فصل: ويجوز حذف ما علم من شرط1؛ إن كانت الأداة "إن" مقرونة بلا،
كقوله:
وإلا يعل مفرقك الحسام2
أي: وإلا تطلقها يعل.
__________
= جملتي الشرط والجواب يقول الناظم:
وجزم أو نصب لفعل إثر "فا" ... أو "واو" أن بالجملتين اكتنفا*
أي: إن المضارع المقرون بالفاء أو الواو يتعين نصبه أو جزمه؛ إن اكتنفته, أي: أحاطت به جملتا الشرط والجواب، وإذا توسط المضارع بين جملتي الشرط والجواب، ولم يسبقه أحد حروف العطف السابق أعرب بدلا من فعل الشرط إن كان مجزومًا؛ نحو: متى تأتنا تنزل عندنا نكرمك، وأعربت جملته حالا -في الغالب- إن كان مرفوعا؛ كقول الحطيئة:
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ... تجد خير نار عندها خير موقد
1 أي: بأن تدل قرينة عليه، ولا يذكر بعده في الكلام ما يفسره.
2 عجز بيت من الوافر، للأحوص يخاطب مطرًا، وكان دميمًا وتحته امرأة حسناء، وصدره:
فطلقها فلست لها بكفء
اللغة والإعراب: بكفء: بمساو ومماثل في الحسب وغيره، مما يعتبر لازمًا للتكافؤ بين الزوجين، مفرقك، المفرق: وسط الرأس حيث يفرق الشعر، الحسام: السيف القاطع.
"فطلقها" الفاء عاطفة، وطلق فعل أمر والهاء مفعول "فلست" الفاء للتعليل وليس اسمها "لها" متعلق بكفء الواقع خبرًا لليس على زيادة الباء.
"وإلا" الواو عاطفة، وإن شرطية مدغمة في "لا" النافية، وفعل الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه "يعل" فعل مضارع جواب الشرط مجزوم بحذف الواو "مفرقك" مفرق مفعول يعل مقدم والكاف مضاف إليه "الحسام" فاعل مؤخر.
المعنى: يطلب الأحوص من مطر أن يطلق زوجته؛ لأنه غير كفء لها وإلا أطاح برأسه.
الشاهد: في "وإلا يعل" حيث حذف فعل الشرط؛ لأن الأداة "إن" مقرونة بلا؛ أي: وإلا تطلقها. وينبغي أن يتقدم كلام فيه فعل من مادة الشرط المحذوف، مثل: طلقها في البيت.
__________
* "وجزم" مبتدأ. "أو نصب" عطف عليه "لفعل" متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، أو متعلق به، أو بالمعطوف عليه، على سبيل التنازع، والخبر المحذوف، أي: جاز مثلا، أو هو الجملة الشرطية الآتية. "إثر" ظرف متعلق بمحذوف صفة لفعل؛ "نا" بالقصر مضاف إليه. "أو واو" عطف على نا. "إن" شرطية "بالجملتين" متعلق باكتنفا الواقع فعلا للشرط وجواب الشرط محذوف.(4/53)
وما علم من جواب1؛ نحو:
{فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا} 2. الآية.
__________
1 بشرط أن يكون فعل الشرط -في غير الضروة الشعرية- ماضيًا لفظًا ومعنى، كما مثل المصنف، أو معنى فقط كالمضارع المنفي بالحروف "لم" نحو قوله -تعالى: {لَئِنْ لَمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا} ، [سورة مريم الآية: 46] ، وقوله الشاعر:
لمن تطلب الدنيا إذا لم ترد بها ... سرور محب أو إساءة مجرم
2 جواب "إن استطعت" محذوف لدلالة الكلام عليه؛ أي: فافعل. سورة الأنعام.
فإن لم يكن فعل الشرط ماضيًا؛ بأن كان مضارعًا لفظًا ومعنى، لم يصح -في القول الراجح- حذف الجملة الجوابية؛ إلا إذا سد مسدها جملة أخرى بعدها تدل عليها ولا تصلح جوابًا؛ نحو قوله تعالى: {وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} ؛ فقد حذف الجواب؛ وهو: فإنه غني عن جهرك. وسد مسده جملة: "فإنه يعلم السر"، وهذه لا تصلح جوابًا؛ لأن الجهر بالقول لا يترتب عليه أن الله يعلم السر؛ لأنه -سبحانه- يعلم السر دائمًا.
ومثل هذا: قوله -سبحانه: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ} ؛ فإن الجواب محذوف، تقديره: فليبادر بالعمل الصالح. ولم يتشرط الكوفيون كون فعل الشرط ماضيًا مستدلين بمثل الآيتين المذكورتين، وأن المذكور هو الجواب، ولا يشترط أن يكون الجواب مترتبًا على الشرط، وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله:
والشرط يغني عن جواب قد علم ... والعكس قد يأتي إن المعنى فهم*
أي: إن الجملة الشرطية قد تغني عن الجملة الجوابية وتدل عليها عند حذفها، والعكس قد يقع؛ بشرط أن تدل قرينة على ذلك، وأن يكون المعنى المراد مفهومًا بعد الحذف لا لبس فيه ولا اضطراب.
__________
* "والشرط" مبتدأ. "يغني" الجملة خبر "عن جواب" متعلق بيغني "قد علم" الجملة صفة لجواب. "المعنى" نائب فاعل لمحذوف يفسره فهم، وهو فعل الشرط والجواب محذوف.(4/54)
ويجب حذف الجواب؛ إن كان الدال عليه ما تقدم؛ مما هو جواب في المعنى1, نحو: أنت ظالم إن فعلت أو ما تأخر2 من جواب قسم سابق عليه؛ نحو: {لَئِنْ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ} 3. الآية.
كما يجب إغناء جواب الشرط عن جواب قسم تأخر عنه؛ نحو: إن تقم والله أقم4.
__________
1 أي: ولا يصح أن يكون جوابًا صناعة؛ إما لكونه جملة اسمية مجردة من الفاء، أو جملة منفية بلم المقرونة بالفاء، أو لكونه مضارعًا مرفوعًا.
وإنما وجب حذف الجواب، وامتنع جعل المتقدم جوابًا؛ لأن أداة الشرط لها صدر الكلام، فلا يتقدم الجواب عليه.
2 أي: أو كان الدال على جواب الشرط ما تأخر ... إلخ.
3 "لئن" اللام موطئة للقسم، و"إن" شرطية، وجملة "لا يأتون" جواب القسم لسبقه وتقدمه على الشرط، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه. الإسراء.
4 "أقم" جواب الشرط لتقدمه، وحذف جواب القسم استغناء عنه بجواب الشرط, وإلى ما تقدم يشر الناظم بقوله:
واحذف لدى اجتماع شرط وقسم ... جواب ما أخرت فهو ملتزم*
أي: إنه إذا اجتمع شرط وقسم حذف جواب المتأخر منهما؛ لدلالة جواب المتقدم عليه، ويستثنى من ذلك:
أ- ما إذا كان القسم مقرونًا بالفاء؛ فإنه يجب جعل الجواب له وإن تأخر، وتكون جملة القسم وجوابه جواب الشرط؛ نحو: إن جاء محمد فوالله لأكرمنه.
ب- أو إذا كان الشرط امتناعيا، وهو ما كانت أداته دالة على الامتناع، وهي: "لو، لولا، ولوما" فيجب أن يكون الجواب له وإن تأخر، ويحذف جواب القسم لدلالة جواب=
__________
* "لدى" ظرف متعلق باحذف. "اجتماع" مضاف إليه. "جواب" مفعول احذف "ما" اسم موصول مضاف إليه، وجملة "أخرت" صلة. "فهو ملتزم" مبتدأ
وخبر، والفاء للتعليل.(4/55)
وإذا تقدمها ذو خبر1، جاز جعل الجواب للشرط مع تأخره2، ولم يجب خلافًا لابن مالك3؛ نحو:
__________
= الشرط عليه؛ نحو: لولا رحمة الله بعباده والله لأخذهم بذنوبهم.
جـ- وهنالك حالة ثالثة ينبغي أن يكون الجواب فيها للشرط وإن تأخر عن القسم، وهي: التي يكونان فيها مسبوقين بما يحتاج لخبر، وقد بينها الناظم والمصنف.
ويعرف جواب الشرط؛ بأنه يجب أن يكون مجزومًا لفظًا إذا كان مضارعًا، أو محلا إن كان ماضيًا، أو يقرن بالفاء أو بإذا الفجائية إن كان من الأنواع التي لا تصلح فعل شرط كما سبق. أما جواب القسم؛ فإن كان للاستعطاف، فجملة الجواب تكون طلبية، نحو: بربك يا أخي ترحم الضعيف، وإن كان غير استعطافي؛ فإن كانت جملة الجواب مضارعية مثبتة، أكدت باللام والنون معًا؛ نحو: والله لأبذلن جهدي في نصح المنحرفين, وإن كانت ماضوية مثبتة وفعلها متصرف، اقترنت باللام و"قد" غالبا؛ نحو: والله لقد ظفر المجدون بالنجاح، وقد تقترن بأحدهما أو تجرد، وإن كان فعلها جامدًا -غير ليس- فالأكثر اقترانها باللام فقط، نحو: والله لنعم رجلا المجاهد في سبيل الوطن. أما إذا كان الجامد "ليس" فلا تقترن بشيء؛ نحو: والله ليس الغني بالمال لكن بالقناعة، وإن كان الجواب جملة اسمية مثبتة فالكثير تأكيدها باللام, و"إن" معًا؛ نحو: والله إن الكذب لوبال على صاحبه، ويصح الاكتفاء بأحدهما، ويندر تجرده منهما.
وإن كان الجواب جملة فعلية منفية "بما"، أو "لا"، أو "إن"، وجب تجريده من اللام سواء كانت الجملة فعلية ماضوية أو مضارعية؛ نحو: والله ما يحتمل العزيز الضيم، والله لا حجب ثوب الرياء ما تحته، والله إن ظفر إلا المخلص.
1 أي: ما يحتاج إلى خبر؛ وذلك: كالمبتدأ أو الناسخ.
2 لوقوعه حينئذ خبرًا وهو عمدة في الكلام، وحذفه يخل بمعنى الجملة، أما القسم فهو لمجرد التأكيد.
3 أي: في التسهيل، والكافية؛ فقد نص فيهما على الوجوب، وقد خالف ذلك في الألفية، فقال:=(4/56)
"زيد والله إن يقم أقم"1، ولا يجوز إن لم يتقدمها خلافا له2 وللفراء، وقوله:
لئن كان ما حدثته اليوم صادقًا ... أصم في نهار القيظ للشمس باديا3
ضرورة، أو اللام زائدة، وحيث حذف الجواب اشترط، في غير الضرورة مضي
__________
=
وإن توليا وقبل ذو خبر ... فالشرط رجح مطلقًا حذر*
أي: إذا اجتمع الشرط والقسم، وتقدم عليهما ما يطلب خبرًا، رجح الشرط مطلقًا سواء تقدم أو تأخر، فيكون الجواب له، وبحذف جواب القسم.
1 "أقم" جواب الشرط مع تأخره؛ لتقدم ذي خبر وهو المبتدأ، ويجوز أن يجعل الجواب للقسم لتقدمه؛ فيقال: زيد والله إن يقم لأقومن.
2 أي: لابن مالك، حيث يقول في النظم:
وربما رجح بعد قسم ... شرط بلا ذي خبر مقدم*
أي: قد جاء قليلا ترجيح الشرط على القسم، عند اجتماعهما وتقدم القسم، وإن لم يتقدم ذو خبر، فيجوز عنده مثل: والله إن قام محمد أقم.
3 بيت من الطويل، قيل: إنه لامرأة من بني عقيل، ولم يعين أحد اسمها، وقوله في البيت: "باديًا" يرجح أن يكون القائل رجلا، وإلا لقال: بادية.
اللغة والإعراب: حدثته: أخبرت به. القيظ: شدة الحر. باديا: ظاهرا بارزًا، "لئن" اللام موطئة للقسم "وإن" شرطية "كان" فعل ماض ناقص، فعل الشرط، "ما" اسم موصول اسمها، "حدثته" حدث فعل ماض للمجهول والتاء نائب فاعل والهاء مفعوله الثاني، والجملة صلة، "صادقًا" خبر كان. "أصم" فعل مضارع جواب الشرط مجزوم بإن. "للشمس" متعلق بباديا الواقع حالا من فاعل أصم.=
__________
* "وإن تواليا" شرط وفعله، وألف الاثنين فاعل. "وقبل" الواو للحال، و"قبل" ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم.
"ذو خبر" ذو مبتدأ مؤخر وخبر مضاف إليه، والجملة حال من ألف الاثنين، "فالشرط" الفاء واقعة في الجواب، و"الشرط" مفعول رجح مقدم؛ والجملة في محل جزم جواب الشرط، "مطلقا" حال من الشرط. "بلا حذر" بلا جار ومجرور متعلق برجح، و"لا" بمعنى "غير" مضافة إلى حذر.
* "وربما" رب حرف تقليل، و"ما" كافة "بعد قسم" بعد ظرف متعلق برجح وقسم مضاف إليه "شرط" نائب فاعل رجح. "بلا ذي" بلا جار ومجرور متعلق برجح وذي مضاف إليه. "خبر" مضاف إليه إيضًا. "مقدم" نعت لذي خبر.(4/57)
الشرط1؛ فلا يجوز: أنت ظالم إن تفعل ولا: والله إن تقم لأقومن.
__________
= المعنى: يقسم الشاعر لمخاطبه ويؤكد له: أنه لو كان ما حكي عنه ونسبه إليه الواشون صحيحًا؛ فإن عليه نذرًا لله أن يصوم يومًا شديد الحر، وأن يتعرض لوهج الشمس، حتى يكون ذلك أوجع له وأكثر إيلاما.
الشاهد: في "أصم"؛ فقد استشهد به ابن مالك والفراء، على أن الفعل الواقع جوابًا؛ إذا تقدم عليه شرط وقسم، جاز جعله للشرط، وإن كان الشرط متأخرًا، ولم يتقدم عليهما ذو خبر؛ "فأصم"؛ جواب للشرط دليل جزمه. ويؤوله الجمهور على أن هذا ضرورة، أو اللام في "لئن" زائدة وليست للقسم، كما بين المصنف.
1 أي: لفظا أو معنى؛ كالمضارع المجزوم بلم كما مثل، واحترز بقوله، في غير الضرورة، عن نحو قوله الشاعر:
لئن تك قد ضاقت على بيوتكم ... ليعلم ربي أن بيتي واسع
فقد حذف جواب الشرط "إن" مع أن فعله مضارع وهو "تك" أما جملة "ليعلم" فهي جواب القسم، ولا يصح أن تكون جوابا للشرط؛ لأنه متأخر، وجوابه لا يكون مقرونًا باللام.
هذا: وقد يحذف الشرط والجواب معًا، وتبقي أداة الشرط هنالك بشرط أن تكون قرينة تدل عليهما، والغالب أن تكون أداة الشرط "إن" كقول الراجز:
قالت بنات العم يا سلمى وإنن ... كان فقيرًا معدمًا قالت وإنن
فإن التقدير: أتتزوجينه يا سلمى وإن كان فقيرًا معدما؟ قالت: وإن كان كذلك أتزوجه.
ومن أمثلة حذفها بعد أداة غير "إن" قول النمر بن تولب:
فإن المنية من يخشها ... فسوف تصادفه أينما
أي: أينما يذهب تصادفه.(4/58)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
الأسئلة والتمرينات:
1 لم يعرب المضارع إذا لم يتصل بالنونين؟ اشرح القول في ذلك موضحًا بالمثال.
2 ما الفرق بين "كي" المصدرية والتعليلية؟ ومتى تتعين إحداهما؟ اذكر أمثلة توضح ذلك.
3 يقول النحويون: إن بين "لم" و"لما" الجازمتين فرقا في المعنى والعمل، وضح ذلك بأمثلة من إنشائك.
4 اذكر المواضع التي يجب فيها اقتران جواب الشرط بالفاء، واذكر أمثلة لذلك.
5 اشرح قول الناظم:
واحذف لدى اجتماع شرط وقسم
جواب ما أخرت فهو ملتزم
6 كيف تفرق بين جواب الشرط وجواب القسم؟ اذكر أمثلة توضح ذلك.
7 اذكر المواضع التي يجب فيها إضمار أن، ومتى يجب رفع المضارع بعدها؟ مثل.
8 فيما يأتي شواهد لبعض موضوعات هذا الباب، بين الشاهد وحكمه في الإعراب.
قال تعالى: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} .
{وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا} .
{يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا} .
{أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} .
{مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا} .
{وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} .
{فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} .
{وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} .
{أَفَإِيْنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} .
{إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} .
{وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ} .=(4/59)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ....
__________
= {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} .
وفي الحديث: "من يقم ليلة القدر إيمانا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه".
لألفينك بعد الموت تندبني ... وفي حياتي ما زودتني زادي
ومن لا يقدم رجله مطمئنة ... فيثبتها في مستوى الأرض يزلق
من يكدني بسيء كنت منه ... كالشجا بين حلقه والوريد
لتقم أنت يابن خير قريش ... كي لتقضى حوائج المسلمينا
يا ليت من يمنع المعروف يمنعه ... حتى يذوق رجال غب ما صنعوا
لئن ساءني أن نلتقي بمساءة ... لقد سرني أني خطرت ببالكا
يا أقرع بن حابس يا أقرع ... إنك إن يصرع أخوك تصرع
إن يعلموا بالخير يخفوه وإن علموا ... شرا أذاعوه وإن لم يعلموا كذبوا
إذا أنت عاتبت الوضيع فإنما ... تخط على صحف من الماء أحرفا
رب وفقني فلا أعدل عن ... سنن الساعين في خير سنن
9 أعرب البيت الآتي، وبين ما فيه من شاهد:
مه عاذلي فهائمًا لن أبرحا ... بمثل أو أحسن من شمس الضحا
10 اشرح البيت الآتي شرحا أدبيا وهو للمرحوم أحمد شوقي أمير الشعراء المصري, وبين إعراب ما تحته خط.
وما السلاح لقوم كل عدتهم ... حتى يكونوا من الأخلاق في أهب
11 يقول الله سبحانه وتعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} ، ويقول في آية أخرى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً} .
بين، لم نصب المضارع في الآية الأولى؟ ورفع في الثانية؟ مع تقدم النفي والاستفهام في=(4/60)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ....
__________
= كلتا الآيتين؟
12 اضبط ما تحته خط في البيت الآتي، وبين موقعه من الإعراب، مع ذكر السبب
يابن الكرام ألا تدنو فتبصر ما ... قد حدثوك فما راء كمن سمعا
13 كون من إنشائك ما يأتي:
أ- جملة فيها شرط وقسم والجواب للشرط، وأخرى فيها الجواب للقسم.
ب- جلمة شرطية يجب فيها حذف الجواب، وأخرى شرطية قسمية يجب فيها حذف جواب القسم.
جـ- جملة يتلو الجواب فيها فعل مضارع؛ معطوف بالفاء مرة، وبثم أخرى، ومع بيان الأوجه الجائزة في إعراب الفعلين، وذكر السبب.
14 بين فيما يأتي: حكم إعراب الأفعال التي تلي: "الواو"، أو "الفاء" مع توضيح السبب.
من يكثر مزاحه تسقط هيبته ويحتقره الناس، من يعمل فيخلص في عمله يكسب ثقة عارفيه. إن تقبل على الدرس تدرك عويص الحقائق فتكون موضع ثقة إخوانك، من يصحب الأخيار ويقلدهم يظفر بحسن الأحدوثة, لا تخالف والديك فتندم.
استمع لنصحي فتربح.
15 بين فيما يأتي: المنصوب من الأفعال، والمجزوم منها؛ مع ذكر عامل النصب والجزم.
هل تستمع إلي أحدثك، لعل حديثي ينفذ إلى قلبك فينشرح صدرك للخير وتأمن العثار؟ لا تكن عبد شهواتك تظفر برضاء الله والناس. صبرا فتصل إلى الأوج، اعتمد على نفسك في أمورك تظفر بما ترجو.
رباه ما أشد حاجتي إلى رضاك، فأسدل علي ثوب العافية، ووفقني إلى ما يرضيك لأظفر بنعيم جناتك.
ليت العالم يدرك عاقية التسابق في التسلح، ويدرك أنه سيلحق بالإنسانية الدمار والفناء حسبك هذا فتعمل به.
ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله ... على قومه يستغن عنه ويذمم
قال الله تعالى:
{إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ} .(4/61)
فصل في لو:
لـ"لو" ثلاثة أوجه:
أحدها: أن تكون مصدرية؛ فترادف "أنْ"1 وأكثر وقوعها بعد "وَدَّ"، نحو: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِن} أو "يود"2 نحو: {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ} 3 ومن القليل قول قتيلة:
ما كان ضرك لو مننت، وربما ... مَنَّ الفتى وهو المغيظ المحنق4
__________
فصل في لو:
1 أي: يكون مثله في المعنى والسبك، لا في النصب، ولا بد أن يطلبها عامل وتوصل بالجملة الماضوية وبالمضارعية، ولا توصل بجملة أمرية ووصلها بالجملة الاسمية قليل، كقوله تعالى: {وَإِنْ يَأْتِ الأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الأَعْرَابِ} [سورة الأحزاب الآية: 20] ، ويتكون منها ومن صلتها مصدر مؤول، ولا تحتاج لجواب، "انظر باب الموصول الجزء الأول صفحة 146".
2 وكذلك ما هو بمعناهما؛ نحو: أحب يحب، رغب يرغب، اختار يختار.
3 "لو" وما بعدها في المثالين في تأويل مصدر مفعول؛ أي: الادهان والتعمير. [سورة القلم الآية: 9] ، و [سورة البقرة الآية: 96] .
4 بيت من الكامل، من قصيدة لقتيلة بنت النضر بن الحارث الأسدية، تخاطب النبي عليه السلام، وكان قد قتل أباها صبرا بالصفراء، بعد انصرافه من غزوة بدر، قيل، لأنه كان يقرأ على العرب أخبار العجم، ويقول لهم: محمد يأتيكم بأخبار عاد وثود، وأنا آتيكم بخبر الأكاسرة والقياصرة، يريد بذلك إيذاء الرسول, روي أن الرسول -عليه السلام- لما سمع كلامها قال: "لو سمعتها قبل أن أقتله ما قتلته ولعفوت عنه".
اللغة والإعراب: ضرك: عاد عليك بالضرر. مننت: أنعمت وتفضلت المغيظ: اسم مفعول، من غاظه يغبظه؛ إذا أغضبه وأثاره، المحنق: الذي يكن الغيظ في صدره، وهو اسم مفعول أيضًا من أحنفه، إذا أغضبه. "ما" استفهامية مبتدأ، "كان" زائدة، "ضرك" فعل ومفعول. "لو مننت" لو مصدرية وهي وما بعدها في تأويل مصدر فاعل ضر، والجملة خبر ما. ويجوز أن تعرب "كان" عاملة، ومصدر "لو مننت" اسمها، وجملة ضرك.=(4/62)
وإذا وليها الماضي بقي على مضيه، أو المضارع تخلص للاستقبال1، كما أنَّ "أنْ" المصدرية كذلك.
الثاني: أن تكون للتعليق في المستقبل2؛ فترادف "إنْ"3 كقوله:
__________
= خبرها؛ أي: ما كان منك ضرك. كما يجوز أن تكون "ما" في محل نصب مفعول مطلق لضرك؛ أي: أي ضرر ضرك المن. "وربما" الواو واو الحال، و"رب" حرف تقليل وجر شبيه بالزائد، وما كافة "وهو" الواو للحال، و"هو" مبتدأ "المغيظ" خبر. "المحنق" صفة له، أو خبر بعد خبر.
المعنى: أي ضرر كان يلحقك يا رسول الله لو تفضلت وأنعمت على أبي بالعفو؟ وكثيرًا ما يعفو الرجل الكريم وهو مملوء غيظا وغضبًا.
الشاهد: في "لو مننت" فإن "لو" مصدرية وما بعدها في تأويل مصدر ولم تتقدمها "ود" ولا "يود" ونحوهما؛ وهذا قليل.
وذكر الصبان: أنه يجوز أن تكون "لو" هنا شرطية، والشرط "لو مننت" والجواب محذوف يدل عليه الكلام؛ أي: لو مننت لم يضرك شيء؛ وإذا لا شاهد فيه.
هذا: وبعض النحاة ينكر كون "لو" مصدرية، ويقول: إنها شرطية دائمًا، وإذا لم يكن في الكلام ما يصلح أن يكون جوابًا، قدر الجواب. وحجته: أنها قد تدخل على "أنّ" كما في قوله تعالى: {وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا} ولو كانت مصدرية ما دخلت على حرف مصدري؛ لأن حرف المصدر لا يدخل على مثله.
ورد: بأنه يمكن تقدير دخول "لو" على فعل؛ ويكون المنسبك من أن ومصحوبها فاعلا له، والتقدير في الآية: لو ثبت كون أمد بعيد بينها وبينه.
1 ولا بد أن يكون كل من الماضي أو المضارع تام التصرف.
2 أي: تعليق جوابها على شرطها وجودًا وعدما في المستقبل، بحيث لا يتحقق معنى الجواب في المستقبل ولا يحصل إلا بعد تحقق معنى الشرط وحصوله في المستقبل؛ وتسمى "لو" هذه: الشرطية غير الامتناعية.
3 أي: الشرطية، وذلك في تعليق الجواب على الشرط، وفي أن يكون زمن الفعل في جملتي الشرط والجواب مستقبلا مهما كان نوع الفعل، إلا أنها لا تجزم على الأفصح.(4/63)
ولو تلتقي أصداؤنا بعد موتنا1
وإذا وليها ماض أول بالمستقبل، نحو: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا} 2 أو مضارع تخلص للاستقبال، كما في "إنْ" الشرطية.
الثالث: أن تكون للتعليق في الماضي3، وهو أغلب أقسام "لو"4.
__________
1 صدر بيت من الطويل، لقيس بن الملوح، المعروف بمجنون ليلى، وقيل: هو لأبي صخر الهذلي وعجزه:
ومن دون رمسينا من الأرض سبسب
اللغة والإعراب: أصداؤنا: جمع صدى، وهو ما تسمعه كأنه يجيبك بمثل صوتك، إذا كنت في مكان خال أو على جبل أو شط نهر، رمسينا: مثنى رمس وهو القبر أو ترابه، سبسب: صحراء بعيد الأطراف، "لو" شرطية غير جازمة "تلتقي" فعل الشرط.
"أصداؤنا" فاعل ومضاف إليه. "ومن" الواو للحال، "من دون" جار ومجرور خبر مقدم.
"رمسينا" مضاف إليه، "من الأرض" جار ومجرور حال من "سبسب" الواقع مبتدأ مؤخرًا.
وجواب "لو" لظل في قوله بعد:
لظل صدى صوتي وإن كنت رمة ... لصوت صدى ليلى يهش ويطرب
المعنى: لو تتقابل وتجتمع أصداء أصواتنا من قبورنا، وبيننا مسافات شاسعة، لطربت لسماع صدى صوتها، وأجبتها وإن كنت عظاما بالية.
الشاهد: في قوله "لو تلتقي"؛ حيث وردت "لو" شرطية للتعليق في المستقبل، بدليل الإتيان لها بجواب؛ وهو قوله: "لظل" وهو ماض لفظًا مستقبل معنى.
2 أي: لو قاربوا أن يتركوا، وإنما قدر ذلك ليصح وقوع "خافوا" جزاء؛ لأن الخوف إنما يكون قبل الترك بالفعل؛ لاستحالته بعد موتهم. [سورة النساء الآية: 9] .
3 أي: تعليق حصول مضمون الجواب والجزاء، على حصول مضمون الشرط في الماضي، فكل من الشرط والجزاء مرتبط بالآخر، وبما أنها تفيد أن الشرط لم يتحقق وامتنع وقوعه في الماضي، والجواب معلق عليه في الماضي أيضًا، فيلزم امتناع الجواب إذا كان فعل الشرط هو السبب الوحيد في تحقيق الجواب، ولهذا تسمى "لو الشرطية الامتناعية".
4 وهذا القسم هو الذي عناه الناظم بقوله. =(4/64)
وتقتضي امتناع شرطها دائمًا1 خلافًا للشلوبين، لا جوابها خلافًا للمعربين2، ثم إن لم يكن لجوابها سبب غيره لزم امتناعه نحو: {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا} 3 وكقولك: "لو كانت الشمس طالعة كان النهار موجودًا"4 وإلا لم يلزم، نحو: "لو كانت الشمس
__________
=
"لو" حرف شرط في مضي ويقل ... إيلاؤها مستقبلا لكن قبل*
أي: إنَّ "لو" حرف يفيد الشرطية في الزمان الماضي، وقد يقع بعدها ما هو مستقبل فتقلب زمنه للمضي، ويقبل هذا لوروده عن العرب.
1 أي: مثبتًا أو منفيا؛ لأنه لو حصل لكان الجواب كذلك، فتخرج عن إفادة التعليق؛ لأنه الثابت الحاصل لا يعلق.
2 أي: في قولهم: "لو حرف امتناع لامتناع" مما يفهم منه، أنها حرف يدل على امتناع الجواب لامتناع الشرط، ولا شك أن هذا غير صحيح؛ لأن امتناع الشرط لا يستلزم امتناع الجواب.
فقد يستلزمه أو لا يستلزمه -اللهم إلا إذا لم يكن للجواب سبب غيره- كما أوضح المصنف، ولعل المعربين يقصدون بهذا التعبير الكثير الغالب، والصواب أن يقال: إن "لو" حرف يدل على ما كان سيقع في الماضي لوقوع غيره في الماضي أيضًا، وهذا قول سيبويه.
3 هذه الآية في أحد علماء بني إسرائيل، أو في بلعم بن باعوراء، أو في أمية بن أبي الصلت. وكان يأمل أن يكون هو النبي المنتظر، فلما بعث الرسول -عليه السلام- حسده وكفر به، و"لو" هنا تدل على نفي مشيئة الله لرفع هذا المنسلخ، وذلك يستلزم نفي الرفع، فقد انتفى الجواب لانتفاء الشرط؛ لأنه لا سبب للرفع إلا المشيئة وقد انتفت، وانتفاء السبب يستلزم انتفاء المسبب ضرورة، كما أن ثبوت السبب يستلزم ثبوت المسبب، [سورة الأعراف: الآية 176] .
4 فقد انتفى الجواب -وهو وجود النهار- بدخول "لو"؛ لأنه لا سبب له عقلا وعادة إلا طلوع الشمس.
__________
* "لو" مبتدأ قصد لفظه. "حرف شرط" حرف خبر وشرط مضاف إليه. "في مضي" متعلق بمحذوف نعت لشرط. "إيلاؤها" إيلاؤ فاعل يقل، وهو مصدر مضاف إلى الهاء مفعوله الأول، "مستقبلا" مفعوله الثاني.
"لكن" حرف استدراك، "قبل" ماض للمجهول ونائب الفاعل يعود على إيلائها المستقبل، والجملة مستأنفة.(4/65)
طالعة كان الضوء موجودا"1، ومنه: "لو لم يخف الله لم يعصه"2.
وإذا وليها مضارع أوِّل بالماضي3 نحو: {لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} 4.
__________
1 فإنه لا يلزم من انتفاء الشرط، هو طلوع للشمس، انتفاء الجواب: وهو حدوث الضوء؛ لجواز وجوده بسبب آخر؛ كمصباح، أو نار، أو قمر ... إلخ.
2 هذا أثر مروي عن عمر رضي الله عنه؛ وأوله: "نعم العبد صهيب" و"لو" فيه لا تدل على انتفاء الجواب لانتفاء الشرط؛ فإنه لا يلزم من انتفاء عدم الخوف انتفاء عدم العصيان، حتى يكون قد خاف وعصى؛ لأنه لعدم العصيان أسبابًا أخرى غير الخوف الذي هو وظيفة العوام، منها: الإجلال، والإعظام، والمحبة، والحياء، وتلك وظيفة الخواص. والمراد: أن صهيبًا لو قدر عدم خوفه، لم تقع منه معصية؛ لأنه من الخواص. فكيف وهو يخاف.
3 أي: مع بقاء لفظه على حاله.
4 أي: لو أطاعكم لعنتم، [سورة الحجرات الآية: 7] .
ومثله قول كثير في محبوبته عزة:
رهبان مدين والذين عهدتهم ... يبكون من حذر العذاب قعودا
لو يسمعون كما سمعت كلامها ... خروا لعزة ركعا وسجودا
أي: لو سمعوا حديثها كما سمعت، وفي هذا يقول الناظم:
وإن مضارع تلاها صرفا ... إلى المضي نحو لو يفي كفى*
أي: إذا تلا "لو" الامتناعية ووقع بعدها مضارع لفظا فإنها تقلب زمنه إلى المضي، ويكون مضارعا في الصورة والشكل لا غير، نحو: لو يفي كفى؛ أي: لو وفي كفى، أما غير الامتناعية، فيبقى المضارع معها على حالته صورة وزمنًا.
__________
* "وإن" شرطية "مضارع" فاعل لمحذوف هو فعل الشرط، والفعل بعده مفسر له "صرفا" ماض للمجهول جواب الشرط، ونائب الفاعل يعود إلى المضارع، والألف للإطلاق، "نحو" خبر لمبتدأ محذوف، "لو" حرف شرط غير جازم "يفي" فعل مضارع، فعل الشرط "كفى" فعل ماض جوابه، وجملة الشرط وجوابه في محل جر بإضافة. "نحو" على تقدير مضاف، أي: نحو قول: لو يفي كفى.(4/66)
وتختص "لو" مطلقًا1 بالفعل، ويجوز أن يليها قليلا اسم معمول لفعل محذوف يفسره ما بعده2 كقوله:
أخلاي لو غير الحمام أصابكم3.
__________
1 أي: مصدرية كانت، أو شرطية بنوعيها؛ ومع اختصاصها بالفعل، لا تجزمه على الصحيح.
2 سواء كان ذلك الاسم مرفوعا كم مثل المصنف، ومنه قول عمر -رضي الله عنه- لأبي عبيدة بن الجراح حين قال له، وقد رجع بالجيش من الشام حين بلغه أن بها وباء، أفرارا من قدر الله تعالى؟ فقال له عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة! نعم؛ نفر من قدر الله إلى قدره. والقصة مشهورة، وقول حاتم الطائى: "لو ذات سوار لطمتني"، وقد قال ذلك حين كان مأسورًا في بعض أحياء العرب، فطلبت منه صاحبة المنزل أن يفصد ناقته لها لتشرب دمها فنحرها. فقيل له في ذلك فقال: هذا فصدي، فلطمته الجارية, فقال هذا القول ويراد بذات السوار: الحرة؛ لأن الإماء عند العرب ما كانت تلبس السوار، وجواب لو محذوف؛ أي: لهان على ذلك، وهو مثل يضرب للوضيع يهين الشريف، أو منصوبًا، نحو: لو محمدًا رأيته لأكرمته، أو خبرًا لكان محذوف، نحو: التمس ولو خاتما من حديد.
3 صدر بيت من الطويل لأبي الغمطش الضبي، الشاعر الأسدي، وعجزه:
عتبت ولكن ما على الموت معتب
اللغة والإعراب: أخلاي،: جمع خليل وهو الصديق، وينشد: أخلاء بهمزة مكسورة، وأصله: أخلائي, ثم قصر بحذف الهمزة للضرورة, وأضيف لياء المتكلم. الحمام: الموت. معتب: مصدر ميمي بمعنى العتاب؛ من عتب عليه -إذا لامه وسخط عليه.
"أخلاي" الهمزة للنداء، وخلاي منادى منصوب بفتحة مقدرة عل ما قبل الياء، وهي مضاف إليها، وحرف النداء محذوف، وهو مقول القول في قوله قبل:
أقول لها وقد فاضت بعيني عبرة ... أرى الأرض تبقى والأخلاء تذهب
"لو" شرطية غير جازمة "غير" مبتدأ خبره ما بعده، أو فاعل لمحذوف يفسره أصابكم.
"الحمام" مضاف إليه. "عتبت" الجملة جواب "لو". "ولكن" والواو عاطفة ولكن حرف استدراك. "ما" نافية. "على الدهر" جار ومجرور خبر مقدم "معتب" مبتدأ مؤخر.
المعنى: لو أصابكم أحد غير الموت لسخطت عليه ووجدت، وكان لي معه شأن آخر.=(4/67)
وكثيرًا "أنَّ" وصلتها نحو: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا} 1؛ فقال سيبويه وجمهور البصريين: مبتدأ2 ثم قيل: لا خبر له3، وقيل: له خبر محذوف4، وقال الكوفيون والمبرد والزجاج والزمخشري: فاعل بثبت مقدرًا5 كما قال الجميع في "ما" وصلتها في: لا أكلمه ما أن في السماء نجما6.
__________
= ولكن الذي أصابكم الموت، ولا عتاب عليه ولا سخط؛ لأنه قدر لا مفر منه.
الشاهد: وقوع الاسم، وهو "غير" بعد "لو" الشرطية وذلك قليل وموقعه في الإعراب على أوجه: فقيل: فاعل لمحذوف يفسره ما بعده، كقوله تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ} وقيل: مبتدأ خبره ما بعده، وهذا أحسن في "لو" أما في "إذا" و"إن".
فالأرجح الأول لكثرة وروده عن العرب على هذا النحو.
1 الآية: 5 من سورة الحجرات.
2 أي: إن موضع أنّ مع اسمها وخبرها، رفع على الابتداء، وعلى ذلك تكون "لو" غير داخلة على الفعل.
3 أي: لاشتمال "أنّ" وما بعدها على السند والمسند إليه، فأغنى ذلك عن الخبر، وتوقف الإفادة على الجواب لا يضر بشيء.
4 قيل: يقدر قبل المبتدأ، أي: ولو ثابت صبرهم، وقيل: يقدر مؤخرًا عنه؛ أي: ولو صبرهم ثابت.
5 قيل: وهذا هو الأرجح؛ لأن فيه إبقاء "لو" على اختصاصها بالدخول على الفعل.
6 "أنّ" ومعمولاها في موضع رفع على الفاعلية بثبت مقدرًا؛ أي: ما ثبت أن في السماء نجمًا.
وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله:
وهي في الاختصاص بالفعل كـ"إنْ" ... لكن "لو" "أنّ" بها قد تقترن*
أي: إن "لو" الشرطية بنوعيها مختصة بالدخول على الفعل، مثل "إن" الشرطية فإنها لا تدخل إلا على الفعل ظاهرًا أو مقدرًا، وتنفرد "لو" بدخولها على "أن" ومعموليها.
__________
* "وهي" ضمير منفصل مبتدأ "في الاختصاص" جار ومجرور متعلق بما تعلق به الخبر الآتي. "بالفعل" متعلق بالاختصاص. "كإن" متعلق بمحذوف خبر المبتدأ، "لكن" حرف استدراك ونصب "لو" اسم لكن مقصود لفظه "أن" مبتدأ مقصود لفظه أيضًا "بها" متعلق بتقترن, وجملة "قد تقترن" خبر المبتدأ، و"قد" للتحقيق. وجملة المبتدأ وخبره لكن.(4/68)
وجواب "لو": إما مضي معنى1 نحو: لو لم يخف الله لم يعصه، أو وضعًا وهو: إما مثبت، فاقترانه باللام2، نحو: {لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا} أكثر من تركها، نحو: {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} .
وإما منفي بـ"ما" فالأمر بالعكس، نحو: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} .
وقوله:
ولو نعطى الخيار لما افترقنا3.
قيل: وقد تجاب بجملة اسمية4؛ نحو: {لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ} 5 وقيل:
__________
1 لا بد "للو" من جواب مذكور أو محذوف، والماضي معنى هو: المضارع المقرون بلم الجازمة، ويجب تجرده من اللام؛ لأن اللام لا تدخل على ناف إلا "ما" كما سيأتي.
2 هذه اللام تسمى: "لام التسويف"؛ أي: التأجيل والتأخير؛ لأنا تدل على أن تحقق الجواب سيتأخر زمنًا أقل. الآية الأولى: [سورة الواقعة الآية: 65] ، والثانية: [سورة الواقعة الآية: 70]
3 صدر بيت من الوافر، لم نقف على قائله، وعجزه:
ولكن لا خيار مع الليالي.
اللغة والإعراب: "لو" شرطية غير جازمة، "نعطى" فعل مضارع للجهول فعل
الشرط، ونائب الفاعل هو المفعول الأول. "الخيار" مفعول ثان. "لما" اللام
واقعة في جواب لو "ما" نافية" "افترقنا" افترق فعل ماض ونا فاعل والجملة لا محل لها جواب "لو".
المعنى: لو كان الأمر بيدنا، وخيرنا بين التلاقي والافتراق، ما اخترنا غير التلاقي، ولكن الأيام قلب، ولا خيار للإنسان معها.
الشاهد: وقوع جواب "لو" فعلا ماضيًا منفيا بـ"ما" وقد اقترن مع هذا باللام، وهذا قليل، والكثير في هذه الحالة إلا يكون مقترنًا باللام.
وإن كان النفي بغير "ما" امتنع اقترانه باللام، نحو: لو سافر محمد لم يحضر علي.
4 أي: يكون جواب "لو" جملة اسمية مقرونة باللام.
5 الآية: 103 من سورة البقرة.(4/69)
الجملة مستأنفة1، أو جواب لقسم مقدر، وإن "لو" في الوجهين للتمني2 فلا جواب لها.
فصل في أما:
وهي حرف شر3 وتوكيد دائمًا4، وتفصيل غالبًا5؛ يدل على الأول: مجيء
__________
1 أي: إن اللام في "لمثوبة" لام الابتداء لا الواقعة في جواب "لو".
2 قال الصبان: أي على سبيل الحكاية؛ أي: إنهم بحال يتمني العارف بها إيمانهم وإبقاءهم تلهفًا عليهم لا على سبيل الحقيقة؛ لاستحالة التمني عليه تعالى، ويجوز أن تكون "لو" شرطية، وجوابها محذوف لدلالة السياق عليه؛ أي: لأثيبوا.
وقد يكون جواب "لو" مسبوقا بكلمة "إذا" كقوله تعالى: {قُلْ لَوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ} ويندر أن يكون الجواب مسبوقًا بالفاء، أو "رب" أو "قد".
هذا: وتأتي "لو" زائدة، نحو: البخيل -ولو كثر ماله- منبوذ.
وللعرض، نحو: لوتسهم في أعمال البر فتثاب بنصب المضارع. "فتثاب" بعد فاء السببية.
وللتحضيض نحو لو تحترم القانون فتأمن العقوبة.
وللتمني، نحو قوله تعالى: {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} وهل هذه هي المصدرية أغنت عن فعل التمني فأشبهت ليت فنصب جوابها مثلها؟ أو الشرطية أشربت معنى التمني فلا بد لها من جزاء كالشرط ولو مقدرًا؟ أو هي قسم برأسها فلا جواب لها؟ أقوال، وعلى كل فقد يجيء لها جواب منصوب كليت، وقد لا يجيء ولا تكون للتمني إلا حيث يكون الأمر مستحيلا أو في حكمه.
فصل في أما:
3 أي: حرف يفيد معنى الشرط ويتضمن معناه، وهو: تعليق شيء آخر وجودًا وعدمًا وليست موضوعه له.
4 المراد بالتوكيد هنا: تحقق الجواب والقطع بأنه حاصل وواقع لا محالة.
5 أي: تبيين وتوضيح الأمور والأفراد المجتمعة تحت لفظ واحد يتضمنها إجمالا أو إيراد بالتفصيل: ذكر أشياء كل منها مفصول عن الآخر، وإن لم يكن ثم إجمال.(4/70)
الفاء بعدها1. وعلى الثالث 2: استقراء مواقعها نحو: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} ، {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ} ، {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} ، الآيات3، ,منه: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} الآية، وقسيمه في المعنى قوله -تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} الآية4؛ فالوقف دونه5.
__________
1 أي: غالبًا واعتبارها للجزاء، ولا يصح أن تكون للعطف في مثل قوله -تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ} ، {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ} ؛ لأنها داخلة على الخبر في ذلك، والخبر لا يعطف على مبتدئه، ولا في مثل: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} ؛ لأنها داخلة على الفعل، وهو لا يعطف على مفعوله وكذلك لا يصح أن تكو زائدة لعدم الاستغناء عنها.
2 أي: وهو التفصيل.
3 ففي هذه الآيات: قسيم معطوف بأما؛ وهو في الآية الأولى: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} [سورة الضحى آية: 10] ، وفي الثانية: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ} [آل عمران آية: 107] ، وفي الثالثة: {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} [سورة الليل آية: 5] ، فدل ذلك على أنها للتفصيل.
4 وقيل: إن القسيم محذوف يدل عليه قوله: {وَالرَّاسِخُون} ؛ أي: وأما غيرهم فيؤمنون به ويكلون معناه وعمله إلى ربهم، وإنما قال المصنف: "ومنه"؛ لأن التفصيل في ذاك غير ظاهر لعدم تكرار، "أما" وقد يترك تكرارها كذلك استغناء بذكر أحد القسمين عن الآخر، نحو قوله -تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ} .
أي: وأما الذين آمنوا بالله فلهم كذا وكذا.
5 أي على قوله: "إلا الله" وقوله: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} كلام مبتدأ به منقطع عما قبله؛ لأن الراسخين على هذا لا يؤولون. [سورة آل عمران الآية: 7] .(4/71)
والمعنى: وأما الراسخون فيقولون؛ وذلك على أن المراد بالمتشابه: ما استأثر به الله تعالى بعلمه1 ومن تخلف التفصيل قولك: أما زيد فمنطلق2.
وأما الثاني: 3 فذكره الزمخشري فقال: "أما" حرف يعطي الكلام فضل توكيد؛ تقول: زيد ذاهب، فإذا قصدت أنه لا محالة ذاهب، قلت: أما زيد فذاهب4، وزعم أن ذلك مستخرج من كلام سيبويه5.
وهي نائبة عن أداة شرط وجملته, ولهذا تؤول "بمهما يكن من شيء"6، ولا بد من
__________
1 قال السعد: والحق أنه إن أريد بالمتشابه ما لا سبيل إليه للمخلوق فينبغي الوقف على "إلا الله" وإن أريد به ما لا يتضح؛ بحيث يتناول المجمل والمؤول، فالحق العطف.
2 قيل: يحتمل أنه للتفصيل، والقسيم محذوف للعلم به، أي: وأما غيره فهو ليس كذلك.
وقد يكون التفصيل مقدرًا تدل عليه القرائن ويوحي به السياق؛ نحو: الناس معادن، فأما أنفسها فالصادق الأمين؛ أي: وأما أرخصها فالكاذب الخائن.
3 أي: المعنى الثاني وهو التوكيد.
4 إيضاح التوكيد: أن "إما"؛ قائمة مقام "مهما يكن من شيء" أي: مهما يوجد شيء فزيد ذاهب، فقد علق الذهاب على وجود شيء ما، ووجود شيء ما محقق؛ لأن الدنيا لا تخلو من وجود شيء، والمعلق على المحقق محقق، وإذا فلا بد من المعلق عليه، وهو: ذهاب زيد. وهذا الإيضاح يبين أن "ما" للتوكيد، وأنها في معنى الشرط وقائمة مقام اسم الشرط؛ بحيث يصح حذف "كما" ووضع "مهما يكن من شيء" موضعها، ولا يفسد المعنى ولا التركيب.
5 فإن سيبويه فسر "أما" بهما يكن من شيء. ويقال في إعراب هذا التركيب: "مهما" اسم شرط جازم مبتدأ. "يكن" فعل مضارع مجزوم؛ لأنه فعل الشرط. "من شيء": "من" زائدة وشيء فاعل يكن على اعتبارها تامة، واسمها على اعتبارها ناقصة وخبرها محذوف؛ أي: موجودًا. وجواب الشرط ما يكون بعد هذه الجملة مقترنا بالفاء والجملة خبر مهما.
6 ويقال في إعرابها: "أما" نائبة عن مهما يكن من شيء، ولا تعرب اسم شرط أو فعل شرط، ولا تؤدي معناهما؛ لأنها حرف، والحرف لا يؤدي معنى اسم أو فعل.(4/72)
فاء تالية لتاليها1 إلا إن دخلت على قول قد طرح استغناء عنه المقول؛ فيجب حذفها معه2، كقوله -تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ} 3، ولا تحذف في غير ذلك إلا في ضرورة كقوله:
فأما القتال لا قتال لديكم4.
__________
1 هذه الفاء لازمة لربط الجواب بها، ولتكون كالقرينة عليها لخفاء شرطيتها لأن شرطيتها بطريق النيابة: وأصل هذه الفاء أن تكون في صدر الجواب كما هو الشأن مع غير "أما" من أدوات الشرط، ولكنها أخرت لقبح وجودها عقب أما لفظًا أو لأنها تشبه العاطفة صورة، فيكو في الكلام عاطف بلا معطوف عليه، وفيما تقدم في "أما" يقول الناظم:
أما كـ"مهما يك من شيء" و"فا" ... لتلو تلوها وجبا ألفا*
أي: إن "أما" قائمة مقام أداة شرط وفعله، وهما: "مهما يكن من شيء" وتجب الفاء لتالي تاليه؛ تبعًا للمألوف في الفصيح من الكلام العربي، وتالي تاليهما هو الجواب؛ لأن تاليها مباشرة هو الشرط.
2 فحذف القول استغناء عنهما بالقول. وقيل: إن حذفها حينئذ كثير لا واجب، فيجوز إبقاؤها على قلة مع حذف القول.
3 فحذف القول استغناء عنه بالمقول، فتبعته الفاء في الحذف؛ فقوله {أَكَفَرْتُمْ} مفعول القول المحذوف، والقول ومفعوله جواب "أما" [سورة آل عمران الآية: 106] .
4 صدر بيت من الطويل للحارث بن خالد المخزومي، يهجو به بني أسيد، وعجزه:
ولكن سيرًا في عراض المواكب
وقيل:
فضحتم قريشا بالفرار وأنتم ... قمدون سودان عظام المناكب
اللغة والإعراب: قمدون: جمع قمد، وهو الطويل العنق الضخمة. سودان: جمع=
__________
* "أما" مبتدأ. "كمهما يك من شيء" الكاف جارة وما بعدها مقصود به الحاكية فهو مجرور بها، والجار والمجرور خبر المبتدأ. "وفا" بالقصر, مبتدأ "لتلو" متعلق بألفا. "تلوها" مضاف إليه "وجوبا" حال من ضمير ألفا الواقع نائب فاعل، والجملة خبر المبتدأ.(4/73)
أو ندور نحو: "أما بعد ما بال رجال يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله" 1.
__________
= أسود على غير قياس، وقيل: جمع سود، وهذا جمع أسود، مأخوذ من السيادة عراض: جمع عرض بالضم، وهو الناحية أو الشق، المواكب: جمع موكب، وهو الجماعة من الناس ركبانًا أو مشاة، وقيل: هم الراكبون على الإبل والخيل للزينة خاصة.
"أما" شرطية نائبة عن مهما وفعل الشرط. "القتال" مبتدأ. "لا" نافية للجنس، "قتال" اسمها. "لديكم" ظرف ومضاف إليه متعلق بمحذوف خبر "لا". والجملة خبر المبتدأ، والرابط، إعادة المبتدأ بلفظه. "ولكن" الواو عاطفة، لكن حرف استدراك ونصب، "سيرا" اسمها والخبر محذوف، أي: لديكم.
وقيل: إن اسم لكن ضمير مخاطبين محذوف، و"سيرا" منصوب على المصدرية لمحذوف؛ أي: يسيرون سيرًا، والجملة خبر لكن.
المعنى: يهجو الشاعر بن أسيد ويصفهم بالجبن والضعف, ويقول: إنهم لا يقدرون على القتال ومنازلة الشجعان، ولكنهم يسيرون في جانب المواكب للزينة لا غير.
الشاهد: في قوله "لا قتال" حيث حذفت منه الفاء، وهو جواب "أما" مع أنه ليس في الكلام قول محذوف، وذلك ضرورة.
1 هذا حديث للرسول أخرجه البخاري، والأصل: أما بعد فما بال رجال، فحذفت الفاء، وذلك نادر، و"ما" استفهامية مبتدأ، و"بال" بمعنى شأن, خبرها وجوز بعضهم: أن يكون هذا مما حذفت فيه الفاء تبعًا للقول والتقدير: فأقول: ما بال رجال....إلخ فالأولى الاستدلال بقول عائشة -رضي الله عنها: "أما الذين جمعوا بين الحج والعمرة طافوا طوافًا واحدًا؛ لأنه على حذف الفاء يقول الناظم:
وحذف ذي الفا قل في نثر، إذا ... لم يك قول معها قد نبذا*
أي: إن حذف هذه الفاء قليل في النثر إلا إذا حذفت مع القول؛ حيث يكون المقول عوضًا=
__________
* "وحذف" مبتدأ. "ذي" اسم إشارة مضاف إليه "الفا" بدل من اسم الإشارة أو عطف بيان، وجملة "قل" خبر المبتدأ "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط, "لم يك" لم جازمة ويك، فعل الشرط مجزوم على النون المحذوفة للتخفيف "قول" اسم يك "معها" مع ظرف متعلق بنبذا، الواقع خبر ليك والهاء مضاف إليه, وجواب الشرط محذوف يدل عليه الكلام.(4/74)
.. .... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
= عنهما, كما بينا ويجوز حذف "أما" إذا دل على ذلك دليل، ويكثر ذلك قبل الأمر، والنهي، كقوله -تعالى: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ, وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ, وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} .
هذا: ولا يفصل بين أما والفاء بجملة تامة -إلا إذا كانت دعائية- بشرط أن يتقدم الجملة فاصل، نحو: أما اليوم -حفظك الله- فإني مسافر، وأما الغد فإني في انتظارك.
ويكون الفصل بين أما والفاء بأحد الأمور الآتية:
أ- المتبدأ، نحو: أما محمد فيسافر، وقد يستلزم المبتدأ شيئًا يذكر معه، كما إذا كان اسم موصل، نحو قوله -تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا} . فإن اسم الموصول يتطلب صلة بعده.
ب- الخبر، نحو: أما في المدرسة فمحمد، وأما عند المهاجرين فعلي.
جـ- الجملة الشرطية وحدها دون جوابها، نحو قوله -تعالى: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ, فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} إلخ, فقوله: {فَرَوْحٌ} جواب أما، وجواب الشرط محذوف وجوبًا، استغناء عنه بجواب "أما".
د- الاسم المنصوب لفظًا أو محلا بالجواب، نحو: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} إلخ ولا مانع هنا من أن يعمل ما بعد الفاء فيما قبلها؛ لأن الفاء بعد "أما" مزحلقة عن محلها الحقيقي كما تقدم.
هـ- الاسم المعمول لمحذوف يفسره ما بعد الفاء نحو: أما الضيف فأكرمه، وأما الطفيلي فأهنه، ومن هذا قوله -تعالى: "وَأَمَّا ثَمُودَ فَهَدَيْنَاهُمْ" على قراءة نصب "ثمود" ويجب تقدير العامل بعد الفاء، وقيل ما دخلت عليه؛ لئلا يكثر الفاصل بينهما وبين أما،؛ فيقال: فهدينا هديناهم.
و شبه الجملة: "ظرف أو جار ومجرور" المعمول لأما -إذا لم يكن هناك عامل غيرها- وذلك لما فيها من معنى الفعل الذي نابت عنه، نحو: أما اليوم فإني ذاهب إلى الميدان، وأما في الميدان فالله قادر في عون الجميع.(4/75)
فصل في لولا ولو ما:
لـ"لولا، ولوما" وجهان:
أحدهما: لأن يدلا على امتناع جوابهما لوجود تاليهما1؛ فيختصان بالجمل الاسمية2 نحو: {لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} .
__________
فصل في لولا ولو ما:
1 وكلاهما في الزمن الماضي، وهما شرطيتان، وتعرب كل منهما امتناع لوجود؛ أي: امتناع شيء بسبب وجود غيره, فهما خاصتان بالشرط الامتناعي.
2 فيكون ما بعدها مبتدأ خبره محذوف وجوبًا ولو كان ضميرًا متصلا؛ كلولا ولولاك؛ فإنها وإن كانت في ذلك حرف جر لا تتعلق بشيء إلا أن مجرورها في محل رفع بالابتداء، وقد مر ذلك في باب المبتدأ والخبر في الجزء الأول عند قول الناظم:
وبعد لولا غالبًا حذف الخبر
ولا بد لهما من جواب كجواب "لو" في شروطه المتقدمة؛ فإن كان ماضيًا لفظًا ومعنى، أو معنى فقط "كالمضارع المسبوق بلم"، جاز اقترانه باللام وتجريده منها؛ سواء أكان مثبتًا أم منفيا "بما" دون سواها، والأكثر اقتران المثبت وتجرد المنفي، نحو قوله -تعالى: {يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} ، {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا} .
وقول الشاعر:
لولا المشقة ساد الناس كلهمو ... الجود يفقر والإقدام قتال
ويصح حذف الجواب إذا دل عليه دليل؛ كقوله سبحانه: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ} أي: لهلكتم، وقد يكون المرفوع بعد لولا اسما مؤولا نحو قوله سبحانه: {لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا} .
وفي استعمال لولا ولوما للامتناع، ودخولهما على المبتدأ لزوما، يقول الناظم:
"لولا " و"لوما" يلزمان الابتدا ... إذا امتناعا بوجود عقدا*
أي: إنهما يلزمان الدخول على المبتدأ، إذا عقدا -أي: ربطا- الامتناع بالوجود أي: دلا على امتناع شيء بسبب وجود شيء آخر.
__________
* "لولا" مبتدأ. "ولوما" عطف عليه مقصود لفظهما. "يلزمان الابتداء" الجملة
من الفعل والفاعل والمفعول خبر. "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط "امتناعا" مفعول عقدا مقدم. "بوجود" متعلق بعقدا. "عقدا" فعل الشرط وألف الاثنين فاعل، وهي عائدة إلى لولا ولوما.(4/76)
والثاني: أن يدلا على التحضيض1؛ فيختصان بالفعلية2؛ نحو: {لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ} ، {لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ} 3، ويساويهما في التحضيض والاختصاص بالأفعال: هلا، وألا وألا4.
وقد يلي حرف التحضيض اسم معلق بفعل؛ إما مضمر نحو: "فهلا بِكرًا تلاعبها
__________
1 أي: أو العرض. والتحضيض هو: الترغيب بقوة في فعل شيء أو تركه" أما العرض فهو الترغيب في الشيء بلين ورفق.
2 ذلك لأن مضمون الجملة الفعلية حادث متجدد، فيتعلق به الطلب بقوة وحث، أو برفق وهو ما يفيده التحضيض والعرض ويجب أن يليهما المضارع ظاهرًا أو مقدرًا، وأن يكون معناه مستقبلا؛ لأن أداة التحضيض والعرض تخلص زمن المضارع للاستقبال، إذ معناهما لا يتحقق إلا فيه، وإن دخلا على الماضي لفظًا أو تأويلا، كانا للزجر وللتوبيخ على ترك الفعل في الماضي، نحو قوله -تعالى: {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} .
3 هذان المثالان للتحضيض، ومثال العرض: {لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ} . وأداة التحضيض والعرض قد تحتاج إلى جواب، وقد لا تحتاج، على حسب المقام.
4 كما أن هذه الأوات تدل على التحضيض كذلك تدل أحيانًا على التوبيخ: نحو: هلا دافعت عن شرفك، ألا قاومت المعتدي، ألا رحبت بضيفك.
وتمتاز "ألا" بأنها تكون للعرض "وهو الترغيب في فعل شيء أو تركه باللين والعطف" ويكثر استعمالها فيه، وفي دلالة "لولا"، و"لو ما" على التحضيض وإشراك أدوات أخرى معها في ذلك، يقول الناظم:
وبهما التحضيض مز، وهلا ... ألا ألا وأولينها الفعلا*
أي: ميز بلولا ولوما الدلالة على التحضيض، ويشاركها في ذلك: هلا، وألّا، وألا وتختص حينئذ بالدخول على الجمل الفعلية، كما أوضحنا.
__________
* "وبهما" جار ومجرور متعلق بمز. "التحضيض" مفعول مز مقدم "وهلا" معطوفة على الهاء في بهما. أو مبتدأ حذف خبره؛ أي: كذلك. "ألا ألا" معطوفان على هلا بإسقاط العاطف, "وأوليتها" أول فعل أمر متعد لاثنين مؤكد بالنون الخفيفة، "والها" مفعوله الأول "الفعلا" مفعوله الثاني، والألف للإطلاق.(4/77)
وتلاعبك" 1؛ أي: فهلا تزوجت بكرًا، أو مظهر مؤخر نحو: {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ} 2؛ أي: هلا قلتم إذ سمعتموه؟
__________
1 حديث للرسول -صلى الله عليه وسلم- قاله لجابر؛ حين أخبره بأنه تزوج بثيب، و"بكرًا" مفعول لفعل محذوف، كما قدر المصنف.
2 "لولا" هنا بمعنى "هلا"، "إذ" متعلقة بقلتم، وهو فعل مظهر مؤخر من تقديم، كما قدر المصنف "سمعتموه" الجملة في محل جر بإضافة إذ إليها. [سورة النور الآية: 16] , إلى هذه الحالة أشار الناظم بقوله:
وقد يليها اسم بفعل مضمر ... علق، أو بظاهر مؤخر*
أي: قد يقع بعد هذه الأدوات في الظاهر اسم، ولكنه في الحقيقة يكون متعلقًا ومعمولا لفعل مقدر بعد الأداة مباشرة، أو بفعل ظاهر متأخر عن هذا الاسم.
وقد يقع بعد حرف التحضيض مبتدأ وخبر، فيقدر الفعل المضمر "كان الثانية" كقول الشاعر:
ونبئت ليلى أرسلت بشفاعة ... إلي، فهلا نفس ليلى شفيعها
أي: فهلا كان هو -أي: الشأن- نفس ليلى؛ شفيعها فـ"نفس" مبتدأ و"ليلي" مضاف إليها. "شفيعها" خبر ومضاف إليه، أو بالعكس، والجملة خبر "كان" الثانية المحذوفة.
و"كان" هنا بمعنى "يكون" لوقوعها بعد حرف التحضيض، وإنما عبر بكان؛ لأن المعهود في غير هذا الموضع تقدير "كان" فحمل عليه هذا الموضع.
تنبيه:
هنالك أدوات تفيد الشرط ولا تجزم أيضًا، منها:
"لما" وهي ظرف بمعنى "حين" ولا يليها إلا الماضي، تقول: لما نجح أخي هنأته.
و"كلما" وهي ظرف يفيد التكرار ويليها الماضي أيضًا، نحو قوله -تعالى: {أَوَكُلَّمَا
__________
* "قد" حرف تقليل. "اسم" فاعل يليها. "بفعل" متعلق بعلق. "مضمر" نعت لفعل. "علق" ماض للمجهول ونائب الفاعل يعود إلى اسم، والجملة نعت لاسم "أو بظاهر" معطوف على "بفعل" مع ملاحظة منعوت محذوف؛ أي: أو بفعل ظاهر. "مؤخر" نعت لظاهر.(4/78)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ} .
و"إذا" وهي ظرف للزمان المستقبل ولا يليها إلا الفعل ظاهرًا أو مقدرًا، ولا تستعمل إلا عند التحقق من وقوع الشرط، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك.
و"كيف" حين تستعمل أداة شرط لبيان الكيفية، نحو: كيف تتكلم أتكلم.
خاتمة: في الجمل وأقسامها وموقعها من الإعراب.
أ- تنقسم الجمل بحسب وضعها إلى قسمين: اسمية وفعلية:
فالاسمية هي: ما صدرت باسم: والفعلية ما صدرت بفعل. والمراد بصدر الجملة: المسند أو المسند إليه، ولا عبرة بما تقدم عليهما من الحروف؛ فنحو: أمسافر أخواك؛ ولعل الجو معتدل، وما محمد خائف -جمل اسمية. ونحو: أسافر أخوك؟ وقد نجح علي، وهلا قمت، جمل فعلية؛ برغم ما تقدم على الفعل والاسم من حروف.
ب- يقسم علماء العربية هذه الجمل إلى قسمين: كبرى، وصغرى:
فالكبرى هي: الجملة الاسمية التي يكون خبر المبتدأ فيها جملة؛ سواء أكانت فعلية أم اسمية، نحو: الخريف يبدأ من اليوم الثالث والعشرين من شهر ديسمبر، والجيش المصري رجاله مخلصون.
والصغرى هي: التي يخبر بها عن المبتدأ، كجملتي: رجاله مخلصون وبيدأ من اليوم ... إلخ.
أما الجملة المكونة من مبتدأ، وخبر مفرد، نحو: محمد مسافر، والخطيب جهير الصوت.
وكذلك الجملة الفعلية التي ليست خبرًا عن مبتدأ مثل: تكثر الفاكهة صيفًا، فلا تسمى صغرى ولا كبرى، بل هي مطلقة, وقد تكون الجملة صغرى وكبرى باعتبارين مختلفين كما بينا.
جـ- ويقسم علماء المعاني الجمل إلى قسمين: جمل رئيسية، وأخرى غير رئيسية فالجمل الرئيسية هي: المستقلة بمعناها التي ليست قيدًا في غيرها؛ سواء أكانت اسمية أم فعلية، وتشمل: جملة المبتدأ والخبر، والجملة التي أصلها المبتدأ والخبر؛ كاسم=(4/79)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ....
__________
= "كان" و"إن" وخبرهما، وأخواتهما، وجملة الفعل والفاعل، وجملة الفعل، ونائب الفاعل، وجملة المصدر النائب عن فعل الأمر وفاعله، وجملة اسم الفعل وفاعله.
أما الجمل غير الرئيسية فهي: ما كنت قيدًا في غيرها، وليست مستقلة بنفسها، ومنها: جملة الحال, جملة المفعول به، جملة الصفة، جملة الشرط، جملة الاختصاص....إلخ.
د- الجملة الاسمية التي خبرها مفرد، أو جملة اسمية تفيد بأصل وضعها: ثبوت شيء لشيء من غير نظر إلى حدوث أو استمرار، وقد تخرج عن هذا الأصل فتفيد الدوام والاستمرار بقرينة؛ كما إذا كان الكلام في معرض المدح والذم، أما الجملة الاسمية التي خبرها جملة فعلية، فتفيد التجدد في زمن معين، وقد تفيد الاستمرار، إذا قصد المدح أو الذم، كما تقدم.
هـ- وتنقسم الجمل باعتبار موقعها من الإعراب إلى قسمين: جمل لها محل من الإعراب، وأخرى لا محل لها من الإعراب. وقد مرت مفصلة في أبوابها، ونذكرها هنا بإجمال من باب التذكير:
أ- الجمل التي لها من محل من الإعراب، وهي على المشهور.
1 جملة الخبر، ومحلها الرفع.
2 جملة الحال، ومحلها من النصب.
3 جملة المفعول، ومحلها النصب.
4 الجملة المضاف إليه، ومحلها الجر.
5 الجملة الواقعة جوابًا لشرط جازم واقترنت بالفاء أو "إذا"، ومحلها الجر.
6 الجملة التابعة لمفرد؛ بأن كانت نعتًا له، أو عطفت عليه بالحرف، أو كانت مبدلة منه، ومحلها على حسب إعراب المتبوع.
7 الجملة التابعة لجملة لها محل من الإعراب، ويكون ذلك في بابي النسق والبدل، ومحلها على حسب ما قبلها. وزاد صاحب المغني: الجملة المستثناة، نحو قوله -تعالى: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ, إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ} . على رأي من أعرب "من" مبتدأ وجملة "يعذبه" خبر. والجملة المسند إليها=(4/80)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ....
__________
نحو: {وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ} الآية؛ إذا أعرب "سواء" خبرًا مقدمًا، و"أنذرتهم" مبتدأ مؤخر.
ب- الجمل التي لا محل لها من الإعراب، وهي:
1 الجملة المستأنفة، وتشمل: الجملة الابتدائية التي تأتي في صدر الكلام نحو: محمد مسافر، والتي تأتي في أثنائه منقطعة عما قبلها، نحو: مات فلان -رحمه الله.
2 الجملة الواقعة صلة لاسم موصول.
3 الجملة الواقعة جوابًا للقسم.
4 الجملة المفسرة لما قبلها، نحو: هلا نفسك هذبتها.
5 الجملة الاعتراضية، وهي المتوسطة بين أجزاء جملة؛ كالتي تقع بين الفعل والفاعل، أو بين المبتدأ والخبر.. إلخ، أو المتوسطة بين جملتين مرتبطتين.
6 جملة جواب الشرط غير الجازم مطلقًا، أو جواب الشرط الجازم غير المقترن بالفاء، أو بإذا الفجائية.
7 الجملة التابعة لجملة لا محل لها من الإعراب.(4/81)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
الأسئلة والتمرينات:
1 اذكر أقسام "لو"، وبين الفرق بين "لو" المصدرية، و"لو" الشرطية في المعنى والعمل، ووضح بأمثلة من عندك.
2 على أي الجمل تدخل "لو"؟ وما حكم جوابها من حيث الاقتران باللام أو عدمه؟ مثل.
3 ما الذي تفيده "لما"؟ اشرح ذلك، وبين ما يشترط في جوابها مع التوضيح بالأمثلة.
4 علم تدل "لو"، و"لوما"؟ هات مثالين لكل منهما؛ أحدهما: يوضح معنى والثاني يبين معنى آخر لهما.
5 اذكر أربعة أمثلة يفصل فيها بين أما وبين الفاء؛ على أن يكون الفاصل مختلفًا في كل مثال عن غيره.
6 فيما يأتي شواهد لبعض أدوات هذا الباب, بين الغرض من الشاهد، وما يفيده من معنى مع إيضاح الشرط والجواب.
قال -تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ} .
{فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} .
{وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُون} .
{لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} .
{فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا} .
{فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} .
{لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} .
{فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ, فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} .
{لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} .
{أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ} .=(4/82)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
= ويقول الرسول -عليه السلام: "أما موسى كأني أنظر إليه إذ ينحدر في الوادي".
لا يلفك الراجوك إلا مظهرًا ... خلق الكرام ولو تكون عديما
لولا مفارقة الأحباب ما وجدت ... لها المنايا إلى أرواحنا سبلا
ولو أن ما أسعى لأدنى معيشة ... كفاني ولم أطلب قليل من المال
فأما الصدور لا صدور لجعفر ... ولكن أعجازًا شديدًا ضريرها
لولا رجاء لقاء الظاعنين لما ... أبقت نواهم لنا روحا ولا جسدا
7 أعرب ما تحته خط في الأبيات الآتية، وبين ما فيها من أداة شرط، مع ذكر الشرط والجواب:
يابن الكرام ألا تدنو فتبصر ما ... قد حوثوك فما راء كمن سمعا
لولا أبوك ولولا قبله عمر ... ألقت إليك معد بالمقاليد
ما أطيب العيش لو أنَّ الفتى حجر ... تنبو الحوادث عنه وهو ملموم
8 بين فيما يأتي: الأدوات التي وردت في هذا الباب ومعناه، وشرطها، وجوابها إن كان: من الخير أن تقرأ كل يوم شيئًا من القرآن ولو يسيرًا. أما والله لو فعلت ما أصابك شر في يومك، ولو أن كل حافظ للقرآن فعل ذلك؛ إذا والله لظفر بالحسنى.
الأصدقاء ثلاثة: فأما خيرهم فالوافي المعين عند الشدة، وأما أوسطهم فالمشارك بالقول أكثر من الفعل ... أي أخي! هل المعوز عاونت؟ ألا تصاحب المهذب الأخلاق، لو ما تراقب الله في عملك. هلا ذكرت ضعفك وقدرة الله واطلاعه عليك.
والنفس لو أن ما في الأرض حيز لها ... ما كان إن هي لم تقنع بكافيها
وربما فات قوما جل أمرهم ... من التأني وكان الحزم لو عجلوا(4/83)
باب: الإخبار بالذي وفروعه 1 وبالألف واللام
ويسميه بعضهم: باب السبك2. وهو: باب وضعه النحويون للتدريب في الأحكام النحوية3، كما وضع التصريفيون مسائل التمرين في القواعد التصريفية4. والكلام فيه في فصلين:
__________
باب: الإخبار بالذي وفروعه، وبالألف واللام
1 فروع الذي هي: المثنى، والجمع "اللذان، والذين، والأولى، واللائي" ومثلها: "التي" ومثناها، وجمعها. أما غير ذلك من الموصلات فلا يخبر به.
2 هي تسمية قديمة من الصدر الأول، ومعناه، سبك كلام من كلام آخر ويسمى كذلك باب التمرين.
3 أي: للتمرين والتدريب فيها؛ ليستطيع الدارس استحضار وتذكر المسائل النحوية المختلفة وأحكامها، وتقوية ملكته على التصرف فيها والتطبيق عليها، ومعرفة ما يصح الإخبار عنه وما يمتنع.. إلخ. ولذلك توسعوا فيه حتى شمل كثيرًا من أبواب النحو؛ كالفاعل والمبتدأ والخبر، ونواسخهما، وجميع المفعولات، والتوابع ... إلخ.
وقد لا يقصد بالإخبار ما ذكرنا من التمرين والتدريب؛ بل يؤتى به لغرض آخر مثل:
أ- الاختصاص والقصر؛ كما إذا قال قائل: ركب علي الطائرة, فتقول ردًا عليه: الذي ركب الطائرة خالد، ويجاب بهذا كذلك لمن قال: ركب علي وخالد؛ لإفادة القصر، وإزالة الشك في الراكب.
ب- تقوية الحكم وتثبيته؛ لأن في التعبير بالإخبار إسنادين: أحدهما إلى الضمير، والثاني إلى الظاهر، ولا شك أن هذا أقوى مما فيه إسناد واحد.
جـ- تشويق السامع، كقول أبي العلاء المعري في وصف ناقة سيدنا صالح، وفيه إشارة إلى المعاد الجسماني:
والذي حارت البرية فيه ... حيوان مستحدث من جماد
4 سيأتي في باب التصريف أمثله لذلك، كقولهم: "كيف تبني من قرأ" على مثال "جعفر"؟.
ومن أمَّ على وزن "إصبع" فهذا، مثل قولك: كيف تخبر عن هذا الاسم بالذي ونحوه؟(4/84)
الفصل الأول: في بيان حقيقته.
إذا قيل لك: كيف تخبر عن زيد من قولنا: "زيد منطلق" بالذي؟
فاعمد إلى ذلك الكلام، فاعمل فيه أربعة أعمال.
أحدها: أن تبتدئه بموصول مطابق لزيد في إفراده وتذكيره وهو الذي1.
الثاني: أن تؤخر "زيدا" إلى آخر التركيب2.
الثالث: أن ترفعه على أنه خبر للذي3.
الرابع: أن تجعل في مكانه4 الذي نقلته عنه ضميرًا مطابقًا له في معناه وإعرابه5؛ فتقول: "الذي هو منطلق زيد"؛ فالذي: مبتدأ وهو منطلق مبتدأ وخبر، والجملة صلة للذي، والعائد منها6 الضمير الذي جعلته خلفًا عن زيد الذي هو الآن كمال الكلام7.
وقد تبين بما شرحناه: أن "زيدًا" مخبر به لا عنه، وأنَّ "الذي" بالعكس، وذلك
__________
1 وتجعله مبتدأ.
2 لأنه يراد جعله خبرا عن الموصول.
3 ويجعل ما بين المبتدأ والخبر صلة الموصول.
4 أي: في موضع "زيد" الذي أخرته.
5 ويكون مطابقًا للموصول؛ لأنه العائد إليه، ويلزم عند الجمهور: أن يكون هذا الضمير غائبًا ولو كان خلفًا عن ضمير متكلم أو مخاطب؛ لأنه عائد على غائب؛ إذ الموصول في حكم الغائب، وأجاز بعضهم مطابقته للخبر في التكلم والخطاب؛ فيقال في الإخبار عن التاء، في ضربت، بالفتح: الذي ضربتَ أنت، وبالضم: الذي ضربتُ أنا.
6 أي: إلى الموصول؛ لأنه يحتاج إلى عائد كما هو معروف.
7 وإلى بيان حقيقة الإخبار المذكورة، أشار الناظم بقوله: =(4/85)
خلاف ظاهر السؤال1؛ فوجب تأويل كلامهم على معنى: أخبر عن مسمى زيد في حال تعبيرك عنه بالذي2.
وتقول في نحو: "بلغت من أخويكم إلى العمرين رسالة" -إذا أخبرت عن التاء
__________
=
ما قيل "أخبر عنه الذي" خبر ... عن الذي مبتدأ قبل استقر
وما سواهما فوسطه صله ... عائدها خلف معطي التكمله
نحو "الذي ضربته زيد" فذا ... "ضربت زيدا" كان فادر المأخذا*
أي: إذا قيل لك: أخبر عن اسم ما بالذي، فاجعل الذي مبتدأ في أول الكلام، واجعل ذلك الاسم خبرًا عنه في الآخر، وما سوى المبتدأ والخبر من بقية الكلام، فاجعله متوسطًا بينهما ليكون صلة الذي، والعائد ضمير خلف عن الاسم الذي جعلناه في الآخر خبرًا ومكملا لجملة المبتدأ، ويكون مطابقًا له في معناه وإعرابه؛ فتقول في نحو ضربت زيدًا: الذي ضربته زيد؛ فالذي مبتدأ، وزيد خبره، وضربته صلة والهاء فيه خلف عن زيد. وهي عائدة على الذي فـ"عن" في قول الناظم: عنه, بمعنى "الباء"، والباء في بالذي بمعنى "عن".
1 أي: الذي ساقه المصنف وهو: "كيف تخبر عن زيد من قولنا: "زيد من منطلق" بالذي؟ فإن ظاهره أن "زيدًا" مخبر عنه، وأن "الذي" مخبر به.
2 هذا أحد التأويلات التي ذكروها وهو لابن عصفور، وقيل: إن الباء في كلام الناظم للسببية؛ أي: أخبر عن ذلك الاسم بسبب التعبير عنه بالذي، أو للاستعانة؛ أي: متوصلا إلى ذلك الأخبار بالذي.
__________
* "ما" اسم موصول مبتدأ، وجملة "قيل" صلة. "عنه بالذي" متعلقان بأخبر، وجملة أخبر وما تعلق بها مقول القول "خبر" خبر المبتدأ. "عن الذي" متعلق بخبر. "مبتدأ" حال من الذي. "قبل" ظرف متعلق باستقر الواقع صلة للذي، أو مبني على الضم في محل نصب حال ثانية.
* "وما" اسم موصول مبتدأ "سواهما" سوى ظرف متعلق بمحذوف صلة، "وهما" مضاف إليه "فوسطه" الفاء زائدة والجملة خبر المبتدأ "صلة" حال من الهاء الواقعة مفعولا لوسطة. "عائدها" مبتدأ ومضاف إليه، "خلف معطي" خبر ومضاف إليه "التكملة" مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، والجملة صفة لصلة.
* "نحو" خبر لمبتدأ محذوف "الذي" اسم موصول مبتدأ "ضربته" الجملة صلة. "زيد"خبر المبتدأ. "فذا" الفاء للتفريغ، وذا اسم إشارة مبتدأ. "ضربت زيدًا" الجملة مقصود لفظها خبر "كان" مقدم، واسمها يعود إلى ذا، وجملة كان واسمها وخبرها خبر المبتدأ وهو "ذا". "نادر" فعل أمر "المأخذا" مفعول أدر، والألف للإطلاق.(4/86)
بالذي- "الذي بلغ من أخويك إلى العمرين رسالة أنا"1 فإن أخبرت عن "أخويك" قلت: اللذان بلغت منهما إلى العمرين رسالة، أخواك2، أو عن العمرين قلت: "الذين بلغت من أخويك إليهم رسالة العمرون"، أو عن الرسالة قلت: "التي بلغتها من أخويك إلى العمرين رسالة3؛ فتقدم الضمير وتصله4؛ لأنه إذا أمكن الوصل لم يجز العدول إلى الفصل وحينئذ5 فيجوز حذفه؛ لأنه عائد متصل منصوب بالفعل.
__________
1 فـ"الذي" مبتدأ، و"أنا" خبره، وما بينهما صلة، والعائد الضمير المستتر في بلغ.
2 فـ"اللذان" مبتدأ، و"أخواك" خبر, وما بينهما صلة، والعائد ضمير التثنية المجرور في "منها".
3 "التي" مبتدأ، و"رسالة" خبر، وما بينهما صلة، والعائد الهاء في بلغتها.
4 أي: تقدم ضمير الرسالة عن موضعه، وتصله بالفعل؛ وكان حقه أن يكون مكانها منفصلا؛ ويكون التقدير: التي بلغت من أخوتيك إلى العمرين إياها رسالة.
5 أي: حين إذا قدمت الضمير ووصلته.
ويؤخذ من هذا الذي ذكره المصنف: أنه إذا كان المخبر عنه مثنى أو مجموعا أو مؤنثًا، جيء بالموصول على وفقه؛ لوجوب مطابقة الخبر للمبتدأ في الإفراد والتذكير وفروعهما، وإلى ذلك يشير الناظم بقوله:
وباللذين والذين والتي ... أخبر مراعيا وفاق المثبت*
أي: إذا كان الاسم الذي قيل لك: "أخبر عنه" أي: به مثنى أو مجموعا أو مؤنثا؛ فجيء بالمبتدأ الموصول وفقه في ذلك؛ ليطابق الاسم المخبر عنه به، فتقول: اللذين للمثنى، والذين للجمع، والتي للمؤنث.
__________
* "وبالذين" متعلق بأخبر. "والذي والتي" معطوفان عليه "مراعيا" حال من فاعل أخبر، وفيه ضمير هو فاعله. "وفاق المثبت" وفاق مفعوله، والمثبت مضاف إليه، وليس الحكم مقصورًا على هذه الثلاثة، بل المراد فروعها؛ كاللتين واللاتي، واللائي, والأولى كما أوضحنا.(4/87)
الفصل الثاني في شروط ما يخبر عنه:
اعمل أن الإخبار إن كان بالذي أو أحد فروعه1 اشترط للمخبر عنه سبعة شروط:
أحدها: أن يكون قابلا للتأخير2؛ فلا يخبر عن "أيهم" من قولك أيهم في الدار؟
لأنك تقول حينئذ: الذي هو في الدار أيهم، فتزيل الاستفهام عن صدريته3، وكذا القول في جميع أسماء الاستفهام، والشرط، و"كم" الخبرية، و"ما" التعجبية، وضمير الشأن، لا يخبر عن شيء منها لما ذكرنا4.
وفي التسهيل: أن الشرط أن يقبل الاسم أو خلفه التأخير، وذلك لأن الضمائر المتصلة؛ كالتاء من قمت -يخبر عنه مع أنها لا تتأخر، ولكن يتأخر خلفها وهو الضمير المنفصل، فتقول: الذي قام أنا.
الثاني: أن يكون قابلًا للتعريف؛ فلا يخبر عن الحال، والتمييز؛ لأنك لو قلت في جاء زيد ضاحكا: "الذي جاء زيد إياه ضاحك" كنت قد نصبت الضمير على الحال، وذلك ممتنع؛ لأن الحال واجب التنكير، وكذا القول في نحوه5، وهذا القيد لم يذكره
__________
1 أي: من موصول؛ للتأنيث والتثنية، والجمع.
2 وذلك لما سبق بيانه؛ من أنه يجب تأخير ذلك الاسم إلى نهاية الجملة؛ وجعله خبرًا عن الذي وفروعه.
3 وقد أجاز ذلك ابن عصفور والمبرد ومن تبعهما؛ بشرط تقدم اسم الاستفهام ونحوه, فيقال: أيهم الذي هو في الدار، ويعرب "أيهم" خبرًا مقدما، و"الذي" مبتدأ مؤخر، وهم يجيزون تقديم الخبر في هذا الباب. وقيل: أيهم مبتدأ والذي خبره، والصواب رأي الجمهور من عدم جواز هذا ونحوه.
4 أي: من استلزامه إزالة ما له صدر الكلام عن موضعه اللازم له وهو الصدرية، ومثل ما ذكر: ضمير الفصل على القول بأنه اسم؛ فلا يخبر به لئلا يخرج عما له من لزوم التوسط.
5 فلا يجوز في نحو: اشتريت خمسين فدانًا، الذي اشتريت خمسين إياه فدان، ولا في نحو: كرم محمدًا نفسًا, التي كرم محمد إياها نفس، لأن الضمير الواقع بدلا ملازم للتعريف، ونصبه على التمييز غير جائز.(4/88)
في التسهيل1.
الثالث: أن يكون قابلا للاستغناء عنه بالأجنبي2؛ فلا يخبر عن الهاء من نحو: زيد ضربته؛ لأنها لا يستغنى عنه بالأجنبي كعمرو، وبكر. وإنما امتنع الإخبار عما هو كذلك؛ لأنك لو أخبرت عنه لقلت: "الذي زيد ضربته هو"، فالضمير المنفصل هو الذي كان متصلًا قبل الإخبار، والضمير المتصل الآن3 خلف عن ذلك الضمير الذي كان متصلا ففصلته وأخرته، ثم هذا الضمير المتصل: إن قدرته رابطاً للخبر بالمبتدأ، الذي هو زيد بقي الموصول بلا عائد، وإن قدرته عائدًا على الموصول بقي الخبر بلا رابط4.
__________
1 وذلك للاستغناء عنه بالشرط الرابع الآتي؛ وهو: أن يكون قابلا للاستغناء عنه بالمضمر؛ لأن ما يقبل الإضمار يقبل التعريف.
وقد ذكره الناظم لزيادة الإيضاح، فقال في الشرطين الأول والثاني:
قبول تأخير وتعريف لما ... أخبر عنه ههنا قد حتما
أي: إنه يشترط في الاسيم المخبر عنه بالذي، أن يكون قابلا للتأخير؛ فلا يخبر عما له صدر الكلام، كأسماء الشرط والاستفهام وغيرهما مما ذكره المصنف. وأن يكون قابلا للتعريف؛ فلا يخبر عن الحال والتمييز، وقد أوضح المصنف العلة في ذلك.
2 أي: بأن يصح وضع أجنبي موضعه قبل الإخبار، مثل "محمد" من أكرمت محمدًا؛ فإنه يصح وضع "على" مثلا موضعه في تركيب آخر؛ فتقول: أكرمت عليًّا.
3 وهو الهاء المتصلة بالفعل.
4 ولا يسوغ أن يعود عليهما؛ لأن الضمير المفرد لا يعود على شيئين؛ إنما الذي يسوغ: أن=
__________
* "قبول" مبتدأ. "تأخير" مضاف إليه. "وتعريف" معطوف عليه. "لما" متعلق بحتما، و"ما" موصولة واقعة على المخبر عنه. "عنه" جار ومجرور نائب فاعل أخبر, والجملة صلة ما. "ههنا" متعلق بحتما. "قد حتما" نائب الفاعل يعود إلى قبول تأخير، والألف للإطلاق، والجملة خبر المبتدأ قبول.(4/89)
الرابع: أن يكون قابلًا للاستغناء عنه بالمضمر1؛ فلا يخبر عن الاسم المجرور بحتى أو بمذ أو منذ؛ لأنهن لا يجررن إلا الظاهر2.
والإخبار يستدعي إقامة ضمير مقام المخبر عنه كما تقدم3؛ فإذا قيل: سر أبا زيد.
__________
= يقدر عوده على أحدهما، ويقدر للآخر عائد يناسب المقام، ومثل الضمير غيره مما يحصل به الربط، كاسم الإشارة في نحو: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} فلا يقال: الذي لباس التقوى هو خير ذلك. وكالاسم الظاهر في نحو: محمد ضربت محمدًا؛ فلا يخبر عن محمد، فلا يقال الذي محمد ضربته محمد، ومنه قول الشاعر:
وأنت الذي في رحمة الله أطمع
فلا يقال الذي في رحمته أطمع الله.
وكالأسماء الواقعة في الأمثال، نحو: الكلاب -في وقولهم "الكلاب على البقر"، فلا يجوز أن يقال: التي إياها على البقر الكلاب لأن لفظ الكلاب لا يستغنى عنه بأجنبي؛ إذ الأمثال لا تغير ألفاظها.
1 أي: الذي يعود على ما قبله، ليصح كونه عائد الموصول؛ فلا يخبر عن مجرور "رب" في مثل: رب رجل لقيته؛ لأنه الضمير المجرور بها لا يعود إلا بعده كضمير الشأن، وذلك ليحصل له به إبهام يقرب به من النكرة، وهو علاوة على ذلك محتاج إلى تمييز ولا تمييز هنا.
2 ومثلهما: المجرور بواو القسم وتائه، والكاف.
3 وقد أوضح المصنف ذلك أول الباب؛ فلا تقول في الإخبار عن الرأس من قولك: أكلت السمكة حتى رأسها -بالجر- الذي أكلت السمكة حتاه رأسها, ولا في الإخبار عن "يومين" من قولك: ما رأيته منذ أو مذ يومين, اللذان ما رأيته منذهما أو مذهما يومان؛ لأن حتى ومنذ ومذ لا تجر ضميرًا. وكذلك لا يجوز الإخبار عن المضاف دون المضاف إليه ولا الموصوف أو الموصول دون الصفة أو الصلة، والعكس فيهما، ولا عن الأسماء العاملة عمل الفعل، كاسم الفاعل، واسم المفعول, والمصدر, واسم الفعل؛ لأن الضمير لا يعمل عملهما فلا يخلفهما.
وإلى الشرطين الثالث والرابع أشار الناظم بقوله:=(4/90)
قرب من عمرو الكريم جاز الإخبار عن زيد1، وامتنع الإخبار عن الباقي؛ لأن الضمير ل خلفهن، أما الأب؛ فلأن الضمير لا يضاف وأما القرب؛ فلأن الضمير لا يتعلق به جار ومجرور ولا غيره، وأما الكريم؛ فلأن الضمير لا يوصف، ولا يوصف به. نعم؛ إن أخبرت عن المضاف والمضاف إليه معًا2، أو عن العامل ومعموله معًا3، أو عن الموصوف وصفته معًا4، فأخرت ذلك وجعلت مكانه ضميرًا جاز؛ فتقول في الإخبار عن المتضايفين: الذي سره قرب من عمرو الكريم، أبو زيد، وكذا الباقي5.
الخامس: جواز وروده في الإثبات؛ فلا يخبر عن "أحد" من نحو: ما جاءني أحد؛
__________
=
كذا الغني عنه بأجنبي أو ... بمضمر شرط، فراع ما رعوا*
أي: كذلك يشترط في المخبر عنه بالذي؛ أي: يصح الاستغناء عنه بأجنبي، وأن يكون كذلك صالحًا للاستغناء عنه بمضمر، وقد أوضح المصنف سبب اشتراط ذلك.
1 أي: وحد في هذه العبارة؛ لأن الضمير يصح أن يخلفه؛ فيقال: الذي سر أباه قرب من عمرو الكريم، زيد.
2 وهما: أبا زيد.
3 وهما: قرب من عمرو.
4 وهما عمرو الكريم.
5 فتقول في الإخبار عن العامل ومعموله: الذي سر أبا زيد قرب من عمرو الكريم؛ فالضمير المستتر في سر الواقع فاعلا، خلف عن "قرب"، وكان ينبغي أن يوضع في محله، ولكن ضرورة اتصاله قدمته، واتصل بعامله فاستتر فيه.
وتقول في الإخبار عن الموصوف وصفته معا, وهما عمرو الكريم: الذي سر أبا زيد قرب منه عمر الكريم.
__________
* "كذا" جار ومجرور متعلق بشرط. "الغنى" مبتدأ. "عنه بأجنبي" متعلقان به. "أو بمضمر" معطوف على بأجنبي, و"أو" بمعنى الواو، "شرط" خبر المبتدأ. "فراع" الفاء لتفريع، و"راع" فعل أمر مبني على حذف الياء. "ما" اسم موصول مفعول راع، "راعو" الجملة صلة ما، والعائد محذوف, أي: رعوه. والمعنى: فلاحظ ما حفظوه من الشروط.(4/91)
لأنه لو قيل: الذي ما جاءني أحد لزم وقوع "أحد" في الإيجاب1.
السادس: كونه في جملة خبرية2؛ فلا يخبر عن الاسم في مثل: "اضرب زيدًا"؛ لأن الطلب لا يقع صلة3.
السابع: ألا يكون في إحدى جملتين مستقلتين4 نحو زيد؛ من قولك: "قام زيد وقعد عمرو"5؛ بخلاف "إن قام زيد قعد عمرو"6.
وإن كان الإخبار بالألف واللام، اشترط عشرة أمور؛ هذه السبعة
__________
1 وذلك ممنوع عند الجمهور؛ ذلك لأن "أحد" خبر عن "الذي"، وفاعل "جاء" ضمير مستتر فيه؛ وهو ضمير "أحد" ومثل أحد في ذلك: عريب وديار، وغيرهما مما لا يستعمل إلا في النفي.
2 أي: ليمكن الإتيان بصلة للموصول؛ كما ذكر المصنف.
3 فلا يقال: الذي اضربه زيد، وكذلك لا يخبر عن اسم "ليت" "ولعل" وخبرهما إلا إذا كانا بعض جملة خبرية، مثل: قال محمد: ليت عليًّا مسافر أو لعل بكرًا مقيم عندنا؛ فإنه يقال: الذي قال محمد: ليته مسافر علي, أو ليت عليًّا مسافر ... إلخ, ولا يسوغ الإخبار عن معمول لكن؛ لأنه لا تقع صلة وإن كانت خبرية؛ لئلا يلزم الاستدراك بدون مستدرك.
4 أي: إذا لم يكن هنالك ما يربط إحداهما بالأخرى.
5 فلا يقال: الذي قام وقعد عمرو, زيد؛ لخلو جملة "قعد عمرو" من رابط؛ كضمير يعود على الموصول، أو عطف بالفاء فيلزم عند الإخبار: عطف ما ليس صلة على ما هو صلة، فإن كان في الثانية ضمير الاسم المخبر عنه، أو كانت معطوفة بالفاء, جاز الإخبار، لانتفاء المجرور المتقدم، تقول في حالة الضمير في الإخبار عن أحمد في مثل: "سافر أحمد وتخلف عنه إبراهيم": الذي سافر وتخلف عنه إبراهيم، أحمد، وفي حالة العطف بالفاء تقول: في مثل: "حضر علي فتخلف محمد" الذي حضر فتخلف محمد علي.
6 لأن جملتي الشرط والجزاء في حكم الجملة الواحدة، فتقول في الإخبار عن زيد: الذي إن قام قعد عمرو زيد.
هذا؛ ومن الشروط:
ألا يكون الاسم ملازما لغير الرفع مثل: "سبحان". و"عند"؛ لتعذر جعله خبرًا، وأن يمكن الاستفادة منه، فلا يخبر عن اسم ليس تحته معنى كثواني الأعلام، مثل بكر من أبي بكر، إذ لا يمكن أن يكون خبرًا عن شيء.(4/92)
وثلاثة أخر وهي: أن يكون المخبر عنه من جمل فعلية1، وأن يكون فعلها متصرفًا، وأن يكون مقدمًا2؛ فلا يخبر بأل عن زيد من قولك: "زيد أخوك"3 ولا من قولك: "عسى زيد أن يقوم"4 ولا من قولك: "ما زال زيد عالما"5.
ويخبر عن كل من الفاعل والمفعول في نتحو قولك: وقى الله البطل، فتقول:
__________
1 بخلاف الإخبار بالذي؛ فإنه يخبر به عن الاسم الواقع في جملة اسمية أو فعلية.
2 في بعض النسخ "مثبتا"، فيكون شرطًا زائدا على التقدم.
3 لأنه في جملة اسمية، والجملة الاسمية لا تصلح صلة.
4 لأن فعلها جامد، وهو أيضًا لا يصلح صلة لأل.
5 لأنه تقدم على الفعل نفي: ولا يفصل بين "أل" وصلتها بنفي ولا بغيره، وإلى الشروط المتقدمة، يشير الناظم بقوله:
وأخبروا هنا بأل عن بعض ما ... يكون فيه الفعل قد تقدما
إن صح صوغ صلة منه لأل ... كصوغ "واق" من "وقى الله البطل"*
أي: إنه يخبر بما فيه "أل"عن الاسم، إذا كان واقعًا في جملة فعلية تقدم فيها الفعل، وكان ذلك الفعل مما يصح أن تصاغ منه صلة الألف واللام، فلا يكون جامدًا، ولا منفيا وقد أوضح المصنف ذلك كما أوضح الإخبار في المثال الذي ذكره الناظم، وهو: "وقى الله البطل".
__________
* "هنا بأل عن بعض" الثالثة متعلقات بأخبروا. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "فيه" متعلق بتقدما "الفعل" اسم يكون، وجملة "قد تقدما" خبرها، وجملة "يكون" إلى آخر البيت صلة ما.
"إن صح" شرط وفعله، والجواب محذوف. "صوغ" فاعل صح. "صلة" مضاف إليه. "منه" متعلق بصوغ. "لأل" متعلق بصلة. "كصوغ" متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، "واق" مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله، "من" حرف جر متعلق بصوغ، ومجروره قول محذوف؛ أي: من قولك: "وقى الله البطل" والجملة مقصود منها لفظها مجروره بمن تقديرًا.(4/93)
الواقي البطل الله1، والواقيه الله البطل2، ولا يجوز لك أن تحذف الهاء؛ لأن عائد الألف واللام، ولا يحذف إلا في ضرورة الشعر، كقوله:
ما المستفز الهوى محمود عاقبة3
فصل: وإذا رفعت صلة "أل" ضميرًا راجعًا إلى نفس أل استتر في الصلة ولم يبرز4؛ تقول في الإخبار من التاء من "بلغت" في المثال المتقدم: المبلغ من أخويك إلى العمرين رسالة أنا؛ ففي المبلغ ضمير مستتر؛ لأنه في المعنى لـ"أل" لأنه خلف عن ضمير المتكلم، و"أل" للمتكلم؛ لأن خبرها ضمير المتكلم والمبتدأ نفس الخبر5.
وإن رفعت صلة "أل" ضميرًا لغير "أل" وجب بروزه وانفصاله6، كما إذا أخبرت
__________
1 أي: إذا أخبرت عن الفاعل؛ فتنصب البطل على المفعولية، أو تجره على أنه مضاف إليه.
2 أي: عند الإخبار عن المفعول؛ فيرفع لفظ الجلالة على الفاعلية باسم الفاعل، والبطل على الخبرية.
3 تقدم إعراب وشرح هذا البيت في باب الموصول. صفحة 179، جزء أول.
والشاهد فيه هنا: حذف الهاء العائدة على "أل" من المستفز للضرورة، أي: المستفزة.
4 بل يجب استتاره؛ لأن الصفحة جارية على من هي له.
5 وإذا أخبرت عن الفاعل في مثل: أكرمتني، قلت: المكرمي أنت فيستتر فالع الصلة؛ لأنه لأل، و"أنت" مرفوع الصلة، وقد أبرز لأنه لغير أل، و"أنا" خبر أل.
6 لأنه الصلة إذا جرت على غير من هي له امتنع رفعها ضميرًا مستترًا, وإلى ذلك يشير الناظم بقوله:
وإن يكن ما رفعت صلة أل ... ضمير غيرها أبين وانفصل*
أي: إذا رفع الوصف الواقع صلة لأل ضميرًا، وكان هذا الضمير عائدًا على غير "أل" وجب الإتيان به بارزًا منفصلا. أما إذا عاد إلى أل، فيجب استتاره كما بينا.
__________
* "وإن يكن" شرط وفعله. "ما" اسم موصول اسم يكن. "رفعت صلة أل" الجملة صلة ما. "ضمير غيرها" ضمير خبر يكن والهاء مضاف إليه، "أبين" فعل ماض مبني للمجهول في محل جزم جواب الشرط، ونائب الفاعل يعود على "ما" ومعناه: قطع "وانفصل" معطوف على أبين في محل جزم.(4/94)
عن شيء من بقية المثال؛ تقول في الإخبار عن الأخوين: المبلغ أنا منهما إلى العمرين رسالة أخواك. وعن العمرين: المبلغ أنا من أخويك إليهم رسالة، العمرون، وعن الرسالة: المبلغها أنا من أخويك إلى العمرين رسالة1؛ وذلك لأن التبليغ فعل المتكلم2، و"أل" فيهن لغير المتكلم؛ لأنها نفس الخبر الذي أخرته3.
__________
1 "أنا" في الأمثلة فاعل المبلغ؛ لأنه اسم فاعل، وهو ضمير منفصل؛ لأنه لغير"أل"، وضمير الغيبة هو العائد.
2 بدليل إسناده إلى تاء المتكلم في بلغت.
3 أي: وهو الأخوان في الأول، والعمرون في الثاني، والرسالة في الثالث.
خاتمة:
يجوز الإخبار عن اسم كان، بالذي وفروعه، وبالألف واللام؛ تقول في مثل: كان محمد زميلك في الدراسة, الذي كان زميلك في الدراسة محمد، أو الكائن زميلك ... إلخ أما الخبر؛ فيرى السيوطي جواز الإخبار عنه إذا كان جامدًا، كما يجوز باتفاق في خبر المبتدأ، وفي باب "إن"، وباب "ظن" الجامد؛ تقول: الذي كان محمد إياه، أو كانه محمد أخوك، والذي إن محمدًا هو أخوك، والذي ظننت محمدًا إياه، أو ظننته محمدًا أخوك.
ويمتنع في كل خبر مشتق في الجميع؛ سواء كان خبر للمبتدأ، أو في باب كان، أو إن، وظن. أما غير السيوطي: فيجيز الإخبار عن الخبر مطلقًا، جامدًا أو مشتقًا، وهذا هو الصحيح، وفيه تيسير حسن.(4/95)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
الأسئلة والتمرينات:
1 ما الذي يريده النحاة بقولهم: أخبر عن أي اسم بالذي، أو بالألف واللام؟
2 اذكر الخطوات التي تتبعها إذا أردت الإخبار عن اسم بالذي؟
3 اذكر ما يشترط في الاسم الذي يراد الإخبار عنه بالذي أو أحد فروعه. ومثل.
4 بين ما لا يصح أن يخبر عنه من الأسماء، ووضح السبب في ذلك.
5 ما الذي يشترط في المخبر عن بالألف واللام؟ ولماذا هذه الشروط؟
6 أخبر عن الفاعل، والمفعول، والمبتدأ والخبر، واسم كان في الجملة الآتية بما يمكن الإخبار به، وعلل لما تقول:
قابلت زملائك بالأمس، وكان محمد معني باستذكار دروسه، أما أخوه فقد رسب وحزن أصدقاؤه لذلك حزنا شديدًا.
لا يزال الفدائيون يبذلون كل جهد لينالوا الانتصار على العدو الغادر، وما برح هذا العدو غير مستجيب لنداء الأمم المتحدة.
ينصر الله المتوكل عليه إنه نعم المولى ونعم النصير.(4/96)
باب: العدد 1
اعلم أن الواحد والاثنين يخالفان الثلاثة والعشرة وما بينهما في حكمين:
أحدهما: أنهما يذكَّران مع المذكَّر؛ فتقول: واحد، واثنان، ويؤنثان مع المؤنث2؛ فتقول: واحدة، واثنتان3، والثلاثة وأخواتها تجري على عكس ذلك4؛ فتقول: ثلاثة رجالن بالتاء، وثلاث إماء، بتركها؛ قال الله -تعالى: {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ} .
__________
باب: العدد
1 إن معنى كلمة العدد واضح ومعروف، ومع هذا فقد عرفه النحاة بأنه: ما وضح لكمية الآحاد؛ أي: الأفراد. والمراد به هنا: الألفاظ الدالة على المعدود، ومن خواص العدد: أنه يساوي نصف مجموع حاشيتيه المتقابلتين، والمراد بالحاشيتين: الناحيتان اللتان يقع العدد بينهما؛ وهما: العدد الذي قبله والعدد الذي بعده، ومعنى تقابلهما: أن الحاشية التي قبله تنقص عنه بمقدار زيادة الحاشية التي بعده, فالعدد 7 مثلا، حاشيته السفلى 6 والعليا 8؛ ومجموعهما 14، والعدد 7 نصف هذا المجموع ... وهكذا.
2 ومثلهما في ذلك: العشرة إذا ركبت، تقول: الجزاء الرابع عشر، والمقالة الرابعة عشرة، وما وازن "فاعلا" مطلقًا، تقول: الجزء الرابع والمقالة الرابعة، وسيأتي الكلام على موازن "فاعل" في موضعه إن شاء الله.
3 أي: على لغة الحجازيين؛ وثنتان على لغة بني تميم.
4 فتلحقها تاء التأنيث إن كان المعدود مذكرًا، وتتجرد من التاء، إن كان مؤنثا وذلك بشرط: أن يكون المعدود مذكورًا في الكلام، وأن يكون متأخرًا عن اسم العدد، وتقول: ثلاثة رجال، وأربع فتيات، فإن لم يذكر المعدود بل لحظ معناه، أو تقدم وجعل اسم العدد صفته، جاز في اسم العدد التذكير والتأنيث، ومن ذكل الحديث: "ثلاث من كن فيه كان منافقًا"، ويجوز ثلاثة. وحللت مسائل تسعًا، وقابلت رجالا ستة، ويجوز العكس وإن حذف المعدود ولم يلاحظ في التقدير مطلقًا؛ بل قصد ذكر اسم العدد المجرد، فالأفصح تأنيث العدد بالتاء؛ على اعتباره علم جنس مؤنثًا؛ تقول: ثلاثة نصف ستة، ويمنع من=(4/97)
والثاني: أنهما لا يجمع بينهما وبين المعدود1؛ لا تقول: واحد رجل، ولا اثنا رجلين؛ لأن قولك: "رجل" يفيد الجنسية والوحدة، وقولك: "رجلان"؛ يفيد الجنسية وشفع الواحد؛ فلا حاجة إلى الجمع بينهما. وأما البواقي؛ فلا تستفاد العدة والجنس إلا من العدد والمعدود جميعًا؛ وذلك لأن قولك: ثلاثة "يفيد العدة دون الجنس، وقولك: "رجال" يفيد الجنس دون العدة. فإن قصدت الإفادتين جمعت الكلمتين2.
__________
= الصرف للعلمية الجنسية والتأنيث، ولا تلحقه "أل" المعرفة على الأرجح هذا: وقد ذكر ابن مالك أن السر في ذكر التاء في الثلاثة والعشرة وما بينهما في عد المذكرين هو أن الثلاثة وأخواتها أسماء جموع مؤنثة، مثل: فرقة، زمرة، أمة، فأصلها أن تكون بالتاء على غرار نظائرها, ولما كان المذكر سابقا على المؤنث في الاستعمال استعملوا هذه الألفاظ على أصلها مع المذكر، وحذفت التاء مع المؤنث للفرق بين المذكر والمؤنث.
1 أي: لا يذكر معهما تمييز؛ وذلك على الإضافة، كما مثل المصنف، وأما "ثنتا حنظل" في قول جندل بن المثنى، فضرورة شاذة: ويجوز الجمع بينهما على طريق الوصفية إذا قصد بالوصف بيان أن المراد باسم الجنس العدد المخصوص لا الجنسية، كما في قوله -تعالى: {وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} ، فإنه لو قيل: "إله" ولم يؤكد بواحد لم يحسن؛ فربما فهم أن المراد إثبات الإلهية لا الوحدانية.
2 وفي حكم الثلاثة والعشرة وما بينهما، يقول الناظم:
ثلاثة بالتاء قل للعشره ... في عد ما آحاده مذكره
في الضد جرد ... ... ... ... ... ... ... ...*
أي: قل ثلاثة بالتاء إلى العشرة؛ إذا كنت تعد جمعًا آحاد؛ أي: مفرداته مذكرة، أما في ضد ذلك، حين تكون مفردات المعدود مؤنثة فيجب تجريد العدد من التاء، وقد أوضحنا ما في ذلك كله.
__________
* "ثلاثة" بالنصب, مفعول مقدم لقل بتضمينه معنى اذكر، وبالرفع مبتدأ، وجملة "قل" خبره، والرابط محذوف؛ أي: ثلاثة مقرونة بالتاءء قلها "بالتاء" متعلق بمحذوف حال من ثلاثة لقصد لفظه. "للعشرة عد" متعلقان بقل. "ما" اسم موصول مضاف إليه "آحاده مذكره" مبتدأ ومضاف إليه وخبر، والجملة صلة الموصول "في الضد" جار ومجرور متعلق بجرد.(4/98)
فصل: مميز الثلاثة والعشرة وما بينهما، إن كان اسم جنس1 كشحر وتمر، أو اسم جمع كقوم ورهط2 خفض بمن؛ تقول. "ثلاثة من التمر"، "وعشرة من القوم"، قال الله -تعالى: {فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ} وقد يخفض بإضافة العدد3 نحو: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ} وفي الحديث: "ليس فيما دون خمس ذود صدقة"، وقال الشاعر:
ثلاثة أنفس وثلاث ذود4
__________
1 تقدم الكلام مستوفى على اسم الجنس وأنواعه، واسم الجمع في الجزء الأول صفحة 26.
2 رهط الرجل: قومه وقبيلته، وهو من الثلاثة إلى العشرة من الرجال ولا واحد له من لفظه.
3 يري بعض النحاة قصر ذلك على السماع.
4 صدر بيت من الوافر للحطيئة، من أبيات يشكو فيها ما نزل به من بلاء، وذلك أنه كان في سفر ومعه امرأته أمامة وابنته مليكة، فسرح إبله فافتقد منها ناقة فحزن، وعجز البيت:
لقد جار الزمان على عيالي
وقبله:
أذئب القفر أم ذئب أنيس ... أصاب البكر أم حدث الليالي
اللغة والإعراب: ذود: الذود من الإبل: ما بين الثلاثة إلى العشرة، وهي مؤنثة لا واحد لها من لفظها، وقيل غير ذلك. ومن الأمثال: "الذود إلى الذود إبل" أي: إذا جمع القليل إلى القليل صار كثيرا، فهو حث على الإدخار وعدم التبذير.
"ثلاثة" خبر لمبتدأ محذوف أو العكس، وما بعده مضاف إليه؛ أي: نحن ثلاثة أنفس، ولنا ثلاث ذود.
قال المبرد: أراد بثلاث ذود ثلاث نوق؛ كما تدل على ذلك القصة "لقد" اللام موطئة للقسم وقد حرف تحقيق. "الزمان" فاعل جار, "على عيالي" جار ومجرور متعلق بجار.
الشاهد: إضافة العد -وهو ثلاثة- إلى "ذود" المعدود، وهو اسم جمع مؤنث وذلك قليل: والقياس ألا يضاف العدد إلا إلى جمع, وفيه شاهد آخر وهو: تأنيث ثلاثة، والنفس مؤنثة، والقياس: ثلاث أنفس، وقد أنث مراعاة للمعنى، لكثرة إطلاق النفس على الإنسان.(4/99)
وإن كان جمعًا خفض بإضافة العدد إليه: "ثلاثة رجال".
ويعتبر التذكير والتأنيث مع اسمي الجمع والجنس بحسب حالهما1؛ فيعطى العدد عكس ما يستحقه ضميرهما؛ فتقول: "ثلاثة من الغنم" بالتاء؛ لأنك تقول: "غنم كثير" بالتذكير2، "وثلاث من البط" بترك التاء، لأنك تقول: "بط كثيرة" بالتأنيث، و"ثلاثة من البقر"؛ أو "ثلاث"؛ لأن في البقر لغتين: التذكير والتأنيث؛ قال الله -تعالى: {إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا} وقرئ: {تَشَابَهَتْ} .
__________
1 أي: حال لفظها وصيغتهما وما هما عليه من تذكير أو تأنيث، أو صلاح للأمرين، وذلك: أن الجنس؛ منه المؤنث كالنخل والبط، والمذكر كالموز والعنب والسدر والقمح، وما فيه لغتان كالبقر والغنم، وكذلك اسم الجمع منه المذكر، كقوم ورهط، والمؤنث كإبل وخيل، وجائزهما، كركب ويعرف الحال من هذه الناحية بوسائل متعددة؛ منها: نوع الضمير العائد على كل مهما، أهو مذكر أم مؤنث؟ والإشارة المستعملة مع كل، والنعت، وتأنيث الفعل معهما ... إلخ ومحل اعتبار اللفظ والصيغة في اسمي الجنس والجمع؛ إذا لم يفصل يبن المعدود واسم العدد نعت يدل على التأنيث فقط، أو التذكير فقط، أو يكون لفظه صالحًا لنعت المؤنث والمذكر؛ فإن توسط هذا النعت وجب مراعاة المعنى الذي يقتضيه؛ فيذكر اسم العدد أو يؤنث تبعًا له؛ تقول: خمس إناث من الغنم، وثلاثة ذكور من البط، ولو تأخر هذا النعت عن المعدود، أو كان لفظه مما يصلح نعتًا للمذكر والمؤنث -كلفظ حسان مثلا- لم يكن له أثر في تأنيث العدد وتذكيره تقول: في الماء خمس من الغنم إناث, وخمسة من الغنم إناث, وثلاثة من البط ذكور, أو ثلاث من البط ذكور؛ كما تقول: خمسة حسان، أو خمس حسان من البط؛ لأن لفظ "حسان" يصلح نعتا للمذكر والمؤنث، فيقال: رجال حسان، ونساء حسان.
2 في مختار الصحاح، والغنم: اسم مؤنث موضوع للجنس يقع على الذكرو والإناث وعليهما جميعًا، والإبل كالغنم في ذلك.(4/100)
ويعتبران1 مع الجمع بحال مفرده؛ فلذلك تقول: "ثلاث اصطبلات وثلاثة حمامات" بالتاء فيهما، اعتبارًا بالاصطبل والحمام، فإنهما مذكران، ولا تقول: "ثلاث" بتركها، اعتبارًا بالجمع، خلافًا للبغداديين2.
ولا يعتبر من حال الواحد حال لفظه حتى يقال: "ثلاث طلحات" بترك التاء، ولا حال معناه حتى يقال: ثلاث أشخص بتركها تريد نسوة3، بل ينظر إلى ما يستحقه المفرد باعتبار ضميره، فيعكس حكمه في العدد4؛ فكما تقول: "طلحة حضر"، و"هند شخص جميل" بالتذكير فيهما تقول: "ثلاثة طلحات"، "وثلاثة أشخص" بالتاء فيهما.
فأما قوله: ثلاث شخوص كاعبان ومعصر5.
__________
1 أي: التذكير والتأنيث.
2 فإنهم يجيزون مراعاة الجمع والمفرد، ووافقهم الكسائي، فيقال: ثلاثة حمامات, وثلاث حمامات. وذكر سيبويه: أن ذلك مخالف لما ورد عن العرب.
3 لأن لفظ "شخص" يستوي فيه المذكر والمؤنث، ولكن إذا أعيد عليه الضمير، يعود مذكرًا، ويؤنث العدد إذا أضيف إلى جمعه.
4 وعلى ذلك: لا يجوز تذكير العدد إذا كان المعدود مذكرًا مؤولا بالمؤنث.
5 عجز بيت من الطويل، لعمر بن أبي ربيعة المخزومي، وصدره.
