فهرس المصادر والمراجع
أ المصادر والمراجع المخطوطة:
التذييل والتكميل لشرح التسهيل لأبي حيان الأندلسي.
وهو عدة أجزاء مصورة في جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض تحت رقم [ف – 7322] و [ف – 7323] و [ف 7324] و [ ف 7325].
التعليقة على المقرب لابن النحاس.
حاشية الحفيد ابن هشام على أوضح المسالك. مصورة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تحت رقم [ف 9238].
شرح التسهيل لابن مالك. نسخة مصورة عن نسخة دار الكتب المصرية برقم [10/نحو].
شرح شذور الذهب للشيخ زكريا الأنصاري وهو (بلوغ الأرب في شرح شذور الذهب). نسخة مصورة عن نسخة دار الكتب المصرية تحت رقم [1147/نحو].
شرح الصدور لشرح زوائد الشذور. لأحمد بن عبد الدائم البرماوي الشافعي. نسخة مصورة بمركز البحث العلمي في جامعة أم القرى، تحت رقم (305).
المسائل والأجوبة لابن السيد البطليوسي. نسخة مصورة في مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى. تحت رقم [402/نحو].
المحصول في شرح الفصول للحسين بن بدر بن إياز البغدادي. نسخة خطية بمكتبة عارف حكمت، تحت رقم (175/415).
ب – المصادر والمراجع المطبوعة
القرآن الكريم.
ائتلاف النصرة في اختلاف نحاة الكوفة والبصرة. تأليف عبد اللطيف بن أبي بكر الزبيدي، تحقيق د/ طارق الجنابي ، الطبعة الأولى ، نشر عالم الكتب – بيروت.
(ابن هشام الأنصاري – آثاره ومذهبه النحوي). للدكتور علي فودة نيل. نشر عمادة شئون المكتبات بجامعة الملك سعود بالرياض – الطبعة الأولى 1405ه.
إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربع عشر. للشيخ أحمد بن عبد الغني الدمياطي البناء، الطبعة الأولى بمطبعة عبد الحميد أحمد حنفي – القاهرة 1359ه.
أخبار النحويين البصريين ومراتبهم. لأبي سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي. تحقيق د/محمد إبراهيم البنا. دار الاعتصام – القاهرة. الطبعة الأولى 1405ه.(1/1)
اختصار القدح المعلى. لابن سعيد علي بن موسى المتوفى سنة 685ه تحقيق إبراهيم الأبياري، دار الكتاب اللبناني – بيروت ، الطبعة الثانية 1400ه.
ارتشاف الضرب من لسان العرب ، لأبي حيان الأندلسي. تحقيق د/مصطفى النماس. مطبعة المدني بالقاهرة الطبعة الأولى 1408ه.
أساس البلاغة للزمخشري المتوفى سنة 538ه تحقيق الأستاذ عبد الرحيم محمود ، دار المعرفة – بيروت.
الاستغناء في الاستثناء. لشهاب الدين القرافي. تحقيق محمد عبد القادر عطاء ، دار الكتب العلمية – بيروت.
أسرار العربية. لأبي البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري. تحقيق محمد بهجت البيطار. مطبعة الترقي بدمشق 1377ه.
أسماء خيل العرب وأنسابها وذكر فرسانها لأبي محمد الأسود الغندجاني. تحقيق د / محمد علي سلطاني. مؤسسة الرسالة 1402ه.
إشارة التعيين في تراجم النحاة واللغويين. لعبد الباقي بن عبد الحميد اليماني. تحقيق د/ عبد المجيد دياب – الطبعة الأولى 1406ه - الرياض.
الأشباه والنظائر في النحو. لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ، تحقيق د/ عبد العال سالم مكرم ، الطبعة الأولى 1406 ه مؤسسة الرسالة بيروت
الأشباه والنظائر من أشعار المتقدمين والجاهلية والمخضرمين. للخالدين. تحقيق د/ السيد محمد يوسف. مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر 1965م.
الاشتقاق ، لأبي بكر محمد بن دريد. تحقيق الأستاذ / عبد السلام هارون ، مكتبة الخانجي – مصر.
الإصابة في تمييز الصحابة. لشيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني. الطبعة الأولى سنة (1328ه). مطبعة السعادة بمصر.
في أصول اللغة. تأليف مجمع اللغة العربية بالقاهرة. الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية 1388ه.
الأصول في النحو. لأبي بكر بن السراج ، تحقيق د/ عبد الحسين الفتلي ، مؤسسة الرسالة – بيروت – الطبعة الأولى 1405ه.
الأضداد لمحمد بن القاسم الأنباري ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم.(1/2)
اعتراض الشرط على الشرط. لجمال الدين ابن هشام الأنصاري. تحقيق د / عبد الفتاح الحموز ، دار عمان – عمان ، الطبعة الأولى 1406ه.
إعراب آيات الشذور لأبي القاسم البجائي ، تحقيق الزميل الأستاذ سعد بن محمد الرشيد ، رسالة ماجستير ، مطبوعة على الآلة الكاتبة 1410ه.
إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم. لابن خالويه. دار الكتب المصرية 1941م.
الإعراب عن قواعد الإعراب لابن هشام الأنصاري.
إعراب القرآن، لأبي جعفر النحاس، تحقيق د/ زهير زاهد، الناشر عالم الكتب. بيروت – الطبعة الثانية 1405ه.
إعراب لا إله إلا الله لابن هشام الأنصاري.تحقيق د/ حسن بن موسى الشاعر. نشر في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، العددين 82.81، سنة 1409ه.
الأعلام، للزر كلي، دار العلم للملايين – بيروت، الطبعة الثامنة 1410ه.
أعلام النساء، تأليف عمر رضا كحالة. مؤسسة الرسالة – بيروت.
الإغراب في جدل الإعراب لأبي البركات بن الأنباري. تحقيق الأستاذ سعيد الأفغاني، ومعه كتاب (لمع الأدلة) لابن الأنباري أيضا. مطبعة الجامعة السورية، دمشق 1377ه.
الإفصاح في شرح أبيات مشكله الإعراب. لأبي نصر الحسن بن أسد الفارقي. تحقيق الأستاذ سعيد الأفغاني، مؤسسة الرسالة – بيروت، الطبعة الثالثة 1400ه.
إقامة الدليل على صحة التمثيل وفساد التأويل لابن هشام الأنصاري. تحقيق وتعليق هاشم طه شلال، مطبعة المعارف بغداد.
الاقتراح في أصول النحو. لجلال الدين السيوطي، تحقيق د/ محمود فجال. مطبعة الثغر، الطبعة الأولى 1409ه.
الاقتضاب في شرح أدب الكتاب. لأبي محمد بن السيد البطليوسي. تحقيق الأستاذ مصطفى السقا، و د/حامد عبد المجيد. الهيئة المصرية العامة للكتاب 1981م.
الألغاز النحوية لابن هشام الأنصاري. تحقيق أسعد خضير، دمشق، 1393ه.
الألفاظ الفارسية المعربة لأدي شير. طبع لبنان 1980م. مكتبة لبنان.(1/3)
الألفاظ لابن السكيت. وقف على طبعة وضبطه الأب لويس شيخو اليسوعي، المطبعة الكاثوليكية للآباء اليسوعيين بيروت، 1897م.
ألفية ابن مالك في النحو والصرف، طبعة دار الكتاب العربي بيروت.
أمالي الزجاجي.لأبي القاسم الزجاجي، تحقيق الأستاذ عبدالسلام هارون، طبعة دار الجيل بيروت، الطبعة الثانية 1407 ه.
أمالي السهيلي لأبي القاسم عبد الرحمن السهيلي، تحقيق د/ محمد إبراهيم البناء، مطبعة السعادة القاهرة، الطبعة الأولى 1390ه.
الأمالي الشجرية، لهبة الله بن على الشجري، طبع دائرة المعارف العثمانية 1349.
الأمثال لأبي عبيد القاسم بن سلام، تحقيق د/ عبد المجيد قطامش دار المأمون للتراث بيروت، الطبعة الأولى 1400ه.
إنباه الرواة على أنباه النحاة، لجمال الدين على بن يوسف القفطي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، نشر دار الفكر العربي القاهرة، الطبعة الأولى 1406ه.
الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين. لأبي البركات عبد الرحمن بن محمد بن الأنباري، تحقيق الشيخ محمد محي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية بيروت.
الأنموذج في النحو، لمحمود بن عمر الزمخشري. تحقيق
أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك. لابن هشام الأنصاري. تحقيق الشيخ محمد محي الدين عبد الحميد. دار إحياء التراث العربي بيروت الطبعة السادسة 1980م.
إيضاح الشعر شرح الأبيات المشكلة الإعراب. لأبي على الفارسي. حققه د/ حسن هنداوي، دار القلم دمشق، الطبعة الأولى 1407ه.
إيضاح شواهد الإيضاح للحسن بن عبد الله القيسي. تحقيق د/ محمد بن حمود الدعجاني، دار الغرب الإسلامي بيروت. الطبعة الأولى 1408ه.
الإيضاح العضدي، لأبي على الفارسي، تحقيق د/ حسن شاذلي فرهود، دار العلوم الرياض، الطبعة الثانية 1408ه.
الإيضاح في شرح المفصل. لابن الحاجب، تحقيق د/ موسى بناي العليلي، مطبعة العاني بغداد 1982م.(1/4)
الإيضاح في علل النحو. لأبي القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي. تحقيق د/ مازن المبارك دار النفائس بيروت. الطبعة الرابعة 1402ه.
الإيضاح في علوم البلاغة، الخطيب القزويني، تحقيق د/ محمد عبد المنعم خفاجي دار الكتاب اللبناني الطبعة الخامسة 1403ه.
إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون. لإسماعيل باشا البغدادي، مكتبة الفيصلية مكة المكرمة.
البحر المحيط، لأبي حيان الأندلسي، نشر دار الفكر الطبعة الثانية 1403ه.
البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، لمحمد بن علي الشوكاني. مطبعة السعادة مصر، الطبعة الأولى.
البسيط في شرح الجمل. لعبيد الله بن أحمد بن أبي الربيع، تحقيق د/ عياد بن عيد الثبيتي، دار الغرب الإسلامي بيروت، الطبعة الأولى، 1407ه.
بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة. لجلال الدين السيوطي. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية بيروت.
البلغة في تراجم أئمة اللغة. لمحمد بن يعقوب الفيروز آبادي، تحقيق د/ محمد المصري – مطبعة الفيصل الكويت، الطبعة الأولى 1407ه.
البيان في غريب إعراب القرآن. لأبي البركات بن الأنباري، تحقيق د/ طه عبد الحميد طه، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1400ه.
تاج العروس من جواهر القاموس. لمحمد مرتضى الزبيدي، دار الفكر للطباعة والنشر.
تاريخ الأدب العربي. لكارل بروكلمان. الطبعة الألمانية، ليدن 1943م. والطبعة العربية ترجمة عبد الحليم النجار. الطبعة الثالثة، دار المعارف.
التبصرة والتذكرة. لعبد الله بن علي بن إسحاق الصيمري. تحقيق د/ فتحي أحمد مصطفى. دار الفكر دمشق، الطبعة الأولى 1402ه.
التبيان في إعراب القرآن. لأبي البقاء العكبري، تحقيق علي محمد البجاوي دار إحياء الكتب العربية.
التبين عن مذاهب النحويين البصريين والكوفيين. لأبي البقاء العكبري، تحقيق د/ عبد الرحمن بن سليمان العثيمين. دار الغرب الإسلامي بيروت، الطبعة الأولى 1406ه.(1/5)
تحصيل عين الذهب من معدن جوهر الأدب. للأعلم الشنتمري، مطبوع على حاشية كتاب سيبويه طبعة بولاق.
تخليص الشواهد وتلخيص الفوائد. لابن هشام الأنصاري. تحقيق د/ عباس مصطفى الصالحي، دار الكتاب العربي بيروت، الطبعة الأولى 1406ه.
التذكرة في القرءات الثمان. لطاهر بن غلبون، تحقيق د/ عبد الفتاح بحيري إبراهيم. الناشر مطبعة الزهراء للإعلام العربي القاهرة، الطبعة الأولى 1410ه.
تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد. للعلامة ابن مالك. تحقيق د/ محمد كامل بركات. دار الكتاب العربي، الطبعة الأولى 1387ه.
التصريح بمضمون التوضيح. للشيخ خالد بن عبد الله الأزهري. مطبعة عيسى البابي الحلبي مصر.
68 التعريفات، للشريف علي بن محمد الجرجاني. دار الكتب العلمية بيروت.
تعليق الفرائد على تسهيل الفوائد. لمحمد بن أبي بكر الدماميني. تحقيق د/ محمد بن عبد الرحمن المفدي. مطابع الفرزدق التجارية الرياض، الطبعة الأولى 1403ه.
التعليقة المفيدة في العربية (شرح قطر الندى) لمعمر بن يحيى المكي، رسالة ماجستير، مطبوعة على الآلة الكاتبة بتحقيق حسان بن عبدالله الغنيمان.
تلقيح الألباب في عوامل الإعراب. لأبي بكر محمد بن عبد الملك الشنتريني. تحقيق/د معيض بن مساعد العوفي.دار المدني للطباعة جدة، الطبعة الأولى 1410ه.
التكملة والذيل والصلة. للحسن الصاغاني. تحقيق عبد العليم الطحاوي وآخرين، مطبعة دار الكتب، القاهرة 1979م.
تهذيب اللغة لمحمد بن أحمد الأزهري، تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون وآخرين القاهرة 1964 م.
توجيه النصب في إعراب (فضلا وخلافا وأيضا وهلم جرا). لابن هشام الأنصاري. تحقيق د/ حسن موسى الشاعر. الطبعة الأولى عمان 1404ه.
توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك. لابن أم قاسم المرادي، تحقيق د/عبد الرحمن على سليمان القاهرة، الطبعة الأولى 1396ه.(1/6)
التوطئة. لأبي على الشلوبيني. تحقيق د/ يوسف أحمد المطوع. مطابع سجل العرب القاهرة. الطبعة الثانية 1401ه.
التيسير في القراءات السبع. للإمام أبي عمرو الداني. عني بتصحيحه أور توبرتزل، دار الكتاب العربي بيروت، الطبعة الثانية 1404ه.
الجامع الصغير في الحديث. لجلال الدين السيوطي. مطبعة مصطفى البابي الحلبي مصر.
الجامع الصغير في النحو. لابن هشام الأنصاري. تحقيق د/ محمد الزئبق، دمشق، 1388ه.
الجُمل. لعبد القاهر الجرجاني. تحقيق د/ علي حيدر دمشق 1392ه.
الجمل في النحو. لأبي القاسم الزجاجي، تحقيق د/ على توفيق الحمد، مؤسسة الرسالة بيروت. الطبعة الرابعة 1408ه.
جمهرة أنساب العرب لابن حزم، تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون. دار المعارف مصر.
جمهرة اللغة. لأبي بكر بن دريد الأزدي، تحقيق / رمزي بعلبكي. دار العلم للملايين بيروت. الطبعة الأولى 1987 م.
الجنى الداني في حروف المعاني، لابن أم قاسم المرادي.تحقيق د/ فخر الدين قباوة والأستاذ محمد نديم فاضل. دار الآفاق الجديدة بيروت. الطبعة 1403ه.
حاشية الخضري على شرح ابن عقيل على الألفية. للشيخ محمد الخضري، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، الطبعة الأخيرة 1359ه.
حاشية الدماميني على مغني اللبيب. المطبعة البهية مصر.
حاشية الصبان على الأشموني. مطبوع مع شرح الأشموني، مطبعة عيسى البابي الحلبي القاهرة.
حاشية العدوي على شذور الذهب. لابن عبادة العدوي. مطبعة دار إحياء الكتب العربية.
حاشية ياسين العليمي على التصريح، مطبوع على هامش التصريح، مطبعة عيسى البابي الحلبي.
حاشية الشيخ ياسين العليمي على شرح الفاكهي لقطر الندى مطبوع بهامش شرح القطر للفاكهي، مطبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر.
الحجة في القراءات السبع، لابن خالويه، تحقيق د/ عبد العال سالم مكرم، مؤسسة الرسالة بيروت، الطبعة الخامسة 1410ه.(1/7)
حجة القراءات، لابن زنجلة، تحقيق الأستاذ سعيد الأفغاني، مؤسسة الرسالة بيروت، الطبعة الثانية 1399ه.
الحجة للقراء السبعة، لأبي علي الفارسي، تحقيق بدر الدين قهوجي وبشير جويجاتي، دار المأمون للتراث، الطبعة الأولى 1404ه.
الحدود في النحو، للإمام عبد الله بن أحمد الفاكهي، تحقيق د/ المتولي رمضان أحمد الدميري، 1408ه.
الحلل في شرح أبيات الجمل، لابن السيد البطليوسي، تحقيق د/ مصطفى إمام، الدار المصرية للطباعة والنشر القاهرة، الطبعة الأولى 1979م.
خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، للشيخ عبد القادر البغدادي، تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون، مطبعة المدني القاهرة، الطبعة الأولى 1403ه.
الخصائص، لأبي الفتح بن جني، تحقيق الأستاذ محمد علي النجار، عالم الكتب بيروت، الطبعة الثالثة 1403ه.
الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، لأحمد بن حجر العسقلاني، حيدر آباد 1950م.
الدرر اللوامع على همع الهوامع، للشيخ أحمد بن الأمين الشنقيطي، تحقيق د/ علي سالم مكرم، دار البحوث العلمية الكويت، الطبعة الأولى 1401ه.
درة الغواص في أوهام الخواص، للقاسم بن علي الحريري، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار نهضة مصر للطبع والنشر القاهرة، 1975م.
دلائل الإعجاز، للشيخ عبد القاهر الجرجاني، تحقيق الأستاذ محمود شاكر، مكتبة الخانجي مصر.
ديوان أبي الأسود الدؤلي، صنعة أبي سعيد السكري، تحقيق محمد حسن آل ياسين، دار الكتاب الجديد بيروت، الطبعة الأولى 1974م.
ديوان أبي دؤاد الإيادي، نشره جوستاف جرونيام، ضمن كتاب (دراسات في الأدب العربي) بيروت 1959م.
ديوان أبي طالب، صنعة أبي هفان العبدي، تصحيح وتعليق محمد صادق آل بحر العلوم النجف 1356ه.
ديوان أبي العتاهية، تحقيق د/ شكري فيصل، مكتبة الملاح دمشق.
ديوان أبي النجم العجلي، صنعه وشرحه علاء الدين آغا، النادي الأدبي بالرياض 1404ه.
ديوان أبي نواس، دار صادر بيروت.(1/8)
ديوان الأحوص الأنصاري، جمع وتحقيق عادل سليمان جمال، الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر القاهرة 1390ه.
ديوان أحيحة بن الجلاح الأوسي، جمع وتحقيق د/ حسن محمد باجودة، شركة مكة للطباعة والنشر، نشر نادي الطائف الأدبي 1399ه.
ديوان الأخطل التغلبي. دار إحياء التراث العربي بيروت.
ديوان الأعشي الكبير. تحقيق د/ محمد محمد حسين مؤسسة الرسالة – بيروت، الطبعة السابعة 1403ه.
ديوان أعشي همدان وأخباره. جمع وتحقيق د/ حسن أبو ياسين، دار العلوم للطباعة والنشر الرياض، الطبعة الأولى 1403ه.
ديوان الأفوه الأودي (طبع في ضمن الطرائف الأدبية). تحقيق الأستاذ عبد العزيز الميمني، دار الكتب العلمية بيروت.
ديوان الإمام على بن أبي طالب. تحقيق د/ محمد عبد المنعم خفاجي، دار ابن زيدون بيروت.
ديوان امرئ القيس بن حجر. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. دار المعارف مصر، الطبعة الرابعة.
ديوان أمية بن أبي الصلت. تحقيق د/ عبد الحفيظ السلطلي. المطبعة التعاونية دمشق، الطبعة الثانية 1977 م.
ديوان جران العود النميري. رواية أبي سعيد السكري، مطبعة دار الكتب المصرية، الطبعة الأولى 1350ه.
ديوان جرير بن عطية، بشرح محمد بن حبيب. تحقيق د/ نعمان أمين طه، دار المعارف مصر، الطبعة الثالثة.
ديوان جميل بثينة. جمع وتحقيق د/ حسين نصار. دار مصر للطباعة.
ديوان حاتم الطائي صنعة يحيى بن مدرك الطائي. تحقيق د/ عادل سليمان. مطبعة المدني القاهرة الطبعة الثانية 1411ه.
ديوان حسان بن ثابت الأنصاري. تحقيق د/ وليد عرفات، دار صادر 1974 م.
ديوان الحطيئة، برواية وشرح ابن السكيت. تحقيق د/ نعمان أمين طه. مطبعة المدني القاهرة، الطبعة الأولى 1407ه.
ديوان حميد بن ثور. تحقيق الأستاذ عبد العزيز الميمني، نسخة مصورة عن طبعة دار الكتب، الدار القومية للطباعة والنشر القاهرة 1384ه.
ديوان الخوارج. جمعه وحققه د/ نايف معروف بغداد، الطبعة الأولى.(1/9)
ديوان ذي الرمة، شرح أبي نصر الباهلي، رواية أبي العباس ثعلب، تحقيق د/ عبدالقدوس أبو صالح، مؤسسة الإيمان بيروت، الطبعة الثانية 1402ه.
ديوان رؤبة بن العجاج. باعتناء وليم بن الورد، نشر دار الآفاق الجديدة بيروت، الطبعة الثانية 1400ه.
ديوان زهير بن أبي سلمى بشرح ثعلب. تحقيق د/ فخر الدين قباوة، الطبعة الأولى 1402ه.
ديوان الطرماح بن حكيم الطائي. تحقيق د/ عزة حسن دمشق، الطبعة الأولى 1388ه.
ديوان العباس بن مرداس السلمي. جمع وتحقيق د/ يحيى الجبوري، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية 1412ه.
ديوان عبيد بن الأبرص. تحقيق د/ حسين نصار، مكتبة مصطفى البابي الحلبي مصر، الطبعة الأولى 1377ه.
ديوان عبيد الله بن قيس الرقيات. تحقيق د /محمد يوسف نجم، دار صادر بيروت.
ديوان العجاج بن رؤبة بشرح الأصمعي. تحقيق د/عزة حسن. مكتبة دار الشرق بيروت.
ديوان عدي بن زيد العبادي.جمع وتحقيق محمد جبار المعيبد بغداد 1965م.
ديوان عمر بن أبي ربيعة. تحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد. مطبعة السعادة مصر 1960 م.
ديوان عنترة بن شداد العبسي. تحقيق محمد سعيد مولوي. المكتب الإسلامي بيروت. الطبعة الثانية 1403ه.
ديوان الفرزدق. طبعة دار صادر بيروت.
136 ديوان القطامي. تحقيق د/ إبراهيم السامرائي وأحمد مطلوب. دار الثقافة بيروت 1960 م.
ديوان قيس بن الخطيم. تحقيق د/ ناصر الدين الأسد.دارصادر بيروت، الطبعة الثانية 1387ه.
ديوان كثير عزة.جمعه وحققه د/ إحسان عباس، دار الثقافة بيروت 1391ه.
ديوان كعب بن زهير، بشرح السكري.طبعة دار الكتب المصرية، الطبعة الأولى 1369ه.
ديوان كعب بن مالك الأنصاري. دراسة و تحقيق د / سامي مكي العاني. مطبعة المعارف بغداد، الطبعة الأولى 1966م.
ديوان لبيد بن ربيعه العامري. تحقيق د / إحسان عباس الكويت، الطبعة الثانية 1984م.(1/10)
ديوان ليلى الأخيلية. جمع و تحقيق د / خليل إبراهيم العطية وجليل العطية بغداد، الطبعة الثانية 1397ه.
ديوان مجنون ليلى. جمع و تحقيق د / عبد الستار أحمد فراج. دار مصر للطباعة القاهرة 1962 م.
ديوان النابغة الجعدي = شعر النابغة الجعدي. جمع و تحقيق / عبد العزيز رباح، منشورات المكتب الإسلامي بدمشق، الطبعة الأولى 1384ه.
ديوان النابغة الذيباني. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. دار المعارف مصر، الطبعة الثانية 1985 م.
السبعة لابن مجاهد. تحقيق شوقي ضيف. دار المعارف مصر، الطبعة الثالثة 1980 م.
السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة لابن حميد المكي الحنبلي. نشر مكتبة الإمام أحمد، الطبعة الأولى 1409ه.
سر الصناعة الإعراب.لأبي الفتح عثمان بن جني، تحقيق د / حسن هنداوي، دار القلم – دمشق، الطبعة الأولى 1405ه.
سنن أبي داود. للإمام أبي دواد سليمان بن الأشعث السجستاني. تحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد.
سنن الترمذي. لأبي عيسى محمد بن سورة الترمذي. تحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر. دار إحياء التراث العربي – بيروت.
سنن النسائي بشرح جلال الدين السيوطي. دار الريان للتراث – مصر.
سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي، تحقيق د/ بشار عواد معروف وآخرين، الطبعة الأولى بيروت، مؤسسة الرسالة.
السيرة النبوية لابن هشام. طبعة مصطفى البابي الحلبي – الطبعة الثانية 1375 ه.
شذرات الذهب في أخبار من ذهب. لعبد الحي بن العماد الحنبلي. دار المسيرة بيروت. الطبعة الثانية 1399ه.
شذور الذهب في معرفة كلام العرب لابن هشام الأنصاري. مطبعة البابي الحلبي مصر، الطبعة لأخيرة.
شرح أبيات سيبويه ليوسف بن عبد الله بن أبي سعيد السيرافي. تحقيق د/ محمد علي سلطاني، دار المأمون للت راث دمشق 1979م.
شرح أبيات مغني البيب. لعبد القادر بن عمر البغدادي. تحقيق عبد العزيز رباح وأحمد دقاق. دار المأمون للتراث دمشق، الطبعة الأولى 1393ه.(1/11)
شرح أشعارالهذليين. لأبي سعيد السكري. تحقيق عبد الستار أحمد فراج، مطبعة المدني القاهرة، الطبعة الأولى 1965 م.
شرح الأشموني على ألفية ابن مالك. طبعة عيسى البابي الحلبي مصر.
شرح ألفية ابن مالك لابن عقيل. تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد. دار المعرفة مصر، الطبعة العشرون 1400ه.
شرح ألفية ابن مالك لمحمد بن محمد بن محمد بن مالك المعروف بابن الناظم، تحقيق د/ عبد الحميد السيد عبد الحميد، دار الجيل بيروت.
شرح ألفية ابن مالك للمكودي دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
شرح ألفية ابن معط. لعبد العزيز بن جمعة الموصلي، المعروف بابن القواس. تحقيق د/علي موسى الشوملي، مطابع الفرزدق الرياض، الطبعة الأولى 1405ه.
شرح الأنموذج في النحو. لمحمد بن عبد الغني الأردبيلي، تحقيق د/ حسن شاذلي فرهود، دار العلوم للطباعة والنشر الرياض الطبعة الأولى 1411ه.
شرح التسهيل لابن مالك. الجزء الأول، تحقيق د/عبد الرحمن السيد، مطابع سجل العرب، الطبعة الأولى 1974م.
شرح تنقيح الفصول للإمام القرافي. تحقيق طه عبد الرؤوف سعد. مكتبة الكليات الأزهرية، الطبعة الأولى 1393ه.
شرح الجمل لابن عصفور، تحقيق د/ صاحب أبو جناح الموصل، الطبعة الأولى 1402ه.
ديوان الحماسة للمرزوقي. تحقيق الأستاذين أحمد أمين وعبد السلام هارون، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر القاهرة 1387ه.
شرح الشافية للرضي، تحقيق محمد نور الحسن وآخرين، دار الكتب العلمية بيروت 1402ه.
شرح شذور الذهب لابن هشام الأنصاري، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية بيروت، الطبعة الأولى 1986م.
شرح شواهد الشافية لعبد القادر البغدادي، مطبوع مع شرح الشافية للرضي.
شرح عمدة الحافظ وعدة اللافظ. للعلامة ابن مالك. تحقيق د/عدنان الدوري. مطبعة العاني بغداد 1397ه.(1/12)
شرح القصائد السبع الطوال، لمحمد بن القاسم الأنباري، تحقيق الأستاذ عبدالسلام هارون، دار المعارف مصر، الطبعة الرابعة 1400ه.
شرح قصيدة (بانت سعاد) لابن هشام الأنصاري، تحقيق د/ محمود حسن أبو ناجي، مؤسسة علوم القرآن الطبعة الثالثة 1404ه.
شرح قطر الندى وبل الصدى، لابن هشام الأنصاري، تحقيق الشيخ محيي الدين عبد الحميد، مطبعة السعادة مصر 1983م.
شرح قطر الندى للفاكهي، ومعه حاشية ياسين على شرح الفاكهي، مطبعة مصطفى البابي الحلبي مصر، الطبعة الثانية 1390ه.
شرح قواعد الإعراب للكافيجي، تحقيق د/ فخر الدين قباوة، دار طلاس دمشق، الطبعة الأولى 1989م.
شرح الكافية للرضي الاستراباذي، دار الكتب العلمية بيروت، 1405ه.
شرح الكافية الشافية، لابن مالك تحقيق د/ عبد المنعم أحمد هريدي، دار المأمون للتراث، الطبعة الأولى 1402ه. نشر مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى.
شرح كتاب سيبويه لأبي سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي، الجزء الأول، تحقيق د/رمضان عبد التواب و د/ محمود فهمي حجازي و د/ محمد هاشم عبد الدايم، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة الأولى.
شرح لامية العرب لأبي البقاء العكبري، تحقيق د/ محمد خير الحلواني، دار الآفاق الجديدة بيروت، الطبعة الأولى 1403ه.
شرح اللمحة البدرية في علم العربية، لابن هشام الأنصاري، تحقيق د/ صلاح روّاي، دار مرجان للطباعة، الطبعة الثانية.
شرح اللمع لعبد الواحد بن برهان العكبري، تحقيق د/ فائز فارس الكويت، الطبعة الأولى 1984م.
شرح المفصل لابن يعيش الحلبي، عالم الكتب بيروت.
شرح الملوكي في التصريف، لابن يعيش الحلبي، تحقيق د/ فخر الدين قباوة، المكتبة العربية بجلب، الطبعة الأولى 1393ه.
شرح المفضليات للقاسم بن بشار الأنباري، نشر كارلوس لايل 1920م، تصوير مكتبة المثنى بغداد.(1/13)
شرح هاشميات الكميت، لأبي رياش أحمد بن إبراهيم القيسي، تحقيق د/ نوري حمود القيسي و د/ داود سلوم، عالم الكتب بيروت، الطبعة الثانية 1406ه.
شعر إبراهيم بن هرمة القرشي، جمع وتحقيق محمد نفاع وحسين عطوان، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق.
شعر ابن أحمر الباهلي، جمع وتحقيق د/ حسين عطوان، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق.
شعر ابن ميّادة، جمع وتحقيق د/حنا جميل حداد، دمشق 1402ه.
شعر الحارث بن خالد المخزومي، جمعه د/ يحيى الجبوري بغداد 1972م.
شعر أبي زبيد الطائي، في ضمن (شعراء إسلاميون) جمع وتحقيق د/نوري حمود القيسي، عالم الكتب بيروت، الطبعة الثانية 1405ه.
شعر زيد الخيل الطائي، جمع وتحقيق د/ أحمد مختار البزرة، دار المأمون للتراث دمشق، الطبعة الأولى 1408ه.
شعر سابق البربري، جمع وتحقيق د/ بدر أحمد ضيف، دار المعرفة الجامعية الاسكندرية، 1987م.
شعر عبد الله بن معاوية، جمعه عبد الحق الراضي، مؤسسة الرسالة بيروت، الطبعة الأولى 1396ه.
شعر عمرو بن معديكرب الزبيدي، جمع وتحقيق مطاع الطرابيشي، طبع مجمع اللغة العربية بدمشق، الطبعة الثانية 1405ه.
شعر أبي فراس الحمداني، شرح عباس عبد الساتر، دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الأولى 1404ه.
شعر قيس بن زهير، جمع وتحقيق عادل البياني النجف 1972م.
شعر المرار بن سعيد ا لفقعسي في ضمن (شعراء أمويون) القسم الثاني، جمع وتحقيق د/ نوري حمود القيسي الموصل 1396ه.
شعر هدبة بن الخشرم العذري، جمع د/ يحيى الجبوري، الطبعة الثانية 1406ه.
الشعر والشعراء لابن قتيبة، تحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر، دار المعارف مصر، الطبعة الثانية.
شفاء العليل في إيضاح التسهيل، لمحمد بن عيسى السلسيلي، تحقيق د/ عبد الله البركاتي، المكتبة الفيصلية مكة المكرمة، الطبعة الأولى 1406ه.
شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح، لابن مالك، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار الكتب العلمية بيروت.(1/14)
الصحاح، تاج اللغة وصحاح العربية، لإسماعيل بن حماد الجوهري، تحقيق الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار، الطبعة الثانية 1402ه.
صحيح البخاري، للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، دار إحياء التراث العربي بيروت.
صحيح مسلم، للإمام مسلم بن الحجاج القشيري، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية القاهرة، الطبعة الأولى 1374ه.
ضرائر الشعر لابن عصفور، تحقيق السيد إبراهيم محمد، دار الأندلس للطباعة والنشر، الطبعة الأولى 1980م.
الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، لشمس الدين السخاوي، مكتبة الحياة بيروت.
طبقات الشافعية، لابن قاضي شهبة، تحقيق د/ عبد العليم خان، دائرة المعارف العثمانية الهند، الطبعة الأولى 1398ه.
طبقات فحول الشعراء، لمحمد بن سلام الجمحي، تحقيق محمود محمد شاكر، مطبعة المدني القاهرة، الطبعة الأولى 1974م.
طبقات المفسرين للداوودي. دار الكتب العلمية بيروت.
طبقات النحويين واللغويين، لأبي بكر محمد بن الحسن الزبيدي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف مصر، الطبعة الثانية.
العين للخليل بن أحمد الفراهيدي، تحقيق د/ مهدي المخزومي و د/ إبراهيم السامرائي، مؤسسة الأعلمي بيروت، الطبعة الأولى 1408ه.
غاية النهاية في طبقات القراء، لابن الجزري، تحقيق د. براجستراسر، دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الثالثة 1402ه.
الغرة المخفية في شرح الدرة الألفية، لابن الخباز، تحقيق حامد محمد العبدلي، دار الأنبار بغداد.
غريب الحديث، لأبي عبيد القاسم بن سلام، طبعة حيدر آباد، 1965م.
الفائق في غريب الحديث لجار الله الزمخشري. تحقيق علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم. مطبعة عيسى البابي الحلبي مصر، الطبعة الثانية.
فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، جمع وتحقيق الشيخ عبد الرحمن ابن محمد بن قاسم النجدي.
فتح الباري شرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني. دار نشر الكتب الإسلامية، لاهور باكستان.(1/15)
الفرائد الجديدة، يحتوي على المطالع السعيدة للسيوطي، تحقيق الشيخ عبد الكريم المدرس، إحياء التراث الإسلامي بغداد.
فرحة الأديب في الرد على ابن السيرافي، للأسود الغندجاني، تحقيق د/ محمد علي سلطاني دمشق 1401ه.
فصل المقال، لأبي عبيد البكري، تحقيق د/ إحسان عباس، مؤسسة الرسالة بيروت، الطبعة الثانية 1391ه.
الفصول الخمسون، لابن معط، تحقيق د/ محمود محمد الطناحي، مطبعة عيسى البابي الحلبي.
فهرس الفقه الشافعي بالمكتبة الظاهرية 1390ه.
فهرس المخطوطات العربية مكتبة الأوقاف العامة ببغداد، كتب آداب اللغة العربية وعلومها، عبد الله الجبوري، مطبعة العاني بغداد.
فهرس مكتبة الأزهر 1382ه.
فهرس النحو والصرف بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، إعداد د/ علي البواب، مطابع جامعة الإمام الرياض، الطبعة الأولى 1407ه.
الفوائد الضيائية شرح كافية ابن الحاجب، لعبد الرحمن الجامي العصامي، تحقيق د/ أسامة طه الرفاعي بغداد 1403ه.
في أصول النحو للأستاذ سعيد الأفغاني، دار الفكر، الطبعة الثالثة 1383ه.
القاموس المحيط، لمحمد بن يعقوب الفيروز آبادي، مطبعة السعادة مصر.
قطر الندى وبل الصدى لابن هشام الأنصاري، دار إحياء الكتب العربية مصر، 1344ه.
الكافية في النحو، لابن الحاجب، تحقيق د/ طارق نجم عبد الله، مكتبة دار الوفاء جدة، الطبعة الأولى 1407ه.
الكامل، لأبي العباس محمد بن يزيد المبرد، تحقيق محمد أحمد الدالي، مؤسسة الرسالة بيروت، الطبعة الأولى 1406ه.
كتاب الجيم، لأبي عمرو الشيباني، تحقيق إبراهيم الأبياري، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1974م.
كتاب سيبويه، لأبي بشر عمرو بن عثمان بن قنبر المعروف بسيبويه، تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون، مطبعة المدني القاهرة، الطبعة الثانية 1402ه.
الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، لجار الله الزمخشري، مكتبة المعارف الرياض.(1/16)
كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس، لإسماعيل العجلوني، مؤسسة الرسالة، الطبعة الخامسة 1405ه.
كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، لمصطفى بن عبد الله الشهير بحاج خليفة، دار الفكر بيروت.
الكشف عن وجوه القراءات السبع، لمكي بن أبي طالب، تحقيق د/ محي الدين رمضان، مؤسسة الرسالة بيروت، الطبعة الرابعة 1407ه.
اللامات، لأبي القاسم الزجاجي، تحقيق مازن المبارك، دار الفكر دمشق، الطبعة الثانية 1405ه.
لسان العرب، لابن منظور الإفريقي، دار صادر بيروت.
لمع الأدلة، لأبي البركات بن الأنباري، تحقيق الأستاذ سعيد الأفغاني، نشر مع كتاب الإغراب في جدل الإعراب لابن الأنباري، مطبعة الجامعة السورية دمشق 1377ه.
اللمع في العربية، لأبي الفتح بن جني، تحقيق حامد المؤمن، عالم الكتب بيروت، الطبعة الثانية 1405ه.
ليس في كلام العرب، لابن خالويه، تحقيق الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار مكة المكرمة، الطبعة الثانية 1399ه.
المؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء وكناهم وألقابهم، للحسن بن بشر الآمدي، تصحيح الأستاذ ف. كرنكو، مكتبة القدسي ودار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الثانية 1402ه.
ما يجوز للشاعر في الضرورة، للقزاز القيرواني، تحقيق د/ رمضان عبد التواب و د/صلاح الدين الهادي، مطبعة المدني القاهرة.
ما ينصرف وما لا ينصرف، لأبي إسحاق الزجاج. تحقيق هدى محمود قراعة، مطابع الأهرام التجارية القاهرة، الطبعة الأولى 1391ه.
المباحث المرضية المتعلقة بمن الشرطية، لابن هشام الأنصاري، تحقيق د/ مازن المبارك.
المبسوط في القراءات العشر، لأحمد بن الحسين بن مهران الأصبهاني، تحقيق سبيع حاكمي، دار القبلة للثقافة الإسلامية جدة، الطبعة الثانية 1408ه.
المبين في شرح ألفاظ الحكماء والمتكلمين، لسيف الدين الآمدي، تحقيق د/ حسن محمود الشافعي القاهرة 1403ه.(1/17)
مجاز القرآن، لأبي عبيدة معمر بن المثنى، تحقيق محمد فؤاد سزكين، مؤسسة الرسالة بيروت، الطبعة الثانية 1401ه.
مجالس ثعلب، لأبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب، تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون، دار المعارف مصر، الطبعة الأولى 1368ه.
مجالس العلماء لأبي القاسم الزجاجي، تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي القاهرة، الطبعة الثانية 1403ه.
مجمع الأمثال للميداني، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، منشورات دار النصر بيروت.
المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات، لأبي الفتح بن جني، تحقيق علي النجدي ناصف وزميله، دار سزكين للطباعة والنشر، الطبعة الثانية 1406ه.
مختارات ابن الشجري، تحقيق محمود زناتي، القاهرة.
المختار من بدائع الزهور في وقائع الدهور، لابن إياس الحنفي، مطبعة الشعب مصر.
مختصر في شواذ القرآن من كتاب البديع، لابن خالويه، عني بنشره براجستراسر، مكتبة المتنبى القاهرة.
المخصص لابن سيدة، دار الفكر بيروت، مصورة عن طبعة بولاق.
المدرسة النحوية في مصر والشام، تأليف د/ عبد العال سالم مكرم.
المذكر والمؤنث، لأبي بكر محمد بن القاسم الأنباري، تحقيق د/ طارق عبد عون الجنابي، مطبعة العاني بغداد، الطبعة الأولى 1987م.
مراتب النحويين، لأبي الطيب عبد الواحد بن علي اللغوي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الفكر العربي، الطبعة الثانية 1394ه.
المرتجل في شرح الجمل، لعبد الله بن أحمد بن الخشاب، تحقيق علي حيدر، دار الحكمة، دمشق 1392ه.
المرصع في أسماء الآباء والأبناء، لابن الأثير، تحقيق د/ إبراهيم السامرائي، مطبعة الإرشاد بغداد 1971م.
المزهر في علوم اللغة وأنواعها، لجلال الدين السيوطي، تحقيق محمد أحمد جاد المولى ومحمد أبو الفضل إبراهيم وعلي البجاوي، دار التراث القاهرة، الطبعة الثالثة.
المسائل البصريات، لأبي علي الفارسي، تحقيق د/ محمد أحمد الشاطر، مطبعة المدني القاهرة، الطبعة الأولى 1405ه.(1/18)
المسائل البغداديات، لأبي علي الفارسي، تحقيق صلاح الدين عبدالله السنكاوي، مطبعة العاني بغداد.
المسائل الحلبيات، لأبي علي الفارسي، تحقيق د/ حسن هنداوي، دار القلم بيروت، الطبعة الأولى 1407ه.
المسائل السفرية في النحو، لابن هشام الأنصاري، تحقيق د/ علي حسين البواب الرياض 1402ه.
المساعد على تسهيل الفوائد، لابن عقيل، تحقيق د/ محمد كامل بركات، طبع دار الفكر، دمشق، الطبعة الأولى 1400ه، نشر مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى.
المستصفى من علم الأصول، لحجة الإسلام أبي حامد الغزالي، المطبعة الأميرية ببولاق، الطبعة الأولى 1322ه.
المستقصى في أمثال العرب، لجار الله الزمخشري، دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الثانية 1408ه.
مسند الإمام أحمد بن حنبل، دار الفكر بيروت.
حروف المعاني، لأبي القاسم الزجاجي، تحقيق د/ علي توفيق الحمد، مؤسسة الرسالة بيروت، الطبعة الثانية 1406ه.
معاني الحروف، لعلي بن عيسى الرماني، تحقيق د/ عبد الفتاح إسماعيل شلبي، مكتبة الطالب الجامعي مكة المكرمة، الطبعة الثانية 1407ه.
معاني القرآن، للأخفش الأوسط، تحقيق د/ فائز فارس، الطبعة الأولى 1400ه، الكويت.
معاني القرآن، للفراء، تحقيق الأستاذ محمد علي النجار وأحمد يوسف نجاتي، عالم الكتب بيروت، الطبعة الثالثة 1403ه.
معاني القرآن وإعرابه، لأبي إسحاق الزجاج، تحقيق د/ عبد الجليل شلبي، عالم الكتب بيروت، الطبعة الأولى 1408ه.
معجم الأدباء، لياقوت الحموي، دار الفكر بيروت، الطبعة الثالثة.
معجم البلدان، لياقوت الحموي، دار صادر بيروت.
معجم الشعراء لأبي عبيد الله المرزباني، نشر د/ ف كرنكو، مكتبة القدسي الطبعة الثانية، 1402ه.
المعجم الكبير للطبراني، حققه حمدي السلفي، مكتبة ابن تيمية، القاهرة.
معجم المؤلفين، لعمر رضا كحالة، مكتبة المثنى بيروت.(1/19)
المعرب من الكلام الأعجمي على حروف المعجم، لأبي منصور الجواليقي، تحقيق الأستاذ أحمد محمد شاكر، دار الكتب القاهرة 1389ه.
معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار لشمس الدين الذهبي، تحقيق بشار عواد معروف وشعيب الأرناؤوط وصالح مهدي عباس، مؤسسة الرسالة بيروت، الطبعة الأولى 1404ه.
مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، لابن هشام الأنصاري، تحقيق د/ مازن المبارك ومحمد علي حمد الله ومراجعة الأستاذ سعيد الأفغاني بيروت، الطبعة الخامسة 1979م.
مفاكهة الخلان في حوادث الزمان، لشمس الدين محمد بن طولون، تحقيق محمد مصطفى، دار إحياء الكتب العربية القاهرة، 1381ه.
المفصل في علم العربية، لجار الله الزمخشري، دار الجيل بيروت، الطبعة الثانية.
المفضليات، للمفضل بن محمد الضبي، تحقيق الأستاذين أحمد محمد شاكر وعبد السلام هارون بيروت، الطبعة السادسة.
المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية، للإمام بدر الدين العيني، مطبوع على هامش خزانة الأدب، طبعة بولاق.
المقتصد في شرح الإيضاح، لعبد القاهر الجرجاني، تحقيق د/ كاظم بحر المرجان، المطبعة الوطنية عمَّان 1982م.
المقتضب لأبي العباس المبرد، تحقيق الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة، عالم الكتب بيروت.
المقدمة الجزولية في النحو، لأبي موسى عيسى بن عبد العزيز الجزولي، تحقيق د/ شعبان عبد الوهاب محمد 1407ه.
المقرب، لابن عصفور الأندلسي، تحقيق أحمد عبد الستار الجواري وعبد الله الجبوري، مطبعة العاني بغداد، الطبعة الأولى 1391ه.
الملخص في ضبط قوانين العربية، لابن أبي الربيع. تحقيق د/ علي ابن سلطان الحكمي، الطبعة الأولى 1405ه.
من تاريخ النحو، تأليف الأستاذ سعيد الأفغاني، دار الفكر، الطبعة الثانية 1398ه.
المنصف شرح كتاب التصريف للمازني، تأليف أبي الفتح بن جني، تحقيق إبراهيم مصطفى وعبد الله أمين، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، الطبعة الأولى 1373ه.(1/20)
المنصف من الكلام على مغني ابن هشام للشمني المتوفى سنة 872ه، وبهامشه تحفة الغريب بشرح مغني اللبيب للدماميني، المتوفى سنة 827ه، المطبعة البهية بمصر.
الموطأ للإمام مالك بن أنس، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية القاهرة.
نتائج الفكر، للسهيلي، تحقيق د/ محمد إبراهيم البناء دار الرياض للنشر والتوزيع.
نزهة الألباء في طبقات الأدباء، لأبي البركات بن الأنباري، تحقيق د/ إبراهيم السامرائي، مكتبة المنار الأردن، الطبعة الثالثة 1405ه.
نزهة الطرف في علم الصرف، للميداني، تحقيق د/ السيد محمد عبد المقصود درويش، دار الطباعة الحديثة، الطبعة الأولى 1402ه.
نزهة الطرف في علم الصرف لابن هشام الأنصاري. تحقيق د/ أحمد عبد المجيد هريدي، مكتبة الزهراء القاهرة، الطبعة الأولى 1410ه.
نشأة النحو، للشيخ محمد الطنطاوي، تعليق عبد العظيم الشناوي ومحمد عبدالرحمن الكردي، الطبعة الثانية 1389ه.
النشر في القراءات العشر، لابن الجزري، أشرف على تصحيحه الشيخ علي محمد الضباع، دار الكتب العلمية بيروت.
نظم العقيان في أعيان الأعيان، لجلال الدين السيوطي، حرره فيليب حتّي 1927م، المكتبة العلمية بيروت.
النكت الحسان في شرح غاية الإحسان، لأبي حيان الأندلسي، تحقيق د/ عبد الحسين الفتلي، مؤسسة الرسالة بيروت، الطبعة الأولى 1405ه.
النكت في تفسير كتاب سيبويه، للأعلم الشنتمري، تحقيق د/ زهير عبد المحسن سلطان الكويت، الطبعة الأولى 1407ه.
نكت الهميان في نكت العميان، لصلاح الدين الصفدي، وقف على طبعه الأستاذ أحمد زكي، المطبعة الجمالية بمصر، 1329ه.
نهاية السول في شرح منهاج الأصول، لجمال الدين الأسنوي، عالم الكتب بيروت.
النوادر في اللغة، لأبي زيد الأنصاري، تحقيق د/ محمد عبد القادر أحمد، دار الشروق بيروت، الطبعة الأولى 1401ه.
نوادر المخطوطات تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، الطبعة الثانية 1392ه.(1/21)
نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، للشيخ محمد بن علي الشوكاني، مكتبة دار التراث القاهرة.
هدية العارفين بأسماء المؤلفين وآثار المصنفين من كشف الظنون، لإسماعيل باشا البغدادي، مكتبة الفيصلية مكة المكرمة.
همع الهوامع شرح جمع الجوامع، لجلال الدين السيوطي. عني بتصحيحه محمد بدر الدين النعسان، مكتبة الكليات الأزهرية مصر، الطبعة الأولى 1327ه.
الوحشيات، وهو الحماسة الصغرى، لأبي تمام الطائي، تحقيق الشيخ عبد العزيز الميمني، دار المعارف مصر، الطبعة الثالثة.
وفيات الأعيان وأنباء الزمان، لشمس الدين بن خلكان، تحقيق د/ إحسان عباس، دار صادر بيروت.(1/22)
ص: باب. موانع الصرف تسعة، يجمعها قوله:
اجمع وزِنْ عادلا أنّث بمعرفة
ركّب وزدْ عجمة فالوصف قد كملا
ش: لما كانت الأسماء التي لا تنصرف شبيهة بالأفعال كان لذكرها عقب الأسماء التي أشبهت الأفعال في العمل مناسبة.
فالاسم إن أشبه الحرف سمِّى مبنيا وغير متمكن(1)، كما تقدم في أول الكتاب وإن لم يشبه الحرف سمِّي معربا ومتمكنا. وهذا المتمكن إما أن يشبه الفعل أو لا. فالثاني يُسَمّى منصرفا وأمكن، والأول يسمّى غير منصرف وغير أمكن، وهو ما عقد المصنف هذا الباب لبيانه.
والمعتبر من شبه الفعل في منع الصرف هو كون الاسم فيه علتان فرعيتان مختلفتان(2)، مرجع إحداهما اللفظ، ومرجع الأخرى المعنى. أو فرعية تقوم مقام الفرعيتين.
وذلك لأن في الفعل فرعية عن الاسم في اللفظ، وهي(3) اشتقاقه من المصدر(4).
وفرعية في المعنى، و هي احتياجه إلى الفاعل ونسبته إليه، والفاعل لايكون إلا اسما، فالاسم من هذا الوجه أصل للفعل لاحتياجه إليه، والفعل فرع عنه، فلا يكمل شبه الاسم بالفعل بحيث يحمل عليه في الحكم إلا إذا كانت فيه الفرعية كما في الفعل .
وحينئذ يثقل فيه ما يثقل في الفعل فلا يدخله التنوين ولا الجر، كما لا يدخلان في الفعل(5).
فإن قيل: لمّا شابه الاسم الفعل منع [94/ب] الصرف، مع أن الفعل أيضا شابه الاسم، فَلِم لم يُحمل عليه(6)؟
__________
(1) أي في باب الاسمية.
(2) في (أ): (فيه فرعيتان مختلفان) والمثبت من (ب) و (ج).
(3) في (ب) (ج): (وهو) في الموضعين.
(4) وهذا على مذهب البصريين، وقد سبق ذكر الخلاف في ذلك.
(5) هذا التعليل في أسرار العربية ص 308 وشرح المفصل 1/59.
(6) قوله: (أيضا) ساقط من (ب) و (ج) وفي (ب): (فلم يحمل عليه) وهو خطأ، لأن مراده لِمَ لَمْ يدخل الفعل الصرف أي التنوين مع أنه قد شابه الاسم .(2/1)
فالجواب أن الاسم تطفل على الفعل فيما هو من خواصه(1)، فأعطي حكمه، واندفع التحكم (2).
والاسم الذي لا ينصرف نوعان: نوع يمتنع صرفه بعلة واحدة، وهو شيئان: ما فيه ألف التأنيث، وصيغة منتهى الجموع.
ونوع يمتنع صرفه بعلتين، وهذا قسمان: قسم يمتنع صرفه معرفةً(3)، وينصرف نكرة. وهو ما كانت العَلَميّة إحدى علتيه، وهو سبعة؛ لأن العلمية إما أن يكون معها فيه(4) التركيب أو الألف والنون أو التأنيث أو العجمة أو وزن الفعل أو ألف الإلحاق(5) أو العدل،
وقسم يمتنع صرفه معرفة ونكرة(6). وهو ما وضع صفة، وكان في آخره ألف ونون، أو كان موازنا للفعل أو معدولا(7). فمجموع الموانع تسعة. وهي الجمع والوزن والعدل والتأنيث والتعريف والتركيب وزيادة الألف والنون(8) والعجمة والوصف.
وقد نظم(9) بعض النحويين(10)
__________
(1) وهو الفرعية.
(2) ذكر هذا الجواب الرضي في شرح الكافية 1/37.
(3) كلمة (معرفة) ساقطة من (أ)، وأثبتها من (ب) و (ج).
(4) أي في الممنوع من الصرف.
(5) الإلحاق هو جعل مثال على وزن مثال آخر، ليعامل معاملته. وألف الإلحاق المقصورة تمنع الصرف مع العلمية، مثل (أرْطى) و(حبنطى) إذا سمّي بهما.
(6) ينظر ما ينصرف وما لا ينصرف للزجاج ص 30.
(7) مثال الوصفية مع زيادة الألف والنون (غضبان) و(سكران) ومثال الوصفية مع موازنة الفعل (أحمر) و (أسود). ومثال الوصفية مع العدل (مثنى وثلاث ورباع ) و (أخر) وسيأتي تفصيل ذلك.
(8) قوله (والنون) ساقط من (ج) .
(9) في (أ): (تضمن) ، صوابه من (ب) و(ج) .
(10) هو بهاء الدين بن النحاس ، ذكر ذلك الشيخ خالد الأزهري والعدوي ولم أجده في التعليقة على المقرب. وقد ذكر له السيوطي بيتا آخر جمع فيه الموانع وهو:
وزن المركب عجمة تعريفها عدل ووصف الجمع زد تأنيثا
ينظر التصريح 2/ 210 والأشباه والنظائر 3/ 61 والعدوي على الشذور 2/197.(2/2)
بيتا واحدا، أورده المصنف فجمع التسعة المذكورة فيه، بعضها بصريح اسمه(1) وبعضها بما يشاركه في الاشتقاق. وإن أردت بيتا واحدا يجمعها كلها بصرائح أسمائها، من غير اشتقاق، فقل:
جمعٌ ووزنٌ وعدلٌ وصفُ معرفةٌ تركيبُ عجمةُ تأنيثٌ زيادتها(2)
ولابد لكل واحدة من هذه العلل من تفصيل وبيان، وسيأتي الشرح على جميعها إن شاء الله تعالى.
فإن قيل : لِمَ لَمْ يمنع الاسم الصرف بعلة واحدة؟ فالجواب لئلا تلزم مخالفة(3) الأصل، إذ الأصل في الأسماء الصرف والأسماء التي تشبه الأفعال من وجه واحد كثيرة، فيكون أكثر الأسماء غير منصرف، وأيضا فإن العلة الواحدة ليس لها من القوة ما يخرج الاسم عن أصله(4).
وشبهوا/ ذلك ببراءة الذمّة(5)، حيث كانت الأصل لم تصِرْ مشتغلة إلا بشهادة عدلين.
ص: فالتأنيث بالألف ك(بُهْمى) و(صحراء). والجمع المماثل لمساجد(6) ومصابيح كل منهما يستقل بالمنع.
ش: تضمّن هذا الكلام بيان النوع الأول، وهو ما يمتنع صرفه بعلّة واحدة، والمستقل بالمنع شيئان لا غير:
الأول: ألف التأنيث، سواء كانت مقصورة، ك(بُهْمى)(7)
__________
(1) في (ج): بصريح أسمائها .
(2) هذا البيت من نظم الجوجري نفسه، وجاء على بحر البسيط وقد ذكر ذلك تلميذه معمر المكي في شرح قطر الندى ص 743 حيث قال: (وأحسن منهما ما أورد شيخنا لنفسه في شرحه على الشذور) ثم ذكر هذا البيت.
(3) في (أ) : (لئلا يلزم مخالفة)، والمثبت من (ب) و (ج).
(4) هذه التعليلات في أسرار العربية ص 308 والأشباه والنظائر 3/63.
(5) عرف الفقهاء براءة الذمة بأنها خلو الإنسان من التكاليف قبل ورود الحكم الشرعي. وأراد بها الشارح هنا براءة ذمة المدَّعى عليه حتى تثبت عليه الدعوى بشهادة عدلين.
(6) في (أ) و(ج): (كمساجد) والمثبت من (ب) وشذور الذهب.
(7) هو نوع من النبات من البقول، ومفرده وجمعه بلفظ واحد، وألفه للتأنيث.
ينظر الكتاب 3/211 والصحاح 5/1875 ولسان العرب 12/59 (بهم).(2/3)
أو ممدودة كصحراء، وسواء كانت في صفة، ك(حمراء) و (حبلى) أو اسم، كما تقدم، وسواء كان مدخولها علما ك(رضوى) (1) و(زكريا) أو نكرة، كما تقدم، وسواء كان جمعا، ك(جَرْحى) و(أصدقاء) أو مفردا، كما تقدم.
وإنما استقلّت بمنع الصرف لأنها زيادة دالّة على التأنيث لازمة لبناء ما هي فيه بخلاف غيرها. ففي المؤنث بها فرعية في اللفظ هي لزوم الزيادة، حتى كأنها من أصول الكلمة، وفرعية في المعنى هي دلالته على التأنيث، والتأنيث فرع التذكير(2).
الثاني: الجمع المماثل لمساجد ومصابيح، وهو الجمع الذي لا نظير له في الآحاد.
وضابطه أن يكون أوله مفتوحا وثالثه ألف بعدها حرفان أو ثلاثة أوسطها ساكن، وما يلي الألف مكسور لفظا أو تقديرا(3).
ولا يشترط أن يكون أوله ميمٌ، كما تقدم، بل يدخل فيه ما أوله ميم، وما أوله غير ميم، ك(دراهم ) و(دنانير).
لأن المعتبر موافقته لمفاعل(4) ومفاعيل في الهيئة، لا في الحروف.
وإنما استقل بالمنع لأن فيه فرعيّة من جهة [الدلالة على الجمعيّة] (5) وهي راجعة إلى المعنى، وفرعيّة من جهة عدم النظير(6)، وهي راجعة إلى اللفظ.
__________
(1) اسم جبل في المدينة، قال عرّام السّلمي: هو من ينبع على مسيرة يوم ومن المدينة على سبع مراحل. (أسماء جبال تهامة للسلمي) في ضمن نوادر المخطوطات 2/396 ومعجم البلدان 3/51.
(2) هذا التعليل في شرح الألفية لابن الناظم 635 وتوضيح المقاصد 4/ 121.
(3) المكسور لفظا مثل (مساجد) و(مصابيح)، والمكسور تقديرا مثل (دوابّ) و(مدارى)، إذ أصلهما، (دوابب) و(مداري). التصريح 2/211.
(4) في (أ): (موافقته لفاعل) وهو تحريف، صوابه من (ب) و (ج).
(5) جاء في النسخ بدل هذه العبارة (عدم النظير) وهي غير مناسبة هنا، وما أثبته من شرح الأشموني 3/241.
(6) وهو خروجه عن صيغ الآحاد العربية. ينظر الأشموني 3/241 والتصريح 2/211.
وقوله: (عدم النظير) ساقط من (ب) وترك له بياض بقدره.(2/4)
ص: والبواقي(1) منها ما لا يمنع إلا مع العلمية، وهو(2) التأنيث كفاطمة وطلحة وزينب، ويجوز في نحو (هند) وجهان، بخلاف نحو (سقر) و(بَلْخ) و(زيد) لامرأة، والتركيب المزجي كمعديكرب والعجمة كإبراهيم .
[95/ب] ش: لما فرغ المصنف من الكلام على العلّتين المستقل كل منهما بمنع الصرف أخذ يتكلم على العلل الغير المستقلة.
وقسمها إلى ما يتوقف تأثيره في منع الصرف على انضمام العلمية إليه، وإلى ما يؤثر منضما إلى العلمية تارة وإلى الصفة أخرى(3).
فأما الأول(4) فهو ثلاثة:
الأول التأنيث، أي بغير الألف، لما تقدم من استقلالها بالمنع .
فإن كان بالتاء مُنع مع العلمية مطلقا، أي سواء كان ما هي(5) فيه علما على مؤنث، كفاطمة، أو على مذكر كطلحة.
وسواء كان زائدا على ثلاثة أم(6) لا، محرك الوسط أم لا، أعجميا أم لا(7)، منقولا من المذكر إلى المؤنث أم لا.
__________
(1) في (ج): (والباقي).
(2) في (ج): وهي .
(3) في (ب): (وإلى ما يؤثر منها منضمة إلى العلمية وإلى الصفة) .
(4) وهو المؤثر في منع الصرف مع العلمية.
(5) كلمة (هي) ساقطة من (ب)، وفي (ج): (هو).
(6) في (أ): (أو) في هذا الموضع وما بعده، والمثبت من (ب) و (ج).
(7) قوله: (أعجميا أم لا) ساقط من (ج).(2/5)
وإن كان مؤنثا بغير التاء، وهو الموضوع للدلالة على مؤنث، ويُسمّى مؤنثا بالتعليق(1)، فهو مؤثر في منع الصرف أيضا، مطلقا في الأحوال المتقدمة. لكن لا يتحتم تأثيره في المنع إلا إن زاد ما هي فيه على ثلاثة أحرف، ك(زينَب)، لأن الزائد فيه منزَّل(2) منزلة التاء. أو كان ثلاثيا محرك الوسط، نحو (سَقر)(3) لتنزيل حركته منزلة الزائد. أو كان أعجميا، نحو (بلْخ) (4) اسم بلدة. لأن العجمة لما انضمت إلى العلمية والتأنيث تحتم المنع. أو منقولا من المذكر إلى المؤنث، نحو (زيد) إذا سُمّي به امرأة، لأنه حصل بنقله إلى المؤنث ثقل عادل خفة اللفظ(5).
وما عدا ذلك من الثلاثي(6) يجوز فيه وجهان(7) الصرف، نظرا إلى خفة وسطه بالسكون، وعدمه، نظرا إلى(8) وجود السببين(9).
فإن قيل: فأيّ الوجهين أرجح؟
فالجواب أن المنع أرجح عند الجمهور(10)
__________
(1) سمي مؤنثا بالتعليق لأنه عُلّق على مؤنث، نحو زينب. ينظر ارتشاف الضرب1/439.
(2) في (ب): (ينزل)، وفي (ج): (لأن الزائد فيها منزل).
(3) سَقَر) علم على جهنم.
(4) بلْخ) مدينة مشهورة بخراسان. ينظر معجم البلدان 1/479.
(5) هذا مذهب سيبويه والجمهور، وأجاز عيسى بن عمر وأبو زيد والجرمي فيه الصرف أيضا. الكتاب 3/242 وشرح الكافية الشافية 3/1492 وشرح الكافية 1/51.
(6) وهو الثلاثي المؤنث الساكن الوسط، مثل (هند) و(دعْد).
(7) في (ب) و(ج): (الوجهان) .
(8) من قوله: (خفة وسطه) إلى هنا ساقط من (أ) بسبب انتقال النظر .
(9) وهما العلمية والتأنيث.
(10) وقد نص عليه سيبويه في كتابه حيث قال: (وترك الصرف أجود).
ينظر الكتاب 3/240 والمقتضب 3/350 و شرح الكافية الشافية 3/1491.(2/6)
والصرف أرجح عند أبي علي(1) . قال بعضهم(2): ومذهب أبي علي غلط(3).
فائدتان :
الأولى: إذا كان المؤنث ثنائيا جاز فيه الوجهان(4) ذكره(5) سيبويه(6).
ومقتضى كلام التسهيل(7) أن المنع أجود.
الثانية: إذا سُمّى مذكر بمؤنث، فإن كان ثلاثيا صُرف مطلقا على الصحيح(8).
وإن كان زائدا على الثلاثة لفظا، نحو (سُعاد) [96/أ] أو تقديرا نحو (جَيَل) مخفف جَيْأل(9) بالنقل(10)، مُنع من الصرف(11).
__________
(1) أي الفارسي. ينظر قوله في الإيضاح العضدي ص 307.
(2) هو أبو حيان، في ارتشاف الضرب 1/440.
(3) وسبب كونه غلطا أن السببين موجودان في الكلمة وهما العلمية والتأنيث، والسكون لا يغير حكما أوجبه اجتماع علتين، وإنما أجيز الصرف نظرا لخفة اللفظ فكأنها أحد السببين. ينظر التصريح 2/218.
(4) أي الصرف ومنع الصرف، وذلك في مثل (يد) علم على امرأة.
(5) من قوله: (أبي علي...) إلى هنا ساقط من (أ)، وأثبته من (ب) و(ج).
(6) قال سيبويه في الكتاب 3/266: (...نحو (يد) و(دم) تجريهن إن شئت إذا كن أسماء للتأنيث).
(7) تسهيل الفوائد ص 220 .
(8) وهو مذهب الجمهور، وذهب الفراء وثعلب إلى عدم صرفه. ينظر المقتضب 3/ 352 والأصول 2/85 وما ينصرف وما لا ينصرف ص 39 والمذكر والمؤنث لأبي بكر بن الأنباري ص 136 وارتشاف الضرب 1/440.
(9) في (ب) و(ج): (جيل بالثقل) وهو تصحيف، و (جيأل) علم على أنثى الضبع. ينظر المخصص لابن سيدة 17/58 ولسان العرب 11/96.
(10) أي بنقل حركة الهمزة إلى الياء قبلها وحذف الهمزة، تخفيفا.
(11) نص على ذلك سيبويه في: الكتاب 3/235 وينظر ما ينصرف وما لا ينصرف للزجّاج ص 55 وشرح الأشموني 3/ 254.(2/7)
الثاني(1): التركيب المزجي، والمراد به جعل الاسمين اسما واحدا، لا بإضافة ولا بإسناد، بل بتنزيل ثانيهما من أولهما منزلة تاء التأنيث(2).
والمركب المزجي نوعان:
أحدهما ما ختم ب(ويه). ك(سيبويه). وهذا مبني على الأشهر، كما تقدم في المبنيات . وإنما لم يحترز عنه لتقدم ذكره هناك.
وثانيهما ما ختم بغير (وَيْه) وفيه ثلاث لغات (3):
إحداها، وهي أفصحها، إعرابه إعراب ما لا ينصرف، ويبنى أول جزءيه على الفتح، إن لم يكن آخره ياء، فإن كان آخره ياء سُكِّن، نحو (معديكرب ) و(قالي قلا) (4).
اللغة الثانية أن يعرب إعراب المتضايفين(5)، ويكون ثاني جزأيه كالمستقل .
فإن كان فيه مع العلمية سبب يؤثر مُنع الصرف، ك(هرمز) في (رام هرمز) (6) فإن فيه العجمة مع التعريف. وإلا صُرف ك(موت) من (حضر موت) (7) فإنه ليس فيه مع العلمية سبب آخر.
__________
(1) أي مما يتوقف منع الصرف فيه على العلمية.
(2) أي في وقوع الإعراب على العجز، وما قبله ملازم للفتح إلا إن كان ياء. حاشية الصبان على شرح الأشموني 3/ 249.
(3) تنظر هذه اللغات في الكتاب 3/296 والمخصص 14/97 وشرح المفصل 4/124.
(4) وهي مدينة في نواحي أرمينية ببلاد العجم. ينظر معجم البلدان 4/299.
(5) أي المضاف والمضاف إليه، فيقع الإعراب على الجزء الأول، ويجر الجزء الثاني دائما.
(6) رَامَهُرمزْ) مدينة مشهورة بنواحي خوزستان، وهي مركبة من (رام) بمعنى المراد (وهرمز) وهو أحد الأكاسرة. معجم البلدان 3/17.
(7) حضر موت) منطقة في جنوب جزيرة العرب شرقي عدن بقرب البحر وهي مركبة من (حَضَر) و (موت) سُمِّي بهما رجل اسمه عامر بن قحطان، لأنه كان إذا حضر حربا أكثر فيها القتل، فلقب بذلك. وفيه أقوال أخر.ينظر معجم البلدان 2/269.(2/8)
اللغة الثالثة أن يبنى الجزآن على الفتح، إلا أن يعتل الأول فيسكن(1). وهو في هذه اللغة مشبّه ب(خمسة عشر). واحترز بتقييده بالمزجي عن الإضافي والإسنادي، وقد تقدم حكمهما، وعن تركيب العدد(2)، وقد تقدم حكمه أيضا .
الثالث: العجمة، وإنما تؤثر إذا كان الاسم من أوضاع العجم وعلميته في اللغة العجمية(3)، وزائدا على الثلاثة، كما سيأتي التصريح بذلك في كلام المصنف، نحو (إبراهيم) و(إسماعيل) و(إسحاق) و(يعقوب).
وخرج ما نقل من لسانهم وهو نكرة، نحو(لجام) (4)، وما كان نكرة في لسانهم ثم نُقل إلى العلمية(5).
وخرج الثلاثي، ولو كان عَلَماً في العجمية(6)، لأنها سبب ضعيف فلا تؤثر في الثلاثي، بخلاف التأنيث.
قال ابن مالك(7): وممن صرّح بإلغاء عجمة الثلاثي مطلقا السيرافي(8) وابن برهان(9)
__________
(1) نحو (معديكرب) فتسكن الياء، وتفتح الباء على البناء، وهذه اللغة ضعيفة.
(2) من قوله: (واحترز بتقييده) إلى هنا ساقط من (ج).
(3) أي يشترط في منع الصرف فيه أن يكون الاسم علما في لغة العجم.
(4) هو الآلة التي توضع في فم الفرس، واختلف فيه هل هو عربي أو معرب؟ قال الجواليقي: (اللجام معروف، وذكر قوم أنه عربي، وقال آخرون: بل هو معرب).
ينظر المعرب ص 348 ولسان العرب 12/534.
(5) وذلك مثل (قالون) فإنه في الرومية بمعنى الجيد، ثم نقل في العربية إلى العلمية، فيكون خارجا بهذا الشرط، لأن علميته جاءت بعد نقله إلى العربية وهو في العجمية صفة. وهذا الشرط ظاهر كلام سيبويه، ولم يشترطه الجمهور.
ينظر الكتاب 3/235 وارتشاف الضرب 1/438 وهمع الهوامع 1/ 32.
(6) مثل (نوح) و (لوط) فإنهما مصروفان لا غير، وأجاز فيهما الزمخشري المنع.
ينظر المفصَّل ص 17.
(7) شرح الكافية الشافية 3/1470.
(8) قوله في ارتشاف الضرب 1/439.
(9) ينظر شرح اللمع لابن برهان 2/458.
وابن برهان هو أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن عمر بن إسحاق بن إبراهيم بن برهان الأسدي العكبري، عالم زمانه في اللغة والنحو، ولد في عكبرا، وانتقل إلى بغداد وأخذ النحو عن الدقيقي والسمسي وأبي منصور الرازي وغيرهم، ومن تلاميذه الخطيب التبريزي وابن فاخر. ترك مؤلفات في العربية منها شرح اللمع وأصول اللغة. وقد وافته المنية سنة 456ه .
تنظر ترجمته في نزهة الألباء 259 وإنباه الرواة 2/213 وإشارة التعيين 199 والبلغة في تراجم أئمة اللغة 138 وبغية الوعاة 2/120 وشذرات الذهب 3/297 .(2/9)
وابن خروف(1)، [96/ب] ولا أعلم لهم من المتقدمين مخالفا). انتهى.
والمراد بالعجمي غير العربي، ولا يختص بلغة الفرس .
ص: وما يمنع تارة مع العلمية وأخرى مع الصفة، وهو العدل كعمر وزُفر وك(مَثْنَى) و(ثلاث) و(أخر) مقابل (آخرين) والوزن ك(أحمد) وأحمد والزيادة ك(عثمان ) و (غضبان) (2).
ش: لما فرغ من ذكر ما لا يؤثر من العلل إلا مع العلمية أخذ في ذكر ما يؤثر منها مع العلمية تارة، ومع الصفة أخرى. وهو أيضا ثلاثة:
الأول العدل، وهو صرف لفظ أولى بالمسمّى إلى لفظ آخر(3).
فأمّا تأثيره مع العلمية ففي نحو (عُمر) و(زُفر) فكل منهما ممنوع الصرف للعلمية والعدل في الأول عن (عامر) وفي الثاني عن (زافر).
ومنه (زُحل)(4) و(جُشم)(5) و(قُثم)(6).و(جُمح)(7)
__________
(1) ينظر قوله في ارتشاف الضرب 1/439.وابن خروف هو علي بن محمد بن علي، أبو الحسن بن خروف الأندلسي النحوي، كان إماما في العربية، وقد أخذ النحو عن ابن طاهر، وعاصر السهيلي ووقعت بينهما مناظرات .
له من المؤلفات شرح الكتاب وشرح الجمل وغيرهما. توفي 609ه على الأصح.
تنظر ترجمته في معجم الأدباء 15/75 وإشارة التعيين ص 228 والبلغة 157 وبغية الوعاة 2/203 والأعلام 5/15 ومعجم المؤلفين 7/221.
(2) في النسخ: (غطفان) وما أثبته هو الموجود في شذور الذهب ص 34.
(3) ينظر هذا التعريف في ارتشاف الضرب 1/427.
(4) زُحل) علم على كوكب في السماء. تهذيب اللغة 4/363 ولسان العرب 11/303.
(5) اسم حي من أحياء العرب، وهو كثير في القبائل العربية. ينظر الاشتقاق لابن دريد ص 252 ولسان العرب 12/101 (جشم).
(6) اسم رجل من أبناء العباس بن عبد المطلب، معدول عن (قاثم) وهو المعطي.
ينظر الاشتقاق لابن دريد ص 69 ولسان العرب 12/ 462 (قثم).
(7) لقب تيم بن عمرو بن هصيص بن كعب، بطن من قريش.
ينظر الاشتقاق ص 117 وجمهرة أنساب العرب ص 159.(2/10)
.و(قُزح)(1).و(دلف)(2).
وطريق العلم بعدل هذا النوع سماعه غير مصروف(3) عاريا عن سائر الموا نع(4).
فإن ورد (فُعل) العَلَم(5) مصروفا علمنا أنه ليس معدولا، نحو (أُدَد)(6) وإن وجد (فُعل) العَلَم ممنوعا، وفيه مع العلمية مانع لم يجعل معدولا نحو (طُوى) (7) فإن فيه مع العلمية التأنيث.
وأما تأثيره فيه(8) مع الصفة فقد أشار الشيخ إليه بقوله: (كمثْنى وثُلاثَ وأُخَر) يعني أن الصفة المعدولة نوعان:
__________
(1) قوس قزح) طرائق متقوسة تبدو في السماء أيام الربيع. قال ابن منظور: (ولا يفصل قزح من قوس). لسان العرب 2/563 (قزح).
(2) دلف) من أسماء العرب، ومنهم دلف بن سعد بن عجل.
ينظر الاشتقاق ص 346 ولسان العرب 9/107(دلف).
(3) في (ج): (غير منصرف)، وفي (ب): (غير مضروب) وهو تحريف.
(4) فالعدل على هذا سماعي لا يصح القياس عليه. وقد جمع العلماء الأعلامَ المعدولة فأوصلوها إلى خمس عشرة كلمة، ذكر منها الشارح ثماني كلمات، وبقي (مُضَر) و(ثُعَل) و(هُبل) و (هُدل) و (عُصم) و (بُلَع) و (جُحا). حاشية الصبان على الأشموني 3/264.
(5) ساقطة من (أ)، وأثبتها من (ب) و(ج).
(6) أدد) أبو قبيلة من حمير، وهو منصرف. ينظر تاج العروس 2/388.
(7) طوى) اسم واد بالشام، وقد وود فيه الصرف ومنع الصرف، فالصرف على أنه اسم للمكان، ومنع الصرف على أنه اسم للبقعة. ينظر معجم البلدان 4/44.
(8) أي تأثير العدل في منع الصرف.(2/11)
أحدهما موازن (فُعال) بضم الأول، أو (مَفْعل) بفتح الأول كأحاد ومَوْحد وثناء ومثنى وثلاث ومثلث ورُباع ومربع فهذه ثمانية ألفاظ متفق عليها(1). واختلف فيما بعدها إلى العشرة فمنعها قوم(2) وأثبتها آخرون(3) .
والأصح عند المصنف(4) وجماعة(5) ثبوتها.
قال الشيخ أبو حيّان(6): (والأصح أن البناءين(7) مسموعان من واحد إلى عشرة، حكى ذلك أبو عمرو الشيباني(8). وحكى أبو حاتم(9)
__________
(1) بين البصريين والكوفيين . ينظر الكتاب 3/225 ومعاني القرآن للفراء1/254 والتصريح 2/214.
(2) وهم البصريون والفراء. ينظر المذكر والمؤنث لأبي بكر بن الأنباري ص 651 وهمع الهوامع 1/26.
(3) وهم الكوفيون والمبرد والزجاج . ينظر المقتضب 3/380 وما ينصرف وما لا ينصرف للزجاج ص 44 وشرح الكافية للرضي 1/41.
(4) أي ابن هشام في أوضح المسالك 3/145.
(5) منهم ابن جني وابن يعيش. ينظر الخصائص 3/181 وشرح المفصل لابن يعيش 1/62 وخزانة الأدب 1/170.
(6) التذييل والتكميل [ج8 ق75/ب] لكن الشارح اختصر عبارة أبي حيان دون إخلال بالمعنى وانظر ارتشاف الضرب 1/437.
(7) وهما (فُعال) و(مَفعل).
(8) هو إسحاق بن مرار، أبو عمرو الشيباني، كان من علماء الكوفيين في اللغة والشعر، ثقة في الحديث، روى عنه السكري والباهلي وابن السكيت. وقد ترك مؤلفات منها كتاب الجيم والخيل والنوادر. وقد عمّر طويلا، وتوفي سنة 206 ه على الأصح.
ترجمته في مراتب النحويين ص 145 وطبقات النحويين ص 194 وإنباه الرواة 1/256 ومعجم الأدباء 6/77 وبغية الوعاة 1/439 والأعلام 1/296.
ولم ترد هذه الحكاية في كتاب الجيم، وقد رواها عنه ابن السكيت في كتاب الألفاظ ص 357 .
(9) هو سهل بن محمد، أبو حاتم السجستاني، كان عالما باللغة والأدب، روى عن الأصمعي والأخفش وأبي زيد وأخذ عنه المبرد وابن دريد وغيرهما وألف كتبا منها الإبل والمذكر والمؤنث واختلاف المصاحف والمعمرون مات سنة 255ه.
ترجمته في طبقات النحويين 94 وإنباه الرواة 2/58 ومعجم الأدباء 11/263 وإشارة التعيين 137 وبغية الوعاة 1/606.
وقد وردت حكايته هذه في كتاب الإبل وهو مفقود، ينظر همع الهوامع 1/26.(2/12)
وابن السكيت(1) من أحاد إلى عشار).
قال: (ومن حفظ حجة على من لم يحفظ). انتهى.
ثانيهما(أخر) بضم أوله وفتح ثانيه، مقابل (آخرين) إذ هو جمع (أخرى) أنثى [97/أ] (آخر) بفتح الخاء(2).
وهو معدول عن (آخر) بوزن المفرد، مرادا به جمع المؤنث لأن حقه أن يستغنى فيه بأفْعَل عن فُعل بضم أوله، لتجرده من (أل) (3) كما يستغنى ب (أكبر) عن (كُبر) (4) نحو رأيتها مع نسوة أكبر منها(5).
الثاني: الوزن، أي وزن الفعل.
فأما تأثيره مع العلمية فكما في (أحمد) ونحوه ك(شمّر)(6) علما لفرس. و(دُئِل) علما لقبيلة(7).
__________
(1) هو يعقوب بن إسحاق، أبو يوسف المعروف بابن السكيت، وهو لقب والده كان من أئمة الكوفيين في اللغة والنحو، أخذ العلم عن الفراء وأبي عمرو الشيباني وغيرهما، وأخذ عنه أبو العباس ثعلب وغيره. وقد صنّف إصلاح المنطق والألفاظ والأضداد والإبدال وغيرها. توفي سنة 244ه.
ينظر طبقات النحويين 202 وإنباه الرواة 4/56 وبغية الوعاة 2/349.
وينظر قوله هذا في كتابه الألفاظ ص 357 والمخصص 17/120.
(2) بمعنى مغاير.
(3) لكنهم أوقعوا (فُعل ) موقع ( أفعل) فكان ذلك عدلا عن مثال إلى مثال. وهذا تعليل ابن مالك والمحققين. وعلل الجمهور ذلك بأن (أخر) معدول عن (الأخر) لأن أصله أفعل تفضيل فكان حقه ألا يجمع إلا بأل، مثل الكبر والصغر، فعدل به عن أصله. راجع الكتاب 3/224 وشرح الكافية الشافية 3/1449 وتوضيح المقاصد 4/128.
(4) في (أ) و (ج): (أكثر) و (كثُر) بالثاء المثلثة وهو تصحيف .
(5) في (أ) و (ج): (مع نسوة أكثر منها)بالثاء، وهو تصحيف، صوابه من (ب).
(6) شمّر) اسم فرس جد جميل بن معمر الشاعر.
ينظر أسماء خيل العرب للغندجاني 136.
(7) من بني بكر بن كنانة، منهم أبو الأسود الدؤلي.
ينظر الاشتقاق لابن دريد ص 325.(2/13)
وأما تأثيره مع الصفة فكما في أحمر ونحوه كأفضل وأكمر(1) وآدر(2).
الثالث،: الزيادة، أي زيادة الألف والنون. فالمؤثرة في العلم، ك(عثمان ) ونحوه مروان وعُمران .
والمؤثر ة في الصفة، ك(غضبان ) ونحوه سكران وعطشان .
وسيأتي في المقالة الآتية الكلام على شرط الوزن والزيادة وغيرهما، إن شاء الله تعالى.
ص: وشرط تأثير الصفة أصالتها وعدم قبولها التاء ف(أرنب) وصفوان(3) بمعنى ذليل وقاس وأرْمل(4) ويعمل وندمان من المنادمة منصرفة.
وشرط العجمة كون علميتها في العجمية والزيادة على الثلاثة، ف(نوح) منصرف. وشرط الوزن اختصاصه بالفعل، ك(شمّر) و(ضُرِب) علمين، أو افتتاحه بزيادة(5) هي بالفعل أولى، ك(أحمر) وك(أفكل) علما.
ش: أخذ يبيّن شروطا لبعض الموانع المتقدمة، فمن ذلك ما يشترط في الصفة، وهو أمران الأول أصالتها. بمعنى أن تكون الكلمة من أول الأمر دالة على الوصفية، ليخرج ما وُضع اسما ثم عرضت له، ولذلك صُرف (صفوان) بمعنى قاسٍ و(أرنب) بمعنى ذليل(6)، لأن وصفيتهما عارضة، لأنهما وضعا اسمين(7). ومثلهما في ذلك (أربع) في نحو (مررت بنسوة أربع) لأنه وضع اسما(8)، فلم يُلتفت إلى ما طرأ له من الوصفية.
__________
(1) أكمر أي عظيم الكمرة وهي الحشفة. لسان العرب 5/151 (كمر).
(2) آدر بالمد عظيم الخصيتين. جمهرة اللغة 2/1057.
(3) قوله: (وصفوان) ساقط من (أ)، وأثبته من (ب) و(ج)، وهو في الشذور ص 34.
(4) هذه الكلمة لم ترد في شذور الذهب المطبوع.
(5) في (ج): (بهمزة).
(6) تقول: مررت برجل صفوان، أي قاس، ورأيت رجلا أرنبا، أي ذليلا.
(7) فصفوان اسم للحجر الأملس، وأرنب اسم لحيوان معروف.
(8) أربع) وضع اسما للعدد، ينظر ما ينصرف وما لا ينصرف ص 12.(2/14)
وإذا وضعت الكلمة من أول الأمر صفة ثم عرضت لها التسمية(1) يمتنع صرفها اعتبارا بالأصل عند الأكثرين(2).
ومن ذلك أبطح وأدهم وأرقم(3). فإنها وضعت [97/ب] صفات، فلم يلتفت إلى ما طرأ لها من الاسمية . وربما اعتدّ بعضهم(4) باسميتها فصرفها.
الثاني: ألا تقبل التاء، سواء كانت الصفة على (أفْعل) أو على (فعْلان) (5).
وعدم قبولها التاء إما لأنه لا مؤنث لها، ك(أكمر) للكبير رأس الذّكر و(آدر) لمن بخصيته نفخة، وك(لحيان ) (6) للكبير اللحية.
أو لها(7) مؤنث لكنه على أفعل فعْلاء أو فعلان فَعْلى أو فُعْلى(8) كأحمر وحمراء وسكران وسكرى وأفضل وفُضلى.
__________
(1) أي الاسمية. وفي (ج): (الوصفية) وهو خطأ.
(2) أي أكثر العرب، وقال سيبويه في الكتاب 3/201: (لم تختلف في ذلك العرب). وينظر المقتضب 3/340 وما ينصرف وما لا ينصرف ص 11.
(3) الأبطح في الأصل وصف لكل مكان منبطح من الوادي ثم صار اسما للأرض المتسعة والأدهم في الأصل ما فيه سواد من الخيل والإبل، يقال: فرس أدهم أي أسود، ثم سمي به القيد. والأرقم في الأصل ما فيه بياض وسواد ثم سمّيت به الحية. ينظر لسان العرب 12/ 209، 249 (دهم) و (رقم).
(4) أي بعض العرب. ينظر شرح الكافية الشافية 3/1453.
(5) في (أ ): (أو على فعلى) صوابه من (ب) و (ج).
(6) ضبطت في اللسان بفتح اللام، وفي القاموس بكسر اللام، وهو الصحيح.
ينظر لسان العرب 15/245 والقاموس المحيط 4/121 وتاج العروس 10/323.
(7) في (أ): (أوله)، والمثبت من (ب) و (ج).
(8) في (أ): (لكنه على فعلى أو فعلى)، وفي (ب): (لكنه أفعل أو فعلى) .(2/15)
بخلاف نحو (أرمل)(1) لقبوله التاء فإنه يقال: أرملة، وبخلاف (يعمل)(2) فإنه يقال: يعملة(3) فتقبل التاء أيضا فهما(4) مصروفان.
وجميع أبنية (فعْلان) مؤنثاتها على (فعْلى) فتمتنع من الصرف إلا أربع عشرة لفظة(5) وردت مؤنثاتها على(6) (فعلانة) فصرفت وقد ذكر الشيخ جمال الدين بن مالك، في نظم له(7) منها اثنتي عشرة لفظة. وزيدت عليه اثنتان(8).
وهي (حَبْلان) للعظيم البطن(9) و(دَخْنان) لليوم المظلم(10)
__________
(1) بمعنى فقير، فهو مصروف لضعف شبهه بالفعل لأن تاء التأنيث لا تلحق الفعل.
(2) هو الجمل السريع النجيب. ينظر تاج العروس 8/35 (عمل).
(3) وهي الناقة السريعة القوية على السير. وقد ضبطت هاتان الكلمتان (يُعمل) و(يعمُلة) بضم الميم في (ج)، وضبطتا في كتب المعاجم بالفتح. جمهرة اللغة 2/949 ولسان العرب 11/476 (عمل) وتاج العروس 8/35.
(4) في (ج): (فهو) وهو خطأ، لأن الضمير يعود على مثنى وهما أرمل ويعمل.
(5) في (ب): (فيمتنع من الصرف إلا أربعة عشر لفظة).
(6) من قوله: (فعلى فتمتنع..) إلى آخره ساقط من (أ) بسبب انتقال النظر .
(7) جاء هذا النظم في كتابه (نظم الفرائد) ذكر ذلك السيوطي في المزهر 2/113 ولم أعثر على هذا الكتاب. وقد ورد النظم أيضا في توضيح المقاصد 4/122 والأشباه والنظائر 3/64 والأشموني 3/232 وهو قوله:
أجز فَعْلَى لفَعْلانا............. إذا استثنيت حبلانا
ودخنانا وسخنانا.............وسيفانا وصحيانا
وصوجانا وعلاَّنا ........... وقشوانا ومصّانا
وموتانا وندمانا ............وأتبعهن نصرانا
(8) في (أ): (وزيد عليه اثنتين)، وفي (ج): (وزيد عليها) والمثبت من (ب). واللفظتان. هما (أليان) و (خمصان) قد ذيل المرادي هذه الأبيات بهما فقال:
وزد فيهن خمصانا على لغة وأليانا
(9) جاء في اللسان 11/139 (حبل) (رجل حبلان وامرأة حبلى) ثم ذكر عن ابن سيدة أنه يقال: امرأة حبلانة.
(10) يقال: ليلة دخنانة أي شديدة الحر.
ينظر لسان العرب 13/149 (دخن) وتاج العروس 9/179.(2/16)
و(سخنان) لليوم الحار(1) و(سيفان) للرجل الطويل الممشوق(2) و(صحيان) (3) لليوم الذي لا غيم فيه(4) و(صوجان) للبعير اليابس الظهر(5) و(علاّن) للكثير النسيان(6) و(قشوان) للدقيق الساقين(7) و(مصّان) (8) و(موتان) للبليد الميّت القلب(9)
و(ندمان) للنديم(10) و(نصران) للواحد من النصارى و(أليان) للكبير الإلية(11) و(خمصان) (12).
ومنه ما يشترط في العجمة، وقد تقدم الكلام عليه فيما سبق، فراجعه.
ومنه ما يشترط في الوزن، وهو أن يكون مختصا بالفعل ك(شمّر)(13) بتشديد الميم. فإنّ (فعّل) من الأوزان المختصة بالفعل(14).
__________
(1) ويقال: ليلة سخنانة. ينظر التكملة والذيل والصلة 6/248.
(2) ينظر الصحاح للجوهري 4/1379 واللسان 9/167 (سيف). ومن قوله: (و سخنان..) إلى آخره ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج).
(3) كذا بالصاد في كتب النحو، والذي في المعاجم (ضحيان) بالضاد المعجمة.ينظر تهذيب اللغة 5/155 والمخصص 9/78 ولسان العرب14/479 (ضحو).
(4) جاء ني تهذيب اللغة 5/155: (يوم إضحيان لا غيم فيه وليلة إضحيانة مضيئة).
(5) في لسان العرب 2/312 (الصوجان من الإبل والدواب الشديد الصلب).
(6) ويقال: امرأة علاّنة أي جاهلة. ... ينظر اللسان 11/472 (علل).
(7) والقشوانة الدقيقة الضعيفة من النساء .ينظر التكملة للصاغاني 6/494.
(8) هو اللئيم والحجّام. ينظر لسان العرب 7/91- (مصص).
(9) ويقال امرأة موتانة الفؤاد. ينظر الصحاح 1/267.
(10) من المنادمة، وهو الذي يرافقك ويشاربك، بخلاف (ندمان) من الندم فهو غير منصرف، لأن مؤنثه (ندمى).ينظر اللسان 12/573 (ندم).
(11) ينظر لسان العرب 14/42 (ألا).
(12) في (ب) و (ج): (خصمان) وهو تصحيف، و (خمصان ) بالفتح لغة في (خُمصان) بالضم، وهو الجائع الضامر البطن.تراجع التكملة والذيل والصلة 7/4 ولسان العرب 7/29 (خمص).
(13) علم لفرس، وقد سبق ذكره.
(14) لأن وزن (فعّل) بالتشديد ليس من أوزان الأسماء. ينظر شرح المفصل 1/60.(2/17)
وك(ضُرِب) مبنيا للمفعول، فإنه أيضا من الأوزان المختصة(1). فإنْ لم يكن مختصا فشرطه أن يكون العلم الموازن مبدوءا بزيادة هي بالفعل أولى، بأن تدل في الفعل ولا تدّل في الاسم. وذلك ك(أحمر) وك(أفكل ) (2).
فإن الهمزة فيهما لا تدل، وهي في موازنهما من الفعل، نحو (أذهب) و( أكتب) دالةٌ على المتكلم(3).
تنبيهات:
الأول: لم يذكر المصنف- رحمه الله(4)- مما يمنع مع العلمية(5) ألف الإلحاق المقصورة(6) لأنها في معنى ألف [98/أ] التأنيث المقصورة(7). فكأنه استغنى بذكر ألف التأنيث عنها.
الثاني: بقي من شروط الوزن أن يكون لازما، ليخرج نحو (امرىء) لأنه في النصب نظير (اذْهب) وفي الجر نظير (اضْرب) وفي الرفع نظير (اكتُب) (8).فيكون مصروفا على الأحوال كلها(9).
وأن يكون باقيا، ليخرج نحو(قيل) و(رُدّ) (10).
__________
(1) من قوله: (بالفعل..) إلى هنا ساقط من (ب) و (ج).
(2) اسم للرعدة، ولا يبنى منه فعل.ينظر تهذيب اللغة 10/257 ولسان العرب 11/ 529- فكل.
(3) ينظر الكتاب 3/194 وشرح المفصل 1/61 وهمع الهوامع 1/30 وشرح الأشموني 3/259 .
(4) قوله: رحمه الله زيادة من (ب).
(5) في (أ): (من العلمية) صوابه من (ب) و (ج).
(6) مثل (أرطى)، و(ذفرى) و(حبنطى) تمنع من الصرف إذا سمّي بها.
(7) من حيث إنها زائدة ليست مبدلة، ولأنها تقع على وزن ألف التأنيث.
راجع الأشموني 3/262.
(8) وذلك لأن الراء في (امرىء) تتبع حركة الإعراب التي بعدها تقول: جاء امرؤٌ ورأيت امرأً ومررت بامرىء.
(9) لأنه خالف الأفعال بكون عينه لا تلزم حركة واحدة، فلم تعتبر فيه الموازنة.
(10) فإن أصلهما (قُوِلَ ) و(ردد) ثم حصل في الأول إعلال، حيث نقلت حركة الواو إلى القاف بعد سلب حركتها، فسكنت الواو إثر كسرة فقلبت ياء وحصل في الثاني إدغام فصارا على وزن (فيل) و (بُرْد) فلم يعتبر فيهما وزن الفعل الأصلي لعدم بقائه ينظر التصريح 2/221.(2/18)
ولم يحتج المصنف لذكرهما(1) لأن ما أخرجاه لم يبق فيه الوزن، لذهابه بالإعراب والإعلال.
الثالث: يلتحق بالنوعين اللّذَين ذكرهما المصنف لوزن الفعل، وهما المختص والمبدوء(2) بزيادة هي بالفعل أولى ما يكون غالباً في الفعل(3)، وإن لم يكن مبدوءاً بزيادة تدل فيه. ك(إثمد)(4) و(إصبع) (5) و(أُبلم) (6) أعلاما.فإن وجود موازنها في الفعل أكثر كالأمر من (ضَرَبَ) و(ذَهَبَ ) و(كَتَبَ) (7).
ويدخل هذا في قوله: (أو افتتاحه بزيادة هي بالفعل أولى). فتأمّل(8).
ص: باب العدد. الواحد والاثنان وما وازن فاعلا، [ك(ثالث)](9) والعشرة مركبة يذكَّرن مع المذكر ويؤنثن مع المؤنث. والثلاثة والتسعة وما بينهما مطلقا، والعشرة مفردة بالعكس.
ش: قال الجوهري(10): "عددت الشيء عدًّا أي(11) أحصيته، والاسم العدد والعديد".
__________
(1) أي شرطي اللزوم والبقاء.
(2) في النسخ: (أو المبدوء)، والأولى ما أثبته.
(3) أي يكثر في الأفعال ويقل في الأسماء.
(4) الإثمد حجر أملس يتخذ منه الكحل، فإذا سُمّي به منع من الصرف.
ينظر الكتاب 3/197 ولسان العرب 3/105 (ثمد).
(5) ورد في الإصبع عشر لغات. تنظر في لسان العرب 8/192 (صبع).
(6) الأبلم هو الخوص أي سعف المقل، وفيه لغات.
ينظر الصحاح 5/1874 ولسان العرب 12/53 (بلم).
(7) أي فعل الأمر من هذه الأفعال، وهو (اضرب) و(اذهب) و(اكتب).
(8) الظاهر أنه لا يدخل فيما قال، لأن (إصبع)ونحوه جاءت على وزن الفعل به أولى لكثرته فيه، وأمّا نحو (أفكل) فإن الهمزة فيه تدل على معنى في الفعل ولا تدل على معنى في الاسم. بقي أن يقال: إنه قد يجتمع الأمران في نحو (تنضب) اسم شجر، فإنه كإثمد في كونه على وزن يكثر في الأفعال ويقل في الأسماء، وكأفكل في كونه مفتتحا بما يدل على معنى في الفعل دون الاسم.
راجع الأشموني 3/259. وقوله: (فتأمل) ساقط من (ب).
(9) زيادة من شذور الذهب ص 34.
(10) الصحاح 2/505 (عدد).
(11) قوله: (أي) ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج).(2/19)
والمقصود الذي عَقد هذا الباب له بيان حكم الألفاظ المعدود بها تذكيرا وتأنيثا وتمييزاً. وتضمّن هذا الكلام بيان حكمها في التذكير والتأنيث.
فالواحد والاثنان وما كان من ألفاظ العدد على وزن (فاعل) مفرداً كان ك(ثالث) و(رابع) و(عاشر) أو مركبا، ك(ثالث عشر) و(حادي وعشرين) (1) وكذلك العشرة إذا كانت مركبة، نحو (أحد عشر) كلها مشتركة في حكم واحد، وهو أنها تذكّر مع المذكر وتؤنث مع المؤنث.
فتقول في المذكر: واحد واثنان، والجزء الرابع، والخامس عشر والخامس والعشرون.
وفي [98/ب] التأنيث: واحدة واثنتان والمقامة (2) الرابعة والخامسة عشرة (3) و الخامسة والعشرون.
وأما الثلاثة والتسعة وما بينهما وهو الأربعة والخمسة والستة والسبعة والثمانية، سواء كانت مفردة، ك(ثلاثة رجال) و(أربع نسوة) أو مركبة ك ثلاثة عشر رجلا، و(أربع عشرة امرأة) (4)، وهذا معنى قوله: (مطلقا).
والعشرة إذا كانت مفردة، أي غير مركبة نحو عشرة رجال وعشر نسوة، فكلها على عكس الحكم السابق فتذكر مع المؤنث وتؤنث مع المذكر (5) كما مثلنا.
__________
(1) في (أ) و (ج): (حادي عشرين)، والمثبت من (ب).
(2) المراد بالمقامة الجلسة التي يملي فيها العالم شيئا من أقواله ومن ذلك مقامات الحريري.
(3) في النسخ: (الخامسة عشر) والصواب ما أثبته.
(4) في (أ): (أربعة عشر امرأة) وهو خطأ، صوابه من (ب) و (ج).
(5) في (ج): (المؤنث) وهو خطأ.(2/20)
قال ابن مالك (1): وإنما حذفت التاء من عدد المؤنث وأثبتت في عدد المذكر في هذا القسم لأن (2) الثلاثة وأخواتها أسماء جماعات كزمرة وأمة وفرقة، فالأصل أن تكون بالتاء لتوافق(3) نظائرها، فاستصحب الأصل مع المذكر، لتقدّم رتبته وحذفت مع المؤنث، فرقا(4)، لتأخر رتبته). انتهى. وهو معنى حسن. وقد ذكره غيره من النحويين(5).
تنبيهات:
الأول: محل هذا الحكم ألا يقصد بالثلاثة والعشرة وما بينهما العدد المطلق. فأما إذا قصد بهن العدد المطلق كانت كلها بالتاء نحو ثلاثة نصف ستة. وكانت كلها أيضا غير مصروفة، لأنها أعلام(6)، خلافا لبعضهم(7).
الثاني: محلّه أيضا ما إذا كان المعدود مذكورا، فأما إذا كان محذوفا، فيجوز أن تحذف التاء مع المذكر (8).
__________
(1) شرح التسهيل لابن مالك [ق 134/ أ].
(2) الجملة السابقة لم ترد في شرح التسهيل، وإنما بدأ بقوله: (الثلاثة وأخواتها...).
(3) في (ب) و (ج): (يكون بالتاء ليوافق) بالياء فيهما.
(4) هذه الكلمة ليست فيما بين أيدينا من شرح التسهيل.
(5) وممن ذكره ابن العلج في البسيط.
ينظر الأشباه والنظائر للسيوطي 3/231 وحاشية الصبان على الأشموني 4/61.
(6) نصَّ على ذلك ابن جني وابن يعيش.ينظر سر صناعة الإعراب 2/783 وشرح المفصل 1/39.
(7) هو ابن الحاجب، حيث ضعّف هذا القول في الإيضاح في شرح المفصل 1/94.
(8) لكن الأكثر هو إثبات التاء مع المذكر وحذفها مع المؤنث، كما لو كان المعدود مذكورا . ينظر التصريح 2/269.(2/21)
حكى الكسائي(1) عن أبي الجراح(2): (صُمنا من الشهر خمسا)(3) وحكى الفراء (أفطرنا خمسا)(4) وفي الحديث (وأتبعه بست من شوّال)(5).
الثالث إذا كان المعدود صفة فالمعتبر حال الموصوف المنوي، لا حالها(6) قال الله تعالى: { فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا }(7) أي عشر حسنات أمثالها. ولو لا ذلك لقيل: عشرة. لأن المثل مذكر.
ص: وتمييز المائة وما فوقها مفرد مخفوض. والعشرة [99/أ] مفردة وما دونها مجموع مخفوض إلا المائة فمفردة (8).
ش: لما فرغ من ذكر التأنيث والتذكير في لفظ العدد أخذ في ذكر تمييز العدد، وما يعتبر فيه، وذكر في هذا المقالة نوعين منه، الأول تمييز (9)، المائة وما فوقها من المائتين والثلاثمائة (10) إلى الألف وما فوقه كألفين وثلاثة آلاف. وذكر أنه يكون مفردا مخفوضا.
__________
(1) لم أجد هذه الحكاية في كتب النحويين.
(2) في (ج): (ابن الجراح) تحريف، وهو أبو الجراح العقيلي، أعرابي، أخذ عنه النحاة واللغويون، وهو أحد الأعراب الذي ناصروا الكسائي على سيبويه في المسألة الزنبورية المشهورة. ترجمته في إنباه الرواة 4/120.
(3) جاء هذا القول في إصلاح المنطق ص 298 دون نسبة، وارتشاف الضرب 1/360.
(4) جاء في معاني القرآن للفراء 1/151: (يقولون: قد صمنا عشرا من شهر رمضان).
(5) أصل هذا الحديث (من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر). جاء بهذا اللفظ في سنن أبي داود 2/324. عن أبي أيوب الأنصاري. وجاء في صحيح مسلم2/822 وسنن الترمذي 3/123 بلفظ (ثم أتبعه ستّا).
(6) ينظر شرح الكافية للرضي 2/150 والتصريح 2/271. وجاء في النسخة (ب): (حال الوصف المعنوي، لا حاله) وفيه تحريف.
(7) من الآية 160 من سورة الأنعام.
(8) في النسخ: (فمفرد) وما أثبته من شذور الذهب ص 34.
(9) من قوله: (وما يعتبر فيه..) إلى هنا ساقط من (ب) و (ج).
(10) في (أ) و(ج): (والثلاثة مائة) وهو تصحيف، صوابه من (ب).(2/22)
فتقول: مائة رجل ومائتا رجل ومائة امرأة ومائتا امرأة وألف رجل وألف امرأة وألفا رجل وألفا امرأة، وثلاثة آلاف رجل وثلاثة آلاف امرأة، وهكذا.
وقد تضاف المائة إلى جمع، كقراءة من قرأ { ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ}(1) وقد تميز(2) بمفرد منصوب، كقوله:
185- إذا عاش الفتى مائتين عاما فقد ذهب المسرّة والفتاء (3)
ولا يقاس على هذا عند الجمهور(4).
والثاني(5) تمييز العشرة إذا كانت مفردة، وما دونها كالتسعة والثلاثة وما بينهما. وذكر أنه يكون مجموعا مخفوضا (6) .
__________
(1) من الآية 25 من سورة الكهف.
والقراءة بإضافة (مائة) إلى (سنين) قراءة حمزة والكسائي وخلف، وقرأ الباقون من العشرة بالتنوين في مائة، فتكون سنين، بدلا وقيل: عطف بيان.
ينظر كتاب السبعة لابن مجاهد ص 389 وحجة القراءات لابن زنجلة ص 414 والكشف لمكي بن أبي طالب 2/58 والنشر لابن الجزري 2/310.
(2) في (أ) و (ب): (وقد يميز) والمثبت من (ج) وهو الصواب.
(3) البيت من الوافر، وهو للربيع بن ضبع الفزاري. وجاء في النسخ: (الغناء) وهو تصحيف. صوابه من كتب النحو، وفي بعض المصادر جاء عجزه كذا:
....... ........ فقد أودى اللذاذة والفتاء
الفتاء: مصدر فَتِيَ يفتى، وهو طراوة الشباب. ينظر لسان العرب 15/145 .
والبيت من شواهد سيبويه 1/208- هارون والمقتضب 2/169 ومجالس ثعلب 1/275 والأصول 1/312 والجمل للزجاجي ص 242 وشرح المفصل 6/21 والمقرب 1/306 وشرح الكافية الشافية 3/1667 وشرح الألفية لابن الناظم ص 731 وتوضيح المقاصد 4/310 والتصريح 2/273 والأشموني 4/67 وخزانة الأدب 7/379 .
والشاهد فيه مجيء تمييز (المائة) مفردا منصوبا وهو قليل .
(4) وأجاز ابن كيسان القياس عليه . وينظر في هذه المسألة الكتاب 1/208 – هارون وشرح الجمل لابن عصفور 2/36 وتوضيح المقاصد 4/310.
(5) أي النوع الثاني من تمييز العدد.
(6) في (ج): (أنه يكون مخفوضا مجموعا).(2/23)
إلا إذا كان لفظ المائة (1) فيتعين فيه أن يكون مفردا.
فتقول: عشرة رجال وعشر نساء، وتسعة رجال وتسع نساء وثلاثة رجال وثلاث [نساء](2) وستة أيام وست ليال وتسعمائة رجل وثلثمائة(3) امرأة.
تنبيهات:
الأول: المراد من قوله: (مجموع) جمعُ القلة من أمثلة التكسير(4) إن وُجد للاسم جمعُ قلّة وكثرة. فإن أهمل أحدهما أضيف إلى الموجود (5).
وقد يضاف إلى جمع(6) الكثرة، لقلة استعمال القلة، نحو ثلاثة شُسوع، لقلة استعمال أشساع (7). أو لخروج جمع القلة عن القياس، نحو {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}(8) لأن واحده (قرء) ك(فلْس) وجمعه على أفعال شاذ(9).
ولا يُؤْثَر (10) جمع الكثرة على جمع القلة في غير ذلك إلا نادرا.
__________
(1) أي إذا كان لفظ المائة نفسه تمييزا.
(2) وثلاث نساء) ساقط من (ب) و (ج)، وفي (أ): (وثلاث رجال) وهو سهو.
(3) في (ج): (ثلاثة مائة) وهو خطأ.
(4) أوزان جموع القلة أربعة، جمعها ابن مالك في ألفيته بقوله:
أفعِلة أفعُل ثم فِعْلة ..........ثُمّتَ أفعالٌ جُمُوعُ قِلّة .
(5) نحو ثلاث جوار وأربعة رجال وخمسة دراهم، فهذه الثلاثة لم يجيء منها جمع قلة.
(6) من قوله: (للاسم جمع قلة..) إلى هنا ساقط من (ب).
(7) في (ج): (تسوع) و (أتساع) وهو تصحيف.
والشّسع سيْر النعل، قال في اللسان 8/180 (شسع): (وجمعه شسوع لا يكسّر إلا على هذا البناء).
(8) من الآية 228 من سورة البقرة.
(9) هذا قول ابن مالك وتعليله، وقيل: إن (قروء) جمع (قُرء) بالضم، فلا شذوذ فيه، ويكون مما جاء على سبيل الاستغناء ببعض الجموع عن بعض.ينظر شرح الكافية الشافية 3/1664 والارتشاف 1/307 وتوضيح المقاصد 4/307.
(10) أي لا يفضّل. وفي (ب): (ولا يؤخر جمع كثرة).(2/24)
وأما جمع التصحيح فلا يضاف إليه إلا إن أهمل تكسيره، نحو { سَبْعَ بَقَرَاتٍ}4 أو جاور ما أهمل تكسيره، نحو { َسَبْعَ سُنْبُلاتٍ }(1) [99/ب] لمجاورته ل(بقرات) (2)، أو قل استعمال غيره، نحو(ثلاث سُعادات) لقلة (سَعائد).
فإن كثر استعمال غيره، ولم يجاور ما أهمل تكسيره لم يضف إليه إلا قليلا، نحو (ثلاثة أحمدين) و (ثلاث زينبات) (3).
وربما يُخرج قوله: (مجموع) ما إذا كان التمييز اسم جنس أو اسم جمع، وهو حينئذ يجرّ بمن، نحو { فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ}(4).
وقد أضيف إليه(5) في قوله تعالى: { تِسْعَةُ رَهْطٍ}(6) وقوله- عليه الصلاة والسلام-: (خَمس ذودٍ) (7) وجرة(8)متفق عليه، والإضافة إليه مختلف فيها. فقيل(9): تجوز على قلّة.
وقيل: مقصورة على السماع(10)، وهو ما صرح به في التسهيل(11)
__________
(1) من الآية 43 من سورة يوسف.
(2) في الآية نفسها، وهي { وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ }.
(3) ينظر تفصيل ذلك في ارتشاف الضرب 1/359 وتوضيح المقاصد 4/306 وشرح الأشموني 4/65. وفي النسخة (ج): (ثلاث سنبلات).
(4) من الآية 260 من سورة البقرة.
(5) أي إلى اسم الجمع.
(6) من الآية 48 من سورة النمل.
(7) هذا جزء من حديث، وهو "ليس فيما دون خمس ذَود صدقة من الإبل" وهو حديث متفق على صحته، فقد أخرجه البخاري في باب الزكاة 2/143. ومسلم 2/673 وينظر مسند الإمام أحمد 3/6. وفي (أ) و (ج): (وقوله عليه السلام) .
(8) أي جر اسم الجنس أو اسم الجمع بحرف الجر متفق عليه بين العلماء.
(9) هذا قول ابن عصفور. ينظر القرب 1/307 وشرح الجمل 2/43.
(10) هذا قول الأخفش وأبي حاتم والمبرد، وهو اختيار ابن مالك.انظر المقتضب2/158، 185 وشرح الكافية الشافية 3/1679وارتشاف الضرب 1/358.
(11) تسهيل الفوائد ص 116.(2/25)
قيل: (1) إن كان لا يستعمل إلا في القلة جازت(2)، وإن استعمل للقليل والكثير امتنعت(3).
ويجوز أن يحمل قوله: (مجموع) على ما يفيد الجمعية سواء كان اسم جنس أو اسم جمع أو جمع قلة أو غير ذلك(4).
ويُحمل قوله: (مخفوض) على أعم من المخفوض بالإضافة أو بالحرف، ليشمل الصُّور كلها، وإن كان بعضها أكثر من بعض.
التنبيه الثاني قوله: (إلا المائة) استثناء من قول: (وما دونها) (5) لأنهم لا يضيفون العشرة(6) إلى المائة، فلا يقولون: عشر مائة استغناء بالألف.
وحكى الفراء(7) أن بعض العرب يقولون: عشر مائة، وأن أهل هذه اللغة هم الذين يقولون: عشر مئين.
وعلى مراعاة هذه اللغة يصح عود الاستثناء إلى الجميع.
التنبيه الثالث: يأتي تمييز الثلاثة وما بعدها إلى التسعة لفظ المائة مجموعا، كقوله:
186- ثلاث مئين لِلْمُلُوكِ وَفَى بِها(8)
__________
(1) هذا ا قول ينسب لابن عصفور، ولم أجده في كتبه.انظر توضيح المقاصد 4/306 والمساعد لابن عقيل 2/74.
(2) أي إضافة، وذلك نحو نَفَر ورَهْط وذود.
(3) مثل نسوة وقوم وبشر. راجع المساعد 2/74.وهذا هو أولى الأقوال بالقبول، لوروده في القرآن الكريم، وكلام العرب، كقوله أن تعالى: { تِسْعَةُ رَهْطٍ}.
(4) وهذا هو مذهب ابن هشام في أوضح المسالك 3/215.
(5) أي أنه مستثنى من تمييز ما دون العشرة، ومعنى هذا أنه يستثنى من ذلك أن يكون التمييز كلمة (المائة) فإنها يجب إفرادها، نحو (ثلاثمائة) ولا يجوز (ثلاث مئات أو مئين ) إلا في ضرورة . تنظر حاشية العدوي 2/204.
(6) قوله: (العشرة) ساقط من (ج).
(7) لم أجد هذه الحكاية في كتب الفراء المطبوعة، وجاءت عن الفراء في ارتشاف الضرب 1/357 وتوضيح المقاصد 4/309.
(8) صدر بيت من الطويل، وهو للفرزدق من قصيدة طويلة. وعجزه:
....... ........ ردائي وجلّت عن وجوه الأهاتم
وهذه رواية النحويين، والرواية في الديوان 2/310 كذا:
فدى لسيوف من تميم وفى بها ....... ........
وعلى هذا فلا شاهد فيه للمسألة.
والبيت من شواهد المقتضب 2/170 والأمالي الشجرية 2/24 وشرح المفصل 6/21 وشرح عمدة الحافظ 518 وشرح الألفية لابن الناظم 727 وتوضيح المقاصد 4/308 والعيني 4/480 والتصريح 2/272 وشرح الأشموني 4/65 وخزانة الأدب 7/370.
والشاهد على رواية النحويين جمع لفظ (المائة) مع أنها تمييز لكلمة(ثلاث) وهذا هو القياس، لكنه أصل مرفوض، لأن الاستعمال جاء بخلافه، وهو إفراد المائة في التمييز.(2/26)
....... ........
قال ابن أم قاسم(1): (ويظهر في كلام سيبويه(2) جواز جمع المائة في الكلام).
ص: و(كم) الخبرية كالعشرة والمائة، والاستفهامية المجرورة كالأحد عشر والمائة، ولا يميز الواحد والاثنان(3)، و(ثنتا حنظل) ضرورة.
ش: لما كانت (كم) الخبرية والاستفهامية كنايتين عن العدد، إذ الخبرية معناها عدد كثير، والاستفهامية [100/أ] معناها أيّ عدد؟ ذكر تمييزهما في باب العدد.
فأمّا تمييز الخبرية فهو مجرور مجموع، نحو كمْ رجالٍ جاؤوك. أو مفرد، نحو: كم رجلٍ جاءك. والإفراد أكثر وأبلغ(4).
وأشار إلى جمعه بتشبيهها بالعشرة وإلى إفراده بتشبيهها(5) بالمائة.
وأمّا تمييز الاستفهامية فتارة يكون منصوبا وتارة يكون مجرورا.
وإنما يجوز فيه الوجهان(6) إذا كانت مجرورة بالباء، نحو قولك: بكم درهماً(7) اشتريت ثوبك، ويجوز(بكم درهم).
فالنصب(8) هو الذي أشار إليه بالتشبيه بالأحد عشر(9).
والجر هو الذي أشار إليه بالتشبيه بالمائة(10).
__________
(1) توضيح المقاصد والمسالك 4/309 وفيه (قيل: ويظهر....) إلى آخره. وهو يدل على أن القائل لهذه العبارة غير ابن أم قاسم . وهذا القول لأبي حيان في ارتشاف الضرب 1/357.
(2) قال سيبويه في الكتاب 1/209- هارون: (وأما ثلثمائة إلى تسعمائة فكان ينبغي أن تكون في القياس (مئين) أو(مئات) ولكنهم شبّهوه بعشرين وأحد عشر، حيث جعلوا ما يبين به العدد واحداً....).
(3) في (ب):، تمييز الواحد والاثنتان) وسقط منه قوله: (ولا).
(4) ينظر شرح الجمل لابن عصفور 2/46، 48 وتوضيح المقاصد 4/326 .
(5) قوله: (بالعشرة) و إلى إفراده بتشبيهها) ساقط من (ج).
(6) في (ب): (وتارة يجوز الوجهان) وفيه سقط.
(7) في (ب) و (ج): (درهم).
(8) في (ب): (ويجوز بكم درهما بالنصب).
(9) لأن تمييز الأحد عشر والتسعة والتسعين وما بينهما منصوب.
(10) لأن تمييز المائة مجرور.(2/27)
أمّا غير المجرورة فيتعين في تمييزها النصب(1)، كما يتعيّن في تمييز الأحد عشر وأخواتها. ولمّا قدمهما(2) لم يعد ذكرهما هنا.
وقوله: (ولا يميّز الواحد والاثنان) أي لا يقال: واحد رجل، ولا اثنا رجلين(3) ولا واحدة امرأةٍ، ولا اثنتا امرأتين.
لأن قولك: (رجل) يفيد الجنسية والوحدة وقولك: (رجلان) يفيد الجنسية وشفع الواحد(4) فلا حاجة إلى الجمع بينهما(5).
وقول: (وثنتا حنظل..) جواب سؤال تقديره أن العرب قد نطقت بتمييز الاثنتين، فقالت:
187- ...... ....... ..... فيه ثنتا حنظل(6)
فكيف يمنع؟ وأجاب عن ذلك بأنه، وإن وردمن كلامهم، فهو ضرورة.
__________
(1) ينظر تفاصيل هذه المسألة في توضيح المقاصد 4/324 والتصريح 2/279 وهمع الهوامع 1/254 وشرح الأشموني 4/79.
(2) أي تمييز (كم) الاستفهامية غير المجرورة وتمييز الأحد عشر وأخواتها وقد تقدم ذلك مفصلا في باب التمييز ص 379.
(3) في (أ) و (ب): (ولا اثنان رجلين) والمثبت من (ج)، وفي (ب) فيما بعده (ولا اثنتان امرأتين).
(4) الشفع خلاف الوتر، والمراد هنا التثنية.
(5) أي بين ما يفيد الجنسية والوحدة وما يفيد الجنسية والشفع.
(6) جزء بيت من الرجز، وهو بتمامه مع بيت قبله:
كأن خصييه من التدلدل ظرف عجوز فيه ثنتا حنظل
وهما لخطام المجاشعي، وقيل: لجندل بن المثنى، ونسبا أيضا لسلمى الهذليّة.
والبيتان من شواهد سيبويه 3/569 والمقتضب 2/156 وما يجوز للشاعر في الضرورة ص 351 والأمالي الشجرية 1/20 وشرح المفصل 4/144 والمقرب 1/305 وشرح الجمل لابن عصفور 2/29 وشرح الألفية لابن الناظم ص 728 وشفاء العليل 2/562 والتصريح 2/270 وخزانة الأدب 7/400.
والشاهد فيه تمييز لفظ الاثنتين، وهو شاذ، والقياس أن يثنى المعدود، فيقال: حنظلتان. والله أعلم.(2/28)
وليكن هذا آخر ما قصدنا إيراده(1) في هذا الشرح المبارك، جعله الله تعالى خالصا لوجهه وموجبا للفوز لديه ونفع به مؤلفه وكاتبه والناظر فيه(2).
قال مؤلفه(3): وفرغت من مسوّدته في حادي عشر ذي القعدة سنة اثنتين(4) وستين وثمانمائة. وكان ابتدائي فيه في أوائل شهر رجب الفرد منها.
وانتهت مبيّضته في سابع عشرين(5) من جمادى الأولى سنة ثلاث وستين وثمانمائة(6)
وحسبنا الله ونعم (7) الوكيل، نعم المولى ونعم النصير ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم(8).
__________
(1) في (ب): (آخر ما أوردناه).
(2) من قوله: (جعله الله تعالى..) إلى هنا لم يرد في (ب).
(3) قوله: (مؤلفه ) زيادة من (ب) لم ترد في (أ) و (ج).
(4) في النسخ: (اثنين) والصواب ما أثبته.
(5) كذا في النسخ والوجه في ذلك أن يقال: (في السابع والعشرين).
(6) في (ب) و (ج): (من جمادى الأولى منه)، وفي (ب): (سنة ثلاثة وستين..).
(7) إلى هنا تنتهي النسخة (أ). وتكملة هذا النص من (ج).
(8) جاء في آخر النسخة (ب): (ووافق الفراغ من نسخ هذا الشرح يوم الثلاثة [كذا] لاثنين وعشرين من شهر ربيع الثاني عام 1067.وجاء في آخر النسخة (ج) ما يلي: (وكان الفراغ من نسخ هذا التأليف المبارك عشية يوم الأحد لعشرين يوما مضين من محرم الحرام، على يد عبد الله وأقل عبيده الراجي عفوه ومغفرته، أحوجهم وأفقرهم إلى ما عنده أبي القاسم بن منصور بن عمر النائلي، غفر الله له ولوالديه، وذلك من عام 1109 من الهجرة النبوية المحمدية على صاحبها أفضل صلاة وأزكى تحية.(2/29)
ص: الرابع البدل، وهو التابع المقصود بالحكم بلا واسطة.
ش: الرابع من التوابع البدل. وتسميته بذلك طريقة البصريين(1).
والكوفيون يسمونه الترجمة والتبيين(2). وربما سمّوه بالتكرير(3).
قوله: (التابع) جنس دخل فيه الخمسة(4).
وقوله: (المقصود) يخرج النعت والتوكيد وعطف البيان فإن كلاّ منها مكمّل(5) للمقصود، وليس مقصودا(6).
ويخرج أيضا المعطوف ب(لا) وب(بل) بعد النفي وب(لكن) نحو جاء زيد لا عمرو، وما جاء زيد بل عمرو، ولكن عمرو.
ويخرج أيضا المعطوف بالواو، نحو جاء زيد وعمرو، وما جاء زيد ولا عمرو.
وإنما قلنا: إن المعطوف بالواو خرج بقوله: (المقصود) حملا له على المستقل(7) بالقصد، فإن المعطوف بالواو، وإن كان مقصودا فليس مستقلا بالقصد، بل المعطوف والمعطوف عليه مقصودان.
ولم يبق سوى المعطوف ب(بل) بعد الإثبات، نحو جاء زيد بل عمرو، فإنه مستقل بالقصد بالحكم فخرج بقوله: (بلا واسطة) (8).
__________
(1) ينظر الكتاب 1/150، 432- هارون وشرح المفصل 3/63 والتصريح 2/155.
(2) ينظر معاني القرآن للفراء 2/178 ومجالس ثعلب 1/20.
(3) ذكر السيوطي في الهمع 1/125 عن الأخفش أن الكوفيين يسمون التبيين وذكر عن ابن كيسان أنهم يسمونه التكرير. والصحيح أن الكوفيين قد استعملوا كلا التعبيرين. ينظر معاني القرآن للفراء 2/178 و 3/279.
(4) أي التوابع الخمسة.
(5) في (ب) و (ج): (مكملا) بالنصب، وهو خطأ، لأنه خبر (إن).
(6) لأن المقصود بالحكم في النعت والتوكيد وعطف البيان المتبوع لا التابع.
(7) في (أ) (المستقبل) وهو تحريف، صوابه من (ب) و(ج).
(8) أي فخرج المعطوف ب(بل) بعد الإثبات بقول المصنف في التعريف: (بلا واسطة) والواسطة هنا (بل).(3/1)
ص: وهو إما بدل كل، نحو {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمْتَ عَلَيْهِمْ }(1) أو بعض نحو: { مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}(2) أو اشتمال نحو {قتالٍ فيه}(3)
أو إضراب، نحو (ما كتب له نصفها ثلثها ربعها)(4). أو نسيان أو غلط، كجاء زيد وعمرو(5). والأحسن عطف هذه الثلاثة ب(بل).
ش: لما فرغ من حدّ البدل أخذ يبين أقسامه، وجعلها ستة:
الأول: بدل الكل من الكل، وسماه ابن مالك المطابق(6) نحو قوله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}(7) فإنه بدل كل من {الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}(8).
الثاني بدل البعض من الكل، سواء كان ذلك البعض نصفا أو أقل أو أكثر، على الصحيح(9). نحو (أكلت الرغيف نصفه أو ثلثه أو ثلثيه) خلافا لمن زعم أنه لا يكون إلا فيما دون [88/ب] النصف(10). نحو قوله تعالى: { مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}(11).
__________
(1) من الآية 7 من سورة الفاتحة. وقوله تعالى { أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } لم يرد في (أ) ولا في الشذور.
(2) من الآية 97 من سورة آل عمران.
(3) من الآية 217 من سورة البقرة.
(4) هذا جزء من حديث وسيأتي تخريجه والكلام عليه فيما بعد. وقوله: (ربعها) ساقط من (ب) و أثبته من (ج) والشذور ص 32.
(5) بعده في شذور الذهب ص 32: (وهذا زيد حمار) ولم ترد في النسخ.
(6) ينظر شرح الكافية الشافية 3/1276.
وقد علل ابن مالك هذه التسمية بقوله: (وذكر المطابقة أولى لأنها عبارة صالحة لكل بدل يساوى المبدل منه في المعنى، بخلاف العبارة الأخرى فإنها لا تصدق إلا على ذي أجزاء، وذلك غير مشترط للإجماع على صحة البدلية في أسماء الله تعالى).
(7) من الآية 7 من سورة الفاتحة.
(8) من الآية 6 من سورة الفاتحة.
(9) وهو قول جمهور العلماء.
ينظر الكتاب 1/150- هارون وشرح المفصل 3/64 والتصريح 2/156.
(10) وهو قول الكسائي وهشام من الكوفيين . ينظر التصريح 2/156.
(11) من الآية 97 من سورة آل عمران.(3/2)
فإنه بدل بعض من (الناس) في قوله تعالى: { وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ } (1).
الثالث: بدل الاشتمال، وهو ما صحّ الاستغناء عنه بالأول، وليس مطابقا ولا بعضا(2) نحو قوله تعالى:{ قِتَالٌ فِيهِ}(3). فإنه بدل اشتمال من { الشَّهْرُ الْحَرَامُ} في قوله تعالى: { يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَام}.
الرابع: بدل الإضراب. وهو ما يقصده ذكر متبوعه كما تقدم ذكره(4)، ويسمى أيضا بدل البَداء(5). نحو قوله عليه السلام: (ثلثها) إلى (عشرها) من حديث "إِنَّ الرجلَ ليصلي الصلاة وما كتب له نصفُها ثلثُها... إلى عشرها"(6). ف(ثلثها) وما بعده أبدال إضراب، و(نصفها) مبدل منه .
الخامس بدل النسيان وهو ما يقصد ذكر متبوعه أيضا، ولكن يتبين فساد قصده.
فهو حينئذ بدل عن لفظ، ذلك اللفظ ذُكر نسيانا كقولك: جاء زيد عمرو. فإنه يصح أن تكون(7) قصدت ذكر (زيد) ثم تبين لك فساد هذا القصد، وأنه لم يجىء، وأن الجائي إنما هو عمرو، فذكرته(8).
السادس: بدل الغلط. وهو ما لم يقصد ذكر متبوعه، ولكن سبق إليه اللسان.
__________
(1) من الآية 97 من سورة آل عمران.
(2) عرفه العلماء بأنه ما كان بينه وبين الأول ملابسة بغير الكلية والجزئية. ينظر شرح الحدود في النحو للفاكهي ص 265.
(3) من الآية 217 من سورة البقرة. وكلمة (تعالى) ساقطة من (أ) في الموضع الثاني.
(4) عند تعريف البدل في ص 785 .
(5) سمي بذلك لأن المتكلم بدا له ذكره، قصدا بعد ذكر الأول جاء في اللسان 14/66 (بدا): (البداء استصواب شيء عُلم بعد أن لم يُعلم).
وينظر أيضا شرح الكافية للرضي 1/340.
(6) هذا الحديث لم أجده بهذا اللفظ، وإنما وجد في مسند أحمد عن عمار بن ياسر بلفظ "إن العبد ليصلي الصلاة، وما يُكتب له منها إلا عشرها تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها". مسند الإمام أحمد بن حنبل 4/321.
(7) في (أ): (يكون) بالياء، والمثبت من (ب) و (ج).
(8) في (ب) و (ج): (فقد ذكرته ).(3/3)
فهو حينئذ بدل عن اللفظ الذي ذكر غلطا. ويصح أن يمثل له أيضا بنحو (جاء زيدٌ عمرو) (1). بأن يكون إنما قصد(2) الإخبار بالمجيء عن (عمرو) ولكن سبق اللسان إلى (زيد) (3).
وقوله (والأحسن) إلى آخره أي الأحسن في هذه الثلاثة الأخيرة، وهي بدل الإضراب وبدل النسيان وبدل الغلط، أن يعطف فيها التابع ب(بل) فيكون من عطف النسق(4).
تنبيهات:
الأول: لابد في بدل البعض وبدل الاشتمال من ضمير عائد على المبدل منه(5)، وذلك الضمير إما مذكور، كما تقدم(6)، أو مقدر.
ففي بدل البعض كما في الآية السابقة { مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً }(7) أي منهم. وفي بدل الاشتمال كما في قوله[89/أ] تعالى: { قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ}(8) : أي فيه.
وجعل ابن مالك(9) اتصال الضمير بالمذكورين كثيرا، لا شرطا، واستدل بهاتين الآيتين.
الثاني: لابد في بدل الاشتمال(10) من إمكان فهم معناه عند حذفه ومن حسن الكلام [على تقدير حذفه] (11).
__________
(1) والفرق بينهما أن بدل الغلط متعلق باللسان، وبدل النسيان متعلق بالجنان.
ينظر التصريح 2/ 159.
(2) في (ب) و (ج): (بأن تكون إنما قصدت).
(3) قال العلماء: بدل الغلط لم يوجد في كلام العرب لا نثرا ولا نظما.
ينظر همع الهوامع 2/126.
(4) تقول: أعطني ثوبا بل درهما، فيخرج من باب البدل إلى باب عطف النسق.
(5) في (ج): (يعود على المبدل منه).
(6) أي في الأمثلة المتقدّمة في ص 787.
(7) من الآية 97 من سورة آل عمران .
(8) الآيتان 4 و 5 من سورة البروج.
(9) شرح الكافية الشافية 3/ 1279، وقال فيه: (.... والصحيح عدم اشتراطه، ولكن وجوده أكثر من عدمه).
(10) كلمة (الاشتمال) ساقطة من (ج).
(11) في النسخ: (بتقدير كلامه) وهو تحريف، صوابه من توضيح المقاصد 3/248 وكذلك شرح الألفية لابن الناظم ص 555.(3/4)
ولأجل ذلك جُعل نحو (أعجبني زيد أخوه) بدَل إضراب(1) إذ لا يصح الاستغناء عنه بالأول. وكذلك نحو (أسرجت زيدا فرسَه) (2) .
لأنه، وإن فهم معناه في الحذف فلا يحسن استعماله، بل لا يستعمل. وبتقدير أن يرد مثله فيحمل على الغلط(3).
الثالث: زاد بعضهم(4) في أقسام البدل بدل كل من بعض، كقول امرىء القيس:
176- كأنّي غداةَ البينِ يومَ تحمَّلوا (5) .... .... .....
__________
(1) لا بدل اشتمال، لأن الثاني لم يشتمل عليه الأول، ولأنه لو حذف الثاني، وقلت: (أعجبني زيد) لم يفهم معناه، فلا يصح، لأن الإعجاب لم يقع على (زيد) وإنما هو على (أخيه). ينظر شرح القطر للفاكهي 2/253.
(2) فيكون (فرسه) في قولك: (أسرجت زيدا فرسه) بدل غلط، لا بدل اشتمال.
(3) قوله: (فيحمل على الغلط) أي على بدل الغلط .
(4) ذكر العلماء هذا القول ولم ينسبوه لقائل. وقد اختار السيوطي هذا القول في همع الهوامع 2/127. فقال: (والمختار، خلافا للجمهور إثبات بدل الكل من البعض لوروده في الفصيح ).
(5) صدر بيت من الطويل، وهو من معلقة امرىء القيس المشهورة وعجزه:
.... ..... ..... لدى سمرات الحي ناقف حنظل
البين: الفراق، سمرات جمع سمرة وهي شجرة الصمغ. والناقف: هو المستخرج حب الحنظل وهو شجر مر له حرارة تدمع العين.
ينظر ديوان امرىء القيس ص 9 وشرح القصائد الطوال للأنباري ص 23 وقد وورد البيت في مجالس ثعلب 1/82 والبسيط لابن أبي الربيع 1/393 وارتشاف الضرب 2/625 وتوضيح المقاصد 3/250 والعيني 4/201 وهمع الهوامع 2/127 وشرح الأشموني 3/126.
والشاهد قوله: (غداة البين يوم تحملوا) حيث أبدل (يوم تحملوا) من (غداة البين) بدل كل من بعض، لأن اليوم أعم من الغداة .(3/5)
ونفاه الجمهور(1)، وتأوّلوا البيت (2).
ص: ويوافق متبوعه ويخالفه في الإظهار والتعريف وضدّيهما، لكن لا يبدل ظاهر من ضمير حاضر [إلا بدل بعض أو اشتمال، مطلقا، أو] (3) بدل كل إن أفاد(4) الإحاطة.
ش: شرع في أحكام البدل. وقد علمت أنه من جملة التوابع، فيوافق متبوعه في واحد من أوجه الإعراب جزما(5).
وأما التعريف والتنكير فلا تلزم موافقته(6) لمتبوعه فيهما.
__________
(1) أي منع الجمهور مجيء بدل الكل من البعض. ينظر البسيط لابن أبي الربيع 1/393 وتوضيح المقاصد 3/250 والأشموني 3/126.
(2) بتأويلات، منها أن (يوم تحملوا) يتعلق بالبين، لأنه بمعنى الفراق و (غداة) متعلق بما في (كأن) من التشبيه، وكذلك (لدى سمرات الحي) متعلق به أيضا.
ومن وجوه التأويل أيضا أن (يوما) هنا ليس اسما للوقت الممتد من الفجر إلى الغروب، ولكنه اسم للوقت مطلقا، طال أو قصر، وعلى هذا يكون بدل كل من كل، ومنها أيضا أن يكون على حذف مضاف، والتقدير (كأني غداة البين غداة يوم تحملوا). فهو بدل كل من كل أيضا. ينظر شرح الأشموني 3/126.
(3) سقطت هذه الجملة من النسخ، وأثبتها من شذور الذهب ص 32.
(4) في النسخ: (بدل كل إلا إن أفاد) والمثبت من الشذور.
(5) أي قطعا، بمعنى أنه يوافق متبوعه في أحد أوجه الإعراب يقينا.
(6) في (أ): (فلا يلزم موافقته) والمثبت من (ب) و (ج).(3/6)
فبدل المعرفة من المعرفة، نحو { الحَمِيدِ اللهِ }(1) في قراءة من جرّ(2) والنكرة من النكرة نحو { مَفَازاً حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً}(3). والمعرفة من النكرة نحو { صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللهِ }(4). والنكرة من المعرفة نحو { بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ }(5) . هذا مذهب البصريين(6)، واشترط الكوفيون في بعض هذه الصور شروطا(7) لا نطيل بذكرها(8).
__________
(1) من الآيتين 1 و 2 من سورة إبراهيم. وقد جاءت في (أ) و (ب): (الحمد لله ).ولا تصلح شاهدا لما نحن فيه ، والمثبت من (ج).
(2) قراءة الجر هي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وعاصم وحمزة والكسائي وقرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر بالرفع، على الابتداء. ينظر كتاب السبعة لابن مجاهد 362 والتذكرة في القراءات 2/481 والنشر 2/298.
(3) الآيتان 31، 32 من سورة النبأ.
(4) من الآيتين 52، و53 من سورة الشورى.
(5) الآيتان 15، 16 من سورة العلق.
(6) نص على ذلك سيبويه في مواضع كثيرة من كتابه.
ينظر الكتاب 1/441 و2/9، 14، 15- هارون، والمقتضب 4/295 وشرح المفصل 3/68.
(7) اشترط الكوفيون، ومعهم البغداديون والسهيلي، في النكرة المبدلة من المعرفة أن تكون موصوفة، ونُقل عن الكوفيين أيضا أنه لا يجوز إبدال النكرة من المعرفة إلا أن يكون بلفظ الأول. هكذا نقل بعض العلماء عن الكوفيين، ونصوص الكوفيين تخالف ذلك، فقد صرح الفراء، وابن خالويه بإطلاق ذلك دون تقييد.
ينظر معاني القرآن للفراء 3/279 وإعراب ثلاثين سورة لابن خالويه ص 30 و140 ونتائج الفكر 298 والارتشاف 2/620 وتوضيح المقاصد 3/254.
(8) في (أ): (لا نطول بذكرها)، والمثبت من (ب) و(ج).(3/7)
وأما التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية والجمع، فإن كان بدل كل وافق متبوعه فيها، مالم يمنع مانع من التثنية أو الجمع. لكون أحدهما مصدرا(1)، نحو {مَفَازًا حَدَائِقَ}(2).
أو قصد التفصيل(3)، نحو:
177- وكنْتُ كذِي رِجْلين رِجْلٍ صحيحةٍ
ورِجْلٍ رَمى فيها الزَّمانُ فشَلّتِ(4)
[89/ب] وإن كان غيره من أنواع البدل لم تلزم موافقته فيها(5).
ويبدل الظاهر من الظاهر، كما تقدم. ويبدل المضمر من المضمر الموافق له(6)
__________
(1) لأن المصدر يصلح للمفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث بلفظ واحد.
(2) من الآيتين 31، 32 من سورة النبأ.
(3) مفازا) مصدر ميمي بمعنى (فوز) و (حدائق) جمع حديقة بدل منه المصدر. في في (ب): (أو يفيد التفصيل).
(4) البيت من الطويل، وهو من قصيدة لكثير عزة. ديوانه ص 99 .
رمى فيها الزمان: كناية عن إصابتها ببليّة، شلّت: بطلت حركتها.
والبيت من شواهد سيبويه 1/433- هارون ومعاني القرآن للفراء1/192 ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1/87 والمقتضب 4/290 والجُمل للزجاجي 24 وشرح المفصل 3/68 وارتشاف الضرب 2/621 وتوضيح المقاصد 3/256 وشفاء العليل للسلسيلي 2/768 والعيني 4/ 04 2 والأشموني 3/128.
والشاهد إبدال المفرد من المثنى لأن هذا المفرد وهو (رجل صحيحة) قد عطف عليه (رجل) الثانية فوجب أن يؤتى باسمين، وهذا هو معنى التفصيل.
(5) فلا تشترط الموافقة فيها في بدل البعض وبدل الاشتمال وبدل الإضراب .
(6) أي الموافق له في المحل، مثل قمت أنت ورأيتك إياك ومررت به به. هذا مذهب البصريين، وخصوا وجوب إعرابه بدلا بالضمير المنصوب فقط وعند الكوفيين وابن مالك أن المنصوب تأكيد لا بدل، كما هو الحال مع المرفوع والمجرور.
قال ابن مالك، مرجحا قول الكوفيين: (وقولهم عندي أصح من قول البصريين، لأن نسبة المنصوب المنفصل من المنصوب المتصل في نحو رأيتك إياك، كنسبة المرفوع المنفصل من المرفوع المتصل في نحو فعلت أنت، والمرفوع توكيد بإجماع فليكن المنصوب توكيدا ليجرى المتناسبان مجرى واحدا). شرح التسهيل [187/ب] .
والمسألة في الكتاب 2/386 ومجالس ثعلب 1/133 و2/557 والتصريح 2/159.(3/8)
. ومن المُظهَر على رأي(1) وخالف ابن مالك(2) وجماعة(3) في ذلك، فمنعوا أن يقع الضمير بدلا(4).
وأما إبدال الظاهر من المضمر ففيه تفصيل. وهو أن الضمير إن كان(5) لغائب أبدل منه الظاهر مطلقا(6)، نحو (ضربته زيدا)، وإن كان لحاضر أبدل منه(7) بدل البعض، نحو قوله(8) :
178- أوْعدني بالسجن والأداهم رِجْلي فرِجلي شثنة المناسم(9)
و بدل(10) الاشتمال، نحو:
__________
(1) هو رأي جمهور العلماء، حيث أجازوا إبدال الضمير من الظاهر، نحو رأيت زيدا إياه وقد نص عليه سيبويه والمبرد.
ينظر الكتاب 2/386- هارون والمقتضب 4/296 وشرح المفصل 3/70 وهمع الهوامع 2/128. وفي النسخة (ب): (ومن المضمر على رأي) وهو تحريف.
(2) في تسهيل الفوائد ص 172 وشرح عمدة الحافظ ص 585 .
(3) منهم الرضي في شرح الكافية 1/341 وابن هشام في أوضح المسالك 3/67.
(4) مطلقا سواء أكان بدلا من الضمير أم من الظاهر، وأعربوا ما أوهم ذلك تأكيدا. ينظر شرح عمدة الحافظ لابن مالك ص 585.
(5) ساقطة من (ج).
(6) أي بدل كل أو بعض أو اشتمال . ينظر التصريح 2/160 .
(7) أي أبدل الظاهر من الضمير .
(8) زيادة من (ب).
(9) البيتان من الرجز، وهما للعديل بن الفرخ، وهو شاعر إسلامي وكان قد هجا الحجاج ثم هرب، منه إلى قيصر الروم.
الأداهم جمع أدهم وهو القيد، شثنة: غليظة خشنة، المناسم: جمع مَنْسِم، وهو طرف خف البعير، وقد استعاره الشاعر للإنسان. وفي (أ): (ست المناسم) وهو تحريف.
والبيت من شواهد معاني القرآن للفراء 1/197 ومجالس ثعلب 1/227 وشرح المفصل 3/70 وشرح الكافية الشافية 3/1282 وتوضيح المقاصد 3/257 وشرح الألفية للمكودي 147 والعيني 4/190 والأشموني 3/129 والخزانة 5/188.
والشاهد إبدال الظاهر من الضمير وهو ياء المتكلم في (أوعدني) بدل بعض من كل.
(10) في (ج): (ومثال).(3/9)
179- ذريني إن أمركِ لن يطاعا وما ألفيتِني حلمي مضاعا(1)
وأما بدل الكل فإن أفاد معنى الإحاطة جاز، نحو (جئتم صغيركم وكبيركم) (2). وإلا(3) فمذهب جمهور البصريين المنع(4).
تنبيه:
قوله: (يوافق متبوعه، ويخالفه ...) إلى آخره بيّن به أن البدل والمبدل قد يتفقان في التعريف والتنكير، فتبدل المعرفة من المعرفة والنكرة من النكرة، وقد يختلفان في ذلك، فتبدل المعرفة من النكرة وعكسه. وكذا القول في الإظهار والإضمار.
وأما الإفراد وضدّه والتأنيث وضدّه فسكت عن ذكر الموافقة فيها والمخالفة، لمّا كان حكمها يفهم من تقسيم البدل إلى الأقسام المتقدمة.
فإن منها ما اشتراطها(5) فيه واضح، كبدل الكل، ما لم يمنع مانع كما تقدم، وبقية الأقسام عدم اشتراطها فيه واضح .
فإن بدل البعض، مثلا، قد يكون مفردا من جمع أو مثنى(6)، أو مؤنثا من كلٍّ مذكر(7)
__________
(1) البيت من الوافر، ، وهو لعدي بن زيد العبادي، شاعر جاهلي، ينظر ديوانه ص 35 ولم يرد صدر البيت في (أ) وأثبته من (ب) و(ج) .
ألفيتني: وجدتني. وفي (ب) و (ج): (حملي) وهو تحريف.
والبيت من شواهد سيبويه 1/156- هارون ومعاني القرآن للفراء2/73، 424 والأصول لابن السراج 2/51 وشرح المفصل 3/65 وشرح عمدة الحافظ 587 وارتشاف الضرب 2/623 وتوضيح المقاصد 3/258 والعيني 4/192 وهمع الهوامع 2/127 وخزانة الأدب 5/191.
والشاهد إبدال الاسم الظاهر، وهو (حلمي) من الضمير في (ألفيتني) بدل اشتمال.
(2) ومنه قوله تعالى: { تَكُونُ لَنَا عِيداً لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا }.
(3) أي وإن لم يفد معنى الإحاطة.
(4) أي يمتنع عند جمهور البصريين إبدال الظاهر من الضمير، وأجاز ذلك الأخفش والكوفيون، واستدلوا عليه بأدلة من النثر والشعر.
(5) أي الموفقة .
(6) مثل جاء الرجال أحدهم، وسلمت على المحمدين أحدهما .
(7) كقولك: (ما أجمل زيدا يده) فاليد مؤنثة، وهي بدل بعض من (زيد) وهو مذكر.
ينظر شرح الكافية للرضي 1/340.(3/10)
. وقس عليه(1) وتأمل يتضح لك.
وقوله: (لكن..) إلى آخره أخرج به صورة لا يجوز فيها إبدال الظاهر من الضمير، وهي الصورة المتقدمة(2). فاقتضى ذلك جواز المخالفة بينهما في جميع ما عداها من الصور، كما تقدم شرح ذلك. وهو صريح في مخالفة ابن مالك(3).
ص: الخامس عطف النسق .
ش: الخامس من التوابع المعطوف عطف [90/أ] النسق. وحدُّه- كما قال الشيخ في توضيح الألفية(4)-: تابع يتوسط بينه وبين متبوعه أحد الأحرف الآتي ذكرها (5).
فقوله: (تابع) جنس يدخل فيه الخمسة .
وقوله: (يتوسط) إلى آخره فصل مخرج لبقية التوابع.
فإن قيل: يرد على هذا الحد الجملة المقرونة ب(ثُم) المؤكد بها جملة أخرى، نحو قوله تعالى: {كَلاّ سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاّ سَيَعْلَمُونَ}(6).
والصفة المعطوفة على صفة أخرى، كقوله:
180- إلى المَلِك القَرْم وابنِ الهُمَام وليثِ الكتيبَةِ في المُزدَحَم(7)
__________
(1) في (ب): (فقس) وكلمة (عليه) ساقطة من (ب) و (ج).
(2) وهي فيما إذا كان الظاهر بدل كل من كل ولم يفد الإحاطة .
(3) وذلك لأن ابن مالك يمنع إبدال الضمير من الضمير أو من الظاهر، ويجعل ما يوهم ذلك تأكيدا لا بدلا كما ذكرت فيما سبق . أما ابن هشام فإنه أطلق في شذور الذهب جواز مخالفة البدل للمبدل منه ومن ذلك كون البدل ضميرا.
(4) أوضح المسالك لابن هشام 3/37.
(5) قوله: (الآتي ذكرها) ساقط من (ب). وفي (ج): (التي ذكرها).
(6) الآيتان 4، 5 من سورة النبأ. وعبارة (قوله تعالى) ساقطة من (ب) و (ج).
(7) البيت من المتقارب، ولم ينسبه أحد فيما اطلعت عليه.
القرم: السيد، الهمام: العظيم الهمّة، الكتيبة: جماعة من الجيش. المزدحم: المعركة.
والبيت من شواهد معاني القرآن للفراء 1/105، 2/58. والكشاف 1/23، والإنصاف 2/469، وشرح الكافية للرضي 1/319، وقطر الندى ص 295 وخزانة الأدب 1/451.
والشاهد فيه عطف الصفات بعضها على بعض بالواو.(3/11)
فإنه يصدق على هذين أن كلا منهما تابع متوسط بينه وبين متبوعه حرف العطف.
فالجواب أن المراد بقوله: (يتوسط) أي في الإتباع(1) فتبعية(2) الثاني للأول في عطف النسق بواسطة الحرف فهو(3) مُتْبع، ولا كذلك (ثم) في المثال الأول والواو في المثال الثاني، فانهما ليسا بمُتْبِعَين، إذ التبعية حاصلة في التوكيد ولو لم يكن حرف وكذلك في النعت(4).
وإطلاق العاطف على هذين(5) إطلاق مجازي. والله أعلم.
ص: وهو بالواو لمطلق الجمع، وبالفاء للجمع والترتيب والتعقيب وبثم للجمع والترتيب والمهلة وب(حتى) للجمع والغاية .
ش: أحرف العطف على ثلاثة أقسام: ما يشرك(6) في اللفظ والمعنى من غير شرط، وما يشرك فيهما بشرط، وما يشرك في اللفظ فقط. والكلام الآن على القسم الأول، وهو أربعة حروف:
__________
(1) كلمة (في) ساقطة من (ج). ومراده أن حرف العطف يتبع ما بعده لما قبله.
(2) في (أ) و (ب): (بتبعية) والمثبت من (ج) وهو المناسب للسياق.
(3) أي حرف العطف في باب العطف.
(4) وهذا الجواب الذي ذكره الجوجري جواب بديع، لم أجده في كتاب آخر .
(5) وهما جملة التأكيد المعطوفة على جملة سابقة والصفة المعطوفة على صفة أخرى.
(6) في (ب) و (ج): (ما يشترك) في هذا الموضع وما بعده.(3/12)
الأول: الواو، وهي لمطلق الجمع، فيعطف الشيء على مصاحبه نحو { فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ} (1). وعلى سابقه نحو {ولقَدْ أرْسَلنا نُوحاً وإبرَاهيمَ}(2) وعلى لاحقه نحو { كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ }(3). ووقع في شرح المصنف التمثيل لهذا بقوله: {ولقَدْ أرْسَلنا نوحاً وإبرَاهِيمَ}(4) وهو سبق قلم(5).
وقال ابن مالك(6): (وكونها(7) للمعية راجح [90/ب] وللترتيب كثير، ولعكسه قليل ).
وقال الشيخ في المغني(8): (وقول(9) بعضهم(10): إنها للجمع المطلق(11) غير سديد، لتقييد الجمع بقيد الإطلاق، وإنما هي للجمع لا بقيد).
__________
(1) من الآية 15 من سورة العنكبوت.
(2) من الآية 26 من سورة الحديد. وقد جاءت الآية في (ج): {ولقد أرسلنا نوحا}.
(3) من الآية 3 من سورة الشورى.
(4) من الآية 26 من سورة الحديد.
(5) لم يقع هذا في شرح الشذور لابن هشام، بل لم تذكر هذه الآية في شرح الشذور أصلا، وإنما ذكرها ابن هشام في أوضح المسالك 3/39 مثالا لعطف المتأخر في الحكم، وهو صحيح .
(6) تسهيل الفوائد ص 174، ونص عبارته: (وتنفرد الواو بكون متبعها في الحكم محتملا للمعية برجحان وللتأخر بكثرة وللتقدم بقلة).
وقوله: (قال ابن مالك) ساقط من (ج) .
(7) أي واو العطف.
(8) مغني اللبيب 464.
(9) في (ج): (وقال).
(10) قال ذلك ابن الحاجب في الكافية 225.
(11) الذي في مغني اللبيب (إن معناها الجمع المطلق).(3/13)
الثاني: الفاء، وهي للجمع بين المتعاطفين في الحكم، وترتيب المعطوف على المعطوف عليه والتعقيب. وهو في كل شيء بحسبه(1)، نحو قوله تعالى: {ثُم َّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ }(2) وقوله تعالى: { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأرْضُ مُخْضَرَّةً }(3)، وتقول: دخلت البصرة فبغداد، وتزوج فلان فولد له. ونحو ذلك. وتقتضي السببية كثيرا إن كان المعطوف جملة، نحو قوله تعالى: { فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ }(4).
الثالث: (ثُمّ) وهي كالفاء في إفادة الجمع والترتيب، لكن تخالفها في أنها للمهلة، أي التراخي، نحو قوله تعالى: { ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ }(5).
وذكر في التسهيل(6) أن (ثُمّ) قد توضع موضع الفاء، كما توضع الفاء موضع (ثم ). فمن الأول قوله:
181- كهزّ الرّديني تحت العجاج
جرى في الأنابيب ثم اضطرب(7)
__________
(1) يعني أن التعقيب في كل شيء بحسب ما هو معهود فيه، فإذا قيل: تزوج فلان فولد له، فإنه يكون في ذلك تعقيب إذا لم يفصل بين الزواج ومجيء الولد أكثر من مدة الحمل، فهذا تعقيب بالمعنى المراد وإن كانت الفترة بين الأمرين طويلة.
(2) من الآية 21 من سورة عبس.
(3) من الآية 63 من سورة الحج.
(4) من الآية 15 من سورة القصص.
(5) الآية 22 من سورة عبس.
(6) تسهيل الفوائد ص 175، وفيه (... وقد تقع موقع ثم، وثم موقعها).
(7) البيت من المتقارب، من قصيدة لأبي دؤاد الإيادي وقد وردت في ديوان حميد بن ثور . ديوان أبي دؤاد ص 292.
الرديني: الرمح، نسبة لردينة، الأنابيب جمع أنبوبة وهي قصبة الرمح.
والبيت من شواهد شرح التسهيل لابن مالك [195 /ب] وشرح الألفية لابن الناظم ص 525 وارتشاف الضرب 2/638 وتوضيح المقاصد 3/197 ومغني اللبيب 160 والمساعد لابن عقيل 2/449 والعيني 4/131 والتصريح 2/140 وهمع الهوامع 2/131 والأشموني 3/ 94.
والشاهد وقوع (ثم) موقع الفاء، لأن الجري في الأنابيب يعقبه الاضطراب بلا تراخ(3/14)
ومن الثاني قوله تعالى: {فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى}(1) في أحد الأقوال(2).
الرابع (حتى) وهي للجمع أيضا وللغاية(3) أي أنها تفيد كون المعطوف بها غاية لما قبله، إما في زيادة أو نقص، وكل منهما حسّي ومعنوي.
فالزيادة الحسية، نحو (فلان يهب(4) الأعداد الكثيرة حتى الألوف). والمعنوية نحو(5) (مات الناس حتى الأنبياء).
والنقص الحسي، نحو (المؤمن يُجزى بالحسنات حتى مثقال(6) الذرة). والمعنوي نحو(7) (غلبك(8) الناس حتى الصبيان).
ص: وبأمْ المتصلة، وهي المسبوقة بهمزة التسوية أو بهمزة يُطلب بها وبأم التعيين، وهي في غير ذلك منقطعة مختصة بالجمل، ومرادفة لبلْ، وقد تضمّن مع ذلك معنى الهمزة، وبأو بعد الطلب للتخيير أو للإباحة، وبعد الخبر للشك أو للتشكيك أو للتقسيم.
ش: هذا هو [91/أ] القسم الثاني، وهو ما يشرك بين المتعاطفين في اللفظ والمعنى، بشرط ألا يقتضي إضرابا(9)، وهو حرفان:
الأول (أمْ) وهي نوعان، متصلة ومنقطعة(10).
__________
(1) الآية 5 من سورة الأعلى.
(2) وهو على أنّ (أحوى) بمعنى أسود صفة (غثاء) فتكون الفاء هنا بمعنى (ثم) .
وفي الآية قول آخر، وهو إعراب (أحوى) حالا من (المرعى) على التقديم والتأخير، والفاء هنا على أصلها. لأنها حينئذ للتعقيب، والأصل: (والذي أخرج المرعى أحوى فجعله غثاء) وإنما أخر (أحوى) لتناسب الفواصل.
ينظر الكشاف 4/ 204 والبحر المحيط 8/458.
(3) ينظر الكلام على (حتى) في مغني اللبيب ص 166 وما بعدها والتصريح 2/141.
(4) في (ب) و (ج): (يحب).
(5) ساقطة من (ب) و (ج).
(6) في (ب) و (ج): (مثاقيل).
(7) ساقطة من (ب) و (ج).
(8) في (ب) و(ج) :(عليك) .
(9) في (ب) و(ج): (إعرابا) وهو تحريف .
(10) تفصيل القول على أنواع (أم) في الأمالي الشجرية 1/333 ومغني اللبيب ص 61 .(3/15)
النوع الأول المتصلة، وهي إما أن تكون مسبوقة بهمزة التسوية وهي(1) الداخلة على جملة في محل المصدر، وتكون تلك الجملة هي والجملة المعطوفة عليها فعليتين، نحو { سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}(2). أو اسميتين، نحو قوله:
182- ولست أبالي بعد فقْدي مالكا
أموتي ناء أم هو الآن واقع(3)
أو مختلفتين(4)، نحو {سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ}(5).
وإما: أن تكون مسبوقة بهمزة يطلب بها وبأم التعيين نحو قوله تعالى: { أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا }(6). والفرق بينهما(7) من أربعة أوجه(8):
الأول: الواقعة بعد همزة التسوية لا تستحق(9) جوابا، لأن المعنى فيها ليس على الاستفهام.
__________
(1) أي همزة التسوية.
(2) من الآية 6 من سورة البقرة وقوله: (لايؤمنون) لم يرد في (أ) و(ب) .
(3) البيت من الطويل، وهو لمتمم بن نويرة من قصيدة يرثى بها أخاه مالكا.
ينظر ديوان متمم بن نويرة ص 105.
وهو من شواهد شرح الكافية الشافية 3/1214 وشرح الألفية لابن الناظم 528 وارتشاف الضرب 2/ 653 ومغني اللبيب ص 61 والعيني 4/136 والتصريح 2/142 وهمع الهوامع 2/ 132 والأشموني 3/ 99.
والشاهد فيه وقوع (أم) المتصلة بين جملتين اسميتين.ويدل البيت على أن همزة التسوية لا يلزم أن تقع بعد لفظة (سواء) بل كما تقع بعدها تقع بعد (ما أبالي) و(ما أدري) و (ليت شعري) و نحو ذلك..
(4) في (أ) : (أو مختلفين) والمثبت من (ب) و (ج).
(5) من الآية 193 من سورة الأعراف . ...
وهي شاهد على استعمال المتصلة واقعة بين جملتين مختلفتين اسمية وفعلية .
(6) الآية 27 من سورة النازعات. وقد جاءت في (أ): (أنتم أشد) وهو خطأ .
(7) أي بين همزة التسوية والهمزة التي يطلب بها وبأم التعيين.
(8) تنظر هذه الفروق في مغني اللبيب ص 61.
(9) في (أ): (ولا تسحق)، والمثبت من (ب) ر (ج).(3/16)
والثاني: أن الكلام معها(1) للتصديق والتكذيب، لأنه خبر.
الثالث: أنها لا تقع إلا بين(2) جملتين.
الرابع: أن الجملتين معها في تأويل المصدر. بخلاف التي يطلب بها وبأم التعيين، فإنها تطلب جوابا، ولا يحتمل معها الجواب تكذيبا ولا تصديقا، وتقع بين مفردين وبين جملتين ليستا في تأويل المصدر.
وإنما سميت (أم ) في هذين الموضعين متصلة لأن ما قبلها وما بعدها(3) لا يستغنى بأحدهما عن الآخر(4).
الثاني: المنقطعة، وهي الخالية من ذلك. وهي مختصة بالجمل، فلا تدخل على مفرد، لكن الجملة بعدها قد يكون جزآها مفردين، وقد يكون أحدهما مذكورا والآخر مقدرا(5)، كما سيأتي في قوله: (إنها لإبل أم شاء). ولا يفارقها معنى الإضراب، وهذا معنى قوله: (ومرادفة لِبَلْ) فتفيده(6) إما مجردا عن إفادتها الاستفهام نحوُ {أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّور }(7) أي بل هل تستوي(8). فليس مفاد (أم) هنا سوى الإضراب، إذ لا يدخل استفهام على استفهام. وإما(9) [91/ب] مع إفادتها الاستفهام.
وهو إما حقيقي، نحو (إنها لإبل أم شاء) (10) أي بل أهي شاء(11) .
__________
(1) أي مع (أم) الواقعة بعد همزة التسوية، والكلام في الأوجه الأربعة منصب على (أم) الواقعة بعد همزة التسوية.
(2) في (ب) و (ج): (بعد).
(3) في (ب) و (ج): (لكون ما بعدها وما قبلها).
(4) وتسمى أيضا المعادلة لمعادلتها للهمزة في إفادة التسوية في النوع الأول، وفي إفادة الاستفهام في النوع الثاني.ينظر مغني اللبيب ص 61.
(5) في (ج): (مقدّر).
(6) أي الإضراب . و(أم) المنقطعة ليست من حروف العطف .
(7) من الآية 16 من سورة الرعد. وقوله: (والنور)لم يرد في (أ).
(8) قوله: (تستوي ) زيادة من (ج).
(9) قوله: (استفهام (وإما) غير واضح في (أ)، والمثبت من (ب) و (ج).
(10) هذا من أقوال العرب. ينظر الكتاب 3/172.
(11) في (ب): إنها لإبل شاء أي هي بل شاء) وهو تحريف .(3/17)
أو إنكاري، نحو { أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ }(1). أي بل آتخذ(2)؟ لئلا يلزم الإخبار باتخاذ البنات، وهو مُحال.
وسميت هذه منقطعة لوقوعها بين جملتين مستقلتين.
الحرف الثاني (أو) (3). وتقع تارة بعد الطلب، وتارة بعد الخبر.
ومعناها بعد الأول(4) إما التخيير، نحو تزوّج زينب أو أختها. ويمتنع معه الجمع. وإما الإباحة، نحو جالس العلماء أو الزهاد، ويجوز معه الجمع.
وبعد الثاني(5) الشك، نحو {قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ}(6) أو الإبهام من المتكلم على السامع، نحو قوله تعالى: { وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ }(7) وهو المراد بقوله: (أو التشكيك).
والتقسيم نحو(8) الكلمة اسم أو فعل أو حرف.
وذكر ابن مالك(9) أن الواو في مثل هذا أجود من (أو)
ولم يُذكر في شرح المصنف(10) ولا في شرح الزوائد(11) مجيئها للتقسيم، مع كونه مذكورا في المتن(12).
__________
(1) من الآية 16 من سورة الزخرف.
(3) تنظر معاني (أو) في الجنى الداني 227- 232 ومغني اللبيب 87- 95.
(2) فيكون التقدير (بل آتخذ بنات؟) على الاستفهام الإنكاري، وقوله: (أي بل آتخذ) ساقط من (ب) و (ج).
(3) ينظر معاني (أو) في الجنى الداني 227-232 ومغني اللبيب 87-95.
(4) وهو الطلب .
(5) وهو الخبر .
(6) من الآية 19 من سورة الكهف ، ومن الآية 113 من سورة ( المؤمنون ).
(7) من الآية 24 من سورة سبأ.
(8) في (أ): (وللتقسيم) وكلمة (نحو) ساقطة من (ج) والمثبت من (ب).
(9) ينظر شرح التسهيل لابن مالك [ق 196/ ب].
(10) وهو شرح شذور الذهب لابن هشام.
(11) وهو شرح الصدور بشرح زوائد الشذور لابن عبد الدايم البرماوي، وإنما ذكره الشارح لأن البرماوي التزم في كتابه هذا أن يشرح ما ذكره ابن هشام في الشذور ولم يذكره في شرحه على الشذور، لكنه لم يشرح هذه الكلمة وهي (التقسيم) في كتابه مع ورودها في شذور الذهب.
(12) أي متن شذور الذهب، ص 29.(3/18)
وقد تأتي(1) للإضراب، على خلاف فيه(2). ومُثّل له(3) بقوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} (4) أي بل يزيدون.
ص: وب(بل) بعد النفي أو النهي لتقرير متلوّها وإثبات نقيضه لتاليها، ك(لكنْ) وبعد الإثبات والأمر لنقل حكم ما قبلها لما بعدها. وب(لا) للنفي .
ش: هذا هو القسم الثالث من أقسام حروف العطف(5) فمنه (بل).
ويعطف بها بعد النفي والنهي، وبعد الإثبات والأمر.
فأما العطف بها بعد النفي فنحو ما جاء زيد بل عمرو.
وبعد النهي فنحو لا يقم زيد بل عمرو.
وتفيد حينئذ مع كل منهما تقرير حكم ما قبلها. وهو الذي عبّر عنه الشيخ بمتلوّها، وإثبات نقيضه لما بعدها(6)، وهو الذي عبّر عنه الشيخ ب(تاليها).
وقوله: (كلكِنْ) أي أن (بل) فيما ذكر(7) مثل (لكنْ) والمعنى أن (لكن) إذا جاءت بعد نفي أو نهي فإنها تفيد تقرير حكم ما قبلها وإثبات نقيضه لما بعدها. نحو قولك(8): (ما جاء زيد لكن عمرو)، و(لا تضرب زيدا [92/أ] لكن عمرا).
فيستفاد من ذلك تقرير عدم المجيء وعدم الضرب لزيد وإثباتهما لعمرو.
__________
(1) أي (أو).
(2) حاصل هذا الخلاف أن الكوفيين أجازوا أن تأتي (أو) للإضراب بمعنى (بل) ووافقهم عليه أبو علي الفارسي وابن برهان وابن مالك ، وأن البصريين منعوا أن تكون (أو) للإضراب إلا بعد النهي أو النفي. ينظر في هذه المسألة الكتاب 3/188 ومعاني القرآن للفراء 2/393 والمقتضب 3/304 ومجالس ثعلب 1/112 وشرح اللمع لابن برهان 1/247 والإنصاف 2/478 وتسهيل الفوائد 176 وشرح الأشموني 3/106.
(3) بعده في (أ): (من إليه)، ولعل مراده من ذهب إليه، ولم يرد ذلك في (ب) و(ج).
(4) الآية 147 من سورة الصافات.
(5) وهو ما يشترك فيه المعطوف والمعطوف عليه في اللفظ فقط أي الإعراب.
(6) من قوله: (وهو الذي عبر عنه) إلى هنا ساقط من (أ) بسبب انتقال النظر .
(7) قوله (فيما ذكر) ساقط من (ب).
(8) ساقط من (ج).(3/19)
وأما العطف بها(1) بعد الإثبات فنحو (جاء زيد بل عمرو) (2).
وبعد الأمر فنحو اضْرب زيدا بل عمرا.
وتفيد حينئذ نقل حكم ما قبلها، وهو المجيء في المثال الأول عن (زيد) وإثباته ل(عمرو). وفي المثال الثاني لإزالة الأمر بضرب (زيد) وإثبات الأمر بضرب (عمرو) ويصير (زيد) في المثالين كأنه مسكوت عنه.
ومنه(3) (لا) وتفيد نفي الحكم عن معطوفها. لأنه يعطف بها بعد الإثبات، نحو جاء زيد لا عمرو، وبعد الأمر، نحو (اضرب زيدا لا عمرا) وبعد النداء، على الأصح(4)، نحو (يا ابنَ أخي لا ابنَ عمّي).
تنبيهات:
الأول: ظاهر كلام المصنف(5) أن (لكنْ) ليست عاطفة لأنه ذكرها على وجه التشبيه بها في إفادة معناها، ولو أراد أنها عاطفة(6) لقال: وب(لكن ) كما في أختيها(7).
ويحتمل أنه أراد أن (بل) ك(لكن) في العطف والمعنى(8)، وعدُّه في الشرح(9) لها من أدوات العطف يرجح هذا الاحتمال .
وكونها عاطفة هو مذهب أكثر النحويين(10)
__________
(1) أي العطف ب(بل).
(2) العطف ب(بل) بعد الإثبات مذهب البصريين ومنع ذلك الكوفيون .
ينظر الكتاب 1/439- والإيضاح العضدي ص 297 والارتشاف 2/644.
(3) أي من القسم الثالث من أقسام حروف العطف.
(4) وهو مذهب سيبويه وجمهور العلماء. فقد قال في الكتاب 2/186: (تقول: (يا زيد وعمرو) ليس إلا لأنهما قد اشتركا في النداء في قوله: (يا) وكذلك يازيد وعبد الله ويازيد لا عمرو) فقد مثل للعطف بلا بعد النداء.
وزعم ابن سعدان، من الكوفيين، أن العطف بلا على منادى ليس من كلام العرب.
ينظر ارتشاف الضرب 2/645 وهمع الهوامع 2/137 .
(5) قوله (ظاهر كلام المصنف) ساقط من (ج).
(6) كلمة (عاطفة) ساقطة من (ج).
(7) وهما (بل) و (لا) وقد تقدم قوله فيهما ص 810 .
(8) هذا هو الراجح من مراد ابن هشام وقد عدها عاطفة في أكثر مؤلفاته.
ينظر أوضح المسالك 3/55 ومغني اللبيب 385 وشرح اللمحة البدرية 2/320 .
(9) شرح شذور الذهب لابن هشام ص 447.
(10) ومنهم سيبويه وأصحابه والكوفيون.
ينظر الكتاب 1/435- هارون والمقتضب 12/1 ومعاني القرآن للفراء 1/465 وارتشاف الضرب 2/ 629 والتصريح2/146.(3/20)
.
ومذهب يونس(1) أنها ليست عاطفة(2).
الثاني: يؤخذ من قوله: (وبلا للنفي) أنها لابد أن تسبق بإيجاب أو أمر، حتى يصح نفيه بها(3).
وسكت الشيخ عن ذكر شروط أخرى في (لا) و(لكن) لكونها مختلفا فيها(4).
الثالث: يجوز حذف المعطوف عليه ب(لا) نحو جئتك لا لتضرني(5). أي جئتك لتنفعني لا لتضرني(6).
الرابع: جوّز المبرد(7) في (بل) بعد النفي والنهي أن تكون ناقلة معناهما لما بعدها.
__________
(1) في (ج): (يوسف) وهو تصحيف، إذ المراد يونس بن حبيب الضبي، وقد تقدمت ترجمته . مذهبه هذا في ارتشاف الضرب 2/ 629 وشرح الأشموني 3/91. ووافقه ابن مالك في التسهيل ص 174.
(2) من قوله: (هو مذهب أكثر النحويين) إلى هنا ساقط من (ب).
(3) ولا يصح أن تسبق (لا) بنفي، لأن نفي النفي إثبات، وذلك يخرجها عن معناها.
(4) من هذه الشروط في (لا) ما اشترطه الزجاجي وهو ألاّ يكون المعطوف عليه معمول فعل ماض، نحو جاءني زيد لا عمرو، وقد خالفه العلماء في ذلك وردوا عليه، ومنها ما اشترطه السهيلي وهو وجوب تعاند معطوفيها، فلا يجوز جاءني رجل لا زيد. ومنها ما اشترطه الأكثرون في (لكن) وهو أن لا تقترن بالواو.
ينظر في ذلك حروف المعاني للزجاجي ص 8، 31 ونتائج الفكر للسهيلي ص 258 ومغني اللبيب ص 318 والتصريح 2/147 والأشموني 3/111.
(5) في (ب) : (جئت لا تضرني)، وفي (ج): (جئتك لتضربني).
(6) في (أ) و(ج): (لتضربني)، العبارة في (ب): (من نحو جئت لتنفعني لا تضرني).
(7) جاء في المقتضب 1/12 (و منها (بل) ومعناها الإضراب عن الأول والإثبات للثاني نحو قولك: ضربت زيدا بل عمرا وجاءني عبد الله بل أخوه وما جاءني رجل بل امرأة). فالمثال الأخير على كلام المبرد معناه (بل جاءتني امرأة) لقوله: والإثبات للثاني، أي إثبات ما كان منفيا، وإن أريد إثبات هذا المضرب عنه يكون المعنى (بل ما جاءتني امرأة) وهذا يحتمل الأمرين من المبرد.(3/21)
فإذا قلت: ما جاء زيد بل عمرو، يكون معناه (بل ما جاء عمرو) وهو مخالف للجمهور(1) في ذلك.
وحجتهم عليه امتناع النصب في نحو (ما زيد قائما بل قاعد) عند جميع العرب(2) فما ذكره مخالف لاستعمالهم(3).
ص: ولا يعطف غالبا على ضمير رفع متصل، ولا يؤكد بالنفس أو [92/ب] العين إلا بعد توكيده بمنفصل، أو بعد(4) فاصل ما، ولا على ضمير خفض إلا بإعادة الخافض.
ش: لما فرغ من ذكر حروف العطف شرع يذكر أحكاما تتعلق بالباب.
منها أنه لا يعطف على الضمير المرفوع المتصل إلا بعد توكيده بمنفصل، نحو قوله تعالى: { لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُم}(5) أو بعد وجود أيّ فاصل كان، نحو قوله تعالى: { مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا}(6) للفصل ب(لا).
وقوله: (غالبا) أيضا إشارة إلى أنه قد ورد العطف عليه من غير فصل(7) نحو قول الشاعر:
183- ..... ... ..... ما لم يكن وأبٌ له لينا لا (8)
__________
(1) مذهب الجمهور أن (بل) بعد النفي والنهي تكون لتقرير ما قبلها على حالته وإثبات ضده لما بعدها. والمبرد وافقهم على ذلك، وأجاز القول الآخر على زعم بعضهم. ينظر شرح المفصل 8/105 والتصريح 2/148 وهمع الهوامع 2/136.
(2) لأن (ما) لا تعمل إلا في منفي، فيجب الرفع هنا على تقدير (هو قاعد).
(3) الرد على هذا القول المنسوب للمبرد والأدلة على ذلك في شرح الكافية الشافية 3/1234 وشرح الألفية لابن الناظم ص 540 والتصريح 2/148.
(4) ساقطة من (ب) و (ج).
(5) من الآية 54 من سورة الأنبياء.
(6) من الآية 148 من سورة الأنعام.
(7) وهو جائز، لكنه قليل. ينظر شرح الكافية الشافية 3/1244.
(8) عجز بيت من الكامل، وهو من قصيدة لجرير بن عطية في هجاء الأخطل وصدره:
ورجا الأخيطل من سفاهة رأيه ..... ..... .....
ينظر ديوان جرير 1/57. وقد ورد البيت في الإنصاف 2/476 والمقرب 1/234 وشرح الكافية الشافية 3/1245 وشرح الألفية لابن الناظم 543 والعيني 4/160 والتصريح 2/151 وهمع 2/138 وشرح الأشموني 3/114.
والشاهد فيه قوله: (ما لم يكن وأب) حيث عطف (أبا) على الضمير المستتر في (يكن) دون فصل.(3/22)
وقول بعض العرب: (مررْتُ برجلٍ سَواءٍ والعَدَمُ)(1) أي مستو هو والعدم(2). ...
وفي قوله: (غالبا) أيضا إشارة إلى أنه، ولو كان قليلا فهو مطرد(3).
وقوله: (ضمير) فيه احتراز عن الظاهر، فيعطف عليه بلاشرط(4).
وقوله: (رفع) احترز به عن ضمير النصب، فهو كالظاهر(5) وعن ضمير الجر، فإنه سيذكر حكمه.
وقوله: (متصل) احترز به عن المنفصل(6)، فيعطف عليه بلا شرط(7).
ومنها(8) أنه لا يؤكد هذا الضمير(9) بالنفس والعين إلا بعد أن يؤكد بضمير منفصل(10).
وقد يقال: إن قوله:(غالبا) راجع لمسألتي العطف والتوكيد، وقد تقدم الكلام عليه في العطف(11).
__________
(1) حكاه سيبويه في الكتاب 2/31هارون، ولكنه قال:(هو قبيح حتى تقول وهو والعدم).
(2) فقد عطف (العدم) على ضمير الرفع في (سواء) دون فصل أو توكيد.
(3) عند الكوفيين وبعض البصريين، أما جمهور البصريين فيرون أنه غير مطرد.
ينظر الكتاب 2/31- هارون والإنصاف 2/474 وهمع الهوامع 2/138
(4) فتقول: جاء زيد وعمرو.
(5) فيعطف عليه بلا شرط، نحو رأيتك وزيدا .
(6) في (ج): (عن ضمير المنفصل).
(7) وذلك مثل ما جاء إلا أنا وزيد.
(8) أي ومن تلك الأحكام التي تتعلق بباب العطف.
(9) وهو الضمير المرفوع المتصل.
(10) كقولك: قوموا أنتم أنفسكم، والرجال جاؤوا هم أعينهم.
(11) سبق ذلك في ص 814.(3/23)
وأما في مسألة التوكيد فقد صرّح بتقييدها به في التسهيل(1) . وهو يفيد أنه قد يؤكد بالنفس أو بالعين من غير توكيد بمنفصل وهو ما صرّح به الأخفش، حيث قال: إنه يجوز، على ضعف (قاموا أنفسُهم)(2)، واقتضته عبارة الفارسي حيث قال: (لا يحسن...)(3).
وظاهر قوله: (أو بعد فاصل) أنه أيضا راجع للمسألتين فيقتضي جواز (قوموا – يا زيدون- أنفسكم) (4)، لوجود الفصل بالنداء(5).
ومنها أن العطف على الضمير المخفوض لابد فيه من إعادة الخافض، نحو (زيد مررت به وبعمرو) و ( أنا [93/أ] صاحبك وصاحب عمرو) (6).
وقد يقال: إن قوله: (غالبا) قيد في هذه المسألة أيضا، فيجوز العطف عليه من غير إعادة الجارّ .
__________
(1) قال ابن مالك في التسهيل ص 164: (ولا يؤكد بهما، غالبا ضمير رفع متصل إلا بعد توكيده بمنفصل. وقوله: (به) ساقط من. ب) و (ج).
(2) ورد قول الأخفش هذا في كتابه (المسائل) وهو مفقود ذكر ذلك المرادي في توضيح المقاصد 3/171.
(3) وردت عبارة الفارسي هذه في كتابه ( الإيضاح العضدي ) ص 284 حيث قال : لو قلت: جاؤوني أنفسهم لم يحسن حتى تؤكد فتقول : جاؤوني هم أنفسهم ..)
(4) في (ب) و (ج): (قاموا- يا زيدون- أنفسهم).
(5) وقد ذكر العلماء أنه إذا فصل بين الضمير المرفوع المتصل والتأكيد بأي فاصل فلا يجب تأكيده بضمير منفصل. ينظر ارتشاف الضرب 2/608.
(6) الخافض هنا هو (صاحب) لأنه مضاف، وهو العامل في المضاف إليه، فلذلك وجبت إعادته.(3/24)
وهو(1)، على هذا موافق ليونس(2) والأخفش(3) والكوفيين(4) واختيار(5) الشلوبين(6) وابن مالك(7).
ومذهب جمهور البصريين(8) أن إعادة الجار لازمة إلا في الضرورة.
واستدل الأولون(9) بقوله تعالى: {تَسَاءَلونَ بِهِ والأرْحَامِِ}(10) بالخفض(11) في قراءة حمزة(12)
__________
(1) أي ابن هشام. وقد اختار هذا المذهب أيضا في أوضح المسالك 3/ 61.
(2) ينظر التسهيل ص 178 والتصريح 2/151 .
(3) ينظر معاني القرآن للأخفش 1/224 وهمع الهوامع 2/139.
(4) ينظر مذهب الكوفيين في معاني القرآن للفراء 2/86 والإنصاف 2/463 وشرح الكافية للرضي 1/320.
(5) في (ج): (واختار).
(6) لم أجد قوله هذا في التوطئة لكن نسبه له كثير من العلماء. ينظر شرح عمدة الحافظ ص 665 وارتشاف الضرب 2/658 وتوضيح المقاصد 3/231.
(7) اختار ابن مالك هذا المذهب في جميع مصنفاته النحوية.
ينظر تسهيل الفوائد ص 177 وشرح التسهيل [198/ ب] وشرح الكافية الشافية 3/1246 وشرح عمدة الحافظ 659. وقد ذكر ابن مالك ثلاثة عشر دليلا على صحة استعمال ذلك.
(8) ينظر الكتاب 2/381 والمقتضب 4/152 وشرح المفصل 3/77 والتصريح 2/151 وهمع الهوامع 2/139 والأشموني 3/114.
(9) وهم الكوفيون ويونس والأخفش. ينظر شرح الكافية الشافية 3/1246 وما بعدها.
(10) من الآية 1 من سورة النساء.
(11) قوله: (بالخفض) ساقط من (ج).
(12) هو حمزة بن حبيب الزيات التيمي، مولاهم، وقيل: من صميمهم أحد القراء السبعة. ولد سنة 80 ه، أخذ القراءة عرضا عن سليمان الأعمش وحمران بن أعين وأبي إسحاق السبيعي وطلحة بن مصرف وغيرهم. وأخذ عنه إبراهيم بن أدهم وسليم بن عيسى والكسائي وغيرهم. توفي سنة 156، وقيل: 154. وقد أطال ابن الجزري في ترجمته.
ينظر التيسير للداني ص 6 وغاية النهاية 1/ 161.و قراءة حمزة هذه في السبعة لابن مجاهد ص 226 والنشر 2/247 وإتحاف فضلاء البشر 185.
وبقراءة الجر قرأ أيضا النخعي وقتادة وعن الأعمش. ينظر البحر المحيط 3/157.(3/25)
، عطفا على الضمير المجرور في (به). وبقول الشاعر:
184- فاليومَ قد جئْتَ تُؤذينَا وتَشتُمُنا
فَاذْهبْ فمَا بكَ والأيَّامِ من عَجبِ(1)
عطفا على الضمير المجرور في (بك).
وقول العرب، فيما حكاه قطرب: (ما فيها غيرُه وفَرَسِه) (2).
ص: [فصل](3) وإذا أتبع المنادى ببدل أو نسق مجرد من (أل ) فهو كالمنادى المستقل مطلقا. وتابع المنادى المبني غيرهما يرفع أو ينصب، إلا تابع (أيّ) فيرفع، وإلا تابع المضاف المجرد من (أل ) فينصب، كتابع المعرَب
ش: لما اختص تابع المنادى عن سائر التوابع بأحكام أفرده بالذكر. وهو على أربعة أقسام:
القسم الأول: ما حكمه تابعا كحكمه لو كان منادى مستقلا، وهو البدل والمعطوف عطف النسق، إذا كان مجردا من (أل ) سواء كان متبوعهما مبنيا أو معربا، كما يفهم من قوله: (إذا أتبع المنادى) حيث أطلقه ولم يقيده بالمبني، بخلاف ما بعده من الأقسام الآتية، فإنها خاصة بتابع المبني، ولذلك قال: (وتابع المنادى المبني غيرهما).
__________
(1) البيت من البسيط ولم يرد صدره في (أ) و (ج) وأثبته من (ب)، والمعروف صدره كذا:
فاليوم قرّ بت تهجونا وتشتمنا ..... ..... .....
وفي (ب): (من عدم) بدل (من عجب).
ولم يعرف قائله، وهو من أبيات سيبويه المجهولة القائل.
ينظر الكتاب 2/383- هارون والأصول 2/119 والإنصاف 2/464 وشرح المفصل 3/78 والمقرب 1/234 وضرائر الشعر ص 147 وشرح الكافية الشافية 3/1250 والبحر المحيط 3/158 وشرح الألفية لابن الناظم 545 والعيني 4/163 وهمع الهوامع 2/139 والأشموني 3/15 وخزانة الأدب 5/123.
والشاهد عطف الأيام على الضمير المجرور في (بك) دون إعادة الجارّ.
(2) لم أجد هذا القول في كتب قطرب المطبوعة. وقد ورد منسوبا إليه في شرح الكافية الشافية لابن مالك 3/1250 وشرح الأشموني 3/115.
(3) زيادة من شذور الذهب ص 33.(3/26)
تقول: يا زيدُ بشرُ، ويا زيد وبشرُ بالضم(1) وتقول: يا زيدُ أبا عبد الله، ويا زيدُ وأبا عبد الله(2) بالنصب(3) وكذلك(4) تقول: يا عبدَ الله بشرُ ويا عبدَ الله وبشرُ بالضم، ويا عبدَ الله أبا علي ويا عبد الله وأبا علي.
وسبب ذلك أن البدل في نية تكرار العامل، والعاطف كالنائب عن [93/ب] العامل(5) هذا هو مذهب الجمهور(6).
وأجاز الكوفيون(7) والمازني(8) النصب في النسق. وأشار ابن مالك في التسهيل(9) إلى تقويته .
