها العهد الخارجي نحو وإذ تقول للذي أنعم الله عليه أو تعريف الحقيقة: أي من حيث هي نحو المعطي خير من الآخذ أو تعريف الحقيقة في ضمن بعض الأفراد نحو كمثل الذي ينعق أو في ضمن جميع الأفراد نحو اقتلوا المشركين بناء على أن أل موصولة أو الذي يشرك أو الذين يشركون أو من يشرك أو نحو ذلك فالصلة في الجميع معهودة والعهد خارجي في الأول وذهني في غيره وأما نحو: {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُم } [طه: 78] فالظاهر أنه من تعريف الحقيقة في ضمن كل فرد ويحتمل العهد الخارجي أي الذي يعرف في الخارج أنه غشيهم فإن المعهود خارجًا يجوز أن يكون مجملًا كما يكون مفصلًا فظهر أن العهد في الجميع وأن استثناء مقام إرادة الجنس أو الاستغراق أو التهويل غير صحيح.
قوله: "أو منزلة منزلة المعهود" إجراء لدلالتها بقرينة المقام على عظمة موصولها مجرى العهد لتعيينها موصولها بهذا الاعتبار، فاندفع قول سم وأقرّه شيخنا والبعض. قد يقال إن عرفت الصلة مع الإبهام فلا معنى لاشتراط العهد مطلقًا على أنه قد يشكل الاكتفاء بالتنزيل في حصول التعريف فليتأمل. وعبارة التوضيح معهودة إلا في مقام التفخيم والتهويل فيحسن إبهامها. ا. هـ. وعلى هذا لا حاجة إلى التنزيل المذكور. قوله: "في معرض التهويل" أي التخويف والتفخيم أي التعظيم أي المجرد عن التخويف فلا يقال من لازم التهويل التفخيم وقوله: نحو فغشيهم إلخ مثال للتخويف وقوله: فأوحى إلخ مثال للتفخيم. قوله: "وأن تكون إلخ" يلزم على صنيعه تغيير إعراب قول المصنف مشتملة. قوله: "أي مطابق له إلخ" المراد المطابقة أعم من أن تكون لفظًا ومعنى كما في الموصولات الخاصة أو لفظًا فقط أو معنى فقط، كما في المشتركة غير أل على ما مر هذا. ويجوز مراعاة المعنى بعد مراعاة اللفظ كثيرًا وعكسه قليلًا بل قيل بمنعه. ومراعاة اللفظ ثم المعنى ثم اللفظ كما مر ذلك. قوله: "وربما خلفه اسم ظاهر" قال شيخنا الظاهر: إن بقية الروابط الآتية في الابتداء تأتي هنا إذ لا فرق ومن خلف الظاهر قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ } [آل عمران: 81]، فاللام الأولى للابتداء وما موصول بمعنى الذي مبتدأ وآتيتكم صلة عائدها محذوف أي آتيتكموه وثم جاءكم عطف على آتيتكم عائدها معكم لأنه اسم ظاهر خلف عن الضمير والأصل مصدق
235 | 435(1/234)
الموصول
وجملة أو شبهها الذي وصل به كمن عندي الذي ابنه كفل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
105-
سعاد التي أضناك حب سعادا وقوله:
106-
وأنت الذي في رحمة الله أطمع كما سبقت الإشارة إليه وهو شاذ فلا يقاس عليه.
تنبيه: الموصول إن طابق لفظه معناه فلا إشكال في العائد، وإن خالف لفظه معناه فلك في العائد وجهان: مراعاة اللفظ وهو الأكثر، ومراعاة المعنى كما سبقت الإشارة إليه وهذا ما لم يلزم اللفظ فإن لزم لبس نحو أعط من سألتك لا من سألك وجبت مراعاة المعنى "وجملة أو شبهها" من ظرف ومجرور تأمين "الذي وصل به" الموصول "من عندي الذي ابنه كفل" فعندي ظرف تام صلة من وابنه كفل جملة اسمية صلة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
له، ولتؤمنن به جواب قسم محذوف ومجموع القسم والجواب خبر المبتدأ وقيل غير ذلك.
قوله: "في رحمة الله" لو أضمر لقال في رحمتك نظرًا إلى المبتدأ أو رحمته نظرًا إلى الخبر واعتبار الخبر أكثر وأقيس كما في التسهيل وشرحه للدماميني ولاحتمال الضمير هنا وتعينه في الشاهد قبله للغيبة عدد الشاهد. قوله: "فلا إشكال في العائد" أي في مطابقته لظهور حصول المطابقة لفظًا ومعنى. قوله: "وهو الأكثر" أي في غير أل على ما مر. قوله: "فإن لزم لبس إلخ" اعترض بأن اللازم في المثال إجمال لا لبس ولا محذور في الإجمال بل قد يكون من مقاصد البلغاء ويمكن دفعه بأن المراد باللبس هنا الإجمال في مقام البيان وهو معيب وكاللبس قبح الإخبار بمؤنث عن مذكر في نحو من هي حمراء أمك على ما تقدم بيانه فتنبه. قوله: "وجملة" خبر مقدم والذي مبتدأ مؤخر لأنه المعرفة وتجويز البعض كغيره العكس غير صحيح على ما ذكره الناظم كما مر. وفي وصل ضمير يعود إلى كلها هو نائب الفاعل وظاهر صنيع الشارح عوده إلى الموصول المعلوم من المقام أو المتقدم في قوله موصول الأسماء ومنهم من جعل نائب فاعل وصل الضمير المجرور بعده.
قوله: "من ظرف ومجرور تامين" فيه أنهما هنا متعلقان بفعل فتكون الصلة حينئذٍ جملة فلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
105- تمام البيت:
وإعراضها عنك استمر وزادا وهو الطويل، وهو بلا نسبة في شرح التصريح 1/ 140؛ وشرح شذور الذهب ص184.
106- صدر البيت:
فيا رب ليلى أنت في كل موطن وهو من الطويل، وهو للمجنون في الدرر 1/ 286 ؛ وشرح شواهد المغني 2/ 559؛ والمقاصد النحوية 1/ 479؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في شرح التصريح 1/ 140؛ ومغني اللبيب 1/ 210؛ وهمع الهوامع 1/ 87.
236 | 435(1/235)
الموصول
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الذي. وإنما كان الظرف والمجرور التامان شبيهين بالجملة لأنهما يعطيان معناها لوجوب كونهما هنا متعلقين بفعل مسند إلى ضمير الموصول تقديره الذي استقر عندك والذي استقر في الدار. وخرج عن ذلك ما لا يشبه الجملة منهما وهو الظرف والمجرور الناقصان نحو جاء الذي اليوم والذي بك، فإنه لا يجوز لعدم الفائدة.
تنبيه: من شرط الجملة الموصول بها مع ما سبق أن تكون خبرية لفظًا ومعنى، فلا يجوز جاء الذي أضربه أو ليته قائم أو رحمه الله خلافًا للكسائي في الكل وللمازني في الأخيرة وأما قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حاجة لقوله أو شبهها إلا أن يقال: مراده بالجملة في قوله وجملة الملفوظ بها وبشبهها الجملة المقدرة كما في الدماميني. والمراد بالتام ما يفهم عند ذكره متعلقه العام وكذا الخاص إذا دلت عليه قرينة كما قاله الدماميني ومثل له بأن يقال: اعتكف زيد في الجامع وعمرو في المسجد فتقول: بل زيد الذي في المسجد وعمرو الذي في الجامع. وبالناقص ما لا يفهم عند ذكره متعلقة الخاص لعدم القرينة عليه وبهذا التحقيق يعلم ما في كلام البعض. قوله: "يعطيان معناها" أي يدلان عليه لأنهما يدلان على نفس الجملة ويلزم من ذلك دلالتهما على معناها. قوله: "متعلقين بفعل" قال في المغني: قال ابن يعيش: وإنما لم يجز في الصلة أن يقال إن نحو جاء الذي في الدار بتقدير مستقر على أنه خبر لمحذوف على حد تمامًا على الذي أحسن بالرفع لقلة ذلك وإطراد هذا، ولي فيه بحث إذ مقتضى تعليله صحة تقدير مستقر على أنه خبر مبتدإ محذوف إذا طالت الصلة لفظًا نحو جاء الذي في الدار النفيسة لانتفاء العلة حينئذٍ وظاهر إطلاقهم يخالفه. ولعل هذا وجه عدول الدماميني عن تعليل المنع بما ذكره ابن يعيش إلى تعليله بأن شرط الحذف من الصلة أن لا يصلح الباقي للوصل وهو مفقود هنا لصلاحية الباقي وهو الجار والمجرور للوصل فليتأمل.
قوله: "خبرية" اعترض بأن شرط الخبرية قصد نسبتها بالذات كما أفاده السيد في شرح المفتاح وجملة الصلة ليست كذلك وكذا جملة الصفة والحال والخبر. ويمكن أن يجاب بأن تسميتها خبرية باعتبار الأصل قبل جعلها صلة وبجواز عدم موافقة النحاة على هذا الشرط. ومن الخبرية الجملة القسمية عند من يسميها خبرية نظرًا إلى الجواب. وأما من يسميها إنشائية نظرًا إلى القسم فيستثنيها من عدم جواز الوصل بالإنشائية والشرطية كالقسمية في جواز الوصل بها إذا كان جوابها خبرًا وإلا فلا كذا في الروداني، وإنما اشترط كون جملة الصلة خبرية لأنه يجب أن يكون مضمونها معلوم الانتساب إلى الموصول للمخاطب قبل الخطاب والجمل الإنشائية ليست كذلك لأن مضمونها لا يعلم إلا بعد إيراد صيغها أفاده الدماميني ولم يكتف عن قيد الخبرية بقيد العهد إذ يلزم من كونها معهودة كونها خبرية قال الروداني دفعًا لتوهم أنها في مقام التهويل قد تكون غير خبرية. قوله: "جاء الذي أضربه إلخ" المثال الأول للإنشائية لفظًا ومعنى الطلبية صراحة والثاني للإنشائية لفظًا ومعنى الغير الطلبية صراحة، والثالث للإنشائية معنى لا لفظًا. قوله:
237 | 435(1/236)
الموصول
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
107-
وإني لراج نظرة قبل التي لعلي وإن شطت نواها أزورها وقوله:
108-
وماذا عسى الواشون أن يتحدثوا سوى أن يقولوا إنني لك عاشق فمخرج على إضمار قول في الأول أي قبل التي أقول فيها لعلي أزورها، وأن ماذا في الثاني اسم واحد وليست ذا موصولة لموافقة عسى لعل في المعنى وأن تكون غير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"شطت نواها" أي بعد بعدها وتأنيث الفعل لاكتساب الفاعل التأنيث من المضاف إليه وفسر الدماميني والشمني نواها بجهة قصدها من السفر. وعد في القاموس من معاني النوى الدار، والتأنيث على هذين الوجهين ظاهر. قوله: "وأن ماذا في الثاني إلخ" قال بعض المحققين: المشهور أن عسى إنشاء لكن دخول الاستفهام عليها نحو: "فهل عسيتم" ووقوعها خبرًا لأن نحو إني عسيت صائمًا دليل على أنه فعل خبري، وإذا ثبت كونها خبرًا فينبغي أن يجوز وقوعها صلة بلا خلاف. ا. هـ.
قوله: "لموافقة عسى" علة لمحذوف تقديره وإنما كانت جملة عسى إنشائية لموافقة إلخ. قوله: "وإن كانت عندهم خبرية" أي بحسب الأصل لا بحسب الاستعمال فإنها بحسبه إنشائية اتفاقًا فحينئدٍ عدم استعمالها صلة لأنها في الاستعمال إنشائية لا خبرية كذا في الروداني وقيل لأن التعجب إنما يكون فيما خفي سببه ففيه إبهام مناف لما يقصد بالصلة من التبيين. قوله: "وأن لا تستدعي إلخ" بقي من الشروط أن لا تكون معلومة لكل أحد نحو جاء الذي حاجباه فوق عينيه قاله يس نقلًا عن المصنف ولعل وجه عدم تعيين مثل هذه الصلة للموصول لثبوتها لكل ذي حاجبيين وعينين وعلى هذا يتجه جواز نحو هذا المثال إذا قصد الاستغراق فاستفده فإنه نفيس. قوله: "وصفة إلخ" نقل يس عن الزمخشري في المفصل والسعد في المطوّل أن الوصف مع مرفوعه الواقع صلة أل جملة لا شبه جملة وجعله في التوضيح شبه جملة وهو الظاهر ولعل مراد القائل بأنه جملة أنه جملة في المعنى. قوله: "اسم الفاعل واسم المفعول" أي اللذان أريد بهما الحدوث فإن أريد بهما الثبوت كالمؤمن والصانع كانت أل الداخلة عليهما معرفة لأنها حينئذٍ صفة مشبهة. ا. هـ. يس. قوله: "وجه المنع" أي منع كونها صلة لأل ووجه الجواز شبه الفعل باعتبار رفعها الظاهر باطراد مطلقًا بخلاف أفعل التفضيل فإنه لا يرفع الظاهر باطراد إلا في مسألة الكحل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
107- البيت من الطويل، وهو لتوبة بن الحمير في شرح أبيات سيبويه 1/ 603؛ والكتاب 2/ 200؛ ونوادر أبي زيد ص72؛ وبلا نسبة في المقتضب 4/ 203.
108- البيت من الطويل وهو لجميل بثينة في ملحق ديوانه ص243؛ وخزانة الأدب 6/ 150، 153؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1383؛ ولسان العرب 10/ 385 "ومق"؛ وللمجنون في ديوانه ص160؛ والأغاني 2/ 50؛ ولسان العرب 10/ 27 "بنق".
238 | 435(1/237)
الموصول
وصفة صريحة صلة أل وكونها بمعرب الأفعال قل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعجبية، فلا يجوز جاء الذي ما أحسنه وإن كانت عندهم خبرية، وأجازه بعضهم وهو مذهب ابن خروف قياسا على جواز النعت بها، وأن لا تستدعي كلامًا سابقا فلا يجوز جاء الذي لكنه قائم "وصفة صريحة" أي خالصة الوصفية "صلة أل" الموصولة. والمراد بها هنا اسم الفاعل واسم المفعول وأمثلة المبالغة، وفي الصفة المشبهة خلاف. وجه المنع أنها لا تؤول بالفعل لأنها للثبوت ومن ثم كانت أل الداخلة على اسم التفصيل ليست موصولة بالاتفاق، وخرج بالصريحة الصفة التي غلبت عليها الاسمية نحو أبطح وأجرع وصاحب، فأل في مثلها حرف تعريف لا موصولة. والصفة الصريحة مع أل اسم لفظًا فعل معنى ومن ثم حسن عطف الفعل عليها نحو: {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا، فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا} [العاديات: 3، 4] {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [الحديد: 18] وإنما لم يؤت بها فعلًا كراهة أن يدخلوا على الفعل ما هو على صورة المعرفة الخاصة بالاسم فراعوا الحقين "وكونها" أي صلة أل "بمعرب الأفعال" وهو المضارع "قل" من ذلك قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "لأنها للثبوت" أي والفعل للتجدد والحدوث. قوله: "ومن ثم" أي من أجل أن منع وصل أل بالصفة المشبهة من حيث أنه لا تؤول بالفعل وفيه أن هذا إنما ينتج أصل المنع لا المنع باتفاق إلا أن يجعل كلامه من باب ذكر جزء العلة وحذف جزئها الثاني وهو عدم رفع أفعل التفضيل الظاهر باطراد إلا في مسألة الكحل بخلاف الصفة فتدبر.
قوله: "التي غلبت عليها الاسمية" أي بسبب كثرة استعمالها في الذات بقطع النظر عن الصفة. قوله: "نحو أبطح وأجرع وصاحب" أما أبطح فهو في الأصل وصف لكل مكان منبطح أي متسع من الوادي ثم صار اسمًا للأرض المتسعة. وأما أجرع فهو في الأصل وصف لكل مكان مستو ثم صار اسمًا للأرض المستوية ذات الرمل التي لا تنبت شيئًا. وأما الصاحب فهو في الأصل وصف للفاعل ثم صار اسمًا لصاحب الملك. قال الشاطبي: والدليل على أن هذه الأسماء انسلخ عنها الوصفية أنها لا تجري صفات على موصوف ولا تعمل عمل الصفات ولا تتحمل ضميرًا. قوله: "فالمغيرات صبحًا" أي فالخيول المغيرات في الصبح. والنقع الغبار. قوله: "فراعوا الحقين" أي حق الموصولية فأدخلوها على ما هو في معنى الجملة وحق المشابهة الصورية فأدخلوها على مفرد لفظًا. قوله: "وكونها" مصدر كان الناقصة وهو مبتدأ والضمير المضاف إليه اسمه في محل جر باعتبار الإضافة ومحل رفع باعتبار اسمية الكون والجار والمجرور خبره من حيث النقصان وقل خبره من حيث الابتداء. قوله: "أي صلة أل" على هذا الحل تكون الباء بمعنى من ويصح عود الضمير على أل فالباء على ظاهرها أي وكون أل موصولة بمعرب إلخ. قوله: "بمعرب الأفعال" بحث الدماميني أن أل إذا وصلت بجملة مضارعية أو غير مضارعية كان لها محل من الإعراب وكان محلها بحسب ما يتقضيه العامل في المفرد الذي يصح حلوله محلها من رفع أو نصب أو جر، وأن قولهم: جملة الصلة لا محل لها من الإعراب ليس على إطلاقه.
239 | 435(1/238)
الموصول
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
109-
ماأنت بالحكم الترضى حكومته ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل وهو مخصوص عند الجمهور بالضرورة، ومذهب الناظم جوازه اختيارًا وفاقًا لبعض الكوفيين، وقد سمع منه أبيات.
تنبيه: شذ وصل أل بالجملة الاسمية كقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ورأيت بخط الشنواني عازيًا لسم ما نصه: يمكن أن يرد هذا البحث بأن الجملة إنما يكون لها محل إن صح حلول المفرد محلها إذا كان ذلك المفرد مفردًا حقيقة. أما إذا كان مفردًا صورة جملة حقيقية فلا يكون للجملة التي يصح حلولها محلها. وقد بين الرضي أن صلة أل المفرد: اسم صورة، فعل حقيقة. ا. هـ. وكذا قال الشمني وزاد أو يقال محل ذلك إذا كان إعراب ذلك المفرد بالأصالة وإعراب الاسم بعد أل عارية منها كما مر.
قوله: "الترضي" بإدغام اللام وتركه بخلاف لام أل الحرفية فإنه يجب إدغامها في التاء ونحوها تخفيفًا لكثرة الاستعمال قاله سم. قوله: "وهو مخصوص عند الجمهور بالضرورة" بناء على قولهم إنها ما وقع في الشعر مما لا يقع مثله في النثر. وما قاله ابن مالك بناء على قوله إنها ما اضطر إليه الشاعر ولم يجد عنه مندوحة. ولهذا قال لتمكنه من أن يقول المرضي لكن ضعف مذهبه بأنه ما من ضرورة إلا ويمكن إزالتها بنظم تركيب آخر. ورأيت بخط الشنواني عازيًا لسم ما نصه: قد يقال: مراد المصنف بما ليس عند مندوحة ما هو كذلك بحسب العبارات المتبادرة التي يسهل استحضارها في العادة فلا يرد عليه ما ردّ به عليه فليتأمل. ا. هـ. وهو جواب حسن كان يخطر كثيرًا ببالي. قوله: "وفاقًا لبعض الكوفيين" في التصريح أن ما عليه المصنف اختيار ثالث في المسألة لأن بعض الكوفيين يجيزونه اختيارًا والجمهور يخصونه بالضرورة فالقول بالجواز أي اختيار على قلة قول الثالث. ا. هـ. وتبعه على ذلك البعض فحمل قول الشارح وفاقًا لبعض الكوفيين على أن المراد وفاقًا لبعض الكوفيين في الجواز اختيارًا لا في القلة لعدم قولهم بها. والذي يظهر لي أن بعضهم المذكور يقول بالقلة أيضًا وإن لم يصرح بها إذ يبعد غاية البعد أن يقول بكثرته اختيارًا فيكون الخلاف على قولين فقط. ثم رأيت في كلام الروداني ما يؤيده.
قوله: "على المعه" أي الكائن معه، فيجب تقدير المتعلق اسمًا لما تقدم من أن صلتها مفرد في معنى الفعل فيكون مستثنى من إطلاقهم أن الظرف إذا وقع صلة وجب تقدير متعلقه فعلًا أفاده الاسقاطي. وقوله حر أي حقيق. قوله: "تستعمل موصولة" مع قوله وتكون بلفظ واحد إشارة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
109- البيت من البسيط، وهو للفرزدق في ديوانه، والإنصاف 2/ 521؛ وجواهر الأدب ص319؛ وخزانة الأدب 1/ 321؛ والدرر 1/ 247؛ وشرح التصريح 1/ 38، 142؛ وشرح شذور الذهب ص21؛ ولسان العرب 6/ 9 "أمس"، 12/ 656 "لوم"؛ والمقاصد النحوية 1/ 111؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 20؛ وتخليص الشواهد ص154؛ والجني الداني ص202؛ ورصف المباني ص75، 148؛ وشرح ابن عقيل ص85؛ وشرح الحافظ ص99؛ 1/ 60؛ وهمع الهوامع 1/ 85.
240 | 435(1/239)
الموصول
أي كما وأعربت ما لم تضف وصدر وصلها ضمير انحذف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
110-
من القوم الرسول الله منهم لهم دانت رقاب بني معد وبالظرف كقوله:
111-
من لا يزال شاكرا على المعه فهو حر بعيشة ذات سعه و"أي" تستعمل موصولة خلافًا لأحمد بن يحيى في قوله إنها لا تستعمل إلا شرطًا أو استفهامًا، وتكون بلفظ واحد في الإفراد والتذكير وفروعهما "كما" وقال أبو موسى: إذا أريد بها المؤنث لحقتها التاء، وحكى ابن كيسان أن أهل هذه اللغة يثنونها ويجمعونها "وأعربت" دون أخواتها "ما لم تضف وصدر وصلها ضمير انحذف" فإن أضيفت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلى وجه الشبه في قوله كما وأنه ناقص لأن ما لغير العاقل وأيًا لهما وما مبنية دائمًا وأيًا مبنية في حالة فقط فعلم أن قوله وتكون إلخ ليس دخولًا على قول المصنف كما وأن زعمه البعض بل قوله كما مرتبط بكل من قوله تستعمل إلخ وقوله وتكون إلخ فافهم. قوله: "خلافًا لأحمد بن يحيى" هو ثعلب ورد عليه بقوله:
فسلم على أيهم أفضل لأن الاستفهامية والشرطية لا يبنيان على الضم ولا يصلحان هنا. ا. هـ. تصريح بالمعنى. وبحث فيه باحتمال أن تكون أيّ في البيت استفهامية هي وخبرها مقول قول محذوف نعت لمجرور على محذوفًا أي على شخص مقول فيه أيهم أفضل كما قالوا مثل ذلك في: ما هي بنعم الولد، ما ليلى بنام صاحبه. وسيأتي جوابه قريبًا فتفطن. قوله: "إلا شرطًا أو استفهامًا" أي لا موصولة فالحصر إضافي إذ لا ينفى استعمالها نعتًا وحالًا ووصلة لنداء ما فيه أل. قوله: "يثنونها ويجمعونها" يقال أيان وأيتان وأيون وأيات بالإعراب في جميع الأحوال إعراب المثنى والجمع. ولك أن تصرح بالمضاف إليه كأن تقول أيتهن وأياهم وأيتاهن وأيوهم وأياتهن وعلى هذه اللغة لا تكون أي من المشترك. وفي صرف أية وأيات ومنع صرفهما للتأنيث والتعريف بنية الإضافة لمعرفة الذي هو شبه العلمية خلاف. قال الروداني: والجمهور على الصرف أي لأن التعريف بنية الإضافة ليس من علل منع الصرف عندهم.
قوله: "ما لم تضف" أي مدة انتفاء إضافتها المقيدة أخذًا من واو الحال بحذف صدر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
110- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في الجني الداني ص201؛ وجواهر الأدب ص319؛ والدرر 1/ 276 ؛ ورصف المباني ص75؛ وشرح شواهد المغني 1/ 161؛ وشرح ابن عقيل ص86؛ واللامات ص54؛ ومغني اللبيب 1/ 49؛ والمقاصد النحوية 1/ 15، 477؛ وهمع الهوامع 1/ 85.
111- الرجز بلا نسبة في الجني الداني ص203؛ وجواهر الأدب ص321؛ وخزانة الأدب 1/ 32؛ والدرر 1/ 277؛ وشرح شواهد المغني 1/ 161؛ وشرح ابن عقيل ص86؛ ومغني اللبيب 1/ 49؛ والمقاصد النحوية 1/ 475؛ ومع الهوامع 1/ 85.
241 | 435(1/240)
الموصول
وبعضهم أعرب مطلقا وفي ذا الحذف أيا غير أي يقتفي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وحذف صدر صلتها بنيت على الضم نحو: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ} [مريم: 69]، التقدير أيهم هو أشد، وإن لم تضف أو لم يحذف نحو أي قائم وأي هو قائم وأيهم هو قائم أعربت، وقد سبق الكلام على سبب إعرابها في المبنيات "وبعضهم" أي بعض النحاة وهو الخليل ويونس ومن وافقهما "أعرب" أيا "مطلقًا" أي وإن أضيفت وحذف صدر صلتها، وتأولا الآية: أما الخليل فجعلها استفهامية محكية بقول مقدر والتقدير {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ} [مريم: 69]، الذي يقال فيه أيهم أشد. وأما يونس فجعلها استفهامية أيضًا لكنه حكم بتعليق الفعل قبلها عن العمل؛ لأن التعليق عنده غير مخصوص بأفعال القلوب، واحتج عليهما بقوله:
112-
إذا ما لقيت بني مالك فسلم على أيهم أفضل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صلتها بأن ينتفيا معًا نحو أيّ هو قائم أو تنتفي الإضافة دون الحذف نحو أي قائم، أو ينتفي الحذف دون الإضافة نحو أيهم هو قائم، فهذه الصور الثلاث منطوق عبارته على قاعدة أن النفي إذا توجه إلى مقيد بقيد صدق بانتفاء المقيد والقيد معًا وانتفاء المقيد فقط وانتفاء القيد فقط أما إذا أضيفت وحذف الصدر فتبنى وهذه صورة المفهوم والشارح قدم بيان المفهوم على بيان المنطوق لقلته. ووجه البناء في الأخيرة قيام موجبه وهو الشبه الافتقاري مع عدم المعارض لتنزيل المضاف إليه منزلة صدر الصلة فكأنه لا إضافة. ومن أعربها في هذه الصورة أيضًا لم يقل بهذا التنزيل. ووجه إعراب الثلاث الأول وجود المعارض من الإضافة اللفظية في الثالثة والتقديرية في الأوليين لقيام التنوين فيهما مقام المضاف إليه ولم ينزل التنوين في الثانية منزلة الصدر لضعفه عن ذلك ولأن قيام التنوين مقام المضاف إليه معهود كما في كل وبعض وحينئذٍ بخلاف قيامه مقام المبتدأ. قوله: "وصدر وصلها ضمير" ظاهره التقييد بالضمير. ويحتمل أن يقال إن الاسم الظاهر كذلك نحو جاء أيهم ضاربه أي جاء أيهم زيد ضاربه في مقام عهد فيه أن زيدًا ضرب واحدًا من الجماعة سم. ويؤخذ مما ذكر ما نقل عن أبي حيان أنها إذا وصلت بظرف أو مجرور أو جملة فعلية أعربت إجماعًا.
قوله: "على الضم" للإشارة به لكونه أقوى الحركات إلى أن للكلمة حالة إعراب وأصل التحرك لالتقاء الساكنين. قوله: "وإن لم تضف" أي سواء ذكر صدر الصلة أو حذف بقرينة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
112- البيت من المتقارب، وهو لغسان بن وعلة في الدرر 1/ 272؛ وشرح التصريح 1/ 135؛ والمقاصد النحوية 1/ 463؛ وله أو لرجل من غسان في شرح شواهد المغني 1/ 236؛ ولغسان في الإنصاف 2/ 715؛ ولغسان أو لرجل من غسان في خزانة الأدب 6/ 61؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 150؛ وتخليص الشواهد ص158؛ وجواهر الأدب ص210 ورصف المباني ص197؛ وشرح ابن عقيل ص87؛ وشرح المفصل 3/ 147، 4/ 21؛ 7/ 87؛ ولسان العرب 14/ 59 "أيا" ومغني اللبيب 1/ 78؛ وهمع الهوامع 1/ 84.
242 | 435(1/241)
الموصول
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بضم أي لأن حروف الجر لا يضمر بينها وبين معمولها قول ولا تعلق. وبهذا يبطل قول من زعم أن شرط بنائها أن لا تكون مجرورة بل مرفوعة أو منصوبة، ذكر هذا الشرط ابن إياز وقال: نص عليه النقيب في الأمالي. ويحتمل أن يريد بقوله وبعضهم إلى آخره أن بعض العرب يعربها في الصور الأربع، وقد قرئ شاذًّا أيهم أشد بالنصب على هذه اللغة.
تنبيهان: الأول لا تضاف أي لنكرة خلافًا لابن عصفور، ولا يعمل فيها إلا مستقبل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تمثيله. قوله: "وتأولًا الآية إلخ" فالمفعول على قول الخليل محذوف وأي مبتدأ فضمته إعراب وأشد خبر والجملة نائب فاعل يقال وأما على قول يونس فسدَّت جملة أيهم أشد مسد المفعول. وبقي رأي ثالث للأخفش والكسائي وهو جعلها استفهامية والمفعول كل شيعة ومن زائدة بناء على قولهما أنها تزاد في الإيجاب وجملة الاستفهام مستأنفة شرح الجامع. قوله: "فجعلها استفهامية أيضًا" اعترض عليه بأن الاستفهام لا يقع بعد الفعل إلا إذا كان من أفعال العلم أو القول على الحكاية فلا يجوز ضربت أزيد عندك أم عمرو وتنزع ليس منها. قوله: "الذي يقال فيه" أي الفريق الذي إلخ. ويلزم على هذا الحل حذف الموصول وبعض الصلة وهو ممتنع فلو قال فريقًا يقال فيه إلخ لكان أولى.
قوله: "وبين معمولها" اعترض هذا بأنه على تقدير القول لا يكون معمولها اسم الاستفهام بل شيئًا آخر. وأجيب بأن المراد بالمعمول ما يليق أن يكون معمولًا وهو اسم الاستفهام المذكور، وبكون المراد بالعمول ما يليق أن يكون معمولًا للحرف يندفع اعتراض آخر وهو أن ما قاله الشارح بنافيه تقديرهم القول في قولهم ما هي بنعم الولد وقولهم على بئس العير. وحاصل الجواب أن ما بعد الحرف هنا يليق أن يكون معمولًا فلا ضرورة إلى تقدير القول بخلافه فيما ذكر لأن ما بعده فعل. وعبارة المغني في توجيه رد بيت الشاعر الأقوال الثلاثة السابقة نصها لأنه لا يجوز حذف المجرور ودخول الجار على معمول صلته وحرف الجر لا يعلق ولا يستأنف ما بعد الجار. ا. هـ. بتقديم وتأخير مراعاة لترتيب الأقوال كما سبق. قوله: "لا تضاف أي" أي الموصولة التي الكلام فيها أما الواقعة نعتًا أو حالًا فلا تضاف إلا إلى نكرة وأما الشرطية والاستفهامية فيضافان إلى النكرة وكذا إلى المعرفة الدالة على متعدد نحو أي الرجال أفضل أو المفردة المقدر قبلها دال على متعدد نحو أي زيد أحسن أي أي أجزائه أحسن وأي الدينار دينارك أي أيّ أفراده والمفردة المعطوف عليها مثلها بالواو كقول الشاعر:
أيي وأيك فارس الأحزاب وهما مع النكرة بمنزلة كل فيراعى في الضمير المضاف إليه ومع المعرفة بمنزلة بعض فيراعى المضاف فيقال: أي غلامين أتيا أي غلمان أتوا أي الغلامين أتى أي الغلمان أتى كما تقول ذلك عند الإتيان بلفظ كل وبعض. إن قيل: الموصول معرفة بصلته فيلزم اجتماع معرفين على أي. أجيب بأن أيًا لوضعها على الإبهام محتاجة إلى تعريف جنس ما وقعت عليه وإلى تعريف عينه
243 | 435(1/242)
الموصول
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
متقدم كما في الآية والبيت. وسأل الكسائي لم لا يحوز أعجبني أيهم قام فقال أي كذا خلقت. الثاني تكون أي موصولة كما عرف. وشرطًا نحو: {أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الأسراء: 110] واستفهامًا نحو: {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ} [الأنعام: 81]، ووصلة لنداء ما فيه أل، ونعتًا لنكرة. دالًّا عل الكمال نحو مررت برجل أي رجل، وتقع حالًا بعد المعرفة نحو هذا زيد أي، رجل ومنه قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فالأول بالمضاف إليه والثاني بالصلة بخلاف غيرها فإنه محتاج إلى الثاني فقط فأي معرفة بالإضافة والصلة من جهتين كذا قالوا. ولي فيه بحث لأنه لا يتأتى فيما إذا كانت أي الموصولة للجنس لأن صلتها حينئذٍ لا تعرف العين، ويمكن دفعه بأن المراد بالعين التي تعرفها صلة أي ما يعم قسم الجنس المعرف بالإضافة. لا يقال تعريف العين بالصلة يستلزم تعريف الجنس لأنا نمنع ذلك فقد يتميز الشيء ببعض صفاته مع الجهل بجنسه هذا. وجوز الرضي اجتماع معرفين مختلفين وفرع عليه جواز إضافة العلم مع بقاء علميته. وإنما لم تجز إضافتها إلى النكرة مع أن بيان جنس ما وقعت عليه يحصل بها لأن الموصول مراد تعيينه وإضافته إلى النكرة تقتضي إبهامه فيحصل التدافع ظاهرًا. قوله: "ولا يعمل فيها إلخ" هذا مذهب الكوفيين وتبعهم الموضح. وقال الناظم في التسهيل تبعًا للبصريين: ولا يلزم استقبال عامله ولا تقديمه خلافًا للكوفيين. قوله: "والبيت" اعترض بأن أيًا لم يعمل فيها في البيت فعل فضلًا عن كونه مستقبلًا لأن العامل فيها حرف جر. وأجيب بأن الجار والمجرور متعلق بالفعل فهو عامل في المجرور محلًا. قوله: "وسأل الكسائي" أي في حلقة يونس. تصريح. قوله: "أي كذا خلقت" أي وضعت ووجه ابن السراج ذلك كما في التصريح بأن أيًا وضعت على الإبهام ولو قلت: أعجبني أيهم قام كان على التعيين وإيضاحه أن معنى أعجبني أيهم قام أعجبني الشخص الذي وقع منه القيام في الخارج فهو متعين في الخارج بوقوع القيام منه في الماضي بالفعل وإذا قلت يعجبني أيهم قوم فمعناه يعجبني الشخص الذي يقع منه القيام وهو مبهم لعدم تعينه بوقوع القيام منه خارجًا ومثله قولك اضرب أنت أيهم يقوم فعلم أن الإبهام في يعجبني أيهم يقوم ليس من جهة صلاحية المضارع للحال والاستقبال حتى يرد اعتراض شيخنا على التوجيه بأن الأمر يعمل فيها ولا إبهام فيه لأنه للاستقبال فقط نعم يرد أن مفاد التوجيه أن سبب التعيين وعدمه مضي الصلة واستقبالها لا مضي العامل واستقباله فافهم وإنما اشترط التقدم لتمتاز الموصولة عن الشرطية والاستفهامية لأنهما لا يعمل فيهما إلا متأخر.
قوله: "وصلة لنداء ما فيه أل" قال الرضي: وذلك لأنهم استكرهوا اجتماع آلتي التعريف فحاولوا أن يفصلوا بينهما باسم مبهم يحتاج إلى ما يزيل إبهامه فيصير المنادى في الظاهر ذلك المبهم وفي الحقيقة ذلك المخصص الذي يزيل الإبهام ويعين الماهية فوجدوا ذلك الاسم أيًا إذا قطع عن الإضافة واسم الإشارة لوضعهما مبهمين مشروطًا إزالة إبهامهما إلا أن اسم الإشارة قد يزال إبهامه بالإشارة الحسية فلا
حتاج إلى الوصف بخلاف أي فكانت أدخل في الإبهام فلهذا جاز يا هذا ولم يجز يا أي بل لزم أن يردفه ما يزيل إبهامه. ا. هـ. وبهذا أيضًا كان الفصل بأي أكثر
244 | 435(1/243)
الموصول
إن يستطل وصل وإن لم يستطل فالحذف نزر وأبوا أن يختزل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
113-
فأوميت إيماء خفيفًا لحبتر فلله عينا حبتر أيما فتى "وفي ذا الحذف" المذكور في صلة أي وهو حذف العائد إذا كان مبتدأ "أيا غير أي" من الموصولات "يقتفي" غير أي مبتدأ، ويقتفي خبره، وأيا مفعول مقدم. وأصل التركيب غير أي من الموصولات يقتفي أيا أي يتبعها في جواز حذف صدر الصلة "إن يستطل وصل" نحو ما أنا بالذي قائل لك سوءًا أي بالذي هو قائل لك، ومنه: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَه} [الزخرف: 84] أي هو في السماء إله "وإن لم يستطل" الوصل "فالحذف نزر" لا يقاس عليه وأجازه الكوفيون. ومنه قراءة يحيى بن يعمر "تمام على الذي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الفصل باسم الإشارة. قوله: "دالًا على الكمال" أي فيما أضيفت إليه مشتقًّا أو جامدًا والثناء على الموصوف في الأول باعتبار الوصف المدلول عليه بالمضاف إليه وفي الثاني باعتبار كل ما يمدح به الموصوف من أوصاف الكمال فيكون أبلغ كمررت بفارس أي فارس وبرجل أي رجل. قال الفارسي رجل الثاني غير الأول لأن الأول واحد، والثاني جنس لأن أيًّا بعض ما تضاف إله. قوله: "لحبتر" اسم رجل ويلزم في هذين الوجهين أي كونها نعتًا وكونها حالًا الإضافة إلى مماثل الموصوف لفظًا ومعنى أو معنى فقط نحو مررت برجل أي إنسان بخلاف مررت برجل أي عالم فلا يجوز كما في التسهيل والهمع. قوله: "حذف العائد إذا كان مبتدأ" أخذ كونه عائدًا من قوله ضمير وأخذ كونه مبتدأ من قوله وصدر وصلها.
قوله: "إن يستطل" أي يعد طويلًا فالسين والتاء لعد الشيء كذا كاستحسنه أو يطل بالبناء للمجهول أي يطيلها المتكلم فهما زائدتان فزيادتهما لا تتوقف على بنائه للفاعل كما توهمه البعض ولم يشترط طول الصلة في أي لملازمتها للإضافة أو نية فالطول بالإضاف لازم لأي فكان مغنيًا عن اشتراط طول الصلة لكن يقبح يعجبني أي قائم وإن جاز لعدم الطول لفظًا نقله ابن خروف وغيره عن سيبويه. قوله: "ومنه وهو الذي في السماء إله" فإله خبر مبتدأ محذوف هو العائد وفي السماء متعلق بإله لأنه بمعنى معبود ولا يجوز تقدير إله مبتدأ مخبرًا عنه بالظرف أو فاعلًا بالظرف لخلو الصلة حينئذٍ من العائد على الموصول، ولا يحسن جعل الظرف متعلقًا بفعل هو صلة وإله الأول والثاني بدلين من الضمير المستتر فيه، وفي الأرض معطوف على في السماء لتضمنه الإبدال مرتين مع اتحاد المبدل منه وهو ضعيف بل قيل بامتناعه ولا يجوز على هذا الوجه أن يكون وفي الأرض إله مبتدأ وخبر لئلا يلزم فساد المعنى إن استؤنف وخلوّ الصلة من عائد إن عطف كذا في التصريح والروداني عليه والمغني. قوله: "فالحذف نزر" إلا في لا سيما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
113- البيت من الطويل، وهو للراعي النميري في ديوانه ص3؛ وتذكرة النحاة ص617؛ وخزانة الأدب 9/ 370، 371؛ والدرر 1/ 307؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 442؛ والكتاب 2/ 180؛ ولسان العرب 1/ 246 "ثوب"، 4/ 162 "حبتر"، 14/ 59 "أيا"، والمقاصد النحوية 3/ 423؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص391.
245 | 435(1/244)
الموصول
أن صلح الباقي لوصل مكمل والحذف عندهم كثير منجلي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحسن" وقراءة مالك بن دينار وابن السماك ما بعوضه بالرفع. وقوله:
114-
لا تنو إلا الذي خير فما شقيت إلا نفوس الألى للشر ناءونا وقوله:
115-
من يعن بالحمد لا ينطق بما سفه ولا يحد عن سبيل المجد والكرم "وأبوا أن يختزل" العائد المذكور أي يقتطع ويحذف "إن صلح الباقي" بعد حذفه "لوصل مكمل" بأن كان ذلك الباقي بعد حذفه جملة أو شبهها لأنه والحالة هذه لا يدري أهناك محذوف أم لا لعدم ما يدل عليه، ولا فرق في ذلك بين صله أي وغيرها، فلا يجوز جاءني الذي يضرب أو أبوه قائم أو عندك أو في الدار على أن المراد هو يضرب أو هو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زيد فإنهم جوّزوا إذا رفع زيد أن تكون ما موصولة وزيد خبر مبتدأ محذوف وجوبًا باطراد لتنزيلهم لا سيما منزلة إلا استثنائية وهي لا يصرح بعدها بجملة فإذا قيل لا سيما زيد الصالح فلا استثناء لطول الصلة بالنعت ذكر ذلك في المغني. قوله: "وابن السماك" بالكاف على وزن العطار فإن صدر بأب فباللام كذا نقل عن الفراء. قوله: "بالرفع" أي في الآيتين. أما بنصب أحسن فالذي اسم موصول حذف عائده أي على العلم الذي أحسنه وجوز الكوفيون كونه موصولًا حرفيًا فلا يحتاج لعائد أي على إحسانه وكونه نكرة موصوفة فلا يحتاج لصلة ويكون أحسن حينئذٍ اسم تفضيل لا فعلًا ماضيًا وفتحته إعراب لا بناء وهي علامة الجر كذا في الروداني. وأما بنصب بعوضة فبعوضة بدل من مثلًا وما حرف زائد للتوكيد. وقيل ما نكرة موصوفة وبعوضة صفة لما يجوز على قراءة الرفع أن تكون ما حرفًا زائدًا ويضمر المبتدأ تقديره مثلًا هو بعوضة كذا في إعراب القرآن لأبي البقاء.
قوله: "من يعن" بالبناء للمجهول على اللغة المشهورة أي من يعنيه ويهمه حمد الناس له لرغبته فيه، ويحد بفتح الياء التحتية وكسر الحاء المهملة من حاد إذا مال. قوله: "العائد المذكور" أي الذي هو صدر الصلة والأكثر فائدة جعل الضمير عائدًا على العائد مطلقًا سواء كان صدر صلة أو لا كما صنع ابن عقيل فلا يجوز حذف الهاء من ضربته في قولك جاء الذي ضربته في داره لأن الباقي بعد حذفه صالح للوصل. قوله: "ويحذف" عطف تفسير. قوله: "مكمل" أي للموصول وهو صفة لازمة. قوله: "جملة أو شبهها" أي مشتملة على العائد. قوله: "لأنه والحالة هذه إلخ" فيه أن غاية ذلك حصول الإجمال وهو ليس بعيب ولو قال لأن المبتادر حينئذٍ إلى فهم السامع عدم الحذف لاستقام التعليل. قوله: "على أن المراد هو يضرب إلخ"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
114- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في شرح الأشموني.
115- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 168؛ وتخليص الشواهد ص160؛ والدرر 1/ 300؛ وشرح التصريح 1/ 144؛ والمقاصد النحوية 1/ 446؛ وهمع الهوامع 1/ 90.
246 | 435(1/245)
الموصول
في عائد متصل إن انتصب بفعل أو وصف كمن نرجو يهب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أبوه قائم أو هو عندك أو هو في الدار، ولا يعجبني أيهم يضرب أو أبوه قائم أو عندك أو في الدار كذلك، أما إذا كان الباقي غير صالح للوصل بأن كان مفردأ أو خاليًا عن العائد نحو أيهم أشد {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَه} [الزخرف: 84] جاز كما عرفت للعلم بالمحذوف.
تنبيهان: الأول ذكر غير الناظم لحذف العائد المبتدأ شروطا أخر: أحدها أن لا يكون معطوفًا نحو جاء الذي زيد وهو فاضلان. ثانيها أن لا يكون معطوفًا عليه نحو جاء الذي هو وزيد قائمان، نقل اشتراط هذا الشرط عن البصريين، لكن أجاز الفراء وابن السراج في هذا المثال حذفه. ثالثها أن لا يكون بعد لولا نحو جاء الذي هو لأكرمتك. الثاني أفهم كلامه أن العائد إذا كان مرفوعًا غير مبتدأ لا يجوز حذفه فلا يجوز جاء اللذان قام ولا اللذان جن "والحذف عندهم" أي عند النحاة أو العرب "كثير منجلي في عائد متصل إن انتصب بفعل" تام "أو وصف" هو غير صلة أل فالفعل "كمن نرجو يهب" أي نرجوه،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أما على قطع النظر عن الضمير وجعل الباقي بعد حذفه صلة مستقلة فيجوز. قوله: "بأن كان مفردًا" أي اسمًا
قوله: "نحو أيهم أشد إلخ" في كلامه لف ونشر مرتب. قوله: "أن لا يكون معطوفًا" اشترط هذا الشرط مع أن الكلام في حذف العائد المبتدأ لأن المعطوف في المبتدإ مبتدأ، واشترطوه لأن حذفه وحده يؤدي إلى بقاء العاطف بدون المعطوف ومع العاطف فيه صورة الإخبار عن مفرد بمثنى. قوله: "أن لا يكون معطوفًا عليه" لأنه يؤدي إلى وقوع حرف العطف صدرًا أو الإخبار عن مفرد بمثنى صورة. قوله: "أن لا يكون بعد لولا" لوجوب حذف الخبر بعدها بقيده الآتي فلو حذف العائد لأدى إلى الأجحاف، وبقي شرطان آخران أن لا يكون بعد حرف نفي نحو جاء الذي ما هو قائم وأن لا يكون بعد حصر نحو جاء الذي ما في الدار إلا هو وإنما في الدار هو، وأما اشتراط كونه غير منسوخ احترازًا عن نحو اللذان كانا قائمين فمعلوم من إطلاق لفظ المبتدأ لأن المنسوخ لا يسمى مبتدأ على الإطلاق. قوله: "أفهم كلامه" أي حيث أشار إلى حذف الصدر بقوله: وفي ذا الحذف.
قوله: "فلا يجوز جاء اللذان قام إلخ" لأن الفاعل ونائبه لا يحذفان إلا في مواضع ليس هذا منها. قوله: "عندهم" متعلق بكثير وقوله كثير منجلي خبر أن للحذف. وقوله في عائد متعلق بكثير ومنجلي على سبيل التنازع هذا هو الظاهر. وفي كلامه من عيوب القافية التضمين وهو تعلقها بما بعدها إلا أن يخص بكون ما بعدها ركن الإسناد كما قاله بعضهم. قوله: "متصل" في مفهومه تفصيل فإن كان انفصال الضمير لمعنى يفوت بحذفه بأن كان للتقديم أو لكونه بعد أداة الحصر امتنع حذفه وإن لم يكن لذلك جاز نحو: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُون} [البقرة: 3]، بناء على تقدير العائد منفصلًا لأنه أرجح أي رزقناهم إياه على أنه سيأتي عن الروداني أن المراد بالمتصل هنا ما ليس واجب الانفصال وعليه يخرج القسم الأول ويدخل الثاني. قوله: "إن انتصب بفعل أو
247 | 435(1/246)
الموصول
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أو هذا الذي بعث الله رسولًا أي بعثه، ومما عملت أيدينا أي عملته، والوصف كقوله:
116-
ما الله موليك فضل فأحمدنه به فما لدي غيره نفع ولا ضرر أي الذي الله موليكه فضل، وخرج عن ذلك نحو جاء الذي إياه أكرمت، وجاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصف" فإن قلت قد نصوا في قوله تعالى: {أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُون} [القصص: 62]، أنه يجوز أن يكون التقدير يزعمونهم شركائي وهذا لا إشكال فيه، وأن يكون التقدير تزعمون أنهم شركائي وعلى هذا فقد صح حذف العائد المنصوب بغير فعل ولا وصف. قلت الذي اعتمد بالحذف المعمول المشتمل على الضمير ولم يعتمد الضمير بالحذف ورب شيء يجوز تبعًا لغيره ولا يجوز مستقلًا، مثاله حذف الفاعل في نحو زيدًا ضربته تبعًا للفعل وحذف الفاء في نحو: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم} [آل عمران: 106]، تبعًا للقول. ا. هـ. دماميني. قوله: "أو وصف" أي تام أيضًا ليخرج نحو جاء الذي أنا كائنه. قوله: "غير صلة أل" أما منصوب صلة أل فلا يجوز حذفه إن عاد إليها لدلالتهم بذكر الضمير على اسميتها الخفية وعند حذفه يفوت الدليل فإن عاد إلى غيرها جاز حذفه نحو جاء الذي أنا الضارب أي الضاربه وبذلك يقيد إطلاقه الآتي أيضًا، أما جاء رجل أنا الضارب أي الضاربه فلا حاجة إلى الاحتراز عنه بالتقييد لأن المحذوف غير عائد الموصول والكلام في حذف عائده.
قوله: "ومما عملت أيدينا" ونحو قوله تعالى: "وما عملت أيديهم" [يس: 35]، في قراءة الكوفيين إلا حفصًا بالحذف أي عملته كما في قراءة الباقين. قال الأصفهاني شارح اللمع لم يأت في القرآن إثبات العائد اتفاقًا إلا في ثلاثة آيات: {الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَس} [البقرة: 275]، {كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِين} "الأنعام: 71"، {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاه} [الأعراف: 175]، شرح الجامع. قوله: "أي الذي الله موليكه" قدر الضمير متصلًا مع أن الراجح انفصاله لأن الكلام في المتصل ومنه يعلم أن المراد بالمتصل هنا ما ليس واجب الانفصال قاله الروداني. قوله: "نحو جاء الذي إياه أكرمت" أي وجاء الذي لم أكرم إلا إياه فلا يجوز حذف العائد لأنه لو حذف في الأول لتبادر إلى الذهن تقديره مؤخرًا فيفوت الغرض من تقديره وهو الحصر أو الاهتمام، ولو حذف في الثاني لتبعه في الحذف إلا فيتوهم نفي الفعل عن المذكور والمراد نفيه عن غيره قاله ابن هشام في شرح بانت سعاد. ويؤخذ من العلة ما قدمناه من أن محل منع حذف المنفصل إذا كان انفصاله بسبب التقديم أو الحصر فلو كان لغرض لفظي جاز حذفه نحو فاكهين بما آتاهم ربهم أي آتاهم إياه. ولا يقدر متصلًا بما مر من أن انفصال ثاني الضميرين المتحدين غيبة المختلفين في الإفراد والتذكير وفروعهما مع الفصل بحرف أو حرفين أحسن من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
116- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 169؛ وتخليص الشواهد ص161، وشرح التصريح 1/ 145؛ وشرح ابن عقيل ص90؛ والمقاصد النحوية 1/ 447.
248 | 435(1/247)
الموصول
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الذي إنه فاضل، وجاء الذي كأنه زيد، والضاربها زيد هند، فلا يجوز حذف العائد في هذه الأمثلة، وشذ قوله:
117-
ما المستفز الهوى محمود عاقبة ولو أتيح له صفو بلا كدر وقوله:
118-
في المعقب البغي أهل البغي ما ينهى امرأ حازمًا إن يسأما 119-
أخ مخلص واف صبور محافظ على الود والعهد الذي كان مالك أي كأنه مالك.
تنبيهات: في عبارته أمور: الأول ظاهر أن حذف المنصوب بالوصف كثير كالمنصوب بالفعل وليس كذلك، ولعله إنما لم ينبه عليه للعلم بأصالة الفعل في ذلك وفرعية الوصف فيه مع إرشاده إلى ذلك بتقديم الفعل وتأخير الوصف. الثاني ظاهرها أيضًا التسوية بين الوصف الذي هو غير صلة أل والذي هو صلتها. ومذهب الجمهور أن منصوب صلة أل لا يجوز حذفه. وعبارة التسهيل وقد يحذف منصوب صلة الألف واللام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اتصاله فالمناسب حمل القرآن عليه وبهذا تعرف ما في كلام البعض فتأمل. قوله: "ما المستفز" أي المستخف. والهوى فاعل المستفز والهاء المحذوفة مفعوله أي المستفزه. وأتيح بفوقية فتحتية فحاء مهملة أي قدر كذا في العيني.
قوله: "في المعقب البغي إلخ" أي في الشيء الذي يعقبه البغي أهل البغي ما يمنع الرجل الضابط أن يسأم من سلوك طريق السداد.
فالبغي فاعل وأهل مفعوله الأول مؤخر والهاء المحذوفة مفعوله الثاني مقدم أي المعقبه، كذا في العيني وإسناد النهي إلى مدلول الضمير الراجع إلى ما مجاز. قوله: "كان مالك" علم لرجل والضمير في كأنه إلى الأخ. قوله: "تنبيهات" وفي نسخ تنبيه وكل منهما غير مناسب أما الأولى فلأن المعدود الأمور لا التنبيهات ما عدا الخامس وأما الثانية فلأن الخامس ليس من الأمور الواردة على عبارة المصنف والمناسب تنبيهان بالتثنية الأول في عبارته أمور ثم يقول بدل قوله الخامس الثاني. قوله: "بأصالة الفعل في ذلك" أي في حذف المعمول الذي هو نوع من التصرف الذي الأصل فيه الفعل. قوله: "وعبارة التسهيل إلخ" مقابل لما قبله ويمكن حملها على منصوب صلة أل العائد إلى غيرها فلا ينافي كلام الجمهور ولا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
117- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 171؛ وتخليص الشواهد ص161؛ والدرر 1/ 298؛ وشرح التصريح 1/ 146؛ والمقاصد النحوية 1/ 447؛ وهمع الهوامع 1/ 89.
118- البيت من مجزوء البسيط؛ وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص161؛ والمقاصد النحوية 1/ 470.
119- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في شرح الأشموني.
249 | 435(1/248)
الموصول
كذاك حذف ما بوصف خفضا كأنت قاض بعد أمر من قضى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثالث شرط جواز حذف هذا العائد أن يكون متعينًا للربط قاله ابن عصفور، فإن لم يكن معينًا لم يجز حذفه نحو جاء الذي ضربته في داره. الرابع إنما لم يقيد الفعل بكونه تامًّا اكتفاء بالتمثيل كما هي عادته. الخامس إذا حذف العائد المنصوب بشرط ففي توكيده والعطف عله خلاف أجازه الأخفش والكسائي، ومنعه ابن السراج وأكثر المغاربة، واتفقوا على مجيء الحال منه إذا كانت متأخرة عنه نحو هذه التي عانقت مجردة: أي عانقتها مجردة، فإن كانت الحال متقدمة نحو هذه التي مجردة عانقت فأجازها ثعلب ومنعها هشام. وهذا شروع في حكم حذف العائد المجرور، وهو على نوعين: مجرور بالإضافة ومجرور بالحرف. وبدأ بالأول فقال: "كذاك" أي مثل حذف العائد المنصوب المذكور في جوازه وكثرته "حذف ما بوصف" عامل "خفضا كأنت قاض بعد" فعل "أمر من قضى" قال تعالى: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاض} [طه: 72]، أي قاضيه. ومنه قوله:
120-
ويصغر في عيني تلادي إذا انثنت يميني بإدراك الذي كنت طالبا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعارضه التعبير بقد لأن التقليل نسبي فاندفع ما للبعض. قوله: "حذف هذا العائد" لو حذف لفظ هذا لكان أحسن لأن هذا الشرط عام كما سيأتي قاله سم. قوله: "لم يجز حذفه إلخ" لأن الضمير المجرور يغني عنه في الربط فيتبادر إلى ذهن السامع أن لا حذف وأن المجرور هو الرابط مع ملاحظة المتكلم المحذوف رابطًا ولأنه لا يدري أمدلول الموصول وهو المضروب أم غيره في داره مع أن المقصود افادة أنه المضروب فلو قطع النظر عن المحذوف ولوحظ المجرور رابطًا ولم يقصد افادة عين المضروب جاز الحذف. قوله: "إنما لم يقيد الفعل بكونه تامًا إلخ" فيه أن الناظم لا يراه كما صرح بذلك قاله يس. قوله: "ففي توكيده" نحو جاء الذي ضربت نفسه والعطف عليه نحو جاء الذي ضربت وعمرًا.
قوله: "أجازه الأخفش" تبع في العزو للأخفش الشيخ المرادي والذي لغيره المنع عنه كما في المغني. والأخافشة ثلاثة لكن المراد عند الإطلاق أبو الحسن الأخفش شيخ سيبويه قاله الشيخ يحيى. قوله: "فأجازها ثعلب" هو الراجح. قوله: "ما يوصف عامل" أي ناصب للعائد محلًّا باعتبار أنه في المعنى مفعوله لاستيفائه شروط عمله وإن كان جارًا له محلًّا أيضًا باعتبار الإضافة والمراد بالوصف هنا خصوص اسم الفاعل فلا يجوز حذف العائد المخفوض باسم المفعول نحو جاء الذي أنت مضروبه قاله في التصريح، وظاهره ولو اسم مفعول المتعدي إلى اثنين نحو جاء الذي أنت معطاه والذي تميل إليه نفسي جواز حذف مخفوضه. لا يقال: إذا اشترط في الوصف الخافض
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
120- البيت من الطويل، وهو لسعد بن ناشب في تخليص الشواهد ص163؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص69؛ وخزانة الأدب 8/ 141/ 142؛ والشعر والشعراء ص700؛ والمقاصد النحوية 1/ 471.
250 | 435(1/249)
الموصول
كذا الذي جر بما الموصول جر كمر بالذي مررت فهو بز
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي طالبه. أم المجرور بإضافة غير وصف نحو جاء وجهه حسن، أو بإضافة وصف غير عامل نحو جاء الذي أنا ضربه أمس فلا يجوز حذفه.
تنبيه: إنما لم يقيد الوصف بكونه اكتفاء بإرشاد المثال إليه "وكذا" يجوز حذف العائد "الذي جر" وليس عمدة ولا محصورًا "بما الموصول جر" من الحروف مع اتحاد متعلقي الحرفين لفظًا ومعنى "كمر بالذي مررت فهو بر" أي مررت به ومنه، {وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُون} [المؤمنون: 33] أي منه. وقوله:
121-
لا تركنن إلى الأمر الذي ركنت أبناء يعصر حين اضطرها القدر أي ركنت إليه وقوله:
122-
لقد كنت تُخفي حب سمراء حقبة فبح لان منها بالذي أنت بائح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كونه ناصبًا محلًّا كان هذا مكررًا مع قوله والحذف عندهم إلخ لأنا نقول المراد بالمنصوب فيما مر المنصوب فقط لا المنصوب والمجرور باعتبارين. قوله: "بعد أمر من قضى" أي بعد فعل أمر مشتق من قضى بقصر الممدود للضرورة على تقدير المصدرية أو من مادة قضى فعلًا ماضيًا على تقدير الفعلية قاله الشيخ خالد. قوله: "ويصغر في عيني تلادي" هو بكسر الفوقية ما ولد عندك من مالك كالتالد. والتلد بفتح التاء وضمها، والتلد بفتحتين والتليد والمتلد قاله في القاموس. وخصه بالذكر لأن النفس أضنّ به إذا انثنت أي انصرفت، أي يحقر في عيني أعز أموالي إذا ظفرت بإدراك ما كنت طالبه. قوله: "فلا يجوز حذفه" لأن الحذف إنما هو لكون المجرور منصوبًا محلًّا وهو فيما ذكر غير منصوب محلًّا. قوله: "يجوز حذف العائد" حل معنى أشار به إلى وجه الشبه لأحل إعراب وإلا فكذا خبر مقدم والذي مبتدأ مؤخر.
قوله: "وليس عمدة إلخ" حاصله أن شروط حذف العائد المجرور بالحرف باطراد سبعة: ثلاثة تؤخذ من قول المصنف بما الموصول جر وهي جر الموصول بالحرف وأن يكون الجار له موافقًا لجار العائد لفظًا ومعنى كما يدل على ذلك كلام الشارح الآتي، وزاد الشارح أربعة تؤخذ من مثال المصنف وهي: أن لا يكون العائد عمدة ولا محصورًا وأن يتحد متعلقًا الحرفين لفظًا ومعنى أما حذفه في نحو ذلك الذي يبشر الله عباده أي به فسماعي. قوله: "لفظًا" أي مادة لا هيئة فلو كان أحدهما ماضيًا والآخر مضارعًا، أو فعلًا والآخر اسم فاعل لم يضر. قوله: "أي منه" لم يقدر العائد منصوبًا أي تشربونه لأن ما كان مشروبًا لهم لا ينقلب مشروبًا لغيرهم وتصحيحه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
121- البيت من البسيط، وهو لكعب بن زهير في شرح التصريح 1/ 147، والمقاصد النحوية 1/ 449؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 174.
122- البيت من الطويل، وهو لعنترة في ديوانه ص298 والمقاصد النحوية 1/ 478؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 56، 5/ 67؛ وتذكرة النحاة ص31 ؛ والخصائص 3/ 35؛ وشرح التصريح 1/ 147؛ وشرح ابن عقيل ص92؛ ولسان العرب 13/ 42 "أين".
251 | 435(1/250)
الموصول
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي بائح به. وخرج عن ذلك نحو جاء الذي مررت به، ومررت بالذي ما مررت إلا به، ورغبت في الذي رغبت عنه، وحللت في الذي حللت به، ومررت بالذي مررت به تعني بإحدى الباءين للسببية والأخرى الإلصاق، وزهدت في الذي رغبت فيه، وسررت بالذي فرحت به، ووقفت على الذي وقفت عليه تعني بأحد الفعلين الوقف والآخر الوقوف، فلا يجوز حذف العائد في هذه الأمثلة. وأما قول حاتم.
123-
ومن حسد يجوز علي قومي وأي الدهر ذو لم يحسدوني أي فيه. وقول الآخر:
124-
وإن لساني شهدة يشتفى بها وهو على من صبه الله علقم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بجعل المعنى مما تشربون جنسه تكلف. قوله: "إلى الأمر" أي الفرار من القتال كما قاله يس. ويعصر كينصر أبو قبيلة كما قاله العيني. قوله: "سمراء" اسم امرأة، حقبة بحاء مهملة مكسورة فقاف ساكنة فموحدة أي مدة طويلة، وضبطه بعضهم بخاء معجمة مضمومة ففاء فتحتية من خفي الشيء إذا لم يظهر والأول أصح. وقوله: فبح بضم الموحدة جواب شرط محذوف تقديره إذا كان كذلك فبح وقوله: لأن أصله الآن نقلت حركة الهمزة إلى الساكن قبلها فالتقى ساكنان فحذفت الهمزة لالتقائهما. ا. هـ. عيني ببعض زيادة وحذف. قوله: "ورغبت في الذي رغبت فيه" ظاهر صنيعه أن المتعلقين في هذا المثال متحدان لفظًا ومعنى لأنه سيذكر أمثلة اختلافهما مع أنهما مختلفان معنى لأن معنى الأول المحبة والثاني الزهد. وأجاب شيخنا بأنهما متحدان معنى بقطع النظر عن الحرف قال وفيه بعد وأجاب غيره بأن اختلاف معنى المتعلق في هذا المثال حاصل غير مقصود.
قوله: "وسررت بالذي فرحت به" استوجه شيخ الإسلام ما ذهب إليه بعضهم من جواز حذف العائد في هذه الصورة وخرّج عليه قوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر} [الح 94]، أي اؤمر بما تؤمر به، وقال الأول الحذف تدريجي فالمحذوف في الآية عائد منصوب لا مجرور، وله أن يقولجر:: التقدير تؤمره على لغة تعديته إلى الثاني بنفسه كقوله: أمرتك الخير أو ما موصول حرفي كما جوزه غير واحد كالبيضاوي واستظهره في المغني أي أجهر بأمرك. قوله: "ومن حسد" من تعليلية. قوله: "شهدة" أي كالشهدة وكذا قوله: علقم. وهو بتشديد الواو كما هو أحد اللغات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
123- البيت من الوافر، وهو لحاتم الطائي في ديوانه ص276 ؛ وتخليص الشواهد ص164؛ وشرح التصريح 1/ 147؛ والمقاصد النحوية 1/ 451؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 175.
124- البيت من الطويل، وهو لرجل من همدان في شرح التصريح 1/ 148؛ والمقاصد النحوية 1/ 451؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 177؛ وتخليص الشواهد ص165؛ والجني الداني ص474؛ وخزانة الأدب 5/ 266؛ والدرر 1/ 193، 6/ 239؛ وشرح شواهد المغني 2/ 842؛ وشرح المفصل 3/ 96؛ ولسان العرب 15/ 478 "ها"، ومغني اللبيب 2/ 434؛ وهمع الهوامع 1/ 61، 2/ 175.
125- تمام البيت:
أبناء يعصر حين اضطرها القدر وهو من البسيط، وهو لكعب بن زهير في شرح التصريح 1/ 147؛ والمقاصد النحوية 1/ 449؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 174.
252 | 435(1/251)
الموصول
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي عليه فشاذان وحكم الموصوف بالموصول في ذلك حكم الموصول كما في قوله:
125-
لا تركنن إلى الأمر الذي ركنت البيت. وقد أعطى الناظم ما أشرت إليه من القيود بالتمثيل.
تنبيهات: الأول حذف العائد المنصوب هو الأصل، وحمل المجرور عليه لأن كلا منهما فضلة. واختلف في المحذوف من الجار والمجرور أولًا: فقال الكسائي: حذف الجار أولًا ثم حذف العائد. وقال غيره: حذفا معًا. وجوز سيبويه والأخفش الأمرين. ا. هـ.
الثاني قد يحذف ما علم من موصول غير أل، ومن صلة غيرها: فالأول كقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السابقة والشاهد في قوله على من صبه الله إذ فيه حذف العائد مع اختلاف متعلقي الحرفين إذ متعلق الأول متعلق الكاف الداخلة تقديرًا على علقم كما مر أو نفس علقم لتأوله بمعنى المشتق أي شاق ومتعلق الثاني صب فعلم ما في كلام البعض من التساهل. قوله: "فشاذان" رد بأن محل الشروط المتقدمة ما لم يتعين الحرف المحذوف كما في البيتين فلا شذوذ. قوله: "وحكم الموصوف بالموصول إلخ" مثل ذلك المضاف للموصول كمررت بغلام الذي مررت أي به كما قاله المرادي والدماميني كلاهما في شرح التسهيل والمضاف بالموصوف بالموصول كمررت بغلام الرجل الذي مررت أي به كما بحثه الشنواني وغيره.
قوله: "واختلف في المحذوف إلخ" لا يخفى أن الخلاف ليس في المحذوف أولًا لأن القول الثاني إنما هو بحذفهما معًا فلا أولية فكان الأولى أن يقول واختلف في كيفية الحذف. قوله: "فقال الكسائي إلخ" تظهر فائدة الخلاف في نحو: {ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَه} [الشورى: 23]، أي به فعلى رأي الكسائي الحذف قياسي لأن المحذوف عائد منصوب وعلى رأي غيره سماعي لعدم جر الموصول بل حذف كل عائد مجرور على قول الكسائي من حذف المنصوب بخلافه على قول غيره، ويلزم حينئذٍ أن الكسائي ينكر حذف العائد المجرور ولا يقول به، اللهم إلا أن تجعل تسميته مجرورًا على قوله باعتبار ما قبل الحذف فتأمل. قوله: "من موصول" أي اسمي لأن الكلام فيه أما الحرفي فلا يجوز حذفه إلا أن فيجوز حذفها باطراد
253 | 435(1/252)
الموصول
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
126-
أمن يهجو رسول الله منكم ويمدحه وينصره سواء والثاني كقوله:
127-
نحن الألى فاجمع جمو عك ثم وجههم إلينا وقد تقدم هذا الثاني.