فكان مجني دون من كنت أتقي
وهذا البيته من قصيدته الرائية المشهورة التي مطلعها:
أمن آل نعم أنت غاد فمبكر ... غداة غد أم رائح فمهجر
اللغة والإعراب: مجني، المجن: أصله الترس وجمعه مجان، ويريد به هنا: ما يتقى به الرقباء، أتقي: أجانب وأحذر شخوص: جمع شخص، وأصله الشبح الذي يرى من بعد، والمراد هنا: الإنسان كاعبان: مثنى كاعب، وهي الجارية حين يبدو ثديها.=(4/101)
فضرورة، والذي سهل ذلك قوله: "كاعبان ومعصر" فاتصل باللفظ ما يعضد المعنى المراد1، ومع ذلك فليس بقياس، خلافًا للناظم.
وإذا كان المعدود صفة -فالمعتبر حال الموصوف المنوي لا حالها، قال الله -تعالى: {فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} أي: عشر حسنات أمثالها، ولولا ذلك لقيل: "عشرة"؛ لأن المثل مذكر2، وتقول: "عندي ثلاثة ربعات"3 بالتاء إن قدرت رجالًا، وبتركها إن قدرت نساء، ولهذا يقولون: ثلاثة دواب بالتاء، إذا قصدوا ذكورًا؛ لأن الدابة صفة في الأصل فكأنهم قالوا: ثلاثة أحمرة دواب، وسمع ثلاث دواب ذكور، بترك التاء.
__________
معصر: الجارية أول ما تدرك وتدخل عصر الشباب "مجني" خبر كان مقدم "دون" منصوب على الظرفية به لما فيه من معنى الواقي "من" اسم موصول مضاف إليه، "كنت أتقى" الجملة صلة الموصول؛ والعائد محذوف؛ أي: أتقيه "ثلاث شخوص" ثلاث اسم كان مؤخر وشخوص مضاف إليه "كاعبان" بدل من ثلاث "ومعصر" معطوف عليه.
والمعنى: كان سِتري وحصني دون من كنت أتقيه وأخافه من الرقباء, هؤلاء الثلاثة اللواتي مشيت بينهن متنكرا وساعدنني على ذلك. وقبل هذا البيت:
فقالت لها الصغرى سأعطيه مطرفي ... ودرعي، وهذا البرد إن كان يحذر
يقوم فيمشي بيننا متنكرا ... فلا سرنا يفشو ولا هو يظهر
والشاهد: في ثلاث شخوص؛ فقد حذف التاء من ثلاثة، وشخوص جمع وكان ينبغي ملاحظة مفرده المذكر -وهو شخص- فيقول: ثلاثة شخوص، ولكنه راعى المعنى الذي قصده، وقواه ذكر الكاعبين والمعصر، وهذا ضرورة عند جمهور النحاة.
1 أي: وهو التأنيث، فقد كنى بذلك عن النساء.
2 ذلك لأنه واحد الأمثال، وتقدم أنه يعتبر في الجمع حال مفرده.
3 بفتح الباء، جمع ربعة، وهو المربوع الخلق الذي ليس بالطويل ولا بالقصير يوصف به المذكر والمؤنث فيقال: رجل ربعة وامرأة ربعة، وهو في الأصل اسم ثم استعمل صفة.
قال صاحب الصحاح: وهذا الجمع شاذ؛ لأن "فَعْله" إذا كانت صفة لا تحرك في الجمع، وإنما تحرك إذا كانت اسمًا، ولم يكن موضع العين واو، ولا ياء.(4/102)
لأنهم أجروا الدابة مجرى الجامد، فلا يجرونها على موصوف.
فصل: الأعداد التي تضاف للمعدود عشرة، وهي نوعان:
أحدهما: الثلاثة والعشرة وما بينهما، وحق ما تضاف إليه أن يكون جمعًا، مكسرا من أبنية القلة1 نحو: ثلاثة أفلس، وأربعة أعبد، وسبعة أبحر، وقد يتخلف كل واحد من هذه الأمور الثلاثة فيضاف للمفرد؛ وذلك إذا كان مائة2 نحو: ثلائمائة وتسعمائة، وشذ في الضرورة قوله:
ثلاث مئين للملوك وفى بها3
__________
1 وذلك ليتطابق المعدود والعدد في الدلالة على التعدد لفظًا ومعنى؛ فإن ألفاظ العدد أقرب إلى جمع التكسير لفظًا، وفي ذلك يقول الناظم:
... ... ... والمميز اجرر ... جمعا بلفظ قلة في الأكثر*
أي: اجعل تمييز الثلاثة إلى العشرة مجرورًا بالإضافة، والغالب أن يضاف إلى جمع قلة؛ إن كان للمعدود جمع قلة وكثرة، فإن لم يكن للكلمة إلا جمع كثرة صح التميز به بلا ضعف.
2 أي: إذا كان التمييز لفظ "مائة" فإن لفظها مفرد، وإن كانت جمعًا في المعنى؛ لأنها عشر عشرات، وهو حد جمع القلة. وكذلك إذا كان اسم جمع كقوم ورهط، أو اسم جنس، كنحل وبقر والغالب في هذين النوعين أن يكونا مجرورين بالحرف "من" تقول: ثلاثة من القوم فازوا، وخمسة من البقر، ولدت, ومنه قوله تعالى: {فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ} . ومن جرهما بالإضافة قوله -تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ} . وقوله عليه السلام: "ليس فيما دون خمس ذود صدقة" قيل: والأحسن قصره على السماع.
3 صدر بيت من الطويل للفرزدق همام بن غالب في الفخر، وعجزه.
ردائي وجلت عن وجوه الأهاتم
=
__________
* "والمميز" مفعول اجرر مقدم. "اجرر" فعل وأمر والفاعل أنت. "جمعا" حال من المميز. "بلفظ" متعلق به. "قلة" مضاف إليه. "في الأكثر" جار ومجرور متعلق بقلة.(4/103)
ويضاف لجمع التصحيح في مسألتين1:
إحداهما: أن يهمل تكسير الكلمة نحو: {سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} وخمس صلوات، و {سَبْعَ بَقَرَاتٍ} 2.
والثانية: أن يجاور ما أهمل تكسيره، نحو: {وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ} ، فإنه في التنزيل مجاور لـ {سَبْعَ بَقَرَاتٍ} 3.
ويضاف لبناء الكثرة في مسألتين:
__________
= اللغة والإعراب: ثلاثة مئين, أي: ثلاثمائة بعير. ردائي، الرداء: معروف، وهوما يلبس. قيل: والمراد هنا السيف. جلت: كشفت. وجوه: عظماء وأعيان. الأهاتم: جمع أهتم، وهم بنو سنان الأهتم. "ثلاث" مبتدأ. "مئين" مضاف إليه مجرور بالياء؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم. "للملوك" متعلق بمحذوف صفة لثلاث مئين. "وفي" فعل ماض.
المعنى: يقولون: إن ردائي أو سيفي, وفي بديات ثلاث ملوك قتلوا, وكانت ديتهم ثلاثمائة بعير وأزال العبء عن عظماء هذه القبيلة, وكان قد رهن رداءه أو سيفه في ذلك.
الشاهد: إضافة ثلاث إلى جمع المائة وذلك شاذ؛ لأن المائة إذا جمعت كان أقل مفهومها ثلاثة، وذكر "ثلاث" التي هي العدد، يجعل معنى ثلاث مئين تسعمائة، ولا شك أن هذا غير مقصود.
1 وكذلك: إذا كان للكلمة جمع تكسير ولكنه نادر وقليل الاستعمال، نحو: ثلاث سعادات وآيات. فإنه يندر: سعائد، وآي.
ومن النادر أيضا: وقوع جمع التصحيح المشتق تمييزا للعدد: مثل: ثلاثة صالحين، وأربعة زاهدين، بالإضافة. والأحسن أن يعرب هذا الجمع نعتا، ويجوز نصبه على الحال إن كان نكرة.
2 فإن "سماء" و"صلاة" و"بقرة" لم يسمع لها جمع تكسير أصلا.
3 "سنبلات" لها جمع تكسر وهو "سنابل" وقد عدل عنه لمجاورته بقرات التي ليس لها جمع تكسير, مراعاة للتنسيق، [سورة يوسف الآية: 43] .(4/104)
أحدهما: أن يهمل بناء القلة: نحو: ثلاث جوار، وأربعة رجال، وخمسة دراهم1.
والثانية: أن يكون له بناء قلة، ولكنه شاذ قياسا أو سماعا؛ فينزل لذلك منزلة المعدود.
فالأول نحو: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} ؛ فإن جمع "قَرْءٍ" بالفتح على أقراء شاذ2، والثاني: نحو: ثلاثة شُسُوع3؛ فإن أشساعا قليل الاستعمال4.
النوع الثاني: المائة والألف5. وحقهما أن يضافا إلى مفرد، نحو: {مِائَةَ جَلْدَةٍ} ، و {أَلْفَ سَنَةٍ} .
وقد تضاف بالمائة إلى جمع كقراء الأخوين6 {ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ} 7 وقد تميز
__________
1 "جارية" و"رجل" و"درهم" لم يستعمل لها جمع قلة، أما "أرجل" فجمع رجل.
2 ذكر بعضهم أنه جمع "قُرءِ" بالضم، وعليه فلا شذوذ، وأيضا فقد ذكروا بناء قلة مطردا لقرء بالفتح, وهو "أقرؤ" وعلى ذلك فالصواب: جمع {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} من القليل لا مما شذ جمع قلته. [سورة البقرة الآية: 228] .
3 جمع شسع، وهو أحد سيور النعل.
4 أي: وإن كان جمعا قياسيا لشسع.
5 أي: ومثناها وجمعهما؛ فالمراد جنس المائة وجنس الألف، سواء كان الجمع بالصيغة، نحو: مائتي رجل، وألفي فتاة، وثلاثة آلاف مقاتل، أو بإضافة "ثلاثة" فما فوق إليه، نحو: ثلاثمائة رجل، وأحد عشر ألف رجل. ولك أن تجعل هذين من المفرد اعتبارا بلفظ مائة وألف.
هذا: ويميز بالألف مطلقا، نحو: مائة ألف، وأحد عشر ألفا، وعشرون ألفا؛ ولا يميز بالمائة؛ إلا: ثلاث وإحدى عشرة وأخواتهما؛ تقول: ثلاثمائة، وخمسمائة، وإحدى عشرة مائة، وخمس عشرة مائة.
6 المراد: حمزة والكسائي.
7 أي: بإضافة مائة إلى سنين؛ تشبيها لها بالعشرة. أو من وضع الجمع موضع المفرد.=(4/105)
بمفرد منصبو، كقوله:
إذا عاش الفتى مائتين عاما1
فصل: إذا تجاوزت العشر جئت بكلمتين، الأولى النيف2، وهو التسعة فما دونها،
__________
= [سورة الكهف الآية: 35] . وفي المائة والألف يقول الناظم:
ومائة والألف للفرد أضف ... ومائة بالجمع نزرا قد ردف*
أي: أضف "مائة" و"الألف" للمفرد ليكون تمييزا لهما. وقد يردف المائة؛ أي:
يقع بعدها جمع مضاف إليه ليكون تمييزا لها، وذلك نادر لا يقاس عليه. وإنما يجب جر التمييز فيما تقدم إذا تأخر وأعرب تمييزا، فإذا تقدم على العدد
أعرب على حسب حاجة الجملة، وأعرب العدد نعتا مؤولا لجموده، تقول: عندي ضيوف ثلاثة برفعهما، ورأيت رجالا ثلاثة بنصبهما ... إلخ.
1 صدر بيت من الوافر، للربيع بن ضبع الفزاري أحد الشعراء المعمرين، وقد استشهد به سيبويه، وعجزه:
فقد ذهب المسرة والفتاء
اللغة والإعراب: المسرة: ما يسر به الإنسان، والجمع مسار، وفي رواية: اللذاذة.
الفتاء: الشباب، يقال: فتى فتاء، فهو فتى، أي: بين الفتاء. "إذا" ظرف لما يستقبل من الزمان.
"الفتى" فاعل عاش. "مائتين" مفعوله منصوب بالياء؛ لأنه مثنى. "عاما" تمييز.
المعنى: إذا بلغ الإنسان هذه السن فقد ذهبت ملذاته التي يسر بها، وولى عنه شبابه الذي يتيه فيه ويعجب به.
الشاهد: نصب تمييز مائتين، وكان حقه الجر بالإضافة فيقول: مائتي عام. ونصبه عند الجمهور ضرورة لا يقاس عليه، وجوزه جماعة منهم ابن كيسان.
2 هو من 1 إلى 9، وكل ما زاد على العقد حتى يبلغ العقد الثاني. والنيف -وقد يخفف- الزيادة، يقال عشرة ونيف؛ ومائة ونيف، وهو من ناف ينوف؛ إذا زاد. يكون للمذكر=
__________
* "ومائة" مفعول أضف مقدم. "والألف" عطف عليه. "للرد" متعلق بأضف. "ومائة" الثانية مبتدأ. "بالجمع" متعلق بردف الواقع خبرا للمبتدأ، ونائب فاعله يعود إلى مائة "نزرا" حال من ضمير ردف الواقع نائب فاعل.(4/106)
وحكمت لها في التذكير والتأنيث بما ثبت لها قبل ذلك1؛ فأجريت الثلاثة والتسعة وما بينها، على خلاف القياس، وما دون ذلك2 على القياس؛ إلا أنك تأتي بأحد وإحدى مكان واحد وواحدة3، وتبني الجميع على الفتح4؛ إلا "اثنين" و"اثنتين" فتعربهما كالمثنى5، وإلا ثماني؛ فلك فتح الياء وإسكانها، ويقل حذفها مع بقاء كسر النون ومع فتحها6.
والكمة الثانية: "العشرة" وترجع بها إلى القياس؛ في التذكير مع المذكر، والتأنيث
__________
= والمؤنث بلا هاء، ولا يستعمل إلا متأخرًا عما يصاحبه من العقود، والعقد: ما كان من مرتبة العشرات أو المئات أو الألوف، أما البضع فهو: ما بين الثلاث إلى التسع. وحكمه حكم ثلاثة في الإفراد والتركيب، وعطف عشرين وأخوته عليه؛ تقول: بضع سنين، وبضعة عشر رجلا، وبضع عشر امرأة، فإذا جاوزت لفظ العشر ذهب البضع، لا تقول: بضع وعشرون ... إلخ, وقيل: بجواز ذلك؛ وعليه يقال: بضع وعشرون كتابًا، وبضع وعشرون صحيفة، وفي الحديث: "الإيمان بضع وستون شعبة".
1 أي: قبل التركيب.
2 وهو: الأحد، والاثنان.
3 ولا تستعمل إحدى إلا مركبة، أو مضافة، أو معطوفًا عليها، نحو: إحدى عشرة، إحدى وعشرون، قال -تعالى: {إِنَّهَا لإٍحْدَى الْكُبَرِ} [سورة المدثر الآية: 35] ، ولا تستعمل مفردة، وألفها للتأنيث عند الأكثيرين، وقيل زائدة للإلحاق.
4 أي: جميع ألفاظ النيف، وهي تكون صدر المركب مع ضمها لما بعدها. وعلة بنائها: وقوعها موقع ما قبل تاء التأنيث في لزوم الفتح.
5 لوقوع ما بعدهما موقع النون، وما قبل النون محل إعراب لا بناء، ولذلك لا يضافان إلى العقد.
6 هذا كله إذا ركبت، أما إذا لم تركب؛ فإن أضيفت إلى تمييز مؤنث فالأفصح إثبات الياء في جميع الحالات مع إعرابه إعراب المنقوص، فتقدر الضمة والكسرة على يائة وتظهر الفتحة؛ تقول: "ثماني فتيات ينشدن", "سمعت ثماني غوان يعزفن" وإن أضيفت إلى=(4/107)
مع المؤنث، وتبنيها على الفتح مطلقًا1 وإذا كانت بالتاء سكنت شينها في لغة الحجازيين، وكسرتها في لغة تميم، وبعضهم بفتحها2.
وقد تبين مما ذكرنا أنك تقول: "أحد عشر عبدًا"، "واثنا عشر رجلا".
بتذكيرهما3، "وثلاثة عشر عبدًا" بتأنيث الأول وتذكير الثاني وتقول: "إحدى عشرة أمة"، و"اثنتا عشرة جارية" بتأنيثهما، و"ثلاث عشرة جارية"، بتذكير الأول، و"تأنيث الثاني".
فإذا جاوزت التسعة عشر في التذكير، والتسع عشرة في التأنيث، استوى لفظ المذكر والمؤنث4، تقول: عشرون عبدًا، وثلاثون أمة.
__________
= مذكر لزمتها الياء، وبعدها التاء الدالة على التأنيث، وأعرب إعراب الأسماء الصحيحة، تقول: عندنا ثمانية رجال، وشاهدت ثمانية رجال، واستمعت إلى ثمانية منشدين، وإن لم تضف؛ فإن كان المعدود مذكرًا لزمتها الياء والتاء أيضًا، تقول: المسافرون من الرجال ثمانية، كان المسافرون ثمانية.
وإن كان المعدود مؤنثًا، أعرب إعراب المنقوص غالبًا، تقول: جاءني من الفتيان ثمان، ومررت بثمان من التلميذات؛ ورأيت ثمانيا أو ثماني من الكاتبات، فالتنوين على اعتبارهما اسمًا منقوصًا منصرفًا، وعدمه على المنع من الصرف؛ كجوار.
1 أي: سواء كانت مع النيف، أو مع اثني واثنتين وعلة البناء تضمنها معنى حرف العطف، ووقوعها موقع النون المحذوفة لشبه الإضافة مع اثنين واثنتين وموقع التنوين مع الباقي.
2 أي: كما هو الشأن إذا كان المعدود مذكرًا، وتسكين الشين إن كان المعدود مؤنثًا.
3 أي: النيف والعقد في المثالين.
4 ويكون المدار في التذكير والتأنيث على التمييز.
وقد أجمل الناظم الأحكام المتقدمة في ستة أبيات؛ فقال في تركيب العقد مع أحد وإحدى:
وأحد اذكر، وصلنه بعشر ... مركبا قاصد معدود ذكر=(4/108)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
=
وقل لدي التأنيث إحدى عشره ... والشين فيها عن تميم كسره*
أي: إن "عشرة" إذا ركبت مع "أحد" ذكرت، وإذا ركبت مع "إحدى" أنثت، وتسكن شينها عند التأنيث في أشهر اللغات, وتميم تجيز الكسر أيضًا.
ثم بين أن الحكم الخاص بعشرة -من ناحية المطابقة للمعدود- ليس مقصورًا على أحد وإحدى، فقال:
ومع غير "أحد" و"إحدى" ... ما معهما فعلت فافعل قصدا*
أي: افعل قصدًا مع غير أحد وإحدى من الأعداد التي تركب مع عشرة ما فعلته مع أحد وإحدى، من المطابقة في التذكير والتأنيث.
ونص على هذه الأعداد التي تركب مع العشرة بقوله:
ولثلاثة وتسعة وما ... بينهما إن ركبا ما قدما*
أي: إن ثلاثة وما بعدها إلى تسعة؛ حكمها بعد التركيب كحكمها قبله؛ تثبت فيها التاء إن كان المعدود مذكرًا، وتسقط إن كان مؤنثًا, أما "عشرة" فتسقط منها التاء إن كان=
__________
* "وأحد" مفعول اذكر مقدم. "وصلته" فعل أمر مؤكد بالنون الخفيفة والهاء مفعوله. "بعشر" متعلق به. "مركبًا قاصد" حالان من فاعل اذكر, "معدود" مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل لمفعوله "ذكر" نعت لمعدود.
* "إحدى عشرة" مفعول قل مقصود لفظه. و"الشين" مبتدأ أول. "فيها عن تميم" متعلقان بمحذوف خبر مقدم. "كسرة" مبتدأ ثان مؤخر، والجملة من المبتدأ الثاني وخبره خبر الأول، والهاء في "كسرة" مبدلة من تاء التأنيث للوقف.
* "ومع" مع ظرف متعلق بافعل "غير أحد" غير مضاف إليه وأحد كذلك "وإحدى" معطوف على أحد. "ما" اسم موصول مفعول مقدم لافعل "معهما" مع متعلق بفعلت والضمير المضاف إليه عائد إلى أحد وإحدى.
"فعلت" الجملة صلة ما. "فافعل" الفاء زائدة، و"افعل" فعل أمر. "قصدا" حال من ضمير. "افعل" على تأويله بمشتق هو اسم فاعل؛ أي: قصدًا.
* "ولثلاثة" جار ومجرور خبر مقدم "وتسعة وما" معطوفان على ثلاثة، وما اسم موصول. "بينهما" بين ظرف متعلق بمحذوف صلة ما "إن ركبا" شرط وفعله، والألف نائب فاعل، وجواب الشرط محذوف، "ما" اسم موصول مبتدأ مؤخر. "قدما" قدم فعل ماض للمجهول والجملة صلة، والألف للإطلاق، ونائب الفاعل يعود إلى ماء, وجملة الشرط وجوابه اعتراضية لا محل لها.(4/109)
وتمييز ذلك كله مفرد منصوب1 نحو: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} ، {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} ، {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} ، {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} 2.
وأما قوله -تعالى: {وَقَطَّعْنَاهُمْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا} ، فأسباطًا بدل من "اثنتي عشرة"3 والتمييز محذوف؛ أي: اثنتي عشرة فرقة، ولو كان "أسباطًا" تمييزًا؛ لذكر
__________
= المعدوم مذكرًا، وتثبت إن كان مؤنثًا على العكس من ثلاثة فما بعدها، ثم ذكر حكم اثنى، واثنتي؛ فقال:
وأول عشرة اثنتي ... وعشرا اثني إذا أثني تشا أو ذكرا
واليا لغير الرفع وارفع بالألف ... والفتح في جزأي سواهما ألف*
أي: أتبع "اثنتي" المؤنثة، كلمة "عشرة" المؤنثة، واذكر كلمة "عشر" المذكرة بعد "اثني" المذكرة، وهما يعربان إعراب المثنى، فيرفعان الألف وينصبان ويجران بالياء.
أما العجز وهي "عشر"؛ فيبنى على الفتح، وغيرهما من الأعداد المركبة يبنى على فتح الجزأين في القول المألوف؛ أي: الشائع.
1 ونكرة أيضًا، وإنما كان مفردًا نكرة؛ لأنه جيء به لبيان حقيقة المعدود، وذلك يحصل بالمفرد النكرة التي هي الأصل ومنصوبًا لتعذر الإضافة مع النون التي هي في صورة نون الجمع.
2 الآيات: [سورة يوسف الآية: 4] , [سورة التوبة الآية: 36] ، [سورة الأعراف الآية: 142] ، [سورة ص الآية: 23] .
3 أي: بدل كل من كل، ليس بتمييز؛ لأنه جمع. ولا يقال إن المبدل منه في نية
الطرح، ولو=
__________
* "عشرة" مفعول أول لأول. "اثتني" مفعول ثان. "وعشرًا" معطوف على عشرة "اثني" معطوف على اثنتي، وفي هذا عطف على معمولين لعامل واحد، وذلك جائز "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط، "أنثى" مفعول تشا مقدم وهو فعل الشرط. "أو ذكرا" عطف على أنثى، وجواب الشرط محذوف.
* "واليا" مبتدأ وقصر للضرورة. "لغير الرفع" لغير متعلق بمحذوف خبر والرفع مضاف إليه "والفتح" مبتدأ "في جزأي" متعلق بألف "سواهما" سوى مضاف إليه والضمير مضاف إليه أيضًا. "ألف" فعل ماض للمجهول=(4/110)
العددان1؛ لأن السبط مذكر.
وزعم الناظم أنه تمييز، وأن ذكر "أمما" رجح حكم التأنيث2؛ كما رجحه ذكر "كاعبان ومعصر" في قوله:
ثلاث شخوص كاعبان ومعصر3
فصل: ويجوز في العدد المركب غير اثني عشر واثنتي عشرة4 أن يضاف إلى مستحق المعدود5 فيستغنى عن التمييز، نحو: هذه أحد عشر زيد.
__________
= قيل: "وقطعناهم أسباطًا" لفاتت فائدة كمية العدد وهي مطلوبة؛ لأنا نقول: إن ذلك أغلبي، وقد يخرج القرآن على غير الغالب، كما قراءة التنوين في {ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ} , وخرج بعضهم الآية على أن تمييز المركب بالجمع جائز، إذا صدق على كل واحد من العدد، وهنا كذلك؛ لأن المراد: وقطعناهم اثنتي عشرة فرقة، كل فرقة أسباط، فوضع "أسباط" موضع فرقة [سورة الأعراف الآية: 160] .
1 أي: فكان يقال: اثني عشر بتذكيرهما.
2 أي: في "أسباطًا" لأنه وصف "بأمما" وهو جمع أمة.
3 تقدم قريبًا انظر صفحة 102، وكان القياسي أن يقال "ثلاثة" شخوص؛ لأن الشخص مذكر، ولكن التفسير بكاعبان ومعصر -وهما مؤنثان- رجح تأنيثه.
وفي تمييز العشرين ونحوه من ألفاظ العقود، يقول الناظم:
وميز العشرين للتسعينا ... بواحد كأربعين حينا*
أي: إن العدد من عشرين إلى تسعين، يكون بلفظ واحد للمذكر والمؤنث، ولا يكون مميزه إلا مفردًا منصوبًا، ويذكر قبله النيف، ويعطف هو عليه.
4 لأن "عشرة" فيهما بمنزلة نون المثنى، فلا تجامع الإضافة كالنون.
5 أي: إلى شيء يستحقه؛ وذلك لأن يكون العدد مملوكًا للمضاف إليه، أو منتسبًا له بأي صلة من صلات الإضافة الدالة على الاستحقاق.
__________
= ونائب الفاعل يعود إلى الفتح، والجملة خبره.
* "العشرين" مفعول ميز، "للتسعينا بواحد" متعلقان بميز، واللام بمعنى إلى والألف واللام بمعنى إلى والألف للإطلاق "كأربعين" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: وذلك كأربعين "حينا" تمييز لأربعين.(4/111)
ويجب عند البصريين بقاء البناء في الجزأين1، وحكى سيبويه الإعراب في آخر الثاني، كما في بعلبك، وقال: هي لغة رديئة.
وحكى الكوفيون وجهًا ثالثًا؛ وهو: أن يضاف الأول إلى الثاني، كما في عبد الله3،
__________
1 أي: كما يبقى مع التمييز، ولم تؤثر الإضافة، لقلتها؛ ولأن البناء يبقى مع الألف واللام بالإجماع فكذلك مع الإضافة، ويكونان في محل رفع أو نصب أو جر على حسب حاجة الجملة.
2 أي: ويبقى الجزء الأول على بنائه على الفتح في جميع الحالات؛ لأن المضاف مجموع الجزأين؛ فهما كاسم واحد في إعرابه في آخره، تقول: ثلاثة عشر علي؛ إن ثلاثة عشر محمد عندي، حافظت على ثلاثة عشر أحمد؛ فثلاثة عشر في هذه الأمثلة معربة، وعجزها في الأول مبتدأ، وفي الثاني اسم إن، وفي الثالث مجرور بعلى, وفي حكم تمييز المركب يقول الناظم:
وميزوا مركبا بمثل ما ... ميز عشرون فسوينهما
وإن أضيف عدد مركب ... يبق البنا وعجز قد يعرب*
أي: إن تمييز العدد المركب كتمييز عشرين وأخواته؛ فيكون مفردًا منصوبًا، وإذا أضيف العدد المركب بقي الجزآن على بنائهما عند الجمهور، وقد يعرب العجز ويبقى الصدر على بنائه، وهو مذهب سيبويه وآخرين.
3 أي: فيعرب الجزء الأول بحسب العوامل، ويجر الثاني بالإضافة إلى مستحق المعدود.
وقيل: إنه سمع ذلك عن العرب.
__________
* "مركبا" مفعول ميزوا "بمثل ما" بمثل متعلق بميزوا وما اسم موصول مضاف إليه، "ميز عشرون" الجملة من الفعل ونائب الفاعل صلة ما، والعائد محذوف؛ أي: به "فسويتها" فعل أمر مؤكد بالنون الخفيفة، والضمير البارز مفعوله عائد إلى مركب وعشرين.
* "وإن أضيف" شرط وفعله. "عدد" نائب فاعل أضيف. "مركب" نعت لعدد. "يبقى" جواب الشرط مجزوم بحذف الألف. "البنا" فاعل يبق وقصر للضرورة. "عجز" مبتدأ. "قد يعرب" الجملة من الفعل ونائب الفاعل خبر.(4/112)
نحو: "ما فعلت خمسة عشرك". وأجازوا أيضا هذا الوجه دون إضافة1، استدلالا بقوله:
كلف من عنائه وشقوته ... بنت ثماني عشرة من حجته2
__________
1 أي: إلى مستحق المعدود، تقول: هذه خمسة عشر -بجر عشر- وتعرب خمسة على حسب العوامل، والرأيان الأخيران ضعيفان.
2 بيت من الرجز، ينسب لنفيع بن طارق، وقيل: أنشده في أرجوزة ليست له.
اللغة الإعراب: "كلف" ماض للمجهول -بالتشديد من التكليف- وهو تحمل ما فيه كلفة مشقة. وقرئ: كلف -من الكلف- يقال: كلف بكذا؛ أي: أولع به. "عنائه"، العناء معناه: التعب والجهد. "شقوته" وعسره "من حجته" من عامة ذلك.
"كلف" فعل ماض للمجهول. "من عنائه" من للتعليل, عنائه مجرور ومضاف إلى الهاء. "وشقوته" معطوف على عنائه. "بنت" مفعول ثان لكلف. "ثماني عشرة" ثمان مضاف إليه وهو مضاف إلى عشرة "من حجته" من جارة بمعنى "في", وحجته مجرورة بها.
المعنى: أن هذا الرجل تحمل وتكلف -لأجل تعبه وشقائه- مشقة حب بنت سنها ثماني عشرة في عامة ذلك.
الشاهد: في قوله "ثماني عشرة" فقد استشهد به الكوفيون على جواز إضافة صدر المركب العددي إلى عجزه، وإن لم يضف المجموع إلى شيء آخر؛ فقد أضيف ثماني إلى عشرة مع عدم إضافتها إلى غيرها كما في خمس عشرة محمد.
هذا: وقد يضاف العدد المفرد إلى غير تمييزه المبين لنوع المعدود، فيضاف إلى مستحق المعدود كالمركب، تقول: هذه ثلاثتنا، أو ثلاثة محمد إلى تسعة، وهذه عشرون، أو عشرون علي وكذلك بقية العقود.
ومن المفرد: واحد ومؤنثه، واثنان كذلك؛ تقول هذا واحد زملائه، وهذه واحدة أسرتها. وهذان اثنا محمد، إشارة إلى كتابين مثلا، وهاتان الفتاتان اثنتا مصر.
خلاصة ما تقدم: أن ألفاظ العدد بالنسبة للاستعمال أربعة أنواع:
مفرد، وهو: الواحد والاثنان، وعشرون، وتسعون، وما بينهما=(4/113)
فصل: ويجوز أن تصوغ من اثنين وعشرة وما بينهما1 اسم فاعل كما تصوغه من "فعل"؛ فتقول: ثان، وثالث، ورابع.. إلى العاشر2 كما تقول: ضارب وقاعد. ويجب
__________
= ومضاف، وهو: ثلاثة وعشرة، وما بينهما، ومائة، وألف.
ومركب، وهو: أحد عشر، وتسعة عشر وما بينهما.
ومعطوف وهو: أحد وعشرون، وتسعة وتسعون، وما بينهما.
وتمييزها في الغالب هو: واحد واثنان لا يحتاجان لتمييز: وثلاثة وعشرة وما بينهما تمييز بجمع تكسير للقلة مجرور، وجنس المائة والألف يحتاج إلى مفرد مجرور بالإضافة أو بمن مع التفصيل الذي ذكره المصنف، وما عدا ذلك يحتاج إلى مفرد منصوب:
تنبيهان:
أ- إذا نعت تمييز العدد المركب، أو العقد "عشرون وبابه" أو المعطوف، جاز في هذا النعت: الإفراد مراعاة للفظ المنعوت، وجاز الجمع مراعاة لمعناه، تقول: عندنا خمسة عشر خبيرًا عالمًا أو علماء، وعشرون مهندسًا ماهرًا أو ماهرين، وخمسة وعشرون طبيبا ذكيا أو أذكياء.
ومراعاة اللفظ أكثر ومثل النعت غيره من بقية التوابع.
ب- وإذا ميز عدد مركب بشيئين، فالحكم لمذكرهما مطلقًا إن وجد العقل، سواء سبق المذكر أولا، وقع الفصل ببين أولا، تقول: عندي خمسة عشر طالبًا وطالبة، وخمسة عشر طالبة وطالبًا، وإن فقد العقل فللسابق؛ بشرط اتصال التمييز بالعدد، نحو: عندي خمسة عشر جملا وناقة، وخمس عشر ناقة وجملا.
فإن فصل بين العدد والتمييز ببين؛ فالحكم للمؤنث، نحو: عندي ست عشرة ما بين ناقة وجمل، أو ما بين جمل وناقة.
1 الأصل في الاشتقاق: أن يكون -على الأرجح- من المصدر، وهذه الأعداد أسماء أجناس جامدة وليست بمصادر؛ فالاشتقاق منها سماعي يقتصر فيه على المسموع مثل قولهم: تربت يداك؛ من التراب، واستحجر الطين؛ من الحجر.
وقد أجاز المجمع اللغوي المصري: الاشتقاق من الأسماء الجامدة عند الحاجة.
2 إذا أردت من "ثالث" -مثلا- معنى جاعل الاثنين ثلاثة؛ كان مشتقا من مصدر: ثلثت الاثنين أثلثهما؛ أي: جعلتهما ثلاثة، وإن أردت أنه واحد من هذه العدة، كان مشتقا من اسم العدد الذي هو ثلاثة؛ لأن العرب لم تستعمل فعلا ولا مصدرًا بهذا المعنى.(4/114)
فيه أبدًا أن يذكر مع المذكر ويؤنث من المؤنث كما يجب ذلك مع ضارب، ونحوه. فأما ما دون الاثنين فإنه وضع على ذلك من أول الأمر1، فقيل: واحد وواحدة, ولك في اسم الفاعل المذكور2 أن تستعمله -بحسب المعنى الذي تريده- على سبعة أوجه:
أحدهما: أن تستعمله مع أصله؛ ليفيد الاتصاف بمعناه مجردًا. فتقول: ثالث، ورابع3, قال:
لستة أعوام وذا العام سابع4
__________
1 أي: إنه اسم وليس بوصف، وقال الرضي: "واحد" اسم فاعل، من وحد يحد وحدًا, أي: انفرد، فالواحد بمعنى المنفرد؛ أي: العدد المنفرد.
2 وهو ثان، وعاشر، وما بينهما.
3 ويكون معناه حينئذ: أنه واحد موصوف بهذه الصفة، وهي كونه ثالثة أو رابعًا؛ أي: في المرتبة الثالثة أو الرابعة، ويقال في المؤنثة: ثالثة أو رابعة.... إلخ، ويعرب "فاعل" في هذه الحالة بالحركات الظاهرة على حسب ما يقتضيه الكلام.
4 عجز بيت من الطويل، للنابغة الذبياني، وصدره:
توهمت آيات لها فعرفتها
اللغة والإعراب: توهمت: وقع في وهمي وذهني، آيات: علامات، جمع آية وهي العلامة "آيات" مفعول توهمت منصوب بالكسرة، "لستة أعوام" متعلق بعرفتها ومضاف إليه "وذا" الواو عاطفة و"ذا" اسم إشارة مبتدأ، "العام" بدل. "سابع" خبر.
المعنى: توهمت علامات لهذه الديار وسكانها؛ من النؤى والأثافي، وغير ذلك فعرفتها بعد مرور ستة أعوم على تركها، وهذا العام الذي أنا فيه هو السابع.
الشاهد: في قوله: "سابع" فإنه اسم فاعل مفرد مأخوذ من لفظ "سبعة" مجرد عن الإضافة، ومعناه: اتصاف الموصوف بهذا العدد فحسب.
وفي هذا الاستعمال يقول الناظم:=(4/115)
الثاني: أن تستعمله مع أصله؛ ليفيد أن الموصوف به بعض تلك العدة المعينة لا غير؛ فتقول: خامس خمسة؛ أي: بعض جماعة منحصرة في خمسة.
ويجب حينئذ: إضافته إلى أصله1، كما يجب إضافة البعض إلى كله، قال الله -تعالى: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ} 2 وقال -تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} .
وزعم الأخفش وقطرب والكسائي وثعلب: أنه يجوز إضافة الأول إلى الثاني، ونصبه إياه3، كما يجوز في "ضارب زيد". وزعم الناظم أن ذلك جائز في "ثان"
__________
=
وصغ من اثنين فما فوق إلى ... عشرة كـ"فاعل" من فعلا
واختمه في التأنيث بالتا ومتى ... ذكرت فاذكر "فاعلا" بغير تا*
أي: صغ من العدد "اثنين" أو ما فوقه إلى عشرة وزنًا على مثال "فاعل"، كما تصوغه من الفعل الثلاثي "فعل". واختم "فاعلا" بالتاء حين يكون المعنى على التأنيث، فتقول: ثالثة ورابعة، وإذا كان المعنى على التذكير، فلا تأت بالتاء.
1 ويكون من إضافة الشيء إلى جزئه، والمراد: الوجوب الإضافي، والغرض منع نصب الوصف ما بني هو منه؛، لأنه اسم جامد بمعنى بعض فلا يعمل النصب، وإلا فإنه يجوز خامس من خمسة مثلا، والفرق بين هذه الصيغة وما قبلها: أنها تدل على الاتصاف بالعدد؛ مزيدًا عليه الدلالة على أنها فرد منه وبعض من كله.
2 "ثاني" حال من الهاء في أخرجه، و"اثنين" مضاف إليه. [سورة التوبة الآية: 40] .
3 فيقال: ثالث ثلاثة بجر ثلاثة بالإضافة، ونصبها على أنها مفعول به.
__________
* "فما فوق" الفاء عاطفة، و"ما" موصولة معطوفة على اثنين. "فوق" ظرف مبني على الفتح متعلق بمحذوف صلة ما، والعائد محذوف؛ أي: فما فوقها "إلى عشرة" جار ومجرور متعلق بصغ. "كفاعل" جار ومجرور صفة لمفعول صغ المحذوف؛ أي: صغ وزنًا مماثلا لفاعل "من فعلا" متعلق بفاعل.
"في التأنيث" حال من الهاء في اختمه، "بالتاء" متعلق باختمه "ومتى" اسم شرط جازم يجزم فعلين, وهو ظرف في محل نصب بذكرت. "ذكرت" فعل الشرط في محل جزم "فاذكر فاعلا" الفاء واقعة في جواب الشرط. "بغير تا" متعلق بمحذوف نعت لفاعلا.(4/116)
فقط1.
الثالث: أن تستعمله مع ما دون أصله2، ليفيد معنى التصيير، فتقول: هذا رابع ثلاثة؛ أي: جاعل الثلاثة بنفسه أربعة، قال الله -تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى 3 ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ} 4.
ويجوز حينئذ إضافته وإعماله5؛ كما يجوز الوجهان في "جاعل"، و"مصير"
__________
1 حجته: أن لثان فعلا؛ فقد روي أن العرب تقول: ثنيت الرجلين، إذا كنت الثاني منهما، ولا تقول: ثلثت الرجال، إذا كنت الثالث منهم، وإذا جاز ثنيت الرجلين جاز ثنيث الاثنين.
وفي الصحاح للجوهري، يقال: ثلثت القوم أثلثهم إذا كنت ثالثهم، أو أكملتهم ثلاثة. وإلى هذا الاستعمال يشير الناظم بقوله:
وإن ترد بعض الذي منه بني ... تضف إليه مثل بعض بيّن*
أي: إن ترد بفاعل المصوغ من اثنين فما فوق الدلالة على أنه بعض مما بني منه؛ أي: واحد مما اشتق منه، فأضف إليه مثل بعض؛ أي: كما تضيف بعضًا إلى كل والمضاف إليه وهو الذي اشتق منه.
2 أي: مع العدد الأقل منه مباشر وينقص عنه بدرجة واحدة، فلا يقال: رابع اثنين مثلا، أو خامس ثلاثة.
3 أي: محادثة سرية.
4 "سادس" مضاف إلى الضمير العائد إلى خمسة، والضمير بمنزلة مرجعه وكذلك رابع مضاف إلى الضمير العائد إلى ثلاثة؛ فكأنه مضاف إليه [سورة المجادلة الآية: 7] .
5 أي: إضافته إلى العدد الأقل منه مباشرة، إن كان بمعنى المضي؛ فإن كان بمعنى الحال أو=
__________
* "وإن ترد" شرط وفعله. "بعض" مفعول ترد "الذي" مضاف إليه. "منه" متعلق ببني الواقع صلة للموصول. "تضف" فعل مضارع مجزوم جواب الشرط، ومفعول ضمير محذوف يعود إلى فاعل "إليه" متعلق بتصف، والهاء في منه وإليه عائدة إلى الموصول الواقع على العد، ونائب فاعل بني يعود إلى فاعل، فالصلة جارية على غير صاحبها، "مثل بعض" مثل حال من مفعول تضف المحذوف، وبعض مضاف إليه. "بين" صفة لبعض.(4/117)
ونحوهما1.
ولا يستعمل بهذا الاستعمال "ثان"؛ فلا يقال: ثاني واحد ولا ثان واحدًا. وأجازه بعضهم2 وحكاه عن العرب.
__________
= الاستقبال جاز مع الإضافة، تنوينه، ونصبه على اعتباره مفعولا به؛ مع ملاحظة ما يشترط في إعمال اسم الفاعل من اعتماده على نفي أو استفهام أو غيرهما، وإنما عمل الوصف في هذه الحالة؛ لأن له فعلا، فإنه يقال: ثلثت الطالبين؛ أي: صيرتهم ثلاثة بانضمامي إليهم، وكذلك ربعت الثلاثة، إلى عشرت التسعة. "ففاعل" هنا بمعنى جاعل، والمصدر الثلث والربع ... إلخ على وزن الضرب والمضارع على وزن يضرب؛ إلا ما كانت لامه عينًا، وهو ربع، وسبع، وتسع.
فمضارعه مفتوح العين لا مكسورها، ويقال: كان القوم تسعة عشر فعشرنتهم؛ تسعة وعشرين فثلثنتهم؛ أي: صيرتهم عشرين، وثلاثين، وهكذا إلى 99 فأمأميتهم وكانوا 999 فآلفتهم فأنا مميء ومؤلف.
1 أي: من أفعال التحويل والانتقال.
2 وهو الكسائي، فلا مانع عنده من أن يقال: محمد ثان واحدًا؛ أي: مصير الواحد اثنين بنفسه, وفي هذا الاستعمال الثالث يقول الناظم:
وإن ترد جعل الأقل مثل ما ... فوق فحكم جاعل له احكما*
أي: إذا أردت بفاعل أن يكون العدد الأقل مساويًا لما فوقه بدرجة واحدة فاحكم به بحكم "جاعل"؛ أي: بحكم اسم الفاعل من "جعل" الذي يفيد التصيير والتحويل؛ فإنه ينصب المفعول به إذا تحقق شرط عمله. وهذه الاستعمالات الثلاثة "لفاعل" المفردة، من غير أن تليها كلمة "عشرة" ولها معها ثلاثة أخرى ستأتي.
__________
* "جعل" مفعول ترد الواقع شرطًا لإن. "الأقل" مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله الأول، "مثل ما" مثل مفعوله الثاني، وما موصول مضاف إليه. "فوق" ظرف متعلق بمحذوف صلة ما.
"فحكم" الفاء واقعة في جواب الشرط، و"حكم" مفعول مقدم لاحكما. "جاعل" مضاف إليه. "له" متعلق باحكما الواقع جوابًا للشرط، وهو مبني لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفًا.(4/118)
الرابع: أن تسعمله مع العشرة1؛ ليفيد الاتصاف بمعناه مقيدًا بمصاحبة العشرة1؛ فتقول: "حادي عشر" بتذكيرهما، و"حادية عشرة" بتأنيثهما، وكذا تصنع في البواقي؛ تذكر اللفظين مع المذكر وتؤنثهما مع المؤنث، فتقول: "الجزء الخامس عشر"، و"المقامة السادسة عشرة"2. وحيث استعملت الواحد أو الواحدة مع العشرة، أو مع ما فوقها كالعشرين، فإنك تقلب فاءهما إلى موطن لامهما وتصيرها ياء3 فتقول: حاد، وحادية.
الخامس: أن تستعمله معها؛ ليفيد معنى ثاني اثنين، وهو انحصار العدة فيما ذكر4، ولك في هذه الحالة ثلاثة أوجه:
أحدها: وهو الأصل، أن تأتي بأربعة ألفاظ؛ أولها الوصف5 مركبًا مع العشرة،
__________
1 أي: إن الوصف مرتبط بالعشرة ارتباط زيادة عليها.
2 وحكم هذا النوع: وجوب فتح الجزأين معًا، ويكونان في محل رفع أو نصب أو جر على حسب حاجة الجملة.
3 وذلك بناء على القاعدة الصرفية، وهي قلب الواو ياء إذا تطرفت إثر كسرة، وتاء التأنيث في حادية في حكم الانفصال، ثم أعل "حادي" بحذف الياء لالتقاء الساكنين؛ لأنه منقوص، ولم تعل "حادية" لتحرك الياء، و"حادي وحادية" يكونان مركبين مع العشرة، تقول: اليوم الحادي عشر، والليلة الحادية عشرة، ومعطوفًا عليها في الأعداد المعطوفة، تقول: اليوم الحادي والعشرون، والليلة الحادية والعشرون ولا يستعملان في غير ذلك.
وكذلك "إحدى" تركب مع العشرة، أو معطوفًا عليها: تقول: إحدى عشرة طالبة، وإحدى وعشرون حجرة، أما "واحدة" فلا تركب مع العشرة إلا سماعًا، وتكون معطوفًا عليها فيقال: هذه واحدة وعشرون، وكذلك واحد وعشرون.
4 أي: إنه يدل على أنه بعض مما اشتق منه، وفرد من تلك الجماعة المنحصرة في العدد الأصلي.
5 وهو صيغة "فاعل" للمذكر، و"فاعلة" للمؤنث.(4/119)
والثالث ما اشتق منه الوصف1 مركبًا أيضًا مع العشرة، وتضيف جملة التركيب الأول إلى جملة التركيب الثاني2 فتقول: "ثالث عشر ثلاثة عشر"3.
الثاني: أن تحذف عشر من الأول استغناء به في الثاني، وتعرب الأول لزوال التركيب، وتصيفه إلى التركيب الثاني4.
__________
1 أي: العدد الأصلي، وهو: أحد واثنان وثلاثة بالتاء، إلى تسعة في التذكير وبالعكس في التأنيث، أما الثاني والرابع فهو العشرة.
2 ويكون كل من التركيبين مبنيا على فتح الجزأين ما عدا اثنا واثنتا كما تقدم، ومحل التركيب الأول بحسب العوامل، والثاني مجرور دائمًا بإضافة التركيب الأول إليه.
3 وثالثة عشرة ثلاث عشرة، فتجري على صيغة، "فاعل" من التذكير والتأنيث ما تطابق به مدلولها, وهي في صدر المركب الأول لا غير وتطابقها في الحالتين كلمة "عشر".
4 ويبقى مبنيا على فتح الجزأين في محل جر، تقول: هذا ثالث ثلاثة عشر وهذه ثالثة ثلاث عشرة؛ فيقتصر على صدر المركب الأول؛ وهو صيغة "فاعل" وحدها، ويليه المركب الثاني كاملا، وهذه الصورة أكثر من غيرها استعمالا, وفي هذا الوجه والذي قبله، يقول الناظم:
وإن أردت مثل ثاني اثنين ... مركبا فجيء بتركيبين
أو "فاعلا" بحالتيه أضف ... إلى مركب بما تنوي يفي*
أي: إن أردت بـ"فاعل" الدلالة على معنى "ثاني اثنين" كما بينا، فجيء بتركيبين على النحو الذي بسطه المصنف، وهذا هو الوجه الأول. أو أضف "فاعلا" بحالتيه وهما: حالة التذكير أو التأنيث، من التركيب الأول بعد حذف كلمة "عشرة" إلى مركب واف بما تنويه؛ أي: كامل؛ وهذا هو الوجه الثاني الكثير الاستعمال.
__________
* "مثل" مفعول أردت الواقع شرطًا لأن. "ثاني" مضاف إليه، و"اثنين" مضاف إليه لثاني، "مركبا" حال من مثل. "بتركيبين" متعلق بجيء الواقع جوابًا للشرط.
"أو فاعلا" أو عاطفة، وفاعلا مفعول أضف معطوف بأو على جيء، "بحالتيه" متعلق بمحذوف نعت لفاعلا، "إلى مركب" متعلق بأضف "بما" متعلق بيفي، وجملة "تنوي" صلة ما والعائد محذوف، وجملة "يفي" صفة لمركب؛ أي: مركب واف بما تنويه.(4/120)
الثالث: أن تحذف العقد من الأول والنيف من الثاني1 ولك في هذا الوجه وجهان: أحدهما: أن تعربهما لزوال مقتضى البناء فيهما2 فتجري الأول بمقتضى حكم العوامل، وتجر الثاني بالإضافة3.
والوجه الثاني: أن تعرب الأول وتبني الثاني4، حكاه الكسائي، وابن السكيت، وابن كيسان، ووجهه أنه قدر ما حذف من الثاني فبقى البناء بحاله5، ولا يقاس على هذا الوجه لقلته، وزعم بعضهم أنه يجوز بناؤهما لحلول كل منهما محل المحذوف من صاحبه6، وهذا مردود؛ لأنه لا دليل حينئذ على أن هذين الاسمين منتزعان من تركيبين؛ بخلاف ما إذا أعرب الأول7. ولم يذكر الناظم وابنه هذا الاستعمال الثالث8، بل ذكرا مكانه أنك تقتصر على التركيب الأول باقيًا بناء صدره9، وذكرا
__________
1 فيحذف من المركب الأول عجزه، وهو "عشر"، ومن المركب الثاني صدره وهو صيغة "فاعل". وتكون صيغة "فاعل" مطابقة لمدلولها؛ فيذكران مع المذكر ويؤنثان مع المؤنث.
2 وهو التركيب؛ فقد زال منهما لزوال جزء من كليهما.
3 وهو العقد؛ أي: لفظ "عشر" دائمًا.
4 أي: وهو لفظ "عشر" أيضًا.
5 أي: لنية وملاحظة الصدر المحذوف، واعتباره كالموجود.
6 أي: وتقدير وملاحظة ما حذف من كل منهما؛ من صدر أو عجز.
7 فإن ذلك يدل على أن هذين الاسمين منتزعان من تركيبين.
8 أي: وهو حذف العقد من الأول، والنيف من الثاني.
9 أي: وعجزه، مقدرًا حذف التركيب الثاني بكماله؛ حيث يقول:
وشاع الاستغنا بحادي عشرا ... ونحوه ... ... ... ... ...
ولعل الاستغناء الذي يريده هو: حذف العقد من التركيب الأول، والنيف من التركيب الثاني، ويكون قد ذكر الوجه الثالث الذي شرحه المصنف، والمراد: بنحو "حادي عشر" ثاني عشر، وثالث عشر.... إلى تسعة عشر.(4/121)
أن بعض العرب يعربه، والتحرير ما قدمته1.
السادس: أن تستعمله معها؛ لإفادة معنى رابع ثلاثة2، فتأتي أيضًا بأربعة ألفاظ، ولكن يكون الثالث منها دون ما اشتق منه الوصف؛ فتقول: "رابع عشر ثلاثة عشر"، أجاز ذلك سيبويه ومنعه بعضهم.
وعلى الجواز؛ فيتعين بالإجماع أن يكون التركيب الثاني في موضع خفض3 ولك أن تحذف العشرة من الأول4، وليس لك مع ذلك أن تحذف النيف من الثاني
__________
1 أي: من وجهي الاستعمال الثالث فتدبر، وأما حكاية ابن السكيت ومن معه من إعراب الأول، فهي فيما إذا حذف العقد من الأول والنيف من الثاني، وما ذكره الناظم يجب حمله على الاقتصار على المركب الأول وإلا كان باطلا؛ لأنه يلتبس بما ليس أصله تركيبين.
والخلاصة:
أن في استعمال "فاعل" كثاني اثنين خمسة أوجه:
أ- الإتيان بأربعة ألفاظ، وهذا قليل الاستعمال.
ب- حذف عقد الأول.
جـ- حذف هذا ونيف الثاني وبناء ما بقي.
د- حذفهما وإعراب الباقي.
هـ- إعراب عقد الوصف وبناء عشر مع حذف نيفه. وليس منها الاقتصار على التركيب الأول بتمامه، وإنما هو في استعماله كالمفرد.
2 أي: فيستعمل مع العدد الأقل مباشرة من العدد الأصلي الذي اشتقت منه الصيغة؛ ليفيد معنى التصيير والتحويل، وجعل الأقل مساويًا لما فوقه.
3 أي: بإضافة التركيب الأول إليه، ولا يجوز أن ينصب مفعولا به وإن كان الوصف بمعنى "جاعل"؛ لأن اسم الفاعل الذي ينصب المفعول لا بد أن يكون منونًا أو مبدوءًا بأل وهذان ممتنعان مع التركيب، أم التركيب الأول فمبني على فتح الجزأين.
4 فتقول: هذا رابع ثلاثة عشر, ويعرب الوصف حينئذ على حسب العوامل، أو يبنى بنية العجز، ويضاف إلى التركيب الثاني لا غير.(4/122)
للإلباس1.
السابع: أن تستعمله مع العشرين وأخواتها؛ فتقدمه وتعطف عليه العقد بالواو2.
__________
1 أي: إلباس الوصف بمعنى "جاعل" بالوصف بمعنى بعض، فتقل: رابع عشر بفتحهما؛ لأن هذا يلبس بما أصله تركيبين.
2 أي: خاصة دون غيرها من حروف العطف، فتقول: الواحد والعشرون، والحادي والعشرون، والواحدة والعشرون، والحادية والعشرون، والثاني والثانية والثلاثون....إلخ.
ولا يجوز حذف الواو؛ فلا يقال: حادي عشرون؛ كما يقال: حادي عشر، ويعرب المعطوف عليه بالحركات على حسب العوامل، ويتبعه المعطوف في الإعراب، ولكنه يعرب بالحروف كجمع المذكر السالم.
وفي هذا الاستعمال يقول الناظم في البيت الثاني وجزء من الأول:
"وشاع الاستغنا بحادي عشرا ... ونحوه" وقبل عشرين اذكرا
وبابه "الفاعل" من لفظ العدد ... بحالتيه قبل واو يعتمد*
أي: اذكر قبل "عشرين" وبابه وهو باقي العقود التي بعده صيغة "فاعل" مأخوذة من أحد الأعداد المحصورة من واحد إلى تسعة، ويكون "فاعل" بحالتيه من التذكير أو التأنيث على حسب مدلوله، بشرط أن يكون متقدما على واو العطف, ويليها العقد المعطوف.
فائدة:
التاريخ ضروري للأفراد والجماعات؛ لضبط الشئون وتنظيم الأمور، وما يكون بين كل=
__________
* "الاستغنا" فاعل شاع وقصر للضرورة. "بحادي عشر" متعلق بالاستغنا، "ونحوه" معطوف عليه. "وقبل عشرين" قبل ظرف متعلق باذكرا، وعشرين مضاف إليه، وألف اذكرا منقلبة عن نون التوكيد الخفيفة.
"وبابه" عطف على عشرين. "لفاعل" مفعول اذكر "من لفظ العدد" متعلق باذكر أو بنعت لفظ. "الفاعل" محذوف، وتقديره: الفاعل المصوغ من لفظ العدد، والعدد مضاف إليه، "بحالتيه" متعلق باذكر، "قبل واو" قبل ظرف متعلق بمحذوف حال من الفاعل، "واو" مضاف إليه, "يعتمد" فعل مضارع مبني للمجهول ونائب الفاعل يعود إلى واو، والجملة صفة لواو.(4/123)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
= من معاملات، ولكل فرد طريقته الخاصة في ذلك, وتختار الجماعات مبدأ زمنيا تؤرخ به الشئون العامة والحوادث الهامة، وكان العرب قبل الإسلام يؤرخون بالخصب، وبالعامل "الوالي الحاكم عليهم"، وبالأمر المشهور كعام الفيل. فلما فتح سيدنا عمر بلاد الفرس، وذكر له أمر التاريخ عندهم، استحسن ذلك، ورأى أن يجعل مبدأ للتاريخ العربي، وبعد خلاف في البدء اتفقوا على أن تكون الهجرة, لما لها من أثر عظيم في نشر الإسلام مبدأ زمنيا للتاريخ العربي، وأن يكون المحرم هو بدء السنة، وهو قبل الهجرة بشهرين واثنتي عشر ليلة.
ويؤرخ بالليالي لسبقها؛ إذ الشهور عند العرب قمرية، وأول الشهر القمري ليلية، وآخره نهار؛ فيقال لما يحدث في أول الشهر: حدث لأول ليلة منه أو لغرته، أو مهله، أو مستهله ولما بعد الليلة الأولى إلى العاشرة: لليلة خلت، ولليلتين خلتا، ولثلاث خلون ... إلخ.
ولإحدى عشرة خلت إلى ليلة النصف، فيقال: للنصف منه أو لمنتصفه أو لانتصافه، ويصح أن يقال: لخمس عشرة خلت أو بقيت، والأول أفصح وأكثر استعمالا وعند العشرين يقال: لعشر بقين، أو لثمان بقين، إلى ليلة التاسع والعشرين فيقال: لليلة بقيت. وفي ليلة الثلاثين، يقال: لآخر يوم منه، أولسلخه، أو انسلاخه، وهذا يدل على أن الشهر القمري كامل؛ أي: ثلاثون يوما.
هذا: ويصح وضع تاء التأنيث مكان نون النسوة والعكس في كل موضع يراد فيه الحديث عن عدد مدلوله جمع لا يعقل. وتاء التأنيث أنسب في جمع التكسير الدال على الكثرة للمؤنث. ونون النسوة مع جمع القلة للمؤنث.
تتمة:
الأفصح في شين عشرة الفتح مع التاء, والتسكين بدونها إذا كانت مفردة, والعكس إذا كانت مركبة؛ قال -تعالى: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} ، {وَالْفَجْرِ, وَلَيَالٍ عَشْرٍ} وقال -سبحانه: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} ، {فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} .(4/124)
باب كنايات العدد 1:
وهي ثلاثة: كم، وكأي، وكذا.
أما "كم" فتنقسم إلى: استفهامية، بمعن أي عدد2، وخبرية بمعنى كثير3ويشتركان في خمسة أمور: كونهما كنايتين عن عدد مجهول الجنس والمقدار، وكونهما مبنيين4، وكون البناء على السكون5، ولزوم التصدير6، والاحتياج إلى التمييز7، ويفترقان في خمسة أمور أيضًا:
__________
باب كنايات العدد:
1 الكناية: هي التعبير عن الشيء بغير اسمه لسبب بلاغي، وسميت هذه الألفاظ كنايات؛ لأن كل منها يكنى به عن معدود وإن كان مبهما.
2 فيكنى بها عن عدد مبهم، مجهول الجنس والكمية عند المتكلم معلوم في ظنه عند المخاطب، ويستعملها: من يسأل عن كمية الشيء وينتظر الجواب.
3 فهي أداة للإخبار عن معدود كثير، ويكنى بها عن عدد مجهول الجنس والكمية عند المخاطب، وربما يعرفه المتكلم ويريد الإخبار به, ولا ينتظر جوابا، ويستعملها من يريد الافتخار والتكثير.
4 وذلك لشبههما للحرف في الوضع على حرفين.
5 وهما في محل رفع أو نصب أو جر على حسب الجملة، فهما متماثلتان في إعرابهما المحلي.
6 أي: في جملتيهما، فلا يعمل فيهما ما قبلهما إلا حين يكونان مجرورين بحرف جر أو بإضافة، وحكى الأخفش جواز تقديم عامل الخبرية، وقال: إنها لغة، وإذا لم يجرا وكان بعدهما فعل متعد لم يذكر مفعوله فهما في محل نصب مفعوله، وإلا ففي محل رفع مبتدأ.
7 وذلك ليبين إبهامهما؛ لأن كلا منها عدد مجهول، ولا يجوز أن يكون التمييز منفيا؛ فلا تقول: كم لا رجلا جاءك, ويجوز حذف التمييز إن دل عليه دليل؛ تقول: كم صمت. ومنع بعضهم حذف تمييز "كم" الخبرية.(4/125)
أحدها: أن "كم" الاستفهامية تميز بمنصوب مفرد1، نحو: "كم عبدًا ملكت؟ ".
ويجوز جره بـ"من" مضمرة جوازًا إن جرت "كم" بحرف2 نحو: "بكم درهم اشتريت ثوبك؟ ".
وتميز الخبرية بمجرور3 مفرد أو مجموع، نحو: "كم رجال جاءوك"، و"كم امرأة جاءتك"، والإفراد أكثر وأبلغ.
__________
1 وردت أمثلة نادرة وقع فيها التمييز جمعًا منصوبًا، وقد استشهد بها الكوفيون على صحة وقوع التمييز جمعًا، تقول: كما شهودًا لك؟ وقيل: يجوز جمعه إن كان السؤال عن الجماعات، نحو: كم غلمانا لك؟ إذا كان السؤال عن الأصناف وإلا فلا.
2 المشهور منع ظهور: "من" عند دخول حرف الجر على "كم"؛ لأن حرف الجر عوض عن التلفظ بمن، وقيل: يجوز: بكم من درهم اشتريت. ولم يشترط بعض النحاة لجر تمييزها جرها بحرف جر؛ مستدلا بقوله -تعالى: {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ} ، وهو رأي ضعيف. وفيما تقدم يقول الناظم.
ميز في الاستفهام "كم" بمثل ما ... ميزت عشرين ككم شخصا سما
وأجز أن تجره "من" مضمرا ... إن وليت "كم" حرف جر مظهرا*
أي: إن تمييز "كم" الاستفهامية يكون كمميز "عشرين" وأخواته مفردًا منصوبًا ويجوز جره بمن مضمرة؛ إن وقعت "كم" بعد حرف جر ظاهر، وقد أوضح المصنف القول في ذلك.
3 ويكون الجر باضافة "كم" إليه على الصحيح، وقيل: "بمن" مقدرة، ويجوز إظهارها قال -تعالى: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ} .=
__________
* "كم" مفعول ميز مقصود لفظه. "بمثل" متعلق بميز. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "عشرين" مفعول ميزت والجملة صلة والعائد محذوف؛ أي: ميزت به عشرين. "ككم" الكاف جارة لقول محذوف، و"كم" اسم استفهام مبتدأ. "شخصًا" تمييز لكم. "سما" فعل ماض والفاعل يعود على كم، والجملة خبر المبتدأ.
"أن تجره" تجر فعل مضارع منصوب بأن في تأويل مصدر مفعول أجز، والهاء عائدة إلى التمييز. "من" فاعل تجر مقصود لفظها. "مضمرًا" حال من من. "إن وليت" شرط وفعله. "كم" فاعل وليت. "حرف جر" حرف مفعول وليت وجر مضاف إليه. "مظهرًا" نعت لحرف جر، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه.(4/126)
والثاني: أن الخبية تختص بالماضي كرب؛ لا يجوز: "كم غلمان سأملكهم" كما لا يجوز: "رب غلمان سأملكهم"1 ويجوز: "كم عبدًا ستشتريه؟ "2,
__________
= ويشترط لجر التمييز: أن يكون متصلا بها غير مفصول منها بشيء, ويصح فصل التمييز منا؛ فإن كان الفصل بجملة كقول الشاعر:
كم نالني منهم فضلًا على عدم
أو بظرف وجار ومجرور معًا كقوله:
تؤم سنانا وكم دونه ... من الأرض محدودبا غارها
تعين النصب على الصحيح، ولا يجوز جره إلا في ضرورة الشعر، وإن كان الفصل بالظرف فقط، أو بالجار والمجرور جاز الأمران، والنصب أرجح، نحو: كم دون النبوغ سهرًا، وكم له مجهودًا، ولا يفصل بين الخبرية ومميزها المجرور بالإضافة إلا في الضرورة؛ بخلاف الاستفهامية، فإن الفصل جائز في السعة، نحو: كم عندك عبدًا؟ وإذا فصل بين "كم" الخبرية وتميزها بجملة فعلية فعلها متعد لم يستوف مفعوله وجب جر التمييز "بمن"؛ لئلا يتوهم أن المنصوب مفعول به وليس تمييزًا، كقوله تعالى: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} , {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ} فـ"كم" الخبرية بكثرة نحو: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ} ، والاستفهامية بقلة وإن لم تجر نحو: {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ} وإلى حكم تمييز "كم" الخبرية يشير الناظم بقوله:
واستعملنها مخبرًا كعشره ... أو مائة ككم رجال أو مره*
أي: إن تمييز "كم" الخبرية، كتمييز العدد "عشرة"؛ أي: جمعًا مجرورًا في الغالب، أو كتمييز المائة؛ أي: مفردًا مجرورًا.
1 لأن التكثير والتقليل لا يكونان إلا فيما عرف مقداره، وهذا لا يتحقق إلا في شيء مضى، أما المستقبل فمجهول.
2 لأن الاستفهام لتعيين المجهول؛ يكون في الماضي والمستقبل.
__________
* "مخبرًا" حال من فاعل استعملنها. "كعشرة" متعلق بمحذوف، نعت لمصدر محذوف؛ أي: استعمالا كاستعمال عشرة، "أو مائة" معطوف على عشرة "ككم" الكاف جارة لقول محذوف خبر لمبتدأ محذوف، و"كم" خبرية بمعنى كثير مبتدأ. "رجال" مضاف إليه والخبر محذوف؛ أي: كثير عندي مثلا، "أو مره"معطوف على رجال، وأصل مره: امرأة، فقلت حركة الهمزة إلى الراء ثم حذفت استغناء بهمزة الوصل.(4/127)
والثالث: أن المتكلم بها لا يستدعي جوابًا من مخاطبه1.
والرابع: أنه يتوجه إليه التصديق أو التكذيب2.
والخامس: أن المبدل منها لا يقترن بهمزة الاستفهام3 تقول: "كم رجال في الدار عشرون بل ثلاثون" ويقال: "كم مالك؟ أعشرون أم ثلاثون؟ ".
تنبيه: يروى قول الفرزدق:
كم عمة لك يا جرير وخالة ... فدعاء قد حلبت علي عشاري4
__________
1 لأنه مخير لا مستخبر، بخلاف الاستفهامية، والأحسن في جوابه أن يكون على حسب موضعها من الإعراب ويجوز رفعه مطلقًا.
2 لأنه مخبر، والخبر عرضة لأن يصدقه السامع أو يكذبه.
3 لأن هذا لبدل خبري كالمبدل منه وهو "كم"، والخبر لا يتضمن معنى الاستفهام؛ بخلاف الاستفهامية، فغنه يجب اقتران البدل منها بالهمزة؛ لأنها تتضمن معنى الاستفهام، قال الناظم:
وبدل المضمن الهمز يلي ... همزا؛ كمن ذا أسعيد أم علي
4 بيت من الكامل، من قصيدة للفرزدق يهجو فيها جريرًا الشاعر، وكان الهجاء بينهما مستديما.
اللغة والإعراب: فدعاء: وصف الأنثى، من الفدع؛ وهو اعوجاج الرسغ من اليد أو الرجل حتى ينقلب الكف أو القدم إلى إنسيهما، وذلك من كثرة الحلب، أو المشي وراء الإبل. حلبت علي: أي: على كره مني. عشاري: جمع عشراء، وهي الناقة التي مضى عل حملها عشرة أشهر.
"كم" خبرية مبتدأ، أو استفهامية مقصود بها التهكم والسخرية، "عمة" بالجر تمييز "لكم" على الخبرية، وبالنصب على الاستفهامية. "لك" جار ومجرور صفة لعمة، و"خالة" معطوفة على عمة. "فدعاء" صفة لعمة وخالة، منصوب بالفتحة على رواية النصب، وعلى رواية الجر بالفتحة نيابة عن الكسرة لمنعه من الصرف، و"قد حلبت"، والجملة خبر=(4/128)
بجر عمة وخالة على أن "كم" خبرية، وبنصبهما؛ فقيل: إن تميمًا تجيز نصب مميز الخبرية مفردًا1، وقيل: على الاستفهام التهكمي، وعليهما2 فهي مبتدأ، و"قد حلبت" خبر، والتاء للجماعة؛ لأنهما عمات وخالات3, وبرفعهما على الابتداء، و"حلبت" خبر للعمة أو الخالة، وخبر الأخرى محذوف4 وإلا لقيل: قد حلبتا، والتاء في حلبت للوحدة؛ لأنهما عمة واحدة وخالة واحدة، و"كم" نصب على المصدرية5 أو الظرفية.
__________
= "كم" "على" متعلق بحلبت "عشاري" مفعول حلبت، وياء المتكلم مضاف إليه.
المعنى: على الإخبار: كثير من عماتك وخالاتك يا جرير، كن من جملة خدمي وقد تعوجت أرساغهن من كثرة حلبهن نياقي على كره مني.
على الاستفهام: أخبرني يا جرير، بعدد عماتك وخالاتك اللاتي كن يخدمنني ويحلبن نياقي، حتى تعوجت أرساغهن من كثرة الحلب، فقد نسيت عددهن؟
الشاهد: "في عمة وخالة" فقد روي فيهما الرفع والنصب والجر، وقد ذكر المصنف تخريج كل، فتنبه يا أخي.
1 قال الرضي: وبعض العرب ينصب خبر "كم" الخبرية مفردًا كان أو جمعًا بلا فصل أيضًا، اعتمادًا في التمييز بينها وبين الاستفهامية على قرينة الحال، وعلى هذا يجوز نصب "عمة" مع كون "كم" خبرية. وقول الرضي هذا: هو الذي اعتمد عليه الذين أجازوا النصب في تمييز كم الخبرية.
2 أي: على رواية الجر، والنصب.
3 لأن "كم" واقعة على متعدد، أو للوحدة، وأفرد الضمير نظرًا للفظ "كم".
4 أو جملة "قد حلبت" خبر عنهما، والإفراد على تأويله بكل منهما، كما قيل: الأذان والإقامة سنة, أي: كل منهما.
5 في هذا التعبير تسامح، والأحسن أن يقال: نصب على المفعولية المطلقة.
هذا: وحاصل إعراب "كم" بقسميها: أنها إذا وقعت على زمان أو مكان فهي ظرف للفعل بعدها مبني على السكون في محل نصب، نحو: كم يومًا صمت؟ وكم ميلا مشيت؟ =(4/129)
أي: كم حلبة، أو وقتًا.
وأما "كأين"1؛ فبمنزلة "كم"2 الخبرية؛ في إفادة التكثير، وفي لزوم التصدير، وفي انجرار التمييز؛ إلا أن جره بمن ظاهرة لا بالإضافة3، قال الله -تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا} 4 وقد ينصب كقوله:
اطرد اليأس بالرجا فكأي ... آلما حم يسره بعد عسر5
__________
= وإن وقعت على حدث؛ فهي في محل نصب مفعول مطلق لما بعدها، نحو: كم زيارة زرت أخاك؟ وإن وقعت على ذات؛ فإن لم يليها فعل، نحو: كم طالب في الفصل؟ أو وليها وكان لازمًا، نحو: كم رجلا اشتغل، أو متعديا رافعًا ضميرها؛ نحو: كم محتاج ساعدته؟ فهي مبتدأ وما بعدها خبر. وإن كان الفعل بعدها متعديا لم يستوف مفعوله، فهي في محل نصب مفعوله، نحو: كم قرشًا أعطيت السائل؟ وإن سبقها حرف جر أو مضاف، فهي في محل جر، نحو: في كم ساعة تنتهي من الامتحان، وفوق كم حاجز يقفز الحصان.
1 أصل هذه النون التنوين، فيصح الرجوع إلى أصلها عند الكتابة والوقف، والأحسن إثبات نونها خطا ونطقًا، ويقال لها: "كائن" و"كأين" ويكنى بها عن العدد.
2 مذهب ابن مالك: أن "كأي" تكون خبرية وتكون استفهامية. وهو رأي ابن عصفور، وإعرابها كإعراب "كم"؛ نحو: كأين من معدوم أعنته.
3 لأن نون: "كأين" أصلها التنوين كما قلنا. وهو يمنع الإضافة, وعند الجر يكون الجار والمجرور متعلقين بكأي.
4 "كأين" مبتدأ مبني على السكون في محل رفع. "من دابة" جار ومجرور متعلق بمحذوف بيان لكأين "لا" نافية. "تحمل رزقها" الجملة صفة لدابة، أو خبر كأين، "الله" مبتدأ ثان، وجملة "يرزقها" خبره، والجملة خبر كأين على الوجه الأول، و"وإياكم" معطوف على الهاء في يرزقها: [سورة العنكبوت الآية: 60] .
5 بيت من الخفيف لم نقف على قائله.
اللغة والإعراب: اطرد: أزل وأبعد. اليأس القنوط ونفي الأمل في الحصول على المراد.=(4/130)
وأما كذا1: فيكنى بها عن العدد القليل والكثير2 ويجب في تمييزها النصب، وليس
__________
= الرجاء: الأمل وترقب حصول الشيء. فكأين: فكثير, آلما: اسم فاعل من "ألم يألم" بمعنى: تألم يتألم، والمراد: صاحب ألم. حم: قدر وكتب وهيء. "فكأين"
الفاء للتعليل، وكأين اسم بمعنى كثي، مبتدأ مبني على السكون في محل رفع
"آلما" تميز لها. "حم" فعل ماض للمجهول. "يسره" نائب فاعل حم ومضاف إليه، والجملة خبر المبتدأ، "بعد" ظرف زمان منصوب بحم، و"عسر" مضاف إليه.
المعنى: أبعد عن نفسك القنوط من نيل ما تطلب ولا تيأس، وترقب الوصول إلى ما تريد؛ فكثير من المتألمين واليائسين، قد قدر وكتب لهم اليسر بعد العسر، والفرج بعد الشدة والضيف، وإن مع العسر يسرًا، ومع الشدة فرجًا.
الشاهد: في قوله: "آلما" فإنه تمييز منصوب لكأين، فدل ذلك على أن تمييزها يكون منصوبًا كما يكون مجرورًا بمن؛ بخلاف تمييز "كم" الخبرية الذي لا يكون إلا مجرورًا.
وتخالف "كم" الخبرية فيما يأتي:
أ- أن "كم" بسيطة على الأرجح، أما "كأين" فمركبة من كاف التشبيه "وأي" المنونة على الصحيح؛ ولا أثر لهذا التركيب في معناها الآن بعد أن صارت كلمة واحدة.
ب- أن "كم" تجر بالحرف, وبالإضافة, وتقع استفهامية, أما "كأين" فلا تجر بشيء, ولا تخرج إلى الاستفهام. وذهب ابن قتيبة وابن عصفور إلى جواز جرها بحرف الجر.
جـ- وأن تمييز "كم" يجر بالإضافة، أو بمن ظاهرة أو مضمرة أما تمييز كأين فمجرور بمن الظاهرة غالبًا، وإذا لم يجر بمن كان منصوبًا.
د- إذا وقعت "كأين" مبتدأ، وجب أن يكون خبرها جملة، أما "كم" فلا يلزم فيها ذلك, وتقع "كأين" مفعولا بها، تقول: كأين رجلا رأيت.
1 هي مركبة من كاف التشبيه، و"ذا" الإشارية، وقد أصبحت كلمة واحدة معناها: الإخبار عن عدد قليل أو كثير، وتعرب على حسب العوامل.
2 وهي توافق "كأين"؛ في التركيب، وفي البناء والإبهام، والافتقار إلى التمييز بمفرد. وتشبه "كم" الخبرية؛ في الإخبار وفي الإبهام، وفي البناء، وفي الحاجة إلى تمييز، وتخالفها فيما ذكره المصنف؛ من أنها لا تكون في الصدر، وتمييزها واجب النصب على الأرجح.(4/131)
لها الصدر؛ فلذلك تقول: "قبضت كذا وكذا درهما"1.
__________
1 والغالب أنها تتكرر مع العطف بالواو؛ تقول: تبرعت للفدائيين بكذا وكذا دينارًا. وفي "كأين" و"كذا" يقول الناظم في بيت واحد مجمل:
ككم "كأي" و"كذا" وينتصب ... تمييز ذين أو به صل "من" تصب*
أي: إن "كأي" و"كذا" مثل "كم" الخبرية -وقد بينا وجه الشبه بينهما- وتمييزهما منصوب, ويجوز جر تمييز "كأين" بمن، ولا يجوز جر تمييز كذا بمن اتفاقًا، ولا بالإضافة خلافا للكوفيين، والضمير في "به" في النظم, عائد على تمييز كأين لا غير.
تتمة:
تأتي "كذا" كناية عن غير العدد؛ فيكنى بها عن اللفظ الواقع في التحدث عن شيء حصل، أو عن قول، ومن ذلك الحديث $"يقال للعبد يوم القيامة أتذكر يوم كذا وكذا؛ فعلت فيه كذا وكذا". ويتكلم بها من يخبر عن غيره، فتكون من كلامه لا من كلام المخبر عنه.
ويكنى أيضًا عن الحديث عن شيء وقع، أو خبر حدث، أو قول قيل بكيت وكيت، وذيت, مثلثة التاء. ولا بد من تكرارهما مع العطف بالواو للإشعار بطول الكلام؛ تقول: كان من الأمر كيت وكيت، وقالوا: ذيت وذيت.
ويقال في إعراب هذا التركيب: "كان" فعل ماض ناقص واسمها ضمير الشأن؛ وخبرها "كيت وكيت". "من الأمر" بيان متعلق بأعني مقدرا، والجزآن مبنيان على الفتح. وهذا المركب المزجي نائب عن جملة؛ ولهذا يصح أن يعمل فيه القول، فتقول: أنت قلت: كيت وكيت؛ فيكون المركب في محل نصب مفعولا به للقول.
__________
* "ككم" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "كأي" مبتدأ مؤخر. و"كذا" معطوف على كأي. "تمييز" فاعل ينتصب. "ذين" اسم إشارة مضاف إليه. "أو" عاطفة. "به" متعلق بصل والضمير عائد إلى التمييز. "صل" فعل أمر. "من" مفعول صل مقصود لفظه. "تصب" فعل مضارع مجزوم في جواب الأمر وهو صل.(4/132)
..........................................................................................
__________
الأسئلة والتمرينات:
1 بين حكم الأعداد من الواحد إلى العشرة؛ إذا كان المعدود مذكرًا، أو مؤنثًا ومثل لما تقول.
2 إذا كان المعدود جمعًا، أو اسم جمع، أو صفة؛ فكيف تصنع بالعدد؟ وما حكم تمييزه؟ وضح ما تقول بأمثلة.
3 ما الذي يشترط في تمييز الثلاثة إلى العشرة؟ وفي تمييز المائة والألف؟ مثل.
4 ما حكم الأعداد المركبة من العشرة، ومع العشرين وبابه؟ وحكم العشرة نفسها؛ من حيث التذكير، والتأنيث، والإعراب؟ وضح ما تقول بأمثلة مفيدة من إنشائك.
5 متى يستغنى عن تمييز العدد؟ وما حكم إعراب اثني عشر واثنتي عشرة؟ ومطابقتهما للمعدود؟
6 ما الفرق بين "كم" الاستفهامية والخبرية؟ وما حكم تمييزهما؟ مثل لكل بمثال من عندك.
7 ما الذي تفيده كل من "كأين" و"كذا"؟. وما الفرق بينهما؟ ثم بينهما وبين كم.
8 ما موضع الاستشهاد بما يأتي في باب العدد وكناياته؟ وضح ذلك، وبين موقع إعراب ما تحته خط:
قال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} .
{وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ, سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا} . {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً} .
{رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} . {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} .
{كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} .
{قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} .
كم شامت لي إن هلكت ... وقائل لله دره
=(4/133)
............................................................................................
__________
=
فكم نزهة فيك للناظرين ... وكم راحة فيك للأنفس
وكائن ترى من حال دنيا تغيرت ... وحال صفا بعد اكدرار غديرها
كم طوى البؤس نفوسًا لو رعت ... منبتًا خصبا لكانت جوهرا
عد النفس نعمى بعد بؤساك ذاكرًا ... كذا وكذا لطفا به نسي الجهد
9 اذكر ثلاث استعمالات مختلفة لـ"فاعل" المصوغ من اسم العدد مع التمثيل؛ ثم اشرح
قول الناظم:
وإن أردت مثل ثاني اثنين ... مركبًا فجيء بتركيبين
أو فاعلًا بحالتيه أضف ... إلى مركب ما تنوي يفي
10 ضع الأعداد 11، 12، 16، 21، 23، 30، 100 في عبارات عربية على أن تكون معرفة بالألف واللام مرة، وخالية من التعريف أخرى، مع اختلاف مواقعها في الإعراب، وأعطها ما تستحقه من تمييز.
11 هات ثلاثة أمثلة من إنشائك؛ لـ"كم" الاستفهامية، وأخرى لـ"كم" الخبرية بحيث تكون في أحدها ظرفًا، وفي الثاني مفعولا، وفي الثالث مبتدأ.
12 بين فيما يأتي نوع "كم" وتمييزها، وموقعها من الإعراب ثم موقع إعراب
ما تحته خط.
قال المتنبي الشاعرالعربي المعروف:
وكم ذا بمصر من المضحكات ... ولكنه ضحك كالبكا
وقال أبو العلاء المعري:
وكم من طالب أمدي سيلقى ... دوين مكاني السبع الشدادا
ومن خطبة لقطري بن الفجأة الخارجي في وصف الدنيا:
كم واثق بها قد فجعته، وذي طمأنينة إليها قد صرعته، وذي احتيال فيها قد خدعته.
وكم من ذي أبهة بها قد صيرته حقيرًا، وذي نخوة قد ردته ذليلا.(4/134)
باب: الحكاية 1
حكاية الجمل مطردة بعد القول2 نحو: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} 3، ويجوز حكايتها على المعنى4؛ فتقول في حكاية "زيد قائم": "قال عمرو قائم زيد" فإن كانت الجملة ملحونة تَعيّن المعنى على الأصح5. وحكاية المفرد في غير الاستفهام شاذة6.
__________
1 معناها لغة: المماثلة والمشابهة. أما في اصطلاح النحاة فهي: ذكر اللفظ المسموع وإعادة نطقه أو كتابته على هيئته، من غير تغيير شيء من حروفه أو حركاته أو إيراد صفته. وهي ثلاثة أنواع: حكاية جملة، وحكاية مفرد، وحكاية حال المفرد وصفته، وسيذكرها المصنف فيما يأتي على هذا الترتيب.
2 المراد: القول وما تصرف منه؛ من فعل أو وصف بأنواعه، وكذلك تطرد بعد السماع، وبعد الكتابة، والقراءة، ولا تقع الحكاية بعد غير ذلك إلا سماعًا.
3 هذا مثال للجملة الملفوظ بها بعد القول، ومثلها قوله تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ} ، {وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} وغير ذلك مما حكيت فيه الجملة على ترتيب اللفظ.
4 يراد بالمعنى: ما قابل لفظ المحكي عنه بهيئته وترتيبه، فيشمل تقديم بعض ألفاظ المحكي وتأخيرها، أو تغيير إعرابها.
5 وذلك ابتعادًا عن اللحن، وصونا للسان، وينبه عليه لئلا يتوهم أن اللحن نشأ من الحاكي؛ فإذا قال شخص: "حضر محمد" بجر محمد، وأريد حكاية قوله، قيل: قال فلان: "حضر محمد" لكنه جر "محمدًا". ومثال حكاية الجملة المكتوبة: كتب "سلام عليكم بما صبرتم" وقول من قرأ خاتم النبي: قرأت على فصه: "محمد رسول الله" ويتضح من هذا أن حكاية الجملة تطرد بعد القول، وبعد السماع، وبعد الكتابة، وبعد القراءة، ولا تقع بعد غير ذلك إلا سماعا كقول الشاعر:
وجدنا في كتاب بني تميم ... أحق الناس بالركض المثار
6 هذا هو النوع الثاني، وأكثر ما يكون في الأعلام، ومحل شذوذ حكاية المفرد إذا قصد معناه. فإن قصد لفظه؛ بأن كان الحكم للفظ دون المعنى فلا شذوذ كقوله, عليه السلام=(4/135)
كقول بعضهم: "ليس بقرشيا" ردا على من قال: إن في الدار قرشيا1.
وأما في الاستفهام2؛ فإن كان المسئول عنه نكرة3 والسؤال بأي أو بمن حكي في لفظ "أي" وفي لفظ "من" ما ثبت لتلك النكرة المسئول عنها؛ من رفع ونصب وجر، وتذكير، وتأنيث، وإفراد، وتثنية، وجمع4. تقول لمن قال: رأيت رجلًا، وامرأة,
__________
=: "إياكم ولو فإن لو تفتح عمل الشيطان"، فـ"لو" اسم إن، قصد منها حكاية اللفظ، وإذا حكي لفظ باعتبار كونه لفظًا جاز إعرابه بحسب العوامل وجازت حكايته على أصله، مع تقدير إعرابه للحكاية، واللفظ الذي على حرفين إن حكي لم يغير مطلقًا، وإن أعرب وثانيه لين وجب تضعيفه مثل "لو" قال الشاعر:
ألام على "لو" ولو كنت عالمًا ... بأذناب "لو" تفتني أوائله
ويقلب الحرف المضاعف همزة في ما، ولا للساكنين، تقول: ماء، ولاء.
1 فقوله: "بقرشيا" مجرور بالياء وعلامة جره كسرة مقدرة منع من ظهورها حركة الحكاية؛ وهي الفتحة والتنوين، ومثل هذا: قول بعض العرب، وقد قيل له: هاتان تمرتان، دعنا من تمرتان؛ فتمرتان مجرور بمن بياء مقدرة منع من ظهورها حرف الحكاية.
2 هذا هو النوع الثالث، وهو حكاية حال المفرد، وتكون بأداتي الاستفهام: "أي" و"من"؛ ويسمى الاستثبات بأي أو من؛ أي: طلب الإثبات بهما، وهذا النوع هو الذي ذكره الناظم كما سيأتي.
3 احترز به عن المعرفة؛ لأنها لا تحكي بأي. ويجب أن تكون النكرة مذكورة، قال الدنوشري: أو معلومة، كما قيل: هل ضربت رجلا؟ فقال المخاطب: ضربت، فتقول: مريدًا لتعيين الحاكي "أيا" فقد حكيت ما فيها مع الحذف.
4 سواء كان كل من التثنية والجمع حقيقيا؛ بأن كان موجودًا في المسئول عنه كما مثل المصنف، أو يكون صالحا لأن يوصف به نحو: رأيت كاتبًا وخطيبًا، وقابلت رجالا ونساء؛ فإنك تحكيهما بأيين وآيات، مع أن الأولين ليسا بمثنيين صناعة، ولكن يوصفان المثنى، تقول: جالسين مثلا، والآخرين ليسا بجمعي تصحيح، ولكن يوصفان به، تقول: صالحين وصالحات. ويقاس على ذلك حكاية المرفوع بالفاعلية والمجرور.(4/136)
وغلامين، وجاريتين، وبنين، وبنات: أيا وأية، وأيين، وأيتين، وأيين، وأيات1.
__________
1 "أي" في جميع الأمثلة الاستفهامية معربة، وفي إعرابها خلاف؛ فقيل: هي معربة بما فيها من حركات وحروف على حسب العوامل، "فأي" مبتدأ مرفوع بالضمة، وخبرها محذوف مؤخر عنها لصدارتها، تقديره في مثل: جاء رجل؛ أي جاء؟، و"أيا" مفعول لفعل محذوف مؤخر أيضًا، تقديره في مثل: أكرمت رجلا، أيا أكرمت؟ و"أي" مجرورة بحرف جر محذوف مع متعلقه تقديره في مثل: مررت برجل؛ بأي مررت؟ و"أيان" مرفوع بالألف، و"أين" بالياء. إلخ ويلزم على هذا القول: حذف الجار، وإبقاء عمله في حالة الجر.
وقيل: هي معربة بحركات مقدرة؛ لأنها لحكاية اللفظ المسموع، فحركاتها، وحروفها الزائدة في التثنية للحكاية، وليست علامات إعراب، وعلى هذا يقال: "أي" مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة منع منها حركة الحكاية، و"إيان" مرفوع بضمة مقدرة منع منها علامة التثنية التي جيء بها للحكاية ... إلخ، والخبر محذوف تقديره: أي هو، أو هما، مثلا، وقيل: الحركة والحرف في حالة الرفع إعراب، وفي حالتي النصب والجر حكاية.
هذا: وحكاية ما للمنكور من إعراب وتذكير وإفراد وفروعهما، هي اللغة الفصحى وهناك لغة أخرى يحكى بها ما له من إعراب وتذكير وتأنيث فقط.
ولا يثنى ولا يجمع لفظ "أي"؛ فتقول: "أيا" لمن قال: رأيت رجلا، أو رجلين، أو رجالا، وأية لمن قال: رأيت امرأة، أو امرأتين، أو نساء.
وفي الحكاية بأي يقول الناظم:
احك "بأي" ما لمنكور سئل ... عنه بها في الوقف أو حين تصل*
أي: إذا سئل بأي عن منكور في كلام سابق حكي في "أي" ما لذلك المنكور من إعراب، وتذكير، إفراد، وفروعهما سواء في ذلك حالة الوقف أو الوصل.
__________
* "ما" اسم موصول مفعول احك. "لمنكور" متعلق بمحذوف صلة ما. "عنه" متعلق بسئل على أنه نائب فاعله، والجملة صفة لمنكور. "بها" متعلق بسئل، و"ها" عائدة إلى أي. "في الوقف" متعلق باحك. "أو حين" حين ظرف معطوف بأو على الوقف. "تصل" الجملة في محل جر بإضافة حين؛ مفعول تصل محذوف؛ أي: حين تصل الكلام.(4/137)
وكذلك تقول في "من"1؛ إلا أن بينهما فرقا من أربعة أوجه2:
أحدها: أن "أيا" عامة في السؤال؛ فيسأل بها عن العاقل كما مثلنا، وعن غيره كقول القائل: رأيت حمارًا، أو حمارين، و"من" خاصة بالعاقل.
الثاني: أن الحكاية في "أي" عامة في الوقف والوصل؛ يقال: جاءني رجلان، فتقول: أيان بالوقف، أو أيان يا هذا.
والحكاية في "من" خاصة بالوقف3 تقول: "منان" بالوقف والإسكان، وإن وصلت قلت: من يا هذا؟ 4 وبطلت الحكاية، فأما قوله:
__________
1 أي: إذا حكيت بها نكرة مذكورة، تقول للمفرد: منا، ومنه، وللمثنى منين، منتين، وللجمع: منين، منات، و"من" في الجميع مبنية، وهي مبتدأ مبني على سكون مقدر منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة المناسبة للحرف الذي جلبته الحكاية في محل رفع، والخبر محذوف كما تقدم في أي. وليست "منان" و"منين" ونحوهما معربة، كما يتوهم من علامات التثنية ولجمع؛ بل هي لفظ: "من" زيدت عليها هذه الحروف للدلالة على حال المسئول عنه.
2 هناك فرق خامس وهو: أن "أيا" تختص بحكاية النكرة؛ و"من" تحكى بها النكرة، ويحكى بعدها العلم من المعارف بشروط كما سيأتي.
3 وفي هذا يقول الناظم:
ووقفًا احك ما لمنكور "بمن" ... والنون حرك مطلقًا وأشبعن*
أي: إن سئل عن منكور مذكر بـ"من"، فاحك فيها في حالة الوقف ما له من إعراب وغيره، وحرك النون في أحوال إعراب المحكي الثلاثة، وأشبع حركتها لينشأ عنها ما سبب المحكي.
4 أي: بإبقائها ساكنة على لفظها في جميع الأحوال؛ فلا تحرك نونها، ولا تشبع ولا تلحقها علامات الفروع.
__________
* "ووقفًا" حال من فاعل احك، أو منصوب على نزع الخافض، "ما" اسم موصول مفعول احك. "لمنكور" متعلق بمحذوف صلة "بمن" متعلق باحك. "والنون" مفعول حرك مقدم. "مطلقًا" نعت لمصدر محذوف؛ أي: تحريكًا مطلقًا، "وأشبعن" فعل أمر مؤكد بالنون الخفيفة.(4/138)
أتوا ناري فقلت منون أنتم؟ 1
فنادر في الشعر، ولا يقاس عليه، خلافا ليونس.
الثالث: أن "أيا" يحكى فيها حركات الإعراب غير مشبعة؛ فتقول: "أي، وأيا،
__________
1 صدر بيت من الوافر؛ استشهد به سيبويه ولم ينسبه، وهو لشمر بن الحارث الضبي، وقيل: لتأبط شرا، وعجزه:
فقالوا الجن قلت عموا ظلاما
اللغة والإعراب: أتوا: حضروا وجاءوا، ناري، المراد: النار التي توقد لإرشاد السائرين، وكانت عادة كرماء العرب إذا كانت مجاعة أو قحط أن يوقدا نارا على مرتفع من الأرض، ليراها السائرون ليلا فيقصدونها، منون أنتم: أي: من أنتم؟ عموا ظلامًا: تحية من تحايا العرب الجاهليين، مثل: عم صباحا، وعم مساء.
"أتوا ناري" أتي فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف المحذوف للساكنين، وواو الجماعة فاعل، وناري مفعول مضاف لياء المتكلم، "منون" من: اسم استفهام مبتدأ مبني على سكون مقدر منع منه اشتغال المحل بحركة مناسبة الحرف الذي جلبته الحكاية في محل رفع، والواو والنون زائدتان للحكاية، والمحكي ضمير في فعل محذوف صادر من الجن، والتقدير: أتوا ناري فقالوا: أتينا فقلت: منون أنتم؟ "أنتم" خبر المبتدأ. "الجن" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: نحن الجن والجملة في محل نصب مقول القول "ظلاما" منصوب على الظرفية بعموا.
المعنى: هذا البيت من أوهام العرب وأكاذيبهم في الجن، يقول الشاعر: حضر الجن إلى ناري للاستدفاء أو لغيره، فقلت لهم مستفهمًا: من أنتم؟ فقالوا: نحن الجن؛ فقلت عند ذلك -تحية لهم- نعم ظلامكم وبعده:
فقلت إلى الطعام فقال منهم ... زعيم نحسد الإنس الطعاما
لقد فضلتم بالأكل فينا ... ولكن ذاك يعقبكم سقاما
الشاهد: في "منون"؛ حيث لحقت الواو والنون "من" في حالة الوصل وذلك شاذ،=(4/139)
وأي"، ويجب في "من" الإشباع1، فتقول: "منو" ومنا، ومني".
الرابع: أن ما قبل تاء التأنيث في "أي" واجب الفتح، تقول: أية، وأيتان، ويجوز الفتح والإسكان في "من"2 تقول: منه، ومنت3، ومَنَتَان، ومَتْنَان، والأرجح الفتح في المفرد4 والإسكان في التثنية.
__________
= والقياس: "من أنتم"؛ لأن لفظ "من" في الحكاية لا يختلف في حالة الوصل في إفراد ولا تثنية ولا جمع، وفيه شذوذ آخر، وهو: تحريك النون الأخيرة، والنون حين تزاد تكون ساكنة، وشذوذ ثالث وهو: حكاية الضمير المحذوف في "أتينا" والضمير معرفة، والمعارف غير الأعلام لا تحكى, وفي ذلك يقول الناظم:
وإن تصل فلفظ "من" لا يختلف ... ونارد "منون" في نظم عرف*
أي: إن "من" يحكي بها في الوقف على النحو الذي سبق؛ فإذا وصلت لم يحك فيها شيء، وتكون بلفظ واحد في الجمع, وورد قليلا في الشعر "منون"
وصلا.
1 أي: للحركات في حكاية المفرد المذكر خاصة على الفصحى. ومن العرب
من يحكي "بمن" إعراب المسئول عنه فقط, ولم يرد علامة التأنيث أو التثنية والجمع؛ فيقول لمن قال: قام رجل، أو امرأة، أو رجلان أو امرأتان، أو
رجال أو نساء، "منو" في الجميع، وفي النصب منا، وفي الجر مني.
2 وذلك إذا اتصلت بها تاء الحكاية.
3 وكذلك في حالتي النصب والجر، ولم يثبت حرف المد في "منه" للدلالة على الإعراب؛ لأن هاء التأنيث لا تكون في الوقف إلا ساكنة، فاكتفي بحكاية التأنيث، وتركت حكاية الإعراب.
4 قيل: لأن التاء فيه متطرفة فهي ساكنة في الوقف، فحرك ما قبلها لئلا يلتقي ساكنان؛ ولا كذلك في التثنية, وفي هذا يقول الناظم:=
__________
* "فلفظ" الفاء واقعة في جواب الشرط، ولفظ مبتدأ. "من" مضاف إليه، وجملة "لا يختلف" خبر المبتدأ. "ونادر" خبر مقدم. "منون" مبتدأ مؤخر مقصود لفظه. "في نظم" متعلق بنادر. "عرف" فعل ماض للمجهول، والجملة من الفعل ونائب الفاعل نعت لنظم.(4/140)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ....
__________
=
وقل لمن قال: "أتت بنت" "منه" ... والنون قبل تا المثنى مسكنه*
والفتح نزر................. ... .............................
أي: قل في حكاية المؤنثة: "منه" رفعًا ونصبًا وجرا، لمن قال لك: "أتت بنت" وتسكن النون التي قبل التاء في التثنية؛ فتقول: منتان، ومنتين، وقد ورد قليلا فتح النون، وفي حكاية المثنى يقول الناظم:
وقل "منان ومنين" بعد "لي ... إلفان بابنين" وسكّن تعدل
أي: قل في تثنية المذكر: "منان" رفعا، و"منين" نصبا وجرا، وتسكن النون فيهما، وإلفان مثنى إلف بمعنى مؤالف، وبابنين, أي: معهما، ومنان لحكاية إلفان ومنين لحكاية إلفان ومنين لحكاية ابنين، ففيه لف ونشر مرتب، وذكر حكاية جمع المذكر بقوله:
وقل "منون ومنين" مسكنا ... إن قيل جا قوم لقوم فطنا*
أي: قل في حكاية جمع المذكر "منون" رفعًا، و"منين" نصبا وجرا بسكون النون فيهما. فإذا قيل: جاء قوم فقل: منون، وفي رأيت قوما، منين، وفي مررت بقوم، منين، وأشار إلى حكاية جمع المؤنث بقوله:
............. وصل التا والألف ... بمن بإثر "ذا بنسوة كلف"*
أي: صل التاء والألف الزائدتين بمن عند حكاية الجمع المؤنث، فإذا قيل: هذا كلف بالنساء فقل في الحكاية: منات. وكذلك تفعل في حالتي الجر والنصب.
__________
* "لمن" متعلق بقل، وجملة "قال" صلة من. "أتت بنت" الجملة محكية بقال "منه" مفعول قل مقصود لفظه. "والنون" مبتدأ. "قبل" ظرف متعلق بمسكنة الواقع خبرًا للنون.
* "منان" مفعول قل مقصود لفظه "ومنين" عطف عليه. "بعد" ظرف متعلق بقل. "لي" خبر مقدم. "إلفان" مبتدأ مؤخر. "بابنين" متعلق بإلفان، والجملة من المبتدأ والخبر مقول لقول محذوف مضاف, "بعد" مضاف إليه؛ أي: بعد قولك.. إلخ.
* "منون" مفعول قل على حكاية اللفظ، "مسكنا" اسم فاعل جال من فاعل قل. "إن قبل" شرط وفعله، والجواب محذوف، "جا قوم" الجملة من الفعل والفاعل نائب فاعل قل قصد لفظها. "لقوم" متعلق بجا. "فطنا" نعت لقوم المجرور.
* "التا" بالقصر مفعول صل. "والألف" معطوف عليه "بمن بإثر" متعلقان بصل. "ذا" اسم إشارة مبتدأ, "بنسوة" متعلق بكلف الواقع خبرًا للمبتدأ
وجملة المبتدأ والخبر في محل جر بإضافة قول محذوف مضاف "إثر" مضاف إليه؛ أي: بإثر قولك: ذا ... إلخ.(4/141)
وإن كان المسئول عنه علما1 لمن يعقل، غير مقرون بتابع2، وأداة السؤال "من" غير مقرونة بعاطف، فالحجازيون يجيزون حكاية إعرابه3، فيقولون: من زيدًا4؛ لمن قال: رأيت زيدًا، ومن زيد بالخفض5؛ لمن قال: مررت بزيد.
وتبطل الحكاية في نحو: "ومن زيد" لأجل العاطف، وفي نحو: "من غلام زيد" لانتفاء العلمية، وفي نحو: "من زيد الفاضل" لوجود التابع6.
ويستثنى من ذلك: أن يكون التابع ابنًا، متصلًا بعلم؛ "كرأيت زيد بن عمرو"، أو علمًا معطوفًا7؛ "كرأيت زيدًا وعمرًا" فتجوز فيهما الحكاية8 على خلاف في الثانية
__________
1 اسما كان، أو لقبا، أو كنية.
2 أي: من التوابع الخمسة: التوكيد، والبدل، والبيان، والنعت لغير ابن كما سيأتي، وفي العطف الخلاف الآتي. وإنما اشترط انتفاء التابع؛ لأنهم استغنوا بإطالته عن الحكاية؛ لأن إطالته بالتابع توضحه.
3 أما غير الحجازيين فلا يجيزون حكايته؛ بل يرفعوه بعدها مطلقًا، على أنه مبتدأ خبره، "من"، أو العكس. ومن الحجازيين من يجوز ذلك أيضا براجحية.
4 ويقال في إعرابه: "من" مبتدأ، و"زيد" خبر أو العكس، وهو مرفوع بضمة مقدرة في الأحوال الثلاثة، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الحكاية، وقيل: حركته في حالة الرفع إعراب، والفتحة والكسرة للحكاية.
5 ويتعين حينئذ: رفع الاسم بعد العاطف على الخبرية أو الابتدائية في جميع الأحوال كما سبق.
6 ويشترط كذلك لحكاية العلم "بمن": ألا يكون عدم الاشتراط فيه متيقنا، فلا يقال: من الفرزدق -بالجر- لمن قال: سمعت شعر الفرزدق؛ لأن انتفاء الاشتراك فيه متيقن.
7 أي: بالواو خاصة، وقيل: بالفاء كذلك.
8 تقول لمن قال: رأيت زيد بن عمرو: من زيد بن عمرو؟، ولمن قال: رأيت زيدًا وعمرًا،=(4/142)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
= من زيد وعمرو؟ ولمن قال: رأيت أخا محمد وعليا، ومن أخا محمد وعليا؟ وفي حكاية العلم يقول الناظم:
والعلم احكينه من بعد "من" ... إن عريت من عاطف بها اقترن*
أي: احك العلم "بمن" إن لم يتقدم عليها عاطف بالواو خاصة، وقيل: بالفاء كذلك.
ويتبين مما ذكر: أنه لا يحكى غير العلم من المعارف؛ فلا يقال لمن قال: رأيت صديق محمد. من صديق محمد؟ بنصب صديق؛ بل يجب رفعه.
ولا يحكى العلم موصوفا بغير ابن مضافًا إلى علم؛ فلا يقال: من محمدًا العاقل؟ ولا من محمدًا ابن الأمير؟ لمن قال: رأيت محمدًا العاقل، أو رأيت محمدًا ابن الأمير.
وخلاصة ما سبق: أن "من" تخالف "أيا" في باب الحكاية فيما يأتي.
أ- "من" تختص بحكاية العاقل، و"أي" عامة في العاقل وغيره.
ب- "من" تختص بالحكاية في الوقف، و"أي" عامة في الوقف والوصل.
جـ- "من" يجب فيها الإشباع، و"أي" تحكى فيها حركات الإعراب غير مشبعة.
د- "من" تحكى النكرة ويحكى بعدها العلم بالشروط المذكورة، و"أي" تختص بالنكرة.
هـ- ما قبل تاء التأنيث في "من" يجوز فيه الفتح والإسكان، وفي "أي" واجب الفتح.
__________
* "والعلم" مفعول لمحذوف يفسره ما بعده "من بعد" متعلق باحكينه، و"من" مضاف إليه "إن عريت" شرط وفعله، وفاعله يعود على "من". "من عاطف" متعلق بعريت, "بها" متعلق باقتران صفة لعاطف، وفاعل اقترن يعود على عاطف.(4/143)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
الأسئلة والتمرينات:
1 عرف الحكاية، واذكر أقسامها التي بينها المصنف، ومثل لكل.
2 أين تطرد حكاية الجملة؟ اذكر أمثلة موضحة من إنشائك؟
3 ما الفرق بين الحكاية "بأي" و"بمن"؟ وكيف تعربهما؟ وما حكم "من" مع النكرة؟
4 بم يحكى العلم؟ وما الذي يشترط في حكايته؟ اذكر ذلك موضحًا بالأمثلة.
5 بين موضع الاستشهاد بما يأتي في هذا الباب.
قال -تعالى: {أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} .
{قَالُوا أَئِنَّكَ لأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهذَا أَخِي} .
قرأت على باب الحسين: "أحب أهل بيتي إلي الحسن والحسين". وكتب على أحد الحوائط: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} .
سمع رجل آخر يقول لصاحبه مشيرًا إلى ثالث: هذا فلسطيني، فأجابه: ليس فلسطيني.
6 حك "بأي" ثم "بمن" النكرات الصالحة للحكاية فيما يأتي:
إذا بعث إليك برسل فأكرمهم. في مصر عظماء وقادة مخلصون، وفي البلاد العربية إخوان لنا نجلهم ونقدرهم. لا بد للكنانة من حماة أباة، ركبت حمارًا مسرجًا، نظرت إلى فرس ملجم، وصلت ميناء السويس سفن حربية.
7 في البيت الآتي شاهد في هذا الباب -على قول- وضحه، وبين موقع ما تحته خط من الإعراب؛ وهو لذي الرمة:
سمعت الناس ينتجعون غيثًا ... فقلت لصيدح انتجعي بلالا
صيدح: اسم ناقة الشاعر، وبلال: اسم الممدوح، وهو بلال بن أبي بردة القاضي.
8 اشرح قول الناظم الآتي مبينا شروط حكاية العلم:
والعلم احكينه من بعد "من" ... إن عريت من عاطف بها اقترن
9 احك الجمل الآتية مبينا ما تطرد حكايته:
نصر من الله وفتح قريب. حسبنا الله ونعم الوكيل. محمد أكرمته. ومررت بسعيد.(4/144)
هذا باب التأنيث:
لما كان التأنيث فرع التذكير1 احتاج لعلامة، وهي:
إما "تاء" محركة2 وتختص بالأسماء كقائمة أو "تاء" ساكنة وتختص بالأفعال كقامت. وإما ألف مفردة3 كحبلى، أو ألف قبلها ألف فتقلب هي4 همزة كحمراء، ويختصان بالأسماء. وقد أنثوا أسماء كثيرة5 بتاء مقدرة6 ويستدل على ذلك:
بالضمير العائد عليها؛ نحو: {النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} ، {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} .
__________
هذا باب التأنيث:
1 قيل: إنما كان التأنيث فرع التذكير؛ لأن الأصل في جميع الأشياء كما يقول سيبويه التذكير؛ بدليل أنه يطلق على كل مذكر أو مؤنث لفظ "شيء" وهذا اللفظ مذكر، وأيضًا فهو لا يحتاج إلى زيادة.
2 وتكون مربوطة، وتقلب في الوقف هاء؛ ولذلك يسميها بعض النحاة "هاء التأنيث" هي أظهر في الدلالة على التأنيث من الألف؛ لأنها لا تلتبس بشيء بخلاف الألف، فإنها تلتبس بألف الإلحاق وألف التكسير.
3 أي: لس معها ألف أخرى، وتسمى "الألف المقصورة" وهي ألف لينة مفردة زائدة قبلها فتحة للدلالة على التأنيث، ولا يلحقها تنوين ولا تاء، وتزداد في آخر الأسماء المعربة.
4 أي: الألف الثانية التي للتأنيث، وهذا رأي البصريين وهو الراجح, وتزاد في آخر بعض الأسماء المعربة الجامدة أو المشتقة. ولا يجمع بين الألف والتاء في التأنيث.
أما "علقاة" لنبت، و"أرطاة" لشجر، فألفها مع التاء للإلحاق بجعفر، ومع عدمها تحتمل الإلحاق والتأنيث.
5 أي: من مجازي التأنيث والتذكير، وسبيل ذلك السماع.
6 وذلك مثل: دار، وشمس، وأرض، وعين، وأذن، ولا يقدر غير التاء؛ لأنها أكثر وأظهر في الدلالة على التأنيث كما بينا.(4/145)
{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} 1، وبالإشارة إليها نحو: {هَذِهِ جَهَنَّمُ} ، وبثبوتها في تصغيره3 نحو: عيينة، وأذينة.
أو فعله نحو: {وَلَمَّا فَصَلَتِ العِيرُ} وبسقوطها من عدده كقوله:
وهي ثلاث أذرع وأصبع4
__________
1 فالنار، والحرب، والسلم مؤنثات؛ بدليل عود الضمير عليها مؤنثًا. [سورة الحج الآية: 72] , [سورة محمد الآية: 4] , [سورة الأنفال الآية: 61] .
2 [سورة يس الآية: 63] .
3 أي: لأن التصغير يرد الأشياء إلى أصولها، ويختص ذلك بالثلاثي، وكذا الرباعي إذا صغر تصغير الترخيم؛ نحو: ذريعة، في ذراع.
4 عجز بيت من الرجز، لحميد الأرقط، يصف قوسا عربية، وصدره:
أرمي عليها وهي فرع أجمع
اللغة والإعراب: فرع: أي مأخوذة من الغصن بحاله وليست بفلق "وهي" الواو للحال، و"هي" مبتدأ. "فرع" خبر. "أجمع" توكيد.
المعنى: إني أرمي على هذه القوس المصنوعة من الغصن نفسه، وقد استوفت طولا وأجزاء. والمراد بقوله: و"أصبع" الإشارة إلى أن هذه القوس كاملة وافية كما يقال: هذا الثوب سبع أذرع وزيادة.
الشاهد: في ثلاث أذرع؛ فإن سقوط الهاء من ثلاث يدل على تأنيث الذراع؛ لما هو معروف من أن العدد من ثلاثة إلى عشرة، يذكر على المؤنث، ويؤنث مع المذكر، وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله:
علامة التأنيث تاء أو ألف ... وفي "أسام" قدروا التا كالكتف
ويعرف التقدير بالضمير ... ونحوه كالرد في التصغير*
=
__________
* "علامة التأنيث" مبتدأ ومضاف إليه. "تاء" خبر. "أو ألف" عطف على تاء. وفي أسام" متعلق بقدروا "التا" بالقصر مفعول قدروا. "كالكتف" متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف أي: وتلك الأسامي كالكتف.
"والتقدير" نائب فاعل يعرف. "بالضمير" متعلق بيعرف. "ونحوه" عطف عليه. "كالرد" متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: وذلك كالرد. "في التصغير" متعلق بالرد.(4/146)
فصل: الغالب في التاء أن تكون لفصل صفة المؤنث من صفة المذكر كقائمة
__________
= أي: إن العلامة التي تدل على تأنيث اللفظ وجود تاء في آخره، أو ألف مقصورة، أو ممدودة على النحو الذي بينه المصنف. وقد تقدر التاء
كما في "أسام" جمع أسماء الذي مفرده "اسم" فهو جمع الجمع ممنوع من الصرف لصيغة منتهى الجموع مثل جوار.
و"كتف" من أجزاء الجسم، ويعرف المقدر من العلامة بعود الضمير إليه مؤنثًا، أو بما أشبه ذلك؛ كرد التاء إليه في التصغير، وكذلك بتأنيث خبره، أو نعته، أو حاله.
والمؤنث نوعان: حقيقي وهو: الذي يدل على أنثى من طبعها أن تلد
وتتناسل, ولو كان التناسل عن طريق البيض والتفريخ، فإن وجدت فيه علامة التأنيث؛ من تاء أو ألف، نحو: فاطمة، وليلى، وعلياء سمي كذلك مؤنثًا لفظيا ومعنويا، وإن لم توجد كهند، وسعاد، سمي مؤنثًا معنويا، ومجازي وهو: الذي لا يلد ولا يتناسل ويعامل معاملة المؤنث الحقيقي غالبًا، ويعرف من طريق السماع والنقل عن العرب، ومما سمع من المؤنثات المجازية: الجنوب، الشمال، الصبا، الدبور، جهنم، سقر، الشمال، اليسار، الكف، الضلع، الكأس, وقد تكون فيه علامة ظاهرة؛ كورقة وسفينة، أو مقدرة؛ كدار، وأذن، وشمس. وهنالك مؤنث لفظي فقط، وهو: ما كان علمًا لمذكر واشتمل على علامة التأنيث؛ نحو: أسامة، وزكرياء.
وله أحكام أخرى؛ فقد يراعى لفظه فيمنع من الصرف، وقد يراعى معناه فلا يؤنث له الفعل؛ فلا يقال: قامت أسامة، وزكرياء، ولا يجمع جمع مذكر سالما.. إلخ.
ويذكر النحاة نوعًا آخر يسمى المؤنث الحكمي، وهو: ما كان لفظه مذكرًا وأضيف إلى مؤنث فاكتسب التأنيث بالإضافة، نحو قوله -تعالى: {وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} فكلمة "كل" مذكرة، واكتسبت في الآية التأنيث من المضاف إليه وهو "نفس" [سورة ق الآية: 21] .
فائدة: ما لا يتميز مذكره عن مؤنثه، مثل: نخلة, قملة، برغوث، يعتبر ما فيه التاء مؤنثًا مطلقًا, وما تجرد منها مذكرًا مطلقًا. وتذكير أعضاء الإنسان وتأنيثها موقوف على السماع والغالب في الأعضاء المزدوجة التأنيث؛ تبعًا للسماع الوارد فيها مثل: عين، أذن، رجل، وفي غير المزدوجة، التأنيث، تبعًا للسماع الوارد فيها مثل: عين، أذن، رجل، وفي=(4/147)
وقائم1، ولا تدخل هذه التاء2 في خمسة أوزان:
أحدها: "فعول" بمعنى فاعل، كرجل صبور وامرأة صبور، ومنه3: {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} أصله: بغويا، ثم أدغم، وأما قولهم: امرأة ملولة, فالتاء للمبالغة؛ بدليل رجل ملولة، وأما امرأة عدوة فشاذ4, محمول على صديقة. ولو كان "فعول" بمعنى مفعول لحقته التاء5 نحو: جمل ركوب، وناقة ركوبة.
__________
= غير المزدوجة التذكير، مثل: رأس، قلب، أنف، ظهر.
ومن المزدوج المذكر: الحاجب، الصدغ، الخد، المرفق، الزند، الكوع، الكرسوع، اللحي "عظم الفك". ومن المنفرد المؤنث: الكرش، الكبد، ومن المزدوج الذي يذكر ويؤنث: العضد، الإبط، الضرس، ومن المنفرد الذي يذكر ويؤنث، العنق، اللسان، القفا.