__________
(1) أي بالبناء على الضم، لأنه علم مفرد.
(2) في (ج): (ويا زيد وأبا عبد) .
(3) أي بالنصب على الإعراب، لأن التابع هنا مضاف .
(4) في (ب) و (ج): (وكذا).
(5) ينظر شرح الكافية الشافية 3/1313 والتصريح 2/176.
(6) وقد نص عليه سيبويه والمبرد. ينظر الكتاب 2/186 - هارون والمقتضب 4/211 وهمع الهوامع 2/142 والأشموني 3/149.
(7) لم أجد هذا القول في كتب الكوفيين، وقد نسبه لهم ابن مالك في شرح الكافية الشافية 3/1315.
(8) هو بكر بن محمد بن بقية، وقيل: بكر بن محمد بن عديّ بن حبيب، أبو عثمان المازني كان من كبار علماء البصرة، أخذ العلم عن أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد الأنصاري ومن تلاميذه أبو العباس المبرد واليزيدي وغيرهما، وكان المبرد يكثر من الثناء عليه. وله من المؤلفات كتاب التصريف والألف واللام والعروض والقوافي وغيرها، وقد توفي بالبصرة سنة 249ه.
ترجمته في طبقات النحويين 87 ونزهة الألباء 140 وإنباه الرواة 1/281 ومعجم الأدباء 7/107وإشارة التعيين 61 وبغية الوعاة 1/463.وينظر قول المازني هذا في الأصول لابن السراج 1/372.
(9) وردت هذه الإشارة في شرح التسهيل لا في التسهيل نفسه، حيث قال في الشرح [203/أ ]: (وأجاز المازني والكوفيون إجراء المنسوق العاري من (أل) مجرى المقرون بها فيقولون: يا زيد وعمرا وعمرو كما يقال بإجماع: يا زيد الحارثَ والحارثُ. وما رأوه غير بعيد من الصحة...).(3/27)
القسم الثاني: ما يجوز فيه الرفع والنصب، وهو شيئان:
أحدهما: النعت المضاف المقرون بأل، نحو يا زيد الحسن الوجه(1).
ثانيهما: النعت أو التوكيد أو البيان المجرد عن الإضافة، والمنسوق إذا كان بأل. نحو يا زيد الحسنُ والحسنَ ويا تميم أجمعون وأجمعين ويا غلام بشرٌ وبشراً(2).
وقال الله تعالى: {يا جِبالُ أوِّبي مَعَه والطّيرَ}(3).
قرئ بالرفع(4) والنصب(5).
ووجه ذلك أما النصب فالإتباع للمحل(6)، وأما الضم فالإتباع للفظ(7)، وإن كان حركة [بناء](8) وحركة البناء لا تُتبع، فإنها لاطّرادها في باب البناء صارت كحركة الإعراب فأُتْبعت.
فإن قيل: ما الفرق بين نوعي النسق، حيث أعطي الأول حكم المستقل وجاز في الثاني الوجهان؟
__________
(1) وذلك في الإضافة غير المحضة. راجع همع الهوامع 2/142.
(2) وقد أجمع العلماء على جواز الأمرين الرفع والنصب، لكن اختلفوا في الراجح منهما، فاختار الخليل وسيبويه والمازني الرفع، واختار أبو عمرو وعيسى بن عمر ويونس والجرمي النصب. ينظر الكتاب 2/186 والمقتضب 4/212 وشرح التسهيل لابن مالك [202/ب].
(3) من الآية 10 من سورة سبأ.
(4) جاء في النشر 2/349 : (وانفرد ابن مهران عن هبة الله بن جعفر عن أصحابه عن روح برفع الراء من (الطير). وهي رواية زيد عن يعقوب، ووردت عن عاصم وأبي عمرو) . المبسوط لابن مهران ص 304 والشواذ لابن خالويه ص 121 والبحر المحيط 7/263.
(5) وهي قراءة جمهور القراء، ومنهم القراء الأربعة عشر.
ينظر البحر المحيط 7/263 والنشر 2/349 وإتحاف فضلاء البشر 358.
(6) أي عطفا على محل (جبال) لأنها في محل نصب.
(7) قوله: (فالإتباع للفظ) ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج).
(8) في النسخ: (إتباع) وهو سهو، والصواب ما أثبته.(3/28)
فالجواب أن(أل) في القسم الثاني(1) يمنع من تقديره منادى، إذْ حرف النداء لا يجتمع معها(2)، فلا يعطى حكم المستقل، بخلاف القسم الأول(3).
الثالث ما يتعين رفعه. وهو نعت (أيّ) وفي معناه (أيّة) لأنها مؤنثته(4). نحو { يَا أَيُّهَا النَّاسُ}(5) {يَآ أَيَّتُهَا النَّفْسُ }(6).
وإنما وجب رفعه مراعاة للفظ المنادى(7)، وأيضا فلأنه(8) هو المقصود بالنداء(9).
القسم الرابع: ما يجب نصبه مراعاة لمحل المنادى وهو ما اجتمع فيه أمران:
أحدهما: أن يكون نعتا أو بيانا أو توكيدا وهو المراد بقوله: (التابع...) بقرينة السياق .
والثاني: أن يكون مضافا مجردا من (أل). نحو يا زيدُ صاحبَ عمرو، ويا زيدُ أبا عبد الله، ويا تميم كلَّهم أوكلَّكم(10).
فإن قيل: فلم لا يجوز الرفع في هذا القسم(11)؟
فالجواب أنه لو جاز لزم عليه أن يفضُل(12) الفرع الأصل فإنه لو كان منادى لوجب [94/أ] نصبه(13) .
__________
(1) وهو المقترن بأل. وفي (أ): (في الوجه الثاني)، والمثبت من (ب) و (ج) .
(2) أي مع أل.
(3) ذكر هذا الجواب المرادي في توضيح المقاصد 3/295.
(4) في (أ) و(ب): (لأنها مؤنثة) والمثبت من (ج) .
(5) من الآية 1 من سورة النساء، وورد هذا النص في آيات كثيرة من القرآن الكريم.
(6) من الآية 27 من سورة الفجر.
(7) وهو هنا (أيّ) أو (أية) .
(8) أي نعت (أي) أو (أية) هو المقصود بالنداء وإنما ذكرتا للتوصل لنداء ما فيه (أل).
(9) هذا مذهب جمهور العلماء. وأجاز المازني فيه النصب قياسا. ينظر شرح الكافية الشافية 3/1318.
(10) الأول مثال النعت والثاني مثال البيان والثالث مثال التوكيد.
(11) أي القسم الرابع، وهو المضاف المجرد من أل إذا كان نعتا أو بيانا أو توكيدا، وقد أجاز الكوفيون الرفع فيه أيضا.
راجع ذلك في توضيح المقاصد 3/294 وهمع الهوامع 2/142.
(12) قوله: (يفضل) ساقط من (ب) وترك لها بياض بقدرها.
(13) مراده أنه لو جاء تابعا للمنادى جاز نصبه ورفعه، بينما إذا كان منادى وجب نصبه.(3/29)
فإن قيل فلأي شيء ألحق المضاف المقرون بأل بالمفرد في جواز الوجهين؟ فالجواب لأن إضافته غير محضة، فلم يعتد بها(1).
وقوله (كتابع المعرب) وهو المضاف وشبهه، يجب أن يكون منصوبا إلا في البدل والنسق المجرد من (أل ) فإنهما كالمنادى المستقل، كما أفاده قوله: (وإذا أتبع المنادى) على ما تقدم.
__________
(1) وذلك نحو يا زيد الضارب الرجل. وينظر توضيح المقاصد 3/193.(3/30)
ص: باب، وإذا شغل(1) فعلا أو وصفا ضميرُ اسم سابق أو ملابس لضميره عن نصبه وجب نصبه بمحذوف مماثل للمذكور(2)، إن تلا ما يختص بالفعل كإنْ الشرطية وهلاَّ ومتى. وترجح إن تلا ما الفعل به أولى(3)، كالهمزة و(ما) النافية. أو عاطفا على فعلية غير مفصول بأمّا نحو {أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً نَتَّبِعُهُ}(4) {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ}(5). أو كان المشغول طلبا.
ووجب رفعه بالابتداء إن تلا ما يختص به كإذا الفجائية، أو تلاه ماله الصدر ك(زيدٌ هلْ رأيتَه) وهذا خارج عن أصل الباب(6)، ومثله {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ}(7) و(زيدٌ ما أحسنَه). وترجح في نحو (زيد ضربته) (8)، واستويا في نحو (زيدٌ قائمٌ وعمراً (9) أكرمتُه).
ش: هذا الباب مترجم بباب اشتغال العامل عن المعمول.
ومناسبته للأبواب السابقة(10) واضحة(11).
وحدّه كما يؤخذ من كلام الشيخ: أن يتقدم اسم ويتأخر عنه عامل مشغول عن العمل فيه بالعمل في ضميره أو ملابسه، كقولك: زيدا ضربته فيقتضي مشغولا وشاغلا(12) ومشغولا عنه.
__________
(1) كلمة (باب) ساقطة من (أ). وفي (ب) و (ج): (اشتغل) وهو تحريف.
(2) في (ج): (للمذكر) وهو تحريف.
(3) في (ب): (إن تلاما يختص بالفعل أولى) وفي (ج): (ما بالفعل أولى).
(4) من الآية 24 من سورة القمر.
(5) من الآية 5 من سورة النحل.
(6) في (ب): (وهذا خارج عن هذا الباب).
(7) الآية 52 من سورة القمر.
(8) في (أ) و(ب): (زيدا ضربته)، وفي (ج): (زيد ضربت)، تصحيحه من الشذور.
(9) في (ب): (وعمرو أكرمت) وفي (ج): (وعمرو أكرمته).
(10) في (ب): (للأبواب التي قبله) وفي (ج): (للأبواب قبله).
(11) وذلك لأن الأبواب التي قبله في العوامل، وفي باب الاشتغال تطبيق لتلك العوامل على المعمولات.
(12) المشغول العامل والشاغل هو الضمير والمشغول عنه الاسم المتقدم.(4/1)
فقوله: (فعلا أو وصفا) بيان(1) لعمل المشغول وأنه لا يتعين كونه فعلا بل يكون أيضا وصفا، كقولك: (زيدا(2) أنا ضاربه الآن أو غدا). فلا يقوم غير الصفة كالمصدر واسم الفعل مقامها في ذلك.
ولابد أن يكون هذا الوصف صالحا للعمل فيما قبله، بخلاف (زيد أنا الضاربه) (3) [81/ب] و(وجه الأبُ زيدٌ حسَنُه) لأن الصلة والصفة المشبهة لا يعملان فيما قبلهما.
وقوله: (ضمير اسم) بيان للشاغل، وهو مرفوع فاعلا بقوله (شغل) وقوله: (فعلا) مفعوله. وقوله: (أو ملابس لضميره) معطوف على الفاعل. يعني أن الشاغل للعامل عن العمل في الاسم السابق إما ضمير ذلك الاسم السابق، كما في مثال: زيدا ضربته(4). وإما ملابس ذلك الضمير، كما في زيدا ضربت غلامه(5).
وقوله: (عن نصبه) بيان للمشغول عنه. يعني أن العامل المذكور اشتغل عن نصب لفظ الاسم المذكور، كما في: زيدا ضربته(6) أو محله كما في:هذا ضربته(7).
إذا علمت ذلك فاعلم أن الاسم السابق تارة يجب نصبه وتارة يترجح وتارة يجب رفعه وتارة يترجح أيضا(8) وتارة يستوي فيه الرفع والنصب.
لكن مسائل وجوب الرفع ليست من الباب في شيء(9)، لأنه لا يصدق عليها حد الاشتغال، ولهذا يقع في بعض النسخ عقب ذكرها: (وهذا خارج عن أصل الباب). وذكرها حينئذ في الباب إنما هو لتكميل الفائدة باستيفاء الأقسام.
فقوله: (وجب نصبه) إشارة إلى مسائل تعين النصب، وهو جواب للشرط في قوله: (إذا شغل) (10).
__________
(1) في (ج): (بيانا) بالنصب، وهو خطأ ظاهر.
(2) في (أ): (زيد) صوابه من (ب) و (ج).
(3) في (ج): (زيد أنا ضاربه) وهو خطأ.
(4) في (ج): (زيد ضربته).
(5) في (أ) و (ج): (زيد ضربت غلامه) والمثبت من (ب).
(6) في (أ): (زيد ضربته) وفي (ج) (زيد ضربت) والتصويب من (ب).
(7) في (ج): (هذا ضربت).
(8) أيضا) زيادة من (ج).
(9) قوله: (في شيء) ساقط من (ج).
(10) في (ب) و(ج): (اشتغل).(4/2)
وقوله: (بمحذوف) أي أن النصب في الاسم السابق يجب أن يكون بعامل محذوف ولا يكون بالمذكور لاشتغاله.
وقوله: (مماثل) أي مماثل للعامل المذكور.
والمماثلة المذكورة إما في اللفظ والمعنى، وذلك في نحو: زيدا ضربته(1). أو في المعنى فقط، وذلك في نحو: زيدا مررت به، فإنك تقدر (جاوزت)(2) وفي نحو: زيدا ضربت غلامه، فإنك تقدر (أهنت) زيدا.
وقوله: (إن تلا) أي الاسم السابق.
وقوله: (ما) مفعول لقوله: (تلا)، وهي موصولة أو موصوفة.
وقوله: (يختص بالفعل) صلة أو صفة. وفي (يختص) ضمير عائد على (ما).
وقوله: [82/أ] (كإن الشرطية) وما عطف عليه أمثلة لما يختص بالفعل. فإذا وقع الاسم السابق بعد (إن) الشرطية(3) المذكورة وجب نصبه نحو (إنْ زيدًا لقيته فأكرمه) (4).
وكذلك إذا وقع بعد (إذا) نحو (إذا زيدا لقيته أو تلقاه فأكرمه).
واحترز بالشرطية عن غيرها كالنافية والزائدة، وغير (إِنْ) و (إذا) من أدوات الشرط، ك(مهما) في كونه يختص بالأفعال. لكن لا يقع الاشتغال بعده إلا في الشعر، وأما في الكلام(5) فلا يليه إلا صريح الفعل، كما صرّح به المصنف في توضيح الألفية(6).
وإذا وقع بعد (هلاّ)- وهي من أدوات التحضيض، نحو هلا زيدا أكرمته وجب نصبه لكونها تختص بالأفعال، وأخواتها مثلها في ذلك(7).
__________
(1) لأن التقدير: ضربت زيدا ضربته.
(2) والمجاوزة بمعنى المرور.
(3) قوله: (الشرطية) زيادة من (ب) و (ج).
(4) ويكون التقدير (إن لقيت زيدا لقيته فأكرمه) وجملة (لقيته) مفسّرة، لا محل لها من الإعراب.
(5) يعني النثر. ينظر التصريح 1/298.
(6) أوضح المسالك 2/5.
(7) المقصود بأخوات (هلا) حروف التحضيض وهي هلا وألا ولولا ولوما.
ينظر شرح الألفية لابن الناظم ص 717.(4/3)
وإذا وقع بعد (متى) الاستفهامية وجب أيضا نصبه، وكذا بقية أدوات الاستفهام إلا الهمزة فلا يجب النصب بعدها بل يترجح على ما سيأتي، إلا أن الاشتغال بعد أدوات الاستفهام المذكورة لا يقع إلا في الشعر، كما صرّح به أيضا المصنف(1).
وقوله: (إن تلا ما الفعل به أولى) إعرابه كما تقدم في قوله: (إن تلا ما يختص بالفعل). وهو إشارة إلى مسائل ترجح النصب، وذكر منها ثلاثا:
الأولى: أن يقع السابق بعد شيء الأولى أن يليه الفعل، ولذلك أمثلة، منها همزة الاستفهام، نحو قوله تعالى: {أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً نَتَّبِعُهُ}(2).
ومنها النفي بما، نحو (ما زيدا رأيته). وفي معنى (ما) النافية (إنْ) و(لا) النافيتان(3).
وقوله (أو عاطفا) إشارة إلى الثانية من مسائل ترجح النصب.
فقوله: (عاطفا) منصوب عطفا على قوله: (ما) أي وترجح النصب إن تلا الاسم السابق عاطفا، أيّ عاطف كان، على جملة فعلية سابقة، ولم يفصل ذلك العاطف بأمّا.كقولك(4): قام زيد وعمرا أكرمته، نحو قوله تعالى [82/ب] {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ}(5) بعد قوله تعالى: {خَلَقَ الإِّنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ}(6).
واحترز عن المفصول بأَمَّا، نحو (ضربت زيدا وأمَّا عمرو فأهنته)(7) فالمختار فيه الرفع، لأن (أَمَّا) تقطع ما بعدها عما قبلها(8).
قال الشيخ(9): "وحتى ولكن وبل كالعاطف، نحو ضربت القوم حتى زيدا ضربته". انتهى.
__________
(1) في أوضح المسالك 2/5.
(2) من الآية 24 من سورة القمر.
(3) مثال (إن) إن زيدا أكرمته، ومثال (لا) لا زيدا أعطيته ولا عمرا.
(4) في (ب): (نحو قولك) وفي (ج): (قولك).
(5) من الآية 5 من سورة النحل.
(6) من الآية 4 من سورة النحل.
(7) في (أ) و (ب): (وأما عمرا فأهنته) والمثبت من (ج).
(8) فكأن ما بعدها جملة مستقلة عن جملة (ضربت زيدا) فتأخذ حكم (زيد ضربته).
(9) أي ابن هشام في أوضح المسالك 2/11.(4/4)
وإنما لم يجعلها عاطفة هنا، وإن كانت معدودة في باب العطف من أدواته، لأن شرط العطف بها إفراد معطوفها، كما سيأتي(1)، وهي هنا إذا وليها المنصوب كان بعدها(2) جملة لكنهم نزلوها منزلة العاطف فأعطوها حكمه. والله أعلم.
وقوله: (أو كان المشغول طلبا) إشارة إلى المسألة الثالثة من مسائل ترجح النصب. أي وترجح النصب على الرفع إذا كان الفعل المشغول طلبا وهو الأمر والدعاء، ولو بصيغة الخبر. نحو زيدا اضْربه(3)، واللهم عبدك ارحمه(4) وزيدا غفر الله له(5).
وقوله: (ووجب رفعه) إشارة إلى مسائل وجوب الرفع:
فمنها أن يتلو الاسم ما يختص بالابتداء(6)، ك(إذا) الفجائية، نحو (خرجت فإذا زيد يضربه عمرو).
وإنما وجب الرفع لأنه لو نُصب لولي (إذا) الفجائية الفعل وهي لا يليها إلا المبتدأ والخبر. فالضمير في قوله: (به) يرجع إلى الابتداء(7).
وقوله: (أو تلاه ما له الصدر) أي ويجب الرفع إن تلا الاسم شيء(8) له صدر الكلام، ك(هل) الاستفهامية، نحو زيد هل رأيته.
ومثله (ما) التعجبية، نحو زيد ما أحسنه!
لأن ماله صدر الكلام يمنع ما بعده أن يعمل فيما قبله(9).
__________
(1) في باب العطف ص 810.
(2) في (أ): (كان جرها) وفي (ج): (كان بعد) وهو تصحيف، صوابه من (ب).
(3) هذا مثال الأمر.
(4) هذا مثال الدعاء، وهو الطلب من الأدنى إلى الأعلى.
(5) في (ج): (زيد اغفر اللهم له) وهو لا يصلح مثالا للدعاء الذي بصيغة الخبر.
(6) في (أ): (ما يختص بالنداء) وهو تصحيف، صوابه من (ب) و (ج).
(7) في (ب): (رفعه بالابتداء) وهو خطأ، وقوله: (به) ساقط من (ج).
(8) في (ج): (شيئا) بالنصب، وهو خطأ، لأنه فاعل (تلا).
(9) ومما لا يعمل ما بعده فيما قبله أيضا بقية أدوات الاستفهام وأدوات الشرط و(هلا) التحضيضية و(إلا) الاستثنائية. راجع التصريح 1/303.(4/5)
ومن ذلك قوله تعالى: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ}(1) فيتعين فيه رفع (كلّ) ولا يجوز نصبه. لأن (فعلوه) صفة له، والصفة لا تعمل في الموصوف(2).
وإنما لم تكن مسائل الرفع من باب الاشتغال، كما تقدم لأنه [83/أ] لا يصح فيها أن يعمل العامل المشغول في الاسم السابق لما تبيّن. والقاعدة أن ما لا يعمل لا يفسِّر عاملا.
ووقع في نسخة قبل قوله: (أو تلاه) لفظة (قيل) (3) وهي إشارة إلى خلاف في ذلك، ولم أقف عليه(4).
وقوله: (وترجح) بصيغة الماضي، وهو إشارة إلى ما ترجح رفعه(5).
وضابطه ألاَّ يوجد ما يوجب نصب المشتغل عنه(6)، ولا ما يرجح نصبه على رفعه، ولا ما يستوي بينهما. وهذا هو الأصل في باب الاشتغال، نحو (زيد ضربته) لعدم احتياجه(7) إلى تقدير. فيكون مرفوعا بالابتداء، وتكون جملة الكلام حينئذ اسمية.
ويجوز النصب، وهو مرجوح لاحتياجه إلى تقدير الناصب، وتكون جملة الكلام حينئذ فعلية(8).
وقوله: (واستويا) إشارة إلى ما يستوي فيه الرفع والنصب، وذلك في نحو (زيد قام وعمرا أكرمته).
__________
(1) من الآية 52 من سورة القمر.
(2) ينظر في ذلك البيان للأنباري2/406 والتبيان للعكبري 2/1196.
(3) ليست هذه الكلمة في النسخة المطبوعة من شذور الذهب.
(4) لم أعثر على أي خلاف في هذه المسالة، وهي وجوب الرفع إن تلا الاسم ماله صدر الكلام، بل أجمع العلماء على ذلك. وإنما وقع الخلاف في الرفع بعد (إذا) الفجائية على أقوال ثلاثة:
الأول: وجوب الرفع، لأنها لا تدخل على الجمل الفعلية، وهذا هو الصحيح.
الثاني: جواز النصب، لأنهم أجازوا فيها الدخول على الجمل الفعلية.
الثالث: جواز النصب إن دخل على الفعل (قد).(ينظر التصريح 1/303).
(5) في (أ): (إلى ما رجح رفعه، والمثبت من (ب) و (ج).
(6) في (ب) و (ج): المشغول عنه.
(7) أي الرفع.
(8) من قوله: (الناصب..) إلى هنا ساقط من (ب) و (ج).(4/6)
وضابطه أن يبنى الفعل المذكور على اسم غير (ما) التعجبية(1) ويقع الاسم بعد عاطف غير مفصول بأَمَّا، وفي الجملة المعطوفة ضمير يعود على الاسم المذكور، أو يكون العطف بالفاء(2).
وإنما استويا لأن الرفع يتضمن عطف جملة اسمية على مثلها، وهي جملة (زيد قام) والنصب أيضا يتضمن عطف فعلية على مثلها، وهي جملة (قام) التي هي الجملة الصغرى(3). فالتشاكل بين المتعاطفين حاصل على التقديرين(4).
ص: باب. يتبع ما قبله في إعرابه خمسة.
ش: لما أنهى الكلام على المعرب بالأصالة والاستقلال شرع يتكلم فيما إعرابه بتبعية غيره، ويسمى تابعا.
والتابع هو المشارك لما قبله في إعرابه الحاصل والمتجدد(5) غير خبر.
فخرج بالحاصل والمتجدد خبر المبتدأ، والمفعول الثاني، وحال المنصوب(6).
وخرج بغير خبر(حامض) من قولك: (هذا حلو حامض).
__________
(1) لأن (ما) التعجبية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، ومالا يعمل لا يفسر عاملا.
(2) في (ج): (أو يكون العاطف بالفاء).
ومثال الفاء (زيد قام فعمرو أكرمته) فيجوز في (عمرو) الرفع عطفا على (زيد) والنصب بتقدير فعل يفسره ما بعده، وتكون الفاء عاطفة لهذه الجملة الفعلية على جملة (قام).
(3) الجملة) ساقطة من (ج).
والجملة الصغرى هي الجملة الفعلية التي تسبق باسم قبلها، نحو زيد قام أبوه.
(4) أي تقدير الرفع عطفا على الجملة الاسمية وتقدير النصب عطفا على الجملة الفعلية.
(5) مراده بالإعراب الحاصل والمتجدد ثبوت الإعراب وتبدله فالتابع يتبدل إعرابه بتبدل إعراب متبوعه.
وهذا التعريف هو تعريف ابن مالك للتابع. في شرح الكافية الشافية 2/1146.
(6) لأنها لا تشارك ما قبلها إذا تغير العامل، فهي ملازمة لإعرابها دائما.
مثال الخبر: زيد قائم ومثال المفعول الثاني: كسوت الفقير ثوبا، ومثال الحال من المنصوب: ضربت زيدا مجردا.(4/7)
وهذا الحد لا يشمل من التأكيد ما [83/ب] كان لفظيا في حرف أو في فعل غير معرب، إذ لا إعراب(1) تقع فيه المشاركة(2).
وقوله: (ما قبله) يعم الاسم والفعل، فكما يتبع الاسمُ الاسمَ فكذلك يتبع الفعلُ الفعلَ(3).
وقوله: (في إعرابه) يفهم أن العامل في التابع هو العامل في المتبوع، وهو ظاهر مذهب سيبويه(4)، واختاره ابن مالك(5)، خلافا لمن خصّص ذلك بغير البدل(6)، وقال: إن العامل فيه مقدّر(7).
ويفهم من قوله: (ما قبله) أن التابع لا يتقدم على المتبوع، وهو كذلك(8).
وقوله: (خمسة) هي التوكيد(9) والنعت وعطف البيان والبدل وعطف النسق.ودليل الحصر فيها الاستقراء(10).
ومن فصل التوكيد اللفظي عن المعنوي جعلها(11) ستا. ومن أطلق العطف ليدخل فيه البيان والنسق جعلها أربعا.
__________
(1) أي في الحرف والفعل غير المعرب.
(2) في (أ): (يقع فيه المشاركة) والمثبت من (ب) و(ج).
(3) ومن ذلك قوله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ} فجزم الفعل الثاني لأنه تابع للأول.
(4) هذا مذهب سيبويه والمبرد. ينظر الكتاب1/150، 421، 437 ـهارون والمقتضب 4/295. وفي (ب) و (ج): (وهو مذهب سيبويه).
(5) في تسهيل الفوائد ص 163 وشرح الكافية الشافية 3/1286.
(6) وهم الجمهور. وينظر شرح الكافية للرضي 1/300 والتصريح 2/108.
(7) لأنهم زعموا أن العامل في البدل غير العامل في المبدل منه، فقدروا للبدل عاملا.
(8) عند البصريين، وأجاز الكوفيون تقديم المعطوف بشروط تنظر في توضيح المقاصد للمرادي 3/131.
(9) في (ب) و (ج): (التأكيد).
(10) وذلك لأن التابع إما أن يتبع بواسطة حرف أو لا، فإن كان بحرف فهو عطف النسق، وإن لم يكن بحرف فإما أن يكون على نية تكرار العامل أو لا، فالأول هو البدل، والثاني إما أن يكون بألفاظ مخصوصة أو لا، فالأول التوكيد، والثاني إما أن يكون مشتقا أو لا، فالأول النعت والثاني عطف البيان. ينظر التصريح 2/108.
(11) أي التوابع.(4/8)
ص: أحدها التوكيد، وهو تابع يقرر أمر المتبوع(1) في النسبة أو الشمول، فالأول نحو(2) جاءني زيد نفسه، والزيدان أنفسهما(3) والزيدون أنفسهم، والهندات أنفسهنّ والعين كالنفس.
والثاني: نحو جاء الزيدان كلاهما والهندان كلتاهما، واشتريت العبد كله، والعبيد كلهم، والأمة كلها(4) والإماء كلهن.
ش: إنما قدم الشيخ التوكيد على النعت، لأن التوكيد يحقق المتبوع، والنعت يبين صفته، وما يدل على تحقيق الشيء متقدّم على ما يدل على صفته(5).
والتوكيد والتأكيد كل منهما مصدر (أكد)(6)، وسمّى به التابع(7). وهو على قسمين: لفظي، وسيأتي. ومعنوي، وحدّه الشيخ بقوله: (تابع....) إلى آخره.
فقوله: (تابع) كالجنس يدخل فيه التوابع كلها.
وقوله: (يقرر أمر المتبوع) إلى آخره يخرج ما عداه من التوابع.
وقوله: (في النسبة أو الشمول) أفاد به أن التأكيد المعنوي(8) نوعان:
أحدهما: ما يرفع توهم الإضافة إلى المتبوع(9) وهذا معنى قوله: (يقرر أمر المتبوع في النسبة).
__________
(1) في (ب) و(ج): (أمر متبوعه).
(2) ساقطة من (ب) و(ج).
(3) في شذور الذهب ص 30 (والزيدان أو الهندان أنفسهما).
(4) قوله: (كلها) ساقط من (ج).
(5) من قوله: (وما يدل على تحقيق الشيء). إلى هنا ساقط من (ب).
(6) الصحيح أن التأكيد مصدر أكد يؤكد تأكيدا، وأن التوكيد مصدر وكّد يوكد توكيدا، وهو بالواو أكثر ولذلك شاع استعماله به عند النحاة. ينظر التصريح 2/120.
(7) أي صار علما على هذا التابع المعروف.
(8) قوله: (المعنوي) ساقط من (ب) و(ج). وفيهما: (أن التوكيد نوعان).
(9) أي دفع توهم أن المراد المضاف المحذوف. فمثلا قولك: جاء زيد يحتمل أن الجائي كتابه أو رسوله فإذا قلت: (جاء زيد نفسه) ارتفع الاحتمال.(4/9)
وثانيهما: ما يرفع توهم إرادة الخصوص بما ظاهره العموم(1)، وهذا معنى قوله(2): [84/أ] (أو الشمول). ف(أو) للتنويع في المحدود لا للترديد(3) في الحد.
وقوله: (فالأول) أي الذي يقرر أمر المتبوع في النسبة يكون بالنفس ويكون بالعين، كما يستفاد من قوله: (والعين كالنفس).
فتقول في تأكيد المفرد: جاء زيد نفسه أو عينه، وجاءت هند نفسها أو عينها. وتقول في تأكيد(4) المثنى: جاء الزيدان أنفسهما أو أعينهما، وجاءت الهندان أنفسهما أو أعينهما(5). وتقول في تأكيد الجمع: جاء الزيدون أنفسهم أو أعينهم، وجاءت الهندات أنفسهن أو أعينهن.
وبيان التقرير في ذلك أنك إذا اقتصرت على قولك: (جاء زيد) احتمل أن الجائي خبره أو متاعه، وأنك ارتكبت المجاز، فإذا أتيت بالنفس أو بالعين ارتفع ذلك الاحتمال.
قوله: (والثاني) أي النوع الثاني من نوعي التوكيد المعنوي وهو ما يفيد تقرير أمر المتبوع في الشمول، يكون بألفاظ(6)
__________
(1) كقولك: (جاء القوم) فإنه محتمل لكون الذين جاؤوا أكثرهم أو بعضهم، فإذا قلت: جاء القوم كلهم ارتفع ذلك الاحتمال.
(2) من قوله: (يقرر أمر المتبوع..) إلى هنا ساقط من (أ) بسبب انتقال النظر، وأثبته من (ب) و (ج).
(3) كذا في النسخ، ولعله يريد (لا للتردد)، وفي (ب): (فأو للتنويع في الحدّ، لا للترديد في الحد).
(4) في (ج): (توكيد) في جميع هذه المواضع.
(5) في (أ): (جاء الزيدان أنفسهما أعينهما، وجاء الهندات أنفسهما أعينهما). والمثبت من (ب) و (ج).
(6) وألفاظ القسم الثاني من أقسام التوكيد المعنوي كثيرة، منها ما ذكره المؤلف، ومنها (أجمع) و(جمعاء) و(جميعا) و (أجمعون) و(عامة) ومنها (أكتع)وأخواته، ومنها (أبصع) وأخواته. ويؤتى بها على الترتيب فيؤكد بأجمع بعد (كل) وبأكتع بعد أجمع وبأبصع بعد أكتع، وزاد الكوفيون (أبتع) بعد (أبصع).
ينظر مجالس ثعلب 1/98 وشرح الكافية الشافية 3/1172.(4/10)
ذكر المصنف منها (كِلا) نحو جاء الزيدان كلاهما و (كلتا) نحو جاءت الهندان كلتاهما. و(كُلاّ) نحو اشتريت العبد كله، والعبيد كلهم والأمة كلها والإماء كلهن.
وبيان تقرير الشمول في التوكيد بهذه الألفاظ أنك تقول: (جاءني الزيدان)، وأنت تريد أحدهما، كما في قوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ}(1) أي من أحدهما(2)، فبقولك: (كلاهما) ارتفع ذلك الاحتمال.
ومن أجل ذلك لا يؤكد نحو (اختصم الزيدان) لأنه لا يصح اختصم أحد الزيدين(3): وكذا تقول في (اشتريت العبد) (4) ونحوه.
تنبيهات:
التنبيه الأول: فهم من تمثيله وجوب اتصال النفس والعين بضمير مطابق للمؤَّكد، وكذلك فهم منه وجوب اتصال (كِلاَ) و(كِلتَا) بالضمير المطابق أيضا. وهو كذلك.
التنبيه الثاني: فهم منه أيضا أنه يشترط أن يكون لفظ النفس والعين طِبق المؤكد في الإفراد والجمع دون [84/ب] التثنية. فإنه تجمع فيها(5) النفس والعين على (أفعل) أيضا(6).
لكن ربما يتوهم من كلامه تعيُّن الجمع فيها، وليس كذلك.
__________
(1) الآية 22 من سورة الرحمن. وقوله: (والمرجان) لم يرد في (أ) و (ب).
(2) وهو البحر الملح، راجع البحر المحيط 8/ 191- 192.
(3) هذا قول بعض العلماء وصححه أبو حيان والسيوطي. وذهب جمهور العلماء إلى جواز ذلك. انظر المسألة في شرح الكافية للرضي 1/335 والارتشاف 2/608 والهمع 2/123. وكلمة (نحو) لم ترد في (ب) و (ج).
(4) فيصح التأكيد هنا، تقول: اشتريت العبد كلّه، لأن العبد يفترق حكما بالنسبة إلى بعض الأفعال، كالبيع والشراء، فإنه يصح شراء بعض العبد دون باقيه، ولو قال الشارح: (بخلاف قولك: اشتريت العبد) لكان أوضح. ينظر شرح الكافية للرضي 1/335.
(5) أي في التثنية. وفي (أ): (يجمع فيها) والمثبت من (ب) و (ج).
(6) تقول: جاء الزيدان أنفسهما، وجاءت الهندان أعينهما.(4/11)
فيجوز الإفراد، فتقول: (جاء الزيدان نفسهما). والتثنية نحو (جاء الزيدان نفساهما) والإفراد أرجح من التثنية(1).
التنبيه الثالث: لم يذكر من ألفاظ النوع الثاني (جميعا) و(عامة)، لندور(2) التوكيد بهما، وإن ذكرهما غيره(3) وحكمهما(4) في [اتصال](5) الضمير حكم الثلاثة(6).
فمن التوكيد ب(جميع) قول امرأة لولدها:
171- فداك حيّ خولان جميعهم وهمدان(7)
والتوكيد ب(عامة) كقولك: اشتريت العبد عامته(8).
ص: ولا تؤكد نكرة مطلقا.
ش: اختلف(9) هل يجوز توكيد النكرة أم لا(10)
__________
(1) لكراهة اجتماع تثنيتين. ينظر التصريح 2/121.
(2) في (أ) و (ج): (لغير) وهو تحريف، والمثبت من (ب).
(3) فقد ذكرهما سيبويه وابن مالك وأبو حيان. قال ابن مالك في شرح التسهيل [ ق/ 185/ أ ] (وذكرت مع (كل) جميعا وعامّة كما فعل سيبويه، وأغفل ذلك أكثر المصنفين سهوا أو جهلا).
وينظر الكتاب 2/116 وشرح الكافية الشافية 3/171 والارتشاف 2/610.
(4) أي جميعا وعامّة.
(5) سقطت من النسخ، وأضفتها لتوقف المعنى عليها.
(6) يقصد بالثلاتة(كِلا) و(كلتا) و(كُلاًّ).
(7) البيتان من مجزوء الرجز، وقائلتها امرأة من العرب، ترقّص ولدها، وبعدهما:
وكل آل قحطان ... ........ والأكرمون عدنان
خولان وهمدان: قبيلتان عربيتان.
ينظر شرح الكافية الشافية 3/1171 وشرح الألفية لابن الناظم 504 والعيني 4/91 والتصريح 2/123 وهمع الهوامع 2/123 والدرر اللوامع 6/32.
والشاهد فيه استعمال (جميع) للتوكيد، فقد أكد بها (حي خولان) وهذا يدل على أنها من ألفاظ التوكيد.
(8) في (ب) و (ب): (عامة) وهو خطأ لأن التاء في (عامة) لازمة تأتي مع المذكر والمؤنث. ينظر التصريح 2/123.
(9) ساقطة من (أ) وأثبتها من (ب) و (ج).
(10) في هذه المسألة ثلاثة أقوال، ذكر منها الشارح قولين والثالث هو جواز تأكيد النكرة مطلقا، وهو قول بعض الكوفيين.
تنظر المسألة في الإنصاف 2/451 وشرح الكافية للرضي 1/335 وارتشاف الضرب 2/ 612 وهمع الهوامع 2/124.(4/12)
؟ منع ذلك(1) المصنف مطلقا، أي سواء أفادت أو لم تفد، تبعا للبصريين(2).
وذهب الكوفيون(3) إلى الجواز إن أفادت وتبعهم ابن مالك(4).
قال المصنف في التوضيح(5): "وهو الصحيح، وتحصل الفائدة بأن يكون المؤكد محدودا والتوكيد من ألفاظ الإحاطة، ك(اعتكفت أسبوعا كلَّه). وعليه جاء قول الشاعر:
172- لكنه شاقه أن قيل ذا رجب ياليت عدّة حول كلِّه رجب(6)
ولا يجوز (صمت زمنا كله) لكون المؤكد غير محدود، ولا (شهرا نفسه) (7) لكون التوكيد(8) ليس من ألفاظ الإحاطة.
__________
(1) في (ب): (هل يجوز توكيد النكرة فمنع ذلك).
(2) هذا مذهب سيبويه وجمهور البصريين، وعلل ذلك سيبويه بقوله: (كرهوا أن يكون (أجمعون) و(نفسه) معطوفا على النكرة في قولهم: مررت برجل نفسه، ومررت بقوم أجمعين). ينظر الكتاب 2/386- هارون وشرح المفصل 3/44 وهمع الهوامع 2/124.
(3) والأخفش من البصريين.
ينظر مذهبهم في مجالس ثعلب 1/98 والإنصاف 2/451 وشرح الكافية للرضي 1/335.
(4) قال ابن مالك: (وإجازته أولى بالصواب لصحة السماع بذلك، ولأن في ذلك فائدة). ينظر شرح الكافية الشافية 3/1177 وشرح عمدة الحافظ ص 563.
(5) أوضح المسالك 3/22.
(6) البيت من البسيط، وهو من قصيدة لعبد الله بن مسلم الهذلي، والرواية في ديوان الهذليين (رجبا) بالنصب لأنه من قصيدة منصوبة فتكون على لغة نصب الجزأين بـ(ليت). لم يرد صدر البيت في (أ) وأثبته من (ب) و (ج). وفي (أ) أيضا (ياليت عدة حولي).
وينظر شرح أشعار الهذليين للسكري 2/910 و الإنصاف 2/451 وأسرار العربية ص 60 وشرح المفصل ص 3/44 وشرح الألفية لابن الناظم ص 507 وشرح الشذور لابن هشام ص 29 والعيني 4/96 والتصريح 2/125 والأشموني 3/77.
والشاهد فيه تأكيد النكرة المحدودة وهي (حول) بلفظ (كل) وهو من ألفاظ الإحاطة.
(7) أي ولا صمت شهرا نفسه.
(8) وهو(نفس).(4/13)
واعلم أن ألفاظ التوكيد كلها معارف(1). أما ما كان منها مضافا إلى الضمير فتعريفه واضح(2) وأما ما لم يضف، ولم يذكره المصنف، نحو (أجمع) وتوابعه(3) فقيل: بنية الإضافة(4)، ونُسب إلى سيبويه(5) وقيل(6): بالعلمية(7)، فإنه علق على معنى الإحاطة والله أعلم.
ص: ويؤكد بإعادة اللفظ(8) أو مرادفه، نحو {دَكّاً دَكّاً}(9) و{فِجَاجاً سُبُلاً}(10). ولا يعاد ضمير متصل ولا حرف غير جوابي إلا مع(11) ما تصل به.
__________
(1) باتفاق العلماء، ولأجل ذلك جرت على المعرفة. ينظر همع الهوامع 2/124.
(2) لأنه معرف بالإضافة، مثل (كلهم) و(كلاهما) و(كلتاهما).
(3) في (أ): (جمع) والمثبت من (ج) ولم ترد هذه الكلمة في (ب). وتوابع (أجمعَ) هي أكتع وأبصع وأبتع بمعنى (كل) والمؤنث منها جمعاء وكتعاء وبصعاء وبتعاء.
وتقول في جمعها للمذكر: أجمعون و أكتعون وأبصعون وأبتعون وللمؤنث: جُمع وبُصع وبُتع. ينظر ارتشاف الضرب 2/ 611.
(4) هذا قول السهيلي وابن مالك.
ينظر نتائج الفكر ص 286 وشرح عمدة الحافظ لابن مالك ص 863.
(5) قال سيبويه في الكتاب 3/224: (وسألته عن جُمع وكُتع فقال: هما معرفة بمنزلة (كلهم) وهما معدولان عن جمْع جمْعاء وجمْع كتْعاء).
(6) هذا قول ابن الحاجب في أماليه، ونسبه أبو حيان لأبي سليمان السعدي ومحمد بن مسعود الغزني في كتابه البديع. ينظر الأمالي النحوية لابن الحاجب 4/99 وارتشاف الضرب 2/611.
(7) أي أنه معرف تعريفًا علميًا كتعريف (أسامة) ونحوه من أعلام الأجناس.
(8) في (ب): (بإعادة بعينه).
(9) من الآية 21 من سورة الفجر.
(10) من الآية 31 من سورة الأنبياء.
(11) ساقطة من (ج).(4/14)
ش: هذا مثال التوكيد اللفظي. وهو اللفظ المكرر به ما قبله، لفظا ومعنى، نحو {دَكّاً دَكّاً}(1). أو معنى فقط، نحو {فِجَاجاً سُبُلاً}(2). لأن معنى الفجاج والسّبل واحد، وإن اختلفا لفظا(3) ولهذا قال: (4) [85/أ] (بإعادة اللفظ أو مرادفه). ثم إن هذا التأكيد قد يكون في الاسم، كما مثل به. وقد يكون في الفعل، كقوله:
فأيْنَ إلى أيْن النَّجَاةُ ببغلتي....... أتاكِ أتَاكِ اللاّحقون احْبِسِ احْبِسِ(5)
وفي الحرف، نحو (نَعَمْ نَعَم) و(لا لا) (6).
__________
(1) من الآية 21 من سورة الفجر.
(2) من الآية 31 من سورة الأنبياء.
(3) معنى الفجاج في اللغة الطرق الواسعة بين الجبال، والسّبل هي الطرق أيضا. ينظر اللسان 2/338 وتاج العروس 2/82. (فجج- سبل).
(4) قوله: (لفظا ولهذا قال) ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج).
(5) البيت من الطويل، وقد سبق بيانه والكلام عليه في باب التنازع ص 739 ولم يرد صدر البيت في (أ) وأثبته من (ب) و (ج).
وجاء به هنا شاهدا على التأكيد اللفظي في الفعل. فقوله: (أتاكِ أتاك) من التوكيد اللفظي، وليس من التنازع، كما سبق. وكذلك قوله: (احبس احبس) من التوكيد اللفظي، لكنه توكيد جملة بجملة.
(6) أورد النحاة قول جميل بثينة الآتي شاهدا على تكرار الحرف الجوابي للتأكيد، وهو:
لالا أبوح بحبِّ بثنة إنها....... أخذت عليّ مواثقا وعهودا
ينظر ديوانه ص 79 والتصريح 2/129.(4/15)
ويكون في المفرد كهذه الأمثلة، وفي الجملة، والأكثر اقترانها حينئذ بالعاطف، نحو {كَلاَّسَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّسَيَعْلَمُونَ}(1) وقد لا تقترن به، نحو قوله: عليه الصلاة السلام: "والله لأغزونَّ قريشاً، والله لأغزونَّ قريشاً والله لأغزونَّ قريشاً"(2).
وقد يتعين ترك العاطف إذا توهم التعدد، نحو ضربت زيدا ضربت زيدا(3).
ولمّا كان التوكيد اللفظي يجري في جميع الألفاظ، وكان يعتبر في بعض الألفاظ إذا جاءت مؤكدة اتصالها بما اتصل بمتبوعها أشار إلى ذلك بقوله: (ولا يعاد ضمير متصل) إلى آخره.
وبيانه أن التأكيد إذا كان(4) لضمير متصل وجب أن يتصل به ما اتصل بمتبوعه(5)، فتقول: (عجبت منك منك) و(قمت قمت) و(ضربتك ضربتك).
__________
(1) الآيتان 4 و 5 من سورة النبأ.
(2) الحديث أخرجه أبو داود في باب الإيمان عن عكرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والله لأغزون قريشا، والله لأغزون قريشاً والله لأغزون قريشا، ثم قال: إن شاء الله" فالحديث مرسل، لكن قال أبو داود: إنه روي مسندا من أوجه.
انظر سنن أبي داود 3/23.
(3) لأنه مع العطف يوهم تكرار الضرب، وليس مرادا.
(4) في (ب) و(ج): (أن التوكيد) وقد سقطت كلمة (كان) من (ج).
(5) علل الشيخ خالد الأزهري ذلك بأن إعادته مجردا عما وُصل به تخرجه من الاتصال إلى الانفصال، والغرض كونه متصلا. ينظر التصريح 2/128.(4/16)
وكذلك إذا كان بحرف غير جوابي(1) وجب أن يتصل بالمؤكِّد ما اتصل بالمؤكد من ظاهر أو ضمير(2). نحو (إن زيدا إن زيدا قائم)، أو (إن زيدا إنه قائم).
فعلى هذا قوله: (ما اتصل به) أي أن ما اتصل بالمؤكد يعاد بلفظه ومعناه، أو بمعناه دون لفظه.
ص: الثاني النعت، وهو تابع مشتق أو مؤول به، يقتضي(3) تخصيص متبوعه أو توضيحه أو مدحه أو ذمه أو توكيده أو الترحم عليه.
ش: الثاني من التوابع النعت، ويقال له: الوصف والصفة(4) وحدّه المصنف بما ذكره. فقوله: (تابع) جنس يشمل الخمسة(5).
وقوله: (مشتق أو مؤول به) مخرج لما كان من التوابع بغيرهما.
والمراد بالمشتق ما دل على حدث وصاحبه، ك(ضارب) و(مضروب) و (حسن) و(أفضل) (6).
والمراد بالمؤول به المشبه للمشتق في المعنى، كاسم الإشارة و(ذو) بمعنى (صاحب)، وأسماء النسب(7).
فتقول: مررت بزيد [85/ب] هذا، أي الحاضر، وبرجل ذي مال، أي صاحب مال(8)، وبرجل دمشقي، أي منسوب إلى دمشق.
__________
(1) الحرف الجوابي هو ما وقع جوابا لسؤال متقدم، مثل (نعم) و(لا) و(جَيْرِ) و(أجل) وغير الجوابي ما ليس كذلك. تنظر حاشية الصبان 3/82.
(2) قوله: (أو ضمير) غير مناسب، لأنه إن كان المتصل بالحرف غير الجوابي ضميرا وجب الفصل بينهما وأن يعاد مع التوكيد ما اتصل بالمؤكد، نحو {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ}. وقوله: (ما اتصل بالمؤكد) ساقط من (ب).
(3) كذا في النسخ، والذي في شذور الذهب ص 30 (يفيد).
(4) النعت مصطلح الكوفيين والصفة مصطلح البصريين، ثم كثر استعمال الأول.
(5) أي التوابع الخمسة.
(6) من قوله: (والمراد بالمشتق..) إلى آخره ساقط من (ب) و (ج).
(7) قال في التصريح 2/110: (فاسم الإشارة يُنعت المعارف، و (ذو) بمعنى صاحب ينعت بها النكرات، وأسماء النسب ينعت بها النكرات والمعارف).
(8) كلمة (مال) ساقطة من (أ) وأثبتها من (ب) و (ج).(4/17)
وقوله: (يقتضي) إلى آخره يخرج ما كان من التوابع مشتقا أو شبهه، كقولك: زيد قائم قائم، وشجاع شجاع(1). وقولك: زيد أسد وشجاع، وعمرو طويل وفاضل.
فإن المشتق وشبهه في هذه الأمثلة لا يقتضي تخصيصا ولا توضيحا ولا غيرهما من الأمور المذكورة في الحدّ.
وأتى فيه ب(أو) لينبه على أنواعه. أي أن من النعت ما يكون لتخصيص المتبوع(2)، كقولك: جاءني رجل(3) تاجر، أو تاجر أبوه.
ومنه ما يكون لتوضيح المتبوع(4)، كقولك: جاءني زيد التاجر أو التاجر أبوه.
ومنه ما يقتضي مدح المتبوع، كقولك: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}(5).
ومنه ما يقتضي ذمُّه، كقولك: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
ومنه ما يقتضي تأكيده، نحو قوله تعالى: {نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ}(6).
ومنه ما يقتضي الترحم عليه، كقولك: اللهم إني عبدُك المسكين(7).
وذكر بعضهم(8) أن النعت قد يكون للتعميم، نحو (إن الله يرزق عباده الطائعين والعاصين). وقد يكون للتفصيل، نحو (مررت برجلين عربي وعجمي). أو الإبهام نحو (تصدّق بصدقة قليلة أو كثيرة). انتهى.
وقد يُدّعى دخول الأولين(9) في التوضيح، والثالث(10) في التأكيد، فليتأمل.
تنبيه(11):
قد ينعت بالجملة، ولكن بشروط:
أن يكون المنعوت نكرة لفظا ومعنى(12)
__________
(1) في (ب) و (ج): (أو شجاع شجاع).
(2) وذلك إذا كان المنعوت نكرة.
(3) في (ج): (زيد) وهو خطأ ظاهر، لأن المعرفة لا توصف بالنكرة.
(4) وذلك إذا كان المنعوت معرفة.
(5) الآية 2 من سورة الفاتحة.
(6) من الآية 13 من سورة الحاقة، وذلك لأن (نفخة) تدل على واحدة لأنها اسم مرة، ثم جاءت (واحدة) فكأنه تكرير للتأكيد.
(7) في (ب): (اللهم ارحم عبدك المسكين).
(8) هو ابن مالك في شرح التسهيل[ق 187/ ب].
وذكر ذلك أيضا أبوحيان في الارتشاف 2/579 وابن عقيل في المساعد 2/401.
(9) وهما التعميم والتفصيل.
(10) وهو الإبهام.
(11) ساقطة من (أ) وأثبتها من (ب) و (ج).
(12) كلمة (نكرة) ساقطة من (أ) و أثبتها من (ب) و (ج).
وقوله: (ومعنى) ساقط من (ب). ومثال ذلك قولك: رأيت رجلا يقرأ.(4/18)
أو معنى فقط(1). وأن تكون الجملة مشتملة على ضمير يربطها بالموصوف. وأن تكون خبرية، أي محتملة للصدق والكذب. نحو قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ}(2).
وقد ينعت بالمصدر، ولكنه سماعي(3). قالوا: هذا رجل عدل أو رضا(4). واختلف في تخريجه البصريون والكوفيون:
فقال الكوفيون(5): هو على التأويل بالمشتق، أي عادل ومرضي.
وقال البصريون(6): هو على تقدير مضاف، أي ذو عدل وذو رضا(7) فهو راجع إلى المؤول بالمشتق. فدخوله في كلام الشيخ(8) واضح.
وكذلك دخول الجملة، لأنها أيضا تؤول بالمشتق(9).
لأن قولك: مررت برجل قام أبوه، في معنى (قائم أبوه). والله أعلم.
__________
(1) المراد بالنكرة في المعنى المعرف بأل الجنسية، كقول الشاعر:
ولقد أمر على اللئيم يسبني
فجملة (يسبني) صفة للئيم مع أنه مقترن بأل الجنسية، وذلك لأنه نكرة في المعنى. ينظر شرح الألفية لابن الناظم ص 491.
(2) من الآية 281 من سورة البقرة.
... وجملة {تُرْجَعُونَ فِيهِ} نعت لـ(يوم) وقد اشتملت على الشروط المذكورة.
(3) باتفاق، وللنعت به ثلاثة شروط، الأول ألا يؤنث ولا يثنى ولا يجمع، الثاني أن يكون مصدر ثلاثي أو بزنة مصدر ثلاثي، الثالث ألا يكون المصدر ميميا.
(4) وامرأة عدل أو رضا، ورجلان عدل أو رضا ورجال عدل أو رضا.
(5) ينظر معاني القرآن للفراء 2/38، 205 وتوضيح المقاصد 3/145 والتصريح 2/113.
(6) ينظر الكتاب 2/120- هارون- والارتشاف 2/587 والأشموني 3/64.
(7) وهناك قول ثالث في تخريج ذلك بأن يكون على المبالغة، كأنهم جعلوا الموصوف ذلك المعنى لكثرة حصوله منه. ينظر شرح المفصل 3/50.
(8) أي قول ابن هشام في الشذور: (النعت تابع مشتق أو مؤول به).
(9) من قوله: (فدخوله في كلام الشيخ) إلى هنا ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و(ج).(4/19)
[86/أ] ص: ويتبعه(1) في واحد من أوجه الإعراب، وفي التعريف والتنكير، لا يكون أخص منه. فنحو (مررت بالرجل صاحبك) بدل، ونحو (بالرجل الفاضل) و(بزيد الفاضل) نعت. وأمره في الإفراد والتذكير وأضدادهما كالفعل، ولكن يترجح نحو(2) جاءني رجل قعود غلمانه على (قاعد). و إما (قاعدون) فضعيف.
ش: لما قدّم حدّ النعت أخذ يتكلم على حكمه من جهة تبعيته للمنعوت في الإعراب(3) وغيره، فقال: إن النعت يتبع المنعوت في واحد من أوجه الإعراب الثلاثة: الرفع والنصب والجر، ويتبعه في واحد من التعريف والتنكير فلا تنعت معرفة بنكرة(4)، ولا عكسه(5). فتقول: جاءني الرجل الفاضل، ورجل فاضل.
وهذان الأمران(6) لابد منهما في كل نعت، سواء رفع ضمير المنعوت كما مثّلنا، أو رفع الظاهر، كجاءني رجل قائم أبوه، أو الرجل القائم أبوه.
ثم إنه لما بين أنه يتبعه في التعريف والتنكير شرط فيه ألا يكون أخص، أي أعرف من المنعوت(7).
فإذا قلت: مررت بالرجل صاحبك، كان صاحبك(8) بدلا لا نعتا لأنه(9) مضاف إلى الضمير، فهو أعرف من المحلّى بأل.
ودخل في كلامه النعت بمساوي المنعوت في التعريف، وبدونه فيه. وإلى ذلك أشار بقوله: (ونحو بالرجل الفاضل وبزيد الفاضل نعت) (10).
__________
(1) في (أ): (وتبعه) والمثبت من (ب) و (ج) والشذور ص 30.
(2) ساقطة من (أ) و (ج)، وأثبتها من (ب) والشذور.
(3) في (ب): (من جهة التبعية في الإعراب).
(4) في (ب): (فلا تنعت نكرة بمعرفة).
(5) هذا مذهب جمهور العلماء، وأجاز ابن الطراوة وصف المعرفة بالنكرة بشرط كون الوصف خاصا بالموصوف، كقوله: (في أنيابها السمّ ناقع). الارتشاف 2/580.
(6) وهما تبعية النعت للمنعوت في واحد من أوجه الإعراب وواحد من التعريف والتنكير.
(7) وهو قول الجمهور، وأجاز ابن خروف نعت المعرفة بالمعرفة مطلقا.
ينظر ارتشاف الضرب 2/582.
(8) قوله: (كان صاحبك) ساقط من (ج).
(9) أي صاحبك.
(10) كلمة نعت ساقطة من (ج).(4/20)
فالأول مثال للمساوي، والثاني مثال للأدْون(1)، لأن العَلَم أعرف من ذي الأداة.
وقوله: (وأمره في الإفراد) إلى آخره إشارة إلى كيفية تبعية النعت للمنعوت في غير المذكورات من الإفراد وضديه، وهما التثنية والجمع، ومن التذكير وضدّه، وهو التأنيث، فقال: إن أمر النعت في ذلك كالفعل.
وبيان ذلك أن النعت إن رفع ضمير المنعوت طابقه في ذلك(2) أيضا، سواء كان معناه له أو لسببيه. نحو مررت برجل حسن، أو حسن الوجه(3).
وإن رفع سببيه، أي المتحمل لضميره(4) أفرد مطلقا لرفعه [86/ب] الظاهر(5)، ووافق في التذكير والتأنيث(6) مرفوعه لا متبوعه. نحو مررت برجلين حسنة جاريتهما. كما أن الفعل كذلك(7).
لكن يستثنى من كونه كالفعل في الإفراد مسألة واحدة وهي أن يكون السببي جمعا، فإنه يجوز أن يكون النعت جمع تكسير فتقول: مررت برجل كرام غلمانه. بل يكون أرجح من الإفراد(8). ولهذا قال: (ولكن يترجح) إلى آخره.
__________
(1) كذا في النسخ، ومعلوم أن اسم التفضيل لا يشتق مما ليس له فعل.
قال في اللسان 13/164 (دون): (ولا يشتق منه فعل، وبعضهم يقول منه: دان يدون دونا). فلعل الشارح ذكره بناء على هذا، والأولى أن يقول: (للأدنى).
(2) أي في الإفراد وضديه والتذكير وضده.
(3) وتقول: جاءت امرأة كريمة، ومررت برجلين كريمين وشاهدت رجالا كراما.
(4) وذلك هو الاسم الظاهر الذي اتصل به ضمير.
(5) قوله: (لرفعه الظاهر) ساقط من (ب) وكلمة (الظاهر) ساقطة من (ج).
(6) قوله: (والتأنيث) ساقط من (ج).
(7) فالوصف يعطى حكم الفعل الذي يقع موقعه، ولا يعتبر حال الموصوف. فتقول: مررت برجل قائم أبوه، وبرجل قائمة أمّه، وبرجلين قائم أبواهما. كما تقول: مررت برجل قام أبوه، وقامت أمّه، وقام أبواهما.
(8) هذا مذهب سيبويه، وذهب الشلوبين وجماعة إلى أن الإفراد أرجح.
ينظر الكتاب 2/43- هارون والتوطئة ص 179 والارتشاف 3/ 250.(4/21)
وقوله: (وأما قاعدون فضعيف) يعني أن النعت إذا رفع جمعا قوي كونه مفردا أو جمع تكسير، كما تقدم. وأما كونه جمع سلامة، نحو (مررت برجال حسنين غلمانهم) فهو ضعيف. لأنه خاص بلغة طيئ(1) دون غيرهم من العرب.
ص: ويجوز قطعه إن عُلم متبوعه بدونه بالرفع أو النصب.
ش: هذه مسألة متعلقة بالنعت ختم بها بابه. وهي أن المنعوت متى عُرف دون(2) النعت جاز في النعت القطع، بأن يرفع أو ينصب. فالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، والنصب على أنه مفعول لفعل محذوف. فيقطع من الجر إليهما. فيصير في نعت المجرور ثلاثة أوجه، نحو مررت بامرىء القيس الشاعر، بالأوجه الثلاثة(3) ومن النصب إلى الرفع، ومن الرفع إلى النصب، فيصير في نعت كل من المرفوع والمنصوب وجهان(4).
ومتى احتاج المنعوت إلى النعت في تخصيصه أو توضيحه فلا يجوز قطعه.
وإذا تعددت النعوت واستغني عنها كلها جاز قطعها كلها(5). وإن احتاج إليها كلها وجب إتباعها كلها(6).
__________
(1) وهي المعروفة بلغة (أكلوني البراغيث) التي تلحق بالفعل علامتي التثنية والجمع مع الفاعل الظاهر. راجع التصريح2/110.
(2) في (ب): (علم بدون) وفي (ج) بدون.
(3) وهي الجر على أنه صفة لامرىء القيس والرفع على القطع على أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره (هو) والنصب على القطع فيكون مفعولا به لفعل محذوف.
(4) وهما مع المرفوع الرفع على التبعية والنصب على القطع بتقدير فعل ومع المنصوب النصب على التبعية والرفع على القطع بجعله خبراً لمبتدأ محذوف.
(5) لتعين مسماه بدونها، نحو قولك: هو الله العلي العظيم الكريم.
(6) من قوله: (وإن احتاج إليها كلها) إلى آخره ساقط من (ج).(4/22)
وان استغنى عن بعضها دون بعض جاز في البعض المستغنى عنه الإتباع والقطع، وتعين الإتباع في غيره(1). والله أعلم
ص: الثالث عطف البيان، وهو تابع غير صفة يوضح متبوعه أو يخصصه(2)، نحو (أقسم بالله أبو حفص عمر). ونحو {كفارةٌ طعامُ مساكينَ}(3).
ش: الثالث [87/أ] من التوابع عطف البيان. قال الشيخ: (وهو تابع...) إلى آخره.
فقوله: (تابع) يشمل الخمسة. وقوله: (غير صفة) يخرجها(4).
وقوله: (يوضح...) إلى آخره يعني أن عطف البيان يؤتى به لتوضيح متبوعه أو تخصيصه كالصفة، إلا أن هذا(5) في الجامد وتلك(6) في المشتق. وبهذا تخرج بقية التوابع(7). ومثل له بمثالين أحدهما لتوضيح المعرفة، وهو(8):
173- أَقسمَ باللهِ أبو حفصٍ عمر(9)
__________
(1) في (أ): (وغيره) والمثبت من (ب) و(ج). ومثال ذلك قولك: جاء زيد التاجر الفقيه الكاتب، برفع (التاجر) على التبعية ويجوز فيما بعده الرفع على التبعية والنصب على القطع، لأنه معروف بدونهما.
(2) في النسخ: (تخصيصه) وهو تحريف، والتصويب من شذور الذهب ص 31.
(3) من الآية 95 من سورة المائدة.
(4) أي يخرج الصفة، وهي النعت.
(5) أي عطف البيان.
(6) أي الصفة، والمراد أن عطف البيان كالصفة يؤتى به لتوضيح المتبوع أو تخصيصه، والفرق بينهما أن عطف البيان يكون بالأسماء الجامدة، والصفة تكون بالمشتقات أو المؤول بها، ولذلك قال النحويون: إن عطف البيان في الجامد بمنزلة النعت في المشتق. ينظر شرح الأشموني 3/88.
(7) وهي التأكيد والبدل والعطف، لأنها لا يؤتى بها للتوضيح ولا للتخصيص.
(8) في (ب) و(ج): (نحو).
(9) البيت من الرجز، وهو أول أبيات قالها أعرابي لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، حين قال له: إن ناقتي دبراء عجفاء فاحملني، فامتنع عمر من ذلك فقال هذا البيت، وبعده:
ما مسها من نقب ولا دبر...........فاغفر له اللهم إن كان فجر
وقد ذكر ابن حجر في الإصابة أن اسم هذا الأعرابي عبد الله بن كيْسَبه.
ينظر شرح المفصل 3/71 وشرح الكافية الشافية 3/1191 وشرح الألفية لابن الناظم ص 514 وأوضح المسالك 3/32 والعيني 4/115 والإصابة 3/93 والخزانة 5/154.
والشاهد فيه مجيء عطف البيان وهو (عمر) لتوضيح المعرفة وهي (أبو حفص).(4/23)
فعمر بيان لأبي حفص، ذكر لإيضاحه.
وثانيهما: لتخصيص النكرة، وهو قوله تعالى: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ}(1). ف(طعام) بيان ل(كفارة) ذكر لتخصيصها.
وفهم من ذلك أن البيان والمبين لا يكونان مختلفين في التعريف والتنكير.
وتجويز عطف البيان في النكرات مذهب الكوفيين(2) وجماعة(3) ومشى عليه المصنف(4) تَبَعًا لهم. وغيرهم(5) يخصّه بالمعارف.
__________
(1) من الآية 95 من سورة المائدة. القراءة، بتنوين (كفارة) ورفع (طعام) قراءة عاصم وابن كثير وأبي عمرو وحمزة والكسائي من السبعة ويعقوب الحضرمي وخلف من العشرة. وقرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر (كفارةُ) بالضم دون تنوين و(طعامِ) بالخفض على الإضافة. ينظر السبعة لابن مجاهد ص 248 والتذكرة لابن غلبون 2/390 والنشر 2/255.
(2) لم أجد هذا القول في معاني القرآن للفراء ولا في غيره من كتب الكوفيين وقد نسبه لهم المرادي في توضيح المقاصد 3/185 والسيوطي في همع الهوامع 2/121.
(3) من النحاة منهم أبو علي الفارسي والزمخشري وابن عصفور وابن مالك. ينظر الإيضاح العضدي ص 292 والكشاف 2/297 وشرح الجمل لابن عصفور 1/294 وشرح الكافية الشافية 3/1193 والتصريح 2/131.
(4) شرح شذور الذهب ص 436 وأوضح المسالك 3/33.
(5) وهم جمهور البصريين، ولهذا اشترطوا كون البيان أعرف من المبين أو مساويا له. ولم يجعل سيبويه عطف البيان إلا ما كان معرفة، وكذلك المبرد.
ينظر الكتاب 2/184، 194 هارون، والمقتضب 4/209، 220، 222 وأسرار العربية ص 296 والارتشاف 2/605 والتصريح 2/131 والأشموني 3/86.(4/24)
ص: ويتبعه في أربعة من عشرة. ويجوز إعرابه بدل كل إن لم يجب ذكره، ك(هند قام زيد أخوها)(1) و[لم يمتنع](2) إحلاله محل الأول(3)، نحو يا زيد الحارث و(أنا ابن التارك البكري بشر). و(يا نصر نصرٌ نَصْرَا). ويمتنع في نحو: {مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ}(4) و(يا سعيدُ كرز) و (قرأ قالون عيسى).
ش: يعني أن عطف البيان يتبع المبيّن في أربعة من عشرة، واحد من أوجه الإعراب الثلاثة، وواحد من الإفراد والتثنية والجمع وواحد من التعريف والتنكير، وواحد من(5) التذكير والتأنيث.
وقوله: (ويجوز) أشار به إلى قاعدة، وهي أن كل ما أعرب بيانا جاز أن يعرب بدل كلٍّ من كلّ(6). واستثنى منها ثلاث مسائل:
الأولى(7): أن يكون واجب الذكر غير مستغنى عنه كقولك: هند قام زيد أخوها. ف(أخوها) بيان ل(زيد) (8) ولا يصح أن يعرب بدلا(9)، لأن البدل في نية تكرار العامل، فيصير من جملة أخرى(10) فيبقى المبتدأ بلا رابط.
المسألة الثانية: أن يمتنع إحلاله محل الأول، نحو (يا زيد [87/ب] الحارث). فإنه لو أعرب بدلا لحل محل الأول، فقيل: يا الحارث ولا يصح ذلك، لأن (أل) وحرف النداء لا يجتمعان(11). ومنه:
__________
(1) أي فإن وجب ذكره فلا يصح إعرابه بدلا، كهند قام زيد أخوها.
(2) في النسخ: (أو امتنع) والمثبت من شذور الذهب ص 31.
(3) فإن امتنع إحلاله محل الأول فلا يعرب بدلا، نحو يا زيد الحارث.
(4) من الآية 97 من سورة آل عمران، وهي قوله تعالى: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيم}.
(5) من) ساقطة من (ج).
(6) هذه القاعدة في شرح عمدة الحافظ ص 597 والتصريح 2/132.
(7) في (أ): (الأول) والتصويب من (ب) و (ج).
(8) في (أ): (بيان من زيد) والمثبت من (ب) و (ج).
(9) في (ب) و(ج): (أن يكون بدلا).
(10) لأن التقدير هو (هند قام زيد قام أخوها) فتكون جملة (قام أخوها) جملة أخرى مستقلة، وتكون جملة (قام زيد) هي خبر (هند) ولا رابط فيها، وذلك لا يصح.
(11) إلا في مواضع، ليس هذا منها، وقد سبق بيان ذلك.(4/25)
174- أنا ابن التارك البَكري بِشْر عليه الطير ترقبه وقوعا(1)
فإنه لا يصح أن يعرب (بشر) بدلا من (البكري) لأنه لا يحل محله لأنه يلزم إضافة (التارك) إلى (بشر) فيضاف ما فيه الألف واللام إلى الخالي عنها، وعن الإضافة لتاليها، وليس معربا بالحروف. وهو لا يجوز عند الجمهور(2)، ويجوز عند الفراء(3).
المسألة الثالثة نحو(4) قول الشاعر:
175- إنّي وأسْطارٍ سُطِرن سطراً لَقائلٌ يا نصْرُ نصْرٌ نصْراَ(5)
__________
(1) البيت من الوافر، وهو للمرار بن سعيد الأسدي، ولم يرد عجز البيت في (أ) وأثبته من (ب) و(ج).
بشر: هو بشر بن عمرو بن مرثد من بني بكر بن وائل، ترقبه: تنتظر موته. وينظر شعر المرار ص 169 وفرحة الأديب 37.
والبيت من شواهد سيبويه 1/182 والأصول 1/135 وشرح المفصل 3/74 والمقرب 1/248 وشرح الكافية الشافية 3/1196 وشرح عمدة الحافظ 597 والعيني 4/121 والتصريح 2/133 والأشموني 3/87 وخزانة الأدب 4/284 والدرر اللوامع 6/27.
والشاهد فيه وجوب إعراب (بشر) عطف بيان لا بدلا، لئلا يلزم المحذور المذكور.
(2) أي لا يجوز عند الجمهور إضافة ما فيه (أل) إذا لم يكن معربا بالحروف مثل (الضاربو زيد) إلى اسم غير مقترن بأل. وقد تقدمت المسألة في باب الإضافة.
(3) ينظر قول الفراء في شرح المفصل لابن يعيش 2/123، والتصريح 2/30.
(4) في (أ): (المسألة الثانية) وهو سهو، والمثبت من (ب).
(5) البيتان من الرجز، وهما لرؤبة بن العجاج، ونسبا لذي الرمة وليسا في ديوانه. ولم يرد البيت الأول في (أ) وأثبته من (ب) و (ج).
وأسطار أي وحق أسطار، ويعني بها آيات القرآن الكريم. سُطرن: كُتبن.
نصر: هو نصر بن سيّار أمير خراسان. والذي في ديوان رؤبه:
يانصر نصراً نصراً
بنصب (نصر) الثانية. ينظر ملحقاته ديوان رؤبة ص 174.
والبيت من شواهد سيبويه 2/185 والمقتضب 4/209 والأصول 1/334 وأسرار العربية 297 وشرح المفصل 2/3 وشرح الكافية الشافية 3/1195 وارتشاف الضرب 2/607 وشرح الشذور 437 ومغني اللبيب 597 والمساعد لابن عقيل 2/517 والعيني 4/116 وخزانة الأدب 2/219 والدرر اللوامع 6/26.
والشاهد: مجيئ (نصر) الثانية عطف بيان، وليس بدلا وقد بين الشارح سبب ذلك.(4/26)
مما وقع فيه البيان منوّنا والمبين منادى. ف(نصر) الأول هو المبين، و(نصر) الثاني عطف بيان على اللفظ(1) والثالث عطف بيان على المحل(2). ولا يصح إعرابهما بدلا، لأنهما منوّنان والمنادى لاينوّن(3).
وقد استُشكل جعلهما بيانا(4)، لأنه لابد من مخالفة بين المبيّن والمبيِّن، فينبغي أن يعربا توكيدا لفظيا. ويكون أحدهما تابعا على اللفظ والآخر على المحل(5).
قوله: (ويمتنع) إشارة إلى مسائل لا يجوز أن يكون التابع فيهابيانا، ويتعيّن أن يكون بدلا. وهي أيضا ثلاث(6):
المسألة الأولى، نحو قوله تعالى: {آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ}(7) فيجب أن يعرب (مقام إبراهيم) بدلا لا بيانا، لأن (آيات بينات) نكرة، وهو(8) معرفة. وانفرد بتجويز ذلك الزمخشري(9).
المسألة الثانية: قولك: (يا سعيد كرزُ) بغير تنوين فيعرب بدلا، لا بيانا. لأن البدل في باب النداء حكمه حكم المستقل، و(كرز) إذا نودي يضم ولا ينون، بخلاف البيان في باب النداء(10) فيرفع وينصب، ولا يجوز ضمّه من غير تنوين.
__________
(1) أي عطفا على لفظ (نصر) الأول.
(2) أي عطفا على محل (نصر) الأول، وذلك لأنه في محل نصب لأنه منادى.
(3) والبدل على نية تكرار العامل، فيكرر مع الثاني وهو منوّن والمنادى لا ينوّن.
(4) وممن استشكل هذا الإعراب ابن مالك والرضي، وأعرباه توكيدا لفظيا.
ينظر شرح الكافية الشافية 3/1195 وشرح الكافية للرضي 1/138. وهذا البيت من الأبيات المشكلة، فقد روي بروايات مختلفة، وله توجيهات إعرابية متعددة.
ينظر المقتضب 4/209 والإفصاح للفارقي 202 وخزانة الأدب 2/219.
(5) في (أ) و(ج): (على المعنى) والمثبت من (ب) وهو الصواب.
(6) في (أ): (ثلاثة) والمثبت من (ب) و (ج)، وهو الأولى.
(7) من الآية 97 من سورة آل عمران.
(8) أي (مقام إبراهيم).
(9) قال في الكشاف 1/203: {مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} عطف بيان لقوله {آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ}
(10) من قوله: (حكمه حكم المستقل) إلى آخره ساقط من (ب) و (ج).(4/27)
وسيأتيك بيان هذا في باب تابع المنادى(1) إن شاء الله تعالى.
المسألة الثالثة نحو قولك(2): (قرأ قالون عيسى)(3) مما الأول فيه فيه أعرف من الثاني(4).
فيعرب بدلاً، ولا يعرب بيانا(5). لأن [88/أ] البيان لا يكون أدْون(6) في التعريف من لمبيّن(7).
بل إما أن يكون أعرف أو مساويا(8).
وقد شرط بعضهم(9) أن يكون أعرف.
__________
(1) سيأتي هذا في ص 821.
(2) قولك) ساقطة من (ب) و (ج).
(3) قالون لقب عيسى بن مينا بن وردان بن عيسى الزرقي ويقال: المرّي، مولى بني زهرة، قاريء المدينة ونحويّها. أخذ القراءة عن نافع، واختص به، وهو الذي لقبه بقالون لجودة قراءته ومعناه بالرومية (جيد) توفي سنة 220 على الصحيح.
ينظر التيسير للداني ص 4 وغاية النهاية لابن الجزري1/615.
(4) إنما كان الأول في هذا المثال أعرف من الثاني لأن هذا اللقب أشهر من الاسم.
تنظر حاشية العدوي على الشذور 2/185.
(5) قوله: (بيانا) ساقط من (ب).
(6) أي أدنى، وقد سبق للشارح أن استعمل هذه الكلمة وقد بينت ما فيها، وذلك في ص 643.
(7) كلمة (من) ساقطة من (أ) وأثبتها من (ب) و (ج).
(8) اشترط ذلك بعض البصريين، والصحيح عدم اشتراطه.
انظر شرح الجمل لابن عصفور 1/294 وارتشاف الضرب 2/65.
(9) هذا مذهب الجرجاني والزمخشري.
انظر المقتصد للجرجاني 2/927 والمفصل للزمخشري 122.
وقد رد ابن مالك على من اشترط ذلك، في شرح الكافية الشافية 3/1193.(4/28)
ص: ولا يضاف، ولا يتأخر عن معموله، ولا ينصب في جوابه، وما نوّن منه فنكرة.
ش: ذكر في هذا الكلام لأسماء الأفعال أربعة أحكام.
الحكم الأول أنها لا تضاف.
قال المصنف(1): (كما أن مسماها(2)، وهو الفعل، كذلك، ومن ثمّ، قالوا: إذا قلت: (بلْه زيدٍ) و(رويدَ زيدٍ)بالخفض كانا مصدرين، والفتحة فيهما فتحة [75/ب] إعراب) انتهى.
ويحتاج إلى معرفة المعنى في عدم إضافتها على القولين الأخيرين في مسماها(3).
الحكم الثاني: أنها لا تتأخر عن معمولاتها. لأنها ضعيفة في العمل(4).
وقال الكسائي(5): بجواز تقديمه. مستدلا بقوله تعالى: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ}(6). وبقول الشاعر:
164- أيُّها المائح دلوي دونكا
إنّي رأيت الناس يمدحونكا(7)
__________
(1) شرح شذور الذهب ص 407.
(2) في شرح الشذور (مسماه).
(3) لعل مراد الشارح بذلك أنه يلزم الناظر معرفة السبب الذي منع الإضافة على القولين الأخيرين في مسمى أسماء الأفعال وهما أن مسماها المصدر أو أن مسماها الحدث والزمان فمسماها على هذين القولين اسم والأسماء لا تُمنع إضافتها.
(4) هذا مذهب البصريين والفراء من الكوفيين. ينظر الكتاب 1/252- ومعاني القرآن للفراء 1/323 وشرح المفصل 1/117 وشرح الكافية للرضي 2/68 والتصريح 2/199.
(5) ذكر هذا المذهب الفراء في معاني القرآن 1/260 ولم يصرح بذكر صاحبه وينظر الإنصاف 1/228 وشرح المفصل 1/117 وهمع الهوامع 2/105.
(6) من الآية 24 من سورة النساء.
(7) البيتان من الرجز، وهما لراجز جاهلي من بني أسيد بن عمرو بن تميم.
المائح: الذي ينزل البئر ويملأ الدلو ماءً. ولم يرد البيت الثاني في (أ) و (ب).
ينظر معاني القرآن للفراء 1/260 والمرتجل لابن الخشاب 257 والإنصاف 1/228 وشرح المفصل 1/117 والمقرب 1/137 وشرح الكافية الشافية 3/1394 والمغني 794 والتصريح 2/200 والأشموني 3/206 وخزانة ا لأدب 6/200.
والشاهد تقديم معمول اسم الفعل عليه، وقد أجاز ذلك الكسائي، ورده الجمهور وأجابوا عن البيت بما ذكره الشارح.(5/1)
ولا حجة له فيهما. أما الآية فلكون (كتاب الله) يحتمل أن يكون مصدرا مؤكدّا لأن قبله {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ...}(1) إلى آخره. فدل على أنه مكتوب عليكم، فكأنه قال: كتب الله عليكم ذلك كتابا(2).
وأما البيت فلاحتمال أن يكون (دلوي) مبتدأ، خبره (دونكا) أو مفعولا ب(خذ) مضمرا(3). ولا يجوز أن يكون منصوبا ب(دونكا) مضمرا(4). لأن اسم الفعل لا يحذف دون معموله، ذكره الشيخ في المغني(5).
الحكم الثالث أن الفعل المضارع لا ينصب في جواب اسم الفعل، إذا قلت مثلا: (صهْ فينام الناس).
هذا هو مذهب الجمهور(6). والمخالف فيه الكسائي وغيره(7).
وقد تقدمت المسألة في المنصوبات مبسوطة، فراجعها(8).
الحكم الرابع ما نوّن من هذه الأسماء فهو في حال تنوينه نكرة وما لم ينوّن فهو في حال عدم تنوينه معرفة.
وقد التزم في بعضها التنكير(9) فنونت أبدا، ك(واهاً) و (ويهاً)(10) كما التزم التنكير في (أحد) ونحوه(11).
والتزم في بعضها التعريف، فترك تنوينه، كما في (نَزَالِ) و (دَرَاكِ) كما التزم التعريف(12) في المضمرات والإشارات ونحوهما.
__________
(1) من الآية 23 من سورة النساء.
(2) ينظر التبيان في إعراب القرآن للعكبري 1/346.
(3) في (ب): (بفعل مضمر).
(4) وقد أجاز ذلك ابن مالك، ينظر شرح الكافية الشافية 3/1394.
(5) ينظر مغني اللبيب ص 794.
(6) ينظر همع الهوامع 2/11 وقد تقدمت هذه المسألة.
(7) أجاز الكسائي النصب في جواب اسم الفعل قياسا، وأجازه ابن جني بعد اسم الفعل المشتق. وقد تقدم بيان ذلك بالتفصيل.
(8) ينظر ما سبق في ص 534.
(9) في (أ): (التنوين) صوابه من (ب) و (ج).
(10) واها) كلمة تعجب من حسن أي شيء، وقد نص صاحب القاموس على جواز ترك تنوينه. و (ويها) كلمة إغراء وحث وتحريض وهي ملازمة للتنوين، ينظر تاج العروس 9/422.
(11) أي في كل ما وضع نكره.
(12) كلمة (التعريف) لم تذكر في (أ) وهي ثابتة في (ب) و (ج).(5/2)
وقد جاء بعضها بالوجهين، فنوّن حال تنكيره ك(إيهٍ) إذا أردت أن يزيدك مخاطبك من حديث أي حديث كان.
وترك تنوينها حال تعريفها، ك(إيهِ) إذا أردت أن يزيدك من حدّثك(1) من حديث معين.
كما جاء بالوجهين نحو(كتاب) و(فرس) (2). والله أعلم.
ص: السابع والثامن الظرف والمجرور المعتمدان. وعملهما عمل استقرّ.
ش: السابع والثامن [76/أ] مما يعمل عمل الفعل الظرف والجار والمجرور، وذلك إذا وقع بعدهما مرفوع على أحد الأقوال.
وتفصيل القول في ذلك أنه متى تقدم(3) على واحد منهما نفي أو استفهام أو موصوف أو موصول أو صاحب خبر(4) أو حال، نحو قولك: ما في الدار أحد، وأفي الدار(5) زيد؟ ومررت برجل معه صقر، وجاء الذي في الدار أبوه، وزيد عندك أخوه، ومررت بزيد عليه جبّة(6)، ووقع بعده مرفوع ففي وجه رفعه ثلاثة مذاهب:
أحدها: الأرجح كونه مبتدأ مخبرا(7) عنه بالظرف أو المجرور، ويجوز كونه فاعلا(8).
__________
(1) في (ج): (حديثك) وهو تحريف. ولم ترد هذه الكلمة في (ب).
(2) أي أن هاتين الكلمتين جاءتا نكرتين بدون أل ومعرفتين بأل فلهما حالتان.
(3) كذا في النسخ، والأولى أن يقول: (متى ما تقدم).
(4) ساقط من (ج).
(5) في (أ): (وإن في الدار) وفي (ب): (وفي الدار) والتصويب من (ج).
(6) ذكر الشارح هذه الأمثلة على أسلوب اللف والنشر المرتب فالأول مثال للاعتماد على النفي، والثاني مثال للاعتماد على الاستفهام والثالث مثال الاعتماد على الموصوف والرابع مثال للاعتماد على الموصول، والخامس مثال للاعتماد على صاحب الخبر والسادس مثال للاعتماد على صاحب الحال.
(7) في (ج): (مخبر) بالرفع، وهو خطأ.
(8) نسب السيوطي هذا القول لقوم لم يعينهم. ينظر همع الهوامع 2/107.(5/3)
ثانيها: الأرجح كونه فاعلا، ويجوز كونه مبتدأ. وهو مختار الشيخ جمال الدين بن مالك(1)، وهو ظاهر كلام الشيخ(2). ووجهه أن الأصل عدم التقديم والتأخير.
ثالثها: أنه يجب كونه فاعلا، وهو منقول عن الأكثرين(3).
وحيث أعرب فاعلا، إما وجوبا أو راجحا أو مرجوحا، فهل عامله الفعل المحذوف أو الظرف أو المجرور لنيابتهما عن (استقر)، وقربهما من الفعل لاعتمادهما، فيه خلاف(4).
والمذهب المختار الثاني لوجهين:
أحدهما: امتناع تقديم الحال في نحو (زيد في الدار جالسا) ولو كان العامل الفعل لم يمتنع(5).
ثانيهما: قول الشاعر:
165- فإن يك جُثماني بأرضِ سواكم
فإنّ فؤادي عندكِ الدهرَ أجمعُ(6)
حيث(7) رفع (أجمع) الذي هو توكيد للضمير المستتر في الظرف.
ووجه الدلالة منه أن الضمير لا يستتر إلا في عامله.
__________
(1) ينظر شرح عمدة الحافظ ص 182 وشرح التسهيل لابن مالك [ق 82/ ب].
(2) في شرح شذور الذهب ص 410، فقد قال فيه:(والأول- أي كونه فاعلا- أولى، لسلامته من مجاز التقديم والتأخير).
(3) أي جمهور العلماء. ينظر همع الهوامع 2/107.
(4) على قولين، وقد اختار ابن مالك أن العامل هو الفعل المحذوف المقدر بـ(استقر) لأن الأصل في العمل للفعل. ينظر التسهيل ص 49.
(5) لأنه يجوز أن تقول: (جالسا ضرب زيد).
(6) البيت من الطويل، وهو لجميل بثينة، وقد نسب أيضا لكثير عزة، والبيت موجود في ديوانيهما. ينظر ديوان جميل بثينة ص 119 وديوان كثير عزة ص 404. ولم يرد صدر البيت في (أ)، وأثبته من (ب) و (ج). وقد ورد البيت في الأمالي الشجرية 1/5 وارتشاف الضرب 2/55 ومغني اللبيب 579 والتصريح 1/166 والهمع 1/99 والأشموني 1/201 وخزانة الأدب 1/395.
والشاهد استتار الضمير في الظرف (عندك) مما يدل على أن العامل في المرفوع هو الظرف نفسه، لأن الضمير لا يستتر إلا في عامله.
(7) حيث) ساقطة من (أ) و أثبتها من (ب) و (ج).(5/4)
ولا يصح أن يكون توكيدا لضمير محذوف مع الاستقرار، لأن التوكيد والحذف متنافيان، ولا توكيداً لاسم (إن) على محله من الرفع بالابتداء(1) لأن الطالب للمحل قد زال بوجود الناسخ(2).
هذا كله إذا اعتمد الظرف والمجرور على ما ذكر.
أمّا إذا لم يعتمد، نحو (في الدار زيد) و (عندك عمرو) فالجمهور(3) يوجبون(4) الابتداء.
والأخفش(5) والكوفيون(6) يجوّزون الابتداء والفاعلية؛ لأن الاعتماد عندهم ليس بشرط، كما تقدم [76/ب] في المبتدأ أنهم يجيزون في نحو (قائم زيد) أن يكون (قائم) مبتدأ و(زيد) فاعلا. وغيرهم(7) يوجب كونهما على التقديم والتأخير(8).
ص: التاسع اسم المصدر، والمراد منه اسم الجنس المنقول عن موضوعه إلى إفادة الحدث، كالكلام والثواب. وإنما يعمله الكوفي والبغدادي(9). وأمّا نحو (إن مُصابك الكافر حسن) فجائز إجماعا، لأنه مصدر وعكسه نحو فَجَارِ وحَمَادِ.
ش: التاسع مما يعمل عمل الفعل اسم المصدر، وهو يطلق في الاصطلاح على ثلاثة أشياء(10).
الأول ما كان اسما لغير الحدث، ثم نقل إلى الحدث، كالكلام والعطاء.
__________
(1) في (أ): (للابتداء)، والمثبت من (ب) و (ج).
(2) وكذلك لا يصح أن يكون الضمير توكيدا لاسم (إن) أو الدهر لأنهما منصوبان.
(3) أي جمهور البصريين، ينظر الكتاب 2/127- هارون وهمع الهوامع 2/107.
(4) فيكون الظرف خبرا مقدما وما بعده مبتدأ مؤخرا.
(5) ينظر قوله في همع الهوامع 2/107.
(6) ينظر مذهبهم في شرح الكافية للرضي 1/94 والهمع 2/107.
(7) وهم جمهور البصريين.
(8) فيكون (قائم) خبرا مقدما و (زيد) مبتدأ مؤخرا.
(9) في شذور الذهب ص 28: (الكوفيون والبغداديون).
(10) تفصيل ذلك في التصريح 2/62. وفي (ب): (على أربعة أشياء) ثم ذكر ثلاثة.(5/5)
فإنهما في الأصل لما يُتكلم به ولما يُعطى، ثم نقلا إلى الإعطاء والتكلم وهو فعل الفاعل(1). وهذا هو المراد بقوله: (اسم الجنس) إلى آخره. وهو الذي اختلف في عمله(2):
فأعمله الكوفيون والبغداديون(3)، ودليلهم قوله:
166-أكُفْراً بعدَ ردّ الموتِ عنِّي وبعدَ عطائِكَ المائَةَ الرّتاعَا(4)
ف(المائة) منصوبة ب(عطائك) الذي هو اسم مصدر.
وغيرهم من البصريين(5) يجعل(6) العمل لفعل محذوف، ويمنع أن يكون اسم المصدر عاملا.
وإطلاق اسم المصدر على هذا حقيقي.
الثاني مما يطلق عليه اسم المصدر ما كان مبدوءا بميم زائدة لغير المفاعلة،ك(مضرب) و(مقتل).
__________
(1) قوله: (وهو فعل الفاعل) ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج).
(2) هذه من المسائل الخلافية وقد ذكرها الزبيدي في ائتلاف النصرة ص 73.
(3) مذهب الكوفيين والبغداديين في الأصول لابن السراج1/140 والأمالي الشجرية 2/141 وارتشاف الضرب 3/179.
والبغداديون هم علماء النحو واللغة الذين كانوا في بغداد في مطلع القرن الرابع، وكان منهجهم يقوم على اختيار الراجح من المذهبين في الغالب.
(4) البيت من الوافر، وهو للقطامي من قصيدة يمدح بها زفر بن الحارث الكلابي، ينظر ديوان القطامي ص 37. وصدر البيت لم يرد في (أ) وأثبته من (ب) و (ج).
الرتاع: الإبل التي ترتع وترعى.
والبيت من شواهد الأصول في النحو 1/140 والأمالي الشجرية 2/142 وشرح المفصل 1/20 والارتشاف 3/179 وشرح الشذور ص 412 والعيني 3/505 والتصريح 2/64 والأشموني 2/288 والخزانة 8/136 والدرر اللوامع 5/262.
والشاهد فيه إعمال اسم المصدر، وهو (عطائك) حيث نصب (المائة).
(5) مذهبهم في ارتشاف الضرب 3/179 وتوضيح المقاصد 3/9 والتصريح
2/64 وهمع الهوامع 2/95.
(6) في (ب) و (ج): (يجعلون).(5/6)
وهذا يعمل عمل الفعل اتفاقا، لأنه في الحقيقة مصدر(1) وإطلاق اسم المصدر عليه مجاز(2).
ولذلك لم يُختلف في عمله. وشاهد إعماله قوله:
167- أظَلُومُ إنّ مُصَابَكمْ رَجلاً أهْدى السّلامَ تحيّةً ظُلْمُ(3)
فقوله: رجلا، مفعول (مصا بكم) باتفاق.
ولهذا قال الشيخ: (وأما نحو إلى آخره).
الثالث مما يطلق عليه اسم المصدر ما كان علما(4) على معنى كبَرَّة علما على المبرّة، و(فَجارِ) علما على الفجرة، و(حماد) علما على المحمدة(5).
وهذا لا يعمل بالاتفاق(6) لمخالفته المصدر في عدم قصد الشياع، وعدم الإضافة(7)، وعدم قبول (أل) وعدم الوقوع موقع الفعل.
__________
(1) ويسمى المصدر الميمي، ويعمل عمل الفعل.قال السيوطي في الهمع 2/94: (يعمل كمصدر اسمه، أي اسم المصدر الميمي لا العَلَم بإجماع).
(2) في (ب) و (ج): (مجازا) بالنصب، وهو خطأ.
(3) البيت من الكامل، واختلف في قائله، فقد نسب للحارث بن خالد المخزومي ولأبي دهبل الجمحي وللعرجي أيضا، وفي شعر الحارث المخزومي (أظليم) بدل (أظلوم).
ينظر شعر الحارث ص 123. ولهذا البيت قصة عند أهل الأدب وقعت للمازني، تنظر في معجم الأدباء 7/111 والبيت في مجالس ثعلب 1/244 والأصول 1/139 والتبصرة للصيمري 1/245 والأمالي الشجرية 1/107 وشرح عمدة الحافظ 731 والمغني 697 والعيني 3/502 والتصريح 2/64 والأشموني 2/288 والدرر اللوامع 5/258.
والشاهد فيه إعمال المصدر الميمي، وهو (مصابكم) فيما بعده حيث نصب (رجلا) على المفعولية، والتقدير: إن إصابتكم رجلا.
(4) في (أ): (علم) في المواضع الثلاثة، صوابه من (ب) و (ج).
(5) هذه الألفاظ من أنواع علم الجنس، وهي أعلام على أمور معنوية وهي النوع الثالث من أنواع أعلام الأجناس.راجع أوضح المسالك 1/95.
(6) قوله: (بالاتفاق) ساقط من (ب) و (ج).
(7) قوله: (وعدم الإضافة) ساقط من (ب) و (ج).(5/7)
ص: العاشر اسم التفضيل كأفضل وأعلم، ويعمل في تمييز(1) [77/أ] وظرف وحال وفاعل مستتر مطلقا، لا في مصدر(2) ومفعول به أو معه، ولا في مرفوع ملفوظ به إلا في مسألة الكحل.
ش: العاشر مما يعمل عمل الفعل اسم التفضيل.
وهو كما قال بعض المحققين(3) (المبني على (أفعل) لزيادة صاحبه على غيره في الفعل(4)، أي في الفعل المشتق هو منه. ويدخل في ذلك (خير) و(شرّ) لكونهما في الأصل (أخْيَر) و (أشر)، فخففا بالحذف لكثرة الاستعمال. وقد يستعملان على القياس(5) .انتهى
وقوله: (كأفضل) مثال لما بني من فعل قاصر(6).
وقوله: (و أعلم) مثال لما بني من فعل متعدّ(7).
وقوله: (ويعمل...) إلى آخره بيان لعمل أفعل التفضيل فذكر أنه يعمل في التمييز، نحو زيد أفضل منك أخا. وفي الظرف، نحو زيد أفضل منك اليوم. وفي الحال، نحو زيد أفضل منك متأدبا(8). هذا بالنسبة إلى كونه ناصبا.
__________
(1) قوله: (في تمييز) ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج) وشذور الذهب ص 28.
(2) في شذور الذهب ص 28: (ولا يعمل في مصدر).
(3) هو المحقق الرضي في شرح الكافية 2/212.
(4) في (أ): (في الفضل) والمثبت من (ب) و (ج) وشرح الرضي 2/212.
(5) أي بالهمزة، كقول الشاعر: بلال خير الناس وابن الأخير.
(6) لأن فعله (فضل) من أفعال السجايا، وهو لازم .
(7) لأن فعله (علم) متعد، تقول: علمت المسألة.
(8) وذلك لأن الظرف والحال والتمييز تكفيها رائحة الفعل.(5/8)
وأما بالنسبة إلى كونه رافعا، فإنه يرفع الفاعل إذا كانا ضميرا مستترا. كما ذكرنا في الأمثلة الثلاثة، إذ أفعل التفضيل في كل منها رافع لضمير مستتر(1). وقوله: (إلا في مصدر....) إلى آخره فيه بيان ما لا يعمل فيه أفعل التفضيل. فذكر أنه لا ينصب المصدر، ولا المفعول به، ولا المفعول معه(2) هذا بالنسبة إلى المنصوب. وأما بالنسبة إلى المرفوع فلا يرفع الفاعل إذا كان ضميرا منفصلا أو اسما ظاهرا إلا في مسألة الكحل(3).
والنكتة في أنه لا يرفع الفاعل الظاهر أو المنفصل إلا فيها أنه إنما قَصُر عن رفع الظاهر، لأنه ليس له فعل بمعناه. وفي مسألة الكحل يصح أن يقع فعل بمعناه(4).
وضابطها أن يلي أفعل(5) التفضيل نفيا، ويكون مرفوعه(6) مفضّلا على نفسه باعتبارين. نحو (ما رأيت رجلاً أحسنَ في عينه الكحلُ منه في عين زيد). فيصح أن يقع موقعه فعل بمعناه، فتقول: ما رأيت رجلا يحسن في عينه الكحل كحسنه في عين زيد.
__________
(1) وهو العائد على (زيد) في الأمثلة الثلاثة.
(2) قال ابن مالك في شرح الكافية الشافية 2/1141: (وأجمعوا على أنه لا ينصب المفعول به، فإن ورد ما يوهم جواز ذلك جعل نصبه بفعل مقدر. يفسره (أفعل).
(3) أول من ذكر هذه المسألة سيبويه في الكتاب 2/31- هارون. وسميت بذلك لورود كلمة الكحل فيها، وليست خاصة بهذا المثال بل تشمل كل ما ينطبق عليه الضابط الآتي ذكره. وينظر الأشباه والنظائر 8/144.
(4) هذا التعليل في شرح الكافية الشافية 2/1140. وكلمة (يصح) ساقطة من (ج).
(5) في (ج): (أفضل).
(6) أي مرفوع أفعل التفضيل.(5/9)
وإنما [77/ب] قلنا: بأنه فاعل، لأنه لو لم يكن فاعلا لكان مبتدأ فيلزم الفصل بين أفعل و (مِن) بأجنبي(1).
ص: وإذا كان بأل طابق، أو مجردا، أو مضافا لنكرة أفرد وذكر، أو لمعرفة فالوجهان.
ش: لما فرغ من بيان عمل أفعل التفضيل أخذ يذكر حكمه بالنسبة إلى مطابقته لموصوفه وعدمها. وجعله على أربعة أقسام:
القسم الأول: أن يكون بأل، نحو (الأفضل). وذكر أنه يجب فيه أن يطابق الموصوف(2).
فتقول فيه: زيد الأفضل، وهند الفضلى، والزيدان الأفضلان والزيدون الأفضلون أو الأفاضل، والهندات الفضليات أو الفضّل.
القسم الثاني: أن يكون مجردا من أل والإضافة، وذكر أنه يجب فيه الإفراد والتذكير نحو قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ}(3) الآية.
وتقول: الزيدان أفضل من عمرو، والزيدون أفضل من بكر والهندات أفضل منه.
القسم الثالث: المضاف لنكرة. نحو زيد أفضل رجل، وهند أفضل امرأة. وحكمه حكم المجرد من أل والإضافة(4). ولذلك جمعهما الشيخ فقال: (أو جردا أو مضافا لنكرة أفرد وذكر).
فتقول: زيد أفضل رجل، والزيدان أفضل رجلين، والزيدون أفضل رجال، وهند أفضل امرأة، والهندان أفضل امرأتين، والهندات أفضل نساء.
__________
(1) وهو (الكحل) فقد فصل بين العامل الضعيف، وهو (أحسن) ومعموله وهو (منه) ومعنى كونه أجنبيا أنه لم يتصل به ضمير يعود على الموصوف، فيخرج نحو ما رأيت رجلا أحسن منه أبوه. وهذا التعليل ذكره المبرد في المقتضب 3/284 وابن الحاجب في الكافية ص 187.
(2) وذلك لنقص شبهه بأفعل التعجب لاقترانه بأل. راجع التصريح 2/103.
(3) من الآية 24 من سورة التوبة، والشاهد في آخر الآية في قوله تعالى: {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ...}. فقد جاء (أحب) مفردا مذكرا مع الجمع، لأنه مجرد.
(4) أي يلزم الإفراد والتذكير، إلا أنه يلزم في المضاف إليه أن يطابق الموصوف.(5/10)
القسم الرابع: أن يكون مضافا لمعرفة، نحو زيد أفضل الرجال، وذكر أنه يجوز فيه الوجهان، أي المطابقة وعدمها(1) نحو الزيدان أفضلا الرجال، وأفضل الرجال، والزيدون أفضلو الرجال وأفضل الرجال.
تنبيه:
محل جواز الوجهين في المضاف لمعرفة أن يكون (أفعل) مرادا به التفضيل.
أما إذا لم يقصد به التفضيل، كقولهم: (الناقصُ والأشجُّ أعدلا بني مروان)(2). أي عادلا بني مروان. يعنون الوليد بن اليزيد(3) وعمر بن عبد العزيز(4) فلابد من المطابقة للموصوف.
ولم يحتج [78/أ] المصنف إلى تقييده بذلك لأن ورود (أفعل) لغير قصد التفضيل مجاز(5).
تتمّة(6):
يجب مجيء (مِن) بعد أفعل التفضيل جارة للمفضول في المجرد من (أل) والإضافة، نحو زيد أفضل من عمرو.
__________
(1) وترك المطابقة في ذلك هو الغالب في الاستعمال وقد ورد القرآن بالأمرين.
فمن المطابقة بينهما قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا} ومن ترك المطابقة قوله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ}.
(2) هذا القول في شرح المفصل لابن يعيش 3/6.
(3) كذا جاء في النسخ، والمعروف أن المقصود بذلك هو يزيد بن الوليد بن عبد الملك، ولقب بذلك لأنه نقص أرزاق الجند، وتوفي سنة 126ه. ترجمته في شذرات الذهب 1/167 والأعلام 8/190.
(4) هو الخليفة الأموي العادل عمر بن عبد العزيز بن مروان، لقب بالأشج لشجة كانت في رأسه، كانت مدة حكمه سنتين وتوفي سنة 101ه. تنظر ترجمته في شذرات الذهب 1/119 والأعلام 5/50.
(5) قد ورد كثيرا استعمال (أفعل) لغير قصد التفضيل، نحو قوله تعالى: {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ}. لكن قال ابن مالك في التسهيل ص 134: والأصح قصره على السماع.
(6) في (ب) و (ج): (تنبيه).(5/11)
وقد تحذف(1)، نحو {وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى}(2).
ومحل إتيان (من) بعده في ذلك ألا يكون المجرور بها اسم استفهام.
فإن كان وجب تقدم (من) ومجرورها على اسم التفضيل نحو (أنت ممّن أفضل) ؟ (3). ويمتنع دخولها(4) في المقرون بأل والمضاف بقسميه(5).
ص: ولا يبنى هو ولا أفعل(6) التعجب، وهى(7) ما أفعلَه وأفعِلْ به وفَعُل(8) إلا من فعل ثلاثي مجرد لفظا أو تقديرا تام، متفاوت المعنى، غير لون ولا عيب(9)، ولا منفى، ولا مبنى للمفعول.
ش: لما فرغ من ذكر أحكام أفعل التفضيل شرع في بيان ما يبنى منه ولما شاركه في ذلك أفعال(10) التعجب ضمّها إليه فقال: (ولا يبنى هو) أي أفعل التفضيل المتقدّم، ولا (أفعال التعجب).
أي ولا تبنى أفعال التعجب إلا مما اجتمعت فيه الشروط المذكورة.
ولنتكلم أولا على معنى التعجب، وعلى أفعاله، ثم نعود إلى شرح الشروط المذكورة، تكميلا للفائدة، فنقول: التعجب استعظام زيادة في وصف الفاعل خفي سببها وخرج بها المتعجب منه عن نظائره، أو قلّ نظيره.
__________
(1) قوله: (وقد تحذف) أي (من) الجارة.
(2) من الآية 17من سورة الأعلى، والتقدير (من الحياة الدنيا) فحذف الجار والمجرور. وقد جاء الإثبات والحذف في قوله تعالى: {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَرًا} أي منك.
(3) كذا في النسخ، والصواب أن يقدم الاستفهام فيقول: ممن أنت أفضل؟. لأن اسم الاستفهام له حق الصدارة.
(4) أي (من) ا لجارة.
(5) وهما المضاف لمعرفة والمضاف لنكرة.
(6) في (ب): (فعلا) وفي (ج): (فعل).
(7) في (أ) و(ب): (وهو)، والمثبت من (ج) والشذور.
(8) كلمة (فعل) ساقطة من (ب) و (ج).
(9) هذه الفقرة ليست في شذور الذهب المطبوع.
(10) في (ب): (أفعل) وفي الموضع الثاني (فعلا) وفي (ج): (أفعل) في الموضعين.(5/12)
فقولنا: في وصف الفاعل(1)احتراز عن وصف المفعول فلا يقال: [ما أضرب] (2)زيدا، تعجبا من الضرب الواقع عليه.
وقولنا: خفي سببها، احتراز من الأمور الظاهرة الأسباب فلا يتعجب منها. ولهذا قالوا: إذا ظهر السبب بطل العجب(3).
واعتبرت قلة نظائره أو الخروج عنها، لأن ما تكثر نظائره في الوجود لا يُستعظم فلا يتعجب منه(4).
وأما أفعاله، والمراد الصيغ المشتمل كل منها على فعله، فجعلها المصنف ثلاثة:
الأولى: (ما أفعلَه) والثانية: (أَفْعِلْ به) وهاتان [78/ب] هما الصيغتان المشهورتان له(5).
فأما الصيغة الأولى، وهي (ما أفعلَه) فأجمعوا فيها على اسمية (ما) وكونها مبتدأ(6).
واختلفوا في (أفعَلَ). فقال البصريون(7)والكسائي(8): إنه فعل بدليل اتصال نون الوقاية به(9).
__________
(1) من قوله: (خفي سببها) إلى هنا ساقط من (ج).
(2) في (أ) و (ج): (ما أعجب) وفي (ب): (ما أحسن)، والمثبت من المقرب 1/71، لأن هذا النص منقول عنه دون التصريح بذلك.
(3) في (أ) و (ج): (التعجب) والمثبت من (ب).
(4) كلمة (منه) ساقطة من (ج).
(5) في (ب): (وهاتان الصورتان)، وقوله (هما) و (له). ساقطان من (ج).
(6) وهي عند سيبويه نكرة تامة، وعند الأخفش موصولة.
ينظر الكتاب 1/73- هارون والأصول في النحو 1/100.
(7) ينظر الكتاب 1/72- هارون والمقتضب 4/173 وأسرار العربية 113 وشرح المفصل 7/ 142 والبحر المحيط 1/494 والأشموني 3/18.
(8) قول الكسائي في الإنصاف 1/126 وشرح الكافية للرضي 2/308.
(9) في الكتاب 4/99: (تقول: ما أبغضني له وما أمقتني له وما أشهاني لذلك).
وهناك أدلة أخرى للبصريين ذكرها ابن الأنباري في أسرار العربية ص 113.(5/13)
وقال بقية الكوفيين (1): إنه اسم(2) بدليل تصغيره(3).
وأما الصيغة الثانية فأجمعوا(4) فيها على فعلية (أفعِلْ) (5).
ثم قال البصريون(6): لفظه الأمر ومعناه الخبر(7).
وقال الفراء وجماعة(8): لفظه ومعناه الأمر(9)، وفيه ضمير والباء للتعدية. ثم اختلف هؤلاء فقال بعضهم(10): الضمير للحُسن. وقال بعضهم(11): للمخاطب(12)، والتزم إفراده لجريانه مجرى المثل.
__________
(1) في (ج): (الكوفيون) وهو خطأ ظاهر.
(2) ينظر مذهبهم في الإنصاف 1/126 وشرح الكافية الشافية 2/1077 وشرح الكافية للرضي 2/308.
(3) قال ابن خالويه: (تقول: ما أحيسن زيدا، وما أميلح بشرا، وإنما جاز ذلك لأنه لا يتصرف تصرف الأفعال فأشبه الاسم).
(ليس في كلام العرب) لابن خالويه ص 201 وتنظر بقية أدلة الكوفيين في الإنصاف 1/126 وأسرار العربية ص 114.
(4) ينظر مجالس ثعلب 1/273 وارتشاف الضرب 3/34.
(5) أفعل) في الأصل فعل ماض على صيغة (أَفْعَلَ) بمعنى صار كذا ثم غيرت الصيغة فقبح إسناد صيغة الأمر إلى الاسم الظاهر، فزيدت الباء في الفاعل ليصير على صيغة المفعول به كامرر بزيد. ويقال في إعراب نحو (أحسن بزيد): (أحسِنْ) فعل ماض جاء على صورة الأمر والباء زائدة، و (زيد) فاعل (أحسِنْ) مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها حركة حرف الجر الزائد.
(6) مذهبهم في الكتاب 4/97 والأصول 1/101 والمرتجل ص 147 والتصريح 2/88.
(7) كلمة (الخبر) ساقطة من (ج).
(8) منهم الزجاج والزمخشري وابن كيسان وابن خروف. ينظر المفصل ص 276 والتصريح 2/88.
(9) من قوله: (ومعناه الخبر) إلى آخره ساقط من (ب) بسبب انتقال النظر.
(10) هو ابن كيسان. ينظر أوضح المسالك 2/274.
(11) وهم الفراء والزجاج والزمخشري وابن خروف. ينظر التصريح 2/88.
(12) أي أن الضمير الذي في قولك: (أحسِن بزيد) يرجع إلى المخاطب.(5/14)
وأما الصيغة الثالثة، وهي (فَعُل) فلم يشتهر عدّها من صيغه، ونقلها ابن إياز عن ابن عصفور، فقال في شرح الفصول (قال ابن عصفور(1): ومن ألفاظه (فَعُل) مثل فضُل زيد، وظرُف عمرو، وضرُب الرجل، أي ما أضربه ويجوز [دخول](2) الباء الزائدة على الفاعل، فيقال: (ضرُب بزيد) إجراءً له مجرى أَضرِبْ بزيد، لأنهما في معنى واحد). انتهى كلام ابن إياز(3).
وفي تمثيله ما يرشد إلى أنه لا فرق في إفادة فعل التعجب بين كونه أصلا، أو محوّلا، كظرف وضرب(4). وهو كذلك.
إذا علمت ذلك فلنعد إلى شرح الشروط التي ذكرها الشيخ لما تبنى صيغ التعجب وأفعل التفضيل منه، فنقول: لا يبنى شيء من هذه المذكورات إلا مما اجتمعت فيه أمور(5):
أحدها أن يكون فعلا، فلا يبنى من الجلف(6) والحمار فلا يقال: ما أجْلَفه ولا هو أجلف من زيد(7).
__________
(1) المقرب 1/77.
(2) في النسخ: (حذف) وهو خطأ، صوابه من المحصول والمقرب 1/78.
(3) المحصول في شرح الفصول [ق 79 / أ].
(4) مراده بالأصل (ظرُف) فإنها لم تحوّل عن شيء، ومراده بالمحول (ضرُب) فإنها محوّلة عن (ضَرَب). لإفادة التعجب.
(5) ينظر لهذه الشروط أوضح المسالك 2/280 وشرح الأشموني 3/21.
(6) الجلف هو الرجل الجافي، وقد وُجد له فعلٌ قال صاحب القاموس: (وقد جَلِف كفرح جلَفاً وجلافة). القاموس المحيط 3/128.
(7) في (ب): (ولاما أجلف من زيد).(5/15)
ثانيها(1) أن يكون ثلاثيا، مجردا من الزيادة لفظا وتقديرا فلا يبنى من نحو (دَحْرَجَ) لأنه رباعي، ولا من نحو (استخرج) لأنه وإن كان ثلاثيا لكنه ليس(2) مجردا بل مزيد فيه، ولا من نحو (حَوِلَ) و(عَوِر) لأنها وإن كانت ثلاثية مجردة في اللفظ، لكنها(3) [79/أ] ليست مجردة في التقدير، لأن تقديرها (احولّ) و (اعورّ)، بدليل عدم القلب مع تحركها وانفتاح ما قبلها، فلو لا أن ما قبل العين ساكن في التقدير لوجب فيها القلب المذكور.
ثالثها: أن يكون تاما، فلا يبنى من فعل ناقص، ك(كان).
رابعها: أن يكون متفاوت المعنى، أي قابلا للتفاضل بالنسبة لمن يقوم به فلا يبنى من نحو فني ومات.
خامسها: ألا يدل على لون أو عيب، فلا يبنى من نحو (عَرِجَ) (وشهِل)، ويعبّر عن هذا بألا يكون اسم الفاعل على أفعل فعْلاء(4).
سادسها: أن يكون غير منفي، فلا يبنى من منفي(5) سواء كان ملازما للنفي، نحو (ما عاج بالدواء) (6) أي ما انتفع به، أم غير ملازم، ك(ما قام زيد).
سابعها: ألا يكون مبنيا للمفعول. فلا يبنى من نحو(ضُرب) و(عُلم)(7).
تنبيهات:
__________
(1) في (أ): (ثالثها) وهو خطأ صوابه من (ب) و (ج).
(2) في (أ): (مجردا في اللفظ ليست) وهو خطأ، وقوله: (لأنه وإن كان ثلاثيا) ساقط من (ج)، والمثبت من (ب).
(3) ساقطة من (أ) وأثبتها من (ب) و (ج).
(4) وذلك نحو أحمر وأسود وأعرج وأعشى، فلا يقال: ما أحمر زيدا. وأجاز الكوفيون التعجب من الأسود والأبيض، قالوا: لأنهما أصل الألوان.
تنظر المسألة بأدلتها في الإنصاف 1/148 وشرح المفصل 7/146.
(5) قوله (فلا يبنى من منفي) ساقط من (ب) و (ج).
(6) هذا الفعل ملازم للنفي، فلا يستعمل في الإثبات. لكن جاء في لسان العرب
2/336: (وقد يستعمل في الواجب). أي المثبت.
(7) وذلك، لئلا يلتبس التعجب من الفعل المبني للمجهول بالتعجب من فعل الفاعل.
ينظر التصريح 2/92.(5/16)
الأول: ما ذكره من أن للتعجب ثلاث صيغ هو بالنسبة لما يدل عليه بالوضع، لا لما يدل عليه بالقرينة. فإنه يدل عليه بها(1) صيغ كثيرة(2)، نحو (للهِ دَرّه فارساً) (3) و"سبحانَ اللهِ إنّ المؤمنَ لا يَنْجُس"(4).
الثاني: لم يذكر من شروط ما تبنى(5) هذه الصيغ منه كونه متصرفا(6) كما ذكره غيره(7)، وكما ذكره هو في غير هذا الكتاب(8)، استغناء بما يفهمه السياق، إذ الكلام في شروط ما تبنى منه هذه الصيغ، والجامد لا يقبل ذلك.
الثالث: يتوصل إلى التعجب من الزائد على ثلاثة، ومما وصفه على (أفعَل فعلاء) ب(ما أشدّ) ونحوه(9)، وينصب مصدرهما بعده، أوب(اشدُد) ونحوه، ويجر مصدرهما بالباء(10)، فتقول: ما أشدّ استخراجه واشدُد باستخراجِه(11).
وكذا المنفي والمبنى للمفعول إلا أن مصدرهما يكون مؤولا، لا صريحا، نحو ما أكثر ألاَّ يقوم، وما أعظم ما ضُرب.
__________
(1) أي يدل على التعجب بالقرينة.
(2) تسمى صيغ التعجب السماعية.
(3) ومن ذلك قوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ} وقول العرب: (لله أنت). ينظر التصريح 2/86.
(4) جزء من حديث قاله النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة وقد أخرجه البخاري في صحيحه 1/79 ومسلم 1/282 وأحمد بن حنبل في المسند 2/235.
(5) في (أ) و (ج): (من الشروط ما يبنى) والمثبت من (ب).
(6) فلا يصاغ من غير المتصرف، كـ(نِعْم) و(بئس) و(عسى) وشذ قولهم: ما أعساه، وأعسِ به. ينظر توضيح المقاصد 3/65.
(7) ذكر ابن مالك في شرح الكافية الشافية 2/1084 والمرادي في توضيح المقاصد 3/65.
(8) ذكر ابن هشام هذا الشرط في أوضح المسالك 2/281.
(9) مثل (ما أكثر) و(ما أقوى) و(ما أضعف) و(ما أعظم) و(ما أقلّ).
(10) قوله: (بالباء) ساقط من (ب) و (ج).
(11) وتقول: ما أشد حمرته واشدد بحمرته.(5/17)
وأما الناقص، فإن قيل: إن له مصدرا(1) فمن النوع الأول(2)، وإلا فمن الثاني(3).
وأما ما لا يتفاوت معناه والجامد فلا يتعجب منهما(4) ألبتة(5).
/ وما يتوصل به إلى التعجب مما لا يتعجب منه بلفظه يُتوصل به إلى التفضيل، ويجاء بعده بمصدر ذلك الفعل تمييزا، فتقول: هو أشد استخراجا وحمرة(6)
ص: باب. وإذا تنازع(7) من الفعل أو شبهه عاملان فأكثر ما تأخر من معمول فأكثر فالبصري يختار إعمال المجاور فيضمر في غيره مرفوعه، ويحذف منصوبه إن استغني عنه وإلا أخره. والكوفي الأسبق، فيضمر في غيره ما يحتاجه.
ش: لما فرغ من ذكر الأفعال، وما يعمل عملها، شرع يذكر تنازعهما في العمل، فقال: (وإذا تنازع) وهو شرط، جوابه الجملة الاسمية وهي قوله: (فالبصري...) إلى آخره.
فأفاد ما يشترط في التنازع في جملة الشرط وما اتصل بها، وأفاد حكم التنازع في جملة الجواب وما اتصل بها(8).
وبعضهم(9)
__________
(1) في (ب): (فإن قيل: له مصدر).
(2) أي مما يؤتي له بمصدر صريح، وعلى ذلك تقول: ما أشدّ كونه جميلا، واشدد بكونه جميلا. قال في التصريح 2/93: (وهو الصحيح) أي أن للناقص مصدرا.
(3) أي إن لم نقل: إن له مصدرا فهو مما يؤتى له بمصدر مؤول تقول: ما أكثر ما كان محسنا، وأكثر بما كان محسنا.
(4) وسبب ذلك أن الفعل الجامد لا مصدر له، وأما ما لا يتفاوت معناه فإنه ليس قابلا للتفاضل، إلا إن أريد وصف زائد عليه، فيقال: ما أفجعَ موته. ينظر التصريح 2/93.
(5) ألبتة مصدر بتّ يبت بتّا، زيدت عليها أل والتاء، وهي بقطع الهمزة وفتح التاء، بمعنى أبدا ومطلقا. ينظر تاج العروس 1/524.
(6) أي وهو أشد حمرة من غيره.
(7) التنازع هو: أن يتقدم عاملان فأكثر على معمول واحد مطلوب لكل منهما من حيث المعنى.
تنظر الحدود في النحو ص 203 والتصريح 1/315.
(8) من قوله: (وأفاد حكم التنازع..) إلى هنا ساقط من (ب).
(9) وهم الكوفيون، وقد سماه بذلك أيضا ابن عصفور.
ينظر المقرب 1/250 والتصريح 1/315.(5/18)
يسمّي هذا الباب باب الإعمال.
فأما ما يشترط فيه فمنه(1) أن يكون العامل فعلا أو شبهه، فلا يكون التنازع بين حرفين(2)، ولا بين حرف وغيره.
ويدخل في ذلك(3) أن يكونا فعلين أو اسمين يشبهانهما(4)، أو اسما مشبها بفعل، أو فعلا فاسما كذلك(5). وإلى هذا الشرط(6) أشار بقوله: (من الفعل أو شبهه).
وقوله: (عاملان) يدخل تحته المتفقان في العمل والمختلفان فيه(7).
وقوله: (فأكثر) يفيد أن التنازع قد يقع بين ثلاثة عوامل وأكثر منها. مثال الثلاثة الحديث (تُسبِّحون وتُكبِّرون وتُحمِّدون دُبر كلّ صلاة ثلاثاً وثلاثين)(8).
فوقع فيه تنازع ثلاثة أفعال(9) في الظرف والمصدر(10).
__________
(1) الضمير في (منه) عائد على لفظ (ما).
(2) لأن الحروف لا دلالة لها على الحدث، حتى تطلب المعمولات وقد أجاز ابن العلج التنازع بين الحروف. ينظر التصريح1/315.
(3) أي في أنواع العامل.
(4) أي يشبهان الفعلين في التصرف، وهي الأسماء المشتقة وأسماء الأفعال.
(5) من قوله: (مشبها بفعل...) إلى هنا ساقط من (ب) وترك لها بياضا بقدرها.
(6) في (ب): (هذه الشروط) وكلمة الشرط ساقطة من (ج).
(7) المتفقان في العمل هما العاملان الطالبان للمعمول على جهة التوافق بأن يطلبانه مرفوعا أو منصوبا، نحو قام وقعد زيد، وضربت وأكرمت عمرا، والمختلفان في العمل أن يطلبه أحدهما فاعلا والآخر مفعولا، نحو جاء وضربت عمرا.
(8) هذا الحديث أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة 1/417 بهذا اللفظ وأخرجه البخاري في باب الذكر بعد الصلاة 1/213 وفيه (خلف) بدل (دبر).
(9) وهي (تسبحون) و(تكبرون) و(تحمدون).
(10) وهما (دبر) و(ثلاثا وثلاثين) لأنه نائب عن المفعول المطلق.(5/19)
وقال بعضهم(1): إنه لم يوجد تنازع بين أكثر من ثلاثة. وهو لا ينافي الجواب المتقدم(2). وقد ذكر بعضهم(3) مثالا للأربعة قوله:
168- طلبْتُ فلمْ أُدْرِك بوجْهي فلَيتني
فَعلتُ فلَم أبْغ النّدى عند سَائبِ(4)
ومنها أن يكون المعمول المتنازع فيه مؤخرا عما يطلبه من العوامل المتنازعة.
[80/أ] فلا يقع التنازع في معمول متقدم، نحو زيدا ضربت وأكرمت(5) ولا في معمول متوسط، نحو ضربت زيدا وأكرمت(6) وإليه أشار بقوله: (ما تأخر).
وقوله: (من معمول فأكثر) يشير به إلى أن المعمول المتنازع فيه لا يشترط أن يكون واحدا، بل يجوز أن يكون أكثر كما تقدم في الحديث.
__________
(1) هو أبو حيان في ارتشاف الضرب 3/ 92 والمرادي في توضيح المقاصد 2/59.
(2) يقصد بالجواب المتقدم قوله (التنازع قد يقع بين ثلاثة عوامل وأكثر منها). ولاشك أن المنافاة ظاهرة بينهما، فلعل كلمة (لا) كتبت سهوا.
(3) ذكر ذلك المرزوقي في شرح الحماسة 2/810 عند شرحه للبيت الآتي.
(4) البيت من الطويل، وهو لمحمد بن بشير الخارجي، نسبة إلى بني خارجة، وهو شاعر حماسي من شعراء الدولة الأموية.
الندى: الفضل. ينظر شرح ديوان الحماسة للمرزوقي 2/810 والأشباه والنظائر 7/270 والأشموني 2/101 وحاشية ياسين على التصريح 1/316 وحاشية ياسين على الفاكهي 2/90.
والشاهد وقوع التنازع بين أربعة عوامل في معمول واحد فقد تنازع (طلبت) و (لم أدرك) و(فعلت) و(لم أبغ) في الظرف (عند). هكذا قدّروه، وينظر الأشباه والنظائر 7/270 وحاشية الصبان على الأشموني 2/101.
(5) هذا مذهب الجمهور، وأجاز الرضي التنازع في المتقدم.
ينظر شرح الكافية للرضي 1/78 والتصريح 1/318.
(6) خلافا لأبي علي الفارسي، حيث أجاز التنازع في المتوسط. التصريح 1/318.(5/20)
وقد ذُكر له شروط أخرى. منها أن يكون العاملان متصرفين(1). فلا يقع التنازع بين جامدين، ولا بين جامد وغيره(2).
ومنها أن يكون المعمول مطلوبا لكل من العاملين من حيث المعنى فلا يقع التنازع بين فعلين أُكّد أحدهما بالآخر، لأن الثاني لم يؤت به إلا للتوكيد، فلا عمل له، وذلك نحو قوله:
169-... ... ... أتاكِ أتاكِ اللاّحقونَ احْبسِ احبسِ(3)
ومنها ألا يكون(4) سببيا مرفوعا(5)، كقول الشاعر:
170- قضَى كلّ ذي دَينٍ فوفَّى غريمَه
وعَزّةُ ممطولٌ مُعَنًّى غريمُها(6)
__________
(1) في (ج): (متصرفان) وهو خطأ ظاهر.
(2) هذا قول الجمهور، وخالف في ذلك المبرد فأجاز التنازع بين فعلي التعجب، نحو ما أحسن وأجمل زيدا، نص على ذلك في المقتضب 4/184 وينظر أوضح المسالك 2/23 وهمع الهوامع 2/110.
(3) عجز بيت من الطويل، وصدره:
فأين إلى أين النجاة ببغلتي ..... ..... .....
وقد نسبه السلسيلي في شفاء العليل إلى الكميت، ولم أجد من نسبه غيره، بل قال البغدادي في خزانة الأدب 5/159: (وهذا البيت مع شهرته لم يعلم له قائل ولا تتمة). ولم أجده في ديوان الكميت.
وقد ورد البيت في الخصائص 3/103 والأمالي الشجرية 1/243 وشرح الكافية الشافية 2/642 وتوضيح المقاصد 2/61 وشفاء العليل 1/445، 2/742 والعيني 3/9 والتصريح 1/318 والأشموني 2/98 والدرر اللوامع 5/323.
والشاهد في قوله: (أتاكِ أتاك اللاّحقون) فإنه ليس من باب التنازع بل (اللاحقون) فاعل (أتاك) الأول والثاني تأكيد له، لأنه لوكان من التنازع لقال: أتاك أتوك اللاحقون، أو أتوك أتاك. ولا يجوز حذف الضمير لأنه فاعل.
وفي هذا الإعراب خلاف وآراء أخر تنظر في التصريح 1/318 والهمع 2/111.
(4) في (أ) و (ب): (ومنها أن يكون) صوابه من (جـ).
(5) السببي المرفوع هو المتصل به ضمير يعود على مبتدأ سابق.
(6) البيت من الطويل، وهو من قصيدة لكثير عزة.في ديوانه ص 143.
ممطول: اسم مفعول من مطل في الدين إذا أخره وتباطأ في سداده.
والبيت من شواهد الإيضاح العضدي ص 109 والبصريات 2/524 والإنصاف 1/90 وشرح الكافية الشافية 2/ 642 وارتشاف الضرب 3/88 والمساعد 1/451 والتصريح 1/318 وشرح الأشموني 2/101.
والشاهد قوله: (ممطول معنى غريمها) فإن التنازع لا يصح هنا لأن المعمول هنا، وهو (غريمها) سببي مرفوع، فيلزم على ذلك المحذور الذي ذكره الشارح، وقد اختلف العلماء في هذا الشرط، وسيذكر الشارح هذا الخلاف فيما بعد.
وإذا امتنع التنازع في البيت فغريمها مبتدأ وممطول ومعنّى خبران والجملة خبر عزة.
أما الشطر الأول من البيت فهو شاهد للبصريين على إعمال الثاني، إذ لو أعمل الأول لقال: (فوفاه).(5/21)
لأنه لو كان من التنازع وأعملنا أحدهما في المتنازع فيه، وهو (غريمها) وأضمرنا في الآخر ضميره لزم عدم ارتباطه بالمبتدأ الذي هو (عزة). كذا وجهه ابن أم قاسم في شرح الألفية(1).
وفيه نظر، فإن هذا يأتي فيما لو كان السببي منصوبا، كقولك زيدا ضربت [وأكرمت] (2) غلامه. فلا معنى حينئذ لتقييد السببي بالمرفوع.
ولعل الوجه ما ذكره أبو(3) محمد بن السيد(4)، حيث قال(5): إن (غريمها) إن رفع ب(بمعنى) فممطول قد جرى على غير من هو له فيلزم ظهور الضمير، وإن رفع(6) بممطول فهو خطأ، لأنه قد وصف بمعنى، والاسم الذي يعمل عمل الفعل إذا وصف لا يعمل شيئا فلا يجوز (مررت بضارب ظريف زيدا). والله أعلم.
فإن قيل: فلم سكت المصنف عن هذه الشروط الثلاثة؟.
__________
(1) توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك 2/64.
(2) ما بين المعقوفين زيادة من التصريح أوجبها المقام، وهذا النص نقله صاحب التصريح كاملا عن الجوجري من قوله: (وفيه نظر..) إلى آخر كلام ابن السيد، ولم يصرح باسمه بل قال: (قال بعضهم). ينظر التصريح1/319.
(3) أبو) ساقطة من (ب) و (ج).
(4) هو أبو محمد عبد الله بن محمد بن السيد البطليوسي، من علماء الأندلس، ولد سنة 444 ه، وبرع في النحو واللغة حتى بلغ رتبة المحققين، وكان قد أخذ العلم عن جماعة من علماء عصره منهم ابن سيده وأبو علي الجياني وأبو سعيد الوراق، ومن تلاميذه الفتح بن خاقان والتميمي وابن الباذش والقاضي عياض، ترك ابن السيد مؤلفات كثيرة منها الاقتضاب وإصلاح الخلل والمثلث والمسائل والأجوبة وشرح سقط الزند. وقد توفي سنة 521.
تنظر ترجمته في إنباه الرواة 2/141 وإشارة التعيين ص 170 وغاية النهاية 1/449 وبغية الوعاة 2/55 وشذرات الذهب 4/64.
(5) لم أجد هذا القول فيما بين يدي من كتب ابن السيد، وقد نقله عنه صاحب التصريح 1/319.
(6) من قوله: (فممطول قد جرى) إلى هنا ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج).(5/22)
فالجواب أما الشرط الأول(1) فلم يشترطه ابن مالك(2)، ولذلك جوّز في التسهيل(3) تنازع فعلي التعجب(4). فكأن المصنف هنا تبعه في ذلك، وإن كان قد صرح في غير هذا الكتاب بخلافه(5).
وأما الشرط [80/ب] الثاني(6) فهو مفهوم من كلامه، لأن التنازع يستلزم أن يكون المتنازع فيه مطلوبا لكل من المتنازعين. لأنه إذا طلبه أحدهما دون الآخر، فغير الطالب كيف يقال: إنه ينازع الآخر الطالب له(7).
وأما الثالث(8) فإن أكثر النحويين(9) لم يذكره، بل أجاز بعضهم(10) في البيت المذكور(11) التنازع. لكن شرطه في التسهيل(12)، وتابعه المصنف في توضيح الألفية(13) فكأن المصنف مشى هنا على طريقة الأكثرين(14). والله أعلم.
وأما حكم المتنازعين فاتفق أهل البصرة والكوفة من النحويين على جواز إعمال أيهما شئت(15). لكن اختلفوا في الراجح.
__________
(1) وهو أن يكون العاملان متصرفين.
(2) والمبرد فأجازا تنازع فعلي التعجب لكن اشترط ابن مالك إعمال الثاني.
ينظر المقتضب 4/184 وشرح التسهيل لابن مالك [ق 95/ أ].
(3) تسهيل الفوائد ص 86.
(4) في (ب) و (ج): (فعل التعجب).
(5) فقد صرح في أوضح المسالك 2/22 بأنه لا يقع بين جامدين.
(6) وهو أن يكون المعمول مطلوبا لكل من العاملين من حيث المعنى.
(7) قوله (الآخر) ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج)، وقوله: (له) ساقط من (ج).
(8) أي الشرط الثالث، وهو ألا يكون المعمول سببيا مرفوعا.
(9) وهم البصريون، لم يشترطوا هذا الشرط.
(10) ومنهم أبو علي الفارسى وأبو البركات بن الانباري.
ينظر الإيضاح العضدي ص 109 والإنصاف للأنباري 1/90.
(11) وهو بيت كثير عزة السابق .
(12) أي اشترط في التسهيل ألا يكون المعمول سببيا مرفوعا.
ينظر التسهيل ص 86.
(13) أوضح المسالك 2/21.
(14) أي اتبع طريقة أكثر العلماء في عدم اشتراط كون العامل غير سببي مرفوع، وذلك في شذور الذهب، حيث لم يشترطه.
(15) ينظر المسألة في الكتاب 1/73- هارون وشرح المفصل 1/77 والهمع 2/109.(5/23)
فالبصرية(1) ترجح إعمال الأخير لقربه(2) والكوفية(3) ترجح إعمال الأول لسبقه.
فقول الشيخ: (فالبصري يختار المجاور، والكوفي الأسبق) (4) تصريح بمذهب كل فريق، وإشارة إلى علته(5).
فإذا أعملنا الأخير، فإن احتاج غيره واحدا كان(6) أو أكثر لمرفوع فالبصريون يضمرونه(7). وهذا معنى قوله: (فيضمر في غيره مرفوعه).
وذلك لامتناع حذف العمد(8)، ولأن الإضمار قبل الذكر قد جاء في غير هذا الباب(9) وقد تقدم في باب الضمير.
هذا هو الصحيح(10). وقيل(11): يحذف(12).
وإن احتاج لمنصوب لفظا أو محلا، فإن أوقع حذفه في لبس نحو (استعنت واستعان علي زيدبه)(13)
__________
(1) في (ب) و (ج): (فأهل البصرة).
(2) نص على ذلك سيبويه، قال في الكتاب 1/74: (وإنما كان الذي يليه أولى لقرب جواره...). ... وانظر المقتضب 4/73 وشرح المفصل 1/77 والأشموني 2/101.
(3) ينظر مذهبهم وأدلتهم في الإنصاف 1/83 وشرح المفصل 1/77 وشرح الكافية للرضي 1/79.
(4) في (أ) و (ب): (السابق) والمثبت من (ج) لأنه الموافق لما في الشذور ص 29.
(5) قال الرضي في شرح الكافية 1/79: (ولا شك مع الاستقراء أن إعمال الثاني أكثر في كلامهم).
(6) ساقطة من (ج).
(7) تقول: ضربني وضربت زيدا وضرباني وضربت الزيدين وضربوني وضربت قومك.
ينظر الكتاب 1/79 وشرح المفصل 1/77 والتصريح 1/320.
(8) في (أ) و (ب): (العامل) وهو خطأ، صوابه من (ج).
(9) فقد جاء في باب المبتدأ إضمار ضمير الشأن، نحو {قل هو الله أحد} وفي باب (ربّ) نحو (ربّه رجلا)، وفي باب نعم وبئس، نحو (نعم رجلا).
(10) وهو مذهب البصريين، وقد سبق بيانه.
(11) هذا قول الكسائي وهشام، وذلك خوفا من الإضمار قبل الذكر.
ينظر شرح المفصل 1/77 وشرح الكافية للرضي 1/79 والتصريح 1/312.
(12) أي المرفوع.
(13) إنما كان فيه لبس إذا لم تضمر، لأنه إذا لم تضمر لا يعلم إن كان زيد مستعانا به أو عليه، ومثله (رغبت ورغب عنّي زيد فيه). ينظر شرح الفاكهي على القطر
2/68 وحاشية الصبّان 2/106.(5/24)
، أو كان العامل من باب (كان) نحو (كنت وكان زيد صديقا إياه)، أو من باب (ظن) نحو (ظنّني وظننت زيدا قائما إياه) وجب إضمار المعمول مؤخرا(1)، كما في الأمثلة.
وإن لم يوقع حذفه في لبس، وكان العامل من غير بابي كان وظنَّ وجب حذف المنصوب(2)، نحو ضربت وضربني زيد. وهذا معنى قوله: (ويحذف منصوبه إن استغني عنه وإلا أخره).
فشمل قوله: (وإلا أخره) ما أوقع حذفه في لبس، وما هو من باب كان أو من باب ظن. فإن الأول لا يُستغنى عنه لمكان اللبس. والثاني(3) لا يستغنى عنه، [81/أ] لأن أصله المبتدأ، لكن رجح المصنف في التوضيح جواز حذفه إذا كان من باب كان وظن، قال (لأنه حَذْف لدليل) (4).
وإن أعملنا الأول أعملنا الأخير في ضميره مرفوعا كان أو منصوبا أو مجرورا، وهذا معنى قوله: (فيضمر في غيره ما يحتاجه). نحو قام وقعدا أخواك(5) أو (قام وضربتهما أخواك) أو (قام ومررت بهما أخواك) (6).
وأجاز بعضهم(7) حذف غير المرفوع، وهو ضعيف.
__________
(1) لأن المنصوب في بابي (كان) و(ظن) عمدة في الأصل، لأنه خبر المبتدأ، وذهب بعض العلماء إلى جواز حذف ذلك الضمير. قال ابن هشام في التوضيح 2/31: وهو الصحيح.
(2) لأنه فضلة مستغنى عنه، فلا حاجة لإضماره قبل الذكر، وهذا قول الجمهور، وقيل: يجوز إضماره، وإليه ذهب ابن مالك. في التسهيل ص 86 و ينظر التصريح 1/322.
(3) وهو ما كان العامل فيه من باب (كان) أو باب (ظن).
(4) أوضح المسالك 2/31.
(5) في (ج) جاءت هذه العبارة كذا (قاما وقعد أخواك). وهي غير صحيحة هنا.
(6) من قوله: (أو قام وضربتهما) إلى هنا ساقط من (ج)، وفي (ب): (أو قام وضربتهما أو قام ومررت بهما أخواك).
(7) هذا قول الأستاذ أبي علي الشلوبيني وابن مالك.
ينظر التوطئة ص 276 والتسهيل ص 86 والمساعد لابن عقيل 1/455.(5/25)
ص: الثاني اسم الفاعل، وهو ما اشتق من فعل لمن قام به على معنى الحدوث، ك(ضارب) و(مكرم)(1). فإن كان صلة لأل عمل مطلقا. وإلاّ عمل إن كان حالا أو استقبالا أو اعتمد، ولو تقديرا، على نفي أو استفهام أو مخبر عنه أو موصوف.
ش: الباب الثاني مما يعمل عمل الفعل اسم الفاعل. والكلام فيه من وجهين:
الوجه الأول في تعريفه، والوجه الثاني في أحكامه.
أما تعريفه فقال الشيخ: (وهو(2) ما اشتق....) إلى آخره.
فقوله: (ما اشتق من فعل) المراد- كما قال(3)-: من مصدر فعل وهو كالجنس يدخل فيه كل مشتق.
وقوله: (لمن قام به) كالفصل يخرج ما اشتق لمن وقع عليه(4) أو فيه(5) أو نحو ذلك.
وقوله:(على معنى الحدوث) كفصل ثان يخرج اسم التفضيل والصفة المشبهة باسم الفاعل، فإنهما على معنى الثبوت.
وأما أحكامه فتارة يكون بأل، وتارة يكون مجردا منها.
فإن كان صلة لأل، فإنه يعمل مطلقا، أي سواء كان بمعنى الحال أو الاستقبال أو المضي، وسواء اعتمد أو(6) لم يعتمد(7).
فتقول: (جاء الضارب زيداً أمسِ أو الآن أو غداً). وهذا معنى قوله: (مطلقا).
وإن كان مجردا من (أل) فإنه يعمل بشرطين.
أحدهما أن يكون بمعنى الحال أو الاستقبال، لا بمعنى المضيّ(8).
__________
(1) بعده في شذور الذهب ص 27: (فإن صُغّر أو وصف لم يعمل) وسيذكر الشارح هذه العبارة ويشرحها .
(2) في (أ) و (ب): (إنه)، والمثبت من (ج) لأنه الموافق لما في الشذور..
(3) أي ابن هشام في شرح شذور الذهب ص 385. وكلمة (المراد) ساقطة من (أ).
(4) وهو اسم المفعول.
(5) وهي أسماء المكان والزمان..
(6) كذا في هذه المواضع، والأولى (أم) لمعادلة الهمزة المقدرة..
(7) هذا هو المشهور من أقوال النحويين، وسيأتي الخلاف في ذلك .
(8) هذا هو مذهب الجمهور، وسيأتي الخلاف في ذلك.(6/1)
ثانيهما أن يعتمد [70/ب] إما على نفي، نحو ما ضارب زيدٌ عمرا، أو استفهام، نحو (أضارب زيد عمرا)، أو على مخبر عنه، نحو (زيد ضارب عمرا)، أو موصوف، نحو (مررت برجل ضارب عمرا) (1).
والاعتماد على المقدر كالاعتماد على الملفوظ، نحو (مهين ٌزيدٌ عمرا أم مكرمه) أي أ مهين. ونحو {مُخْتَلِفٌ ألوَانُهُ}(2) أي صنف مختلف. ولهذا قال الشيخ: (ولو تقديرا).
تنبيهات:
الأول: إنما عمل اسم الفاعل إذا لم يكن صلة لأل حيث كان بمعنى الحال أو الاستقبال لأنه حينئذ يكون مشبها للمضارع في معناه، كما أشبهه في لفظه، لجريانه عليه في الحركات والسكنات (3).
ولم يعمل إذا كان بمعنى الماضي لعدم جريانه على الفعل الذي هو بمعناه، وهو الماضي فهو مشبه له معنىً لا لفظا (4).
وقال الكسائي (5) بجواز عمله إذا كان بمعنى الماضي أيضا فجوّز (أنا ضارب زيداً أمس). متمسكا بقوله تعالى: {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ}(6) ف(ذراعيه) منصوب ب (باسط) وهو بمعنى المضي.
وخرّجه الجماعة على حكاية الحال(7).
قال بعض المحققين(8): ومعنى حكاية الحال أن يُفْرضَ ما كان واقعا في الزمن الماضي واقعا في هذا الزمان، فيعبر عنه بلفظ المضارع.
__________
(1) وخالف الأخفش والكوفيون في شرط الاعتماد، فأجازوا إعماله دون أن يعتمد على شيء. ينظر همع الهوامع 2/95.
(2) من الآية 28 من سورة فاطر. وقد اعتمد اسم الفاعل فيها على موصوف مقدر.
(3) في (أ) حصل تقديم وتأخير في هذه العبارة والمثبت من (ب) وكذلك من (ج).
(4) هذا هو مذهب الجمهور وتعليلهم. ينظر شرح الكافية الشافية 2/1028 وهمع الهوامع 2/95.
(5) ينظر قوله في شرح المفصل لابن يعيش 6/77 وشرح المفصل لابن الحاجب 1/640
(6) من الآية 18 من سورة الكهف.
(7) ينظر الإيضاح العضدي ص 172 وشرح الكافية 2/201وهمع الهوامع
2/95.
(8) لم أعثر عليه، وهذه العبارة قريبة من عبارة الرضي في شرح الكافية 2/201..(6/2)
وإنما عمل مطلقا إذا كان صلة لأل لأنه حينئذ واقع موقع الفعل إذْ حق الصلة أن تكون جملة.
وعمله حيث كان صلة مطلقا هو المشهور من قول النحويين(1).
ومن ادّعى الإجماع عليه(2) حينئذ فدعواه مردودة بحكاية غيره(3) عن جماعة من النحويين أنه لا يعمل مطلقا(4). وعن جماعة آخرين أنه لا يعمل إلا إذا كان بمعنى المضي(5).
التنبيه الثاني: تثنية اسم الفاعل وجمعه تذكيرا وتأنيثا كالمفرد عملا وشرطاً(6) فتقول: جاء الضاربان زيداً أمس أو غدا أو الآن، وجاء رجلان ضاربان زيدا الآن أو غدا. وتقول: جاء الضاربون [71/أ] زيدا الآن أو غدا أو أمس (7). وجاء رجال ضاربون زيدا الآن أو غدا [لا](8) أمس. وتقول:جاءت الضاربات زيدا الآن أو غدا أو أمس (9)، وجاء نساء (10) ضاربات زيدا الآن أو غدا.
__________
(1) أي أنه قول أكثر النحويين لا جميعهم، كما في توضيح المقاصد 3/18.
(2) ممن ادعى الإجماع على ذلك ابن الناظم في شرح الألفية ص 425- 426..
(3) حكى الخلاف في ذلك جماعة من العلماء منهم ابن مالك وأبو حيان والمرادي. ينظر تسهيل الفوائد 137 وارتشاف الضرب 3/185 وتوضيح المقاصد 3/18.
(4) هذا قول الرمّاني وهو أن ما بعد اسم الفاعل المقترن بأل منصوب بفعل مضمر.
ينظر الارتشاف 3/285.
(5) نسب هذا القول للرماني أيضا.
ينظر شرح التسهيل لابن مالك [ق 151/ أ] والارتشاف 3/185.
(6) قال أبو حيان في الارتشاف 3/181: (اسم الفاعل يعمل مفردا ومثنى ومجموعا جمع سلامة وجمع تكسير).
(7) في (أ): (أو الآن) بدل أمس وهو تكرار والمثبت من (ب) و (ج).
(8) في (ب) و (ج): (أو) وهو خطأ، لأن اسم الفاعل هنا غير مقترن بأل، وإذا كان كذلك فإنه لا يعمل في الماضي، كما سبق بيانه. وقوله: (لا أمس) ساقط من (أ).
(9) من قوله: (وتقول جاء...) إلى هنا ساقط من (ج)، ومن قوله: (أو أمس) إلى آخر هذا التنبيه ساقط من (أ) والمثبت من (ب).
(10) كذا، وهو جائز، لأن (نساء) اسم جمع فيجوز معه تأنيث الفعل وتذكيره.(6/3)
التنبيه الثالث: إذا وجدت الشروط المذكورة لعمل اسم الفاعل، فإنه لا يتعين عمله، بل يجوز العمل المذكور، وتجوز الإضافة أيضا (1) فتقول: هذا ضاربٌ زيداً الآن أو غدا. وهذا ضاربُ زيدٍ الآن أو غدا (2).
وقد قرىء بالوجهين {إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ}(3). النصب(4) على الإعمال والجر (5) على الإضافة.
التنبيه الرابع: يوجد في بعض النسخ: (فإن صُغّر أو وصف لم يعمل)(6).
وهذه الزيادة إن ثبتت فهي مأخوذة من التسهيل(7)، مقيدة لعمله بشرطين(8) آخرين، هما عدم التصغير وعدم الوصف.
أما الشرط الأول فخالف فيه الكسائي (9)، مستدلا بقول بعضهم: (أظنني مرتحلا وسويّرا فرسخا) (10).
قال ابن أم قاسم (11): (ولا حجة فيه لأن (فرسخا) ظرف، والظرف يكفيه رائحة الفعل).
__________
(1) والإعمال أولى عند سيبويه، وقال الكسائي: هما سواء.
ينظر الكتاب 1/168- هارون وهمع الهوامع 2/96.
(2) قوله: (وهذا ضارب زيد) إلى هنا ساقط من (أ) والمثبت من (ب) و (ج).
(3) من الآية 3 من سورة الطلاق.
(4) وهو قراءة الجمهور.
(5) وبه قرأ حفص عن عاصم. ينظر السبعة لابن مجاهد ص 639 وحجة القراءات لابن زنجلة ص 712 وإتحاف فضلاء البشر ص 418.
(6) هذه الزيادة ثابتة في شذور الذهب المطبوع ص 27.
(7) قال في التسهيل ص 136: (يعمل اسم الفاعل غير المصغر والموصوف).
(8) في (ب) و (ج):(مفيدة لعمله شرطين).
(9) أجاز الكسائي والكوفيون إلا الفراء إعمال اسم الفاعل المصغر.
المسألة في ارتشاف الضرب 3/181 والتصريح 2/65 والهمع 2/952.
(10) هذا القول نقله الكسائي عن بعض العرب و(سوير) تصغير (سائر) وهو اسم فاعل، وقد أعمل في الظرف وفي (ب): (سائرا) وهو خطأ، وفي شرح الكافية الشافية (سويئرا) بدل (سويرا). ينظر شرح الكافية الشافية 2/1042.
(11) توضيح المقاصد 3/16. ونصه (.... والظرف يعمل فيه رائحة الفعل).
وهذا الرد سبقه إليه ابن مالك في شرح التسهيل [ق 151/ أ]. وفي نسختي (أ) و (ب): (ابن قاسم)، والمثبت من (ج).(6/4)
وأما الشرط الثاني (1) فخالف أيضا فيه الكسائي(2)، فأجاز إعماله مطلقا.
وقيل: (3) يجوز إن كان العمل قبل الصفة (4)، لأن ضعفه يحصل بعد ذكرها لا قبله. والله أعلم.
ص: الثالث المثال، وهو ما حول [للمبالغة](5) من فاعل إلى فَعّال أو مفعال أو فعول بكثرة، أو فعيل أو فعل بقلة.
ش: الباب الثالث مما يعمل عمل الفعل أمثلة المبالغة(6).
وهي ما حوّل عن اسم فاعل الثلاثي لقصد المبالغة، والتكثير إلى (فعّال) بتشديد العين، كغفار. أو(مِفعال) بكسر الميم، كمِنحار، أو (فَعول) بفتح الفاء، كضَروب، أو(فعيل) كعليم، أو(فعِل) كحذر.
والثلاثة الأول أكثر من الأخيرين. فتعمل العمل السابق بالشروط السابقة (7).
فإن وقعت صلة لأل عملت مطلقا. وإلاّ فبشرط الاعتماد لفظًا أو تقديراً على واحد مما سبق، وعدم المضي. قال الشاعر:
157- أخَا الحرْبِ لَبَّاساً إلَيها جِلاَلَهَا (8)
__________
(1) وهو عدم الوصف.
(2) أجاز الكسائي عمل اسم الفاعل الموصوف، نحو هذا ضارب عاقل زيداً.
ينظر قوله في معاني القرآن للفراء 2/81 والمساعد لابن عقيل 2/191.
(3) هذا القول نسبه المرادي في توضيح المقاصد 3/17 لبعض البصريين دون تعيين.
(4) مثل قولك: (أنا زيدا ضارب أيّ ضارب). فـ(زيدا) منصوب بـ(ضارب) و (أيّ ضارب) صفة لـ(ضارب).
(5) سقطت من النسخ وأثبتها من شذور الذهب ص 27.
(6) وقد اختلف النحويون في إعمالها، فذهب سيبويه إلى صحة إعمالها عمل اسم الفاعل، وخالفه في ذلك الكوفيون وأكثر البصريين. أما الكوفيون فمنعوا إعمالها مطلقا وجعلوا النصب فيما ورد من ذلك بتقدير فعل، وأما أكثر البصريين فأجازوا إعمال الثلاثة الأول ومنعوا الأخيرين. والحق هو مذهب سيبويه لكثرة الشواهد الدالة عليه، والتأويل خلاف الأصل.
ينظر الكتاب 1/110-115 والمقتضب 2/114 ومجالس ثعلب 1/124 وشرح المفصل 6/70.
(7) أي الشروط التي سبق ذكرها في اسم الفاعل.
(8) صدر بيت من الطويل، وقائله القلاخ بن حزن المنقري، وعجزه:
..... ...... ...... وليس بولاّج الخوالف أعقَلا
أخو الحرب: ملازمها، جلالها: جمع (جلّ) وهو ما يلبس في الحرب من الدروع ونحوها، ولاج: صيغة مبالغة من الولوج وهو الدخول، الخوالف: الخيام، أعقل: خائف.
والبيت من شواهد سيبويه 1/111 – هارون والمقتضب 2/113 وشرح المفصل 6/70 وشرح الكافية الشافية 2/1032 وشرح الألفية لابن الناظم 426 وشفاء العليل 2/623 والعيني 3/535 والتصريح 2/68 والأشموني 2/296 والدرر اللوامع 5/270.
والشاهد فيه إعمال (لباسا) وهو صيغة مبالغة عمل اسم الفاعل فنصب (جلالها).(6/5)
...... .......
وحكى سيبويه(1)عن العرب: (إنه لمنحار بوائكها)(2) وقال الشاعر:
158- ضَروب بنصل السيف سوقَ سمانها (3) ... ....
وقال:
159- [71/ب] فَتَاتَان أمَّا منهما فَشبيهَةٌ
هِلالاً وأُخرى منهما تُشْبِهُ البَدْرا(4)
وقال:
160- أتَاني أنّهُم مَزِقُون عِرْضي(5)
__________
(1) الكتاب 1/112- هارون.
(2) البوائك جمع بائكة وهي الناقة السمينة. ينظر لسان العرب (10/403- بوك).
(3) صدر بيت من الطويل، وقائله أبو طالب بن عبد المطلب، وعجزه:
......... إذا عدموا زادا فإنك عاقر
انظر ديوان أبي طالب ص 37.
والبيت من شواهد سيبويه 1/111- والمقتضب 2/114 والأصول لابن السراج 1/124 والجمل للزجاجي 92 والأمالي الشجرية 2/106 وشرح المفصل 6/70وتوضيح المقاصد 3/21 والعيني 3/539 والتصريح 2/68 وهمع الهوامع 2/97 والأشموني 2/297 وخزانة الأدب 4/242.
والشاهد فيه إعمال (ضروب) وهو صيغة مبالغة عمل اسم الفاعل حيث إنه قد نصب (سوق) مفعولا به.
(4) البيت من الطويل، وهو لعبيد الله بن قيس الرقيات، والرواية في الديوان هي:
فتاتان أما منهما فشبيهة الـ ......هلال والاخرى منهما تشبه الشمسا
ينظر ديوانه ص 34. وفي (أ): (تشبه القمرا) والمثبت من (ب) و (ج).
والبيت برواية الشارح في شرح الكافية الشافية 2/1037 وشرح الألفية لابن الناظم 428 وتوضيح المقاصد 3/23، وشفاء العليل 2/624 والعيني 3/543 والتصريح 2/68 والأشموني 2/297.
والشاهد فيه إعمال (شبيهة) وهي صيغة مبالغة عمل اسم الفاعل.
(5) صدر بيت من الوافر، وقائله زيد الخيل الطائي، رضي الله عنه، وعجزه:
..... ...... ..... جِحَاش الكِرْمِلَين لها فديدُ
الكرملين: اسم ماء في جبل طيء، فديد: صوت وجلبة.
ينظر شعر زيد الخيل ص 176 والحلل لابن السيد 131 وشرح المفصل 6/73 والمقرب 1/128 وشرح الكافية الشافية 2/1040 وتوضيح المقاصد 3/25 والمساعد 2/193 وشفاء العليل 2/625 وشرح الشذور 394 والعيني 3/545 والتصريح 2/68 والأشموني 2/298 والخزانة 8/169.
والشاهد فيه إعمال (مزقون) وهو جمع (مزق) صيغة مبالغة عمل اسم الفاعل.(6/6)
.... .... ....
تنبيهان:
الأول: سيأتي في كلام الشيخ التصريح بأن المثال كاسم الفاعل في شروط عمله. ولو سكت عن التصريح بذلك استغنى. ولو قال هنا: ما حوّل من فاعل للمبالغة، لكفاه. إذ قضيته أن سبب التحويل إرادة المبالغة، فبقي على عمله وشروطه السابقة.
ولهذا يجري فيه كل ما أسلفناه في اسم الفاعل من إجراء التثنية وجمع المذكر والمؤنث (1) الصحيح والمكسَّر مجرى المفرد، ومن أن وجود الشروط لا توجب أن تعمل النصب، بل إما أن تعمل النصب (2) أو الجر على ما ذكر، ومن أنه يشترط عدم التصغير وعدم الوصف، على ما تقدم فيه من الخلاف من غير فرق.
الثاني: قد يبنى (فَعَّال) و(مِفْعَال) و(فَعُول) و(فَعيل)(3) من (أَفْعَلَ)(4) كقولهم: (درّاك) من أدرك، و(مهراق) من أهرق و(زَهُوق) من أَزْهَقَ، و(نَذِير) من أنذر. ولكنه قليل.
ولأجل ذلك سكت عنه المصنف، بل ربما يفهم كلامه نفيه (5).
ص: الرابع اسم المفعول، وهو ما اشتق من فعل لمن وقع عليه كمضروب ومكرم، وشرطهما كاسم الفاعل.
ش: الباب الرابع من الأسماء العاملة عمل الفعل اسم المفعول.
وحدّه بقوله: (وهو) إلى آخره.
فقوله: (ما اشتق من فعل) بمنزلة الجنس. والمراد (من مصدر فعل) كما قال في الشرح(6).
__________
(1) قوله: (والمؤنث) ساقط من (ج).
(2) قوله: (بل إما أن تعمل النصب) ساقط من (ج).
(3) في (أ) و(ج): (فعل) وهو خطأ، صوابه من (ب) لأن صيغة (فعل) لا تبني إلا من الثلاثي، ثم إن تمثيله بقوله: (نذير) يدل على ذلك، لأنه على وزن (فعيل).
(4) مراد الشارح بذلك أن صيغ المبالغة قد تأتي من غير الثلاثي، فإن المعروف وهو الغالب فيها أنها تصاغ من الثلاثي، لكنها قد تصاغ من الرباعي أيضا.
(5) وذلك في قوله ص 27:(وهو ما حوّل للمبالغة من فاعل) و (فاعل) هي صيغة اسم الفاعل من الثلاثي، ولم يذكر غيرها.
(6) شرح شذور الذهب لابن هشام ص 385، 396.(6/7)
وقوله: (لمن وقع عليه) بمثابة الفصل، مخرج للأفعال ولما وقع فيه الفعل(1) ولاسم الفاعل وأفعل التفضيل والصفة المشبهة.
ومثّل ب (مضروب)، و (مكرَم) إشارة إلى أنه على نوعين: اسم مفعول الثلاثي. وقياسه أن يكون على وزن (مفعول). وإليه أشار بقوله: (كمضروب). واسم المفعول الزائد على ذلك.
وقياسه أن يكون بزنة المضارع بإبدال ميم مكان حرف المضارعة وفتح ما قبل آخره. وإليه [72/أ] أشار بقوله: (ومُكرَم).
وقوله: (وشرطهما كاسم الفاعل). يريد أن شرط عمل المثال واسم المفعول كشرط اسم الفاعل.
وقد قدمنا الكلام على المثال في ذلك فأغنى عن إعادته هنا.
وأما اسم المفعول فإن كان صلة لأل عمل مطلقا (2). وإلا (3) فبشرط تقدم معتمد عليه، ولو تقديرا. وبشرط ألا يكون بمعنى الماضي.
وعمله كعمل الفعل المبني للمفعول، فيرفع نائب الفاعل.
فإن كان من متعد لاثنين أو لثلاثة رفع واحدا ونصب ما سواه، فتقول: زيد مُعطى أبوه درهما الآن أو غدا(4)، كما تقول يُعطى أبوه درهماً(5). وتقول: المعطَى دينارا زيد.
كما تقول: الذي يُعطى دينارا، أو الذي أُعطي دينارا زيد.
ويأتي فيه كل ما تقدم (6) من إعمال تثنيته وجمعه.
ص: الخامس الصفة المشبهة، وهي كل صفة صح(7) تحويل إسنادها إلى ضمير موصوفها. وتختص بالحال وبالمعمول السببي المؤخر.
ش: هذا هو الخامس مما يعمل عمل الأفعال. وهو(8) الصفة المشبّهة باسم الفاعل. وميزها الشيخ بقوله:(كل صفة صحّ..) إلى آخره.
فقوله: (كل صفة) بمثابة الجنس، يدخل فيه اسم الفاعل والمفعول والمثال وغيرها.
__________
(1) يقصد بذلك المفعول فيه، وهو المسمى ظرفا.
(2) وذلك مثل: جاء المضروب أبوه.
(3) أي إن لم يكن صلة لأل.
(4) فرفع (أبوه) على أنه نائب فاعل، ونصب (درهما) على أنه مفعول به.
(5) قوله: (كما تقول..) إلى هنا ساقط من (ج)، وزاد بعده في (ب): (الآن أو غداً).
(6) في اسم الفاعل.
(7) في (أ): (يصح) والمثبت من (ب) و (ج) والشذور ص 27.
(8) في (ج): (وهي).(6/8)
وقوله: (صح تحويل إسنادها) إلى آخره بمثابة الفصل، يخرج ما عداها من الصفات.
واعلم أن اسم المفعول يصح أن يضاف إلى مرفوعه معنىً. وإضافته تستلزم تحويل إسناده إلى ضمير موصوفه.
نحو زيدٌ محمودُ المقَاصِد. والأصل محمودةٌ مقاصدُه، ثم حوّلت الإسناد إلى ضمير (زيد) ثم أضفت فقلت: محمود المقاصد. وهو حينئذ جار مجرى الصفة المشبهة(1)، فلا يضر دخوله في مميّز الصفة(2).
وقد اقتضى كلام المصنف أن اسم الفاعل لا يصح تحويل إسناده إلى ضمير موصوفه. وقد تقدم الكلام في ذلك مستوفى في باب المشبّه بالمفعول به من المنصوبات فليراجع.
[72/ب] وقوله: (وتختص..) إلى آخره يريد به بيان ما فارقت الصفة فيه اسم ا لفا عل. وهو(3) أمور(4):
منها أنها للحال، أي للزمن الحاضر الدائم، دون الماضي المنقطع، ودون المستقبل(5) وهو(6) يكون لأحد الأزمنة الثلاثة(7).
ومنها أن معمولها لا يكون إلا سببيا(8)، أي متصلا بضمير موصوفها، إما لفظا، نحو زيدٌ حسنٌ وجْهُهُ. وإما معنى، نحو زيد حسن الوجه، أي منه.
ولا يكون إلا مؤخرا(9). فلا يجوز (زيدٌ وجهُهُ حسنٌ).
__________
(1) لأنه يدل على اللزوم والثبوت.
(2) أي في حدّها. وفي (ب): (في مميزها).
(3) أي الفرق بين الصفة المشبهة واسم الفاعل. وكلمة (الفاعل) ساقطة من (ب).
(4) الفروق بين اسم الفاعل والصفة المشبهة في شرح الشذور ص 397 والأشباه والنظائر 4/74- 78.
(5) وذلك لأن الصفة المشبهة لم توضع لإفادة معنى الحدوث فتحتاج إلى زمن وإنما وضعت لنسبة الحدث إلى الموصوف به على جهة الثبوت.
(6) أي اسم الفاعل.
(7) لأنه كالفعل في إفادة معنى الحدوث.
(8) المراد بالسببي المتلبّس بضمير صاحب الصفة لفظا أو تقديرا.
(9) وذلك لضعفها في العمل بخلاف اسم الفاعل.(6/9)
والمراد بمعمولها ما عملت فيه بحق الشبّه(1). فلا يَرِد (زيدٌ بكَ فرِحٌ). لأن عملها في ذلك بما فيها من معنى الفعل(2).
واسم الفاعل(3) بخلافها في ذلك، فيكون معموله سببيّا وغيره، ومقدما ومؤخراً.
ومن وجوه الافتراق(4)، غير ما ذكره الشيخ، أنها تصاغ من اللازم دون المتعدي، وهو يصاغ منهما(5).
ومنها أنها تكون مجارية للفعل، ك(طاهر)(6) وغير مجارية له، وهو الأغلب(7) في المبنية من الثلاثي، ك(حَسَنَ)، و (جميل) و (ضخم)، واسم الفاعل لا يكون إلا مجاريا.
تنبيه(8):
قوله: (وتختص بالحال) يقتضي أنهما يشتركان. وذلك من أوجه(9):
أحدها أن كلا منهما يدل على حدث ومن قام به.
__________
(1) أي بحق شبهها باسم الفاعل المتعدي فعله إلى واحد.
(2) يردّ الشارح بذلك على ابن الناظم الذي اعترض على النحويين بهذا المثال على أنه ينقض ما اتفق عليه النحاة من أن معمول الصفة لا يكون إلا سببيا، فرد عليه بأنها لم تعمل هنا لشبهها باسم الفاعل، بل عملت فيه لما فيها من رائحة الفعل.
ينظر شرح الألفية لابن الناظم ص 446 والتصريح 2/83.
(3) في (أ): (واسم الفعل) صوابه من (ب) و (ج).
(4) في (أ): (الافتقار) وهو تصحيف، والتصويب من (ب) و (ج).
(5) أي من اللازم والمتعدي.
(6) ذهب بعض النحويين إلى أن الصفة المشبهة غير مجارية للفعل ورده ابن مالك، قال في التسهيل ص 139: (وموازنتها للمضارع قليلة إن كانت من ثلاثي، ولازمة إن كانت من غيره). فيعلم من ذلك أن الأكثر في الصفة عدم مجاريتها للمضارع إن كانت مأخوذة من الثلاثي وأنها تلازم وزن المضارع إن كانت مأخوذة من غيره.
(7) في (ج): (وهو الغالب).
(8) في (أ) (تنبيهات: الأول)، والمثبت من (ب) و (ج) وهو الصواب لأنه لم يذكر إلا تنبيهاً واحدا.
(9) أوجه الاشتراك والافتراق بين الصفة المشبهة واسم الفاعل في الأشباه والنظائر 4/74.(6/10)
الثاني أنهما يذكّران ويؤنثان(1).
الثالث أن كلاّ منهما يثنّى ويجمع(2).
الرابع أن عملهما مشروط بالاعتماد المشروط في عمله، على ما تقدم فيه، من غير فرق. لأنه إذا شُرط في اسم الفاعل الذي هو الأصل المشبَّه به ففي الفرع المشبّه الذي هو الصفة أولى.
ص: وترفعه فاعلا أو بدلا، أو تنصبه مشبّها أو تمييزا أو تجّره بالإضافة، إلا إن كانت بأل وهو عار منها.
ش: الصفة المشبهة واسم الفاعل مشتركان في العمل، ومختلفان في التوجيه في الجملة(3).
فوجه الرفع فيها الفاعلية أو الإبدال من الضمير(4). ووجه النصب في المعرفة التشبيه بالمفعول به(5)، وفي النكرة التمييز(6).
ووجه الجر الإضافة.
فقوله: (فاعلا أو بدلا) [73/أ] أي في كل مرفوع.
وقوله: (مشبها أو تمييزا) أي مشبّها في المعرفة وتمييزا في النكرة.
وقوله: (بالإضافة) أي أن الجر بسبب الإضافة(7). فلا ينافي ذلك كون العامل المضاف(8).
__________
(1) تقول في اسم الفاعل: (جاء الضارب زيدا و جاءت الضاربة عمرا). وتقول في الصفة المشبهة: (جاء الحسن الوجه و جاءت الجميلة الخلق).
(2) تقول في التثنية: الضاربان زيدا والحسنان الوجه وتقول في الجمع: جاء الضاربون زيدا والكريمو الخلق).
(3) أي في الغالب، والمعنى أنهما مختلفان في التوجيه غالبا.
(4) أجاز أبو علي الفارسي في مرفوع الصفة أن يكون بدلا من الضمير المستتر لأن في الصفة من قولك: (زيد حسن وجهه) ضميرا مستترا. الإيضاح العضدي ص 180.
(5) نحو: زيد حسن الوجه، ولا يعرب تمييزا، لأنه معرفة خلافًا للكوفيين.
(6) نحو محمد حسن وجها.
(7) في (ب): (بحسب الإضافة).
(8) في (أ) و (ج): (الإضافة) وهو خطأ، صوابه من (ب) لأن المراد نفي كون الإضافة هي العامل وإثبات العمل للمضاف كما هو مذهب سيبويه، وقد رجحه ابن هشام في باب الإضافة. ص 468.(6/11)
وهذه العبارة(1) تكررت للمصنف ولغيره من النحاة(2). واعتُرض على ظاهرها. وقد علمت اندفاعه.
وقوله: (إلا) إلى آخره بيان لما يستثنى(3) من عمل الصفة للجر وهو يحتاج إلى تمهيد، فنقول: إن الصفة تارة تكون بأل وتارة تكون مجردة منها، وهي إما رافعة أو ناصبة أو جارة.
فهذه ثلاثة أحوال مضروبة في حالتي اقترانها بأل وتجردها منها تصير ستة، والمعمول له مع كل من هذه الستة ست حالات:
لأنه إما بأل (كالوجه) أو مضاف(4)لما هو بأل (كوجه الأب) أو مضاف للضمير (كوجهه). أو مضاف لمضاف للضمير كوجه أبيه أو مجرد من أل والإضافة (كوجه) أو مضاف إلى المجرد (كوجه أب) (5).
فتصير الصور ستا وثلاثين(6)صورة، وكلها تؤخذ من إطلاقه.
إذا علمت ذلك، فقوله: (إلا إن كانت بأل وهو عار منها) استثناء من قوله: (أو تجرّه) (7)فقط. أي أنك ترفع معمول الصفة وتنصبه مطلقا وتجره4 إلا أن كان إلى آخره، فدخل تحته أربع صور ممنوعة:
الأولى: أن تكون الصفة(8) بأل والمعمول مجرور مضاف إلى ضمير، نحو (الحسن وجهه).
الثانية: أن تكون بأل والمعمول مجرور(9) مضاف إلى مضاف إلى الضمير، نحو (الحسن وجه أبيه).
الثالثة: [أن تكون بأل والمعمول مجرور مجرد من أل والإضافة، نحو (الحسن وجه).
الرابعة] (10): أن تكون بأل والمعمول مجرور مضاف إلى المجرد من أل والإضافة نحو(الحسن وجه أب).
__________
(1) أي عبارة (الجر بالإضافة).
(2) ينظر شرح اللمحة البدرية 2/267.
(3) في (ج): (لما يستوفى).
(4) في النسخ:(أو مضافا) بالنصب في كل هذه المواضع.
(5) من قوله: (أو مجرد من أل) إلى هنا، ساقط من (أ) و (ج) وأثبته من (ب).
(6) في (أ) و (ج): (ستة وثلاثين) صوابه من (ب).
(7) في (ج): (أو تجرده) في الموضعين، وهو تحريف.
(8) في (أ): (أن تكون الصلة) وهو تحريف صوابه من (ب) و (ج).
(9) في (أ) و (ب): (أن يكون بأل وهو مجرور) والمثبت من (ج).
(10) مابين المعقوفين ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج).(6/12)
لأن الصفة في كل من هذه الصور بأل والمعمول في كل منها عارٍ من أل (1).
واعلم أن بعض المتأخرين(2) أوصل الصور الحاصلة من الصفة ومعمولها إلى أربعة عشر ألف صورة ومائتين وست وخمسين صورة.
لأنه جعل الصفة إما بأل أو بغير أل، هذه حالتان. ومعمولها إما [73/ب] بأل أو مضاف أو مجرد. وجعل المضاف ثمانية أنواع:
الأول مضاف إلى ضمير الموصوف، نحو حسن وجهه.
والثاني مضاف إلى مضاف إلى ضميره، نحو حسن وجه أبيه.
والثالث: مضاف إلى المعرَّف بأل، نحو حسن وجه الأب.
والرابع مضاف إلى مجرّد، نحو [حسن] (3) وجه أب.
والخامس: مضاف إلى ضمير مضاف إلى مضاف إلى ضمير الموصوف نحو (جميلة أنفه) من قولك: مررت بامرأة حسن وجه جاريتها جميلة أنفه(4).
والسادس: مضاف إلى ضمير معمول صفة أخرى، نحو (جميل خالها) من قولك: مررت برجل حسن الوجنة(5) جميل خالها(6).
والسابع: مضاف إلى موصول. نحو (الطيبي كلِّ ما التاثت به الأزر) من قوله:
161- فعُج بها قبل الأخيار منزلة
__________
(1) وسبب منع الإضافة في هذه الصور أنها لا تفيد هنا تعريفا ولا تخصيصا ولا تخفيفا ولا تخلصا من قبح، فلذلك منعت. راجع التصريح 2/84.
(2) هو عبد الرحمن المكودي في شرحه على ألفية ابن مالك ص 124، وقد ذكر هذا القول في التصريح 2/84 دون تعيين لقائله، أما السيوطي فقد نقل عن بعضهم أنه أوصل هذه الصور إلى مائتين وثلاث وأربعين صورة. الأشباه والنظائر 3/274.
(3) زيادة أوجبها المقام.
(4) الأنف هنا مضاف إلى ضمير الوجه والوجه مضاف إلى الجارية والجارية مضافة إلى ضمير الموصوف. وقد ذكر ذلك ابن مالك في شرح التسهيل [ق 154/ أ].
(5) الوجنة: ما ارتفع من الخدين في الوجه، والخال هنا الشامة السوداء في البدن. ينظر تهذيب اللغة 11/202 ولسان العرب 11/229 و13/443 (وجن).
(6) فالخال هنا مضاف إلى ضمير (الوجنة) والخال معمول لـ(جميل) والوجنة معمولة لصفة أخرى وهي (حسن). قال المرادي في توضيح المقاصد 3/49: (وهو تركيب نادر).(6/13)
والطيبي كلِّ ما التاثت به الأزر(1)
والثامن مضاف إلى موصوف بجملة. نحو (رأيت رجلاً حديداً(2) سنانُ رمحٍ يَطعَن به)(3).
والمجرد من الإضافة و (أل) يشمل ثلاثة أنواع:
الموصول، نحو قوله:
162- أسِيلاتُ أبْدانٍ رقاقٍ خُصُورُها
وثيراتُ ما التفّتْ عليه المآزِرُ(4)
والموصوف، نحو (جمّ نوالٌ أعدّه) من قوله:
163- تَزورُ امرأً جَمّا نوالٌ أعَدَّه
لمن أمَّهُ مستكفياً أزْمَةَ الدّهرِ(5)
__________
(1) البيت من البسيط، وهو للفرزدق يمدح عمر بن عبد العزيز، والذي في الديوان والمصادر (فعجتها) بدل (فعج بها). يقال: عجت الناقة إذا عطفت رأسها بالزمام، قبل: جهة. التاثت: اختلطت، وهذا كناية عن عفتهم. ينظر ديوان الفرزدق 1/183. والبيت من شواهد شرح التسهيل لابن مالك [ق 154/ أ] وارتشاف الضرب 3/254 وتوضيح المقاصد 3/50 وشفاء العليل 2/636 والعيني 3/625 والتصريح 2/85 والأشموني 3/6.
والشاهد فيه إضافة معمول الصفة المشبهة إلى الموصول.
(2) في (أ) و (ب): (حديد) وفي (ج): (جديد) وهو تحريف صوابه من شرح المكودي على الألفية ص 122.
(3) جملة (يطعن به) صفة لـ(رمح) الذي أضيف إليه معمول الصفة.
(4) البيت من الطويل، وهو لعمر بن أبي ربيعة. لكن البيت في الديوان ص 464 برواية (الملاحف) بدل (المآزر).
أسيلات جمع أسيلة وهي الطويلة، وثيرات جمع وثيرة وهي اللّيّنة.
والبيت من شواهد شرح التسهيل لابن مالك [ق 154/ أ] وتوضيح المقاصد 3/51 وشفاء العليل 2/635 والعيني 3/629 والتصريح 2/86 والأشموني 3/6.
والشاهد مجيء معمول الصفة موصولا، وهو قوله: (ما التفت) وهو مجرد من أل والإضافة، وقد أضيفت الصفة فيه إلى معمولها من إضافة الصفة إلى فاعلها.
(5) البيت من الطويل، ولم ينسبه أحد فيما اطلعت عليه، وفي أكثر المصادر (أزور).
جمّا: كثيرا وهو صفة مشبهة، نوال: عطاء، أمّه: قصده.
والبيت من شواهد شرح التسهيل لابن مالك [ق 154/ أ] وتوضيح المقاصد 3/51 وشفاء العليل 2/636 وشرح المكودي ص 123 والعيني 3/631 والتصريح 2/86 والأشموني 3/6.
والشاهد مجيء معمول الصفة المشبهة موصوفا بجملة (أعدّه....).(6/14)
وغيرهما(1)، نحو (مررت برجل حسن وجه(2).
هذه اثنتا عشرة صورة(3)، مضروبة في الحالتين، أعني حالتي الصفة المتقدمتين من كونها بأل أو بغير أل(4) تصير أربعا وعشرين(5).
وكل من هذه الأربع والعشرين(6) إما مع الرفع أو مع النصب أو مع الجر، تصير اثنتين وسبعين صورة(7).
ويضم إليها صور ما إذا كان معمول الصفة ضميرا، وهي، ثلاث(8):
الأولى: أن يكون مجرورا، وذلك إذا باشرته الصفة وخلت من (أل) نحو قولك: (مررت برجل حسن الوجه جميله).
الثانية: أن تفصل الصفة من الضمير، وهي مجردة من الألف واللام نحو (قريشُ نُجَبَاءُ النّاسِ(9) ذرِّيةً وكرامُهُمُوها)(10).
الثالثة: أن تتصل به، ولكن تكون الصفة بالألف [74/أ] وإلا نحو (زيد الحسن الوجه الجميلُهُ).
والضمير في هاتين الصورتين منصوب(11). فصارت خمسة وسبعين(12).
__________
(1) أي غير الموصول والموصوف.
(2) في شرح المكودي ص 123: (مررت برجل حسن وجهه).
(3) في (أ) و(ج): (اثنا عشر صورة) صوابه من (ب).
(4) في (ج): (من كونها بغير أل أو بغير الضمير)، وأسقط كلمة (تصير) التي بعدها.
(5) في (ج): (أربعة وعشرين).
(6) في (ب): (الأربع وعشرين) وفي (ج): (الأربعة وعشرين) وهو خطأ ظاهر.
(7) في النسخ (اثنين) والصواب ما أثبته وكلمة (صورة) ساقطة من (أ) و (ج).
(8) في النسخ: (ثلاثة). والأولى ما أثبته.
(9) وقع تحريف غريب لهذه العبارة في (ج)، حيث جاء فيه (قريش محب النار.....).
(10) ينظر هذا القول في توضيح المقاصد 3/53 وشرح المكودي ص 124.
(11) إنما جعل الضمير فيهما منصوبا لئلا تلزم إضافة الشيء إلى نفسه.
(12) كذا في النسخ بالتاء مع أن المعدود مؤنث، ولعل لها وجها لأن المعدود إذا حذف جاز في العدد التذكير والتأنيث على رأي، تنظر حاشية الصبان 4/61.(6/15)
والصفة إما أن تكون لمفرد مذكر أو لمثناه أو لمجموعه جمع سلامة أو جمع تكسير. أو لمفرد مؤنث أو لمثناة أو لمجموعه جمع سلامة أو جمع تكسير(1) هذه ثمانية في خمسة وسبعين تصير ستمائة.
وإذا نوّعت نفس الصفة إلى مرفوعة ومنصوبة ومجرورة وضربتها في الستمائة تصير ألفا وثمانمائة.
وإذا نوعت [معمول ] (2) الصفة أيضا من وجه آخر إلى مفرد مذكر ومثناه وجمعيه، وإلى مفرد مؤنث ومثناه ومجموعيه كانت ثمانية(3).
فإذا ضربت فيها(4) الألف وثمانمائة تصير أربعة عشر ألفا وأربعمائة.
قال: ويستثنى من هذه الصور الضمير(5)، فإنه لا يكون مجموعا جمع تكسير ولا جمع سلامة. وجملة صوره مائة وأربع وأربعون.
فالباقي أربعة عشر ألفا ومائتان وستة وخمسون. بعضها جائز وبعضها ممتنع، فيخرج منها الممتنع(6) على ما تقدم(7) 0 انتهى
وفي قوله: (ويستثنى) إلى آخره نظر(8).
ص: السادس اسم الفعل، نحو (بله زيدا) بمعنى دعة و (عليكه) و(به) بمعنى الزمه والصق، و(دونكه) بمعنى خذه و(رويدَه) و(تيده) بمعنى أمهله، و(هيهات) و(شتان) بمعنى بعد وافترق و (أوّه) و(أفّ) بمعنى أتوجّع و أتضجّر.
__________
(1) من قوله: (أو لمفرد مؤنث..) إلى آخره ساقط من (ب) بسبب انتقال النظر.
(2) سقطت من النسخ وأضفتها من شرح المكودي ص 124 وهي متعينة.
(3) أي ثمانية أوجه.
(4) في (ج): (فإذا ضربتها في).
(5) كلمة (الضمير) ساقطة من (ب)، وكلمة (قال) التي قبلها ساقطة من (ج).
(6) في (ج): (ممتنع) بدون أل.
(7) تقدم ذكر هذه الصور في ص 699.
(8) النظر الذي أراده الشارح هنا هو أن المكودي عدّ صور الضمير مائة وأربعا وأربعين صورة، وهي في الحقيقة مائتان وثمان وثمانون صورة، وذلك لأن جمع التكسير يكون للمذكر والمؤنث وجمع السلامة يكون أيضا لمذكر ولمؤنث فهذه أربعة أوجه في اثنتين وسبعين. وقد أجاب الملوي عن هذا الاعتراض. تنظر حاشية الملوي على شرح المكودي ص 124.
وقد نقل صاحب التصريح 2/85 هذا الكلام عن الجوجري ولم يصرح باسمه.(6/16)
ش: هذا هو السادس مما يعمل عمل الفعل، وهو اسم الفعل. وهو عبارة عمّا ناب عن الفعل، وليس معمولا ولا فضلة(1).
فقولنا: (ما ناب عن الفعل) بمنزلة الجنس.
ويدخل فيه مع اسم الفعل المصادر وأسماء الفاعلين و المفعولين والصفات المشبّهة والحروف ك(ليت) و(لعل) ونحوهما(2).
وقولنا: (وليس معمولا) كالفصل يخرج المصادر والصفات العاملة فإنها نائبة، عن الفعل مع أنها معمولة(3).
وقولنا: (ولا فضلة) يخرج الحروف العاملة.
قال ابن مالك(4): [74/ب] (لأن كل جملة بعض أجزائها حرف فإنه(5) يتم بدونه كونها(6) جملة، فثبت كون الحرف أبدا فضلة، لأن غير الفضلة أبداً(7) عمدة، والعمدة مسند أو مسند إليه(8) وذلك ينافي الحرفية). انتهى
إذا علمت ذلك فاسم الفعل(9) على ثلاثة أنواع:
النوع الأول بمعنى الأمر، وهو الأكثر، ومن أجل ذلك بدأ به.
ومنه (بلْه) بفتح الأول وسكون الثاني مبنيا على الفتح، بمعنى (دعْ).
فإذا قلت: بله زيدا. فكأنك قلت: دع زيدا.
ومنه (عليك) منقول من جار ومجرور، هما (على) والكاف(10) ويأتي تارة ومعناه (الزم).
فإذا قلت: عليكه فكأنك قلت: الْزَمْه.
__________
(1) هذا تعريف ابن مالك لاسم الفعل في شرح الكافية الشافية 3/1382.
(2) مثل (كأن) و(لكن). ونابت عن الفعل لأنها بمعنى الأفعال فـ(ليت) بمعنى أتمنى، و(لعل) بمعنى أرجو، و(كأن) بمعنى أشبّه.
(3) أي تتأثر بالعوامل الداخلة عليها، وأسماء الأفعال لا تتأثر بالعوامل.
(4) شرح الكافية الشافية 3/1384.
(5) في شرح الكافية: (فإنها).
(6) في (ج): (كونه).
(7) كلمة (أبدا) ليست في شرح الكافية الشافية.
(8) في (ج): (والعمدة مستند أو مستند).
(9) في (أ): (فاسم الفاعل) وهو خطأ صوابه من (ب) و (ج).
(10) اختلف في هذه الكاف، فمذهب الكسائي أنها في موضع نصب ومذهب الفراء أنها في موضع رفع، ومذهب البصريين أنها في موضع جر، وهو الصحيح.
يراجع توضيح المقاصد للمرادي 4/83.(6/17)
وتارة ومعناه (الْصق). فإذا قلت: عليك به، فكأنك قلت: الصق به.
ومنه (دونك) منقول من ظرف مضاف إلى ضمير المخاطب، ومعناه (خذ). فإذا قلت: دونكه، فكأنك قلت: خذه.
ومنه (رويد) وهو منقول من مصدر (أرود) (1) مصغرا تصغير الترخيم(2) ومعناه (أمهل).
فإذا قلت: رويدا زيدا، فكأنك قلت: أمهل زيدا. ومنه (تيْد) بمعنى (أمهل) أيضا(3). فإذا قلت: تيدَ زيدا، فكأنك قلت: أمهل زيدا(4).
والنوع الثاني: بمعنى الماضي، وهو أكثر من الذي بمعنى المضارع.
ومنه (هيهات) ومعناه بعد.
وتاؤه مفتوحة عند الحجازيين(5) ومكسورة عند تميم(6) وبعضهم(7) يضمها.
ومن فتح وقف بالهاء، ومن كسر وقف بالتاء(8) واختلف على الضم(9).
فقيل(10): يوقف بالتاء، وقيل: يوقف بالهاء(11).
__________
(1) معنى العبارة أن (رويدا) منقول من مصدر الفعل (أرود) وهو (إرواد) بعد تصغيره تصغير ترخيم.