خاتمة: الموصول الحرفي كل حرف أول مع صلته بمصدر وذلك ستة: أنَّ وأنْ وما.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إجماعًا في نحو: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُم} [النساء: 26]، وعلى خلاف في نحو: {وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْق} [الروم: 24]، وتسمع بالمعيدي خير من أن تراه. ويجوز حذف صلة الحرفي إن بقي معمولها نحو أما أنت منطلقًا انطلقت أي لأن كنت منطلقًا انطلقت فحذفت كان وبقي معمولها، فإن لم يبق معمولها فلا كما في التسهيل. قوله: "كل حرف إلخ" اعترض هذا الضابط بشموله همزة التسوية. وأجيب بأن المؤوّل بالمصدر ما بعدها لا هو معها أو يدّعي عدها من الموصولات الحرفية وفي كل من الجوابين نظر وإن أقرهما البعض وغيره أما الأول فلأن المؤول بالمصدر في الموصولات الحرفية أيضًا ما بعدها لتصريحهم بأنها آلة في السبك والمسبوك ما بعدها وأما الثاني فتلاعب بارد والأقرب أن فيه حذفًا والتقدير كل حرف مصدري هذا. ومقتضى كلامه حرفية الذي المصدرية وهو أيضًا كلام التوضيح وهو الظاهر ونقل في التصريح عن الرضي أنه قال لا خلاف في اسمية الذي المصدرية على القول بمجيئها مصدرية. قوله: "أول" أي بالقوة والصلاحية وإن لم تؤول بالفعل.
قوله: "مع صلته" أي ما اتصل به فالمراد الصلة اللغوية فلا يقال العلم بالصلة متأخر عن العلم بالموصول ففي التعريف دور أفاده اللقاني. قوله: "ستة" الراجح خمسة بإسقاط الذي وأما {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} [التوبة: 69] فأجيب عنه بأنه يحتمل أن الأصل كالذين حذفت النون على لغة أو أن الأصل كالخوض الذي خاضوه فحذف الموصوف والعائد أو أن الأصل كالجمع الذي خاضوا فأفرد أولًا باعتبار لفظ الجمع وجمع ثانيًا باعتبار معناه واستشكل اللقاني القول بأنها تكون موصولًا حرفيًا باقترانها بأل لأنها بجميع أقسامها من خواص الاسم وأقره شيخنا والبعض ولصاحب هذا القول دفع الإشكال بمنع أنها بجميع أقسامها من خواض الاسم بدليل أن أل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
126- البيت من الوافر، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص76؛ وتذكر النحاة ص70؛ والدرر 1/ 296؛ ومغني اللبيب ص625؛ والمقتضب 2/ 137؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 88.
127- البيت من مجزوء الكامل، وهو لعبيد بن الأبرص في ديوانه ص142؛ وخزانة الأدب 2/ 289؛ والدرر 1/ 297؛ وشرح شواهد المغني 1/ 258؛ ولسان العرب 15/ 437 "أول وألاء" والمقاصد النحوية 1/ 490؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 6/ 542؛ وشرح التصريح 1/ 142؛ ومغني اللبيب 1/ 86؛ وهمع الهوامع 1/ 89.
254 | 435(1/253)
الموصول
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكي. ولو. والذي. نحو: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا } [العنكبوت: 51]، {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموصولة تدخل على غير الاسم فليكن مثلها في الذي فتأمل. قوله: "أن" أي المشددة وتوصل بمعموليها وتؤول بمصدر من خبرها مضاف إلى اسمها إن كان خبرها مشتقًا أو بالسكون المضاف إلى اسمها إن كان جامدًا ومثلها المخففة منها.
قوله: "وأن" أي الناصبة للمضارع وتوصل بفعل متصرف ماض خلافًا لابن طاهر في دعواه أن الموصولة بالماضي غير الموصولة بالمضارع مستدلًا بأنها لو كانت الناصبة لحكم على موضعه بالنصب كما حكم على موضعه بالجزم بعد أن الشرطية ولا قائل به. وأجاب ابن هشام بأن الحكم على موضع الماضي بالجزم بعد أن الشرطية لأنها أثرت في معناه القلب إلى الاستقبال فأثرت الجزم في محله بخلاف أن المصدرية أو مضارعًا أو أمرًا على قول سيبويه في هذا وصحح، واستدل عليه بدخول حرف الجر في قولهم كتبت إليه بأن قم لأن حرف الجر ولو زائدًا لا يدخل إلا على اسم أو مؤوّل به. وقال أبو حيان لا يقوى عندي وصلها بالأمر لأمرين: أحدهما أنها إذا سبكت والفعل بمصدر فات معنى الأمر المطلوب. والثاني أنه لا يوجد في كلامهم يعجبني أن قم ولا يجوز ذلك ولو كانت توصل به لجاز. وأجاب ابن هشام عن الثاني بأن عدم الجواز إنما هو من عدم صحة تعلق الاعجاب ونحوه بالإنشاء وكان ينبغي له أن لا يسلم مصدرية كي لأنها تقع فاعلًا ولا مفعولًا وإنما تقع مخفوضة بلام التعليل، وعن الأول فإن فوات الأمر لا يضر كفوات المضي والاستقبال وبحث الدماميني في هذا الجواب عن الأول بأن فيه تسليم فوات الأمر عند السبك وهو قابل للمنع ففي الكشاف ما يفيد أن معناه عند السبك مصدر طلبي حيث قال في تفسير قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَك} [نوح: 1]، أي بالأمر بالإنذار فعلى هذا يقدر في نحو كتبت إليه بأن قم ولا تقعد كتب إليه بالأمر بالقيام والنهي عن القعود فلا يفوت معنى الطلب وعلى تقدير التسليم فلا نسلم أن فوات الأمر كفوات المضي والاستقبال لأن السبك مفوّت للأمر بالكلية لعدم دلالة اللفظ حينئذٍ عليه بوجه بخلافهما لدلالة المصدر على مطلق الزمان التزامًا، وفي الجواب عن الثاني بأنا إذا جعلنا أن الموصولة بالأمر مؤوّلة مع صلتها بمصدر طلبي كما مر لم يكن مانع من تعلق نحو الإعجاب به إذ التقدير أعجبني الأمر بالقيام. ثم قال: ويتجه أن يقال: لم يقم دليل للجماعة على أن أن الموصولة بالماضي والأمر هي الناصبة للمضارع لا سيما وسائر الحروف الناصبة لا تدخل على غير المضارع فادعاء خلاف ذلك في أن من بين أدوات النصب خروج عن النظائر ولا دليل لهم أيضًا على أن التي يذكر بعدها فعل الأمر والنهي موصول حرفي إذ كل موضع تقع فيه كذلك محتمل لأن تكون تفسيرية أو زائدة، فالأول نحو أرسلت إليه أن قم أو لا تقم. والثاني نحو كتبت إليه بأن قم أو لا تقم زيدت فيه أن كراهة دخول حرف الجر على الفعل في الظاهر والمعنى كتبت إليه بقم أو بلا تقم أي بهذا اللفظ فالباء إنما دخلت في الحقيقة على اسم فتأمل.
فائدة: في حاشية السيوطي على المغني عن ابن القيم أن فائدة العدول عن المصدر
255 | 435(1/254)
الموصول
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لَكُمْ} [البقرة: 184]، {بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَاب} [ص: 26]، {لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ} [الأحزاب: 37]، {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّر} [البقرة: 96]، {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا} [التوبة: 69].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الصريح إلى أن والفعل ثلاثة أمور: دلالتهما على زمان الحدث: من مستقبل في نحو يعجبني أن تقوم، وماض في نحو أعجبني أن قمت، والدلالة على إمكان الفعل دون وجوبه واستحالته، والدلالة على تعلق الحكم بنفس الحدث تقول أعجبني أن قدمت أي نفس قدومك ولو قلت أعجبني قدومك لاحتمل أن إعجابه لحالة من أحواله كسرعته لا لذاته. ثم نقل عن ابن جني فرقين: أن والفعل لا يؤكد بهما الفعل فلا يقال: ضربت أن اضرب، ولا يوصفان فلا يقال: يعجبني أن تضرب الشديد بخلاف المصدر الصريح فيهما. ا. هـ. أقول: بقي أمران: أحدهما سد أن والفعل مسد الاسم والخبر في نحو عسى أن تكرهوا شيئًا بناء على نقصان عسى ومسد المفعولين في نحو {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا } [العنكبوت: 2]. ثانيهما صحة الإخبار به عن الجنة بلا تأويل عند بعضهم في نحو زيد إما أن يقول كذا وإما أن يسكت لاشتماله على الفعل والفاعل والنسبة بينهما بخلاف المصدر الصريح. قوله: "وما" وما تكون زمانية أي يقدر الزمان قبلها وغير زمانية، وتوصل بالماضي والمضارع المتصرفين ولو تصرفا ناقصًا بدليل وصلها بدام وندر وصلها بجامد كخلا وعدا وتوصل أيضًا على الأصح بجملة اسمية، لم تصدر بحرف بخلاف المصدرة به نحو ما أن نجمًا في السماء فالتقدير ما ثبت أن نجمًا في السماء. قال في المغني: وعدلت عن قول كثير ظرفية إلى قولي زمانية لتشمل نحو: {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيه} [البقرة: 20]، فإن الزمان المقدر هنا مخفوض أي كل وقت إضاءة لهم والمخفوض لا يسمى ظرفًا وجعل الأخفش كما في المغني ما المصدرية موصولة اسمية واقعة على الحدث مقدرًا عائدها فمعنى أعجبني ما قمت أعجبني القيام الذي قمته.
قوله: "وكي" أي الناصبة للمضارع وتقرن بلام التعليل لفظًا أو تقديرًا وتوصل بالمضارع خاصة. قوله: "ولو" وتوصل بالماضي والمضارع المتصرفين قال ابن هشام ولا يحفظ وصلها بجملة اسمية. قال الدماميني قلت قد جاء في قوله تعالى: {يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الْأَعْرَاب} [الأحزاب: 20]، فلو هذه مصدرية وقعت بعدها أن وصلتها كما وقع ذلك بعد لو الشرطية وقد ذهب كثير إلى أن ما بعدها رفع بالابتداء والخبر محذوف أي ثابت فمقتضى هذا القول جعل ما بعد لو المصدرية كذلك فتكون قد وصلت بالجملة الاسمية على هذا الرأي نعم. ينبغي أن تقيد الاسمية بهذا النوع ولا تؤخذ على الإطلاق فتأمله. ا. هـ. ملخصًا. والغالب وقوعها بعد مفهم التمني كودّ وأحب. ومن خلاف الغالب:
مَا كَانَ ضرّكَ لَوْ مَنَنْت ورُبمَا من الفَتَى وهُو المغيظُ المُحَنق
256 | 435(1/255)
المعرف بأداة التعريف
المعرف بأداة التعريف:
أل حرف تعريف أو اللام فقط فنمط عرفت قل فيه النمط
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المعرف بأداة التعريف:
"أل" بجملتها "حرف تعريف" كما هو مذهب الخليل وسيبويه على ما نقله عنه في التسهيل وشرحه "أو اللام فقط" كما هو مذهب بعض النحاة ونقله في شرح الكافية عن سيبويه "فنمط عرفت قل فيه النمط" فالهمزة على الأول عند الأول همزة قطع أصلية وصلت لكثرة الاستعمال، وعند الثاني زائدة معتد بها في الوضع، وعلى الثاني همزة وصل زائدة لا مدخل لها في التعريف، وقول الأول أقرب لسلامته من دعوى الزيادة فما لا أهلية فيه للزيادة وهو الحرف، وللزوم فتح همزته، وهمزة الوصل مكسورة وإن فتحت فلعارض
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المعرف بأداة التعريف:
الأخصر والأنسب بتراجم بقية المعارف أن يقول ذو الأداة، والتعبير بأداة التعريف أولى من التعبير بأل لجريانه على جميع الأقوال وصدقه على أم في لغة حمير. قوله: "كما هو مذهب إلخ" أي كالقول الذي هو مذهب والمغايرة بين المشبه والمشبه به بالاعتبار لاعتبار النسبة إلى المصنف في المشبه والنسبة إلى سيبويه في المشبه به وجعل الكاف بمعنى على أي بناء على إلخ يوقع في إشكال آخر وهو اتحاد المبني والمبني عليه فتمحل شيخنا والبعض به لا يجدي. قوله: "أو اللام" أو لتنويع الخلاف وتفصيله إلى قولين لا للتخيير وخبر اللام محذوف أي حرف تعريف. قوله: "فقط" الفاء قيل زائدة لتزيين اللفظ وقط بمعنى حسب. وقيل في جواب شرط مقدر، وقط بمعنى انته فيكون اسم فعل أو حسب إذا عرفت ذلك فانته عن طلب غيره أو فهو حسب أي كافيك. قوله: "فنمط عرفت" أي أردت تعريفه. واعترض بأنه لا فائدة فيه لأنه في الوضوح غاية. وأجيب بأنه لما كان الباب معقودًا للمعرف بالأداة قبح أن يذكر الأداة ولا ينعطف على ذكر المعرب بها وبأنه قصد الإشارة إلى محل أداة التعريف وأنه مخالف لمحل أداة التنكير. والنمط يطلق على نوع من البسط وعلى الجماعة الذين أمرهم واحد، وعلى الطريقة وعلى غير ذلك، ونمط مبتدأ سوغ الابتداء به الوصف بالجملة بعده. وقوله قل فيه النمط خبر، والنمط مقول القول وصح نصبه بالقول مع أنه مفرد لأن المراد لفظه.
قوله: "على الأول" أي كونها أل بجملتها. وقوله عند الأول أي الخليل. وقوله وعند الثاني أي سيبويه زائدة أي همزة وصل زائدة معتد بها في الوضع كما في الهمع وغيره وإن أوهم صنيع الشارح أنها عنده همزة قطع. ومعنى الاعتداد بها وضعًا أنها جزء أداة التعريف وإن كانت زائدة في أداته فهي كهمزة اضرب واللام الأولى في لعل فاندفع اعتراض اللقاني بأن الاعتداد بها وضعًا ينافي زيادتها وحاصل الدفع أن المنافي للاعتداد وضعًا الزيادة على الأداة لا فيها أفاده يس. قوله: "وعلى الثاني" أي من قولي المتن وهو كون الأداة اللام فقط وتظهر ثمرة الخلاف بين هذا والقولين قبله في نحو قام القوم، فعليه لا همزة هناك أصلًا لعدم الاحتياج إليها وعليهما
257 | 435(1/256)
المعرف بأداة التعريف
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كهمزة ايمن الله فإنها فتحت لئلا ينتقل من كسر إلى ضم دون حاجز حصين، وللوقف عليها في التذكر، وإعادتها بكمالها حيث اضطر إلى ذلك كقوله:
128-
يا خليلي اربعا واستخبرا الـ ـمنزل الدارس عن حي حلال
مثل سحق البرد عفى بعدك الـ ـقطر معناه وتأويب الشمال وكقوله:
129-
دع ذا وعجل ذا وألحقنا بذال بالشحم إنا قد مللناه بجل ودليل الثاني شيئان: الأول هو أن المعرف يمتزج بالكلمة حتى يصير كأحد أجزائها،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حذفت الهمزة لتحرك ما قبلها كذا وفي الهمع. قال شارح الجامع: وقيل: الأداة الهمزة فقط وزيدت اللام الفرق بينها وبين همزة الاستفهام، فالأقوال أربعة: قولان ثنائيان وقولان أحاديان. قوله: "لا مدخل لها في التعريف" بدليل سقوطها في الدرج وقد يقال سقوطها لكثرة الاستعمال. قوله: "فيما لا أهلية فيه للزيادة" أي لأن يزاد فيه لأن الزيادة نوع من التصريف والحرف لا يقبله كما يأتي في قوله:
حرف وشبهه من الصرف برى ولا يرد لعل فإنها حرف ولامها الأولى زائدة لأنها خارجة عن القياس فلا يقاس عليها أفاده سم. قوله: "وللزوم فتح إلخ" دليل لقوله همزة قطع وما عداه من الأدلة دليل لقوله أصلية. قوله: "وإن فتحت فلعارض" قد يقال فتحها هنا أيضًا لعارض وهو كثرة الاستعمال. ا. هـ. دماميني. قوله: "وللوقف عليها" أي ولا يوقف على أحادي. وقوله: في التذكر أي تذكر ما بعدها وللعرب في الوقف عليها فيه طريقان: سكون آخرها وإلحاق مدة تشعر باسترساله في الكلام فيقولون إلى وتعاد على كلا الطريقين كما يستفاد من الهمع وشرح التسهيل للمرادي وغيرهما ولهذا جعلوا البيتين الأولين من الوقف للضرورة لا للتذكر والبيت بعدهما للتذكر وبهذا يعرف ما في كلام الشارح، ولو قال وحيث اضطر إلى الوقف لاستقام كلامه. قوله: "يا خليلي اربعا" من ربع يربع بفتح الموحدة فيهما إذا وقف وانتظر، والدارس المندرس، وقوله: حلال بكسر الحاء أي حالين، ومثل بالنصب حال من المنزل وقول البعض تبعًا للعيني صفة لمنزل لا يصح على القول الصحيح من اشتراط مطابقة النعت للمنعوت تعريفًا وتنكيرًا لأن مثل لا تتعرف بالإضافة لتوغلها في الإبهام. وسحق البرد بفتح السين من إضافة الصفة إلى الموصوف أي البرد السحق أي البالي. وعفى بالتشديد أبلى والمغني بالغين المعجمة المنزل من غني كرضي أي أقام كما في القاموس والضمير فيه للحي. والشمال بفتح الشين ريح تهب من جهة القطب الشمال. وتأويها ترديد هبوبها بسرعة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
128- البيتان من الرمل المرفل، وهما لعبيد بن الأبرص في ديوانه ص120؛ وخزانة الأدب 7/ 198، 5/ 207؛ والخصائص 2/ 255؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 333؛ وشرح المفصل 9/ 17؛ والمقاصد النحوية 1/ 511؛ وبلا نسبة في المنصف 1/ 66.
258 | 435(1/257)
المعرف بأداة التعريف
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ألا ترى أن العامل يتخطاه ولو أنه على حرفين لما تخطاه، وأن قولك رجل والرجل في قافيتين لا يعد إيطار ولو أنه ثنائي لقام بنفسه. الثاني أن التعريف ضد التنكير وعلم التنكير حرف أحادي وهو التنوين فيكن مقابله كذلك، وفيهما نظر وذلك لأن العامل يتخطى ها التنبيه في قولك مررت بهذا وهو على حرفين، وأيضًا فهو لا يقوم بنفسه. ولا الجنسية من علامات التنكير وهي على حرفين فهلا حمل المعرف عليهما. واعلم أن اسم الجنس الداخل عليه أداة التعريف قد يشار به إلى نفس حقيقته الحاضرة في الذهن من غير اعتبار لشيء مما صدق عليه من الأفراد، نحو الرجل خير من المرأة، فالأداة في هذا لتعريف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على ما في العيني أو هبوبها النهار كله على ما في القاموس.
قوله: "مللناه" بكسر اللام من الملل وهو السآمة كذا أفاده العيني وغيره ولعل الهاء فيه عائدة على ذا في قوله: دع ذا والأقرب عندي أنه من قولهم: مللت اللحم بكسر اللام الأولى أي أدخلته في الملة بفتح الميم وتشديد اللام وهو الرماد الحار والجمر والهاء عليه عائدة على الشحم كما هو المتبادر. وقوله: بجل ضبطه بضم بفتح الباء والجيم بمعنى حسب وبعضهم بباء مكسورة جارة وخاء معجمة وهو الأقرب كما في الشواهد. قوله: "ودليل الثاني" أي القول الثاني من قولي المتن وهو أن المعرف اللام فقط. قوله: "أن المعرف يمتزح بالكلمة" أي ولا يمتزج إلا الحرف الأحادي واستدل على هذا الامتزاج بأمرين ذكرهما في قوله ألا ترى إلخ إلا أنه كان المناسب في الاستدلال عليه بهما أن يقول ألا ترى أن العامل يتخطاها ولو لم يمتزج لما تخطاه وأن قولك رجل والرجل في قافيتين لا يعد إيطاء ولو لم يمتزج لقام بنفسه فيعد إيطاء لكنه أقام كونه ثنائيًّا مقام عدم الامتزاج لاستلزامه عند المستدل عدم الامتزاج فافهم. قوله: "ولو أنه على حرفين" أي ولو ثبت أنه على حرفين. قوله: "وأن قولك" عطف على أن العالم. قوله: "ولو أنه ثنائي" أي ولو ثبت أنه ثنائي لقام بنفسه أي فيحصل الإيطاء وفيه أن قيام أل بنفسها لا يقتضي أن ما بعدها نكرة لأنه معرفة على كل حال والنكرة والمعرفة مختلفان معنى فالإيطاء مدفوع والاستدلال ممنوع ومعنى قيامه بنفسه كونه كلمة مستقلة بذاتها ترسم وحدها. قوله: "وعلم التنكير" أي علامته. قوله: "يتخطى ها التنبيه" وكذا لا نحو بلا مال وإن لا تفعل. قوله: "وهو على حرفين" أي فلا يقتضي التخطي الامتزاج المستلزم للأحادية كما يقول صاحب القول الثاني. قوله: "وأيضًا" أي ويبطل الثاني من دليلي الامتزاج أيضًا لأن ها التنبيه لا يقوم بنفسه فلا يلزم من عدم القيام بالنفس الامتزاج المستلزم للأحادية كما يقول صاحب القول الثاني.
قوله: "ولا الجنسية" أي التي لنفي الجنس وهذا إبطال للشيء الثاني. قوله: "أن اسم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
129- الرجز لغيلان بن حريث في الدرر 1/ 245؛ والكتاب 4/ 147؛ والمقاصد النحوية 1/ 510؛ ولحكيم بن معية في شرح أبيات سيبويه 2/ 369؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص41، 70، 153؛ والكتاب 3/ 325؛ واللامات ص41؛ ولسان العرب 15/ 6 "طرا"؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص121؛ والمتقضب 1/ 84، 2/ 94، والمنصف 1/ 66؛ وهمع الهوامع 1/ 79.
259 | 435(1/258)
المعرف بأداة التعريف
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجنس ، ومدخولها في معنى علم الجنس، وقد يشار به إلى حصة مما صدق عليه من الأفراد معينة في الخارج لتقدم ذكرها في اللفظ صريحًا أو كناية، نحو: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى} [آل عمران: 36]، فالذكر تقدم ذكره في اللفظ مكنيًّا عنه بما في قوله: {نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} [آل عمران: 35] فإن ذلك كان خاصًّا بالذكور، والأنثى تقدم ذكرها صريحًا في
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجنس" أراد به ما يشمل الدال على الحقيقة والدال على الفرد وصريح كلامه أن أقسام أل أربعة: أولها للحقيقة والثلاثة للفرد وهو أحد احتمالات. ثانيها ورجحه السيد الصفوي وصرح به التفتازاني أن أل قسمان كما في التوضيح وغيره: الأول التي للعهد الخارجي بأقسامه الثلاثة الذكري والعلمي والحضوري، الثاني التي للجنس وتحتها أيضًا ثلاثة أقسام التي للحقيقة وهي ما قصد به الحقيقة من حيث هي والتي للعهد الذهني وهي ما قصد به الحقيقة في ضمن فرد مبهم والتي للاستغراق وهي ما قصد به الحقيقة في ضمن جميع الأفراد. ثالثها ورجحه العلامة القوشجي أنها موضوعة للحقيقة لا بشرط شيء لكن تقصد بدلالة القرينة، تارة من حيث هي، وتارة من حيث وجودها في ضمن فرد معين، وتارة من حيث وجودها في ضمن فرد مبهم وتارة من حيث وجودها في ضمن جميع الأفراد.
قوله: "يشار به" أي بمصاحبه من الأداة إشارة عقلية أو المراد قد يراد به أفاده يس. قوله: "مما صدق عليه" الصلة جارية على غير من هي له ولم يبرز لأمن اللبس. قوله: "نحو الرجل إلخ" أي حقيقة الرجل خير من حقيقة المرأة وهذا لا ينافي خيرية بعض أفراد حقيقة المرأة لخصوصيات فيه من بعض أفراد حقيقة الرجل ومن هذا القسم أل الداخلة على المعرفات نحو الإنسان حيوان ناطق ومنه والله لا أتزوج النساء ولا ألبس الثياب فهي هنا لتعريف حقيقة مدخولها وهو هنا جمع وأقله ثلاث فلا بد في الحنث من أقله كما يقول الشافعية بناء على أن معنى الجمع باق مع أل الجنسية وليس مسلوبًا بها، ومنهم من حنث بواحدة اعتبارًا بالجنسية دون الجمعية بناء على زواله معها فليست أل في المثال للاستغراق وإلا لتوقف الحنث على تزوج نساء الدنيا ولبس ثيابها قال التفتازاني في تلويحه فإن نواه الحالف لم يحنث قط ويصدق ديانة وقضاء لأنه حقيقة كلامه وقيل ديانة فقط لأنه نوى حقيقة لا تثبت إلا بالنية فصار كأنه نوى المجاز. قوله: "فالأداة في هذا لتعريف الجنس" أي نفس الحقيقة من غير نظر إلى ما تصدق عليه من الأفراد وتسمى لام الحقيقة والماهية والطبيعة شرح الجامع. قوله: "ومدخولها في معنى إلخ" من ظرفية الدال في المدلول والفرق أن علم الجنس يدل على الحقيقة بجوهره والمعرف بأل بواسطة الأداة وكذا الفرق بين علم الشخص والمعهود خارجًا. ومعنى كونه في معناه أنه يدل على ما يدل عليه لا أنه في مرتبته تعريفًا، فلا ينافي أن العلم مطلقًا أعرف من المحلى بأل. قوله: "إلى حصة" أي بعض واحدًا أو أكثر وقوله مما صدق عليه ضمير صدق يرجع إلى اسم الجنس وضمير عليه إلى ما فالصلة جرت على غير من هي له ولم يبرز لأمن اللبس ومن الأفراد بيان لما وقوله لتقدم علة لمعينة.
260 | 435(1/259)
المعرف بأداة التعريف
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولها: {رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى} [آل عمران: 36]، أو لحضور معناها في علم المخاطب نحو: {إِذْ هُمَا فِي الْغَار} [التوبة: 40]، أو حثه نحو القرطاس لمن فوق سهمًا، فالأداة لتعريف العهد الخارجي ومدخولها في معنى علم الشخص، وقد يشار به إلى حصة غير معينة في الخارج بل في الذهن نحو قولك ادخل السوق حيث لا عهد بينك وبين مخاطبك في الخارج. ومنه: {وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْب} [يوسف: 13]، والأداة فيه لتعريف العهد الذهني ومدخولها في معنى النكرة، ولهذا نعت بالجملة في قوله:
130-
ولقد أمر على اللئيم يسبني وقد يشار به إلى جميع الأفراد على سبيل الشمول إما حقيقة نحو: {إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْر} [العصر: 2]، أو مجازًا نحو أنت علمًا وأدبًا، فالأداة في الأول
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "مكنيًّا عنه بما" أي باعتبار تقييدها بمحررًا وإلا فما عامة للذكر والأنثى وهي كناية اصطلاحية على قول صاحب التلخيص أن الكناية ذكر الملزوم وإرادة اللازم لأن ما باعتبار تقييدها بمحررًا ملزوم للذكر لأن المحرر لا يكون إلا ذكرًا فيكون ذكرها بذلك الاعتبار من ذكر الملزوم وإرادة اللازم وهو الذكر. قال الفنري: وهو من الكناية المطلوب بها غير صفة ولا نسبة بأن تختص صفة من الصفات بموصوف معين فتذكر تلك الصفة ليتوصل بها إلى الموصوف وهو هنا الذكر ولا يتأتى جريان الكناية الاصطلاحية على قول السكاكي أنها اللفظ المراد به ملزوم ما وضع له لأن التحرير ليس لازمًا للذكر حتى يقال أطلق ما باعتبار تقييدها بمحررًا وأريد الملزوم وهو الذكر. قوله: "محررًا" قال في الكشاف معتقًا لخدمة بيت المقدس لا يدلي عليه ولا أستخدمه ولا أشغله بشيء فكان هذا النوع من النذر مشروعًا عندهم. ا. هـ. قوله: "فإن ذلك" أي التحرير المفهوم من محررًا أو النذر المفهوم من نذرت. قوله: "أو لحضور معناها" أي الحصة أي معنى هو الحصة فالإضافة للبيان. قوله: "في علم المخاطب" أي الناشيء عن غير المشاهدة والذكر كما يؤخذ من المقابلة هذا وجعله أل في الحاضر معناه في علم المخاطب للعهد الخارجي تبع فيه أهل البيان وجعلها النحاة فيه للعهد الذهني قاله يس. قوله: "أو حسه" أي الإحساس به بالبصر أو اللمس أو سماع صوته وقصر البعض كشيخنا له على الإحساس به بالبصر قصور. قوله: "القرطاس" بالنصب: أي أصب القرطاس وقوله لمن فوّق سهمًا أي رفعه للرمي. قوله: "وقد يشار به إلى حصة غير معينة" جعل غيره أل في نحو ادخل السوق للحقيقة في ضمن فرد مبهم وهو اللائق بجعلهم المعرف بهذه اللام معرفة لتعين الحقيقة في نفسها ذهنًا وتقييدها بكونها في ضمن فرد مبهم لا يخرجها نفسها عن التعيين فيكون جعلهم هذا القسم في معنى النكرة بالنظر إلى الفرد المبهم الذي اعتبرت الحقيقة في ضمنه فتدبر.
قوله: "بل في الذهن" أي باعتبار ما فيه من الحقيقة وإلا فنفس الحصة ليست معهودة لا خارجًا ولا ذهنًا. قوله: "ولهذا نعت بالجملة إلخ" أي بناء على جعلها نعتًا ويصح جعلها حالًا أي حالة كونه يسبني وجعلها حالًا لا يقتضي تقييد السب بحال المرور كما يوهمه كلام يس
261 | 435(1/260)
المعرف بأداة التعريف
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لاستغراق أفراد الجنس ولهذا صح الاستثناء منه، وفي الثاني لاستغراق خصائصه مبالغة.
ومدخول الأداة في ذلك في معنى نكرة دخل عليها كل "وقد تزاد" أل كما يزاد غيرها من الحروف فتصحب معرفًا بغيرها وباقيًا على تنكيره، وتزاد "لازما" وغير لازم، فاللازم في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الذي ذكره شيخنا والبعض وأقراه بل تقييد المرور بحال السب نعم رجح جماعة جعلها نعتًا بأنه يشعر بأن السب دأبه بخلاف جعلها حالًا لأن الغالب كون الحال مفارقة ورجح ابن يعقوب جعلها حالًا بأنه المناسب لقوله ثمت قلت لا يعنيني لأن المتبادر منه لا يعنيني بالسب الذي سمعته منه لما مررت عليه مع أن الحال إذا جعلت لازمة أفادت الدوام. قوله: "وقد يشار به إلى جميع الأفراد" وعند عدم قرينة البعضية تحمل أل على الاستغراق سواء وجدت قرينة الكلية أو لا. قوله: "على سبيل الشمول" تأكيد لقوله إلى جميع الأفراد. وقوله أما حقيقة إلخ راجع لقوله إلى جميع الأفراد. قوله: "أو مجازًا" أي بالاستعارة بأن شبهت جميع الخصائص بجميع الرجال بجامع الشمول في كل واستعمل اللفظ الموضوع لجميع الرجال وهو الرجل بأل الاستغراقية في جميع الخصائص ويدل لهذا قوله وفي الثاني لاستغراق خصائصه لكن مقتضاه في المفرد أن معنى أنت الرجل أنت كل خصيصة. وحينئذٍ فالحمل إما على المبالغة أو على تقدير مضاف أي جامع كل خصيصة ولو جعل التجوّز باستعارة اللفظ الموضوع لجميع الرجال للرجل الواحد لمشابهته جميعهم في استجماع الخصائص لكان أقرب ثم رأيت اللقاني كتب على قول التوضيح فهي لشمول خصائص الجنس ما نصه: هذا بيان لحاصل المعنى المراد في قولك أنت الرجل لا لمدلول اللفظ إذ مدلوله أنت كل رجل مبالغة والمراد منه أنت الجامع لخصائص كل رجل. ا. هـ. فاحفظه.
قوله: "أنت الرجل علمًا وأدبًا" أي كل رجل من جهة العلم والأدب وفيه أن هذا ليس مستغرقًا لخصائص الرجال بل للوصفين المذكورين فقط ويجاب بأن المراد بالخصائص عند
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
130- تمام البيت:
مضيت قمت قلت لا يعنيني وهو من الكامل وهو لرجل من سلول في الدرر 1/ 78؛ وشرح التصريح 2/ 11؛ وشرح شواهد المغني 1/ 310؛ والكتاب 3/ 24؛ والمقاصد النحوية 4/ 58؛ ولشمر بن عمرو الحنفي في الأصمعيات ص126؛ ولعميرة بن جابر الحنفي في حماسة البحتري ص171؛ وبلا نسبة في الأزهية ص263؛ والأشباه والنظائر 3/ 90؛ والأضداد ص132؛ وأمالي ابن الحاجب ص631؛ وأوضح المسالك 3/ 206؛ وجواهر الأدب ص307؛ وخزانة الأدب 1/ 357، 358، 3/ 201، 4/ 207، 208، 5/ 23، 503، 7/ 197 9/ 119، 383؛ والخصائص 2/ 338، 3/ 330؛ والدرر 6/ 154؛ وشرح شواهد الإيضاح ص221؛ وشرح شواهد المغني 2/ 841؛ وشرح ابن عقيل 475؛ وشرح ابن عقيل ص475؛ والصاحبي في فقه اللغة ص219؛ ولسان العرب 12/ 81 "ثم" 15/ 296 "منن" ومغني اللبيب 1/ 102، 2/ 429، 465؛ وهمع الهوامع 1/ 9/ 2/ 140.
262 | 435(1/261)
المعرف بأداة التعريف
وقد تزاد لازما كاللات والآن والذين ثم اللات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ألفاظ محفوظة وهي الأعلام التي قارنت أل وضعها "كاللات" والعزى على صنمين، والسموءل علمي رجلين "و" والإشارة محو "الآن" للزمن الحاضر بناء على أنه معرف بما تعرفت به أسماء الإشارة لتضمنه معناها، فإنه جعل في التسهيل ذلك علة بنائه وهو قول الزجاج، أو أنه متضمن معنى أداة التعريف، ولذلك بني لكنه رده في شرح التسهيل أما على القول بأن الأداة فيه لتعريف الحضور فلا تكون زائدة "والذين ثم اللاتي" وبقية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التقييد بصفة خصائص تلك الصفة أي جميع أحوالها وأصنافها وعند الإطلاق خصائص جميع الأوصاف فهو أبلغ. قوله: "لاستغراق أفراد الجنس" أي آحاده ولو كان مدخول أل جمعًا على ما حققه التفتازاني في شرحي التلخيص. قوله: "ولهذا صح الاستثناء منه" ظاهر تخصيص هذا القسم بصحة الاستثناء أن الثاني ليس كذلك والظاهر أنه كذلك إذ لا مانع من أن يقال زيد الرجل إلا في الشجاعة كما لا يمتنع زيد الكامل إلا في ذلك ذكره الدماميني. قوله: "وقد تزاد أل" فيه إشارة إلى أن ضمير تزاد راجع إلى لفظة أل في قول المصنف أل حرف إلخ ومن زعم كالبعض أن هنا استخدامًا ما فقد سها لأن المراد بأل وضميرها واحد وهو لفظ أل، وعدم اعتبارنا في الضمير الحكم على المرجع بأنه حرف تعريف لا يقتضي الاستخدام فلا تغفل. والمراد بزيادتها كما قاله الناصر اللقاني كونها غير معرفة لاصلاحيتها للسقوط إذ اللازم لا يصلح له وبهذا يندفع اعتراض الدماميني على القول بزيادة أل في السموءل واليسع بأن العلم مجموع أل وما بعدها فهي جزء من العلم كالجيم من جعفر ومثل هذا لا يقال بأنه زائد. قوله: "معرفًا بغيرها" كالعلم والموصول وقوله وباقيًا على تنكيره كالتمييز. قوله: "لازمًا" حال من ضمير تزاد غير أنه ذكر بعدما أنث إشارة إلى جواز الأمرين فالتأنيث باعتبار الكلمة أو الأداة والتذكير باعتبار الحرف أو اللفظ وكذا سائر الحروف ويصح جعله صفة لمفعول مطلق محذوف: أي زيدًا لازمًا مصدر زاد زيدًا وزيادة. قوله: "لازمًا وغير لازم" تعميم المعرف فقط أما المنكر فغير لازم فقط. قوله: "وضعها" أي للعلمية فدخل ما قارنت أل نقله للعلمية كالنضر، وما قارنت أل ارتجاله كالسمؤال أفاده المصرح. قوله: "علمي صنمين" وقيل العزى اسم لشجرة كانت لغطفان، والقولان حكاهما الخازن. قوله: "علمي رجلين" الأول علم شاعر يهودي والثاني علم نبي، قيل هو يوشع بن نون فتى موسى عليهما الصَّلاة والسَّلام. واختلف فيه فقيل هو أعجمي وأل قارنت ارتجاله وقيل عربي وأل قارنت نقله من مضارع وسع، واستشكل الثاني بأنهم نصوا على أن لا عربي من أسماء الأنبياء إلا شعيبًا وهودًا وصالحًا ومحمدًا. وأجيب بأن المراد العربي المصروف لا العربي مطلقًا، وبأن المراد العربي المتفق على عربيته واستشكل الأول بأن أل كلمة عربية فكيف تقارن الوضع العجمي. وأجيب بأن الواضع الله تعالى ولا مانع من أنه تعالى يضم العربي إلى العجمي. وأورد عليه أن الأعلام خارجة من محل الخلاف فإن الواضع لها الأبوان اتفاقًا، ولك أن تقول إنما ذلك فيما لا يمكن فيه الوحي، أما أسماء أولاد الأنبياء وأصحابهم فيمكن أن يكون واضعها الله تعالى بالوحي إلى ذلك النبي نحو: {اسْمُهُ يَحْيَى} [مريم: 7]، {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاق} [الصافات: 112]،
263 | 435(1/262)
المعرف بأداة التعريف
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموصولات مما فيه أل بناء على أن الموصول يتعرف بصلته. وذهب قوم إلى أن تعريف الموصول بأل إن كانت فيه نحو الذي وإلا فبنيتها نحو من وما إلا أيا فإنها تتعرف بالإضافة، فعلى هذا لا تكون أل زائدة، وغير اللازم على ضربين اضطراري وغيره وقد أشار إلى الأول بقوله: "ولاضطرار" أي في الشعر "كبنات الأوبر" في قوله:
131-
ولقد جنيتك أكمؤًا وعساقلًا ولقد نهيتك عن بنات الأوبر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَم} [آل عمران: 45]، واليسع من هذا القبيل كذا في الروداني مع بعض زيادة وهو صريح في أن اليسع غير مصروف وبه يعرف ما في قول البعض أنه مصروف لوجود أل وإن كانت زائدة، وضعف سم استشكال الأول بما مر بأنه يتوقف في أن أل ليست في لغة العجم.
قوله: "والإشارة" اعلم أنه اختلف في الآن فالجمهور على أنه علم جنس للزمان الحاضر ثم اختلفوا في سبب بنائه فقال الزجاج تضمنه معنى الإشارة فإنه بمعنى هذا الوقت، وقيل شبه الحرف في ملازمة لفظ واحد لأنه لا يثنى ولا يجمع ولا يصغر بخلاف حين ووقت وزمان ونحوها، وقيل وغير ذلك الجمهور على أنه اسم إشارة حقيقة للزمان، كما أن هناك اسم إشارة حقيقة للمكان وعليه الموضح أفاده الروداني. إذا عرفت هذا فقول الشارح والإشارة إن حمل على مذهب الجمهور بجعل المعنى وشبيه الإشارة أي شبيه اسم الإشارة في الدلالة على الحضور في كل نافاه قوله معرف بما تعرفت به أسماء الإشارة لأن تعريفه على مذهبهم بالعلمية. وإن حمل على مقابل قولهم بجعل المعنى واسم الإشارة حقيقة نافاه قوله وهو قول الزجاج إذ هو من الجمهور القائلين بأنه علم جنس للزمان الحاضر، وإنما اختلافهم في سبب البناء. ويمكن اختيار الثاني وجعل الضمير في قوله وهو قول الزجاج إلى جعل تضمن معنى الإشارة علة بنائه فقط وبهذا يعرف ما في كلام البعض. قوله: "نحو الآن" لو قال وهي الآن لكان مستقيمًا. قوله: "بما تعرفت به أسماء الإشارة" قيل هو الحضور وفيه أن المعروف أنها تعرفت بالإشارة الحسية. قوله: "معناها" أي معنى الإشارة والإضافة للبيان. قوله: "فإن جعل في التسهيل ذلك" أي التضمن المذكور لأن الإشارة من المعاني التي حقها أن تؤدي بالحرف كما مر، فيكون التضمن المذكور أكسبها التعريف والبناء وكذا تضمن معنى أداة التعريف على القول الثاني. قوله: "متضمن معنى إلخ" أي لأن أل الموجودة زائدة ولا يخفى ما فيه من الغرابة للحكم فيه بتضمن الكلمة معنى حرف موجود فيها لفظه وإلغاء هذا الحرف الموجود لفظه. قوله: "أما على القول إلخ" هذا هو المختار والكلمة عليه معربة كما في نكت السيوطي.
قوله: "والذين" المناسب لما أسلفه الشارح في نظيريه أن يقول والموصولات كالذين إلخ وحكمه بلزوم أل في الذين واللاتي ونحو هما مبني على لغة أكثر العرب وإلا فقد قال في التسهيل: وقد يقال لذي ولذان ولذين ولتي ولتان ولاتي. ا. هـ. قوله: "وإلا فبنيتها" ظاهره شمول ذلك لأل الموصولة فتكون معرفة بنية أل المعرفة ولا مانع منه. قوله: "ولاضطرار" أي وغير لازم
264 | 435(1/263)
المعرف بأداة التعريف
ولاضطرار كبنات الأوبر كذا وطبت النفس يا قيس السري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أراد بنات أوبر لأنه علم على ضرب من الكمأة رديء كما نص عليه سيبويه، وزعم المبرد أن بنات أوبر ليس بعلم، فأل عنده غير زائدة بل معرفة و"كذا" من الاضطراري زيادتها في التمييز نحو: "وطبت النفس يا قيس السري" في قوله:
132-
رأيتك لما أن عرفت وجوهنا صددت وطبت النفس يا قيس عن عمرو أراد طبت نفسًا لأن التمييز واجب التنكير خلافًا للكوفيين، وأشار إلى الثاني بقوله: "وبعض الأعلام" أي المنقولة "عليه دخلا للمح ما قد كان" ذلك البعض "عنه نقلًا" مما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لاضطرار فحذف المقابل اكتفاء بدليله سم. قوله: "كبنات الأوبر" التمثيل به مبني على أن بنات أوبر علم كما في الشرح لا على أنه جمع ابن أوبر كبنات عرس جمع ابن عرس أو بنت عرس تفرقة بين جمع العاقل وغيره لأنه إذا كان جمعًا دخلته أل المعرفة لأنه حينئذٍ نكرة فحكم البعض على بنات الأوبر في كلام المصنف بأنه جمع ابن أوبر غير سديد إلا أن يكون كلامه باعتبار ما قبل العلمية. قوله: "ولقد جنيتك" أي جنيت لك فهو على الحذف والإيصال وحسنه موازنة نهيتك والأكمؤ جمع كمء واحد الكمأة فهو على خلاف الغالب من كون التاء في الواحد والعساقل جمع عسقول كعصفور نوع من الكمأة، وأصل عساقل عساقيل كعصافير فحذفت المدة للضرورة قاله العيني وزكريا وفي شرح الدماميني للمغني أن العساقل الكمأة الكبار البيض وأن بنات أوبر كمأة صغار مزغبة على لون التراب.
قوله: "لأنه علم" أي والعلم لا تدخله أل المعرفة. قوله: "ليس بعلم" أي بل نكرة وعليه فمنعه من الصرف إذا جرد من أل للوزن والوصفية الأصلية لأن أوبر في الأصل وصف بمعنى كثير الوبر وطرو الاسمية على الوصفية الأصلية لا يخرجها عن منعها الصرف كأسود للحية وأدهم للقيد. ومنعه على الأول للوزن والعلمية لأن جزء العلم في حكمه. قوله: "كذا" خبر عن قوله وطبت وقول الشارح من الاضطراري إلخ حل معنى بين به وجه الشبه لا حل إعراب. والواو في وطبت من المحكي والسري الشريف. قوله: "من الاضطراري زيادتهما في التمييز" ويلحق بذلك ما زيد شذوذًا في الأحوال نحو ادخلوا الأول فالأول وجاءوا الجماء الغفير أي ادخلوا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
131- البيت من الكامل. وهو بلا نسبة في الاشتقاق ص402؛ والإنصاف 1/ 319؛ وأوضح المسالك 1/ 180؛ وتخليص الشواهد ص167؛ وجمهرة اللغة ص331؛ والخصائص 3/ 58 ؛ ورصف المباني ص78؛ وسر صناعة الإعراب ص366؛ وشرح التصريح 1/ 151؛ وشرح شواهد المغني 1/ 166؛ وشرح ابن عقيل ص96؛ ولسان العرب 2/ 21 "جوت"، 4/ 170 "حجر"، 4/ 385 "سور"، 4/ 622 "عير"، 5/ 271 "وبر"، 6/ 271 "حجش"، 11/ 7 "أبل"، 11/ 159 "حفل"، 11/ 448 "عقل" 12/ 18 "اسم"، 14/ 155 "جني"، 15/ 309 "نجا"؛ والمحتسب 2/ 224؛ ومغني اللبيب 1/ 52، 220، المقاصد النحوية 1/ 498؛ والمقتضب 4/ 48؛ والمنصف 3/ 134.
265 | 435(1/264)
المعرف بأداة التعريف
وبعض الأعلام عليه دخلا للمح ما قد كان عنه نقلًا
كالفصل والحارث والنعمان فذكر ذا وحذفه سيان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقبل أل من مصدر "كالفضل و" صفة مثل "الحارث و" اسم عين مثل "النعمان" وهو في الأصل اسم من أسماء الدم. وأفهم قوله: وبعض الأعلام أن جميع الأعلام المنقولة مما يقبل أل لا يثبت له ذلك وهو كذلك، فلا تدخل على نحو محمد وصالح ومعروف إذ الباب سماعي. وخرج عن ذلك غير المنقول كسعاد، وأدد والمنقول عما لا يقبل أل كيزيد ويشكر فأما قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واحدًا فواحدًا وجاءوا جميعًا سندو بي. قوله: "وجوهنا" أي أكابرنا أو ذواتنا وضمن طبت معنى تسليت فعداه بعن أي طبت عن عمرو المقتول وكان صديق قيس ويحتمل أن عن متعلقة بصددت. قوله: "أراد طبت نفسًا إلخ" قيل لا يتعين ذلك لجواز أن تكون النفس في البيت مفعول صددت وتمييز طبت محذوف أو لا تمييز له. قوله: "عليه دخلا" الضمير لأل، وذكر باعتبار أنها لفظ أو حرف وهذا أحسن من جعل الألف للتثنية عائدة على الألف واللام المفهومين من أل.
قوله: "للمح" أي ملاحظة ما أي المعنى الذي قد كان هو أي ذلك البعض كما ذكر الشارح فالصلة جارية على غير من هي له، وضمير عنه يرجع إلى ما. قوله: "مما يقبل أل" بيان لما على تقدير مضاف أي مدلول اللفظ الذي يقبل أل فصح ما قاله شيخنا واندفع اعتراض البعض عليه بأن ما واقعة على المعنى والقابل اللفظ الدال عليه، فلا يصح أن يكون مما يقبل أل بيانًا لما مع أنه يمكن إيقاع ما على اللفظ بأن يراد بما نقل عنه العلم أصله قبل العلمية من المصدر أو الصفة أو اسم العين ويقدر مضاف في كلام الناظم أي للمح معنى ما كان إلخ وعلى هذا يصح أن يكون قوله كالفضل إلخ تمثيلًا لبعض الأعلام وهو المتبادر أو لما وعلى الأول يتعين الأول فافهم. وقوله: من مصدر بيان لما يقبل أل. قوله: "والنعمان" أي الذي لم يقارن أل وضعه للمعلمية أما هذا وهو اسم النعمان بن المنذر ملك العرب كما في الشمني فليس مما للمح ولهذا لم يسمع بدونها وعليه يحمل تمثيل المصنف في شرح التسهيل لما قارنت أل وضعه بالنعمان. وأما قوله:
أيا جبلي نعمان بالله خليا نسيم الصبا يخلص إليّ نسيمها فليس مما نحن فيه بالكلية لأن نعمان فيه بالفتح كما في يس عن الشمني. وفي القاموس والصحاح وغيرهما ما يؤيده اسم لواد في طريق الطائف يخرج إلى عرفات ويقال له نعمان الأراك. وبه يعرف ما في كلام المصرح الذي تبعه شيخنا والبعض من الخلل. والضمير في نسيمها يرجع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
132- البيت من الطويل وهو لرشيد بن شهاب في الدر 1/ 249، وشرح اختيارات المفضل ص1325؛ وشرح التصريح 1/ 151؛ 394 ؛ والمقاصد النحوية 1/ 502، 3/ 2125؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 181؛ وتخليص الشواهد ص168؛ والجني الداني ص198؛ وجواهر الأدب 319؛ وشرح ابن عقيل ص96؛ وشرح عمدة الحافظ ص153، 4879؛ وهمع الهوامع 1/ 80، 252.
266 | 435(1/265)
المعرف بأداة التعريف
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
133-
رأيت الوليد بن اليزيد مباركا فضرورة سهلها تقدم ذكر الوليد. ثم قوله: للمح إن أراد أن جواز دخول أل على هذه الأعلام مسبب عن لمح الأصل أي ينتقل النظر من العلمية إلى الأصل فيدخل أل "فذكر" أل "ذا" حينئذ "وحذفه سيان" إذ لا فائدة مترتبة على ذكره، وإن أراد أن دخول
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلى محبوبة الشاعر وهو مجنون ليلى أو إلى النسيم الأول مرادًا به الريح وبالنسيم الثاني نفسها الضعيف، ويؤيد هذا رواية طريق الصبا إذ الضمير عليها يرجع إلى الصبا وبعد هذا البيت:
فإن الصبا ريح إذا ما تنسمت على نفس مهموم تجلت همومها فائدة: الصبا ريح مهبها المستوى من مطلع الشمس إذا استوى الليل والنهار. قال الصفدي الظاهر أنها يختلف مزاجها وتأثيرها باختلاف البقاع التي تمر عليها والفصول لأنا نشاهدها بدمشق وما قاربها يابسة المزاج تجفف الرطوبات وتنحل الأجسام وتحرق الثمار والزروع، وهي في الديار المصرية أشد منها في الشامية مع أن أشعار العرب مملوءة من الاسترواح بها ووصفها باللطف وتنفيس الكرب، فلعلها في الحجاز وما أشبهه بهذه الصفة. وعن الواحدي صاحب التفسير أنها استأذنت ربها أن تأتي يعقوب بريح يوسف عليهما السلام قبل أن يأتيه البشير بالقميص فأذن لها فأتته بذلك فلذلك يتروح بها كل محزون. من شرح شواهد المغني للسيوطي. قوله: "على نحو محمد إلخ" أي من الأعلام التي لم يسمع دخول أل عليها للمح فاندفع اعتراض شيخنا تبعًا للشارح في شرح الأوضح بأن الوجه حذف نحو. قوله: "إذ الباب سماعي" أي باب إدخال أل للمح الأصل فما سمع من العرب إدخالها عليه كان لك إدخالها عليه ولو في غير مسماهم وما لا فلا فالقيود المتقدمة ليست شروطًا لجواز إدخال أل للمح بل بيان لمورد السماع وبهذا يندفع ما قاله سم حيث كان الباب سماعيًا فلا كبير حاجة إلى التقييد بالمنقول عما يقبل أل والاحتراز عن غيره. قوله: "رأيت الوليد إلخ" لقد كذب الشاعر فإن الوليد هذا كان فاسقًا متهتكًا مولعًا بالشرب والغناء جبارًا عنيدًا، تفاءل يومًا في المصحف فخرج له: {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيد} [إبراهيم: 15]، فمزق المصحف وأنشد:
تهدد كل جبار عنيد فها أنا ذاك جبار عنيد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
133- تمام البيت:
شديدا بأعباء الخلافة كاهله وهو من الطويل وهو لابن ميادة في ديوانه ص192؛ وخزانة الأدب 2/ 226؛ والدرر 1/ 87؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 451؛ وشرح شواهد المغني 1/ 164؛ ولسان العرب 3/ 200 "زيد"؛ والمقاصد النحوية 1/ 218، 509؛ ولجرير في لسان العرب 8/ 393 "وسع"؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 322؛ والأشباه والنظائر 1/ 23، 8/ 306؛ والإنصاف 1/ 317، وأوضح المسالك 1/ 73؛ وخزانة الأدب 7/ 247، 9/ 442؛ وشرح التصريح 1/ 153؛ وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 36؛ وشرح قطر الندى ص53؛ ومغني اللبيب 1/ 52؛ وهمع الهوامع 1/ 24.
267 | 435(1/266)
المعرف بأداة التعريف
وقد يصير علمًا بالغلبة مضاف أو مصحوب أل كالعقبه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أل سبب للمح الأصل فليسا بسيين لما يترتب على ذكره من الفائدة وهو لمح الأصل.
نعم هما سيان من حيث عدم إفادة التعريف فليحمل كلامه عليه. قال الخليل: دخلت أل في الحارث والقاسم والعباس والضحاك والحسن والحسين الشيء بعينه.
تنبيه: في تمثيله بالنعمان نظرا لأنه مثل به في شرح التسهيل لما قارنت الأداة فيه نقله، وعلى هذا فالأداة فيه لازمة والتي للمح الأصل ليست لازمة "وقد يصير علمًا" على بعض مسمياته "بالغلبة" عليه "مضاف" كابن عباس وابن عمر وابن الزبير وابن مسعود فإنه غلب على العبادلة حتى صار علمًا عليهم دون من عداهم من إخوتهم "أو مصحوب أل" العهدية "كالعقبة" والمدينة والكتاب والصعق والنجم لعقبة أيلي، ومدينة طيبة، وكتاب سيبويه، وخويلد من نفيل، والثريا "وحذف أل ذي" الأخيرة "إن تناد" مدخولها "أو تضف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذا ما جئت ربك يوم حشر فقل يا رب مزقني الوليد فلم يلبث إلا أيامًا حتى ذبح وعلق رأسه على قصره ثم على سور بلده. نسأل الله السلامة من شرور أنفسنا. قوله: "فضرورة" وقيل نكر يزيد ثم دخلت عليه أل للتعريف. قال المصرح: وعندي فيه نظر لأنه وإن نكر لا يقبل أل نظرًا إلى أصله وهو الفعل والفعل لا يقبل بخلاف زيد إذا نكر. قوله: "سهلها تقدم ذكر الوليد" أي فيكون دخولها للمشاكلة وأل في الوليد للمح. قوله: "ثم قوله للمح إلخ" هذا الترديد متفرع على كون اللام للعلة الباعثة أو للعلة الغائية فالشق الأول مبني على الأول والثاني على الثاني واللامح على الأول المتكلم وعلى الثاني السامع. قال شيخنا: وقدم الشق الأول لأنه الظاهر. قوله: "فيدخل" أي النظر على المجاز العقلي أو الوضع المفهوم من السياق. قوله: "إذ لا فائدة إلخ" اعترض بأن ذكر أل دليل للسامع على لمح مدخل أل الأصل وعند حذفها لا دليل على ذلك فكيف يكونان سيين. قوله: "قال الخليل إلخ" دليل على أن الدخول سبب للمح. وقوله لتجعله الشيء بعينه أي لتجعل المذكور من الأعلام أي لتجعل مسماه الشيء نفسه أي المعنى المنقول عنه نفسه في ذهن السامع فأل في الحرث تجعل مسماه ذاتًا يحصل منها حرث. وفي العباس ذاتًا يحصل منها عبوس كثير في وجوه الأعداء وهكذا. قوله: "وقد يصير إلخ" قال ابن هشام: ذكره في باب العلم أحسن فيقال: العلم ضربان علم بالوضع وعلم بالغلبة لأن النوعين المضاف وذا أل يكونان حينئذٍ مذكورين في مركزهما بخلاف ذكر المضاف هنا فإنه استطراد. قوله: "بالغلبة عليه" هي أن يغلب اللفظ على بعض أفراد ما وضع له وهي تحقيقية أن استعمل بالفعل في غير ما غلب عليه وإلا فتقديرية.
قوله: "وابن مسعود" قيل: الصواب أن يذكر بدله عبد الله عمرو بن العاصي لموت ابن مسعود قبل إطلاق اسم العبادلة على الأربعة وليس بشيء لأنه إنما يرد لو قال الشارح غلب اسم العبادلة على فلان وفلان وفلان وابن مسعود بعد أن كان جمع عبد الله أيًا كان وهو إنما قال: غلبت هذه الأعلام الأربعة على العبادلة أي الأشخاص الأربعة الذين سمي كل منهم بعبد الله
268 | 435(1/267)
المعرف بأداة التعريف
وحذف أل ذي إن تناد أو تضف أوجب وفي غيرهما قد تنحذف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أوجب" لأن أصلها المعرفة فلم تكن بمنزلة الحرف الأصلي اللازم أبدًا كما هي في نحو اليسع كما تقدم، فتقول: يا صعق ويا أخطل وهذه عقبة أيلي ومدينة طيبة. ومنه:
134-
أحقا أن أخطلكم هجاني والأخطل من يهجو ويفحش. وغلب على الشاعر المعروف حتى صار علمًا عليه دون غيره. وتقول: أعشى تغلب، ونابغة ذبيان "وفي غيرهما" أي في غير النداء والإضافة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بحيث صارت لا تطلق إلا عليهم دون من عداهم من أخوتهم، فابن مسعود مثلًا صار علمًا بالغلبة على عبد الله بن مسعود دون من عداه من أخوته غاية الأمر أن الشارح استعمل لفظ العبادلة في كلامه بالمعنى الوضعي لا الغلبي ولا محذور فيه. قوله: "من أخوتهم" الأحسن أن المراد بأخوتهم نظراؤهم في اسم الأب لا خصوص الأخوة في النسب. قوله: "العهدية" أي بحسب الأصل وإلا فهي الآن زائدة، ولا يخفى أن أل العهدية تدخل على كل فرد عهد بين المتخاطبين على البدل فمصحوبها كل فرد عهد بينهما كذلك مثلًا لفظ العقبة المعرف بأل العهدية وضع في الأصل لأن يستعمل في كل فرد عهد بينهما على البدل فخصصته الغلبة بعقبة أيلة، فسقط بهذا التحقيق ما اعترض به الناصر وسكتوا عليه من أن اللفظ الذي يستحقه كل فرد من الأفراد بالوضع هو المجرد من أل لا المقرون بها، لأن المستحق له الفرد المعهود بين المتخاطبين دون من عداه. فافهم ذلك والله تعالى الموفق.
قوله: "لعقبة أيلي" بالقصر والذي في التصريح والقاموس وغيرهما أيلة بالتاء فلعل ما في الشرح سهو. والعقبة في الأصل اسم للطريق الصاعد في الجبل. قوله: "وخويلد بن نفيل" كان رجلًا يطعم الناس بتهامة فهبت ريح فسفت في جفانه أي أوعية طعامه التراب فسبها، فرمي بصاعقة فسمي الصعق بكسر العين فعل بمعنى مفعول، والصعق في الأصل اسم لمن رمي بصاعقة. قوله: "والثريا" تصغير ثروي من الثروة وهي الكثرة لكثرة كواكبها لأنها سبعة وقيل أكثر، وأصله ثريوي اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء. قوله: "وحذف أل ذي إلخ" اعترض تخصيص حذف أل للنداء والإضافة بهذه بأن أل لا تجامع الإضافة وكذا النداء إلا ضرورة كما سيذكره المصنف بقوله:
وباضطرار خص جمع يا وأل وأجيب بأنه ليس مراده أن أل هذه لا تباشر حرف النداء حتى يرد أن أل مطلقًا لا تباشره، بل مراده أن أل هذه لا تثبت مع حرف النداء أصلًا حتى لا يتوصل لنداء ما هي فيه بأي أو ذا كما يتوصل لنداء ما أل غيرها فيه بذلك فلا تقول يا أيها النابغة ولا يا ذا النابغة كما تقول يا أيها ويا ذا الرجل، لكن هذا الجواب إنما ينفع بالنسبة إلى النداء دون الإضافة كما لا يخفى. وقد يقال إنما خص هذه لدفع توهم أنها لكونها في الحالة الراهنة زائدة تجامع النداء والإضافة. قوله: "لأن أصلها المعرفة" وصارت الآن زائدة. قوله: "كما هي في نحو اليسع" المتبادر من سياقه
269 | 435(1/268)
المعرف بأداة التعريف
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"قد تنحذف" سمع هذا عيوق طالعًا، وهذا يوم اثنين مباركًا فيه.
تنبيهان: الأول المضاف في أعلام الغلبة كابن عباس لا ينزع عن الإضافة بنداء ولا غيره؛ إذ لا يعرض في استعماله ما يدعو إلى ذلك. الثاني كما يعرض في العلم بالغلبة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنه متعلق بالمنفي وهو تكن لا بالنفي، وأن أل في نحوه تبقى مع النداء والإضافة بل قوله كما تقدم أي كون أل في نحو اليسع لازمة قد يعين أن مراده ذلك وجزم بهذا شيخنا تبعًا لما مشى عليه الفارضي من البقاء المذكور واستدل بقوله في الكافية:
وقد تقارن الأداة التسمية فتستدام كأصول الأبنية وتبعه على الجزم به البعض وزاد أن الهمزة تقطع وهو خلاف ما في الهمع والتسهيل وشرحه لابن عقيل وغيره وحاشية الروداني على التصريح. قال في الهمع: أل فيما غلب بها لازمه ويجب حذفها في النداء والإضافة وقلّ حذفها في غيرهما، وأما ما غلب بالإضافة فلا يفصل منها بحال. ولو قارنت اللام نقل علم كالنضر والنعمان أو ارتجاله كاليسع والسموأل فحكمها حكم ما غلب بها من اللزوم إلا في النداء والإضافة. قال ابن مالك: هذا النوع أحق بعدم التجرد لأن الأداة فيه مقصودة في التسمية قصد همزة: أحمد وياء يشكر وتاء تغلب بخلافها في الأعشى ونحوه فإنها مزيدة للتعريف ثم عرض بعد زيادتها شهرة وغلبة اغتنى بها، إلا أن الغلبة مسبوقة بوجودها فلم تنزع. ا. هـ. مع حذف. وقال في التسهيل: ومثله ما قارنت الأداة نقله أو ارتجاله. ا. هـ. قال ابن عقيل في شرحه عليه: أي مثل الذي فيه أل من العلم بالغلبة في نزع أل منه حيث تنزع أل من العلم بالغلبة كالنداء. ا. هـ. وسنذكر كلام الروداني. ومن الحذف للنداء فيما قارنت الأداة نقله قول خالد بن الوليد:
يا عز كفرانك لا سبحانك إني رأيت الله قد أهانك فإن عز مرخم عزى. نعم قد يقال أل المقارنة لوضع العلم جزء منه كالجيم من جعفر كما مر عن الدماميني وهذا يمنع من تجويز حذفها عند النداء والإضافة إلا أن يقال كونها في صورة المعرفة التي لا تجامع النداء والإضافة اقتضى حذفها عندهما فاعرفه. ولولا قول الشارح كما تقدم لجعلنا قوله كما هي في نحو اليسع متعلقًا بالنفي فتأمل. قوله: "أحقًا" الاستفهام للتوبيخ أي أفي الحق أي أفي الأمر الثابت أن أخطلكم هجاني. قوله: "أعشى تغلب" أصله الأعشى فحذفت منه أل وأضيف إلى تغلب بفتح الفوقية وسكون الغين المعجمة وكسر اللام اسم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
134- صدر البيت:
ألا أبلغ بني خلف رسولًا وهو من الوافر، وهو للنابغة الجعدي ص164؛ وتخليص الشواهد ص176؛ وخزانة الأدب 10/ 273، 277؛ والدرر 1/ 227؛ والكتاب 3/ 137؛ والمقاصد النحوية 1/ 504, وبلا نسبة في جواهر الأدب ص353؛ وهمع الهوامع 1/ 72.
270 | 435(1/269)
المعرف بأداة التعريف
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاشتراك فيضاف طلبًا للتخصيص كما سبق، كذلك يعرض في العلم الأصلي. ومنه قوله:
135-
علا زيدنا يوم النقا رأس زيدكم بأبيض ماضي الشفرتين يماني وقوله:
136-
بالله يا ظبيات القاع قلن لنا ليلاي منكن أم ليلى من البشر خاتمة: عادة النحويين أنهم يذكرون هنا تعريف العدد، فإذا كان العدد مضافًا وأردت تعريفه عرفت الآخر، وهو المضاف إليه، فيصير الأول مضافًا إليه إلى معرفة، فتقول: ثلاثة الأثواب، ومائة الدرهم، وألف الدينار، ومنه قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قبيلة سميت باسم أبيها. وكذا يقال فيما بعده. والأعشى في الأصل اسم لكل من لا يبصر ليلًا ثم غلب على أعشى تغلب. قوله: "ونابغة ذبيان" بضم الذال المعجمة وكسرها كما في القاموس. والنابغة في الأصل اسم لكل من ظهر الشعر وأجاده والتاء فيه للمبالغة ثم غلب على نابغة ذبيان. قوله: "عبوق" فيعول بمعنى فاعل كقيوم وضع لكل عائق أي حاجز، ثم غلب على النجم المعروف لعوقه الدبران عن الثريا لكونه بينهما.
قوله: "يوم اثنين" أصله يوم الاثنين وهو من إضافة المسمى إلى الاسم وبحث في التمثيل به بأن اثنين في الأصل اسم لمجموع شيئين لا للفرد التأخر منهما فقط وحينئذٍ فعلميته على اليوم المعين بالنقل لا بالغلبة. وذكر الروداني أن الصحيح أن أسماء الأسبوع أعلام جنسية منقولة من الأعداد دخلت عليها أل للمح المعنى العددي، وأل فيها مقارنة للنقل فلا ينبغي التمثيل بها لذي غلبة حذفت منه أل، بل لما حذفت منه أل المقارنة للوضع فإنه أيضًا كذي الغلبة يحذف منه أل في النداء والإضافة وجوبًا وقد يحذف في غيرهما. قوله: "ما يدعو إلى ذلك" أي إلى نزعه عن الإضافة لأنه ينادى ويضاف معها فيقال يا ابن عباس وهو ابن عباسنا كذا قيل وفيه أن المضاف إن كان تمام العلم ناقص ما تقدم في باب العلم عند قول المصنف:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
135- البيت من الطويل، وهو لرجل من طيئ في شرح شواهد المغني 1/ 165؛ والمقاصد النحوية 3/ 371؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 189، 191؛ وجواهر الادب ص315 ؛ وخزانة الأدب 2/ 224؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 452، 456؛ وشرح التصريح 1/ 153؛ وشرح المفصل 1/ 44؛ ولسان العرب 3/ 200 "زيد"؛ ومغني اللبيب 1/ 52.
136- البيت من البسيط، وهو للمجنون في ديوانه ص130؛ وللعرجي في شرح التصريح 2/ 298؛ والمقاصد النحوية 1/ 416 ؛ 4/ 518؛ وللكامل الثقفي أو للعرجي في شرح شواهد المغني 2/ 962؛ وذكر مؤلف خزانة الأدب 1/ 97، ومؤلف معاهد التنصيص 3/ 167 أن البيت اختلف في نسبته، فنسب للمجنون ولذي الرمة، وللعرجي، وللحسين بن عبد الله، ولبدوي اسمه كامل الثقفي؛ وهو بلا نسبة في الإنصاف 2/ 482، وأوضح المسالك 4/ 303؛ وتذكرة النحاة ص318.