1 قيل: ذلك قياس في اسم الفاعل كقائمة واسم المفعول كمحمودة، والصفة المشبهة كحسنة، والمنسوب بالياء كعربية. وقد تدخل بعض الأسماء الجامدة سمع: أسد، وأسدة، رجل ورجلة، غلام وغلامة، إنسان وإنسانة، فتى وفتاة، ظبي وظبية، امرأ، وامرأة، ولا يقاس على ذلك, بل يجب الوقوف عند حد السماع، كما تدخل في الصفات المختصة بالمؤنث، على وزن فاعل ومفعل، مثل: طالق، حامل، حائض، مرضع مطفل؛ إذا لم يقصد منها الحدوث، فإذا قصد بها الحدوث في أحد الأزمنة لزمتها التاء؛ تقول: فلانة حائضة الآن، وطالقة غدا.
2 أي: الفاصلة صفة المؤنث من صفة المذكر والفارقة بينهما. وقد تلي "فعولا" وغيره من الأوزان، "تاء", ولكنها لا تكون فارقة، مثل فروقة، من الفرق، وملولة، من الملل؛ فإن التاء فيهما للمبالغة.
3 إنما قال: ومنه؛ ليشير إلى الرد على ابن جني، حيث قال: إن "بغيا" وزنه "فعيل" ولو كان "فعولا" لقيل: بَغَوا؛ كما قيل: نَهو. ووجه الرد: أن نهوا شاذ.
4 هذا إذا كانت "عدوة" بمعنى قامت بها العدواة، أما إذا أريد من وقعت عليا العداوة فلا شذوذ؛ لأنها حينئذ بمعنى مفعول.
5 أي: جوازًا على قلة، لا شذوذا كغيره من الأوزان.(4/148)
والثاني: "فعيل" بمعنى مفعول1 نحو: رجل جريح وامرأة جريح، وشذ ملحفة جديدة، فإن كان "فعيل" بمعنى فاعل لحقته التاء2 نحم: امرأة رحيمة وظريفة، فإن قلت: مررت بقتيلة بني فلان ألحقت التاء خشية الإلباس3؛ لأنك لم تذكر الموصوف.
الثالث: "مفعال" كمنحار، وشذ ميقانة4.
الرابع: "مفعيل" كمعطير5، وشذ امرأة مسكينة. وسمع مسكين على القياس.
الخامس: "مفعل" كمغشم، ومدعس6.
__________
1 أي: بشرط أن يعرف موصوفه؛ أي: المتصف بمعناه، فلا يستعمل استعمال
الأسماء غير المشتقة، وليس المراد بالموصوف -هنا- الموصوف النحوي وهو النعت، وإنما المقصود: الموصوف المعنوي الذي يتصل به معنى المشتق؛ ليشمل ما إذا كان الوصف خبرًا، أو حالا، أو بيانا؛ مثل: الفتاة قتيل بحذف التاء، وسواء كان الموصوف المذكور ملفوظا به، أو منويا وملحوظا بقرينة تدل عليه؛ نحو: قتيل من النساء، وقد تلحقه التاء حملا على الذي بمعنى "فاعل" كقولهم: صفة ذميمة، وخصلة حميدة.
2 وقد تحذف حملا على الذي بمعنى مفعول، نحو: {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} ، {مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [سورة الأعراف الآية: 56] ، [سورة يس الآية: 78] .
3 أي: بالمذكر، وبهذا يعلم أنه إذا استعمل "فعيل" بمعنى مفعول استعمال الأسماء؛ بأن لم يعرف الموصوف وجب ذكر التاء لعدم اللبس، نحو: رأيت في المجزر ذبيحة.
4 من اليقين وهو عدم التردد، يقال رجل ميقان، وامرأة ميقانة؛ أي: يكثر كل منهما اليقين والتصديق بما يسمعه.
5 أي: كثير العطر طيب الرائحة، ومثله "منطيق" للرجل البليغ، والمرأة البليغة.
6 المغشم: الجريء الشجاع الذي لا يثنيه شيء عن إدراك ما يرد ويهوى.
والمدعس: الطعان من الدعس، وهو الطعن. وإلى أوزان المشتقات التي لا تدخلها التاء الفارقة، أشار الناظم بقوله:
ولا تلي فارقة "فعولا" ... أصلا "ولا المفعال والمفعيلا"
كذاك "مفعل" وما تليه ... تا الفرق من ذي فشذود فيه
=(4/149)
وتأتي التاء لفصل الواحد من الجنس1 كثيرا؛ كتمرة. ولعكسه2، في جبأة وكمأة خاصة3 وعوضا من فاء كعدة4 أو من لام كسنة5؛ أو من زائدة لمعنى، كأشعثي
__________
=
ومن "فعيل" كقتيل إن تبع ... موصوفة غالبا التا تمتنع*
أي: إن هذه التاء التي تدخل على الصفات للفرق بين المذكر والمؤنث، لا تدخل على ما كان من الصفات على وزن "فعول" أصلا؛ أي: الذي بمعنى فاعل، ولا وصفا على "مفعال" أو "مفعيل" أو "مفعل" وما تلحقه التاء الفارقة من هذه الأوزان ففيه شذوذ؛ أي: إنه شاذ.
أما الوصف الذي على وزن "فعيل", فإن تبع موصوفه بأن كان له موصوف معروف حذفت منه التاء غالبًا؛ اكتفاء بمعرفة الموصوف.
1 أي: جنسه الجامد، وتكون في المخلوقات كثيرًا، كتمرة وتمر، ونخلة ونخل، وشجرة وشجر، وفي المصنوعات قليلا، كلبنة ولبن، وجرة جر، وسفينة وسفين.
2 أي: تمييز الجنس الجامد من واحدة؛ فتكون داخلة على الجنس وذلك قليل.
3 هما اسمان لنوع واحد من النبات؛ الأول أحمر، والثاني يميل إلى السواد، ويقال للمفرد منهما "جبء" و"كمء" وليس منه: سيارة وميارة؛ لأنهما جمعا سيار وميار، وليس من أسماء الأجناس لغلبة التأنيث عليهما، قال -تعالى: {وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ} [سورة يوسف الآية: 19] ، وعلى تقدير كونهما من أسماء الأجناس فهما اسما جنس مشتق.
4 مصدر "وعد" وأصلها "وعدة" نقلت كسرة الواو إلى العين، ثم حذفت الواو وعوض عنها التاء آخرًا؛ لأنها لا تقع صدرًا.
5 أصلها: سنو أو سنة؛ بدليل جمعها على: سنوات، أو سنهات، حذفت الواو والهاء، لكراهية تعاقب حركات الإعراب على الواو لاعتلالها، وعلى الهاء لخفائها وعوض عنها التاء.
__________
* "ولا" لا نافية "تلي" فعل وفاعله يعود إلى تاء التأنيث. "فارقة" حال من فاعل تلي. "فعولا" مفعول تلي. "أصلا" حال من مفعولا.
* "كذاك" خبر مقدم. "مفعل" مبتدأ مؤخر. "وما" اسم موصول مبتدأ. "تا" فاعل تليه. "الفرق" مضاف إليه، والجملة صل ما. "من ذي" متعلق بتليه، والإشارة إلى الأوزان المتقدمة. "فشذوذ فيه" مبتدأ وخبر، والجملة خبر المبتدأ والأول، والفاء زائدة لشبه الموصول بالشرط.
* "ومن فعيل" متعلق بتمتنع "كقتيل" جار ومجرور متعلق بمحذوف في موضع الحال من فعيل. "إن تبع" شرط وفعله، والجواب محذوف لدلالة ما بعده عليه.
"موصوفة" موصوف مفعول تبع، والهاء مضاف إليه، وفاعله يعود على فعيل.
"غالبًا" حال من ضمير تبع. "التاء" بالقصر للضرورة، مبتدأ، وجملة "تمتنع" خبره.(4/150)
وأشاعثة1، أو من زائد لغير معنى كزنديق، وزنادقة2. وللتعريب كموازجة 3, وللمبالغة4 كراوية ولتأكيدها5 كنسابة، والتأكيد التأنيث كنعجة6.
__________
1 فإن التاء هنا عوض عن ياء النسب، ولذلك لا يجتمعان، ومثله: أزرقي و"أزارقة"، ومهلبي و"مهالبة". من جموع التكسير المسنونة إلى المفرد: أشعت، وأزرق، وملهب.
2 فإن التاء عوض عن الياء في المفرد؛ إذ إن الأصل في تكسيرها زناديق على وزن مفاعيل، ولا يجمع بينهما.
3 جمع موزج، وهو الجورب، أو الخف والقياس في جمعه، موازج، فجيء بالتاء في الجمع للدلالة على أن أصل الكملة غير عربي, وقد عربت بإدخال شيء من التغيير على صيغتها. ومثلها: كيالجة، جمع كيلجة، والقياس كياليج؛ فجاءت التاء بدلا من الياء للدلالة على التعريب.
4 أي: في الوصف الذي على فاعل، والراوية: الكثير الرواية. قيل: وإنما أنثوا المذكر هنا؛ لأنهم قصدوا أنه غاية في ذلك الوصف، والغاية مؤنثة.
5 أي: تأكيد المبالغة الحاصلة بغير التاء في الصفة على فعال أو مفعال أو فعول؛ لأن هذه الصفة تفيد المبالغة بنفسها، فدخول التاء يؤكد هذه المبالغة.
6 لأن هذا اللفظ مخصوص بالمؤنث بقطع النظر عن التاء، كعجوز وأتان؛ فدخول التاء عليه لتأكيد التأنيث، ومثل نعجة، ناقة. وكذلك خئولة، وعمومة؛ فإنها فيهما لتأكيد التأنيث اللاحق للجمع.
هذا: وليعم أن التاء التي للمبالغة أو لتأكيدها -قد انسلخت عن التأنيث فلا تفيد أي معنى فيه. أما فيما عدا ذلك، فتدل مع ما تفيده من الأغراض على التأنيث المجازي لما هي فيه؛ بدليل تأنيث ضميرها والإشارة إليها. وقد تدخل التاء على وصف يخص المذكر وتلزمه نحو: "بُهمة" للرجل الشجاع الذي لا يصل إليه العدو، وتدخل على ما يشترك فيه المذكر والمؤنث وتلزمه أيضًا، نحو: ربعة؛ للمعتدل القامة من الرجال والنساء، وجمعهما: ربعات.(4/151)
فصل: لكل واحد من ألفي التأنيث1 أوزان نادرة، ولا نتعرض لها في هذا المختصر، وأوزان مشهورة.
فمشهور أوزان المقصورة اثنا عشر: 2
أحدها: "فُعَلَى" بضم الأول وفتح الثاني؛ كأُربى للداهية، وأُدمى، وشُعبى لموضعين، قال:
أعبدا حل في شعبى غريبا3
وزعم ابن قتيبة4 أنه لا رابع لها، ويرد عليه "أُرَنَي" بالنون؛ لحب يجبّن به اللبن، و"جنفي" لموضع، و"جعبى" لعظام النمل5.
وقد تبين أن عد الناظم "لفعلى" في الأوزان المشهورة مشكل6.
الثاني: "فُعْلَى" بضم الأول وسكون الثاني اسمًا كان كبهمى7، أو صفة
__________
1 أي: المقصورة والممدودة. وقد سبق تعريفهما.
2 هذه الأوزان سماعية؛ لا يجوز الزيادة على المسموع منها عن العرب.
3 تقدم الكلام على هذا الشاهد في باب المفعول المطلق الجزء الثاني صفحة 132.
4 هو أبو محمد، عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، النحوي اللغوي الكاتب، كان رأسا في العربية واللغة والأخبار وأيام الناس، ثقة دينا فاضلا، وقد سكن بغداد وحدث بها.
وروى عنه كثير من العلماء، منهم: ابن درستويه، وله مؤلفات كثيرة منها: إعراب القرآن، وجامع النحو، وطبقات الشعراء، وعيون الأخبار، وكتابه أدب الكاتب؛ معروف متداول، وتوفي سنة 286هـ على الأصح.
5 أي: كباره، فهو جمع عظيم.
6 فقد تبين أنه من الأوزان النادرة، بل قيل إنه شاذ، وأيضًا فقد جعله في التسهيل من الأوزان المشتركة بين المقصورة والممدودة، ومنه مع الممدودة: عشراء ونفساء، وكرماء، وفضلاء، وخلفاء، وهو كثير فيها.
7 اسم لنبت، يطلق على الواحد والجمع وواحدته "بهماة" يقال: أبهمت الأرض، أنبتت البهمي، وأنكر المبرد ذلك.(4/152)
كحبلى وطولى، أو مصدرًا كرجعى1.
الثالث: "فَعَلَى" بفتحتين, اسما كان؛ كبردى لنهر بدمشق، أو مصدرًا كمرطى2 لمشية، أو صفة كحيدى3.
الرابع: "فَعْلى" بفتح أوله وسكون ثانيه بشرط أن يكون: إما جمعًا كقتلى وجرحى، أو مصدرًا كدعوى، أو صفة كسكرى وسيفى مؤنثي سكران، وسيفان للطويل.
فإن كان "فعلى" اسما كأرطى وعلقى4 ففي ألفه وجهان5.
الخامس: "فُعالى" -بضم أوله، كحبارى6 وسماني، لطائرين.
وفي الصحاح: أن ألف حبارى ليست للتأنيث وهو وهم؛ فإنه قد وافق على أنه
__________
1 هي مصدر للفعل رجع.
2 مرطى, وبشكى، وجمزى؛ أنواع من السير السريع؛ وهي مصادر للأفعال؛ مرط، وبشك، وجمز.
3 يقال: حمار حيدى؛ أي: يحيد عن ظله، ويحاول الفرار إذا تخيل منه لنشاطه, قال صاحب الناموس: ولم يوصف مذكر على "فَعلى" غيره وفي التسهيل: أن
هذا الوزن من المشترك؛ وذكر منه مع الممدود, قرماء، وجنفاء، لموضعين, ودأثاء -ويحرك- للأمة، والجمع دأث، وابن دأثاء: الأحمق.
4 الأرطى: شجر ينبت في الرمل يدبغ به الأديم؛ يقال أديم مأروط؛ أي: مدبوغ، والعلقى: نبت يكون واحد وجمعًا؛ قضباته دقاق يتخذ منه المكانس.
5 قيل: إنها للتأنيث، وعلى ذلك يمنع من الصرف، وقيل: للإلحاق فلا يمنع ومثلهما: تترى: يقال: جاءوا تترى؛ أي: متتابعين، وهذا الوزن من المشترك؛ ومنه مع الممدوة: حمراء.
6 في القاموس: الحبارى: طائر للذكر والأنثى، والواحد والجمع، وألفه للتأنيث. ويكون فعالى: اسمًا كما مثل المصنف، كسكارى، وصفة كعلادى؛ للشديد من الإبل؛ يقال: جمل علادى؛ أي: قوي شديد.(4/153)
ممنوع الصرف1.
السادس: "فُعَّلَى" بضم أوله وتشديد ثانيه مفتوحا؛ كسمهى للباطل2.
السابع: "فِعَلَّى" بكسر أوله وفتح ثانيه، وسكون ثالثه كسِبَطْرَى، ودفقى لضربين من المشي3.
الثامن: "فِعْلَى" بكسر أوله وسكون ثانيه إما مصدرًا كذكرى، أو جمعًا، وذلك: "حِجْلَى" جمعا للحجل، بفتحتين، اسمًا لطائر، و"ظِرْبى" -بالظاء المشالة- جمعًا لظربان -بفتح أوله وكسر ثانية- اسما لدويبة4, ولا ثالث لهما في الجموع5.
التاسع: "فِعِّلَى" -بكسر أوله وثانيه مشددًا- نحو: حِثِّيثي وخلِّيفي6, وحكى الكسائي: هو من خِصِّيصاء قومه -بالمد- وهو شاذ.
__________
1 أي: ومنع الصرف دليل على أن ألفه للتأنيث.
2 في القاموس، السمهى: الهواء المرتفع، والكذب، والأباطيل.
3 سبطرى: اسم لمشية فيها تبختر، ودفقى: اسم لمشية فيها تدفق وإسراع.
4 تشبه الهرة. منتنة الفسو، يقال: فسا بينهم الظربان؛ أي: تقاطعوا؛ قيل لأنه إذا فسا في ثوب لا تذهب رائحته حتى يبلى.
5 قيل: إن أبا علي الفارسي سأل المتنبي يوما -وكان تلميذه- كما لنا من الجموع على وزن "فِعلى"؟ فأجاب المتنبي على الفور: "حجلى، وظربى" فبحث الفارسي ليلتين فلم يجد لهما ثالثًا، فإ لم يكن "فِعلى" مصدرًا أو جمعًا فألفه للتأنيث؛ إن كان غير منون، نحو: {قِسْمَةٌ ضِيزَى} أي: جائرة، [سورة النجم الآية: 22] . وللإلحاق إن نون، نحو: عزهى للعازف عن اللهو والنساء، أو اللئيم، أو الذي لا يكتم بغض صاحبه.
6 حثيثي: مصدر للفعل حث على الشيء، إذا حض عليه ولم يجئ إلا مصدرًا وخليفي: اسم بمعنى الخلافة، وفي الأثر عن عمر -رضي الله عنه: لولا الخليفى لأذنت، ومثلهما: خصيصى وفخيرى؛ اسمان للاختصاص والفخر: وفي التسهيل: أنهما يمدان؛ فيكون هذا الوزن من المشترك.(4/154)
العاشر: "فُعُلَّى" -بضم أوله وثانيه وتشديد ثالثه- ككُفُرَّى لوعاء الطلع1، وحذرى، وبذرى، من الحذر والتبذير2.
الحادي عشر: "فُعَّيْلَى" -بضم أوله وفتح ثانيه مشددًا- كخليطى للاختلاط3 وقبيطى للناطف4.
الثاني عشر: "فُعَّالَى" -بضم أوله وتشديد ثانيه- نحو: "شقارى وخبازى "لنبتين، و"خضارى" لطائر5.
تنبيه: نحو: جنفى، وخليفى، وخليطى ليس من الأوزان المختصة بالمقصورة؛ بدليل: عرواء6، وفخيراء7، ودخيلاء8.
__________
1 أي: اسم للوعاء الذي يوضع فيه طلع النخل، واسم للطلع نفسه.
2 الذي في القاموس: حذرى: الباطل، ومثله بذرى.
3 يقال: وقعوا في خليطى؛ أي: اختلط عليهم الأمر، وخليطى: أوباش مختلطون.
4 الناطف: نوع من الحلوى، يسمى بذلك؛ لأنه ينطف؛ أي: يستقطر قبل خثورته، ومثلهما: "لغيزى" اسم للغز.
5 الذي في القاموس: الخضارى كغرابى، طائر، وكالشقارى، نبت، وفي المنجد: هو نبت أحمر، قيل: هو شقائق النعمان.
6 العروراء: هي: برودة الحمى ومسها في أول رعدتها.
7 الفخيراء: الرجل الفخور.
8 في القاموس: دخيلاء الرجل ودخله بالكسر والفتح، نيته ومذهبه، وجميع أمره بطانته, ويقال: هو عالم بداخل أموره وباطنها.
وفي قسمي ألف التأنيث، والأوزان المشهورة للألف المقصورة؛ يقول الناظم:
وألف التأنيث ذات قصر ... وذات مد نحو أنثى الغر
والاشتهار في مباني الأولى ... يبديه وزن "أُرَبى" و"الطُّولى"
و"مَرَطَى" ووزن "فَعْلَى"جمعا ... أو مصدرًا أو صفة كـ"شَبْعَي"
=(4/155)
ومشهور أوزان الممدودة سبعة عشر 1:
أحدها: "فَعْلاء" بفتح أوله وسكون ثانية2؛ اسما كان كصحراء، أو مصدرًا كرغباء3، أو صفة 4 كحمراء، و"ديمة هطلاء" أو جمعًا في المعنى كطرفاء5.
__________
=
وكـ"حُبَاري" سُمَّهى سِبَطْرى ... ذِكْرى" و"حِثِّيثَى" مع "الكُفُرَّى".
كذاك "خُلَّيْطَي" مع "الشُّقارَى" ... واعز لغير هذه استندارا*
أي: إن ألف التأنيث على ضربين: أحدهما المقصورة، والثاني الممدودة، وقد شرحناهما.
والغر: جمع مفرده المذكر أغر، والمؤنث غراء، والأوزان المشهورة في مباني الأولى -وهي المقصورة- اثنا عشر؛ يوضحها: وزن "أربى" كفعلى ... إلخ.
وقد وضحت تمام الإيضاح, ثم قال الناظم بعد سرد الأمثلة لكل الأوزان: "واعز" أي: انسب لغير هذه الأوزان استندارًا؛ أي: ندرة.
1 هي كأختها المقصورة سماعية؛ لا يجوز القياس عليها، وهي: ألف زائدة في آخر بعض الأسماء المعربة الجامدة أو المشتقة للتأنيث، وقبلها أخرى زائدة فتنقلب الثانية همزة. ولا يجمع بينها وبين التاء.
2 وهو قياسي في مؤنث "أفعل" صفة، وقد يجيء في غير ذلك كما مثل المصنف.
3 مصدر رغب إليه؛ أراد ما عنده، ويقال: رغب في الشيء؛ أراده، ورغب عنه؛ لم يرده.
4 أي: لأنثى"أفعل" كحمراء، أو لغيره، كديمة هطلاء؛ فإنه يقال: سحاب هطل أو هطال، لا أهطل، والديمة: المطر الذي ليس فيه رعد ولا برق، وهطلاء: متتابعة المطر.
5 نوع معروف من شجر الأثل، مفرده طرفاء في الأكثر، وطرفة، وبها لقب طرفة بن العبد, واسمه: عمرو، وقيل: طرفاء اسم جنس جمعي؛ لأن فعلاء ليس من أبنية جمع التكسير. ولهذا قال المصنف: أو جمعًا في المعنى.
__________
* "وألف التأنيث" مبتدأ ومضاف إليه، "ذات قصر" خبر ومضاف إليه كذلك. "وذات مد" عطف عليه. "نحو" خبر لمبتدأ محذوف. "أنثى الغر" مضاف إليه بنحو، وأنثى الغر: غراء بألف ممدودة.
* "والاشتهار" مبتدأ. "في مباني الأولى" متعلق به ومضاف إليه. "وزن" فاعل بيديه والجملة خبر المبتدأ.
* "والطولى ومرطى" معطوفان عن أربى "ووزن" معطوف على وزن السابق, "فعلى" مضاف إليه. "جمعا" حال من فعلى.
* وكحبارى معطوف على كشبعى، وما بعده عطف عليه بإسقاط العاطف. "مع الكفرى" مع ظرف حال من المتقدمات قبل والكفرى مضاف إليه.
* "كذاك" خبر مقدم, "خليطى" مبتدأ مرخر, "مع الشقاري" مع، حال من خليطى، والشقاري مضاف إليه. "استندارا" مفعول أعز.(4/156)
الثاني، والثالث، والرابع: "أفْعَلَاء" بفتح العين1, و"أفْعِلاء" بكسرها, و"أفْعُلاء" بضمها, كقولهم: يوم الأربعاء، سمع في الأوزان الثلاثة.
الخامس: "فَعْلَلاء"، كعقرباء، لمكان2.
السادس: "فِعالَاء -بكسر الفاء- كقِصاصَاء، للقصاص.
السابع: "فُعْلُلاء" -بضم الأول والثالث- كقُرْفُصاء.
الثامن: "فَاعُولاء" -بضم الثالث- كعاشوراء4.
التاسع: "فَاعِلاء" -بكسر الثالث- كقاصِعاء لأحد جِحَرَة اليربوع5.
العاشر: "فِعْلياء" -بكسر الأول وسكون الثاني- نحو: كِبْرياء6.
__________
1 ذكر في التسهيل: أن هذا الوزن من المشترك، ومثال المقصورة: "أجْفلى" للدعوة العامة إلى الطعام، وضده: "النقرى" وهو دعوة قوم على الخصوص دون قوم؛ كالانتقار؛ يقال: دعوتهم النقرى، قال الشاعر:
نحن في المشتاة ندعو الجَفَلَى
لا ترى الآدِب فينا ينتَقِر
2 وهي أيضًا: أنثى العقارب ممنوع من الصرف، وأرض معقربة، كثيرة العقارب.
3 اسم لنوع من القعود؛ وهو: أن يجلس المرء على أليتيه وقدميه ويلصق بطنه بخفذيه، ويحتبي بيده، وفي القاموس: القرفصي -مثلثة القاف والفاء- مقصورة؛ وعلى هذا فهو من الأوزان المشتركة.
4 اسم للعاشر من المحرم أو لتاسعه، يقصر؛ فهو من المشترك على هذا.
5 اليربوع: حيوان أكبر قليلا من الفأر؛ يداه أقصر من رجليه ويتخذ لجحره أبوابا يخفيها، منها: القاصعاء، والنافقاء؛ فإذا أتى من جهة القاصعاء، ضرب النافقاء برأسه فانتفق، أي: خرج من نافقائه.
6 اسم للتكبر والعظمة والاختيال.(4/157)
الحادي عشر: "مَفْعُولاء" كمشيوخاء1.
الثاني عشر: "فَعَالاء" -بفتح أوله وثانيه- نحو: بَرَاسَاء، بمعنى الناس، يقال: ما أدْري أي البَرَساءِ هو، وبَرَكاء، بمعنى البُروك2.
الثالث عشر: "فَعِيلاء" -بفتح أوله وكسر ثانيه- نحو: قَرِيثاء وكَرِيثاء، نوعان من البسر.
الرابع عشر: "فَعُولاء" -بفتح أوله وضم ثانيه- نحو: دَبُوقَاء3.
الخامس عشر: "فَعَلاء" بفتحتين؛ كخَفَقَاء لموضع، قال ابن الناظم: وإنما هو بالجيم والنون والفاء، ولا نظير إلا دأثاء للأمة4, وقَرَمَاء لموضع، وعلى هذا: فعد الناظم لذلك في المشهور مُشكل وفي المحكم5: أنَّ "جَنَفَى" بالجيم والنون والفاء والقصر، موضع وأنه بالمد أيضًا موضع.
__________
1 اسم لجماعة الشيوخ، وهي جمع شيخ، وهو: من سنه فوق الخمسين:
2 وهو: أن تبرك الإبل وينزل عنها للقتال على الأرجل.
وبراكاء: اسم لمعظم الشيء وشدته، يقال: وقع في براكاء الأمر أو القتال؛ أي: في شدته وأكثره. قال الشاعر:
ولا ينجي من الغمرات إلا ... براكاء القتال أو الفرار
3 اسم للعذرة، ومثله: جلولاء، بلدة بالعراق، وحروراء، لموضع تنسب إليه الحرورية، وهم طائفة من الخوارج.
4 يقال: فلان ابن دثاء؛ أي: "ابن أمة".
5 كتاب في اللغة العربية، يقارب عشرين مجلدًا، منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية، مؤلفه، أبو الحسن، علي بن إسماعيل، المعروف بابن سيده، النحوي الأندلسي من أهل مرسية. كان نادرة وقته، وإمامًا في اللغة العربية، على الرغم من أنه ضرير، وله شعر جيد، وله تصانيف كثيرة، منها: المحكم هذا، والمخصص في 17 مجلدًا، وقد طبع ببولاق سنة 1316. وتوفي ابن سيده سنة 448هـ.(4/158)
السادس عشر: "فِعَلاء" -بكسر أوله وفتح ثانية- نحو: سَيَراء1.
السابع عشر: "فُعَلَاء" -بضم أوله وفتح ثانيه- كخُيَلاء2.
__________
1 اسم لنوع من الثياب فيه خطوط؛ مخطوط بالحرير، ولنبت يشبه الخلة، وللذهب الخالص.
قيل: لم يأت على هذا الوزن غير هذه الكلمة.
2 اسم للكبر والعجب والاختيال، مثله: عشراء، وتسعاء وقد يأتي جمعًا نحو فقهاء وعلماء، وإلى الأوزان المتقدمة لألف التأنيث الممدودة، أشار الناظم بقوله:
لمدها "فَعْلُاء أفْعلِاء" ... مثل العين و"فَعَلَلاءُ"
ثم "فِعَالَا فُعْلُلَا فَاعُولا" ... و"فَاعِلاء فِعْليًا مَفْعُولا"
ومطلق العين "فَعَالَا" وكذا ... مطلق فاء "فَعَلا" أخذا*
أي: إن لألف التأنيث الممدودة، هذه الأوزان التي ذكرها، وقد أوضحها المصنف وكلها مختومة بالهمزة، وقد تركت في بعضها لوزن الشعر، وأراد بـ"فعالى" مطلق العين ما كان على وزن "فعالا" مضموم العين ومفتوحها ومكسورها، وكذلك أراد بـ"فعلاء" مطلق الفاء, ما كان مفتوح الفاء أو مضمومها أو مكسورها، وقد مثل المصنف لكل ذلك بأمثلة أوضحنا معناها.
هذا: ولألف التأنيث الممدودة، أوزان كثيرة غير ما ذكر، منها: فُعْلاء، كخنفساء. وفعولاء كعشوراء، وتَفْعلاء كتركضاء لمشية المتبختر وقد ذكر العلامة الأشموني كثيرًا منها، فارجع إليه إن شئت.
تنبيه:
من الألفاظ الكثيرة الاستعمال التي يجوز فيها التذكير والتأنيث: الطريق، السلاح، العقرب، الملح، اللسان، السراويل، السكين، القوس، الذهب، العسل، الكبد.
__________
* "لمدها" جار ومجرور خبر مقدم ومضاف إليه. "فعلاء" مبتدأ مؤخر. "أفعلاء" عطف عليه بحذف العاطف. "مثل العين" مثل حال من أفعلاء، والعين مضاف إليه.
"وفعللاء إلى مفعولا" معطوفان على فعلاء بإسقاط العاطف، والقصر في بعضها للضرورة.
"ومطلق العين" مطلق حال مقدم من "فعالا" والعين مضاف إليه، وهو معطوف على ما سبق، "وكذا" متعلق بأخذا "مطلق فاء" مطلق حال من "فعلاء" الواقع مبتدأ وفاء مضاف إليه، وجملة "أخذا" خبره، والألف للإطلاق، ونائب الفاعل يعود إلى فعلاء.(4/159)
باب المقصود والممدود
...
باب: المقصور والممدود
قصر الأسماء ومدها ضربان: قياسي، وهو وظيفة النحوي: وسماعي، وهو وظيفة اللغوي، وقد وضعوا في ذلك كتبًا.
وضابط الباب عند النحويين أن الاسم المعتل بالألف ثلاثة أقسام:
أحدها: ما له نظير من الصحيح2 يجب فتح ما قبل آخره، وهذا النوع مقصور
__________
هذا باب: المقصور والممدود
1 المقصور هو: الاسم المعرب الذي آخره ألف لازمة، مثل الهدى والفتى، فيخرج الحرف. والفعل المختوم بالألف؛ كدعا ويسعى والاسم المبني مثل: "إذا" و"لدى". والمثنى في حالة رفعه والأسماء الستة في حالة نصبها؛ لأن الألف فيهما غير لازمة، وسمي مقصورًا؛ لأنه لا مد فيه فهو في مقابلة الممدود.
ويعرب المقصور بحركات مقدرة على آخره في جميع الأحوال، وإذا نون حذفت ألفه لفظا لا خطا؛ مرفوعا كان، أو منصوبا، ومجرورًا.
أما الممدود فهو: الاسم المعرب الذي آخره همزة قبلها ألف زائدة، أو هو: الاسم المعرب الذي في آخره ألف قبلها ألف زائدة، فتقلب الثانية منها همزة، نحو: رداء، خضراء، فيخرج الفعل، نحو: يشاء، وما فيه الهمزة بعد ألف أصيلة، نحو: ماء أو شاء، أو بعدها تاء التأنيث، نحو: هناءة؛ لأن الإعراب يجري على التاء.
ومما تقدم يتبين: أن المقصور والممدود نوعان من الاسم المتمكن المعتل الآخر، فلا يطلقان عند النحاة على المبني، ولا على الفعل والحرف. وقولهم في "هولاء" إنه ممدود, تسبح.
أما اللغويون والقراء، فيقولون في "أولى" اسم إشارة, إنه مقصور وفي "أولاء"، ممدود، وكذلك في جاء وشاء، ممدودان.
أما المنقوص فهو: الاسم المعرب الذي آخره ياء لازمة مكسور ما قبلها، نحو: القاضي والمنادي، وإذا نون حذفت ياؤه لفظًا وخطا في حالتي الرفع والجر، وبقيت في حالة النصب، والصحيح: ما عدا ذلك، كقلم وكتاب.
2 أي: نظير في وزنه، وفي نوع الاسم كالمصدرية والوصفية والجمعية، لا خصوص الوزن.(4/160)
بقياس1، وله أمثلة.
منها: كونه مصدر "فَعِلَ" اللازم، نحو: جَوِي جَوًى، وهَوِي هَوًى، وعَمِي عَمًى؛ فإن نظيرها من الصحيح: فَرِحَ فرحًا، وأَشِرَ أشرًا2.
قال ابن عصفور وغيره، وشذ الغراء بالمد مصدر غَرِيَ3.
وأنشدوا:
إذا قلت مهلا عارت العين بالبكا ... غراء ومدتها مدامع نهل4
وفيما قالوه نظر؛ لأن أبا عبيدة حكي: غاريت بين الشيئين غراء؛ أي: واليت؛ ثم
__________
1 أي: قياس يخضع للقواعد النحوية، وهذا هو الذي ذكر تعريفه.
2 وهذا المصدر واجب فتح ما قبل آخره؛ لأن "فعِل" اللازم قياس مصدره في الغالب "فَعَل" فكل من جوِي وهوِي مقصور؛ لأن لهما نظير من الصحيح وقد اتفق الفعلان والمصدران في وزنهما.
3 أي: على غير قياس، من عري بالشيء أولع به، أو تمادى فيه في غضبه.
4 بيت من الطويل لكثير عزة، الشاعر الأموي المشهور.
اللغة والإعراب: مهلا: مصدر بمعنى التمهل والترفق، غارت: والت وأرسلت الدمع متتابعًا، مدتها: أعانتها وكانت لها مددًا. نهل: كثيرة متتابعة، "مهلا" مفعول مطلق لفعل محذوف، "بالبكا" مفعول غارت على زيادة الباء "غراء" منصوب على المصدرية بفعل محذوف معطوف على الفعل المذكور على رأي ابن عصفور، وفيه تعسف ظاهر، والأسلم أن يكون منصوبًا على الحال بمعنى غرية؛ على رأي أبو عبيدة "مدامع" فاعل مدت، "نهل" صفة لمدامع.
المعنى: إذا أردت التمهل الترفق في الحزن والت العين دموعها وأرسلته تباعًا ومدتها المدامع الكثيرة المتتابعة.
الشاهد: في "غراء" فإن ابن عصفور أنشده بفتح العين والمد, وقال: إنه مصدر غرى بالشيء فهو به غر، ومده شاذ والقياس القصر، وقد ذكر المصنف عن أبي عبيدة: أن الرواية بكسر الغين والمد، وفعله "غارى" مثل: قاتل قتالا، وعلى ذلك فمده قياسي.(4/161)
أنشده1. وعلى هذا فالمد قياسي كما سيأتي؛ لأن غاريت غراء، مثل: قاتلت قتالًا، وغاريت: فاعَلْت، من غريت به، وأنشد "أَسْلُو" بدل "مهلًا"، و"فاضت"2 بدل "غارت"، وحُفَّل3 بدل "نُهَّل".
ومنها: "فِعَلَ" -بكسر أوله وفتح ثانيه- جمعًا لفِعْله4 بكسر أوله وسكون ثانيه، نحو: فِرْية وفِرًى، ومِرْية ومِرًى؛ فإن نظيره: قِرْبة وقِرَب5.
ومنها: "فُعَل" -بضم أوله وفتح ثانيه- جمعًا "لفُعْلَة" بضم أوله وسكون ثانيه، نحو: دمية6 ودُمًى، ومُدْية، ومُدًى، وزُبْية7 وزُبًى وكسوة وكسى؛ فإن نظيره: حُجَّة وحُجج، وقُرَبة وقُرَب.
ومنها: اسم مفعول ما زاد على ثلاثة8 نحو: معطى ومستدعى؛ فإن نظيره: مكرم
__________
1 أي: أنشد بيت كثير المذكور، فعلم من هذا أن غارت في البيت بمعنى والت وأصله: غاريت، قلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم حذفت الألف للساكنين.
2 هو من قولهم: فاض النهر إذا زاد ماؤه عن ارتفاع الشاطئ فسال على الوادي.
3 أي: ممتلئة.
4 أي: المختومة بتاء التأنيث التي قبلها حرف علة، والفرية: الكذب والاختلاق من افترى؛ أي: اختلق، والمرية: الشك، وقد يضم. والامتراء في الشيء الشك فيه. فهذان وأشباههما من جموع التكسير، من المقصور القياسي.
5 و"فعلة" المذكورة يكثر جمعها على "فعل".
6 هي الصورة من العاج ونحوه، وتطلق على الذات الجميلة تشبيهًا، وجاء في الشعر: الدمي بمعنى الثياب التي فيها التصاوير.
7 الزبية: حفر تحفر للأسد وأصلها الرابية لا يعلوها الماء، وسميت بذلك؛ لأنهم كانوا يحفرونها في موضع عال. وفي المثل "بلغ السيل الزبى" فهذه وأمثالها من جموع التكسير من المقصور القياسي.
8 أي: اسم مفعول مصوغ من ماض معتل الآخر يزيد على ثلاثة أحرف.(4/162)
ومستخرج1.
الثاني: أن يكون له نظير من الصحيح2، يجب قبل آخره ألف.
__________
1 واسم المفعول القياسي للفعل المذكور يجيء على هذا الوزن.
وفي المقصور القياسي يقول الناظم:
إذا اسم استوجب من قبل الظرف ... فتحًا، وكان ذا نظير، كالأسف
فلنظيره المعل الآخر ... ثبوت قصر بقياس ظاهر
كـ "فِعْل" و"فُعَل" في جمع ما ... كـ"فِعْلَة" و"فُعْلَة"، نحو الدُّمَى*
أي: إن الاسم الصحيح الآخر؛ إذا استحق فتح ما قبل آخره وجوبًا، مثل: أسف مصدر أسف، وكان له نظير في وزنه معتل الآخر، يثبت لهذا النظير القصر قياسًا لإخفاء فيه. ثم ذكر الناظم وزنين للاسم المقصور هما: "فِعل و"فُعل" الأول جمع "فُعله" كالدمي جمع دمية، ولم يذكر الباقي.
ومن الأمثلة غير ما تقدم -كما ذكر الأشموني- "أفعل" صفة للتفضيل، كالأقصى؛ أو لغير تفضيل؛ كأعمى وأعشى؛ فإن نظيرهما من الصحيح، الأبعد والأعمش، وكذلك ما كان جمعًا للفعلى أنثى، "الأفعل" كالقصوى والقصى، والدنيا والدنى؛ فإن نظيرهما من الصحيح: الكبرى والكُبر، والأخرى والأخر، وكذلك ما كان من أسماء الأجناس دالا على الجمعية بالتجرد من التاء، وهو على وزن "فَعَل" وعلى الوحدة بالتاء، كحصاة وحصى، وقطاة وقطا؛ فإن نظيرهما من الصحيح مذهب ومسرح.
2 أي: غير المهموز.
__________
* "إذا" ظرف فيه معنى الشرط "اسم" فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده, "فتحًا" مفعول استوجب. "وكان" اسمها يعود إلى اسم, "ذا نظير" ذا خبرها ونظير مضاف إليه.
"فلنظيره" الفاء واقعة في جواب إذا، والجار والمجرور خبر مقدم "المعل" نعت لنظير "الآخر" مضاف إليه من إضافة اسم المفعول لنائب فاعله. "ثبوت قصر" ثبوت مبتدأ مؤخر وقصر مضاف إليه، "بقياس" متعلق بثبوت. "ظاهر" نعت لقياس.
"كفعل" خبر لمبتدأ محذوف، "وفعل" عطف عليه. "في جمع" متعلق بمحذوف حال منهما "ما" اسم موصول مضاف إليه. "كفعلة" متعلق بمحذوف صلة ما "وفعلة" عطف عليه. "نحو" خبر لمبتدأ محذوف. "الدمى" مضاف إليه.(4/163)
وهذا نوع ممدود بقياس1 وله أمثلة.
منها: أن يكون الاسم مصدرًا لـ"أفْعَل"2 أو لِفِعل أوله همزة وصل3؛ كأعطى إعطاء، وارتأى ارتئاء4، واستقصى استقصاء5؛ فإن نظير ذلك أكرم إكرامًا، واكتسب اكتسابًا، واستخرج استخراجًا.
__________
1 وإليه يشير الناظم بقوله:
وما استحق قبل آخر ألف ... فالمد في نظيره حتما عرف*
أي: ما استحق من الأسماء الصحيحة -بحسب القواعد العامة- أن يكون قبل آخره ألف؛ فإن نظيره من مصادر المعتل الآخر، يكون ممدودًا حتمًا.
2 أي: لماض رباعي معتل اللام.
3 ويكون معتل اللام، سواء كان خماسيا أو سداسيا، وقد مثل المصنف لذلك.
4 ارتأى في أمره, أي: رأى وتدبر, من الرأي والتدبير؛ وأصله: ارتأى، قلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وأصل المصدر: ارتئايًا، قلبت الياء همزة لتطرفها إثر ألف زائدة.
5 استقصى الأمر: تتبعه.
وقد اقتصر الناظم على هذا النوع من الممدود؛ فقال:
كمصدر الفعل الذي قد بدئا ... بهمز وصل كاروى، وكارتأى*
أي: كمصدر الفعل الذي أوله همزة وصل -من الماضي الخماسي، أو السداسي المعتل الآخر، كما مثل.
__________
* "ما" اسم موصول مبتدأ أول. "استحق" الجملة صلة. "قبل آخر" قبل ظرف مضاف إلى آخر متعلق باستحق "ألف" مفعول استحق، وقد وقف عليه بالسكون على لغة. "فالمد" مبتدأ ثان. "في نظيره" متعلق بعرف. "حتما" حال من ضمير عرف. "عرف" فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل يعود إلى المد، والجملة خبر، وجملة المبتدأ الثاني وخبره خبر ما.
* "كمصدر" متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف. "الفعل" مضاف إليه. "قد بدئا" نائب فاعل بدئ يعود إلى الذي الواقع نعتا للفعل، والألف للإطلاق، والجملة صلة. "بهمز وصل" بهمز متعلق ببدئا ووصل مضاف إليه. "كارعوى" خبر لمبتدأ محذوف، وكارتأى معطوف عليه.(4/164)
ومنها: أن يكون مفردًا لـ"أَفْعِلة"1 نحو: كساء وأكسية، ورداء وأردية؛ فإن نظيره، حمار وأحمرة، وسلاح وأسلحة، ومن ثم2 قال الأخفش: أرحية وأقفية من كلام المولدين؛ لأن رحي وقفى مقصوران3، وأما قوله:
في ليلة من جماد ذات أندية4
والمفرد ندى -بالقصر- فضرورة، وقيل: جمع ندي على نداء؛ كجمل وجمال، ثم جمع نداء على أندية5. ويبعده أنه لم يسمع نداء جمعًا
__________
1 أي: لجمع تكسير على وزن "أفعله" المختومة بالتاء المسبوقة بحرف العلة الياء؛ بشرط أن يكون هذا المفرد مختومًا بالهمزة المسبوقة بحرف علة؛ لأن "أفعلة" لا تكون إلا جمع تكسير للرباعي الذي قبل آخره مدة.
2 أي: ومن أجل أن مفرد "أفعله" من المعتل ممدود قياسًا.
3 أي: فلا يجمعان على أفعلة.
4 صدر بيت من البسيط، لمرة بن محكان التميمي، وهو من شعراء الحماسة، وعجزه:
لا يبصر الكلب في ظلمائها الطُّغُبا
اللغة والإعراب: أندية: جمع ندى؛ وهو المطر والبلل الكثير. الطنب: حبل يشد به الخباء، والجمع أطناب. "في ليلة" متعلق بقومي أو ضمي، في قوله قبل:
يا ربة البيت قومي غير صاغرة ... ضمي إليك رحال القوم والقُُُرُبا
والقرب: جمع قراب، وهو جفن السيف أو غمده "من جمادى" متعلق بمحذوف صلة لليلة. "ذات أندية" ذات صفة ثاية لليلة وأندية مضاف إليه. "الطنبا" مفعول يبصر.
المعنى: يذكر أنه طلب إلى زوجه الاستعداد للرحيل في ليلة من جمادى، كثيرة الندى والبلل، شديدة الظلام، حتى إن الكلب مع حدة بصره، لا يبصر شيئًا فيها حتى عمد الخباء.
الشاهد: في "أندية"؛ فإنه جمع ندى شذوذًا، وقياس جمعه "أنداء" لأن "أفعلة" ينقاس في جمع كل اسم رباعي ثالثه حرف مد.
5 فيكون أندية: جمع الجمع، وعلى ذلك فليس بضرورة.(4/165)
ومنها: أن مصدرًا لـ"فعَل" بالتخفيف1؛ دالا على صوت كالرغاء والثغاء2؛ فإن نظيره الصراخ، أو على داء نحو المشاء3؛ فإن نظيره الدوار4 والزكام.
الثالث: أن يكون لا نظير له5؛ فهذا إنما يدرك قصره ومده بالسماع.
فمن المقصور سماعًا: الفتى واحد الفتيان، والسَّنا الضوء، والثرى التراب، والحِجا، العقل ومن الممدود سماعًا: الفتاء لحداثة السن، والسَّناء، للشرف، والثراء؛ لكثرة المال، والحذاء للنعل.
__________
1 أي: المعتل الآخر الذي مضارعه على وزن "يَفعُل".
2 الرغاء: صوت الحيوانات ذات الخف كالإبل، والماضي "رَغا" والثغاء: صوت الغنم والمعز، والفعل "ثغا".
3 المشاء: استطلاق البطن، وماضيه مشى، والمشاء: الدواء المسهل.
4 الدوار: ما يصيب الرأس من دوران.
ومن الأمثلة غير ما تقدم: "فِعال" مصدر فاعل المعتل اللام، نحو: والى وِلاء, وعادى عِداء؛ فإن نظيرهما من الصحيح: ضارب ضرابًا، وقاتل قتالا، وكذلك ما صيغ من المصادر على وزن "تَفعال" ومن الصفات على وزن "فَعْال" أو "مفعال" بقصد المبالغة: كالتعداء مصدر عدا، والعداء: للكثير العدو، والمعطاء: لكثير العطاء: لكثير العطاء؛ فإن نظيرها من الصحيح: التذكار، والخباز، والمهذار.
5 أي: من الصحيح.
6 وهذا هو المقصور السماعي والممدود السماعي، مما لا يدخل في الأمثلة المتقدمة ولا تنطبق عليه الضوابط السابقة، وأهمها: عدم وجود نظير له من الصحيح، وفيه يقول الناظم:
والعادم النظير ذا قصر وذا ... مد بنقل كالحجا وكالحذا*
أي: إن ما ليس له نظير في الصحيح -من المقصور والممدود- فقصره ومده موقوفان على النقل والسماع؛ فالحجا مقصور، والحذاء ممدود، وقصر للوزن، وليس لهما نظير من الصحيح يجتمع معهما في المصدرية وغيرها، وإن اجتمع في الوزن أحيانًا كعنب.
__________
* "والعادم" مبتدأ. "النظير" مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل لمفعوله, "ذا قصر وذا مد" حالان من الضمير في قوله "بنقل" الواقع خبرًا عن المبتدأ، وتقديم الحال على عامله الظرف والجار والمجرور نادر. "كالحجا" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: وذلك..... إلخ "وكالحذا" عطف عليه.(4/166)
مسألة: أجمعوا على جواز قصر الممدود1 للضرورة كقوله:
لا بد من صتعا وإن طال السفر2
وقوله:
وأهل الوفا من حادث وقديم3
__________
1 لأنه رجوع إلى الأصل، وهو القصر، ويكون بحذف الألف قبل الآخر، وأجازه الفراء بشرط ألا يقتضي القياس مده، ومنعه الكسائي في حالتي الرفع والجر, وذلك كله مردود بما ذكر من الشواهد وغيرها.
2 صدر بيت من الرجز، لم يعين قائله، وعجزه.
وإن تحنى كل عود ودبر
اللغة والإعراب: صنعا: اسم مدينة باليمن. تحنى: انحنى؛ من حني ظهره إذا احدودب.
عود: هو المسن من الإبل. دِبر: أصابته الدبرة؛ وهي قرحة تحدث في البعير من احتكاك الرحل وغيره.
"لا" نافية "بد" اسمها مبني على الفتح، والخبر محذوف؛ أي: حاصل "من صنعا" متعلق بيد، أو هو خبر لا. "وإن طال" شرط وفعله "السفرا" فاعل طال وسكن للروي. والجواب محذوف؛ أي: فلا بد منه.
المعنى: لا بد من الوصول إلى صنعا، وإن بعدت الشقة وأصاب المطايا ما أصابها من الضعف والمرض.
الشاهد: قصر "صنعا" لضرورة الوزن، هي ممدودة، وأصلها: صنعاء.
3 عجز بيت من الطويل، لم ينسب لقائل، وصدره:
فهم مثل الناس الذي تعرفونه
اللغة والإعراب: مثل الناس، المراد: أنهم مشهورون كالمثل. الوفا: ضد الغدر ونفض العهود.
"هم" ضمير منفصل مبتدأ. "مثل الناس" مثل خبر والناس مضاف إليه، "الذي" صفة لمثل، وجملة "تعرفونه" صلة. "وأهل الوفاء" وأهل معطوف على مثل، والوفا مضاف إليه. "من حادث" متعلق بمحذوف حال من "أهل الوفا".
المعنى: أن هؤلاء القوم الذي مدحهم أمرهم مشهور؛ يضرب بهم الناس المثل في الفضائل وفي كل صفة من صفات الخير والنبل والرجولية، وهم أهل وفاء حديثًا وقديمًا.
الشاهد: قصر "الوفا" لضرورة الوزن، وأصله: الوفاء بالمد.(4/167)
واختلفوا في جواز مد المقصور للضرورة، فأجازه الكوفيون متمسكين بنحو قوله:
فلا فقر يدوم ولا غناء1
ومنعه البصريون وقدروا الغناء في البيت مصدرًا
لغانيت2 مصدرًا لغنيت، وهو تعسف3.
__________
1 عجز بيت من الوافر، لم ينسبه النحاة لقائل، وصدره:
سيغنيني الذي أغناك عنِّي
اللغة والإعراب: معاني الألفاظ واضحة, وكذلك المعنى العام؛ فإنه يقول: إن الذي جعلك في غنى عني -وهو المولى سبحانه- سيغنيني عنك، فلا أحتاج إلى معونة أحد؛ لأن الفقر والغنى بيده وحده سبحانه وهما لا يدومان لمخلوق.
الشاهد: في "غناء"؛ فقد مده الشاعر لضرورة إقامة الوزن وأصله: الغنى بالقصر، ضد الفقر.
2 ومعناه: فاخرت بالغنى؛ فهو ممدود قياسا.
3 لأن ذكر الفقر في البيت يدل على أن المراد بالغناء الغنى بالقصر، الذي هو ضد الفقر.
وإلى الخلاف في هذه المسألة، يشير الناظم بقوله:
وقصر ذي المد اضطرارًا مجمع ... عليه والعكس بخلف يقع*
أي: إن قصر الممدود للضرورة الشعرية متفق عليه إجماعًا، أما العكس، وهو مد المقصور؛ فيجوز وقوعه في الضرورة مع خلاف في صحته، والأحسن الأخذ برأي من يقول بجوازه في الضرورة الشعرية وحدها؛ لأن الشعر محل التيسير.
__________
* "وقصر" مبتدأ. "ذي المد" مضاف إليه. "اضطرارًا" مفعول لأجله. "مجمع" خبر المبتدأ. "عليه" متعلق، بمجمع على أنه نائب فاعله. "والعكس" مبتدأ. "بخلف" متعلق بيقع الواقع خبرًا للمبتدأ، وفاعل يقع يعود إلى العكس.(4/168)
باب: كيفية التثنية 1
الاسم2 عل خمسة أنواع:
أحدها: الصحيح3، كرجل وامرأة.
الثاني: المنزل منزلة الصحيح4، كظبي ودلو.
الثالث: المعتل المنقوص5، كالقاضي.
وهذه الأنواع الثلاثة يجب ألا تغير في التثنية6؛ تقول: رجلان، وامرأتان، وظبيان، ودلوان، والقاضيان، وشذ في ألية وخصية؛ أليان وخصيان7، وقيل: هما تثنية أَلْي، وخُصْي.
الرابع: المعتل المقصور، وهو نوعان:
أحدهما: ما يجب قلب ألفه ياء8، وذلك في ثلاث مسائل:
__________
باب: كيفية التثنية
1 المراد من التثنية: الدلالة على اثنين متفقين في اللفظ بلفظ واحد؛ قصدًا للإيجاز ولا بد من تكرير الاسم والعطف، ويكون ذلك بزيادة ألف ونون مكسورة رفعًا، وياء مفتوح ما قبلها، ونون مكسورة نصبًا وجرا في آخر الاسم.
2 أي: القابل للتثنية.
3 وهو: الذي ليست لامه حرف علة.
4 هو: الذي آخره واو أو ياء، وقبلهما سكون؛ سواء أكانتا مخففتين، كظبي وعضو؛ أم مشددتين: كمرمىّ ومغروّ.
5 هو الاسم المعرب الذي آخره ياء لازمة غير مشددة قبلها كسرة، مثل القاضي المستعلي.
6 فنزاد على الآخر علامة التثنية بدون تغيير مع فتح الآخر؛ إلا إذا كان المنقوص محذوف الياء، فيجب أن ترد إليه مفتوحة عند التثنية، نحو: داعيان في تثنية "داع".
7 أي: بحذف التاء منهما، والقياس: أليتان، وخصيتان.
8 إنما وجب قلب ألفه؛ لأن الألف لا تقبل الحركة، ولا بد من فتح ما قبل علامة التنثية، ولا يمكن حذف الألف للتخلص من الساكنين؛ لئلا يلتبس المثنى بالمفرد عند إضافته لياء المتكلم، كفتاي مثلا.(4/169)
إحداها: أن تتجاوز ألفه ثلاثة أحرف1، كحبلى، وحبليان، ومهلى وملهيان، وشذ قولهم في تثنية قهقرى وخوزلى: قهقران، وخوزلان بالحذف2.
الثانية: أن تكون ثالثة مبدلة من ياء كفتى3 قال الله تعالى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ} وشذ في حمى حموان بالواو4.
الثالثة: أن تكون غير مبدلة5، وقد أمليت6 كمتى؛ لو سميت بها قلت في تثنيتها: متيان.
والثاني: ما يجب قلب ألفه واوًا، وذلك في مسألتين:
__________
1 سواء كان أصلها ياء، أو واوًا، وذلك رجوعًا إلى الأصل فيما أصله ياء، وحملا للفعل غير الثلاثي فيما أصله ياء، وحملا للفعل غير الثلاثي فيما أصله واو، كملهى، فإن الفعل ألهيت.
2 القهقرى: الرجوع إلى الخلف, والخوزلى: مشية فيها تبختر، ووجه الشذوذ: حذف الألف دون قلبها ياء, والقياس: قهقريان، وخوزليان.
3 يعرف الأصل؛ المصدر، والتصغير والمشتقات.. إلخ, قال الدنوشري: الفتى: مصدره الفتاء، يقال: هو فتى بين الفتاء، وهو من المصادر التي لا فعل لها.
4 والقياس: حميان؛ لأن ألفه بدل من ياء، تقول: حميت المكان أحميه حماية.
5 سواء كانت أصلية، كالتي في حرف أو شبهة مسمى بهما؛ كبلى ومتى، أو كانت مجهولة الأصل، كالتي في اسم جامد لا يعرف أصله، نحو: "الددا" للهو واللعب، فإننا لا ندري أصل الألف؛ لأنه ليس للكملة أصل معلوم يرجع إليه في الاشتقاق.
قيل: ومن المجهولة الأصل الأسماء الأعجمية، كموسى، وعيسى.
6 لأن الإمالة ميل بالألف إلى الياء، فكان ردها إلى الياء في التثنية أحق وأولى. وإلى هذه المسائل الثلاث، أشار الناظم بقوله:=(4/170)
إحداهما: أن تكون مبدلة من الواو1 كعصا، وقفًا، ومنا، وهو لغة في المن الذي يوزن به2 قال:
عصا في رأسها منوا حديد3
وشذ قولهم في رضا رضيان بالياء, مع أنه من الرضوان.
__________
=
آخر مقصور تثني اجعله يا ... إن كان عن ثلاثة مرتقيا
كذا الذي أليا أصله نحو الفتى ... والجامد الذي أميل كمتى*
أي: إن ألف المقصور تقلب ياء عند التثنية في ثلاثة أحوال: إن كانت ألفه مرتقية؛ أي: زائدة على ثلاثة، أو ثالثة وأصلها الياء، نحو: الفتى، أو ثالثة جامدة "مجهول الأصل" وأمليت: نحو: "متى" مسمى بها.
1 أي: ولم تتجاوز ثلاثة أحرف.
2 في القاموس: المنا والمناة: وكيل أو ميزان، ويثنى منوان، ومنيان، والجمع أمناء وأمن, والمنا أو المن: رطلان.
3 عجز بيت من الوافر؛ لم أقف على نسبته لقائل، وصدره.
وقد أعددت للعذال عندي
اللغة والإعراب: أعددت: هيأت. العذال: اللوام، جمع عاذل وهو اللائم المتسخط "منوا" مثنى منا كعصا. "قد" للتحقيق. "أعددت" فعل وفاعل "للعذال" متعلق بأعددت. "عندي" متعلق به كذلك. "عصا" مفعول أعددت. "في
رأسها" جار ومجرور خبر مقدم. "منوا" مبتدأ مؤخر مرفوع بالألف؛ لأنه مثنى، والنون محذوفة لإضافته إلى "حديد" والجملة صفة لعصا.
المعنى: واضح.
الشاهد: في "منوا" فإنه مثنى مقصور: قلبت ألف مفرده -وهو "منا"- واوًا في التثنية رجوعًا إلى الأصل؛ لأن أصله منو، تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبته ألفًا.
__________
* "آخر مقصور" آخره مفعول لمحذوف يفسره اجعله ومقصور مضاف إليه. "تثني" الجملة صفة لمقصور.
"اجعله" فعل أمر الهاء مفعوله الأول. "يا" بالقصر مفعوله الثاني: "إن كان" شرط وفعله، واسم كان يعود إلى المقصور وجواب الشرط محذوف، "عن ثلاثة" متعلق بمرتقيا الواقع خبر لكان.
"كذا" خبر مقدم. "الذي" مبتدأ مؤخر. "اليا" بالقصر مبتدأ. "أصله" خبر ومضاف إليه، والجملة صلة الذي.
"والجامد" معطوف على الذي أو البيت. "الذي" نعت للجامد. "أميل" فعل ماض للمجهول، ونائب الفاعل يعود على الجامد والجملة صلة.(4/171)
والثانية: أن تكون غير مبدلة، ولم تمل1 نحو: "لدى" و"إذا"، تقول إذا سميت بهما ثم ثنيتهما: لدوان وإذاوان.
الخامس: الممدود، وهو أربعة أنواع.
أحدهما: ما يجب سلامة همزته، وهو ما همزته أصلية كقرّاء ووضّاء2، تقول: قرّاءان، ووضّاءان، والقُرَّاء: الناسك3، والوضّاء: الوضيء الوجه.
الثاني: ما يجب تغيير همزته بقلبها واوًا؛ وهو ما همزته بدل من ألف التأنيث4 كحمراء، وحمراوان. وزعم السيرافي؛ أنه إذا كان قبل ألفه واو وجب تصحيح الهمزة؛
__________
1 لأن عدم الإمالة دليل على عدم ملاحظة الياء، فقلبت الألف واوًا، وإلى هاتين المسألتين أشار الناظم بقوله:
في غير ذا تقلب واوًا الألف ... وأولها ما كان قبل قد ألف*
أي: تقلب ألف المقصورة واوًا، إذا ثني في غير ما ذكر من المواضع الثلاثة المتقدمة، وأتبع الواو المنقلبة إليها الألف ما ألف من علامتي التثنية.
2 اسمان على وزن رمّان، من قرأ، ووضو، وإنما لم تقلب الهمزة فيهما، لقوتها بالأصالة، وعدم انقلابها عن غيرها.
3 والقَرّاء -بفتح القاف ككتان- الحسن القراءة، والجمع قراءون ولا يكسر.
4 قيل: إن السبب في قلبها واوًا في ذلك الحمل على النسب؛ لأن التثنية وجمعي الصحيح والنسب تجري كلها مجرى واحدًا.
__________
* "في غير ذا" في غير متعلق بتقلب وذا مضاف إليه "واوًا" مفعول ثان لتقلب "الألف" نائب فاعل تقلب وهو مفعوله الأول. "وأولها" فعل أمر مبني على حذف الياء، و"ها" مفعوله الأول عائدة إلى الألف. "ما" اسم موصول مفعوله الثاني. "كان" فعل ماض ناقص واسمها يعود إلى ما. "قبل" ظرف متعلق بألف, وجملة "قد ألف" في محل نصب خبر كان والجملة صلة "ما".(4/172)
لئلا يجتمع واوان ليس بينهما إلا ألف، فتقول في عشواء1: عشواءان بالهمزة، وجوز الكوفيون في ذلك الوجهين.
وشذ حمرايان، بقلب الهمزة ياء2، و"قرفصان، وخنفسان، وعاشوران"3 بحذف الألف، والهمزة معًا.
الثالث: ما يترجح فيه التصحيح على الإعلال؛ وهو ما همزته بدل من أصل4 نحو: كساء، وحياء؛ أصلهما: كساو، وحياي5 وشذ كسايان.
الرابع: ما يترجح فيه الإعلال على التصحيح؛ وهو ما همزته بدل من حرف الإلحاق6 كعِلباء، وقُوباء7؛ أصلهما: علباي، وقوباي، بياء زائدة فيهما لتلحقهما بقرطاس وقُرناس8، ثم أبدلت الياء همزة.
وزعم الأخفش وتبعه الجزولي9: أن الأرجح في هذا الباب أيضًا التصحيح.
__________
1 العشواء هي: الناقة التي لا تبصر أمامها، والعشا: سوء البصر بالليل والنهار.
2 وكذلك حمراآن بالتصحيح، وقيل: أنها لغة فزارة.
3 تثنية قرفصاء، وخنفساء، وعاشوراء، والقرفصاء: نوع من القعود تقدم شرحه قريبًا.
والخنفساء: دويبة سوداء معروفة.
4 إنما رجح التصحيح؛ لأن فيه إقرارا للحرف على صورته الأصلية.
5 قلبت الواو والياء فيهما همزة لتطرفها إثر ألف زائدة على القاعدة، كما سيأتي.
6 إنما رجح الإعلال في هذا تشبيها لهمزته بهمزة حمراء؛ لأن كلا منهما بدل من حرف زائد.
7 العلباء: اسم لبعض أعصاب صفحة العتق، والقوباء: مرض جلدي معروف، يظهر على الجلد على شكل بقع بيضاء مستديرة صغيرة، ثم تتسع.
8 القرناس: قطعة بارزة من الجبل متقدمة، تشبه الأنف في التقدم والبروز.
9 انظر ترجمة الجزولي في الجزء الثاني، صفحة: 26.(4/173)
وسيبويه إنما قال: إن القلب في عِلباء أكثر منه في كساء1.
__________
1 أي: إن القلب في التي للإلحاق، أكثر منه في المنقلبة عن أصل، مع اشتراكهما في القلة.
وفي كيفية تثنية الممدود، يقول الناظم:
وما كصحراء بواو تُنِّيا ... ونحو عِلباء كساء وحَيَا
بواو أو همز وغير ما ذُكر ... صحح وما شذ على نقل قُصر*
أي: إن الممدود الذي همزته للتأنيث كصحراء تقلب همزته واو عند التثنية ونحو: علباء مما همزته للإلحاق، وكساء مما همزته بدل من أصل وهو الواو، وحياء مما همزته بدل من أصل وهو الياء. هذه الأنواع الثلاث يجوز فيها قلب الهمزة واوًا في التثنية، أو إبقاؤها همزة على حالها. وفي غير هذه الثلاثة تصحح الهمزة.
وما خالف هذا الذي ذكر فهو شاذ يقتصر فيه على المنقول عن العرب.
وإذا ختم الممدود بتاء التأنيث لا يسمى ممدودًا، ولا تجري عليه أحكام الممدود.
تنبيه:
إذا كان الاسم محذوف اللام؛ فإن كان الحذف لعلة توجب ذلك؛ كما في المنقوص والمقصور فقد تقدم حكمه، وإذا كان الحذف لغير علة ويسمى الحذف اعتباطًا؛ نحو: أب وأخ، ويد، ودم، وفم؛ فإن كانت هذه اللام ترد في الإضافة ردت في التثنية؛ وذلك في أب وأخ وحم وهن فحسب؛ تقول: أبوان, أخوان.. إلخ؛ لأنك تقول في الإضافة: أبوك, أخوك, إلخ. وإن لم ترد في الإضافة، لا ترد في التثنية؛ تقول في فم ودم، ويد: فمان ودمان ويدان. ونقول في تثنية ذو مال: ذوا مال بدون رد، وفي ذات مال؛ ذواتا مال بالرد. ومنه قوله تعالى: {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} وهو الكثير، وورد: ذاتا دون رد على القياس، وهو قليل.
__________
* "وما" اسم موصول مبتدأ. "كصحراء" متعلق بمحذوف صلة. "بواو" متعلق
بثنيا الواقع خبرًا للمبتدأ، وألفه للإطلاق ونائب فاعله يعود إلى ما "ونحو" مبتدأ. "علباء" مضاف إليه مصروف. "كساء وحيا" معطوفان على علباء بعاطف مقدر.
* "بواو" خبر نحن. "وغير" مفعول صحح مقدم. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "ذكرا" ماض للمجهول والجملة صلة، "وما" اسم موصول مبتدأ. "شذ" الجملة صلة. "على نقل" متعلقة بقصر الواقع خبرا للمبتدأ.(4/174)
باب كيفية جمع الاسم المذكر السالم
...
باب: كيفية جمع الاسم جمع المذكر السالم
ويسمى الجمع الذي على هجاءين1، والجمع الذي على حد المثنى؛ لأنه أعرب بحرفين, وسلم فيه بناء الواحد، وختم بنون زائدة تحذف للإضافة2.
اعلم أنه يحذف لهذا الجمع: ياء المنقوص وكسرتها3؛ فتقول: القاضون، والداعون4. وألف المقصور دون فتحتها5؛ فتقول: الموسون6 وفي التنزيل: {وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ} ، {وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ} 7.
ويُعطَى الممدود حكمه في التثنية8؛ فتقول في وضاء: وضاءون بالتصحيح، وفي مراء علما لمذكر حمراوون بالواو.
ويجوز الوجهان في نحو: عِلباء وكِساء؛ عَلَمين لمذكرين9.
__________
هذا باب: كيفية جمع الاسم جمع المذكر السالم
1 يراد بالهجائين: الواو والنون رفعًا، والياء والنون نصبا وجرا.
2 أي: كما أن المثنى كذلك.
3 ثم يضم ما قبل الواو، ويكسر ما قبل الياء للمناسبة كما مثل المصنف.
4 جمعان للقاضي والداعي؛ وهذان مثالان لحالة الرفع؛ الأل ياؤه أصلية، والثاني منقلبة عن واو، وأصلهما: القاضيون، والداعيون، حذفت ضمة الياء للاستثقال ثم الياء لالتقاء الساكنين، وضمت الضاد والعين لمناسبة الواو؛ لئلا تقلب ياء لوقوعها ساكنة إثر كسرة.
وتقول في حالتي النصب والجر: القاضين والداعين، وأصلهما: القاضيين والداعيين، حذفت كسرة الياء للثقل، ثم ياء المنقوص لالتقاء الساكنين.
5 لتكون دليلا على الألف المحذوفة قبل الواو أو الياء.
6 أي: في حالة الرفع، وهو جمع موسى, وأجاز الكوفيون ضم ما قبل الواو وكسر ما قبل الياء فيما ألفه زائدة، نحو: عيسى، و"حبلى" مسمى به مذكر.
ويتعين الفتح عند الجميع فيما ألفه أصلية، وذلك للعناية بالأصلى.
7 أصلهما: الأعلوون، والمصطفوين، قلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين وبقيت الفتحة دليلا عليها [سورة آل عمران الآية: 139] ، [سورة ص الآية: 47] .
8 فتبقى الهمزة على أصلها إن كانت أصلية، وتقلب واوًا إن كانت زائدة في المفرد للتأنيث، ثم صار هذا المفرد علمًا لمذكر، ويجوز الأمران إن كانت مبدلة من أصل أو للإلحاق.
9 قيد المصنف هذه المفردات بكونها أعلاما لمذكرين؛ ليصح جمعها هذا الجمع الذي يجب أن يكون مفرده علمًا، أو صفة لمذكر.(4/175)
باب كيفية جمع الاسم جمع المؤنث السالم 1:
يسلم في هذا الجمع ما سلم في التثنية؛ فتقول في جمع هند: هندات؛ كما تقول في تثنيتها: هندان، إلا ما ختم بتاء التأنيث2؛ فإن تاءه تحذف في الجمع3 وتسلم التثنية، تقول في جمع مسلمة: مسلمات، وفي تثنيتها: مسلمتان، ويتغير فيه ما تغير في التثنية، تقول: حبليات، وصحراوات بالواو؛ كما تقول في تثنيتهما: حبليان، وصحراوان.
وإذا كان ما قبل التاء حرف علة أجريت عليه بعد حذف التاء ما يستحقه4 لو كان آخرًا في أصل الوضع؛ فتقول في نحو: ظبية وغزوة: ظبيات وغزوات؛ بسلامة الياء والواو، وفي نحو: مصطفاة وفتاة: مصطفيات وفتيات، بقلب الألف ياء5، وقال الله -تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ} 6.
__________
هذا باب كيفية جمع الاسم جمع المؤنث السالم:
1 تقدم ما ينقاس فيه هذا الجمع في الجزء الأول صفحة: 77. ولا يجمع المنقوص جمع مؤنث سالمًا إلا إذا سمي به مؤنث، ثم زيدت في آخره الألف والتاء، وحينئذ يعامل معاملته في التثنية.
2 سواء كانت زائدة كقائمة، أو بدلا من أصل، كأخت، وبنت، وعده.
3 وذلك لئلا يجمع بين علامتي تأنيث ثم يعامل الاسم بعد حذفها معاملة العاري منها.
4 أي: من تصحيح وإعلال.
5 وذلك رجوعا إلى الأصل في فتاة ولزيادتها على الثلاثة في مصطفاة.
6 [سورة النور الآية: 33] .(4/176)
وفي نحو: قناة1 قنوات بالواو، وفي نحو: نباءة: نباءات ونباوات2، وفي نحو قراءة3: قراءات بالهمزة لا غير.
فصل: إذا كان المجموع بالألف والتاء،: اسمًا، ثلاثيا، ساكن العين، غير معتلها، ولا مدغمها4؛ فإن كانت فاؤه مفتوحة لزم فتح عينه5 نحو: سجدة ودعد؛ تقول:
__________
1 تطلق القناة: على الرمح، وعلى الحفرة يجري فيها الماء.
2 لأن الهمزة بدل من واو، فيجوز فيها التصحيح والإعلال كما مر، والباوة والنبوة، ما ارتفع من الأرض.
3 هي الناسكة المتعبدة، كالقارئة.
وفي جمع المقصور وحده، يقول الناظم:
واحذف من المقصور في جمع على ... حد المثنى ما به تكملا
والفتح أبق مشعرًا بما حذف ... وإن جمعته بتاء وألف
فالألف اقلب قلبها في التثنيه ... وتاء ذي التا الزمن تنحيه*
أي: إذا جمتع المقصور جمع مذكر سالمًا فاحذف منه ما اكتمل به لفظه وختم، وهو الألف قبل مجيء علامة الجمع، وأبق الفتحة دليلا على الألف المحذوفة، وإن جمعته جمع مؤنث سالمًا، فاقلب ألفه كما تقلب في التثنية، وإذا كان في المفرد تاء بعد الألف فنحها؛ أي: احذفها واقتصر الناظم على حكم جمع المقصور، وترك حكم المنقوص والممدود؛ لأن حكمها عند الجمع كحكمها عند تثنيتهما وقد ذكر ذلك.
4 جملة الشروط خمسة.
5 أي: اتباعًا لحركة فائه، فيتماثلان في الحركة؛ سواء في ذلك العاقل وغيره صحيح الفاء=
__________
* "من المقصور في جمع" متعلقان باحذف. "على حد" متعلق بمحذوف نعت لجمع والمثنى مضاف إليه. "ما" اسم موصول مفعول احذف، "به" متعلق بتكملا الواقع صلة لما.
"والفتح" مفعول لأبق. "مشعرًا" حال من الفتح، أو من الضمير في أبق. "بما" متعلق بمشعرا، وما اسم موصول. "حذف" فعل ماض للمجهول والجملة صلة ما. "جمعته" فعل الشرط والهاء عائدة على المقصور.
"فالألف" الفاء واقعة في جواب الشرط، والألف مفعول اقلب مقدم. "قلبها" مفعول مطلق ومضاف إليه، "في التثنية" متعلق بقلب. "وتاء" مفعول أول الزمن مقدم. "ذي التاء" مضاف إليه. "تنحية" مفعول ثان لألزمن.
والتنحية: مصدر نحيته، جعلته في ناحية.(4/177)
سجدات، ودعدات، قال الله تعالى: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ} 1، وقال الشاعر:
بالله يا ظبيات القاع قلن لنا2
__________
=
واللام، أو أحدهما مؤنث التاء أو المعنى.
وفي هذا الاتباع الواجب، يقول الناظم:
والسالم العين الثلاثي اسما أنل ... إتباع عين فاءه بما شكل
إن ساكن العين مؤنثا بدا ... مختتما بالتاء أو مجردًا*
أي: إذا جمعا الاسم الثلاثي، والصحيح العين؛ أي: غير معتلها ولا مضعفها الساكنها، المؤنث المختوم بالتاء أو المجرد منها بالألف وتاء؛ فأنل؛ أي: امنح اتباع عينه الساكنة الحركة التي شكلت بها فاؤه.
1 [سورة البقرة الآية: 167] .
2 صدر بيت من البسيط ينسب إلى عبد الله بن عمرو العرجي، وقيل لغيره، وحقق بعضهم أنه لبدوي اسمه: كامل الثقفي، وعجزه:
ليلاي منكن أم ليلى من البشر
اللغة والإعراب: ظبيات: جمع ظبية، هو الحيوان المعروف، واستعير هنا للمليحة من النساء، القاع: الأرض السهلة المطمئنة التي انفرجت عنها الجبال والآكام.
"بالله" متعلق بفعل قسم محذوف. "ليلاي" مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على الألف، وهو مضاف إلي ياء المتكلم "منكن" متعلق بمحذوف خبر، والجملة مقول القول: "أم" عاطفة معادلة للهمزة المحذوفة في ليلاي، والتقدير: أليلاي؟ "ليلي من البشر" مبتدأ وخبر.
المعنى: واضح
الشاهد: في ظبيات؛ فقد فتح العين؛ وهي الياء، اتباعًا لفتحة الفاء، وهي الظاء، والجمع مؤنث مستكمل الشروط المذكورة.
__________
* "والسالم العين" السالم مفعول أول لأنل مقدم. "العين" مضاف إليه. "الثلاثي" صفة للسالم، "اسما" حال من الثلاثي. "إتباع" مفعول أنل الثاني "عين" مضاف إليه من إضافة المصدر إلى مفعوله الأول بعد حذف فاعله.
"فاءه" مفعول إتباع الثاني ومضاف إليه، "بما" متعلق بإتباع. "شكل" ماض للمجهول ونائب فاعله يعود إلى الفاء، والجملة صلة ما والعائد محذوف؛ أي: بالذي شكل به.
"ساكن العين مؤنثا" حالان من ضمير بدا العائد إلى "السالم العين". "بدا" فعل الشرط، وجوابه محذوف؛ أي: فأنله ما ذكر. "مختتما" حال ثالثة من فاعل بدا "بالتا" متعلق به "أو مجردًا" معطوف على مختتما.(4/178)
وأما قوله:
وحملت زفرات الضحى فأطقتها ... وما لي بزفرت العشي يدان1
فضرورة حسنة؛ لأن العين قد تسكن للضرورة مع الإفراد والتذكير2
كقوله:
يا عمرو يابن الأكرمين نسبا3
__________
1 بيت من الطويل، لعروة بن حزام العذري من قصيدة في محبوبته عفراء:
اللغة والإعراب: زفرات: جمع زفرة؛ وهي خروج النفس ممتدًا مع أنين وشدة.
فأطقتها: تحملتها مع مشقة وجهد. يدان: تثنية يد؛ بمعنى القوة والقدرة.
"حملت" فعل ماض للمجهول. والتاء نائب فاعل وهي المفعول الأول "زفرات" مفعول ثان. "وما" الواو عاطفة، وما نافية مهملة. "لي" جار ومجرور خبر مقدم. "بزفرات" متعلق بيدان الواقع مبتدأ مؤخرًا؛ لأنه في معنى قدرة، والعشي مضاف إليه.
المعنى: تحملت في جهد ومشقة، ما أصابني من شدة الوجد والهيام في فترة الضحى، وليس لي قدرة على تحمل زفرات العشي، وخص هذين الوقتين؛ لأن عادة المحب المتيم أن يقوي الهيام به الهيام فيهم.
الشاهد: تسكين العين في "زفرات" في الموضعين، وعدم اتباعها الفاء في الفتح على القياس للضرورة الشعرية.
2 أي: فتسكينها في الجمع في هذا البيت أولى.
3 صدر بيت من الرجز، أنشده ابن الأعرابي، وعجزه.
قد نحب المجد عليك نحبا
اللغة والإعراب: النحب: شدة البكاء، ويطلق على النذر، والخطر العظيم، ولعل ذلك هو المراد هنا، "يا عمرو" يا للنداء وعمرو منادى مبني على الضم، "يابن الأكرمين" ابن منادى أيضًا منصوب مضاف إلى الأكرمين. "نسبا" -بسكون السين- تمييز.
المعنى: ينادي عمرًا ويقول له: إنك سليل الكرماء من جهة الآباء والأمهات، وإن المجد ضرب عليك، فهو ملازم لك لا يفارقك أبدًا.
الشاهد: في "نسبا"؛ حيث سكنت السين فيه وهو مفرد للضرورة، مع أنها مفتوحة والفتحة خفيفة.(4/179)
وإن كان1 مضموم الفاء، نحو: خطوة وجمل2، أو مكسورها، نحو: كسرة وهند جاز لك في عينه: الفتح، والإسكان مطلقًا3، والإتباع4؛ إن لم تكن الفاء مضمومة واللام ياء5 كدُمية وزُبية ولا مكسورة، واللام واوًا6 كذِورة ورِشوة، وشذ: جِرِوات بالكسر7.
__________
1 أي: الاسم المستوفي للشروط الخمسة المتقدمة.
2 جمل: علم امرأة.
3 أي: عن القيد الآني المشروط في الإتباع.
4 أي: لحركة الفاء.
5 فيمتنع الضم، وذلك لثقل الضمة قبل الياء.
6 فيمتنع الكسر، وذلك لاستثقال الكسرة قبل الواو.
7 أي: بكسر الراء إتباعا للجيم، وجروات: جمع جروة، وهي الأنثى من ولد الكلب والسبع والصغيرة من القثاء.
وفي بيان ما يجوز في العين الساكنة بعد فاء غير مفتوحة، يقول الناظم:
وسكن التالي غير الفتح، أو ... خففه بالفتح فكلا قد رووا
ومنعوا إتباع نحو "ذِروه ... وزُبية" وشذ كسر "جِروه"*
أي: إذا كانت عين الجمع الثلاثي بعد فاء غير مفتوحة -أي: مضمومة أو مكسورة- جاز في العين الساكنة بقاؤها على سكونها، أو تخفيفها بالفتحة، أو إتباعها لحركة الفاء من ضم أو كسر, ومنع النحاة الإتباع في نحو "ذروة" من الاسم المكسور الفاء واوي اللام؛ لثقل الكسرة قبل الواو؛ ونحو: "زبية" من المضموم الفاء يائي اللام لثقل الضمة قبل الياء. وشذ ما خالف ذلك؛ نحو: "جروة" فإنه مكسور الفاء واوي اللام، وجاء بالإتباع شذوذا.
__________
* "التالي" مفعول سكن. "غير الفتح" غير مفعول التالي، والفتح مضاف إليه. "فكلا" مفعول "رووا" مقدم.
"إتباع" مفعول منعوا. "نحو ذروة" مضاف إليه. "وزبيه" عطف على ذروة، والذروة -بالضم والكسر- أعلى الشيء، والزبية: حفرة تحفر ليقع فيها الأسد وغيره مما يصاد. والجروة -مثلثة الجيم: الأنثى من ولد الكلب أو السبع.(4/180)
ويمتنع التغيير 1 في خمسة أنواع:
أحدها: نحو: زينبات وسعادات؛ لأنهما رباعيان لا ثلاثيان.
الثاني: نحو: ضخمات وعبلات2؛ لأنهما وصفان لا اسمان: وشذ كهلات بالفتح3، ولا ينقاس خلافًا لقطرب4.
الثالث: نحو: شجرات وسمرات5 ونمرات6؛ لأنهن محركات الوسط، نعم يجوز الإسكان في نحو: سمرات ونمرات7؛ كما كان جائزًا في المفرد8؛ لا أن ذلك حكم تجدد حالة الجمع.
الرابع: نحو: جوزات وبيضات9؛ لاعتلال العين، قال الله -تعالى: {فِي
__________
1 أي: مع العين.
2 جمع عبلة، وهي الضخمة الجسم، والعبل: الضخم من كل شيء، وهي بهاء والجمع كجبال.
3 أي: بفتح الهاء، وهي جمع كهلة، والقياس الإسكان؛ لأنه صفة, والكهل: من وخطه الشيب أو من جاز الثلاثين إلى الخمسين، وهي بهاء. ويقال: اكتهل الرجل أي: كهلا، قال صاحب القاموس: والجمع كهلات ويحرك، ولا يقال: كهلة إلا مزدوجًا بشهلة.
4 فقد أجاز القياس عليه، فقال: صعبات وضخمات بالفتح.
5 جمع سمرة؛ وهي شجرة الطلح "وهو شجر عظيم من شجر العضاة".
6 جمع نمرة: أنثى النمر.
7 أي: من كل ثلاثي صحيح العين، وعينه مضمومة أو مكسورة.
8 أي: كما كان الإسكان جائزًا في المفرد للتخفيف فاستصحب مع الجمع.
9 أي: من الواوي أو اليائي الذي قبل حرف العلة فيه فتحة فلا يغير؛ فرارًا من تحريك حرف العلة.(4/181)
رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ} 1، وهُذيل تحرك نحو ذلك2، وعليه قراءة بعضهم: {ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ} ، وقول الشاعر:
أخو بيضات رائح منأوب3
واتفق جميع العرب على الفتح في: عِيرات -جمع عير- وهي الإبل التي تحمل الميرة4، وهو شاذ في القياس5؛ لأنه كبيعة وبيعات، فحقه الإسكان.
__________
1 [سورة الشورى من الآية: 22] .
2 لأنها لا تستثقل فتحة عين المعتل لعروضها، ولا تشترط الصحة في عين الاسم.
3 صدر بيت من الطويل، لشاعر من هذيل يمدح جمله، وعجزه:
رفيق بمسح المنكبين سبوح
اللغة والإعراب: أخو بيضات, أي: صاحب بيضات وملازم لها، وهي جمع بيضة.
رائح: اسم فاعل من راح يروح رواحا، والرواح: السير وقت العشي، والمراد راجع إلى عشه، متأوب: اسم فاعل من تأوب؛ إذا جاء في أول الليل رفيق بمسح المنكبين: عليم بتحريكهما في السير، سبوح: حسن الجري.
"أخو" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هو أخو "بيضات" مضاف إليه. "رائح متأوب" صفتان لأخ، وكذلك "رفيق" و"سبوح" ويجوز أن تجعل خبرًا ثانيًا للمبتدأ.
المعنى: يمدح الشاعر الهزلي جمله، فيقول: إن جملي في سرعة سيره، كذكر النعام الذي له بيضات يحرص عليها، فهو يسعى ليلا ونهارًا بسرعة ومهارة؛ ليصل إليها ويطمئن عليها من أن يعبث بها أحد.
الشاهد: في "بيضات"، حيث فتح العين إتباعًا لحركة الفاء، والاسم ثلاثي معتل العين، وذلك شاذ إلا عند هذيل التي تجيز إتباع العين للفاء على أي حال.
4 الميرة: الطعام المجلوب، وجالبه: ميّار.
5 والقياس تسكين الياء؛ لأن مفرده معتل العين مكسور الفاء، فليس في عينه إلا التسكين.
وفيه شذوذ آخر وهو: جمعه بالألف والتاء، مع أن مفرده ليس مما يجمع بهما قياسًا.(4/182)
الخامس: نحو: حجات وحجات1؛ لإدغام عينه، فلو حرك انفك إدغامه، فكان يثقل، فتفوت فائدة الإدغام2.
__________
1 هو بالفتح جمع حجه، للمرة من الحج، وبالكسر جمع حجة للهيئة منه وبالضم جمع حجة؛ وهي الدليل والبرهان.
2 أي: وهي التخفيف وقد تبين -مما ذكر أن ما خالف الأحكام العامة- فهو نادر، أو شاذ لا يقاس عليه، أو ضرورة شعرية، أو لغة لبعض العرب كهذيل. وفي ذلك يقول الناظم:
ونادر أو ذو اضطرار غير ما ... قدمته أو لأناس انتمى*
تنبيه:
إذا كان المجموع بالألف والتاء صفة على وزن "أفعل" للمذكر و"فعلاء"
للمؤنث، جمعته جمع تكسير على وزن "فُعْل" مثل: حمراء، شقراء، سوداء، بيضاء زرقاء؛ فيقال: هم وهن: حمر، شقر، سود، بيض، زرق.
__________
* "ونادر" خبر مقدم. "أو ذو" عطف عليه، واضطرار مضاف إليه. "غير" مبتدأ مؤخر. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "قدمته" الجملة صلة ما "أو لأناس" أو عاطفة، "لأناس" متعلق بانتمى المنطوقة جملته بأو على خبر المبتدأ. وقد وقع الخبر في البيت مفردا ومضافًا وجملة فتنبه.(4/183)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
الاسئلة والتمرينات:
1 بماذا يستدل على المؤنث الذي ليست فيه علامة تأنيث؟ مثل لما تقول.
2 اذكر الصيغ التي يستوي فيها المذكر والمؤنث، وضعها في جمل مفيدة موضحة.
3 تأتي التاء لمعان غير التأنيث. اذكر هذه المعاني، ووضحها بأمثلة من إنشائك.
4 اذكر خمسة من الأوزان المشتركة بين ألفي التأنيث المقصورة والممدودة، ومثل لها بأمثلة من عندك إذا استطعت:
5 كيف تثني وتجمع المقصور والمنقوص؟ اذكر أمثلة توضح بها ما تقول:
6 اشرح قول ابن مالك الآتي, وبين سبب المنع والشذوذ فيما ذكر.
ومنعوا إتباع نحو ذروه
وزبية وشذ كسر جِروه
7 فيما يأتي شواهد لبعض مسائل في بابي التأنيث، والمقصور والممدود. وضح الشاهد وبين حكمه.
قال -تعالى: {مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} .
{إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} .
{وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى} .
{وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} .
{يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} .
{وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ} .
{هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ} .
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ} .
نحن في المشتات ندعو الجفلى ... لا ترى الآدب فينا ينتقر
=(4/184)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
=
وإذا الشعوب تخاصمت ... فالحق في حد الحسام
وإذا خفيت على الغبي فعاذر ... ألا تراتني مقلة عمياء
8 يقول المتنبي من قصيدة يهجو فيها كافورًا الإخشيدي، ويفتخر بنفسه.
لنعلم مصر ومن بالعراق ... ومن بالعواصم أني الفتى
وأني وفيت وأني أبيت ... وأني عتوت على من عتا
بين في هذين البيتين: حكم الفتى، وعثا، من حيث القصر، ثم هات مصدرًا للأفعال:
وفيت وأبيت، وعتوت، وبين حكمه أيضًا.
9 بين فيما يأتي: المنقوص، والمقصور، والممدود. ما يمكن جمعه، ثم اجمعه وثنه.
صحراء، جرداء. حسن الجزاء عمل هاد إلى الرشاد.
المواء: صوت الهرة، والثغاء صوت الشاة. الرفاء: من صلح الثياب، والعداء: الكثير الجري. يقال: ليلة ليلاء، وديمة هطلاء، وعين نساء، وطاعة عمياء, وفتاة هيفاء.
على الباغي تدور الدوائر. النقا أولى بذي التقى.
10 اجمع الكلمات الآتية جمع مؤنث سالمًا، واشكل العين بما يمكن مبينا السبب:
غرفة، هند، سيرة، خلوة، أكلة، ظبية، سعدى، رضا، هالة، رحمة، حكمة.
11 ثن الكلمات الآتية واجمعها مجموعًا مناسبة، ثم ضع أربعة منها في أساليب مختلفة: الوادي، المقهى، بيداء، المرتقى، راع، مثوى، متداع، المرائي، الحاكي.
12 خاطب غير الواحد بالعبارة التالية:
أبق على مودة صديقك، وارع حقوق الصحبة، واسم بنفسك عن الصغائر وكن لزملائك نعم الهادي، تظفر بمحبتهم وتقديرهم.(4/185)
باب: جمع التكسير 1
وهو ما تغيرت فيه صيغة الواحد؛ إما بزيادة؛ كصِنو وصِنوان2 أو بنقص3؛ كخمة وتخم، أو بتبديل شكل؛ كأسد وأُسد، أو بزيادة وتبديل شكل؛ كرجال، أو بنقص وتبديل شكل؛ كرسل، أو بهن4 كغلمان.
وله سبعة وعشرون بناء: منها أربعة موضوعة للعدد القليل، وهو من الثلاثة إلى العشرة، وهي: "أفْعُلُ" كأكْلُب، و"أفعال" كأجْمال، و"أفعِلَة" كأحمِرة، و"فِعْلة" كصِبية.
__________
هذا باب: جمع التكسير
1 هو: اسم يدل على ثلاثة فأكثر، وله مفرد يشاركه في معناه وفي أصول حروفه سواء كان هذ المفرد حقيقيا، كرجل ورجال، أو تقديريا كجمع المركب كما سيأتي بيانه، وذلك مع تغيير يطرأ على صيغة المفرد؛ لفظيا كان ذلك التغيير، أو تقديريا كفلك للمفرد والجمع؛ فقد قدر في المفرد كـ"قُفل"، وفي الجمع كـ"بدن"، و"هجان" في المفرد، مثل كتاب، وفي الجمع كرجال, وقد بين المصنف أنواع التغيير اللفظي.
2 الصنو: المثل، وجمعه صنوان. قال صاحب اللسان: وإذا كانت نخلتان أو ثلاث أو أكثر أصلها وحد، فكل واحد منها صنو, والاثنان: صنوان بكسر النون، والجمع صنوان بالتنوين، وقوله تعالى: {صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ} أي: نخلات أصلها واحد ومتفرقات مختلفة الأصول [سورة الرعد من الآية: 4] .
3 أي: بنقص بعض الحروف في الجمع.
4 أي: بالنقص، والزيادة، وتبديل الشكل؛ فقد زيد في غلمان ألف ونون في آخره نقص منه الألف قبل الميم، وتبدل شكله عن المفرد.
وقد جمع الناظم ذلك في قوله:
"أفعلة أفعل ثم فِعله" ... ثمت "أفعال" جموع قله*
__________
* "أفعله" مبتدأ. "أفعل" معطوف بحذف العاطف. "ثم فعله" ثمت أفعال معطوفان على أفعله, "جموع قلة" جموع خبر المبتدأ وما عطف عليه، وقلة مضاف إليه.(4/186)
وثلاثة وعشرون للعدد الكثير1؛ وهو ما تجاوز العشرة، وسيأتي.
وقد يستغنى ببعض أبنية القلة عن بناء الكثرة2 كأرجل، وأعناق، وأفئدة3. وقد
__________
1 يزيد عدد الصيغ المشهورة لجموع الكثرة على ثلاثين، وسنشير إلى ما لم يذكره المصنف في موضعه المناسب. أما جمعا الصحيح فيصلحان للقلة والكثرة حقيقة بالاشتراك المعنوي؛ لأنهما موضوعان لمطلق الجمع، من غير نظر إلى قلة أو كثرة؛ إلا إذا وجدت قرينة تعين الجمع لأحدهما دون الآخر ومفردهما لا يتغير في الغالب عند الجمع. وإذا اقترن جمع القلة بأل الاستغراقية، أو أضيف إلى معرفة، انصرف إلى الكثرة.
هذا: واعلم أن أكثر جموع التكسير سماعي، هو متعددة وكثيرة في المراجع اللغوية، وبعضها لا ضابط له، وما ذكره النحاة من الأوزان والضوابط الخاصة بها، إنما هو للغالب والكثير، وليقاس على كل وزن منها ويحمل عليه ما استوفى هذه الشروط، ولم يسمع عن العرب؛ فإذا قيل: إن هذا مطرد، أو قياسي، أو الأصل، أو نحو ذلك، فمعناه: أنه يجوز للمحدثين قياس ما لم يسمع على ما سمع واستوفى شروطه.
وقد نص قرار المجمع اللغوي على ذلك حيث قال: "يرى المجمع أن الكلمات التي يستعملها قدامى النحاة والصرفيين وهي: القياس، والأصل، والمطرد والغالب، والأكثر، الكثير، والباب، والقاعدة ألفاظ متساوية الدلالة على ما ينقاس. وأن استعمال كلمة منها في كتبهم، يسوغ للمحدثين من المؤلفين وغيرهم قياس ما لم يسمع على ما سمع، وأن المقيس على كلام العرب هو من كلام العرب".
2 إما بحسب الوضع؛ بأن يكون العرب قد وضعوا جمعًا على صيغة واحدة لأحد النوعين، واستعملت هذه الصيغة في القلة حينًا، وفي الكثرة حينا آخر، واستغنى بذلك عن وضع صيغة أخرى كما مثل المصنف. أو بحسب الاستعمال؛ بأن تكون وضعت الصيغتين، ولكنها استغنت في بعض المواضع عن إحداهما بالأخرى مجازًا لقرينة، مثل: "أقلام" في قوله تعالى: {مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ} فقد استعمل جمع القلة للكثرة، مع أن للقلم وزن كثرة وهو: "قلام" والمقام مقام مبالغة وتكثير، فكلتا الصيغتين موجودة، تشيع في أحدهما وحده، وتستعمل في الآخر بقرينة في الكلام.
3 جمع رحل، وعنق، وفؤاد، فقد استغني فيها ببناء القة ولم يستعمل لها بناء كثرة.(4/187)
يعكس1 كرجال، وقلوب، وصِردان2، وليس منه3 ما مثل به الناظم، وابنه من قولهم في جمع صفاة -وهي الصخرة الملساء- صُفِيّ؛ لقولهم: أصفاء4 حكاه الجوهري وغيره.
الأول: من أبنية القلة: "أفعُلٌ" بضم العين، وهو جمع لنوعين:
أحدهما: "فَعْل" اسما، صحيح العين5 سواء صحت لامه أم اعتلت بالياء أم
__________
1 فيستغنى ببعض أبنية الكثرة عن بناء القلة؛ إما بحسب الوضع؛ كما مثل المصنف، أو بحسب الاستعمال اعتمادا على القرينة، نحو: "ثلاثة قروء"؛ فقد قرنت ثلاثة بجمع الكثرة، مع وجود جمع القلة وهو "أقراء".
2 جمع: رجل، وقلب، وصرد "اسم لطائر فوق العصفور نصفه أبيض ونصفه أسود" فقد استغني فيها بجمع الكثرة، ولم تضع العرب لها جمع قلة.
3 أي: من هذا القسم الذي لم تضع له العرب بناء قلة، وأغنى فيه جمع الكثرة.
4 فتكون حينئذ مما وضعت له العرب بناء قلة، واستغنت عنه ببناء الكثرة مثل "قروء" وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله:
وبعض ذي بكثرة وضعا يفي ... كـ"أرجل"، والعكس جاء "كالصُّفِى"*
أي: بعض هذه الأوزان قد يفي بالكثرة ويدل عليها ويغني فيها كأرجل جمع رجل؛ فإنها للقلة والكثرة بحسب الوضع، ولكنها في أحدهما أكثر شيوعا، وجاء العكس مثل "الصفي" جمع صفاة، فهو بناء كثرة يغني عن القلة.
وإذا لم يسمع للكلمة جمع في اللغة؛ يرى مجمع اللغة العربية: أن يختار لها صيغة جمع القلة الذي يطرد في وزنها، وإذا وجد لها صيغتان للجمع، اختير أقواها وأشهرها، وإن تساويا في القوة، اختيرا معا، ويكتفى بجمع واحد في المصطلحات العلمية أيا كان.
5 وليست فاؤه واوًا، كوقت ووعد. وليس مضعفًا كعم وجد.
__________
* "وبعض ذي" بعض مبتدأ، واسم الإشارة مضاف إليه يعود إلى المتقدم. "بكثرة" متعلق بيفي "وضعًا" منصوب على نزع الخافض، أو تمييز، أو مصدر في موضع الحال, أي: ذا وضع "يفى" الجملة خبر المبتدأ. "والعكس"مبتدأ. "جاء" الجملة خبر. "كالصفي" خبر لمبتدأ محذوف.(4/188)
بالواو، نحو: كلب، وظبي، وجرو1 بخلاف نحو: ضخم؛ فإنه صفة، وإنما قالوا: أعْبُد2 لغلبة الاسمية، وبخلاف نحو: سوط وبيت؛ لاعتلال العين، وشذ قياسا3 أعين، وقياسًا وسماعًا: أثوب وأسيف.
قال:
لكل دهر قد لبست أثوبًا4
وقال:
كأنهم أسيف بيض يمانية5
__________
1 جمعها: أكلب، وأظب، وأجر؛ وأصل أظب وأجر: أظبي، وأجرو استثقلت الضمة على الياء في أظبي فحذفت، فالتقى ساكنان: الياء والتنوين، فحذفت الياء للتخلص من الساكنين كحذفها في المنقوص، وفي أجرو، قلبت ضمة الراء كسرة ثم الواو ياء لوقوعها متطرفة إثر كسرة، ثم حذفت كقاض.
2 جمع عبد، مع أنه صفة.
3 أي: لا استعمالا؛ لكثرته واستعماله في القرآن الكريم، قال -تعالى: {وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا} ، {وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ} [سورة التوبة من الآية: 92] ، و [سورة الزخرف الآية: 71] .
4 بيت من الرجز المشطور، لمعروف بن عبد الرحمن، ونسبه بعضهم إلى حميد بن ثور، وبعده:
حتى اكتسى الرأسف قناعا أشيبا
أملح لا لذا ولا محببا ... أكره جلباب إذا تجلببا
اللغة والإعراب: القناع: ما تقنع به المرأة رأسها، وهو أوسع من المقنعة، وأراد به هنا: الشعر الأبيض الذي يغطي الرأس. لا لذا: ليس لذيذا. "لكل" متعلق بلبست. "دهر" مضاف إليه، "أثوابا" مفعول لبست. "أشيبا" صفة لقناعا.
المعنى: يصف نفسه بالحنكة والحزم فيقول: لبست لكل زمان لبوسه، فعاملت الناس بما يتفق وزمانهم، وتخلقت بأخلاق كل زمان، وسايرتهم حتى شاب رأسي.
الشاهد: جمع ثوب على أثوب شذوذًا، والقياس: جمعه على أثواب، أو ثياب.
5 صدر بيت من البسيط، لم نقف على قائله، وعجزه.
عضب مضاربها باق بها الأثر
=(4/189)
الثاني: الاسم، الرباعي، المؤنث1 الذي قبل آخره مدة2؛ كعناق3 وذراع، وعقاب، ويمين، وشذ في نحو: شهاب وغراب، من المذكر4.
__________
= اللغة والإعراب: أسيف: جمع سيف. بيض: جمع بيض، والمراد: شديد البريق واللمعان، يمانية: منسوبة إلى اليمن، وقد زادوا في النسبة إليه ألفًا قبل النون واستغنى بذلك عن ياء النسبة، فقالوا: يمان؛ يريدون: يمني. وفي الحديث: "العلم يمان والحكمة يمانية" عضب: قاطع. مضاربها: جمع مضرب، وهو نحو شبر من طرف السيف. الأثر: ما بقي من أثر ضربة السيف. "كأنهم" كأن حرف تشبيه ونصب، وضمير الغائبين اسمها، "أسيف" خبر. "بيض يمانية" نعتان لأسيف، وكذلك ما بعدهما.
المعنى: يصف هؤلاء القوم بكرم الأصل، ومضاء العزيمة وصفاء الخلق، فيقول: كأنهم في ذلك سيوف يمانية شديدة اللمعان, عظيمة القطع, لا يزال بها أثر الضرب والطعن.
الشاهد: جمع سيف على أسيف شذوذًا، والقياس: سيوف، وأسياف.
1 أي: تأنيثًا معنويا بغير علامة تأنيث ظاهرة.
2 أي: ألف أو واو، أو ياء.
3 العناق هي: الأنثى من أولاد المعز، والجمع: أعنق، وعنوق. والعناق أيضًا:
الداهية والأمر الشديد، وفي المثل: "العُنُوق بعد النوق" يضرب في الضيق
بعد السعة.
4 خرجت الصفة، كشجاع. والثلاثي، كدار ونار، وشذ أدور وأنور، وغير المؤنث، كعمود ورغيف، وما فيه علامة ظاهرة، كسحابة ونعمى. وما ليس قبل آخره مدة، كزينب، وفي "أفعُل" وما يطرد فيه، يقول الناظم:
لفعل اسمًا صح عينا "أفْعُل" ... وللرباعي اسما أيضا يجعل
إن كان كالعناق والذراع في ... مد وتأنيث وعد الأحرف*
=
__________
* "لفعل" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "اسما" حال منه. "صح" الجملة نعت لاسما. "عينا" تمييز محول عن الفاعل. "أفعل" مبتدأ مؤخر. "وللرباعي" متعلق بيجعل في موضع المفعول الثاني له. "اسما" حال من الرباعي. "أيضًا" مفعول مطلق لمحذوف "يجعل" نائب فاعله يعود إلى أفعل وهو مفعوله الأول.
"إن كان" شرط وفعله، واسم كان يعود إلى الرباعي. "كالعناق" متعلق بمحذوف خبر كان، وجواب الشرط محذوف. "في مد" متعلق بكان، أو بما تعلق به خبرها. "وتأنيث وعد" معطوفان على مد، و"الأحرف" مضاف إليه.(4/190)
الثاني: "أفعال" وهو لاسم ثلاثي لا يستحق "أفْعُلُ"؛ إما لأنه على "فَعْل" ولكنه معتل العين، نحو: ثوب وسيف؛ أو لأنه على غير "فَعْل"1، نحو: جَمَل، ونَمِر، وعَضُد، وحِمْل، وعِنَب، وإِبِل، وقُفْل، وعُنُق، ولكن الغالب في "فُعَل" بضم الأول وفتح الثاني: أن يجيء على "فِعْلان"؛ كصُرَد، وجرذ، ونغر، وخزز2. وشذ نحو: أرطاب3، كما شذ في "فَعْل" المفتوح الفاء الصحيح العين الساكنها نحو: أحمال، وأفراخ، وأزناد4.
قال الله -تعالى: {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ} 5.
__________
= أي: إن "أفعُل" يكون جمعًا لكل اسم ثلاثي على وزن "فَعْل" صحيح العين، ولكل اسم رباعي يكون كالعناق؛ في وجود مدة قبل آخره، وفي التأنيث وعدد الحروف. وقد أوضحنا وأوضح المصنف القول في ذلك.
ومما شذ: جبل وأجبل، وعنق وأعنق، وضلع وأضلع، ونعمة، وأنعم، وذئب وأذؤب.
هذا: ويحفظ: "أفعل". كما قال صاحب التصريح "في فعَل" كجبل، و"فعُل" كضبع، و"فعل" كعنق، و"فُعْل" كقفل و"فِعَل" كضلع، و"فَعَلة" كأكمة، وكلها من الأسماء.
وفي "فِعْل" اسمًا وصفة؛ كذئب وجلف، و"فِعْلة" كذلك كنعمة وشدة.
1 ويشمل ذلك ثمانية أوزان: فتح الفاء مع فتح العين وكسرها وضمها.
وكسر الفاء مع سكون العين وفتحها وكسرها.
وضم الفاء مع سكون العين وضمها وقد مثل لها المصنف على هذا الترتيب.
2 الصرد: طائر ضخم يصطاد العصافير: والجرذ: نوع من الفأر، والنغر، طير كالعصفور أحمر اللون يسمى "البلبل" والأنثى نغرة. والخزز: ذكر الأرانب
والجمع خزان، وأخزة، وموضعها: مخزة، ومنه اشتق الخز.
3 جمع رطب، وكذلك أرباع، جمع ربع.
4 الزند: موصل طرف الذراع في الكف، والعود الأعلى الذي يقدح به النار، والأسفل: زنده، ولا يقال: زندتان، والجمع: زناد، وأزند.
5 [سورة الطلاق من الآية: 4] .(4/191)
وقال الحطيئة:
ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ1
وقال آخر:
وزندك أثقب أزنادها2
__________
1 صدر بيت من البسيط، وعجزه:
زغب الحواصل لا ماء ولا شجر
وهذا البيت من قصيدة للحطيئة، يخاطب سيدنا عمر بن الخطاب، وكان قد حبسه حين هجا الزبرقان بن بدر بقوله:
دع المكارم لا ترحل لبغييها ... واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
اللغة والإعراب: لأفراخ: الأفراخ: جمع فرخ وهو ولد الطائر، والمراد هنا: الصغار من أولاد الشاعر. "ذو مرخ" اسم واد باليمامة. زغب: جمع زغباء من الزغب، وهو أول ما ينبت من الريش والشعر. الحواصل: جمع حوصلة، وهي كيس في أسفل عنق الطائر يجتمع فيه غذاؤه، وهذا كناية عن صغر الفرخ وضعفه. "ماذا" اسم استفهام مبتدأ وخبر أو مفعول لتقول: "زغب الحواصل" زغب صفة لأفرخ والحواصل مضاف إليه. "لا" نافية. "ماء" مبتدأ والخبر محذوف؛ أي: لهم. "ولا" الواو عاطفة ولا زائدة لتأكيد النفي. "شجر" معطوف على ماء.
المعنى: ما قولك في أولاد صغار بهذا المكان، ولا ماء عندهم ولا شجر، إذا شكوا إليك حالهم وما هم فيه من حاجة؟ وبعد هذا البيت:
ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة ... فاغفر عليك سلام الله يا عمر
قيل: إن عمر لما سمع ذلك رق له وأخرجه من السجن: ويقولون: إن "ذو مرخ واد كثير الشجر، ولكنه قال: لا ماء ولا شجر، من باب التلطف لا غير.
الشاهد: جمع "فرخ" على أفراخ شذوذًا، القياس: أفرخ، وفراخ.
2 عجز بيت من المتقارب للأغشى؛ ميمون بن قيس، يمدح قيس بن معد يكرب الكندي. وهو من شواهد سيبويه، وصدره.
وجدت إذا أصلحوا خيرهم
اللغة والإعراب: وجدت: ألفيت. أصلحوا، المراد: أصلحوا شئونهم، وورد اصطلحوا من الصلح. زندك: الزند: تقدم معناه قريبًا، أثقب: أكثر نارًا واشتعالا، من أثقب النار=(4/192)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
= أوقدها؛ وهذا كنابة عن كثرة جوده وفضله, "وجدت" فعل ماض للمجهول، والتاء نائب فاعل، "خيرهم" خير مفعول ثان لوجد، وهم مضاف إليه، "وزندك" الواو للحال، وزندك مبتدأ ومضاف إليه "أثقب" خبر مضاف إلى ما بعده وروي: أثبت.
المعنى: تبين أنك خيرهم وأفضلهم في صفات الرجولة؛ إذا أصلحوا شئونهم عند الصلح وأنك أمضاهم عزيمة وأنفذهم عملا.
الشاهد: جمع "زند" على أزناد شذوذًا؛ لأنه اسم ثلاثي صحيح العين على وزن "فعل" والقياس فيه: أزند. وفي صيغة "أفعال" يقول الناظم:
وغير ما "أفْعُلُ" فيه مطرد ... من الثلاثي اسما "بأفعال" يرد
وغالبا أغناهم "فِعْلان" ... في فُعَل، كقولهم صِردان*
أي: إن ما لا يطرد فيه "أفعل" من الثلاثي يجمع على أفعال، وقد أوضحنا ذلك ويغلب أن يجمع "فعل" على "فعلان" كجمع صُرد على صردان.
هذا: وفي جعلهم جمع "فَعْل" المفتوح الفاء صحيح العين ساكنها على "أفعال" من قبيل الشذوذ نظر. والصواب -كما حققه بعض العلماء- جواز جمعه على أفعال قياسيا, فيقال: بحث وأبحاث، وشكل وأشكال، وسهم وأسهام....إلخ؛ فقد ورد منه ألفاظ كثيرة في لسان العرب تكفي لجعله قياسيا؛ كحبر وأحبار، ولفظ وألفاظ ورأي وآراء ... إلخ.
وقد عد بعض أعضاء المجمع اللغوي أكثر من ثلثمائة وأربعين لفظًا منه.
وإذا كان "فعل" واوي الفاء أو مضعفا، فإنه يكثر مجيئه على "أفعال" كوقت وأوقات, ووكر وأوكار، ووهم وأوهام، ورب وأرباب وفذ وأفذاذ، ومجيئه على "أفعل" قليل.
ومما حفظ فيه "أفعال": "فعيل" بمعنى فاعل كشهيد، و"فَعول" كعدو و"فعلة" كهضبة، و"فعلة" كتمرة، و"فعلة" كنضوة؛ للهزيلة من النوق، و"فعال" كجبان.
قيل: وقد تجيء "أفعال" في المفرد نادرًا. ومن ذلك: "برمة أعشار" أي: مكسرة إلى عشرة أجزاء، وثوب أخلاق "ممزق بال" ونطفة أمشاج "مختلطة بماء المرأة ودمها" والأكثرون على أن مثل هذه الأمثلة من وصف المفرد بالجمع شذوذًا.
__________
* "وغير" مبتدأ "ما" اسم موصول مضاف إليه "أفعل" مبتدأ "فيه" متعلق ومطرد الواقع خبرًا لأفعل، والجملة صلة ما "من الثلاثي" متعلق بمحذوف حال من غير أو من ضمير مرد "اسما" حال من الثلاثي. "بأفعال" متعلق بيرد الواقع خبرًا لغير.
"وغالبًا منصوب بنزع الخافض "فعلان" فاعل أغناهم والضمير للعرب "في فعل" متعلق بأغنى "كقولهم" خبر لمبتدأ محذوف "صردان" خبر لمبتدأ محذوف أيضًا. أي: هذه صردان والجملة مقول القول.(4/193)
الثالث: "أفْعِله" وهو لاسم، مذكر، رباعي بمدة قبل الآخر1 نحو: طعام، وحمار، وغراب، ورغيف، وعمود، والتزم في "فَعَال" بالفتح, و"فِعال" بالكسر, مضعفي اللام2 أو معتليها؛ فالأول: كبتات3 وزمام، والثاني: كقباء وإناء.
الرابع: "فِعْلَة" بكسر أوله وسكون ثانيه, وهو محفوظ4 في نحو: ولد، وفتى،
__________
1 سواء أكان مفتوح الفاء أم مكسورها أم مضمومها؛ وقد مثله لها المصنف على هذا الترتيب.
2 المراد بتضعيف اللام: أن تكون هي والعين من جنس واحد.
3 البتات: الزاد، والجهاز، ومتاع البيت وفي الحديث: "لا يؤخذ منكم عشر البتات".
والزمام: الخيط الذي يشد في البرة ويشد في طرفه المقود، وقد يسمى المقود زمامًا، والجمع أبتّه وأزمة، والأصل أبتتة، وأزممة؛ التقى مثلان، فنقلت حركة أولهما إلى الساكن قبلهما ثم أدغما.
هذا: ويجمع "فعال" كزمان، و"فعال" كإزار، و"فعيل" كقضيب، و"فعول" مذكرا كعمود، جمع كثرة، على "فُعل" وفي صيغة "أفعلة" يقول الناظم:
في اسم مذكر رباعي بمد ... ثالث "أفعِلَة" عنهم اطرد
والزمه في فَعَال أو فِعَال ... مصاحبي تضعيف أو إعلال*
أي: إن "أفعلة" يطرد جمعًا لكل اسم مذكر رباعي ثالثة مدة، ويلتزم "أفعله" في جمع المضاعف أو المعتل اللام؛ من "فَعل" أو فِعال" على النحو الذي شرح.
4 ليس لهذه الصيغة مفردات لها أوصاف معينة تطرد فيها، وإنما سمعت في مفردات معدودوة على أوزان ستة، وهي: "فَعل" و"فِعل"، و"فَعال"، و"فَعيل" وقد مثل لها المصنف على هذا الترتيب.
__________
* "في اسم" متعلق باطرد "مذكر رباعي" صفتان له. "بمد" متعلق بمحذوف صفة ثالثة لاسم, أو حال منه. "ثالث" مضاف إليه. "أفعلة" مبتدأ. "عنهم" متعلق باطرد الواقع خبرًا للمبتدأ.
"والزمه"؛ فعل أمر والضمير البارز مفعوله عائد على أفعلة "مصاحبي" حال من فعال وفعال. "تضعيف" مضاف إليه. "أو إعلال" معطوف على تضعيف.(4/194)
ونحو: شيخ، وثور، ونحو: ثَنًى1، ونحو: غزال، ونحو: غلام، ونحو: صبي، وخَصي2، ولعدم اطراده قال أبو بكر3: هو اسم جمعٍ لا جمعٌ.
والأول: من أبنية الكثرة: "فُعل" بضم أوله وسكون ثانيه، وهو جمع لشيئين:
أحدهما: "أفْعَل"؛ مقابل فعلاء4 كاحمر.
أو ممتنعة مقابلته لها لمانع خِلْقِي5؛ نحو "أكْمَر، وآدَرَ"6، بخلاف نحو: آلَى7 لكبير الألية؛ فإن المانع من "إلياء" تخلف الاستعمال8.
والثاني: "فَعْلاء"؛ مقابلة "أفْعَل" كحمراء، أو ممتنعة مقابلتها له المانع خِلْقيّ، كرَتْقاء، وعَفْلاء9 بالعين؛ بخلاف نحو: عجزاء لكبيرة العجز10.
__________
1 وزنه "فِعل" والثنى: الشيء الذي يعاد مرتين. وفي الحديث: "لا ثِنَى في الصدقة" , أي: لا تؤخذ مرتين في العام، والثنى أيضًا: الثاني من السيادة كالوزير بالنسبة للسلطان.