(2) عرف العلماء تصغير الترخيم بأنه تصغير الاسم بعد حذف الزوائد الصالحة للبقاء مثل (حميد) في تصغير محمد و أحمد وحامد ومحمود... الخ. ولكن قال الرضي في شرح الشافية 1/248: (وتصغير الترخيم شاذ قليل).
(3) الظاهر أن معنى (تيد) (ارفق)، فقد جاء في اللسان 3/101 (التيد: الرفق، يقال: تيدك يا هذا أي اتئد).
(4) قوله: (ومنه تيد..) إلى هنا ساقط من (ب).
(5) تنظر لغتهم في شرح المفصل 4/65-66 والبحر المحيط 6/404.
(6) وعند بني أسد أيضا، ينظر المفصل للزمخشري ص 160.
(7) أي بعض العرب يضم التاء من (هيهات) كما في المفصل ص 160.
(8) تنظر كل هذه اللغات بالتفصيل وصلا ووقفا في المحتسب 2/91، 92 ويراجع الكتاب 3/291 والمذكر والمؤنث للأنباري 172 والمخصص 16/116.
(9) أي اختلف في لغة الضم في هيهات هل يوقف عليها بالتاء أو بالهاء ؟
(10) هذا قول الفارسي. ينظر توضيح المقاصد 4/81.
(11) وهذا القول لابن جني في المحتسب 2/91.(6/18)
وفيها ست وثلاثون لغة(1)، حكاها الصّغاني(2).
ومنه (شتّان) بفتح أوّله وتشديد ثانيه، مبنيا على الفتح، ومعناه (افترق).
النوع الثالث بمعنى المضارع.
ومنه (أوّه) بفتح الهمزة وتشديد الواو المفتوحة. ومعناه (أتوجّع).
وفيها لغات(3)، منها (أوّاه) ومنها (أوّه) بتشديد الواو مضمومة ومكسورة.
ومنه (أف) بمعنى (أتضجر) (4).
[75/أ] تنبيهان(5):
الأول: ترك الشيخ حدّ أسماء الأفعال كأنه لما قيل(6) في حقيقتها من الاختلاف.فإن بعض البصريين(7) ذهب إلى أنها أفعال، واستعملت استعمال الأسماء(8).
__________
(1) وهي هيهات وأيهات وهايهات وآيهات وهيهان وأيهان وكل واحدة من هذه الست مضمومة الآخر ومفتوحته ومكسورته بالتنوين وعدمه، فبلغت ستا وثلاثين لغة. وقد أوصلها أبو حيان إلى أكثر من أربعين لغة، وفي القاموس: فيها إحدى وخمسون لغة.
ينظر البحر المحيط 6/405 والقاموس (هيه 4/289).
(2) في التكملة والذيل والصلة 6/361 (هيه).
والصغاني هو الحسن بن محمد العدوي، أبو الفضائل الصغاني ويقال: الصاغاني،وهو من ذرية عمر بن الخطاب، ولد بلاهور سنة 577ه. ونشأ بغزنة، ثم انتقل إلى بغداد، وكان فاضلا عالما باللغة والحديث كثير التصانيف في اللغة وغيرها، ومن مؤلفاته العباب الزاخر والتكملة على الصحاح ومجمع البحرين والشوارد، توفي سنة 650 ودفن بمكة.
ترجمته في معجم الأدباء 9/189 وإشارة التعيين 98 وبغية الوعاة 1/519. وشذرات الذهب 5/250.
(3) وردت فيها اثنتان وعشرون لغة. تنظر في تاج العروس 9/377.
(4) وفي (أفّ) عشرة أوجه، ذكرها صاحب اللسان (6/9- أفف).
(5) في (أ): (تنبيهات) والمثبت من (ب) و(ج) وهو الصواب، لأنهما تنبيهان لا أكثر.
(6) قوله (كأنه) ساقط من (ج) وكلمة (قيل) ساقطة من (أ) و (ج).
(7) أشار أبو حيان إلى هذا القول دون تعيين لقائله الارتشاف 3/197.
(8) حيث جاءت على أبنية الأسماء واتصلت بها الضمائر ودخل بعضها التنوين.(6/19)
وذهب الكوفيون(1) إلى أنها أفعال حقيقة.
والصحيح أنها أسماء(2) لقبولها التنوين والتعريف، ولمخالفة أوزانها أوزان الأفعال.
ثم القائلون باسميتها اختلفوا في مدلولها فقيل(3): مدلولها لفظ الفعل.
وقيل(4): مدلولها المصدر. وقيل(5): مدلولها مدلول الفعل وهو الحدث والزمان
فإذا قلت: (صه) مثلا فعلى الأول(6) هو اسم لقولك: اسكت. وعلى الثاني اسم لقولك: سكوتا. وعلى الثالث اسم لمعنى الأول(7). إلا أن دلالة الفعل على الزمان بالصيغة ودلالتها على الزمان بالوضع.
واختلفوا أيضا في إعرابها:
فقيل: لا موضع لها من الإعراب، ونسب إلى الجمهور(8).
وقيل: في موضع نصب(9).
وقيل: إنها في موضع رفع بالابتداء، وأغنى مرفوعها عن الخبر(10)
__________
(1) هذا مذهب الكوفيين عدا الفراء، فإنه نص على اسميتها.
ينظر معاني القرآن للفراء 1/323 والبسيط لابن أبي الربيع 1/163 والهمع 2/105.
(2) هذا مذهب جمهور البصريين، وقد استوفى ابن جني الأدلة على اسمية هذه الألفاظ في الخصائص 3/44- 45.
وينظر الكتاب1/241- هارون والمقتضب 3/202 والأصول1/141 والارتشاف 3/197 وتوضيح المقاصد 4/75 والتصريح 2/195.
(3) نسب هذا القول إلى جمهور البصريين.
وقد ضعّفه الرضي وردّه، شرح الكافية للرضي 2/67 والتصريح 2/195.
(4) هذا قول جماعة من البصريين. ينظر التصريح 2/195.
(5) هذا قول ابن أبي العلج صاحب البسيط، قال وهو ظاهر قول سيبويه.
ينظر التصريح 2/195 وهمع الهوامع 2/105.
(6) أي على القول الأول.
(7) وهو الفعل(اسكت)، وينظر توضيح المقاصد 4/75.
(8) وهو قول الأخفش واختاره ابن مالك والرضي. شرح الكافية الشافية 3/1383 وشرح الكافية للرضي 2/67 والأشموني 3/196.
(9) نسب هذا القول لسيبويه والمازني، ولم أجده في الكتاب.
ينظر ارتشاف الضرب 3/214 والتصريح 2/195 والأشموني 3/196.
(10) هذا قول أبي إسحاق الزجاج.في معاني القرآن وإعرابه للزجاج 4/12.
وقد اختار هذا القول أيضا ابن الحاجب في شرح المفصل 1/505.(6/20)
كما في (أقائم الزيدان).
التنبيه الثاني: قد علم من الأمثلة التي ذكرها المصنف وشرحناها أن اسم الفعل على قسمين:
أحدهما: ما وضع من أول الأمر كذلك،ك(شتّان) و (صهْ) (1). وثانيهما: ما نقل من غيره، وهو إما منقول(2) من ظرف أو جار ومجرور(3) أو مصدر(4).
وعلم أيضا من الأمثلة أن اسم الفعل يعمل عمل الفعل(5). فكما تقول: بعد زيد، كذلك تقول: هيهات زيد. وكما تقول: دع زيدا، كذلك تقول: بلْه زيدا. إلى غير ذلك مما تقدم. والله أعلم.
__________
(1) ويسمى هذا القسم مرتجلا، كما يسمى القسم الثاني منقولا.
(2) في (ج): (وهو ما نقل).
(3) مثل (دونك الكتاب) و (عليك زيدا) فالكلمة الأولى مركبة من الظرف (دون) والكاف والثانية مركبة من حرف الجر (على) والمجرور الكاف.
(4) وذلك مثل (رويد زيدا) فإن أصل هذا المصدر.
(5) أي عمل فعله الذي هو بمعناه، فإن كان فعله لازما كان لازما وإن كان متعديا كان متعديا.ينظر الملخص لابن أبي الربيع 1/348.(6/21)
ص: ويجوز إلغاء القلبية المتصرفة، متوسطة أو متأخرة.
ش: لما ذكر أن أفعال القلوب وأفعال التصيير مشتركة في نصب المفعولين، وكانت أفعال القلوب مختصة عن أفعال التصيير(1) بحكمين آخرين، وهما الإلغاء والتعليق أراد بيان ذلك. فبدأ بالإلغاء، وذكر أنه جائز(2) لا واجب.
وهو إبطال العمل لفظا ومحلا، لضعف العامل إما بسبب تأخره عن المفعولين(3)، وإما بسبب توسطه بينهما(4).
فقوله: (القلبية) احترز به عن أفعال التصيير، فلا تلغى، كما علمت.
وقوله: (المتصرفة) احترز به عن ما كان من أفعال القلوب غير متصرف، ك(هَبْ) و (تعلّمْ) فإنهما ملازمان لصيغة الأمر، كما تقدم، فلا يدخل فيهما الإلغاء(5).
مثال المؤخر(6) عنهما زيد قائم أظن(7) ويجوز الإعمال، فتقول: زيدا(8) قائما أظن(9).
ومثال المتوسط زيد أظن قائم(10). ويجوز الإعمال، فتقول: زيدا أظن قائما(11).
[66/أ]
تنبيهات:
__________
(1) من قوله (مشتركة في نصب...) إلى هنا ساقط من (ب).
(2) كلمة (جائز) ساقطة من (ج).
(3) في (ب): (عن المعمولين) و ينظر تفصيل ذلك في شرح المفصل لابن يعيش 7/86 وارتشاف الضرب 3/63.
(4) قال سيبويه 1/191- هارون: (فإن ألغيت قلت: عبد الله أظن ذاهب وهذا أخال أخوك، وفيها أرى أبوك، وكلما أردت الإلغاء فالتأخير أقوى وكل عربي جيد).
(5) في (أ): (إلغاء) والمثبت من (ب) و (ج).
(6) في (ب): (مثال ذلك المؤخر)، وفى (ج): (مثال المتأخر).
(7) وذلك على الإلغاء، والغالب أنه إذا تأخر العامل ألغي عمله، لأنه قد بُني الكلام على اليقين، فالإلغاء أقوى.
(8) في (ج): (زيد) بالرفع وهو خطأ ظاهر.
(9) وهو ضعيف لتأخر العامل، ينظر تعليل ذلك في أسرار العربية ص 161، 162.
(10) على الإلغاء، لأنه قد توسط العامل بين المعمولين فضعف عن العمل.
(11) من قوله: (ومثال المتوسط...) إلى هنا ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج).(7/1)
الأول: أفهم كلامه أن المتأخر والمتوسط(1) سواء في جواز إلغائهما أي عدم امتناعه. وهو كذلك، لكن يتفاوتان في العمل.
فإعمال المتأخر مرجوح وإلغاؤه راجح(2)، وإعمال المتوسط راجح وإلغاؤه مرجوح(3). وقيل: هما سواء(4).
الثاني: أفهم أيضا كلامه أنه لا يجوز إلغاء العامل المتقدم على المفعولين وتحته صورتان:
الأولى أن يتقدم عليه شيء من الكلام يخرجه عن أن يبتدأ به. والثانية أن يبتدأ به (5) و لا يتقدم عليه شيء.
فأما الصورة الأولى فتارة يكون المتقدم على العامل فيها لفظة (متى)، وتارة يكون غير(متى).
فإن كان لفظة (متى) كقولك: متى ظننت زيداً قائما فصرح ابن أم القاسم(6) بجواز الإلغاء فيها، لكن الإعمال أرجح(7).
وهو أيضا مقتضى عبارة المصنف في توضيح الألفية(8)، بل مقتضاها جواز إلغاء العامل الذي لم يبتدأ به، سواء تقدم عليه (متى) أو غيرها(9).
__________
(1) في (أ): (المتوخر والمتوسط) وفي (ج): (المتوسط والمتأخر) والمثبت من (ب).
(2) هذا مذهب سيبويه والجمهور، ومذهب الأخفش وجوب إلغاء العامل المتأخر.
ينظر الكتاب 91/119 و120 وشرح المفصل 7/84 وهمع الهوامع 1/153.
(3) هذا قول بعض العلماء، ومنهم أبو بكر محمد بن عبد الملك المعروف بابن سراج في كتابه تلقيح الألباب ص 72 وابن أبي الربيع في الملخص 1/256.
(4) هذا القول يرجع للمتوسط أي قيل: إن إعمال المتوسط وإلغاؤه سواء، وهذا قول جمهور العلماء وعلى رأسهم سيبويه.
ينظر الكتاب1/119 والإيضاح العضدي 1/167 وشرح الكافية للرضي 2/280.
(5) قوله: (والثانية أن يبتدأ به) ساقط من (أ) و (ج) وأثبته من (ب).
(6) في (أ) و (ب): (ابن قاسم) والمثبت من (ب).
(7) توضيح المقاصد للمرادي 1/380.
(8) أوضح المسالك 1/322.
(9) قال ابن هشام في أوضح المسالك 1/322: (التوسط المبيح للإلغاء ليس التوسط بين المعمولين فقط، بل توسط العامل في الكلام مقتض أيضا).(7/2)
وإن كان غير (متى) امتنع إلغاؤه عند البصريين(1).
وأما الصورة الثانية(2) فيمتنع الإلغاء فيها عندهم أيضا(3).
وجوّزه الأخفش والكوفيون(4) فيهما(5). واستدلوا بنحو قوله:
143-... ... ... ... أنّى وجدت ملاك الشيمة الأدب(6)
وبقوله:
__________
(1) لم يخص البصريون (متى) بهذا الحكم، بل قالوا: إن تقدم على الفعل معمول الخبر جاز الإلغاء بضعف، نحو متى ظننت زيد فاضل، وإلا لم يجز أصلا). راجع شرح التسهيل لابن مالك [لوحة 79/ أ] وهمع الهوامع 1/153.
(2) وهي ألا يتقدم شيء من الكلام على الفعل القلبي، نحو ظننت زيدا قائما.
(3) أي عند البصريين، ينظر الكتاب 1/119 وأسرار العربية 160 والتصريح 1/258.
(4) أي أجاز الأخفش والكوفيون إلغاء العامل المتقدم. ينظر أوضح المسالك 1/320 وهمع الهوامع 1/153.
والمسألة خلافية ولم يذكرها من أصحاب كتب الخلاف إلا الزَّبيدي في كتابه: (ائتلاف النصرة في اختلاف نحاة الكوفة والبصرة) ص 134.
(5) أي في الصورتين، وهما فيما إذا تقدم على الفعل غير (متى) وإذا لم يتقدم عليه شيء أصلا.
(6) عجز بيت من البسيط، نسبه أبو تمام في الحماسة لبعض الفزريين، وصدره:
كذاك أدبت حتى صار من خلقي ..... ..... ......
ملاك بكسر الميم: أي قوام، الشيمة: الخلق. والرواية في الحماسة: (ملاك الشيمة الأدبا) بنصب الجزأين على الإعمال. ينظر شرح الحماسة للمرزوقي 3/1146.
والبيت بالرواية الأولى في المقرب 1/117 وشرح الكافية الشافية 2/558 وشرح الألفية لابن الناظم 206 وتوضيح المقاصد 1/382 والعيني 2/411 والتصريح 1/258 والأشموني 2/29 والخزانة 9/139 والدرر اللوامع 2/257.
والشاهد إلغاء عمل الفعل القلبي، وهو (وجد) مع تقدمه على المفعولين فهو شاهد على صحة مذهب الأخفش والكوفيين في ذلك. وقد أجاب عنه البصريون بثلاثة أجوبة، ذكر منها الشارح جوابين، والثالث هو: أن الفعل هنا ملغى لتوسطه في الكلام، لأنه قد سبق بكلمة (أنّي). راجع أوضح المسالك 1/ 322.(7/3)
144-.... .... ....... وما إخال لدينا منك تنويل(1)
والبصريون(2) يجعلون ذلك ونحوه إما من الإعمال، وأن المفعول الأول ضمير الشأن محذوفا(3)، أو من التعليق على إضمار لام الابتداء(4). والله أعلم.
ص: ويجب تعليقها قبل لام الابتداء أو القسم أو استفهام أو نفي بما مطلقا، أو بلا أو إنْ في جواب القسم أو لعل أو لو أو (كم) الخبرية.
ش: لما فرغ من الإلغاء شرع في التعليق، فقال: (ويجب تعليقها) أي القلبية المتصرفة، فصرّح بوجوبه، بخلاف [66/ب] ما تقدم في الإلغاء حيث صرّح بجوازه.
وهو(5) إبطال العمل في اللفظ فقط دون المحل، لمجيء ماله صدر الكلام بعد العامل المذكور.
__________
(1) عجز بيت من البسيط، وهو لكعب بن زهير، رضي الله عنه، من قصيدته المشهورة بالبردة، وصدره:
أرجو وآمل أن تدنو مودتها ... ... ...... ...... ......
وهذه رواية النحويين، والرواية في الديوان ص 9 كذا:
أرجو وآمل أن يعجلن في أبد...... ومالهن طوال الدهر تعجيل
وعلى هذه الرواية، فلا شاهد للكوفيين في هذا البيت.
والبيت من شواهد شرح الكافية الشافية 2/557 وشرح الألفية لابن الناظم 205 وتخليص الشواهد 449 والعيني 2/412 والتصريح 1/258 وهمع الهوامع 1/153 وشرح الأشموني 2/29 وخزانة الأدب 9/143.
والشاهد إلغاء عمل (إخال) مع تقدمه على المفعولين، ويخرج على أنه ملغى لتقدم (ما) النافية عليه.
(2) ينظر شرح الكافية الشافية 2/55 وشرح الأشموني 2/28.
(3) فيكون التقدير في البيت الأول (إني وجدته أي الحال والشأن) وفي الثاني (وما إخاله) أي الحال والشأن.
(4) فيكون التقدير في الأول (إني وجدت لملاك) وفي الثاني (وما إخال لَلَدَيْنا).
(5) أي التعليق، وسمي تعليقا تشبيها له بالمرأة المعلقة التي ليست مطلقة ولا ممسكة.
قال ابن الخشاب: (ولقد أجاد أهل هذه الصناعة في وضع هذا اللقب لهذا المعنى واستعارته له كل الإجادة). ينظر الأشباه والنظائر للسيوطي 4/41.(7/4)
فمن ذلك(1) لام الابتداء، نحو قوله تعالى:{وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ}(2).
ومنه لام القسم، نحو علمت والله ليقومنّ زيد. وقول الشاعر:
145- ولقد علمت لتأتينَّ منيتي......إنّ المنايا لا تطيش سهامها(3)
ومنه الاستفهام، وهو إما بأن يعترض حرف الاستفهام(4) بين العامل والجملة، نحو قوله تعالى: {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ}(5).
__________
(1) أي مماله صدر الكلام، ومن هنا أخذ في عدّ المعلقات.
(2) من الآية 102 من سورة البقرة، وهي {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} فاللام للابتداء و (من) اسم موصول مبتدأ وجملة (اشتراه) صلة الموصول و (ما) نافية و (له) خبر مقدم (من خلاق) من صلة للتأكيد وخلاق مبتدأ مؤخر، وجملة (ماله من خلاق) خبر المبتدأ الأول وهو (من) والجملة كلها في محل نصب سدت مسد مفعولي (علم) المعلقة باللام، لأن لام الابتداء لها الصدر فلا يتخطاها العامل.
(3) البيت من الكامل، وهو من معلقة لبيد بن ربيعة العامري المشهورة. ولم يذكر عجز البيت في (أ) و (ب) وأثبته من (ج). وقد اختلفت رواية البيت في الديوان عن رواية النحويين له، فقد جاء صدر البيت في الديوان ص 308 كذا:
صادفن منها غِرّة فأصبنها ........ .......
والبيت بالرواية التي ذكرها الشارح في الكتاب 3/110 وسر الصناعة 1/400 وتوضيح المقاصد 1/383 والعيني 2/405 والتصريح 1/254 والهمع 1/154 والأشموني 2/30 والخزانة 9/159.
والشاهد فيه تعليق (علم) عن العمل لوجود ماله الصدر وهو لام القسم.
(4) قوله: (حرف الاستفهام) ساقط من (ج).
(5) من الآية 109 من سورة الأنبياء.(7/5)
وإما بأن يكون في الجملة اسم استفهام عمدة كان(1) نحو قوله تعالى:{لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى}(2). أو فضلة، نحو قوله تعالى: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}(3) وهو(4) مفعول مطلق، لا مفعول به لأن اسم الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله لأنه يخرجه عن الصدر(5).
ومنه النفي ب(ما) نحو علمت ما زيد قائم. سواء كان ذلك في غير جواب قسم، كما مثلنا، أو في جوابه، نحو علمت والله ما زيد قائم. ولهذا قال الشيخ: (مطلقا).
ومنه النفي ب(لا) أو (إنْ) لكن لا مطلقا، بل في جواب قسم ملفوظ به أو مقدر، نحو علمت والله لا زيد في الدار ولا عمرو، وعلمت إن زيد قائم(6).
ومنه (لعل) نحو قوله تعالى: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ}(7) نقله المصنف(8) من التذكرة لأبي علي(9).
ومنه (لو) الشرطية، كقوله:
146- وقد علم الأقوام لو أن حاتما
أراد ثراء المال كان له وفر(10)
__________
(1) قوله: (عمدة كان) ساقط من (ج). و (كان) ساقطة من (أ) والمثبت من (ب).
(2) من الآية 12 من سورة الكهف، و(أيّ) في الآية عمدة لأنها مبتدأ.
(3) من الآية 227 من سورة الشعراء.
(4) أي اسم الاستفهام وهو (أي) مفعول مطلق، والتقدير ينقلبون أي انقلاب، وجملة (ينقلبون) في محل نصب ب(يعلم) المعلقة.
(5) هذا تعليل لعدم إعمال (يعلم) فيما بعده.
(6) مثل الشارح للنفي ب(لا) مع القسم الملفوظ به، وللنفي ب(إن) مع القسم المقدر، والتقدير فيه علمت والله إن زيد قائم.
(7) من الآية 111 من سورة الأنبياء.
والشاهد فيها تعليق (أدري) عن العمل ب(لعل) والجملة من (لعل) واسمها وخبرها في محل نصب سدت مسد مفعولي (أدري).
(8) في شرح شذور الذهب ص 366.
(9) التذكرة كتاب كبير في النحو لأبي علي الفارسي، وقد اختصره تلميذه أبو الفتح بن جني، ينظر كشف الظنون 1/384 وارتشاف الضرب 3/71.
(10) البيت من الطويل، من قصيدة لحاتم الطائي. في ديوانه ص 202
والبيت قد ورد في الكامل 1/37 وجمهرة اللغة 2/798 وارتشاف الضرب 3/70 وشرح شذور الذهب 367 وهمع الهوامع 1/154 والأشموني 2/31.
والشاهد فيه تعليق (علم) عن العمل لوجود (لو) الشرطية بعدها، وجملة (لو أن حاتما أراد.....) في محل نصب سدت مسد مفعولي (علم).(7/6)
ومنه (كم) الخبرية، كما نقله(1) عن بعضهم(2)، وأنه حمل عليه(3) قوله تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ}(4).
ونقل المصنف(5) عن بعض المغاربة(6) أن من المعلقات (إنّ) التي في خبرها اللام نحو (علمت إنَّ زيدا لقائم). ثم بحث(7) أن الظاهر أن المعلق اللام، لا (إنّ)، ثم نقل عن ابن الخباز(8) أن مذهب سيبويه(9) أنه يجوز (علمت [67/أ] إنّ زيدا قائم) بالكسر(10) مع عدم اللام. ثم قال: (فعلى هذا المعلق (إن). انتهى. أي فلما حكم بأنها(11) المعلقة دون اللام(12) كانت هي المعلقة مع وجودها.
تنبيه:
قد علم مما سبق أن الفرق بين الإلغاء والتعليق من وجهين(13):
أحدهما: أن الإلغاء جائز والتعليق واجب.
__________
(1) أي ابن هشام، في شرح شذور الذهب ص 367.
(2) ومنهم ابن الحاجب في أماليه. ينظر الأمالي النحوية 1/125.
(3) عليه) ساقط من (أ) و (ج)، وأثبته من (ب).
(4) من الآية 31 من سورة يس.
(5) شرح شذور الذهب ص 367، وفيه: (ذكره جماعة من المغاربة).
(6) منهم أبو حيان في ارتشاف الضرب 3/69.
(7) في (ب): (ثم قال). والمعنى أن ابن هشام ناقش هذا القول وذكر بعد البحث أن الظاهر أن المعلق هو اللام.
(8) هو أحمد بن الحسين المعروف بابن الخباز، وقد ترجمت له فيما سبق. ولم أجد هذا القول فيما طبع من كتبه.
(9) هذا المذهب أجازه سيبويه، ولكنه ضعفه، فقد قال في الكتاب 3/151: (.... ومثل ذلك في الضعف علمت إن زيدا ذاهب).
(10) أي بكسر همزة (إن) مع عدم اللام، كما تقدم في مثال سيبويه.
(11) الضمير يرجع إلى (إنّ) المكسورة الهمزة. وأقول: جعل لام الابتداء هي المعلقة هو رأي جمهور العلماء، وهو الأولى ولم يذكر أكثر العلماء (إنّ) المكسورة من المعلقات.
(12) في (أ) و (ب): (بدون اللام)، والمثبت من (ج).
(13) ذكر العلماء أوجها أخرى للفرق بينهما، تنظر في الأشباه والنظائر 4/41.(7/7)
والثاني: أن الإلغاء إبطال العمل مطلقا، لفظا ومحلا. بخلاف التعليق فإنه إبطاله لفظا فقط، حتى إنه يجوز أن يعطف بالنصب في التعليق دون الإلغاء. فيعطف على الجملة التي عُلق العامل عنها مفردا في معنى الجملة(1). ومن أمثلة ذلك، لا من شواهده قول الشاعر:
147- وما كنت أدْري قَبْل عَزَّة ما البكا
ولا مُوجعاتِ القلبِ حتّى تولّتِ(2)
بنصب (موجعات).
وإنما لم يجعل شاهدا لاحتمال زيادة (ما) و كون (البكاء) منصوبا(3) أو غير ذلك(4).
__________
(1) ذكر ذلك حتى لا يلزم عمل الفعل القلبي في مفعول واحد، وهو لا يجوز.
(2) البيت من الطويل، وهو لكثير عزة. في ديوانه ص 95.
والبيت من شواهد شرح قطر الندى ص 178 وشرح الشذور ص 368 ومغني اللبيب ص 146 والعيني 2/408 والتصريح 1/257 والأشموني 2/32 وخزانة الأدب 5/214 .
والشاهد فيه العطف على الجملة المعلقة بالنصب، مما يدل على أن محل الجملة في التعليق النصب.
(3) على أنه مفعول به ل(أدري) و(ما) زائدة، ذكر ذلك ابن هشام في المغني 546.
(4) وقيل: إن الواو واو الحال و (موجعات) اسم (لا) أي وما كنت أدري قبل عزة والحال أنه لا موجعات للقلب موجودة، ما البكا.(7/8)
تتمة(1). كل ما تصرف من هذه الأفعال فلمتصرفاته(2) ما له من الأحكام فإن كان ذلك الفعل مما يثبت له الأحكام الثلاثة، أعني الإعمال والإلغاء والتعليق ثبت لمتصرفاته، كأفعال القلوب. وإن كان ذلك الفعل لا يثبت له إلا العمل كأفعال التصيير ثبت لمتصرفاته العمل. فتقول: (أنا ظانٌّ زيداً قائماً)، و (زيدٌ قائمٌ أنا ظانٌّ) و(أنا ظانّ لزيدٌ قائمٌ) (3) وتقول: (أنا اتّخذُ أو متّخذٌ الطّينَ خَزَفاً). لا غير(4). والله أعلم.
ص: وسُليم تُجيز(5) إجراء القول مُجرى الظن. وغيرهم يخصه بتقول(6) بعد استفهام متصل أو منفصل بظرف أو معمول(7).
ش: لما تكلم على ما ينصب المفعولين مطلقا عند كل العرب أخذ يتكلم على ما ينصبهما عند بعض العرب، أو ينصبهما عند كل العرب ولكن لا مطلقا بل بشروط، وهو القول.
واعلم أن القول وفروعه مما يتعدى إلى مفعول واحد.
__________
(1) في (أ) و (ج): (تتممة) وهو خطأ؛ إذ لم أجدها بهذا اللفظ فيما بين يدي من المعاجم، والمثبت من (ب) وهو القياس، جاء في اللسان 12/67 (وتتمة كل شيء ما يكون تمام غايته).
(2) يقصد بمتصرفات الفعل ما يتصرف منه كاسم الفاعل واسم المفعول.
(3) في (ج): (إنه ظان لزيد قائم). والأعمال في المثال الأول لتقدم العامل، والإلغاء في الثاني لتأخره وبالتعليق في الثالث لوجود لام الابتداء.
(4) أي بالإعمال فقط، لأنه من أفعال التصيير وهي لا تلغى.
(5) في (ب): (تُجري) والذي في شذور الذهب ص 526 (وبنو سليم يجيزون).
(6) كذا في النسخ، وفي الشذور: بصيغة (تقول).
(7) بعده في الشذور: (أو مجرور) وقد ذكر الشارح فيما بعد أن المصنف لم يذكر المجرور والحق أنه قد ذكره لكنه ساقط من نسخة الشارح.(7/9)
[67/ب] ومفعوله تارة يكون مفردا مؤديا معنى الجملة، كقلت: قصيدةً وشِعراً(1). وتارة يراد به مجرد لفظه، نحو قلت له: يا إبراهيم(2). أي أطلقت عليه هذا الاسم. وتارة يكون جملة فتحكى به، وتكون في موضع مفعوله(3).
وقد يجرى مجرى الظن فينصب المبتدأ والخبر مفعولين عند بني سُليم مطلقا(4) أي من غير شرط من الشروط الآتي ذكرها عند غيرهم.
فتقول عندهم: (قال زيد عمراً قائما). وعند غيرهم(5) لابد من شروط أربعة:
الأول: أن يكون القول فعلا ماضيا.
الثاني: أن يكون بتاء الخطاب.
وإلى هذين الشرطين أشار الشيخ بقوله: (وغيرهم) أي غير سُليم (يخصه بتقول). فلفظ به مضارعا مبدوءا بالتاء.
الثالث: أن يكون بعد الاستفهام(6). وإلى هذا أشار بقوله: (بعد استفهام).
والرابع: أن يتصل الفعل بالاستفهام، أو يُفصل بينهما بأحد ثلاثة أمور. إما ظرف، كقوله:
148- أبَعْد بُعْدٍ تقولُ الدّارَ جامِعةً
__________
(1) وهذا يؤدي معنى الجملة، لأن القصيدة والشعر مكونتان من جُمل.
(2) كذا في النسخ بإثبات حرف النداء، والظاهر أن حرف النداء هنا لا موضع له وأن العبارة (قلت له إبراهيم) بإسقاط حرف النداء ونصب (إبراهيم) على أنه مفعول به، كما ذكر ذلك المرادي في توضيح المقاصد 1/391.
(3) أي مفعول القول وهو مقول القول نحو (قال إني عبد الله).
(4) هذه اللغة حكاها أبو الخطاب قال سيبويه في الكتاب 1/124: (وزعم أبو الخطاب وسألته عنه غير مرة، أن ناسا من العرب يوثق بعربيتهم، وهم بنو سليم، يجعلون باب (قلت) أجمع مثل (ظننت). انتهى.
وسُليم بالتصغير قبيلة من قيس عيلان، وهو سُليم بن منصور بن عكرمة بن خصَفة ابن قيس بن عيلان. جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص 261.
(5) أي غير بني سليم، وهم جمهور العرب.
ينظر الكتاب 1/122 وشرح الكافية للرضي 2/289 وتسهيل الفوائد ص 73.
(6) مثل له سيبويه 1/122 بقوله: (متى تقول زيدا منطلقا).(7/10)
شَمْلي بِهم أمْ تقولُ البُعدَ محتوماً(1)
وإما(2) مجرور، نحو أفي الدار تقولُ عمراً جالساً.
وإما معمول، نحو قوله:
149- أجُهّالاً تقولُ بَنِي لُؤَيّ......لَعَمْر أبيكَ أمْ مُتجاهِلينا(3)
وإلى هذا الشرط أشار بقوله: (متصل أو منفصل بظرف أو معمول) ولم يذكر المجرور(4)، لأنه في معنى الظرف، إذ هما أخوان.
تنبيهان:
__________
(1) البيت من البسيط، وقائله مجهول. ولم يرد عجز البيت في (أ) و (ب).
وهو من شواهد مغني اللبيب 909 وتخليص الشواهد 457 والمساعد 1/376 وشفاء العليل 1/405 والعيني 2/438 والتصريح 1/263 والأشموني 2/36.
والشاهد فيه إعمال (تقول) عمل (تظن) بعد الاستفهام المفصول بالظرف.
(2) في (أ): (أو) والمثبت من (ب) و (ج).
(3) البيت من الوافر، وهو للكميت بن زيد الأسدي، من قصيدة طويلة يذكر فيها فضل مضر على اليمن. وهذه رواية سيبويه والنحويين للبيت، والرواية في شرح الهاشميات كذا:
أنوامٌ تقول بني لؤي قعيد أبيك أم متناومونا
وعليها فلا شاهد في هذا البيت. ينظر شرح هاشميات الكميت ص 309.
والبيت من شواهد سيبويه 1/123 والمقتضب 2/349 وشرح المفصل 7/78 وشرح الكافية الشافية 2/568 وشرح الألفية لابن الناظم 212 وتوضيح المقاصد 1/392 والمساعد 1/376 وشفاء العليل 1/405 والعيني 2/429 والتصريح 1/263 وهمع الهوامع 1/157 والأشموني 2/37 وخزانة الأدب 9/183.
والشاهد إعمال (تقول) عمل (تظن) بعد الاستفهام المفصول بالمعمول.
(4) ذكرت فيما سبق أن المصنف قد ذكر المجرور، وهذا يدل على اختلاف النسخة المطبوعة من الشذور عن النسخة التي كانت عند الشارح.(7/11)
الأول: إذا عمل(1) القول عمل الظن فهل هو باق على معناه، أو صار بمعنى الظن. فيه خلاف(2). قال ابن أم قاسم(3): والظاهر أنه ضُمِّن معنى الظن.
الثاني: هذه الشروط المذكورة لعمله عمل الظن عند غير بني سُليم إنما هي شروط لجواز العمل، لا لوجوبه(4) فتجوز الحكاية(5) مع استيفاء الشروط، نحو قوله تعالى: {أمْ تقوُلونَ إِنَّ إبْرَاهِيمَ}(6) الآية في قراءة الخطاب(7). وقد روي قول الشاعر:
150- عَلام تقولُ الرُّمحَُ يُثقلُ عَاتقي(8) ... ..... ......
__________
(1) كلمة (عمل) ساقطة من (ج).
(2) على قولين، الأول مذهب الجمهور وهو اختيار ابن جني وابن الناظم أنه لا يعمل عمل الظن حتى يضمن معنى الظن. والثاني، وهو قول الأعلم وابن خروف، إجراء القول مجرى الظن في العمل دون المعنى ينظر شرح الألفية لابن الناظم 212 وارتشاف الضرب 3/80 والهمع 1/157.
(3) توضيح المقاصد 1/394، وفيه (والظاهر أنه مضمّن معنى الظن). وفي (أ) و (ب): (ابن القاسم) والمثبت من (ج).
(4) ينظر الكتاب 1/124- هارون والتصريح 1/264 وهمع الهوامع 1/158.
(5) الحكاية في الجمل هي إيراد الجملة على هيئتها من غير تغيير بعد دخول العامل عليها وتكون الجملة في موضع المفعول.
(6) من الآية 140 من سورة البقرة، والشاهد فيها كسر همزة (إن) على الحكاية مع توفر الشروط لإعمال القول عمل الظن.
(7) أي بتاء الخطاب في (تقولون). وهذه قراءة ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم من السبعة ورويس وخلف والأعمش. ينظر السبعة لابن مجاهد ص 171 والنشر 2/223 والإتحاف ص 148.
(8) صدر بيت من الطويل، وهو لعمرو بن معديكرب الزبيدي، وعجزه:
...... ... .......... ... إذا أَنا لَم أَطعَنْ إذا الخيلُ كرَّتِ
ينظر شعر عمرو بن معديكرب ص 72 وشرح الحماسة للمرزوقي 1/159.
والبيت من شواهد شرح التسهيل لابن مالك [ل 80/ ب] والمساعد 1/376 وشفاء العليل 1/405 والعيني 2/436 والتصريح 1/263 والهمع 1/157 وشرح الأشموني 2/36.(7/12)
[68/أ] بالوجهين، النصب على الإعمال لاستيفاء الشروط(1) والرفع على عدمه(2).
ص: وما يتعدى إلى ثلاثة(3)، وهو أَعْلَم و أَرَى، وما ضمّن(4) معناهما من (أنبأ) و(نبّأ) و(أخبر) و(خبّر) و(حدّث).
ش: هذا هو القسم السابع من أقسام الفعل بالنسبة إلى المفعول به وهو ما ينصب ثلاثة مفاعيل. وهو سبعة أفعال:
أعْلَم و أرى، وهما أصل الباب(5)، وما ضمّن معناهما، وهو الأفعال الخمسة المذكورة(6).
مثال (أعلَم): أعلمت زيدا عمرا قائما، ومثال (أرى)،: أريت بكرا الهلال طالعا(7)، ومثال (أنبأ): أنبأت زيدا هندا مقيمة، ومثال (نبّأ): نبّأت خالدا عمرا قائما.
ومثال (أخبر): أخبرت زيدا عليا جالسا، ومثال (خبّر) (8): خبّرت زيدا سالما صحيحا. ومثال (حدَّث) حدّثت خالدا بكرا مسافرا.
وستأتي أحكام هذه المفاعيل في المقالة الآتية:
__________
(1) وهي كون الفعل، مضارعا مسندا للمخاطب مسبوقا باستفهام.
(2) أي على عدم الإعمال، وهو حكاية الجملة، وتكون في محل نصب.
(3) أخر الشارح هذه الأفعال عن موضعها في الشذور، حتى يسير على طريقة النحاة من تقديم ما ينصب مفعولين أولا وما يتعلق به من باب القول، ثم ذكر ما ينصب ثلاثة مفاعيل.
أما ابن هشام فقد قدم هذه الأفعال على باب القول في شذور الذهب، وكذلك فعل في شرحه. ص 376-380.
(4) في (أ) و (ج): (تضمّن) والمثبت من (ب) والشذور ص 26.
(5) وذلك لأن أصلهما ثلاثي مستعمل في العلم ثم نقل بالهمزة، بخلاف الخمسة الأخرى، فليس لها ثلاثي مستعمل في العلم إلا (خبر). ينظر التصريح1/ 264.
(6) أصل هذه الأفعال الخمسة أن تتعدى لاثنين إلى الأول بنفسها وإلى الثاني بحرف الجر، ثم ضمنت معنى (أعلم) و(أرى) فعملت عملهما.
(7) في (ب): ومثال (أرى) قوله تعالى: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَات}. ولم ترد هذه الآية في (أ) و (ج). ثم قال: (ولا يخفى أمثلة البواقي).
(8) قوله: (أخبرت زيدا) إلى هنا ساقط من (ج).(7/13)
ص: ولا يجوز حذف مفعول في باب (ظنّ) ولا غير الأول في باب (أعلم) (1) إلا لدليل.
ش: تضمن هذا الكلام مسألتين:
الأولى في بيان حذف(2) المفعولين أو أحدهما في باب (ظنّ).
وجزم الشيخ بأنه لا يجوز فيه حذف مفعول إلا لدليل، وتحته صورتان: الصورة الأولى: أن يحذف المفعولان لدليل.
الصورة الثانية: أن يحذف أحدهما أيضا للدليل(3).
مثال حذفهما للدليل قوله تعالى:{أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ}(4) أي تزعمونهم شركائي(5)، أو تزعمون أنهم شركاء(6).
ومثال حذف أحدهما للدليل قوله:
151- ولقد نزلْتِ فلا تظنّي غيره منّى بمنزلة المُحب المكرمِ(7)
__________
(1) في شذور الذهب ص 26: (في باب أعلم وأرى).
(2) في (ج): (في باب حذف المفعولين).
(3) في (ب): (أن يحذف إحداهما للدليل أيضا).
(4) من الآية 62 من سورة القصص.
(5) فالضمير في (تزعمونهم) مفعول أول و(شركائي) مفعول ثان.
(6) اختار هذا التقدير ابن هشام في شرح الشذور ص 377 قال: (والأحسن أن يقدر (أنهم شركاء) وتكون (أنّ) وصلتها سادة مسدهما بدليل ذكر ذلك في قوله تعالى: {الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ}. ولكنه قدره في أوضح المسالك 1/323 بالتقدير الأول وهو (تزعمونهم شركائي).
(7) البيت من الكامل، من معلقة عنترة بن شداد العبسي المشهورة. ينظر ديوان عنترة ص 191 وشرح القصائد السبع الطوال 301. والمقرب 1/117 وتوضيح المقاصد 1/389 وأوضح المسالك 1/324 والمساعد 1/353 والعيني 2/414 والهمع 1/152 والأشموني 2/35 وخزانة الأدب 9/136.
والشاهد حذف المفعول الثاني ل(ظن) للقرينة الدالة عليه، والتقدير: فلا تظني غيره واقعا. هذا عند الجمهور، لكن الرضي جعله شاهدا على أن (ظنّ) يقل نصبها للمفعول الواحد، حيث قدره بقوله: (أي لا تظني شيئا غير نزولك). ينظر شرح الكافية 2/278. قال البغدادي في الخزانة 9/136: (وفيه رد للنحويين، فإنهم قالوا: المفعول الثاني محذوف اختصارا لا اقتصارا).(7/14)
أي لا تظنّي غيره واقعا. ويسمّى الحذف لدليل اختصارا(1).
واقتضى كلامه الجزم بأنه لا يجوز حذفهما، ولا حذف أحدهما اقتصارا، أي لغير دليل. وهو في حذفهما مذهب سيبويه(2) والأخفش(3) واختيار ابن مالك(4). وفي حذف أحدهما إجماع(5). لأن أصلهما المبتدأ والخبر.
المسألة الثانية: في بيان الحذف(6) [68/ب] المتعلق بباب (أعلم).
ومقتضى كلامه أن المفعول الأول يحذف فيه مطلقا، سواء كان لدليل أم لا، وهو الصحيح عند الجمهور(7).
وأن للثاني والثالث فيه (8) مالهما في باب (ظن) من حذفهما لدليل، ومنعه لغيره. وحذف أحدهما كذلك (9).
ولم يصرح بذكر المسألة الثانية(10) في شرح المصنف(11) ولا في شرح الزوائد(12).
تنبيه(13):
__________
(1) والحذف لغير دليل يسمى اقتصارا. ينظر التصريح 1/ 259.
(2) قال في الكتاب 1/39: (ليس لك أن تقتصر على أحد المفعولين دون الآخر، وذلك كقولك حسب عبد الله زيدا بكرا، وظن عمرو خالدا أباك...).
(3) ينظر معاني القرآن للأخفش 1/137، 221 والارتشاف 3/56.
(4) في شرح التسهيل [ق 77/ أ] وفيه (وهو مذهب سيبويه والمحققين).
(5) على عدم جواز حذف أحد المفعولين لغير دليل. ينظر التصريح 1/260.
(6) في (ج): (في باب الحذف).
(7) كقولهم: (أعلمت كبشك سمينا) ولا تذكر من أعلمته. ينظر الارتشاف 3/84.
(8) أي في باب (أعلم). وفي (أ) و (ب): (وأن الثاني والثالث فيه) صوابه من (ج).
(9) فيجوز حذف أحدهما لدليل، ولا يجوز حذفه لغير دليل إجماعا.
(10) وهي حذف المفعولين في باب (أعلم) وفي (ج): (بذلك) بدل (بذكر).
(11) أي شرح شذور الذهب، وقد صرح به في أوضح المسالك 1/332.
(12) وهو شرح الصدور لشرح زوائد الشذور للبرماوي.
(13) في (ب): (تتمة) ولم ترد هذه الكلمة في (ج).(7/15)
يجري في الثاني والثالث من مفاعيل (أعلم) و (أرى) إلغاء العامل وتعليقه بالنسبة إليهما على الصحيح(1)، خلافا لمن منعهما(2) مطلقا(3)، ولمن منعهما في المبني للفاعل دون المبني للمفعول(4).
وقد جاء على الإلغاء قول بعض العرب: (البركةُ أعلمنا الله مع الأكابر) (5) وقول الشاعر:
152- وأنت- أراني الله- أمنعُ عاصم
وأرأفُ مُسْتكفىً وأسمحُ واهِبِ(6)
وعلى التعليق {يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ}(7) الآية.
__________
(1) وهو اختيار ابن مالك والرضيّ وابن هشام، ينظر شرح التسهيل [ق 81/ ب] وشرح الكافية 2/ 285 وأوضح المسالك 1/333.
(2) أي الإلغاء والتعليق.
(3) وهذا قول ابن النحاس وابن يعيش وابن أبي الربيع ينظر شرح المفصل 7/67 والملخص لابن أبي الربيع 1/362 وهمع الهوامع 1/158.
(4) هو الجزولي. كما في المقدمة الجزولية ص 83.
(5) ف(البركة) مبتدأ وقد كان مفعولا ثانيا و (مع الأكابر) خبر بعد أن كان مفعولا ثالثا و(أعلم) ملغاة لتوسطها بين المبتدأ والخبر وهي مبنية للفاعل.
وينظر قول العرب هذا في توضيح المقاصد 1/395 وأوضح المسالك 1/333.
(6) البيت من الطويل، ولم ينسبه أحد إلى قائله.
عاصم: حافظ، أرأف: من الرأفة وهي الشفقة، مستكفى اسم مفعول من استكفيته الشيء فكفانيه، واهب: معط. وفي (ج): (أمسح) وهو تحريف.
والبيت من شواهد شرح التسهيل لابن مالك [ق 82/ أ] والمساعد 1/ 381 والعيني 2/446 والتصريح 1/266 وهمع الهوامع 1/158 والأشموني 2/39.
والشاهد إلغاء عمل (أرى) لتوسطه بين مفعوليه، والأصل (أراني الله إياك أمنع عاصم).
(7) من الآية 7 من سورة سبأ، وأول الآية {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}. وكلمة (الآية) بعدها- ساقطة من (أ). والشاهد فيها هو تعليق (ينبئكم) عن العمل لوجود اللام بدليل كسر همزة (إن) في (إنكم).(7/16)
ص: باب الأسماء التي تعمل عمل الفعل. وهي(1) عشرة، أحدها المصدر، وهو اسم الحدث الجاري على الفعل(2) ك(ضرْب) و(إكرام). وشرطه أن يخلفه فعل مع (أن) أو مع (ما) (3).
ش: لما أنهى الكلام على عمل الفعل أخذ يذكر ما يعمل عمله من الأسماء وهي عشرة أشياء(4) وبدأ بالمصدر لأنه أصل الفعل في الاشتقاق(5).
والمصدر هو اسم الحدث الجاري على الفعل. ف(اسم الحدث) بمثابة الجنس، يدخل فيه اسم المصدر.
وقوله: (الجاري على الفعل)(6) معناه أنه مساو للفعل في استيفاء حروفه، وهو كالفصل(7) مخرج لاسم المصدر، فإنه يخالف المصدر بخلوه من بعض حروف الفعل، ك(عطاء) فإنه خال من همزة (أعطى).
وتمثيله ب(ضرْب) و(إكرام) إشارة إلى أنه لا فرق في عمل المصدر بين ما كان مصدرا لثلاثي ك(ضرْب) أو لأكثر منه ك(إكرام).
وقوله: (وشرطه) أي شرط عمل المصدر أن يكون مقدرا ب(أن) [69/أ]والفعل أي إذا أريد المضي أو الاستقبال. نحو عجبت من ضربك زيدا أمس أو غدا.
والتقدير من أن ضربت زيدا أمس أو من أن تضرب زيدا غدا.
أوب(ما) والفعل إن أريد الحال(8). نحو (عجبت من ضربك زيدا الآن)، والتقدير: مما تضرب زيدا الآن(9).
__________
(1) هذه الكلمة ليست في شذور الذهب.
(2) في (ج): (على فعله).
(3) هذا الشرط متأخر في الشذور، وقد ذكر قبله شروطا سيذكرها الشارح فيما بعد.
(4) قوله: (وهي عشرة أشياء) ساقط من (ب).
(5) هذا على مذهب البصريين، وعند الكوفيين أن المصدر مشتق من الفعل وقيل: كلاهما أصل، وقيل: الأفعال مشتقة من المصادر وبقية المشتقات مأخوذة من الفعل. والراجح مذهب البصريين. وهذه المسألة وأدلة الفريقين في الإنصاف لابن الأنباري 1/235 والتبيين للعكبري 143 وهمع الهوامع 2/12.
(6) من قوله: (فاسم الحدث) إلى هنا ساقط من (ب).
(7) في (ج): (كالجنس).
(8) ينظر التصريح 2/ 62 وهمع الهوامع 2/ 92.
(9) ومن ذلك قوله تعالى: {كذكركم آباءكم} أي كما تذكرون آباءكم.(7/17)
ويوجد في بعض النسخ(1) (وشرطه ألا يصغر، ولا يُتبع قبل العمل ولا يحد بالتاء(2)، وأن يخلفه فعل مع (أن) أو مع (ما).
وشرح ما في هذه النسخة من الزيادة أن تقول:
من شروط إعمال المصدر ألا يكون مصغرا، فلا يقال: أعجبني ضُرَيبُك زيدا. ويظهر أن يعلل بأن التصغير من خصائص الأسماء، فلا يناسب الأفعال. فلما جاء على حالة لا تناسب الأفعال امتنع أن يعمل عملها.
وهذا التعليل، وإن لم أره مصرحا به(3)، لكن كلامهم يفهمه.
ومنه(4) ألا يُتبع بتابع قبل العمل، سواء كان نعتا أو غيره، لأن المصدر ومعموله عندهم كموصول وصلته، فلا يحال بينه وبين معموله كما لا يحال بين الموصول وصلته. فلا يقال: أعجبني أكل الرغيفِ السريعُ زيدٌ(5). على أن السريع نعت للمصدر.
ولا: عرفتُ سوقك العنيفَ الإبلَ(6).
ومنه ألا يكون محدودا بالتاء(7)، فلا تقول: أعجبني ضربتك عمرا لأن(8) دخول التاء عليه دالة على المرة يجعله بمنزلة أسماء الأجناس التي لا تناسب الأفعال. ومما لم يذكره من شروطه ألا يكون مجموعا.
__________
(1) أي نسخ شذور الذهب، وهذه الزيادة التي ذكرها موجودة في شذور الذهب المطبوع. ص 26.
(2) في (أ): (ولا يجر بالياء) وهو تصحيف، صوابه من (ب) و (ج). و بعد هذا في شذرر الذهب: (نحو ضربته ضربتين أو ضربات).
(3) في (أ): (وإن كان مصرحا به) وهو تحريف، صوابه من (ب) و (ج).
(4) أي من شرط عمل المصدر.
(5) في (ب): (أعجبني أكل الرغيف الربع زيد). وهو تحريف. وقوله: (على أن السريع نعت للمصدر) ساقط من (ب).
(6) ومثله: أعجبني ضربك المبرح زيدا. ينظر التصريح 2/63.
(7) عرف ابن مالك المحدود بالتاء في شرح التسهيل [ل 156/ ب] بأنه المردود إلى فعله قصدا للتوحيد والدلالة على المرة.
(8) في (أ): (أعجبتني) والمثبت من (ب) و (ج)، في (ج): (إلا أن).(7/18)
قال ابن مالك(1)، رحمه الله: (المصدر المجموع حقه ألا يعمل، لأن لفظه إذا جُمع مغاير للفظ(2) المصدر الذي هو أصل الفعل) قال: (فإن ظفرنا في كلام العرب بإعمال المحدود أو المجموع قبلناه ولم نقس عليه(3). وأنشد مما ورد عاملا فيه المجموع قول الشاعر:
153- قدْ جربوه فما زادت تجاربُهم أبا قدامة(4)........
بنصب (أبا قدامة) ب(تجاربهم) وهو مصدر مجموع.
ومما لم يذكره أيضا ألا يكون مضمرا. [69/ب] ومعناه أن ضمير المصدر لا يعمل عمله(5). فلا تقول: مروري بالمحسن حسن وهو بالمسيء قبيح.
__________
(1) شرح الكافية الشافية 2/1015، مع تصرف يسير في العبارة.
(2) في (ج): (مغايرا) بالنصب وهو خطأ، ومن قوله: (المصدر المجموع...) إلى هنا ساقط من (ب).
(3) في (ج): (بإعمال المجموع والمحدود) ولم يذكر قوله: (ولم نقس عليه).
(4) جزء بيت من البسيط، وهو من قصيدة للأعشى الكبير في مدح هوذة الحنفي.
والبيت في الديوان ص 159، وهو بتمامه:
وجربوه فما زادت تجاربهم......أبا قدامة إلا الحزم والفنعا
الفنع: الفضل، والمعنى ما كشفت تجاربهم إلا عن الحزم والفضل.
ينظر الخصائص 2/208 وشرح الكافية الشافية 2/1016 وتوضيح المقاصد 3/9 واللسان 8/257 والأشباه والنظائر 2/394 والأشموني 2/287.
والشاهد: إعمال المصدر المجموع عمل الفعل، حيث نصب (أبا قدامة) ب(تجاربهم) وهو جمع تجربة. وهذا قول ابن جني وابن عصفور وابن مالك.
قال ابن جني في الخصائص 2/209: (وقد يجوز أن يكون (أبا قدامة) منصوبا ب(زادت) أي فما زادت أبا قدامة تجاربهم إياه إلا المجد، والوجه أن ينصب ب(تجاربهم) لأنه العامل الأقرب).
(5) هذا مذهب البصريين، وأجاز الكوفيون ذلك استدلالا ببيت من الشعر وقد تأوله البصريون. راجع ذلك في همع الهوامع 2/92.(7/19)
ولا: ضربك المسيءَ حسن وهو المحسنَ(1) قبيح. تريد: وضربك المحسن قبيح(2) وذلك لعدم حروف الفعل. ولأجل ذلك لم يعمل محذوفا أيضا. ومنه ألا يكون مؤخرا عن معموله.
ولك أن تقول: هذا الشرط مستفاد من جعله مع معموله كموصول وصلته فكما أن الصلة لا تتقدم على الموصول، كذلك معمول المصدر لا يتقدم عليه.
ص: وعمله منونا أقيس، نحو {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا}(3) ومضافا للفاعل أكثر، نحو {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ}(4) ومقرونا بأل ومضافا للمفعول ضعيف (5).
ش: أخذ يبين حالات المصدر العامل وأحكامها.
فمن حالاته أن يكون مجردا من الألف واللام والإضافة وهو المراد بالمنوّن. وعمله حينئذ أقيس، لأنه نكرة فقوي شبهه بالفعل(6).
ومثاله قوله تعالى: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا}(7) ف(يتيما) مفعول ل(إطعام).
ومنها أن يكون مضافا إلى الفاعل، ناصبا للمفعول. وعمله حينئذ أكثر. لأن نسبة الحدث(8) إلى من وقع منه أكثر منها(9) لمن وقع عليه.
ومثاله قوله تعالى: {وَلَوْلا دِفَاعُ اللَّهِ النَّاسَ}(10).
ف(الناس) منصوب ب(دفاع) المضاف إلى الفاعل.
__________
(1) في (أ): (للمحسن)، وفي (ج): (بالمحسن)، صوابه من شرح الكافية الشافية 2/1014.
(2) من قوله: (ولا: ضربك...) إلى هنا ساقط من (ب).
(3) الآيتان 14 و15 من سورة البلد.
(4) من الآية 251 من سورة البقرة و40 من سورة الحج.
(5) الذي في الشذور ص 26 (ومضافا لمفعول ذكر فاعله ضعيف). وفي (ج): (أضعف) بدل (ضعيف).
(6) ينظر التصريح2/63.
(7) من الآيتين 14، 15من سورة البلد.
(8) في (ب): (لأنه يشبه الحدث) وهو تحريف.
(9) أي من نسبة الحدث، وكلمة (منها) ساقطة من (ج).
(10) من الآية 251 من سورة البقرة هذه قراءة نافع وأبي جعفر ويعقوب، في الموضعين. وقرأ الباقون من العشرة (دفع الله). ينظر السبعة لابن مجاهد 187 والتذكرة لابن غلبون 2/336 والنشر 2/230.(7/20)
ومنها أن يكون مقرونا بأل. وعمله ضعيف(1). كقوله:
154- ضعيف النكاية أعداءَه يخال الفرار يراخي الأجل(2)
ومنها أن يكون مضافا إلى المفعول رافعا للفاعل، كقوله:
155- أفنى تلادي وما جمّعت من نَشَب
قرعُ القواقيزِ أفواهُ الأباريق(3)
وعمله ضعيف أيضا(4). وقيل(5): إنه ضرورة.
__________
(1) وذلك لبعده عن مشابهة الفعل لاقترانه بأل. وقد منع عمله الكوفيون وبعض البصريين. ينظر الارتشاف 3/176.
(2) البيت من المتقارب، ولم يعرف قائله، وعجزه غير وارد في (أ) و (ج).
النكاية: التأثير، مصدر نكيت العدو أي أثرت فيه، يراخي: يباعد ويطيل. والمعنى أن هذا الرجل ضعيف التأثير في أعدائه ويفر من الحرب ظانا أن الفرار يؤخر أجله. والبيت من شواهد سيبويه المجهولة القائل. ينظر الكتاب 1/192- هارون والإيضاح للفارسي 186 وشرح أبيات سيبويه لابن السيرافي 1/394 والمنصف 3/71 وشرح المفصل 6/59 والمقرب 1/131 وشرح الكافية الشافية 2/1013 وتوضيح المقاصد 3/5 والمساعد 2/235 وشفاء العليل 2/649 والعيني 3/500 والتصريح2/63 والخزانة 8/127.
والشاهد فيه إعمال المصدر المقترن بأل، حيث نصب (أعداءه) على أنه مفعول به.
(3) البيت من البسيط، وقائله الأقيشر الأسدي. ولم يرد صدر البيت في (أ) و (ب).
التلاد: المال القديم، النشب: المال والعقار، القواقيز: جمع قاقوزة وهي آنية الخمر، الأباريق: جمع إبريق وهو الإناء الذي له عروة.
والبيت من شواهد المقتضب 1/21 والإنصاف 1/233 والمقرب 1/130 ومغني اللبيب 694 وشرح شذور الذهب 383 والعيني 3/508 والتصريح 2/64 وهمع الهوامع 2/94 والأشموني 2/289 وخزانة الأدب 4/491.
والشاهد فيه إضافة المصدر إلى مفعوله ورفع الفاعل بعده.
(4) وقد أجازه سيبويه والجمهور. ينظر الكتاب 1/190- والارتشاف 3/174.
(5) أي الإتيان بالفاعل بعد إضافة المصدر للمفعول، وهذا قول بعض العلماء ولم أجد من صرّح باسم القائل بذلك. ينظر الارتشاف 3/175 والتصريح 2/64 والهمع 2/94.(7/21)
ورُد َّبقوله عليه السلام: "وحجُّ البيتِ مَن استطاعَ إليهِ سبيلاً" (1)، لأن تقديره: وأن يحجَّ البيتَ المستطيعُ.
ومن حالاته أن يضاف إلى الفاعل ولا يذكر المفعول، نحو قوله تعالى: {رَبَّنا وتقَبَّل دعائي}(2).
وأن يضاف إلى المفعول ولا يذكر الفاعل، نحو [70/أ] قوله تعالى: {لا يسْأَمُ الإنسانُ مِنْ دعاءِ الخيرِ}(3) وهما كثيران.
ومنها أن يضاف إلى الظرف فيرفع وينصب(4)، نحو عجبتُ من ضرْبِ يومِ الجمعة زيدٌ عمرًا.
قلت(5): هذا كله في المصدر الذي ليس بدلا من اللفظ بفعله.
أما ما هو بدل(6) من اللفظ بفعله فإنه يعمل وإن لم يخلفه (أنْ) والفعل، ولا (ما) والفعل. نحو قول الشاعر:
156-....... ........ فَنَدْلاً زُريقُ المَالَ نَدْلَ الثّعالبِ(7)
__________
(1) جزء من الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم عن أنس بن مالك في كتاب الإيمان 1/42 والترمذي 3/ 5- 6 والنسائي 4/ 122.
وفي النسخة (ب): (ورد بقوله تعالى) ثم ذكر هذا الحديث، وهو خطأ.
(2) من الآية 40 من سورة إبراهيم.
والآية بإثبات الياء في الوصل قراءة ابن كثير وحمزة وأبي عمرو، وحفص عن عاصم في رواية هبيرة عن حفص. ينظر السبعة لابن مجاهد ص 363. والشاهد في الآية إضافة المصدر إلى فاعله دون ذكر المفعول والتقدير: دعائي إياك.
(3) من الآية 49 من سورة فصلت، والتقدير: من دعائه الخير.
(4) أي فيرفع الفاعل وينصب المفعول. ينظر همع الهوامع 2/94.
(5) في (ب) و (ج): (تنبيه) بدل قوله: (قلت).
(6) كلمة (بدل) ساقطة من (ج).
(7) عجز بيت من الطويل، وصدره:
على حين ألهى الناس جلّ أمورهم ..... .....
وقد اختلف في قائله، فنسبه المبرد لأعشى همدان وهو في ديوانه ص 90 ونسبه الغندجاني في فرحة الأديب ص 88 لرجل من الأنصار ولم يعينه، ونُسب أيضا للأحوص وهو في ملحقات ديوانه ص 215. والظاهر أنه لأعشى همدان. الندل هو الأخذ بخلسة، زريق: اسم رجل، وهو منادى بحرف نداء محذوف. والبيت من شواهد سيبويه 1/116 والكامل للمبرد 1/239 والأصول 1/167 والخصائص 1/120 والإنصاف 1/293 وشرح الكافية الشافية 2/659 والارتشاف3/170 والمساعد 2/242 والعيني 3/46 والتصريح 1/331 والأشموني 2/116، 285.
والشاهد عمل المصدر النائب مناب فعله في المفعول به دون تقديره ب(أن) والفعل، أو (ما) والفعل.(7/22)
وكذلك قولك: ضربا زيدا. ف(زيدا) منصوب ب(ضربا) (1)، وفيه ضمير مرفوع(2) لأنه لما صار بدلا من الفعل عَمِل عمله وقام مقامه.
__________
(1) في (ج): (منصوب بضرب) وهذا القول مذهب سيبويه والجمهور.
وذهب المبرد والسيرافي إلى أن النصب في المفعول هو بذلك الفعل المضمر الناصب للمصدر. ينظر الكتاب 1/231 والكامل 1/241 والارتشاف 3/171 وهمع الهوامع 2/94.
(2) على أنه فاعل للمصدر، وهو خاص بهذا النوع من المصادر.
يراجع شرح الكافية الشافية 2/1024 .(7/23)
ص: ويجب الاستغناء عن جواب الشرط بدليله متقدما لفظا نحو هو ظالم إن فعل، أو نية نحو إن قمت أقوم. ومن ثَم امتنع في النثر إن تقم أقوم. وبجواب ما تقدم من شرط مطلقا، أو قسم إلاّ إن(1) سبقه ذو خبر فيجوز ترجيح(2) الشرط المؤخر.
ش: لَما تكلم فيما سبق على جواز حذف الجواب أخذ يتكلم على وجوب حذفه، وذكر أنه يجب حذفه(3) إذا كان دليله متقدما لفظا أو نيّة. ومثل للأول(4) بقوله: (هو ظالم إن فَعَل) والجواب محذوف تقديره(5) (فهو ظالم).
وللثاني(6) بقوله: (إنْ قمتَ أقومُ) لأن تقديره (أقومُ إنْ قمتَ) والجواب محذوف تقديره (أقم). ف(أقوم) هو دليل الجواب(7)، وهو متقدم نية لا لفظا.
ثم ذكر أنه يمتنع أن يقال(8) في النثر: إنْ تقُمْ أقوم(9)، فإنه خاص بالضرورة، كقوله:
129- يا أقرع بن حابس يا أقرع
إنك إن يُصرع أخوك تُصرع(10)
__________
(1) في (ج): (لا إن) وهو خطأ.
(2) في (ج): (تقديم).
(3) أي جواب الشرط.
(4) وهو ما تقدم فيه دليل الجواب لفظا.
(5) كلمة (تقديره) ساقطة من (ج) في الموضعين.
(6) وهو ما تقدم فيه دليل الجواب نية أي تقديرا.
(7) هذا على مذهب جمهور البصريين، وسيذكر الشارح الخلاف في ذلك قريبا.
(8) في (أ) و (ج): (يقول) وما أثبته من (ب) هو الأولى.
(9) أي أنه لا يجوز في سعة الكلام رفع الجواب إذا كان فعل الشرط مضارعًا.
(10) البيتان من الرجز، وقد نسبهما سيبويه لجرير بن عبد الله البجلي ونسبهما الغندجاني في (فرحة الأديب) لعمرو بن الخثارم البجلي.
وللأبيات قصة تنظر في فرحة الأديب ص 107 والخزانة 8/20 وهما من شواهد سيبويه 3/67 والمقتضب 2/72 والأصول 2/192 والإنصاف 2/623 وشرح المفصل 8/158 وارتشاف الضرب 2/555 والتصريح 2/249 والهمع 2/61.
والشاهد رفع المضارع الواقع بعد فعل الشرط لأنه دليل الجواب وليس الجواب نفسه وهو متقدم في التقدير، لأن الأصل إنك تصرعُ إن يصرع أخوك، وهذا على مذهب سيبويه. وعند المبرد هو الجواب نفسه لكن على إسقاط الفاء، والأصل إن يصرع أخوك فأنت تصرع.(8/1)
وقوله: (وبجواب ما تقدم) إلى آخره يعني أنه إذا اجتمع في الكلام شرط وقسم فالمتقدم منهما يُستغنى بجوابه عن جواب المتأخر.
فتقول: (والله إن تقم لأقومَنّ). فجُعل الجواب للقسم ويستغنى به عن جواب الشرط فيكون محذوفا وجوبا. وتقول: (إن تقمْ والله أقمْ) فجُعل الجواب للشرط لتقدمه، ويستغنى به عن جواب القسم، فيحذف وجوبا(1).
وقوله: (مطلقا) راجع للشرط، أي أن الشرط متى تقدم استحق الجواب وحُذف جواب القسم استغناء بجوابه، سواء سبق ذو خبر(2)، كقولك: زيد إن يقم والله أقم، أو لم [61/أ] يسبق ذو خبر، وقد تقدم في الأمثلة.
وقوله: (إلا إن سبقه) هذا الاستثناء راجع إلى القسم، أي أن القَسَم متى تقدم استحق الجواب، وحُذف جواب الشرط استغناء عنه، إلا إن سبق في الكلام ذو خبر، فإنه يجوز في الكلام(3) ترجيح الشرط بجعل الجواب له، وإن كان مؤخرا، كقولك: زيد والله إن تقم يقم معك(4). ولا يتعين أن تقول: (ليقومن) جوابا للقسم(5).
تنبيهات:
الأول: جعْلُه (إنْ قمتَ أقومُ) على سبيل(6) التقديم والتأخير، وأن جواب الشرط محذوف، وأن (أقوم) هو دليل الجواب، وهو مؤخر من تقديم هو مذهب سيبويه(7).
وذهب الكوفيون(8) والمبرد(9) إلى أنه الجواب بتقدير الفاء.
__________
(1) أي جواب القسم، للاستغناء عنه بجواب الشرط.
(2) المراد بذي الخبر ما يطلب خبرا، سواء أكان مبتدأ أم اسما لكان أم اسما لإنّ.
(3) قوله: (في الكلام) ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج).
(4) كلمة (معك) زيادة من (ج).
(5) وسبب ذلك أن سقوط الشرط مخل بمعنى الجملة التي هو منها، بخلاف القسم فإنه مسوق لمجرد التأكيد، فجعل الجواب للشرط عند تقدم ذي خبر أولى. ينظر التصريح2/253.
(6) في (أ): (على تقدير) والمثبت من (ب) و (ج) وهو الأولى.
(7) نص على ذلك في الكتاب 3/66 فقال: (وقد تقول: إن أتيتني آتيك، أي آتيك إن أتيتني) .
(8) ينظر معاني القرآن للفراء 1/232 وهمع الهوامع 1/62.
(9) ينظر المقتضب 2/ 69، 70.(8/2)
وذهب قوم(1) إلى أنه ليس على التقديم والتأخير، ولا على تقدير الفاء بل لأنه (2) لما لم يظهر لأداة الشرط تأثير في فعل الشرط، لكونه ماضيا ضعف عن العمل في الجواب.
الثاني: منعه (إن تقمْ أقومُ) في النثر يقتضي جوازه في الشعر(3).
وقيل: إنه خاص بالضرورة، كما قدمنا(4). وبه صرح في بعض نسخ التسهيل(5). ووقع في بعضها أنه قليل، ويوافق هذه النسخة قولُه في شرح الكافية(6): (وقد يجيء الجواب مرفوعا والشرط مجزوم، ومنه قراءة طلحة ابن سليمان(7) {أينَمَا تَكُونُوا يُدْركُكُمْ الموتُ} (8). واختلفوا في تخريج الرفع في ذلك.
فذهب المبرد(9) إلى أنه على حذف الفاء مطلقا. وفصّل سيبويه(10) بين أن يكون قبله ما يمكن أن يطلبه(11) فيكون على التقديم والتأخير أو لا(12)، فيكون على حذف الفاء، وجوّز عكس ذلك(13).
__________
(1) منهم الرضي الاستراباذي، فإنه اختار هذا القول، في شرح الكافية 2/262.
(2) في (ب) و (ج): (بل إنه).
(3) أي وقوعه في الشعر دون ضرورة تدعو إليه.
(4) تقدم هذا القول في ص 619.
(5) تسهيل الفوائد ص 237، وينظر المساعد لابن عقيل 3/150، 151.
(6) شرح الكافية الشافية 3/1590.
(7) هو طلحة بن سليمان السّمان، مقرئ متصدر، وله شواذ تُروى عنه.
تنظر ترجمته في غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري 1/341.
(8) من الآية 78 من سورة النساء.
تخريج هذه القراءة في شواذ القرآن لابن خالويه ص 27 والمحتسب1/193.
(9) ينظر المقتضب72/2.
(10) ينظر الكتاب 3/67، 68.
(11) مراده بما يمكن أن يطلبه أن يكون في الجملة مبتدأ، نحو (والمرء عند الرُّشا إن يلقها ذيب) أو اسم إن، كما تقدم في قوله: (إنك إن يصرع أخوك تصرع).
(12) أي لم يكن في الجملة ما يطلبه، نحو (من يأتها لا يضيرها).
(13) قال في الكتاب 3/71: (ولو أريد به حذف الفاء لجاز) وينظر أيضا 3/68.(8/3)
وقيل: إن كانت الأداة اسم شرط فعلى إضمار الفاء، وإلا فعلى التقديم والتأخير(1).
إذا علمت ذلك فلا يظهر تعليل امتناع هذه الصورة(2) إلا على القول الثالث في الأولى(3)، وهو أنه لما لم يظهر لأداة الشرط(4) تأثير في الماضي ضعف عن العمل في الجواب. [61/ب] فليتأمل ذلك.
التنبيه الثالث: تصريحه بترجيح جعل الجواب للشرط مع تأخره عند تقدم ذي خبر هو مذهب ابن عصفور(5) وجماعة(6). وهو مقتضى كلام ابن مالك في الخلاصة(7). ونص في التسهيل(8) والكافية(9) على أن ذلك على سبيل التحتّم.
الرابع: ظاهر كلامه أنه لا يجوز جعل الجواب للشرط المؤخر مع عدم تقدم ذي خبر، وهو موافق للجمهور(10) في ذلك.
وجوّزه الفراء(11) وتبعه ابن مالك(12)، استدلالا بنحو قوله:
130- لئن كان ما حُدّثته اليوم صادقا
__________
(1) ذكر هذا القول أبو حيان في الارتشاف 2/555 ولم يعين قائله.
(2) وهي فيما إذا كان الشرط مجزوما والجواب مرفوعا، نحو (إن تقم أقوم).
(3) أي في الصورة الأولى التي تقدمت ص 621.
(4) في (أ) و (ج): (لفعل الشرط) وهو خطأ صوابه من (ب).
(5) ينظر شرح الجمل لأبن عصفور 529/1. 530.
(6) ينظر ارتشاف الضرب 2/490.
(7) وهي المعروفة بالألفية، سميت بالخلاصة لأنه استخلصها من الكافية الشافية، قال:
وإن تواليا وقبل ذوخبر..... فالشرط رجح مطلقا بلا ضرر
أي إن توالى الشرط والقسم وسبقهما ذو خبر فرجح كون الجواب للشرط مطلقا.
(8) قال في التسهيل ص 153: (وإذا توالى قسم وأداة شرط غير امتناعي استغني بجواب الأداة مطلقا، إن سبق ذوخبر). وقال في ص 239: (ويتعين ذلك إن تقدمهما ذو خبر).
(9) شرح الكافية الشافية 2/888 و3/1616.
(10) مذهب الجمهور أنه إذا اجتمع شرط وقسم ولم يتقدم ذو خبر فالجواب للمتقدم منهما، ولا يجوز جعله للمتأخر.
ينظر التصريح 2/254 وهمع الهوامع 2/43.
(11) ينظر معاني القرآن للفراء1/67 وما بعدها و 2/130، 131.
(12) شرح الكافية الشافية 2/ 889- 891 و3/1616.(8/4)
أصم في نهار القيظ للشمس باديا(1)
فجعل الجواب، وهو (أصُمْ) للشرط، بدليل جزمه، مع تأخره عن القسم الذي آذنت به اللام، ولم يتقدم ذو خبر.
وأجاب الجمهور عن ذلك بأنه ضرورة، أو اللام(2) زائدة(3).
ص: وجزم ما بعد فاء أو واو من فعل تالٍ للشرط أو الجواب قويّ، ونصبه ضعيف، ورفع تالي الجواب جائز.
ش: إذا جاء فعل عَقِب واو أو فاء بعد الشرط وقبل الجواب، أو بعد الشرط والجواب معا جاز في ذلك الفعل وجهان:
أحدهما قوي، وهو الجزم، عطفا على الشرط في الأول(4)، وعلى الجواب في الثاني(5).
وثانيهما ضعيف، وهو النصب بإضمار (أن) وجوبا(6).
__________
(1) البيت من الطويل، وقد نسبه الفراء لامرأة من بني عقيل.
ينظر معاني القرآن للفراء 1/67 و 2 /131 وشرح الكافية الشافية 1/892 ومغني اللبيب 312 والمساعد 3/176 والعيني 4/438 والتصريح 2/254 وهمع الهوامع 2/43 والأشموني 4/29 وخزانة الأدب 11/336.
والشاهد قوله: (أصم) حيث جاء مجزوما على أنه جواب للشرط المؤخّر ولم يتقدم ذو خبر. ولم يجعله جوابا للقسم. وهذا على مذهب الفراء وابن مالك.
(2) من قوله: (ولم يتقدم) إلى هنا ساقط من (أ). وأثبته من: (ب)، و(ج).
(3) أي اللام التي قبل الشرط في قوله: (لئن)، فلا يكون هنا قسم.
ينظر توضيح المقاصد للمرادي 4/ 262 والتصريح 2/2540 والأشموني 4/30.
وأقول: إن كثرة الشواهد الشعرية التي وردت في هذا الباب ترجح مذهب الفراء وابن مالك، ولا يمكن تأويلها جميعا أو حملها على الضرورة لكثرتها.
تنظر هذه الشواهد في شرح الكافية الشافية لابن مالك 2/889.
(4) وهو فيما إذا كان الفعل بعد الشرط وقبل الجواب، نحو (إن تستذكرْ وتجتهدْ تنجحْ).
(5) وهو فيما إذا كان الفعل بعد الجواب، وسيأتي التمثيل لها.
(6) وسبب ضعفه أنه لم يتقدم على الفاء أو الواو طلب حتى ينصب الفعل في جوابه.(8/5)
وإنما أضمرت (أن) في ذلك، لأن مضمون الجزاء والشرط(1) لم يتحقق فأشبه الاستفهام(2).
ويختص(3) الواقع بعد الجواب بوجه آخر، وهو الرفع على الاستئناف، ولا يجوز ذلك فيما بعد الشرط، لأنه يمتنع الاستئناف قبل مجيء الجواب.
وحاصل ذلك أن الفعل المقرون بواو أو فاء إذا وقع بعد الشرط والجزاء جاز فيه الثلاثة(4)، وإذا وقع بينهما يجوز فيه الوجهان(5).
تنبيهان:
أحدهما: قوله: (الجواب) (6) يشمل المجزوم وغيره(7) وقد قرئ بالأوجه(8) الثلاثة قوله تعالى: {ويُكَفِّرْ}(9) بعد قوله تعالى {وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}(10).
__________
(1) كذا ورد قوله: والشرط هنا والظاهر أنه كتب سهوا، إذ لا معنى له هنا وقد خلت كتب النحو الأخرى منه في هذا الموضع.
(2) أي فأشبه الواقع بعده الواقع بعد الاستفهام، كما في توضيح المقاصد 4/255.
(3) في (أ): (ومختص) والمثبت من (ب) و (ج)، وهو الأولى.
(4) أي الأوجه الثلاثة الجزم والنصب والرفع، وقد قرىء بجميع ذلك في قوله تعالى: {إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر.} بجزم (يغفر) ونصبه ورفعه، فالجزم عطفا على الجواب والنصب بإضمار (أن) والرفع على الاستئناف.
(5) أي الجزم والنصب، ويمتنع الرفع، نحو (من يصبر ويحتسب يُثب).
(6) في (أ): (للجواب) والمثبت من (ب) و (ج).
(7) يقصد بغير المجزوم غير المجزوم لفظا كالجملة الاسمية الواقعة جوابا لشرط جازم.
(8) في (ب) و (ج): (وقد روي بالأوجه).
(9) فقد قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وابن عامر ويعقوب بالرفع على الاستئناف، وقرأ نافع وحمزة والكسائي وأبو جعفر وخلف بالجزم عطفا على محل (فهو خير لكم)، وقرأ الأعمش بالنصب على إضمار (أنْ).
ينظر كتاب السبعة لابن مجاهد ص 191 والتذكرة في القراءات لابن غلبون 2/342 والنشر لابن الجزري 2/236 وإتحاف فضلاء البشر 165.
(10) من الآية 271 من سورة البقرة.(8/6)
التنبيه الثاني: ألْحَقَ الكوفيون(1) (ثُم) بالواو والفاء فأجازوا النصب بعدها، [62/أ] واستدلوا بقراءة الحسن(2){وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ}(3).
وزاد بعضهم(4) (أو).
ص: باب في عمل الفعل، كل الأفعال ترفع إما الفاعل أو نائبه أو المشبّه به. وتنصب الأسماء إلا المشبه بالمفعول به مطلقا، وإلا الخبر والتمييز والمفعول المطلق فناصبها الوصف والناقص والمبهم المعنى أو النسبة والمتصرف التام ومصدره ووصفه.
ش: هذا الباب عقده المصنف لبيان عمل الأفعال، وكيفية عملها فذكر أن الأفعال كلها ترفع. وذلك لأنها أبداً مسندة فلابد لها من مسند إليه ضرورة توقف الإسناد على تحقق الطرفين(5).
والمسندة هي إليه إما الفاعل فيما بني له(6)، ك(قَعَدَ زيدٌ) و(ماتَ عمرٌو) أو نائبه فيما بني الفعل له، ك(ضُرِب زيدٌ) و (قُتِل عمرٌو). أو المشبّه بالفاعل(7)، وهو مرفوع (كان) وأخواتها، نحو كان زيدٌ قائماً وأمسى زيد مقيما(8). فإنها ترفع المبتدأ، كما تقدم تشبيها بالفاعل، ويسمى اسمها.
__________
(1) ينظر مجالس ثعلب 1/267 وشرح الكافية الشافية 3/1607 وهمع الهوامع 2/15.
(2) الحسن بن يسار البصري، من كبار التابعين كان إمام زمانه علما وعملا، توفي سنة 110ه. ينظر غاية النهاية 1/235 وشذرات الذهب 1/136.
(3) من الآية 100 من سورة النساء.
قراءة الحسن هذه في المحتسب لابن جني 1/197 والبحر المحيط 3/337.
(4) أي بعض النحاة، ولم أعثر على قائل هذا القول. ينظر الارتشاف2/420.
(5) وهما المسند والمسند إليه.
(6) في (أ): (فيما بني إليه). صوابه من (ب) و (ج).
(7) كان سيبويه- رحمه الله- يسمّي، اسم كان وأخواتها فاعلا لأنه اسم تقدمه فعل وأسند إليه. ينظر الكتاب 1/49، 50 (هارون).
(8) في (أ): (وأمسى عمرو زيد مقيما)، والمثبت من (ب) و (ج).(8/7)
فجميع مرفوعات الفعل منحصرة في هذه الثلاثة، الفاعل ونائبه ومشبهه(1) بمعنى أن كل مرفوع(2) منها له رافع خاص من الأفعال لا يرفعه غيره(3) لا أن كل فعل(4) يرفع كل واحد من الثلاثة.
ثم ذكر أن الأفعال كلها تنصب الأسماء، أي جميع الأسماء إلا ما استثنى من ذلك. وهو(5) أنواع:
منها المشبّه بالمفعول به (6)، فإنه من جملة الأسماء المنصوبة؛ ولا ينصبه الفعل بل الوصف، إذ لو نصبه فعل لكان مفعولا به، لا مشبها به. فلا عمل فيه للفعل أصلا، بخلاف غيره مما استثني فيعمل فيه بعض الأفعال دون بعض.
فقوله فيه (7): (مطلقا) دون غيره من المستثنيات إشارة إلى ذلك.
ومنها الخبر، فلا ينصبه كل فعل، بل لا ينصبه إلا الفعل الناقص الذي هو (كان) وأخواتها (8).
ومنها التمييز، فلا ينصبه كل فعل، بل قد ينصبه الاسم المبهم ك(رطل زيتا) فالعامل في (زيتا) النصب هو [62/ب] المبهم الذي هو (رطل). وقد ينصبه الفعل المبهم النسبة ك(طبت نفسا). فالعامل في (نفسا) هو الفعل الذي هو (طبت) (9).
__________
(1) أي مشبه الفاعل، وهو مرفوع (كان) وأخواتها وكذلك مرفوع أفعال المقاربة.
(2) في (ب): (أن كل واحد منها مرفوع)، وفي (ج): (أن كل واحد مرفوع).
(3) في (ب): (ما لا يرفعه غيره).
(4) في (أ): (ولأن كل فعل)، صوابه من (ب) و (ج).
(5) أي المستثنى من ذلك.
(6) وهو المنصوب بالصفة المشبهة، كقولك: جاء الحسن الوجه، بنصب الوجه.
(7) أي في المشبه بالمفعول به.
(8) كقولك: كان زيد مسافرا وأصبح محمد مقيما.
(9) وقد تقدم الكلام على ذلك بالتفصيل في باب التمييز .(8/8)
ومنها المفعول المطلق فناصبه ليس إلا الفعل المتصرف التام لا الناقص، أو مصدره، أو الوصف المشتق من مصدره، ك(ضربت ضربا)(1) وقوله تعالى(2): {فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ}(3) وقوله:{وَالصَّافَّاتِ صَفّاً}(4).
ومنها المفعول به، فإنه لا ينصبه كل فعل، بل الأفعال بالنسبة إليه على سبعة أقسام، كما سيأتي(5).
وقد ظهر أن في كلام المصنف لفا ونشرا مرتبا(6).
وعلم من كلامه أيضا أن الحال والمستثنى والمفعول له والمفعول معه والمفعول فيه يعمل فيها(7) كل فعل، سواء كان قاصرا أو متعديا. تامّا أو ناقصا، جامدا أو متصرفا(8). والله أعلم.
__________
(1) هذا مثال للمفعول المطلق المنصوب بالفعل المتصرف التام.
(2) ساقطة من (أ). وأثبتها من (ب) و (ج).
(3) من الآية 63 من سورة الإسراء، وهي مثال للمفعول المطلق المنصوب بالمصدر.
(4) الآية 1 من سورة الصافات، وهذا مثال المفعول المطلق المنصوب بالوصف المشتق من المصدر.
(5) سيأتي بيان هذه الأقسام بعد قليل، وذلك في قوله: (وإلا المفعول به..).
(6) اللف والنشر من أنواع البديع، وتعريفه (هو ذكر متعدد على سبيل التفصيل أو الإجمال، ثم ذكر ما لكل واحد من غير تعيين ثقة بأن السامع يرده إليه). الإيضاح في علوم البلاغة للقزويني 366 ويكون مرتبا إذا ذكر ما لكل واحد على الترتيب. وقد ظهر هذا في كلام المصنف حين قال في الشذور ص 24: (إلا المشبه بالمفعول به مطلقا و إلا الخبر والتمييز والمفعول المطلق فناصبها الوصف والناقص والمبهم المعنى أو النسبة والمتصرف التام ومصدره ووصفه). فناصب المشبه بالمفعول به هو الوصف وناصب الخبر هو الناقص وناصب التمييز هو المبهم وناصب المفعول المطلق هو المتصرف التام أو مصدره أو وصفه.
(7) في (أ): (يعمل في) و في (ج): (يعمل فيه) والتصويب من (ب).
(8) هذه الأسماء الخمسة تنصبها جميع أنواع الأفعال، تقول: جاء زيد راكبا، وقابلت القوم إلا زيدا، وتصدقت تقربالله، وحضرت اليومَ، و سرت والجبلَ.(8/9)
ص: وإلا المفعول به، فإنها بالنسبة إليه سبعة أقسام، مالا يتعدى إليه أصلا، كالدال على حدوث ذات، ك( حَدَث) و(نبت) أو صفة حسية، ك(طال) و(خلق) [أو عَرَض، ك( مرض) و(فرح)](1) وكالموازن لانفعل(2)، ك(انكسر) أو فَعُل، ك(ظرُف) أو فَعَل أو فَعِل اللذين وصفهما على (فعيل) نحو (ذلّ) و(سمِن) وما يتعدى إلى واحد دائما بالجار،ك( غضب) و(مرّ).
ش: لما تقدم أن المفعول به لا ينصبه كل فعل، وأن الأفعال بالنسبة إليه على سبعة أقسام، أخذ في بيان تلك الأقسام. وتضمن هذا الكلام ذكر قسمين منها
القسم الأول ما لا يصل إلى المفعول أصلا، لا بنفسه ولا بواسطة حرف الجر(3).
والقسم الثاني ما يتعدى إلى المفعول به بواسطة الجارّ. وذلك كغضب ومرّ، تقول: غضبت من زيد ومررت به.
وكلا القسمين يسمى في الاصطلاح لازما وغير متعدّ وقاصرا.
ويعرف اللازم بأمور، منها ما يرجع إلى المعنى و منها ما يرجع إلى اللفظ.
فمما يرجع إلى المعنى الدلالة الدالة(4) على حدوث ذات، ك(حدث المطر) و (نبت الزرع).
ومنها الدلالة الدالة(5) على حدوث صفة حسية، ك( طال زيد) و (خَلِق الثوب) واحترز بالحسية عن المعنوية، [63/أ] ك( عَلِمَ) و(فَهِمَ) فإنه متعد(6) تقول: علم النحو وفهم المسألة.
__________
(1) ما بين المعقوفين ساقط من النسخ، وأثبته من شذور الذهب ص 25.
(2) في (أ): (وكالموازن انفعل)، والمثبت من (ب) و (ج) والشذور.
(3) نلحظ أن الشارح لم يمثل هنا لهذا القسم، وقد مثل له المصنف بقوله: حَدَث ونبتَ.
(4) كلمة (الدالة) ساقطة من (أ)، وأثبتها من (ب) و (ج).
(5) الدالة) زيادة من (ب).
(6) علم) الذي بمعنى (عرف) متعد لواحد، كما مثل له الشارح والذي بمعنى (تيقن) متعد لاثنين، نحو علمت زيدا فاضلا. أما (فهم) فهو متعد لواحد.(8/10)
وما(1) يرجع إلى اللفظ أن يكون الفعل على وزن (انفعل) ك(انكسر) و(انجبر) أو على وزن (فَعُل) بضم العين ك(ظرف) و(شرف)(2). أو على وزن. (فعَل) بفتح العين، أو على وزن (فعِل) بكسر العين. بشرط أن يكون الوصف من هذين الوزنين على (فعِيل) (3).
مثال الأول (ذَل) لقولهم: يذِلّ، بكسر الذال(4).
ومثال الثاني (سَمِن).
وقد جاء وصف الفاعل منهما على(فعِيل) فقيل: ذليل وسمين.
ومما يدل على اللزوم أيضا - غير ما ذكر المصنف هنا كون الفعل لا يبنى منه اسم مفعول تام، أي مستغن عن صلة(5)، نحو (خرج) فإنه لا يقال: مخروج، بل: مخروج به. وكونه لا يتصل به ضمير غير المصدر، فلا تقول: زيد خرجه عمرو، وإنما يقال: الخروج خرجه عمرو.
وكونه يدل على عَرَض(6)، وهو ما ليس حركة جسم من وصف غير ثابت ك(مَرِض) و(كسِل) و(نهِم) إذا شبع(7).
__________
(1) كذا في النسخ.
(2) وتسمى هذه الأفعال أفعال السجايا، ومثلها (جَبُن) و(شَجُع) و(حَسُن).
(3) هذا الشرط احتراز من نحو (ضرب) و (علِم) لأن الوصف منهما ليس على (فعيل) فهما متعديان.
(4) أي في المضارع فدل ذلك على أن الماضي منه على وزن (فَعَل) لأن عين المضارع تخالف عين الماضي غالبا.
(5) في (ج): (عن صفة) و المراد بالصفة هنا الجار والمجرور، وهذا مصطلح كوفي، ينظر معاني القرآن للفراء1/119. وعبارة ابن مالك في ذلك أدق حيث قال في شرح الكافية 2/629: ((والمراد بالتمام الاستغناء عن حرف جر)).
(6) زاد العلماء أيضا ما دل على نظافة ك(نظُف) أو على دنس، ك(نَجُس) أو على مطاوعة نحو كسرته فانكسر. ينظر التصريح1/310.
(7) ينظر أوضح المسالك لابن هشام 2/15 والتصريح 1/310.(8/11)
وأن يكون موازنا ل(افعللّ) كاكْوهدّ(1) الفرخ إذا ارتعَد، أو ل(افعنلل) ك(احرنجم) و(اقعنسس)(2). أو ل(افعنلى) كاحرنْبَى الديك(3).
تنبيه:
جعل المصنف العلامات(4) التي ذكرها دالة على النوع الأول من نوعي اللازم، وهو ما لا يصل إلى المفعول به أصلا، لا بنفسه ولا بحرف جر صرّح بذلك في المتن والشرح(5). وضم في غيرهما(6) إليها ما ذكرناه زيادة على ما ذكره هنا.
وجعل الجميع دالاًّ على مطلق اللزوم(7). وهذا يفيد علامة النوع الثاني التي لم يذكرها هنا.
ص: أو دائما بنفسه كأفعال الحواسّ، أو تارة وتارة ك(شكر) و(نصح) و(قصد) وما يتعدى [له] (8) بنفسه تارة ولا يتعدى إليه أخرى، ك(فغر) و(شحا) وما يتعدى إلى اثنين، فإما أن يتعدى إليهما تارة ولا يتعدى أخرى، ك(نقص) [وزاد](9). أو يتعدى إليهما دائما، فإما ثانيهما كمفعول [63/ب] شكر، ك(أمر) و(استغفر) واختار وصدق وزوّج وكنى وسمّى،ودعا بمعناه(10) و(كال) و(وزن) أو أولهما فاعل في المعنى ك(أعطى) و(كسى)(11). أو أولهما وثانيهما مبتدأ وخبر في الأصل.
__________
(1) اكوهدّ على وزن افْوَعَلّ، وقيل: وزنه افعلَّل ينظر الأفعال للسرقسطي 2/204 .
(2) احرنجم بمعنى اجتمع واقعنْسس بمعنى امتنع. ينظر لسان العرب 6/178 و 12/130 (قعس) و (حرجم).
(3) ساقطة من (ب) و احرنبى الديك أي نفش ريشه وتهيأ للقتال. ينظر المنصف لابن جني 3/14 ولسان العرب 1/307.
(4) في (ب) و (ج): (ا لعلامة).
(5) شرح شذور الذهب لابن هشام ص 354، 355.
(6) أي في غير شذور الذهب وشرحه وذلك في كتابه أوضح المسالك 2/15.
(7) أي سواء أكان لازما لا يصل إلى المفعول به أصلا أم كان لازما يصل إليه بحرف.
(8) قوله: (له) ساقط من النسخ وأثبته من شذور الذهب ص 25.
(9) سقطت من النسخ وأضفتها من شذور الذهب ص 25.
(10) أي بمعنى (سمّى) وسيأتي بيان معاني هذه الكلمات.
(11) في (أ): (وكنا)، ومن قوله: (أو أولهما...) إلى آخره ساقط من (ب).(8/12)
ش: شرع في ذكر ما بقي من أقسام الأفعال بالنسبة إلى المفعول. وقد تقدم أنها سبعة، ذكر منها فيما سبق قسمين، وبقي خمسة.
القسم الثالث من الأفعال ما يتعدى إلى المفعول به بنفسه دائما، وذلك كأفعال الحواس الخمس.
السمع(1)، تقول: سمعت كلام زيد، قال الله تعالى: {حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ}(2).
والبصر، تقول: رأيت الهلال، قال الله تعالى:{يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ}(3) والشم، تقول: شممت الطيب(4).
والذوق، تقول: ذقت الطعام، قال الله تعالى: {لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ}(5).
واللمس، تقول: لمست الثوب، قال الله تعالى: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ}(6).
القسم الرابع: ما يتعدى بنفسه إلى المفعول تارة، وبواسطة حرف الجر أخرى. ك(شكر)(7) تقول: شكرت زيدا وشكرت له، و(نصح) كنصحته ونصحت له و(قصد) كقصدت زيدا(8) وقصدت له وقصدت إليه(9).
__________
(1) قال ابن السيد في كتابه الحلل في شرح أبيات الجمل ص 389: (حاسة السمع بمنزلة الحواس الخمس في تعديها إلى مفعول واحد). وهو يرد بذلك على الفارسي الذي زعم أن (سَمع) إذا وقع على مالا يسمع تعدى إلى مفعولين، نحو سمعت زيدا يقول كذا.
(2) من الآية 6 من سورة التوبة، وفي (أ): (قال تعالى) في هذا الموضع وما بعده.
(3) من الآية 22 من سورة الفرقان.
(4) وفيه لغتان، تقول شَمِمْته أشَمّه وشمَمْته أشُمُّه. لسان العرب 12/325(شمم).
(5) من الآية 56 من سورة الدخان.
(6) من الآية 6 من سورة المائدة.
(7) ساقط من (ب) و (ج).
(8) في (أ): (كقصدت يزيدا) وفي (ب): (كصدت زيدا)، والمثبت من (ج).
(9) أكثر علماء اللغة يرون أن هذه الأفعال تتعدى بنفسها وبحرف الجر وتوصف بالتعدي واللزوم، لاستعمالها بالوجهين. وذهب بعضهم إلى أن أصلها أن تستعمل بالحرف ثم كثر استعمالها بدونه، وقيل أيضا: الأصل فيها التعدية بنفسها وحرف الجر زائد. ينظر لسان العرب 4/423 (شكر) وهمع الهوامع 2/80.(8/13)
القسم الخامس: ما يتعدى إلى المفعول بنفسه تارة، ولا يتعدى، لا بنفسه ولا بحرف الجر تارة أخرى. وذلك كفغرفاه، وشحاه، ومعناهما فتحه. وفغرفوه وشحافوه، ومعناهما انفتح.
قال في الصحاح (1): (يتعدِّيان ولا يتعديان).
القسم السادس: ما يتعدى إلى مفعولين، وهذا القسم أضرب:
ضرب يتعدى إليهما بنفسه تارة ولا يتعدى إليهما أخرى، لا بنفسه ولا بحرف الجر. تقول من الأول(2): نقصت المال دينارا. ومن الثاني (3): نقص المال.وكذلك (زاد).
قال في الصحاح: (تقول: زاد الشيء أي ازداد، وزاده الله خيراً) (4) انتهى. وهو ظاهر في ذلك.
وضرب يتعدى إلى اثنين دائما ويكون ثاني مفعوليه (5) كمفعول (شكر) يصل إليه بنفسه تارة وبحرف الجر أخرى.
[64/أ] ووقع في بعض نسخ الشرح(6) (ما ثاني مفعوليه كثاني مفعول(7) شكر) والصواب (كمفعول شكر) كما عبّرنا.
فمنه (أمر) تقول أمرتك الخير(8)
__________
(1) عبارة الجوهري في الصحاح 2/782: فغر فاه أي فتحه وفغرفوه أي انفتح، يتعدّى ولا يتعدى. وينظر أيضا الصحاح 6/2390.
(2) وهو ما يتعدى إلى المفعولين بنفسه، (كنقص).
(3) وهو ما لا يتعدى إلى المفعولين لا بنفسه ولا بحرف الجر من الضرب الأول.
(4) الصحاح 2/481.
(5) في (ج): (مفعوله) وهو تحريف.
(6) الذي في شرح الشذور المطبوع ص 357: (ما ثاني مفعوليه كمفعول شكر).
(7) في (ب) و(ج): (كمفعولي شكر).
(8) كقول الشاعر:
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به فقد تركتك ذا مال وذا نشب.(8/14)
وبالخير. و(استغفر) تقول: استغفرت الله ذنبا ومن ذنب. و (اختار) تقول: اخترت زيدا القوم(1) ومن القوم. و(صدق) تقول: صدقته الحديث وفي الحديث. و(زوّج) تقول: زوّجته هندا وبهند. و (كنَى) بتخفيف النون، تقول: كنيته أبا عبد الله وبأبي عبد الله (2). و(سمّى) تقول: سمّيته محمدا وبمحمد. و (دعا) بمعنى (سمّى) تقول: دعوته زيدا وبزيد. و(كال) تقول: كلت زيداً طعامه (3) ولزيد طعامه. و(وزن) تقول: وزنت زيدا دراهمه ولزيد دراهمه.
وقد يتبادر إلى الفهم أن (زيدا) في هذين التركيبين هو المفعول الأول(4) فيكون مما دخل الحرف فيه على الأول، لا على الثاني، فلا يكون من باب الأفعال التي قبله. وليس كذلك، فقد نص المعربون(5) كما ذكره المصنف في الشرح(6) على أن المحذوف في قوله تعالى {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ}(7) هو المفعول الأول. انتهى.
وكأن أصل هذا التركيب، والله أعلم كالوا الطعام للناس ثم توسع(8) فيه بحذف الجار. فلأجل ذلك جعل المحذوف من الآية المفعول الأول الذي هو الطعام.
وضرب يكون أول مفعوليه فاعلا في المعنى، نحو كسوته جبّة و أعطيته درهما فالأول فاعل وآخذ(9).
__________
(1) ومنه قوله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً}.
(2) ينظر اللغات الواردة في ذلك في لسان العرب 15/233 (كنى).
(3) في (ب): (وأكل، تقول: أكلت زيدا طعامه) وهو تحريف.
(4) لأنه وقع متقدما في الكلام.
(5) المراد بالمعربين هنا المعربون للقرآن الكريم. ينظر إعراب القرآن للنحاس 5/174 والتبيان في إعراب القرآن 2/1276.
(6) شرح شذور الذهب ص 376.
(7) الآية 3 من سورة المطففين.
(8) في (ب) و (ج): (ثم توسعوا).
(9) أي أن المفعول الأول فاعل معنى لا إعرابا، لأنه في المثال الأول هو اللابس للجبة وفي الثاني هو الآخذ للدرهم.(8/15)
وضرب يكون مفعولاه في الأصل مبتدأ وخبرا (1) ك(ظننت زيداً قائما). فإن أصل مفعوليه (زيد قائم) وهما مبتدأ (2) وخبر.
وقد أخذ في تفصيل القول فيه، فقال:
ص: وهو أفعال القلوب، (ظنّ) لا بمعنى (اتّهم) وعَلِِم لا بمعنى عرف، ورأى لا من الرأي، ووجد لا بمعنى حزن أو حقد وحجا لا بمعنى قصد، وحسب وزعم وخال وجعل ودرى في لغيّة. وهبْ وتعلم، بمعنى اعلم ويلزمان الأمر. وأفعال التصيير،ك(جعل) وتخذ (3) و(اتخذ) و(رد) و(ترك).
ش: يعني [64/ب] أن الذي يتعدى إلى مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر منه ما يسمى أفعال القلوب، ومنه ما يسمى أفعال التصيير.
وإنما قيل للأول ذلك لأن معانيه قائمة بالقلب(4). وقيل للثاني أفعال التصيير لأنها للتحويل من حالة إلى حالة ك(صيرت الطين خَزَفا)، فأردت انتقاله عن الطينية إلى الخزفية.
فقوله: (وأفعال التصيير) مرفوع عطفا على قوله: (أفعال القلوب).
__________
(1) هذا قول الجمهور، ووافقهم السهيلي. ينظر نتائج الفكر ص 339 والتصريح 1/246.
(2) من قوله: (وخبرا...) إلى هنا ساقط من (أ)، وأثبته من (ب) و (ج).
(3) قوله: (وتخذ) ساقط من (ب) و (ج).
(4) ينظر شرح الأشموني 2/19 وحاشية العدوي على الشذور 2/130.(8/16)
فمن أفعال القلوب (ظنّ) لا بمعنى (اتّهم) فإنها إذا كانت بمعنى (اتّهم) تعدت إلى واحد فقط(1)، كقوله: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِينَ}(2) أي بمتهم. وترد لليقين، كقوله تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ}(3) وللرجحان، وهو الغالب فيها، كقوله:
131- ظننتك إن شبّت لظى الحرب صاليا(4) .... .....
ومنها (عَلِم) لا بمعنى عَرَف، فإنها إذا كانت بمعنى (عَرَف) تتعدى إلى واحد، نحو قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئا}(5). وترد لليقين، وهو الغالب فيها، كقوله: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}(6) وللرجحان، كقوله: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ}(7).
__________
(1) وهذا من باب التضمين، حيث ضمن (ظن) معنى (اتّهم) فتنصب مفعولا واحدا. ينظر كتاب سيبويه 1/126- هارون.
(2) الآية 24 من سورة التكوير. قرىء (بظنين) بالظاء المشالة بمعنى (بمتهم) وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو والكسائي ورويس، وقرىء (بضنين) بالضاد أي (ببخيل) وهي قراءة نافع وعاصم وابن عامر وحمزة وأبي جعفر ويعقوب وخلف. ينظر السبعة لابن مجاهد 673 والتذكرة لابن غلبون 2/756 والنشر لابن الجزري 2/398.
(3) من الآية 46 من سورة البقرة.
(4) صدر بيت من الطويل، ولم ينسبه أحد فيما اطلعت عليه، وعجزه:
....... ........ ... فعردت فيمن كان عنها معرّدا
صاليا: داخلا فيها، عرّدت: فررت، معرّدا: هاربا.
وقد ورد البيت في شرح التسهيل لابن مالك [78/ أ] وشفاء العليل 1/394 والعيني 2/ 381 والتصريح 1/ 248 والأشموني 2/21.
والشاهد فيه استعمال (ظن) للرجحان، وهو الأصل فيها، وقد نصبت مفعولين الأول (الكاف) والثاني (صاليا).
(5) من الآية 78 من سورة النحل.
(6) من الآية 19 من سورة محمد صلى الله عليه وسلم.
(7) من الآية 10 من سورة الممتحنة.(8/17)
ومنها ( رأى) لا من الرأي أي المذهب. فإنها إذا كانت منه تعدت إلى واحد، كقولك: رأى أبو حنيفة(1) حل كذا(2) ورأى الشافعي(3) حرمته. وهي مثل (علم) في كونها يغلب استعمالها في اليقين.
وتستعمل(4) في الرجحان، ويجمعهما قوله تعالى: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيباً}(5).
منها (وَجَد) لا بمعنى حزِن، ولا بمعنى حقد(6). فإنها إذا كانت بأحد المعنيين لا تتعدى. وهي تفيد في الخبر يقينا، قال تعالى: {تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً}(7).
ومنها (حجا) لا بمعنى قصد. لأنها إذا كانت بمعنى قصد تعدت لواحد، نحو حجوت بيت الله، أي قصدته(8).
وهي [65/أ] تفيد في الخبر رجحانا، كقوله:
132- قد كنت أحجو أبا عمرو أخا ثقة
حتى ألمت بنا يوما ملمات(9)
__________
(1) هو النعمان بن ثابت، المعروف بأبي حنيفة، إمام المذهب الحنفي كان من كبار العلماء في الفقه، نشأ بالكوفة، وتوفي ببغداد سنة 150ه.
ينظر شذرات الذهب 1/227 والأعلام 8/36.
(2) في (ب) و (ج): (حلّية كذا) والثابت الأول. جاء في اللسان 11/167: (الحل والحَلال والحِلال والحَليل، نقيض الحرام).
(3) هو محمد بن إدريس الشافعي القرشي، إمام المذهب الشافعي، وأحد الأئمة الأربعة، توفي بمصر سنة 204ه.
ينظر سير أعلام النبلاء7/147 والأعلام 6/26.
(4) أي رأى.
(5) الآيتان 6 و 7 من سورة المعارج. فهي في قوله: (يرونه) للرجحان أي يظنونه، وفي قوله: (نراه) لليقين.
(6) يقال: وَجَد زيد إذا حزن ومصدره الوجد، وهو لازم، ويقال: وجد زيد إذا حقد والمصدر. مَوجدة، وهو أيضا لازم. ينظر التصريح1/250.
(7) من الآية 20 من سورة المزمل.
(8) ينظر لسان العرب 14/166 (حجا).
(9) البيت من البسيط، وهو لأبي شبل الأعرابي، يهجو أبا عمرو الشيباني وقيل: هو لتميم بن مقبل. ولم يرد عجز البيت في (أ) وهو ثابت في (ب) و (ج).
أحجو: أظن، ملمات: جمع ملمة وهي المصيبة.ينظر معجم الأدباء 6/80.
والبيت من شواهد شرح الكافية الشافية 2/543 وشرح الألفية لابن الناظم ص 199 وتخليص الشواهد ص 440 والعيني 2/376 والتصريح 1/248 والأشموني 2/23 والدرر اللوامع 2/237.
والشاهد فيه نصب (أحجو) لمفعولين أولهما (أبا عمرو) وثانيهما (أخاً ثقةً) وهي هنا تفيد الرجحان. ويروى (أخا ثقة) بالتنوين.(8/18)
ومنها(حسِبَ) وترد لليقين، كقوله:
133- حسبت التقى والجود خير تجارة(1) ... ... ...
وللرجحان، وهو الغالب فيها(2)، كقوله:
134- وكنّا حسبنا كلَّ بيضاء شحمةً
عشية لاقينا جذامَ وحِمْيرا (3)
ومنها (زعم) وتفيد في الخبر رجحانا، كقوله:
135- زعمتني شيخا ولست بشيخ..... إنما الشيخ من يدبّ دبيبا(4)
__________
(1) صدر بيت من الطويل، وقائله لبيد بن ربيعة العامري وعجزه:
....... ........ ... رباحا إذا ما المرء أصبح ثاقلا
رباحا: أي ربحا، ثاقلا: ميتا، لأن البدن يثقل إذا فارقته الروح.
والرواية في الديوان: (رأيت التقى والحمد) ينظر ديوان لبيد ص 246.
والبيت في الأضداد لابن الأنباري ص 21 والبحر المحيط 2/134 وارتشاف الضرب 3/59، والعيني 2/384 والتصريح 1/249 وهمع الهوامع 1/149 وشرح الأشموني 2/21. ولم يرد هذا البيت في (ب).
والشاهد فيه ورود (حسب) لليقين ونصبها لمفعولين أولهما (التقى) وثانيهما (خير).
(2) قوله: (كقوله....) إلى هنا ساقط من (ب) بسبب انتقال النظر.
(3) البيت من الطويل، وهو لزفر بن الحارث الكلابي. ولم يرد عجز البيت في (أ).
وصدر البيت من الأمثال، يقال: لا تحسب كل بيضاء شحمة. وفي (ج): (لاقينا جذاما وحميرا). وجذام وحمير: قبيلتان عربيتان.والبيت من شواهد شرح الألفية لابن الناظم ص 197 ومغني اللبيب 833 وتخليص الشواهد ص 435 وشفاء العليل 1/394 والعيني 2/382 والتصريح 1/249.
والشاهد ورود (حسب) للرجحان وهو المعنى الغالب في استعمالها وقد نصبت مفعولين الأول (كل) والثاني (شحمة).
(4) البيت من الخفيف وهو لأبي أمية أوس الحنفي. ولم يرد عجز البيت في (أ) وأثبته من (ب) و (ج). وهو من شواهد مغني اللبيب ص 775 وتخليص الشواهد ص 428 والعيني 2/379 والتصريح 1/248 وهمع الهوامع 1/148 وشرح الأشموني 2/22.
والشاهد نصب (زعم) لمفعولين الأول ياء المتكلم والثاني (شيخا).(8/19)
والأكثر فيه(1) وقوعه على (أنْ) و (أنّ) و صلتهما، كقوله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا}(2). وقول الشاعر:
136- وقد زعمت أنّي تغيرت بعدها
ومن ذا الذي يا عَزّ لا يتغير(3)
ومنها (خال) وتفيد في الخبر رجحانا، كقوله:
137- إخالك إن لم تغضض الطرف ذا هوى(4) .... ... .... ...
ومنها(5) (جعل) وهو للرجحان كقوله تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا}(6).
ومنها (درى) وهو لليقين(7)، كقوله:
138- دُريت الوفيّ العهد يا عروَ فاغتبط
__________
(1) أي الأكثر في (زعم) استعماله مع (أنْ) و(أنّ) وصلتهما فتسد مسد المفعولين. قال ابن هشام في المغني ص 774: (ولم يقع في التنزيل إلا كذلك).
(2) من الآية 7 من سورة التغابن. و(أن) وما دخلت عليه في تأويل مصدر سد مسد مفعولي زعم والتقدير في الآية (عدم بعثهم).
(3) البيت من الطويل، من قصيدة لكثيرة عزة. وعجز البيت لم يرد في (أ) وهو ثابت في (ب) و (ج). ينظر ديوانه ص 328 قصة هذه الأبيات في خزانة الأدب 5/222. وقد ورد البيت في شرح شذور الذهب ص 359 وتخليص الشواهد ص 428 والعيني 2/380 والتصريح 1/248 وشرح الأشموني 2/22.
والشاهد وقوع (زعم) على (أن) وصلتها فسدت مسد المفعولين وهذا هو الأكثر.
(4) صدر بيت من الطويل، ولم أجد من نسبه لقائله، وعجزه:
....... ....... يسومك مالا يستطاع من الوَجْد
إخالك: بكسر الهمزة، والقياس فتحها، لأنها حرف المضارعة، وهو مفتوح.
والبيت في شرح التسهيل لابن مالك [ق 78. أ] وأوضح المسالك 1/307 وشفاء العليل 1/394 والمساعد 1/360 والعيني 2/385 والأشموني 2/20.
والشاهد فيه مجيء (خال) للظن الراجح وقد نصبت مفعولين أولهما كاف المخاطب والثاني (ذا هوى).
(5) من قوله: (خال....) إلى هنا ساقط من (أ) بسبب انتقال النظر. بما في ذلك البيت المذكور، وأثبته من (ب) و (ج).
(6) من الآية 19 من سورة الزخرف.
(7) في (ب) و (ج): (وهي لليقين).(8/20)
فإن اغتباطا بالوفاء حميد(1)
هذا في لغة قليلة(2). والأكثر فيه أن يتعدى بالباء لواحد(3). فإن دخلت عليه الهمزة تعدّى لآخر بنفسه، نحو قوله تعالى: {وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ}(4).
ومنها (هَبْ) وهو للرجحان، كقوله:
139- ....... ........ وإلاَّ فهبْنِي امرأً هالكاً(5)
وهذا(6) ملازم لصيغة الأمر.
ومنها (تعلّمْ) بمعنى (اعلم)، وهو لليقين، كقوله:
140- تعلمْ شفاءَ النفس قهرَ عدوِّها ...... ...... (7)
__________
(1) البيت من الطويل، ولم ينسبه أحد فيما اطلعت عليه. ولم يرد عجز البيت في (أ) وورد في (ب) و (ج). وجاء في (ج): (يا عمرو) بدل (يا عرو) وهو تحريف، و (عرو) ترخيم (عروة).
والبيت من شواهد شرح الألفية لابن الناظم ص 196 وشرح شذور الذهب ص 360 وشفاء العليل 1/393 والمساعد 1/358 والعيني 2/373 والتصريح 1/247 وهمع الهوامع 1/ 149 وشرح الأشموني 2/23.
والشاهد مجيء (درى) لليقين ونصبها لمفعولين أولهما تاء المخاطب التي وقعت نائب فاعل وثانيهما (الوفي).
(2) هذه اللغة في التصريح 1/247 وهمع الهوامع 1/149.
(3) وذلك كقولك: دَريت بالخبر أي علمته.
(4) من الآية 16 من سورة يونس.
وقد تعدى (درى) في الآية لمفعولين أولهما الكاف وذلك بهمزة التعدية وثانيهما الهاء وذلك بحرف الجر.
(5) عجز بيت من المتقارب، وهو لعبد الله بن همام السلولي،. وصدره:
فقلت أجرني أبا خالد ....... ........
والبيت من شواهد شرح الكافية الشافية 2/546 وشرح الألفية لابن الناظم 199 والعيني 2/378 والتصريح 1/248 والأشموني 2/24 والهمع 1/149.
والشاهد فيه مجيء (هب) فعلا للرجحان، وقد نصبت مفعولين الأول ياء المتكلم والثاني ( امرأً).
(6) أي (هب) ملازم لصيغة الأمر، فلا يأتي منه الماضي والمضارع.
(7) صدر بيت من الطويل، وهو لزياد بن سيار، وعجزه:
........ ....... ... فبالغ بلطف في التحيّل والمكر
تعلم: اعلم، شفاء النفس: قضاء مآربها، بلطف: برفق.
والبيت من شواهد شرح الكافية الشافية 2/546 وشرح الألفية لابن الناظم ص 196 وشفاء العليل 1/393 وتعليق الفرائد 4/147 والعيني 2/374 والتصريح 1/247 والهمع 1/149 والأشموني 2/24 وخزانة الأدب 9/129.
والشاهد نصب (تعلم) التي بمعنى (اعلم) لمفعولين أولهما (شفاء) وثانيهما (قهر).(8/21)
وهذا أيضا(1) ملازم لصيغة الأمر كالذي قبله.
وأما أفعال التصيير فذكر منها خمسة:
أحدها (جعَل) نحو قوله تعالى: {فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً}(2).
ثانيها (تَخِذ)، قال الشاعر:
141- تَخِذت غُراز إثرهم دليلا(3) ....... ........
ثالثها (اتّخذ) قال الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً}(4).
رابعها (رد) كقوله تعالى:{لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً}(5). خامسها (ترك) كقوله تعالى(6): {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْض}(7).
تنبيهات:
__________
(1) من قوله: (ملازم لصيغة الأمر..) إلى هنا ساقط من (ب) و (ج).
(2) من الآية 23 من سورة الفرقان.
(3) صدر بيت من الوافر، وهو لأبي جندب الهذلي، وعجزه:
....... ........ وفروا في الحجاز ليعجزوني
تخذت: اتخذت بلغة هذيل، يعجزوني: يفوتوني ويغلبوني، وفي (أ): (غرازا) بالألف. وغراز بالزاي اسم واد، وهذه رواية بعض المراجع. وفي شرح أشعار الهذليين للسكري وكثير من المراجع (غران) بالنون وهو أيضا اسم واد ضخم في الحجاز بين ساية ومكة كما في معجم البلدان 4/191. قال العيني في شرح الشواهد الصغرى 2/25: (غراز) بضم الغين وتخفيف الراء وفي آخره زاي معجمة اسم واد، وقد حرف من فسره بأنه اسم رجل وصحّف من قال: في آخره نون، وهو موضع بناحية عمان وهو لا ينصرف للعلمية والتأنيث) وينظر أيضا معجم البلدان 4/ 190.
البيت في شرح أشعار الهذليين 1/354 وشرح الكافية الشافية 2/549 وارتشاف الضرب 3/61 وشفاء العليل 1/395 والعيني 2/400 والتصريح 1/252 وشرح الأشموني 2/25.
والشاهد فيه نصب (تخذ)، لمفعولين أولهما (غراز) وثانيهما (دليلا).
(4) من الآية 125 من سورة النساء.
(5) من الآية 109 من سورة البقرة.
(6) ساقطة من (أ)، وأثبتها من (ب) و (ج).
(7) من الآية 99 من سورة الكهف، وجملة (يموج في بعض) في موضع نصب المفعول الثاني ل(ترك).(8/22)
الأول: قد تحرر أن ما ذكره المصنف من أفعال على أربعة أقسام:
ما يفيد اليقين، وهو (وَجَد) [65/ب] و(تعلّمْ) بمعنى اعلم و(دَرَى).
وما يفيد الرجحان، وهو (جَعل) و (حجا) و (هبْ) و (زعم).
وما يأتي لهما(1) والغالب اليقين، وهو (رأى) (2) و(علم)، وما يأتي لهما والغا لب(3) الرجحان، وهو (ظنّ) و(حسب) و(خال).
التنبيه الثاني(4): تأتي (رأى) بصرية، كقولك: رأيت الهلال أي أبصرته، فلا تتعدى إلا إلى واحد(5).
وكذلك من أفعال الباب ما يأتي لمعان أخر غير قلبية(6).
ولم يحترز الشيخ عن ذلك لأنه لا يشملها قوله: (أفعال القلوب). والمعاني التي احترز عن ورود الأفعال بمعناها كلها قلبية.
التنبيه(7) الثالث: ألحقوا (رأى) الحلمية(8) برأى العلمية في التعدي لاثنين(9)، كقوله:
142- أراهم رُفقتي حتى إذا ما تجافى الليل وانخزل انخزالا(10)
__________
(1) أي لليقين والرجحان.
(2) في (أ): (وهو درى) وهو تحريف.
(3) من قوله:(اليقين وهو رأى) إلى هنا ساقط من (ب) لانتقال النظر.
(4) قوله: (التنبيه) ساقط من (ب) وقوله: (الثاني) ساقط من (ج).
(5) لأنها إذا كانت بصرية تكون من أفعال الحواس، هي لا تتعدى إلا لواحد.
(6) من ذلك قولهم: (عَلِم الرجل) إذا كان مشقوق الشفة العليا و (رأى) بمعنى أبصر، و(حجا) بمعنى غلب في المحاجة و (وَجَدَ) بمعنى أصاب و(عد) بمعنى حسب، و(زَعَم) بمعنى كفل و(درى) بمعنى خدع و(خال) بمعنى تكبّر وغير ذلك. التصريح 1/250.
(7) هذه الكلمة ساقطة من (أ) و (ب).
(8) رأى الحلمية هي قول النائم: رأيت في منامي كذا، وذلك كما في الآية: {إني أراني أعصر خمرا}.
(9) قوله: (لاثنين) ساقط من (أ)، وأثبته من (ب) و (ج).
(10) البيت من الوافر، وقائله عمرو بن أحمر الباهلي، يذكر جماعة من قومه لحقوا بالشام، فرآهم في منامه. والضمير في قوله: (أراهم) يرجع إلى هؤلاء القوم.
تجافى: ارتفع، انخزل: ذهب وانقطع، ينظر شعر ابن أحمر ص 130.
والبيت في الأمالي الشجرية 1/137 وشرح الألفية لابن الناظم ص 210 وتوضيح المقاصد 1/387 وشفاء العليل 1/396 والعيني 2/421 والتصريح 1/250 وهمع الهوامع 1/150 وشرح الأشموني 2/34.
والشاهد فيه نصب (رأى) الحلمية لمفعولين وهما الضمير في قوله: (أراهم) و(رفقتي) وذلك إجراء لها مجرى (رأى) القلبية، لأن كلا منهما إدراك بالباطن.(8/23)
الرابع: أدخل الكاف على أفعال التصيير(1) ليشير به(2) إلى أنها لا تنحصر فيما ذكره من الأفعال، وكأنه اقتصر على ما ذكره منها لشهرته(3).
__________
(1) وذلك قول ابن هشام الشذور 25: (وأفعال التصيير كجعل وتخذ...).
(2) في (ب): (إدخال الكاف على أفعال التصيير يشير به).
(3) ومما لم يذكره من أفعال التصيير (صير) و (وَهَب) تقول: صيرت الورق كتابا، و وهبني الله فداءك.(8/24)
الأول بمعنى (في) وضابطه أن يكون الثاني ظرفا للأول، نحو {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ} واليه أشار بقوله: في نحو {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ}.
ومنه قوله تعالى(1): {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ}(2) وقولهم في عثمان رضي الله عنه: شهيد الدار(3).
قال ابن مالك: "وأغفل أكثر النحوبين الإضافة بمعنى (في) وهي ثابتة في الكلام الفصيح بالنقل الصحيح"(4) .
أي و الجمهور(5) على أن الإضافة لا تتقدر بغير (من) واللام، وأما ما ذكر من أمثلة (في) فمقدر(6) عندهم باللام على التوسع(7).
والثاني بمعنى (من). وضابطها أن يكون الأول بعض(8) الثاني مع صحة إطلاق اسمه عليه(9).
وإلى ذلك أشار بقوله: (في نحو خاتَمُ حَديدٍ).
ألا ترى أن الخاتم بعض الحديد، وأنه يقال: هذا الخاتم حديد.
وأفاد المصنف في هذا القسم أنه يجوز فيه نصب الثاني، فتقول: هذا خاتم حديدا على التمييز(10). وقيل: على الحال، وهو مذهب سيبويه(11).
__________
(1) كلمة (تعالى) ساقطة من (أ) و (ب). وأثبتها من (ج).
(2) من الآيتين 39 و41 من سورة يوسف، والمعني (يا صاحبي في السجن).
(3) "رضي الله عنه" زيادة من (ب)، وفي (ج) جاءت العبارة كذا: (وقوله في عثمان شهيد). وقد استشهد عثمان رضي الله عنه في داره بالمدينة سنة 35ه.
(4) شرح التسهيل لابن مالك [ق 173/ب].
(5) في (أ) و(ج): (أي الجمهور) والمثبت من (ب).
(6) في (ج): (من أمثلته فتقدر).
(7) قال ابن الناظم في شرح الألفية ص 381: "والذي عليه سيبويه وأكثر المحققين أن الإضافة لا تعدو أن تكون بمعنى اللام أو بمعنى (من) وموهم الإضافة بمعنى (في) محمول على أنها فيه بمعنى اللام على المجاز". وينظر الأشموني 2/238.
(8) في (ج): (بعد) وهو تحريف.
(9) أي صحة إطلاق اسم الأول على الثاني وذلك بالإخبار بالثاني عن الأول، تقول: هذا الخاتم حديد.
(10) هذا قول المبرد واختاره المحققون، ينظر المقتضب 3/272 والتسهيل ص 114.
(11) ينظر الكتاب 2/118. هارون.(9/1)
والأول هو الراجح(1).
وأنه يجوز فيه إتباعه للأول، فتقول: هذا خاتَمٌ حديدٌ. نعتاً(2) على تأويله بالمشتق، أي مصوغ من حديد، أو بدلاً أو عطفَ بيان.
الثالث أن تكون(3) على معنى اللام، وهو ما عدا ذلك.
أي وهو ما ليس الثاني فيه ظرفا للأول ولم يكن الأول بعض الثاني(4) مع صحة إطلاق اسمه عليه.
إما بأن ينتفي الأمران(5) معا، نحو ثوب زيد وغلامه.
فإن الثوب والغلام ليسا بعضا(6) من (زيد) ولا يصح إطلاقه عليهما.
أو ينتفي أحدهما، إما البعضية مع صحة الإطلاق، نحو (يوم الخميس)، فإن اليوم ليس بعض الخميس، ويصح أن تقول: اليوم الخميس.
وإما عدم صحة الإطلاق(7) مع ثبوت البعضية، نحو (يد زيد) فإن البعضية موجودة مع عدم(8) صحة الإطلاق.
وإلى ذلك كله أشار بقوله: (وبمعنى اللام في الباقي). وهي لام الملك أو الاختصاص.
تنبيه:
قوله: (ويجوز) يؤخذ منه [56/أ] أرجحية الإضافة على وجهي الإتباع والنصب. والله أعلم.
ص: الثالث المجرور للمجاورة(9)، وهو شاذ، نحو هذا جُحر ضَبٍّ خَرِبٍ. وقوله: يا صاح بلغ ذوي الزوجات كلِّهم. وليس منه {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ}(10) على الأصح.
ش: النوع الثالث من المجرورات المجرور بالمجاورة. أي يكون سبب جر الاسم كونه ملاصقا لاسم قبله.
__________
(1) وسبب الترجيح أن المعهود في الحال كونها منتقلة مشتقة والحديد لازم جامد.
(2) وقد أنكر سيبويه والمبرد أن يعرب نعتا، وجعلاه بدلا.
ينظر الكتاب 2/118 والمقتضب 3 /259.
(3) أي الإضافة، وفي (ب) و (ج): (يكون).
(4) في (ج): (ما ليس فيه الثاني ظرفا للأول ولم يكن الثاني بعض الأول).
(5) الأمران هما كون الأول بعض الثاني، وصحة إطلاق اسم الأول على الثاني.
(6) في (ج): (بدلا) وهو تحريف.
(7) في (أ) و(ج): (وإما صحة الإطلاق) والمثبت من (ب).
(8) كلمة (عدم) ساقطة من (ج).
(9) في (ب) و (ج): (بالمجاورة).
(10) من الآية 6 من سورة المائدة.(9/2)
وهو شاذ قياسا واستعمالا(1).
ويكون في النعت، وإليه أشار بقوله: (نحو هذا جحرُ ضبٍّ خَرِبٍ)(2) ف(خرب) نعت ل(جحر) وكان حقه الضم، لكنه جُرّ لمجاورته للمضاف إليه الذي هو (ضب). وفي التوكيد، وإليه أشار بقوله: (وقوله):
120- يَا صَاحِ بلِّغ ذَوي الزوجاتِ كُلِّهم
أنْ ليسَ وصلٌ إذا انحلَّت عُرا الذَّنَبِ(3)
فقوله: (كلهم) تأكيد ل(ذوي) وهو منصوب، فكان حقه النصب لكنه جرّ لمجاورة (الزوجات) المجرور بالإضافة.
ولك أن تقول: يجوز أن يكون تأكيدا للزوجات، فيكون جره على القياس ويكون قد استعمل ضمير المذكر للمؤنث(4)، وهو مما يأتي في الشعر. واختلف هل يكون في عطف النسق؟
__________
(1) عدّه شاذا قياسا، لأن القياس إعطاء التابع حكم المتبوع في الإعراب واستعمالا لأن ما روي مِن ذلك قليل وأكثر العرب على خلافه. وقد أنكر السيرافي وابن جني الخفض على الجوار، وخرجا ما روي من ذلك في النعت على أن أصله: (هذا جحر ضب خرب جحره). ينظر الخصائص 1/191 والمغني ص 895.
(2) قال سيبويه 1/66- هارون: (وقد حملهم قرب الجوار على أن جروا (هذا جحرُ ضبٍّ ونحوه) وقال أيضا في توجيه هذا القول: (فالوجه الرفع وهو كلام أكثر العرب وأفصحهم وهو القياس لأن الخرب نعت الجحر والجحر رفع، ولكن بعض العرب يجره). الكتاب 1/436- هارون.
(3) البيت من البسيط، وهو لأبي الغريب، وهو شاعر مقل. ينظر معاني القرآن للفراء 2/75 واللسان 2/292 والمغني 895 وشرح الشذوو لابن هشام 331 والهمع 2/55 والخزانة 5/93. وهذا البيت لا تقوم به حجة كما ذكر ذلك البغدادي في الخزانة.
والشاهد فيه: جر (كلهم) لمجاورته المجرور وهو (الزوجات) مع أنه تأكيد ل(ذوي) وهو منصوب. وهذا يدل على جواز الجر بالمجاورة في التأكيد أيضا وهو قول الكوفيين وبعض المحققين، ينظر معاني القرآن للفراء 2/75 والمغني ص 895.
(4) أي كان عليه أن يقول: (كلهن) لأنه تأكيد للزوجات، ولكنه قال: (كلهم).(9/3)
فجوزه بعضهم(1)، وجعل منه {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ}(2) والصحيح منع ذلك(3)، لأن العاطف فاصل يمنع المجاورة.
وإلى ذلك أشار بقوله: (وليس منه..) إلى آخره. ف(أرجلكم) معطوف على (رؤوسكم). لكن(4) يشكل على هذا أنه يصير مقتضى العطف أن تكون الرجلان ممسوحتين في الوضوء مع كونهما واجبتي الغسل فيه.
وأجيب بأن المراد بالمسح الغسل، فإنه قد يطلق عليه لغة(5).
وإنما عبّر به لأنهما محل السّرف عادة، فأريد الاقتصاد(6) في غسلهما(7).
وقيل(8): المسح في الآية على بابه والمراد مسح الخف(9).
فإن قيل على هذا: إذا كان الخفان هما الممسوحان، فكيف صح أن يضيف المسح إلى الرجلين؟.
فل ك أن تجيب بأن المسح إنما أضيف إليهما، لكونه بدلا عن غسلهما. والله أعلم.
__________
(1) وهذا قول أبي عبيدة والأخفش والعكبري. ينظر مجاز القرآن 1/55 ومعاني القرآن للأخفش 1/255 والتبيان في إعراب القرآن 1/422.
(2) من الآية 6 من سورة المائدة، والاستشهاد بها هنا إنما يتم على قراءة الجر في (أرجلكم) وهي قراءة ابن كثير وحمزة وأبي عمرو وأبي بكر عن عاصم. ينظر السبعة لابن مجاهد ص 242 والكشف عن وجوه القراءات 1/406 والإتحاف ص 198.
(3) وهو قول جمهور العلماء. ينظر البحر المحيط 3/437 ومغني اللبيب 895.
(4) في (ج): (لكنه).
(5) قال في الإنصاف 2/ 609: قال أبو زيد الأنصاري: المسح خفيف الغسل. وينظر لسان العرب 2/593. (مسح).
(6) في (أ) و (ج): (الاقتصار) بالراء، وهو تحريف. والمثبت من (ب).
(7) قال الزمخشري في الكشاف 1/326: (الأرجل من بين الأعضاء الثلاثة المغسولة تغسل بصب الماء عليها، فكانت مظنة للإسراف المذموم المنهي عنه فعطفت على الثالث الممسوح لا لتمسح ولكن لينبّه على وجوب الاقتصاد في صب الماء عليها).
(8) قال بذلك بعض الفقهاء. ينظر نيل الأوطار للشوكاني 1/178.
(9) في (ج): (والمراد به مسح الخف). والمقصود بمسح الخف المسح على الخفين في الوضوء، وهو ثابت في السنة.(9/4)
ص: باب، المجزومات [56/ب] الأفعال المضارعة الداخل عليها جازم وهو ضربان، جازم لفعل، وهو لَمْ ولَمّا ولام الأمر ولا في النهي.
ش: لما أنهى القول في المجرورات تكلم على المجزومات.
وأخرها عن(1) المجرورات، لكون المجرورات أعلى رتبة فإنها الأسماء.
والمجزومات هي الأفعال المضارعة بشرطها(2)، على ما عُرف في أول الكتاب، إذا دخل عليها جازم.
والجازم ضربان، ضرب يجزم فعلا واحدا، وضرب يجزم فعلين.
فأما الجازم لفعل فهو أربعة:
الأول والثاني (لم) و(لَمَّا)، ويشتركان بعد كونهما أداتي جزم(3) من أوجه ويفترقان من أوجه.
فأما أوجه الاشتراك، فمنها الحرفية، فكل واحد منهما حرف.
ومنها النفي، فكل منهما يفيده.
ومنها القلب للمضي، فكل منهما يقلب المضارع للمضي(4)، بحيث لا يفهم منه الحال والاستقبال.
وأما أوجه الافتراق، فمنها أن المنفي(5) بلَم لا يلزم اتصاله بالحال(6)، بل قد يكون متصلا، نحو {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا}(7).
وقد يكون منقطعا، نحو {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُورًا}(8) بخلاف (لَمَّا) فإنه يجب اتصال نفيها بالحال.
ومنها أن الفعل(9) بعد (لَمَّا) يجوز حذفه اختيارا(10)، ولا يحذف بعد (لم) إلا ضرورة، كقوله:
121- احفظْ وديعتك التي استُودِعتها
__________
(1) في (ج): (على).
(2) وهو عدم اتصال نون التوكيد المباشرة بها.
(3) في (أ) و(ج): (أداة جزم) والمثبت من (ب).
وينظر الفرق بين (لَم) و (لَمّا) في الجنى الداني ص 268، ومغني اللبيب ص 367 وهمع الهوامع 2/56.
(4) في (ج): (يقبل المضارع للماضي). تحريف.
(5) في (أ) و (ج): (أن يكون المنفي) والمثبت من (ب).
(6) بل يجوز انقطاع نفي منفيها بدليل أنك تقول: لم يأت زيد ثم أتى.
(7) من الآية 4 من سورة مريم.
(8) الآية 1 من سورة الإنسان.
(9) في (أ) و (ج): (أن يكون الفعل) والمثبت من (ب).
(10) كقولك: (قاربت المدينة ولمّا) أي ولمّا أدخلها.(9/5)
يومَ الأعازبِ إن وُصلتَ وإنْ لم(1)
ومنها أن (لمَّا)، لا تصحب شيئا من أدوات الشرط، وتصحبها (لم) نحو إنْ لم ولو لم.
ومنها أن (لم) قد يُرفع الفعل بعدها في لغة قوم(2)، كما صرح به ابن مالك في شرح التسهيل(3). وعليها جاء قوله:
122-........ يومَ الصُّلَيفاءِ لم يُوفُونَ بالجارِ(4)
ولم تُحْك(5) هذه اللغة في (لمّا).
الثالث لام الأمر، نحو قوله: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ}(6) ومنه الدعاء(7)، نحو {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}(8).
__________
(1) البيت من الكامل، وقائله إبراهيم بن هَرمة في شعره ص 191، يوم الأعازب يوم من أيام العرب. والبيت من شواهد توضيح المقاصد 4/ 234 والجنى الداني ص 269 والعيني 4/443 والتصريح 2/247 والأشباه والنظائر 4/ 114 وشرح الأشموني 4/6 والخزانة 9/8 وشرح أبيات المغني 5/151 والدرر اللوامع 5/66.
والشاهد فيه حذف الفعل المجزوم بعد (لم). وذلك ضرورة شعرية.
(2) لم يعين هؤلاء القوم أحد من العلماء، وقد ذهب بعض العلماء إلى أن ذلك ضرورة لا لغة، ينظر الجنى الداني ص 266 ومغني اللبيب ص 365.
(3) ينظر شرح التسهيل لابن مالك 1/29.
(4) عجز بيت من البسيط، ولم ينسب لقائل، وصدره:
لو لا فوارس من ذُهل وأسرتهم ..... ....
ينظر المحتسب 2/42 وشرح المفصل 7/8 وشرح التسهيل لابن مالك 1/29 والجنى الداني ص 266 وتوضيح المقاصد 4/237 والمغني ص 365 والعيني 4/446 والهمع 2/ 56 وشرح الأشموني 4/ 6 والخزانة 9/ 3.
والشاهد رفع الفعل المضارع الواقع بعد (لم)، وذلك على لغة فيها أو أنه من الضرورات الشعرية.
(5) في (أ): (ولم يحك)، والمثبت من (ب) و (ج).
(6) من الآية 7 من سورة الطلاق.
(7) الأمر يكون من الأعلى للأدنى وكذلك النهي، والدعاء يكون من الأدنى للأعلى.
(8) من الآية 77 من سورة الزخرف.(9/6)
الرابع (لا) في النهي نحو {لاَ تَحْزَنْ}(1). ومنه الدعاء، نحو {لاَ تُؤَاخِذْنَا}(2).
تنبيهات:
الأول: قيّد بعضُهم(3) (لمّا) فقال: (لَم ولَمّا أختها) واحترز بذلك من (لَمّا) [57/أ] التي بمعنى (إلا) و [مِن لَمّا] (4) التي هي حرف وجود لوجود(5).
واستغنى الشيخ عن هذا التقييد لأن التي بمعنى (إلا) يليها ماضي اللفظ مستقبل المعنى(6)، والتي هي حرف وجود يليها(7) ماضي اللفظ والمعنى(8)، فلا يليها المضارع.
الثاني: قال ابن مالك(9): زعم بعض الناس(10) أن (لَم) تنصب في لغة، مستدلا بقراءة بعضهم(11): {ألَمْ نشرَح لكَ صدرَك}(12)، بفتح (نشرح) (13)، وهو عند العلماء محمول على أنه مؤكد بالنون الخفيفة، ففتح لها ما قبلها، ثم حذفت ونُويت.
الثالث: مذهب الجمهور(14) أن (لَمّا) مركبة من (لَم) و (ما). وقيل(15): بسيطة.
__________
(1) من الآية 40 من سورة التوبة.
(2) من الآية 286 من سورة البقرة.
(3) هو ابن مالك في التسهيل ص 235 وكذلك ابن الناظم في شرح الألفية 689.
(4) زيادة لابد منها، وهي في توضيح المقاصد للمرادي 4/238.
(5) في (أ): (حرف وجوب لوجوب) وهو تحريف. صوابه من (ب) و (ج).
(6) وذلك مثل قولك: (عزمت عليك لَمّا فعلت كذا) أي إلا فعلت.
(7) من قوله: (ماضي اللفظ) إلى آخره ساقط من (أ) بسبب انتقال النظر.
(8) وتسمى (لَمّا) الحينية، كقوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُوداً} .
(9) شرح الكافية الشافية 3/1575، 1576.
(10) هو أبو الحسن اللحياني من الكوفيين، حكى ذلك في نوادره. البحر المحيط 8/488.
(11) هو أبو جعفر المنصور. كما في المحتسب 2/366 والبحر المحيط 8/487.
(12) الآية (1) من سورة الشرح.
(13) في (ب) و (ج): (بنصب نشرح). وفي شرح الكافية: (بفتح الحاء).
(14) ينظر المخصص لابن سيده 14/62 وشرح المفصل 8/110 والأشموني 4/ 8.
(15) لم أجد من نسب هذا القول لمعين. وينظر الارتشاف 11/544 والهمع 2/56.(9/7)
الرابع: اللام الطلبية محركة بالكسر، وفتحها لغة(1).
هذا إن خَلَت عن عاطف قبلها، فإن وَلِيتْ عاطفاً جاز تسكينها بعد الواو والفاء وثمّ، بل تسكينها بعد الواو والفاء أكثر من تحريكها(2).
الخامس: منع الجمهور(3) حذف لام الأمر، وخصّوه بالشّعر.
وقال ابن مالك(4): إن حذف لام الأمر وإبقاء عملها على ثلاثة أضرب كثير مطرد، وذلك بعد الأمر بالقول، نحو {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ}(5) وقليل(6) جائز في الاختيار، و ذلك بعد قول غير أمر، نحو قوله:
123- قلتُ لبوَّابٍ لديهِ دارها
تِيْذَنْ فإنِّي حَمْؤُها وجارُها(7)
وقليل مخصوص بالضرورة، وذلك دون تقدم قول، كقوله:
124- فلا تسْتطِل منّي بقائي ومدّتي
__________
(1) وهي لغة بني سليم، حكاها الفراء عنهم في معاني القرآن 1/285.
(2) ولذا أجمع القراء على التسكين بعد الفاء والواو في قوله تعالى {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي}.
(3) ينظر مذهبهم في الكتاب 3/8 والأصول 2/174 وشرح المفصل 7/59.
وقد منع المبرد حذف اللام حتى في الشعر، المقتضب 2/ 132، 133.
(4) شرح الكافية الشافية 3/ 1569. وقد اختصر الشارح كلام ابن مالك.
(5) من الآية 31 من سورة إبراهيم.
قال الصبان في حاشيته على الأشموني 3/310: (ويعجبني ما ارتضاه المصنف في هذه الآية أن (يقيموا) مجزوم بلام أمر مقدرة من غير أن يكون جوابا، فيكون مقول القول، إلا أنه محكي بالمعنى إذ لو حكاه بلفظه لقال: (لتقيموا).
(6) في (ج): (وقيل)، وهو تحريف.
(7) البيتان من الرجز، وهما لمنظور بن مرثد الأسدي.
تيذن: أي لتأذن، حذف لام الأمر ثم كسر حرف المضارعة ثم قلبت الهمزة ياء.
والبيتان من شواهد شرح الكافية الشافية 3/ 1570 والمغني ص 298 والمساعد 3/123 والهمع 2/ 56 والأشموني 4/ 4 والخزانة 9/13.
والشاهد قوله: (تيذن) فهو فعل مضارع مجزوم بلام الأمر المقدّرة والأصل أن يقول: لتيذن، وليس هذا بضرورة لتمكنه من أن يقول: (إيذن).(9/8)
ولكن يكنْ للخير منك نصيبُ(1)
السادس: احترز الشيخ بتقييد اللام بالأمر و (لا) بالنهي عن اللام غير الطلبية كالتي ينصب المضارع بعدها(2)، وعن (لا) غير الناهية كالزائدة والنافية(3).
ص: وجازم لفعلين، وهو أدوات الشرط، (إنْ) و(إذما) لمجرد التعليق وهما حرفان، و(مَنْ) للعاقل، و(ما) و(مهما) لغيره، و(متى) و(أيّان) للزمان، و(أين) و(أنّى) و(حيثما) للمكان، و(أيّ) بحسب ما تضاف إليه. ويسمى أولهما شرطا، ولا يكون ماضي المعنى ولا إنشاءً ولا جامدا، ولا مقرونا بتنفيس ولا ب(قد) (4) ولا ناف غير (لا) و(لم) وثانيهما جوابا وجزاء.
ش: ذكر في هذا [57/ب] الكلام ما يجزم فعلين. وتسمى أدوات الشرط، لإفادتها أن ما يليها شرط وسبب لما يليه، وقسمها ستة أقسام.
لأن منها ما وضع للدلالة على مجرد التعليق(5)، وهو (إنْ) و (إذما) وهما حرفان.
__________
(1) البيت من الطويل، قيل: إن الشاعر يخاطب به ابنه حين تمنى موته، ولم أجد أحدا نسب البيت إلى قائله. وهو من شواهد معاني القرآن للفراء1/159 ومجالس ثعلب 2/456 وشرح الكافية الشافية 3/1570 وتوضيح المقاصد 4/233 والمغني ص 297 والمساعد 3/123 والعيني 4/ 420 والأشمونى 4/5.
والشاهد فيه قوله: (يكن) فهو فعل مجزوم بلام الأمر المقدرة، ولم يتقدم عليها قول، فالحذف هنا للضرورة الشعرية.
(2) وهي لام التعليل نحو قولك: جئت لأتعلّم.
(3) لا) الزائدة كقوله تعالى: {لِئَلاّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} أي ليعلم. والمراد بها هنا التأكيد، والنافية كقوله تعالى: {لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا}.
(4) كذا في النسخ، وفي الشذور: (ولا قد).
(5) أي تعليق تحقق الجواب على تحقق الشرط.(9/9)
أما (إنْ) فبالاتفاق. وأما (إذ ما) فعلى الأصح(1)، لأنه مسلوب الدلالة على معناه الأصلي، مستعمل(2) مع (ما) المزيدة(3) بمعنى (إن) فكان حرفا. وقيل(4): لم تسلب الدلالة على معناها الأصلي، الذي هو الزمان، فتكون(5) اسما. ومنها ما وضع للدلالة على من يعقل، ثم ضمّن معنى الشرط، وهو(مَن). ومنها ما وضع للدلالة على ما لا يعقل(6)، ثم ضمّن معنى الشرط(7)، وهو (ما) و(مهما).
ومنها ما وضع للدلالة على الزمان، ثم ضمّن معنى الشرط(8)، وهو (متى) و(أيّان).
ومنها ما وضع للدلالة على المكان، ثم ضمن معنى الشرط، وهو (أين) و(أنّى) و(حيثما).
ومنها ما هو متردد بين المعاني الأربعة الأخيرة، وهو (أيّ) فإنها بحسب ما تضاف إليه، فتكون لمن يعقل في نحو (أيُّهم تقمْ أقمْ مَعه) ولما لا يعقل في نحو (أيَّ الدّوابِّ تركبْ أركبْ)، وللزمان في نحو (أيَّ يومٍ تصمْ أصمْ) وللمكان في نحو (أيَّ مكان تجلسْ أجلسْ).
ثم إن هذين الفعلين اللذين يجزمان بهذه الأدوات يسمى أولهما شرطا وثانيهما جوابا وجزاء.
فقوله: (وثانيهما) معطوف على (أولهما).
ووسّط بين المتعاطفين ذكر ما يعتبر في فعل الشرط.
__________
(1) وهو قول سيبويه والجمهور، الكتاب 3/56 وشرح الجمل لابن عصفور 2/195 وارتشاف الضرب 2/547.
(2) في (أ): (يستعمل) والمثبت من (ب) و (ج).
(3) كلمة (ما) ساقطة من (ب)، وفي (ج): (ما الزائدة).
(4) هذا القول مذهب ابن السراج والفارسي، ونسب القول بذلك للمبرد لكنه في المقتضب قد نص على حرفيتها. المقتضب 2/46 والأصول 2/159 والإيضاح العضدي ص 332 وشرح الكافية الشافية 3/ 1622.
(5) في (أ) و (ج): (فيكون) بالياء، والمثبت من (ب).
(6) في (ج): (من لايعقل) وهو خطأ.
(7) في (أ): (ثم ضمن الشرط). والمثبت من (ب) و (ج).
(8) من قوله: (وهو (ما) و(مهما) إلى آخره ساقط من (ب) بسبب انتقال النظر.(9/10)
فيعتبر فيه ألاّ يكون ماضي المعنى، بل يكون مستقبلا في المعنى، وإن كان ماضيا في اللفظ لنكتة(1). لأنه مفروض الحصول في الاستقبال فيمتنع ثبوته(2) ومضيه.
وكذلك الجزاء أيضا لا يكون ماضي المعنى.
لأن حصوله معلق على حصول مضمون الشرط في المستقبل، ويمتنع تعليق الحاصل الثابت على حصول ما يحصل في المستقبل(3).
ويعتبر فيه(4) أيضا ألاَّ يكون إنشاءً. فلا تقُلْ(5) [58/أ]: (إن قم) ولا (إن لا تقم)(6). وألاَّ يكون فعلا جامداً، كعسى وليس(7) وألا يكون مقرونا بتنفيس كالسين وسوف فلا تقل(8): (إنْ سيَقُمْ) ولا (إنْ سوف يقمْ أقمْ).
ولا مقرونا بقد. فلا تقل: (إنْ قد قام زيد قمْتُ). وألا يكون مقرونا بأداة نفي غير (لا) و(لم). فلا تقل(9): (إنْ ما قام زيد(10) أقم). ولا (إنْ لمّا تقم أقم) (11). وتقول: (إنْ لم تقم أقم) (12) و(إن لا تقم أقم) (13).
تنبيهات:
__________
(1) أي لسبب بلاغي، كقوله تعالى:{إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ}. ينظر دلائل الإعجاز للجرجاني ص 534.
(2) أي حصوله في الزمن الحاضر.
(3) من قوله: (ويمتنع تعليق الحاصل) إلى آخره ساقط من (ج) بسبب انتقال النظر.
(4) أي في فعل الشرط.
(5) في (أ) و (ب): (فلا تقول) والمثبت من (ج).
(6) كذا مثل الشارح، وهو على اعتبار (لا) هنا ناهية لا نافية حتى يصح كونها مثالا للطلب، وقد مثل ابن هشام في الشرح ص 340 بقوله (إن يقم) و (إن لايقم).
(7) في (أ) و (ب): (فلا تقول) صوابه من (ج).
(8) فلا يقال: (إن عسى) و لا (إن ليس).
(9) من قوله: (إن سيقم) إلى آخره ساقط من (أ) بسبب انتقال النظر.
(10) من قوله: (قمت) إلى آخر قوله: (إن ما قام زيد) ساقط من (ج).
(11) في (ب): (إن لما يقم أقم) وفي (ج): (إن لما يقم زيد أقم).
(12) في (ب): (إن لم يقم) فقط.
(13) و(لا) هنا نافية، كقوله تعالى: {إِنْ لا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ}.(9/11)
الأول في قوله: (وجازم لفعلين) تصريح بأن أدوات الشرط هي الجازمة لهما. وهو كذلك، لكن في الشرط بالاتفاق، ولا عبرة بمن شذ(1).
وفي الجزاء على الأصح المنسوب لسيبويه(2)، وهو مذهب محققي البصريين(3). ومقابله ثلاثة أقوال:
أحدها للأخفش(4) أنه مجزوم بفعل الشرط.
والثاني بالأداة والفعل معا. ونسب إلى سيبويه أيضا والخليل(5).
والثالث أن الجزم بمجاورة الشرط، قياسا على الجر، وهو مذهب الكوفيين(6).
الثاني: أفهم كلامه أن (حيث) و(إذْ) لا يجزمان إلا إذا اقترنا ب(ما) (7) كما لفظ به. وأجاز الفراء (8) الجزم بهما مجردتين. وهو ضعيف(9).
وأما غيرهما(10) فهو قسمان:
قسم لا تلحقه (ما) وهو (مَن) و(مهما) و(ما) و(أنّى).
__________
(1) هذه إشارة إلى ما روي عن المازني أنه جعل فعلى الشرط والجزاء مبنيين. مذهبه في مجالس العلماء للزجاجي ص 68، وشرح الكتاب للسيرافي 1/89.
(2) هذا القول عزاه السيرافي لسيبويه، لكن جاء في الكتاب: (واعلم أن حروف الجزاء تجزم الأفعال، وينجزم الجواب بما قبله). الكتاب 3/62 وشرح الكتاب للسيرافي 1/89.
(3) وإليه ذهب الجمهور. ينظر ارتشاف الضرب 2/557 وتوضيح المقاصد4/244 وهمع الهوامع 2/ 61.
(4) مذهبه في مجالس العلماء للزجاجي ص 68، واختار ابن مالك هذا المذهب.
(5) قال سيبويه 3/63: (وزعم الخليل أنك إذا قلت: إن تأتني آتك، ف(آتك) انجزمت بإن تأتني).
(6) مذهب الكوفيين في الإنصاف 2/602 وشرح الكافية للرضي 2/254.
(7) في (أ): (إلا إذا اقترنا بلا). وهو تحريف صوابه من(ب) و(ج). وهذا القول مذهب جمهور العلماء. الكتاب 3/56- 66 وشرح المفصل 7/46 والهمع 2/58.
(8) ينظر معاني القرآن للفراء 1/85 وتوضيح المقاصد للمرادي 4/242.
(9) وسبب ضعف هذا القول أن (حيثما) و(إذما) إذا تجردتا لزمتهما الإضافة، والإضافة من خصائص الاسم فكانت منافية للجزم المختص بالفعل.
(10) أي غير (حيث) و(إذ).(9/12)
وقسم يجوز فيه الأمران، وهو (إنْ) و (أيّ) و (متى) و (أيّان) (1).
الثالث: إنما لم يذكر من الجوازم (إذا) و (كيف) و (لو) لأن المشهور في (إذا) أنها لا تجزم إلا في الشعر، وإن زيد بعدها لفظة (ما) (2) وفي (كيف) عدم الجزم، خلافا للكوفيين (3) وإنما تقع بها المجازاة معنى لا عملا(4) و(لو) لا يجزم بعدها إلا في الشعر على قول(5).
وقيل(6): لا يجزم بعدها أصلا.
الرابع: يؤخذ من تنصيصه على حرفية (إن) و (إذما) وسكوته عما عداهما أن(7) ما عداهما أسماء. وهو كذلك. وإن كان في (مهما) خلاف ضعيف(8).
__________
(1) وكذلك (أين) يجوز فيها التجرد والاقتران. وجعل الرضي (ما) هذه مع (إن) و(حيث) كافة، ومع غيرهما زائدة وهو تقسيم حسن. شرح الكافية للرضي 2/254.
(2) هذا مذهب البصريين، وعند الفراء أن الجزم بإذا لغة لبعض العرب. الكتاب 3/61 ومعاني القرآن للفراء3/158 والارتشاف 2/549.
(3) ذهب البصريون إلى عدم الجزم ب(كيف)، وذهب الكوفيون وقطرب إلى جواز ذلك، تقول: كيفما تكن أكن، قياسا على (أينما).
ينظر الإنصاف 2/643 والارتشاف 2/511 والمغني 270 والهمع 2/58.
(4) قال سيبويه في الكتاب 3/60: (وسألت الخليل عن قوله: (كيف تصنع أصنع) فقال: هي مستكرهة، وليست من حروف الجزاء، ومخرجها على الجزاء، لأن معناها على أيّ حال تكن أكن). وينظر المساعد 3/173.
(5) لبعض العلماء، منهم ابن الشجري، الأمالي الشجرية1/187، 333.
(6) هذا قول جمهور العلماء، وقد درّ ابن مالك على ابن الشجري إجازته لذلك. ينظر شرح الكافية الشافية 3/ 1632 والأشموني 4/ 42.
(7) في (أ): (وأن) وفي (ج): (أي أن) والمثبت من (ب).
(8) نسب إلى السهيلي أنه يرى أن (مهما) تأتي حرفا في بعض المواضع والجمهور على أنها اسم دائما لعود الضمير عليها في قوله تعالى: {مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ} والضمير لا يعود إلا على الأسماء، ينظر المغني 435.(9/13)
وحينئذ فلا بدأن يكون لها محل من الإعراب، وهو إما النصب أو الرفع لأنها إما(1) معمولة لفعل الشرط، أو الابتداء لا غير (2).
فما كان منها اسم زمان أو مكان فهو أبدا في موضع نصب بفعل الشرط على الظرفية.
وما كان غير ذلك فهو في موضع رفع(3) بالابتداء إن كان فعل الشرط مشغولا عنه بالعمل في ضميره، كما في (منْ تُكرِمْهُ [58/ب] أُكرِمْهُ) و (ما تأمرْ به أفعلْه). وإلا (4) فهو في موضع نصب (5) بفعل الشرط لفظا كما في (مَن تَضْرِب أضربْ) و (مَهْمَا تَصْنعْ أصنَعْ مِثْلَهُ). أو محلا (6) كما في نحو (بِمَن تمرُرْ أَمْرُرْ).
الخامس يؤخذ أيضا(7)من قوله: (ويسمى أولهما شرطا وثانيهما جوابا وجزاء) أن الجزاء لا يتقدم على الشرط، ولا على أداته (8).
فإن تقدم على أداة الشرط شبيه بالجواب فهو دليل عليه وليس إياه، هذا هو مذهب جمهور البصريين (9).
__________
(1) قوله: (لأنها إما) ساقط من (ج).
(2) تفصيل الإعراب لهذه الأسماء في شرح الجمل لابن عصفور 1/134
(3) في (ج): (في موضع مرفوع).
(4) أي وإن لم يكن فعل الشرط مشغولا عنه.
(5) في (ج): (في موضع منصوب).
(6) يعني به أن اسم الشرط يكون في محل نصب لأن المجرور في الأصل منصوب.
(7) وقع في (ج) تكرار لكلمة (أيضا) حيث جاء فيه (أيضا يؤخذ أيضا).
(8) بسبب أن لأداة الشرط صدر الكلام، فلا يتقدم شيء من معمولات فعل الشرط ولا فعل الجواب عليها.
(9) مذهبهم في الكتاب 3/66-70 وشرح الكافية 2/257 والهمع 2/61.(9/14)
وذهب الكوفيون(1) والمبرد(2) وأبو زيد(3) إلى أنه هو الجواب نفسه. وهو ضعيف.
ص: وقد يكون واحدا من هذه فيقترن بالفاء، نحو {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ}(4) الآية. {يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْساً}(5) أو جملة اسمية فيقترن بها، أوبإذا الفجائية، نحو {فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(6) {إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ}(7).
ش: هاتان مسألتان متعلقتان بالجزاء.
إحداهما أنه إذا كان (8) واحدا من الأمور التي لا تصح أن تقع شرطا وجب اقترانه بالفاء.
__________
(1) مذهب الكوفيين في الإنصاف 2/623.
(2) قال في المقتضب 2/68: (فإن كان الفعل ماضيا بعد حرف الجزاء جاز أن يتقدم الجواب) وينظر أيضا 2/69.
(3) هو الإمام سعيد بن أوس بن ثابت بن بشير، أبو زيد الأنصاري صاحب النحو واللغة، كان إماما في العربية وغلبت عليه اللغة والنوادر، روى عن أبي عمرو بن العلاء وأبي الخطاب الأخفش وغيرهما ومن تلاميذه التوزي والسجستاني وأبو عبيد القاسم بن سلام واللحياني والجاحظ، وترك جملة من المؤلفات أشهرها النوادر والمطر والنبات والشجر والهمز، توفي رحمه الله سنة 215ه على الصحيح.
ترجمته في مراتب النحويين 73 وطبقات النحويين 165 وإنباه الرواة 2/30 ومعجم الأدباء 11/212 وبغية الوعاة 1/582 وشذرات الذهب 2/34.
قال ابن مالك في شرح الكافية الشافية 3/1611: (ومذهب أبي زيد أن الذي تقدم هو الجواب نفسه ولذلك جاء مقرونا بالفاء في قول الشاعر، ثم ذكر بيتا من الشعر وهذا البيت موجود في نوادر أبي زيد ص 283، وينظر الأشموني 4/15.
(4) من الآية 26 من سورة يوسف.
(5) من الآية 13 من سورة الجن، ولم تذكر في النسخ كلمة (بخسا).
(6) من الآية 17 من سورة الأنعام .
(7) من الآية 36 من سورة الروم. وفي (ج): (فإذا هم) وهو تحريف للآية.
(8) أي الجزاء. وقد سبق ذكر هذه الأمور التي لا تصح أن تقع شرطا في ص 595.(9/15)
فقوله(1): (وقد يكون) الضمير فيه يعود على الجزاء.
والإشارة في قوله: (هذه) تعود على الأمور الممتنع جعل واحد منها شرطا، وذكر من أمثلة ذلك مثالين:
أحدهما مثال ماضي المعنى، وهو الآية الأولى، وهي قوله تعالى (2): {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ}(3).
وثانيهما مثال ما إذا وقع الجزاء نهيا، وهو قوله: {فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْسًا}(4) في قراءة من جزم (يخف) وجعل (لا) ناهية (5).
ومثال ما إذا وقع أمرا، نحو{إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} (6).
ومثال ما إذا وقع فعلا جامدا قوله تعالى: {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً وَوَلَداً فَعَسَى رَبِّي}(7).
__________
(1) في (أ): (وقوله)، والمثبت من (ب) و (ج).
(2) في هذه الآية وقع الجزاء ماضيا في اللفظ والمعنى فوجب اقترانه بالفاء.
(3) من الآية 26 من سورة يوسف.
(4) من الآية 13 من سورة الجن.
(5) وهي قراءة شاذة وبها قرأ يحيى بن وثاب، ينظر المختصر في شواذ القرآن ص 163. وأما قراءة الجمهور (فلا يخاف) بالرفع، ف(لا) نافية، والتقدير (فهو لا يخاف).
(6) من الآية 31 من سورة آل عمران.
والشاهد في الآية اقتران الجواب بالفاء لأنه طلبي.
(7) من الآية 40 من سورة الكهف. وفي (ج): (قوله تعالى: {فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ}.(9/16)
والمقرون بقد، نحو {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ}(1) وبالتنفيس قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}(2) وب(لن) نحو قوله تعالى: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ}(3). و(ما) نحو {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ} (4).
وقد تحذف [59/أ] هذه الفاء في الضرورة، كقول الشاعر:
125- ومَنْ لا يَزَلْ ينقاد للغَي والصِّبا
سيُلْفَى على طولِ السلامةِ نادِما(5)
المسألة الثانية إذا وقع (6) جملة اسمية فإنه يجب اقترانها إما بالفاء وإما بإذا الفجائية، نحو قوله تعالى: {فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(7) وقوله تعالى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ}(8).
__________
(1) من الآية 77 من سورة يوسف.
(2) من الآية 28 من سورة التوبة. وقوله تعالى: {من فضله} لم يرد في (أ).
(3) من الآية 115 من سورة آل عمران. وهي بالتاء قراءة نافع وابن كثير وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر. تنظر السبعة لابن مجاهد ص 215 والنشر 2/241.
(4) من الآية 72 من سورة يونس. وفي (ب) و (ج): {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ}. وهو خطأ في الآية.
(5) البيت من الطويل، وهو من الشواهد التي لم يعرف قائلها.
وقد ورد في شرح الكافية الشافية 3/1598وشرح الألفية لابن الناظم 702 والعيني 4/433 والتصريح 2/250 والأشموني 4/21.
الشاهد خلو جواب الشرط من الفاء مع أنه مسبوق بحرف تنفيس.
(6) أي جواب الشرط.
(7) من الآية 17 من سورة الأنعام.
(8) من الآية 36 من سورة الروم.(9/17)
وإنما قامت (إذا) الفجائية(1) مقام الفاء لأنها لا يبتدأ بها ولا تقع إلا بعد ما هو معقب بما بعده(2) فأشبهت الفاء (3)، فقامت مقامها.
وقد تأتي في الضرورة بدونهما، كقول الشاعر:
126- مَنْ يَفعلِ الحسناتِ اللهُ يَشكُرُها(4) ... ..
تنبيهان:
الأول: لابد في الجملة الاسمية التي تقترن بإذا ألا تكون طلبية نحو (إن عصا فويل له). وألاّ تدخل عليها أداة نفي، نحو (إن قام زيد فما عمرو قائم). و ألا تدخل عليها (إنَّ) نحو (إنْ قام زيد فإنَّ عمرا قائم)(5).
فهذه المواضع الثلاثة تتعين فيها الفاء، ولا يجوز فيها (إذا).
فإن قيل: فكيف أطلق المصنف؟(6).
__________
(1) اختلف العلماء في حقيقة إذا الفجائية، فعند الأخفش وابن مالك هي حرف، وعند المبرد هي ظرف مكان، وعند الزجاج هي ظرف زمان، راجع المغني ص 120.
(2) في (ب): (متعقب بما بعده). وفي (ج): (معقب بما بعدها).
(3) قوله: (فأشبهت الفاء) ساقط من (ج).
(4) صدر بيت من البسيط، وعجزه:
... ..... ... ... والشر بالشر عند الله مِثلانِ
وقد اختلف في قائله، فنسبه سيبويه لحسان بن ثابت، وهو في زيادات ديوانه 1/516 ونسب أيضا لعبد الرحمن بن حسان، ولكعب بن مالك. والظاهر أنه لكعب بن مالك، فقد ورد في ديوانه مع أبيات أخرى. ينظر ديوان كعب ص 28.
والبيت من شواهد سيبويه 3/65 والمقتضب 2/72 والخصائص 2/281 وشرح المفصل 9/3 والمقرب 1/276 وضرائر الشعر ص 160 وشرح الكافية الشافية 3/1597 ومغني اللبيب ص 80 والعيني 4/ 433 والتصريح 2/250 والأشموني 4/20 والخزانة 9/49 والدرر اللوامع 5/81.
والشاهد فيه حذف الفاء من جواب الشرط وذلك ضرورة عند الجمهور.
(5) تنظر هذه الشروط في ارتشاف الضرب 2/553 وتوضيح المقاصد 4/254.
(6) أي قوله في الشذور ص 23: (أو جملة اسمية فيقترن بها أو بإذا الفجائية) فقد أطلق القول في الجملة الاسمية ولم يقيدها بالشروط المذكورة.(9/18)
قلنا: معنى كلامه أن الجزاء حيث امتنع أن يكون شرطا، فهو فيما عدا الجملة الاسمية يتعين ربطه بالفاء، وفيها(1) لا يتعين بل إما هي وإما (إذا) الفجائية بحسب ما يقتضيه فلا يحتاج إلى ذكر شرط.
على أنه يجوز أن يلاحظ خصوص(2) المثال الذي مثل به، فإنه جامع للشروط الثلاثة.
فإذا وُقف معه كان فيه إيماء إليها.
الثاني: ظاهر كلامه أن (إذا) يربط بها الجواب بعد (إن) وغيرها من أدوات الشرط. وهو موافق لإطلاق النحويين (3). وظاهر عبارة التسهيل تخصيصه ب(إن)(4)
وصرّح به في التوضيح (5) تبعا له.
والمعتمد (6) إطلاقهم لقوله تعالى: {فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} (7).
ولا منافاة بين هذا وبين ما تقدم من أن (إذا) ليست من الجوازم، فإنه لا يلزم من نفي الجزم عنها نفي إفادتها الشرطية (8). والله أعلم.
__________
(1) أي في الجملة الاسمية.
(2) قوله: (خصوص) ساقط من (ج).
(3) وكذا ذكر المرادي في توضيح المقاصد 4/254 قال:(نصوص النحوبين على الإطلاق). وينظر أيضا ارتشاف الضرب 2/552 وما بعدها.
(4) قال في التسهيل ص 238: (وقد تنوب بعد (إنْ) إذا المفاجأة عن الفاء في الجملة الاسمية غير الطلبية) فخص ذلك الحكم ب(إن).
(5) أوضح المسالك 3/195.
(6) أي الراجح.
(7) من الآية 48 من سورة الروم.
(8) وذلك لأن (إذا) هذه اسم شرط غير جازم وتختص بالدخول على الجمل الفعلية.
ينظر مغني اللبيب ص 127.(9/19)
ص: ويجوز [59/ب] حذف ما عُلم من شرط بعد (وإلاّ) نحو إفعل وإلا عاقبتك. أو جواب شرطه ماض، نحو {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْض}(1)، أو جملة شرط وأداته إن تقدمها طلب ولو باسمية أو باسم فعل(2)، أو بما لفظه الخبر، نحو {قُلْ تَعَالَوْا أَتْل} (3) ونحو أين بيتك أزرك(4)، و(حسبك حديث ينم الناس)، وقال:
مكانك تحمدي أو تستريحي
وشرط ذلك بعد النهي كون الجواب محبوبا، نحو: (لا تكفر تدخل الجنة).
ش: تضمن كلامه هذا ثلاث مسائل:
الأولى: أنه يجوز حذف فعل الشرط إذا عُلم، ووقع بعد (وإلا)(5) نحو (افعل كذا وإلا عاقبتك) (6) تقديره وإلا تفعل عاقبتك، ومنه قول الشاعر:
127- فطلِّقْها فلستَ لها بكفءٍ وإلاّ يعلُ مِفرَقك الحُسامُ(7)
__________
(1) من الآية ه 3 من سورة الأنعام.
(2) في (أ): (ولو باسم فعل) والمثبت من (ب) و (ج) والشذور ص 23.
(3) من الآية 151 من سورة الأنعام.
(4) في (ج): (أزورك) بالواو.
(5) في (أ) و (ب): (بعد إلا) والمثبت من (ج).
(6) في (أ): (وإلا قتلتك)، والمثبت من (ب) و (ج)، وقوله: (تقديره وإلا تفعل عاقبتك) ساقط من (ج).
(7) البيت من الوافر، وهو للأحوص الأنصاري يخاطب به رجلا اسمه مطر ويأمره بأن يطلق امرأته.
المفرق: وسط الرأس، الحسام: السيف. والرواية التي في الديوان:
... فلست لها بأهل وإلا شق......
ينظر ديوان الأحوص ص 190، وهو من شواهد المرتجل لابن الخشاب ص 273 والإنصاف 1/72 والأمالي الشجرية 1/341 والمقرب 1/276 وشرح الكافية الشافية 3/ 1069 والمغني 848 والعيني 4/ 435 والتصريح 2/ 252 وشرح الأشموثي 4/ 25 والخزانة 2/151.
والشاهد حذف فعل الشرط بعد (وإلا) لدلالة ما قبله عليه والأصل وإلا تطلقها.(9/20)
الثانية أنه يجوز حذف جواب الشرط إذا عُلم، وكان شرطه ماضيا، نحو قوله تعالى: {فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْض}(1) الآية. تقديره فافعل. وقد فهم من كلامه أن ما لم يعلم من شرط أو جواب لكونه لا دليل عليه لا يجوز حذفه وهو واضح.
وينبغي أن يعلم أن حذف الشرط أقل من حذف الجزاء، وإن كانا جائزين. وكلام المصنف(2) لا يأبى هذا.
وأنه لا يشترط في حذف الشرط تعويض (لا) من المحذوف(3).
وأنه لا يشترط في حذف الشرط أن تكون أداته (إنْ) بل يجوز في غيرها. وكلام المصنف ربما يفهم خلاف هذين(4).
الثالثة: أنه يجوز حذف الشرط وأداته مع جزم الجواب وذلك بعد الطلب، سواء كان(5) الأمر أو النهي أو الدعاء أو الاستفهام أو التمني أو العرض أو التحضيض، إذا قصد معنى الجزاء وأسقطت الفاء نحو زرني أزرك، ومثله {قُلْ تَعَالَوْا أَتْل}(6) و(لا تدن من الأسد تسلمْ(7)، ورَبِّ اغفرْ لي أدخلْ الجنة(8) وهل تكرمْ زيدا يكرمْك(9)، وليت لي مالا أنفقْه(10) و ألا تنزلْ عندنا تُصبْ خيرا(11) ولو لا تأتينا تحدثْنا(12).
__________
(1) من الآية 35 من سورة الأنعام.
(2) في شرح الشذور.
(3) اشترط هذا الشرط ابن عصفور والأبّدي. ينظر المقرب 1/276 والارتشاف2/561.
(4) لأنه قال في الشذور ص 23: (ويجوز حذف ما علم من شرط بعد (وإلاّ).
(5) قوله: (كان) زيادة من (ج).
(6) من الآية 151 من سورة الأنعام، وهو مثال للجزم بعد الأمر.
(7) وهذا مثال للجزم بعد النهي.
(8) هذا مثال للجزم بعد الدعاء.
(9) هذا مثال للجزم بعد الاستفهام.
(10) هذا مثال للجزم بعد التمني.
(11) في (أ): (ألا تنل) والمثبت من (ب) و (ج)، وهذا مثال للجزم بعد العرض.
(12) هذا مثال للجزم بعد التحضيض.(9/21)
والتقدير إن تزرني أزرك، وإن لاتدن من الأسد تسلم وإن تغفر لي أدخل [60/أ] الجنة، وإن تكرم زيدا يُكرمك، وإن أرزق مالا أنفقه، وإن تنزل تُصب، وإن تأتنا تُحدثنا(1).
وسواء الطلب بالفعل كما تقدم أو بالجملة الاسمية نحو أين بيتُك أزرك، أو باسم الفعل، نحو:
128-........ مكانك تُحمدي أو تستريحي(2)
أو بما لفظه الخبر، نحو (حسبُك حديثٌ يَنَمْ الناسُ) (3).
وشرط الجزم بعد النهي أن يكون الجزاء محبوبا(4). نحو (لا تدنُ من الأسد تسلمْ)، فالسلامة منه أمر محبوب. وكذا في (لا تكفر تدخلْ الجنة) فدخولها أمر محبوب. وعلى هذا فلا يصح أن تقول: لا تدن من الأسد يأكلْك، ولا تكفرْ تدخلْ النار(5).
ويعبر عن هذا أيضا بأن شرط جزم الجواب بعد النهي أن يصح إقامة شرط منفي مقامه.
__________
(1) هذا التقدير على مذهب أكثر المتأخرين الذين يرون أن الجزم هنا بأداة شرط مقدرة مع فعل الشرط. وسيأتي الخلاف في ذلك قريبا.
(2) عجز بيت من الوافر، وهو لعمرو بن الأطنابة، يخاطب نفسه ويحثها على القتال. وصدره:
وقولي كُلَّما جشأتْ وجاشتْ ... ... ...
جشأت وجاشت: أي نهضت وارتفت من الفزع، مكانك تحمدي: اثبتي مكانك.
ينظر الكامل للمبرد 3/1434 ومجالس ثعلب 1/67 والخصائص 3/35 والاقتضاب 1/124 وشرح الجمل لابن عصفور 1/133 و العيني 4/415 والتصريح 2/243 وهمع الهوامع 2/13 والأشموني 3/ 312.
والشاهد جزم (تحمدي) في جواب اسم الفعل (مكانك) فإنه في معنى (اثبتي).
(3) أي اكفف عن الحديث ينم الناس، (فحسبك) لفظه لفظ الخبر ومعناه الأمر.
(4) وقد جعل له العلماء ضابطا، هو وضع (إنْ) الشرطية قبل (لا) مع صحة المعنى.
(5) أي بالجزم، قال سيبويه 3/97: (فإن قلت: لا تدن من الأسد يأكلك فهو قبيح إن جزمت، وليس وجه كلام الناس، لأنك لا تريد أن تجعل تباعده من الأسد سببا لأكله فإن رفعت فالكلام حسن). وهذا هو مذهب جمهور العلماء.
ينظر المقتضب 2/83 وشرح المفصل 7/48 وهمع الهوامع 2/14.(9/22)
وخالف الكسائي(1) في هذا الشرط، فجوّز الجزم في نحو لا تدن من الأسد يأكلْك، ولا تكفر تدخلْ النار، بتقدير: (إنْ تدنُ) و(إنْ تكفرْ). فلم يشترط في الشرط المقدر أن يكون منفيا.
واستدل بقوله عليه الصلاة السلام(2) : "لا ترْجعوا بعدِي كفّارًا يضرِبْ بعضُكم رقاب بعض"(3). فإنه لا يصح تقدير (لا) فيه(4)، مع أنه ورد مجزوما. وبقول أبي طلحة(5) للنبي صلى الله عليه وسلم(6) (لا تُشْرفْ يُصبْك سهمٌ) (7) وتقديره إن تشرف يصبك سهم، ولا يصح تقديره: إلاَّ تشرف. وحمل الجماعة(8) ذلك ونحوه على إبدال الفعل من الفعل(9)
__________
(1) قول الكسائي في شرح الكافية للرضي 2/267، وفيه قال الرضي: (وليس ما ذهب إليه الكسائي ببعيد لو ساعده نقل). قلت: وقد ذهب السهيلي إلى ما ذهب إليه الكسائي. ينظر أمالي السهيلي ص 85 وتوضيح المقاصد 4/214.
(2) في (أ) و (ج): (عليه السلام)، والمثبت من (ب).
(3) الحديث أخرجه البخاري في كتاب العلم عن جرير البجلي رضي الله عنه. ينظر صحيح البخاري 1/41 وصحيح مسلم 2/55 وسنن الترمذي 4/486.
(4) لأنه سيكون التقدير (إن لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض) وهذا عكس المعنى المراد.
(5) هو زيد بن سهل بن الأسود الأنصاري الخزرجي، مشهور بكنيته، شهد بدرا وما بعدها، مات سنة 51 ه على الأصح. ينظر الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر 1/566.
(6) في (أ): (عليه السلام) والمثبت من (ب) و (ج).
(7) هذا الأثر أخرجه البخاري في باب مناقب الأنصار 5/46 وقد ذكر الحافظ ابن حجر أن في قوله: (يصبك) روايتين الجزم والرفع. ينظر فتح الباري 7/362.
(8) ينظر توضيح المقاصد 4/214 والتصريح 2/243 والأشموني 3/311.
(9) وحمله ابن عصفور في شرح الجمل 2/193 على أنه من تسكين المرفوع الذي لا يجوز إلا في ضرورة أو قليل من الكلام.
وقد أجاب بعض العلماء عن الجزم في الحديث الأول، بأن الأصل: (يضربُ) بالرفع، ثم حصل إدغام الباء فيما بعده. ينظر الملخص لابن أبي الربيع 1/157.(9/23)
.
تنبيهان:
أحدهما: لم يصرح المصنف باشتراط إسقاط الفاء، ولا بقصد معنى الجزاء اعتمادا على سياق الكلام، وعلى ما ذكره من الأمثلة.
الثاني: اختلفوا في عامل الجزم بعد إسقاط الفاء في هذه المواضع.
فقيل: إن لفظ الطلب ضمّن معنى حرف الشرط فجزم(1).
واختاره ابن مالك(2)، ونسبه لسيبويه والخليل(3).
وقيل: إن الطلب ناب عن حرف الشرط بعد حذفه فجزم، ونسب إلى السيرافي(4) والفارسي(5) وابن عصفور(6).
وقيل: الجازم حرف شرط مقدر دل عليه الطلب، وهو مذهب أكثر المتأخرين(7) و هو(8) الراجح. وهو [60/ب] ظاهر كلام المصنف(9) فإنه وإن لم يصرح بالجزم فقد صرح بأن جملة الشرط وأداته محذوفان، وذلك يقتضي جزم الجواب بالشرط المقدر. ولعل هذا هو عذره في عدم التصريح بالجزم.
وقيل(10): الجزم بلام مقدرة، فإذا قيل: ألا تنزل عندنا تُصبْ خيرا، فالتقدير لتصب خيرا.
__________
(1) في (ج): (مجزوم) وهو تحريف.
(2) ينظر شرح الكافية الشافية 3/ 1551.
(3) قال سيبويه في الكتاب 3/93: (فأما ما انجزم بالأمر فقولك: (ائتني آتك). فهذا نص من سيبويه على أن الجزاء مجزوم بالأمر. وقال عن الخليل: (وزعم الخليل أن هذه الأوائل كلها فيها معنى (إن) فلذلك انجزم الجواب).
(4) ينظر قوله في ارتشاف الضرب لأبي حيان 2/419.
(5) ينظر الإيضاح العضدي ص 333.
(6) صحح ابن عصفور هذا القول في شرح الجمل 2/192.
(7) هذا هو اختيار أبي حيان، ونسبه لأكثر المتأخرين. ينظر ارتشاف الضرب 2/ 419.
(8) قوله: (هو) ساقط من (أ) و (ج)، و (هو) التالية ساقطة من (ب).
(9) أي في شذور الذهب ص 23 وقد صرح بهذا القول في أوضح المسالك 3/ 179.
(10) هذا قول الفراء وبعض العلماء. ينظر معاني القرآن للفراء2/77 وهمع الهوامع 2/15.(9/24)
ص: ولك معهن ومع لام التعليل إظهار (أن).
ش: بَيّن في هذا الكلام ما يجب فيه إضمار (أَنْ) وما لا يجب مما تقدم. فذكر أنه يجوز إظهارها(1) بعد هذه الأحرف الأربعة في مسألة العطف على اسم خالص، وبعد لام (كي) وهي(2) المراد بقوله:(لام التعليل).
وفهم من ذلك أن الإضمار واجب في غير ذلك. وهو سائر ما تقدم، ومنه(3) لام الجحود.
وتدخل(4) لام العاقبة واللام المؤكدة أي الزائدة في لام التعليل، التي هي لام كي، على ما تقدم.
ص: باب المجرورات ثلاثة، المجرور بالحرف وهو(5) من وإلى وعن وعلى والباء، واللام وفي مطلقا.
ش: لما أنهى الكلام على المنصوبات شرع في ذكر المجرورات، وهي ثلاثة أنواع:
مجرور بالحرف، 50/ب ومجرور بالإضافة ومجرور بالمجاورة.
وقدّم المجرور بالحرف على المجرور بالإضافة(6) لكونها على معنى الحرف، حتى قيل(7): إنه(8) العامل في المضاف إليه الجر، فكأنها(9) فرع. وأخر المجرور بالمجاورة لشذوذه(10).
والحروف الجارة منها ما يجر الظاهر والمضمر.
__________
(1) في (ب): (لما بين الواضع التي يجب فيها إظهار(أن) وما لا يجب مما تقدم ذكر أنه يجوز إظهار(أن).
(2) في (ب): (وهو).
(3) في (ج): (وهو)، وهو خطأ. و قد تقدم أن (أَنْ) تضمر وجوبا في خمسة مواضع بعد لام الجحود و (أو) التي بمعنى إلى أو إلا و(حتى) والفاء السببية وواو المعية.
(4) في(أ) و(ج) (وقد تقدم أن) ولا موضع لها هنا. والمثبت من (ب). لأنه المناسب. من قوله: (ومجرور بالمجاورة) إلى هنا ساقه من (ج) بسبب انتقال النظر.
(5) في (ج): (وهي).
(6) من قوله: (ومجرور بالمجاورة) إلى هنا ساقط من (ج) بسبب انتقال النظر.
(7) هذا قول الزجاج وهو أن العامل في المضاف إليه هو الحرف المقدر، ينظر الأشموني 2/237
(8) أي حرف الجر.
(9) أي الإضافة، وفي (ج). (فكأنه) أي المجرور بالإضافة.
(10) : (لكونه شاذا قياساً) وسيأتي الكلام على المجرور بالمجاورة.(10/1)
وقدمه على غيره لعمومه، فإنه يدخل على الظاهر زمانا أو غيره وعلى الضمير،وإلى عمومه أشار بقوله: (مطلقا).
ومنها ما يختص ببعض ذلك وهو أنواع(1) ستأتي.
وذكر هنا القسم الأول، وهو سبعة:أحدها (مِنْ) نحو قوله تعالى: {وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ}(2) وتأتي للتبعيض، نحو{حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}(3) ولبيان الجنس، نحو {أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَب}(4) ولابتداء الغاية المكانية(5) باتفاق، نحو {مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}(6) والزمانية على الأصح(7)، نحو {مِن أَوَّلِ يَوْمٍ}(8) وزائدة(9)، نحو {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ (10)}وبمعنى البدل، نحو {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ}(11) وللظرفية، نحو {مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ}(12) وللتعليل، نحو {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا}(13).
__________
(1) في (ج): (ما يخفض ببعض ذلك، وهي أنواع).
(2) من الآية 7 من سورة الأحزاب.
(3) من الآية 92من سورة آل عمران.
(4) من الآية 31من سورة الكهف.
(5) في (ج): (المكانة) وهو تصحيف، وقد اتفق العلماء على أن مِنْ تأتي للغاية المكانية. ينظر مغني اللبيب ص419.
(6) من الآية 1 من سورة الإسراء.
(7) وهو قول الكوفيين والأخفش وابن مالك، وهو الصحيح، ومنع ذلك البصريون. ينظر الكتاب 4/224والإنصاف 1/370 والتسهيل ص 144 والتصريح 2/8.
(8) من الآية 108 من سورة التوبة.
(9) جيء بالزائدة للتنصيص علي النفي، لذلك لا تقع في الإثبات عند الجمهور. والأولى أن تسمّى حينئذ صلة للتأكيد، احتراما للقرآن الكريم
(10) من الآية 3 من سورة فاطر.ولفظ الجلالة لم يرد في (ج).
(11) من الآية 38من سورة التوبة.
(12) من الآية 40 من سورة فاطر.
(13) من الآية 25من سورة نوح. وكلمة (أغرقوا) لم ترد في (أ) و (ب).(10/2)
ثانيها (إلى) نحو{إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ}(1)،{إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ}(2).
وتأتي لانتهاء الغاية زمانا ومكانا. نحو{ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}(3) ونحو {مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى}(4).
ثالثها (عن) نحو {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ}(5){رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم}(6). وتارة للمجاوزة(7)، نحو سرت عن البلد(8) ورميت عن القوس.
وللبعدية، نحو { طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}(9) أي بعده. وللاستعلاء، نحو {فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ}(10) أي على نفسه.
وللتعليل، نحو{وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِك}(11) أي لأجل قولك(12).
رابعها (على) نحو {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ}(13).
وتأتي للاستعلاء(14) نحو صعدت على السطح.
وللظرفية، نحو {عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ}(15) أي في حين غفلة.