271 | 435(1/270)
المعرف بأداة التعريف
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
137-
ما زال مذ عقدت يداه إزاره فسما فأدرك خمسة الأشبار وقوله:
138-
وهل يرجع التسليم أو يكشف العنا ثلاث الأثافي والديار البلاقع وأجاز الكوفيون الثلاثة الأثواب تشبيهًا بالحسن الوجه. قال الزمخشري: وذلك بمعزل عند أصحابنا عن القياس واستعمال الفصحاء، وإذا كان العدد مركبًا ألحقت حرف التعريف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأن يكونا مفردين فأضف إلخ من أن العلم الإضافي لا يضاف، وإن كان المضاف إليه فقط ورد أمران: الأول أن المضاف لا بد أن يكون كلمة مستقلة وهو هنا جزء كلمة لأن العلم مجموع المتضايفين فكل منهما كالزاي من زيد، ويمكن الجواب عن هذا برعاية الأصل. الثاني أن القصد ليس توضيح مسمى المضاف إليه فقط بالإضافة بل توضيح مسمى العلم بتمامه بها ويمكن الجواب عن هذا أيضًا بأن إضافة المضاف إليه يحصل بها المقصود من توضيح مسمى العلم فتدبر منصفًا. قوله: "طلبًا للتخصيص" كان المناسب أن يقول للإيضاح لأن التخصيص في النكرات والإيضاح في المعارف. قوله: "كما سبق" من نحو أعشى تغلب ونابغة ذبيان. قوله: "خاتمة" نظم العلامة الأجهوري حاصلها فقال:
وعددا تريد أن تعرّفا فأل بجزأيه صلن إن عطفا
وإن يكن مركبًا فالأول وفي المضاف عكس هذا يفعل
وخالف الكوفي في الأخير فعرف الجزأين يا سميري والمراد بالأخير غير الأول فيشمل الثاني وهو المركب لأن الكوفي خالف فيه أيضًا كما سيأتي وكان الأحسن أن يقول بدل الأخير:
وخالف الكوفي في هذين ففيهما قد عرف الجزأين قوله: "عرفت الآخر" بكسر الخاء ولم يقل الثاني ليشمل ما فيه أكثر من إضافة نحو خمسمائة ألف دينار وفي كلام شيخنا أن منهم من لا يضيف بل يعرف الأول فقط فيقول هذه الخمسة أثوابًا وخذ المائة درهمًا ودع الألف دينارًا. قوله: "ما زال" اسم زال ضمير مستتر يعود
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
137- البيت من الكامل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 305؛ والأشباه والنظائر 5/ 123؛ والجني الداني ص504؛ وجواهر الأدب ص317؛ وخزانة الأدب 1/ 212؛ والدرر 3/ 140؛ وشرح التصريح 2/ 21؛ وشرح شواهد الإيضاح ص310؛ وشرح شواهد المغني 2/ 755؛ وشرح المفصل 2/ 121، 6/ 33؛ والمقاصد النحوية 3/ 321؛ والمقتضب 2/ 176؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص303؛ وأوضح المسالك 3/ 61؛ والدرر 6/ 203؛ ولسان العرب 6/ 76 "خمس" ومغني اللبيب 1/ 336؛ وهمع الهوامع 1/ 216، 2/ 150.
272 | 435(1/271)
المعرف بأداة التعريف
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالأول تقول الأحد عشر درهمًا والاثنتا عشرة جارية ولم تلحقه بالثاني لأنه بمنزلة بعض الاسم، وأجاز ذلك الأخفش والكوفيون فقالوا الأحد العشر درهمًا، والاثنتا العشرة جارية لأنهما في الحقيقة اسمان والعطف مراد فيهما ولذلك بنيا، ويدل عليه إجازتهم ثلاثة عشر وأربعة عشر وتاء التأنيث لا تقع حشوًا، فلولا ملاحظة العطف لما جاز ذلك. ولا يجوز الأحد العشر الدرهم لأن التمييز واجب التنكير، نعم يجوز عند الكوفي، وقد استعمل ذلك بعض الكتاب. وإذا كان معطوفًا عرفت الاسمين معًا تقول: الأحد والعشرون درهمًا لأن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على يزيد في البيت قبله وخبرها يدني في بيت بعده. وقوله: فسما بالفاء العاطفة على عقدت. وأراد بخمسة الأشبار السيف. قوله: "وهل يرجع التسليم" بضم الياء مضارع أرجع أو بفتحها مضارع رجع لمجيئه متعديًا أيضًا والأثافي بالمثلثة ثم الفاء فالتحتية التي تشدد في غير هذا البيت وتخفف أحجار يوضع عليها القدر جمع أثفية بضم الهمزة وكسرها وتشديد التحتية وهي أحد تلك الأحجار كما في القاموس وإن أوهم كلام البعض أن الأثفية هي نفس تلك الأحجار. وقال الاسقاطي بالفوقية ثم النون أصله أتانين حذفت نونه الأخيرة ضرورة وهو جمع أتون كتنور وقد تخفف أخدود الخباز، وأقره البعض كشيخنا، وفيه نظر لأن جمع أتون المخفف أتن كعمود وعمد وجمع المشدد أتاتين بفوقية ثانية بعد الألف اللينة لا نون كما هو قياس جمع تنور ونحوه. وقد ورد الجمعان كما أفاده صاحب القاموس فلعل الفوقية تحرفت على الجماعة بنون والله تعالى أعلم. والبلاقع جمع بلقع وهي الأرض المقفرة. والمعنى وهل يرد التحية أو يزيل تعب المحبة مواضع طبخ الأحباب وديارهم الخالية.
قوله: "تشبيهًا بالحسن الوجه" رد بأن الإضافة في ذلك لفظية لا تفيد تعريفًا بخلاف العدد. قوله: "عند أصحابنا" أي البصريين. قوله: "عن القياس واستعمال الفصحاء" أما الأول فلأن إدخال أل في كل من المتضايفين إنما يكون إذا كان الأول وصفًا نحو الضارب الرجل ولأن فائدة أل التعريف وتعريف المضاف حاصل بتعريف المضاف إليه، فيكون دخول أل على المضاف ضائعًا. وأما الثاني فلأن المسموع والمشهور دخول اللام على المضاف إليه دون المضاف. قوله: "ولذلك بنيا" أي في غير اثنى عشر واثنتي عشرة بقرينة ما مر أن إعراب اثنين واثنتين كإعراب المثنى وإن ركبا مع عشر وعشرة. وظاهر قوله بنيا أن فتحة آخر الجزء الأول بناء والظاهر أن البناء عند البصري على آخر الجزء الأخير فقط لأن محله آخر الكلمة وآخر الجزء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
138- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص1274؛ والأشباه والنظائر 5/ 122، 280؛ وإصلاح المنطق ص303؛ وجواهر الأدب ص317؛ وخزانة الأدب 1/ 213، والدرر 6/ 201؛ وشرح شواهد الإيضاح ص308؛ وشرح المفصل 2/ 122؛ ولسان العرب 6/ 76 "خمس"، ومجالس ثعلب ص275؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 358؛ وتذكرة النحاة ص344؛ والمقتضب 2/ 176، 4/ 144؛ والمنصف 1/ 64؛ وهمع الهوامع 2/ 150.
273 | 435(1/272)
المعرف بأداة التعريف
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حرف العطف فصل بينهما. واعلم أن في تعريف المضاف قد يكون المعرف إلى جانب الأول كما تقدم. وقد يكون بينهما اسم واحد نحو خمسمائة الألف، وقد يكون بينهما اسمان نحو خمسمائة ألف دينار، وقد يكون بينهما ثلاثة أسماء نحو خمسمائة ألف دينار الرجل، وقد يكون بينهما أربعة أسماء نحو خمسمائة ألف دينار غلام الرجل، وعلى هذا.
لو قلت عشرون ألف رجل امتنع تعريف المضاف إليه؛ لأن المضاف منصوب على التمييز، فلو عرف المضاف إليه صار المضاف معرفة بإضافته إليه والتمييز واجب التنكير نعم، يجوز ذلك عند الكوفيين، ولو قلت خمسة آلاف دينار جاز تعريف المضاف إليه نحو خمسة آلاف الدينار، وكذلك حكم المائة لأن مميزتها يجوز تعريفه كما عرفت، ولا تعرف الآلاف لإضافتها والله أعلم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأول صار حشوًا بالتركيب ففتحته ليست بناء بل بنية، ويمكن أن يقال المراد بني مجموعهما. قوله: "وتاء التأنيث إلخ" في معنى التعليل لقوله ويدل، ولو قال لأن تاء التأنيث إلخ لكان أوضح. قوله: "ولا يجوز الأحد العشر الدرهم" أي ولا الأحد عشر الدرهم ولا أحد عشر الدرهم. قوله: "عرفت الاسمين معًا" لم يذكر فيه خلافًا وفي الدماميني أن قومًا أجازوا ترك تعريف المعطوف واختاره الآمدي. قوله: "واعلم أن" اسم أن ضمير الشأن. قوله: "في تعريف المضاف" أي في حالة تعريف العدد المضاف. وقوله قد يكون المعرّف بفتح الراء أي المعرف بأل أو بكسرها أي المعرف للمضاف إليه وهو أل. وقوله إلى جانب الأول أي مضمومًا إلى جانب الأول. وقوله كما تقدم أي في ثلاثة الأثواب ومائة الدرهم وألف الدينار. قوله: "وعلى هذا" أي قس الفصل بينهما بأكثر من أربعة. قوله: "ولو قلت عشرون إلخ" تقييد لإطلاقه في أول الخاتمة تعريف المضاف إليه من العدد الإضافي. قوله: "كما عرفت" أي من التمثيل سابقًا بمائة الدرهم وألف الدينار. قوله: "لإضافتها" أي إلى ما بعدها سواء أضيفت لمعرفة أو نكرة لأن أل لا تدخل على المضاف في مثل ذلك. وأما ما وقع في صحيح البخاري في باب الكفالة في القرض والديون ثم قدم الذي كان أسفله وأتى بالألف دينار فأوله الدماميني بتقدير مضاف مبدل من المعرف أي بالألف ألف دينار قال ولا يقال أن أل زائدة لأن ذلك لا ينقاس.
274 | 435(1/273)
الابتداء
الابتداء:
مبتدأ زيد وعاذر خبر إن قلت زيد عاذر من اعتذر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الابتداء:
المبتدأ هو الاسم العاري عن العوامل اللفظية غير الزائدة مخبرًا عنه أو وصفًا رافعًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الابتداء:
هذا شروع في الأحكام التركيبية. والتركيب المفيد إما جملة أسمية ومنها اسم الفعل مع مرفوعه والوصف مع مرفوعه المغني عن الخبر. أو فعلية ومنها الجملة الندائية، ولم يقل المبتدأ والخبر لأن الابتداء يستدعي مبتدأ وهو يستدعي خبرًا أو ما يسد مسده غالبًا على ما ستعرفه فأطلق الابتداء وأراد ما يلزمه مباشرة أو بواسطة، ففي الترجمة به تأدية للمقصود مع الاختصار والإشارة إلى عدم تلازم المبتدأ والخبر فلا يقال: ترجم لشيء ولم يبينه وبين شيئًا ولم يترجمه. نعم قد يقال: هذه النكتة حاصلة لو قال المبتدأ فلم لم يترجم به ويمكن أن يجاب بأنه آثر التعبير بالابتداء على التعبير بالمتدأ للإشارة في الترجمة إلى أنه العامل فتأمل. وقدم باب المبتدأ على باب الفاعل لما قيل إنه أصل المرفوعات لأنه مبدوء به. وقيل: الفاعل لأن عامله لفظي. وقيل كل أصل. قال الدماميني: تظهر فائدة الخلاف في نحو زيد جوابًا لمن قام فعلى الأول يترجح كونه مبتدأ محذوف الخبر، وعلى الثاني يترجح كونه فاعلًا لفعل محذوف وعلى الثالث يستوي الوجهان، ثم اعترض بأن استحسان مطابقة الجواب للسؤال في الاسمية والفعلية يقتضي ترجح كونه مبتدأ محذوف الخبر مطلقًا. وأجاب بأن جملة من قام اسمية في الصورة فعلية في الحقيقة. وبيان ذلك أن قولك من قام أصله أقام زيد أم عمرو أم خالد إلى غير ذلك لا أزيد قام أم عمرو أم خالد لأن الاستفهام بالفعل أولى لكونه متغيرًا فيقع فيه الإبهام ولما أريد الاختصار وضعت كلمة من دالة إجمالًا على تلك الذوات المفصلة ومتضمنة لمعنى الاستفهام وبهذا التضمن وجب تقديمها على الفعل فصارت الجملة اسمية في الصورة لعروض تقدم ما يدل على الذات فعلية في الحقيقة، فإن أجبت بالفعلية نظرًا إلى جانب الحقيقة فالمطابقة حاصلة معنى وإن أجبت بالاسمية نظرًا إلى الصورة فالمطابقة حاصلة لفظًا فإذن لا ترجيح بمجرد المطابقة لوجودها في الصورتين فبقي الترجيح بأصالة الفاعل أو المبتدأ سالمًا فتدبر. ا. هـ. وفيه نظر لأن مقتضى قولهم همزة الاستفهام يليها المسئول عنه أن أصل من قام أزيد قائم أو عمرو أم خالد إذ المسؤول عنه بمن قام القائم لا القيام فاعرفه.
قوله: "المبتدأ هو الاسم إلخ" لم يعرف الابتداء مع أنه المترجم به لقصد تعريفه عند قوله:
ورفعوا مبتدأ بالابتدا وكأنه لم يعكس لعدم قصد الابتداء بالذات من الترجمة بل المقصود بالذات منها المبتدأ
275 | 435(1/274)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المستغنى به، فالاسم يشمل الصريح والمؤول نحو: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُم} [البقرة: 184]، وتسمع بالمعيدي خير من أن تراه والعاري عن العوامل اللفظية مخرج لنحو الفاعل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومرفوعه. قوله: "العاري إلخ" أورد على التقييد به أنه يخرج اسم إن ولا التبرئة مع أنه يجوز رفع صفته على المحل فهو مبتدأ وليس عاريًا. وأجيب بأنه باعتبار الرفع عار لأن الحرف كالعدم باعتباره وإنما يعتد به إذا اعتبر النصب كذا نقل شيخنا السؤال والجواب وأقرهما وتبعه البعض وفي الجواب تسليم أنه مبتدأ والذي يظهر لي منعه بدليل ما سيأتي في بابي إن ولا من أن رفع الصفة على المحل مبني على القول بأنه لا يشترط في مراعاة المحل بقاء المحرز أي الطالب لذلك المحل لعدم المحرز هنا وهو الابتداء وإذا عدم الابتداء عدم المبتدأ وحينئذٍ لا يرد الاعتراض من أصله فتأمل. قوله: "عن العوامل" أل الجنس، وقوله اللفظية نسبة إلى اللفظ نسبة المفعول إلى المصدر أن أريد باللفظ التلفظ. أو الجزئي إلى الكلي أن أريد الملفوظ. والمراد اللفظية تحقيقًا أو تقديرًا لتدخل العوامل المقدرة. وقوله غير الزائدة أي وشبهها كرب ولعل الجارة والقيدان للإدخال كما هو شأن قيد القيد. قوله: "مخبرًا عنه" أي محدثًا عنه فالإخبار لغوي لا مذكورًا بعده خبره الاصطلاحي للزوم الدور لأخذ الخبر حينئذٍ في تعريف المبتدأ وأخذ المبتدأ في التعريف الآتي للخبر، وجعله حالًا من الضمير في العاري أولى من جعله حالًا من الاسم وإن اقتصر عليه شيخنا والبعض لثبوت الخلاف في مجيء الحال من الخبر كالمبتدأ.
قوله: "أو وصفًا إلخ" عطف على مخبرًا عنه المجعول حالًا من الضمير في العاري، وفي ذلك تصريح باشتراط العرو في الوصف أيضًا فيخرج نحو {لَاهِيَةً قُلُوبُهُم} [الأنبياء: 30]، على أنا لا نسلم أنه رافع لمكتفى به كما قاله الروداني وهو ظاهر. والمراد الوصف ولو تأويلًا ليدخل لا نولك أن تفعل لأن نول وإن كان مصدرًا بمعنى التناول إلا أنه هنا بمعنى المفعول أي ليس متناولك هذا الفعل أي لا ينبغي لك تناوله، فنولك مبتدأ وأن تفعل نائب فاعله. وقول المصرح ومن تبعه كالبعض أن تفعل فاعله غير صحيح كما في الروداني وقال أبو حيان نولك مبتدأ وأن تفعل خبره وأورد على التعريف أنه غير جامع إذ لا يشمل أقل رجل يقول ذلك فإن أقل مبتدأ وليس مخبرًا عنه ولا وصفًا رافعًا، ولا غير قائم الزيدان فإن غير مبتدأ وليس مخبرًا عنه ولا وصفًا رافعًا، وأجيب عن الأول بأن المعرف المبتدأ الاطرادي وهذا سماعي لا يقاس عليه، وإنما لم يخبروا عنه لأنه ليس في المعنى مبتدأ إذ المعنى قلّ رجل يقول ذلك. وقيل لأن صفة النكرة بعده أغنت عن الخبر في الإفادة على أن بعضهم أجاز جعل الجملة خبرًا عن أقل، وعن الثاني بأن المبتدأ مضاف للوصف الرافع والمضاف والمضاف إليه كالشيء الواحد، وبأن الوصف وإن خفض لفظًا في قوّة المرفوع بالابتداء وكأنه قيل ما قائم الزيدان. قوله: "والمؤول" قد يدعي أنه اسم حقيقة فلا اعتراض على إرادته في التعريف بلزوم الجمع بين الحقيقة والمجاز فيه، أو يقال: النحاة لا يبالون بمثل ذلك أفاده سم. قوله: "وتسمع إلخ" أي لأنه على تقدير أن وقيل الفعل إذا أريد به مجردًا لحدث صح أن يسند إليه ويضاف إليه ويكون اسمًا حكمًا كما في: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُم}
276 | 435(1/275)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واسم كان، وغير الزائدة لإدخال بحسبك درهم وهل من خالق غير الله، ومخبرًا عنه أو وصفًا إلى آخره مخرج لأسماء الأفعال والأسماء قبل التركيب، ورافعًا لمستغني به يشمل الفاعل نحو أقائم الزيدان ونائبه نحو أمضروب العبدان، وخرج به نحو أقائم من قولك أقائم أبوه زيد فإن مرفوعه مستغنى به. وأو في التعريف للتنويع لا للترديد أي المبتدأ نوعان: مبتدأ له خبر ومبتدأ له مرفوع أغنى عن الخبر، وقد أشار إلى الأول بقوله: "مبتدأ زيد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[البقرة: 6]، {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُم} [المائدة: 119]، فيكون المراد بالاسم ما يعم الحقيقي والحكمي أفاده سم. قوله: "نحو بحسبك درهم" أي مما يلي حسبك فيه نكرة فإن وليها معرفة نحو بحسبك زيد فالمعرفة هي المبتدأ وحسبك الخبر لأنه نكرة لا يتعرف بالإضافة. وإن تخصص بها. قال الناظم: ولا يخبر بمعرفة عن نكرة وإن تخصصت إلا في نحو كم مالك وخير منك زيد عند سيبويه، وفي النسخ نحو: {فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّه} [الأنفال: 62]، وأيده سم وغيره واكتفى ابن هشام في الإخبار بمعرفة عن المبتدأ النكرة بتخصيصه وجعل حسب مبتدأ سواء وقع بعده نكرة أو معرفة لأن الباء لا تزاد في الخبر في الإيجاب. والذي عليه الجمهور كما في المغني أنه لا يخبر عن النكرة بالمعرفة وإن تخصصت مطلقًا، وهل المجرور بحرف الجر الزائد أو شبهه مرفوع تقديرًا ولا محذور في اجتماع إعرابين لفظي وتقديري من جهتين مختلفتين، أو محلًّا ولا يختص المحلى بالمبنيات قولان. واعلم أن زيادة الباء في نحو بحسبك سماعية بخلاف زيادة من في نحو الآية الآتية فقياسية. قوله: "غير الله" إما نعت لخالق لرفعه تقديرًا أو محلًّا على الخلاف والخبر محذوف أي لكم، أو هو الخبر ولا يصح أن يكون غير الله فاعلًا لخالق أغنى عن الخبر لأن الوصف الذي له فاعل أغنى عن الخبر بمنزلة الفعل والفعل لا تدخل عليه من الزائدة فكذا ما هو بمنزلته كذا في يس والروداني، ولا كون يرزقكم هو الخبر لأن هل تدخل على مبتدأ خبره فعل إلا شذوذًا عند سيبويه.
قوله: "مخرج لأسماء الأفعال" أي بعد التركيب. قوله: "ورافعًا لمستغنى به يشمل إلخ" الأولى ومستغنى به يشمل إلخ لأن الفاعل ونائبه من أفراد المستغنى به لا الرافع. قوله: "غير مستغنى به" لاحتياج الضمير إلى مفسر يسبقه فيكون زيد مبتدأ وقائم خبرًا مقدمًا وأبوه فاعلًا، أو أبوه مبتدأ ثانيًا وقائم خيرًا عنه مقدمًا والجملة خبر زيد. وجوّز بعضهم كون قائم مبتدأ ثانيًا وأبوه فاعلًا أغنى عن الخبر والجملة خبر زيد بناء على أن المراد باستغناء الوصف بمرفوعه استغناؤه عن الخبر لا مطلقًا. وبحث فيه بعدم اعتماد الوصف لأن الاستفهام في المثال داخل في الحقيقة على زيد لا عليه وقد يمنع فتأمل. نعم يظهر لي أن محل المنع إذا لم يعلم المرجع أما إذا علم كأن جرى ذكر زيد فقيل أقائم أبوه فلا منع لأن التركيب حينئذٍ بمنزلة أقائم أبو زيد ويشعر بهذا تعليلهم. واعلم أن قولهم الوصف مع مرفوعه ولو اسمًا ظاهرًا من قبيل المفرد يستثنى منه الوصف مبتدأ استغنى بمرفوعه عن الخبر، وكذا الوصف الواقع صلة لأل الموصولة على قول كما مر لأنه في قوّة الفعل في الصورتين.
277 | 435(1/276)
الابتداء
وأول مبتدأ والثاني فاعل اغنى في أسار ذان
وقس وكاستفهام النفي وقد يجوز نحو فائز أولو الرشد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعاذر خبر" أي له "إن قلت زيد عاذر من اعتذر" وإلى الثاني بقوله: "وأول" أي من الجزأين "مبتدأ والثاني" منهما "فاعل اعنى" عن الخبر "في" نحو "أسار ذان" الرجلان.
ومنه قوله:
139-
أقاطن قوم سلمى أم نووا ظعنا وقوله:
140-
أمنجز أنتمو وعدا وثقت به أم اقتفيتم جميعًا نهج عرقوب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وأول" سوّغ الابتداء به قصد التقسيم أو كونه قريبًا للثاني المعرف. قوله: "والثاني فاعل أغنى عن الخبر" قال في التسهيل: لشدة شبهه بالفعل ولذا لا يصغر ولا يوصف ولا يعرف ولا يثنى ولا يجمع إلا على لغة يتعاقبون فيكم ملائكة. ا. هـ. قوله: "أغنى عن الخبر" أي عن أن يكون له خبر فلا اعتراض باقتضاء كلامه أن له خبرًا أغنى عنه المرفوع مع أنه لا خبر له أصلًا لأنه بمعنى الفعل والفعل لا خبر له. قوله: "أقاطن" أي مقيم، والظعن الرحيل، والعيش المعيشة والحياة. قوله: "نهج عرقوب" أي طريقته وهو رجل يضرب به المثل في إخلاف الوعد. قوله: "وقس على هذا" أي الوصف المذكور في المثال ولو قال على هذين المبتدأين كما فعل المكودي والمرادي لكان أكثر فائدة. قوله: "من كل وصف" لا فرق بين أن يكون بمعنى الحال أو الاستقبال أولًا بخلاف عمله النصب كما يأتي، ولا بين أن يكون ملفوظًا أو مقدرًا نحو أفي الدار زيد وأعندك عمرو على أحد احتمالات، إذ يحتمل كون المرفوع مبتدأ مؤخرًا أو فاعلًا لمبتدأ محذوف تقديره كائن مثلًا أغنى هذا الفاعل عن الخبر فالجملة اسمية أو فاعلًا لاستقر مثلًا محذوف فهي فعلية أو فاعلًا للظرف فهي ظرفية كذا في المغني. قوله: "أو صفة مشبهة" أو اسم تفضيل أو منسوبًا نحو هل أحسن في عين زيد الكحل منه في عين غيره وما قرشي الزيدان والظاهر عندي أن مثل ذلك نحو أذو مال العمران لأنه في معنى المشتق، ثم رأيت في كلام الشارح عند قول المصنف:
.................................. وإن يشتق فهو ذو ضمير مستكن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
139- تمام البيت:
إن يظعنوا فعجيب عيش من قطنا وهو من البيسط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 190 ؛ وتخليص الشواهد ص181؛ وجواهر الأدب ص295؛ وشرح التصريح 1/ 157؛ وشرح شذور الذهب ص223؛ وشرح قطر الندى ص122؛ والمقاصد النحوية 1/ 512.
140- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في شرح الأشموني.
278 | 435(1/277)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"وقس" على هذا ما أشبهه من كل وصف اعتمد على استفهام ورفع مستغنى به، ثم لا فرق في الوصف بين أن يكون اسم فاعل أو اسم مفعول أو صفة مشبهة، ولا في الاستفهام بين أن يكون بالهمزة أو بهل أو كيف أو من أو ما. ولا في المرفوع بين أن يكون ظاهرًا أو ضميرًا منفصلًا "وكاستفهام" في ذلك "النفي" الصالح لمباشرة الاسم حرفًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما يؤيده. قوله: "أو كيف أو من أو ما" نحو كيف جالس العمران، وما راكب البكران، ومن ضارب الزيدان وكيف في الأول في محل نصب على الحال، وما ومن في الأخيرين في محل نصب على المفعولية. وكالأدوات المذكورة بقية أدوات الاستفهام كأين ومتى. قوله: "أو ضميرًا منفصلًا" فلا يسد المستتر مسد الخبر، فإذا قلت: أقائم زيد أم قاعد فليس قاعد مبتدأ والضمير المستتر فيه فاعلًا سد مسد الخبر، بل قاعد خبر مبتدأ محذوف أي هو قاعد. وإذا قلت: أقائم الزيدان وأردت العطف وجب إفراد الوصف المعطوف وإبراز الضمير منفصلًا فتقول: أم قاعد هما، وحكي أم قاعدان على المطابقة واتصال الضمير، وعليه فقال ابن هشام قاعدان مبتدأ لأنه عطف بأم المتصلة على المبتدأ وليس له خبر ولا فاعل منفصل. وإنما جاز ذلك لأنهم يتوسعون في الثواني. ا. هـ. فأشار إلى فاعلية الضمير المستتر وإغنائه عن الخبر لأنه يغتفر في الثواني ما لا يغتفر في الأوائل ومثله يجري في المثال الأول وجوّز غيره كون قاعدان خبر مبتدأ محذوف أي أم هما قاعدان، فتكون أم منقطعة والعطف من عطف الجمل وهذا قياس ما سبق في أقائم زيد أم قاعد فتأمل.
قوله: "وكاستفهام النفي" أي ولو معنى نحو إنما قائم الزيدان لأنه في قوّة قولك: ما قائم إلا الزيدان كذا في التصريح ومنه يعلم أن النفي المنقوض يكفي في الاعتماد وأفهم تقييدهم الاعتماد بالنفي والاستفهام أن مطلق الاعتماد غير كاف هنا فلا يجوز في زيد قائم أبواه كون قائم مبتدأ وإن اعتمد على المخبر عنه كما في المغني. قال في التصريح: وهل تقدم النفي أو الاستفهام شرط في العمل أو في الاكتفاء بالمرفوع من الخبر قولان أرجحهما الثاني كما في المغني. قوله: "الصالح إلخ" حمل الشارح الاستفهام والنفي في عبارة المصنف على اللفظ المستفهم به واللفظ المنفي به فوصف النفي بالصالح إلخ وقسمه إلى حرف وغيره لأن هذا شأن اللفظ لا المعنى المصدري ولا عيب فيما صنع وإن عابه البعض تبعًا لشيخنا، ولو أبقى الشارح المصدر على ظاهره وقال: النفي بلفظ صالح إلخ لصح أيضًا واحترز بالصالح عما لا يصلح مما يختص بالفعل كان ولم ولما. قوله: "على أنه اسمها" وإدخاله فيما نحن فيه باعتبار كونه مبتدأ في الأصل وكذا يقال في اسم ما الحجازية. وقوله يغني عن خبرها وإدخال الفاعل فيما نحن فيه باعتبار كونه مغنيًا عن خبر مبتدأ في الأصل وكذا يقال في خبر ما الحجازية ثم في إغناء الفاعل عن خبر ليس أو ما إغناء مرفوع عن منصوب ولا ضرر في ذلك. ويظهر أنه لا يقال هذا الفاعل في محل نصب باعتبار إغنائه عن خبر ليس أو ما، لأنه ليس لليس أو ما في هذه الحالة خبر محل الفاعل بل الذي تستحقه بعد اسمها فاعل اسمها فتدبر. قوله: "وبعد غير يجر بالإضافة" وإدخاله فيما نحن فيه باعتبار أن ما أضيف إليه أي إلى هذا الوصف مبتدأ والمضاف والمضاف
279 | 435(1/278)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان وهو ما ولا وإن، أو اسمًا وهو غير، أو فعلًا وهو ليس إلا أن الوصف بعد ليس يرتفع على أنه اسمها، أو الفاعل يغني عن خبرها: وكذا ما الحجازية، وبعد غير يجر بالإضافة وغير هي المبتدأ وفاعل الوصف أغنى عن الخبر، ومن النفي بما قوله:
141-
خليلي ما واف بعهدي أنتما إذا لم تكونا لي على من أقاطع ومن النفي بغير قوله:
142-
عير لاه عداك فاطرح اللهـ ـو ولا تغترر بعارض سلم وقوله:
143-
غير مأسوف على زمن ينقضي بالهم والحزن "وقد يجوز" الابتداء بالوصف المذكور من غير اعتماد على نفي أو استفهام "نحو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إليه كالشيء الواحد أو باعتبار أنه في قوة المرفوع بالابتداء كما مر. قوله: "فاطرح اللهو" بتشديد الطاء وكسر الراء، والسلم بالكسر والفتح الصلح أي بسلم عارض. قوله: "على زمن" نائب فاعل الوصف أغنى عن خبر غير.
قوله: "وقد يجوز إلخ" اعلم أن المذاهب ثلاثة كما في الهمع: مذهب البصريين وهو منع الابتداء بالوصف المذكور من غير اعتماد، ومذهب المصنف وهو الجواز بقبح كما صرح به في التسهيل وأشار إليه هنا بقد لأن تقليل الجواز كناية عن قبحه، وأشار إليه الشارح أيضًا بقوله وهو قليل جدًّا، ومذهب الكوفيين والأخفش وهو الجواز بلا قبح، فقول الشارح خلافًا للأخفش والكوفيين أي في قولهم بالجواز بلا قبح، وفي كلامه حذف أي وللبصريين في قولهم بالمنع بالكلية. وقوله: ولا حجة أي للمصنف والأخفش والكوفيين على أصل الجواز في قوله إلخ فهو تورك من الشارح على بعض أدلتهم على أصل الجواز بعد موافقته إياهم في المستدل عليه فاندفع بتقريرنا عبارة الشارح على هذا الوجه ما ادعاه البعض من منافاتها لعبارة المتن فافهم. قوله: "من غير اعتماد إلخ" ويكون المسوّغ للابتداء به مع أنه نكرة عمله في المرفوع بعده لاعتماده على المسند إليه وهو المرفوع وأما تعليل المصرح وتبعه شيخنا والبعض بأن الأخفش أي والكوفيين لا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
141- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 189؛ وتخليص الشواهد ص181، والدرر 2/ 5؛ وشرح التصريح 1/ 157؛ وشرح شذور الذهب ص232؛ وشرح شواهد المغني 2/ 898 ؛ وشرح قطر الندى ص121؛ ومغني اللبيب 2/ 556؛ والمقاصد النحوية 1/ 516؛ وهمع الهوامع 1/ 94.
142- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في تذكرة النحاة ص366؛ وشرح ابن عقيل ص101؛ ومغني اللبيب 2/ 676.
143- البيت من المديد، وهو لأبي النواس في الدرر 2/ 6، وأمالي ابن الحاجب ص637؛ وخزانة الأدب 1/ 345، ومغني اللبيب 1/ 15، 2/ 676؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 94، 5/ 289، 6/ 133، 7/ 25، وتذكر النحاة 171 ، 366، 405؛ وخزانة الأدب 9/ 547؛ وشرح ابن عقيل ص101؛ والمقاصد النحوية 1/ 513؛ وهمع الهوامع 1/ 94.
280 | 435(1/279)
الابتداء
والثان مبتدا وذا الوصف خبر إن في سوى الإفراد طبقا استقر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فائز أولو الرشد" وهو قليل جدًّا خلافًا للأخفش والكوفيين، ولا حجة في قوله:
144-
خبير بنو لهب فلا تك ملغيا مقالة لهبي إذا الطير مرت لجواز كون الوصف خبرًا مقدمًا على حد: {وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4]، قوله:
145-
هن صديق للذي لم يشب "والثاني مبتدا" مؤخر "وذا الوصف" المذكور "خبر" عنه مقدم "إن في سوى الإفراد" وهو التثنية والجمع "طبقا استقر" أي استقر الوصف مطابقًا للمرفوع بعده، نحو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يشترطون في عمله الاعتماد فمقتضاه عدم الاعتماد هنا وليس كذلك كما عرفت ولئن سلم فالتعليل بعدم اشتراط الاعتماد لا يأتي على مذهب المصنف لأنه مع كونه يجوز ابتدائية الوصف من غير اعتماد على نفي أو استفهام يشترط في علمه الاعتماد الأعم كما سيأتي في باب إعمال اسم الفاعل فتأمل. قوله: "خبير بنو لهب إلخ" المعنى أن بني لهب عالمون بالرجز والعيافة فلا تلغ مقالة رجل لهي إذا زجر وعاف حين يمر عليه الطير وزجر الطير بالزاي فالجيم فالراء عيافته، وهي كما في القاموس أن تعتبر بأسمائها ومساقطها وأنوائها فتسعد أو تتشاءم. قوله: "على حد إلخ" جواب عما يقال كيف أخبر عن الجمع بالمفرد. وحاصله أنه على طريقه الآية وتوجيهها أن ظهير على وزن المصدر كصهيل ونهيق والمصدر يخبر به عن المفرد والمثنى والجمع فكذا ما يوازنه كذا قالوا. وفيه أنه يقتضي استواء المذكر والمؤنث في فعيل سواء كان بمعنى فاعل أو بمعنى مفعول فينافي ما قالوه من أن محل استوائهما فيه إذا كان بمعنى مفعول. ويمكن التوفيق بأن هذا شرط لقياسية الاستواء فلا ينافي سماعه في فعيل بمعنى فاعل لكونه على وزن المصدر فتكون موازنة نكتة السماع لا علامة الجواز باطراد، فاحفظه فإنه نفيس. قوله: "والثاني مبتدأ" بإبدال الهمزة ألفًا ثم حذفها لالتقاء الساكنين. قوله: "وهو التثنية والجمع" أي سواء كان جمع تصحيح أو جمع تكسير وقيل: جمع التكسير كالمفرد. قوله: "مطابقًا" أشار به إلى أن الطبق بمعنى المطابق كالمثل والشبه بمعنى المماثل والمشابه، وأنه حال من فاعل استقر وليس الطبق مصدرًا بمعنى المطابقة حتى يرد أن حالية المصدر سماعية وحتى يقال الأولى جعله تمييزًا محولًا عن فاعل استقر أي استقر طبقه أي مطابقته، فما ذكره البعض تبعًا للمعرب غير صحيح فلا تغفل. قوله: "فإن تطابقا في الإفراد" مثل ذلك ما إذا كان الوصف يستوي فيه المفرد وغيره نحو أجنب زيد أو الزيدان أو الزيدون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
144- البيت من الطويل، وهو لرجل من الطائيين في تخليص الشواهد ص182؛ وشرح التصريح 1/ 157؛ والمقاصد النحوية 1/ 518 ؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 191؛ والدرر 2/ 7؛ وشرح ابن عقيل ص103 ؛ وشرح عمدة الحافظ ص157؛ وشرح قطر الندى ص272؛ وهمع الهوامع 1/ 94.
281 | 435(1/280)
الابتداء
ورفعوا مبتدأ بالابتدا كذاك رفع خبر بالمبتدأ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أقائمان الزيدان، وأقائمون الزيدون، ولا يجوز أن يكون الوصف في هذه الحالة مبتدأ وما بعده فاعلًا أغيى عن الخبر إلا على لغة أكلوني البراغيث، فإن تطابقا في الإفراد جاز الأمران نحو أقائم زيد وما ذاهبة هند "ورفعوا" أي العرب "مبتدأ بالابتدا" وهو الاهتمام بالاسم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "جاز الأمران" لكن الأرجح الأول وهو كون الوصف مبتدأ وما بعده فاعلًا، لأن الوصف عدم التقديم والتأخير بل يتعين في صورتين لمانع فيهما من الثاني وهما: أحاضر القاضي امرأة ونحو: {أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيم} [مريم: 46]، بناء على الظاهر من عدم تقدير متعلق للجار والمجرور، والمانع من الثاني في الصورة الأولى لزوم عدم تطابق المبتدأ والخبر، وفي الثانية لزوم الفصل بين العامل والمعمول بأجنبي وهو أنت، وقد يتعين الابتداء لمانع من الفاعلية نحو أفي داره زيد إذ يلزم على الفاعلية عود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة. وأما أفي داره قيام زيد فمنعه الكوفيون مطلقًا: أما على الفاعلية فلما مر، وأما على الابتداء فلأن الضمير لم يعد على المبتدأ بل على ما أضيف إليه المبتدأ والمستحق للتقديم هو المبتدأ. وأجازه البصريون على الابتداء للسماع، ولأن ما هو من تمام مستحق التقديم مستحق للتقديم، ثم جواز الوجهين في نحو أقائم أنت مذهب البصريين. وأوجب الكوفيون ابتدائية الضمير ووافقهم ابن الحاجب، واحتجوا بأن الضمير المرتفع بالفعل لا ينفصل عنه لا يقال قام أنا، ويجاب بأنه إنما انفصل مع الوصف لئلا يجهل معناه لأنه يكون معه مستترًا بخلافه مع الفعل فإنه يكون بارزًا كقمت وقمت ولأن طلب الوصف لمعموله دون طلب الفعل فاحتمل معه الفصل، ولأن مرفوع الوصف سد في اللفظ مسد واجب الفصل وهو الخبر بخلاف فاعل الفعل كذا في المغني. واعلم أن صور المطابقة وعدمها تسع بالفوقية: ثلاثة في المطابقة وهي أقائم زيد، أقائمان الزيدان، أقائمون الزيدون، وحكم الأولى جواز الأمرين وحكم الأخيرتين تعين كون الوصف خبرًا مقدمًا: وست في عدمها، أقائم الزيدان، أقائم الزيدون، أقائمان زيد، أقائمون زيد أقائمان الزيدون أقائمون الزيدان. وحكم الأوليين من الست تعين كون الوصف مبتدأ وما بعده فاعلًا. وحكم الأربع الأخيرة الفساد. وإذا فصلت الجمع إلى صحيح ومكسر كانت الصور اثنتي عشرة صورة إذا علمت ما تلوناه عليك ظهر لك أن قول شيخنا والبعض حاصل الصور سبعة بالموحدة قصور. بقي شيء آخر وهو أنه أورد على تجويز كون الثاني مبتدأ مؤخرًا أن تأخيره يلبس بالفاعل وقد منعوا تأخيره في زيد قام لذلك. وأجيب بأن اللازم على تأخير المبتدأ في أقائم زيد إجمال لا إلباس بخلاف اللازم على التأخير في زيد قام، ولئن سلم أنه إلباس فليس فيه كبير ضرر لأن الجملة اسمية على كل حال بخلافه في زيد قام فافهم.
قوله: "أي العرب" لو قال أي سيبويه وموافقوه لكان أحسن لعدم حكم العرب بأن رفع المبتدأ بالابتداء ذكره البعض. ولك أن تقول ليس في عبارته ما يقتضي أنهم حكموا بأن رفع المبتدأ بالابتداء إذ غاية مفادها أن العرب رفعوا المبتدأ وأن رفعهم إياه حاصل بالابتداء أي بحسب ما فهم سيبويه وموافقوه ونظير عبارته قولك رفع العرب الفاعل بالفعل فافهم. قوله: "وهو الاهتمام
282 | 435(1/281)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وجعله مقدمًا ليسند إليه فهو أمر معنوي "كذاك رفع خبر بالمبتدا" وحده. قال سيبويه: فأما الذي بنى عليه شيء هو هو فإن المبني عليه يرتفع به كما ارتفع هو بالابتداء. وقيل: رافع الجزأين هو الابتدا لأنه اقتضاهما ونظير ذلك أن معنى التشبيه في كأن لما اقتضى مشبهًا ومشبهًا به كانت عاملة فيهما. وضعف بأن أقوى العوامل لا يعمل رفعين بدون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالاسم" اعلم أن الابتداء في اللغة الافتتاح، وفي الاصطلاح قيل: كون الاسم معرى عن العوامل اللفظية، وقيل: جعل الاسم أولًا ليخبر عنه، فقول الشارح الاهتمام بالاسم من باب ذكر لازم المعنى معه إذ يلزم معنى الابتداء بالاسم في اللغة وفي الاصطلاح الاهتمام به فعلم أن جعل البعض الاهتمام معنى لغويًا للابتداء تخليط. ثم قيل: إن الاهتمام والجعل من أوصاف الشخص المهتم والجاعل لا الكلمة والابتداء وصف لها لأن معناه كونها مبتدأ بها ويمكن أن يجاب بأن الاهتمام والجعل في كلامه مصدران للمبني للمجهول. قوله: "ليسند إليه" لا يشمل ابتداء الوصف المستغنى بمرفوعه عن الخبر لعدم إسناد شيء إليه لأنه مسند فلو قال للإسناد لكان أولى. قوله: "كذاك" أي كرفع المبتدأ بالابتداء رفع الخبر بالمبتدأ في الانتساب إليهم، فكذلك خبر مقدم ورفع مبتدأ مؤخر بالمبتدأ ظرف لغو متعلق برفع، ويحتمل أن كذاك حال وما بعده مبتدأ وخبر والأول أقرب.
قوله: "فأما الذي إلخ" أي المبتدأ الذي والضمير المنفصل الأول للشيء والثاني للذي وأشار به إلى أن الخبر عين المبتدأ في المعنى أي بحسب الماصدق لا المفهوم على ما سيأتي تفصيله. وقوله فإن المبني عليه أي فإن الشيء المبني عليه أي على ذلك الذي بني عليه شيء، وقوله كما ارتفع هو أي ذلك الذي بني عليه شيء. واعترض القول برفع المبتدأ للخبر بأن المبتدأ عين الخبر في المعنى فيلزم رفع الشيء نفسه وبأن المبتدأ قد يرفع الفاعل نحو القائم أبوه ضاحك فيلزم رفع العامل الواحد معمولين بغير اتباع ولا نظير له وبأنه قد يكون جامدًا كزيد، والعامل إذا كان غير متصرف لا يجوز تقديم معموله عليه، والمبتدأ ولو جامدًا يجوز تقديم خبره عليه. وأجيب عن الأول بأن الخبر عين المبتدأ في الماصدق فقط أما في المفهوم فمختلفان على أن اختلاف اللفظ يكفي. وعن الثاني بأن جهة طلبه للفاعل مخالفة لجهة طلبه للخبر. وعن الثالث. بأن ما ذكر فيه إنما في العامل المحمول على الفعل والمبتدأ ليس عمله في الخبر بالحمل على الفعل بل بالأصالة.
قوله: "لأنه اقتضاهما" أي استلزمهما لأن الابتداء يستلزم مبتدأ والمبتدأ يستلزم خبرًا أو ما يسد مسده. قوله: "ونظير ذلك إلخ" في التنظير نظر إذ العامل في النظير لفظ كأن لا التشبيه المقتضى لما ذكر بخلاف ما نحن فيه، وأيضًا العملان في النظير مختلفان وفيما نحن فيه متحدان. قوله: "وضعف إلخ" اعترض بأن من العوامل اللفظية ما يعمل رفعين بدون اتباع وهو المبتدأ المتعدد الخبر. وأجيب بأن الخبر المتعدد في المعنى متحد وهو لا يظهر في نحو زيد عالم شجاع، إلا أن يقال: هو في تأويل زيد متصف بالعلم والشجاعة. قوله: "بأن أقوى العوامل"
283 | 435(1/282)
الابتداء
والخبر الجزء المتم الفائدة كالله بر والأيادي شاهده
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اتباع، فما ليس أقوى أولى أن لا يعمل ذلك. وذهب المبرد إلى أن الابتداء رافع للمبتدأ وهما رافعان للخبر وهو قول بما لا نظير له. وذهب الكوفيون إلى أنهما مترافعان وهذا الخلاف لفظي "والخبر الجزء المتم الفائدة" مع مبتدأ غير الوصف المذكور بدلالة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هو الفعل. قوله: "وهو قول بما لا نظير له" أي من اجتماع عاملين على معمول واحد. وأجيب بأن العامل عنده مجموع الأمرين لا كل منهما فالعامل واحد قاله الدماميني. قوله: "مترافعان" أي رفع كل منهما الآخر. لطلب كل منهما صاحبه قياسًا على عمل كل من اسم الشرط والفعل المجزوم به في صاحبه نحو: {أَيًّا مَا تَدْعُو} [الإسراء: 110]، وقد يفرق باتحاد العمل في المقيس واختلافه في المقيس عليه. قوله: "لفظي" أي لا يترتب عليه فائدة ومنعه بعضهم بأنك إذا قلت زيد قائم وعمرو جالس وأردت جعله من عطف المفردات يكون صحيحًا عن القول بأن العامل في الجزأين الابتداء بخلافه على بقية الأقوال للزوم العطف على معمولي عاملين مختلفين. قوله: "والخبر إلخ" لم يكتف بالإشارة بقوله وعاذر خبر إلى تعريفه كما اكتفى بالإشارة في المبتدأ اهتمامًا بمحط الفائدة وتوطئة إلى تقسيمه إلى مفرد وجملة سم.
قوله: "المتم الفائدة" أي المحصل لها فلا اعتراض باقتضاء كلامه حصولها قبله بالمسند والمسند إليه وإنما هو متم لها أي زيادة فيها فلا يصدق الحد إلا بالفضلة والمراد المتم الفائدة ولو بواسطة شيء يتعلق به فدخل نحو: {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُون} [النمل: 55]، وأورد أن التعريف غير جامع لخروج خبر المبتدأ الثاني في نحو قولك: زيد أبوه قائم إذ لا يحصل به مع مبتدئه فائدة إذ الجملة الواقعة خبرًا غير مقصود إسنادها بالذات، ولذلك قالوا: إن النسبة فيها من قبيل النسبة التقييدية لا التامة، فمعنى زيد أبوه قائم زيد قائم الأب، وأيضًا لا بد في إفادة هذه الجملة من تقدم المرجع وغير مانع لشموله نحو يضرب في قولك زيد يضرب أبوه لحصول الفائدة به مع مبتدئه مع كونه ليس خبرًا بل جزء خبر. وأجيب عن الأول بأن المراد المتم الفائدة ولو بحسب الأصل. والجملة الواقعة خبرًا خبرها قبل جعلها خبرًا كذلك، ومن حيث نفس الإسناد وتوقف الإفادة على المرجع من حيث الضمير. وعن الثاني بأن المراد الفائدة المطلوبة والفائدة التي أفادها يضرب وحده غير الفائدة المطلوبة التي يفيدها جملة يضرب أبوه. واعلم أنه استشكل وقوع الاستدراك خبرًا في نحو زيد وإن كثر ماله لكنه بخيل مع وقوعه في كلامهم، وخرجه بعضهم على أن الاستدراك خبر عن المبتدأ مقيدًا بالغاية، وبعضهم جعل الخبر محذوفًا والاستدراك منه كذا في الشهاب على البيضاوي. قوله: "مع مبتدأ" خرج به فاعل الفعل ونائبه وقوله: "غير الوصف المذكور" خرج به فاعل الوصف المذكور ونائبه، فقول الشارح بعد: فلا يرد الفاعل أي فاعل الفعل وفاعل الوصف على التوزيع وما قاله البعض من أنه لو قيل بدل قولهم خرج الفاعل نائبه وخرج الفعل لكان حسنًا لأنه الذي يلتبس بالخبر من جهة كون كل حديثًا عن غيره مدفوع بأن الفاعل يلتبس أيضًا بالخبر من جهة كون كل اسمًا ملازم الرفع متأخرًا عن صاحبه من مبتدأ أو فعل.
قوله: "بدلالة المقام" راجع لكل من قوله مع مبتدأ وقوله غير الوصف المذكور أما في
284 | 435(1/283)
الابتداء
ومفردًا يأتي ويأتي جمله حاوية معنى الذي سيقت له
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقام والتمثيل بقوله: "كالله بر والأيادي شاهده" فلا يرد الفاعل ونحوه "ومفردًا يأتي" الخبر وهو الأصل. والمراد بالمفرد هنا ما ليس بجملة كبر وشاهدة "ويأتي جمله" وهي فعل مع فاعله، نحو زيد قام وزيد قام أبوه، أو مبتدأ مع خبره نحو زيد أبوه قائم. ويشترط في الجملة أن تكون "حاوية معنى" المبتدأ "الذي سيقت" خبرًا "له" ليحصل الربط، وذلك بأن يكون فيها ضميره لفظًا كما مثل، أو نية السمن منوان بدرهم أي منوان منه، أو خلف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأول فلدلالة قوله: مبتدأ زيد إلخ على أن الخبر لا يصاحب إلا المبتدأ وأما في الثاني فدلالة قوله أغنى على أن الوصف لا خبر له. قوله: "كالله بر" أي محسن والأيادي جمع أيد جمع يد بمعنى النعمة مجازًا. قوله: "فلا يرد الفاعل ونحوه" يعني نائب الفاعل. قوله: "ومفردًا" حال من فاعل يأتي. قوله: "وهو الأصل" أي الغالب أو السابق لأنه جزء الجملة والجزء سابق على الكل. قوله: "ويأتي جملة" لم يقل وظرفًا وجارًا ومجرورًا لما سيفيده كلامه من أنهما لا يخرجان عن المفرد والجملة. واعلم أن الجملة أعم من الكلام لأنه لا يشترط أن يكون إسنادها مقصودًا لذاته بخلاف الكلام وقيل: ترادفه. قوله: "وهي فعل مع فاعله" لو قال كالفعل مع فاعله إلخ لكان أحسن ليدخل اسم الفعل مع فاعله نحو العقيق هيهات، والفعل مع نائب الفاعل نحو زيد ضرب، وكان مع اسمها وخبرها وإن كذلك، ولا فرق في الجملة بين أن تكون خبرية أو إنشائية على الصحيح بخلاف النعت فلا يصح بالانشائية. والفرق أن الغرض من النعت تمييز المنعوت للمخاطب ولا يميز له إلا بما هو معلوم عنده قبل الخطاب والانشائية ليست كذلك لأن مدلولها لا يحصل إلا بها لكن إذا وقعت الجملة الانشائية خبرًا طلبًا كانت أو غيره لم تكن خبريتها عن المبتدأ باعتبار نفس معناها القيامة بالطالب والمنشئ لا بالمبتدأ بل باعتبار تعلق معناها بالمبتدأ فإذا قلت: زيد اضربه فطلب الضرب صفة قائمة بالمتكلم وليس حالًا من أحوال زيد إلا باعتبار تعلقه به، وبهذا الاعتبار كانت الجملة خبرًا عنه فكأنه قيل زيد مطلوب ضربه أو مستحق لأن يطلب ضربه، وبه أيضًا صح احتمال الكلام للصدق والكذب. هذا خلاصة ما نقله الدماميني عن بعض المتأخرين وقال: هو في غاية الحسن.
قوله: "وزيد قام أبوه" قال الدماميني بعض المحققين على أنه لا إسناد للجملة من حيث هي جملة إلى زيد بل القيام في نفسه مسند إلى الأب ومع تقييده مسند إلى زيد وأما المجموع المركب من الأب والقيام والنسبة الحكمية بينهما فلم يسند إلى زيد ولذلك يؤوّلون زيد قام أبوه بأنه قائم الأب، وقولهم الخبر الجملة بأسرها توسع. ا. هـ. قوله: "حاوية معنى الذي إلخ" أي مشتملة على ما يدل على معنى المبتدأ. قوله: "وذلك" أي احتواؤها على معنى المبتدأ. قوله: "بأن يكون فيها ضميره" يشمل ضميره الذي عطف هو أو ملابسه على شيء في الجملة بالواو خاصة لأنها لمطلق الجمع، فالاسمان معها أو الأسماء كمثنى أو جمع فيه ضمير نحو زيد قام عمرو وهو أو وأبوه والذي في نعت أو بيان شيء فيها نحو زيد ضربت رجلًا يحبه أو ضربت عمرًا أخاه فإن قدرت أخاه بدلًا امتنعت المسألة بناء على المشهور أن عامل البدل ليس عامل
285 | 435(1/284)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن ضميره كقوله: زوجي المس مس أرنب، والريح ريح زرنب، قيل: أل عوض عن الضمير، والأصل مسه مس أرنب وريحه ريح زرنب، كذا قوله الكوفيون وجماعة من البصريين وجعلوا منه: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 40]، أي مأواه والصحيح أن الضمير محذوف أي المس له أو منه، وهي المأوى له، وإلا لزم جواز نحو زيد الأب قائم وهو فاسد، أو كان فيها إشارة إليه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المبدل منه بل مقدر فكان الضمير من جملة أخرى، ومن ثم امتنع حسن الجارية الجارية أعجبتني هو لأن هو بدل اشتمال.
فائدة: قد يكون الضمير الذي في الجملة لغير المبتدأ ويحصل به الربط لقيامه قيام ظاهر مضاف لضمير المبتدأ كما في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْن} [البقرة: 234] بناء على قول الناظم كالكسائي الأصل يتربص أزواجهم فجيء بالنون مكان الأزواج لتقدم ذكرهن فامتنع ذكر الضمير لأن النون لا تضاف كسائر الضمائر، وحصل الربط بالضمير القائم مقام الظاهر المضاف إلى ضمير المبتدأ. وقيل: يقدر أزواج. قبل الذين وقيل يقدر أزواجهم قبل يتربصن. وقيل يقدر بعدهم بعد يتربصن كذا في المغني. قوله: "نحو السمن إلخ" وكقراءة ابن عامر في سورة الحديد: {وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [الحديد: 10]، وهي تشكل على ما نقله الدماميني من منع البصريين حذف الضمير العائد على لفظ كل إذا كان مبتدأ. قال ونص ابن عصفور على شذوذ قراءة ابن عامر. وسلك الأدب ابن أبي الربيع فقال جاء في الشعر وفي قليل من الكلام كقراءة ابن عامر. وحكى الصفار عن الكسائي والفراء إجازة ذلك. ا. هـ. قال في المغني: ولم يقرأ ابن عامر برفع كل في سورة النساء بل بنصبه كالجماعة مناسبة للفعلية قبله والفعلية بعده. قوله: "منوان" تثنية منا كعصا مكيال أو ميزان، وتقلب ألفه ياء أيضًا في التثنية كذا في القاموس، وهو مبتدأ ثان، وسوّغ الابتداء به الوصف المقدر أي منوان منه. قوله: "زوجي إلخ" ليس بيت شعر كما توهم، وكنت بذلك عن لين بشرته وطيب رائحته والزرنب نوع من الطيب، وقيل: نبات طيب الرائحة. وقيل: الزعفران.
قوله: "وإلا لزم جواز نحو زيد الأب قائم" قال سم: جواز ذلك لازم على الصحيح أيضًا. لا يقال: أهل المذهب الصحيح لا يجوزون مثل هذا التركيب ومحل ما ذهبوا إليه من تقدير له أو منه إذا لم يلزم اللبس وإلا وجب التصريح به لأنا نقول للكوفيين أيضًا أن يقولوا بنظير ذلك. قوله: "وهو فاسد" لإيهامه أن الأب نعت لزيد وأن زيدًا القائم مع أنه ابن والقائم أبوه. قوله: "أو كان فيها إشارة إلخ" عطف على مدخول أن في قوله بأن يكون فيها ضميره إلخ، ولو قال أو إشارة إليه إلخ لكان أخصر وأنسب. قوله: "ولباس التقوى" أي على قراءة من رفع لباس وأن ذلك مبتدأ إما على قراءة النصب عطفًا على لباسًا وهي سبعية أيضًا أو الرفع على أنه بدل أو عطف بيان أو نعت كما جوزه الفارسي وتبعه أبو البقاء وجماعة بناء على أن النعت قد يكون أعرف من المنعوت
286 | 435(1/285)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحو: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْر} [الأعراف: 26]، أو إعادته بلفظه نحو: {الْحَاقَّةُ، مَا الْحَاقَّةُ} [الحاقة: 1، 2]، قال أبو الحسن: أو بمعناه نحو زيد جاءني أبو عبد الله إذا كان أبو عبد الله كنية له، أو كان فيها عموم يشمله نحو زيد نعم الرجل. وقوله:
146-
فأما القتال لا قتال لديكم كذا قالوه. وفيه نظر لاستلزامه جواز زيد مات الناس وخالد لا رجل في الدار، وهو غير جائز فالأولى، أن يخرج المثال على ما قاله أبو الحسن بناء على صحته، وعلى أن أل في فاعل نعم للعهد لا للجنس، أو وقع جملة مشتملة على ضميره بشرط كونها إما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فالخبر مفرد. قوله: "أو إعادته بلفظه" ولا يختص ذلك بمواقع التفخيم وإن كان فيها أكثر لأن وضع الظاهر موضع المضمر قياسي وإن لم يكن باللفظ الأول ذكره البعض. قوله: "ما الحاقة" ما للاستفهام التفخيمي مبتدأ ثان خبره ما بعده وسوّغ الابتداء بها عمومها على أنها معرفة عند ابن كيسان كما تقدم. قوله: "بمعناه" أي حال كون الإعادة ملتبسة بمعناه لا بلفظه الأول. قوله: "نحو زيد نعم الرجل" أي بناء على الأصح أن أل للجنس المستغرق لا للعهد ومثله نعم الرجل زيد على القول بأن زيد مبتدأ خبره الجملة قبله وأن أل للجنس المستغرق لا للعهد. قوله: "وهو غير جائز" قد يقال لا مانع من التزام جوازه أخذًا من هذا الكلام. اللهم إلا أن يكونوا صرحوا بامتناعه أفاده سم. قوله: "أن يخرّج المثال" أي زيد نعم الرجل هذا هو الظاهر أي ويخرّج البيت على أنه من إعادة المبتدأ بلفظه بناء على إرادة الجنس في المبتدأ واسم لا. قوله: "بناء على صحته" أي صحة ما قاله أبو الحسن وإنما قال ذلك لمخالفة الجمهور له.
قوله: "وعلى أن أل" أي وبناء على أن أل. قوله: "لا للجنس" أو للجنس ويراد بالجنس زيد مبالغة. قوله: "أو وقع بعدها إلخ" زاد في المغني عكس ذلك وهو أن تعطف على جملة مشتملة على ضمير المبتدأ جملة أخرى خالية منه بالفاء نحو: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّة} [الحج: 63]. قوله: "أما معطوفة إلخ" التحقيق أن الخبر مجموع الجملتين المتعاطفتين بالفاء أو الواو لا المعطوف عليها فقط فالرابط حينئذٍ الضمير. وانظر هل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
146- تمام البيت:
ولكن سيرًا في عراض المواكب وهو من الطويل، وهو للحارث بن خالد المخزومي في ديوانه ص45؛ وخزانة الأدب 1/ 425؛ والدرر 5/ 110؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص106؛ والأشباه والنظائر 2/ 153؛ وأوضح المسالك 4/ 234؛ والجني الدني ص524؛ وسر صناعة الإعراب ص597؛ وشرح شواهد الإيضاح ص107؛ وشرح شواهد المغني ص177؛ وشرح ابن عقيل ص597؛ وشرح المفصل 7/ 134، 9/ 412؛ والمنصف 3/ 188؛ ومغني اللبيب ص56؛ والمقاصد النحوية 1/ 577؛ 4/ 474؛ والمقتضب 2/ 71؛ وهمع الهوامع 2/ 67.
287 | 435(1/286)
الابتداء
وإن تكن إياه معنى اكتفى بها كنطقي الله حسبي وكفى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معطوفة بالفاء نحو زيد مات عمرو فورثه، وقوله:
147-
وإنسان عيني يحسر الماء تارة فيبدو وتارات يجم فيعرق قال هشام: أو الواو نحو زيد ماتت هند وورثها. وأما شرطًا مدلولًا على جوابه بالخبر نحو زيد يقوم عمرو إن قام "وإن تكن" الجملة الواقعة خبرًا عن المتبدأ "إياه معنى اكتفى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقال مثل ذلك في نحو زيد يقوم عمرو إن قام الظاهر نعم. قوله: "يحسر" بضم السين أي ينكشف ويأتي متعديًا أيضًا فيقال حسره أي كشفه. ويجم بضم الجيم وكسرها أي يكثر ويتراكم. شمني.
قوله: "أو الواو" أي بناء على أن الواو للجمع في الجمل أيضًا. ورده في المغني بجواز هذان قائم وقاعد دون يقوم ويقعد. وفي كلام الرضي أو ثم فإنه قال الجملة التي يلزمها الضمير كخبر المبتدأ والصفة والصلة إذا عطفت جملة أخرى متعلقة بها معنى يكون مضمونها بعد مضمون الأولى بتراخ أو تعقب أو مقارنًا جاز تجريد إحدى الجملتين عن الضمير الرابط اكتفاء بما في أختها التي هي كجزئها سواء كان مضمون الأولى سببًا لمضمون الثانية كما في مثال الذباب أو لا كما تقول: الذي جاء فغربت الشمس زيد، لأن المعنى الذي بعقب مجيئه غروب الشمس زيد، وتقول: الذي جاء ثم غربت الشمس زيد لأن المعنى الذي تراخى عن مجيئه غروب الشمس زيد. وتقول: الذي تزول الجبال ولا يزول أنا إذ المعنى الذي يقترن عدم زواله بزوال الجبال أنا، فههنا تتساوى الواو والفاء وثم من جهة التعلق المعنوي وهو البعدية والاقتران المعلوم من قرينة الحال. بخلاف قولك الذي قام وقعدت هند أنا فإنه لا يجوز لعدم التعلق المعنوي وهو الاقتران إذ لا دليل عليه ولو وجد الدليل لجاز كما تقول الذي قام وقعدت هند في تلك الحال أنا. ا. هـ. وأقرّه الدماميني إلا أنه نظر في قصر التعلق المعنوي في الواو على الاقتران إذ قد تقوم القرينة فيها على التعقيب أو التراخي كما تقول الذي قام وقعدت هند يعقب تلك الحال أو بتراخ عنها أنا. قوله: "وان تكن إياه معنى إلخ" قال يس: قال الناظم في شرح التسهيل: الجملة المتحدة بالمبتدأ معنى كل جملة مخبر بها عن مفرد يدل على جملة كحديث وكلام ومنه ضمير الشأن. ا. هـ. وبه يسقط الاعتراض المشهور بأنه إن أريد بكون الجملة نفس المبتدأ الاتحاد في الماصدق ولو باعتبار قصد المتكلم دون الوضع فكل مبتدأ وخبر كذلك أو في المفهوم فباطل لأنه يؤدي إلى إلغاء الحمل. ا. هـ. وهذا يدل على أن المراد بالشأن القصة والحديث وأن المراد بخبره لفظ الجملة كما في منطوقي الله حسبي لا أن المراد بالشأن الحالة والصفة، وبخبره مضمون الجملة وإن نقله البعض
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
147- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص460، وخزانة الأدب 2/ 192؛ والدرر 2/ 17، والمقاصد النحوية 1/ 578؛ 4/ 449؛ ولكثير في المحتسب 1/ 150؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 103، 7/ 257؛ وأوضح المسالك 3/ 362؛ وتذكرة النحاة 866؛ ومجالس ثعلب ص612؛ ومغني اللبيب 2/ 501؛ والمقرب 1/ 83؛ وهمع الهوامع 1/ 98.
288 | 435(1/287)
الابتداء
والمفرد الجامد فارغ وإن يشتق فهو ذو ضمير مستكن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بها" عن الرابط "كنطقي الله حسبي وكفى" فنطقي مبتدأ وجملة الله حسبي خبر عنه، ولا رابط فيها لأنها نفس المبتدأ في المعنى. والمراد بالنطق المنطوق، ومنه وقوله تعالى: {وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 10]، وقوله عليه الصلاة والسلام: "أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله" "و" الخبر "والمفرد الجامد" منه "فارغ"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن البهوتي وأقره. ومما يؤيد ذلك قولهم خبر ضمير الشأن لا يكون إلا جملة إذ لو لم يكن المراد بالشأن القصة والحديث بل الحالة والصفة لصح الإخبار عنه بالمفرد بأن يقال: هو الأحدية مثلًا فتنبه.
قوله: "اكتفى" أي المبتدأ بها والمعنى أنه لا ضمير فيها لا أنه مستغنى عنه مع إمكان الإتيان به. قوله: "كنطقي الله حسبي" الحكم على الخبر في هذا المثال ونحوه بأنه جملة إنما هو بحسب الظاهر أما في الحقيقة فمفرد كما قاله المرادي لأن المقصود بالجملة لفظها، فالمعنى منطوقي هذا اللفظ. والمراد بالنطق المنطوق والإضافة في نطقي للعهد. قوله: "وكفى" فاعله ضمير مستتر وهو من باب الحذف والإيصال والأصل وكفى به حسيبًا لأن الأكثر في فاعل كفى أن يجر بالباء الزائدة. ا. هـ. خالد مع زيادة. قوله: "وآخر دعواهم" أي دعائهم قال البعض كغيره أن مخففة من الثقيلة. ا. هـ. وهو غير مناسب لجعل الشارح الآية من الإخبار بجملة هي عين المبتدأ في المعنى لأن الخبر حينئذٍ مفرد لتأولها مع معموليها بمصدر وجعلها تفسيرية يمنعه أن التفسيرية يشترط كونها بعد جملة فيها معنى القول دون حروفه لأنها هنا بعد مفرد فتأمل. قوله: "منه" قدره للإشارة إلى أن الجامد مبتدأ ثان خبره فارغ والجملة خبر المفرد والرابط محذوف تقديره منه، وإنما فعل ذلك لئلا يعود الضمير في قوله وأن يشتق للموصوف بدون صفته على تقدير جعل الجامد صفة لأنه خلاف المتبادر وإن كان جائزًا عند القرينة وهي هنا استحالة كون الجامد مشتقًّا. وفيه أن جعل الجامد مبتدأ ثانيًا بتقدير الرابط خلاف المبتادر أيضًا إلا أن يقال تقدير الرابط كثير بخلاف إرجاع الضمير إلى الموصوف بدون صفته بل جعله الشاطبي خطأ مستدلًا بقول سيبويه وغيره من النحاة: الموصوف والصفة بمنزلة الاسم الواحد وإن نوزع في التخطئة. قوله: "فارغ" أي على الصحيح خلافًا للكوفيين في قولهم بتحمله الضمير ومحل الخلاف الجامد الذي ليس في تأويل المشتق أما هو كأسد بمعنى شجاع فمتحمل اتفاقًا والمناطقة يوجبون تأويل الجامد المحض بالمشتق في نحو هذا زيد لأن الجزئي الحقيقي لا يكون محمولًا عندهم أصلًا، فلا بد من تأويله بمعنى كلي وإن كان في الواقع منحصرًا في شخص، فيؤول زيد في نحو هذا زيد بصاحب هذا الاسم حتى عند من لا يشترط في الخبر أن يكون مشتقًا كذا في شرح الجامع. وقوله والمناطقة أي جمهورهم وإلا فمنهم من لا يوجب ذلك لتجويزه حمل الجزئي الحقيقي.