2 وزنهما: "فِعيل".
3 هو أبو بكر بن السراج. انظر التعريف به صفحة 161، جزء أول.
4 أي: "أفعل" وصف لمذكر يقابل "فَعلاء" وصفًا لمؤنث، فجمعهما "فعل".
5 وذلك بأن تكون خلقة المذكر أو المؤنث غير قابلة للوصف.
6 الأكمر: العظيم الكمرة، وهي حشفة الذكر والآدر: العظيم الأدرة وهي الخصية المنتفخة.
7 بهمزة ممدودة ثم ألف بعد اللام، أصله: أألي، قلبت الهمزة الثانية ألفًا، ثم الياء لتحركها وانفتاح ما قبلها.
8 فقد استعملوا "آلى" في المذكر، ولم يستعملوا في المؤنث "الياء".
9 الرتق: انسداد الفرج باللحم العَفل: شيء يجتمع في قبل المرأة يشبه الأدرة للرجل.
10 فإن المانع من "أعجز" تخلف الاستعمال لا غير؛ فإن العرب قالوا في المؤنث "عجزاء"، ولم يقولوا في المذكر "أعجز".=(4/195)
الثاني: "فُعُل" بضمتين، وهو مطرد في شيئين؛ في وصف على "فَعُول" بمعنى فاعل1، كصبور وغفور، وفي اسم رباعي بمدة قبل لام غير معتلة مطلقًَا، أو غير مضاعفة إن كانت المدة ألفًا نحو: قَذال وأتان2، ونحو: حمار وذراع، ونحو: قُراد
__________
= هذا: ويجب قلب ضمة فاء هذا الجمع كسرة، إذا كانت عينه ياء لتسلم من القلب نحو أبيض وعيناء؛ تقول في جمعهما: بيض وعين تصحيحًا للعين، ويكون وزن الفعل مع هذا "فعل" كأصله. وإن كانت عينه صحيحة أو معتلة بالواو، تركت الفاء مضمومة، نحو: خضر وسود وحوّ؛ في جمع أخضر، وأسود، وأحوى: "الحوة: سواد يميل إلى الخضرة، أو حمرة تميل إلى السواد" ويكثر في الشعر ضم عين هذا الجمع إذا كانت صحيحة هي واللام وغير مضعفة، نحو: النُّجُل في قول الشاعر:
طوى الجديدان ما قد كنت أنشره ... وأنكرتني ذوات الأعين النجل
فلا يضم معتل العين كسود ولا المضعفة كغر؛ جمع أعز، أو اغراء، ولا معتل اللام، كعمى
جمع: أعمى وعمياء. وفي "فعل" و"فَعْلة" يقول الناظم:
فُعْل لنحو أحمر وحمرا ... وفعلة جمعا بنقل يدري
أي: إن "فعل" من جموع الكثرة، يطرد في كل وصف يكون مذكره على "أفعل" ومؤنثه على "فعلاء" و"فعلة" من جموع القلة, يدري مفردة ويعرف بالنقل عن العرب، ولا ضابط له، وشذ جمع بدنه على بدن، وأسد على أسد، وبازل على بزل.
1 فإن كان بمعنى مفعول لم يجمع هذا الجمع، نحو: رَكوب، وحلوب.
2 القذال: جماع مؤخر الرأس, ومعقد العذار من الفرس خلف الناصية. والأتان: أنثى الحمير وقد مثل المصنف بمثالين لكل من المذكر والمؤنث، في مفتوح الفاء ومكسورها ومضمومها، وكذلك لما مدته ياء، أو واو للمذكر والمؤنث، ثم لما مدته ياء أو واو مع التضعيف على هذا الترتيب.
__________
* "فعل" مبتدأ. "لنحو" متعلق بمحذوف خبر. "أحمر" مضاف إليه، وصرف للضرورة. "وفعلة" مبتدأ. "جمعًا" مفعول ثان مقدم ليدري. "بنقل" متعلق بيدري الواقع خبرًا للمبتدأ، ونائب فاعله يعود على فعلة، وهو المفعول الأول.(4/196)
وكراع1، ونحو: عمود وقَلوص2 ونحو: سرير وذلول، وخرج نحو: كِساء وقَباء؛ لأجل اعتلال اللام، ونحو: هِلال وسِنان؛ لأجل تضعيفها مع الألف، وشذ عنان3 وعنن، وحجاج4 وحُجح ويحفظ في نحو5: نمر, وخشن، ونذير، وصحيفة.
الثالث: "فُعل" بضمِّ أوله وفتح ثانيه، وهو مطرد في شيئين: في اسم على "فُعْلَة"6، كقربة وغرقة ومدية وحجة ومدة، وفي "الفَعْلَى"7 أنثى "أفعَل"، كالكبري والصغرى، بخلاف حبلى8 وشذ في نحو: بُهمة9 ... ... ... ... ... ...
__________
1 القراد: دويبة معروفة، وبعير قَرِد: كثيرها والكراع: مستدق الساق من الغنم والبقر، يذكر ويؤنث، وفي المثل: "أُعطي العبد كرعًا فطلب ذراعًا".
2 القلوص: الشابة من النوق، وهي بمنزلة الجارية من النساء.
3 بكسر العين: اسم لما تقاد به الدابة؛ وبفتحها: السحاب، واحدتها عنانة.
4 بكسر الحاء وفتحها: العظم المستدير حول العين، أو الأعلى الذي ينبت عليه الحاجب.
5 وهي كما مثل المصنف: "فَعِل" اسمًا وصفة، و"فعيل" صفة و"فعيلة" اسمًا كصحيفة، وصفة كنجيبة، وكذلك يحفظ في "فَعل" كسقف ورهن، وفي "فاعل" كبازل، وشارف للمسنة من النوق وفي "فَعَل" كنصف "للمرأة بين الحداثة والمسنة". وفي "فَعال" كصناع. "للمرأة المتقنة لما تصنعه النساء". وفي "فعلة" كفرحة وفي "فَعِلة" كخشبة. وفي "فِعْل" كستر ويجب في غير الضرورة الشعرية تسكين عين هذا الجمع إن كانت واوًا؛ لثقل الضمة على الواو، نحو: سوار وسَوْر وسواك وسوك. وإن كانت العين ياء جاز ضمها وتسكينها، ويجب عند التسكين كسر الفاء لتسلم الياء ويجوز تسكين العين، إن كان حرفًا صحيحًا، نحو: كتاب وكُتب أو كتْب. ويمتنع تسكين عين المضعف نحو سرير وسرر.
6 سواء أكان صحيح اللام أو معتلها أو مضعفها، وقد مثل لها المصنف.
7 أي: في وصف على وزن "فُعلى" التي هي مؤنث "أفعل" المذكر.
8 لأنها وصف لمؤنث لا مذكر له.
9 أي: لأنها صفة والبهمة: الرجل الشجاع الذي لا يدري من أين يؤتى لشجاعته، وجمعه: بُهَم.(4/197)
ونحو: رُؤيا1، نحو: نَوْبة2 ونحو: بَدْرة -ولِحَية- وتُخْمة3.
الرابع: "فعل" بكسر أوله وفتح ثانيه، وهو لاسم4، على "فِعْلَة" كحِجَّة، وكِسْرَة، وفِرية وهي الكذبة، ويحفظ في "فَعَلَة" 5 نحو: حاجة، ونحو: ذكرى،
__________
1 لأنها مصدر، وجمعها رؤى بالتنوين.
2 لعدم ضم الفاء، ومثلها: قَرية، ولِحية، وبدرة، والبدرة: عشرة آلالف درهم، وجمعها: بدور، وبدر.
3 لتحرك الثاني: هذا: وقد زاد في التسهيل مما يطرد فيه. "فُعَل" الاسم الذي على وزن "فُعلة" نحو: جمعة وجمع وكل جمع تكسير على وزن "فُعل" وعينه ولامه من جنس واحد نحو: جديد وجدد, وذلول وذلل؛ فإنه يجوز تخفيفه عند بعض القبائل, بفتح عينه وجعله على وزن "فُعل" تقول: جُدَد، وذلل.
4 تام الأصول؛ فخرجت الصفة، نحو: صِغرة، وكبرة، وصفتان بمعنى صغير وكبير وناقص الفاء؛ نحو: عدة، وزنة.
5 أي: الأجوف المفتوح الأول، مثل حاجة، وحوج وفي "فِعلى" مصدرًا كذكرى وذكر. وفي "فَعلة" صحيح الأصول مثل: قصعة وقصع. وفي "فِعلة" صفة مثل: ذِربة وصمّة، والجمع: ذرب، وصمم، والذربة: المرأة الحديدة اللسان والصمة: الرجل الشجاع، وفي "فِعَل" وبالعكس؛ فمن الأول: حلية وحلى، ولحية ولحى، ومن الثاني: صورة وصور، وقوة وقوى، وهو قياس ولكنه قليل.
وفي "فعل" و"فُعَل" و"فِعَل" يقول الناظم:
و"فُعل" لاسم رباعي بمد ... قد زيد قبل لام اعلالا فقد
ما لم يضاعف في الأعم ذو الألف ... و"فُعَل" جمعا لفُعْلَة عرف*
=
__________
* و"فعل" مبتدأ. "لاسم" متعلق بمحذوف خبر. "رباعي" نعت لاسم. "بمد" صفة ثانية لاسم، أو حال منه. "قد زيد" الجملة صفة لمد. "قبل" ظرف متعلق بأيد. "إعلالا" مفعول لفقد مقدم، وجملة "فقد" في محل جر صفة للام.
"ما" ظرفية مصدرية, "في الأعم" متعلق بيضاعف. "ذو الألف" ذو نائب فاعل بضاعف والألف مضاف إليه. "وفعل" مبتدأ "جمعًا" حال من ضمير عرف. "لفعلة" متعلق بجمعا أو بعرف "عرف" ماض للمجهول ونائب فاعله يعود إلى "فعل" المبندإ، والجملة خبره.(4/198)
وقَصعة، وذِربة، وهِدم.
الخامس: "فُعَلَة" بضم أوله وفتح ثانيه. وهو مطرد في وصف لعاقل على "فاعل" معتل اللام1، كرام، وقاض، وغاز.
السادس: "فَعَلَة" بفتحتين وهو شائع2 في وصف لمذكر عاقل صحيح اللام3، نحو: كامل، وساحر، وسافر، وبار.
__________
=
ونحو كبرى ولِفْعْلة "فِعَلْ" ... وقد يجيء جمعه على "فُعَل"*
أي: إن "فُعل" من أوزان جمع الكثرة, يطرد في كل اسم رباعي قد زيد قبل آخره مدة؛ بشرط كونه صحيح الآخر وغير مضاعف إن كانت المدة ألفًا، وهذا في الأعم الغالب، ومن الأوزان، "فُعل" وهو يطرد في اسم على "فعلة" أو فُعلى أنثى الأفعل، ككبرى.
ومن الأوزان "فِعل" وهو جمع لاسم على "فِعْلة"، وقد تجمع فِعلة على "فُعل"، وقد أوضحنا ووأضح المصنف ما في هذه الأوزان.
1 سواء كان معتل اللام بالياء أو بالواو، فخرج الاسم، نحو: واد، وعاد ووصف المؤنث مثل: عادية وسارية، ووصف غير العاقل، نحو: ضار، وصف لأسد وصحيح اللام مثل: ضارب فلا يجمع شيء من ذلك على "فُعلة" وشذ في صفة على غير "فاعل" نحو: كمّي وكماة، وفي "فاعل" اسما، نحو: باز وبزاة وفي صحيح اللام؛ نحو: هادر وهُدَرة، والهادر: الرجل الساقط الذي لا يعتد به.
2 الواقع: أنه مطرد.
3 على وزن فاعل؛ فلا يجمع غير الوصف مثل: واد، وباز: ولا وصف المؤنث نحو: طالق وحائض. ولا وصف غير العاقل نحو: صاهل، ولا الوصف المعتل اللام نحو: ساع، ولا نحو حذر؛ لأنه ليس على فاعل، ويلاحظ أن أوصاف المفرد هنا؛ كما هي في الصيغة السابقة؛ غير أن اللام هنا صحيحة وهناك معتلة، وشذ: سيد وسادة. وخبيث وخَبَثة. وفي
=
__________
* "ونحو" معطوف على فعله. "كبرى" مضاف إليه. "ولفعله" خبر مقدم والواو للاستئناف، "فعل" مبتدأ مؤخر.
"قد" حرف تقليل. "جمعه" فاعل يجيء. "على فعل" متعلق به أو بيجيء.(4/199)
السابع: "فَعْلَى" بفتح أوله وسكون ثانية، وهو لما دل على آفة1؛ من "فَعيل" وصفًا للمفعول، كجريح وأسير وقتيل.
وحُمِل عليه ستة أوزان مما دل على آفة؛ من "فِعيل" وصفًا للفاعل كمريض، و"فَعِل" كزَمِن2، و"فاعِل" كهالك، و"فَيْعِل" كمَيِّت، و"أَفْعَل" كأحمق، و"فَعْلان" كسَكْران3.
الثامن: "فِعَلَة" بكسر أوله وفتح ثانيه. وهو كثير "فُعْل" اسمًا4 بضم الفاء،
__________
= هذين الوزنين يقول الناظم:
في نحو رام ذو اطراد "فُعَلَه" ... وشاع نحو كامِل وكَمَلَه*
أي: إن "فُعَلة" يطرد في كل وصف على "فاعل" معتل اللام لمذكر، مثل: رام، و"فَعَلة" يشيع ويطرد في وصف على "فاعل" صحيح اللام لمذكر عاقل؛ نحو: كامل وكملة. واكتفى الناظم بالمثال عن ذكر هذه الشروط.
1 أي: عاهة طارئة؛ من ألم وتوجع، أو موت وهلك، أو عيب ونقص أي نقص.
2 هذا والذي قبله يدلان على الألم والتوجع.
3 هذا والذي قبله يدلان على نقص وعيب وقد قرئ: "وَتَرَى النَّاسَ سَكْرَى" ويحفظ: رجل كيس؛ أي: عاقل، رجال كيسى، وسنان ذرب؛ أي: حاد وأسنة ذربى.
وإلى وزن "فَعْلى" يشير الناظم بقوله:
فَعْلَى لوصف كقتيل وزَمِن ... وهالك، وميت به قمن*
أي: إن "فعلى" يكون جمع تكسير لكل وصف على وزن "فعيل" بمعنى مفعول كقتيل، و"فعل" كزمن، و"فاعل" كهالك؛ مما يدل على هلاك أو مرض، و"فعل" كميت حقيق بأن يجمع هذا الجمع، وقد بين المصنف الباقي من الأوزان:
4 أي: صحيح اللام؛ فخرجت الصفة، نحو: حلو ومر، معتل اللام مثل عضو وضبي ونحي فلا يجمع منها على "فِعلة".
__________
* "في نحو رام" متعلق بمحذوف يدل عليه اطراد لا به؛ لأنه مضاف إليه ذو، والمضاف إليه لا يعمل فيما قبل المضاف، "ذو اطراد" ذو خبر مقدم واطراد مضاف إليه. "فعله" مبتدأ مؤخر. "نحو كامل" نحو فاعل شاع وكامل مضاف إليه، "وكملة" معطوف على كامل.
* "فعلى" مبتدأ. "لوصف" خبر. "كقتيل" خبر لمبتدأ محذوف، "وزمن وهالك" بالجر معطوفان على قتيل.
"وميت" مبتدأ. "به" متعلق بقمن الواقع خبر للمبتدأ.(4/200)
نحو: قرط، ودرج، وكوز، ودوب.
وقليل في اسم على "فَعْل" بفتح الفاء، نحو: غَرْد1، أو بكسرها نحو: قِرْدَ، وقل أيضًا في نحو: ذَكَر وهادر2.
التاسع: "فُعَّل" بضم أوله وتشديد ثانيه مفتوحًا, وهو لوصف على "فاعل" أو "فاعله" صحيحي اللام3، كضاب وصائم ومؤنثيهما. وندر في نحو: غاز وعاف4 كما ندر في نحو: خَريدة5 ونُفساء ورجل أعزل6.
__________
1 نوع من النبات الصحراوي المسمى الكمأة، وحكي كسر العين.
2 الهادر: الساقط وجمعه هدرة. وفي "فِعَلة" يقول الناظم:
لفعل اسمًا صح لاما "فِعَله" ... واليضع في فَعْل وفِعْلِ قَلّلَه*
أي: إن "فِعَله" جمع لـ"فَعْل" اسما صحيح اللام، والوضع العربي قلل أن يكون جمعًا لاسم على وزن "فَعْل" أو "فِعْل".
3 سواء كانت العين صحيحة أو معتلة كما مثل المصنف، وخرج الاسم، كحاجب العين، وجائزة البيت. أما الحاجب بمعنى مانع، وجائزة بمعنى مارة فهما وصفان ويجمعان على حجب وجوّز.
4 أي: من كل وصف معتل اللام، والجمع غُزّى وعفى، والعافى: السائل أو من عفا عنه؛ إذا تركه ولم يعاقبه.
5 الخريدة: المرأة الحيية ذات الحياء أو الجميلة، أو العذراء، والجمع خرد، وقالوا: خرائد على القياس.
6 أي: لا سلاح معه؛ ويقال: رجال عزّل، وعُزْل.
__________
* "لفعل" جار ومجرور خبر مقدم. "اسما" حال منه. "صح" الجملة في محل نصب نعت لاسمًا، "لاما" تمييز محول من الفاعل. "فعلة" مبتدأ مؤخر. "والوضع" مبتدأ. "في فعل" متعلق بقلله. "وفعل" عطف عليه. "قلله" فعل ماض والفاعل يعود إلى الوضع والهاء مفعوله يعود إلى فعله، والجملة من قلله وفاعله المستتر خبر المبتدأ.(4/201)
العاشر: "فُعَّال" بضم أوله وتشديد ثانيه. وهو لوصف على "فاعِل" صحيح اللام، كصائم وقارئ1، قيل: وندر في "فاعلة" كقوله:
وقد أراهن عني غير صداد2
والظاهر: أن الضمير للأبصار3 لا للنساء فهو جمع صاد، لا صادة وفي المعتل، كغراء وسراء4.
__________
1 التمثيل بقارئ يدل على دخول ما لامه همزة، تقول في جمعها: صوام، وقراء.
2 عجز بيت من البسيط، لعمير بن شيم، المعروف بالقطامي، وصدره:
أبصارهن إلى الشبان مائلة
اللغة والإعراب: أبصارهن: جمع بصر، والمراد العين: مائلة: متجهة، من مال إليه إذا اتجه نحوه. صداد: من الصد، وهو الإعراض وهو جمع صادة.
"أبصارهن" مبتدأ وهو مضاف إلى ضمير المؤنثات. "إلى الشبان" متعلق بمائلة "مائلة" خبر أبصارهن. "وقد" الواو للحال وقد حرف تحقيق. "عن" متعلق بصداد. "غير صداد" غير مفعول ثان لأرى، وصداد مضاف إليه، أو غير حال من المفعول.
المعنى: أن عيون هؤلاء الغواني متجهة إلى الشبان، والحال أنهن لم يعرضن عني ولم ينسينني مع ذلك.
الشاهد: في "صداد" فإنه جمع صادة، بدليل التأنيث في أبصارهن وأراهن، وذلك نادر؛ لأن "فُعّال" جمع لفاعل لا لفاعلة قيل: ولم يرد في فاعلة للمؤنث إلا هذا البيت.
3 فإنه يقال: بصر صاد؛ كما يقال: بصر حاد.
4 جمعان لغاز، وسار اسمي فاعل من الغزو والسري، وفي "فُعل" و"فُعّال" يقول الناظم:
و"فُعّل" لفاعل وفاعله ... وصفين نحو عاذِل وعاذله
ومثله "الفُعَّال" فيما ذكِّرا ... وَذُان في المعل لا ما ندرا*
أي: إن "فُعَل" جمع مقيس في وصف صحيح اللام على وزن فاعل أو فاعله، نحو عاذل وعاذلة، ومثله الفعال؛ فهو مقيس في وصف صحيح على وزن "فاعل" لمذكر، وندر "فعّل وفعّال" في المعتل اللام المذكر، وندر أيضًا في جمع فاعله.
__________
* "وفعل" مبتدأ. "لفاعل" خبر. "وفاعله" عطف عليه. "وصفين" حال منهما.
"ومثله" خبر مقدم ومضاف إليه، والضمير يعود إلى فعل. "لفعال" مبتدأ مؤخر. "فيما" متعلق بمثل، لما فيه معنى المماثلة، وجملة "ذكرا" صلة ما، والألف للإطلاق، "وذان" اسم إشارة ومبتدأ "في المعل" متعلق بندرا. "لاما" تمييز، "ندر" فعل وفاعل والجملة خبر المبتدأ.(4/202)
الحادي عشر: "فِعال" بكسر أوله، وهو لثلاثة عشر وزنًا:
الأول، والثاني: "فَعْل، وفَعْلة" اسمين أو وصفين1 نحو: كعب وقصعة، وصعب وخَدْلة2 وندر في يائي الفاء نحو: يَعْر3؛ أو العين نحو: ضيف وضيعة.
الثالث، والرابع: "فَعَل وفَعَلة"4 غير معتلي اللام، ولا مضفيها5، كجَمَل وجَبَل، ورَقَبة وثَمَرة.
الخامس والسادس: "فِعْل"6 كذئب وبئر، و"فُعْل"7 كدُهن ورُمْح.
السابع والثامن: "فَعيل" بمعنى فاعل، و"مؤنثه"8؛ كظريف وكريم وشريف
__________
1 بشرط ألا تكون فاؤهما ولا عينهما ياء.
2 الخدلة: هي الممتلئة الساقين والذراعين مع استدارة، والخدلة أيضًا: الحبة الضئيلة من العنب والخدل: الضخم.
3 هو الجدي يربط في الزبية؛ أي: الحفرة ليجيء الأسد لافتراسه فيقع فيها، والأنثى، يعرة، وفي المثل: "أذل من اليعر".
4 اسمان لا صفتان؛ فخرج نحو: بطل وبطلة؛ لأنه وصف.
5 فخرج نحو: فتى وعصا؛ لاعتلال لامهما، ونحو: طلل؛ لأنه مضعف اللام.
6 بشرط أن يكون اسمًا كما مثل المصنف؛ فخرج نحو: جلف للرجل الجافي.
7 بشرط أن يكون اسمًا غير واوي العين ولا يائي اللام، فخرج نحو: حلو وحوت، ومُدْي والمدي: مكيال شامي وهو غير المد؛ وجمعه أمداء.
8 بشرط أن يكونا وصفين صحيحي اللام؛ فخرج نحو: حديد وجريدة؛ لأنهما اسمان، ونحو: غني وولي ومؤنثيهما، لاعتلال اللام.
قيل: لم يأت على "فعيل" صفة، عينه واو وفاؤه ولامه صحيحان؛ إلا في ثلاث كلمات: طويل، قويم، صويب، أما عويص فقد غلبت عليها الاسمية.(4/203)
ومؤنثاتها.
والخمسة الباقية: "فَعْلان" صفة، ومؤنثاه، "فَعْلى، وفَعْلانة"، و"فُعْلان" صفة، وأنثاه "فُعْلانة"، كغضبان وغَضْبى، وندمان وندمانة -وخمان وخمصانة1. والتزموا في "فَعِيل" وأنثاه؛ إذا كانا واوي العينين صحيحي اللامين كطويل وطويلة ألا يجمعا إلا على "فِعال"2 ويحفظ "فِعال" في نحو: راع وقائم وآم3 ومؤنثاتهن، وأعجف4 وجواد، وخير، وبطحاء، وقلوص5.
__________
1 الخمصة: الجوعة، وخمص البطن -مثلثة الميم- خلا، ورجل خمصان بالضمم والتحريك، وخميص الحشا: ضامر البطن، وهي خمصانة، وخميصة، والجمع خماص.
2 أما غيرهما فيجمع عليه وعلى غيره، تقول: كريم، وكرما، وكرام، وكذلك: ظريف، وشريف.
3 آم -بهمزة ممدوة وميم مشدودة- من أم بمعنى قصد، وأصله: آمم كضارب؛ فأدغم المثلان، وجمعه إمام كقيام، قال الله -تعالى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} أي: قاصدين لهم، والمؤنثة: آمة. [سورة الفرقان الآية: 74] .
4 أي: هزيل، ومؤنثه عجفاء، وعجف بغير هاء، والجمع عجاف.
5 القلوص: الشابة من الإبل، وهو اسم على وزن فعول، وما قبله أوصاف على أوزانها.
وقد بين الناظم ما يطرد فيه "فِعال" من الأوزان في إجمال، فقال في "فَعْل وفَعلة".
فَعْل وفَعْلة "فِعال" لهما ... وقل فيما عينه اليا منهما*
فبين أنه قليل فيما عينه ياء منهما؛ ولم يذكر أنه قليل فيما فاؤه الياء أيضًا كما أوضحنا, وقال في الأربعة التالية لهما وهي: "فَعّل وفعلة" و"فِعل وفَعل".
و"فَعَل" أيضًا له "فِعَال" ... ما لم يكن في لامه اعتلال*
=
__________
* "فعل" مبتدأ. "وفعلة" عطف عليه. "فعلا" مبتدأ ثان. "لهما" جار ومجرور خبره والجملة خبر الأول. "وقل" فعل ماض فاعله يعود على فعال. "فيما" متعلق بقل. "عينه" مبتدأ ومضاف إليه. "إليه" خبر والجملة صلة ما.
"منهما" جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من ما الموصولة.
* "وفعل" مبتدأ أول. "أيضًا" مفعول مطلق. "له" خبر مقدم. "فعال" مبتدأ مؤخر والجملة خبر الأول، "ما" مصدرية ظرفية. "في لامه" خبر يكن مقدم. "اعتلال" اسمها مؤخر.(4/204)
الثاني عشر: "فُعُول" بضمتين ويطرد في أربعة: أحدها: اسم على "فَعِل" نحو: كَبَد ووَعِل1، وهو فيه كاللازم2.
__________
=
أو يك مضعفا، ومثل "فَعَل" ... ذو التاء وفُعْل مع فِعْل، فاقبل*
أي: اطرد "فِعال" في "فَعل وفَعلة" ما لم يكن لامهما معتلا أو مضاعفًا، واطرد أيضًا في "فُعل" و"فِعْل" أوضح المصنف شروط كل.
وفي الرابع والثامن؛ وهما: "فعيل"، ومؤنثه، قال:
وفي فَعِيل وصف فاعل ورد ... كذاك في أنثاهف أيضًا اطرد*
أي: اطرد "فِعال" أيضًا في كل صفة على فعيل بمعنى فاعل، مقترنة بالتاء أو مجردة منها؛ بشرط صحة لامهما كما أسلفنا.
وقال في الخمسة الباقية، وفي "فعيل" معتل العين بالواو صحيح اللام.
وشاع في وصف على "فعْلانا" ... أو أنثييه أو على "فُعْلانا"
ومثله "فُعْلانة" الزمه في ... نحو طويل وطويلة نفي*
أي: وشاع -أي: اطرد- "فِعال" جمعًا لوصف على "فَعلان"، أو أنثييه وهما: "فعلانة أو فَعلى"، وفي وصف على "فُعْلان" أو على "فعلانة" والتزم "فعال" في كل وصف عل فعيل أو فعيلة معتل العين، نحو: طويل وطويلة.
1 الوعل -ككتف- تيس الجبل، ويقال فيه: وعِل، ووُعل كدئل، والأنثى وعلة.
2 أي: اطرد "فُعول" في فِعل، ملتزم غالبًا لا يكاد يجاوزه إلى غيره.
__________
* "أويك" فعل مضارع ناقص معطوف على يكن بحذف النون للتخفيف، واسمها يعود إلى فعل. "مضعفًا" خبرها. "ومثل" خبر مقدم. "فعل" مضاف إليه. "ذوا التا" ذو مبتدأ مؤخر، والتا مضاف إليه. "وفعل" معطوف على ذو التا، "مع فعل" مع ظرف متعلق بمحذوف حال من فعل، وفعل مضاف إليه.
* "وفي فعيل" متعلق بورد، "وصف فاعل" حال من فعيل وفاعل مضاف إليه. "كذاك في أنثاه" متعلقان باطرد والضمير يعود إلى فعال.
* "على فلانا" متعلق بمحذوف نعت لوصف. "أو أنثييه" عطف عليه، "أو على فعلانا" معطوف على فعلانا. "ومثله" خبر مقدم ومضاف إليه. "فعلانة"
مبتدأ مؤخر. "نفي" فعل مضارع مجزوم في جواب الأمر وهو الزمه، والياء للإشباع.(4/205)
وجاء في نحو: نَمِر، ونُمُور على القياس، ونُمُر1
قال:
فيها عياييل أسود ونمر2
وقد يكون مقصورًا من نمور للضرورة3، وقالوا: أيضًا: أنمار4.
والثلاثة الباقية: الاسم5 الثلاثي الساكن العين، مفتوح الفاء6 نحو: كعب وفلس، ومكسورها نحو: حَمْل وضرس، ومضمومها نحو: جند وبُرْد، إلا في ثلاثة7:
__________
1 أي: سماعًا.
2 بيت من مشطور الرجز، أنشده سيبويه لحكيم بن معية الربعي من تميم يصف فتاة نبتت في موضع محفوف بالجبال والشجر وقبله:
حفت بأطواد جبال وسمر ... في أشب الغيطان ملتف الحظر
اللغة والإعراب: حفت: أحيطت. بأطواد: جمع طود، وأصله الجبل العالي، والمراد هنا: الشديد الارتفاع أشب: ملتف ومختلط. والغيطان: جمع غوط وهو الأرض المطمئنة الواسعة. الحظر: الموضع الذي حوله شجر كالحظيرة. عياييل: جمع عيل، واحد العيال، والمراد: أشبال السباع.
"فيها" خبر مقدم والضمير عائد إلى الغيطان. "عياييل" مبتدأ مؤخر. "أسود" بدل من عياييل أو بيان لها, وروي بالجر على الإضافة، ويكون من إضافة الصفة للموصوف وقيل: الصواب "غيائيل" جمع غيل وهو موضع الأسد.
الشاهد: جمع "نمر" على نمر سماعًا، والقياس: نمور.
3 أي: إن أصله نمور على وزن فعول، ثم حذفت الواو للضرورة اكتفاء بالحركة المجانسة لها.
4 جمع قلة قياسي لنمر، لا سماعي.
5 خرجت الصفة كصعب، وجلف وحلو.
6 وليس معتل العين بالواو، كحوض فلا يجمع على فعول. وشذ في "فوج" وهم الجماعة من الناس: فووج.
7 من مضموم الفاء، فلا يطرد فيها فُعول.(4/206)
أحدها: معتل العين كحوت1، والثاني: معتل اللام كمدي2 وشذ في نؤي،
قال:
خلت إلا أياصير أو نؤيًا3
الثالث: المضاعف كمُد4 وشذ في حص -بالحاء المهملة- وهو الورس5 حصوص، ويحفظ في "فَعَل"6 كأسد، وشَجَن،............................
__________
1 فالغالب جمعه على "فِعلان" كحيتان.
2 فيجمع غالبًا على "أفعال" تقول: مدى، وأمداء؛ بقلب ياءه همزة طبقًا لقاعدة الإعلال والمُدي: القفيز الشامي وهو غير المد المعروف.
3 صدر بيت من الوافر للطرماح، وعجزه:
محافرها كأشربة الإضين
اللغة والإعراب: أياصر: جمع أيصر، وهو حبل قصير يشد في أسفل الخباء إلى وتد.
نؤيًا: جمع نؤى، وهي حفيرة تحفر حول الخباء لئلا يدخله المطر، كأسرية جمع سيري كغني: نهر صغير يجري إلى النخيل وروي كأشربة. الإضين: جمع أضاة، وهي المستنقع من سيل أو غيره. "إلا" أداة استثناء."أياصر" منصوب على الاستثناء. "محافرها" مبتدأ ومضاف إليه، "كأشربة" متعلق بمحذوف خبر وهو مضاف إلى "الإضين" الملحق بجمع المذكر السالم، والجملة من المبتدأ والخبر صفة "لنؤيا".
المعنى: أن هذه الديار خلت من أهلها ودرست آثارها، ولم يبق إلا الأياصر والنؤى، وقد خرج منها الماء على شكل مجار صغيرة كأشرية الأضين.
الشاهد: جمع "نؤى" بزنة "فُعل" هو معتل اللام على نؤي بزنة "فعول" وأصله نؤوي اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمتا، ثم كسرت الهمزة لمناسبة الياء. ويجوز قلب ضمة النون كسرة للمناسبة أيضًا.
4 المد: مكيال مقداره رطلان عند أهل العراق، ورطل وثلث عند أهل الحجاز، ولا يجمع على "فعول" بل جمعه: أمداد.
5 وقيل: هو الزعفران. الورس كما في القاموس: نبات كالسمسم يزرع باليمن نافع للكلف طلاء، وللبهق شربًا.
6 أي: اسمًا غير مضعف.(4/207)
وندب1، وذكر.
الثالث عشر: "فِعلان" بكسر أوله وسكون ثانيه, ويطرد أيضًا في أربعة: اسم على "فُعال" كغلام وغراب. أو على "فُعَل" كصرد وجرذ أو "فُعْل" واوي العين. كحوت وكوز أو "فَعَل"2 كتاج، وساج وخال3، وجاز، ونار، وقاع، وقل في نحو: صنو وخرب4 وغزال، وصِوار5 وحائط، وظَلِيم6 وخروف.
__________
1 الندب: جمع ندبة، وهي أثر الجرح الباقي على الجلد.
2 والغالب أن تكو عينه في الأصل معتلة.
3 الخال: النقطة المخالفة لبقية لون البدن، والأصل خيل، والجمع خيلان.
4 الخرب: ذكر الحباري، والشعر المختلف وسط المرفق، والجمع أخراب وخراب، وخربان.
5 هو القطيع من بقر الوحش، وجمعه: صيران، وأصله: صوران.
6 هو ذكر النعام، وجمعه ظلمان، وكذلك يحفظ في "فِعلة" كنسوة ونسوان وفي وصف على "فعل" كضيف وضيفان، أو على "فُعال" كشجاع وشجعان.
وفي الوزنين المتقدمين "فُعول" و"فِعلان" يقول النظام في إجمال.
"وبِفُعول" "فَعِل" نحو كبد ... يخص غالبا كذاك يطرد
في "فَعْل" اسما مطلق ألفا و"فَعَل" ... له وللفعال "فِعْلان" حصل
وشاع في حوت وقاع مع ما ... ضاهاهما وقل في غيرهما*
=
__________
* "وبفعول" متعلق بيخص. "فعل" مبتدأ. "نحو كبد" نحو خبر لمبتدأ محذوف وكبد مضاف إليه، "يخص" الجملة من الفعل ونائب الفاعل خبر فعل "غالبًا" حال من الضمير في يخص. "كذاك" متعلق بيطرد وفاعله يعود إلى فعول.
"في فعل" متعلق بيطرد. "اسما مطلق ألفًا" حالان من "فعل" ومضاف إليه. "وفعل" مبتدأ. "له" جار ومجرور خبر. "وللفعال" متعلق بحصل. "فعلان" مبتدأ وجملة "حصل" خبر.
"في حوت وقاع" متعلقان بشاع. "مع" ظرف متعلق بمحذوف حال منهما. "ما" اسم موصول مضاف إليه.
"ضاهاهما" فاعل ضاهى يعود إلى ما الموصولة، والضمير البارز مفعول، والجملة مصلة ما. "وقل" فعل ماض فاعله يعود إلى فعلان. "في غيرهما" متعلق بقل.(4/208)
الرابع عشر: "فُعْلان" بضم أوله وسكون ثانيه. ويكثر في ثلاثة: في اسم على "فَعْل" كظهر وبطن، أو "فَعَل" صحيح العين؛ كذكر وجذع1، أو "فَعِيل" كقضيب ورغيف وكثيب، وقل في نحو: راكب وأسود، وزقاق2.
الخامس عشر: "فُعَلاء" بضم أوله وفتح ثانيه. ويطرد في "فَعيل" بمعنى فاعل3 غير مضاعف ولا معتل اللام4. كظريف وكريم وبخيل، وكثر في "فاعل" دالا على
__________
= أي: إن "فعول" يورد جمعًا في اسم ثلاثي على "فعل" ويلتزم فيه غالبًا.
ويطرد في اسم على "فعل" مثلث الفاء، ويحفظ في "فَعَل" أما "فعلان" فيطرد في اسم على "فُعال" وقد سبق أنه مطرد في "فُعَل" كصرد". وكذلك يطرد فيما
عينه واو؛ من "فُعل" أو "فَعل" كحوت وقاع، ويقل في غير ذلك.
ولم يذكر الناظم الشروط والتفصيلات، وقد أوضحها المصنف، وزدناها إيضاحًا.
1 الجذع: الشاب الحدث، وقيل: الثني من المعز، وهي بهاء، والجمع: جذاع وجذعان، وهو صفة يحسب الأصل. ثم غلبت عليه الاسمية: كعبد وعبدان ومثله: حمل وحملان.
2 الزقاق كغراب: السكة ويؤنث، والجمع أزقة وزقان. وهو أيضًا مجاز البحرين.
وفي الأسماء الثلاثة التي تجمع على "فعلان" يقول الناظم:
و"فَعْلا" اسما وفَعيلًا وفَعَل ... غير معل العين فُعْلان شمل*
أي: إن "فعلان" جمعًا يشمل من المفردات: الصحيح العين الذي على وزن "فعل"، و"فعيل" و"فعل"، وخرج بقوله اسمًا: ضخم، وجميل وبطل وبغير معتل العين: نحو قود؛ فلا يجمع شيء منها على "فعلان".
3 أو بمعنى "مُفعل"، أو "مفاعل"، ويشترط أن يكون "فعيل" في الثلاثة: وصفًا لمذكر عاقل، غير مضعف ولا معتل اللام، دالا على سجية مدح أو ذم كما مثل المصنف وشد: أسراء، وقتلاء، وسجناء، في أسير وقتيل وسجين؛ لأنهما بمعنى مفعول.
4 فخرج نحو: لبيب، وشديد، وغني، وولي.
__________
* "وفعلا" مفعول مقدم لشمل. "اسما" حال من فعلا. "وفعيلا وفعل" معطوفان
عليه. "غير معل العين" غير حال من فعل وما بعده مضاف إليه. "فعلان"
مبتدأ. "شمل" الجملة خبر.(4/209)
معنى: كالغريزة، كعاقل وصالح وشاعر، وشذ "فُعَلاء" في نحو: جبان1 وخليفة2 وسَمْح، وودود.
السادس عشر: "أفِعلاء" بكسر ثالثه. وهو نائب عن فُعَلاء؛ في المضعف3 كشديد وعزيز، وفي المعتل4 كولي وغني. وشذ في نحو5: نصيب، وصديق، وهين.
السابع عشر: "فواعل" ويطَّرد في سبعة، في "فاعِلة" اسمًا او صفة كـ {نَّاصِيَة
__________
1 أي: مما ليس على "فعيل" أو "فاعل".
2 فقد جمعوه على خلفاء بطريق الحمل على المذكر، وهو خليف؛ لأنه لا يقع إلا على مذكر، وقيل: إن "خلفاء" جمع خلف، أما خليفة، فجمعه "خلائف".
3 أي: في جمع فعيل المتقدم بمعنى فاعل.
4 أي: معتل اللام من فعيل أيضًا.
5 أي: من غير المضعف والمعتل اللام. وشذ كذلك "ظنين" بمعن متهم. و"أظباء"؛ لأنه بمعنى مفعول، وإن كان مضعفًا.
وفي "فعلاء" و"أفعلاء" يقول الناظم:
ولكريم وبخيل "فُعَلا" ... كذا لما ضاهاهما قد جعلا
وناب عنه "أفْعِلاء" في المعل ... لاما ومضعف وغير ذاك قل*
أي: إن "فعلاء" يطرد جمعًا في "فعيل" بمعنى فاعل صفة لمذكر عاقل، غير مضاعف ولا معتل اللام؛ ككريم وبخيل، وما شابههما مما يدل على معنى كالغريزة. وينوب عن "فعلاء" في المضاعف والمعتل "أفعلاء"، وقل مجيء "أفعلاء" جمعًا لغير ما ذكر.
__________
* "ولكريم" خبر مقدم. "وبخيل" معطوف عليه. "فعلا" مبتدأ مؤخر. "كذا" متعلق بجعلا في موضع المفعول الثاني. "لما" متعلق به أيضًا، و"ما" اسم موصول. "ضاهاهما" الجملة صلة ما. "قد" حرف تحقيق. "جعلا" نائب فاعلة العائد إلى فعلا، هو مفعوله الأول، والألف للإطلاق.
* "في المعل" متعلق بناب. "لا ما" تمييز. "ومضعف" عطف على المعل. "وغير ذاك" غير مبتدأ واسم الإشارة مضاف إليه، والكاف حرف خطاب، وجملة "قل" خبره.(4/210)
كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} 1، وفي اسم على "فَوْعَل" كجوهر وكوثر، أو "فَوْعَلة" كصومعة2 وزوبعة، أو "فاعَل" بالفتح كخاتم وقالب، أو "فاعِلاء" بالكسر, نحو: قاصعاء وراهطاء3، أو "فاعِل" كجائز4، وكاهل، أو في وصف على "فاعِل" لمؤنث5 كحائض وطالق، أو لغير عاقل6 كصاهل وشاهق، وشذ فوارس، ونواكس، وسوابق، وهوالك7.
__________
1 ناصية: اسم، وكاذبة وخاطئة؛ صفتان. [سورة العلق الآية: 16] .
2 هي: بيت العبادة للنصارى، كالصوامع.
3 اسمان لجحر اليربوع. وله ثالث اسمه: النافقاء، وجمعها: قواصع، ورواهط، ونوافق.
4 هي: الخشبة توضع فوق حائطين, والخشبة التي تحمل خشب سقف البيت.
5 أي: عاقل، خال من تاء التأنيث غالبًا.
6 بشرط أن يكون لمذكر.
7 لأنها جموع أوصاف على "فاعل" لمذكر عاقل. والناكس: المطاطئ رأسه وزاد في الكافية ثامنًا، وهو "فَوعلة" نحو: صومعة وصوامع. وقد ذكر في التسهيل ضابطًا لهذه الأنواع، فقال: "فواعل لغير فاعل، الموصوف به مذكر عاقل، مما ثانيه ألف زائدة؛ أو واو غير ملحقة بخماسي"، وقوله مما ثانيه بيان لغير، واحترز به من نحو: آدم، فإن ألفه أبدلت من فاء الكلمة، فلا يجمع على فواعل، بل على أفاعل، نحو: أوادم. واحترز بقوله: غير ملحقة بخماسي؛ من نحو: خورنق، فجمعه؛ خرانق، بحذف الواو، بزنة فعالل؛ لأن الواو فيه لإلحاق والخورنق: قصر للنعمان الأكبر مشهور. وفي فواعل يقول الناظم:
"فَوَاعِل" "لفَوْعَل وفاعِل ... وفَاعِلاء مع نحو كاهل
وحائض وصاهل وفاعله ... وشذ في الفارس مع ما ماثله*
=
__________
* "فواعل" مبتدأ. "لفوعل" خبر. "وفاعل وفاعلاء" معطوفان على فوعل. "مع" ظرف متعلق بمحذوف حال مما قبله. "وحائض وصاهل وفاعله" معطوفات
على كاهل. "وشذ" فعل ماض وفاعله يعود إلى فواعل. "في الفارس" متعلق بشذ. "مع ما" مع ظرف حال من الفارس و"ما" مضاف إليه, "ماثله" الجملة صلة ما، والضمير البارز في ماثل مفعوله، وهو يعود إلى الفارس.(4/211)
الثامن عشر: "فَعائل" ويطرد في كل رباعي1 مؤنث، ثالثه مَدة2؛ سواء كان تأنيثه بالتاء كسحابة3 وصحيفة وحلوبة، أو بالمعنى كشمال4، وعجوز، وسعيد علم امرأة.
__________
= أي: إن فواعل يطرد جمعًا لاسم على وزن "فَوْعل"، أو على "فاعله" أو على "فاعلاء" أو على "فاعل" نحو كاهل. ويطرد أيضًا في وصف خاص بالأنثى على وزن "فاعل" كحائض، ولمذكر غير عاقل كصاهل. وفي جمع على "فاعلة" وشذ في وصف على "فاعل" لمذكر عاقل لم يجمع على "فواعل" ويرى بعض الباحثين عدم التقيد بالشرط الذي يقضي بألا تجمع صفة "فاعل" على فواعل إذا كانت وصفًا لمذكر عاقل؛ كسابق وسوابق, وسابح وسوابح، وقارئ وقوارئ، وكاهن وكواهن، وغائب وغوائب، وحاج وحواج، فالحق أن صيغة "فاعل" تجمع قياسًا على "فواعل"؛ سواء كانت صفة للمذكر العاقل أم غير العاقل, غير أن الأفضل مراعاة الشروط.
1 قال شارح الموضح: اسما كان أو صفة، وشرط غيره الاسمية في ذوات التاء، ما عدا "فعلية" فتجمع على فعائل ولو كانت صفة، كلطيفة ولطائف؛ بشرط ألا تكون بمعنى مفعول.
2 ألفًا كانت، أو واوًا، أو ياء.
3 مثلها: رسالة، وذؤابة.
4 بكسر الشين مقابل يمين، وبفتحها ريح تهب من ناحية القطب. وهو يشمل عشرة أوزان:
خمسة مختومة بالتاء، وخمسة مجردة منها؛ فالتي بالتاء "فعالة" مثلثة الفاء، كذؤابة, وسحابة، ورسالة، و"فعولة" كحمولة وحمائل، و"فعيلة" كصحيفة وصحائف، ويشترط ألا تكون بمعنى مفعولة، كجريحة بمعنى مجروحة.
والمجردة منها ويشترط أن تكون لمؤنث معنوي هي: "فعال" مثلثة الفاء، نحو: شمال: "لليد اليسرى" وشمائل، وعقاب "اسم لطائر" وعقائب، وشمال للريح المعروفة وشمائل" و"فعول" نحو: عجوز وعجائز. و"فعيل" نحو: لطيف "اسم امرأة" ولطائف.
وذكر في التسهيل: أن "فعائل" يكون جمعًا للمؤنث بألف التأنيث المقصورة كحبارى=(4/212)
التاسع عشر: "فَعَالِي" بفتح أوله وكسر رابعه, ويطرد في سبعة: "فلاة" كَمَوْما1. و"فِعْلاة" كسِعْلاة2 و"فِعْلية" كهِبْرِية3، و"فَعْلُوة" كعَرقُوَة 4، وما حُذِفَ أول زائدَيْه5 من نحو: "حَبَنْطَي وقَلَنْسُوة"6، و"فَعْلاء"؛ اسمًا؛ كصحراء، أو صفة لا مذكر لها كعذراء7 ... ... ... ... ... ... ... ....
__________
= وحبائر، أو الممدودة، كجلولاء وجلائل، وشذ: ضرة وضرائر، وحرة وحرائر, وكنة وكنائن؛ لأنها ثلاثية. وفي "فعائل" يقول الناظم:
وبفعائل اجمعن "فَعَالَهْ" ... وشِبْهَهُ ذا تاء أو مزالة*
أي: إن فعائل يكون جمعًا لكل اسم رباعي بمدة قبل آخره، مؤنث بتاء ثابتة أو مزالة غير موجودة، والمراد بشبه "فعاله"، و"فَعيل" و"فَعول" بالتاء أو مجردتين منها، وقد أوضحنا ذلك كله بالأمثلة.
1 هي الصحراء الواسعة التي لا نبات فيها، وجمعها: موام، كجوار.
2 هي في زعم العرب: الغول، أو ساحرة الجن، وجمعها سعال.
3 هي القشر الذي يتعلق بأصول شعر الرأس، أو ما يتطاير من ذرات القطن والدقيق وجمعها هبار.
4 هي الخشبة التي توضع عرضًا في رأس الدلو، وجمعها عراق.
5 أي: ما كان ذا زيادتين بينهما حرف أصلي، وبحذف أول الزيادتين عند الرب.
6 الحبنطي: العظيم البطن والقلنسوة، ما يلبس على الرأس. وقد زيد في الأول النون والألف، ليلحق بسفرجل، فإذا حذف أول زائديه -وهو النون- قيل في جمعه: حباط.
أما الثاني فقد زيد فيه النون والواو فإذا حذف أول الزائدين، قيل في جمعه: قلاس. أما من يحذف ثاني الزائدين فيجمعهما على حبائط وقلانس. ومثلهما:
عفرني الأسد. وبلهنية بمعنى السعة؛ يقال: فلان بلهنية
من العيش؛ أي: في سعة.
7 هي البكر.
__________
* "وبفعائل" متعلق باجمعن. "فعاله" مفعوله. "وشبهة" معطوف على فعالة. "ذا تاء" "ذا" حال من المفعول به وتاء مضاف إليه. "أو مزالة" معطوف على "ذا تاء" وإضافته إلى الهاء من إضافة اسم المفعول لمفعوله الثاني، والأول هو نائب الفاعل.(4/213)
والألف المقصورة؛ لتأنيث كحبلى، أو إلحاق كذفرى1.
تمام العشرين: "فَعَالَى" بفتح أوله ورابعه. ويشارك الفََعَالِي -بالكسر- في صحراء، ما ذكر بعده2 وليس لفَعَالَى ما ينفرد به عن الفَعَالَى إلا وصف3.
الحادي والعشرون: "فَعَالِي" بالتشديد. ويطرد في كل ثلاثي4 آخره ياء مشددة5 غير متجددة للنسب6....................................
__________
1 هي الموضع الذي خلف أذن البعير يرشح منه العرق، والجمع: زفار، وألفه زائدة للإلحاق بدرهم. ويحفظ فعالى في نحو: مهر ومهار، وأهل وأهال، وليلة وليال.
2 أي: في "فعلاء" اسمًا كصحراء، أو وصفًا لمؤنث لا مذكر له كعذراء، أو مختومًا بألف التأنيث المقصورة, أو ألف الإلحاق على أساس ما تقدم في "فَعالِي" بالكسرة؛ فهذه المفردات مشتركة عند جمعها بين "فعالِي، وفعالي".
3 أي: على وزن "فعلان" أو "فعلى"، نحو: كسلان وكسالى، وسكران وسكارى، والأحسن في صيغة هذا الوصف، ضم أوله عند الجمع، فيقال: كسالى، وسكارى.
وكذلك ينفرد الفعالى بالكسر بالخمسة التي ذكرت قبل صيغة "فعلان". ويحفظ "فَعالى" في نحو: يتيم، وأيم، وطاهر، وحبط، و"فُعالى" في نحو: قديم، وقدامى؛ وأسير، وأسارى.
وفي "الفعالى والفعالي" يقول الناظم في إجمال لا تفصيل فيه ولا إيضاح.
وبالفَعَالَى والفَعَالَى جمعًا ... صحراء والعذراء والقيس اتبعا*
أي: إن "فعالى، وفعالي" يشتركان في جمع ما كان على "فَعلاء" اسمًا كصحراء أو صفة كعذراء واتبع القياس على هذين المثالين؛ أي: قس عليهما نظائرهما.
4 ساكن العين.
5 تلي الأحرف الثلاثة وتزيد عليها.
6 سواء كانت هذه الياء أصلية لغير النسب مطلقًا ككرسي، أم أصلها مزيدة للنسب، ثم أهمل هذا الغرض وترك وأصبح غير ملحوظ، نحو: مهري؛ فإن أصله الجمل المنسوب إلى قبيلة "مهمرة" اليمنية المشهورة بالإبل المذكورة، ثم أهمل ذلك وصار المهري اسما للنجيب من الإبل مطلقًا، فيجمع على مهارى.
__________
* "وبالفعالى" متعلق بجمعا، والباء بمعنى على. "والفعالى" معطوف عليه. "صحراء" نائب فاعل جمع.
"والعذراء" عطف عليه. "والقيس" مفعول ابتع، والألف في اتبعا منقلبة عن النون الخفيفة، ومعناه: اتبع القياس على هذين المثالين؛ أي: قس على عليهما نظائرهما.(4/214)
كبُخْتِي1 وكرسي وقُمْري 2 بخلاف نحو: مصري، وبَصرِيّ3، وأما أناسي فجمع إنسان؛ لا إنسي4، وأصله أناسين؛ فأبدلوا النون ياء كما قالوا: ظَرِبان وظرابي5.
الثاني والعشرون: "فَعَالِل" ويطرد في أربعة وهي:
__________
1 أصله الجمل المنسوب إلى "بخت" الخراسانية؛ وهي المشهورة بجودة إبلها وحسنها، ثم تنوسي ذلك وشاع استعمال "البختي" في كل جمل قوي جميل، وجمعه بخاتي والأنثى بختية.
2 القمري: نوع من الحمام، والجمع قماري، والأنثى قمرية.
3 لأن ياءهما متجددة للنسب، ولا يجمع على هذا الوزن. مثل عربي وعجمي لتحرك عينهما. وشذ قبطي وقباطي.
4 لأن الياء في "إنسي" متجددة للنسب الباقي على حاله. وما ختم بها لا يجمع على "فَعال" وقيل: ما المانع من جعل أناسي جمع إنسي على تناسي النسب، كما قالوا في بختي وقمري؟ وأناسين: جمع إنسان ولا داعي للبدل؟ والعرب تقول: إنسي، في معنى إنسان.
5 أصله: ظرابين، فأبدلت النون ياء و"الظربان: دويبة كالهرة منتنة الريح. ويحفظ "فعالى" في نحو: صحراء وعذراء؛ فيقال: صحاري وعذاري وذكر في التسهيل: أنه يطرد أيضًا في وزن "فَعلاء" على النحو الذي سبق شرحه؛ نحو: علباء وقوباء.
وفي "فعالى" يقول الناظم:
واجعل فَعَاليِّ لغير ذي نَسَب ... جدد، كالكرسي تتبع العرب*
أي: اجعل "فَعالِي جمعًا لكل اسم ثلاثي آخره ياء مشددة غير متجددة للنسب، ككرسي. أم النسب غير المتجدد، وهو الذي أهمل عند الجميع فلا يمنع جمعه.
__________
* "فعالى" مفعول أول اجعل "لغير" في موضع المفعول الثاني له. "ذي نسب" ذي مضاف إليه ونسب كذلك. "جدد" فعل ماض للمجهول. والجملة صفة لنسب "كالكرسي" متعلق بمحذوف حال من غير ذي نسب أو خبر لمبتدأ محذوف. "تتبع" فعل مضارع مجزوم في جواب الأمر "العرب" مفعول تتبع.(4/215)
الرباعي والخماسي مجردين، ومزيدًا فيهما:
فالأول: كجعفر وزِبرِج1.
والثاني: كسَفَرْجَل وجَحْمَرِش2 ويجب حذف خامسه3 فتقول: سفارج وجحامِر، وأنت بالخيار في حذف الرابع أو الخامس؛ إن كان الرابع مشبها للحرف التي تزاد4؛ إما بكونه بلفظ أحدها كخدرنق5، أو بكونه من مخرجه كفرزدق6؛ فإن الدال من مخرج التاء.
__________
1 الجعفر: النهر الصغير، والكبير الواسع، ضدان، أو النهر الملآن، والزبرج: الذهب، أو السحاب الرقيق الذي يخالط لونه حمرة.
2 الجحمرش: العجوز الكبيرة، والمرأة السمجة الوقحة.
3 وذلك للتخفيف؛ لأن الثقل حدث به.
4 حروف الزيادة عشر معروفة، وهي مجموعة في قولهم "أمان وتسهيل" أو في "سألتمونيها" ويمكن الاستغناء عن الحرف الزائد، وتؤدي الكلمة معنى بعد حذفه.
5 هو العنكبوت، فرابعة -وهو النون- حرف أصلي ولكنه من لفظ حروف الزيادة.
6 اسم جنس جمعي لفرزدقة، هي القطعة من العجين، ولقب به همام بن غالب الشاعر المشهور. تقول في الجمع، خدارق، وفرازق، بحذف الرابع، وخدران، وفرازد، بحذف الخامس وهو أجود؛ لأن المعود الحذف من الآخر، ومحل التخيير: إذا لم يكن الخامس مشبهًا للزائد، وإلا وجب حذفه مطلقًا، سواء كان الرابع شبيهًا بالزائد أم غير شبيه، نحو:
"قُذَعمل" للجمل الضخم، وقداعم، وسفرجل، وسفارج؛ ذلك لأن اللام قد تزاد في نحو: عبدل، في عبد.
والخلاصة:
أنك إذا جمعت الخماسي، تعين حذف خامسه إن لم يكن الرابع مشبهًا للزائد؛ فإن كان الرابع كذلك، فأنت بالخيار في حذف أحدهما؛ ما لم يكن الخامس شبيهًا بالزائد وإلا تعين حذفه.(4/216)
والثالث1: نحو مُدَحْرج، ومُتَدحرج.
والرابع2 نحو: قَرطَبوس3، وخَندَريس4. ويجب حذف زائد هذين النوعين5 إلا إذا كنا لينا6 قبل الآخر فيثبت. ثم إن كان ياء صحح7 نحو: قنديل، أو واوا أو ألفا قلبا ياءين نحو: عصفور وسِرْداح8.
__________
1 الرباعي المزيد بحرف أو حرفين، أو ثلاثة كاحرنجام.
2 وهو الخماسي المزيد.
3 قيل: هو فتح القاف الداهية، وبكسرها الناقة العظيمة الشديدة.
4 اسم من أسماء الخمر.
5 ويحذف مع الزائد الحرف الخامس في مزيد الخماسي أيضا كما مر، تقول في الجمع: دحارج، وقرطب، وخنادر. وتقول في قَبْعثري "للجمل الضخم": قباعث.
6 أي: رباعا وإلا حذف. والمراد باللين الذي يبقى هنا في الجمع: حرف العلة الساكن؛ سواء كان قبله حركة تناسبه كما مثل المصنف، وهو حرف المد اصطلاحا، أو لا تناسبه كفردوس وهو المسمى باللين، فيقال في الجمع: فراديس.
فإذا كان حرف العلة متحركا، نحو: كنْهور "للسحاب المتراكم، وللرجل الضخم"، وهبيخ للغلام الممتلئ لحما قيل في جمعهما: كناهِر، وهَبايخ، بحذف حرف العلة وجوبا، وكذلك إذا كان حرف العلة غير رابع، نحو: "فَدَوكس" اسم من أسماء الأسد فيجمع على فداكس.
7 ويجمع ما هو فيه على "فعاليل" بزيادة ياء قبل الآخر في الغالب، إلا إذا كان مختوما بياء مشددة مثل: كرسي فلا تزاد عليه الياء، لئلا يجتمع في آخر الكلمة الواحدة ثلاث ياءات.
8 السرادح: الناقة الطويلة؛ أو الكريمة؛ أو السمينة؛ والمكان اللين. وفي صيغة "فعالل" وشبهه الآتي يقول الناظم:
وبفَعالِل وشبهه انطقا ... في جمع ما فوق الثلاثة ارتقى*
=
__________
* "وبفعالل" متعلق بانطقا. "وشبهه" معطوف عليه. "في جمع" متعلق بانطقا. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "فوق الثلاثة" فوق ظرف متعلق بارتقى الواقع صلة لما، والثلاثة مضاف إليه.(4/217)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
=
من غير ما ضى ومن خماسي ... جرد، الآخر آنف بالقياس*
أي: إن "فعالَل"، وشبهه يكونان جمعًا لكل اسم ارتقى على الثلاثة -أي: رباعيا- غير ما سبق ذكر جمعه، وانف -أي: احذف- الآخر من الخماسي المجرد عن الزيادة واجمعه على "فعالل" قياسًا ثم قال الناظم في الرباعي.
والرابع الشبيه بالمزيد قد ... يحذف دون ما به تم العدد*
أي: إن الرابع إذا كان شبيهًا بالمزيد، قد يحذف دون الخامس الذي يتم به أصل الكلمة فإن كان الرابع غير مشبه للزائد، لم يجز حذفه، ويتعين حذف الخامس، ثم قال الناظم في الخماسي:
وزائد العادي الرباعي احذفه ما ... لم يك لينا إثره اللذ ختما*
أي: احذف زائد الاسم العادي؛ أي: المجاوز الرباعي "وهو الخماسي المزيد بحرف"؛ إلا إذا كان هذا الزائد حرف لين قبل الآخر الذي به ختام الاسم، فإن كان الزائد حرف مد قبل الآخر لم يحذف، بل يجمع الاسم على "فعاليل"، نحو: قرطاس، وقراطيس.
هذا: ويصح في جمع التكسير الذي على وزن "فعالل" وشبهه، إذا حذف من مفرده شيء عند الجمع أن يزاد ياء قبل الآخر عوضًا عن المحذوف؛ سواء كان المحذوف أصليا أم زائدًا. وكذلك يجوز حذفها إن كانت موجودة، فتقول في جعفر وبرثن، وفرزق,=
__________
* "من غير" متعلق بمحذوف حال من ما الموصولة. "ما" اسم موصول مضاف إليه، "مضى" الجملة صلة. "ومن خماسي" متعلق بأنف. "جرد" فعل ماض للمجهول ونائب الفاعل يعود إلى خماسي, والجملة صفة له. "الآخر" مفعول أنف مقدم. "بالقياس" متعلق بأنف.
* "والرابع" مبتدأ. "الشبيه" صفة له. "بالمزيد" متعلق به. "قد يحذف" الجملة خبر المبتدأ. "دون" ظرف متعلق بيحذف، "ما" اسم موصول مضاف إليه "به" متعلق بتم. "العدد" فاعل تم, والجملة صلة ما والمراد بقوله: بما به تم العدد الخامس من الخماسي.
* "وزائد" مفعول لمحذوف يفسره احذفه. "العادي" مضاف إليه. "الرباعي" مفعول العادي، وسكنت ياؤه للضرورة. "ما" مصدرية ظرفية. "يك" مجزوم بلم بحذف النون، واسمه يعود إلى الزائد، "لينا" خبر. "أثره" ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم ومضاف إليه. "اللذ" اسم موصول مبتدأ مؤخر، وهو لغة في الذي. "ختما" الجملة صلة والألف للإطلاق وجملة المبتدأ والخبر صفة لينا، والمراد باللذ ختما: الحرف الأخير من الكلمة.(4/218)
الثالث والعشرين: "شِبّه فَعَالل"1، ويطرد في مزيد الثلاثي غير ما تقدم2، ولا تحذف زيادته إن كان واحدة3؛ كأفكل4 ومسجد وجوهر، وصَيْرَف5 وعَلْقَى6. ويحذف ما زاد عليها؛ فتحذف زيادة من نحو: منطلق، واثنتان من نحو: مستخرج
__________
= وخدرنق: جعافر وجعافير، وبراثن وبراثين، وفرازق، وفرازيق، وخدارق، وخداريق، وهذا مذهب الكوفين، ومنع البصريون زيادة ياء قبل الآخر دون أن يكون هنالك محذوف جاءت عوضًا عنه؛ فلا يقال في جعفر: جعافير؛ إلا في ضرورة الشعر، وكذلك منعوا حذف الياء الموجودة في مفاعيل إلا في الضرورة.
هذا: وقد وردت ألفاظ دالة على الجمع على وزن مفاعل وفعاليل وليس لها مفرد.
ومن ذلك: هزاهز: وهي تحريك الفتن والحروب بين الناس. وأبابيل: وهي الفرق الكثيرة من الطير والحيوان والإنسان. وعباديد: وهي الجماعات من الناس والخيل الذاهبون في كل وجه. وتباشير: لأوائل الصبح وكل شيء وقيل: هذه أسماء جموع.
وهنالك مفردات لا تجمع، مثل: اليم وهو البحر. والسراب: وهو ما يرى نصف النهار كأنه ماء وليس بماء. والدبور: وهي الريح التي تهب من الغرب، ويقابلها: الصبا.
1 المراد به: ما يماثل "فعالل" في عدد الحروف وضبطها، وإن خالفه في الوزن الصرفي، مثل: مفاعل؛ كمنابر، وفياعل؛ كصيارف، وفواعل؛ كجواهر، وفعالل؛ ككراسي.
2 فلا يجمع على شبه "فعالل" مثل: أحمر، سكران، قائم، رام، باب، صغرى، سكرى ... إلخ؛ فقد تقدم لهذه جموع تكسير أخرى قياسية، وحكم هذا الثلاثي المزيد عند جمعه على شبه "فعالل" أوضحه المصنف بقوله: ولا تحذف زيادته ... إلخ.
3 سواء أكان الزائد حرف علة أم غير حرف علة، كان في الأول أم في غيره، للإلحاق أم لغير الإلحاق وقد مثل المصنف لهذه الأنواع.
4 الأفكل -بفتح الهمزة والكاف- الرعد والارتعاش، ولا يبنى منه فعل.
ومثلها: الأفضل مقترنًا بأل أو مضافًا إلى معرفة، ليشبه الأسماء غير الأوصاف؛ لأنه إذا خلا من ذلك لزم الإفراد والتذكير كما هو معروف.
5 الصيرف: نقاد الدرهم، والمحتال للأمور.
6 اسم نبت: قيل: وفي التمثيل به نظر؛ لأنه يجمع على "الفعالي" بكسر اللام وفتحها كما سبق.(4/219)
ومتذكر.
ويتعين إبقاء الفاضل1؛ كالميم مطلقًا2 فتقول في منطلق3: مطالق، لا نطالق4, وفي مستدع: مداع5 لا سداع ولا تداع6 خلافًا للمبرد في نحو: مُقْعَنس7؛ فإنه يقول: قعاسس؛ ترجيحًا لمماثل الأصل8 وكالهمزة والياء المصدرتين كألندد ويلندد9؛ تقول: ألاد، ويلاد10.
وإذا كان حذف إحدى الزيادتين مغنيا عن حذف الأخرى بدون العكس، تعين
__________
1 وهو: ما له مزية لفظية أو معنوية أو لا يغني حذفه عن حذف غيره.
2 سواء صدرت أم لا، كان معها حرف مماثل للأصل أم لا. ولا فرق في ذلك بين الخماسي والسداسي.
3 أي: مسمى به، وكذلك مستدع.
4 لأن الميم تفضل النون بتصديرها، ودلالتها على معنى مختص بالاسم، لأنا تدل على اسم الفاعل أو المفعول، وهذه مزية معنوية.
5 بحذف السين والتاء؛ لأن وجودهما يخل ببنية الجمع، وإبقاء الميم لمزيتها المتقدمة.
6 لأن البناء الأول غير موجود، والثاني فيه حذف الميم، فيفوت الغرض منها, وهو الدلالة على الفاعل.
7 أي: مما آخر زائديه للإلحاق. والمقعنسس: المتأخر الراجع إلى الخلف؛ من القعس وهو: خروج الصدر ودخول الظهر؛ ضد الحدب.
8 فيحذف الميم والنون، ويبقي السين؛ لأنها وإن كانت زائدة فهي ضعف حرف أصلي، فيحكم لها بما للأصل؛ فكأن أصل مقعنسس عنده: قعسس كجعفر؛ ولأنها زيدت للإلحاق باحرنجم، وبقاء الملحق أولى من غيره.
9 كلاهما بمعنى الخصم الشديد الخصومة؛ كالألد.
10 أي: في جمعها جمع تكسير بحذف النون وإبقاء الهمزة والياء؛ لتصدرهما وتحريكهما؛ ولأنهما في موضع يقعان فيه دالين على معنى؛ وهو التكلم في الهمزة، والغيبة في الياء بخلاف النون فإنها في مثل موضعها لا تدل على شيء أصلا، وهذه مزية معنوية.(4/220)
حذف المغني حذفها؛ كيا حيْزَبُون1 تقول: حزابين بحذف الياء2 وقلب الواو ياء لا حيازبن -بحذف الواو- لأن ذلك محوج إلى أن تحذف الياء، وتقول: حزابن3؛ إذ لا يقع بعد ألف التكسير ثلاثة أحرف أوسطها ساكن إلا وهو معتل4.
فإن تكافأت الزيادتان فالحاذف مخير، نحو: نوني سَرَنْدَى5 وعَلَنْدَى6 وألفيهما7؛ تقول: سَرَاند، وسَرَاد، وعَلانِد، وعَلاد.
__________
1 الحيزبون: المرأة العجوز، فيه ثلاثة زوائد: الياء، والواو، والنون.
2 لأن حذفها يغني عن حذف الواو؛ لصيرورتها رابعة قبل الآخر فيفعل بها ما فعل بواو عصفور من قبلها ياء.
3 ليصير على صيغة الجمع في "مفاعل".
4 مثل: قناديل، ومصابيح.
5 السرندى: السريع في أموره؛ أو الشديد من الرجال، والأنثى سرناده.
6 العلندى: البعير الضخم، والغليظ من كل شيء، ونوع من شجر العضاه له شوك، وأحده بهاء، والجمع علاند.
7 فإنهما زيدتا للإلحاق ولا مزية لإحداهما على الأخرى؛ لأن النون رجحت بالتقديم على الألف، كما أن الألف رجحت بتقديم الحركة لإلحاقها بسفرجل، فما تكافأت الزيادتان، خير الحذف.
وإلى ما تقدم في شبه مفاعل، وحكم الزائد عند الجميع يشير الناظم بقوله:
والسين والتا من كمستدع أزل ... إذ ببنا الجمع بقاهما مخل
والميم أولى من سواه بالبقا ... والهمز واليا مثله إن سبقا*
=
__________
* "والسين" مفعول أزل مقدم. "واليا" باقصر عطف عليه "من" متعلق بأزل. "كمستدع" الكاف بمعنى مثل في محل جر بمن، و"مستدع" مضاف إليه. "بقاهما" مبتدأ ومضاف إليه. "إذ" حرف تعليل. "بينا الجمع" بينا متعلق بمخل والجمع مضاف إليه. "مخل" خبر.
"والميم" "مبتدأ. "أولى" خبر. "من سواه بالبقا" متعلقان بأولى. "الهمزة" مبتدأ. "واليا" بالقصر عطف عليه, "مثله" خبر المبتدأ وما عطف عليه. "سبقا" فعل الشرط وألف الاثنين فاعل، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه.(4/221)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
=
والياء لا الواو احذف إن جمعت ما ... كحيزبون فهو حكم حتما
وخيروا في زائدي سرندى ... وكل ما ضاهاه كالعلندى*
أي: أزل السين والتاء من مثل مستدع عند الجمع؛ لأ بقاءهما مخل ببناء الجمع وصيغته.
ومغزى هذا: أنه إذا اشتمل الاسم على زيادة لو بقيت لاختل بناء الجمع على فعالل وفعاليل حذفت الزيادة, ويبقى ما له مزية كالميم، وتحذف النون من مثل: الندد ويلندد وتبقى الهمزة والياء؛ لما في ذلك من مزية كما شرحنا. واحذف الياء وأبق الواو عند جمع مثل: حيزبون؛ مما اشتمل على ذيادتين وكان حذف إحداهما يتأتى معه صيغة الجمع، ولا يتأتى مع الأخرى كما سبق أيضًا.
وإذا لم يكن لإحدى الزيادتين مزية على الأخرى -كنت بالخيار في حذف إحداهما؛ كالزيادة في سرندى وعلندى وما شابههما.
تتمة:
1 ذكرنا قريبا أنه يجوز على مذهب الكوفيين زيادة ياء قبل الآخر في صيغة فعالل وشبهه، سواء حذف شيء من المفرد لتكون هذه التاء عوضًا عن المحذوف أم لا.
ويجيز الكوفيون أيضا زيادة الياء في "فعالل" مماثل "مفاعل", وحذفها من "فعاليل" مماثل "مفاعيل"؛ فتقول في جعافر، جعافير، وفي عصافير، عصافر، وجعلوا من الأول قوله -تعالى: {وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} ومن الثاني: قوله: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ} إلا "فواعل" فلا يقال: "فواعيل" إلا شذوذًا، كقوله:
سوابيغ بيض لا يخرقها النبل
وينبغي ألا يؤدي ذلك إلى وجود حرفين متماثلين متجاورين، كما جمع جلباب على جلابيب؛ فإن حذف الياء يجعل صيغة الجمع: "جلابيب" بغير إدغام، مع أن الإدغام في مثل هذا واجب، ولو أدغمتا لم يعرف الأصل، ولم يتضح المعنى.
__________
* "والياء" مفعول احذف مقدم, "لا الواو" عطف عليه. "جمعت" فعل الشرط والتاء فاعله. "ما" اسم موصول مفعوله. "كحيزبون" متعلق بمحذوف صلة ما، وجواب الشرط محذوف. "فهو حكم" مبتدأ وخبر. "حتما" فعل ماض للمجهول والألف للإطلاق، والجملة صفة لحكم.
*"في زائدي" متعلق بخير. و"سرندى" مضاف إليه. "وكل" معطوف على سرندى. "ما" اسم موصول مضاف إليه "ضاهاه" الجملة صلة ما "كالعلندى" خبر لمبتدأ محذوف.(4/222)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
2 قد تأتي تاء التأنيث عوضًا عن المحذوف بدلا من الياء، وذلك إذا كان المحذوف بدلا من الياء،؛ وذلك إذا كان المحذوف ألفًا خامسة في المفرد، أو ياء في صيغة منتهى الجموع، مثل حَبنطي؛ حبائط، حبانيط، حبانطة، قنديل قنادلة، وكذلك إذا كان المفرد اسمًا مختومًا بياء النسب وحذفت منه هذه الياء عند جمعه؛ فيؤتى بالتاء بدلا من الياء غالبا؛ للدلالة على أن الجمع للمنسوب لا للمنسوب إليه، نحو: أشعَثِى وأشاعثة، وأزرق وأزارقة. ومهلبي ومهالبة.
3 لا يجمع جمع تكسير نحو: مضروب ومكرم مما جرى على الفعل وبدئ بميم زائدة؛ لمشابهته للفعل. بل القياس أن يجمع مثله جمع تصحيح، وجمع شذوذًا؛ ملعون، وميمون، ومشئوم، وموسر، مفطر. ويستثنى من ذلك "مُفْعِل" وصفا للمؤنث، نحو: مرضع، ومراضع.
4 قد تدعو الحاجة إلى جمع الجمع كما تدعو إلى تثنيته، وفي المراجع اللغوية عديد من جمع الجمع فكما يقال في جماعتين من الجمال: جمالان، يقال كذلك في جماعة منها جمالات قال -تعالى: {كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ} ويقال في جمع رجال وبيوت: رجالات وبيوتات. وكذلك ورد جمع اسم الجمع واسم الجنس؛ فقيل في قوم ورهط وتمر: أقوام وأرهاط، وتمران، والفرق بين الجمع واسم الجمع: أن الجمع ما دل على جماعة وله مفرد من لفظه، أما اسم الجمع فليس له واحد من لفظه غالبًا، كقوم ورهط واسم الجنس يدل على الماهية وضعًا، فهو صالح للواحد والاثنين وللأكثر؛ كتمر وبقر، ويفرق بينه وبين واحده بالتاء، أو الياء، وقد لا يكون له مفرد من لفظه كماء وتراب "انظر الجزء الأول ص33".
ولا يطلق جمع الجمع على أقل من تسعة. وإذا إريد تكسير مكسره ينظر إلى ما يشاكله من الآحاد؛ في عدد حروفه ومطلق حركات وسكناته، ومقابلة المتحرك منه بالمتحرك في الآخر، والساكن بالساكن فيكسر بمثل، تكسيره؛ فيقال في أعين: أعاين، وفي أقوال: أقاويل؛ تشبيها بأسْوَد "للعظيم من الحيات" وأساود، وإعصار "للريح=(4/223)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
= الشديدة" وأعاصير. وقالوا في غربان: غرابين، تشبيهًا بسراحين، مفرد "سرحان" للذئب.
وما كان من الجموع على مثل: "مفاعل، أو مفاعيل، أو فعلة أو فُعلة" ومشاكلا لها على النحو السابق لا يجوز تكسيره؛ لأنه لا نظير له في الآحاد حتى يحمل عليه عند الجمع، ولكن قد يجمع جمع تصحيح للمذكر أو للمؤنث على حسب المعنى، كقولهم في نواكس "مفرده ناكس بمعنى مطأطئ الرأس" ناكسون، وفي صواحب: صواحبات. ومنه الحديث: "إنكن لأنتن صواحبات يوسف".
5 إذا أريد تثنية المركب وجمعه؛ فإن كان إضافيا وصدره غير "ذي" وابن، وأخ" اقتصر على تثنية صدره وجمعه تصحيحًا أو تكسيرًا, ولا يتغير عجزه مطلقًا؛ ففي مثل: "علم الدين" اسم رجل, يقال: علما الدين رفعا، وعلمي الدين نصبًا وجرا، وعلمو الدين، وأعلام الدين، وإن كان مصدره "ذو، أو ابن، أو أخ" من أسماء ما لا يعقل؛ مثل: ذي القعدة، وذي الحجة، وابن عرس، وابن آوي، واخي الحجر "للثعبان": ثنى صدره كتثنية المفرد للصحيح، ويقتصر على جمعه جمع مؤنث سالما؛ فيقال: ذوات القعدة، وذوات الحجة، بنات عرس، بنات آوي، آخوات الجحر، ولا يجمع جمع تكسير ولا جمع مذكر سالما.
وإن كان المركب إسناديا "وهو ما أصله جملة اسمية أو فعلية" مثل: البدر طالع, فتح الله "كل منهما اسم رجل"، ونعمه الله، ست الدار، وكل منهما اسم امرأة" أو مزجيا كسيبويه، فلا يثنى لفظه ولا يجمع، وإنما تزاد قبلهما كملة "ذو" للمذكر و"ذات" للمؤنث، وتثنيان وتجمعان، فيقال: ذوا أو "ذَوي" فتح الله، وذوو أو ذوي فتح الله. وذوو أو ذوي سيبويه. وذواتا، أو ذواتي أوذوات، نعمة الله.... إلخ*.
وتعرب "ذو" إعراب جمع المذكر السالم و"ذوات" إعراب جمع المؤنث، وما بعدهما مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة منع منها حركة الحكاية كما مر في بابه، وكذلك الشأن في المثنى والمجموع على حدة إذا سمي بهما، وثنيا أو جمعا؛ تقول: ذوا=
__________
* انظر صفحة 70 وما بعدها جزء أول، عند شروط المثنى والجمع.(4/224)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
= محمدين، وذوو محمدين؛ كما يقال في تثنية كلبتي الحداد، هاتان ذواتا كلبتين، وفي الجمع: ذوات كلبتين.
6 الاسم المفرد الدال على الجنس المختوم بتاء الوحدة على أي وزن يجمع بالألف والتاء؛ إذا قصد إلى جمع قلته، وإذا قصد إلى جمع كثرته جرد من التاء بشرط أن يكون من المخلوقات لا من المصنوعات بيد الإنسان، تقول: "نملة, نملات، نمل"، "تينة، تينات، تين"، "هامة، هامات، هام"، "بقرة، بقرات، بقر" ويعتبر البصريون هذا النوع اسم جنس جمعي، ويعتبره الكوفيون جمعًا.
7 لا يجمع الاسم المصغر جمع تكسير للكثرة؛ لأن ذلك ينافي ما يدل عليه التصغير من قلة. وأيضا؛ فليس هنالك صيغة تناسبه من جمع الكثرة. أما جمعه للقلة فجائز.
8 ذهب كثير من النحاة إلى أن جمعي السلامة لمذكر ومؤنث من جموع القلة وقيل هما لمطلق الجمع، فهما صالحان للقلة والكثرة، وإذا قرن جمع القلة بأل الاستغراقية أو أضيف لمعرفة مفردة أو جمع انصرف إلى الكثرة، نحو قوله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} .... إلخ.(4/225)
................................................................................................
__________
الأسئلة والتمرينات:
1 عرف كلا من جمعي القلة والكثرة، ومثل لكل، ثم اشرح قول الناظم:
وبعض ذي بكثرة وضعًا يفي ... كأرجل والعكس جاء كالصيفي
2 يشترك الفعالى والفعالي في مواضع، اشرح ذلك، وبين ما ينفرد فيه كل منهما موضحًا بالأمثلة.
3 ما حكم زائد الرباعي والخماسي عند الجمع على "فعالل"؟ ومتى يتعين حذف أحدهما؟
اشرح ذلك بالمثال، معللا لما تقول:
4 اشرح قول ابن مالك:
وفَعلا اسمًا وفَعِيلا وفَعل ... غير معل العين فُعلان شمل
5 كيف تجمع المركب الإضافي جمع تكسير؟ كذلك ما سمي به من مثنى أو جمع؟ مع التمثيل.
6 فيما يأتي شواهد لبعض مسائل هذا الباب، بين موضع الشاهد، واذكر مفردات الجموع.
قال -تعالى: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ, مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ, بِأَيْدِي سَفَرَةٍ, كِرَامٍ بَرَرَةٍ} .
{فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ, وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ, وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ, وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ} .
{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ} .
{إِنْ كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} . {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} .
{سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ} .
{وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ, وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ} .
{وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ} =.(4/226)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
=
لنا الجفنات الغر يلمعن في الدجى ... وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
فضحتم قريشا بالفرار وأنتم ... قُمُدّون سُودان عظام المناكب
وأيقنت أني عند ذلك ثائر ... غداتئذ أو هالك في الهوالك
قواض مواض نسج داود عندها ... إذا وقعت فيه كنسج الخدرنق
7 اجمع الكلمات الآتية جموع تكسير، مبينا القياسي منها والسماعي، على ضوء ما عرفت من ضوابط.
جحود، جبان، زناد، أسد، دلو، شمال، مرخ، رغيف، صبي، سرير، ساع، قائم، ضعيف.
لئيم، مريض، طابع، صاحب، عاقلة، فتوى، ابن آوي، جزئي، أعمى، عبد الشكور، ما شاء الله، أضحوكة، زعفران، محمدين، عين رمضاء، أذن صماء.
8 أعرب ما تحته خط في البيتين الآتيين، وبين ما فيهما من جموع تكسير، واذكر مفرداتها ثم اجمع الكلمات: بأس, الردى، الندي، جموع تكسير.
ولا عيب فينا غير أن سماحنا ... أضر بنا واليأس من كل جانب
فأفنى الردى أرواحنا غير ظالم ... وأفنى الندى أموالنا غير عائب
9 يطرد "فعلاء" و"أفعلاء" في فعيل بمعنى فاعل؛ فما الفرق بينهما؟
10 أعرب البيتين الآتيين، ثم اجمع ما تحته خط، مبينا نوع الجمع.
ولي قلم في أنملي إن هززته ... فما ضرني ألا أهز المهندا
إذا جال فوق الطرس وقع صريره ... فإن صليل المشرفي له صدى
11 بم يستدل بعض النحويين بهذه الآيات الكريمات؟
{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ} ، {كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ} ، {وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} .
12 كيف تجمع المركب بأنواعه؟ مثل لما تقول.(4/227)
باب: التصغير 1
__________
باب: التصغير
1 معناه لغة: التقليل، واصطلاحا: تغيير مخصوص يطرأ على بنية الكلمة المعربة وهيئتها، فيحولها إلى وزن "فعيل" أو "فُعيَعل" أو "فُعيعيل" بطريقة خاصة تؤدي إلى ذلك. وهذه الأوزان الثلاثة تسمى "صيغ التصغير"، هي غير
جارية على نظام الميزان الصرفي.
وأغراض التصغير كثيرة، ترجع غالبا إلى التقليل والتحقير، وأظهرها:
أ- تحقير ما يتوهم عظمه، كأسيد.
ب- تصغير ما يتوهم كبره، كجبيل.
جـ- تقليل كمية ما يتوهم كثرته، كدريهمات.
د- تقليل جسم الشيء ذاته؛ كوليد، وطفيل.
هـ- تقريب ما يتوهم بعد زمنه أو محله أو قدره؛ كقبيل العصر، وبعيد العشاء، وفويق الفرسخ أو دوينه، وأصيغر من ذلك.
ومنها عند بعضه: التحبب والتدليل، نحو: يا بني، ويا أخي، والترحم نحو: يا مسيكين, والتعظيم والتهويل عند الكوفيين، كقول بعض العرب، وهو الحباب بن المنذر: "أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب" وجذيل: تصغير جذل؛ وهو عود ينصب للإبل الجربى لتحتك به. والمحكك: الذي كثر الاحتكاك به؛ أي: أنا ممن يستشفى برأيه؛ كما تستشفى الإبل الجربى بالاحتكاك بهذا العود. وعذيقها: تصغيرها عذق، وهو النخلة بحملها، وبكسر العين: القنو منها، والمرجب: المعظم، أو من الرجبة، وهي أن تحاط النخلة الكريمة بحجارة أو خشب أو شوك، إذا خيف عليها لكثرة حملها لئلا يرقى إليها. واعتبر التصغير في مثل هذا للتعظيم؛ لأن المقام للمدح، ومنه قول لبيد:
وكل أناس سوف تدخل بينهم ... دُويْهِيَة تصفر منها الأنامل
والفائدة المرجوة من التصغير هي: الدلالة على الوصف المقصود من القلة أو الحقارة أو القرب أو التهويل؛ باختصار؛ فهو وسيلة من وسائل الإيجاز.
والتصغير خاص بالأسماء؛ فلا تصغر الأفعال ولا الحروف؛ لأن التصغير وصف في المعنى، والفعل والحرف لا يوصفان، وشذ تصغير فعل التعجب كما سيأتي.
وكذلك لا تصغر الأسماء العاملة عمل الفعل؛ لأن تصغيرها يبعدها عن شبه الفعل الذي عملت من أجله؛ ما عدا رويدا.(4/228)
وله ثلاثة أبنية1: "فُعَيل، وفُعَيْعِل، وفُعَيْعِيل" كفليس ودريهم ودنينير؛ وذلك لأنه لا
__________
ويشترط في الاسم المصغر:
1 أن يكون معربًا؛ فلا تصغر قياسًا: الأسماء المبنية؛ كالضمائر، وأسماء الاستفهام والشرط، "وكم" الخبرية، وغيرها من المبنيات، وما سمع من ذلك مصغرًا يقتصر فيه على الوارد كما سيأتي بعد.
2 ألا يكون مصغرًا حقيقة، أو تكون صيغته على هيئة المصغر، مثل: كميت ودريد، وسويد "أعلام". وقيل: إذا كان غير مصغر حقيقة، ولكن مادته وتكوينه على صيغة المصغر، جاز تصغيره؛ نحو: مُهَيمن، ومسيطر "اسمي فاعل من هيمن، وسيطر".
ويكون تصغير مثله بحذف الياء الزائدة وإحلال ياء جديدة للتصغير محلها فيبقى اللفظ بحاله ويختلف التقدير.
ويظهر الفرق بين المصغر والمكبر في الجمع؛ فالمكبر تحذف ياؤه ويجمع تكسيرًا فيقال: مهامن، ومساطر، أما المصغر فلا يجمع جمع تكسير للكثرة كما أسلفنا قريبًا.
3 أن يكون معناه قابلا للتصغير؛ فلا يصغر نحو: كبير، وجسيم، وعظيم، ولا تصغر الأسماء المعظمة شرعًا؛ كأسماء الله, وملائكته, وأنبياءه, وكتبه, والمصحف، والمسجد؛ لأن تصغيرها ينافي تعظيمها، ولا أسماء الشهور، وأيام الأسبوع؛ لأنها تدل على مدة زمنية محدودة لا تقبل التقليل, ولا جمع الكثرة؛ لأن التقليل ينافيه، ولا المركب الإسنادي؛ لأن صيغ التصغير لا تنطبق عليه إلا بعد أن يحذف منه ما قد يوقع في لبس، ولا الجمل المحكية؛ لأن التصغير ينافي الحكاية، وكذلك لا تصغر "كل" و"بعض"؛ لأن الأول يدل على الشمول، وهو ينافي التقليل، والثاني يدل بنفسه على التقليل؛ فلا حاجة إلى تصغيره، ولا "غير، وسوى، والبارحة، و"الغد"؛ لأن دلالتها لا تحتمل القلة والكثرة، وكذلك الأسماء المختصة بالنفي، كعريب وديار؛ لأن شرط عملها عدم تصغيرها ولم يرد تصغيرها عن العرب ولا يصغر من الأسماء ما أشبه الفعل مثل "حسبك"؛ كما لا تصغر أسماء الأفعال، ولا اسم المفعول، ولا الصفة المشبهة.
1 وزن المصغر بهذه الأبنية الثلاثة، اصطلاح خاص بهذا الباب، اعتبر فيه مجرد اللفظ، من غير مقابلة أصلي بأصلي ولا زائد بمثله؛ تقليلا للأوزان، وليس جاريًا على اصطلاح التصريف؛ فإن مثل: أُحمير، ومكيرم، وسفيرج وزنها في التصغير "فعيل" ووزنها الصرفي: أُفَعيل، ومُفَيعل، وفُعَيلل.(4/229)
بد في كل تصغير من ثلاثة أعمال ضم الأول، وفتح الثاني1، واجتلاب ياء ساكنة ثالثة.
ثم إن كان المصغر ثلاثيا2 اقتصر على ذلك، وهي: بنية "فُعَيل" كفليس ورجيل، ومن ثم3 لم يكن نحو: زُمَّيْل 4 ولُغَّيْزَى5 تصغيرًا؛ لأن الثاني غير مفتوح والياء غير ثالثة.
وإن كان متجاوزًا للثلاثة6 احتيج إلى عمل رابع، وهو كسر ما بعد ياء التصغير7. ثم إن لم يكن بعد هذا الحرف المكسور حرف لين قبل الآخر8 فهي بنية "فُعَيعل"، كقولك في جعفر: جعيفر.
وإن كان بعده حرف لين قبل الآخر فهي بنية "فُعَيعِيل"9 لأن اللين الموجود قبل
__________
1 هذا إذا لم يكن الأول مضمومًا من قبل كغراب، والثاني مفتوحًا كذلك كغزال، وقيل: يقدر ضم جديد وفتح أيضًا.
2 يدخل في حكم الثلاثي: ما ختم بتاء زائدة للتأنيث، مسبوقة بأحرف ثلاثة أصلية كما سيأتي.
3 أي: ومن أجل اشتراط فتح الثاني، واجتلاب ياء ثالثة.
4 الزميل: الجبان الضعيف.
5 اسم للغز، وهو الكلام المعمى، يقال: ألغز في كلامه؛ إذا عمي مراده.
6 سواء كانت حروفه أصلية؛ نحو: جعفر، أو فيها زائد نحو: بندق.
7 أي: إن لم يكن مكسورًا من قبل، نحو "قِرمز" لنوع من الصبغ الأحمر، وقيل يقدر الكسر للتصغير ما عدا حالات ستجيء.
8 سواء كان ألفًا، أم واوًا، أما ياء في المكبر.
9 وهو بناء ما زاد على أربعة أحرف، وإلى هذه الأوزان الثلاثة يشير الناظم بقوله:=(4/230)
آخر المكبر؛ إن كان ياء سلمت في التصغير لمناسبتها للكسرة، كقنديل وقَنَيدِيل، وإن كان واوًا أو ألفًا قلبا ياءين لسكونهما وانكسار ما قبلهما، كعصفور وعصيفير، ومصابح ومصيبيح.
ويتوصل في هذا الباب إلى مثالي "فُعَيعِل، وفُعَيعيل"1 بما يتوصل به في باب الجمع إلى مثالَي "فَعَالِل, فَعَالِيل"2؛ فتقول في تصغير سفرجل، وفرزدق، ومستخرج، وأَلَنْدَد، ويَلَنْدَد، وحيزبون: سُفَيْرِج3، وفُرَيْزِد، أو فُريْزق
......
__________
=
فُعَيْلا اجعل الثلاثي إذا ... صغرته، نحو "قذَى" في "قَذَى"
"فُعَيْعِل" مع "فُعَيْعِيل لما" ... فاق كجعل درهم دريهما*
أي: اجعل الاسم الثلاثي إذا صغرته على وزن "فعيل" بضم أوله، وفتح ثانية، وزيادة ياء ساكنة بعده؛ تقول في تصغير قذى، وهو جسم صغير كالهباء يقع في العين فيؤلمها: قُذَيّ، بإرجاع الألف إلى أصلها الياء وإدغام ياء التصغير فيها؛ لأن التصغير كالتكسير يرد الأشياء إلى أصولها. فإن زاد الاسم على ثلاثة وكان رابعه غير حرف لين، فعل به ما تقدم، وكسر ما بعد الياء، تقول في دِرهم: دُريهم، وإن كان الرابع حرف لين قلب ياء، فينتهي الوزن إلى "فعيعيل" للخماسي وما زاد عليه.
1 أي: فيما زاد على أربعة أحرف.
2 وللحاذف هنا من وجوب وترجيح، وتخيير. ما سبق له هنالك في التكسير.
3 أي: بحذف خامسه وجوبًا، لقول الناظم فيما سبق:
... ... ... ... ومن خماسي ... جرد الآخر انف بالقياس
4 بحذف الخامس مع الترجيح، أو الرابع؛ لقوله:
والرابع الشبيه بالمزيد قد ... يحذف ... ... ... ...
__________
* "فعيلا" مفعول اجعل الثاني. "الثلاثي" مفعول الأول "صغرته" فعل الشرط، والجملة في محل جر بإضافة إذا، والجواب محذوف. "نحو قذى" نحو خبر لمبتدأ محذوف، والذي مضاف إليه، "في قذى" متعلق بمحذوف حال من قذى.
"فعيعل" مبتدأ. "مع فعيعيل" مع ظرف وفعيعيل مضاف إليه متعلق بمحذوف حال من الضمير في الخبر وهو "لما" وما اسم موصول وجملة "فاق" صلة ومفعوله محذوف؛ أي: فاق الثلاثي "كجعل" خبر لمبتدأ محذوف، "درهم" مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله الأول "دريهما" مفعول المصدر الثاني.(4/231)
ومُخَيْرج1، وأُلَّيَّدَ ويُلَيِّد2، وحُزَيْبِيْن3، وتوقل في سَرَنْدى وعلندى4: سُرَيْنِد وعُلَيْنِد, أو سُريِّد وعُلَيِّد.
ويجوز لك في بابي التكسير والتصغير أن تعوض مما حذفته5 ياء ساكنة قبل الآخر، إن لم تكن موجودة؛ فتقول: سفيريج وسفاريج بالتعويض6 وتقول في تكسير احْرِنْجام وتصغيره: حراجيم وحُرَيْجيم، ولا يمكن التعويض لاشتغال محله بالياء المنقلبة عن الألف.
__________
1 أي: بحذف السين والتاء وإبقاء الميم لفضلها عليهما، لقوله فيما سبق:
والسين والتاء من كمستدع أزل ... إذ بينا الجمع بقاهما مخل
2 بحذف النون وإبقاء الهمزة والياء لتصدرهما.
3 بحذف الياء وقلب الواو ياء لما مر.
4 أي: مما تكافأت فيه الزيادات وخير الحاذف في إحداهما لعدم المزية، وقد إشار الناظم إلى ما تقدم بقوله:
وما به لمنتهى الجمع وصل ... به إلى أمثلة التصغير صل*
أي: ما وصل به إلى التكسير في صيغة منتهى الجموع؛ من حذف حرف أصلي أو زائد، صل به إلى التصغير؛ حين تريد تصغير مثله.
5 سواء كان المحذوف حرفًا أصليا، كسفرجل؛ أم زائدًا نحو: منطلق.
6 والتعويض هنا غير لازم، قال الناظم:
وجائز تعويض "يا" قبل الطرف ... إن كان بعض الاسم فيهما انحذف*
أي: يجوز أن يعوض مما حذف في التصغير أو التكسير ياء قبل الآخر. وقد سبق بينا أن هذه الياء قد يؤتى بها وإن لم يحذف شيء.
__________
* "وما" اسم موصول مبتدأ، أو مفعول لمحذوف يفسره ما بعده, "به لمنتهى الجمع" متعلقان بوصل الواقع صلة لما ومضاف إليه. "به إلى أمثلة التصغير" متعلقان بصل ومضاف إليه أيضًا.
* "وجائز" خبر مقدم. "تعويض" مبتدأ مؤخر. "يا" بالقصر مضاف إليه. "قبل الطرف" قبل ظرف متعلق بتعويض والطرف مضاف إليه، وسكن الطرف للشعر، "كان" فعل الشرط ناقص. "بعض الاسم" بعض اسمها والاسم مضاف إليه, "فيهما" متعلق بانحذف الواقع خبرًا لكان، وجواب الشرط محذوف
يدل عليه سابق الكلام.(4/232)
وما جاء في البابين مخالفا لما شرحناه فيهما فخارج من القياس.
مشاله في التكسير: جمعهم مكانا على أمكن1، ورهطا وكراعا؛ على أرهِط وأكارع2 وباطلا وحديثا على أباطيل وأحاديث3.
ومثاله في التصغير: تصغيرهم مغربا وعشاء على مُغَيْربان وعُشَيَّان4 وإنسانا وليلة على أنيسيان ولُيَيْلِية5. ورجلا على رُوَيجل. وصبية وغِلمة، وبنون على أُصَيْبة وأُغيْلِمة، وأُبَيْنُون، وعشية على عُشَيشية6.
__________
1 والقياس: أكون بحذف الميم الزائدة وإبقاء عين الكلمة، لكنه حذفها لشبهها بالزائد وفيه شذوذ آخر وهو: أن "مكان" مذكر، وقياس جمعه "أفعلة".
2 والقياس فيهما: رهوط، وأرهُط، وكرع، وأكرع. والرهط: ما دون العشرة من الرجال ليس فيهم امرأة. والكراع مستدق الساق، ويذكر ويؤنث.
3 والقياس: بواطل، وأحدثة، أو حدث.
4 والقياس: مُغَيْرب، وعُشَيَّة؛ بإسقاط الألف والنون.
5 والقياس فيها: أُنْيسان، أو أنيسين، ولُيَيْلة؛ بإسقاط الياء منهما.
6 والقاس فيها: رُجَيل، وصُبَيَّة، وغُلَيِّمة، وبُنَيُّون، وعُشَيَّة.
وقيل: إن هذه الألفاظ مما استغني فيها بتصغير وجمع مهمل عن تصغير وجمع مستعمل فيكون مغيريان وما بعده؛ كأنه تصغير مغريان وعشيان، وأنيسان، وليلاة، ورجل وأصبية، وأغلمة، وأبنون. واختاره في التسهيل. وفي ذلك يقول الناظم:
وحائد عن القياس كل ما ... خالف في البابين حكما رسما*
أي: إن ما خالف المذكور في البابين "التصغير والتكسير" وجرى على غير لفظ واحده خارج عن القياس فيحفظ ولا يقاس عليه.
__________
* "وحائد" خبر مقدم. "عن القياس" متعلق به. "كل" مبتدأ مؤخر. "ما" اسم موصول أو نكرة موصوفة مضاف إليه. "خالف" الجملة صلة أو صفة. "في البابين" متعلق بخالف. "حكما" مفعول خالف. "رسما" فعل ماض للمجهول، والجملة صفة لحكما، والألف للإطلاق.(4/233)
فصل: واعلم أنه يستثنى من قولنا: "يكسر ما بعد ياء التصغير فيما تجاوز الثلاثة"
أربع مسائل:
إحداها: ما قبل علامة التأنيث1، وهو نوعان: تاء كشجرة، وألف كحبلى.
الثانية: ما قبل المدة الزائدة قبل ألف التأنيث؛ كحمراء2.
الثالثة: ما قبل ألف "أفعال"3 كأجمال وأفراس.
الرابعة: ما قبل ألف "فَعْلان"4 الذي لا يجمع على "فَعالين"5 كسكران وعثمان؛ فهذه المسائل الأربع يجب فيها أن يبقى ما بعد ياء التصغير مفتوحا؛ أي: باقيًا على ما كان عليه من الفتح قبل التصغير6؛ تقول: شحيرة، وحبيلى، وحميراء.
__________
1 بشرط اتصالها به، كما مثل المصنف؛ فإن فصل ما بعد الياء منها يكسر على الأصل، كحنيظللة, ودحيرجة.
2 المراد: ألف التأنيث الممدودة, ويقال في تصغيرها: "حُميراء" ويؤخذ من هذا أن الألف الممدوة ليست علامة التأنيث، وإنما العلامة الألف التي انقلبت همزة.
وخرج الحرف الذي يليه ألف الإلحاق المقصورة، نحو: أرطي، وملهى والذي يليه ألف الإلحاق الممدوة، نحو: علباء، فيجب كسر الحرف الذي قبل الألف؛ تقول في التصغير: أرَيط، ومُليه، وعُليب بالكسر والتنوين؛ فرقا بين الإلحاق والتأنيث وقد قلبت ألف الإلحاق ياء بعد الكسرة.
3 أي: بأن يكون الاسم قبل التصغير على وزن "أفعال" جمعا، فإذا صغر وقعت ألف "أفعال" بعد ياء التصغير، فيفتح الحرف قبل الألف، وهو الواقع بعد ياء التصغير.
4 مثلث الفاء، اسمًا كان أو صفة.
5 بشرط أن تكون الألف والنون زائدتين، وألا يكون مؤنثه بالتاء على "فعلانة" فخرج ما نونه أصلية، نحو: حسان من الحسن, فتصغيره: حسن، والقياس: حسيسين ونحو: سيفان, بمعنى طويل. فإن مؤنثه سيفانة, فيقال في تصغيره: سييفين. ويجب كسر الحرف الذي يلي ياء التصغير، إن كان "فَعلان" مما يجمع على فعالين كما مثل بعد.
6 قالوا في علة ذلك: إن فتح ما قبل تاء التأنيث للخفة، وما قبل الألف المقصورة والممدودة لبقائهما على حالهما؛ لأنه لو كسر ما قبلهما لزم انقلابهما ياء فتذهب صورة العلامة. وما قبل ألف "أفعال" للمحافظة على الجمع وما قبل الألف والنون لمشابهتها ألفي التأنيث، بدليل منع الصرف والحق أن العلة الحقيقية: الورود عن العرب.(4/234)
وأُجَيمال، وأُفَيْراس، وسُكَيْران، وعُثَيْمان1، وتقول في سِرحان وسلُطان: سُريحين وسُلَيطِين؛ لأنهم جمعوهما على سَرَاحين وسَلاطِين.
فصل: ويُستثنى أيضًا من قولنا: يتوصل إلى مثال "فُعَيعل وفُعَيْعِيل" بما يتوصل به من الحذف إلى مثالى "مَفَاعل ومَفاعِيل" ثماني مسائل، جاءت في الظاهر على غير ذلك؛ لكونها مختومة بشيء قدر انفصاله عن البنية، وقدر التصغير واردًا على ما قبل ذلك الشيء2؛ وذلك ما وقع بعد أربعة أحرف؛ من ألف تأنيث ممدودة كقُرفُصاء.
__________
1 لأنهم لم يجمعوا هذه الألفاظ على "فعالين".
وفي المستثنيات المتقدمة يقول الناظم:
لتلو "يا" التصغير من قبل علم ... تأنيث أو مدته الفتح انحتم
كذاك ما مدة "أفعال" سبق ... أو مد سكران وما به التحق*
أي: انحتم الفتح ووجب لتالي ياء التصغير؛ من قبل علامة التأنيث؛ وهي التاء والألف المقصور أو الممدودة، وكذلك وجب الفتح للحرف الذي سبق ألف "أفعال" والحرف الذي قبل ألف "فعلان" الذي مؤنثه "فعل" كسكران, وما ألحق به من مضموم العين، أو مسكورها بالشروط التي ذكرناها، وهي: زيادة الألف والنون، وأن يكون المؤنث بغير التاء، وأن يكسر على "فعالين".
2 فمع أن أحرفها تزيد كل منها على أربعة، لا يحذف حرفها الخامس ولا ما بعده عند التصغير، على الرغم من أنهما في بعض الصور قد يحذفان عند التكسير.
__________
* "لتلو" متعلق انحتم، وهو بمعنى تالي. "يا التصغير" يا مضاف إليه من إضافة اسم الفاعل لمفعوله وقصر الضرورة، "من قبل" متعلق بمحذوف حال من تلو. "علم التأنيث" أي: علامة تأنيث، مضاف إليه، "أو مدته" معطوف على علم الفتح. "الفتح انحتم" مبتدأ وخبر.
* "كذاك" خبر مقدم. "ما" اسم موصول مبتدأ مؤخر. "مدة أفعال" مدة مفعول سبق مقدم وأفعال مضاف إليه، وجملة "سبق" صلة ما. "أو مد" معطوف على مدة أفعال "سكران" مضاف إليه ممنوع من الصرف للوصفية والزيادة "وما" اسم موصول معطوف على سكران "به" متعلق بالتحق الواقع صلة لما.(4/235)
أو تائه كحنظلة، أو علامة نسب كعبقري1، أو ألف ونون زئدتين كزعفران وجُلْجُلان2، أو علامة تثنية كمسلمين، أو علامة جمع تصحيح للمذكر كجعفرين. أو للمؤنث كمسلمات. وكذك عجز المضاف كامرئ القيس، عجز المركب كبعلبك3.
فهذه كلها ثابتة في التصغير؛ لتقديرها منفصلة، وتقدير التصغير، واقعًا على ما قبلها4.
وأما في التكسير؛ فإنك تحذف فتقول: قَرافِص، وحناظل، وعباقر وزعافر، وجلاجل، ولو ساغ تكسير البواقي5 لوجب الحذف؛ إلا أن المضاف يكسر بلا حذف كما في التصغير؛ تقول: أمارئ القيس؛ كما تقول أُمَيْرِئ القيس؛ لأنهما كلمتان، كل منهما ذات إعراب يخصها، فكان ينبغي للناظم ألا يستثنيه6.
__________
1 نسبة إلى "عبقر"، تزعم العرب أنه اسم بلد الجن فينسبون إليه كل شيء عجيب. والعبقري: السيد، والكامل من كل شيء.
2 الجلجلان: ثمر الكزبرة، وحب السمسم.
3 يشمل هذا: المركب العددي كخمسة عشر؛ فتقول: خميسة عشر بتصغير الصدر لا غير، وكذلك المختوم بويه أما المركب الإسنادي؛ كتأبط شرا فلا يصغر.
4 تقول في تصغير ما سبق: قريفصاء، حُنَيظلة، عُبيقرى، زُعيفران، جُليجلان، مُسيلمين، جعيفرن، أو جعيفرون، مسيلمات، أميرئ القيس، بعيلبك.
وإنما تحذف ألف التأنيث الممدودة, وتاؤه وعلامة النسب. إلخ؛ لأنها نزلت منزلة كلمات مستقلة منفصلة عما قبلها، فلو حذفت التبس تصغير ما هي فيه بتصغير المجرد منها.
5 وهي: التثنية، والجمعان، والمضاف، وصدر المركب.
6 أي: في جملة المستثنيات في النظم، حيث يقول فيها:
وألف التأنيث حيث مدا ... وتاؤه منفصلين عدا*
=
__________
* "وألف التأنيث" ألف مبتدأ والتأنيث مضاف إليه، "حيث" ظرف متعلق بمحذوف حال من المبتدأ على رأي سيبويه، أو من ضمير الخبر. "مدا" فعل ماض للمجهول ونائب الفاعل يعود إلى ألف التأنيث، والألف للإطلاق. "وتاؤه" معطوف على ألف ومضاف إليه. "منفصلين" مفعول "عدا" الثاني مقدم، ونائب الفاعل هو المفعول الأول، والجملة خبر المبتدأ.(4/236)
فصل: وتثبت ألف التأنيث المقصورة إن كانت رابعة كحُبْلى، وتحذف إن كانت سادسة كلُغَيّزى1، أو سابعة كَبَرْدَرَايا2، ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
=
كذا المزيد آخرًا للنسب ... وعجز المضاف والمركب
وهكذا زيادتا فَعْلانا ... من بعد أربع كزَعْفَرانا
وقدر انفصال ما دل على ... تثنية أو جمع تصحيح جلا*
أي: لا يعتد في التصغير ويعتبر في حكم الانفصال: ألف التأنيث الممدودة، وتاء التأنيث، والياء الزائدة للنسب، وعجز المضاف، وعجز المركب، والألف والنون الزائدتان بعد أربعة أحرف فصاعدًا، وعلامة التثنية، وعلامة جمع التصحيح، فهذه كلها تثبت في التصغير ولا تحذف، ويعتبر ما قبلها كأن الكلمة خالية عنها، وقد يجاب عن الناظم، بأنه لا يقصد استثناء هذه الثمانية من قوله السابق: وما به لمنتهى الجمع.... إلخ حتى يرد استثناء عجز المضاف مع أنه لم يذكر قبل. وإنما يريد أنه يكتفي معها بحصول صيغة التصغير تقديرًا؛ بتقدير انفصال ما يخل بها، سواء فعل مثل ذلك في الجمع أم لا.
1 اسم للغز؛ وهو الكلام المعمى، وأصله جحر اليربوع؛ تقول في تصغيره لغيغيز، ويصح زيادة تاء التأنيث للتعويض فيقال: لغيغزة.
2 اسم موضع، ووزنه فعليايا، ويقال في تصغيره: بُريدو، وقد حذفت ألف التأنيث، ثم الألف والياء لزيادتهما.
__________
* "كذا" متعلق بمحذوف خبر مقدم "المزيد" مبتدأ مؤخر، "آخرًا" منصوب على نزع الخافض. "للنسب" متعلق بالمزيد. "وعجز المضاف" عجز معطوف على المزيد، والمضاف مضاف إليه. "والمركب" عطف على المضاف.
* "وهكذا" خبر مقدم. "زيادتا" مبتدأ مؤخر. "فعلانا" مضاف إليه. "من بعد أربع" من بعد متعلق بزيادتا، أو حال من الضمير في الخبر. "أربع" مضاف إليه.
* "انفصال" مفعول قدر. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "دل على تثنية" الجملة صلة. "أو جمع" بالكسر, عطف على تثنية وتصحيح مضاف إليه. "جلا" الجملة صفة لجمع، وجمع بالنصب, مفعول جلا مقدم، والجملة عطف على جملة "دل على تثنية"، وهذا أحسن.(4/237)
كذا الخامسة إن لم يتقدمها مَدّة1 كَقَرْقَرى2، فإن تقدمها مدة حذفت أيهما شئت كحبارى، وقُرَيَثا3 تقول: حُبَيْرَى، أو حُبَيِّر4 وقُرَيَثا أو قُرَيِّث.
فصل: وإن كان ثاني المصغر لينا منقلبًا عن لين، رددته إلى أصله5؛ فترد ثاني
__________
1 أي: حرف مد زائد.
2 اسم موضع، وتصغيره، قريقر وإنما وجب الحذف في الخامسة فصاعدًا؛ لأن بقاءها يخرج البناء عن صيغة "فعيعل" أو "فعيعيل".
3 القريثا: نوع من التمر؛ وهو أطيب التمر بسرًا. ويجوز فيه المد.
4 أي: بحذف ألف التأنيث المقصورة وقلب المدة ياء وإدغامها في ياء التصغير وفي حكم الألف المقصورة يقول الناظم:
وألف التأنيث ذو القصر متى ... زاد على أربعة لن يثبتا
وعند تصغير حبارى خير ... بين الحبيرى فادر والحبير*
أي: إن ألف التأنيث المقصورة إذا كانت خامسة فصاعدًا وجب حذفها ولا تثبت في التصغير، وإن كانت خامسة وقبلها مدة زائدة كحبارى جاز حذف المدة الزائدة وإبقاء ألف التأنيث؛ تقول: حبيري، وجاز حذف ألف التأنيث وإبقاء المد، تقول: حبير، ويجوز أن يقال: خبيرة بزيادة التاء عوضًا عن المحذوف كما سبق.
والخلاصة: أن لألف التأنيث المقصورة ثلاثة حالات هي: وجوب الحذف، ووجوب البقاء، وجواز الأمرين.
5 أي: الذي انقلب عنه، سواء أكان ألفًا أم واوًا، أم ياء.
__________
* "وألف التأنيث" مبتدأ ومضاف إليه, "ذو القصر" ذو نعت لألف كذلك والقصر مضاف إليه. "متى" اسم شرط جازم. "زاد" الجملة في محل جزم فعل الشرط. "على أربعة" متعلق بزاد. "لن يثبتا" جواب الشرط، وقد حذفت منه الفاء للضرورة، وفاعله يعود إلى ألف التأنيث، وجملة الشرط وجوابه خبر المبتدأ.
"وعند تصغير" عند ظرف متعلق بخير، وتصغير مضاف إليه. "حبارى" مضاف إليه كذلك. "بين الحبيري" بين ظرف متعلق بخير أيضًا والحبيري مضاف إليه. "والحبير" معطوف عليه، وجملة "قادر" اعتراضية بينهما لا محل لها.(4/238)
نحو: "قِيمة ودِيمة ومِيزان وباب" إلى الواو1, ويرد ثاني نحو: "مُوقِن ومُوسِر وناب" إلى الياء2؛ بخلاف ثاني نحو: مُتَّعِد، فإنه غير لين؛ فيقال: مُتَيْعِد3 لا مُويْعِد، خلافًا للزجاج والفارسي4 وبخلاف ثاني؛ نحو: "آدم" فإنه عن غير لين5 فتقلب واوًا؛ كالألف الزائدة من نحو: ضارب، والمجهولة الأصل كصاب 6،وقالوا في عِيْد: عُيَيْد شذوذًا7؛ كراهية لالتباسه بتصغير عود وهذا الحكم8 ثابت في التكسير الذي يتغير فيه الأول، كموازين، وأبواب، وأنياب، وأعواد، بخلاف نحو: قِيَم ودَيَمَ9.
__________
1 لأنها الأصل المنقلب عنه، إذ الأصل: قومه؛ من القوام، ودومة؛ من الدوام، وموزان؛ من الوزن، وبوب؛ قلبت الواو ياء في الثلاثة الأولى لكونها كسر ما قبلها، وألفًا في الرابع لتحركها وانفتاح ما قبلها، تقول في تصغيرها: قويم، دويمة، مُوَيزين، بُوَيب.
2 لأن أصلها الياء؛ فأصل موقن: مُيقن من اليقين، وموسر، مُيْسر، من اليسر وناب: نييب، بدليل الجمع على أنياب، قلبت الياء واوًا في الأولين لسكونها إثر ضمة، وألفا في الثالث لتحركها وانفتاح ما قبلها: تقول في تصغيرها: مُيَيقن، مُيَيس، نييب.
3 بإبقاء التاء الأولى المبدلة من الواو التي هي فاء الكلمة، وحذف تاء الافتعال، ومتعد: اسم فاعل من اتعد بمعنى مواعد، وأصله: موتعد: قلبت الواو تاء وأدغمت التاء في الباء.
4 فإنهما يردانه إلى أصله لزوال موجب قلبها، وهو تاء الافتعال، والصحيح الأول، وهو مذهب سيبويه. انظر الزجاج، ص127 جزء أول، والفارسي، ص240 جزء أول.
5 لأنه عن همزة قبلها همزة: إذ أصله أدم، قلبت الثانية ألفًا لسكونها إثر فتحة، فتصغر على أويدم، قلب الثانية واوًا، ولا ترجع إلى أصلها الهمزة.
6 اسم شجر مر وهو جمع، والمفرد صابة، مثله عاج: نقول في تصغيرهما: صويب، وعويج.
7 والقياس: عويد بالواو: ردا إلى أصلها؛ لأنه من عاد يعود ولعل السر في ذلك قصد الفرق بين عيد وعود.