وللمجاوزة، كقوله:
__________
(1) من الآيات 48و 105 من سورة المائدة و4 من سورة هود.
(2) من الآية.6من سورة الأنعام، ومن الآية 4من سورة يونس، وقد كتبت في (ج) في الموضعين (مرجكم) وهو خطأ.
(3) من الآية 187من سورة البقرة.
(4) من الآية 1 من سورة الإسراء.
(5) من الآية 18من سورة الفتح. وكلمة (لقد) لم ترد في (أ).
(6) من الآيات 119 من سورة المائدة، و100 من سورة التوبة و22 من سورة المجادلة و 8 من سورة البينة.
(7) هذا المعنى أشهر معاني (عن) ولم يثبت لها البصريون غيره.
ينظر الجنى الداني ص 245 ومغني اللبيب ص 196.
(8) في (ج): (سرت عن الطريق).
(9) من الآية 19من سورة الانشقاق.
(10) من الآية 38 من سورة محمد صلى الله عليه وسلم.
(11) من الآية 53 من سورة هود.
(12) في (أ) و (ج): (لأجلك). والمثبت من (ب).
(13) الآية 22من سورة المؤمنون ومن الآية 80 من سورة غافر.
(14) هذا هو الأصل في معاني (على) لأنها وضعت في اللغة للاستعلاء.
وينظر معانيها في مغني اللبيب ص 190 وهمع الهوامع 2/28.
(15) من الآية 15من سورة القصص.(10/3)
97- إذا رَضِيَتْ عَلَيَّ بَنُو قُشير لَعمرُ أَبيك أَعجبني رِضَاها(1)
أي عَنِّي. وللمصاحبة، نحو{وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ}(2) أي مع ظلمهم.
خامسها الباء، نحو {آمنُوا بِاللهِ}(3), {آمنُوا بِهِ}(4).
وتأتي/للاستعانة، نحو كتبت بالقلم، وللتعدية، نحو{ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ}(5) أي أذهبه. وللتعويض، كبعت(6) هذا بهذا. وللإلصاق نحو أمسكت(7) بزيد. وللتبعيض(8) نحو {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا}(9) أي منها، وللمصاحبة، نحو {وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ}(10) أي مصاحبين معه. وللمجاوزة. نحو{فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً}(11) أي عنه. وللبدل، نحو أخذت الدرهم بالدينار، أي بدله.
__________
(1) البيت من الوافر، وهو للقحيف العقيلي، وهو شاعر إسلامي مقل. ولم يرد الشطر الثاني في (أ) و(ب) وأثبته من (ج). وفي (ب): (قريش) بدل (قشير) وهو تصحيف. والبيت في مجاز القرآن لأبي عبيدة 2/84 والنوادر لأبي زيد ص 481 والمقتضب 2/320 والخصائص 2/311 والإنصاف 2/630 وشرح المفصل 1/120 وشرح الكافية الشافية 2/809 وفيه: (لعمر الله) بدل (لعمر أبيك) والمغني ص 191 وشرح الاشموني 2/222 والخزانة10/132 والدرر اللوامع 4/135.
والشاهد استعمال (على) في قوله: عليّ للمجاوزة بدل (عن).
(2) من الآية 6من سورة الرعد.
(3) من الآية 136 من سورة النساء ومن الآية 7 من سورة الحديد.
(4) من الآية 107 من سورة الإسراء ومن الآية 31 من سورة الأحقاف.
(5) من الآية 17 من سورة البقرة.
(6) في (ج): (كبعتك).
(7) في (ج): (أمسك).
(8) في (أ): (للتعويض) وهو تحريف. صوابه من (ب) و (ج).
(9) من الآية 6من سورة الإنسان.
(10) من الآية ا6 من سورة المائدة.
(11) من الآية 59 من سورة الفرقان.(10/4)
وللظرفية. نحو {نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ}(1) أي فيه. وللاستعلاء نحو {مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ}(2) أي عليه. وللسببية، نحو{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ}(3) وزائدة، نحو {كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً}(4).
سادسها (اللام) نحو {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ}(5) {لهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ}(6) وتأتي للملك، نحو {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ}(7). وللاختصاص نحو (السرجُ للدابة). وللتعدية، نحو (ما أضْرَبَ زيدًا لعمروٍ) (8). وللتعليل، نحو:
وإنِّي لَتعروني لِذِكْرَاكِ هِزَّةٌ كما انتقض العصفورُ بلَّله القَطْر(9)
وزائدة نحو:
98-............ مُلكاً أجارَ لمسلمٍ ومُعاهَد(10)
__________
(1) من الآية 34 من سورة القمر.
(2) من الآية 75من سورة آل عمران. وفي النسخة (ب):{ومنهم من إن تأمنه بقنطار} بزيادة (ومنهم) وهي ليست في أول الآية، وبدلها في (ج): {من إن تأمنه بدينار} وهي من الآية نفسها.
(3) من الآيتين 155 من سورة النساء و 13 من سورة المائدة.
(4) من الآية 79من سورة النساء، والباء هنا للتأكيد.
(5) من الآية 284 من سورة البقرة.
(6) من الآية 255 من سورة البقرة ومن الآية 6 من سورة طه. ولم ترد هذه الآية في (أ).
(7) من الآية 120 من سورة المائدة.
(8) الفعل (ضرب) هنا لازم لأنه محول إلى التعجب، فعدت اللام الفعل إلى المفعول وهو (عمرو) وفي (أ): (ما أضرب زيد لعمرو)، وفي (ب) (ضرب زيد لعمرو) والتصويب من (ج).
(9) البيت من الطويل، وقد سبق بيانه ولم يرد الشطر الثاني في (أ) و(ب).
والشاهد فيه هنا إفادة اللام في قوله: (لذكراك) التعليل أي لأجل ذكراك.
(10) عجز بيت من الكامل، وهو للرماح بن ميادة يمدح عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك، وصدره:
وملكت ما بين العراق ويثرب................
ينظر ديوانه ص 112 ومغني اللبيب 285والمساعد 2/259 والعيني 3/278 والتصريح، 2/11وشرح الأشموني 2/216 والدرر اللوامع 4/170.
والشاهد قوله. (لمسلم) فإن اللام زائدة، والأصل أجار مسلما ومعاهدا. والمعاهد هو الذي دخل بلاد الإسلام بعهد من الإمام.(10/5)
ِ
وللتقوية(1) نحو {فَعَّالٌ لِمَا يُريدُ}(2). ولانتهاء الغاية، نحو {لأجَلٍ مسمى}(3). وللقَسَم، نحو (لله لا يؤخر الأجل). وللصيرورة:
99- لِدُوا للموت وابنوا للخراب فكلُّكم يصير إلى ذهاب(4)
وللبعديه {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ}(5) أي بعده. وللاستعلاء نحو {يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ}(6) أي عليها.
سابعها (في) نحو {وفي الأرض}(7)، {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ}(8).
وتأتي للظرفية المكانية، نحو {فِي أَدْنَى الأَرْضِ}(9) والزمانية، نحو {فِي بِضْعِ سِنِينَ}(10) والمجازية، نحو {فِي يُوسُفَ}(11).
__________
(1) في (أ) و (ج): (للتعدية) وهو تحريف لأنه قد سبق ذكر التعدية. والتصويب من (ب).
(2) الآية 16 من سورة البروج.
(3) من الآية 13من سورة فاطر ومن الآية 5 من سورة الزمر.
(4) البيت من الوافر وهو لأبي العتاهية وقد نسب للإمام علي وأبي نواس أيضا ولم يرد الشطر الثاني في (ب). لِدُوا: فعل أمر من الولادة مبني على حذف النون و واو الجماعة فاعل.ينظر ديوان أبي العتاهية ص 33، وصدره في ديوان الإمام علي ص 46وديوان أبي نواس ص 200. وقد ورد البيت في الجنى الداني ص 98 والتصريح 2/12وهمع الهوامع 2/32 وخزانة الأدب 9/529. والتمثيل به في قوله (للموت وللخراب) فإن اللام فيهما هي لام العاقبة والصيرورة.
(5) من الآية 78 من سورة الإسراء.
(6) من الآية 107 من سورة الإسراء.
(7) من الآية 20 من سورة الذاريات. وهذا منهج الشارح يبدأ كل حرف بمثالين أحدهما جار للظاهر والثاني جارٌ للضمير، ثم يتبع ذلك ببيان المعاني.
(8) من الآية 71 من سورة الزخرف.
(9) من الآية 3من سورة الروم.
(10) من الآية 4من سورة الروم.
(11) من الآيتين 7و80 من سورة يوسف. وقوله:(والمجازية) إلى آخر ساقط من (ب).(10/6)
وللسببية، نحو{لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(1). وللمصاحبة نحو {قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ}(2) وللاستعلاء، نحو{فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}(3) وللمقايسة، نحو {فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاّ قَلِيلٌ}(4).
ص: والكاف وحتى والواو للظاهر مطلقا، والتاء لله وربِّ [مضافاً للكعبة أو الياء] (5) وكي لما الاستفهامية و(أنْ) المصدرية وصلتها(6) ومنذ ومذ(7) لزمن غير مستقبل ولا مبهم.
و(رُبّ) لضمير غيبة مفرد مذكر مميز بمطابق المعنى قليلا ومنَكَّر كثيرا(8).
ش: لما فرغ من ذكر(9) القسم الأول أخذ يذكر القسم الثاني.وهو الحروف 51/ب المختصة(10) وهي أنوع:
فمنها ما يختص بالظاهر مطلقا، أي أيّ ظاهر كان، فلا يختص بظاهر دون ظاهر ولا يدخل على ضمير. وهذا النوع ثلاثة أحرف.
أولها الكاف، وتأتي للتشبيه، نحو {وَرْدَةً كَالدِّهَانِ}(11).
وللتعليل، نحو{وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ}(12) أي لأجل هدايته إياكم(13).
__________
(1) من الآية 14 من سورة النور. ولم تكمل الآية في (أ) و (ج).
(2) من الآية 38من سورة الأعراف. وكلمة (قال) لم ترد في (ج).
(3) من الآية71 من سورة طه.
(4) من الآية 38 من سورة التوبة. وقوله: (إلا قليل) لم يرد في (أ).
(5) سقطت من النسخ وأضفتها من شذور الذهب ص 21.
(6) في شذور الذهب ص 21: (أو (أن) المضمرة وصلتها).
(7) في (ب) و(ج): (ومذ ومنذ).
(8) في شذور الذهب: (بمطابق للمعنى قليلا ولمنكر موصوف كثيرا).
(9) ذكر) ساقطة من (أ) و أثبتها من (ب) و (ج).
(10) وقع في (أ) و(ج) تكرار حيث جاء فيهما: وهو الحروف مختصة أخذ يذكر الخاصة).
(11) من الآية 37من سور الرحمن.
(12) من الآية 198 من سورة البقرة.
(13) في(ج): (لأجل هدايتكم إياه) وذلك محال، لأن الهداية من الله لا له.(10/7)
وللاستعلاء، كقول بعضهم(1)، وقد قيل له: كيف أصبحت: كخير(2) أي على خير.
وزائدة للتوكيد، نحو{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}(3) أي ليس شيءٌ مثلَه.
ثانيها (حتى) ولا يجربها إلا آخر أو متصل بآخر، فلا يقال(4)
سهرت البارحة حتى نصفها.
وتأتي لانتهاء الغاية المكانية، نحو (أكلت السمكة حتى رأسها).
والزمانية، نحو {سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} (5).
ثالثها الواو، ومعناها القسم، نحو والله والنبي والكعبة(6).
ومنها ما يختص بلفظ (الله) ولفظ (رَبّ) مضافا إلى الكعبة.
أو إلى ياء المتكلم، وهو حرف واحد، وهو تاء القسم، تقول: تَاللهِ لأفعلنَّ، وتَرَبِّ الكعبة(7)، وتَرَبِّى لأقومن(8).
ومنها ما يختص ببعض الظواهر أيضا، وهو(9) (كي).
وذكر الشيخ أنه يجر به شيئان:
أحدهما: ما(10) الاستفهامية، يقولون إذا سألوا عن علّة الشيء: كيمه، والأكثر أن يقولوا: لمه.
ثانيهما: (أن) المصدرية وصلتها، نحو جئتك كي تكرمني، إذا قُدّرت أنْ بعدها، أي كي أن تكرمني، وقد ظهرت في الضرورة كقوله:
__________
(1) أي بعض العرب، والقول بأنها تأتي للاستعلاء هو قول الكوفيين، ينظر مغني اللبيب ص 235 وهمع الهوامع 2/30.
(2) في (ب). (قال: كخير).
(3) من الآية 11 من سورة الشورى. قال العكبري في التبيان 2/1131: (والكاف في (كمثله) زائدة، أي ليس مثله شيء، فمثله خبر (ليس) ولو لم تكن زائدة لأفضى إلى المحال، إذ كان يكون المعنى أن له مثلا، وليس لمثله مثل، وفي ذلك تناقض).
(4) قوله: (يقال) ساقط من(ج).
(5) الآية5 من سورة القدر. ولم يذكر في (ب) قوله: (سلام هي).
(6) الحلف بالنبي والكعبة لا يجوز، لأنهما من المخلوقات، ولا يجوز الحلف إلا بالله وأسمائه وصفاته، لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (مَنْ حَلفَ بغير اللهِ فقد كفرَ أو أشرك).
(7) حكى ذلك الأخفش. ينظر شرح الكافية الشافية 2/792.
(8) في (ب): (لأفعلن)
(9) في (ب) و(ج): (وهي)
(10) كلمة (ما) ساقطة من (ج).(10/8)
............ كَيْمَا أَنْ تَغَرَّ وَتَخْدَعَا(1)
ومنها ما يختص من الظاهر بالزمان، وهو (مذ) و (منذ).
ويشترط أن يكون غير مبهم، فلا تقول: جئتك مذ وقت أو منذ زمن. وأن يكون غير مستقبل، بأن يكون ماضيا.
ومعناهما حينئذ ابتداء الغاية، كقوله:
100-............ ورَبْعٍ عَفَتْ آثارُه مُنْذُ أزْمَانِ(2)
أو حاضراً ومعناهما حينئذ الظرفية. نحو (ما رأيته منذ يومِنا) (3). ويمتنع أن تقول(4): لا أراه منذ غد(5).
ومنها ما يختص بنوع من المضمرات وبنوع من المظهرات، وهو (رُبّ).
فأما الأول فهو ضمير الغيبة الملازم للإفراد والتذكير(6)، بشرط أن يفسر بتمييز 52/أ عده مطابق (7) للمعنى
وأما الثاني فهو النكرة، وهذا هو الكثير، والأول هو القليل(8).
فمن الأول قوله:
رُبّه فتيةً دعوت إلى ما يورث المجد دائما فأجابوا(9)
__________
(1) جزء بيت من الطويل، وهو لجميل بثينة وقد سبق بيانه. والشاهد فيه هنا وقوع (كي) فيه تعليلية جارة لأن وصلتها،وقد ظهرت فيه (أن) بعد (كي) ضرورة.
(2) عجز بيت من الطويل، وهو لامريء القيس بن حجر، وصدره:
قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان..........
والذي في الديوان: (ورسم عفت آياته) ينظر ديوانه ص 89.
والبيت من شواهد توضيح المقاصد 2/225 والمغني ص 441 والعيني 3/319 والتصريح 2/17 والأشموني 2/229 والدرر اللوامع 3/142.
والشاهد مجيء (منذ) بمعنى (من) لدخولها على زمن ماض.
(3) والمعنى ما رأيته في يومنا.
(4) في (ب): (أن يقال).
(5) لأن (مذ) و(منذ) لا يدخلان على الزمن المستقبل. وفي (ب): (ما رأيته منذ غد).
(6) هذا مذهب البصريين وأجاز الكوفيون مطابقة الضمير للتمييز مطلقا نحو ربه رجلا وربها امرأة وربهما رجلين وربهم رجالا وربهن نساء. ينظر ارتشاف الضرب 2/463.
(7) في (ج): (مطابقا) بالنصب.
(8) في (أ) و (ج): (هو قليل) وما أثبته من (ب)، وهو الأولى.
(9) البيت من الخفيف، ولم يعرف قائله.
وهو من شواهد الارتشاف 2/463 والمغني ص 638وشرح والشذور ص 133 والعيني 3/259 والتصريح 2/4 والهمع 2/27 والأشموني 2/60. وفي نسخة (ب): (رب فتية دعوت إلى ما يرث) وهو تحريف. وفي بعض المصادر (دائبا) بدل (دائما).
والشاهد فيه دخول (ربّ) على ضمير الغائب، وقد فسر بالنكرة التي بعده.(10/9)
ومن الثاني(1) قولك: رُبّ رجل(2)
وهي موضوعة للتكثير والتقليل(3). لكنها تستعمل للتكثير كثيرا، نحو، قوله: (يا رُبَّ كَاسيةٍ في الدنيا عاريةٌ يومَ القيامة) (4).
وللتقليل قليلا، كقوله:
102- ألا رب مولود وليس له أب وذي ولد لم يلده أبوان
وذي شامة سوداءَ في حُرِّ وجْهِهِ مُجلَّلةً لا تنقضي لزمانِ
ويكْمُلُ في خمسٍ وتِسعٍ شبابُُه ويهرُم في سبعِ مضت وثمَانِ(5)
يريد عيسى وآدم عليهما السلام – والقمر(6).
تنبيهات:
الأول: قد ورد جرّ الكاف للضمير في قوله:
__________
(1) وهو دخول (رب) على النكرة.
(2) اشترط أكثر العلماء في النكرة التي تدخل عليها (رب) أن توصف بصفة نحو (رُبَّ رجل صالح لقيته).
(3) هذا قول ابن مالك، وعند غيره أنها موضوعة للتقليل، قال ابن مالك في شواهد التوضيح ص 104: (وأكثر النحويين يرون أن معنى (رب) للتقليل وأن ما يصدر بها المضي والصحيح أن معناها في الغالب التكثير، نص على ذلك سيبويه ودلت شواهد النثر والنظم عليه).وينظر الأقوال عن (رب) في شرح الرضي 2/329 والمغني ص 180 والهمع2/25.
(4) هذا حديث شريف أخرجه البخاري والترمذي، وفيهما بلفظ (عارية في الآخرة). ينظر صحيح البخاري 1/40 وسنن الترمذي 4/488.
(5) هذه الأبيات من الطويل، وهي لرجل من أزد السراة وقيل: هي لعمرو الجني يقولها لامريء القس.
والبيت الأول من شواهد سيبويه 2/266 - هارون والأصول 1/364 والخصائص 2/333 وشرح المفصل 9/126 والقرب 1/199. والمغني ص 181 والعيني 3/354 والتصريح 2/18 والأشموني 2/230 وينظر خزانة الأدب 2/381 والدرر 4/119. وقد جاء في (ج): (في حر ّوجهها) وهو تحريف. وفي (ب): (محجلة) بدل (مجللة).
والشاهد وقوع (رب) فيها للتقليل.
(6) فالمولود الذي ليس له أب هو عيسى عليه السلام وذو الولد الذي لم يلده أبوان هو آدم عليه السلام وذو الشامة السوداء هو القمر.وفي (أ) و (ج): (يريد آدم وعيسى والقمر) والمثبت من (ب).(10/10)
103-............ وأُمَّ أَوْعَالٍ كها أو أَقربا(1)
وقوله:
104- ولاتَرَى بعلاً ولاحَلائِلاَ كَهُو وَلاَ كَهُنّ إِلاّ حَاظِلا(2)
لكنه محكوم عليه بالشذوذ والضرورة، فلذلك لم يذكره المصنف.
الثاني: مقتضى قوله: (وكي لما الاستفهامية أو أنْ المصدرية). أنها لا تجر غيرهما(3).
ونقل عن الأخفش(4) أنها تجر (ما) المصدرية وصلتها(5) كقوله:
__________
(1) البيت من الرجز، وقائله العجاج. يصف حمارا وحشيا هرب من صياد، وقبله:
خَلَّى الذُّنَابَاتِ شَمالاً كَثَبَا
... خلى: ترك، الذنابات اسم موضع، أم أوعال: هضبة في ديار تميم، أي ترك الذنابات شمالا وأم أوعال مثلها أو قريبا منها، وقد جاء في (ج): (كأم) وهو تحريف. ... ولم أجد هذا البيت في ديوان العجاج برواية الأصمعي.
وهو من شواهد سيبويه 2/384- هارون والأصول 2/123وشرح المفصل 8/16 وشرح الكافية الشافية 2/793 وتوضيح المقاصد 2/196والعيني 3/253 والتصريح 2/3 والأشموني 2/208 والخزانة 10/202.
والشاهد قوله: (كها) حيث جر الكاف للضمير وهو ضرورة شعرية.
(2) البيتان من الرجز المشطور، وهما لرؤبة بن العجاج وقد نسبهما سيبويه للعجاج، والصحيح الأول.
بعلا: زوجا، حلائلا: جمع حليلة وهي الزوجة، الحاظل: المانع.
وجاء في (ب): (حلاحل كه)، وفي (ج): (حلاحلا كهي). وهو تحريف.
ينظر ديوان رؤبة ص 128والكتاب 2/384 والأصول 2/123 والمقرب 1/194 وشرح الألفية لابن عقيل 3/14 والعيني 3/256 والتصريح 2/4 والهمع 2/30 والخزانة 10/195
والشاهد دخول الكاف على الضمير في قوله. (كهو) و(كهن) وهو ضرورة.
(3) وهو مذهب جمهور البصريين حيث قالوا: إن (كي) لا تجر غير الحرفين السابقين. ينظر شرح الأشموني 2/204.
(4) ينظر قول الأخفش هذا ودليله في معاني القران للأخفش1/124.
(5) قوله: (أنها تجر(ما) المصدرية وصلتها) ساقط من (ج).(10/11)
105- إذا أنت لم تنفع فضرّ فإنما يراد الفتى كيما يضُرّ وينفع(1)
وغير الأخفش يرى أن (ما) كافة لا مصدرية ويجعل (أن) المصدرية مضمرة (2) وكلام المصنف يوافق هذا(3).
الثالث: اختلف في الضمير المجرور ب(رُبَّ).
فقيل: معرفة كغيره من الضمائر(4).
وقيل(5): نكرة لأنها لا تدخل إلا على النكرات(6)، وهو مقتضى كلام المصنف فيما سبق وقد قدمنا الكلام عليه في بحث النكرة(7).
__________
(1) البيت من الطويل، ولم يرد الشطر الأول في (أ) و (ب) إلا قوله: (فإنما)، وفي (أ) فقط: (كيما يضر ويخدعا) وهو تحريف، والمثبت من (ج).
واختلف في قائله فنسب للنابغة الجعدي ونسب لقيس بن الخطيم ونسب لعبد الله بن معاوية، ورجح العيني نسبته لقيس بن الخطيم.
وهو في ملحقات ديوان قيس ص 235والرواية فيه (يُرّجى كيما يضر وينفعا) وملحق ديوان النابغة الجعدي ص 246 وشعر عبد الله ابن معاوية ص 59.
والبيت في معاني القرآن للأخفش 1/124وشرح الكافية الشافية 2/782 والمغني ص 241 والمساعد 2/261 والعيني 3/245 والتصريح2/3 وشرح الأشموني 2/204 والخزانة 8/498 والدرر اللوامع 4/66.
والشاهد جر (ما) المصدرية وصلتها بكي أي للضر والنفع على تقدير الأخفش.
(2) ذكر ذلك أبو علي الفارسي في المسائل البغداديات ص 352.
(3) أي يوافق مذهب الجمهور وذلك في شذور الذهب أما في أوضح المسالك 2/120 فهو موافق للأخفش.
(4) هذا قول الفارسي وكثير من العلماء.
ينظر الإيضاح العضدي 266 والتصريح 2/4.
(5) هذا قول الزمخشري وابن عصفور.
ينظر المفصل 286 وشرح الجمل لابن عصفور 1/504.
(6) في (ب): (إلا على نكرة).
(7) ينظر ما سبق ص 286.(10/12)
الرابع: بقي من حروف الجر(1) خلا وعدا وحاشا ومتى ولعل ولم يذكرها المصنف هنا، لأن الثلاثة الأول تقدم له ذكرها في باب الاستثناء(2)، والأخيران شاذان(3).
ص: ويجوز حذفها معه، فيجب بقاء عملها، وذلك بعد الواو كثير والفاء وبل قليل(4)، وحذف اللام قبل (كي) وخافض (أنّ) و(أنْ) مطلقا.
ش: ذكر في هذا الكلام ما يحذف من حروف الجر.
فمنها ما يحذف مع بقاء عمله(5)، وهو (رُبَّ) الداخلة على النكرة 25/ب وهذا هو المراد بقوله: (ويجوز حذفها) أي حذف(6) (رب) (معه) أي مع المنكَّر (7). واحترز عن الجارة للضمير، فلا تحذف معه(8).
ثم إن حذفها مع المنكَّر قد يكون كثيرا، وذلك بعد الواو، كقوله:
105- ومَهْمَهٍ مُغْبَرةٍ أَرْجَاؤُهُ (9)
__________
(1) في (ج): (من الحروف الجارة).
(2) ينظر باب الاستثناء وفي (ب): (تقدم لنا الكلام عليها في باب الاستثناء).
(3) وهما (لعل) و(متى) أما (لعل) فالجر بها لغة عقيل كقوله: (لعل أبي المغوار منك قريب). وأما (متى) فالجر بها لغة هذيل وهي عندهم بمعنى (من) ومن كلامهم (أخرجها متى كمه) أي من كمه، ومنه قول الشاعر:
شربن بماء البحر ثم ترفعت متى لجج خضر لهن نئيج
ينظر التصريح 2/2.
(4) في (أ) و (ج): (كثيرا) وفي(ج):(قليلا) بالنصب، والمثبت من (ب).
(5) في (ج): (بعد بقاء عملها).
(6) كلمة (حذف) زيادة من (ج).
(7) في (أ) و(ب): (مع النكرة) وقد سقطت كلمة (معه) من (ب).
(8) في (ج): (فلا حذف معه) والمراد أن (رب) الداخلة على ضمير لا يجوز حذفها نحو ربه رجلا.
(9) البيت من الرجز المشطور، وهو لرؤبة بن العجاج يصف صحراء عظيمة. ورواية الديوان مخالفة لما هنا حيث جاءت كذا:
وبلد عامية أعماؤه كأن لون أرضه سماؤه
المهمه: الصحراء الواسعة، أرجاؤه: أنحاؤه.
ينظر ديوان رؤبة ص 3. وقد ورد البيت في الإنصاف 1/377 وشرح المفصل 2/118 والمغني ص 912 وشرح شذور الذهب ص 320 والعيني 4/557 والتصريح 2/339 والأشباه والنظائر 2/296.
والشاهد حذف (رب) بعد الواو في قوله: (ومهمه) وذلك كثير.(10/13)
وقد يكون قليلا، وذلك بعد الفاء ء كقوله:
107 - فمثلِكَ حبلى قد طرقت ومرضعٍ(1).............
وبعد (بل) كقوله:
108- بل مَهْمَهٍ قطعتُ بعد مَهْمَه(2)...... ...
وقد تحذف(3) بدون عاطف، كقوله:
109- رسمِ دار وقفتُ في طََلَلهِ كدتُ أقْضي الحياة مِن جَللِه(4)
وهو بدون العاطف أقل منه بعد (بل).
فقوله: (والفاء وبل) أي وبعد الفاء وبل.
__________
(1) صدر بيت من الطويل 0وهو لامرىء القيس من معلقته المشهورة، وعجزه:
............ فألهيتها عن ذي تمائم مغيل
... وهذه رواية الديوان بتحقيق (أبي الفضل) ص 12وفي غيرها (تمائم محول) وقد رسمت كلمة (مرضع) في(ج) بما يحتمل النصب والجر.
المغيل: الولد الذي يرضع وأمه حامل.
والبيت من شواهد سيبويه 2/163- هارون وشرح الكافية الشافية 2/821 والمغني 181 وشفاء العليل 2/679 والعيني 3/336 والهمع 2/36 والأشموني 2/232. والشاهد فيه جر (مثلك) بـ(رب) المقدرة بعد الفاء، وذلك قليل.
(2) البيت من مشطور الرجز ونسب لرؤبة بن العجاج، والذي في الديوان: (بل بلد ملء الفجاج قتمة) وفيه أيضا (ومهمه أطرافه في مهمه) وليس فيه ما ذكره الشارح. ينظر ديوانه ص 150و166.
وجاء في حاشية (ج): (المهمه المفازة البعيدة الأطراف).
والبيت في أوضح المسالك 2/164 والعيني 3/395 وشرح شواهد الشافية 202.
والشاهد فيه الجر برُبّ المقدرة بعد (بل) وهو قليل أيضا.
(3) في (ب): (وقد يحذفان).
(4) البيت من الخفيف، وهو مطلع قصيدة لجميل بثينة.
وفي الديوان: (كدت أقضي الغداة). ينظر ديوانه ص 187.
والبيت من شواهد الخصائص 1/285 والإنصاف 1/378 وشرح المفصل 3/28 وشرح الكافية الشافية 2/822 وتوضيح المقاصد 2/233 والمغني ص 182 والعيني 3/339 والتصريح 2/32 والأشموني 2/233 والخزانة 10/20 والدرر 4/48.
والشاهد فيه جر (رسم) بحرف جر مقدر وهو (رُبَّ) والأصل رُبَّ رسمٍ. ولم يعوض عن المحذوف شيء وذلك نادر.(10/14)
ومنها اللام الداخلة على (كي) المصدرية لا الجارة، كما تقدم(1) فإن حرف الجر لا يدخل على مثله، ولأجل ذلك لم يقيدها المصنف.
نحو جئتك كي أراك،أي لكي أراك(2).
ومنها الجار الداخل على (أَن) المفتوحة المشددة النون أو الساكنة.
وقوله: (مطلقا) راجع إلى كل من الخافض والمخفوض، أي سواء كان الجار لاما أو غيره ء وسواء كانت (أنّ) أو (أنْ) بعد حرف أم لم تكن (3). يعني(4) أنه لا يشترط في حذف خافضهما شيء، كما شرط لحذف(5) خافض غيرهما وقضية هذا الإطلاق أنه لا يشترط أمن اللبس. وإليه يميل كلامه في التوضيح(6). لكنه صرّح في الجامع(7) باشتراطه، موافقة لابن مالك(8)- رحمه الله تعالى - كما سنذكره(9).
ويخرج بهذا الشرط نحو (رغبت في أن تفعل) فلا يصح حذف (في) لأنه بعد الحذف يوهم أن المعنى: رغبت عن أن تفعل.
قال في التوضيح(10): "ويشكل عليه، أي على هذا الشرط، أو على ابن مالك في اشتراطه إياه، قوله تعالى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنّ}(11).
__________
(1) ينظر ما سبق ص 518.
(2) فتكون (كي) المصدرية مع صلتها في تأويل مصدر مجرور باللام والتقدير لرؤيتك.
(3) في(أ): (أو لم تكن) وفي (ب) (أو لم يكن) والمثبت من (ج).
(4) في (ب): (بمعنى).
(5) في (ج): (في حذف).
(6) لأنه اعترض فيه على ابن مالك في اشتراطه عدم اللبس. ينظر أوضح المسالك 2/19.
(7) الجامع الصغير لابن هشام ص 46.
(8) اشترط ابن مالك لحذف الجار بعد (أنّ) و (أنْ) عدم اللبس ينظر شرح الكافية الشافية 2/632 والتسهيل ص 83.
(9) قوله: (رحمه الله تعالى) زيادة من (ب) و(ج).
(10) أوضح المسالك 2/19.
(11) من الآية 127من سورة النساء، والآية قد حذف منها الحرف الجار مع أن اللبس موجود، لأن المفسرين قد اختلفوا في المراد، فبعضهم قدر (في أن) وبعضهم قدر (عن أن) ينظر التصريح 1/313.(10/15)
والجواب عن الإشكال أنه حذف لقصد الإبهام ليرتدع بذلك من يرغب فيهن لجمالهنّ ومالهن، ومن يرغب عنهن لفقرهن ودمامتهن(1).
وهذا جواب حسن، لأنه(2) عند إرادة الإبهام لا يخاف اللبس.
تنبيهان:
أحدهما جعل في التوضيح(3) - تبعا للتسهيل(4) - حذف (رب) بعد الفاء كثيرا 53/أ وبعد الواو أكثر وبعد (بل) قليلا وبدونهن أقل. وظاهر المذكور هنا مخالفته.
وقد يقال: لا مخالفة، لأن جعله بعد الفاء قليلا إنما هو بالنسبة إلى الواو، وان كان(5) كثيرا في نفسه. على أنه قد اعترض جعله بعد الفاء كثيرا.
وأجيب(6): بأن كثرته بالنسبة إلى (بل).
ولكون الحذف بدون عاطف أقل منه مع العاطف سكت المصنف عن ذكره
ثانيهما: اختلف في المحل بعد حذف الجار قبل (أنَّ) و(أنْ) و(كي) هل هو(7) نصب أو جر أو محتمل لهما؟ على ثلاثة مذاهب:
__________
(1) ذكر هذا الجواب المرادي في توضيح المقاصد 2/54، وذكر معه جوابا آخر وهو أن يكون حذف الحرف اعتمادا على القرينة الرافعة للبس.
(2) في النسخ: (لأن) والأولى ما أثبته.
(3) أوضح المسالك 2/161- 165.
(4) تسهيل الفوائد ص 148.
(5) ساقطة من (ج).
(6) ذكر ذلك المرادي في توضيح المقاصد 2/234.
(7) ساقطة من (ج).(10/16)
قال ابن مالك:(ومذهب الخليل(1) والكسائي(2) في (أنّ) و (أنْ) أنهما في محل جر بعد حذفه، ومذهب سيبويه(3) والفراء(4) أنهما في محل نصب. ويؤيد قول الخليل قول الشاعر، أنشده الأخفش(5)
110- وما زرت ليلى أن تكون حبيبة إليَّ ولا دينٍ بها أنا طالبه(6)
فجر المعطوف على (أنْ) فعلم أن (أنْ) في محل جر). انتهى(7).
__________
(1) قال سيبويه في الكتاب 3/127: (.... فإن حذفت اللام من (أن) فهو نصب كما أنك لو حذفت اللام من (لإيلاف) كان نصبا، هذا قول الخليل).و قال ابن هشام في المغني 682: (وأما نقل جماعة منهم ابن مالك أن الخليل يرى أن الموضع جر وأن سيبويه يرى أنه نصب فسهو).
(2) ينظر مذهب الكسائي في معاني القرآن للفراء 1/58 وشرح المفضليات للأنباري ص 852 و الهمع 2/81.
(3) مذهب سيبويه أنهما في محل جر، قال في الكتاب 3/128: (ولو قال إنسان إن (أنَّ) في موضع جر في هذه الأشياء... لكان قولا قويا، وله نظائر...).
(4) ينظر معاني القرآن للفراء ا/58 وشرح المفضليات ص 852.
(5) لم أجده في كتابه (معاني القرآن)، وينظر شرح الكافية الشافية لابن مالك 2/634.
(6) البيت من الطويل، من قصيدة للفرزدق يمدح بها المطلب المخزومي.
ينظر ديوانه 1/84، وفيه (سلمى) بدل (ليلى).
والبيت من شواهد سيبويه 3/29 والإنصاف 1/395 وشرح الكافية الشافية 2/634 والمغني ص 683 والعيني 2/556 والهمع 2/81 والأشموني 2/92.
والشاهد فيه جر المعطوف على المصدر المؤول من (أن) وصلتها وهو (دين) مما يدل على أنّ (أنْ) وصلتها في محل جر بعد حذف الجار.
(7) ينظر شرح الكافية الشافية 2/634.(10/17)
وجزم في التسهيل(1) بالنصب. وهو ظاهر كلام المصنف في الجامع حيث قال: ((وحذفه مع (كي) و(أنّ) و (أنْ) إن لم يلبس، مقيس. وهل الموضع حينئذ نصب أو جر أو محتمل؟ أقوال)) (2). فقدم ذكر النصب(3).
ولقائل أن يقول: إن البيت لا حجة فيه(4) ويجعل الجر فيه على توهم دخول الجارّ على (أن) (5) ومثله قوله:
111- بدا ليَ أني لستُ مدْركَ ما مضى
ولا سابقٍ شيئا إذا كان جائيا(6)
فجر (سابق) عطفا على توهم دخول الجار على (مدرك).
ولأجل ما علمت من الخلاف قال المصنف(7) في (رُبّ): (وتحذف فيجب بقاء عملها) وقال في الثلاثة: ((وحذف اللام قبل(كي) وخافض (أنّ) و(أن)))، وسكت عن بقاء العمل وعدمه.
ص:الثاني المجرور بالإضافة، كغلام زيد. ويجرَّد المضاف من تنوين أو نون تشبهه مطلقا ومن التعريف إلا فيما مرّ.
ش: لما فرغ من النوع الأول من المجرورات شرع في النوع الثاني منها وهو المجرور بسب الإضافة.
__________
(1) قال في التسهيل ص 83: (واطرد الاستغناء عن حرف الجر المتعين مع (أنّ) و (أنْ) محكوما على موضعيهما بالنصب لا بالجرّ).
(2) الجامع الصغير لابن هشام ص 46.
(3) أقول تقديمه للنصب لا يعني بالضرورة اختياره هذا القول لاسيما أنه قد ذكر القولين في المغني ص 682ولم يرجح أحدهما.
(4) فيه) ساقطة من (ج).
(5) يعترض على هذا بأن الحمل على العطف على المحل أظهر وأولى من الحمل على العطف على التوهم.
(6) البيت من الطويل وهو لزهير بن أبي سلمى وقيل: هو لصرمة الأنصاري.
ينظر ديوان زهير ص 208 والكتاب 3/29 والأصول 1/252والخصائص 2/353 والإنصاف 1/191 وشرح المفصل 2/52 والمغني ص 619 والعيني 3/351 والأشباه والنظائر 2/347 والأشموني 2/235 والخزانة 9/102 والدرر اللوامع 5/184.
والشاهد فيه جر (سابق) عطفا على توهم دخول حرف الجر على (مدرك) أي لست بمدرك ولا سابق، ولكن الرواية في الديوان (ولا سابقي شيء) وعليها فلا شاهد فيه.
(7) شذور الذهب ص 21.(10/18)
والإضافة(1) لغة الإسناد(2)
واصطلاحا 53/ب ضم كلمة إلى أخرى منزلة من الأولى منزلة التنوين مما قبله(3) ك(غلام زيد) و (صاحب عمرو).
ويجب أن تحذف من المضاف لأجل الإضافة ما فيه من تنوين ظاهر ك(غلام زيد) أو مقدر ك(دراهم عمرو)(4).
وما فيه من نون تشبه التنوين من جهة كونها تلي علامة الإعراب وهي نون التثنية وشبهها ونون جمع المذكر السالم وشبهه. ك(غلاما زيد) و(اثنا عمرو)(5) ونحو {وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ}(6) و(عشري عمرو)(7).
ولا تحذف نون تليها(8) علامة الإعراب نحو(9) (بساتين زيد). و{شَيَاطِينَ الإِنْسِ}(10).
__________
(1) قوله: (والإضافة) ساقط من (أ) بسبب انتقال النظر.
(2) يراجع في معنى الإضافة لغة لسان العرب 9/210. (ضيف).
(3) وذلك لإجراء الإعراب على الجزء الأول وجعل الجزء الثاني ملازما لحالة واحدة وهي الجر. وقيل: الإضافة نسبة تقييدية بين اسمين توجب لثانيهما الجر أبدا.
ينظر ارتشاف الضرب 2/501.
(4) التنوين في (دراهم) مقدر لأنه ممنوع من الصرف، والأصل فيه التنوين لأنه اسم والأصل في الأسماء التنوين ولكن منع من ظهوره هنا مشابهة هذا الاسم للفعل. والدليل على أن فيه تنوينا مقدرا نصب التمييز بعده. ينظر التصريح 2/24.
(5) في (ب): (ابنا عمرو) وهو تحريف، و هذا مثال للنون التي تشبه نون المثنى، وذلك لأن (اثنين) شبيه بالمثنى في الإعراب وليست التثنية فيه حقيقية إذ ليس له واحد من لفظه، فهو ملحق بالمثنى.
(6) من الآية 35 من سورة الحج.
(7) هذا مثال لما تشبه نونه نون جمع المذكر السالم، وذلك لأن (عشرين) ملحقة بجمع المذكر وليست جمعا على الحقيقة. وجاء بها بالجر عطفا على ما قبلها.
(8) في (ج): (لا تليها) و(لا) هنا لا موضع لها.
(9) نحو) ساقطة من (ج) ومن قوله: (نحو) الأولى إلى قوله (علامة الإعراب) ساقط من (ب) بسبب انتقال النظر.
(10) من الآية 112 من سورة الأنعام.(10/19)
وقولنا: تليها علامة الإعراب هو بناء على أن الإعراب(1) بعد آخر المعرب من غير فاصل، كما قدمنا(2)،وهو الصحيح، لا على الآخر.
وكما يجب لأجل الإضافة حذف التنوين والنون التي(3) تشبهه كذلك يجب تجريد تعريفه، فلا تضاف المعرفة باقية على تعريفها(4) فلا يقال: الغلام زيد، و لا: زيدكم وعمركم. إلا إن حذف اللام من الأول(5)، وقدر الشيوع والتنكير(6) فيما بعده(7).
وإنما كان كذلك لأن الغرض الأصل من الإضافة إلى المعرَّف التعريف وهو حاصل للمعرفة من غير إضافة.
ويستثنى من هذا ما تقدم في باب المعرّف بالأداة من المواضع التي يجوز دخول (أل) فيها على المضاف.
وهي أن يكون المضاف صفة والمضاف إليه معمولها، وهو بأل. أو مضاف إلى ما(8) فيه (أل) أو إلى ضمير ما فيه (أل). أو يكون المضاف المذكور مثنى أو جمعا على حد المثنى(9). ك(الضارب الرجلِ) والضارب رأسِ الرجلِ، وكقوله:
الودُّ أنتِ المستحقةُ صفْوِهِ(10) ............
والضاربا زيدٍ والضاربو عمرٍو.
__________
(1) قوله: (هو بناء على أن الإعراب) ساقط من (ج).
(2) وذلك في باب الإعراب، حيث تقدم فيه أن الصحيح أن الحركة تكون بعد الحرف الأخير من الكلمة لا على آخره.
(3) في (ج): (الذي).
(4) لأنه لا يجتمع تعريفان على الاسم الواحد.
(5) أي من المعرف بأل، فتقول: غلام زيد.
(6) في (أ) و(ج): (الشياع) وفي (أ) فقط (والتكثير) والمثبت من (ب).
(7) وهو العلم في قوله: (زيدكم وعمركم) فإذا أردت إضافة العلم فاسلخ منه تعريف العلمية، وذلك بأن تقدر فيه الشيوع والتنكير ثم تضيفه لئلا يجتمع تعريفان عليه.
(8) في (ج): (لما).
(9) هو جمع المذكر السالم، لأنه لا تغير فيه صورة المفرد، كما في المثنى.
(10) صدر بيت من الكامل، وقد تقدم بيانه، في باب المعرف بالأداة.
الشاهد فيه هنا صحة اقتران المضاف بأل لإضافته إلى اسم فيه ضمير يعود لما فيه (أل) وهو (صفوه) لأن الضمير فيه يرجع إلى (الود) وهو مقترن بأل.(10/20)
واعلم أنهم قد اختلفوا في الجارِّ للمضاف إليه، ما هو؟
فقيل: هو المضاف، وهو مذهب سيبويه(1).
وهو الراجح لاتصال الضمير به، والضمير لا يتصل إلا بعامله.
وقيل(2): جار مقدر. بدليل أنه قد ثبت عمل الحرف للجرّ(3) وأن معنى (غلام زيد) (غلامٌ لزيد).
ورُدّ هذا بأن إضمار الجار ضعيف(4).
وأن معنى غلام زيد غير معنى غلام لزيد(5) للتفاوت في 54/أ التنكير والتعريف.
وقيل: العامل معنى، وهو الإضافة(6).
ووجهه أنه قد بطل عمل الحرف لما ذكرتم، وعمل الاسم خلاف القياس فتعين ما ذكرنا.
ورُدَّ بأن المعنى إنما يصار(7) إليه، ويجعل عاملا عند تعذر اللفظ. وعمل المعنى أبعد من عمل الاسم.
وإذا(8) بطل المذهبان الأخيران بما(9) علمت تعين الأول. والله أعلم.
تنبيه:
فهم من اقتصاره على حذف التنوين والنون أن غيرهما لا يحذف.
قال ابن مالك(10): "وقد تحذف تاء التأنيث في كلمات سُمِعتْ،(11) ومنه قراءة بعضهم(12)
__________
(1) وبقول سيبويه قال جمهور البصريين.
ينظر الكتاب 1/419- 420هارون والارتشاف 2/501.
(2) هذا قول ابن الباذش، ونسب للزجاج وابن الحاجب. ينظر الكافية ص 121 والتصريح 2/25 والهمع 2/46.
(3) وفي (ج): عمل الجر للحرف.
(4) ويرده أيضا أنه يلزم عليه تقدير متعلق للجار المقدر، لأن كل حرف جر غير زائد ولا شبيه به لابد له من متعلق، ولا متعلق هنا.
(5) في (ج): (وأن معني غلام لزيد غير معنى غلام زيد). وقد سقط: (ورد هذا...) من (ب).
(6) هذا قول الأخفش والسهيلي وأبي حيان. ينظر النكت الحسان ص 117 والتصريح 2/25 والهمع 2/46.
(7) في (ج): (يصير).
(8) في (أ): (وإلا) والمثبت من (ب) و(ج).
(9) في (ج): (كما) وفي (ب): (وإذا بطل الوجهان الأخيران تعين الأول).
(10) شرح عمدة الحافظ ص 485 وشرح الكافية الشافية 2/901.
(11) في (ب): (كل ما سمعت) وهو تحريف. ومثال ذلك قول الشاعر: (وأخلفوك عِدَ الأمر الذي وعدوا) أراد عدة الأمر.
(12) هذه قراءة محمد بن عبد الملك وزر بن حبيش وهي من الشواذ.
ينظر مختصر في شواذ القرآن ص 53 والمحتسب 1/292 والبحر المحيط 5/48.(10/21)
: {ولَو أرَادوا الخروجَ لأعَدّوا لَه عُدَّه}(1) أي عدته"
وظاهر كلام الفراء(2) أنه قياس. وجعل منه قوله تعالى: {وَإِقَامَ الصَّلاة}(3).
ص: وإذا كان المضاف صفة والمضاف إليه معمولا لها سميت لفظية وغير محضة، ولم تفد تعريفا ولا تخصيصا، ك(ضارب زيد) و(مُعْطى الدينار) و(حسَن الوجهِ). وإلا فمعنوية محضة تفيدهما، إلا إذا كان(4) المضاف شديد الإبهام كغير و(مثل) و(خِدْن) أو موضعه مستحقا للنكرة، كجاء وحده، وكم ناقةٍ وفصيلِها لك، ولا أباله، فلا يتعرف.
ش: ذكر في هذا الكلام الإضافة اللفظية والإضافة المعنوية وأحكامهما.
فأما الإضافة(5) اللفظية فضابطها أن يكون المضاف صفة شبيهة بالمضارع في كونها للحال أو الاستقبال، والمضاف إليه معمولا لتلك الصفة. والمراد بالصفة اسم الفاعل، كضارب زيد ومخرج عمرو.
واسم المفعول كمضروب العبد ومُرَوّع القلب(6) ومعطى الدينار.
والصفة المشبهة، كحسن الوجه وعظيم الخلق وقليل الحظ. وكما تسمى هذه الإضافة لفظية كذلك تسمى غير محضة(7)، لأنها في تقدير الانفصال، وحكمها أنها لا تفيد المضاف تعريفا ولا تخصيصا.
__________
(1) من الآية 46 من سورة التوبة.
(2) قال الفراء في معاني القرآن 2/319 في حديثه عن الآية {مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ}: (كلام العرب غلبته غلبة فإذا أضافوا أسقطوا الهاء، كما أسقطوها في قوله: وَإِقَامَ الصَّلاة والكلام إقامة الصلاة). وينظر أيضا 2/ 254.
(3) من الآية 37من سورة النور، وقوله: (وجعل منه...) إلى آخره ساقط من(ج).
(4) في (أ) و(ج): (إلا إن كان)، والمثبت من (ب) والشذور ص 22.
(5) ساقطة من (ج).
(6) في (أ):(ومروع العبد)، والمثبت من (ب) و(ج).
(7) أي غير خالصة، وذلك لأنها على تقدير الانفصال، وفائدتها التخفيف فقط.(10/22)
وإنما لم تفده تعريفا(1) لأنه وصف بها النكرة في قوله تعالى: {هَدْياً 54/ب بَالِغَ الْكَعْبَة}(2). فإن (بالغ) وقع صفة ل(هديا) وهو نكرة (3).
ووقعت حالا في قول الشاعر:
فأَتَتْ به حُوشَ الفُؤادِ(4) ............
ودخل عليها (ربّ) في قوله:
112- يا رُبّ غابِطِنا لوْ كان يطلبُكم
لاقى مُبَاعَدة منْكم وحِرمَانَا(5)
وإنما لم تفده تخصيصا لأن أصل قولنا: (ضاربُ زيدٍ) ضاربٌ زيداً فالاختصاص حاصل قبل الإضافة.
__________
(1) قوله: (تعريفا) ساقط من (ج)
(2) من الآية 95من سورة المائدة.
(3) فلو كانت الإضافة فيه تفيد التعريف لم توصف به النكرة لأن المعرفة لا تكون صفة للنكرة.
(4) جزء بيت من الكامل من قصيدة قالها أبو كبير الهذلي، يصف فيها (تأبط شرا) وتكملته:
...... ...... مبطنا سُهُدا إذا ما نامَ ليلُ الهَوجَلِ
حوش الفؤاد: حديد القلب، مبطنا: ظامر البطن، سهدا: قليل النوم، الهوجل: الثقيل. ينظر شرح أشعار الهذليين للسكري 3/1073 والرواية فيه: (حوش الجنان) وقد ورد البيت في الكامل 1/171 وشرح الكافية الشافية 2/912 والمغني ص 664 والعيني 3/361 والتصريح 2/28 وشرح الأشموني 2/240.
والشاهد: إضافة الصفة المشبهة، وهي (حوش) إلى فاعلها المحلى بأل وهو (الفؤاد) ولم يفدها ذلك تعريفا، لأنها جاءت حالا، والحال لايكون إلا نكرة.
(5) البيت من البسيط، وهو لجرير بن عطية بن الخطفى، من قصيدة يهجو بها الأخطل، وعجز البيت لم يرد في (أ) و (ب). ينظر ديوان جرير 1/163.
والبيت من شواهد سيبويه 1/427- هارون والمقتضب 4/150والجمل للزجاجي ص 91 وشرح المفصل 3/51 والمغني ص 664 والعيني 3/364 والهمع 2/47 والتصريح 2/28 وشرح الأشموني 2/240.
والشاهد دخول (رب) على اسم الفاعل المضاف للضمير، ورُبّ لا تدخل على معرفة وذلك يدل على أن اسم الفاعل لم يتعرف بإضافته.(10/23)
وإنما تفيد(1) أمرا لفظيا، كما قدمنا، وهو التخفيف أو رفع القبح أما التخفيف فبحذف(2) التنوين الظاهر أو المقدّر، أو نون التثنية أو الجمع(3).
وأما رفع القبح(4) ففي مثل قولك: (مررت بالرجلِ الحَسَن الوجْه) فإن في جره تخلّصا من قبح رفعه لخلو الصفة من ضمير يعود على الموصوف(5). ولهذا يمتنع الجر إذا كان هناك ضمير يعود على الموصوف(6)، نحو (الحسن وجهُهُ). ومن قبح نصبه بإجراء وصف القاصر مُجرى وصف المتعدي(7).
ولهذا يمتنع الجر إذا كان للنصب جهة أخرى، نحو (الحَسَن وجهاً)(8) فإن النكرة تُنصب تمييزا.
وأما المعنوية، وتسمى المحضة فهي ما عدا اللفظية، وأشار إلى ذلك بقوله: (وإلا فمعنوية محضة).
وأما حكمها فجعلها المصنف بالنسبة إليه نوعين:
نوع يفيد التعريف تارة والتخصيص أخرى، ونوع لا يفيد إلا التخصيص.
__________
(1) أي الإضافة، وفي (أ) و (ب): (يفيد) صوابه من (ج).
(2) في (ج): (حذف).
(3) لأن قولك: (ضاربُ زيد ومكرمو عمرو) أخف في اللفظ من قولك: ضاربٌ زيداً ومكرمون عمرا ً.
(4) في (أ): (الفتح) وهو تصحيف، صوابه من (ب) و (ج).
(5) لأنك لو رفعت (الوجه) في قولك: (مررت بالرجل الحسن الوجه) للزم عليه خلو الصفة من الضمير الذي يعود على الموصوف، وذلك لأن الاسم الظاهر وهو (وجه) حل محله وصار فاعلا للصفة فلا تتحمل ضميرا، لذلك قبح الرفع. ينظر التصريح 2/29.
(6) في (أ): (الموصول) وهو خطأ صوابه من (ب) و (ج).
(7) القاصر هنا هو الصفة المشبهة لأنها مأخوذة من فعل لازم، والمتعدي هو اسم الفاعل فلو نصب (الوجه) هنا على التشبيه بالمفعول به لكان فيه إجراء اللازم مجرى المتعدي، وهو قبيح. فكان في الجر على الإضافة مندوحة عن ذلك القبح.
(8) في (أ): (الحسن وجه). والتصويب من (ب) و (ج).(10/24)
فأما النوع الأول فهو ما لم يكن المضاف فيه شديد الإبهام، أي متوغلا(1) فيه ولا واقعا موقع نكرة لا تقبل التعريف.
نحو (غلام زيد) فيفيد تعريف (غلام) بإضافته إلى (زيد) و(غلام امرأة) فيفيد تخصيصه بإضافته إلى (امرأة).
وأما النوع الثاني فقد علمت أنه قسمان:
القسم الأول الشديد الإبهام(2)، ك(غير) و (مثل) و (خِدْن) بكسر الخاء(3) وسكون الدال بمعنى صاحب و ك(حَسْب) (4).
القسم الثاني الواقع موقع نكرة لا تقبل(5) التعريف، كجاء وحده(6) فهذا المضاف وقع موقع الحال، والحال لا يكون معرفة.
و (كمْ ناقةٍ وفَصيلِها).
فهذا المضاف وهو (فصيلها) (7) واقع موقع النكرة التي لا تقبل التعريف لأن (كم) لا تجر المعارف(8).
ومثله (رُبّ رجلٍ وأخيه) فهذا المضاف، وهو (أخيه) (9) واقع موقع نكرة لا تقبل التعريف 55/أ (10) أصلا لأن (رُبّ) لا تجر المعارف أيضا.
__________
(1) في (أ): (متوغل)، وفي (ج): (متولغا) وهو تحريف ظاهر. صوابه من (ب).
(2) في (ج): (شديد الإبهام)، وكلمة (القسم) ساقطة من (ب).
(3) زاد في (ب): (المعجمة).
(4) قال ابن مالك في شرح الكافية 2/917: (لا يتعرف - غالبا - حسبك ولا ما في معناه لأنه بمعنى كافيك وهو اسم فاعل مراد به الحال وما في معنى (حسبك) شرعك وبجلك وقطك وقدك وكلها نكرات لتأديتها معنى الفعل).
(5) في (ج): (لا تفيد).
(6) وهذا نكرة، لأنه في موقع الحال، وتقديره: (جاء منفردا).
(7) كان الأولى أن يقول: وهو فصيل، لأنه هو المضاف فقط.
(8) فأصل هذا القول هو: كم ناقة وفصيل لها.
(9) قوله: (أخيه) هنا من باب التجوز أيضا، والأولى أن يقول: (وهو أخ). فيكون الأصل في ذلك: رب رجل وأخ له.
(10) من قوله:(لأن (كم) لا تجر المعارف) إلى آخره ساقط من (أ)، وأثبته من (ب) و(ج).(10/25)
ومن ذلك (لا أبا له) (1) بتقدير اللام زائدة فاصلة بين المتضايفين بدليل قوله:
114-............. ..... لا أَباكِ تُخوِّفيني(2)
فإنه واقع موقع نكرة لا تقبل التعريف، لأن (لا) لا تعمل في معرفة(3).
فهذا النوع بقسميه لا تفيد فيه الإضافة تعريفا أصلا، وإنما مفادها فيه التخصيص لا غير.
تنبيهان:
الأول: قوله: (صفة...) إلى آخره ظاهر(4) في التفسير الذي شرحناه به، وهو يقتضي(5) خروج المصدر واسم التفضيل(6). فتكون إضافتهما محضة، وهو الصحيح(7)
__________
(1) يقصد بذلك اسم (لا) النافية للجنس إذا كان مضافا وفصل بينه وبين المضاف إليه باللام، فإن الصحيح في نحو هذا أنه من باب المضاف واللام مقحمة، أي لا أباه حتى يصح النصب فيه، و(الأب) لم يكتسب تعريفا من الإضافة، لأن (لا) النافية للجنس لا تعمل في المعرفة. ينظر التصريح 2/26.
(2) جزء بيت من الوافر، وهو لأبي حية النميري وقد نسب للأعشى وعنترة بن شداد، ولم أجده في ديوانيهما، والبيت بتمامه:
أبالموت الذي لابدَّ أَني ملاقٍ لا أباكِ تخوفيني
وهو من شواهد المقتضب 4/375 والأصول ا/390 والخصائص 1/345 والأمالي الشجرية 1/362 وإيضاح شواهد الإيضاح 1/280 وشرح المفصل 2/105 والمقرب 1/192 والتصريح 2/26 والخزانة 4/105 والدرر 2/219.
والشاهد قوله: (لا أباك) حيث حذف اللام، لأن (أبا) اسم لا النافية للجنس وهي لا تعمل في معرفة، فاللام غير معتد بها من جهة عمل (لا) النصب في المضاف، ومعتد بها من جهة أنها هيأت الاسم لتعمل فيه (لا) لأنها لا تعمل إلا في نكرة.
(3) في (ب): (في المعرفة).
(4) في (ج): (ظاهرا) وهو خطأ.
(5) في (ج): (مقتضى).
(6) خرج المصدر بقوله: (صفة) لأنه ليس بصفة، وخرج اسم التفضيل بقوله (والمضاف إليه معمولا لها) لأن المضاف لاسم التفضيل ليس معمولا له.
(7) وهذا مذهب الجمهور.
ينظر ارتشاف الضرب 2/505وتوضيح المقاصد 2/245والتصريح 2/27.(10/26)
وذهب ابن الطراوة(1) إلى أن إضافة المصدر غير محضة(2) سواء كانت إلى مرفوع أو منصوب(3).
ودليل الصحيح وصفه بالمعرفة(4) في قوله:
115- إن وَجدي بكَ الشديدَ أراني
عاذرًا مَنْ عهدتُ فيك عَذولا(5)
__________
(1) هو أبو الحسين سليمان بن محمد بن عبد الله المالقي، المعروف بابن الطراوة، كان من أعلم أهل زمانه بالأدب والعربية، أخذ النحو عن الأعلم الشنتمري وعبد الملك ابن سراج وغيرهما، وله آراء في النحو تفرد بها وخالف فيها الجمهور، ومن تلاميذه السهيلي والقاضي عياض وابن سمحون، له مصنفات في النحو منها الترشيح، والإفصاح على الإيضاح والمقدمات على كتاب سيبويه. مات بمالقة سنة 528ه.
تنظر ترجمته في إنباه الرواة 4/113واشارة التعيين ص 135والبلغة ص 108 وبغية الوعاة 1/602 والأعلام 3/132.
(2) ينظر مذهبه هذا في ارتشاف الضرب 2/505 وتوضيح المقاصد 2/245. وقد نسب هذا المذهب لابن برهان أيضا. ولم أجده في شرحه على اللمع.
(3) وقع بعده في (ج) عبارة (وهو الصحيح) ولاشك أنها تكرار من الناسخ، لأن الشارح قد رجح المذهب الأول من قبل.
ومراده بالإضافة إلى مرفوع أو منصوب إضافة المصدر إلى فاعله نحو {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ} وإضافته إلى مفعوله، نحو {حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}.
(4) في (أ) و(ج): (المعرفة) صوابه من (ب).
(5) البيت من الخفيف، ولم ينسب لقائل. وقد وقع في (ج) محرفا حيث جاء فيه:
إن وجدي الشديد أراني عاذرا من عاهدت فيك عذولا
ينظر توضيح المقاصد 2/245 وشفاء العليل 2/644 والعيني 3/366 والتصريح 2/27 وشرح الأشموني 2/242والدرر اللوامع 5/9.
والشاهد فيه وصف المصدر وهو (وجدي) بالمعرفة مما يدل على أنه قد تعرف بالإضافة فهي إضافة محضة.(10/27)
و(1)ذهب ابن السراج(2) والفارسي(3) إلى أن إضافة أفعل التفضيل غير محضة. وهما محجوجان بصحة قولك: رأيت أفضلَ أهلِ(4) البلدِ العالمَ الفقيهَ(5).
التنبيه الثاني: قد علمت أن قسمة الإضافة بالنسبة إلى المحضة وغيرها ثنائية. وزاد في التسهيل(6) قسما ثالثا، فجعل القسمة ثلاثية، فقال: ((وإضافة الاسم إلى الصفة شبيهة بمحضة لا محضة، وكذا إضافة المسمى إلى الاسم، والصفة إلى الموصوف، والموصوف إلى(7) القائم مقام الوصف، والمؤكّد إلى المؤكِّد، والملغى إلى المعتبر، والمعتبر إلى الملغى)). انتهى.
أمثلة ذلك: (مسجد الجامع) (8) و(سعيد كرزٍ) (9).
116-............ وإنْ سَقيتِ كرامَ النّاسِ فاسْقِينا(10)
__________
(1) سقط حرف العطف من (أ) و(ج) وأثبته من (ب).
(2) ينظر الأصول في النحو لابن السراج 2/6.
(3) ينظر الإيضاح العضدي ص 281وهوقول ابن عصفور أيضا، في المقرب1/209.
(4) في (ب): (هذا) وهو تحريف.
(5) حيث وصف (أفعل) التفضيل بالمعرفة وهي (العالم الفقيه) وذلك يدل على أنه يتعرف بالإضافة، فتكون إضافته محضة، كما ذهب إليه الجمهور.
(6) تسهيل الفوائد ص 156.
(7) كلمة (إلى) ساقطة من (ج).
(8) هذا مثال إضافة الاسم إلى الصفة، ومذهب الفارسي أنها غير محضة وعند الجمهور هي محضة. ويؤول البصريون هذا بأن معناه (مسجد المكان الجامع).
ينظر الإيضاح العضدي ص 282 والأشموني 2/242- 249.
(9) وهذا مثال إضافة المسمى إلى الاسم، وتأويله أن يراد بالأول المسمى وبالثاني الاسم، أي مسمى هذا الاسم.
(10) عجز بيت من البسيط، وقائله بشامة بن حزن النهشلي، وصدره:
إنا مُحَيّوك يا سَلمى فَحَيِّينا..............
وقد وقع عجزه في قصيدة للمرقش الأكبر. تنظر المفضليات ص 431 وشرح الحماسة للمرزوقي1/100 وارتشاف الضرب 2/507 والمساعد 2/334 وشفاء العليل 2/704 والعيني3/370 والخزانة 8/302.
والشاهد فيه قوله: (كرام الناس) فإن الإضافة فيه من إضافة الصفة إلى الموصوف، لأن أصلها (الناس الكرام).(10/28)
117-عَلا زَيدُنا يَومَ النّقى رأسَ زَيدِكم(1)............
أي علا زيد صاحبنا(2) رأس زيد صاحبكم.
و(لقيته يومَ يومٍ وليلةَ ليلةٍ) (3).
118-...... ثم اسمُ السّلامِ عليكُمَا(4).........
ونحو:
119- أقامَ ببغدَادِ العِراقِ وشَوقُه
لأهلِ دِمَشْقِ الشّامِ شوَقٌ مُبَرّحُ (5)
__________
(1) صدر بيت من الطويل، وينسب لرجل من طيئ وعجزه:
............. بأبيضَ ماضي الشّفْرتَين يَماني
ينظر الكامل للمبرد 3/1072 وشرح المفصل 1/44 والارتشاف 2/508 وسر الصناعة 2/452 والمغني ص 75 والعيني 3/ 371 والتصريح 1/153 والأشباه والنظائر 3/189 والخزانة 2/224.
والشاهد إضافة الموصوف وهو (زيد) إلى القائم مقام الوصف وهو (نا) والأصل: زيد صاحبنا.
(2) زاد بعده في (ج) (يوم النقى).
(3) كذا مثل الشارح لإضافة المؤكد إلى المؤكد، وكان الأولى أن يمثل بنحو (يومئذ) و(حينئذ) ليغاير بين المضاف والمضاف إليه. قال الأشموني 2/243: ((وأكثر ما يكون ذلك في أسماء الزمان، نحو يومئذ وحينئذ وعامئذ، وقد يكون في غيرها)).
(4) جزء من صدر بيت من الطويل، وقائله لبيد بن ربيعة يخاطب ابنتيه، وهو بتمامه:
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر
ينظر ديوانه ص214 ومعاني القرآن للفراء 1/448 ومجاز القرآن 1/16 والخصائص 3/29 وشرح المفصل 3/ 14والمقرب 1/213 والارتشاف 2/508 والمساعد 2/335 والهمع 2/49 والأشموني 2/243 والخزانة 4/337.
والشاهد قوله: (اسم السلام) فالإضافة فيه من إضافة الملغي إلى المعتبر والأصل: ثم السلام عليكما.
(5) البيت من الطويل ونسب لبعض الطائيين دون تعيين، وهو من شواهد توضيح المقاصد 2/418 والساعد 2/336 وشفاء العليل 2/706 والعيني 3/378 والهمع 2/49 وشرح الأشموني 2/244.
والشاهد في قوله (بغداد العراق) و(دمشق الشام) فإن الإضافة في كل منهما من إضافة المعتبر إلى الملغى. وقد جعلها ابن مالك شبيهة بالمحضة.(10/29)
ص: وتقدر بمعنى (في) نحو {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ}(1) و[عثمان](2) شهيد الدار. وبمعنى (من) في نحو خاتم حديد، وبجوز فيه نصب الثاني وإتباعه للأول، وبمعنى اللام في الباقي.
ش: هذا التقسيم للإضافة باعتبار ما [55/ب] هي على معناه من الحروف وهي بهذا الاعتبار على ثلاثة أقسام:
__________
(1) من الآية 33من سورة سبأ، وفي الشذور {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}.
(2) زيادة من الشذور ص 22.(10/30)
ص: واسم (إن) وأخواتها. وإن قرنت ب(ما) المزيدة ألغيت وجوبا إلا (ليت) فجوازا. وتُخفَّف ذوات النون(1). منها فتلغى (لكن) وجوبا [وكأن قليلا](2) و(إنَّ) غالبا، ويغلب معها مهملةً اللام وكون الفعل التالي لها ناسخا، ويجب استتار اسم (أنَّ) وكون خبرها جملة، وكون الفعل [بعدها](3) دعائيا أو جامدا أو مفصولا بتنفيس أو نفي أو شرط(4) أو قد أو لو. ويغلب ل(كأنَّ) ما وجب ل(أَنَّ) إلا أن الفعل بعدها [دائما] (5) خبري مفصول بقد أو لم(6) خاصة.
ش: الباب الثالث عشر من المنصوبات اسم (إنَّ) وأخواتها وهي (أَنَّ) و(لكنَّ) و(كأنَّ) و(ليت) و(لعلَّ).
وذكر الشيخ رحمه الله لهذه الأحرف حالتين، وأردف كل حالة منهما ببيان حكمها.
فأما الحالة الأولى فهي اتصال (ما) المزيدة بهذه الأحرف.
وحكمها أنها تلغى، أي يبطل عملها.
ولهذا سميت (ما) هذه كافة لأنها كفَّت ما اتصلت به من الأحرف عن العمل. وهذه الأحرف بالنسبة إلى هذا الإلغاء(7) على قسمين:
قسم يلغى وجوبا، وهو ماعدا (ليت).
وذلك لأنها قد أزالت اختصاصه بالأسماء(8) ، فوجب إهماله.
وقسم يلغى جوازا، وهو (ليت).
وذلك لأن (ليت) لم يَزُل اختصاصها(9) بالأسماء بسبب اتصال (ما) بها(10). وإنما جاز إلغاؤها نظرا إلى أن (ما) كافة في الجملة.
__________
(1) في (أ): (وتخفف النون)، وفي (ب): (أو تخفيف ذوا)، والمثبت من ج.
(2) سقطت من النسخ وأضفتها من شذور الذهب ص 19.
(3) في النسخ: (معها) والمثبت من الشذور.
(4) قوله: (أو شرط) ساقط من (أ) و (ب)، وأثبته من (ج) والشذور.
(5) سقطت من النسخ وأضفتها من شذور الذهب ص 19.
(6) في (أ): (لو)، صوابه من (ب) و (ج) والشذور.
(7) في (أ) و (ج): (الأفعال) ولا معنى لها هنا، و ما أثبته من (ب).
(8) فصح دخولها على الأسماء والأفعال، فتكون غير مختصة، والحرف إذا كان غير مختص لا يعمل.
(9) في (ج): (اخصاصها) وهو تحريف.
(10) كلمة (ما) ساقطة من (أ). وأثبتها من (ب) و (ج).(11/1)
هذا مذهب سيبويه(1)، وهو الصحيح.
وقيل(2): إلغاؤها كلها على سبيل الجواز، وهو ضعيف.
مثال ما عدا (ليت): {قُل إِنّما يُوحَى إليّ أَنّما إلهُكم إلهٌ واحِدٌ}(3)، وقوله: {كأَنّما يُساقُون إلى الموتِ وهُم ينظُرُون}(4).
وقول الشاعر:
77-.... .... ولكنَّما يُقْضَى فَسوْف يكون(5)
وقوله:
78-... ...لًعلَّما أضَاءَتْ لك النّارُ الحِمارَ المُقيّدا(6)
__________
(1) قال في الكتاب 2/137- هارون: (وأما ليتما زيدا منطلق، فإن الإلغاء فيه حسن).
وينظر الكتاب 2/138 و3/116 وشرح الجمل لابن عصفور 1/433 وهمع الهوامع 1/143.
(2) هذا قول ابن السراج والزجاجي والزمخشري وابن مالك، تنظر الأصول 1/232 والجُمَل للزجاجي ص 304 والمفصل ص 293 والتسهيل ص 65.
(3) من الآية 108 من سورة الأنبياء.
(4) من الآية 6 من سورة الأنفال. ولم تكمل الآية في (أ) و (ب)، ثم كرر ذكرها في (ب) بعد قوله: (وقول الشاعر).
(5) عجز بيت من الطويل، وصدره:
فوالله ما فارقتكم قاليا لكم ... ... ... .....
وقد نسبه صاحب الدرر اللوامع للأفوه الأودي، ولم أجده في ديوانه الذي جمعه الميمني، وفي معجم البلدان أنه لأبي المطواع بن حمدان، في وصف دمشق.
ينظر معجم البلدان 2/467 وأوضح المسالك 1/249 وشرح قطر الندى ص 149 والعيني 2/315 وشرح الأشموني 1/284 والدرر اللوامع 2/40. ولم يرد هذا الشاهد في (ب).
وهذا البيت استشهد به الشارح على إلغاء عمل (لكنّ) لاتصالها ب(ما). وهذا خلاف الظاهر، لأن (ما) هذه اسم موصول وليست كافّة، وهي اسم (لكن) وخبرها جملة (فسوف يكون) والصحيح أن يستشهد لذلك بقول الشاعر: (ولكنما أسعى لمجد مؤثل). ولذلك قال ابن هشام في أوضح المسالك 1/249: (بخلاف قوله: ولكنما يقضى... إلخ ) لأن (ما) موصولة وهذا فيه شاهد آخر وهو زيادة الفاء في خبر(لكن) وقد منعه الأخفش، وهو محجوج بهذا البيت.
(6) جزء بيت من الطويل، وقائله الفرزدق، وهو بتمامه:
أعد نظرا يا عبد قيس لعلما أضاءت لك النار الحمار المقيدا
ولكن الذي في ديوانه هو (أعد نظرا يا عبد قيس فربّما) فلا شاهد فيه إذن.
ينظر ديوانه 1/180 وطبقات فحول الشعراء1/399. وهو من شواهد الإيضاح للفارسي ص 161 وشرح المفصل 8/57 والمغني ص 378 والهمع 1/143 وشرح الأشموني 1/284.
والشاهد فيه إلغاء عمل (لعل) لدخول (ما) الزائدة عليها.(11/2)
ومثال (ليت) قول الشاعر:
79- قَالتْ ألا لَيْتما هذا الحمامُ لنا(1) ... .... ....
يروى بنصب (الحَمَام) على الإعمال وبرفعه على الإلغاء.
وأما 45/ب الحالة الثانية فهي تخفيف ذوات النون منها.
وذوات النون كما علمت أربعة (2)، وحكمها مختلف بعد تخفيفها. فمنها (لكنّ) وحكمها إذا خفّفت أن تهمل وجوبا.
نحو قوله تعالى: {وَلَكِن اللهُ قَتَلَهُمْ}(3) في قراءة (4).
هذا مذهب الجمهور(5)، وأجاز الأخفش ويونس(6) إعمالها حينئذ(7).
ومنها (إنّ) المكسورة، ويجوز بعد تخفيفها إعمالها وإهمالها، لكن إهمالها أكثر، وإليه أشار بقوله: (وإن غالبا) أي وتهمل (إن) غالبا.
وإنما أهملت في الغالب لزوال اختصاصها بالأسماء.
__________
(1) صدر بيت من البسيط، وهو للنابغة الذبياني، وعجزه:
... ..... إلى حمامتنا ونصفه فَقَد
وذلك في معلقته المشهورة، ويعني بذلك زرقاء اليمامة. ينظر ديوانه ص 24.
والبيت من شواهد سيبويه 2/137- هارون والإنصاف 2/479 وشرح المفصل
8/58 والعيني2/254 والتصريح 1/225 والهمع 1/143 وشرح الأشموني1/284 والخزانة 10/251.
والشاهد فيه جواز إعمال (ليت) وإلغائها بعد اتصالها ب(ما) الكافة.
(2) وهي (إنّ) و(أنَّ) و(لكنَّ) و(كأنَّ).
(3) من الآية 17 من سورة الأنفال.
(4) وهي قراءة ابن عامر وحمزة والكسائي وخلف، قرؤوا بتخفيف (لكن) ورفع لفظ الجلالة. ينظر السبعة لابن مجاهد ص 168 والنشر 2/219 وإتحاف فضلاء البشر ص 236.
(5) ينظر الكتاب 3/116 وشرح المفصل 8/80 وشرح الكافية للرضى 2/360 والارتشاف 2/ 151. وقوله: (هذا مذهب الجمهور) ساقط من (ب).
(6) ينظر قول الأخفش ويونس في شرح المفصل 8/80 وهمع الهوامع 1/143.
(7) قياسا على (أن) إذا خففت، وهو قياس مع الفارق. ينظر التصريح 1/235.(11/3)
وإنما أعملت قليلا استصحابا لما كان(1)، نحو{وَإِنْ كُلاًّ لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ..}(2) ثم إنها لمّا أن أهملت صارت بصورة (إنْ) النافية، فخيف اللبس فجيء بعدها باللام فارقة بينهما.
وهذه اللام إنما تجيء إذا لم تغن عنها قرينة لفظية، نحو(إنْ زيدٌ لن يقوم (3) أو معنوية، نحو قوله:
80- أنَا ابْنُ أُباة الضَّيْمِ مِن آلِ مالِكٍ
وإِنْ مالكٌ كانتْ كِرامَ المَعَادِنِ(4)
وإلى هذا أشار الشيخ بقوله: (ويغلب (5)معها مهملةً اللام).
وقوله: (وكون الفعل التالي(6) لها ناسخا) هو معطوف على قوله: (اللام) أي يغلب مع (إنْ) المهملة أمران اللام وكون الفعل ناسخا.
__________
(1) أي استصحابا للأصل فيها وهو الإعمال في (إنّ) المشددة والاستصحاب من الأدلة المعتبرة. ينظر لمع الأدلة لابن الأنباري ص 141.
(2) من الآية 111 من سورة هود، وهذه القراءة بتخفيف (إنْ) و (لما) و نصب (كلاّ) على أنها عاملة، و(كلاَّ) اسمها و (ما) موصولة خبر (إن) واللام في (ليوفينهم) لام القسم وما بعدها جواب القسم والجملة صلة (ما).
وهي قراءة نافع وابن كثير. ينظر السبعة لابن مجاهد 339 والإتحاف 260.
(3) القرينة هنا كون الخبر منفيا ب(لن) والنافية لا تقع هذا الموقع فلا يقال: ما زيد لن يقوم.
(4) البيت من الطويل ، وقائله الطرمّاح بن حكيم الطائي. الأباة جمع أبيّ وهو الممتنع، الضيم: الظلم كرام المعادن: كرام الأصول.
ينظر ديوان الطرماح ص 173. والبيت من شواهد شرح الكافية الشافية 1/509 وشواهد التوضيح ص51 وشرح الألفية لابن الناظم ص 179 والارتشاف 2/150 والعيني 2/276 والتصريح 1/231 والهمع 1/141والأشموني 1/289.
والشاهد فيه عدم مجيء اللام الفارقة في خبر (إن) المخففة اعتمادا على القرينة المعنوية، وهي الفخر بقومه إذ لا يعقل أن تكون (إن) هنا نافية.
(5) في (أ): (وبغلت) وهو تصحيف، صوابه من (ب) و (ج).
(6) في (أ): (الثاني) وهو تحريف، وكلمة (الفعل) ساقطة من (ج).(11/4)
والأكثر في هذا الناسخ أن يكون ماضيا، نحو{وإنْ كانَتْ لكَبيَرةً}(1) ويكون مضارعا كثيرا، نحو {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ}(2).
ووقوع غير الناسخ بعدها ماضيا أكثر من وقوعه مضارعا، مثال الأول قوله:
81- شَلَّتْ يَمينُكَ إنْ قتلْتَ لَمُسلِماً
حلّتْ عليك عُقُوبَةُ المُتَعَمّدِ (3)
ومثال الثاني(4) قوله:(إِنْ يَزينُك لنفْسُك وإنْ يَشِينُك لَهِيَهْ)(5)
ومنها (أن) المفتوحة. وحكمها بقاء عملها.
ولكن يجب في اسمها كونه ضميرا، ويجب في خبرها أن يكون جملة.
وأشار إلى الأمور الثلاثة(6) بقوله: (ويجب استتار اسم (أنْ) وكون خبرها جملة). ثم إن هذه الجملة قد تكون اسمية نحو قوله تعالى: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}(7)
__________
(1) من الآية 143 من سورة البقرة.
(2) من الآية 51 من سورة القلم. وقوله: (ليزلقونك ) لم يرد في (أ) و (ب).
(3) البيت من الكامل، وهو لعاتكة بنت زيد بن عمرو، ترثي زوجها الزبير بن العوام رضي الله عنه وتدعو على قاتله.
ولم يرد الشطر الثاني في (أ) و (ب)، وأثبته من (ج).
والبيت ورد في سر صناعة الإعراب 2/548 والإنصاف 2/641 وشرح المفصل 8/76 والمغني ص 37 والمساعد 1/327 والعيني2/278 والتصريح 1/231 والهمع 1/142 والخزانة 10/373.
والشاهد فيه وقوع الفعل الماضي غير الناسخ بعد(إنْ) المخففة، وذلك قليل.
(4) وهو كونه مضارعا غير ناسخ.
(5) هذا من أقوال العرب التي حكاها الكوفيون عنهم. الأصول لابن السراج 1/260.
(6) يقصد بالأمور الثلاثة كون اسم (أنْ) ضميرا مستترا وكون خبرها جملة ولعل الناسخ قد أسقط كلمة (مستترا) و أصل الكلام (يجب في اسمها كونه ضميرا مستترا) كما في أوضح المسالك 1/265.
(7) من الآية 10 من سورة يونس(11/5)
وقد تكون فعلية 46/أ فعلها جامد ، نحو قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى}(1) أو دعاء، نحو قوله تعالى: {والخَامِسةَ أنْ غَضِبَ الله عليْها}(2) فلا تحتاج لفاصل. وقد يكون غير ذلك فيجب حينئذ الفصل بأحد أمور(3):
إما بتنفيس إما(4) بالسين، نحو {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى}(5)، أو بسوف، كقوله:
82- واعلم فعلم المرء ينفعه أن سوف يأتي كل ما قدرا(6)
وإما(7) بنفي إما بلا، نحو {وَحَسِبُوا أَلاّ تَكُونَ فِتْنَةٌ}(8).
أو بلن، نحو {أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ}(9).
وإما بقد نحو قوله تعالى: {وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا}(10) أو (لو) نحو {أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ}(11).
ومنها (كأن) وحكمها بقاء عملها(12)
__________
(1) الآية 39من سورة النجم
(2) من الآية 9 من سورة النور، وهي بتخفيف (أن) وكسر الضاد في (غضب) على أنه فعل ماض، قراءة نافع المدني. ينظر السبعة لابن مجاهد ص 453 والنشر2/330
(3) ليكون ذلك الفاصل عوضا من حذف إحدى النونين والاسم
(4) في (ب) و(ج): (أو)
(5) من الآية 20 من سورة المزمل
(6) البيت من الكامل ، وهو مجهول القائل ولم أجد من نسبه
وقد ورد في المغني ص520 وشرح الألفية لابن عقيل1/387 والعيني2/313 والهمع 1/248 وشرح الأشموني 1/292
والشاهد فيه الفصل بين (أنْ) المخففة جملة الخبر بسوف، لأنها جملة فعلية فعلها مشتق.
(7) في (أ):(أو) ، والمثبت من (ب) و(ج)، وهو الأولى
(8) من الآية 71 من سورة المائدة ، والشاهد فيها على قراءة الرفع في (تكون) على أن (أنْ) مخففة من الثقيلة، وهي قراءة أبي عمرو وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف ينظر السبعة لابن مجاهد 247 وحجة القراءات لابن زنجلة 233 والإتحاف 202
(9) من الآية 5 من سورة البلد.
(10) من الآية 113 من سورة المائدة.
(11) من الآية 100 من سورة الأعراف.
(12) هذا مذهب البصريين، وهو الصحيح، وعند الكوفيين إذا خففت بطل عملها.
ينظر الكتاب 2/134، وشرح الكافية 2/360، وهمع الهوامع 1/143.(11/6)
.
ويجوز ثبوت اسمها وإفراد خبرها.
وإذا حذف اسمها، وكان خبرها جملة اسمية لم تحتج لفاصل (1) وإن كانت فعلية وجب في فعلها(2) أن يكون خبريا لا دعائيا، وفصلت ب(لم) أو (قد) (3).
تنبيهان:
الأول اعتباره للفاصل في الفعل الذي ليس بدعائي ولا جامد يؤخذ منه عدم الاحتياج إليه مع الجملة الاسمية كالفعلية التي فعلها جامد أو دعاء كما تقدم.
الثاني قوله: (ويغلب لكأنْ ما وجب لأنْ) (4) يقتضي أن إعمالها غالب وأنه يجوز إهمالها، كما شرحناه. وهو (5)مذهب الزمخشري (6)خلافا للجمهور (7).
ص: واسم (لا) النافية للجنس، وإنما يظهر نصبه إن كان مضافا أو شبهه، نحو لا غلامَ سفرٍ عندنا ولا طالعاً جبلاً حاضرٌ.
ش: الباب الرابع عشر من المنصوبات اسم (لا) النافية للجنس وهو(8) على قسمين:
__________
(1) كقول الشاعر: (كأنْ ثدياه حقان).
(2) كذا في (ب)، وهو الأولى ، وفي (أ) و (ج): لفعلها.
(3) في (ج): (بقد أولم ). ومثال ذلك: قوله تعالى:{كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ..}. وقولك: (كَأَنْ قَدْ سَارَ القَومُ).
(4) أي من العمل، فالعمل الواجب لأنْ المخففة غالب لكأنْ المخففة وليس واجبا.
(5) أي إهمالها مذهب الزمخشري لأنه يرى أن (كأن) إذا خففت بطل عملها، ولكن ابن يعيش تأول قوله: يبطل عملها بأن المراد به أنها تعمل في ضمير الشأن. وهذا كلام غريب. ينظر المفصل ص 301 وشرح المفصل 8/82.
(6) هو محمود بن عمر الزمخشري، من أهل خوارزم، كان واسع العلم، متبحرا في أكثر العلوم، ولد سنة 497ه، وجاور بمكة فسمي جار الله، صنف كتبا نافعة منها الكشاف والمفصل والفائق في غريب الحديث وأساس البلاغة. توفي سنة 538ه.
ينظر نزهة الألباء ص290 وإنباه الرواة 3/265 ومعجم الأدباء 19/126 وبغية الوعاة 2/279.
(7) مذهب الجمهور هو إعمال (كأن) إذا خففت وجوبا.
ينظر التصريح 1/234 وهمع الهوامع 1/143 وشرح الأشموني 1/293.
(8) في (ج): (وهي).(11/7)
مبني، وهو المفرد المتقدم ذكره بشروطه (1)، وهو منصوب المحل لا غير. وغير مبني، وهو ما ليس بمفرد، وهو المضاف والشبيه به وهو الذي اتصل به شيء من تمام معناه (2). ويظهر النصب في لفظه.
فالمضاف نحو (لا غلامَ سفرٍ عندنا).
والشبيه به (3)نحو: (لا طالعا جبلا حاضر).
وقوله: (اسم(لا) النافية للجنس) تصريح بأن المفرد وغيره معدودان من المنصوبات، لكن المفرد منصوب محلاَّ لا غير (4) وغيره(5) منصوب لفظا أيضا وهو ظاهر.
46/ب ص:(6) والمضارع بعد ناصب، وهو لن أو كي المصدرية مطلقا، أو إذن إن صُدرت وكان الفعل مستقبلا متصلا أو منفصلا بقسم أو بلا أو [بعد](7) أن المصدرية [نحو{وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي}(8) إن لم تسبق بعلم، نحو{عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى}(9).
فإن سبقت بظن فوجهان، نحو {وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ} (10).
__________
(1) تقدم ذلك في المبنيات ص 246.
(2) هذا تعريف الشبيه بالمضاف ويسمى أيضا مطوّلا وممطولا، وهو ما اتصل به شيء من تمام معناه، سواء أكان مرفوعا به نحو (لا حسنا وجهه حاضر) أم منصوبا به، نحو(لا طالعا جبلا حاضر) أم متعلقا به نحو (لا ثمرا بشجرة موجود) أم معطوفا عليه نحو (لا ثلاثة وثلاثين عندنا) في من سمي بذلك.
(3) كلمة (به) زيادة من (ب).
(4) لأنه مبني، فلا تظهر عليه علامة الإعراب.
(5) وهو المضاف والشبيه بالمضاف فإنهما معربان لفظا ومحلا. ينظر تعليل ذلك في أسرار العربية لابن الأنباري ص 251.
(6) في (ج) ترك الناسخ كتابة هذين الرمزين وهما (ص) و (ش).
(7) زيادة من شذور الذهب ص 20.
(8) من الآية 82 من سورة الشعراء، ولم ترد في النسخ وأضفتها من الشذور ص 20.
(9) من الآية 20 من سورة المزمل، وفي (أ) و (ب) اقتصر على قوله: (علم أن سيكون).
(10) من الآية 71 من سورة المائدة، وفيها قراءتان سيأتي بيانهما.(11/8)
ش: الباب الخامس عشر من المنصوبات المضارع الداخل عليه أحد أدوات النصب الأربعة المذكورة، وهي لن وكي المصدرية وإذن وأنْ.
وقدم (لن) لأنها لا تكون غير ناصبة، وأخر (أنْ) وإن كانت هي(1) أم الباب وأقوى من غيرها في العمل، إذ تعمل ظاهرة ومقدرة، لانتشار الكلام فيها، واستتباعه ما يطول.
فأما (لن) فهي لنفي المستقبل، ولا تقتضي تأبيد النفي(2) ولا تأكيده(3) ولا تقع دعائية(4) وليس أصلها (لا)(5) و لا(6) (لا أن)(7).
وأما (كي) فلا بد أن تكون مصدرية، كما صرّح به الشيخ، احترازا من التعليلية فإن الناصب بعدها (أنْ) مضمرة، وليس هي الناصبة.
__________
(1) قوله: (هي) ساقطة من(ج).
(2) نُسب للزمخشري أنه يقول: إن (لن) لتأبيد النفي وأنه قال ذلك في الأنموذج والتحقيق أنه لم يقل بالتأبيد فيها كما هو واضح في تفسيره، وأما ما ورد في الأنموذج فقيل: وضع التأبيد مكان التأكيد تصحيفا، والموجود في (الأنموذج) المطبوع (أنها للتأكيد). ينظر الأنموذج 102 وشرح الأنموذج للأردبيلي 233.
(3) خلافا للزمخشري حيث ادّعى أنها تفيد تأكيد النفي، ينظر المفصل ص 307 والأنموذج ص 102.
(4) أي أنه لا يراد بالفعل الذي بعدها الدعاء ، خلافا لابن السراج وابن عصفور، ينظر التصريح 2/229.
(5) خلافا للفراء حيث زعم أن اصل (لن) (لا) أبدلت الألف منها نونا مع أن المعهود إبدال النون ألفا لا العكس، نحو(لَنَسْفَعَا). ينظر شرح المفصل 8/112.
(6) في (أ): (وليس أصلها لا ولا أن) و في (ج): (وليس أصلها لا ولا ولا لا أن) وهو تكرار بلا فائدة، والمثبت من (ب).
(7) هذا قول الخليل بن أحمد وهو أن أصل (لن) (لا أن) حذفت الهمزة تخفيفا ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين ينظر قوله هذا في كتاب العين 8/350 وكتاب سيبويه 3/5(11/9)
وتتعين مصدريتها إن سبقتها اللام، نحو {لِكَيْلا تَأْسَوْا}(1) وتعليليتها(2) إن تأخرت اللام أو (أن) نحو جئتك كي لتقضيني حقي(3) وقوله:
83- .. .. .. كيما أن تغر وتخدعا (4)
لأنه لا يفصل بين الحرف المصدري وصلته، والتوكيد خلاف الأصل فلا يرتكب (5) لغير ضرورة.
ويصح الأمران في(6) نحو قوله: {كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً}(7)، وكذا في قول الشاعر:
84- أردتَ لِكيما أَنْ تَطِير بِقِرْبتي ... .... .... (8)
فيصح فيه اعتبار كونها تعليلية مؤكدة لللام (9) وأن تكون مصدرية و (أنْ) مؤكدة لها(10).
__________
(1) من الآية 23 من سورة الحديد.
(2) في (ب): (وتعليلية).
(3) ف(كي) هنا تعليلية حرف جر واللام تأكيد لها و (أن) مضمرة بعدها، وهذا التركيب نادر.
(4) جزء بيت من الطويل، وقائله جميل بثينة، وهو بتمامه:
فقالت أكل الناس أصبحت مانحا لسانك كيما أن تغر وتخدعا
ينظر ديوان جميل ص 126.
والبيت من شواهد شرح المفصل 9/14 وشرح الكافية الشافية 3/1533 وشرح الألفية لابن الناظم ص 667 والمغني 242والمساعد 3/68 والعيني 4/379 والتصريح 2/231 والهمع 2/5 والأشموني 3/279 والخزانة 8/481.
والشاهد اعتبار (كي) فيه تعليلية لظهور (أن) المصدرية بعدها.
(5) في (ج): (فلا يؤكد).
(6) كلمة (في) ساقطة من (أ). والأمران هما كون (كي) مصدرية وكونها تعليلية.
(7) من الآية 7 من سورة الحشر.
(8) صدر بيت من الطويل، ولم أجد من نسبه لقائله، وعجزه:
... .... ... فتتركها شنّا ببيداء بلْقع
وفي (ج): (أطير بقربة) وهو تصحيف. الشن هو الجلد المخرَّق، بلقع: خالية.
ينظر الإنصاف 2/580 وشرح المفصل 7/19 وشرح الكافية الشافية 3/1533 وتوضيح المقاصد 4/177 والمغني 242 والعيني 4/405 والتصريح 2/231 وشرح الأشموني 3/280 والخزانة 8/484.
والشاهد جواز اعتبار (كي) تعليلية مؤكدة واعتبارها مصدرية، ورجح الأشموني الأول.
(9) في (أ) و (ج): (باللام)، والمثبت من (ب).
(10) ساقطة من (أ). وأثبتها من (ب) و (ج).(11/10)
وقوله: (مطلقا) أي ينصب بلَنْ وكي المصدرية مطلقا عن الشروط المعتبرة في نصب أختيها.
وأما (إذن) فهي حرف جواب وجزاء (1)
وشرطها أن تتصدر، فلا تكون حشوا، وإليه أشار بقوله: (إن صُدرت). ومتى وقعت حشوا أهملت (2)، كقول الشاعر:
85- لئنْ عادَ لي عبدُ العزيز بمثلِهَا وأمْكَنَني منها إذَنْ لا أقيلُها(3)
وحمل على الضرورة نحو قوله:
86- .... .... ... إني إذَنْ أَهْلِكَ أو أَطِيرا (4)
مما وقعت فيه عاملة وهى في حشو الكلام.
__________
(1) وهو مذهب سيبويه. ينظر في ذلك الكتاب 4/234 والمغني 30 والهمع 2/6.
(2) قوله: (فلا تكون حشوا) إلى آخره ساقط من (ب) وفيها: (فلو كانت حشوا).
(3) البيت من الطويل، وهو لكثير عزة يمدح عبد العزيز بن مروان. وهو في ديوانه ص 305. وكتاب سيبويه 3/15 والجُمل للزجاجي ص 195 وشرح اللمع لابن برهان 2/345 وشرح المفصل 9/13 وشرح الألفية لابن الناظم 669 والمغني ص 30 والعيني 4/382 والتصريح 2/234 والهمع 2/7 والأشموني 3/288 .
والشاهد عدم إعمال (إذن) فيه لأنها لم تتصدر جملتها.
(4) من الرجز، وينسب لرؤبة بن العجاج، وليس في ديوانه، وقبله:
لا تتركني فيهم شطيرا
الشطير الغريب. والبيت من شواهد معاني القرآن للفراء1/274 وشرح المفصل 7/17 والمقرب 1/261 وشرح الكافية الشافية 3/1537 والارتشاف 2/397 والعيني 4/383 والتصريح 2/234، والهمع 2/7 والأشموني 3/288.
والشاهد فيه إعمال (إذن) مع أنها غير متصدرة، فيكون من الضرورات الشعرية.(11/11)
ويجوز أن يقدر 47/أ ذلك محذوفا منه خبر (إنّ) و(إذَنْ) واقعة في الابتداء(1). وبجوز النصب بها بعد الواو والفاء(2).
وأن يكون المنصوب بها مستقبلا، فلو قيل لك: أنا أحبك، فقلت(3): (إذَنْ تَصْدُقُ) رفعت لأنه حالّ، وأدوات النصب تخلص الفعل للاستقبال فلا تعمل في الحال.
وأن تتصل بالفعل المنصوب بها. وفي معناه(4) أن يفصِل بينهما القَسَمُ، أو (لا) كما صرح به المصنف.
ووجهه أن النافي كالجزء من المنفي، فكأنه لا فاصل.
وأما القَسَم فإنه زائد مؤكد فلم يمنع الفصل به من النصب هنا كما لم يمنع من الجر في قولهم: (إنّ الشّاةَ لتجْترُّ فتسمعُ صَوتَ واللهِ ربِّها) (5).
__________
(1) مراده بذلك أنه يجوز في هذا البيت اعتبار خبر (إن) فيه محذوفا تقديره ( إني لا أستطيع ذلك) ثم ابتدأ ب(إذن) فصارت واقعة في الصدر فعملت في الفعل.
(2) إذا وقعت (إذن) بعد الواو أو الفاء فالأكثر إلغاؤها وعلى ذلك قراءة السبعة قوله تعالى: {وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ} الآية وقوله تعالى: {فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً} ويجوز إعمالها، وقد قرىء في الشواذ {وَإِذاً لا يَلْبِثُوا خِلافَكَ} و{فَإِذاً لا يُؤْتُوا النَّاسَ} بالنصب فيهما على الإعمال. شرح الكافية الشافية 3/1536 والأشموني3/289.
(3) في (ب): (فتقول).
(4) أي في معنى الاتصال الفصل بالقسم أو بلا النافية.
(5) حكى هذا القول عن العرب أبو عبيدة معمر بن المثنى، ينظر الإنصاف 2/431.(11/12)
واعلم أن سيبويه(1)حكى عن بعض العرب إلغاء (إذن) مع توفر الشروط. قال بعضهم(2): (وهو القياس، لأنها غير مختصة والأكثرون أعملوها حملا لها على (ظن) لأنها مثلها في جواز تقديمها على الجملة وتأخرها عنها(3) وتوسطها بين جزأيها، كما حملت (ما) على (ليس) وان كانت غير مختصة) (4).
وأما (أنْ) فنحو قوله تعالى: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ}(5) وشرط نصبها ألاَّ تكون مخففة من الثقيلة.
وربما أهملت، حملا على (ما) المصدرية، كما أعملت (ما) المصدرية قليلا، حملا عليها(6). فمن الأول(7) قوله:
87- أن تَقْرَآنِ عَلَى أَسْماءَ وَيْحَكُما ...
مَنّي السَّلاَمَ وَأَلاَّ تُشْعِرَا أَحَدًا(8)
__________
(1) حكاه سيبويه عن عيسى بن عمر، حيث قال في الكتاب 3/16: "وزعم عيسى بن عمر أن ناسا من العرب يقولون: (إذنْ أفعلُ ذاك) في الجواب ".
(2) هو بدر الدين بن مالك المعروف بابن الناظم في شرحه على الألفية ص 671.
(3) في (ب): (تقدمها على الجملة وتأخرها) وفي (ج): (وتأخيرها).
(4) في شرح الألفية لابن الناظم ص 671: (لأنها مثلها في نفي الحال) بدل قوله (وان كانت غير مختصة).
(5) الآية 82 من سورة الشعراء. ولم تكمل الآية في (أ) و (ب).
(6) قال ابن هشام في المغني ص 915: ومن ملح كلامهم تقارض اللفظين في الأحكام، مثل إعطاء (أنْ) المصدرية حكم (ما) في الإهمال ، وإعمال (ما) حملا على (أن).
(7) وهو إهمال (أن) حملا على (ما) المصدرية.
(8) البيت من البسيط ، ولم أجد من نسبه إلى قائله.
وقد ورد في مجالس ثعلب 1/322 والإنصاف 2/563 وشرح المفصل 7/15وشرح الجمل لابن عصفور 1/437 وشرح الكافية الشافية 3/1527 وشرح الألفية لابن الناظم 668 والجنى الداني ص220 ومغني اللبيب ص 46 والتصريح 2/232 .
والشاهد إهمال (أنْ) حملاً على (ما) المصدرية، وهو لغة .(11/13)
ومن الثاني(1) الحديث في بعض الروايات: "كما تكونوا يولى عليكم"(2).
والمخففة من الثقيلة هي الواقعة بعد ما يدل على التحقيق ، سواء كان بلفظ العلم أو الظن، والى ذلك أشار بقوله: (إن لم تُسبق بعلم) فإن المراد بالعلم ما دل على التحقيق ، كما ذكرنا لا لفظ (علم).
فإن وقعت بعد ما يفيد ظنا، سواء كان بلفظ (ظن) أو ما أشبهه من (حسب)(3) ونحوه، جاز فيه اعتبار كونها مصدرية، حملا للظن على بابه، وكونها مخففة حملا له على اليقين. والى ذلك أشار المصنف(4) بقوله: (فإن سبقت بظن 47/ب فوجهان). ومثّل له بقوله تعالى: {وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَُ فِتْنَةٌ}(5).
فمن نصبه(6) جعلها مصدرية، ومن رفعه(7) جعلها مخففة من الثقيلة(8).
__________
(1) وهو إعمال (ما) المصدرية حملا على أختها (أن).
(2) الحديث ضعيف ، وقد ورد في كشف الخفاء 2/126برواية أخرى وهي "كما تكونون" وقد ذكره بالرواية الأولى ابن الحاجب في شرحه على المفصل 2/234.
لكن قال الدماميني في حاشية المغني 2/285: "لا حاجة أن تجعل (ما) هنا ناصبة فإن في ذلك إثبات حكم لها لم يثبت في غير هذا المحل، بل الفعل مرفوع ، ونون الرفع محذوفة ، وقد سمع ذلك نثرا ونظما". وتنظر حاشية الصبان 3/286.
(3) في (أ). (حسبت ) والمثبت من (ب) و (ج).
(4) كلمة (المصنف) ساقطة من (ج).
(5) من الآية 71 من سورة المائدة.
(6) أي نصب الفعل (تكون) والنصب قراءة عاصم ونافع وابن كثير وابن عامر. انظر السبعة 247 والنصب بعد الظن راجح عند عدم الفصل ولهذا اتفق السبعة على النصب في قوله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا}.
(7) الرفع قراءة أبي عمرو وحمزة والكسائي. تنظر السبعة لابن مجاهد 247 واتحاف فضلاء البشر ص 202.
(8) فيكون اسمها ضمير الشأن محذوفاً والجملة بعدها خبرها.(11/14)
ص: وتضمر (أنْ) بعد ثلاثة من حروف الجر، وهي (كي) نحو {كَيْلا يَكُونَ دُولَةً}(1) و(حتى) إن كان الفعل مستقبلا بالنظر إلى ما قبلها، نحو {حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى}(2) [وأسلمت حتى أدخل الجنة] (3) واللام تعليلية مع المجرد من (لا) نحو {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّه}(4) بخلاف {لِئَلاَّ يَعْلَمَ}(5) أو جحودية نحو ما كنت أو لم أكن لأفعل .
ش: قد أسلفا فيما سبق أن (أنْ) تعمل ظاهرة ومقدرة ، وقد تقدم أمثلة ما تعمل فيه ظاهرة ، والغرض الآن بيان ما تعمل فيه مضمرة.
وإضمارها على قسمين واجب وجائز.
وقد اشتمل هذا الكلام على إضمار (أنْ) بعد حروف الجر(6).
ومنها ما أضمرت بعده على سبيل الوجوب ومنها ما تضمر بعده على سبيل الجواز كما سنبينه إن شاء الله تعالى
الحرف الأول مما تنصب (أنْ) المضارع بعده مضمرة هي (كي) التعليلية لا المصدرية ، فإن تلك هي الناصبة كما تقدم (7).
وهذا الإضمار على سبيل الوجوب فلا يظهر إلا في الشعر.
وقد سبق ذكر ما يتعين أن تكون فيه تعليلية وما يتعين أن تكون فيه مصدرية وما يجوز فيه الأمران.
ومثالها قوله تعالى: {كَيْلا يَكُونَ دُولَةً} ف(يكون) منصوب(8) بأن مضمرة لا تظهر (9).
الثاني من الحروف التي تضمر بعدها (أنْ) وجوبا (حتّى) الجارّة وهي التي تدخل على الاسم الصريح ، بمعنى (إلى) (10).
__________
(1) من الآية 7 من سورة الحشر.
(2) من الآية ا9 من سورة طه.
(3) سقطت هذه العبارة من النسخ وأثبتها من شذور الذهب ص 20.
(4) من الآية 2من سورة الفتح.
(5) من الآية 29 من سورة الحديد.
(6) كلمة (الجرّ) ساقطة من (ج).
(7) تقدم بيان ذلك في ص 518.
(8) في (ج): (فيكون منصوبا).
(9) وذلك على اعتبار(كي) هنا تعليلية لعدم تقدير اللام قبلها.
وبجوز اعتبار (كي) هنا مصدرية واللام قبلها مقدرة فتكون هي الناصبة بنفسها.
(10) كقوله تعالى: {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}.(11/15)
وتدخل على المضارع فيتعين حينئذ إضمار (أن) بعدها ناصبة لتكون(1)مع الفعل في تأويل مصدر مجرور ب(حتّى) (2).
ولا يجوز إظهار (أنْ) بعدها لا في شعر ولا في نثر، ولا يكون الفعل بعدها إلا مستقبلا أو مؤولا به.
وخرج بالجارّة العاطفة ، وهي التي تعطف بعضاً(3) على كلٍّ، كما سيأتي في باب التوابع(4).
والابتدائية وهي الداخلة على جملة مضمونها غاية لشيء قبلها ، كقول الشاعر:
... ... ... حتّى ماءُ دِجلةَ أشكَلُ(5)
وقولهم: (شربَتْ 48/أ الإبلُ حتى يجيءُ البعير يجر بطنه)(6)
ولا يكون الفعل بعدها(7) إلا حالا أو مؤولا به
بخلاف الجارّة فلا بد أن يكون الفعل الذي بعدها مستقبلا(8)، كما تقدم. وذلك بالنظر إلى ما قبله(9) سواء كان مستقبلا بالنظر أيضا إلى زمن التكلم أم لا.
__________
(1) في (أ) و (ج): (ليكون) والمثبت من (ب).
(2) هذا مذهب البصريين ، وذهب الكوفيون إلى أن (حتى) هي الناصبة للفعل من غير تقدير. ينظر الجنى الداني ص 554 والمغني ص 168 والهمع 2/8.
(3) في (ب): (بعضها).
(4) سيأتي بيان ذلك في ص 803.
(5) جزء بيت من الطويل، وهو لجرير بن عطية يهجو الأخطل، والبيت بتمامه:
فما زالت القتلى تمور دماؤها...........بدجلة حتى ماء دجلة أشكل
تمور: تجري، أشكل: هو الأبيض الذي خالطته حمرة. ينظر ديوان جرير 1/143.
والبيت من شواهد أسرار العربية لابن الأنباري ص 267 وشرح المفصل 8/18 وشرح الألفية لابن الناظم ص 676 والمغني ص 173 والعيني 4/386 وهمع الهوامع 2/24 والأشموني 3/300 والخزانة 9/479.
والشاهد اعتبار (حتى) فيه ابتدائية لأنها داخلة على جملة اسمية غاية لما قبلها.
(6) هذا من أقوال العرب المأثورة. ينظر شرح الألفية لابن الناظم ص676.
(7) لم ترد كلمة (بعدها) في (ج) وبد لها في (ب): (معها).
(8) في (ج): (مستقبل) بالرفع ، وهو خطأ.
(9) في (ج): (إلى ما قبلها) ، والواو في قوله:(وذلك ساقط من (أ) و (ج).(11/16)
نحو قوله تعالى: {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى}(1)
وقوله تعالى: {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ}(2) في قراءة النصب(3).
واعلم أنه حيث انتصب المضارع ب(أنْ) بعد (حتى) فالغالب(4) أن تكون (حتى) للغاية، نحو قوله تعالى(5): {لَنْ نَبْرَحَ...} الآية.
وعلامتها صلوح (إلى) موضعها. وقد تكون للتعليل، كقوله: (جُد حتّى تُغني فقيرا)(6). وعلامتها صلوح كي(7) في موضعها.
وقال ابن مالك(8) تبعا لبعضهم (9) (وقد تكون بمعنى إلاَّ أنْ)(10) كقوله:
89- ليس العطاء من الفضول سماحة حتى تجودَ وما لديك قليل(11)
أي إلا أن تجود.
__________
(1) من الآية ا 9 من سورة طه.
(2) من الآية 214 من سورة البقرة.
(3) وهي قراءة جمهور القراء سوى نافع فإنه قرأ بالرفع. ينظر كتاب السبعة لابن مجاهد ص 181وإتحاف فضلاء البشر ص 156
(4) في (ج): (فالغالبة).
(5) ساقطة من (أ)، وجاءت فيها الآية كذا: (فلن....) وهو خطأ.
(6) ينظر شرح الألفية لابن الناظم 676ومغني اللبيب ص 169.
(7) في (أ) و(ج): (إلى)، وهو سهو من الناسخ. والمثبت من(ب).
(8) تسهيل الفوائد ص.23. وشرح التسهيل [ق219/أ].
(9) هو ابن هشام الخضراوي ذكر ذلك ابن هشام في المغني ص 169.
(10) أن) ساقطة من (أ) و (ب) وهي ثابتة في (ج) والتسهيل.
(11) البيت من الكامل، وقائله المقنع الكندي، شاعر مقل من شعراء الدولة الأموية. ينظر شرح الحماسة للمرزوقي 4/1734.
والبيت من شواهد شرح التسهيل (ق 219/أ] وتوضيح المقاصد 4/203 والمساعد لابن عقيل 3/79 وشفاء العليل 2/926 والعيني 4/412 وهمع الهوامع2/9 والأشموني 3/297 وشرح أبيات المغني 3/100.
والشاهد فيه قوله: (حتى تجودَ) فإن (حتى) فيه بمعنى إلا أن، وهو قليل.(11/17)
والذين لا يثبتون هذا المعنى يجعلون هذا البيت على معنى (إلى) (1).
الثالث من الحروف الجارة التي تضمر(2) بعدها (أنْ) هي اللام.
وإضمار (أنْ) بعدها إما واجب أو جائز أو ممتنع.
فإن كانت تعليلية وتجرد الفعل من (لا) فالإضمار جائز نحو جئتك لأقرأ، أي لأن أقرأ، ويجوز إظهارها.
وإن قرن الفعل ب(لا) سواء كانت نافية أو مؤكدة وجب إظهار (أنْ) بعد اللام، وامتنع الإضمار(3) نحو قوله تعالى: {لِئَلاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ}(4).وقوله: {لِئَلاّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ}(5).
وان كانت لام الجحود(6) وهي المسبوقة بكون منفي، ماض إما لفظا ومعنى أو معنى فقط(7)، وجب بعدها إضمار (أن) ولا يجوز إظهارها بحال من الأحوال(8)، نحو قوله تعالى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ}(9) {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ}(10).
تنبيهات:
__________
(1) قال ابن الناظم في شرح التسهيل [ 219/أ]: لو جعلت (إلى أن) مكان (حتى) لم يكن فاسدا. وينظر المساعد لابن عقيل 3/80 والأشموني 3/297.
(2) في (أ):(تنصب) وفي (ب): (ينصب) والمثبت من (ج).
(3) ينظر مغني اللبيب ص 227.
(4) من الآية 150 من سورة البقرة، و (لا) بعدها نافية والأصل (لأن لا) فأدغمت النون في اللام لقرب مخرجيهما.
(5) من الآية 29من سورة الحديد و (لا) هنا صلة للتأكيد. وفي (ب) قدم هذه الآية على التي قبلها.
(6) سميت بذلك لملازمتها للجحود. أي النفي.
(7) المراد بالماضي معنى فقط المضارع المجزوم (بلم) لأنها نقلب معناه إلى المضي.
(8) في (أ): (بحال) فقط وفي (ب): (بوجه) والمثبت من (ج).
(9) من الآية 179من سورة آل عمران. وفي (أ): (ما كان ليذر) وهو سهو.
(10) من الآيتين 137و 168من سورة النساء.(11/18)
الأول: أراد المصنف رحمه الله تعالى (1) بقوله: وتضمر (أن) مجرد الإضمار، أعمّ من أن يكون واجبا أو جائزا، بدليل أنه(2) بعد أن استوفى ذكر مواضع الإضمار مطلقا بيّن مواضع الوجوب من مواضع الجواز.
الثاني: تقييده اللام [48/ب] بما ذكره(3) ربّما يخرج لام(4) العاقبة(5) واللام المؤكدة(6) بناء على مغايرتهما لها، وهو ظاهر صنعه في الشرح(7)، مع أن إضمار (أنْ) بعدهما جائز(8) أيضا.
ومذهب الجمهور(9) رد لام العاقبة إلى التعليلية.
وقال في شرح الزوائد(10): (والمختار رد المؤكدة إليها) (11)أيضا.
الثالث: قوله: (أو جحودية) معطوف على قوله: (تعليلية) أي تضمر (أن) بعد اللام حال كونها تعليلية أو جحودية.
وقوله:(ما كنت أو لم أكن لأفعل) تقديره: ما كنت لأفعل أو لم أكن لأفعل. ومثّل بمثالين أحدهما للماضي في اللفظ والمعنى، والثاني للماضي في المعنى فقط وهو المنفى ب(لم) (12).
__________
(1) قوله: (رحمه الله تعالى) زيادة من (ب).
(2) كلمة (أنه) ساقطة من (ج).
(3) وهو قوله (اللام تعليلية أو جحودية) شذور الذهب ص20
(4) وقع تكرار لهذه الجملة، في (ج) حيث جاء كذا (يخرج لام، يخرج لام).
(5) لام العاقبة هي لام الصيرورة والمآل، كقوله تعالى:{فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً}. ينظر مغني اللبيب ص 282.
(6) اللام المؤكدة هي الزائدة التي جيء بها لمجرد التأكيد ينظر المغني ص 284.
(7) شرح شذور الذهب ص 296، 297.
(8) في (ج):(جائزاً) وهو خطأ ظاهر.
(9) ذهب جمهور البصريين إلى إنكار لام العاقبة وعدّوا ما ورد من ذلك راجعا إلى اللام التعليلية، وأثبتها الأخفش والكوفيون وابن مالك، ينظر التسهيل ص 145.
(10) وهو شرح الصدور لشرح زوائد الشذور للبرماوي ينظر [الورقة 62/ب].
(11) أي إلى التعليلية.
(12) لأن (لم) تقلب معنى المضارع إلى المضيّ.(11/19)
ص: وبعد ثلاثة من حروف(1) العطف، وهي أو بمعنى (إلى) نحو لألزمنك أو تقضيني حقي، أو (إلا) نحو لأقتلنه أو يسلم وفاء السببية وواو المعية مسبوقين بنفي محض أو طلب بغير اسم الفعل نحو {لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا}(2) ونحوه(3) {وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}(4) ونحو {لا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي}(5) و (لا تَنْه عن خلق وتأتيَ مثله).
ش: لما فرغ من ذكر(6) ما أضمرت (أنْ) بعده من الحروف الجارة أخذ يذكر ما أضمرت أيضا بعده من الحروف العاطفة.
فمنها (أو) وتضمر (أنْ) بعدها وجوبا إذا صلُح في موضعها (إلى) نحو (لألزمنك أو تقضيَني حقي) أي إلى أن تقضيني حقي.
أو (إلا) نحو (لأقتلنه أو يسلمَ) أي إلاّ أن يُسلم.
والضابط في ذلك(7) أن الفعل الذي بعدها إن كان مما ينقضي شيئا فشيئا فهو موضع(8) (إلى) وإن لم يكن فهو موضع (إلاَّ).
فإن لم يصلح في موضعها أحدهما، وورد المضارع منصوبا بعدها نحو قول الشاعر:
90- فلولا رجال من رزام أعِزة وآل سُبيع أو أسوءك علقما(9)
__________
(1) في (أ): (أحرف)، والمثبت من (ب) و(ج)، وهو الموافق لما في الشذور ص 20.
(2) من الآية 36من سورة فاطر.
(3) قوله: (ونحو) ساقط من (ج).
(4) من الآية 142 من سورة آل عمران.
(5) من الآية 81 من سورة طه.
(6) قوله: (من ذكر) ساقط من (ج).
(7) في (ب): (وضابط ذلك).
(8) في (ب): (فهو في موضع).
(9) البيت من الطويل، وهو للحصين بن الحمام المري، وبعده في المفضليات:
لأقسمت لا تنفك مني محارب على آلة حدباء حتى تندما
وقد ورد البيت في (ج) محرفا ففيه: (لو لا رجائي).والذي في المفضليات (من رزام ابن مازن) بدل من (رزام أعزة).
رزام هو ابن مازن، وعلقم منادى مرخم حذف منه حرف النداء، وهو علقمة بن عبيد. ينظر المفضليات ص 66، والبيت من شواهد سيبويه 3/50 والمحتسب 1/326 وتوضيح المقاصد 4/200 والعيني 4/411 والتصريح 2/244 والهمع 2/10 وشرح الأشموني 3/296 والخزانة 3/324.
والشاهد هنا نصب المضارع بأن مضمرة جوازا بعد (أو) التي بمعنى الواو وليست (أو) هنا بمعنى إلى ولا بمعنى إلاّ فلم يجب إضمار (أن).(11/20)
جاز إظهار (أنْ) ولم يجب إضمارها.
ومنها فاء السببية، وهي التي قصد بها الجزاء، إذا كانت مسبوقة بنفي محض، والمراد به ألاّ تتلو تقريرا(1)، نحو (ألم (2) تأتني فأحسنُ إليك)، وألا يكون متلوا بنفي محض(3)نحو (ما تزال [49/أ] تأتينا فتحدثُنا). وألاَّ ينتقض بإلاّ نحو (ما تأتينا إلاّ فتحدثُنا) (4).
أو كانت مسبوقة بطلب محض أيضا، وهو الذي أشار إليه الشيخ بقوله:(بغير اسم الفعل).
والمراد به أن يكون بفعلٍ أصلٍ في ذلك، فخرج الطلب بالمصدر، نحو (سقيا) أو باسم فعل(5)، نحو (صه) أو بلفظ الخبر، نحو (رحم الله زيدا). فلا ينصب الفعل بعد شيء منها(6).
مثال ذلك (ما تأتينا فتحدثَنَا) بالنصب إذا قصدت معنى الجزاء والسببية، أي ما تأتينا محدثا(7) فيكون المقصود نفي اجتماعها.
أو(8) (ما تأتينا فكيف تحدثَنا) فيكون المقصود نفي الثاني لانتفاء الأول.
وخرجت الفاء التي لمجرد العطف، نحو (ما تأتينا فتحدثُنا) على معنى فما(9) تحدثنا، والاستئنافية، نحو (ما تأتينا فتحدثُنا) على معنى ما تأتينا فأنت تحدثنا.
__________
(1) في (ب): (أن يتلو تقديرا) وهو تحريف.
(2) في (أ) و(ب): (لم) والمثبت من (ج)، وهو الصواب، لأنه مثال للتقرير. ينظر التصريح 2/239.
(3) ساقط من (ب) و (ج).
(4) من قوله: (وألا ينتقض....) إلى آخره ساقط من (ج). والفعل الواقع بعد الفاء في هذه الأمثلة الثلاثة مرفوع، لأن معناه الإثبات. ينظر التصريح 2/240.
(5) في (ج):(أو باسم الفعل)
(6) هذا مذهب الجمهور، وأجاز الكسائي النصب بعد الخبر واسم الفعل قياسا، نحو حسبك الحديث فينام الناس، وصه فأحدثك، وأجازه ابن جني بعد اسم الفعل المشتق نحو نزال ودراك.
يراجع الخصائص 3/49 والارتشاف 2/408 والهمع 2/11.
(7) قوله:(أي ما تأتينا محدثا) ساقط من (ج).
(8) أي أو على معنى. كما في توضيح المقاصد 4/207.
(9) في (أ) و(ج):(فكيف)، والتصويب من (ب) وتوضيح المقاصد 4/207.(11/21)
والفرق بينهما(1) أن في الأول ما قبل الفاء وما بعدها منفيان، وفي الثاني ما قبلها منفي وما بعدها مثبت.
ومنها واو المعية، وهي التي تفيد(2) معنى (مع) فإن (أنْ) مضمرة (3) بعدها وجوبا أيضا بعد النفي والطلب بشرطيهما السابقين(4).
نحو (لا تأكل السمك وتشربَ اللبن) (5). أي لا يكن(6) منك أكل للسمك مع شرب اللبن (7) فيكون ذلك نهيا عن الجمع بينهما، فلا يمتنع الإتيان بأحدهما منفردا.
وخرجت الواو التي لمجرد العطف نحو (لا تأكلْ السمك وتشربْ اللبن) بجزم (تشرب) عطفا على (تأكل)، فيكون ذلك نهيا عن كل واحد منهما. والاستئنافية نحو (لا تأكل السمك وتشربُ اللبن) (8)، أي وأنت تشرب اللبن. فلا يجوز النصب أيضا، بل يجب الرفع، ويكون نهيا عن أكل السمك وإخبارا بشرب اللبن(9)
ومثل المصنف للنصب بعد الفاء الواقعة بعد النفي المذكور، بقوله تعالى {لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا}(10). وللنصب بعد الواو الواقعة بعده بقوله(11) تعالى: {وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}(12) فإن قبله النفي في قوله تعالى: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ [49/ب] جَاهَدُوا مِنْكُمْ}.
وشمل الطلب المذكور الأمر، ومثاله بعد الفاء قوله:
91- يا ناقُ سيري عنقا فسيحا إلى سليمان فنستريحا(13)
__________
(1) أي بين الفاء العاطفة والفاء الاستنئافية.
(2) في(ب): (تسد).
(3) في (ب): (تضمر).
(4) في (أ) و(ج): (بشروطهما السابقة). والمثبت من (ب) وهو الأولى.
(5) في الفعل (تشرب) هنا ثلاثة أوجه سيذكرها الشارح بعد قليل.
(6) في النسخ:(لا يكون) والصواب ما أثبته.
(7) في (ب) و(ج):(أكل السمك) وفي (ب) أيضا:(وشرب اللبن).
(8) من قوله: بجزم (تشرب) إلى هنا ساقط من (ج) بسبب انتقال النظر.
(9) في (ب) (عن شرب اللبن).
(10) من الآية 36 من سورة فاطر.
(11) في (ج):(كقوله) وهو تحريف.
(12) من الآية 142 من سورة آل عمران، وقد كتبت في (ج) (ويعم) خطأ.
(13) البيتان من مشطور الرجز، وهما لأبي النجم العجلي يمدح سليمان بن عبد الملك.
عنقا: أي سيرا عنقا، وهو ضرب من السير، فسيحا: واسعا. ينظر ديوان أبي النجم العجلي ص 82. والبيتان من شواهد سيبويه 3/35والمقتضب 2/14والأصول 2/183 وسر الصناعة 1/270 وشرح المفصل 7/26 وشرح الألفية لابن الناظم ص 677 وشرح الكافية الشافية 3/1544 والعيني 4/387 والتصريح 2/239 والهمع 2/10. وشرح الأشموني 3/302.
والشاهد قوله: (فنستريحا) حين جاء منصوبا بأن مضمرة لوقوعه بعد الفاء السببية المسبوقة بالأمر. والألف فيه للإطلاق.(11/22)
ومثاله(1) بعد الواو كقوله(2):
92-فقلتُ ادْعِي وأدعوَ إن أنْدى لصوتٍ أن يُنادي داعيان(3)
والنهي(4)، ومثل المصنف(5) له بعد الفاء بقوله تعالى: {وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي}(6)، وبعد الواو بقول أبي الأسود الدؤلي (7):
92- لا تنهَ عن خلقٍ وتأتيَ مثلَه عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيم(8)
__________
(1) قوله: (مثاله) زيادة من (ج).
(2) كقوله ساقط من (أ) وفي (ب): (نحو قوله).
(3) البيت من الوافر وقد اختلف العلماء في قائله، فنسبه سيبويه للأعشى، وليس في ديوانه ونسبه الزمخشري لربيعة بن جشم، ونسبه ابن يعيش للحطيئة، والصحيح أنه لدثار بن شيبان النمري.
... ينظر ملحق ديوان الحطيئة ص 338ومختارات ابن الشجري ق 3ص 6 والكتاب 3/45 ومجالس ثعلب 2/456 وشرح المفصل 7/33 وشرح الألفية لابن الناظم ص 681. واللسان 15/316 (ندى) والمغني ص 519 والعيني 4/392 والتصريح 2/239 وشرح الأشموني 3/307 والدرر 4/85.
والشاهد قوله (أدعو) بالنصب لأنه وقع بعد واو المعية المسبوقة بالأمر.
(4) قوله:(والنهي) ساقط من (أ) و (ج) وأثبته من (ب).
(5) كلمة (المصنف) ساقطة من (ب).
(6) من الآية 81 من سورة طه.
(7) هو أبو الأسود ظالم بن عمرو الدؤلي، كان من التابعين، وهو أول من وضع علم النحو بأمر من الإمام علي كرم الله وجهه، وكان من الشعراء المعدودين توفي سنة 69ه. تنظر ترجمته في الشعر والشعراء 2/733 ومعجم الشعراء ص 151 وإنباه الرواة 1/48.
(8) البيت من الكامل، والمشهور أنه لأبي الأسود الدؤلي، كما قال الشارح ينظر ديوان أبي الأسود ص 165. ونسب البيت للأخطل وللطرماح ولسابق البربري وللمتوكل الليثي. ينظر شعر سابق البربري ص 121 والمتوكل الليثي ص 74.
والبيت من شواهد سيبويه 3/42 والمقتضب 2/26 والإيضاح 323 وشرح المفصل 7/24 وشرح الكافية الشافية 3/1547 وشرح الألفية لابن الناظم ص 682 والتصريح 2/238 والأشموني 3/307 والخزانة 8/64 والدرر 4/86.
والشاهد قوله: (وتأتي) فقد نصب الفعل بعد واو المعية المسبوقة بالنهي.(11/23)
والدعاء (1) والاستفهام والعرض(2) والتمني والتحضيض(3) ولا تخفى أمثلتها (4) بعد الفاء والواو(5).
تنبيهات:
الأول: قوله: (وهي أو بمعنى إلى أو إلا) قد يتوهم منه مرادفة (أو) للحرفين المذكورين، وليس كذلك، بل هي (أو) العاطفة التي لأحد الشيئين. فلو عبّر بصلاحية أحد الحرفين موضعها، كما عبرنا لكان أحسن.
الثاني: تقييده الطلب بغير اسم الفعل قد(6) علمت أن في معنى اسم الفعل الخبر(7) والمصدر، فكأنه قال: بغير اسم الفعل وما في معناه.
__________
(1) هذا معطوف على ما سبق، أي شمل الطلب المذكور الأمر والنهي والدعاء...الخ.
(2) العَرْض هو الطلب برفق ولين، نحو أَلاَ تأتينا فتحدثَنا.
(3) التحضيض هو الطلب بشدة، نحو هلاّ زرتنا فنكرمَك.
(4) أمثلتها على الترتيب كما يلي:
مثال المنصوب في الدعاء بعد الفاء: (اللهم تب علي فأتوبَ) وبعد الواو (رب وفقني للخير وأعملَ صالحا) ومثال المنصوب في الاستفهام بعد الفاء {فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا} وبعد الواو (ألم تزرنا ونكرمَك) ومثال المنصوب في العَرْض بعد الفاء (ألا تأتينا فتحدثَنا) وبعد الواو (أَلاَ تشتري هذا وتدفعَ ثمنه) ومثال المنصوب في التمني بعد الفاء {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً} وبعد الواو {يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ} ومثال المنصوب في التحضيض بعد الفاء {لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ..} وبعد الواو (هلا سافرت معي وأكرمَك).
(5) ألحق الفراء الترجّي بالتمني، فأجاز نصب الفعل في جوابه، ووافقه ابن مالك استدلالا بقوله تعالى: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ...}الآية ينظر معاني القرآن للفراء 3/9 وشرح الكافية الشافية 3/1554.
(6) في (ج): (كما).
(7) كلمة الخبر ساقطة من (ب).(11/24)
وكأنه إنما اقتصر عليه (1) لأن الكسائي(2) جوّز النصب بعد الطلب به(3) كما في الطلب بالخبر، فينتفي الطلب بالمصدر من باب أولى، إذ لم يقل بالنصب بعده أحد فيما علمت.
الثالث: قد علم مما تقرر أن النصب بعد الواو ليس على معنى النصب بعد الفاء (4)، وإن اشتركا في شرطه.
الرابع: ما ذكره من أن النصب بأنْ المقدرة بعد أو والواو والفاء هو الصحيح(5).
ومذهب الكسائي(6) أن أو والواو والفاء [هي الناصبة](7). ومذهب الفراء وجماعة من الكوفيين(8) أن النصب بالمخالفة.
ويرد على الكسائي أن هذه حروف(9) عاطفة فلا تصلح للعمل لعدم اختصاصها(10). وعلى الفراء ومن معه أن العامل اللفظي حيث أمكن لا يعدل عنه إلى المعنوي كما تقدم. والله أعلم.
ص: وبعد الفاء والواو وأو وثم إن عطفن على اسم خالص نحو{أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً}(11) ونحو (ولُبسُ عباءة وتقرَّ عيني).
ش: يعني 50/ب أن (أن) كما أضمرت بعد ما تقدم من الحروف، وهي (أو) والواو والفاء كذلك تضمر بعدهن وبعد (ثم) لكن في محل آخر، وهو ما إذا عطف أحد هذه الحروف(12) على اسم خالص، أي من تأويل الفعل.
__________
(1) أي على اسم الفعل. وكلمة (عليه) ساقطة من (ج).
(2) ينظر مذهبه في الارتشاف 2/408 وهمع الهوامع 2/11.
(3) أي باسم الفعل نحو (صه فأحدثك) وقد تقدم ذكر قوله في ص 534.
(4) لأنه بعد الفاء على معنى الجزاء والسببية وبعد الواو على معنى المعية.
(5) وهو مذهب البصريين، ينظر في ذلك الكتاب 3/41 والأصول2/153 وشرح المفصل 7/21 والارتشاف 2/407.
(6) وهو مذهب الجرمي أيضا. ينظر الارتشاف 2/407 وهمع الهوامع 2/10
(7) في النسخ: (هو الناصب) وما أثبته أولى.
(8) ينظر معاني القرآن للفراء 1/33، 221 و2/262 والإنصاف 2/557 وشرح المفصل 7/21.
(9) في (ج): (الحروف).
(10) والحرف إذا كان غير مختص لا يعمل في الأصل كحروف العطف، ينظر توضيح المقاصد للمرداوي 4/200.
(11) من الآية 51 من سورة الشورى.
(12) في (ب): (الأحرف).(11/25)
واحترز بذلك من نحو قولهم(1): (الطائر فيغضبُ زيدٌ الذبابُ) فإنه لا ينصب الفعل وان كان العطف على اسم وهو(الطائر)،لأنه في تأويل الفعل، أي الذي يطير.
فمثال (أو) قوله تعالى: {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً}(2) في قراءة النصب(3) عطفا على (وَحْيَاَ) (4).
ومثال الواو قول ميسون(5) زوج معاوية، رضى الله عنه:
94- ولبسُ عباءةٍ وتقرَّ عَيني أحبُّ إليَّ من لُبْسِ الشُّفُوفِ(6)
بالنصب عطفا على (لبس). ومثال الفاء قوله:
95- لَوْ لاَ تَوَقُّع مُعْتَرٍّ فَأُرْضِيَهُ(7)
__________
(1) أي النحويين، لأن هذه من مسائل التمرين التي وضعها النحاة ولم تتكلم بها العرب.
(2) من الآية 51 من سورة الشورى.
(3) وهي قراءة جمهور القراء سوى نافع فإنه قرأ بالرفع، واختلف فيه عن ابن ذكوان. ينظر النشر لابن الجزري 2/368 وإتحاف فضلاء البشر ص 384.
(4) في أول الآية {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً}.
(5) هي ميسون بنت بحدل الكلبي، أم يزيد بن معاوية، تزوجها معاوية من البادية فثقلت عليها الغربة فسمعها ذات ليلة تقول أبياتا منها هذا البيت فطلقها وردها إلى قومها. ينظر الأشباه والنظائر للخالديين 2/137 وأعلام النساء 5/136.
(6) البيت من الوافر، من قصيدة قالتها ميسون تشكو فيها من حياة الحاضرة.
والبيت من شواهد سيبويه 3/45 والمقتضب 2/27 والأصول 2/150 والإيضاح ص 321 وسر الصناعة 2/273 وشرح المفصل 7/25 وشرح الكافية الشافية 3/1557 وتوضيح المقاصد 4/218 والتصريح 2/244 وشرح الأشموني 3/313.
والشاهد فيه نصب الفعل (تقرّ) بأن مضمرة عطفا على الاسم الخالص، وهو(لبس).
(7) صدر بيت من البسيط، وعزاه ابن مالك لرجل من طيء ولم يسمِّه، وعجزه:
..... ..... ما كنتُ أُوثر إترابًا على تَرَبٍ
المعتر: المعترض لطلب حاجة دون أن يسأل. الإتراب كثرة المال، الترّب: الفقر.
والمعنى لولا توقعي وجود معتر فأعطيه ما آثرت الغنى على الفقر.
ينظر شرح الكافية الشافية 3/1558 وشرح الألفية لابن الناظم ص 676 وتوضيح المقاصد 4/220وأوضح المالك 3/172والمساعد 3/106 وشفاء العليل 2/937 والعيني 4/398والهمع 2/17و شرح الأشموني 3/314.
والشاهد نصب المضارع بعد الفاء بأن مضمرة عطفا على (توقع) وهو اسم خالص من تأويل الفعل.(11/26)
.............
ومثال (ثم) قوله:
96- إَنِّي وقتلي سليكا ثم أعقله(1) ..............
تنبيه:
اقتصاره على حذف (أنْ) بعد ما ذكره من الحروف يفهم منه أنها لا تحذف في غيره، وهو كذلك. لكن قد وردت مواضع شاذه، نصب الفعل فيها ب(أنْ) محذوفة وليست مما تقدم.
فمن ذلك(2) قولهم (خذ اللص قبل يأخذَك) (3) بالنصب.
وقولهم (تسمَع بالمعيدي خير من أنْ تراه) (4) بالنصب أيضا. فيحفظ ما ورد منها ولا يقاس عليه.
__________
(1) صدر يبت من البسيط، وهو لأنس بن مدركة الخثعمي، يقوله لما قتل سليكا بن السلكة أحد العدائين العرب، وعجزه:
............. ....كالثّور يُضرب لمّا عافت البقر
أعقله: أي أدفع ديته، عافت: كرهت
ينظر شرح الكافية الشافية 3/1558 وشرح الألفية لابن الناظم ص 686 وتوضيح المقاصد4/221 والمساعد 3/107، والارتشاف 2/242والعيني 4/399 والتصريح 2/244 والهمع 2/17 وشرح الأشموني3/314.
والشاهد نصب المضارع بأن مضمرة بعد (ثم) عطفا على الاسم الصريح أي قتلي ثم عقلي.
(2) في (ج): (ومن ذلك).
(3) هذا مثل أورده الميداني في أمثال المولّدين. ينظر مجمع الأمثال 1/262.
(4) من أمثال العرب، وفي قوله:(تسمع) ثلاث روايات، بالنصب على إضمار (أن) وهذا شاذ لحذف العامل وبقاء عمله دون عوض، وبالرفع لأنه لما حذفت (أن) زال عملها فارتفع الفعل وهذا هو القياس وروي (لأن تسمع) والمثل يضرب فيمن مخبره خير من مظهره.ينظر فصل المقال للبكري ص 135ومجمع الأمثال 1/129(11/27)
ش: هذا بيان للنوع الثاني وهو الرافع لإبهام النسبة.
وهو على نوعين (1): محوّل وغير محوّل(2).
النوع الأول المحوَّل، وهو أقسام.
لأن النسبة المبهمة إما نسبة الفعل إلى الفاعل، نحو قوله تعالى: {واشْتَعَلَ الرَّأسُ شَيْبًا}(3) أي اشتعل من جهة الشيب.
والأصل: واشتعل شيبُ الرأسِ، فحوّل الإسناد إلى الرأس، ونصب (شيب) (4) على التمييز.
ومثله (طاب زيد نفسا) أصله طابت نفسُ زيد.
وإما نسبة الفعل إلى المفعول، نحو قوله تعالى:{وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُوناً}(5) والأصل: وفجرنا عيونَ الأرض، ثم أوقع الفعل على (الأرض) ونصب (العيون) على التمييز (6).
ومنه غَرَسْتُ الأَرْضَ شَجَراً ، أصله غرست شجرَ الأرضِ
وإما نسبة الخبر إلى المبتدأ، نحو (زيدٌ أكثرُ مالاً).
والأصل: مال زيد أكثر، ثم حول الإسناد إلى (زيد) ونصب (مالا) على التمييز ومثله (عمرو أطيب نفسا)، أصله نفس عمرو أطيب(7).
النوع الثاني غير المحوَّل، وهو الواقع بعد ما يفيد التعجب، نحو (لِلهِ دَرُّهُ فارِساً) و (ما أَحْسَنَه رَجُلاً) و (أحْسِنْ به أباً).
تنبيه:
__________
(1) في (ج): (فرعين).
(2) تراجع أقسام التمييز في التصريح 1/397 والهمع 1/251.
(3) من الآية 4 من سورة مريم.
(4) في (ب): (شيبا) بالنصب.
(5) من الآية 12 من سورة القمر.
(6) أجاز أكثر العلماء ومنهم الجزولي وابن عصفور وابن مالك تحويل التمييز عن المفعول، وأنكر ذلك الشلوبين وابن أبي الربيع وأوّل الشلوبين (عيونا) في الآية على أنها حال مقدرة، وجعلها ابن أبي الربيع بدل بعض من كل على حذف الضمير أي عيونها أو أنها مفعول به على إسقاط الجارّ، أي بعيون. وقد رد عليهما العلماء.
تنظر الجزولية ص 222 والتوطئة ص 314 والملخص لابن أبي الربيع 1/396 وشرح الجمل لابن عصفور 2/284 وشرح عمدة الحافظ ص 468 وشرح اللمحة 2/190 والهمع 1/251.
(7) قوله: (أصله نفس عمرو أطيب) ساقط من (ج).(12/1)
الناصب للتمييز الرافع لإبهام النسبة(1) هو المسند من الفعل أو شبهه(2).
خاتمة:
يجوز في التمييز الرافع لإبهام الاسم أن يجُرّ بإضافة ذلك الاسم إليه ك(شبر أرض) و(قفيز برٍّ)(3). إلا أن يكون الاسم عددا، نحو (عشرين رجلا) أو مضافا، نحو (مثلها زبدا)(4).
ويجوز أيضا أن تجرّه ب(مِنْ) ك(رطل من زيت) و(قفيز من برّ)(5) إلا في 40/ب العدد، كما تقدم.
وأما الرافع لإبهام النسبة (6) فلا يجر بالإضافة أصلا.
__________
(1) في (ب): (لإجمال النسبة).
(2) هذا قول سيبويه والجمهور، وذهب ابن عصفور إلى أن العامل في تمييز النسبة الجملة التي انتصب الكلام عن تمامها.
ينظر الكتاب 1/204 - هارون والمقتضب 3/32 والأصول لابن السراج 1/222 والمقرب لابن عصفور 1/163 والارتشاف 2/377 والتصريح1/395.
(3) قال الرضي في شرح الكافية 1/219: (إنما جازت، أي الإضافة، إيثارا للتخفيف).
(4) امتنع الجر إذا كان الاسم مضافا لوجود المضاف إليه، لأنه لا يضاف اسم إلى اسمين بدون عطف، وإن حذف المضاف إليه فإنه لا يصح المعنى، إذ لا يقال: عندي مثل زبد. ينظر التصريح 1/397.
(5) لأن التمييز في الأصل مقدر بمعنى (من ) فيصح إظهارها إن صلح المعنى.
(6) في (ب): (لإجمال النسبة).(12/2)
ويجر ب(مِنْ ) في نحو (ما أحسنه رجلا) و (لله دره فارسا)(1) لا في(2) نحو (ما أحسنه أدبا) و (طاب نفسا)(3)و {فَجَّرْنَا الأَرْضَ}(4).
ص: التاسع المستثنى ب(ليس) أو ب(لا يكون)(5) أو ب(ما خلا) أو ب(ما عدا) مطلقا.
ش: الباب التاسع من المنصوبات المستثنى. وهو المذكور بعد (إلا) أو إحدى أخواتها.
والمستثنى من حيث هو قد يكون منصوبا، وقد يكون غير منصوب، وقد ذكر هنا مع المنصوب غيره استيفاء للأقسام، وتتميما للفائدة.
والأدوات التي يستثنى بها ثمانية ألفاظ(6).
حرفان وهما (إلاَّ) عند الجميع(7) و(حاشا ) عند سيبويه (8)وفعلان، وهما (ليس ) و(لا يكون ).
__________
(1) أي يجرّ ب(من) إذا كان غير محول، فإن قوله: (ما أحسنه رجلا) ليس محولا عن المفعول، فيصح فيه ما أحسنه من رجل، وقوله: (لله دره فارسا) التمييز فيه فاعل في المعنى لكنه غير محول، فيصح فيه: لله دره من فارس.
(2) في (أ): (إلا في) والمثبت من (ب) و (ج).
(3) لم يصح الجر بمن هنا، لأن هذه الأمثلة محوَّلة، فقوله: (ما أحسنه أدبا) محول عن المفعول وأصله ما أحسن أدب زيد، وكذلك قوله تعالى: {وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُوناً} والمحول عن المفعول لا يجر بمن وقوله: طاب محول عن الفاعل صناعة، إذ أصله طابت نفسه، والمحول عن الفاعل لا يجوز جره أيضا.
(4) من الآية 12 من سورة القمر.
(5) سقط قوله (بليس) من (أ)، وفي (أ) و (ب): (أولا يكون) وفي (ج): (ولا يكون) والمثبت من الشذور ص 18.
(6) تنظر أدوات الاستثناء في التصريح 1/347 والاستغناء في الاستثناء للقرافي ص 29.
(7) أي أن ( إلا) حرف باتفاق العلماء.
(8) في النسخ: (عند غير سيبويه) ولا يصح ذلك، لأن سيبويه هو الذي يقول بحرفية (حاشا) دائما، جاء في الكتاب 2/349- هارون: "وأما حاشا فليس باسم، ولكنه حرف يجر ما بعده، كما تجر (حتى) ما بعدها، وفيه معنى الاستثناء" وقال ابن هشام في أوضح المسالك 2/60: (وحاشا عند سيبويه ).(12/3)
ومترددان(1) بين الحرفية والفعلية(2)، وهما (خلا) و (عدا)(3) واسمان، وهما (غير) و(سوى).
وبدأ بالكلام على المستثنى ب(ليس ) وما ذكر معها في هذا الكلام لتعين نصبه على كل تقدير، وفي كل حال، على ما سنبينه، ولذلك قال: (مطلقا) فكان تقديمه أهمّ.
فأما المستثنى ب(ليس) و(لايكون) فهو واجب النصب، كقولك: قام القوم ليس زيدا ولا يكون زيدا.
وإنما وجب نصبه لأنه خبرهما، واسمهما ضمير مستتر فيهما عائد إما على اسم الفاعل المفهوم من الفعل السابق، أي ليس هو أي(4) القائم زيدا أو على البعض المدلول عليه بكلّه السابق، أي ليس هو أي بعض القائمين زيدا، والأول مذهب الكوفيين(5)، والثاني مذهب البصريين(6).
واختلفوا في جملة الاستثناء (7)، هل لها محل أم لا (8)؟
فقيل: محلها النصب على الحالية (9).
__________
(1) في (ب): (ومتردد).
(2) في (ج): (الفعلية والحرفية).
(3) فتارة ينصب ما بعدهما على أنهما فعلان، وتارة يجر ما بعدهما على أنهما حرفان وذلك إذا لم تسبقا ب(ما). فإن سبقتا ب(ما) فهما فعلان، لأن (ما) مصدرية.
(4) سقطت كلمة (أي) من (ب).
(5) ينظر مذهبهم في شرح المفصل لابن يعيش 2/78 والتصريح 1/362.
(6) وهو الأولى، لعدم اطراد مذهب الكوفيين، لأنه قد لا يسبق بفعل، نحو القوم إخوتك إلا زيدا. وينظر مذهب البصريين في الكتاب 2/337 والمقتضب 8/424 والارتشاف2/320.
(7) أي جملة الاستثناء مع هذه الأدوات الأربع.
(8) قوله: (أم لا) من (ب) والمناسب العطف هنا ب(أو) لأن السؤال ب(هل).
(9) هذا قول السيرافي، واقتصر عليه ابن عصفور في المقرب. وهناك أقوال أخرى في شرح المفصل لابن يعيش 2/79 والمقرب 1/173 وشرح الكافية للرضي 1/230 وشرح الأشموني 2/ 163.(12/4)
وقيل: لا (1)، لأنها مستأنفة (2)، وصححه ابن عصفور (3).
وأما المستثنى ب(خلا) و(عدا) الواقعتين بعد (ما) فهو متعين النصب(4) لتعين فعليتهما حينئذ، لأن (ما) مصدرية ولا يليها حرف جر.
وبعضهم(5) قدّرها زائدة، فجوز الجر (6).
وهو شاذ(7)، لأنه لم يعهد زيادة (ما ) قبل حروف الجر(8)، وإنما عهدت الزيادة(9) بعدها.
وموضع (ما) وصلتها نصب بلا خلاف.
وإن اختلفت، 41/أ هل هو على الحال (10)، أو على الظرفية على حذف مضاف(11) فتقدير(12) (قاموا ماعدا زيدا) أي مجاوزين زيدا، أو وقت(13) مجاوزتهم زيدا.
__________
(1) أي لا محل لها من الإعراب. وقد سقطت كلمة (لا) من (أ)، وهي متعينة.
(2) هذا اختيار أكثر العلماء، والمراد بالاستئناف هنا عدم تعلقها بما قبلها في الإعراب فقط لا المعنى. ينظر الارتشاف 2/319 والتصريح 1/363.
(3) قال ابن عصفور في شرح الجمل 2/261: ".. بل هي جملة مستأنفة جاءت إثر جملة لتدل على الاستثناء.. ".
(4) عند سيبويه وجمهور العلماء. ينظر الكتاب 2/349 والمقتضب 4/427 وشرح المفصل لابن يعيش 2/78 والتسهيل 105 وهمع الهوامع 1/233.
(5) وهو الكسائي، ووافقه الجرمي والربعي والفارسي.
ينظر إيضاح الشعر للفارسي ص 33 والارتشاف 2/318 والهمع 1/233.
(6) على أن (خلا) و (عدا) حرفا جر، و (ما) زائدة.
(7) أي هذا القول شاذ، قال ابن هشام في المغني ص 179: "فإن قالوا ذلك بالقياس ففاسد لأن (ما) لا تزاد قبل الجار، بل بعده... وإن قالوه بالسماع فهو من الشذوذ بحيث لا يقاس عليه ".
(8) في (ب): (حرف الجر).
(9) كلمة (الزيادة) ساقطة من (أ) و(ب)، وأثبتها من (ج).
(10) وبه قال السيرافي وابن عصفور في المقرب. ينظر المقرب 1/173 والمغني ص 179.
(11) وهو قول بعض النحويين، ينظر الإيضاح لابن الحاجب 1/365 والمقتصد للجرجاني 2/718 وهناك قول ثالث، وهو أنها في محل نصب على الاستثناء انتصاب (غير) وهو قول ابن خروف. ينظر الارتشاف 2/318.
(12) في (ب): (بتقدير).
(13) في (ج): (وقعت) وهو تحريف ظاهر.(12/5)
ص: أو ب (إلا) بعد كلام تام موجب، أو غير موجب وتقدَّم المستثنى نحو: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاّ قَلِيلاً مِنْهُمْ}(1) و(مالي إلا آل أحمدَ شيعَةٌ).
ش: للمستثنى بإلا أحوال، لأنه(2) تارة يكون الكلام تاما وتارة غير تام وإذا كان تاما فتارة يكون واجب النصب، وتارة يكون راجحه، وتارة يكون مرجوحه. وسنبين هذا كله إن شاء الله تعالى.
وقدم المصنف ذكر ما يجب نصبه.
فقوله: (أو بإلا) معطوف على قوله في الكلام السابق: (بليس) أي يجب نصب المستثنى بعد (ليس) وما ذكر معها مطلقا، وبعد (إلا) في حالتين(3): الحالة الأولى أن يكون بعد كلام تام موجب.
والكلام التام(4) هو الذي اشتمل على ذكر المستثنى منه.
والموجب هو الذي لم يسبق بنفي أو شبهه، وهو النهي(5) والاستفهام.
ومثل له(6) بقوله تعالى: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاّ قَلِيلاً مِنْهُمْ}(7) ونحوه (قام القوم إلا زيدا).
الحالة الثانية أن يتقدم المستثنى على المستثنى منه، وهذا(8) على قسمين: القسم الأول أن يكون الكلام موجبا، نحو (قام إلا زيدا القوم) فهذا واجب النصب(9) باتفاق.
__________
(1) من الآية 249 من سورة البقرة.
(2) كلمة (لأنه) ساقطة من (أ)، وأثبتها من (ب) و (ج)
(3) في (أ) و (ب): (حالين)، والمثبت من (ج).
(4) كلمة (التام) ساقطة من (ج).
(5) في (أ): (النفي) والمثبت من (ب) و (ج).
(6) أي للتام الموجب لأن المستثنى منه في هذه الآية مذكور وهو (واو) الجماعة التي في الفعل (شربوا) والكلام مثبت لأنه لم يسبق بنفي أو شبهه.
(7) من الآية 249 من سورة البقرة.
(8) في (ج) فقط: (وهو).
(9) على الاستثناء، ولا يصح كونه بدلا، لأن البدل لا يتقدم على المبدل منه.(12/6)
والقسم الثاني أن يكون الكلام غير موجب، نحو (ما قام إلا زيدا القوم). ومنه ما مثل به المصنف، وهو قول كُميت بن زيد الأسدي(1) يمدح بني هاشم وأهل البيت:
65- ومالي إلا آلَ أحمدَ شيعةٌ ومالي إلا مذهبَ الحقِّ مذهبُ(2)
فإن تقديم المستثنى وقع في كل من شطريه(3).
وهذا واجب النصب أيضا(4).
إلا أن بعضهم(5) جوّز فيه تفريغ العامل له(6)، وجعل المستثنى منه بدلا(7).
قال سيبويه(8): "حدثني يونس أن قوما يوثق بعربيتهم(9) يقولون: (مالي إلا أبوك ناصرٌ) فيجعلون ناصراً(10) بدلا" انتهى .
__________
(1) هو الكميت بن زيد بن الأخنس الأسدي، يكنى بأبي المستهل، وهو من شعراء الدولة الأموية، ولد سنة 60ه. وله قصائد مشهورة في مدح بني هاشم تسمى الهاشميات وتوفي سنة 126ه في خلافة مروان بن محمد. ينظر الشعر والشعراء 2/585 والخزانة 1/144.
(2) البيت من الطويل، وهو من قصيدة طويلة في مدح بني هاشم، ينظر شرح الهاشميات ص 50. والبيت من شواهد المقتضب 4/398 وشرح المفصل 2/79 وشرح الألفية لابن الناظم ص 298 والعيني 3/111 والتصريح 1/355 وشرح الأشموني 2/149 والدرر اللوامع 3/161. والرواية في الهاشميات وبعض هذه المصادر (مشعب الحق مشعب).
والشاهد نصب المستثنى وجوبا، لتقدمه على المستثنى منه.
(3) في (أ): (شرطيه) وهو تحريف. صوابه من (ب) و (ج).
(4) وهذا مذهب أكثر العلماء. ينظر المقتضب 4/397 وشرح المفصل لابن يعيش 2/79.
(5) وهم الكوفيون والبغداديون.
ينظر معاني القرآن للفراء 1/168 والتصريح 1/355.
(6) في (ج): (تقديم العامل له).
(7) في (أ): (وجعل المستثنى فيه إلا). وهو تحريف، صوابه من (ب) و (ج).
(8) الكتاب 2/337- هارون ونص عبارته. (حدثنا يونس أن بعض العرب الموثوق بهم يقولون: مالي إلا أبوك أحدٌ، فيجعلون (أحدا) بدلا.
(9) في (ب): (بلغتهم).
(10) قوله: (ناصرا) ساقط من (ج)، وبدله في (أ): (أبوك) وهو خطأ، والمثبت من (ب).
... وينظر شرح الكافية الشافية 2/704.(12/7)
وهو قليل، ولذلك لم يذكره الشيخ.
تنبيهان:
الأول: اقتصاره، في غير الموجب حيث تقدّم المستثنى الذي هو محل 41/ب الخلاف، على وجوب النصب، يفهم منه الوجوب في الموجب، والحالة هذه من باب الأولى.
ويجوز أن يكون معنى الكلام: يجب نصب المستثنى ب(إلا) بعد كلام تام موجب، سواء تقدم المستثنى، والبعدية حينئذ تقديرية(1) أو لم يتقدم، والبعدية حينئذ حقيقية (أو غير موجب) إذا تقدم المستثنى. ولو حذف قوله: (أو غير موجب) وقال: (أو تقدم المستثنى) لوفَّى بما ذكر مع الاختصار.
التنبيه الثاني(2): إنما وجب نصب المستثنى من الموجب التام لأن التفريغ لا يجوز فيه، والإبدال لا يجوز لأن المبدل منه في حكم الساقط فيؤدي إلى التفريغ في الإثبات(3) فلم يبق إلا النصب.
واختلف في الناصب للمستثنى.
فقيل: هو (إلا) وهو مذهب المبرد(4) والزجاج(5)، واختاره بعض المتأخرين(6)
__________
(1) مراده بالبعدية التقديرية كون المستثنى بعد كلام تام موجب تقديرا لأن المستثنى في الظاهر جاء قبل الكلام التام وليس بعده، نحو جاء إلا زيدا القوم.
(2) ساقط من (أ) وبدله (ش) وهو سهو، وفي (ب) لم يذكر (التنبيه) والمثبت من (ج).
(3) والتفريغ في الإثبات لا يصح، لأنه لا يكون إلا مع النفي.
(4) الظاهر من قول المبرد في المقتضب أنه يرى أن الناصب للمستثنى هو الفعل المحذوف، و(إلا) دليل عليه، لأنه قال في المقتضب 4/390: "لما قلت: إلا زيدا، كانت (إلا) بدلا من قولك أعني زيدا، وأستثني فيمن جاءني زيدا، فكانت بدلا من الفعل.. ".
قال الشيخ عضيمة في الحاشية: "فمن نسب للمبرد بأن ناصب المستثنى عنده هو (إلا) يكون مخالفا لقول المبرد في كتابيه " أي المقتضب والكامل. وقد نسب له هذا القول أيضا ابن جني في الخصائص 2/276 وابن يعيش 2/76.
(5) ينظر قول الزجاج هذا في كتابه معاني القرآن وإعرابه 2/141.
(6) هو ابن مالك، وقد نسبه لسيبويه والمبرد.
ينظر قوله هذا مع أدلته في شرح التسهيل [ورقة 111 و 112].(12/8)
واستدل له بما يطول ذكره.
وبه يُشعر قول المصنف في الاستثناء المفرغ: (فلا أثر لإلاّ).
وقال الكسائي(1): هو منصوب ب(أن) مقدرة، محذوفة الخبر(2).
وقال البصريون العامل فيه(3) الفعل المتقدم أو معنى الفعل بتوسط (إلا).
وقيل(4): هو منصوب بأستثنى مضمرا.
ص: وغير الموجب إن ترك فيه المستثنى منه فلا أثر فيه(5) ل (إلا) ويسمى مفرغا، نحو ما قام إلا زيد.
ش: لما فرغ من ذكر حكم الاستثناء(6) من الكلام التام الموجب أخذ يتكلم على الاستثناء المفرغ، وهو مقابله من الوجهين، أعني أن اللفظ السابق عليه غير تام وغير موجب.
وسمّي مفرغا لأن ما قبل إلاَّ تفرَّغ(7) للعمل فيما بعدها، كما سنبين. وغير التام هو الذي لم يذكر فيه المستثنى منه.
وغير الموجب كما تقدم أن يتقدمه نفي أو نهي أو استفهام.
تقول في النفي: (ما قام إلا زيد)، فترفع (زيد) ب(قام) و(ما رأيت إلا زيدا) فتنصبه ب(رأيت) و(ما مررت إلا بزيد) فتجره بالباء وصار الحكم معها كالحكم(8) بدونها.
__________
(1) ينظر قوله هذا في الإنصاف 1/261 وشرح الكافية للرضي 1/226.
(2) والأصل في ذلك عنده: (قام القوم إلا أن زيدا لم يقم) فأضمر (أن) وحذف خبرها. قال ابن عقيل في المساعد 1/556: "ورُدَّ بأن العرب لا تضمر (أن) وأخواتها وتبقي عملها لضعفها عن العمل".
(3) كلمة (العامل) ساقطة من (ج)، وهذا قول جماعة من البصريين، منهم السيرافي والفارسي، ونسبه ابن يعيش لسيبويه. ينظر الإيضاح العضدي 225 ص وشرح المفصل 2/76 وشرح الجمل لابن عصفور 2/52.
(4) هذا هو قول المبرد في المقتضب 4/390، ونسب للزجاج أيضا. ينظر الهمع 1/224.
(5) ساقطة من (ج).
(6) في (ج): (المستثنى).
(7) في (أ): (قد يفرغ)، وفي (ج): (لأن ما قبلها). والمثبت من (ب).
(8) في (أ): (الحكم منها كالحكم)، وفي (ج): (كحكم) والمثبت من (ب).(12/9)
ومثال النهي{وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاّ الْحَقّ}(1). ومثال الاستفهام{فَهَلْ 42/ب يُهْلَكُ إِلاّ الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ}(2).
ص: وإن ذكر، وكان الاستثناء متصلا فإتباعه للمستثنى منه أرجح نحو {مَا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ}(3). أو منقطعا فتَمِيم تجيز إتباعه إن صح التفريغ.
ش: ذكر في هذا الكلام ما كان نصبه مرجوحا، وما كان نصبه راجحا من المستثنى بإلاَّ.
فأما الأول فهو المستثنى من كلام تام، وإليه أشار بقوله: (وإن ذكر) أي المستثنى منه، بشرط أن يكون غير موجب. وهذا معلوم من كونه جعله قسما من غير الموجب. وأن يكون الاستثناء متصلا، كما صرح به، أي المستثنى من جنس المستثنى منه.
والأرجح إتباعه للمستثنى منه بدل بعض عند البصريين(4).
وعطف نسق(5) عند الكوفيين(6).
ونصبه على الاستثناء مرجوح، مع أنه عربي جيد(7).
مثاله قوله تعالى: {مَا فَعَلُوهُ إِلاّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ}(8) قريء بالرفع(9) على الإبدال، وبالنصب(10)
__________
(1) من الآية 171 من سورة النساء.
(2) من الآية 35 من سورة الأحقاف.
(3) من الآية 66 من سورة النساء.
(4) وهذا هو الراجح، لأن (إلا) لا تكون حرف عطف.
ينظر مذهب البصريين في الكتاب 2/311 والمقتضب 4/394 وشرح المفصل لابن يعيش 2/82 والهمع 1/224.
(5) في (أ): (عطف بيان)، والمثبت من (ب) و (ج)، وينظر التصريح 1/ 349.
(6) ينظر معاني القرآن للفراء 1/89، 166 والإنصاف 1/266 وشرح الكافية للرضي 1/232. وقولهم: عطف نسق لأن (إلا) عندهم حرف عطف.
(7) فقد حكاه سيبويه عن يونس وعيسى عن بعض العرب الموثوق بعربيته.
ينظر الكتاب 2/319 - هارون ومعاني القرآن للفراء 1/166.
(8) من الآية 66 من سورة النساء.
(9) وهي قراءة القراء السبعة إلا ابن عامر.
تنظر السبعة لابن مجاهد 235 والمبسوط في القراءات العشر 157 والنشر 2/250.
(10) وهي قراءة ابن عامر وحده من السبعة.
تنظر السبعة لابن مجاهد 235 ص وحجة القراءات ص 206 وإتحاف فضلاء البشر ص 192.(12/10)
على الاستثناء.
وأما الثاني، وهو ما كان النصب فيه راجحا فهو المستثنى من(1) كلام تام غير موجب إذا كان منقطعا، أي المستثنى من غير جنس المستثنى منه، وصح فيه التفريغ.
ومعنى صحة التفريغ أن يمكن تسلّط العامل السابق (إلا)(2) على المستثنى(3). نحو قوله:
66- وبلدَةٍ ليسَ بها أنِيسُ إلاّ اليَعافِيرُ وإلاّ العِيسُ(4)
فإن المستثنى منه، وهو(أنيس) يصح إسقاطه وتسليط عامله وهو (ليس) على ما بعد (إلا) وهو (اليعافير).
والنصب فيه راجح عند تميم، وواجب عند الحجازيين(5).
فإن فقد الشرط الأخير، وهو صحة التفريغ نحو (ما زادَ هذا المالَ إلاّ ما نَقَصَ)(6)
__________
(1) في (أ): (عن)، والمثبت من (ب) و (ج) وهو الأولى.
(2) كلمة (إلا) ساقطة من (ب).
(3) مثل قراءة السبعة {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاّ اتِّبَاعَ الظَّنّ} بالنصب.
(4) البيتان من الرجز، وهما لجران العود، واسمه عامر بن الحارث.
وما ذكره الشارح هو رواية سيبويه والنحويين، والرواية في الديوان هي:
بسابسا ليس به أنيس إلا اليعافير وإلا العيس
وفيها شاهد أيضا. واليعافير هي الظباء، والعيس: هي الإبل البيض.
ينظر ديوانه ص 52 والكتاب 2/322- هارون ومجاز القرآن 1/137 والمقتضب 4/414 والإنصاف 1/271 وشرح المفصل 2/80 والعيني 3/107 والتصريح 1/353 والهمع 1/225 والخزانة 10/15. والشاهد في رفع المستثنى المنقطع وهو (اليعافير) على البدلية من المستثنى منه، وهو (أنيس) وذلك على لغة تميم.
(5) ينظر في ذلك الكتاب 2/319 وشرح الكافية للرضي 1/228.
(6) لا يصح التفريغ هنا، إذ لا يقال: زاد النقص، فلا يجوز البدل هنا، ف (إلا) هنا بمنزلة (لكن) ومن ذلك (ما نفع زيد إلا ما ضر) إذ لا يقال: نفع الضر.
ينظر الكتاب 2/326 وشرح المفصل 2/81 والتصريح 1/352.(12/11)
إذ لا يصح أن يقال(1): (زاد النقصُ) تعيّن النصبُ إجماعاً(2).
ص: والمستثنى بغير وسوى مخفوض، وبخلا وعدا وحاشا مخفوض أو منصوب، وتعرب (غير) باتفاق(3)، و(سوى) على الأصح إعراب المستثنى بإلا.
ش: أخذ يتكلم على حكم المستثنى ببقية الأدوات، وهي (غير) و (سوى) و( خلا) و ( عدا) مجردتين عن ( ما ) و ( حاشا ).
وذكر أنها كلها مشتركة في خفض 42/ب المستثنى بها، وأن الخفض واجب بعد (غير) و(سوى) (4) جائز بعد الثلاثة الأخر.
ولنبدأ بالكلام على المستثنى ب(غير) و (سوى) فنقول:
أما (غير) فالأصل فيها أن تقع صفة. وقد تخرج على الصفة وتتضمن معنى (إلا) فيستثنى بها(5) اسم مجرور بها لإضافتها إليه. ولا تخرج عن الجر أصلا.
ويجب في لفظ (غير) أن يُعرب بما كان يعرب به المستثنى ب(إِلاَّ) وقد عرفت تفصيله.
فيجب نصب (غير) بعد الكلام التام الموجب، نحو قاموا غيرَ زيد، وفي التام غير الموجب الذي لا يصح تفريغه، نحو (ما نفعَ هذا المالَ غيرَ الضررِ) (6).
__________
(1) في (ج): (إذ لا يقال)
(2) من الحجازيين والتميميين. قال ابن يعيش في شرح المفصل 2/ 81: "فهذا وأشباهه لا يجوز في المستثنى فيه إلا النصب على لغة بني تميم وغيرهم، لتعذر البدل ".
(3) كذا في النسخ وفي شذور الذهب ص 18 (اتفاقا).
(4) إنما وجب جر المستثنى بعد (غير) و (سوى) لأنه مضاف إليه فحكمه الجر دائما.
(5) قوله: (بها) ساقط من (ج).
(6) ينظر التصريح 1/360.(12/12)
ويترجح على الإبدال(1) في التام الغير الموجب(2) إذا كان منقطعا وصح التفريغ عند تميم نحو (ما فيها أحد غيرَ حمار). ويتعين(3) عند الحجازيين.
ويترجح الإبدال على النصب في الكلام التام غير الموجب، إذا كان الاستثناء متصلا نحو (ما قاموا غيرُ زيد) بالضم و (ما رأيتهم غيرَ زيد) بالنصب و(ما مررت بهم غيرِ زيد) بالجر(4).
وأما (سوى) فالمستثنى بها كالمستثنى ب(غير) في وجوب خفضه أبدا.
وأما هي نفسها فقال سيبويه(5) والجمهور(6): هي منصوبة على الظرفية أبدا(7) ولا تخرج عنها إلا في الشعر.
وقال الرماني(8)
__________
(1) أي ويترجح النصب على الإبدال.
(2) كذا في النسخ، ولا يصح إدخال (أل) على (غير) لتوغلها في الإبهام وقد أجازه بعضهم. قال الحريري في درة الغواص ص 55: "والمحققون من النحويين يمنعون من إدخال الألف واللام عليه". وذكر في تاج العروس 3/ 460 أن فيه خلافا حيث منعه قوم، وأجازه آخرون، بناء على أن (أل) فيه ليست للتعريف.
(3) أي النصب. ينظر أوضح المسالك 2/70 وهمع الهوامع 1/231.
(4) وبجب النصب عند أكثر النحاة في نحو (ما فيها غيرَ زيدٍ أحدٌ) إذا تقدم المستثنى على المستثنى منه.
(5) الكتاب 2/350- هارون. وهذا مذهب الخليل أيضا، قال سيبويه: "وأما (أتاني القوم سواك) فزعم الخليل رحمه الله أن هذا كقولك: أتاني القوم مكانك، وما أتاني أحد مكانك، إلا أنَّ في (سواك) معنى الاستثناء ".
(6) ينظر المقتضب 4/349 والارتشاف 2/326 والتصريح 1/362.
(7) بدليل وصل الموصول بها، نحو جاء الذي سواك، لأن (غير) لا تدخل في مثل هذا إلا وقبلها الضمير، تقول: جاء الذي هو غيرك. فلما صارت سوى صلة بغير ضمير ادعى أنها ظرف. راجع التصريح 1/362.
(8) في شرحه على كتاب سيبويه. ينظر الرماني النحوي ص 446.
والرماني هو أبو الحسن علي بن عيسى الرماني، كان من أئمة العربية في بغداد، وأخذ العلم عن الزجاج وابن السراج وابن دريد، وكان في عصر أبي علي الفارسي، صنف كتبا في العربية منها شرح كتاب سيبويه وشرح المقتضب والحدود ومعاني الحروف توفي سنة 384 ه.
تنظر ترجمته في نزهة الألباء 233 وإنباه الرواة 2/294 ومعجم الأدباء 14/73وإشارة التعيين 221 وبغية الوعاة 2/180 وطبقات المفسرين 1/423.(12/13)
و العكبري(1): هي ظرف غالبا وكغير قليلا.
قال المصنف(2): ( وإلى هذا القول أذهب).
وقال الزجاجي(3)
__________
(1) في (ج): (العنبري) وهو تحريف، والعكبري هو أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله محب الدين العكبري البغدادي الحنبلي. ولد ببغداد سنة 538ه، وتعلم فيها الفقه والنحو حتى برع في ذلك، وقد أخذ عن ابن الخشاب وابن بطة وغيرهما، وكان ثقة صدوقا، وقد أصيب بالعمى في صباه، فأخذ يملي كتبه إملاءً وله من الكتب التبيان في إعراب القرآن وإعراب الحديث وشرح الإيضاح واللباب والتبيين وغيرها مات- رحمه الله- سنة 616 ه.
ينظر إنباه الرواة 2/116 ونكت الهميان ص 178 وإشارة التعيين ص 163 وبغية الوعاة 2/38 وشذرات الذهب 5/67. وينظر قوله هذا في كتابيه شرح لامية العرب ص 16 والتبيين ص 419.
(2) أي ابن هشام في أوضح المسالك 2/ 72.
(3) في (أ) و (ب): (الزجاج) صوابه من (ج).
وينظر قوله هذا في كتابيه معاني الحروف ص 10 والجمل ص 61، والزجاجي هو أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي، لقب بذلك نسبة لشيخه الزجاج. تلقى علومه في بغداد على أبي إسحاق الزجاج وابن السراج والأخفش الصغير وابن دريد وغيرهم، وهو من العلماء الذين مزجوا المذهبين واختاروا منهما مذهبا وتعلم على يديه جماعة من العلماء، وألف كثيرا من الكتب، ومنها الجُمل الذي طارت شهرته في الآفاق، والإيضاح في علل النحو، والأمالي ومعاني الحروف، مات بطبرية سنة 340 على الراجح.
تنظر نزهة الألباء ص 227 وإنباه الرواة 2/160 وبغية الوعاة 2/77 وشذرات الذهب 2/357.(12/14)
وابن مالك(1): سوى كغير معنى وإعرابا فيستثنى بها اسمٌ مجرور بها، لإضافتها إليه، كما تقدم، وتعرب تقديرا بما يعرب به(2) (غير) لفظا، خلافا لأكثر البصريين في ادعاء(3) لزومها النصب على الظرفية، أي عدم التصرف.
قال ابن مالك(4) رحمه الله: "وإنما اخترت غير ما ذهبوا إليه لأمرين: أحدهما إجماع أهل اللغة على أن(5) معنى قولك(6): قاموا سواك، وقاموا غيرك، واحد. فإن أحدا لا يقول: إن (سوى) هنا عبارة عن مكان أو زمان وما لم يدل على مكان ولا زمان(7) 43/أ فهو بمعزل عن الظرفية.
ثانيهما أن من حكم بظرفيتها حكم بلزومها إياها، وأنها لا تتصرف. والواقع في كلام العرب نثرا ونظما خلاف ذلك.
فإنها قد أضيف(8) إليها، وابتدىء بها وعملت فيها نواسخ الابتداء ونحوها من العوامل اللفظية". انتهى.
وقد نُظر فيهما(9) من أوجه(10) ليس هذا موضع ذكرها. والله أعلم.
وأما المستثنى بخلا وعدا فهو مجرور أو منصوب، لكن جره قليل. والكثير هو النصب(11).
__________
(1) شرح الكافية الشافية 2/716 وتسهيل الفوائد ص 107.
(2) في (ب): (ويعرب تقديرا بما يعرب به)، وكلمة (به) ساقطة من (ج).
(3) في (أ): (الدعاء) وهو خطأ، صوابه من (ب) و (ج).
(4) شرح الكافية الشافية 2/716، مع اختلاف يسير في العبارة.
(5) كلمة (أن) ساقطة من (ج).
(6) في شرح الكافية الشافية: (قول القائل) بدل (قولك).
(7) في (ب): (على الزمان ولا على المكان) ، وفي (ج): (على زمان ولا مكان).
(8) في (أ): (أضيفت)، والمثبت من (ب) و (ج).
(9) أي في هذين الأمرين اللذين احتج بهما ابن مالك.
(10) تنظر هذه الأوجه في توضيح المقاصد للمرادي 2/117- 119.
(11) ينظر أوضح المسالك 2/72 وهمع الهوامع 1/232.(12/15)
فالجر على أنهما حرفان جاران متعلقان بالفعل أو معنى الفعل(1)، فموضعهما نصب(2) والنصب على أنهما فعلان، والمنصوب مفعولهما، وفاعلهما ضمير عائد، إما على اسم الفاعل المفهوم من الفعل السابق، وإما على البعض المدلول عليه بكلّه(3) السابق(4). كما تقدم في (ليس) و (لا يكون) (5) والتقدير(6) قاموا خلا هو أي القائم أو بعضهم زيدا. والجملة إما حالية أو مستأنفة(7)، على ما تقدم في جملة (ليس) و(لا يكون)(8) أيضا.
وأما المستثنى بحاشا فهو أيضا مجرور أو منصوب(9).
فإذا جُر كان(10) حرفا، وفي متعلقها ما تقدم في متعلق (خلا) و(عدا) لا فرق بينها وبينهما في شيء من ذلك. وإن افترقا من وجه آخر، وهو أن (حاشا) لا تصحب ( ما ) (11) بخلافهما(12).
قال سيبويه(13): "لو قلت: (أتوني ما حاشا زيدا) لم يكن كلاما".
__________
(1) تقول: (جاء القوم خلا زيدٍ) بالجر باعتباره حرف جر.
(2) لأن المجرور بالحرف في الأصل مفعول به.
(3) في (ج): بكلية، وهو تحريف.
(4) وهذا مذهب جمهور البصريين. ينظر التصريح 1/362.
(5) تقدم ذلك في ص 482.
(6) أي في قولك: قاموا خلا زيدا.
(7) ينظر شرح الجمل لابن عصفور 2/261 والارتشاف 2/ 319.
(8) في (ب): كما تقدم في جملة و (لا يكون).
(9) هذا على قول جماعة من النحويين منهم أبو زيد والجرمي والمازني والفراء والمبرد وهو أن (حاشا) تستعمل حرفا فتجر ما بعدها، وفعلا جامدا فينصب ما بعدها. وهذا هو الراجح لما روي من قولهم: (اللهم اغفر لي ولمن يسمع حاشا الشيطان وأبا الأصبغ) فاستعملت هنا فعلا جامدا. أما سيبويه والفارسي فهي عندهما حرف جر دائما، فما بعدها مجرور بها.
ينظر الكتاب 2/349 والمقتضب 4/391 والإيضاح العضدي ص230 والارتشاف 2/317 والهمع 1/233.
(10) في (ج): (كانت). أي (حاشا).
(11) هذا مذهب سيبويه والجمهور، حيث يرون عدم صحة دخول (ما) على (حاشا) ينظر الكتاب 2/350 والهمع 1/233.
(12) في (ب): (بخلاف خلا).
(13) الكتاب 2/350- هارون. وقوله: (قال سيبويه) ساقط من (ج).(12/16)
وقد أجازه بعضهم(1) على قلّة.
قال ابن مالك: (وربما قيل: ما حاشا) (2).
واستشهد على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: "أسامةُ أحبّ الناس إليَّ، ما حاشا فاطمةَ" (3) وقول الشاعر:
67- رأيتُ الناسَ مَا حاشَا قريشًا ... فإنّا نحنُ أفضلُهم فَعَالا(4)
ص: والبواقي(5) خبر (كان) وأخواتها وخبر (كاد) وأخواتها، ويجب كونه مضارعا، مؤخرا عنها، رافعا لضمير أسمائها(6)، مجرداً من (أنْ) بعد أفعال الشروع ومقرونا بها بعد (حَرَى) و(اخْلولق) وندر تجرد خبر (عسى) و( أوشك) 43/ب واقتران خبر (كاد) و(كرب).
__________
(1) وهو الكسائي والأخفش وابن مالك.
ينظر التسهيل ص 106 وشرح الرضي 1/244 والارتشاف 2/318.
(2) تسهيل الفوائد ص 106 وشرح التسهيل [الورقة 118/ ب].
(3) الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند عن ابن عمر 2/96 والطبراني في المعجم الكبير 1/ 159. وصححه السيوطي في الجامع الصغير، رقم 1/39.
لكن ابن هشام قال في مغني اللبيب ص 164 (إن (ما) نافية، والمعنى أنه عليه الصلاة والسلام لم يستثن فاطمة، وتوهم ابن مالك أنها (ما) المصدرية و (حاشا) الاستثنائية، بناء على أنه من كلامه عليه الصلاة والسلام. ويرده أن في معجم الطبراني: (ما حاشا فاطمة ولا غيرها). انتهى.
فيكون قوله: (ما حاشا فاطمة ولا غيرها) من كلام الراوي، وليس من الحديث.
(4) البيت من الوافر، وينسب للأخطل التغلبي، وهو في ديوانه ص 164.
ما حاشا: أي أستثني،، الفعال: بفتح الفاء الأفعال الحسنة.
وقد ورد البيت في الجنى الداني ص565 ومغني اللبيب ص 164 والمساعد 1/586 والعيني 3/136 والتصريح 1/365 والهمع 1/233 والأشموني 2/165 وخزانة الأدب 3/387.
والشاهد فيه: دخول (ما) المصدرية على (حاشا) الاستثنائية ونصب ما بعدها.
ومفعول (رأى) الثاني محذوف، أي: دوننا، وأجيب بأن هذا شاذ.
(5) في (ج): (والباقي).
(6) في النسخ: (اسمها) وما أثبته من شذور الذهب ص 18.(12/17)
وربما رفع السببي بخبر (عسى)(1) ففي قوله: (وماذا عسى الحجاج يبلغ جهده) فيمن رفع (جهده) شذوذان.
ش: اشتمل هذا الكلام على العاشر والحادي عشر من المنصوبات.
وهما خبر ( كان ) وأخواتها وخبر ( كاد ) وأخواتها.
فأما خبر (كان) وأخواتها فهو المسند إلى اسمها بعد دخولها، نحو كان زيد عالما وأصبح عمرو قائما وأمسى بكر فاضلا و لايزال قصدك ناجحا.
وله أحكام منها أنه يجوز توسطه بين هذه الأفعال وبين أسمائها مطلقا(2) نحو قوله تعالى: {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}(3) وقول الشاعر:
68- لا طيب للعيشِ مادامَتْ منَغَّصةً
لذاتُهُ بادِّكار الموت والهرم(4)
اللهم(5) إلا أن يمنع مانع من ذلك، نحو {وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً}(6).
__________
(1) في (ج): (عيسى) وهو تحريف.
(2) على الصحيح من أقوال العلماء، خلافا لابن درستويه في (ليس) ولابن معط في (دام) فإنه منع تقدم خبرها على اسمها أيضا.
ينظر (الفصول الخمسون) ص 181 والارتشاف 2/86.
(3) من الآية 47 من سورة الروم.
(4) البيت من البسيط، ولم أجد من نسبه لقائله.
ادكار أصلها: اذدكار، قلبت الذال دالا وأدغمت في الدال، وفي (ج): باذكار.
والبيت من شواهد شرح عمدة الحافظ ص204 وتوضيح المقاصد1/289 والمساعد 1/261 وشفاء العليل 1/313 والعيني 2/20 والتصريح 1/187 والهمع 1/117 وشرح الأشموني 1/ 232.
والشاهد فيه توسط خبر (دام) وهو (منغصة) بينها وبين اسمها، وهو ( لذاته).
(5) قوله: (اللهم) ساقط من (ج).
(6) من الآية 35 من سورة الأنفال، وفي (ج) (وكانت) وهو خطأ، والمانع من تقديم الخبر هنا هو قصد حصر الخبر. ومن الموانع أيضا خفاء إعرابهما، نحو (كان موسى فتاك).(12/18)
ومنها أنه يجوز تقديمه(1) على هذه الأفعال(2) إلا خبر (دام) فلا يجوز تقديمه على ( ما ) المقترنة بها(3) بالاتفاق(4).
وأما توسطه بينهما(5) ففيه خلاف(6)، والصحيح المنع(7).
وإلا خبر ( ليس) فلا يجوز عند جمهور البصريين(8).
واستدل لهذا الحكم(9)
__________
(1) أي تقديم خبر هذه الأفعال عليها، نحو قائما كان زيد، وهذا قول البصريين وهو الراجح. ينظر التصريح1/ 188.
(2) في (أ): (هذه الأخبار) وهو سهو، صوابه من (ب) و (ج).
(3) في (ج): (على ( ما ) المصدرية).
(4) حكى أبو البركات بن الأنباري الإجماع على ذلك، فقال في أسرار العربية ص 140: "وأجمعوا على أنه لا يجوز تقديم خبر (مادام) عليها، وذلك لأن (ما) فيها مع الفعل بمنزلة المصدر ومعمول المصدر لا يتقدم عليه ". وحكاه أيضا ابن مالك في شرح العمد ص 206.
(5) أي توسط الخبر بين (ما) و (دام) نحو (ما قائما دام زيد).
(6) نص على منعه ابن هشام الخضراوي وابن الناظم، وقال أبو حيان في الارتشاف
2/87: " والقياس يقتضي الجواز.. إلا إن ثبت أن ( دام) لايتصرف فيتجه المنع" وينظر شرح الألفية لابن الناظم ص 134 والتصريح 1/188.
(7) لأنه ليس من أساليب العرب ولم يؤثر عنهم.
(8) أي لا يجوز تقديم خبر (ليس) عليها، وهو قول الكوفيين وكثير من البصريين منهم المبرد وابن السراج والجرجاني، واختاره ابن مالك، وذلك قياسا على ( عسى) بجامع عدم التصرف فيهما. تنظر الأصول 1/89 والمقتصد 1/408 والإنصاف 1/160 وشرح عمدة الحافظ ص 208 والهمع 1/ 117
(9) في (أ): (واستدل هذا الحديث) وهو خطأ والمثبت من (ج).
وجواز تقديم خبر (ليس) عليها هو مذهب قدماء البصريين والفراء والسيرافي والفارسي وابن برهان والزمخشري وابن عصفور.
ينظر الإيضاح للفارسي ص 138 وشرح اللمع لابن برهان 1/58 وشرح المفصل 7/114 وشرح الجمل لابن عصفور1/388 والارتشاف 2/87.(12/19)
بقوله تعالى: {وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ}(1) لأن تقديم المعمول يؤذن بتقديم العامل(2).
ومنها أن معموله(3) يجوز أن يلي هذه الأفعال(4) إن كان ظرفا أو مجرورا باتفاق فإن لم يكن أحدهما امتنع عند جمهور البصريين(5)، وجاز عند الكوفيين(6).
وأما خبر (كاد) وأخواتها فهو(7) مثل خبر (كان) إلا أنه اختص(8) باعتبار أمور زائدة فيه ولذلك(9) أفرد بباب.
فمنها أنه يجب كونه جملة، وشذ مجيئه مفردا بعد(عسى) و(كاد)(10).
وأن تكون الجملة فعلية، وشذ كونها اسمية بعد (جعل)(11).
وأن يكون فعل هذه الجملة مضارعا، وشذ كونه ماضيا بعد (جعل)(12)
__________
(1) من الآية 177 من سورة الأعراف. وهذه الآية شاهد للحكم الثاني، وهو جواز تقديم خبر (كان) عليها. وشاهد تقديم خبر (ليس) عليها هو قوله تعالى: {أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ} فإن (يوم) في الآية ظرف معمول لمصروف الواقع خبرا لليس وقد تقدم عليها، وتقدم المعمول يشعر غالبا بتقدم العامل. وأجيب بأن المعمول هنا ظرف فيتوسع فيه.
ينظر شرح الكافية للرضي 2/297.
(2) من قوله: (واستدل) إلى هنا ساقط من (ب).
(3) أي معمول خبر هذه الأفعال، نحو كان عندك زيد معتكفا.
(4) كلمة (الأفعال)، ساقطة من (ج)، والمراد بالأفعال ( كان) وأخواتها.
(5) لما في ذلك من الفصل بينها وبين اسمها بأجنبي. ينظر التصريح 1/189.
(6) ينظر قول الكوفيين ودليلهم في شرح الكافية الشافية لابن مالك 1/403.
(7) في (ج): (فإنه).
(8) ساقطة من (أ). وأثبتها من (ب) و (ج).
(9) في (ب): (أمور زائدة فلذلك).
(10) مثال إفراد الخبر بعد (عسى) المثل المشهور (عسى الغوير أبؤسا) ومثاله بعد (كاد) قول الشاعر:
فأبت إلى فهم وما كدت آيبا
ينظر التصريح1/203.
(11) كقول الشاعر:
وقد جعلت قلوص بني سهيل ... من الأكوار مرتعها قريب
(12) ومن ذلك قول ابن عباس رضي الله عنه: "فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا". ف(أرسل) خبر (جعل) وهو فعل ماض.
ينظر شرح الكافية الشافية 1/452 والتصريح 1/205.(12/20)
. وإلى ذلك كله أشار المصنف رحمه الله بقوله: (ويجب كونه مضارعا).
ومنها أنه لا يجوز تقديمه على شيء من هذه الأفعال(1).
ومقتضى كلامه جواز توسطه بينها وبين 44/أ أسمائها مطلقا، وهو مذهب المبرد(2) والسيرافي(3) والفارسي(4).
ومنعه الشلوبين(5) فيما اقترن فيه الخبر بأنْ.
ومنها أنه يجب أن يكون فاعل هذا المضارع ضميرا يعود على اسمها ولا يخرج عن ذلك من جميع هذه الأفعال إلا (عسى) فإنه يجوز فيها(6) خاصة أن يرفع خبرُها السببيَّ.