قوله: "بمعنى يصاغ من المصدر إلخ" هذا هو المشتق بالمعنى الأخص وهو المراد هنا أما المشتق بالمعنى الأعم فهو ما أخذ من المصدر للدلالة على ذات وحدث وهو بهذا المعنى يتناول
289 | 435(1/288)
الابتداء
.............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من ضمير المبتدأ خلافًا للكوفيين "وإن يشتق" المفرد بمعنى يصاغ من المصدر ليدل على متصف به كما صرح به في شرح التسهيل "فهو ذو ضمير مستكن" فيه يرجع إلى المبتدأ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أسماء الزمان والمكان والآلة فلا تصح إرادته هنا لخلو الثلاثة المذكورة من الضمير. والمراد بالمصدر ما يشمل المستعمل والمقدر ليدخل نحو ربعة من الصفات التي أهملت مصادرها. واستظهر بعضهم أن نحو ربعة ليس مشتقًا أصلًا بل أجري مجرى المشتق لكونه بمعناه كما قاله المصنف في نحو شمردل بمعنى طويل. قوله: "فهو ذو ضمير" أي واحد. نعم إن تعدد المشتق وجعل الخبر المجموع نحو الرمان حلو حامض ففيه خلاف: قيل: إنه واحد تحمله معنى المجموع المجعول خبرًا وهو مز لأنه لا يجوز خلو الخبرين من الضمير لئلا تنتقض قاعدة المشتق ولا انفراد أحدهما به لأنه ليس أولى من الآخر، ولا أن يكون فيهما ضمير واحد لأن عاملين لا يعملان في معمول واحد، ولا أن يكون فيهما ضميران لأنه يصير التقدير كله حلو وكله حامض وهو خلاف الغرض وقيل: واحد مستتر في الأول لأنه الخبر في الحقيقة والثاني كالصفة والتقدير الرمان حلو فيه حموضة. وقال الفارسي: واحد مستتر في الثاني لأن الأول بمنزلة الجزء من الثاني، والثاني هو تمام الخبر. وقال أبو حيان: اثنان تحملهما جزءا الخبر ولا يلزم أن يكون كل منهما خبرًا على حدته لأن المعنى أنه ذو طعم بين الحلاوة والحموضة الصرفتين. قال أبو حيان: وتظهر ثمرة الخلاف إذا جاء بعدهما اسم ظاهر نحو هذا البستان حلو حامض رمانه. فإن قلنا لا يتحمل إلا أحدهما تعين أن يكون الرمان مرفوعًا به، وإن قلنا: يتحمل كل كان من باب التنازع كذا في الهمع، ومحل كون الخبر المشتق ذا ضمير إذا لم يرفع الظاهر وإلا كان فارغًا لأنه لا يرفع فاعلين نحو زيد قائم أبوه. قوله: "مستكن" أي وجوبًا إلا لعارض يقتضي البروز كالحصر في نحو زيد ما قائم إلا هو، والجريان على غير من هو له في نحو زيد عمرو ضاربه هو، ومذهب سيبويه جواز الإبراز كما يؤخذ من تجويزه في نحو مررت برجل مكرمك هو أن يكون فاعلًا وتوكيدًا للضمير المستتر.
قوله: "يرجع إلى المبتدأ" الظاهر أن المراد إلى مبتدأ ذلك الخبر. وأورد عليه أنه قد يرجع إلى غيره في نحو زيد عمرو ضاربه هو، وأجيب بأن كلامه جرى على الغالب. وسينبه على خلاف الغالب بقوله: وأبرزته إلخ. وأجاب شيخنا بأن فرض كلام الناظم في المستكن فلهذا قال الشارح: يرجع إلى المبتدأ والضمير في المثال المذكور بارز، وهذا جواب وجيه كما لا يخفى على نبيه فالبعض الذي شنع عليه هو الأحق بالتشنيع والأجدر باللوم والتقريع. لا يقال جوابه وإن دفع إيراد المثال المذكور لا يدفع إيراد نحو زيد هند ضاربها لأن الضمير في الخبر مستتر مع رجوعه إلى غير مبتدئه لأنا نقول المتن جار على مذهب البصريين من وجوب إبراز الضمير إذا جرى الخبر على غير من هو له مطلقًا، وحينئذٍ لا يصح هذا المثال فلا يرد أصلًا فافهم. قوله: "ففي هذه الأخبار ضمير المبتدأ" ويرتفع بها الظاهر إذا جرت على غير من هي له كما يرتفع بالمشتقات نحو زيد أسد أبوه قاله الفارضي. قوله: "وأبرزنه" يوهم كلامه أن وجوب الإبراز خاص
290 | 435(1/289)
الابتداء
وأبرزنه مطلقًا حيث تلا ما ليس معناه له محصلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والمشتق بالمعنى المذكور هو اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة واسم التفضيل.
وأما أسماء الآلة والزمان والمكان فليست مشتقة بالمعنى المذكور من الجوامد وهو اصطلاح.
تنبيهان: الأول في معنى المشتق ما أول به نحو زيد أسد أي شجاع، وعمرو تميمي أي منتسب إلى تميم، وبكر ذو مال أي صاحب مال. ففي هذه الأخبار ضمير المبتدأ.
الثاني يتعين في الضمير المرفوع بالوصف أن يكون مستترًا أو منفصلًا ولا يجوز أن يكون بارزًا متصلًا، فألف قائمان وواو قائمون من قولك: الزيدان قائمان والزيدون قائمون ليستا بضميرين كما هما في يقومان ويقومون، بل حرفا تثنية وجمع وعلامتا إعراب "وأبرزنه" أي الضمير المذكور "مطلقًا" أي وإن أمن اللبس "حيث تلا" الخبر "ما" أي مبتدأ "ليس معناه" أي معنى الخبر "له" أي لذلك المبتدأ "محصلًا" مثاله عند خوف اللبس أن تقول عند إرادة الأخبار بضاربية زيد ومضروبية عمرو زيد عمرو ضاربه هو، فضاربه خبر عن عمرو ومعناه هو الضاربية لزيد، وبإبراز المضير علم ذلك ولو استتر آذن التركيب بعكس المعنى.
ومثال ما أمن فيه اللبس زيد هند ضاربها هو وهند زيد ضاربته هي فيجب الإبراز أيضا لجريان الخبر على غير من هو له. وقال الكوفيون: لا يجب الإبراز حيئنذ ووافقهم الناظم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بضمير الخبر المفرد مع أنه يجب في الجملة أيضًا نحو زيد عمرو ضربه هو لوجود المحذور فيها أيضًا، وكذا ما احتمل أن يكون مفردًا أو جملة من الظرف والجار والمجرور نحو زيد عمرو في داره هو أو عنده هو، وهل يجوز وضع الظاهر موضعه عند الإيهام؟ قال أبو حيان: نعم، وخالفه المرادي. قوله: "حيث تلا الخبر" مثله الحال والنعت والصلة كركب عمرو الفرس طارده هو، ومر زيد برجل ضاربه هو، وبكر الفرس الراكبه هو وكذا إذا وقعت الثلاثة جملة فعلية فالفعل كالوصف المفرد في الثلاثة والخبر حكمًا وخلافًا كما في الهمع.
قوله: "مثاله" أي الإبراز عند خوف اللبس والضمير في صورة الخوف فاعل عند الكل إلا الرضي فإنه قال تأكيد للضمير المستتر، وفي صورة الأمن فاعل عند البصريين. وجوز الكوفيون كونه فاعلًا وكونه تأكيدًا، وتظهر فائدة ذلك في التثنية والجمع فيقال على تقدير. فاعلية الضمير الهندان الزيدان ضاربتهما هما وعلى تقدير كونه تأكيدًا ضاربتاهما هما، ومثل ذلك الجمع المسموع من العرب إفراد الوصف في مثل ذلك إلا في لغة أكلوني البراغيث قال الدماميني. قوله: "ومثال ما أمن فيه اللبس" قال اللقاني: ينبغي أن يخص بظهوره إذا لم يلبس استتاره عموم قوله:
وفي اختيار لا يجيء المنفصل... إلخ
قوله: "واستدلوا لذلك إلخ" وجه التمسك به أن قومي مبتدأ أول وذرى المجد مبتدأ ثان وبانوها جمع بأن من بتي يبتي خبر الثاني والجملة خبر الأول والهاء عائدة على ذرى المجد
291 | 435(1/290)
الابتداء
وأخبروا بظرف أو بحرف جر ناوين معنى كائن أو استقر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في غير هذا الكتاب واستدلوا لذلك بقوله:
148-
قومي ذرى المجد نانوها وقد علمت بكنه ذلك عدنان وقحطان تنبيهان: الأول من الصور التي يتلو الخبر فيها ما ليس معناه له أن يرفع ظاهرًا نحو زيد قائم أبوه، فالهاء في أبوه هو الضمير الذي كان مستكنًا في قائم، ولا ضمير فيه حينئذ لامتناع أن يرفع شيئين ظاهرًا ومضمرًا. الثاني قد عرفت أنه لا يجب الإبراز في زيد هند ضاربته، ولا هند زيد ضاربها، ولا زيد عمرو ضاربه تريد الإخبار بضاربية عمرو لجريان الخبر على من هو له، بل يتعين الاستتار في هذ الأخير لما يلزم على الإبراز من إيهام ضاربية زيد "وأخبروا بظرف" نحو زيد عندك "أو بحرف جر" مع مجروره نحو زيد في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والعائد على المبتدأ الأول مستتر في بانوها فقد جرى الخبر على غير من هو له، ولم يبرز الضمير لكون اللبس مأمونًا للعلم بأن الذرى مبنية لا بانية، ولو أبرز لقيل على اللغة الفصحى بانيهاهم لأن الوصف كالفعل إذا أسند إلى ظاهر أو ضمير منفصل مثنى أو جمع وجب تجريده من علامتهما وعلى غير الفصحى بانوهاهم. وأجاب البصريون باحتمال أن يكون ذرى المجد معمولًا لوصف محذوف يفسره المذكور والأصل بانون ذرى المجد بانوها. وفيه أن اسم الفاعل هنا بمعنى المضي ومجرد من أل فلا عمل له فلا يفسر عاملًا. وأجيب بأنه لا مانع من أن يراد بالوصف الدوام والاستمرار فيكون بمنزلة الحال في صحة العمل فيفسر عاملًا كما قاله الناصر.
فائدة: تكتب ذرى بالألف عند البصريين لانقلاب ألفه عن واو، وياء عند الكوفيين لضم أوله. قوله: "قد عرفت" أي من مفهوم قوله:
ما ليس معناه له محصلا قوله: "بظرف" أي تام يحصل بالإخبار به فائدة أخذًا من تعريف الخبر السابق. والمراد بالظرف ما يعم المكاني والزماني الواقع خبرًا عن غير جثة أو عنها مع الفائدة وقصره على المكاني كما فعل البعض قصور. قوله: "مع مجروره" لو قال ومجروره لكان أولى لاقتضاء عبارته أن المجرور قيد للخبر الذي هو حرف الجر كما هو شأن الحال والنعت لا جزء منه. هذا وقد حقق الرضي أن المحل أي محل النصب بالمتعلق المحذوف بناء على أنه الخبر أو بالمتعلق الملفوظ به في نحو زيد جالس في الدار وذهبت بزيد. أو الرفع بالمبني للمجهول في نحو مر بزيد إنما هو للمجرور فقط لأن الجار لتوصيل معاني الأفعال وما في حكمها إلى الأسماء كالهمزة والتضعيف في أذهبت زيدًا وفرحته، لكن هذا الذي حققه لا يقتضي أن الإخبار في الظاهر الذي أراده المصنف بالمجرور فقط، فتفريع البهوتي عن كلام الرضي أن الخبر المجرور فقط وأن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
148- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 196، وتخليص الشواهد ص186؛ والدرر 2/ 9؛ وشرح التصريح 1/ 162؛ وشرح ابن عقيل ص109؛ وهمع الهوامع 1/ 96.
292 | 435(1/291)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدار "ناوين" متعلقهما إذ هو الخبر حقيقة حذف وجوبًا انتقل الضمير الذي كان فيه في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصنف أطلق الجار وأراد المجرور مجازًا لعلاقة المجاورة غلط، وإن نقله البعض وأقره. وقال السيد في حواشي الكشاف المحل لمجموع الجار والمجرور في المستقر وللمجرور فقط في اللغو نحو: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِم} [الفاتحة: 7]، ومر بزيد. ا. هـ. ومراده بالمحل الذي للمجموع في الخبر الظرفي محل الرفع بناء على أن الجار والمجرور هو الخبر فلا ينافي ما للرضي فتنبه. والحاصل أن محل المجموع في المستقر تارة يكون رفعًا إذا كان خبرًا وتارة يكون نصبًا إذا كان حالًا مثلًا، وتارة يكون جرًا إذا كان صفة لموصوف مجرور، ومحل المجرور في اللغو تارة يكون رفعًا كما في مر بزيد بالبناء للمجهول، وتارة يكون نصبًا كما في مررت بزيد ولا يكون جرًّا فاحفظ ذلك.
قوله: "إذا هو الخبر حقيقة" وقيل: الظرف أو الجار والمجرور وقيل: المجموع واختاره الرضي وابن الهمام. والقائل بالأول نظر إلى أن العامل هو الأصل وأن معموله قيد له، والقائل بالثاني نظر إلى الظاهر، والقائل بالثالث نظر إلى توقف مقصود المخبر على كل منهما. قال الروداني حاول بعضهم جعل الخلاف لفظيًّا، ومن تأمله حق التأمل علم أنه حقيقي، ثم الخلاف في المتعلق بالكون العام أما المتعلق بالكون الخاص فالخبر ذلك الخاص ذكر أو حذف لدليل اتفاقًا. واعلم أن كلًّا من الظرف والجار والمجرور قسمان: لغو ومستقر بفتح القاف فاللغو ما ذكر عامله ولا يكون إلا خاصًّا والمستقر ما حذف عامله عامًا كان ولا يكون إلا واجب الحذف أو خاصًا واجب الحذف نحو يوم الجمعة صمت فيه أو جائزه نحو زيد على الفرس أي راكب. وقيل: المستقر ما متعلقه عام واللغو ما متعلقه خاص وعليه اقتصر الدماميني وهو مقتضى قول المغني لا ينتقل الضمير من المحذوف إذا كان خاصًّا إلى الظرف والجار والمجرور. ا. هـ. وسمي اللغو لغوًا لخلوه من الضمير في المتعلق، والمستقر مستقرًّا أي مستقرًّا فيه لاستقرار الضمير فيه. قوله: "حذف وجوبًا" إنما قال وجوبًا لأن كلام المصنف في المتعلق العام، فاندفع اعتراض سم وأقره شيخنا والبعض بأن هذا يقتضي أن المحذوف كون عام إذ الخاص لا يجب حذفه في هذا المقام مع أن المحذوف قد يكون خاصًا كما أوضحه السيد في بحث الحمد لله من حاشية الكشاف هذا. وجوّز ابن جني إظهار المتعلق العام.
قوله: "وانتقل الضمير إلخ" في كلامه تلفيق من مذهبين فإن القائلين بالانتقال هم القائلون بأن الخبر الظرف أو الجار والمجرور وهم جمهور البصريين. وأما القائلون بأنه المتعلق فالضمير عندهم باق في المتعلق لم ينتقل كما يفيده كلام الهمع. وغيره وعبارة الهمع بعد ذكره القولين في أن الخبر الظرف أو متعلقه المقدر وأن التحقيق الثاني نصها والوجهان جاريان في عمله الرفع هل هو له حقيقة أو للمقدر وفي تحمله الضمير هل هو فيه حقيقة أو في المقدر والأكثرون في المسائل الثلاث على أن الحكم للظرف حقيقة. ا. هـ. ولهذا قال الروداني: هذا يعني قول الشاعر فإن يك جثماني إلخ دليل على ضعف أن الخبر المتعلق أو منعه، ودليل على ترجيح أنه الظرف لأن
293 | 435(1/292)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الظرف والجار والمجرور، وزعم السيرافي أنه حذف معه ولا ضمير في واحد منهما، وهو مردود بقوله:
149-
فإن يك جثماين بأرض سواكم فإن فؤادي عندك الدهر أجمع والمتعلق المنوي إما من قبيل المفرد وهو ما في "معنى كائن" نحو ثابت ومستقر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الضمير إنما يستكن في الخبر. ا. هـ. فاحفظ ذلك فقد غفل عنه. وأرجح الاحتمالات كما قاله ابن قاسم أن الانتقال مع الحذف لا قبله ولا بعده لأنه لا يلزم عليه شيء بخلاف الثاني فإنه يلزم عليه تفريغ العامل من الضمير وهو ممتنع، وأن أجيب بمنع امتناعه بدليل أنه بعد الحذف فارغ منه فقد يفرق بأنه بعد الحذف ناب عنه الظرف في تحمل الضمير فلم يضر فراغه منه بخلافه قبل الحذف وبخلاف الثالث فإنه يلزم عليه حذف العامل في الضمير المتصل مع بقائه وهو غير ممكن وإن أجيب بأن البعدية أمر اعتباري تقديري فإنه لا يخلو من ضعف فتأمل. قوله: "إلى الظرف والجار والمجرور" فيرتفع بهما على الفاعلية كارتفاعه بالمنتقل عنه وكذا يرتفع بهما السببي إن جاء بعدهما كزيد خلفك أبوه. شرح الجامع. قوله: "في واحد منهما" أي الظرف والجار والمجرور.
قوله: "وهو مردود بقوله فإن يك إلخ" وجهه أن أجمع لا يصح كونه تأكيدًا لفؤادي ولا للدهر لنصبهما ولا للضمير المحذوف مع المتعلق لامتناع حذف المؤكد على الراجح لمنافاة الحذف للتوكيد ولا لفؤادي باعتبار محله قبل دخول الناسخ لزوال الطالب للمحل بدخوله فتعين كونه تأكيدًا للضمير في الظرف. ولا يشكل عليه الفصل بالأجنبي وهو الدهر لجوازه ضرورة قاله في التصريح. أقول سبق في باب المعرب والمبني أن الخليل وسيبويه يجيزان حذف المؤكد، وسيأتي في باب إن أن مذهب الناظم تبعًا للكوفيين وبعض البصريين عدم اشتراط بقاء الطالب للمحل وأنه يجوز مراعاة حال المنسوخ وإن زال الابتداء بدخول الناسخ وعليه لا ينهض الرد على السيرافي. وقول الشاعر سواكم على حذف مضاف أي سوى أرضكم قاله السيوطي في شرح شواهد المغني وهو يفيد أن بأرض سواكم تركيب توصيفي لا إضافي وإلا لم يحتج لتقدير المضاف وقوله عندك ضبطه البغدادي بكسر الكاف قال: لأنه خطاب لامرأة وإنما قال: سواكم لأن المرأة قد تخاطب بخطاب جماعة الذكور مبالغة في سترها. قوله: "ناوين معنى إلخ" أي ناوين كائنًا أو استقر أو ما في معناهما لا خصوص هذا اللفظ قاله سم.
قوله: "ما في معنى كائن" من ظرفية الدال في المدلول والمراد كائن. وما في معناه من كل وصف عام المعنى ولو بمعنى الماضي لأن الوصف بمعنى الماضي يعمل في الجار والمجرور
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
149- البيت من الطويل، وهو لجميل بثينة في ديوانه ص111؛ وخزانة الأدب 1/ 359؛ والدرر 2/ 19؛ وسمط اللآلي ص505؛ وشرح التصريح 1/ 166؛ وشرح شواهد المغني 2/ 846؛ والمقاصد النحوية 1/ 525؛ ولكثير عزة في ديوانه ص404؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 201، ومغني اللبيب 2/ 442.
294 | 435(1/293)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"أو" الجملة وهو ما في معنى "استقر" وثبت والمختار عند الناظم الأول. قال في شرح الكافية: وكونه اسم فاعل أولى لوجهين: أحدهما أن تقدير اسم الفاعل لا يحوج إلى تقدير آخر لأنه واف بما يحتاج إليه المحل من تقدير خبر مرفوع. وتقدير الفعل يحوج إلى تقدير اسم فاعل إذ لا بد من الحكم بالرفع على محل الفعل إذا ظهر في موضع الخبر، والرفع المحكوم عليه به لا يظهر إلا في اسم الفاعل. الثاني أن كل موضع كان فيه الظرف خبرًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اتفاقًا وفي الظرف على الأصح. وكائن المقدر من كان التامة لا الناقصة وإلا كان الظرف أو الجار والمجرور في موضع الخبر لها فيقدر له متعلق آخر وهكذا إلى ما لا نهاية له نقله الشمني عن السعد. واعلم أن الأصل تقدير المتعلق مقدمًا على الظرف والجار والمجرور كسائر العوامل مع معمولتها وقد يعرض ما يقتضي تقديره مؤخرًا نحو إن في الدار زيدًا لأن إن لا يليها مرفوعها ونحو في الدار زيد على تقديره فعلًا لأن الخبر الفعلي لا يتقدم على المبتدأ أما على تقديره وصفًا فيستوي الوجهان لأن رجحان تقديره مؤخرًا بكونه في الحقيقة الخبر والأصل في الخبر أن يتأخر عن المبتدأ يعارضه أن المتعلق عامل والأصل في العامل أن يتقدم على المعمول. هذا ما انحط عليه كلام ابن هشام في المغني. قوله: "أو الجملة" فيه أن المتعلق المنوي ليس الجملة بل الفعل وحده فكان ينبغي أن يقول والمتعلق المنوي إما من قبيل الاسم وهو ما في معنى كائن إلخ أو الفعل وهو ما في معنى استقر. ويمكن أن يجاب بأن تعبيره بالجملة للإشارة إلى أن الخبر الذي هو ظرف أو جار ومجرور لا يخرج عن أحد القسمين المارين في قوله:
ومفردًا يأتي ويأتي جمله وإنما أفرده المصنف نظرًا إلى الظاهر أو إلى أنه لا يتعين فيه واحد فافهم. قوله: "والمختار عند الناظم الأول" ولهذا قدمه هنا واختار بعضهم الثاني وذهب ابن هشام إلى تساويهما ما لم يقتض المقام أحدهما فإذا كان المعنى على الحال قدر الاسم، أو المضارع أو على الاستقبال قدر المضارع، أو على المضي قدر الماضي، قال: فإن جهلت المعنى فقدر الوصف لأنه صالح للأزمنة كلها وإن كان حقيقة في الحال. ا. هـ. قال الدماميني: كيف يقدر مع الجهل ما هو ظاهر في الحال فالمخرج من العهدة أن لا يقدم على تقدير شيء معين بل يردد الأمر ويقال: إن أريد الماضي قدر كذا وإن أريد الحال قدر كذا وإن أريد المستقبل قدر كذا. قوله: "إلى تقدير آخر" بالتنوين وبالإضافة أي تقدير اسم فاعل آخر. قوله: "وتقدير الفعل يحوج إلخ" بحث فيه الدماميني بأن كون الجملة ذات محل من الإعراب لا يقتضي كونها مقدرة بمفرد مأخوذ منها بل يكفي في ذلك وقوعها موقع مفرد ما. قوله: "إلى تقدير اسم فاعل" أي إلى تقدير الفعل باسم فاعل. قوله: "إذا ظهر" أي الفعل. قوله: "والرفع المحكوم عليه به" أي على محل الفعل بالرفع وقوله لا يظهر إلا في اسم الفاعل أي فلا بد من تقدير الفعل به ثانيًا ليظهر الرفع، وفيه أن هذا يقتضي أن كل ما لم يظهر فيه الإعراب ولو مفردًا لا بد من تقديره بما يظهر فيه ولم يذهب أحد إلى ذلك ولا فارق، فالحق أن تقدير الفعل لا يحوج إلى تقدير شيء آخر كما تقدم. قوله: "وبعد أما إلخ"
295 | 435(1/294)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقدر تعلقه بفعل أمكن تعلقه باسم الفاعل. وبعد أما وإذا الفجائية يتعين التعلق باسم الفاعل نحو أما عندك فريد، وخرجعت فإذا في الباب زيد لأن أما وإذا الفجائية لا يليهما فعل ظاهر ولا مقدر، وإذا تعين تقدير اسم الفاعل في بعض المواضع ولم يتعين تقدير الفعل في بعض المواضع وجب رد المحتمل إلى ما لا احتمال فيه ليجري الباب على سنن واحد. ثم قال: وهذا الذي دللت على أولويته هو مذهب سيبويه، والآخر مذهب الأخفش هذا كلامه. ولك أن تقول ما ذكره من الوجهين لا دلالة فيه لأن ما ذكره في الأول معارض بأن أصل العمل للفعل، وأما الثاني فوجوب كون المتعلق اسم فاعل بعد أما وإذا إنما هو لخصوص المحل كما إن وجوب كونه فعلًا في نحو جاء الذي في الدار وكل رجل في الدار فله درهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في قوة التعليل المقدر أي ولا عكس لأنه بعد أما إلخ.
قوله: "وإذا الفجائية" في بعض النسح وإذا المفاجأة بإضافة الدال إلى المدلول. قوله: "يتعين التعلق باسم الفاعل" أما في أما فلأنها مقدرة بأداة الشرط وفعله أي أعني مهما يكن والجواب ما بعد الفاء فتعذر إيلاؤها الفعل لأن أداة الشرط لا يليها من الأفعال إلا فعل الشرط ثم جوابه. وأما في إذا فلأنها لا يليها إلا الاسم على الأصح فرقًا بينها وبين إذا الشرطية. قوله: "ولم يتعين تقدير الفعل في بعض المواضع" أي مواضع الخبر كما نبه عليه سابقًا بقوله: كان الظرف فيه خبرًا فلا ترد الصلة وصفة النكرة الواقعة مبتدأ وفي خبرها الفاء. قوله: "وجب رد المحتمل" أي ترجح لأن الخلاف إنما هو في الراجح. قوله: "لا دلالة" أي معمولًا بها فلا يرد أن المعارضة تمنع العمل بالمعارض بفتح الراء لا الدلالة. قوله: "معارض بأن إلخ" قد يقال: يتقوى الأول بأن الأصل في الخبر الإفراد. قوله: "إنما هو لخصوص المحل" أي لعارض اقتضاه خصوص المحل لا لوقوع الظرف أو الجار والمجرور وقد يقال: ما تعين تقديره في بعض مواضع الخبر لخصوص المحل أرجح مما لم يتعين في بعضها لخصوص المحل. قوله: "كما أن إلخ" تنظير في كون التعين لأمر عارض، وقوله: كذلك أي لخصوص المحل فليس قصد الشارح منع ما اقتضاه كلام المصنف في شرح الكافية من اختصاص التعين باسم الفاعل حتى يعترض على الشارح بأن كلام المصنف في الخبر لا في الصلة والصفة، لأنه لو كان قصده ذلك لقال وأما الثاني فممنوع بوجوب تقدير الفعل في نحو جاء الذي إلخ. قوله: "في نحو جاء الذي في الدار" قال ابن يعيش: إنما لم يجز في الصلة تقدير المفرد على أنه خبر لمحذوف على حد قراءة بعضهم تمامًا على الذي أحسن بالرفع لقلة ذلك واطراد هذا. ا. هـ. مغني. ولنا فيه بحث أسلفناه في الموصول. قوله: "وصفة النكرة إلخ" وأما قوله:
كل أمر مباعد أو مداني فمنوط بحكمة المتعالي فنادر. ا. هـ. مغني. قوله: "الواقعة مبتدأ" أي أو مضافًا إليها المبتدأ كما في المثال. قوله: "على أن ابن جني إلخ" هذا رد لقول المصنف في دليله الثاني وبعد أما وإذا الفجائية إلخ
296 | 435(1/295)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كذلك لوجوب كون الصلة وصفة النكرة الواقعة مبتدأ في خبرها الفاء جملة، على أن ابن جني سأل أبا الفتح الزعفراني هل يجوز إذا زيدًا ضربته فقال: نعم فقال ابن جني: يلزمك إيلاء إذا الفجائية الفعل ولا يليها إلا الأسماء، فقال: لا يلزم ذلك لأن الفعل ملتزم الحذف، ويقال مثله في أما فالمحذور ظهور الفعل بعدهما لا تقديره بعدهما لأنهم يغتفرون في المقدرات ما لا يغتفرون في الملفوظات. سلمنا أنه لا يليهما الفعل ظاهرًا ولا مقدرًا لكن لا نسلم أنه وليهما فيما نحن فيه إذ لا يجوز تقديره بعد المبتدأ فيكون التقدير أما في الدار فزيد استقر، وخرجت فإذا في الباب زيد حصل. لا يقال: إن الفعل وإن قدر متأخرًا فهو في نية التقديم إذ رتبة العامل قبل المعمول لأنا نقول: هذا المعمول ليس في مركزه لكونه خبرًا مقدمًا وكون المتعلق فعلًا هو مذهب أكثر البصريين ونسب لسيبويه أيضًا.
تنبيه: إنما يجب حذف المتعلق المذكور حيث كان استقرارًا عامًّا كما تقدم، فإن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أورده بعد تسليم امتناع تقدير الفعل بعد أما وإذا الفجائية واللائق العكس كما هو مقرر في آداب البحث. قوله: "لا يلزم ذلك" أي لزومًا مضرًا وإلا فتقدير الفعل بعد إذا في مثاله لا بد منه. قوله: "إذ يجوز تقديره بعد المبتدأ" كان ينبغي أن يقول إذ يجب لما سيأتي أنه يجب تأخير الخبر إذا كان فعلًا ظاهرًا أو مقدرًا عن المبتدأ. فإن قلت علة امتناع تقديم الخبر الفعلي على المبتدأ خوف التباس الجملة الاسمية بالفعلية وهذا إنما يكون في الملفوظ لا المقدر. قلت أعطوا المقدر حكم الملفوظ وإن كانت العلة لا توجد في المقدر إجراء للباب على سنن واحد قاله الشمني. قوله: "ليس في مركزه" أي محله الأصلي بل مقدم فمتعلقه الذي هو ذلك العامل كذلك فالوالي لأما في الحقيقة والرتبة هو المبتدأ. قوله: "لكونه خبرًا" أي بحسب الظاهر أو على أحد الأقوال الثلاثة. قوله: "وكون إلخ" يظهر أنه وجه آخر لضعف ما ذهب إليه المصنف. قوله: "إنما يجب حذف المتعلق المذكور" أي في قول المصنف:
ناوين معنى كائن أو استقر لكن لا بقيد عمومه المفهوم من هذه العبارة ليكون لقول الشارح حيث كان عامًّا فائدة. واعترض البعض تبعًا لشيخنا على الحصر بأنه قد يجب حذف المتعلق الخاص نحو يوم الجمعة صمت فيه والأمثال نحو الكلاب على البقر أي أرسل، وهو سهو عن كون موضوع الكلام متعلق الخبر الظرف أو الجار والمجرور كما يصرح به قوله المذكور. قوله: "وجب ذكره" أي إن لم يدل عليه دليل كما يؤخذ من التعليل فإن دل عليه دليل جاز حذفه نحو زيد على الفرس أي راكب، ومن لي بفلان أي من يتكفل لي به لكن لا ينتقل الضمير من الخاص إلى الظرف ولا يسمى معه الظرف خبرًا ولا يكون محله رفعًا ذكره الدماميني. قوله: "ولا يكون اسم زمان خبرًا عن جثة" أي ذات والتقييد باسم الزمان والجثة نظرًا للغالب من أن اسم الزمان إنما يفيد الإخبار به عن المعنى لا عن الجثة، وأن ظرف المكان يفيد الإخبار به عن كليهما، فإن لم يفد الإخبار
297 | 435(1/296)
الابتداء
ولا يكون اسم زمان خبرا عن جثة وإن يفد فأخبرا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان استقرارًّا خاصًّا نحو زيد جالس عندك أو نائم في الدار وجب ذكره لعدم دلالتهما عليه عند الحذف حينئذ "ولا يكون اسم زمان خبرا عن جثة" فلا يقال: زيد اليوم لعدم الفائدة "وإن يفد" ذلك بواسطة تقدير مضاف هو معنى "فأخبرا" كما في قولهم الهلال الليلة والرطب شهري ربيع، واليوم خمر وغدًا امر، وقوله: أكل عام نعم تحوونه، اي طلوع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالزمان عن المعنى نحو القتال زمانًا أو حينًا وبالمكان عن الجثة أو المعنى نحو زيد أو القتال مكانًا امتنع. هذا محصل ما ذكره الشاطبي قال سم: وهو حسن جدًّا ومن المعنى الزمان نحو الجمعة اليوم ومثل الخبر الحال والصفة والصلة. وما ذكره المصنف مبني كما استظهره سم على مذهب من يشترط تجدد الفائدة، أما على مذهب من لا يشترط تجددها فيجوز. واعلم أن الزمان إذا أخبر به عن المعنى يرفع غالبًا إن استغرق المعنى جميع الزمان أو أكثره وكان الزمان نكرة نحو الصوم يوم والسير شهر أي زمن الصوم يوم إلخ وقد ينصب ويجر بفي، فإن لم يستغرق الجميع أو الأكثر أو كان الزمان معرفة نصب أو جر بفي غالبًا نحو الخروج يومًا أو في يوم والصوم اليوم أو في اليوم، وقد يرفع ومنه: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَات} [البقرة: 197]، وأن ظرف المكان المتصرف إذا أخبر به عن اسم عين ترجح رفعه على نصبه إن كان المكان نكرة نحو المسلمون جانب والمشركون جانب، ويجوز جانبًا، فإن كان معرفة ترجح نصبه على رفعه نحو زيد أمامك وداري خلف دارك بالنصب، ويجوز الرفع ولا يختص رفع المعرفة بكونها بعد اسم مكان كما علمت من التمثيل خلافًا للكوفيين ويجب نصب غير المتصرف كفوق. ثم اعلم أنه يجوز رفع اليوم ونصبه إذا أخبر به عن اسم زمان تضمن عملًا كاليوم الجمعة أو السبت أو العيد لتضمنها معنى الجمع والقطع والعود، ومنه اليوم يومك لتضمنه معنى شأنك الذي تذكر به، ويتعين الرفع إذا لم يتضمن كالأحد إلى الخميس وأجاز الفراء وهشام النصب. ويتعين رفع أسماء الشهور في نحو أول السنة المحرم، والوقت الطيب المحرم أفاده في الهمع. وقوله وأن ظرف المكان المتصرف إذا أخبر به عن اسم عين إلخ الظاهر أن اسم المعنى كاسم العين في ذلك فتدبر.
قوله: "بواسطة تقدير مضاف" اعلم أن الفائدة تحصل بأحد أمور ثلاثة: الأول أن يتخصص الزمان بوصف أو إضافة مع جره بفي كنحن في يوم طيب أو شهر كذا. الثاني أن تكون الذات مشبهة للمعنى في تجددها وقتًا فوقتًا نحو الرطب شهري ربيع. الثالث تقدير مضاف هو معنى نحو اليوم خمر. إذا علمت ذلك ظهر لك أن اقتصار الشارح على الثالث ليس في محله وأن نحو الرطب شهري ربيع لا يحتاج إلى تقدير المضاف لمشابهته للمعنى فيما ذكر كما قاله الناظم في تسهيله، لكن يدفع عنه الاعتراض قوله هذا مذهب جمهور البصريين. قوله: "وغد أمر" من تتمة المثال ولا شاهد فيه لأن الإخبار فيه عن معنى. وهذا الكلام قاله امرؤ القيس حين أخبر بقتل والده. قوله: "هذا مذهب جمهور البصريين" الإشارة إلى تقدير المضاف الذي به حصلت الفائدة بدليل المقابلة بقوله وذهب قوم إلخ. قوله: "نظرًا إلى أن هذه الأشياء تشبه المعنى إلخ" الشبه المذكور غير ظاهر بالنسبة لقولهم: اليوم خمر وقوله: أكل عام إلخ والتقصير من الشارح لأن
298 | 435(1/297)
الابتداء
ولا يجوز الابتدا بالنكرة ما لم تفد كعند زيد نمره
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهلال ووجود الرطب وشرب خمر وإحراز نعم، فالإخبار حينئذ باسم الزمان إنما هو عن معنى لا جثة. هذا مذهب جمهور البصريين، وذهب قوم منهم الناظم في تسهيله إلى عدم تقدير مضاف نظرًا إلى أن هذه الأشياء تشبه المعنى لحدوثها وقتًا بعد وقت وهذا الذي يقتضيه إطلاقه "ولا يجوز الابتدا بالنكرة ما لم تفد" كما هو الغالب فإن أفادت جاز الابتداء بها ولم يشترط سيبويه والمتقدمون لجواز الابتداء بالنكرة إلى حصول الفائدة. ورأى المتأخرون أنه ليس كل أحد يهتدي إلى مواضع الفائدة فتتبعوها، فمن مقل مخل ومن مكثر مورد ما لا يصح، أو معدد لأمور متداخلة، والذي يظهر انحصار مقصود ما ذكروه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصنف لم ينظر إلى ذلك في هذه الأشياء كلها كما يعلم بالوقوف على التسهيل.
قوله: "ولا يجوز الابتداء بالنكرة" لأن معناها غير معين والإخبار عن غير المعين لا يفيد ما لم يقارنه ما يحصل به نوع فائدة كالمسوّغات الآتية. ولا يرد مجيء الفاعل نكرة مع أنه مخبر عنه في المعنى لتخصصه قبل ذكره بالحكم المتقدم عليه كذا قالوا. ومقتضاه جواز الابتداء بالنكرة إذا تقدم خبرها أي خبر كان نحو قائم رجل ولم يقولوا بذلك مع أنه مبحوث فيه بأن اختصاص الفاعل بالحكم أثر الحكم، فيكون الحكم على غير مختص ولذا اختار الرضي أن الفاعل كالمبتدأ فتأمل. والكلام في النكرة المخبر عنها كما يرشد إليه التعليل السابق لا التي لها فاعل أغنى عن الخبر لصحة الابتداء بها وإن كانت نكرة محضة كما سيأتي عن الدماميني. ثم ما ذكره مبني على اشتراط تجده الفائدة أما من لا يشترطها فيجوز عنده الابتداء بها مطلقًا. ويمكن أن يقال منعه هنا من الابتداء بالنكرة وسابقًا من الاخبار باسم الذات عن الجثة باعتبار الكلام المعتد به عند البلغاء لا مطلق الكلام فيكون كلامه جاريًا على القولين. قوله: "كما هو" أي عدم الإفادة والأحسن أن الكاف بمعنى لام التعليل لمقدر أي وتخصيص النكرة بالذكر مع أن الإفادة شرط في الكلام مطلقًا لأن الغالب عدم إفادة الابتداء بالنكرة. قوله: "ولم يشترط سيبويه والمتقدمون إلخ" يعني أنهم لم يعتنوا بتعديد الأماكن التي يسوغ الابتداء فيها بالنكرة، وإنما ذكروا ضابطًا كليًا وهو أنه متى حصلت الفائدة جاز الإخبار عن النكرة. دماميني. قوله: "إلى حصول الفائدة" أي علم حصولها إذ نفس الحصول متأخر عن الابتداء والشرط مقارن. قاله الناصر وهو إنما يظهر إذا أريد الحصول بالفعل لا الحصول بالشأن فافهم. وفي يس لنا نكرة لا تحتاج إلى مسوغ مذ ومنذ.
قوله: "فمن مقلّ مخلّ" فيه أوجه: من أظهرها أن من تبعيضية والجار والمجرور خبر مبتدأ محذوف والمجرور صفة لمحذوف والتقدير فبعضهم من فريق مقل مخل. قوله: "انحصار مقصود ما ذكروه إلخ" قد يتوقف في اندراج بعض ما ذكروه فيما سيذكر ككون النكرة محصورة بإنما في نحو إنما رجل قائم أفاده الدماميني. قوله: "أن يكون الخبر مختصًا" المراد بالاختصاص هنا أن يكون المجرور في الخبر الجار والمجرور والمضاف إليه في الظرف والمسند إليه في الجملة صالحًا للإخبار عنه قاله الشمني. قوله: "كعند زيد نمرة" هي اسم لبردة
299 | 435(1/298)
الابتداء
وهل فتى فيكم فما حل لنا ورحل من الكرام عندنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الذي سيذكر، وذلك خمسة عشر أمرًا: الأول أن يكون الخبر مختصًّا ظرفًا أو مجرورًا أو جملة ويتقدم عليها "كعند زيد نمره" وفي الدار رجل، وقصدك غلامه إنسان، قيل: ولا دخل للتقديم في التسويع وإنما هو لما في التأخير من توهم الوصف. فإن قلت: الاختصاص نحو عند رجل مال، ولإنسان ثوب امتنع لعدم الفائدة. الثاني أن تكون عامة إما بنفسها كأسماء الشرط والاستفهام نحو من يقم أكرمه وما تفعل أفعل، ونحو من عندك وما عندك، أو بغيرها وهي الواقعة في سياق استفهام أو نفي نحو: {أَإِلَهٌ مَعَ اللَّه} [النمل: 60] "وهل فتى فيكم فما خل لنا" وما أحد أغير من الله. الثالث أن تخصص بوصف إما لفظًا نحو:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من صوف تلبسها الأعراب. غزي. قوله: "قيل ولا دخل إلخ" قائله ابن هشام في المغني ووجه تمريض هذا القول أن المبتدأ يتخصص بتقديم الخبر كما قيل بذلك في الفاعل لأنه إذا قيل في الدار علم أن ما يذكره بعد وهو رجل مثلًا موصوف بالاستقرار في الدار فهو في قوة التخصيص بالصفة كما في الجامي وأقره شيخنا والبعض. وقد يقال كان ينبغي حينئذٍ الاكتفاء بالتقديم في التسويغ وإن لم يكن الخبر ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا أو جملة مع أنه يرد عليه أن اختصاص المبتدأ المؤخر بالحكم أثر الحكم فيكون الحكم على غير مختص كما مر نظيره في الفرق بين المبتدأ والفاعل. ولذا قال غير واحد الحق ما قاله ابن هشام فتدبر. قوله: "فإن فات الاختصاص إلخ" لم يمثل لفوات الاختصاص في الجملة فيوهم كلامه أنها لا تكون إلا مختصة مع أنها قد تكون غير مختصة كما في ولد له ولد رجل كذا ينبغي أن يمثل. وأما تمثيل البهوتي بمات في يوم رجل فغير صحيح وإن أقره البعض لفساده على تقدير اختصاصه أيضًا لأن فيه تقديم الخبر الفعلي الرافع لضمير المبتدأ على المبتدأ. قوله: "وما تفعل أفعل" التمثيل به مبني على أن ما مبتدأ والعائد محذوف أي ما تفعله أفعله لا على أن ما مفعول مقدم لتفعل. قوله: "في سياق استفهام" اعترض بأن الكلام في العموم الشمولي والنكرة في سياق الاستفهام إنما يكون عمومها شموليًّا إذا كان إنكاريًا كما في الآية التي مثل بها الشارح لأنه في معنى النفي لا إذا كان غير إنكاري كما في مثال المصنف. نعم قد تكون في غير المنفي وما في معناه والنهي للعموم الشمولي مجازًا فينزل عليه مثال المصنف، على أنه لا مانع من جعل الاستفهام في مثاله أيضًا إنكاريًّا فلا يكون ثم إشكال فتدبر.
قوله: "وما أحد أغير من الله" الأنسب بالمقام جعل ما تميمية لأن الكلام في المبتدأ في الحال. قوله: "أن تخصص بوصف" مقتضاه جواز حيوان ناطق في الدار وامتناع إنسان في الدار لوصف المبتدأ في الأول وعدمه في الثاني مع أن المعنى متحد فيهما. ويمكن الفرق بأن في الأول نكتة الإجمال ثم التفصيل بخلاف الثاني. ثم رأيت سم نقل بهامش الدماميني عن شيخه السيد الصفوي ما نصه: تحقيق المقام أن العرب اعتبروا التخصيص لنكتة توجد في بعض المواضع وحكموا باطراد الحكم لتلك النكتة وإن لم يظهر أثرها في بعض المواضع. وعلى هذا
300 | 435(1/299)
الابتداء
ورغبة في الخير وعمل بر يزين وليقس ما لم يقل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ} [البقرة: 221]، "ورجل من الكرام عندنا" أو تقديرًا نحو: {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} [آل عمران: 154]، أي وطائفة من غيركم بدليل ما قبله، وقولهم: السمن منوان بدرهم أي منه. ومنه قولهم: شر أهر ذا ناب أي شر عظيم، أو معنى نحو رجيل عندنا لأنه في معنى رجل صغير، ومنه ما أحسن زيدًا لأن معناه شيء عظيم حسن زيدًا، فإن كان الوصف غير محخصص لم يجز نحو رجل من الناس جاءني لعدم الفائدة. الرابع أن تكون عاملة إما رفعًا نحو قائم الزيدان إذا جوزناه أونصبًا نحو أمر بمعروف صدقة ونهي عن منكر صدقة "ورغبة في الخير خير" وأفضل منك عندنا؛ إذ المجرور فيها منصوب المحل بالمصدر والوصف، أو جرًّا نحو خمس صلوات كتبهن الله "وعمل بر يزين" ومثلك لا يبخل، وغيرك لا يجود. الخامس العطف بشرط أن يكون أحد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اندفع الإيراد لأن الحكم بعدم إنسان وصحة حيوان ناطق لا لأمر معنوي فيهما بل لقاعدة حكموا بها لنكتة يظهر أثرها في موضع آخر طرد اللباب فافهمه ينفعك في مواضع. ا. هـ. قوله: "نحو ولعبد مؤمن" وقيل: المسوغ معنى العموم. وقيل: لام الابتداء. قوله: "وطائفة قد أهمتهم أنفسهم" الواو للحال فهي مسوغ آخر. وقوله من غيركم المراد بالغير المنافقون. قوله: "شرّ أهر ذا ناب" أي جعل الكلب هارًا أي مصوتًا مثل يضرب عند ظهور أمارات الشر. قوله: "أو معنى" الفرق بين الموصوف تقديرًا والموصوف معنى أن استفادة الوصف في الأول من مقدر وفي الثاني من النكرة المذكورة بقرينة لفظية كياء التصغير أو حالية كما في التعجب. وقد يصح في المعنوي التصريح بالوصف كما في صورة التصغير فما ذكره شيخنا والبعض هنا من الفرق بأن الأول يصح التصريح معه بالوصف بخلاف الثاني فيه نظر.
قوله: "نحو قائم الزيدان إذا جوزناه" أي حكمنا بجوازه على رأي من لا يشترط اعتماد الوصف على نفي أو استفهام وتعقبه الدماميني بأن الكلام في المبتدأ المخبر عنه أما الوصف الرافع لمغن عن الخبر فشرطه التنكير كما نصوا عليه فكان الصواب التمثيل بنحو ضرب الزيدان حسن، ويؤيد تعقبه أن تعليلهم امتناع الابتداء بالنكرة بأنها مجهولة والحكم على المجهول لا يفيد لا يجري فيه لأن المبتدأ هنا محكوم به لا محكوم عليه. قوله: "خمس صلوات" مبتدأ وجعلة كتبهن الله أي أوجبهن نعت. وقوله في اليوم والليلة، خبر أو جملة كتبهن خبر وقوله في اليوم والليلة خبر بعد خبر. ولا يظهر جعله ظرفًا لغوًا متعلقًا بكتب لاستلزامه كون الكتب في كل يوم وليلة مع أن الكتب في ليلة الإسراء إظهار وفي الأزل قضاء. قوله: "ومثلك لا يبخل وغيرك لا يجود" لا يقال: المبتدأ فيهما معرفة لإضافته إلى الضمير لتوغل مثل وغير في الإبهام فلا تفيدهما الإضافة تعريفًا. قوله: "العطف بشرط إلخ" إنما كان العطف بهذا الشرط مسوغًا لأن حرف العطف مشرك فهو يصير المتعاطفين كالشيء الواحد فالمسوّغ في أحدهما مسوّغ في الآخر. قوله: "يجوز الابتداء به" بأن يكون معرفة أو نكرة مسوغة فتحته أربع صور لكن الشارح اقتصر في التمثيل على صورتي التنكير لعلم صورتي التعريف بالأولى. قوله: "طاعة وقول معروف"
301 | 435(1/300)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المتعاطفين يجوز الابتداء به نحو: {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} [محمد: 21]، أي أمثل من غيرهما، ونحو: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى} [البقرة: 263]، السادس أن يراد بها الحقيقة نحو رجل من امرأة. ومنه تمرة خير من جرادة. السابع أن تكون في معنى الفعل وهذا شامل لما يراد بها الدعاء نحو: {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} [الصافات: 130]، {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ } [المطففين: 1]، ولما يراد بها التعجب نحو عجب لزيد. وقوله:
150-
عجب لتلك قضية وإقامتي فيكم على تلك القضية أعجب ونحو قائم الزيدان عند من جوزه فيكون فيه مسوغًا كما في نحو: {وَعِنْدَنَا كِتَابٌ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مثال من غير القرآن. أما طاعة وقول معروف الذي في قوله تعالى: {فَأَوْلَى لَهُمْ، طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} [محمد: 21]، فليس خبره مقدرًا بل مذكور قبله وهو أولى أو هو خبر وأولى مبتدأ. قوله: "أن يراد بها الحقيقة" أي الماهية من حيث هي وقال في شرح الجامع باعتبار وجودها في فرد غير معين فتعم حينئذٍ جميع الأفراد إذ ليس بعض أولى بالحمل عليه من بعض آخر ولهذا عبر ابن مالك عن هذا المسوغ بأن يراد بالنكرة العموم. ا. هـ. وأراد بقوله فتعم حينئذٍ إلخ العموم الشمولي لأنه المسوغ. وفي تفريعه على إرادة الحقيقة في ضمن فرد ما نظر
علم مما أسلفناه. وأما تعبير ابن مالك عن هذا المسوغ بأن يراد بالنكرة العموم فينبغي حمله على إرادة الحقيقة في ضمن كل فرد وكأنه قيل كل رجل خير من كل امرأة أي باعتبار حقيقته فلا ينافي أن بعض أفراد المرأة خير باعتبار ما اشتمل عليه من الخصوصيات.
قوله: "لما يراد بها الدعاء" أي لشخص أو عليه. قوله: "عجب" مبتدأ ولتلك خبر وقضية بالنصب على الحال أو تمييز المفرد والجر على البدلية من تلك والرفع على الخبرية لمحذوف. قيل الوجه نصب عجبًا بالفعل المحذوف وجوبًا كما في حمدًا وشكرًا لعدم اطراد الرفع في مثل ذلك على ما يقتضيه كلام سيبويه وهو لا يرد على البيت لأن الرفع فيه مسموع بل على المثال. قوله: "فيكون فيه مسوغان" هما كونه في معنى الفعل وعمله الرفع فيما بعده. وقوله: كما في نحو إلخ أي كالمسوغين في نحو إلخ وهما الوصف وكون الخبر مجرورًا مختصًا مقدمًا. قوله: "إن منعه" أي قائم الزيدان. قوله: "وقوع ذلك" أي معنى الخبر كالتكلم في المثال. قوله: "في أول الجملة الحالية" أي لحصول الفائدة بجعل نسبة هذه الجملة قيدًا لما قبلها وعلل في المغني إفادة الابتداء بالنكرة في أول الجملة الحالية وبعد إذا الفجائية بأن العادة لا توجب مقارنة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
150- البيت من الكامل، وهو لضمرة بن جابر في الدرر 3/ 72؛ ولهني بن أحمر في الكتاب 1/ 319؛ ولسان العرب 6/ 61 "حيس"؛ ولهمام بن مرة في الحماسة الشجرية 1/ 256؛ ولرؤبة في شرح المفصل 1/ 114؛ وبلا نسبة في سمط اللآلي ص288؛ وشرح التصريح 2/ 87؛ وشرح قطر الندى ص321؛ وهمع الهوامع 1/ 191.
302 | 435(1/301)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حَفِيظٌ} [ق: 4] فقد بان أن منعه عند الجمهور ليس لعدم المسوغ بل لعدم شرط الاكتفاء بمرفوعه وهو الاعتماد. الثامن أن يكون وقوع ذلك للنكرة من خوارق العادة نحو بقرة تكلمت. التاسع أن تقع في أول الجملة الحالية ذات الواو وذات الضمير كقوله:
151-
صرينا ونجم قد أضاء فمذ بدا محياك أخفى ضوءه كل شارق وكقوله:
152-
الذئب يطرقها في الدهر واحدة وكل يوم تراني مدية بيدي العاشر أن تقع إذا المفاجأة نحو خرجت فإذا أسد بالباب. وقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معنى العامل لمعنى الجملة الحالية ولا مفاجأة الأسد مثلًا عند الخروج وبه يتضح التعليل الأول. قوله: "محياك" أي وجهك وقوله: كل شارق أي كل كوكب طالع من شرق يشرق شروقًا كطلع يطلع طلوعًا لفظًا ومعنى. قوله: "الذئب يطرقها إلخ" قبله:
تركت ضأني تود الذئب راعيها وأنها لا تراني آخر الأبد والشاهد في قوله مدية بيدي فإنها جملة حالية من ياء المتكلم مبتدؤها نكرة والرابط الضمير في بيدي وروي نصب مدية على أنه مفعول لحال محذوفة أي ممسكًا كما في المغني أو على أنه بدل اشتمال من الياء كما ارتضاه الدماميني وناقشه الشمني بأن بدل الاشتمال ما اشتمل المبدل منه عليه من حيث إشعاره به إجمالًا وتقاضيه له بوجه ما، وليست المدية مع ضمير المتكلم كذلك. والطروق والطرق المجيء ليلًا، وضمير يطرقها بضم الراء كما في المصباح وغيره للضأن. وقوله: واحدة أي مرة واحدة والمدية السكين وتفرقة الشاعر بينه وبين الذئب بما ذكره بقوله الذئب يطرقها إلخ غير ظاهرة فتأمل. قوله: "حسبتك في الوغى إلخ" الوغى الحرب، وبردى تثنية برد على ما قاله البعض، وضبطه شيخنا السيد بفتحات على وزن جمزي قال: وهو البحر وجبل بالحجاز، والخور بفتح الخاء المعجمة والواو الجبن، وهو مبتدأ خبره الظرف بعده، وسحقًا بضم السين كما في القاموس أي بعدًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
151- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 98؛ وتخليص الشواهد ص193؛ والدرر 2/ 23؛ وشرح شواهد المغني 2/ 863؛ وشرح ابن عقيل ص114؛ ومغني اللبيب؛ والمقاصد النحوية 1/ 546؛ وهمع الهوامع 1/ 1014.
152- البيت من البسيط، وهو للحماسي في تخليص الشواهد ص196؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 98؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1570، وشرح شواهد المغني 2/ 864؛ ومغني اللبيب 2/ 471.
303 | 435(1/302)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
153-
حسبتك في الوغى بردي حروب إذا خور لديك فقلت سحقا بناء على أن إذا حرف كما يقول الناظم تبعًا للأخفش، لا ظرف مكان كما يقول ابن عصفور تبعًا للمبرد، ولا زمان كما يقول الزمخشري تبعًا للزجاج. الحادي عشر أن تقع بعد لولا كقوله:
154-
لولا اصطبار لأودى كل ذي مقة الثاني عشر أن تقع بعد لام الابتداء نحو لرجل قائم. الثالث عشر أن تقع جوابًا نحو رجل في جواب من عندك التقدير رجل عندي. الرابع عشر أن تقع بعد كم الخبرية كقوله:
155-
كم عمة لك يا جرير وخالة فدعاء قد حلبت علي عشاري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "لا ظرف مكان" وعلى هذين القولين تكون هي الخبر والمسوغ وصفه في المثال بقوله بالباب، وفي البيت بقوله لديك كذا قيل وهو ظاهر في البيت على القولين لكون المبتدأ فيه اسم معنى، وأما في المثال فلا يظهر على القول بأنه ظرف زمان لكون المبتدأ فيه اسم عين إلا أن يقدر مضاف هو معنى أي رؤية أسد أو وجود أسد. قوله: "أن تقع بعد لولا" إنما كان هذا مسوغًا لحصول الفائدة بتعليق الجواب على الجملة المبتدأ فيها بالنكرة. قوله: "لأودي كل ذي مقة" بكسر الميم أي هلك كل ذي محبة والهاء عوض من الواو يقال ومقه يمقه بالكسر فيهما أي أحبه فهو وامق. قوله: "أن تقع بعد لام الابتداء" أي لتخصيص مدخولها بالتأكيد بها. قوله: "التقدير رجل عندي" وليس التقدير عندي رجل إلا على ضعف لأن الجواب يسلك به سبيل السؤال قاله المصنف في شرح التسهيل. قال سم: هذا الدليل يقتضي أنه لا فرق بين المعرفة والنكرة في السلوك بالجواب سبيل السؤال ويؤيده كلام غيره. قوله: "كقوله كم عمة إلخ" أي بناء على أن كم خبرية أو للاستفهام التهكمي في محل نصب على الظرفية أو المصدرية مميزها محذوف أي كم وقت أو كم حلبة بجر التمييز إن كانت خبرية ونصبه إن كانت استفهامية، وناصبها حلبت، وعمة مرفوع بالابتداء ولك صفة عمة، وفدعاء صفة خالة، والخبر قد حلبت فيكون فيه مسوغان. أما على أن كم استفهامية وعمة بالنصب تمييز لها أو خبرية وعمة بالجر تمييز
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
153- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة هنا في شرح الأشموني.
154- تمام البيت.
لما استقلت مطاياهن للظعن وهو من البسيط، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 112؛ وأوضح المسالك 1/ 204؛ والدرر 2/ 23؛ وشرح التصريح 1/ 170؛ وشرح ابن عقيل ص115؛ والمقاصد النحوية 1/ 532؛ وهمع الهوامع 1/ 101.
155- البيت من الكامل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 361؛ والأشباه والنظائر 8/ 123؛ وأوضح المسالك 4/ 271؛ وخزانة الأدب 6/ 458، 489، 492، 493، 495، 498؛ والدرر 4/ 45؛ وشرح التصريح 2/ 280؛ وشرح شواهد المغني 1/ 11ذ؛ وشرح عمدة الحافظ ص536؛ وشرح المفصل 4/ 133؛ والكتاب 2/ 72؛ 162، 166؛ ولسان العرب 4/ 573 "عشر"؛ واللمع ص228؛ ومغني اللبيب 1/ 185؛ والمقاصد النحوية 4/ 489؛ وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب 1/ 331؛ وشرح ابن عقيل ص116؛ ولسان العرب 12/ 528 "كمم"؛ والمقتضب 3/ 85؛ والمقرب 1/ 312؛ وهمع الهوامع 1/ 254.
304 | 435(1/303)
الابتداء
والأصل في الأخبار أن تؤخرا وجوزوا التقديم إذ لا ضررا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخامس عشر أن تكون مبهمة كقوله:
156-
مرسعة بين أرساغه به عسم يبتغي أرنبا "وليقس" على ما قيل "ما لم يقل" والضابط حصول الفائدة "والأصل في الأخبار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لها فلا شاهد في البيت لأن كم نفسها على هذين الوجهين هي المبتدأ في محل رفع خبرها قد حلبت لا أن المبتدأ ما بعد كم. والفدعاء بفاء ودال وعين مهملتين المرأة التي اعوجت أصابعها من كثرة الحلب. ولم يقل: فدعاوين قد حلبتا لأنه حذف مع كل من الموصوفين ما أثبته للآخر. وحذف خبر أحدهما لدلالة خبر الآخر. والعشار جمع عشراء كالنفاس جمع نفساء والعشراء التي أتى عليها من زمن حلبها عشرة أشهر. وأشار بعلى إلى أنه كان نكرها على أن يحلب عشاره أمثال عمة
جرير وخالته لأنهما عنده أدنى من ذلك.
قوله: "أن تكون مبهمة" أي مقصودًا إبهامها لأن البليغ قد يقصده فلا يرد أن إبهام النكرة هو المانع من صحة الابتداء بها فكيف يكون مسوغًا. قوله: "مرسعة" بالسين والعين المهملتين على زنة اسم المفعول: تميمة تعلق على الرسغ مخافة البلاء أو الموت. وفي القاموس رسع الصبي كمنع شد في يده أو رجله خرزًا لدفع العين. ا. هـ. وهو مبتدأ وبين أرساغه خبره، وهو جمع عظم بين الكوع والكرسوع. وفي قوله: أرساغه تغليب الرسغ على غيره. والعسم بفتح العين والسين المهملتين يبس في مفصل الرسغ تعوج منه اليد. ويبتغي أي يطلب. والأرنب حيوان معروف. وفي الكلام حذف مضاف أي كعب أرنب لأنهم كانوا يعلقون كعب الأرنب حفظًا من العين والسحر، لأن الجن تمتطي الثعالب والظباء والقنافذ وتجتنب الأرانب لحيضها ومرجع هذه الضمائر في بيت قبله. عيني مع زيادة وحذف. قوله: "وليقس" أي على ما أشير إليه سابقًا من الأمور المسوغة ما لم يقل من بقية المسوغات. والإشارة بالكاف في قوله كعند زيد نمرة إلى بقية أمثلة تلك الأمور فلا تكرار أفاده سم. قوله: "والأصل في الأخبار أن تؤخرا" اعلم أن للخبر في نفسه حالتين التقدم والتأخر، والأصل منهما التأخر بقطع النظر عن كونه واجبًا أو جائزًا، ولهما ثلاثة أحكام: وجوب التأخر وامتناع التقدم والعكس وجواز التأخر والتقدم وهذا هو الأصل من الثلاثة إذ الأصل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
156- البيت من المتقارب، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص128؛ وإنباه الرواة 4/ 147؛ وشرح ابن عقيل ص115؛ ولسان العرب 12/ 401 "عسم" 8/ 123، 124 "رسع"، 8/ 318 "لسع"؛ ومجالس ثعلب 102؛ والمعاني الكبير ص211؛ وهو لامرئ القيس بن مالك الحمير الحميري في المؤتلف والمختلف ص12؛ وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب ص73؛ وشرح المفصل 1/ 36.
305 | 435(1/304)
الابتداء
فامنعه حين يستوى الجزءان عرفا وونكرًا عادمي بيان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن تؤخرا" عن المبتدآت لأن الخبر يشبه الصفة من حيث إنه موافقة في الإعراب لما هو دال على الحقيقة أو على شيء من سببية ولما لم يبلغ درجتها في وجوب التأخير توسعوا فيه "وجوزوا التقديم إذ لا ضررا" في ذلك نحو تميمي أنا، ومشنوء من يشنؤك، فإن حصل في التقديم ضرر فلعارض كما ستعرفه. إذا تقرر ذلك "فامنعه" أي تقديم الخبر "حين يستوى الجزءان" يعني المبتدأ والخبر "عرفًا ونكرًا" أي في التعريف والتنكير "عادمي بيان" أي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عدم الموجب والمانع قاله اللقاني.
قوله: "من حيث إنه إلخ" حيثية تعليل أو تقييد. وقوله: لما أي للمبتدأ الذي هو أي الخبر له أي خبر له. وقوله: دال خبر بعد خبر. وقوله: على الحقيقة أي الذات أي ذات المبتدأ كزيد قائم فقائم يدل على ذات هي ذات زيد. وقوله: أو على شيء من سببيه أي على ذات من الذوات التي تتعلق بزيد كزيد قائم أبوه ومبنية داره، فكل من قائم ومبنية يدل على ذات تتعلق بزيد وهي ذات أبيه في الأول وذات داره في الثاني. والمراد بالذات ما يشمل الصفة فيما إذا كان السببي صفة كزيد غزير علمه. وبهذا التحقيق يعلم أنه لا حاجة إلى ما تكلفه شيخنا والبعض في تقرير عبارة الشارح. قوله: "ولما لم يبلغ درجتها في وجوب" أي حالتها المتسببة في وجوب إلخ أي التي هي سبب في وجوب تأخير الصفة، وتلك الدرجة والحالة هي ما حوته الصفة من وجوب مطابقة الموصوف تعريفًا وتنكيرًا ومتابعته في إعرابه المتجدد أيضًا فهي تابعة للموصوف من كل وجه فلما لم يحو الخبر هذه الدرجة توسعوا فيه وجوزوا تقديمه، وبتقرير عبارة الشارح على هذا الوجه سقط قول البعض كان الصواب حذف قوله في وجوب التأخير لاقتضائه أن كلًا منهما واجب التأخير لكن درجة الخبر في ذلك أحط وأنزل وذلك غير صحيح في نفسه وغير ملائم لما بعده.
قوله: "وجوزوا التقديم" أي لم يمنعوه وليس المراد بالجواز استواء الطرفين لما علمت من أن التأخير هو الأصل الراجح وهذ ذكر لأول أحوال الخبر الثلاثة: جواز التقديم والتأخير ومنع التقديم ووجوبه وسيأتيان، وبدأ بالأول لأنه الأصل من الثلاثة كما مر عن اللقاني، ثم بالثاني لأنه على الأصل من جهة التأخير ومخالفته له من جهة الوجوب ثم بالثالث لمخالفته الأصل من كل وجه. قوله: "إذ لا ضرر"الأحسن والأنسب بقول المصنف فامنعه حين إلخ أن إذ ظرفية لا تعليلية. قوله: "ومشنوء" أي مبغوض. قوله: "فإن حصل في التقديم ضرر فلعارض" هذا الكلام منه مبني على أن إذ تعليلية وهو خلاف ما رجحناه، واللائق على كونها ظرفية أن يقول فإن حصل في التقديم ضرر امتنع. قوله: "فامنعه حين يستوي الجزءان إلخ" أي على مذهب الجمهور، فقد نقل الدماميني عن قوم منهم ابن السيد أنهم أجازوا في نحو صديقي زيد كون زيد مبتدأ وكونه خبرًا ولم يبالوا بحصول اللبس نظرًا إلى حصول المعنى، فعلم أن في تقديم الخبر على المبتدأ هنا خلافًا كتقديم المفعول على الفاعل في نحو ضرب موسى عيسى، فحصل الجواب عما ذكره شيخنا والبعض من التوقف في ذلك فاحفظه. قوله: "أي في التعريف والتنكير" أشار إلى أنهما اسما مصدرين للتعريف والتنكير وأنهما منصوبان بنزع الخافض لأن المعنى عليه وإن كان مقصورًا
306 | 435(1/305)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قرينة تبين المراد نحو صديقي زيد، وأفضل منك أفضل مني، لأجل خوف اللبس، فإن لم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على السماع أوضح من جعلهما تمييزين محولين عن فاعل يستوي، والمراد الاستواء في جنس التعريف بأن يكون كل منهما معرفة وإن كان أحدهما أعرف من الآخر قيل هذا ما عليه النحاة، وذهب أهل المعاني إلى تعين الأعرف للابتداء ولعل المراد بالنحاة جمهورهم لما مر قريبًا عن الدماميني ولقول المغني يجب الحكم بابتدائية المقدم من معرفتين متساويتين أو متفاوتتين هذا هو المشهور وقيل يجوز تقدير كل منهما مبتدأ وخبرًا مطلقًا، وقيل المشتق خبر وإن تقدم. والتحقيق أن المبتدأ هو الأعرف عند علم المخاطب بهما أو جهله لهما أو لغير الأعرف فقط والمعلوم له غير الأعرف عند جهله بالأعرف والمعلوم له عند تساويهما تعريفًا. ا. هـ. بإيضاح من الشمني. ثم قال المغني: فإن علمهما وجهل النسبة يعني واستويا تعريفًا فالمقدم المبتدأ يعني وتقدم أيهما شئت. ثم قال: ويستثنى من المتفاوتتين اسم الإشارة المقرون بالتنبيه مع معرفة أخرى فيتعين للابتداء لمكان التنبيه إلا مع الضمير فإن الأفصح جعله المبتدأ وإدخال التنبيه عليه فتقول ها أنا ذا وسمع قليلًا هذا أنا، وما حكاه من أن المشتق خبر وإن تقدم هو رأي الفجر الرازي قال لأنه الدال على المعنى المسند إلى الذات والذات هي المسند إليها فيكون الدال عليها هو المبتدأ. فإذا قلت: زيد المنطلق أو المنطلق زيد فزيد مبتدأ والمنطلق خبره فيهما، قال صاحب التلخيص: ورد بأن المعنى الشخص الذي له الصفة صاحب الاسم فالصفة جعلت دالة على الذات ومسند إليها، والاسم جعل دالًا على أمر نسبي ومسندًا. قال بهاء الدين السبكي: وقد يقال الدال على الوصفية إنما هو منطلق أما المنطلق فأل فيه موصول بمعنى الذي فهو في الجمود والدلالة على الذات كزيد. ا. هـ. وقد يعكر على النقل السابق عن أهل المعاني قول المطول والمختصر الذي يقدم ويجعل مبتدأ هو ما يعلم المخاطب اتصاف الذات به، والذي يؤخر ويجعل خبرًا هو ما يجهل المخاطب اتصاف الذات به فإذا عرف المخاطب زيدًا بعينه واسمه وجهل اتصافه بأنه أخوك قلت زيد أخي، وإذا عرف أن لك أخًا وجهل عينه واسمه قلت أخي زيد. قال: ويتضح هذا في قولنا رأيت أسودًا غابها الرماح ولا يصح رماحها الغاب. ا. هـ. أي لأن الأسود لا بد لها من الغاب فيكون معلومًا فاعرف ذلك. والاستواء في نوع التنكير بأن يكون كل منهما نكرة محضة أو نكرة مسوغة وإن اختلف المسوغ فلا يؤثر الاستواء في جنس التنكير مع كون أحدهما فقط نكرة مسوغة هذا ما يدل عليه كلام الشارح وقيل: المراد الاستواء في جنس التنكير كالتعريف فنحو رجل صالح حاضر خارج بقوله عادمي بيان لأن الصفة قرينة لفظية مبينة وهذا أحسن.