8 أي: الذي ذكر ذكر في التصغير؛ وهو قلب الحرف الثاني بأقسامه وإرجاعه إلى أصله على النحو المقدم.
9 أي: مما لم يتغير فيه شكل الأول، فإن الثاني يبقى على ما هو عليه.
=(4/239)
فصل: وإذا صغر ما حذف أحد أصوله وجب رد محذوفه؛ إن كان قد بقي بعد
__________
= هذا: وإذا كان ثاني الاسم المصغر لينا مبدلا عن همزة لم تسبقها همزة كذيب وريم، أو عن حرف صحيح غير همزة، نحو: دينار وقيراط، إذ أصلهما دنَّار وقراط، وجب إرجاعه، إلى الأصل، تقول في التصغير: ذؤيب، ورؤيم؛ إذ أصلهما ذئب ورئم، "والريم: الضبي الخالص البياض"، ودنينير وقويريط، بإرجاع الثاني وهو الياء، إلى أصله النون والراء.
والخلاصة: أن الألف الثانية اللينة يجب قلبها عند التصغير واوًا في أربعة مواضع هي: التي أصلها الواو مثل: باب وميزان، المنقلبة عن همزة تلي همزة مثل: آدم، الألف الزائدة؛ مثل ضارب وكاهل، المجهولة الأصل، مثل: عاج، وصاب.
وياء في موضع واحد، وهو: أن يكون أصلها الياء، مثل ناب، وموقن.
وفي حكم ثاني المصغر وأحواله يقول الناظم في إجمال:
واردد لأصل ثانيًا لينا قلب ... فقيمة صير قويمة تصب
وشذ في عيد عييد وحتم ... للجمع من ذا ما لتصغير علم
والألف الثاني المزيد يجعل ... واوًا كذا ما الأصل فيه يجهل*
أي: اردد وأرجع إلى الأصل كل حرف ثان لين، سواء كان أصله واوًا كقيمة أو ياء كموقن، وشذ قولهم في عيد،: عييد؛ لأنه لم يرد إلى أصله، والقياس عويد، ويجب لجمع التكسير من رد الثاني إلى أصله ما وجب للتصغير، وإذا كان ثاني المصغر ألفًا زائدًا قلبت واوا، وكذلك المجهولة الأصل. وقد أوضحنا ذلك كله.
تنبيه: إذا صغر اسم مقلوب صغر على لفظه لا على أصله، تقول: في جاه، من الوجاهة: جويه.
__________
* "لأصل" متعلق باردد على أنه مفعوله الثاني. "ثانيًا" مفعوله الأول. "لينا" صفة لثانيًا. "قلب" الجملة صفة ثانية له. "فقيمة" الفاء للتفريع، و"قيمة" مفعول أول صير. "قويمة" مفعول ثان. "تصب" فعل مضارع مجزوم في جواب الأمر.
"عييد" فاعل شذ. "للجمع من ذا" متعلقان بحتم. "ما" اسم موصول نائب فاعل حتم. "لتصغير" متعلق بعلم الواقع صلة لما.
* "والألف" مبتدأ. "الثاني المزيد" نعتان للألف. "يجعل" نائب فاعله يعود إلى الألف وهو المفعول الأول. "واوًا" مفعوله الثاني، والجملة خبر المبتدأ. "كذا" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "ما" اسم موصول مبتدأ مؤخر. "الأصل" مبتدأ. "فيه" متعلق بيجهل الواقع خبرًا للمبتدأ، والجملة من المبتدأ والخبر لا محل لها صلة ما.(4/240)
الحذف على حرفين؛ نحو: كل وخذ ومذ، أعلام1 وَسَه ويَد وحر2، تقول: أُكَيْل، وأُخَيْذ، برد الفاء، ومُنَيْذ وسُتَيْه، برد العين، ويُدَيةَ وحُريح، برد اللام3.
__________
1 قيد بكونها أعلاما ليصح تصغيرها؛ لأنه لا يصغر إلا الاسم المتمكن كما سبق.
2 سَه، أصله: سته؛ وهو الدبر، وحر: أصله حِرْح؛ وهو الفرج حذفت الحاء لاستثقالها بعد راء ساكنة.
3 ومن الباقي على حرفين: الثلاثي الذي حذف منه حرفان، وبقي حرف واحد ضمت إليه هاء السكت وجوبا، نحو: "قِه" علما -أمر من وقى- فقد حذفت منه الفاء واللام. و"رِه" أمر من رأى. فقد حذفت منه العين واللام؛ عند التصغير يرد المحذوف، تقول: وُقي، ورُؤي. ويسري هذا الحكم على الثلاثي الذي حذفت بعض أصوله وعوض عنها تاء التأنيث؛ نحو: عدة وسنة, علمين. فيقال في تصغيرهما: "وُعَيد" بإرجاع الفاء المحذوفة، و"سُنية أو سُنيهة" بإرجاع اللام المحذوفة. ولا يمنع وجود التاء من رد المحذوف. وهذه التاء للتأنيث وليس عوضا. ومما حذفت لامه الأصلية وعوض عنها تاء التأنيث: "بنت وأخت" تقول في تصغيرهما: بُنَية، وأخيَّة، برد المحذوف.
قيل: ولم يرد في اللغة إلا بضع كلمات عوض من لامها تاء يوقف عليها وقبلها ساكن، منها: أخت، وبنت، وهنت "كناية عما يستقبح ذكره"، وكيت "كناية" عن قولهم كذا وكذا. ومثلها: ذَيت وتنتان، وكلتا عند سيبويه.
وفي حكم تصغير ما حذف بعض أصوله؛ يقول الناظم:
وكمِّل المنقوص في التصغير ما ... لم يحو غير التاء ثالثا كما*
المراد بالمنقوص هنا: ما نقص منه بعض أصوله بسبب الحذف لغرض ما؛ أي: أكمل المراد بالمنقوص عند التصغير برد ما حذف منه, إذا بقي على حرفين؛ سواء كان مجردا من التاء أو ملتبسًا بها، مثل: "ماء" مسمى به، تقول في تصغيره: مُوَي؛ برد المحذوف.
__________
* "في التصغير" متعلق بكمل. "ما" مصدرية ظرفية. "غير التاء" غير حال مقدم من ثالثا الواقع مفعولا ليحو؛ لأنه نعت لنكرة تقدم عليها والتاء مضاف إليه. "كما" بالقصر -لغة في ماء- خبر لمبتدأ محذوف.(4/241)
وإذا سمي بما وضع ثنائيا؛ فإن كان ثانيه صحيحًا نحو: هل وَبَلْ، ولم يُزَدْ عليه شيء حتى يصغِّر، فيجب أن يضعف1 أو يزاد عليه ياء2 فيقال: هُلَيْل، أو هُلَيّ.
وإن كان معتلا وجب التضعيف قبل التصغير3، فيقال في "لُوْ" و"كَي" و"ما" أعلاما: لَوُّ وكَيُّ -بالتشديد- و"ماء"- بالمد، وذلك لأنك زدت على الألف ألفا فالتقى ألفان، فأبدلت الثانية همزة، فإذا صغرت أعطيت حكم "دَوٍّ، وحيٍّ4 وماء"؛ فتقول: لُوَيٌّ كما تقول: دُوَيٌّ، وأصلهما: لُوَيْوٌ، ودُوَيْوٌ5، وتقول: كُيَيٌّ بثلاث ياءات6؛ كما تقول: حُيَيٌّ، وتقول: مُوَيٌّ7، كما تقول في تصغير الماء المشروب: مُوَيْه، إلا أنَّ هذا لامه هاء فرد إليها8.
__________
1 ويكون أحد المضعفين قبل ياء التصغير، والآخر بعدها فتتوسط بينهما.
2 أي: بعد ياء التصغير، ويكون ذلك بتضعيف ياء التصغير نفسها وهذا أحسن. والحامل على ذلك: الوصول إلى بناء "فعيل" ثم يتحرك الحرف الذي يلي ياء التصغير بالحركة الإعرابية المناسبة للجملة.
3 قيل: لئلا يلزم إثبات اسم معرب على حرفين، آخره حرف لين متحرك، وهذا لا نظير له. بخلاف ما إذا كان ثانيه صحيحًا؛ فإن له نظيره من الأسماء المعربة مثل يد، ودم.
4 الدو: البادية، والفلاة الواسعة، والحي: القبيلة والجمع أحياء.
5 اجتمعت الياء والواو وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمتا.
6 الأولى أصلية، والثانية للتصغير، والثالثة الزائدة للتضعيف.
7 أي: بإبدال الهمزة ياء وإدغامها في ياء التصغير.
8 وأصله "موه" قلبت الواو ألفًا على القاعدة، ثم الهاء همزة سماعًا على غير قياس فصار "ماء" فعند التصغير يرجع كل إلى أصله.
ويعتبر الاسم ثنائيا إذا كانت حروفه ثلاثة أولها همزة وصل؛ نحو: ابن، وسام.... إلخ فتحذف همزة الوصل عند تصغيره، ويرد المحذوف فتقول: بُنَي وسمي.(4/242)
فصل: وتصغير الترخيم؛ أن تعمد إلى ذي الزيادة الصالحة للبقاء فتحذفها، ثم توقع التصغير على أصوله1، ومن ثم2 لا يتأتى في نحو: جعفر وسفرجل؛ لتجردهما، ولا في نحو: مُتَدَحْرج ومُحرَنْجم؛ لامتناع بقاء الزيادة فيهما لإخلالها بالزنة3، ولم يكن له إلا صيغتان وهما:
"فُعَيْل"4 كحميد في أحمد وحامد ومحمود وحَمْدون وحمدان5.
و"فُعَيْعِل"6، كقُرَيْطِس، لا فُعَيْعِيل؛ لأنه ذو زيادة.
__________
1 ما ذكره المصنف طريقته مختصرة أما تعريفه فهو: تصغير الاسم الصالح للتصغير الأصلي، بعد تجريده مما فيه من أحرف الزيادة الصالحة للبقاء. وسمي بذلك لما فيه من ضعف بسبب الحذف؛ من الرخم بمعنى الضعف واللين.
والغرض منه هو الغرض من التصغير الأصلي، وقد يكون الدافع إليه: التودد والتدليل، والضرورات الشعرية.
2 أي: من أجل أنه مختص بالمزيد.
3 أي: في تصغير غير للترخيم، فلا يسمى تصغيرهما على دُحيرج، وخُريجم تصغير ترخيم؛ لأن الحذف واجب لغيره، ويتبين من هذا أنه يشترط أمران: أن يكون الاسم مشتملا على زيادة، وأن تكون هذه الزيادة صالحة للبقاء في تصغير غيير الترخيم.
4 للثلاثي الأصول إذا كان مسماه مذكرًا، فإن كان مؤنثًا زيدت تاء التأنيث للفرق بين المذكر والمؤنث، فإذا كان معنى الاسم مختصا بالمؤنث؛ كحائض وطالق، لا تلحقه التاء، تقول في التصغير: حُييض، وطُليق؛ بحذف ألفهما وبغير زيادة تاء التأنيث.
5 ويكون التمييز بينها ومعرفة ما كانت عليه قبل التصغير بالقرائن التي تمنع اللبس.
6 للرباعي الأصول؛ وإذا أريد تصغير مثل: إبراهيم، وإسماعيل تصغير ترخيم، فالقياس عند سيبويه أن يقال: بُريهم، وسُميعل، بحذف الزوائد، وهي الهمزة والألف والياء، وعند غيره: أبيره، أو سيمع؛ لأن الهمزة عندهم أصلية وسمع ترخيمهما، على بُريه وسُميع؛ وهو شاد؛ لأن فيه حذف أصلين وزائدين، والأصول لا يحذف منها أكثر من واحد.=(4/243)
فصل: وتحلق تاء التأنيث تصغير ما لا يُلبس؛ من مؤنث عار منها، ثلاثي في الأصل وفي الحال، نحو: "دار، وسِنَّ، وعَيْن، وأُذُن1.
أو الأصل دون الحال نحو: "يد"2، وكذا إن عرضت ثلاثيته بسبب التصغير3 كسماء.
__________
= ولغير الترخيم: بُريهيم، وسُميعيل، قياسًا عند سيبويه وعند غيره: أَبيريه وأسيميع ورأي سيبويه أوضح وأصح. ولا يختص تصغير الترخيم بالأعلام، خلافًا للفراء وثعلب. ومما ورد من تصغير غير العلم قولهم في المثل: عرف حُميق جملة "تصغير أحمق" وهو يضرب لمن يستضعف إنسانًا ويولع به فلا يزال يؤذيه ويظلمه.
وفي تصغير الترخيم، يقول الناظم:
ومن بترخيم يصغر اكتفى ... بالأصل كالعطيف يعني المعطفا*
أي: من يريد تصغير الاسم تصغير ترخيم، اكتفى بتصغير أصوله وحذف زوائده، تقول في تصغير المعطف: عطيف، وقد أوضح المصنف حكم هذا النوع.
1 يقال في تصغيرها: دُويرة، وسُنينة، وعُيينة، وأُذينة، ويستمر هذا الحكم بعد التسمية ومن ذلك: عمرو بن أذينة، وعيينة بن حصن.
2 أصلها: يدَي، حذفت اللام تخفيفًا فيقال في تصغيرها: يُدَية. قيل: وإنما لحقت التاء المصغر؛ لأن التصغير وصف في المعنى, فالمصغر بمثابة الموصوف مع صفته، ولما كانت التاء تلحق آخر الصفات المؤنثة، لحقت كذلك آخر المصغر، ولحقت الثلاثي دون الرباعي التماسًا للتخفيف.
3 يدخل تحت هذا نوعان: أحدهما ما كان رباعيا بمدة قبل لام معتلة، نحو: سماء، تقول في تصغيره: سُمَية: لأن أصله سمييي، بثلاث ياءات؛ الأولى للتصغير، والثانية بدل المدة، والثالثة بدل لام الكلمة، وهي الواو المنقلبة عن همزة؛ لأنه من "سما يسمو" حذفت إحدى الياءين الأخيرتين لتوالي الأمثال، فبقي ثلاثيا فتلحقه التاء.
والثاني ما صغر تصغير ترخيم مما أصوله ثلاثة؛ نحو: حمراء، وحبلى، تقول فيهما حميرة، وحبيلة.
__________
* "ومن" اسم موصول مبتدأ. "بترخيم" متعلق بيصغر الواقع صلة لمن. "اكتفى" الجملة خبر المبتدأ. "بالأصل" متعلق باكتفى. "كالعطيف" خبر لمبتدأ محذوف. "يعني" فعل مضارع وفاعله يعود على من. "المعطفا" مفعوله والألف للإطلاق.(4/244)
مطلقًا1 وحَمْراء وحُبْلَى، مصغرين تصغير الترخيم2، بخلاف نحو: شجر وبقر، فلا تلحقهما التاء فيمن أنثهما؛ لئلا يلتبسا بالمفرد3 وبخلاف نحو: خمس وست؛ لئلا يلتبسا بالعدد المذكر4 وبخلاف نحو: زينب وسعاد؛ لتجاوزهما للثلاثة5 وشذ ترك التاء في تصغير: حرب وعرب ودرع ونعل، ونحوهن6 مع ثلاثيتهن وعدم اللبس، واجتلابها في تصغير: وراء وأمام وقدام، مع زيادتهن على الثلاثة7.
__________
1 أي: سواء صغرته ترخيمًا أو لا.
2 كما ذكرنا، وتصغيرهما في غير الترخيم: حميراء، وحبيلى، ولا تلحقهما التاء، لأنه لا يجمع بين علامتي تأنيث.
3 أيك بتصغير المفرد، هو: شجرة، وبقرة.
4 أيك عند تصغيره، ومثل خمس وست: غيرهما من أسماء العدد الدالة على معدود مؤنث: كسبع، وبضع، وعشر، فيقال: خميس، وسديس، وسبيع، وبضيع، وعشير، ولا يقال: خميسة، وسديسة، وسبيعة، وبضيعة، وعشيرة؛ لأنه يلتبس بعدد المذكر المصغر فيظن أنها لمعدود مذكر.
5 فيقال فيهما: زينب وسعيد، بغير تاء ومما تقدم يتبين: أن شرط زيادة تاء التأنيث: أن يكون المصغر ثلاثيا، سواء كانت ثلاثيته أصلية أو طارئة، باقيًا عليها أو حذف منه شيء. وأن يكون مؤنثًا عند تصغيره وألا يلتبس بغيره عند زيادتها.
6 مثل: ذود "من ثلاثة أبعرة إلى عشرة" وقوس، وعرس، وناب، "للمسن من الإبل"، وفرس لأنثى, ونَصَف "للمرأة المتوسطة في السن"، وغير ذلك مما سمع ولا يقاس عليه. وقد ذكر بعض المتأخرين نحو عشرين لفظًا، وبعضهم ألحق التاء في بعضها.
7 فقيل في تصغيرها وُرَيئة، وأُمَيمة، وقديديمة، والقياس حذف التاء، وفيما تقدم من زيادة تاء التأنيث وتركها، يقول الناظم:
واختم بتاء التأنيث ما صغرت من ... مؤنث عار ثلاثي كسن
ما لم يكن بالتا يرى ذا لبس ... كشجر وبقر وخمس
=(4/245)
فصل: ولا يصغر من غير المتمكن إلا أربعة: "أفْعَلَ"1، في التعجب، والمركب المزجي2، كبعلبك وسيبويه، في لغة من بناهما، وأما من أعربهما فلا إشكال3؛ وتصغيرهما تصغير المتمكن نحو: ما أُحَيْسنه، وبُعَيلِبَك، وسُييبِويَه، واسم الإشارة4، وسمع ذلك منه في خمس كلمات وهي: ذا، وتا، وذان، وتان، وأولاء5، والاسم
__________
=
وشذ ترك دون لبس ونذر ... لحاق "تا" فيما ثلاثيا كثر*
أي: إذا صغرت المؤنث الثلاثي الخالي من علامة التأنيث، فاختمه بالتاء، مثل: سن؛ تقول في تصغيره: سنينة، وهذا عند أمن اللبس، فإن خيف اللبس لم تلحقه التاء، فتقول في شجر وبقر، وخمس: شُجَير، وبُقَير، وخميس، بلا تاء؛ لأنك لو ختمتها بالتاء لالتبس بتصغير المعدود به مذكر. وترك التاء مع أمن اللبس شاذ إذا تحققت بقية الشروط. ويندر زيادة التاء، إذا زاد الاسم المصغر على ثلاثة أحرف بأن كان رباعيا فأكثر وقد مثل المصنف لذلك كله.
1 في قياس هذا النوع من التصغير خلاف، والراجح أنه غير قياسي.
2 سواء كان علما كنفطويه، أو عداديا كأحد عشر، ويكون التصغير والتغيير على صدره دون. عجزه؛ فيقال: نفيطويه, وأحيد عشر.
3 فيكون تصغيرهما قياسيا؛ لأنهما حينئذ من أقسام المعرب؛ أي: المتمكن ولا يصغر من المعربات: مع، وعند، ولدن؛ لعدم تصرفها.
4 ويكون لها في التصغير، من التنبيه، والخطاب، ولام البعد، ما لها في التكسير.
5 فقالوا: ذيَّا: في ذا وهذا، وتيَّا، في تا وهذه، وفي ذلك: ذيّالك، وفي تلك: تيّالك، وفي أولئك وهؤلاء: أوليا وهؤليّا، ولا تصغر ذي وذه، لئلا يلتبس تصغيرهما بتصغير ذا للمذكر.
__________
* "ما" اسم موصول مفعول اختم. "صغرت" الجملة صلة ما. "من مؤنث" متعلق
بصغرت. "عار ثلاثي" نعتان لمؤنث. "كسن" خبر لمبتدأ محذوف.
* "ما" مصدرية ظرفية. "يكن" فعل مضارع مجزوم بلم واسمها يعود إلى مؤنث، "بالتاء" بالقصر متعلق بيكن، وجملة "يرى" خبرها، ونائب الفاعل هو المفعول الأول. "ذا لبس" ذا المفعول الثاني وليس مضاف إليه.
* "دون" ظرف متعلق بمحذوف حال من ترك، "لبس" مضاف إليه. "فيما" متعلق بندر وما اسم موصول، "ثلاثيا" مفعول كثر مقدم. وفاعله يعود على ما، والجملة لا محل لها صلة ما.(4/246)
الموصول، وسمع ذلك منه أيضًا في خمس كلمات، وهي: الذي، والتي، وتثنيتهما، وجمع الذي1.
ويوافقن تصغير المتمكن في ثلاثة أمور: اجتلاب الياء الساكنة، والتزام كون ما قبلها مفتوحًا، ولزوم تكميل ما نقص منها عن الثلاثة.
ويخالفنه في ثلاثة أيضًا: بقاء أولها على حركته الأصلية2، وزيادة ألف في الآخر عوضًا من ضم الأول3، وذلك في غير المختوم بزيادة تثنية أو جمع4، وأن الياء قد تقع ثانية، وذلك في "ذا"، و"تا"؛ تقول: ذَيَّا، وتيَّا، والأصل: ذَيَيَّا وتَيَيَّا5 فحذفت الياء الأولى6، وذَيَّان وتَيَّان7، وتقول: أُوليَّا8 بالقصر في لغة من قصر، وبالمد في لغة من
__________
1 وهو: الذين، والألي، وهذان اسما جمع؛ لا جمع، ولا تصغر "من وما" الموصولتان، ولا أسماء الشرط والاستفهام، ولا حيث ولا الضمائر.
2 من فتح؛ كالذي، والتي، وذا، وتا، أو ضم؛ كأولي، وأولاء؛ وذلك تنبيها على الفرق بين تصغير المتمكن وغيره.
3 أي: الضم الذي كان ينبغي أن يجتلب للتصغير، ولا يقال إن أوليا، وألياء، زيدت فيهما ألف؛ مع أن الأول منهما مضموم ولا يجمع بين العوض والمعوض؛ لأن الضمة أصلية فيهما.
4 أما فيه فلا تعويض عن ضم الأول؛ لطوله بالزيادة التي للتثنية أو الجمع.
5 الياء الأولى عين الكلمة، والثانية للتصغير، والثالثة لام الكلمة لا منقلبة عن الألف.
6 للتخفيف، ولم تحذف ياء التصغير؛ لأنه جيء بها لمعنى، ولا الثالثة؛ لئلا يلزم فتح ياء التصغير لمناسبة الألف، وفيه لا تحرك لشبهها بألف التكسير.
7 أي: في تثنية "ذان" و"تان" وهما معربان على الصحيح. وتصغيرهما قياسي، وقد جاء الشذوذ من فتح أولهما وتشديد الياء.
8 أي: في تصغير "أولاء".(4/247)
مد؛ وتقول1: اللَّذيَّا، واللَّتيَّا، واللَّذيَّانِ، واللَّذَيُّونَ2.
وإذا أردت تصغير "اللاتي"، صغرت "التي" فقلت: اللَّتَيَّا، ثم جمعت بالألف والتاء فقلت: اللَّتَيَّات، واستغنوا بذلك عن تصغير "اللاتي، واللائي" على الأصح.
ولا يصغر "ذي" اتفاقًا للإلباس3، ولا "تي" للاستغناء بتصغير "تا" خلافًا لابن مالك4.
__________
1 أي: في تصغير الذي والتي ومثناهما وجمع الذين.
2 أي: في حالة الرفع، وفي حالة النصب والجر: اللذيين بضم ما قبل الواو وكسر ما قبل الياء، وهذا قول سيبويه؛ لأنه يرى أن الألف حذفت تخفيفًا كما في التثنية فكأنه لا وجود لها، وعند الأخفش بالفتح مطلقا؛ قبل الواو والياء كالمقصور، مثل: المصطفين، وهل التثنية، واجلمع واردان على المفرد المصغر أو ذلك تصغير للمثنى والجمع؟ قولان.
هذا: وسمع في اللذيا واللتيا: فتح الأول وضمه وكذلك اللذين، والذان واللاتا معربان على الصحيح، فتصغيرهما قياس، وجاء الشذوذ من فتح أولهما.
3 أي: بتصغير "ذا".
4 إذ يقول في النظم. منها "تا، وتي" وقد نص النحاة على أنهم لم يصغروا من ألفاظ المؤنث إلا "تا" خاصة.
وفي تصغير اسم الإشارة والموصول، يقول الناظم:
وصغروا شذوذًا الذي التي ... وذا مع الفروع تا وتى*
أي: صغروا من الأسماء المبنية شذوذًا؛ لأن التصغير من خواص الأسماء المتمكنة الذي والتي، ومثناهما وجمعهما ومن الأسماء الموصولة، وذا وتا وفروعهما من أسماء الإشارة. وذلك مقصور على السماع بالشكل الذي ذكره المصنف.
ويعلل النحويون جواز ذلك؛ بأن الموصول والإشارة يوصفان ويوصف بهما، والتصغير=
__________
* "شذوذًا" حال من الواو في صغروا؛ أيك شاذين. "الذي" مفعول صغروا. "التي" عطف عليه بحذف العاطف. "وذا" عطف على الذي "مع الفروع" مع ظرف حال مما قبله والفروع مضاف إليه. "منها" خبر مقدم. "تا" مبتدأ مؤخر. "وتي" معطوف على تا.(4/248)
...............................................................................................
__________
= وصف في المعنى. وكذلك يذكران ويؤنثان، ويثنيان ويجمعان، فأشبها بذلك الأسماء المتمكنة.
فوائد:
أ- يصغر اسم الجنس واسم الجمع على لفظهما لشبههما بالواحد؛ فيقال: قويم، ونفير، ورهيط في: قوم، ونفر، ورَهط، وكذلك تصغر جموع القلة؛ فيقال: أجيمال، وفتية؛ في إجمال, وفتية, أما جمع الكثرة فلا يصغر؛ لأن ذلك يتعارض مع المفهوم من التصغير، وإذا أريد تصغيره: صغر المفرد، ثم جمع بالواو والنون للمذكر العاقل؛ فيقال في غلمان: غُلَيّمون، وبالألف والتاء للمؤنث, وللمذكر غير العاقل، تقول في جوار، ودراهم: جُوَيريات، ودُرَيهمات.
ب- إذا وقع بعد ياء التصغير حرف مشدد يجوز قلبها ألف للتخفيف؛ كما في دويبة تصغير دابة، فيقال: دُوابّة، وذلك مقصور على السماع.
جـ- الاسم المصغر ما يلحق بالمشتق؛ لأن التصغير كما ذكرنا يتضمن وصفًا في المعنى، فيصح وقوعه نعتا.. إلخ؛ مما يغلب عليه الاشتقاق.
د- هنالك ألفاظ مكبرة وردت عن العرب على صورة المصغر، منها:
اللجين، للفضة، والثريا، نجم معروف، والكميت، ما لونه أحمر فيه قنوءة من الإبل والأفراس، والهوينا: السهولة والرفق، والمهيمن: المسيطر.... إلخ.
ووردت بعض الأسماء مصغرة ولم ينطق بها بكثرة، لأنها مستصغرة عندهم ومن ذلك "جميل" لطائر صغير يشبه العصفور وكعيت، اسم للبلبل.
هـ- قيل في تصغير دابة، وشابة، وهدهد: دُوابّة، وشُوابّة، وهُداهد. فجيء بالألف بدلا من ياء التصغير للتخفيف, والقياس: دُويّبة، وشُويّبة، وهُديهد، وليس في اللغة غير هذه الثلاثة على ما نعلم.(4/249)
................................................................................................
__________
الأسئلة والتمرينات:
1 عرف التصغير واذكر صيغه القياسية، وأنواعه وشروط الاسم الذي يصغر مع التمثيل بأمثلة من عندك.
2 اذكر أربعة من الأغراض التي يأتي لها التصغير، ومثل لكل بأمثلة من عندك.
3 هنالك مواضع لا يكسر فيها ما بعد ياء التصغير. اذكرها، ومثل لها مع الإيضاح.
4 اشرح قول ابن مالك:
وكمل المنقوص في التصغير ما ... لم يحو غير التاء ثالثا كما
وبين المقصود بالمنقوص، واستوعب القول في كيفية تصغير المحذوف أحد أصوله, مع الإتيان بأمثلة موضحة.
5 متى تلحق التاء الاسم المصغر؟ ومتى يمتنع لحاقها له؟ اشرح ذلك واستشهد بقول الناظم فيه.
6 كيف تصغر اسم الجنس, والجمع بأنواعه؟ والمركب الإضافي والمزجي؟ اشرح ذلك، ومثل.
7 يستشهد بما يأتي في باب التصغير، بين موضع الاستشهاد.
قال سيدنا عمر -رضي الله عنه- في عبد الله بن مسعود: كنيف ملئ علمًا "والكنيف: وعاء تكون فيه أداة الراعي". ويقال في الأمر البعيد: بعد اللتيا والتي.
وكل أناس سوف تدخل بينهم ... دُويّهية تصفر منها لأنامل
ياما أُميْلِسح غزلانا شَدَنّ لنا ... من هَؤُليَّائكُنَّ الضال والسَّلم
أو تحلفي بربك العلي ... أني أبو ذَيَّالك الصبي
8 اشرح تصغير الترخيم وشروطه وصيغه، وبين الغرض منه، مع التمثيل.
9 نظم صفي الدين الحلي -من شعراء القرن السابع الهجري- قصيدة في المدح، بها كثير من الأسماء المصغرة منها:
نقيط من مسيك في وريد ... خويلك أو وسيم في خديد
ومعناه: نقط من مسك في ورد خالك، أو وسم في خد.=(4/250)
................................................................................................
__________
= ومنها:
وذَيَّاك الُّويمع في الضُّحَيا ... وجيهك أم قُمير في سُعَيد
وجيه شُويدن فيه شُكيل ... أدق مُعينيات من خُويد
اذكر مكبر كل مصغر من هذين البيتين، وبين الغرض من التصغير فيما تذكر.
10 صغر الكلمات الآتية واضبطها "نموذج"
11 صغر الأسماء الآتية واضبطها، وبين ما حدث فيها من تغيير، ووضح السبب.
دلو، وردة, رمانة: إناء, موسر, ريان, أبو تمام, شفة, دجاجة, مهرجان, عاج. فأس, أداة, تفاحة, علامة. ساع.
12 اشرح قول المتنبي في هجاء كافور الإخشيد، وبين ما فيه من شاهد
وفارقتف مصرا والاسَيْود عينة ... حذار مسيري تستهل بأدمع(4/251)
باب: النسب 1
إذا أردت النسب إلى شيء فلا بد لك من عملين في آخره، أحدهما: أن تزيد عليه ياء مشددة تصير حرف إعرابه، والثاني: أن تكسره؛ فتقول في النسب إلى دِمَشْق: دِمَشْقِي.
ويحذف لهذه الياء أمور في الآخر، وأمور متصلة بالآخر.
أما التي في الآخر فستة:
__________
باب: النسب
1 هو زيادة ياء مشددة في آخر الاسم، وقبلها كسرة؛ لتدل على أن شيئًا منسوبًا لذلك الاسم المجرد منها؛ أي: مرتبطًا ومتصلًا به، بأي نوع من أنواع الارتباط والغرض منه: توضيح المنسوب أو تخصيصه؛ وذلك بنسبته إلى موطنه نحو: قاهري، أو إسكندري، أو قبيلته نحو: هاشمي، أو صنعته كمطبعي، أو إلى صفة يمتاز بها كإداري، أو علم نبغ فيه كنحوي..... إلخ.
وتسمى تلك الياء "ياء النسب" والاسم الذي تتصل به "المنسوب إليه"، والشيء الذي تدل على اتصاله بما قبلها "المنسوب" وهذه الياء المشددة لا يجوز تخفيفها لئلا تلتبس بياء المتكلم المضاف إليها، ويحدث للاسم ثلاث تغييرات:
لفظي وهو: زيادة ياء مشددة في آخر المنسوب إليه، وكسر ما قبلها، وما يتبع ذلك من تغييرات ستأتي، ثم إجراء الإعراب بعلاماته المختلفة على هذه الياء.
وقد أشار المصنف إلى ذلك كما سيأتي قريبًا.
ومعنوي وهو: صيرورته اسمًا للمنسوب، بعد أن كان اسمًا للمنسوب إليه.
وحكمي وهو: أنه بسبب هذا الأثر المعنوي يعتبر مؤولا بالمشتق؛ لتضمنه معناه، فيصلح للمواضع التي تحتاج إلى مشتق. وقد يرفع بعده اسمًا ظاهرًا أو مضمرًا باطراد؛ فيكون كالصفة المشبهة في رفع الظاهر والمضمر ويعرب مرفوعه نائب فاعل، تقول: علي حجازي أبوه وأمه مصرية، ولا يعمل النصب إلا في ظرف أو حال، تقول: أنا مصري أبدا وأنا وطني مخلصًا.
وقد أشار الناظم إلى ما تقدم مقتصرًا على التغيير اللفظي، فقال:
ياء كـ"يا" الكرسي زادوا للنسب ... وكل ما تليه كسره وجب*
أي: إن العرب زادوا ياء في آخر الاسم، مثل ياء الكرسي؛ لتدل على النسب، ويجب كسر الحرف الذي تليه؛ أي: تقع بعده.(4/252)
أحدها: الياء المشددة الواقعة بعد ثلاثة أحرف فصاعدًا1، سواء كانتا زائدتين، أو كانت إحداهما زائدة والأخرى أصيلة.
فالأول نحو: كرسي وشافعي2؛ فتقول في النسب إليهما: كُرْسِي وشافعي، فيتحد لفظ المنسوب ولفظ المنسوب إليه، ولكن يختلف التقدير3. ولهذا كان "بخاتي" علما لرجل. غير منصرف4 فإذا نسب إليه انصرف5.
والثاني: نحو: "مَرْمَي" أصله: مَرْمُوي، ثم قلبت الواو ياء6 والضمة كسرة7.
__________
1 وذلك لتحل محلها ياء النسب الزائدة.
2 الياء فيهما زائدة إلا أنها في "كرسي" لغير النسب وفي "شافعي" للنسب.
3 فيقدر أن المعنى مع الياء المجددة للنسب غيره مع الياء التي حذفت وحلت محلها ياء النسب.
4 أي: لصيغة منتهى الجموع؛ نظرًا لأصله قبل التسمية وحالة الجمعية؛ لأن الياء التي حذفت من بنية الكلمة التي تصير بسببها من صيغ منتهى الجموع، وهو جمع بُختي، والأنثى: بختية، وهي الإبل الخراسانية.
5 أي: لزوال صيغة منتهى الجموع؛ لأن ياء النسب زائدة فهي في تقدير الانفصال.
6 لاجتماعهما وسبق إحداهما ساكنًا.
7 لمناسبة الياء، ولتسلم من قلبها واوًا.
__________
* "ياء" مفعول لزادوا. "كيا الكرسي" كيا متعلق بمحذوف صفة لياء، والكرسي مضاف إليه. "للنسب" متعلق بزادوا، "وكل ما" مبتدأ ومضاف إليه، وما اسم موصول. "تليه" فعل مضارع وفاعله يعود إلى ياء والهاء مفعوله، والجملة صلة ما. "كسره وجب" مبتدأ وخبر، والجملة خبر كل.(4/253)
وأدغمت الياء في الياء، فإذا نسبت إليه قلت: مَرْمِي1 وبعض العرب يحذف الأولى لزيادتها، ويبقي الثانية لأصالتها، ويقلبها ألفًا2، ثم يقلب الألف واوًا3 فيقول مَرْمَوِي.
وإن وقعت الياء المشددة بعد حرفين، حذفت الأولى فقط، وقلبت الثانية ألفًا ثم لألف واوًا، فتقول في أُميّة: أُمَوِي4.
__________
1 أي: بحذف الياء المشددة التي هي لام الكلمة، وجعل ياء النسب الزائدة مكانها: ومرمي: اسم مفعول من رمى.
2 أي: لتحركها وانفتاح ما قبلها على القاعدة الصرفية.
3 لوجوب كسر ما قبل ياء النسب كما بينا، والألف لا تقبل الحركة.
وفي هذا يقول الناظم:
وقيل في الَمْرمِي مَرْمَوِيّ ... واختير في استعمالهم مَرْمَيّ*
أي: إذا كانت إحدى الياءين زائدة والأخرى أصلا فقد يكتفى بحذف الأولى وتقلب الثانية الأصلية واوًا، وتزاد بعدها ياء النسب؛ فيقال في المرمي: مرموي وهي لغة قليلة، والمختار في الاستعمال: مرمي بحذف الياء المشددة لا الأولى الساكنة.
4 ومثل ذلك: علوي، وقُصَويّ، في علي وقُصي، وعدوِي في عدي.
وإلى ذلك يشير الناظم بقوله عند الكلام على "فَعيل وفعيل".
وألحقوا معل لام عريا ... من المثالين بما التا أُوليا*
أي: إن ما كان على "فَعيل، وفُعيل" بلا تاء، وكان معتل اللام فحكمه حكم ما فيه التاء؛ من وجوب حذف يائه الزائدة وفتح عينه.
__________
* "في المرمى" متعلق بقيل. "مرموي" نائب فاعل. "قبل" على إرادة اللفظ، "واختير" فعل ماض للمجهول. "مرموي" نائب فاعل اختير.
* "معل لام" معل مفعول ألحقوا، ولام مضاف إليه. "عريا" فعل ماض، والألف للإطلاق، وفاعله يعود إلى معل لام، وهو صفة له ومتعلقه محذوف؛ أي: عري من التاء. "من المثالين" متعلق بمحذوف حال من ضمير عري. "بما" متعلق بألحقوا
وما اسم موصول. و"التا" بالقصر مفعول أوليا الثاني مقدم عليه، نائب فاعله يعود إلى ما، وهو المفعول الأول، والجملة صلة ما.(4/254)
وإن وقعت بعد حرف لم تحذف واحدة منهما؛ بل تفتح الأولى وتردها إلى الواو إن كان أصلها الواو1، وتقلب الثانية واوًا؛ فتقول في طَي وحَي: طَوَوِيّ, وحَيَوِيّ2.
الثاني: تاء التأنيث؛ تقول في مكة: مَكِّي. وقول المتكلمين في ذات: ذاتي، وقول العامة في الخليفة: خَلِفَتيّ لحن3 وصوابهما: ذَوَوِي، وخَلَفَيّ.
الثالث: الألف إن كانت متجاوزة للأربعة، أو رابعة متحركًا ثاني كلمتها؛ فالأول: يقع في ألف التأنيث كحُبارى، وألف الإلحاق كحَبَرْكَى4 فإنه ملحق: بسَفَرْجَل، والألف المنقلبة عن أصل كمصطفى5.
__________
1 وتترك ياء إن كان أصلها الياء.
2 لأنهما من طويت وحييت.
وفي هذا يقول الناظم:
ونحو حي فتح ثانيه يجب ... واردده واوًا إن يكن عنه قلب*
أي: نحو حَيّ؛ مما آخره ياء مشددة مسبوقة بحرف واحد لا يحذف منه شيء في النسب، بل يجب فتح ثانيه، وإن كان أصله واوًا رد إلى أصله، وإلا بقي ويقلب الثالث واوًا.
3 أي: خطأ، والقياس في "ذات" قلب ألفه واوًا، ورد لامه المحذوفة وقلبها واوًا، وحذف التاء. وفي "خليفة": حذف الياء والتاء. ومثلهما في الخطأ قولهم: خلوتي في المنسوب إلى الخلوة، ومن ذلك: التاء في عرفات وتمرات مسمى بهما، فتحذف التاء عند النسب إليهما؛ لأنها للتأنيث ثم تحذف الألف.
4 من معانيه: القراد، والأنثى حبركاه، والطويل الظهر القصير الرجلين، والضعيف الرجلين كأنه مقعد، والغيظ الرقبة.
5 فإن أصلها الواو؛ لأنه من الصفوة. تقول في النسب: مصطفي. وقول العامة مصطفاوي، أو مصطفوي لحن.
__________
1 "ونحو حي" نحو مبتدأ أول، وحي مضاف إليه. "فتح ثانيه" فتح مبتدأ ثان، وثانيه مضاف إليه أيضا. "يجب" الجملة خبر الثاني، وجملة الثاني وخبره خبر الأول. "واوًا" مفعول أردد الثاني، والهاء مفعوله الأول وهو يعود إلى ثانيه. "يكن" فعل
الشرط، واسمها يعود إلى ثانيه. "عنه" متعلق بقلب، وجملة "قلب" من الفعل ونائب الفاعل في محل نصب خبر يكن، ونائب فاعله يعود إلى ثانيه، وجواب الشرط محذوف يعلم من سابق الكلام.(4/255)
والثاني: لا يقع إلا في ألف التأنيث كَجَمَزَى1. أما الساكن ثاني كلمتها، فيجوز فيها القلب والحذف2، والأرجح في التي للتأنيث كحُبلى الحذف3، وفي التي للإلحاق كعَلْقى، والمنقلبة عن أصل كمَلْهًى القلب4 والقلب في نحو: مَلْهى خير منه في نحو: عَلْقى والحذف بالعكس5.
الرابع: ياء المنقوص المتجاوزة أربعة، كمُعْتَد ومُسْتَعل 6 فأما الرابعة كقاض فكألف المقصور الرابعة في نحو: مَسْعى ومَلْهى7، ولكن الحذف أرجح8.
وليس في الثالث من ألف المقصور كفتى وعصا وياء المنقوص كعم وشج، إلا
__________
1 هو وصف بمعنى سريع من الجمز، وهو ضرب من السير فوق العَنق يقال: فرس جمزي أي: سريعة المشي.
2 سواء أكانت زائدة للتأنيث، أم للإلحاق، أم منقلبة عن أصل.
3 وذلك لقوة شبهها بتاء التأنيث لزيادتها.
4 وذلك محافظة على حرف الإلحاق في الأول، ورجوعا إلى الأصل في الثاني: إذا قلبت الألف الرابعة واوًا بأنواعها الثلاثة جاز زيادة ألف قبل الواو، تقول: حُبلاوي، وعِلباوي، ومَلهاوي، وخص سيبويه ذلك بألف التأنيث.
5 أي: إن الحذف في نحو "علقى" مما ألفه للإلحاق, خير منه في نحو "ملهى"؛ لأن حذف الزائد أولى من حذف الأصلي.
6 تقول في النسب إليهما: معتدي ومستعلي بحذف ياء المنقوص الخامسة والسادسة للطول.
7 أي: مما ثاني ما هي فيه ساكن، وألفه منقلبة عن ياء أو واو، ويجوز فيها الحذف والقلب واوًا، تقول: قاضي وقاضوي.
8 أي: من القلب، بل قال بعضهم: إن القلب عند سيبويه من شواذ النسب وأنه لم يسمع إلا في قول الشاعر:
فكيف لنا بالشرب إن لم يكن لنا ... دراهم عند الحانوي ولا نقد
والوجه عند سيبويه أن يقال: الحاني: لأنه منسوب إلى الحانة، وهي بيت الخمار.(4/256)
القلب واوًا1، وحيث قلبنا الياء واوًا فلا بد من تقدم فتح ما قبلها2.
ويجب قلب الكسرة فتحة في "فَعِل" كنَمِر، و"فُعِل" كدُئِل، و"فِعِل" كإِبِل3.
__________
1 تقول: فتوِي، وعصوِي، وعموِي، وشجوِي؛ أما في فتى فلئلا تجتمع الكسرة والياءات، وأما في عصا فللرجوع إلى الأصل، وفي عم، وشج؛ لأن عينهما تفتح عند النسب إليهما كما في "نمر": فتقلب الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم تقلب الألف واوًا كما في فتى.
2 أي: قبل أن تقلب واوًا؛ لأن هذا القلب مسبوق بقلبها ألفًا.
3 تقول: نمري، ودؤلي، وإبلي وذلك لئلا تتوالى كسرتان وياء النسب، ومثلها: كل ثلاثي مكسور العين، سواء كان مفتوح الفاء أو مضومهما أو مكسورها وقد ذكر الناظم ما تقدم من المواضع الأربعة في ستة أبيات غير مرتبة، وفي إجمال, فقال في حذف الياء المشددة من آخر المنسوب إليه، وحذف تاء التأنيث وألفه:
ومثله مما حواه احذف و"تا" ... تأنيث أو "مدته" لا تثبتا*
أي: احذف مثل ياء الكرسي المشددة من الاسم الذي يحويه عند النسب إليه، ولا تثبت تاء التأنيث ولا مدته في الاسم المنسوب إليه بل احذفها، والمراد بالمدة هنا: ألف التأنيث المقصورة.
وذكر حكم الألف الرابعة إذا كان ثاني ما هي فيه ساكنًا بقوله:
وإن تكن تربع ذا ثان سكن ... فقلبها واوًا وحذفها حسن*
=
__________
1 "ومثله" مفعول احذف مقدم، والضمير إلى ياء النسب مضاف إليه، "مما" متعلق باحذف. "حواه" الجملة صلة ما, والهاء مفعول حوى عائدة على الياء, "وتاء التأنيث" تا مفعول تثبتا مقدم وتأنيث مضاف إليه. "أو مدته" معطوف على تا. "تثبتا" فعل مضارع في محل جزم بلا الناهية مبني على الفتح لاتصاله بالنون الخفيفة المنقلبة ألفًا.
2 "تكن" فعل الشرط واسمها يعود إلى مدة التأنيث المقصورة، وجملة "تربع" خبرها. "ذا ثان" ذا مفعول تربع، وثان مضاف إليه. "سكن" فعل ماض وفاعله يعود إلى ثان، والجملة صفة له. "فقلبها" الفاء واقعة في جواب الشرط، و"قلبها" مبتدأ مضاف إلى الهاء من إضافة المصدر إلى مفعوله الأول. "واوًا" مفعوله الثاني، وخبر المبتدأ محذوف؛ أي: جائز. "وحذفها حسن" مبتدأ وخبر، وإضافة حذف إلى "ها" من إضافة المصدر لمفعوله.(4/257)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
= أي: إذا كانت ألف التأنيث رابعة، ساكنًا ثاني ما هي فيه جاز فيه وجهان: القلب
واوًا، الحذف وهو المختار.
وبين حكم ما يشبهها في ذلك، وهو ألف الإلحاق والألف المنقلبة عن أصل بقوله:
لشبهها الملحق والأصلي ما ... لها والأصلي قلب يعتمى*
أي: إن ألف الإلحاق المقصورة والألف المنقلبة عن أصل كألف التأنيث في جواز القلب والحذف، ولكن يعتمى -أي: يختار- القلب، في المنقلبة عن أصل؛ بعكس ألف التأنيث.
وأشار إلى حكم الألف الزائدة على أربعة، وياء المنقوص كذلك بقوله:
والألف الجائز أربعا أزل ... كذاك "يا" المنقوص خامسًا عزل
أي: احذف الألف التي جاوزت أربعا وزادت عليها، وكذلك ياء المنقوص؛ إن كانت خامسة -عزلت- أي: طرحت وحذفت.
وفي حكم المنقوص الرابعة والثالثة يقول:
ولحذف في اليا رابعا أحق من ... قلب وحتم قلب ثالث يعن*
أي: إن الحذف في ياء المنقوص الرابعة أولى من القلب واوا، أما الثالثة فقلبها واوًا محتوم، ومعنى يعن يظهر.
وقال في ضرورة فتح ما قبل الواو المقلوبة، وفي حكم الثلاثي المكسور العين:=
__________
* "لشبهها" خبر مقدم. "الملحق" نعت لشبه. "والأصلي" معطوف على الملحق. "ما" اسم موصول مبتدأ مؤخر. "لها" متعلق بمحذوف صلة. "وللأصلي" خبر مقدم. "قلب" مبتدأ مؤخر. "يعتمى" -أي: يختار- الجملة وصف لقلب.
* "والألف" مفعول أول مقدم. "الجائز" نعت له، وفيه ضمير هو فاعله. "أربعا" مفعوله. "كذلك" متعلق بعزل. "يا" مبتدأ وقصر للضرورة. "المنقوص" مضاف إليه
. "خامسًا" حال من ضمير. "عزل "والجملة خبر المبتدأ، ونائب الفاعل يعود إلى ياء المنقوص.
* "والحذف" مبتدأ. "في اليا" متعلق به. "رابعا" حال من اليا. "أحق" خبر المبتدأ. "من قلب" متعلق بأحق, "وحتم" خبر مقدم. "قلب ثالث" قلب مبتدأ مؤخر، وثالث مضاف إليه. "يعن" أي: يعرض فعل مضار والجملة صفة لثالث، ويعن بالنون الساكنة للشعر، وأصلها مشددة، من عن؛ بمعنى ظهر.(4/258)
الخامس السادس: علامة التثنية، وعلامة جمع تصحيح المذكر1، فتقول في زيدان وزيدون، علمين معربين بالحروف: زيدي2 فأما قبل التسمية فإنمنا ينسب إلى مفردهما، ومن أجرى "زَيْدان" علمًا مجرى "سَلْمان"3، وقال:
ألا يا ديار الحي بالسبعان4
__________
=
وأول ذا القلب انفتاحا "وفَعِل" ... "وفُعِل" عينهما افتح "وفَعِل"*
أي: اجعل المنقوص صاحب ذلك القلب عن أصل واليا فتحًا؛ أي: يجب فتح ما قبله وإذا نسب إلى ثلاثي مقصور العين، قلبت الكسرة فتحة للتخفيف، سواء كانت الفاء مضمومة، أم مفتوحة، أم مكسورة، وقد أجمل الناظم فيما ذكره، وأوضح المصنف ذلك كله وفصله فتدبر يا فتى.
1 وكذلك ما ألحق بهما كاثنين، وعشرين وبابه، تقول: اثني، أو ثَنوي بالنسب إلى لفظه أو إلى أصله, وعشري، ومثلهما: جمع المؤنث على التفصيل الآتي:
2 فقد حذفت علامتا التثنية والجمع؛ لئلا يجتمع على الاسم الواحد علامتا إعراب، بالحروف، وبالحركات في ياء النسب.
3 أي: في لزوم الألف والإعراب على النون إعراب ما لا ينصرف للعلمية وزيادة الألف والنون.
4 صدر بيت من الطويل، لتميم بن أبي بن مقبل، وقيل لغيره، وعجزه:
أمل عليها بالبلى الملوان
اللغة والإعراب: السبعان؛ اسم واد، أو جبل، ولا يعرف اسم على "فَعلان" غيره.
أمل: من أمل الكتاب إذا قال فكتب عنه. وضمن معنى كر فعدي بالباء.
البلى: مصدر بلي الثوب؛ إذا خلق. الملوان: الليل والنهار، "إلا" أداة استفتاح. "بالسبعان" متعلق بمحذوف حال من ديار الحي. "زمل" فعل ماض. "الملوان" فاعل.
المعنى: أن ديار هؤلاء القوم بهذا المكان، أصابها البلى والخراب بمرور الأيام والأعوام.
الشاهد: في السبعان؛ فإنه في الأصل تثنية سبع، ثم سمي به فصار علمًا على مكان بعينه، وأجراه الشاعر مجرى المفرد كسلمان، ولو أجرى مجرى المثنى نظرًا إلى معناه الأصلي لقيل: بالسبعين، وأعرب بالياء لأنه في محل جر.
__________
* و"أول" فعل أمر مبني على حذف الياء. "ذا القلب" ذا مفعول أول، والقلب مضاف إليه، "انفتاحًا" مفعول ثان؛ أي: اجعل صاحب هذا لقلب واليا فتحًا. "وفعل" مبتدأ. "وفعل" عطف عليه. "عينهما" مفعول افتح مقدم، وجملة "افتح" خبر
المبتدأ. "فعل" معطوف على الضمير المجرور بالإضاف محلا، ولم يعد الجار لجواز
ذلك عند الناظم.(4/259)
قال: زَيْدَاني. ومن أجرى "زَيْدون" علمًا، مجرى "غِسْلِين"1 قال: زَيْديني ومن أجراه مجرى "هارون"2 أو مجرى "عَرْبون"3، أو ألزمه الواو وفتح النون قال: زَيْدُوني4. ونحو تَمَرات 5؛ إن كان باقيًا على جمعيته، فالنسب إلى مفرده، فيقال: تمري بالإسكان، وإن كان علمًا؛ فمن حكى إعرابه نسب إليه على لفظه6، ومن منع صرفه7 نزل تاءه منزلة تاء مكة، وألفه منزلة ألف جمزى، فحذفهما8، وقال: تَمَرِي بالفتح, وأما نحو: ضَخْمات9 ففي ألفه القلب، والحذف10؛ لأنها كألف حُبْلى، وليس في ألف نحو: مسلمات وسرادقات11 إلا الحذف.
__________
1 أي: في لزوم الياء، والإعراب بالحركات على النون منونة.
2 أي: في لزوم الواو، والمنع من الصرف للعلمية وشبه العجمة.
3 أي: في لزوم الواو، والإعراب على النون منونة.
4 أي: فيكون معربًا بحركات مقدرة على الواو، منع من ظهورها حكاية أصله حالة رفعه التي هي أشرف أحواله، كما أن لزوم فتح النون لحكاية أصله.
هذا: وإذا حدث لبس في النسب إلى المثنى أو الجمع العلمين المعربين بالحروف -بالنسب إلى المفرد منهما- يكون التعيين والتمييز بالقرائن.
5 أي: من جمع المؤنث السالم الذي ثانيه متحرك وألفه رابعة.
6 فيقول: تمري بفتح العين وحذف الألف والتاء معًا على القاعدة الخاصة بجمع الاسم الثلاثي السالم العين. وليس بين هذه الصورة والتي قبلها فرق إلا في مثل وردة، وتمرة.
7 أي: للعلمية والتأنيث.
8 أي: على التدريج؛ فحذف التاء أولا، ثم الألف للتنزيل المذكور.
9 مما الثاني فيه ساكن، وألفه رابعة، سواء كان صفة، كضخمات، أم اسمًا كهندات.
10 والحذف هو المختار. ويجوز مع القلب: الفصل بالألف الزائدة، تقول: ضخماوي، وضخموي؛ كما في حبلى.
11 أي: مما ألفه خامسة فصاعدًا، سواء كان جمعًا قياسيا أو سماعيا لاسم أو لصفة، وفي=(4/260)
وأما الأمور المتصلة بالآخر فستة أيضًا:
أحدها: الياء المكسورة المدغمة فيها ياء أخرى1؛ فيقال في طيب وهَيِّن: طَيْبِيّ وهَيْنِي بحذف الياء الثانية: بخلاف نحو: هَبَيَّخ لانفتاح الياء2، وبخلاف نحو: مُهَيِّيم3 لانفصال الياء المكسورة من الآخر بالياء الساكنة4.
وكان القياس أن يقال في طيء: طيئي، ولكنهم بعد الحذف قلبوا الياء الباقية ألفًا على غير قياس5 فقالوا: طائي.
__________
= حذف علامتي التثنية والجمع للنسب، يقول الناظم في إجمال:
وعلم التثنية احذف للنسب ... ومثل ذا في جمع تصحيح وجب*
أي: احذف من المنسوب إليه عند النسب ما فيه من علامة تثنية، ومثل هذا الحذف للعلامة واجب في جمعي التصحيح بنوعيه: المذكر والمؤنث.
1 سواء كانت الياء المكسورة أصلية كطيب وهين، أو منقلبة عن أصل كميت، أو زائدة: كغزيل تصغير غزال، تقول: مَيْتيّ، وغُزَيلي.
2 فلا تحذف الياء الثانية لعدم كسرها؛ فيقال: هَبيخي بإثبات الياء الثانية والهبيخ: الغلام السمين.
3 تصغير مهيام، من هام على وجهه إذا ذهب من العشق، أو من هام إذا عطش.
4 فيقال في النسب إليه: مُهَيِّمي بإثبات الياء المكسورة، وبقي من المحترزات؛ ما إذا كانت الياء المكسورة مفردة لا مدغما فيها ياء أخرى, نحو: مُغْيل اسم فاعل من أغيلت المرأة ولدها؛ إذا أرضعته وهي حامل، فلا تحذف الياء، فيقال فيه: مغيليَّ.
فجملة الشروط ثلاثة: كون الياء مشددة، ومكسورة، ومتصلة بالحرف الأخير.
5 أي: لأنها ساكنة، وإنما تقلب المتحركة. وعلل النحويون الحذف فيما تقدم: بأنه للتخفيف، وفيه يقول الناظم:=
__________
1"وعلم التثنية" أي: علامة، مفعول احذف مقدم، والتثنية مضاف إليه."للنسب" متعلق باحذف. "ومثل ذا" مثل مبتدأ وذا مضاف إليه. "في جمع" متعلق بوجب الواقع خبرا عن المبتدأ. "تصحيح" مضاف إليه، وفاعل "وجب" يعود إلى "مثل ذا".(4/261)
الثاني: ياء "فَعِيلة"1 كحَنيفة وصحيفة؛ تحذف منه تاء التأنيث أولا2, ثم تحذف الياء3 ثم تقلب الكسرة فتحة 4 فتقول: حَنَفِيّ وصَحَفِيّ وشذ قولهم في السَّلِيقة5: سَلِيقِيّ، وفي عَمِيرة كلب6: عَميريّ.
ولا يجوز حذف الياء في نحو: طويلة؛ لأن العين معتلة؛ فكان يلزم قَلْبُها ألفًا لتحركها وتحرك ما بعدها, وانفتاح ما قبلها فيكثر التغيير، ولا في نحو: جَلِيلة؛ لأن العين مضعفة، فيلتقي بعد الحذف مثلان فيثقل7.
__________
=
وثالث من نحو طيب حذف ... وشذ "طائى" مقولًا بالألف*
أي: يجب حذف الياء الثالثة المكسورة من نحو: طيب، مما وقع فيه قبل الحرف الذي يجب كسره في النسب ياء مكسورة مدغم فيها أخرى. وشذ طائي بإبدال الياء ألفًا، والقياس: طيِّ.
1 بشرط أن تكون الغين غير مضعفة، وأن تكون صحيحة إذا كانت اللام كذلك.
2 لأنها لا تجامع ياء النسب كما تقدم.
3 فرقًا بين المذكر الصحيح اللام والمؤنث، كشريفي وحنيفي في النسب إلى شريف وحنيف.
4 كما مر في "نمر"؛ كراهة توالي كسرتين وياء النسب، وبذلك تصير الكلمة -بعد هذا التغيير- على وزن "فَعليّ".
5 هي الفطرة والطبيعة، والسليقي: الذي يتكلم بأصل طبيعته؛ معربًا من غير تعلم، قال الشاعر:
ولست بنحوي يلوك لسانه ... ولكني سليقي أقول فأعرب
6 قبيلة عربية، ومثلها: سليمة الأزد: أما عميرة غير كلب، وسليمة غير الأزد، فيقال فيهما:
غَضمري وسَلمي على القياس.
7 وفي ذلك يقول الناظم بعد:=
__________
1 "وثالث" مبتدأ، وسوغ الابتداء به مع أنه نكرة كونه نعتًا لمحذوف؛ أي: وحرف ثالث "من نحو" متعلق بحذف الواقع خبرًا للمبتدأ، وطيب مضاف إليه، ونائب فاعل حذف يعود إلى ثالث. "طائي" فاعل شذ. "مقولا" حال منه. "بالألف" متعلق بمقولا.(4/262)
الثالث: ياء "فُعَيَلَة"1 كجُهَينة وقريظة؛ تحذف تاء التأنيث أولًا ثم تحذف الياء2؛ فتقول: جُهَنِي، وقرظي. وشذ قولهم في ردَيْنة3: رُدَيْني، ولا يجوز ذلك في نحو: قُلَيلة؛ لأن العين مضعفة4.
__________
=
وتمموا ما كان كالطويلة ... وهكذا ما كان كالجليلة*
أي: تمموا ولم يحذفوا ما كان على وزن "فعيلة"، وكان معتل العين صحيح اللام كالطويلة؛ فقالوا: طويلي، وكذلك تمموا ولم يحذفوا ما كان مضاعفًا كالجليلة؛ فقالوا: جليلي، ولم يحذفوا كراهة اجتماع المثالين وما فيه من الثقل مع عدم الإدغام.
هذا: ويرى بعض الباحثين المعاصرين من أعضاء المجمع اللغوي المصري: أن النسب إلى "فَعيلة" بلفظ "فعليّ" بالشرطين المذكورين ليس واجبًا، بل هو جائز بشرط اشتهار المنسوب إليه، وعرض أكثر من مائة شاهد على ذلك، بعد تتبعه الكثير لكلام العرب، وأيد رأيه هذا بقول ابن قتيبة الدينوري في كتابه "أدب الكاتب" ما نصه "إذا نسبته إلى فَعيل أو فعِيلة" من أسماء القبائل والبلدان، وكان مشهورًا ألغيت منه الياء؛ مثل: ربيعة، وبجيلة، وحنيفة، فتقول: رَبعي، وبَجلي، وحنفي، وفي ثقيف ثَقَفي، وعتيك عَتَكي. وإن لم يكن الاسم مشهورًا؛ علما كان أو نكرة لم تحذف الياء في "فَعيل ولا فعيلة"؛ أي: إن الحذف قديمًا لم يكن إلا في المشهور وقد رأى المجمع اللغوي الأخذ بهذا الرأي المؤيد برأي عالم جليل كابن قتيبة، على ذلك؛ فما ذكر من الشواذ غير شاذ، وتكون النسبة إلى طبيعة طَبيعي، وليست شاذة، كما اشتهر.
1 بشرط أن تكون العين غير مضعفة، وأن تكون صحيحة إذا كانت اللام صحيحة.
2 فتصير الكلمة بعد هذا التغيير على وزن "فعلي".
3 ردينة: امرأة رجل يسمى السمهري, كانا يقومان الرماح ويرى بعضهم بقاء ياء "فُعَيلة" معتلة العين كما في "فعيلة".
4 وكذلك إذا كانت العين معتلة مع صحة اللام؛ كما في نُوَيرة ونويري، فإن كانت معتلة=
__________
1 "ما" اسم موصول مفعول تمموا. "كان" فعل ماض ناقص، واسمه يعود إلى ما. "كالطويلة" متعلق بمحذوف خبر كان والجملة صلة ما. "وهكذا" خبر مقدم. "ما" اسم موصول مبتدأ مؤخر. "كان كالجليلة" الجملة من كان واسمها وخبرها صلة ما.(4/263)
الرابع: واو "فُعُولة"1 كشُنُوءه2 تحذف تاء التأنيث، ثم تحذف الواو، ثم تقلب الضمة فتحة؛ فتقول: شَنَئي، ولا يجوز ذلك في قئولة لاعتلال العين، ولا في نحول مَلُولة؛ لأجل التضعيف3.
الخامس: ياء "فَعيل" المعتل اللام؛ نحو غني وعليّ تحذف الياء الأولى4، ثم تقلب الكسرة فتحة، ثم تقلب الياء الثانية ألفًا، ثم تقلب الألف واوًا؛ فتقول: غَنوي, وعَلَوِيّ5.
السادس: ياء "فُعيل" المعتل اللام نحو قُصَيّ، تحذف الياء الأولى، ثم تقلب الياء الثانية ألفًا، ثم تقلب الألف واوًا؛ فتقول: قُصَويّ.
وهذان النوعان مفهومان مما تقدم6، ولكنهما إنما ذكرا هناك استطرادًا وهذا موضعهما.
__________
= مع اعتلال اللام وجب الحذف، نحو: حيّية، وحَيوي.
وفي الحذف الخاص بصيغتي "فعيلة" و"فعيلة" يقول الناظم:
و"فَعَليّ" في فَعِيْلة التزم ... و"فُعَلِيّ" في فُعَيْلة حتم
أي: التزم في النسب إلى "فعيلة" بفتح العين وحذف الياء وفي النسب إلى "فعيلة"، "فعلي" بحذف الياء وقد علمت ما فيه من شروط ومن رأي بعض المعاصرين مدعمًا برأي ابن قتيبة في ذلك.
1 بشرط أن تكون العين صحيحة في الاسم وغير مضعفة.
2 حي من اليمن، سميت كذلك لشنآن بينهم ولم يرد عن العرب غير هذه الكلمة.
3 أما "سفعول" بغير تاء فينسب إليه على لفظه، نحو: ملول، وملولي، وعدو، وعَدّوي.
4 وهي الزائدة.
5 وذلك كراهة اجتماع الياءات مع الكسر.
6 أي: في "فعيلة" و"فعيلة" وقد سبق ذكرهما في حكم الياء المشددة بعد حرفين من حذف=
__________
1 "وفعلى" مبتدأ. "في فعيلة" متعلق بالتزم الواقع خبرا للمبتدأ وهو ممنوع من الصرف. "وفعلى" مبتدأ. "في فعيلة" -مصروف- متعلق بحتم الواقع خبرًا لفعلى.(4/264)
فإن كان "فُعِيل" و"فُعَيل" صحيحي اللام لم يحذف منهما شيء1 وشذ قولهم في ثقيف، وقريش: ثَقَفي، وقُرَشيّ2.
فصل: حكم همزة الممدود في النسب كحكمها في التثنية؛ فإن كانت للتأنيث قلبت واوًا كصحراوِيّ3، أو أصلا سلمت نحو: قُرّائي، أو للإلحاق أو بدلًا من أصل فالوجهان؛ فتقول: كِسائي، وكِساوي، وعِلباوي وعِلبائي4.
فصل: ينسب إلى صدر المركب؛ إن كان التركيب إسناديا، كتأبّطي وبَرْقي، وفي
__________
= الأولى وقلب الثانية واوًا وفيهما يقول الناظم:
وألحقوا معل لام عريا ... من المثالين بما التّا أوليا*
يريد بالمثالين: صيغتي "فعيلة" و"فعيلة" أي: إن النحاة ألحقوا عند النسب ما كان معتل اللام خاليًا من التاء من الصيغتين السابقتين بما وليته التاء منهما؛ في وجوب حذف يائه، وفتح عينه.
1 تقول في عَقيل وعُقيل: عَقيلي وعُقَيليّ.
2 أي: بالحذف. انظر ما قرره بعض المعاصرين ورأي المجمع اللغوي صفحة 263 ويرى المبرد والسيرافي: جواز الحذف في المعل لاما -من فعيل وفعيل- ولا شذوذ فيه، وهو كثير في لغة أهل الحجاز، يمكن القياس على ما سمع من ذلك.
3 وشذ قلبها نونًا في صنعاني، وبهراني؛ نسبة إلى صنعاء اليمن، وبهراء اسم قبيلة من قضاعة، وجاء: صنعاوي، وبهراوي على القياس.
4 وفي الأحسن منهما ما سبق وفي همزة الممدود يقول الناظم:
وهمز ذي مد ينال في النسب ... ما كان في تثنية له انتسب*
أي: إن همزة الممدود تعطى في النسب من الحكم ما جرى عليها في التثنية مما تقدم.=
__________
* سبق إعراب هذا البيت وبيان مجمل معناه في صفحة 254 فارجع إليه.
* "وهمز ذي مد" مبتدأ ومضاف إليه. "ينال" فعل مضارع مبني للمجهول ونائب الفاعل يعود إلى همزة ذي مد، وهو مفعوله الأول, والجملة خبر المبتدأ. "في النسب" متعلق بينال. "ما" اسم موصول مفعوله الثاني، وجملة "كان" صلة ما. "في تثنية له" متعلقان بانتسب الواقع خبر كان، واسمها مستتر فيها.(4/265)
تأبط شرا، وبَرَق نحره أو مزجيا كبَعْليّ ومَعْدِي، أو مَعَدوِي1؛ في بعلبك، ومَعْدي كرب أو إضافيا2، كامرئي ومَرئي في امرئ القيس3؛ إلا إن كان كنية كأبي بكر
__________
تتمة:
أ- إذا كان الاسم مؤنثًا والهمزة لام الكلمة لا للتأنيث، نحو: سماء، وحراء، وقباء، جاز الوجهان، والتصحيح أجود للفرق بين هذا، وبين صحراء والمسموع في ماء وشاء قلب الهمزة واوًا، تقول: ماوي، وشاوي، فلو سمي بهما جاز الوجهان؛ على القياس فيما همزته بدل من أصل، تقول: مائي، وماوي، وشائي، وشاوي، والنسبة إلى "كيمياء" كيمياوي، ولا يقال كيميائي.
ب- وإذا نسب إلى الثلاثي المعتل الآخر التشبيه بالصحيح؛ وهو ما آخره واو أو ياء قبلهما ساكن، نحو: ظبي ودلو فلا يحذف منه شيء عند النسب، تقول: ظبي ودلوي فإن جاءت بعده تاء التأنيث فالأرجح عدم الحذف أيضًا، تقول في ظبية وغزوة، ظبيي وغزوي، وتزاد تاء التأنيث إذا كان المنسوب مؤنثًا، وسمع قروي في قرية.
جـ- وإذا نسب إلى الاسم المعتل الآخر بالواو، وهو قليل في اللغة العربية حتى قيل: إنه لم يسمع منه إلا "سمندو وقمندو"، وقد كثر الآن هذا النوع: مثل: أرسطو، رنو، كنغو، فالأحسن حذف الواو؛ إن كانت خامسة فأكثر، وبقاؤها إن كانت ثالثة، وجواز الأمرين إن كانت رابعة، تقول: أرسطي، ورنوي، وكنغوي أو كنغي، ويجب كسر ما قبل ياء النسب في جميع الحالات.
1 وإنما خير بين حذف الياء ووضع ياء النسب مكانها وهو الأرجح، أو قلبها بواو؛ لأنه بعد حذف الجزء الثاني يصير الجزء الأول منقوصًا كقاض، وياء المنقوص إذا كانت رابعة يجوز فيها الحذف والقلب وأجاز الجرمي النسب إلى العجز فيقال شري، ونحري، وبكي، وكريي، وقيل: ينسب إليهما مزالا تركيبهما، تقول: بعلي، بكي، معدي، كربي، وقيل: إلى مجموع المركب، تقول: بعلبكي، وحضرموتي.
2 يشترط أن يكون علمًا بالوضع أو بالغلبة، أما نحو غلام محمد، مما ليس علمًا، فمن النسبة إلى المفرد، فينسب فيه إلى المضاف وحده، أو إلى المضاف إليه كذلك على حسب المراد.
3 والثاني أفصح عند سيبويه، به تكلم العرب.
قال ذو الرمة يهجو امرأ القيس.
إذا المرئي شب له بنات ... عقدن برأسه إبَة وعارا
واستثنى بعضهم: امرأ القيس الكندي؛ فإنه ينسب إليه "مَرْقَسي".(4/266)
وأم كلثوم، أو معرفا صدره بعجزه1 كابن عمر وابن الزبير فإنك تنسب إلى عجزه، فتقول: بَكْري وكُلْثُومي وعُمَري، وربما ألحق بهما ما خيف فيه لبس، كقولهم في عبد الأشهل: أشهلِي، وفي عبد مناف: مَنَافي2.
فصل: وإذا نسبت إلى ما حذفت لامه رددتها وجوبا في مسألتين:
__________
1 وذلك بأن يكون صدره نكرة، وعجزه معرفة بها يتعرف الصدر، كابن عباس، وابن عمر وهو العلم بالغلبة.
2 لأنه لو نسب إلى الصدر فقيل عبدي، لم يعرف المنسوب إليه.
ويتلخص من هذا: أنه ينسب إلى عجز المركب الإضافي في ثلاث حالات: أن يكون كنية، وأن يكون علمًا بالغلبة، وأن يكون النسب إلى المصدر مؤديًا إلى اللبس، وما عدا ذلك ينسب إلى صدره، وفي النسب إلى المركب بأنواعه يقول الناظم:
وانسب لصدر جملة، وصدر ما ... ركب مزجا، ولثان تمما
إضافة مبدوءة بابن أو اب ... أو ما له التعريف بالثاني وجب
فيما سوى هذ انسبن للأول ... ما لم يخف لبس، كعبد الأشهل*
أي: انسب لصدر جملة "والمراد بها المركب الإسنادي"، وصدر المركب المزجي وذلك بأن=
__________
* "وصدر ما" وصدر معطوف على صدر جملة، وما مضاف إليه. "ركب" الجملة صلة ما, "مزجا" مفعول مطلق لركب على تقدير مضاف؛ أي: تركيب مزج. "ولثان" معطوف على لصدر. "تمما" الجملة نعت لثان، "إضافة" مفعول تمما. "مبدوءة" نعت لإضافة. "بابن" متعلق بمبدوءة "أو اب"
معطوف على بأن. "أو ما" معطوف على ابن؛ أي: أو مبدوءة بما.... إلخ "له" متعلق بوجب. "التعريف" مبتدأ. "بالثاني" متعلق به. "وجب" الجملة خبر المبتدأ، و"جملة المبتدأ" وخبره صلة ما. "فيما" متعلق بانسبن. "سوى" ظرف متعلق بمحذوف صلة ما. "هذا" اسم إشارة مضاف إليه. "للأول" متعلق بانسبن. "ما" مصدرية ظرفية. "لبس" نائب فاعل يخف.(4/267)
إحداهما: أن تكون العين معتلة كشاة، أصلها شَوْهَة1؛ بدليل قولهم شِياه؛ فتقول: شاهِي2، وأبو الحسن3 يقول: شَوْهي؛ لأنه يرد الكلمة بعد رد محذوفها إلى
__________
= تلحق ياء النسب بالصدر دون العجز: ويكون النسب للثاني "وهو العجز" إذا كان متمما لمضاف هو: كلمة ابن، أو أب، أو كان الصدر مما يستفيد التعريف من الثاني، وهو المضاف إليه وينسب للصدر فيما سوى ذلك إذا أمن اللبس؛ فإن خيف لبس نسب إلى العجز، كعبد الأشهل.
هذا: وشذ بناء اسم على "فَعْلل" منحوتا من المضاف والمضاف إليه، والنسب إلى تلك الصيغة، وحفظ من ذلك: تَيملي، وعَبدري، ومَرقسي، وعَبقسي، وعَبشمي وحَضرمي في النسب إلى: تيم اللات، وعبد الدار، وامرئ القيس الكندي، وعبد القيس، وعبد شمس، وحضرموت. قال عبد يغوث بن وقاص الحارثي:
وتضحك مني شيخة عبشمية ... كأن لم ترى قبلي أسيرًا يمانيا
فائدة:
يقال للرجل إذا شاخ: "كنْتِي" نسبة إلى قوله: كنت في شبابي كذا وكذا. إلخ.
قال الشاعر:
فأصبحت كنتيا وأصبحت عاجنا ... وشر خصال المرء "كنت" و"عاجن"
وهذا شاذ، والقياس: كونيا. والعاجن: الذي يعتمد على أصابع يده عند قيامه من الكبر والضعف.
1 فهي واوية العين، حذفت لامها -وهي الهاء- للتخفيف وعوض عنها التاء، ثم حركت الواو بالفتحة لوجوب فتح ما قبل تاء التأنيث فصارت شوة، فقلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها.
2 هذا عند سيبويه والجمهور وهو الراجح، فهم يستبقون عند النسب الضبط الطارئ على حروف الكلمة بسبب حذف بعض أصولها، ولا ترجع الحروف إلى ضبطها الأصلي إذا رد المحذوف الذي كان سببًا في تغيير بعض الحركات، فتفتح العين هنا وإن سكنت في الأصل، فتقلب ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها.
3 انظر التعريف به في صفحة 159 جزء أول.(4/268)
سكونها الأصلي1.
الثانية: أن تكون اللام قد ردت في تثنية، كأب وأبوان، أو في جمع تصحيح2 كسنة وسَنَوات، أو سَنَهات، فتقول: أَبَوَيّ وسَنَوَيّ، أو سَنَهِي وتقول في ذو، وذات: ذَوَوي3 لأمرين: اعتلال العين، ورد اللام في تثنية ذات، نحو: {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} وتقول في أخت: أَخَوي كما تقول في أخ4. وتقول في بنت: بَنَوي كما تقول في ابن إذا رددت محذوفه5؛ لقولهم: أخوات وبنات بحذف التاء والرد إلى صيغة المذكر الأصلية6، وسره7 أن الصيغة كلها للتأنيث8؛ فوجب ردها إلى صيغة المذكر9، كما وجب حذف التاء في مَكِّي وبَصْري ومُسلمات10.
__________
1 وأصلها قبل حذف اللام التي هي الهاء: "شوهة" فإذا ردت اللام رجعت الواو إلى ضبطها الأصلي وهو السكون، ويمتنع قلبها ألفًا لعدم تحركها.
2 سواء كان لمذكر أو لمؤنث.
3 بفتح الذال والواو باتفاق بين سيبويه، وأبي الحسن الأخفش؛ لأن أصل "ذو" عندهما "فَعَلَ" بالتحريك ولامها ياء؛ فترد اللام وتقلب ألفًا، ثم تقلب الألف واوًا لأجل الياء كما في فتى، و"ذات" هي "ذو" بزيادة التاء.
4 أي: عند رد لامه المحذوفة، ولا يضر الالتباس بينهما؛ لأن النحاة لا يبالون بذلك في النسب.
5 ويلاحظ: أن الجبر في "بنت" واجب مثل "أخت"، بخلاف "ابن" فإنه جائز فيه.
6 وقد سبق أن ما وجب رده في الجمع يجب رده في النسب, وأصل بنات بنوات، قلبت الواو ألفًا، ثم حذفت لالتقاء الساكنين، ولم يفعل ذلك مع أخوات؛ لأنها أقل استعمالا.
7 أي: حكمه رد صيغة المؤنث إلى صيغة المذكر.
8 أي: صيغة أخت وبنت: والتاء فيهما وإن كانت عوضًا عن اللام المحذوفة فهي للإلحاق بقُفْل وجذع، إلحاقًا للثنائي بالثلاثي، وتشعر بالتأنيث مع ذلك.
9 وذلك بحذف التاء في النسب.
10 أي: في النسب إلى مكه، وبصرة، وجمع المؤنث لمسلمة؛ وذلك لئلا تقع تاء التأنيث حشوا.(4/269)
ويونس1 يقول فيهما: أُخَتِي وبنتيّ؛ محتجا بأن التاء لغير التأنيث؛ لأن قبلها ساكن صحيح2، ولأنها لا تبدل في الوقف هاء، وذلك مسلم؛ ولكنهم عاملوا صيغتهما معاملة تاء التأنيث؛ بدليل مسألة الجمع3.
__________
1 انظر التعريف به في صحفة 252 جزء أول.
2 أي: وإذا كان ما قبل تاء التأنيث صحيحًا يجب فتحه؛ كضَيعة، وقَصعة، وفاطمة، وحمزة، ولا يسكن إلا إذا كان معتلا مثل "فتاة".
3 فقد ردوا المحذوف من المفرد وحذفوا التاء فيه، ثم جمعوه بألف وتاء مزيدتين، وقالوا أخوات وبنات، ورأي يونس جدير بالمحاكاة؛ لأنه يمنع اللبس بين النسب إلى أخ وابن، وأخت وبنت وفيما تقدم من رد اللام جوازًا ووجوبًا يقول الناظم:
واجبر برد ما منه حذف ... جوازًا أن لم يكف رده ألف
في جمعي التصحيح أو في التثنية ... وحق مجبور بهذي توفيه
وبأخ أختا وبابن بنتا ... ألحق، ويونس أبى حذف التا*
أي: اجبر برد اللام المحذوفة جوازًا في المنسوب إليه، إلا إذا كان الرد مألوفًا وواجبا في التثنية أو في جمعي التصحيح؛ فحينئذ يجب توفية المجبور وهو المحذوف اللام برد لامه إليه وألحق أختا بأخ، وبنتًا بابن في رد المحذوف وحذف تاء التأنيث ويونس يأبى حذف التاء وينسب إليهما على لفظيهما.
__________
* "ما" اسم موصول مفعول اجبر. "منه" متعلق بحذف الواقع صلة لما. "جوازًا" نعت لمصدر محذوف بتقدير مضاف؛ أي: اجبره جبرًا ذا جواز. "يك" فعل الشرط مجزوم على النون المحذوفة للتخفيف، "رده" اسم يك. "ألف" الجملة خبرها، وحواب
الشرط محذوف يدل عليه الكلام. "في جمعي الصحيح" في جمعي متعلق
بألف، والصحيح مضاف إليه. "أو في التثنية" معطوف على جمعي التصحيح. "وحق مجبور" حق مبتدأ، ومجبور مضاف إليه. "بهذي" متعلق بتوفية الواقع خبرًا
للمبتدأ أو بمجبور، واسم الإشارة إلى ما سبق من التثنية والجمع. "وبأخ" متعلق
بألحق. "اختا" مفعوله مقدم. "وبابن" معطوف على بأخ. "بنتًا" معطوف على اختا من قبل العطف على معمولين لعامل واحد وهو جائز، "يونس" مبتدأ، وجملة "أبى ... إلخ" خبره، وقصر "التاء" للضرورة.(4/270)
ويجوز رد اللام وتركها فيما عدا ذلك1؛ نحو: يَد ودَم، وشَفَة، تقول: يَدَوَي أو يَدِي، ودَمَوِي، أو دَمِي، وشَفِي، أو شَفَهِي، قاله الجوهري وغيره2، وقول ابن الخباز: إنه لم يسمع إلا شَفَهِي بالرد، لا يدفع ما قلناه3، إن سلمناه؛ فإن المسألة قياسية لا سماعية، ومن قال: "إن لامها واو"، فإنه يقول إذا رد: شَفَوَي، والصواب: ما قدمناه؛ بدليل: شافهت والشّفاه4.
وتقول في ابن واسم5: ابني واسمي رددت اللام قلت: بَنَوي وسَمَوَي6 بإسقاط الهمزة؛ لئلا يجمع بين العوض والمعوض منه7.
وإذا نسبت إلى ما حذفت فاؤه، أو عينه رددتتهما وجوبًا في مسألة واحدة، وهي: أن تكون اللام معتلة، كـ"يرى" علمًا وكـ"شِيَة"8؛ فتقول في يرى: يَرَئِي، بفتحتين فكسرة على قول سيبويه في إبقاء الحركة بعد الرد9، وذلك لأنه يصير يرأى، بوزن
__________
1 وهو: ما صحت عينه، ولم ترد لامه في تثنية, ولا في جمع.
2 وأصل "يد" يدي بسكون الدال، حذفت اللام تخفيفًا بغير تعويض وتحركت الدال الساكنة وأصل "دم" دَمُو، حذفت الواو تخفيفًا كذلك وحركت الميم، وأصل "شُفة" شفْه، حذفت الهاء تخفيفًا وعوض عنها تاء التأنيث مع فتح ما قبلها.
3 أي: من جواز الأمرين.
4 فإن إسناد الفعل إلى التاء، والتكسير يردان الأشياء إلى أصولها.
5 أي: ونحوهما، مما حذفت لامه وعوض عنها همزة الوصل، مثل: إست.
6 الكثير المسموع: ضم السين أو كسرها، أما الميم فمفتوحة.
7 فلا يصح أن يقال: ابنوي، واسموي.
8 أصل يرى: يرأى، فنقلت فتحة الهمزة إلى الراء الساكنة قبلها وحذفت الهمزة، وأصل "شِية": وشي، حذفت الواو ونقلت حركتها إلى الشين، وزيدت تاء التأنيث عوضًا عن الواو المحذوفة والشية العلامة، وكل لون يخالف معظم اللون من الفرس وغيره.
9 أي: رد العين المحذوفة، وهي الهمزة.(4/271)
جَمَزَى، فيجب حينئذ حذف الألف1، وقياس قول أبي الحسن بَرْئي أو يَرْأَوِي، كما تقول: مَلْهَيّ ومَلْهَويَ2، وتقول في "شِيَة" على قول سيبويه: وشَوِي، وذلك، لأنك لما رددت الواو صار الوِشِي، بكسرتين كإبل، فقلبت الثانية فتحة كما تفعل في إبل3، فانقلبت الياء ألفًا، ثم الألف واوًا4، وعلى قول أبي الحسن: وِشْيّ5.
ويمتنع الرد في غير ذلك، فتقول في سَهٍِ وعِدَة6، "وأصلها سَتَه ووعد، بدليل أستاه، والوعد": سَهِي، لا سَتْهِيّ، وعِدِي، ولا وَعْدي؛ لأن لامهما صحيحة7.
__________
1 لأنها رابعة متحرك ثاني ما هي فيه.
2 أي: بحذف الألف، أو قلبها واوًا؛ لأنه إذا رد المحذوف -وهو الهمزة- رجعت الفاء إلى سكونها الأصلي فيصير بوزن "جرحى"، وألف المقصور الرابعة الساكن ثاني ما هي فيه يجوز فيها الوجهان: حذفها، وقلبها واوًا.
3 أي: إذا نسبت إليها؛ وذلك لكراهة توالي كسرتين وياءين كما سبق.
4 لأن ألف المقصور الثالثة يجب قلبها واوًا.
5 لأنه برد العين إلى سكونها الأصلي يمتنع قلبها ألفا لزوال المقتضى له. وإلى "شية" وما في حكمها يقول الناظم:
وإن يكن كشية ما ألفا عدم ... فجبره وفتح عينه التزم*
أي: إذا كان الاسم المنسوب إليه محذوف الفاء معتل اللام، مثل "شية" وجب جبره برد فائه المحذوفة، وفتح عينه عند سيبويه والجمهور، فتقول في شية "وشِوِي".
6 السّه: العجز، أو حلقة الدبر، وعدة: مصدر وعد، حذفت فاؤه وعوض عنها تاء التأنيث.
7 فلم يرد المحذوف منهما؛ فرقا بين النسبة إلى ما حذفت لامه، وما حذفت عينه أو فاؤه.
__________
* "وإن يكن" شرط وفعله. "كشية" خبر يكن مقدم. "ما" اسم موصول اسمها مؤخر. "ألفا" بالقصر مفعول عدم مقدم، وجملة "عدم" صلة ما. "فجبره" الفاء واقعة في جواب الشرط، و"جبره" مبتدأ مضاف إلى الهاء.
"وفتح عينه" عطف على جبره ومضاف إليه. "التزم" الجملة خبر المبتدأ، وما عطف عليه، وجملة المبتدأ والخبر جواب الشرط، وأفرد ضمير التزم على معنى المذكور من جبره وفتح عينه وضمير جبره وفتح عينه عائد على مدلول "ما" وهو الاسم المحذوف الفاء.(4/272)
وإذا سميت بثنائي الوضع معتل الثاني: ضعفته قبل النسب1، فتقول في "لو" و"كي" علمين: لَوّ وكَيّ، بالتشديد فيهما، وتقول في "لا" علما: "لاء" بالمد2؛ فإذا نسبت إليهن،3 قلت: لَوِّي، وكَيويّ 4، ولائي، أو لاوِي5، كما تقول في النسب إلى الدَّوّ والحي والكساء: دَوِّي، وحَيَوِي، وكِسائي، أو كسَاوِي.
__________
1 وذلك بأن تزيد عليه مثله من جنسه.
2 أي: بإبدال ألف التضعيف همزة؛ تخلصًا من تجاور ساكنين.
3 وذلك بأن جعلتها أسماء لأشخاص يراد النسب إليهم أو أريد نسبة شخص إلى لفظها لإكثاره منها.
4 أي: بلا إدغام؛ لعدم اجتماع مثلين؛ لأن الياء الزائدة تقلب واوًا في النسب.
5 لأن الزائد للتضعيف بمنزلة الأصلي، والهمزة إذا كانت بدلا من أصل يجوز فيها التصحيح والقلب، واوًا كما سلف وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله:
وضاعف الثاني من ثنائي ... ثانيه ذو لين كـ"لا" و"لائي"*
أي: إذا انسب إلى ثنائي الوضع معتل الثاني وجب تضعيفه؛ فتقول في "لا" علما: "لائي" بإبدال الألف الثانية همزة.
هذا: وإذا كان الثاني صحيحا مثل "كم" وهل"؛ فإن جعل الثنائي علما للفظ وقصد إعرابه وجب تضعيف الحرف الثاني، تقول: أكثرت من "الكم ومن الهل" كما تقول في المعتل: أكثرت من اللو، وإن جعل علما لغير اللفظ وقصد إعرابه فلا يضعف الثاني، تقول: جاءني "كم" ورأيت "هلا".
وخلاصة ما ذكره المصنف في المنسوب إليه المحذوف أحد أصوله:
أ- أن محذوف الفاء والعين: يجب فيه الرد إذا كانت لامه معتلة؛ كشِية، ويرى علمين. ويمتنع الرد إن كانت اللام صحيحة؛ نحو: عدة وسنة.
ب- ومحذوف اللام، يجب فيه رد المحذوف؛ إن رد في التثنية، كأب، وأخ، أو في الجمع بالألف والتاء، كأخت، وبنت، وسنة، أو كانت عينه معتلة نحو: شاة و"ذو".
ويجوز الرد فيما عدا ذلك، أما ثنائي الوضع فقد سبق حكمه قريبا.
__________
* "الثاني" معطوف ضاعف. "من ثنائي" متعلق بمحذوف حال من الثاني. "ثانيه" مبتدأ. "ذو لين" خبر ومضاف إليه، والجملة نعت لثان. "كلا" جار ومجرور، و"لا" مقصود لفظه، متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف. "ولائي" معطوف على "لا" وأصله بتشديد الياء وخفف في الوقف.(4/273)
فصل: وينسب إلى الكلمة الدالة على جماعة، على لفظها؛ إن أشبهت الواحد؛ بكونها اسم جمع1، كقَومِيّ ورَهْطيّ، أو اسم جنس كشَجَري2، أو جمع تكسير لا واحد له، كأبابيلي3، أو جاريًا مجرى العلم كأنصاري4، وأما نحو: كلاب وأنمار علمين5، فليس مما نحن فيه؛ لأنه واحد، فالنسب إليه على لفظه، من غير شبهة.
وفي غير ذلك يرد المكسّر إلى مفرده، ثم ينسب إليه؛ فتقول في النسب إلى فرائض، وقبائل، وحمر: فَرَضِي وقَبَلِي، بفتح أولهما وثانيهما6، وأُحْمَرِي، وحَمْراوي7.
__________
1 سواء كان له مفرد من لفظه مثل: صَحْبي وركبي، أم لا كمثال المصنف.
2 ومثله: تركي، ورومي ... إلخ في النسبة إلى شجر، وترك، وروم.
3 الأبابيل: الجماعات، وقيل مفرده إبّالة، وهي الحزمة الكبيرة، شبهت بها الجماعة من الطير في تضامها ومثل أبابيل: عباديد، وهم الجماعات المتفرقة من الناس ومن الخيل تذهب في كل وجه.
4 فقد صار علما بالغلبة على القوم المعروفين من أهل المدينة أنصار الرسول -عليه الصلاة والسلام- ومثله "الأصولي"، نسبة إلى الأصول؛ فقد غلب على العلم المعروف حتى صار كالعلم عليه.
5 أي: وضعًا للقبيلتين المعروفتين، ومثلهما: مدائن اسم بلد بالعراق، ومعافر بن مر، أخو تميم بن مر.
6 وذلك لردهما إلى فريضة وقبيلة، فحذفت الياء والتاء في النسب، ومن الخطأ قولهم، فرائضي وكتبي، وآفاقي، في النسب إلى كتب، وآفاق، والقياس: كتابي وأفقي.
7 وذلك لأن "حُمرا" إما جمع أحمر، أو حمراء، والنسب إلي أحمر أحمري، وإلى حمراء حمراوي بقلب الهمزة واوا.=(4/274)
فصل: وقد يستغنى عن ياء النسب بصوغ المنسوب إليه على "فَعَّال"، وذلك غالب في الحرف؛ كبَزَّاز، ونَجَّار، وعوَّاج1، وعطّار، وشذ قوله:
__________
= وفي النسب إلى جمع التكسير يقول الناظم:
والواحد اذكر ناسبًا للجمع ... إن لم يشابه واحدًا بالوضع*
أي: إذا أردت النسب إلى الجمع، فجيء بمفرده وانسب إليه، وهذا إن لم يشابه هذا الجمع الواحد، بالوضع؛ بأن يكون علما كأنمار، أو جاريًا مجرى العلم كأنصار، وهذا الذي ذهب إليه المصنف والناظم مذهب البصريين، أما الكوفيون فيجيزون النسب إلى جمع التكسير الباقي على جمعيته، بدون رد إلى مفرده؛ لأن النسب إلى المفرد قد يوقع في لبس، وقد قرر مجمع اللغة العربية، الأخذ برأي الكوفيين، ورأى أن النسبة إلى الجمع قد تكون في بعض الأحيان أدق في التعبير عن المراد من النسبة إلى المفرد؛ فيقال مثلا في النسبة إلى الدول: الدولي، وفي النسبة إلى الملوك: الملوكي، ولا سيما أن النسب إلى الجمع قد كثر فيما مضى، وغلب حتى جرى مجرى الأعلام، فقد قيل: الدوانيقي، لأبي جعفر المنصور الخليفة العباسي، وقيل لغيره: الكرابيسي، والأنماطي، والثعالبي، والجواليقي.... إلخ، واستمر النسب إلى الجمع على هذا النحو إلى الآن وإنما ينسب إلى لفظ الجمع عند الحاجة، كالتمييز بين المنسوب إلى الواحد والمنسوب إلى الجمع.
1 البزاز: بائع البز؛ وهو الثياب، أو متاع البيت من الثياب ونحوها، والعواج: بائع العاج.
وأمثلة: "فعَّال" كثيرة، كحداد، ونجار، ونساج، ولبان..... إلخ، ومع كثرتها لا يجيز سيبويه القياس عليها أما المبرد فيجيز القياس على ما سمع.
وقد قرر مجمع اللغة العربية: أن "فعّال" يصاغ قياسًا للدلالة على الاحتراف أو ملازمة الشيء فإن خيف لبس بين صانع الشيء وملازمه كانت صيغة "فعّال" للصانع، وكان النسب بالياء لغيره، فيقال: "زجاج" لصانع الزجاج، و"زجاجي" لبائعه ويجوز أن يزاد على آخره تاء للدلالة على الجماعة فيقال: الحدّادة، والنجّارة، والبقّالة، والعطّارة، ومنه: البغالة؛ وذلك لأن الجماعة مؤنثة.
__________
* "الواحد" مفعول اذكر مقدم. "ناسبًا" حال من فاعل اذكر المستتر. "للجمع" متعلق بناسبًا. "يشابه" فعل الشرط مجزوم بلم وفاعله يعود إلى الجمع. "واحدًا" مفعول يشابه. "بالوضع" متعلق بيشابه والباء بمعنى "في"، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه مع أن الشرط مضارع للضرورة.(4/275)
وليس بذي سيف وليس بنبال1
أي: بذي نبل، وحمل عليه قوم: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ} 2، أو على "فاعل"، أو على "فَعِل"، بمعنى ذي كذا؛ فالأول، كتامر، ولابن، وطاعم، وكاس3،
__________
1 عجز بيت من الطويل لامرئ القيس الكندي، يصف رجلا بلغه أنه توعده، وهو من شواهد سيبويه وصدره:
وليس بذي رمح فيطعنني به
اللغة والإعراب: فيطعنني بضم العين من باب نصر، وقيل بفتحها بنبال: بصاحب نبل، هي السهام العربية، ولا واحد لها من لفظها، والنابل: الذي يبري السهام "بذي رمح" بذي خبر ليس على زيادة الباء، ورمح مضاف إليه، وكذلك "بنبال"، "فيطعن" يطعن فعل مضارع منصوب بعد فاء السببية في جواب النفي.
المعنى: أن هذا الشخص الذي يتوعدني لا أبالي به؛ لأنه ليس من أهل السلاح ولا من رجال الحرب.
الشاهد: في قوله "بنبال"؛ حيث استعمل في الدلالة على النسبة إلى ما أخذ منه وهو النبل، والغالب أن تصاغ هذه الصيغة من أسماء الحِرَف كالنجارة والعطارة؛ للدلالة على الانتساب إليها، قال الأشموني: إن "فعال" هنا قام مقام "فاعل"، كلابن وتامر، وقد بناه على "فعّال" للمبالغة.
2 أي: بمنسوب إلى الظلم وحجتهم في ذلك: أن "فعال" هنا لو كانت للمبالغة لكان النفي منصبًا عليها فيكون المعنى: ما ربك بكثير الظلم، فالمنفي هو الكثرة وحدها دون أصل الظلم وهذا فاسد؛ لأنه سبحانه منزه عن الظلم قليلا كان أو كثيرًا. [سورة فصلت الآية: 46] .
وقيل: إن "فعال" بمعنى "فاعل"، وعدل عنه إليها تعريضًا بأن ثم ظلامًا للعبيد من ولاة الجور، وبأن العبيد جمع كثرة، فجيء في مقابلته بالكثرة.
3 أي: صاحب تمر، ولبن، وطعام، وكسوة قال الحطيئة:
وغررتني وزعمت أنـ ... ك لابن في الصيف تامر
أي: كثير اللبن والتمر، والفرق بين "فاعل" هذا في النسب وبين اسم الفاعل: أن الثاني يفيد العلاج ويقبل تاء التأنيث بخلاف الأول.(4/276)
والثاني، كطَعِم، ولَبَن، ونَهِر، قال:
لست بلَيْلِيّ ولكني نَهِر
__________
1 صدر بيت من الرجز، استشهد به سيبويه ولم ينسبه، وعجزه:
لا أدلج الليل ولكن ابتكر
اللغة والإعراب: بليلي: منسوب إلى الليل، أي: لا أعمل فيه. نهر: أي: أعمل بالنهار. أدلج الليل: أسير فيه. والدلج: السير من أول الليل، ابتكر: أدرك النهار من أوله، والابتكار: المبادرة إلى الشيء، "بليلي" خبر لست على زيادة الباء "نهر" خبر لكن، وسكن لضرورة الشعر.
المعنى: أنه لا يستطيع العمل بالليل، ولكنه يزاول عمله بالنهار، ولا يسير بالليل، وإنما يقوم مبكرًا ليدرك النهار من أوله، حيث النشاط والقوة بعد الراحة.
وقد يكون المراد: أنه ليس من اللصوص أو الفتاكين الذين يزاولون عملهم بالليل وفي الظلام, بعيدين عن أعين الرقباء، ولكنه ممن يكدحون بالنهار لجلب رزقهم.
الشاهد: في "نهر" فإنه على وزن "فَعِل" على معنى المنتسب إلى النهار وهذه الصيغة تغني عن ياء النسب، فهي بدل "نهاري" والأنسب الاقتصار على المسموع من هاتين الصيغتين، ولا يقاس عليهما؛ لقلة الوارد منهما، ولخفاء المعنى معهما.
وفي الصيغ الثلاث يقول الناظم:
ومع "فاعل، وفَعَّال، فَعِل" ... في نسب أغنى عن اليا فقبل*
أي: قد يستغنى عن الياء بصوغ الاسم على "فاعل"، أو "فعال"، أو "فعل" يعني صاحب كذا، وقد يستغنى عن ياء النسب أيضًا: "بمِفْعال" كقولهم: امرأة مِعطار؛ أي: ذات عطر، و"مفعيل" كقولهم: ناقة محضير؛ أي: ذات حُضر وهو الجري و"فَعال" بقلة، ومنه يماني في يمني، بتخفيف ياء النسب وحذف إحدى الياءين والإتيان بدلها بألف، وشآمي في شامي، بياء واحدة ساكنة.
__________
* "ومع فاعل" مع ظرف حال من ضمير أغنى، وفاعل مضاف إليه. "وفعال" معطوف على فاعل. "فعل" مبتدأ. "في نسب" متعلق بأغنى الواقع خبرًا من المبتدأ، "عن الياء" متعلق بأغنى وقصر للضرورة. "فقيل" الفاء عاطفة، قيل فعل ماض مبني للمجهول، نائب الفاعل مستتر فيه.(4/277)
فصل: وما خرج عما قررناه في هذا الباب فشاذ؛ كقولهم: أمَوِي، بالفتح1، وبِصْرِي، بالكسر2، ودُهْرِي، للشيخ الكبير بالضم 3، ومَرْوَزِي، بزيادة الزاي4، وبَدَوِي، بحذف الألف5، وجَلُولِي وحَرُورِي، بحذف الألف والهمزة6.
__________
1 والقياس ضم الهمزة نسبة إلى أمية.
2 والقياس فتح الباء نسبة إلى البصرة، وسمع الكسر؛ ولكن الفتح أفصح وعليه فلا شذوذ.
3 والقياس فتح الدال نسبة إلى الدهر.
4 نسبة إلى مدينة "مَرْو" بفارس، ومثله: رباني وفوقاتي، وسفلاني، وتحتاني نسبة إلى الرب، وفوق، وسفل، وتحت وصنعاني في صنعاء، وبحراني في البحرين، ورُوحاني في الروح، وصيدلاني في الصيدلة، وجَواني، وبراني في النسبة إلى جو بمعنى البيت، وبر بمعنى الخارج..... إلخ.
5 نسبة إلى البادية.
6 الأول منسوب إلى "جلولاء" قرية بفارس، والثاني إلى "حروراء" قرية بظاهر الكوفة.
وقد أشار الناظم إلى ما تقدم بقوله:
وغير ما أسلفته مقررًا ... على الذي ينقل منه اقتصرا*
أي: إن ما جاء من النسب مخالفًا لما سبق تقريره، يقتصر فيه على الذي ورد منقولا عن العرب مسموعا عنهم، ولا يقاس عليه كما ذكرنا.
هذا: وهنالك جموع لحقت آخرها تاء عوضًا عن ياء النسب، لأن مفرداتها كانت منسوبة؛ مثل: الأزارقة، الأشاعرة، المهالبة، المشارقة، المغاربة.
وإذا كان المنسوب مؤنثًا أتي بتاء التأنيث بعد ياء النسب، للدلالة على ذلك إن لم يوجد مانع، تقول: قرأت بحوثًا علمية عميقة، لباحثات عربيات؛ فيهن المصرية، والسورية والكويتية، والفلسطينية ... إلخ.
__________
* "وغير" مبتدأ. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "أسلفته" الجملة صلة ما. "مقررا" حال من الهاء في أسلفته.
"على الذي" جار ومجرور متعلق باقتصر. "ينقل" الجملة صلة. "منه" متعلق بينقل وهو في موضع النيابة عن الفاعل، "اقتصرا" فعل ماض للمجهول، ونائب فاعله يعود إلى غير، والجملة خبر غير، والألف للإطلاق.(4/278)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ....
__________
الأسئلة والتمرينات:
1 عرف النسب واشرح التغييرات التي تحدث بسببه، وبين الغرض منه، مع التمثيل.
2 تحذف لأجل النسب أشياء من آخر الاسم. اذكر هذه الأشياء، ومثل لكل بأمثلة من عندك.
3 كيف تنسب إلى المركب؟ وإلى الجمع واسم الجنس؟ اشرح ذلك بالأمثلة.
4 ما حكم الياء المشددة في آخر الاسم إذا نسب إليه؟ اشرح أحوالها المختلفة التي مرت بك ووضح بالأمثلة.
5 بين حكم المقصور والممدود عند النسب، واشرح قول الناظم:
والألف الجائز أربعا أزل ... كذاك "يا" المنقوص خامسا عزل
6 كيف تنسب إلى "فَعيلة"، "فُعيلة"؛ و"فَعولة"، مثل، واشرح رأي ابن قتيبة، ورأي المجمع اللغوي في هذا.
7 وضح حكم النسب إلى محذوف الفاء، أو العين، أو اللام، وابسط القول في بيت الناظم:
وضاعف الثاني من ثنائي ... ثانيه ذو لين كلا ولائي
8 هنالك صيغ يستغنى بها عن ياء النسب، اذكر هذه الصيغ، وبين فيما تستعمل غالبًا؟
9 فيما يأتي شواهد للنسب، وضح الشاهد، وبين المنسوب إليه على ضوء ما عرفت.
قال -تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ} .
{كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ} .
كان عنترة العبسي فارسا جاهليا، وكان الأصمعي لغويا بارعًا، وكان الأشبيلي عروضيًا ماهرًا، وكان الصنهاجي صاحب الأجرومية المعروفة نحويا كوفيا.
كليني لهم يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الكواكب
تزوجتها رامية هرمزية ... بفضلة ما أعطي الأمير من الرزف.
إذا ما غضبنا غضبة مضرية ... هتكنا حجاب الشمس أو قطرت دما
إذا المرئي شب له بنات ... عقدن برأسه إبة وعارا
=(4/279)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ....
__________
= 10 قال المتنبي من قصيدة يمدح فيها سيف الدولة، ويصف كتيبة:
وملمومة سيفية ربعية ... تصيح الحصى فيها صياح اللقالق
ملمومة: مجموعة اللقالق: نوع من الطيور، والمفرد: لقلق، أو لقلاق.
وقال أيضا:
وأهوى من الفتيان كل سميدع ... نجيب كصدر السمهري المقوم
11 انسب إلى الكلمات الآتية، واشرح قاعدة النسب إلى كل منها.
رب. حدائق. ناحية. أبو الفداء. جاد المولى. طبرية. سبعة. فرنسا. شتاء. جرجا. ثريد. حسناء. غني. رضوى. معدة. راية. قلادة. عشواء. سلمان. دية. ابن عمر. عبد الجليل. مدينة. طليطلة. البحرين. ثان. جاد الرب. بني سويف. معهد التربية.
13 سمع عن العرب ما يأتي:
رباني في النسبة إلى "رب" ... تحتاني وفوقاني في النسبة إلى تحت وفوق
بدوي في النسبة إلى البادية ... قرشي في النسبة إلى قريش
الرازي في النسبة إلى الري ... قروي في النسبة إلى قرية
طائي في النسبة إلى طيء ... بصري في النسبة إلى البصرة
حضرمي في النسبة إلى حضرموت ... مروزي في النسبة إلى مرو
حقاني في النسبة إلى حق ... روحاني في النسبة إلى روح
فهل هذا جار على قواعد النسب التي مرت بك؟ وإذا كان فيها تغيير وشذوذ عن هذه القواعد، فما هو؟ اشرح ذلك.
13 ضع في المكان الخالي في العبارات الآتية: اسمًا منسوبًا ملائمًا للمعنى، واذكر المنسوب إليه.
كان لاختراع القنبلة ... ... ... والصواريخ ... ... ... والسفن ... ... ...
والطائرات ... ... ... وغير ذلك من أنواع التقدم ... ... ... أثر كبير في
الحروب ... ... ... التي تدور رحاها في العالم بين المستعمرين ... ... ...
والشعوب ... ... .... ينذر بالويل ... .... ... ويقضي على صفاء الحياة.(4/280)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
= 14 انسب إلى الكلمات الآتية واضبطها بالشكل. "نموذج"
15 انسب إلى الكمات الآتية واضبطها بالشكل بعد النسب.
شعرى. حسناء. بيضة. معى. غنى. فرنسا. كتب. ري. بردى. ثريد. شبرا. دينا.(4/281)
باب: الوقف 1
إذا وقفت على منون2، فأرجح اللغات وأكثرها: أن يحذف تنوينه بعد الضمة
__________
باب: الوقف
1 الوقف هو: قطع النطق عند آخر الكلمة؛ إما لتمام الغرض من الكلام، أو لقصد الاستراحة، أو لتمام النظم في الشعر والسجع في النثر، وغير ذلك من الأغراض، وهو أنواع كثيرة، أظهرها ثلاثة:
أ- اختياري، وهو الذي يقصد لذاته وبمحض الاختيار، وقد قسمه القراء إلى ثلاثة أقسام: تام، وكاف، وحسن. فالتام هو الذي يكون عند تمام الكلام ولا تعلق له بما بعد. لا من جهة اللفظ ولا من جهة المعنى، وأكثر ما يكون في رءوس الآي وانقضاء القصص وإن كان له تعلق بما بعده من جهة المعنى فقط فهو الوقف الكافي، وإن كان هذا التعلق من جهة اللفظ فهو الحسن ويتطلب الوقف أنواعًا من التغيير ترجع غالبًا إلى ثمانية أشياء، وهي: الحذف، والزيادة، والسكون، والنقل، والتضعيف، والروم، والإشمام، والإبدال، وقد ذكر المصنف سبعة منها، وجمعها بعضهم في بيت فقال:
نقل وحذف وإسكان ويتبعها التـ ... ـضعيف والروم والإشمام والبدل.
ب- اضطراري، وهو الذي لا يقصد أصلا بل يلجأ إليه الإنسان للضرورة، مثل انقطاع النفس، ويسميه القراء: الوقف القبيح؛ لأنه قد يفسد المعنى.
جـ- اختباري، وهو: الذي لا يقصد لذاته؛ بل يقصد به الاختبار الشخصي؛ هل يحسن الشخص الوقوف على نحو: "عم"، و"فيم"، و"اقتضاءَم"، "أَلا يَسْجُدُوا" بالتخفيف، ونحو ذلك مما يتوهم أنه لفظ واحد، وهو في الواقع أكثر؟ أولا.
والنوع الأول هو المراد هنا، والمقصود في هذا الباب.
2 الموقوف عليه إما أن يكون منونًا أو غير منون؛ فإذا وقف على منون غير مؤنث بالتاء ففيه ثلاث لغات ذكر المصنف إحداهن وهي الفصحى، والثانية: الوقف عليه بحذف التنوين وسكون الآخر مطلقًا، وهي لغة ربيعة غالبًا. والثالثة: الوقف بإبدال التنوين ألفًا بعد الفتحة، وواوًا بعد الضمة، وياء بعد الكسرة، وهي لغة الأزد، أما المؤنث بالتاء حكمه قريبًا، وأنه لا يوقف عليه إلا بالإسكان.(4/282)
والكسرة1؛ كـ"هذا زيد"، و"مررت بزيد"، وأن يبدل ألفًا بعد الفتحة: إعرابية كانت، كـ"رأيت زيدًا"، أو بنائية، كـ"إيها". و"وَيها"2، وشبهوا "إذن" بالمنون المنصوب؛ فأبدلوا نونها في الوقف ألفًا، هذا قول الجمهور3، وزعم بعضهم أن الوقف عليها بالنون4،.........................................
__________
1 ويسكن ما قبل التنوين.
2 معنى "إيهًا": انكفف، ومعنى "ويها": أعجب. انظر 334 جزء ثالث وقد أشار الناظم إلى هذه اللغة بقوله:
تنوينا إثر فتح اجعل ألفًا ... وقفا، وتلو غير فتح احذفا*
أي: إذا وقفت على اسم منون، وكان التنوين بعد فتحة فأبدله ألفًا في الوقف؛ واحذفه إذا وقع بعد غير الفتح "وهو الضم والكسر"، وسكن ما قبله.
هذا: والمقصور المنون يوقف عليه بالألف في الأحوال الثلاثة، وهذه الألف بدل من التنوين على قول، وبدل من لام الكلمة على قول آخر، وعند سيبويه والجمهور: بدل من التنوين في حالة النصب، وبدل من لام الكلمة في حالتي الرفع والجر.
ويظهر أثر هذا الخلاف في الإعراب؛ فعلى أنها بدل من التنوين يعرب الاسم بحركات مقدرة على الألف المحذوفة للساكنين، وعلى أنها المنقلبة عن الياء يعرب بحركات مقدرة على الموجودة؛ لأنه حينئذ محل الإعراب.
3 واختاره الناظم، وإليه أشار بقوله:
وأشبهت "إذًا" منونا نصب ... فألفا في الوقف نونها قلب*
أي: إن "إذا" أشبهت الاسم المنون المنصوب، فقلبت نونها ألفًا في الوقف كما يقلب تنوين المنصوب.
4 أي: لأنها بمنزلة "أن" الناصبة للمضارع، والتنوين لا يدخل في الحروف ونقل هذا عن المازني, والمبرد, وعلى ذلك تكتب بالنون. وإن وقف عليها بالألف كتبت بالألف.
__________
* "تنوينا" مفعول أول اجعل. "إثر" ظرف متعلق باجعل. "فتح" مضاف إليه. "ألفًا" مفعول اجعل الثاني. "وقفا" مفعول لأجله، أو حال من ضمير اجعل بتأويل واقفا. "وتلو" مفعول احذف مقدم. "غير فتح" مضاف إليه. "احدفا" فعل أمر مبني على الفتح لنون التوكيد المنقلبة ألفًا في الوقف.
* "إذا" فاعل أشبهت. "منونا" وجملة "نصب" نعت منونًا, "فألفًا" مفعول قلب الثاني مقدم. "في الوقف" متعلق بقلب, "نونها" مبتدأ ومضاف إليه، وجملة "قلب" خبر
ونائب فاعله والمفعول الأول، وتقديم معمول الخبر الفعلي على المبتدأ جائز في الضرورة.(4/283)
واختاره ابن عصفور، وإجماع القراء السبعة على خلافه1.
وإذا وقف على هاء الضمير؛ فإن كانت مفتوحة، ثبتت صلتها2، وهي الألف، كـ"رايتُها"، و"مررت بها"، وإن كانت مضمومة، أو مكسورة، حذفت صلتها، وهي الواو والياء3، كـ"رأيتُه"، و"مررت به" إلا في الضرورة4، فيجوز إثباتها، كقوله:
ومهمة مغبرة أرجاؤه ... كأن لون أرضه سماؤه5
__________
1 فقد أجمعوا على الوقف بالألف في نحو: {وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا} [سورة الكهف الآية: 20] ، وفي رسمها خلاف؛ فقيل: تكتب بالألف كما في المصحف الإمام وهذا هو الكثير، وقيل: إن ألغيت كتبت بالألف لضعفها، وإن أعملت كتبت بالنون، قيل: بالعكس؛ لأنها عند الإلغاء تلتبس بإذا الشرطية.
2 وهي حرف العلة المتصل بها من جنس حركتها.
3 ووقف على هاء الضمير بالسكون.
4 أي: ضرورة الشعر، وإنما يكون ذلك في آخر العروض، أو الضرب.
5 بيت من الرجز لرؤبة بن العجاج، أو بيتان من مشطور الرجز.
اللغة والإعراب: مهمة: هو المفازة البعيدة التي يشق السير فيها، والبلد القفر، قيل: سميت بذلك؛ لأن سالكها يقول لرفقتة: "مَه مَه"، أي: كف عن الكلام، مغبرة: كثر فيها الغبار، وهو التراب، أرجاؤه: نواحيه، جمع رجا بالقصر وهي الناحية "ومهمة" الواو واو رب، "مهمة" مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة منع منها حرف الجر الشبيه بالزائد "أرجاؤه" فاعل بمغبرة ومضاف إليه "كأن" حرف تشبيه نصب "لون أرضه" لون اسم كأن، وأرضه مضاف إليه "سماؤه" خبر كأن ومضاف إليه.
المعنى: أن هذا المهمة قد عمه الغبار وانتشر فيه، وارتفع غباره كأن لون سمائه من الغبار لون أرضه، فحذف المضاف وقلب التشبيه للمبالغة.
الشاهد: في أرجاؤه وسماؤه؛ فقد أثبت في كل منهما الواو التي هي صلة الضمير المضموم في الوقف، وذلك لضرورة الشعر، والكثير حذف الصلة، والوقف بالسكون.(4/284)
وقوله:
تجاوزت هندًا رغبة من قتاله ... إلى ملك أعشو إلى ضوء ناره1
وإذا وقف على المنقوص، وجب إثبات يائه في ثلاثة مسائل:
إحداها: أن يكون محذوف الفاء، كما إذا سميت بمضارع "وَفى" أو "وَعَى"، فإنك تقول: "هذا يَفي"، و "هذا يَعي" بالإثبات، لأن أصلهما: يَوْفِي ويُوْعِي فحذفت فاؤهما2، فلو حذفت لامهما، لكان إجحافًا.