والمراد به الظاهر المتصل بضمير اسمها، نحو قول الشاعر:
69- وماذا عسى الحَجّاجُ يبلغُ جُهدَُه(7)
__________
(1) قوله: (شيء من) ساقط من (ج).
(2) المقتضب 3/ 70- 72.
(3) هو أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان، السيرافي، كان من أعلم الناس بالنحو قرأ على ابن مجاهد وابن السراج وابن دريد ومبرمان، ومن تلاميذه ابن خالويه والربعي وابن النديم، ألف كتبا نافعة أهمها شرح كتاب سيبويه لم يسبق إلى مثله وله أيضا الإقناع وأخبار النحويين البصريين. توفي سنة 368ه.
تنظر نزهة الألباء ص 227 ومعجم الأدباء8/145 وإشارة التعيين ص 93 وبغية الوعاة 1/507 ولم أجد قوله هذا في شرح الكتاب، وقد نسبه له أبو حيان في ارتشاف الضرب 2/122 وابن هشام في أوضح المسالك 1/235.
(4) ينظر الإيضاح العضدي ص 118.
(5) أي منع تقدم الخبر لضعف هذه الأفعال لعدم تصرفها، ولم أجد هذا القول في التوطئة، وينظر الارتشاف 2/ 122.
(6) في (ج): (فيه).
(7) صدر بيت من الطويل، وقائله البرج التميمي على الصحيح يقوله في الحجاج بن يوسف. وعجزه:
....... ... ... إذا نحن جاوزنا حفير زياد
وقد نسبه المبرد لمالك بن الريب، ونسبه العيني للفرزدق وهو في ديوانه 1/160.
ينظر الكامل 2/630 ومعجم البلدان 2/277 وإيضاح شواهد الإيضاح 1/114 والعيني 2/180 والتصريح 1/205 والهمع 1/ 131 وشرح الأشموني 1/264.
والشاهد فيه رفع خبر (عسى) الاسم الظاهر، وهو (جهده) على رواية الرفع، على أنه فاعل للفعل (يبلغ) وهو واقع في جملة خبر (عسى) وذلك سائغ في (عسى) خاصة.
جهده: الجهد الطاقة والوسع، حفير زياد: اسم موضع بين الشام والعراق.(12/21)
.. .. ..
يروى بنصب (جهده) على الأصل، وبرفعه على خلاف الأصل، لاتصاله بضمير اسمها، وإلى ذلك أشار الشيخ بقوله: (وربما رُفع السببي بخبر عسى).
وقوله: (ففي قوله..) إلى آخره.
الشذوذان هما تجرد خبر (عسى) من (أن) ورفعه السببي. والله أعلم.
ومنها وجوب اقترانه ب(أن) إن كان الفعل (حَرَى) (1) أو (اخْلولق) (2) نحو حرى زيد أن يأتي، واخلولقت السماء أن تمطر. فلا يجوز (حرى زيد يأتي) و(اخلولقت السماء تمطر)(3).
ومنها وجوب تجرده من (أن) في أفعال الشروع(4).
والحكمة(5) في ذلك أن (أَنْ) تخلّص الفعل للاستقبال، والشروع للحال فبينهما تناف. فتقول: أخذ يقول، وشرع ينشد.
ولا يجوز أخذ أن يقول، ولا [شرع] (6) أن ينشد.
وأما الأفعال الأربعة الأخر، وهي عسى وأوشك وكاد وكرب، فإن الكثير في الأولين منها الاقتران، نحو {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ}(7) وقوله:
70- فإنك مُوشك ألا تراها .. .. .. (8)
__________
(1) حَرى) بفتح الحاء والراء، وقيل إنه من باب (فرح) وهو فعل دال على الرجاء، ينظر تعليق الفرائد 3/284. والتصريح 1/203.
(2) وذلك لأنهما للترجي، وهو يتراخى حصوله فاحتيج إلى (أن) المشعرة بالاستقبال.
(3) من قوله: (فلا يجوز) إلى آخره ساقط من (ج).
(4) أفعال الشروع كثيرة جدا، منها (أنشأ) و(شرع) و( طفق) و(جعل) و(علق).
ينظر التصريح1/203.
(5) في (أ): (والفعل) وهو سهو صوابه من (ب) و (ج).
(6) سقطت من النسخ، وهي متعينة.
(7) من الآية 8 من سورة الإسراء.
(8) صدر بيت من الوافر، وهو من قصيدة لكثير عزّة، وعجزه:
......... ... وتعدو دون غاضرة العوادي
غاضرة اسم جارية من جواري ابنة عبد العزيز بن مروان، العوادي: عوائق الدهر.
ينظر ديوان كثير عزَّة ص 220.
والبيت من شواهد شرح الكافية الشافية 1/460 والارتشاف 2/126 والعيني 2/205 والتصريح 1/208 والهمع 1/129 وشرح الأشموني 1/265.
والشاهد فيه اقتران خبر (موشك) بأن في قوله: (ألاّ تراها) وهذا هو الكثير.(12/22)
والتجرد(1) قليل، كقوله:
71- عسى الكرب الذي أمسيت فيه يكون وراءه فرج قريب(2)
وقوله:
72- يوشك من فرمن منيّته في بعض غراته يوافقها(3)
وفي الأخيرين(4) يقل الاقتران، نحو قول الشاعر:
73- كادت النفس أن تفيض عليه(5) ........
وقوله:
74-.. .. .. وقد كربت أعناقها أن تقطعا(6)
__________
(1) أي تجرد خبر ( عسى) و (أوشك) من (أن).
(2) البيت من الوافر، وهو لهدبة بن الخشرم العذري، من قصيدة قالها وهو في سجن معاوية، ولذلك قصة طويلة ذكرها المبرد في الكامل 3/1452.
والبيت من شواهد سيبويه في الكتاب 3/159 هارون والمقتضب 3/70 والإيضاح 120 وشرح المفصل 7/117 والمقرب 1/98 والمغني ص 203 والعيني 2/184 والتصريح 1/206 والخزانة 9/328، وينظر شعر هدبة ص 59.
والشاهد تجرد خبر (عسى) وهو (يكون وراءه فرج قريب) من (أن) وذلك قليل.
(3) البيت من المنسرح، وقائله أمية بن أبي الصلت. ديوانه ص 421.
غراته: جمع غرة وهي الغفلة، يوافقها: يصيبها. والبيت من شواهد سيبويه 3/161 والأصول 2/208 وشرح المفصل 7/126 وشرح الكافية الشافية 1/456 وأوضح المسالك 1/225 والعيني 2/178 والهمع 1/130 وشرح الأشموني 1/262.
والشاهد فيه تجرد خبر (يوشك) من ( أن ) وهو قليل.
(4) وهما(كاد) و(كرب).
(5) صدر بيت من الخفيف، وهو لمحمد بن مناذر أحد شعراء البصرة يرثي عبد المجيد الثقفي وعجزه:
........ إذْ غدا حشو ريطة وبرود
ونسبه ابن السيد في الاقتضاب لأبي زبيد الطائي، وليس موجودا في شعره.
يقال: فاضت نفسه بالضاد والظاء لغتان حكاهما في اللسان 7/454 (فيظ).
ريطة: قطعة من الثياب، وأراد بها هنا الكفن.
ينظر الاقتضاب 3/246 وإيضاح شواهد الإيضاح 1/118 والمغني ص 868 والمساعد 1/295 والعيني 2/192 والتصريح 1/207 وشرح الأشموني 1/261.
والشاهد اقتران خبر (كاد) بأن، وهو قليل.
(6) عجز بيت من الطويل، وقائله أبو زيد الأسلمي من قصيدة يهجو فيها والى المدينة وصدره:
سقاها ذوو الأحلام سجلا على الظما .........
ينظر الكامل 1/244 وشرح الألفية لابن الناظم ص 157 والمقرب 1/99 وأوضح المسالك 1/228 والمساعد 1/296 والأشمونى 1/262 والدرر اللوامع 2/143.
والشاهد فيه اقتران خبر (كرب) بأن، وهو قليل.(12/23)
ويكثر التجرد(1)، نحو قوله تعالى: {يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ}(2) {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ}(3) وقوله:
75- كَرَبَ القلب من جواه يذوب
حين قال الوشاة هند غضوب(4)
تنبيهات:
الأول: استغنى المصنف رحمه الله تعالى(5) عن التصريح باشتراط كون الخبر جملة فعلية، باشتراط 44/ب كونه مضارعا، لاستلزامه لها، لأن الفعل لابد له من فاعل.
الثاني: استثناء رفع خبر (عسى) السببي ساقط(6) في بعض النسخ وثابت في كثير منها، وهي النسخة التي شرحُنا عليها، وعبارته فيه أحسن من عبارة التوضيح حيث قال: "ويجوز في (عسى) خاصة أن ترفع السببي"(7). فإن الرافع له خبرها(8) لا هي.
__________
(1) في (ب): (ويكثر الجمود لتجرد)، ولا معنى له هنا.
(2) من الآية 35 من سورة النور.
(3) من الآية 8 من سورة الملك.
(4) البيت من الخفيف، وقائله الكلحبة اليربوعي، وقيل: رجل من طيء، ولم يرد الشطر الثاني في (أ) و (ج)، وأثبته من (ب).
وهو من شواهد شرح الشذور لابن هشام ص 272 وشفاء العليل 1/344 والعيني 2/189 والتصريح1/207 والهمع 1/130 والأشموني 1/262.
والشاهد فيه تجرد خبر ( كرب) من (أن) وهو الغالب فيها.
(5) كلمة (تعالى) زيادة من (ج).
(6) في (ب): (استغناء رفع خبر عسى ساقط)، وفيه تحريف وسقط.
(7) أوضح المسالك 1/221.
(8) في (أ) (تجردها)، وهو تحريف. والمثبت من (ب) و (ج).(12/24)
الثالث: ذكر المصنف وغيره من النحاة أن هذه الأفعال ناقصة(1) وظاهر مذهب سيبويه(2) رحمه الله تعالى أنها تامة، وأن (أن) والفعل بعدها منصوب على إسقاط الخافض.
ولعل ذلك إنما هو لأجل أَنَّ جعلهما خبرا عنها لا يستقيم إلا بتقدير المبالغة أو حذف المضاف، لأن قولنا: (عسى زيد أن يقوم) إذا جعلنا (أنْ) والفعل فيه خبرا عن (زيد) يلزم منه الإخبار عن الذات بالمعنى، وهو ممتنع فيحتاج إلى التأويل المذكور، وهو إما المبالغة بجعل (زيد) نفس القيام وإما بتقدير مضاف وكأنه قيل: عسى أمر زيد القيام(3).
إذا علمت ذلك، فلا تكون هذه الأفعال على مذهب سيبويه ملحقة بكان(4) لأن (أن) والفعل معها ليسا خبرا عنها.
وقال الشيخ بدر الدين بن مالك(5)
__________
(1) في (أ): (ماضيه) وهو تحريف. وهذا مذهب المتأخرين من العلماء كابن مالك وغيره. ينظر شرح الكافية الشافية 1/450.
(2) صريح مذهب سيبويه أن هذه الأفعال ناقصة مثل (كان)، وقد مثل للمسألة بقوله: "اخلولقت السماء أن تمطر، وعسيت أن تفعل". ثم قال: "فالفعل ههنا كالفعل في كان إذا قلت: كان يقول، وهو في موضع اسم منصوب بمنزلته ثَمّ، وهو ثَمّ خبر كما أنه ههنا خبر.. ". ينظر الكتاب 3/158-160.
(3) أو (عسى زيد صاحب قيام) ينظر مغني اللبيب ص 201، 202.
(4) وعلى هذا الرأي يكون ما بعد هذه الأفعال منصوبا بنزع الخافض.
(5) هو محمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الله بن مالك، الإمام بدر الدين بن الإمام جمال الدين الطائي الجياني الشافعي، كان إماما في النحو والمعاني والعروض والمنطق، أخذ عن والده النحو واللغة والمنطق، سكن بعلبك مدّة ثم رجع إلى دمشق، وتصدر للاشتغال بها بعد موت والده. ومن تلاميذه بدر الدين بن جماعة وابن الزملكاني، وله من المؤلفات شرح الألفية وشرح لامية الأفعال وتكملة شرح التسهيل وكتاب في العروض، وغيرها. توفي بدمشق سنة 686ه.
تنظر ترجمته في طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/198 وبغية الوعاة 1/225 وشذرات الذهب 5/398 والأعلام 7/31.(12/25)
رحمه الله تعالى: "والحق أن أفعال المقاربة ملحقة ب(كان) إذا لم يقترن الفعل بعدها ب(أن) دون ما إذا اقترن" (1). انتهى.
ووجهه أن الجار يطرد حذفه قبل (أنْ) (2) فقوي مذهب سيبويه به(3) إذا اقترن الفعل ب(أن)، دون ما إذا لم يقترن بها.
ص: وخبر ما حمل على (ليس) .
ش: الثاني عشر من المنصوبات خبر ما حمل على (ليس) وهي الأحرف الأربعة المتقدم ذكرها في المرفوعات، أعني (لات)، و(لا) و (ما) الحجازية و ( إن) النافية. وتقدم هناك سبب حملها على(ليس) (4).
وينبغي أن يعلم هنا أن الباء تزاد بكثرة في خبر (ما) الحجازية بلا خلاف (5).
وفي خبر التميمية على الأصح (6)، نحو قوله تعالى:45/أ {وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} (7) وتزاد بقلة في خبر (لا) نحو قوله:
76- فكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة
بمغنٍ فتيلاً عن سوادِ بن قَارِبِ(8)
__________
(1) شرح الألفية لابن الناظم ص 155.
(2) في (أ) و (ج): (بعد أن) وهو سهو والمثبت من (ب).
(3) في (أ): (بعدي مذهب سيبويه) وهو تحريف، وكلمة (به) ساقطة من (أ) و (ج) وقد ذكرت فيما سبق أن سيبويه يرى أن أفعال المقاربة ناقصة، وليس كما ذكر الشارح .
(4) وهو مشابهتها لها في نفي الحال غالبا.
(5) ينظر الارتشاف 2/117 والهمع 1/127.
(6) خلافا للفارسي والزمخشري حيث منعا زيادة الباء في خبر (ما) التميمية. قال المرادي في توضيح المقاصد 1/316: "والصحيح الجواز لوجود ذلك في أشعار بني تميم ". وينظر البغداديات للفارسي ص 284 والمفصل للزمخشري ص 82.
(7) من الآية 123 من سورة هود، وكذلك الآية 93 من سورة النمل.
(8) البيت من الطويل، وهو لسواد بن قارب الدوسي، رضي الله عنه من قصيدة يخاطب بها الرسول صلى الله عليه وسلم.
والبيت من شواهد شرح الكافية الشافية لابن مالك 1/440 وشرح الألفية لابن الناظم ص 148 وتوضيح المقاصد للمرادي 1/316 والمغني ص 548 والعيني 2/114 والتصريح 1/201 وشرح الأشموني 1/251 والدرر اللوامع 2/126.
والشاهد دخول الباء الزائدة على خبر (لا) العاملة عمل ليس، وذلك قليل.(12/26)
والله أعلم.(12/27)
ص: والمكاني(1) غيرهن يجر ب(في) كصليت في المسجد.
ونحو (قالا خيمتي أم معبد) وقولهم: (دخلت الدار) على التوسع.
ش: لما ذكر أن ظرف المكان يكون أحد الأقسام الثلاثة المذكورة فيما سبق وكان مقتضاه أن غيرها من الأماكن لا ينتصب ظرفا صرح بقضية ذلك، فقال: (والمكاني(2) غيرهن) أي من الأقسام الثلاثة.
(يجر بفي) أي لا ينتصب على الظرفية، بل يستعمل مجرورا ب(في) كما تقول: صليت في المسجد وأقمت في الدار وسكنت في البيت.
ثم إنه استشعر سؤالا يرد على ذلك، وهو أنه قد ورد نصب المكاني(3)من غير المذكورات، وذلك في نحو قوله: (قالا خيمتي أم معبد) وأراد به قول الشاعر:
56- جزى اللهُ ربُّ الناس خير جزائه رفيقين قالا خيمتي أمِّ معبد(4)
وفي نحو دخلت الدارَ، وسكنت البيتَ.
وأجاب(5) عنه بأن النصب فيه ليس على الظرفية، حتى يرد على ما قرره، بل إنما هو على التوسع بإسقاط الخافض وإجراء القاصر مجرى المتعدي فيكون المنصوب شبيها بالمفعول به.
__________
(1) في (أ): (المكان) والمثبت من (ب) و(ج).
(2) في (أ): (المكان) والمثبت من (ب) و(ج).
(3) في (أ): (المكان) والمثبت من (ب) و(ج).
(4) البيت من الطويل من أبيات تنسب لرجل من الجن يذكر النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وقت الهجرة. تنظر قصة هذه الأبيات في السيرة النبوية لابن هشام 1/487 وقد جاء في (ج) (رب العرش) بدل (رب الناس).
... والبيت من شواهد المقرب لابن عصفور 1/147 والارتشاف 2/254 و شرح الشذور ص 235 والمساعد 1/523 والهمع 1/200.
... والشاهد فيه نصب (خيمتي) على التوسع بحذف حرف الجر والأصل في خيمتي.
(5) في (ب) و(ج): (أجابه).(13/1)
وهذا الذي ذكره المصنف هو مذهب الفارسي(1) واختاره ابن مالك(2)، ونسبه إلى سيبويه(3).
والثاني: أنه منصوب على الظرفية، وهو مذهب الشلوبين(4) ونسبه إلى سيبويه(5) وإلى الجمهور(6) واختاره ابن الحاجب(7).
والثالث: أنه مفعول به و(دخل) يتعدى تارة بنفسه وتارة بحرف الجر(8) وهو مذهب الأخفش(9). 35/ب والله أعلم.
ص: الخامس المفعول معه، وهو الاسم الفضلة التالي واو المصاحبة مسبوقا بفعل أو ما فيه معناه وحروفه، كسرت والنيلَ وأنا سائر والنيلَ.
ش: الباب الخامس من المنصوبات باب المفعول معه، وهو آخر المفاعيل الخمسة، وجُعل آخرها للتردد في كونه قياسيا أو سماعيا(10).
ولكون العامل لا يصل إليه إلا بواسطة الواو ذكره المصنف(11).
وحدّه بقوله: (الاسم الفضلة) إلى آخره.
فالاسم كالجنس، والفضلة مخرج للعمدة.
وقوله: (التالي واو المصاحبة) يخرج غيره من المفاعيل، فإنه ليس شيء منها بعد الواو.
ومعنى المصاحبة كونه مشاركا لذلك المعمول الذي قبل الواو في ذلك الفعل في وقت واحد.
__________
(1) قال الفارسي في الإيضاح ص 206: وقد يُتَّسع فيحذف حرف الجر فيصل الفعل الذي لا يتعدى إلى ما كان مخصوصا من الأماكن.
(2) ينظر شرح الكافية الشافية 2/683.
(3) قال سيبويه في الكتاب 1/35 – هارون: وقد قال بعضهم: ذهبت الشام، يشبهه بالمبهم، إذْ كان مكانا يقع عليه المكان والمذهب، وهذا شاذ.
(4) تنظر التوطئة ص 211.
(5) ينظر الكتاب 1/35- هارون.
(6) ينظر شرح الكافية للرضي 1/186 وتوضيح المقاصد للمرادي 2/90 وهمع الهوامع للسيوطي 1/200.
(7) في الكافية ص 100.
... وقد سقط القول الثاني كاملا من نسخة (ج).
(8) في (ج): (الجار) وهو تحريف.
(9) وبه قال الجرمي، والمبرد.
ينظر المقتضب 4/337 وشرح الكافية للرضي 1/186 والارتشاف 2/253 وهمع الهوامع 1/200.
(10) فقد ذهب الأخفش إلى أن هذا الباب سماعي، لا يقاس عليه، وذهب الجمهور إلى أنه قياسي. ينظر شرح الأشموني 2/141.
(11) ينظر شرح شذور الذهب ص 237.(13/2)
[ف(زيد) في] (1) قولك: سرتُ وزيدًا مشارك للمتكلم(2) في السير في وقت واحد، أي وقع سيرهما معا.
وفي قولك: سرت أنا وزيدٌ بالعطف مشارك(3) في السير، لكن لا يلزم كون سيرهما في وقت واحد.
وقوله: (مسبوقة) أي واو المصاحبة.
وقوله: (بفعل) إلى آخره مخرج(4) لنحو (هذا لك وأباك) (5) فلا يتكلم به بالنصب، وأما بالجر(6)، بدون إعادة الجار ففيه الخلاف الآتي في باب العطف(7).
وقوله: (كسرت والنيل) مثال للفعل.
وقوله: (وأنا سائر والنيل) مثال لما فيه معنى الفعل وحروفه.
فإن قيل: فقد قالوا: (ما أنت وزيدا)(8) و(كيف أنت وزيدا)(9) فنصبوه على المفعول معه مع عدم الفعل والاسم الذي بمعناه وحروفه.
__________
(1) في (أ) و(ج): (فتريد أن) وفي (ب): (فتريد أني) وهو تحريف والصواب ما أثبته.
(2) في (ج): (شارك المتكلم).
(3) في (أ): (يشارك) والمثبت من (ب) و(ج).
(4) الأولى أن يكون الإخراج بالمحترزات كما يلي: خرج بالاسم نحو لا تأكل السمك وتشربَ اللبن ونحو سرت والشمسُ طالعة، وخرج بقوله: (فضلة) نحو اشترك زيد وعمرو، وخرج بقوله: (تال لواو) جئت مع زيد، وخرج بقوله: (المصاحبة) جاء زيد وعمرو قبله.
(5) في (ج): (وإياك) وهو تحريف.
(6) في (ج): (بالجار) وهو تحريف.
(7) سيأتي ذلك 817.
(8) هذا قول من أقوال العرب حكاه سيبويه في الكتاب 1/303 _ هارون حيث قال: "وزعموا أن ناسا من العرب يقولون: (كيف أنت وزيدا) و(ما أنت وزيدا) وهو قليل، حملوه على الفعل. كأنه قال: كيف تكون وقصعة من ثريد، وما كنت وزيدا". انتهى.
... وقد جاء في (ج): (ما أنا وزيدا).
(9) قوله: (وكيف أنت وزيدا) ساقط من (ج).(13/3)
فالجواب أن الفعل موجود تقديرا، لأن (أنت) فاعل بفعل محذوف، والتقدير: ما تكون(1) وكيف تصنع(2) ثم حذف الفعل وحده فبرز الضمير وانفصل.
فإن قيل: مثل ذلك في نحو (هذا لك وأباك) (3) ويتكلم به بالنصب على المفعول معه، ويراعى فيه(4) التقدير كما روعي في قولهم: (مالك 36/أ وزيدا) (5) حيث أوجبوا فيه النصب على ا لمفعول معه.
فالجواب(6) الفرق بينهما قوة الداعي إلى تقدير الفعل في (مالك وزيدا) بسبب تقديم (ما) الاستفهامية التي هي بالأفعال أولى. وتأخر الجار والمجرور لاقتضائه ما يتعلق به وجوبا، فصار كأنه مذكور، ولم يوجد في نحو (هذا لك) إلا داع واحد، وهو تأخر الجار والمجرور، ولا يلزم من اعتبار أمر عند قوة الداعي إليه اعتباره عند عدم قوته(7).
فائدة:
العامل في المفعول معه ما سبقه من فعل أو شبهه(8).
__________
(1) تكون) هنا ناقصة وخبرها (ما) مقدما عليها و(أنت) اسم تكون الناقصة فقول الشارح: إن (أنت) هنا فاعل أي اسم لكان، واسم كان وخبرها يطلق عليهما فاعل ومفعول به، تنظر حاشية الصبان 1/266.
(2) هذا تقدير للفعل الناصب في قولك: (كيف أنت وزيدا) ف(كيف) في محل نصب حال و(أنت) فاعل للفعل المحذوف. ونلحظ في تقدير سيبويه في المثال الأول أنه قدره بقوله: (كيف تكون) فيصح هنا في (تكون) أن تكون تامة وفاعلها ضمير و(كيف) حال، ويصح أن تكون ناقصة واسمها ضمير، و(كيف) خبرها.
(3) في (ب) و(ج): (هذا لك وإياك) وهو تحريف.
(4) سقطت كلمة (فيه) من (ب) و(ج).
(5) والتقدير (ما كان لك وزيدا) ينظر حاشية الصبان على شرح الأشموني 2/136.
(6) ذكر هذا الجواب الفاكهي في شرحه على القطر 2/131. ولم ينسبه للجوجري، بل قال: (قال بعض العلماء).
(7) في (أ): (قربه) وهو تحريف والمثبت من (ب) و(ج).
(8) هذا مذهب البصريين. ينظر الكتاب 1/297 هارون وشرح المفصل لابن يعيش 2/49 وتوضيح المقاصد 2/97 والتصريح 1/343.(13/4)
وقال الجرجاني(1): الواو(2).
وقال الزجاج(3): العامل فيه محذوف، والتقدير (سرت(4) ولابست النيلَ) فيكون حينئذ مفعولا به.
وقال الكوفيون(5): هو منصوب على الخلاف(6).
فيكون العامل فيه معنويا.
والأولى إحالة العامل(7) على اللفظي ما لم يُضطر إلى المعنوي(8).
ص: السادس المشبّه بالمفعول به، نحو زيدٌ حسن وجهَه، وسيأتي.
ش: السادس من المنصوبات المنصوب على التشبيه بالمفعول به.
وهو معمول الصفة المشبهة باسم الفاعل.
__________
(1) هو عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني، إمام البلاغيين وعالم البيان والنحو، أخذ النحو عن ابن أخت الفارسي، وصنف كتبا كثيرة في النحو والبلاغة والأدب، منها المغني في شرح الإيضاح والمقتصد والجُمل وأسرار البلاغة ودلائل الإعجاز. توفي بجرجان سنة 471ه. تنظر نزهة الألباء ص 264 وإنباه الرواة 2/188 وبغية الوعاة 2/106 وشذرات الذهب 3/340 والأعلام 4/48.
(2) أي أن العامل في المفعول معه هو واو المعية، وقد ذكر الجرجاني هذا في كتابه الجُمل ص 20 قال فيه: الضرب الثاني مما ينصب فقط، وهي سبعة، الأول الواو بمعنى (مع) نحو قولك: (استوى الماء والخشبة). لكنه نص في كتابه المقتصد على أن الناصب له الفعل بوساطة الواو، ينظر المقتصد في شرح الإيضاح 1/659.
(3) ينظر قوله في الإنصاف 1/248 وشرح المفصل لابن يعيش 2/49.
(4) في (ج): (وسرت) ولا موضع للواو هنا.
(5) ينظر مذهبهم في الإنصاف 1/248 وشرح الكافية للرضي 1/195 وهمع الهوامع 1/220.
(6) مرادهم بالخلاف مخالفة الثاني للأول رفعا ونصبا، كما في الظرف عندهم إذا كان خبرا، نحو(زيد عندك) ينظر الإنصاف 2/557.
(7) في (أ): (الأول) وهو خطأ، صوابه من (ب) و(ج).
(8) في (أ): (على اللفظين ما لم يضطر المعنوي) وفيه تحريف.(13/5)
وهي الصفة التي استُحسنت إضافتها لفاعلها في المعنى ك(حسن الوجه) و(طاهر العِرض) (1).
فخرج نحو(زيد ضارب أبوه عمرا) فليس منها(2).
لأنه يمتنع أن يقال فيه: (ضارب أبيه) لالتباسه بالمفعول به(3) ونحو (زيد كاتبٌ أبوه) فإنه لا يحسن فيه إضافة (كاتب) إلى (الأب) وإن فات اللبس(4).
وسبب عدم حسن ذلك أن الصفة لا تضاف لمرفوعها حتى يقدر تحويل(5) إسنادها عنه إلى ضمير موصوفها.
والدليل على ذلك أمران:
أحدهما: أنهم لو لم يقدّروا ذلك لزم إضافة الشيء إلى نفسه(6).
والثاني: أنهم يؤنثون(7) الصفة في نحو (هند حسنة الوجه) فحينئذ لم يحسن أن يقال: (كاتب الأب) لأن من كتب أبوه لا يصح إسناد الكتابة إليه وحسن أن يقال: (حسن الوجه) لأن من حسن وجهه صح(8) إسناد الحسن إلى جملته، / فيقال: (زيد حسن) فيكون في (حسن) ضمير عائد على (زيد) هو فاعل، ويصح لك حينئذ أن تذكر بعده(9) (الوجه) أو (وجهه) منصوبا(10).
__________
(1) في (أ) و(ب): (وظاهر العرض) والمثبت من (ج). وقد مثل الشارح بمثالين، الأول منهما للصفة التي ليست جارية على حركات المضارع وهذا هو الأكثر فيها، والثاني للصفة الجارية على حركات المضارع، وهذا قليل، وسيأتي تفصيل ذلك في باب الصفة المشبهة.
(2) في (ج): (فليس منهما).
(3) وذلك لأن الوصف هنا يحتمل أن يكون مضافا للمفعول، فيكون اسم فاعل لا صفة مشبهة.
(4) قوله: (وإن فات اللبس) ساقط من (ب) و(ج).
(5) سقطت هذه الكلمة من (ج).
(6) ولا تصح إضافة الشيء إلى نفسه.
(7) في النسخ: (أنهم لا يؤنثون) بزيادة (لا) وذلك يعكس المعنى المراد، والتصحيح من شرح الشذور لزكريا الأنصاري [الورقة 31/ب] وحاشية العدوي 2/51.
(8) في (أ) و(ب): (حسن) والمثبت من (ج).
(9) في (أ): (هذا) بدل (بعده) والمثبت من (ب) و(ج).
(10) نقل الشيخ زكريا الأنصاري هذا النص بتمامه عن الجوجري ولم ينسبه إليه، ينظر شرح الشذور للأنصاري [الورقة 31/أ].(13/6)
ولا يصح أن يكون تمييزا(1) لتعريفه، فيكون منصوبا على أنه مشبه بالمفعول به، لأن عامله وهو الصفة وإن كان قاصرا(2)، شُبّه باسم فاعل الفعل المتعدي.
ووجه الشبه بينهما الوصفية وقبول التثنية والجمع والتأنيث وطلب كل منهما بعد استيفاء فاعله ما بعده(3).
ص: السابع الحال، وهو وصف فضلة مسوق لبيان هيئة صاحبه أو تأكيده أو تأكيد عامله(4) أو مضمون الجملة قبله، نحو {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ}(5) {لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً}(6) {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً}(7) {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً}(8) وقوله(9): أنا ابن دارة معروفا بها نسبي.
ش: السابع من المنصوبات الحال، وهي(10) قسمان:
مؤسِّسة، وهي مالا يستفاد معناها(11) بدونها.
ومؤكِّدة، وهي بخلاف ذلك، أي ما استفيد معناها من غيرها(12).
وكان الأحسن تقسيمها وإفراد(13) كل قسم بحدّ.
لكن المصنف كثيرا ما يراعى الاختصار، ويحدّ الشيء المختلف الأقسام بحد واحد ويأتي فيه ب(أو) الدالة على تنويع المحدود وانقسامه، ومنه ما ذكره في هذا المحل.
__________
(1) لأن التمييز لا يكون معرفة عند البصريين. وفي (أ): (تمييز) بالرفع وهو خطأ.
(2) أي غير متعد، لأنه مشتق من فعل لازم.
(3) ينظر في ذلك شرح الكافية للرضي2/205 وشرح الشذور لابن هشام ص 244.
(4) في (أ): فاعله وفي (ب): (علته) وهو تحريف والمثبت من (ج) وشذور الذهب ص 16.
(5) من الآية 21 من سورة القصص.
(6) من الآية 99 من سورة يونس.
(7) من الآية 19 من سورة النمل.
(8) من الآية 79 من سورة النساء.
(9) زيادة من (ب) و(ج).
(10) في (ب) و(ج): (وهو) ولفظ (الحال) صالح للتذكير والتأنيث.
(11) في (ج): (وهي التي لا يستفاد).
(12) مثال المؤسسة (جاء زيد راكبا) ومثال المؤكدة {وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ}.
(13) في (ج): (وأفرد).(13/7)
فقوله: (وصف) كالجنس، يدخل فيه الخبر في نحو (زيد قائم) والمبتدأ ك(القائم أخوك) والنعت في (جاءني رجلٌ راكبٌ) والتمييز في نحو (لله دَرّه(1) عالماً)
ويخرج به (القهقرى)(2) في نحو(رجع زيد القهقرى) فإنه ليس بوصف.
وقوله: (فضلة) كالفصل مخرج للخبر والمبتدأ.
وقوله: (مسوق) إلى آخره فصل أخرج به النعت والتمييز المذكورين، فإن النعت مذكور لتخصيص المنعوت، والتمييز لبيان جنس المتعجب منه(3) وبيان الهيئة وقع بهما ضمنا لا قصدا(4).
وقوله: (هيئة صاحبه أو تأكيده) بيان لأنواع الحال(5)، وهي كما تقدم مؤسِّسة وهي المسوقة لبيان هيئة 37/أ صاحبها.
ومؤكِّدة وهي أنواع:
مؤكِّدة لصاحبها، ومؤكِّدة لعاملها، ومؤكِّدة لمضمون جملة قبلها.
مثال المبيِّنة للهيئة {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ}(6) ومثله قولك: جاء زيدٌ راكباً.
ومثال المؤكِّدة لصاحبها قوله تعالى: {لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً}(7).
ومثال المؤكِّدة لعاملها قوله تعالى: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِنْ قَوْلِهَا}(8) وقوله(9) {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً}(10).
وذكر لها المصنف هذين المثالين إشارة إلى أن المؤكدة لعاملها قد تكون مؤكِّدة له معنى فقط، كالمثال الأول(11)، أو لفظا ومعنى كالمثال الثاني.
__________
(1) في (ب) و(ج): (درك).
(2) القهقرى) اسم بمعنى الرجوع إلى الخلف. ينظر لسان العرب 5/121 (قهر).
(3) وذلك في التمييز المشتق نحو (لله درك عالما) أما الجامد فخرج بقوله: (وصف).
(4) ينظر في ذلك شرح اللمحة البدرية 2/177 وأوضح المسالك 2/78.
(5) ينظر في أنواع الحال التصريح 1/378 وهمع الهوامع 1/245.
(6) من الآية 21 من سورة القصص، وكلمة (يترقب) لم ترد في (أ) و(ب).
(7) من الآية 99 من سورة يونس.
(8) من الآية 19 من سورة النمل، واقتصر في (أ) على موضع الشاهد (فتبسم ضاحكا).
(9) في (ج): (وقولك) وهو سهو.
(10) من الآية 79 من سورة النساء.
(11) حيث اختلف لفظ العامل مع لفظ الحال.(13/8)
ومثال المؤكِّدة لمضمون الجملة قولك: زيد أبوك عطوفا، وقول سالم بن دارة اليربوعي(1):
58- أنا ابنُ دارةَ معروفاً بها نسبي وهل بدارةَ يالَلناسِ من عارِ(2)
فقوله: (عطوفا) مؤكد(3) لمضمون جملة (زيد أبوك).
وقوله: (معروفا) مؤكد(4) لمضمون جملة (أنا ابن دارة).
ولابد في هذه الجملة أن يكون جزآها اسمين معرفتين جامدين، ولابد أن يتأخر الحال عنها، فلا يتقدم عليها، ولا يتوسط بين جزءيها(5).
__________
(1) هو سالم بن مسافع بن عقبة اليربوعي، و(دارة) اسم أمه، وهو شاعر مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام، وكان هجاء. ينظر الشعر والشعراء لابن قتيبة 1/408 والمؤتلف والمختلف ص 116 وخزانة الأدب 2/142.
(2) البيت من البسيط، من قصيدة لسالم يهجو بها بني فزارة، ولم يذكر في (أ) الشطر الثاني، وأثبته من (ب) و(ج).
... وهو من شواهد سيبويه 2/79 هارون، والخصائص2/268 والأمالي الشجرية 2/285 وشرح المفصل لابن يعيش 2/64 وشرح الكافية الشافية 2/756 والمساعد 2/41 والعيني3/186 والهمع 1/245 وشرح الأشموني2/185 والخزانة 3/265.
... والشاهد فيه وقوع (معروفا) حالا مؤكدة لمضمون الجملة التي قبله وعامل الحال فعل مقدر والتقدير: (أحقني) أو (أعرفني).
(3) في (ب) و(ج): (مؤكدة) أي: حال مؤكدة.
(4) في (ب) و(ج): (مؤكدة) أي: حال مؤكدة.
(5) تنظر هذه الشروط في التصريح على التوضيح 1/387، 388. ...(13/9)
وعامل هذه الحال محذوف وجوبا(1)، لتنزيل الجملة المذكورة بدلا من اللفظ به، وتقديره في نحو (زيد أبوك عطوفا) مما المبتدأ فيه (أنا): أَحُقّه(2) أو أعرفه وفي نحو (أنا ابن دارة) (3) مما المبتدأ فيه غيرُ (أنا): أحق أو أعرف، أو أحقني أو أعرفني.
تنبيهان:
الأول: يؤخذ اعتبار شروط الجملة المذكورة من المثال.
وقد يقال: يؤخذ اشتراط تعريف جزأيها(4) من ذكر التأكيد في الحال الحاصلة عنها، لأن التأكيد إنما يكون لشيء عُرف.
ويؤخذ اشتراط الجمود من جعلها مؤكدة بالحال، لأنه إذا كان أحد جزأيها مشتقا أو شبيها به كان عاملا في الحال، وكانت مؤكدة لعاملها لا لمضمون الجملة.
ويستفاد وجوب تأخير هذه الحال من قوله: (قبله).
التنبيه الثاني: كما تكون الحال مفردة تكون جملة اسمية أو فعلية، وظرفا، ومجرورا(5).
وشمل ذلك قوله في الحدّ: (وصف).
فإن 37/ب المراد به، كما قال(6): وصف باللفظ أو بالقوة.
__________
(1) وهذا قول سيبويه، وهو الراجح، وقال الزجاج: العامل هوالخبر لتأوله ب(مسمى)، وقال ابن خروف: العامل هو المبتدأ مضمنا معنى التنبيه. ينظر الكتاب 2/78- هارون. وينظر الرد علىالقولين الأخيرين في التصريح 1/388 والهمع 1/245.
(2) أحقّه) بفتح الهمزة وضم الحاء، مضارع حقَقْتُ الأمر، بالتخفيف بمعنى تحققته، ولو كان مشددا لقيل: أحققه، بقافين.
(3) في (ج): (أنا ابن) فقط.
(4) في (أ): (جزءيتها) وكذلك (ج)، وسقط منها أيضا كلمة (تعريف) والمثبت من (ب).
(5) مثال الاسمية (سافرت والشمس طالعة) ومثال الفعلية (جاء زيد يبكي) ومثال الظرف (رأيت الهلال بين السحاب) ومثال الجار والمجرور قوله تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ}.
(6) أي ابن هشام في شرح الشذور ص 254 وشرح اللمحة البدرية 2/177.(13/10)
ص: ويأتي من الفاعل ومن المفعول، ومنهما مطلقا، ومن المضاف إليه إن كان المضاف بعضه، نحو: {لحمَ أخيهِ مَيْتاً}(1) أو كبعضه: نحو {مِلّةَ إِبرَاهِيمَ حَنِيفاً}(2) أو عاملا فيها، نحو {إليهِ مَرجعُكمْ جَمِيعاً}(3).
ش: لما قسم الحال باعتبار وصفها القائم بها من التأسيس والتأكيد أخذ يقسمها باعتبار صاحبها، وهو تقسيم له(4) أيضا، فقال:
إنها تأتي من الفاعل(5)، أي يكون صاحب الحال فاعلا نحو جاء زيد راكبا، ونحو {فَخَرَجَ مِنْها خَائِفاً}(6).
وتأتي من المفعول، أي يكون صاحب الحال مفعولا، نحو ضربتُ اللِّصَّ مكتوفاً، ونحو {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً}(7).
ومن الفاعل والمفعول، نحو لقيته راكبين.
وقوله: (مطلقا) أي تأتي الحال من الفاعل ومن المفعول ومنهما بلا شرط.
بخلاف مجيئها من المضاف إليه، فإنه مشروط بأن يكون المضاف بعضه(8)، أي بعض المضاف إليه، نحو قوله تعالى: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً}(9) وقولك: أعجبني وجهها مسفرة.
ونحو(10) قوله تعالى:{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا}(11).
__________
(1) من الآية 12 من سورة الحجرات.
(2) من الآية 135 من سورة البقرة ومن الآية 123 من سورة النحل.
(3) من الآية 4 من سورة يونس.
(4) أي لصاحب الحال.
(5) في (ب): (المفاعيل) وهو تحريف.
(6) من الآية 21 من سورة القصص.
(7) من الآية 79 من سورة النساء.
(8) وأجازه بعض البصريين دون شرط، ينظر الهمع 1/240.
(9) من الآية 12 من سورة الحجرات، والمضاف هنا هو (لحم) والمضاف إليه هو (أخيه) واللحم بعض الإنسان.
(10) كلمة (نحو) زيادة من (ج).
(11) من الآية 47 من سورة الحجر والمضاف هنا هو (صدور) والمضاف إليه الضمير (هم) والصدر بعض من الإنسان.(13/11)
أو يكون كبعضه، أي يكون المضاف كبعض(1) المضاف إليه، بأن يستقيم الكلام بحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، نحو قوله تعالى: {أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}(2).
أو عاملا، أي أو يكون(3) المضاف عاملا في الحال، نحو أعجبني انطلاقك منفردا، وقوله تعالى: {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً}(4) ونحو هذا شاربُ السويقِ ملتوتًا.
واعلم أن بعضهم(5)، منع مجيء الحال من المضاف إليه في الصورتين الأولَيين(6)، أعني إذا كان المضاف بعضا(7)، أو كبعض منه.
لأنه يصير العامل في الحال غير العامل في صاحبها، وهو ممتنع(8).
والصواب اعتباره(9)، لأنه إذا كان بعض المضاف إليه أو كبعضه كانا كالشيء الواحد، وصح مجيء الحال منه، ألا ترى أنه لو قيل في الكلام: ونزعنا ما فيهم من غِلّ(10)، واتَّبِعوا إبراهيمَ حنيفا، 38/أ لكان سائغا حسنا.
ص: وحقها أن تكون نكرةً، منتقلةً، مشتقةً، وأن يكون صاحبُها معرفةً أو خاصا، أو عاما، أو مؤخرا، وقد يتَخَلَّفْنَ.
ش: لما فرغ(11) من ذكر الحال وأقسامها أخذ يذكر لها أوصافا معتبرة فيها. فمنها أن تكون نكرة.
__________
(1) في (ج): (بعض) وهو غير مناسب هنا لأنه سبق بيان ما هو بعض المضاف إليه.
(2) من الآية 123 من سورة النحل.
(3) في (ج): (أو أن يكون) وقوله: (عاملا) معطوف على خبر (كان) في كلام المصنف في الصفحة السابقة.
(4) من الآية 4 من سورة يونس، ف(مرجع) هنا مضاف والضمير مضاف إليه، والمضاف وهو (مرجع) عامل في الحال، لأنه مصدر.
(5) هو أبو حيان الأندلسي، ينظر الارتشاف 2/348 والهمع 1/240.
(6) في (ب): (الأولين) وفي (ج): (الأولتين).
(7) في (أ): (بعضه) والمثبت من (ب) و(ج).
(8) نقل هذا الدليل عن أبي حيان السيوطي في همع الهوامع 1/240.
(9) أي اعتبار جواز مجيء الحال من ا لمضاف إليه في الصورتين المذكورتين.
(10) قوله: (من غل) ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و(ج).
(11) في (ج): (ذَكَر) وهو سهو من الناسخ.(13/12)
وإنما كان كذلك لأنه سيأتي(1) أن الغالب في الحال أن تكون(2) مشتقة، وصاحبها معرفة، فإذا كانت معرفة فربما توهم أنها صفة(3).
وقد يتخلف كونها نكرة بأن تتعرَّف في اللفظ، إما باللام، كجاؤوا الأولَ فالأولَ(4)، و:
59- أرسلَها العِراكَ(5)..
أو بالضمير، ك(جاءَ وحدَهُ) (6).
ومع ذلك فيحكم بتنكيرها معنى بتقدير (أل) زائدة، وأن الإضافة لا تفيد تعريفا.
هذا(7) هو مذهب الجمهور(8).
__________
(1) سيأتي ذلك في ص 457.
(2) في (أ) كررت عبارة (أن الغالب في الحال أن تكون) ثم قال بعدها: (نكرة) وهو خطأ.
(3) وذلك إذا كان صاحب الحال منصوبا ثم حمل غيره عليه.
... ينظر التصريح 1/373 وشرح الأشموني 2/172.
(4) وأصله (جاؤوا أولا فأولا) بمعنى مترتبين. ينظر التصريح 1/373.
(5) هذا جزء بيت من الوافر، للبيد بن ربيعة العامري، وهو:
فأرسلها العراك ولم يذدها ولم يشفق على نغص الدخال
... ورواية الديوان: (فأوردها العراك) ينظر ديوان لبيد ص 86.
العراك: الجماعة، أي أوردها جماعة، لم يذدها: لم يحبسها، الدخال: أن يشرب بعض الإبل، ثم يرجع فيزاحم الذي على الماء.
والمعنى: يصف عيرًا وحشيا بأنه يسوق أتنه نحو الماء جماعة ولم يحبسها عنه ولم يخش عليها من الدخال.
والبيت من شواهد سيبويه 1/372 هارون والمقتضب 3/273 وشرح المفصل لابن يعيش 2/62 والعيني 3/219 والتصريح 1/373 والخزانة 3/192.
والشاهد مجيء الحال معرفة، وهو (العراك) لكنه مؤول بنكرة أي معتركة.
(6) وحده) حال على تأويله بنكرة: أي منفردا، وينظر الكتاب 1/373- هارون.
(7) أي لزوم كون الحال نكرة.
(8) ينظر الكتاب 1/372، 373 والارتشاف 2/337 والتصريح 1/373.(13/13)
وأجاز يونس(1) والبغداديون(2) أن تكون معرفة(3). وقاسوا على نحو (ادْخلوا الأوّلَ فالأوّلَ).
وحينئذ فحكم المصنف بتخلف التنكير أراد به تخلفه في اللفظ، ليوافق مذهب الجمهور، ولو حُمل على التخلف لفظا ومعنى لصح ووافق المذهب الآخر.
ومنها أن تكون منتقلة، أي غير لازمة للمتصف بها، كما في جاء زيدٌ راكباً، وضربْتُ اللِّصّ مكتوفاً.
وهذا الوصف(4) غالب، لا لازم، لورودها بدونه فيما إذا كانت مؤكدة لمضمون(5) الجملة، ك(زيد أبوك عطوفا) (6).
أو دل عاملها على تجدد صاحبها، نحو (خلقَ اللهُ الزَّرافةَ يدَيها أطوَلَ مِن رجلَيها)(7). وفي غير ذلك(8) أيضا، نحو قوله تعالى: {قَائِمًا بِالقِسْطِ}(9) ونحو {وخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا}(10).
ومنها أن تكون مشتقة، أي مصوغة من مصدر للدلالة على متصف. وهذا الوصف أيضا غالب، لا لازم.
__________
(1) هو يونس بن حبيب الضبي، وقد سبقت ترجمته. وينظر قوله هذا في كتاب سيبويه 1/377- هارون، وتوضيح المقاصد 2/137 والهمع 1/239.
(2) ينظر قولهم في التصريح 1/374 والهمع 1/239.
(3) في (ج): (نكرة) وهو سبق قلم، لأنه لا خلاف في أنها تكون نكرة، وإنما اختلفوا في كونها معرفة، فمنع ذلك الجمهور وأجازه يونس والبغداديون.
(4) أي الوصف بكونها منتقلة.
(5) في (أ) و(ب): (مضمون) والمثبت من (ج).
(6) قوله: (عطوفا) حال مؤكدة لمضمون الجملة، وهي حال لازمة لأن العطف وصف ملازم للأب.
(7) هذا من أقوال العرب التي حكاها عنهم سيبويه، ينظر الكتاب 1/155.
(8) في (ج): (هذا).
(9) من الآية 18 من سورة آل عمران.
(10) من الآية 28 من سورة النساء.(13/14)
فتقع جامدة مؤولة بالمشتق، نحو بدت الجاريةُ قمرًا وتثنَّتْ غصنًا أي مضيئةً ومعتدلةً. وغير مؤولة بالمشتق، نحو {قُرآناً عرَبيًّا}(1) ونحو هذا حديدُك خاتَمًا وهذا مالُك 38/ب ذهباً(2).
ومنها أن يكون صاحبها معرفة.
لأن الحال وصاحبها في المعنى خبر ومخبر عنه، فالأصل في صاحبها التعريف(3)، كما في المبتدأ. وقد(4) يأتي(5) نكرة بمسوّغ، كالمبتدأ.
فمن مسوغات(6) تنكير صاحب الحال أن يكون خاصا أي مخصوصا، إما بوصف، نحو قول الشاعر:
60- نجَّيتَ يا ربِّ نوحاً واستَجبْتَ له
في فُلُكٍ ماخرٍ في اليمِّ مشحُونَا(7)
أو بإضافة، نحو قوله تعالى: {فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ}(8)
__________
(1) من الآية 2 من سورة يوسف، ومن الآية 3 من سورة فصلت.
(2) فالحال في هذه الأمثلة جامدة ولا يصح تأويلها بالمشتق، ينظر التصريح 1/371.
(3) لأنه محكوم عليه بالحال، وحق المحكوم عليه أن يكون معرفة، لأن الحكم على المجهول لا يفيد غالبا، ينظر التصريح 1/375.
(4) قد) مكرر في (ج).
(5) في النسخ: (تأتي) بالتاء وما أثبته هو الصواب لأن الضمير يعود إلى صاحب الحال.
(6) في (ج): (مصوغات) بالصاد وهو تحريف ظاهر.
(7) البيت من البسيط واقتصر في (أ) على الشطر الثاني والمثبت من (ب) و(ج).
... وقد نسبه أبو بكر بن الأنباري لعمران بن حطان، ينظر المذكر والمؤنث لأبي بكر ابن الأنباري ص 227. والبيت من شواهد شرح الألفية لابن الناظم ص 319 وأوضح المسالك 2/84 وشرح ابن عقيل للألفية 2/259 وشفاء العليل 2/525 والعيني 3/149 وشرح الأشموني 2/175.والشاهد فيه نصب (مشحونا) على الحال من (فلك) وهي نكرة وسوغ ذلك وصفها ب(ماخر).
(8) من الآية 10 من سورة فصلت، وقوله (للسائلين) لم يذكر في (أ) و(ب).
... و(سواء) حال من (أربعة) وهي نكرة وقد خصصت بإضافتها إلى (أيام).(13/15)
أو بمعمول نحو (عجبتُ مِن ضَرْبٍ أخوك(1) شديداً).
ومن المسوغات لتنكيره أيضا أن يكون عاما، كأن يتلو نفيا أو شبهه وهو النهي والاستفهام.
مثال النفي قولك: ما جاء أحدٌ راكباً.
ومثال النهي قول الشاعر:
61- لا يركنَنْ أحدٌ إلى الإحجَامِ يومَ الوَغَى مُتخوِّفاً لحِمامِ(2)
ومثال الاستفهام قول الشاعر:
62- يا صاحِ هلْ حُمَّ عيشٌ باقياً فترى
لنفسك العذرَ في إبعادِها الأملا(3)
ومن المسوغات لتنكيره(4) أيضا أن يتأخر [عن] (5) الحال، نحو في الدار جالسا رجل، وقول الشاعر:
63- لِمَيَّة مُوحشاً طَلَلُ يَلوحُ كأنّه خَلَلُ(6)
__________
(1) في (ج): (من ضرب أخيك) وهو لا يصلح مثالا لما ذكره لأنه مضاف لمعرفة، ف(ضرب) هو صاحب ا لحال لاختصاصه بالعمل في الفاعل وهو (أخوك).
(2) البيت من الكامل، وهو لقطرئ بن الفجاءة، وقد ورد في (ج): (لا تركننْ أبدا) وهو لا يصح شاهدا لأن صاحب الحال فيه يكون معرفة.
... الإحجام: التأخر عن لقاء العدو، الوغى: الحرب، الحمام، بالكسر: الموت.
... ينظر شعر الخوارج ص 171.
... والبيت من شواهد شرح العمدة لابن مالك ص 423 وشرح الألفية لابن الناظم ص 320 والمساعد 2/18 والعيني 3/150 والتصريح 1/377 والهمع 1/240 وشرح الأشموني 2/175 والخزانة 10/160. والشاهد نصب (متخوفا) على الحال من (أحد) وهو نكرة وسوغ ذلك سبقه بالنهي.
(3) البيت من البسيط، وقد نسبه ابن مالك لرجل من طيء ولم يعينه.
... حُم: قضي وقدر، العذر: المعذرة.
... ينظر شرح عمدة الحافظ ص 423 وشرح الألفية لابن الناظم ص 321 وأوضح المسالك 2/87 وشفاء العليل 2/526 والعيني 3/153 والهمع 1/240 وشرح الأشموني 2/176.
... والشاهد قوله: (باقيا) حيث جاء حالا من النكرة وهي (عيش) وسوغ ذلك وقوع النكرة بعد استفهام إنكاري بمعنى النفي.
(4) أي تنكير صاحب الحال.
(5) زيادة أوجبها المقام.
(6) البيت من مجزوء الوافر، ولم يرد الشطر الثاني في (أ). وهو لكثير عزة.
والصحيح في روايته: (لعزّة موحشا طلل) ينظر ديوانه ص 506.
وقد وقع الخلط بينه وبين بيت آخر لذي الرمة أوله: (لمية موحشا طلل قديم).
والبيت من شواهد سيبويه 2/123- هارون، ومعاني القرآن للفراء 1/167 والخصائص 2/492 والأمالي الشجرية 1/26 وأسرار العربية ص 147 وشرح المفصل 2/64 والعيني 3/163 والتصريح 2/375 وشرح الأشموني 1/174 والخزانة 3/211. والشاهد نصب (موحشا) على الحال من (طلل) وهو نكرة وسوغا ذلك تقديمه عليها.(13/16)
وقد يأتي صاحب الحال نكرة بغير مسوّغ، كقوله: (عليه مائةٌ بِيضاً) (1) وفي الحديث(2): "صلّى رجالٌ قياماً"(3).
تنبيهان:
الأول: أشار إلى تخلف الأوصاف المذكورة، أو تخلف بعضها بقوله: (وقد يتخلفْنَ) أي وقد تتخلف(4) جميع الأوصاف المذكورة وقد يتخلف(5) مجموعها في حال من الأحوال، لكنها ليست سواء في تخلفها. فإن منها ماتخلفه شاذ، ومنها ما تخلفه مطّرد، وإن كان قليلا.
الثاني: يؤخذ من قوله: (مشتقة) (6) بالمعنى الذي عرفته أن الحال لا يكون مصدرا، لأن المصدر ليس بمشتق، بل مشتق منه. ولئلا يلزم الإخبار عن الذات بالمعنى.
وإنما كان كذلك لأن الحال وصاحبها في المعنى خبر ومخبر عنه، كما تقرر(7)، فحق الحال أن تدل على ما يدل عليه نفس صاحبها، كالخبر بالنسبة إلى المبتدأ، فلذلك يصح (جاء زيد ضاحكا) (8) ويمتنع (جاء ضِحكًا) (9).
__________
(1) فقوله: (بيضا) حال من (مائة) وهي نكرة، ولا مسوغ لذلك، وقال بعض العلماء: إن المسوغ له هو تقدم الجار والمجرور عليه، كما في المبتدأ.
... ينظر: الكتاب 2/112- هارون، والتصريح 1/378.
(2) قوله: (في الحديث) ساقط من (ج).
(3) ورد حديث بهذا المعنى، وهو ما أخرجه مالك في الموطأ بلفظ: "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته، وهو شاك، فصلى جالسا، وصلى وراءه قوم قياما فأشار إليهم أن اجلسوا ". ينظر الموطأ 1/135 والبخاري 1/176، وهذا فيه شاهد أيضا، فقوله: (قياما) حال من (قوم) وهو نكرة بلا مسوغ.
(4) كذا في (ب) و(ج)، وفي (أ): (وقد يتخلف).
(5) في (ج): (بتخلف مجموعا).
(6) في (ب) و(ج): (مشتقا).
(7) في ص 457.
(8) في (ب) و(ج): (جاء زيد راكبا ضاحكا).
(9) في (أ) و(ج): (ضاحكا) وهو تحريف، لأن هذا ليس مصدرا، والتصويب من (ب).(13/17)
لكن قد ورد من كلامهم ما وقع فيه المصدر حالا، قليلا في المعارف ك(جاء وحدَه)(1) 39/أ و(أرسلها العراكَ) وكثيرا في النكرات، ك(طَلَع بغتةً) و(جاء ركْضًا)(2) وأُوِّلَ بالوصف، أي مباغتا(3) وراكضا.
وأجمع الفريقان البصريون(4) والكوفيون(5) على عدم اطراده إلا المبرد(6) فقاسه فيما كان نوعا من العامل، ك(جاء سرعة) بخلاف (جاء ضِحكا) (7).
وقاسه ابن مالك(8) أيضا في مثل (أمّا علمًا فعالم) وفي نحو (زيدٌ زهيرٌ شعرًا)، وفي مثل (أنت الرجل علمًا) (9).
وقد يعرب المنصوب في هذه الثلاثة تمييزا(10)
__________
(1) وحده) حال من الفاعل، وقد تعرف بالإضافة، لكنه على تأويله بنكرة أي جاء منفردا وهناك أقوال أخرى، ينظر الكتاب 1/373 والارتشاف 2/340.
(2) يراجع شرح الكافية الشافية لابن مالك 2/735.
(3) في (ب) و(ج): (بمباغتا) وهو تحريف.
(4) قال سيبويه 1/370- هارون: "وليس كل مصدر، وإن كان في القياس مثل ما مضى من هذا الباب يوضع هذا الموضع. ألا ترى أنه لا يحسن أتانا سرعةً ولا أتانا رَجْلةً" فهذا يدل على أن هذا غير مقيس عنده، وينظر التصريح 1/374.
(5) ينظر الارتشاف 2/342 والتصريح 1/374.
(6) قال في المقتضب 3/234: "ومن المصادر ما يقع في موضع الحال فيسد مسده، فيكون حالا. وذلك قولهم: قتلته صبرا إنما تأويله صابرا أو مصبرا، وكذلك جئته مشيا." ثم قال: "ولو قلت جئته إعطاء لم يجز لأن الإعطاء ليس من المجيء." وينظر 4/599.
(7) لأن السرعة نوع من المجيء والضحك ليس نوعا منه، وفي نسختي (أ) و(ب): (جاء ضاحكا) وهو خطأ، صوابه من (ج).
(8) تسهيل الفوائد ص 109.
(9) أي قاسه ابن مالك في ثلاث مسائل بعد (أمّا) وبعد خبر شبِّه به المبتدأ، وبعد خبر اقترن بأل الدالة على الكمال.
(10) وقد رجح أبو حيان إعرابه تمييزا في المسألتين الأخيرتين.
أما المسألة الأولى وهي ما إذا وقع بعد (أَمَّا) فلم أجد من أعربه تمييزا إلا الرضي في شرح الكافية 1/210 وإنما ذكروا أن فيها ثلاثة أقوال، إما أن يكون المنصوب حالا، كما أعربه سيبويه أو أنه مفعول مطلق، كما أعربه الأخفش، أو أنه مفعول به، كما أعربه الكوفيون وهذا أحسن ما قيل فيه، على تقدير: مهما ذكرت علما فالمذكور عالم. ينظر الارتشاف 2/343 والتصريح 1/374.(13/18)
.
ص: الثامن التمييز، وهو اسم نكرة فضلة، يرفع إبهامَ اسمٍ أو إجمال نسبة
ش: الباب الثامن من المنصوبات التمييز.
وهو لغة فصل الشيء من غيره، وفي الاصطلاح ما قاله المصنف.
فقوله: (اسم) إعلام بجنسيته، وأنه ليس كالحال في كونه ظرفا أو مجرورا أو جملة.
وقوله: (نكرة) فصل(1) مخرج لنحو(زيدٌ حسنٌ وجهَهُ) (2) وأما قوله:
64-.. صددت وطِبْتَ النّفسَ ياقيسُ عن عمرٍو(3)
فخُرّج على زيادة (أل) (4).
وقوله: (فضلة) مخرج لنحو قائم من (زيد قائم) فإنه اسم نكرة ولكنه(5) ليس فضلة.
وقوله: (يرفع إبهام اسم) إلى آخره يخرج الحال، نحو(جاء زيدٌ راكباً). فإنه ليس رافعا لإبهام اسم ولا لإجمال نسبة، وإنما هو مبيّن للهيئة، ويفيد أن التمييز على نوعين(6):
نوع رافع إبهام اسم، ك(رَطْلٌ زيتاً).
ونوع رافع إجمال نسبة، ك(طبتَ نفساً).
__________
(1) كلمة (فصل) ساقطة من (ج).
(2) بنصب (وجه) على أنه مشبه بالمفعول به، وليس تمييزا لأنه معرفة.
(3) عجز بيت من الطويل، لراشد بن شهاب اليشكري، وصدره:
رأيتك لَمَّا أن عرفت وجوهنا..
والبيت مع قصيدته في المفضليات ص 310.
وهو من شواهد شرح التسهيل لابن مالك 1/292 وشرح عمدة الحافظ ص 496 وشرح الألفية لابن الناظم ص 102 وشفاء العليل 2/558 وشرح اللمحة البدرية
2/186 والعيني 3/225 والتصريح 1/151 والهمع 1/80 وشرح الأشموني 1/182.
والشاهد فيه نصب (النفس) علىالتمييز باعتبار أن (أل) زائدة لإقامة الوزن.
(4) هذا تخريج البصريين، لأنهم لا يرون أن التمييز يكون معرفة، وذهب الكوفيون وابن الطرواة إلى جواز وقوع التمييز معرفة، تمسكا بظاهر البيت، وغيره من الشواهد.
... ينظر شرح اللمحة البدرية 1/186 وهمع الهوامع 1/80.
(5) في (ب) و(ج): (لكنه).
(6) ينظر شرح المفصل لابن يعيش 2/70 والتسهيل ص 114.(13/19)
وقد أُورد على هذا الحد (طويلا) من قولك: رأيتُ رجلا طويلاً(1) فإنه اسم نكرة رافع إبهام اسم، وهو (رجل) لأنه ذات مبهمة بالوضع صالح لكل فرد من أفراد الرجال، فبذكر أحد أوصافه تمييز(2) عما يخالفه.
ويمكن أن يجاب بأن الإبهام المرتفع بالتمييز هو فيما يرجع إلى الجنس.
ألا ترى أنك إذا قلت: (عندي رطلٌ) ولم تذكر تمييزا تُرُدّد في جنس ذلك الرطل، فإذا قلت: (زيتا) ارتفع ذلك الإبهام، بخلاف (رأيت رجلا طويلا) فإن الإبهام المرتفع بالوصف بالنسبة إلى أمر زائد على الجنس فإن(3) (رجلا) (4) يفيده(5) , الله أعلم.
ص: فالأول بعد 39/ب العدد، الأحد عشر فما فوقها إلى المائة، و(كم) الاستفهامية نحو(6) كَمْ عبداً ملكْتَ، وبعد المقادير، ك(شبر أرضاً) و(قفيز بُرًّا) وشبههن، نحو {مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا}(7) و(نحيٌ سمْناً) و(مثلُها زُبداً) و(مَوضعُ(8) راحةٍ سحاباً) وبعد فرعه، نحو (خاتمٌ حديداً).
ش: لما ذكر أن التمييز نوعان أخذ يبين كل نوع على جهة التفصيل فذكر هنا النوع الأول، وهو الرافع إبهام(9) اسم.
__________
(1) أورد هذا الاعتراض الرضي في شرح الكافية 1/206، ولم يجب عنه.
(2) في (ب): (يُميز) وفي (ج): (تمييزا) بالنصب وهو خطأ ظاهر.
(3) في (ج): (فإنه).
(4) في (ج): (رجل) بالرفع وهو خطأ.
(5) أي يفيد الجنس، ومراده بذلك أن قولك: (رجل) قد أفاد الجنس ثم تأتي الصفة بعد ذلك تقلل شيوع ذلك الجنس أما التمييز فإنه يرفع إبهام الجنس ذاته، فلا يعلم الجنس إلا بذكر التمييز.
(6) كلمة (نحو) ساقطة من (ج).
(7) من الآية 7 من سورة الزلزلة.
(8) في (أ): (نوع) وهو تحريف.
(9) في (ج): (لإبهام).(13/20)
فمنه الواقع بعد عدد، صريحا كان ذلك(1) العدد، كالأحد عشر والإحدى عشرة وأخواتها(2) والعشرين وأخواتها إلى آخر التسعين وهو المراد بقوله: (إلى المائة) كقوله تعالى {أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا}(3) وقوله: {اثْنَي عَشَرَ نقيباً}(4) وقوله:{ثلاثينَ ليلةً}(5) و{أَرْبَعِينَ لَيْلَةً}(6)و{سَبْعِينَ رَجُلاً}(7) و{تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً}(8).
أو غير صريح، وهو (كم) الاستفهامية، كقوله: كمْ عبداً ملكتَ وكمْ شخصا رأيت (9).
ومنه(10) الواقع بعد ما يفيد مقدارا، وهو المراد بقوله: (بعد المقادير). وهو إما أن (11) يفيد مساحة(12) ك(شبر أرضا) أو كيلا، نحو (قفيز بُرًّا) أو وزنا نحو(13) (مَنَوانِ عَسَلاً) (14).
ومنه الواقع بعد ما يفيد شبه المقادير، وهو المراد بقوله: (وشبههنّ).
__________
(1) كلمة (ذلك) ساقطة من (ج).
(2) المراد ب(أخواتها) العدد المركب من أحد عشر إلى تسعة عشر.
(3) من الآية 4 من سورة يوسف، وهو مثال للتمييز الواقع بعد العدد المركب.
(4) من الآية 12 من سورة المائدة، وقد كتبت في (أ) و(ج): (اثنا عشر) وهو خطأ.
(5) من الآية 142 من سورة الأعراف، وهو مثال للتمييز الواقع بعد العقود.
(6) من الآية 142 من سورة الأعراف.
(7) من الآية 155 من سورة الأعراف.
(8) من الآية 23 من سورة ص وقد وردت في (ب): (تسعة) بالتاء وهو خطأ.
(9) بخلاف (كم) الخبرية فإن تمييزها يكون مجرورا بإضافتها إليه في قول البصريين، وب(مِنْ) مقدرة في قول الكوفيين. ينظر الكتاب 2/161 هارون ومعاني القرآن للفراء 1/169 والتصريح 2/279.
(10) في (ج): (وهو).
(11) سقطت كلمة (أن) من (ج).
(12) في (أ) و (ج): (مسافة) وهو تحريف، صوابه من (ب).
(13) كلمة (نحو) ساقطة من (ج).
(14) في(ج): (منوين عسلا). والمنوان مثنى (مَنَا) وهو ميزان يوزن به السمن، يساوي رطلين. ينظر لسان العرب 15/297 وتاج العروس 10/351.(13/21)
وهذا تارة يشبه الوزن، نحو {مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً}(1) أو يشبه الكيل، نحو (نحْي سَمْنًا)(2).أو يشبه المساحة، نحو (موضعُ راحةٍ سَحَابًا)(3) أو يحتمل مشابهة المساحة والوزن، نحو (على التمرةِ مثْلُها زُبْدًا)(4).
ومنه الواقع بعد ما هو فرع له، نحو (خَاتَمٌ حَدِيداً). فإن الخاتم فرع الحديد. ومثله (بابٌ سَاجًا) (5) و (جُبّةً خَزًّا).
وقيل في هذا: إنه حال (6).
تنبيهان:
الأول تمثيله في (كم) الاستفهامية ب(كم عبدا ملكت) يفهم أمرين:
أحدهما تعيّن إفراده (7)، وهو الصحيح (8).
وقيل: يجوز جمعه مطلقا (9).
وقيل: يجوز إن كان السؤال عن الجماعات، نحو كم غلمانا لك.
إذا أردت أصنافا من الغلمان. وهذا مذهب الأخفش (10).
__________
(1) من الآية 7 من سورة الزلزلة. وإنما قيل لهذا النوع: إنه مشبه للوزن لأن مثقال الذرة ليس اسما لشيء يوزن به في العرف.
(2) النّحْي اسم لوعاء السمن، وإنما أشبه الكيل لأنه ليس له مقدار عرفا.
ينظر تهذيب اللغة 5/253 ولسان العرب 15/311 (نحا).
(3) موضع الراحة غير مقدر، فلذلك شُبّه بالمساحة، ينظر شرح الشذور ص 256.
(4) شبه المِثْل بالمساحة والوزن لأنه يحتمل أن يكون المراد منه المقدار وهو المساحة أو الكمية وهو الوزن. ينظر ارتشاف الضرب 2/381.
(5) في (ج): (بابا ساجا).
(6) هذا قول سيبويه، قال في الكتاب 2/118: (ويكون حالا، فالحال قولك: هذه جبتك خزاً). وإنما الذي أعربه تمييزا المبرد واختاره ابن مالك، ينظر المقتضب
3/272 وتسهيل الفوائد ص 114.
(7) أي تعين إفراد تمييز (كم) الاستفهامية.
(8) هذا مذهب البصريين. ينظر الكتاب 2/159 والإيضاح العضدي ص 239 والتسهيل ص 124.
(9) وهذا قول الكوفيين. ينظر شرح الكافية للرضي 2/96 والهمع 1/254
(10) ينظر قوله في التصريح 2/279 وشرح الأشموني 4/79.(13/22)
ثانيهما تعين نصبه(1)، وهو مذهب بعض النحويين(2)، سواء جُرَّت (كَمْ) أم لم تُجَرّ.
وقيل: يجوز جره مطلقا، 40/أ سواء أيضا جُرَّتْ أَمْ لاَ(3)، حملا على (كَمْ) الخبرية.
وقيل: يجوز إن جُرَّتْ(4)، ويمتنع إن لم تجر، وهذا هو الصحيح(5)، وينبغي حمل كلام الشيخ عليه لتمثيله ب(كم) غير مجرورة.
الثاني: الناصب للتمييز الرافع لإبهام الاسم هو ذلك الاسمُ المبهمُ(6). والله أعلم.
ص: والثاني إما محولٌ(7) عن الفاعل،نحو{واشْتَعَلَ الرَّأسُ شَيْبًا}(8) أو عن المفعول، نحو {وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُوناً}(9) أو عن غيرهما، نحو {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً}(10). أو غير محول، نحو لِلهِ دَرُّهُ فَارِسًا.
__________
(1) أي تعين نصب تمييز (كم) الاستفهامية.
(2) نسبه أيضا أبو حيان في الارتشاف 1/378 لبعض النحويين دون تعيين.
(3) هذا قول الفراء والزجاج وابن السراج، ينظر الأصول في النحو1/317 والمغني لابن هشام ص 245.
(4) أي إن جرت (كم) بحرف جر، نحو(بكم درهمٍ اشتريت).
(5) وهو مذهب سيبويه وجمهور البصريين. ينظر الكتاب 2/160- هارون والتسهيل ص 124 والتصريح 2/279.
(6) لا خلاف في ذلك، لكن اختلف في صحة إعماله مع أنه جامد فقيل: لشبهه باسم الفاعل، وقيل: لشبهه بأفعل التفضيل وهو أولى. ينظر التصريح 1/395.
(7) في (ج): (محولا) بالنصب.
(8) من الآية 4 من سورة مريم.
(9) من الآية 12 من سورة القمر.
(10) من الآية 34 من سورة الكهف.(13/23)
ص: باب المنصوبات خمسة عشر، أحدها المفعول به، وهو ما وقع عليه فعل الفاعل، ك(ضربت زيدا).
ش: لما فرع من المرفوعات شرع في ذكر المنصوبات.
وبدأ منها بالمفاعيل، لأنها الأصل في النصب، وغيرها محمول عليها كما(1) ذكرنا مثل ذلك في الفاعل(2). وبدأ من المفاعيل بالمفعول به.
قال(3): "لأنه أحوج إلى الإعراب لإزالة التباسه(4) بالفاعل".
وحدّه بقوله: (هو ما وقع عليه.) إلى آخره. وهو(5) بعينه حد ابن الحاجب(6)، رحمه الله تعالى.
وفسَّر الوقوع في الشرح(7) تبعا له أيضا(8) بتعلقه بما لا يعقل إلا به.
وأُورد على هذا التفسير أمران(9):
الأول: أنه يقتضي أن يكون المجرور في قولك: (قربت من زيد) و(بعدت من عمرو) (10) و(سرت(11) من البصرة إلى الكوفة) مفعولا به(12)، وليس في الاصطلاح مفعولا به، وإن صحّ أن يقال: إنه مفعول به بواسطة حرف الجر.
__________
(1) في (ج): كما ذكر.
(2) تقدم ذلك في ص 331.
(3) أي ابن هشام في شرح شذور الذهب ص 213.
(4) في (ج): التابة، وفي (ب): النيابة، وهو تحريف.
(5) في (ج) فقط: (وهذا).
(6) في الكافية ص 87.
(7) شرح شذور الذهب ص 213.
(8) أي تبعا لابن الحاجب في الإيضاح في شرح المفصل 1/244.
(9) أورد هذين الاعتراضين الرضي في شرح الكافية 1/127، ولم يجب عنهما.
(10) في (ب) و (ج): (قريب من زيد ويقرب من عمرو).
(11) في (أ): (صرت). وهو تحريف صوابه من (ب) و (ج).
(12) كلمة (به) ساقطة من (أ).(14/1)
الأمر الثاني: أنه يقتضي أن يكون (عمرو) من قولك: اشترك زيد وعمرو(1) مفعولا به لأن معنى (اشترك) (2) لا يفهم بعد إسنادك(3) إياه إلى (زيد) إلا بعد ذكر (عمرو) وليس (عمرو)(4) في هذا المثال بمفعول به.
وقد يجاب عن الأمرين معا بأن المفهوم من قوله: (تعلقه) تعلقه(5) بنفسه من غير واسطة، وهذا ظاهر، فيخرجان لأنهما بواسطة حرفي الجر والعطف. والله أعلم.
وخرج بقوله: (ما وقع عليه فعل الفاعل) بقية المفاعيل.
فإن المفعول المطلق هو نفس فعل الفاعل، والمفعول له وقع لأجله فعل الفاعل، والمفعول معه وقع الفعل معه(6)، والظرف وقع فيه.
ولا يعترض على هذا الحد بنحو (ما(7) ضربت زيدا).
لأن الفعل إن أريد به لفظه الذي هو (ضَرَب) فهو مندفع عن المفعول(8) وإن أريد به(9) لفظ(10) الفاعل والمفعول، فلا شك في اندفاعه أيضا(11).
تنبيهان:
__________
(1) في (أ): (اشترك عمرو زيد) والمثبت من (ب) و (ج).
(2) قوله: (مفعولا به لأن معنى اشترك) ساقط من (ب) و (ج).
(3) في (ب) و (ج): (استنادك) وصوابه من شرح الكافية للرضي 1/127.
(4) من قوله: (لا يفهم بعد إسنادك) إلى هنا ساقط من (أ) وصيغة العبارة فيه: (لأن معنى اشترك عمرو وزيد في هذا المثال بمفعول به).
(5) كلمة (تعلقه) الثانية ساقطة من (أ) وأثبتها من (ب) و (ج).
(6) قوله: (وقع الفعل معه) ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج).
(7) ساقطة من (ج)، وقد ذكر هذا الاعتراض الرضي في شرح الكافية 1/127.
(8) كذا في (ب) و (ج) والذي في (أ): (فهو قد وقع على المفعول) وهو غير مناسب للمقام لأن ا لمراد نفي إيقاع الحدث على المفعول.
(9) كلمة (به) ساقطة من (أ) وأثبتها من (ب) و (ج).
(10) كذا في النسخ، ولعل الصواب (فِعْل) أي عمل الفاعل.
(11) هذا بيان لوجه الاعتراض، وليست إجابة عنه. وقد أجاب الرضي في شرح الكافية 1/127 عن هذا الاعتراض بأن المراد أنه قد وقع عليه عدم الفعل، وبذلك يبطل الاعتراض.(14/2)
الأول: قوله (المفعول به) الضمير فيه يعود على الألف واللام، أي الذي 32/أ يفعل به فعل ويوقع عليه(1). وكذا الكلام في بقية المفاعيل.
الثاني: العامل في المفعول به الفعل أو شبهه على الأشهر(2)، وإليه يشير كلام المصنف، كما سيأتي(3).
وقال الفراء(4): هو الفعل والفاعل(5).
وقال بعض الكوفيين(6): إن عامله كونه مفعولا به.
ص: ومنه ما أضمر عامله جوازا، نحو(7) {قَالُوا خَيرًا}(8) ووجوبا في مواضع منها باب الاشتغال(9) نحو {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ}(10).
__________
(1) وقال العدوي في الحاشية على شرح الشذور 2/31: "والوجه أنه لا مرجع له، لأن الكلمة كلها صارت علما على الكلمة المخصوصة" ويقصد بالكلمة المفعول به.
(2) وهذا مذهب البصريين، ينظر الكتاب 2/148 هارون والتصريح 1/309 والهمع 1/165.
(3) سيأتي ذلك في ص 409.
(4) هو أبو زكريا، يحي بن زياد الفراء، ولد بالكوفة سنة 144ه، وتعلم بها على الكسائي ويونس وغيرهما، وصار إمام الكوفيين في عصره، أخذ عنه سلمة بن عاصم وأبو عبد الله الطوال وأبو عبيد وابن السكيت. له مؤلفات كثيرة في العربية أهمها معاني القرآن والحدود والمذكر والمؤنث والأيام والليالي، توفي سنة 207ه.
ينظر طبقات النحويين ص 131 وإنباه الرواة 4/7 ومعجم الأدباء 20/9 وبغية الوعاة 2/333.
(5) ينظر قوله هذا في شرح الكافية للرضي 1/128 والهمع 1/165.
(6) وهو خلف الأحمر الكوفي، ينظر الهمع 1/165.
(7) كلمة (نحو) ساقطة من (ج).
(8) من الآية 30 من سورة النحل.
(9) قوله: (باب الاشتغال)، ساقط من (ب) و (ج).
(10) من الآية 13 من سورة الإسراء واقتصر في (ب) و (ج) والشذور ص 14 على موضع الشاهد من الآية.(14/3)
ش: لما قرر أن المفعول به ما وقع عليه فعل الفاعل، وكان في هذه العبارة إشعار بأنه العامل فيه، على ما هو الأشهر، كما بيّنا، أخذ يفرع(1) على ذلك أن الفعل الذي هو العامل قد يحذف يعنى إذا علم.
وحذفه على ضربين جائز وواجب:
فالضرب الأول إما أن يكون لقرينة حالية، كقولك للمتأهب(2) للحج، مكَّةَ بإضمار (تريد). أو مقالية، كقولك: (زيدًا) لمن قال: من ضربت؟ أي ضربت زيدًا، ومنه قوله تعالى: {قَالُوا خَيرًا}(3) أي أنزل ربُّنَا خيرا(4)، جوابا ل{مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ}(5).
والضرب الثاني واقع في ستة مواضع:
الأول: المنصوب في باب الاشتغال، وهو الذي أشار إليه الشيخ بقوله نحو: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ}(6).
وهو المنصوب بمفسَّر بعامل مشتغل بملابس المنصوب المذكور عنه(7) ف(كل إنسان) عامله محذوف وجوبا وهو مفسَّر بأَلزَم وهم لا يجمعون بين المفسِّر والمفسَّر. وإنما جعل العمل للمحذوف لاشتغال(8) المذكور بالعمل في الضمير. ومثله (زيداً ضربته)(9) و (عمرًا مررت به) و(خالدًا ضربت رجلا يحبه) (10).
وقال الفراء: الفعل المذكور عامل في الظاهر وضميره(11).
__________
(1) في (أ): (أخذ يبين ويفرع) والمثبت من (ب) و (ج).
(2) أي المتجهز المستعد.
(3) من الآية 30 من سورة النحل.
(4) في (ب) و (ج): (أنزل ربنا خيرا، المنصوب في خيرا جوابا) ولا شك أن هذه العبارة مقحمة إذ لا معنى لها هنا.
(5) من الآية 30 من سورة النحل.
(6) من الآية 13 من سورة الإسراء.
(7) ينظر تعريف الاشتغال في التصريح 1/296.
(8) من قوله: (ف"كل إنسان") إلى آخره ساقط من (ب) و (ج).
(9) في (أ): (ضربت زيدا) وهو لا يصح مثالا للاشتغال والمثبت من (ب) و (ج). الاشتغال هو أن يتقدم اسم ويتأخر عنه عامل مشتغل عن العمل في ذلك الاسم بالعمل في ضميره أو في سببه. ينظر التصريح 1/296.
(10) في (ب) و(ج): (تحته).
(11) ينظر معاني القرآن للفراء 2/95، 207 وشرح الكافية للرضي 1/163.(14/4)
ورُدَّ عليه بأن المتعدّي لواحد يصير متعديا لاثنين(1).
وقال الكسائي(2): هو العامل في الظاهر والمضمر(3) ملغى.
ورُدَّ عليه بأن الشاغل قد يكون ظاهرا لا ضميرا، نحو زيداً ضربت غُلاَمَه، فلا يستقيم إلغاؤه عن عمل العامل.
وسيأتي في باب عمل الفعل الكلام على هذا الباب مستوفى(4)، إن شاء الله تعالى(5).
تنبيه:
قوله: (في مواضع) أراد به المنصوبات أنفسها، كما قررنا لا أبوابها، بدليل قوله(6): (والمنادى، والمنصوب بأخص، والمنصوب باتّق) إلى آخره والله أعلم.
ص: والمنادى وإنما يظهر نصبه إذا كان مضافا أو شبهه أو نكرة نحو يا عبدَ الله ويا طالعًا جبلاً، وقول الأعمى يا رجلاً خذ بيدي.
ش: الموضع الثاني من المواضع الستة التي يجب فيها حذف عاملها(7) المنادى أي مطلقا، سواء كان مفردا أو غير مفرد، معرفة أو نكرة.
لكن بعضه يَظهر نصبه، وبعضه يُقَدَّر نصبه.
فالمقدر النصب هو المبني على الضم، وقد تقدم في المبنيات(8).
والظاهر(9)، المضاف، ك(يا عبدَ الله) ومثله (يا غلامَ زيدٍ) وشبه المضاف، وهو ما اتصل به شيء من تمام معناه، ك(يا طالعًا جبلاً) ومثله (يا رفيقاً بالعباد). والنكرة غير المقصودة، كقول الأعمى: يا رجلا خذ بيدي.
__________
(1) نحو (زيدا ضربته) فالفعل (ضرب) متعد لواحد. وعلى قول الفراء يكون متعديا لاثنين الضمير والاسم السابق عليه.
(2) ينظر شرح المفصل لابن يعيش 2/30 وشرح الكافية 1/163 والهمع 2/114.
... وهذه المسألة من المسائل الخلافية بين البصريين والكوفيين. ينظر تفصيل ذلك في الإنصاف لأبي البركات الأنباري 1/82.
(3) في (ب) و (ج) والضمير.
(4) سيأتي هذا في ص 747.
(5) ساقطة من (ج).
(6) في شذور الذهب ص 14، 15.
(7) في (ج): (عامله).
(8) في ص 265.
(9) أي والظاهر النصب.(14/5)
وانتصاب المنادى على أنه مفعول به، وناصبه الفعل المقدر، وهو مذهب سيبويه(1).
وأصله: ياأدعو زيدا، فحذف الفعل حذفا لازما، لكثرة الاستعمال، ولدلالة حرف النداء عليه وإفادته فائدته.
وجعل المبرد(2) الناصب له حرف النداء. وعلى هذا(3) لا(4) يكون مما حذف عامله.
وعلى المذهبين(5) (يازيد) جملة، وليس المنادى أحد جزءي الجملة، فعند سيبويه جزءا الجملة وهما الفعل والفاعل مقدّران(6).
وعند المبرد حرف النداء سدَّ مسدَّ الفعل فقط، والفاعل مقدر، وهذا مفهوم من تقديرهما(7)، فتفطن له.
ص: والمنصوب ب (أَخصّ) بعد ضمير المتكلم،(8) 32/ب ويكون بأل، نحو نحن العربَ أقرى الناس للضيف، ومضافا نحو "نحن معاشرَ الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة"(9). و(أَيًّا) فيلزمها ما يلزمها في النداء، نحو أنا أفعلُ كذا أيُّها الرجل وعَلَماً قليلا، فنحو (بك اللّهَ أرجو الفضل) شاذ من وجهين.
ش: الثالث مما حذف عامله وجوبا المنصوب على الاختصاص.
وهو اسم معمول ل(أَخُصُّ) واجب الحذف(10).
ويكون بأل نحو (نحن العربَ أقرى الناس للضيف).
__________
(1) هذا مذهب سيبويه والجمهور، ينظر الكتاب 1/291 هارون وشرح المفصل 1/127. من قوله: (وانتصاب المنادى) إلى هنا، ساقط من (ج).
(2) ليس هذا القول للمبرد، بل هو قول ابن جني في اللمع ص 169. جاء في المقتضب 4/202 (وانتصابه على الفعل المتروك إظهاره). فهذا نص منه على موافقته للجمهور. وقد نسب له القول بذلك أيضا الرضي في شرح الكافية 1/131.
(3) أي القول المنسوب للمبرد.
(4) في (ج): فلا.
(5) أي مذهب سيبويه ومذهب المبرد كما ذكر.
(6) لأن التقدير عنده (أدعو زيدا) فحذف الفعل وهو (أدعو) والفاعل وهو الضمير المستتر فيه.
(7) ينظر الكتاب 1/291 والمقتضب 4/202.
(8) في (أ): (والمنصوبات بأخص بعد ضمير متكلم) والمثبت من (ب) و(ج) وشذور الذهب.
(9) ما بين الحاصرتين ساقط من (أ).
(10) الواجب الحذف هو الفعل (أخصّ) العامل في الاسم المنصوب.(14/6)
ويكون مضافا، نحو "نحنُ مَعَاشرَ الأنبياءِ لا نُورثُ." (1) ويظهر فيهما النصب.
ويكون(2) (أيًّا) و(أيّةً) فيلزمهما ما يلزمهما(3) في النداء(4)، فيُضَمَّان وجوبا ويُوصفان لزوما باسم واجب الرفع محلى بأل.
نحو (أنا أفعلُ كذا أيُّها الرجل). و (اللهم اغفر لنا أيَّتها العصابة).
ويفارق(5) المنادى في أحكام لفظية، وفي المعنى أيضا(6).
فأما الأحكام اللفظية:
فمنها أنه ليس معه حرف نداء، لا لفظا ولا تقديرا(7).
ومنها أنه لا يقع في أول الكلام، بل في أثنائه، نحو(8) (نحن معاشرَ الأنبياء) أو بعد تمامه كما في(9) (أنا أفعلُ كذا أيُّها الرجلُ).
ومنها أنه يشترط أن يتقدم عليه اسم بمعناه، ويغلب في ذلك الاسم كونه ضمير متكلم، ولهذا قال المصنف: (بعد ضمير متكلم).
ومنها أنه يقلّ كونه علما(10)، ولهذا قال: (وعلما قليلا).
ومنها نصبه مع كونه مفردا(11)، كما في (نحن العربَ) و(بِك اللّهَ).
ومنها أن(12) يكون بأل قياسا(13).
وقوله: (بك الله أرجو(14) الفضل، شاذ من وجهين).
الوجهان هما كونه بعد ضمير مخاطب، وكونه علما.
__________
(1) هذا حديث أخرجه الإمام أحمد في المسند، عن أبي هريرة بلفظ "إنا معشرَ الأنبياء لا نورث." مسند أحمد 2/463.
(2) ساقطة من (ب) و (ج).
(3) في (أ) فيلزمهما ما يلزم.
(4) وهو البناء على الضم والوصف باسم مقترن بأل، ينظر تفصيل ذلك في حاشية العدوي على شرح الشذور 2/35.
(5) أي المنصوب على الاختصاص.
(6) تنظر هذه الفروق وغيرها في توضيح المقاصد 4/65.
(7) بخلاف المنادى فيلزمه حرف النداء لفظا أو تقديرا.
(8) في (ب) و (ج): كما في.
(9) في (ب) و (ج): نحو.
(10) من قوله: (ولهذا قال المصنف) إلى هنا ساقط من (ب) و(ج) بسبب انتقال النظر.
(11) والمنادى إذا كان مفردا، سواء كان علما أم نكرة مقصودة، بني على الضم.
(12) كذا في النسخ: (أن) وهو جائز.
(13) بخلاف المنادى فإنه لا يجمع بينه وبين (أل) قياسا إلا في مواضع خاصة سيأتي ذكرها في باب المنادى.
(14) في (أ): (نرجو).(14/7)
وأما مفارقته للمنادى في المعنى فلأن الغرض من ذكره تخصيص مدلوله من بين أمثاله بما نسب إليه، ف(أيها الرجل) مثلا، و (أيتها العصابة) لم يرد بهما المخاطب، بل أريد بهما ما دل عليه ضمير المتكلم السابق(1)، وهو (أنا) و(نحن)(2) في المثالين السابقين(3). فتأمّل ذلك.
ص: والمنصوب بالزم أو باتّق إن كرر أو عطف عليه أو كان إياك(4) نحو السلاحَ السلاحَ(5)، ونحو السيفَ والرمحَ، ونحو الأسدَ الأسد(6)، ونحو {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا}(7) وإياك من الأسد.
ش: الرابع والخامس مما حذف عامله وجوبا المنصوب ب(الزم) والمنصوب ب(اتَّقِ). أما المنصوب ب(الزم) فالمراد به المنصوب على الإغراء.
والإغراء تنبيه المخاطب على فعل محمود ليفعله(8).
وأما المنصوب ب (اتَّقِ) فالمراد به المنصوب على التحذير.
__________
(1) لأن مراد المتكلم بقوله: (أيها الرجل) نفسه، ومراد المتكلم بقوله: (أيتها العصابة) نفسه وعشيرته. ينظر شرح الكافية الشافية 3/1374.
(2) كذا ذكر الشارح (نحن) مع أن المثال السابق، وهو (اللهم اغفر لنا أيتها العصابة) لم تكن فيه كلمة (نحن)، وإنما فيه (نا) الفاعلين فلعله لما أراد ذلك فصل الضمير، فجاء بنحن بدلا من (نا) لأنه في معناه.
(3) ومن الفروق بين المنادى والمختص أيضا أن الكلام مع الاختصاص خبر ومع النداء إنشاء، وأن الاختصاص مفيد لفخر أو تواضع أو زيادة بيان، بخلاف النداء. وهناك فروق لفظية كثيرة، ينظر التصريح 2/191 وحاشية العدوي على الشذوو 2/35.
(4) في (ب): (أو كان بأن) وفي (ج): (أو كان بأل) وهو تحريف.
(5) بعده في الشذور ص 15: (الأخ الأخ). وفي (أ): (السلاح والسيف) والمثبت من (ب) و (ج).
(6) بعده في الشذور: (أو نفسك نفسك) ولعل هذه الكلمات لم تكن في نسخة الشذور التي كانت بين يدي الشارح.
(7) من الآية 13 من سورة الشمس.
(8) في (أ): (على أمر محمود ليعمله) والمثبت من (ب) و(ج).(14/8)
والتحذير تنبيه المخاطب على أمر مذموم ليجتنبه(1).
ويشترك الأمران(2) في وجوب الحذف فيهما عند العطف أو التكرار، وينفرد التحذير بوجوب الحذف فيه إذا كان بلفظ (إياك) (3) وما عدا ذلك يجوز فيه إظهار العامل.
مثال التكرار في الإغراء، نحو السلاحَ السلاحَ.
ومثال العطف فيه: (السيفَ والرمحَ). ومثال التكرار في التحذير الأسدَ الأسدَ(4).
ومثال العطف فيه قوله تعالى: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا}(5).
ومثال (إياك) قولهم: إياك من الأسد.
ومثال الجائز(6) في الإغراء قولك: (الصلاةَ جامعةً) وإن شئت ذكرت فقلت: احضروا الصلاة أو نحوه.
ومثاله في التحذير قولك: الأسدَ، وإن شئت ذكرت العامل(7)، فقلت: احذر الأسد.
تنبيهات:
الأول: لما كان في الإغراء حث على الفعل قدِّر عامله (الزم) ونحوه(8) (افعل) و(ائْت).
ولما كان التحذير عكسه قُدِّر عامله (اتّق) ونحوه (اجتنب) و (باعد) إشارة إلى حقيقتهما مع الاختصار(9).
الثاني: قد عُلم مما 33/أ قدمناه(10) أن التحذير إذا كان ب(إياك) أو إحدى أخواتها(11) فإنه لا فرق في حذف العامل بين أن تعطف أو تكرر(12) أوْلا(13).
__________
(1) ينظر شرح الحدود في النحو للفاكهي ص 206، 207.
(2) وهما المنصوب على الإغراء والمنصوب على التحذير.
(3) راجع شرح الألفية لابن الناظم ص 607.
(4) قوله: (ومثال العطف فيه) إلى آخره ساقط من (ج).
(5) قال أبو حيان في البحر المحيط 8/481: "هو منصوب على التحذير مما يجب إضمار عامله، لأنه قد عطف عليه، فصار حكمه بالعطف حكم المكرر. أي احذروا ناقة الله وسقياها، فلا تفعلوا ذلك".
(6) أي الجائز حذف عامله وذكره.
(7) كلمة (العامل) ساقطة من (أ). وأثبتها من (ب) و(ج).
(8) في (ب) و (ج): (ونحو).
(9) في (ب) و (ج): (الاختصاص).
(10) كذا في (ب) و (ج). والذي في (أ): (مما ذكره).
(11) أخوات (إياك) هي إياكِ وإياكما، وإياكم وإياكنْ.
(12) في (ب) و (ج): (من أن يعطف أو يكرر).
(13) لأنه محذوف وجوبا في هذه المواضع جميعا.(14/9)
ولكن لابد من اعتبار حذف آخر مع حذف الفعل العامل.
فإذا قلت: إياك والأسد، فالأصل: احذر تلاقي نفسِك والأسد، ثم حذف الفعل وفاعله ثم المضاف الأول(1) وأنيب الثاني، ثم الثاني(2) وأنيب الثالث فانتصب الضمير(3) وانفصل.
وإذا قلت: إياك من الأسد، فالأصل باعد نفسك من الأسد، ثم حذف الفعل وفاعله(4) والمضاف، فانفصل الضمير(5).
وقيل: التقدير (أحذرك من الأسد) (6).
فنحو (إياك الأسد) يمتنع(7) على التقدير الأول، وهو مذهب الجمهور(8) وجائز على التقدير الثاني(9).
ونحو (إياك أن تفعل) جائز على المذهبين(10)، لكون (أنْ) يحذف معها الجارّ(11) قياسا مطردا(12).
__________
(1) وهو (تلاقي).
(2) أي ثم حذف المضاف الثاني وهو (نفس).
(3) وهو الكاف.
(4) من قوله: (ثم المضاف الأول) إلى آخره ساقط من (أ) بسبب انتقال النظر. وأثبته من (ب) و (ج).
(5) هذا قول الجمهور، حيث قدروا الفعل في هذا الموضع (باعد) ينظر أوضح المسالك 3/112.
(6) هذا قول أبي البقاء العكبري وابن الناظم، بتقدير الفعل (أحذرك) ينظر شرح الألفية لابن الناظم ص 607 والتصريح 2/193.
(7) في (ب) و (ج): (ممتنع).
(8) نص على ذلك سيبويه، حيث قال في الكتاب 1/279- هارون: ولو قلت: إياك الأسد، تريد من الأسد لم يجز، كما جاز في (أن).
وسبب ذلك أن الجمهور قدروا الفعل العامل كلمة (باعد) وهي لا تتعدى إلى المفعول الثاني بنفسها. ولا يجوز نصب (الأسد) هنا بنزع الخافض وهو (من) لأن ذلك سماعي فقط في غير (أنْ) و(أنَّ) و(كي). تنظر حاشية الصبّان 3/189.
(9) في (ب) و (ج): (وجائز على الثاني)، وهو قول ابن الناظم ومن معه، لأنهم قدروا العامل (احذر) وهو يتعدى إلى المفعول الثاني بنفسه.
(10) مذهب الجمهور ومذهب ابن الناظم.
(11) في (أ): (الجايز) وهو تحريف صوابه من (ب) و(ج).
(12) فيكون التقدير: إياك من أن تفعل.(14/10)
الثالث: فهم أيضا مما تقد أن (إيًّا) في هذا الباب لا تكون لمتكلم ولا لغائب وشذّ نحو قوله(1): (وإيَّايَ وأن يحذفَ أحدُكم الأرنب) (2).
وقول بعضهم(3): (إذا بلغ الرجل الستين فإيَّاه وإيَّا الشوابّ) (4).
ص: والواقع في مَثَلٍ أو شبهه، نحو (الكلابَ على البقر) و(انته خيرًا لك).
ش: السادس(5) من المواضع التي يحب حذف عاملها المفعول(6) الواقع في مَثَل أو شبهه محذوف العامل، فإنه لا يجوز ذكر عامله، لأن الأمثال لا تُغيَّر، وكذا ما جرى مجراها.
__________
(1) في (أ): (قوله نحو).
(2) هذا أثر منسوب لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو بتمامه: "لِتذكِّ لكم الأسلُ والرماح وإياي وأن يحذف أحدكم الأرنب". والأصل إياي باعدوا عن حذف الأرنب وباعدوا أنفسكم عن أن يحذف أحدكم الأرنب. فحذف من الأول المحذور وهو حذف الأرنب، ومن الثاني المحذَّر وهو (أنفسكم). هذا ما ذكره النحاة، ولم أجد هذا الأثر بهذه الرواية في كتب الآثار.
وجاء في غريب الحديث لأبي عبيد 3/310 بهذا اللفظ: "هاجروا ولا تهجروا، واتقوا الأرنب أن يحذفها أحدكم بالعصا، ولكن ليذك لكم الأسل والرماح والنبل". فلا يكون في هذه الرواية شاهد للمسألة. وينظر الفائق للزمخشري 3/298.
(3) أي بعض العرب، كما حكاه سيبويه عن الخليل في الكتاب 1/279، وينظر لسان العرب 14/60.
(4) والتقدير (فليحذر تلاقي نفسه وأنفس الشواب) فحذف الفعل مع فاعله ثم المضاف الأول وهو (تلاقي) وأنيب عنه الثاني وهو (نفس) ثم حذف الثاني فانفصل الضمير وانتصب وأقام (إيا) مقام (أنفس) وفيه ثلاثة شذوذات أولها اجتماع حذف الفعل المجزوم بلام الأمر وحذف حرف الأمر والثاني إقامة الضمير وهو (إيا) مقام الظاهر وإضافته إلى الأسماء الظاهرة والثالث تحذير الغائب وهو الشاهد هنا. ينظر التصريح 2/194.
(5) ساقطة من (ب) و(ج).
(6) في (ب) و(ج): المعمول.(14/11)
والمثل قول مركب مشهور شُبِّه مضربه بمورده(1).
وهو من الاستعارة التمثيلية(2).
كقولهم: (الكلابَ على البقر)(3) و(الصيفَ ضيَّعتِ اللبنَ)(4) و(كِلَيهما وتمرا) (5) و(امرءًا ونفسه) (6).
وأما(7) ما جرى مجرى المثل فهو كل كلام اشتهر، فبسبب شهرته شُبّه بالمثل فأعطي حكمه، من أنه لا يغير، نحو {انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ}(8).
__________
(1) مضرب المثل هو الواقعة الجديدة التي شبهت بالواقعة التي وقع فيها المثل، ومورد المثل هو الحالة الأولى التي وقع فيها المثل.
(2) في (ب) و(ج): الاستعارات، والاستعارة التمثيلية هي ما يسميه البلاغيون بالمجاز المركب وهو اللفظ المركب المستعمل فيما شُبّه بمعناه الأصلي تشبيه التمثيل.
... ينظر الإيضاح للقزويني ص 153.
(3) أي أرسل الكلاب على البقر، وهو مثل يضرب عند تحريش القوم بعضهم على بعض. ينظر المستقصى للزمخشري 1/341 ومجمع الأمثال 2/142.
(4) هذا مثل يضرب في من يطلب شيئا قد فوته على نفسه، وله قصة وقعت، وأول من قاله عمرو بن عمرو بن عدس لامرأته.
ينظر المثل في الأمثال لأبي عبيد ص 247 ومجمع الأمثال 2/68.
(5) روي هذا المثل بروايتين هما (كليهما) بالنصب و(كلاهما) بالرفع، فالنصب على تقدير (أطعمك كليهما) والرفع على تقدير (كلاهما وأزيدك تمرا).
ينظر المثل في الكتاب 1/280 ومجمع الأمثال 2/151 والمستقصى 2/231.
(6) ليس هذا من الأمثال وإنما هو مما يجري مجرى الأمثال، وقد قدر سيبويه العامل فيه بقوله: (كأنه قال: دع امرأً مع نفسه). ينظر الكتاب 1/274.
(7) سقطت كلمة (أما) من (ج).
(8) من الآية 171 من سورة النساء.(14/12)
وقد قدّر سيبويه(1) العامل(2) في هذه الآية (انتهوا عن التثليث وائتوا خيرا لكم)(3).
والكسائي قدره: (انتهوا(4) يكن خيرا لكم).
قال بعضهم(5): "وليس ذلك بوجه، لأن (كان) لا تقدر قياسا" أي(6) في مثل هذا التركيب.
وقال الفراء(7):"لو كان على تقدير (كان) لجاز اتق الله محسنا"(8).
ص: الثاني المفعول المطلق، وهو المصدر الفضلة المؤكد لعامله أو المبيّن لنوعه أو عدده، ك(ضربت ضربًا) أو (ضربَ الأميرِ) أو (ضربتين).
ش: الباب الثاني من المنصوبات المفعول المطلق.
وقيل له: (مطلق) لعدم تقييده بالجار، إذ يصدق عليه لفظ (مفعول) من غير(9) صلة تُضَمّ إليه، بخلاف غيره من المفاعيل، إذ يقال: مفعول به وله وفيه ومعه. وعرّفه بقوله: (المصدر) إلى آخره.
فقوله: (المصدر) كالجنس.
وقوله: (الفضلة) يخرج ما كان عمدة من المصادر، نحو ركوعك ركوع حسن(10).
وقوله: (المؤكِّد) إلى آخره يخرج ما عداه(11) من المصادر الواقعة فضلة في الكلام، نحو قمت إجلالاً لك، وكرهت قيامك.
__________
(1) ذكر سيبويه هذه الآية فيما ينتصب على إضمار الفعل المتروك إظهاره ثم قدر العامل بعد ذلك بقوله: ائت خيرا لك. ينظر الكتاب 1/282-284 هارون، والمقتضب 3/283.
(2) في (ج): (العوامل) وهو تحريف، لأنه ليس معنا إلا عامل واحد.
(3) ينظر شرح السيرافي بحاشية الكتاب 1/284 - هارون، وشرح الرضي على الكافية
1/129.
(4) كلمة: (انتهوا) ساقطة من (أ). وأثبتها من (ب) و(ج).
(5) هو الرضي في شرح الكافية 1/129.
(6) قوله: (أي) زيادة من (ب) و(ج).
(7) معاني القرآن للفراء 1/296.
(8) على تقدير (تكن محسنا) ولما لم يجز ذلك فليس التقدير في الآية كما قال الكسائي.
(9) قوله (من غير) ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و(ج).
(10) لأن المصدرين في هذا المثال أولهما مبتدأ وثانيهما خبر، وكلاهما عمدة.
(11) في (ب) و(ج): (مخراج لما عداه)(14/13)
فإن (إجلالا) و(قيامك) مصدران(1) فضلتان، ولكنهما غير مؤكدين ولا مبينين لنوع ولا عدد(2).
ويخرج ما كان من المصادر مؤكِّدا(3) لموافقه، نحو كرهت الفجورَ الفجورَ، فإنه وإن كان مؤكِّدًا لكن(4) لا لعامله(5).
واستفيد من قوله: (المؤكد) إلى آخره أن المفعول المطلق ثلاثة أقسام(6):
مؤكِّد لعامله، ك(ضربت ضربًا).
ومبيِّن لنوعه، ك(ضربت ضربَ الأمير).
ومبين لعدده، ك(ضربت ضربتين).
ومعنى كونه مؤكدا لعامله(7) أنه مؤكد للمصدر الذي تضمنه العامل من غير زيادة، لأنك إذا قلت: (ضربت) فكأنك(8) قلت: أحدثت ضربًا، فإذا قلت: ضربًا صار مجموع ذلك بمنزلة قولك: أحدثت ضربًا ضربًا(9).
فظهر أنه تأكيد للمصدر المتضمَّن(10) خاصة، لا للإخبار(11) والزمان اللذين تضمَّنهما(12) الفعل أيضا.
والمراد بمبيِّن النوع هو المختص، واختصاصه إما بإضافة، ك(ضرب الأمير) أو بنعت، نحو (ضربًا شديدًا) أو بالألف واللام، نحو (ضربته الضربَ) أي الضرب الذي تعرفه(13)، ونحو ذلك.
__________
(1) قوله: (مصدران) ساقط من (أ). وأثبته من (ب) و(ج).
(2) فالأول مفعول لأجله والثاني مفعول به.
(3) في (ج): (مؤكد) وهو خطأ ظاهر.
(4) لكن) ساقطة من (ب) و(ج).
(5) أي فهو مؤكد لموافقة لا لعامله، وعامله هو الفعل، لكنه في المثال المذكور جاء مؤكدا للمصدر الأول لا للعامل.
(6) ينظر التصريح 1/323، 324.
(7) من قوله: (كضربت ضربا) إلى آخره ساقط من (أ) بسبب انتقال النظر، وأثبته من (ب) و (ج).
(8) في (أ): (فإنك) تحريف، صوابه من (ب) و(ج).
(9) كلمة (ضربا) الثانية ساقطة من (أ).
(10) أي الذي تضمنه الفعل، لأن الفعل هوالمتضمن للمصدر، كما بينه الشارح.
(11) في (ب) و(ج) (الإخبار) والمراد بالإخبار النسبة.
(12) في (ب) و(ج): (نصبهما) وهو تحريف.
(13) كلمة (تعرفه) لم ترد في (أ) وترك لها فراغا بقدرها. وينظر توضيح المقاصد 2/77.(14/14)
ومعنى كونه مبينا لعدده أنه دال على عدد المرات، معينا كان، ك(ضربت ضربتين) أو(1) لا، ك(ضربت ضرباتٍ) فإنه دال على عدد 33/ب من الضربات مبهم.
تنبيهان:
أحدهما(2): أن المصدر المؤكد يسمى المبهم(3)، والمبين للعدد يسمى المعدود، والمبين للنوع يسمى المختص.
وجعل المعدود مقابلا للمختص هي طريقة لبعضهم(4).
والظاهر كما في التسهيل(5) إدراجه تحت المختص(6).
وعلى هذا فالمصدر قسمان مبهم ومختص، والمختص قسمان معدود وغير معدود.
ثانيهما في نسبته(7) كغيره من النحاة التأكيد للفعل توسع، لأنه ليس إلا تأكيدا للمصدر الذي في ضمنه، كما علمت.
ص: وما بمعنى المصدر مثله نحو(8) {فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ}(9) {وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً}(10) {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً}(11).
ش: لما قرر الشيخ أن المفعول المطلق هو المصدر، وكان بعض ماليس بمصدر مما له دلالة على المصدر ينتصب مفعولا مطلقا، ذكر ذلك بقوله: (وما بمعنى المصدر مثله) أي في الانتصاب على المفعولية المطلقة.
__________
(1) في (ج) فقط: (أم).
(2) في (ب) و(ج): (الأول).
(3) سمي مبهما لأنه يدل على الجنس مبهما من غير دلالة على كيفيته ولا كميته.
(4) وهي طريقة الجزولي وأبي علي الشلوبين، تنظر المقدمة الجزولية ص 84 والتوطئة ص 208.
(5) تسهيل الفوائد ص 87.
(6) في (ج): (اندراجه) وهذه طريقة جمهور النحاة حيث جعلوا المصدر قسمين: مبهما ومختصا، ينظر اللمع لابن جني ص 102 والملخص لابن أبي الربيع 1/354 والمساعد 1/465 والهمع 1/186.
(7) أي في نسبة المصنف التأكيد للفعل، وذلك قوله في الشذور: (المؤكد لعامله) وهذا هو الذي سار عليه النحويون.
(8) سقطت كلمة (نحو) من (ج).
(9) من الآية 129 من سورة النساء.
(10) من الآية 39 من سورة التوبة.
(11) من الآية 4 من سورة النور.(14/15)
فمن ذلك (كل) (1) وهو مما ناب عن المصدر المبيِّن للنوع(2)، نحو قوله تعالى: {فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْل}(3) وقول الشاعر:
53- وقد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كلّ الظن ألاّ تلاقيا(4)
ومنه أيضا ما دل على المصدر من النكرات المفيدة للعموم، لكونها في سياق النفي أو شبهه(5) نحو {وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً}(6) أي لا تضروه بنوع من أنواع الضرر(7).
ومنه وهو مما(8) ناب عن المصدر المبيّن للعدد وهو نفس العدد نحو قوله تعالى:{فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَة}(9) ونحو ضربته ثلاثين ضربة.
تنبيهان:
الأول(10): ما ذكره المصنف من أمثلة ما ناب عن المصدر في الانتصاب مفعولا مطلقا خاص بقسمي(11) المبيِّن كما علمت والمصدر المؤكِّد كالمبيِّن في أن ما يدل عليه ينتصب مفعولا مطلقا نائبا عنه.
فمن ذلك المرادف، نحو قعدت جلوسًا.
ومنه المشارك له في مادّته، نحو{وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتاً}(12) ونحو {تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً}(13)
__________
(1) ساقطة من (ج).
(2) ذكر المرادي أن المصدر المبين ينوب عنه أحد ثلاثة عشر شيئا توضيح المقاصد 2/79.
(3) من الآية 129 من سورة النساء.
(4) البيت من الطويل، وقائله قيس بن الملوح المشهور بمجنون ليلى، وهو من قصيدته المؤنسة، ينظر ديوانه ص 293. والبيت في الخصائص 2/448 وأوضح المسالك 2/34 والعيني 3/42 وشرح الأشموني 2/113.
والشاهد فيه نصب (كل الظنّ) على أنه نائب عن المصدر المبين للنوع.
(5) في (ج): (أو نحوه) وأسقط كلمة (نحو) التي بعدها.
(6) من الآية 39 من سورة التوبة.
(7) في (ج): (الضروب) وهو تحريف واضح، وفي (ب): (الضر).
(8) في (أ): (وهو ما ناب) والمثبت من (ب) و (ج).
(9) من الآية 4 من سورة النور.
(10) في (أ): (أحدهما) والمثبت من (ب) و(ج).
(11) في (ب) و(ج): (بقسم).
(12) من الآية 17 من سورة نوح، وذلك لأن (نباتا) مصدر (نَبَتَ) لا مصدر (أنبت).
(13) من الآية 8 من سورة المزمل.
... وذلك لأن (تبتيلا) مصدر (بتَّل) لا مصدر (تبتّل).(14/16)
.
الثاني: ظهر مما ذكره المصنف رحمه الله أن بين المصدر والمفعول المطلق(1) عموما وخصوصا من وجه، فيجتمعان في نحو (ضربت ضربا) (2) ويوجد المصدر بدون المفعول المطلق في نحو(قعودك حسن) ويوجد المفعول المطلق بدون المصدر في نحو(3) (ضربته سوطا أو عصا) (4). والله أعلم.
ص: الثالث المفعول له، وهو المصدر الفضلة المعلِّل لحدث شاركه في الزمان والفاعل، كقمت إجلالا لك.
ش: الثالث من المنصوبات المفعول له، يقال له: المفعول لأجله ومن أجله. وحدّه الشيخ بقوله: (المصدر) إلى آخره.
فالمصدر كالجنس، وخرج به نحو(5) جئتك للسمن والعسل.
و(الفضلة) كالفصل، مخرج لما كان عمدة من المصادر.
وقوله: (المعلل لحدث) يخرج المفعول المطلق وغيره من المفعولات، فإنه لا تعليل فيها(6).
وقوله: (شاركه(7) في الزمان والفاعل) مخرج ما اختلف فيه زمان العلة والمعلول، نحو:
54-. وقد نضّت لنوم ثيابها(8)..
وما اختلف فيه فاعلهما، نحو:
__________
(1) في (ب) و(ج): (أن بين المفعول المطلق والمصدر).
(2) سقطت كلمة (نحو) من (ب) و(ج). و(ضربا) هنا مفعول مطلق وهو مصدر.
(3) كلمة (في) ساقطة من (أ) وكلمة (نحو) ساقطة من (ج). والمثبت من (ب).
(4) في هذا المثال نابت عن المصدر آلته، والأصل: ضربتُهُ ضربةً بسوط أو ضربتُهُ ضربةَ سوط، ذكر ذلك الرضي في شرح الكافية 1/115.
(5) كلمة (نحو) ساقطة من (ج).
(6) في (أ): (فيهما) والمثبت من (ب) و(ج).
(7) في (ب) و(ج): (يشاركه).
(8) جزء من صدر بيت من الطويل، وهو لامرئ القيس الكندي، وهو بتمامه:
فجئت وقد نضّت لنومِ ثيابها لدى الستر إلا لبسة المتفضِّلِ
... نضّت: نزعت، المتفضل: اللابس ثوبا واحدا.
... ينظر ديوان امرئ القيس ص 14.
... والبيت من شواهد المقرب لابن عصفور 1/161 والارتشاف 2/223 والعيني
3/66 والتصريح 1/336 والهمع 1/194 وشرح الأشموني 2/124.
... والشاهد قوله: (لنوم) حيث جُرّ باللام لاختلاف زمن نزع الثياب والنوم. ...(14/17)
55- وإني لتعروني لذكراكِ هِزةٌ(1)..
فإنه وإن صدق عليهما أنه فُعِل لأجلهما [فهما] (2) علتان له، لكن ليسا في الاصطلاح مفعولا لهما، فأخرجهما(3) بقيد المشاركة في الزمان والفاعل(4).
تنبيهان:
الأول: فهم من اقتصاره على ما ذكره من القيود أنه لا يشترط كونه قلبيا كالرغبة ونحوها، وهو مذهب الفارسي(5).
__________
(1) صدر بيت من الطويل، وهو لأبي صخر الهذلي، وعجزه:
.. كما انتفض العصفور بلَّله القطر
... والبيت بهذه الرواية ثابت في ديوان مجنون ليلى أيضا ص 130، وهو في شرح أشعار الهذليين برواية: (إذا ذكرت يرتاح قلبي لذكرها). ينظر شرح أشعار الهذليين2/957 وهو في الإنصاف 1/253 والمقرب 1/162 والارتشاف 2/222 وشفاء العليل 1/462 والتصريح 1/336 والهمع 1/194 وشرح الأشموني 2/124.
... والشاهد جر (ذكراك) باللام لاختلاف فاعل الفعل والمصدر لأن فاعل الفعل الهزة وفاعل المصدر المتكلم.
(2) في (ب) و(ج): (فضدهما) وهذا ضد المراد فما أثبته هو المناسب.
(3) من قوله (أنه فعل) إلى آخره ساقط من (أ)، وأثبته من (ب) و(ج).
(4) قال ابن مالك في شرح الكافية الشافية 2/671: "فإن فقد اتحاد الفاعل أو الزمان مع قصد التعليل، فلابد من اللام أو ما يقوم مقامها".
(5) ينظر الإيضاح العضدي للفارسي ص 218.
والفارسي هو أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي، كان إمام وقته في علم النحو، طاف كثيرا من البلدان، وصحب عضد الدولة وألف له كتبا، وكان قد أخذ العلم عن ابن مجاهد والزجاج وابن السراج وغيرهم، ومن أشهر تلاميذه ابن جني والجوهري وابن عباد، ترك مصنفات كثيرة منها التذكرة والإيضاح والتكملة والحجة في القراءات وكثير من المسائل، توفي ببغداد سنة 377ه.
... تنظر ترجمته في نزهة الألباء ص 232 وإنباه الرواة 1/308 ومعجم الأدباء 7/232 وبغية الوعاة 1/496.(14/18)
وخالف 34/أ في ذلك ابن الخباز(1)، فشرط كونه قلبيا(2)، واعتمده المصنف في غير هذا الكتاب(3).
فنحو (جئتك قراءةَ العلمِ) يتعين(4) جره عند ابن الخباز(5)، ويجوز نصبه عند غيره.
الثاني أن المفعول له على نوعين:
نوع لا يتقدم في الوجود(6) على ما جعل علة له.
ونوع يتقدم في الوجود على ما جعل علة [له] (7).
والمثال الذي ذكره المصنف وهو (قمتُ إجلالا لك) من النوع الأول.
ومثال النوع(8) الثاني: قعد عن الحرب جبنًا.
ص: ويجوز فيه [أن يجر بحرف التعليل] (9) ويجب في معلَّل فقد شرطا أن يُجرّ باللام أو نائبها.
ش: ذكر في هذا الكلام مسألتين:
المسألة الأولى: أن(10) المستوفي للشروط(11) المذكورة لا يتعين نصبه، وإنما يجوز، لأنها شروط لجواز النصب، لا لتعيينه، لكن يكثر جره إن كان بأل، نحو ضربته للتأديبِ، ويقلّ إن كان بدونها، وليس مضافا، نحو:
56- مَن أَمَّكم لرغبةٍ فيكم ظَفَر(12)..
__________
(1) تقدمت ترجمته في ص 220.
(2) نص على ذلك في كتابه الغرة المخفية في شرح الدرة الألفية 1/281.
(3) اشترط ذلك في أوضح المسالك 2/44 وشرح اللمحة البدرية 2/209.
(4) كلمة (يتعين) لم ترد في (أ) وترك لها فراغا بقدرها.
(5) لأن قوله: (قراءة) ليس فعلا قلبيا.
(6) في (ب) و(ج): (الوجوب) وهو تحريف.
(7) زيادة أوجبها المقام، وقوله: (ونوع يتقدم) إلى هنا ساقط من (ب) و(ج).
(8) ساقطة من (أ) وأثبتها من (ب) و(ج).
(9) ما بين المعقوفين ساقط من النسخ وأثبته من شذور الذهب ص 15.
(10) ساقط من (ب) و(ج).
(11) في (أ): (في الشروط)، والمثبت من (ب) و(ج).
(12) البيت من الرجز المشطور ولم ينسب لقائل، وبعده:
ومن تكونوا ناصريه ينتصر
... وهو من شواهد شرح عمدة الحافظ ص 399 وأوضح المسالك 2/47 والعيني
3/70 وشرح الأشموني 2/124.
... والشاهد فيه جر (رغبة) باللام وهو مفعول لأجله مستوف للشروط ومع ذلك جُرَّ باللام مع أنه غير مقترن بأل ولا مضاف، وذلك قليل.(14/19)
ويستوي الجر والنصب في المضاف، نحو {يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ}(1) {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}(2).
المسألة الثانية: أن ما فقد شرطا من الشروط مع كونه معلّلا به يجب جرّه باللام أو بغيرها مما يدل على التعليل(3).
وأشار بقوله: (أو نائبها) إلى أن الأصل في إفادة التعليل هو اللام وأن غيرها من الحروف وإن أفاد التعليل فهو كالنائب عنها.
ففاقد المصدرية نحو قوله(4): {وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلأَنَامِ}(5).
وتقدم التمثيل لفاقد غيره(6) من الشروط(7). والله أعلم.
ص: الرابع المفعول فيه، وهو ما ذكر فضلةً لأجل أمر وقع فيه من زمان مطلقا، أو مكان مبهم، أو مفيد مقدارًا، أو مادته مادة عامله كصمت يومًا أو يومَ الخميس، 34/ب وجلست أمامك، وسرت فرسخا، وجلست مجلسك.
ش: الرابع من المنصوبات المفعول فيه، وهو المسمّى ظرفا.
وقد عرفه الشيخ بقوله: (ما ذكر فضلة) إلى آخره(8).
فقوله: (ما ذكر فضلة) كالجنس يدخل فيه المفاعيل وغيرها من الفضلات.
__________
(1) من الآية 265 من سورة البقرة.
(2) من الآية 74 من سورة البقرة.
(3) الحروف الدالة على التعليل هي اللام والباء و(في) و(مِنْ) والكاف، وقد ذكر أمثلتها ابن مالك في شرح عمدة الحافظ ص 396 وشرح الكافية الشافية 2/672.
(4) عبارة (نحو قوله) ساقطة من (ج) وكلمة (قوله) ساقطة من (ب).
(5) الآية 10 من سورة الرحمن.
... فقوله: للأنام، علة للوضع، لكنه ليس مصدرا فلذلك جر باللام.
(6) في (ب) و(ج): لما فقد غيره.
(7) تقدمت أمثلة ذلك في 429 و430.
وبقي عليه مثال فاقد القلبية إن عددناها شرطا، نحو{وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ}.
(8) وقال الرضي في شرح الكافية 1/184: والأولى أن يقال: هو المقدّر بفي من زمان أو مكان، فُعل فيه فِعْل مذكور) واعترض على تعريف ابن الحاجب.(14/20)
وقوله: (لأجل أمر وقع فيه) كالفصل يخرج به بقية المفاعيل، كما في قوله تعالى: {يَخَافُونَ يَومًا}(1) وقوله تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَه}(2) فإنهما(3) ذكرا لأجل أمر وقع عليهما لا فيهما، فهما من المفعول به.
وقوله: (من زمان) إلى آخره مخرج لنحو قوله تعالى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنّ}(4) إذا قدّر ب (في) (5) أي في نكاحهن(6).
فإنه فضلة ذكر لأمر وقع فيه، وهو الرغبة، لكنه ليس بزمان ولا مكان، وفيه تنويع للظرف(7) إلى نوعين:
ظرف زمان(8)، وأنه يكون مبهما(9)، كيوم وحين ولحظة وساعة ومختصا، كيوم الخميس ويوم عرفة، وفهم ذلك من قوله: (مطلقا).
وظرف مكان، وأنه(10) ثلاثة أقسام:
مبهم وهو ما افتقر إلى غيره في بيان صورة(11) مسماه، كأسماء الجهات(12).
__________
(1) من الآية 37 من سورة النور ومن الآية 7 من سورة الإنسان.
(2) من الآية 134 من سورة الأنعام، وفي نسختي (ب) و(ج): (رسالاته) بالألف على قراءة نافع.
(3) الضمير يرجع إلى (يوم) و(حيث) في الآيتين السابقتين.
(4) من الآية 127 من سورة النساء.
(5) قوله: ب(في) ساقط من (أ)، وأثبته من (ب) و(ج).
(6) هذا أحد التقديرين في الآية، وهو الأولى، والثاني تقديره ب(عن) أي عن نكاحهن، قال في التصريح 1/339: "أما إذا قدّر بعن فليس مما نحن فيه"، وتنظر الفتوحات الإلهية 1/429، والبحر المحيط 3/362.
(7) في (ج): (يتنوع الظرف).
(8) في (ب) و(ج): (الزمان).
(9) ظرف الزمان المبهم هو ما دل على قدر غير معين من الزمان، والمختص هو ماله نهاية تحصره أو مقدار معين من الزمان. ينظر شرح الكافية 1/184.
(10) في (ج) فقط: (وهو).
(11) في (أ): (ضرورة) وهو تحريف، صوابه من (ب) و(ج).
(12) أسماء الجهات هي أمام وخلف ويمين وشمال وشرق وغرب، وقد ألحق بها أسماء منها: عند ولدى وبين ووسط الدار، وقد اختلف في تفسير المبهم من المكان على أقوال. تنظر في شرح الكافية للرضي 1/184.(14/21)
ومفيد مقدارا، نحو بريد وميل وفرسخ(1).
وما اتحدت مادته ومادة عامله، ك(جلست مجلسَك) و(قعدت مقعدَك).
تنبيهان:
الأول: مقتضى العطف(2) في قوله: (مبهم أو مفيد مقدارا) أن المفيد للمقدار ليس داخلا في المبهم، وبه قال بعض النحويين(3).
وقال الشلوبين(4): إنه داخل فيه(5).
وصحح بعضهم(6) أنه شبيه بالمبهم لا مبهم.
قال المصنف: "وحقيقة الأمر أن فيه إبهاما واختصاصا، وعلى هذا يصح فيه القولان"(7). انتهى.
__________
(1) إنما عُدت هذه الأسماء مبهمات من حيث إن مكانها غير معروف وإن كانت معلومة المقدار.
(2) في (ب): (الأول العطف في قوله) وفي (ج): (الأول أفهم في قوله).
(3) هذا قول الجزولي وأبي علي الشلوبين والرضي، حيث جعلوا ظرف المكان ثلاثة أقسام مبهم ومختص ومعدود، تنظر الجزولية ص 87 والتوطئة ص 210 وشرح الكافية 1/184.
(4) هو الأستاذ أبو علي عمر بن محمد الأشبيلي الأزدي، المعروف بالشلوبيني، وبعضهم يقول: الشلوبين بدون ياء النسب وهي تعني الأشقر والأبيض، ولد بأشبيلية، وتعلم فيها على كبار العلماء، ثم صار إماما في العربية، وتخرج على يديه جماعة من أهل الأندلس منهم ابن أبي الربيع وابن عصفور، صنف كتبا في العربية منها التوطئة وشرح الجزولية، توفي سنة 645ه. ينظر إنباه الرواة 2/332 واختصار القدح المعلى ص 152 وإشارة التعيين ص 241 والبغية 2/224 وشذرات الذهب 5/232.
(5) هكذا نسب الشارح هذا القول للشلوبين، والصحيح عنه أنه يقول: إن المقدر ليس داخلا في المبهم، لأنه جعل الأقسام ثلاثة، قال في التوطئة: ظرف المكان مبهم ومعدود ومختص، التوطئة ص 210، وقد نسب له هذا القول أبو حيان في الارتشاف 2/250 والمرادي في توضيح المقاصد 2/93.
(6) هو أبو حيان، قال في الارتشاف 2/250: "والصحيح أنه شبيه بالمبهم، ولذلك وصل إليه بنفسه".
(7) شرح شذور الذهب ص 234.(14/22)
الثاني دخل في قوله(1): (أو مادته مادة عامله) نحو سرني جلوسي مجلسك، وأعجبني قعودي مقعدك، وأنه لا فرق في العامل بين الفعل، كما مثَّل به المصنف وبين الاسم، كهذين المثالين، وما أشبههما.
واحترز بذلك عما لا يتحد فيه 35/أ مادة العامل والظرف، نحو: ذهبت في مرمى زيد(2) ورميت في مذهب عمرو(3).
فلا يجوز في القياس جعل شيء من ذلك ظرفا، وما سمع من ذلك منصوبا ظرفا، كقولهم: (هو مني مقعَد القابلة، ومزجَر الكلب، ومناطَ الثريا)(4) فشاذ إن قدّر عامله الاستقرار(5).
فإن قدّر العامل في (المقعد) قَعَد، وفي (المزجر) زجر(6)، وفي (المناط) ناط لم يكن شاذا(7).
__________
(1) في (أ) كرر العبارة من قوله (وجلست مجلسك وسرت فرسخا) إلى قوله: (الثاني دخل في قوله) ثم وضع كلمة (خط) بجانب المكرر إشارة إلى إلغائه.
(2) في (أ): (ذهبت مرمى زيد) والمثبت من (ب) و(ج).
(3) في (ج): (مريت) وهو تحريف.
(4) قولهم: (مقعد القابلة) كناية عن القرب، والقابلة هي التي تكون أمام المرأة وقت الولادة، و(مزجر الكلب) مكان زجره أي هو بعيد مني كبعد الزاجر للكلب عن مزجره وتقال في الذم، و(مناط الثريا) متعلّقُها من ناط ينوط إذا تعلق والمعنى هو بعيد مني كبعد الشخص من مناط الثريا، وتقال في المدح.
ينظر القول في ا لكتاب 1/142 هارون، وشرح الكافية الشافية 2/677.
(5) أي العامل المستقر في الجار والمجرور وهو (مني).
(6) في (ب) و(ج): (في مقعد قعد وفي مزجر زجر).
(7) لأنه حينئذ تكون مادته من مادة عامله، وهذا قياسي. ينظر شرح الكافية الشافية
2/677.(14/23)
ص: ويجب حذف (كان) وحدها بعد (أمّا) في نحو أمّا أنت ذا نفر.
ش: لما كانت (كان) هي أم الباب اختصت عن أخواتها بأمور:
منها وجوب حذفها وحدها، أي مع بقاء اسمها وخبرها(1).
وهذا هو مذهب الجمهور(2)، خلافا للمبرد(3)، فإنه جوَّز ذكرها(4).
وذلك(5) في نحو:
43-... أمّا أنت ذا نفر(6)........
__________
(1) مثل قولك: (أما أنت منطلقا انطلقت) راجع أوضح المسالك 1/187.
(2) ونص عليه سيبويه في الكتاب 1/294 هارون فقال: "و(أما) لا يذكر بعدها الفعل المضمر، لأنه من المضمر المتروك إظهاره"
ينظر شرح المفصل 2/ 99 وارتشاف الضرب 2/ 99 وهمع الهوامع 1/ 122.
(3) تقدمت ترجمته في ص 254.
(4) أجاز المبرد ذلك في نقده لكتاب سيبويه. ينظر الانتصار لابن ولاّد ص 98 وحاشية الشيخ عضيمة على المقتضب 4/ 34. وقد نسب هذا القول للمبرد أيضا الرضي في شرح الكافية 1/253 والسيوطي في الهمع 1/122.
(5) أي وجوب حذف (كان) وحدها.
(6) جزء بيت من البسيط، وهو للعباس بن مرداس، يخاطب به خفاف بن ندبة، وهو بتمامه: أبا خراشة أمَّا أنت ذا نفر فإن قومي لم تأكلهم الضَّبُعُ
نفر: جماعة، الضبُع: السنة الشديدة. ينظر ديوانه ص 106.
والبيت من شواهد سيبويه 1/293 وشرح المفصل 2/99 والمقرب 1/259 وشرح الكافية الشافية 1/418 وشرح الألفية لابن الناظم ص 143 والعيني 2/55 والتصريح 1/195 وهمع الهوامع 1/122 وشرح الأشموني 1/244 وشرح شواهد المغني 1/173.
والشاهد فيه حذف (كان) بعد (أما) للتعويض منها بـ(ما) ولا يجمع بين العوض والمعوض منه.(15/1)
وأصله (افتخرت [عليّ](1) لأن كنت ذا نفر) ثم قدمت العلة على المعلول، لإفادة الاختصاص(2)، وقيل: لأن كنت ذا نفر افتخرت، ثم حذفت (كان) للاختصار فانفصل الضمير فصار (لأَن أنت ذا نفر) ثم حذف لام العلة للاختصار(3) أيضا، وقيل: (أن أنت ذا نفر) ثم زيدت (ما) للتعويض من (كان) المحذوفة وأدغمت فيها النون لما بينهما من التقارب، فصار (أمَّا أنت ذانفر) (4).
فإن قيل: قوله(5) تحذف (كان) بعد (أمَّا) لا يصح، لأن (ما) كما علمت إنما زيدت للتعويض من (كان) المحذوفة، والإدغام مرتب على زيادتها، فلم توجد (أمَّا) إلا بعد حذف (كان) فكيف يصح أن يقال: تحذف بعد (أمَّا).
فالجواب: المراد أنه إذا وجد هذا التركيب وجب الحكم على (كان) بأنها محذوفة وأن موضعها بعد (أمَّا) أي بعد (أَنْ) المدغمة في (ما) قبل (أنت) فتأمّل.
فإن قيل: ظاهر قوله: (في نحو أمّا أنت ذا نفر) أن حذفها مختص بضمير المخاطب، وأنه لا يكون مع ضمير المتكلم ولا مع الظاهر، فلا يقال: أمَّا أنا ذاهبا وأمَّا زيد قائما.
فالجواب أنه إنما خصّ ضمير المخاطب بالذكر لكونه لم يسمع من العرب حذفها إلا معه، وأما مع غيره فهو(6) مقيس. وقد مثل سيبويه في الكتاب ب(أمَّا زيد ذاهبا) (7).
فإن قيل: لِم كان الحذف هنا واجبا، وفيما سوى ذلك(8) جائزا؟
فالجواب لأنهم عوضوا منها(9) هنا (ما) وهم لايجمعون بين العوض والمعوض [منه] (10).
__________
(1) زيادة من (ج).
(2) في (ج) الانحصار.
(3) في (ج) قدم حذف لام العلة على حذف (كان) ولم يأت فيه بقوله فانفصل الضمير فصار لأن أنت ذا نفر.
(4) ينظر تفصيل ذلك في التصريح 1/195 وشرح الأشموني 1/244.
(5) ساقطة من (ج).
(6) في (ج): فإنه.
(7) الكتاب 1/293ـ هارون، وقال فيه: "ومن ذلك قول العرب: أما أنت منطلقا انطلقت معك، وأمّا زيد ذاهبا ذهبت معه" ثم ذكر البيت السابق.
(8) في (ج): فيما سيأتي.
(9) أي من كان المحذوفة.
(10) ساقطة من (أ) و (ب). وأثبتها من (ج).(15/2)
ص: ويجوز حذفها مع اسمها بعد (إنْ) و(لو) الشرطيتين.
ش: ومن الأمور التي اختصت بها (كان) جواز حذفها مع اسمها وإبقاء خبرها، وذلك كثير بعد (إنْ) و (لو) الشرطيتين قليل بعد غيرهما.
مثال (إن) قولك: سِرْ مسرعا إن راكبا وإن ماشيا، وقولهم: "الناس مجزيون بأعمالهم إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر"(1).
وفي هذا ونحوه أربعة أوجه(2)، أقواها نصب الأول ورفع الثاني(3).
وأضعفها عكسه(4)، ورفعهما ونصبهما متوسطان(5).
وإنما قويَ الأول لأن فيه حذف (كان) مع اسمها وحذف المبتدأ بعد فاء الجزاء وكلاهما كثير في كلامهم.
وإنما ضعف الثاني لأن فيه حذف كان مع خبرها وإبقاء اسمها، وحذف الناصب بعد الفاء، وكلاهما قليل.
وإنما توسط الوجهان الأخيران لاشتمال كل منهما على أحد القليلين 29/أ وأحد الكثيرين(6).
ومثال (لو) " التَمِسْ ولو خاتمًا مِن حديد"(7)، وقوله:
__________
(1) ذكر ابن هشام في شرح الشذور ص 187 أن هذا من قول الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم أجده في كتب السنة، وإنما هو قول منقول عن العرب، وقد ورد في الكتاب 1/258- هارون والمفصّل ص 72
(2) وهي نصب الأول ورفع الثاني ورفع الأول ونصب الثاني ونصبهما معا ورفعهما معا. ينظر شرح المفصل 2/97 وشرح الكافية الشافية 1/ 419 وشرح الألفية لابن الناظم ص 142.
(3) تقول: إن خيرا فخير.
(4) وهو رفع الأول ونصب الثاني تقول: إن خير فخيرا.
(5) نحو إن خير فخير و إن خيرا فخيرا.
(6) إن خيرٌ فخيرٌ) القليل (إن خيرٌ) لحذف (كان) مع خبرها. وبقاء الاسم، والكثير (فخير) لحذف المبتدأ بعد فاء الجزاء، وهو كثير و(إن خيراً فخيراً) الكثير (إن خيراً) لحذف (كان) مع اسمها وبقاء خبرها، والقليل (فخيرا) لحذف الناصب بعد فاء الجزاء، وهو قليل.
(7) هذا حديث أخرجه البخاري في صحيحه 8/7 ومسلم في صحيحه 4/143 عن أبي هريرة بلفظ: "انظر ولو خاتما من حديد".
وأخرجه أيضا الإمام أحمد في المسند 5/336، باللفظ الذي ذكره الشارح.(15/3)
44- لا يَأْمَن الدهرَ ذو بغي ولو مَلِكًا
جنودُه ضاق عنها السهلُ والجبلُ(1)
ومثال حذفها بدون (إنْ) و (لو) قوله:
45- مِن لدُ شَوْلاً(2) ........
قدره سيبويه(3): من لد أنْ كانتْ شولا
وظاهر كلام المصنف في الشرح(4) تقييد جواز حذفها مع اسمها ب(إن) و(لو) فإنه قال: " وشرطه أن يتقدمها إنْ ولو".
وقد عرفت(5) أنه لا يمتنع حذفهما بعد غير(6) (إنْ) و(لو) لكنه قليل.
تتمَّة(7):
تحذف (كان) مع خبرها ويبقى اسمها، وهو ضعيف، كما تقدم.
__________
(1) البيت من البسيط، وينسب للّعين المنقري، وهو من شواهد شرح الألفية لابن الناظم ص 141 وتوضيح المقاصد 1/308 ومغني اللبيب ص 354 والمساعد لابن عقيل 1/271 والعيني 2/50 والتصربح 1/193 وهمع الهوامع 1/121 وشرح الأشموني 1/242. والشاهد فيه حذف (كان) مع اسمها بعد أداة الشرط (لو).
(2) جزء بيت من مشطور الرجز، وهو أيضا كلام يجري مجرى المثل، وهو:
من لد شولا فإلى إتلائها ...
لَدُ: أي لدن حذفت نونه لكثرة الاستعمال، الشول اسم جمع للإبل التي جفت ضروعها وقيل: هو مصدر شالت الناقة بذيلها أي رفعته.
ينظر اللسان 11/374 (شول) والإتلاء أن تصير الناقة متلية أي يتلوها ولدها.
والبيت من شواهد سيبويه المجهولة، لكن نسبه النحاس للعجاج، وهو غير موجود في ديوانه.
ينظر الكتاب 1/264 وإعراب القرآن للنحاس 1/357 وشرح المفصل 4/101 وشرح ابن الناظم ص 142 وتوضيح المقاصد 1/309 وشفاء العليل 1/324 والعيني 2/51 والتصريح 1/194 و الهمع 1/122 وشرح الأشموني 1/243.
والشاهد حذف (كان) بعد (لدن) على تقدير سيبويه،وذلك قليل.
(3) الكتاب 1/265- هارون.
(4) شرح شذور الذهب لابن هشام ص 187.
(5) في (ج): علمت.
(6) ساقطة من (أ) وهي ثابتة في (ب) و(ج) وهو الصواب.
(7) في (ج): (تتممة) وهو تحريف لأن الإدغام هنا واجب.(15/4)
وتحذف مع اسمها وخبرها، وذلك بعد (إما) (1) في قوله: (افعل هذا إمّا لا) (2) أي إن كنت لا تفعل غيره، ف(ما) عوض من (كان) و (لا) هي النافية للخبر المحذوف.
ص: وحذف نون مضارعها المجزوم إلا قبل ساكن أو ضمير متصل.
ش: ومن الأمور التي اختصت بها (كان) أن نون مضارعها يجوز حذفها، ولكن بشروط:
أحدها أن يكون المضارع مجزوما، فلا تحذف من المرفوع والمنصوب.
ثانيها أن يكون جزمه بالسكون، لا بالحذف، فلا تحذف مما جزم بحذف الآخر(3).
ثالثها: ألاّ يتصل آخرها بضمير نصب، فلا تحذف من نحو "إِنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيهِ"(4)
رابعها: ألا تتصل بساكن، فلا تحذف من نحو {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} (5).
وخالف في هذا الشرط يونس(6)
__________
(1) في (أ) و (ب): بعد إن، والمثبت من (ج).
(2) هذا أسلوب عربي حذفت فيه (كان) مع معموليها، وقد ذكره سيبويه في الكتاب 1/294 وينظر التصريح 1/195 وهمع الهوامع 1/122.
(3) أي بحذف النون وذلك إذا اتصلت به ألف اثنين أو واو جماعة أو ياء مخاطبة، نحو لم تكونوا.
(4) هذا جزء من حديث قاله الرسول صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب في شأن ابن صياد الذي ظهر في عهده صلى الله عليه وسلم وظنوا أنه الدجال فهمّ عمر بقتله فقال صلى الله عليه وسلم:"إن يكنْه فلنْ تُسلَّط عليه وإلاَّ يكُنْه فلا خير لك في قتله" أخرجه البخاري 2/117 ومسلم 4/2244
(5) من الآيتين 137 و 168 من سورة النساء.
(6) هو أبو عبد الرحمن يونس بن حبيب الضبي، مولاهم، من كبار العلماء المتقدمين، أخذ النحو عن أبي عمرو وحماد بن سلمة وسمع من العرب، وهو من شيوخ سيبويه، وسمع منه أيضا الكسائي والفراء، له مذاهب في النحو تفرد بها، وله من المؤلفات اللغات والأمثال ومعاني القرآن والنوادر، توفي سنة 182ه. ينظر مراتب النحوبين ص 44 وطبقات النحويين ص 51 ومعجم الأدباء20/64 وبغية الوعاة 2/365.
وينظر قوله هذا في شرح التسهيل لابن مالك [ق 60/ أ] والتصريح 1/196.(15/5)
، متمسكا بنحو قوله:
46- فإن لم تَكُ المِرآةُ أبدت وَسَامةً
فقد أبدت المرآةُ جَبْهَةَ ضَيْغَمِ(1)
فحذفت مع اتصال(2) آخرها بساكن، وحمله الجماعة على الضرورة(3).
قال ابن مالك رحمه الله: "وبقوله أقول، لأنه ليس بضرورة، إذ كان يمكنه أن يقول: فإن تكن(4) المرآة أخفت وسامة"(5).
قلت: وفيه نظر، لأن المرآة لا تتصف بإخفاء شيء، فلا يصح أن يراد هذا. والله أعلم.
تنبيهان:
الأول: لا فرق في هذا الحكم بين (كان) (6) الناقصة والتامة، ومن الحذف في التامة قوله تعالى: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا}(7).
الثاني: أطلق المصنف في المتن والشرح(8) الجزم، ولم يقيده بالسكون ولابد منه، لكنه ترك القيد لأن الجزم بالسكون هو الأصل، فهو المتبادر عند الإطلاق.
ص: السادس اسم أفعال المقاربة، وهي كاد وكَرَب وأوشك لدنو الخبر، وعسى واخلولق وحَرَى، لترجّيه، وطفِق وعَلَق وأنشأ وأخذ وجعل وهَبْ وهَلْهَلَ(9) للشروع فيه.
__________
(1) البيت من الطويل، وقائله الخنجر بن صخر الأسدي. الوسامة: الجمال، الضيغم: الأسد. والبيت من شواهد شرح الكافية الشافية 1/423 وتوضيح المقاصد 1/311وشفاء العليل للسلسيلي 1/326 والعيني 2/63 والتصريح 1/196 والهمع 1/122 وشرح الأشموني 1/245. والشاهد فيه حذف نون (تكن) مع اتصال آخرها بساكن، وهذا على رأي يونس ووافقه ابن مالك.
(2) في (أ): فحذف مع الاتصال. والمثبت من (ب) و (ج).
(3) ينظر التصريح 1/196 وهمع الهوامع 1/122.
(4) في (أ) و (ب): فإن لم تكن، وهوخطأ صوابه من (ج) وشرح التسهيل.
(5) شرح التسهيل لابن مالك [ق 60/أ] وينظر شرح الكافية الشافية 1/423.
(6) ساقطة من (ج).
(7) من الآية 40 من سورة النساء، وهذا على قراءة الرفع في (حسنة) على أن (كان) تامة، وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي جعفر.
... ينظر السبعة لابن مجاهد ص 332 والنشر 2/249 والإتحاف 190.
(8) شرح شذور الذهب ص 188.
(9) في (أ): هيلل. وهو تحريف.(15/6)
ش: الباب السادس من المرفوعات اسم هذه الأفعال.
وتسميتها أفعال المقاربة مجاز من باب تسمية الشيء باسم جزئه(1) تغليبا كتسميتهم الكلام كلمة، وذلك لأنها ثلاثة أقسام:
قسم يدل على قرب الخبر، وهي الثلاتة الأول(2)، وقسم يدل على ترجّي الخبر(3) وهي الثلاثة التي تليه(4)، وقسم يدل على الشروع فيه، وهو(5) بقية الأفعال المذكورة، وكلها مشتركة في رفع الاسم ونصب الخبر، ك(كان).
وإنما جُعِل لها باب على انفرادها لِمَا اشْتُرط في خبرها زيادة على خبر (كان) كما سيأتي بيانه في المنصوبات إن شاء الله تعالى.
ص: السابع اسم ما حمل على (ليس) وهي أربعة (لات) في لغة الجميع ولا تعمل إلا في الحين بكثرة، أو الساعة أو الأوان بقلة، ولا يجمع بين جزأيها والأكثر كون المحذوف اسمها، نحو {وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ}(6).
ش: السابع من المرفوعات اسم هذه الأحرف الأربعة التي حُمِلت على (ليس) فعملت عملها، وإنما حملت عليها لمشابهتها لها في نفي الحال غالبا.
فمنها (لات) وأصلها (لا) ثم زيدت التاء لتأنيث اللفظ والمبالغة في معناه(7).
قال في التوضيح: "وعملها إجماع من العرب"(8). وهو معنى قوله هنا: (في لغة الجميع). ويشترط له شرطان:
الأول أن يكون 29/ب معمولاها اسمي زمان، وذكر المصنف أن(9) الأكثر أن يكون ذلك الزمان لفظ الحين، ويقل كونه الساعة والأوان.
__________
(1) أي تسمية الكل باسم الجزء. ينظر التصريح 1/203.
(2) وهي كاد و كرَبَ و أوشك.
(3) ساقطة من (أ) وأثبتها من (ب) و(ج).
(4) أي تلي هذا القسم وهي عسى وحرى واخلولق.
(5) في (ج): وهي.
(6) من الآية 3 من سورة ص.
(7) هذا قول الجمهور، وهناك أقوال أخرى، منها قول ابن أبي الربيع أن أصلها (ليس) أبدلت السين تاء.
ينظر الملخص لابن أبي الربيع 1/273 وارتشاف الضرب 2/111 والهمع 1/126.
(8) أوضح المسالك بتحقيق الشيخ النجار 1/276.
... ولم ترد هذه الجملة في تحقيق الشيخ محي الدين ـ رحمه الله ـ لأوضح المسالك.
(9) ساقطة من (ج).(15/7)
وهذا منه كالتوسط في المسألة، فإن سيبويه(1) رحمه الله نص على أنها لا تعمل إلا في الحين.
فأخذ بعضهم(2) بظاهره، وقصر عملها على لفظ الحين.
وقال بعضهم(3): المراد أسماء الزمان مطلقا، وهو ظاهر عبارة ابن مالك في التسهيل(4)حيث قال: "وتختص بالحين أو مرادفه".
الثاني من الشرطين ألا يجتمع جزآها، أي اسمها وخبرها في الكلام، بل يجب حذف أحدهما.
ويكثر حذف اسمها وإبقاء خبرها، نحو قوله تعالى: {وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ}(5) [بنصب (حين)] (6) أي ليس الحين حين مناص.
ويقل عكسه، وعليه قُرئ {وَلاتَ حِينُ مَنَاصٍ} برفع حين(7).
ص: وما ولا النافيتان في لغة أهل الحجاز، و(إنْ) النافية في لغة أهل العالية، وشرط إعمالهن نفي الخبر وتأخيره، والاّ يليهنّ معموله وليس ظرفاً ولا مجروراً، وتنكير معمولي (لا)، وألاّ يقترن اسم (ما) بإن الزائدة نحو {مَا هَذَا بَشَراً}(8) و (لا وَزَرٌ مما قضى اللهُ وَاقِيا) و (إنْ ذلك نافعَكَ ولاضَارّك).
__________
(1) قال سيبويه ـ رحمه الله ـ: "لاتكون (لات) إلا مع الحين". ينظر الكتاب 1/57.
(2) هذا قول ابن عصفور وابن أبي الربيع. ينظر المقرب 1/105 والملخص لابن أبي الربيع 1/ 272 والارتشاف 2/111.
(3) منهم الفارسي وابن مالك. ينظر شرح الكافية الشافية 1/443 وارتشاف الضرب2/111.
(4) تسهيل الفوائد ص 57.
(5) من الآية 3 من سورة ص.
(6) زيادة من (ج) وهذه قراءة جمهور القراء، ومنهم أصحاب القراءات الأربع عشرة وذلك على جعل (حين) خبرا للات واسمها محذوف، أي ولات الحينُ حينَ مناص.
(7) وهي قراءة أبي السمال وعيسى بن عمر، على أن (حين) اسم لات والخبر محذوف.
... ينظر مختصر في شواذ القراءات ص 129 والبحر المحيط 7/383.
(8) من الآية 31 من سورة يوسف. وقد جاءت في (ب) كذا ما هذا إلا بشرا، وهو خطأ ظاهر وتحريف في الآية.(15/8)
ش: ذكر في هذا الكلام بقية الأحرف العاملة عمل (ليس)، وهي ثلاثة (ما) و(لا) النافيتان في لغة الحجازيين(1). و(إنْ) النافية أيضا في لغة أهل العالية(2).
ولما اشتركت هذه الثلاثة(3) في بعض الشروط واختص بعضها ببعض أخذ يذكر(4) الشروط المشتركة أولاً، ثم ذكر الشروط المختصة.
فأما الشروط المشتركة فهي ثلاثة:
الأول نفي خبرهن، فلو انتقض النفي بإلا امتنع إعمالهن(5)، نحو {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ}(6) و لا(7) رجلٌ إلا قائمٌ، وإنْ ذلك إلاّ نَافِعٌ لك.
الثاني تأخر أخبارهن عن أسمائهن، كما مثل به، فلو تقدمت أخبارهن امتنع العمل.
الشرط الثالث ألاّ يليهن معمول أخبارهن [بألاَّ يتقدم على أسمائهن وذلك لضعفهنّ في العمل، فلا يُتصرف في معمول أخبارهنّ] (8) بالتقديم.
__________
(1) تنظر لغتهم في الكتاب 1/57- هارون ومعاني القرآن للفراء2/42 ومجالس ثعلب 2/596 وشرح المفصل لابن يعيش 2/116.
(2) أي عالية الحجاز، قال الأزهري: عالية الحجاز أعلاها بلدا وأشرفها موضعا وهي بلاد واسعة. تهذيب اللغة 3/187 و ينظر معجم البلدان 4/71.
وقد اختلف العلماء في إعمال (إنْ) عمل (ليس) فأجاز ذلك الكسائي وأكثر الكوفيين وابن السراج والفارسي وابن جني وابن مالك، ومنع ذلك سيبويه والفراء.
قال المبرد في المقتضب 2/362: "وكان سيبويه لا يرى فيها إلا رفع الخبر لأنها حرف نفي دخل على ابتداء وخبره. ثم قال: وغيره يجيز نصب الخبر على التشبيه بليس، كما فعل ذلك في (ما) وهذا هو القول".
وينظر ارتشاف الضرب 2/109 ومغني اللبيب ص 35 والتصريح 1/201.
(3) في (أ) و(ب): الشروط بدل الثلاثة وهو خطأ صوابه من (ج).
(4) في (ج): ببعض آخر، ذكر.
(5) لأن ما بعد (إلاّ) مثبت، وهي لا تعمل في المثبت فلا بدّ من نفي خبرها.
(6) من الآية 144 من سورة آل عمران.
(7) في (ج): (ما) وقد سبق التمثيل لها.
(8) ما بين الحاصرتين ساقط من (أ) و (ب) وأثبته من (ج).(15/9)
اللهم إلا أن يكون معمول أخبارهن ظرفا أو مجرورا، فإنه يجوز أن يَلِيهِنّ، ويتقدم على أسمائهنّ، لأنهم توسعوا في الظروف والمجرورات ما لم يتوسعوا في غيرها(1).
وأما المختص من الشروط فمنه أنه يشترط(2) في (لا) خاصة أن يكون اسمها وخبرها نكرتين، فلا تعمل في معرفة، فلا يقال: (لا زيد قائما) إلا قليلا كقوله:
47-.... .... ... لا الدارُ داراً ولا الجيرانُ جيرانًا(3)
ويشترط في (ما) خاصة ألا يقترن اسمها بإنْ الزائدة.
فإن اقترن بها امتنع عملها، نحو قول الشاعر:
48- بني غدانة مَا إنْ أنتم ذهبٌ ولا صريفٌ ولكن أنتم الخزفُ(4)
وقد روي (ذهبا) بالنصب(5)، وأُوِّلَ على أنّ (إنْ) نافية مؤكدة ل(ما) لا زائدة(6).
وقوله: (نحو) إلى آخره ذكر ثلاثة أمثلة للثلاثة الأحرف مستجمعة للشرائط مثالا ل(ما) وهو(7) قوله تعالى: {مَا هَذَا بَشَرًا}(8) ف(هذا) اسمها و (بشرا) خبرها ومثله {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ}(9).
ومثالا ل(لا) وهو قول الشاعر:
__________
(1) تنظر هذه الشروط في الإيضاح العضدي ص 146 والتصريح 1/196.
(2) في (ج): من الشروط شرط.
(3) عجز بيت من البسيط، ولم أجد له نسبة إلى قائله، وصدره:
أنكرتها بعد أعوام مضين لها. . . .
وقد ورد البيت في ارتشاف الضرب 2/110 وشرح شذور الذهب ص 197.
والشاهد فيه وقوع اسم (لا) معرفة، وذلك قليل.
(4) البيت من البسيط، ولم يعرف قائله وقد اقتصر في (أ) و (ج) على صدر البيت.
بنو غدانة: حي من يربوع، الصريف: الفضة.
والبيت من شواهد شرح الكافية الشافية 1/431 و تخليص الشواهد ص 277 ومغني اللبيب ص 38 والعيني 2/91 والتصريح 1/196 وهمع الهوامع 1/123 والأشموني 1/247 وخزانة الأدب 4/119.
والشاهد فيه إلغاء عمل (ما) لاقتران اسمها بإنْ الزائدة.
(5) هذه رواية الجوهري في الصحاح 4/1385.
(6) ينظر التصريح 1/197 وهمع الهوامع 1/123.
(7) في (ج): مثال (ما) قوله.
(8) من الآية 31 من سورة يوسف.
(9) من الآية 2 من سورة المجادلة.(15/10)
49- ... .. ... ولا وَزَرٌ مما قضى اللهُ واقِيا(1)
ومثله الشطر السابق عليه، وهو قوله:
49- تعزَّ فلاَ شيءٌ على الأرض باقيا .........
ف(شيء) و(وَزَر) اسمان و(باقيا) و(واقيا) خبران.
ومثالا ل(إن) وهو قوله: (إنْ ذلك نافِعَكَ) (2) ومثله القراءة الشاذة(3) {إِنِ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَاداً أَمْثَالُكُمْ}(4).
ف(ذلك) و(الذين) اسمان، و(نافعك) و(عبادا) خبران(5).
ص: الثامن خبر (إنّ) وأخواتها (أَنَّ) و(لكنَّ) و(كَأَنَّ) و(ليتَ) و(لعلَّ) نحو {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ}(6).
__________
(1) عجز بيت من الطويل، وهو مجهول القائل، وسيذكر الشارح صدره.
وهو من شواهد شرح عمدة الحافظ لابن مالك ص 216 وشرح الألفية لابن الناظم ص 150 والمغني ص 315 والعيني 2/102 والتصريح 1/199 وشرح الأشموني 1/235.والشاهد فيه إعمال (لا) عمل (ليس) حيث رفعت (وزر) اسما لها ونصبت (واقيا) على أنه خبرها.
(2) هذا قول محكي عن أهل العالية وهو (إن ذلك نَافعك ولا ضَارَّك) ينظر الهمع 1/124.
(3) وهي قراءة سعيد بن جبير، ينظر مختصر في شواذ القرآن لابن خالويه ص 48 والمحتسب 1/270 والبحر المحيط 4/444.
(4) من الآية 194 من سورة الأعراف.
(5) ومن ذلك قول الشاعر:
إن هو مستوليا على أحد إلا على أضعف المجانين
ينظر أوضح المسالك 1/208 وشرح الأشموني 1/255
(6) من الآية 15 من سورة طه، وفي (أ): (لآتية) وهي من الآية 85 من سورة الحجر.(15/11)
ش: الباب الثامن من المرفوعات خبر هذه الأحرف الستة التي تدخل على المبتدأ، فتنصبه ويسمى اسمها(1)، وعلى الخبر فترفعه، ويسمَّى خبرها(2)، وهذا طريقة البصريين(3) من أنها عاملة في الجزأين.
وطريقة الكوفيين(4) 30/أ أنها ليست عاملة في الخبر، أي بل هو باق على رفعه، وقد تقدم نظير ذلك في (كان) وأخواتها(5).
فالأول (إنَّ) بالكسر والتشديد، والثاني أَنَّ(6) بالفتح والتشديد.
ومعناهما التوكيد للنسبة ونفي الشك والإنكار عنها كقوله تعالى: {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ}(7)، وكقولك: إنّ زيدًا(8) قائم.
فإن قولك: زيد قائم بدونها(9) يتطرق إلى النسبة في مثله شك وإنكار من السامع، فإذا جئت ب(إنَّ) أو (أنَّ) فقد أكدت تلك النسبة وصيرتها(10)، بحيث لا يليق معها شك أو إنكار لها(11).
والثالث (لكنّ) (12) وهو للاستدراك، نحو زيد شجاع لكنه بخيل، وللتوكيد نحو لو جاءني لأكرمته لكنه لم يجئ.
__________
(1) قوله: فتنصبه ويسمى اسمها ساقط من (ج)، وصورة العبارة فيها: (تدخل على المبتدأ أي بل وعلى الخبر).
(2) وسبب عمل هذه الأحرف أنها أشبهت الفعل، ووجه الشبه بينهما من خمسة أوجه ذكرها ابن الأنباري في أسرار العربية ص 148.
(3) ينظر مذهبهم في المقتضب 4/109 والإيضاح العضدي 150 والتصريح 1/210.
(4) ينظر مذهبهم في أسرار العربية ص 150 وشرح الكافية للرضي 1/110 وارتشاف الضرب 2/128 والجنى الداني ص 393.
(5) سبق ذلك في ص 365.
(6) سقطت كلمة (أن) من (ج).
(7) من الآية 15 من سورة طه.
(8) في (ج): زيد وهو خطأ.
(9) ساقطة من (ج).
(10) في (ج): وصدقها وهو تصحيف.
(11) ينظر معنى (إنّ) و(أنّ) في الجنى الداني 393 و 402 ومغني اللبيب 55 و 59.
(12) ينظر معاني (لكن) في الجنى الداني 615 ومغني اللبيب 383(15/12)
والرابع (كأنّ) ومعناه التشبيه المؤكد(1)، لتركيبه من الكاف المفيدة للتشبيه و(أَنَّ) المفيدة للتوكيد(2).
والخامس (ليت) ومعناه التمني(3)، وهو طلب ما لا طمع فيه، كقولك: ليت الشبابَ يعودُ، أو ما فيه بعد، كقول مَنْ لا يرجو مالا (4): ليت لي مالا فأحج منه.
والسادس (لعل) ومعناه التوقع، ولا يكون إلا في الممكن، وهو الترجي في المحبوب والإشفاق في المكروه(5).
ص: ولا يجوز تقديمه مطلقا، ولا توسطه إلا إن كان ظرفا أو مجرورا نحو {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً}(6) {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالاً}(7).
ش: هاتان مسألتان مختصتان(8) بخبر هذه الأحرف.
المسألة الأولى: أنه لا يجوز تقديم خبرها عليها مطلقا، أي سواء كان ظرفا أو مجرورا أو غيرهما، فلا يقال: قائم إن زيدا ولا في الدار إن زيدا.
وسبب ذلك ضعف هذه الأحرف عن تقديم معموليها، وإن كانت عاملة عمل الأفعال، أي رافعة وناصبة، لكونها لم تَقْو قوتها(9).
__________
(1) في (ج): (المركب).
(2) كذا في (ب) و (ج) و في (أ) التأكيد، و ينظر في معناها الجنى الداني ص 568 والمغني ص 252 وهمع الهوامع 1/133.
(3) في (ج): ليت للتمني.
(4) أي منقطع الرجاء من المال. ينظر التصريح 1/212.
(5) مثال الترجي في المحبوب قولك: لعل الحبيبَ قادم، ومثال الإشفاق في المكروه قوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} يراجع التصريح 1/213.
(6) من الآية 26 من سورة النازعات.
(7) من الآية 12 من سورة المزمل.
(8) في (ج): متعلقتان.
(9) لأنها فرع عن الأفعال في العمل والفرع أحط رتبة من الأصل. ينظر همع الهوامع1/135.(15/13)
المسألة الثانية: أنه لا يجوز توسط خبرها بينها وبين اسمها، لضعفها أيضا، إلا أن يكون الخبر ظرفا أو مجرورا فيجوز، لأجل التوسع في الظروف والمجرورات كما تقدم، فلا يقال: إنّ قائمٌ زيدًا، ويجوز إنّ في الدار زيدًا وإنّ عندك عمرًا(1) ومثله {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً}(2) و{إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالاً} (3).
وقد يجب ذلك(4) لعارض، نحو إنّ في الدار صاحبَها، لئلا يعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة (5).
ص: وتكسر (إن) في الابتداء وفي أول الصلة والصفة والجملة الحالية والمضاف إليها ما يختص بالجمل، والمحكية بالقول وجواب القَسَم والمخبر بها عن اسم عين، وقيل اللام المعلقة.
ش: ذكر في هذا الكلام المواضع التي يجب كسر همزة (إنّ)(6) فيها وضابط ذلك أنه لا يجوز(7) أن يسد المصدر مسدّها ومسدّ معموليها وذكر المصنف من صور هذا الضابط تسعة (8):
الأولى: أن تقع (إن) في الابتداء، إما حقيقية، نحو {إنّا أَنْزَلْنَاهُ}(9) أو حكمها، نحو {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ}(10):
الثانية: أن تقع في ابتداء الصلة، نحو جاء الذي إنه فاضل، لأن الصلة لا تكون إلا جملة. بخلاف الواقعة في أثناء الصلة، نحو [جاء(11)] الذي عندي أنه فاضل؛ لأنها هي ومعمولاها حينئذ في تأويل المصدر، أي عندي فضله.
__________
(1) في (ج): وإن في الدار عمرًا.
(2) من الآية 26 من سورة النازعات.
(3) من الآية 12 من سورة المزمل.
(4) أي تقدّم خبرها على اسمها.
(5) وهو لا يجوز عند الجمهور. ينظر التصريح 1/214.
(6) إنَّ) المكسورة هي الأصل عند الجمهور، ولذلك لم يذكر سيبويه (أَنّ) المفتوحة مع هذه الأحرف. وعند غيرهم كلاهما أصل. ينظر التصريح 1/214 والهمع 1/132.
(7) في (أ): (أنْ لا يجوز).
(8) كذا في النسخ (تسعة) بالتاء والمعدود هنا مؤنث فالأولى (تسعا).
(9) من الآية 2 من سورة يوسف وكذلك من الآية ا من سورة القدر.
(10) من الآية 62 من سورة يونس.
(11) زيادة من (ج).(15/14)
الثالثة: أن تقع في ابتداء الصفة، نحو جاءني رجلٌ إنه فاضلٌ (1) بخلاف الواقعة في أثناء جملة الصفة، نحو جاء رجل عندي أنه فاضل.
الرابعة: أن تقع في أول الجملة الحالية، سواء اقترنت بالواو، كجاء زيد وإنه راكب، أو لم تقترن بها، نحو {إِلاّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَام} (2).
بخلاف الواقعة في أثنائها، كجاء زيد وعندي أنه ماش (3).
الخامسة: أن تقع في أول الجملة المضاف إليها ما يختص بالجُمل، ك(إذْ) و(حيثُ) نحو جلست إذْ إن زيدًا جالس.
فإن وقعت في أثناء هذه الجملة فُتِحت، نحو جلست حيث 30/ب اعتقادي أنك جالس(4).
وقوله: والصفة والمضاف إليها وما بينهما مجرورات بالعطف على الصلة فيستفاد تقييد كسر (إن) لوقوعها في أول كل (5) منها.
السادسة: أن تقع محكية بالقول(6)، نحو{وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُم}(7).
__________
(1) فقوله: (إنه فاضل) في محل رفع صفة لرجل. ولا يجوز الفتح لأنه يؤدي إلى وصف أسماء الأعيان بالمصادر وهي لا توصف بها إلا بتأويل. التصريح 1/216.
(2) من الآية 20 من سورة الفرقان، وأول الآية {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ} فجملة {إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ} في محل نصب حال من المرسلين، والتقدير وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا آكلين للطعام. وسبب وجوب الكسر في أول جملة الحال، أن المفتوحة تؤول مع صلتها بمصدر معرفة، والحال يجب أن تكون نكرة. ينظر التصريح 1/216.
ولكن قال صاحب التصريح: إنما كسرت في هذه الآية لأجل اللام لا لوقوعها حالا.
(3) في (أ) و (ب): (مايس) ولا معنى لها والمثبت من (ج).
(4) لأنها حينئذ جزء جملة، فتؤول مع صلتها بمصدر والتقدير: إعتقادي جلوسك.
(5) في (أ) و(ب): (في أول كلمة منها) والمثبت من (ج).
(6) لأن المحكي بالقول لا يكون إلا جملة أو ما يؤدي معناها.
(7) من الآية 12 من سورة المائدة.(15/15)
فإن ذُكرتْ بعد القول للتعليل فُتحت، لأنها حينئذ غير محكية، نحو (أَخصُّك بالقول أنك وَليٌّ) أي لأنك. وعن هذه احترز بقوله: (والمحكية).
السابعة: أن تقع جوابا لقَسَم، سواء كان مع اللام، نحو {وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ}(1): أو بدون اللام نحو {حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إنَّا أَنْزَلْنَاهُ}(2).
فإن قيل: أطلق المصنف وجوب الكسر في جواب القسم، وقد ذكر في توضيح الألفية(3) أنه يجوز الوجهان بعد فعل القسم، حيث لا لام، نحو قوله:
50- أو تحلفي بربِّكِ العَلِيِّ ... أنِّي أَبُو ذَيَّا لِكِ الصَّبِيِّ (4)
وهو ينافيه.
فالجواب لا منافاة لأن من فتح(5) جعلها مجرورة ب(على) أي على أني(6) فإطلاقه صحيح.
الثامنة: أن تقع خبرا عن اسم عين، نحو زيد إنه فاضل(7). بخلاف اسم المعنى، لأن الواقعة خبرا عنه فيها تفصيل ستعلمه (8)، إن شاء الله تعالى(9).
__________
(1) الآيتان 1و2 من سورة العصر.
(2) الآيات 1و2و3 من سورة الدخان.
(3) أوضح المسالك 1/244.
(4) البيتان من مشطور الرجز، وينسبان لرؤبة بن العجاج.
ذيا لك: تصغير (ذلك) على غير القياس.
ينظر ملحقات ديوانه ص 188 وهما في معاني القرآن للفراء2/70 وشرح عمدة الحافظ ص 231 وشرح الألفية لابن الناظم ص 166 وتوضيح المقاصد 1/340 وشفاء العليل 1/362 والعيني 2/232 والتصريح 1/219 وشرح الأشموني 1/276.
والشاهد جواز فتح همزة (إن) وكسرها بعد فعل القسم إذا لم يقترن جوابه باللام.
(5) أي فتح همزة (إن) وأجاز ذلك الكوفيون والبغداديون. ينظر التصريح 1/219.
(6) فلم تقع في أول جملة القسم بل في أثنائها.
(7) لأن المصدر لا يخبر به عن أسماء الذوات إلا بتأويل.
(8) سيذكر في مواضع وجوب فتح همزة (إن) ينظر ص 402.
(9) كلمة (تعالى) زيادة من (ج).(15/16)
التاسعة: أن تقع قبل لام معلّقة للفعل (1)، نحو {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}(2).
ص: وتكسر أو تفتح بعد (إذا) الفجائية والفاء الجزائية، وفي نحو أول قولي إني أحمد الله.
ش: ذكر أن (إن) يجوز فيها الوجهان أي الكسر والفتح في ثلاث مسائل. وضابطها أن يصح اعتبار أن يسد المصدر مسدها ومسد معموليها واعتبار عدمه، كما أن ضابط وجوب الفتح أن يتعين اعتبار مسد المصدر مسدها ومسد معموليها كما سيتبين لك (3).
المسألة الأولى: أن تقع بعد (إذا) الفجائية، كقولك: (خرجت فإذا إنَّ زيدًا واقف) فيجوز فتح (إن) وكسرها.
فالفتح على التأويل بمصدر مرفوع بالابتداء والخبر محذوف، أي فإذا وقوفه حاصل، والكسر على عدم التأويل، أي فإذا هو واقف.
قال ابن مالك (4): والكسر أولى لأنه لا يحوج إلى تقدير (5).
المسألة الثانية: أن تقع فاء الجزاء، نحو قوله تعالى:{فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}(6) بعد قوله: {مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ}.
وقد قرىء بالوجهين(7) فالكسر(8) على جعل ما بعد الفاء جملة تامة.
__________
(1) التعليق هو إبطال عمل أفعال القلوب في اللفظ وتعمل في المحل.
(2) من الآية 1 من سورة المنافقون، وجملة {إنك لرسوله} في محل نصب سدت مسد مفعولي (يعلم).
(3) في (ب) و(ج): (كما سيبين).
(4) شرح التسهيل [الورقة 68/أ].
(5) أي تقدير الخبر.
(6) من الآية 54 من سورة الأنعام، وفي (أ) و (ب): بعد قوله: (من عمل) ولم تكمل الآية كما في (ج).
(7) أي بالكسر والفتح وهما متواترتان، فقد قرأ بالكسر ابن كثير وأبو عمرو ونافع وحمزة والكسائي وقرأ بالفتح عاصم وابن عامر ويعقوب.
تنظر السبعة لابن مجاهد 258 و التذكرة لابن غلبون 2/399 والنشر 2/258.
(8) في (أ): (بالكسر) والمثبت من (ب) و (ج).(15/17)
والفتح على التقدير بمصدر هو خبر مبتدأ محذوف تقديره فجزاؤه الغفران والرحمة، أو مبتدأ خبره محذوف أي فالغفران والرحمة جزاؤه.
قال ابن أم قاسم: (والكسر أحسن في القياس) (1).
المسألة الثالثة: نحو (قولي: إني أحمد الله) مما وقعت فيه خبرا عن قول ومخبر عنها بقول، وقائل(2) القولين واحد.
فيجوز الكسر على معنى أول قولٍ أفتتح به هذا المفتتح بأني (3). فلا يصدق على حَمْد بغير هذا اللفظ.
والفتح على تقدير أول قولي حَمْدُ الله، فيصدق على أي قول تضمن حمداً.
فلو لم تقع خبرا عن قول نحو (عملي(4) أني أحمد الله) فُتحت(5) أو لم يخبر عنها بقول، نحو قولي: إني مؤمن، وجب الكسر (6) أو اختلف القائل، نحو قولي إنّ زيدا يحمد الله، كسرت (7) أيضا.
ص: وتفتح في الباقي.
ش: لما ذكر مواضع الكسر ومواضع جواز الوجهين ذكر أنّ[أنّ](8) تُفتح في الباقي أي وجوبا، كما اقتضاه كلام المتن، وصرح به في الشرح(9).
يعني أنه يتعين فتح (أنَّ) فيما عدا ما ذكره من مواضع وجوب الكسر ومواضع جواز الوجهين.
__________
(1) توضيح المقاصد والمسالك 1/342، وقد تقدمت ترجمة ابن أم قاسم في ص 197 وفي (أ) و (ب) (ابن قاسم) والمثبت من (ج).
(2) كذا في (ب) و (ج) وفي (أ): (وفاعل).
(3) كذا قدره الشارح، وهو غير مناسب، لأنه قدر دخول الحرف عليها وذلك يوجب فتحها. والتقدير المناسب لها هو (مقولي إني أحمد الله) ينظر التصريح 1/219.
(4) في (ج): (علمي) وهو تحريف، ينظر التصريح 1/219.
(5) لأنها خبر عن اسم معنى غير قول والتقدير عملي حمد الله، ولا يجوز الكسر لعدم وجود العائد على المبتدأ.
(6) ولا يجوز الفتح لأن الإيمان لا يخبر به عن القول.
(7) في (ج): (كسر) أي حرف الهمزة وجوبا، ولا يصح الفتح لفساد المعنى، إذ لا يصح أن يقال: قولي حمدُ زيدٍ الله. راجع التصريح 1/220.
(8) زيادة أوجبها المقام
(9) شرح شذور الذهب ص 206.(15/18)
وهذا يشكل بذكرهم(1) جواز الوجهين في مواضع أخر (2) غير هذه الثلاثة التي ذكرها المصنف، كأن تقع في موضع التعليل، نحو قوله تعالى: 31/أ {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ}(3) فالكسر على أنه تعليل مستأنف، والفتح على تقدير لام العلة، أي لأنه.
وكالواقعة بعد (حتّى) أو بعد أمّا(4) أو بعد (لا جرم) (5) أو بعد فعل(6) قَسَم لا لام بعده(7) أو بعد واو مسبوقة بمفرد صَلُح(8) للعطف عليه، نحو {إِنَّ لَكَ أَلاّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا}(9).
__________
(1) قوله: (وهذا يشكل بذكرهم) ساقط من (أ) فقط.
(2) تنظر بقية مواضع جواز الوجهين في أوضح المسالك 1/242 والأشموني 1/278.
(3) من الآية 28من سورة الطور، وفي قوله:"إنه " قراءتان متواترتان الأولى كسر الهمزة وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والثانية فتح الهمزة وهي قراءة نافع المدني والكسائي. ينظر السبعة 613 والنشر 2/378.
(4) في (ب) و (ج): (ما) وهو خطأ.
(5) في (أ): (لام جزم) وهو تحريف صوابه من (ب) و (ج).
(6) كلمة (فعل) ساقطة من (ب) و (ج).
(7) تنظر أمثلة ذلك في التصريح 1/220، 221.
(8) في (أ): (صالحة) والمثبت من (ب) و(ج).
(9) الآيتان 118 و119 من سورة طه، وفي قوله: (وأنك) قراءتان متواترتان قرأ الجمهور بفتح الهمزة، وقرأ نافع وأبو بكر عن عاصم بالكسر.
ينظر السبعة ص 424 والإتحاف ص 308.(15/19)
قال بعضهم(1)، بعد أن حكى ما في(2) شرح الشذور(3) من(4) الاقتصار على الثلاثة المواضع(5) المذكورة، وما في التوضيح(6) من كون مواضع الوجهين تسعة: " والظاهر أن المذكور في شرح الشذور هو الوجه، لأن حكم هذه المسائل الثلاثة(7) غير معلوم(8) من وجوب الكسر ولا من وجوب الفتح(9) وما ذكر فيه جواز الوجهين غير هذه الثلاثة فحكمه معلوم إما(10) من وجوب الكسر وإما من وجوب الفتح"(11) انتهى.
وفيه نظر، لأن كل واحد من المواضع التسعة التي ذكر فيها جواز الوجهين لا يخرج بوجه الكسر فيه عن المذكور في مواضع الكسر كما أنه لا يخرج بوجه الفتح فيه عن المذكور في مواضع(12) الفتح، فتأمّل.
__________
(1) هو حفيد ابن هشام في حاشيته على التوضيح. ينظر [الورقة 26/ أ].
(2) كلمة (في) ساقطة من (ج).
(3) شرح شذور الذهب ص 207، 208 وفي (ب): (ما في الشرح).
(4) في (ج): (على).
(5) في (أ): ثلاثة مواضع) وفي (ب) و(ج): (الثلاثة مواضع) وهذا لا يجوز بإجماع البصريين والكوفيين، نص على ذلك ابن عصفور في شرح الجمل 2/37 فالصواب ما أثبته.
(6) أوضح المسالك 1/242.
(7) في حاشية الحفيد (المسائل الثلاث)، وقد سقطت كلمة (الثلاثة) من (ج).
(8) في (ب) و (ج): (معلومة) بالتاء.
(9) ساقطة من (أ) وأثبتها من (ب) و(ج).
(10) من قوله: (وما ذكر فيه) إلى هنا ساقط من (أ) و (ج) وأثبته من (ب).
(11) قوله: (وإما) إلى آخره ساقط من (ج).
(12) من قوله: (الكسر كما أنه) إلى هنا ساقط من (أ) بسبب انتقال النظر.(15/20)
إذا علمت ذلك فمما يتعين فتح (أَنَّ) فيه أن تقع فاعلة أو مفعولة أو نائبة عن الفاعل أو خبرا عن اسم معنى(1) أو مبتدأة أو مجرورة بالحرف أو الإضافة أو بدلا أو معطوفة. لتعين مسد المصدر مسدها ومسد معموليها، في(2) هذه المواضع. ولا يجوز الكسر في شيء منها لما علمت(3).
__________
(1) بشرط أن يكون هذا الاسم غير قول ولا صادق عليه خبر (إن) نحو (اعتقادي أنك فاضل) أي اعتقادي فضلك، ولا يجوز الكسر لعدم الرابط. وهذا هو التفصيل الذي وعد به الشارح فيما سبق ولم يأت به، وينظر التصريح 1/217.
(2) في (ب) و(ج): (إلى هذه المواضع) وتنظر مواضع وجوب الفتح في ارتشاف الضرب 2/139 والتصريح 1/216.
(3) لتعين مسد المصدر مسدها ومسد معموليها، وذلك ينافي الكسر.(15/21)
الأمثلة {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا}(1) {وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ}(2) {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ}(3)، (اعتقادي أنه فاضل) (4){فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ}(5){ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ}(6){مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ}(7) {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ}(8) {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ}(9)
__________
(1) من الآية 5 من سورة العنكبوت، وهذه مثال وقوعها مع معموليها فاعلا، والتقدير (إنزالنا).
(2) من الآية 81 من سورة الأنعام، وهذه مثال وقوعها مع معموليها مفعولا بها، والتقدير (إشراككم).
(3) من الآية ا من سورة الجن، وهذه مثال وقوعها نائبة عن الفاعل، والتقدير (استماع).
(4) هذا مثال وقوعها مع معموليها خبرا عن اسم معنى، والتقدير (اعتقادي فضله).
(5) الآية 143 من سورة الصافات، وهي مثال وقوعها مع معموليها مبتدأ عند سيبويه، والتقدير فلولا كونه من المسبحين، وجعلها الكوفيون هنا فاعلا، والتقدير (فلو لا ثبت كونه من المسبحين). فالأولى أن يمثل لوقوعها مع معموليها مبتدأ بقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ} أي رؤيتك. ينظر في ذلك التصريح1/216.
(6) من الآية 62 من سورة الحج، وهذه مثال لوقوعها مجرورة بالحرف، لأن المجرور بالحرف لا يكون إلا مفردا. وقد وردت هذه الآية في (أ) كذا: (ذلك بأنه)، وهو تحريف.
(7) من الآية 23 من سورة الذاريات، وهذه مثال وقوعها مع معموليها مجرورة بالإضافة والتقدير (مثل نطقكم) ويشترط في المضاف هنا ألا يكون ظرفا، فإنه يجب معه الكسر.
(8) من الآية 7 من سورة الأنفال، وهي مثال وقوعها مع معموليها بدلا، لأن (أنها لكم) بدل اشتمال من (إحدى) والتقدير (كونها لكم).
(9) من الآية 47 من سورة البقرة، وهي مثال وقوعها مع معموليها معطوفة، والتقدير (اذكروا نعمتي وتفضيلي).(15/22)
.
ص: التاسع خبر (لا) التي لنفي الجنس، نحو لا رجلَ أفضلُ من زيد، ويجب تنكيره كالاسم، وتأخيره، ولوظرفا، ويكثر حذفه إن عُلم، وتميم لا تذكره حينئذ.
ش: التاسع من المرفوعات خبر (لا) التي لنفي الجنس، لأنه تقدم(1) أنها تعمل عمل (إن) إذا كانت نافية للجنس(2) على سبيل التنصيص.
فإذا كانت غير نافية(3) فلا عمل لها.
وإذا كانت نافية للوحدة أو للجنس لا على سبيل التنصيص عملت عمل (ليس). مثال المستجمعة(4) للشرائط (لا رجلَ أفضلُ من زيد).
وقوله: (ويجب تنكيره) إلى آخره ذكر فيه ثلاثة أحكام(5) تتعلق بخبر (لا) (6).
الحكم الأول: أنه يجب تنكيره كما يجب تنكير اسمها لما قدَّمنا من أنها لا تعمل إلا في النكرات مطلقا.
الحكم الثاني: أنه يجب تأخيره عن الاسم، لضعفها في العمل فضعفت(7) عن تقدم أخبارها.
وإنما قلنا: إنها ضعيفة في العمل لأنها حرف مشترك، أي يدخل على الأسماء وعلى الأفعال، والقاعدة أن الحروف التي ليست مختصة لا تعمل. لكنها عملت على غير القياس الرفعَ تارة(8) والنصبَ أخرى(9)، كما تقدم.
فلا يجوز أن يتقدم خبرها على اسمها، ولو كان خبرها ظرفا أو مجرورا.
الحكم الثالث: أنه يكثر حذفه(10) إن عُلم، لأنه حَذْفٌ لدليل.
__________
(1) تقدم ذلك في ص 246 .
(2) في (أ): (إذا كانت نافية للوحدة أو للجنس). والمثبت من (ب) و (ج).
(3) بأن كانت زائدة. ينظر التصريح 1/235.
(4) في (أ): (المستعملة) وهو تحريف، صوابه من (ب) و (ج).
(5) كلمة (أحكام) ساقطة من (أ) وأثبتها من (ب) و (ج).
(6) تنظر أحكام (لا) التي لنفي الجنس في التصريح 1/236، 246، والهمع 1/144.
(7) في (ب): (تضعفت)، وفي (ج): (ضعفت).
(8) إذا كانت بمعنى (ليس).
(9) إذا كانت نافية للجنس نصًّا.
(10) أي خبر (لا) النافية للجنس.(15/23)
بخلاف(1) ما إذا جُهل، فإنه يجب ذكره عند جميع العرب(2)، لأنه حذف لغير دليل.
وسواء في ذلك الظرف وغيره على الصحيح(3)، خلافا لمن فصّل(4).
ومثال الحذف قوله تعالى: {قَالُوا لا ضَيْرَ}(5).
وما ذكر من جواز ذكره إن عُلِم هو مذهب الحجازيين(6).
ومذهب التميميين والطائيين(7) وجوب حذفه حينئذ(8)، استغناء عن ذكره بالعلم به(9). وهذا معنى قوله: (وتميم لا تذكره).
ص: العاشر المضارع إذا تجرد عن ناصب وجازم.
ش: العاشر من المرفوعات الفعل المضارع المجرد من الناصب والجازم، الآتي بيانهما. وقد اختلف 31/ب في رافعه(10).
فذهب البصريون(11) إلى أنه حلوله محل الاسم.
__________
(1) سقطت كلمة (بخلاف) من (أ) و في (ج): (بخلافه) والمثبت من (ب).
(2) ينظر شرح الكافية الشافية 1/357 وشرح الكافية للرضي 1/112.
(3) في (أ): (في الصحيح). وهذا قول الشلوبين والأندلسي وابن مالك.
(4) أي فصّل ففرق بين الظرف وغيره فأجاز ذكر الخبر إذا كان ظرفا ومنع ذكره إن كان غير ظرف. والذي فصّل هذا التفصيل هو الجزولي في المقدمة الجزولية ص 220 حيث قال: "ولا يلفظ بخبرها بنو تميم إلا أن يكون ظرفا".وقد رد عليه العلماء ينظر شرح الكافية الشافية 1/357 والأشباه والنظائر للسيوطي 2/235.
(5) من الآية 50 من سورة الشعراء، وخبر (لا) محذوف تقديره (لا ضير علينا).
(6) يقصد لغة الحجازيين ينظر الكتاب- 2/276- هارون وشرح المفصل لابن يعيش 1/105 وشرح الكافية الشافية 1/535.