قوله: "عادمي بيان" حال من فاعل يستوي والبيان بمعنى المبين بدليل قول الشارح أي قرينة إلخ. قوله: "نحو صديقي زيد" فالمجهول للسامع هو الذي يجعل خبرًا في مثل ذلك على ما مر. قوله: "وأفضل منك أفضل مني" أي لكوني دونك أو مساويك. قوله: "لأجل خوف اللبس" علة لا منعه. قوله: "للعلم بخبرية المقدم" أما في نحو حاضر رجل صالح فلتعين المبتدأ والخبر من عدم الاستواء وأما في نحو أبو حنيفة أبو يوسف فللقرينة المعنوية الدالة على تشبيه أبي
307 | 435(1/306)
الابتداء
كذا إذا ما الفعل كان الخبرا أو قصد استعماله منحصرا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يستويا نحو رجل صالح حاضر، أو استويا وأجدى بيان أي قرينة تبين المراد نحو أبو يوسف أبو حنيفة جاز التقديم، فتقول حاضر رجل صالح، وأبو حنيفة أبو يوسف، للعم بخبرية المقدم. ومنه قوله:
157-
بنونا بنوا أبنائنا وبناتنا بنوهن أبناء الرجل الأباعد أي بنوا أبنائنا مثل بنينا و"كذا" يمتنع التقديم "إذا ما الفعل" من حيث الصورة المحسوسة، وهو الذي فاعله ليس محسوسًا بل مستترًا "كان الخبرا" لإيهام تقديمه والحالة هذه فاعلية المبتدأ، فلا يقال في نحو زيد قام قام زيد، على أن زيدًا مبتدأ بل فاعل، فإن كان الخبر ليس فعلًا في الحس بأن يكون له فاعل محسوس من ضمير بارز أو اسم ظاهر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يوسف بأبي حنيفة لا العكس وكونه من التشبيه المقلوب نادر فلا التفات إلى احتماله قال في المغني اللهم إلا أن يقتضي المقام المبالغة. قوله: "إذا ما الفعل" قال الروداني: مثله اسم الفعل فلا يتقدم في نحو هيهات. ا. هـ. قيل: ومثله الوصف المسبوق بنفي أو استفهام نحو ما زيد قائم وأزيد قائم لوجود التباس المبتدأ بالفاعل لو قدم الخبر وقيل: لا يمتنع، والفرق أن ضرر اللبس في الفعل أشد لأنه يخرج الجملة من الاسمية إلى الفعلية لو قدم بخلاف الوصف وعدم الامتناع هو ما يدل عليه قول الشارح سابقًا فإن تطابقا في الافراد جاز الأمران نحو أقائم زيد وما ذاهبة هند. قوله: "من حيث الصورة المحسوسة" دفع به ما يقال الواقع خبرًا هو الجملة من الفعل والفاعل لا الفعل وحده. قوله: "لإيهام تقديمه والحالة هذه" أي كون الخبر فعلًا في الصورة فاعلية المبتدأ أي فيفوت غرضان تفيدهما الجملة الاسمية الدوام وتقوي الحكم بتكرار الإسناد لكن حقق السيد كما في الدماميني أن الجملة الاسمية التي خبرها فعل تفيد التجدد لا الدوام وعليه فلا يفوت إلا التقوى والمراد بإيهام الفاعلية جعلها المتبادرة إلى الوهم أي الذهن لا مجرد تطرق الاحتمال فلا يرد أن من كلامهم مختارًا وعميرًا، والأول يحتمل اسم الفاعل واسم المفعول والثاني يحتمل تصغير عمرو تصغير عمر ويؤخذ من تعليل امتناع تقديم الخبر الفعلي بالعلة المذكورة جواز تقديم معموله على المبتدأ لانتفاء العلة فيجوز عمرًا زيد ضرب.
قوله: "فاعلية المبتدأ" أي أو نائبية الفاعل في نحو زيد ضرب. قوله: "فتقول فأما الزيدان" فيه أن الألف تحذف لفظًا لالتقاء الساكنين فاللبس حاصل لفظًا. وأجيب بأنه يمكن دفعه بالوقف على قاما أو الوصل بنية الوقف، نعم لا لبس بحال في نحو قاما أخواك ودعوا الزيدان فلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
157- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في خزانة الأدب 1/ 444، وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 66؛ وأوضح المسالك 1/ 106؛ وتخليص الشواهد ص198؛ والحيوان 1/ 346؛ والدرر 2/ 24؛ وشرح التصريح 1/ 173؛ وشرح شواهد المغني 2/ 48؛ وشرح ابن عقيل ص119؛ وشرح المفصل 1/ 99، 9/ 132؛ ومغني اللبيب 2/ 452؛ وهمع الهوامع 1/ 102.
308 | 435(1/307)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نحو الزيدان قاما، والزيدون قاموا، وزيد قام أبوه جاز التقديم، فتقول: قام الزيدان وقاموا الزيدون وقام أبوه زيد للأمن من المحذور المذكور، إلا على لغة أكلوني البراغيث، وليس ذلك مانعًا من تقديم الخبر لأن تقديم الخبر أكثر من هذه اللغة، والحمل على الأكثر راجح، قاله في شرح التسهيل. وأصل التركيب كذا إذا ما الخبر كان فعلًا؛ لأن الخبر هو المحدث عنه، فلا يحسن جعله حديثًا لكنه قلب العبارة لضرورة النظم وليعود الضمير على أقرب مذكور في قوله "أو قصد استعماله منحصرًا" أي وكذا يمتنع تقديم الخبر إذا استعمل منحصرًا نحو: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} [آل عمران: 144]، {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِر} [الرعد: 7]؛ إذ لو قدم الخبر والحالة هذه لانعكس المعنى المقصود، ولأشعر التركيب حينئذ بانحصار المبتدأ. فإن قلت: المحذور منتف إذا تقدم الخبر المحصور بإلا مع إلا.
قلت: هو كذلك إلا أنهم ألزموه التأخير حملًا بإنما. وأما قوله:
158-
وهل إلا عليك المعول فشاذ وكذا يمتنع تقديم الخبر إذا كانت لام الابتداء داخلة على المبتدأ نحو لزيد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إشكال في جوازه. قوله: "إلا على لغة إلخ" راجع لقوله للأمن من المحذور المذكور بالنسبة للمثالين الأولين وقوله وليس ذلك أي وجود المحذور المذكور على هذه اللغة. قوله: "أكثر من هذه اللغة" أي ومن كون الظاهر بدلًا من الضمير لأنه خلاف الظاهر ولهذا قالوا في قوله تعالى: {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُم} [المائدة: 71]، وقوله تعالى: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنبياء: 3]، إن كثير والذين مبتدآن مؤخران لا بد لأن. قوله: "منحصرًا" يروى بكسر الصاد وأورد عليه أن المنحصر فيما نحن فيه هو المبتدأ وأما الخبر فمحصور فيه ويمكن دفعه بتقدير مضاف أي منحصرًا مبتدؤه، فيه وما أجاب به بعضهم وارتضاه البعض من أن المراد بالمنحصر المقرون بأداة الحصر فلا يظهر في الحصر بإنما. ويروى بفتحها أي منحصرًا فيه على الحذف والإيصال وهو أقرب من الكسر إلى المقصود وإن ضعف بأن الحذف والإيصال سماعي فقد يمنع كونه سماعيًا.
قوله: "وما محمد إلا رسول" الحصر إضافي وكذا في إنما أنت منذر. قوله: "ولأشعر إلخ" العطف للتفسير. قوله: "بانحصار المبتدأ" أي بالانحصار فيه أي بانحصار الخبر فيه: قوله: "وأما قوله وهل إلخ" وارد على قوله ألزموه التأخير. قوله: "وهل إلا عليك المعوّل" صدره:
فيا رب هل إلا بك النصر يرتجى ولم يأت به لاحتمال أن يكون بك هو الخبر ويرتجى حال، وعليه ففيه الشاهد أيضًا وأن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
158- صدر البيت:
فيا رب هل إلا بك النصر يرتجى عليهم
وهو من الطويل، وهو للكميت في تخليص الشواهد ص192؛ والدرر 2/ 26؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 139؛ وشرح التصريح 1/ 173؛ والمقاصد النحوية 1/ 534؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 209؛ وشرح ابن عقيل ص121؛ وهمع الهوامع 1/ 102.
309 | 435(1/308)
الابتداء
أو كان مسندًا لذي لام ابتدا أو لازم الصدر كمن لي منجدًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قائم كما أشار إليه بقوله "أو كان" أي الخبر "مسندًا لذي لام ابتدا" لاستحقاق لام الابتداء الصدر. وأما قوله:
159-
خالي لأنت ومن جرير خاله ينل العلاء ويكرم الأخوالا فشاذ أو مؤول. وقيل: اللام زائدة وقيل: اللام داخلة على مبتدأ محذوف أي لهو أنت. وقيل: أصله لخالي أنت أخرت اللام للضرورة "أم" مسندًا "لازم الصدر" كاسم الاستفهام والشرط والتعجب وكم الخبرية "كمن لي منجدًا" ومن يقم أحسن إليه، وما أحسن زيدًا، وكم عبيد لزيد. ومنه قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يكون يرتجى هو الخبر، وبك متعلق به وعليه فلا شاهد فيه لأن المتقدم المحصور فيه معمول الخبر لا الخبر، إلا أن يقال ما ثبت لمعمول الخبر يثبت للخبر، وفيه ما لا يخفى، وأول العجز عليهم. والاستفهام إنكاري بمعنى النفي. قوله: "فشاذ" ولا يجوز أن يكون المعول فاعلًا للجار والمجرور لاعتماده على الاستفهام لأن إلا مانعة من ذلك لأنه حينئذٍ كالفعل ويمتنع هل إلا قام زيد. قوله: "ينل العلاء ويكرم الأخوالا" خبر من، وجزمهما وإن كانت من موصولة إجراء لها مجرى الشرطية وحركهما بالكسر للتخلص من التقاء الساكنين ويجوز في يكرم الرفع أي وهو يكرم والعلاء بالفتح والمد العلوّ، وبالضم والقصر جمع عليًا بالضم والقصر والأخوالا مفعول يكرم إن بني للفاعل ومنصوب بنزع الخافض إن بني للمجهول أي للأخوال هذا ما ظهر. قوله: "أي لهو أنت" ضعف بأن الحذف ينافي التأكيد باللام لاستدعائه الطول وفيه ما مر. قوله: "لمبتدأ لازم الصدر" ومنه ضمير الشأن وما أشبهه نحو كلامي زيد منطلق كما في التسهيل. قوله: "كاسم الاستفهام والشرط إلخ" إنما وجب تقديمها لأنها تدل على نوع الكلام والحكمة تقتضي تقديم ما يدل على نوع من أنواع الكلام ليعلمه السامع من أول الأمر وينتفي عنه التحير الذي يحصل له لو قدم غيره لاحتمال الكلام حينئذٍ كل نوع من أنواع الكلام. فإن قيل: فيلزم أن يقدم كل من زيد أو ضربت إذا قيل زيدًا ضربت لأنه إذا قدم زيدًا تحير السامع فيما بعده أضربت أو أكرمت مثلًا، وإذا قدم ضربت تحير السامع فيما بعده أزيدًا أو عمرًا مثلًا. قلت: أجاب ابن الحاجب في أماليه بوجوه منها أن هذا لا يمكن أن يكون إلا كذلك لأنه لا بد من تقديم جزء على جزء فمهما قدم أحد الجزأين احتمل الآخر كل ما يصلح. ومنها أن هذا التباس في آحاد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
159- البيت من الكامل، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب 10/ 323؛ وسر صناعة الإعراب ص378؛ وشرح التصريح 1/ 174؛ وشرح ابن عقيل ص121؛ ولسان العرب 1/ 105 "شهرب"، والمقاصد النحوية 1/ 556.
310 | 435(1/309)
الابتداء
ونحو عندي درهم ولي وطر ملتزم فيه تقدم الخبر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
160-
كم عمة لك يا جرير وخالة فدعاء قد حلبت علي عشاري وفي معنى اسم الاستفهام والشرط أما أضيف إليهما، نحو غلام من عندك وغلام من يقم أقم معه، فهذه خمس مسائل يمتنع فيها تقديم الخبر.
تنبيه: يجب أيضًا تأخير الخبر المقرون بالفاء نحو الذي يأتيني فله درهم قاله في شرح الكافية. وهذا مشروع في المسائل التي يجب فيها تقديم الخبر "ونحو عندي درهم ولي وطر" وقصدك غلامه رجل "ملتزم فيه تقدم الخبر" رفعًا لإيهام كونه نعتا في مقام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أجزاء الكلام وذلك التباس في أنواع الكلام فكان أهم.
قوله: "ومنه قوله كم عمة إلخ" أي على رواية جر عمة على أن كم خبرية لأنه على رواية النصب تكون كم استفهامية وعلى رواية الرفع تكون خبرية أو استفهامية في محل نصب على الظرفية أو المصدرية فلا يكون مما نحن فيه. قوله: "ما أضيف إليهما" أي لأنه استحق التصدير لاكتسابه الاستفهام والشرط بالإضافة إلى اسم الاستفهام واسم الشرط، فالشرط والجواب حينئذٍ للمضاف لا للمضاف إليه كما قاله الناصر، وعليه فمن مجردة في هذه الحالة عن الاستفهام والشرط لخلعها ذلك على المضاف، وظاهره أن الجازم المضاف لا من لكن، قال الروداني: الظاهر أن الجزم بمن لا بغلام. ا. هـ. ومثل ما أضيف إليهما ما أضيف إلى كم الخبرية نحو مال كم رجل عندك كما في التوضيح. قوله: "يجب أيضًا تأخير الخبر المقرون بالفاء" أي لأن الفاء إنما دخلت في الخبر المذكور لشبهه بالجزاء والجزاء لا يتقدم على الشرط وبقيت أشياء منها ما إذا كان الخبر جملة طلبية أو مقرونًا بالباء الزائدة نحو ما زيد بقائم على لغة الإهمال أو كان المبتدأ مذ أو منذ نحو ما رأيته مذ أو منذ يومان عند من أعربهما مبتدأين. قوله: "وهذا شروع في المسائل إلخ" أل للجنس فإنه لم يستوفها كما ستعرفه. قوله: "ونحو عندي درهم" اعترض بأن هذا معلوم من قوله سابقًا كعند زيد نمرة، وأجيب بأن ذكره هناك من حيث توقف الابتداء بالنكرة عليه وهنا من حيث توقف دفع اللبس عليه. قوله: "ولي وطر" أي حاجة. قوله: "في مقام الاحتمال" أي احتمال كونه نعتًا أي احتمالًا راجحًا لأن الاحتمال على الاستواء إجمال ولا محذور في الإجمال. قوله: "لأنه نكرة محضة" علة لمحذوف أي وكونه نعتًا أقرب لأنه إلخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
160- اليبت من الكامل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 361؛ والأشباه والنظائر 8/ 123، وأوضح المسالك 4/ 271؛ وخزانة الأدب 6/ 458، 489، 492، 493، 495، 498؛ والدرر 4/ 45؛ وشرح التصريح 2/ 280؛ وشرح شواهد المغني 1/ 511؛ وشرح عمدة الحافظ ص536؛ وشرح المفصل 4/ 133؛ والكتاب 2/ 72، 162، 166؛ ولسان العرب 4/ 573 "عشر"، واللمع ص228؛ ومغني اللبيب 1/ 185؛ 2/ 72، 162، 166؛ والمقاصد النحوية 4/ 489؛ وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب 1/ 331؛ وشرح ابن عقيل ص116؛ ولسان العرب 2/ 528 "كمم"، والمقتضب 3/ 85؛ والمقرب 1/ 312، وهمع الهوامع 1/ 254.
311 | 435(1/310)
الابتداء
كذا إذا عاد عليه مضمر مما به عنه مبينا يخبر
كذا إذا يستوجب التصديرا كأين من علمته نصيرا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاحتمال؛ إذ لو قلت: درهم عندي، ووطر لي، ورجل قصدك غلامه احتمل أن يكون التابع خبرًا للمبتدأ وأن يكون نعتًا له لأنه نكرة محضة، وحاجة النكرة إلى التخصيص ليفيد الإخبار عنها فائدة يعتد بمثلها آكد من حاجتها إلى الخبر. ولهذا لو كانت النكرة مختصة جاز تقديمها نحو {وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَه} [الأنعام: 2] و"كذا" يلتزم تقدم الخبر "إذا عاد عليه مضمر مما" أي من المبتدأ الذي "به" أي بالخبر "عنه" أي عن ذلك المبتدأ "مبينا يخبر" والمعنى أنه يجب تقديم الخبر إذا عاد عليه ضمير من المبتدأ نحو على التمرة مثلها زبدًا. وقوله:
161-
أهابك إجلالًا وما بك قدرة علي ولكن ملء عين حبيبها فلا يجوز مثلها زبدًا على التمرة، ولا حبيبها ملء عين لما فيه من عود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة، وقد عرفت أن قوله: عاد عليه هو على حذف مضاف أي عاد على ملابسه. و"كذا" يلتزم تقدم الخبر "إذا يستوجب التصديرا" بأن يكون اسم استفهام أو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "ليفيد الإخبار" علة لحاجة لأنها بمعنى احتياج. قوله: "ولهذا" أي لكون وجوب التقديم لدفع إيهام الصفة التي تحتاج النكرة إليها. قوله: "كذا" أي مثل التزام تقدم الخبر فيما مر يلتزم تقدمه إذا عاد عليه مضمر من المبتدأ الذي بذلك الخبر عنه حال كون الخبر مبينًا أي مفسرًا للضمير العائد إليه من المبتدأ فمبينًا حال من الضمير في به لبيان الواقع فصل بينها وبين صاحبها بأجنبي للضرورة. قال ابن غازي هذا البيت مع ما فيه من التعقيد كان يغني عنه وعما بعده أن يقول:
كذا إذا عاد عليه مضمر من مبتدأ وما به يصدر قوله: "زيدًا" تمييز مفرد أو حال ويجوز رفعه بدلًا أو بيانًا أو مبتدأ أو فاعلًا بالظرف عند من لا يشترط الاعتماد على النفي أو الاستفهام وعلى هذين فمثل منصوب على الحال من النكرة المؤخرة وفتحته إعراب أو بناء. وبحث الدماميني في تمثيلهم بقولهم على التمرة مثلها زبدًا بأن الخبر الكون المطلق المحذوف وهو يصح تقديره مؤخرًا على الأصل كما تذكره مؤخرًا لو كان كونًا خاصًا مثل على الله عبده متوكل ويمكن أن يجاب بأن التمثيل بذلك مبني على أن الظرف هو الخبر فتدبر. قوله: "أهابك" بكسر الكاف. قوله: "لما فيه من عود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة" أي وهو غير جائز هنا اتفاقًا بخلافه في نحو ضرب غلامه زيدًا فإن فيه خلافًا. والفرق أن ما عاد عليه الضمير وما اتصل بهالضمير اشتركا في العامل في الثاني دون الأول. قوله: "وقد عرفت" أي من التمثيل. قوله: "هو على حذف مضاف" أي عاد على ملابسه يستثنى من ذلك ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
161- البيت من الطويل، وهو للمجنون في ديوانه ص85؛ ولنصيب بن رباح في ديوانه ص68؛ وتخليص الشواهد ص201؛ وسمط اللآلي ص401؛ وشرح التصريح 1/ 176؛ والمقاصد النحوية 1/ 537؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 251؛ وشرح ابن عقيل ص123؛ وشرح عمدة الحافظ ص173.
312 | 435(1/311)
الابتداء
وخبر المحصور قدم أبدا كما لنا إلا اتباع أحمدا
وحذف ما يعمل جائز كما تقول زيد بعد من عندكما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مضافًا إليه "كأن من علمته نصيرًا" وصبيحة أي يوم سفرك "وخبر" المبتدأ "المحصور" فيه بإلا أو بإنما "قدم أبدًا" على المبتدأ "كما لنا إلا اتباع أحمدا" وإنما عندك زيد لما سلف.
تنبيه: كذلك يجب تقديم الخبر إذا كان المبتدأ أن وصلتها نحو عندي أنك فاضل؛ إذ لو قدم المبتدأ لالتبست أن المفتوحة بالمكسورة، وأن المؤكدة بالتي هي لغة في لعل، ولهذا يجوز ذلك بعد أما كقوله:
162-
عندي اصطبار وأما أنني جزع يوم النوى فلوجد كاد يبريني لأن إن المكسورة ولعل لا يدخلان هنا. ا. هـ. "وحذف ما يعلم" من الجزأين بالقرينة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذا أمكن تقديم المفسر وحده المبتدأ فإن أمكن صح تأخير الخبر جوازًا نحو عمرًا علمه نافع أو وجوبًا نحو عمرًا علمه نفع عند البصريين وبعض الكوفيين ومنع أكثرهم تقديم المفسر وحده في الصورتين كما في التسهيل والهمع. وأما قول البعض الأولى إبقاء المتن على ظاهره إلى آخر ما قال فغير مستقيم فتأمله.
قوله: "يستوجب" أي يستحق التصدير أي في جملته فلا يرد نحو زيد أين مسكنه. قوله: "صبيحة أي يوم سفرك" أي ابتداء سفرك لأنه المظروف في الصبيحة ولا ريب أنه لا يستغرق الصبيحة ولا أكثرها فيكون صبيحة بالنصب ويقل فيها الرفع كما علم مما أسلفناه، وبهذا يعرف ما في كلام البعض من الخلل. قوله: "وخبر المحصور" أي المحصور فيه كما صرح به الشارح فهو على الحذف والإيصال. قوله: "لما سلف" الذي سلف هو تعليل امتناع تقديم الخبر بأنه لو قدم لانعكس المعنى المقصود والمطلوب هنا تعليل وجوب تقديمه بأنه لو أخر لانعكس المعنى المقصود فلا بد من تقدير مضاف أي لنظير ما سلف. قوله: "كذلك يجب تقديم الخبر إلخ" ومن مواضع وجوب التقديم ما لو قرن المبتدأ بفاء الجزاء نحو أما عندك فزيد، أو كان تأخيره يخل بفهم المقصود نحو لله درك فإنه لو أخر لم يفهم منه التعجب أو كان الخبر اسم إشارة مكان نحو ثم أو هنا زيد. قوله: "لالتبست" أي خطً فقط في التباس أن المفتوحة بالمكسورة ولفظًا وخطا في التباسها بأن التي هي لغة في لعل. قوله: "ولهذا" أي لكون علة وجوب التقديم خوف الالتباس المذكور. قوله: "كاد يبريني" بفتح ياء المضارعة من بريت القلم أي نحته. قوله: "لا يدخلان هنا" لأن أما لا يفصل بينها وبين الفاء بجملة وإن المكسورة مع معمولها جملة وكذا أن بمعنى لعل. قوله: "ما يعلم" أي بعينه فلا يكفي علمه إجمالًا بأن يعلم أن في الكلام حذفًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
162- البيت من البيسط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 213؛ والدرر 2/ 26؛ وشرح التصريح 1/ 175؛ وشرح شواهد المغني 2/ 661؛ ومغني اللبيب 1/ 270؛ والمقاصد النحوية 1/ 536؛ وهمع الهوامع 1/ 103.
313 | 435(1/312)
الابتداء
وفي جواب كيف زيد قل دنف فزيد استغني عنه إذ عرف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"جائز كما تقول زيد" من غير ذكر الخبر "بعد" ما يقال لك "من عندكما" والتقدير زيد عندنا. وإن شئت صرحت به. ولو كان المجاب به نكرة نحو رجل قدر الخبر أيضًا بعده.
قال في شرح التسهيل: ولا يجوز أن يكون التقدير عندي رجل إلا على ضعف "وفي جواب كيف زيد قل دنف" بغير ذكر المبتدأ "فزيد" المبتدأ "استغني عنه" لفظًا "إذ" قد "عرف" بقرينة السؤال والتقدير هو دنف وإن شئت صرحت به. وقد يحذف الجزءان معًا إذا خلا محل مفرد كقوله تعالى: {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4]، أي فعدتهن ثلاثة أشهر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "من الجزأين" أي المبتدأ والخبر كما هو موضوع المقام أما المبتدأ الرافع لمستغنى به فلا يحذف هو ولا مرفوعه كما نقله يس عن الشاطبي. وخرج أيضًا فاعل الفعل ونائب الفاعل فلا يحذفان وإن علما. واختلفا فيما إذا دار الأمر بين جعل المحذوف المبتدأ أو الخبر، فقيل: الأحسن حذف الخبر لأن الحذف تصرف وتوسع والأحق بذلك الخبر فإنه يقع مفردًا مشتقًا وجامدًا وجملة اسمية وفعلية وظرفية ولأن الحذف أليق بالإعجاز، وقيل الأحسن حذف المبتدأ لأن الخبر محط الفائدة. قوله: "جائز" أي غير ممتنع فيصدق بوجوب حذف المبتدأ وحذف الخبر كما سيأتي تفصيله. قوله: "كما تقول إلخ" لم يقل تقولان ليوافق عندكما لاحتمال أن المجيب أحد المسئولين فقط. قوله: "لك" كان ينبغي لكما لأن المخاطب اثنان وإن كان المجيب واحدًا. قوله: "قدر الخبر أيضًا بعده" والمسوغ وقوعه في الجواب سم. قوله: "ولا يجوز" أي جوازًا مستوى الطرفين بل هو خلاف الأولى لأنه يلزم عليه عدم مطابقة الجواب للسؤال في ترتيب أجزاء الجملة. فقوله الأعلى ضعف أي خلاف الأولى كما أفاده سم، وإلا بمعنى لكن. قوله: "قل دنف" أي مريض من العشق أو غيره مرضًا ملازمًا كما في القاموس وهو مبني على أن كيف اسم غير ظرف وأنها محل رفع، أما على قول سيبويه أنها ظرف كأين وأن المعنى في أي حال فيكون الجواب في صحة مثلًا قاله يس. وعبارة الدماميني اعلم أن في كيف ثلاث عبارات: إحداها أنها ظرف يستفهم به عن الأحوال فمعناها في أي حال على أن الظرفية مجازية كما في زيد في حالة حسنة، وهذه عبارة سيبويه، فموضعها عنده نصب دائمًا. الثانية أنها اسم يستفهم به عن الأحوال فمعناها على أي حال، وهذه عبارة السيرافي والأخفش، فموضعها عندهما رفع مع المبتدأ ونصب مع غيره. الثالثة أنها سؤال عن وصف ما يذكر بعدها فمعناها ما نعت زيد، وهذه عبارة ابن المصنف والمراد بالوصف عليها اللفظ الدال على ذات باعتبار معنى هو المقصود لا هذا المعنى وإلا اتحد هذا بالقول الثاني. ثم اعترض القول الأول والثاني بأمور ثم قال: وأما القول الثالث فلا إشكال عليه ألبتة. ثم ذكر أن كيف قد تسلب معنى الاستفهام وتخلص لمعنى الحال كما في قول بعضهم انظر إلى كيف يصنع زيد أي إلى الحال التي يصنعها ولولا ذلك لم يعمل فيها ما قبلها. ا. هـ. ملخصًا.
قوله: "هو دنف" قدره ضميرًا تبعًا للنحاة لئلا يتوهم المغايرة، وظاهر قول المصنف فزيد إلخ أنه يقدر اسمًا ظاهرًا وهو صحيح. قوله: "قوله إذا خلا محل مفرد" ليس بقيد بدليل صحة
314 | 435(1/313)
الابتداء
وبعد لولا غالبا حذف الخبر حتم وفي نص يمين ذا استقر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فحذفت هذه الجملة لوقوعها موقع مفرد، وهو كذلك لدلالة الجملة التي قبلها وهي فعدتهن ثلاثة أشهر عليها. واعلم أن حذف المبتدأ والخبر منه ما سبيله الجواز كما سلف، ومنه ما سبيله الوجوب وهذا شروع في بيانه "وبعد لولا" الامتناعية "غالبا" أي في غالب أحوالها وهو كون الامتناع معلقًا بها على وجود المبتدأ الوجود المطلق "حذف الخبر حتم" نحو: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [البقرة: 251]، أي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولك: نعم لمن قال: أزيد قائم كذا في يس عن ابن هشام، وهو لا يظهر إلا على القول بأن الجملة مقدرة بعد نعم لا على القول بأنها مفهومة من نعم بلا تقديرها، ولعل كلام الشارح مبني على هذا فتأمل.
قوله: "كقوله تعالى {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْن} " إنما لم يجعل اللائي معطوفًا على اللائي قبله وما بينهما خبر الاقتران الخبر بالفاء وتقدم أن الخبر المقرون بها يجب تأخيره لتنزله من المبتدأ منزلة الجواب من الشرط، وأيضًا لو جاز ذلك لاستدعى جواز زيد قائمان وعمرو مع أنه لا يجوز للقبح اللفظي بخلاف زيد في الدار وعمرو نقله يس عن ابن هشام. وفي استدعاء جواز ذلك جواز زيد قائمان وعمرو نظر للفرق بحصول المطابقة بين المعطوف عليه والخبر في الآية دون المثال المذكور فليس فيها قبح لفظي بخلافه، على أن الذي في المغني صحة عدم تقدير شيء في الآية بالجعل السابق. ولا يرد عندي اقتران الخبر بالفاء لأن المتقدم عليه تابع المبتدأ ويغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع. ثم ما درج عليه الشارح من تقدير الخبر فعدتهن ثلاثة أشهر قول الفارسي ومن تبعه ليكون المقدر من لفظ الخبر المذكور قال في المغني: والأولى أن يكون الأصل واللائي لم يحضن كذلك لأنه ينبغي تقليل المحذوف ما أمكن ولأن أصل الخبر الافراد ولأنه لو صرح بالخبر لم يحسن إعادة ذلك المتقدم تقليلًا للتكرار. قوله: "لدلالة الجملة إلخ" علة لحذفت بعد تعليله بالعلة الأولى فاندفع الاعتراض بلزوم تعلق حرفي جر متحدي اللفظ والمعنى بعامل واحد لاختلاف العامل بالإطلاق والتقييد على ما قيل في نظائره.
قوله: "وبعد لولا" متعلق بحذف أو حتم، وتقديم معمول المصدر عليه إذا كان ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا جائز على ما قال التفتازاني أنه الحق. وقال ابن هشام في شرح بانت سعاد: إن كان المصدر ينحل بأن والفعل امتنع مطلقًا وإلا جاز. قوله: "الامتناعية" خرج التحضيضية إذ لا يقع بعدها المبتدأ كما صرح به الناظم في قوله وأولينها الفعلا. قوله: "أي في غالب أحوالها وهو إلخ" أشار بذلك إلى دفع الاستشكال بأن الوجوب ينافي الغلبة. وحاصله أن الوجوب منصب على الحذف والغلبة منصبة على بعض معين من أحوال لولا وهو كون الامتناع معلقًا بها على وجود المبتدأ الوجود المطلق وبتعين محل الغلبة يتعين محل الوجوب. قوله: "للعلم به" علة لأصل الحذف وقوله وسد إلخ علة لوجوبه وكذا يقال فيما يأتي ويكون العلم بالمحذوف علة لأصل الحذف لا لوجويه. لا يرد ما قيل أن العلة التي هي العلم موجودة إذا كان الخبر وجودًا مقيدًا ودلت القرينة الخارجية عليه مع أن الحذف حينئذٍ غير واجب حتى يحتاج إلى الجواب عنه بأن
315 | 435(1/314)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولولا دفع الله الناس موجود، حذف موجود وجوبًا للعلم به، وسد جوابها مسده، أما إذا كان الامتناع معلقًا على الوجود المقيد وهو غير الغالب عليها، فإن لم يدل على المقيد دليل وجوب ذكره نحو لولا زيد سالمًا ما سلم وجعل منه قوله عليه الصلاة والسلام: "لولا قومك حديثو عهد بكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم" وإن دل عليه دليل جاز إثباته وحذفه نحو لولا أنصار زيد حموه ما سلم، وجعل منه قول المعري:
163-
يذيب الرعب منه كل عضب فلولا الغمد يمسكه لسالا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراد علم ذلك بمقتضى لولا إذ هي دالة على امتناع الجواب لوجود المبتدأ لا بقرينة خارجية لأنهم لاعتنائهم بالخبر لكونه ركن الإسناد ومحط الفائدة لا يكتفون في وجوب حذفه بالقرينة الخارجية وإن مشى على وروده، والجواب عنه بهذا البعض مع أن في الجواب بحثًا لأنه إن أراد الخارجية عن كلام لولا ورد عليه أن القرينة مع المقيد قد تكون من نفس الكلام وإن كانت غير نفس لولا كما في لولا أنصار زيد حموه ما سلم ولولا الغمد يمسكه لسالا، لدلالة الأنصار على الحماية والغمد على الإمساك، وإن أراد الخارجية عن لولا وإن كانت من الكلام وهذا هو المتبادر من عبارته ورد عليه أن اعتبار دلالة لولا في وجوب الحذف دون دلالة غيرها من أجزاء الكلام تحكم، ولهذا قال سم في الجواب ما نصه: كأنهم اعتبروا في وجوب الحذف أن يكون الخبر مدلولًا عليه من الكلام لا من قرينة خارجية عن الكلام اعتناء بالخبر. ا. هـ. وإن ورد عليه ما ذكرناه في الشق الأول فتدبره نعم قد يقال: سد الجواب مسد الخبرالمحذوف إذا كان وجودًا مقيدًا أيضًا مع أن حذفه غير واجب. اللهم إلا أن يمنع السد حينئذٍ فتأمل.
قوله: "وسد جوابها مسده" أي فهو عوض عنه ولا يجمع بين العوض والمعوض، ولا فرق في ذلك بين الجواب المذكور والمقدر نحو: {لَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُون} [الفتح: 25] أي لأذن لكم في الفتح وإن لزم في الثاني حذف العوض والمعوض معًا لأن القرينة تجعله في قوة المذكور والمراد بسد الجواب مسده قيامه مقامه وحلوله محله كما يؤخذ من التصريح. قوله: "على الوجود المقيد" أي بقيد زائد على أصل الوجود كالمسألة. قوله: "لولا قومك حديثو عهد" أي قريبو زمن والخطاب لعائشة وممن روى هذه الرواية البخاري في كتاب العلم من صحيحه فما نقل عن ابن أبي الربيع من أنه لم يقف على ورودها من طريق صحيح فيه ما فيه. قوله: "وإن دل عليه دليل" أي سواء كان من أجزاء كلام لولا كما مثل أو من غيرها كقولك في جواب هل زيد محسن إليك لولا زيد أي محسن إليّ لهلكت. قوله: "لولا أنصار إلخ" الدليل قوله أنصار لأن شأن الناصر الحماية. قوله: "وجعل منه قول المعري إلخ" لأن شأن الغمد إمساك السيف.
316 | 435(1/315)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واعلم أن ما ذكره الناظم هو مذهب الرماني وابن الشجري والشلوبين، وذهب الجمهور إلى أن الخبر بعد لولا واجب الحذف مطلقًا بناء على أنه لا يكون إلا كونًا ملطقًا، وإذا أريد الكون المقيد جعل مبتدأ فتقول: لولا مسالمة زيدًا إيانا ما سلم، أي موجودة، وأما الحديث فمروي بالمعنى ولحنوا المعري "وفي نص يمين ذا" الحكم، وهو حذف الخبر وجوبًا. "استقر" نحو لعمرك لأفعلن، وايمن الله لأقومن، أي لعمرك قسمي،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "كل عضب" هو السيف القاطع والغمد غلاف السيف. فإن قلت: عجز البيت يناقض صدره إذ العجز يقتضي عدم السيلان لأن جواب لولا منتف والصدر يقتضي وجوده لأن الإذابة الإسالة وهي إيجاد السيلان، وإنما عبر بالمضارع لاستحضار الصورة العجيبة أو لقصد الاستمرار. قلت: المراد لولا إمساك الغمد له لسال منه فالمنفي سيلان خاص قاله الدماميني.
قوله: "هو مذهب الرماني إلخ" هذا هو الحق. قوله: "مطلقًا" أَي في كل تركيب. قوله: "فتقول لولا مسالمة إلخ" أي وأما نحو لولا زيد سالمًا ما سلم فتركيب فاسد. قوله: "فمروي بالمعنى" والمشهور في الروايات لولا حدثان قومك لولا حداثة قومك لولا أن قومك حديثو عهد، ورد بأنه يؤدي إلى رفع الوثوق عن جميع الأحاديث أو غالبها على أنه إنما يتم لو لم يكن رواة الحديث عربًا أما إذا كانوا عربًا وهو الظاهر فلا لقيام الحجة بلسانهم. ا. هـ. سم وفي حاشية المغني للدماميني: أسقط أبو حيان الاستدلال على الأحكام النحوية بالأحاديث النبوية باحتمال رواية من لا يوثق بعربيته إياها بالمعنى وكثيرًا ما يعترض بذلك على الإمام بن مالك في استدلاله بها ورده شيخنا ابن خلدون بأنها على تسليم أنها لا تفيد القطع بالأحكام النحوية تفيد غلبة الظن بها لأن الأصل عدم التبديل لا سيما والتشديد في ضبط ألفاظها والتحري في نقلها بأعيانها مما شاع بين الرواة. والقائلون منهم بجواز الرواية بالمعنى معترفون بأنها خلاف الأولى وغلبة الظن كافية في مثل تلك الأحكام بل في الأحكام الشرعية فلا يؤثر فيها الاحتمال المخالف للظاهر وبأن الخلاف في جواز النقل بالمعنى في غير ما لم يدون في كتب أما ما دون فلا يجوز تبديل ألفاظه بلا خلاف كما قاله ابن الصلاح وتدوين الأحاديث وقع في الصدر الأول قبل فساد اللغة العربية وحين كان كلام أولئك المبدلين على تقدير تبديلهم يسوغ الاحتجاج به وغايته يومئذٍ تبديل لفظ يحتج به بآخر كذلك ثم دون ذلك البدل ومنع من تغييره ونقله بالمعنى فبقي حجة في بابه صحيحة ولا يضر توهم ذلك الاحتمال السابق في استدلالهم المتأخر. ا. هـ. باختصار. قوله: "ولحنوا المعري" أي خطأوه ورد تلحينه بورود مثله في الشعر الموثوق به كقول الشاعر:
لولا زهير جفاني كنت معتذرًا وكان يغني الجمهور عن تلحينه جعل يمسكه بدل اشتمال من الغمد أن الأصل أن يمسكه فحذفت أن وارتفع حينئذٍ الفعل كما أفاده الدماميني. قوله: "وفي نص يمين" من إضافة الصفة إلى الموصوف. قوله: "استقر" إظهاره الكون العام ضرورة أو مراده بالاستقرار الثبات وعدم التزلزل فيكون خاصًا على حد ما قيل في قوله تعالى: {فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَه} [النمل: 40]. قوله:
317 | 435(1/316)
الابتداء
وبعد واو عيت مفهوم مع كمثل كل صانع وما صنع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وايمن الله يميني فحذف الخبر وجوبًا للعلم به، وسد جواب القسم مسده فإن كان المبتدأ غير نص في اليمين جاز إثبات الخبر وحذفه نحو عهد الله لأفعلن وعهد الله علي لأفعلن.
تنبيه: اقصتر في شرح الكافية على المثال الأول، وزاد ولده المثال الثاني وتبعه عليه في التوضيح، وفيه نظر إذ لا يتعين كون المحذوف فيه الخبر لجواز كون المبتدأ هو المحذوف والتقدير قسمي ايمن الله بخلاف المثال الأول لمكان لام الابتداء "و" كذا يجب حذف الخبر الواقع "بعد" مدخول "واو عيت مفهوم مع" وهي الواو المسماة بواو المصاحبة "كمثل" قولك "كل صانع وما صنع" وكل رجل وضيعته تقديره مقرونان إلا أنه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"لعمرك" أي حياتك التزموا فتح عينه في القسم تخفيفًا لكثرة استعماله فيه وإن صح في غيره الفتح والضم أفاده الدماميني. قوله: "وايمن الله" أي بركته. قوله: "للعلم به" أي من كون ما ذكر نصًا في اليمين. قوله: "نحو عهد الله" إنما لم يكن نصًا في اليمين لعدم ملازمته فقد يستعمل في غيره نحو عهد الله يجب الوفاء به ولا يفهم منه القسم إلا بذكر المقسم عليه قاله المصرّح وأقره شيخنا والبعض وفيه أن قولهم لعمرك كذلك نحو لعمرك طويل أو مبارك فيه والأقرب عندي أن المراد بالنص الظاهر لغلبة استعمال لعمرك في اليمين بخلاف عهد الله، وبحمل إثبات أهل العربية صراحة العمر في القسم على ظهوره فيه ونفي الفقهاء صراحة عمر الله وعهده على نفي كونه يمينًا معتدًا به شرعًا على الإطلاق يجمع بين كلام أهل العربية وقول الفقهاء: عمر الله وعهد الله كل منهما كناية لا ينعقد به اليمين إلا إذا نوى بالعمر البقاء أو الحياة وبالعهد استحقاقه لإيجاب ما أوجبه علينا بخلاف ما إذا أطلق أو نوى بهما ما تعبدنا به لأنهما يطلقان على هذا كما رأيته بخط الشنواني نقلًا عن سم. قوله: "على المثال الأول" يعني لعمرك لأفعلن. وقوله: المثال الثاني يعني ايمن الله لأقومن.
قوله: "وفيه نظر إذ لا يتعين إلخ" أجاب سم بأنهم لو يدعوا التعين والمثال يكفيه الاحتمال. قوله: "هو المحذوف" قال سم: ولعل الحذف حينئذٍ أي حين إذ كان المحذوف المبتدأ غير واجب إذ لم يسد الجواب مسده. ا. هـ. أي لعدم حلوله محل المبتدأ لكن قال الروداني: لا يتوقف وجوب حذف المبتدأ على أن يسد شيء مسده بخلاف الخبر، والفرق أن الخبر محط الفائدة فاعتنى بشأنه فشرط في وجوب حذفه ذلك. قوله: "لمكان لام الابتداء" أي كونها أي وجودها فمكان مصدر ميمي من كان التامة، واعترض بأنه يجوز كون اللام داخلة على مبتدأ مقدر كما قيل في قوله خالي لأنت فوجودها لا ينافي كون مدخولها في اللفظ خبرًا. وأجيب بأن دخول اللام على شيء واحد لفظًا وتقديرًا أولى من دخولها لفظًا على شيء وتقديرًا على آخر، فالحمل على الأول أرجح مع أن حذف المبتدأ بنافية لام الابتداء كما مر مع ما فيه ثم رأيت صاحب المغني نقل عن ابن عصفور تجويز الوجهين في المثالين وعن غيره الجزم بأنهما من حذف الخبر. قوله: "عينت مفهوم مع" أي كانت ظاهرة فيه إذ الواو فيما ذكره تحتمل غير
318 | 435(1/317)
الابتداء
وقبل حال لا يكون خبرا عن الذي خبره قد أضمرا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا يذكر للعلم به، وسد العطف مسده، فإن لم تكن الواو للمصاحبة نصًّا كما في نحو زيد وعمرو مجتمعان لم يجب الحذف. قال الشاعر:
164-
تمنوا الموت الذي يشعب الفتى وكل امرئ والموت يلتقيان وزعم الكوفيون والأخفش أن نحو كل رجل وضيعته مستغن عن تقدير خبر لأن معناه مع ضيعته، فكما أنك لو جئت بمع موضع الواو إلى مزيد عليها وعلى ما يليها في حصول الفائدة، كذلك لا تحتاج إليه مع الواو ومصحوبها "وقبل حال لا يكون خبرا" أي ويجب حذف الخبر إذا وقع قبل حال لا تصلح خبرًا "عن" المبتدأ "الذي خبره
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المعية كأن يقال: كل صانع وما صنع مخلوقان أفاده سم. قوله: "وما صنع" الأظهر أن ما مصدرية لأن الصنعة هي الملازمة للصانع لا المصنوع. قوله: "وضيعته" أي حرفته، وسميت ضيعة لأن صاحبها يضيع بتركها أو لأنها تضيع بتركها. فإن قلت: الضمير في ضيعته لا يصح عوده إلى كل إذ المعنى عليه كل رجل وضيعة كل رجل مقترنان وهو فاسد ولا إلى رجل إذ المعنى عليه كل رجل وضيعة رجل مقترنان وهو أيضًا فاسد. قلت: لما كانت كل نائبة عن أسماء كثيرة كان ضميرها أو ضمير مدخولها أيضًا كذلك ومقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة آحادًا فكأنه قيل زيد وضيعته مقترنان وعمر وضيعته مقترنان وهكذا.
قوله: "وسد العطف" اعترض بأن تقدير الخبر مقرونان فهو مثنى فهو خبر عن مجموع المتعاطفين فمحله بعد المعطوف فكيف يسد المعطوف مسده ولهذا قال الرضي: الظاهر أن الحذف غالب لا واجب. وأجاب سم بأن الخبر من حيث هو خبر المعطوف عليه محله قبل المعطوف فسد المعطوف مسد الخبر منن حيث هو خبر المعطوف عليه فوجب حذفه من هذه الجهة وإن لم يسد مسده من حيث هو خبره إذ لا يشترط لوجوب الحذف سد الشيء مسد المحذوف من كل وجه. قوله: "فإن لم تكن الواو للمصاحبة نصًا" أي ظهورًا بأن لم تكن للمصاحبة بالكلية بل لمجرد التشريك في الحكم نحو زيد وعمرو متباعدان أو للمصاحبة لا نصًا أي ظهورًا كما في بيت الشارح ومثاله، لأن ظهور المعية فيهما إنما جاء من مادة الخبر وأما الواو فتحتمل التشريك والمعية بدون ظهور المعية لأن الظاهرة فيها يصح الاكتفاء بها في إفادة المعية كما قاله الشنواني. قال ولو قيل كل امرىء والموت أي معه لم يكن كافيًا وبذلك التحقيق يعلم ما في كلام البعض فافهم. قوله: "لم يجب الحذف" بل يجوز إن دل دليل عليه. قوله: "يشعب" كيذهب أي يفرق. قوله: "مستغن عن تقدير خبر إلخ" رد بأن كون الواو بمعنى مع لا يستلزم كونها بمنزلتها لأن مع ظرف يصلح للإخبار به بخلاف الواو. زكريا. قوله: "وقبل حال" أي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
164- البيت من الطويل، وهو لفرزدق في شرح التصريح 1/ 180؛ والمقاصد النحوية 1/ 543؛ وليس في ديوانه وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 224؛ وتخليص الشواهد ص211؛ وخزانة الأدب 6/ 283.
319 | 435(1/318)
الابتداء
كضربي العبد مسيئًا وأتم تبييني الحق منوطًا بالحكم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قد أضمرا" وذلك فيما إذا كان المبتدأ مصدرًا عاملًا في اسم مفسر لضمير ذي حال بعده لا تصلح لأن تكون خبرًا عن ذلك المبتدأ، أو اسم تفضيل مضافًا إلى المصدر المذكور أو إلى مؤول به فالأول. "كضربي العبد مسيئًَا و" الثاني مثل "أتم تبييني الحق منوطًا بالحكم" إذا جعل منوطًا جاريًا على الحق لا على المبتدأ. والثالث نحو أخطب ما يكون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مفردة أو جملة أو ظرف مثال الثالث ضربي زيدًا مع عصيانه على جعله حالًا من ضمير زيد. قوله: "لا تصلح خبرًا" أي بحسب ذاتها كالمثال الأول أو قصد المتكلم كالمثال الثاني ولهذا قال الشارح إذا جعل منوطًا جاريًا على الحق لا على المبتدأ، فاندفع الاعتراض بأن المثال الثاني تصلح الحال فيه للخبرية، واعترض الراعي المثال الأول بأنه يصح الإخبار عن الضرب بكونه مسيئًا على وجه المجاز. وأجيب بأن المراد لا تصلح على وجه الحقيقة، وقد يقال لا حجر في المجاز حتى يجب إضمار الخبر، ويمتنع رفع الحال على الخبرية المجازية إلا أن يقال لا تصلح على وجه المجاز بحسب قصد المتكلم. والحاصل أن المثال الأول لا تصلح الحال فيه للخبرية حقيقة بحسب ذاتها ولا مجازًا بحسب قصد المتكلم فاعرف ذلك.
قوله: "عن الذي خبره قد أضمرا" أي وإن صلحت أن تكون خبرًا عن غيره فليس الشرط أن لا تصلح للخبرية أصلًا فلهذا قال عن الذي إلخ فالقصد منه الإشارة إلى ما ذكر لا إلى كون الخبر مضمرًا لأنه معلوم من قوله وقبل حال، لأن المعنى ويحذف الخبر وجوبًا قبل حال. وقوله: قد أضمرا أي قدر. قوله: "مصدرًا" أي صريحًا لا مؤولًا عند جمهور البصريين ومذهب قوم أنه لا فرق نحو أن ضربت زيدًا قائمًا. قوله: "في اسم" أي ظاهر كالعبد والحق في المثالين، أو مضمر كإياه في قولك: العبد ضربي إياه مسيئًا. وظاهر عبارته عدم اشتراط إضافة المصدر نحو ضرب عمرًا قائمًا. وظاهر كلام الرضي اشتراطها حيث قال: ويكون المصدر مضافًا للفاعل أو للمفعول أولهما إلا أن يقال قصده التعميم في الإضافة لاشتراطها. وقوله: أولهما أي كما في تضاربنا أو مضاربتنا، ففي بعض حواشي الجامي أن نا في محل رفع ونصب باعتبار الفاعل والمفعول، وفي محل جر باعتبار الإضافة والجمهور على أنه لا يجوز اتباع المصدر المذكور فلا يقال ضربي زيدًا الشديد قائمًا ولا شربي السويق كله ملتوتًا لغلبة معنى الفعل عليه مع عدم السماع وأجازه الكسائي ووافقه المصنف في تسهيله اتباعًا للقياس. قوله: "لضمير" بالتنوين وهو الضمير في إذ كان أو إذا كان، ويصح ترك التنوين على أن الإضافة للبيان إن أريد ذو الحال الاصطلاحي الذي هو لفظ الضمير أو حقيقة إن أريد ذو الحال المعنوي الذي هو مدلول الضمير. قوله: "بعده" نعت لحال أي بعد الضمير أو المفسر. قوله: "إذا جعل منوطًا جاريًا على الحق" أي جعل حالًا من ضميره وقيد بذلك ليكون المثال مما نحن فيه، لأنه لو جعل جاريًا على المبتدأ بأن قصد إيقاعه على معنى المبتدأ وأرجع الضمير في الخبر المقدر إلى المبتدأ وجعل منوطًا حالًا من ذلك الضمير لم يكن مما نحن فيه لعدم إضافة اسم التفضيل إلى مصدر عامل في اسم مفسر لضمير ذي حال؛ إذ ليس المفسر حينئذٍ معمول المصدر بل يكون مما يصلح فيه الحال للخبرية بحسب الذات
320 | 435(1/319)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأمير قائمًا، والتقدير إذ كان أو إذا كان مسيئًا ومنوطًا وقائمًا، نصب على الحال من الضمير في كان، وحذفت جملة كان التي هي الخبر للعلم بها وسد الحال مسدها، وقد عرفت أن هذه الحال لا تصلح خبرًا لمباينتها المبتدأ إذ الضرب مثلًا لا يصح أن يخبر عنه بالإساءة. فإن قلت: جعل هذا المنصوب حالًا مبني على أن كان تامة، فلم لا جعلت ناقصة والمنصوب خبرها؛ لأن حذف الناقصة أكبر: فالجواب أنه منع من ذلك أمران: أحدهما أنا لم نر العرب استعملت في هذا الموضع إلا أسماء منكورة مشتقة من المصادر فحكمنا بأنها أحوال إذ لو كانت أخبارًا لكان المضمرة لجاز أن تكون معارف ونكرات ومشتقة وغير مشتقة. الثاني وقوع الجملة الاسمية مقرونة بالواو موقعه، كقوله عليه الصلاة والسلام: "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد" وقول الشاعر:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقصد المتكلم فيجب رفعه على الخبرية.
قوله: "أخطب ما يكون" أي أخطب كون بمعنى أكوان، ومن أول بالجمع ابتداء فقد تسمح، وأخطب من الخطب وهو الشدة أي أشد أحواله قاله بعضهم. قوله: "والتقدير" أي تقدير ما زاد على متعلق الظرف من المحذوف من هذه المثل، ولم يتعرض لتقدير المتعلق الذي هو حاصل أو حصل مثلًا لوضوحه. قوله: "إذا كان" أي عند إرادة المضي أو إذا كان أي عند إرادة الاستقبال. قاله الدماميني والسيوطي وغيرهما. وفي الرضي أن إذا هنا للاستمرار كما في قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْض } [البقرة: 11]، وقال الروداني: بقي أنه قد يراد الحال أو الاستمرار ولو قال: يقدر وقت كان أو حين كان لكان أشمل لسائر الأزمنة بلفظ واحد. ا. هـ. ورأيت بخط الشنواني أنه إذا أريد الاستمرار يؤتى بإذا لأنها تأتي للاستمرار. قوله: "وحذفت جملة كان" أي مع الظرف المضاف إليها. وقوله: التي هي الخبر، فيه مسامحة إذ الخبر إما متعلق الظرف كما هو الأصح أو نفس الظرف المضاف إلى تلك الجملة. قوله: "للعلم بها" أي مع الظرف أي من كون المراد الإخبار عن المصدر أو ما أضيف إليه بالكون مقيدًا بحال من أحوال من تعلق به المصدر أو ما أضيف إليه، وقوله: وسد الحال مسدها أي مع الظرف. والحاصل أن الحال قامت مقام إذ كان لأن في الحال معنى الظرفية إذ معنى لقيت زيدًا راكبًا لقيته في وقت الركوب، وإذ كان سد مسد المتعلق الذي هو الخبر في الحقيقة كسداد بقية الظروف مسد متعلقاتها العامة فالحال سدت مسد الخبر في الظاهر مباشرة والخبر في الحقيقة بواسطة.
قوله: "لمباينتها" أي بالذات أو باعتبار قصد المتكلم. قوله: "إلا أسماء منكورة مشتقة" الحصر إضافي أي لا معارف ولا جوامد فلا ينافي مجيء الحال جملة كما سيأتي. قوله: "لجاز" أي جوازًا وقوعيًا أن تكون معارف إلخ وكون مجيئها منكور مشتقة أمرًا اتفاقيًا لا لكون المنصوب حالًا بعيد، لأن الظاهر أن التزامهم التنكير والاشتقاق لا يكون إلا لنكتة وأن النكتة كونها أحوالًا. قوله: "مقرونة بالواو" ويجوز أيضًا وقوع الاسمية موقعه بلا واو على ما قاله الكسائي وارتضاه
321 | 435(1/320)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
165-
غير اقتراني من المولى حليف رضا وشر بعدي عنه وهو غضبان فإن قلت: فما المحوج إلى إضمار كان لتكون عاملة في الحال وما المانع أن يعمل فيها المصدر، فالجواب أنه لو كان العامل في الحال هو المصدر لكانت من صلته فلا تسد مسد خبره فيفتقر الأمر إلى تقدير خبر ليصح عمل المصدر في الحال فيكون التقدير ضربي العبد مسيئًا موجود وهو رأي كوفي. وذهب الأخفش إلى أن الخبر المحذوف مصدر مضاف إلى ضمير ذي الحال والتقدير ضربي العبد مسيئًا. واختاره في التسهيل، وفي منع الفراء وقوع هذه الحال فعلًا مضارًعا وأجازه سيبويه، ومنه قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصنف ونقل عن البصريين أيضًا فيجوز ضربي زيدًا هو قائم. قوله: "موقعه" أي موقع المنصوب. قوله: "حليف رضا" أي إذا كنت أو إذا وجدت حليف رضا قاله العيني، وبه يعرف أنه لا يتعين لفظ كان بل مثلها ما في معناها وأن الضمير الذي يفسره معمول المصدر قد يكون بارزًا عند تقدير الخبر وأن معمول المصدر صادق بما أضيف إليه المصدر ولو ضميرًا وإن لزم عليه كون المفسر والمفسر ضميرين لكن الظاهر عندي أنه يصح أن يكون التقدير إذ كان حليف رضا أي مصاحبًا للرضا بل هذا أنسب بقوله وهو غضبان لتعلق كل من الحالين حينئذٍ بالمولى فافهم، وحليف الرضا المحالف المعاقد على الرضا. قوله: "وهو غضبان" هذا هو الشاهد. قوله: "أن يعمل فيها المصدر" وذلك بأن تجعل حالًا من منصوب المصدر لأن العامل في صاحب الحال عامل فيها. قوله: "لكانت من صلته" أي متعلقاته فمحلها قبل الخبر فلا تسد مسده لما علمت من أن الشيء لا يسد مسد غيره إلا إذا كان في محله أفاده سم. قوله: "إلى تقدير خبر" أي بعد الحال، إذ لو قدر قبلها لم يصح عمل المصدر فيها للفصل بين المصدر ومعموله حينئذٍ كذا قيل، وفيه أن الفصل ليس بأجنبي لأن الخبر معمول للمبتدأ إلا أن يجعل كالأجنبي للخلاف في كونه معموله والمراد تقديره مع عدم ما يسد مسده وإلا فالخبر مقدر على كل حال.
قوله: "وهو رأي كوفي" أي إعمال المصدر في الحال وتقدير الخبر بعده رأي كوفي وهو معترض بفوات المعنى المقصود عليه من الحصر أي حصر الضرب مثلًا في كونه حال الإساءة، ولعل وجه إفادة نحو ضربي العبد مسيئًا للحصر مشابهة المصدر بإضافته المعرف بلام الجنس، والمعرف بلام الجنس منحصر في الخبر فكذا ما شابهه، وعلى كلامهم يكون الحذف جائزًا لا واجبًا لعدم سد شيء مسده. قوله: "إلى ضمير ذي الحال" الإضافة للبيان أن أريد ذو الحال الاصطلاحي الذي هو لفظ الضمير لأن صاحب الحال هنا اصطلاحًا الضمير وحقيقية أن أريد ذو الحال المعنوي الذي هو مدلول الضمير. قوله: "ضربه مسيئًا" بالحال حصل التغاير بين المبتدأ والخبر. قوله: "واختاره في التسهيل" وكذا ابن هشام في المغني لقلة المقدر عليه؛ لأن المقدر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
165- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في تذكرة النحاة ص650؛ والدرر 2/ 30؛ والمقاصد النحوية 1/ 579؛ وهمع الهوامع 1/ 107.
322 | 435(1/321)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
166-
ورأي عيني الفتى أباكا يعطي الجزيل فعليك ذاكا أما إذا صلح الحال لأن يكون خبر العدم مباينته للمبتدأ فإنه يتعين رفعه خبرًا فلا يجوز ضربني زيدًا شديدًا، وشذ قولهم: حكمك مسمطًا أي حكمك لك مثبتًا، كما شذ زيد قائمًا وخرجت فإذا زيد جالسًا فيما حكاه الأخفش، أي ثبت قائمًا وجالسًا. ولا يجوز أن يكون الخبر المحذوف إذ كان أو إذا كان لما عرفت من أنه لا يجوز الإخبار بالزمان عن الجثة.
تنبيه: لم يتعرض هنا لمواضع وجوب حذف المبتدأ وعدها في غير هذا الكتاب أربعة: الأول ما أخبر عنه بنعت مقطوع للرفع في معرض مدح أو ذم أو ترحم الثاني ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عليه شيئان والمقدر على الأول خمسة أشياء ولأن التقدير من اللفظ مع صحة المعنى أولى، ولأن تقدير إذ مع الجملة المضاف إليها لم يثبت في غير هذا الموضع، نعم يلزم عليه حذف المصدر وإبقاء معموله والجمهور على منعه.
قوله: "ورأي عيني إلخ" رأي مصدر مضاف لفاعله والفتى مفعوله وأباك بدل أو بيان وقوله: يعطي الجزيل حال سد مسد خبر رأي، وقوله: فعليك ذاكا أي الزم الإعطاء الذي كان عليه أبوك. قوله: "فإنه يتعين رفعه" أي عند عدم قصد المتكلم جعله حالًا من ضمير معمول المصدر المستتر في الخبر فإن قصد ذلك وجب النصب وذكر الخبر بأن يقال: ضربي زيدًا إذ كان شديدًا أو ضربه شديدًا كما نقله شيخنا. قوله: "فلا يجوز ضربي زيدًا شديدًا" بل يجب الرفع عند قصد الخبرية والنصب وذكر الخبر عند قصد الحالية كما مر إذ لو لم يذكر الخبر لربما وقف على المنصوب بالسكون على لغة ربيعة فيتوهم الخبرية والقصد الحالية كذا قيل، وفيه أن هذه العلة تأتي في نحو أتم تبييني إلخ مع أنهم لم يوجبوا فيه ذكر الخبر فتأمل. قوله: "وشذ قولهم" أي لرجل حكموه عليهم، وشذوذه من وجهين النصب مع صلاحية الحال للخبرية، وكون الحال ليست من ضمير معمول المصدر بل من ضمير المصدر المستتر في الخبر قاله المصرح. قوله: "مسمطًا" بضم الميم الأولى وفتح السين المهملة وتشديد الميم الثانية مفتوحة. قوله: "مثبتًا" يعني نافذًا. قوله: "أي ثبت قائمًا وجالسًا" التقدير في فإذا زيد جالسًا على غير القول بأن إذا الفجائية ظرف مكان أما عليه فلا حذف بل هي الخبر. قوله: "أن يكون الخبر المحذوف" أي في زيد قائمًا وخرجت فإذا زيد جالسًا. قوله: "أربعة" بقيت أشياء في الهمع وغيره منها المبتدأ المخبر عنه باسم واقع بعد لا سيما في لا سيما زيد برفع زيد، ومنها المبتدأ المخبر عنه بجار ومجرور مبين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
166- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص181؛ والدرر 2/ 28؛ والكتاب 1/ 191؛ والمقاصد النحوية 1/ 572؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص212؛ والدرر 5/ 249؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 398؛ وهمع الهوامع 1/ 107، 2/ 93.
323 | 435(1/322)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخبر عنه بمخصوص نعم وبئس المؤخر، نحو نعم الرجل زيد وبئس الرجل عمرو إذا قدر المخصوص خبرًا، فإن كان مقدمًا نحو زيد نعم الرجل فهو مبتدأ لا غير، وقد ذكر الناظم هذين في موضعهما من هذا الكتاب. الثالث ما حكاه الفارسي من قولهم: في ذمتي لأفعلن التقدير في ذمتي عهد أو ميثاق الرابع ما أخبر عنه بمصدر مرفوع جيء به بدلًا من اللفظ بفعله نحو سمع وطاعة، أي أمري سمع وطاعة. ومنه قوله:
167-
وقالت حنان ما أتى بك ههنا أذو نسب أم أنت بالحي عارف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لفاعل أو مفعول المصدر قبله البدل عن الفعل نحو سقيا لك ورعيا لك فلك خبر مبتدأ محذوف وجوبًا ليلي الفاعل أو المفعول في المعنى المصدر كما كان يلي الفعل، أي وهذا الدعاء لك نقل هذا الثاني الدنوشري عن الرضي وعندي أنه إنما يحتاج إليه إذا كان المجرور ضمير المخاطب كما في التمثيل لعدم صحة الجمع بين الخطاب بفعل أمر أو بدله لشخص، والخطاب بغيره لشخص في جملة واحدة. أما نحو سقيا لزيد ورعيا لعمرو فالظاهر أن اللام لتقوية العامل ومدخولها معمول للمصدر فاحفظ هذا التحقيق.
قوله: "ما أخبر عنه بنعت مقطوع إلخ" قال أبو علي: إنما التزموا في النعت المقطوع في المدح والذم والترحم حذف الفعل أو المبتدأ في النصب أو الرفع للتنبيه على شدة الاتصال بالمنعوت، وقيل: للإشعار بإنشاء المدح أو الذم أو الترحم كما فعلوا في النداء دماميني بتصرف، وتسمية المقطوع نعتًا باعتبار ما كان. قوله: "في معرض مدح إلخ" خرج بذلك ما إذا كان النعت للتخصيص أو للإيضاح فإنه يجوز ذكر المبتدأ وحذفه كما في التصريح وغيره. قوله: "ما أخبر عنه بمخصوص إلخ" إنما وجب حذفه لصيرورة الكلام لإنشاء المدح أو الذم فجرى مجرى الجملة الواحدة. قوله: "المؤخر" بيان للواقع إذ لا يكون المخصوص خبرًا إلا إذا أخر قوله: "من قولهم في ذمتي إلخ" لدلالة الجواب عليه وسد مسده وحلوله محله لأن المبتدأ هنا واجب التأخير.
قوله: "في ذمتي عهد" أي متعلق عهد أو ميثاق وهو مضمون الجواب لأنه الذي يستقر في الذمة، دنوشري. قوله: "بدلًا من اللفظ بفعله" أي بواسطة لأن الأصل أسمع سمعًا وأطيع طاعة، حذف الفعل اكتفاء بدلالة مصدره عليه ثم عدل إلى الرفع لإفادة الدوام، وأوجبوا حذف المبتدأ إعطاء للحال الفرعية حكم الحالة الأصلية التي هي حالة النصب إذ يجب فيها حذف الفعل أفاده زكريا. قوله: "وقالت حنان" أي رحمة وأكثر النسخ بإسقاط الواو فيكون فيه الثلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
167- البيت من الطويل، وهو لمنذر بن درهم الكلبي في خزانة الأدب 2/ 112، وشرح أبيات سيبويه 1/ 235؛ وبلا نسبة في أمالي الزجاجي ص131؛ وأوضح المسالك 1/ 217؛ والدرر اللوامع 3/ 66؛ وشرح التصريح 1/ 177؛ وشرح عمدة الحافظ ص190؛ وشرح المفصل 1/ 188؛ والصاحبي في فقه اللغة ص255؛ والكتاب 1/ 320؛ ولسان العرب 13/ 129 "حنن"، والمقاصد النحوية 1/ 539؛ والمقتضب 3/ 225؛ وهمع الهوامع 1/ 189.