الثانية: أن يكون محذوف العين نحو: مُرِ، اسم فاعل من أرى، وأصله: مَرْئي، بوزن مُرْعِي؛ فتنقلت حركة عينه -وهي الهمزة- إلى الراء، ثم أسقطت3، ولم يجز
__________
1 بيت من الطويل، لم ينسب لقائل فيما بين أيدينا من المراجع.
اللغة والإعراب: هند: علم رجل؛ بدليل تذكير ضميره وصرفه، أعشو إلى ضوء ناره: أستدل عليها ببصر ضعيف، والعشا: سوء البصر بالليل والنهار كالعشاوة، والعشواء: الناقة التي لا تبصر أمامها، وعشا النار وإليها: رآها ليلا من بعيد فقصدها مستضيئًا بها "رغبة" مفعول لأجله "إلى ملك" جار ومجرور متعلقان بتجاوزت، وجملة "أعشو" صفة لملك.
المعنى: واضح بعد ما ذكر من شرح.
الشاهد: في "قتاله، ونار" حيث أثبت الهاء فيهما التي هي صلة الضمير المكسور في الوقف لضرورة. وإلى ما تقدم أشار الناظم بقوله:
واحذف لوقف في سوى اضطرار ... صلة غير الفتح في الإضمار*
أي: احذف عند الوقف -في غير الضوررة- صلة هاء الضمير؛ إن كانت مضمومة أو مكسورة، وقف على الهاء الساكنة. وإن كانت مفتوحة وقف عليها ولم تحذف.
2 أي: لوقوعها بين عدوتيها: الياء المفتوحة، والكسرة.
3 أي: حذفت الهمزة للتخفيف، ثم الياء لالتقائها ساكنة مع التنوين.
__________
* "لوقف في سوى" متعلقان باحذف، "اضطرار" مضاف إليه. "صلة" مفعول احذف، "غير الفتح" غير مضاف إليه. والفتح مضاف إليه أيضًا، "في الإضمار" متعلق بصلة.(4/285)
حذف الياء في الوقف لما ذكرنا1.
الثالثة: أن يكون منصوبًا؛ منونًا كان نحو: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا} أو غير منون نحو: {كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِي} 2.
فإن كان مرفوعًا، أو مجرورًا، جاز إثبات يائه وحذفها، ولكن الأرجح في المنون الحذف3، نحو: "هذا قاض"، و"مررت بقاض"، وقرأ ابن كثير: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍي} ، {وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍي} 4، والأرجح في غير المنون الإثبات5، كـ"هذا القاضي"، و"مررت بالقاضي".
__________
1 أي: من أن في ذلك إجحافًا بالكلمة؛ لإبقائها على حرف واحد.
2 إنما وجب إثبات الياء فيهما وقفًا؛ لتحصنها في الأول بالألف، وفي الثاني "بأل".
3 لأن الياء غير ثابته في الوصل، والوقف موضع راحة يحتاج إلى التخفيف فلا يؤتى فيه بما لم يكن في الوصل، وهذا رأي سيبويه والمتأخرين وهو الراجح.
4 أي: بإثبات الياء فيهما وهذا إذا لم يكن المنقوص محذوف العين وإلا تعين الرد كما سبق [سورة الرعد الآيتان: 7، 11] .
5 وقرئ: {الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} ، {يَوْمَ التَّنَادِ} بالحذف فيهما، ويدخل تحت غير المنون: ما سقط تنوينه بدخول أل، كمثال المصنف: وما سقط تنوينه للنداء نحو: يا قاضي، أو لمنع الصرف، نحو: رأيت جواري بالنصب، أو للإضافة، نحو: هذا قاضي مصر، ويترجح في هذا الحذف كالمنون. وفي حالة النصب لا يقلب تنوينه ألفا لضعفه، بل يوقف عليه بالياء.
وإلى ما تقدم من حكم الوقف على المنقوص؛ يشير الناظم بقوله:
وحذف "يا" المنقوص ذي التنوين ما ... لم ينصب أولى من ثبوت فاعلما
وغير ذي التنوين بالعكس وفي ... نحو مُرٍ لزوم رد اليا اقتفي*
=
__________
* "وحذف" مبتدأ. "يا المنقوص" مضاف إليه. "ذي التنوين" ذي نعت للمنقوص، والتنوين مضاف إليه. "ما" مصدرية ظرفية. "أولى" خبر المبتدأ. "من ثبوت" متعلق بأولى. "فاعلما" فعلى أمر مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا للوقف. "وغير" مبتدأ. "ذي التنوين" مضاف إليه. "بالعكس" متعلق بمحذوف خبر "وفي نحو" متعلق باقتفي. "مر" مضاف إليه. "لزوم" مبتدأ. "رد اليا" مضاف إليه. وجملة "اقتفي" خبر المبتدأ.(4/286)
فصل: ولك في الوقف على المحرك الذي ليس هاء التأنيث1، خمسة أوجه:
أحدها: أن تقف بالسكون، وهو الأصل، ويتعين ذلك في الوقف على تاء التأنيث2.
الثاني: أن تقف بالروم، وهو: إخفاء الصوت بالحركة3، ويجوز في الحركات كلها، خلافا للفراء في منعه إياه في الفتحة4، وأكثر القراء على اختيار قوله.
الثالث: أن تقف بالإشمام، ويختص بالمضموم، وحقيقته: الإشارة بالشفتين إلى الحركة بعيد الإسكان، من غير تصويت5؛ فإنما يدركه البصير دون الأعمى.
__________
= أي: إن حذف ياء المنقوص المنون -غير المنصوب- أولى من الإثبات، فإن كان منصوبا أبدل تنوينه ألفا. والمنقوص غير المنون بالعكس، فإن كان غير منصوب فالإثبات أولى من الحذف. وإن كان منصوبا ثبتت ياؤه ساكنة. وأشار بقوله:
... ... ... ... وفي ... نحو مُرٍ لزوم رد اليا اقتفي
إلى أنه إذا كان المنقوص المنون محذوف "العين" "كمر" أو محذوف الفاء وجب إثبات الياء عند الوقف.
1 أما هي فيوقف عليها بالسكون، ويحذف تنوينها، مثل: فاطمة، وقائمة.
2 لأنه لا يتأتى فيها الأوجه الأخرى، وسيوضح المصنف ذلك بعد.
3 وذلك بأن تشير إليها بخفة، وسرعة، وترومها مختلسا لها ولا تتمها، فتكون حالة متوسطة بين الحركة والسكون، فهي أكثر من الإشمام الآتي؛ لأنها تسمع فيدركها الأعمى الصحيح السمع, والبصير؛ لأن فيه مع حركة الشفة صوتا يكاد الحرف به يكون متحركا وسمي الروم روما؛ لأنك تروم الحركة ولم تسقطها.
4 فيمتنع الوقف عنده على {لا رَيْبَ} ، {إِنَّ اللَّهَ} ، {يُؤْمِنُونَ} .
5 وكيفيته: أن تضم الشفتين مع بعض انفراج بينهما يخرج منه النفس؛ ليراهما المخاطب مضمومتين، فيعلم أنك أردت بضمها الحركة، ولذلك لا يدركه إلا البصير.
وهو مشتق من الشم، كأنك أشممت الحرف رائحة الحركة وهيأت العضو للنطق بها.
والغرض منه ومن الروم: الفرق بين الساكن، أصالة، والمسكن لأجل الوقف.(4/287)
الرابع: أن تقف بتضعيف الحرف الموقوف عليه1، نحو: "هذا خالد"، و"هو يجعل"، وهو لغة سعدية، وشرطه خمسة أمور، وهي: ألا يكون الموقوف عليه همزة2، كخطأ ورش3، ولا ياء كالقاضي، ولا واوًا، كيدعو، ولا ألفا، كيغشى، ولا تاليًا لسكون4، كزيد وعمرو.
الخامس: أن تقف بنقل حركة الحرف إلى ما قبله5، كقراءة بعضهم: "وَتَوَاصَوْا بِالصَّبِرْ"6، وقوله:
أنا ابن ماوية إذ جد النقر
وشرطه خمسة أمور أيضًا، وهي: أن يكون ما قبل الآخر ساكنًا، وأن يكون ذلك
__________
1 أي: بتشديده، وذلك بأن تزيد عليه حرفًا مثله فيلزم الإدغام.
2 لأن الهمزة لا تدغم ولا يدغم فيها في موضع اللام لثقلها، والحرص على إظهارها لخفائها، وتدغم إذا كانت عينًا كسأل.
3 الرشأ محركة: الظبي إذا قوي ومشي مع أمه، والجمع أرشاء، وشجرة تسمو فوق القامة والرشاء: حبل البئر.
4 وذلك لئلا يجتمع ثلاث سواكن: المدغم وهو المزيد للتضعيف، وما قبله، وما بعده، قال الصبان: ولم ينقل التضعيف عن أحد من القراء إلا عن عاصم في قوله تعالى: "مُسْتِطَر" في أول سورة القمر.
5 أي: نقل حركة الحرف الموقوف عليه إلى الساكن قبله.
6 سورة العصر.
7 صدر بيت من الرجز، استشهد به سيبويه، ونسبه لبعض السعديين ولم يعينه، ونسبه ابن السيد لعبد الله بن ماوية الطائي؛ ونسبه الصاغاني لفدكي بن عبد الله المنقري، وعجزه:
وجاءت الخيل أثافي زمر
اللغة والإعراب: النقر: صوت يسكن به الفرس إذا اضطرب بالفارس؛ ويكون بلصق طرف اللسان بأعلى الحلق، ثم فتحه والتصويب به، أثافيّ: جمع أثفية، وهي العدد الكثير والجماعة من الناس، والأثفية أيضًا: الحجر يوضع عليه القدر ويقال: رماه بثالثة الأثافي؛=(4/288)
الساكن لا يتعذر تحريكه ولا يسثقل، وأن لا تكون الحركة فتحة1، وأن لا يؤدي النقل إلى بناء لا نظير له؛ فلا يجوز النقل في نحو: "هذا جعفر"؛ لتحرك ما قبله2، ولا في نحو: "إنسان" و"يشُدّ" و"يقول" و"يبيع" لأن الألف والمدغم، لا يقبلان الحركة، والواو المضموم ما قبلها، والياء المكسور ما قبلها تستثقل الحركة عليهما، ولا في نحو: "سمعت العلم" لأن الحركة فتحة، وأجاز ذلك الكوفيون والأخفش3، ولا في نحو: "هذا علم" لأنه ليس في العربية "فِعُل" بكسر أوله وضم ثانيه.
ويختص الشرطان الأخيران4 بغير المهموز، فيجوز النقل في نحو: {للَّهَ الَّذِي
__________
= أي: بالشر كله. زمر: جمع زمرة، وهي الجماعة. "أنا" ضمير منفصل مبتدأ "ابن ماوية" ابن خبر، وماوية مضاف إليه "إذا" ظرف؛ بمعنى حين والعامل فيه ما في ابن ماوية من معنى شجاع، أو مقدام، "النقر" فاعل جد.
المعنى: أنا الشجاع المقدام إذا اضطربت الخيل بفرسانها وجاءت جماعات متتابعة، وذلك عند الهيجاء، واشتداد رحى الحرب.
الشاهد: في "النقر" فإن أصله بسكون القاف وتحريك الراء بالضمة للإعراب فتقلب الضمة من الراء إلى القاف للوقف.
1 أي: الحركة التي يراد نقلها؛ لأن المفتوح إذا كان منونا؛ يلزم من النقل حذف ألف التنوين، وحمل غير المنون عليه.
وكذلك يتشرط أن يكون المنقول منه صحيحًا، فلا نقل في نحو: "ظبي، ودلو".
2 أي: والمحرك لا يقبل حركة أخرى، وهذا احتراز لقوله: أن يكون ما قبل الآخر ساكنًا، ويجوز في لغة لخم نقل الحركة إلى متحرك، ومن ذلك قول الشاعر:
من يأتمر للخير فيما قصده ... تحمد مساعيه ويعلم رشده
فقد نقل حركة الهاء في قصده -وهي الضمة- إلى الدال وهي متحركة قبل النقل.
3 وذلك طردا للباب.
4 وهما: ألا تكون الحركة فتحة، وألا يؤدي النقل إلى بناء لا نظير له في العربية.(4/289)
يُخْرِجُ الْخَبْءَ} ، وإن كانت الحركة فتحة، وفي نحو: "هذا رِدْء"، وإن أدى النقل إلى صيغة "فِعُل"1، ومن لم يثبت في أوزان، الاسم، "فُعِل" بضمة فكسرة، وزعم أن الدئل منقول عن الفعل, لم يجز في نحو: "بقُفْل" النقل2، ويجيزه في نحو: "ببطء"، لأنه مهموز3.
__________
1 وإنما اغتفر ذلك في الهمزة لثقلها، وإذا سكن ما قبل الهمزة الساكنة كان النطق بها أصعب، الردء: العون، والردء: العدل الثقيل.
2 لأنه يصير بعد النقل "بقُفل".
3 لأن عدم النظير في النقل من الهمزة مغتفر لثقلها، والبطء: ضد السرعة.
ومع هذا فالنقل قليل في كلام العرب؛ ولم يقرأ به في القرآن إلا في كلمتين: الصبر، والعصر، قيل: ولعل السبب في ذلك، ما يترتب عليه من تغيير بناء الكلمة في الظاهر وما يلزم من نقل حركات الإعراب إلى وسط الكلمة، ومحلها المألوف آخر الكلمة، وفيما تقدم من الوقف على المتحرك، يقول الناظم:
وغير "ها" التأنيث من محرك ... سكنه، أو قف رام التحرك
أو أشمم الضمة، أو قف مضعفًا ... ما ليس همزًا أو عليلا، إن قفا
محركا، وحركات انقلا ... لساكن تحريكه لن يحظلا
ونقل فتح من سوى المهموز لا ... راه بصري، وكوف نقلا
والنقل إن يعدم نظير ممتتع ... وذاك في المهموز ليس يمتنع*
__________
* "وغير" مفعول لمحذوف يفسره سكنه. "ها التأنيث" مضاف إليه. "من محرك" متعلق يسكنه. "أوقف" معطوف على سكنه. "رائم التحرك" رائم حال من فاعل قف، والتحرك مضاف إليه من إضافة الوصف لمفعوله. "أو أشمم" معطوف على قف. "الضمة" مفعول أشمم. "أو قف" عطف على أشمم, "مضعفًا" حال من فاعل قف، وفيه ضمير مستتر هو فاعله. "ما" اسم موصول مفعوله. "همزًا" خبر ليس، واسمها يعود إلى ما، الجملة صلة الموصول. "أو عليلا" معطوف على همزًا. "قف" أي: تبع. فعل الشرط، وفاعله يعود إلى ما ليس همزًا، وجواب الشرط محذوف يدل عليه الكلام. "محركا" مفعول قفا. "وحركات" مفعول انقلا مقدم. "انقلا" فعل أمر مبني على الفتح، لاتصاله بالنون المنقلبة ألفًا للوقف. "لساكن" متعلق بانقلا. "تحريكه" مبتدأ ومضاف إليه. "لن يحظلا" الجملة خبر، وجملة المبتدأ والخبر في محل جر صفة لساكن. "ونقل فتح" نقل=(4/290)
فصل: وإذا وقف على تاء التأنيث1،التزمت التاء، إن كانت متصلة بحرف كثُمَّت2، أو فعل كقامت، أو باسم وقبلها ساكن صحيح، كأخت وبنت3، وجاز إبقاؤها وإبدالها إن كان قبلها حركة4، نحو: تمرة وشجرة، أو ساكن معتل، نحو: صلاة ومُسلمات5 لكن الأرجح في جمع التصحيح، كمُسلمات، وفيما أشبهه6، وهو
__________
= أي: إذا وقف على اسم متحرك الآخر -غير هاء التأنيث- فلك في الوقف عليه خمسة أوجه: التسكين، والروم والإشمام فيما حركته ضمة، والتضعيف في غير ما آخره همزة، أو حرف علة، وينبغي أن يلي حركة، والوقف بالنقل بشرط أن يكون ما قبله ساكنًا لا يمتنع تحريكه، وألا تكون الحركة المراد نقلها فتحة.
ويجيز الكوفيون الوقف بالنقل مطلقًا، ولا يجيزه البصريون إذا كانت الحركة فتحة؛ إلا إذا كان الآخر مهموزًا، ويمتنع الوقف بالنقل إذا أدى إلى بناء غير موجود في العربية إلا إذا كان الآخر همزة، وقد ذكر المصنف أمثلة موضحة لذلك كله.
1 المراد: التاء التي تدل على التأنيث، ولو بحسب الوضع؛ فتشمل تاء المبالغة مثل رواية، وزيادة المبالغة كعلامة.
2 ومثلها: "رُبَّت، ولعلَّت، ولات"، وأجاز الكسائي الوقف على "لات" بالهاء وأجاز ابن مالك في الكافية، وأبو حيان: الوقف على ربت وثمت، وبالهاء؛ قياسًا على لات.
3 وكون تائهما للتأنيث، لا ينافي كونها للتعويض عن لام الكلمة أيضًا.
4 ولا تكون الحركة إلا فتحة.
5 ولا يكون هذا الساكن المعتل إلا ألفًا، وإنما جعل حكم الألف حكم المتحرك؛ لأنها منقلبة عن حرف متحرك فهي كالمتحرك تقديرًا.
6 أي: في الدلالة على متعدد في الحال، مثل: "أولات"، أو في الأصل مثل: "عرفات", أو في التقدير "كهيهات".
__________
= مبتدأ، وفتح مضاف إليه. "من سوى" متعلق بنقل. "المهموز" مضاف إليه. "لا يراه بصري" الجملة خبر المبتدأ. "وكوف" مبتدأ، وحذفت منه ياء النسب للضرورة. "نقلا" الجملة خبر والألف للإطلاق. "والنقل" مبتدأ. "عدم" فعل الشرط. "نظير" نائب فاعله. "ممتنع" خبر، وجواب الشرط محذوف. "وذاك" اسم إشارة مبتدأ. "في المهموز" متعلق بيمتنع الواقع خبرًا لليس، وجملة ليس واسمها وخبرها خبر المبتدأ؛ وهو ذاك.(4/291)
اسم الجمع، وما سمي به من الجمع تحقيقًا أو تقديرًا، فالأول، كأولات، والثاني كعرفات وأذرعات1، والثالث كهيهات، فإنها في التقدير: جمع هَيْهَة، ثم سمي بها الفعل الوقف بالتاء، ومن الوقف بالإبدال قولهم: "كيف الإخوة والأخواه؟ "، وقولهم: "دفن البناه من المكرماه" 2، وقرأ الكسائي والبزي3: "هَيْهَاهْ"4، والأرجح في غيرهما5 الوقف بالإبدال6 ومن الوقف بتركه، قراءة نافع، وابن عامر، وحمزة: "إِنَّ شَجَرَتْ"7، وقال الشاعر.
والله أنحاك بكفي مسلمت ... من بعد ما وبعد ما وبعد مت
كانت نفوس القوم عند الغلصمت ... وكادت الحرة أن تدعى أمت8
__________
1 هما: جمعا عرفة وأذرع تحقيقًا، وعرفة: موقف الحجاج على بعد حول اثني عشر ميلا من مكة، وأذرعة: قرية بالشام.
2 تعبير المصنف يوهم أن هذا ليس بحديث: وقد روي الطبراني عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما عزي بابنته رقية قال: "الحمد لله" وذكره.
3 هو الإمام أبو الحسن؛ أحمد بن محمد بن عبد الله البزي المكي، مقرئ مكة ومؤذن المسجد الحرام، كان أستاذًا محققًا ضابطًا متقنًا، روى عنه ابن قنبل، وتوفي سنة 250هـ.
4 [سورة المؤمنون من الآية: 36] .
5 أي: في غير جمع التصحيح، وما أشبه؛ سواء كان ذلك الغير مفردًا كمسلمة، أو جمع تكسير كغِلمة.
6 أي: بإبدال التاء هاء؛ فرقًا بينها وبين التاء الأصلية.
7 [سورة الدخان الآية: 43] .
8 بيتان من الرجز، لأبي النجم العجلي، الراجز المشهور.
اللغة والإعراب: أنجاك: خلصك مسلمة: علم رجل، ولعله مسلمة بن عبد الملك بن مروان الغلصم: اللحم بين الرأس والعنق، أو الموضع الناتئ في رأس الحلقوم.
"الله" مبتدأ "أنجاك" الجملة خبر "بكفي" متعلق بأنجي مجرور بفتحة مقدرة، منع من ظهروها السكون العارض للوقف نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية.=(4/292)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
= والتأنيث. "مسلمت" مضاف إليه. "من بعد" جار ومجرور متعلق بأنجي "ما" كافة للبعد عن الإضافة، أو مصدرية، وهي ومدخولها في تأويل مصدر مضاف إليه -يبعد- أي: من بعد كون نفوس ... إلخ. "وبعدمت" معطوف عليه للتوكيد وأصله "بعد ما" فأبدلت ألف "ما" المصدرية هاء، ثم الهاء تاء تشبيها لها بهاء التأنيث، فوقف عليها بالتاء، وما بين ذلك توكيدًا أيضًا "أمت" مفعول ثان لتدعى منصوب بفتحة مقدرة، منع منها سكون الوقف، ونائب فاعله يعود إلى الحرة.
المعنى: أن الله سبحانه خلصك من الموت، وما لاقيت من الشدة بيدي هذا الشجاع البطل مسلمة، من بعد ما كانت أرواح القوم على وشك الخروج، وكادت الحرائر أن تسبى وتصبح إماء.
الشاهد: في مسلمت، والغلصمت، وأمة؛ حيث لم تبدل تاء التأنيث في الوقف هاء، بل أبقيت على حالها وفي حكم الوقف على تاء التأنيث، يقول الناظم في إجمال كعهده:
في الوقف "تا" تأنيث الاسم "ها" جعل ... إن لم يكن بساكن صح وصل
وقل ذا في جمع تصحيح، وما ... ضاهي، وغير ذين بالعكس انتمى*
أي: إذا وقف على اسم فيه تاء التأنيث، ولم يكن قبلها ساكن صحيح، بأن كان ما قبلها متحركًا أو ساكنًا معتلا بالألف، وقف عليه بالهاء، وإن كان ما قبلها ساكنًا صحيحا وقف عليه بالتاء ويقل الوقف بالهاء، على جمع التصحيح المؤنث وما يشبهه والأرجح الوقف عليهما بالتاء، أما غيرهما من المفرد وجمع التكسير، فبالعكس.
__________
* "في الوقف" متعلق بجعل. "تا" بالقصر مبتدأ. "تأنيث الاسم" مضاف إليه. "ها" بالقصر مفعول جعل الثاني مقدم. "جعل" نائب فاعلة يعود إلى تاء التأنيث، وهو المفعول الأول, والجملة خبر المبتدأ. "يكن" فعل الشرط مجزوم بلم واسمه يعود إلى تاء التأنيث. "بساكن" متعلق بوصل الواقع خبرًا ليكن. "صح" الجملة صفة لساكن "في جمع تصحيح" في جمع متعلق بقل، وتصحيح مضاف إليه، "وما" اسم موصول معطوف على جمع. "ضاهي" الجملة صلة ما. "وغير" مبتدأ "ذين" مضاف إليه، والإشارة إلى جمع التصحيح ومضاهيه. "بالعكس" متعلق بانتمي الواقع خبرًا عن المبتدأ مضاف إليه والإشارة إلى جمع التصحيح ومضاهيه. "بالعكس" متعلق بانتمي الواقع خبر عن المبتدأ.(4/293)
فصل: ومن خصائص الوقف اجتلاب هاء السكت1، ولها ثلاثة مواضع:
أحدها: الفعل المُعل بحذف آخره، سواء كان الحذف للجزم، نحو: "لم يَغْزه" و"لم يخشه" و"لم يَرمه"، ومنه: {لَمْ يَتَسَنَّهْ} 2، أو لأجل البناء، نحو: "اغزه"، و"اخشه"، و"ارمه"، ومنه: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} 3، والهاء في ذلك كله جائزة، لا واجبة، إلا في مسألة واحدة، وهي أن يكون الفعل قد بقي على حرف واحد؛ كالأمر من "وعى يعي"، فإنك تقول: "عِه"4 قال الناظم: "وكذا إذا بقي على حرفين، أحدهما زائد، نحو: لم يعه". ا. هـ5، وهذا مردود بإجماع المسلمين على وجوب الوقف على
__________
1 وذلك للتوصل إلى بقاء الحركة في الوقف، وسميت بذلك؛ لأنه يسكت عليها دون آخر الكملة.
2 هذا على القول بأنه من السنة، وأن لامه واو محذوفة، وأصله يتسنو، قلبت الواو ألفًا ثم حذفت للجازم فلحقته هاء السكت في الوقف, [سورة البقرة الآية: 259] .
ويرى الحجازيون: أن الهاء في يتسنه أصلية وهي لام الفعل، والفعل، مجزوم بالسكون.
وقيل: أصل "يتسنه" يتسننن بثلاث نونات، من الحمأ المسنون، أبدلت النون الثالثة ألفًا لاجتماع الأمثال، ثم وقف عليه بالهاء، وقيل: إن لام "سنه" هاد، والهاء في "يتسنه" أصلية ومعنى لم يتسنه: لم يتغير الطعام والشراب بمرور السنين.
3 اقتده: فعل أمر من يقتدي، والهاء ساكنة للسكت ومن كسرها فهي ضمير المصدر، وفيها الإشباع وعدمه, [سورة الأنعام من الآية: 90] .
4 أصله: أوعي، حذفت الياء للبناء على الأمر، والواو حملا على المضارع لوقوعها بين ياء مفتوحة وكسرة، ثم حذفت همزة الوصل للاستغناء عنها، وبقيعين الكلمة بعد حذف فائها ولامها ومثلها "فِه"، أمر من الوفاء، و"قِه"، من الوقاية، و"إه" أمر من وأى يئي؛ بمعنى وعد يعد ومثال ما بقى منه الفاء فقط "ره" أصله: أراه، نقلت حركة الهمزة إلى الراء، ثم حذفت، وحذفت همزة الوصل للاستغناء عنها.
5 أي: كلام الناظم في غير الألفية.(4/294)
نحو: {وَلَمْ أَكُ} ، {وَمَنْ تَقِ} 1، بترك الهاء.
الثاني: "ما" الاستفهامية المجرورة، وذلك أنه يجب حذف ألفها إذا جرت2، نحو: "عم، وفيم، ومجيء مَ جئت"3، ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
1 أي: في قوله -تعالى في: {وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} [سورة مريم الآية: 20] ، وفي: {وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ} [سورة غافر الآية: 9] .
وفي هذا الموضع من إلحاق هاء السكت في حالة الوقف يقول الناظم:
وقف بها السكت على الفعل المعل ... بحذف آخر كأعط من سأل
وليس حتما في سوى ما كع أو ... كيع مجزومًا، فراع ما رعوا*
أي: يجوز الوقف بهاء السكت على الفعل الذي حذف آخره للجزم أو للبناء، كقولك في لم يعط: لم يعطه، وفي أعط: أعطه، ولا يلزم ذلك إلا إذا بقي الفعل على حرف واحد، مثل "ع" أمر من وعى، تقول فيه: "عه" أو على حرفين أحدهما زائد مثل "يَع" مجزومًا تقول: لم يعه والصحيح عدم لزومها فيما بقي على حرفين كما أوضح المصنف.
2 سواء جرت بحرف أو بإضافة، وقد مثل لهما المصنف، وبعض العرب لا يحذف ألف ما الاستفهامية، المجرورة، فإذا وقف لا يقف إلا بالألف وقد جاء على هذه اللغة قول حسان:
على ما قام يشتمني لئيم ... كخنزير تمرغ في رماد
ويشترط ألا تركب مع "ذا" وإلا امتنع الحذف؛ نحو: لماذا تسافر؟، على ماذا تلومني؟ وقال الشاطبي: حذف الألف من المجرورة بالاسم، جائز لا واجب.
3 "مجيء" مفعول مقدم لجئت، وقد تقدم على عامله وجوبًا لإضافته لواجب التصدير وهو الاستفهام، والأصل: "جئت مجيء مَ" وهو سؤال عن صفة المجيء، أي: على أي صفة جئت؟
__________
* "بها السكت" بها متعلق بقف والسكت مضاف إليه. "على الفعل" متعلق به كذلك. "المعل" نعت لفعل. "بحذف آخر" متعلق بالمعل ومضاف إليه. "من اسم" موصول مفعول أعط. "سأل" الجملة صلة من. "وليس" اسمها يعود إلى لحاق هاء السكت. "حتما" خبرها. "في سوى" متعلق بحتما. "ما" اسم موصول مضاف إليه, "كع" جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة ما. "أو كيع" عطف عليه "مجزوما" حال من كيع. "فراع" فعل أمر مبني على حذف الياء. "ما" اسم موصول مفعول راع. "رعوا" الجملة صلة ما، والعائد محذوف أي: الذي رعوه.(4/295)
فرقًا بينها وبين "ما" الخبرية1 في مثل "سألت عما سألت عنه" فإذا وقفت عليها، ألحقتها الهاء حفظًا للفتحة، الدالة على الألف، ووجبت إن كان الخافض اسما2، كقولك في "مجيء مَ جئت" و"اقتضاء مَ اقتضى": مجيء مه، واقتضاء مه، وترجحت إن كان حرفًا3، نحو: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} ، وبها قرأ البزي4.
__________
1 تشمل الموصولة كمثال المصنف، والشرطية نحو: بما تسر أسر، والمصدرية، نحو: عجبت مما تشرب؛ فلا يحذف ألف شيء من ذلك ونقل المبرد: أن حذف ألف ما الموصولة بشئت لغة؛ لكثرة الاستعمال؛ يقول كثير من العرب: سل عما شئت.
2 لبقائها على حرف واحد.
3 لأن الجار إذا كان حرفًا كان كالجزء منها فكأنها على حرفين.
4 انظر صفحة 292 وإلى هذا الموضع يشير النام بقوله:
وما" في الاستفهام إن جرت حذف ... ألفها وأولها الها إن تقف
وليس حتما في سوى ما انخفضا ... باسم كقولك اقتضاء م اقتضى
أي: إذا جرت "ما" الاستفهامية، وجب حذف ألفها، فإذا وقف عليها بعد الجار لحقتها هاء السكت، وهذه الهاء غير لازمة إذا كان الجار حرفًا؛ نحو: عمه، وفيمه، وعم، وفيم، والإثبات، أجود. وتجب إن كان الخافض اسمًا؛ نحو: اقتضاء مه".
__________
* "وما "مبتدأ. "في الاستفهام" متعلق بمحذوف نعت لما أي: ما المستعملة في الاستفهام. "جرت" فعل الشرط. "حذف ألفها" الجملة جواب الشرط، وجملتا الشرط وجوابه خبر المبتدأ. "وأولها" فعل أمر مبني على حذف الياء، و"ها" مفعوله الأول. "الها" مفعوله الثاني. "إن تقف" شرط حذف جوابه لدلالة الكلام عليه. "وليس" اسمها يعود على إيلاء ما الاستفهامية الهاء في الوقف. "حتما" خبرها في سوى. "متعلق بحتما" ما اسم موصول مضاف إليه، وجملة "انخفضا" صلة "باسم" متعلق بانخفضا. "كقولك" خبر لمبتدأ محذوف. "اقتضاء" مفعول مطلق تقدم على عامله وجوبًا لإضافته إلى واجب التصدير. "م" اسم استفهام مضاف إليه. "اقتضى" فعل ماض وفاعله. "وهو" أي: اقتضى أي اقتضاء.(4/296)
الثالث: كل مبني على حركة بناء دائمًا، ولم يشعبه المعرب1، وذلك، كياء المتكلم 2، وكَهِي، وهو فيمن فتحهن، وفي التنزيل: {مَا هِيَهْ} ، {مَالِيَهْ} ، {سُلْطَانِيَهْ} 3، وقا الشاعر:
فما إن يقال له من هوهْ
__________
1 القيود ثلاثة، وسيذكر المصنف محترزاتها، فإذا استوفيت جاز إلحاق هاء السكت.
2 الأصل فيها: البناء على الحركة، وسكونها أحيانا عارض للتخفيف.
3 "ما هيه" [سورة القارعة الآية: 10] {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ} ، و {مَالِيَه} و {هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} [سورة الحاقة من الآيتين: 28، 29] {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ} ، {هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} .
4 عجز بيت من المتقارب، لسيدنا حسان بن ثابت الأنصاري -شاعر الرسول- في الفخر، وصدره:
إذا ما ترعرع فينا الغلام
اللغة والإعراب: ترعرع: تحرك ونشأ؛ والمراد: قارب البلوغ, الغلام: الصبي والأنثى غلامة "إذا" شرطية "ما" زائدة بعد إذا "ترعرع" فعل الشرط "فما" الفاء واقع في جواب الشرط. و"ما" نافية "إن" زائدة "من" استفهام مبتدأ "هوه" ضمير منفصل في محل رفع خبر، والهاء للسكت، والجملة نائب فاعل "يقال".
المعنى: إذا بلغ الصبي من الحلم، لا يسأله أحد عن نفسه؛ لأنه يشتهر ويعرف له شأنه وقدره في المجتمع الذي يعيش فيه.
الشاهد: في "هوه" حيث لحقت هاء السكت الضمير؛ لتبقى حركة البناء، وهي الفتحة على حالها؛ كما لحقت "سلطانيه وماليه" على لغة فتح ياء المتكلم.
هذا: وإذا كانت ياء ساكنة؛ فإذا كانت في فعل جاز فيها إثبات الياء ساكنة وهو الأجود، تقول: أكرمني وعلمني. وجاز حذفها وهو حسن؛ لأن قبلها نون الوقاية تدل عليها نحو: أكرمن وعلمن، قال الأعشى:
ومن شانئ كاسف وجهه ... إذا ما انتسبت إليه أنكرن
يريد: أنكرني والشانئ: المبغض.
وإن كانت في اسم نحو: هذا كتابي ومحمد صديقي، لم يجز حذفها عند كثير من
العلماء؛ فلا تقل! هذا كتاب؛ لأن الحذف يوقع في لبس، فلا يدرى، أهو مفرد أو مضاف؟ وأجاز سيبويه ثبوت الباء ساكنة وحذفها؛ لأن اللبس يزول عند الوصل.
وإن كانت في حرف فكذلك، وإن كانت محذوفة في الوصل بقيت على الحذف في الوقف نحو: {يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} [سورة مريم الآية: 16] .(4/297)
ولا تدخل في نحو: "جاء زيد"، لأنه معرب1، ولا في نحو: اضرب"، و"لم يضرب"، لأنه ساكن2، ولا في نحو: "لا رجل" و"يا زيد" و"من قبل ومن بعد" لأن بناءهن عارض3، وشذ قوله:
أرمض من تحت وأضحى من عله
__________
1 أي: بالحركات، وحركة الإعراب تعرف بالعامل فلا تحتاج إلى بيان بهاء السكت، وتلحق المثنى والمجموع على حده؛ تقول: مسلمانَه، ومسلمونَه؛ لأن إعرابهما بالحروف.
2 أي: وهاء السكت إنما تدخل لبيان الحركة.
3 فالحركة فيها شبيهة بحركة الإعراب في العروض؛ لأنها جاءت بسبب شيء يشبه العامل وتزول بزواله، فلا تدخلها هاء السكت، وعلى ذلك لا تدخل اسم "لا"، ولا المنادى المضموم، ولا ما بني من الظروف لقطعه عن الإضافة، كقبل، وبعد، ولا العدد المركب؛ كخمسة عشر؛ لأن حركات هذه الأشياء مشابهة لحركات الإعراب كما بينا.
4 عجز بيت من الرجز، نسبه العيني لأبي ثروان، وقد ورد في أرجوزة منسوبة لأبي الحجنجل، وصدره:
يا رب يوم لي لا أظلله
اللغة والإعراب: لا أظلله, أي: لا أظلل فيه، وقد حذف حرف الجر واتصل الفعل بالضمير نفسه. أرمض: من رمضت قدمه, إذا احترقت بالرمضاء, وهي الأرض شديدة الحرارة، ويقال: أرمضته الرمضاء؛ أي: أحرقته، وأضحى: أتعرض للشمس وقت الضحى.
وفي بناء أرمض، وأضحى للمفعول أو للفاعل؛ بحث طويل في الصبان فارجع إليه إن شئت "يا" حرف تنبيه، أو للنداء، والمنادى محذوف "رب" حرف جر شبيه بالزائد.
"يوم" مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة "لي" جار ومجرور صفة ليوم "لا" نافية "أظله" أظلل فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل أنا، والهاء مفعول ثان على التوسع، أو=(4/298)
فلحقت ما بني بناء عارضًا؛ فإن "عَلُ" من باب "قبل وبعد"، قاله الفارسي والناظم، وفيه بحث مذكور في "باب الإضافة"، ولا في الفعل الماضي، كـ"ضَرَب"، وقَعَد1؛ لمشابهته للمضارع في وقوعه صفة، وخبرًا، وحالًا، وشرطًا.
__________
= مجرور على نزع الخافض، "من" جارة، "تحت" ظرف مبني على الضم لقطعه عن الإضافة، أي: من تحتي، "عله" مبني كذلك على الضم، وألحقت به هاء السكت شذوذًا؛ لأنه غير مبني بناء دائمًا.
المعنى: رب يوم يمر علي لا أنعم فيه بشيء يظللني؛ أعاني ألم الرمضاء في قدمي وحر الشمس وقت الضحى على رأسي.
الشاهد: في قوله: "من عله"؛ حيث لحقت هاء السكت لفظ "عل" وهي مبنية بناء عارضًا، وذلك شاذ, ومن العلماء من قال: إن هذه الهاء ليست هاء السكت ولكنها بدل من الواو التي هي لام الكلمة؛ لأن أصل "عل" علو، فلما أريد الوقوف عليها ردت لامها وقلبت هاء للوقف.
1 أي: لأنه مبني على حركة، وذلك عند سيبويه والجمهور، وجوز بعضهم لحاق الهاء له مطلقًا؛ لأن حركته لازمة، وقيل: إن أمن اللبس بهاء الضمير، نحو: قعده جاز؛ لأن "قعد" لازم فلا يتعدى للمفعول به، حتى تلتبس هاء السكت بضمير المفعول به وإلا فلا، كضربه وإلى هذا الموضع أشار الناظم بقوله:
ووصل ذي الها أجز بكل ما ... حرك تحريك بناء لزما
ووصلها بغير تحريك بنا ... أديم شذ، في المدام استحسنا*
أي: أجز الوقف بهاء السكت على كل متحرك بحركة بناء لازمة لا تشبه حركة الإعراب وشذ وصلها بما حركته بنائية غير دائمة واستحسن إلحاقها بما حركته دائمة, ومعنى المدام "الدائم الملتزم".
__________
* "ووصل" مفعول أجز مقدم. "ذي" اسم إشارة مضاف إليه. "الها" نعت لذي أو بدل. "بكل" متعلق بأجز. "ما" اسم موصول أو نكرة موصوفة مضاف إليه. "حرك" الجملة صلة أو صفة. "تحريك بناء" تحريك مفعول مطلق، وبناء مضاف إليه, "لزما" فاعله يعود على بناء، والألف للإطلاق، والجملة صفة لبناء. "ووصلها" مبتدأ ومضاف إليه. "بغير" متعلق به. "تحريك بنا" مضاف إليه. "أديم" فعل ماض للمجهول، والجملة نعت لتحريك بناء، وجملة "شد" خبر المبتدأ. "في المدام" متعلق باستحسنا، ونائب فاعله يعود إلى وصل هاء السكت.(4/299)
مسألة: قد يعطى الوصل حكم الوقف1، وذلك قليل في الكلام، كثير في الشعر2؛ فمن الأول قراءة غير حمزة والكسائي: {لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ} ، {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ} 3, بإثبات هاء السكت في الدرج4، ومن الثاني قوله:
مثل الحريق وافق القصبّا
__________
1 أي: من إسكان مجرد؛ أو مع الروم، أو مع الإشمام، ومن تضعيف ونقل، ومن اجتلاب هاء السكت.
وقد أشار الناظم، إلى ذلك بقوله:
وربما أعطى لفظ الوصل ما ... للوقف نثرا وفشا منتظما*
أي: قد يعطى الوصل حكم الوقف، وذلك قليل في النثر كما يشير إليه التعبير، بربما، فاش وكثير في النظم.
3 {فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ} [سورة البقرة من الآية: 259] ، {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا} [سورة الأنعام من الآية: 90] .
4 ولهذا ذكر "وانظر" في الآية الأولى، و"قل" في الثانية؛ ليبين الوصل.
5 بيت من مشطور الرجز، لرؤبة بن العجاج، كما في سيبويه، وقيل: لغيره، وذكر النحاة أن قبله:
لقد خشيت أن أرى جديا
والذي في اللسان وغيره، أنه من أبيات هي:
لقد خشيت أن أرى جدبا ... في عامنا ذا بعد ما أخصبا
إن الدبي فوق المتون دبا ... كأنه السيل إذا اسْلَحَبّا
=
__________
* "لفظ" نائب فاعل أعطى، وهو مفعوله الأول، "ما" اسم موصول مفعوله الثاني. "للوقف" متلعق بمحذوف صلة. "نثرًا" منصوب على نزع الخافض، أو حال على التأويل أي: ذا نثير. "منظما" حال من فاعل فشا العائد إلى الإعطاء المفهوم من أعطى.(4/300)
أصله: القصب -بتخفف الباء- فقدر الوقف عليها، فشددها، على حد قولهم في الوقف: "هذا خالدّ" بالتشديد، ثم أتي بحرف الإطلاق، وهو الألف، وبقي تضعيف الباء.
__________
=
أو الحريق وافق القصبا
ومن هذا يتبين: أنه حدث شيء من التغيير والتحريف في النقل ولم يحقق.
اللغة والإعراب: جدبًا: جدبا. الجدب: القحط بانقطاع المطر ويبس في الأرض.
أخصبا: أخصب ونما فيه الزع. الدّبي: أصغر الجراد والنمل، يقال: أرض مُدْببة أي: كيرثهما ومدبية: أكل الدّبى نبتها، المتون: الظهور. جمع متن، والمراد متون الأودية. دبا: مشى مشيا هينا. اسلحبا: امتد وملأ الأودية. والمسلحب: الطريق البين الممتد. الحريق: النار المشتعلة. القصبا: القصب، وهو كل نبات يكون ساقه
أنابيب. وكعوبًا. "جدبا" مفعول أرى "أو الحريق" معطوف على السيل "وافق"
أي: صادف الجملة في محل نصب حال من الحريق "القصبا" مفعول وافق.
المعنى: لقد خفت أن أرى في عامنا هذا قحطا وجدبا بسبب انقطاع المطر، بعدما أخصبت الأرض ونما فيها الزرع؛ فقد مشى الجراد ودبت الحشرات فوق متون الأدوية، وانتشرت؛ كأنها السيل حين يجري، أو الحريق صادف قصبا فأسرع الاشتعال، وامتدت نيرانه.
الشاهد: في اقصبا؛ حيث شدد الباء وضعفها مع وصلها بألف الإطلاق، مع أن التضعيف لا يكون إلا في حالة الوقف، ولكن الشاعر أعطى الوصل حكم الوقف.
هذا: ولم يؤثر الوقف بالنقل عن أحد من القراء إلا ما روي عن أبي عمرو أنه وقف على قوله -تعالى: "وَتَوَاصَوْا بِالصَّبِرْ". بكسر الباء.(4/301)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
الأسئلة والتمرينات:
1 عرف الوقف واذكر أنواعه، وما الذي يقصده النحويون من هذا الباب؟
2 كيف تقف على الاسم المنون، وعلى "إذا"، وعلى تاء التأنيث، على امرأة؟ في قوله -تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ} اشرح ذلك على ضوء ما شرح.
3 ما حكم الوقف على المنقوص والمقصور؟ وضح ذلك بأمثلة في جمل مفيدة.
4 كيف تقف على المتحرك الذي ليس هاء تأنيث؟ وضح الأوجه الجائزة فيه وبين الفرق بين الروم والإشمام، وشروط الوقف بالتضعيف وبالنقل.
5 متى يطرد الوقف بهاء السكت؟ وفيم تجب؟ ولم يؤتى بها؟ وضح بالأمثلة.
6 يستشهد بما يأتي في باب الوقف بين موضع الاستشهاد وحكم الوقف فيه:
قال -تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ, نَارٌ حَامِيَةٌ}
{وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ}
على ما قام يشتمني لئيم ... كخنزير تمرغ في رماد
عجبت والدهر كثير عجبه ... من عنزي سبني لم أضربه
أرتني حِجْلًا على ساقها ... فهش الفؤاد لذاك الحِجِل
7 يقول الشاعر:
الام يقول الناعيان ألامه ... ألا فاندبا أهل الندى والكرامة
في هذا البيت مخالفة لبعض أحكام الوقف. بين سبب تلك المخالفة وكيف توجه ذلك؟
8 قف بما يجوز من أنواع الوقف على ما يأتي:
أ- "ما" في: عم تبحث؟ بمَ تجيب السائل؟ سررت بما سررت به.
وفي قول المرحوم أحمد شوقي شاعر مصر:
إلام الخلف بينكمو إلاما ... وهذى الضجة الكبرى علامًا
ثم أعرب البيت واشرح معناه:
ب- أجيبوا المنادي هل تجيد القوافي؟ لم هذا البطء؟ لم يدع، ولم يخش ولم يأت.=(4/302)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
= علام تسأل؟
جـ- مضارع وأمر الأفعال الآتية، مع وضع كل في جملة مفيدة.
سها. نوى. وعى. دعا. نأى. ولى. اقتدي. وهى. استدعى. أسرى.
9 قال عبد الله بن قيس الرقيات:
بكر العواذل في الصبا ... ح يلمنني وألومهنه
ويقلن شيب قد علا ... ـك وقد كبرت فقلت إنه
لا بد من شيب فد عـ ... ـن ولا تطلن ملامكنه
بين حكم الوقف وطريقته في آخر كل بيت، وزن ما تحته خط مع بيان السبب.
10 يستشهد بعض النحاة في باب الوقف بقول عروة بن حزام الآتي. بين موضع الاستشهاد والقول فيه:
يا رب يا رباه إياك أسل ... عفراء يا رباه من قبل الأجل
فإن عفراء من الدنيا الأمل
ثم قال:
يا مرحباه بحمار عفراء(4/303)
باب: الإمال ة 1
وهي: أن تذهب بالفتحة إلى جهة الكسرة؛ فإن كان بعدها ألف ذهبت إلى جهة الياء، كالفُتَى، وإلا فالممال الفتحة وحدها، كنِعْمَة ويَسْحَر2.
وللإمالة أسباب تقتضيها3، وموانع تعارض تلك الأسباب، وموانع لهذه الموانع تحول بينها وبين المنع.
__________
هذا باب: الإمالة
1 هي في اللغة: مصدر أملت الشيء إمالة، إذا عدلت به إلى الجهة التي هو فيها؛ من مال الشيء، إذا انحرف عن القصد، وفي الاصطلاح: ما ذكره المصنف وشدة الارتباط بين المعنيين واضحة؛ لأن الإمالة عدول بالفتحة أو الألف عن استوائهما، وجنوح بهما إلى الكسرة أو الياء، والغرض الأصلي منها: تناسب الأصوات وتقاربها، وصيرورتها من نمط واحد؛ وذلك أنك إذا نطقت بكلمة "ساجد" مثلا، كان في نطقك بالفتحة والألف تصعد واستعلاء، وبالكسرة بعد انحدار وتسفل، فيكون في الصوت شيء من الاختلاف والتنافر، فإن أميلت الألف قربت من الياء وامتزج بالفتحة طرف من الكسرة، فتقرب منها، وتصبح الأصوات من نمط واحد تقريبًا.
وقد تأتي الإمالة للتنبيه على أصل أو غيره، وسيأتي إيضاح ذلك كله.
والإمالة جائزة لا واجبة، فكل ما يمال يجوز عدم إمالته والرجوع إلى أصله.
وليس هنالك كلمة تمال إلا وفي العرب من يفتحها وهي تكون في الأسماء المتمكنة والأفعال غالبًا، وقد شاعت بين تميم ومن جاورهم من سائر أهل نجد؛ كأسد، وقيس أما أهل الحجاز فيفخمون بالفتح ولا يميلون إلا قليلا.
2 أراد بالمثالين: بيان أنه لا فرق بين أن تكون الفتحة قبل تاء التأنيث، أولا.
هذا: ويرى بعض النحاة أن الممال هو الفتحة وحدها؛ سواء كان بعدها ألف أم لا؛ لأن الألف ليست إلا فتحة؛ غير أنها طويلة في نحو: الفتى، وقصيرة في مثل "نعمة وسحر".
3 أي: تمال لأجلها، وهذه الأسباب قسمان: لفظي، وهو: الياء والكسرة الظاهرتان، ومعنوي، وهو: الدلالة على أحدهما.(4/304)
أما الأسباب فثمانية:
أحدها: كون الألف مبدلة من ياء متطرفة، مثاله في الأسماء: الفتى، والهدى، ومثاله في الأفعال: هدى واشترى1، ولا يمال نحو: ناب مع أن ألفه عن ياء بدليل قولهم: أنياب؛ لعدم التطرف2، وإنما إميل نحو: فَتاة ونَواة، لأن تاء التأنيث في تقدير الانفصال3.
الثاني: كون الياء تخلفها في بعض التصاريف كألف مَلْهَى، وأَرْطى، وحُبْلى، وغزا، فهذه وأشبهها4 تمال، لقولهم في التثنية، مَلْهيان، وأرطيان، وحبليان، وفي الجمع حبليات5، وفي البناء للمفعول: غزي، وعلى هذا، فيشكل قول الناظم: إن إمالة ألف "تلا" في {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا} 6 لمناسبة إمالة ألف {جَلاَّهَا} ، وقوله وقول ابنه: إن إمالة ألف {سَجَى} ، لمناسبة إمالة ألف {قَلَى} ، بل إمالتهما لقولك: قُلِي، وسُجِي7.
__________
1 الدليل على أنه الألف فيها مبدلة من ياء: ردها في المثنى، والإسناد، تقول: الهديان والفتيان، وهديت واشتريت.
2 يجيز بعض العرب إمالته إن كان مجرورًا، تقول: نظرت إلى ناب بالإمالة، وسبب الإمالة هنا كسرة الإعراب.
3 وعلى هذا تكون الألف فيهما مبدلة من ياء متطرفة حكما.
4 أي: مما ألفه زائدة على ثلاثة، سواء كانت بدلا من واو في الاسم كملهى، أو زائدة للإلحاق كأرطى، أو ألفًا مقصورة للتأنيث كحبلى، أو بدلا من الواو في الفعل الثلاثي كغزا، وأمثلة المصنف على هذا الترتيب الذي ذكرناه.
5 وكذلك: ملهيات، وأرطيات.
6 [سورة الشمس الآية: 2] .
7 أي: حيث تخلف الياء فيهما الألف عند البناء للمفعول، فلا حاجة لدعوى التناسب إذا أمكن غيره، وأجيب: بأن ابن مالك ذكر التناسب؛ لأنه سبب متفق عليه بين النحاة والقراء، وهذا لا ينافي وجود سبب آخر للإمالة.(4/305)
ويستثنى من ذلك1 ما رجوعه إلى الياء مختص بلغة شاذة، أو بسبب ممازجة الألف2 لحرف زائد، فالأول، كرجوع ألف "عَصًا"، و"قَفًا" إلى الياء3 في قوله هُذَيل، إذا أضافوهما إلى ياء المتكلم: عَصَي وقَفَي4، والثاني، كرجوعهما إليها إذا صغرا فقيل: عُصَيّة وقُفَي5، أو جمعًا على "فُعول" فقيل: عِصِي وقِفِي6.
__________
1 أي: من السبب الثاني وهو: كون الياء تخلف الألف في بعض التصاريف.
2 أي: مخالطتها ومجاورتها.
3 مع أنها منقلبة عن الواو.
4 أصلهما: عصوي، وقَفَوي، اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمتا، فلا يمالان؛ لأن الألف فيهما لا تعود للياء إلا في لغة شاذة.
5 أصلهما: عُصَيْوة، وقُفُيو، ففعل بهما ما تقدم، وقلبت ياء لمجاورتها ياء التصغير، وهي حرف زائد.
6 أصلهما: عُصُوو، وقُفُوو، على وزن فلوس، قلبت الواو الأخيرة ياء كراهة اجتماع واوين، ثم قلبت الأولى ياء على القاعدة وأدغمتا، وقلبت الضمة الثانية على العين كسرة؛ لتسلم الياء من القلب ثم كسرت فاؤهما اتباعًا لكسرة العين.
وقد أشار الناظم إلى السببين المتقدمين من أسباب الإمالة، بقوله:
الألف المبدل من "يا" في طرف ... أمل، كذا الواقع منه اليا خلف
دون مزيد أو شذوذ، ولما ... تليه ها التأنيث ما الها عدما*
أي: إن الألف المبدلة من ياء واقعة في طرف الاسم أو الفعل تمال، وكذلك إذا ردت الألف إلى الياء في بعض التصاريف؛ كالتثنية أو الجمع، أو الإسناد إلى الضمير لا بسبب زيادة قبل ياء التصغير، أو في لغة شاذة وحكم ما فيه هاء التأنيث حكم ما خلا منها؛ فتمال الألف التي فيها سبب الإمالة، وإن وليتها هاء التأنيث؛ لأنها في حكم الانفصال.
__________
* "الألف" مفعول أمل مقدم. "المبدل" نعته. "من يا" جار ومجرور متعلق بالمبدل. "في طرف" صفة ليا. "كذا" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "الواقع" مبتدأ مؤخر. "منه" متعلق بخلف أو بالواقع. "اليا" فاعل للواقع. "خلف" حال من الياء ووقف عليه السكون على لغة ربيعة. "دون" ظرف متعلق بالواقع أو بخلف. "مزيد"
مضاف إليه. "أو شذوذ" عطف على مزيد. "ولما" جار ومجرور خبر مقدم، وما
اسم موصول، وجملة "تليه" صلة.
"ها" فاعل تليه, "التأنيث" مضاف إليه. "ما" اسم موصول مبتدأ مؤخر على حذف مضاف إليه, "الها" بالقصر مفعول عدم مقدم، وألفه للإطلاق وفاعله يعود على "ما" والجملة صلة.(4/306)
الثالث: كون الألف مبدلة من عين فِعل1 يئول عند إسناده إلى التاء إلى قولك "فِلْت" -بكسر الفاء-2؛ سواء كانت تلك الألف منقلبة عن ياء، نحو: باع وكال، وهاب3، أم عن واو مكسورة، كخاف، وكاد4، ومات في لغة من قال: مت بالكسر، بخلاف نحو: قال، وطال، ومات في لغة الضم5.
__________
1 أما المبدلة من عين اسم، فلا تمال مطلقًا، سواء كانت بدلا عن ياء؛ كعاب وناب، أو عن واو، كتاج وباب.
2 أي: وحذف العين، وذلك حين إسناده إلى تاء الضمير.
3 الألف في كان وباع منقلبة عن ياء مفتوحة, وفي هاب عن ياء مكسورة.
4 الدليل على أن ألفهما منقلبة عن واو: أن مصدرها الخوف والكود.
5 فإن الألف في قال منقلبة عن واو مفتوحة، وفي طال ومات عن مضمومة فهذه لا تمال؛ لأنها تئول عند إسنادها لتاء الضمير إلى "فُلت" بضم الفاء، تقول "فلت" -وطُلت- ومُت، في لغة الضم.
وإلى السبب المتقدم أشار الناظم بقوله:
وهكذا بدل عين الفعل إن ... يؤل إلى "فلت" كماضي خف ودن*
أي: كما تمال الألف المتطرفة على نحو ما سبق، تمال الألف الواقعة بدلا من عين فعل يصير عند إسناده إلى تاء الضمير على وزن "فِلت" بكسر الفاء، سواء كانت العين واوًا، كخاف، أو ياء كدان، فتجوز إمالتهما.
الخلاصة:
أن الألف التي هي عين الفعل، تمال إن كانت عن ياء مفتوحة؛ كدان، أو مكسورة كهاب، أو عن واو مكسورة كخاف؛ فإن كانت عن واو مضمومة كطال، أو مفتوحة كقال، لم تمل.
__________
* "وهكذا" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. "بدل من عين الفعل" بدل مبتدأ مؤخر وما بعده مضاف إليه.
"يؤل" فعل الشرط، وفاعله يعود إلى الفعل، والجواب محذوف، "كماضي" خبر لمبتدأ محذوف، "خف" مضاف إليه. "ودن" عطف عليه مقصود لفظهما، وفي هذا البيت: السبب الثالث من أسباب الإمالة.(4/307)
الرابع: وقوع الألف قبل الياء1، كبايعته وسايرته، وقد أهمله الناظم والأكثرون.
الخامس: وقوعها بعد الياء متصلة، كبيان2، أو منفصلة بحرف كشَيْبان وجادت يداه، أو بحرفين أحدهما الهاء، نحو: دَخلتُ بَيتها3.
السادس: وقوع الألف قبل الكسرة4، نحو: عالم وكاتب.
السابع: وقوعها بعدها5 منفصلة: إما بحرف، نحو: كتاب وسلاح، أو بحرفين، أحدهما هاء6، نحو: يريد أن يضربها، أو ساكن، نحو:......................................
__________
1 بشرط أن تكون متصلة كما مثل المصنف، أو منفصلة بالهاء كشاهين.
2 ومثله: بياع وكيال، بتشديد الياء، بل إن الإمالة مع التشديد أقوى لتكرار السبب، وهو الياء.
3 قيد بعضهم ذلك بألا يفصل بين الياء والهاء بحرف مضموم، نحو: هند استع بيتها، وإلا امتنعت الإمالة، كذلك تمتنع إن كانت الألف منفصلة عن الياء بحرفين ليس أحدهما "هاء"، نحو: ساد الوفاق بيننا، أو بأكثر من حرفين، نحو: عيشتنا راضية، قيل: وإنما اغتفر الفصل بالهاء لخفائها فكأنها غير حاجز:
وفي هذا السبب يقول الناظم:
كذاك تالي الياء والفصل اغتفر ... بحرف أو مع "ها" كجيبها أدر*
أي: كذاك تمال الألف الواقعة بعد الياء، بشرط الاتصال بها، واغتفر الفصل بحرف أو حرفين، أحدهما هاء، نحو؛ الحلة أدر جيبها.
4 سواء كانت الكسرة ظاهرة كما مثل المصنف، أو مقدرة، مثل: حادّ؛ فإن أصله: حادد.
5 أي: وقوع الألف بعد الكسرة.
6 ويشترط أن يكون كلا الحرفين متحركًا، وألا يكون قبل الهاء ضمة؛ فلا يمال نحو: هو يضربها.
__________
* "كذاك" خبر مقدم. "تالي الياء" تالي مبتدأ مؤخر، والياء مضاف إليه. "والفصل واغتفر" مبتدأ وخبر، نائب فاعل اغتفر يعود إلى الفصل. "بحرف" متعلق بالفصل, "أو مع ها" مع معطوف على مقدر، وهاء مضاف إليه، أي: بحرف واحد، أو مع ها. "كجيبها" الكاف جارة لقول محذوف، وجيبها مفعول أدر مقدم، و"ها" مضاف إليه وهذا هو السبب الرابع للإمالة.(4/308)
شِمْلال، وسِرْداح1 أو بهذين2 وبالهاء نحو: دِرْهماك.
الثامن: إرادة التناسب3، وذلك إذا وقعت الألف بعد ألف في كلمتها، أو في كلمة قارنتها قد أميلتا لسبب؛ فالأول: كرأيت عمادًا، وقرأت كتابا4، والثاني: كقراءة أبي عمرو والأخوين: {وَالضُّحِى} ، وبالإمالة مع أن ألفها عن واو الضحوة
__________
1 الشملال: الناقة السريعة، والسرداح: الناقة الطويلة أو الكريمة, أو القوية الشديدة.
2 أي: الحرفين: الساكن، فالمتحرك.
وإلى السببين المتقدمين يشير الناظم بقوله:
كذاك ما يليه كسر أو بلي ... تالي كسر أو سكون قد ولي
كسرًا وفصل الها كلا فصل يعد ... فدرهماك من يمله لم يصد*
أي: كذلك تمال الألف إذا وليتها كسرة نحو: عالم، أو وقعت بعد حرف يلي كسرة نحو: كتاب، أو بعد حرفين وَلِيَا كسرة وأولهما ساكن نحو: شملال، ولا يضر الفصل بين الحرفين بالهاء، نحو: هذان درهماك.
3 أي: التوافق والتماثل بين الكلمة وأخرى ممالة لسبب من الأسباب المتقدمة وإنما يلجأ إليه إن لم يكن هنالك سبب آخر غيره؛ ولهذا يسمى الإمالة للإمالة، أو لمجاورة الممال، وهو أضعف أسباب الإمالة.
4 فإن الألف الثانية فيهما المنقلبة من التنوين، ممالة لمناسبة الألف الأولى التي أميلت؛ لوقوعها بعد كسرة في كلمتها فصل بينهما بحرف واحد.
__________
* "كذاك" خبر مقدم. "ما" اسم موصول مبتدأ مؤخر. "يليه كسر" الجملة من الفعل والفاعل والمفعول صلة.
"تالي" مفعول بلى. "كسر" مضاف إليه. "أو سكون" عطف على كسر. "كسرًا" مفعول ولي، والجملة نعت لسكون. "وفصل الها" مبتدأ ومضاف إليه, "كلا فصل" متعلق ببعد الواقع خبرًا عن المبتدأ، ونائب فاعل بعد يعود على فصل الهاء، "فدرهماك" الفاء للتفريع، ودرهماك مبتدأ أو مضاف إلى الكاف. "من" اسم شرط مبتدأ ثان. "يمله" فعل الشرط. "لم يصد" جواب الشرط، والجملة خبر من، وجملة المبتدأ الثاني، وخبره خبر الأول.(4/309)
لمناسبة {سَجَى} و {قَلَى} وما بعدهما1.
وأما الموانع فثمانية أيضًا، وهي: الراء وأحرف الاستعلاء السبعة2، وهي: الخاء، والغين المعجمتان، والصاد، والضاد، والطاء والظاء والقاف3.
وشرط المنع بالراء أمران: كونها غير مكسورة4، واتصالها بالألف5: إما قبلها،
__________
1 وعلى هذا فلا يشترط في الإمالة للتناسب ورعاية الفواصل: أن يكون الممال الأصلي سابقًا على الممال للتناسب. "الآيات الثلاثة، من أول سورة الضحى".
هذا: ويرجع الأول والثاني والثالث من الأسباب؛ إلى القسم المعنوي؛ فإن الأول والثاني يدلان على الياء، والثالث يدل على الكسرة، أما باقي الأسباب ما عدا الثامن فترجع إلى القسم اللفظي. والثامن يرجع إلى ما سبب أميل لأجله.
ويشير الناظم إلى السبب الثامن بقوله:
وقد أمالوا لتناسب بلا ... داع سواه كعمادا وتلا*
أي: تمال الألف الخالية من سبب الإمالة؛ لمناسبة ألف قبلها مشتملة على سبب الإمالة، إن لم يكن هنالك سبب سواه؛ كإمالة الألف الثانية من "عمادًا، وتلا"؛ لمناسبة الألف الممالة قبلهما.
2 علة منعها الإمالة -كما يقول النحاة: طلب تجانس الصوت؛ ذلك لأن هذه الأحرف تستعلي إلى الحنك، وإمالة الألف في صاعد وانحدارها بعد ذلك، أو في هابط وصعودها بعد، فيه مشقة؛ فمنعت الإمالة لذلك، أما الراء فإنه وإن لم يكن فيها استعلاء؛ إلا أنها قابلة للتكرار إذا شددت، فكأنها أكثر من حرف واحد فأشبهت المستعلية، بل قيل: إنها أشد في المنع.
3 هي الحروف التي في أوائل كلمات هذه العبارة "قد صاد ضرار غلام خالي طلحة ظليمًا"، والظليم: ذكر النعام أو هي حروف "خص ضغط قظ".
4 أما المكسورة فسيأتي أنها تمنع المانع.
5 ويشترط ألا يجاور الألف راء أخرى، وإلا لم تمنع الإمالة، نحو قوله -تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} [سورة الانفطار الآية: 13] , و [سورة المطففين الآية: 22] .
__________
* "لتناسب بلا داع" متعلقان بأمالوا. "سواه" نعت لداع, والهاء مضاف إليه. "كعمادا" خبر لمبتدأ محذوف. "وتلا" معطوف عليه, وكلاهما مقصود لفظه.(4/310)
نحو: فراش، وراشد، أو بعدها، نحو: هذا حمار، ورأيت حمارًا، وبعضم يجعل المؤخرة المفصولة بحرف نحو: "هذا كافر" كالمتصلة1.
وشرط الاستعلاء المتقدم على الألف أن يتصل بها، نحو: صالح، وضامن، وطالب، وظالم، وغالب، وخالد، وقاسم، أو ينفصل بحرف، نحو: غنائم، إلا إن كان مكسورًا2، نحو: طِلاب، وغِلاب3، وخِيام، وصِيام؛ فإن أهل الإمالة يميلونه4، وكذلك الساكن بعد كسرة5، نحو: مِِصْباح، وإصلاح، ومِطْواع، ومِقْلاة 6 وهي التي لا يعيش لها ولد, ومن العرب من لا ينزل هذا منزلة المكسور7.
وشرط المؤخر عنها كونه: إما متصلا، كساخر، وحاطب8، وحاظل9، وناقف10، أو منفصلا بحرف، كنافق11، ونافخ، وناعق، وبالغ، أو بحرفين،.....................
__________
1 أي: في منع الإمالة.
2 هذا استثناء من الاستعلاء المنفصل بحرف؛ إذ المكسور قبل المتصل متعذر، لأن متلو الألف لا يكون إلا مفتوحًا.
3 هما مصدران لطالب؛ أي: طلب بحق، وغالب، أي: قهر.
4 لأن حرف الاستعلاء المكسور لا يمنع الإمالة.
5 فإنه لا يمنع الإمالة أيضًا؛ لأن الكسرة لما جاورته وهو ساكن قدر اتصالها به، فنزل ذلك منزلة المكسورة.
6 هي بالتاء الفوقية: الناقة تضع واحدًا ثم لا تحمل والمرأة لا يعيش لها ولد.
7 أي: لا يجعل الساكن بعد كسرة مثل المكسور، فيمنع الإمالة فيه لأجل حرف الاستعلاء.
8 من حطب، إذا جمع الحطب.
9 من حظل عليه، إذا منعه من التصرف والحركة والمشي.
10 اسم فاعل من نقف رأسه، إذا ضربه عليها حتى يخرج دماغه، أو من نقف الرمانة إذا قشرها ليستخرج حبها، والنقف: كسر الهامة.
11 اسم فاعل أيضًا من نفَق البيع نفاقًا إذا راج، والسوق إذا قامت، والرجل والدابة نفوقًا، إذا ماتا، والجرح، إذا تقشر.(4/311)
كمواثيق ومناشط1، وبعضهم يميل هذا لتراخي الاستعلاء.
وشرط الإمالة التي يكفها المانع: أن لا يكون سببها كسرة مقدرة2 ولا ياء مقدرة3؛ فإن السبب المقدر هنا لكونه موجودًا في نفس الألف أقوى من الظاهر؛ لأنه إما متقدم عليها4، أو متأخر عنها5، فمن ثم أميل، نحو: خاف وطاب6 وحاق وزاغ 7.
__________
1 جمع منشاط، صيغة مبالغة من نَشِط إذا جد وطابت نفسه للعمل وغيره.
2 وذلك مثل "خاف" فإن ألفه منقلبة من واو مكسورة، وسبب الإمالة الكسرة المقدرة في الواو المنقلبة أيضًا.
3 مثل "طاب"؛ فإن ألفه منقلبة عن ياء هي سبب الإمالة.
4 أي: على الألف؛ كالكسرة في كتاب، والياء في بيان مثلا.
5 أي: عن الألف نحو: غانم وبايع.
6 أي: مع تقدم حرف الاستعلاء.
7 أي: مع تأخر حرف الاستعلاء؛ لأن السبب مقدر في نفس الألف، فهو أقوى من الاثنين.
وفيما تقدم من موانع الإمالة يقول الناظم:
وحرف الاستعلا يكف مظهرًا ... من كسر أو يا، وكذا تكف را
إن كان ما يكف بعد متصل ... أو بعد حرف أو بحرفين فصل
كذا إذا قدم ما لم ينكسر ... أو يسكن إثر الكسر كالمطواع مِر*
=
__________
* "وحرف الاستعلاء" حرف مبتدأ، والاستعلاء مضاف إليه. "يكف" الجملة خبر المبتدأ. "مظهر" مفعول يكف.
"من كسر أو يا" كلاهما بيان لمظهرا. "وكذا" متعلق بتكف بعد "را" بالقصر فاعل تكف. "كان" فعل الشرط.
"ما" اسم موصول اسمها، وجملة "يكف" صلة. "بعد" ظرف متعلق بمحذوف حال من ما. "متصل" خبر كان، ووقف عليه بالسكون على لغة ربيعة. "أو بعد" معطوف على بعد السابق، وحرف مضاف إليه. "أو بحرفين" متعلق بفصل. " كذا" متعلق بمحذوف يدل عليه ما قبله؛ أي: يمال كذا. "وإذا" ظرف خال من
معنى الشرط مضاف إلى جملة "قدم" ونائب فاعل قدم يعود إلى المانع. "ما" مصدرية ظرفية. "ينكسر" فعل مضارع فاعله يعود إلى المانع أيضًا. "أو يسكن" معطوف على ينكسر. "إثر الكسر" إثر ظرف متعلق بيسكن، والكسر مضاف إليه.
"كالمطواع" الكاف جارة لقول محذوف، والمطواع أي: المطيع مفعول مقدم لمر، "مر" فعل أمر من ماره أي: أطعمه، والميرة: الطعام.(4/312)
مسألة: يؤثر مانع الإمالة إن كان منفصلا1، ولا يؤثر سببها إلا متصلا؛ فلا يمال نحو: "أتى قاسم" لوجود القاف2، ولا "لزيد مال"، لانفصال السبب.
هذا ملخص كلام الناظم وابنه3، وعليها اعتراض من وجهين:
أحدهما: أنهما مثلا بـ"أتى قاسم" مع اعترافهما بأن الياء المقدرة لا يؤثر فيها المانع4، والاستعلاء في هذا النوع لو اتصل لم يؤثر، والمثال الجيد: "كتاب قاسم"5.
__________
= أي: إن حروف الاستعلاء السبع التي ذكرها المصنف تمنع الإمالة؛ إذا كان سببها كسرة ظاهرة، أو ياء موجودة على النحو الذي شرح وكذلك تمنع الإمالة الراء غير المكسورة، وذلك إذا وقع كل بعد الألف؛ متصلا بها، أو مفصولا بحرف أو بحرفين، وكذلك يمنع الإمالة حرف الاستعلاء المتقدم؛ ما لم يكن مكسورًا، أو ساكنًا إثر كسرة؛ فلا إمالة في نحو: طالب وصالح، بخلاف نحو: طلاب وإصلاح ومطواع.
1 أي: بأن كان في كلمة أخرى مستقلة بنفسها، سواء كان متصلا بالألف، أو مفصولا منها بحرف أو بحرفين كما تقدم.
والعلة في ذلك: أن عدم الإمالة هو الأصل فيصار إليه بأدنى سبب.
2 وهي حرف استعلاء وإن كانت منفصلة عن الألف في كلمة أخرى.
3 أي: في شرحي الكافية والخلاصة، ويقول الناظم في الألفية:
ولا تمل لسبب لم يتصل ... والكف قد يوجبه ما ينفصل*
أي: إن سبب الإمالة لا يؤثر إذا كان غير متصل؛ بأن كان منفصلًا، أما الكف -أي: سبب المنع- فقد يؤثر منفصلا، والمراد بالانفصال في الموضعين: كونهما في كلمة أخرى مستقلة.
4 لأن شرط الإمالة التي يكفها المانع: ألا يكون سببها ياء مقدرة، وألف "أتى" منقلبة عن الياء.
5 فإن سبب الإمالة هنا الكسرة الظاهرة، فيكفها المانع وإن كان منفصلا.
__________
1 "ولا" ناهية. "لسبب" متعلق بتمل المجرور بلا. "لم يتصل" الجملة في محل جر نعت لسبب. "والكف" مبتدأ.
"قد" حرف تحقيق. "يوجبه" فعل مضارع ومفعول. "ما" اسم موصول فاعل يوجب، والجملة خبر المبتدأ وهو الكف وجملة "ينفصل" صلة ما.(4/313)
الثاني: أن نصوص النحويين مخالفة لما ذكرا من الحكمين1.
قال ابن عصفور في مُقرِّبه2 بعد أن ذكر أسباب الإمالة ما نصه: "وسواء كانت الكسرة متصلة أم منفصلة، نحو: "لِزيد مال" إلا أن إمالة المتصلة كائنة ما كانت أقوى".
وقال أيضًا: "وإذا كان حرف الاستعلاء منفصلًا عن الكلمة لم يمنع الإمالة إلا فيما أميل لكسرة عارضة، نحو: "بمال قاسم" 3، أو فيما أميل من الألفات التي هي صلات الضمائر4، نحو: "أراد أن يعرفها قبل""5 ا, هـ، ولولا ما في شرح الكافية6 لحملت قوله في النظم:
والكف قد يوجبه ما ينفصل
على هاتين الصورتين7 لإشعار "قد يفعل"8 في عرف المصنفين؛ بالتقليل
__________
1 أي: المذكورين قبل في "مسألة"، وهما: تأثير مانع الإمالة إن كان منفصلا، وعدم تأثير السبب إلا متصلا.
2 المقرب: كتاب مختصر في النحو والصرف من جزء واحد، منه نسختان مخطوطتان بدار الكتب المصرية.
قال المؤلف في مقدمته: "لقد وضعت كتابًا صغير الحجم مقربا للفهم وقفت فيه من علم النحو على شرائعه، وملكت عصيه وطائعه، وذللته للفهم بحسن الترتيب، وكثرة التهذيب لألفاظه والتقريب، حتى صار معناه إلى القلب أسرع من لفظه إلى السمع".
3 فإن الكسرة فيه عارضة بسبب دخول عامل الجر.
4 لأن الضمير مع ما قلبه كجزء من الكلمة، وهما كالكلمة الواحدة.
5 فلا تمال الألف في "يعرفها" لأن القاف بعدهما مانعة من الإمالة وإن انفصلت.
6 أي: من قوله: إن سبب المنع قد يؤثر منفصلًا؛ فيقال: أتى أحمد بالإمالة، وأتى قاسم بتركها.
7 أي: المذكورتين في كلام ابن عصفور في المقرب، وهما: ما أميل للكرة العارضة، وما أميل من الألفات التي هي صلات للضمائر.
8 أي: في قول الناظم: "والكف قد يوجبه ما ينفصل" وقيل: إنما في شرح الكافي لا يمنع صحة حمل كلام الناظم هنا على الصورتين؛ لجواز أن يكون رأيه هنا مخالفًا لما في شرح الكافية، وما ذكر من كلام ابن عصفور لا ينهض حجة عليه، ولا يقتضي أن نصوص النحويين خلاف ما قاله، وعلى ذلك فلا اعتراض ولا مؤاخذة على الناظم.(4/314)
وأما مانع المانع: فهو الراء المكسورة المجاورة1؛ فإنها تمنع المُسْتعلِي والراء، أن يمنعا2، ولهذا أميل: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ} 3، {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} 4، مع وجود الصاد والغين، و {إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ} 5، مع وجود الراء المفتوحة، و {دَارُ الْقَرَارِ} 6، مع وجودهم7، وبعضهم يجعل المنفصلة بحرف كالمتصلة8، سمع سيبويه الإمالة في قوله:
عسى الله يغني عن بلاد ابن قادر
__________
1 أي: الواقعة بعد الألف.
2 ذلك لأن الراء حرف تكرير فهي بمنزلة حرفين مكسورين، فقوّت بذلك جانب الإمالة.
وهذا إذا تأخرت عن الألف، فإن تقدمت عليها لم تؤثر، كما في قوله -تعالى: {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} فلم يمله أحد من القراء؛ لئلا يلزم التصعد بعد التسفل.
3 [سورة البقرة من الآية: 7] .
4 [سورة التوبة الآية: 40] .
5 [سورة المطففين الآية: 18] .
6 [سورة غافر الآية: 39] .
7 أي: القاف المستعلية والراء المفتوحة، وكلاهما مانع من الإمالة.
8 أي: في أنها تمنع المانع.
9 صدر بيت من الطويل، لهدبة بن خشرم العذري؛ يهجو رجلا من بني نمير بن قادر، وقيل: لغيره، وعجزه:
بمنهمر جَوْنِ الرَّباب سَكُوب
اللغة والإعراب: قادر: اسم رجل. منهمر: مطر كثير، يقال: انهمل المطر وانهمر؛ أي: نزل بشدة وتتابع نزوله. جون: أسود، ويطلق أيضًا! على الأبيض فهو من الأضداد.
الرباب: السحاب الأبيض، واحدته بهاء، سكوب: منصب، من سكب الماء، إذا صبه.=(4/315)
فصل: تمال الفتحة قبل حرف من ثلاثة:
أحدها: الألف، وقد مضت، وشرطها أن لا تكون في حرف، ولا في اسم يشبهه1، فلا تمال "إلا" لأجل الكسرة، ولا نحو: "على" للرجوع إلى الياء في نحو: "عليك"، "وعليه" ولا "إلى" لاجتماع الأمرين فيها ويستثنى من ذلك: "ها" و"نا"2.
__________
= "الله" اسم عسى. "يغني" الجملة في محل نصب خبر "عن بلاد ابن قادر" جار ومجرور ومضاف إليه متعلق بيغني "بمنهمر" متعلق أيضًا بيغني: "جون الرباب" جون بدل من منهمر والرباب مضاف إليه. "سكوب" نعت لمنهمر.
المعنى: يطلب من الله تعالى ويرجوه أن ينزل المطر الكثير؛ فيعم الأرض ويكون الخصب والخير العميم؛ ليستغني عن بلاد ابن قادر ويرحل عنها.
الشاهد: إمالة "قادر" مع وجود الفاصل بين الألف والراء المكسورة بحرف، وقد سمع ذلك سيبويه عن العرب وفيه شاهد آخر وهو: مجيء خبر "عسى" فعلا مضارعًا غير مقترن بأن المصدرية، وذلك نادر، والكثير اقترانه بها.
هذا: ومحل كف الراء المكسورة حرف الاستعلاء؛ إذا تقدم على الألف؛ فإن تأخر عنها لم تكف إلى ما تقدم يشير الناظم بقوله:
وكف مستعل ورا ينكف ... بكسر راء كغارما لا أجفو*
أي: إن حرف الاستعلاء والراء غير المكسورة، إذا وجدت معهما الراء المكسورة كفتهما وأميلت الألف لأجلها، مثل: لا أجفو غارمًا.
1 وذلك لأن الإمالة نوع من التصرف، وهو لا يدخل الحرف ولا ما يشبهه إلا ما استثنى مما سيأتي، فالإمالة من خواص الأفعال والأسماء المتمكنة.
2 المراد: "ها" التي هي ضمير الغائبة؛ لا "ها" التنبيه، و"نا" ضمير المتكلم المعظم لنفسه، أو ومعه غيره.
__________
* "وكف مستعل" كف مبتدأ ومستعل مضاف إليه. "ورا" بالقصر والتنوين معطوف على مستعل. "ينكف" فعل مضارع فاعله يعود إلى كف مستعل، والجملة خبر المبتدأ، "بكسر را" بكسر متعلق بينكف ورا مضاف إليه.
"كغارما" الكاف جارة لقول محذوف وغارمًا مفعول أجفو مقدم.(4/316)
خاصة؛ فإنهم طردوا الإمالة فيهما1، فقالوا: "مر بنا وبها"، و"نظر إلينا وإليها"2، وأما إمالتهم "أنّى ومتى"3، و"بلى" و"لا"4؛ في قولهم: "افعل هذا إما لا" فشاذ من وجهين: عدم التمكن5، وانتفاء السبب6.
الثاني: الراء، بشرط كونها مكسورة، وكون الفتحة في غير ياء7،....................
__________
1 بشرط أن يكون قبلهما كسرة أو ياء، كما مثل المصنف؛ وذلك لكثرة استعمالها، ومع اطراد الإمالة فيهما, فهما من قسم المسموع.
2 أي: بالإمالة؛ لوقوع الألف مسبوقة بالكسرة، أو الياء مفصولة بحرف.
3 أي: من الأسماء المبنية، ومثلهما: "ذا" الإشارية.
4 الأولى حرف جواب، والثانية حرف نفي، لا للجواب، خلافًا لقطرب الذي يجيز إمالة "لا" الجوابية أيضًا، لكونها مستقلة في الجواب، ومثلهما: "يا" النداية.
5 أي: لأنها مبنية.
6 أي: المجوز للإمالة؛ لأن الألف في المبني أصلية وغير منقلبة عن شيء، وليست قبلها كسرة, والذي سهل إمالة هذه الأحرف أنها نائبة عن الجمل؛ لأنها تفيد معنى مفهومًا مستقلة عن غيرها، فأصبح لها مزية على غيرها وهذا التعليل ظاهر في غير "أنّى ومتى" وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله:
ولا تمل ما لم ينل تمكنا ... دون سماع غير "ها" وغير "نا"*
أي: لا تمل غير المتمكن إلا سماعًا، ما عدا، "ها" و"نا"؛ فإنهما يمالان باطراد لكثرة استعمالهما؛ إذا كان قبلهما كسرة أو ياء كما تقدم، وقد علمت أن هذا لا يمنع الاقتصار على المسموع هذا: وتمال "ها" و"طا"، "را" و"حا" في فواتح السور؛ للفرق بين الاسم والحرف؛ لأنهما أسماء ما يلفظ به من الأصوات المنقطعة في مخارج الحروف؛ لا حروف وكذلك تمال حروف المعجم مثل: "با، وتا، وثا" إلخ.
7 سواء كانت بعد ذلك في حرف استعلاء؛ نحو: من البقر، أو في راء نحو: قوله -تعالى: {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ} , أو في غيرهما؛ نحو: {إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ} .
__________
* "ما" اسم موصول مفعول تمل. "لم ينل تمكنا" الجملة صلة ما، وتمكنا مفعول ينل. "دون" ظرف متعلق بتمل. "سماع" مضاف إليه. "غير" منصوب على الحال أو على الاستثناء. "هاء" مضاف إليه، "وغير" معطوف على غير الأولى. "نا"
مضاف إليه.(4/317)
وكونهما1، متصلتين، نحو: "من الكِبر" أو منفصلتين بساكن غير ياء نحو: "من عمرو" بخلاف نحو: "أعوذ بالله من الغِيَر، ومن قبح السِّير2، ومن غيرك"3.
واشترط الناظم تطرف الراء مردود4 بنص سيبويه على إمالتهم فتحة الطاء من قولك: "رأيت خَبَطَ رِياح"5.
__________
1 أي: الفتحة والراء.
2 فلا تمال الفتحة فيهما؛ لأنها على الياء والغير جمع غيرة، وهي أحوال الدهر وأحداثه المتغيرة، والسير: جمع سيرة، وهي السنة والطريقة.
3 لأن الفصل فيه بياء ساكنة ويغتفر أيضًا الفصل بين الفتحة والراء بحرف مكسور؛ فيمال نحو: "أشر" ويشترط ألا يكون بعد الراء المكسورة حرف استعلاء، نحو: من المشرق؛ فإنه مانع من الإمالة؛ كما نص على ذلك سيبويه.
4 قد يجاب عن الناظم بأنه خص الطرف بالنظر للغالب؛ لا لأنه لازم وسكت عن غيره، ولا يلزم من السكوت عن الشيء نفيه.
5 قال الصبان: لعله بفتح الخاء والباء؛ أي: ورقًا نفضته الرياح من الشجر، والذي في اللسان، خبط الشجرة شدها ثم ضربها بالعصا ونفض ورقها منها، والخبط: ضرب ورق الشجر حتى ينحات عنه، ثم يستخلف من غير أن يضرب ذلك بأصل الشجرة، وعن الليث، الخبط: خَبط ورق العضاه من الطلح ونحوه؛ يخبط بالعصا فيتناثر ثم تعلف به الإبل.
ومن هذا يتبين: أنه يجوز سكون الباء وفتحها، ويؤخذ من الإمالة في هذا المثال: أنه لا يشترط في إمالة الفتحة بكسر راء بعدها، كونهما في كلمة واحدة وفي إمالة الفتحة قبل الراء، يقول الناظم:
والفتح قبل كسر راء في طرف ... أمل كللأيسر مل تكف الكلف*
أي: أمل الفتحة قبل الراء المكسورة بالشروط التي أوضحها المصنف وصلا ووقفًَا، وهي تكون في الطرف غالبًا، نحو: مل للزمر الأيسر تكف المشقة.
__________
* "والفتح" مفعول أمل مقدم. "قبل" ظرف متعلق به. "كسر راء" مضاف إليه "في طرف" جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لراء, "كالأيسر" الكاف جارة لقول محذوف. "وللأيسر" متعلق بمل. "تكف" فعل مضارع للمجهول مجزوم في جواب الأمر، ومفعوله الأول نائب فاعله المستتر فيه، "الكلف" مفعوله الثاني.(4/318)
الثالث: هاء التأنيث1، وإنما يكون هذا في الوقف خاصة، كرحمة ونعمة؛ لأنهم2 شبهوا التأنيث بألفه لاتفاقهما: في المخرج3، والمعنى4، والزيادة5، والتطرف، والاختصاص بالأسماء، وعن الكسائي إمالة هاء السكت أيضًا نحو: {كِتَابِيَهْ} ، والصحيح المنع، خلافًا لثعلب وابن الأنباري.
__________
1 ومثلها: هاء المبالغة، نحو: علامة؛ لأنها في الأصل هاء تأنيث أما هاء السكت، نحو: "كتابيه" فلا تمال الفتحة قبلها على الراجح، وكذلك لا تمال الفتحة قبل تا التأنيث التي لا تقلب هاء، كرحمة عند من يقف عليها بالتاء، ولا قبل التاء المتصلة بالفعل، كقامت.
2 بيان لسبب إمالة الفتحة قبل الهاء مع أنها ليست من أسباب الإمالة.
3 لأن كلا يخرج من أقصى الحلق.
4 لأنهما يدلان على التأنيث.
5 أي: على أصول الكلمة.
وقد أشار الناظم إلى إمالة الفتحة قبل الهاء، بقوله:
كذا الذي تليه "ها" التأنيث في ... وقف إذا ما كان غير ألف*
أي: كذلك تمال الفتحة قبل هاء التأنيث في حالة الوقف؛ بشرط ألا يكون قبل الهاء ألف؛ نحو: الصلاة والحياة؛ فإنها لا تمال. قال الأشموني: إنه لا وجه لاستثناء الألف؛ لأن الضمير في تليه راجع للفتح وليس للحرف الذي تليه الهاء ولعله فعل ذلك لدفع توهم أن الهاء تسوغ إمالة الألف كما سوغت إمالة الفتحة.
__________
* "كذا" جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم. "الذي" مبتدأ مؤخر. "هاء التأنيث" ها فاعل تليه والتأنيث مضاف إليه، والجملة صلة الذي. "في وقف" متعلق بتليه. "إذا" ظرف فيه معنى الشرط. "ما" زائدة. "كان" اسمها يعود إلى الذي تليه هاء التأنيث، "غير ألف" غير خبرها وألف مضاف إليه.(4/319)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
الأسئلة والتمرينات:
1 عرف الإمالة، وبين الغرض منها، وحكمها، ومن هم أصحابها؟
2 ما الذي تدخله الإمالة من أنواع الكلمة؟ اشرح ذلك، ومثل لما تقول.
3 اذكر أربعة من أسباب الإمالة، ومثلها من الموانع، مع الإيضاح بالتمثيل.
4 متى تمال الفتحة؟ وما شرط إمالتها قبل الراء؟ اشرح ذلك، موضحًا بالأمثلة.
5 اشرح قول ابن مالك:
وكف مستعل ورا ينكف ... بكسر را كغارما لا أجفو
وبين على ضوئه حكم الألف في قوله -تعالى: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} ، {وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} .
6 بين ما تجوز إمالته، وما لا تجوز؛ مع ذكر السبب، والمانع فيما يأتي:
قال -تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى, فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} ، {قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ} {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} .
في الأمثال: "إن العصا من العصية، ولا تلد الحية إلا حية". بئس الجار من الأشرار، وأنعم بجوار الأخيار الأبرار, المال مال الله، والخلق عياله، فالويل لمن بالغ في الضرر وبخل بماله على عياله, لقد كان أبو بكر نسابة في العرب، وكان يأخذ الناس بالأيسر في كل أمر ويحيد بهم عن الضرر ما استطاع إلى ذلك, سبيلا ستمر بنا أزمات، فيجب أن تنذرع بالصبر حت نقضي عليها والله مع الصابرين.(4/320)
باب: التصري ف 1
وهو: تغير في بنية الكلمة2 لغرض معنوي أو لفظي؛ فالأول: كتغيير المفرد إلى التثنية والجمع، وتغيير المصدر إلى الفعل والوصف3، والثاني: كتغيير قول وغزو إلى قال وغزا 4، ولهذين التغييرين أحكام كالصحة والإعلال، وتسمى تلك الأحكام: علم التصريف5، ولا يدخل التصريف في الحروف، ولا فيما أشبهها وهي الأسماء
__________
باب: التصريف
1 يقولون: إن التصريف في اللغة معناه مطلق التغيير، وفي القاموس: التصريف في الكلام: اشتقاق بعضه من بعض، وفي الرياج: تحويلها من وجه إلى وجه، وفي الاصطلاح ما ذكره المصنف.
2 أي في صيغتها التي حقها أن تكون عليها حالة الإفراد؛ وذلك لإظهار ما في حروفها؛ من أصالة، أو زيادة أو حذف، أو صحة، أو إعلال، أو إبدال.
3 وكالتكسير والتصغير، وقد سبق الكلام على هذا النوع.
4 وهذا التغيير يكاد بنحصر في القلب والإبدال، والحذف، والإدغام، والزيادة والنقل، وهو المقصود هنا.
5 وذلك لما فيها من التغيير والتحول من حال إلى حال، وعلى هذا يتضح التعريف الإصلاحي الوافي للتصريف، وهو: أنه علم يبحث عن أحكام بنية الكلمة العربية، بما لحروفها من أصالة وزيادة، وصحة وإعلال ونحو ذلك، وبما يعرض لآخرها من وقف أو غيره؛ مما ليس بإعراب أو بناء، ويكون التصريف في الأسماء المتمكنة، والأفعال المتصرفة في اللغة العربية، ولا يدخل الأسماء الأعجمية، ولا يتعلق بالحروف وأشباهها، وفي ذلك يقول الناظم:
حرف وشبهه من الصرف بري ... وما سوهما بتصريف حري
__________
1 "وحرف " مبتدأ "وشبه" عطف عليه، والهاء مضاف إليه "من الصرف" متعلق ببري الواقع خبرًا عن المبتدأ وما عطف عليه، وح ذلك لأن بري على زنة فعيل، وهي يخبر بها عن الواحد والمتعدد، "وما: اسم موصول مبتدأ "سواهما" سوى ظرف وهما مضاف إليه متعلق بمحذوف صلة "بتصريف: متعلق بجري الواقع خبرًا عن المبتدأ وأصله حري بالتشديد فخفف للضرورة.(4/321)
المتوغلة في البناء1 والأفعال الجامدة2؛ فلذلك لا يدخل فيما كان على حرف أو حرفين؛ إذ لا يكون كذلك إلا الحرف كباء الجر ولامه، وقَد, وبَل، وما أشبه الحرف كتاء قمت، و"نا" من قمنا، وأما ما وضع على أكثر من حرفين ثم حذف بعضه، فيدخله التصريف، نحو: يد ودم في الأسماء، ونحو: "قِ زيدًا"، و"قم"، و"بع" في الأفعال3.
فصل: ينقسم الاسم4 إلى مجرد من الزوائد، وأقله الثلاثي5 كرجل، وغايته
__________
1 مثل الضمائر، وأسماء الاستفهام والشرط، والموصولات، وأسماء الإشارة، وأسماء الأفعال، وما ورد من تصغير بعض أسماء الإشارة والأسماء الموصولة فشاذ.
2 أي: التي لا تختلف أبنيتها باختلاف الأزمنة، مثل: نعم، وبئس، وعسى، وليس؛ وذلك لأنها أشبهت الحروف في الجمود والبناء.
3 وقس على ذلك ما أشبهه وفيما تقدم يقول الناظم:
ولي أدنى من ثلاثي يرى ... قابل تصريف سوى ما غُيّرا*
أي: إنه لا يقبل التصريف من الأسماء والأفعال، ما كان على أقل من ثلاثة أحرف؛ إلا ما حدث فيه تغيير بالحذف منه.
4 أي: المتصرف؛ أما المبني فقد يكون على حرف أو حرفين.
5 قيل: إنما كان أقل أبنية الاسم ثلاثة أحرف؛ لأنه لا بد في اعتدال الكلمة من حرف يبتدأ به، وحرف يوقف عليه، وحرف يتوسطهما. والذي يبتدأ به ينبغي أن يكون متحركا؛ إذ لا يبدأ بالساكن، والموقوف عليه يجب أن يكون ساكنا، فلما تنافيا كرهوا مقارنتهما، ففصل بينهما بثالث لا تجب فيه حركة ولا سكون؛ ليكون مناسبًا لهما فاصبح الثلاثي أكثر الأسماء استعمالا، لخفته بقلة حروفه، واعتداله بسبب الفصل بين فائه ولامه.
__________
* "أدنى" اسم ليس, "من ثلاثي" متعلق به. "يرى" فعل مضارع للمجهول، والجملة خبر ليس، ونائب فاعله مفعوله الأول، "قابل تصريف" قابل مفعوله الثاني وتصريف مضاف إليه. "سوى" أداة استثناء. "ما" اسم موصول أو نكرة موصوفة مضاف إليه، وجملة "غيرا" صلة أو صفة، والألف للإطلاق.(4/322)
الخماسي كسَفَرْجل، وما بينهم الرباعي كجعفر، وإلى مزيد فيه وغايته سبعة كاستخراج1، وأمثلته كثيرة في قول سيبويه لا تليق بهذا المختصر2.
وأبنية الثلاثي أحد عشر، والقسمة تقتضي اثني عشر؛ لأن الأول واجب الحركة3،
__________
1 وأقله أربعة، مثل: قتال، وبينهما الخماسي، كإكرام، والسداسي كانطلاق.
وفي ذلك يقول الناظم:
ومنتهى اسم خمس أن تجردا ... وإن يزد فيه فما سعبا عدا*
أي: إن منتهى ما يبلغ الاسم المجرد من الزيادة، خمسة أحرف، وإن زيد فيه فلا يجاوز سبعة أحرف.
2 لخصها صاحب التصريح فقال: "الزيادة تكون: واحدة, وثنتين وثلاثا، وأربعا، ومواضعها أربعة: قبل الفاء؛ وبينهما وبين العين، وبين العين واللام، وبعد اللام ولا تخلو من أن تقع متفرقة أو مجتمعة؛ فالزيادة الواحدة قبل الفاء؛ نحو: "أجدل"، وما بين الفاء والعين؛ نحو: "كاهل"، وما بين العين واللام؛ نحو: "غزال", وما بعد اللام؛ نحو: "علقى" والزيادتان المجتمعتان قبل الفاء؛ نحو: "منطلق"، وبين الفاء والعين؛ نحو: "جراجر" للضخام من الإبل، وبين العين واللام؛ نحو: "خطاف"، وبعد اللام؛ نحو "علباء" والزيادتان المتفرقتان؛ بينهما الفاء؛ نحو: "أجادل"، وبينهما العين؛ نحو: "عاقول" وبينهما اللام؛ نحو: "قصيري" لضرب من الأفاعي، وبينهما الفاء والعين؛ نحو: "إعصار"، وبينهما العين واللام؛ نحو: "خيزلي" مشية فيها تثاقل, وبينهما الفاء والعين واللام؛ نحو: "أجفلي" للجماعة من كل شيء. والثلاثة المجتمعة قبل الفاء؛ نحو: "مستخرج"، وبين العين واللام؛ نحو: "سلاليم"، وبعد اللام؛ نحو: "عنفوان" وعنفوان الشيء: أوله أو بهجته المتفرقة؛ نحو: "تماثيل" واجتماع ثنتين وانفراد واحدة؛ نحو: "أفعوان" والأربعة؛ نحو: "أشهياب" مصدر إشهاب إذا صار أشهب والشهبة: بياض يخالطه سواد.
3 لأنه مبتدأ به ويتعذر الابتداء بالساكن.
__________
* "ومنتهى اسم" منتهى مبتدأ واسم مضاف إليه. "خمس" خبر. "تجردًا" فعل الشرط والألف للإطلاق، والجواب محذوف. "يزد" بالبناء للمفعول فعل الشرط. "فما" الفاء واقعة في جواب الشرط وما نافية. "سبعا" مفعول عدا مقدم، والجملة في محل جزم جواب الشرط.(4/323)
والحركات ثلاث، والثاني يكون محركا وساكنا؛ فإذا ضربت ثلاثة أحوال الأول في أربعة أحوال الثاني؛ خرج من ذلك اثنا عشر1، وأمثلتها: فَلْس، فَرَس، كَتِفَ، عَضُدَ، حِبْر، عِنَب، إبل، قُفل، صُرَد، دُئِل، عُنُق2، والمهْمَل منها: "فِعُل"3.
وأما قراءة أبي السَّمَّال: "وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحِبُكِ"، بكسر الحاء وضم الباء، فقيل: لم تثبت4، وقيل: أتبع الحاء للتاء من "ذات"5، والأصل {الْحُبُكِ} ، بضمتين، وقيل على التداخل في حرفي الكلمة، إذ يقال: حبك -بضمتين - وحِبِك -بكسرتين6.
وزعم قوم إهمال "فُعِل" أيضا، وأجابوا عن دُئِل ورُئِم؛ بأنهما منقولان من
__________
1 وإليها يشير الناظم بقوله:
وغير آخر الثلاثي افتح وضم ... واكسر وزد تسكين ثانيه تَعُم*
ولم يعتبر الحرف الأخير من الثلاثي في الوزن؛ لأنه حرف إعراب فحركته بحسب العوامل وعلاقته بما قبله.
2 الأمثلة التي ذكرها المصنف لهذه الأوزان من الأسماء. وأمثلتها من الصفات على الترتيب المتقدم هي: سَهل، بَطل، حذر، يقظ، نِكْس "السهم ينكسر فوقه فيجعل أعلاه أسفله"، زيم "متفرق". بِلِز "ضخم"، حُلو، حُطم، رُئم، جُنُب.
3 بكسر الفاء وضم العين، وإنما أهملت لثقل الانتقال من كسر لازم إلى ضم لازم وكلاهما ثقيل، ولهذا لم يرد في كلام العرب.
4 وهو الصحيح. وأبو السمال العدوي البصري؛ مقرئ له اختيار شاذ في القراءة.
5 ولم يعتد باللام الساكنة؛ لأن الساكن حاجز غير حصين. وضعف بأن "أل" كلمة برأسها منفصلة فهي حاجز قوي يمنع من الاتباع؛ وصاحب هذا القول أبو حيان.
6 فقد ركب القارئ من اللغتين هذه القراءة، وينسب ذلك لابن جني؛ واعترض على هذا القول بأن التداخل في جزأي الكلمة الواحدة غير معهود، وإنما المعهود التداخل بين حرفي كلمتين. والاتباع أحسن هذه الأقوال. والحبك: طرائق النجوم في السماء والمفرد حبيكة، وحُبْك الرمل: حروفه والواحدة حباك. ومن الماء والشعر: الجعد المتكسر منهما.
__________
* وغير "مفعول افتح مقدم. "آخر الثلاثي" آخر مضاف إليه، والثلاثي كذلك. "وضم واكسر" فعلا أمر معطوفان على افتح. "تسكين" مفعول زد. "ثانية" ثاني مضاف إليه، وهو مضاف إلى الهاء. "تعم" فعل مضارع مجزوم في جواب الأمر والفاعل أنت.(4/324)
الفعل1، واحتج المثبتون بوِعُل لغة في الوَعِل2، وإنما أهمل أو قل لقصدهم تخصيصه بفعل المفعول3، والرباعي المجرد مفتوح الأول والثالث كجعفر، ومكسورهما كزِبْرِج4، ومضمومهما كدُمْلًج5، ومكسور الأول مفتوح الثاني، كفِطَحْل6، ومكسور الأول مفتوح الثالث، كدرهم7.
__________
وحبك الرمل: حروفه والواحدة حباك ومن الماء والشعر: الجعد المتكسر منهما.
1 أي: المبني للمجهول، فليسا من الأسماء الأصلية، ودئل: اسم دويبة تشبه ابن عرس، سميت به قبيلة من كنانة، وإليها ينسب أبو الأسود الدؤلي، ورئم: اسم جنس للدبر.
2 وعلى ذلك فليس "فِعُل" بمهمل كما يزعمون والوعل: تيس الجبل، والأنثى وعلة.
3 واحتمل فيه الثقل؛ لأنه بناء عارضي فرعي على المبني للمعلوم وقد أشار الناظم إلى ذلك -وإلى فعل- فقال:
وفعل أهمل والعكس يقل ... لقصدهم تخصيص فعل بفُعِل*
أي: إن ما كان على وزن "فِعُل" -بكسر فضم- أهمل استعماله للنقل، وعكسه؛ وهو ما جاء على وزن "فُعِل" بضم فكسر، قليل الاستعمال؛ لأن العرب أرادوا تخصيص صيغة فعلية بفُعِل؛ أي: بالفعل الماضي الثلاثي المبني للمجهول.
4 اسم للذهب، والسحاب الرقيق فيه حمرة، والزينة من وشي أو جوهر.
5 اسم فرس معاذ بين عمرو بن الجموح.
6 هو الضخم من الإبل، أو زمن خروج نوح عليه السلام من السفينة.
7 ما ذكره المصنف أمثلة لأوزان الأسماء، وأمثلة هذه الأوزان من الصفات هي: "سَلْهب" للطويل؛ أو من الرجال خاصة و"دِلْقم" للناقة التي كسرت أسنانها من الكبر، وللعجوز.
"ودَرْدِح" للمولع بالشيء والعجوز و"جرْشَع" للعظيم من الإبل والخيل، و"سبطر" للشهم الماضي؛ والسَّبْطري: مشية فيها تبختر، و"هِبْلع" للأكول العظم اللقم، وأوزانها على الترتيب: فَعْلَل, فِعْلِل, فُعْلُل, فِعَلَّ, فِعْلَل, فُعْلل.
__________
* "وفعل" مبتدأ. "أهمل" الجملة خبر. "والعكس يقل" إعرابه كذلك, "لقصدهم" متعلق بيقل، والضمير المضاف إليه فاعل قصد من إضافة المصدر إلى فاعله، "تخصيص" مفعوله, "فعل" مضاف إليه. "بفعل" متعلق بتخصيص.(4/325)
وزاد الأخفش والكوفيون مضموم الأول مفتوح الثالث كجُخْدَب1، والمختار أنه فرع من مضمومها، ولم يسمع في شيء إلا وسمع في الضم، كجخدب، وطُحْلَب2، وجُرْشُع3، ولم يسمع في بُرْثُن 4 وبُرْجُد5 وعُرْفُط6 إلا الضم.
وللخماسي المجرد أربعة؛ أمثلتها: سَفَرَجل7، جَحْمِرش8، قِرْطَعْب9، قُذْعَمل10.
فجملة الأوزان المتفق عليها عشرون11، وما خرج عما ذكرنا من الأسماء العربية الوضع، فهو مفرع عنها؛ إما بزيادة كمنطلق ومُحْرَنْجِم، أو بنقص أصل، كيَد ودم، أو بنقص حرف زائد، كـ"عُلَبِط" أصله عَلابِط12؛ بدليل أنهم
نطقوا به، وأنهم لا يوالون بين أربع متحركات، أو بتغيير شكل، كتغيير مضموم الأول والثالث: بفتح ثالثة.
__________
1 هو الأسد، والطويل الرجلين.
2 خضرة تعلو الماء المزمن.
3 هو العظيم من الجمال والخيل.
4 اسم لمخلب الأسد.
5 كساء غليظ مخطط.
6 شجر من العضاه في البادية.
7 مثال للاسم، والصفة؛ نحو: شمردل للسريع من الإبل والطويل.
8 اسم للعجوز المسنة، وللأفعى الضخمة.
9 هي الشيء الحقير التافه، ومثال الصفة: جِرْدحل للضخم من الإبل.
10 هو: الضخم من الإبل وأوزانها على الترتيب: فَعَلّل, فَعْلَلِل, فِعْلَلَّ, فُعَلِّل.
11 أحد عشر للثلاثي، وخمسة للرباعي، وأربعة للخماسي، ولا عبرة بمن خالف في مضموم الفاء مكسور العين، وقد جعل متفقًا عليه.
12 هو الضخم من الرجال.(4/326)
في نحو: جُخْدَب، وبكسر أوله في نحو: خِرْفُع1، وكتغيير مكسورهما بضم ثالثه في نحو: زِئْبُر2، وأما سَرْخَس وبَلَخْش فأعجميان3.
__________
1 هو القطن الفاسد في براعيمه.
2 هو ما يظهر من درز الثوب. وقيل: هو لحن. والصحيح زِئبر، كزبرج.
3 الأول: اسم بلدة بخراسان، والثاني: اسم حجر من الجواهر معروف.
وفيما تقدم من أوزان الرباعي والخماسي المجردين، وحكم ما خرج عما ذكر، يقول الناظم:
لاسم مجرد رابع "فَعْلَل" ... وفِعْلِل وفِعْلَل وفَعْلَل وفَعْلُل
ومع "فِعَلّ فُعْلَل" وإن علا ... فمع فَعَلَّل حوى فَعْلَلِلا
كذا فُعَلِّل وفِعْلَلّ وما ... غاير للزيد أو النقص انتمى*
أي: إن للاسم الرباعي المجرد ستة أوزان هي المذكورة وللخماسي المجرد المشار إليه بقوله: وإن علا أربعة أبنية وقد ذكرها، وأشار بقوله وما غاير ... إلخ، إلى ما جاء على خلاف ذلك فهو: إما مزيد فيه، أو ناقص محذوف منه بعض حروفه، والمزيد من الأسماء: ما كان بعض حروفه زائدا، وأقصى ما يصل إليه الاسم بالزيادة سبعة أحرف؛ فالثلاثي يزاد عليه حرف؛ نحو: إصبع، وحرفان؛ نحو: إعصار، وثلاثة؛ نحو: مستخرج، وأربعة؛ نحو: اشهيباب والرباعي يزاد عليه حرف؛ نحو: مدحرج وحرفان؛ نحو: متدحرج، وثلاثة نحو: عبوثران "اسم نبات" أما الخماسي فلا يزاد عليه إلا حرف مد قبل الآخر، نحو: سلسبيل، وفي الآخر؛ نحو: قَبعثري، ولا يتجاوز بالزيادة ستة أحرف وأبنية المزيد كثيرة تزيد على المئات وقد استقصاها ابن عصفور في كتابه "الممتع" وذكرها سيبويه في كتابه؛ فارجع إليهما إن شئت.
__________
* "لاسم" جار ومجرور خبر مقدم. "مجرد رباع" نعتان لاسم، وحذفت ياء النسب من رباع للضرورة، "فعلل" مبتدأ مؤخر، وما بعده معطوف عليه. "ومع" ظرف
متعلق بمحذوف حال مما قبله. "فعل" مضاف إليه. "فعلل" معطوف عليه. "علا" فعل الشرط ومعناه: زاد، وفاعله يعود على اسم، "فمع" الفاء واقعة في الجواب، "ومع" ظرف متعلق بمحذوف حال من "فعللا" الواقع مفعولا لحوى، و"فعلل" مضاف إليه، وجملة "حوى" جواب الشرط على تقدير قد داخلة على الماضي، وفاعل حوى يعود على اسم. "كذا" متعلق بمحذوف خبر مقدم.
"فعلل: مبتدأ مؤخر. "وفعلل" عطف عليه. "وما" اسم موصول مبتدأ. "غاير" الجملة صلة. "للزيد" متعلق بانتمى. "أو النقص" عطف على للزيد، وجملة "انتمى" خبر المبتدأ.(4/327)
فصل: وينقسم الفعل إلى مجرد، وأقله ثلاثة كضرب، وأكثره أربعة، كدَحْرَج. وإلى مزيد فيه، وغايته: ستة، كاستخرج1، وأوزانه كثيرة2.
وأوزان الثلاثي ثلاثة: كضَرَب وعَلِم، وظَرُف3، وأما نحو: ضُرِب، بضم أوله وكسر ثانيه فمن قال: "إنه وزن أصلي" مستدلا بأن نحو: جُنَّ وبُهِت، وطُلّ دَمُه، وأُهْدِرَ، وأولع بكذا، وعِني بحاجتي، بمعنى اعتنى بها4، وزُهِيَ علينا، بمعنى تَكَبّر5 لم تستعمل إلا مبنية للمفعول عده رابعًا6، ومن قال: "إنه فرع من فعل الفاعل"، مستدلا بترك الإدغام في نحو: سُويَرَ، لم يعده7.
__________
1 وأقله أربعة، مثل "أكرم" ثم الخماسي كانطلق.
2 تقدم المشهور منها في باب مصادر غير الثلاثي "جزء 3 صفحة 38".
3 لأن الفاء لا تكون إلا مفتوحة، ولا تكون ساكنة؛ لأنه لا يبدأ بالساكن.
4 أما "عني فلان كذا" بمعنى قصده، فهو مبني للفاعل.
5 ومثلها: حُمّ، وزُكم، ووُعك، وفُلج، وسقِط في يده، ونُفِست المرأة، ونُتِجت الدابة، وغُمّ الهلال، وأُغمى على محمد.. إلخ.
6 وإلى هذا ذهب المبرد والكوفيون وتبعهم الناظم، ودليلهم: أن فعل المفعول لو كان فرعا لغيره لاستلزم وجوده وجود ذلك الغير؛ لأن وجود الفرع يستوجب وجود الأصل، واللازم باطل لوجود هذه الأفعال ونحوها، فكذلك الملزوم.
7 وهذا هو الأظهر، وهو مذهب البصريين، وحجتهم: أن عدم قلب الواو ياء وإدغامهما، مع اجتماعهما، وسبق إحداهما بالسكون على مقتضى القاعدة، دليل على أنها مغيرة عن فعل الفاعل وهو ساير؛ فكما لا تدغم الألف من ساير، فكذلك ما غير عنها، وأجيب بأنه لو أدغم، وقيل: سُيّر، لم يعلم، أهو مجهول ساير؟ أو سَيّر؟ فترك الإدغام منعًا للإجمال.
وهذه الأوزان الثلاثة للفعل الثلاثي، هي باعتبار الماضي فقط، أما باعتبار الماضي مع المضارع فله ستة أحوال تقدمت في باب أبنية المصادر "جزء 3 صفحة 31".
وفي أوزان الفعل الثلاثي يقول الناظم:=(4/328)
وللرباعي وزن واحد كدَحْرَج، ويأتي في دُحْرِج -بالضم- الخلاف في فعل المفعول.
فصل: في كيفية الوزن، ويسمى التمثيل1.
تقابل الأصول بالفاء، فالعين، فاللام2، معطاة ما لموزونها من تحرك وسكون3، فيقال في فلس: فَعْل، وفي ضرب: فَعَل، وكذلك في قام وشد؛ لأن أصلهما: قَوَم وشَدَد4، وفي عَلِم: فَعِل، وكذلك في هاب ومَنَّ 5، وفي ظَرُف: فَعُل، وكذلك في طال وحَبَّ6.
__________
=
وافتح وضم واكسر الثاني من ... فِعْل ثلاثي وزد نحو ضمن
ومنتهاه أربع إن جردا ... وإن يُزد فيه فما ستّا عدا*
وقوله: وزد نحو ضمن, يشير إلى رأي الناظم الذي يوافق فيه الكوفيين بجعل وزن "فُعِل" وزنًا أصليا، وقد علمت حجة كل من الفريقين.
1 وذلك: لمماثلة حروف الميزان للموزون في عدد الحروف وهيآتها والغرض من الوزن: بيان أحوال أبنية الكلمة في الحركات والسكنات، والأصول والزوائد، والتقديم، والتأخير، والحذف وعدمه، وقد اختير للميزان لفظ "فعل".
2 ويسمى الحرف الأول: "فاء الكلمة"، والثاني: "عين الكلمة"، والثالث: "لام الكلمة".
3 أي: أصليين.
4 قلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها في الأول، وأدغمت الدال في الدال لاجتماع المثلين في الثاني.
5 لأن أصلهما: هَيب، ومَلِل، ففعل بهما ما تقدم من القلب والإدغام.
6 فإن أصلهما: طَوُل وحُب، ففعل بهما ما سبق أيضًا.
__________
* "الثاني" تنازعه الأفعال الثلاثة قبله على أنه مفعول به, "من فعل" متعلق بمحذوف حال من الثاني. "ثلاثي" نعت لفعل. "نحو" مفعول زد. "ضمن" مضاف
إليه مقصود لفظه. "ومنتهاه" مبتدأ، ومضاف إليه. "أربع" خبر.
"جردا" فعل ماض مبني للمجهول فعل الشرط، ونائب فاعله يعود إلى المضاف إليه، والألف للإطلاق، وجواب الشرط محذوف، "يزد" فعل مضارع فعل الشرط. "فيه" متعلق به. "فما" الفاء واقعة في جواب، وما نافية، "ستا" مفعول عدا مقدم، والجملة جواب الشرط، ومعنى عدا، جاوز.(4/329)
فإن بقي من أصول الكلمة شيء1 زدت لامًا ثانية في الرباعي، فقلت في جعفر:
"فَعْلَل"، وثانية وثالثة, في الخماسي، فقلبت في جَحَمَرش: "فَعْلَلِل"2.
ويقابل الزائد بلفظه، فيقال في أكْرَمَ، وبَيْطَر، وجَهْوَر: "أَفْعَل وفَيْعَل وفَعْوَل"3، وفي اقْتَدَر: افْتَعل، وكذلك في اصطَبَر وادَّكَر؛ لأن الأصل: اصْتَبر واذْتَكر4، وفي استخرج: استفعل.
إلا أن الزائد إذا كان تكرارًا لأصل5 فإنه يقابل عند الجمهور بما قوبل به ذلك الأصل6، كقولك في حِلْتِيت7، ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
1 بأن كان أصل وضع الكلمة على أكثر من ثلاثة أحرف.
2 وهذا مذهب البصريين وهو الصحيح.
وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله:
بضمن فعل قابل الأصول في ... وزن وزائد بلفظه اكتفي
وضاعف اللام إذا أصل بقي ... كراء جعفر وقاف فستق*
أي: قابل أصول الكلمة عند الوزن بما تضمنه لفظ "فعل" من الحروف؛ أي: بالفاء والعين واللام، والزائد يعبر عنه بلفظه، وضاعف اللام إن بقي بعد الثلاثة أصل فتقول في وزن جعفر: "فَعْلَل" وفي وزن فستق "فُعْلُل".
3 على طريق اللف والنشر المرتب.