(7) في (ب) و (ج): (ومذهب التميميين والظاهر). و ينظر شرح المفصل لابن يعيش 1/105 وشرح الكافية الشافية 1/357 وشرح الألفية لابن الناظم ص 194 والبحر المحيط 5/227.
(8) أي إذا علم.
(9) في (ب) و (ج): (للعلم به).
(10) هذه المسألة من المسائل الخلافية بين البصريين والكوفيين، ينظر الإنصاف 2/551والتصريح 2/ 229 والهمع 1/ 164.
(11) ينظر الكتاب 3/ 11- هارون والإنصاف 2/551 وشرح المفصل 7/12.(15/24)
وذهب الكوفيون(1) إلى أنه تجرده من الناصب والجازم.
وذهب ثعلب(2) إلى أنه مضارعته للاسم.
وذهب الكسائي(3) إلى أنه حرف المضارعة.
ورجح ابن مالك رحمه الله تعالى مذهب الكوفيين(4)، قال(5): (لسلامته مما يرد على مذهب البصريين من النقض، وبيانه إما أن(6) يريدوا بمحل الاسم محلا هو للاسم(7) بالأصالة، وإن مَنَعَ الاستعمال منه أو(8) يريدوا محلا هو للاسم(9) مطلقا.
فإن أرادوا الأول انتقض ب(لو) وأدوات التحضيض، فإنه يرتفع بعدها مع أنه ليس للاسم بالأصالة.
وإن أرادوا الثاني انتقض ب (إنْ) الشرطية، فإنه لا يرفع بعدها، مع أن الاسم يقع بعدها في الجملة، نحو {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ}(10) انتهى(11).
فإن قال قائل(12): إن ما ذكره الكوفيون باطل أيضا، لأن التجرد أمر عَدَمي والرفع وجودي، والعَدَمي لا يُعَلَّل به الوجودي.
__________
(1) ومنهم الفراء، ينظر الإنصاف 2/551 وشرح الكافية الشافية 3/1519 وشرح الرضي 2/231.
(2) لم أجده في مجالس ثعلب، وقد نسبه له العلماء، ينظر الهمع 1/164.
(3) ينظر شرح المفصل لابن يعيش 7/12 وشرح الكافية للرضي 2/231.
(4) في شرح الكافية الشافية 3/1519 وشرح التسهيل [216/أ].
(5) شرح التسهيل [ الورقة 216/أ ] وقد تصرف الشارح في العبارة تقديما وتأخيرا، وزيادة ونقصا، لكنه حافظ على المعنى المقصود، وينظر شرح الألفية لابن الناظم ص 664.
(6) في (ج): (إما أنهم أن) ولا شك أن كلمة (أنهم) لا موضع لها هنا.
(7) في (ب) و(ج): الاسم.
(8) في (ب) و(ج): (أوما) وهو تحريف.
(9) في (ب) و(ج): الاسم.
(10) من الآية 6 من سورة التوبة، وفي (ب) و(ج): اقتصر من الآية على قوله: (وإن أحد).
(11) أي كلام ابن مالك في شرح التسهيل [ 216/ أ ].
(12) هذا اعتراض على قول الكوفيين، وقد اعترض به عليهم العلامة ابن يعيش في شرح المفصل 2/12.(15/25)
أجيب(1) بأنا لا نُسَلَّم ذلك، بل يجوز تعليل الأمور الوضعية بالأعدام. سلّمنا(2) أنه لا يجوز، فلا نسلم أن التجرد من الناصب والجازم عَدَمي، لأنه عبارة عن استعمال المضارع على أوّل أحواله، مخلصا عن لفظ يقتضي تغييره، واستعمال الشيء والمجيء به على صفة ما ليس عدميا(3).
وقد يكون الفعل المضارع مجزوما بجازم مقدر، فيُظن أنه مجزوم مع تجرده، كقوله:
51- محمدُ تَفْدِ نَفْسَكَ كُلُّ نَفْسٍ
إِذَا مَا خِفْتَ مِن شَيءٍ تَبَالاَ(4)
أي لتفد(5).
وقد تحذف الضمة(6) لضرورة الشعر، فيسكّن(7) ويصير على صورة المجزوم المجرد، كقول امرىء القيس:
52- فاليومَ أشربْ غيرَ مُسْتَحْقِبٍ
__________
(1) أجاب بذلك ابن الناظم في شرح الألفية ص 665، وفي (أ): (وأجيب) بالواو، وفي (ب) لم يذكر هذه الكلمة وترك لها فراغا بقدرها.
(2) كان المفروض أن يقول: (فإن سلمنا) لكن لعله سار على طريقة الجدليين، وهي كذلك.
(3) ينظر شرح الألفية لابن الناظم ص 665.
(4) البيت من الوافر، وقد اختلف في قائله.
فنسبه الرضي لحسان بن ثابت ونسبه ابن هشام لأبي طالب وقيل: هو للأعشى، ولم أجده في ديوان واحد منهم، وفي (أ) ذكر الشطر الأول من البيت فقط.
التبال: أي العاقبة.
والبيت من شواهد سيبويه (3/8 هارون) والمقتضب 2/132 والإنصاف 2/530 وشرح المفصل لابن يعيش 7/35 والمقرب 1/272 وشرح الكافية للرضي 2/268 وشرح الشذور ص 211 والمغني ص 297 والهمع 2/55 وشرح الأشموني 4/5 والخزانة 9/11.
والشاهد فيه (تفد) حيث إنه مجزوم بحرف مقدر، وأصله (لتفد).
(5) هذا تقدير سيبويه والكوفيين على اعتبار أنه مجزوم بجازم مقدر، وقيل: إنه مرفوع بضمة مقدرة على الياء المحذوفة للضرورة. ينظر الكتاب 3/8 وأسرار العربية ص 321.
(6) في (ب) و (ج): (يحذف بضمة) وهو تحريف.
(7) في (ب) و (ج): (فيستكثر) ولا معنى لها هنا.(15/26)
إثمًا من الله ولا وَاغِل(1)
والله أعلم (2).
__________
(1) البيت من السريع، وهو من قصيدة طويلة قالها امرؤ القيس حين أدرك ثأر أبيه. وفي (أ) لم يأت إلا بالشطر الأول فقط.
غير مستحقب: غير حامل لإثم، واغل: أصله الداخل في الشيء والمراد هنا الآثم.
وما ذكره الشارح هو رواية سيبويه والنحويين. ورواية الديوان المحقق (فاليوم فاشْربْ) ولا شاهد فيها. ينظر ديوان امرىء القيس ص 258.
والبيت من شواهد سيبويه 4/204 وشرح المفصل 1/48 وضرائر الشعر ص 94 والمقرب 2/204 والارتشاف 3/293 وشرح اللمحة البدرية 2/334 وشرح الشذور ص 212 والتصريح 1/88 والخزانة 8/350.
والشاهد حذف ضمة المضارع المرفوع وتسكينه لضرورة الشعر.
(2) زيادة من (ج) و(ب).(15/27)
ص: باب(1) المرفوعات عشرة.
ش: لما ذكر فيما سبق الإعراب ومحالَّه(2) إجمالا أخذ يذكرها تفصيلا.
وبدأ بالمرفوعات لكون المرفوعات عمدة الكلام، كالفاعل والمبتدأ والخبر، والمنصوب في الأصل فضلة، وإن وقع النصب في بعض العُمَد تشبيها له بالفضلات، كاسم (إن) وخبر (كان) ونحوه، والفضلة مؤخرة عن (3) العمدة. والمجرورات في الأصل منصوبة المحل، فهي أحط رتبة من المنصوبات في اللفظ والمحل فأخرت عنها.
ص: أحدها الفاعل، وهو ما قُدّم الفعل أو شِبْهُه عليه، وأسند إليه على جهة قيامه به أو وقوعه منه، كعَلِمَ زيدٌ(4) ومات بكرٌ وضَرَبَ عمرٌو و {مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ}(5).
ش: بدأ من المرفوعات (6) بالفاعل.
قال (7): لأن عامله لفظي وعامل المبتدأ معنوي، ولأن رفعه للفرق بينه وبين المفعول.
وقال غيره من المحققين (8): ينبغي أن يعلَّل تقديمه بكون الرفع في الأصل له وغيره محمول عليه (9).
وقد ذكر المصنف (10) مثل ذلك في تقديم المفعول.
وحدّه بقوله: (ما) إلى آخره، فقوله: (ما)(11) أي اسم، فهو كالجنس.
وقوله: (قُدِّم الفعل) إلى آخره كالفصل.
__________
(1) ساقطة من (أ) و(ب) وأثبتها من (ج) وشذور الذهب ص 10.
(2) في (أ) و (ب): ومحله. والمثبت من (ج).
(3) من قوله: العمد تشبيها. إلى هنا ساقط من (أ) و (ب) وأثبته من (ج).
(4) في (ج): كقام، دون ذكر الفاعل.
(5) من الآية 28 من سورة فاطر. ومن الآية 69 من سورة النحل.
(6) في (أ) و (ب): وبدأ بالمرفوعات بالفاعل. والمثبت من (ج).
(7) أي ابن هشام في شرح الشذور ص 158.
(8) هو الرضي في شرح الكافية 1/71.
(9) اختلف العلماء في أصل المرفوعات، فقيل: الفاعل، وهو قول الخليل، وقيل: المبتدأ، وهو منسوب لسيبويه، وقيل: كلاهما أصل، واختاره الرضيّ. ينظر شرح الكافية للرضي 1/70 وهمع الهوامع 1/93.
(10) شرح شذور الذهب ص 213.
(11) إلى آخره، فقوله: (ما)] ساقطة من (ج).(16/1)
فخرج بقيد تقديم الفعل أو شبهه عليه المبتدأ في نحو زيدٌ قام، وزيدٌ قائم، لأنه وإن أسند الفعل أو شبهه فيهما(1) إلى (زيد) لكنه لم يقدم عليه فهو مبتدأ لا فاعل.
وقوله: (وأُسند) أي الفعل أو شبهه، (إليه) أي إلى الفاعل.
فخرج المفعول من نحو ضربت زيدا، وأنا ضارب زيدا، لأنه صدق أنه قُدِّم عليه فعل أو شبهه، لكن لم يسند الفعل (2) أو شبهه إليه.
وقوله: (على جهة قيامه به أو وقوعه منه) [فيه احتراز عن المفعول الذي لم يُسمَّ فاعله فإنه على جهة وقوعه عليه](3) لا على جهة قيامه به، أو وقوعه منه. وفيه أيضا تنويع للفاعل إلى نوعين:
نوع يكون المسند وشبهه قائما به، كعَلِم زيد، ومات بكر، ومنه {مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ}(4).
ونوع يكون المسند وشبهه واقعا منه، كضرب عمرو، ومنه زيدٌ ضاربٌ أبوه عمرا.
والمراد بشبه الفعل 25/أ اسم الفاعل والصفة المشبهة به والمصدر واسمه وأفعل التفضيل ونحو ذلك مما يعمل عمل الفعل(5).
فإن قيل: يدخل في هذا الحد المبتدأُ في نحو قولك: (قائم زيد)(6) لأن المسند قُدِّم عليه فالجواب هو(7) مؤخر تقديرا، وتقديمه كَلاَ تقديم.
ص: الثاني نائبه(8)، وهو ما حذف فاعله وأقيم هو مقامه، وغُيّر عامله إلى طريقة (فُعِلَ) أو (يُفْعَل) أو (مفعول).
ش: الثاني من المرفوعات نائب الفاعل، ولهذا جعله تِلْوَه في الترتيب. وهو الذي يعبر عنه بالمفعول الذي لم يسم فاعله.
واستحسن المصنف (9) العبارة الأولى (10)
__________
(1) في (أ) و (ب): عليه فيهما.
(2) في (ج): الفاعل، وهو تحريف.
(3) ما بين المعقوفين ساقط من (أ) و (ب)، وأثبته من (ج).
(4) من الآية 28 من سورة فاطر ومن الآية 69 من سورة النحل.
(5) ينظر الارتشاف 2/180 وشرح اللمحة البدرية 1/299-302.
(6) في (أ) و (ب): زيد قام، وهو خطأ صوابه من (ج).
(7) أي المسند، وهو قائم، لأن الأصل زيد قائم.
(8) سقطت من (أ). وهي في (ب) و (ج) وشذور الذهب.
(9) في شرح شذور الذهب ص 159.
(10) في (أ) و (ب): واستحسن الأولى.
وهي عبارة (النائب عن الفاعل) وأول من أطلق هذه العبارة ابن مالك، قال الخضري في حاشيته على شرح ابن عقيل 1/167 (وهي أولى وأخصر من قول الجمهور) وينظر التسهيل ص 77 والتصريح 1/286.(16/2)
على الثانية لوجهين:
الأول: أنه قد يكون غير مفعول، من ظرف أو مصدر أو مجرور.
الثاني صدق الثانية (1) على (دينارا) من قولك: أعطي زيد دينارا، وهو ليس بنائب(2). انتهى
وكلا الوجهين مما ينازع (3) فيه، وذلك لأن المفعول الذي لم يسمّ فاعله صار عَلَمًا بالغلبة في عُرفهم على ما يقوم مقام الفاعل من مفعول أو غيره بحيث لو أطلق على ما يقوم مقام الفاعل من مفعول أو غيره (4) فهم منه ذلك ولا يخرج عنه شيء، ولا يدخل فيه غيره، فليتأمل.
وحدّه بقوله: (وهو ما..) إلى آخره، فقوله: (ما) كالجنس.
وقوله: حذف [فاعله](5) يخرج المفعول الذي ذُكر فاعله، كضربت زيدا.
وقوله: (وأقيم هو مقامه) يخرج ما حذف فاعله ولم يقم مقامه، ك(درهما) من قولك: أعطي زيدٌ درهماً، فإنه حذف فاعله لكنه لم يقم مقامه.
ومقتضى قوله: (وغيّر عامله) إلى آخره أنه تتميم للحد.
والظاهر تمامه(6) بدونه، فإن الغرض بيان ماهية النائب، وهو حاصل بدون ذلك وتغيير الفعل إنما هو شرط لإنابته، وليس لنا ما ينوب عن الفاعل بعد حذفه مع عدم(7) تغيير الفعل له حتى يحترز عنه، فإذاً لا حاجة إليه لا للإدخال ولا للإخراج، إلا أنه حسن(8) لأن النائب لا يكون فعله إلا كذلك، ففيه مزيد إيضاح.
إذا علمت ذلك فحذف الفاعل قد يكون للجهل به، كسُرق المتاعُ، أو لغرض لفظي، كتصحيح(9)
__________
(1) أي العبارة الثانية. وفي (ج): صدق النيابة وهو تحريف.
(2) عبارة ابن هشام في شرح الشذور ص 159: أن المنصوب في قولك: أعطي زيد دينارا، يصدق عليه أنه مفعول الذي لم يسم فاعله، وليس مقصودا لهم.
(3) في (أ) و (ب): تنوزع. والمثبت من (ج).
(4) من قوله: (على ما يقوم.) إلى هنا ساقط من (ج).
(5) ساقطة من (أ) و (ب)، وأثبتها من (ج).
(6) في (أ) و(ب): تتميه. والمثبت من (ج).
(7) ساقطة من (أ) و (ب) وأثبتها من (ج).
(8) ساقط من (ج).
(9) في (ج): كصحيح وهو تحريف، ومثال تصحيح النظم قول الشاعر:
عُلقتها عرضاً وعُلِّقت رجلاً غيري وعُلِّق أخرى ذلك الرجل.(16/3)
النظم، أو معنوي وهو كثير ومنه الخوف عليه و تعظيمه وتحقيره(1).
والتغيير الحاصل في الفعل بعد حذف الفاعل يكون في الماضي بضم أوله وكسر ما قبل آخره ليدخل في ذلك الثلاثي المجرد والمزيد، والرباعي المجرد والمزيد فيه، نحو فُعِل ك(ضُرب) وأُفعِل ك(أُخرِج) وافتُعل ك(اقتُدر) واستُفعِل ك(استُخرِج) وفُعِل ك(عُلم) وفُوعِل ك(قُوتِل) ونحو فُعلِل ك(دُحرِج) وتُفُعلِل ك(تُدُحْرِج)(2).
و يكون في المضارع بضم أوله (3) وفتح ما قبل آخره، فيدخل فيه ما كان من الثلاثي المجرد، ك(يُضرَب) والمزيد ك(يُقتَدَر) و(يُستخرَج) والرباعي المجرد ك(يُدحرَج) والمزيد ك(يُتدحرَج)(4) وأمثال ذلك.
وأشار إلى نوعي التغيير المذكور بقوله: (إلى طريقة (فُعِل) أو (يُفعَل) فكأنه قال: إن كان ماضيا فضُمّ أوله واكسر ما قبل آخره، ك(فُعل) وإن كان مضارعا فضُمّ أوله وافتح ما قبل آخره، ك(يُفعل).
وخصّ الثلاثي بالذكر لكونه أصلاً.
وقوله: (أو مفعول) يبيّن به أن رافع النائب، كما يكون فعلا، كذلك يكون شبه الفعل، ك(مفعول)(5).
__________
(1) وهناك بواعث أخرى لحذف الفاعل، تنظر في الارتشاف لأبي حيان 2/184 وهمع الهوامع 1/161.
(2) في (ج): ويُفَعْلَلُ كيُدحْرجُ، و هذا مثال للمضارع ولم يأت الكلام عليه بعد.
(3) في (أ) و(ب): بكسر أوله. وهو وهم. والمثبت من (ج).
(4) قوله: والمزيد كيتدحرج، ساقط من (ج).
(5) نحو أمضروب الزيدان.(16/4)
ولفظ مفعول في قوله: (أو مفعول) معطوف على (فُعِل)(1) [أي](2) يغيّر شبه الفعل(3) الذي هو العامل في النائب إلى طريقة مفعول ليعمَّ ذلك ما كان من الثلاثي المجرَّد ك(مفعول) وما كان من المزيد، ك(مُستخرَج)، وما كان من الربا عي (4) ك(مُدَحْرَج)(5) أو المزيد ك(مُتَدَحْرَج به). والله أعلم.
ص: وهو المفعول به، نحو{وَقُضِيَ الأَمْر}(6) فإن فقد فالمصدر نحو {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ}(7){فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}(8) أو الظرف نحو(صِيْمَ رمضانُ) و (جُلِسَ أمامُكَ) والمجرور نحو {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}(9) ومنه {لا يُؤْخَذْ مِنْهَا}(10).
ش: أي النائب عن الفاعل بالأصالة هو المفعول به 25/ب نحو{وَقُضِيَ الأَمْرُ}(11) فإن أصله قضى اللهُ الأمر، فأنيب المفعول الذي هو (الأمر) عن الفاعل بعد حذفه في رفعه بعد أن [كان منصوبا، وعمديّته بعد أن كان فضلة، واستحقاق الاتصال بالفعل بعد أن كان (12)] حقه الانفصال منه، وتأنيث الفعل له (13).
__________
(1) في قول المصنف: وغير عامله إلى طريقة فعل أو يفعل أو مفعول.
(2) زيادة لإكمال العبارة.
(3) من قوله: كمفعول إلى هنا ساقط من (أ) و (ب) بسبب انتقال النظر.
(4) المجرد.
(5) في (ج): (كمدرج) وهو تحريف ظاهر.
(6) من الآية 210 من سورة البقرة و 44 من سورة هود.
(7) الآية 13 من سورة الحاقة.
(8) من الآية 178 من سورة البقرة.
(9) من الآية 7 من سورة الفاتحة.
(10) من الآية 70 من سورة الأنعام.
(11) من الآية 210 من سورة البقرة و 44 من سورة هود.
(12) ما بين الحاصرتين ساقط من (أ) و (ب). وأثبته من (ج).
(13) إذا كان النائب عن الفاعل مؤنثا. تنظر أحكام نائب الفاعل في أوضح المسالك 1/373 وشرح قطر الندى ص 188.
وقول الشارح: (وتأنيث الفعل له) غير دقيق، لأن الفعل لا يوصف بتذكير ولا بتأنيث، لأنهما من خواص الأسماء، وإنما تلحق الفعل علامة تأنيث الفاعل.(16/5)
فإن فُقد المفعول به أُنيب عن الفاعل أحد هذه المذكورات، أعني المصدر المختص(1). نحو {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ}(2) إذْ المصدر فيها مختصُّ(3). ونحو {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}(4) لأن تقديره كما قال المصنف (5): فمن عُفي له عفوٌ ما (6) من جهة أخيه.
أو ظرف الزمان، نحو صِيْم رمضانُ، أو المكان، كجُلس أمامُك، والجار والمجرور، ومثّل له بقوله تعالى:{غَيْرِ الْمَغْضُوب}(7) ف(عليهم) هو النائب عن الفاعل. وقوله: ومنه {لاَ يُؤْخَذْ مِنْهَا} في قوله تعالى: {وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْهَا}(8) ف(منها) نائب عن الفاعل مرفوع ب(يؤخذ). وإنما قال الشيخ: (ومنه) لأن هذا الإعراب خلاف المتبادر إلى الفهم من ظاهر الآية، إذْ ظاهرها يقتضي أن النائب ضمير مستتر(9) في (يُؤخذ).
وهو أيضا صحيح إن أُوِّل (يُوْخذ) ب(يُقبل)(10) ولأجل هذا(11) عدل المصنف عنه (12).
تنبيهات:
__________
(1) المصدر المختص هو المفيد معنى زائدا على معناه المبهم وهو الحدث المجرد، ليكون في الإسناد إليه فائدة، ويكون ذلك بتقييده بوصف أو إضافة أو عدد، ويشترط كذلك أن يكون متصرفا أي لا يلازم النصب على المصدرية كـ(مَعَاذ) و (سبحان).
تنظر حاشية الصبان على شرح الأشموني 2/64.
(2) الآية 13 من سورة الحاقة.
(3) أي مختص بالوصف، وهو قوله: (واحدة).
(4) من الآية 178 من سورة البقرة.
(5) شرح شذور الذهب لابن هشام ص 160.
(6) في (أ) و (ب): (عفواً من جهة أخيه) وهو خطأ، صوابه من (ج) وشرح الشذور.
(7) من الآية 7 من سورة الفاتحة.
(8) من الآية 70 من سورة الأنعام، وهذه الآية لم ترد في (ج).
(9) في (ج): أن يكون النائب ضميراً مستتراً.
(10) وهذا الإعراب هو الذي صححه العلماء. ينظر البحر المحيط 4/156 وحاشية العدوي على الشذور 1/171.
(11) أي لأجل التأويل.
(12) ينظر شرح شذور الذهب لابن هشام ص 162.(16/6)
الأول قوله: (فإن فُقِد) صريح في أنه لا ينوب بعض الأشياء مع وجود المفعول به، وهو مذهب جمهور البصريين(1).
ومذهب الأخفش(2). والكوفيين (3) جواز ذلك مطلقا.
ونُقل عن الأخفش(4) أيضا أنه إنما يجوز ذلك إذا تقدم النائب.
__________
(1) ينظر المقتضب 4/51 وشرح الكافية للرضي 1/84 والتصريح 1/290 وشرح الأشموني 2/67.
(2) هو أبو الحسن سعيد بن مسعدة، الأخفش الأوسط مولى بني مجاشع، قرأ النحو على سيبويه وكان أسنّ منه واتّصل بالكسائي وأدّب أولاده، وقرأ له كتاب سيبويه. وأخذ عنه العلم المازني والجرمي والسجستاني والرياشي وغيرهم، وله من المؤلفات معاني القرآن والأوسط والمقاييس والقوافي والعروض وغيرها واختلف في سنة وفاته، والأرجح أنها سنة 215 ه. تنظر ترجمته في مراتب النحويين ص 111 وطبقات النحويين ص 72 وإنباه الرواة 2/36 ومعجم الأدباء 1/244 وبغية الوعاة 1/590. وينظر مذهبه هذا في شرح الكافية الشافية لابن مالك 2/609 وارتشاف الضرب 2/194 والتصريح 1/290.
(3) في (ج): الكوفيون، وهو خطأ. وينظر مذهبهم في شرح الكافية للرضي 1/84 وهمع الهوامع 1/162.
(4) نقل هذا القول عن الأخفش ابن جني في الخصائص 1/397 فقال: (وأجاز أبو الحسن: ضُرِب الضربُ الشديد زيدا ودُفع الدفعُ الذي تعرف إلى محمد دينارا وقُتِل القتلُ يوم الجمعة أخاك ونحو هذه من المسائل، ثم قال: هو جائز في القياس، وإن لم يرد به الاستعمال وينظر ارتشاف الضرب 2/194.(16/7)
ورجح ابن مالك(1) مذهب الكوفيين، قال: لورود السماع بذلك، كقراءة أبي جعفر(2) {لِيُجْزَيَ قَوْماً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}(3)، وغير ذلك(4).
الثاني ظاهر (5) قوله: (فالمصدر أو الظرف أو المجرور) أنه لا أوّلية لشيء منها على غيره (6).
وقال بعضهم (7): المجرور أولى.
ونُقل عن الشيخ أبي حيان (8) أوّلية ظرف المكان (9).
__________
(1) في شرح التسهيل [ الورقة 86/ أ] وشرح الكافية الشافية 2/609 وذكر على ذلك أربعة شواهد ترجح مذهبهم.
(2) هو يزيد بن القعقاع المخزومي المدني، يكنّى بأبي جعفر، أحد القراء العشرة، تابعي مشهور، عرض القرآن على ابن عباس وأبي هريرة، وروى عنه نافع وغيره، مات سنة 130ه. تنظر ترجمته في معرفة القراء الكبار للذهبي 1/72 وغاية النهاية في طبقات القراء 2/382.
(3) من الآية 14 من سورة الجاثية. وقراءة أبي جعفر هذه في المبسوط في القراءات العشر لابن مهران ص 339 والنشر 2/372 وإتحاف فضلاء البشر ص 390.
(4) شرح عمدة الحافظ لابن مالك ص 187 وشرح التسهيل [ق 86/ أ ] مع تصرف يسير في العبارة.
(5) ساقطة من (ج).
(6) هذا مذهب البصريين. ينظر المقتضب 4/51 وأسرار العربية ص 95.
(7) هو ابن معط. تنظر (الفصول الخمسون) ص 177 وشرح ألفية ابن معط لابن القواس 1/622.
(8) هو محمد بن يوسف بن علي، أثير الدين، أبو حيان، الأندلسي، نحوي عصره ولغويه ومفسره، تعلم على ابن الصائغ وابن النحاس وجماعة، برع في الحديث والتفسير والعربية والقراءات، وأخذ عنه أكابر عصره كابن أم قاسم وابن عقيل والسمين الحلبي وناظر الجيش، وترك مصنفات كثيرة منها البحر المحيط والتذييل والتكميل وارتشاف الضرب والمبدع. وقد توفي سنة 745ه. تنظر الدرر الكامنة 4/302 وبغية الوعاة 1/280 وشذرات الذهب 6/145 والأعلام 7/152.
(9) نص على ذلك في الارتشاف 2/194 حيث قال: (واخترت ظرف المكان).(16/8)
الثالث استغنى بما ذكره من أمثلة هذه الأشياء عن ذكر شروطها، فيشترط في كل من المصدر والظرف الاختصاص والتصرف، وأن يكون ملفوظا به. وفي المجرور ألاَّ يلزم الحرف الجار طريقة واحدة(1) في الاستعمال ك(مُذ) و(رُبَّ) والكاف، وما خُصّ بقَسَم أو استثناء (2).
فلا ينوب شيء من ذلك، كما لا تنوب الظروف غير المتصرفة (3).
ص: ولا يحذفان، بل يستتران.
ش: لما فرغ من ذكر حد الفاعل ونائبه شرع يبين أحكاما اشتركا فيها.
فالأول [منها](4) أنه لا يجوز حذف واحد منهما لأنهما عمدتان، والعُمَد لا يجوز حذفها.
وخالف في هذا الحكم(5)بعض النحويين(6) فجوّز حذفهما، متمسكا في الفاعل بظواهر وردت، وقياسا لنائبه عليه.
فممّا تمسّك به في حذف الفاعل قوله عليه الصلاة والسلام: "لا يَزْني الزاني حينَ يَزْني وهو مؤمنٌ ولا يَشْرَبُ الخمرَ حينَ يشربُها وهو مؤمن"(7)
فإن (يشرب) لا يصح أن يجعل فاعله ضميراً يعود على (الزاني) المتقدم ذكره لفساد المعنى، إذ يصير الحديث (لا يشرب الزاني الخمر حين يشربها وهو مؤمن)(8) وليس ذلك مرادا، بل المراد أن الشارب للخمر لا يباشر شربها وهو مؤمن، كما أن الزاني لا يباشر الزِّنى وهو مؤمن.
__________
(1) في (ج): (وجهاً واحداً).
(2) أحرف القَسَم هي الواو والباء والتاء، وأحرف الاستثناء هي (عدا) و (خلا) و(حاشا). ينظر توضيح المقاصد 2/29.
(3) ينظر شرح الكافية الشافية 2/608 وتوضيح المقاصد 2/29.
(4) ساقطة من (أ) و (ب). وأثبتها من (ج).
(5) في (ج): الكلام.والمقصود بالحكم حذف الفاعل أو نائبه.
(6) هو الكسائي وتبعه السهيلي وابن مضاء، ينظر همع الهوامع 1/160.
(7) الحديث أخرجه البخاري عن أبي هريرة في كتاب المظالم 3/178 ومسلم في كتاب الإيمان 1/76 وأبو داود في السنن 4/221.
(8) من قوله: فإن يشرب إلى هنا ساقط من (ج).(16/9)
وجعل الجمهور(1) فاعل (يَشْرب) ضميرا مستترا فيه عائدا على الشارب المفهوم من الشُّرب، مثل {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}(2) أي العدل المفهوم من (اعدلوا) (3) وإلى هذا (4) يشير قول المصنف: (بل يستتران).
ص: ويحذف عاملهما جوازا، نحو زيد (5) لمن قال: من قام؟ أو من ضُرب؟. ووجوبا نحو {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ}(6).
ش: الحكم الثاني مما اشترك فيه الفاعل ونائبه أن عاملهما قد يحذف لقرينة تدل عليه،26/أ وذلك على قسمين، جائز وواجب.
فالجائز كأن يقع جوابا لسؤال، نحو هل قرأ أحد؟ وهل قام أحدٌ؟ وهل ضُرب أحد؟ فتقول: (زيد) أي قرأ زيد وقام زيد و ضُرِب زيد.
وقوله: (نحو (زيد) لمن قال: من قام؟ أو من ضُرب) ذكره مثالا (7) لما حذف عامله منهما ف(زيد) في جواب من قام؟ فاعل أي قام زيد(8)، وفي جواب (من ضُرب)؟ نائب عن الفاعل أي ضُرب زيد. وكذا مثِّل ابنُ الحاجب (9).
والظاهر في مثل هذا المثال أنّ (زيدا) مبتدأ لا فاعل، والتقدير زيد القائم وزيد المضروب، ليطابق السؤال الجواب، إذ السؤال جملة اسمية فليكن الجواب كذلك (10) فالأنسب حينئذ أن يقدر السؤال بنحو هل قرأ أحد(11) ليطابقه في الجواب قرأ زيد، فتكونان فعليتين، كما قررنا.
والواجب ما فسّره فعل أسند إلى ضمير الفاعل أو نائبه، مثال الأول {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}(12).
__________
(1) ينظر التصريح 1/272 وهمع الهوامع 1/160.
(2) من الآية 8 من سورة المائدة.
(3) فالضمير (هو) يعود على (العدل) المفهوم من فعل الأمر (اعدلوا).
(4) في (ج) ولهذا.
(5) ساقطة من (ج).
(6) الآيات من 1 إلى 3 من سورة الانشقاق.
(7) في (أ): مثلا ذكره. والمثبت من (ب) و (ج).
(8) سقط من (ج) قوله: أي قام زيد.
(9) في الكافية ص 69. وقد تقدمت ترجمة ابن الحاجب في ص 217.
(10) ينظر شرح الكافية للرضي 1/76.
(11) في (ج): أن تقدر السؤال هل قرأ أحد.
(12) الآية ا من سورة الانشقاق.(16/10)
ف(انشقت) مفسر للفعل المحذوف، والتقدير إذا انشقت السماءُ انشقت، ومثال الثاني {وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ}(1) والتقدير إذا مُدّت الأرضُ مُدّت(2)، ولا يجوز فيهما إظهار هذا العامل لامتناع اجتماع العوض والمعوض منه.
ص: ولا يكونان جملة، ونحو {وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ}(3)فعلى إضمار التبيين. ونحو {وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقّ}(4) فعلى الإسناد اللفظي).
ش: الحكم الثالث مما اشترك فيه الفاعل ونائبه أن كلاّ منهما لا يكون جملة،[بل مفردا (5).
فإن جاء ما ظاهره أن الفاعل أو نائبه فيه جملة [فمؤول](6)، فمن الأول(7)] قوله تعالى: {وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ}(8) فإن ظاهره أن جملة(9) {كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ} فاعل (تَبَيَّنَ). وتأويله من وجهين:
__________
(1) الآية 3 من سورة الانشقاق.
(2) هذا مذهب البصريين، وأجاز الأخفش والكوفيون رفعه على الابتداء وما بعده الخبر.
(3) من الآية 45 من سورة إبراهيم.
(4) من الآية 32 من سورة الجاثية.
(5) هذا مذهب البصريين، وأجاز الكوفيون وقوع الجملة فاعلا. ينظر معاني القرآن للفراء 2/333 و مغني اللبيب ص 524.
(6) زيادة لا يتم المعنى إلا بها.
(7) ما بين المعقوفين ساقط من (أ) و (ب).
(8) من الآية 45 من سورة إبراهيم.
(9) في (أ) و (ب): فإن ظاهره جملة. والمثبت من (ج).(16/11)
الأول أن الفاعل ضمير يعود على مصدر مفهوم من الفعل المذكور، وتقديره: وتبين لكم هو أي التبيين. وإلى هذا أشار المصنف بقوله: (على إضمار التبيين). الثاني أنه ضمير يعود على معلوم من سياق الكلام، أي تبين لكم هو أي حالهم(1). ومما يوهم أن الجملة نائبة فيه عن الفاعل قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقّ}(2). فإن ظاهره أن جملة {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقّ} نائبة عن الفاعل(3). وجوابه أنه ليس من الإسناد المعنوي الذي الكلام فيه، وإنما هو من الإسناد اللفظي، والإسناد اللفظي يجيئ في جميع الألفاظ (4)
ص: (ويؤنث فعلهما لتأنيثهما، وجوبا في نحو (الشمسُ طَلَعتْ) وقامت هند أو الهندان أو الهندات.
وجوازاً راجحا في نحو (طَلَعتْ الشمسُ) ومنه (قامتْ الرجالُ أو النساءُ أو الهنودُ وحضرت القاضيَ إمرأةٌ، ومثل قامت النساء (نعمت المرأةُ هند) ومرجوحا في نحو ما قام إلا هند. وقيل: ضرورة).
ش: الحكم الرابع مما اشتركا فيه تأنيث الفعل بتاء التأنيث الساكنة في آخر الماضي، وبتاء المضارعة في أول المضارع، لأجل تأنيثهما.
وهو إما أن يكون واجبا أو جائزا راجحا أو مرجوحا.
القسم الأول الواجب، وهو في مسألتين (5):
__________
(1) ينظر في ذلك التبيان للعكبري 2/773 وشرح الكافية الشافية 2/600.
(2) من الآية 32 من سورة الجاثية.
(3) كذا في (ج) وفي (أ) ر (ب): (نائب عن فاعل قيل).
(4) قال ابن هشام في المغني ص 525: "وقولهم: (الجملة لا تكون فاعلا ولا نائبا عنه جوابه أن التي يراد بها لفظها يحكم لها بحكم المفردات". وعلى ذلك فالمعنى في الآية: وإذا قيل لهم هذا القول. ومعنى كونه يجري في جميع الألفاظ، أنه يكون في الاسم والفعل والحرف والجملة.
(5) ينظر في ذلك شرح الكافية للرضى 2/169 وتوضيح المقاصد 2/9.(16/12)
الأولى أن يكون الفاعل أو نائبه ضميراً مؤنثا، سواء كان تأنيث (1) مفسره(2) حقيقيا، نحو هندٌ قامت أو تقوم، وهند ضُربت أو تُضرب.
أو (3) مجازيا، نحو الشمس طَلَعتْ أو تَطْلُعُ، وأُطْلِعتْ أو تُطْلَع، وإلى هذا أشار المصنف بقوله: (في نحو الشمس طلعت).
الثانية أن يكون حقيقي التأنيث متصلا بالفعل، نحو قامتْ هند أو تَقومُ هند، وضُربتْ هند أو تُضرَب هند. وإلى هذا أشار بقوله: (وقامت هند).
والتزمت التاء في فعل المثنى والمجموع المؤنث الذي واحده حقيقي التأنيث، نحو قامت الهندانِ والهنداتُ لسلامة نظم واحده، وهو ما أشار إليه المصنف رحمه الله حيث مثَّل للمسألة الثانية من مسألتي وجوب التأنيث(4)، بقوله: (قامت هندٌ أو الهندانِ أو الهنداتُ).
القسم الثاني الراجح التأنيث، وهو أيضا 26/ب في مسألتين:
المسألة الأولى أن يكون الفاعل (5) مجازي التأنيث، نحو طلعت الشمسُ [ أو تطلع الشمسُ](6) وأُطلِعت الشمسُ أو تُطلَع الشمسُ.
وإلى هذه المسألة أشار بقوله: (في نحو طَلَعت الشمسُ).
__________
(1) في (أ) و (ب): (تأنيثه). والمثبت من (ج).
(2) المراد به الاسم المتقدم على الفعل.
(3) كذا في النسخ، والأولى (أم).
(4) من قوله: (المصنف رحمه الله.) إلى هنا ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج).
(5) في (أ) و (ب): الفعل، وهو خطأ، صوابه من (ج).
(6) ما بين المعقوفين ساقط من (أ) و (ب). وأثبته من (ج).(16/13)
ومن هذا الصيغة الدالة على الجمع، سواء كانت صيغة جمع تكسير للمذكر كالرجال أو المؤنث كالهنود، أو اسم جمع كالنساء، أو اسم جنس ك(لَبِن)(1) أو جمع تصحيح لم يسلم فيه بناء الواحد، ك(سنون)(2).
فإنه يجوز تأنيث الفعل باعتبار الجماعة وتذكيره باعتبار الجمع (3).
وأما جمع المذكر السالم فيه بناء الواحد (4) فيتعين فيه التذكير، لأجل سلامة نظم الواحد فيه، ولذلك قال (5) الشيخ: (ومنه) إلى آخره، وسكت عنه (6).
المسألة الثانية(7) أن يكون منفصلا من فعله بفاصل غير (إلاّ) فإنه لا يجب فيه تأنيث الفعل، وإن كان حقيقي التأنيث.
وأشار المصنف إلى هذه المسألة بقوله: (حَضَرت القاضيَ امرأةٌ) فيجوز ترك التأنيث (8) فيه للفصل بين الفعل وفاعله بالمفعول الذي هو (القاضي)(9).
__________
(1) لَبِن) اسم جنس جمعي واحده (لَبِنة) وهي من المواد التي تبنى بها البيوت. ينظر معناها في اللسان 13/375 (لبن).
(2) في (ج): (بنون)، والمعنى أنه لما جُمع تغير فيه بناء المفرد بحركة أو حذف، فـ(بنون) جمع (ابن) وقد حذفت منه الواو عند الجمع، لأن أصل المفرد (بنو) ومثله (سنون). ينظر التصريح1/280.
(3) وهذا باتفاق البصريين والكوفيين، ينظر الارتشاف 1/353 والهمع 2/171.
(4) أي الذي لم يتغير فيه بناء الواحد بعد جمعه، مثل: (مسلمون) و (قائمون).
(5) ساقطة من (أ). وأثبتها من (ب) و (ج).
(6) أي سكت عن بيان حكم جمع المذكر السالم فيه بناء الواحد للعلم به، وفي (أ) و(ب): (سكت عليه).
(7) في (ج): (الثالثة) وهو تصحيف، لأن المسائل ثنتان لا ثلاث كما ذكر سابقا.
(8) في (أ) و (ب): التاء، والمراد تاء التأنيث.
(9) قال في التصريح 1/279: "وإنما لم يجب التأنيث مع الفصل لأن الفعل بعد عن الفاعل المؤنث وضعفت العناية به وصار الفصل كالعوض من تاء التأنيث ". وينظر أيضا شرح الأشموني 2/52.(16/14)
وقوله: (ومثل قامت النساء نعمت المرأة هند) [ أي أن فاعل (نعم) وإن كان حقيقي التأنيث، ك(نِعْمَتِ المرأةُ هند)] (1) وفي معناه [فاعل (بئس)] ك(بِئْسَت المرأةُ هند) يُعطى حكم جمع التكسير، وما أُلحق به في سقوط التاء وثبوتها مع فعله.
فتقول: [نعمَ المرأةُ هند، و]نِعْمَت المرأةُ هند، وبئست المرأة هند، وبئس المرأة هند. وإن كان الفاعل حقيقي التأنيث، لأن الجنس مقصود بفاعل (نعم) و (بئس) على سبيل المبالغة في المدح والذم.
القسم الثالث المرجوح التأنيث، وهو أن يكون الفاعل مفصولا من فعله ب(إلاّ) نحو ما قام إلا هند، لأنه مع الفصل ب(إلا) يكون الفعل مسندا في المعنى إلى مذكر(2)، فحمل على المعنى غالبا، وترك التأنيث.
وقد يؤنث قليلا، نظرا إلى اللفظ، نحو ما قامت إلا هند.
و قيل (3): إن التأنيث لا يجوز، وإن ورد منه في (4) كلام العرب شيء (5) حُمل على الضرورة. والله أعلم.
ص: ولا تلحقه علامة تثنية(6) ولا جمع، وشذّ نحو (أكلوني البراغيثُ).
ش: الحكم الخامس مما اشترك فيه الفاعل ونائبه أن الفعل المسند إلى واحد منهما لا تلحقه علامة تثنية إن كان مثنى، نحو ضَرَبَ الزيدانِ عمرًا، وضُرب الزيدانِ، ولا علامة جمع إن كان مجموعا، نحو قام الزيدون وقام الرجال وضُرب الزيدون وضُرب (7) الرجال، ونحو قامت الهندات.
ومن العرب(8) من يلحق بالفعل مع الاثنين ألفا ومع الجمع المذكر واواً ومع جمع المؤنث نوناً.
__________
(1) ما بين المعقوفين في هذا الموضع وما بعده ساقط من (أ) و (ب). وأثبته من (ج).
(2) لأن التقدير: ما قام أحد إلا هند.
(3) هذا قول الأخفش، حيث أوجب التذكير، لأن ما بعد إلا ليس هو الفاعل في الحقيقة وإنما هو بدل منه. ينظر التصريح 1/279.
(4) في (أ) و (ب): (من) بدل (في).
(5) ساقطة من (ج).
(6) في (ج): تأنيث، وهو تحريف.
(7) زيادة من (ج).
(8) وهم قبائل أزدشنوءة وبني الحارث بن كعب وجماعة من طيء.
ينظر الارتشاف 1/354 وشرح الأشموني 2/48.(16/15)
فمما جاء من ذلك مما اتصلت به الألف قوله:
38- أُلفيتا عيناك عند القفا (1) ... ... ...
ومما اتصلت به الواو قولهم: "أكلوني البراغيث"(2).
وقوله(3):
39- يلومونني في اشتراء النخي ل أهلي(4).. ..
ومما اتصلت به النون قوله:
__________
(1) صدر البيت من السريع، وهو لعمر بن ملقط الطائي، من شعراء الجاهلية وعجزه:
. . . أولى فأولى لك ذا واقية
ألفيتا أي وجدتا، وفي (أ) و (ب): (ألفيا) وهو خطأ، أولى: كلمة تهديد.
وقد ورد البيت في نوادر أبي زيد ص 268 والأمالي الشجرية 1/132 وشرح المفصل 3/88 والارتشاف 2/26 والمغني ص 485 وتخليص الشواهد ص 474 والعيني 2/458 والتصريح 1/275 والخزانة 9/21.
والشاهد فيه إلحاق ألف التثنية بالفعل المبني للمجهول مع وجود نائب الفاعل بعده. وخرَّجه على أنه لغة لبعض العرب.
(2) معناه: اعتدت البراغيثُ عليّ، وقائل هذا القول هو أبو عمرو الهذلى، وقد أورده سيبويه في الكتاب 1/19 وأبو عبيدة في مجاز القرآن 2/34.
(3) في (أ) و (ب): (قولهم) في هذا الموضع والذي بعده، والمثبت من (ج).
(4) جزء من بيت من المتقارب، وهو بتمامه:
يلومونني في اشتراء النخيـ ـــل أهلي فكلهم يعذل
وهو لأحيحة بن الجلاح من قصيدة في ديوانه ص 71.
ونسب لأمية بن أبي الصلت وهو في ملحق ديوانه ص 554، ورجح جامع ديوانه أن البيت ليس له وإنما هو لأحيحة. وفي الديوان (قومي) بدل (أهلي) ورُوي (أَلْوَمُ) والصواب (يعذل) لأن القصيدة لامية في الديوانين. والبيت في معاني القرآن للفراء 1/316 والأمالي الشجريه 1/133 وشرح المفصل 3/87 وارتشاف الضرب 2/26 ومغني اللبيب 478 والعيني 2/460 والتصريح 1/276 وهمع الهوامع /160 وشرح الأشموني 2/47 والدرر اللوا مع 2/ 283.
والشاهد إلحاق الفعل (يلوم) علامة الجمع والإتيان بالفاعل ظاهرا بعده.(16/16)
40- نتج الربيع محاسنا ألقحنها غُرّ السحائب (1)
واختلف النحويون في ذلك ونحوه، فمن قائل: إن هذه اللواحق حروف دالة على تثنية الفاعل وجمعه، كما ألحقت تاء التأنيث دالة على ثأنيثه(2).
ومن قائل: إنها ضمائر(3) وإنها الفاعل، والمرفوع بعدها إما مبتدأ مؤخر وإما بدل (4)منها.
وهذا الثاني ضعيف، لأن أئمة اللغة والنحو نقلوا أن اتصال هذه الأحرف بهذه الأفعال لغة لقوم معينين من العرب، وهم طيء وغيرهم(5).
وتقديم الخبر أو الإبدال من الضمائر شائع عند الجميع(6)، وإن أدى إلى الإضمار قبل الذكر.
27/أ فإن قيل: فلم كان الفصيح الدلالة على تأنيث الفاعل وعدم الدلالة على تثنيته وجمعه، وما الفرق؟
فالجواب أن تثنية الفاعل وجمعه يُعْلمان من لفظه، وتأنيثه قد لا يعلم من لفظه، بأن يكون مقدر التأنيث(7).
تنبيه:
__________
(1) البيت من مجزوء الكامل، وهو لأبي فراس الحمداني، وهو ممن لا يحتج بشعره لتأخر زمانه. ولم أجد هذا البيت في ديوانه.
وقد ورد البيت في شرح شذور الذهب لابن هشام ص 178 والعيني ص 2/460والتصريح 1/276 وهمع الهوامع 1/160. وأورده الشارح مثالا على إلحاق نون النسوة بالفعل (ألقح) مع كونه مسندا إلى الاسم الظاهر بعده، وهو (غرّ السحائب).
(2) هذا قول سيبويه وجمهور البصريين. ينظر الكتاب 2/40- هارون وشرح الكافية الشافية 2/581.
(3) لم أجد من نسب هذا القول إلى قائل معين. ينظر همع الهوامع 1/160.
(4) في النسخ (بدلا) بالنصب، والصواب ما أثبته.
(5) وممن نقل ذلك سيبويه وأبو عبيده وغيرهما. ينظر الكتاب 1/19- هاررن ومجاز القرآن 2/ 34.
(6) أي جائز عند جميع العرب، وفي (ج): وتقديم الخبر أو الإبدال من الضمير سائغ قبل الجميع.
(7) كما في هند وسعاد.(16/17)
يؤخذ من قوله: (وشذّ..) إلى آخره أن هذه اللواحق للأفعال على هذه اللغة(1) حروف دلُّوا بها على التثنية والجمع، إذْ لو كانت ضمائر، وكانت الظواهر بعدها أبدالا أو مبتدآت لما صحّ الحكم على ذلك بالشذوذ والخروج(2) عن غالب اللغات، لما تقدم من أن تقديم الخبر على المبتدأ أو الإبدال لا يختصمان بأحد(3) والله أعلم
ص: الثالث المبتدأ، وهو المجرد عن العوامل اللفظية مخبرا عنه
أو وصفا رافعا(4) لمكتفى به.
ش: الثالث من المرفوعات المبتدأ، وهو قسمان:
مبتدأ له خبر، وهو الأكثر، ومبتدأ ليس له خبر ألبتة(5)، وإنما تم به وبفاعله مبتدأ على ما سنبين.
ولأجل كونه قسمين أتى المصنف في حدّه له ب(أو) الدالة على التقسيم فيه، وكأن حدّه هذا في قوة حدّين، فكأنه قال: القسم الأول هو المجرد.. إلى آخره والقسم الثاني هو الوصف.. إلى آخره.
فقوله: (المجرد عن العوامل اللفظية) أي النواسخ للابتداء التي هي إن وكان وكاد وظن وما وأخوات كلٍّ منها، وغير النواسخ(6)، وسنوضح ذلك عند شرح الأمثلة.
__________
(1) وهي لغة (أكلوني البراغيث).
(2) في (أ) و(ب): (للخروج). والمثبت من (ج).
(3) في (أ) و (ب): (لايختصان بواحد) والمثبت من (ص). والمراد لايختصان بلغة قوم عن آخرين بل يجوز تقديم الخبر على المبتدأ والإبدال منه عند جميع العرب.
(4) في (ج): (أو وصف رافع).
(5) ألبتة) همزتها همزة قطع، وأصلها المصدر (بتا) زيدت عليها (أل) وأنثت.
... قال في تاج العروس 1/534: " (لا أفعله ألبتة) بقطع الهمزة كما في نسختنا وضبط في (الصحاح) بوصلها". ثم ذكر فيها خلافا. وأن بعضهم جعلها همزة وصل.
(6) مثل الحروف الزائدة الداخلة على المبتدأ، نحو (بحسبك درهم) وسيذكر الشارح ذلك في ص 362.(16/18)
وقوله: (مخبرا عنه) يخرج الأسماء التي لا تركب(1)، فإنه يصدق عليها أنها مجردة عن العوامل اللفظية، فبذكر الإخبار خرجت.
وقوله: (أو وصفاً) إلى آخره إشارة(2) إلى القسم الثاني، يعني أن المبتدأ يكون مجردا عن العوامل اللفظية، وهو وصف رافع لمكتفى به.
والمراد بالوصف اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبَّهة(3).
وب(مرفوع) الظاهر(4)، كقولك: أقائم الزيدان، أو الضمير، كقولك [بعد ذكر الزيدين(5)]: أقائم هما(6).
وب(المُكتفى به) فاعله الذي تمت به معه الفائدة.
واحترز به عما لا يكتفى به، كقولك: أقائم أبواه زيد، فإن المرفوع بالوصف في هذا المثال(7)، وهو (أبواه) غير مكتفى به(8)، فلايكون مبتدأ، بل (زيد) هو المبتدأ والوصف خبره.
ص: (فالأول كزيد قائم {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُم}(9) و{هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ}(10). والثاني: وشرطه تقدّم نفي أو استفهام، نحو (أقائم الزيدان) و(ما مضروبٌ العمَران).
__________
(1) في (ج): لم تركب. والمراد بها الأعداد المسرودة، نحو (واحد) (اثنان) وكذلك الأسماء قبل تركيبها في الجمل، مثل (زيد)، (عمرو) ونحو ذلك. ينظر شرح الكافية للرضي 1 / 76.
(2) في (ج): أشار.
(3) ويدخل في ذلك المنسوب، نحو (أقرشي أبواك) لأنه في منزلة الصفة. ينظر التصريح على التوضيح 1/56
(4) أي ويخرج بقوله: مرفوع الاسم الظاهر. ولم ترد هذه الكلمة في المتن.
(5) زيادة من (ج)
(6) هذا قول البصريين، ومنع الكوفيون الضمير مع الوصف إلا بالمطابقة، نحو: أقائمان أنتما. ينظر همع الهوامع 1/ 94.
(7) في (أ) و(ب): في هذا الوصف. والمثبت من (ج).
(8) وذلك لأنه يشتمل على ضمير، وهذا الضمير يحتاج إلى مفسر.
(9) من الآية 184 من سورة البقرة، والتقدير (صومكم خيرلكم).
(10) من الآية 3 من سورة فاطر، فـ(من) صلة للتأكيد و(خالق) مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر و(غير) فاعل سد مسد الخبر.(16/19)
ش: ذكر في هذا الكلام أمثلة قسمي المبتدأ، فمثَّل للقسم الأول بثلاثة أمثلة: الأول (زيد قائم) وهو مثال الاسم الصريح.
والثاني {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُم}(1) وهو مثال لما هو غير صريح، بل مؤول به لأن {وَأَنْ تَصُومُوا} في تأويل صيامكم خير لكم(2).
والمبتدأ في المثالين مجرد من العوامل اللفظية.
والثالث: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ}(3) وهو مثال لما هو بمنزلة المجرد من العوامل اللفظية، وإن لم يكن في اللفظ مجردا منها(4)، لأن وجود الحرف الزائد، وهو (مِنْ) (5) في المثال المذكور كَلا وجودٍ.
وقوله: (والثاني نحو أقائم) إلى آخره، ذكر له مثالين، وفصل بجملة اعتراضية(6) أفاد بها شرط المبتدأ في القسم الثاني، وهو أن يتقدمه نفي إما بحرف، نحو ما مضروب العُمران، وهو مثال المصنف، أو بفعل نحو ليس قائمٌ البكران(7)، أو باسم، نحو غيرُ قائمٍ الزيدان(8).
أو استفهام إما بحرف، نحو أقائم الزيدان؟ وهو ما مثَّل به المصنف، أو باسم نحو كيف قائمٌ الزيدان؟(9).
تنبيهات:
__________
(1) من الآية 184 من سورة البقرة.
(2) قوله: (خير لكم) ساقط من (ج).
(3) من الآية 3 من سورة فاطر.
(4) ساقطة من (ج).
(5) ساقط من (أ) و(ب) وأثبته من (ج). وينبغي أن تسمى (مِن) هنا صلة للتأكيد ولاتكون زائدة لأن كلام الله منزه عن ذلك. ينظر شرح قواعد الإعراب للكافيجي ص 520.
(6) هي قوله: (وشرطه تقدم نفي أو استفهام).
(7) البكران هنا فاعل سد مسد خبر (ليس) ينظر التصريح 1/157.
(8) في (ج): (زيد).
(9) في (أ) و (ب): أقائم العمران وهو خطأ لأن الأستفهام فيه بحرف لا باسم والمثبت من (ج).(16/20)
الأول: جعلهم نحو {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} 27/ب من المبتدأ، وقولهم: إنه بمنزلة المجرد يدل على أن المراد بالعوامل اللفظية أعم من النواسخ كما قدمنا وهو الظاهر كما قال بعض المحققين(1)، خلافا لمن قصره على النواسخ(2).
وتصريح المصنف بأنه من القسم الأول من قسمي المبتدأ هو أحد الوجهين في إعرابه وعليه(3) فالخبر إما (غير الله) وإما محذوف أي لكم أو للأشياء، و(غير) صفة(4).
وثانيهما أنه من القسم الثاني(5)، و(غير الله) هو فاعله سد مسد الخبر(6). والله أعلم.
الثاني: احترز باللفظية عن العامل المعنوي، وهو الابتداء الذي هو التجرد للإسناد، فإن الصحيح أنه العامل في المبتدأ(7).
الثالث: قوله: (أو وصفاً) صريح في أنه لا خبر له ألبتة، كما قدمنا، لأنه جعله في مقابلة المخبر عنه.
وإنما كان هذا النوع من المبتدأ لا خبر له أصلا، لأنه في المعنى كالفعل والفعل لا خبر له.
وإنما قلنا: إنه في المعنى كالفعل لأنه قصد به ما يقصد بالفعل إذا قيل: أيقوم الزيدان.
__________
(1) هو الرضي في شرح الكافية 1/86.
(2) وممن قصره على ذلك الزمخشري وابن يعيش وابن الحاجب. ينظر شرح المفصل لابن يعيش 1/83 وشرح الكافية للرضي 1/86.
(3) قوله: (وعليه) ساقط من (أ) و (ب) وأثبته من (ج).
(4) تنظر الأوجه في إعراب الآية في التبيان للعكبري 2/1073 والبحر المحيط7/ 300.
(5) من قسمي المبتدأ، وهو الذي له مرفوع يغني عن الخبر.
(6) منع هذا الوجه أبو حيان، قال: لأن الوصف كالفعل والفعل لا تدخل عليه (مِن) ينظر البحر المحيط 7/300. وقوله: (سد مسد الخبر) ساقط من (ج).
(7) هذا قول البصربين، وقال الكوفيون: العامل في المبتدأ هو الخبر لأنهما ترافعا وهناك أقوال أخرى. ينظر الكتاب 1/24 والإنصاف 1/44 وشرح المفصل لابن يعيش الحلبي 1/84 والتصريح1/159.(16/21)
الرابع جزمه باشتراط تقدم النفي أو الاستفهام هو مذهب جمهور البصريين(1). ومذهب الأخفش والكوفيين(2) أنه لايشترط ذلك، واستدلوا عليه بما لا تقوم به الحجة(3). والله أعلم.
ص: ولا يبتدأ بنكرة إلا إن عمّت، نحو ما رجل في الدار، أو خصّت، نحو رجل صالح جاءني، وعليهما، {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِن}(4).
ش: لما فرغ من الكلام على تعريف المبتدأ أخذ يذكر ما هو كالشرط له فقال: إنه لا يكون نكرة غير مفيدة. وذلك لأن الغرض من الإخبار الإفادة وإذا كان المبتدأ نكرة غير معلومة امتنع الحكم عليها، لعدم(5) الفائدة في الإخبار عنها.
وقد يفيد الإخبار عن النكرة فيصح الابتداء بها حينئذ، وذلك في (6) مواضع متعددة ضابطها حصول الفائدة، كما علمت. إلا أن النحويين حاولوا تفصيل تلك(7) المواضع وتعيينها، فأوردوا لذلك صُورا(8).
وذكر بعضهم(9)
__________
(1) ينظر الكتاب 2/127- هارون والارتشاف 2/26 والأشموني 1/190- 192.
(2) ينظر مذهبهم في شرح الكافية للرضي 1/87 وتوضيح المقاصد 1/269 والتصريح على التوضيح 1/157.
(3) من ذلك قول الشاعر:
خبيرٌ بنولهب فلا تَكُ ملغيا ... مقالة لهبي إذا الطير مَرَّتِ
ولا حجة لهم فيه لجواز كون الوصف خبرا مقدما، وإنما صح الإخبار به عن الجمع لأنه على وزن (فَعِيل) وهو كالمصدر يصلح للمفرد والمثنى والجمع، فهو على حدّ {والملائكةُ بعدَ ذَلك ظَهيرٌ}. ينظر التصريح 1/157.
(4) من الآية 221 من سورة البقرة.
(5) في (أ) و(ب): بعدم، والمثبت من (ج).
(6) ساقطة من (أ) و(ب) وأثبتها من (ج).
(7) في (أ): ذلك وهو خطأ، صوابه من (ب) و(ج).
(8) وسموها مسوغات الابتداء، بالنكرة، وأوصلها بعضهم إلى أكثر من ثلاثين موضعا. ينظر حاشية الخضري على ابن عقيل 1/100.
(9) هو أبوحيان الأندلسي، ذكر ذلك في أرجوزة له في النحو.
ينظر الأشباه والنظائر للسيوطي 3/98.(16/22)
أن ما أوردوه من ذلك يرجع إلى شيئين لاغير، وهما التعميم والتخصيص، وظاهر كلام المصنف في المتن اعتماد ذلك لقوله: (إلا إن عمّت أو خصّت) وفي الشرح(1) تضعيفه لتعبيره فيه ب(زعم).
ومَثَّل للعموم بقوله: (ما رجلٌ في الدار) لأن النكرة في سياق النفي تعمّ(2) ومَثَّل للخصوص ب(رجل صالح جاءني) لأن الوصف يخصص الموصوف النكرة، فتحصل به فائدة(3)، ليست للرجل الذي لم يوصف.
وقوله: وعليهما {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ}(4) أي أن الابتداء في هذه الآية ب(عبد) سوغه التخصيص بالوصف ب(مؤمن) والتعميم في كل عبد مؤمن، لأن الغرض المستفاد منه الحكم بخيرية كل فرد من أفراد المؤمنين، أي [أن كل] (5) عبد اتصف بالإيمان فهو خير من مشرك. وهذا بخلاف قولك: رجل صالح جاءني، فإن الغرض المستفاد منه الحكم بمجيئ شخص مّا موصوف(6) بالصلاح، فلاعموم فيه.
وقال في شرح الزوائد: (قوله: وعليهما أي وعلى انحصار المسوِّغات في التخصيص والتعميم، ورجوع الصّور كلها إليهما صح الابتداء بالنكرة في الآية، لما في ذلك من التخصيص بالوصف) (7). انتهى
وبعد أن علمت(8) ما قررناه لا يخفى عليك ما فيه(9). والله أعلم.
__________
(1) أي شرح شذور الذهب لابن هشام حيث قال فيه ص 182: "وزعم بعضهم أنها ترجع إلى الخصوص والعموم".
(2) أي تفيد العموم.
(3) في (أ): فيحصل فائدة، والمثبت من (ب) و(ج).
(4) من الآية 221 من سورة البقرة.
(5) مابين المعقوفين ساقط من (أ) و (ب) وأثبته من (ج).
(6) في (ج): الحكم على شخص مّا هو موصوف.
(7) شرح الصدور لشرح زوائد الشذور للبرماوي، [ ق 36/ب، 37/ أ ].
(8) في (ج): (عرفت).
(9) هذا رد على كلام البرماوي السابق، وهو حق. لأن البرماوي صاحب شرح الزوائد جعل المسوغ في الآية هو الوصف فقط والصحيح أن مراد ابن هشام، كما ذكر الشارح أن المسوغ في الآية إما التعميم في قوله: (عبد مؤمن) أو التخصيص بالوصف وهناك مسوغ ثالث في الآية وهو دخول لام الابتداء على المبتدأ.(16/23)
ص: الرابع الخبر، وهو ما تحصل به الفائدة مع مبتدأ غير الوصف المذكور ولا يكون زمانا والمبتدأ اسم ذات ونحو (الليلةَ الهلالُ) مؤول.
ش: 28/أ لما فرغ من المبتدأ طفق يبين خبره، وهو رابع المرفوعات. وحدّه بقوله: (ما تحصل به الفائدة) إلى آخره.
فما تحصل به الفائدة كالجنس، يدخل فيه مع الخبر الفاعل بقسميه، أي مرفوع الفعل ومرفوع الوصف.
وقوله: (مع مبتدأ) كالفصل يخرج مرفوع الفعل، فإنه ليس مع المبتدأ.
وقوله: (غير الوصف) يخرج مرفوع الوصف(1)، فإنه ليس(2) بخبر، وإن كان مع مبتدأ ذلك المبتدأ هو الوصف، بل هو فاعل الوصف المذكور(3).
وقوله: (ولايكون) إلى آخره يبين به أن الخبر يمتنع أن يكون اسم زمان في صورة واحدة، وهي(4) أن يكون المبتدأ اسم ذات، كزيد وعمرو، فلا يقال: زيد اليوم ولا عمرو غدا(5)، بخلاف ما إذا كان اسم معنى ك(الصوم اليومَ(6) والسفر غداً) فلا يمتنع، وهذا بخلاف اسم المكان فإنه يخبر به عن الذات، نحو زيد أمامك، وعن المعنى نحو العلم عندك.
__________
(1) مثل أقائم المحمدان، ينظر التصريح 1/ 160.
(2) من قوله: (مع المبتدأ) إلى هنا ساقط من (أ) بسبب انتقال النظر. وأثبته من (ج).
(3) سقط من (ج) قوله: الوصف المذكور.
(4) في (أ): وهو، والمثبت من (ج).
(5) وذلك لعدم الفائدة في الإخبار بالزمان عن الذوات، لأن نسبتها إلى جميع الأزمنة على السواء راجع التصريح 1/167.
(6) من قوله: ولا عمرو غدا، إلى هنا ساقط من (أ) وأثبته من (ج).(16/24)
وقوله: (نحو الهلال الليلة(1) متأوّل) يشير إلى أنه إذا ورد من كلامهم ما ظاهره أنه أخبر فيه عن الذات باسم الزمان، نحو (الهلال الليلة)(2)، وقول امرئ القيس(3): (اليومَ خمرٌ وغدًا أمرٌ) (4) يؤوَّل.
وتأويله أن يُقدَّر اسم معنى مضافا إلى اسم الذات، ويكون ذلك المقدَّر هو المبتدأ في الحقيقة، كرؤية الهلال الليلة وشرب الخمر اليوم. فيرجع إلى الإخبار عن اسم المعنى بالتأويل، هذا مذهب البصريين(5).
وذهب ابن مالك(6) تبعا لطائفة (7) إلى أن نحو (الهلال الليلة) لا يقدر فيه مضاف لأن الهلال يشبه اسم المعنى من جهة أنه يحدث في وقت دون آخر، فيجوز الإخبار عنه نفسه بالزمان.
تنبيه:
أفهم كلامه حيث اقتصر على منع هذه الصورة فقط صحة الإخبار بما عدا ذلك، فيجوز أن يكون الخبر مفردا جامدا، ك(هذا زيد) ومشتقا ك(زيد قائم) وشبيها(8) بالمشتق، ك(زيد أسد) أي شجاع، وأن يكون جملة اسمية(9) ك(زيد أبوه قائم) وفعلية، ك(زيد قام أبوه) وجارًّا ومجرورًا، ك(زيد في الدار) وظرف مكان، ك(زيد أمامك) في اسم الذات، و(العلم عندك) في اسم المعنى وظرف الزمان إذا كان المبتدأ اسم معنى، نحو (الرحيل غدا).
__________
(1) كذا في النسخ، والذي في الشذور (الليلة الهلال) كما سبق ذكره.
(2) في (أ): نحو الليلة والمثبت من (ج).
(3) هو امرؤ القيس بن حجر بن الحارث، حامل لواء الشعر في الجاهلية، وصاحب إحدى المعلقات السبع المشهورة. تنظر ترجمته في الشعر والشعراء1/111.
(4) قال هذا الكلام حين سمع بمقتل أبيه، وكان يشرب الخمر، ثم صار هذا القول مثلا. ينظر مجمع الأمثال 2/417.
(5) ينظر الأصول لابن السراج 1/63 والارتشاف 2/55 والهمع 1/99.
(6) ينظر تسهيل الفوائد ص 49 وشرح عمدة الحافظ ص 164.
(7) منهم ابن الطراوة، ينظر التصريح 1/168.
(8) في (ج): وشبيه، وهو خطأ.
(9) من قوله: (كزيد أسد) إلى هنا ساقط من (أ). وأثبته من (ج).(16/25)
ص: الخامس اسم كان وأخواتها، [وهي](1) أمسى وأصبح وأضحى وظلّ وبات وصار وليس مطلقا، وتالية لنفي أو شبهه زالَ ماضي يَزَالُ، وبرح وفتِئَ وانفكّ، وصلة ل(ما) الوقتية، نحو {مَا دُمْتُ حَيًّا}(2).
ش: خامس المرفوعات ما رفعته (كان) وأخواتها، تشبيها بالفاعل، ويسمى اسمها، ونسبة الرفع إلى هذه الأفعال هو مذهب البصريين(3).
وأما الكوفيون(4) فإنهم لا يجعلون لهذه الأفعال عملا إلا في الخبر، لأن الاسم لم يتغير عما كان عليه. ويدل للبصرية أمران:
الأول: أن كل فعل يرفع وقد ينصب وقد لا ينصب، وأما أنه ينصب ولا يرفع فلا.
والثاني: اتصاله بها إذا كان ضميرا، نحو {كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ}(5) والضمير بالاستقراء لا يتصل إلا بعامله.
وهذه الثلاثة عشر(6) ثلاثة أقسام:
قسم يعمل هذا العمل من غير شرط، وإليه أشار بقوله: (مطلقا) وهو الثمانية الأول منها.
وقسم لا يعمله إلا بشرط أن يتقدمه نفي أو نهي أو دعاء، وإليه أشار بقوله: (وتالية لنفي أو شبهه) فأراد بشبهه النهي والدعاء.
وهي الأربعة التالية للثمانية المذكورة (زال) ماضي (يَزَال) لا ماضي (يَزُول) ولا ماضي (يُزِيل)(7) فإنهما فعلان تامان. والأول منهما قاصر(8) 28/ب والثاني متعد إلى واحد.
و (بَرِحَ) و (فَتِىءَ) و (انْفَكَّ).
__________
(1) ساقطة من (أ). وهي ثابتة في (ج) والشذورص 12.
(2) من الآية 31 من سورة مريم.
(3) ينظر الكتاب 2/148- هارون والجمل للزجاجي ص 41 وشرح الكافية الشافية 1/380 وتوضيح المقاصد 1/295.
(4) ينظر مذهبهم في الارتشاف 2/72 والهمع 1/ 111.
(5) من الآية 76 من سورة الزخرف.
(6) أخوات (كان) كثيرة جدا، حتى قال الرضي 2/290: "والظاهر أنها غير محصورة".
(7) يقال: زال يزيل من باب ضرب يضرب بمعنى ميّز يميّز تقول: زِل ضأنك من معزك أي ميز بعضها من بعض، ومصدره الزّيل. ينظر التصريح 1/185.
(8) وهو (زال يزول) من باب نصر ينصر، بمعنى انتقل ينتقل، تقول: زل عن مكانك أي انتقل عنه، التصريح 1/185.(16/26)
فالنفي، [نحو](1) {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}(2) والنهي نحو قول الشاعر:
41- صَاحِ شمِّرْ ولا تَزَلْ ذاكر المو ت(3)........
والدعاء، [نحو] (4):
42-........ ولازالَ مُنْهلاً بَجَرْعَائِكَ القَطْرُ(5)
والقسم الثالث: ما يعمل هذا العمل بشرط تقدم (ما) المصدرية الظرفية، وإليه أشار بقوله: (وصلة لما الوقتية (دام) نحو {مَا دُمْتُ حَيًّا}(6) أي مدة دوامي حيا.
وسميت (ما) هذه مصدرية لكون (ما) (7)تقدر بالمصدر، وهو الدوام. وظرفية لأنها تقدر بالظرف، وهو المدة.
تنبيه:
لم يصرح المصنف في (ما) الداخلة على (دام) (8)باعتبار كونها مصدرية ولعله أحال على المثال، ورأى أن الوقتية يلزمها أن تكون مصدرية. والله أعلم.
__________
(1) ساقطة من (أ) في هذا الموضع والذي بعده.
(2) من الآية 118 من سورة هود.
(3) صدر بيت من الخفيف، ولم أعثر على قائله، وتتمّته:
فنسيانه ضلال مبين
وقد ورد في توضيح المقاصد 1/296 والعيني 2/14 والتصريح 1/185 وشرح الأشموني 1/228.
والشاهد فيه تقدم النهي على الفعل الناقص، ولذلك عمل عمل (كان).
(4) ساقطة من (أ).
(5) عجز بيت من الطويل، وهو لذي الرمة غيلان بن عقبة، وصدره:
ألا يا اسلمي يا دار ميّ على البلى ....
ينظر ديوان ذي الرمة 1/559.وهو من شواهد الإنصاف 1/62 والأمالي الشجرية 2/151 وشرح الألفية لابن الناظم ص 129 وتوضيح المقاصد 1/296 والعيني 2/6 والتصريح 1/185 وشرح الأشموني 1/228 والهمع 1/111.
والشاهد إعمال (زال) عمل (كان) لسبقها بـ(لا) الدالة على الدعاء.
(6) من الآية 31 من سورة مريم.
(7) في (ج): لأنها. والمراد لكون (ما) وما بعدها يقدران بالمصدر.
(8) في (أ): الداخلة على ما، وهو خطأ صوابه من (ج).(16/27)
ص: ومن العلم الكنية واللقب، ويؤخر عن الاسم تابعا له(1) مطلقا أو مخفوضا بإضافته إن أفردا.
ش: لما فرغ من تمييز نوعي العَلَم أخذ يذكر ما هو من أقسامه، سواء كان شخصيا أم جنسيا. وهو الكنية واللقب.
فالكنية ما صدرت بأب أو أم، كأبي بكر وأم كلثوم وأبي المَضَّاء (2)
وأم عِرْيَط (3).
واللقب ما أشعر برفعة في المسمى أو ضَعَةٍ فيه، كزين العابدين(4) وقُفَّة(5).
وقوله: (ويؤخر عن الاسم) يريد به أن اللقب إذا اجتمع مع الاسم الخاص أعني ما ليس بكنية ولا لقب من الأعلام كزيد وعمرو، فإنه يؤخر عن الاسم وجوبا (6). وفهم من ذلك أنه لا ترتيب بين الكنية وبين الاسم ولا بينها وبين اللقب (7) .
ولا فرق في هاتين الحالتين بين المفردين وغيرهما.
__________
(1) في (ج): تابع.
(2) أبو المضّاء كنية الفرس، قال ابن الأثير في (المرصّع ص 249): سمي به لسرعة عدوه.
(3) هي العقرب والداهية. ينظر المرصّع ص 200.
(4) لقب علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه-.
(5) القُفَّة الرجل الصغير أو القصير الضعيف. ينظر لسان العرب 9/287 (قفف).
(6) والسبب في ذلك أن اللقب في الغالب منقول من اسم غير إنسان كبطة وقفّة وكرز فلو قدّم على الاسم لتوهم السامع أن المراد مسمّاه الأصلي.
هذا تعليل ابن مالك في شرح التسهيل 1/194. وعلله غيره بأن اللقب يشبه النعت والنعت لا يقدم على المنعوت فكذلك ما أشبهه. ينظر التصريح1/121.
(7) قوله: ولا بينها وبين اللقب، ساقط من (ج).(17/1)
وأما الحالة الأولى فإذا أخر اللقب عن الاسم، ولم يكونا مفردين بأن كانا مركبين ك(عبد الله زين العابدين) [ أو الاسم، مركبا واللقب مفرداً ك(عبد الله كرز)(1) أو بالعكس، ك( محمد زين العابدين)](2) امتنعت إضافة الأول إلى الثاني، وجاز إتباعه له بدلا أو عطف بيان (3).
وإن كانا مفردين، ك(سعيد كرز) فإنه يجوز عند المصنف وجماعة من المحققين ذلك(4)، ووجه آخر، وهو إضافة الأول مراداً به المسمى إلى الثاني مرادا به الاسم.
ومن أوجب الإضافة(5) في مثل هذا، أخذاً من اقتصار سيبويه(6) على ذكرها فقد رُدَّ عليه(7) بأن سيبويه إنما اقتصر عليه لكونه على خلاف الأصل، فيتوهم امتناعه، فأراد أن ينص على جوازه، ولا يلزم من اقتصاره عليه عدم جواز غيره الذي هو الأصل.
تنبيه:
كما يجوز الإتباع فيما ذكرنا يجوز القطع فيه بالرفع خبراً لمبتدأ محذوف، أو بالنصب مفعولا لفعل محذوف (8) . ولم يذكره في المتن اكتفاءً بما سيأتي في التوابع.
__________
(1) الكرز هو خُرج الراعي الذي يحمل فيه زاده. ينظر لسان العرب 5/399 (كرز).
(2) ما بين الحاصرتين ساقط من (أ) و (ب)، وأثبته من (ج).
(3) ينظر في ذلك الكتاب 3/295 وشرح المفصل 1/34 والارتشاف 1/498 وهمع الهوامع 1/71.
(4) أي الإتباع، وهذا قول الكوفيين والزجاج واختيار ابن مالك وابن هشام.
ينظر شرح التسهيل 1/193 وشرح الكافية للرضي 2/139 وأوضح المسالك
1/94.
(5) وهم جمهور البصريين. ينظر الكتاب 3/294 وارتشاف الضرب1/498 وتوضيح المقاصد 1/171.
(6) قال سيبويه في الكتاب 3/294: "إذا لقبت مفردا بمفرد أضفته إلى الألقاب، وذلك قولك: هذا سعيدُ كرزٍ"، فاقتصر على الإضافة.
(7) ذكر هذا الردّ ابن مالك في شرح التسهيل 1/193.
(8) ينظر تفصيل ذلك في شرح التسهيل لابن مالك 1/193 وتوضيح المقاصد 1/171.(17/2)
وقوّة كلامه يعطي أن من أقسام العَلَم الاسم الخاص، فلم يحتج إلى التصريح(1) بذلك، ولو صرّح به لحسُن موقع قوله: (ويؤخر عن الاسم) والضمير في قوله: (ويؤخر) عائد على اللقب.
وقوله: (مطلقا) أي في المفردين وغيرهما (2).
وقوله: (إن أُفردا) شرط لجواز الإضافة (3). والله أعلم،
ص: الثالث الإشارة وهي (ذا) و(ذان) في التذكير، و(ذي) و (تي) و(تان) في التأنيث، و ( أولاء ) فيهما(4).
ش: الباب الثالث من أبواب المعارف أسماء الإشارة. 22/أ والإشارة ألفاظها محصورة بالعدد، فلذلك استغنى المصنف عن حدّها (5).
وحدّها في التسهيل بقوله: ( ما وُضع لمسمى وإشارة إليه )(6). والإشارة إما لمفرد مذكر أو مؤنث، أو لمثنى مذكر أو مؤنث.
فللمفرد المذكر (ذا) وللمؤنث ألفاظ كثيرة، منها (ذِيْ) و (تِيْ)(7) ولتثنية المذكر (ذانِ) في الرفع و (ذينِ) في الجر والنصب ولتثنية المؤنث (تان) رفعا و (تَيْنِ) جرّا ونصبا.
__________
(1) في (أ): (الترجيح)، وهو تحريف.
(2) من قوله: وقوله مطلقا إلى هنا ساقط من (ج).
(3) أي أنه إذا كان الاسم واللقب مفردين أضيف الاسم إلى اللقب، نحو (هذا سعيد كرزٍ). بخلاف ما إذا كانا مركبين أو أحدهما مفردا والآخر مركبا فإنه يجب الإتباع أو القطع. ينظر توضيح المقاصد 1/172.
(4) كذا جاء هذا النص في النسخ، وجاء في شذور الذهب ص (9) على النحو التالي: (الثالث الإشارة، وهو ما دل على مسمى وإشارة إليه، ك(هذه) و (هذا) و (هاتا) وتثنيتهما و(هؤلاء)لجمعها). وذلك يدل على اختلاف نسخة الشارح من (الشذور) عن النسخة المطبوعة. وتنظر ص 300.
(5) هذا بناء على ما في نسخة الشارح من (الشذور) أما في المطبوع منه فقد عرفها كما أثبته في التعليق السابق.
(6) تسهيل الفوائد ص 39.
(7) و (تا)، و (ته) و (ذِهْ) وفيهما الاختلاس والإشباع، و (ذات). ينظر التسهيل ص 39 والهمع 1/75.(17/3)
ولم يثنوا ذِيْ [وذه ](1) خوف الالتباس.
ولجمعي المؤنث والمذكر (أولاء) فقط وفيه لغتان (2)؛ المد وهو لغة أهل الحجاز، والقصر وهو لغة تميم.
فالأقسام الوضعية خمسة والعقلية ستة.
تنبيه:
قوله: (الثالث الإشارة) أي أسماء الإشارة على حذف مضاف ولذلك قال: (وهي) إلى آخره.
واقْتَصَر في تثنية المذكر والمؤنث على المرفوع ولم يذكر المنصوب والمجرور منهما للعلم بذلك مما قدَّمه.
وذَكَر تثنية كل مفرد معه إيثاراً (3) للاختصار.
وقوله: (في التذكير) أي (4)( ذا )(5) للمفرد المذكر و ( ذان ) للمثنى المذكر، وكذا قوله (في التأنيث) أي (ذي)(6) و (تي) للمفرد المؤنث و (تان) للمثنى المؤنث.
وقوله: (وأولاء) فيهما أي في التذكير والتأنيث(7) أو في المذكر والمؤنث المفهومين منهما.
ص: وتلحقه في البعد كاف حرفية(8). مجردة من اللام مطلقا أو مقرونة بها إلا في المثنى وفي الجمع في لغة مَنْ مَدَّه، وهي الفصحى وفيما سبقته هاء التنبيه.
__________
(1) أي أن المثنى المذكر والمثنى المؤنث من أسماء الإشارة ليسا بمثنيين حقيقة لأن اسم الإشارة لا يقبل التنكير وما كان كذلك لا تجوز تثنيته. وفي نسخة (ج): (لم يبنوا ذين) أي أنهما ليسا بمبنيين، وهذا قول جماعة من العلماء، وذهب غيرهم إلى أنهما مبنيان ولكنهما جاءا على صورة المعرب.
يراجع شرح الكافية للرضي 2/31 والتصريح 1/50. وحاشية العليمي على شرح الفاكهي 1/204.
(2) ينظر المقتضب 4/278 والمخصص لابن سيده 14/100 والبحر المحيط 1/138 وتوضيح المقاصد 1/191.
(3) في (ج): كل فرد معه إيثار.
(4) ساقطة من (ج).
(5) في (ج): ذي وهو خطأ، لأن (ذي) خاص بالمؤنث.
(6) في (ج): تا، ولم يرد لها ذكر عند المصنف.
(7) ينظر في ذلك توضيح المقاصد 1/190 والتصريح 1/127.
(8) الذي في الشذور ص 9: وتلحقهن في البعد كاف خطاب، وهذا يدل على أن نسخة الشارح من الشذور مختلفة عن النسخة التي بين أيدينا.(17/4)
ش: يعني أن المشار إليه إذا كان بعيداً لحقت اسم الإشارة كاف تدل على بعده، سواء كان معها لام أم لا.
وهذا منه تصريح بأنه ليس للإشارة إلاّ(1) مرتبتان قُرْبى وبُعْدى، وهي طريقة ابن مالك(2) وغيره من المحققين(3). لكن الجمهور(4) على أن له ثلاث مراتب.
قُربَى وهي المجردة من اللام والكاف، وبُعدَى وهي المقرونة بهما ووُسطَى وهي التي بالكاف وحدها.
وقوله: (حرفية) يريد به أن الكاف المذكورة حرف، وليست اسما وإن كانت تتصرّف [تَصَرُّفَ(5)] الكاف الاسمية من فتحها للمذكر وكسرها للمؤنث واتصالها بميم وألف للمثنى مطلقا وبميم لجمع المذكر السالم، وبنون لجمع المؤنث، ك(ذَلكَ) و(ذلكِ) و(ذالكما) و(ذالكم) و(ذالكنّ).
والدليل على حرفية الكاف المذكورة أنه ليس لها محل من الإعراب، أما الرفع [والنصب (6)] فلانتفاء الرافع والناصب، وأما الجر فلأنه إما بالحرف ولا حرف، أو بالإضافة وأسماء (7) الإشارة لا تضاف لأنها لا تقبل التنكير (8).
__________
(1) في (ج): وله، وهو تحريف.
(2) ينظر شرح التسهيل لابن مالك 1/272، وقد رجحها فيه من خمسة أوجه.
(3) منهم ابن هشام في أوضح المسالك 1/97.
(4) ينظر شرح الكافية للرضي 2/33 وهمع الهوامع 1/76.
(5) ما بين الحاصرتين ساقط من (أ). وأثبته من (ب) و (ج)
(6) ما بين الحاصرتين ساقط من (أ). وأثبته من (ب) و (ج).
(7) في (ج): أو إضافة واسم.
(8) في (ج): الكسر، وهو تحريف.(17/5)
وقوله: (مطلقا) يعني أن الكاف تدخل وحدها على جميع أسماء الإشارة. وقد علمت أن أسماء الإشارة خمسة، وأن الكاف تتصرف على خمسة أوجه، فيجتمع من ذلك خمس (1) وعشرون صورة، خمس في المفرد [المذكر] (2) وقد ذكرناها، وخمس في المفرد المؤنث، تقول: تاكَ، تاكِ، تاكما، تاكم، تاكنّ. وخمس في مثنى المذكر: ذانكَ، ذانكِ، ذانكما، ذانكم، ذانكنّ. وخمس في مثنى المؤنث: تانكَ، تانكِ، تانكما، تانكم، تانكنّ. وخمس في الجمع تقول: أولئكَ، أولئكِ، أولائكما، وأولئكم، وأولئكنّ.
وإن اعتبرت المنصوب و المجرور، وبقية ألفاظ المؤنث، ودخول اللام وعدمه تكثر الصُّور(3).
وفيما ذكرناه كفاية فيقاس به غيره.
وقوله: (إلا في المثنى ) يعني أن اللام لا تدخل مع الكاف مع اسم الإشارة في ثلاث مسائل (4):
الأولى المثنى مطلقا، أي سواء كان تثنية مذكر، ك(ذانكَ) أو مؤنث،ك(تانك).
فلا يقال: ذانلك و لا تانلك.
المسألة الثانية الجمع في لغة من مدّه، وتقدم أنه لغة أهل الحجاز وهي الفصحى(5) كما ذكره الشيخ(6)، فلا يقال: [ أولئلك(7) ] 22/ب وتقول: (أولاك )، أو (أو لالِك) إذا قصرت (8).
المسألة الثالثة ما سبقه هاء التنبيه، نحو (هذا) فلا يقال: (هذا لك)(9) والله أعلم.
ص: الرابع الموصول.
__________
(1) في النسخ: خمسة، بالتاء في هذا الموضع وما بعده، وهو خطأ لأن المعدود مؤنث، فالصواب ما أثبته.
(2) ما بين المعقوفين ساقط من (أ) و (ب)، وأثبته من (ج).
(3) تنظر هذه الصور في توضيح المقاصد 1/192 والتصريح 1/128.
(4) ينظر ارتشاف الضرب 1/506 والتصريح 1/128.
(5) في (ج): الفصيحة.
(6) في شذور الذهب ص 9.
(7) ما بين المعقوفين ساقط من (أ) و(ب) وقد ترك له بياض بمقداره. وأثبته من (ج).
(8) أي في لغة القصر، وهي لغة تميم.
(9) وذلك لكراهة كثرة الزوائد. ينظر في ذلك شرح التسهيل 1/274.(17/6)
ش: الرابع من المعارف الموصول، والمراد الاسمي، لأنه المتبادر عند الإطلاق. والظاهر أن إطلاقه(1) على الحرفي مجاز، بدليل لزوم التقييد، ولو سُلِّم أن إطلاقه عليهما(2) على السواء فقرينة ذكره في المعارف التي هي أحد قسمي الأسماء ترجح إرادة الاسمي دون الحرفي، ولهذا حدّه بما يختص بالاسمي حيث قال :
ص: وهو ما افتقر إلى الوصل بجملة خبرية، أو ظرف أو مجرور تامّين، أو وصف صريح، وإلى عائد أو خَلَفه.
ش: وهذا الحد يشمل نوعي الاسمي أي النص والمشترك، فإن كلا منهما مفتقر لما ذكر من الصلة والعائد.
فالصلة إما أن تكون جملة أو ظرفا أو مجروراً أو صفة . فإن كانت جملة فسواء كانت اسمية أو فعلية فشرطها(3) أن تكون خبرية. فلا يصح الوصل بالجملة الإنشائية(4).
وأن تكون معهودة حتى يتميز بها الموصول عند المخاطب . إلا أن يكون ذلك في مقام التفخيم، فيحسن أن تكون مبهمة، نحو {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ}(5).
وإن كانت ظرفا أو مجرورا فلا بد أن يكون تاماً أي مفيداً فائدة يحسن(6) السكوت عليها، نحو جاء الذي عندك، أو الذي في الدار، فخرج ما لا يكون كذلك.
__________
(1) أي إطلاق الموصول.
(2) أي على الموصول الاسمي و الموصول الحرفي.
(3) في (ج): وشرطها، بالواو و في (ب): شرطها.
(4) وهذا مذهب الجمهور، وخالفهم الكسائي فأجاز الوصل بالجملة الطلبية. ينظر همع الهوامع 1/85.
(5) من الآية 78 من سورة طه. والشاهد في الآية (ما غشيهم) فقد أفادت الصلة التهويل، ومثل النحاة للتفخيم بقوله تعالى: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى}. ينظر التصريح1/141.
(6) في (ج): أن تكون تامة أي مفيدة بأن يحسن.(17/7)
ويجب أن يكون متعلقهما فعلا محذوفا، ك(استقر) ونحوه، ولا يجوز [تقديره] (1) ب(مستقرّ) ونحوه لكونه مفرداً(2).
والصفة(3) لابد أن تكون صريحة، أي خالصة للوصفية، وتختص هذه بالألف واللام،ك(الضارب) و(المضروب) و(الحسن)(4) بخلاف ما غلبت عليه الاسمية ك(الأبطح)(5) و(الأجرع)(6) و(الصاحب(7) ووصلها بالفعل المضارع، كقوله:
26- ما أنت بالحكَم التُّرضى حكومته (8) ....... ........
أو بالظرف، كقوله:
27- من لا يزال شاكراً على الْمعه(9)
__________
(1) ما بين الحاصرتين ساقط من (أ) و (ب). وأثبته من (ج).
(2) أي أن تقدير المحذوف اسماً يجعل الصلة اسما مفردا، والصلة يجب أن تكون جملة. وقد سقط من (ج) قوله: (لكونه مفردا).
(3) والمقصود بها اسم الفاعل واسم المفعول، واختلفوا في الصفة المشبهة والجمهور على أنها لا تكون صلة لأل، لأنها موضوعة للثبوت فلا تؤول بالفعل. ينظر المغني ص 71.
(4) ساقطة من (ج).
(5) الأبطح في الأصل وصف لكل مكان متسع من الوادي، ثم غلب على الأرض المتسعة. ينظر التصريح 1/142.
(6) في (ج):(الأعرج) وهو تحريف: والأعرج في الأصل وصف لكل مكان مستو ثم غلبت عليه الاسمية. فصار مختصا بالأرض المستوية.
(7) الصاحب في الأصل صفة لكل من يصحب شخصا ثم غلب اسما على صاحب الملك.
(8) صدر بيت من البسيط، وهو للفرزدق يهجو به أعرابيا فضل جريرا والأخطل عليه في مجلس عبد الملك بن مروان. وعجزه:
. ... ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجَدَلِ
وليس هذا البيت في ديوانه المطبوع.
وهو من شواهد الإنصاف 2/521 والبسيط لابن أبي الربيع 1/178 وشرح التسهيل لابن مالك 1/225 وشرح اللمحة البدرية 1/168 والمساعد 1/150 والعيني 1/111 والهمع 1/85.
والشاهد فيه وصل (أل) الموصولة بالفعل المضارع، وهو ضرورة عند الجمهور.
(9) بيت من مشطور الرجز، وهو مجهول القائل، وبعده:
فهو حَر بعيشةٍ ذاتِ سَعَة
وفي (ج):(العداء) بدل (المعه) وهو تحريف.
وقد ورد في شرح التسهيل لابن مالك 1/228 وتوضيح المقاصد 1/241 والمغني ص 72 والعيني 1/475 والأشموني 1/165 والخزانة 1/32 والدرر 1/277.
والشاهد فيه (على المعه) حيث وصلت (أل) بالظرف ضرورة، والأصل: الذي معه.(17/8)
... ...... ........
أو بالجملة الاسمية (1)، كقوله:
28- مِن القومِ الرسولُ اللهِ منهم(2) ... ....... ........
قليل أو ضرورة.
وأما العائد فهو ضمير مطابق للموصول في الإفراد والتثنية والجمع، وتشتمل (3) عليه الصلة المذكورة غالبا.
وقد يقوم مقامه الظاهر، وهو قليل، و عليه جاء (4) قول الشاعر:
29- سُعاد التي أضناكَ حبُّ سُعادا
وإعراضها عنك استمرّ وزادا(5)
أي أضناك حبّها، فأقام الظاهر مقام الضمير.
تنبيه:
لابد من تأخير الصلة [عن(6)]الموصول، وألاّ يفصل بينها وبينه فاصل، فتقول: ضربتُ سوطاً الذي قام أبوه، ولا يجوز ضربت الذي- سوطا- قام أبوه(7).
ويؤخذ ذلك من قوله: (هو ما افتقر إلى الوصل بجملة).
__________
(1) ساقطة من (أ) و (ب). وأثبتها من (ج).
(2) صدر بيت من الوافر، ولم أجد له نسبة إلى قائل. وعجزه:
لهم دانت رقاب بني معدِّ
وهو من شواهد شرح التسهيل لابن مالك 1/227 وتوضيح المقاصد 1/240 والعيني 1/477 والهمع 1/85 وشرح الأشموني 1/165.
والشاهد وصل (أل) بالجملة الاسمية وهو ضرورة باتفاق.
(3) في (ج): لتشتمل.
(4) في (ج): وحمل عليه.
(5) البيت من الطويل، ولم ينسبه أحد من العلماء.
وهو من شواهد شرح التسهيل لابن مالك 1/238. وشرح الشذور ص 142 وشفاء العليل للسلسيلي 1/236 والتصريح1/140 وشرح الأشموني 1/146.
والشاهد فيه قوله (حب سعادا) حيث وقع الظاهر وهو (سعاد) عائدا للموصول بدل الضمير والأصل: (حبُّها).
(6) في النسخ: على، وهو تحريف.
(7) في (ج): ضربت سوطاً قام أبوه الذي.(17/9)
ولم يصرّح المصنف باشتمال الصلة على العائد، لأنه أمر غالب كما ذكرنا لا لازم. لأن جملة الصلة قد لا تشتمل على الضمير، بل يكون المشتمِل عليه جملة أخرى معطوفة عليها بالفاء، نحو قولك: جاء الذي يقوم زيدٌ فيغضب، ف(يقوم زيد)(1) هو جملة الصلة، ولم يشتمل على الضمير، بل المشتمل عليه جملة (فيغضب)(2) إذ الضمير فيها عائد على الموصول.
وصرح في باب العطف بذلك حيث قال(3): الفاء تختص بأن تعطف ما يصح أن يكون صلة على ما لا يصح أن يكون صلة أي لولا العطف المذكور وبالعكس أي يُعطف على الصلة مالا يصح كونه صلة، أي لولا العطف المذكور أيضا، [كقولك] (4): جاء الذي يغضب فيقوم زيد. فإن جملة (يقوم زيد) لا يصح كونها صلة، لولا العطف.
ص: وهو (الذي) و(التّي) وتثنيتهما وجمعهما (الألَى)(5)و( الذين) و( اللاتي) و( اللائي).
ش: قد علمت أن الموصول الاسمي قسمان، نصٌّ(6) ومشترك فذكر الأول هنا، والمراد به ما وضع لمعنى واحد.
فالموضوع للمفرد المذكر (الذي) وللمؤنث ( التي ).
وفيهما لغات، إثبات 23/أ الياء ساكنة، ومشدّدة، إما مكسورة مطلقا، أو جارية بوجوه الإعراب، وحذفها مع إبقاء ما قبلها على كسره أو مع تسكينه(7).
__________
(1) في (ج) فيقوم وزيد. والظاهر أن الواو كُتبت سهوا.
(2) من قوله: (فيقوم زيد) إلى هنا ساقط من (أ) و (ب) بسبب انتقال النظر. وأثبته من (ج).
(3) أي ابن هشام في أوضح المسالك 3/42 وينظر شرح الألفية لابن عقيل 3/228.
(4) ما بين الحاصرتين ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج).
(5) في النسخ: الأولى، وهو تحريف صوابه من الشذور ص 9، وقوله: (وجمعهما) ساقط من (أ) (ب).
(6) في (أ) مختصّ.
(7) ذكر هذه اللغات جميعا ابن مالك، وأضاف إليها حذف الألف واللام وتخفيف الياء ساكنة، يقال: (لِذِي) ينظر شرح التسهيل 1/ 212.(17/10)
والموضوع لمثنى المذكر (اللذان) رفعا، و (اللذّينِ) نصبا وجرا ولمثنى المؤنث ( اللتان) رفعاً و ( اللتينِ) نصباً وجراً(1) .
والموضوع لجمع المذكر (الألى) مقصورا كثيرا وممدوداً قليلا و(الذين) بالياء رفعا ونصبا وجرا (2) . وربما جاء في الرفع بالواو قليلا، نحو:
30- نحن اللذون صبّحوا الصّباحا (3) ... ....... ........
ولجمع المؤنث ( اللاتي) و(اللائي). وقد يحذف ياؤهما(4).
تنبيه:
قوله: (وهو الذي) أي للمذكر، (والتي) أي للمؤنث؛ لأن المذكر هو الأصل فقدَّمه، كما فعل في باب الإشارة إلا أنه قدّم فيها(5) تثنية المذكر على إشارة المؤنث، نظرا إلى التذكير، وهنا قدّم ما وضع للمفرد المؤنث على تثنية المذكر، نظراً إلى الإفراد(6) الذي هو الأصل، وليتأتى به الاختصار في قوله: (وتثنيتهما).
__________
(1) من قوله: ولمثنى المؤنث، إلى هنا ساقط من (ج)، وتنظر اللغات الواردة في المثنى في التصريح 1/132.
(2) أي على البناء، وهي لغة عامة العرب ، قال ابن مالك في شرح التسهيل 1/213: "ولم يعرب أكثر العرب (الذين) وإن كان الجمع من خصائص الأسماء، لأن (الذين) مخصوص بأولى العلم و (الذي) عام فلم يجْرِ على سنن الجموع المتمكنة".
(3) البيت من الرجز، وبعده:
يوَم النُّخَيْلِ غارةً ملحاحَا
وقد نسبه أبو زيد في النوادر الأبي حرب بن الأعلم العقيلي، ونُسب لرؤبة، وهو في ملحق ديوانه ص 172، ونُسب لليلى الأخيلية أيضا. والنُّخيل: بالتصغير اسم موضع. ينظر النوادر لأبي زيد ص 239 وفيها (الذين) بدل (اللذون) وشرح الألفية لابن الناظم ص 83 والمغني ص 535 والمساعد1/156 والعيني 1/426 والتصريح 1/133 والهمع 1/83 وشرح الأشموني 1/149 والخزانة 6/23.
والشاهد استعمال (اللذون) بالواو رفعا، وهذه لغة هذيل أو عقيل.
(4) اجتزاء بالكسرة عنها، فيقال: اللات واللاء، وفيها لغات.
ينظر التصريح 1/133.
(5) أي في الإشارة.
(6) من قوله: وهنا قدم إلى آخره ساقط من (ج) بسبب انتقال النظر.(17/11)
وقوله: (والألى والذين) أي لجمع المذكر، لأنه لم يبق إلا الجمع وجمع المذكر مقدّم، فرُدّ إليه (الألى) و (الذين).
وإلى المؤنث (الّلاتي) و (اللائي )(1).
فإنه لما جعل هذه الأربعة للجمع، وهو نوعان، حَكَمْنَا بأن لكل نوع منهما لفظين، اعتمادا على الأصل من تساويهما في ذلك، إذ لولا ذلك لصرَّح بخلافه.
ص: وما بمعناهن، وهو (مَنْ ) للعالِم و(ما) لغيره، و(ذو) عند طيء و(ذا) بعد (ما) أو (مَنْ) الاستفهاميتين إن لم تُلغَ و(أيّ) و(أل) في نحو الضارب والمضروب.
ش: لما فرغ من النوع الأول أخذ يذكر النوع الثاني، وهو المشترك، وهو ما وُضع لمعان متعددة، وهي هذه الألفاظ الستة التي ذكرها.
فإن كل لفظ منها وضع للمفرد المذكر والمفرد المؤنث ولتثنية كل منهما ولجمْعه، وهذا معنى قوله: (وما بمعناهن) يعني أن كل لفظ من هذه الألفاظ الستة يأتي لكل معنى من المعاني المتقدمة.
فتأتى (مَنْ) للمفرد المذكر، نحو جاءني مَنْ قام أبوه، وللمؤنث كجاءني(2) مَنْ قام أبوها، وللمثنى المذكر أو المؤنث كجاءني مَنْ قام أبوهما، ولجمع المذكر كجاءني مَنْ قام أبوهم، ولجمع المؤنث، نحو جاءني1 مَنْ قام أبوهن. وكذا الباقي.
وقوله: (للعالِم (3) أي نحو {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ}(4).
وقد تأتي لغير العالِم إذا نُزّل منزلة العالِم، كقوله: {يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ}(5) فإنهم بدعائهم الأصنام نزَّلوهم(6) منزلة العقلاء فلأجل ذلك استعملت (مَنْ) فيها.
__________
(1) في (ج) قدم (ا للائي) على (اللاتي).
(2) كذا في النسخ، وهو جائز على اعتبار لفظ (مَنْ).
(3) في (ج): للعالم وغيره، وكلمة (وغيره) مقحمة إذ لا موضع لها هنا.
(4) من الآية 43 من سورة الرعد.
(5) من الآية 5 من سورة الأحقاف.
(6) في (أ): نزلوا، والمثبت من (ب) و (ج).(17/12)
أو جمع مع العالِم فيما وقعت عليه (مَنْ) كقوله تعالى :{كَمَنْ لا يَخْلُقُ}(1) فإن (مَنْ لا يخلق ) يشمل الآدميين والملائكة والأصنام .
وإذا اجتمع مع العالِم في عموم سابق فصِّل بمَنْ، نحو {مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ}(2) فإن (مَن يمشي على بطنه) غير عالم(3)، لكن سوّغ ذلك اجتماعه مع العالم في عموم (دابة) من قوله: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ}(4).
وقوله: " و(ما) لغيره " أي (ما) لغير العالم، نحو {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ}(5). وقد يأتي له مع العالم، نحو: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}(6) وقد يأتي للمبهم أمره، كقول من رأى شبحا لا يعرف ما هو: انظر إلى ما ظهر.
وقوله: (و (ذو) عند طيء) يعني أن من الموصولات المشتركة (ذو) ولكنها خاصة بطيء دون غيرهم من العرب، نحو:
31-.............. وبئْري ذو حفرت وذو طويتُ (7)
أي التي حفرت والتي طويت.
والمشهور عندهم بناؤها على الضم(8)، وقد تعرب بالحروف، كقوله:
__________
(1) من الآية 17 من سورة النحل.
(2) من الآية 45 من سورة النور.
(3) في (ج) فقط: (غير عاقل).
(4) من الآية 45 من سورة النور.
(5) من الآية 96 من سورة النحل.
(6) من الآية 1 من سورة الحشر، ومن الآية 1 من سورة الصف.
(7) عجز بيت من الوافر، وصدره:
فإن الماء ماء أبي وجدي ... ... .
وهو لسنان بن الفحل الطائي من أبيات يخاطب بها عبد الرحمن بن الضحاك في شأن بئر وقع النزاع فيها بين حيين من العرب. طويت: أي بَنَيْتُ.
تنظر الأمالي الشجرية 2/306 والإنصاف 1/384 وشرح المفصل 3/147 وشرح التسهيل لابن مالك 1/222 وتوضيح المقاصد 1/211والعيني 1/436 والتصريح 1/137 والهمع 1/84 والخزانة 6/34.
والشاهد استعمال (ذو) اسما موصولا على لغة طيء وكونها مبنية على المشهور.
(8) ينظر شرح التسهيل لابن مالك 1/222 والهمع 1/83.(17/13)
........ ....... ... فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا(1)
أي من الذي عندهم.
وقوله: (وذا) يعني أن من الموصولات المشتركة (ذا) ولكن بشروط ثلاثة: ألا تكون للإشارة، نحو مَنْ ذا(2) الذاهب ؟ وما(3) ذا التواني؟ أي من هذا الذاهب؟ وما(4)هذا التواني؟
وأن يتقدمها استفهام إما ب ( مَنْ) كقوله:
32- ...... ...... ... فمنْ ذا يعزّي الحزينا(5)
أي فمن ذا الذي يعزّيه. 23/ب وإما ب(ما) نحو قوله:
33- ألا تسألان المرء ماذا يحاول(6) ... ................
__________
(1) عجز بيت من الطويل، وقد تقدم الكلام عليه في ص 187.
والشاهد فيه هنا إعراب (ذي) الطائية بالحروف إعراب (ذي) التي بمعنى صاحب.
(2) سقطت كلمة (ذا) من (أ). وأثبتها من (ب) و(ج).
(3) في (ج): (من) وهو خطأ.
(4) في (ج): (من) وهو خطأ.
(5) جزء من عجز بيت من المتقارب، وأوله:
ألا إن قلبي لدى الظاعنينا حزين.
وقد نسبه ابن مالك إلى أمية بن أبي عائذ الهذلي، ونسبه العيني إلى أمية بن أبي الصلت. والصواب هو الأول. ينظر شرح أشعار الهذليين 2/515 وملحق ديوان أمية بن أبي الصلت ص 557 وشرح التسهيل لابن مالك 1/222 والعيني 1/441 والتصريح 1/139 والخزانة 2/436.
والشاهد استعمال (ذا) اسما موصولا بعد (من) الاستفهامية.
(6) صدر بيت من الطويل، وهو مطلع قصيدة للبيد بن ربيعة العامري يرثي فيها النعمان ابن المنذر، وعجزه:
أنحْبٌ فيُقضى أم ضلال وباطلُ
ينظر ديوان لبيد بن ربيعة ص 254. وهو من شواهد سيبوبه 2/417 ومعاني القرآن للفراء 1/139 والأصول 2/264 وشرح المفصل 3/149 وشرح التسهيل لابن مالك 1/219 والعيني 1/440 والتصريح 1/139 وشرح الأشموني 1/159 والخزانة 6/145.
والشاهد فيه استعمال (ذا) اسما موصولا بعد (ما) الاستفهامية.(17/14)
أي ما الذي يحاوله(1). وألا تكون ملغاة، وذلك بتقديرها مركبة مع (ما). ويدل على ذلك (2) إثبات ألف ( ما ) إذا دخل عليها جارّ، نحو عمّا ذا تسأل، لوقوعها في وسط الكلمة، ولولا اعتبار تركيبها لحذف الألف منها (3).
وجوّز ابن مالك (4)- تبعا للكوفيين- (5) إلغاءها بوجه آخر، وهو تقديرها زائدة (6).
وقوله: (وأيُّ) (7) أي من الموصولات المشتركة (أيُّ). وخالف في ذلك ثعلب (8).
ويرد عليه قول الشاعر:
....... ........ ... ... فسلِّم على أيُّهم أفضل(9) .
أي الذي هو أفضل.
ولا يعمل فيها إلا مستقبل متقدم(10)، خلافا للبصريين(11).
__________
(1) قوله: أي ما الذي يحاوله ساقط من (ج).
(2) أي على التركيب.
(3) أي من ما، لأن ما الاستفهامية تحذف ألفها إذا دخل عليها حرف جر، نحو (بِم) و (لِم) و(عَمَّ). ينظر الكتاب 2/417- هارون.
(4) ينظر شرح التسهيل لابن مالك 1/219.
(5) ينظر مذهبهم هذا في التصريح 1/139.
(6) كالتي وردت في قول الشاعر:
فما ذا الذي يشفي من الحب بعدما ... تشرَّبه بطن الفؤاد وظاهره
ينظر شرح التسهيل 1/221.
(7) ما بين القوسين ساقط من (أ) و (ب). وأثبته من (ج).
(8) هو أبو العباس أحمد بن يحيي، المعروف بثعلب، إمام الكوفيين في عصره، لازم ابن الأعرابي وسمع من محمد بن سلام والرياشي، وأخذ عنه الأخفش الأصغر ونفطويه وأبو عمر الزاهد. وقعت بينه وبين المبرد مناظرات كثيرة، وكان ثقة متقنا للعلوم، ألف الفصيح والأمالي والمصون في النحو وغيرها، وكانت وفاته سنة 291ه.
ترجمته في طبقات النحويين ص 141 ونزهة الألباء ص 173 وإنباه الرواه 1/173 وبغية الوعاة 1/396 وشذرات الذهب 2/207.
(9) تقدم تخريج هذا البيت ص 262. والشاهد فيه هنا استعمال (أيّ) اسما موصولا.
(10) هذا قول الكوفيين، ورد عليهم العلماء، قال ابن مالك: "ولا حجة لهم إلا كون ما ورد على وفق ما قالوه". شرح التسهيل1/223 وينظر الأصول لابن السراج2/326.
(11) ينظر شرح الكافية للرضي2/41 والتصريح 1/135.(17/15)
وقد قال الكسائي، جوابا لمن سأله لِمَ(1) لا يعمل فيها الماضي: أيٌّ كذا خُلقتْ(2).
وهو جواب إقناعي، والجواب أن (أيَّا) مبهمة والمضارع مبهم(3) ففيه مناسبة لها، بخلاف الماضي فلا إبهام فيه فيتنافيان. كذا في اللباب(4).
وقد تقدم الكلام في إعرابها وبنائها في الباب السابق(5).
وقوله: (وأل) أي من الموصولات المشتركة (أل) (في نحو الضارب) أي في اسم الفاعل، نحو {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ}(6) (و) في نحو (المضروب) أي في اسم المفعول، نحو {وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ}(7). وليست موصولا حرفيا (8)، لعود الضمير عليها (9)، ولأنها لا تؤول مع صلتها بمصدر. ولا حرف تعريف (10)؛ لأنه لا يتقدم (11) عليها معمول مدخولها، فلا تقل (12): زيدٌ عمراً الضارب (13).
تنبيه:
لم يذكر المصنف الشرط الأول في موصولية (ذا) أعني ألا تكون للإشارة لتباين المعنيين ، فلا يصح أحدهما حيث يصح الآخر .
__________
(1) في (ج): (لما) وهو خطأ لوجوب حذف ألف (ما) لدخول حرف الجر عليها.
(2) وردت هذه الحكاية في مجالس العلماء للزجاجي ص 186 وأخبار النحويين للسيرافي ص 51.
(3) مراده بإبهام المضارع أنه يصلح للحال والاستقبال، بخلاف الماضي.
(4) هناك كتابان بهذا الاسم وهما لباب الإعراب للاسفرائيني واللباب في علل البناء والإعراب للعكبري ولم أجد هذا النص في واحد منهما.
(5) سبق ذلك في ص 262-264.
(6) من الآية 18 من سورة الحديد.
(7) الآية 5 من سورة الطور.
(8) هذا قول المازني. ينظر شرح الكافية للرضي 2/37 والتصريح 1/137.
(9) في نحو (أفلح المتقي ربه) والضمير لا يعود إلا على الأسماء.
(10) وبه قال الأخفش، وروى عن المازني. ينظر التصريح 1/137.
(11) في (أ) و (ب): لأنها لم يتقدم والمثبت من (ج).
(12) في (ج): فلا تقول.
(13) فدل ذلك على أنه موصول اسمي، لأنه لا يجوز تقدم الصلة ولا شيء من متعلقاتها على الموصول(17/16)
ص: الخامس المحلّى بأل العهدية كجاء القاضي، ونحو {فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ.....}(1) الآية.
أو الجنسية، نحو {وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفاً}(2) ونحو {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ}(3) ونحو {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيّ}(4).
ش : الباب الخامس من أبواب المعارف المحلّى بأل . أي المعرّف بها.
ومذهب الخليل(5) أن حرف التعريف(أل) والهمزة أصلية، وهي همزة قطع، وصلت لكثرة الاستعمال، وكان يُعبّر عنها بأل،ك(هل) ولا يقول: الألف واللام(6). وسيبويه(7) يوافقه على أن حرف التعريف هو (أل) . ولكن يخالفه في أصالة الهمزة ويقول بزيادتها، فهي عنده زائدة معتدّ بها (8) في الوضع (9).
__________
(1) من الآية 35 من سورة النور.
(2) من الآية 28 من سورة النساء.
(3) من الآية 2 من سورة البقرة.
(4) من الآية 30 من سورة الأنبياء.
(5) هو أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي، إمام البصريين في العربية كان الغاية في استخراج مسائل النحو، وهو الذي اخترع علم العروض.
أخذ عن أبي عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر، وأخذ عنه سيبويه والأصمعي والنضر ابن شميل والليث وغيرهم. وله من المؤلفات كتاب العين والعروض والنغم وغيرها وقد توفي سنة 175ه على الأصح. رحمه الله.
تنظر ترجمته في طبقات النحويين ص 47 وإنباه الرواة ا/376 ومعجم الأدباء 11/72 وإشارة التعيين ص 114 وبغية الوعاة 1/557 وشذرات الذهب 1/275.
(6) ينظر مذهب الخليل في الكتاب 3/324 ، 325.
(7) قال في الكتاب 4/226: (أل) تعرف الاسم في قولك: القوم والرجل.
(8) في (أ) (وهي عنده زائدة متعد بها).
(9) وقال أيضا: "وتكون- أي الهمزة- موصولة في الحرف الذي تعرّف به الأسماء".(17/17)
هكذا نقل المذهبين الشيخ جمال الدين بن مالك في شرح التسهيل(1) وقال: "إن مذهب الخليل أولى لسلامته من دعوى زيادة الحرف(2)". ونقل في شرح الكافية(3) عن سيبويه(4) أيضا أن اللام وحدها هي المعرِّفة.
إذا علمت ذلك فهي على قسمين:
عهدية، وهي التي عُهِد مصحوبها إما ذِهْنًا، كجاء القاضي.
أو ذكرا، نحو {مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ..}و{زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ..}(5)، ومنها ما عُهِد مصحوبها بالحضور، نحو {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}(6) ونحو (القرطاس) لمن سدّد سهما.
أو جنسية وهي التي لم يعهد مصحوبها بوجه من الوجوه السابقة، وحينئذ فإما أن تخلفها (كُلّ) حقيقة أو مجازا، أو لا تخلفها أصلا. فإن خلفتها (كلّ)(7) حقيقة فهي لاستغراق الأفراد، نحو {وَخُلِقَ الإنسَانُ ضَعِيفاً} (8) ونحو {إِنَّ الإنسَانَ لَفِي خُسْر}(9) فهي لشمول الأفراد.
__________
(1) شرح التسهيل لابن مالك 1/284.
(2) سقطت كلمة (الحرف) من (ج) وعبارة ابن مالك في شرح التسهيل 1/285: (على أن الصحيح عندي قول الخليل لسلامته من وجوه كثيرة مخالفة للأصل وموجبة لعدم النظائر.
أحدها تصدير الزيادة فيما لا أهلية فيه للزيادة وهو الحرف) الخ.
(3) شرح الكافية الشافية 1/319.
(4) هذا القول نسبه المتأخرون لسيبويه ، والصحيح عنه هو المذهب الأول ، قال المرادي في الجنى الداني ص 138: "وهو صريح كلام سيبويه لأنه عدّ حرف التعريف في الحروف الثنائية" وينظر الارتشاف 1/513 والتصريح 1/148.
(5) من الآية 35 من سورة النور.
(6) من الآية 3 من سورة المائدة، فأل في (اليوم) للعهد الحضوري، أي في هذا اليوم الحاضر وهو يوم عرفة.
(7) زيادة من (ج).
(8) من الآية 28 من سورة النساء.
(9) الآية 2 من سورة العصر، فالمراد جميع هذا الجنس ينظر البحر المحيط 8/509.(17/18)
وإن خلفتها مجازا فهي لشمول خصائص الجنس مبالغة، نحو {ذَلِكَ الْكِتَابُ}(1) أي هو كل كتاب في صفات (2) المدح، ومثله (أنت الرجل علمًا) أي أنت كل رجل في هذه الصفة (3)وإن لم تخلفها (كلُّ) أصلا فهي لبيان الحقيقة (4)، نحو {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيّ}(5).
ص: ويجب ثبوتها في فاعلي نعم وبئس المظهرين نحو:{نِعْمَ الْعَبْدُ}(6) و{بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ} (7) (فنعم ابن أخت القوم...).
ش: لما فرغ من تقسيم (أل) المعرّفة شرع يتكلم على أحكامها، ومن أحكامها وجوب ثبوتها، ووجوب حذفها.
فبدأ بالكلام على وجوب (8) ثبوتها، وذلك في مسألتين:
المسألة(9) الأولى وهي ما ذكره في هذا الكلام فاعلا ( نِعْمَ ) و (بئس) إذا كانا ظاهرين لا مضمرين، فيجب اقترانهما ب(أل) أو إضافتهما 24/أ إلى مقترن بها أو إلى مضاف إلى (10) مقترن بها.
ومثل للأول ب{نِعْمَ الْعَبْدُ}(11) وللثاني ب {بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ}(12) وللثالث ب:
34- فنِعْمَ ابنُ أُختِ القَومِ(13)
__________
(1) من الآية 2 من سورة البقرة.
(2) في (ج): صفة.
(3) ساقطة من (ج).
(4) ينظر في ذلك الجنى الداني ص 193 ومغني اللبيب ص 73.
(5) من الآية 30 من سورة الأنبياء.
(6) من الآيتين 30و44من سورة ص.
(7) من الآية 5 من سورة الجمعة.
(8) هذه الكلمة ساقطة من (ج).
(9) زيادة من (ج).
(10) ساقطة من (أ) و(ب).
(11) من الآيتين 30و44من سورة ص.
(12) من الآية 5 من سورة الجمعة.
(13) جزء بيت من الطويل ، وهو لأبي طالب في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو بتمامه:
فنعم ابن أخت القوم غير مكذّب زهير حساما مفردا من حمائل
ينظر هذا البيت في ضمن القصيدة في سيرة ابن هشام 1/279 وديوان أبي طالب
ص 10.
وفي نسخة(أ) جاء البيت كذا (فنعم أخت القوم).
زهير: هو ابن أبي أمية بن المغيرة أحد الخمسة الذين سعوا في نقض صحيفة قريش التي قاطعوا فيها بني هاشم. حمائل: جمع حمالة وهي علاقة السيف.
وهو من شواهد شرح الكافية الشافية 2/1105 والارتشاف 3/16 والمساعد
2/125 والعيني 4/5 والتصريح 2/95 والهمع 2/85 وشرح الأشموني 3/28 والخزانة 2/72.
والشاهد فيه إضافة فاعل (نعم) المظهر إلى مضاف لمعرف بأل.(17/19)
......... ...........
ولما كان الفاعل في المُثُل الثلاثة يرجع تعريفه إلى (أل) على ما لا يخفى قال: (ويجب ثبوتها في فاعلي نعم وبئس ومثَّل بالأمثلة الثلاثة.
ص: فأما المضمر فمستتر مفسر بتمييز، نحو نعم امرأً هرم ومنه {فَنِعِمَّا هِيَ}(1) .
ش: لما ذكر فاعل (نعم) و(بئس) الظاهر استطرد إلى ذكر فاعلهما المضمر،وإن لم يكن من باب (أل) في شيء.
ويجب فيه أن يكون مفردا، وأن يستتر وجوبا، وأن يفسر بتمييز، نحو:
35 – نعم امرأً هرم (2)...... ... ....... ........
ف(امرأً) تمييز ،مفسِّر للضمير المستتر وجوبا في (نعم) [و تقول: نعم](3) رجلا زيد ونعم رجلين الزيدان، ونعم رجالا الزيدون، ففاعل (نعم) في المثل الثلاثة ضمير مفرد تقديره (هو).
ومنه قوله تعالى:{فَنِعِمَّا هِيَ}(4) على أحد الرأيين(5) المرجّح عنده، لجزمه(6) به، وعدم حكاية مقابله في أن (ما) تمييز فتكون نكرة(7) تامة.
__________
(1) من الآية 271 من سورة البقرة.
(2) جزء بيت من البسيط، ينسب لزهير بن أبي سلمى وتمامه:
نعم امرأً هرم لم تعر نائبة ... إلا وكان لمرتاع بها وزرا
ولم أجده في ديوانه.
والنائبة الحادثة من حوادث الدهر، والوزر بالتحريك الملجأ.
والبيت من شواهد شرح التسهيل لابن مالك 1/163 والارتشاف 1/484 وتوضيح المقاصد3/297 وشرح الشذور ص 151 وشفاء العليل1/202 والتصريح 2/95 وشرح الأشموني 3/32.
والشاهد فيه وقوع (امرأً) تمييزا للضمير المستتر في (نعم).
(3) زيادة أوجبها المقام، ولا يتم المعنى إلا بها وهي ثابتة في شرح الشذور ص 151.
(4) من الآية 271 من سورة البقرة.
(5) في (ج): الروايتين.
(6) أي لجزم ابن هشام بهذا الرأي في قوله: (ومنه {فَنِعِمَّا هِيَ}) ينظر الشذور ص 10.
(7) في موضع نصب على التمييز، والفاعل مضمر، و(هي) مخصوص بالمدح. وهذا قول الأخفش واختاره المحققون. ينظر توضيح المقاصد 3/98، والتصريح 2/96.(17/20)
وأما على الرأي الآخر، وهو أن (ما) فاعل فتكون (ما) معرفة (1).
تنبيه:
استغنى الشيخ عن التصريح بإفراد الضمير(2) بذكر الاستتار، لأن الماضي لا يستتر فيه الضمير إلا إذا كان مفردا (3).
ص: وفي نعتي الإشارة مطلقا و(أيّ) في النداء، نحو {يَا أَيُّهَا الأِنْسَانُ}(4) {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ}(5) وقد يقال: يا أيُّهذا.
ش: المسألة الثانية مما يجب ثبوت (أل) فيه نعت اسم الإشارة مطلقا أي سواء كان في النداء، نحو يا هذا الرجل(6) أو في غيره، نحو هذا الرجل فعل كذا ونحو {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ}(7) . ونعت (أيّ) في النداء، نحو يا أيُّها الرجل(8) و{يَا أَيُّهَا الأِنْسَانُ}(9).
وقوله: (وقد يقال....) يشير به إلى أن (أيّا) قد تنعت باسم الإشارة نحو يا أيُّهذا الرجلُ، ويا أيُّهذا افْعلْ كذا.
وكما ينعت باسم الإشارة فكذلك قد ينعت بموصول مبدوء ب(أل) نحو يا أيها الذي فعل كذا.
وإنما وجب في نعت (10) ( أيّ ) ما ذكر لأنها مبهمة ، ولأنها وصله لنداء ما فيه (أل) .
تنبيهان:
__________
(1) والتقدير (فنعم الشيء هي)،وهذا هو ظاهر مذهب سيبويه.
ينظر الكتاب 1/73- هارون- وهمع الهوامع 2/86، وشرح الأشموني 3/36.
(2) في (ج): (استغنى الشيخ بإفراد الضمير).
(3) و نعم و بئس فعلان ماضيان.
(4) من الآية 6 من سورة الانفطار و من الآية 6 من سورة الانشقاق.
(5) من الآية 49 من سورة الكهف.
(6) في (أ) و (ب): يا أيها الرجل. والمثبت من (ج) وهو الصواب.
(7) من الآية 49 من سورة الكهف.
(8) تلزم (ها) التنبيه بعد (أيّ) عوضا مما فات (أيّ) من الإضافة، ويلزم وصفها بأحد أمور ثلاثة: إما ب(أل)، وإما باسم الإشارة، وإما باسم موصول مصدر بأل، وقد مثل الشارح لها. ينظر الكتاب 2/195- هارون وتوضيح المقاصد 3/296 وهمع الهوامع 1/175.
(9) من الآية 6 من سورة الانفطار. ومن الآية 6 من سورة الانشقاق.
(10) في (ج): (نعتي).(17/21)
الأول قوله: (وقد يقال: يا أيهذا) يؤخذ منه أن اسم الإشارة حيث وقع نعتا لأيّ لا يجب نعته بمعرف بأل. وهو المرجّح عند ابن مالك (1) تبعا لابن عصفور(2) وعليه جاء قول الشاعر:
36- يا أيُّهذانِ كُلا زادَكُما (3) ... ... ...............
الثاني ما ذكره من وجوب ثبوت (أل) في نعت اسم الإشارة هو فيما إذا كان وصلة لنداء ما فيه (أل) بألاّ يستغنى عنه (4).
أمّا إذا لم يكن كذلك فيجوز [حينئذ](5) أن يستغنى عن التابع، ويقال: يا هذا، وأن يُتبع بالمضاف، نحو يا هذا أخا زيدٍ. والله أعلم.
ص: وبجب حذفها في السعة من المنادى إلا من اسم الله تعالى والجملة المسمى بها، ومن المضاف إلا إن كان صفة معربة بالحروف أو مضافة إلى معرف ب(أل).
__________
(1) ينظر شرح عمدة الحافظ لابن مالك ص 281 وشرح التسهيل [202/ ب].
(2) ينظر المقرب 1/179.
وابن عصفور هو أبو الحسن علي بن مؤمن الحضرمي الأشبيلي ، المعروف بابن عصفور، نشأ بأشبيلية، وأخذ العلم عن شيوخها ومنهم أبو الحسن الدبّاج وأبو علي الشلوبين ولازمه عشر سنين ثم انقطع عنه، وقد أتقن العربية، ومن أشهر تلاميذه أبو حيان الأندلسي، وقد ترك ابن عصفور مؤلفات كثيرة منها المقرب وشرح الجمل والممتع والضرائر. رقد توفي سنة 669ه.
تنظر ترجمته في إشارة التعيين ص 236 والبلغة ص 160 وبغية الوعاة 2/210 وشذرات الذهب 5/330.
(3) صدر بيت من الرمل، ولم ينسبه أحد إلى قائله، وعجزه:
ودعاني واغلا في مَن يَغَلْ
وزيادة (يا) في أول البيت تسمى (الخزم). وجاء في بعض المصادر:
أيُّهذانِ كُلاَ زاديكما ... ودعاني واغلا في من وغل
ينظر في ذلك مجالس ثعلب 1/42 وشرح عمدة الحافظ ص 281 وشرح الشذور ص 154 والارتشاف 3/128 وتوضيح المقاصد 3/297 والمساعد 2/504 والعيني 4/239 والهمع 1/175 وشرح الأشموني 3/153.
والشاهد فيه عدم نعت اسم الإشارة بمعرف بأل مع أنه نعت لأيّ.
(4) مثل: يا هذا الرجل.
(5) زيادة من (ج).(17/22)
ش: لما فرغ مما يجب فيه ثبوت (أل) شرع فيما يجب حذفها منه، فذكر أنها تحذف في موضعين:
الموضع الأول: المنادى، والسبب في ذلك كراهية اجتماع تعريفين في كلمة واحدة، فلا تقل (1): يا الرجلُ، إلا في ضرورة الشعر (2). وعن ذلك احترز بقوله: (في السعة).
ويستثنى اسم الله تعالى، فيدخل عليه حرف النداء، وإن كان مبدوءا بأل نحو يا أللهُ. ولكن الأكثر فيه(3) حذف حرف النداء وتعويض الميم المشددة آخره، نحو (اللَّهم) ولا يجمعون بين الميم وحرف النداء إلا في ضرورة(4).
ويستثنى أيضا الجملة المسمى(5) بها إذا كانت مبدوءة بأل، نحو (يا المنطلق زيد)(6). وبعضهم(7) استثنى المبدوء بأل من أسماء الأجناس المبدوء بها، نحو (يا الخليفةُ هيبةً) والموصول(8) المبدوء(9) بأل، نحو الذي والتي. والجمهور (10) على خلافه.
__________
(1) في (أ) فلا تقول.
(2) وأجاز ذلك الكوفيون والبغداديون مطلقا. ينظر شرح الكافية للرضي 1/146 وتوضيح المقاصد 3/288.
(3) أي في اسم الله تعالى ، وفي نسخة (ج): وكان الأكثر فيه.
(4) عند البصريين، وأجاز ذلك الكوفيون في السعة. ينظر التصريح 2/172 وشرح الأشموني 3/147.
(5) في (أ): المسماة. والمثبت من (ب) و (ج).
(6) نص على جواز ذلك سيبويه في الكتاب 3/333. وينظر الهمع 1/174.
(7) هو محمد بن سعدان الكوفي وصححه ابن مالك، لأن التقدير (يا مثل الخليفة).
ينظر التسهيل ص 181 وشرح التسهيل [ 202/أ] وهمع الهوامع 1/174.
(8) أي واستثنى بعضهم الموصول المبدوء بأل فيقال: يا الذي فعل كذا، وهذا المذهب نسبه النحاة للمبرد. ولكنه جعله في المقتضب ضرورة. وقد اختاره أيضا ابن مالك. ينظر المقتضب 4/241 وشرح التسهيل لابن مالك [ 202/أ ] والتصريح 2/173.
(9) من قوله: (بأل من أسماء الأجناس) إلى هنا ساقط من (أ) بسبب انتقال النظر.
(10) ينظر الكتاب 3/334 والمقتضب 4/ 239 وتوضيح المقاصد 3/287 وهمع الهوامع 1/174.(17/23)
الموضع الثاني مما يجب فيه حذف (أل)(1) المضاف.
ويستثنى موضعان تدخل فيهما (أل) عليه (2):
أحدهما أن يكون المضاف صفة معربة بالحروف، أيّ (3) مثناة أو مجموعة نحو الضاربا زيدٍ والضاربو زيدٍ.
ثانيهما أن يكون المضاف أيضا صفة والمضاف إليه معمولا لها، وهو24/ب بالألف واللام أيضا، نحو الضارب الرجلِ.
وفي معنى ما هو بالألف واللام من ذلك ما هو مضاف إلى ما هي فيه كالضارب رأسِ الرجلِ أو مضاف إلى ضمير ما هي فيه، نحو:
37- الوُدّ أنتِ المستحقةُ صَفْوِهِ (4) ....... ........
فدخلت (أل) في ( المستحقة) لإضافته إلى مضاف إلى ضمير ما فيه (أل)(5) وهو الوّدُ.
تنبيهات:
الأول إنما يجرد المضاف في أغلب(6) أحواله عن الألف واللام ، لأن الأهم من الإضافة تعريفُ المضاف وهو حاصل بالألف واللام (7) فتكون الإضافة كتحصيل الحاصل.
وإلى المنكر تخصيص المضاف(8)، وفى المضاف المعرف التخصيص(9) وزيادة وهي التعيين (10).
__________
(1) ساقطة من (أ). وأثبتها من (ب) و (ج).
(2) ينظر التصريح 2/29 وهمع الهوامع 2/48 وشرح الأشموني 2/246.
(3) زيادة من (ج).
(4) صدر بيت من الكامل، ولم ينسب لقائل، وعجزه:
مِنّي وإن لم أرجُ منكِ نوالا
والبيت من شواهد توضيح المقاصد للمرادي 2/251 والمساعد 2/203 وشفاء العليل 2/630 والعيني 3/392 والتصريح 2/29 وهمع الهوامع 2/48 وشرح الأشموني 2/364.
والشاهد فيه اقتران المضاف بأل لإضافته إلى ضمير ما فيه أل.
(5) في (ج): ما هي فيه والمعنى واحد.
(6) في (أ) و (ب): أغرب، وهو تحريف والمثبت من (ج).
(7) من قوله: (لأن الأهم) إلى هنا ساقط من (ج).
(8) كذا في (ج)، ولعل فيه سقطا، وأصله: والإضافة إلى المنكر تفيد تخصيص المضاف، نحو (غلام رجل).
(9) من قوله: (وإلى المنكر تخصيص.) إلى هنا ساقط من (أ) و(ب).
(10) أي التعريف، نحو (غلام زيد).(17/24)
الثاني لم يذكر في المتن اعتبار كون المضاف إليه معمولا للمضاف ليخرج مثل: (مصارع مِصْرَ (1) و (مضروب عمروٍ)(2). مما لم تضف فيه الصفة إلى معمولها (3)، لندور مثل ذلك.
الثالث: اقتصر في المتن والشرح (4) على كون المضاف إليه بالألف واللام ولم يذكر ما أضيف إلى مصحوبها، أو إلى ضميره إما لأنه في معنى ما ذكره أو لقلّته بالنسبة إلى (5) ما ذكره.
ص: السادس المضاف (6) لمعرفة، كغلامي وغلام زيد.
ش: السادس من المعارف المضاف لمعرفة، أيّ معرفة كانت ومثّل بالمضاف إلى الضمير كغلامي. وإلى العلم كغلام زيد.
وقد تقدم (7) أن المضاف في رتبة المضاف إليه، وأن المضاف إلى الضمير في رتبة العَلَم. (8)
__________
(1) في (أ) و (ب) مضارع، وفي (ج): بمصارع، وهو تحريف والتصحيح من شرح اللمحة البدرية 2/269.
(2) كذا مثّل الشارح، وقد مثّل ابن هشام في شرح اللمحة البدربة 2/269 لذلك بقوله: (مصارع مصر وكاتب السلطان وأفضل القوم). وهذا أصح، لأن الإضافة هنا معنوية، فالمضاف إليه ليس معمولا للمضاف.
(3) إضافة لفظية، لأن المضاف إليه هنا ليس معمولا للمضاف. لأنه ليس في الأصل مفعولا به وإنما هي إضافة معنوية. يراجع شرح اللمحة البدرية 2/269.
(4) شرح شذور الذهب لابن هشام ص 155.
(5) ساقطة من (ج).
(6) في (ج): السادس من المعارف المضاف. وهذا النص سقط كاملا من الشذور المطبوع.
(7) ينظر ما سبق ص 282.
(8) هذا مذهب المحققين، وهناك أقوال أخرى منها أن المضاف في رتبة المضاف إليه مطلقا، وقيل إن المضاف دون رتبة المضاف إليه مطلقا.
ينظر المقتضب 4/281 وشرح اللمحة البدرية 1/286 وهمع الهوامع 1/56.(17/25)
وسيأتي في باب الإضافة أن المضاف إذا كان صفة مضافة إلى معمولها لم تفده الإضافة تعريفا ولا تخصيصا(1)، ك(ضارب زيدٍ) و(معطي الدينارِ) وأنه إذا كان شديد التوغل في الإبهام(2)، ك(غير) و (مثل) لا يتعرف أيضا. فيُخصُّ به(3) عموم قوله: المضاف لمعرفة(4) .
__________
(1) وإنما تفيد التخفيف فقط.
(2) في (أ) و (ب): باب الإبهام.
(3) أي بالمضاف إذا كان صفة مضافة لمعمولها أو كان شديد التوغل في الإبهام.
(4) ما بين الحاصرتين ساقط من (أ). والمثبت من (ب) و (ج).(17/26)
ص: أو الكسر، وهو أربعة العلم المختوم ب(ويه) كسيبويه، والجرمي يجيز منع صرفه، و(فَعَالِ) للأمر، ك(نَزَالِ) [ودَرَاكِ(1)]، وبنو أسد تفتحه و(فَعَالِ) سبّا للمؤنث، ك(فَسَاقِ) و (خَبَاثِ) ويختص هذا بالنداء. وينقاس هو و نحو (نَزَالِ) من كل فعل ثلاثي تام.
ش: الخامس من المبنيات المبني على الكسر. وهو أنواع:
الأول العلم المركب تركيب المزج إذا كان مختوما ب(ويه ) .
وبناؤه على الكسر، هو اللغة الفصحى . والعلة فيه طلب التخفيف تشبيها بالأصوات كما ذكره(2) بعضهم(3) في (أمْسِ) بل هذا أدخل في الشَّبَه(4) بذلك منه(5).
وغير الفصيح فيه(6) أن يعرب إعراب ما لا ينصرف للعلمية والتركيب، وهو مذهب الجرمي(7) ومن تبعه.
الثاني (فَعَالِ) في الأمر، أي أن ما كان(8) من أسماء الأفعال على وزن (فَعَالِ) ك (نَزَالِ) و (دَرَاكِ) و (حَذَارِ) فيُبنى على الكسر في أكثر اللغات لوقوعه موقع المبني (9) وكونه بمعناه.
__________
(1) ما بين المعقوفين ساقط من النسخ، وأثبته من الشذور ص 6.
(2) أي ذكر طلب التخفيف تشبيها بالأصوات.
(3) هو ابن خروف، نقل ذلك عنه ابن مالك في شرح الكافية الشافية 3/1482.
(4) لأن هذا مختوم بكلمة (ويه) وهي صوت من الأصوات، بخلاف كلمة (أمْس).
(5) كذا جاءت العبارة في (ب) و (ج)، وفي (أ): في ذلك به. ولعله يريد: (هذا أدخل في الشبه من ذلك به.
(6) أي في المركب المزجي المختوم بويَه.
(7) هو أبو عمر صالح بن إسحاق الجرمي، كان فقيها عالما بالنحو واللغة، ديِّنًا، ورِعاً أخذ النحو عن يونس والأخفش، واللغة عن الأصمعي وأبي زيد، وأخذ عنه المبرد والمازني، ألف كتبا في العربية منها الفَرْخ والأبنية. مات سنة 225ه.
ترجمته في أخبار النحويين البصريين 84 وإنباه الرواة 2/80 ومعجم الأدباء 12/5 وبغية الوعاة 2/8 وينظر مذهبه هذا في شرح الكافية للرضي 2/84 والارتشاف 1/497 والتصريح 1/118.
(8) في (أ): إن كان، والمثبت من (ب) و (ج).
(9) وهو فعل الأمر.(18/1)
ولغة بني أسَد فتحه(1).
الثالث مما يبنى على الكسر (فَعَالِ) سبَّا للمؤنث إذا كان منادى، نحو يا فَساقِ ويا فجارِ. فإن ورد في غير النداء، كقوله:
18- أُطوِّفُ ما أُطوِّفُ ثمّ آوي إلى بيت قعيدته لَكَاعِ(2)
فهو ضرورة(3) .
وعلة بنائه شبهه بفعال في الأمر في الزّنة(4) والعدل. لأنهم يُقدّرونه معدولاً عن فاسقة وفاجرة.
واختلف النحويون في هذين النوعين أعني (فَعَال) في الأمر و(فعال) في النداء سبّا للمؤنث (5). هل هما مقيسان أو مسموعان؟
فذهب المبرد (6)
__________
(1) أي أن بني أسد يبنونه على الفتح. ينظر التسهيل ص 223 والارتشاف 3/198.
(2) في (أ) و (ب) ذكر عجز البيت فقط، و البيت من الوافر وقائله الحطيئة.
ينظر ديوانه ص 330. وهو من شواهد المقتضب 4/238 والأمالي الشجرية 2/107، والمرتجل ص 97 وشرح المفصل 4/57 وشرح الكافية الشافية 1/1331 والعيني 1/473 والتصريح 2/180 والهمع 1/178 وشرح الأشموني 3/160 والخزانة 2/404.
والشاهد استعمال (لكاع) وهو على وزن (فَعَالِ) سبا لمؤنث في غير النداء.
(3) أو أنه على تقدير قول محذوف، أي يقال لها: يا لكاع، فيكون وارداً في النداء. ينظر همع الهوامع 1/178.
(4) كذا في (ب) و (ج)، وفي (أ): الرتبة، وهو تحريف.
(5) تنظر هذه المسألة في الأصول لابن السراج 2/90 والارتشاف 3/198 وهمع الهوامع 1/178.
(6) هو أبو العباس محمد بن يزيد الأزدي البصري، الملقب بالمبرّد، خاتم البصريين وهو من كبار النحويين، أخذ العلم عن المازني وأبي حاتم والجرمي وغيرهم.
ومن تلاميذه الزجاج وابن السراج وغيرهما، وقع بينه وبين ثعلب إمام الكوفيين في عصره مناظرات كثيرة، وله من التآليف المقتضب والكامل والفاضل والمذكر والمؤنث وغيرها توفي المبرد سنة 285 ه.
ترجمته في طبقات النحويين ص 101 ونزهة الألباء ص 64 وإنباه الرواه 3/241 ومعجم الأدباء 19/111 وإشارة التعيين ص 342 وبغية الوعاة 1/269 شذرات الذهب 2/190.(18/2)
إلى أنهما سماعيان لا يدخلهما القياس(1) .
وذهب16/أ الجمهور (2) إلى أنهما مقيسان من كل فعل ثلاثي، فخرج نحو (دَحْرَج) تام، فخرج (كان) وأخواتها، متصرف(3)، فخرج نحو (نِعْمَ) و(بِئْسَ) .
واستغنى المصنف عن التصريح بقيد التصرف بقوله: (وينقاس هو ونَزَالِ من كل فعل)(4)والله أعلم.
ص: وفَعَالِ علمًا لمؤنث ك (حذَامِ) في لغة أهل الحجاز وكذلك (أمْسِ) عندهم إذا أريد به معين، وأكثر [بني ](5) تميم يوافقهم في نحو سَفَارِ ووَبَارِ مطلقا، وفي (أمْسِ) في النصب والجر، ويمنع الصرف في الباقي .
ش: الرابع مما يبني على الكسر (فَعَالِ) علماً (6) لمؤنث كحذامِ وقطامِ في لغة أهل الحجاز(7)، سواء كان مختوما بالراء أو بغيرها من الحروف، تشبيها له بنحو (نَزَال) .
قال الشاعر:
إذا قالتْ حَذَامِ فصدِّقوها فإنّ القوْلَ ما قالت حذَامِ (8)
__________
(1) ينظر المقتضب 3/368 والارتشاف 3/198 والتصريح 2/180.
(2) وهو مذهب سيبويه نص عليه في الكتاب 3/280 فقال: (وإنما يطرد هذا الباب في النداء وفي الأمر). وينظر الأصول 2/90 وشرح المفصل 4/52 وشرح الكافية للرضي 2/75 وهمع الهوامع 1/178.
(3) في (ج): قوله متصرف، ولا شك في أن كلمة (قوله) زيادة من الناسخ، لأن المصنف لم يذكر كلمة متصرف من قبل، وإنما أوردها الشارح في هذا المقام.
(4) كذا في (ج) وهو الموافق لما في الشذور ص 7، وفي (أ) و (ب): بقوله: ويبنيان من كذا.
(5) سقطت من النسخ، وأثبتها من شذور الذهب ص 7.
(6) هذه الكلمة ساقطة من (ج).
(7) ينظر الكتاب 3/278 وشرح الكافية للرضي 2/79.
(8) تقدم تخريج هذا البيت في ص (225) والشاهد فيه هنا بناء (حذام) على الكسر في لغة أهل الحجاز. ينظر الكتاب 3/277 والأمالي الشجرية 2/115 وشرح الكافية للرضي 2/79.(18/3)
وهو عند بني تميم(1) معرب إعراب ما لا ينصرف إما للعلمية والعدل عن (فاعلة)، كما قال سيبويه (2)، وإما للعلمية والتأنيث المعنوي كزينب، كما قال المبرد (3).
ولك أن تقول: هذا(4) أوضح لأنه لا يعدل إلى العدل إلا إذا لم يوجد علة غيره، وقد صح اعتبار التأنيث فلا يعدل عنه.
هذا إن لم يختم بالراء، فإن ختم بها فجمهورهم يبنيه على الكسر، وغيرهم يسوّيه بغيره (5).
الخامس مما يُبنى على الكسر (أمسِ) في لغة الحجازيين أيضا.
وعلة بنائه عندهم تضمّن معنى اللام(6) بشرط أن يراد به اليوم الذي يليه يومُك، وألاّ يضاف، وألا تصحبه الألف واللام(7) ولبني تميم فيه والحالة هذه لغتان(8):
فبعضهم يعربه إعراب ما لا ينصرف مطلقا (9) ويعتبره معدولا عن (الأمس) فيكون فيه العلمية والعدل، وجمهورهم يخص إعرابه بحالة الرفع، ويبنيه في غير ذلك.
فإن فقد شرط من الشروط المذكورة أعرب مصروفا إجماعا.
تنبيهات:
الأول: يؤخذ اعتبار الشروط المذكورة في (أمْسِ) من حكاية عدم الصرف، لأنه لا يجتمع مع فقد شيء منها. وكأن المصنف استغنى بذلك عن التصريح بذكرها. والله أعلم.
__________
(1) ينظر مذهبهم في الكتاب 3/277 والأمالي الشجرية 2/115 وشرح الكافية للرضي 2/79.
(2) الكتاب 3/277.
(3) المقتضب 3/375 والارتشاف 1/436.
(4) أي قول المبرد.
(5) ينظر تفصيل مذهب بني تميم في شرح المفصل 4/65 وشرح الكافية للرضي 2/79.
(6) أي لام التعريف، فهو بمعنى قولك: (الأمس) ثم حذفت اللام وقدّرت. ينظر شرح الكافية 2/125.
(7) هذه الشروط في شرح الكافية للرضي 2/126 والهمع 1/209.
(8) ينظر ذلك في الكتاب 3/283 وشرح المفصل 4/107 وشرح الكافية 2/125 والهمع 1/209.
(9) ساقطة من (ج).(18/4)
الثاني: جعل في(1) المتن المبنيات على الكسر أربعة أنواع، فلم يدخل (أمسِ) في العدد، بل ذكره على سبيل الاستطراد، فإنه لما ذكر لغة الحجازيين في (حَذَامِ) استطرد فذكر لغتهم ولغة غيرهم في (أمسِ)، وعدها في الشرح(2) خمسة، فجعل (أمسِ) مقصودا بالعدد.
الثالث: شرط منع الصرف في ( أمسِ) عند مَن اعتبره ألاَّ يقع ظرفا، فإن وقع ظرفا بني بالإجماع(3).
ص: أو الضم، وهو أربعة، ما قطع عن الإضافة لفظا 16/ب لا معنى من الظروف المبهمة ك(قبل) و (بعد) و (أول) و أسماء الجهات.
ش: لما فرغ من المبنيات على الكسر، وكان المبني على الكسر أو نائبه لم يوجد(4) شرع في المبني على الضم، وذكر أنه على أربعة أنواع:
النوع الأول: الظروف المبهمة، أي التي لا يتضح معناها إلا بذكر المضاف إليه. وذلك ك(قبل) و(بعد) و (أول) وأسماء الجهات، وهي يمين وشمال وأمام ووراء وفوق وتحت. فإنها تبنى إذا قطعت عن الإضافة لفظا لا معنى(5)، بأن ينوى معنى المضاف إليه دون لفظه.
__________
(1) سقط من (أ). وينظر شذور الذهب ص 6، وقد نص فيه على أن المبنيات خمسة.
(2) شرح شذور الذهب ص 89- 98.
(3) أي عند جميع العرب. ينظر همع الهوامع 1/208. وفي (أ) و(ب): فيبنى بالإجماع، والمثبت من (ج)، وهو الأولى.
(4) أي لم يوجد في اللغة، وقد سبق بيان ذلك في ص 229.
(5) كقوله تعالى في سورة الروم الآية الرابعة: {لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ}.
قال ابن الأنباري في أسرار العربية ص 31: "وأما قبل وبعد فإنما بنيا لأن الأصل فيهما أن يستعملا مضافين إلى ما بعدهما، فلما اقتطعا عن الإضافة، والمضاف مع المضاف إليه بمنزلة كلمة واحدة، تنزلا منزلة بعض الكلمة وبعض الكلمة مبني".(18/5)
واحترز عما إذا صرح بالمضاف إليه، ك (جئتك بعد المغرب وقبل العشاء ) أو حذف المضاف إليه ونوي ثبوت لفظه فيبقى الإعراب، لكن يُترك التنوين لوجود المعارض له وهو الإضافة(1)، وعمّا إذا حذف المضاف إليه ولم يُنو شيء، فإنه يبقى الإعراب، وينوّن، إذ لا معارض له لا لفظا ولا تقديرا.
وإنما بنيت هذه الكلمات في هذه الحالة على حركة ليُعلم أن لها أصلا(2) في الإعراب، وكانت ضمة لأنها أقوى الحركات، فجبرت هذه الكلمات بالبناء عليها، لما لحقها من الوهن بحذف المضاف إليه(3). والله أعلم.
ص: وما ألحق بها، وهو ليس غير(4) .
ش: الثاني من المبني على الضم، ما ألحق بالظروف المذكورة وهو (غير)(5) الواقعة بعد (ليس) إذا حذف ما أضيف إليه لفظا. كقبضت(6) عشرةً ليس غيرُ، والمعنى ليسَ غيرُها. وبنيت بناء الظروف المذكورة لاشتراكهما في الإبهام.
قال في الشرح (7): "ولا يحذف ما أضيفت إليه (غير) إلا بعد (ليس)، وأما ما يقع في عبارات العلماء من قولهم: لا غيرُ، فلم تتكلم به العرب". انتهى.
وفيه نظر، فقد قال الشاعر:
19- جوابًا به تنجو اعتَمدْ فَوَربِّنا
__________
(1) في (أ): (لوجود المعارض وهو المعارض الإضافة)، وهو تكرار لا معنى له.
(2) في (أ): علاقة، وفي (ب): عراقة. والمثبت من (ج).
(3) ينظر أسبابا أخرى لبنائها على الضم في أسرار العربية ص 31 وشرح المفصل 4/86.
(4) كذا جاء في النسخ، وجاءت هذه العبارة في الشذور المطبوع ص 7 كذا:
(وغير إذا حذف ما تضاف إليه، وذلك بعد ليس، كقبضت عشرة ليس غير في من ضم ولم ينوّن) وهو- كما ترى- مختلف عما جاء في النسخ.
(5) ساقطة من (ج).
(6) في (أ) و (ب): كبقت له، والتصويب من (ج).
(7) شرح شذور الذهب ص 106.(18/6)
لعَنْ عَمَلٍ أسلفتَ لاَ غيرُ تُسألُ(1)
حكاه ابن مالك(2) وغيره(3).
ص: وألحق بها (عل) المعرفة، ولا تضاف(4).
ش: الثالث من المبنيات على الضم (عَلُ)، بشرط أن يراد به معيّن نحو قوله:
20- ............... وأتيت نحو بني كليب من عَلُ(5)
أي من فوقهم، ولو أُريد بها غير معيّن أعربت، كقوله:
21- ............... ... كجلمودِ صَخَرٍ حطّه السيلُ من عَلِ(6)
أي من مكان عال.
وأفاد عطف المصنف إياها على (ليس غير) أنها بُنيتْ تشبيها ب(قبل) و(بعد). ومنه يؤخذ اشتراط كونها لمعين.
__________
(1) البيت من الطويل، وهو مجهول القائل. وجاء في (ج) (سيال) بدل (تسأل) وهو تحريف، والبيت من شواهد شرح التسهيل لابن مالك [ق 171/ ب] والقاموس المحيط 2/109 والتصريح 2/50 والمطالع السعيدة 1/67 والأشموني 2/267 والدرر 3/116.
والشاهد فيه استعمال (غير) مبنية على الضم بعد (لا) وحذف ما أضيفت إليه، وفيه رد على ابن هشام.
(2) في باب القسم من شرح التسهيل [ق 171/ ب].
(3) وممن حكاه أيضا الفيروزآبادي في القاموس المحيط 2/ 109 (غير).
(4) كذا في الشذور ص 7، والذي في النسخ: (وعل ولا يضاف).
(5) عجز بيت من الكامل، وهو للفرزدق يهجو جريرا، وصدره في الديوان:
إني ارتفعت عليك كل ثنية ... ... .
ينظر ديوان الفرزدق 2/ 161 وفيه: (وعلوتُ فوق) بدل (وأتيت نحو).
والبيت من شواهد شرح المفصل لابن يعيش 4/89. والعيني 3/447 والتصريح
2/54 وهمع الهوامع 1/210.
والشاهد فيه بناء (عل) على الضم، لأنه أريد بها المعرفة.
(6) عجز بيت من الطويل، وهو لامريء القيس الكندي من معلقته المشهورة، وصدره:
مكر مفر مقبل مدبر معا ... ... .
ينظر ديوان امريء القيس ص 19. والبيت من شواهد سيبويه 4/228 وشرح المفصل 4/89 والمقرب 1/215 والعيني 3/ 449 والتصريح 2/54 والهمع 1/210 والأشموني 2/ 269 وشرح أبيات المغني 3/360.
والشاهد فيه إعراب (عل) لما قصد بها النكرة.(18/7)
ثم إن ( عل ) لا يضاف، خلافا لما وقع للجوهري(1)، واقتضاه كلام ابن مالك(2). ولا يستعمل إلا مجرورا بمن(3)، كما مثلنا.
ص: وأيُّ الموصولة إذا أضيفت وكان صدر صلتها ضميرا محذوفا نحو {أَيُّهُم أَشَدُّ}(4) وبعضهم يعربها مطلقا.
ش: الرابع من 17/أ المبنيات على الضم (أي) الموصولة، وذلك إذا أضيفت وكان صدر صلتها الذي هو المبتدأ ضميرا محذوفا(5).
نحو قوله تعالى: {لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ}(6)، وقول الشاعر:
22- ........ ....... ... فسلّم على أيُّهم أفضل(7)
__________
(1) قال الجوهري في الصحاح 6/2435: (يقال أتيته من علِ الدار). فجعلها مضافة.
والجوهري هو إسماعيل بن حماد أبو نصر الفارابي، كان من أعاجيب الزمان، ذكاءً وفطنةً وعلماً وكان إماما في اللغة والأدب، قرأ العربية على أبي على الفارسي والسيرافي، وصنف كتبا منها الصحاح ومقدمة في النحو وعروض الورقة. توفي سنة 393 ه.
ترجمته في إنباه الرواة 1/229 ومعجم الأدباء 6/151 وإشارة التعيين ص 55 وبغية الوعاة 1/446 وشذرات الذهب 3/ 142.
(2) في الألفية حيث إنه ذكر (عل) في عداد ألفاظ الغايات،، فاقتضى كلامه جواز إضافتها كغيرها راجع الأشموني 2/270- 271.
(3) في (ج): إلا مضافة، وهذا خلاف ما قرره، لأن الشارح قال قبل ذلك: "ثم إن عل لا يضاف"، فلا داعي لتكرير هذا الحكم مرة أخرى.
(4) من الآية 69 من سورة مريم.
(5) هذا مذهب سيبويه وبعض البصريين.
ينظر الكتاب 2/400 وشرح المفصل 1/145 وارتشاف الضرب 1/534 والتصريح 1/136.
(6) من الآية 69 من سورة مريم.
(7) عجز بيت من المتقارب، وينسب لغسان بن وعلة، وصدره:
إذا ما لقيت بني مالك.
وهو من شواهد الإنصاف 2/715 وشرح المفصل 3/147 وشرح الكافية الشافية 1/285 وشرح التسهيل لابن مالك 1/334 وتوضيح المقاصد 1/244 والمغني ص108 والعيني 1/436 والتصريح 1/135 والهمع 1/91 وشرح الأشموني 1/166 والخزانة 6/61.
والشاهد فيه بناء (أيّ) الموصولة على الضم لما أضيفت وحذف صدر صلتها، وهذا يرجح مذهب سيبويه. قال ابن يعيش عند ذكره هذا البيت 3/147: (وهذا نص في محل النزاع).(18/8)
واحترز بقوله: (إذا أضيفت) عما إذا لم تضف، سواء ذكر صدر صلتها، كأعجبني أيٌّ هو قائم أو(1) لم يذكر، كأعجبني أيٌّ قائم.
و (بحذف صدر صلتها) عمّا إذا ذكر كأعجبني أيهم هو قائم، فإنها معربة في هذه الحالات الثلاث(2).
وبعضهم(3) أعرب(4) ( أيا ) في الحالة الأولى أيضا.
كما قرئت الآية(5) بالنصب(6)، وروي البيت بالجر(7)، ولهذا قال الشيخ: (وبعضهم يعربها مطلقا ).
وإنما أعربت ( أي )، في الحالات الثلاث المذكورة، وبنيت في الحالة الأولى، لأن قياسها البناء، كأخواتها، وإعرابها على خلاف القياس، فلما نقصت صلتها التي هي مُبينة لها وموضحة رجعت إلى ما عليه(8) أخواتها من البناء(9).
وكانت حركة بنائها ضمة تشبيها ب(قبل) و(بعد) ولهذه العلة يشير عطف المصنف(10) لها على ( قبل ) و( بعد ) كما نبهنا عليه فيما قبلها.
__________
(1) كذا في النسخ، والأولى (أم).
(2) في (ج): (الثلاثة)، وهو صحيح أيضا، لأنه العدد إذا وقع صفة لمعدود جاز فيه مراعاة قاعدة العدد، ومراعاة قاعدة الصفة من موافقتها للمعدود (الموصوف) تذكيرا وتأنيثا. تنظر حاشية الصبان على الأشموني 4/ 61.
(3) هذا مذهب الخليل ويونس والكوفيين، حيث يرون أن (أيًّا) الموصولة معربة مطلقا. تنظر أدلتهم في الكتاب 2/398- هارون والإنصاف 2/709 وشرح المفصل 3/145.
(4) في (ج): (إعراب)، وهو خطأ.
(5) أي الآية السابقة، وهي قوله تعالى: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ}.
(6) وهي قراءة معاذ بن مسلم وطلحة بن مصرف وزائدة عن الأعمش وهي من الشواذ، ينظر مختصر في شواذ القرآن لابن خالويه ص 86 والبحر المحيط 6/209.
(7) أي بجر (أي) في قوله: فسلم على أيهم أفضل.
(8) في (ج): ما عليها.
(9) ينظر التعليل في أسرار العربية 383 وشرح المفصل 3/145 والهمع 1/91.
(10) في (أ): المنصرف، وهو تحريف. صوابه من (ب) و (ج).(18/9)
فإن قلت(1): فلم لم تبن عند حذف الصدر إذا كانت غير مضافة، نحو (لأضربنّ أيًّا أفضلُ) لنقص صلتها، كما قررت في المبنية.
فالجواب: لئلا يجتمع عليها تغييران، تغيير البناء وتغيير حذف المضاف إليه بخلاف المضافة، فإنه ليس(2) فيها إلا تغيير البناء فقط. والله أعلم.
ص: أو الضم، أو نائبه، وهو الألف والواو (وهو نوع واحد(3) وهو المنادى المفرد المعرفة، نحو يازيد و[ يَا جِبَالُ ](4) ويازيدان ويازيدون.
ش: الثامن(5) ما بني على الضم أو نائبه الذي هو الألف والواو.
وقد تقدم أنهما ينوبان عنه. وهذا المبني نوع واحد لاغير.
ويجب أن يبنى على ما يرفع به لو كان معربا، وهو المنادى.
والمنادى هو المطلوب إقباله بحرف نائب مناب أدعو.
فخرج بالقيد الأخير(6) قولك: أطلب إقبال زيد، فإنه ليس بحرف.
وليس كل منادى يبنى، بل المنادى الذي اجتمع فيه أمران:
الأمر الأول الإفراد، ونعني به ألا يكون مضافا ولا شبيها به، كما مر في باب ( لا ) النافية(7). فيدخل فيه المركب المزجي، نحو يا معديكربُ والمثنى نحو يازيدان، والمجموع على حدّه نحو يازيدون ويا مسلمون، وجمع المؤنث السالم نحو ( يا هنداتُ ). الأمر الثاني: التعريف، سواء كان تعريفه سابقا على النداء، نحو (يازيد) أو عارضا في النداء بسبب 17/ب القصد والإقبال، نحو (يارجل) مراداً به معين.
فخرج بالقيد الأول(8) المضاف، ك(يا غلام زيد) والشبيه به، وهو ما اتصل به شيء من تمام معناه. ك( ياطالعا جبلا ).
__________
(1) في (ج): فإن قيل.
(2) في (ج): فإنها ليست.
(3) هذه العبارة لم ترد في شذور الذهب المطبوع.
(4) من الآية 10من سورة سبأ، ولم ترد في النسخ، بل أضفتها من الشذور ص 7.
(5) أي من المبنيات عموما.
(6) وهو قوله: (بحرف نائب مناب أدعو).
(7) تقدم ذلك في ص 246.
(8) من قوله: الأمر الثاني إلى هنا ساقط من (ج).(18/10)
وبالقيد الثاني(1) النكرة التي ليست مقصودة، كقول الأعمى: يا رجلاً خذ بيدي، فهي معربة بالنصب. كما سيذكره في باب المنصوبات.
وإنما بُني المنادى المفرد المعرفة لشبهه بالمضمر(2) لفظا ومعنى(3) أما في اللفظ فلأنه مفرد، وأما في المعنى فلأنه مخاطب.
وبُني على حركة إعلاما بأن له قَدَماً(4) في الإعراب، وأن بناءه غير أصل.
وكانت ضمة تنبيها على قوته وتمكينه في الأصل، قبل عروض النداء، والضمة أقوى الحركات وهي علامة العُمَد لا الفضلات.
وقيل(5): إنما بُني على الضم فرقا بين حركتي المنادى المعرب، نحو ياقومَنا و ياقومي والمنادى المبني، نحو يا قومُ، كما فعلوا ذلك في نحو قبلَك ومن قبلِك ومن قبْلُ.
ص: وإما ألاّ يختص بشيء بعينه(6)، وهو الحروف، كهَلْ وثُمّ وجَيرِ ومُنْذُ .
ش: هذا هو الباب التاسع من المبنيات، وتقدم أنه يذكر فيه ما ليس له قاعدة مستقرة(7) وهو مراده بقوله (ألاّ يختصُّ بشيء بعينه).
__________
(1) وهو قوله في المتن: المعرفة.
(2) أي بضمير المخاطب. وفي (أ): بالمفرد بالمضمر المعرفة، وهي زيادة لامعنى لها.
(3) قال أبو البركات بن الأنباري في أسرار العربية ص 224: "بني لوجهين أحدهما أنه أشبه كاف الخطاب، وذلك من ثلاثة أوجه الخطاب والتعريف والإفراد. ثم قال: والثاني أنه أشبه الأصوات لأنه صار غاية ينقطع عندها الصوت، والأصوات مبنية فكذلك ما أشبهها".
(4) أي سابقة وتقدّما، وهذا من المجاز، ينظر أساس البلاغة للزمخشري ص 358.
(5) ذكر هذا القول ابن الأنباري في ضمن أوجه أخرى في أسرار العربية ص 224. وينظر شرح الكافية للرضي 1/133.
(6) في شذور الذهب ص 7: وإما ألا يطرد فيه شيء بعينه، والمعنى واحد.
(7) في (أ): مستمرة. والمثبت من (ب) و (ج). وقد تقدم ذلك في ص 228.(18/11)
أي أن هذه(1) المبنيات المذكورة في هذا الباب لا تختص بشيء من أنواع البناء، كما في الأبواب السابقة، حيث اختص كل باب منها بنوع(2) من أنواع البناء، بل تتعاقب عليها أنواع البناء، على ما سنبين إن شاء الله تعالى.
ثم إن هذا البناء (3) يكون تارة في الحروف وتارة في الأسماء.
وبدأ المصنف بالحروف لأن الأصل فيها جميعها البناء بالإجماع، إذ ليس فيها مقتضى [الإعراب](4) فإنها لا تتصرف ولا يتعاقب عليها من المعاني ما يحتاج لإعراب.
إذا علم ذلك فالأصل في البناء سواء كان في حرف أو في غيره أن يكون بالسكون لأنه أخف، فلا يعدل عنه إلا بسبب يقتضي العدول، وحينئذ فإذا جاء شيء مما الأصل فيه البناء كالحروف، وكذلك الأفعال، مبنيا على السكون فلا يسأل(5) عنه لأنه جاء على أصله في الحالين(6).
وإن جاء مبنيا على حركة سئل عنه سؤالان:
كأن يقال: ما سبب العدول إلى الحركة؟ ولم كانت كذا؟
وإن جاء شيء مما الأصل فيه الإعراب وهو الأسماء مبنيا على السكون(7) سئل عنه سؤال واحد، وهو أنه لِم بُني؟ لأنه خرج بالبناء عن الأصل. وإن جاء مبنيا على حركة سئل عنه ثلاثة أسئلة.
__________
(1) في (ج): أشار إلى أن المبنيات.
(2) في (ج): كل نوع منها من أنواع البناء.
(3) أي هذا النوع من البناء وهو الذي لا يختص بشيء معين.
(4) ساقطة من (أ). وأثبتها من (ب) و (ج).
(5) في (ج) سؤال.
(6) وهما البناء والسكون، وما جاء على أصله لا يسأل عن علّته.
(7) سقط من (ب) من قوله: فلا يسأل، إلى هنا بسبب انتقال النظر.(18/12)
سؤال عن سبب بنائه، وسؤال عن سبب العدول 18/أ إلى الحركة، ولم كانت الحركة كذا؟ ثم مثل للحرف بأربعة أمثلة. (هلْ) وهو مبني على السكون، و( ثُمّ ) وهو مبني على الفتح فرارا من التقاء الساكنين وطلبا للتخفيف، و (جَير)(1) وهو مبني على الكسر، فرارا من التقاء الساكنين، بحركة أصلية(2) في التخلص منه، و (منذُ) أي في لغة من يجرّ بها(3)، وهذا قيد لكونها حرفا، لا لكونها مبنية على الضم، فإنها مبنية عليه، سواء كانت حرفا أم اسما. وإنما بنيت حال كونها اسما لموافقتها الحرفية لفظا ومعنى.
وكان بناؤها على الحركة لأجل النون الساكنة، وكانت ضمة لشبهها بالغايات ك(قبل) و(بعد) إذْ هو على ثلاثة أحرف ثانيها ساكن(4) أو إتباعا لضمة الميم(5). والله أعلم.
ص: وبقية(6) الأسماء غير المتمكنة، وهي سبعة. أسماء الأفعال، ك صهْ وآمينَ وإيهِ(7)وهيْت.
ش: لما فرغ من الكلام على النوع الأول مما لا يدخل بناؤه تحت قاعدة مستقرة وهو الحروف، أخذ يتكلم على النوع الثاني من ذلك، وهي الأسماء التي ليست متمكنة، وهي سبعة.
وبيان ذلك أن الاسم إن أشبه الحرف شبها قويا بلا معارض سُمّي مَبْنيًا وغيرَ متمكن، وإن لم يشبه الحرف الشبه المذكور سُمِّي معربًا ومتمكنا.
وهذه الأبواب السبعة مَبْنيةٌ وغير متمكنة لشبهها بالحرف شبها قويا بلا معارض كما سنبينه إن شاء الله تعالى في كل منها.
__________
(1) جَير) حرف جواب بمعنى (نعم) وقيل هو اسم بمعنى حقًّا، ينظر الجنى الداني ص433 ومغني اللبيب ص 162.
(2) في (ج): وكونه أصله.
(3) وهم الحجازيون، فهي عندهم حرف، وبنو تميم يرفعون ما بعدها فهي عندهم اسم. ينظر شرح الكافية للرضي 2/118.
(4) في (ج): ساكنين، وهو تحريف.
(5) التي في (منذ).
(6) سقطت من (أ) و (ب) وهي ثابتة في (ج) وكذلك شذور الذهب ص 7.
(7) سقطت من (أ) و (ب) وهي ثابتة في (ج) وكذلك شذور الذهب ص 7.(18/13)
فأولها أسماء الأفعال. والمقتضي لبنائها شبهها بالحرف في أنها تنوب عن الفعل ولا يدخل عليها عامل تتأثر به(1). ألا ترى أن صهْ وآمينَ وإيهِ وهَيتَ كل واحد منها بمعنى الفعل، ولا يدخل عليها عامل فيؤثر فيها(2).
ف(صهْ) بمعنى اسكت، و(آمينَ) بمعنى استجب، و(إيهِ)، بمعنى امض في حديثك و (هَيتَ) بمعنى تهيأت(3). ولا يدخل عليها شيء من العوامل فتتأثر به. فأشبهت (ليت) و(لعل) مثلا، فإنهما نائبان عن أتمنى وأترجى(4) ولا يدخل عليهما عامل فيؤثر فيهما.
واحترز بانتفاء التأثير من المصدر النائب عن فعله، نحو (ضربا) في قولك: ضربًا زيدًا، فإنه نائب عن (اضرب)، ولكنه يتأثر بالعوامل، تقول:
أعجبني ضربُ زيد، وكرهت ضربَ عمرو، وعجبت من ضربِ عمرو، فيكون معربا.
__________
(1) هذا هو مذهب ابن مالك، وقيل: بنيت أسماء الأفعال لشبهها بالفعل المبني، وقيل: لوقوعها موقع المبني.
ينظر شرح الكافية الشافية 1/218 وهمع الهوامع 1/16.
(2) قوله: ولا يدخل عليها إلى هنا ساقط من (أ) و (ب) وأثبته من (ج).
(3) وهي على هذا اسم فعل ماض، وقيل: إنها اسم فعل أمر بمعنى أقبل أو أسرع.
ينظر شرح المفصل 4/32 واللسان 2/105 وشرح الشذور ص120.
(4) في (أ): التمني والترجي. والمثبت من (ب) و (ج).(18/14)
وبني (آمين)(1) على الفتح فرارا من التقاء الساكنين وطلبا للتخفيف. ومثله (هيت) المفتوحة. و(إيهِ) على الكسر، لأنها الحركة المخلصة من التقاء الساكنين بالأصالة(2). و(هيتِ) 18/ب المكسورة(3) كذلك(4)، ومن بناها على الضم فقد شبهها ب(حيث) (5).
ص: والمضمرات، ك(قومي) ( و(قمتُ ) و(قمتَ ) و(قمتِ).
ش: الباب الثاني من الأبواب السبعة المبنية المضمرات.
وبنيت لشبهها بالحرف في الوضع، لأن أكثرها على حرف واحد أو حرفين، فأشبهت باء الجر ولامه و واو العطف وفاءه، وقدْ وبلْ وهلْ، ونحو ذلك من الحروف، وما كان منها على أكثر من ذلك فمحمول على ما كان على حرف أو حرفين(6).
وقيل: أشبهت الحروف في الافتقار إلى غيرها، لأن الضمائر لا تتم دلالتها على معانيها إلا بضميمة من مشاهدة أو غيرها(7).
وقيل: أشبهت الحروف في الجمود، إذْ لا تُثَنَّى ولا تُصَغَّر ولا تُجمع(8).
وقيل: بُنيت للاستغناء عن إعرابها باختلاف صيغها لاختلاف معانيها(9). وما بعد الوجه الأول أعم منه.
__________
(1) آمين) اسم فعل أمر بمعنى استجب، وفيها لغات، تنظر في المخصص 14/97 وشرح المفصل 4/34 والتبيان في إعراب القرآن 1/11.
(2) من قوله: وطلبا للتخفيف إلى التقاء الساكنين، ساقط من (ب) و (ج) بسبب انتقال النظر.
(3) هيت) فيها عدة لغات: فتح التاء وكسرها وضمها و(هيَّت) بتشديد الياء و(هِيتَ) بكسر الهاء وفتح التاء. ينظر شرح المفصل 4/32 والتسهيل ص 211 وشرح الكافية للرضي 2/71.
(4) أي بنيت على الكسر بالأصالة، لأن الكسر هو الأصل في التخلص من الساكنين.
(5) ينظر شرح المفصل 4/ 32.
(6) ساقط من (ج).
(7) كما ذكره الرضي، ينظر شرح الكافية للرضي 2/3 والتصريح 1/100.
(8) ينظر شرح الألفية لابن عقيل 1/92.
(9) ذكر هذه الأوجه جميعا ابن مالك في التسهيل ص 29 والشيخ خالد الأزهري في التصريح 1/100.(18/15)
وحُركت التاء لكونها على حرف واحد، ثم لما كانت تاء المتكلم أعرف(1) من تاء المخاطب خُصّت بالضمة التي هي أقوى الحركات. ولأصالة المذكر بالنسبة إلى المؤنث خصّ بالفتحة التي هي أخف الحركات. ولم يبق إلا الكسرة فأعطيتها تاء المخاطبة.
ص: والإشارات ك( ذي )(2) و( ثَمّ ) و( هؤلاء ).
ش: الباب الثالث من مبنيات الأسماء أسماء الإشارة.
والسبب في بنائها شبهها بالحرف في المعنى، لأنها أدت معنى من المعاني وهو الإشارة(3)، والمعاني حقها أن تؤدى بالحروف، فإذا أَدّى اسم من الأسماء معنى من المعاني بُني، سواء وضع لذلك المعنى حرف كالشرط مثلا، أم لم يوضع له حرف كالإشارة(4).
ثم إن من أسماء الإشارة ما ضعف السبب فيه فأُعرب ك(هذان) و(هاتان) كما سيذكره المصنف في الباب الآتي.
وفتح (ثَمّ) (5) تخلصا من التقاء الساكنين بأخف الحركات.
وكسرت (هؤلاء) في اللغة المشهورة للتخلّص منه بالحركة(6) الأصلية فيه.
ومن ضمّ(7) فقد راعى حركة الأول(8).
__________
(1) أي أخصّ.
(2) ساقطة من (أ). وفي (ج) تكرر كلمة (هؤلاء) الآتية.
(3) هذا تعليل الجمهور، وقال الجرجاني: بنيت أسماء الإشارة لمخالفتها سائر الأسماء في عدم لزوم المسمى. ينظر المقتصد للجرجاني 1/140 وشرح المفصل 3/126.
(4) وقيل: إن الإشارة قد وضع لها حرف وهو (أل) العهدية، لأنها للإشارة إلى المعهود إلا أنها للإشارة الذهنية. تنظر حاشية ياسين على التصريح 1/49.
(5) ثَمّ) اسم إشارة للبعيد بمعنى هناك، ينظر التصريح 1/129.
(6) في (أ): بالحركات، صوابه من (ب) و (ج).
(7) أي مَن بَنى هؤلاء على الضم. وهي لغة حكاها قطرب. ينظر شرح التسهيل لابن مالك 1/271.
(8) أي حركة الحرف الأول وهو الهمزة الأولى في (أولاء).(18/16)
ص: والموصولات كالذي [والتي](1) والذين والألاء(2) فيمن مدّه وذات فيمن بناه [وهو الأفصح](3) إلا ذين، وتين واللذين واللتين فكالمثنى)(4).
ش: الباب الرابع من مبينات الأسماء الموصولات جميعها إلا ما استثناه المصنف، وموجب بنائها شبهها بالحرف في الاستعمال(5).
لأنها مفتقرة افتقارا متأصلا إلى جملة، ألا ترى أنك تقول: جاء الذي، فلا يتم معناه حتى تقول: قام أبوه، ونحوه من الصلات.
واحترز بأصالة الافتقار من نحو {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ 19/أ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ}(6) ف(يوم) مفتقر إلى ما بعده، لكنه افتقار عارض في بعض التراكيب دون بعض، بدليل أنك تقول: صمتُ يوما، وسرتُ يوما، فلا تحتاج إلى شيء.
واحترز بذكر الجملة من نحو (سُبحان) و(عندَ) فإنهما مفتقران بالأصالة لكن إلى مفرد(7)، لا إلى جملة.
واستثنى المصنف لفظتين من أسماء الإشارة وهما (ذانِ) و(تانِ) ولفظتين من الموصولات وهما ( اللذان ) و( اللتان )، فإنها معربة بإعراب المثنى، لِمَا عارض سبب البناء من مجيئها على صورة التثنية(8) التي هي من خصائص الأسماء.
تنبيه:
قد عُلم مما تقدم أن ( أيّا ) الموصولة حيث أعربت تكون مستثناة. ولهذا لم يصرح هنا كما قال(9) باستثنائها مع ما استثناه.
__________
(1) سقطت من النسخ، وأضفتها من شذور الذهب ص 8.
(2) سقطت من (أ) و (ب) وهي ثابتة في (ج) والشذور.
(3) سقطت من النسخ، وأضفتها من شذور الذهب ص 8.
(4) سقطت من (أ) و (ب) وهي ثابتة في (ج) والشذور.
(5) هذا قول ابن مالك وغيره، وهناك أقوال أخرى في سبب بناء الموصولات.
ينظر في ذلك شرح المفصل 3/138 وشرح عمدة الحافظ ص 111 وشرح الكافية للرضي 2/35 والهمع 1/16.
(6) من الآية 119 من سورة المائدة.
(7) لأنهما ملازمان للإضافة إلى مفرد، تقول: (سبحان الله) و (عند زيد).
(8) كذا في (أ) و (ب)، وفي (ج): المثنى.
(9) أي ابن هشام في شرح الشذور ص 124.(18/17)
وإنما أخر استثناء لفظتي الإشارة إلى هنا، وإن كان بابهما تقدم مراعاة الاختصار، ولاشتراكهما في الموجب لضعف الشبه(1).
ولا يخفى أن استثناء الأربعة المذكورة إنما هو عند من يقول: إنها معربة(2) وأما من يقول، كابن الحاجب(3) وجماعة(4): إنها صيغ موضوعة للمرفوع والمنصوب، وهي مبنية لقيام علة البناء، فلا.
وقوله: (والألاء فيمن مدّه) احترز به عن لغة القصر(5)، فإنه حينئذ لا يقبل الحركة.
وقوله: (وذات فيمن بناه) احترز به عما إذا أعربتْ، وهي لغة قليلة(6) حكاها بعضهم(7)، فلا يصح التمثيل بها حينئذ.
ولا يخفى عليك بعد معرفة ما تقدم وجه التحريك في هذه المتحركات الثلاث(8) ووجه اختصاص كل منها ببعض الحركات دون بعض. والله أعلم(9).
ص: و أسماء الشروط والاستفهام، ك(مَن) و( ما ) و(أينَ) إلا (أيّا) فيهما، وبعض الظروف ك( إذ ) والآن وأمس وحيثُ مثلَّثًا.
ش: ذكر المصنف في هذا الكلام(10) بقية الأبواب السبعة المبنية من الأسماء، وهي ثلاثة: أسماء الشروط وأسماء الاستفهام وبعض الظروف.
فأما أسماء الشروط والاستفهام فبنيت لشبهها بالحرف في المعنى، كما تقدم. فالكلمات الثلاث الأولى(11) تصلح للشرط والاستفهام.
__________
(1) في (أ): السبب، والمثبت من (ب) و (ج).
(2) وهذا قول الزجاج وابن مالك. ينظر شرح التسهيل لابن مالك 1/213 وشرح الكافية للرضي 2/ 31.
(3) ينظر الإيضاح في شرح المفصل لابن الحاجب 1/ 481.
(4) وهو مذهب كثير من العلماء. ينظر شرح الكافية للرضي 2/31.
(5) لغة القصر هي (الألى) بمعنى (الذين) وهي المشهورة.
(6) حيث تعرب بالحركات إعراب ذات بمعنى صاحبة. ينظر التصريح 1/138.
(7) هو أبو حيان في الارتشاف 1/527.
(8) وهي (أيّ) الموصولة و (الألاء) و (ذاتُ).
(9) ساقطة من (ج).
(10) في (ج): (الباب).
(11) وهي مِنْ و ما و أينَ.(18/18)
فمثالها في الشرط أن تقول(1) مَن يقمْ أقمْ معه و ما(2) تفعل تجزَ به، وأين تجلسْ أجلسْ.
ومثالها في الاستفهام من قامَ؟ وما فعلت؟ و أين بيتُك؟.
واستثنى المصنف من البابين(3) ( أيّا ) فإنها معربة، وإن أدتْ المعنى فإنها استعملت شرطا، نحو {أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْت}(4) واستفهاما، نحو {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقّ}(5) لضعف الشبه فيها بما عارضه من مجيئها ملازمة للإضافة التي هي من خصائص الأسماء.
ولا يخفى وجه الفتح في ( أين ) (6).
19/ب وأما بعض الظروف فأشار المصنف إلى أنه ليس داخلا تحت ضابط بقوله: ك (إذ والآن) إلى آخره.
والمعنى أن بعض الظروف يبنى لشبهه بالحرف، وإن اختلف وجه الشبه بأن كان في بعض الأفراد غير ما في البعض(7) الآخر.
فأما ( إذ ) و (حيث) فوجهُ بنائهما افتقارهما افتقارا متأصلا إلى جملة كالموصولات، لأنك تتقول: جئتك إذْ، أو حيثُ، فلا يتم المعنى فيهما حتى تقول: جاء زيد ونحوه.
وأما ( الآن ) فلتضمنه معنى الإشارة(8)
__________
(1) ساقط من (ج).
(2) في (ج): مَن، وهو تحريف، لأن مَن قد تقدم مثالها.
(3) وهما باب الشرط وباب الاستفهام.
(4) من الآية 28 من سورة القصص.
(5) من الآية 81 من سورة الأنعام.
(6) وهو طلب التخفيف، كما هو ظاهر.
(7) دخول (أل) على (بعض) منعه بعض العلماء، وأجازه بعضهم، قال الزجاجي: "وإنما قلنا البعض والكل مجازا، وعلى استعمال الجماعة له مسامحة، وهو في الحقيقة غير جائز". ينظر تفصيل ذلك في لسان العرب 7/119 (بعض).
(8) اختلف العلماء في سبب بناء (الآن) على أقوال متعددة.
ولكن السيوطي رجح أنه معرب، حيث قال في الهمع 1/208: "والمختار عندي القول بإعرابه، لأنه لم يثبت لبنائه علة معتبرة، فهو منصوب على الظرفية وإن دخلته (مِنْ) جُرّ". وينظر الإنصاف 2/520 وشرح المفصل 4/103.(18/19)
، وخفف بالفتح. وأما (أمسِ)، فلتضمنه معنى اللام، كما تقدم(1)، وكسر على أصل التقاء الساكنين. وثُلث ثاء (حيث)، أي حرك(2) بالحركات الثلاث(3) لكثرة الاستعمال.
ص: باب، الاسم نكرة، وهو ما يقبل رُبّ، ومعرفة وهي ستة.
ش: الاسم ينقسم إلى نكرة ومعرفة.
فالنكرة هي الأصل(4)، ولذلك قدمها المصنف، والمعرفة فرع عنها.
قال ابن إياز(5): "والدليل على أصالة النكرة أنك لا تجد [ اسما](6) معرفة إلا وله اسم نكرة، وتجد كثيرا من النكرات لا معرفة له، و المستقل أولى بالأصالة، وأيضا فإن الشيء أول وجوده تلزمه الأسماء العامة، ثم تعرض بعد ذلك الأسماء الخاصة، ألا ترى أن الآدمي إذا وُلد يسمى ذكرا أو أنثى أو إنسانا أو مولودا أو رضيعا وبعد ذلك يوضع له(7) الاسم والكنية واللقب" (8)0 انتهى.
وقد ذُكر للمعرفة والنكرة حدود كثيرة.
__________
(1) في (ج): كما قدمنا، وقد تقدم بيان ذلك في ص 257.
(2) في (ج): وتثليث ثاء (حيث) حركت.
(3) أي أن فيها ثلاث لغات، الضم تشبيها لها بالغايات والفتح للتخفيف والكسر على أصل التخلص من التقاء الساكنين. ينظر المغني ص 176 ولسان العرب 2/140 (حيث).
(4) هذا مذهب جمهور البصريين، وخالف في ذلك الكوفيون وابن الطراوة، قالوا: لأن من الأسماء ما لزم التعريف كالمضمرات، ومنها ما التعريف فيه قبل التنكير.
ينظر الكتاب 1/22 والمقتضب 4/276 والارتشاف 1/459 والهمع 1/55 والأشباه والنظائر 3/71.
(5) تقدمت ترجمة ابن إياز ص 171.
(6) ساقطة من (أ) و (ب)، وأثبتها من (ج) والمحصول.
(7) في (ج): يعرض.
(8) المحصول في شرح الفصول (ق 163/ أ).(18/20)
والأحسن كما ذكره بعض المحققين(1) أن يقال في حد المعرفة: "هي ما أشير به إلى خارج مختص، إشارة وضعية. وفي حد النكرة هي ما لم يُشَر به إلى خارج مختص إشارة وضعية، فدخل في النكرة بعض الضمائر مما مرجعه غير مختص، نحو (رجل قائم أبوه) و (رُبَّه رجلا) و (بئس رجلاً) و (نعم رجلا) و (رُبَّ رجلٍ وأخيه ) .
فهذه الضمائر كلها نكرات، إذْ لم يسبق اختصاص مرجعها بحكم ولهذا يدخل عليها (رُبَّ) كما ذكر في الأمثلة. بخلاف ما اختص مرجعه بحكم فإنه داخل في حد المعرفة، لأن الضمير يصير معرفة برجوعه إلى نكرة مختصة (2) بصفة، نحو(كل شاةٍ سوداءَ وسخلتِها بدرهم) و (جاءك رجل كريم وأخوه) ولهذا لا يجوز دخول (رُبَّ) على شيء منهما". انتهى(3).
وكلام المصنف يوافق هذا، فإنه ذكر أن علامة النكرة دخول (رُبَّ) عليها، أي وعلامة المعرفة عدم دخول (رُبَّ) عليها.
وكأنه اكتفى بما ذكره في النكرة عن ذكر مقابله في المعرفة، لتقابلهما، أو اكتفى عن ذلك بعدّه لأنواعها وشرح كل نوع منها.