324 | 435(1/323)
الابتداء
وأخبروا باثنين أو بأكثرا عن واحد كهم سراة شعرا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي أمري حنان أي رحمة. وقول الراجز:
168-
شكا إلي جملي طول السرى صبر جميل فكلانا مبتلى أي أمرنا جميل "وأخبروا باثنين أو بأكثرا عن" مبتدأ "واحد" لأن الخبر حكم، ويجوز أن يحكم على الشيء الواحد بحكمين فأكثر. ثم تعدد الخبر على ضربين الأول تعدد في اللفظ والمعنى "كهم سراة شعرًا" ونحو: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ، ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ، فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [البروج: 14]، وقوله:
169-
من يك ذا بت فهذا بتي مقيظ مصيف مشتي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله: أذو نسب إلخ أي ذو قرابة هنا جئت لهم أم لك معرفة بالحي. وإنما قالت ذلك خوفًا عليه من إنكار الحي إياه قاله العيني، فلقنته الحجة موهمة أنها لا تعرفه. قوله: "وأخبروا باثنين أي بأكثرا" أي مع كون كل مفردًا أو جملة أو شبه جملة أو مع الاختلاف. وفي المغني زعم الفارسي أن الخبر لا يتعدد مختلفًا بالافراد والجملة فيتعين عنده في نحو زيد عالم يفعل الخير كون الجملة الفعلية صفة للخبر، ومثله عنده وعند غيره نحو زيد رجل صالح أو يفعل الخبر لعدم إفادة الإخبار بالأول وحده، ويجوز عنده وعند غيره في نحو زيد كاتب شاعر كون شاعر خبرًا ثانيًا وكونه صفة لكاتب. ا. هـ. بتصرف، ثم قال: وأجب الفارسي في: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِين} [البقرة: 65]، كون خاسئين خبرًا ثانيًا لأن جمع المذكور السالم لا يكون صفة لما لا يعقل. ا. هـ. وأما نحو زيد يقرأ يكتب فمن تعدد الخبر لا غير. قوله: "لأن الخبر حكم" أي محكوم به. قوله: "في اللفظ والمعنى" علامة ذلك صحة الاقتصار على كل من الخبرين أو الإخبار كما في الدماميني. قوله: "سراة" بفتح السين وقد تضم أصلها سرية جمع سرى على غير قياس، إذ قياس جمع فعيل المعتل اللام أفعلاء كنبي وأنبياء وتقي وأتقياء وزكي وأزكياء. وأما قول شيخنا وشيخنا السيد والبعض كغيرهم لأن قياس جمع فعيل فعلاء كشريف وشرفاء فغير مستقيم لأن ما قالوه في فعيل الصحيح اللام وما نحن بصدده من فعيل معتلها وقيل اسم جمع.
قوله: "من يك ذا بت" البت الكساء الغليظ المربع، ومن شرطية لا موصولة وإن زعمها البعض تبعًا لصدر كلام العيني المتناقض بدليل يك. والمعنى من يك ذا بت فأنا مثله لأن هذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
168- الرجز للملبد بن حرملة في شرح أبيات سيبويه 1/ 317؛ وبلا نسبة في أمالي المرتضى 1/ 107؛ والكتاب 1/ 321؛ ولسان العرب 14/ 440 "شكا".
169- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص189؛ وجمهرة اللغة ص162؛ والدرر 2/ 32؛ والمقاصد النحوية 561؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 725؛ وتخليص الشواهد ص214؛ والدرر 5/ 109؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 33؛ وشرح ابن عقيل ص132؛ وشرح المفصل 1/ 99؛ والكتاب 2/ 84؛ ولسان العرب 2/ 8 "بتت"، 7/ 456 "قيظ" 9/ 201 "صرف" 14/ 421 "شتا"، وهمع الهوامع 1/ 108، 2/ 67.
325 | 435(1/324)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
170-
ينام بإحدى مقلتيه ويتقي بأخرى الأعادي فهو يقظان نائم وهذا الضرب يجوز فيه العطف وتركه. والثاني تعدد في اللفظ دون المعنى، وضابطه أن لا يصدق الإخبار ببعضه عن المبتدأ نحو هذا حلو حامض أي مز، وهذا أعسر أيسر: أي أضبط. وهذا الضرب لا يجوز فيه العطف خلافًا لأبي علي هكذا اقتصر الناظم على هذين النوعين في شرح الكافية، وزاد ولده في شرحه نوعًا ثالثًا يجب في العطف وهو أن يتعدد الخبر لتعدد ما هو له إما حقيقة نحو بنوك كاتب وصائغ وفقيه. وقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البت بتي فحذف المسبب وأقام السبب مقامه، وقوله: مقيظ إلخ أي كاف لي قيظًا وصيفًا وشتاء، والقيظ شدة الحر. قوله: "ينام إلخ" الضمير للذنب والذي وقع في الشارح يقظان نائم لكن المروي الذي يدل عليه بقية القوافي من القصيدة يقظان هاجع أي نائم. والشاهد في قوله فهو يقظان نائم فإن الخبر فيه تعدد لفظًا ومعنى على ما قاله الشارح وغيره وهو مبني على أن المراد يقظان من وجه نائم من وجه، ولك أن تجعله مما تعدد فيه الخبر لفظًا فقط بناء على أن المراد بين اليقظان والنائم أي جامع بين طرف من اليقظة وطرف من النوم. قوله: "يجوز فيه العطف" أي بالواو وغيرها بخلاف النوع الثالث فالعطف فيه لا يكون إلا بالواو أفاده شيخنا السيد. قوله: "وضابطه إلخ" هذا صادق بنحو هذا أبيض أسود للأبلق مع أن الرضي سرح بجواز العطف فيه إلا أن يراد عن المبتدأ كلًا أو بعضًا فيخرج نحو هذا المثال. قوله: "أن لا يصدق الأخبار إلخ" ولهذا قال بعضهم إطلاق الخبر على كل واحد مجاز من إطلاق ما للكل على الجزء. قوله: "أي مز" يعني أن الموجود في الرمان هو المزازة، وهي كيفية متوسطة بين الحلاوة والحموضة الصرفتين وليس فيه طعم الحلاوة وطعم الحموضة إذ هما ضدان لا يجتمعان فليس المعنى هنا كالمعنى في زيد كاتب شاعر من أنه جامع للصفتين إذ كل من الصفتين الصرفتين موجودة في زيد قاله الناصر اللقاني. قوله: "أي أضبط" أي في العمل لكونه يعمل بكلتا يديه وكان عمر بن الخطاب كذلك، ولا يقال أعسر أيسر كما في الصحاح. قوله: "لا يجوز فيه العطف" أي نظرًا للمعنى لأن الخبرين في المعنى شيء واحد والعطف يقتضي خلاف ذلك.
قوله: "خلافًا لأبي علي" فإنه أجاز العطف نظرًا إلى تغاير اللفظ. قوله: "وزاد ولده" أي على ما في شرح الكافية فلا ينافي أنه تابع في هذه الزيادة لأبيه في شرح التسهيل. قوله: "لتعدد ما هو له" بهذا التعليل حصل الفرق بين هذا النوع ونحوهم سراة شعرًا لأن تعدد الخبر فيه ليس لتعدد المبتدأ لأن كلًّا من أفراد المبتدأ فيه متصف بأنه سرى شاعر بخلاف نحو بنوك إلخ فإنه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
170- البيت من الطويل، وهو لحميد بن ثور في ديوانه ص105، وأمالي المرتضى 2/ 213؛ وخزانة الأدب 4/ 292؛ والشعر والشعراء 1/ 398؛ والمقاصد النحوية 1/ 562؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص214؛ وشرح ابن عقيل ص132.
326 | 435(1/325)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
171-
يداك يد خيرها يرتجى وأخرى لأعدائها غائظة وإما حكمًا كقوله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ} [الحديد: 20]، واعترضه في التوضيح فمنع أن يكون النوع الثاني والثالث من باب تعدد الخبر بما حاصله أن قولهم: حلو حامض في معنى الخبر الواحد بدليل امتناع العطف وأن يتوسط بينهما مبتدأ، وأن نحو قوله:
172-
يداك يد خيرها يرتجى وأخرى لأعدائها غائظة في قوة مبتدأين لكل منهما خبر، وأن نحو: {أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} [الحديد: 20]، الثاني تابع لا خبر. قلت: وفي الاعتراض نظر أما ما قاله في الأول فليس بشيء إذ لم يصادم كلام الشارح بل هو عينه لأنه إنما جعله متعددًا في اللفظ دون المعنى وذكر له ضابطًا بأن لا يصدق الإخبار ببعضه عن المبتدأ كما قدمته فكيف يتجه الاعتراض عليه بما ذكر. وأما الثاني فهو أن كون يداك ونحوه في قوة مبتدأين لا ينافي كونه بحسب اللفظ مبتدأ واحدًا إذ النظر إلى كون المبتدأ واحدًا أو متعددًا إنما هو إلى لفظه لا إلى معناه وهو واضح لا خفاء فيه. وأما قوله في الثالث أن الثاني يكون تابعًا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم يتصف كل من البنين بالأوصاف الثلاثة بل اختص كل بوصف فتعدد الخبر لتعدد المبتدأ. قوله: "يداك يدٌ إلخ" يد خبر المبتدأ وأخرى معطوف عليه وما بعد كل صفة له. قوله: "وأما حكمًا إلخ" إنما كان التعدد حكميًا في الآية لكون المبتدأ المفرد ذا أقسام فجعل في حكم الجمع الدال على الافراد. قوله: "إنما الحياة" أي حالها. قوله: "واعترضه" أي ما ذكر من النوعين الثاني والثالث والمفهوم من اعتراض الموضح قصر تعدد الخبر على تعدده لفظًا ومعنى مع اتحاد المبتدأ لفظًا ومعنى، وابن الناظم لا يقصره على ذلك. قوله: "وأن يتوسط بينهما مبتدأ" كما يمتنع توسط المبتدأ بينهما يمتنع تأخر المبتدأ عنهما فلا يجوز حلو حامض الرمان نقله صاحب البديع عن الأكثر كما في الهمع فقول البعض بعد عزوه إلى بعضهم ولا وجه له لا يسمع. قوله: "في قوة مبتدأين إلخ" إنما رد بهذا مع إمكان الرد بأن الثاني تابع كما فعل في الآية لأن هذا الذي ذكره يرفع تعدد الخبر معنى واصطلاحًا، بخلاف كونه تابعًا فإنه يرفع التعدد اصطلاحًا فقط أفاده الناصر.
قوله: "الثاني تابع" أي الثاني منه تابع فالرابط محذوف وإنما لم يرد بكون المبتدأ في قوة مبتدآت لتعدده حكمًا كما فعل فيما قبله مع أنه أقوى في رفع تعدد الخبر كما مر لأن تعدد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
171- البيت من المتقارب، وهو لطرفة بن العبد في ملحق ديوانه ص155؛ وشرح التصريح 1/ 182؛ والمقاصد النحوية 1/ 752؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 17، 18؛ وأوضح المسالك 1/ 228؛ وتخليص الشواهد ص212؛ وخزانة الأدب 1/ 133؛ ولسان العرب 7/ 454 "غيظ".
172- راجع التخريج رقم 171.
327 | 435(1/326)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا خبرًا، فإنا نقول: لا منافاة أيضا بين كونه تابعًا وكونه خبرًا؛ إذ هو تابع من حيث توسط الحرف بينه وبين متبوعه، خير من حيث عطفه على خبر إذ المعطوف على الخبر خبر، كما أن المعطوف على الصلة صلة، والمعطوف على المبتدأ مبتدأ، وغير ذلك وهو أيضًا ظاهر.
خاتمة: حق خبر المبتدأ أن لا تدخل عليه فاء لأن نسبته من المبتدأ نسبة الفعل من الفاعل ونسبة الصفة من الموصوف، إلا أن بعض المبتدآت يشبه أدوات الشرط فيقترن خبره بالفاء إما وجوبًا وذلك بعد أما نحو {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُم} [فصلت: 17]. وأما قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المبتدأ في الآية خفي لكونه حكميًّا فلم يعرج عليه في الرد لذلك فافهم. قوله: "وفي هذا الاعتراض" أي الاعتراض المذكور على النوعين. قوله: "وأما الثاني" أي دفع ما قاله في الثاني.
فائدة: في البحر المحيط للزركشي: قال بعض الفضلاء: الصفات المذكورة في الحدود لا يجوز أن تعرب أخبارًا ثواني بل يتعين إعرابها صفة لما يلزم على الأول من استقلال كل جزء بالحد ومن هنا منع جماعة أن يكون حلو حامض خبرين، وأوجب الأخفش أن يكون حامض صفة والجمهور القائلون إن كلًا منهما خبر لا يلزمهم القول بمثله في نحو الإنسان حيوان ناطق لأن حلو حامض ضدان، فالعقل يصرف عن توهم قصد كل منهما استقلالًا بخلاف الإنسان حيوان ناطق. ا. هـ. ولم يتعرض الشارح كالناظم لتعدد المبتدأ وهو قسمان: أحدهما أن يجرد كل من المبتدآت عن إضافته لضمير ما قبله ويؤتى بعد خبر المبتدأ الأخير بالروابط نحو زيد عمرو هند ضاربته في داره من أجله، والمعنى هند ضاربته عمرو في داره من أجل زيد. الثاني أن يضاف كل من المبتدآت غير الأول لضمير ما قبله نحو زيد عمه خاله أخوه قائم، والمعنى أخو خال عم زيد قائم.
قوله: "لأن نسبته" أي الخبر من المبتدأ أي إلى المبتدأ نسبة الفعل من الفاعل أي كنسبة الفعل إلى الفاعل، يعني أن الخبر بالنسبة إلى المبتدأ كالفعل بالنسبة إلى الفاعل ووجه الشبه كون كل منهما محكومًا به وبسبب هذه المشابهة منع الخبر من الفاء كما منع منها الفعل إلا لمقتض كإفادة التسبب في نحو قام زيد فدخل عمرو، فاندفع الاعتراض بأن الفعل يقترن بالفاء كما في هذا المثال. هذا ملخص ما قاله البعض والأقرب عندي في تقرير عبارة الشارح ودفع الاعتراض عنها أن يبقى كلام الشارح على ظاهره من أن التشبيه النسبتين لا بين الخبر والفعل، وأن يجعل المعنى أن نسبة الخبر إلى المبتدأ كنسبة الفعل إلى الفاعل في أن كلًّا نسبة محكوم به إلى محكوم عليه، فكما لا يفصل بين الفعل وفاعله بالفاء لا يفصل بين الخبر ومبتدئه بالفاء. فإن قلت: هذا التقرير يؤدي إلى جواز فقائم زيد لعدم الفصل بين المبتدأ والخبر. قلت: رتبة المبتدأ التقديم فالفصل حاصل تقديرًا، فافهمه فإنه نفيس. قوله: "يشبه أدوات الشرط" أي أسماءه أي في العموم. قوله: "فيقترن خبره بالفاء" أي أن تأخر عن المبتدأ فإن سبقه تحوله له درهم الذي يأتيني
328 | 435(1/327)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
173-
أما القتال لا قتال لديكم فضرورة، وإما جوازًا وذلك إما موصولة بفعل لا حرف شرط معه، أو بظرف وإما موصوف بهما أو مضاف إلى أحدهما، وإما موصوف بالموصول المذكور بشرط قصد العموم واستقبال معنى الصلة أو الصفة، نحو الذي يأتيني أو في الدار فله درهم، ورجل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وجب ترك الفاء لأن الجواب إنما يقترن بالفاء إذا تأخر. قوله: "إما وجوبًا وذلك بعد أما" كان ينبغي إسقاط هذا القسم لأن اقتران الخبر فيه بالفاء لأجل أما المتضمنة معنى الشرط لا لشبه المبتدأ بأداة الشرط. قوله: "وذلك" أي المبتدأ الذي يقترن خبره بالفاء جوازًا إما موصول إلخ وجملة صوره خمس عشرة صورة: موصول بفعل لا حرف شرط معه، موصول بظرف موصول بجار ومجرور، موصوف بأحد هذه الثلاثة، فهذه ست صور. مضاف إلى الموصول أو الموصوف المذكورين وتحته ست صور موصوف بالموصول المذكور وتحته ثلاث صور وقد تدخل الفاء على خبر كل مضافًا إلى غير موصوف نحو كل نعمة فمن الله، أو موصوف بغير ما ذكر نحو:
كل أمر مباعد أو مداني فمنوط بحكمة المتعالي قيل: ومنه حديث كل أمر ذي بال إلخ وفيه بحث أبديته في رسالتي الكبرى في البسملة. قوله: "لا حرف شرط معه" فلو كان معه حرف شرط نحو الذي أن يأتني أكرمه مكرم امتنعت الفاء لأنها إنما دخلت في الخبر لشبه المبتدأ بالشرط وهو هنا منتف إذ لا يدخل شرط على شرط وأجاز بعضهم دخولها في هذا أيضًا، وخرج بقوله بفعل أو ظرف الموصول بغيرهما فلا يجوز الذي أبوه محسن فمكرم خلافًا لابن السراج، ولا القائم فزيد أو فاضربه خلافًا للناظم في تسهيله فإنه صرح فيه بجوازه ومثل له في شرحه بقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38]، وجعل الجمهور الخبر محذوفًا أي مما يتلى عليكم حكم السارق، وكان على الشارح أن يزيد وأن لا يكون مصدرًا بعلم استقبال ولا بقد ولا بما النافية أو بقول موصول بفعل صالح للشرطية كما في التسهيل ليفيد اشتراط ما ذكر. قوله: "أو بظرف" المراد به ما يشمل الجار والمجرور كما يدل عليه تمثيله بالجار والمجرور. قوله: "وإما موصوف" أي اسم منكر موصوف. وقوله: بهما أي بواحد من الفعل والظرف. قوله: "أو مضاف إلى أحدهما" أي الموصول والموصوف المذكورين بأقسامهما. واعلم أن المضاف إلى الموصول بما ذكر لا يشترط أن يكون لفظ كل وما بمعناها كجميع فيجوز غلام الذي عندك فلا درهم معه. وأما المضاف إلى النكرة الموصوفة بما ذكر فيشترط أن يكون لفظ كل وما بمعناها فقول الشارح وكل الذي تفعل إلخ ذكر كل فيه ليس قيدًا، وقوله كل رجل يتقي الله ذكر كل فيه قيد معتبر قاله شيخنا السيد. قوله: "بشرط قصد العموم" قيد في جميع ما قبله ولو حذف لفظ كما في قوله فلو عدم العموم وكما في قول التسهيل عام لكان أخصر لعدم الحاجة لذكره، بل لا حاجة كما قاله الدماميني إلى اشتراط العموم من أصله بعد كونه موضوع المسألة المبتدأ المشبه لاسم الشرط في العموم. قوله: "واستقبال معنى الصلة" يفهم أنه لا يشترط استقبال لفظها وهو كذلك فشمل نحو وما أصابكم
329 | 435(1/328)
الابتداء
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يسألني أو في المسجد فله بر، وكل الذي تفعل فلك أو عليك، وكل رجل يتقي الله فسعيد، والسعي الذي تسعاه فستلقاه. فلو عدم العموم لم تدخل الفاء لانتفاء شبه الشرط وكذا لو عدم الاستقبال أو وجد مع الصلة أو الصفة حرف شرط، وإذا دخل شيء من نواسخ الابتداء على المبتدأ الذي اقترن خبره بالفاء أزال الفاء إن لم يكن إن أو أن أو لكن بإجماع المحققين، فإن كان الناسخ إن وأن ولكن جاز بقاء الفاء، نص على ذلك في إن وأن سيبويه وهو الصحيح الذي ورد نص القرآن المجيد به كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ} [الاحقاف: 13]، {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الاحقاف: 13] {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا} [آل عمران: 91]، {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: 21]، {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [ألانفال: 41]، {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ} [الجمعة: 8]، ومثال ذلك مع لكن قوله الشاعر:
174-
بكل داهية ألقى العداء وقد يظن أني في مكري بهم فزع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويدل على أن ما موصولة سقوط الفاء في قراءة نافع وابن عامر. همع. قوله: "فلو عدم العموم" وعدمه إما بتقييد الصلة أو الصفة كالسعي الذي تسعاه في الخير ستلقاه، وكل رجل يأتيني في المسجد له كذا، وإما بتقييد الموصوف نحو كل رجل كريم يأتيني له كذا هذا ما قالوه وفيه بحث لأن ما ذكر من الأمثلة لم يعدم فيه العموم بل قلّ. فإن قيل المراد بعدم العموم قلته لا عدمه رأسًا، قلت لا وجه لإرادة ذلك لأن قلة العموم لا تخرج المبتدأ عن شبه اسم الشرط لأنها توجد فيه نحو من يقم في المسجد فله درهم فتأمل. قوله: "وكذا لو عدم الاستقبال" نحو الذي زارنا أمس له كذا وأجاز بعضهم دخول الفاء هنا أيضًا تمسكًا بقوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّه} [آل عمران: 166]، وأول على معنى وما يتبين إصابته إياكم قاله الدماميني. قوله: "الذي اقترن خبره بالفاء" أي الذي يجوز اقتران خبره بالفاء وقوله أزال الفاء أي أزال جواز دخولها، وليس المراد أن النواسخ دخلت على تركيب فيه الفاء فأزالتها كما نبه عليه الدماميني، لكن هذا التأويل مع كونه غير ضروري يأباه قول الشارح بعد جاز بقاء الفاء، وكون المراد جاز بقاء الفاء لا يخفى ما فيه، وإنما أزال الناسخ جواز الفاء لزوال شبه المبتدأ بالشرط بدخول الناسخ لأن اسم الشرط لازم التصدير فلا يعمل فيه ما قبله، وهنا تقدم على المبتدأ الناسخ وعمل فيه. قوله: "جاز بقاء الفاء" أي لأنها ضعيفة العمل إذ لم يتغير بدخولها المعنى الذي كان مع الابتداء ولهذا جاز العطف معها بالرفع على الاسم مراعاة لمحل الابتداء بخلاف بقية أخوات إن فإنها قوية في العمل لتغييرها المعنى. قوله: "قل إن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
174- البيتان من البسيط.
330 | 435(1/329)
مدخل
كان وأخواتها:
ترفع كان المبتدا اسما والخبر تنصبه ككان سيدا عمر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلا ولكن ما أبديه من فرق فكي يغروا فيغريهم بي الطمع وقال الآخر:
175-
فوالله ما فارقتكم قاليًا لكم ولكن ما يُقضى فسوف يكون وروي عن الأخفش أنه منع دخول الفاء بعد أن، وهذا عجيب لأن زيادة الفاء في الخبر على رأيه جائزة وإن لم يكن المبتدأ يشبه أداة الشرط نحو زيد فقائم، فإذا دخلت إن على اسم يشبه إداة الشرط فوجود الفاء في الخبر أحسن وأسهل من وجودها في خبر زيد وشبهه، وثبوت هذا عن الأخفش مستبعد. والله أعلم.
كان وأخوتها:
"ترفع كان المبتدأ" إذا دخلت عليه ويسمى "اسمًا لها. وقال الكوفيون: هو باق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموت إلخ" كان الأنسب تقديمه على ما قبله لتتصل أمثلة أن المكسورة بعضها ببعض، وقد يوجه تأخيره بأنه من الموصوف بالموصول وهو آخر الأقسام في كلامه سابقًا. قوله: "من فرق" أي خوف وبابه فرح. قوله: "فوجود الفاء في الخبر" أي خبر المبتدأ المشبه لاسم الشرط وقوله أحسن وأسهل لعل الأحسنية من جهة المعنى والأسهلية من جهة اللفظ. والله تعالى أعلم.
كان وأخواتها:
أي نظائرها في العمل ففيه استعارة مصرحة أصلية وأفرد كان بالذكر إشارة إلى أنها أم الباب ولذا اختصت بزيادة أحكام. وإنما كانت أم الباب لأن الكون يعم جميع مدلولات أخواتها. ووزنها فعل بفتح العين لا بضمها لمجيء الوصف على فاعل لا فعيل ولا بكسرها لمجيء المضارع على يفعل بالضم لا الفتح. قوله: "ترفع كان المبتدأ" أي تجدد له رفعًا غير الأول الذي عامله معنوي وهو الابتداء وتسميته مبتدأ باعتبار حاله قبل دخول الناسخ وأل في المبتدأ للجنس فإن منه ما لا تدخل عليه كلازم التصدير إلا ضمير الشأن ولازم الحذف كالمخبر عنه بنعت مقطوع وما لا يتصرف بأن يلزم الابتداء كطوبى للمؤمن كذا في الهمع والتصريح وغيرهما. قوله: "ويسمى اسمًا لها" تسمية المرفوع اسمها والمنصوب خبرها تسمية اصطلاحية خالية عن المناسبة لأن زيدًا في كان زيد قائمًا اسم للذات لا لكان والأفعال لا يخبر عنها إلا أن يقال الإضافة لأدنى ملابسة، والمعنى اسم مدلول مدخولها وخبرها أي الخبر عنه وقد يسمى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
175- البيت من الطويل، وهو للأفوه الأودي في الدرر 2/ 40؛ وليس في ديوانه، وبلا نسبة في أمالي القالي 1/ 969؛ وأوضح المسالك 1/ 348؛ وشرح التصريح 1/ 225؛ وشرح قطر الندى ص149؛ ومعجم البلدان 2/ 220 "الحجاز" والمقاصد النحوية 2/ 321، وهمع الهوامع 1/ 110.
331 | 435(1/330)
مدخل
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على رفعه الأول "والخبر تنصبه" باتفاق ويسمى خبرها "ككان سيدًا عمر" فعمر اسم كان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرفوع فاعلًا والمنصوب مفعولًا مجازًا.
قوله: "وقال الكوفيون" أي ما عدا الفراء فإنه موافق للبصريين، ورد مذهبهم بأنه يلزم عليه أن الفعل ناصب غير رافع ولا نظير له، وأما الرد عليهم بأن العامل اللفظي أقوى من المعنوي فلا ينهض عليهم وإن أقره البعض واقتصر عليه لأن العامل في المبتدأ عندهم ليس معنويًّا بل هو لفظي وهو الخبر، وتظهر ثمرة الخلاف في كان زيد قائمًا وعمرو جالسًا فعلى مذهب الكوفيين لا يجوز للزوم العطف على معمولي عاملين مختلفين، وعلى مذهب البصريين يجوز لأن العامل واحد، هكذا ظهر لي فاحفظه. قوله: "باق على رفعه الأول" فهو مرفوع بما كان مرفوعًا به قبل دخولها. قوله: "والخبر تنصبه" أل فيه أيضًا للجنس فإن منه ما لا تدخل عليه كالخبر الطلبي فلا يقال: كان زيد أضربه والإنشائي فلا يقال: كان عبدي بعتكه على قصد الإنشاء لأن هذه الأفعال إن كانت خبرية فهي صفات لمصادر أخبارها في الحقيقة إذ معنى كان زيد قائمًا لزيد قيام له حصول في الزمن الماضي، ومعنى أصبح زيد قائمًا لزيد قيام له حصول في الزمن الماضي وقت الصبح، وقس على هذا سائرها وكون الخبر طلبيًّا أو إنشائيًّا ينافي حصوله في الماضي فيناقض آخر الكلام أوله وإن كانت غير خبرية فإن توافق طلبها وطلب أخبارها اكتفي بطلبها عن طلب أخبارها إذ الطلب فيها طلب في أخبارها تقول كن قائمًا أي قم وهل تكون قائمًا أي هل تقوم ولا تقول كن قم ولا هل تكون هل تقوم أما قوله:
وكوني بالمكارم ذكريني فذكريني فيه بمعنى تذكريني. وإن اختلف الطلبان كأن يكون أحدهما أمرًا والآخر استفهامًا نحو كوني هل ضربت اجتمع طلبان مختلفان على مصدر الخبر في حالة واحدة وهو محال أفاده الرضي. وكالخبر الفعلي الماضوي في صار وما بمعناها ودام وزال وأخواتها لدلالتها على اتصال الخبر بزمن الإخبار والماضي على انقطاعه فيتنافيان وهذا متفق عليه وكالخبر المفرد المضمن معنى الاستفهام في دام وليس والمنفي بما على الأصح، فلا يقال لا أكلمك كيف ما دام زيد، ولا أين ما زال زيد، ولا أين ما يكون زيد، ولا أين ليس زيد، وجوزه الكوفيون بخلاف المنفي بغير ما وغير المنفي نحو أين لا يزال زيد وأين كان زيد كذا في الهمع وغيره قال الدماميني نقلًا عن غيره: ينبغي أن تكون أن كذلك لأن لها الصدر بدليل أنها تعلق نحو: {وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 52]، ثم ذكر أن لا في جواب القسم كذلك وسيأتي إيضاحه في باب ظن وأخواتها، وعلة المنع كما في الدماميني ازدحام اثنين على طلب الصدرية في المنفي بما ولزوم تأخير ما له الصدر أو تقدم معمول الصلة في دام ولزوم تقديم خبر ليس عليها في ليس والصحيح منعه، قال الدماميني: ويوافق نقل الجواز عن الكوفيين نقل المصنف عنهم أن ما النافية لا تلزم الصدر.
قوله: "باتفاق" أي وإن اختلفوا في نفس المنصوب فقال الفراء: هو شبيه بالحال وبقية
332 | 435(1/331)
مدخل
ككان ظل بات أضحى أصبحا أمسى وصار ليس زال برحا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وسيدًا خبرها و"ككان" في ذلك "ظل" ومعناها اتصاف المخبر عنه بالخبر نهارًا "وبات" ومعناها اتصافه به ليلًا، و"أضحى" ومعناها اتصافه به في الضحى و"أصبحا" ومعناها اتصافه به في الصباح و"أمسى" ومعناها اتصافه به في المساء "وصار" ومعناها التحول من صفة إلى صفة "وليس" ومعناها النفي وهي عند الإطلاق لنفي الحال وعند التقييد بزمن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكوفيين حال حقيقة وعلى مذهبهم أين خبر المرفوع وهل يقال: سدت الحال مسده والبصريون شبيه بالمفعول وهو الصحيح لوروده باطراد معرفة وجامدًا. وأما اعتراض الكوفيين عليهم بأنه لو كان مشبهًا بالمفعول لم يقع جملة ولا ظرفًا ولا جارًا ومجرورًا. فأجيب عنه بأن المفعول قد يكون جملة وذلك بعد القول وفي التعليق وأما الظرف وشبهه فليسا الخبر على الأصح إنما الخبر متعلقهما المحذوف وهو اسم مفرد قاله الدماميني. قوله: "وككان في ذلك" أي في العمل المذكور لا في المعنى. ومعنى كان اتصاف المخبر عنه بخبرها أي بمدلول خبرها التضمني وهو الحدث في زمان صيغتها. قوله: "ومعناها" أي مع معموليها لأن معناها وحدها مطلق حدث في زمان ماض نهاري. وقوله بالخبر أي بمدلوله التضمني. وقوله نهارًا أي ماضيًا، ومثل ذلك كله يقال فيما بعده. قوله: "ومعناها التحول إلخ" أي فهي موضوعة له وأما استفادة التحول من غيرها لدلالة الفعل على التجدد والحدوث فبطريق اللزوم لموضوعها فحصل الفرق أفاده سم.
قوله: "وليس" أصلها عند الجمهور ليس بكسر العين فخفف بالسكون لثقل الكثرة على الياء ولم تقلب الياء ألفًا لأنه جامد فكرهوا فيه القلب دون التخفيف لأنه أسهل من القلب، ولو كانت بالفتح لم تسكن لخفة الفتح بل كان يلزم القلب، ولو كانت بالضم لقيل فيها لست بضم اللام وعلى ما حكاه أبو حيان من قولهم لست بضم اللام تكون قد جاءت من البابين. وحكى الفراء لست بكسر اللام كذا في الهمع مع زيادة من الدماميني.
فائدة: ذكر في التسهيل أن ليس تختص بجواز الاقتصار على اسمها وحذف خبرها قال الدماميني. حكى سيبويه أحد أي هنا. ا. هـ. وقد بسط المسألة صاحب الهمع فقال قال أبو حيان نص أصحابنا على أنه لا يجوز حذف اسم كان وأخواتها ولا حذف خبرها لا اختصارًا ولا اقتصارًا أما الاسم فلأنه يشبه الفاعل وأما الخبر فكان قياسه جواز الحذف لأنه إن روعي أصله وهو خبر المبتدأ جاز حذفه أو ما آل إليه من شبهه بالمفعول فكذلك لكنه صار عندهم عوضًا من المصدر لأنه في معناه إذ القيام مثلًا كون من أكوان زيد والأعواض لا يجوز حذفها فالواو قد يحذف في الضرورة ومن النحويين من أجاز حذفه لقرينة اختيارًا وفصل ابن مالك فمنعه في الجميع إلا ليس فأجاز حذف خبرها اختيارًا ولو بلا قرينة إذا كان اسمها نكرة عامة تشبيهًا بلا وإلى هذا ذهب الفراء أيضًا. ا. هـ. وكتب سم على قوله ولا حذف خبرها انظر هذا يخالف ما يأتي في نحو إن خير فخير من أن خير الأول اسم كان المحذوفة مع خبرها فقد جوزوا حذف الخبر هناك أو هذا مخصوص بذاك أو بحذف الخبر وحده فليحرر. ا. هـ. قوله: "وهي عند الإطلاق" خرج نحو ليس خلق الله مثله فهي في هذا للماضي واسمها ضمير الشأن ونحو: {أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ
333 | 435(1/332)
مدخل
فتئ وانفك وهذي الأربعة لشبه نفي أو لنفي متبعه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بحسبه "زال" ما مضى يزال و"برحا" و"فتئ وانفك" ومعنى الأربعة ملازمة المخبر عنه على ما يقتضيه الحال نحو ما زال زيد ضاحكًا، وما برح عمرو أزرق العينين، وكل هذه الأفعال ما عدا الأربعة الأخيرة بلا شرط "وهذي الأربعة" الأخيرة لا تعمل إلا بشرط كونها "لشبه نفي" والمراد به النهي والدعاء "أو لنفي متبعه" سواء كان النفي لفظًا نحو ما زال زيد قائمًا {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود: 118]، {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ} [طه: 91]، وقوله:
176-
ليس ينفك ذا غنى واعتزاز كل ذي عفة مقل قنوع أو تقديرًا نحو: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} [يوسف: 85]، وقوله:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مَصْرُوفًا عَنْهُم} [هود: 8]، فهي في هذا للمستقبل.
قوله: "لنفي الحال" أي لانتفاء الحدث في الحال ويرد عليه أنه فعل ماض وزمن الفعل الماضي ماض ويمكن أن يجاب بأن مخالفتها لسائر الأفعال في الدلالة على المضي عارض نشأ من شبهها الحرف في الجمود وفي المعنى. قوله: "ماضي يزال" احتراز عن زال ماضي يزيل بفتح أوله فإنه تام متعد بمعنى ماز، وعن زال ماضي يزول فإنه تام قاصر بمعنى انتقل وذهب، ومصدر الأول الزيل ومصدر الثاني الزوال ولا مصدر للناقصة ووزن الناقصة فعل بكسر العين ووزن غيرها فعل بفتحها كما في التصريح وغيره. قوله: "وفتيء" بتثليث التاء وأفتأ. همع. قوله: "ومعنى الأربعة" أي مع النفي. قوله: "على ما يقتضيه الحال" أي ملازمة جارية على ما يقتضيه الحال من الملازمة مدة قبول المخبر عنه للخبر سواء دام بدوامه نحو ما زال زيد أزرق العينين ما زال الله محسنًا أولًا نحو ما زال زيد ضاحكًا. قوله: "وهذي الأربعة" أي موادها، فاندفع ما قيل إن هذه الأربعة أفعال ماضية والنهي لا يدخل على الماضي. قوله: "إلا بشرط إلخ" لأن المقصود من الجملة الإثبات والأربعة متضمنة للنفي ونفي النفي إثبات. قوله: "والمراد به النهي والدعاء" ظاهر إطلاقه الدعاء عدم تقييده بلا وهو المتجه عندي وإن نقل المصرح عن الارتشاف تقييده بلا فيدخل صدر قول الشاعر:
لن تزالوا كذلكم ثم لازلـ ـت لكم خالدًا خلود الجبال بناء على ورود لن للدعاء كما في البيت ووجه الشبه عدم تحقق حصول الفعل في كل قيل ومثلهما الاستفهام الإنكاري. قوله: "ليس ينفك إلخ" ليس إما مهملة وإما عاملة اسمها ضمير الشأن وجملة ينفك إلخ خبرها وكل اسم ينفك وذا غنى خبرها مقدمًا كما قاله زكريا وغيره ولا يصح أن يكون كل اسم ليس مؤخرًا لأن الكلام عليه من باب سلب العموم والقصد عموم السلب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
176- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص230، والدرر 2/ 43؛ وشرح التصريح 1/ 185، والمقاصد النحوية 2/ 73، وهمع الهوامع 1/ 111.
334 | 435(1/333)
مدخل
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
177-
فقلت يمين الله أبرح قاعدًا ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي ولا يحذف النافي معها قياسًا إلا في القسم كما رأيت، وشذ قوله:
178-
وأبرح ما أدام الله قومي بحمد الله منتطقا مجيدا أي لا أبرح. ومثال النهي قوله:
179-
صاح شمر ولا تزل ذاكر المو ت فنسيانه ضلال مبين ومثال الدعاء قوله:
180-
ألا يا اسلمي يا دارمي على البلى ولا زال منهلًا بجرعائك القطر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتأمل. قوله: "يمين الله" خبر لمبتدأ محذوف أي قسمي أو هو المبتدأ والمحذوف الخبر والأوصال جمع وصل وهو العضو. قوله: "معها" أي مع الأفعال الأربعة. قوله: "إلا في القسم" أي بشرط كون الفعل مضارعًا والنافي لا كما في التصريح وغيره. قوله: "منتطقًا مجيدًا" صاحب نطاق وجواد وهما خبران لأبرح بناء على الراجح من جواز تعدد الخبر في هذا الباب أو الثاني نعت للأول بناء على مقابله. قوله: "ميّ" قال في التصريح: هم اسم امرأة وليس ترخيم مية كما قد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
177- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص32، وخزانة الأدب 9/ 238، 239، 10/ 43، 44، 45، والخصائص 2/ 284؛ والدرر 4/ 12، وشرح أبيات سيبويه 2/ 220؛ وشرح التصريح 1/ 185، وشرح شواهد المغني 1/ 341؛ وشرح المفصل 7/ 110، 8/ 37، 9/ 104؛ والكتاب 3/ 504؛ ولسان العرب 13/ 463 "يمن"؛ واللمع ص135، والمقاصد النحوية 2/ 13؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 232، وخزانة الأدب 10/ 93، 94؛ ومغني اللبيب 2/ 637؛ والمقتضب 2/ 362؛ وهمع الهوامع 2/ 38.
178- البيت من الوافر، وهو لخدش بن زهير في لسان العرب 10/ 354، 355 "نطق"، والمقاصد النحوية 2/ 64، وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص619؛ وجمهرة اللغة ص275؛ وخزانة الأدب 9/ 243؛ والدرر 2/ 46، وشرح ابن عقيل ص135؛ والمقرب 1/ 94، وهمع الهوامع 1/ 111.
179- البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 234؛ وتخليص الشواهد ص230؛ والدرر 2/ 44؛ وشرح التصريح 1/ 185؛ وشرح ابن عقيل ص136؛ وشرح عمدة الحافظ ص199؛ وشرح قطر الندى ص127؛ والمقاصد النحوية 2/ 14، وهمع الهوامع 1/ 111.
180- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص559؛ والإنصاف 1/ 100، وتخليص الشواهد ص231، 232 والخصائص 2/ 278؛ والدرر 2/ 44، 4/ 61، وشرح التصريح 1/ 185؛ وشرح شواهد المغني 2/ 617؛ والصاحبي في فقه اللغة ص232؛ واللامات ص37، ولسان العرب 15/ 494 "يا"، ومجالس ثعلب 1/ 42، والمقاصد النحوية 2/ 6، 4/ 285، وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 235، وجواهر الأدب ص290؛ والدرر 5/ 117؛ وشرح ابن عقيل ص136؛ وشرح عمدة الحافظ ص199؛ وشرح قطر الندى ص128، ولسان العرب 15/ 434 "ألا"؛ ومغني اللبيب 1/ 243؛ وهمع الهوامع 1/ 111، 2/ 4، 70.
335 | 435(1/334)
مدخل
ومثل كان دام مسبوقا بما كأعط ما دمت مصيبا درهما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"ومثل كان" في العمل المذكور "دام مسبوقًا بما" المصدرية الظرفية "كأعط ما دمت مصيبًا درهما" أي مدة دوامك مصيبًا.
تنبيه: مثل صار في العمل ما وافقها في المعنى من الأفعال، وذلك عشرة وهي آض ورجع وعاد واستحال وقعد وحار وارتد وتحول وغدا وراح كقوله:
181-
وبالمخض حتى آض جعدًا عنطنطا إذا قام ساوى غارب الفحل غاربه وفي الحديث: "لا ترجعوا بعدي كفارًا" وقوله:
182- وكان مضلي من هديت برشده
فلله مغو عاد بالرشد آمرًا
وفي الحديث: "فاستحالت غربًا" ومن كلام العرب. أرهف شفرته حتى قعدت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتوهم. ا. هـ. وكأنه قصد الرد على العيني في قوله ومي ترخيم مية. ا. هـ. ومن تتبع كلام ذي الرمة نظمًا ونثرًا وجده يسمي محبوبته بهما وقوله: على البلى أي منه وهو بكسر الباء من بلى الثوب كرضي إذا صار خلقًا والجرعاء أرض ذات رمل مستوية لا تنبت شيئًا والقطر المطر والمنهل المنسكب والمراد الإنهلال الغير المضر بقرينة الدعاء لها فلا اعتراض. قوله: "دام" أي الناقصة أما التامة كما في ما دامت السماوات والأرض فلا تعمل العمل المذكور. قوله: "الظرفية" أما لو كانت مصدرية فقط فلا تعمل العمل المذكور نحو يعجبني ما دمت صحيحًا أي دوامك صحيحًا، فدام تامة بمعنى بقي وصحيحًا حال ولا توجد الظرفية بدون المصدرية. قوله: "كأعط إلخ" أي كأعط المحتاج درهمًا ما دمت مصيبًا له ففي الكلام تقديم وتأخير وحذف. قوله: "ما دمت" أصله دومت بضم الواو لنقله من باب فعل المفتوح العين إلى مضمومها عند إرادة اتصال ضمير الرفع المتحرك به فنقلت ضمة الواو إلى الدال بعد سلب حركتها وحذفت الواو لالتقاء الساكنين. قوله: "مثل صار في العمل" أي على خلاف في ذلك. قوله: "وبالمخض" أي وربيته أي ذلك البعير بالمخض، وهو بالمعجمتين اللبن، الخالص، والجعد يطلق على معان منها الكريم والبخيل وكثير الوبر والغليظ كما في القاموس، وأنسبها هنا الأخيران فعلم ما في قول البعض الجعد الكريم كما في القاموس والمراد به في البيت الغليظ. ا. هـ. من المؤاخذات. والعنطنط بالعين المهملة المفتوحة والنونين المفتوحتين والطاءين المهملتين كما في القاموس: الطويل. والغارب بالغين المعجمة والراء الكاهل. قوله: "غربًا" أي دلوا عظيمة. قوله: "أرهف شفرته" بفتح الشين المعجمة أي سن سكينه. وذكر ابن الحاجب أنه لا يطرد عمل قعد هذا العمل إلا إذا كان الخبر مصدرًا بكأن، واستحسنه الرضي فلا يقال: قعد زيد كاتبًا بمعنى صار وطرده كثير مطلقًا وجعلوا منه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
181- البيت من الطويل، وهو لفرعان التميمي في لسان العرب 3/ 122؛ والمقاصد النحوية 2/ 398.
182- البيت من الطويل، وهو لسواد بن قارب في الدر 2/ 50، 72، وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 112، 119.
336 | 435(1/335)
مدخل
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كأنها حربة. وقال بعضهم:
183-
وما المرء إلا كالشهاب وضوئه يحور رمادًا بعد إذ هو ساطع وقال الله تعالى: {أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا} [يوسف: 96]، وقال امرؤ القيس:
184-
وبدلت قرحا داميا بعد صحة فيا لك من نعمى تحولن أبؤسا وفي الحديث: "لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا " وحكى سيبويه عن بعضهم ما جاءت حاجتك بالنصب والرفع بمعنى ما صارت، فالنصب على أن ما استفهامية مبتدأ، وفي جاءت ضمير يعود إلى ما، وأدخل التأنيث على ما لأنها هي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قعد لا يسأل حاجة إلا قضاها، وجعل منه الزمخشري قوله تعالى: {فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا} [الإسراء: 22]. قوله: "وبدلت" بالبناء للمجهول، قرحًا بفتح القاف وضمها أي جرحًا داميًا أي سائل الدم. والنعمى مثل النعمة وهي بضم النون مع القصر وبفتحها مع المد وجمع النعمة نعم كعنب وأنعم كأفلس وجمع النعماء أنعم أيضًا مثل البأساء والأبؤس كذا في المصباح. ومثله في القاموس. وزاد جمعين للنعماء بالفتح والمد وهما نعم ونعمات بكسرتين وقد تفتح العين. إذا تقرر ذلك عرفت أن النعمى في البيت بالضم لأنها فيه بالقصر ودعوى أن القصر للضرورة غير مسموعة، وعرفت أن النعمى بوجهيها مفردة لا جمع فعود ضمير الجماعة عليها في قوله تحوّلن أبؤسًا باعتبار الخبر أو باعتبار أن هذه النعمة التي هي الصحة بمنزلة نعم عديدة لأنها أم النعم. فقول البعض النعمى بفتح النون جمع نعمة فاسد. والأبؤس كأفلس جمع بأس قاله البعض كشيخنا وقد استفيد مما مر عن المصباح أنه يصح أن يكون جمع بأساء.
قوله: "تغدو خماصًا إلخ" في التمثيل به نظر لأن الظاهر أن الفعلين تامان بمعنى تذهب في الغدوة وترجع في الرواح أي المساء فانتصاب ما بعدهما على الحال. قوله: "وحكى سيبويه" غير الأسلوب لأنه نادر كما في التسهيل. قوله: "ما جاءت حاجتك" ذكر الدماميني أن الأندلسي قال: جاء لا تستعمل بمعنى صار إلا في خصوص هذا التركيب فلا يقال: جاء زيد قائمًا بمعنى صار وأن ابن الحاجب طرده في غيره وجعل منه جاء البر قفيزين ونقل هذا السيوطي في الهمع عن قوم. قوله: "وأدخل التأنيث على ما" أي أوقعه على ضمير ما أنث ضمير ما أو المراد أدخل علامة التأنيث على الفعل المسند إلى ضمير ما.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
183- البيت من الطويل، وهو للبيد في ديوانه ص169؛ وحماسة البحتري ص84، والدرر 2/ 53؛ ولسان العرب 4/ 217 "حور".
184- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص107؛ وخزانة الأدب 1/ 331؛ والدرر 2/ 54؛ وشرح شواهد المغني 2/ 695، ولسان العرب 11/ 474 "علل"، وبلا نسبة في مغني اللبيب 1/ 288؛ وهمع الهوامع 1/ 112.
337 | 435(1/336)
مدخل
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحاجة، وذلك الضمير هو اسم جاءت، وحاجتك خبر، والتقدير أية حاجة صارت حاجتك؟
وعلى الرفع حاجتك اسم جاءت وما خبرها. وقد استعمل كان وظل وأضحى وأصبح وأمسى بمعنى صار كثيرًا، ونحو: {وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا، وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا} [النبأ: 20]، وقوله:
185-
بتيهاء قفر والمطي كأنها قطا الحزن قد كانت فراخًا بيوضها ونحو: {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} [النحل: 58]، وقوله:
186-
ثم أضحوا كأنهم ورق جفـ ـف فألوت به الصبا والدبور وقوله:
187-
فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر وقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "بتيهاء" أي أرض يتيه فيها السائر قفر أي خالية. والمطيّ الواو للحال وهو اسم جنس جمعي للمطية سميت مطية لأنها تمطو في سيرها أي تسرع كأنها أي في سرعة السير قطا الحزن أي القطا في الحزن بفتح الحاء ما غلظ وصعب من الأرض. وفائدة هذه الإضافة أن الحزن لا تألفه القطا لأن الغالب عليه قلة الماء والعشب فتكون أسرع سيرًا فيه وجملة قد كانت إلخ حال من قطا الحزن، وفائدتها التنبيه على شدة سرعة سيرها لأن إسراعها إلى فرخها غالبًا أشد من إسراعها إلى البيض. قوله: "فألوت" أي طارت والصبا والدبور ريحان متقابلتان. قوله: "فأصبحوا إلخ" في الاستشهاد به نظر لما تقدم من اشتراط أن لا يكون خبر صار وما بمعناها ماضيًا. قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
185- البيت من الطويل، وهو لعمرو بن أحمر في ديوانه ص119؛ والحيوان 5/ 575؛ وخزانة الأدب 9/ 201؛ ولسان العرب 7/ 186 "عرض"، 13/ 367 "كون"؛ وله أو لابن كنزة في شرح شواهد الإيضاح ص525؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص137؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص68؛ وشرح المفصل 7/ 102؛ والمعاني الكبير 1/ 313.
186- البيت من الخفيف، وهو لعدي بن زيد في ديوانه ص90، و الدرر 2/ 75؛ وشرح شواهد المغني 1/ 470؛ وشرح المفصل 7/ 104؛ والشعر والشعراء 1/ 232؛ وبلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص211.
187- البيت من البسيط، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 185؛ والأشباه والنظائر 2/ 209، 3/ 122؛ وتخليص الشواهد ص281، والجني الداني ص189، 324، 446؛ وخزانة الأدب 4/ 133، 138؛ والدرر 2/ 103، 3/ 105؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 162؛ وشرح التصريح 1/ 198، وشرح شواهد المغني 1/ 237، 2/ 782؛ والكتاب 1/ 60، ومغني اللبيب ص363، 517، 600، والمقاصد النحوية 2/ 96؛ والمقتضب 4/ 191، وهمع الهوامع 1/ 124؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 280، ورصف المباني ص312؛ ومغني الليب ص82، والمقرب 1/ 102.
338 | 435(1/337)
مدخل
وغير ماض مثله قد عملا إن كان غير الماض منه استعملا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
188-
أمست خلاء وأمسى أهلها واحتملوا أخنى عليها الذي أخنى على لبد قال في شرح الكافية: وزعم الزمخشري أن بات ترد أيضًا بمعنى صار، ولا حجة له على ذلك ولا لمن وافقه "وغير ماض" وهو المضارع والأمر واسم الفاعل والمصدر "مثله" أي مثل الماضي "قد عملا" العمل المذكور "إن كان غير الماض منه استعملا" يعني أن ما تصرف من هذه الأفعال يعمل غير الماضي منه عمال الماضي. وهي في ذلك على ثلاثة أقسام قسم لا يتصرف بحال وهو ليس باتفاق ودام على الصحيح، وقسم يتصرف تصرفًا ناقصًا وهو زال وأخوتها، فإنه لا يستعمل منها الأمر ولا المصدر، وقسم يتصرف تصرفًا تامًّا وهو باقيا فالمضارع نحو: {وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} [مريم: 20]، والأمر نحو: {قُلْ كُونُوا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"أمست خلاء" الشاهد في هذا فقط لا في الثاني لكون الخبر فيه ماضيًا وصار وما بمعناها لا يكون خبرهما ماضيًا كما مر، وأخنى عليها أهلكها، ولبد كعنب نسر عمر طويلًا. قوله: "وهو المضارع إلخ" يشعر بأنه لا يجيء منها اسم مفعول وهو كذلك على الصحيح. وأما قول سيبويه مكوّن فيه فقال في شرح اللمحة أن أبا الفتح سأل أبا علي عنه فقال: ما كل داء يعالجه الطبيب.
قوله: "مثله" حال من فاعل عمل مقدّمة على عامله لتصرفه أو نعت لمفعول مطلق محذوف أي عملًا مثل عمل الماضي ويشكل على كل منهما ما ذكره بعضهم من منع تقدم معمول الفعل المقرون بقد عليه فلعله غير متفق عليه. قوله: "وهي" أي هذه الأفعال في ذلك أي التصرف ثبوتًا مع التمام أو النقصان والانتقاء. قوله: "ودام على الصحيح" مقابله ما قاله الأقدمون وقليل من المتأخرين أن لها مضارعًا وهو يدوم فهي متصرفة عندهم تصرفًا ناقصًا ذكره في التوضيح وشرحه، قالوا: ولا يرد على القول الصحيح يدوم ودم ودائم ودوام لأنها من تصرفات دوام التامة. ولي بالأقدمين ومن وافقهم أسوة لعدم ظهور الفرق بين قولك: لا أكلمك ما دمت عاصيًا وقولك: لا أكلمك ما تدوم عاصيًا، بل الصحيح عندي أن لها مصدرًا أيضًا بدليل أنهم شرطوا سبق ما المصدرية الظرفية عليها ومن المعلوم أن ما المصدرية تؤوّل مع ما بعدها بمصدر وأن هذا المصدر مصدرها، وقد وقع هذا المصدر في عبارات كثيرين كالشارح عند قول المصنف كأعط إلخ فلا يقال: إنها مع ما بعدها في تأويل مصدر مقدر لا موجود. والحكم عليهم بأن ذلك منهم اختراع لما لم يرد عن العرب جور وسوء ظن. فإذا قلت أحبك مدة دوامك صالحًا كان دوام مصدر الناقصة وصالحًا خبره مثل أحبك ما دمت صالحًا والفرق تحكم محض فتدبر. قوله: "تصرفًا تامًّا" المراد التمام النسبي إذا لم يجىء لها اسم مفعول.
قوله: "ولم أك بغيًا" أصل أك أكون حذفت ضمته للجازم وواوه لالتقاء الساكنين ونونه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
188- البيت من البسيط، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص16، وجمهرة اللغة ص1057، وخزانة الأدب 4/ 5، والدرر 2/ 75؛ ولسان العرب 3/ 386 "لبد"؛ 14/ 245 "ضنا"، بلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص210؛ وشرح قطر الندى ص134، وهمع الهوامع 1/ 114.
339 | 435(1/338)
مدخل
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا} [الإسراء: 50]، والمصدر كقوله:
189-
ببذل وحلم ساد في قومه الفتى وكونك إياه عليك يسير واسم الفاعل كقوله:
190-
وما كل من يبدي البشاشة كائنًا أخاك إذا لم تلفه لك منجدا وقوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للتخفيف فلم يبق من أصول الكلمة إلا فاؤها. وأصل بغيًا بغويًا اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء وكسرت الغين لمناسبتها وأدغمت الياء في الياء كذا في التصريح. ولعل وجه جعله من باب فعول لا من باب فعيل أن فعيلًا لا يستوي فيه المذكر والمؤنث باطراد إلا إذا كان بمعنى مفعول والظاهر أن بغيا هنا بمعنى فاعل. وأما فعول فيستوي فيه المذكر والمؤنث باطراد إذا كان بمعنى فاعل. قوله: "قل كونوا حجارة أو حديدًا" أصل كونوا قبل اتصال واو الجماعة به كون حذفت الواو لالتقاء الساكنين فصاركن فلما اتصل به واو الجماعة حركت النون بالضم لمناسبة الواو فرجعت الواو المحذوفة لزوال التقاء الساكنين قاله في التصريح. قال الروداني إن قيل: لم لم ترجع الواو لزوال التقاء الساكنين في نحو ولم أك بغيًا بحذف النون؟ قلنا: لما كان المقتضى لحذف النون ليس واجبًا بل هو أمر جائز وهو مجرد التخفيف صارت كأنها غير محذوفة بل هي ثابتة في التقدير، فموجب حذف الواو من التقاء الساكنين قائم بعينه بخلافه هنا فإنه لما وجب تحريك النون لأجل واو الجماعة زال سكونها لفظًا وتقديرًا فزال موجب حذف الواو لفظًا وتقديرًا، فلو حذفت لكان حذفها بلا مقتض. قوله: "والمصدر" فمصدر كان الكون والكينونة ومصدر أضحى وأصبح وأمسى الاضحاء والاصباح والامساء، ومصدر الصير والصيرورة، ومصدر بات البيات والبيتوتة، ومصدر ظل الظلول. قوله: "وكونك إياه" أي الفتى المذكور وخبر الكون من حيث النقصان إياه ومن حيث الابتداء يسير.
قوله: "إذا لم تلفه" أي تجده. واعلم أنه إذا قيل ما منفك عمرو قائمًا كان منفك مبتدأ ناقصًا معتمدًا على نفي فيحتاج إلى اسم وخبر من حيث النقصان وهما عمرو وقائمًا وإلى مرفوع يسد عن خبره من حيث الابتداء فهل هو مجموع الاسم والخبر أو الاسم فقط أو الخبر فقط ويرد على الأول أن فيه إقامة مرفوع ومنصوب مقام مرفوع وعلى الثاني أن المبتدأ لا يكتفي بهذا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
189- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 239؛ وتخليص الشواهد ص233؛ والدرر 1/ 56؛ شورح التصريح 1/ 187؛ وشرح ابن عقيل ص138؛ والمقاصد النحوية 2/ 15؛ وهمع الهوامع 1/ 114.
190- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 239، وتخليص الشواهد ص234؛ والدرر 2/ 85، وشرح التصريح 1/ 1847؛ وشرح ابن عقيل ص138؛ والمقاصد النحوية 2/ 17؛ وهمع الهوامع 1/ 114.
340 | 435(1/339)
مدخل
وفي جميعها توسط الخبر أجز وكل سبقه دام حظر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
191-
قضى الله يا أسماء أن لست زائلًا أحبك حتى يغمض الجفن مغمض "وفي جميعها" أي جميع هذه الأفعال حتى ليس وما دام "توسط الخبر" بينها وبين الاسم "اجز" إجماعًا نحو: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: 47]، وقراءة حمزة وحفص {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا} [البقرة: 177]، بنصب البر وقوله:
192-
سلي إن جهلت الناس عنا وعنهم فليس سواء عالم وجهول وقوله:
193-
لا طيب للعيش ما دامت منغصة لذاته بادكار الموت والهرم تنبيهان: الأول: منع ابن معطي توسط خبر ما دام وهو وهم إذ لم يقل به غيره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرفوع لعدم حصول الفائدة بدون الخبر وعلى الثالث أن المغني عن الخبر هو المرفوع والخبر منصوب. واختار الحلبي على شرح الأزهرية أنه الخبر فيكون قائمًا في المثال مع كونه خبر منفك من حيث النقصان سد مسد خبر منفك من حيث الابتداء لأن به تمام الفائدة قال: ولا يضر كونه منصوبًا لأنه ليس خبرًا حقيقة وإنما هو سادّ مسده وربما ينازع فيه قولهم ويغني عن الخبر مرفوع وصف إلا أن يقال إنه أغلبي والأقرب عندي أنه الاسم لأنه مرفوع الوصف ولا يرد عدم الاكتفاء به لأن العارض نقصان المبتدأ فافهم. قوله: "أن لست" أن مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن وجملة لست زائلًا أحبك خبرها وزائلًا خبر ليس واسم زائلًا ضمير مستتر فيها وأحبك خبرها. قوله: "أجز إجماعًا" لم يكترث بالمخالف في دام وليس لغلظه في هذه المخالفة كما سيذكره الشارح فلهذا حكي الإجماع والشارح أبقى الجواز في كلام المصنف على ظاهره من استواء الطرفين لقوله بعد محل جواز توسط الخبر ما لم يعرض ما يوجب ذلك أو يمنعه ويصح أن يراد به ما قابل الامتناع فيصدق بالوجوب كما في ليس في تلك الدار صاحبها.
قوله: "لا طيب للعيش" أي الحياة وبحث شيخ الإسلام في الاستشهاد بالبيت باحتمال أنه من التنازع وأعمل الثاني وهو منغصة وأضمر في الأول وهو دامت بل يلزم على الإعراب الأول الفصل بين العامل وهو منغصة والمعمول وهو بادكار بأجنبي وهو لذاته. قوله: "منع ابن معطي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
191- البيت من الطويل، وهو للحسين بن مطير في ديوانه ص170؛ والدرر 2/ 60؛ وشرح التصريح 1/ 187؛ ولسان العرب 7/ 199 "غمض"، ومجالس ثعلب 1/ 265؛ والمقاصد النحوية 2/ 18 ؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 240؛ وتخليص الشواهد ص234، وشرح عمدة الحافظ ص197؛ وهمع الهوامع 1/ 114.
192- البيت من الطويل، وهو للسموءل في ديوانه ص92، وخزانة الأدب 10/ 331؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص123؛ وله أو للجلاج الحارثي في تخليص الشواهد ص237؛ والمقاصد النحوية 2/ 76؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص140؛ وشرح عمدة الحافظ ص204؛ وشرح قطر الندى ص130.
193- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 242؛ وتخليص الشواهد ص241، والدرر 2/ 69؛ وشرح التصريح 1/ 187؛ وشرح ابن عقيل ص140، وشرح الحافظ ص204؛ وشرح قطر الندى ص 131؛ والمقاصد النحوية 2/ 20، وهمع الهوامع 1/ 177.
341 | 435(1/340)
مدخل
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ونقل صاحب الإرشاد خلافًا على جواز توسط خبر ليس، والصواب ما ذكرته. الثاني محل جواز توسط الخبر ما لم يعرض ما يوجب ذلك أو يمنعه، فمن الموجب أن يكون الاسم مضافًا إلى ضمير يعود على شيء في الخبر نحو كان غلام هند بعلها، وليس في تلك الديار أهلها، لما عرفت. ومن المانع خوف اللبس نحو كان صاحبي عدوي، واقتران الخبر بإلا نحو: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاء} [الأنفال: 35]، وأن يكون في الخبر ضمير يعود على شيء في الاسم نحو كان غلام هند مبغضها لما عرفت أيضًا "وكل" أي كل العرب أو النحاة "سبقه" أي سبق الخبر "دام حظر" أي منع، سبق مصدر نصب بحظر مضاف إلى فاعله. ودام في موضع النصب بالمفعولية، والمراد أنهم أجمعوا على منع تقديم خبر دام عليها، وهذا تحته صورتان: الأولى أن يتقدم على ما، ودعوى الإجماع على منعها مسلمة، والأخرى أن يتقدم على دام وحدها ويتأخر عن ما وفي دعوى الإجماع على منعها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلخ" لعله يرى وجوب ترتيب أجزاء صلة الحرف المصدري. قوله: "والصواب ما ذكرته" إن كان المراد من نفي الخلاف كما قد يتبادر ورد أن المثبت مقدم على النافي إلا أن يقال: المخالفة الشاذة وجودها كالعدم فلا ينبغي اعتبارها. قوله: "نحو كان غلام هند بعلها" في هذا المثال الأول نظر لعدم وجوب توسط الخبر فيه لجواز تقديم خبر غير دام وليس على الناسخ فالصواب التمثيل بنحو يعجبني أن يكون في الدار صاحبها فإن الحرف المصدري مانع من التقديم والضمير مانع من التأخير فوجب التوسط. وأجاب سم بأن مراد الشارح بوجوب التوسط امتناع التأخير. قوله: "لما عرفت" أي في شرح قول الناظم:
كذا عاد عليه مضمر من لزوم عود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة لو أخر الخبر. قوله: "واقتران الخبر بإلا" يأتي هنا سؤال الشارح وجوابه اللذان ذكرهما في شرح قوله أو قصد استعماله منحصرًا. قوله: "إلا مكاء" أي صغيرًا والتصدية التصفيق. قوله: "وأن يكون في الخبر إلخ" الصواب الجواز في مثل هذا لعود الضمير على متقدم رتبة وإن تأخر لفظًا. والحاصل أن للخبر أحوالًا ستة: وجوب التأخير نحو ما كان زيد إلا قائمًا وكان صاحبي عدوّي، وجوب التوسط نحو يعجبني أن يكون في الدار صاحبها، وجوب التقديم على الفعل نحو أين كان زيد، وجوب التأخير أو التوسط أو التقديم نحو كان غلام هند بعلها، ونحو ما كان قائمًا إلا زيد لجواز تقديم الخبر على كان مؤخرًا عن ما كما قاله سم، جواز الثلاثة نحو كان زيد قائمًا. قوله: "أي سبق الخبر" وأما الاسم فقال ابن هشام في الحواشي: إن مرفوع هذه الأفعال مشبه بالفاعل وهو لا يتقدم على الفعل فكذلك ما أشبهه. قوله: "وهذا" أي تقديم خبر دام عليها كما يفيده ما بعده. قوله: "مسلمة" للزوم تقدم بعض الصلة على
342 | 435(1/341)
مدخل
كذاك سبق خبر ما النافية فجيء بها متلوة لا تالية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نظر لأن المنع معلل بعلتين: إحداهما عدم تصرفها وهذا بعد تسليمه لا ينهض مانعًا باتفاق بدليل اختلافهم في ليس مع الإجماع على عدم تصرفها، والأخرى أن ما موصول حرفي ولا يفصل بينه وبين صلته، وهذا أيضًا مختلف فيه وقد أجاز كثير الفصل بين الموصول الحرفي وصلته إذا كان غير عامل كما المصدرية، لكن الصورة الأولى أقرب إلى كلامه، أشعر بذلك قوله "كذاك سبق خبر ما النافية" أي كما منعوا أن يسبق الخبر ما المصدرية كذلك منعوا أن يسبق ما النافية "فجيء بها متلوة لا تالية" أي متبوعة لا تابعة لأن لها الصدر، ولا فرق في ذلك بين أن يكون ما دخلت عليه يشترط في عمله تقدم النفي كزال أو لا ككان، فلا تقول: قائمًا ما كان زيد ولا قاعدًا ما زال عمرو. قال في شرح الكافية: وكلاهما جائز عند الكوفيين لأن ما عندهم لا يلزم تصديرها. ووافق ابن كيسان البصريين في ما كان ونحوه وخالفهم في ما زال ونحوه لأن نفيها إيجاب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموصول الحرفي وهو ممنوع، ولزوم عمل ما بعد الحرف المصدري فيما قبله وهو أيضًا ممنوع.
قوله: "وفي دعوى الإجماع إلخ" ما اعترض به على دعوى الإجماع لا يبطلها لأنه قدح في علة المنع بأنها لا تفيد الاتفاق عليه، ولا يلزم من ذلك عدم الاتفاق لجواز أن يكونوا أجمعوا على هذا الحكم ولو كانت العلة قاصرة فكان الأولى القدح بنقل الخلاف وقد نقل الخلاف ابن قاسم الغزي في شرحه. ويمكن الجواب عن منع دعوى الإجماع فيها بثبوت الخلاف بحمل الإجماع فيها على إجماع البصريين كما في يحيى. وعن قدح الشارح في التعليل بأن علة المنع مجموع الأمرين لا كل واحد على حدته. قوله: "بدليل اختلافهم في ليس" أي في امتناع تقديم خبرها عليها. قال سم: قد يقال اختلافهم في ليس مع الإجماع على عدم تصرفها لا ينافي الاتفاق في دام لمدرك يخصها. قال المبعض: إذا كان هناك مدرك يخصها يكون هو علة المنع لا ما ذكر من عدم التصرف والكلام فيه على أن ما ذكر لا يتم إلا ببيان المدرك وإلا كان شاهد زور لا لك ولا عليك. ا. هـ. وهو كلام حسن. قوله: "وقد أجاز" الأولى الفاء. قوله: "إذا كان غير عامل" بخلاف العامل كأن. والفرق أن العامل أشد اتصالًا بصلته من غير العامل لطلبه إياها من جهة العمل والموصولية بخلاف غير العامل لأن طلبه إياها من جهة الموصولية فقط. قوله: "لكن الصورة الأولى" استدراك على قوله وهذا تحته صورتان. وقوله أقرب إلى كلامه باعتبار قوله كذاك سبق إلخ ولهذا وضح الأقربية بقوله أشعر بذلك قوله إلخ وإلا فالأقرب إلى قوله دام بقطع النظر عن قوله كذاك إلخ الصورة الثانية. ولعل وجه الإشعار كما يشير إليه كلامه بعد حصول التناسب بين المشبه والمشبه به من حيث أن المسبوق في كل منهما ما. قوله: "ما النافية" مثلها همزة الاستفهام وكذا إن النافية عند الرضي وجعل السيوطي إن كلا. قوله: "كذلك" تأكيد لقوله كما منعوا. قوله: "فجيء بها إلخ" هذا الشطر توكيد لما قبله. قوله: "ولا فرق في ذلك" أي في امتناع تقديم الخبر على ما النافية.