4 قلبت تاء الافتعال طاء في الأول ودالا في الثاني، كما سيأتي إيضاحه في موضعه.
5 سواء كان للإلحاق أو غيره.
6 أي: يكرر الأصل ولا ينطق بالحرف الزائد نفسه.
7 نوع من الصمغ لوجع المفاصل، والتاء فيه للإلحاق.
__________
* "بضمن" متعلق بقابل. "فعل" مضاف إليه؛ أي: بما تضمنه من الحروف الثلاثة. "قابل" فعل أمر. "الأصول" مفعول قابل. "في وزن" متعلق بقابل, "وزائد" مبتدأ. "بلفظه" متعلق باكتفي على أنه نائب فاعله متقدم، والجملة خبر المبتدأ، "اللام" مفعول ضاعف. "إذا" ظرف فيه معنى الشرط. "أصل" فاعل لمحذوف يفسره ما بعده، وهو فعل للشرط، والجواب محذوف. "كراء" خبر لمبتدأ محذوف. "جعفر" مضاف إليه، وما بعد عطف عليه.(4/330)
وسُحْنُون1، واغْدَوْدَن2: فِعْليل، وفُعْلُول، وافْعَوْعَل.
وإذا كان في الموزون تحويل3، أو حذف4، أتيت بمثله في الميزان، فتقول في ناء: فَلَعَ، فإنه من نَأَى5، وفي الحادي: عالف؛ لأنه من الوَحْدة6، ... ... ... ... ... ... ...
__________
1 قال صاحب التصريح: هو أول المطر، والريح، والنون فيه للإلحاق، ولم أعثر عليه في مراجع اللغة.
2 اغدودن النبت: اخضر حتى يقرب إلى السواد، والشعر طال وتم. والمغدودن من الشجر: الناعم المتثنى، والشاب الناعم، والدال فيه لغير الإلحاق.
الخلاصة:
أن الزائد يعبر عنه بلفظه كما ذكر الناظم في البيت السابق؛ إلا المبدل من تاء الافتعال فيعبر عنه بأصله وهو التاء، وإلا المكرر فإنه يكرر ما يقابله في الميزان.
وفي ذلك يقول الناظم:
وإن يك الزائد ضعف أصلي ... فاجعل له في الوزن ما للأصل*
أي: إذا كان الحرف الزائد في الموزون ضعف حرف أصلي فيه، فاجعل له في الوزن من أحرف الميزان ما للأصل الذي هو ضعفه؛ فإن كان ضعف الفاء قوبل بالفاء، وإن كان ضعف العين قوبل بالعين، وإن كان ضعف اللام قوبل باللام؛ كما مثل المصنف.
3 أي: من مكان إلى آخر، ويسمى هذا: القلب المكاني؛ وذلك بأن قدمت العين على الفاء؛ كآصع، جمع صاع، فإنها على وزن "أعْفُل"، أو اللام على الفاء كحادي، أو اللام على العين كناء.
4 أي: في بعض الأصول.
5 قدمت اللام -وهي الياء- إلى موضع العين وهي الهمزة فصار: نيأ، على وزن قلع، فقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها.
6 أصله: واحد، أخرت الفاء -وهي الواو- إلى موضع اللام وهي الدال، ولما كان لا يمكن البدء بالألف، قدمت الحاء عليها فصار حادِو، فقلبت الواو ياء لتطرفها إثر كسرة، فصار حادي.
__________
* "الزائد" اسم يك الواقعة فعلا للشرط: "ضعف أصل" ضعف خبرها وأصل مضاف إليه، "فاجعل" الجملة جواب الشرط، "له" في موضع مفعول اجعل مضاف إليه. "فاجعل" الجملة جواب الشرط. "له" في موضع مفعول اجعل الثاني. "في الوزن" متعلق باجعل. "ما" اسم موصول مفعول اجعل الأول للأصل متعلق بمحذوف صلة.(4/331)
وتقول في يَهَبْ: يَعَل1، وفي بِعْ: فِل، وفي قاض: فَاعٍ2.
فصل: فيما تعرف به الأصول والزوائد.
قال الناظم رحمه الله:
والحرف إن يلزم فأصل والذي ... لا يلزم الزائد تا احتُذِي3
وفي التعريفين نظر: أما الأول4 فلأن الواو من "كَوْكب"، والنون من "قَرَنْفُل".
__________
1 أصله "يَوْهِب" حذفت الواو لوقوعها بين عدوتيها: الفتحة والكسرة.
2 أصله: قاضي، حذفت لامه لالتقاء الساكنين.
3 هذا: وإذا تعذر وزن بعض الكلمات مثل: اسطاع، وأهراق، روعي في ذلك الأصل، فيقال في وزنهما: "أفعل"؛ لأن أصلهما: أطوع، وإريق، والسين والهاء زائدتان.
تنبيه:
يؤخذ مما تقدم: أن الميزان يطابق الموزون في: القلب المكاني، وفي الإعلال بالحذف، وبالنقل والحذف، في إدغام حرف أصلي في زائد، نحو: قدَّس أو زائد في زائد نحو: مكرمي. ويخالفه في: الإعلال بالقلب، وفي الإعلال بالنقل فقط، وفي الإعلال بالنقل والقلب؛ فوزن جاء فَعلَ، ووزن يقول، يَفعل، ووزن أطاع أفْعَل.
وفي إدغام حرف أصلي في مثله، نحو: يقرّ، وزائد في أصلي، نحو: سيد.
وسيأتي مزيد إيضاح لذلك.
3 أي: إن الحرف الأصلي هو: الذي يلزم جميع تصاريف الكلمة، والزائد هو الذي لا يلزم في جميع التصاريف، مثل التاء في احتذي، فهي زائدة؛ لأنها تحذف في بعض التصاريف تقول: حذ حذوه، والاحتذاء، الاقتداء.
4 وهو تعريف الأصلي بأنه: هو الذي يلزم في جميع التصاريف.
__________
* "والحرف" مبتدأ. "إن يلزم" شرط وفعله "فأصل" الفاء واقعة في جواب الشرط وأصل خبر لمبتدأ محذوف. أي: فهو أصل، والجملة جواب الشرط، وجملة الشرط
وجوابه خبر المبتدأ، "والذي" مبتدأ. "لا يلزم" الجملة صلة. "الزائد" خبر المبتدأ. "مثل" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: وذلك. "تا" مضاف إليه وقصر للضرورة. "احتذى"
مضاف إليه, مقصود لفظه، وهو مبني للمجهول، من احتذى به؛ أي: اقتدى به، وحذا حذوه؛ أي: تبعه، ويقال: احتذى؛ أي لبس الحذاء، وهو النعل.(4/332)
زائدتان كما ستعرفه مع أنهما لا يسقطان1.
وأما الثاني2؛ فلأن الفاء من "وَعَد"، والعين من "قال"، واللام من "غَزَا" أُصولٌ مع سُقوطِهنّ في "يَعِد" و"قُل" و"لم يَغزُ"3.
وتحرير القول فيما تُعرف به الزوائد أن يقال: اعلم أنه لا يحكم على حرف بالزيادة حتى تزيد بقية أحرف الكلمة على أصلين، ثم الزائد نوعان، تكرار الأصل، وغيره.
فالأول: لا يختص بأحرف بعينها4، وشرطه أن يماثل اللام كجلبب وجلباب، أو العَيْن: إما مع الاتصال كقَتّل5، أو الانفصال بزائد كعَقَنْقَل6، أو تماثل الفاء والعين كمَرْمَرِيس7، أو العين واللام كصَمَحْمَح8، وأما الذي يُماثِل الفاء وحدها كقَرْقَف9.
__________
1 لأن الكلمتين جامدتان.
2 وهو تعريف الزائد بأنه: ما لا يلزم في جميع الصاريف.
3 وعلى ذلك فتعريف الأصلي غير جامع، وتعرف الزائد غير مانع.
ويجاب عن الناظم في ذلك: بأن الأصلي الساقط لعلة تصريفية -مقدر وجوده فهو كالثابت والزائد الذي يلزم لعلة كان مقدرًا سقوطه، فالمقصود من اللزوم، وعدمه؛ إما تحقيقًا، وإما تقديرًا.
4 فيكون في جميع الحروف ما عدا الألف؛ لأنها لا تقبل التضعيف، ولا يختص بحروف "سألتمونيها".
5 مثال للفعل، ويكون في الاسم مثل: سُلّم, وقنّب. وهل الزائد الحرف الأول أو الثاني؟ قولان.
6 مثال للاسم، أما الفعل فنحو: احدَوْدَب، واعشوْشَب، والعقنقل: الوادي العظيم المتسع، والكثيب المتراكم.
7 هو: الداهية، والأرض لا تنبت شيئًا، ووزنه "فَعْفعيل" ومثل: مَرمَرِيت بمعنى الداهية أيضًا، ولا ثالث لهما.
8 هو الرجل الشديد المجتمع الألواح، والقصير، والأصلع.
9 هو الخمر يَرْعد عنها صاحبها، ووزنه "فَعفل".(4/333)
وسُندُس1، أو العين المفصولة بأصل كحَدْرَد2، فأصلي.
وإذا بُنِي الرباعي من حرفين3، فإن لم يصح إسقاط ثالثه فالجميع أصل كسِمْسِم4، وإن صح كلَمْلِمه ولمَّه5، فقال الكوفيون: ذلك الثالث مبدل من حرف مماثل للثاني6، وقال الزجاج: زائد غير مبدل من شيء7، وقال بقية البصريين: أصل8.
والنوع الثاني: 9 مختص بأحرف عشرة جمعها الناظم في بيت واحد أربع
__________
1 هو رقيق الديباج، ووزنه "فُعْلُف".
2 اسم رجل، ووزنه "فَعْلع" ولم يرد على هذا الوزن غيره.
3 وذلك بأن تكررت فاؤه وعينه، سواء كان ذلك في اسم كما مثل المصنف، أو في فعل مثل: وَسْوس، وزلزل.
4 وزنه "فِعْلِل" ولا يصح إسقاط ثالثه؛ لأن أصالة أحد المكررين فيه واجبة تكميلا لأقل الأصول، وليس أصالة أحدهما أولى من أصالة الآخر؛ فحكم بأصالتهما معًا والسمسم بكسر السنين: الحب المعروف، وبفتحهما: الثعلب.
5 هما أمران من لملمت الشيء ولممته، إذا جمعته وضممت بعضه إلى بعض.
6 وهو العين، فأصل "لَمْلم" -على قولهم- لمّم، فاستثقل توالى ثلاثة أمثال فأبدل من أحدهما حرف يماثل الفاء، فوزنه على ذلك "فعّل".
7 أي: الثالث الصالح للسقوط، ووزن لملم على قوله "فَعْفَل" بتكرير الفاء.
8 فيكون وزنه عندهم "فَعْلَل" وتكون مادة "لملم" غير مادة "لمّ".
وفيما تقدمم يقول الناظم:
واحكم بتأصيل حروف سِمْسِم ... ونحوه والخُلْف في كَلَمْلِمِ*
أي: احكم بأن جميع الحروف أصلية في مثل: سِمسم: من كان رباعي تكررت فاؤه وعينه، ولا يصلح أحد المكررين للسقوط والحذف؛ فإن صح أحد المكررين للسقوط مثل: لملم، ففي الحكم عليه بالزيادة خلاف بسطه المصنف.
9 وهو مما فيه الزائد غير تكرار الأصل.
__________
* "بتأصيل" متعلق باحكم."حروف سمسم" حروف مضاف إليه، وسمسم كذلك. "ونحوه" عطف على سمسم. "والخلف" مبتدأ. "في كلملم" متعلق بمحذوف خبر، والكاف بمعنى مثل مجرور بقي مضاف إلى لملم، ولملم: أمر من لملم الشيء، بضم بعضه إلى بعضه إلى بعض، وحرك بالكسر للروي.(4/334)
مرات1 فقال:
هناء وتسليم تلا يوم أنسه ... نهاية مسئول أمان وتسهيل
فتزاد الألف؛ بشرط أن تصحب أكثر من أصلين2، كضارب، وعماد وغَضْبَى وسُلامي3، بخلاف نحو: قال وغزا، وتُزاد الواو والياء بثلاثة شروط؛ أحدها: ما ذكر في الألف4، والثاني: ألا تكون الكلمة من باب سِمْسِم5.
والثالث: ألا تتصدر الواو مطلقًا، ولا الياء قبل أربعة أصول في غير مضارع,
__________
1 وجمعها أبو العلاء المعري في قوله: التناهي سمو، وجمعها بعض النحاة في قوله اليوم تنساه.
2 بشرط أن يكون مقطوعا بأصالة الجميع، فإن صحبت أصلين فقط، فليست زائدة، وإن قدرت زيادته فالألف غير زائدة، وذلك مثل: "أبان". فإنه يحتمل أن وزنه "فعال" بزيادة الألف وأصالة الهمزة، أو "أفعال" بالعكس ولا تزاد أولا؛ لأنه لا يبدأ بساكن وتزاد حشوًا وطرفًا، وتكون للتأنيث والإلحاق في الطرف.
3 كرر الأمثلة لبيان أنها تزاد في الاسم: ثانية، وثالثة، ورابعة، وخامسة كما مثل.
والسلامي: واحدة السلاميات، وهي العظامي الصغار بين مفاصل الأصابع في اليدين والرجلين وتزاد سادسة نحو: قبعثرى، وسابعة نحو: أربعاوي، وتزاد كذلك في الفعل ثانية نحو: قاتل، وثالثة نحو: تغافل، ورابعة نحو: سلقى.... إلخ.
وفي زيادة الألف يقول الناظم:
فألف أكثر من أصلين ... صاحب زائد بغير مَين*
أي: إذا صحبت الألف أكثر من حرفين أصليين -أي: ثلاثة حروف أصول- حكم بزيادتها، والمين: الكذب.
4 وهي: أن تصحب أكثر من أصلين.
5 أي: الثنائي المكرر "الرباعي المضعف" فإنه يحكم بأصالتهما فيه كما تقدم.
__________
* "فألف" مبتدأ. "أكثر" مفعول صاحب مقدم. "من أصلين" متعلق به، وجملة صاحب نعت لألف، "زائد" خبر المبتدأ. "بغير مين" بغير متعلق بزائد، ومين مضاف إليه.(4/335)
وذلك نحو: صَيْرف1، وجَوْهر، وقَضِيب، وعَجُوز، وحِذْرِية2، وعَرْقُوة3، بخلاف نحو: بَيْت، وسَوْط، ويُؤْيؤ4 ووَعْوَعَة5 ووَرَنْتَل6، ويَسْتَعُور7.
وتزاد الميم بثلاثة شروط أيضًا، وهي: أن تتصدَّر، ويتأخر عنها ثلاثة أصول فقط,
__________
1 هو المحتال المتصرف في الأمور، وصراف الدراهم.
2 هي القطعة الغليظة من الأرض. والأكمة الغليظة والجمع حذاري.
3 هي الخشبة المعترضة على رأس الدلو، وفي هذه الأمثلة زيادة الواو والياء، ثانيتين، وثالثتين، ورابعتين.
4 اسم طائر من الجوارح كالباشق، وجمعه: يآيئ كمساجد.
5 مصدر وعوع إذا صوت, وهذا وما قبله! من باب سمسم.
6 الورنتل: الداهية، والأمر العظيم، قيل: والنسر وقد تصدرت فيه الواو ووزنه "فعلّل".
7 هو شجر يستاك بعيدانه، واسم موضع عند حرة المدينة وكساء يجعل على عجز البعير.
وقد تصدرت فيه الياء قبل أربعة أصول في غير مضارع ووزنه "فَعلول" وفي زيادة الياء والواو يقول الناظم:
واليا كذا والواو إن لم يقعا ... كما هما في يُؤْيُؤ ووَعْوعا*
أي: كذلك يحكم بزيادة الياء والواو؛ إذا صحبت كل ثلاثة أحرف أصول مثل الألف ولم يكونا في ثنائي مكرر مثل يؤيؤ، ووعوعة، ومريم، ومدين، وزنهما "فَعلل" وإن صحبت الياء أكثر من ثلاثة لا "فَعْيِل"؛ لعدم وجوده في الكلام، ولا "مَفْعل" وإلا وجب الإعلال بالنقل والقلب، فيقال مرام, ومدان.
هذا: وتزاد الياء في الاسم؛ أولى نحو: يَلمع "اسم للسراب"، وثانية نحو: ضيغم وثالثة نحو: قضيب: ورابعة نحو: حذرية..... إلخ.
وكذلك الواو تزاد ثانية نحو: كوثر. وثالثة نحو: عجوز، ورابعة نحو: عَرقوة.... إلخ, ولا تزاد الواو أولا عند الجمهور على الصحيح.
__________
* "والياء" بالقصر مبتدأ. "كذا" متعلق بمحذوف خبر. "والواو" مبتدأ حذف خبره؛ أي: كذلك. "إن لم يقعا" شرط وفعله، وحذف جوابه للضرورة، وألف الاثنين فاعل بقعا. "كما هما" في موضع الحال من ألف الاثنين في يقعا. و"ما" كافة للكاف عن العمل، أو نعت لمحذوف، وما مصدرية أي: وقوعًا كوقوعهما، فحذف المضاف وعوض عنه. "ما" فانفصل الضمير، "في يؤيؤ" متعلق بالكاف لما فيها من معنى التشبيه، أو بالمصدر المضاف المحذوف، "ووعوها" معطوف على يويؤ مقصود لفظه، وهو من عطف الفعل على الاسم.(4/336)
وألا تلزم في الاشتقاق، وذلك نحو: مَسْجِد ومَنْبِج1، بخلاف نحو: ضِرغام2، ومَهْد3، ومَرْزَجُوش4، ومِرْعِز5، فإنهم قالوا: "ثَوْبٌ مُمَرْعَز" فأثبتوها في الاشتقاق.
وتزاد الهمز المصدرة بالشرطين الأولين6، نحو: أفْكَل7 وأفضل، بخلاف نحو: كُنَأبِيل8، وَأكَل، وإسطبل.
__________
1 اسم موضع والنسبة إليه منبجاني، بفتح الباء على غير قياس.
2 أي: لعدم تصدر الميم، والضرغام: الأسد.
3 لأنه لم يتأخر عنها ثلاثة أصول. والمهد: الموضع يهيأ للصبي.
4 لأنه تأخر عن الميم أكثر من ثلاثة أصول؛ فالميم فيه أصلية ووزنه "فَعْللول" والمرزجوش معرب، وعربيته السمسق، وهو نبات طبي طيب الرائحة، تعالج به أمراض كثيرة؛ كعسر البول -والمغص ... إلخ.
5 هو الزغب الذي تحت شعر العنز ويشترط كذلك لزيادة الميم: ألا تكون كلمتها رباعية من حرفين؛ كمرمر، ومهمة. ولا تزاد الميم إلا في الأسماء.
6 وهما: أن تتصدر، وأن يتأخر عنها ثلاثة أصول فقط؛ سواء كانت في فعل أو في اسم.
ولو قال المصنف: بالشرط الثاني لكفى؛ لأن فرض الكلام في الهمزة المصدرة.
7 الأفكل: الرعدة, والجماعة؛ يقال: أخذه الأفكل إذا أخذته الرعدة، وجاءوا بأفكلهم؛ أي: جماعتهم.
8 لعدم التصدير، وهو اسم موضع باليمن، وفي زيادة الهمزة المصدرة يقول الناظم:
وهكذا همز وميم سبقا ... ثلاثة تأصيلها تحققا*
أي: كذلك يحكم على الهمزة والميم بالزيادة؛ إذا تقدمتا على ثلاثة أحرف أصول حقا.
__________
* "وهكذا" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "همز" مبتدأ مؤخر. "وميم" عطف على همز. "سبقا" فعل ماض، وألف الاثنين فاعل. "ثلاثة" مفعول به، والجملة نعت لهمز وميم. "تأصيلها تحققا" تأصيلها مبتدأ، وجملة تحققا خبر، والجملة من المبتدأ والخبر نعت لثلاثة، نائب فاعل تحققا يعود إلى تأصيلها.(4/337)
وتزاد المتطرفة بشرطين، وهما: أن تسبقها ألف، وأن تسبق تلك الألف بأكثر من أصلين، نحو: حَمراء وعِلباء وقُرْفُصاء1، بخلاف نحو: مَاء وشَاء، وبِناء وأبْناء"2.
وتزاد النون متأخرة بالشرطين3، نحو: عثمان وغَضْبان، بخلاف نحو: أمان وسِنان4.
__________
1 كرر الأمثلة لبيان أنه لا فرق بين أن يكون أول الكلمة مفتوحًا أو مكسورا أو مضمومًا، والألف في الأولين مسبوقة بثلاثة أصول، وفي الثالث بأربعة.
2 فإن الألف في الأولين مسبوقة بأصل واحد، وفي الآخرين بأصلين لا غير:
قال الناظم:
كذاك همز آخر بعد ألف ... أكثر من حرفين لفظها ردف*
أي: كذلك يحكم على الهمزة بالزيادة؛ إذا وقعت آخرًا بعد ألف تبع لفظها -أي: تقدمها- أكثر من حرفين.
3 أي: المذكورين في الهمزة المتطرفة وهما: أن تسبقها ألف، وأن تسبق تلك الألف بأكثر من أصلين وإذا كان قبل الألف حرف مشدد نحو: حسّان ورمّان، أو حرف لين نحو: عِقيان، وعنوان احتملت الزيادة والأصالة؛ إلا إذا دل دليل على أحدهما، كمنع صرف حسان في قوله أمية بن خلف يهجو سيدنا حسان بن ثابت:
ألا مبلغ حسان عني ... مغلغلة تدب إلى عكاظ
فإن منع صرفه دليل على زيادة النون، وكذلك: عفّان وحيّان؛ إذا اشتقا من العفة والحياة كانت النون زائدة ووزنهما "فَعلان" ومنعا من الصرف، وإن اشتقا من العفونة والحين كانت النون أصلية وصرفا، وكان وزنها "فعّال".
وتزاد النون متأخرة أيضًا في المثنى والمجموع على حدة، وفي الأمثلة الخمسة في حالة الرفع، ونون الوقاية، ونون التوكيد، ولم يذكرها المصنف ولا الناظم؛ لأن هذه زيادة معروفة متميزة، والمراد هنا بيان الزيادة المحتاجة إلى تمييز لاختلاطها بأصول الكلمة.
4 فإن الألف سبقت فيهما بأصلين لا غير.
__________
* "كذاك" خبر مقدم. "همز" مبتدأ مؤخر, "آخر" نعت لهمز. "بعد ألف" بعد ظرف متعلق بمحذوف نعت ثان لهمز وألف مضاف إليه. "أكثر" مفعول ردف مقدم. "من حرفين" متعلق بأكثر. "لفظها ردف" مبتدأ وخبر، والجملة نعت ألف.(4/338)
وتزاد متوسطة بثلاثة شروط: أن يكون توسطها بين أربعة بالسوية، وأن تكون ساكنة، وأن تكون غير مدغمة، وذلك، كغَضَنْفَر، وعَقَنْقَل1، قَرَنْفل، وحَبَنْطَى2، ووَرَنْتَل3، بخلاف عَنْبر، وغُرْنَيق4، وعَجَنَّس5.
وتزاد مصدرة في المضارع6.
وتزاد التاء في التأنيث كقائمة7، والمضارع كتقوم، والمطاوع كتَعلَّم، وتَدَحْرج، والاستفعال والتَّفعُّل والافتِعال وفروعهن8.
__________
1 يطلق العقنقل على الوادي العظيم المتسع، وعلى الكثيب المتراكم.
2 الحبنطى: الممتلئ غيظًا، أو بطنه، وقيل: القصير.
3 هو الداهية، والأمر العظيم.
4 الغرنيق: طير من طيور الماء طويل العنق يشبه الكُركي، أو هو نفسه، والشاب الأبيض الجميل.
5 هو الجمل الضخم الشديد والنون فيه ثالثة مدغمة، ووزنه "فعلل" لأن الزائد فيه التضعيف على الراجح.
6 وذلك نحو: نقوم وتزاد ثانية نحو: حنظل، وثالثة نحو: غضنفر، ورابعة نحو: رعشن.. إلخ، وكذلك تزاد في المطاوع كانكسر، وفي باب الافتعلال كالاحرنجام وفي زيادتها يقوم الناظم:
والنون في الآخر كالهمز وفي ... نحو غضنفر أصالة كُفي*
أي: تزاد النون في الآخر بشروط الهمزة، وتزاد كذلك إذا وقعت ساكنة بعد حرفين وبعدها حرفان، وألا تكون مدغمة، وذلك نحو غضنفر ومعنى أصالة كفي؛ أي: منع الأصالة وصرفت عنه.
7 ومثله الجمع؛ كقائمات.
8 أي: من الفعل والوصف وكذلك تزاد في باب التفاعل وفروعه، كالتقاتل وفي باب=
__________
* "والنون" مبتدأ. "في الآخر" حال من الضمير المستكن في الجار والمجرور بعد وهو. "كالهمز" الواقع خبرًا للمبتدأ. "وفي نحو غضنفر" في نحو متعلق بكفي وغضنفر مضاف إليه. "أصالة" مفعول ثان لكفي، نائب فاعله مفعوله الأول، والغضنفر: الأسد.(4/339)
وتزاد السين في الاستِفْعال1، وأهملها الناظم وابنه.
وزيادة الهاء واللام قليل، كأمهات وأهْراق، وطَيْسَل للكثير, بدليل سقوطها في الأمومة2 والإراقة3 والطَّيْس4.
وأما تمثيل الناظم وابنه وكثير من النحويين للهاء بنحو: "لِمَه" و"لم تَرَه" وللام بـ"ـِذَلك" و"تِلك"5؛ فمردود؛ لأن كلا من هاء السكت ولام البعد كلمة برأسها،
__________
= التفعيل والتفعال؛ كالتقديس والترداد، دون فروعهما؛ لأنه لا تاء فيها.
وفي زيادة التاء يقول الناظم:
والتاء في التأنيث والمضارعة ... ونحو الاستفعال والمطاوعة*
أي: تزاد التاء إذا كانت للتأنيث في وصف أو فعل: أو للمضارعة، أو للاستفعال وفروعه من الفعل والوصف، أو للمطاوعة وزيادتها في هذه المواضع مطردة.
وتزاد سماعا في أول الكلمة، مثل: تنضب "اسم لشجر ذي شوك"، وتتفل. "اسم للثعلب أو جروه" وتبيان وتلقاء، وتمساح وتمثال.
وفي آخرها نحو: ملكوت, وجبروت, ورحموت, قد زيدت حشوًا في ألفاظ نادرة جدًّا مما جعل العلماء يذهبون إلى أصالتها.
1 قيل: إن السين وحدها لم تزد مجردة عن التاء؛ إلا في اسطاع, يسطيع, وقدموس؛ بمعنى قديم ولا تطرد زيادتها في غير ذلك.
2 أي: في المصدر، وكذلك في الجمع؛ فقد قالوا: أمّات، وتغلب الأمهات في العقلاء، والأمات فيما لا يعقل: ووزنها "فعلهات" لأنه جمع أم.
3 مصدر أراق الماء؛ إذا صبه، والمضارع يريق، ومضارع أهراق، يهريق.
4 هو العدد الكثير، وكل مع على وجه الأرض من التراب والقمام، أو هو خلق كثير النسل؛ كالذباب، والسمك، والنمل، والهوام.
5 أي: ونحوهما من أسماء الإشارة في البعد؛ كهنالك، وأولالك.=
__________
* "والتاء" مبتدأ والخبر محذوف. "في التأنيث" متعلق بذلك الخبر المحذوف؛ أي: زائدة أو تزاد مثلا. "والمضارعة" معطوف على التأنيث. "ونحو" معطوف على التأنيث. "الاستفعال" مضاف إليه.(4/340)
وليست جزءًَا من غيرها.
وما خلا من هذه القيود حكم بأصالته؛ إلا إن قامت حجة على الزيادة1، فلذلك حكم بزيادة همزتي: شَمأل2، واحْبَنْطأ3، ومِمَي دُلامِص4 وابنُم، ونُوني حَنْظَل وسُنْبل، وتاءي مَلَكُوت وعِفْرِيت، وسَيْنَي قُدْمُوس5،............................
__________
= وفي زيادة الهاء واللام يقول الناظم:
والهاء وقفا كلمه ولم تره ... واللام في الإشارة المشتهره*
أي: تزاد الهاء في الوقف على "ما" الاستفهامية المجرورة، نحو: "لِمه" وعلى فعل الأمر المحذوف الآخر، والمضارع المحذوف الآخر للجزم، نحو لم "تره" وغيرهما مما تقدم في موضعه وزيادة اللام مشتهرة في أسماء الإشارة.
وقد ذكر الأشموني أن التحقيق عدم ذكر هاء السكت ولام الإشارة، مع حروف الزيادة؛ للسبب الذي ذكره ابن هشام.
1 وفي هذا يقول الناظم خاتمًا هذا الباب:
وامنع زيادة بلا قيد ثبت ... إن لم تبين حجة كحَظَلَتْ*
أي: إذا وقع شيء من حروف الزيادة السابقة غير مقيد بالعلامة الدالة على زيادته فامنع زيادته واحكم بأصالته؛ إن لم تقم على زيادته حجة بينة؛ كزيادة نون حنظل، لسقوطها في قولهم: حظلت الإبل إذا آذاها أكل الحنظل، أصله حنظلت.
2 هي ريح الشمال، والجمع شمالات.
3 أي: انتفخ بطنه، والحبنطى: الممتلئ غيظًا أو بطنه.
4 هو الشيء البراق اللماع، يقال: ذهب دلامصي؛ أي: لماع، ورأس دُلمص؛ أي: أصلع.
5 هو الشيء القديم، والملك الضخم، والعظيم من الإبل.
__________
* "والهاء" مبتدأ حذف خبره كسابقه، "وقفا" حال من ضمير الخبر المحذوف بتقدير مشتق؛ أي: واقفا، أو منصوب بنزع الخافض؛ أي: في وقف "كلمة" متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف "ولم تره" عطف على لمه. "واللام" مبتدأ خبره محذوف كما تقدم. "في الإشارة" متعلق بذلك الخبر المحذوف. "المشتهرة" نعت للإشارة.
* "زيادة" مفعول امنع. "بلا قيد" متعلق بزيادة، وجملة "ثبت" نعت لقيد. "حجة" فاعل تبين، إن كان للمعلوم، نائب فاعله إن كان للمجهول، والجملة فعل الشرط، والجواب محذوف يدل عليه ما قبله. "كحظلت" بفتح الظاء المشالة؛ خبر لمبتدأ محذوف.(4/341)
وأُسطاع1، لسقوطها في الشُّمول والحَبَط والدَّلاصَة والبُنوّة والمُلك والعَفْر -بفتح أوله وهو التراب2- والقَدَم3 والطاعة، وفي قولهم: "حَظِلت الإبل" إذا آذاها أكل الحنْظَل، و"أسْبَل الزرع" وبزيادة نوني نَرْجَس وهُنْدَلِع4، وتاءي تَنْضُب5 وتُخُيِّب6 لانتفاء فِعْلل وفُعْلَل وفَعْلُل وفُعُلِّل.
__________
1 بقطع الهمزة وضم أول المضارع؛ لأن أصله أطاع ومضارعه يُسطيع بضم الياء،؛ فزيدت السين عوضًا عن حركة عين الفعل، فإن أصل أطاع؛ أطوع.
2 راجع إلى عفريت والعفريت: الرجل الخبيث الداهية المبالغ في الشيء يقال: رجل عفر وعفريت, وامرأة عفرية. وتضم إليه كلمة نفريت، فيقال عفريت نفريت وعفرية نفرية.
3 كان الأَوْلى أن يقول: التقدم كما يدل عليه معناه.
4 اسم لنبات ذي شوك.
5 نوع من الشجر تألفه الحرباء، واسم بلد قرب مكة.
6 يراد به الباطل، من الخيبة، وهي الحرمان وعدم بلوغ المراد يقال: وقعوا في وادي تخُيب؛ أي: في باطل، وخيبه الله: حرمه الخير، وخاب خيبة إذا لم ينل ما طلب، وفي المثل: الهيبة خيبة والخياب: الفدح الذي لا يوارى.
هذا: ومما تقدم يتبين أن من أدلة الزيادة.
أ- سقوط بعض الأحرف من أصل الكلمة لغير علة؛ كسقوط الهمزة والنون والتاء من الأمثلة التي ذكرها المصنف، وكسقوط ألف ضارب من أصله وهو المصدر، أما السقوط لعلة فلا يكون دليلا على الزيادة؛ كسقوط الواو من في: وعد يعد؛ ووعد.
ب- ولزوم عدم النظير لو حكم بالأصالة، وذكر المصنف أمثلة ذلك أيضًا، واقتصر على هذين الدليلين، ومن الأدلة غير ما ذكره المصنف.
جـ- سقوط بعض الأحرف من فروع الكملة؛ كسقوط ألف "كتاب" عند جمعه على كتب.
د- وكون الحرف مع عدم الاشتقاق في موضع تلزم فيه زيادته مع الاشتقاق؛ كالنون في شر بيث "للغليظ الكفين والرجلين" فإنه غير مشتق، ونونه زائدة؛ لأنها في موضع لا تكون فيه مع المشتق إلا كذلك مثل: "جَحَنْفل" للعظيم الشفة، من الجحفلة وهي لذي الحافر كالشفة للإنسان.(4/342)
فصل: في زيادة همزة الوصل1.
هي: همزة سابقة موجودة2 في الابتداء، مفقودة في الدرج3.
ولا تكون في مضارع مطلقًا4،...........................................
__________
1 الكلام فيها تكمل للكلام السابق على زيادة الهمزة، وأفردت بفصل خاص لاختصاصها بالأحكام التي ستأتي وسميت بذلك؛ لأنها تسقط عند وصل الكلمة بها قبلها وتثبت عند البدء بها؛ أو لأنه يتوصل بها إلى النطق بالساكن؛ ولذلك يسميها الخليل: "سلم اللسان".
2 أي: واقعة في أول الكلمة متقدمة على جميع حروفها.
3 أي: في الاستمرار في الكلام، ووصل الكلام بعضه ببعض؛ لأنه إنما جيء بها لتكون وصلة للبدء بالساكن، قيل: وكان الأجدر أن يسمى: همزة الابتداء أما همزة القطع فهي التي تثبت في الوصل وفي الابتداء.
وقد أشار الناظم إلى تعريف همزة الوصل بقوله:
للوصل همز سابق لا يثبت ... إلا إذا ابتدي به كاستثبتوا*
وفي قوله: للوصل همز، إشارة إلى أن همزة الوصل وضعت همزة لا ألفًا، وقوله استثبتوا، بكسر الباء، أمر للجماعة بالاستثبات من الشيء ومعرفته حق المعرفة.
ويجوز أن يكون فعلا ماضيًا عند فتحها، وتعرف همزة الوصل بسقوطها في التصغير؛ كبُنَي وسمي في ابن واسم، بخلاف همزة القطع، فتقول في أب وأخ: أبي وأخي وقد تثبت همزة الوصل في الضرورة كقول الشاعر:
إذا جاوز الإثنين سر فإنه ... بنث وتكثير الوشاة قمين*
كما تحذف همزة القطع عند الضرورة أيضًا؛ كقول القائل:
إن لم أقاتل لبسوني برقعا
4 ثلاثيا أو غيره، مجردًا أو مزيدًا؛ ذلك لأنه مبدوء بحرف المضارعة وهي متحركة دائمًا فلا حاجة به إلى همزة الوصل.
__________
* "للوصل" خبر مقدم. "همز" مبتدأ مؤخر، "سابق" نعت لهمز. "لا يثبت" الجملة نعت ثان له. "إلا" أداة استثناء لإيجاب النفي. "إذا" ظرف متعلق بيثبت. "به" نائب فاعل ابتدي. "كاستثبتوا" الكاف جارة لقول محذوف, "استثبتوا" فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعل.(4/343)
ولا في حرف غير أل1، ولا في ماضي ثلاثي كأمر وأخذ2، ولا رباعي كأكرَم وأعطَى3، بل في الخماسي كانطلق، والسداسي كاستخراج وفي أمرهما، وأمر الثلاثي كاضرب4، ولا في اسم إلا في مصادر الخماسي والسداسي5 كالانطلاق.
__________
1 أي: التي للتعريف، أو الزائدة، أما الموصولة فهي اسم على الصحيح ومثل أل: "أم" في لغة حمير على القول بأن همزتها للوصل، كما في قوله -عليه السلام: "ليس من أمبر امصيام في امسفر"؛ أي: ليس من البر الصيام في السفر.
2 لأن أوزان الماضي الثلاثي كلها محركة الفاء فلا تحتاج لهمزة وصل.
3 لأن الرباعي لا يبدأ بالهمزة، إلا وزن "أفعل" والهمزة فيه قطع.
4 ضابط ذلك: أنه إذا كان أول المضارع مفتوحًا، كيكتب، وينطلق، ويستخرج، فهمزة أمره وصل، وإن كان مضمومًا، كيكرم ويعطي، فهمزته قطع ويستثنى من أمر الثلاثي ثلاثة أفعال وهي: أخذ، وأكل، وأمر؛ فإن الأمر منها: خذ، وكل، ومر؛ بحذف الفاء وجوبًا في: كل، وخذ، وجوازًا في مر، والاستغناء عن همزة الوصل لتحرك أولها قال -تعالى: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} ، {كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا} .
5 أي: المبدوءين بهمزة وصل وهذه هي المواضع القياسية لهمز الوصل، وفيها يقول الناظم:
وهو لفعل ماض على ... أكثر من أربعة نحو انْجَلى
والأمر والمصدر منه وكذا ... أمر الثلاثي كاخْشَ وامض وانْفُذا*
أي: إن همزالوصل يكون قياسيا في ماضي ما زاد على أربعة أحرف؛ وهو الخماسي والسداسي، وأمره ومصدره، وأمر الفعل الثلاثي الساكن ثاني مضارعه كما مثل، فإن كان ثاني مضارعه متحرك، نحو يقوم، فإن الأمر منه لا يحتاج إلى همز وصل، نحو: "قم".
__________
* "وهو لفعل" مبتدأ وخبر. "ماض" نعت لفعل. "احتوى" الجملة نعت ثان له. "على أكثر" متعلق باحتوى.
"من أربعة" متعلق بأكثر، "والأمر والمصدر" معطوفان على فعل. "منه" في موضع الحال من الأمر وما عطف عليه، والهاء عائدة على الفعل. "وكذا" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "أمر الثلاثي" أمر مبتدأ مؤخر والثلاثي مضاف إليه.(4/344)
والاستخراج.
قالوا: وفي عشرة أسماء محفوظة، وهي: اسم، واسْتٌ1، وابن، وابْنُم2، وابنة، وامرؤ، وامرأة، واثنان، واثنتان3، وأيمن المخصوص بالقسم4، وينبغي أن يزيدوا "أل" الموصولة؛ وأيْم لغة في أيْمُن، فإن قالوا: هي أيمن فحذفت اللام قلنا: وابنم هو ابن فزيدت الميم5.
__________
1 هو الدبر. وأصله: ستة كجمل، حذفت لامه، وهي الهاء تشبيها بحروف العلة، وسكنت السين، ثم جيء بالهمزة للتوصل للساكن، وكتعويض عن اللام، ويقال فيه: سَه بحذف العين، ووزنه "فَل" ولم يأت من الأسماء ما حذف عينه إلا هذا -وقولهم: "مذ" لأنها محذوفة من منذ, وسَت بحذف اللام، ووزنه "فع" ويكون الإعراب على الهاء والتاء.
أما اسم؛ فأصله "سمو" عند البصريين ووسم عند الكوفيين، حذفت لامه على الأول وفاؤه على الثاني، وسكن أوله وأتي بالهمزة توصلًا وتعويضًا كما سبق.
2 هو بمعنى "ابن" والميم فيه زائدة للتوكيد والمبالغة، كما زيدت في "زرقم" بمعنى الأزرق، ومن ذلك قول المتلمس "أبى الله إلا أن أكوه لها "ابنما".
وأصل ابن: بنو كقلم، فُعل به ما تقدم.
3 أصلها ثنيان، وثنيتان، حذفت لامهما، وسكنت التاء، ثم جيء بالهمزة كما بينا.
4 هو اسم مفرد مشتق من اليمن بمعنى البركة، والأكثر فتح همزته ويجوز كسرها, وخرج "أيمن" بر القوم بأيمنهم -فإنه- جمع يمين، وهمزته للقطع اتفاقًا.
5 وإلى مواضع همزة الوصل السماعية أشار الناظم بقوله:
وفي آسم است ابن آننُم سُمع ... واثنين وامرئ وتأنيث تبع
وايْمُن همز أل كذا ويبدل ... مدا في الاستفهام أو يُسَهَّل*
=
__________
* "وفي اسم" متعلق يسمع وما بعده عطف عليه، وجملة "تبع" نعت لتأنيث ومفعوله محذوف؛ أي: تبع مذكره منها. "وايمن" معطوف على اسم است إلخ فهو في موضع خفض، ورفعه على الحكاية؛ لأنه ملازم للرفع وللابتداء، "همز أل" همز مبتدأ مضاف إليه. "كذا" متعلق بمحذوف خبر. "ويبدل" فعل مضارع ونائب فاعله يعود على همز أل، وهو مفعوله الأول. "مدا" مفعوله الثاني. "في الاستفهام" متعلق بيبدل. "أو يسهل" عطف على يبدل.(4/345)
مسألة: لهمزة الوصل بالنسبة إلى حركتها سبع حالات، وجوب الفتح في المبدوء بها "أل"1، ووجوب الضم في نحو: انْطُلِق2 واستُخرج مبنيين للمفعول، وفي أمر الثلاثي المضموم العين في الأصل نحو: اقْتُل، اكْتُب، بخلاف امْشُوا اقْضُوا3، ورُجْحَان الضم على الكسر فيما عَرَض جعلُ ضمة عينة كسرة من نحو: اُغزي4، قاله ابن الناظم، وفي تكملة أبي علي5.............................
__________
= أي: سمع وحفظ همزة الوصل في الأسماء المذكورة، وفي قوله: وتأنيث تبع إشارة إلى أن المؤنث كالمذكر، وكذلك المثنى كالمفرد في جميع ما ذكر.
وإذا دخلت همزة الاستفهام على همز أل، وكلاهما مفتوح لا يجوز حذفه، وجب إبدال همزة الوصل ألفًا وهو الأرجح، أو التسهيل بين الهمزة والألف؛ تقول: آلأمير قادم؟ أالأمير قادم، ولا يجوز حذف أحدهما لئلا يلتبس الاستفهام بالخبر، وسيبين المصنف ذلك.
1 وذلك للخفة وكثرة الاستعمال.
2 من كل فعل ماض مضموم ثالثة ضما أصليا ظاهرًا.
3 فإن الهمزة فيهما مكسورة، لأن عينهما في الأصل مكسورة، والأصل: أمشيوا، واقضيوا، استثقلت الضمة على الياء فحذفت، ثم الياء لالتقاء الساكنين، وضمت العين لمناسبة الواو.
4 فإن أصله: اغزوى، استثقلت الكسرة على الواو فنقلت، ثم حذفت الواو للساكنين؛ فالضم نظرًا للأصل، والكسر نظرًا إلى الحالة الراهنة. ولم يجز هذان الوجهان في "امشوا"؛ لأن كسر الهمزة هو الأصل، وقد عضد بكسر العين أصلا، فألغي العارض لمعارضته أصلين، بخلاف اغزى.
5 التكملة: كتاب في الصرف لأبي على الفارسي، ألفه تكملة لكتابه "الإيضاح" قيل: إن سبب تأليفه، أن عضد الدولة لما قرأ الإيضاح استقصره، وقال لأبي علي: ما زدت على ما أعرف شيئًا، وإنما يصلح هذا للصبيان، فصنف التكملة وحمله إليه، فلما اطلع عليه عضد الدولة قال: قد غضب الشيخ وجاء بما لا نفهمه نحن ولا هو، وقد عني به كثير من النحاة وتناولوه بالشرح والإيضاح.(4/346)
أنه يجب إشمام ما قبل ياء المخاطبة1 وإخلاص ضم الهمزة، وفي التسهيل2 أن همزة الوصل تُشم قبل الضمة المشمة3، ورجحان الفتح على الكسر في ايْمُن وابْنُم، ورُجْحان الكسر على الضم في كلمة اسم، وجواز الضم والكسر والإشمام في نحو: اختار وانقاد مبنيين للمفعول، ووجوب الكسر فيما بقي4، وهو الأصل.
مسألة: لا تحذف همزة الوصل المفتوحة5 إذا دخلت عليها همزة الاستفهام كما حذفت الهمزة المكسورة نحو: {اتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا} ، {أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ} 6 وهو الأصل؛ لئلا7، يلتبس الاستفهام بالخبر، ولا تحقق، لأن همزة الوصل تثبت في الدرج إلا ضرورة كقوله:
ألا لا أرى إثنين أحسن شيمة8
__________
1 وذلك تنبيها على الضم الأصلي، والمراد بالإشمام هنا: ما يسمى روما عند القراء، وهو الميل بالضمة نحو الكسرة.
2 كتاب ألفه ابن مالك تسهيلا وتلخيصا لكتابه المسمى "الفوائد النحوية" وسماه: "تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد"، وهو كتاب جمع مسائل النحو وقواعده، وقد عني به العلماء من بعده، ووضعوا عليه شروحا كثيرة.
3 أي: إذا أشممت الثالث، أشمت الهمزة، وإلا فلا.
4 أي: من الألفاظ المسموعة، وكذلك المصادر والأفعال، وجملة القول: أن همزة الوصل تكون مكسورة، وتفتح مع لام التعريف وميمه، ومع أيمن وأيم على الراجح وتضم إذا وقع بعدها ضمة أصلية لازمة ويجوز في اسم الضم والكسر وهو أرجح.
5 وذلك في "أل"، و"أم" في لغة حمير، وأيمن، وأيم.
6 الأصل: أاتخذناهم، أاستغفرت، بهمزة مفتوحة للاستفهام فمكسورة للوصل، حذفت الثانية استغناء عنها بالأولى، وكما حذفت المضمومة حذفت همزة الوصل وقد ترك مقتضى القياس لسبب الذي ذكره المصنف. [ورة ص الآية: 63] , [سورة المنافقون الآية: 6] .
7 هذا تعليل لقوله: لا تحذف همزه الوصل المفتوحة ... إلخ.
8 صدر بيت من الطويل لم ينسب لقائل وعجزه:=(4/347)
بل الوجه أن تبدل ألفًا، وقد تسهل1 مع القصر، تقول: "آلحسن عندك" و"آيمن الله يمينك" بالمد على الإبدال راجحًا، وبالتسهيل مرجوحًا، ومنه قوله:
أألحق إن دار الرَّباب تباعدت2
وقد قُرئ بهما في نحو: {آلذَّكَرَيْنِ} ، {آلْآنَ} .
__________
=
على حَدَثان الدهر مِني ومن جُمْل
اللغة والإعراب: شيمة: هي السجية والطبيعة، وجمعها: شيم. حدثان الدهر صروفه وأحداثه, جمل: اسم امرأه "ألا" أداة تنبيه "لا" نافية "اثنين" مفعول أول لأرى "أحسن" مفعول ثان له "شيمة" تمييز "على حدثان" جار ومجرور متعلق بأحسن، والدهر مضاف إليه "مني" متعلق بأحسن كذلك.
المعنى: إنه لا يرى من طبعه وشيمته أحسن منه, ومن جمل على تحمل أحداث الدهر ونوازله.
الشاهد: في "اثنين" فإن الهمزة فيه الوصل وحقها أن تسقط في الدرج، ولكن الشاعر أثبتها لضرورة الوزن.
1 التسهيل: أن ينطو بها بين الهمزة والألف.
2 صدر بيت من الطويل، وعجزه:
أو آنبَتّ حبل أن قلبك طائر
وقد استشهد به سيبويه ونسبه إلى عمر بن أبي ربيعة. ونسبه العيني: إلى حسان ابن يسار التغلبي.
اللغة والإعراب: الرباب: اسم امرأة. تباعدت: صارت بعيدة عنك. آنبت: انقطع. حبل: الحبل معروف، ويراد به هنا: العهد وأسبابه المودة والصلة "أألحق" الهمزة الأولى للاستفهام، والثانية أداة التعريف، و"الحق" منصوب على الظرفية متعلق بمحذوف خبر مقدم "إن" شرطية "دار الرباب" دار فاعل لمحذوف هو فعل الشرط يفسره تباعدت، والرباب مضاف إليه، والجواب محذوف لدلالة السابق عليه "أن قلبك طائر" أن ومعمولاها في تأويل مصدر مبتدأ مؤخر، وقيل: الحق بالرفع مبتدأ وما بعده خبر، وليس هذا بسليم.=(4/348)
...........................................................................................................
__________
المعنى: أخبرني وأصدقني! إذا تباعدت عنك دار الرباب، أو انقطع ما بينكما من أواصر الألفة والمحبة وعهد الإخاء، هل الحق أن قلبك يطير معها، ويذهب عقللك حزنًا عليها؟ وكنى بذلك عن شدة اضطرابه وخفقانه.
الشاهد: في قوله "أألحق" حيث نطق الشاعر بهمزة "أل" تسهيلا؛ أي: بين الهمزة والألف قصرًا، وهذا مرجوح، والكثير الراجح: إبدال همزة أل التالية لهمزة والألف قصرًا وهذا مرجوح، والكثير الراحج: إبدال همزة أل التالية لهمزة الاستفهام ألفًا.(4/349)
...........................................................................................................
__________
الأسئلة والتمرينات:
1 عرف التصريف, ووضح الغرض منه وبين فيم يكون؟ مع التمثيل.
2 اشرح قول ابن مالك:
بضمن فعل قابل الأصول في ... وزن وزائد بلفظه اكتفي
وبين على ضوئه كيف تزن الكلمة؟ وما وزن: سافر, مستغفر, انكسر.
3 بماذا يعرف الحرف الأصلي من الزوائد؟ اذكر بعض الضوابط لذلك، وما حكم وزن ما فيه تقديم أو تأخير؟ أذكر أمثلة موضحة.
4 اذكر شروط زيادة الواو والياء: ثم شرط زيادة الهمزة والنون، مع التمثيل.
5 عرف همزة الوصل، ولم سميت بذلك؟ وما الفرق بينها وبين همزة القطع نطقًا وكتابة؟
6 بين موضع الاستشهاد في هذا الباب بما يأتي، وزن ما تحته خط.
قال -تعالى: {قُلْ أَاللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} .
{وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي} .
{قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ} .
وفي الحديث: "إذا لقيت الكافر فالقه بوجه مكفهِرّ".
حب بالزَّور الذي لا يرى ... منه إلا صفحة ولمام
7 اذكر مواضع همزة الوصل القياسية. ثم بين متى يجب ضم الهمزة؟ ومتى يجب فتحها وكسرها؟ ومثل لما تقول.
8 بم يستشهد النحويون بما يأتي مع إعراب ما تحته خط.
إذا جاوز الإثنين سر فإنه ... بنثٍّ وتكثير الوشاة قمين
لا نسب اليوم ولا خلة ... اتسع الخرق على الراقع
ولا تبادر في الشتاء ولذ بنا ... ألقدر تنزلها بغير جِعال
نث الحديث: أفشاه: الوشاة: جمع واش وهو النمام. الجعال: خرقة ينزل بها القدر.
9 زن الكلمات الآتية واضبطها: وبين المجرد منها والمزيد مع النص على أحرف الزيادة.
الله. أب. خال. رسالة. مدعو. سعة. قل. أم. كيس. ترو. وأجب.=(4/350)
...........................................................................................................
__________
10 "نموذج"(4/351)
باب الإبدال
مدخل
...
باب: الإبدا ل 1
__________
باب: الإبدال
1 سيمر بك في هذا الباب أربعة ألفاظ اصطلاحية هي: الإبدال، والقلب، والإعلال، والتعويض، ولكل منها مدلوله الخاص؛ ولهذا رأينا أن نبدأ بتوضيحها، وبيان العلاقة بينها.
أ- فإلإبدال هو: جعل حرف مكان آخر؛ سواء كان الحرفان صحيحين مثل: تلعثم، وتلعذم، ومدكر، ومدتكر، أم معتلين مثل: قال، وباع؛ فإن أصلهما: قول، وبيع، أم مختلفين نحو: دينار، وقيراط؛ أصلها: دنار وقراط.
ب- والقلب: خاص بتحويل أحد حروف العلة أو الهمزة إلى آخر منها, كقلب الواو ألفًا من قول إلى قال، والياء همزة إذا كان متطرفة بعد ألف زائدة؛ نحو: بناء؛ فإن أصله: بناي، والواو المتوسطة ياء بعد كسرة مثل: قيام، والأصل قوام؛ فهو أخص من الإبدال.
جـ- أما الإعلال فهو: تغيير أحد حروف العلة أو الهمزة، بقلبه إلى آخر منها، أو حذفه، أو تسكينه تخفيفا، مثل: قام، وأصله: قوم، وصاح، وأصله: صحيح، تحركت الواو والياء وانفتح ما قبلهما فقلبتا ألفين، ويسمى هذا إعلالا بالقلب.
ومثل: مقول من قال، وأصله: مقوُول، نقلت ضمة الواو إلى الساكن قبلها فالتقى ساكنان فحذف الأول منهما لذلك؛ فهذا إعلال بالتسكين ثم بالحذف.
د- وأما التعويض أو العوض فهو: حذف حرف والاستغناء عنه بآخر أيا كان ذلك الحرف؛ صحيحًا أو معتلا، وسواء حل العوض مكان المحذوف أم في غير مكانه، مثل: تاء عدة وهمزة ابن. وقد يكون العوض عن حركة، كسين اسطاع؛ فإنها عوض عن حركة عينه وعلى هذا: فالعوض لا يتقيد بحرف ولا بمكان معين. أما الإبدال فإنه وإن كان لا يتقيد بحرف؛ إلا أنه يتقيد بمكان المحذوف.
والإعلال يتقيد بأحرف العلة، والقلب نوع من الإبدال والإعلال,=(4/352)
الأحرف التي تبدل من غيرها إبدالًا شائعا1 لغير إدغام2: تسعة يجمعها "هَدَأْتُ مُوطِيَا" وخرج بقولنا شائعًا؛ نحو قولهم في "أُصَيْلان" تصغير أصيل على غير قياس3، وفي "اضْطَجَع" وفي نحو: "عَلِي" في الوقف: أُصَيْلال، والْطَجَع، وعَلجّ.
قال:
وقفت فيها أُصَيْلالا أُسائلها4
__________
= وتكون العلاقة بينهما على النحو الآتي:
أ- بين الإبدال والقلب عموم وخصوص مطلق؛ فكل قلب إبدال ولا عكس يجتمعان في نحو: "باع" وينفرد الإبدال في مثل: "اصطبر".
ب- وكذلك الشأن في الإبدل والتعويض؛ فكل إبدال تعويض ولا عكس يجتمعان في "اصطبر، وادكر"، وينفرد التعويض في نحو: "عدة".
جـ- أما الذي بين الإبدل والإعلال، فعموم وخصوص من وجه، يجتمعان في نحو: "قال، وصاح"، وينفرد الإبدال في نحو: "اصطبر، ومدكر"، والإعلال في نحو: "يقوم".
1 أي: مطردا وقياسا يضطر إليه في التصريف، ويوقع عدمه في خطأ، كقولك في قال: "قول".
2 أما الإبدال الشائع للإدغام فيقع في جميع الحروف، ما عدا الألف اللينة؛ فإنها لسكونها لا تدغم، ولا تدغم فيها، وليس مكانها هذا الباب.
3 أي: لذيادته على أصله المكبر، وقيل: هو تصغير "أصلان" جمع أصيل؛ كبعير وبعران وهو غير قياسي أيضًا؛ لأن الجمع إنما يصغر على لفظ واحد.
4 صدر بيت من البسيط، للنابغة الذبياني، وقد استشهد به سيبويه، وعجزه:
أعيت جوابًا وما بالربع من أحد
اللغة والإعراب: أصيلالا، الأصيل: ما بين العصر وغروب الشمس وجمعه أصلان، وصغر على أصيلال بقلب النون لاما. أعيت: ضعفت وعجزت. وفي رواية: عيت. والمعنى واحد. الربع: المنزل والدار: "أصيلالا" ظرف زمان لوقفت. "جوابا" مفعول مطلق لمحذوف؛ أي: أعيت عن أن تجيب جوابا. "وما" نافية "بالربع" متعلق بمحذوف خبر مقدم "من أحد" مبتدأ مؤخر على زيادة. "من" والجلمة في محل نصب حال.
المعنى: وقفت بدار المحبوبة وقت الأصيل أسأل عنها وعن أخبارها، فعجزت الدار عن إجابتي، وليس هناك أحد يجيبني.
الشاهد: إبدال النون في أصيلان، لاما لقرب المخرج، وهذا شاذ ونادر.(4/353)
وقال:
مال إلى أَرْطاةِ حِقْف فَالْطَجَعْ1
الِي عُويْف وأبو عَلِجّ2
__________
1 عجز بيت من الرجز؛ لمنظور بن حية الأسدي يصف ذئبا، وصدره.
لما رأى أن لا دَعَه ولا شِبع
وقبله:
يارب أبّاز من العُفرِ صَدَع ... تَقَبّض الذئب إليه واجتمع
اللغة والإعراب: أباز: هو الذي يكثر القفز، والمراد به ظبي، العفر، هو من الظباء الذي لونه لون التراب, تقبض الذئب: جمع نفسه وتهيأ للوثوب عليه. دعه، الدعة: الراحة وسعة العيش، مال: وركن. أرطاة: واحدة الأرطي، وهو شجر من شجر الرمل له ثمر كالعناب، حقف: هو ما أعوج وانحنى من الرمل، والجمع أحقاف. الطجع: اتكأ على الأرض. "لما" شرطية. "رأى" فعل الشرط وفاعله يعود على الذئب، "أن" مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن، "دعه" اسم لا. "مال" جواب الشرط والفعل يعود على الذئب أيضًا. "فالطجع" الفاء عاطفة، الطجع فعل ماض والفاعل يعود على الذئب أيضًا.
المعنى: أن هذا الذئب، لما رأى أنه لم يجد راحة من التعب، ولم يشبع بأكل، ركن إلى شجرة من الأرطي في منحنى من الرمل، واتكأ عل جنبه ليستريح.
الشاهد: إبدال اللام من الضاد شذوذا، وأصله: اضتجع قلبت التاء طاء لوقوعها بعد حرف الإطباق، ثم الضاد لاما، والأول إبدال قياسي، والثاني شاذ ونادر.
2 هذا من شواهد سيبوبه، وهو رجز لرجل من أهل البادية لم يعين اسمه، وبعده:
المُطعِمان اللّحم بالْعَشَج ... وبالغداة كُتَل الْبرِنْجّ
بقلع بالود وبالصيصبج
اللغة والإعراب: عويف: تصغير عوف: اسم رجل. العشج: هو العشي؛ وهو آخر النهار. كتل: جمع كتلة، وهي الشيء المجتمع، ويروى: فلق وهو ما قطع به. والبرنج:=(4/354)
وتسمى هذه اللغة: عَجْعَجَة قُضاعة1 ومعنى "هدأتُ": سَكَنْت، و"مُوطيًا" من أوطأته: جعلته وطيئا، فالياء فيه بدل من الهمزة وذكره2 الهاء زيادة على ما في التسهيل؛ إذ جمعها فيه في: "طَوَيت دائما" ثم إنه يتكلم هنا عليها مع عَدِّه إياها؛ ووجهه أن إبدالها من غيرها إنما يطرد في الوقف على نحو: "رَحْمة ونِعمة"، وذلك مذكور في باب الوقف.
وأما إبدالها من غير التاء فمسموع؛ كقولهم: هِيَّاك، ولَهِنَّك قائم، وهَرَقْت الماء، وهَرَدْت الشيء، وهَرَحْت الدابة3.
فصل: في إبدال الهمزة
تبدل من الواو والياء في أربع مسائل، إحداها: أن تتطرف إحدهما4
__________
= البرني، وهو نوع من التمر الجيد. الود: الوتد، الصيصج: الصيصي، وهو قرن البقرة، يريد: أنه شديد التماسك فيحتاج إلى علاج لقلعه.
"خالي" مبتدأ. "عويف" خبر أو بدل. "وأبو علج " معطوف عليه ومضاف إليه. "المطعمان" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هما، أو خبر عن خالي وأبو علي.
الشاهد: في "أبوعلج" فإن أصله أبو علي، فأبدلت الياء المفردة، جيما في الموقف وكذلك الحال في العشج، والبرنج، والصيصج، وهو إبدال شاذ.
1 وهناك عجعجة في قضاعة، يحولون الياء جيمًا مع العين فيقولون: هذا راعج خرج معج؛ يريدون: هذا راعي خرج معي.
2 أي: الناظم.
3 فقد أبدلت في الجميع، الهاء من الهمزة؛ لاتفاقها في المخرج، والأصل: إياك، ولإنك وأرقت الماء, وأردت الشيء, وأرحت الدابة.
4 إما حقيقة بأن تقع في آخر الكلمة، كما مثل المصنف، أو حكما بأن يقع بعد أحدهما حرف من شأن عدم اللزوم، ولو كان لازما بالفعل للكلمة؛ وذلك كالتاء العارضة للتأنيث للفرق بين وصفي المذكر والمؤنث، كبناء وبناءة، وكريادتي التثنية العرضتين نحو:
رداءان وكساءان، ورداءين وكساءين؛ مما همزته بدل من أصل، أو من حرف إلحاق. أما المبدلة من ألف التأنيث، فيجب قلبها واوا في التثنية.(4/355)
بعد ألف زائدة نحو: كِساء، وسَماء، ودُعاء1، ونحو: بِناء وظِباء وفِناء2؛ بخلاف نحو: قَاولَ وبَايَع وإدَاوَة وهِدايَة3، ونحو: غَزْو، وظَبْي4، ونحو: واو، وآي5 وتشاركهما في ذلك: الألف في نحو: حمراء؛ فإن أصلها حَمْرَى كسكرى، فزيدت ألف قبل الآخر للمد، كألف كتاب وغلام, فأبدلت الثانية همزة6.
الثانية: أن تقع إحداهما عينا لاسم فاعل فعل أعلّت فيه7 نحو:...........
__________
1 الهمزة فيهن مبدلة عن واو.
2 الهمزة فيهن مبدلة عن ياء، وإبدال الواو والياء همزة ابتداء لتطرفهما إثر ألف زائدة، رأي ابن مالك وآخرين، وقيل: إنهما أبدلتا ألفين لتحركهما إثر فتحة، والحاجز بينهما ساكن معتل فهو غير حصين، ثم قلبت الألف همزة لالتقائها ساكنة مع الألف الأولى الزائدة، والألف إذا تحركت قلبت همزة.
3 فإنه يجب التصحيح لعدم التطرف في قاول وبايع؛ ولأن تاء التأنيث غير عارضة في إدارة وهداية، بل هي لازمة لصيغة الكلمة، وبنيتها، وليس للكلمة معنى بدونها. والإداوة: إناء صغير من الجلد يتخذ للماء.
4 لأنه لم تتقدم عليهما ألف.
5 لأن الألف فيهما أصل وليست زائدة و"واو": اسم للحرف "و" ووزنها "فعل". و"آي": جمع آية، وهي العلامة، أو قطعة من السورة، ووزنها "فعل".
6 والخلاصة: أن الواو والياء والألف إذا تطرفت إحداهما تطرفا حقيقيا أو حكميا إثر زائدة، قلبت همزة.
7 أي: أعلت عين فعله، سواء كان اسم الفاعل مؤنثا، أو مثنى، أو مجموعا، ومثله: كل اسم على وزن "فاعل" أو "فاعلة" وإن لم يكن وصفاز "اسم فاعل" كقولهم: "جائز" للبستان. قال الشاعر:
صَعْدة نابتة في جائز ... أينما الريح تُميلها تَمِل
وقولهم: جائزة للخشبة المعترضة وسط السقف.(4/356)
قائل وبائع1؛ بخلاف نحو: عَيِنَ فهو عاين، وعَوَر فهو عاوِر2.
الثالثة: أن تقع إحداهما بعد ألف مفاعل3، وقد كانت مدة زائدة في الواحد4.
__________
1 فإن أصلهما: قاول: وبايع. فأعلا بقلب كل من الواو والياء همزة، أو ألفًا ثم همزة؛ حملا على الفعل: قال، وباع.
2 يقال: عَين عينًا وعينة: عظم سواد عينه في سعة، فهو أعين. والعور: ذهاب حس أحد العينين، وإنما صحت الواو والياء في اسم الفاعل؛ لأنها لم تعل في الفعل خوف الالتباس بعان وعار، وإنما يعل الوصف حملا على الفعل وإلى المسألتين السابقتين يشير الناظم بقوله:
أحرف الإبدال "هَدَأت مُوْطِيا" ... فأبدل الهمزة من واو ويا
آخرًا إثر ألف زيد وفي ... فاعل ما أعل عينا ذا اقتفي*
أي: إن أحرف الإبدال التي تبدل من غيرها إبدالا شائعا: تسعة أحرف مجموعة في هذه العبارة: "هدأت موطيا" ثم ذكر أن الهمزة تبدل من الواو والياء إذا تطرفتا ووقعتا بعد ألف زائدة، وكذلك إذا وقعت كل منهما عينا في صيغة "فاعل" وأعلت في فعله. وقوله: "ذا اقتفي"؛ أي: اتبع وروعي. والإشارة إلى إبدال الواو والياء همزة.
3 المراد: "مفاعل" وما يشبه في عدد الحروف والحركات؛ من كل جمع تكسير ثالثة ألف بعدها حرفان مكسور أولهما؛ كفعائل وفواعل.
4 واللام صحيحة. وقيل في علة الإبدال: إنه عند جمع قلادة على "مفاعل" وقعت ألف الجمع؛ فاجتمع ألفان ولا يمكن حذف إحداهما لفوات الغرض المقصود منه، فوجب تحريك المدة بالكسر لتكون كعين مفاعل، والألف إذا حركت قلبت همزة ثم شبهت واو عجوز. وياء صحيفة بألف قلادة.
__________
* "أحرف" مبتدأ. "الإبدال" مضاف إليه. "هدأت موطيا" خبر المبتدأ مقصود لفظه, "من واو" متعلق بأبدل. "ويا" بالقصر؛ عطف عليه.
1 "آخر إثر" ظرفان متعلقان بمحذوف نعت لواو وياء؛ أو حالان. "ألف" مضاف إليه. وجملة "زيد" بالبناء للمجهول نعت لألف. "وفي فاعل" متعلق باقتفي. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "أعل" الجملة صلة ما.
"عينا" تمييز محول عن الفاعل. "ذا" اسم إشارة مبتدأ جملة. "اقتفي" خبره وهو ماض للمجهول ونائب فاعله يعود إلى ذا.(4/357)
نحو: عجائز وصحائف، بخلاف: قسورة وقساور1، ومعيشة ومَعَايِش2 وشذ مصيبة ومصائب، ومنارة ومنائر3.
ويشارك الواو والياء في هذه المسألة الألف4 نحو: قِلادة وقلائد، ورسالة ورسائل.
الرابعة: أن تقع إحداهما ثاني حرفين لَيِّنَيْن بينهما ألف مفاعل،5 سواء كان اللينان: ياءين كنيائف جمع نَيِّف6، أو واوين، كأوائل جمع أول، أو مختلفين
__________
1 لأن الواو ليست بمدة, والقسورة: الأسد، ويقال فيه: قَسْور بغير تاء.
2 لأن المدة في المفرد أصلية، وحرف المد الأصلي متحرك بأصله؛ فإذا وقع بعد ألف "مفاعل" تحرك بحركته فلا يبدل.
3 أي: بالإبدال، مع أن المدة في المفرد أصلية، والقياس: مصاوب، ومناور، وشذ كذلك: معائش، بالهمزة.
4 فتقلب همزة في الجمع.
وإلى المسألة الثالثة من قلب الواو والياء والألف همزة، يشير الناظم بقوله:
والمد زيد ثالثًا في الواحد ... همزًا يُرى في مثل كالقلائد*
أي: إن حرف المد، "وهو حرف العلة الذي قبله حركة تناسبه"، إذا كان ثالثا زائدًا في الواحد يبدل همزة؛ إذا ولي ألف الجمع الذي على وزن "مفاعل" نحو: قلادة، وقلائد.
وقد أشار الناظم إلى بعض الشروط بقوله: "والمد زيد ثالثًا في الواحد"، ولم يفصل اعتمادًا على المثال.
5 أو مشابهه كذلك؛ لا ألف "مفاعيل" ولا ما يشبه بشرط صحة اللام.
6 النيف كل ما زاد على العقد إلى العقد الثاني، من ناف؛ إذا زاد؛ يقال: عشرة ونيف. والنيف: الزيادة, والفضل, والإحسان.
__________
* "والمد" مبتدأ، وجملة "زيد" حال من ضمير "يرى" الواقع خبرًا عن المبتدأ. "ثالثا" حال من ضمير زيد أو من نائب فاعل يرى، وهو على الأول من قبيل الحال المتداخلة, وعلى الثاني حال مترادفة. "في الواحد" متعلق بزيد "همزة" مفعول ثان ليرى، إن كانت علمية ونائب فاعله هو المفعول الأول, أو حال من ضمير يرى إن كانت بصرية. "في مثل" متعلق بيرى. "كالقلائد" مضاف إليه على زيادة الكاف بين المضاف والمضاف إليه.(4/358)
كسَيَائِد جمع سيِّد؛ إذا أصله سَيُود1 وأما قوله:
وكحَّل العينين بالعَوَاور2
فأصله بالعَواوِير؛ لأنه جمع عُوَّار وهو الرمد، فهو مفاعيل كطواويس لا مفاعل؛ فلذلك صحح، وعكسه قول الآخر:
فيها عيائيل أسود ونَمُر3
__________
1 اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء وأدغمتا ومثله: صوائد: جمع صائد، وبوائع: جمع بائعة. ويشترط صحة اللام في الجميع.
2 عجز بيت من الرجز، لجندل بن المثنى الطهوي، يصف الدهر وما لقيه منه؛ حين كبرت سنه وانحنت عظامه، وأصابت الأقذاء عينه، وصدره:
حنى عِظامي وأراه ثائِرِي
اللغة والإعراب: قوس. ثائري. قاتلي، والثأر: الدم والطلب به، والجمع أثار وآثار، وثأر به: طلب دمه وقتل قاتله، كحل عينه: وضع فيها الكحل تزينا لها، وفيه تخفيف الحاء وتشديدها. العواور: جمع عوار، وهو اللحم ينزع من العين، وسائل يوخذ من شجر ويخفف ويوضع في العين: "حنى" فعل ماض، وفاعله، وفاعل كحل؛ يعودان على الدهر، في قوله مخاطبا زوجته:
غرك أن تقاربت أباعِرِي ... وأن رأيت الدهر ذا الدوائر
حنى عظامي.............. ... ......................... إلخ
وقد جعل الشاعر ما فعله الدهر بعينه من الأذى والوجع كحلا على طريق المجاز.
الشاهد: تصحيح الواو في "العواور" وعدم إبدالها همزة؛ لما ذكره المصنف من أن أصله: العواوير على وزن مفاعيل لا مفاعل؛ لأن من حق جمع الاسم الذي على هذه الحال أن تقلب ألفه ياء في الجمع لانكسار ما قبلها، ولكن الضرورة جعلت الشاعر يحذف الياء ويكتفي بالكسرة مع الاعتداد بها وكأنها موجودة.
3 شاهد من كلام حكيم بن معية الربعي. وقد تقدم الكلام عليه في باب جمع التكسير.(4/359)
فأبدلت الهمزة من ياء مفاعيل؛ لأن أصله "مفاعل"؛ لأن عيائيل جمع عَيّل بكسر الياء, واحد العيال، والياء زائدة للإشباع مثلها في قوله:
............... تنقاد الصياريف1 فلذلك أُعِلّ
__________
1 قطعة من بيت من البسيط، للفرزدق الشاعر المشهور يصف ناقة بالقوة وسرعة السير في الهواجر، وهو بتمامه:
تنفي يدها الحصى في كل هاجرة ... نفي الدراهيم تنقاد الصياريف
اللغة والإعراب: تنفي: تبعد وتطرد. يداها المراد: يدا الناقة التي يصفها هاجرة، الهاجرة: نصف النهار عند اشتداد الحر، الدراهيم: جمع درهام لغة في درهم. تنقاد: مصدر نقد الدراهم، إذا ميز رديئها من جيدها، على غير قياس. الصياريف: جمع صيرف، ويقال له: صيرفي، وصراف، وهو الخبير بالنقد الذي يبادل على بعضه ببعض.
"يداها" يدا فاعل تنفي مرفوع بالألف؛ لأنه مثنى، وضمير الغائبة مضاف إليه. "الحصى" مفعوله. "في هاجرة" في كل متعلق بتنفي، وهاجرة مضاف إليه. "نفي الدراهيم" نفي مفعول مطلق لتنفي الدراهيم مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله. "تنقاد الصياريف" تنقاد فاعل لنفي والصياريف مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله.
المعنى: أن هذه الناقة لقوتها وسرعتها، تدفع يداها الحصى وتطرده عن وجه الأرض، وهي سائرة وقت الهاجرة؛ فيقرع بعضه بعضًا ويسمع له صوت، كما يدفع الصراف الدراهم فيسمع له صوت ورنين.
الشاهد: في الصياريف؛ فهو جمع صيرف، والقياس في جمعه: صيارف، أو صيارفة بزيادة تاء للنسب، كالأزارقة، والأشاعرة، ولكنه أشبع كسرة الراء فتولدت عنها ياء زائدة، وقد أشار الناظم إلى هذه المسألة الرابعة بقوله:
كذاك ثاني لَيِّنين اكتَتَفا ... مد "مَفاعِل" كجمع نيِّفا*
أي: كذلك تبدل الهمزة من ثاني حرفين لينين اكتتفا -أي: أحاطا- بمدة "مفاعل"، وتوسطت هي بينهما. كما لو جمعت كلمة نيف جمع تكسير؛ فإنك تقول: نيائف؛ بإبدال الياء الواقعة بعد ألف الجمع همزة.
__________
* "كذالك" جار ومجرور خبر مقدم. "ثاني" مبتدأ مؤخر. "لينين" مضاف إليه. "اكتتفا" ألف الاثنين فاعل والجملة صفة لينين. "مد" مفعول اكتفاء. "مفاعل" مضاف إليه ممنوع من الصرف لصيغة منتهى الجموع. "كجمع" متعلق بمحذوف، خبر لمبتدأ محذوف، وهو مصدر مضاف إلى فاعله المحذوف. "نيفا" مفعوله؛ أي: كجمعك نيفا والنيف الزدياء.(4/360)
وهناك مسألة خاصة بالواو: اعلم أنه إذا اجتمع واوان، وكانت الأولى مُصَدَّرة1، والثانية: إما متحركة، أو ساكنة متأصلة في الواوية2، أبدلت الواو الأولى همزة: فالأولى نحو: جمع واصلة وواقية؛ تقول: أَواصِلُ وأَواق، وأصلُهُما: وواصِلُ وَوَوَاق3، والثانية نحو: الأولى أنثى الأول؛ أصلها: وُولى، بواوين؛ أولاهما فاء مضمومة، والثانية عين ساكنة 4؛ بخلاف نحو: وُوفِي ووُوِري؛ فإن الثانية ساكنة منقلبة عن ألف "فاعل"5، وبخلاف نحو: الوُولَى، بواوين مُخَفّفًا من الوُؤْلَى بواو مضمومة فهمزة، وهي6 أنثى "الأوْأَل"، أفْعَلُ7 من وَأَلَ إذا لَجَأَ8.
وخرج باشتراط التصدير نحو: هَوَوِيٍّ ونَوَوِيٍّ9، في المنسوب إلى هَوًى ونَوًى.
__________
1 أي: في أول الكلمة.
2 أي: ليست منقلبة عن حرف آخر؛ بأن تكون مدة أصلية؛ كأولى أنثى الأول، أو ليست مدة أصلا؛ سواء تحركت؛ كأواصل، أو كانت ساكنة؛ كأول؛ فذلك كله يجب فيه الإبدال.
3 أي: بواوين: الأولى فاء الكلمة، والثانية متحركة عارضة مبدلة من الألف الزائدة في المفرد، فأبدلت الواو الأولى همزة.
4 متأصلة الواوية، فلما اجتمعا قلبت الأولى همزة.
5 أي: وهو: وافى، ووارى؛ فليست متأصلة في الواوية؛ لأنها بدل من ألف زائدة؛ فلا يجب الإبدال حينئذ، بل يجوز.
6 الضمير راجع للوؤلى، بالهمز.
7 أي: أفعل تفضيل لمذكر، وللمؤنث "وؤلى" على وزن "فعلى".
8 فتكون الواو الثانية منقلبة عن همزة، فليست متأصلة في الواوية، وحينئذ لا يجب إبدال الواو الأولى همزة، بل يجوز.
9 لأن الواوين اجتمعتا في آخر الكلمة؛ فلا تبدل الأولى همزة، وإلى هذه المسألة أشار=(4/361)
فصل في عكس ذلك:
وهو: إبدال الواو والياء من الهمزة، ويقع ذلك في بابين:
__________
= الناظم بقوله:
... ... وهمزا أوَّل الواوين رد ... في بدء غير شبه وُوِفي الأشُد*
أي: يجب رد أول الواوين المصدرتين همز، في بدء كلمة لم تشبه "ووفي"؛ في كون الثانية ساكنة عارضة؛ ذلك لأنها بدل من الألف؛ فإن الأصل "وافى" على وزن فاعل؛ فلا يجب فيها الإبدال، بل يجوز. والأشد: القوة.
وقد ذكر المصنف تفصيل ذلك، وخلاصته: أنه يجب قلب أول الواوين المصدرتين همزة فيما يأتي.
أ- إذا كانت الهمزة الثانية متحركة؛ كما في جمع "واصلة" عل فواعل؛ تقول أواصل، وأصلها: وواصل.
ب- أو كانت الثانية ساكنة متأصلة في الواوية؛ كما في "أولى" أنثى الأول؛ فإن أصلها: وولى، بواوين، قلبت الأولى همزة، وليس في العربية سوى هذه الكلمة.
جـ- أو تكون الثانية غير مدة أصلا، بألا تكون بعد ضمة؛ كأول.
ويجوز القلب:
أ- إذا كانت الثانية مدة عارضة غير أصلية؛ مثل: "ووفي" مبنية للمجهول؛ فإنها منقلبة عن الألف الزائدة في الماضي؛ وهو "وافى"، على وزن فاعل؛ فيجوز أن يقال: أوفى.
ب- أو كانت منقلبة عن حرف أصلي؛ مثل: "وولى" أنثى الأوأل، أفعل تفضيل.
جـ- وكذلك تبدل الهمزة جوازا من الواو، إذا كانت مضمومة ضمة لازمة غير مشددة؛ مثل: "أُجوه"، جمع وجه، و"أدؤر"، جمع دار، والأصل: وُجُوه، وأدوُر.
د- أو كانت مصدرة مكسورة؛ كإشاح وإفادة، في وشاح ووفادة، وتبدل من الياء إذا كانت مكسورة بين ألف وياء مشددة؛ نحو: رائي وغائي، في النسبة إلى: راية وغاية، والأصل: راييّ وغاييِّ، بثلاث ياءات؛ فخففت الأولى بقلبها همزة.
__________
* "وهمزا" مفعول رد الثاني مقدم. "أول الواوين" أول مفعوله الأول، والواوين مضاف إليه. "رد" فعل أمر.
"في بدء" متعلق برد. "غير شبه" مضاف إليه. "ووفي الأشد" مضاف إليه لشبه، مقصود لفظه، ووفي فعل ماض مبني للمجهول، والأشد نائب فاعل.(4/362)
أحدُهُما: باب الجمع الذي على "مَفاعِل"1، وذلك إذا وقعت الهمزة بعد ألفه، وكانت تلك الهمزة عارضة في الجمع2، وكانت لام الجمع همزة، أو ياء، أو واوًا.
وخرج باشتراط العروض نحو: المرآة والمرائي؛ فإن الهمزة موجودة في المفرد؛ لأن المرآة "مِفْعَلَة" من الرُّؤية؛ فلا تغير في الجمع3.
وخرج باشتراط اعتلال اللام نحو: صحائف وعجائز ورسائل؛ فلا تُغيَّر الهمزة في شيء من ذلك أيضًا.
وأما ما حصل فيه ما شرطناه4، فيجب فيه عَمَلان: قلب كَسْرة الهمزة فتحة، ثم قلبها ياء في ثلاث مسائل؛ وهي:
أن تكون لام الواحد همزة، أو ياء أصليه، أو ياء منقلبة عن واو.
وواوًا في مسألة واحدة؛ وهي: أن تكون لام الواحد واوًا ظاهرة5.
__________
1 أي: وما يشبهه؛ كما تقدم؛ من كل جمع تكسير يماثله في عدد الحروف وضبطها، وإن لم يماثله في وزنه الصرفي؛ فيدخل في ذلك: فواعل، وفعالل، وأفاعل ... إلخ.
2 أي: ليست أصلية فيه؛ وذلك بأن لم تكن في المفرد، بل جاءت في الجمع بدلا من حرف علة في المفرد.
3 وسمع "مرايا" بالإبدال شذوذا؛ سلوكا بالهمز الأصلي مسلك العارض بسبب الجمع، كما شذ عكسه؛ وهو السلوك بالعارض مسلك الأصلي في قول عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، عم الرسول، من قصيدة قالها في شأن يوم بدر، وما وقع له من قطع رجله، ومبارزته هو وحمزة وعلي، ومات -رضي الله عنه- بالصفراء وهم راجعون، وهو المراد من قوله "ثلاثتنا" في هذا البيت.
فما بَرِحَت أقدامنا في مكاننا ... ثلاثتنا حتى أُزِيروا المنائيا
وقول بعض العرب: اللهم اغفر لي خطائئ، بهمزتين، والقياس: خطاياي؛ لأنه جمع خطيئة.
4 وهو وقوع الهمزة بعد ألف الجمع الذي على وزن "مفاعل"، وكون الهمزة عارضة في الجمع، وكون لام الجمع معتلة: "واو، أو ياء، أو همزة".
5 أي: سالمة في اللفظ من القلب ياء.(4/363)
مثال ما لامه همزة: خطايا1؛ أصلها: خَطَايِئ بياء مكسورة؛ هي ياء خطيئة، وهمزة بعدها هي لامها، ثم أبدلت الياء همزة على حد الإبدال في صحائف2؛ فصار خطائئ، بهمزتين، ثم أبدلت الهمزة الثانية ياء؛ لما سيأتي من أن الهمزة المتطرفة بعد همزة تبدل ياء، وإن لم تكن بعد مكسورة، فما ظنك بها بعد المكسورة؟ ثم قلبت كسرة الأولى فتحة للتخفيف؛ إذ كانوا قد يفعلون ذلك فيما لامه صحيحة؛ نحو: مَدَارَى3، وعَذَارَى في المَدَارِي والعذارِي؛
قال:
ويوم عقرتُ للعذارى مطيَّتي4
__________
1 جمع خطيئة وهي الذنب؛ من الخطأ؛ وهو ضد الصواب، ووزنه "فعائل".
2 وهو وقوعها بعد ألف التكسير في هذا الوزن.
3 جمع مِدْرى، وهي مثل الشوكة يصلح بها شعر المرأة؛ كالمشط الكبير.
4 صدر بيت من الطويل، لامرئ القيس، من معلقته المشهورة، وعجزه:
فَيَا عَجَبا من رحلِها المتحمِّل
اللغة والإعراب: عقرت: ذبحت ونحرت. العذارى: جمع عذراء؛ وهي الشابة الفتية البكر. مطيتي: المطية: كل ما يرتحله المسافر. رحلها: الرحل: ما يوضع على ظهر البعير.
ويروى: كورها؛ وهو بمعنى الرحل.
"ويوم" ظرف مبني على الفتح في محل جر أو رفع، معطوف على يوم في الحالتين؛ في قوله قبل: ولا سيما يوم بدارة جلجل، ويجوز أن يكون منصوبا معربا؛ كأنه قال: أذكر يوم عقرت، "مطيتي" مفعول عقرت. "فيا عجبا" يا للنداء، وعجبا منادى منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المنقلبة ألفًا، وهي مضاف إليه. "من كورها" متعلق بعجبا. "المتحمل" نعت لرحلها أو لكورها.
المعنى: أذكر يوم عقرت ناقتي لهؤلاء الفتيات الأبكار، وإني لأعجب لهن ومنهن! كيف أطقن الرحل في هوادجهن؟ وكيف رحلن بإبلهن على تنعمهن ورفاهة عيشهن؟
وقصة هذا اليوم وما كان منه مع الفتيات وابنة عمه عنيزة؛ معروفة مشهورة.
الشاهد: في العذارى؛ فإنه جمع عذراء، وأصله: عذارِي، قلبت كسرة الراء فتحة، ثم الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها؛ مثل خطايا، وقد استدل به على أن العرب تقلب الكسرة التي بعد ألف "مفاعل" فتحة في الأسماء الصحيحة مع أن الاسم الصحيح لا يحتاج إلى تخفيف؛ لسهولة كل الحركات على حروفه.(4/364)
وقال:
تضل المدارى في مثنى ومُرسَلِ1
فَفِعْلُ ذلك هنا أولى2، ثم قلبت الياء ألفًا لتحركها، وانفتاح ما قبلها، فصار خطاءا، بألفين بينهما همزة، والهمزة تشبه الألف3 فاجتمع شبه ثلاث ألفات، فأبدلت الهمزة ياء4، فصار خطايا بعد خمسة أعمال.
__________
1 هذا الشاهد أيضًا عجز بيت من الطويل لامرئ القيس، من المعلقة المذكورة، في وصف شعر امرأة بالطول والكثرة وصدره:
غدائِرهُ مُسْتَشْزِرات إلى العلا
اللغة والإعراب: غدائره: الغدائر: الذوائب من الشعر، واحدتها غديرة، مستشزرات: مرتفعات، والشزر، الفتل على غير جهة للكثرة، تضل: تغيب. المدارى: جمع مدرى؛ وهي ما يعمل من الخشب أو الحديد على شكل المشط، يسرح به الشعر المتلبد، وفي رواية: تضل العقاص، والعقاص: جمع عقيصة؛ وهي ما جمع من الشعر ففتل تحت الذوائب، مثنى: مفتول؛ لأنه ثني بالفتل. مرسل: مسرح غير مفتول. "غدائره" مبتدأ ومضاف إليه. "مستشزرات" خبر. "إلى العلا" متعلق به. "تضل المدارى" الجملة صفة.
"في مثنى" متعلق بتضل. "ومرسل" معطوف على مثنى.
المعنى: أن ذوائب شعرها مرفوعات إلى أعلى الرأس، وأن المدارى تضل فيه؛ لكثافته وطوله، وكثرته ما بين مفتوح ومسرح.
الشاهد: في المدارى، ويقال فيه ما قيل في العذارى في البيت قبله.
2 أي: لثقل الكسرة.
3 لأنهما من مخرج واحد، وهي متوسطة بين ألفين.
4 وذلك فرارا من اجتماع ثلاثة أحرف متشابهة في الآخر، ولم تبدل واوا لخفة الياء، ورجوعًا إلى الأصل.(4/365)
ومثال ما لامه ياء أصلية: "قَضَايا"1؛ أصلها: قَضَايي، بياءَيْن: الأولى ياء فَعِيلَة، والثانية لام قضية، ثم أبدلت الأولى همزة كما في صحائف، ثم قلبت كسرة الهمزة فتحة2، ثم قلبت الياء ألفًا3، ثم قلبت الهمزة ياء، فصار قضايا بعد أربعة أعمال4.
ومثال ما لامه واو قلبت في المفرد ياء: "مَطِيَّة"5؛ فإن أصلها مَطِيْوةٌ، فَعِيلَة من المَطَا؛ وهو الظَّهْر6، ثم أبدلت الواو ياء، ثم أدغمت الياء فيها، وذلك على حد الإبدال والإدغام في سَيْوِد ومَيْوِت7؛ إذ قيل فيهما: سيِّد ومَيِّت، وجمعها مَطَايا، وأصلُها: مَطَايِو8، ثم قلبت الواو ياء لتطرفها بعد الكسرة، كما في الغازِي والدَّاعي.
ثم قلبت الياء الأولى همزة كما في صحائف9 ثم أبدلت الكسرة فتحة، ثم الياء ألفًا10، ثم الهمزة ياء؛ فصار مطايا بعد خمسة أعمال.
ومثال ما لامه واو سَلِمت في الواحد: "هِرَاوَة11 وهَرَاوَى"؛ وذلك أنا قلبنا ألف
__________
1 جمع قضية، ووزنه "فعائل"، ومثلهما: هدية وهدايا، وسجية وسجايا.
2 أي: للتخفيف؛ وذلك لثقل الكلمة بكونها جمعا متناهيا؛ فصار "قَضَاءَي".
3 أي: لتحركها وانفتاح ما قبلها على القاعدة؛ فصار قضاء؛ فاجتمع شبه ثلاث ألفات كما تقدم.
4 إنما لم تكن خمسة كخطايا؛ لأن لام الكلمة هنا ياء وليست همزة متطرفة.
5 هي الدابة تمطو؛ أي: تجد وتسرع في السير.
6 أو من المطو؛ وهو المد والإسراع في السير؛ يقال: مطوت بهم في السير؛ أي: مددت وأسرعت.
7 وهو قلب الواو ياء، وإدغامهما على القاعدة.
8 بياء مكسورة وهي ياء "فعيلة"، وواو هي لامها.
9 فصار مطايي.
10 فاجتمع شبه ثلاث ألفات كما تقدم.
11 هي العصا الضخمة، ومثلها: إداوة؛ للإناء المسمى "الزمزمية".(4/366)
"هِراوَة" في الجمع همزة على حد القلب في "رِسالَة ورسائِل"1، ثم أبدلنا الواو ياء لتطرفها بعد الكسرة، ثم فتحنا الكسرة فانقلبت الياء ألفًا، ثم قلبنا الهمزة واوا2 فصار هَرَاوى بعد خمسة أعمال أيضًا3.
__________
1 أي: لوقوعها في جمع على "مفاعل"، بعد ألف تكسيره حرفان؛ كما سبق مرات؛ فصار "هرائؤ".
2 وذلك ليشابه ويشاكل الجمع مفرده.
وقد أشار الناظم إلى الباب المتقدم بقوله:
وافتح ورد الهمز "يا" فيما أُعِل ... لاما وفي مثل هِراوَة جُعل
واوًا ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
أي: افتح الهمزة المعهودة؛ وهي الطارئة بعد ألف مفاعل وشبهه، وردها ياء في الجمع الذي لامه معتلة بالياء أو الهمزة، وواوًا فيما لامه معتلة بالواو؛ وذلك مثل: هراوة وهراوى، وقد أوضح المصنف ذلك بما لا مزيد عليه.
3 وشذ تصحيح الهمزة بعد الألف في قول الشاعر: حتى أريرو المنائيا.
__________
* "الهمز" مفعول أول رد، وهو منصوب أيضًا لافتح على سبيل التنازع. "يا" بالقصر، مفعول رد الثاني. "فيما" متعلق برد، وما اسم موصول، وجملة "أعل" بالبناء للمفعول صلة ما. "لاما" تمييز محول عن نائب الفاعل، "وفي مثل" متعلق بجعل. "هرواة" مضاف إليه.
2 "واو" مفعول جعل الثاني، والأول نائب فاعله؛ أي: جعل الهمزة واوا مثل هرواة.(4/367)
الباب الثاني: باب الهمزتين الملتقيتين في كلمة: 1
والذي يبدل منهما أبدًا هو الثانية لا الأولى؛ لأن إفراط الثِّقَل بالثانية حصل. فلا تخلو الهمزتان المذكورتان من أن تكون الأولى متحركة والثانية ساكنة أو بالعكس، أو يكونا
__________
1 أي: واحدة؛ احترازا من الاجتماع في كلمتين؛ نحو: أأنت فعلت هذا؟ أأتمن وأأتمر سعيد؛ فإن همزة الاستفهام كلمة مستقلة؛ فلا يجب في مثل ذلك الإبدال، بل يجوز التحقيق كما ذكرنا، والإبدال؛ فتقول: أنت فعلت؟ إيتمن، إيتمر.(4/367)
متحركتين1.
فإن كانت الأولى متحركة والثانية ساكنة: أبدلت الثانية حرف علة من جنس حركة الأولى؛ فتبدل ألفًا بعد الفتحة؛ نحو: آمنتُ2، ومنه قول عائشة -رضي الله عنها: "وكان يأمرني أنْ آتَزِرَ"3، وهو بهمزة فألف، وعوام المحدثين يحرفونه؛ فيقرءونه بألف وتاء مشددة، ولا وجه له؛ لأنه افتعل من الإزار، ففاؤه همزة ساكنة بعد همزة المضارعة المفتوحة4.
وياء بعد الكسرة؛ نحو: إيمان، وشذت قراءة بعضهم: "إِئْلَافِهِمْ" بالتحقيق.
وواوا بعد الضمة؛ نحو: أُوتُمِن، وأجاز الكسائي أن يبتدأ أُؤتُمِنَ، بهمزتين5، نقله عنه ابن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء، ورده6.
__________
1 ويمتنع أن تكونا ساكنتين معا.
2 الأصل: أأمنت؛ أبدلت الهمزة الثانية ألفًا لسكونها وفتح ما قبلها.
3 أي: ألبس الإزار، وذلك إذا كانت حائضا وأراد مباشرتها، وأصله: أأتزر؛ فأبدلت الهمزة الثانية ألفًا، وهذا جزء من حديث عن عائشة، ونصه كما في البخاري: "عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كنت أغتسل أنا والنبي من إناء واحد، كلانا جنب، وكان يأمرني فآتزر، فيباشرني وأنا حائض، وكان يخرج رأسه إلي وهو معتكف فأغلسه وأنا حائض"، والمراد بالمباشرة في الحديث: التقاء البشرتين لا غير، وإنما كان يأمرها بالاتزار؛ لحرمة ما وراء الإزار من الحائض.
4 فقد أبلدت الهمزة الثانية ألفًا لسكونها بعد فتح، لا بعد تاء، وحكى الزمخشري عن بعض العرب: اتَّزر، بالإدغام، وروى البخاري من حديث جابر:"إذا كان الثوب ضيقا، فاتزر به"، وذلك مقصور على السماع.
5 مضمومة فساكنة، وخص الابتداء؛ لأن همزة الوصل تذهب في الدرج، فترجع الهمزة الثانية إلى أصلها؛ لزوال موجب قلبها واوا.
6 حاصل الرد: أن العرب لا تجمع بين همزتين ثانيتهما ساكنة، وهذا الرد ذكره ابن الأنباري=(4/368)
وإن كانت الأولى ساكنة والثانية متحركة 1: فإن كانتا في موضع العين أدغمت الأولى في الثانية؛ نحو: سَأْآل2 ولَأْآل3 ورَأْآس4، وإن كانتا في موضع اللام: أبدلت الثانية ياء مطلقًا5؛ فتقول في مثال "قِمَطْر" من قَرَأَ: قِرَأْي6، وفي مثال "سَفَرْجَل" منه: قَرَأْيَأُ، بهمزتين بينهما ياء مبدلة من همزة7.
وإن كانتا متحركتين: فإن كانتا في الطرف، أو كانت الثانية مكسورة، أبدلت ياء
__________
= على الكسائي في إجازته البدء في قوله -تعالى: {إِئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا} ، بهمزتين، [سورة يونس من الآية: 15] ؛ لا في أؤتمن كما قال المصنف.
وفي حكم هذه الحالة؛ وهي الهمزة الساكنة بعد المتحركة، يقول الناظم:
ومَدًّا ابدل ثاني الهمزين مِن ... كِلْمة أن يَسْكن كآثِر وائتمن*
أي: أبدل ثاني الهمزتين المجتمعتين في كلمة واحدة، إن كانت ساكنة، وهذا يقتضي أن تكون مدة من جنس حركة ما قبلها؛ وذلك مثل: آثر، أصله: أأثر؛ فأبدلت الثانية الساكنة ألفًا لمناسبة فتح ما قبلها، وأتمن أصله: أأتمن؛ فقلبت الثانية واوًا؛ لضم ما قبلها.
1 ولا يقع هذا النوع في موضع الفاء لتعذر النطق بالساكن ابتداء.
2 صيغة مبالغة من السؤال؛ أي: كثير السؤال، ووزنه "فعال".
3 نسبة لبائع اللؤلؤ.
4 نسبة لبائع الرءوس.
5 سواء كانت طرفًا أم غير طرف.
6 الأصل: قرأء، بهمزتين، أولاهما ساكنة، قلبت الثانية ياء، لوقوعها طرفا إثر همزة ساكنة؛ فرارا من الثقل، وكان القياس الإدغام كما في سأآل، لولا أن الطرف أولى بالتغيير؛ ولهذا قدم القلب هنا.
7 والأصل: قرأأأ، بثلاث همزات، فقلبت الثانية؛ لأن قلبها يخلص من اجتماع همزتين.
وهذه الأمثلة التي ذكرها المصنف وفيما بعد فرضية خيالية؛ يقصد بها التدريب والتمرين، ولا يكاد يوجد لها نظائر مأثورة في فصيح الكلام العربي.
__________
* "ومدا" مفعول أبدل الثاني. "ثاني" مفعوله الأول والهمزين مضاف إليه. "من كلمة" متعلق بمحذوف، حال من الهمزين. "أن يسكن" شرط وفعله، والجواب محذوف؛ أي: فأبدله مدا.(4/369)
مطلقًا1، وإن لم تكن طرفًا، وكانت مضمومة أبدلت واوًا مطلقًا2، وإن كانت مفتوحة؛ فإن انفتح ما قبلها أو انضم، أبدلت واوًا، وإن انكسر أبدلت ياء3.
وأمثلة المتطرفة: أن تبني من "قَرَأ" مثل جَعْفَر، أو زِبْرِج، أو بُرْثُن4، وأمثلة المكسورة: أن تَبنِيَ من "أَمَّ"5 مثل أَصْبِع، بفتح الهمزة أو كسرها، أو ضمها، والباء فيهن مكسورة؛ فتقول في الأول: أَأْمِم، بهمزتين: مفتوحة فساكنة، ثم تَنْقُلُ حركة الميم الأولى إلى الهمزة الثانية قبلها؛ ليتمكن من إدغامها في الميم الثانية6، ثم تبدل الهمزة ياء7.
__________
1 سواء كان ما قبلها مفتوحا، أم مضموما، أم مكسورا.
2 سواء كانت بعد ضم، أو فتح، أو كسر.
3 والخلاصة: أن الهمزتين المتحركتين؛ إما أن يكونا في الطرف، أو لا:
أ- فإن كانتا في الطرف، فالأولى: إما مفتوحة، أو مكسورة، أو مضمومة.
ب- فإن كانتا في غير الطرف، تضرب حالات الأولى الثلاثة في مثلها من الثانية، فينشأ من ذلك تسع صور وحكم ذلك كله:
أ- أن المتطرفة تبدل ياء في جميع أنواعها، ولا ينظر إلى حركتها أو حركة الأولى.
ب- وغير المتطرفة تبدل ياء إذا كانت مفتوحة بعد كسر، أو مكسورة بعد فتح أو كسر، أو ضم، وتبدل واوا في الخمسة الباقية؛ وهي: أن تكون مفتوحة بعد فتح، أو ضم، أو مضمومة بعد فتح، أو كسر، أو ضم.
4 فتقول: قرأأ، قرئئ، قرؤؤ، بهمزتين، ثم تبدل الثانية ياء؛ لأن الواو لا تقع طرفا فيما زاد على الثلاثة.
5 معناها: قصد، أو صار إمامًا.
6 وذلك لاجتماع مثلين.
7 أي: الهمزة الثانية المنقول إليها كسرة الميم؛ لأن الهمزة المكسورة بعد مفتوحة, تقلب ياء، كما تقدم.(4/370)
وكذا تفعل في الباقي أيضًا، وذلك واجب.
وأما قراءة ابن عامر والكوفيين "أَئِمَةً"1 بالتحقيق2، فمما يوقف عنده ولا يتجاوز. وأمثلة المضمومة: "أَوُبٌّ" جمع أبٍّ وهو المَرَعى، وأن يُبْنَى من "أَمَّ" مثل إصبع، بكسر الهمزة وضم الباء، أو مِثل "أَبْلَم"3؛ فتقول: أُومُ؛ بهمزة مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة، وواو مضمومة وأصل الأول: أَأْبُب على وزن أفلس، وأصل الثاني والثالث: إِئْمُم، وأُأْمُم، فَنَقَلُوا فِيهِن5؛ ثم أبدلوا الهوزة واوا6، وأدغموا أحد المثلين في الآخر. ومثال المفتوحة بعد مفتوحة: "أَوادِمُ" تصغير آدَمَ.
ومثال المفتوحة بعد المضمومة: "أُوَيْدِم" تصغير آدَمَ.
ومثال المفتوحة بعد مكسورة: أن يُبنى من "أَمَّ" على وزن إصبع، بكسر الهمزة، وفتح الباء8، وإذا كانت الهمزة الأولى من المتحركتين ... ... ...
__________
1 أي: في قوله -تعالى- في سورة القصص في الآية الخامسة: {وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} ، وقد وردت في آيات أخرى.
2 أي: من غير إبدال، وهو جمع إمام، والقياس: أيمة، بقلب الهمزة الثانية ياء،
وأصله: أأئمة، نقلت كسرة الميم إلى الهمزة قبلها توصلا للإدغام، وأدغمت الميمان، ثم أبدلت الهمزة الثانية ياء.
3 هو سعف شجر الدوم.
4 بهذا التقسيم استوفى الأقسام الثلاثة، وأصبح ذكر "أوب" زائدا؛ فالصواب حذف قوله "أو مفتوحة"؛ للاستغناء عنها بذكر "أوب".
5 أي: نقلوا حركة أول المثلين إلى الساكن قبلها، وهو الهمزة الثانية.
6 أي: تخفيفا؛ لأنها تجانس حركتها.
7 أصله: أآدم، بهمزتين مفتوحتين بعدهما ألف، قلبت الهمزة الثانية واوا على
قاعدة قلب الهمزة الثانية المفتوحة غير المتطرفة واوا مطلقًا؛ سواء كان ما فيها مفتوحا أو غير مفتوح.
8 تقول: إيم، وأصله: إأمّم، نقلت حركت الميم الأولى إلى الساكن قبلها توصلا للإدغام الواجب ثم أبدلت الهمزة الثانية ياء.=(4/371)
همزة مضارعة1؛ نحو: أَؤُمُّ وأَئُنُّ2 مضَارِعي أمَمْت وأنَنْت، جاز في الثانية
__________
= وقد ذكر الناظم حكم الهمزتين المتحركتين في ثلاثة أبيات؛ فقال في حكم الهمزة المفتوحة، وأنها تقلب واوا إن كان قبلها فتحة أو ضمة؛ وياء إن كان قبلها كسرة:
إن يُفتح إثر ضَمٍّ أو فتحٍ قُلب ... واوًا وياء إثر كسر ينقلب*
أي: إن يفتح الهمز الثاني بعد ضم أو فتح يقلب واوًا، وينقلب ياء إن وقع بعد كسر، وقال في حكم الهمزة المكسورة والمضمومة:
ذو الكسر مطلقًا كذا وما يضم ... واوًا أصِر ما لم يكن لفظًا أتم
فذاك ياء مطلقا جاء وأؤُم ... ونحوه وجهين في ثانيه أُم*
أي: كذلك ينقلب ياء، الهمز المكسور مطلقًا؛ سواء كان ما قبله مكسورًا، أم غير مكسور.
والهمز المضموم يقلب واوا مطلقًَا؛ بشرط ألا يكون طرفا، وهو المراد بقوله: "ما لم يكن لفظًَا أتم"، فإن كان طرفا وجب قلبه ياء، وهذا قوله: "فذاك ياء مطلقًا جا"، وإذا كانت الهمزة الأولى للمضارعة، وكانت الثانية مضمومة، جاز في الثانية، وجهان: الإبدال والتحقيق؛ نحو: أؤم مضارع أمّ؛ تقول: أُأَم، وأُؤم، وذلك قوله: "وأؤم ونحوه وجهين في ثانيه"، ومعنى أمِّ: اقصد واتجه لهذا الحكم.
1 أي: للتكلم، سواء كان متعديا أو قاصرا.
2 أي: أتألم من الألم مثلا.
__________
* "إن يفتح" شرط وفعله، ونائب الفاعل يعود إلى ثاني الهمزين، "إثر ضم" إثر ظرف متعلق بافتح، وضم مضاف إليه. "قلب" جواب الشرط، ونائب الفاعل مفعوله الأول. "واوًا" مفعوله الثاني، "وياء" مفعول ينقلب مقدم. "إثر كسر" إثر ظرف متعلق به، وكسر مضاف إليه.
* "ذو الكسر" مبتدأ، ومضاف إليه. "كذا" خبر. "مطلقًا" حال من الضمير المنتقل إلى الظرف. "وما" اسم موصول مفعول أول أصر. وجملة "يضم" صلة "واوًا" مفعول أصر الثاني "ما" مصدرية ظرفية "لم يكن" اسم يكن يعود إلى ثاني الهمزين، وجملة "أتم" خبرها. "لفظا" مفعول أتم، والتقدير: ما لم يكن ما يضم قد ختم كلمة، أي: وقع في آخرها.
"فذاك" اسم إشارة إلى ثاني الهمزين، مبتدأ، "يا مطلقا" حالان من فاعل. "جاء" العائد إلى اسم الإشارة، والجملة خبر المبتدأ. "وأوم" مبتدأ قصد لفظه, "ونحو" عطف عليه. "وجهين" مفعول أم مقدم. "في ثانيه" متعلق بأم. "أم" فعل بمعنى قصد، والجملة خبر المبتدأ، وما عطف عليه. ويجوز أن يكون أؤم ونحوه بالنصب على أنه مفعول بفعل مضمر يفسره أم.(4/372)
التحقيق1؛ تشبيها بهمزة المتكلم؛ لدلالتها على معنى بهمزة الاستفهام؛ نحو: {أَأَنْذَرْتَهُمْ} .
__________
1 وجاز القلب والتحقيق فتقول أوم وأين وكذلك إذا التقت الهمزتان في كلمتين يجوز في الثانية القلب والتحقيق؛ نحو قوله -تعالى: {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} .(4/373)
فصل: في إبدال الياء من الألف والواو
فصل: في إبدال الياء من أُخْتَيْهَا: الألف والواو.
أما إبدالها من الألف ففي مسألتين:
إحداهما: أن ينكسر ما قبلها؛ كقولك في مِصْباح: مَصابِيح، وفي مِفْتاح مَفاتِيح، وكذلك تصغيرهما1.
الثانية: أن تقع قبلها ياء تصغير كقولك في غلام: غُلَيِّمٌ2.
وأما إبدالها من الواو ففي عشر مسائل:
إحداهما: أن تقع بعد كسرة؛ وهي: إما طَرَف3، كرَضِي، وقَوِيَ، وعُفِيَ والغازي، والداعي4.
__________
1 أي: إن الألف تنقلب ياء في التكسير والتصغير، لانكسار ما قبلها وتعذر النطق بالألف بعد الكسرة؛ فيقال في التصغير: مصيبيح، ومفيتيح.
2 لأن ما بعد التصغير لا بد أن يكون متحركا بالكسرة، والألف لا تقبل الحركة، وياء التصغير ساكنة؛ فقلبت الألف ياء للتخلص من الساكنين: وفي هاتين المسألتين يقول الناظم:
وياء اقلِبْ ألفًا كسرًا تلا ... أو ياء تصغير ... ... ... *
أي: اقلب حرف الألف ياء إذا تلا -أي: وقع- بعد كسرة، أو بعد ياء تصغير.
3 أي: حقيقة، سواء كانت في فعل مبني للفاعل، أو للمفعول، أو في اسم، وقد مثل لها المصنف، أو حكما؛ كالواقعة قبل تاء التأنيث أو الألف والنون الزائدتين.
4 هذه الكلمات كلها واوية اللام أصلا؛ بدليل ظهور الواو في بعض التصاريف؛ كالرضوان، والقوة، والعفو، والغزو، والدعوة.
__________
* "وياء" مفعول اقلب الثاني مقدم. "ألفًا" مفعوله الأول. "كسرا" مفعول مقدم، وجملة "تلا" نعت لألف، وفاعله يعود على ألفًا. "أو ياء" عطف على كسرا, وتصغير مضاف إليه.(4/373)
أو قبل تاء التأنيث1؛ كشَجِيَة2، وأَكْسِية3، وغَازِية4، وعُرَيْقِية في تصغير عَرْقُوَة5 وشَذّ سَوَاسِوَة، في جمع سواء6، ومقَاتِوَة بمعنى خُدّام7, أو قبل الألف والنون الزائدتين؛ كقَوْلك في مثال قَطِران من الغَزْو: غَزِيان8.
الثانية: أن تقع عينا لمصدر فِعل أُعِلّت فيه9، ويكون قبلها كسرة وبعدها ألف10؛ كصِيام، وقِيام، وانقِياد، واعْتِياد11؛ بخلاف نحو: سِوار وسِواك؛ لانتفاء
__________
1 هذه متطرفة حكما؛ لأن تاء التأنيث بمنزلة كلمة مستقلة بنفسها، فالواو التي تليها في حكم المتطرفة، ومثل التاء: الألف الممدودة؛ كأشقياء وأدعياء.
2 هي -بتخفيف الياء: اسم فاعل للمؤنث؛ من الشجو؛ وهو الحزن والهم، وأصلها: شجوة.
3 جمع كساء؛ وأصلها: أكسوة.
4 اسم فاعل من الغزو.
5 هي إحدى الخشبتين المعترضتين في فم الدلو، وكان يجب في عريقية عدم قلب الواو ياء؛ لأنها بنيت على التاء؛ بدليل أنه ليس هناك اسم معرب آخره
واو قبلها ضمة.
6 أي: بمعنى مستو؛ يقال: الناس سواسوة في هذا الأمر؛ أي: مستوون فيه, والقياس: سواسية ووزنه "فعافلة" على أي حال. "وقال الدماميني: السواسوة: الجماعة المستوون في السن.
وفيه شذوذ آخر؛ وهو: جمعه على هذا الوزن، وقياس جمعه: أسوية؛ لأن "فعال" يجمع على أفعلة؛ كقباء وأقبية؛ كما شذ من جهات أخر.
7 جمع "مقتو" اسم فاعل من اقتوى؛ بمعنى خدم، والقتو: الخدمة، وأصله: مقتوٍ، وقلبت الواو الثانية ياء لتطرفها إثر كسرة، ثم أعل إعلال قاض، قيل: ولا ثالث لهما.
8 أي: بقلب الواو ياء لتطرفها بعد كسرة، ولا عبرة بالألف والنون الزائدتين؛ لأنهما في حكم الانفصال.
9 أي: في الفعل؛ بأن كانت فيه حرف علة منقلبًا من غيره.
10 فجملة الشروط أربعة، وقد ذكر المصنف محترزاتها؛ فتنبه يا فتى.
11 الأصل فيهن: صوام، وقوام، وانقواد، واعتواد -بالواو- فقلبت ياء في المصدر حملا له على الفعل، لاستثقالها بين الكسرة والألف.(4/374)
المصدرية؛ ونحو: لَاوَذَ لِواذا1، وجاور جِوارًا؛ لصحة عين الفعل2، وحال حِوَلًا، وعاد المريض عِوَدًا؛ لعدم الألف وراح رواحًا؛ لعدم الكسرة، وقل الإعلال فيه3؛ نحو قوله -تعالى: "جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَمًا4 وَارْزُقُوهُمْ"، وقوله -تعالى: "الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ"5 في قراءة نافع وابن عامر في النساء، وفي قراءة ابن عامر في المائدة، وشذ الصحيح مع استيفاء الشروط في قولهم: نارَت الظَّبْيَة نِوارًا6، بمعنى نفَرَت، ولم يسمع له نظير.
__________
1 لاوذ القوم لواذا وملاوذة: لاذ بعضهم ببعض، ولاذ به: لجأ إليه وعاذبه.
2 المراد: عدم إعلالها كما بينا، وإلا فهي معتلة.
3 أي: فيما عدم الألف، ولم يشترط ابن الحاجب في الشافية في قلب الواو في المصدر، وجود ألف بعدها.
4 هو مصدر جيء به للمبالغة كما قال المفسرون، وأصله: "قوما" الواو ياء؛ لانكسار ما قبلها، [سورة النساء من الآية: 5] .
5 [سورة المائدة من الآية: 97] .
6 والقياس "نيارا".
وفي المسألتين المتقدمين يقول الناظم:
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... بواو ذا افْعَلا
في آخر أو قَبْل تا التأنيث أو ... زيادتي "فَعْلانَ" ذا أيضًا رأوا
في مصدر المعتل عينا والفعل ... منه صحيح غالبًا نحو الحِوَل*
=
__________
* "بواو" متعلق بافعلا. "ذا" اسم إشارة، مفعول افعلا مقدم، وهو إشارة إلى القلب ياء.
"في آخر" متعلق بمحذوف، نعت لواو، "أو قبل" معطوف على محل "في آخر". "تا التأنيث" مضاف إليه. "أو زيادتي" عطف على تاء التأنيث. "فعلان"
مضاف إليه ممنوع من الصرف. "ذا" اسم إشارة مفعول رأوا، وهو إشارة إلى قلب الواو ياء.
"في مصدر المعتل" في مصدر متعلق برأوا، والمعتل مضاف إليه. "عينا" تمييز. " والفعل" مبتدأ. "منه" حال من فاعل. "صحيح" الواقع خبرا للمبتدأ. "غالبًا"
حال من فاعل. "صحيح" أيضًا. "نحو" خبر لمبتدأ محذوف، والحول مضاف إليه.(4/375)
الثالثة: أن تقع عَينا لجمع صحيح اللام، وقبلها كسرة، وهي في الواحد: إما مُعلّة1؛ نحو: دار ودِيار، وحِيلة وحِيَل، ودِيمَة ودِيَم2، وقِيمة وقِيَم، وقامة3 وقِيَم، وشَذّ حاجة وحِوَج، وإما شبيهة بالمُعَلّة؛ وهي الساكنة، وشرط القلب في هذه: أن يكون بعدها في الجمع ألف4؛ كسَوْط وسِيَاط، وحَوْض وحِياض، ورَوْض ورِياض؛ فإن فُقدت صححت الواو؛ نحو: كُوز وكِوَزَة، وعَوْد -بفتح أوّله للمسنّ من الإبل5- وعِوَدَة, وشذ قولهم: ثِيَرَة6.
وتصحح الواو إن تحركت في الواحد؛ نحو: طويل وطِوال، وشذ قوله:
وأن أعزاء الرجال طِيَالُها7
__________
= أي: افعل ذا بالواو -وهو قلبها ياء- إذا كانت طرفا في الآخر، أو وقعت
قبل تاء التأنيث، أو قبل زيادتي "فعلان" مكسورًا ما قبلها على نحو ما بينه
المصنف، وكذلك رأى النحاة قلب الواو ياء بعد الكسرة، في مصدر كل
فعل معتل العين وبعدها ألف وقبلها كسرة، وإذا كان المصدر على وزن "فِعل" وعينه واو قبلها كسرة، وليس بعدها ألف صحت فيه الواو؛ نحو: الحول مصدر حال؛ تقول: حال حولا.