وبالعلامة المذكورة استُدل على تنكير (من) و (ما) 20/أ الواقعتين في نحو قول الشاعر:
23- رُبّما تَكره النّفُوس مِن الأم ر لهُ فرْجةٌ كحَلِّ العِقال(4)
وقوله:
__________
(1) هو العلامة الرضي في شرح الكافية 2/128.
(2) كذا في (ب) و (ج)، وفي (أ): مخصوصة.
(3) شرح الكافية للرضي 2/128 مع اختلاف يسير.
(4) البيت من الخفيف، واختلف في نسبته، فنسب لأمية بن أبي الصلت، وهو في ديوانه ص 444 ولعبيد بن الأبرص، وهو في ديوانه ص 112، ونسب أيضا لحنيف بن عمير اليشكري ولعمير الخثعمي وغيرهم. ولكن المشهور الأول. والرواية في الديوان (تجزع) بدل (تكره).
والبيت من شواهد سيبويه 2/109 والمقتضب 1/42 والأصول 2/325 والأمالي الشجرية 2/238 وشرح المفصل 4/3 والارتشاف 2/463 والهمع 1/8 والأشموني 1/154 والخزانة 6/108.
والشاهد فيه وقوع (ما) نكرة بدليل دخول (ربّ) عليها.(18/21)
24- رُبَّ مَنْ أنضجتُ غيظا قلبَه قد تمنَّى لي موتاً لم يُطعْ (1)
وقوله: (وهي ستة) يعني أن المعرفة ستة أنواع.
وأهمل (2) سابعا، وهو المنادى المقصود، وكأنه استغنى بذكره في باب المبني على الضم أو نائبه (3). أو استغنى بذكر الضمير عن ذكره، لكونه فرعا عنه، إذْ تعريفه لوقوعه موقع كاف الخطاب(4).
وهي الضمير والعلم واسم الإشارة والموصول والمحلى بالألف واللام، والمضاف إلى واحد من هذه.
وترتيب المصنف أبوابها الآتية على هذا الترتيب يُفهم أن ترتيبها في التعريف كذلك(5)، ويؤيده قوله(6): (وبدأت بالضمير لأنه أعرفها).
__________
(1) البيت من الرمَل، وهو لسويد بن أبي كاهل اليشكري، من قصيدة طويلة وردت في المفضليات ص 198. والبيت من شواهد الأمالي الشجرية 2/169 والمرتجل 307 وشرح المفصل 4/11 ومغني اللبيب ص 432 والهمع 1/92 والأشمونى 1/154 والخزانة 6/123. والشاهد فيه وقوع (مَنْ) نكرة لدخول (رُبّ) عليها.
(2) سقطت من (أ) وقد ترك لها بياضا بمقدارها. وأثبتها من (ب) و (ج).
(3) تقدم في ص 266.
(4) قال الرضي في شرح الكافية 2/131 عن المنادى المقصود: (ومن لم يعده من النحويين في المعارف فلكونه فرع المضمرات، لأن تعريفه لوقوعه موقع كاف الخطاب).
(5) وهو مذهب جمهور البصريين، ومذهب الكوفيين أن أعرفها العلم ثم الضمير وقيل: أعرفها اسم الإشارة. ينظر شرح المفصل لابن يعيش 5/87 وشرح الكافية للرضي 1/312 والارتشاف 1/459 وهمع الهوامع 1/55.
(6) في شرح شذور الذهب ص 134.(18/22)
وفي ترتيبها في التعريف اختلاف كثير(1)، والذي اختاره الشيخ جمال الدين بن مالك في التسهيل(2) أن أعرفها ضمير المتكلم ثم ضمير المخاطب ثم العلم ثم ضمير الغائب السالم عن الإبهام(3) ثم اسم الإشارة والمنادى ثم الموصول وذو الأداة (4) في رتبة واحدة، والمضاف بحسب ما يضاف إليه (5).
ص: أحدها المضمر، وهو ما دل على متكلم أو مخاطب أو غائب معلوم نحو {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ}(6) أو متقدم مطلقا نحو{وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ}(7) أو لفظا نحو{وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ}(8) أو رتبةً نحو{فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى}(9) أو مؤخر مطلقا نحو{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}(10)، {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا}(11) و(نِعم رجلا [زيد](12) ورُبّه رجلاً، وقاما وقعد أخواك، وضربته زيداً، ونحو (جَزَى ربُّه عنِّي عدىَّ بن حاتم)(13) والأصح أن هذا ضرورة.
__________
(1) ينظر في ذلك ارتشاف الضرب 1/459 والتصريح 1/95 والهمع 1/55.
(2) تسهيل الفوائد ص 21.
(3) السالم عن الإبهام احتراز من نحو (ربّه رجلا).
(4) ساقط من (ج).
(5) إلا المضاف إلى الضمير، فإنه في رتبة العلم عند المحققين. ينظر شرح اللمحة البدرية 1/287.
(6) من الآية 1 من سورة القدر، وقد ذكرت الآية كاملة في (أ).
(7) من الآية 39 من سورة يس، وفي (أ): {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ}.
(8) من الآية 124 من سورة البقرة.
(9) الآية 67 من سورة طه.
(10) الآية ا من سورة الإخلاص.
(11) من الآية 24 من سورة الجاثية.
(12) سقطت من النسخ، وأضفتها من شذور الذهب ص 8.
(13) جزء من بيت سيأتي الكلام عليه.(18/23)
ش: الباب الأول من أبواب المعارف باب الضمير، ويقال: المضمر [أيضا](1) فهما اسمان لما وضع لمتكلم ك(أنا) أو لمخاطب ك(أنت) أو لغائب ك(هو) كذا عرفه المصنّف في بعض كتبه(2) . وعرفه هنا بقوله: (ما دل...) إلى آخره، والمقصود بهما واحد، إذ المراد بالدلالة الدلالة من حيث الوضع، وإلا لورد على قوله: (ما دل) إلى آخره (زيد) فيما إذا قال من اسمه (زيد): زيدٌ فعل كذا، أو قيل له: يا زيدُ افعلْ كذا، أو قيل عن غائب اسمه (زيد): زيدٌ فعل. فإن (زيدا) في المُثُل المذكورة دل على متكلم ومخاطب وغائب لكن (3)لا من حيث الوضع .
ثم إن ما وضع للغائب من الضمير لا بدّله من مفسِّر، ومفسِّره إما معلوم أي متعقل(4) في الذهن، وإن لم يتقدم له ذكر، كقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}(5) فالضمير في (أنزلناه) للقرآن و هو معلوم.
وإما مذكور متقدم مطلقا أي لفظا ورتبة، نحو: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ}(6) فإن القمر المفسر للضمير، كما هو (7) متقدم لفظا، فهو متقدم رتبة لأنه مبتدأ (8).
__________
(1) زيادة من (ب) و (ج).
(2) هو كتاب أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك 1/60.
(3) كذا في (أ) و (ب) وفي (ج): للرد، ولم يظهر لي معناها.
(4) في (ج): معقل، وهو تحريف.
(5) الآية 1 من سورة القدر.
(6) من الآية 39 من سورة يس ، وهذا على قراءة الرفع في (القمر) وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو من السبعة. ينظر كتاب السبعة في القراءات ص 540.
(7) في (ج): كما مرّ.
(8) وذلك على قراءة الرفع، وأما على قراءة النصب فهو مفعول به لفعل محذوف يفسره المذكور.(18/24)
أو متقدم 20/ب لفظا لا رتبة، نحو {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ}(1) فضمير (ربه) يعود على (إبراهيم) وهو متقدم لفظا، متأخر رتبة، لأن الفاعل رتبته التقدم على المفعول. أو متقدم رتبة لا لفظا، كقوله تعالى: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى}(2) فالضمير في (نفسه) يعود على (موسى) وهو متقدم رتبة متأخر لفظا. أو متأخر مطلقا أي قد يكون مفسر الضمير متأخرا لفظا ورتبة، وذلك نوعان لأن المفسر إما جملة أو مفرد (3).
فالنوع الأول وهو مفسر ضمير الشأن، وذلك أن العرب تُقدّم قبل الجملة الاسمية أو الفعلية ضميرا (4)، تكون الجملة خبرا عنه ومفسِّرة له.
ويوحد الضمير، لأنه بمعنى الشأن أو الحديث، ولا يفعلون ذلك إلا في التعظيم، نحو {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (5) .
ولا يكون هذا الضمير مؤنثا إلا إذا كان في الكلام مؤنث، نحو قوله تعالى: {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ} (6). وحينئذ يسمى ضمير القصة.
وأما النوع الثاني وهو المفرد فمنه أن يكون خبرا عن الضمير، نحو {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} (7).
ومنه (8) أن يكون مميزا (9) لضمير (نعم وبئس) نحو(نِعمَ رجلا زيد) و{بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً}(10) ف(رجلا) و(بدلا) مفسِّران للضمير في (نعم) و( بئس )، والتقدير نعم الرجل رجلاً وبئس البدلُ بدلاً.
__________
(1) من الآية 124 من سورة البقرة.
(2) من الآية 67 من سورة طه.
(3) في (ج): مفردا، بالنصب وهو خطأ.
(4) في (ج): ضمير، وهو خطأ لأنه المفعول به لقوله: (تُقدَم).
(5) الآية 1 من سورة الإخلاص.
(6) من الآية 46 من سورة الحج.
(7) من الآية 24 من سورة الجاثية.
(8) في (ج): ومنها. وهو غير مناسب لأنه يعود على مذكر.
(9) في (ج): عدم، ولا معنى له هنا وقوله: (نعم وبئس) الآتي ساقط من (ج).
(10) من الآية 50 من سورة الكهف.(18/25)
ومنه(1) أن يكون مميزا للضمير المجرور ب(رُبّ) نحو رُبّه رجلا، فإن (رجلا) هو مفسر الضمير في (رُبَّه ).
ومنه نحو (قاما وقعد أخواك) من باب التنازع إذا أعلمنا الثاني واحتاج الأول لمرفوع، فإن البصريين يضمرونه(2)، لأنه يمتنع حذف العُمَد، فالإضمار قبل الذكر أسهل منه لوقوعه في غير ما موضع(3) .
ومنه أن يكون مبدلا من الضمير قبله، كقولك: (ضربته زيداً) (4)
ومنه المفعول المؤخر الذي اتصل بالفاعل ضميرُهُ، نحو:
25- جزى ربُّه عنّي عديَّ بنَ حاتم
جزاءَ الكلابِ العاويات وقد فعل(5)
ف(عدي) الذي هو المفعول المؤخر هو مفسر الضمير الذي اتصل بالفاعل وهو متأخر لفظا ورتبة.
وصحح المصنف(6) تبعا للجمهور(7) أن هذا ضرورة ، خلافا لابن مالك(8) رحمه الله حيث جوزه، تَبَعا لابن جني(9) وجماعة(10)، لكثرة ما ورد عن العرب منه.
__________
(1) في (ج): ومنها. وهو غير مناسب لأنه يعود على مذكر.
(2) سيأتي تفصيل ذلك في باب التنازع.
(3) كوقوعه بعد (رُبّ) نحو (رُبّه رجلا).
(4) من قوله: (ومنه أن يكون مبدلا) إلى هنا ساقط من (ج).
(5) البيت من الطويل، وهو لأبي الأسود الدؤلي، في ديوانه ص 162.
وقد نسب للنابغة الذبياني، ولغيرهما، والصحيح أنه لأبي الأسود، والذي للنابغة بيت آخر يشبهه في عجزه فقط. ينظر ديوان النابغة ص 191.
والبيت من شواهد الجمل للزجاجي ص 119 والخصائص 1/294 وشرح المفصل
1/76 وتخليص الشواهد ص 489 والعيني 2/487 والتصريح 1/283 والهمع 1/66 وشرح الأشموني 2/59 والخزانة 1/277.
والشاهد فيه قوله (جزى ربُّه عنّي عديَّ.) حيث عاد الضمير الذي في الفاعل المتقدم على المفعول المتأخر.
(6) شرح شذور الذهب ص 137.
(7) ينظر مذهبهم في شرح المفصل لابن يعيش 1/76 والتصريح 1/283 وهمع الهوامع
1/66.
(8) ينظر تسهيل الفوائد ص 79.
(9) ينظر الخصائص 1/294.
(10) منهم الأخفش والطِّوال من الكوفيين، وصححه الرضيّ، لكثرة شواهده. ينظر شرح الكافية للرضي1/72 والارتشاف 1/283 وشرح الأشموني 2/58.(18/26)
تَتِمّة في الكلام على شيء من أقسام الضمير مما لابد منه، فنقول:
ينقسم الضمير إلى بارز ومستتر، لأنه إما أن يكون له صورة في اللفظ أو لا الأول البارز كتاء (قمت) والثاني المستتر كالمقدر في (قم).
والبارز ينقسم إلى منفصل ومتصل، لأنه إما أن يفتتح به النطق ويقع بعد (إلاّ) أو لا، والأول المنفصل ك(أنا) و(إياك) والثاني المتصل كالياء من (ابني) والتاء من (قمت).
والضمائر ترتقي إلى ستين ضميرا(1)، لأن كلاَّ من المتصل والمنفصل في الأصل إما مرفوع أو منصوب أو مجرور، صارت ستة أقسام، سقط منها المجرور المنفصل، حتى لا يلزم 21/أ تقديم المجرور على الجارّ(2)، بقيت خمسة، مرفوع منفصل ومتصل ومنصوب كذلك ومجرور متصل، وكل واحد من هذه الخمسة يحتمل في العقل ثمانية عشر وجها، ستة في المتكلم وستة في المخاطب وستة في الغيبة، لأن كلا من المتكلم والمخاطب والغائب إما واحد مذكر أو مؤنث [ أو مثنى مذكر أو مؤنث](3) أو مجموع مذكر أو مؤنث.
واكْتُفي في الخطاب والغيبة بخمسة ألفاظ (4)، وجعل اللفظ الدال على المثنى واحدا مشتركا بين المذكر والمؤنث، لقلة استعمال المثنى دون غيره(5). وفي التكلم بلفظين(6)، لأن المتكلم يُرى في أكثر الأحوال، أو يُعلم بالصوت أنه مذكر أو مؤنث .
فبقي اثنا عشر نوعا، وذلك ستون، وتضم إليها ياء المخاطبة(7) فتصير أحداً(8) وستين [ضميرا](9).
__________
(1) ينظر شرح الكافية 2/7 وشرح اللمحة 1/244.
(2) أي أنه لو ورد ضمير مجرور منفصل وقدم على عامله كما يتقدم المنصوب المنفصل على عامله للزم منه تقدم المجرور على الجار. وذلك لا يجوز.
(3) ما بين الحاصرتين ساقط من (أ). وأثبته من (ب) و (ج).
(4) وهي أنتَ وأنتِ وأنتما وأنتم وأنتن، وهو وهي وهما وهم وهنّ.
(5) هذه العبارة مكررة في (ج).
(6) وهما (أنا) و(نحن).
(7) عند سيبويه والجمهور، خلافا للأخفش والمازني.
ينظر الكتاب 1/ 20، والمغني ص 487.
(8) في (ج): إحدى، وهو تحريف.
(9) زيادة من (ج).(18/27)
ص: الثاني العَلَم، وهو شخصي إن عيّن مسماه مطلقا، ك(زيد).
ش: الباب الثاني من أبواب المعارف باب العَلَم، وهو نوعان، جنسي، وسيأتي في كلام المصنف، وشخصي، وهو المذكور هنا، وأشار إلى تعريفه بقوله: (إن عيّن) إلى آخره يعني أن العلم الشخصي ما يعين مسماه تعيينا مطلقا.
فخرج بالتعيين النكرات، فإنها لا تعين مسماها، وخرج بالإطلاق غير العَلَم من المعارف، فإن تعيينها لمسمياتها تعيين مقيد، مثل المحلى بالألف واللام لا يعين مسماه إلا ما دامت (أل) موجودة فيه، فإذا زالت منه زال التعيين، وكذلك الموصول لا يعين إلا إذا وجدت الصلة، فإذا فارقته الصلة فارقه التعيين، وخرج به أيضا العَلَم الجنسي(1) فإن تعيينه مقيد بمشابهة ذي الأداة (2).
تنبيه:
قد يعرض في العلم اشتراك، ك (زيد) مثلا، يضعه شخص على ولده(3) وآخر كذلك، و هَلُمّ جرا(4) فلا يعيّن حينئذ لتردده بين أشخاص كثيرة. وهذا لا يرد على المصنف، لأن المراد بالتعيين إنما هو باعتبار وضع واحد وهذه أوضاع متعددة (5).
ص: وجنسي إن دل بذاته على ذي الماهية تارة، وعلى الحاضر أخرى ك( أسامة).
__________
(1) في (أ) قدم ذكر العلم الجنسي على الموصول والمثبت من (ب) و (ج).
(2) وذلك لأن العلم الجنسي يعين مسمّاه تعيين ذي الأداة الجنسية أو الحضورية فنحو (هذا أسامة مقبلا) في قوة (هذا الأسد مقبلا)، ينظر التصريح 1/123.
(3) في (ج): تضعه شخصا على ولدك.
(4) سقطت هذه الكلمة من (ج).
(5) في (ج): منفردة.(18/28)
ش: لما فرغ من تمييز العَلَم الشخصي أخذ في تمييز العَلم(1) الجنسي، وهو ما يعين مسماه بغير قيد(2) تعيين ذي الأداة الجنسية، كقولك: أسامة أجرأ من ثعالة(3)، وأشار إلى هذا(4) بقوله: (دل على ذي الماهية) أو تعيين ذي الأداة الحضورية، كقولك: هذا أسامة مقبلا، وإليه أشار بقوله: (وعلى(5)الحاضر أخرى).
فالعلم الجنسي حينئذ بمعنى(6) اسم الجنس المعرفة بالألف واللام.
فإن قيل: فما الفرق من حيث المعنى بينه وبين اسم الجنس النكرة،
ك( أسد) وهو الذي يعبر عنه بالنكرة في عُرف النحاة، وبالمطلق في عرف الأصوليين (7).
فالجواب أن (أسداً) ونحوه وُضع ليدل على شخص، وذلك الشخص لا يمتنع أن يوجد 21/ب منه أمثال، فوُضع على السباع في جملتها، ووُضع (أسامة) بمعنى الأسدية المعقولة(8) التي لا يمكن أن توجد خارج الذهن، بل هي موجودة في النفس ولا يمكن أن يوجد منها اثنان أصلا في الذهن، ثم صار (أسامة) يقع على الأشخاص لوجود ذلك المعنى الكلي في الأشخاص(9).
وقيل(10): الجواب(11) غير هذا، وهو أن اسم الجنس موضوع للحقيقة الذهنية(12) وعَلَم الجنس موضوع لها من حيث حضورها الذهني.
__________
(1) من قوله: الشخصي إلى هنا ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج).
(2) كذا قال الشارح هنا، وقال فيما سبق: إن تعيين العلم الجنسي مقيد بمشابهة ذي الأداة. ولعل مراده هنا بغير قيد من القيود التي ذكرت في المعارف الأخرى.
(3) أسامة) علم جنس على الأسد و (ثعالة) علم جنس على الثعلب. ينظر التصريح 1/125.
(4) كذا في (ب) وفي (أ): وأشار بهذا لقوله وفي (ج) وأشار بقوله.
(5) في (ج): وإلى.
(6) كذا في (ب) و (ج) وفي (أ): يعم.
(7) ينظر المستصفى من علم الأصول للغزالي 1/30.
(8) في (ج): المعقولية.
(9) ينظر هذا الجواب في الهمع 1/70 والأشباه والنظائر 4/24.
(10) هذا قول المرادي. ينظر توضيح المقاصد 1/183.
(11) كذا في (ج) ، وفي (أ) (ب): في العرف ، ولعله تحريف عن (الفرق)
(12) أي من حيث هي هي من غير اعتبار قيد معها أصلا.(18/29)
وذكر بعض شراح الألفية (1) أن هذا هو التحقيق دون الأول.
ويوافقه كلام جماعة من الأصوليين، حيث فرقوا بينهما بذلك، وزادوا أنه إذا أريد به الفرد فهو حقيقة، لما في الفرد من الماهية (2).
وسمعت من بعض الأشياخ المحققين(3)- رحمه الله- أن التحقيق هو الأول(4) لثلاثة أوجه:
أحدها: أن الثاني يلزم عليه أن (رَجُلا) إذا استعمل في الشخص يكون مجازا لأنه مستعمل في غير ما وضع له.
ثانيها: أن الأصل عدم اعتبار الواضع الحضورَ الذهني في عَلَم الجنس.
ثالثها: أنه يلزم عليه أن (رجلاً) ونحوه لا يستعمل في حقيقة إلا في القضايا الطبيعية أي التي حُكِم فيها على الطبيعة(5)، أعني الحقيقة، نحو الرجل خيرٌ من المرأة، انتهى.
ولمنْ قوّى الثاني أن يجيب عن الأول والأخير [من هذه الثلاثة](6)بكلام الأصوليين السابق (7).
__________
(1) هو المرادي في توضيح المقاصد 1/183.
(2) ذكر ذلك القرافي في شرح تنقيح الفصول ص 33 وينظر نهاية السَّول 2/48.
(3) لم أعثر على اسم هذا الشيخ، وجاءت هذه العبارة في (أ) و (ب) كذا: من بعض الأشياخ من بعض المحققين.
(4) أي الجواب الأول.
(5) من قوله: أي التي إلى هنا ساقط من (ج).
(6) ما بين الحاصرتين ساقط من (أ) ، وأثبته من (ب) و(ج).
(7) وهو أنه إذا أريد ب (رجل) الفرد فهو حقيقة لا مجاز، لأن الفرد يدل على الماهية.(18/30)
ص: (فصل: تقدر الحركات [كلها](1) في نحو (غلامي) ونحو (الفتى)، ويسمى مقصورا، والضمة والكسرة في نحو (القاضي) ويسمى منقوصا، والضمة(2) والفتحة في نحو (يخشى)، والضمة في نحو (يدعو) و(يرمي).
ش: لما فرغ من أحد نوعي المعرب، وهو ما كان إعرابه ظاهرا، سواء كان بالأصالة أو بالنيابة، وأراد بيان النوع الثاني منه، وهو ما(3) كان إعرابه تقديريا ترجم له بالفصل.
إذا علمت ذلك فنقول: الإعراب بالحركات المقدرة يجري في الأسماء والأفعال.
وهو في كل منهما على قسمين، لأن المقدر إما جميع حركات إعراب ذلك المعرب أو بعضها(4).
فأما القسم الأول من الأسماء، وهو ما تقدر فيه حركات إعرابه كلها فهو شيئان؛ الشيء الأول المضاف إلى ياء المتكلم، وهو ما أشار إليه بنحو (غلامي) فإن رفعه ونصبه وجره بحركات مقدرة فيما قبل الياء، منع من ظهورها اشتغاله بكسرة مناسبة الياء.
الشيء الثاني المقصور، وهو ما كان آخره ألفا لازمة قبلها فتحة وهو ما أشار إليه بقوله: (ونحو الفتى).
وقدِّرت الثلاثة فيه لتعذر تحريك الألف(5) .
وأما القسم الثاني من الأسماء، وهو ما تقدر فيه بعض حركات إعرابه، فهو المنقوص وإليه أشار بقوله: [نحو(6)] القاضي، والمراد به كل اسم [معرب](7) آخره ياء لازمة قبلها كسرة فإنه يقدر فيه الضمة والكسرة لثقلهما على الياء. فتقول : جاء القاضي ومررت بالقاضي.
وتظهر الفتحة لخفتها، ك (رأيت القاضيَ ) .
__________
(1) في النسخ: (الحركات الثلاث). والمعنى واحد، والمثبت، من الشذور ص 4.
(2) قوله: (والضمة) ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج).
(3) كلمة: (ما) ساقطة من (ج).
(4) كذا في (ج) و (ب) وفي (أ): (جميع الحركات أو بعضها).
(5) قيل: لأن الألف لو حركت لخرجت عن جوهرها، وانقلبت حرفا آخر وهو الهمزة. ينظر شرح الكافية للرضي 1/33.
(6) ساقط من (أ)، وأثبته من (ب) و (ج).
(7) ما بين الحاصرتين ساقط من (أ) و (ب) وأثبته من (ج).(19/1)
11/أ وأما الأفعال فالقسم الأول منها أعني ما تقدر فيه جميع حركاته هو الفعل المعتل بالألف فإنه تقدر فيه الضمة والفتحة، لتعذر تحريكها، كما تقدم. فتقول: هو يخشَى ولن يخْشَى، بضمة وفتحة مقدّرة على الألف(1).
والقسم الثاني منها، أعني ما تقدر فيه بعض حركاته هو الفعل المعتل بالواو والياء، فإنه تقدر فيهما الضمة لثقلها عليهما، وتظهر الفتحة فيهما لخفتها، نحو(2) هو يدعو ويرمي، بضمة مقدرة فيهما، ولن يدعوَ ولنْ يرمِيَ، بفتحة ظاهرة فيهما.
تنبيهات:
الأول: فهم من قوله: (وتقدر الحركات) خروج المثنى والمجموع على حدِّه المضافين إلى ياء المتكلم، على القول بأن إعرابهما بالحروف(3).
إذ هما معربان على هذا القول بالألف والواو رفعا والياء جرّاً ونصبا.
وخالف ابن مالك(4) وابن الحاجب(5) رحمهما الله تعالى في المجموع حالة الرفع حينئذ(6).
فقالا: إنه معرب تقديراً، لعدم وجود الواو.
__________
(1) ولا يقدّر فيها جزم بل يظهر بحذفها. ينظر شرح التسهيل لابن مالك 1/58.
(2) في (ج): فتقول.
(3) وهو قول الكوفيين وبعض البصريين، كما سبق بيانه في ص 195.
(4) ينظر تسهيل الفوائد ص 161.
(5) هو أبو عمرو عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس بن الحاجب، جمال الدين، عالم بالنحو والأصول والفقه، كان أبوه كرديا حاجبا للأمير عز الدين الصلاحي.
قرأ ابن الحاجب على الشاطبي وأبي الجود وغيرهما.
ومن تلاميذه ابن مالك والقسطنطيني والنصيبي، وقد ألف كتبا كثيرة منها الكافية وشرح المفصل والأمالي النحوية والشافية في الصرف. وقد توفي سنة 646 ه.
ينظر إشارة التعيين 204 وغاية النهاية 8/501 وبغية الوعاة 2/ 134 وشذرات الذهب 5/234.
وينظر مذهبه هذا في الكافية ص 61 والإيضاح في شرح المفصل 1/124.
(6) أي في حالة إضافة جمع المذكر السالم إلى ياء المتكلم نحو (مسلميّ).(19/2)
ورد عليهما بأنها موجودة، وإنما قلبت لموجب الإعلال (1).
وكذلك يفهم من كلامه خروجهما على القول المنسوب لسيبويه(2) في إعرابهما وهو أنه(3) معرب بالحركات المقدرة.
لأن تقدير الحركات على ذلك القول للتعذر أو للاستثقال، سواء أضيفا أو لم يضافا.
التنبيه الثاني: سيأتي في كلام المصنف في المبنيات(4) أن المبهم المضاف لمبني يجوز بناؤه وإعرابه(5). ومن جملة المبنيات ياء المتكلم، فالمبهم المضاف إليها إن قدّر مبنيا فواضح كونه ليس مما نحن فيه(6)، وإن قدّر معربا فإعرابه تقديري كالواجب الإعراب(7). وهذا لا بد منه، وإن لم يصرح به فيما علمت، فينبغي حمل كلام الشيخ(8) على وجه يفهمه.
__________
(1) فإن الأصل (مسلموي) اجتمعت الواو والياء في كلمة وسبقت إحداهما بالسكون فوجب قلب الواو ياء وإدغامها في الياء. وينظر الرد عليهما في المساعد لابن عقيل 2/ 374.
(2) سبق بيان ذلك في ص 197.
(3) أي جمع المذكر السالم المضاف لياء المتكلم.
(4) سيأتي بيان ذلك في ص 243.
(5) وذلك مثل: (يوم) في قولك: قدمت يوم نجح زيد، فإنه يجوز فيه الإعراب والبناء لأنه مضاف إلى مبني، وهو الفعل الماضي.
(6) لأنه مبني، وكلامنا حول المعرب إعرابا تقديريا.
(7) أي مثل المضاف إلى ياء المتكلم، إذا لم يكن مبهما مبنيا نحو (غلامي).
(8) في (ج): ا لمصنف بدل: ا لشيخ.(19/3)
التنبيه الثالث: ظاهر قوله: (في نحو غلامي) شمول المنقوص المضاف إلى الياء فتقدّر فيه الحركات الثلاث حالة إضافته للياء، وقد دل كل كلامه في الشرح(1) على استثنائه، واستثناؤه ظاهر حال الرفع والجر، لأن الحركة فيه مقدّرة حينئذ، ولو لم يضف للاستثقال. فالتقدير فيه ليس من حيثية الإضافة، ومشكل حال النصب، لأن الحركة الإعرابية كانت فيه ظاهرة قبل الإضافة، ثم قدّرت لأجلها، كما هو ظاهر إطلاقهم(2).
ولك أن تقول: ما المانع من جعله(3) في حالة النصب(4) معربا بالفتحة الظاهرة، وإن زالت لمقتضى الإدغام، لعدم كسرة المناسبة المتروكة للاستثقال؟.
التنبيه الرابع: قوله: (ونحو الفتى) يدخل فيه ما كان منه مضافا إلى الياء فتقدّر فيه الحركات، لكونه مقصورا لا لكونه مضافا إلى الياء.
وإنما أعاد لفظة (نحو) مع الفتى ليختص قوله: (ويسمى مقصورا) به.
التنبيه الخامس: ما ذكره من أن كون المضاف للياء معربا في الأحوال الثلاثة هو مذهب الجمهور (5)، خلافا لمن زعم 11/ب أنه مبني مطلقا كابني الخباز(6)
__________
(1) قال في شرح الشذور ص 64: "وقولي: ولا منقوصا لأن ياء المنقوص تدغم في ياء المتكلم، فتكون كالمثنى والمجموع جرا ونصبا".
(2) تنظر حاشية العدوي على شذور الذهب 1/ 92.
(3) أي المنقوص المضاف إلى ياء المتكلم، نحو قاضي.
(4) في (ج): في جعله حال النصب.
(5) ينظر شرح المفصل لابن يعيش 3/ 32 والارتشاف 2/535 والأشموني 2/283.
(6) نص على ذلك ابن الخباز في الغرة المخفية 1/110.
وابن الخباز هو أبو العباس أحمد بن الحسين بن أحمد بن أبي المعالي، شمس الدين الأربلي الموصلي، لم ير في زمانه أسرع حفظا منه، حتى قيل: إنه كان يحفظ المجمل والإيضاح والتكملة والمفصل. وقد أخذ عنه العلم جماعة من العلماء منهم ابن الشعار الموصلي وهبة الله أبو الكرم القصاب. وله المصنفات المفيدة منها الغرة الخفية في شرح الدرة الألفية وتوجيه اللمع والنهاية في شرح الكفاية مات بالموصل سنة 639 على الصحيح.
ترجمته في إشارة التعيين ص 29 ونكت الهميان ص 96 وبغية الوعاة 1/304 وشذرات الذهب 5/ 202 والأعلام ا / 117.(19/4)
والخشاب(1) وغيرهما(2).
ولمن زعم أنه لا معرب ولا مبني كابن جني(3).
واختار ابن مالك في التسهيل(4) أنه معرب في الرفع والنصب بحركة مقدرة وفي الجر بالحركة الظاهرة.
التنبيه السادس: قد علم مما تقرر أن ما قبل ياء المتكلم من المضاف إليها واجب الكسر لمناسبتها.
ويستثنى من ذلك المقصور والمنقوص والمثنى والمجموع على حده (5)، لأن الألف والمدغم لا يقبلان الحركة.
__________
(1) هو عبد الله بن أحمد بن عبد الله النحوي البغدادي، المعروف بابن الخشاب، كان أديبا فاضلا، عالما بالنحو واللغة والشعر والفرائض. تعلم على علماء عصره منهم أبو منصور الجواليقي وابن الشجري وابن الدباس، ومن تلاميذه أبو إسحاق الضرير وأبو البقاء العكبري وابن الدهان ألف كتبا منها المرتجل وشرح اللمع وحاشية على درة الغواص. توفي سنة 567ه. انظر إنباه الرواة 2/ 99 ومعجم الأدباء47/12 وإشارة التعيين ص 159 وبغية الوعاة 2/ 29.
قال ابن الخشاب في المرتجل ص 109: "والكسرة في آخر الاسم المضاف إلى ياء المتكلم كسرة بناء عارض".
(2) سبقهما إلى القول بذلك عبد القاهر الجرجاني.
انظر الجمل للجرجاني ص 11 وارتشاف الضَّرَب 2/536.
(3) ي نظر الخصائص 3/57 وشرح الأشموني 2/283.
وابن جني هو أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي، صاحب التصانيف البديعة في النحو والتصريف واللغة صحب أبا علي الفارسي وأخذ عنه، صنف الخصائص واللمع وسر الصناعة والمنصف في التصريف والمحتسب في شواذ القراءات وشرح ديوان المتنبي وغيرها. مات سنة 392ه.
ترجمته في نزهة الألباء ص 244 وإنباه الرواه 2/235 ومعجم الأدباء 12/81 وبغية الوعاة 2/132 والأعلام 4/204.
(4) تسهيل الفوائد ص 161.
(5) فيكون ما قبل الياء في هذه الأنواع الأربعة ساكنا، نحو فتايَ وقاضيَّ وولديَّ ومسلميّ.(19/5)
التنبيه السابع: وهو خاص بعبارة الشرح(1) قال فيه: "الثاني(2) مما تقدر فيه الحركات الثلاث ما أضيف إلى ياء المتكلم، وليس مثنى ولا جمع مذكر سالما ولا منقوصا ولا مقصورا" .
ثم قال(3): "واحترزت بقولي: وليس مثنى ولا جمع مذكر سالما من نحو غلاماي(4) ومُسلِميّ فإن الياء تثبت(5) فيهما جرا ونصبا مدغمة في ياء المتكلم، والألف تثبت في المثنى رفعا، وليس شيء من الألف ولا من الحرف المدغم قابلا للحركة(6).
وقولي(7): (ولا منقوصا) لأن ياء المنقوص تدغم في ياء المتكلم، فيكون كالمثنى والمجموع جرا ونصبا.
وقولي: (ولا مقصورا) لأن المقصور تثبت ألفه قبل الياء، والألف لا تقبل الحركة فهو كالمثنى رفعا" انتهى.
فظاهر كلامه الأول(8) استثناء هذه المذكورات من وجوب تقدير الحركات الثلاث في المضاف إلى الياء، وقد علمت صحة ذلك وتعليله(9) بالنسبة لما عدا المنقوص حالة النصب.
وظاهر كلامه الثاني(10) أنها مستثناة من وجوب كسر آخرها لمناسبة ياء المتكلم، فإن الذي(11) تحصل من كلامه في تعليل استثنائها أن الألف والمدغم لا يقبلان الحركة، وهذا إنما يناسب انتفاء كسرة المناسبة، لا انتفاء تقدير حركات الإعراب، كما لا يخفى.
__________
(1) شرح شذور الذهب لابن هشام ص 63.
(2) كذا في النسخ، والذي في شرح الشذور أحدهما.
(3) شرح الشذور ص 64.
(4) كذا في (ب) و (ج) وكذلك في شرح ابن هشام وفي (أ): (غلاميّ).
(5) ساقطة من (أ)، وأثبتها من (ب) و (ج).
(6) في الشرح: للتحريك.
(7) القائل هو ابن هشام في شرح الشذور ص 64.
(8) وهو قوله في الشرح ص 63: "مما تقدر فيه الحركات الثلاث ما أضيف إلى ياء المتكلم وليس مثنى." الخ.
(9) في (أ) وتعليلها، والمثبت من (ب) و (ج).
(10) وهو قوله: "واحترزت بقولي: وليس مثنى ولا جمع مذكر سالماً." الخ.
(11) في (أ) فالذي، والمثبت من (ب) و(ج).(19/6)
وبالجملة فأول كلامه وآخره ظاهرهما التدافع، اللهم إلا أن يحمل كلامه الثاني على أنه تفسير للمراد بكلامه الأول، وفيه ما فيه. فتأمل(1).
التنبيه الثامن: قوله: (والضمة والفتحة في نحو (يَخْشى) والضمة في نحو (يدعو) و (يرمي) هو مذهب سيبويه(2).
وغيره(3) لا يرى الضمة والفتحة مقدّرة.
قال الشيخ في بعض كتبه(4): إن النحويين اختلفوا في الحروف الثلاثة الواو والألف والياء في الأفعال المعتلة حالة الرفع، وفي الألف فقط حالة النصب، هل الفتحة والضمة مقدّرة فيهن أم لا. وحَكَى عن سيبويه ومن تبعه أنها مقدَّرة، كما تقدَّر مع (موسى) وعن غيره كابن السراج(5) ومن تبعه أنها ليست مقدرة (6).
قالوا: لأنّا إنما قدرنا في (موسى) لأن الإعراب في الاسم أصل، فتجب المحافظة عليه وفي الفعل فرع، فلا حاجة لتقديره إذا لم 12/أ يوجد.
وانْبَنى على هذا النظر فيهما حالة الجزم.
__________
(1) وأجاب بعض العلماء بأن قوله: (كالمثنى) تشبيه في الإدغام فقط، وأما إعرابه فبالحركات المقدرة قبل الإضافة. ينظر حاشية العدوي 1/ 92.
(2) ينظر الكتاب 1/23- هارون وأسرار العربية 322 وشرح الكافية للرضي 2/230.
(3) هذا مذهب ابن السراج وبه قال الجمهور. ينظر الأصول 2/164 والتصريح 1/78.
(4) هو كتاب شرح اللمحة البدرية 1/233 - 234 وقد تصرف الشارح في النص يسيرا.
(5) هو أبو بكر محمد بن السّري البغدادي النحوي، المعروف بابن السراج، صحب المبرد وأخذ عنه، ومن تلاميذه الزجاجي والسيرافي والفارسي، من أشهر آثاره الأصول في النحو والموجز والاشتقاق. توفي سنة 316 ه.
تنظر ترجمته في طبقات النحويين ص 112 وإنباه الرواه 3/145 ومعجم الأدباء 18/197 وإشارة التعيين ص 313 وبغية الوعاة 1/ 109.
(6) ينظر الأصول لابن السراج 2/164.(19/7)
ثم قال(1): فعلى قول سيبويه لما دخل الجازم حذفت الضمة المقدّرة، واكتفي بها. ثم لمّا صارت صورة المجزوم والمرفوع واحدة فرقوا بينهما بحذف حرف العلة.
فحرف العلة محذوف عند الجازم لا به(2).
وعلى قول غيره(3): الجازم حذف حرف العلة نفسه.
وصاحب هذا المذهب يقول: الجازم كالمُسَهِّل إن وجد فضلة دفعها، وإلاّ أخذ من قُوى البَدَن(4). ثم قال(5): والتحقيق قول سيبويه، وأنشد:
11- إذا قالتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا فإنّ القولَ ما قَالَتْ حَذَامِ(6)
انتهى.
وقد تبين أَنّ مَنْ يقول بالتقدير يقول: إن الجزم ليس بحذف الآخر، بل بحذف الحركة، وحُذِف الآخر للفرق.
ومن يقول بعدم التقدير يقول: إن الجزم بحذف حرف العلة.
__________
(1) أي ابن هشام في شرح اللمحة البدرية 1/234.
(2) أي لا بالجازم.
(3) وهو ابن السراج ومن تبعه، وفي (أ) و (ب): (وقال غيره). والمثبت من (ج) وفي شرح اللمحة 1/234: (وعلى قول ابن السراج.).
(4) نقل هذا القول ابن الأنباري عن ابن السراج، حيث قال في أسرار العربية ص 323: وقد حُكِي عن أبي بكر بن السراج أنه شبّه الجازم بالدواء، والحركة في الفعل بالفضلة التي يخرجها الدواء، وكما أن الدواء إذا صادف فضلة حذفها، وإن لم يصادف فضلة أخذ من نفس الجسم، فكذلك الجازم إذا دخل على الفعل إن وجد حركة أخذها، وإلاّ أخذ من نفس الفعل.
(5) أي ابن هشام في شرح اللمحة البدرية 1/234.
(6) البيت من الوافر، وقد اختلف في نسبته فنسب للجيم بن صعب ولد يسم بن طارق. حَذام: اسم امرأة مبني على الكسر على لغة أهل الحجاز.
والبيت من شواهد معاني القرآن للفراء 1/215 والخصائص 1/178 والأمالي الشجرية 2/115 والمرتجل ص 96 وشرح المفصل 4/64 وشرح اللمحة البدرية 1/234 والعيني 4/370 والتصريح 2/225 وشرح أبيات المغني للبغدادي 4/ 329.
وإنما ذكره الشارح تبعا لابن هشام من باب المدح لسيبويه. وفي نسختي (أ) و(ب) لم يذكر البيت كاملا.(19/8)
فقوله هنا بالتقدير(1) لا يناسبه قوله في جزم هذه الأفعال: إنه بحذف الآخر إلاّ بضربٍ من المجاز(2)، لما بينهما من التلازم. وإنما يناسب من يقول بعدم التقدير. فليتأمل ذلك. والله أعلم.
ص: باب البناء ضد الإعراب، والمبني إما أن يطرد فيه السكون وهو المضارع المتصل بنون الإناث، نحو {يَتَرَبَّصْنَ}(3) والماضي المتصل بضمير رفع متحرك، ك(ضربْتُ) و (ضربْنَا زيداً)(4) .
ش: لما أنهى الكلام على الإعراب بقسميه المقدّر والملفوظ أخذ يتكلم في البناء، لأنهما متقابلان، ولذلك قال: (البناء ضد الإعراب)، فأفاد أن التقابل بينهما تقابل الضدّين.
والبناء في اللغة وضع شيء على شيء على صفة يراد بها الثبوت(5).
وأما في الاصطلاح فقال المصنف، رحمه الله: "ولما ذكرت أن البناء ضد الإعراب فكأني قلت: البناء لزوم آخر الكلمة حالا واحدا لفظا أو تقديرا " . انتهى. (6)
فكأنه أراد بقوله: (تقديرا) نحو "سيبويه" من الأعلام المبنية إذا كانت مناداة، فإن ضمة النداء وهي حركة بناء مقدرة فيه(7).
لكن قوله: (لزوم) إلى آخره ليس مناسبا لما ذكره في تفسير الإعراب من أنه أثر ظاهر إلى آخره، وإنما يناسب مَنْ تفسيره (تغيير أواخر الكلم....) إلى آخره، كما لا يخفى .
__________
(1) من قوله: (يقول إن الجزم ليس بحذف الآخر) إلى هنا ساقط من (أ) و (ب)، وأثبته من (ج).
(2) المجاز عند البلاغيين الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له على وجه يصح مع قرينة عدم إرادة المعنى الأصلي. ينظر الإيضاح للقزويني ص 274.
(3) من الآيتين 228 و 234 من سورة البقرة.
(4) زيادة من (ج).
(5) وقال ابن يعيش في شرح المفصّل 3/80: "مأخوذ من بناء الطين والآجر، لأن البناء من الطين والآجر لازم موضعه، لا يزول من مكان إلى غيره". وينظر لسان العرب 14/94 (بني).
(6) شرح شذور الذهب ص 68.
(7) لأنك تقول في ندائه: (يا سيبويه) فهو مبني على ضمّة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة البناء الأصلي.(19/9)
فكان الأنسب على ما ذكره في الإعراب أن يقول في البناء نحو ما قاله في التسهيل(1) ( أنه ما جيء به لا لبيان مقتضى العامل من حركة أو حرف أو سكون أو حذف، وليس حكاية ولا نقلا ولا إتباعا ولا تخلُّصا من سكونين)(2).
ثم إن المبني ينقسم على ما ذكره المصنف إلى مبني على السكون، ك{يَتَرَبَّصْنَ}(3) أو عليه أو على نائبه ك(قُم) و(قُوما)(4).
وإلى مبني على الفتح، نحو (خمسة عشر) . أو عليه أو على نائبه، نحو(لا رجلَ) و (لا رجلينِ) وإلى مبني على الكسر ك( سيبويه) و(نَزَال) أو عليه أو على نائبه (5).
وإلى مبني على الضم، ك (حيث)(6) 12/ب أو عليه أو على نائبه، ك(يا زيدُ) و(يا مسلمونَ) .
وإلى ما ليس له قاعدة مستقرة، ك(قَدْ) و(أَيْنَ) و(أمسِ)، و(مُنْذُ) .
فأقسامه العقلية(7) تسعة وهو تقسيم حاصر، إلا أن القسم السادس، وهو المبني على الكسر أو نائبه لم يوجد له مثال في كلامهم وإن اقتضته، القسمة.
__________
(1) في (ج): (ما ذكره في التسهيل)، وينظر تسهيل الفوائد ص 10.
(2) نص عبارة التسهيل: (وما جيء به لا لبيان مقتضى عامل، من شَبَهِ الإعراب، وليس حكاية أو إتباعا أو نقلا أو تخلصا من سكونين فهو بناء).
(3) من الآيتين 228 و 234 من سورة البقرة.
(4) فالأول مبني على السكون، والثاني مبني على نائب السكون وهو حذف النون.
(5) لم يمثل له الشارح لأنه لم يوجد له مثال في كلام العرب، كما سينبّه على ذلك في الصفحة التالية.
(6) حيث) ظرف مكان مبني على الضم وفيه لغات مختلفة.
ينظر شرح المفصل 4/91 ولسان العرب 2/139، 140 (حوث).
(7) في (ج): المعتلّة، وهو تصحيف.(19/10)
إذا عُلم ذلك فالقسم الأول ما لزم البناء على السكون، وهو شيئان: الأول الفعل المضارع الذي اتصل به ضمير النسوة(1)، نحو: النسوة يَقُمْنَ ويُكرمنَ ويُدحرجنَ ويستخرجنَ.
وإنما بُني المضارع في هذه الحالة لأنه إنما أعرب لشبهه بالاسم، فلما اتصلت به النون التي لا تتصل إلا بالفعل رجّح جانب الفعلية فرد إلى ما هو أصل الفعل، وهو البناء (2).
وإنما بني على السكون لأنه الأصل (3).
الشيء الثاني من المبني على السكون الفعل الماضي الذي اتصل به ضمير الرفع المتحرك ك (ضربتُ) و(ضربتَ) و(ضربتِ) و(ضَرَبْنَا) [زيدا] (4) و(ضربْنَ) وخرج بضمير الرفع ضمير النصب، ك (ضربَكَ) و (ضربَهُ) وفروعهما (5) فإنه مفتوح معها على الأصل (6).
وبالمتحرك ضمير الرفع الساكن، ك(ضربَا) و(ضربُوا) فإنه مفتوح مع الأول، مضموم مع الثاني، كما سيأتي (7) .
وإنّما بُني على السكون في ذلك لكراهية توالي(8)أربع متحركات(9) فيما هو كالكلمة الواحدة (10). والله أعلم.
__________
(1) وهذا مذهب الجمهور، وذهب ابن درستويه والسهيلي وابن طلحة إلى أنه معرب بحركة مقدرة. والصحيح مذهب الجمهور. ينظر الكتاب 1/20- هارون ونتائج الفكر ص 110 وشرح الكافية للرضي 2/229 والارتشاف 1/414.
(2) ذكر هذا التعليل ابن الناظم في شرحه على ألفية والده ص 32.
(3) أي لأن السكون هو الأصل في البناء.
(4) ساقط من (أ) و(ب)، و سقطت أيضا من (أ) كلمة (ضربْن) التالية، والمثبت من (ج).
(5) أي المثنى والمجموع والمؤنث.
(6) أي الأصل في بناء الفعل الماضي، فإنه مبني على الفتح لفظا أو تقديرا. يراجع أوضح المسالك لابن هشام 1/27.
(7) سيأتي بيان ذلك في ص 232.
(8) في (ب): لكراهتهم توالي، وفي (ج): لكراهيتهم.
(9) إن كانت جمع متحرك ففي قوله (أربع) نظر، وإن كانت جمع متحركة فلا بأس.
(10) وهي الفعل مع الفاعل، لأن تاء الفاعل لما اتصلت بالفعل نزلت منه منزلة الجزء لشدة اتصالها بفعلها.(19/11)
ص: أو السكون أو نائبه، وهو الأمر، نحو اضْرب واضْربَا واضْربوا واضْربي واغزُ واخْشَ وارْمِ .
ش: القسم الثاني من المبنيات ما لزم البناء على السكون أو نائبه.
وهو شيء واحد، وهو فعل الأمر، فهو مبني على ما يجزم به مضارعه (1).
وقد عرفت آنفا(2) أن المضارع على ثلاثة أقسام:
قسم يجزم بالسكون، وهو الصحيح الذي لم يتصل بآخره شيء .
وقسم يجزم بحذف النون، وهو المضارع الذي اتصل به ألف الاثنين أو واو الجماعة أو ياء المخاطبة (3).
وقسم يجزم بحذف آخره، وهو الفعل المعتل (4).
ففعل الأمر الصحيح الذي لم يتصل بآخره شيء يبنى على السكون، ك(اضْرب) و (قُمْ) كما أن مضارعه يجزم بالسكون، نحو لم يضْربْ ولم يقُمْ.
والأمر الذي اتصل به ألف الاثنين، ك(قوما) أو واو الجماعة، ك( قُومُوا) أو ياء المخاطبة ك(قُومي) يبنى على حذف النون، كما أن مضارعه مجزوم بحذفها، نحو لم يقُوما ولم يقُوموا ولم تقُومي.
والأمر المعتل مبني على حذف حرف العلة، ك (اغْزُ) و(اخْشَ) و(ارْمِ) كما أن مضارعه يجزم بحذفه، نحو لم يغْزُ ولم يخشَ ولم يرْمِ.
وأما بناؤه فلأنه الأصل في الفعل (5).
وأما كونه على صورة 13/أ الفعل(6) المضارع المجزوم فلأن الحركة والنونات علامات الإعراب فينافي البناء (7).
ولأجل ذلك لم يحذف من الأمر نون النسوة، نحو (اضْرِبْنَ) لأنها ليست علامة الإعراب.
__________
(1) هذا على مذهب البصريين في أن الأمر مبني، وقد تقدم الخلاف في ذلك.
(2) كذا في (ب) و (ج) وفي (أ): ما يقال سابقا.
(3) في (ج): المؤنثة المخاطبة.
(4) أي المعتل الآخر، نحو يدعو و يخشى و يرمي.
(5) مذهب البصريين أن الإعراب أصل في الأسماء، والبناء أصل في الأفعال، ومذهب الكوفيين أن الإعراب أصل في الأسماء والأفعال، وهناك مذاهب أخر.
ينظر الارتشاف 1/414 وهمع الهوامع 1/15.
(6) هذه الكلمة ساقطة من (ب) و (ج).
(7) فلذلك بني على حذف علامات الإعراب وحذف آخر المعتل.(19/12)
ص: أو الفتح وهو سبعة الماضي المجرد، ك(ضرَب) و(ضَرَبَكَ) و(ضَرَبَا)(1).
ش: القسم الثالث من المبنيات ما لزم البناء على الفتح، وهو سبعة:
الأول الماضي المجرد من ضمير الرفع المتحرك المتقدم ذكره- إذْ لا يتبادر من إطلاق المجرد في الاصطلاح إلا ذلك- إما بأن لم يتصل به شيء أصلا، ك(ضَرَبَ) . أو اتصل به ضمير المفعول، ك(ضَرَبَكَ) أو اتصل به ضمير رفع ساكن غير الواو ك(ضَرَبَا)، فهو في كل ذلك مبني على الفتح.
أما البناء فلأنه الأصل في الفعل، وأما الحركة فلأنه أشبه الاسم مشابهة مَّا(2) في وقوعه موقعه(3)، نحو زيٌد ضرب وزيدٌ ضارب. وأما الفتح فلخفته.
ص: والمضارع الذي باشرته نون التوكيد، نحو {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوننْ}(4) بخلاف [نحو](5) {لتُبلوُنَّ}(6) {وَلا يَصُدّنّك}(7).
ش: الثاني من الأمور السبعة المبنية على الفتح الفعل المضارع الذي اتصلت به نون التوكيد وباشرته، أي لم يفصل بينها وبينه(8) فاصل، سواء كانت النون ثقيلة نحو{ليُسجَننَّ} أو خفيفة، نحو{وَلَيَكُوننْ} .
والتفصيل في البناء بين المباشرة وغيرها هو مذهب ابن مالك(9) وجماعة(10).
وعلة البناء عندهم أن الفعل والنون لما رُكِّبا أشبها تركيب "خمسة عشر" فيبنى بناءهما(11).
__________
(1) في (ج): ضربنا، وهو تحريف.
(2) قال: (مشابهة مّا) لأنه لم يشبهه مشابهة تامة مثل المضارع وإلاّ لأعرب.
(3) ذكر ابن يعيش في شرح المفصل 7/4 أن الفعل الماضي يقع موقع الاسم فيكون خبرا ويكون صفة، فلما كان فيه ما ذكر من المشابهة مُيّز بالحركة لفضله.
(4) من الآية 32 من سورة يوسف.
(5) سقطت من النسخ، وأثبتها من شذور الذهب ص 5.
(6) من الآية 186 من سورة آل عمران.
(7) من الآية 87 من سورة القصص.
(8) في (ج): وبين الفعل.
(9) نص على ذلك في التسهيل. ص 216 وشرح التسهيل 1/27.
(10) وهم الجمهور. ينظر همع الهوامع 1/18.
(11) في (ج): فبني بناؤهما.(19/13)
وغيرهم(1) لم يفرق في البناء بين المباشرة وغيرها، وجعل دخولها على الفعل مقتضيا لبنائه. وعلة البناء عندهم الرد إلى الأصل في الفعل وهو البناء لَمّا اتصل به(2) ما لا يتصل إلا بالفعل. وأما الفتح فلخفّته.
وقوله: (بخلاف نحو {لَتُبْلَوُنَّ}(3) {وَلا يَصُدُّنَّكَ}(4) أي فإن النون لم تباشر فيهما. أما {لَتُبْلَوُنَّ} فلأن الواو فاصلة بين الفعل والنون حسّاً؛ لأنها ليست لام الفعل، بل هي واو الجمع، حركت لأجل التقاء الساكنين، وأن أصلة (لتُبلَوُون) بواو هي لام الفعل، لأنه من بلوته أي جَرَّبته، استثقلت الضمة على لام الفعل التي هي الواو الأولى فحذفت، فالتقى ساكنان فحذفت الواو، لأنها الساكن الأول، فصار (لتُبلوْن) فلما دخلت نون التوكيد الثقيلة صار ( لتُبلَوْنَنَّ ) فتوالت الأمثال أي النونات الثلاث، فحذفت نون الرفع، فالتقى ساكنان فحُرِّك الساكن الأول، وجعلت حركته ضمة دليلا على المحذوف، فصار (لتُبلَوُنَّ).
فإن قيل: لم لِم (5) تقلب الواو ألفا (6)، لتحركها وانفتاح ما قبلها؟
__________
(1) وهم الأخفش والزجاج وابن عصفور. ينظر المقرب 1/289 والمساعد لابن عقيل 2/672 وشرح الأشموني 1/62.
(2) سقط من (ج). قوله: وهو البناء وقوله: به.
(3) من الآية 186 من سورة آل عمران.
(4) من الآية 87 من سورة القصص.
(5) ساقطة من (ج).
(6) في كلمة لتبلوُنّ.(19/14)
فالجواب أن الحركة عارضة في الواو، ولأجل ذلك لا يجوز همزها مع انضمامها، ولو كانت أصلية لجاز ذلك (1). وأما (ولا يُصدّنك) 13/ب فلأن الواو فاصلة تقديرا، لأن أصلها (يصُدّونْك) فحذفت لالتقاء الساكنين(2). وأما من يجعله(3) مع نون التوكيد مبنيا مطلقا فإنه يقول: لما دخلت نون التوكيد صار (يصدّوننّك) فتوالت الأمثال فاستثقلت، فحذفت نون الرفع، فالتقى ساكنان، فحذفت الواو التي هي ضمير الجماعة إذ هي الساكن الأول، فصار (يصُدُّنّك) [والله أعلم](4) .
ص: وما رُكِّب من الأعداد والظروف والأحوال والأعلام، نحو أحد عشر ونحو(5) هو يأتينا صباح مساءَ وبعض القوم يسقط بينَ بينَ ونحو هو جاري بيتَ بيتَ، أي ملاصقا،ونحو (بعلبك) في لُغيَّة .
ش: الثالث من الأمور المبنية على الفتح المركب العدديّ، ومثّل له ب(أحدَ عشرَ) والمراد بنحوه ما بعده إلى (تسعة عشر) .
فتذكير العشرة في المذكر وتأنيثها في المؤنث، وعكس ذلك فيما دونها(6).
فكلُّها مبنية الجزءين على الفتح إلا اثني عشر واثنتي عشرة، فإن الجزءين لا يُبنيان، بل الجزء الأول معرب بالحروف(7)، والجزء الثاني مبني على الفتح .
__________
(1) ينظر تفصيل ذلك في شرح التصريف الملوكي لابن يعيش ص 221.
(2) وهما الواو والنون الأولى من نوني التوكيد.
(3) أي الفعل المضارع المتصل به نون التوكيد.
(4) زيادة من (ج).
(5) سقطت من (ج).
(6) هذه قاعدة باب العدد، وسيأتي تفصيل ذلك في آخر الكتاب.
(7) وهذا مذهب الجمهور، وهو إعراب الجزء الأول من (اثني عشر) إعراب المثنى، وقال ابن درستويه: إنه مبني كإخوته. ينظر شرح الكافية للرضي 2/88.(19/15)
وإنما بني الجزءان في نحو(1) (أحدَ عشرَ) لأن أصل (ثلاثة عشر) مثلاً ثلاثة وعشرة، ثم حذفت الواو قصداً لمزج الاسمين وتركيبهما، فبُني الأول لافتقاره إلى الثاني، والثاني لتضمنه الواو العاطفة(2) .
وإنما كان بناؤهما على الحركة لا السكون الذي هو الأصل في البناء للدلالة على أن لهما أصلا في الإعراب وأن البناء فيهما عارض. وإنما كانت فتحة قصداً لتخفيف الثقل الحاصل من التركيب (3) .
فإن قيل: فلم لم يمزج الاسمان في نحو (لا رجل وامرأةً)، و
12- .. لا أبَ وابناً … (4)..
فالجواب لأن الثلاثة والعشرة (5) عبارة عن عدد واحد، كعشرة ومائة(6)
__________
(1) ساقطة من (أ) و(ب) وأثبتها من (ج).
(2) هذا التعليل في شرح المفصل لابن يعيش 4/112 والفوائد الضيائية 2/120.
(3) وذلك لأن الفتحة أخف الحركات الثلاث. انظر الفوائد الضيائية 2/120.
(4) جزء من صدر بيت من الطويل، وهو بتمامه:
فلا أب وابنا مثل مروان وابنه إذا هو بالمجد ارتدى وتأزرا
وقد اختلف في نسبته، فقيل: هو للكميت بن معروف، نسبه له القيسي في إيضاح شواهد الإيضاح، وقيل: للكميت الأسدي، وقيل: لرجل من بني عبد مناه، وقيل: للفرزدق ولم أجده في ديوانه. وقال البغدادي: إنه من أبيات سيبويه الخمسين التي لا يعرف لها قائل.
والبيت من شواهد سيبويه 2/285 ومعاني القرآن للفراء 1/120، والمقتضب 4/372 والبصريات 1/488 وإيضاح شواهد الإيضاح 1/273 وتخليص الشواهد ص 413 والعيني 2/355 والتصريح 1/243 وشرح الأشموني 2/13 والخزانة 4/67.
والبيت شاهد عند النحاة على جواز النصب في المعطوف على اسم (لا) باعتبار محلها والرفع باعتبار محل (لا) مع اسمها ولكن الشارح ذكره للتمثيل به فقط.
(5) في قولك: ثلاثة عشر.
(6) فركبت (ثلاثة) مع (عشر)، وأما (لا أب وابنا) فلم تركب لأنها ثلاثة أشياء والعرب لا تركب أكثر من اثنين. وقيل الذي منع التركيب هو واو العطف.
ينظر أسرار العربية ص 249.(19/16)
، بخلاف (لا أب وابناً) وأما الاثنا عشر والاثنتا عشرة فإنما بُني الجزء الأخير منهما دون الأول لأن علة بناء الأخير منهما وهي تضمن حرف العطف موجودة.
وأما الأول منهما فإنهم أعربوه لوقوع العجز منه موقع النون، وما(1) قبل النون محل الإعراب لا البناء (2) .
الرابع من الأمور المبنية على الفتح ما ألحق بالأعداد باعتبار التركيب من الظروف الزمانية والمكانية والأحوال.
وبناء هذا النوع ليس واجبا، وإنما هو جائز، فتجوز إضافة أول الجزءين إلى ثانيهما (3).
وإنما لم يجب بناء هذا النوع كما وجب بناء التركيب العددي لظهور علة البناء في العددي، وهي تضمن معنى الحروف، دون الأحوال والظروف، لأنه يحتمل أن يكون بتقدير الحرف، وأن لا يكون.
وقوله: (هو يأتينا) إلى آخره أمثلة للمركبات المذكورة (4).
فمثال ظرف الزمان (هو يأتينا صباحَ مساءَ)(5)، ومثال ظرف المكان:
13- .... ..... ... ... بعضُ القومِ يَسقُطُ بَيْنَ بيْنَا (6)
14/أ ومثال الحال (هُو جاري بَيْتَ بيْتَ).
__________
(1) في (ج): وأما ما.
(2) في (ج): إعراب لا بناء، والمعنى أن ما قبل النون في (اثنين) ونحوه يكون الإعراب عليه، فكذلك يعرب ما قبل (عشر) في (اثني عشر) لأنه بمنزلته. ينظر شرح المفصل لابن يعيش 4/118.
(3) ينظر شرح المفصل لابن يعيش 4/118
(4) من قوله: (هو يأتينا) إلى قوله: (المذكورة) ساقط من (أ) و (ب). وأثبته من (ج)
(5) كذا في (ج) وفي (أ) و (ب): (قوله: هو يأتينا صباح مساء مثال ظرف الزمان).
(6) عجز بيت من مجزوء الكامل، وهو لعبيد بن الأبرص. والبيت بتمامه:
نحمي حقيقتنا وبعض القوم يسقُطُ بين بينا
الحقيقة هنا ما يجب على الرجل أن يحميه من العرض والمال. ينظر ديوان عبيد بن الأبرص ص 136.
والبيت من شواهد شرح المفصل لابن يعيش 4/117 وشرح الكافية الشافية 3/1698 والمساعد1/527 والعيني 1/149والهمع 1/212.
والشاهد فيه (بين بينا) حيث ركب الظرفين وبناهما على الفتح وهما في محل نصب على الحالية.(19/17)
وقوله: (أي ملاصقا) تقرير وبيان للحال.
فهذه المُثُل وما أشبهها يُحتمل تقدير الحروف فيها، وهي جهة البناء، وعدم تقدير الحروف (1) وهي جهة الإعراب.
وإذا قدرنا الحرف قلنا: معناه صباحاً فمساءً ووسطاً فَوَسَطاً وبَيْتَا فبَيْتاً.
وإن لم تقدر حرف العطف فالمعنى صباحاً بعد مساءٍ ووسطاً بعد وسطٍ وبَيْتًا بعد بيتٍ، ونحو ذلك. [والله أعلم] (2)
الخامس العَلَم المركب تركيب مزج في لغةٍ الأفصحُ خلافها، وإلى ذلك أشار بقوله (في لُغَيَّة) بالتصغير. وعلة البناء فيه تشبيهه(3) بالمركب العددي.
واللغة الفصحى فيه أن يفتح جزؤه الأول إن لم يكن آخره ياء ساكنة، ك(بَعْلَبَكَّ)(4). فإن كان ياءً ساكنة بقيت على سكونها، ك(مَعدْيكرب) ويعرب جزؤه الثاني بإعراب ما لا ينصرف(5) إن لم يكن كلمة (وَيْهِ) فإن كان(6) فيبني على الكسر، ك(سيبويهِ) و(عمرويهِ) ونحوهما.
ص: والزمن المبهم المضاف لجملة، وإعرابه مرجوح قبل الفعل المبني نحو (على حيْن عاتَبْت)(7) راجح قبل غيره، نحو {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ}(8)
ش: السادس من الأمور المبنية على الفتح اسم الزمان المبهم، أي الذي لا يدل على زمن بعينه، وهو قسمان؛ قسم بمعنى (إذا) أي لما يستقبل، وقسم بمعنى (إذْ) أي لِما مضى.
__________
(1) قوله: وهي جهة البناء إلى هنا ساقط من (أ). وأثبته من (ب) و (ج).
(2) زيادة من (ج).
(3) في (أ): لشبهه وفي (ب) تشبهه. والمثبت من (ج).
(4) مدينة أثرية تقع في لبنان، وهو علم مركب عليها. ينظر معجم البلدان 1/453.
(5) وفيه لغة ثالثة وهي إضافة الجزء الأول إلى الثاني، تقول: هذا معديكربٍ. ينظر شرح المفصل لابن يعيش 4/124.
(6) أي فإن كان مختوما ب(ويه).
(7) كذا جاء هذا البيت في النسخ، وفي الشذور ص 6 جاء بالشطر كاملا وذكر شطر بيت آخر وهو (على حين يستصبين كل حليم).
(8) من الآية 119 من سورة المائدة.(19/18)
ويجوز فيهما معاً الإعراب والبناء إذا أضيفا إلى جملة، سواء كانت اسمية أو فعلية فعلها معرب أو مبني (1) .
أما الإعراب فلأنه الأصل في الأسماء، وأما البناء فحَمْلاً على ما هما بمعناه، أعني ( إذْ ) و (إذا) واختِير الفتح لخفّته.
ثم إنه قد يترجح البناء على الإعراب، وذلك فيما إذا أضيف لفعل مبني، ماض أو مضارع اتصلت به إحدى النونين. فالأول(2) كقوله:
14- عَلَى حِين عاتبتُ المَشيبَ علَى الصِّبا
وقلتُ أَلَمَّا أصْحُ والشَّيْبُ وازع(3)
والثاني كقوله:
15- ...... ...... على حين يستصْبينَ كلَّ حليم(4)
وقد يترجح الإعراب على البناء، وذلك إذا كانت الجملة اسمية أو فعلية فعلها معرب نحو(5) هذا زمنُ الحاجُّ قادمٌ، وهذا زمن يقْدُم الحاجُّ.
وإنما ترجح البناء قبل المبني والإعراب قبل المعرب طلبا(6) للمناسبة.
تنبيه:
__________
(1) سيذكر الشارح الخلاف في ذلك في ص 241.
(2) أي المضاف إلى فعل ماض.
(3) البيت من الطويل، وهو للنابغة الذبياني. في ديوانه ص 32.
لمّا أصح: لم أفق، وازع: ناه ورادع.
والبيت من شواهد سيبويه 1/330 - هارون والأمالي الشجرية 2/264 والإنصاف 1/292 وشرح المفصل 3/16 والمقرب 1/290 والارتشاف 2/520 والعيني 3/406 والتصريح 2/42 وشرح الأشموني 2/256 والخزانة 6/550 والدرر 3/144.
والشاهد قوله: (على حين عاتبت) حيث ترجح البناء في (حين) على الإعراب لإضافته لمبني، وهو (عاتب).
(4) عجز بيت في الطويل، ولم تذكر المصادر له قائلا، وصدره:
لأجتذِبَنْ منهنّ قلبي تحلُّما
وهو من شواهد الارتشاف 2/522 و المغني ص 672 والعيني 3/412 والتصريح 2/42 والهمع 1/218 وشرح الأشموني 2/256.
والشاهد فيه بناء (حين) على الفتح لأنه زمن مبهم مضاف إلى مبني وهو (يستصبين) ويجوز فيه الإعراب، لكن البناء أرجح.
(5) ساقط من (ج).
(6) وهذا تعليل الجمهور وعلله ابن مالك بشبه الظرف حينئذ بحرف الشرط في افتقار الجملة إليه. انظر التصريح2/42.(19/19)
ما ذكره المصنف من رجحان الإعراب مع(1) الجملة الاسمية والفعلية التي فعلها معرب هو مذهب الكوفيين(2) .
وأما البصريون(3) فإنهم يوجبون الإعراب.
وانتصر المصنف(4) لمذهب الكوفيين بقوله تعالى: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ}(5) بالفتح في قراءة نافع(6)، وبقول الشاعر:
16- ...... ...... على حينَ التواصلُ غيرُ دانِ (7)
بفتح ( حين ). والله أعلم.
__________
(1) في (ج): قبل.
(2) ووافقهم الأخفش وابن مالك وابن هشام. ينظر معاني القرآن للفراء1/326
و3/226 والتسهيل 159 والمغني ص 672 والتصريح 2/42.
(3) ينظر الأصول لابن السراج 2/ 11 وشرح الكافية للرضي 2/107 والارتشاف
2/522.
(4) في كتابيه مغني اللبيب ص 672 وأوضح المسالك 2/ 200.
(5) من الآية 119 من سورة المائدة.
(6) هو نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم، يعرف بنافع المدني، أحد القراء السبعة المشهورين أخذ القراءة عرضا عن جماعة من التابعين. وتوفى بالمدينة سنة 169ه. ينظر معرفة القراء الكبار 1/107 وغاية النهاية 2/330.
وتخريج هذه القراءة في كتاب السبعة لابن مجاهد ص 250 والنشر 2/256 والإتحاف ص 204.
(7) عجز بيت من الوافر، ولم تذكر له المصادر قائلا، وصدره:
تذكَّرَ ما تذكَّرَ من سُليمى.
وهو من شواهد الارتشاف 2/521 والمغني ص 672 والعيني 3/411 والتصريح2/42 والهمع 1/218 وشرح الأشموني 2/257 والدرر اللوامع 3/147.
والشاهد فيه بناء (حين) على الفتح مع أنه مضاف لجملة اسمية، وهذا يرجح قول الكوفيين.(19/20)
14/ب ص: (والمبهم المضاف لمبني نحو: {وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ}(1) {وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ}(2) {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ}(3) ونحو {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ}(4) [و يجوز إعرابه](5).
ش: السابع مما يبني على الفتح جوازا أيضا المبهم المضاف(6) لمبني وهو ما لا يتضح معناه إلا بالمضاف إليه، وسواء كان زمانا أو غيره.
وإنما بني هذا النوع لأنه لما أضيف إلى المبني اكتسب من بنائه(7).
ونظيره النكرة المضافة إلى معرفة حيث اكتسبت التعريف من المضاف إليه. واختير الفتح لخفته.
تنبيهات:
__________
(1) من الآية 66 من سورة هود، والقراءة بفتح (يوم) من (يومئذ) قراءة نافع والكسائي وأبي جعفر.ينظر السبعة لابن مجاهد ص 336 والنشر 2/289 والإتحاف ص 207.
(2) من الآية 11 من سورة الجن، والقراءة بفتح (دون) باتفاق القراء.
(3) من الآية 94 من سورة الأنعام، والقراءة بفتح (بين) من (بينكم) قراءة نافع والكسائي وحفص عن عاصم وأبي جعفر، وقرأ الباقون برفعها.
ينظر السبعة لابن مجاهد ص 263 والحجة للفارسي 3/357 والنشر 2/260.
(4) من الآية 23 من سورة الذاريات. والقراءة بفتح (مثل) قراءة الجمهور.
وقرأ عاصم في رواية أبي بكر وحمزة والكسائي بالرفع.
ينظر السبعة ص 609 والنشر 2/377.
وهو بالفتح صفة ل(حق) وبني على الفتح لأنه مضاف لمبني، ولذلك أوردها المصنف. أو بالنصب على الحال.
ينظر البحر المحيط 8/136 والإتحاف ص 399.
(5) ما بين الحاصرتين ساقط من (أ). وهو في (ب) و (ج) وشذور الذهب.
(6) كذا في (ب) و (ج) و في (أ) أسقط كلمة المبهم وزاد بعد قوله المضاف إليه واختير الفتح لخفته، وهو تكرار للآتي.
(7) أي اكتسب البناء من بنائه.(19/21)
الأول: مثل الشيخ بالآيات المذكورة على قراءة من قرأها بالفتح وذكر أربعة أمثلة؛ مثالين لما لا تحتمل الفتحة فيه أن تكون فتحة إعراب(1)، ومثالين لما تحتمل الفتحة فيه أن تكون فتحة إعراب، وهما الأخيران.
فالأول منهما(2) تحتمل الفتحة فيه أن تكون إعرابا، إما على أنه ظرف أو صفة لمحذوف(3).
والثاني(4) كذلك على أنه حال أو معمول لفعل محذوف(5)، كما قيل بكل من ذلك.
الثاني(6) أعاد لفظة ( نحو) مع المثال الأخير، ولعله ليفيد أن العلة عنده في بنائه إذا بني هي الإضافة إلى المبني(7)، لا لكونه مركبا مع (ما) كما قيل فيه(8).
__________
(1) وهما كلمتا (يومئذ) و (دون) بالفتح فيهما، وذلك أن (يوما) في الأول مضاف إليه فلا يكون إلا مجرورا، فكونه جاء بالفتح يدل على أنه مبني، وكلمة (دون) في الثاني مبتدأ فلا يكون إلا مرفوعا، لكن هذا فيه احتمال أن يكون صفة لمحذوف تقديره (ومنا قوم دون ذلك). ينظر المغني ص 670.
(2) وهو (بينكم) فتحتمل الفتحة في (بين) أن تكون فتحة إعراب على أنها ظرف مكان، والفاعل مضمر في الفعل دل عليه ما تقدم، والتقدير تقطع وصلكم بينكم.
ينظر الحجة لأبي علي الفارسي 3/ 360.
(3) تقديره لقد تقطع شيء أو وصل بينكم، ذكره العكبري في التبيان 1/522.
(4) وهو (مثل) في قوله تعالى: {إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ}.
(5) ذكر العكبري في التبيان 2/1180 أن (مثل) قد يكون حالا من النكرة أو من الضمير الذي فيها وقد يكون مفعولا به لفعل محذوف تقديره أعني. وينظر كذلك المغني 671.
(6) في (ج): التنبيه الثاني.
(7) نص على ذلك ابن هشام في المغني 671 وينظر التبيان للعكبرى 2/1180.
(8) هذا قول المازني، نقله عنه أبو حيان في البحر المحيط 8/136.(19/22)
التنبيه الثالث: يوجد في بعض نسخ المتن عدد المبنيات على الفتح خمسة وهو واضح، ووجهه جعل المركبات(1) جميعها قسما واحدا. والله أعلم.
ص: أو الفتح أو نائبه وهو اسم ( لا ) النافية للجنس إذا كان مفردا، نحو لارجلَ ولا رجالَ ولا رجلينِ ولا قائمينَ ولا قائماتَ.
وفتح نحو ( قائمات ) أرجح من كسره.
ش: القسم الرابع من المبنيات ما يبنى على الفتح أو نائب الفتح.
وقد تقدم أنه ينوب عنه الياء والكسرة والألف، لكن الألف لا توجد مع المبني (2) لأن شرط البناء ألا يكون مضافا(3)والألف لا تكون بدلا عن الفتحة إلا في مضاف، كما تقدم(4).
إذا علم ذلك فالمبني على الفتح أو نائبه الذي هو الياء أو الكسرة هو اسم (لا) النافية للجنس على سبيل(5) التنصيص إذا كان مفردا(6).
فالمراد بالمفرد(7)هنا كما في باب النداء ما ليس مضافا ولا شبيها به.
فخرج نحو لا غلامَ سفَر ولا طالعاً جبلا، فلا يبنى في واحد منهما، ودخل المفرد وجمع التكسير والمثنى والمجموع على حدّه وجمع المؤنث السالم كرَجل ورِجال ورجلين وقائمين وقائمات.
__________
(1) وهي ما ركب من الأعداد والظروف والأحوال والأعلام. ينظر شذور الذهب ص 5.
(2) قد توجد الألف مع المبني وذلك في المثنى على لغة بني الحارث، كما في الحديث "لا وتران في ليلة". ينظر المطالع السعيدة 1/60.
(3) في (أ) و (ب): أن لا تكون مضافة، وهو تحريف. والمثبت من (ج).
(4) تقدم ذلك في باب الأسماء الستة، وذلك لأنها تنصب بالألف نيابة عن الفتحة بشرط إضافتها. تراجع ص 185.
(5) في (أ): لا على سبيل، وهو خطأ، وفي (ب): أي على سبيل، والمثبت من (ج).
(6) هذا مذهب الجمهور، وذهب الكوفيون والزجاج والسيرافي إلى أن اسم (لا) المفرد معرب منصوب بالفتحة. ينظر تفصيل ذلك في الإنصاف 1/366 وشرح الكافية للرضي 1/ 255 والارتشاف 2/164.
(7) في (ج): فالمفرد.(19/23)
فأما (رجل) و(رجال) فيبنيان [مع (لا)](1) على الفتح، لأن نصبهما به. و أما (رجلين) و(قائمين) فيبنيان معها(2) على الياء، لأن نصبهما بها. وأما (قائمات) فيبنى على الكسر أو الفتح، والفتح فيه أرجح من الكسر(3).
15/أ والتحقيق في علة بناء اسم ( لا ) أنه تضمن معنى (من).
لأن قولك: لا رجل بمنزلة لا من رجل(4)، ونظيره ما جاءني من رجل، فإنه نص في الاستغراق، بخلاف ما جاءني رجل.
ويدل على [تضمّن] (5) معنى (مِنْ) ظهورها في قوله:
17- فقامَ يذودُ الناسَ عنها بسيفِهِ
وقال ألا لاَ مِنْ سبيلٍ إلى هند(6)
وإنما بنيت النكرة على ما تنصب به(7) ليكون البناء على ما استحقته النكرة في الأصل قبل البناء.
__________
(1) مابين المعقوفين ساقط من (أ)، وأثبته من (ب) و (ج).
(2) في (أ): (مع لا). والمثبت من (ب) و (ج).
(3) لأن الفتحة هي الحركة التي يستحقها المركب، ذكره ابن هشام في المغني ص 314 ولكنه نقل عن ابن جني أن الفتح لم يجزه أحد من النحويين إلا المازني.
ينظر أوضح المسالك 1/ 279.
(4) وقيل: علة بنائه تركيبه مع (لا) تركيب خمسة عشر. وهذا قول سيبويه والجمهور.
ينظر الكتاب 2/274 والمقتضب 4/357 وشرح المفصل 1/106 والتصريح
1/239.
(5) ما بين الحاصرتين ساقط من (أ) و(ب)، ومثبت من (ج).
(6) البيت من الطويل، ولم ينسب إلى قائله واقتصر في (أ)، (ب) على موضع الشاهد فقط. وهو من شواهد شرح الكافية الشافية 1/522 وشرح الألفية لابن الناظم ص 186 وأوضح المسالك 1/281 والعيني 2/332 والهمع 1/146.
والشاهد فيه ظهور (من) بعد (لا) النافية للجنس، وهذا رد إلى الأصل، و (مِن) هنا زائدة للاستغراق و(سبيل) اسم (لا) مبني على فتح مقدر على آخره، منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد و(إلى هند) متعلق بمحذوف خبر (لا).
(7) في (ج): على الفتح.(19/24)
وإنما لم يبن المضاف ولا الشبيه به لأن الإضافة ترجح جانب الاسمية فيرد الاسم بسببها إلى ما يستحقه في الأصل من الإعراب(1).
فإن قيل: قد يبنى نحو (خمسة عشرك) (2) مع إضافته إلى الضمير فلم لا يُرد إلى أصله وهو الإعراب.
فالجواب أن هذا(3) نادر لا يلتفت إليه.
وأما بناء جمع المؤنث السالم على الكسر فهو قياس الباب، لأنها حركة النصب. وعلى هذا فبعضهم(4) ينوّنه حينئذ نظرا إلى أن التنوين للمقابلة لا للتمكين. والجمهور(5) يتركون تنوينه نظرا إلى مشابهته لتنوين التمكين.
وأما بناؤه على الفتح بلا تنوين فحذرًا من مخالفته لسائر المبنيات بعد ( لا ) في حركة البناء، ولأجل ذلك رجحه المصنف(6).
ص: ولك في [الاسم] (7) الثاني من نحو ( لا رجلَ ظريفٌ) و (لا ماءَ باردٌ)(8) النصب والرفع والفتح، وكذا الثاني من نحو (لاحولَ ولا قوةَ) إن فتحت الأول.
__________
(1) وهناك سبب آخر وهو أن بناء المضاف والشبيه به مع (لا) يؤدي إلى تركيب ثلاث كلمات، وهذا لا نظير له في العربية. ينظر أسرار العربية ص 252.
(2) في (أ) و (ب): خمسة عشر والمثبت من (ج) وهو أولى. و إذا عُرِّف العدد المركب بأل أو أضيف فإنه يبقى على بنائه لأنه ما زال متضمنا للواو.
ينظر شرح المفصل لابن يعيش 4/114.
(3) أي رده إلى أصله وهو الإعراب، وهي لغة لبعض العرب حكاها الأخفش، وذكرها سيبويه وقال عنها: "إنها لغة رديئة".
ينظر الكتاب 3/299 وشرح المفصل 4/114.
(4) وهم بعض المتقدمين وابن الدهان وابن خروف. ينظر همع الهوامع 1/146.
(5) مذهب الجمهور أن جمع المؤنث يبنى مع (لا) التبرئة على الكسر دون تنوين.
ينظر شرح الكافية للرضي 1/256 والارتشاف 2/165 والتصريح 1/239.
(6) في شذور الذهب ص 6 ومغني اللبيب ص 314.
(7) زيادة من شذور الذهب ص 6.
(8) في النسخ: لا ماء ماءاً باردا، والذي أثبته من الشذور ص 6 وهو أولى.(19/25)
وإن رفعته امتنع النصب [في الثاني ] (1). وإن فُصِل النعت، أو كان هو والمنعوت غير مفرد امتنع الفتح).
ش: لما فرغ من الكلام على اسم (لا) أخذ يتكلم على حكم نعته وحكم المعطوف عليه.
فأما النعت فإن كان اسم (لا) مفردا، وكان النعت(2) مفردا متصلاً به، نحو لا رجلَ ظريفاً عندنا ولا ماءَ ماءً بارداً عندنا(3)، جاز فيه(4) ثلاثة أوجه، النصب والرفع والفتح(5).
فالنصب على محل النكرة، لأن محلها النصب، لأن (لا) عاملة عمل (إن) والبناء عارض. وأما الرفع فعلى محل (لا) مع اسمها، لأنهما في موضع المبتدأ(6).
وأما الفتح فعلى التركيب أي تركيب النعت مع المنعوت قبل دخول ( لا ) كخمسة عشر(7).
وإن فصل نحو (لا رجلَ في الدار ظريفا)، أو كان(8) غير مفرد نحو (لا رجلَ طالعاً جبلاً) (9) أو كان اسم ( لا ) غير مفرد، نحو (لا غلامَ سفرٍ حاضرٌ) (10) جاز في النعت الرفع والنصب، على ما قدمنا.
وامتنع الفتح لامتناع التركيب، إذْ لا يتأتى مع الفاصل، ولا بين أكثر من شيئين.
__________
(1) سقطت من النسخ وأضفتها من شذور الذهب ص 6.
(2) في (ج): فإن كان لاسم (لا) المفرد وكان مفردا، وفيه سقط.
(3) كذا مثل الشارح بهذا المثال، ومثل به أيضا ابن هشام في أوضح المسالك 1/290 لكن اعترض عليه بأن (ماء) الثانية ليست صفة للأولى لأنها جامدة فالمثال الذي ذكره ابن هشام في الشذور أولى. ينظر التصريح 1/243.
(4) أي في نعت اسم (لا).
(5) ينظر هذه الأوجه في التصريح 1/243 وشرح الأشموني 2/12.
(6) هذا هو مذهب سيبويه. ينظر الكتاب 2/275.
(7) وذلك أن النعت ركب مع النكرة قبل مجيء (لا) وصار الوصف والموصوف كالشيء الواحد ثم دخلت عليهما (لا) التبرئة مثل قولهم: لا خمسة عشر عندنا. راجع التصريح1/243.
(8) أي النعت.
(9) من قوله: أو كان غير مفرد إلى هنا ساقط من (أ). والمثبت من (ب) و (ج).
(10) في (ب) و (ج): (ظريف).(19/26)
وأما العطف فإن كان مع تكرار ( لا ) نحو (لا رجلَ ولا امرأةً) ومثله (لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله) (1) فلك فيما بعد ( لا ) الثانية ثلاثة أوجه: 15/ب الفتح على تركيبه معها، والرفع إما على محل ( لا ) مع اسمها وإما على أنها عاملة عمل (ليس) والنصب [على العطف] (2) على محل اسم (لا) (3) كما قدمنا.
وإن لم تتكرر (لا) امتنع الفتح(4) وجاز الرفع والنصب، نحو لا رجل وامرأةٌ، على ما تقدم. وهذه الحالة لم يذكرها المصنف رحمه الله تعالى(5).
وهذا كله إذا كان الأول مفتوحا، فإن كان مرفوعا جاز في الثاني الرفع والفتح إن كررت (لا) وامتنع فيه النصب(6)، وهذا معنى قوله: (فإن رفعته امتنع النصب) (7) أي فإن رفعت الأول امتنع النصب في الثاني.
تنبيه:
تحرّر(8) مما سبق أن في (لا حول ولا قوة إلا بالله) خمسة أوجه(9) فتح الاسمين، ورفعهما، وفتح الأول ورفع الثاني، ورفع الأول وفتح الثاني، وفتح الأول ونصب الثاني. والله أعلم.
__________
(1) زيادة من (ج).
(2) مابين المعقوفين ساقط من (أ) و (ب) وأثبته من (ج).
(3) وهذا أضعفها، وخصه يونس بالضرورة. ينظر التصريح 1/242.
(4) أي فتح التابع لعدم ذكر (لا) فلا يكون مبنيا.
(5) ساقطة من (ج).
(6) لأن نصبه إنما يكون بالعطف على منصوب لفظا أو محلا، وهو حينئذ مفقود. ينظر شرح الأشموني 2/11.
(7) قوله: وهذا معنى إلى هنا ساقط من (أ) و (ب) وأثبته من (ج).
(8) في (ج): يلوح.
(9) تنظر هذه الأوجه وتخريجها في شرح اللمع لابن برهان 1/94 والتصريح 1/240 وشرح الأشموني 2/12.(19/27)
ص: وأنواعه رفع ونصب في اسم وفعل، ك(زيد يقوم) وإن زيدا لن يقوم، وجر في اسم ك(بزيد) وجزم في فعل ك(لم يقم).
ش: أي الإعراب الذي عرفته(1) له أنواع يتحقق في كل منها.
وهي أربعة الرفع والنصب، ويدخلان في جميع المعربات أعني الأسماء والأفعال(2)، فالرفع كما في (زيد يقوم) والنصب كما في (إن زيدا لن يقوم) والجر ويختص بالاسم، ك(بزيدٍ وعمرٍو) (3).
وإنما اختص به لأن المجرور مخبر عنه، والفعل لا يخبر عنه(4).
والجزم ويختص بالفعل، ك(لم يقم).
ولم يدخل في الأسماء، قيل(5): لأن المنوّن منها إن جُزِم التقى فيه ساكنان، الحرف المجزوم والتنوين، فيحرك(6) الساكن الأول فيؤدي وجود الجزم إلى عدمه، وغير المنوّن محمول عليه.
وقيل(7): إنما اختص به ليكون فيه كالعوض من الجر الذي اختص(8) به الاسم.
وعبر المصنف تبعاً للبصريين(9) عن أنواع الإعراب بالرفع والنصب والجر والجزم 6/ب وعن ألقاب البناء بالضم والفتح والكسر والسكون، فرقا بينهما(10) ومراعاة للمناسبة، حيث عبّروا عن ألقاب البناء اللازم(11) بما يدل على اللزوم وعن أنواع(12) الإعراب المنتقلة بما يدل على الانتقال.
تنبيه:
__________
(1) في (ج): الإعراب الذي عرفه.
(2) يقصد بالأفعال هنا الأفعال المضارعة خاصة.
(3) في (أ) و (ب): كزيد وعمرو، والمثبت من (ب).
(4) ينظر تعليل آخر لاختصاص الجر بالأسماء في الجمل للزجاجي ص 2.
(5) هذا قول سيبوبه والجمهور، ينظر الكتاب1/14 وإيضاح علل النحو ص102- 106.
(6) في (ج): فيتحرك.
(7) هذا قول ابن مالك. ينظر شرح التسهيل 1/42.
(8) ساقطة من (أ)، وأثبتها من (ب) و (ج).
(9) ينظر في ذلك الكتاب 1/13 والأصول في النحو 1/45 وشرح الكافية للرضي 1/24، 2/3.
(10) أما الكوفيون فيطلقون ألقاب أحد النوعين على الآخر مطلقا. ينظر شرح الكافية 1/24، 2/3
(11) ينظر في ذلك أسرار العربية ص 19.
(12) في (ج): ألقاب.(20/1)
قوله: (في اسم وفعل) أي بعده بلا فصل(1).
لأن الحركات في الحقيقة أبعاض حروف العلة(2)، فضم الحرف الإتيان(3) بعده بلا فصل ببعض الواو، وكسره الإتيان بعده بلا فصل ببعض الياء، ونصبه الإتيان بعده بلا فصل ببعض(4) الألف، بدليل أنك إذا أشبعت الحركة صارت حرف مد تاما.
وسمي الحرف متحركا كأنك حركته إلى مخرج حرف النداء (5)، وبضد ذلك سكون الحرف، فالحركة بعد(6) الحرف، لكنها من فرط اتصالها به يتوهم أنها(7) معه لا بعده.
ص: والأصل كون الرفع بالضمة والنصب بالفتحة والجر بالكسرة والجزم بالسكون. وخرج عن ذلك سبعة أبواب.
ش: لمّا تقدم أن الإعراب أثر ظاهر(8)، وأن الأثر أعم من أن يكون حركة أو حرفا أو سكونا، أو حذفا أخذ يبين الأصل من ذلك وغير الأصل.
فذكر أن الأصل في الرفع أن يكون بالضمة، وفي النصب كونه بالفتحة، وفي الجر أن يكون بالكسرة، وفي الجزم كونه بالسكون(9).
فإن جاء واحد من هذه الأربعة بغير ما ذكر كان على خلاف الأصل.
وتسمى الأبواب التي جاءت على خلاف الأصل أبواب النيابة. وهي سبعة كما ذكره المصنف، وهي باعتبار كيفية النيابة فيها أربعة أقسام:
__________
(1) هذا ما رجحه ابن جني وقال: هو مذهب سيبويه، وفي هذه المسألة قولان آخران الأول أن الحركة تحدث مع الحرف والثاني أنها قبله.
ينظر الخصائص 2/ 321 وسر صناعة الإعراب 1/28.
(2) ذكر ذلك ابن جني في سر الصناعة 1/17.
(3) كذا في (ج) وفي (أ) و (ب): إتيان.
(4) قوله: (الياء) إلى هنا ساقط من (أ)، والمثبت من (ج)، وسقط من (ب) من قوله: (ونصبه) إلى قوله: (الألف).
(5) كذا في النسخ، والصواب (حرف المد) كما ذكره الرضي في شرح الكافية 1/20.
(6) في (ج): (بعض) وهو تحريف. وينظر شرح الكافية للرضي 1/24.
(7) سقطت كلمة (به) من (ج) وكرر فيها قولة: (أنها).
(8) ساقط من (أ) و (ب) وأثبته من (ج).
(9) كان الأولى أن يوحد الشارح العبارة إما بالمصدر الصريح أو بالمصدر المؤول.(20/2)
قسم نابت فيه حركة عن حركة في بعض الأحوال(1)، وهو بابان، باب ما لا ينصرف وباب الجمع بألف وتاء.
وقسم ناب(2) فيه حرف عن حركة في جميع الأحوال، وهو ثلاثة أبواب باب الأسماء الستة وباب المثنى وباب جمع المذكر السالم. وهذان القسمان خاصان بالأسماء.
وقسم ناب فيه(3) حرف وحذفه عن الحركة والسكون، وهو باب الأمثلة الخمسة(4).
وقسم ناب فيه حذف حرف عن السكون، وهو باب الأفعال المعتلّة. وهذان القسمان كما ترى خاصان بالأفعال.
ص: أحدها ما لا ينصرف، فإنه يجر بالفتحة، نحو بأفضل منه إلا إن أضيف أو دخلته (أل) نحو بأفضلكم وبالأفضل.
ش: الباب الأول من أبواب النيابة ما لا ينصرف، وهو الفاقد للصرف.
والصرف عند المحققين هو التنوين وحده(5)، وليس الجر داخلا في مسماه بدليل أن الشاعر متى(6) اضطر إلى صرف الممنوع(7) نوّنه(8)، وقيل(9): إنه صرفه لضرورة الشعر مع أنه لا جرّ هناك.
وإنما حذف الجر تبعا لحذف التنوين، لأنه لو بقي مجرورا بعد حذف التنوين لالتبس بالمبني(10)، ك(نزال) (11).
__________
(1) أي في حالة الجر في باب ما لا ينصرف حيث تنوب الفتحة عن الكسرة وفي حالة النصب في باب الجمع بالألف والتاء حيث نابت الكسرة عن الفتحة.
(2) في (ج) نابت.
(3) في (ج): عنه وهو تصحيف.
(4) وهي يفعلان وتفعلان ويفعلون وتفعلون وتفعلين. ينظر ضابط هذا الباب في شرح اللمحة البدرية 1/228.
(5) وهذا قول الجمهور، وقال الزجاج: إن الصرف هو الجر والتنوين معا، وقيل: إن الصرف هو الجر بالكسرة.
ينظر شرح الكافية للرضي 1/36 و التصريح 2/210.
(6) في (ج): إذا.
(7) أي إذا كان مرفوعا أو منصوبا.
(8) وذلك جائز بالإجماع انظر: توضيح المقاصد للمرادي 3/168.
(9) أي وقالوا فيه حينئذ: إنه صرفه لضرورة الشعر.
(10) في (أ) و (ب): بالمثنى وهو تصحيف، والتصويب من (ج).
(11) ينظر شرح التسهيل لابن مالك 1/43.(20/3)
وحكمه أنه يُجرّ بالفتحة نحو مررت بأفضل منه، حملا للجر على النصب دون غيره؛ لأن الفتحة إلى الكسرة أقرب منها إلى الضمة، فحُملَتْ على الأقرب. يوضح ذلك ما قدمناه من أن الحركات أبعاض حروف العلة 7/أ والياء إلى الألف أقرب منها إلى الواو.
وإنما يُمنَع الاسم الصرف إذا وجد فيه علتان فرعيتان من علل تسع أو واحدة منها تقوم مقامهما، كما سيأتي بيانه آخر الكتاب(1) إن شاء الله تعالى.
ويستثنى(2) من جره بالفتحة مسألتان:
الأولى: أن يضاف، نحو مررت بأفضلكم.
الثانية: أن تدخله (أل) نحو مررت بالأفضل.
تنبيهان:
الأول: استثناء الشيخ لهاتين المسألتين من جر ما لا ينصرف بالفتحة يفهم منه أنه باق على منع صرفه، وهو أحد الأقوال(3).
والثاني: أنهما مصروفان(4)، بناء على أن الصرف هو الجر [بالكسرة(5)]، وهو(6) ضعيف.
والثالث: وهو التحقيق أنه إن زالت إحدى علتيه بالإضافة أو (أل) فمنصرف(7) نحو مررت بأحمدكم، وإلا فغير منصرف(8)، نحو مررت بأحسنكم(9).
وهذا والمذهب الأول يَدُلاَّنِك على أن الصرف هو التنوين. والله أعلم.
التنبيه الثاني: شمل إطلاقه (أل) المُعَرِّفة، نحو مررت بالأحسن(10). والموصولة نحو:
__________
(1) سيأتي ذلك في باب الممنوع من الصرف بالتفصيل.
(2) في (ج): واستثني.
(3) هذا اختيار جماعة من العلماء منهم ابن الحاجب وأبو حيان.
ينظر شرح الكافية للرضي 1/35 وارتشاف الضرب 1/426 وهمع الهوامع 1/24
(4) وهذا قول المبرد وابن السراج. ينظر المقتضب 3/313 والأصول في النحو 2/79.
(5) زيادة من (ج).
(6) أي القول بأن الصرف هو الجر بالكسرة.
(7) في (أ): فينصرف. والمثبت من (ب) و (ج).
(8) هذا هو اختيار ابن مالك ذكره في نكته على الحاجبية. ينظر شرح الأشموني 1/97.
(9) وذلك لأن (أحمدكم) زالت إحدى علتيه وهي العلمية بعد الإضافة، و (أحسنكم) لم تزل منه إحدى علتيه.
(10) أل الداخلة على اسم التفضيل حرف تعريف باتفاق العلماء. ينظر مغني اللبيب ص 71.(20/4)
4- وما أنت باليقظان ناظره إذا نسيت بما تهواه ذكر العواقب(1)
والزائدة نحو:
5- رأيتُ الوليد بن اليزيد مباركا(2)
وزاد في التسهيل(3) بدل (أل) وهي الألف والميم، كقوله:
6- تَبيتُ بِليلِ امْأرْمَدِ اعتاد أوْ لَقَا(4)
__________
(1) البيت من الطويل، ولم أعرف قائله. وفي عجزه رواية أخرى هي:
رضيت بما ينسيك ذكر العواقب
ناظره: أي ناظر العين وهو السواد الأصغر الذي في داخل العين. وفي (أ) و (ب): فاكره.
والبيت من شواهد شرح التسهيل لابن مالك 1/44 وشرح الكافية الشافية 1/180 وتوضيح المقاصد 1/106 وتعليق الفرائد 1/361 والعيني 1/215 وشرح الأشموني 1/166.
والشاهد قوله: (اليقظان) حيث جر بالكسرة مع أنه ممنوع من الصرف لدخول (أل) الموصولة عليه.
(2) صدر بيت من الطويل، لابن ميادة الرماح بن أبرد، وعجزه:
شديدا بأعباء الخلافة كاهله
ينظر شعر ابن ميادة ص 192. وقد ورد في الأمالي الشجرية 2/252 وشرح المفصل لابن يعيش 1/44 وشرح الكافية الشافية 1/180 وتوضيح المقاصد
1/107 وتعليق الفرائد 1/135. والتصريح 1/153 وشرح الأشموني 1/96 وخزانة الأدب 2/226 والدرر اللوامع 1/ 87.
والشاهد قوله: اليزيد حيث جر بالكسرة لدخول (أل) عليه مع أنها زائدة.
(3) تسهيل الفوائد ص 8 وشرح التسهيل 1/44.
(4) عجز بيت من الطويل. وهو لبعض الطائيين، وصدره:
أ إن شِمْتَ من نَجد بُرَيقاً تَأَلَّقَا
وقد ورد في (ج) محرفا، فقد جاء فيه (يبيت بليل أم أرمد اعماد والغا).
شِمْت: نظرت، بُريق: تصغير برق، تألق: لمع، امْأرمد: الأرمد، أولق: أي جنون.
ومعنى البيت يخاطب رجلا بأنه إذا رأى برقا قد ظهر من جهة نجد بات بليل الأرمد الذي اعتاد الجنون.
وانظر الشاهد في شرح الكافية الشافية 1/181 وتوضيح المقاصد ا/108 وتعليق الفرائد 1/137 والعيني 1/222 والهمع 1/24 والأشموني 1/96.
والشاهد قوله: (امأرمد) حيث جرّه بالكسرة، لدخول (أم) عليه، وهي حرف تعريف عند بعض العرب.(20/5)
ص: الثاني ما جمع بألف وتاء مزيذتين، ك(هندات) فإنه ينصب بالكسرة، نحو {خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ}(1)، {فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ}(2) بخلاف {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً}(3)، و رأيت قضاةً، وأُلْحِق به (أولات).
ش: الباب الثاني من أبواب النيابة باب المجموع بألف وتاء مزيدتين.
وسنذكر في باب جمع المذكر السالم(4) حد جمع التصحيح الشامل له ولهذا، إن شاء الله تعالى(5).
وهذه العبارة(6) أحسن من عبارة من قال(7): جمع المؤنث السالم لأنها تخرج ما مفرده مذكر، كحمّامٍ وحمّامات(8).
والمعنى أن الألف والتاء زيدتا في الاسم المفرد ليدل كلاهما على الجمع والتأنيث(9) معا، وليست الألف بانفرادها دالة على الجمع(10) والتاء دالة على التأنيث.
بدليل أنك لو أسقطت الألف لم تدل التاء على تأنيث الجمع، و(11) لو أسقطت التاء لم تدل الألف على الجمع، فإذًا كلا الحرفين دالُّ على كلا المعنيين.
وهذا الجمع ينصب بالكسرة نيابة عن الفتحة.
__________
(1) من الآية 44 من سورة العنكبوت.
(2) من الآية 71 من سورة النساء.
(3) من الآية 28 من سورة البقرة.
(4) سيأتي هذا في ص 198.
(5) من قوله: (وسنذكر في باب) إلى هنا ساقط من (أ) و (ب)، وأثبته من (ج).
(6) زاد قبله في (ج): قال، ولعله يقصد ابن هشام، فقد ذكر مثله في شرح قطر الندى ص 51.
(7) هذه عبارة ابن الحاجب في الكافية ص 61.
(8) يجاب عن ذلك بأن جمع المؤنث السالم قد صار علما في اصطلاح النحويين على ما جمع بألف وتاء مزيدتين. تنظر حاشية الصبان على شرح الأشموني 1/93.
(9) في (ج): تأنيثه.
(10) في (أ): الجميع، والمثبت من (ب) و (ج).
(11) من قوله: لو أسقطت الألف إلى هنا ساقط من (أ)، وأثبته من (ب) و(ج).(20/6)
وأما رفعه وجره فعلى الأصل، ولهذا اقتصر المصنف رحمه الله على قوله: (فإنه ينصب بالكسرة) كما أنه اقتصر في(1) الباب السابق(2) على قوله: (فإنه يجر بالفتح)، لمّا كان رفعه ونصبه على الأصل، لأنه يتكلم في النيابة.
وإنما حملوا نصبه على جره قياسا على جمع المذكر السالم، فإنه حمل نصبه على جره(3).
وقيل: لأنه لو أعرب جمع المؤنث بالحركات الثلاث لكان الفرع وهو جمع المؤنث أوسع مجالا من الأصل وهو الجمع المذكر(4).
7/ب ولقائل أن يقول: هذه العلة ضعيفة من حيث إنها لا تفيد أنهم لِم لَم يعكسوا؟(5) ومنقوضة لأنهم جعلوا الجمع المؤنث أوسع مجالا، لأنهم(6) جمعوا به العاقل ك(هند) و(هندات) وغيره ك(شجرة) و(شجرات) بخلاف الجمع المذكر فإنهم خصّوه بالعاقل(7).
فإن كانت التاء أصلية، كأموات جمع ميّت، نصب بالفتحة، وكذلك إذا كانت الألف أصلية، كقضاة، فإن أصله (قضَيَة) (8) تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا.
نحو قوله تعالى: {وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً}(9) وقولك: رأيت قضاةً.
وألحق بهذا الجمع في النصب بالكسرة (أولاتُ) فإنه اسم جمع لا جمع، إذْ لا واحد له(10).
تنبيهان:
أحدهما أنه مثل بمثالين لينبه على أن ما يجمع هذا الجمع بعضه مقيس وبعضه مسموع. فالمقيس (ثُبات) في جمع (ثُبة) يعني جماعة.
__________
(1) في (أ) و (ب): على، والمثبت من (ج).
(2) وهو باب الممنوع من الصرف.
(3) من قوله: قياسا إلى هنا ساقط من (ج).
(4) هذا التعليل قال به ابن إياز في المحصول في شرح الفصول [ ق 44/ ب] وابن هشام في شرح اللمحة البدرية 1/191.
(5) وذلك بأن يحملوا الجر على النصب، فيجر بالفتحة.
(6) في (ب) و (ج): (من جهة أنهم).
(7) ينظر شرح التسهيل 1/83.
(8) على رزن (فعلة)، فالياء فيه أصلية.
(9) من الآية 28 من سورة البقرة.
(10) أي من لفظه، ولكن له واحد من معناه هو (ذات) بمعنى صاحبة. ينظر في ذلك التصريح 1/ 82.(20/7)
والمسموع (سماوات) في جمع (سماء) فإنها ليست مما يجمع هذه الجمع بقياس(1) كما اقتضته عبارة التسهيل (2)، وصرِّح به في بعض شروحه(3).
التنبيه الثاني استفيد من تمثيله أيضا أن المفرد الذي فيه تاء التأنيث إذا أُريد جمعه بالألف والتاء، فإن تاءه تحذف كما في ثُبَة وثُبات، ومُسلمة ومسلمات وسَجْدَة وسَجَدَات(4)
ص: الثالث (ذو) بمعنى صاحب، وما أضيف لغير الياء من أبٍ وأخٍ وحمٍ وهنٍ وفمٍ بغير ميم [فإنها](5) تعرب بالواو والألف، والياء والأفصح في الهن النقص.
ش: لما فرغ مما نابت فيه حركة عن حركة(6) أخذ يذكر ما ناب فيه الحرف عن الحركة(7)، وهو ثلاثة أبواب، كما تقدم (8).
وبدأ بالأسماء الستة لأنه ناب فيها عن كل حركة حرف، بخلاف بابي التثنية والجمع.
والأسماء الستة(9) هي (ذو) التي(10) بمعنى صاحب وأبُوك وأَخوك وحَمُوك وفُوكَ وهَنُوكَ.
وتعرب(11) بالواو رفعا وبالألف نصبا وبالياء جرًّا.
__________
(1) نصّ العلماء على مواضع ما يجمع بالألف والتاء قياسا، وهي خمسة ذكرها ابن مالك في التسهيل ص 20، قال: يجمع بالألف والتاء قياسا ذو تاء التأنيث مطلقا وعَلَم المؤنث مطلقاً وصفة المذكر الذي لا يعقل ومصغره واسم الجنس المؤنث بالألف إن لم يكن فَعْلَى فَعْلاَن أو فَعْلاَء أفعل، غير منقولين إلى الاسمية حقيقة أو حكما، وما سوى ذلك مقصور على السماع.
(2) ينظر تسهيل الفوائد ص 20.
(3) في (ج): شراحه. وقد صرّح ابن مالك نفسه بذلك في شرح التسهيل 1/125 فقال: "فمن الشاذ سماء وسماوات. ".
(4) وذلك لكراهة اجتماع علامتي تأنيث في اسم واحد.
ينظر المقتصد للجرجاني 1/204.
(5) سقطت من النسخ، وأثبتها من شذور الذهب ص 3.
(6) وهو باب الممنوع من الصرف وباب ما جمع بألف وتاء مزيدتين.
(7) في (ج): الحروف عن الحركات
(8) في ص 176.
(9) ساقطة من (ج).
(10) ساقطة من (ب) و (ج).
(11) في (ج): ويعرب.(20/8)
كما يفهم من ترتيب الحروف في الذكر على ترتيب حركات الإعراب فيما سبق(1).
وقدّم (ذو) لأنها لا تفارق هذا الإعراب.
وقيدّها بأن تكون بمعنى صاحب احترازاً من (ذو) الطائية التي هي بمعنى الذي، فإنها ملازمة للواو(2). وقد تعرب بالحروف قليلا، كقوله:
7- فإما كرامٌ مُوسِرون لقيتُهُم
فحَسْبِيَ من ذي عِندَهَمْ ما كفَانِيَا(3).
واشترط فيما عداها الإضافة لغير الياء، ولم يشترط ذلك فيها، لأنها ملازمة للإضافة إلى اسم جنس ظاهر(4)، فلا حاجة به لاشتراطها.
فخرج ما لم يضف منها، نحو هذا أبٌ، فيعرب بحركات ظاهرة.
وما أضيف إلى الياء(5)، فيعرب بحركات مقدرة(6)، نحو هذا أبي.
__________
(1) أي أن الواو نابت عن الضمة والألف نابت عن الفتحة والياء نابت عن الكسرة.
(2) أي مبنية على سكون الواو، على المشهور من لغة طيء، وسيأتي بيان ذلك في باب الموصولات ص 314.
(3) البيت من الطويل، وهو لمنظور بن سحيم الفقعسي، من أبيات اختارها أبو تمام في الحماسة 1/584. وينظر شرح الحماسة للمرزوقي 3/1158.
وهو من شواهد شرح المفصل لابن يعيش 3/148 والمقرب 1/59 وشرح التسهيل لابن مالك 1/223 وتوضيح المقاصد للمرادي 1/229 والتصريح 1/137 وشرح الأشموني 1/158 وشرح أبيات المغني 6/250 والدرر 1/268.
وقد ورد في بعض هذه المصادر (رأيتهم) بدل قوله: (لقيتهم) وكذلك في (ب).
والشاهد إعراب (ذي) الطائية بالحروف حيث جرّت بالياء. وهذه لغة عند طيء.
وفي البيت رواية أخرى بالبناء على السكون (فحسبي من ذو عندهم) وهي المشهورة عنهم، وعلى ذلك لا شاهد فيه حينئذ.
(4) ينظر الصحاح للجوهري 6/2551.
(5) في (ج): (للياء).
(6) وهذا قول الجمهور، وسيأتي الخلاف في ذلك في ص 220.(20/9)
واشترط في الفم أن يكون بغير ميم، نحو هذا فوك، ليخرج ما كان بها، فإنه يعرب بالحركات الظاهرة مع التضعيف(1)، ودونه منقوصا(2)، نحو فمٌّ وفمٌ، وبالحركات المقدرة مقصوراً 8/أ نحو (فَمَا) كَعَصًا.
ولك تثليث فائه(3) قصرا ونقصا وإتباعا لميمه(4). فهذه عشر لغات(5) أفصحها فتح فائه منقوصا(6).
ثم ذكر في الهن لغة أخرى(7) هي أفصحهما، وهي أن يستعمل منقوصا(8)
ويعرب بالحركات نحو هذا هنُكَ.
قال في الصحاح(9): "وهي كلمة كناية، ومعناها شيء، تقول: هذا هنُك، أي(10) شَيْؤُك(11)". انتهى.
وقال بعضهم(12): وكثرت الكناية به عن الفرج.
تنبيهان:
__________
(1) أي تشديد الميم.
(2) أي محذوف اللام، لأن أصل (فم) (فَوْه) حذفت منه الهاء ثم أبدلت الواو ميما.
(3) أي تحريكه بالحركات الثلاث الفتحة والضمة والكسرة.
(4) وذلك بأن تتبع الفاء حركة الميم، تقول: هذا فُمٌ ورأيت فَماً ونظرت إلى فِمٍ.
(5) وهناك لغات أخرى في الفم. يراجع شرح التسهيل لابن مالك 1/51 ولسان العرب 12/459 (فمم) وتعليق الفرائد 1/150-159.
(6) تقول هذا فَمُكَ، رأيت فَمَكَ، نظرت إلى فَمِكَ.
(7) اللغة الأولى هي إعراب (هن) إعراب الأسماء الستة بالواو رفعا وبالألف نصبا وبالياء جراً وهي لغة قليلة. ينظر شرح التسهيل لابن مالك 1/48 والهمع 1/38.
(8) وذلك بحذف اللام، وهي الواو، لأن أصله: هَنَوٌ على الصحيح.
ينظر لسان العرب 15/365.
(9) معجم لغوي، مرتب على ترتيب مدرسة القافية، ألفه أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري وسماه تاج اللغة وصحاح العربية.
(10) في (ج): (ومعناه)، ولم ترد عبارة الصحاح كاملة في (ب).
(11) الصحاح 6/2536 وينظر لسان العرب 15/365 (هنا).
(12) هو ابن مالك في شرح التسهيل 1/207.(20/10)
الأول: يشترط أيضا في إعراب هذه(1) الأسماء بالحروف أن تكون مفردة، لا مثناة ولا مجموعة، وأن تكون مكبّرة، لا مصغّرة(2).
فإن ثنيت أو جمعت أعربت كما يعرب المثنى والمجموع وإن صغرت أعربت بالحركات. نحو هذا أُبَيُّك.
واستغنى المصنف عن التصريح بهذين الشرطين بنطقه بها مفردة مكبّرة.
الثاني(3) ما ذكره من أن(4) إعرابها بالحروف هو المشهور عندهم(5)، وعن سيبويه(6) أنها ليست معربة بالحروف، بل بحركات مقدّرة على الحروف كإعراب المقصور. لكن أتبع فيها حركات ما قبل حروف الإعراب لحركات الإعراب، ثم حذفت الضمة للاستثقال فبقيت الواو ساكنة(7)
__________
(1) في (ج): (هذا) وهو خطأ.
(2) ينظر تفصيل ذلك في شرح الكافية للرضي 1/26 وارتشاف الضَّرَب 1/418 وشرح الأشموني 1/72.
(3) في (ج): (التنبيه الثاني).
(4) زيادة من (ج).
(5) وهو قول قطرب والزيادي والزجاجي وهشام، قال ابن مالك في شرح التسهيل 1/46: "وهذا أسهل المذاهب وأبعدها عن التكلف " وينظر التبيين للعكبري ص 194 وهمع الهوامع 1/38.
(6) هو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر، يلقب بسيبويه، إمام النحاة، أصلة من فارس ونشأ بالبصرة، وأخذ عن الخليل بن أحمد ويونس بن حبيب، وأبي الخطاب الأخفش، وغيرهم، وشافه العرب ونقل عنهم، وكان من تلاميذه أبو الحسن الأخفش وقطرب، وألف (الكتاب) في النحو الذي لم يسبقه إلى مثله أحد ولم يلحق به من بعده، توفي بشيراز سنة 180ه على الأصح.
ترجمته في أخبار النحوبين البصريين 63 ونزهة الألباء 54 وإنباء الرواة 2/346 ومعجم الأدباء 16/114 وإشارة التعيين 242 وبغية الوعاة 2/ 229.
وانظر الكتاب 3/359، 412 وشرح المفصل لابن يعيش 1/52.
(7) أي أن أصل، (أبوك) (أَبَوُك)، أتبعت حركة الباء لحركة الإعراب فصارت (أبُوُك) فاستثقلت الضمة على الواو فحذفت الضمة، فصارت (أبوك).
ينظر همع الهوامع 1/38.(20/11)
، وحذفت الكسرة للاستثقال فانقلبت الواو ياءً لكسر ما قبلها، وقلبت الواو المفتوحة(1) ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها.
قال بعضهم(2): هذا هو الصحيح، لأنه يلزم على الأول(3) أن يكون (فوك)(4) و (ذومال) معربين وهما على(5) حرف واحد، إذ الإعراب زائد على الكلمة وهذا لا نظير له(6).
ص: الرابع المثنى ك(الزيدان) و(الهندان) فإنه يرفع بالألف ويجر وينصب بالياء المفتوح ما قبلها المكسور ما بعدها وألحق به (اثنان) و(اثنتان) و(ثنتان) مطلقا، و(كلا) و(كلتا) مضافين لمضمر.
ش: الباب الرابع من أبواب النيابة باب المثنى، وهو الثاني مما ناب فيه الحروف عن (7) الحركات.
وقدمه على الجمع لجريانه في المذكر والمؤنث والعاقل وغير العاقل ولأن التثنية أسبق من الجمع.
والمثنى هو الاسم الدال على اثنين (8) بزيادة في آخره صالحا للتجريد وعطف مثله عليه (9).
ك(الزيدان) لمثنى المذكر و (الهندان) لمثنى المؤنث.
فقوله: (الدال على اثنين) مخرج نحو رَجل ورجال.
__________
(1) في (ج): وقلبت الفتحة وهو خطأ. لأن أصل (أباك) أبوك تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا. انظر الارتشاف 1/415.
(2) هو ابن هشام في شرح اللمحة البدرية 1/208.
(3) أي القول بإعرابها بالحروف.
(4) في (ج): (أن قولك: فم).
(5) ساقطة من (ج).
(6) وهناك مذاهب أخرى في إعراب هذه الأسماء.
انظر شرح الكافية للرضي 1/28 والارتشاف 1/415 وهمع الهوامع 1/38.
(7) في (أ) و (ج): على وهذا خطأ، كما هو ظاهر والمثبت من (ب). قال في اللسان 1/774 (نوب): "ناب عني فلان ينوب نوبا ومنابا أي قام مقامى. ".
(8) أو اثنتين ليشمل المثنى المؤنث.
(9) هذا تعريف مانع جامع، وقد ذكره ابن عقيل في شرح الألفية 1/56 والسيوطي في همع الهوامع 1/40.(20/12)
وقوله: (بزيادة في آخره) يخرج نحو(1) شَفْع(2) وكلا وكلتا(3).
وقوله: (صالح للتجريد) يخرج به اثنان واثنتان(4).
وقوله: (وعطف مثله عليه) يخرج(5) نحو العُمَرين و القَمَرين فإنك لا تعطف فيهما مِثْلاً بل غَيْرًا، فتقول: أبو بكر وعمر والشمس والقمر وهو من باب التغليب(6).
وقد اختُصِر في تعريفه فقيل (7) هو ما دل على اثنين وأغنى عن المتعاطفين. لكنه شامل لنحو العُمرين والقَمَرين وشَفْع و (زَكَا)(8) ، ولا كذلك الحدّ الأول(9). فليتأمل.
وحكم المثنى أن يرفع بالألف وينصب و يجرّ بالياء.
__________
(1) في (ج) مخرج لنحو.
(2) الشفع خلاف الوتر، وهو الزوج. وخرج (الشفع) من تعريف المثنى لأنه دل على اثنين بذاته لا بزيادة في آخره. انظر شرح اللمحة لابن هشام 1/212.
(3) وهذا قول البصريين وهو أن كلا وكلتا بمعنى المثنى ولفظهما مفرد، وقال الكوفيون: إنهما مثنيان لفظا ومعنى. والصواب الأول لجواز وقوع الخبر مفردا عنهما، تقول: كلا أخويك مقبل.
ينظر الإنصاف 2/ 439 وشرح المفصل 1/54.
(4) وذلك لأنهما لا يصلحان للتجريد، فإنه لا يقال: اثن ولا اثنة، لكنهما ألحقا بالمثنى في إعرابه.
ينظر شرح اللمحة البدرية 1/213 وهمع الهوامع 1/41.
(5) كلمة: يخرج سقطت من (ج).
(6) وهو باب معروف في اللغة، يُغلَّب فيه اسم على اسم فتارة يغلب الأشرف وتارة يغلب الأخف على الأثقل وتارة يغلب المذكر على المؤنث. وهو سماعي يحفظ ولا يقاس عليه. ينظر ارتشاف الضَّرَب 1/255 و همع الهوامع 1/41.
(7) هذا تعريف ابن هشام للمثنى في شرح شذور الذهب ص 44 وأوضح المسالك
1/36.
(8) كلمة: زكا ساقطة من (ب) و (ج)، ومعناها الشفع من العدد.
ينظر لسان العرب 14/358 (زكا).
(9) أي أن الحدّ السابق مانع لدخول هذين النوعين في حد المثنى فيكونان ملحقين به.(20/13)
وجعلت (1) الياء علامة لهما حملا للنصب على الجرّ (2)، دون الرفع لاشتراكهما في كون كل منهما فضلة مستغنىً عنه، يستقل الكلام بدونه بخلاف 8/ب الرفع فإنه عمدة الكلام.
وإنما قلنا: إن النصب محمول لأن حق الياء أن تكون للجر، لأن علامته الأصلية الكسرة وهي بعض الياء، كما قدمنا(3).
وإنما حُرّك ما بعد علامة التثنية فراراً من التقاء الساكنين (4).
وكانت الحركة كسرة لأنها الأصلية (5) في الفرار منه.
وإنما فُتح ما قبلها لأن الألف لا يكون قبلها إلا فتحة (6)، والياء محمولة عليها.
ثم إنه أُلحق بالمثنى في إعرابه خمسة ألفاظ، ثلاثة منها بلا شرط وهي (اثْنان) للمذكر و (اثْنَتَان) للمؤنث في لغة أهل الحجاز(7) و(ثِنتان) في لغة تميم(8) والاثنان الباقيان (كِلا) و(كِلتا) بشرط إضافتهما إلى مضمر.
فإن أُضيفا إلى مظهر(9) لزمتهما الألف، وأُعربا بالحركات مقدَّرة(10).
وإنما جعلا (11) مع المضمر كالمثنى، ومع الظاهر بالحركات مقدرة لأن الإضافة إلى الضمير فرع عن الإضافة إلى الظاهر، فجعل الأصل مع الأصل، والفرع مع الفرع (12).
تنبيهات:
__________
(1) في (ج): ودخلت.
(2) ذكر أبو البركات الأنباري لذلك خمس علل. تنظر في أسرار العربية ص 50.
(3) سبق بيان ذلك في ص 176.
(4) وهما الألف والنون أو الياء والنون في آخر المثنى.
(5) نص العلماء على أن الأصل في التخلص من التقاء الساكنين هو الكسر.
ينظر شرح المفصل لابن يعيش 9/127 وشرح الشافية للرضي 2/235.
(6) ذكر الأنباري في سبب فتح ما قبل ياء المثنى ثلاثة أوجه. أسرار العربية ص 54.
(7) في (أ): في لغة الحجاز وفي (ب): الحجازبين، والمثبت من (ج).
(8) ينظر شرح شذور الذهب لابن هشام ص 52 وتاج العروس 10/59.
(9) في (ج): (ظاهر).
(10) ينظر شرح المفصل لابن يعيش 1/54 وشرح الكافية للرضي 1/32 والتصريح على التوضيح 1/68.
(11) في (ج): جعل. والمراد كِلا وكِلْتا.
(12) ينظر هذا التعليل وغيره في الإنصاف 2/450.(20/14)
الأول: لم يتعرض الشيخ لتعريف المثنى ولا لشروطه المذكورة في (كلام) غيره، وهي(1) الإفراد(2) والإعراب(3) وعدم التركيب(4) والتنكير(5) وقبول التثنية، احترازا عما لا ثاني له في الوجود، ك(شمس) و(قمر) إذا روعيت الحقيقة واتفاق اللفظ(6) واتفاق المعنى(7)، وعدم الاستغناء عن تثنيته بتثنية غيره(8) وكأنه والله أعلم اعتمد(9) على قوله: (كالزيدان والهندان) فإنهما جامعان للشروط المذكورة، ومثل ذلك كاف في مقام الاختصار.
التنبيه الثاني: ما صرّح به من إعراب المثنى بالحروف هو مذهب طائفة من النحويين(10)
__________
(1) في (ج): وهو.
(2) فلا تجوز تثنية المثنى ولا الجمع. ينظر همع الهوامع 1/42.
(3) فلا يثنى المبني، وأما نحو (يا زيدان) فإنه ثني قبل البناء. ينظر تفصيل ذلك في همع الهوامع 1/42.
(4) فلا يثنى المركب تركيب إسناد باتفاق، وأما تركيب المزج فالأكثر على منعه.كما في الهمع 1/42.
(5) فلا يثنى العَلََم، إلا إذا قُدّر تنكيره.
(6) فلا يثنى ما لا ثاني له في الوجود. وهذا الشرط بيان لقوله (قبول التثنية) لأن ما لا ثاني له في الوجود لا يتفق فيه لفظان فلا يقبل التثنية.
(7) اشترط ذلك أكثر المتأخرين، فمنعوا تثنية المشترك والمجاز، ولم يشترطه ابن مالك، فأجا ز ذلك. ينظر شرح التسهيل 1/63 و همع الهوامع 1/43
(8) فلا يثنى (بعْض) للاستغناء عنه بتثنية جزء ولا (سواء) للاستغناء عنه بسِيّان، ولا تثنّى أسماء العدد غير المائة والألف للاستغناء عنها بغيرها من العدد.
ينظر همع الهوامع 1/43.
(9) في (أ) و (ب): اعتماداً والمثبت من (ج).
(10) هذا قول الزجاجي، وهو اختيار ابن مالك.
تنظر الجمل للزجاجي ص 9 وشرح التسهيل لابن مالك 1/78.(20/15)
ونسب إلى الزجاج(1) والكوفيين(2)، وهو المشهور.
ومذهب سيبويه(3) وموافقيه(4) أن الإعراب مقدّر فيه، فتقدر الضمة في الألف والفتحة والكسرة في الياء.
وفي إعرابه مذاهب أخر(5) ليس هذا موضع ذكرها.
التنبيه الثالث: في المثنى لغة أخرى، وهي لزوم الألف في الأحوال الثلاثة(6)، وهي لغة قبائل كثيرة من العرب(7).
__________
(1) هو إبراهيم بن السرّي بن سهل، أبو إسحاق الزجاج، كان من أهل الفضل والدين، حسن الاعتقاد. وكان يخرط الزجاج ثم مال إلى النحو، فلزم المبرد وتخرج عليه، ومن شيوخه أيضا أبو العباس ثعلب، وتخرج عليه كثير من العلماء منهم أبو علي الفارسي والزجاجي وأبو جعفر النحاس. وله مؤلفات أشهرها معاني القرآن وما ينصرف وما لا ينصرف وفعلت وأفعلت والاشتقاق. توفي سنة 311 ه.
تنظر ترجمته في طبقات النحوبين ص 111 ونزهة الألباء 183 وإنباه الرواة 1/194 ومعجم الأدباء 1/130 وبغية الوعاة 1/411.
وانظر مذهبه هذا في معاني القرآن وإعرابه 3/364 والهمع 1/47.
ونسب إلى الزجاج قول آخر في المثنى وهو أنه مبني. وهذا قول غريب.
ينظر الإنصاف 1/33 وشرح الكافية للرضي 2/173.
(2) ينظر الإيضاح في علل النحو ص 130 والإنصاف 1/33 وشرح الكافية للرضي
1/30.
(3) ينظر الكتاب 1/17- هارون والارتشاف 1/264.
(4) وافقه على ذلك الأعلم الشنتمري والسهيلي وجمهور البصريين. ينظر في ذلك النكت للأعلم الشنتمري 1/ 121 والارتشاف 1/264 والهمع 1/48
(5) هناك مذاهب أخرى في إعراب المثنى تنظر في الارتشاف 1/264 والهمع 1/48.
(6) أي في الرفع والنصب والجر.
(7) وهم بنو الحارث بن كعب وبنو الهجيم وبنو العنبر وكنانة وبطون من ربيعة وبكر بن وائل وزييد وخثعم وهمدان وفزارة. ينظر همع الهوامع 1/ 40.(20/16)
قال ابن أم قاسم(1): "وهي(2) أحسن ما يخرج عليها قراءة {إِنَّ هَذَان ِلِسَاحِرَانِ}(3).
ص: الخامس جمع المذكر السالم، ك(الزيدون) و(المسلمون) فإنه يرفع بالواو ويجر وينصب بالياء المكسور ما قبلها المفتوح ما بعدها وألحق به (أولو) و(عالَمون) و(أرضون) و(سنون) و(عشرون) وبابهما و(أهلون) و(عِلَّيون) ونحوه.
__________
(1) في (أ) و (ب): ابن قاسم، وهو الحسن بن قاسم بن عبد الله المرادي، المعروف بابن أم قاسم، وهي جدته لأبيه، عالم مشارك في النحو والتفسير والقراءات، ولد بمصر، وأخذ العلم عن أبي حيان والسراج الدمنهوري وابن اللبان وغيرهم، وألف كتبا كثيرة منها شرح التسهيل وتوضيح المقاصد وشرح المفصل والجنى الداني في حروف المعاني، وكان تقياً صالحاً، مات في عيد الفطر سنة 749 ه.
تنظر الدرر الكامنة 2/32 وبغية الوعاة1/517 وشذرات الذهب 6/160 والأعلام 2/211
(2) توضيح المقاصد للمرادي 1/90.
(3) من الآية 63 من سورة طه.
وهذه قراءة نافع وابن عامر وحمزة والكسائي وأبي بكر عن عاصم وقرأ بها أيضا أبو جعفر ويعقوب وخلف.
ينظر كتاب السبعة لابن مجاهد ص 419 والتذكرة لابن غلبون 2/534 والنشر لابن الجزري 2/321 وإتحاف فضلاء البشر ص 304.
وقد اختلف في توجيه هذه القراءة على أقوال كثيرة منها أن (إنَّ) بمعنى (نعم) وإذا كانت كذلك فلا تعمل شيئا، ويكون (هذان) مبتدأ و (لساحران) خبر لمبتدأ محذوف تقديره (لهما ساحران) ومنها أن الأصل (إنه هذان لهما ساحران) ثم حذف المبتدأ وحذف ضمير الشأن، وأخرت لام الابتداء إلى الخبر.
ومنها أنه لما كان الإعراب لا يظهر في الواحد وهو (هذا) جعل كذلك في التثنية لأنها فرع عليه، وهذا رأي ابن النحاس ونقله عن ابن كيسان.
ينظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج 3/ 362، والبحر المحيط 6/255 وشرح الشذور لابن هشام ص 46-49، وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 15/256.(20/17)
ش: هذا هو الباب الخامس من أبواب النيابة، وهو الباب(1) الثالث مما نابت فيه الحروف عن الحركات، وهو جمع المذكر السالم، وأتى به آخرها لما تقدم.
وهو أحد قسمي جمع (2) التصحيح.
وجمع التصحيح، كما قال في التسهيل (3): جعل الاسم القابل دليل ما فوق اثنين بزيادة في الآخر، مقدّر انفصالها لغير تعويض (4).
فقوله: (الاسم) احتراز عن الفعل والحرف.
وقوله: (القابل) تحرز به عن 9/أ غير القابل كالشمس والقمر، إذ لا ثاني لكل منهما في الوجود، وكالمعرفة التي لا يمكن تنكيرها(5)، وكالأسماء المختلفة الألفاظ، إلا إن وقع تغليب(6).
وقوله: (ما فوق اثنين) تحرز به عن المثنى.
وقوله: (بزيادة) إلى آخره يعني بها الواو والنون والياء والنون في المذكر والألف والتاء في المؤنث كما صرّح (7) به بعد.
وهي مقدرة الانفصال من جهة أنها تحذف للنسب، وأن النون تحذف للإضافة وخرج بذلك نحو (صَفْوان (8) فإن الألف والنون وإن زيدتا فيه فليستا في تقدير الانفصال، إذْ لا يحذفان.
وقوله: (لغير تعويض) مخرج لنحو (سنين) فإنه ليس من هذا الجمع وإن ألحق به في الإعراب.
__________
(1) سقطت من (ب) و (ج).
(2) في (ج): جمعي.
(3) تسهيل الفوائد ص 12، 13.
(4) في (ج): ما فوق الاثنين. يكون انفصالها لغير عوض.
(5) وهي الضمائر وأسماء الإشارة فلا تجمع جمع مذكر سالما.
(6) مثل قولهم: (الخُبيبون) يقصدون به خُبيباً وأصحابه، وخُبيْب لقب لعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما .
ينظر شرح التسهيل لابن مالك 1/75.
(7) أي ابن مالك في التسهيل ص 13.
(8) هو جمع تكسير، واحدته (صفوانة) وهي الحجارة الملساء، ومثله (صِنْوان) فهو جمع تكسير مفرده (صِنْو) وهو الأخ الشقيق والعم والابن، والجمع أصناء وصِنوان، وهو يعرب بالحركات، ولا تحذف منه الألف والنون، ينظر الصحاح 6/2401 واللسان14/464-470.(20/18)
وإنما خرج لأن الواو والياء والنون، وإن زيدت فيها وهي للتعويض، لأن واحده منقوص (1)، فيستحق أن يجبر بالتكسير (2) ليرد إلى الأصل، كما في يد ودمٍ (3) فلمَّا لم يجبر (4) بذلك زيدت فيه (5) تعويضا.
وحكمه أن يرفع بالواو ويجر وينصب بالياء.
وإنما رفع بالواو ورفع المثنى بالألف، لأن المثنى أكثر دوراناً في الكلام، كما تقدمت الإشارة إليه(6) ، والألف خفيفة والواو ثقيلة، فجعل الخفيف في الكثير والثقيل في القليل، ليكثر ما يستخفونه ويقل ما يستثقلونه. قاله ابن إياز (7) في شرح الفصول (8).
وضُمَّ ما قبل الواو وكُسِر ما قبل الياء ليكون ذلك دليلا على شدة الامتزاج (9)، وليسلما (10) من التغيير والانقلاب.
وحركت نون الجمع فراراً من التقاء الساكنين، وفتحت تخفيفا للفظ، إذ قبلها واو قبلها ضمة، وياء قبلها كسرة، فلو ضُمت أو كسرت لثقل اللفظ جدا (11).
__________
(1) وهو (سَنَة) وأصله: (سَنَوُ) أو (سنه) بدليل جمعه على(سنوات) و (سنهات). ينظر شرح الأشموني 1/84.
(2) أي أن هذا المنقوص حقه إذا جُمع جَمْع تكسير أن يرجع إليه المحذوف، لأن التكسير يرد الأشياء إلى أصولها بضوابط، فلما جمع تكسيرا ولم يرد محذوفه عوّض عن هذا المحذوف بزيادتي جمع المذكر السالم.
(3) وأصلهما (يدي) و (دمي) وجمعهما (أيد) و(دماء) فردتا إلى الأصل.
(4) لم) ساقطة من (أ). وفي (ج): (نتحرز) بدل: (يجبر)، والمثبت من (ب).
(5) أي زيدت فيه زيادتا جمع المذكر السالم، وهما الواو والنون أو الياء والنون.
(6) في ص 192.
(7) تقدمت ترجمته ص 170.
(8) هو المحصول في شرح الفصول لابن إياز البغدادي، شرح فيه (الفصول الخمسون) لابن معط، وهو من أوسع شروحه وأفضلها. ينظر المحصول في شرح الفصول [الورقة 41/ ب].
(9) أي الامتزاج بين الحرف وما قبله من الحركة المجانسة له.
(10) أي الواو والياء.
(11) ينظر أسرار العربية ص 55 وشرح التسهيل لابن مالك 1/76.(20/19)
ثم إن ما يجمع هذا الجمع إما أن يكون عَلَماً ك(الزيدون) وإما أن يكون صفة ك (المسلمون). ولا بد فيهما معا من أن يكونا (1) لمذكر، عاقل، خال من تاء التأنيث (2) وفي العَلَم خاصة أن يكون غير مركب تركيبا إسناديا ولا مزجيا (3).
وفي الصفة (4) خاصة أن تقبل التاء (5) أو تدل على التفضيل. (6)
فلا يجمع ما كان منهما لمؤنث (7)، نحو(زينب) و(حائض). ولا ما كان منهما لما لا يعقل نحو (واشق) و (سابق) (8). ولا ما فيه تاء التأنيث، نحو (طلحة) و (وعلاّمة) ولا نحو (بَرَقَ نَحْرُه) ولا نحو (معْديكرب) ولا نحو (جريح) و (صبور) و(سكران) و (أحمر) (9)
__________
(1) في (ج): أن يكون.
(2) وهذا مذهب البصريين، وأجاز الكوفيون جمع ذي التاء بالواو والنون مطلقا فقالوا في طلحة وحمزة: طلْحون وحمْزون.
تنظر الأدلة في المقتضب 2/188 والإنصاف 1/40 وشرح الكافية 2/180.
(3) أجمع العلماء على أن المركب الإسنادي لا يجمع هذا الجمع، واختلفوا في المركب المزجي فالأكثر على منع جمعه لعدم السماع، وأجاز ذلك المبرد والكوفيون، فيقال في (سيبويه): سيبويهون. ينظر المقتضب 4/13 وشرح الكافية للرضي 2/186.
(4) المراد بالصفة هنا اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة والمنسوب.
(5) وأجاز الكوفيون جمع صفة لا تقبل التاء، نحو (عانس)، قال في القاموس: "وهي عانس. والرجل عانس" ينظر الارتشاف 1/266، والقاموس المحيط 2 /242.
(6) وهو أفعل التفضيل فإنه يجمع هذا الجمع مع أنه لا تلحقه التاء مثل (أفضل) تقول: أفضلون. قال الرضي 2/182 "لعل ذلك يكون جبرا لما فاته من عمل الفعل في الفاعل المظهر والمفعول مطلقا.".
(7) في (أ) و (ب): (مؤنثا). والمثبت من (ج).
(8) واشق)، علم على كلب و(سابق) صفة لفرس ولا يجمعان هذا الجمع لفقد شرط العقل.
(9) هذه الصفات لا تقبل التاء لأن جريحا وصبورا مما يستوي فيه المذكر والمؤنث وسكران مؤنثه سكرى وأحمر مؤنثه حمراء فلا تجمع هذا الجمع.
وقد أجاز مجمع اللغة العربية جمع الصفات من باب أفعل فعلاء جمع مذكر سالما.
ينظر (في أصول اللغة) ص 50.(20/20)
.
وقد ألحق بهذا الجمع في الإعراب، وإن لم يكن منه ألفاظٌ.
ذكر الشيخ بعضها وأشار إلى بعضها.
فمما ذكره (أولو) بمعنى أصحاب، وهو اسم جمع (1).، إذ لا واحد له من لفظه. ومنه (عالَمون) وهو أيضا اسم جمع لا جمع عالَم؛ لأن العالَم أعم منه، كما قال الشيخ جمال الدين بن مالك(2).
ومنه (أرَضون) بفتح الراء، وهو جمع تكسير لأرْض بسكونها(3).
ومنه (سِنُون) وهو جمع تكسير لسنة وبابه، وهو(4) كل ثلاثي حذفت لامه وعوِّض عنها هاء التأنيث، ولم يكسَّر(5)، أي لم يأت على صيغة من صيغ جموع التكسير.
9/ب وإنما قلنا: إنه جمع تكسير، لأنه لم يسلم فيه بناء الواحد(6).
ومنه (عشرون) وبابه، والمراد به سائر العقود إلى آخر التسعين وهي أسماء جموع(7)، إذ لا واحد لشيء منها من لفظه.
__________
(1) اسم الجمع هو ما دل على معنى الجمع، ولم يكن له واحدا من لفظه، مثل قوم ورهط، أو له واحد من لفظه ولكنه ليس من أوزان الجموع كصحب وركب، أو كان جمعا أجريت عليه أحكام المفرد كالتصغير والنسب، كما جعلوا (ركاب) اسم جمع لركوبة، لأنهم نسبوا إلى لفظه والجموع لا ينسب إليها باقية على معناها.
(2) قال ابن مالك في شرح التسهيل 1/78: "وأما عالَمون فاسم جمع مخصوص بمن يعقل وليس جمع عالَم، لأن العالَم عام والعالَمين خاص، وليس ذلك شأن الجموع".
(3) أي بسكون الراء.
(4) الضمير يرجع إلى باب سنة، ومثله: ثُبَة، وعِضَة، وعِزَة. وهذا الباب اطرد فيه جمع التكسير بالواو والنون أو الياء والنون. ينظر الهمع 1/47 وشرح الأشموني 1/84.
(5) أما نحو (شفة) وشاة فلا يجمعان جمع مذكر سالما، لأنهما جمعا جمع تكسير على شفاه وشياه.
(6) وشرط جمع المذكر السالم أن يسلم فيه بناء الواحد.
(7) ينظر شرح التسهيل لابن مالك 1/ 89 وشرح الأشموني ا/ 82.(20/21)
ومنه (أهلون) ومفرده أهل، وليس بعَلم ولا صفة، فهو جمع تصحيح(1) لم يستوف الشروط.
ومنه (عِلّيون) وهو اسم لأعلى الجنة(2) فإنه في الأصل (فِعِّيل) من العلو، فجُمع جمع من يعقل ثم سمي به.
وقوله: (ونحوه) أشار إلى نحو (عِلِّيّون) من كل ما سمي به نحو (زيدون) (3).
ويجوز أن يريد كل ما تقدم ليدخل نحو (وابلون) وهو في معنى (أهلون) (4) إذ مفرده (وابل) وليس علماً ولا صفة.
تنبيهات:
الأول: تلخص من ذلك أن الملحقات أربعة أنواع؛ أسماء جموع وجموع تكسير وجموع تصحيح لم تستوف الشروط وما سمّي به من ذلك.
الثاني(5): ما صرح به من إعراب المجموع بالحروف، كما تقدم في المثنى هو مذهب قطرب(6)
__________
(1) علل ذلك ابن مالك في شرح التسهيل 1/88 بأنه استعمل استعمال (مستحق) في قولهم: هو أهل كذا وأهل له، فأجرى مجراه في الجمع.
(2) ينظر لسان العرب 15/93- 94 (علا).
(3) إذا سمي بالجمع المذكر نحو (زيدون) فقد وردت فيه أربع لغات أفصحها إجراؤه مجرى جمع المذكر السالم. ينظر التصريح 1/75 وهمع الهوامع 1/ 50.
(4) أي في حكم (أهلون) لا في معناه لغة، لأنه في اللغة جمع (وابل) وهو المطر الشديد. ينظر لسان العرب 11/720 (وبل).
(5) في (ج): التنبيه الثاني.
(6) هو محمد بن المستنير، المعروف بقطرب، من علماء النحو واللغة، أخذ النحو عن عيسى بن عمر، ثم لازم سيبويه وهو الذي سماه قطربا لمباكرته إياه في الأسحار للقراءة عليه. وأخذ عنه ابن السكيت، له مصنفات كثيرة منها الأضداد والنوادر والاشتقاق والفَرْق مات سنة 206 ه. ينظر طبقات النحويين ص 99 وإنباه الرواة
3/ 219 ومعجم الأدباء 19/52 وإشارة التعيين 338 وبغية الوعاة 1/ 242.
وينظر مذهبه في الإنصاف 1/33 والارتشاف 1/264.(20/22)
وجماعة من المتأخرين(1)، ونُسِبَ إلى الزجاج(2) والكوفيين(3).
ومذهب سيبويه(4) أنه معرب بحركات مقدرة في الواو والياء(5).
الثالث(6): اكتفى المصنف عن ذكر حدّ(7) الجمع وشروطه بما ذكره من المثالين، لأنه أشار إلى العَلَم المستجمع للشروط ب(الزيدون) وإلى الصفة المستجمعة للشرائط ب(المسملون). ويدخل في الصفة المشار إليها المصغَّر، فإن التصغير وصف في المعنى، فإذا صُغّر نحو رجل وغلام جُمِعَ بالواو والنون، فيقال: رُوَيجِلون(8) وغُلَيِّمون.
ص: والسادس يفعلان وتفعلان ويفعلون وتفعلون وتفعلين، فإنها ترفع ب[ثبوت] (9) النون وتنصب وتجزم بحذفها.
وأما نحو {أتحاجُّونِي}(10) فالمحذوف نون الوقاية.
وأما {إِلاّ أَنْ يَعْفُونَ} فالواو أصل، والفعل مبني، بخلاف {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}(11).
__________
(1) منهم ابن مالك فقد صرح به في التسهيل ص 13.
(2) انظر قوله في الارتشاف 1/264، وقد نسب له أيضا مثل قول سيبويه كما في شرح المفصل لابن يعيش 4/139.
(3) مذهبهم في الإيضاح في علل النحو الزجاجي ص 130 والإنصاف 1/33 وهمع الهوامع 1/47.
(4) الكتاب 1/18 هارون.
(5) وهو قول جمهو البصريين، ينظر في ذلك النكت للأعلم 1/120 والإنصاف 1/33.
(6) في (ج): التنبيه الثالث.
(7) ساقطة من (ج).
(8) تصغير (رجل) على (رويجل) تصغير سماعي وهو شاذ، والقياس تصغيره على (رجيل) لأنه ثلاثي فتصغيره على (فُعيل). شرح الشافية للرضي 1/278.
(9) سقطت من النسخ ، وأضفتها من شذور الذهب ص 4. وفي (أ) بعده قال: وتجزم وتنصب بحذفها، والمثبت من (ب) و(ج) والشذور.
(10) من الآية 80 من سورة الأنعام، وهي بالتخفيف لحذف إحدى النونين، وهذه قراءة نافع وابن عامر وأبي جعفر. ينظر كتاب السبعة لابن مجاهد ص 261 والنشر 2/259 والإتحاف ص 212.
(11) من الآية 237 من سورة البقرة.(20/23)
ش: الباب السادس من أبواب النيابة، وهو مما يختص بالأفعال وقد ناب فيه الحرف وحذفه عن الحركتين والسكون (1).
وهو كل فعل مضارع اتصل به ألف اثنين، سواء كانت اسما نحو الزيدان يفعلان وأنتما تفعلان، أو حرفا نحو يفعلان الزيدان وتفعلان المرأتان في لغة "يتعاقَبُون"(2) أو واو جماعة، سواء كانت اسما نحو الزيدون يفعلون وأنتم تفعلون.
أو حرفا نحو يفعلون الزيدون، أو ياء مخاطبة اسما(3) فقط، نحو أنْتِ تفعلين، وكلها ترفع بثبوت النون نيابة عن الضمة(4)
__________
(1) المراد بالحركتين الضمة والفتحة، حيث ناب ثبوت النون عن الضمة وحذفها عن الفتحة والسكون.
(2) هذا جزء من حديث أبي هريرة أوله: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار." الحديث. وقد أخرجه بهذا اللفظ البخاري 1/139 ومسلم 2/113 والموطأ 1/170 والنسائي 1/240 لكنه جاء فيه رواية أخرى بلفظ: "إن لله ملائكة يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار." ينظر فتح الباري 2/34.
... وهذه اللغة يسميها النحاة لغة (أكلوني البراغيث) وهي لغة بني الحارث بن كعب وأزد شنوءة ونسبت لطيء. ينظر شرح الكافية الشافية2/581 والمغني ص 478 وشرح الأشموني2/47.
(3) لأن ياء المخاطبة لا تأتي حرفا دالاً على الخطاب. وإنما هي فاعل دائما.
(4) هذا مذهب الجمهور، وهو الصحيح، وقيل: إن الإعراب بالألف والواو والياء قياسا على المثنى والجمع، ورده العلماء بأنه لو كان كذلك لثبتت النون في الأحوال الثلاثة وعن الأخفش أن الإعراب بحركات مقدرة قبل الأحرف الثلاثة والنون دليل عليها، وبسكون مقدر في حالة الجزم.
ينظر الارتشاف 1/420 وهمع الهوامع 1/51.(20/24)
، لأن النون أشبهت حروف العلة التي الحركات أبعاضها، لأنها تدغم في الياء نحو {وَمَنْ يَقْنُتْ.}(1) وفي الواو نحو {مِن وَاقٍ}(2) و{مِن وَالٍ}(3).
وتبدل منها(4) الألف في الوقف ، نحو رأيت زيداً.
وتبدل من النون الخفيفة للتوكيد في الوقف نحو:
8- واللهَ فاعْبُدا(5)
وجعلت علامة للرفع دون أخويه(6) لأنه أسبق منهما 10/أ ومستغن عنهما بدليل وجوده دونهما، كما في الفاعل والمبتدأ. ولا [يكونان] (7) إلا حيث يكون.
ويجزم وينصب بحذفها.
قال ابن إياز: "وحذفها علامة الجزم في الأصل، والنصب في ذلك محمول عليه. لأن منصوب جمع [المذكر السالم] (8) محمول في الياء على مجروره، فكذلك المنصوب محمول في الحذف على المجزوم، هذا مقتضى القياس "(9). انتهى.
مثال المرفوع قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}(10).
ومثال المجزوم والمنصوب قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا}(11).
__________
(1) من الآية 31 من سورة الأحزاب.
(2) من الآية 34 من سورة الرعد و21 من سورة غافر.
(3) من الآية 11 من سورة الرعد، ولم ترد هذه الآية في (أ).
(4) أي من نون التنوين.
(5) جزء بيت من الطويل، وهو للأعشى ميمون بن قيس من قصيدة يمدح فيها الرسول صلى الله عليه وسلم. ونص البيت في ديوانه:
وذا النُّصُب المنصوب لا تنسُكَنَّه ولا تعبد الأوثان واللهَ فاعبدا
... ديوانه ص 187.
وهو من شواهد سيبويه 3/510 والإنصاف 2/657 وشرح المفصل لابن يعيش 9/39 والمغني ص 486 والعيني 4/340 والتصريح 2/208 وشرح الأشموني 3/226 والدرر اللوامع 5/149.
والشاهد فيه إبدال نون التوكيد الخفيفة في (اعبدا) ألفا للوقف عليها.
(6) وهما النصب والجزم.
(7) في النسخ (ولايكون) والصواب ما أثبته لأنه يرجع إلى النصب والجزم، ومثله في المحصول [ق 49/أ ].
(8) في النسخ: (جمع الاسم) وما أثبته من المحصول.
(9) المحصول في شرح الفصول [ق 49/ أ].
(10) من الآية 22 من سورة البقرة.
(11) من الآية 24 من سورة البقرة.(20/25)
قوله: وأما نحو {أتُحَاجُّونِي}(1) جواب عن سؤال تقديره أن يقال:
أيُّ النونين المحذوفة من {أتُحَاجُّونِي}(2) أهي نون الرفع؛ فيلزم حذفها من غير ناصب ولا جازم، وهو خلاف ما تقرر، أم نون الوقاية التي التزمت لتقي الفعل من الكسر، فيفوت الغرض الذي جيء بها لأجله؟
وتقرير الجواب أن المحذوف نون الوقاية (3).
قوله: (فيفوت الغرض.) إلى آخره، قلنا: ممنوع إذ هو حاصل بنون الرفع. فتأمّل.
قوله: وأما(4) {إلاّ أن يَعْفُون}(5) دفع لسؤال يتوهم وروده على ما قرره من أنّ نصب هذه الأفعال بحذف النون، فيقول: إن (أنْ) ناصبة، إذ هي المصدرية والفعل الذي دخلت عليه منصوب بها، مع أن نونه ثابتة لم تحذف في النصب.
ووجه الدفع أنّ هذه الواو والنون المتصلتين بهذا الفعل ليستا واو الجماعة ونون الرفع، بل هذه الواو من نفس الفعل، وهي لامه، هذه النون ضمير النسوة، والفعل غير معرب، بل هو مبني لمباشرة نون الإناث له، ووزنه (يَفْعُلْن).
بخلاف {وأن تَعْفُوا} خطابا للرجال في {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}(6).
__________
(1) إلى آخره من قول ابن هشام في المتن: (وأما نحو {أتُحَاجُّوني} فالمحذوف نون الوقاية).
(2) من الآية 80 من سورة الأنعام، وهي بالتخفيف على قراءة نافع، كما تقدم.
(3) وهذا قول الأخفش وأبي علي وابن جني وبعض المتأخرين، ومذهب سيبويه أن المحذوف نون الرفع، ورجحه ابن مالك بأدلة كثيرة.
ينظر الكتاب 3/519 وشرح التسهيل لابن مالك 1/56 وهمع الهوامع 1/51- 52.
(4) جواب (أما) قول ابن هشام في المتن: (وأما إلا أن يعفون فالواو أصل.).
(5) من الآية 237 من سورة البقرة.
(6) من الآية 237 من سورة البقرة.(20/26)
فإن الواو ضمير الجماعة، والنون للرفع، ولهذا حذفت للناصب، وأصله (تعفُوُوْن) والواو الأولى لام الفعل، والثانية ضمير الجماعة، فحذفت الأولى لالتقاء الساكنين بعد حذف حركتها، لاستثقالها بعد ضمة الفاء، فصار وزنه (تَفْعُون) (1). والله أعلم.
تنبيه:
قوله: (وهي يفعلان) إلى آخره يصح فيه اعتبار الألف والواو اسما وحرفا(2)، كما ذكرنا وتقديمه الجزم على النصب في قوله: (وتجزم وتنصب بحذفها) (3) قد يفهم منه أصالة الجزم، وأن النصب محمول عليه،كما ذكرنا. والله أعلم.
ص: السابع الفعل المعتل الآخر، ك(يغزو) و(يخشى) و(يرمي) فإنه يجزم بحذفه، ونحو {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقيَِ وَيَصْبِرْ}(4) مؤوّل.
ش: الباب السابع من أبواب النيابة، وهو خاتمتها، الفعل [المضارع] (5) المعتل الآخر. وهو ما آخره ألف أو واو أو ياء.
وجزمه بحذف الآخر الذي هو حرف العلة، نحو لم يغْزُ، ولم يخْشَ، ولم يرمِ؛ لأن حروف العلة قد ضعفت وقربت بسكونها من الحركات، فلذلك تسلَّطَ عليها الجازم تسلّطه على الحركات، فحذفها(6)، كما يحذف الحركات.
__________
(1) راجع في هذه المسألة التصريح 1/86 وحاشية العدوي على شرح الشذور 1/87.
(2) اعتباره اسما على أنه فاعل الفعل ، واعتباره حرفا على أنه حرف جيء به للدلالة على التثنية والجمع، والفاعل اسم ظاهره بعده.
(3) الذي في الشذور هو تقديم تُنصب على تُجزم حيث قال: (وتنصب وتجزم بحذفها)، كما تقدم بيانه.
(4) من الآية 90 من سورة يوسف، وهي بإثبات الياء في (يتقي) قراءة قنبل عن ابن كثير. السبعة لابن مجاهد ص 351 وإتحاف فضلاء البشر ص 267.
(5) ما بين المعقوفين ساقط من (أ) و (ب) وأثبته من (ج).
(6) في (ج): وتسلطه عليها بحذفها.(20/27)
وقوله: (ونحو إنه) جواب سؤال يَرِدُ على ما قرره من 10/ب أن جزم المعتل بحذف حرف العلة، بأن يقال: إن {يتَّقي} مجزوم بدليل عطف {يصبِرْ} عليه مع أن حرف العلة (1) ثابت فيه.
أو يقال: إن كان {يتَّقي} مرفوعا بدليل ثبوت الياء في آخره، فكيف عطف عليه {يصبِرْ} بالسكون؟ وإن كان مجزوما بدليل عطف (يصْبِرْ) عليه فكيف تثبت الياء فيه؟
وتقرير الجواب عن ذلك أن الآية على هذه القراءة مؤوّلة.
وتأويلها إما بأن (يتقي) مجزوم، كما ذكر السائل وهذه الياء تولّدت عن إشباع حركة القاف الباقية بعد حذف يائه للجازم(2).
أو أنه عومل معاملة الصحيح في جزمه بحذف الحركة. وهي لغة لبعض العرب(3) حيث يراعي الحركة المقدرة، فيحذفها للجازم، كما يحذف الملفوظة، كما في قول الشاعر:
9- ألم يأتيك والأنباء تنمي بما لاقت لبُونَ بني زياد(4)
وكما في قوله:
10- لم تَهجُو ولم تَدَع(5)
__________
(1) من قوله: بأن يقال إلى هنا ساقط من (أ) و (ب) وأثبته من (ج)، وبعده في (أ): غير ثابت وهو خطأ.
(2) تنظر الحجة لابن خالويه ص 198 و التصريح 1/88.
(3) وهذا قول الزجاجي والأعلم الشنتمري، وقال الجمهور: إنها ضرورة وليست بلغة، ينظر الكتاب 3/316 والجمل للزجاجي ص 406 وتحصيل عين الذهب 1/15.
(4) البيت من الوافر، وهو لقيس بن زهير، من قصيدة قالها بسبب نزاع وقع بينه وبين الربيع بن زياد.
ينظر شعره ص 29 والنوادر لأبي زيد ص 523.
تنمي: تكثر وتنتشر، اللبون من الإبل: ذات اللبن ، وبنو زياد هم الكَمَلَة الربيع وعمارة وقيس وأنس بنو زياد بن سفيان العبسي.
والبيت من شواهد سيبويه 3/316 ومعاني القرآن للفراء 2/188 وسر الصناعة
1/78 والأمالي الشجرية 1/84 والإنصاف 1/30 وشرح المفصل 10/105 وتوضيح المقاصد 1/117 والتصريح 1/87 والهمع 1/52 والأشموني 1/103 والخزانة 8/361.
(5) جزء بيت من البسيط، ينسب لأبي عمرو بن العلاء، يخاطب به الفرزدق وكان الفرزدق قد هجاه، ثم اعتذر إليه، والبيت بتمامه:
هجوتَ زبّان ثم جئت معتذرا من هجوِ زبَّان لم تهجو ولم تدع
و(زبّان) اسم أبي عمرو بن العلاء على الصحيح.
وقد نسب له هذا البيت في نزهة الألباء ص 31 ومعجم الأدباء 11/158.
والبيت من شواهد معاني القرآن للفراء 1/162 والإنصاف 1/24 والأمالي الشجرية 1/85 وشرح المفصل 10/104 وضرائر الشعر ص 45 وشرح التسهيل لابن مالك 1/59 والارتشاف 3/277 وتوضيح المقاصد 1/118 والعيني 1/234 والتصريح 1/87 وهمع الهوامع 1/52 وشرح الأشموني 1/103 وشرح شواهد الشافية ص 406.
والشاهد إثبات حرف العلة وهو الواو في (تهجو) مع وجود الجازم.(20/28)
وإلى هذه اللغة أشار في التسهيل بقوله: "وقد يقدَّر جزم المعتل في السعة"(1).
وإما بأن (يتّقي) مرفوع(2)، وتسكين راء (يصبِرْ) ليس جزما، وإنما هو للفرار من توالي حركات الباء والراء والفاء والهمزة(3)، أو لإجراء الوصل مُجرى الوقف(4) أو عطفا على المعنى(5) ، لأن (مَنْ) الموصولة في معنى الشرطية لعمومها وإبهامها. ولذلك تأتي بعدها الفاء. والله أعلم.
__________
(1) تسهيل الفوائد ص 11 وعبارته فيه (وربما قدِّر جزم الياء في السَّعَةِ).
(2) على اعتبار (من) موصولة، وليست شرطية.
... ينظر التبيان في إعراب القرآن 2/744 والبحر المحيط 5/343.
(3) أي حركتي الباء والراء من (يصبر) وحركتي الفاء والهمزة من (فإنّ).
(4) أي أنه سكنه للوقف ثم أجرى الوصل مجرى الوقف.
(5) العطف على المعنى هو المسمى بالعطف على التوهم، وذلك أنه توهم أن (من) شرطية و(يتقي) مجزوم فعطف (يصبر) عليها بالجزم. ينظر البحر المحيط 5/343.(20/29)
القسم الثاني
قسم التحقيق
وفيه:
أ – وصف النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق، ونماذج منها.
ب- المنهج المتبع في تحقيق هذا الكتاب.
ج- النص المحقق.
أ – وصف النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق
اعتمدت في تحقيق هذا الكتاب على ثلاث نسخ، وفيما يلي وصفٌ لكل نسخة بالتفصيل:
أولا: النسخة الأصلية، وهي من مخطوطات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، تحت رقم (6403) وقد رمزت لها بالحرف (أ).
وقد اعتبرتها أصلا لقدمها، فقد نسخت في عصر المؤلف، بل جاء في فهرس النحو الذي أصدرته الجامعة أن هذه النسخة قد تكون بخط المؤلف. ولكن يتضح من آخرها أنها ليست نسخة المؤلف، هذا بالإضافة إلى ما وقع فيها من سقط في بعض المواضع بسبب انتقال النظر، وقد بينت ذلك في الحواشي.
وجاء في آخر هذه النسخة ما يلي: ((قال وفرغت من مسودته في حادي عشر ذي القعدة سنة اثنين وستين وثمانمائة، وكان ابتدائي فيه في أوائل شهر رجب الفرد منها، وانتهت مبيّضته في سابع عشرين جمادى الأولى سنة ثلاثة وستين وثمانمائة..)).
وهذه النسخة كتبت بخط مغربي متفاوت، ففي أولها كان الخط دقيقا جدا إلى اللوحة 34/أ، ثم صار الخط كبيرا إلى آخر الكتاب.
وعدد أوراقها (99) ورقة. وعدد الأسطر مختلف أيضا، فمن أول النسخة إلى اللوحة 34/أ بلغ عدد الأسطر (27) سطرا في كل وجه، وبعد ذلك صار عدد الأسطر (23) سطرا. والنسخة مراجعة من الناسخ، وقد أثبت أكثر الكلمات التي تسقط أثناء النسخ، وقد يضع علامتي تقديم وتأخير على بعض الكلمات. ولكن ذلك قليل، وجاء على غلافها عدة تملكات (1) .
وكُتب على الغلاف بخط كبير (شرح الجوجري على شذور الذهب).
ثانيا: نسخة المكتبة الأحمدية بتونس، وهي محفوظة في دار الكتب الوطنية بتونس تحت رقم (16258) وقد رمزت لها بالحرف (ب).
__________
(1) انظر صورة لوحة الغلاف ص 125 .(21/1)
وتقع هذه النسخة في (213) صفحة، وتحتوي الصفحة الواحدة على (23) سطرا، وقد كتبت بخط مغربي أيضا، وظهر أنه قد سقط منها بسبب التصوير التصوير صفحتان، هما ص 71 وص 72.
وتخلو هوامش هذه النسخة من التعليقات إلا ما جاء في الصفحة الأولى والثانية فقد كتب في هامشهما تملكات، وعبارات أخرى غير واضحة، وليس لها علاقة بالكتاب.
ولم يكتب اسم الكتاب على غلافها، وإنما جاء في أعلى الصفحة الثانية ما نصه: (هذا السفر فيه شرح الجوجري على شذور الذهب).
ولم يذكر فيه أيضا اسم ناسخ هذه النسخة، وإنما كتب فيها تاريخ الانتهاء من نسخها، حيث جاء في آخرها ما يلي: ووافق الفراغ من نسخ هذا الشرح يوم الثلاثاء لاثنين وعشرين من شهر ربيع الثاني عام 1063ه.
ولا تخلو النسخة من بعض الأخطاء والسقطات.
ويترك الناسخ كتابة كلمة (تنبيه) أو (تنبيهات) غالباً وبجعل لها فراغا بقدرها.
ثالثا: نسخة المكتبة الوطنية بتونس، وهي محفوظة بالمكتبة الوطنية بتونس، تحت رقم (4462) ومنها نسخة مصورة بمركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي بجامعة أم القرى، تحت رقم (879). وقد رمزت لها بالحرف (ج).
وهذه النسخة هي التي نسب فيها الكتاب لابن الهائم. وقد أثبت البحث زيف تلك النسبة؛ إذ لم يثبت لابن الهائم شرح على شذور الذهب ، وإنما هذه نسخة ثالثة من نسخ شرح الشذور للجوجري.
ومن هنا عددت هذه النسخة نسخة ثانوية من أجل ذلك.
ويلاحظ عليها قلة السقط والخطأ فيها، ووجود بعض التصويبات في هوامشها وتقع هذه النسخة في (178) ورقة، لكل ورقة وجهان، إلا أن الورقة (66) تقع في وجه واحد.
وعدد الأسطر في كل صفحة (17) سبعة عشر سطرا.
والنسخة مكتوبة بخط مغربي كذلك.
وناسخ هذه النسخة هو أبو القاسم بن منصور النائلي، كما جاء ذلك في آخر الكتاب. وكان تاريخ نسخها سنة 1109ه.
ويلاحظ عليها كتابة الحرفين (ص) و(ش) بخط أحمر، وكتابة بعض العناوين بخط كبير.
وعلى غلافها بعض التملكات لأشخاص مختلفين.(21/2)
وفيما يلي نماذج من المخطوطات الثلاث، تظهر صورة لوحة الغلاف والورقة الأولى والأخيرة من كل نسخة.
ب- المنهج المتبع في تحقيق هذا الكتاب
سرت في تحقيق هذا الكتاب على الأسس العلمية المتبعة في تحقيق النصوص.
وفيما يلي أبين هذه الأسس التي سرت عليها في التحقيق:
1_ قمت بنسخ الكتاب على النسخة الأصلية المصورة من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وقابلتها على النسختين الأخريين، وأثبت الفوارق بينها في الحواشي، وأحيانا أثبت ما أراه صوابا من نسختي (ب) و (ج) مع التنبيه على ما في الأصل.
1- كتب النص وفقا للقواعد الإملائية المعروفة في العصر الحاضر.
2_ قابلت النصوص التي في الأصل على أصولها التي نقلت عنها، ك ك(شرح التسهيل لابن مالك) و(شرح الكافية الشافية) و(أوضح المسالك) و(شرح شذور الذهب) و(توضح المقاصد للمرادي) وغير ذلك ، وأثبت الفروق التي بينها وبين ما ورد في الأصل.
3_ خرجت النصوص والأقوال النحوية من كتب أصحابها، وعزوت الأقوال المجهولة إلى قائليها ووثقتها من كتبهم.
4_ نسبت الآراء والمذاهب النحوية إلى أصحابها، وعلقت على المسائل التي تحتاج إلى تعليق في نظري، وأعدت ذلك إلى مراجعه الأصلية.
5_ عزوت الآيات القرآنية إلى سورها، وذكرت أرقام الآيات مع ضبطتها بالشكل التام.
6_ خرجت القراءات القرآنية، التي ذكرها الشارح، ونسبتها إلى أصحابها سواء أكانت القراءة متواترة أم شاذة، ووثقت ذلك من المصادر التي ذكرت فيها.
7_ خرجت الأحاديث النبوية الشريفة والآثار من كتب السنة وكتب الآثار المشهورة.
8_ خرجت الأمثال وأقوال العرب من كتب الأمثال والأدب واللغة.
9_ نسبت الأبيات الشعرية إلى أصحابها ووثقتها من دواوينهم ما استطعت إلى ذلك، ومن كتب المجموعات الشعرية وكتب النحو والشواهد، مراعيا التسلسل التاريخي، وأكملت منها ما لم يكمل الشارح، وشرحت غريب ألفاظها، وبينت الشاهد في كل بيت والبحر الذي نُظِم عليه.(21/3)
10_ ترجمت للأعلام الذين وردت أسماؤهم في الكتاب من كتب التراجع المعروفة.
11_ عرفت بالمصطلحات العلمية التي وردت في ثنايا الكتاب.
12_ شرحت المفردات التي تحتاج إلى شرح وتوضيح، وضبطت بالشكل ما يحتمل أكثر من وجه في الضبط.
13_ صححت الخطأ الوارد في النسخ واستدركت السقط بين معقوفين، هكذا [ ] وأشرت في الحاشية إلى المصدر الذي نقلت عنه، وذلك قليل.
14_ وضعت أرقام صفحات الأصل على هوامش الصفحات، وذلك عند بداية كل ورقة، ورمزت لوجه الورقة بالحرف (أ) ولظهر الورقة بالحرف (ب).
الفهارس الفنية للكتاب:
عملت فهارس شاملة للكتاب ، تشمل فهرس الآيات القرآنية وفهرس الأحاديث والآثار، وفهرس الأمثال والأقوال، وفهرس الأشعار وفهرس الأعلام، وفهرس الأحاديث النبوية والآثار، وفهرس المواضع والأماكن، وفهرس المصادر والمراجع فهرسا عاما لموضوعات الكتاب.
هذا وأسأل الله عز وجل أن ينفع بهذا الكتاب المسلمين عامة وطلاب العلم خاصة، وأن يجعله خالصا لوجه الكريم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
2/أ بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه وسلم
قال الشيخ الإمام العالم العلامة الحبر الفهامة فريد عصره ووحيد دهره أبو عبد الله شمس الدين محمد الشافعي الجوجري، رحمه الله تعالى(1):
أحمد الله، وأشكره، وأستهديه، وأستنصره وأصلي على سيدنا محمد(2) أفضل أنبيائه، ومُبَلِّغ أنبائه، المصطفى المكرَّم صلى الله عليه وسلم.
__________
(1) من قوله: (قال) إلى هنا ساقط من (ج).
وفي (ب): (الجوجري الشافعي رحمه الله تعالى بمنه وكرمه آمين).
(2) قوله: (سيدنا محمد) ساقط من (ج)، و سيدنا ساقط من (ب). وفي (أ) تكرار لكلمة محمد.(21/4)
وبعد، فهذا شرح على شذور(1) الذهب في معرفة كلام العرب، يُسَهِّل موارده ويمهّد قواعده، ويوضح مقاصده، وينشر فوائده، ويعقِل شوارده(2) على وجه ينتفع به المبتدئ، ولا يقصر عن إفادته المنتهي.
وأسأل الله تعالى أن ينفع به، وأن يصل أسباب الخير بسببه.
وهو حسبنا ونعم الوكيل.
قال الشيخ(3) رحمه الله [تعالى](4):
ص: الكلمة قول مفرد.
ش: قدّم بيان الكلمة على بيان الكلام، لأنها جزؤه(5).
والكلمة في اللغة تطلق على اللفظ(6) المفيد(7)، كقولهم: "كلمة الشهادة ".
وأما معناها في الاصطلاح فما ذكره المصنف.
فقوله: (قول) كالجنس(8)، وهو اللفظ الدال على معنى، سواء كان(9) مفردا، ك(زيد)، أو(10) مركبا مفيدا، ك(قام زيد) أو غير مفيد، ك(إن قام زيد).
فيطلق القول(11) على كل من الكلام والكلم والكلمة، وقد يطلق على غيرها، ك(إن قام)(12).
__________
(1) شذور جمع شذرة، وهي القطعة من الذهب. ينظر اللسان 4/ 399 (شذر).
(2) الشوارد جمع شاردة، والمقصود بها هنا الفائدة المطلقة.
(3) يقصد بالشيخ ابن هشام صاحب شذور الذهب.
(4) ما بين الحاصرتين زيادة من (ب).
(5) والجزء مقدم على الكل طبعا فقدّم وضعا، ليوافق الوضع الطبع.
(6) في (ج) القول بدل اللفظ.
(7) أي أن الكلمة تطلق في اللغة ويراد بها الكلام، من باب تسمية الشيء باسم جنسه، كقولهم: كلمة الشهادة يريدون بها (لا إله إلا الله محمد رسول الله).
ينظر لسان العرب 12/524 و التصريح 1/28.
(8) الجنس كلي مقول على أنواع مختلفة في الحقائق.
تنظر التعريفات للجرجاني ص 78.
(9) كذا (كان) دون همزة التسوية.
(10) كذا في النسخ، والأولى أن يقال: (أم) لمعادلة الهمزة المقدّرة.
ينظر الأشباه والنظائر 4/101.
(11) ساقط من (ج).
(12) هذه العبارة ليست كلمة لأنها مركبة من كلمتين، وليست كلاما لأنها غير مفيدة، وليست كلما لأنها أقل من ثلاث كلمات، فتسمى قولا، لأنها تدل على معنى.(21/5)
فخرج ما لم يدل على معنى، ك(ديز) و(رفعج) مقلوبي (زيد) و(جعفر). فليس واحد(1) منهما قولا، فلا يكون في الاصطلاح كلمة، كغير اللفظ(2).
وقوله: (مفرد) كالفصل(3)، وهو ما لا يدل جزؤه على جزء معناه(4) فخرج المركب، وهو ما يدل جزء لفظه على جزء معناه، ك(ضَرَبَا)، و (ضَرَبُوا) فإن الفعل في كل منهما كلمة، والألف في الأول والواو في الثاني في كل منهما كلمة.
ولو سميت بإحداهما لكان(5) كلمة واحدة.
لأنك حينئذ لا تجد لأحد الجزءين منه دلالة على جزء المعنى، وهو الذات المسمّاة فيكون مفردا، بخلاف ما قبل 2/ب التسمية، حيث كان الفعل دالا على المسند والضمير دالا على المسند إليه، فكان مركبا.
فإن قيل(6): يرد على تفسيرَيْ(7) المفرد والمركب نحو (ضَرَبَ) و(أَكَلَ) من الأفعال فإنه مفرد بلا خلاف، مع أنه داخل في تعريف المركب وخارج عن تعريف المفرد فإن الحدث مدلول حروفه المرتبة، والإخبار عن كون ذلك في الزمن الماضي مدلول وزنه الطارئ على حروفه، والوزن جزء اللفظ، إذ هو عبارة عن عدد الحروف مع مجموع الحركات والسكنات الموضوعة وضعا معيّنا، والحركات مما يُتلفظ به، فهو حينئذ كلمة مركبة من جزءين يدل كل منهما على جزء معناها.
__________
(1) في (أ) واحداً بالنصب، صوابه من (ب) و (ج).
(2) أي من الدوال كالإشارات ونحوها لا تسمى كلمة.
(3) الفصل هو المميز للماهية عن مشاركتها، فهو هنا يفصل المركب عن التعريف. ينظر شرح المفصل 1/14.
(4) ينظر تعريف المفرد والمركب في المبين في شرح ألفاظ الحكماء للآمدي ص 70 والتعريفات للجرجاني 210 و 223.
(5) في (ج): بأحدهما كان.
(6) أورد هذا الاعتراض والجواب عليه الرضي في شرح الكافية 1/5، 6.
(7) في (أ): تفسير والمثبت من (ب) و (ج).(21/6)
فالجواب كما قال بعضهم(1): أن المراد بالتركيب أن تكون هناك أجزاء مترتبة مسموعة، هي ألفاظ أو حروف(2)، والهيئة مع المادة(3) ليست بهذه المثابة، بل الجزآن مسموعان معا، فلا يلزم التركيب.
تنبيهان:
الأول: شمل هذا الحد الكلمة المقدّرة، كالضمير(4) في، (قم) لأنه(5) إذا نُطق بها يكون قولا مفردا. إذ المراد بالقول المقول قوة أو فعلا(6).
الثاني: اختار القول على اللفظ(7) لكونه جنسا قريبا إذ اللفظ يطلق عليه وعلى غيره(8)
ص: وهي اسم وفعل وحرف.
ش: لما فرغ من تعريف الكلمة شرع في بيان أقسامها.وهي بإجماع من يعتد به ثلاثة(9)، الاسم والفعل والحرف.
ودليل الحصر(10)
__________
(1) هو الرضي في شرح الكافية 1/6، ولكن الشارح تصرف في هذا النص في اللفظ.
(2) في (ج) ألفاظه وحروفه.
(3) في قولك: ضرب وأكل مثلا.
(4) في (ب) بالضمير.
(5) في (ج): فإنه.
(6) والضمير المستتر لفظ بالقوة، لأنه مستحضر عند النطق بما يلابسه من الأفعال استحضارا لا خفاء فيه ولا لبس. ينظر شرح اللمحة البدرية 1/160.
(7) أي في تعريفه للكلمة بأنها قول مفرد.
(8) لأن اللفظ، جنس بعيد فهو يطلق على المهمل والمستعمل، والقول جنس قريب لكونه خاصا بالمستعمل. ينظر شرح قطر الندى لابن هشام ص 11.
(9) أجمع على ذلك العلماء، وخالفهم أبو جعفر أحمد بن صابر، من علماء المغرب بحيث زاد نوعا رابعا وسماه الخالفة، ويقصد به اسم الفعل.
وقد رد عليه النحاة في ذلك، وعدوا اسم الفعل من أفراد الاسم.
ينظر التذييل والتكميل ص 17 وهمع الهوامع 2/105 والأشباه والنظائر 5/5.
(10) ذكر النحاة أدلة كثيرة لحصر أنواع الكلمة في هذه الثلاثة.
راجع الإيضاح في علل النحو للزجاجي ص 42 وأسرار العربية للأنباري ص 3 والأشباه والنظائر 3/ 6- 8.(21/7)
أنها إما أن تدل على معنى في نفسها أولا، الثاني الحرف، والأول إما أن يقترن بأحد الأزمنة الثلاثة، أو لا، الأول الفعل، والثاني الاسم وهي قسمة(1) دائرة بين النفي والإثبات، فتكون حاصرة(2).
ولما كانت معرفة الكلمة وسيلة إلى معرفة الكلام قدّم في ذكر أقسامها الاسم لأنه يتأتى الكلام من نوعه(3)، وأتى بعده بالفعل، لأنه يكون جزء كلام(4) وأخّر الحرف لأنه(5) لا يكون جزءاً له(6).
والمعنى أنّ كلّ واحدٍ من هذه الثلاثة يصدق عليه أنه كلمة، لأن تقسيم الكلمة إليها [من] (7) تقسيم الكلي إلى جزئياته.
والمراد بالجزئي ما يدخل تحت كلّي، يصح كون ذلك الكلي خبرا عنه، نحو (الإنسان حيوان) (8).
وليس من تقسيم الكلي إلى أجزائه، حتى لا تصدق إلا بالثلاث مثل ما يقال: (السِّكَنْجَبِينُ(9) خَلٌ وعَسَلٌ).
ولما كان المصنف في مقام بيان أقسام الكلمة وذلك يقتضي ألاّ يُخِّل ببيان بعض أقسامها اكتفى بمعونة المقام عن التصريح بالحصر في الأقسام الثلاثة.
ولو أراد التصريح به لقال: 3/أ إما اسم وإما فعل وإما حرف. أو نحوه.
__________
(1) في (ج): تسمية وهو تصحيف.
(2) أي لا يمكن الزيادة عليها ولا النقصان منها.
(3) أي أن الكلام يمكن أن يتركب من اسمين فقط نحو زيد قائم.
(4) لأن الكلام لا يتركب من فعلين، وقد يتركب من فعل واسم نحو قام زيد.
(5) في (ج): لكونه.
(6) لأن الكلام لا يتركب من حرفين ولا من حرف واسم، وأما نحو (يا زيد) فإن حرف النداء نائب مناب فعل، إذ أصله أدعو زيدا. ينظر شرح المفصل لابن يعيش 1 /20 وشرح الكافية 1/ 131.
(7) ما بين الحاصرتين ساقط من (أ) و (ج) و أثبته من (ب).
(8) الكلي والجزئي من مصطلحات أهل المنطق. ينظر المبين للآمدي ص 72 والتعريفات للجرجاني ص 75، 186.
(9) السكنجبين كلمة فارسية معربة، وهي مركبة من (سِك) و(نكَبين) أي خل وعسل، ويراد بها كل حامض وحلو. ينظر (الألفاظ الفارسية المعربة) لأدَّشير الكلداني ص 92 وقصد السبيل 2/143.(21/8)
ص: (فالاسم ما يقبل (أل) أو النداء أو الإسناد إليه).
ش: لما قسم الكلمة إلى الثلاثة الأقسام(1)، استدعى ذلك ذكر ما يميز كل قسم منها عن أخويه، إذ لو لم يذكر لم تفد القسمة.
والتمييز يحصل بالحد(2) وبالعلامة(3).
وهو بالحد أضبط، لاطراده وانعكاسه، بخلاف العلامة، إذ لا تنعكس، فإذ حُد الاسم بأنه ما دل على معنى في نفسه غير مقترن بزمن، صح أن يقال: كل ما هو كذلك فهو اسم، وما ليس كذلك فليس باسم، وإذا قيل يعرف بدخول (أل)، فيقال: كل ما دخلت عليه (أل) فهو اسم، ولا يصح كل ما لم تدخل عليه (أل) فليس باسم(4).
وإنما اختار التمييز بالعلامة دون الحد، لأنه في مقام التعليم، وتمييز الأقسام لمن ليست متميزة عنده، وهو بالعلامة أسهل منه بالحد؛ إذ لا تحتاج العلامة لما يحتاج إليه الحدّ من الشرح.
إذا علمت ذلك(5) فالاسم يتميز عن أخويه بعلامات كثيرة(6)، ذكر المصنف منها ثلاثا:
الأولى (أل)(7)، قيل(8): والمراد بها حرف التعريف، ولهذا كانت من خواصّ الاسم إذ لاحظّ لغيره فيه.
__________
(1) كلمة (الأقسام) ساقطة من (ج) و في (أ): أقسام، والمثبت من (ب).
(2) الحدّ عبارة عمّا يميز الشيء عن غيره بذاتياته، فإن كان مع ذكر جميع الذاتيات العامة والخاصة فتام، وإلاّ فناقص. ينظر المبين للآمدي ص 74.
(3) العلامة هي ما يختص بالشيء ويلازمه، فيكون دليلا عليه وأمارة على وجوده ويشترط فيها الاطراد دون الانعكاس. ينظر شرح المفصل لابن يعيش 1/24 والتعريفات ص 95.
(4) من قوله: (وإذا قيل) إلى هنا ساقطة من (ج).
(5) أي إذا علمت أنه اختار تمييز الاسم بالعلامة.
(6) ذكر النحويون علامات كثيرة للاسم منها قبول التثنية والجمع وقبول الإضافة والترخيم ومنها الجر والتنوين، ومنها التصغير والنسب والوصف وغيرها.
راجع أسرار العربية ص 10 وهمع الهوامع 1/5.
(7) سيذكر الشارح الخلاف في حقيقة حرف التعريف في ص 251.
(8) ساقطة من (ج).(21/9)
وقيل(1): المراد أعم من المعرِّفة، لتدخل الموصولة، وهو ظاهر إطلاق المصنف ولهذا صرّح في الشرح(2) وغيره بأن وصلها بالأفعال ضرورة.
وأما من جوّزه(3) في الاختيار، كابن مالك(4)، فيحتاج إلى الاحتراز عنها(5).
العلامة الثانية النداء، وهو الدعاء ب(يا) أو إحدى أخواتها ، وهو من خواص الاسم، لأن المنادى مفعول به(6)
__________
(1) هذا قول الجمهور، وهو أن جميع أنواع (أل) خاصة بالاسم، فلا تدخل على الفعل إلا في الضرورة. ينظر المقتصد للجرجاني 1/ 71 وشرح الأشمونى 1/165.
(2) أي شرح شذور الذهب لابن هشام ص 17 وينظر مغني اللبيب ص 72.
(3) أي جَوَّز دخول (أل) على الفعل اختيارا، وهو مذهب بعض الكوفيين وابن مالك.
ينظر شرح التسهيل لابن مالك 1/226 وشرح عمدة الحافظ ص 99.
(4) هو جمال الدين محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الجيّاني، من أئمة النحاة وحفاظ اللغة، أخذ العلم عن ابن يعيش وابن عمرون والسخاوي وغيرهم، ومن تلاميذه ابنه بدر الدين وأبو الفتح البعلي وابن جماعة والنووي، له مصنفات كثيرة جدا منها التسهيل وشرحه والخلاصة وشرح الكافية الشافية، وعمدة الحافظ وشرحها. توفي رحمه الله سنة 672 ه.
تنظر ترجمته في إشارة التعيين ص 320 وبغية الوعاة 1/130، وشذرات الذهب
5/339.
(5) ينظر شرح الكافية الشافية 1/163.
(6) المنادى عند البصريين بمنزلة المفعول به، فأصل قولك: يا زيد، أدعو زيدا.
ينظر الكتاب 2/182 - هارون والمقتضب 4/202 وشرح الكافية للرضي 1/131.(21/10)
، والمفعول به لا يكون إلا اسما. فالعلامة حينئذ كون الكلمة مناداة، لا دخول حرف النداء. لأنه قد يدخل في اللفظ(1) على الحرف، نحو {يَا لَيْتَني}(2) وعلى الفعل، نحو {أَلاَ ياَ اُسْجُدُوا}(3) في قراءة الكسائي(4).
وعلى الجملة الاسمية، نحو:
1- يا لعنةُ اللهِ والأقوامِ كُلِّهِمُ
على رزاحٍ ومَن بالكفر إخوانا(5)
__________
(1) قوله: (في اللفظ) ساقط من (ج).
(2) من الآية 73 من سورة النساء، وهي {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً}.
(3) من الآية 25 من سورة النمل، وهذه قراءة الكسائي وأبي جعفر ورويس، وهي تخفيف اللام، والوقوف على (يا) والابتداء ب (اسجدوا) بهمزة مضمومة. وقرأ الجمهور بتشديد اللام و(يسجدوا) فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون.
ينظر السبعة لابن مجاهد ص 480 والنشر 2/337 وإتحاف فضلاء البشر 336.
(4) هو علي بن حمزة، أبو الحسن الكسائي، مولى بني أسد، إمام أهل الكوفة في النحو والقراءات، وأحد القراء السبعة، تلقَّي العلم على مجموعة كبيرة من شيوخ عصره، منهم حمزة بن حبيب والأعمش والخليل بن أحمد وأبو عمرو بن العلاء وأبو مسلم الهراء والمفضل الضبي، وأخذ عنه العلم أبو الحسن الأحمر والفراء وابن الأعرابي وغيرهم، وله مؤلفات كثيرة في النحو والقراءات منها اختلاف المصاحف والحدود في النحو والحروف وما تلحن فيه العامة والمصادر والنوادر. توفي رحمه الله سنة 189ه تقريبا.