343 | 435(1/342)
مدخل
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهات: الأول أفهم كلامه أنه إذا كان النفي بغير ما يجوز التقديم نحو قائمًا لم يزل زيد، وقاعدًا لم يكن عمرو. قال في شرح الكافية عند الجميع، واستدل له بقول الشاعر:
194-
ورج الفتى للخير ما إن رأيته على السن خيرًا لا يزال يزيد أراد لا يزال يزيد على السن خيرًا، فقدم معمول الخبر وهو خيرًا على الخبر، وهو يزيد مع النفي بلا، وتقديم المعمول يؤذن بجواز تقديم العامل غالبًا، لكنه حكى في التسيهل الخلاف عن الفراء. قلت: ومن شواهده الصريحة قوله:
195-
مه عاذلي فهائما لن أبرحا بمثل أو أحسن من شمس الضحى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "لأن نفيها إيجاب" أي الكلام بدخولها صار إيجابًا لأن مدخولها للنفي وهي للنفي ونفي النفي إيجاب فكأنه لم يكن هناك ما النافية المستحقة للتصدير. وأجاب ابن هشام عن دليل ابن كيسان بأن نحو ما زال زيد قائمًا نفي باعتبار اللفظ إيجاب باعتبار المعنى فمنعوا التقديم نظرًا إلى اللفظ والاستثناء المفرغ نظرًا إلى المعنى. ولما كان التقديم أمرًا رجعا إلى اللفظ نظر فيه إلى اللفظ والاستثناء أمرًا رجعا إلى المعنى لأنه إخراج من معنى الأول نظر فيه إلى المعنى. قوله: "ورجّ الفتى" أي الشاب، للخير أي لفعل الخير، وما زائدة، على السن أي على زيادته أي كلما ازداد عمره. قوله: "وهو خيرًا" اقتصر عليه مع أن قوله على السن معموله أيضًا لأنه ظرف متوسع فيه فلا ينهض دليلًا. قوله: "على الخبر إلخ" كذا في بعض النسخ وفي بعضها على النفي بلا وهو أخصر وأولى لأن الكلام في التقدم على النفي لا في التقدم على الخبر. قوله: "غالبًا" احترز به عن نحو إن في الدار زيدًا جالس، وزيدًا لن أضرب أو لم أضرب وعن نحو عمرًا زيد ضرب على رأي البصريين المجيزين تقديم المعمول فيه على المبتدأ، وعن نحو: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَر} [الضحى: 9].
قوله: "لكنه إلخ" استدراك على قول المصنف في شرح الكافية عند الجميع. قوله: "الخلاف عن الفراء" أي أنه يمنع التقديم في جميع حروف النفي. قوله: "ومن شواهده" أي جواز التقديم على النفي بغير ما. قوله: "بمثل أو أحسن" أي بمثل شمس الضحى فحذف من الأول
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
194- البيت من الطويل، وهو للمعلوط القريعي في شرح التصريح 1/ 189؛ وشرح شواهد المغني ص85، 716؛ ولسان العرب 13/ 35 "أنن"؛ والمقاصد النحوية 2/ 22؛ وبلا نسبة في الأزهية ص52، 96؛ والأشباه والنظائر 2/ 187؛ وأوضح المسالك 1/ 246؛ والجني الداني ص211؛ وجواهر الأدب ص208؛ وخزانة الأدب 8/ 443؛ والخصائص 1/ 110؛ والدرر 2/ 110؛ وسر صناعة الأعراب 1/ 378؛ وشرح المفصل 8/ 130؛ والكتاب 4/ 222؛ ومغني اللبيب 1/ 25؛ والمقرب 1/ 97؛ وهمع الهوامع 1/ 125.
344 | 435(1/343)
مدخل
ومنع سبق خبر ليس اصطفى وذو تمام ما برفع يكتفي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثاني أفهم أيضًا جواز توسط الخبر بين ما والمنفي بها نحو ما قائمًا كان زيد، وما قاعدًا زال عمرو، ومنعه بعضهم والصحيح الجواز. الثالث قوله: كذاك يوهم أن هذا المنع مجمع عليه لأنه شبهه بالمجمع عليه وإنما أراد التشبيه في أصل المنع دون وصفه لما عرفت من الخلاف "ومنع خبر ليس اصطفي" منع مصدر رفع بالابتداء مضاف إلى مفعوله وهو سبق، والفاعل محذوف، وسبق مصدر جر بالإضافة مضاف إلى فاعله وهو خبر، وليس في محل نصب بالمفعولية، واصطفي جملة في موضوع رفع خبر المبتدأ.
والتقدير منعه من منع أن يسبق الخبر ليس اصطفى أي اختير، وهو رأي الكوفيين والمبرد والسيرافي والزجاج وابن السراج والجرجاني وأبي علي في الحلبيات وأكثر المتأخرين، لضعفها بعدم التصرف وشببهها بما النافية، وحجة من أجاز قوله تعالى: {أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} [هود: 8]، لما علم من أن تقديم المعمول يؤذن بجواز تقديم العامل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لدلالة الثاني، والأحسن أن أو بمعنى بل. قوله: "بين ما والمنفي بها" سيصرح الشارح في الخاتمة بأنه إذا دخل على غير زال وأخواتها من أفعال هذا الباب ناف كان المنفي هو الخبر، وحينئذٍ لا تستقيم عبارته فكان الأولى أن يقول: بين ما والفعل. وقد يجاب بأن المنفي في الظاهر الفعل فهو مراد الشارح بالمنفي. قوله: "وإنما أراد إلخ" أي وليس هذا مراده وإنما أراد إلخ. قوله: "لما عرفت من الخلاف" من قوله سابقًا وكلاهما جائز عند الكوفيين. قوله: "ومنع سبق خبر إلخ" الخلاف في غير ليس الاستثنائية إذ لا يتقدم عليها الخبر إجماعًا ومثلها لا يكون في الاستثناء وأفهم كلام المصنف جواز تقدم الخبر على غير دام وليس والمنفي بما وهو كذلك فتقول: قائمًا كان زيد. نعم إن رفع الخبر اسمًا ظاهرًا نحو كان زيد كريمًا أبوه امتنع تقديمه بدون مرفوعه لئلا يلزم الفصل بينه وبين معموله بأجنبي كما في الفارضي وغيره فإن قدم مرفوعه فالظاهر الجواز. قال الرضي: فإن كان معمول الخبر منصوبًا وقدم الخبر دون منصوبه جاز على قبح نحو ضاربًا كان زيد عمرًا لأن منصوبه ليس كجزئه، وإن كان ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا جاز بلا قبح نحو ضاربًا كان زيد اليوم أو في الدار إذ الظروف يتوسع فيها. ا. هـ. ثم رأيت المسألة بتفاصيلها الثلاثة في التسهيل. ووقع الخلاف إذا كان الخبر جملة اسمية نحو كان زيد أبوه فاضل أو فعلية نحو كان زيد يقوم أبوه والأصح جواز تقدمه كما في التسهيل. قوله: "في الحلبيات" هي مسائل أملاها بحلب. قوله: "لضعفها بعدم التصرف" هذه العلة من طرف جميع المانعين. وقوله: وشبهها بما النافية من طرف المانعين من غير الكوفيين لما تقدم من تجويز الكوفيين تقدم الخبر على ما النافية لمنعهم وجوب تصديرها.
قوله: "ألا يوم يأتيهم" أي العذاب. قوله: "من أن تقديم المعمول إلخ" أي غالبًا فلا يرد نحو زيدًا لن أضرب. وإنما امتنع تقديم أضرب لضعف عامله بخلاف زيدًا قاله زكريا. قوله: "وأجيب إلخ" أجيب أيضًا بأن يوم يأتيهم معمول لمحذوف أي ألا يعرفون يوم يأتيهم وجملة
345 | 435(1/344)
مدخل
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأجيب بأن معمول الخبر هنا ظرف والظروف يتوسع فيها أيضًا فإن عسى لا يتقدم خبرها إجماعًا لعدم تصرفها مع عدم الاختلاف في فعليتها، فليس أولى بذلك لمساواتها لها في عدم التصرف مع الاختلاف في فعليتها.
تنبيه: خبر في كلامه منون ليس مضافًا إلى ليس كما عرفت، وإلا توالى خمس حركات وذلك ممنوع. "وذو تمام" من أفعال هذا الباب أي التام منها "ما برفع يكتفي"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليس مصروفًا عنهم حال مؤسسة وإن زعم البعض كشيخنا أنها مؤكدة وبأن يوم في محل رفع بالابتداء وفتحته بناء لإضافته إلى الجملة، وليس مصروفًا عنهم خبره وضمير ليس على هذا لليوم وبأن يوم متعلق بليس بناء على الصحيح من جواز تعلق الظرف والجار والمجرور بكان وأخواتها لدلالتها على الأحداث كما سيأتي. قوله: "بأن معمول الخبر هنا ظرف إلخ" قال الروداني فيه: إنه يلزم الجمهور حينئذٍ القول بجواز تقديم خبر ليس إذا كان ظرفًا أو عديله وليس كذلك لإطلاقهم المنع. ا. هـ. وقد يقال: لا لزوم لأن معمول المعمول للناسخ دون المعمول للناسخ، ولا يلزم من تجويز انتقال الضعيف عن رتبته انتقال القوي عن رتبته فافهم. قوله: "وأيضًا فإن عسى إلخ" ليس جوابًا ثانيًا كما يوهمه ظاهر العبارة بل هو تعليل ثالث لامتناع تقدم خبر ليس عليها فكان الأولى تقديمه على قوله وحجة إلخ ويمكن أن يقال: هو معارضة لدليلهم بعد إبطاله. قوله: "مع عدم الاختلاف في فعليتها" يرده ما تقدم في شرح قوله بتاء فعلت من أن بعض الكوفيين زعم حرفية عسى ودفعه شيخنا السيد بأن المراد بالاختلاف المعدوم في عسى والاختلاف الموجود في ليس اختلاف البصريين لاتفاقهم على فعلية عسى وقول بعضهم كالفارسي بحرفية ليس. قوله: "كما عرفت" أي من قوله وليس في محل نصب بالمفعولية إذ لو كان خبرًا مضافًا إلى ليس لقال: في محل جر بالإضافة. قوله: "وذلك ممنوع" أي في الشعر.
قوله: "وذو تمام إلخ" فيه إشارة إلى أن التمام الاكتفاء بالمرفوع والنقصان الافتقار إلى المنصوب أيضًا فتسمية هذه الأفعال ناقصة لنقصانها عن بقية الأفعال بالافتقار إلى شيئين وقيل لنقصانها عنها بتجردها من الحدث. قال المحققون كالرضى أي من الحدث المقيد لأن الدال عليه هو الخبر أما هي فتدل على حدث مطلق يقيده الخبر حتى ليس وحدثها الانتفاء. فإذا قلت: كان زيد قائمًا أو ليس قائمًا فكأنك قلت في الأول حصل شيء لزيد حصل القيام. وفي الثاني انتفى شيء عن زيد انتفى القيام فيكون في الكلام إجمال ثم تفصيل وعليه فتعمل في الظرف وقيل لا تدل على الحدث أصلًا بل هي لنسبة الحدث الدال عليه خبرها إلى مرفوعها وزمانه وممن قال به المحقق الشريف وهو الموافق لقول كثير من علماء المعاني المسند في باب كان هو الخبر وكان قيد له، ولقول المنطقيين إن كان رابطه يربط بها المحمول بالموضوع فلا تعمل في الظرف وهو مشكل عندي فيما له مصدر إذ لا معنى للمصدر إلا الحدث اللهم إلا أن يكون أصحاب هذا القول ينكرون مجيء مصدر لشيء منها، ثم رأيته مسطورًا، لكن يرد الإنكار:
346 | 435(1/345)
مدخل
وما سواه ناقص والنقص في فتئ ليس زال دائمًا قفي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي يستغني بمرفوعه عن منصوبه كما هو الأصل في الأفعال. وهذا المرفوع فاعل صريح "وما سواه" أي ما سوى المكتفي بمرفوعه "ناقص" لافتقاره إلى المنصوب "والنقص في فتئ" و"ليس" و"زال" ماضي يزال التي هي من أفعال الباب "دائمًا قفي" فلا تستعمل هذه الثلاثة تامة بحال. وما سواها من أفعال الباب يستعمل ناقصًا وتامًّا نحو ما شاء الله كان أي حدث {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} [البقرة: 280]، أي حضر. وتأتي كان بمعنى كفل وبمعنى غزل، يقال: كان فلان الصبي إذا كفله. وكان الصوف إذا غزله. نحو: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: 17]، أي حين تدخلون في المساء وحيت تدخلون في الصباح {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ} [هود: 107]، أي ما بقيت. وكقوله:
196-
وبات وباتت له ليلة كليلة ذي العائر الأرمد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكونك إياه عليك يسير إلا أن يدعي أنه مصدر التامة وأن التقدير وكونك تفعله أي المذكور قبل من البذل والحلم، على أن الجملة حال فلما حذف الفعل انفصل الضمير وشمل تعريفه التام كان بمعنى كفل أو غزل لعدم توقف الفعل المتعدي على المفعول. واعلم أن أقرب ما قيل في لأضربنه كائنًا ما كان أن ما نكرة خبر كائنًا واسمها الضمير المستتر فيها وكان تامة صفة لما أي لأضربنه حالة كونه كائنًا شيئًا كان أي كائنًا أي شيء وجد. قوله: "بمرفوعه" فيه إشارة إلى أن الرفع بمعنى المرفوع كما هو الأقرب. قوله: "في فتئ" أي لا بفتح التاء أما مفتوحها فيجيء تامًّا بمعنى كسر وأطفأ يقال: فتأته عن الأمر كسرته، والنار فتأتها أطفأتها حكاه المصنف في شرح التسهيل عن الفراء، وذكره صاحب القاموس ثم قال عن ابن مالك في كتابه جمع اللغات المشكلة وعزاه للفراء وهو صحيح وغلط أبو حيان وغيره في تغليطه. ا. هـ. قوله: "بحال" أي في حال. قوله: "أي حدث" تفسير كان في المثال الأول بحدث وفي الثاني بحضر من تفسير الشيء بجزئيات معناه مراعاة للأنسبية والأوضحية فلا ينافي أن كان التامة التي ليست بمعنى كفل أو غزل معناها ثبت. هذا. وقال الراغب كان في الآية ناقصة أي وإن كان ذو عسرة غريمًا لكم فحذف الخبر لدلالة السياق عليه. واعلم أن الكون مصدر لكان مطلقًا إلا التي بمعنى كفل فمصدرها الكيانة كالحراسة قاله الدماميني.
قوله: "أي ما بقيت" وتأتي دام التامة بمعنى سكن ومنه الحديث: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم" أي الساكن. قوله: "وبات وباتت إلخ" الشاهد في بات الأولى لأنها التامة أما الثانية فناقصة بمعنى صار اسمها ليلة وخبرها له بناء على مذهب الزمخشري أن بات تأتي بمعنى صار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
196- البيت من المتقارب، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص185؛ وتخليص الشواهد ص243؛ وشرح قطر الندى ص136؛ وله أو لامرئ القيس بن عانس في شرح التصريح 1/ 191؛ ولعمرو بن معدي كرب في ديوانه ص200؛ ولعمرو أو لامرئ القيس في سمط اللآلي ص531؛ ولامرئ القيس بن عانس في المقاصد النحوية 2/ 30؛ وله أو لامرئ القيس الكندي أو لعمرو بن معدي كرب في شروح شواهد المغني 2/ 732؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 245؛ وجمهرة اللغة ص775.
347 | 435(1/346)
مدخل
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقالوا: بات بالقوم أي نزل بهم ليلًا ونحو ظل اليوم أي دام ظله وأضحينا أي دخلنا في الضحى ومنه قوله:
197-
إذا الليلة الشهباء أضحى جليدها أي بقي جليدها حتى أضحى. أي دخل في الضحى. ويقال: صار فلان الشيء بمعنى ضمه إليه، وصرت إلى زيد تحولت إليه. قالوا: برح الخفاء وانفك الشيء بمعنى انفصل وبمعنى خلص.
تنبيهان: الأول إنما قيدت زال بماضي يزال للاحتراز عن ماضي يزيل فإنه فعل تام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والعائر: بالعين المهملة والراء اسم جامد يطلق على القذى الذي تدمع له العين وعلى الرمد وعلى بثر في الجفن الأسفل وعلى كل ما أعلّ العين كما في القاموس، فالأرمد على الثاني صفة لذي العائر مؤكدة وعلى ما عداه مؤسسة وليس العائر في البيت اسم فاعل من العور بسكون الواو، لأن معناه كما في القاموس وغيره الأخذ والاذهاب والذهاب فلا والإتلاف ولا يناسب هنا شيء من هذه المعاني. إذا فهمت ما ذكرناه في البيت علمت ما في كلام غير واحد كالبعض من الوهم فلا تكن أسير التقليد. قوله: "بات القوم" وكذا يقال: بات القوم متعديًا بنفسه أي أتاهم ليلًا. قوله: "ظل اليوم أي دام ظله" في التسهيل أن ظل التامة بمعنى دام وبمعنى طال، ومثل الدماميني الأول بنحو لو ظلّ الظلم هلك الناس، والثاني بنحو ظل الليل وظل النبت. قوله: "إذا الليلة الشهباء" أي التي لا غيم فيها، والجليد البرد الشديد وصدر البيت:
ومن فعلاتي أنني حسن القرى قوله: "بمعنى ضمه إليه" أي أو قطعه كما في التسهيل. قال شارحه الدماميني نقلًا عن المصنف: يقال: صاره يصيره ويصوره أي ضمه أو قطعه. ا. هـ. ومنه بمعنى الضم فضرهن إليك، وفي الهمع أنها تأتي بمعنى رجع أيضًا ومنه: {أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُور} [الشورى: 53]. قوله: "برح الخفاء" أي ذهب وتأتي بمعنى ظهر أيضًا. وقوله بمعنى انفصل وبمعنى خلص معنيان لانفك كما في شرح الجامع والهمع متقاربان. قوله: "للاحتراز عن ماضي يزيل" مبني على المشهور من أن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
197- صدر البيت:
ومن فعلاتي أنني حسن القرى وهو من الطويل، وهو لعبد الواسع بن أسامة في شرح المفصل 7/ 103؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص295؛ والدرر 2/ 61.
348 | 435(1/347)
مدخل
ولا يلي العامل معمول الخبر إلا إذا ظرفا أتى أو حرف جر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
متعد معناه ماز، يقولون: زل ضأنك عن معزك أي مز بعضها من بعض، ومصدره الزيل، ومن ماضي يزول فإنه فعل تام قاصر معناه الانتقال، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا } [فاطر: 41]، ومصدره الزوال. الثاني إذا قلت: كان زيد قائمًا جاز أن تكون كان ناقصة فقائما خبرها، وأن تكون تامة فيكون حالا من فاعلها وإذا قلت كان زيد أخاك وجب أن تكون ناقصة لامتناع وقوع الحال معرفة "ولا يلي العامل" أي كان وأخوتها "معمول الخبر" مطلقًا عند جمهور البصريين سواء تقدم الخبر على الاسم نحو كان طعامك آكلًا زيد خلافًا لابن السراج والفارسي وابن عصفور، أم لم يتقدم نحو كان طعامك زيد آكلًا، وأجازه الكوفيون مطلقًا تمسكا بقوله:
198-
قنافذ هداجون حول بيوتهم بما كان إياهم عطية عودا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يزيل لم يرد مضارعًا لزال الناقصة أما على ما حكاه الكسائي والفراء من وروده مضارعًا لها وأنهم يقولون لا أزيل أفعل كذا فينبغي أن يقال: زال لا بمعنى ماز ولا بمعنى انتقل قاله الدماميني. قوله: "وجب أن تكون ناقصة" أي ما لم تكن بمعنى كفل. قوله: "ولا يلي العامل إلخ" للفصل بين العامل ومعموله بمعمول غيره. قاله في التصريح قال سم: ويفهم منه جواز نحو زيد كان طعامك آكلًا وبه صرح الدماميني لأن الاسم مستتر وهو سابق على معمول الخير فلا فصل. ا. هـ. واعلم أن مثل هذا التقديم ممنوع في غير هذا الباب كمنعه فيه فلو قيل جاء عمرًا يضرب زيد لم يجز لأن سبب المنع إيلاء الفعل معمول غيره فلا يختص بفعل دون فعل، نقله يس عن المصنف. وزيد في مثاله فاعل جاء وفاعل يضرب ضمير مستتر فيه يرجع إلى زيد.
قوله: "سواء تقدم الخبر على الاسم" أي وتقدم المعمول أيضًا على الخبر كما مثل أما إذا تقدم الخبر عليه فإنه يجوز إجماعًا نحو كان آكلًا طعامك زيد وكذا يجوز تقدمه على العامل نحو: {وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُون} [الأعراف: 177]، واعلم أن نحو زيد آكلًا طعامك يتحصل فيه أربع وعشرون صورة حاصلة من ضرب ستة في أربعة، لأن التركيب مشتمل على أربعة ألفاظ، وفي تقدم كل واحد منها ستة أوجه حاصلة من التخالف في الألفاظ الثلاثة بعده: مثلًا إذا تقدمت كان فإن ذكر بعده زيد فإما أن يتقدم الخبر أو معموله، وإن ذكر بعده آكلًا فإما أن يتقدم الاسم أو المعمول، وإن ذكر بعده طعامك فإما أن يتقدم الاسم أو الخبر وقس على ذلك، وكلها جائزة عند البصريين إلا كان طعامك زيد آكلًا وكان طعامك آكلًا زيد وآكلًا كان طعامك زيد كما يؤخذ من كلام الناظم. قوله: "قنافذ إلخ" قاله الفرزدق يهجو رهط جرير بالفجور والخيانة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
198- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 181؛ وتخليص الشواهد ص245؛ وخزانة الأدب 9/ 268، 269؛ والدرر 2/ 71؛ وشرح التصريح 1/ 190؛ والمقاصد النحوية 2/ 24؛ والمقتضب 4/ 101؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 248؛ وشرح ابن عقيل ص144؛ ومغني اللبيب 2/ 610؛ وهمع الهوامع 1/ 118.
349 | 435(1/348)
مدخل
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وخرج على زيادة كان أو إضمار اسم مراد به الشأن، أو راجع إلى ما وعليهن فعطية مبتدأ وقيل: ضرورة وهذا التأويل متعين في قوله:
199-
باتت فؤادي ذات الخال سالبة فالعيش إن حم لي عيش من العجب وقوله:
200-
لئن كان سلمى الشيب بالصد مغريًا لقد هون السلون عنها التحلم لظهور نصب الخبر. وأصل تركيب النظم ولا يلي معمول الخبر العامل فقدم المفعول وهو العامل وأخر الفاعل وهو معمول الخبر لمراعاة النظم وليعود الضمير إلى أقرب مذكور من قوله "إلا إذا ظرفا أتى" أي معمول الخبر "أو حرف جر" مع مجرور فإنه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويشبههم بالقنافذ في مشيهم ليلًا، فقوله تشبيه بليغ أو استعارة مصرحة وهو جمع قنفذ بقاف مضمومة ثم فاء مضمومة أو مفتوحة فذال معجمة كما في التصريح، والهداجون من الهدجان وهي مشية الشيخ والباء في بما سببية وعطية قيل هو أبو جرير والشاهد في إيلائه كان معمول عود الذي هو خبرها. وما مر من أن هذا البيت من كلام الفرزدق هو ما في التصريح وشواهد العيني فقول البعض هو من كلام جرير غير صحيح.
قوله: "أو إضمار اسم" أي لكان وقوله مراد به الشأن أي وحينئذٍ فعائد الموصول محذوف أي عودهم به ولا تحتاج جملة الخبر إلى رابط لأن الاسم ضمير الشأن. قوله: "أو راجع إلى ما" وعليه فعائد الموصول الضمير المستتر في كان ورابط جملة الخبر بالمبتدأ المنسوخ محذوف أي عودهم به. قوله: "فعطية مبتدأ" ولا يضر تقدم معمول الخبر الفعلي على المبتدأ لجوازه عند البصريين كما في سم عن الشيخ خالد. قوله: "وهذا التأويل" أي جعله ضرورة متعين أي بالنسبة لبقية التآويل المذكورة، فلا ينافي احتمال فؤادي في البيت الأول وسلمى في الثاني للنداء ومعمول سالبة ومغريًا محذوف أي لك. ولا يعارضه في الثاني قوله فيه عنها حيث لم يقل عنك لاحتمال الإلتفات فاندفع الاعتراض على الشارح في دعواه التعين. قوله: "إن حم" بالبناء للمجهول أي قدر. قوله: "التحلم" أي تكلف الحلم والصبر عنها أو المراد رؤيتها في الحلم بالضم أي المنام والأول أحسن. قوله: "لظهور نصب الخبر" أي فلا يمكن زيادة كان وبات ولا إضمار ضمير الشأن. قوله: "إلى أقرب مذكور من قوله إلخ" فيه أن أقرب مذكور من قوله إلا إذا إلخ الخبر وليس الضمير عائدًا إليه، إلا أن يقال: المراد مذكور مقصود بالذات والمضاف إليه مذكور
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
199- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 251؛ وتخليص الشواهد ص248؛ وخزانة الأدب 9/ 269؛ وشرح التصريح 1/ 190؛ والمقاصد النحوية 2/ 28.
200- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة هنا في شرح الأشموني.
350 | 435(1/349)
مدخل
ومضمر الشان اسما انو إن وقع موهم ما استبان أنه امتنع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حينئذ يلي العامل اتفاقًا نحو كان عندك أو في الدار زيد جالسًا أو جالسًا زيد للتوسع في الظرف والمجرور "ومضمر الشأن اسما انو" في العامل "إن وقع" شيء من كلامهم "موهم" جواز "ما استبان" لك "أنه امتنع" كما تقدم بيانه في قوله: قنافذ هداجون البيت.
وقوله:
201-
فأصبحوا والنوى عالي معرسهم وليس كل النوى يلقي المساكين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لتقييد المضاف فافهم. قوله: "أو حرف جر" أو مانعة خلوّ فتجوز الجمع إذ يجوز أن يقال: كان عندك في الدار زيد جالسًا أو جالسًا زيد. قوله: "ومضمر الشأن" مفعول مقدم لانو وهو من إضافة الدال إلى المدلول وقوله: اسمًا حال من مضمر أي حالة كونه محكومًا باسميته لكان فيفيد أن كان الثانية ناقصة وهو الأصح لأنه لم يثبت في كلامهم ضمير الشأن إلا مبتدأ في الحال أو في الأصل نحو: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} [الإخلاص: 1]، ونحو أشهد أن لا إله إلا الله وقيل: تامة فاعلها الضمير والجملة مفسرة له وقيل: واسطة.
فائدة: قال في المغني: ضمير الشأن مخالف للقياس من خمسة أوجه: أحدها عوده على ما بعده لزومًا فلا يجوز تقدم الجملة المفسرة له ولا شيء منها عليه. ثانيها أن مفسره لا يكون إلا جملة مصرحًا بجزأيها عند جمهور البصريين. ثالثها أنه لا يتبع بتابع فلا يؤكد ولا يعطف عليه ولا يبدل منه. رابعها أنه لا يعمل فيه إلا الابتداء أو أحد نواسخه. خامسها أنه ملازم للافراد فلا يثنى ولا يجمع وإن فسر بحديثين أو أحاديث ويذكر باعتبار الشأن مثلًا ويؤنث باعتبار القصة إن كان في مفسره مؤنث عمدة وتأنيثه حينئذٍ أولى ولمخالفة القياس من الأوجه الخمسة لا يحسن الحمل عليه إذا أمكن غيره، ومن ثم ضعف قول الزمخشري في إنه يراكم أن اسم إن ضمير الشأن فالأولى كونه ضمير الشيطان، ويؤيده قراءة وقبيله بالنصب إذ ضمير الشأن لا يعطف عليه، واحتمال كونه مفعولًا معه مرجوح هنا فلا ينبغي تخريج التنزيل عليه وضعف قول كثير من النحاة أن اسم أن المفتوحة المخففة ضمير الشأن فالأولى أن يعاد على غيره إذا أمكن ويؤيده قول سيبويه في أن يا إبراهيم أن تقديره أنك، وفي كتبت إليه أن لا تفعل أنه يجزم على النهي وينصب على معنى لئلا ويرفع على أنك. ا. هـ. بتلخيص وبعض زيادة، وأن على الجزم تفسيرية وعلى النصب مصدرية وعلى الرفع مخففة.
قوله: "كما تقدم بيانه" أي كموهم الجواز الذي تقدم بيانه وهو قوله في البيت بما كان إياهم إلخ. قوله: "وقوله عطف على ما" أي وكالموهم في قوله. قوله: "معرسهم" على صيغة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
201- البيت من الطويل، وهو لحميد بن ثور في الأزمنة، والأمكنة، 3/ 317؛ والأشباه والنظائر 6/ 78، 7/ 179 وأمالي ابن الحاجب ص656؛ وتخليص الشواهد ص187؛ والكتاب 1/ 70، 147؛ والمقاصد النحوية 2/ 82؛ وليس في ديوانه، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 7/ 179؛ وخزانة الأدب 9/ 270؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 175؛ وشرح ابن عقيل ص145؛ وشرح المفصل 7/ 104؛ والمقتضب 4/ 100.
351 | 435(1/350)
مدخل
وقد تزاد كان في حشو كما كان أصح علم من تقدما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في رواية تلقي بالتاء من فوق، وبه احتج من أجاز ذلك مع تقدم الخبر. وقال الجمهور: التقدير ليس هو أي الشأن، وقد عرفت أنه إنما يقدر ضمير الشأن حيث أمكنت تقديره. ومن الدليل على صحة تقدير ضمير الشأن في كان قوله:
202-
إذا مت كان الناس صنفان شامت وآخر مثن بالذي كنت أصنع "وقد تزاد كان في حشو" أي بين شيئين، وأكثر ما يكون ذلك بين ما وفعل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المفعول وهو محل النزول آخر الليل لكن المراد به محل نزولهم ليلًا. قوله: "في رواية تلقى بالتاء المثناة من فوق" قيد بذلك لأنه لا يكون موهمًا لجواز ما استبان امتناعه وحجة بحسب الظاهر لجواز إيلاء العامل معمول الخبر عند تقدم الخبر على الاسم إلا على هذه الرواية ليصح كون المساكين اسم ليس وتلقى خبرها لأنه على رواية يلقي بالتحتية وهي الأصح يتعين أن يكون المساكين فاعل يلقي وإلا لقال: يلقون ليطابق المساكين في الجمعية. وأما على رواية الفوقية فيغني عن المطابقة في الجمعية تاء التأنيث بتأويل المساكين بالجملة أو الجماعة. وقصد الشاعر وصفهم بكثرة الأكل من التمر الذي قدمه لهم حين نزلوا به وكان أحد البخلاء المشهورين. قوله: "ليس هو أي الشأن" فاسمها ضمير الشأن وكل النوى مفعول تلقى والمساكين فاعل تلقى والجملة خبر ليس. قوله: "وقد عرفت" أي من قوله وهذا التأويل متعين إلخ والقصد من هذا الكلام تقييد قول المصنف ومضمر الشأن إلخ. قوله: "حيث أمكن تقديره" بأن كان مفسر ضمير الشأن جملة مصرحًا بجزأيها اسمية أو فعلية. قوله: "إذا مت إلخ" لا يقال: يحتمل أنه جاء على لغة من يلزم المثنى الألف لأنا نقول يمنعه قوله شامت ومثن بالرفع وتقدير مبتدأ خلاف الظاهر.
قوله: "وقد تزاد كان" أي لا تعمل الرفع والنصب بل لا تعمل شيئًا أصلًا كما هو مذهب الفارسي والمحققين، ونسب إلى الجمهور وهو الأصح، وذهب جماعة إلى أنها تعمل الرفع فقط ومرفوعها ضمير يرجع إلى مصدرها وهو الكون إن لم يكن ظاهرًا أو ضميرًا بارزًا، ومعنى زيادتها على هذا عدم اختلال المعنى بسقوطها فكان زائدة على المذهب الأول لا تامة ولا ناقصة، وعلى الثاني تامة. فقول المصنف وقد تزاد كان أي لا بقيد التمام أو النقصان فاعرفه. ثم هي باقية على دلالتها على الزمان الماضي على المشهور ولهذا كثر زيادتها بين ما التعجبية وفعل التعجب لكونه سلب الدلالة على المضي. وقال الرضي: لا بل هي لمحض التأكيد فالدالة على الزمن الماضي كما في نحو ما كان أحسن زيدًا كالزائدة لا زائدة حقيقة، وتبعه حفيد الموضح، وبنى على ذلك أن الحكم بزيادتها بين ما وفعل التعجب فيه تجوز وفي كلام شيخنا السيد أنها قد تزاد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
202- البيت من الطويل، وهو للعجير السلولي في الأزهية، ص190؛ وتخليص الشواهد ص246؛ وخزانة الأدب 9/ 72، 73 والدرر 1/ 223؛ 2/ 41؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 144؛ والكتاب 1/ 71؛ والمقاصد النحوية 2/ 85؛ ونوادر أبي زيد ص156؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص136؛ واللمع في العربية ص122؛ وهمع الهوامع 1/ 67، 111.
352 | 435(1/351)
مدخل
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعجب "كما كان أصح علم من تقدمًا" وما كان أحسن زيدًا. وزيدت بين الصفة والموصوف في قوله:
203-
في غرف الجنة العليا التي وجبت لهم هناك بسعي كان مشكور وجعل منه سيبويه قول الفرزدق:
204-
فكيف إذا مررت بدار قوم وجيران لنا كانوا كرام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجردة عن الزمان لمحض التأكيد وقد تزاد دالة على الزمان الماضي كما كان أصح إلخ، ولا تدل على الحدث اتفاقًا على ما أفاده البعض وهو عندي مشكل لأن مقتضى القول السابق أن لها مرفوعًا بل صريحه دلالتها على الحدث إذ لا يسند في الحقيقة من الأفعال إلا الأحداث، فالوجه أن عدم دلالتها على الحدث عند من يقول بأنها لا فاعل لها فقط فلا تكن من الغافلين. واعلم أن زيادة كان كثيرة في نفسها فالتقليل المستفاد من قول الناظم وقد تزاد بالنسبة إلى عدم زيادتها أفاده يس.
فائدة: قال في المغني يجوز في كان من نحو إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب نقصانها وتمامها وزيادتها وهي أضعفها، والظرف متعلق بها على التمام وباستقرار محذوف مرفوع على زيادة ومنصوب على النقصان إلا إن قدرت الناقصة شأنية فالاستقرار مرفوع لأنه خبر المبتدأ. وكان في: {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِم} [النمل: 51]، تحتمل الأوجه الثلاثة لكنها على النقصان لا تكون شأنية لأجل الاستفهام وتقديم الخبر لأن خبر ضمير الشأن لا يكون إلا جملة خبرية متأخرة بجميع أجزائها، وكيف حال على التمام، وخبر لكان على النقصان وللمبتدأ على الزيادة. ا. هـ. مع زيادة من الشمني. قوله: "العليا" بضم العين مع القصر وأما بفتحها فمع المد فلا يناسب البيت لوجوب القصر فيه وجعل القصر فيه للضرورة لا ضرورة إليه والأظهر أنه صفة للغرف. قوله: "وجعل منه سيبويه إلخ" المتجه في البيت ما ذكره الدماميني وفاقًا للمبرد وكثير أنها ناقصة والضمير اسمها ولنا خبرها فليست زائدة، وعلى أنها زائدة فعلى إعمالها هي تامة والضمير فاعلها، وعلى إهمالها قيل الأصل هم لنا ثم قدم الخبر ووصل الضمير بكان الزائدة إصلاحًا للفظ لئلا يقع الضمير المرفوع المنفصل بجانب الفعل، وقيل الضمير توكيد للمستتر في
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
203- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب 9/ 210.
204- البيت من الوافر، وهو للفرزدق في ديوانه 2/ 290؛ والأزهية ص188؛ وتخليص الشواهد ص252؛ وخزانة الأدب 9/ 217، 221، 222، وشرح التصريح 1/ 192؛ وشرح شواهد المغني 2/ 693؛ والكتاب 2/ 153؛ ولسان العرب 13/ 370 "كنن"؛ والمقاصد النحوية 2/ 42؛ والمقتضب 4/ 116؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص136؛ والأشباه والنظائر 1/ 165؛ وأوضح المسالك 1/ 258؛ وشرح ابن عقيل ص146؛ والصاحبي في فقه اللغة ص161؛ ولسان العرب 13/ 367 "كون"، ومغني اللبيب 1/ 278.
353 | 435(1/352)
مدخل
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ورد ذلك عليه لكونها رافعة للضمير، وليس ذلك مانعًا من زيادتها، كما لم يمنع من إلغاء ظن عند توسطها أو تأخرها إسنادها إلى الفاعل. وبين العاطف والمعطوف عليه كقوله:
205-
في لجة غمرت أباك بحورها في الجاهلية كان والإسلام وبين نعم وفاعلها كقوله:
206-
ولبست سربال الشباب أزورها ولنعم كان شبيبة المختال ومن زيادتها بين جزأي الجملة قول بعض العرب: ولدت فاطمة بنت الخرشب الكملة من بني عبس لم يوجد كان مثلهم. نعم شذت زيادتها بين الجار والمجرور كقوله:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لنا على أن لنا صفة لجيران ثم وصل لما ذكر، فتحصل في كان في البيت أربعة أقوال أفاده المصرح وعلى القولين الأخيرين يكون هذا الضمير مستثنى من قاعدة أن الضمير لا يتصل إلا بعامله. قوله: "وردّ ذلك إلخ" الرد مبني على أن معنى زيادتها أنها لا تعمل أصلًا. قوله: "وليس ذلك" أي رفع كان للضمير وهذا رد للرد وهو مبني على أن معنى زيادتها صحة سقوطها وإن عملت عند ذكرها، وقد يمنع قياسه بأن الإلغاء ليس كالزيادة فتأمل. قوله: "في لجة" أي شدة ففيه استعارة تصريحية، وغمرت بحورها ترشيح. قوله: "ولبست سربال الشباب" أي تلبست بالأحوال الدالة على الشباب ففيه استعارة تصريحية تبعية في لبست أو أصلية في سربال. والشبيبة الشباب.
قوله: "بنت الخرشب" بخاء معجمة مضمومة فراء ساكنة فشين معجمة مضمومة، فموحدة والكملة جمع كامل. قال الزمخشري في المستصفي. فاطمة بنت الخرشب الأنمارية ولدت لزياد العبسي الكملة: ربيعًا الكامل، وقيسًا الحافظ، وعمارة الوهاب، وأنس الفوارس. وقيل لها: أي بنيك أفضل فقالت: ربيع بل عمارة بل قيس بل أنس ثكلتهم إن كنت أعلم أيهم أفضل؟ والله إنهم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها. قوله: "نعم شذت إلخ" استدراك على إطلاق قوله في حشو فإنه يوهم أنها تزاد قياسًا حتى بين الجار والمجرور واستفيد منه أن زيادتها فيما سبق قياسية وهو الذي أيده سم. وفي شرح ابن عقيل على النظم أنها سماعية فيما عدا التعجب وهو المفهوم من قول الدماميني وزيادتها بعد ما التعجبية مقيس. ا. هـ. وبهذا علم أن نقل شيخنا السيد والبعض عن الدماميني قياسيتها فيما سبق فيه نظر بالنسبة إلى ما عدا التعجب. اللهم إلا أن يكون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
205- اليبت من الكامل، وهو للفرزدق في ديوانه ص2/ 305؛ وخزانة الأدب 5/ 463، 437، 9/ 210، 211، 212.
206- البيت من الكامل، وهو بلا نسبة هنا في شرح الأشموني.
354 | 435(1/353)
مدخل
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
207-
سراة بني أبي بكر تسامي على كان المسومة العراب تنبيهات: الأول أفهم كلامه أنها لا تزاد بلفظ المضارع، وهو كذلك إلا ما ندر من قوله أم عقيل:
208-
أن تكون ماجد نبيل إذا تهب شمأل بليل الثاني أفهم قوله في حشو أنها لا تزاد في عيره، وهو كذلك خلافًا للفراء في إجازته زيادتها آخرًا. الثالث أفهم أيضًا تخصيص الحكم بها أن غيرها من أخواتها لا يزاد، وهو كذلك إلا ما شذ من قولهم: ما أصبح أبردها وما أمسى أدفاها. روى ذلك الكوفيون.
وأجاز أبو علي زيادة أصبح وأمسى في قوله:
209-
عدو عينيك وسانيهما أصبح مشغول بمشغول
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
له قولان. قوله: "سراة" بفتح السين المهملة جمع سرى أي سيد على غير قياس، تسامى أي تتسامى، والمسوّمة الخيل المجعول عليها سومة بضم السين أي علامة للترك في المرعى، والعراب العربية ويروى المطهمة الصلاب، والمطهمة المتناسقة الأعضاء والصلاب الشداد. قوله: "من قول أم عقيل" أي وهي تلاعب ولدها عقيل بن أبي طالب. قوله: "نبيل" من النبل بالضم أو بالنبالة وهما الفضل، وشمأل كجعفر كما هو أحد لغاته ريح تهب من ناحية القطب الشمالي. ثانيها شأمل كجعفر مقلوب شمأل. ثالثها شمال كسحاب. رابعها شمل بسكون الميم. خامسها شمل بتحريكها، وبليل بمعنى فاعلة أو مفعولة أي بالة أو مبلولة لما فيها من الندى، والمراد أنها رطبة وكنت بقولها إذا تهب إلخ عن الدوام. قوله: "لا تزاد في غيره" أي الأول والآخر للاعتناء بهما. قوله: "أبردها إلخ" الضميران للدنيا كما قاله زكريا.
قوله: "وشأنيهما" أي باغضهما والقصد بقوله مشغول بمشغول الدعاء عليه بعشق شخص
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
207- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في الأزهية ص187؛ وأسرار العربية ص136؛ والأشباه والنظائر 4/ 303؛ وأوضح المسالك 1/ 257؛ وتخليص الشواهد ص252؛ وخزانة الأدب 9/ 207، 210، 10/ 187؛ والدرر 2/ 79؛ ورصف المباني ص140، 141، 217، 255، وشرح التصريح 1/ 192؛ وشرح ابن عقيل ص1474؛ وشرح المفصل 7/ 98؛ ولسان العرب 13/ 370 "كون"، واللمع في العربية ص122؛ والمقاصد النحوية 2/ 41؛ وهمع الهوامع 1/ 120.
208- الرجز لأم عقيل بن أبي طالب في أوضح المسالك 1/ 255؛ وتخليص الشواهد ص252؛ وخزانة الأدب 9/ 225، 226؛ والدرر 2/ 78؛ وشرح التصريح 1/ 191؛ وشرح ابن عقيل ص147؛ والمقاصد النحوية 2/ 39؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 1/ 120.
209- البيت من السريع، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص252؛ والدرر 2/ 80؛ وهمع الهوامع 1/ 120.
355 | 435(1/354)
مدخل
ويحذفونها ويبقون الخبر وبعد إن ولو كثيرًا ذا اشتهر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
210-
أعاذل قولي ما هويت فأوبي كثيرًا أرى أمسى لديك ذنوبي وأجاز بعضهم زيادة سائر أفعال الباب إذا لم ينقص المعنى "ويحذفونها" أي كان إما وحدها أو مع الاسم وهو الأكثر "ويبقون الخبر" على حاله "وبعد إن ولو" الشرطيتين "كثير ذا" الحكم "اشتهر" من ذلك: المرء مجزي بعمله إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر.
وقوله:
211-
قد قيل ما قيل إن صدقا وإن كذبا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مشغول عنه بعشق غيره، أو المراد مشغول بمشغول به لأن المحب لا يرضى الشركة في حبيبه. قوله: "أعاذل إلخ" الهمزة للنداء، وعاذل منادى مرخم، وأوّبي من التأويب وهو الترجيع وكثيرًا مفعول ثان لأرى. قوله: "أي كان" أي هذه المادة لا بقيد الزيادة ولا بقيد الصيغة الماضوية لما سيأتي عن سيبويه في ولو تمر في تقدير يكون. قوله: "إما وحدها" فالاقتصار على الخبر في قوله ويبقون الخبر لبقائه على الحالتين فلا ينافي هذا الاقتصار قول الشارح إما وحدها وإن أورده سم. وأقره شيخنا والبعض. قوله: "وهو الأكثر" أي لأن الفعل ومرفوعه كالشيء الواحد. قوله: "وبعد إن" الظرف متعلق باشتهر وكثيرًا الأحسن أنه حال من فاعل اشتهر ولا تكرار في الجمع بين الكثرة والشهرة لأنه لا يلزم من إحداهما الأخرى. قال في التصريح والغالب في أن هذه أن تكون تنويعية. قوله: "ولو" أي المندرج ما بعدها فيما قبلها فلا يجوز الأحشف ولو تمرًا وإنما كثر حذفها بعدهما لأن إن أم أدوات الشرط العاملة ولو أم غير العاملة كما أن أم بابها وهم يتوسعون في الأمهات ما لم يتوسعوا في غيرها في التصريح. قوله: "المرء إلخ" قال شيخنا والبعض لفظ الحديث "الناس مجزيون بأعمالهم" إلخ. ا. هـ. وقال شيخنا السيد: المرء مجزي بعمله ليس حديثًا وإن صح معناه قاله القليوبي، ولذلك حكاه الحافظ في الهمع بلفظ قيل وكذا غيره. ا. هـ. وهذا قد يفيد أنه لم يرد مطلقًا ويؤيده تعبير صاحب التوضيح بقوله: وقولهم الناس مجزيون بأعمالهم إلخ وكذا في همع السيوطي فيما رأيته من نسخه وعلى تسليم ورود الناس مجزيون بأعمالهم إلخ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
210- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص252؛ والدرر 2/ 81؛ وهمع الهوامع 1/ 120.
211- تمام البيت:
فما اعتذارك من قول إذا قيل وهو من البيسط، وهو للنعمان بن المنذر في الأغاني 15/ 295؛ وأمالي المرتضى 1/ 193؛ وخزانة الأدب 4/ 10، 9/ 552؛ والدرر 2/ 82؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 352؛ وشرح شواهد المغني 1/ 188؛ والكتاب 1/ 260؛ والمقاصد النحوية 2/ 66؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص148؛ وشرح المفصل 2/ 97؛ ومغني اللبيب 1/ 61.
356 | 435(1/355)
مدخل
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
212-
حدبت علي بطون ضبة كلها إن ظالمًا فيهم وإن مظلوما وفي الحديث "التمس ولو خاتمًا من حديد" وقال الشاعر:
213-
لا يأمن الدهر ذو بغي ولو ملكًا جنوده ضاق عنها السهل والجبل تنبيهان: الأول قد تحذف كان مع خبرها ويبقى الاسم، من ذلك: مع أن المرء مجزى بعمله إن خير فخير وإن شر فشر برفعهما أي إن كان في عمله خير فجزاؤه خير، وإن كان في عمله شر جزاؤه شر. وفي هذه المسألة أربعة أوجه مشهورة هذان والثالث نصبهما على تقدير إن كان عمله خيرًا فهو يجزى خيرًا. والرابع عكس الأول أي رفع الأول ونصب الثاني. وهذا الرابع أضعفها والأول أرجحها، وما بينهما متوسطان. ومنه مع لو ألا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يكون الشارح رواه بالمعنى. قوله: "بعمله" أي بجنس عمله لأن العمل ليس مجزيًا به بل عليه قاله الناصر أو الباء بمعنى على. قوله: "حدبت إلخ" حدب بحاء ودال مهملتين كفرح عطف ورقّ. وضبة بفتح الضاد المعجمة وتشديد الموحدة، ويروى بكسر الضاد وتشديد النون، ومدلولًا العلمين متغايران. قوله: "إن كان في عمله خير" لم يقدر كان التامة مع الاستغناء معها عن تقدير المنصوب لتوافق حالة النصب ولأن الناقصة أكثر استعمالًا من التامة. قوله: "أربعة أوجه مشهورة" نص في التسهيل على أنه ربما جر المقرون بأن أو إن لا إذا عاد اسم كان إلى مجرور بحرف قال الدماميني: نحو المرء مقتول بما قتل به إن سيف فسيف أي إن كان قتل بسيف فقتله أيضًا بسيف. وحكى يونس مررت برجل صالح إن لا صالح فطالح أي إن لا يكن المرور بصالح فالمرور بطالح، وذلك لقوة الدلالة على الجار بتقدم ذكره لكن هذا مما يسهل الحذف لا مما يوجب الاطراد فلا يقال منه إلا ما سمع، هذا مذهب سيبويه ونص المصنف على اطراده. ا. هـ. ببعض حذف. قوله: "وهذا الرابع أضعفها" أفعل التفضيل ليس على بابه بالنسبة إلى الأول كما أن قوله أرجحها ليس على بابه بالنسبة إلى الرابع. وإنما كان أضعف لأن فيه حذف كان وخبرها وحذف فعل ناصب بعد فاء الجزاء وكلاهما نادر. ومن هذا يعلم أن أرجحية الأول لسلامته منهما واشتماله على شيئين مطردين وما إضمار كان واسمها بعد إن وإضمار المبتدأ بعد فاء الجزاء وإن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
212- البيت من الكامل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص103، وتخليص الشواهد ص259؛ والدرر 2/ 83؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 36؛ والكتاب 1/ 262؛ والمقاصد النحوية 2/ 87؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 260؛ وهمع الهوامع 1/ 121.
213- البيت من البسيط، وهو للعين المنقري في خزانة الأدب 1/ 257؛ والدرر 2/ 85؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 262؛ وتخليص الشواهد ص260؛ وشرح التصريح 1/ 193؛ وشرح شواهد المغني 2/ 658؛ وشرح قطر الندى ص142؛ ومغني اللبيب 1/ 268؛ والمقاصد النحوية 2/ 50.
357 | 435(1/356)
مدخل
وبعد أن تعويض ما عنها ارتكب
كمثل أما أنت برا فاقترب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طعام ولو تمر، جوز فيه رفع تمر على تقديره ولو يكون عندنا تمر. الثاني قل حذف كان مع غير إن ولو كقوله:
214- من لد شولا فإلى إتلائها
قديره سيبويه من لد أن كانت شولا "وبعد أن" المصدرية "تعويض ما عنها" أي عن كان "ارتكب" فتحذف كان لذلك وجوبًا إذ لا يجوز الجمع بين العوض والمعوض "كمثل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
توسط الثاني والثالث لسلامة كل من أحدهما واشتماله على أحد المطردين ومقتضى هذا أنهما متساويان وبه قال الشلوبين وقال ابن عصفور: رفعهما أحسن من نصبهما ووجه بأن الحذف في الرفع أقل منه في النصب وقال الدماميني: الرفع ضعيف من جهة المعنى لأن معنى إن كان في عملهم خبر غير مقصود لأن مراد المتكلم إن كان نفس عملهم خيرًا لا إن كان لهم أعمال منها خير وقد يدفع بأنه على التجريد مثل: {لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْد} [فصلت: 28]، قاله سم.
قوله: "على تقدير ولو يكون عندنا تمر" المناسب عندكم إلا أن يكون استفهام المتكلم من أهل بيته واستفيد منه أن الحذف ليس خاصًّا بلفظ الماضي بخلاف الزيادة. قوله: "من لد شولا" بفتح الشين وسكون الواو مع التنوين جمع شائلة على غير قياس إذ قياس جمعها شوائل والشائلة الناقة التي خف لبنها وارتفع ضرعها وأتى عليها من نتاجها سبعة أشهر أو ثمانية. والشائل بلا هاء الناقة التي تشول بذنبها للقاح أي ترفعه لأجله ولا لبن بها أصلًا وجمعها شول بضم الشين وتشديد الواو كراكع وركع والفاء زائدة. والإتلاء بالكسر مصدر أتلت الناقة إذا تلاها ولدها أي تبعها أي من زمن كونها شولًا إلى زمن تبعية أولادها لها كذا في التصريح وغيره. قوله: "قدره سيبويه من لد أن كانت شولا" أتى في التقدير بأن لقلة إضافة لدن إلى الجمل واعترض بأنه يلزمه حذف الموصول الحرفي وصلته وإبقاء معمولها وهو ممنوع وإن جاز حذف إن وحدها خلافًا لما يوهمه كلام البعض. وأجيب بأنه حل معنى لا حل إعراب وحل الإعراب من لد كانت وإن كانت إضافة لد إلى الجملة قليلة وقدره بعضهم من لد شالت شولا فجعل شولا مصدرًا لا جمعًا وهو أقل كلفة من تقدير سيبويه. قوله: "ارتكب" يوهم خروجه عن القياس وليس كذلك لأنهم عوضوا الحرف عن الجملة في نحو يومئذٍ قياسًا فهذا أولى. قوله: "فتحذف كان" أي وحدها إذ لا يجوز حذف الاسم معها كما صرح به الفارضي. قوله: "وجوبًا" أي عند الجمهور وأجاز المبرد أما كنت منطلقًا انطلقت، ولم يسمع هذا العمل إلا في ضمير المخاطب، وأجاز
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
214- الرجز بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 361، 8/ 248؛ وأوضح المسالك 1/ 263؛ وتخليص الشواهد ص260؛ وخزانة الأدب 4/ 24، 9/ 318؛ والدرر 2/ 87؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 546؛ وشرح التصريح 1/ 194؛ وشرح شواهد المغني 2/ 863؛ وشرح ابن عقيل ص149؛ وشرح المفصل 4/ 101، 8/ 35؛ والكتاب 1/ 264؛ ولسان العرب 13/ 384 "لدن" ومغني اللبيب 2/ 422؛ والمقاصد النحوية 2/ 51؛ وهمع الهوامع 1/ 122.
358 | 435(1/357)
مدخل
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أما أنت برا فاقترب" فإن مصدرية وما عوض عن كان وأنت اسمها وبرًّا خبرها، والأصل لأن كنت برًّا، فحذفت لام التعليل لأن حذفها مع أن مطرد، ثم حذفت كان فانفصل الضمير المتصل بها، ثم عوض عنها ما وأدغمت فيها النون، ومنه قوله:
215-
أبا خراشة أما أنت ذا نفر فإن قومي لم تأكلهم الضبع تنبيه: حذفت كان مع معموليها بعد أن في قولهم افعل هذا أما لا، أي إن كنت لا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سيبويه أما زيد ذاهبًا ذهبت. قوله: "إذ لا يجوز الجمع بين العوض والمعوض" كما لا يجوز حذفهما معًا فلا يقال إن أنت برًّا قاله الفارضي. قوله: "فاقترب" الفاء زائدة دخلت تشبيهًا بفاء الجواب لأن الأول سبب والثاني مسبب.
قوله: "فإن مصدرية" أي عند البصريين وذهب الكوفيون إلى أنها شرطية بدليل الفاء لأنهم يجيزون فتح همزة إن الشرطية ونقل البعض في بعض نسخ حاشيته الأول عن غير البصريين والثاني عن البصريين سبق قلم قال الفارضي وأن المصدرية حينئذٍ في محل نصب أو جر على الخلاف في محلها بعد حذف حرف الجر معها. ا. هـ. قوله: "وأنت اسمها" أي اسم كان وقيل العامل نفس ما لنيابتها عن كان فالاسم والخبر لها. قوله: "والأصل لأن كنت برًّا" أي الأصل الثاني والأصل الأول اقترب لأن كنت برًّا فقدمت العلة على المعلول ثم حذفت اللام إلخ ما قال الشارح وزيدت الفاء لما مر. قوله: "ثم حذفت كان" أي وصلة الموصول الحرفي قد تحذف نحو ما أن حراء مكانه أي ما ثبت أفاده يس. قوله: "أبا خراشة" بضم الخاء المعجمة صحابي وهو منادى حذف منه حرف النداء وقوله أما أنت إلخ. حذف معلولي العلتين لدلالة المقام والأصل لأن كنت ذا نفرٍ افتخرت عليّ لا تفتخر عليّ فإن قومي إلخ. والضبع حيوان معروف شبه به السنة المجدبة على طريق الاستعارة التصريحية والأكل ترشيح. وقيل: الضبع حقيقة فيها أيضًا. ويحتمل أن المراد به الحيوان المعروف فيكون الكلام كناية عن عدم ضعف قومه لأن القوم إذا ضعفوا عاثت فيهم الضباع قاله السيوطي في شرح شواهد المغني
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
215- البيت من البسيط، وهو لعباس بن مرداس في ديوانه ص128؛ والأشباه والنظائر 2/ 113؛ والاشتقاق ص313؛ وخزانة الأدب 4/ 13؛ 14، 17؛ 200، 5/ 445؛ 6/ 532؛ 11/ 62؛ والدرر 2/ 91؛ وشرح شذور الذهب ص242؛ وشرح شواهد الإيضاح ص479؛ وشرح شواهد المغني 1/ 116، 179؛ وشرح قطر الندى ص140؛ ولجرير في ديوانه ص1/ 349؛ والخصائص 2/ 381؛ وشرح المفصل 2/ 99، 8/ 132؛ والشعر والشعراء 1/ 341؛ والكتاب 1/ 293؛ ولسان العرب 6/ 294 "خرش" 8/ 217 "ضبع"؛ والمقاصد النحوية 2/ 55؛ وبلا نسبة في الأزهية ص147؛ وأمالي ابن الحاجب 1/ 411، 442، والإنصاف 1/ 71؛ وأوضح المسالك 1/ 265؛ وتخليص الشواهد ص260؛ والجني الداني ص528؛ وجواهر الأدب ص198، 416، 421، ورصف المباني ص99، 101؛ وشرح ابن عقيل ص149؛ ولسان العرب 14/ 47 "أما"؛ ومغني اللبيب 1/ 35؛ والمنصف 3/ 116؛ وهمع الهوامع 1/ 123.
359 | 435(1/358)
مدخل
ومن مضارع لكان منجزم تحذف نونه وهو حذف ما التزم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تفعل غيره، فما عوض عن كان، ولا نافية للخبر ومنه قوله:
216-
أمرعت الأرض لو أن ما لا لو أن نوقا لك أو جمالًا
أو ثلة من غنم إما لا التقدير إن كنت لا تجدين غيرها "ومن مضارع لكان" ناقصة كانت أو تامة "منجزم" بالسكون لم يتصل به ضمير نصب وقد وليه متحرك "تحذف نون" هي لام الفعل تخفيفًا "وهو حذف" جائزة "ما التزم" نحو: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً} [النساء: 40]، في القراءتين بخلاف نحو: {مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ } [القصص: 37]، {وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء} [يونس: 78]، {وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِين} [يوسف: 9]، "إن يكنه فلن تسلط عليه" {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} [النساء: 168]، وخالف في هذا أخيرًا يونس فأجاز الحذف حينئذ تمسكًا بقوله:
217-
فإن لم تك المرآة أبدت وسامة فقد أبدت المرآة جبهة ضيغم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "حذفت كان" أي وجوبًا وقوله مع معموليها جعله المصنف من حذفها مع اسمها فقط لأن لا من الخبر فكأنه لم يحذف بعضه. قوله: "بعد إن في قولهم إلخ" نقل في التصريح عن الكوفيين جواز حذف الثلاثة بلا عوض فإذا قيل لك لا تأت الأمير فإنه جائر جاز أن تقول أنا آتيه وإن ومنه قالت وإنن. قوله: "فما عوض عن كان" قضيته أنها ليست عوضًا عن اسمها وخبرها أيضًا فيكونان حذفًا بلا تعويض. قوله: "ولا نافية للخبر" الظاهر أن لا جزء من الخبر أي وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه. هذا. وجعل اللقاني ما زائدة لتأكيد إن الشرطية من غير تقدير لكان كما في: {فَإِمَّا تَرَيِن} [مريم: 26]، ولا داخلة على فعل الشرط واستحسن هذا غير واحد لأنه أقل تكلفًا وضعفه الروداني بأن ما لا تزاد قبل الشرط المنفي بلا وبأن الجواب لا يحذف إلا إن كان الشرط ماضيًا لفظًا أو معنى والشرط على زعمه مستقبل وجواب الشرط على كل محذوف لدلالة افعل قبله عليه، والتقدير فافعل هذا. قوله: "أمرعت" أي أخصبت والثلة بضم المثلثة وقد تفتح القطعة من الشيء والظاهر أن لو في الموضعين للتمني كما في: {لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّة } [البقرة: 167]، وخبر أن في الموضع الأول محذوف تقديره لك. قوله: "ومن مضارع إلخ" متعلق بتحذف. والحاصل أن نون مضارع كان تحذف بخمسة شروط ذكر المصنف والشارح منها أربعة والخامس أن يكون وصلًا لا وقفًا. قوله: "تحذف نون" أي لكثرة الاستعمال وشبهها بحروف العلة. قوله: "في القراءتين" أي قراءة الرفع على التمام والنصب على النقصان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
216- الرجز بلا نسبة في تخليص الشواهد ص381؛ والدرر 2/ 94؛ وهمع الهوامع 1/ 122.
217- البيت من الطويل، هو للخنجر بن صخر الأسدي في خزانة الأدب 9/ 304، والدرر 2/ 96؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 542؛ وشرح التصريح 1/ 196؛ ولسان العرب 13/ 364 "كون" والمقاصد النحوية 2/ 63؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 269؛ وتخليص الشواهد ص268؛ ولسان العرب 1/ 122.
360 | 435(1/359)
مدخل
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وحمل على الضرورة، قال الناظم: وبقوله أقول؛ إذ لا ضرورة لإمكان أن يقال فإن تكن المرآة أخفت وسامة، وقد قرئ شاذًّا "لم يكن الذين كفروا".
خاتمة: إذا دخل على غير زال وأخواتها من أفعال هذا الباب ناف فالمنفي هو الخبر نحو ما كان زيد عالمًا فإن قصد الإيجاب قرن الخبر بإلا نحو ما كان زيد عالمًا فإن كان الخبر من الكلمات الملازمة للنفي نحو يعيج لم يجز أن يقترن بإلا، فلا يقال في ما كان زيد يعيج بالدواء: ما كان زيدًا لا يعيج. ومعنى يعيج ينتفع، وحكم ليس حكم ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "بخلاف نحو من تكون إلخ" خرج هو وما بعده بالجزم وقوله: وتكونوا إلخ بالسكون وقوله: إن يكنه إلخ بقوله: لم يتصل وقوله: لم يك إلخ بقوله: وقد وليه متحرك. قوله: "فإن لم تك المرآة إلخ" كأنه نظر وجهه فلم يره حسنًا فتسلى بأنه يشبه وجه الضيغم وهو الأسد من الضغم وهو العض. قوله: "إذ لا ضرورة إلخ" مبني على مذهبه في الضرورة وقد مر ما فيه وقوله لا مكان أن يقال فإن تكن المرآة أخفت وسامة فيه أن هذا أخص من كلام الشاعر لأن الشرط على هذا إخفاء الوسامة المقتضي ثبوتها في نفسها والشرط على كلام الشاعر عدم إبداء الوسامة الصادق بانتفائها في نفسها فتأمل.
قوله: "نحو يعيج" أي التي بمعنى ينتفع كما سيذكره الشارح أما عاج التي بمعنى أقام أو وقف أو رجع أو أمال فلا يختص بالنفي، ونحو يعيج أحد وديار وعريب، فلا يقال: ما كان مثلك إلا أحدًا. قوله: "في كل ما ذكر" أي في أن المنفي هو الخبر وفي أنه إذا قصد الإيجاب قرن الخبر بإلا وفي أنه إذا كان الخبر ملازمًا للنفي لم يجز أن يقترن بإلا. بقي أن ليس وما كان يشتركان في شيء آخر نبه عليه في التسهيل. وعبارته مع زيادة من الدماميني عليه: وتختص ليس بجواز اقتران خبرها بواو وإن كان جملة موجبة بإلا كقوله:
ليس شيء إلا وفيه إذا ما قابلته عين البصير اعتبار ومنع بعضهم ذلك وتأول البيت إما على حذف الخبر والجملة حال أو على زيادة الواو ويشاركها في ذلك كان بعد نفي كقوله:
ما كان من بشر إلا وميتته محتومة لكن الآجال تختلف وربما شبهت الجملة المخبر بها في هذا الباب بالحالية فوليت الواو مطلقًا كقوله:
وكانوا أناسًا ينفحون فأصبحوا وأكثر ما يعطونك النظر الشزر وقوله:
فظلوا ومنهم سابق دمعه له وآخر يثني دمعة العين بالمهل وهذا إنما أجازه الأخفش دون غيره من البصريين ولا حجة في البيتين لاحتمال أصبح وظل
361 | 435(1/360)
مدخل
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان في كل ما ذكر. وأما زال وأخواتها فنفيها إيجاب فلا يقترن خبرها بإلا كما لا يقترن بها خبر كان الخالية من نفي لتساويهما في اقتضاء ثبوت الخبر وما أوهم خلاف ذلك فمؤول كقوله:
218-
حراجيج لا تنفك إلا مناخة على الخسف أو نرمي بها بلدا قفرا أي ما تنفصل عن الأتعاب في حال إناختها على الخسف إلى أن نرمي بها بلدًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيهما للتمام وجعل الجملة حالية، أو يقال: هما ناقصان والخبر محذوف. ا. هـ. وقال في التسهيل: ورفع ما بعد إلا في نحو ليس الطيب إلا المسك لغة تميم. ا. هـ. أي حملا لها عند انتقاض نفيها على ما في الإهمال كما في المغني. قال الدماميني: حكى ذلك عنهم أبو عمرو بن العلاء ثم نقل في رد نحو هذا التركيب إلى اللغة المشهورة تأويلات منها أن الطيب اسمها وإلا المسك نعت للاسم لأن تعريفه تعريف الجنس والخبر محذوف أي ليس طيب غير المسك موجودًا، وأورد عليه أن فيه التزام حذف الخبر بلا ساد مسده ثم قال ابن هشام: وما تقدم من نقل أبي عمرو أن ذلك لغة تميم يرد هذه التأويلات. ا. هـ. وقوله موجودًا عبارة المغني طيبًا. قوله: "فنفيها إيجاب" أي باعتبار مآل المعنى لما مر من أنها للنفي ونفي النفي إيجاب. قوله: "فلا يقترن خبرها بإلا" أي لأن الاستثناء المفرغ لا يكون في الموجب إلا في الفضلات على قلة والخبر ليس فضلة فلا يجوز ما زال زيد إلا قائمًا لاستحالة استمرار زيد على جميع الصفات إلا القيام. قوله: "فمؤوّل" أي بوجهين أولهما أحسنهما للاعتراض على ثانيهما بأن عامل الحال إن جعل تنفك ففيه أن ما قبل إلا لا يعمل فيما بعد المستثنى إلا في تابعه أو في المستثنى منه وعلى الخسف ليس واحدًا منهما، وإن جعل الظرف لزم تقدم المستثنى في الاستثناء المفرغ على عامله وقد منعه البصريون وتقدم الحال على عاملها الظرف وهو نادر وبأن الاستثناء المفرغ في الفضلات قليل في الإيجاب. وخرج ابن جني البيت على أن تنفك ناقصة وإلا زائدة كما جوزه الواحدي في قوله تعالى: {كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاء} [البقرة: 171]. قوله: "حراجيج" جمع حرجوج بحا مهملة فراء فجيمين بينهما واو كعصفور وهي الناقة السمينة أو الشديدة أو الضامرة والمراد بالخسف حبسها عن المرعى يعني أنها تناخ معدة للسير فلا ترسل من أجل ذلك إلى المرعى، وأو بمعنى إلى أن كما صنع الشارح تبعًا للمرادي فتسكين الياء للضرورة على رواية نرمي بالنون. قال الدماميني: وأحسن منه جعلها عاطفة على مناخة ونائب فاعل يرمي على روايته بالتحتية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
218- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص419؛ وتخليص الشواهد ص270؛ وخزانة الأدب 9/ 247، 248، 250، 255؛ وشرح شواهد المغني 1/ 219؛ والكتاب 3/ 48؛ ولسان العرب 10/ 477 "فكك"؛ والمحتسب 1/ 329؛ وهمع الهوامع 1/ 120؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص142؛ والأشباه والنظائر 5/ 173؛ والإنصاف 1/ 156؛ والجني الداني ص521؛ ومغني اللبيب 1/ 73؛ وهمع الهوامع 1/ 230.
362 | 435(1/361)
فصل في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس
فصل: في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس
إعمال ليس أعملت ما دون إن مع بقا النفي وترتيب زكن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قفرًا، فتنفك هنا تامة، ويجوز أن تكون ناقصة وخبرها على الخسف، ومناخة منصوب على الحال أي لا تنفك على الخسف إلا في حال إناختها والله أعلم.
فصل: في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس
إنما شبهت هذه بليس في العمل لمشابهتها إياها في المعنى. وإنما أفردت عن باب كان لأنها حروف وتلك أفعال "إعمال ليس أعملت ما" النافية نحو {مَا هَذَا بَشَرًا} و {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِم} ، وهذه لغة الحجازيين وأهملها بنو تميم وهو القياس لعدم اختصاصهم بالأسماء. ولإعمالها عند الحجازيين شروط أشار إليها بقوله: "دون إن مع بقا النفي وترتيب زكن"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله بها. قوله: "إلا في حال إناختها إلخ" أي فهي تنتقل من مشقة إلى مشقة. وقوله: على الخسف أي على وجه الخسف.