تنظر ترجمته في مراتب النحويين ص 120 وطبقات النحويين ص 127 وإنباه الرواة 2/256 ومعجم الأدباء 13/167 وإشارة التعيين 217 وبغية الوعاة 2/162.
(5) البيت من البسيط، وعجزه ساقط من (ب) و (ج)، والصحيح أن عجزه:
والصالحين على سمعان من جار
وهو من شواهد سيبوبه المجهولة القائل. ينظر الكتاب 2/219- هارون والأصول لابن السراج 1/354 واللامات للزجاجي 37 والإنصاف 1/118 وشرح المفصل 2/24 ومغني اللبيب ص 488 والعيني 4/261 والدرر اللوامع 3/25.
والشاهد فيه هو دخول حرف النداء على جملة اسمية، فيكون المنادى محذوفا تقديره:
يا قوم أويا هؤلاء.(21/11)
واختلف في ذلك(1) على ثلاثة أقوال: فقيل: (يا) للنداء(2).
وقيل(3): للتنبيه.
وقيل: للنداء إنْ وليها أمر أو دعاء، لكثرته قبلها، وإلا فللتنبيه، وهذا مختار(4) ابن مالك(5).
العلامة الثالثة: الإسناد إليه.
والإسناد كما قال في التسهيل(6): "تعلق(7) خبر بمخبر عنه، أو طلب بمطلوب ".
وإنما كان من خواصّ الاسم كونُه مسندا إليه، لأن المسند إليه مخبر عنه في الأصل أو في الحال، ولا يخبر إلا عن لفظ دال على ذات في نفسه مطابقة والفعل لا يدل على الذات إلا ضمنا(8)، والحرف لا يدل على معنى في نفسه(9).
__________
(1) أي دخول حرف النداء على الحرف والفعل والجملة الاسمية.
(2) أي أن (يا) للنداء والمنادى محذوف. وهذا قول سيبويه والجمهور.
ينظر الكتاب 2/220 وشرح المفصل 2/24 والتصريح 1/38، وكلمة (يا) ساقطة من (ب) و (ج).
(3) هذا قول أبي حيان، حيث منع حذف المنادى. انظر البحر المحيط 7/ 69.
(4) في (ب): وهذا اختيار وفي (ج): وهو مختار.
(5) ينظر تسهيل الفوائد ص 179 وشواهد التوضيح والتصحيح لابن مالك ص 4-6، وتنظر المسألة في مغني اللبيب ص 489.
(6) ورد هذا القول في شرح التسهيل لابن مالك 1/8، ولم يرد في التسهيل.
(7) في شرح التسهيل: (تعليق).
(8) دلالة الفعل على فاعله دلالة تضمينه، لأن الفعل يدل ضمنا على الفاعل.
(9) الكلام من قوله: (مطابقة) إلى هنا ساقط من (ب).(21/12)
وإنما لم نذكر في حد الإسناد ما ذكره في الشرح(1)، وهو (أن تنسب(2) إلى الكلمة ما تحصل به الفائدة) لأنه ربما يتوهم من ذكر 3/ب النسبة فيه اختصاصه بالإسناد الخبري دون الطلبي، لأن النسبة إلى الشيء الإخبار عنه. ولذلك لم يمثل له(3) في الشرح إلا به(4).
فإن قيل: فإنه يرد على حد التسهيل الإسناد في النسبة الإنشائية(5) فليس تعلق خبر بمخبر عنه ولا طلب بمطلوب(6).
فالجواب(7) أن الإنشاء إخبار في الأصل(8) وقوله في التسهيل: (تعلق خبر بمخبر عنه) أي في الأصل(9) أو في الحال. بل قال بعض العلماء(10): إنه إخبار في الحال أيضا.
وقد يكون المسند إليه اسما صريحا، ك(قام زيد). وقد يكون مؤولا من (أن) والفعل، نحو {وأنْ تَصُوْمُوا خيرٌ لكم}(11).
__________
(1) أي ما ذكره ابن هشام في شرح الشذور عند تعريفه للإسناد، في ص 18.
(2) الذي في شرح الشذور: (أن يسند إليه ما تتم به الفائدة.) الخ وبهذا يبطل اعتراض الشارح على تعريف ابن هشام.
(3) أي للإسناد. ينظر شرح الشذور ص 18.
(4) يعني بالخبري حيث مثل لذلك بقوله: (قام زيد) و (زيد أخوك) و (أنا قمت).
(5) النسبة الإنشائية هي عبارة عن إيقاع معنى بلفظ يقارنه في الوجود ومن ذلك ألفاظ العقود، نحو بعت واشتريت وأعتقتُ إذا قصد بها الإنشاء.
(6) أورد هذا الاعتراض أبو حيان في التذييل والتكميل. ينظر 1/25 من المطبوع.
(7) وأجاب عنه الدماميني في تعليق الفرائد 1/71 (بأنه خبر بحسب الوضع، وإنشائيته بحسب العروض).
(8) وذلك أن قولك: (بعت) و (أعتقت) ونحو ذلك إنما وضع في الأصل خبرا ثم قُصد به الإنشاء فعرض له هذا المعنى.
(9) من قوله: (وقوله في التسهيل) إلى هنا ساقط من (ج).
(10) هذا قول الحنفية، حيث قالوا: إن ألفاظ الإنشاء اخبارات في الحال.
انظر شرح الصدور للبرماوي [ق 11/أ ].
(11) من الآية 184 من سورة البقرة. والتقدير: صومكم خير لكم.(21/13)
وقد تحذف (أنْ) قليلا(1)، كقولهم: (تَسْمعُ بالُمعيديّ خيرٌ مِنْ أنْ تَرَاه)(2) أي أن تسمع به، أي سماعك به خير من رؤيتك له.
ص: (والفعل إما ماض، وهو ما يقبل تاء التأنيث الساكنة كقامت [وقعدت](3) ومنه نعم وبئس وعسى وليس).
ش: لما فرغ من ذكر علامات الاسم أخذ في ذكر علامات الفعل، ولما كان(4) جنسا تحته ثلاثة أنواع ميّز كل نوع بعلامته الخاصة به؛ لأنه أبلغ في البيان.
وقدم الماضي والأمر على المضارع لأنهما أقْعَدُ(5) منه في باب الفعلية، إذ(6)لم يشبها الاسم مشابهة تلحقهما به في الإعراب، بخلافه(7)
وقدّم الماضي لأن علامة الأمر مركَّبة(8)، ولأن بعضهم(9) يقول بإعرابه فله شَبَهُ بالمضارع.
وذكر للماضي علامة واحدة، وهي قبوله لتاء التأنيث الساكنة.
كقامتْ وخرجتْ وأكلتْ وضربتْ.(10)
وقَيْد الساكنة احترز به عن المتحركة، ك (قائمة).
__________
(1) وهذا الحذف ليس من مواضع إضمار (أن) وإنما هو شاذ. ينظر الأشموني 3/315.
(2) مثل يضرب لمن خبره خير من مرآه، وروي بروايات مختلفة وله قصة مشهورة.
ينظر فصل المقال ص 135ومجمع الأمثال 1/129.
(3) سقطت من النسخ، وأضفتها من شذور الذهب ص 2.
(4) أي الفعل.
(5) أقعد أي أقرب. ينظر لسان العرب 3/362.
(6) كذا في (ب) و (ج) وفي (أ): لأنهما.
(7) أي بخلاف المضارع فإنه شابه اسم الفاعل في اللفظ والمعنى فلذلك أعرب.
(8) من شيئين وهما قبول ياء الخاطبة مع الدلالة على الطلب.
(9) وهم الكوفيون والأخفش حيث قالوا: إن الأمر معرب لأنه مقتطع من المضارع ورجحه ابن هشام في المغني.
ينظر معاني القرآن للفراء 1/469 ومغني اللبيب ص 300.
(10) في (ج): وشربت بدل وضربت.(21/14)
فإنها خاصة بالأسماء، وحركتها حينئذ حركة إعراب، وسُمع قليلا دخولها(1) على الحرف، نحو (رُبَّتَ) و (ثُمَّتَ)(2) وحركتها حينئذ حركة بناء(3). واختصت المتحركة بالأسماء على ما تقدم، والساكنة بالأفعال لخفة الاسم وثقل الفعل(4)، طلبا للاعتدال.
وهي دالة على تأنيث الفاعل، فلا يقدح في كون بعض الأفعال ماضياً عدم دخولها عليه، لالتزام تذكير(5) فاعله، كفعل التعجب(6) وأفعال الاستثناء ك (ليس) و (لا يَكُونُ) و (مَا خَلا) و (ما عدا)(7).
وقوله: (ومنه.) إلى آخره يعني أنه بهذه العلامة المذكورة استُدل على فعلية هذه الكلمات الأربع.
أما (نِعْمَ) و (بئس) فخلافا لمن قال باسميتهما(8).
وأما (عسى) و (ليس) فخلافاً لمن قال بحرفيتهما(9).
__________
(1) أي دخول تاء التأنيث المتحركة.
(2) تنظر اللغات الواردة في (ربّ) في شرح القصائد الطوال لابن الأنباري ص 32.
(3) تنظر حاشية العدوي على شرح شذور الذهب 1/ 32.
(4) لأن الساكن أخف من المتحرك فاختير الخفيف للثقيل والعكس.
(5) في (ج): (تذكر) وهو تحريف.
(6) مثل(أحسَنَ) في قولك (ما أحسن هنداً)!.
(7) فعل التعجب وأفعال الاستثناء أفعال ماضية لكن لا تلحقها تاء التأنيث لأن تاء التأنيث تدخل لتأنيث الفاعل، وهذه الأفعال التزم فيها العرب تذكير فاعلها. أما بالنظر لأصلها فإنها تقبل التاء.
تنظر حاشية العدوي على شرح الشذور 1/32.
(8) وهم أكثر الكوفيين، ومذهب البصريين والكسائي أنهما فعلان. ينظر الكتاب 3/266، ومعاني القرآن للفراء2/141 والإنصاف 1/97.
(9) قال بحرفية (عسى) الكوفيون، قياسا على (لعل) لدلالتهما على الترجي، ونسب هذا القول لابن السراج، والصحيح أنه يرى فعليتها، ونص على ذلك في الأصول.
ينظر الأصول لابن السراج 1/72 وشرح المفصل 7/115 والتصريح 1/41.
وأما (ليس) فقال بحرفيتها الفارسي في الحلبيات وابن شقير. تنظر المسائل الحلبيات ص 210 ومغني اللبيب ص 87.(21/15)
فمن دخولها على (نِعْمَ) الحديث "فبِهَا ونِعْمَتْ. "(1).
وعلى (بئس) أيضا الحديث "وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئْسَتْ البِطانةُ(2) ".
ومما يستدل به على فعليتهما ما حكاه الكسائي(3) (بئْسُوا ونِعْموا)(4) فإن الضمير لا يتصل إلا بعامله(5).
ومما يستدل به أيضا على فعلية (عَسَى) و (لَيْس) غير قبولهما لتاء التأنيث الساكنة اتصال ضمائر الرفع بهما 4/أ نحو(6) {ليسُوا سَوَاءً}(7) {لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ}(8) {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ}(9) {هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ}(10).
__________
(1) جزء من حديث عن الحسن عن سمرة، وهو بتتمته: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل ".
أخرجه أبو داود في سننه 1/97 والترمذي 2/369 والنسائي 3/94.
(2) الحديث عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه يقول: "اللهم إني أعوذبك من الجوع فإنه بئس الضجيع ، وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة".
أخرجه أبو داود بسند صحيح في السنن 2/91 هو في سنن النسائي 8/263.
(3) تقدمت ترجمة الكسائى. ص 110.
(4) قد وردت هذه الحكاية في معاني القرآن للفراء 1/141 ومجالس ثعلب 1/273 دون ذكر لاسم الكسائي.
(5) في (ج): بفاعله وهو تحريف. وسقطت كلمة (إلا) من (ب).
(6) ساقطة من (ج).
(7) من الآية 113 من سورة آل عمران، وفيها اتصل بالفعل (ليس) واو الجماعة وهو لا يتصل إلا بالأفعال.
(8) من الآية 66 من سورة الأنعام، وقد اتصل بالفعل (ليس) تاء الفاعل وهو لا يتصل، إلا بالأفعال الماضية. وفي (أ) و (ب): عليهم وهو تحريف.
(9) من الآية 22 من سورة محمد صلى الله عليه وسلم.
(10) من الآية 246 من سورة البقرة.(21/16)
واستدل القائلون باسمية الأوّلين(1) بدخول حرف الجر في نحو (ما هي بنعِمَ الولد(2) وقولهم: (على بئسَ العَيْرُ) (3).
وأجيب بأن ذلك على تقدير القول، أي بمقول فيها، وعلى عير مقولٍ فيه(4).
واستدل من قال بحرفية (عسى) و(ليس) بعدم دلالتهما على الحدث والزمان وبتوقف إفادة معناهما(5) وهو النفي والترجّي على غيرهما كسائر الحروف.
والجواب: أما(6) دعوى عدم الدلالة على الحدث والزمان، فممنوعة(7).
وأما توقف إفادة(8) معناهما على ذكر المتعلق بعدهما؛ فإنهما(9) لما أشبها الحرف في عدم التصرف أعطيا حكمه في التوقف المذكور.
__________
(1) وهما (نعم وبئس) والقائل باسميتها الكوفيون، كما سبق.
(2) هذا قول لأعرابي، وكان قد بشر بمولودة، فقال: "والله ما هي بنعم الولد نصرها بكاء وبرها سرقة ".
ينظر الأمالي الشجرية 2/148 والتصريح 2/94.
(3) حكي هذا القول عن بعض فصحاء العرب وذلك أنه سار إلى محبوبته على حمار بطيء السير، فقال: "نعم السير على بئس العير ". ينظر الإنصاف 1/98.
(4) أي أجاب البصريون بأن حرف الجر هنا داخل على قول مقدر، والأصل والله ما هي بولد مقول فيها نعم الولد، ونعم السير على عير مقول فيه بئس العير، ثم حذفوا الموصوف وأقاموا الصفة مقامه، ثم حذفوا الصفة وأقاموا المحكي بها مقامها، وحذف القول وارد في اللغة كثيرا. ينظر الإنصاف 1/112 وشرح الكافية الشافية 2/1102.
... وقوله: (وعلى عير مقول فيه) ساقط من (أ) و (ب) وأثبته من (ج).
(5) في (ج): (معانيهما).
(6) في (أ) و (ب): إن والمثبت من (ج).
(7) أي لا نسلم بها، قال أبو حيان في ارتشاف الضرب 2/75: (والمشهور والمنصور أنها تدل على الحدث والزمان، وأن الحدث مسند إلى الجملة). وينظر التبيين لأبي البقاء العكبري ص 313.
(8) ساقطة من (ج).
(9) في (ج): فلأنهما.(21/17)
لأن بعض الكلمات قد يعطى حكم بعضٍ آخر لمشابهة بينهما، كالمضارع(1).
تنبيه:
قوله: (ومنه.) إلى آخره إشارة إلى الخلاف في هذه الكلمات الأربع وإلى الاستدلال على فعليتهما بالعلامة المذكورة، كما بينّا.
ص: أو أمر، وهو ما دل على الطلب مع قبوله ياء المخاطبة، ك(قومِي) ومنه (هاتِ) و (تعالَ).
ش: هذا شروع في ذكر النوع الثاني من أنواع الفعل، وهو الأمر، وفيما يميزه وهو دلالته على الطلب مع قبوله ياء المخاطبة ك(قومي) فإنه دل على طلب القيام، وفيه ياء المخاطبة.
فلابد فيه من وجود(2) الأمرين، حتى إذا دلت كلمة على الطلب ولم تقبل الياء ك(نَزَالِ)، لا يكون أمرا، ولكنها تكون اسم فعل أمر(3) وإذا قبلت الياء ولم تدل على الطلب ك (تقومين) و (تقعدين) فلا تكون أمرا، ولكنها تكون فعلا(4) مضارعا.
وقوله: (ومنه هات وتعال) بمعنى(5) أن هاتين الكلمتين فعلا أمر. ومن زعم أنهما اسما فعلين(6) فقد رُدَّ عليه بقبولهما ياء(7) المخاطبة مع دلالتهما على الطلب(8).
و(هاتِ) آخره مكسور إلا إذا اتصل بضمير جماعة المذكرين فإنه يضم، فيقال: هاتُوا.
و(تعالَ) آخره مفتوح أبداً.
__________
(1) أي أن المضارع لما شابه اسم الفاعل في اللفظ حيث إنه يوازنه في الحركات والسكنات، وفي المعنى لأنه يحتمل الحال والاستقبال أعطي حكم الاسم فأعرب، كما حُمل اسم الفاعل على المضارع في العمل.
ينظر شرح التسهيل لابن مالك 1/36 وشرح الكافية للرضى 2/226.
(2) ساقطة من (ج).
(3) كلمة (أمر) ساقطة من (أ) و (ب) وأثبتها من (ج). و اسم الفعل هو ما ناب عن الفعل معنى وعملا وليس فضلة في الكلام ولا متأثرا بعامل. ينظر شرح الحدود للفاكهي ص 180.
(4) قوله: (فعلا) زيادة من (ج).
(5) في (ج): أي بدل: بمعنى.
(6) وهو الزمخشري، ينظر المفصل 151.
(7) في (أ): لياء وفي (ج): بيا والمثبت من (ب).
(8) تقول: هاتي بكسر التاء و تعالَي بفتح اللام. ينظر التصريح 1/41.(21/18)
فإذا أمرت المذكر بهما يكون بناؤهما على حذف حرف العلة(1) كما في قولك: ارْمِ واخْشَ.
وإذا أمرت مؤنثا يكون بناؤهما على حذف النون، إذْ بناء الأمر على ما يجزم به مضارعه (2)، كقولك للمؤنث: ارْمِي واخْشَيْ.
تنبيهان:
الأول: أفهم قوله: (ما دل على الطلب) دلالته عليه بذاته.
فخرج نحو (لا تأكلي) فإنه وإن كان فيه ياء المخاطبة وفهم منه الطلب فإنه باعتبار كونه مُتَعَلَّقَ الحرف الطالب له(3) و هو لا الناهية(4).
الثاني: قوله: (ومنه) إلى آخره إشارة إلى الخلاف في هاتين الكلمتين وإلى الاستدلال على فعليتهما بالعلامة المذكورة، كما سبق، وقد تقدم مثله(5).
ص: أو مضارع، وهو 4/ب ما يقبل (لم) ك (لم يقم) وافتتاحه بحرف من نأيت، مضموم إن كان الماضي رباعيا، ك(أُدَحْرِجُ) و(أُجيبُ) مفتوح في غيره، ك(أضْرِبُ) و(أستخرجُ).
ش: المضارعة في اللغة المشابهة(6).
وسمي هذا بالمضارع لمشابهته الاسم(7)، وبسبب ذلك أعرب.
وميّزه الشيخ بقبوله لفظة(8) (لم) نحو لم يَقُمْ، ثم ذكر أنه لابد أن يفتتح بأحد حروف نأيت، وهي النون والهمزة والياء والتاء.
كنقومُ وأقُوم(9) ويَقُوم وتَقُومُ.
__________
(1) فالمحذوف من هات الياء كما في ارمِ والمحذوف من تَعَالَ الألف كما في اخْشَ.
(2) فيبنى على السكون إن كان مضارعه يجزم بالسكون، ويبنى على حذف النون إن كان المضارع مجزوما بحذف النون، ويبنى على حذف حرف العلة إن كان مضارعه مجزوما بحذف حرف العلة.
(3) كلمة: (له) ساقطة من (ج).
(4) ينظر تفصيل ذلك في حاشية العدوي على شرح الشذور 1/38.
(5) ينظر ما سبق في ص 152.
(6) ينظر أسرار العربية ص 25 ولسان العرب 8/223(ضرع).
(7) أي اسم الفاعل حيث شابهه لفظا ومعنى. ينظر أوجه المشابهة بينهما. في أسرار العربية ص 25- 27.
(8) ساقطة من (ج).
(9) في (ج): نحو أقوم ونقوم.(21/19)
والمراد همزة المتكلم أو إحدى أخواتها(1)، ليخرج نحو أكْرَمَ وتَعَلَّمَ ونَرْجَسَ(2) ويَرْنَأَ(3).
ولما جعل المصنف التعويل في تمييزه على (لم) استغنى عن التقييد المذكور.
ثم ذكر أن هذا الحرف الذي بُدئَ به المضارع مفتوح في الصور كلها إلا في(4) صورة واحدة فيُضم فيها، وهي أن يكون ماضيه رباعيا، أي على أربعة أحرف سواء كانت أصولا، ك(دحْرَجَ) فيقال في مضارعه: يُدَحْرِجُ بضم الأول، أو(5) بعضها زائدا، ك (أَجَابَ)(6) فإن الهمزة زائدة، فتقول: يُجيب.
فتفتح أول ما كان ماضيه على ثلاثة أحرف، ك(ضرب يضرب) أو على أكثر من أربعة(7) ك(انطَلَقَ يَنطلِقُ واستخرجَ يَستخرجُ).
ص: والحرف ما عدا ذلك، ك (هل) و (في) و (لَمْ).
ش: لما ميز الأسماء والأفعال شرع يميز الحروف، فقال: (والحرف(8) ما عدا ذلك) أي مالا يصلح معه شيء من علامات الأسماء ولا من علامات الأفعال.
__________
(1) أخوات الهمزة هي النون للمتكلم المعظم نفسه، أو معه غيره والياء للغائب مطلقا والتاء للمخاطب عموما وللمفردة الغائبة. ينظر شرح الكافية للرضي 2/227.
(2) يقال: نَرْجَسَ الدواءَ إذا جعل فيه النرجس، وهو من الرياحين، معرَّب، والنون فيه زائدة. ينظر المعرَّب للجواليقي 331 واللسان 6/96 (رجس).
(3) يَرْنَأَ لحيته أي صبغها بالحناء، واليَرَنَّأَّ اسم للحناء.
ينظر اللسان 1/89 (رنأ).
(4) ساقطة من (أ) و (ج) وأثبتها من (ب).
(5) كذا في النسخ والغالب استعمال (أم) هنا.
(6) أجاب) من مزيد الثلاثي، قال ابن هشام في شرح الشذور ص 24: (كل كلمة وجدت أحرفها أربعة لا غير وأول تلك الأربعة همزة فاحكم بأنها زائدة).
(7) وهو الخماسي والسداسي.
(8) الحرف في اللغة الطرف، وفي الاصطلاح: ما دل على معنى في غيره. ينظر همع الهوامع 1/41.(21/20)
وقيدها في الشرح(1) ب(المذكورة). ولو حَذَفَ القيد لكان أحسن(2).
ومثل بثلاثة أمثلة إشارة(3) إلى أن الحرف على ثلاثة أنواع:
غير مختص بالاسم ولا بالفعل، بل يدخل على النوعين، وهو (هل) نحو (هل قام زيد) و (هل زيد قائم).
ومختص بالاسم وهو (في)(4)، ومختص بالفعل وهو (لم)(5).
تنبيه:
ما أشار إليه الشيخ من أن (هلْ) تدخل على الأسماء والأفعال لا ينافي ما ذكره في توضيح الألفية(6) وغيره(7) في باب الاشتغال من أنه يجب النصب(8) إذا وقع الاسم بعد ما يختص بالفعل، ك(هلْ).
لأن المذكور في باب الاشتغال حيث كان في حيزِّها الفعل(9)، فلا يجوز دخولها على غيره نحو (هل قام زيد)، فلا يجوز (هل زيد قام)، أما إذا لم يكن في حيزّها فعل دخلت على الأسماء(10)، نحو{فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ}(11).
ص: والكلام قول مفيد مقصود.
ش: شرع يبين معنى الكلام في الاصطلاح.
فقوله: (قول) هو كالجنس، يشمل المفرد والمركب المفيد وغيره.
__________
(1) قال ابن هشام في شرح الشذور ص 24: "يعرف الحرف بألاّ يقبل شيئا من العلامات المذكورة للاسم والفعل ".
(2) لأنه بهذا القيد سيرد عليه أن هناك أسماء لا تقبل تلك العلامات المذكورة مثل (كيف) و(قط) و(عَوْضُ) فتدخل في علامة الحرف، فلوترك التقييد بها لما ورد عليه شيء من ذلك. تنظر حاشية العدوي على شرح الشذور 1/42.
(3) في (ج): (اشار) وهو خطأ.
(4) وبقية حروف الجر،، فهي مختصة بالأسماء فتعمل فيها الجر.
(5) وبقية حروف الجزم، وهي مختصة بالأفعال، فتعمل فيها الجزم.
(6) في (ب) (التوضيح). وينظر أوضح المسالك 2/5.
(7) ينظر شرح اللمحة البدرية 2/10.
(8) ساقطة من (ج).
(9) أي إذا ذكر فعل في جملتها، نحو: (هل زيداً رأيته).
(10) قال الأشموني 1/44: "وذلك لأنها أي هل إذا لم تر الفعل في حيّزها تَسَلَّتْ عنه ذاهلة، وإن رأته في حيّزها حنّت إليه لسابق الأُلفة، فلم ترض حينئذ إلا بمعانقته".
(11) من الآية 80 من سورة الأنبياء.(21/21)
وقوله: (مفيد) كالفصل، يخرج ما كان من الأقوال غير مفيد، مفرداً نحو (زيد) أو مركبا نحو(إنْ قامَ زيدٌ).
والمراد بالمفيد ما دل على معنى يحسن السكوت عليه.
قال بعضهم(1): لأن الإفادة حيث وقعت قيداً للفظ أي أو القول(2) 5/أ فالمراد بها الإفادة(3) التامة، أي التركيبية(4)، إذ الإفرادية(5) غير معتد بها في نظرهم.
وقوله: (مقصود) يخرج به كلام النائم(6) ويخرج به جملة الخبر، ك(قام أبوه) من قولك: زيدٌ قامَ أبوُه، فإنها مقصودة لغيرها، لا لذاتها.
وقد يقال: إذا كان المراد بالفائدة ما ذكر، فيكون قوله: (مقصود) مستدركا(7) لأن ما يخرج به(8) لا يحسن السكوت عليه، فلا يدخل فيما قبله.
وهذا هو ظاهر صنعه في الشرح(9)، فإنه اقتصر على شرح قوله: (مفيد) ولم يشرح (مقصود).
وكذلك مشى على الاكتفاء بالإفادة في الجامع(10) حيث قال: "والكلام قول مفيد "(11) وكذلك في توضيح الألفية(12).
__________
(1) هو ابن هشام الحفيد في حاشيته على التوضيح [ل 2/ أ]. وقد ذكر هذا القول أيضا الفاكهي في شرح الحدود ص 74.
(2) يعني أو وقعت الإفادة قيدا للقول.
(3) في (ب) و (ج) (الفائدة).
(4) وهي التي تتركب من مسند ومسند إليه.
(5) وتسمى الناقصة، مثل (غلام زيد).
(6) في (ج): (نحو النائم).
قال ابن مالك في شرح التسهيل 1/6 عند شرح تعريف الكلام: (واحترز ب(مقصود) من حديث النائم ومحاكاة بعض الطيور الكلام).
(7) أي تقييدا لقوله: مفيد، إلا أن يقال: إنه من قبيل التصريح بما علم التزاما. ينظر شرح قطر الندى للفاكهي 1/90.
(8) أي بقوله: مقصود، ويخرج به كلام النائم ونحوه كما سبق.
(9) انظر شرح الشذور لابن هشام ص 27.
(10) يقصد به (الجامع الصغير) لابن هشام وهو من الكتب المختصرة في النحو.
(11) الجامع الصغير ص 2.
(12) أوضح المسالك 1/ 11.(21/22)
وكما أن قيد الإفادة يغني عن اعتبار القصد، فكذلك يغني عن اعتبار التركيب لأنه لا يفيد الفائدة المذكورة إلا ما كان مركبا، إما من اسمين ك(هذا زيد) أو من فعل واسم ك(قاَمَ زيدٌ).
وتمثيلنا ب (هذا زيد) أحسن من التمثيل ب(زيدٌ قائمٌ)(1) لأنه ثلاث كلمات(2) ولا يشترط أن يكون جزءا الكلام(3) ملفوظين. بل قد يكونان ملفوظين كما مثلنا، أو يكون أحدهما ملفوظا دون الآخر، ك(قُمْ) و (خُذْ)(4).
وقد يكونان معا غير ملفوظين، ك (نعم) في جواب من قال: هل زيد قائم؟ إذ الكلام هو المقدر بعدها(5).
وعلم بذلك ضَعف ما يقوله ابنُ(6) طلحة من أن حروف الجواب ك(نَعَم) و (لا) كلام(7).
هذا معنى الكلام اصطلاحا.
وأما لغة فقال الشيخ في الشرح(8) إنه يطلق على التكليم(9)، نحو:
2- قالوا كلامُكَ هِنْداً وهي مُصْغِيَةٌ
__________
(1) وجه الأحسنية في مثال الشارح أنه مبني على أقل ما يتألف منه الكلام وهو كلمتان.
(2) زيد قائم) مركب من ثلاث كلمات لأن (قائما) وصف فيه ضمير مستتر تقديره هو.
(3) جزءا الكلام هما المبتدأ والخبر أو الفعل والفاعل.
(4) وهما مركبان من فعل الأمر المنطوق به وضمير المخاطب المقدر ب(أنت).
(5) أي بعد (نعم) لأن الأصل: نَعَمْ زيدٌ قائمٌ.
(6) في (ب): أبو، وهو خطأ. وهو محمد بن طلحة بن محمد بن عبد الملك الأموي الإشبيلي، أبو بكر المعروف بابن طلحة، كان إماما في العربية، أخذ العلم عن ابن ملكون والشريشي والسهيلي ومن تلاميذه الشَّلوبيني وابن عبد النور. وتوفي سنة 618 ه. ...
تنظر ترجمته في إشارة التعيين 315 والبلغة ص 198 وغاية النهاية 2/157 وبغية الوعاة ا/121.
(7) ينظر قول ابن طلحة هذا في ارتشاف الضرب 1/412 وتوضيح المقاصد 1/17.
(8) شرح شذور الذهب ص 27 وفيه (فإنه يطلق على ثلاثة أمور). وقد سقط من (ج) قوله: في الشرح.
(9) في شرح الشذور: (الحدث الذي هو التكليم). وفي (ج) فقط: (التكلم).(21/23)
يَكفيكَ قلتُ صحيحٌ ذاك لوْ كَانَا(1)
وعلى حديث النفس(2)، نحو:
3- إن الكَلامَ لَفِي الفُؤَادِ (3)
وعلى ما أفاد مطلقا لفظا كان أو غيره، كالإشارة(4) نحو قوله تعالى: {قال آيتُكَ ألاّ تُكَلِّمَ الناسَ ثلاثةَ أيامٍ إلا رمْزاً}(5).
ص: وهو خبر وطلب وإنشاء.
ش: قسَّم الكلام إلى ثلاثة أقسام
قال في الشرح(6): لأنه إن احتمل التصديق والتكذيب فهو الخبر
ك: (قام زيد) وإن لم يحتمل، وتأخر وجود معناه عن وجود لفظه فهو الطلب ك: (اضْربْ) و(لا تَضْرِبْ) وإن لم يتأخر بل قارن فهو الإنشاء ك(بِعْتُ) و(أعتقتُ).
__________
(1) بيت من البسيط، ولم يعرف قائله، وفي (ب) و (ج) لم يذكر البيت بتمامه.
وقد استشهد به في ارتشاف الضرب 3/179 وشرح الشذور لابن هشام 27 والمطالع السعيدة للسيوطي 1/39 وشرح الأشموني 2/288. وفي هذه المصادر (يشفيك) بدل: (يكفيك).
والشاهد قوله: (كلامك هندا) فإنه هنا بمعنى الحدث ولذلك عمل فيما بعده.
(2) هذا مذهب الأشاعرة وهو مخالف لمذهب السلف، حيث يرون أن الكلام ماله أصوات وحروف مسموعة، ولا يصح إطلاقه عندهم على حديث النفس.
(3) جزء بيت من الكامل، وينسب للأخطل، وهو بتمامه:
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما ... جعل اللسان على الفؤاد دليلا
ينظر ملحقات ديوانه ص 508 والبيت من شواهد ابن يعيش في شرح المفصل 1/21 وشرح الجمل لابن عصفور 1/85 والتذييل والتكميل ص 18 وشرح شذور الذهب 28 والمطالع السعيدة 1/39.
والشاهد إطلاق الكلام على حديث النفس وهو ما يحدث به الإنسان نفسه دون أن يظهره، وهذا لا يصح لأنه خلاف منهج السلف. والبيت يظهر فيه التكلف.
(4) في (ب) و (ج): كالإشارات.
(5) من الآية 41 من سورة آل عمران. والآية تدل على إطلاق الكلام على الإشارة، لأنه استثنى الرمز من الكلام والاستثناء متصل، فدل على أن الرمز وهو الإشارة يسمى كلاما.
(6) شرح شذور الذهب ص 32، وقد اختصر الشارح كلام ابن هشام.(21/24)
وذكر في شرح الزوائد(1) أن كثيرا من النحويين وعلماء البيان على أنه ينقسم إلى خبر وإنشاء فقط(2). وأن المصنف رجع عن تثليث(3) القسمة، وضَرَبَ(4) على قوله: و (طلب) وقال(5): إنه إنما ذكر(6) ذلك على وجه التسامح. وأن الحق والتحقيق كون القسمة ثنائية، وأن الطلب داخل في الإنشاء. لأن الكلام إما أن يكون لنسبته خارج يمكن مطابقته أوْ لا، الأول الخبر، الثاني الإنشاء.
ثم ذكر شارحُ 5/ب الزوائد لنفسه(7) أن تثليث القسمة، كما في الشذور هو(8) ظاهر ما في التسهيل(9) والتوضيح(10)، وأنه الذي يظهر رجحانه.
لأن المرجع في التقسيم إن كان للاصطلاح فلا مُشَاحَّة فيه(11)، مع أن تكثير الأقسام أفيد إذ لا يحتاج بعد ذكر المطلوب باسمه إلى قَرينة.
__________
(1) هو كتاب شرح الصدور لشرح زوائد الشذور لأبي عبد الله محمد بن عبد الدائم العسقلاني البرماوي. المتوفى سنة 831 ه.
وقد شرح في هذا الكتاب الكلمات والعبارات التي لم يذكرها ابن هشام في شرحه على الشذور وهي مذكورة في متن الشذور، وما يزال الكتاب مخطوطا. تنظر الورقة [ 4/ ب-12/ ب].
(2) ينظر في ذلك دلائل الإعجاز ص 202، 206 والارتشاف 1/ 411.
(3) في (ج): وأن المصنف على تثنيته القسمة.
(4) أي وضع خطاً على قوله: (طلب) إشارة إلى الغائه.
(5) أي ابن هشام في شرح الشذور ص 32.
(6) كذا في (ج) و في (أ): (إنما كان ذكر) وفي (ب): كان ذكر.
(7) أي من عند نفسه بمعنى أنه لم ينسبه لأحد.
(8) ساقطة من (أ) و (ج) وأثبتها من (ب).
(9) ينظر تسهيل الفوائد ص 33 قال فيه في بيان جملة الصلة : "غير طلبية ولا إنشائية ".
(10) ينظر أوضح المسالك 1/117.
(11) أي لا نزاع في الاصطلاح.(21/25)
وإن كان للمعنى(1) فمن ثَلَّثَ القسمة قال(2): إن التمييز حصل بين الإنشاء والطلب بأن الإنشاء لا خارج له(3)، ولا اقتضاء فيه، والطلب فيه اقتضاء وهو واضح، وله خارج، لأن النسبة الواقعة بين جزأيه لا بدَّ لها إن وجدتْ من زمن تقع فيه وهو المستقبل، إذ هي مطلوبة والمطلوب لا يحصل إلا في المستقبل.
وإذا ثبت أن له خارجا ثبتت مغايرته للإنشاء.
ثم قال: وما استَدَل به(4) من أن(5) الطلب معناه الاستدعاء، وهو حاصل في الحال، ضعيف لا يعول عليه. انتهى(6).
ولقائل أن يقول: أمّاَ ما ذكره في التسهيل والتوضيح، فلم يذكر في موضع الكلام على ذلك(7). إنما ذكر في شرح الجملة الموصول بها كما صرح به هو(8) والشيء قد يذكر في غير محله لا على وجه التحرير اعتماداً على ما يحرّر في موضعه، وأما الترديد(9) فلنا أن نختار منه الرجوع إلى الاصطلاح.
قوله: (لا مشاحة فيه) قلنا: مُسَلَّم، لكن إنما(10) ينهض في تصحيح القسمة لا في كون الأحسن تثليثها(11) أو عدمه، وهو محل النزاع.
__________
(1) في (ج): وإن طال المعنى وأشار إلى ذلك في حاشية (أ).
(2) في (أ): وقال، والمثبت من (ب) و (ج).
(3) لأن معناه مقارن للفظه في الزمن.
(4) المستدل بذلك هو ابن رشد كما ذكره البرماوي في شرح الزوائد، لكن الشارح لم يذكره اختصارا. ينظر شرح الصدور للبرماوي [ الورقة 8/ ب ].
(5) في (أ): لأن والمثبت من (ب) و (ج).
(6) أي كلام البرماوي وقد تصرف الشارح في هذا النص كثيرا جدّا، واختصره اختصارا شديدا.
ينظر هذا النص كاملا في شرح الصدور لشرح زوائد الشذور للبرماوي من الورقة [4/ب] إلى الورقة [12/ب].
(7) وهو باب الكلام وأقسامه.
(8) أي البرماوي في شرح الزوائد، ق 6/ ب و في النسخة (ج): (هو به).
(9) كذا في (أ) و (ب)، وفي (ج): المزيد.
(10) في (أ): ولكن قلنا إنما.
(11) في (ج): ثنائيتها.(21/26)
وأما قوله: إن تكثير(1) القسمة أفيد فممنوع، بل ربما يكون الأفيد تركه لما يلزم من الانتشار.
ولنا أن نختار منه الرجوع إلى المعنى.
قوله: إن للطلب خارجا، قلنا: ممنوع، إذ المراد بالخارج أن يكون للكلام حال التكلم نسبة في الخارج موافقة أو مخالفة، ولا خارج للطلب بهذا المعنى.
وأما المطلوب إيقاعه فليس موجودا حال التكلم، بل قد لا يوجد أصلاً فكيف يكون خارجا. وأما تضعيف(2) كون الطلب معناه الاستدعاء فضعيف ومنعه مكابرة، إذ كل عاقل يفهم الاستدعاء من الطلب.
وأما ما استدل به(3) على ذلك فمما لا يعوَّلُ عليه. [والله أعلم](4).
ص: باب. الإعراب أثر ظاهر أو مقدر، يجلبه العامل في آخر الاسم المتمكن والفعل المضارع.
ش: لما فرغ من بيان أقسام الكلمة والكلام شرع في بيان الإعراب والبناء اللذين لا يخلو آخر الكلمة عن أحدهما.
وبدأ ببيان الإعراب لشرفه وشرف محلّه.
وهو مصدر (أعرب) إما بمعنى (أَبانَ) وإما بمعنى تكلم بالعربية، وإما بمعنى (أزال) لأنه مأخوذ من "عَرِبَتْ معدةُ البعير "(5) إذا تغيّرت(6).
فمعنى أعرب الكلمة، على هذا(7) أزال عربها أي فسادها(8).
وقيل(9): إنه من قولهم: امرأة عروب، إذا كانت متحببة إلى 6/أ زوجها متحسنه؛ لأن الكلام إذا فُهم قرُب من قلب سامعه.
__________
(1) في النسخ تثليث. والمثبت هو المصحح في حاشية (ج) لأنه الموافق لما سبق.
(2) في (ج). تفسير وهو تصحيف.
(3) ينظر ما استدل به البرماوي في شرح الزوائد [ق 9/ أ].
(4) ما بين الحاصرتين زيادة من (ج).
(5) هكذا في (ج) وفي (أ): عربت معدته.
(6) ينظر حد الإعراب لغة في الصحاح 1/ 179 والخصائص1/36 والأشباه والنظائر9/178.
(7) قوله: لأنه مأخوذ. إلى هنا ساقط من (ب).
(8) فتكون الهمزة فيه حينئذ همزة السلب.
(9) تنظر هذه الأقوال في أسرار العربية 18- 19 وشرح اللمحة البدرية 1/183.(21/27)
قال ابن إياز(1): "والمختار هو الأول(2)، لأن العرب لم تقصد بإعراب كلمها تحسينا ولا تغييرا"(3).
هذا معناه لغة، وأما معناه(4) اصطلاحا فعرفه بما ذكره.
فقوله: (أثر) كالجنس، ومراده به الحركات والسكون وما قام مقام ذلك من حرف أو حذف(5).
وقوله: (ظاهر أو مقدر) ذكره ليفيد التصريح بعموم الجنس.
فالظاهر كما في آخر (زيد) في الأحوال الثلاثة(6)، والمقدر كما في آخر (الفتى) فيها.
وقوله: (يجلبه العامل) إلى آخره كالفصل يخرج به(7) حركة النقل، كحركة الدال في {قَدَ أفلَحَ}(8) وحركة الإتباع كحركة النون من (ابنم(9)
__________
(1) هو الحسين بن بدر بن إياز، من علماء بغداد، أخذ العربية عن أبي عثمان الجذامي والتاج الأرموي، ومن تصانيفه المحصول في شرح الفصول وقواعد المطارحة والإسعاف في الخلاف وكان ثقة، ذا خط حسن. توفي سنة 681 ه.
ترجمته في إشارة التعيين 103 وبغية الوعاة 1/ 532 والأعلام 2/234.
(2) ساقط من (أ) وأثبته من (ب) و (ج).
(3) المحصول في شرح الفصول [ق 13/ أ].
(4) ساقطة من (ب) و (ج).
(5) اختلف العلماء في حقيقة الإعراب، فذهب بعضهم إلى أنه لفظي، وهذا اختيار ابن مالك ورجحه السيوطي، وذهب بعضهم إلى أن الأعراب معنوي وهو التغيير الحاصل في آخر الكلمة بسبب عامل. وهو اختيار أبي حيان.
ينظر شرح التسهيل لابن مالك 1/34 وارتشاف الضَّرَب 1/413 والأشباه والنظائر 1/ 172.
(6) وهي الرفع والنصب والجر.
(7) ساقطة من (ج) وفي (أ) كرر قوله (يخرج).
(8) من الآية1 من سورة المؤمنون. والقراءة بنقل حركة الهمزة إلى الدال هي قراءة ورش عن نافع. ينظر المبسوط في القراءات العشر 260 وإتحاف فضلاء البشر 317.
(9) ابنم) هي ابن والميم زائدة، وقيل: هي بدل عن الواو التي في الأصل أعني (بنو) والنون والراء في ابنم وامرئ تتبع حركتهما حركة الإعراب رفعا ونصبا وجرا.
ينظر شرح الشافية للرضي 2/ 252 ولسان العرب 14/ 92 (بنو).(21/28)
والراء من (امرئ) في الأحوال الثلاثة، فإنها تابعة لحركة الإعراب.
وليس شيء من ذلك بإعراب(1)، إذ لم يجلبه العامل(2).
وقوله: (في آخر الاسم المتمكن والفعل المضارع) بيان لمحل الإعراب(3) وليس احترازا عن شيء، فإن العامل لا يجلب أثرا في غير الآخر، وَبَيَانٌ لما يُعرب من الكلم السابقة. والذي يعرب منها هو الاسم المتمكن.
والمراد به الذي يَسلَم(4) من شبه الحرف المقتضي للبناء، كما ستعلمه من المبنيات. والفعل المضارع دون غيره من الأمر والماضي.
ولابد في هذا من خلوّه عن نون التوكيد المباشرة، وعن نون الإناث فإنه مع الأولى يبنى على الفتح، ومع الثانية يبنى على السكون، كما سيأتي بيان ذلك. ولما كان ذلك يأتي في كلام المصنف(5) استغنى عن تقييده هنا.
وقد فهم من كلامه أن ما عدا ذلك مبني، وهو الحروف بجملتها والأفعال الماضية وأفعال الأمر بجملتها، وكذلك المضارع الذي اتصلت به نون التوكيد، أو دخلته نون الإناث كما ذكرنا. وسيأتي ذلك مفصلا في أبواب البناء(6) إن شاء الله تعالى.
__________
(1) في (ج): إعرابا.
(2) هذا مذهب البصريين وقال الكوفيون: إنها حركة إعراب فهو معرب عندهم من مكانين. ينظر ارتشاف الضّرب 1/415.
(3) ينظر تعليل وجود الإعراب في آخر الكلمة في الإيضاح في علل النحو ص 76 وشرح الكافية للرضي 1/25.
(4) في (ج): سلم.
(5) سيأتي ذلك في ص 233.
(6) ينظر باب البناء ص 226-234.(21/29)
المبحث الثاني: دراسة كتاب "شرح شذور الذهب " للجوجري
وفيه سبعة مطالب.
المطلب الأول: موضوع الكتاب وعنوانه
هذا الكتاب شرح على متن (شذور الذهب) لابن هشام، شرح فيه مؤلفه الجوجري كتاب (شذور الذهب) لابن هشام شرحا موسعا، التزم فيه بنص متن الشذور.
أما عنوان الكتاب فهو (شرح شذور الذهب) للجوجري.
هذا هو ما جاء على غلاف النسخة الأصلية، وهو ما ذكرته كتب التراجم (1).
وجاء في فهرست مخطوطات النحو والصرف بجامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية أنه شرح شذور الذهب (شفاء الصدور)(2).
والصحيح أن (شفاء الصدور) شرح آخر مختصر على شذور الذهب للجوجري أيضا، سماه (شفاء الصدور في حل ألفاظ الشذور)، وأنه اختصره من شرحه المطول على (شذور الذهب) من أجل تلميذه جعفر بن يحيى بن عبد القوي، كما ذكر ذلك السخاوي(3).
وقد سبق الكلام على مختصره هذا في مبحث مؤلفاته (4).
المطلب الثاني: توثيق نسبة الكتاب لمؤلفه
كتاب (شرح شذور الذهب) ثابت النسبة لمؤلفه محمد بن عبدالمنعم الجوجري. وقبل البدء في ذكر الأدلة على ذلك أود أن أذكر قصة حصلت لي مع هذا الكتاب. فقد كنت فيما سبق قد سجلت الكتاب على أنه لأحمد بن محمد ابن الهائم، بناء على دليلين:
الأول: وجود ذلك على نسخة من نسخ الكتاب، وهي النسخة الموجودة في ذلك الوقت، ولم أعثر على غيرها، حيث جاء على غلافها ما يلي: (شرح شذور الذهب، الضوابط الحسان فيما يتقوم به اللسان لابن هشام لابن الهائم).
وقد نسبت كتب التراجم (الضوابط الحسان) لابن الهائم وعدته من مؤلفاته، فلما رأيت هذه العبارة على هذه النسخة من الكتاب اعتقدت أن هذا الكتاب هو كتاب (الضوابط الحسان) لابن الهائم، لوجود ذلك على غلاف النسخة.
__________
(1) ينظر الضوء اللامع 8/124 والبدر الطالع 1/ 201 والأعلام 6/ 251 ومعجم المؤلفين 10/260.
(2) ينظر فهرست النحو والصرف بجامعة الإمام ص 142.
(3) ينظر الضوء اللامع 3/ 70.
(4) تنظر ما سبق ص 72.(22/1)
الثاني: نقل بعض المتأخرين نصا كاملا عن هذا الكتاب وصرح في أوله بأنه من كتاب (شرح شذور الذهب) لابن الهائم.
فقد جاء في كتاب (إعراب آيات الشذور)(1) لأبي القاسم البجائي ما نصه: "قال ابن الهائم في (شرح الشذور): هذا كله في المصدر الذي ليس بدلا من اللفظ بفعله، أما ما هو بدل من اللفظ بفعله فإنه يعمل وإن لم يخلفه (أنْ) والفعل ولا (ما)، والفعل..".
وهذا النص موجود بتمامه في كتابنا هذا (2).
وبعد أن انتهيت من تحقيق الكتاب ودراسة مؤلفه ذكر لي بعض الزملاء أن لديه كتابا يسمى (شرح شذور الذهب) لمحمد بن عبد المنعم الجوجري، وأنه قد حصل على نسخة له من تونس، وكان قد أحضره ليقدمه لرسالة الدكتوراه. فطلبت منه الكتاب للاطلاع عليه، لما له من علاقة بشذور الذهب، فأعارني الكتاب مشكورا، ولما تصفحت الكتاب فوجئت أن هذا الكتاب وهو شرح شذور الذهب هو الكتاب الذي قمت بتحقيقه من قبل على أنه لابن الهائم، لأن هذا الكتاب لا يختلف مع كتابي في شيء، إلا ما يكون من خلاف النسخ فقط.
ولما رجعت مرة أخرى إلى كتب التراجم ظهر لي أن جميع كتب التراجم تنسب (شرح شذور الذهب) للجوجري، ولم تذكر لابن الهائم شرحا على شذور الذهب، وبعد ذلك ظهرت أمور أكدت لي بما لا يدع مجالا للشك أن هذا الكتاب الذي بين أيدينا هو شرح شذور الذهب لمحمد بن عبد المنعم الجوجري، وليس لابن الهائم.
ولمّا تبيّن لي ذلك عرضت الأمر على قسم اللغويات الموقر بالجامعة، وبعد اقتناعهم بالأدلة التي قدمتها وافق القسم مشكورا على تصحيح نسبة الكتاب من أحمد بن محمد بن الهائم إلى محمد بن عبد المنعم الجوجري المتوفى سنة (889 ه).
وفيما يلي أذكر الأدلة التي تثبت صحة نسبة الكتاب للجوجري.
وهذه الأدلة أنواع:
أولا: ما ذكرته كتب التراجم:
__________
(1) إعراب آيات الشذور للبجائي 2/664.
(2) تنظر ص 680 من هذا الكتاب.(22/2)
ترجم للجوجري كل من السخاوي في الضوء اللامع والشوكاني في البدر الطالع والزركلي في الأعلام وعمر رضا كحالة في معجم المؤلفين، وهؤلاء جميعا نصوا على أن (الجوجري) شرح شذور الذهب، وعدوا ذلك من مؤلفاته.
قال السخاوي في الضوء اللامع: "كتَب على شذور الذهب مطولا ومختصرا" (1).
وقال الشوكاني في البدر الطالع: "وشرح شذور الذهب شرحا مطولا وشرحا مختصرا" (2).
وقال الزركلي في الأعلام: "من كتبه.. شرح شذور الذ هب، مخطوط في الأحمدية" (3).
وقال عمر كحالة في معجم المؤلفين: "من آثاره.. شرح شذور الذهب لابن هشام في النحو"(4).
ثانيا: النقولات عن هذا الكتاب
نقل عن هذا الكتاب بعض المؤلفين، منهم من صرح باسمه، ومنهم من لم يصرح بذلك، ولكن يتضح من النص أنه منقول عن هذا الشرح.
وممن صرح باسمه معمر بن يحيي المكي (897ه) وهو تلميذ للجوجري. فإنه نقل عن هذا الكتاب نقولات كثيرة هي بنصها موجودة في كتابنا هذا. وسأكتفي بذكر موضعين من كتاب معمر المكي، وهما:
1- قال معمر المكي في كتابه (التعليقة المفيدة في العربية) ص 131 ما نصه: "وأما تقديرا فقال شيخنا المحقق شمس الدين الجوجري حفظ الله مهجته وخلد رفعته في شرحه على الشذور: "كأنه أراد بقوله: (تقديرا) نحو سيبويه من الأعلام المبنية إذا كانت مناداة فإن ضمة النداء وهي حركة بناء مقدرة فيه انتهى".
وهذا النص موجود بتمامه في كتابنا هذا (شرح الشذور) ص..
2- قال معمر المكي في (التعليقة المفيدة في العربية) ص 614: "قوله: (اسم) كالجنس، قال شيخنا أبقاه الله تعالى في شرحه على الشذور: فيه إعلام بجنسيته، وأنه ليس كالحال في كونه ظرفا أو مجرورا أو جملة. انتهى". وهذا الكلام ذكره الجوجري في باب التمييز ص 476 حيث قال: "فقوله: (اسم) إعلام بجنسيته، وأنه ليس كالحال في كونه ظرفا أو مجرورا أو جملة".
__________
(1) الضوء اللامع 8/124.
(2) البدر الطالع 2/ 201.
(3) الأعلام 6/ 251.
(4) معجم المؤلفين 10/260.(22/3)
وقد نقل معمر المكي أيضا نصوصا أخرى من كتاب شيخه (شرح شذور الذهب). ينظر (التعليقة المفيدة في العربية) ص 136 و147 و193 و228 و254 و331 و685 و743.
ثالثا: بعض النصوص الواردة في الكتاب.
ورد في هذا الكتاب بعض النصوص المنقولة عن علماء تأخرت وفاتهم عن وفاة ابن الهائم المتوفى سنة (815ه).
فقد ورد فيه نصوص من كتاب (شرح الصدر لشرح زوائد الشذور).
ومؤلف هذا الكتاب هو محمد بن عبد الدائم البرماوي المتوفى سنة (831)ه وقيل (836)ه فيبعد أن ينقل ابن الهائم عن هذا الكتاب الذي توفي صاحبه بعد وفاته بأكثر من ستة عشر عاما.
وكذلك ورد في كتابنا هذا (شرح الشذور) نصوص من كتاب (حاشية الحفيد ابن هشام على التوضيح). وقد توفي الحفيد سنة (835)ه، وذكر العلماء أن حاشيته على التوضيح لم تجمع إلا بعد وفاته.
فهذا دليل قاطع على أن هذا الكتاب الذي بين أيدينا ليس لابن الهائم، إذ لا يعقل أن ينقل ابن الهائم عن كتاب كُتب بعد وفاته بأكثر من عشرين سنة على أقل تقدير.
رابعا: (ما جاء في أول الكتاب وآخره).
جاء في أول هذا الكتاب التصريح بنسبته لمحمد بن عبد المنعم الجوجري. فقد جاء على غلاف نسخة الأصل (شرح الجوجري على شذور الذهب) وجاء في مقدمة الكتاب في نسختي (أ) و (ب) ما يلي:
"قال الشيخ الإمام العلامة البحر الفهامة فريد عصره وحيد دهره أبو عبد الله شمس الدين محمد الشافعي الجوجري..".
وورد في آخر الكتاب في النسخة التونسية التي رمزت لها بالحرف (ب) التصريح بانتهاء مؤلفه من مسوّدة كتابه هذا في سنة (862)ه حيث جاء في [ الورقة 213 ] قال مؤلفه: "فرغت من مسودته في حادي عشر ذي القعدة سنة اثنتين وستين وثمانمائة..".
فهذا نص صريح في أن مؤلف هذا الكتاب قد فرغ من تأليفه في سنة (862)ه فلا يعقل أن يكون هذا الكتاب لابن الهائم المتوفى سنة (815) ه. وإنما المعقول أن يكون للجوجري المتوفى سنة (889)ه الذي نسبته له كتب التراجم.(22/4)
الرد على الأدلة التي تنسب الكتاب لابن الهائم:
لم ينسب أحد هذا الكتاب لابن الهائم إلا ما ورد في كتاب أبي القاسم البجائي عندما نقل نصا عنه، وهذه النسبة خاطئة بالتأكيد لما يلي:
1- أن جميع كتب التراجم لم تذكر لابن الهائم كتابا بهذا الاسم.
2- أن جميع الذين نقلوا نصوصا عن هذا الكتاب لم ينسبوه لابن الهائم، وقد نسبه بعضهم لمحمد بن عبد المنعم الجوجري.
3- أن هذا النص الذي نقله البجائي موجود في النسختين الأخريين اللتين نسب الكتاب فيهما صراحة للجوجري.
4- ما عرف عن أبي القاسم البجائي من تساهله في بعض النقولات والكتب التي ينقل عنها، وتصريحه بأسماء مؤلفين آخرين لتلك الكتب غير مؤلفيها المعروفين.
وقد ذكر ذلك محقق كتابه (إعراب آيات الشذور 1/ 79).
ويظهر أن البجائي لما نسب هذا الكتاب لابن الهائم كان قد اطلع على هذه النسخة وهي النسخة (ج) التي كتب اسم (ابن الهائم) على غلافها، فنقل النص عنها ونسب الكتاب إليه. يرجح ذلك أن أصل هذه النسخة محفوظ في تونس والبجائي تونسي أيضا.
أما ما وجد على غلاف تلك النسخة من نسبة الكتاب لابن الهائم فليس ذلك دليلا على صحة نسبة الكتاب إليه، فكم من كتاب كتب على غلافه اسم آخر غير مؤلفه الحقيقي.
ولاشك أن هذه النسبة خطأ وقع فيه ناسخ تلك النسخة، بدليل أنه كتب على النسخة ما يلي:
(شرح شذور الذهب الضوابط الحسان فيما يتقوم به اللسان لابن هشام لابن الهائم) فنلحظ أن الناسخ قد أدخل عبارة (الضوابط الحسان) بعد قوله: (شرح شذور الذهب) ثم نسب الكتاب لابن الهائم.
وكتاب (الضوابط الحسان) هو فعلا من كتب (ابن الهائم) وهو كتاب صغير في النحو، ولكنه مختلف كل الاختلاف عن كتابنا هذا (شرح الشذور) فيظهر أن الناسخ قد توهم أن (الضوابط الحسان) هو (شرح الشذور) فلذلك عدهما كتابا واحدا ونسبهما لابن الهائم.(22/5)
وهذه النسخة متأخرة جدا عن النسختين السابقتين، فقد كتبت سنة (1109)ه، فلايصح اعتماد ما جاء على غلافها وإلغاء ما جاء في تلك النسختين الأخريين.
وبهذا ثبت لنا خطأ نسبة هذا الكتاب لابن الهائم وصحة نسبته للجوجري. وعلى إثر ذلك قمت بنسخ الكتاب على النسخ التي حصلت عليها فيما بعد، وسيأتي الكلام على ذلك في مبحث وصف النسخ المعتمدة.
المطلب الثالث: منهج المؤلف في الكتاب
سار شمس الدين الجوجري في شرحه لشذور الذهب على منهج تفصيلي يتمثل في النقاط التالية:
ا- كان يورد نصا أو فقرة من (شذور الذهب) ثم يبدأ في شرحها وتوضيحها بالأمثلة والشواهد النحوية، وكان يشرح النص أو الفقرة كلمة كلمة، ويوضح ذلك بالأمثلة.
2- يذكر في الغالب مناسبة الباب أو النص الذي أورده من الشذور لما قبله.
وهدفه من ذلك أن يسير الكلام على تسلسل واحد، وأن يقع الترابط بين نصوص الكتاب كلها.
3- يعقب الجوجري على شرحه لكل نص من نصوص الشذور بالتنبيهات التي يذكر تحتها مسائل كثيرة، بعضها فيه توضيح لما سبق شرحه، وبعضها فيه قياس لمسائل أخرى على ما ذكره، وبعضها بيان لخطأ وقع فيه بعض العلماء والرد عليه، وبعضها استدراك وتذييل لما ذكره ابن هشام، وبعضها اعتراض على ابن هشام ثم الإجابة عنه.
4- يكثر من إيراد الاعتراضات في صورة (فإن قيل).
ثم يجيب عن ذلك بصورة مقنعة.
وفي الغالب ما يكون ذلك على طريقة أهل الجدل والمنطق، كأن يقول: (فإن قيل: كذا، قلنا: كذا) و(لا نسلم بذلك، وسلمنا بذلك..).
5- يذكر الجوجري مذاهب النحويين في المسائل الخلافية بين البصريين والكوفيين في الغالب، ويكتفي أحيانا قليلة بذكر مذهب البصريين فقط، ويهتم كثيرا بآراء ابن مالك، ويذكرها، وبخاصة إذا خالف الجمهور.(22/6)
وكثيرا ما يعزو الآراء إلى أصحابها. وكان في عرضه للمسائل الخلافية لا يتعصب لمذهب على آخر، بل كان يرجح مايراه راجحا بالحجج الثابتة. فأحيانا يرجح مذهب البصريين، وأحيانا يختار مذهب الكوفيين.
6- يقوم أحيانا بتعريف للباب الذي سيشرحه من حيث اللغة والاصطلاح، كما فعل في باب الإعراب، حيث عرف الإعراب، لغة واصطلاحا، وكذلك فعل في باب التمييز.
7- ينتقد الجوجري بعض التعليلات النحوية لبعض العلماء ويورد عليها اعتراضات، كما فعل ذلك في تعليل بعض العلماء نصب جمع المؤنث السالم بالكسرة بدل الفتحة بأنه لو أعرب جمع المؤنث السالم بالحركات الثلاث لكان الفرع أوسع مجالا من الأصل.
فرد عليهم بأن هذه العلة ضعيفة ومنقوضة(1).
8- كثيرا ما يستعرض الشارح عبارة ابن هشام في شرحه على الشذور، أو من كتبه الأخرى، ثم ينتقدها ويورد عليها اعتراضات (2).
9- يُتبع أحيانا شرحه لشذور الذهب، بتكملة أو تتمة، إذا أحسَّ أن المقام يتطلب إيضاحا أكثر مما جاء به في الشرح، وفيما إذا كان متن شذور الذهب لم يذكر المسألة أصلا، فإنه يتبع ذلك بهذه التكملة ويوردها تحت عنوان (تتمة في الكلام على كذا...).
كما فعل ذلك في أقسام الضمير وفي باب كان وأخواتها وأفعال القلوب.
10- الاعتذار للمصنف، فكثيرا ما يورد عليه أمورًا لم يذكرها ابن هشام ثم يعتذر عنه بما يناسب المقام(3).
وأحيانا يعترض على بعض التعريفات التي ذكرها ابن هشام(4).
11- يقوم أحيانا قليلة بإعراب متن الشذور، كما فعل في باب الاشتغال.
ويفسر أحيانا معاني الكلمات ويضبطها بالشكل كقوله: (خِدْن) بكسر الخاء وسكون الدال بمعنى صاحب.
__________
(1) ينظر تفصيل ذلك في ص 183.
(2) ينظر على سبيل المثال ص 144 و333 و 334 و 343 و 405 و 698.
(3) ينظر باب العلم وباب الممنوع من الصرف .
(4) تنظر مثلا ص 144 وص 222 ... وص 227 و ص 405 ... .(22/7)
12- كان الجوجري مولعاً بالتعليلات النحوية فكان يعلّل كثيرًا من الأحكام النحوية، وتأتي تعليلاته دقيقة جدا، من ذلك تعليلاته لبناء (أي) الموصولة على الضم في حالة إضافتها وحذف صدر صلتها، ولإعرابها فيما عدا ذلك (1).
وكذا تعليلاته لبعض العلامات المختصة بالاسم(2).
ومثل ذلك تعليلاته لبناء بعض المركبات(3).
13- نلحظ استعمال الشارح للمصطلحات المنطقية كثيرا، مثل الكُلّي والجزئي والجنس والفصل والحَدّ والعلامة.. الخ.
ويقوم أحيانا بتعريف بعض هذه المصطلحات، كقوله: "المراد بالجزئي ما يدخل تحت كُلّي، يصح كون ذلك الكلي خبرا عنه.."(4).
14- يستعمل أحيانا قليلة اصطلاحات الكوفيين؛ كقوله في باب التعدي واللزوم: ".. كون الفعل لا يبنى منه اسم مفعول تام، أي مستغن عن صفة.."(5).
والمراد بالصفة هنا حرف الجر، وهذا مصطلح كوفي.
المطلب الرابع: مصادر الجوجري في هذا الكتاب
اعتمد الجوجري في شرحه على (شذور الذهب) على مصادر أصيلة صرح بالنقل من بعضها، وأخذ من بعضها دون تصريح.
وقد تنوعت مصادر الجوجري التي اعتمد عليها في هذا الباب بين كتب لغوية ومعاجم وكتب نحوية وصرفية وغير ذلك.
أولا= كتب اللغة والمعاجم:
كان الجوجري يفسر في الغالب ما يمر به من مفردات لغوية، ويذكر أحيانا اللغات الواردة في بعض الكلمات، وينقل ذلك عن كتب المعاجم فمن المعاجم التي صَرَّح بذكرها أو بأسماء مؤلفيها ما يلي:
1- الصحاح للجوهري، وقد نقل عنه الجوجري ثلاتة نصوص في ثلاثة مواضع(6)، ونقل منه في غيرها دون تصريح.
2- التكملة والذيل والصلة للصاغاني، وقد نقل عنه الجوجري نصا واحدا، قال في آخره: "حكاه الصاغاني."(7).
ثانيا= كتب النحو والصرف:
__________
(1) تنظر ص 264.
(2) تنظر ص 144 .
(3) تنظر ص 237.
(4) تنظر ص 142، 143، 759، 785.
(5) تنظر ص 633.
(6) تنظر الصفحات 188 و 637 و 850.
(7) تنظر ص 709.(22/8)
نقل الجوجري في كتابه هذا نصوصا كثيرة من كتب النحو الأخرى، وقد صرَّح في أكثر هذه المواضع بالنقل منها.
وقد اهتم الجوجري كثيرا بكتب العلامة ابن مالك فكان ينقل منها آراءه في غالب المسائل التي ذكرها.
ومن الكتب النحوية التي صرح بالنقل عنها مايلي:
1- شرح التسهيل لابن مالك، وقد نقل عنه (أحد عشر) نصا(1).
2- شرح الكافية الشافية لابن مالك، وقد نقل عنه (تسع) مرات(2).
3- تسهيل الفوائد لابن مالك، وقد نقل عنه (إحدى عشرة) مرة(3).
وكان ينقل نصوصا كثيرة عن ابن مالك دون أن ينسبها إلى كتاب معين من كتب ابن مالك.
وقد استطعت أن أوثق جميع هذه النصوص من كتب ابن مالك في مواضعها التي وردت فيها.
4- أوضح المسالك لابن هشام. وهو من الكتب التي اعتمد عليها الجوجري، ونقل عنه نصوصا بلغت العشرة (4).
5- شرح شذور الذهب لابن هشام.
وقد نقل عنه في كتابه عشرين مرة(5).
6- مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام
وقد صرح بالنقل عنه في موضع واحد(6).
7- كتاب سيبويه
وقد نقل عنه نصوصا بلغت ستة نصوص(7)، ولكنه نقل بالواسطة؛ لأنه يندر في عصره رجوع العلماء إلى كتاب سيبويه مباشرة.
8- المحصول في شرح الفصول لابن إياز البغدادي
وقد نقل عنه خمس مرات بالنص(8).
9- الجامع الصغير في النحو لابن هشام، وقد نقل عنه مرتين(9).
10- شرح الصدور لشرح زوائد الشذور للبرماوي.
وقد نقل عنه ثلاتة نصوص وردت في هذا الكتاب(10).
11- (اللباب) وقد نقل عنه مرة واحدة(11).
__________
(1) تنظر مثلا الصفحات 148، 188، 317، 375، 585، 593 .
(2) تنظر على سبيل المثال الصفحات 594، 624، 836 .
(3) تنظر على سبيل المثال ص 147، 213، 491، 801، 802 .
(4) تنظر، مثلا، الصفحات 162، 306، 378، 764 .
(5) ينظر على سبيل المثال ص 164، 165، 222، 226، 260، 405، 436.
(6) وذلك في ص 801.
(7) تنظر مثلا ص 256، 295، 370.
(8) تنظر مثلا الصفحات 170، 208، 279 .
(9) في ص 162 وص 581.
(10) تنظر ص 165، 166، 361، 378.
(11) في ص 314.(22/9)
ولم يظهر لي مؤلف هذا الكتاب، فهناك كتابان بهذا الاسم، وهما اللباب في علل البناء والإعراب للعكبري ولباب الإعراب للاسفرائيني ولم أجد هذا النص الذي ذكره الجوجري في واحد منهما.
وقد نقل الجوجري أقوالا كثيرة ونصوصا متعددة عن كثير من العلماء لم يصرح بالكتب التي نقل عنها.
ومن هؤلاء العلماء الخليل بن أحمد والكسائي والفراء وأبو حاتم السجستاني وابن السكيت والمبرد وثعلب والزجاج وابن السراج والزجاجي وأبو علي الفارسي وابن جني والرماني وابن الخشاب وابن الخباز والجرجاني والعكبري وأبو حيان الأندلسي وابن أم قاسم المرادي وغيرهم.
وكان ينقل عن الرضي الاستراباذي كثيرا، ولم يصرح باسمه ولا باسم كتابه وإنما كان يقول عنه: "قال بعض المحققين"(1).
وكذلك نقل عن ابن هشام الحفيد بعض النصوص(2) ولم يصرح باسمه.
ويعد كتاب (توضيح المقاصد) للمرادي من أهم مصادر (الجوجري).
فقد نقل عنه نصوصا كثيرة، صرح في كثير منها باسم مؤلفه ولم يصرح في بعضها الآخر بذلك، إلا أنه لم يصرح باسم الكتاب نفسه.
كذلك كتاب (شرح الألفية لابن الناظم) نقل عنه نصوصا وصرح باسمه مرة واحدة فقط(3).
المطلب الخامس: شواهد الكتاب
يعتمد الاستدلال في النحو العربي على ثلاث ركائز هي السماع والقياس واستصحاب الحال.
قال ابن الأنباري: "أدلة صناعة الإعراب ثلاثة نقل وقياس واستصحاب حال"(4).
وعرف النقل بأنه "الكلام العربي الفصيح، المنقول بالنقل الصحيح
ومرادنا بالشواهد هنا الدليل الأول من هذه الأدلة، وهو النقل.
والشواهد الخارج عن حد القلة إلى حد الكثرة"(5).
__________
(1) ينظر مثلا الصفحات 279، 331، 357 .
(2) تنظر مثلا ص 395 ... .
(3) تنظر 503.
(4) الإغراب في جدل الإعراب ص 45.
(5) لمع الأدلة ص 81.(22/10)
وجعله قسمين متواترا وآحادا، وعرف المتواتر بأنه "لغة القرآن وما تواتر من السنة وكلام العرب"، قال: "وهذا القسم دليل قطعي من أدلة النحو يفيد العلم"(1).النحوية تتكون من أربعة أقسام هي:
الشواهد القرآنية والشواهد الحديثية والشواهد الشعرية وأقوال العرب الفصحاء.
وقد اهتم الجوجري بالشواهد النحوية جميعها، فكان يستشهد على المسائل النحوية بالآيات القرآنية، وما فيها من قراءات متواترة وشاذة، ويستشهد بالأحاديث النبوية، وبأشعار العرب الذين يحتج بشعرهم، وبما ورد عن العرب من أقوال وحكم وأمثال.
وإذا أردنا أن نتبين بالأرقام طريقة الجوجري في كيفية استشهاده بالأدلة السابق ذكرها، فسنعرضها على النحو التالي:
أولا الشواهد القرآنية:
تُعدّ آيات القرآن الكريم من أعظم الشواهد التي يحتج بها النحويون على المسائل النحوية، وقد استشهد الجوجري في هذا الكتاب بكثير من الآيات القرآنية بقراءاتها المختلفة، حيث بلغت الآيات التي وردت في شرحه على الشذور(2). (355) آية من القرآن الكريم.
واستدل بالقراءات المختلفة المتواترة منها والشاذة.
وكان في عرضه للقراءات لايعزو القراءة إلى مَن قرأ بها في الغالب وإنما يقول: (في قراءة بعضهم) أو (في قراءة) أو (قرأ بعضهم)(3).
وقد عزا بعض القراءات لأصحابها، وذلك قليل(4).
ثانيا: الأحاديث النبوية:
اختلف العلماء في الاحتجاج بالحديث الشريف على المسائل اللغوية والنحوية وحاصل خلافهم يرجع إلى ثلاثة أقوال ذكرها البغدادي في خزانة الأدب(5) وهي باختصار:
الأول: جواز الاستشهاد بالحديث الشريف على مسائل النحو واللغة. وهذا مذهب ابن مالك والرضي الاستراباذي وغيرهما، وسبقهما إلى ذلك أبو البركات بن الأنباري.
__________
(1) لمع الأدلة ص 83.
(2) ينظر فهرس الشواهد القرآنية.
(3) تنظر مثلا ص 196، 379، 509، 595 .
(4) تنظر الصفحات 242، 340، 627، 818 .
(5) خزانة الأدب 1/9-15.(22/11)
الثاني: منع الاحتجاج بالحديث النبوي على مسائل النحو واللغة. وهذا مذهب ابن الضائع وأبي حيان.
وحجتهم أن الأحاديث النبوية رويت بالمعنى ولم تنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم بألفاظها، ولأن أئمة النحو المتقدمين لم يحتجوا بشيء منه.
وقد رَدّ البغدادي هذا القول بأدلته، وقال(1): "والصواب جواز الاحتجاج بالحديث للنحوي في ضبط ألفاظه، ويلحق به ما روي عن الصحابة وأهل البيت".
الثالث: جواز الاحتجاج بالأحاديث التي اعتنى بنقل ألفاظها، كالأحاديث التي قصد بها بيان فصاحته صلى الله عليه وسلم والأمثال النبوية.
وهذا قول الشاطبي والسيوطي.
والراجح: هو الاحتجاج بالحديث الشريف مطلقا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أفصح من نطق بالضاد. وما زال العلماء يحتجون بالأحاديث النبوية دون إنكار(2) حتى جاء ابن الضائع وأبو حيان فمنعا ذلك.
وقد جعلها الأنباري أصلا من أصول الاحتجاج في اللغة والنحو في كتابه (لمع الأدلة)(3).
وقد سار الشارح الجوجري على هذا المذهب، فقد استشهد في كتابه هذا بسبعة عشر حديثا من الأحاديث النبوية على الأحكام والمسائل النحوية(4).
وكان ينص على ذلك ويقول: "الدليل على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام كذا.."(5).
وقد يذكر الحديث كاملا(6)، وأحيانا يورد منه موضع الاستشهاد فقط، كما في قوله: (وفي الحديث "وأتْبعه بستٍّ من شوَّال")(7).
ثالثاً: أشعار العرب
يعد الشعر العربي من أهم أصول الاستدلال على المسائل والأحكام النحوية وقد أكثر النحاة منه في كتبهم، فقلما تجد كتابا نحويا ولو كان صغيرا إلا وتجد فيه أبياتا من أشعار العرب.
__________
(1) خزانة الأدب1/9.
(2) ينظر تفصيل ذلك في كتاب (أصول النحو) للأستاذ سعيد الأفغاني ص 46-58.
(3) لمع الأدلة ص 83.
(4) ينظر فهرس الأحاديث والآثار .
(5) تنظر ص 152، 342، 491، 616، 680 .
(6) ينظر مثال لذلك في ص 557 .
(7) تنظر ص 853.(22/12)
وقد بيّن العلماء الشعر الذي يصح الاحتجاج به، وذكروا أنه يبدأ من العصر الجاهلي وينتهي أواخر القرن الثاني، أي في حدود سنة (180)ه تقريبا.
وإذا نظرنا إلى الشواهد الشعرية في كتاب (شرح شذور الذهب) للجوجري تبين لنا كثرة الشواهد الشعرية التي أوردها الجوجري في هذا الكتاب، حيث بلغت أربعة وثمانين ومائة بيت من غير المكرر.
وجميع هذه الشواهد من شعر العرب الفصحاء المحتج بشعرهم، عدا بيت واحد لشاعر مولد هو أبو فراس الحمداني، وقد ذكره للتمثيل به فقط.
وطريقة الجوجري في إيراد الأبيات أنه لا ينسبها إلى قائليها في الغالب إلا أنه نسب بيتين أو ثلاثة فقط لأصحابها (1).
وكان يورد البيت كاملا(2)، وأحيانا يورد شطر البيت أو موضع الشاهد منه فقط(3).
رابعا: أقوال العرب وأمثالهم
سار الجوجري في شرحه على (شذور الذهب) على طريقة النحاة في الاحتجاج بأقوال العرب وأمثالهم على القواعد النحوية.
وقد ذكر أبو البركات بن الأنباري أن كلام العرب دليل قطعي من أدلة النحو يفيد العلم(4).
وقد بلغ عدد الشواهد من الأقوال والأمثال في هذا الكتاب ستة وأربعين قولا(5)، ما بين حكاية مسموعة عن العرب ومثل سائر وغير ذلك.
المطلب السادس: نقد الكتاب
يراد بالنقد هنا إبراز ما للكتاب من محاسن ومزايا وما عليه من مآخذ واعتراضات.
وكتاب (شرح شذور الذهب) للجوجري، كغيره من المصنفات له ميزات ومحاسن، وعليه بعض المآخذ والاستدراكات، وإن كانت قليلة.
فمن ميزات هذا الكتاب ما يلي:
أولاً: أن هذا الشرح أقدم شرح كامل لكتاب (شذور الذهب) يصل إلينا بعد شرح مؤلفه ابن هشام.
__________
(1) تنظر مثلا ص 449، 537، 541.
(2) تنظر على سبيل المثال الصفحات 147، 164، 186، 305، 511، 662 ... .
(3) تنظر أمثلة لذلك في الصفحات ... 238، 303، 312، 321، 507، 542، 647
(4) تنظر لمع الأدلة ص 83.
(5) تنظر مواضع هذه الأقوال في فهرست الأمثال والأقوال .(22/13)
ثانياً: ذكره لمناسبة كل نص أو فقرة من نصوص (شذور الذهب) لما قبله، وهذا يعطي الكتاب ترابطا منطقيا بين جميع أبوابه.
ثالثاً: ذكره التعليلات النحوية واستكثاره منها، حيث إنه قلما ترد مسألة نحوية إلا ويذكر لها التعليل المناسب، وبعض هذه التعليلات لم أجده في كتب النحو الأخرى.
رابعاً: اعتناؤه بشرح جميع مفردات (شذور الذهب) فلم يترك في هذا المتن كلمة إلا وقد شرحها ووثق ذلك بالشواهد والأمثلة.
خامساً: عزوه للآراء والمذاهب النحوية كان دقيقا وموفقا إلا في القليل النادر.
سادساً: أنه كان ينص على قواعد عامة، مثل قوله في أثناء جوابه عن اعتراض ورد في باب المفعول معه: "لايلزم من اعتبار أمر عند قوة الداعي إليه اعتباره عند عدم قوته".
سابعاً: ظهور براعة الشارح وثقافته في مجال علم الرياضيات فكثيرا ما يستخرج من الأبواب النحوية مسائل رياضية، كما فعل في باب الضمير وباب الإشارة، وكذلك في باب الصفة المشبهة، ففيه يظهر ذلك بوضوح.
ثامناً: اعتماد كثير من المؤلفين المتأخرين على هذا الكتاب، وبخاصة الذين قاموا بشرح الشذور أو وضعوا حواشي على بعض شروحه.
فقد وجدت الشيخ زكريا الأنصاري في شرحه على (شذوو الذهب) قد اعتمد اعتمادا كبيرا على شرح الجوجري هذا، فهو قد قام بنقل غالب التعليلات التي ذكرها الجوجري وأحيانا ينقل عبارات كاملة بنصها دون الإشارة إلى مؤلفه(1).
وكذلك فعل العدوي في حاشيته على شرح شذور الذهب والفاكهي في شرحه على القطر، والشيخ خالد الأزهري في التصريح، فقد نقل عنه نصين كاملين إلا أنه لم يصرّح بالجوجري، بل قال: "قال بعضهم"(2).
ومن هؤلاء تلميذه معمر بن يحيي المكي، فقد نقل عنه نصوصا كثيرة في كتابه (التعليقة المفيدة في العربية) وقد صرح في كثير من المواضع بنقله عن هذا الكتاب. وسيأتي لهذا مزيد بحث في المطلب الثامن.
__________
(1) ينظر شرح الشذور لزكريا الأنصاري الورقة [4/ أ] و [الورقة 31/ أ].
(2) تنظر ص 700، 741 ... .(22/14)
تاسعاً: ظهور شخصية مؤلف هذا الكتاب من خلال شرحه فهو لا يكتفي بإيراد الأقوال فقط، بل يورد الأقوال مقرونة بالأدلة ويناقش ويورد اعتراضات عليها ويجيب عن الاعتراضات التي ترد على القول الذي اختاره أو رجحه. ولكنه يعترض بأسلوب مؤدب، فكثيرا ما يقول: "وهذا القول فيه نظر" (1) ونحو ذلك، تأدبا مع كبار العلماء.
عاشراً: يصرح الجوجري أحيانا بالسماع من بعض شيوخه مما يعطي النص توثيقا أكثر، فقد ذكر العلماء أن تلقي العلم بالسماع هو أعلى مراتب التحمل.
قال في باب العَلَم: "وسمعت من بعض الأشياخ المحققين رحمه الله أن التحقيق هو الأول لثلاثة أوجه.. (2)".
هذه بعض المزايا التي ظهرت لي في أثناء قراءتي لهذا الشرح الكبير.
وعلى الرغم من محاسن هذا الكتاب فإنه لا يخلو أيضا من بعض المآخذ والاعتراضات التي لا يخلو منها كتاب من كتب البشر، فقد قال الإمام الشافعي رحمه الله : "أبى الله لغير كتابه أن يتم".
فمن المآخذ على كتاب شرح شذور الذهب للجوجري ما يلي:
أولا: لم يبين الشارح في مقدمته منهجه الذي اتبعه في شرحه للكتاب، وإنما ذكر مقدمة مقتضبة بيّن فيها هدفه من تأليف الكتاب.
ثانيا: وقوع الشارح في بعض الأخطاء في حالات مختلفة، وذلك كما يلي:
1- أنه قد يذكر الآية دون ذكر موضع الاستشهاد منها: فقوله تعالى: {يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ} استشهد بها على جواز تعليق ما ينصب ثلاثة مفاعيل واقتصر على هذا الجزء من الآية(3)، مع أن الشاهد في آخرها، وهو كسرة همزة (إن) في قوله تعالى: {إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ.}.
2- من خلال عزوه لبعض الآراء النحوية، فقد نَسَب لبعض العلماء أقوالا ليست لهم.
من ذلك ما نسبه لأبي علي الشلوبين في باب ظرف المكان من أنه يقول:"إن مفيد المقدار داخل في المبهم"(4).
__________
(1) تنظر مثلا ص 741 .
(2) تنظر ص 292 .
(3) تنظر صفحة 672.
(4) تنظر ص 436.(22/15)
والمعروف عنه أنه يقول: إن المقدر ليس داخلا في المبهم، كما ذكر ذلك في التوطئة، ونسبه له العلماء.
ولكن هذا نادر و قليل جدا، ولا يكاد يعدو ما ذكرته.
3- من خلال نسبته نصوصا لبعض الكتب النحوية، وهي غير موجودة في هذه الكتب.
فمن ذلك قوله في ص 801 : "ووقع في شرح المصنف التمثيل لهذا بقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ}.
وهذه الآية لم ترد في شرح الشذور أصلا، وقد أوضحت ذلك في الحاشية.
وقوله في ص 148 عند تعريفه للإسناد: "قال في التسهيل: تعلق خبر بمخبر عنه أو طلب بمطلوب".
وهذا القول لم يرد في التسهيل لابن مالك بل في شرح التسهيل.
ثالثا: توهمه أن (الناقص) في قول العرب: (الناقص والأشج أعدلا بني مروان) هو الوليد بن اليزيد(1).
بينما المعروف أن المراد بالناقص هنا هو (يزيد بن الوليد بن عبدالملك) كما بينت ذلك في موضعه.
رابعا: استشهاده ببيت لشاعر متأخر زمانه عن عصور الاحتجاج، وهو أبو فراس الحمداني(2).
ولعل عذر (الشارح) في ذلك أن كثيرا من النحويين قد ذكروا هذا البيت فلعله اتبع طريقتهم، أو أنه ذكر هذا البيت من باب التمثيل فقط، بدلالة ذكره بيتا قبله شاهدا على القضية نفسها.
المطلب السابع: موازنة بين "شرح شذور الذهب للجوجري"
و"شرح شذور الذهب لابن هشام".
لاشك أن الموازنة بين كتب العلماء من أدق الأمور وأصعبها لأنها تحتاج إلى قراءة متأنية لكل فقرة من فقرات هذه الكتب.
وقد جرت عادة الباحثين بعقد موازنات بين الكتاب الذي يبحثون فيه وكتاب آخر يماثله في موضوعه.
فاخترت كتاب (شرح شذور الذهب) لابن هشام لأعقد موازنةً بينه وبين موضوع الرسالة، وهو (شرح شذور الذهب) للجوجري.
وبعد قراءتي للكتابين خرجت بفوارق أساسية وعامة بين الكتابين ألخصها فيما يلي:
1- لم يذكر الجوجري في مقدمته المنهج الذي اتبعه في الشرح، بينما ذكر ابن هشام منهجه الذي سار عليه في مقدمته للكتاب.
__________
(1) تنظر ص 727.
(2) وذلك في ص 352 .(22/16)
2- حَرَص الجوجري على ذكر مناسبة كل نص لما قبله(1)، حتى يكون الكتاب متسلسلا من أوله إلى آخره، لكن ابن هشام لم يذكر ذلك ولم يهتم به.
3- كان الجوجري يفسر متن (شذور الذهب) كلمة كلمة، ويعلق على كل نص منها، أما ابن هشام فكان يشرح النص كاملا دون تفسير لكلماته أو جزئياته.
4- اهتم الجوجري بذكر التنبيهات التي يلحقها في آخر كل باب ويودعها ذكر الخلافات النحوية والاعتراضات على بعض الأقوال والإجابة عنها ولم يرد ذكر لهذه التنبيهات في كتاب ابن هشام.
5- ينص الجوجري على ذكر المذاهب النحوية في المسائل الخلافية، وأقوال العلماء وأدلتهم في الغالب، ولم يهتم ابن هشام بذكر الخلافات النحوية إلا نادراً.
6- شرح شذور الذهب لابن هشام كتاب تعليمي، كما ذكر ذلك الأستاذ سعيد الأفغاني(2).
أما شرح الشذور للجوجري فهو كتاب مبسوط، توسع فيه شارحه جداً فأورد الأقوال والمذاهب والتعليلات.
7- كتاب الجوجري فيه مناقشة لأقوال العلماء واعتراضات عليها مع الاهتمام بذكر التعليلات النحوية(3)، بينما خلا كتاب ابن هشام من كل ذلك.
هذه أهم الظواهر التي برزت لي أثناء قراءتي لهذين الكتابين.
ولو أردنا أن نُطَبّق هذه الظواهر على الكتابين فلنأخذ مثلا باب الصفة المشبهة، فنسجد الفرق واضحا بين الكتابين من حيث الأسلوب والمنهج.
وفيما يلي سأنقل من هذا الباب نصوصا من كلا الكتابين.
قال ابن هشام في باب الصفة المشبهة(4):
__________
(1) ينظر على سبيل المثال ص 141، 143، 150، 269، 319، 728.
(2) ينظر كتاب (من تاريخ النحو) للأستاذ سعيد الأفغاني ص 204.
(3) تنظر الصفحات 173، 183، 199، 256، 330، 454، 591، 758، 851.
(4) شرح شذور الذهب ص 396- 399.(22/17)
"الخامس من الأسماء العاملة عمل الفعل الصفة المشبهة"، ثم قال: ومثال ذلك قولك: (زيد حسن وجهَِه) بالنصب أو الجر، والأصل (وجهُه) بالرفع، لأنه فاعل في المعنى؛ إذ الحُسْن في الحقيقة إنما هو للوجه، ولكنك أردت المبالغة فحولت الإسناد إلى ضمير زيد، فجعلت (زيدا) نفسه حسنا وأخرت (الوجه) فضلةً، ونصبته على التشبيه بالمفعول به، لأن العامل، وهو (حَسَن) طالب له من حيث المعنى، لأنه معموله الأصلي، ولا يصح أن ترفعه على الفاعلية والحالة هذه لاستيفائه فاعله، وهو الضمير، فأشبه المفعول في قولك: زيد ضارب عمرًا لأن (ضاربا) طالب له، ولا يصح أن ترفعه على الفاعلية، فنُصب لذلك. فالصفة مشبهة باسم الفاعل المتعدي لواحد، ومنصوبها يشبه مفعول اسم الفاعل. ثم لك بعد ذلك أن تخفضه بالإضافة، وتكون الصفة حينئذ مشبهة أيضا، لأن الخفض ناشئ على الأصح عن النصب، لا عن الرفع، لئلا يلزم إضافة الشيء إلى نفسه، إذ الصفة أبداً عين مرفوعها وغير منصوبها.." ثم ذكر بعد ذلك الفوارق بين الصفة المشبهة واسم الفاعل.
ثم قال: "ثم بينت أن الخفض له وجه واحد وهو الإضافة، وأن الرفع له وجهان، أحدهما أن يكون فاعلا، والثاني أن يكون بدلا من ضمير مستتر في الصفة، وأن النصب فيه تفصيل، وذلك أن المنصوب إن كان نكرة ففيه وجهان؛ أحدهما:
أن يكون انتصابه على التشبيه بالمفعول به، والثاني: أن يكون تمييزاً.
وإن كان معرفة امتنع كونه تمييزا، وتعيَّن كونه مشبها بالمفعول به، لأن التمييز لا يكون إلا نكرة.
ثم بينت أن جواز الرفع والنصب مطلق، وأن جواز الخفض مقيد بألاّ تكون الصفة بأل والمعمول مجرد منها ومن الإضافة لتاليها، وتضمن ذلك امتناع الجر في (زيد الحسنُ وجهَه) و(الحسن وجهُ أبيه) و (الحسنُ وجها) و(الحسنُ وجهُ أبٍ").(22/18)
وقال الجوجري في باب الصفة المشبهة(1): "هذا هو الخامس مما يعمل عمل الفعل، وهي الصفة المشبهة باسم الفاعل، وميزها الشيخ بقوله: (كل صفة صح..) إلى آخره، فقوله: (كل صفة) بمثابة الجنس، يدخل فيه اسم الفاعل والمفعول والمثال وغيرها.
وقوله: (صح تحويل إسنادها..) إلى آخره بمثابة الفصل، ويخرج ما عداها من الصفات.
واعلم أن اسم المفعول يصح أن يضاف إلى مرفوعه معنى، وإضافته تستلزم تحويل إسناده إلى ضمير موصوفه، نحو (زيد محمود المقاصد) والأصل: محمودة مقاصده، ثم حولت الإسناد إلى ضمير (زيد) ثم أضفت فقلت: محمود المقاصد، وهو حينئذ جار مجرى الصفة المشبهة، فلا يضر دخوله في مميز الصفة.
وقد اقتضى كلام المصنف أن اسم الفاعل لا يصح تحويل إسناده إلى ضمير موصوفه".
ثم أحال القارئ في هذه القضية على ما ذكره في باب المشبه بالمفعول به.
بعد ذلك ذكر الأمور التي خالفت الصفة المشبهة فيها اسم الفاعل كما ذكرها ابن هشام، ثم زاد على ما ذكره وجهين آخرين، فقال: "ومن وجوه الافتراق غير ما ذكره الشيخ، أنها تصاغ من اللازم دون المتعدي، وهو يصاغ منهما. ومنها أنها تكون مجارية للفعل كطاهر، وغير مجارية له وهو الغالب في المبنية من الثلاثي كحسن وجميل وضخم، واسم الفاعل لا يكون إلا مجاريا".
ثم ذكر بعد ذلك أوجه الاشتراك والموافقة بين الصفة المشبهة واسم الفاعل فقال: "وذلك من أوجه:
أحدها: أن كلاً منهما يدل على حدث ومن قام به.
الثاني: أنهما يذكّران ويؤنثان.
الثالث: أن كلاً منهما يُثنَّى ويجمع.
الرابع: أن عملهما مشروط بالاعتماد المشروط في عمله، على ما تقدم فيه،من غير فرق. لأنه إذا شرط في اسم الفاعل الذي هو الأصل المشبه به ففي الفرع المشبه الذي هو الصفة أولى.
__________
(1) شرح الشذور للجوجري ص 694 .(22/19)
ثم تابع شرحه للصفة المشبهة بعد أن ذكر فقرة من الشذور، فقال: "الصفة المشبهة واسم الفاعل مشتركان في العمل، ومختلفان في التوجيه في الجملة. فوجه الرفع فيها الفاعلية أو الإبدال من الضمير، ووجه النصب في المعرفة التشبيه بالمفعول به، وفي النكرة التمييز، ووجه الجر الإضافة.
فقوله: (فاعلا أو بدلا) أي في كل مرفوع. وقوله: (مشبها أو تمييزا) أي مشبها في المعرفة وتمييزا في النكرة. وقوله: (بالإضافة) أي أن الجر بسبب الإضافة، فلا ينافي ذلك كون العامل الإضافة، وهذه العبارة تكررت للمصنف ولغيره من النحاة، واعتُرض على ظاهرها، وقد علمت اندفاعه.
وقوله: (إلا..) إلى آخره بيان لما يستوفى من عمل الصفة للجرّ وهو يحتاج إلى تمهيد، فنقول: إن الصفة تارة تكون بأل، وتارة تكون مجردة منها، وهي إما رافعة أو ناصبة أو جارة. فهذه ثلاثة أحوال مضروبة في حالتي اقترانها بأل وتجردها منها، تصير ستة، والمعمول له مع كل من هذه الستة ست حالات، لأنه إما بأل كالوجه، أو مضاف لما هو بأل كوجه الأب، أو مضاف للضمير كوجهه، أو مضاف لمضاف للضمير كوجه أبيه، أو مجرد كوجه، أو مضاف إلى المجرد كوجه أب، فتصير الصور ستا وثلاثين صورة، كلها تؤخذ من إطلاقه.
إذا علمت ذلك، فقوله: (إلا إن كانت بأل وهو عار منها) استثناء من قوله: (أو تجره) فقط، أي أنك ترفع معمول الصفة وتنصبه مطلقا وتجره إلا إن كان.. إلى آخره.
فدخل تحته أربع صور ممنوعة:
الأولى: أن تكون الصفة بأل والمعمول مجرور مضاف إلى ضمير، نحو (الحسن وجهه).
الثانية: أن تكون بأل والمعمول مجرور مضاف إلى مضاف إلى الضمير، نحو (الحسن وجه أبيه).
الثالثة: أن تكون بأل والمعمول مجرور مجرد من أل والإضافة، نحو (الحسن وجهٍ).
الرابعة: أن تكون بأل والمعمول مجرور مضاف إلى المجرد من أل والإضافة، نحو (الحسن وجهِ أبٍ) لأن الصفة في كل من هذه الصور بأل والمعمول في كل منها عارٍ من أل.(22/20)
ثم نقل عن بعض المتأخرين أنه أوصل الصور الحاصلة من الصفة ومعمولها إلى أربعة عشر ألف صورة ومائتين وست وخمسين صورة.
ثم أخذ في تفصيل هذه الصور وذكر حالاتها مستشهدا لكل حالة ببعض الشواهد الشعرية والنثرية أو مُمثِّلاً لها بالأمثلة.
ولو نظرنا إلى الشواهد في هذا الموضع لرأينا أن ابن هشام لم يستشهد فيه بأي شاهد، بينما استشهد فيه الجوجري بثلاثة شواهد شعرية وقولين من أقوال العرب.
المطلب الثامن: أثر هذا الشرح فيمن بعده
شرح شذور الذهب للجوجري مصدر مهم لكثير من المؤلفين الذين جاؤوا بعده، خصوصا الذين قاموا بشرح شذور الذهب أو كتبوا حواشي على شروحه، وكذلك تلاميذ الجوجري الذين اهتموا بشرح كتب ابن هشام، ونستطيع أن نتبين تأثر هؤلاء المؤلفين بكتاب الجوجري على النحو التالي:
1- الشيخ زكريا الأنصاري في شرحه على شذور الذهب، المسمى (بلوغ الأرب في شرح شذور الذهب) نقل نصوصا كثيرة عن هذا الكتاب، لكنه لم يصرح باسم الجوجري.
من ذلك ما ورد في (بلوغ الأرب) الورقة 37/ أ: ". لأن الصفة لا تضاف إلى مرفوعها حتى يقدر تحويل إسنادها عنه إلى ضمير موصوفها، لأنهم لو لم يقدروا ذلك لزم إضافة الشيء لنفسه، ولأنهم يؤنثون الصفة في نحو (هند حسنة الوجه). الخ.. وهذا النص بتمامه في شرح الشذور للجوجري .
2- معمر بن يحيى المكي وهو تلميذ للجوجري ويظهر بوضوح أثر هذا الشرح في كتابه (التعليقة المفيدة في العربية) فقد نقل عنه عشرة نصوص صرّح فيها بالنقل من كتاب شيخه (شرح شذور الذهب)، ونقل منه في مواضع غيرها دون تصريح، فمن هذه النصوص:
قوله في ص 131 : "وأما تقديرا فقال شيخنا المحقق شمس الدين الجوجرى في شرحه على الشذور: كأنه أراد بقوله: (تقديراً) نحو سيبويه من الأعلام المبنية إذا كانت مناداة فإن ضمة النداء وهي حركة بناء مقدرة فيه. انتهى".
وهذا النص في شرح الشذور للجوجري ص 227 .(22/21)
وكذلك نقل عنه في الصفحات 136 و147 و193 و228 و 254 و 331و 614و 685 و743.
3- الشيخ خالد الأزهري وهو أيضا من تلاميذ الجوجري نقل عن كتاب شيخه (شرح الشذور) نصين كاملين، إلا أنه لم يصرح باسمه وإنما قال (قال بعضهم)، وهذان النصان وردا في كتابه (التصريح) وهما:
أ- قال في التصريح 1/319 في باب التنازع: "قال بعضهم: وفيه نظر لأن هذا يأتي فيما لو كان السببي منصوبا، نحو (زيدا ضربت وأكرمت أخاه) لأن أحد العامِلَين يعمل في السببي والآخر يعمل في ضميره فيلزم عدم ارتباط ناصب الضمير بالمبتدأ، فلا معنى لتقييد السببي بالمرفوع. قال: ولعل الوجه ما ذكره أبو محمد بن السيد البطليوسي من أن (غريمها) إن رُفع بمعنّى يكون (ممطول) قد جرى على غير من هو له، فيلزم ظهور الضمير، وإن رفع بممطول فهو خطأ، لأنه قد وُصف بمعنّى، والاسم الذي يعمل عمل الفعل إذا وصف لا يعمل شيئا، فلا يجوز مررت بضارب ظريف زيدا". انتهى.
وقائل هذا النص هو الجوجري في (شرح الشذور) ص 741 .
ب- جاء في التصريح 2/85 في باب إعمال الصفة المشبهة أن بعض المتأخرين قد أوصل الصور الحاصلة من الصفة ومعمولها إلى أربعة عشر ألف صورة ومائتين وست وخمسين صورة. ثم أخذ في تفصيل ذلك.
وفي (شرح الشذور للجوجري) نجد هذا النص كاملا من ص 700 إلى 705.
فيظهر أن الشيخ خالد الأزهري قد نقله عن كتاب شيخه الجوجري، ولم يصّرح بذلك.
الخاتمة
وبعد هذه الدراسة المفصلة عن العلامة (شمس الدين الجوجري) وكتابه (شرح شذور الذهب) أريد أن أثبت في هذه الخاتمة أهم الأمور والنتائج التي توصلت إليها من خلال هذه الدراسة، وهي كما يلي:
1- اهتمام علمائنا السابقين بتأليف كتب مختصرة في النحو، ليسهل حفظها على المبتدئين، ومن ذلك كتاب (شذور الذهب) لابن هشام.
وقد اهتم العلماء بهذه المختصرات، فأقاموا حولها الشروح والحواشي والتقريرات، ومن ذلك (شرح شذور الذهب) للجوجري.(22/22)
2- أن هذا الكتاب، الذي بين أيدينا وهو شرح شذور الذهب هو لمحمد بن عبد المنعم الجوجري الشافعي المتوفى سنة (889)ه وليس لابن الهائم، وقد أثبت ذلك بالأدلة الظاهرة في مبحث توثيق نسبة الكتاب.
3- كثرة تلاميذ الجوجري الذين تلقوا العلوم على يديه، وقد ذكرت منهم خمسين تلميذا، وأكثرهم من العلماء الذين لهم باع طويل في التأليف.
4- أن كتاب (شرح شذور الذهب) للجوجري هو أول شرح كامل لشذور الذهب يصل إلينا بعد شرح ابن هشام نفسه، ويتميز (شرح الجوجري) بالبسط والتوسع في استيعاب المسائل النحوية، وذكر مناسبة كل نص لما قبله.
5- اعتماد كثير من المؤلفين المتأخرين على (شرح شذور الذهب للجوجري) وتأثرهم به، والنقل عنه في مواضع كثيرة من كتبهم. منهم الشيخ خالد الأزهري في التصريح ويحيى بن معمر المكي في التعليقة.(22/23)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الحي القيوم، الذي جعل علم النحو مفتاحا للعلوم، وجعل العربية لغة كتابه العظيم ودينه القويم.
والصلاة والسلام على خير الرسل أجمعين وأفصح من نطق بالضاد من العالمين.
وبعد، فإن الله قد حفظ لنا اللغة العربية بحفظه للقرآن العظيم وهيأ لذلك أسباباً، منها اهتمام العلماء بعلم النحو الذي هو عماد العربية فألفوا فيه مصنفات بالغة الأهمية، منذ عصر التأليف وإلى عصرنا الحاضر، كان هدفها الأسمى هو الحفاظ على لغة القرآن العظيم.
وكانت تصانيفهم مختلفة المنهاج بين تصنيف مستقل وشرح مسهب وآخر مختصر.
ومن بين هذه المؤلفات كتاب "شرح شذور الذهب" لمحمد بن عبد المنعم الجوجري المتوفى سنة (889 ه). وهو شرح موسع على كتاب "شذور الذهب" لابن هشام الأنصاري.
ويرجع اختياري لهذا الكتاب، موضوعا لرسالة العالمية (الماجستير) للأهميتة البالغة في نظري والتي تكمن في الأمور التالية:
الأول: أن هذا الكتاب هو أول وأقدم شرح كامل لشذور الذهب يصل إلينا بعد شرح مؤلفه "ابن هشام" وهذه ميزة خاصة به.
الثاني: أن شخصية "الجوجري" لم تدرس من قبل مطلقا، ولم يخرج له أي كتاب من كتبه.
وبهذا تكون دراستي هذه، أول دراسة علمية مفصَّلة وشاملة عن حياة "الجوجري" وآثاره العلمية.
الثالث: أن هذا الكتاب شرح شذور الذهب أحد كتب التراث التي يحرص طلاب العلم على اقتنائها، فأحببت أن أسهم في هذا المجال بإحياء أحد هذه الكتب ونشره بين طلاب المعرفة، لما يحتوي عليه من ثروة علمية كبيرة، ولاسيما أن هذا الكتاب شرح لشذور الذهب، وشروح شذور الذهب لم يطبع منها إلى الآن إلاَّ شرح "ابن هشام" نفسه على الشذور.
وقد استقام عمود هذا البحث على قسمين:
قسم الدراسة، وقسم التحقيق.
القسم الأول: قسم الدراسة، وفيه فصلان:
الفصل الأول: ابن هشام الأنصاري وكتابه "شذور الذهب".
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: التعريف بابن هشام وما يتعلق بحياته العلمية.(23/1)
المبحث الثاني: كتاب شذور الذهب وقيمته العلمية.
الفصل الثاني: الجوجري وحياته العلمية.
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: التعريف بالجوجري.
وتحته ثمانية مطالب:
المطلب الأول: اسمه ونسبه وشهرته.
المطلب الثاني: مولده ونشأته وطلبه للعلم.
المطلب الثالث: ثقافته ومكانته العلمية ووظائفه.
المطلب الرابع: أخلاقه ومناقبه وثناء العلماء عليه.
المطلب الخامس: مذهبه الفقهي والنحوي.
المطلب السادس: شيوخه وتلاميذه.
المطلب السابع: مؤلفاته وآثاره العلمية.
المطلب الثامن: وفاته.
المبحث الثاني: دراسة كتاب "شرح شذور الذهب" للجوجري
وتحته ثمانية مطالب:
المطلب الأول: موضوع الكتاب وعنوانه.
المطلب الثاني: توثيق نسبة الكتاب لمؤلفه.
المطلب الثالث: منهج المؤلف في الكتاب.
المطلب الرابع: مصادر الجوجري في هذا الكتاب.
المطلب الخامس: شواهد الكتاب.
المطلب السادس: نقد الكتاب.
المطلب السابع: موازنة بين شرح شذور الذهب للجوجري
وشرح شذور الذهب لابن هشام.
المطلب الثامن: أثره فيمن بعده.
القسم الثاني: قسم التحقيق، وفيه:
أ - وصف النسخ الخطية.
ب- المنهج المتبع في التحقيق.
ج- النص المحقق.
د- الفهارس الفنية للكتاب.
وفي الختام أرى لزاما علي أن أتقدم بالشكر للعاملين على هذه الجامعة المباركة، وعلى رأسهم معالي مديرها الموقر وجميع القائمين على قسم الدراسات العليا وكلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية، وفي مقدمتهم فضيلة عميد الكلية.
كما أتقدم بخالص الشكر وجزيل العرفان لفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور عبد الفتاح بحيري إبراهيم، الذي تكرم بالإشراف على هذه الرسالة، فقد منحني الكثير من جهده ووقته، و شملني بعلمه الوافر وأدبه الجم، وقد شهد له بذلك تلاميذه وزملاؤه. فجزاه الله عني خير الجزاء.
كما أشكر، كذلك سائر أساتذتي وزملائي الكرام، وكل من أسدى لي معروفا أو عونا في إنجاز هذا العمل المبارك.(23/2)
وأخيرا أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم، وأن يتقبله مني إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والحمد لله أولا وآخرا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد بن عبد الله وآله وصحبه أجمعين.
الباحث: نواف بن جزاء الحارثي
المدينة النبوية
القسم الأول: قسم الدراسة
وفيه فصلان:
الفصل الأول: ابن هشام الأنصاري وكتابه شذور الذهب
وفيه مبحثان:
المبحث الأول: التعريف بابن هشام وما يتعلق بحياته العلمية بإيجاز
هو أبو محمد جمال الدين عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله ابن هشام، الأنصاري الخزرجي، الحنبلي(1).
ولد في القاهرة في شهر ذي القعدة سنة 708 ه، وتلقى فيها أنواع العلوم على أكابر الشيوخ في ذلك العصر، فمن مشايخه الشهاب عبد اللطيف بن المرحّل وتقي الدين السبكي وتاج الدين الفاكهاني ومحمد بن إبراهيم بن جماعة وشمس الدين بن السراج وأبو حيان الأندلسي.
وقد اشتهر ابن هشام بالتواضع والبر والشفقة ودماثة الخلق وشهد له كثير من العلماء بسعة العلم ودقة التصنيف وبراعة التأليف مع التحقيق لكل مسألة يتعرض لها.
أخذ عنه العلم تلامذة كثيرون منهم إبراهيم الأميوطي ونور الدين النابلسي وابن الفرات وناصر الدين النويري وعبدالله بن مفلح المقدسي.
وله مؤلفات كثيرة سيأتي ذكرها فيما بعد.
وقد وافته منيته في شهر ذي القعدة سنة 761ه بالقاهرة، بعد عمرٍ بَلَغَ ثلاثاً وخمسين سنة، رحمه الله.
تراثه العلمي:
__________
(1) تنظر ترجمته في الدرر الكامنة 2/415 وبغية الوعاة 2/68 وشذرات الذهب 6/191 والبدر الطالع 1/400 وهدية العارفين1/465 والأعلام 4/147 ومعجم المؤلفين 6/163. وقد اختصرت ترجمته نظرا لكثرة الدراسات التي كتبت حوله
منها كتاب (ابن هشام الأنصاري آثاره ومذهبه النحوي للدكتور علي فودة نيل) و(المدرسة النحوية في مصر والشام) للدكتور عبد العال سالم مكرم/ 352- 439.(23/3)
خلّف ابن هشام ثروة علمية كبيرة من المؤلفات، والشروح التي تدل على علو كعبه في مجال التأليف والتحقيق. غالبها في النحو والصرف.
وفيما يلي ذكر لمؤلفاته مرتبة حسب الترتيب الأبجدي، مقتصرا على ما ثبتت نسبته له. وهي كما يلي:
1- اعتراض الشرط على الشرط
وهي رسالة صغيرة حول هذا الموضوع، وقد نقلها السيوطي في كتابه الأشباه والنظائر(1).
وقام بتحقيق الرسالة د/ عبد الفتاح الحمّوز، ونشرها سنة 1406ه.
2- الإعراب عن قواعد الإعراب
وهو كتاب يتحدث عن الجملة وشبه الجملة بأحكامهما المختلفة وقد طبع الكتاب أكثر من مرة (2).
وقام بتحقيقه د/ رشيد العبيدي ونشره في بيروت سنة 1970م ثم نشر مرة أخرى في الرياض 1981م بتحقيق د/ علي فودة نيل.
3- إعراب "لا إله إلا الله"
وهي رسالة صغيرة تقع مخطوطة في اثنتي عشرة صفحه في مكتبة عارف حكمت ضمن مجموع برقم 288.
وقد حققها الدكتور حسن الشاعر ونشرها في مجلة الجامعة الإسلامية في العددين 81- 82، سنة 1409ه.
4- إعراب {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}.
وقد أوردها السيوطي في الأشباه والنظائر(3).
5- إقامة الدليل على صحة التمثيل وفساد التأويل
وهي رسالة وضعها المصنف ردا على اعتراض ورد إليه لذكره أمثله في التصريف. وهي تتعلق بالأبنية.
وقد نشر الرسالة د/ هاشم طه شلاش في مجلة كلية الآداب ببغداد العدد السادس عشر.
6- أنت أعلَم ومالُك
وهي رسالة صغيرة أوردها السيوطي في الأشباه والنظائر (4).
7- الألغاز النحوية
وهي رسالة صغيرة في أبيات من الشعر مصعبة المباني مغمضة المعاني وقد ألغز قائلها إعرابها.
وقد طبع الكتاب مع حاشية الغزي عليه(5).
__________
(1) الأشباه والنظائر 7/107.
(2) ينظر: (ابن هشام الأنصاري) للدكتور علي فودة ص 23.
(3) الأشباه والنظائر 7/ 84.
(4) الأشباه والنظائر 7/68.
(5) ينظر (ابن هشام الأنصاري للدكتور على فودة) ص 187.(23/4)
ثم طبع مفردا بتحقيق أسعد خضير في دمشق سنة 1393ه.
8- أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك
وهو كتاب مشهور متداول.
9- التحصيل والتفصيل لكتاب التذييل والتكميل
وهو كتاب كبير يقع في مجلدات(1).
10- تخليص الشواهد وتلخيص الفوائد
وهو شرح شواهد ابن الناظم على الألفية، ولكنه لم يتمه، وقد نشره محققاً د/ عباس الصالحي في بيروت 1406ه.
19- التذكرة في العربية
نسب هذا الكتاب لابن هشام أكثر من ترجموا له، وذكروا أنه يقع في خمسة عشر مجلدا(2).
12- توجيه النصب في إعراب و"فضلاً"، "خلافاً"، و"أيضاً" و"هلم جَرًّا".
وهي رسالة صغيرة في توجيه النصب في ألفاظ مشهورة استعملها الناس قديما وحديثا.
وقد قام بتحقيق الرسالة د/ حسن موسى الشاعر، وصدرت طبعته الأولى في عمّان سنة 1404ه.
13- الجامع الصغير في النحو
نشر الكتاب مرتين الأولى بتحقيق محمد شريف الزيبق في دمشق سنة 1388ه والثانية في القاهرة بتحقيق د/ أحمد الهرميل سنة 1400ه.
14- حواشٍ على الألفية (3)
ومنه نسخة مخطوطة بدار الكتب المصرية برقم (187 - نحو (4).
15- حواشي التسهيل
ذكره السيوطي والشيخ خالد الأزهري(5)، وكذلك ذكرها الشمني(6) عند حديثه عن (قط).
قال الشيخ خالد في التصريح 1/128: "قاله الموضح في حاشيته على التسهيل، ومن خطه نقلت". وهذا يدل دلالة قاطعة على نسبة الكتاب لابن هشام، وإن كان مفقوداً.
16- رسالة في الأسماء (أسماء خيل السباق)
تقع الرسالة في ثماني ورقات ضمن المخطوط رقم (545) مجاميع بدار الكتب المصرية(7).
__________
(1) ينظر بغية الوعاة 2/69 وشذرات الذهب 6/192 والبدر الطالع 1/401.
(2) ينظر الدرر الكامنة 6/412 وبغية الوعاة 2/69 والبدر الطالع 1/ 401.
(3) بغية الوعاة 2/69 وشذرات الذهب 6/ 192.
(4) مقدمة نزهة الطرف لابن هشام تحقيق د/ هريدي ص 31.
(5) بغية الوعاة 2/69 والتصريح 1/125- 128.
(6) المنصف من الكلام 2/11.
(7) مقدمة ((نزهة الطرف)) لابن هشام تحقيق د/ هريدي ص 37.(23/5)
17- رسالة في استعمال المنادى في تسع آيات من القرآن الكريم
ومنها نسخة بمكتبة برلين برقم (6884)(1).
18- رسالة في الشروط التي يتحقق بها التنازع
وقد أوردها السيوطي في الأشباه والنظائر(2).
19- رسالة في الكلام على "إنما".
أوردها السيوطي في الأشباه والنظائر(3).
20- رسالة في قول السهيلي "أول ما أقول إني أحمد الله" بكسر همزة "إن" وأشار د/ أحمد عبد المجيد هريدي إلى أنها تقع في ورقتين بالمخطوط (102) مجاميع تيمور(4).
21- رسالة في قوله تعالى:{لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ }
أشار د/ هريدي إلى أنها تقع في ورقتين ضمن المخطوط رقم 102 مجاميع تيمور(5).
22- رسالة في كاد، وأخواتها
لها نسخة بدار الكتب المصرية تحت رقم 697 نحو (6).
23- رسالة في معاني حروف الجر
لها نسخة بدار الكتب المصرية تحت رقم 96 نحو(7).
24- رفع الخصاصة عن قراء الخلاصة(8)
25- شذور الذهب، وهو مطبوع وسيأتي الكلام عليه
26- شرح التسهيل
ذكره ابن حجر والسيوطي وابن العماد الحنبلي والشوكاني(9) وذكروا أنه لم يتمه.
27- شرح شذور الذهب
وهو شرح على متن الشذور السابق، وقد نشره الشيخ محي الدين عبدالحميد بالقاهرة.
28- شرح قصيدة بانت سعاد
وقد طبع الكتاب مراتٍ عدةٍ (10)، وكان آخرها بتحقيق د/ محمود أبو ناجي في دمشق سنة 1982 م.
29- شرح قطر الندى وبل الصدى
وهو شرح لكتابه قطر الندى، وقد نشره الشيخ محي الدين عبدالحميد.
__________
(1) المرجع السابق ص 38.
(2) الأشباه والنظائر 7/ 252- 262.
(3) الأشباه والنظائر 7/ 241- 247.
(4) مقدمة نزهة الطرف لابن هشام ص 37.
(5) المرجع السابق.
(6) مقدمة شرح اللمحة البدرية تحقيق د/ هادي نهر 1/82.
(7) المرجع السابق.
(8) الدرر الكامنة 2/416 وبغية الوعاة 2/ 69 وشذرات الذهب 6/ 192.
(9) الدرر الكامنة 2/416 وبغية الوعاة 2/ 69 وشذرات الذهب 6/ 192 والبدر الطالع 1/401.
(10) ينظر في ذلك (ابن هشام الأنصاري د/ علي فودة) ص 163.(23/6)
30- شرح اللمحة البدرية لأبي حيان
وقد حقق الكتاب مرتين، الأولى في بغداد سنة 1977م بتحقيق د/هادي نهر والثانية في القاهرة سنة 1405ه بتحقيق د/ صلاح روّاي، وهي أفضل من الأولى.
31- عمدة الطالب في تحقيق تصريف ابن الحاجب، في مجلدين
نسبه له ابن حجر والسيوطي وابن العماد والشوكاني(1).
32- فوح الشذا بمسألة كذا
وقد نشر الرسالة د/ أحمد مطلوب ببغداد سنة 1963 م كما حققَتْها أيضا د/ سهير محمد خليفة بالقاهرة سنة 1988 م.
33- قطر الندى وبل الصدى
وهي مقدمة صغيرة في النحو، وقد شرحها ابن هشام كما سبق.
34- المباحث المرضية المتعلقة ب"من الشرطية"
وهي رسالة صغيرة قام بتحقيقها د/ مازن المبارك سنة 1408ه.
35- المسائل السفرية
وهي أبحاث نحوية في مواضع من القرآن الكريم، وقد حققها د/علي حسين البواب في الرياض 1402ه.
36- مسألة في إعراب "خير" في قول جابر "كان يكفي من هو أوفى منك شعرا وخير منك" أوردها السيوطي في الأشباه والنظائر(2).
37- مسألة في الاختلاف في قول القائل: "كأنك بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تزل" أوردها السيوطي في الأشباه والنظائر(3).
38- مسألة في شرح حقيقة الاستفهام والفرق بين أدواته
أوردها السيوطي في الأشباه والنظائر (4). ومنه نسخة بمكتبة خسرو باشا بتركيا (5).
39- مسألة في تعدد ما بعد "إلا" على ثلاثة أقسام
ومنه نسخة بمكتبة خسرو باشا بتركيا(6).
40- مسألة في تصغير ووزن "يحيى"
أوردها السيوطي في الأشباه والنظائر(7).
41- مغني اللبيب عن كتب الأعاريب
__________
(1) الدرر الكامنة 2/416 وبغية الوعاة 2/69 وشذرات الذهب 6/192 والبدر الطالع 1/401.
(2) الأشباه والنظائر 7/93.
(3) الأشباه والنظائر 7/58.
(4) الأشباه والنظائر 7/42.
(5) تنظر مقدمة المسائل السفرية تحقيق د/ الضامن ص 6.
(6) المرجع السابق.
(7) الأشباه والنظائر 4/266.(23/7)
وهو أشهر كتب ابن هشام وأعظمها، وقد طبع طبعات عدة آخرها نشرة الشيخ محي الدين عبد الحميد بالقاهرة ثم حققه د/ مازن المبارك وعلى حمد الله في دمشق سنة 1964 م.
42- الموارد إلى عين القواعد
وهو اختصار لكتابه "الإعراب عن قواعد الإعراب" ويسمى أيضا النكت المختصرة من قواعد الإعراب، والقواعد الصغرى وهي رسالة صغيرة، وقد نشرها حسن إسماعيل مروة تحت اسم (القواعد الصغرى) في ضمن كتابه (من رسائل ابن هشام النحوية).
43- موقد الأذهان وموقظ الوسنان
وهو ألغاز نحوية وأدبية، وقد طبعت طبعات كثيرة.
وقام د/ علي فودة نيل بتحقيقها ونشرها في مجلة كلية الآداب بالرياض سنة 1980 م، كما نشرها حسن إسماعيل مروة في ضمن كتابه (رسائل ابن هشام النحوية).
44- نزهة الطرف في علم الصرف
وقد ذكره السيوطي في كتابه (النكت على الكافية والخلاصة وشذور الذهب ونزهة الطرف) ونقل منه نصوصا(1)
وذكره أيضا ابن حميد المكي في كتابه (السحب الوابلة)(2).
وقد قام د/ أحمد عبد المجيد هريدي بتحقيقه تحقيقاً علمياً ونشره سنة 1410ه - 1990م.
وأنكر نسبته إليه بعض المحققين، بناء على أن المعروف أن هذا الكتاب للميداني(3).
وقد نشر كتاب الميداني أيضاً وتصفحت الكتابين فاتضح لي أن بينهما فوارق جوهرية.
قال د/ السيد عبد المقصود: "تأكد لي بما لا يدع مجالا للشك أن ما نقله السيوطي في النكت عن كتاب ابن هشام (نزهة الطرف) بعيد كل البعد عن (نزهة الطرف) للميداني..." (4).
المبحث الثاني:كتاب شذور الذهب وقيمته العلمية
"شذور الذهب" لابن هشام من كتب النحو المختصرة وهو على اختصاره جامع لغالب أبواب النحو.
منهجه:
__________
(1) تنظر مقدمة نزهة الطرف للميداني بتحقيق د/ السيد عبد المقصود ص 4.
(2) السحب الوابلة لابن حميد ص 271
(3) ينظر (ابن هشام الأنصاري للدكتور على فودة نيل) ص.35.
(4) مقدمة نزهة الطرف للميداني تحقيق د/ السيد عبد المقصود.(23/8)
سار ابن هشام في تبويبه لكتاب شذور الذهب على طريقة مختلفة عما ألف في كتب النحو المعروفة في بعض المواضع، فقد بنى كتابه على مقدمة وأربعة عشر باباً مشتملة على بعض الفصول.
أولاً: المقدمة.
وقد عرف فيها الكلمة وأنواعها وعلامة كل نوع، ثم ذكر تعريف الكلام وأقسامه.
ثانيا: الأبواب.
الباب الأول عن الإعراب وأنواعه وعلاماته الأصلية ثم العلامات الفرعية بأبوابها المختلفة. ثم ذكر فصلا في الإعراب التقديري.
الباب الثاني في البناء عَرَّف فيه البناء وذكر أنواع المبنيات وقسَّمها تقسيماً جديداً لم يُسبق إليه.
قال السيوطي في كتابه المطالع السعيدة(1): "قسَّم ابن هشام في الشذور المبني تقسيماً غريباً لم يُسْبَق إليه، وجعله على أقسام وقد تبعته على ذلك..".
فقد قسم علامات البناء ثمانية أقسام، جعلها أبوابا
الأول: ما لزم البناء على السكون.
الثاني: ما لزم البناء على السكون أو نائبه.
الثالث: ما لزم البناء على الفتح.
الرابع: ما لزم البناء على الفتح أو نائبه.
الخامس: ما لزم البناء على الكسر.
السادس: ما لزم البناء على الضم.
السابع: ما لزم البناء على الضم أو نائبه.
الثامن: ما ليس له قاعدة مستقرة.
ثم عقد بابا ذكر فيه النكرة والمعرفة، ثم أقسام المعرفة.
وبعد ذلك ذكر "المُعْرَبَات" وقسمها تقسيماً حاصراً، فبدأ أولاً بالمرفوعات من الأسماء والأفعال وهي عشرة أنواع، ثم ذكر المنصوبات من الأسماء والأفعال وهي خمسة، ثم ذكر المجرورات، وجعلها ثلاثة أقسام، ثم ذكر المجزومات، وأنواع ا لجوازم.
وبعد أن انتهى من ذلك ذكر العوامل من الأفعال والأسماء المشبهة لها، وفي باب عمل الفعل ذكر مبحثا بديعا في تقسيم الفعل بحسب المفعول به فجعله - بحسب ذلك - سبعة أنواع:
النوع الأول: ما لا يتعدى إلى المفعول أصلا، وهو اللازم، وذكر له سبع علامات.
__________
(1) المطالع السعيدة في ضمن الفرائد الجديدة 1/55.(23/9)
النوع الثاني: ما يتعدى إلى مفعول واحد دائما بحرف الجر نحو (غَضِبَ) و(مَرّ).
النوع الثالث: ما يتعدى إلى مفعول واحد دائما بنفسه كأفعال الحواس.
النوع الرابع: ما يتعدى إلى مفعول واحد تارة بنفسه، وتارة بحرف الجر نحو (شَكَر) و(نَصَح) و(قَصَد).
النوع الخامس: ما يتعدى لمفعول واحد تارة بنفسه ولا يتعدى إليه أخرى لا بنفسه ولا بالجار، نحو (فَغَر) و (شَحَا).
النوع السادس: ما يتعدى إلى اثنين، وجعله قسمين:
ما يتعدى لمفعولين تارة ولا يتعدى إليهما تارة أخرى، نحو: (نقص).
وما يتعدى إليهما دائما، وهو ثلاثة أقسام:
الأول: ما ثاني مفعوليه كمفعول (شكر) وهي عشرة أفعال.
الثاني: ما أول مفعوليه فاعل في المعنى، نحو (أَعْطى) و (كسَا).
الثالث: ما أول مفعوليه وثانيهما مبتدأ وخبر في الأصل وهو أفعال القلوب.
النوع السابع: ما يتعدى إلى ثلاثة مفاعيل، وهي سبعة أفعال، هي (أَعْلَم) و(أرَى) وما ضُمّن معناهما.
بعد ذلك عقد باباً للأسماء العاملة عمل الفعل، وعددها عشرة أسماء.
ثم ذكر باب التنازع، ثم باب الاشتغال
وعقَّب على ذلك بذكر التوابع، وأقسامها الخمسة ثم بيَّن أحكام تابع المنادى. وبعد ذلك عقد بابا بيّن فيه (موانع الصرف).
ثم ختم كتابه بباب العدد وكنايات العدد.
أما بالنسبة لشواهد "شذور الذهب" فإنه كان يستشهد بالآيات القرآنية وأشعار العرب المحتج بشعرهم.
وقد بلغت الشواهد الشعرية فيه سبعة عشر بيتا.
أهم الشروح والحواشي على "شذرو الذهب":
شذور الذهب من أهم المختصرات النحوية التي جمعت غالب أبواب النحو، ولكونه مختصرا كان بحاجة إلى شرح وتوضيح، لذلك كثرت حوله الشروح والحواشي والتقريرات، وكذلك كثرت الشروح حول شواهده.
وقد بلغت شروح شذور الذهب التي وصلت إلينا عشرة شروحات، وبلغت الحواشي على شرح الشذور لابن هشام تسع حواش.
وفيما يلي ذكر لأهم شروح هذا الكتاب:
1- شرح شذور الذهب لابن هشام المتوفى سنة 761 ه.(23/10)
2- شرح الصدور لشرح زوائد الشذور لمحمد بن عبد الدائم البرماوي المتوفى سنة 831 ه(1).
وقد نسبه حاجي خليفة(2) لبدر الدين حسن بن أبي بكر بن أحمد القدسي الحلبي المتوفى سنة 836ه.
وهذا الكتاب جعله مؤلفه خاصا بشرح الكلمات أو الجمل التي ذكرت في "شذور الذهب" ولم يشرحها ابن هشام في شرحه على الشذور.
قال في مقدمته(3): "لما كان كتاب شذور الذهب للعلامة أستاذ المتأخرين جمال الدين عبد الله بن هشام الأنصاري مختصرا جمع مبسوطات في العربية وأنموذجا لمفصّل قواعدها الكلية، وقد شرحه مصنفه رحمه الله بشرح كمّل به مقاصده وسهّل به موارده، غير أن في المتن جملاً خلا الشرح من إيضاحها، وقد حَلِي المتن بأوضاحها، كان الشيخ - رحمه الله- زاد بعضها بعد أن تم هذا الشرح واشتهر، وترك بعضها إما لوضوحها أو لغير ذلك مما يعتري البشر، جمعت هذه المواضع على الترتيب، شارحا لها على طريقة التسديد والتقريب.."
ومنه نسخة مصورة بمركز البحث العلمي بجامعة أم القرى تحت رقم (355).
3- السرور في شرح الشذور، لبدر الدين حسن بن أبي بكر بن أحمد القدسي الحنفي المتوفى سنة 831 ه.
ومنه نسخة مخطوطة بالقاهرة برقم (2/116)(4).
4- شرح شذور الذهب لمحمد بن عبد المنعم الجوجري المصري، المتوفى سنة 889 ه.وهو الكتاب الذي بين أيدينا، وسيأتي الكلام عليه بالتفصيل(5).
5- بلوغ الأرب بشرح شذور الذهب.تأليف شيخ الإسلام زكريا ابن محمد بن أحمد الأنصاري المتوفى سنة 926ه.
ولهذا الشرح نسخ كثيرة، أشار لها بروكلمان(6). منها نسخة في (الظاهرية) بدمشق رقم (67).
__________
(1) تنظر ترجمته في الضوء اللامع 7/280 والأعلام 6/188.
(2) كشف الظنون 2/1029.
(3) شرح الصدور لشرح زوائد الشذور (الورقة الأولى).
(4) بروكلمان ذيل 2/ 20.
(5) تنظر دراسة الكتاب ص 77.
(6) بروكلمان ذيل 2/ 19، 30.(23/11)
وله أيضا نسخ بمكتبة الأزهر، منها نسخة برقم (363)(1) وقد حُقِّق الكتاب ودُرِسَ في رسالة علمية بالأزهر.
6- شفاء الصدور بشرح الشذور
تأليف عبد الملك بن جمال العصامي بن صدر الدين بن عصام الإسفرائيني المشهور بملا عصام، المتوفى سنة 1037ه.
وله نسخ في مواضع مختلفة، أشار إليها بروكلمان(2)، ومنه نسخة بمكتبة الأزهر برقم (1788) 2737(3).
أما الحواشي على شرح الشذور لابن هشام فكثيرة منها حاشية عبادة العدوي المتوفى سنة 1193ه.
وقد طبعت هذه الحاشية بالمطبعة الميمنية بالقاهرة سنة 1318ه.
ومنها حاشية الدسوقي محمد بن أحمد بن عرفة المعروف بالدسوقي المالكي المتوفى سنة 1230ه.
ولها نسخة مخطوطة بمكتبة الأزهر برقم (3325) 43061 (4)
ومنها حاشية الأمير محمد بن محمد بن أحمد بن عبد القادر المعروف بالأمير الكبير، المتوفى سنة 1232ه.
وقد طبعت هذه الحاشية مع شرح الشذور لابن هشام في مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر سنة 1359ه.
وهناك حواشٍ وتقريرات أخرى كثيرة على "شذور الذهب"(5).
الفصل الثاني: الجوجري وحياته العلمية
وفيه مبحثان:
المبحث الأول:شمس الدين الجوجري وحياته العلمية
وفيه ثمانية مطالب
المطلب الأول: اسمه ونسبه وشهرته
هو محمد بن عبد المنعم بن محمد بن محمد بن عبد المنعم بن أبي الطاهر إسماعيل، شمس الدين بن نبيه الدين الجوجري، ثم القاهري، الشافعي(6).
__________
(1) فهرس مكتبة الأزهر 4/117.
(2) بروكلمان 2/ 30، 19 ذيل.
(3) ينظر فهرس مكتبة الأزهر 4/273.
(4) ينظر فهرس مكتبة الأزهر 4/158.
(5) ينظر (ابن هشام الأنصاري للدكتور علي فودة نيل) ص 90- 92.
(6) مصادر ترجمته:
... الضوء اللامع 8/123 وبدائع الزهور في وقائع الدهور ص 520 وشذرات الذهب 7/348 والبدر الطالع 2/200 وهدية العارفين 2/212 وبروكلمان 2/120 والأعلام للزركلي 6/251 ومعجم المؤلفين 10/260(23/12)
كذا ساق نسبه السخاوي في الضوء اللامع(1). وتابعه على ذلك كل من ترجم للجوجري، بيد أن بعضهم اختصر نسبه، كالزركلي في الأعلام؛ حيث قال: "محمد بن عبد المنعم بن محمد الجوجري" (2).
أما كنيته فلم تذكر ذلك كتب التراجم، ولكني وجدت في مقدمة كتابه شرح شذور الذهب أنه يكنى بأبي عبد الله؛ حيث جاء فيها "قال الشيخ الإمام العالم العلامة فريد عصره ووحيد دهره أبو عبد الله شمس الدين محمد الشافعي الجوجري..".
أما شهرته فقد اشتهر في بلدته بابن نبيه الدين، واشتهر في غيرها بالجوجري نسبة إلى بلدته التي ولد فيها، كما سيأتي.
قال السخاوي: "ويعرف بين أهل بلده بابن نبيه الدين، وفي غيرها بالجوجري" (3).
وجاء في البدر الطالع للشوكاني أنه (الجرجري) بالراء وليس بالواو، وضبطه بذلك، فقال: "محمد بن عبد المنعم بن محمد بن محمد بن عبدالمنعم بن إسماعيل الجرجري بجيمين ومهملتين" (4).
والصحيح أنه (الجوجري) بالواو، نسبة إلى بلدة (جوجر) قرب دمياط بمصر.
قال الزركلي: "وعرَّفه بعضهم بالجرجري والجوهري وكلاهما تصحيف" (5).
المطلب الثاني: مولده ونشأته وطلبه للعلم.
ولد شمس الدين الجوجري في إحدى الجماديين، سنة إحدى وعشرين وثمانمائة من الهجرة (821) ه، وقيل: في السنة التي بعدها.
قال السخاوي: "ولد في إحدى الجماديين.، والظن أنه الثانية، سنة إحدى وعشرين وثمانمائة أو التي بعدها.. (6)".
وذلك في بلدة (جوجر)، وهي بلدة صغيرة قرب دمياط.
قال ياقوت الحموي: "جَوجَر بجيمين مفتوحتين وراء، بُليدة بمصر من جهة دمياط، في كورة السَّمَنُّودية.. (7)".
وفي هذه البلدة نشأ الجوجري مع عائلته، حتى بلغ السابعة من عمره فتوفي والده هناك، ثم رحل إلى القاهرة بصحبة جده لأبيه.
__________
(1) الضوء اللامع 8/123.
(2) الأعلام 6/251.
(3) الضوء اللامع 8/123.
(4) البدر الطالع 2/ 200.
(5) الأعلام 6/ 251.
(6) الضوء اللامع 8/123.
(7) معجم البلدان 178/2.(23/13)
وحين استقر الجوجري في القاهرة أكبّ على دراسة العلوم وحفظ المتون، وأكمل بها حفظ القرآن الكريم، وحفظ المنهاج في الفقه الشافعي، وألفية ابن مالك في النحو، وكثيرا من المختصرات.
واشتغل بأخذ العلوم عن علماء عصره في صباه فأخذ علم النحو عن كبار العلماء في ذلك العصر، كالشّمُنِّي والكافيجي وجلال الدين المحلّي وأبى القاسم النويري، وغيرهم.
ودرس على هؤلاء العلماء كتب النحو المشهورة، ومنها (شرح التسهيل) لابن مالك، فقد درسه على الكمال بن الهمام. ودرَس (المغني لابن هشام) على الشمني والكافيجي والقاياتي وجلال الدين المحلي.
وفي الصرف قرأ (شرح الجار بردي للشافية) على الشمس البدرشي وفي العروض والقوافي أخذ عن الشهاب الأبشيطي.
وأخذ علم المعاني والبيان عن النويري والكافيجي والقاياتي وزين الدين جعفر العجمي وغيرهم.
ودرس الفقه على شرف الدين السبكي وابن المجدي وعلم الدين البلقيني والقاياتي وجلال الدين المحلي وغيرهم، فأخذ عنهم (التنبيه) و(الحاوي) و(البهجة) و(المنهاج) وكلها كتب مشهورة في الفقه الشافعي.
وقرأ في أصول الفقه على شيخه جلال الدين المحلي (شرحه لجمع الجوامع). وأخذ التفسير عن الشمني والكافيجي وابن حجر.
ودرَس علم الحديث وأصوله على الحافظ ابن حجر وزين الدين الزركشي والقاضي سعد الدين بن الديري، فأخذ عنهم الكتب الستة في الحديث وشرح نخبة الفكر لابن حجر والشفا للقاضي عياض.
وفي علم الرياضيات والفرائض أخذ عن ابن المجدي والبوتيجي(1).
وبهذا نعرف حرص الجوجري على التزوّد من العلوم، وأخذه من كل علم بطرف. حتى أثمرت هذه الدراسة عن ثقافة واسعة في شتى العلوم.
قال عنه العز الحنبلي: "إنه يعرف كل شيء في الدنيا"(2).
المطلب الثالث: ثقافته ومكانته العلمية ووظائفه.
__________
(1) ينظر في ذلك الضوء اللامع 8/123- 124 والبدر الطالع 2/ 200.
(2) ينظر الضوء اللامع 8/125.(23/14)
نال الجوجري ثقافة واسعة، ولم يقتصر على فن معين ولكن برع في العلوم الشرعية واللغوية.
وقد أذن له مشايخه بالإقراء والإفتاء، وتصدى لذلك قديما في حياة كثير من مشايخه، حتى كان شيخه (جلال الدين المحلّي) يرسل له الفضلاء للقراءة عليه في تصانيفه وغيرها.
ونبه كثير من شيوخه بفضله وعلمه، وصار يعرف ب(شيخ القاهرة) (1).
قال السخاوي: "كان المحلّي يرسل له الفضلاء للقراءة عليه في تصانيفه وغيرها ونوّه هو والمناوي به جدا، بل كان المناوي يناوله الفتوى ليكتب عليها، واستنابه في القضاء في ولايته الأولى فباشر قليلا.. (2)".
وقال ابن اياس الحنفي عنه: "كان عالما، فاضلا بارعا في العلوم" (3).
وقد اهتم به طلاب العلم ورحلوا إليه من الأمصار، يؤكد ذلك كثرة تلاميذه الذين أخذوا عنه، ونجد منهم الشامي والمقدسي والمكي واليمني وغيرهم.
قال السخاوي: "وأخذ عنه الفضلاء طبقة بعد أخرى، وصار بأخَرَة شيخ القاهرة، وقسموا عليه الكتب" ثم قال: "واتسعت حلقته جدا سيّما حين تحول للمؤيَّديّة ثم جامع الأزهر، وقصد بالفتاوى.. (4)".
شعره:
كان الجوجري ذا قريحة شعرية، يقول الشعر، وينظم القريض، وقد نظم في بعض العلوم منظومات بديعة، من ذلك منظومة له في (مبدأ نهر النيل ومنتهاه) تقع في 120 بيتا، ذكر فيها أمكنة مقاييس النهر ومن أنشأها من الخلفاء، وتطرق فيها إلى ذكر ما سوى النيل من الأنهار كنهر سيحون ونهر جيحون(5).
وله مراث في شيوخه، ذكر السخاوي(6) أنه كتب له مرثية لشيخه المناوي ومقطوعة في النجم بن فهد.
وله نظم مدح فيه شرحه للإرشاد، قال فيه(7):
ودونك للإرشاد شرحا منقحا
خليقا بأوصاف المحاسن والمدح
تكفل بالتحرير والبحث فارتقى
وفي الكشف والإيضاح فاق على الصبح
__________
(1) ينظر الضوء اللامع 8/124.
(2) الضوء اللامع 8/124.
(3) بدائع الزهور في وقائع الدهور ص 520.
(4) الضوء اللامع 8/124.
(5) ينظر الأعلام 6/ 251.
(6) ينظر الضوء اللامع 8/126.
(7) الضوء اللامع 8/126.(23/15)
بعين الرضا فانظره إن جاء محسنا
فقابله بالحسنى وإلاّ فبالصفح
ومن نظمه أيضا قوله:
قل للذي يدعي حذقًا ومعرفةً ... هون عليك فللأشياء تقدير
دع الأمور إلى تدبير مالكها ... فإن تركك للتدبير تدبير
وفي كتابه هذا (شرح شذور الذهب) نظم بيتاً واحداً جمع فيه موانع الصرف، بألفاظها صريحة، وذلك حين قال: وإن أردت بيتا واحدا يجمعها كلها بصرائح أسمائها من غير اشتقاق، فقل:
جمع ووزن وعدل وصف معرفة تركيب عجمة تأنيث زيادتها(1)
وقد نقل المتأخرون عنه هذا البيت وأُعجِبوا به.
وله غير ذلك من المنظومات، فقد قال السخاوي حين ذكر بعض كتبه: "وغير ذلك من نظم ونثر" (2).
أما الوظائف التي تقلدها فقد ذكر المؤرخون(3) أنه تولى القضاء، والإفتاء والتدريس.
أما القضاء فقد ذكر السخاوي(4) أن الشيخ المناوي وهو من شيوخ الجوجري قد استناب الجوجري في القضاء في أثناء ولايته، فناب عنه فترة وجيزة، ثم تعفف عن ذلك، قال السخاوي: "وحمد العقلاء صنيعه في ترك القضاء".
وأما الإفتاء فقد تصدى للإفتاء قديما في حياة كثير من مشايخه.
قال السخاوي: "كان المحلي يرسل له الفضلاء للقراءة عليه في تصانيفه وغيرها، ونوّه هو والمناوي به جدا، بل كان المناوي يناوله الفتوى ليكتب عليها" (5).
ومعنى قوله: (يناوله الفتوى) أنه كان إذا جاءته قضية أو مسألة يُسأل عن حكمها أرسل بها إلى تلميذه الجوجري ليفتى فيها بما يراه لثقته به. ويأخذ برأيه.
وقال الشوكاني: "ورغب الطلبة إليه وقصد بالفتاوى" (6).
وأما التدريس فقد تولى التدريس في مدارس كثيرة في ذلك العصر، وأخذ عنه الفضلاء طبقة بعد أخرى، وصار شيخ القاهرة في ذلك الوقت.
__________
(1) شرح الشذور ص 869.
(2) الضوء اللامع 8/124.
(3) ينظر الضوء اللامع 8/124 والبدر الطالع 2/ 200 والأعلام 6/251.
(4) الضوء اللامع 8/124.
(5) الضوء اللامع 8/124.
(6) البدر الطالع 2/201.(23/16)
وتزاحم عليه الطلبة، وقسموا عليه الكتب، واتسعت حلقة تدريسه جدا. أما المدارس التي تولي التدريس فيها فهي(1):
1- المدرسة المؤيدية.
2- جامع الأزهر.
3- المدرسة الخشابية.
4- المدرسة الشريفية.
5- المدرسة الظاهرية القديمة بمصر.
6- المدرسة الجانبكية.
7- مدرسة أم السلطان.
8- المدرسة القطبية.
9- المدرسة القجماسية.
10- المدرسة الكاملية.
وقد جاور بمكة المكرمة في سنة تسع و ستين وثمانمائة، وأقرأ الطلبة هناك، ودرسوا عليه.
قال السخاوي: "وبالجملة فمحاسنه جمة والكمال لله" (2).
المطلب الرابع: أخلاقه ومناقبه وثناء العلماء عليه.
كان شمس الدين الجوجري يجمع بين العلم والأخلاق الحميدة، وتلك كانت سمة العلماء العاملين.
وقد أثنى عليه العلماء خيرا، وذكروا من صفاته أنه كان حسن العشرة كثير التودد، متواضعا، ممتهنا لنفسه، غير متأنق في شيء(3).
قال السخاوي: "وقد سمعت العز الحنبلي غير مرة يقول: إنه يعرف كل شيء في الدنيا" (4).
وقال السخاوي أيضا، بعد أن ذكر وظائفه،: "وبالجملة فمحاسنه جمة، والكمال لله". ثم قال في آخر ترجمته له: "وترجمته تحتمل أكثر مما ذكر" (5).
وقال عنه ابن إياس الحنفي: "كان عالما فاضلا، بارعا في العلوم، عارفا بمذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه ورحمه وله عدة مصنفات، وتولى عدّة تداريس، وشهرته تغني عن مزيد التعريف به" (6).
وقال ابن العماد الحنبلي في ترجمته له:"الإمام العالم سليل العلماء" (7).
ومن مناقبه وأخلاقه أيضا كثرة إحسانه للغرباء وتفقّده لأحوالهم وقيامه بشؤونهم وبذل همته في مساعدتهم(8).
__________
(1) ينظر الضوء اللامع8/125.
(2) الضوء اللامع 8/126.
(3) ينظر الضوء اللامع 8/125 والبدر الطالع 2/ 201.
(4) الضوء اللامع 8/125.
(5) المصدر السابق 8/126.
(6) بدائع الزهور في وقائع الدهور ص 520.
(7) شذرات الذهب في أخبار من ذهب 7/348.
(8) ينظر الضوء اللامع 8/125 والبدر الطالع 2/ 201.(23/17)
وقد أدى فريضة الحج أكثر من مرة، وجاور في مكة. وقد أحبّه قاضي مكة في ذلك الوقت، ووالى عليه بره وفضله(1).
قال السخاوي: "عنده نوع فتوّة وإحسان لكثير من الغرباء، وبذل همة في مساعدتهم" (2).
وكان يبالغ في محبة مشايخه وأصحابه ويثني عليهم.
قال السخاوي: "وكان بيننا من الود ما الله به عليم، بحيث إنه لم يزل يخبرني عن شيخه المحلّي بالثناء البالغ. بل طالع هو عقب موت ولد له كتابي (ارتياح الأكباد) فتزايد اغتباطه به، وأبلغ في تحسينه ما شاء، وأحضر إلي بعض تصانيف السيد السمهودي لأقرضها له، إلى غير ذلك من الجانبين" (3).
المطلب الخامس: مذهبه الفقهي والنحوي
أما مذهبه الفقهي فهو شافعي المذهب.
دَرَس المذهب الشافعي على كبار علماء الشافعية في ذلك العصر، أمثال شرف الدين السبكي وجلال الدين المحلّي والمناوي(4)، وغيرهم.
ودرّس الفقه الشافعي في الجامع الأزهر وغيره، وأفتى به في مسائل كثيرة.
وشرح كثيرا من كتب الشافعية.
وكان يوصف بالشافعي(5)، نسبة إلى مذهب الإمام الشافعي.
أما مذهبه النحوي فقد اقتفى الجوجري في كتابه هذا طريقة المتأخرين الذين يجمعون بين المذهب البصري والمذهب الكوفي، ويختارون من بينهما ما يترجح لديهم، إلا أنهم في الأصول يسيرون على أصول البصريين دون تعصب لهم.
وقد نهج الجوجري هذا النهج في كتابه "شرح شذور الذهب".
فكان يذكر في المسألة الواحدة المذهبين، ثم يختار ما يراه راجحا وفي الغالب كان يطلق الأقوال في المسألة دون اختيار لواحد منها ويختار في بعض الأحيان ما رجحه العلامة ابن مالك في المسألة. وسيأتي لذلك مزيد تفصيل في مبحث دراسة الكتاب.
المطلب السادس: شيوخه وتلاميذه.
أولاً: شيوخه
__________
(1) الضوء اللامع 8/125 والبدر الطالع 2/ 201.
(2) الضوء اللامع 8/125.
(3) الضوء اللامع 8/125.
(4) تنظر ترجمتهم في مطلب شيوخه ص 49
(5) ينظر الضوء اللامع 8/123 وبدائع الزهور ص 0 52 وشذرات الذهب، 7/348.(23/18)
ذكرت فيما سبق أن الجوجري تحوّل من بلدته التي ولد فيها إلى القاهرة. وأنه تعلّم في القاهرة على كبار العلماء في ذلك العصر.
وقد كثر العلماء الذين تلقى الجوجري العلوم عنهم، وهم من كبار العلماء المشهورين في عصره.
وحاولت جمع أكبر عدد ممكن منهم، فكان من هؤلاء:
1- أحمد بن علي بن محمد، شهاب الدين أبو الفضل العسقلاني المصري الشافعي، الشهير بابن حجر العسقلاني، كان من كبار العلماء في علم الحديث وأصوله والفقه واللغة، وألف كتبا كثيرة، من أفضلها فتح الباري في شرح صحيح البخاري، والإصابة في تمييز الصحابة، وغراس الأساس في اللغة، وغير ذلك، توفي سنة 852ه.
ذكر السخاوي في الضوء اللامع أن الجوجري درس علم الحديث وأصوله والتفسير على الحافظ ابن حجر(1).
2- محمد بن محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم بن عبد الخالق، المحب أبو القاسم النويري القاهري المالكي، فقيه مالكي، عالم بالقراءات والنحو، له (شرح المقدمات الكافية في النحو والصرف والعروض والقافية) وغيرها، وتوفي 857ه(2)، وقد أخذ عنه الجوجري علم النحو والصرف، ودرس عليه بعض الكتب النحوية(3).
3- محمد بن عبد الواحد بن عبد الحميد بن مسعود، الكمال بن همام الدين، القاهري الحنفي، يعرف بابن الهمام، كان إماما في الأصول والتفسير والفقه والفرائض والحساب والنحو والمعاني، قال عنه السخاوي: "إنه عالم أهل الأرض ومحقق أولي العصر" (4). مات سنة 861 ه(5).وذكر السخاوي أن الجوجري درس على ابن الهمام (شرح التسهيل) لابن مالك(6).
__________
(1) ينظر الضوء اللامع 8/123.
(2) تنظر ترجمته في الضوء اللامع 9/246 والأعلام 7/47.
(3) ينظر الضوء اللامع8 /123.
(4) الضوء اللامع 8/ 131.
(5) تنظر ترجمته في الضوء اللامع 8/127 والبدر الطالع 2/ 201.
(6) الضوء اللامع 8/123.(23/19)
4- محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أحمد، جلال الدين المحلي، أصولي، مفسر، له شرح(جمع الجوامع) وشرح الورقات في الأصول وكنز الراغبين في الفقه وله كتاب في التفسير أتمه الجلال السيوطي، وسمّي فيما بعد (تفسير الجلالين)، وقد توفي جلال الدين المحلّي سنة 864 ه(1).
وكان الجوجري قد أخذ عنه علم الأصول والنحو، ودرس عليه كتاب (المغني) لابن هشام(2).
5- صالح بن عمر بن رسلان، القاضي علم الدين البلقيني، القاهري الشافعي، شيخ الإسلام، من العلماء بالحديث والفقه، وله فيهما مؤلفات عدّة، توفي سنة 868ه بالقاهرة(3).
وقد أخذ عنه الجوجري الفقه الشافعي، وقرأ عليه غالب الكتب المؤلفة فيه(4).
6- أحمد بن محمد، تقي الدين، أبو العباس بن الكمال التميمي القاهري الشهير بالشّمنِّي، إمام في النحو والتفسير والحديث، من كتبه المنصف من الكلام على مغني ابن هشام ومزيل الخفا عن ألفاظ الشفا. وقد أخذ عنه الجوجري النحو، ودرس عليه المغني لابن هشام(5). وقد توفي الشمنّي في القاهرة سنة 872ه(6).
7- محمد بن سليمان بن سعيد بن مسعود المحيوي، أبو عبد الله الرومي الحنفي، المعروف بالكافيجي، نسبة إلى كافية ابن الحاجب لكثرة قراءته وتدريسه لها. إمام مشهور، شاع ذكره، وأخذ الناس عنه طبقة بعد أخرى، وزادت تصانيفه على المائة، ومن أفضلها شرح قواعد الإعراب لابن هشام وشرح كلمتي الشهادة وغيرهما.
__________
(1) تنظر ترجمته في الضوء اللامع 7/39 وشذرات الذهب 7/303 والأعلام 5/333.
(2) ينظر الضوء اللامع 8/123.
(3) تنظر ترجمته في الضوء اللامع 3/312 والأعلام 3/194.
(4) ينظر الضوء اللامع 8/123.
(5) ينظر الضوء اللامع 8/123.
(6) تنظر ترجمنه في الضوء اللامع 2/174 وبغية الوعاة 1/375 وشذرات الذهب
7/313 والبدر الطالع 1/119.(23/20)
وقد ذكر السخاوي أن الجوجري أخذ عنه النحو وعلم المعاني والبيان(1) وقد توفي الكافيجي سنة 879ه(2).
8- أحمد بن رجب بن طنبغا، أبو العباس، شهاب الدين بن المجدي، عالم بالحساب والفرائض والفلك، وبرع في الفقه والنحو وغيرها، له مؤلفات عدّة في الحساب والهندسة والفلك والفرائض، وقد أخذ عنه الجوجري علم الرياضيات والفلك(3). مات ابن المجدي بالقاهرة سنة 850ه(4).
9- سعد بن محمد بن عبد الله، أبو السعادات، القاضي سعد الدين ابن الدَّيري، النابلسي الأصل، المقدسي الحنفي، كان من أوعية العلم، وله مناظرات مع كبار علماء عصره، وترك بعض المؤلفات في الفقه والعقائد.
وقد ذكر السخاوي أن الجوجري درس عليه علم الحديث وأصوله(5). مات ابن الديري سنة 867ه(6).
10- يحيى بن محمد، أبو زكريا، شرف الدين بن سعد الدين الحدادي، المناوي، اشتهر بإجادة الفقه، وأخذ الناس عنه طبقة بعد طبقة، وله مؤلفات عدّة في الفقه والحديث، منها (شرح مختصر المزني).
وكان الجوجري من تلاميذه، ودرس عليه الفقه.
قال السخاوي: "واشتدت عنايته بملازمته، بحيث أخذ عنه التنبيه والحاوي والبهجة والمنهاج، تقسيما غير مرة" (7). وقد توفي المناوي سنة 871ه بالقاهرة(8).
11- محمد بن محمد بن محمد، أبو الفضل، تقي الدين بن فهد الهاشمي المكي، من كبار المؤرخين في عصره، وله من المؤلفات: لحظ الألحاظ والباهر الساطع في السيرة النبوية وسيرة الخلفاء والملوك وقصص الأنبياء وغيرها.
__________
(1) ينظر الضوء اللامع 8/123.
(2) تنظر ترجمته في الضوء اللامع 7/259 وبغية الوعاة 1/117 والبدر الطالع للشوكاني 2/171.
(3) ينظر الضوء اللامع 8/123.
(4) ترجمته في بغية الوعاة 1/307 والبدر الطالع 1/56 والأعلام 1/125.
(5) الضوء اللامع 8/123-124.
(6) ترجمته في الضوء اللامع 3/249 ونظم العقيان ص 115 والأعلام 3/87.
(7) الضوء اللامع 8/123.
(8) ترجمته في الضوء اللامع 10/254 وشذرات الذهب 7/312 والأعلام 8/167.(23/21)
قال السخاوي في أثناء ترجمته للجوجري: "سمع على التقي بن فهد" (1). وقد توفي ابن فهد سنة 871ه بمكة المكرمة(2).
12- جعفر زين الدين العجمي الحنفي، وصفه تلاميذه بالفضل والديانة، وقرأ عليه الزين زكريا القاضي، والجوجري، وأخذ عنه علم المعاني والبيان وقد ترجم له السخاوي ترجمة مختصرة، ولم يذكر سنة وفاته(3).
13- محمد بن محمد بن محمد، محب الدين بن شرف الدين القاياتي، المصري الشافعي، تولى القضاء فترة ثم صُرف عنه.وقد أخذ عنه الجوجري في الفقه والمعاني والبيان وغيرها(4). مات سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة من الهجرة(5).
14- محمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن عثمان، شمس الدين البدرشي، ثم القاهري الشافعي، يعرف بالبدرشي. ولد ونشأ بالقاهرة، وتعلم على علمائها، وكان خيّرا، عالما، صالحا، انتفع به الطلبة، وقد ذكر السخاوي أن الجوجري درس عليه شرح الجاربردي على الشافية في الصرف(6). وقد مات البدرشي سنة 846 ه (7).
15- محمد بن مراهم الدين (كذا) شمس الدين الشرواني ثم القاهري الشافعي، تقدم في الفنون، وكان إماما، علامة، محققا، وله حواش كثيرة على كتب في العقيدة والفقه وغيرهما.
وأخذ عنه كثير من الطلبة، منهم الجوجري وابن الصيرفي والسنباطي وغيرهم. وقد توفي سنة 873ه، وقد جاوز التسعين عاما(8).
وقد ذكر السخاوي(9)، أن الجوجري أخذ العلم أيضا عن جماعة آخرين، منهم زين الدين الزركشي والبوتيجي والشهاب السخاوي وشرف الدين السبكي، ولم أعثر على تراجم مفصلة لهم.
ثانيا: تلاميذه
__________
(1) الضوء اللامع 8/125.
(2) ترجمته في البدر الطالع 2/ 259 والأعلام 7/48.
(3) الضوء اللامع 3/70.
(4) ينظر المصدر نفسه 8/123.
(5) ترجمته في الضوء اللامع 2/10.
(6) ينظر الضوء اللامع 8/123.
(7) ترجمته في الضوء اللامع 8/209.
(8) ينظر الضوء اللامع 10/48.
(9) ينظر الضوء اللامع 8/123.(23/22)
لعل من أدل الأشياء على تبحر العالم في علومه وإخلاصه في تعليمه كثرة تلاميذه، وهذا ما ينطبق على (الجوجري) فقد بلغ عدد تلاميذه عددا كبيرا.
قال السخاوي: "وأخذ عنه الفضلاء طبقة بعد أخرى، وصار بأخرة شيخ القاهرة، وقسموا عليه الكتب.." (1).
وقال الشوكاني: "وقد عكف عليه الطلبة، وتنافسوا في الأخذ عنه"(2).
وقد حاولت الاقتصار على المشهورين منهم، وهم كما يلي:
1- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن العلامة جلال الدين أحمد بن محمد، برهان الدين، أبو إسحاق الخجندي، المدني الحنفي، أحد أعيان بلده وإمام الحنفية بها، أخذ العلم على كثير من العلماء، ومن بينهم (الجوجري) فقد أخذ عنه علم العربية. وتوفي سنة 898 ه (3).
2- أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى، شهاب الدين البرنسي المغربي المالكي المعروف بزروق.
قال السخاوي: "أقام بالقاهرة نحو سنة مديما للاشتغال عند الجوجري وغيره في العربية والأصول وغيرهما"(4). مات سنة (856) ه.
3- أحمد بن داود بن سليمان بن صلاح بن إسماعيل، الشهاب البيجوري القاهري الشافعي، عالم مشارك في الفقه وغيره، أذن له الجوجري في الإقراء من سنة ست وثمانين وثمانمائة. وقد توفي سنة (897) ه. (5)
4- أحمد بن علي بن أحمد بن يوسف بن أبي الحسن، الشهاب المنزلي ثم القاهري الأزهري، ويعرف بابن القطان. درس على كثير من العلماء منهم الشّمنِّي والكافيجي، وكذلك الجوجري، فقد أخذ عنه العربية وغيرها. وكان معروفا بتواضعه ولطافة عشرته (6).
__________
(1) الضوء اللامع 8/124.
(2) البدر الطالع 2/ 201.
(3) تنظر ترجمته في الضوء اللامع 1/119.
(4) الضوء اللامع 1/222.
(5) ترجمته في الضوء اللامع 1/297.
(6) تنظر ترجمته في الضوء اللامع 2/11.(23/23)
5- أحمد بن علي بن حسين بن علي بن يوسف، الشهاب الدمياطي. ويعرف بالأشموني، لازم جماعة من العلماء كالعلم البلقيني والشهاب البيجوري في الفقه والعربية، وكذلك الجوجري، وقد أخذ عنه علم المعاني. مات بحلب سنة تسعين وثمانمائة من الهجرة(1).
6- أحمد بن محمد بن أبي بكر بن يحيي، الشهاب القرشي الحرضي الشافعي، يعرف بالزبيدي، ذكر السخاوي أنه لازم الجوجري، وقرأ عليه (الإرشاد) ووصفه بالشيخ الفاضل العالم الكامل، وأنه قرأه بفهم ودراية، بحيث اطلع على خباياه وفوائده.. ثم ذكر أنه كان السبب في تأليف الجوجري (شرح الإرشاد) (2).
7- أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر بن أيوب، أبو الفضل القرشي المخزومي، المعروف بابن المحرقي(3)، أخذ عن جماعة من الفضلاء، منهم أبو السعادات البلقيني والجوجري، وأخذ عنه العربية، وقرأ عليه التوضيح لابن هشام.
8- إسماعيل بن أبي يزيد الزييدي اليماني ثم المكي الشافعي، ويعرف بابن بنت غَنَا، له شرح على الألفية، ودرَّس الطلبة في الفقه والعربية،، من شيوخه ابن عطيف والشمس الجوجري حين كان بمكة، وكان الجوجري يعظمه كثيرا(4).
9- جعفر بن يحيي بن محمد بن عبد القوي المكي المالكي، المعروف بابن عبد القوي، ولد بمكة ونشأ بها، ثم ارتحل إلى القاهرة، وأخذ عن شيوخها الفقه والعربية، وممن أخذ عنه العربية يحيى العلمي والجوجري، وقد اختصر الجوجري له شرحه على الشذور، وتوفي سنة
(894) ه(5).
__________
(1) ينظر الضوء اللامع 2/18.
(2) ينظر الضوء اللامع 2/108.
(3) ترجمته في الضوء اللامع 2/172.
(4) ينظر الضوء اللامع 2/309.
(5) ترجمته في الضوء اللامع 3/70.(23/24)
10- خالد بن عبد الله بن أبي بكر بن محمد الجرجي، الأزهري الشافعي النحوي، الإمام المشهور خالد الأزهري، صاحب التصريح، ويعرف أيضا بالوقاد. تحول إلى الأزهر، وقرأ في العربية على يعيش المغربي والشمني والعبادي، وكذلك قرأ على الجوجري. وقد توفي سنة (905)ه بالقاهرة(1).
11- عبد الحق بن محمد بن عبد الحق بن أحمد، شرف الدين ابن الشمس السنباطي ثم القاهري الشافعي، قدم القاهرة وأخذ عن علمائها كالجلال المحلي وابن الهمام والشمني والجوجري وغيرهم. مات سنه (931) (2).
12- عبد الخالق بن محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن، محيي الدين الصالحي الحنفي ويعرف بابن العقاب. عرض على جماعة من العلماء، ولازم الزين قاسم في الفقه وأصوله والحديث، وكذا أخذ عن الجوجري في العربية والصرف(3).
13- عبد الرحمن بن أبي بكر بن عبد الرحمن، الوجيه بن الزكي المصري ثم المكي الشافعي، المعروف بابن الزكي، أخذ عن السخاوي بعض المؤلفات وأخذ أيضاً عن الجوجري بالقاهرة(4).
14- عبد الرحمن بن علي بن صلاح الدين بن الزين القاهري الشافعي، ويعرف بابن الخطيب، أخذ الفقه عن الجوجري في عدة تقاسيم، وأخذ الفرائض والحساب عن البدر المارداني، وأخذ العلم أيضا عن السخاوي والسيوطي (5).
15- عبد الرحمن بن محمد بن علي بن أحمد بن أبي بكر المصري الشافعي، ويعرف بابن الأدمى. لازم جماعة من العلماء، منهم الجوجري، فقرأ عليه "شرح البهجة" وقرأ عليه أيضا شرحه للعمدة وشرحه لقصيدة البوصيري الهمزية (6).
__________
(1) ترجمته في الضوء اللامع 3/171، وشذرات الذهب 8/26.
(2) ينظر: الضوء اللامع 4/37، وشذرات الذهب 8/179.
(3) تنظر ترجمته في الضوء اللامع 4/41.
(4) ترجمته في الضوء اللامع 4/64.
(5) ينظر الضوء اللامع 4/83.
(6) ينظر المصدر السابق 4/139.(23/25)
16- عبد العزيز بن عمر بن محمد بن أبي الخير، المكي ابن نجم الدين ابن فهد، ويعرف أيضا بابن فهد، قدم القاهرة وأخذ عن علمائها، ومنهم شمس الدين الجوجري، فقد أخذ عنه شرحه على الإرشاد، وسمع عليه ألفية ابن مالك، ولازمه حين مجاورته بمكة فأخذ عنه شرحه على شذور الذهب، وغيره، ثم أذن له الجوجري في تدريس الفقه والنحو. وقد توفي سنة 921ه(1).
17- عبد الغفار بن أبي بكر بن محمد بن عبد الله، الزين النطوبسي ثم القاهري الأزهري الشافعي الضرير، ويعرف في بلده بابن بَيْته، قدم القاهرة وقطن الأزهر، وحفظ كتبا في فنون عدّة، كالشاطبية والرائية وألفيتي النحو والحديث، لازم الجوجري في عدّة تقاسيم. وقد توفي سنة 913ه(2).
18- عبد الغني بن محمد بن حامد بن محمود، الزين الأنصاري القاهري المقرئ، المعروف بابن القصاص. أخذ الفقه والعربية عن قاسم الزبيري والجوجري(3).
19- عبد القادر بن شعبان بن علي بن شعبان الغزي الشافعي، ويعرف بابن شعبان، عرض على جماعة من أهل بلده ومن أهل دمشق وبيت المقدس والقاهرة، فأخذ عن العبادي والجوجري والبرهان الأنصاري والبقاعي والكافيجي وغيرهم(4).
20- عبد القادر بن محمد بن الفخر عثمان بن علي المحيوي، المارديني الأصل الحلبي الشافعي، ويعرف بابن الأبّار. برع في الفقه والعربية والفرائض والحساب وأقرأ الطلبة وأفتى، قدم القاهرة فأخذ عن الجوجري شرحه للإرشاد وغيره، وكتب له إجازة. توفي سنة 914 ه(5).
21- عبد القادر بن أبي الفتح محمد بن موسى بن إبراهيم المحيوي الصالحي العنبري الشافعي، أحد جماعة الجوجري.
__________
(1) ترجمته في الضوء اللامع 4/224. وشذرات الذهب 8/ 100.
(2) ينظر الضوء اللامع 4/ 241. وشذرات الذهب 8/ 61.
(3) ينظر الضوء اللامع 4/256.
(4) تنظر ترجمته في الضوء اللامع 4/267.
(5) ترجمته في الضوء اللامع 4/290، وشذرات الذهب 8/65.(23/26)
قال السخاوي(1): "وهو ممن انتصر لشيخه الجوجري، ورد على ابن السيوطي" (2).
22- عبد الكافي بن عبد القادر بن الشهاب أحمد بن أبي بكر بن أحمد بن علي التقي الحموي الأصل القاهري الشافعي، يعرف بابن الرسام.
اشتغل بالعلم عند الزين زكريا والجوجري والبكري وغيرهم.
وقد توفي سنة (884ه)(3).
23- عبد اللطيف بن عيسى بن الحصباي الأزهري الشافعي، أكثر من الاشتغال في الفقه عند عبد الحق السنباطي والجوجري في تقسيمهما. واشتغل في النحو والحديث وغيرهما(4).
24- علي بن عبد الله بن أحمد بن أبي الحسن، الحسني السمهودي القاهري الشافعي، قدم القاهرة، ولازم الشمس الجوجري في الفقه وأصوله والعربية، فقرأ عليه جميع التوضيح لابن هشام والخزرجية وشرحه للشذور. وقد توفي سنة (911ه)(5).
25- علي بن عبد المحسن بن علي بن عمر الأخطابي ثم الجارحي القاهري، ويعرف بالجارحي، برع في القراءات والنحو، وكان قد قرأ ألفية ابن مالك على الجوجري وابن قاسم، والتوضيح على الشيخ خالد الأزهري. وقد مات سنة (931 ه)(6).
26- علي بن عمر بن أبي موسى بن ناصر الدين، نور الدين أبو الحسن الذيبي القاهري الشافعي، ويعرف بالذيبي، أخذ عن جماعة من العلماء منهم العبادي والعلم البلقيني والمناوي والجوجري (7).
27- علي بن محمد الأكبر بن علي بن محمد، نور الدين المصري المكي الشافعي المعروف بابن الفاكهي. من شيوخه العلم البلقيني والمناوي والمحلي والجوجري والكافيجي، وقد توفي سنة (880) ه(8).
__________
(1) الضوء اللامع 4/297.
(2) ترجمته في الضوء اللامع 4/297.
(3) تنظر ترجمته في الضوء اللامع 4/303.
(4) ينظر الضوء اللامع 4/332.
(5) ترجمته في الضوء اللامع 5/245، وشذرات الذهب 8/50.
(6) ينظر الضوء اللامع 5/256، وشذرات الذهب 8/182.
(7) ترجمته في الضوء اللامع 5/269.
(8) ترجمته في الضوء اللامع 5/324.(23/27)
28- عمر بن أحمد بن عمر بن ناصر بن أحمد السراج الصعيدي البلينائي الشافعي، ويعرف بابن ناصر، قدم القاهرة وأخذ فيها عن الجوجري في العربية والفرائض والحساب (1).
29- عمر بن محمد بن محمد بن علي بن أحمد بن عبد العزيز السراج القرشي العقيلي النويري المكي الشافعي، يعرف بابن أبي اليمن.
أخذ عن جماعة من العلماء بمكة والقاهرة، ومنهم الشروانى والسنباطي والجوجري وقد توفي سنة (887)ه(2).
30- فضل بن يحيي بن محمد بن عبد القوي الكمال المكي المالكي اشتغل بالعلم في مكة والقاهرة، وأخذ عن عبد القادر المحيوي الألفية، وعن الجوجري التوضيح لابن هشام(3).
31- مجلى بن أبي بكر بن عمر الضياء أبو المعالي الشاذلي الشافعي، حفظ كثيرا من مختصرات العلوم، وأخذ عن الجوجري الأصول والعربية(4).
32- محمد بن إبراهيم بن علي بن أحمد بن إسماعيل الرضي أبو الفضل بن الجمال القلقشندي القاهري الشافعي، اشتغل بالفقه والعربية والمنطق، وكان من شيوخه الزين زكريا والجوجري(5).
33- محمد بن أحمد بن طاهر، شمس الدين بن الجلال الخجندي الأصل، المدني الحنفي، يعرف بابن الجلال. طلب العلم ببلده، ثم ارتحل إلى القاهرة، وأخذ عن علمائها، ومنهم شمس الدين الجوجري، فقد درس عليه في الأصول(6).
34- محمد بن أحمد بن عبد الغني، بدر الدين بن أبي الفرج، قرأ على الجلال البكري وحضر دروس شمس الدين الجوجري، وزار بيت المقدس(7).
__________
(1) ينظر الضوء اللامع 6/70.
(2) ينظر الضوء اللامع 6/125.
(3) ترجمته في الضوء اللامع 6/174.
(4) ينظر الضوء اللامع 6/240.
(5) تنظر ترجمته في الضوء اللامع 6/262.
(6) ينظر الضوء اللامع 6/314-315.
(7) ترجمته في الضوء اللامع 6/321.(23/28)
35- محمد بن أحمد بن عيسى بن أحمد بن موسى الأمين البدراني الأصل الدمياطي الشافعي ويعرف بابن النجار(1)، ولد بالقاهرة ودرس على علمائها كابن أسد والشمس بن العماد والشهاب الحجازي والمناوي والجوجري وابن قاسم وغيرهم.
36- محمد بن سليمان بن داود بن محمد بن داود البدر أبو المكارم ابن العلم أبي الربيع المنزلي الدمياطي الشافعي، لازم في القاهرة الجوجري، حيث قرأ عليه المنهاج والتنبيه، وهما كتابان في الفقه الشافعي، وأخذ عنه ألفية ابن مالك، وأذن له في الإفتاء والتدريس(2).
37- محمد بن عبد الرحمن بن يحبي بن موسى بن محمد الشمس بن التقي العساسي السمنودي الشافعي، يعرف بالسمنودي.
قرأ في القاهرة على جماعة من العلماء منهم الجوجري فقد أخذ عنه العربية(3).
38- محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن ممدود، الشمس ابن العلاء بن ناصر الدين الغزي الشارنقاشي القاهري الشافعي.
لازم الجوجري في الفقه والأصلين والعربية والصرف والمعاني والبيان والعروض وغيرها، وكان جل انتفاعه به، قرأ عليه في العربية شرح الرضي للكافية وشرح ابن الناظم والتوضيح والمغني، وفي الصرف شرح الجاربردي وشرح التصريف العزّي للتفتازاني، وفي العروض شرح الأبشيطي للخزرجية. وقد توفي سنة (897)ه(4).
39- محمد بن علي بن محمد الشمس الحليبي القاهري الشافعي ابن الأبار، ويعرف أيضا بالحليبي. من شيوخه الفخر المقسي والعبادي والجوجري والبقاعي وغيرهم(5).
__________
(1) ينظر الضوء اللامع 7/35، وشذرات الذهب 8/165.
(2) ترجمته في الضوء اللامع 7/258.
(3) ينظر الضوء اللامع 8/45.
(4) تنظر ترجمته في الضوء اللامع 8/203.
(5) ينظر الضوء اللامع 8/216.(23/29)
40- محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن أبي بكر بن محمد بن أحمد ابن عبد القاهر بن هبة الله الجلال أبو بكر بن الزين أبي حفص بن الضياء بن النصيبي الشافعي. أخذ عن الجوجري والعبادي والشمني وغيرهم. وقد توفى سنة (916ه)(1).
ا4- محمد بن أبي الفتح بن إسماعيل بن علي بن محمد بن داود جمال الدين البيضاوي المكي درس على الجوجري وإمام الكاملية ولازمهما في أثناء مجاورتهما بمكة. وقد توفي سنة (898ه)(2).
42- محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن موسى، شمس الدين أبو الوفاء بن الخواجا المكي الغزي الشافعي، ويعرف بابن النحاس. أخذ عن العبادي والبكري والجوجري وابن قاسم وغيرهم(3).
43- محمد بن محمد بن أحمد، الشمس العامري الغزي الشافعي، ويعرف بالحجازي. أخذ العلم في القاهرة عن العبادي والبكري والجوجري وزكريا وابن قاسم. مات سنة (885ه)(4).
44- محمد بن محمد بن عرفات بن محمد بن ناصر الدين البساطي القاهري الأزهري، يعرف بابن الطحان، من شيوخه ابن قاسم والكافيجي والجوجري والديمي(5).
45- محمد بن محمد بن علي بن يوسف سعد الدين بن الشمس الذهبي الشافعي، يعرف بالذهبي. قال السخاوي عنه: "لازم الجوجري حتى تميّز في فروع الفقه"(6).
46- محمد بن محمد بن محمد بن علي بن أحمد بن عبد العزيز الجمال أبو الخير بن أبي اليمن العقيلي النويري المكي الشافعي، أخذ عن جماعة من العلماء بمكة والقاهرة، منهم التقي القلقشندي والشمس الجوجري وغيرهما (7).
47- محمد أبو المعالي نجم الدين بن النجم بن ظهيره، لازم كثيرا من العلماء، ومنهم الجوجري، قال السخاوي: "أكثر من ملازمته في الفقه وأصوله" (8).
__________
(1) ترجمته في الضوء اللامع 8/ 259 والأعلام 6/315.
(2) ينظر الضوء اللامع 8/278.
(3) ترجمته في الضوء اللامع 9/44.
(4) ينظر الضوء اللامع 9/51.
(5) تنظر ترجمته في الضوء اللامع 9/140.
(6) الضوء اللامع 9/166.
(7) ترجمته في الضوء اللامع 9/243.
(8) الضوء اللامع 9/278.(23/30)
48- محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم ابن عبد الخالق، شمس الدين أبو الطيب بن أبي القاسم بن أبي عبد الله النويريي القاهري المالكي. أخذ العلم عن علماء عصره أمثال العلم البلقيني والمحلي والمناوي والجوجري حيث قرأ عليه شرح الألفية لابن عقيل.
مات في رمضان سنة (873ه)(1).
49- محمد صلاح الدين أبو المعالي بن الشرف بن الجيعان.
ولد في القاهرة، ولازم الجوجري في الفقه وغيره، بل كان أحد القراء في بعض تقاسيمه، وقرأ عليه الشفا للقاضي عياض(2).
50- معمر بن يحيي بن محمد بن عبد القوي السراج، أبو اليَسَر المكي، وهو من أكثر تلاميذ الجوجري ملازمة له، فقد رحل إلى القاهرة ولازم فيها شيخه شمس الدين الجوجري في الأصلين والعربية والمعاني والبيان والعروض والمنطق، وأكثر عنه جدا، بحيث كان جل انتفاعه به، وكان يرجحه على جل جماعته أو كلهم. وقد ألف شرحا على قطر الندى أكثر فيه من النقل عن شيخه الجوجري من شرحه على الشذور، وكان يصفه بشيخنا المحقق.. الخ. مات سنة (897ه)(3).
المطلب السابع: مؤلفاته وآثاره العلمية
ترك الجوجري مؤلفات في علوم مختلفة، منها ما هو في الفقه، ومنها ما هو في النحو واللغة، ومنها ما هو في التراجم، ومنها ما هو في الهندسة والبلدان.
والناظر في مؤلفات الجوجري يلحظ أن غالبها كانت شروحا على كتب السابقين. وأنه قد اهتم بالفقه الشافعي فوضع فيه شرحين كبيرين على كتابين من كتب الشافعية.
وقد ترك الجوجري أيضا فتاوى عدة، لكنها لم تجمع في كتاب واحد.
وسأذكر فيما يلي ما ذكرته كتب التراجم من كتبه ومؤلفاته، مع النص على ما كان منها موجودا. والجدير ذكره أنه لم يطبع إلى الآن فيما علمت كتاب من كتب الجوجري.
__________
(1) تنظر ترجمته في الضوء اللامع 9/287.
(2) تنظر ترجمته في الضوء اللامع 10/71.
(3) تنظر ترجمته في الضوء اللامع 10/162. والأعلام 7/273.(23/31)
1- تسهيل المسالك في شرح عمدة السالك(1).
وهو شرح على كتاب (عمدة السالك) لابن النقيب في الفقة.
2- شرح الإرشاد(2).
وهو شرح كبير يقع في أربعة مجلدات، شرح فيه كتاب (الإرشاد) وهو كتاب صغير في الفقه الشافعي، لابن المقري المتوفى سنة (836 ه) اختصر فيه كتاب (الحاوي) الصغير للقزويني.
وكتاب (شرح الإرشاد) للجوجري مخطوط(3).
3- شرح شذور الذهب(4).
وهو شرح مطول على كتاب (شذور الذهب) لابن هشام.
وهو الكتاب الذي بين أيدينا، وسيأتي الكلام عليه مفصلا.
4- خير القِرى في شرح أم القرى(5).
وهو شرح مطول على قصيدة البوصيري الهمزية التي أولها:
كيف ترقى رقيك الأنبياء
وهي القصيدة المسماة (بأم القرى)، وقد شرحها كثيرون.
ومن شرح الجوجري نسخة في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد تحت رقم (6/4866- مجاميع)، وعدد أوراقها 113 ورقة(6).
وللجوجري أيضا شرح آخر مختصر على هذه القصيدة.
5- ترجمة الإمام الشافعي(7). وهو مخطوط في الظاهرية(8).
6- شفاء الصدور في حل ألفاظ الشذوز(9).
وهو شرح مختصر على شذور الذهب لابن هشام. اختصره من شرحه السابق. وقد ذكر السخاوي(10). أن الجوجري اختصر كتابه (شرح شذور الذهب) من أجل تلميذه جعفر بن يحبي بن عبد القوي. فلعل هذا التلميذ كان قد طلب من شيخه الجوجري اختصار كتابه (شرح الشذور) فقام بذلك.
__________
(1) ينظر الضوء اللامع 8/124، والبدر الطالع 2/201، وإيضاح المكنون، 1/288، وهدية العارفين 2/ 212.
(2) ينظر الضوء اللامع 8/ 124، والبدر الطالع 2/ 201 والأعلام 6/ 251.
(3) ينظر الأعلام 6/ 251.
(4) الضوء اللامع 8/ 124، والبدر الطالع 2/201، والأعلام 6/ 251، ومعجم المؤلفين 10/260.
(5) الضوء اللامع 8/124، وكشف الظنون 2/1349، وهدية العارفين 2/ 212.
(6) فهرس المخطوطات العربية في مكتبة الأوقاف ببغداد 3/ 111.
(7) الأعلام 6/ 251.
(8) فهرس الفقه الشافعي بالظاهرية ص 421.
(9) كشثف الظنون 2/ 1030 وهدية العارفين 2/ 212.
(10) الضوء اللامع 2/ 201.(23/32)
وقد ذكر بروكلمان أن هذا الكتاب مخطوط في رامبور في الهند، تحت رقم (133)(1) ولم أتمكن من الحصول على نسخة منه.
7- شرح المنفرجة (2).
والمنفرجة قصيدة لأبي الفضل يوسف بن محمد بن يوسف، التوزي المعروف بابن النحوي المتوفى سنة (513ه)، وقيل: إنها لأبي الحسين يحيى ابن العطار القرشي. وقد شرحها كثيرون، ومنهم الجوجري. ومطلع هذه القصيدة قوله:
اشتدي أزمة تنفرجي قد آذن ليلك بالبلج
ومنها نسخة تقع في أربع ورقات في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد(3).
8- منظومة في مبدأ نهر النيل ومنتهاه(4).
وهي منظومة شعرية نظم فيها الجوجري كتاب (مبدأ النيل السعيد) لشيخه جلال الدين المحلي.
وهذه المنظومة تقع في مائة وعشرين بيتا، ذكر فيها الجوجري أقيسة نهر النيل ومبدأها ومنتهاها، ومن أنشأها من الخلفاء، ثم تطرق إلى ذكر ما سواه من الأنهار كنهرسيحون ونهر جيحون.
وهذا الكتاب مخطوط في دار الكتب المصرية برقم 1723(5).
9- نقد على الصحاح.
لم يذكر أحد من أصحاب كتب التراجم هذا الكتاب للجوجري.
وقد ذكره الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار في أثناء إحصائه للكتب التي قامت بنقد كتاب الصحاح للجوهري، فقال: "محمد بن عبد المنعم الجوجري ألف كتابا أخذ فيه على الجوهري ونقده، فرد عليه السيوطي ردا عنيفا تجنى فيه عليه" (6)
وكتاب السيوطي هذا سماه (اللقط الجوهري في رد خباط الجوجري). وقد ذكره الأستاذ عطار أن منه نسخة في مكتبة شيخ الإسلام بالمدينه المنورة، تحت رقم (161) لغة.
وقد بحثت عنه في المكتبة المذكورة فلم أجده.
وأما ما يتعلق بفتاواه فقد ذكر المترجمون أن الجوجري كانت له فتاوى كثيرة في مسائل عدة.
__________
(1) ينظر (ابن هشام الأنصاري) للدكتور علي فودة نيل ص 87.
(2) الضوء اللامع 8/124 وفيه (شرح المفرجة) و هدية العارفين 2/212.
(3) فهرس مخطوطات مكتبة الأوقاف العامة 3/144.
(4) الأعلام 6/251.
(5) الأعلام 1/ 251، وبروكلمان 2/116.
(6) مقدمة الصحاح للأستاذ عطار ص 186.(23/33)
من ذلك أنه استُفْتي مرة عن رؤية الله تعالى في الجنة هل تحصل للنساء؟ فأفتى بأنه لم يرد في ذلك شيء، ثم اطلع على كتاب للسيوطي ذكر فيه صحة رؤية النساء لربهم في الجنة، فردَّ عليه الجوجري بكتاب ينفي فيه ذلك. فقام السيوطي بتأليف كتاب رد فيه على الجوجري ما ذهب إليه، وسماه (اللفظ الجوهري في رد خباط الجوجري). وقد ذكر الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار(1) أن بعض المستشرقين والباحثين العرب خلطوا بين هذا الكتاب وكتابه الأول، وظنوا أن (اللفظ الجوهري) هو الكتاب الذي ألفه السيوطي دفاعا عن الجوهري، مع أن هذا الكتاب الثاني يبحث في رؤية النساء.
ومن كتاب السيوطي هذا نسخة مخطوطة بحوزة د/ محمد يعقوب تركستاني، تقع في خمس ورقات.
وقد ذكر فيه السيوطي طرفا من النقاش الذي دار بينه وبين الجوجري في مسألة رؤية النساء في الجنة.
وقد وقع بين الجوجري والسيوطي ما يقع عادة بين المتعاصرين من المنافسات والردود والخلافات الني تنشأ غالبا بين أهل كل عصر(2).
المطلب الثامن: وفاته
توفي الجوجري في شهر رجب سنة تسع وثمانين وثمانمائة من الهجرة (889ه) وقد ذكر السخاوي يومه الذي توفي فيه بالتحديد، فقال: "ولم يزل على طريقته حتى مات شبه الفجأة في يوم الأربعاء ثاني عشر رجب سنة تسع وثمانين بالظاهرية القديمة، وصُلّي عليه بعد صلاة العصر بالجامع الأزهر في مشهد حافل جدا، ثم دفن بزاوية الشاب التائب، محل سكنه أيضا وتأسف الناس على فقده، ولم يخلف في مجموعه مثله.."(3).
وقد صلي عليه أيضا في دمشق صلاة الغائب، وذلك بعد شهر من وفاته.
قال ابن طولون(4) في حوادث شهر شعبان من سنة (889ه): "وفي يوم الجمعة ثاني عشرة صُلِّي غائبة بالجامع الأموي على شيخ الإسلام محمد بن محمد بن عبد المنعم الجوجري".
__________
(1) مقدمة الصحاح ص 185.
(2) ينظر في ذلك الضوء اللامع 8/125 وكشف الظنون 2/1559.
(3) الضوء اللامع 8/126.
(4) مفاكهة الخلان في حوادث الزمان 1/64.(23/34)
وعلى ذلك يكون عمر الجوجري ثمانية وستين عاما. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه عن الإسلام والعربية خيرا.(23/35)