فصل: في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس
أي في العمل كما أشار إليه الشارح قوله: "لمشابهتها إياها في المعنى" وهو النفي. والمثبت لاعمالها عمل ليس هو الاستقراء وتلك المشابهة علة إعمال العرب إياها عمل ليس لا أن المثبت قياسنا إياها على ليس وتلك المشابهة جامع القياس إذ لا قياس مع النص، فالاعتراض بأن هذا قياس في اللغة وهو ممتنع ساقط جدًا نعم قال سم. إنما يظهر التعليل بمشابهتها ليس في المعنى لو كان عمل ليس لما فيها من النفي وليس كذلك بدليل عملها مع انتقاض نفيها. قوله: "لأنها حروف" إن قلت: الفعل أقوى من الحرف فهلا قدم عليها أفعال المقاربة. قلت: لأنها أظهر شبهًا بباب كان من حيث ظهور عملها الرفع والنصب كثيرًا لكثرة مجيء خبرها مفردًا بخلاف أفعال المقاربة ومن حيث موافقتها لبعض باب كان معنى وعملًا بخلاف أفعال المقاربة. قوله: "أعملت ما" أي عند البصريين وجعل الكوفيون المرفوع مبتدأ والمنصوب خبره على نزع الخافض وهي وإن عند الإطلاق لنفي الحال كليس كما في الهمع. قوله: "وأهملها بنو تميم" بلغتهم قرأ ابن مسعود ما هذا بشر بالرفع ونقل عن عاصم ما هن أمهاتهم بالرفع. قوله: "شروط" أي أربعة ذكر الناظم منها ثلاثة صراحة وواحدًا ضمنًا في قوله: وسبق حرف جر إلخ فإنه تضمن أن شرط عملها لا يتقدم معمول خبرها وهو غير ظرف على اسمها. وزاد قوم شرطين آخرين أن لا تتكرر ما نحو زيد قائم وأن لا يبدل من خبرها موجب بإلا نحو ما زيد شيء إلا شيء لا يعبأ به، وتركهما المصنف لأن الأول إن كان المراد منه أن لا تتكرر على أن الثانية نافية مؤسسة فهو داخل في شرط بقاء النفي لأن نفي النفي إزالة للنفي، وإن كان المراد منه أن لا تتكرر على أن الثانية نافية مؤكدة فهو ضعيف كما ستعرفه. والثاني له داخل في شرط بقاء النفي لأن إيجاب البدل إيجاب للمبدل منه مع أن ابن عقيل رجح في شرحه على النظم أن إبدال موجب من خبرها لا يبطل
363 | 435(1/362)
فصل في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي علم. فإن فقد شرط من هذه الشروط بطل عملها نحو ما إن زيد قائم فما حرف نفي مهمل وإن زائدة وزيد مبتدأ وقائم خبره. ومنه قوله:
219-
بني غدانة ما إن أنتم ذهب ولا صريف ولكن أنتم الخرف وأما رواية يعقوب بن السكيت ذهبًا بالنصب فمخرجة على أن إن مؤكدة لما لا زائدة وكذا إذا انتقض النفي بإلا نحو: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُول} [آل عمران: 144]، فأما قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عملها وعليه مشى الشارح في الاستثناء جاعلًا رفع البدل على محل الخبر. وعبارة المغني إذا قلت ليس زيد شيئًا إلا شيئًا لا يعبأ به جاز كون النصب على الاستثناء أو البدل فإن جئت بما مكان ليس بطلت البدلية لأن ما لا تعمل في الموجب. ا. هـ. قال الشاطبي: لا تعمل ما إلا بهذه الشروط بخلاف ليس فإنها تعمل دون شرط منها وأورد عليه سم أن إن لا تلي ليس كما اعترف به بعد ذلك يعني ومقتضى عموم قوله دون شرط منها أن ليس تعمل وإن وليها إن مع أنها لا تلي ليس أصلًا هذا مراد سم ولم يفهم البعض مراده فقال ما قال.
قوله: "دون إن" أي المزيدة لا النافية المؤكد بها كما يستفاد من قول الشارح فمخرجه على أن إن نافية إلخ وبالأولى تأكيد ما النافية بما نافية أخرى فلا يبطل عملها كما يصرح به كلام المصنف في شرح التسهيل واعتمده الدماميني والمرادي وإن خالف في ذلك بعضهم كما مر، وقد يتبادر من هذا الكلام أن تعقيب ما النافية بما أخرى زائدة لا نافية مبطل للعمل فلينظر. وإنما لم تعمل مع أن لبعدها عن شبه ليس بوقوع إن بعدها وقيل لضعفها عن تخطي إن وكذا يقال في زيادة ما بعدها إن قلنا بإبطالها العمل. قوله: "مع بقا النفي" أي نفي الخبر فلا يضر انتقاض نفي معمول خبرها نحو ما زيد ضاربًا إلا عمرًا سم. قوله: "أي علم" أي من باب المبتدأ والخبر فإنه علم منه أن حق المبتدأ التقدم والخبر التأخر. قوله: "بني غدانة" بضم الغين المعجمة. والصريف الفضة. والخزف الفخار. قوله: "لا زائدة" أي كما هي على رواية الإهمال فالتأكيد بإن على أنها نافية لفظي لأنه بمنزلة تكرير ما وعلى أنها زائدة معنوي كالتأكيد بسائر الحروف الزائدة وكذا في حاشية السيوطي على المغني. قوله: "وكذا" أي كوجود إن إذا انتفض إلخ وهذه الجملة معطوفة على محذوف قبل قوله نحو ما إن زيد قائم تقديره فيبطل عملها إذا وجدت أن نحو إلخ والمعطوف والمعطوف عليه تفصيل لقوله فإن فقد شرط إلخ فانتظمت عبارة الشارح.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
219- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 340؛ وأوضح المسالك 1/ 247؛ وتخليص الشواهد ص277؛ والجني الداني ص328؛ وجواهر الأدب ص207، 208؛ وخزانة الأدب 4/ 119؛ والدرر 2/ 101؛ وشرح التصريح 1/ 197؛ وشرح شذور الذهب ص252؛ وشرح شواهد المغني 1/ 84؛ وشرح عمدة الحافظ ص214؛ وشرح قطر الندى ص143؛ ولسان العرب 9/ 190 "صرف"، ومغني اللبيب 1/ 25؛ والمقاصد النحوية 2/ 91؛ وهمع الهوامع 1/ 123.
364 | 435(1/363)
فصل في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
220-
وما الدهر إلا منجنونا بأهله وما صاحب الحاجات إلا معذبا فشاذ أو مؤول. وكذا يبطل عملها إذا تقدم خبرها على اسمها نحو ما قام زيد. ومنه قوله:
221-
وما خذل قومي فأخضع للعدا ولكن إذا أدعوهم فهم هم وأما قول الفرزدق:
222-
فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر فشاذ وقيل: غلط سببه أنه تميمي وأراد أن يتكلم بلغة الحجاز، ولم يدر أن من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "بإلا" خرج الانتقاض بغير فلا يبطل العمل عند البصريين نحو ما زيد غير قائم. قوله: "وما الدهر" قال الناصر: المراد به نفس الفلك مجازًا لا حركته فيكون اسم عين فصح أنه من باب ما زيد إلا سيرًا والمنجون الدولاب الذي يسقى عليه الماء وضم داله أكثر من فتحها. قوله: "أو مؤوّل" بجعله من باب ما زيد إلا سيرًا. والأصل وما الدهر إلا يدور دوران منجنون وما صاحب الحاجات إلا يعذب معذبًا أي تعذيبًا فهما منصوبان على المفعولية المطلقة لفعلين محذوفين مختلفين بتقدير مضاف في الأول وجعل معذبًا مصدرًا ميميًّا بمعنى تعذيبًا أو مؤوّل بجعلهما مفعولين لفعلين محذوفين متحدين أي يشبه منجنونًا ويشبه معذبًا وهذا أقل كلفة. قوله: "نحو ما قائم زيد" أي على جعل قائم خبرًا أما على جعله مبتدأ رافعًا لمكتفي به عن الخبر فلا إشكال في بقاء العمل لبقاء التركيب والمرفوع بالمبتدأ في هذه الحالة فاعل بالوصف أغنى عن خبر ما على ما تقدم قاله شيخنا السيد. قوله: "وقيل غلط" أي لحن وفيه أن المعروف أن العربي لا يقدر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
220- البيت من الطويل، وهو لأحد بني سعد في شرح شواهد المغني ص219؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 276؛ وتخليص الشواهد ص271؛ والجني الداني ص325؛ وخزانة الأدب 4/ 130، 9/ 249، 250؛ والدرر 2/ 98، 3/ 171؛ ورصف المباني ص311 ؛ وشرح التصريح 1/ 197؛ وشرح المفصل 8/ 75؛ ومغني اللبيب ص73؛ والمقاصد النحوية 2/ 92؛ وهمع الهوامع 1/ 123، 230.
221- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 179؛ وشرح التصريح 1/ 198؛ والمقاصد النحوية 2/ 94.
222- البيت من البسيط، وهو للفرزدق في ديوانه 1/ 185؛ والأشباه والنظائر 2/ 209، 3/ 122؛ وتخليص الشواهد ص218؛ والجني الداني ص189، 324، 446؛ وخزانة الأدب 4/ 133، 138؛ والدرر 2/ 103، 3/ 150؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 162؛ وشرح التصريح 1/ 198؛ وشرح شواهد المغني 1/ 237، 2/ 782؛ والكتاب 1/ 60؛ ومغني اللبيب ص363، 517، 600؛ والمقاصد النحوية 2/ 96؛ والمقتضب 4/ 191؛ والهمع 1/ 124؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 280؛ ورصف المباني ص312؛ ومغني اللبيب ص82؛ والمقرب 1/ 102.
365 | 435(1/364)
فصل في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس
وسبق حرف جر أو ظرف كما بي أنت معنيا أجاز العلما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شروط النصب عندهم بقاء الترتيب بين الاسم والخبر وقيل: مؤول.
تنيهان: الأول قال في التسهيل: وقد تعمل متوسطًا خبرها وموجبًا بإلا وفاقًا لسيبويه في الأول وليونس في الثاني. الثاني اقتضى إطلاقه منع العمل عند توسط الخبر ولو كان ظرفًا أو مجرورًا. قال في شرح الكافية: من النحويين من يرى عمل ما إذا تقدم خبرها وكان ظرفًا أم مجرورًا وهو اختيار أبي الحسن بن عصفور "وسبق حرف جر" مع مجروره
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن يلحن كما أنه لا يقدر أن ينطق بغير لغته كذا في الروداني. ثم قال: والذي ينبغي أن لا يشك فيه أن ذلك إذا ترك العربي وسليقته أما لو أراد النطق بالخطأ أو بلغة غيره فلا يشك في أنه لا يعجز عن ذلك. وقد تكلمت العرب بلغة الحبش والفرس واللغة العبرانية وغيرها وأبو الأسود عربي، وقد حكي قول بنته لأمير المؤمنين عليّ ما أشد الحر بالرفع، فقول سيبويه في قصته مع الكسائي في مسألة كنت أظن أن العقرب أشد لسعة من الزنبور فإذا هو هي مرهم يا أمير المؤمنين أن ينطقوا بذلك لا بد من تأويله كأن يقال: المراد مر من لم يسمع مقالة الكسائي ولم يدر القصة أو نحو ذلك مما يقتضي نطقهم على سليقتهم الذي هو المعيار. ا. هـ. وهو كلام في غاية النفاسة طالما جرى في نفسي.
قوله: "وقيل مؤول" أي بأن فتحته بناء لإضافته إلى مبني فهو في محل رفع بالابتداء أو بأن الخبر محذوف أي موجود ومثلهم حال من الضمير في الخبر وإنما قدرنا الخبر مرفوعًا لما علم من أن الشاعر تميمي. قوله: "وفاقًا لسيبويه في الأول" رد بأن المنصوص عن سيبويه المنع والمجوز إنما هو الجرمي والفراء. قوله: "اقتضى إطلاقه" لا يقال قوله وسبق إلخ يقيد هذا الإطلاق لشموله نفس الخبر ومعموله والتمثيل بالمعمول في قوله كما بي إلخ لا يخصص والقاعدة حمل المطلق على المقيد لأنا نقول عادته إعطاء الحكم بالمثال مع أن التعميم مبني على مذهب ابن عصفور المخالف للجمهور ومنهم المصنف. قوله: "وهو اختيار أبي الحسن بن عصفور" وتأييده بقياسه على معمول الخبر يمنع بالفرق بأنه يتوسع في الفضلة ما لا يتوسع في العمدة. فإن قيل: قد اغتفروا تقدم خبر إن وأخواتها على اسمها إذا كان ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا. أجيب بأن هذه الحروف ضعيفة لأنها فرع الفرع لأنها محمولة على ليس وليس محمولة على كان على ما قيل بخلاف إن وأخواتها. قوله: "وسبق إلخ" أشار به كما تقدم إلى شرط رابع وهو أن لا يتقدم معمول خبرها على اسمها إذا كان غير ظرف أو جار ومجرور لأن هذه الأحرف ضعيفة العمل فلا تقوى على أن يتصرف معها، ويؤخذ من العلة منع تقديم معمول الخبر على الخبر نفسه ومنع تقديم معمول الاسم عليه فلا يقال: ما زيد طعامك آكلًا ولا ما زيدًا ضارب قائمًا للزوم الفصل بينها وبين معمولها بأجنبي وإن تردد فيهما سم. كذا في يس واستظهر البعض عدم بطلان العمل بتقدم معمول الخبر على الخبر. وللنفس ميل إليه لأن الفصل فيه ليس بين ما ومعموليها معًا بخلاف تقدم معمول الاسم عليه. وانظر هل يجوز تقدم معمول الاسم عليه إذا كان ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا للتوسع فيهما أولا.
366 | 435(1/365)
فصل في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس
ورفع معطوف بلكن أو ببل من بعد منصوب بما الزم حيث حل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"أو ظرف" مدخولي ما مع بقاء العمل "كما بي أنت معنيًّا" وما عندك زيد قائمًا "أجاز العلما" سبق مصدر نصب بالمفعولية لأجاز مضاف إلى فاعله، والمراد أنه يجوز تقديم معمول خبر ما على اسمها إذا كان ظرفًا أو مجرورًا كما مثل. ومنه قوله:
223-
بأهبة حزم لذ وإن كنت آمنا فما كل حين من توالي مواليا فإن كان غير ظرف أو مجرور بطل العمل نحو ما طعامك زيد آكل. ومنه قوله:
224-
وقالوا تعرفها المنازل من منى وما كل من وافى منى أنا عارف وأجاز ابن كيسان بقاء العمل والحالة هذه "ورفع معطوف بلكن أو ببل من بعد" خبر "منصوب بما" الحجازية "الزم حيث حل" رفع مصدر نصب بالمفعولية لا لزم مضاف إلى مفعوله، والفاعل محذوف، والتقدير الزم رفعك معطوفًا بلكن أو ببل إلى آخره. وإنما وجب الرفع لكونه خبر مبتدأ مقدر. ولا يجوز نصبه عطفًا على خبر ما لأنه موجب وهي لا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "أو ظرف" لا يبعد أن أو مانعة خلو تجوز الجمع. قوله: "مدخولي ما" مفعول سبق دفع به توهم أن المراد سبق ذلك على ما لامتناعه لأن ما لها الصدارة. قوله: "والمراد إلخ" عبر بالمراد لإيهام العبارة شمول نفس الخبر أيضًا. قوله: "بأهبة حزم" الأهبة كما في القاموس العدة بالضم. قوله: "وإن كنت آمنًا" عطف على محذوف أي إن لم تكن آمنًا وإن كنت آمنًا، أو الواو للحال وإن وصلية فيكون خلاف هذه الحالة مفهومًا بالأولى والشاهد في تقدم كل حين لأن كل بحسب ما بعدها وما بعدها ظرف فتكون هي ظرفًا. قوله: "تعرفها المنازل" أي اطلب معرفتها في المنازل. والشاهد في قوله وما كل إلخ حيث أهمل ما عند تقدم معمول خبرها الذي ليس ظرفًا ولا مجرورًا، هذا على رواية نصب كل، أما على رواية رفعه فكل اسمها وجملة أنا عارف في محل نصب خبرها والعائد محذوف أي عارفه. ولا شاهد فيه حينئذٍ. قوله: "من بعد منصوب" أي أو مجرور بالباء الزائدة ولا يجوز جره سم. قوله: "ولا يجوز نصبه" أي على رأي الجمهور أما على رأي يونس المتقدم من عدم اشتراط بقاء النفي فالنصب جائز. قوله: "لأنه موجب" أي على مذهب الجمهور وأجاز المبرد كون بل ناقلة النفي إلى ما بعدها فعليه يجوز ما زيد قائمًا بل قاعد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
223- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 283؛ وشرح التصريح 1/ 199؛ والمقاصد النحوية 2/ 101.
224- البيت من الطويل، وهو لمزاحم بن الحارث العقيلي في خزانة الأدب 6/ 228؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 43؛ وشرح التصريح 1/ 198؛ وشرح شواهد الإيضاح ص154؛ وشرح شواهد المغني 2/ 970؛ والكتاب 1/ 72، 146، ولسان العرب 9/ 270" غطرف"، والمقاصد النحوية 2/ 98؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 233؛ أوضح المسالك 1/ 2825؛ والخصائص 2/ 354، 376؛ ولسان العرب 9/ 237 "عرف" ومغني اللبيب 2/ 694.
367 | 435(1/366)
فصل في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس
وبعد ما وليس جر البا الخبر وبعد لا ونفي كان قد يجر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعمل في الموجب، تقول ما زيد قائمًا بل قاعد، وما عمرو شجاعًا لكن كريم، أي بل هو قاعد ولكن هو كريم. فإن كان العطف بحرف لا يوجب كالواو والفاء جاز الرفع والنصب نحو ما زيد قائمًا ولا قاعد ولا قاعدًا. والأرجح النصب.
تنبيه: قد عرفت أن تسمية ما بعد بل ولكن معطوفًا مجاز إذ ليس بمعطوف، وإنما هو خبر مبتدأ مقدر، وبل ولكن حرفا ابتداء "وبعد ما" النافية "وليس جر البا" الزائدة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالنصب أي بل ما هو قاعدًا أفاده اللقاني وفيه إشكال لأن نقل النفي إلى ما بعد العاطف صير ما قبله غير منفي فما وجه نصبه وجوابه أن النفي إنما انتقل بعد تمام العمل فالنصب متجه.
قوله: "جاز الرفع" أي على إضمار مبتدأ أو اتباعًا لمحل الخبر قبل دخول الناسخ بناء على مذهب من لا يشترط بقاء المحرز أي وجود الطالب للمحل. قوله: "ولا قاعدًا" لا زائدة للتأكيد. قوله: "قد عرفت" أي من قوله لكونه خبر مبتدأ مقدر. قوله: "مجاز" أي بالاستعارة التصريحية لعلاقة المشابهة الصورية. قوله: "وبعد ما" أي عاملة أو مهملة ما لم يكن إهمالها لانتقاض النفي فإن كان له لم تدخل الباء لأن الكلام حينئذٍ إيجاب. قوله: "وليس" أي غير الاستثنائية لأنها بمعنى إلا ومصحوب ألا لا يقترن بالباء كذا في التصريح وسيأتي عن ابن هشام ما يوافقه. قوله: "جر البا الخبر" بشرط عدم نقض نفيه بإلا كما تقدم فلا يجوز ما زيد إلا بقائم وقبوله الإيجاب فلا يجوز ما مثلك بأحد وأن لا يكون في الاستثناء فلا يجوز قام القوم ليس بزيد أو لا يكون بزيد نقله يس عن ابن هشام. وكالخبر الاسم إذا وقع في موضع الخبر على قلة كقراءة بعضهم {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ} [البقرة: 177] بنصب البر وهذه الباء لتأكيد النفي على مذهب الكوفيين وهو الصحيح. وقال البصريون: لدفع توهم الإثبات لأن السامع قد لا يسمع أول الكلام. وقيل: إنما زيد الحرف سواء كان الباء أو غيرها لاتساع دائرة الكلام إذ ربما لا يتمكن المتكلم من نظمه أو سجعه إلا بزيادة الحرف ومحل المجرور بها نصب على الأعمال وعليه يحمل ما ورد في القرآن لأن خبر ما لم يقع في القرآن مجردًا من الباء إلا منصوبًا ورفع على الإهمال.
فائدة: قال في التسهيل: وقد يجر المعطوف على الخبر الصالح للباء مع سقوطها. قال الدماميني: وهذا هو المعروف عندهم بالعطف على التوهم والذي عليه جمهور النحاة أنه غير مقيس. ثم قال في التسهيل: ويندر ذلك أي جر المعطوف على الخبر المذكور في غير ليس وما ثم قال: وإن ولي العاطف بعد خبر ليس أو ما وصف يتلوه سببي نحو ليس أو ما زيد قائمًا ولا ذاهبًا أخوه أعطى الوصف ما له مفردًا فينصب أو يجر على التوهم ورفع به السببي وهو أخوه في المثال أو جعلا مبتدأ وخبرًا فترفعهما ويتطابق الوصف حينئذٍ والمبتدأ فتقول ولا ذاهبان أخواه ولا ذاهبون أخوته. ولك أن تجعل الوصف مبتدأ والسببي فاعلًا به أغنى عن الخبر لاعتماده على النفي وإن تلاه أجنبي عطف بعد ليس على اسمها والوصف على خبرها فتقول: ليس زيد قائمًا ولا ذاهبًا عمرو، وإن جر بالباء جاز على الأصح جر الوصف المذكور وليس ذلك من العطف على معمولي
368 | 435(1/367)
فصل في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"الخبر" كثيرًا نحو: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ} [فصلت: 46]، {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَه} [الزمر: 36] "وبعد لا" النافية "ونفي كان" وبقية النواسخ "قد يجر" قليلًا. من ذلك قوله:
225-
فكن لي شفيعًا يوم لا ذو شفاعة بمغن فتيلا عن سواد بن قارب وقوله:
226-
وإن مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل وقوله:
227-
دعاني أخي والخيل بيني وبينه فلما دعاني لم يجدني بقعدد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عاملين مختلفين لأن جر المعطوف بباء مقدرة مدلول عليها بالمتقدمة ويتعين رفع الوصف المعطوف مع ما سواء نصبت خبرها أو جررته بالباء لأن خبرها لا يتقدم على اسمها فكذا خبر ما عطف على اسمها فيرجع العطف حينئذٍ إلى عطف الجمل. ا. هـ. مع زيادة من شرحه الدماميني.
قوله: "وبعد لا" أي عاملة عمل إن أو عمل ليس. قوله: "ونفي كان" أي وكان المنفية أي غير الاستثنائية كما مر. قوله: "وبقية النواسخ" عطف على كان فنفى مسلط عليها والمراد النواسخ غير إن وأخواتها وغير كاد وأخواتها. قوله: "قليلًا" أتى به دفعًا لتوهم أن قد ليست للتقليل. قوله: "فكن" الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلّم، والفتيل الخيط الذي في شق النواة وهو منصوب على النيابة عن المفعول المطلق أي إغناء ما، وقوله عن سواد بن قارب من وضع الظاهر موضع المضمر. قوله: "إذ أجشع" من الجشع وهو شدة الحرص على الأكل، وأعجل بمعنى عجل كما في التصريح ولإبقاء أعجل على ظاهره وجه. قوله: "والخيل" يعني الفرسان، والقعدد بضم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
225- البيت من الطويل، وهو لسواد بن قارب في الجني الداني ص54؛ والدرر 2/ 126؛ 3/ 148؛ وشرح التصريح 1/ 201؛ 2/ 41؛ وشرح عمدة الحافظ ص215؛ والمقاصد النحوية 2/ 114، 3/ 417؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 125؛ وأوضح المسالك 1/ 249؛ وشرح شواهد المغني ص835؛ وشرح ابن عقيل ص156؛ ومغني اللبيب ص419؛ وهمع الهوامع ص1/ 127، 218.
226- البيت من الطويل، وهو للشنفرى في ديوانه ص59؛ وتخليص الشواهد ص285؛ وخزانة الأدب 3/ 340؛ والدرر 2/ 124؛ وشرح التصريح 1/ 202؛ وشرح شواهد المغني 2/ 899؛ والمقاصد النحوية 2/ 117، 4/ 51؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 124؛ وأوضح المسالك 1/ 295؛ والجني الداني ص54؛ وجواهر الأدب ص54؛ وشرح ابن عقيل .ص157؛ وشرح قطر الندى ص188؛ ومغني اللبيب 2/ 560؛ وهمع الهوامع 1/ 127.
227- البيت من الطويل وهو لدريد بن الصمة في ديوانه ص48؛ وتخليص الشواهد ص286؛ وجمهرة أشعار العرب 1/ 590؛ والدرر 2/ 125؛ وشرح التصريح 1/ 202؛ ولسان العرب 3/ 362 "قغد"؛ والمقاصد النحوية 2/ 121؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 299؛ وجواهر الأدب ص55؛ وهمع الهوامع 1/ 127.
369 | 435(1/368)
فصل في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وربما أجروا الاستفهام مجرى النفي لشبهه أياه كقوله:
228-
يقول إذا أقلولى عليها وأقردت ألا هل أخو عيش لذيذ بدائم وندر في غير ذلك كخبر إن ولكن وليت في قوله:
229-
فإن تنا عنها حقبة لا تلاقها فإنك مما أحدثت بالمجرب وقوله:
230-
ولكن أجرا لو فعلت بهين وهل ينكر المعروف في الناس والأجر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القاف فسكون المهملة فضم الدال وفتحها الضعيف المتأخر قاله العيني. قوله: "أجروا الاستفهام" ظاهره ولو غير إبطالي. وفي التصريح أن هل في البيت للجحد. قوله: "لشبهه إياه" أي في عدم تحقق مدخول كل. قوله: "يقول إلخ" هو هجو من الفرزدق لجرير بأن قومه كليبًا يأتون الأتن فالضمير في يقول إلى الكلبي، إذا أقلولى أي ارتفع على الأتان. وأقردت الأتان بالقاف أي لصقت بالأرض وسكنت ألا هل مقول القول. واعترض البعض الاستشهاد بهذا بأنه خروج عما نحن فيه إذ الكلام في زيادة الباء بعد الناسخ وهو مدفوع بأن قول الشارح: وربما أجروا الاستفهام غير مقيد بأن يكون الاستفهام داخلًا على ناسخ وإن أوهمته عبارته بل هو أعم والمعنى ربما أجروا الاستفهام الموجود في الكلام مجرى النفي الداخل على الناسخ فالاستشهاد بالبيت في محله. قوله: "وندر" أي قلّ جدًا. قوله: "كخبر إن إلخ" وكالحال في ما جاءني زيد براكب. قوله: "فإن تنأ" أي تبعد عنها أي عن أم جندب المذكورة في قوله أو القصيد:
خليلي مرا بي على أم جندب لنقضي حاجات الفؤاد المعذب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
228- البيبت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه ص863؛ والأزهية ص210؛ وتخليص الشواهد ص686؛ وجمهرة الأدب 4/ 142؛ والدرر 2/ 126؛ وشرح التصريح 1/ 202؛ وشرح شواهد المغني 2/ 772؛ ولسان العرب 15/ 142؛ والدرر 2/ 126؛ وشرح التصريح 1/ 202؛ وشرح شواهد المغني 2/ 772؛ ولسان العرب 15/ 200 "قلد"؛ والمقاصد النحوية 2/ 135، 149؛ وبلا نسبة في أساس البلاغة ص361 "قرد"؛ والأشباه والنظائر 3/ 126؛ وأوضح المسالك 1/ 29؛ والجني الداني ص55؛ وجواهر الأدب ص52 وخزانة الأدب 5/ 14؛ والدرر 5/ 139؛ ولسان العرب 3/ 350 "قرد"؛ 11/ 707 "هلل"؛ والمنصف 3/ 67؛ وهمع الهوامع 1/ 127، 2/ 77.
229- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص42؛ وتخليص الشواهد ص286؛ والدرر 1/ 293، 2/ 128؛ وشرح التصريح 1/ 202؛ والصاحبي في فقه اللغة ص107؛ والمقاصد النحوية 2/ 126؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ص257؛ وهمع الهوامع 1/ 88، 127.
230- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 126؛ وأوضح المسالك 1/ 289؛ وخزانة الأدب 9/ 523؛ والدرر 2/ 127؛ وسر صناعة الأعراب 1/ 142؛ وشرح التصريح 1/ 202؛ وشرح المفصل 8/ 23، 139؛ ولسان العرب 15/ 226 "كفي"؛ والمقاصد النحوية 2/ 134؛ وهمع الهوامع 1/ 127.
370 | 435(1/369)
فصل في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
231-
ألا ليت ذا العيش اللذيذ بدائم على إحدى الروايتين. وإنما دخلت في خبر إن في قوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ} [الأحقاف: 33]، لأنه في معنى أو ليس الله بقادر.
تنبيهات: الأول لا فرق في دخول الباء في خبر ما بين أن تكون حجازية أو تميمية كما اقتضاه إطلاقه وصرح به في غير هذا الكتاب. وزعم أبو علي أن دخول الباء مخصوص بالحجازية وتبعه على ذلك الزمخشري وهو مردود، فقد نقل سيبويه ذلك عن تميم وهو موجود في أشعارهم فلا التفات إلى من منع ذلك. الثاني اقتضى إطلاقه أيضًا أنه لا فرق في ذلك بين العاملة والتي بطل عملها بدخول إن، وقد صرح بذلك في غير هذا الكتاب. ومنه قوله:
232-
لعمرك ما إن أبو مالك بواه ولا بضعيف قواه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حقبة أي مدة، لا تلاقها بدل من تنأ لأن عدم الملاقاة هو النأي كما قاله زكريا. قوله: "لو فعلت" معترض بين اسم لكن وخبرها وجواب لو محذوف أي لو فعلته لأصبت أو هي للتمني. قوله: "وإنما دخلت إلخ" جواب عما يرد على قوله وندر. وحاصله كيف تدعي ندور ما ذكر مع وقوعه في القرآن المنزه عن وقوع النادر استعمالًا. وحاصل الجواب أن دخولها في الآية لأن مدخولها يؤول بحسب المعنى إلى خبر ليس. قوله: "لأنه في معنى إلخ" بدليل التصريح به في قوله تعالى: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ} [يس: 81]، أو يقال لأن أن ومعمولها سدا مسد مفعولي يروا العلمية وهي من النواسخ فمدخولها جزء من معمولي الناسخ فكأنه معموله وقد أجاز الزجاج القياس على ما في الآية أجاز ما ظننت أن أحدًا بقائم. قوله: "في خبر ما" الإضافة لأدنى ملابسة بالنسبة للتميمية لأنها لا خبر لها أي الخبر الواقع في حيزها. قوله: "وتبعه على ذلك الزمخشري" بناء منهما على أن المقتضي لزيادة الباء نصب الخبر وليس كذلك فإن المقتضي نفيه. ا. هـ. دماميني أي بدليل دخولها في نحو لم أكن بقائم وامتناعها في كنت قائمًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
231- راجع التخريج ر قم 228.
232- البيت من المتقارب، وهو للمتنخل الهذلي في الأغاني 23/ 265؛ وأمالي المرتضى 1/ 306؛ وخزانة الأدب 4/ 146؛ والدرر 2/ 123؛ وشرح أشعار الهذليين 3/ 127؛ والشعر والشعراء 2/ 66؛ ولذي الإصبع العدواني في خزانة الأدب 4/ 150 برواية.
ما إن أسيد أبو مالك وبوان ولا بضعيف قواه وبلا نسبة في جواهر الأدب ص53؛ وخزانة الأدب 4/ 142؛ وهمع الهوامع 1/ 227.
371 | 435(1/370)
فصل في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس
في النكرات أعملن كليس لا وقد تلي لات وإن ذا العملا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الثالث اقتضى إطلاقه أيضًا أنه لا فرق بين العاملة عمل ليس كما تقدم والعاملة عمل إن، نحو قولهم: لا خير بخير بعده النار أي لا خير خير "في النكرات أعملت كليس لا" النافية بشرط بقاء النفي والترتيب على ما مر، وهو أيضًا خاص بلغة الحجاز دون تميم. ومنه قوله:
233-
تعز فلا شيء على الارض باقيا ولا وزر مما قضى الله واقيا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "في أشعارهم" كقول الفرزدق:
لعمرك ما معن بتارك حقه
قوله: "بدخول أن" أي أو بعدم الترتيب لا بانتقاض النفي بإلا فالمفهوم فيه تفصيل فلا اعتراض. قوله: "لا خير بخير" بحث فيه باحتمال كون الباء ظرفية لا زائدة والخبر الجار والمجرور. وأجاب غير واحد كالبعض بأن هذا الاحتمال خلاف الظاهر وإن ادعى الدماميني ظهوره. وأنا أقول: لا بد من التزام هذا الاحتمال أو التزام كون الكلام على زيادة الباء مقلوبًا لأن المعنى المقصود من هذا الكلام نفي كينونة الخير في الخير الذي بعده النار أي نفي وجود شيء من الخير في الخير الذي بعده النار وهذا إنما يفيده الكلام إذا جعل مقلوبًا والأصل لا خير بعده النار خير، وليس المقصود نفي الخيرية التي بعدها النار عن الخير كما يفيده جعل الباء زائدة من غير التزام القلب لأن معنى كون لا لنفي الجنس أنها لنفي الخبر عن الجنس. فإن قلت: يغني عن التزام القلب جعل بعده النار صفة لاسم لا. قلت: يلزم حينئذٍ الفصل بين الصفة والموصوف بأجنبي وهو خير وحيث كانت دعوى الزيادة محوجة إلى ارتكاب القلب الذي هو خلاف الأصل كان احتمال الظرفية هو الظاهر وفاقًا للدماميني فتدبره في غاية الحسن والمتانة. قوله: "في النكرات" إنما اختص عمل لا بالنكرات لأنها عند الإطلاق لنفي الجنس برجحان والوحدة بمرجوحية وكلاهما بالنكرات أنسب. ا. هـ. سم أما التي لنفي الجنس نصًا فعاملة عمل إن وأورد على تخصيص عمل لا بالنكرات أنه وقع في أمثلة سيبويه ما زيد ذاهبًا ولا أخوه قاعدًا. وأجيب بأنه لا عمل للإبل هي زائدة والاسمان تابعان لمعمولي ما قاله المصرح. قوله: "كليس" حال من لا أو مفعول مطلق على معنى عملًا كعمل ليس.
قوله: "بشرط بقاء النفي والترتيب" أي بين اسمها وخبرها ولم يقل وعدم الاقتران بأن لأنها لا تقترن بها أصلًا فلا يحتاج إلى اشتراطه وبقي شرطان عدم تقدم معمول خبرها على اسمها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
233- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 289؛ وتخليص الشواهد ص294؛ والجني الداني ص292، وجواهر الأدب ص238؛ والدرر 2/ 111؛ وشرح التصريح 1/ 199؛ وشرح شذور الذهب ص256؛ وشرح شواهد المغني 2/ 612؛ وشرح ابن عقيل ص158؛ وشرح عمدة الحافظ ص216؛ وشرح قطر الندى ص114؛ ومغني اللبيب 1/ 239؛ والمقاصد النحوية 2/ 102؛ وهمع الهوامع 1/ 125.
372 | 435(1/371)
فصل في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهات: الأول ذكر ابن الشجري أنها أعملت في معرفة، وأنشد للنابغة الجعدي:
234-
وحلت سواد القلب لا أنا باغيا سواها ولا عن حبها متراخيا وتردد رأي الناظم في هذا البيت، فأجاز في شرح التسهيل القياس عليه، وتأوله في شرح الكافية فقال: يمكن عندي أن يجعل أنا مرفوع فعل مضمر ناصب باغيًا على الحال تقديره لا أرى باغيًا، فلما أضمر الفعل برز الضمير وانفصل. ويجوز أن يجعل أنا مبتدأ والفعل المقدر بعده خبرًا ناصبًا باغيًا على الحال. ويكون هذا من باب الاستغناء بالمعمول عن العامل لدلالته عليه ونظائره كثيرة منها قولهم: حكمك مسمطًا، أي حكمك لك مسمطًا أي مثبتًا، فجعل مسمطًا وهو حال مغنيًا عن عامله مع كونه غير فعل، فأن يعامل باغيًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو غير ظرف أو جار ومجرور وأن لا تكون لنفي الجنس نصًّا ولا يرد البيت الآتي أعني تعز إلخ لأن التنصيص على نفي الجنس فيه من القرينة الخارجية لا من نفس لا. قوله: "على ما مر" أي من البيان قيل ومن الخلاف. قوله: "تعز" أي تصبر وتسل والوزر الملجأ، والشاهد في الشطرين وقيل لا شاهد في الشطر الأول لاحتمال أن باقيًا حال من الضمير في على الأرض وعلى الأرض خبر فيكون محتملًا للرفع والنصب. وفيه أنا لو سلمنا أن على الأرض خبر لكان نصب الخبر في الشطر الثاني قرينة على نصبه في الأول وإلا كان تلفيفًا بين لغتين فيكون الاستشهاد بالشطرين غاية الأمر أنه بقرينة الثاني. قوله: "سواد القلب" أي حبته السوداء وباغيًا طالبًا. قوله: "مرفوع فعل" أي على أنه نائب فاعل. قوله: "لا أرى" أي لا أبصر إذ لو كانت علمية لكان المنصوب مفعولًا ثانيًا لا حالًا ولعله لم يجعلها علمية والمنصوب مفعولًا مع أنه أنسب بالمعنى لأن حذف غير القلبي أكثر من حذف القلبي. قوله: "والفعل المقدر بعده" إنما قدر بعده لما مر من وجوب تأخير الخبر الفعلي الرافع لضمير المبتدأ.
قوله: "هذا" أي الوجه الثاني من باب الاستغناء بالمعمول إلخ أي من باب سد الحال مسد الخبر العامل فيها كما يؤخذ مما بعده أي قوله: ونظائره إلخ فلا اعتراض بأن الوجه الأول فيه أيضًا الاستغناء بالمعمول وهو أنا عن العامل وهو فعله المحذوف قاله شيخنا والبعض. ولك أن ترجع اسم الإشارة إلى التأويل بوجهيه ويكون التنظير على وجهه الأول بنحو حكمك مسمطًا في الاستغناء بمطلق معمول عن مطلق عامل وإن لم يكن المعمول حالًا والعامل خبرًا وحينئذٍ فلا اعتراض ولا جواب. قوله: "حكمك مسمطًا" تقدم أن هذا شاذ فلا يناسب التنظير به. قوله:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
234- البيت من الطويل، وهو للنابغة الجعدي في ديوانه ص171؛ والأشباه والنظائر 8/ 110؛ وتخليص الشواهد ص294؛ والجني الداني ص2983؛ وخزانة الأدب 3/ 337؛ والدرر 2/ 114؛ وشرح التصريح 1/ 199؛ وشرح شواهد المغني 2/ 613؛ ومغني اللبيب 1/ 240؛ والمقاصد النحوية 2/ 141؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص247؛ وشرح ابن عقيل ص159؛ وهمع الهوامع 1/ 125.
373 | 435(1/372)
فصل في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بذلك وعامله فعل أحق وأولى، هذا لفظه. الثاني اقتضى كلامه مساواة لا لليس في كثرة العمل وليس كذلك، بل عملها عمل ليس قليل حتى منعه الفراء ومن وافقه، وقد نبه عليه في غير هذا الكتاب. الثالث على خبر لا أن يكون محذوفًا حتى قيل إن ذلك لازم كقوله:
235-
من صد عن نيرانها فأنا ابن قيس لا براح أي لا براح لي. والصحيح جوازه ذكره كما تقدم "وقد تلي لات وإن ذا العملا"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"اقتضى كلامه" حيث شبه لإبليس ثم قال: وقد تلى لات فأفاد أن إعمال لا كليس كثير ولعل مراد الشارح باقتضاء كلام المصنف المساواة في الكثرة اقتضاؤه المساواة في أصل الكثرة فلا يمنع كلام الشارح بأن الغالب ضعف المشبه عن المشبه به. قوله: "قليل" بل قيده في شرح القطر بالشعر وجعله ابن الحاجب سماعيًا وتبعه الجامي وعللت القلة بنقصان شبهها بليس لأنها للنفي مطلقًا وليس لنفي الحال وما اقتضاه كلامه هنا صرح به في تسهيله حيث قال ويلحق بها أن النافية قليلًا ولا كثيرًا. ا. هـ. قال السيوطي: قال ابن مالك: عمل لا أكثر من عمل إن، وقال أبو حيان: الصواب عكسه لأنه إن قد عملت نظمًا ونثرًا ولا إعمالها قليل جدًّا بل لم يرد منه صريحًا سوى البيت السابق. ا. هـ. قوله: "عن نيرانها" أي الحرب وقوله: فأنا ابن قيس إلخ علة للجواب المحذوف أي فأنا لا أصد لأني ابن قيس والقافية مطلقة لا مقيدة بدليل بقية القوافي فلا يقال: يحتمل أن لا عاملة عمل إن لأن ظهور الضم يمنع هذا الاحتمال قاله الروداني. قوله: "وقد تلي" من ولي الشيء يليه ولاية إذا تولاه ويشترط لاعمال لات وإن عمل ليس ما اشترط في ما إلا الشرط الأول لأن إن لا تزاد بعدهما فلا معنى لاشتراط عدم زيادتها بعدهما ويظهر قياسًا على ما سبق في ما أن تأكيد إن النافية بأن نافية أخرى لا يبطل عملها وتزيد لات باشتراط أن يكون معمولاها اسمي زمان وقد للتحقيق بالنسبة للات وللتقليل النسبي بالنسبة لأن بناء على جواز استعمال المشترك في معنييه فلا ينافي قول صاحب التوضيح وعملها أي لات إجماع من العرب وعلى تسليم أن قد للتقليل بالنسبة إلى لات أيضًا يقال الإجماع على الجواز فلا ينافي قلة الوقوع. فإن قلت: إذا أجمعت العرب على إعمالها فكيف منعه بعض النحاة كالأخفش؟ قلت: معنى إجماع العرب على إعمالها كما في الروداني أنه وجد في لغة الحجازيين والتميميين بعدها مرفوع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
235- البيت من مجزوء الكامل، وهو لسعد بن مالك في الأشباه والنظائر 8/ 109؛ 130؛ وخزانة الأدب 1/ 467؛ والدرر 2/ 112؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 8؛ وشرح التصريح 1/ 199؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص509؛ وشرح شواهد المغني ص582، 612؛ وشرح شواهد المفصل 1/ 109؛ والكتاب 1/ 85؛ ولسان العرب 2/ 409 "برح"؛ والمؤتلف والمختلف ص135؛ والمقاصد النحوية 2/ 150؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص326؛ والإنصاف ص367؛ وأوضح المسالك 1/ 285؛ وتخليص الشواهد ص293؛ ورصف المباني ص266؛ وشرح المفصل 1/ 108؛ وكتاب اللامات ص105؛ ومغني اللبيب ص239، 631؛ والمقتضب 4/ 360.
374 | 435(1/373)
فصل في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المذكور أما لات فأثبت سيبويه والجمهور عملها، ونقل منعه عن الأخفش. وأما إن فأجاز إعمالها الكسائي وأكثر الكوفيين وطائفة من البصريين، ومنعه جمهور البصريين. واختلف النفل عن سيبويه والمبرد، والصحيح الإعمال فقد سمع ثنرًا ونظمًا، فمن النثر قولهم: إن أحد خيرًا من أحد إلا بالعافية. وجعل منه ابن جني قراءة سعيد بن جبير: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأعراب: 194]، على أن إن نافية رفعت الذين ونصبت عبادًا أمثالكم خبرًا ونعتًا. والمعنى ليس الأصنام الذين تدعون من دون الله عبادًا أمثالكم في الاتصاف بالعقل، فلو كانوا أمثالكم وعبدتموهم لكنتم بذلك مخطئين ضالين، فكيف حالكم في عبادة من هو دونكم بعدم الحياة والإدراك؟ ومن النظم قوله:
236-
إن هو مستوليا على أحد إلا على أضعف المجانين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وحده ومنصوب وحده فهذا مراده بالعمل المجمع عليه وهذا لا ينافي اختلاف النحاة في ذلك الموجود هل هو معمول لها أولا.
قوله: "ذا العملا" اسم الإشارة راجع إلى عمل ليس في قوله أعمال ليس لا إلى عمل لا في قوله في النكرات إلخ كما ظنه سم لكونه أقرب فاعترض وتبعه البعض بإشعار كلامه باشتراط التنكير مع لات وإن وهو غير مسلم في أن لأنها تعمل في المعارف والنكرات بل قيل: باشتراط المعرفة. قوله: "ونقل منعه عن الأخفش" وعليه فالمرفوع الذي يليها مبتدأ حذف خبره والمنصوب الذي يليها مفعول لفعل محذوف تقديره أرى مثلًا أفاده في التصريح. قوله: "ومنعه جمهور البصريين" ومما يتخرج عليه قول بعضهم إن قائم بتشديد النون أصله إن أنا قائم حذفت همزة أنا اعتباطًا وأدغمت النون في النون وحذفت ألفها للوصل، ومثل هذا في {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي} [الكهف: 38] فأصله لكن أنا ففعل فيه ما مر وسمع إن قائمًا على الإعمال أفاده المغني. قال الدماميني قرأ ابن عامر لكنا بإثبات ألف أنا وصلا ووقفا تعويضًا بالألف عن الهمزة المحذوفة وغيره بإثباتها وقفًا فقط على الأصل. ا. هـ. وانظر لم لم ترسم إن قائم بألف عقب النون مع أنه القياس لثبوتها وقفًا ولعله لدفع التباس إن خطأ بأنا التي هي ضمير رفع منفصل وإعراب. {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي } [الكهف: 38]، لكن حرف استدراك أنا مبتدأ أول خبره الجملة بعده ورابطها ياء المتكلم وهو ضمير الشأن مبتدأ ثان خبره الجملة بعده ولا تحتاج لرابط لأنها عين المبتدأ والله مبتدأ ثالث خبره ربي. وهذه الآية مما اجتمع فيه الجملة الكبرى فقط والصغرى فقط والكبرى والصغرى باعتبارين.
قوله: "قراءة سعيد إلخ" خرجها بعضهم على أن إن مخففة من الثقيلة ناصبة للجزأين لتتوافق القراءتان إثباتًا وهو تخريج على شاذ لأن نصبها الجزأين شاذ. قوله: "خبرًا ونعتًا" على
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
236- البيت من المنسرح، وهو بلا نسبة في الأزهية ص46؛ وأوضح المسالك 1/ 291؛ وتخليص الشواهد ص306؛ والجني الداني ص2098؛ وجواهر الأدب ص206؛ وخزانة الأدب 4/ 1656؛ والدرر 2/ 108؛ ورصف المباني ص108؛ وشرح التصريح 1/ 201؛ وشرح شذور الذهب ص360؛ وشرح ابن عقيل ص160؛ وشرح عمدة الحافظ ص216؛ والمقاصد النحوية 2/ 113؛ والمقرب 1/ 105؛ وهمع الهوامع 1/ 125.
375 | 435(1/374)
فصل في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس
وما للات في سوى حين عمل وحذف ذي الرفع فشا والعكس قل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
237-
إن المرء ميتا بانقضاء حياته ولكن بأن يبغى عليه فيخذلا وقد عرفت أنه لا يشترط في معموليها أن يكونا نكرتين "وما للات في سوى" اسم "حين" أي زمان "عمل" بل لا تعمل إلا في أسماء الأحيان نحو حين وساعة وأوان. قال تعالى: {وَلَاتَ حِينَ مَنَاص} [ص: 3]. وقال الشاعر:
238-
ندم البغاة ولات ساعة مندم وقال الآخر:
239-
طلبوا صلحنا ولات أوان فأجبنا أن ليس حين بقاء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللف والنشر المرتب. قوله: "والمعنى إلخ" أشار به إلى دفع التنافي بين القراءة المشهورة المثبتة للمثلية ومقابلها النافية لها. وحاصل الدفع أن النفي والإثبات لم يتواردا على مثلية واحدة فالمثبتة المماثلة في العبودية والمنفية المماثلة في الإنسانية وأحوالها كالعقل. قوله: "إلا على أضعف المجانين" يعلم منه أن انتقاض النفي بالنسبة إلى معمول الخبر لا يبطل عمل إن كما. قوله: "وقد عرفت" أي من الأمثلة. قوله: "في سوى اسم حين" قدر اسم لدفع توهم أن المراد لفظ حين فقط كما قيل بذلك. قوله: "مناص" أي فرار. قوله: "ولات ساعة مندم" الواو للحال والمندم الندامة. قوله: "أن ليس" أن تفسيرية واسم ليس ضمير مستتر عائد إلى الأوان. وقوله: حين بقاء أي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
237- البيت من الطويل، هو بلا نسبة في تخليص الشواهد ص307؛ والجني الداني ص210؛ والدرر اللوامع 2/ 109؛ وشرح ابن عقيل ص160؛ وشرح عمدة الحافظ ص217؛ والمقاصد النحوية 2/ 145؛ وهمع الهوامع 1/ 125.
238- صدر البيت:
فلما علمت أنني قد قتلته وهو من الطويل، وهو بلا نسبة في تذكرة النحاة ص734؛ ورصف المباني ص263؛ وخزانة الأدب 4/ 168، 169، 174، 187.
239- البيت من الخفيف، وهو لأبي زبيد الطائي في ديوانه ص30؛ والإنصاف ص109؛ وتخليص الشواهد ص295؛ وتذكرة النحاة ص734؛ وخزانة الأدب 4/ 183، 185، 190؛ والدرر 2/ 119؛ وشرح شواهد المغني ص640، 960؛ والمقاصد النحوية 2/ 156؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص249؛ وخزانة الأدب 4/ 169؛ 6/ 539، 545؛ والخصائص 2/ 370؛ ورصف المباني ص169؛ 262؛ وسر صناعة الإعراب ص509؛ وشرح المفصل 9/ 32؛ ولسان العرب 13/ 40 "أون"، 15/ 466 "لا"، 15/ 468 "لات"؛ ومغني اللبيب ص255؛ وهمع الهوامع 1/ 126.
376 | 435(1/375)
فصل في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي وليس الأوان أوان صلح، فحذف المضاف إليه أوان منوي الثبوت، وبني كما فعل بقبل وبعد، إلا أن أوانًا لشبهه بنزول وزنًا بني على الكسر ونون اضطرارًا. وأما قوله:
240-
لهفي عليك للهفة من خائف يبغي جوارك حين لات مجير فارتفاع مجير على الابتداء أو الفاعلية، أي لأت يحصل مجير أو لات له مجير.
ولات مهملة لعدم دخولها على الزمان.
تنبيه: للنحويين في لات الواقع بعدها هنا كقوله:
241-
حنت نوار ولات هنا حنت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقاء للصلح. قوله: "أي وليس إلخ" تفسير لقوله: ولات أوان. قوله: "منويّ الثبوت" أي معنى ليصح البناء.
قوله: "وبنى" أي عند الجمهور وذهب الفراء إلى أنها قد يجر بها الزمان كما في البيت وقراءة بعضهم ولات حين مناص بالجر. وأجيب بأن الجر في الآية على تقدير من الاستغراقية ويجوز ذلك في البيت أيضًا. قوله: "لشبهه بنزال إلخ" قد يستفاد منه جواز بناء أمام في الحالة المذكورة على الكسر لشبهها بنزال فتأمل. قوله: "بني على الكسر" قال البعض: ويحتمل أن يكون مبنيًا على السكون وكسر على أصل التقاء الساكنين ونون للضرورة. ا. هـ. وهو فاسد لأن التقاء الساكنين يمنع البناء على السكون. قوله: "لهفي" بفتح الهاء من باب فرح كما في القاموس أي حزني مبتدأ خبره عليك. أو للهفة أي لأجل لهفة أي أتحزن عليك لأجل تحزن الخائف الذي يطلب جوارك أي أغاثتك. قوله: "فارتفاع مجير على الابتداء". والمسوّغ وقوعه بعد النفي أو تقدم الخبر وإلى هذا أشار بقوله أو لات له مجير. قوله: "أو الفاعلية" أي بفعل محذوف. قوله: "أي لات إلخ" لف ونشر مشوّش. قوله: "هنا" أي بضم الهاء وتشديد النون ومثلها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
240- البيت من الكامل، وهو للشمردل بن عبد الله الليثي في شرح التصريح 1/ 200؛ وشرح شواهد المغني 2/ 927؛ والمقاصد النحوية 1/ 103؛ وللتميمي الحماسي في الدرر 2/ 63؛ وللتميمي في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص590؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 6/ 82؛ وأوضح المسالك 1/ 287؛ وجواهر الأدب ص205؛ ومغني اللبيب 2/ 631؛ وهمع الهوامع 1/ 116.
241- تمام البيت:
وبدا الذي كانت نوار أحنت وهو من الكامل، وهو لشبيب بن جعبل في الدرر 1/ 244، 2/ 119؛ وشرح شواهد المغني ص919؛ والمؤتلف والمختلف ص84؛ والمقاصد النحوية 1/ 4198؛ ولحجل بن نضلة في الشعر والشعراء ص102؛ ولهما معًا في خزانة الأدب 4/ 195؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص130؛ وتذكرة النحاة ص734؛ والجني الداني ص489؛ وجواهر الأدب ص249؛ وخزانة الأدب 5/ 463؛ ومغني اللبيب ص592؛ وهمع الهوامع 1/ 78، 126.
377 | 435(1/376)
فصل في ما ولا ولات وإن المشبهات بليس
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مذهبان. أحدهما أن لات مهملة لا اسم لها ولا خبر. وهنا في موضع نصب على الظرفية لأنه إشارة إلى المكان. وحنت مع أن مقدرة قبلها في موضع رفع بالابتداء، والتقدير حنت نوار ولات هنالك حنين وهذا توجيه الفارسي. والثاني أن تكون هنا اسم لات وحنت خبرها على حذف مضاف، والتقدير وليس الوقت وقت حنين. وهذا الوجه ضعيف لأنه فيه إخراج هنا عن الظرفية وهي من الظروف التي لا تتصرف، وفيه أيضًا إعمال لات في معرفة وإنما تعمل في نكرة. واختصت لات بأنها لا يذكر معها معمولاها معًا، بل لا بد من حذف أحدهما "وحذف ذي الرفع" منهما وهو الاسم "فشا" فتقدير ولات حين مناص ولات الحين حين مناص، أي وليس الوقت وقت فرار، فحذف الاسم وبقي الخبر "والعكس قل" جدًّا قرأ بعضهم شذوذًا {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} [ص: 3]، برفع حين على أنه اسمها والخبر محذوف، والتقدير ولات حين مناص لهم، أي كائنًا لهم.
خاتمة: أصل لات لا النافية زيدت عليها تبا التأنيث كما في ربت وثمت، قيل: ليقوى شبهها بالفعل، وقيل: للمبالغة في النفي كما في نحو علامة ونسابة للمبالغة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مكسورتها ومفتوحتها لما مر أن الثلاثة جاءت للزمان. قوله: "ولات هنا" بضم الهاء كما في الدماميني. قوله: "وهنا في موضع إلخ" أي خبر مقدم. قوله: "على حذف مضاف" أي والفعل إذا أضيف إليه كان لمجرد الحدث فهو اسم حكمًا كما ذهب إليه بعضهم ومر بيانه. قوله: "والتقدير وليس الوقت إلخ" جرى على القليل من استعمال هنا للزمان ولم يجر على الكثير من استعمالها للمكان فرارًا من عمل لات في غير الزمان. قوله: "وفيه أيضًا إلخ" وفيه أيضًا الجمع بين معمولي لات وحذف المضاف إلى جملة.
قوله: "إعمال لات في معرفة" أي ظاهرة كما في المغني. وقوله: وإنما تعمل في نكرة أي عملًا ظاهرًا فلا ينافي أن المقدر لا بد أن يكون معرفة كما قاله المصنف، وأشار إليه الشارح بقوله سابقًا فليس الأوان أوان صلح، وبقوله بعد ولات الحين حين مناص. قال المصنف: لأن المراد نفي كون الحين الخاص حينًا ينوصون فيه لا نفي كون جنس الحين. ا. هـ. ولعل هذا إذا كان المقدر الاسم بدليل تقديرهم الخبر نكرة في قراءة من رفع حين مناص. قوله: "فشا" أي كثر، لأن الخبر محط الفائدة. قوله: "أي كائنًا لهم" ظاهره جعل كائنًا خبر لات وهو لا يصح لأن من شروط عملها كون معموليها اسمي زمان فيجب أن يقدر ولات حين مناص حينًا كائنًا لهم، فيكون كائنًا صفة للخبر لا خبرًا. قوله: "كما في ربت وثمت" أي فالتأنيث المستفاد من تاء لات للفظ. قال في التصريح زيادة التاء في لات أحسن من زيادتها في ربت وثمت لأن لات محمولة على ليس وليس تتصل بها التاء ومن ثم لم تتصل بلا المحمولة على إن. قوله: "بالفعل" يعني ليس، إذ بلحاق التاء لها صارت بوزن ليس وعدد حروفها. قوله: "وقيل للمبالغة" يرد عليه وقفهم عليها بالتاء غالبًا كما في الدماميني. قوله: "كما هو نحو علامة ونسابة" التشبيه في مطلق
378 | 435(1/377)
أفعال المقاربة
أفعال المقاربة:
ككان كاد وعسى لكن ندر غير مضارع لهذين خبر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وحركت فرقًا بين لحاقها الحرف ولحاقها الفعل، وليس لالتقاء الساكنين بدليل ربت وثمت فإنها فيهما متحركة مع تحريك ما قبلها. وقيل: أصلها ليس قلبت الياء ألفًا والسين تاء، وهو ضعيف لوجهين: الأول أنه فيه جمعًا بين إعلالين وهو مرفوض في كلامهم لم يجيء منه إلا ماء وشاء، ألا ترى أنهم لم يدغموا في يطد ويتد فرارًا من حذف الواو التي هي الفاء وقلب العين إلى جنس اللام. والثاني أن قلب الياء الساكنة ألفًا وقلب السين تاء شاذان لا يقدم عليهما إلا بدليل ولا دليل والله أعلم.
أفعال المقاربة:
اعلم أن هذا الباب يشتمل على ثلاثة أنواع من الفعل: أفعال المقارنة وهي ثلاثة:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المبالغة فلا ينافي أن التاء في لات لأصل المبالغة في النفي وفي علامة ونسابة لزيادة المبالغة في الإثبات. قوله: "وحركت إلخ" متعلق بالقول بأن التاء للتأنيث فكان الأوضح تقديمه على قوله وقيل للمبالغة. قوله: "أصلها ليس" أي بكسر الياء كما في المغني والتصريح وإن صرح الشارح بعد بأنها ساكنة فهي حينئذٍ فعل ماض. وقيل: هي ماضي يليت أي ينقص يقال: لات يليت وألت يألت وبهما قرئ قوله تعالى: {لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا} [الحجرات: 14]. قوله: "والسين تاء" كما قيل أصل ست سدس قلبت السين تاء وكذا الدال وأدغمت. قوله: "بين إعلالين" أي قلب الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها وقلب السين تاء. قوله: "وهو مرفوض إلخ" قال بعضهم: الحق عدم الرفض بدليل باب قه وعه، بل قد يجتمع أكثر من اعلالين كما في باب قضايا وخطايا فتدبر. قوله: "الإماء وشاء" أصلهما موه وشوه قلبت الواو ألفًا والهاء همزة. قوله: "في يطد ويتد" مضارعا وطد الشيء وطدًا وطدة أثبته، ووتده وتدًا وتدة ثبته وأصلهما يوطد ويوتد حذفت الواو لوقوعها بين عدوتيها الياء والكسرة. قوله: "وقلب العين إلخ" أي ليتأتى الإدغام. قوله: "الياء الساكنة" فيه أنها عند هذا القائل متحركة كما مر.
أفعال المقاربة:
لم يقل كاد وأخواتها على قياس ما سبق لأن هذه العبارة تدل على أن كاد أم بابها ولا دليل عليه بخلاف أمية كان لأن أحداث أخوات كان داخلة تحت حدثها ولأن لها من التصرفات ما ليس لغيرها والمقاربة مفاعلة على غير بابها والمراد أصل القرب لأن الفعل هنا من واحد كسافر لا من اثنين كقاتل أفاده سم وتبعه البعض وغيره. ولك أن تجعلها على بابها لقرب كل من معنى الاسم ومعنى الخبر من الآخر وإن كانت دلالتها على قرب الخبر بالوضع وعلى قرب الاسم باللزوم. وهل عين كاد ياء أو واو قولان، واستدل لكونها واوًا بحكاية سيبويه كدت بضم الكاف أكاد، وكان قياس مضارع هذه اللغة أكود لكنهم شذوا فقالوا: أكاد، وجعله ابن مالك من تداخل
379 | 435(1/378)
أفعال المقاربة
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كاد وكرب وأوشك، للدلالة على قرب الخبر. وأفعال الرجاء وهي أيضًا ثلاثة: عسى وحرى وأخلولق. وضعت للدلالة على رجاء الخبر. وبقية أفعال الباب للدلالة على الشروع في الخبر وهي أنشأ وطفق وأخذ وجعل وعلق، فتسمية الكل أفعال مقاربة من باب التغليب "ككان" في العمل "كاد وعسى لكن ندر غير" جملة فعل "مضارع لهذين"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللغتين فاستغنوا بمضارع كدت المكسورة الكاف عن مضارع مضمومها.
قوله: "وضعت للدلالة إلخ" اللام تعليلية لا صلة الوضع فلا ينافي أن الموضوع له نفس قرب الخبر لا الدلالة عليه وكذا يقال فيما بعد. قوله: "على قرب الخبر" أي قرب معناه من مسمى الاسم وقربه منه لا يستلزم وقوعه بل قد يستحيل عادة كما في يكاد زيتها يضيء. قوله: "على رجاء الخبر" يعني الطمع في الخبر محبوبًا والإشفاق أي الخوف منه مكروهًا ففي كلامه إطلاق الرجاء على الطمع والإشفاق وهو تغليب كما قاله يس. وقد اجتمعا في قوله تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا } [البقرة: 216]، الآية كما في المغني. قال الدماميني: فالأولى للترجي والثانية للإشفاق بحسب ما في نفس الأمر أي ما كرهتموه من الغزو ينبغي أن يترجى لأنه خير لأن فيه إما الظفر والغنيمة أو الشهادة والجنة وما أحببتموه من القعود عن الغزو ينبغي أن يكره لأن فيه الذل وحرمان الغنيمة والأجر. وقال الشمني: الأولى لإشفاق المخاطبين نظرًا إلى ما عندهم من الكراهة. والثاني لترجيهم نظرًا إلى ما عندهم من المحبة. قوله: "على الشروع" أي التلبس بأول أجزاء الفعل.
قوله: "من باب التغليب" أي تغليب بعض أنواع الباب لشهرة غالبه وكثرة وقوعه في الكلام على بقية الأنواع فلا ترد شهرة عسى لأنها المشهورة فقط من نوعها وهو أفعال الرجاء. وما قاله الشارح أولى من قول صاحب التوضيح من باب تسمية الكل باسم جزئه لقول الناصر اللقاني تسمية الكل باسم جزئه عبارة عن إطلاق اسم الجزء على ما تركب منه ومن غيره كتسمية المركب كلمة. وأما تسمية الأشياء المجتمعة من غير تركيب منها فتغليب كالعمرين والقمرين. هذا وقد قيل: إن في أفعال الرجاء وأفعال الشروع أيضًا مقاربة. وممن أفاد ذلك النيلي حيث قال: المقاربة تختلف فتارة تكون لمقاربة الفعل من الرجاء كعسى لأن رجاء الفعل دنو لتقدير نيله، وتارة تكون للأخذ فيه لأن الشروع في الفعل يلزمه القرب منه. ا. هـ. وعلى هذا لا تغليب أيضًا لأن الكل عليه أفعال مقاربة ولو بطريق الاستلزام أفاده الروداني. قوله: "في العمل" أي لا في كل أحكامها فإن الخبر لا يتقدم هنا ويجوز حذفه إن علم بخلافه في باب كان في المسألتين على كلام في الثانية مرّ وسنذكره. وأما توسط الخبر فجائز فاتفاق إذا لم يقترن بأن وعلى أحد القولين إذا اقترن بأن وصححه ابن عصفور كذا في الهمع والدماميني. ولما كانت عبارة المصنف توهم عمل كاد في كل ما تعمل فيه كان دفع ذلك بالاستدراك. قوله: "كاد وعسى" أي وأخواتهما الآتية. قوله: "لكن ندر إلخ" قال الدماميني نقلًا عن المصنف: وقع الخبر في هذا الباب غير مضارع تنبيهًا على أصل متروك وذلك أن سائر أفعال هذا الباب مثل كان في الدخول على مبتدأ
380 | 435(1/379)
أفعال المقاربة
..............................................................................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأخواتهما من أفعال الباب "خبر" فلذلك افترقا ببابين، وغير جملة المضارع المفرد كقوله:
242-
فأبت إلى فهم وما كدت آبيا وقوله:
343-
لا تكثرن أني عسيت صائمًا وأما: {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ} [ص: 33] فالخبر محذوف أي يمسح مسحًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وخبر فالأصل أن يكون خبرها كخبر كان في وقوعه مفردًا وجملة اسمية وفعلية وظرفًا فترك الأصل والتزم كون الخبر مضارعًا. ثم نبه على الأصل شذوذًا في مواضع. قوله: "غير جملة إلخ" قدر جملة لأن الخبر ليس الفعل فقط لكن يرد أن خبرهما إذا اقترن بأن خرج من باب الجملة إلى باب المفرد إلا أن يراد الجملة ولو بحسب الصورة الظاهرة.
قوله: "وأخواتهما" زاده دفعًا لما يقال غير المضارع يصدق بالجملة الاسمية والماضوية وهما لم يخبر بهما عن كاد وعسى بالكلية وظاهر النظم يوهم ورودهما خبرًا عنهما. وحاصل الدفع أن في المتن حذف الواو مع ما عطفت أي لهذين وأخواتهما والمعنى على التوزيع. ويجاب أيضًا بأن غير نكرة في سياق الإثبات فلا عموم لها. قوله: "فلذلك افترقا" لاختصاص خبرها بما ذكر وهذا أيضًا حكمة تأخيرها عما حمل على ليس مع أنها حروف وهذه أفعال. قوله: "فأبت" أي رجعت إلى فهم. قبيلة. قوله: "لا تكثرن" أي من العذل. قوله: "أي يمسح مسحًا" قيل فيه حذف عامل المصدر المؤكد وهو ممنوع عند الناظم. وأجيب بأنه ليس بمؤكد بل نوعي لتعلق ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
242- تمام البيت:
وكم مثلها فارقتها وهي تصفر وهو من الطويل، وهو لتأبط شرًّا في ديوانه ص91؛ والأغاني 21/ 159؛ وتخليص الشواهد ص309؛ وخزانة الأدب 8/ 374، 375، 376؛ والخصائص 1/ 391؛ والدرر 2/ 150؛ وشرح التصريح 1/ 203؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص83؛ وشرح شواهد الإيضاح ص629؛ ولسان العرب 3/ 383 "كيد"؛ والمقاصد النحوية 2/ 165؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 544؛ وأوضح المسالك 1/ 303؛ وخزانة الأدب 9/ 347؛ ورصف المباني ص190؛ وشرح ابن عقيل ص164؛ وشرح عمدة الحافظ ص822؛ وشرح المفصل 7/ 13؛ وهمع الهوامع 1/ 130.
243- صدر الرجز:
أكثرت في العذل ملحًا ذائمًا وهو لرؤبة في ملحق ديوانه ص185، وخزانة الأدب 9/ 316، 322؛ والخصائص 1/ 83؛ والدرر 2/ 149؛ وشرح ديون الحماسة للمرزوقي ص83؛ والمقاصد النحوية 2/ 161؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 175؛ وتخليص الشواهد ص309؛ والخزانة 8/ 374، 376؛ والجني الداني ص463؛ وشرح شواهد المغني ص444، وشرح ابن عقيل ص164؛ وشرح عمدة الحافظ ص822؛ وشرح المفصل 7/ 14؛ ومغني اللبيب 1/ 152؛ والمقرب 1/ 100؛ وهمع الهوامع 1/ 130.
381 | 435(1/380)