1 أي: منقلبة، سواء كان بعدها ألف في الجمع؛ كديار: جمع دار، أو لا؛ كباقي الأمثلة التي ذكرها المصنف.
2 أصلها: دومة، من دام يدوم.
3 قامة الإنسان: طوله وحسن قوامه واعتداله، وبكرة البئر بأداتها.
4 لأنها ليست في الضعف كالمعتلة، فلا يقوى تسلط الكسرة عليها إلا بوجود الألف القريبة من الياء؛ فجملة الشروط خمسة: أن يكون جمعا صحيح اللام، وأن تكون الواو في الواحد معلة أو شبيهة بها، وأن يكون قبلها كسرة، وبعدها ألف.
5 هو الذي جاوز في السن سبع سنين، والجمع عِيَدة، وعِوَدة.
6 جمع ثور، والقياس ثورة.
7 عجز بيت من الطويل لأنيف من زبان النبهاني الطائي؛ أحد شعراء الحماسة، وصدره:
تبين لي أن القَمَاءة ذِلّة
=(4/376)
قيل: ومنه1 {الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ} 2، وقيل: جمع جيّد3 لا جَوَاد.
أو أُعلَّت لامه؛ كجمع ريّان، وجَوّ4، بتشديد الواو؛ فيقال: رِوَاد وجِوَاء، بتصحيح العين5؛ لئلا يَتَوالى إعلالان6، وكذلك ما أشبههما.
وهذا الموضع ليس محرّرًا في الخلاصة، ولا في غيرها من كتب الناظم فتأمَّله.
__________
= اللغة والإعراب: القماءة: قصر القامة؛ من قمؤ الرجل، إذا ذل وصغر، ذلة: صغة وهوان, أعزاء؛ من العزة؛ وهي القوة والمنعة، ضد الذلة، طيالها: جمع طويل، وأصله طوال. "أن القماءة ذلة" المصدر المكون من أن ومعموليها فاعل تبين.
المعنى: ظهر لي بعد التجربة والممارسة أن قصر القامة في الإنسان دليل الضعة والمذلة، وأن الرجال الأعزاء المهابون هم الفارعون طوال القامة.
الشاهد: في "طيالها"؛ فالأصل: طوالها؛ لأنه جمع طويل، فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، وكان القياس ألا تقلب ياء في الجمع؛ لأن الواو فيها متحركة في المفرد، فهي قوية بالحركة ولم تقلب فيه، فقلبها شاذ.
1 أي: من إبدال الواو المتحركة في المفرد ياء شذوذا؛ وذلك بناء على أن الجياد جمع جواد؛ وهو الذي يسرع في جريه.
2 الصافن من الخيل: الذي يقوم على ثلاث قوائم، وطرف حافر الرابعة، وهو من صفات الخيول الجيدة، والرجل يصف قدميه، والجياد: المسرعة في جريها، وقد وصفها بالصفوف والجودة ليجمع لها بين الصفتين المحمودتين؛ وافقة وسائرة، [سورة ص الآية: 31] .
3 وعلى ذلك لا يكون الإبدال شاذا؛ لأن الواو في المفرد معتلة؛ إذ أصله جيود؛ من جاد يجود، اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون؛ فقلبت الواو ياء وأدغمتا.
4 ريان: أي: مُرتوٍ بالماء، ضد عطشان، والجو: هو الفضاء بين الماء والأرض، واسم لمواضع كثيرة.
5 وأصلها: رِواي، وجِواو، أبدلت الياء والواو همزة؛ لتطرفهما إثر ألف زائدة.
6 إعلال العين بإبدالها ياء لكسر ما قبلها، وإعلال اللام بقلبها همزة لوقوعها طرفا بعد ألف زائدة، وكذلك يمتنع الإعلال إن لم يكسر ما قبل الواو؛ نحو: أثواب وأحواض، أو وقعت الواو عينا لمفرد غير مصدر؛ نحو: خِوان وسِوار، وشذ التصحيح مع استفياء=(4/377)
الرابعة: أن تَقَعَ طرفا رابعة فصاعدًا1؛ تقول: عَطَوْتَ وزَكَوْتَ2، فإذا جئت بالهمزة أو التضعيف، قلت: أَعْطَيْتُ وزَكَّيْتُ3، وتقول في اسم المفعول: مُعْطَيانِ ومُزَكَّيَان؛ حملوا الماضي على المضارع، واسم المفعول على اسم الفاعل؛ فإن كلا منهما قبل آخره كسرة، وسأل سيبويه الخليل عن وجه إعلال نحو: تَنَازَيْنا وتَدَاعَيْنا4، مع أنَّ
__________
= الشروط؛ كما في حِوَج وحِوَل؛ جمعي حاجة وحيلة.
وإلى هذه المسألة الثالثة أشار الناظم بقوله:
وجمع ذي عين أعل أو سَكَن ... فاحكم بذا الإعلال فيه حيث عَنْ*
أي: إذا وقعت الواو عين جمع صحيح اللام، وأعلت في مفرده أو سكنت؛ فاحكم بهذا الإعلال؛ وهو قلبها ياء، إن انكسر ما قبلها ووقعت بعدها ألف كما بين المصنف ومعنى عن: ظهر وعرض، ثم ذكر الناظم أنه إذا لم تقع بعد الواو السالفة ألف في الجمع، لا تعل. ويجب التصحيح في الجمع الذي على وزنه "فعلة"؛ كما مثل المصنف في عود وعِودة، وكُوز وكِوزة، ويجوز التصحيح والإعلال فيما كان على وزن "فِعَل" فقال في ذلك:
وصححوا "فِعَلَة" وفي "فِعَل" ... وجهان والإعلال أولى كالحِيَل*
فالتصحيح نحو: حاجة وحِوَج أو حيج، وحيلة وحيل وحول، والإعلال نحو: قامة وقيم، وديمة وديم، والإعلال غالب، أما التصحيح فشاذ عند غيره.
1 بشرط فتح ما قبلها، وأن تكون منقلبة ياء في المضارع؛ سواء كانت في فعل أو في اسم.
2 بإبقاء الواو فيهما لأنهما ثالثة، ومعناهما أخذت، ونميت.
3 فأبدلت الواو ياء؛ لأنها صارت رابعة.
4 والأصل تغازونا، وتداعونا.
__________
* "وجمع ذي عين" جمع مبتدأ، وذي عين مضاف إليه. "أعل" ماض للمجهول، والجملة نعت لعين "أو سكن" معطوف على أعل. "فاحكم" الفاء زائدة، والجملة خبر المبتدأ. "بذا" متعلق باحكم. "الإعلال" بدل أو عطف بيان. "فيه حيث" متعلقان باحكم. "عن" أي: عرض, فعل ماض، والجملة في محل جر بإضافة حيث إليها.
* "فعلة" مفعول صححوا، والواو للعرب، "وفي فعل" جار ومجرور متعلق بمحذوف، خبر مقدم. "وجهان" مبتدأ مؤخر. "والإعلال" مبتدأ. "أولى" خبر. "كالحيل" خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: وذلك.(4/378)
المضارع لا كَسْر قبل آخِرِه1؛ فأجاب بأن الإعلال ثبت قبل مجيء التاء في أوله، وهو2 غَازَيْنا ودَاعَيْنا حملًا على "نُغَازِي ونُدَاعِي"، ثم استُصحِب معها3.
الخامسة: أن تَلِيَ كسرة، وهي ساكنة مُفردة4؛ نحو: مِيزان ومِيقات5؛ بخلاف نحو: صِوان وسِوار6، واجْلِوَّاذ واعْلِوَّاط7.
__________
1 أي: حتى يعل ويحمل عليه الماضي؛ فإن المضارع تتغازى وتتداعى.
2 الضمير عائد على معلوم من السياق؛ أي: المعل المجرد من التاء.
3 وهذا الإعلال يستصحب أيضًا مع هاء التأنيث؛ نحو: المعطاة؛ لأن ألفه منقلبة عن ياء؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها، وهذا الياء منقلبة عن واو لوقوعها رابع إثر فتحة، وفي هذه المسألة يقول الناظم:
والواو لاما بعد فتح "يا" انْقَلَب ... كالمُعْطَيَانِ يَرْضَيَان ... ... ... *
أي: إذا وقعت الواو لاما -أي: طرفا- بعد فتح، قلبت ياء؛ كالمعطيان ويرضيان؛ فإن أصلهما: الواو، وقد فصل المصنف القول في هذا، وكلمة "وجب" الواقعة تمامًا للبيت متصلة بموضوع آخر؛ هو: إبدال الواو من الألف؛ كما سيأتي بعد.
4 أي: غير مشددة ومدغمة في مثلها.
5 أصلهما: موزان وموقات؛ من الوزن والوقت، قلبت الواو فيهما ياء لسكونها وانكسار ما قبلها.
6 لأن الواو فيها متحركة، والصوان: هو الوعاء الذي يصان ويحفظ فيه الشيء.
7 لأن الواو فيهما مشددة غير مفردة، وشذ قلب الواو المدغمة في مثلها ياء؛ كقولهم ديوان في دوان؛ بدليل جمعه على دواوين، والإجلواذ: المضاء والسرعة في السير، وهو خاص بالإبل واعلوط البعير تعلق بعنقه وعلاه، أو ركبه بلا خطام، أو عريانا، ويجب التصحيح كذلك إن فتح ما قبل الواو؛ نحو: سوط، وقول، ولم يذكر الناظم هذه المسألة الخامسة.
__________
* "والواو" مبتدأ. "لاما" حال من الواو، أو من الضمير في انقلب الواقع خبر للمبتدأ. "بعد فتح" بعد ظرف متعلق بانقلب، وفتح مضاف إليه. "يا" مفعوله، وقصر للضرورة. "كالمعطيان" الكاف جارة لقول محذوف، والمعطيان مبتدأ. "يرضيان" فعل مضارع مبني للمجهول، والألف نائب فاعل، والجملة خبر، وجملة المبتدأ والخبر في موضع الحال من ضمير انقلب وهي مقول القول المحذوف.(4/379)
السادسة: أن تكون لاما لـ"فُعْلَى"، بالضم: صفة؛ نحو: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا} ، وقولك: للمتقين الدرجة العليا1، وأما قول الحجازيين: "القُصْوَى"، فشاذ قياسًا، فصيح استعمالًا2، نُبه به على الأصل؛ كما في استحوذ والقَوَد فإن كانت "فُعْلَى" اسمًا لم تُغَيَّر3؛ كقوله:
أدارًا بِحُزْوَى هِجت للعين عَبْرة4
__________
1 فإن أصلهما: الدنوا والعلوا؛ من الدنو والعلو؛ بدليل دنوت دنوا، وعلوت علوا؛ قلبت الواو ياء للاستثقال، وللفرق بينها وبين "فعلى" الاسم.
2 وهي لغة قريش، وقد وردت كثيرا في كلامهم، وجاء في القرآن الكريم: {إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى} [سورة الأنفال الآية: 42] .
3 بل تبقى الواو بدون قلبها ياء؛ وذلك فرقا بينها وبين الصفة، ولم يعكس الوضع؛ لأن الاسم أخف من الصفة.
4 صدر بيت من الطويل، لذي الرمة، غيلان بن عقبة، وعجزه:
فماء الهوى يَرْفضُّ أو يَتَرَقْرَق
اللغة والإعراب: حزوى: اسم موضع بالحجاز، يكثر ذكره في شعر ذي الرمة. هجت: أثرت وحركت. عبرة: دمعة. ماء الهوى: المراد به: الدمع، وأضيف إلى الهوى لأنه سببه، يرفض: يسيل وينصب متفرقا يترقرق: يبقى في العين متحيرًا مضطربا يجيء ويذهب.
"أدارا" الهمزة للنداء، ودارا منادى منصوب وإن كان نكرة مقصودة؛ لأنه شبيه بالمضاف؛ لوصفه بحزوى قبل النداء، وتقدم أن النكرة المقصودة إذا وصفت ترجح نصبها على ضمها؛ كما في حديث: $"يا عظيما يرجى لكل عظيم"."بحزوى" جار ومجرور، متعلق بمحذوف صفة لدار، "عبرة" مفعول هجت.
المعنى: أن هذه الدار بهذا الموضع تثير الذكريات، وأيام الحب والهوى؛ فتذرف العين دمعها أحيانا، ويضطرب فيها أخرى.
الشاهد: في حزوى؛ حيث بقيت الواو على حالها ولم تقلب ياء؛ لكونها اسما لا صفة، وفي هذا يقول الناظم:=(4/380)
السابعة: أن تَلتقي هي والياء في كلمة1، والسابق منهما ساكن متأصِّل ذاتا وسكونا، ويجب حينئذ إدغام الياء في الياء.
مثال ذلك فيما تقدمت فيه الياء: سَيّد وميّت، أصلهما: سَيْوِد ومَيْوِت2.
ومثاله فيما تقدمت فيه الواو: طَيّ ولَيّ، مصدرا طَوَيْت ولَوَيْت، وأصلهما طَوْي ولَوْي3، ويجب التصحيح إن كان من كلمتين4؛ نحو: يَدْعُو ياسِر، ويَرَمْي واعِد، أو كان السابق منهما متحركًا؛ نحو: طَوِيل وغَيور، أو عارض الذات5؛ نحو: رُويَة مخفف رُؤْيَة، أو عارِض السكون؛ نحو: قَوْيَ؛ فإن أصله الكسر، ثم إنه سكن للتخفيف؛ كما يقال في عَلِمَ: عَلْمَ.
__________
=
بالعكس جاء لام "فُعْلَى" وَصْفا ... وكَوْنُ قُصْوَى نادِرًا لا يَخفى*
أي: بعكس لام "فعلى" المذكورة في البيت قبله، والتي ستجيء بعد، تبدل الواو الواقعة لاما لفعلى وصفا ياء، وندر "قصوى" بإقرار الواو قياسا، ولا يخفى أنه فصيح استعمالا لوروده في القرآن، أما "فعلى" اسما فتسلم فيها الواو كما سيأتي، وإن كانت لام "فعلى" ياء سلمت في الاسم والصفة؛ نحو: الفتيا، والقصيا، تأنيث الأقصى.
1 أي: واحدة، أو ما هو في حكم الكلمة؛ كمسلمي في حالة الرفع؛ لأن المتضايفين كالشيء الواحد.
2 أما ساد، فإنه من ساد يسود اتفاقا، ومات: من يموت على إحدى اللغتين، ووزنهما على الراجح عند البصريين "فيعل".
3 اجتمعت الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون؛ فقلبت الواو ياء، وأدغمتا.
4 وكذلك إذا كانا في كلمة واحدة، ولم يلتقيا؛ مثل: زيتون ونيروز.
5 بأن كان منقلبا من غيره؛ كالمبدل عن الألف؛ نحو: سوير وبويع، أو عن الواو؛ كديوان؛ فإن أصله دوّان، فالياء بدل من الواو الأولى، أو عن الهمزة، كمثال المصنف.
__________
* "بالعكس" جار ومجرور متعلق بمحذوف، حال من لام فعلى. "وصفا" حال من فعلى. "وكون قصوى" كون مبتدأ، وقصوى مضاف إليه، من إضافة المصدر الناقص إلى اسمه. "نادرًا" خبره. "لا يخفى" لا نافية، والجملة خبر المبتدأ.(4/381)
وشذ عما ذكرنا ثلاثة أنواع: نوع أُعل ولم يستوف الشروط؛ كقراءة بعضهم:
{إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} 1، بالإبدال والإدغام2،ونوع صُحح مع استيفائها؛ نحو: ضَيْوَن3 وأيْوَم4، وعَوَى الكلب عَوْيَة، ورجاء بن حَيْوة، ونوع أبدلت فيها الياء واوًا وأدغمت الواو فيها؛ نحو: عَوّة5، ونَهُوّ6، عن المنكر.
واطرد في تصغير ما يكسر على "مَفَاعِل"7؛ نحو "جَدْوَل"، وأَسْوَدَ للحية الإعلال والتصحيح8.
الثامنة: أن تكون لام "مفعول" الذي ماضيه على "فَعِلَ".
__________
1 [سورة يوسف الآية: 42] .
2 أي: بإبدل الهمزة واوا ثم ياء وإدغامهما، مع أن الواو عارضة الذات؛ لأنها مخففة من الهمزة. وحكى بعضم اطراد الإبدال في مثل هذا؛ مما واوه بدل عن همزة.
3 هو السنور الذكر، والجمع: ضياون, ولم يدغم؛ لأنه وضع اسمًا جامدا.
4 أي: كثير الشدة؛ يقال: يوم أيوم، كما يقال: ليلة ليلاء.
5 مصدر عوى الكلب، إذا نبح, القياس: عية؛ وأصله: عَوْية.
6 هو بفتح النون على وزن "فعول"، وأصله نهوي: والقياس نهي، وهو وصف مبالغة للناهي.
7 أي: وما يوازنه؛ بشرط أن يكون اسمًا لا صفة، مشتملا على واو متحركة.
8 تقول: جديل وأسيد على القياس، وجديول وأسيود، حملا للتصغير على التكسير، والإعلال في ذلك أحسن. فإن كان المفرد وصفا؛ نحو: أسود، صفة، تعين الإعلال؛ فيقال: "أسيد" لا غير؛ لأنه لا يجمع على أساود.
وعلى ذلك فيشترط في وجوب الإبدال: ألا يكون اجتماع الواو والياء في تصغير ما يكسر على "مفاعل" وكذلك إذا كانت الواو غير متحركة في المفرد؛ نحو: عجوز وعمود؛ فإنهما -وإن كسرا على مفاعل- إلا أن الإعلال واجب في مصغرها فتقول: عُجيز وعُميد، ولا يجوز التصحيح.
وفي هذه المسألة يقول الناظم في فصل مستقل:=(4/382)
بكسر العين1؛ نحو: رَضِيَهُ فهو مَرْضِي، وقَوِيَ على زيد فهو مَقْوِيّ عليه3، وشذ قراءة بعضهم: "مَرْضُوَّةً"4.
فإن كانت عين الفعل مفتوحة، وجب التصحيح؛ نحو: مَغْزُوٌّ، ومَدْعُوّ5، والإعلال شاذ؛ كقوله:
__________
=
إن يسكن السابق من واو ويا ... واتصلا ومن عُرُوض عَرِبا
فياء الواو اقلبنَّ مُدغما ... وشذ مُعْطًى غير ما قد رُسما*
أي: إذا اجتمعت الواو والياء في كلمة واحدة، والسابق منهما ساكن سكونا أصليا قلبت الواو ياء وأدغمتا، وشذ ما يفيد غير ما رسم وعيّن من ذلك، وقد أوضح المصنف هذا كله.
1 سواء كان متعديا أو لازما.
2 الأصل: مرضوو، بواوين، قلبت الثانية -وهي لام الكلمة- ياء؛ حملا على
الفعل؛ لأنها تقلب فيه لكسر ما قبلها كما سبق، ثم الأولى؛ وهي واو مفعول؛ لاجتماعها مع الياء على القاعدة، وأبدلت الضمة كسرة لتسلم الياء من القلب واوًا.
3 أصله: مقووو، قلبت الواو الأخيرة ياء، لثقل ثلاث واوات في الطرف مع الضمة، ثم الوسطى؛ لاجتماعها ساكنة مع التاء على القاعدة، وأبدلت الضمة كسرة كما سبق.
4 أي: بتصحيح الواو وإدغام الواو الزائدة فيها، وذلك في قوله -تعالى- في سورة الفجر: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ, ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً} وجعله في التسهيل مرجوحا.
5 فإن فعلهما: غزا ودعا، وأصلهما: غَزَو ودَعَو، تحركت الواو وانفتح ما قبلها؛ فقلبت ألفًا على القاعدة.
__________
* "إن يسكن" شرط وفعله. "السابق" فاعله يسكن. "من واو" متعلق بيسكن. "ويا" بالقصر، عطف على واو.
"وانفصلا" معطوف على يسكن، وألف الاثنين فاعل. "ومن عروض" متعلق بعريا المعطوف على اتصلا، والضمير في عريا عائد إلى السابق.
"فيا" الفاء واقعة في جواب الشرط، و"يا" مفعول اقلبن الثاني. "الثاني" مفعوله الأول، "مدغما" حال من فاعل اقلبن المستتر. "معطى" فاعل شذ، وهو اسم مفعول، ونائب فاعله هو مفعوله الأول. "غير" مفعوله الثاني. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "وقد رسما" الجملة صلة ما، والألف للإطلاق، ونائب فاعل رسما يعود إلى ما.(4/383)
أنا اللَّيْث مَعْدِيا علي وعَادِيا1
التاسعة: أن تكون لام "فُعُول"، جمعًا؛ نحو: عَصا وعُصِيٍّ، وقَفًا وقُفِيٍّ، ودَلْو ودُلِي2، ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .... ... ... ... ... ... ... ....
__________
1 عجز بيت من الطويل، لعبد يغوث بن وقاص الحارثي، وصدره:
وقد عَلِمت عِرْسِي مُلَيْكة أنني
اللغة والإعراب: عرس الرجل: زوجه. مليكة: اسمها، وهو بدل أو عطف بيان من عرسى الواقع فاعلا لعلمت. "أنني" أن حرف توكيد ونصب، والنون للوقاية، والياء اسمها "أنا" ضمير فصل "الليث" خبر أن، وأن ومعمولاها سدت مسد مفعولي علمت. "معديا" حال من الليث "علي" متعلق به على أنه نائب فاعله؛ لأنه اسم مفعول يعمل عمل الفعل المبني للمجهول "وعاديا" معطوف على معديا.
المعنى: تعلم زوجي مليكة أنني شجاع كالليث؛ سواء اعتدى علي أحد، أو اعتديت أنا على غيري.
الشاهد: في "معديا" فقد أعل بقلب واوه ياءا شذوذا، والقياس تصحيح لامه؛ لأن فعله عدا مفتوح العين، وأصله: معدوو، قلبت لامه ياء لتطرفها، ثم الواو ياء على القاعدة وأدغمتا، ثم ضمة الدال كسرة لمناسبة الياء فصار معدو، ولكن الشاعر أعله شذوذًا، ويرى الناظم أن التصحيح في مثل هذا راجح لا واجب، والإعلال مرجوح، وفي هذا يقول:
وصحح المفعول من نحو عَدا ... وأَعلل إن لم تتحرَّ الأجودا*
أي: إذا بني اسم مفعول من ماض ثلاثي، واوي اللام، غير مكسور العين؛ مثل: عدا، فالأجود تصحيح واوه؛ تقول معدو، ويجوز إعلاله بقلب الواو ياء؛ فتقول: معدي، إن لم تتحر الرأي الأجود. وقد ذكر الناظم هذا البيت والذي بعده في باب الإعلال بالنقل.
2 الأصل فيها: عُصُوو، وقُفُوو، ودلوو، على وزن "فُعول"؛ قلبت الواو الثانية ياء لثقل الواوين مع الضمة في الجمع، ثم الأولى لاجتماعها مع الياء، وأدغمتا على القاعدة، وكسر ما قبل الياء لتصح ويصح كسر الأولى منها للتخفيف؛ لأن الانتقال من الضم إلى الكسر في مثل هذه الصيغة لا يخلو من ثقل.
__________
* "المفعول" مفعول صحيح. "من نحو" جار ومجرور متعلق بمحذوف، حال من المفعول. "عدا" مضاف إليه مقصود لفظه. "وأعلل" فعل أمر ومفعوله محذوف يعود على المفعول. "إن" شرطية. "تنحر" فعل الشرط مجزوم بلم بحذف الألف. "الأجودا" مفعول تتحر، والألف للإطلاق، وجواب الشرط مجذوف، أي: إن لم تتحر الأجود من الوجهين فأعلل.(4/384)
والتصحيح شاذ، قالوا: أُبُوّ، وأُخُوّ1، ونُحُوّ، جمعا لنحو؛ وهو الجهة، ونُجُوّ بالجيم جمعا لنَجْو، وهو السحاب الذي هراق ماءه، وبَهْو2 -وهو المصدر- وبُهُوّ فإن كان "فُعُول" مفردًا، وجب التصحيح؛ نحو: {وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا} 3، {لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ} 4 وتقول: نما المال نُموّا، وسما زيد سُموّا 5 وقد يعل نحو: عتا الشيخ عِتِيّا، وقسا قلبه قِسِيا6.
__________
1 جمعان لأب وأخ، والقياس: أبيّ وأخيّ.
2 هو البيت المتقدم أمام البيوت، والواسع من الأرض، ومن كل شيء، وقيل: إن قول المصنف: "وهو المصدر" فيه نظر؛ لأن المفهوم من عبارة القاموس أنه لم يستعمل مصدرًا، وإن كان ذلك لا يدل على عدم وجوده، والجمع أبهاء، وبهوّ، وبهيّ.
3 [سورة الفرقان الآية: 21] .
4 [سورة القصص الآية: 83] .
5 فجميع هذه الأمثلة مصادر مفردة مضمومة الأول والثاني والأصل: عُتوو، وعُلوو، ونموو، وسموو، أدغمت أولى الواوين في الثانية.
6 وقول الناظم يفيد التسوية بين الجمع والمفرد؛ حيث يقول في هذه المسألة:
كذاك ذا وجهين جا الفُعُولُ من ... ذي الواو لام جمع أو فرد يعن*
أي: إن الاسم الذي على وزن "فعول" واوي اللام، يجوز فيه وجهان التصحيح والإعلال، وفي المفرد التصحيح، وهو الأصلح.
__________
* "كذاك" جار ومجرور متعلق بجا. "ذا" بمعنى صاحب- حال من المفعول الواقع فاعلا لجا بالقصر.
"وجهين" مضاف إليه. "ممن ذي الواو" متعلق بجا، ومضاف إليه، أو بمحذوف حال من المفعول. "لام جمع" لام حال من الواو، وجمع مضاف إليه. "أو فرد" عطف على جمع. "من" أي: يظهر. الجملة صفة لفرد، وفاعل يعن يعود على فرد.(4/385)
العاشر: أن تكون عَيْنا "لفُعِّل"، جمعًا صحيح اللام1؛ كصُيِّم ونُيِّم2، والأكثر فيه التصحيح؛ تقول: صُوِّم، ونُوِّم.
ويجب إن اعتلّت اللام لئلا يتوالى إعلالان3؛ وذلك كشُوًى وغُوًى؛ جمعي شاوٍ وغاوٍ4، أو فصلت من العين؛ نحو: صُوّام ونُوّام؛ لبعدها5 حينئذ من الطرف، وشذ قوله:
فما أَرَقّ النُّيَّام إلا كلامها6
__________
1 بشرط عدم وجود فاصل بين العين واللام.
2 جمعان لصائم ونائم، وأصلها: صوّم ونوّم، بواوين قبلهما ضمة، فعدل إلى الياءين للخفة.
3 إعلال العين، وإعلال اللام.
4 اسما فاعل من شوى يشوي، وغوى يغوي، وأصلها: شُوِّي، وغُوِّي، قلبت الياء فيهما ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت لالتقائها ساكنة مع التنوين.
5 أي: العين.
6 عجز بيت من الطويل، لأبي الغمر الكلابي، ويقال له أبو النجم، وصدره.
ألا طَرَقَتنا مَيَّة بنَة مُنْذر
اللغة والإعراب: طرقتنا: زارتنا ليلا، مية: اسم امرأة, أرق: أسهر وأذهب النوم من الأعين، النيام: جمع نائم؛ اسم فاعل من نام ينام نوما.
"ألا" أداة استفتاح أريد بها التنبيه. "مية" فاعل طرقتنا. "ابنة منذر" ابنة صفة لمية، ومنذر مضاف إليه. "فما" ألفا عاطفة، و"ما" نافية "النيام" مفعول أرق مقدم. "إلا" أداة حصر.
"كلامها" فاعل مؤخر، ومضاف إليه.
المعنى: أن هذ المرأة زارتهم بالليل وقد نام القوم فأرقهم حديثها العذب وأطار النوم من أعينهم كلامها الحسن البديع، حتى قضوا ليلهم أيقاظا ساهرين.
الشاهد: في "نيام" فإنه جمع نائم، والهمزة منقلبة من واو، وقد أعل بقلب الواو ياء، مع أن قبل لامه ألفًا، وهذا شاذ، والقياس: نوام بالتصحيح؛ أو نيّم بحذف الألف. وإلى هذه يشير الناظم بقوله:=(4/386)
فصل: في إبدال الواو من الألف والياء
فصل: في إبدال الواو من أختيها: الألف والياء.
أما إبدالها من الألف ففي مسألة واحدة؛ وهي: أن ينضم ما قبلها1؛ نحو: بُويِعَ وضُورِب، وفي التنزيل: {مَا وُورِيَ عَنْهُمَا} 2.
وأما إبدالها من الياء ففي أربع مسائل:
إحداها: أن تكون ساكنة مفردة3 في غير جمع4؛ نحو: مُوقِن ومُوسِر5،
__________
=
وشاع نحو نُيَّم في نُوَّم ... ونحو نُيَّام شُذُوُذُ نُمِي*
أي: شاع وكثر في جمع التكسير الواوي العين الذي وزنه على "فعل" الإعلال
بقلب واوه ياء؛ نحو: نيم في نوم، وهذا إذا لم يكن قبل لامه ألف. فإن كان
قبل اللام ألف، وجب التصحيح، وشذ الإعلال؛ نحو: نيَّام في نوّام.
هذا: ومما يجب فيه قلب الواو ياء: أن تقع الواو طرفا بعد ضمة أصلية في اسم معرب؛ سواء كانت طرفا حقيقة؛ مثل أدل، جمع دلو، أو حكما؛ كما إذا وقع بعدها تاء تأنيث أو علامة تثنية؛ نحو: تدانية، وتدانيان، فتقلب الواو ياء والضمة قبلها كسرة؛ لمناسبة الياء، وعلة القلب هي هذا التفادي مما لا نظير له في العربية.
وهذا الموضع لم يتعرض له الناظم ولا ابن هشام.
1 سواء أكانت في الفعل، وذلك عند بنائه للمجهول؛ كما مثل المصنف، أم في الاسم عند تصغيره، نحو: "كوَيتب" في تصغير كاتب، و"مُوَيْهِر" في تصغير ماهر, ويشترط لقلبها واوا في التصغير: ألا يكون أصلها الياء، وإلا وجب ردها إلى أصلها؛ نحو: ناب؛ فيقال فيه: نيب، وقد تقدم ذلك في التصغير.
2 [سورة الأعراف الآية: 20] .
3 أي: غير مشددة، ولا بد أن يكون قبلها ضمة.
4 أي: في لفظ مفرد غير دال على الجمع؛ سواء كانت في اسم أو فعل.
5 أصلها: ميقن وميسر، وكذلك الفعل؛ تقول: يوقن ويوسر؛ فإن أصلهما: يُيقن ويُيسر، قلبت الياء واو للتجانس بين حرف العلة والحركة قبله.
__________
* "نحو" فاعل شاع. "نيم"؛ مضاف إليه. "في نوم" متعلق بمحذوف، حال من نيم، أو متعلق بشاع. "ونحو نيام" مبتدأ، ومضاف إليه، "شذوذه نمي" مبتدأ ثان وخبر، والجملة خبر "نحو".(4/387)
ويجب سلامتها إن تحركت؛ نحو: هُيَّام1، أو أُدْغِمَت كَحُيَّض2، أو كانت في جمع. ويجب في هذه قلب الضمة كسرة؛ كهيم3 وبيض، في جمع أَفْعَلَ، أو فَعْلَاءَ.
الثانية: أن تقع بعد ضمة؛ وهي: إما لام "فَعُل"؛ كَنَهُوَ الرَّجل، وقَضُو؛ بمعنى: ما أنهاه؛
__________
1 مصدر هام إذا اشتد عطشه؛ أو اختل عقله من العشق والحب.
2 جمع حائض، وهذا المثال خارج بقوله: في غير جمع، ومثال المفرد: خُيّر، وزيّن.
3 جمع أهيم وهيماء، والهيم: الإبل العطاش، وأصله هيم، فكسرت الهاء لما سبق. والهيام -بكسر الهاء وضمها- داء يصيب الإبل فتهيم في الأرض ولا ترعى، وتعطش فلا تروى. وكذلك لا يجوز القلب إذا كانت غير مسبوقة بضمة؛ نحو: حيل وجيل.
وفي هذه المسألة، وما قبلها من إبدال الواو من الألف، يقول الناظم:
.................................. ... ..........................ووجب
إبدال واو بعد ضم من ألف ... ويا كموقن بذالها اعترف
ويكسر المضموم في جمع كما ... يقال "هِيم" عند جمع "أَهْيَمَا"*
أي: إنه يجب أن تبدل الألف واوا إذا وقعت بعد ضمة؛ وذلك في الفعل عند بنائه للمجهول، وفي الاسم عند تصغيره، كما بين المصنف، وهو الموضع الوحيد الذي تبدل فيه الواو من الألف، وتبدل من الياء إذا سكنت في مفرد بعد ضمة كموقن، ويجب قلب الضمة كسرة في الجمع لتصح الياء؛ فيقال: "هِيم" في جمع أهيم، ولا تقلب واوا كالمفرد؛ لثقل الجمع والضمة.
وقول الناظم: "ووجب"، تمام البيت الذي تقدم في صفحة "379".
__________
* "إبدال" فاعل وجب. "بعد ضم" بعد ظرف متعلق بإبدال، وضم مضاف إليه. "من ألف" متعلق أيضًا بإبدال.
"ويا" مبتدأ. "كموقن" صفته على حذف مضاف؛ أي: كباء موقن. "بذالها" متعلقان باعترف الواقع خبرا للمبتدأ. "اعترف" إما فعل أمر، أو ماض مبني للمجهول.
"في جمع" متعلق بيكسر. "كما" الكاف جارة، وما مصدرية. "هيم" نائب فاعل يقال قصد لفظه والجملة صلة.
"عند جمع" عند ظرف بمعنى في متعلق بيقال، وجمع مضاف إليه، "أهيما" مضاف إليه ممنوع من الصرف؛ للوصفية ووزن الفعل.(4/388)
أي: أعقله، وما أقضاه1 أو لام اسم مختوم بتاء بنيت الكلمة عليها2؛ كأن يبنى من الرمي مثل "مَقُدُرة"، فإنك تقول: مَرْمُوة3 بخلاف نحو: تَوانَى توانِية4، فإن أصله قبل دخول التاء: توانيا -بالضم- كتكاسل تكاسلا5، فأبدلت ضمته كسرة لتسلم الياء من القلب6، ثم طرأت التاء لإفادة الواحدة وبقي الإعلال بحاله7، أو لام اسم مختوم بالألف والنون كأن تبنى من الرمي على وزن "سَبُعَان" اسم الموضع الذي يقول فيه ابن الأحمر:
ألا يا ديار الحي بالسَّبُعان8
فإنك تقول: رَمُوَان9.
__________
1 تقدم الكلام على هذه الصيغة في باب التعجب الجزء الثالث، وأنها تؤدي معنى التعجب، وهي من الأساليب القياسية فيه.
2 أي: من أول الأمر؛ بحيث لا تؤدي الكلمة معناها إلا مع هذه التاء التي للتأنيث.
3 والأصل: مرمية، أبدلت الياء واوا لوقوعها إثر ضمة.
4 فإن الياء فيه عارضة بعد بناء الصيغة المطلوبة للمذكور، فلا تقلب معها الياء واوا؛ لأنها في نية الانفصال فما قبلها آخر، بل يجب حينئذ كسر الضمة لتسلم الياء.
5 لأن هذا هو المصدر القياسي للفعل الذي على وزن "تفاعل".
6 لأنه ليس في الأسماء المتمكنة العربية ما آخره واو قبلها ضمة لازمة كما تقدم ذلك قريبا فارجع إليه.
7 وهو قلب الكسرة ضمة.
8 ذكر الشيخ خالد أن هذا البيت لتميم بن أبي مقبل وهو الأصح، وقد تقدم الكلام عليه في باب النسب "انظر صحفة: 259".
9 والأصل: رميان، قلبت الياء واوا لوقوعها بعد ضمة. وإلى هذه المسألة يشير الناظم بقوله:
وواوا إثر الضم رُدَّ "اليا" متى ... ألفي لام فِعل أو من قَبل "تا"
كتاء بان من "رَمَى" كمَقْدُرَه ... كذا إذا كسَبُعان صيّره*
أي: إن الياء إذا ضم ما قبلها، ووقعت لام فعل، أو اسم مختوم بتاء التأنيث كبناء صيغة على وزن "مقدرة" من رمى، أو مختوم بألف ونون مزيدتين، كبناء صيغة على وزن "سبعان" وجب قلبها واوا.
__________
1 "وواوا" مفعول رد الثاني. "إثر" ظرف متعلق برد. "الضم" مضاف إليه. "اليا" باقصر مفعول رد الأول. "متى" اسم شرط جازم في محل نصب بألقي الواقع فعلا للشرط، ونائب فاعله مفعوله الأول. "لام فعل" لام=(4/389)
الثالثة: أن تكو لامًا لفِعْلَى، بفتح الفاء, اسما لا صفة، نحو: تَقْوى1 وشَرْوَى2 وفَتْوَى، قال الناظم وابنه3: وشَذّ سَعْيا لمكان، وريا للرائحة4، وطَغْيا لولد البقرة الوحشية، ا. هـ. فأما الأول: فيحتمل أنه منقول من صفة5 كخَزْيَا وصَدْيَا مؤنَّثي خَزْيَان وصَدْيَان، وأما الثاني: فقال النحويون: صفة غلبت عليها الاسمية، والأصل: رائحة رَيّا، أي: مملوءة طيبا6، وأما الثالث: فالأكثر فيه ضم الطاء؛ فلعلهم استصحبوا التصحيح حين فتحوا للتخفيف7.
__________
1 أصله الأصيل: "وقيا" لأنه من وقيت؛ قلبت واوه تاء كما في تراث، ثم ياؤه واوا، ولا يضر اجتماع إعلالين فيه لعدم تواليهما، وهو غير منصرف لألف التأنيث، ومن قرأ: {عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ} بالتنوين جعلها للإلحاق بجعفر كألف تترى.
2 أصله: شريا لأنه من شريت، ومعناه: المثل، يقال: لك شرواه؛ أي: مثله.
3 الناظم في شرح الكافية، وابنه في شرح الخلاصة.
4 أما ريا من الري ضد صديا، فعدم القلب فيها واضح؛ لأنها صفة.
5 أي إلى الاسمية، وقد استصحب التصحيح بعد جعله اسمًا.
6 أي: وتصحيح الصفة غير شاذ، على أنه لو سلم بالاسمية، فالذي يمنع القلب هو: أنه لو قيل "ريوا" لوجب قلب الواو ياء وإدغامها لاجتماعهما، وسبق إحداهما بالسكون.
7 وقد أشار الناظم إلى هذه المسألة بقوله:=
__________
= مفعوله الثاني، وفعل مضاف إليه. "أو من قبل تا" معطوف على لام فعل ويا مضاف إليه، وجواب الشرط محذوف؛ أي: متى ألقى الياء لام فعل، فرده واوا، "كتاء" متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، "بان" مضاف إليه "من رمى" متعلق بيان. "كمقدرة" متعلق به أيضًا. "كذا" جار ومجرور متعلق بمحذوف يدل عليه رد السابق. "إذا" ظرف زمان متعلق بما تعلق به الجار قبله. "كسبعان" جار ومجرور في موضع المفعول الثاني لصبره تقدم عليه. "صبره" الهاء مفعوله الأول عائدة على لفظ الرمي المفهوم من رمر والفاعل يعود على بان.(4/390)
الرابعة: أن تكون عَيْنًا "لفُعْلَى" بالضم, باسم كطُوبى مصدرًا لطاب، أو اسما للجَنَّة1، أو صفة جارية مجرى الأسماء2، وهي: "فُعْلَى أَفْعَل" كالطوبَى والكُوسَى والخُورَى مؤنثات: أَطْيَبَ وأَكْيَسَ وأَخْيَرَ، والذي يدل على أنها جارية مجرى الأسماء أن أفعل التفصيل يجمع على "أَفَاعِل"3 فيقال: الأفاضِل والأكابر، كما يقال في جمع أَفْكَل4: أفَاكِل.
فإن كانت "فُعْلَى" صفة محضة5 وجب قلب ضمته كسرة6، ولم يسمع من ذلك إلا {قِسْمَةٌ ضِيزَى} أي: جائزة: ومشية حيكى، أي: يتحرك فيها المنكبان7 هذا كلام النحويين.
__________
=
من لام "فَعْلَى" اسما أتى الواو بدل ... ياء كتَقْوَى غالبًا جَاذا الْبَدل*
أي: إن الواو تبدل من الياء غالبا، إذا وقعت لاما لاسم على وزن "فعلى" نحو: "تقوى" فإن أصله تقيا؛ لأنه من تقيت.
1 فإن أصلها "طيبي" لأنه من طاب يطيب، قلبت ياؤه واوا.
2 وذلك بأن تكون معمولة للعوامل المختلفة مباشرة دون أن يسبقها موصوف.
3 أي: إذا كان مقترنا بأل أو مضافا إلى معرفة، فمثله في ذلك مثل الأسماء المحضة. "انظر ما تقدم في جمع التكسير".
4 أي: الذي هو اسم جامد للرعادة، لا صفة.
5 أي: خالصة من شائبة الاسمية، وذلك بجريانها على موصوف ولو مقدرا.
6 أي: لكي تصح الياء وتسلم من قلبها واوا، وذلك للفرق بين الصفة والاسم.
7 يقال: حاك في مشيه يحوك ويحيك، إذا حرك منكبيه، ويقال: ضازه يضوزه، ويضيزه، إذا جار عليه وبخسه, والأصل فيهما: ضيزى وحيكى بضم أولها، فأبدلت الضمة كسرة لتصح الياء، وعند بعض النحويين: أصلها: ضوزي، وحوكى، فهما واويان، وفي القاموس: أنهما واويان ويائيان ويائيان، وهنالك كلمة ثالثة مسموعة هي "كيضي" ياقل: رجل كيضى؛ أي: يمشي وحده ويأكل وحده ولا يعينه غير نفسه.
__________
* "من لام فعلى" من لام متعلق ببدل وفعلى مضاف إليه. "اسما" حال من فعلى. "الواو" فاعل آتى. "بدل" حال من الواو وسكن على لغة ربيعة. "ياء" مضاف إليه. "كتقوى" متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف. "غالبا" حال من "ذا" الواقع فاعلا لجاء. "البدل" بدل من اسم الإشارة أو بيان له أو نعت والتقدير: أتى الواو بدل باء من لام فعلى حال كونها اسما كتقوى جاء هذا البدل غالبا.(4/391)
وقال الناظم وابنه: يجوز في عين "فعلى" صفة: أن تسلم الضمة فتقلب الياء واوا، وأن تبدل الضمة كسرة فتسلم الياء، فتقول: الطوبي والطيبى، والكوسى، والكيسى، والضوقى والضيقى1.
__________
1 مؤنثي: الأكيس، والأضيق.
قال الناظم معبرا عن رأيه في "فعلى".
وإن تكن عينا "لِعُمْلَي" وصفا ... فذاك بالوجهين عنهم يُلْفي*
أي: إذا وقعت الياء عينا لصفة على وزن "فعلى" جاز فيها الوجهان: التصحيح والإعلال بقلبها واوا. هذا وكلام الناظم يخالف ما عليه سيبويه والنحويون من وجهين.
أ- أنه يجيز في "فعلى" وصفا وجهين، وهم يوجبون تصحيح الياء وكسر ما قبلها.
ب- أنه أجاز في "فعلى" أنثى الأفعل من الصفات الجارية مجرى الأسماء الوجهين أيضًا.
ونص على أنهما مسموعان عن العرب. وهم حكموا لها بحكم الأسماء المحضة، فأوجبوا إقرار الضمة وقلب الياء واوا.
__________
* "وإن تكن" شرط وفعله، واسم تكن يعود إلى الياء. "عينا" خبرها. "لفعلى" متعلق بمحذوف نعت لعينا.
"وصفا" حال من فعلى. "فذاك" لفاء واقعة في جواب الشرط. "ذا" اسم إشارة مبتدأ، والكاف حرف خطاب. "بالوجهين" في موضع المفعول الثاني ليلفي.
"عنهم" متعلق بيلفي، ونائب فاعله هو مفعوله الأول، وجملة "يلفي" خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ والخبر في محل جزم جواب الشرط ولذلك اقترنت بالفاء.(4/392)
فصل: في إبدال الألف من الواو والياء
فصل: في إبدال الألف من أختيها الواو والياء1.
وذلك مشروط بعشرة شروط:
__________
1 إذا وقت الألف عين أو لاما في الفعل الثلاثي، فلا بد أن تكون منقلبة عن واواو أو ياء مثل: باع، وصام، وجرى، وسما؛ فإن الأصل: بيع، وصوم، وجرى، وسمو، فقلبت الياء أو الواو ألفًا، ويدل على ذلك: المصادر وغيرها، وكذلك الشأن في كثير من الأسماء.
وهذا القلب لا يتم إلا بشروط.(4/392)
الأول: أن يتحركا؛ فلذلك صحتا في القول والبيع لسكونهما.
الثاني: أن تكون حركتهما أصلية1، ولذلك صحتا في جيل2 وتوم3 مخففي: جيئل وتوأم.
الثالث: أن ينفتح ما قبلهما4، ولذلك صحتا في العِوَض، والحِيَل، والسُّور.
الرابع: أن تكون الفتحة متصلة، أي: في كلمتيهما، ولذلك صحتا في ضرب واحد، وضَرَبَ ياسر5.
__________
1 أي: ليست طارئة للتخفيف، أو لغيره من الحركات التي لا تلازمهما.
2 اسم من أسماء الضبع.
3 هو الولد يولد ومعه غيره في بطن واحد، ويقال لهما: توأمان، وكل واحد توأم، والأكثر توائم، ومثل جيل وتوم في عدم الإبدال، لعروض الحركة، قوله -تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} ، {وَلا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} ، {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ} .
4 لأن غير الفتحة لا يجانس الألف ولا يناسبها.
5 قيل: لو مثل بغير هذين المثالين نحو: أخذ ورقة، ووجد يزيد، لكان أحسن؛
لأن وجود الألف بعد الواو والياء مانع من قلبها أيضًا، فلم يتمحض المنع لما
ذكر. وكذلك لا يعل نحو: قاوم وبايع، للفصل بالألف.
وقد جمع الناظم هذه الشروط الأربعة في بيت واحد فقال:
من
واو أو ياء بتحريك أصل ... ألفا أبدل بعد فتح مُتصل*
أي: أبدل الألف من الواو أوالياء، إذا تحركتا، وكانت حركتها أصلية، ووقعا بعد فتحة، متصلة بهما "بأن يكونا في كلمة واحدة".
__________
* "من واو" متعلق بأبدل. "أو ياء" عطف عليه. "بتحريك" متعلق بمحذوف نعت لهما. "أصل" فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل يعود إلى تحريك والجملة نعت لتحريك. "ألفًا" مفعول أبدل مقدم. "بعد فتح" بعد ظرف متعلق بإبدل وفتح مضاف إليه. "متصل" نعت لفتح.(4/393)
الخامس: أن يتحرك ما بعدهما إن كانتا عينين1، وألا يليهما ألف ولا ياء مشددة إن كانتا لامين، ولذلك صحت العين في بيان وطويل وخَوَرْنَق2، واللام في رَمَيَا وغَزَوَا، وفَتَيان وعَصَوان3 وعَلَويّ وفَتَوَيّ4، وأعلت العين في قام، وباع وباب وناب لتحرك ما بعدها، واللام في غزا ودعا ورمى وبكى؛ إذ ليس بعدها ألف ولا ياء مشددة، وكذلك في يَخْشَون ويَمْحَوْن5 وأصلهما: يَخْشَيُون ويَمْحَوون؛ فقلبتا ألفين6,
__________
1 وكذلك إذا كانتا فاءين نحو: توالى ونبا من، فلا قلب.
2 وذلك لسكون ما بعدهما بالألف في بيان، والياء في طويل، والراء في خورنق، وهما عينان، وخورنق: قصر للنعمان الأكبر بالعراق.
3 لوجود الألف بعدها، وقد مثل للأفعال والأسماء وإنما صح قبل الألف؛ لأن الإعلال قبلها يؤدي إلى اجتماع ساكنين، وحذف أحدهما يوقع في لبس المثنى بالمفرد؛ إذ يصير: غزا، ورمى، وحمل مثل: فتيان وعصوان عليه.
4 لوجود ياء مشددة بعد الواو؛ هي ياء النسب، والواو في علوي منقلبة عن ياء "على". وفي فتوى منقلبة عن ألف "فتى".
5 بفتح الياء والحاء على لغة من قال: محاه يمحاه محوا، إذا أذهب أثره، أو على أنه مبني للمفعول؛ فيكون من محاه يمحوه محوا؛ وهذا هو الأشهر لضم حاء يمحو.
6 أي: لتحركها وانفتاح ما قبلهما. وفي هذا الشرط الخامس يقول الناظم:
إن حُرّك التالى وإن سُكّن كف ... إعلال غير اللام وهي لا يكف
إعلالها بساكن غير ألف ... أو ياء التشديد فيها قد أُلف*
أي: إن شرط الإبدال السابق، أن يتحرك التالي لهما. فإن سكن ما بعد الواو أو الياء فإن السكون يكف -أي: يمنع- إعلال غير اللام "أي: يمنع قلب الواو أو الياء ألفا إذا وقعتا فاء أو عينا" ويجب التصحيح نحو: بيان وطويل. أما اللام فيقع فيها الإعلال إن وقع بعدها ساكن غير ألف أو ياء مشددة، كرميا وعلوي.
ومعنى ألف: عرف وشاع في الكلام الفصيح.
ويتبين من هذا: أن القلب ممتنع إذا وقع بعدهما ألف أو ياء مشددة؛ فإن وقع بعدهما ساكن آخر غير هذين، فالقلب واجب على الراجح.
__________
* "التالى" نائب فاعل حرك الواقع فعلا للشرط، والجواب محذوف، "وإن سكن" شرط وفعله ونائب الفاعل يعود إلى التالي. "كف" أي: منع. فعل ماض جواب الشرط. "إعلال" مفعول كيف. "غير اللاء" مضاف إليه. "وهي" ضمير منفصل مبتدأ عائد على الواو والياء وأفراد؛ لأن العطف فيهما بأو. "لا يكف أعلالها" لا ناهية، والجملة خبر المبتدأ. "ساكن" متعلق بيكف "غير ألف" غير نعت لساكن وألف مضاف إليه. "أو ساء" عطف على ألف. "التشديد قد ألف" الجملة من المبتدأ والخبر في محل جر نعت لياء، و"فيها" متعلق بألف.(4/394)
ثم حذفتا للساكنين.
السادس: ألا تكون إحداهما عينا "لفعل" الذي الوصف منه على "أفعل"1 نحو: هيف2 فهو أهيف، وعور فهو أعور.
السابع: ألا تكون عينا لمصدر هذا الفعل3 كالهَيف.
الثامن: ألا تكون الواو عينا "لافْتَعَل" الدال على معنى التفاعل، أي: التشارك في
__________
1 هو "فعل" اللازم، المكسور العين الدال على لون أو عيب أو شيء "فطري" أو وصف ظاهر في الجسم؛ فإن الصفة المشبهة منه تكون على هذا الوزن كسور، وعور، وحول.
وإنما صحت عين هذا الفعل حملا على أصله في الألوان والعيوب، وهو "أفعل" كاحول، وأعور؛ لأنه بمعناه في اختصاص كل بالخلق والألوان، وخرج نحو: فإنه وإن كان مكسور العين إلا أن وصفه على فاعل نحو: خائف فيعل كفعل بالفتح والضم.
2 من الهيف. وهو ضمور البطن والخصر، ويعد في الصفات الممدوحة.
3 وذلك حملا للمصدر على الفعل، فهو مقيس على المقيس.
وفي هذين الشرطين يقول الناظم:
وصح عين فَعَل وفَعِلا ... ذا أفْعَل كأَعْيَد وأَحْولا*
أي: إن الفعل الذي الوصف منه وعلى وزن "أفعل" يجب تصحيح عينه إن كانت ياء أو واوا، نحو: غيد فهو أغيد، وحول فهو أحول، والغيد: نعومة البدن وحمل المصدر على الفعل، وهو المراد "بفعل".
__________
* "عين" فاعل صح. "فعل" مضاف إليه. "وفعلا" عطف عليه والألف للإطلاق. "ذا أفعل" ذا بمعنى صاحب حال من فعلا المكسور العين مضاف إلي أفعل. "كأغيد" خبر لمبتدأ محذوف.(4/395)
الفاعلية والمفعولية، نحو: اجتوروا واشتوروا فإنه في معنى تجاوروا وتشاوروا1. فأما الياء فلا يشترط فيها ذلك: لقربها من الألف2، ولهذا أعلت في استافوا مع أن معناه تسايفوا3.
التاسع: ألا تكون إحداهما مَتْلُوّة بحرف يستحق هذا الإعلال4؛ فإن كانت كذلك، صحت5 وأعلت الثانية6 نحو: الحيا7، والهَوَى8 والحْوى مصدر حوي إذا
__________
1 ولهذا حمل على "تفاعل" في التصحيح الذي استحقه؛ لفصل عينه من الفتحة كما تقدم، فإن لم يدل على المفاعلة وجب الإعلال لعدم ما يحمل عليه في التصحيح نحو: اختان، واختار؛ بمعنى خان وخار.
2 أي: في المخرج؛ فهي لذلك أحق بالإعلال من الواو.
3 أي: تضاربوا بالسيوف، ومثلا استاقوا: امتازوا وابتاعوا؛ أي: تمايزوا وتبايعوا، وإلى هذا الشرط يشير الناظم بقوله:
وإن بين تفاعل من افتعل ... والعين واو سلمت ولم تعل*
أي: إذا دل "افتعل" على معنى التفاعل؛ أي: الاشتراك في الفاعلية والمفعولية، وكانت عينه واوا سلمت ولا تقلب ياء، نحو: اشتور؛ بمعنى تشاور.
4 وهو القلب ألفا.
5 لئلا يتوالى إعلالان في كلمة بلا فاصل بينهما وهو في الغالب ممنوع عند النحاة لإجحافه بالكلمة: ويلزم كذلك اجتماع ألفين.
6 لأنها طرف، والطرف محل التغيير.
7 مصدر حي، ومعناه الغيث, وأصله الحي بياءين، فقلبت الثانية -وهي لام الكلمة- ألفًا لتحركها وافتتاح ما قبلها.
8 مصدر هوى، وهو ميل النفس إلى الشيء وشاع في المذموم: وأصله الهوى قلبت الياء ألفًا لما تقدم.
__________
* "تفاعل" فاعل بين الواقع فعلا للشرط. "من افتعل" متعلق بين "والعين واو" الجملة من المبتدأ والخبر حال، الرابط الواو. "سلمت" الجملة جواب الشرط. "ولم تعل" الواو للحال، والجملة حال مؤكدة من فاعل سلمت العائد إلى الواو، والرابط الواو والضمير.(4/396)
اسود1. وربما عكسوا فأعلوا الأولى وصححوا الثانية، نحو: "آية" في أسهل الأقوال2، فإن قلت: لنا أسهل منه، قول بعضهم: إنها "فعلة" كنبقة؛ فإن الإعلال حينئذ على القياس3، وأما إذا قيل إن أصلها أييه -بفتح الياء الأولى- أو أبية -بسكونها- آييه فاعلة؛ فإنه يلزم إعلال الأول دون الثاني4، وإعلال الساكن5، وحذف العين لغير موجب6.
__________
1 وأصله: الحوو -من الحوة وهي سواد إلى الخضرة أو حمرة إلى السواد- وشفة حواء؛ حمراء إلى السواد، فلامه واو مثل عينه، لقولهم في المثنى: حووان.
2 أصلها أبيه كقصيه، قلبت الياء الأولى ألفا شذوذا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وكان القياس إعلال الياء الثانية وهي لام الكلمة، وقد سهل ذلك كون الياء الثانية غير طرف، ومثل آية: غاية، وراية، وثاية "وهي حجارة صغار يضعها الراعى عند متاعه فيثوي عندها أو رءوس أشجار يجمعها ويلقي عليها أثوابا ليستظل بها", وطاية "وهي السطح" وهذه ألفاظ مسموعة لا يقاس عليها.
وإلى هذا الشرط، وورود السماع بما يخالفة في بعض كلمات يشير الناظم بقوله:
وإن لحرفين ذا الإعلال استُحق ... صُحِّح أول وعكس قد يَحِق*
أي: إن استحق هذا الإعلال -وهو القلب- لحرفين؛ بأن كان في الكلمة حرفا علة كل منهما متحرك مفتوح ما قبله صحح الأول وأعل الثاني، وقد يعكس على قلة، ولا يجوز إعلالهما معا؛ لئلا يتوالى في كلمة واحدة إعلالان.
3 أي: إعلال الأولى؛ لأنها محركة وقبلها مفتوح، وإعلال الثانية ممتنع لعدم فتح ما قبلها.
4 أي: على القول بأن أصلها: أبيه، وهو شاذ.
5 وهو الياء الأولى على أن أصلها أيية.
6 أي: على القول بأنها آيية كفاعلة والمعهود في مثله قلب الياء الأولى همزة كبائعة وقائلة.
__________
* "وإن" شرطية. "لحرفين" متعلق باستحق الواقع فعلا للشرط. "ذا" اسم إشارة نائب فاعل لمحذوف يفسره استحق. "الإعلال" بدل أو بيان أو نعت لذا. "أول" نائب فاعل صحح، والجملة جواب الشرط.
"وعكس" مبتدأ وهو مضافا لمحذوف تقديرًا "قد يحق" الجملة خبر.(4/397)
قلت: ويلزم على الأول تقديم الإعلال1 على الإدغام2، والمعروف العكس، بدليل إبدال همزة أيمة ياء لا ألفا3؛ فتأمله.
العاشر: ألا يكون عينًا، لما آخره زيادة تختص بالأسماء4؛ فلذلك صحتا في نحو: الْجَولان5 الهيمان6 والصَّوَرَى7 والحَيَدَى8 وشَذَّ الإعلال في مَاهان ودَاران9.
__________
1 وهو قلب الياء الأولى ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها.
2 فقد اجتمع مثلان أولهما ساكن.
3 إيضاح الدليل: أن أصل أئمة. أأممة، فلم يقدموا الإعلال ويبدلوا الهمزة الثانية الساكنة ألفا من جنس حركة ما قبلها، بل قدموا الإدغام فنقلوا كسرة الميم الأولى إلى الساكن قبلها وهو الهمزة الثانية وأدغموا، ثم أبدلوا الهمزة الثانية ياء من جنس حركتها، وهذا يدل على أن عنايتهم بالإدغام فوق عنايتهم بالإعلال.
4 وذلك كالألف والنون معا، وكألف التأنيث المقصورة؛ لأن هذه الزيادة تبعد شبهه بالفعل الذي هو كالأصل في الإعلال؛ لأنها لا تلحقه أصلا.
5 مصدر جال يجول، إذا طاف وتنقل.
6 مصدر هام على وجهه يهيم، إذا سار على غير هدى، أو أحب وعشق امرأة.
7 بفتحات، اسم بقعة فيها ماء.
8 مشية المتمايل المختال، وحمار حيدي وحيد، يحيد ويعدل عن ظله لنشاطه، ولم يوصف مذكر على "فعلى" غيره.
9 والأصل: موهان ودوران؛ لأنها تثنية ماء ودار، وقيل: هما أعجميان فلا يحسن عدهما فيما شذ. وفي الشرط العاشر يقول الناظم:
وعين ما آخره قد زِيد ما ... يخص الاسم واجب أن يَسْلما*
أي: إذا كان عين الكلمة واوا أو ياء تستدعي القلب ألفا؛ وكان في آخرها زيادة تختص بالاسم امتنع القلب, ووجب التصحيح.
__________
* "وعين" مبتدأ. "ما" اسم موصول مضاف إليه. "آخره" ظرف متعلق بزيد الواقع صلة لما. "ما" اسم موصول نائب فاعل زيد. "يخص الاسم" الجملة صلة ما الثانية. "واجب" خبر المبتدأ وهو عين. "أن يسلما" في تأويل مصدر فاعل لواجب، والألف للإطلاق.(4/398)
فصل: في إبدال الحروف
فصل: في إبدال التاء من الواو والياء
إذا كانت الواو والياء فاء للافتعال أبدلت تاء1 وأدغمت في تاء الافتعال، وما تصرف منها2 نحو: اتصل واتعد3 من الوصل والوعد، واتسر من اليسر4، قال:
فإن تَتَّعِدني أتَّعِدك بمثلها5
__________
1 وذلك لعسر النطق بحرف اللين الساكن مع التاء؛ لقرب مخرجيهما وتنافر صفتيهما؛ لأن حروف اللين مجهورة والتاء مهموسة، وحروف الهمس مجموعة في هذه العبارة "فحثة شخص سكت" وما عداها مجهور. ويشترط في هذا الإبدال: ألا تكن الواو والياء مبدلتين من همزة.
2 كالماضي والمضارع والأمر؛ واسمى الفاعل واسم المفعول ... إلخ.
3 أصلهما: اوتصل واو تعد، قلبت الواو تاء وأدغمت في تاء الافتعال للتخفيف.
4 أصله: ايتسر، ففاؤه ياد.
5 صدر بيت من الطويل للأعشى ميمون بن قيس، من قصيدة يهجو فيها علقمة بن علاثة ويتهدده، وكان الأعشى قد مدح عامر بن الطفيل وحكم له على علقمة في منافرة وقعت بينهما، وعجزه:
وسوف أَزِيد الباقيات القَوارِصا
اللغة والإعراب: تتعدني: تتوعدني وتتهددني، وتعده: أوعده بالشر الباقيات المراد الأشعار التي تبقى على ألسنة الرواة يرونها للأعقاب، القوارص: جمع قارصة وهي الكلمة المؤذية المؤلمة. "إن" شرطية. "تتعدني" فعل مضارع فعل الشرط. "اتعدك" جواب الشرط. "بمثلها" متعلق به. "وسوف" الواو عاطفة، وسوف حرف تنفيس. "الباقيات" مفعول أزيد منصوب بالكسرة نيابة عن الفتحة. "القوارص" نعت للباقيات.
المعنى: إن كنت تتوعدني وتهددني يا علقمة؛ لأني أنصفت خصمك فإني أقابلك بالمثل، وأهجوك بشعر مؤلم يتناوله الرواة.
الشاهد: في "تتعدني وأتعدك" فإن أصلهما: توتعدني، وأوتعدك؛ لأنهما من الوعد، فقلبت الواو فيهما تاء وأدغمت في التاء الزائدة بعدها وهي تاء الافتعال.(4/399)
وقال:
فإن القوافي تَتَّلِجْن موالِجا1
وتقول في افتعل من الإزار: "إيتزر"2، ولا يجوز إبدال الياء تاء وإدغامها في التاء؛ لأن هذه الياء بدل من همزة، وليست أصلية3، وشذ قولهم في افتعل من الأكل "اتكل"4 وقول الجوهري في اتخذ:.........................................
__________
1 صدر بيت من الطويل لطرفة بن العبد اليشكري، وعجزه:
تضايق عنها أن تولّجها الإبر
اللغة والإعراب: القوافي: جمع قافية؛ وتطلق على حرف الروي الذي تبنى عليه القصيدة، وعلى القصيدة كلها, والمراد بها. هنا: القصائد. تتلجن؛ من الولوج وهو الدخول. موالجا: جمع مولج، وهو مكان الولوج أي: الدخول، "القوافي" اسم إن منصوب بالفتحة المقدرة على الياء لمعاملة المنصوب معاملة المرفوع المجرور "تتلجن" الجملة خبر إن "موالجا" منصوب بتتلجن، وكان حقه المنع من الصرف لصيغة منتهى الجموع، ولكنه صرف للضرورة، "تضايق" فعل مضارع مرفوع، وأصله تتضايق فحذفت إحدى التآءين وفاعله يعود إلى الموالج "أن تولجها" أن ناصبة وما بعدها مضارع منصوب والمصدر مجرور بعن محذوفة، وهو بدل من عنها "الإبر" فاعل تولج.
المعنى: أن القصائد والأشعار تؤدي بها معان دقيقة، تصل إلى النفوس وتدخل إلى العقول من مسالك خفية لا يستطيع والج أن يلجها، ولا يمكن الإبر أن تنفذ منها.
الشاهد: في "تتلجن" فإن أصله توتلجن، فالواو فاء الكلمة والتاء بعدها زائدة للافتعال فقلبت الواو تاء وأدغمت التاء في التاء.
2 أي: بإبدال الهمزة ياء.
3 وسمع: اتزر شذوذا، وقد تقدم ذلك قريبا فتنبه يا فتى.
4 وكذلك قولهم في أتمن من الأمانة: اتمن، بإبدال الواو المبدلة من الهمزة تاء، والفصيح في ذلك كله عدم الإبدال، وفيما تقدم يقول الناظم:
ذو اللين "فا" في افْتِعال أُبدلا ... وشذ في ذي الهمز نحو ائْتَكَلا*
=
__________
* "ذو اللين" مبتدأ ومضاف إليه. "فا" بالقصر حال من نائب فاعل أبدلا. "تا" بالقصر مفعول ثان مقدم لأبدال. "في افتعال" متعلق بأبدلا، أو بمحذوف نعت لنا،"أبدلا" نائب الفاعل يعود إلى ذو اللين، وهو مفعول الأول والألف للإطلاق، والجملة خبر المبتدأ. "وشذ" فاعله يعود على الإبدال المفهوم من أبدل. "في ذي الهمزة" في ذي متعلق بشذ، والهمز مضاف إليه. "نحو" خبر لمبتدأ محذوف، ويجوز أن يكون. "نحو" فاعل شذ، و"ائتكلا" مضاف إليه لنحو مقصود لفظه.(4/400)
"إنه افتعل من الأخذ" وهم1، وإنما التاء أصل، وهو من تخد2، كاتبع من تبع.
فصل: في إبدال الطاء
تبدل وجوبا من تاء الافتعال3 الذي فاؤه صاد أو ضاد أو طاء أو ظاء، وتسمى أحرف الإطباق4، تقول في افتعل من صبر: اصطبر5، ولا تدغم؛ لأن الصفيري لا يدغم إلا في مثله6،........................................................................
__________
= أي: إن حرف اللين -وهو الواو والياء؛ إذا كان فاء في صيغة الافتعال وفروعه أبدل تاء.
وشذ هذا الإبدال إذا كان حرف اللين بدلا من همزة نحو: إيتكل من الأكل، فلا يقال فيه: اتكل إلا شذوذا، وإنما يقال: إتكل. وقيد أحرف اللين بالواو والياء؛ لأن الألف لا تكون فاء كلمة مطلقًا.
هذا: وبعض الحجازيين يتركون هذا الإبدال، ويجعلون فاء الكلمة على حسب الحركات قبلها؛ فيبدلونها ياء بعد الكسرة، وألفا بعد الفتحة، وواوا بعد الضمة؛ فيقولون: ايتصل ياتصل فهو موتصل، وايتسر ياتسر فهو موتسر ... إلخ.
1 لأنه لوكان من الأخذ لوجب أن يقال: ايتخذ بغير إدغام ولا إبدال.
وذهب بعض المتأخرين إلى أن اتخذ "افتعل" من الوخذ، والأصل: اوتخذ، قلبت الواو تاء وأدغمت في تاء الافتعال على القياس.
2 هذا مبني على ثبوت تخذ ثلاثيا.
3 أق: ومشقاته كما سلف، وذلك لاستثقال النطق بالتاء مع حروف الإطباق لما بينهما من اتفاق في الخروج وتباين في الصفة؛ إذ التاء حرف مهموس غير مستعل وحروف الإطباق مستعلية، فأبدل من التاء حرف استعلاء من مخرجها وهو الطاء.
4 وذلك؛ لانطباق اللسان عند النطق بها بأعلا الحنك.
5 وأصله: اصتبر، قلبت التاء طاء.
6 وأجاز بعضهم الإدغام بقلب الثاني إلى الأول؛ فيقال: اصبر ليبقى الصفير؛ ويمتنع العكس لئلا يذهب الصفير وحروف الصفير هي: الزاى، والسين، والصاد.(4/401)
ومن ضرب: اضطرب1، ولا تدغم؛ لأن الضاد حرف مستطيل2، ومن طهر: اططهر3، ثم يجب الإدغام، لاجتماع المثلين في كلمة، وأولهما ساكن ومن ظلم: اظطلم، ثم لك ثلاثة أوجه4: الإظهار، والإدغام مع إبدال الأول من جنس الثاني، ومع عكسه، وقد روي بهن قوله:
هوَ الجواد الذي يُعْطِيك نائِلَة ... عفوا ويُظلم أيحانا فيَظّلِم5
فصل: في إبدال الدال
تبدل وجوبا من تاء الافتعال الذي فاؤه دال أو ذال أو زاى، تقول في افتعل من دان:
__________
1 أصله: اضترب، ويقال فيه ما مر في اصطبر.
2 أي: والإدغام في الطاء يفوت الاستطالة، وقد عرفت أنها لا تفوت بقلب الثاني إلى الأول، فيقال: اضرب.
3 وأصله: اطتهر أبدلت التاء طاء بعد الظاء.
4 أي: في مثل هذه الصورة التي تبدل فيها تاء الافتعال طاء بعد الظاء.
5 بيت من البسيط، لزهير بن أبي سلمى المزني، في مدح هرم بن سنان.
اللغة والإعراب: نائله، النائل: العطاء؛ كالنوال. فيظلم: يقبل الظلم ويحتمله لكن لا ضعفا ولا استكانة. "هو" ضمير منفصل مبتدأ. "الجواد" خبر. "الذي" صفة للجواد "نائلة" مفعول أعطى الثاني ومضاف إليه، والجملة صلة الموصول. "عفوا" صفة للجواد. "نائلة" مفعول أعطى الثاني ومضاف إليه، والجملة صلة الموصول "عفوا" مفعول مطلق عامله يعطي، وهو صفة لمصدر محذوف؛:أي إعطاء عفوا. "أحيان" ظرف زمان منصوب بيظلم، "فيظلم" معطوف على يظلم المبني للمجهول.
المعنى: أن هرما هو الجواد الذي يجزل لك العطاء بسهولة من غير مَنّ ولا إبطاء، ويحمله الناس مغارمهم فيتحملها ويقبل القيام بها تفضلا منه، لا ضعفا ولا خوفا.
الشاهد: في قوله "فيظلم" وأصله فيظتلم، ثم قلبت تاء الافتعال طاء فصار يظلم.
ويجوز قلب المعجمة طاء وإدغامها فيصير يطلم. وقد روى هذا البيت بالأوجه الثلاثة باختلاف الروايات.(4/402)
اددان1، ثم تدغم لما ذكرنا في اطهر، ومن زجر ازدجر2، ولا تدغم لما ذكرناه في اصطبر3، ومن ذكر: اذدكر، ثم تبدل المعجمة مهملة وتدغم، وبعضهم يعكس، وقد قرئ شاذا: "فَهَلْ مِنْ مُذَّكِرٍ" بالمعجمة4.
__________
1 أصله: ادتان، قلبت تاء الافتعال دالا.
2 وأصله أيضًا: ازتجر، ومعناه منع.
3 أي: من أن حرف الصفير لا يدغم إلا في مثله. والإدغام بقلب الدال زايا نحو ازجر، ضعيف.
4 من هذا يفهم أنه يجوز في اذدكر، الأوجه الثلاثة المذكورة في اظطلم فتقول: اذدكر بلا إدغام، واذكر بالذال المعجمة وبقلب المهملة إليها، وادكر بالدال المهملة وقلب المعجمة إليها [سورة القمر الآية: 15] .
ويستخلص مما تقدم:
أ- أنه إذا أبدلت تاء الافتعال ذالا بعد الدال، وطاء بعد الطاء، وجب الادغام، لاجتماع مثلين.
ب- وإن أبدلت ذالا بعد الزاي، أو طاء بعد الصاد أو الضاد، جاز الإظهار، والإدغام بقلب الثاني إلى الأول، دون عكسه.
جـ- أما إذا أبدلت دالا بعد الذال أو طاء بعد الظاء، فيجوز فيهما ثلاثة أوجه: الإظهار، والإدغام بوجهية. وإلى ما تقدم يشير الناظم بقوله:
"طا" "تا" افْتِعال رُدّ إثر مُطْبق ... في ادَّن وازْدَد وادَّكِر دالًا بَقِي*
يقول: رد -أي: صير- تاء الافتعال طاء بعد حرف من حروف الإطباق، وتصير دالا بعد الدال والزاي والذال، مثل: ادأن: وازدد، وادكر، والأصل: ادتان وازتد، واذتكر، فاستثقلت التاء بعد هذه الأحرف فقلبت دالا وأدغمت الدال في الدال.
__________
* "طاء" بالقصر للشعر مفعول رد الثاني "تا" بالقصر مبتدأ. "افتعال" مضاف إليه، وجملة "رد" خبر المتبدأ, "إثر مطبق" إثر ظرف يرد، ومطبق مضاف إليه. "في ادان" متعلق ببقي. "وازدد وادكر" معطوفان عليه. "دالا" حال من فاعل بقي العائد إلى تاء الافتعال.(4/403)
فصل: في إبدال الميم
أبدلت وجوبا من الوا في "فَم"، وأصله فَوَه، بدليل أفواه1،فحذفوا الهاء تخفيفًا، ثم أبدلوا الميم من الواو2، فإن إضيف رُجع به إلى الأصل فقيل: فُوك، ورُبّما بَقِيَ الإبدال نحو: "لَخَلُوف فَمِ الصَّائِمِ" 3.
ومن النون بشرطين، سكونها، ووقوعها قبل الياء، سواء كانا في كلمة أو كلمتين نحو: {انْبَعَثَ} ، {مَنْ بَعَثَنَا} 4، وشذوذ في نحو قوله:
__________
1 لأن التكسير من الأشياء التي ترد الألفاظ إلى أصولها.
2 لأنهما من مخرج واحد.
3 هذا جزء من حديث، وتمامه " ... أطيب عند الله من ريح المسك"، والخلوف: تغير رائحة الفم، يقال: خلف فم الصائم: تغيرت رائحته كأخلف، ومثل الحديث قول رؤبة:
يصبح ظمان وفي البحر فمه
4 الأولى من الآية 12 من سورة الشمس {إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} ، والثانية من الآية 52، من سورة يس {مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} ، ومثل النون: التنوين نحو: مؤمن بالله. قال الناظم مشيرا إلى ما تقدم من إبدال الميم من النون:
وقيل "يا" اقلب ميما النون إذا ... كان مسكنا كمن بت ابنذا*
أي: تقلب حرف النون ميما؛ إذا كان النون مسكنا قبل الحرف. "يا" مثل: من بت انبذا؛ أي: من قطع مودته فانبذه واتركه ولا تبال به، وهذا المثال حوى صورة النون الساكنة، قبل الباء في كلمة هي "انبذا"، وفي كلمتين وهما: "من بت" وأرجو أن يلاحظ: أن قلب النون ميما إنما هو في النطق لا غير، أما كتابة فتبقى صورة النون على حالها هذا: وكثيرا ما يعبر عن إبدال النون ميما بالقلب، كما فعل الناظم، والأولى أن يعبر عنه بالإبدال؛ لما عرفت من أن القلب إنما يكون في حروف العلة أو الهمزة.
__________
* "وقيل" ظرف متعلق باقلب. "يا" بالقصر مضاف إليه. "ميما" مفعول اقلب الثاني. "النون" مفعوله الأول. "إذا" ظرف فيه معنى الشرط، "كان" فعل ماض ناقص، واسمها يعود إلى النون. "مسكنا" خبرها، وجواب إذا محذوف لدلالة ما سبق عليه. "كمن" الكاف جارة لقول محذوف ومن اسم الشرط، وجملة، "بت" فعل الشرط، و"انبذا" جوابه على إضمار الفاء للضرورة.(4/404)
وكفك المخضب البنام1
وأصله: "البنان"، وجاء عكس ذلك في قولهم: "أسود قاتِن"، وأصله: قاتم2
__________
1 عجز بيت من الرجز لرؤبة بن العجاج، وصدره:
يا هال ذات المنطق التَّمْتَام
اللغة والإعراب: هال: اسم امرأة؛ منادى مرخم "هالة" منقول من هالة القمر وهي الدائرة المحيطة به. التمتام: من التمتمة، وهي تكرير التاء والميم. المخضب: الذي جعل فيه الخضاب. البنام: المراد البنان، وهي أطراف الأصابع، والواحدة بنانة، ويقال: بنان مخضب؛ لأن كل جمع يفرق بينه وبين واحدة بالهاء يوحد ويذكر. "يا" حرف نداء.
"هال" منادى مبني على ضم الحرف المحذوف للترخيم. "ذات المنطق" ذات صفة لهال على اللفظ أو المحل والمنطق مضاف إليه. "التمتام" صفة لمنطق. "وكفك" بالجر معطوف على المنطق. "المخضب" نعت له. ويجوز رفع "كفك" على أنه مبتدأ والمخضب البنان تركيب إضافي خبر. والجملة حال من "هال".
المعنى: ينادي المسماة "هالة"، ويصفها بأن في نطقها تمتمة وأطراف أصابعها مخضبة.
الشاهد: في البنام؛ حيث أبدل الميم من النون شذوذا؛ لتحركها وعدم وجود الياء بعدها.
2 فقد أبدل الميم نونا، والقتمة: لون فيه غبرة وحمرة، والأقتم الذي تعلوه القتمة.
وخلاصة ما ذكره المصنف من الحروف التي يقع فيها الإبدال.
أ- أن الهمزة تبدل من الألف والواو والياء.
ب- والألف تبدل من الهمزة والواو والياء.
جـ- والواو تبدل من الهمزة والألف والياء.
د- والياء تبدل من الهمزة والألف والواو.
"أي: إن كل واحدة تبدل من الباقي"
هـ- والميم تبدل من الواو النون.
و والتاء تبدل من الواو والياء.
ز- والطاء والدال يبدلان من التاء.(4/405)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
الأسئلة والتمرينات:
1 عرف الإبدال واذكر حروفه، وبين الفرق بينه، وبين القلب، والإعلال، ووضح ما تذكر بالأمثلة.
2 اذكر ثلاثة من المواضع التي تقلب فيها الواو يا، ومثلها مما تقلب فيه الياء واوا، ومثل لما تقول.
3 متى تقلب الواو همزة وجوبا، وجوازا؟ وما حكم الهمزتين الملتقيتين في كلمة؟ مثل.
4 اذكر شروط قلب الواو والياء ألفا، ووضح بأمثلة من إنشائك.
5 اشرح قول ابن مالك.
وصححوا فِعَلَة وفي فِعَل ... وجهان والإعلال أولى كالحِيَل
6 متى تقلب الواو الواقعة لاما لـ"فعلى" ياء؟ ومتى تسلم من القلب؟ مثل.
7 لماذا لم تقلب الواو والياء ألفا في الكلمات الآتية؟ وضح السبب.
غيور، وقوي، جوارب، صبيان، جولان، طويل.
8 بين موضع الاستشهاد بما يأتي في باب الإبدال، ووضح سبب ما تقول.
قال -تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى} .
{إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى} .
{ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} .
{وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَان} .
{وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} .
{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا} .
{لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} .
{وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِر} .
{وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ} .
{وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ} .=(4/406)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
= {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} .
{لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ, فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ} .
{وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ} .
{لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} .
ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح
إن العيون التي في طرفها حور ... قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
أضعت شبابي بين حلم وغفلة ... وأنفقت عمري في الأماني الكواذب
وإذا المطي بنا بلغن محمدًا ... فظهورهن على الرجال حرام
9 في الكلمات الآتية شذوذ كما يقولون، وضحه، واذكر القياس فيها.
مصائر، سواسوة، يوم أيوم، نيام، معدى، ثيرة، جمع ثور.
10 ما شرط إعلال الألف والواو والياء بعد ألف الجمع؟ ومتى تسلم؟ وضح بأمثلة.
11 هات اسم المفعول من الأفعال الآتية، وبين ما حدث فيها من تغيير:
عدا، رمى، حظى، وفى، نسي، رأى، كفى، رعا، غشى، رضى، أعطى، أبكى، اشتكي إليه، استعلى عليه.
12 كيف نأتي بصفة افتعل من الأفعال الآتية:
زجر، طلع، ضع، صنع، وصف
13 متى يجب إظهار الدال والطاء المبدلتين من تاء الافتعال؟ ومتى يجوز الإظهار والإدغام؟ مثل.
14 أسند الفعلين: سما، وهدى، إلى ألف الاثنين، وواو الجماعة، ونون النسوة، وبين ما يحدث فيهما من تغيير، وسببه.
15 هات صفة على وزن "فعلان" من "روى" واسم مفعول من "أرضى" مصدرا من "آوى"،واسم فاعل من "أتى"، وبين ما حدث فيها من إعلال.
16 هات اسم الفاعل من الأفعال الآتية، وبين ما حدث فيها من تغيير:
صان، لام، هاب، شاء، كال، نما، لقى، رعى، طوى، أعطى، أطاع، اتضح، اقتضى،=(4/407)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
= اصطاف، افترى، استراح، استفاد، استولى.
17 زن الكلمات الآتية وبين ما حدث فيها من إبدال وإعلال.
ادخر، اصطفى، اضطهد، يتصل، ازين، مكيدة، مقامة.
18 خاطب بالعبارة الآتية المفردة المؤنثة وجماعة الذكور، وبين ما حدث من إعلال: تأن في عملك، وأده في وقته، ولا تله عنه.
19 زن الجموع الآتية، واذكر مفرد كل، وبين ما حدث من إعلال: آثار، أرجاء، ظباء، عالة، غزاة، رماة، حبائل، أساطير، شواهد، جوائز.
20 اذكر أصل كل كلمة من الكلمات الآتية، وبين ما حدث فيها من تغيير، وحكمها في الإعلال والتصحيح: رسائل، نائم، إفاد، شقاء، ميراث، نائم، أعداد، مقالة، شفاء.
21 اذكر أصل كل كلمة من الكلمات الآتية، وبين ما حدث فيها من تغيير.=
"نموذج".(4/408)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
=(4/409)
باب: نقل حركة الحرف المتحرك المعتل إلى الساكن الصحيح قبله 1
وذلك في أربع مسائل:
إحداها: أن يكون الحرف المعتل عينا لفعل2.
ويجب بعد النقل في المسائل الأربع أن يبقى الحرف المعتل إن جانس الحركة المنقولة3، نحو: يقول ويبيع، أصلهما يقول مثل يقتل ويبيع مثل يضرب4، وأن تقلبه حرفا يناسب تلك الحركة إن لم يجانسها، نحو: يخاف ويخيف، أصلهما: يخوف كيذهب، ويخوف كيكرم5.
__________
باب: نقل حركة الحرف المتحرك المعتل إلي الساكن الصحيح قبله
1 يسمى هذا: الإعلال بالنقل، أو الإعلال بالتسكين، وهو: نقل الحركة من حرف علة متحرك إلى حرف صحيح ساكن قبله، مع بقاء صورة حرف العلة بعد ذلك؛ إن كان متحركا بحركة تجانسه، كيصوم، وأصله: يصوم، ويخاف، وأصله يخوف، ويبيع؛ وأصله يبيع، وقلبه حرما آخر إن لم يكن تناسب بينه وبين حركته الأصلية التي نقلت إلى الساكن، مثل: أقام، وأصله: أقوم؛ كما سيأتي إيضاحه. وعلة هذا النقل استثقال الحركة وإن كانت ضمة أو كسرة على حرف العلة, وحملت الفتحة على أختيها، ولم تستثقل في نحو دلو وظبي؛ لأنها حركة إعراب لا تلزم.
2 وذلك بأن يكون الفعل "أجوف"، وفي أربع المسائل يجب أن يكون حرف العلة في كل منها عين الكلمة.
3 بأن يكون واوا والحركة المنقولة ضمة، أو ياء والحركة المنقولة كسرة.
4 نقلت ضمة الواو وكسرة الياء إلى الساكن الصحيح قبلها، وترك كل منهما على حاله لمجانسة الحركة في المنقول منه.
5 نقلت حركة الواو -وهي الفتحة في الأول والكسرة في الثاني- إلى الساكن الصحيح قبلهما وهو الخاء، ثم قلبت الواو في الأول ألفا لانفتاح ما قبلها، وياء في الثاني لسكونها وكسر ما قبلها، ومثل المضارع في ذلك -الماضي- والأمر، نحو: أجاب أصله: أجوب, نقلت حركة العين وهي الواو إلى ما قبلها ثم قلبت ألفا للمجانسة و"خاف"؛ أصله أخوف، نقلت حركة الواو ما قبلها. ثم قلبت ألفا للمناسبة وحذفت همزة الوصل للاستغناء عنها، ثم حذفت العين لالتقائها ساكنة مع اللام، ولا يعل من الماضي إلا صيغتا "أفعل" كأجاب و"استفعل" كاستجاب.(4/410)
ويمتنع النقل إن كان الساكن معتلا، نحو: بايع، وعوق وبين1، أو كان فعل تعجب2، نحو: ما أبينه، وأبين به، وما أقومه، وأقوم به، أو مضعفا، نحو: ابيض واسود3، أو معتل اللام4، نحو: أهوى وأحيا.
__________
1 أما نحو: "بايع" فلأن الساكن قبل الياء -وهو الألف- لا يقبل الحركة، مثله: طاوع وأما نحو: عرق وبين؛ فلأن نقل الحركة إلى الواو والياء يوجب قلبهما ألفين لتحركهما وانفتاحهما فيلتقي ساكنان، وحذف أحدهما يوقع في اللبس.
2 ومثله اسم التفضيل، بل إن امتناع النقل في صيغة التعجب للحمل على أفعل التفضيل المشابه له؛ وهو لا يعل لمشابهته المضارع في الوزن والزيادة؛ كما سيأتي في المسألة الثانية.
3 وذلك خوف في اللبس، إذا أعل كل منهما؛ فإنه إذا نقلت حركة العين إلى الياء انقلبت ألفًا؛ ثم تحذف همزة الوصل للاستغناء عنها فيصيران: باض وساد، فيلتبسان باسم الفاعل من البضاضة -وهي نعومة البشرة- ومن السد.
4 وذلك لئلا يتوالى إعلالان: إعلال العين، وإعلال اللام.
وإلى هذه المسألة وشروطها وما استثني، يقول الناظم:
لساكن صح انقل التحريك من ... ذي لين آت عين فعل كأين
ما لم يكن فعل تعجب ولا ... كأبيض أو أهوى بلام عللا*
أي: إذا كانت عين الفعل حرف لين متحركا. "واو أو ياء" وقبلها ساكن صحيح فانقل حركة العين إلى الساكن قبلها مثل: أبن، أصله: أبين نقلت حركة الياء إلى الباء وهي ساكن صحيح، فالتقى ساكنان الياء للتخلص من الساكنين، ولا نقل في أفعل التعجب أو التفضل، ولا مضعف اللام كأبيض، ولا في معتل اللام كأهوى، وقد أفصح المصنف ذلك.
__________
* "لساكن" متعلق بانقل. "صح" الجملة صفة لساكن. "التحريك" مفعول انقل. "من ذي لين" متعلق بانقل ومضاف إليه. "آت" نعت للين، وفيه ضمير هو فاعله، "عين فعل" عين مفعوله، وفعل مضاف إليه، "ما" مصدرية ظرفية "فعل تعجب" فعل خبر يكن، وتعجب مضاف إليه واسمها يعود على فعل "ولا" الواو عاطفة، ولا زائدة. "كابيض" معطوف على خبر يكن. "أو أهوى" معطوف على ابيض. "بلام" متعلق بعللا الواقع صفة لأهوى، والألف للإطلاق.(4/411)
المسألة الثانية: الاسم المشبه للمضارع في وزنه دون زيادته1، أو في زيادة دون وزنه2؛ فالأول 3 كمقام، أصله مقوم -على مثال مذهب4- فنقلوا وقلبوا والثاني: 5 كأن تبني من البيع أو من القول اسما على المثال "تحليء"6 بكسر التاء وهمزة بعد اللام, فإنك تقول تبيع -بكسرتين بعدهما باء ساكنة7- وتقيل، وكذلك، وهذه الياء منقلبة عن الواو لسكونها بعد الكسرة8.
__________
1 بأن يكون مشابها له في مجرد عدد الحروف، مع مقابلة الساكن بمثله والمتحرك بمثله.
2 بأن تكون فيه الزيادة التي تختص بالفعل "كأحرف المضارعة".
3 وهو ما وافق المضارع في الوزن دون الزيادة؛ بأن تكون زيادته ليست من الحروف المذكورة وإن كانت في مكانها.
4 فهو يشبه "يعلم" مثلا في الوزن ولكن فيه زيادة تدل على أنه ليس من قبيل الأفعال، وهي الميم، ومثله: مصير، ومجيب، ومستقيم؛ فإنهما في الأصل على وزن، يجلس، ويكرم، ويستغفر، فكل اسم على وزن "مَفعِل" بفتح الميم مع تحرك العين بأي حركة، أو "مفعل" أو "مستفعل" بضم الميم مع كسر العين أو فتحها، يعل بالنقل؛ لمشابهته الفعل في الوزن دون الزيادة.
5 وهو ما وافق المضارع في الزيادة دون الوزن؛ بأن تكون الزيادة في أوله من حروف المضارعة، ويخالفه في الحركات والسكنات.
6 هو القشر الذي يظهر على الجلد حول منابت الشعر، ويطلق على وسخه، وعلى الشعر نفسه.
7 نقلت حركة الياء وهي الكسرة إلى الساكن الصحيح قبلها وهو الباء، فصار تبيع ففيها إعلال بالنقل.
8 وأصلها "تقول" نقلت حركة الواو إلى ما قبلها وهو القاف، ثم قلبت الواو ياء=(4/412)
فإن أشبهه في الوزن والزيادة معا، أو باينه فيهما معا، وجب التصحيح1: فالأول نحو: أبيض وأسو2، وأما نحو "يزيد" علما فمنقول إلى العلمية بعد أن أُعل إذ كان فِعلا3، والثاني نحو: مِخْيَط4، وهذا هو الظاهر5، وقال الناظم وابنه: "وكان حق نحو مِخْيَط أن يعل؛ لأن زيادته خاصة بالأسماء، وهو مشبه لِتِعْلم، أي: بكسر حرف
__________
= لتجانس الكسرة كما سبق، ففيها إعلالان: أحدهما بالنقل والآخر بالقلب وقد أشبه هذا النوع المضارع في زيادته الخاصة في أوله، ولكن فيه علامة يمتاز بها عن الفعل؛ وهي أن هذا الوزن وهو "تفعل" بكسر التاء وضمها، خاص بالاسم ولا يجيء في الفعل.
وفيما تقدم من هذه المسألة يقول الناظم:
ومثل فِعْل في ذا الإعلال اسم ... ضَاهي مُضارعا وفيه وَسْمُ*
أي: إن الاسم الذي يشبه الفعل المضارع، يكون مثل الفعل في الإعلال بالنقل، وقوله: "وفيه وسم" معناه: أن يكون في الاسم علامة يمتاز بها عن الفعل؛ بأن يشبهه في الوزن فقط، أو في الزيادة فقط.
1 أما في حالة المشابهة في الأمرين فلئلا يتوهم أنه فعل، وفي حالة المباينة فيهما يبعد عن الفعل الذي هو الأصل في الإعلال.
2 فهذان وصفان يشبهان "أعلم" في الوزن وزيادة الهمزة، فلو أعلا لقيل: أباض وأساد، فيلتبسان بالفعل.
3 أي: إن الإعلال دخله وهو مضارع قبل نقله للعلمية واستصحب معها، فلا يقال: إنه شابه المضارع وزنا وزيادة، ومع ذلك أعل.
4 فإنه مباين للمضارع وزنا يكسر أوله؛ لأن المضارع لا يكون في الأغلب مكسور الأول.
وزيادة؛ لأنه مبدوء بميم زائدة، فالصيغة مختصة بالاسم. والمخيط: اسم لأداة الخياطة.
5 أي: كون علة تصحيح نحو: مخيط، مباينته المضارع وزنا وزيادة بدون نظر
إلى من يكسر حرف المضارعة لقلته.
__________
* "ومثل فعل" مثل خبر مقدم وفعل مضاف إليه. "في ذاته" متعلق بمثل لما فيه من معنى المماثلة. "الإعلال" عطف بيان أو نعت لاسم الإشارة. "اسم" مبتدأ مؤخر. "ضاهى مضارعا" الجملة نعت لاسم. "وفيه" خبر مقدم. "وسم" مبتدأ
مؤخر، والجملة نعت ثان لاسم أو حال والرابط الواو.(4/413)
المضارعة في لغة قوم، لكنه حمل على مخياط لشبهه به لفظا ومعنى1، ا. هـ. وقد يقال: إنه لو صح ما قالا للزم ألا يعل تحليء؛ لأنه يكون مشبها لتحس2 في وزنه وزيادته. ثم لو سلم أن الإعلال كان لازما لما ذكر لم يلزم الجميع، بل من يكسر حرف المضارعة فقط. المسألة الثالثة: المصدر الموازن لـ"إفعال" أو "استفعال"3، نحو: إقوام واستقوام، ويجب بعد القلب حذف إحدى الألفين لالتقاء الساكنين، والصحيح أنها الثانية؛ لزيادتها، وقربها من الطرف4، ثم يؤتى بالتاء عوضا، فيقال: إقامة، واستقامة، وقد تحذف5 نحو: {وَإِقَامَ الصَّلاةِ} .
__________
1 أما في اللفظ فلعدم الفرق بين لفظيهما إلا بالألف، وأما معنى فلأن كلا منهما يكون اسم آلة، وصيغة مقصودا بها المبالغة.
2 أي: بكسر حرف المضارعة في اللغة المذكورة، واللازم باطل، فكذلك الملزوم.
3 هو الذي عين فعله معتلة، ويكون على وزن "أفعل" أو "استفعل" نحو: أقام وستقام، وقد أعل المصدر حملا على فعله، فتنقل حركة عينه إلى الساكن قبلها وهو "إفعال" و"استفعال" ولا يمكن النطق بهما فتحذف الثانية.
4 هذا مذهب الخليل وسيبويه واختاره الناظم، وذهب الأخفش والفراء إلى أن المحذوف الأولى التي هي بدل عين الكلمة. ولهذا الخلاف أثره في الوزن؛ فوزن إقامة واستقامة على رأي الجمهور "إفعله واستفعله"، وعلى مذهب الأخفش: "إقالة واستقالة".
5 وحذفها مقصور على السماع، ويكثر ذلك مع الإضافة لسدها مسد الياء، ومنه قوله -تعالى: {وَإِقَامَ الصَّلاةِ} ، وورد: أراه إراء، وأجابه إجابا.
وفي هذه المسألة الثالثة وما يتصل بها، وفي الاسم المخالف للمضارع في وزنه وزيادته في المسألة الثانية، يقول الناظم:
ومِفْعَل صحح كالمِفْعال ... وألف الإفعال واستِفْعال
=(4/414)
المسألة الرابعة: صيغة مفعول1، ويجب بعد النقل في ذوات الواو، حذف إحدى الواوين، والصحيح أنها الثانية ذكرنا2، ويجب أيضًا في ذوات الياء الحذف، وقلب الضمة كسرة؛ لئلا تنقلب الياء واوا فتلتبس ذوات الياء بذات الواو، مثال الواوي مقول ومضوغ3، واليائي مبيع ومدين4.
__________
=
أزل لذا الإعلال والتا الزَم عِوَض ... وحذفها بالنَّقْل ربما عَرَض*
أي: إن "مفعال" يلزم فيه التصحيح؛ لأنه غير مشبه للفعل، وحمل عليه "مفعل" لمشابهته له في معناه كما بينا؛ فصحح مثله، والمصدر المعتل العين الذي على وزن "إفعال" و"استفعال"، تحذف ألفه، وتعرض منها تاء التأنيث غالبا, وقد تحذف هذه التاء وذلك مقصور على السماع والنقل عن العرب. وقد ورد تصحيح "إفعال" و"استفعال" وفروعهما في ألفاظ، منها: أعول إعوالا، وأغميت السماء إغياما، واستحوذ استحواذا، واستغيل الصبي استغيالا "أي: شرب الغيل، وهو اللبن الذي ترضعه المرأة ولدها وهي حامل" وهذا عند كثير من النحاة شاذ يحفظ ولا يقاس عليه، وقيل: غير ذلك.
1 أي: من الفعل الثلاثي المعتل العين "الأجوف"، سواء كان واويا أو يائيا، وتعل صيغة مفعول بالنقل والحذف كما سيبين المصنف.
2 أي: من أنها زائدة وقريبة من الطرف.
3 أصلها: مقوول، ومصووغ. نقلت حركة العين إلى ما قبلها على القاعدة فالتقى ساكنان، حذفت واو مفعول عند سيبويه، والواو التي هي عين الكلمة، عند الأخفش، ووزنه عند سيبويه "مفعل" وعند الأخفش "مفول".
4 أصلهما: مبيوع، ومديون، فعل بهما ما تقدم من النقل والحذف، ثم كسر ما قبل الياء؛ لئلا تنقلب واوا عند سيبويه، ولتقلب الواو ياء عند الأخفش لئلا يلتبس اليائى الواوي ووزنهما على رأي سيبويه "مفعل" وعند الأخفش "مفيل".
__________
* "ومفعل" مبتدأ. "صحح" بالبناء للمجهول والجملة خبر. "كالمفعال" متعلق بمحذوف حال من ضمير صحح. "وألف الإفعال" ألف مفعول أزل مقدم والإفعال مضاف إليه. "واستفعال" معطوف على الإفعال.
"لذا الإعلال" لذا متعلق بأول والإعلال مضاف إليه. "والتاء" بالقصر, مفعول الزم مقدم. "عوض" حال من التاء، وقد وقف بالسكون على لغة ربيعة. "وحذفها" حذف مبتدأ، والهاء مضاف إليه عائدة إلى التاء.
"بالنقل" متعلق بعرض الواقع خبرا مبتدأ. "ربما" رب حرف تقليل، وما كافة.(4/415)
وبنو تميم تصحح اليائي1 فيقولون: مبيوع ومخيوط، قال:
وكأنها تفاحة مَطْيُوبةٌ2
وقال:
وإخال أنك سيّد مَعْيون3
وربما صحح بعض العرب شيئا من ذوات الواو، سمع ثوب مصْوُون4، وفرس مَقُوُود.
__________
1 لأن الياء أخف عليهم من الواو.
2 نصف بيت من الكامل لم يعثر على تمامه، ولم يعرف قائله، غير أنه شاعر من بني تميم يصف الخمر، والضمير في كأنها يعود إلى الخمر التي يصفها الشاعر.
مطيوبة: اسم مفعول: من طاب فلان الشيء يطيبه، إذا وجده طيبا حلوا، وطاب الشيء: إذا حلا وحسن. فالفعل متعد، ومنه أخذ اسم المفعول، ولازم كما بينا و"تفاحة" خبر كان. ووجه التشبيه ذكاء الرائحة وطيبها.
الشاهد: في مطيوبة، فقد جاء على الأصل، والقياس أن يقال مطيبة كمبيعة.
3 عجز بيت من الكامل للعباس بن مرادس السلمي، يخاطب كليب بن عمرو السلمي ثم الظفري، وصدره:
قد كان قومك يحسبونك سيدا
اللغة والإعراب: إخال: أظن. معيون: اسم مفعول، من عانه يعينه، إذا أصابه بالعين، وروي مغيون، وفي الحديث: "إنه ليغان على قلبي" بالغين المعجمة، وهو اسم مفعول أيضًا، من قولهم: غين على قلب فلان -بالبناء للمجهول- أي: غطي عليه وحجب وألبس، فلم يتعرف حقيقة الأمور، ولعل هذا هو الأنسب. "سيدا" مفعول ثان ليحسبونك، "أنك سيد" الجملة من أن ومعوليها سدت مسد مفعولي إخال.
الشاهد: في معيون، حيث صحح اسم المفعول من الأجوف اليائي، والأكثر فيه الإعلال، وأن يقال: معين كمبيع. وسمع طعام مزيوت، وبر مكيول، ويوم مغيوم، ورجل مديون، ولا يقال: رجل دون، ولا ما أدونه.
4 أي: محفوظ من صان يصون، ومسك مدوون؛ أي: مبلول أو مسحوق، ولا يقاس على ذلك، وقد أشار الناظم إلى هذه المسألة بقوله:
وما لإفعال من الحذف ومن ... مَقْل فمفعول به أيضا قَمِن
نحو مَبيع ومَصون ونَدَر ... تصحيح ذي الواو وفي ذي اليا اشتَهَر*
أي: إن ما ثبت لإفعال واستفعال من النقل والحذف، يثبت لاسم المفعول من الفعل المعتل العين بالواو أو بالياء، ومعنى قمن: جدير وحقيق؛ فتقول في اسم المفعول من باع مبيع، ومن صان مصون، وندر تصحيح الواوي العين؛ فيقال: مصوون. واشتهر تصحيح بائي العين وهي لغة تميم؛ فيقولون: مبيوع ومخيوط.
"تنبيه": كثيرا ما يعبر عن إبدال النون ميما بالقلب كما فعل الناظم. والأولى أن يعبر بالإبدال لما عرف من أن القلب إنما يكون في حروف العلة أو الهمزة انظر صفحة 352".
__________
* "وما" اسم موصول مبتدأ أول. "لإفعال" متعلق بمحذوف صلة ما. "من الحذف" متعلق بما تعلق به ما قبله. "ومن نقل" عطف عليه. "فمفعول" مبتدأ ثان والفاء زائدة. "به" متعلق بقمن الواقع خبرا عن المبتدأ الثاني والجملة خبر المبتدأ الأول. "نحو مبيع" نحو خبر لمبتدأ محذوف ومبيع مضاف إليه. "ومصون"
عطف على مبيع. "تصحيح" فاعل نذر. "ذي الواو" مضاف إليه. "وفي ذي الياء" وفي ذي جار ومجرور متعلق باشتهر واليا مضاف إليه. وفاعل اشتهر يعود على تصحيح.(4/416)
باب: الحذ ف 1
وفيه ثلاث مسائل:
إحداها: تتعلق بالحرف الزائد، وذلك أن الفعل إذا كان على وزن "أَفْعَل" 2
__________
1 الإعلال بالحذف ينقسم قسمين: مقيس مطرد، وشاذ غير مقيس. فالأول: ما يكون لعلة تصريفية غير التخفيف وسببه: إما الثقل كحذف همزة "أفعل" في المضارع، وفاء المثال، والعين في المضعف كما سيأتي. وإما التقاء الساكنين كما في الأجوف عند تسكين لامه، والفعل المعتل اللام, عند إسناده للواو، وهذا القسم هو المقصود هنا أما القسم الثاني: غير المقيس فهو: ما يكون لغير علة تصريفية؛ مثل الحذف للتخفيف وللترخيم، وكحذف لام، يد، ودم، وأخ، ولا ضابط له، ويسمي: الحذف اعتباطا.
2 وذلك هو: الماضي الرباعي، المبدوء بهمزة زائدة.(4/417)
فإن الهمزة تحذف في أمثلة مضارعة1 ومثالي وصفه -أعني وصفي الفاعل والمفعول- تقول: أُكْرِم، ونُكْرِم، ويُكْرِم، وتُكْرِم، ومُكْرِم، ومُكْرِم2، وشذ قوله:
فإنه أهل لأن يؤكرما3
المسألة الثانية: تتعلق بفاء الفعل4، ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
1 وذلك لئلا يجتمع همزتان في كلمة في المبدوء بهمزة المتكلم، وحمل الباقي عليه.
2 والأصل: أأكرم، ونؤكرم، ويؤكرم, ومؤكرم، ومؤكرم، فحذفت الهمزة في الجميع. قال الناظم:
وحذف همز "أفعل" استمر في ... مضارع وبنيتي متصف
أي: إنه يجب حذف همزة "أفعل" من المضارع، ومن صيغتي الذات المتصفة بذلك المعنى على جهة القيام بها أو الوقوع منها، وهما: صيغتا اسمي الفاعل والمفعول، ومثل وصف المفعول في الحذف: المصدر الميمي، واسما الزمان والمكان.
3 نصف بيت من الرجز، أو بيت من مشطورة، لأبي حيان الفقعسي، ولم نقف له على تكملة مع ترديد النحاة له.
اللغة والإعراب: أهل: مستحق. يؤكد ما: يكرم. "فإنه أهل" إن واسمها وخبرها "لأن" اللام للتعليل، وأن مصدرية "يؤكرم" فعل مضارع للمجهول منصوب بأن، والمصدر المنسبك من أن ومدخولها مجرور باللام.
الشاهد: في يؤكرم؛ حيث أثبتت الهمزة، ولم تحذف تخفيفا لضرورة الشعر، والقياس حذفها، وقد سمع أرض مؤرنبة؛ أي: كثيرة الأرانب، وكساء مؤرنب، إذا خلط صوفه بوبر الأرانب.
هذا: وإذا أبدلت همزة "أفعل" هاء: كقولهم في أراق الماء: هراق، أو عينا كقولهم في أنهل الإبل: عنهل, لم تحذف لعدم مقتضى الحذف، فتقول: هراق بهريق فهو مهريق ومهراق، وكذلك عنهل، والنهل: الشرب الأول، والمنهل: المورد.
4 وذلك إذا كان مثالا واوي الفاء.
__________
* "وحذف" مبتدأ. "همزة أفعل" مضاف إليه، وجملة "استمر" خبر المبتدأ. "في المضارع متعلق باستمر. "وبنبتي" معطوف على مضارع، وهو مثنى بنية بمعنى صيغة. "متصف" مضاف إليه.(4/418)
وذلك أن الفعل إذا كان ثلاثيا1 واوي الفاء2 مفتوح العين3 فإن فاءه تحذف في أمثلة المضارع4، وفي الأمر، وفي المصدر المبني على "فعلة " بكسر الفاء5, ويجب في المصدر تعويض الهاء من المحذوف، وتقول: يَعِد ونَعِد وتَعِد وأَعِد، ويا زيد عد عدة6،
__________
1 فإن زاد على ثلاثة لم يحذف منه شيء نحو: والى يوالي، ووافى يوافي.
2 فإن كان يائي الفاء فلاحظ له في الحذف، إلا ما شذ من قول بعضهم: يسر. يسر؛ أي: لعب الميسر، ويئس يئس في لغة، والأصل: ييسر، وييئس.
3 أي: في الماضي: بشرط أن يكون مكسورها في المضارع مثل: وعد يعد، ووصف يصف؛ لأن العبرة بذلك لا يفتحها في الماضي؛ فإن كان مضموم العين فلا تحذف فاء مضارعه، حذفت الفاء نحو وثق يثق، وورث يرث، وإن فتحت؛ فقد تحذف فاء المضارع نحو: وضؤ يوضؤ. ووسم يوسم. وإن كان مكسورها، فإن كسرت عين مضارعه، حذفت الفاء نحو وثق يثق، وورث يرث، وإن فتحت فقد تحذف فآء المضارع نحو: وجل يوجل، ووجع يوجع، ويشترط لحذف الواو من المضارع: أن يكون حرف المضارعة مفتوحا مثل: أعد، نعد، يعد، فلا تحذف من يوعد نوعد ويوعد، مبنيا للمجهول، وأن تكون عينه مكسورة؛ فلا حذف في مثل: يولد ويوضؤ، وشذ الحذف في يدع ويذر، مبنيين للمجهول في لغة، والفصيح إثبات الواو.
4 أي: المبدوءة بحروف المضارعة الأربعة، وعلة الحذف في ذلك: وقوع الواو بين عدوتيها: الياء المفتوحة، والكسر في المبدوء بالياء، وحمل غيره عليه.
5 يشترط في حذف الواو هنا. أن تكون "فعلة" مصدرا، وأن يكون المصدر لبيان الهيئة؛ فلا حذف في غير المصدر. وشذ من ذلك "رقة" جمع ورق مثلثة، للفضة المضروبة، "وحشة" للأرض الموحشة التي لا أنيس بها، و"لدة" صفة بمعنى ترب؛ وهو المساوي في السن، ويقع على الذكر فيجمع بالواو والنون ويقال: "لدون"، وعلى الأنثى فيجمع بالألف والتاء، ويقال: "لدت" ولا حذف فيما قصد به الهيئة مثل: وعدة المحب، ووفقة المعجب بنفسه.
6 أصلها: وعد، بكسر الواو وسكون العين، حذف الفاء حملا على المضارع ثم حركت العين بكسرة الفاء لتدل عليها، وجيء بناء التأنيث عوضا عن الفاء المحذوفة.(4/419)
وأما الوجهة فاسم بمعنى الجهة لا للتوجه1، وقد تترك تاء المصدر شذوذا2، كقوله:
وأخلفوك عِدَ الأمر الذي وَعَدوا3
__________
1 أي: إنها ليست مصدرا، وإنما هي اسم للمكان المتوجه إليه، وعلى ذلك فلا شذوذ في إثبات واوه. وقيل: إنها مصدر وإثبات الواو فيها شاذ، وسوغ ذلك أنها غير جارية على الفعل؛ إذا لم يحفظ: وجه يجه، فليس هنا موجب الحذف وهو الحمل على المضارع، وإنما المحفوظ: توجه، واتجه، والمصدر: التوجه، والاتجاه.
الخلاصة:
أن مصدر المثال لا يحمل على فعله بحذف فائه، إلا بشرطين: أن يكون فاء المصدر مكسورة، وأن يكون الفعل محذوف الواو في المضارع.
2 وذلك إذا أضيف؛ لقيام الإضافة مقام التاء، كما سلف مثل هذا مرات.
3 عجز بيت من البسيط، لأبي أمية -الفضل بن العباس- بن عتبة بن أبي لهب، وصدره:
إن الخليط أجَدُّار البَيْن فانْجَرَدوا
اللغة والإعراب: الخليط: المخالط الذي يخالط المرء في جميع أموره؛ كالنديم والجليس، ويطلق على الواحد والجمع بلفظ واحد, البين: الفراق والبعد، ومعنى أجدوا البين: أحدثوا الفراق وجعلوه أمرا جديدًا. انجردوا: يعدوا واندفعوا، يقال: انجرد بهم السير، بعد وامتد, ويروى فانصرموا؛ أي: انقطعوا ببعدهم عنا: "أجدوا البين" الجملة خبر إن. "فانجردوا" الفاء عاطفة، وانجرد فعل ماض، وواو الجماعة فاعل. "عد الأمر" عد مفعول أخلف الثاني والأمر مضاف إليه، "الذي" اسم موصول نعت للأمر "وعدوا" الجملة لا محل لها صلة الذي، والعائد محذوف أي: وعدوه.
المعنى: يجرد الشاعر في نفسه شخصا يخاطبه ويقول له: إن أصحابك وأصدقاءك الذين عاشروك، قد أحدثوا بينك وبينهم فرقة الألفة وطول عهد القرب والمودة.
الشاهد: في "عد الأمر" حيث حذفوا التاء عند الإضافة شذوذا؛ لأن أصله "عدة" وهي عوض عن فاء المصدر وذلك لا يجوز، كما لا يجوز الجمع بين العوض والمعوض عنه ويرى الفراء: أنه لا بأس من الحذف عند الإضافة ولا شذوذ. مثل قوله -تعالى: {وَإِقَامِ الصَّلاةَ} .
وإلى هذه المسألة أشار الناظم بقوله:=(4/420)
المسألة الثالثة: تتعلق بعين الفعل1، وذلك أن الفعل إذا كان ثلاثيا مكسور العين، وعينه ولامه من جنس واحد؛ فإنه يستعمل في حالة إسناده إلى الضمير المتحرك على ثلاثة أوجه: تامًّا2، ومحذوف العين بعد نقل حركتها3، ومع ترك النقل، وذلك نحو: "ظل"، تقول: "ظللت، وظلت، وظلت"4، في ظللن5، قال الله -تعالى: {فَظَلَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} 6.
وإن كان الفعل مضارعا أو أمرا واتصل بنون نسوة، جاز الوجهان الأولان7 نحو:
__________
=
"فا" أمْر أو مضارع من كَوَعَدْ ... احذف وفي كَعِدَة ذاك اطَّرَدْ*
أي: إنه يجب حذف الفاء في المضارع والأمر إذا كان الماضي مثل "وعد" ثلاثيا واوي الفاء مفتوح العين مكسورها في المضارع، وكذلك يجب الحذف في المصدر إذا كان على وزن "فعلة" ولا يدل على الهيئة كعدة.
1 أي: الماضي الثلاثي المضعف.
2 أي: يبقى على حاله مع فك إدغامه وجوبا، وكلم "تاما" منصوبة على أنها بدل من قول المصنف "على ثلاثة أوجه" الواقع حالا.
3 أي: إلى فاء الكلمة.
4 يقال: ظلت أعمل كذا؛ أي: بقيت أعمل طول النهار والليل، والفعل ظل من باب علم غالبا، وفيه الكسر أيضًا.
5 ومثله: ظللنا، وظللتما، وظللنم، وظللتن.
6 أي: تعجبون، أو تندمون على اجتهادكم فيه [سورة الواقعة الآية: 65] .
7 وهما: الإتمام من غير حذف ولا تغيير، إلا فك الإدغام، وحذف العين بعد نقل حركتها إلى الفاء. ولا يجوز الثالث، وهو: حذف العين وحركتها؛ لأن الفاء واللام ساكنان في الأمر والمضارع؛ فيؤدي الحذف إلى التقاء ساكنين.
__________
* "فا" بالقصر للضرورة مفعول احذف مقدم. "أمر" مضاف إليه. "أو مضارع" عطف على أمر. "من كوعد" من جارة، والكاف بمعنى مثل مضاف إلي وعد، والجار والمجرور حال من أمر، وما عطف عليه. "وفي كعدة" متعلق باطرد. "ذاك اطرد" مبتدأ وخبر.(4/421)
يقررن، ويقرن، واقررن، وقرن1.
ولا يجوز في نحو: {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ} 2، ولا في نحو: {فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِِ} 3 إلا الإتمام، لأن العين مفتوحة4، وقرأ نافع وعاصم: {وَقَرْنَ} بالفتح5، وهو قليل؛ لأنه مفتوح، ولأن المشهور قررت في المكان بالفتح، أقر بالكسر، وأما عكسه6 ففي قررت عينا أقر7.
__________
1 يقال: قر بالمكان يقر؛ أي: سكن واستقر فيه، وأصلها: قرر يقرر؛ كضرب يضرب، فلما اجتمع مثلان أو لهما مكسور، حسن الحذف تخفيفا كما فعل بالماضي.
2 من "الآية" 50 من سورة سبأ؛ وهو بفتح العين من الضلال ضد الاهتداء.
3 [سورة الشورى الآية:23] , أي: يبقين ثوابت على ظهر البحر.
4 أي: فليس هنالك نقل، ومثله: حللت، وشذ همت، في هممت، وكذلك يتعين الإتمام إذا كان الماضي المضعف غير ثلاثي نحو: أقررت، وشذ أحست في أحسست.
5 فعل أمر، من قر بالمكان؛ أي: استقر فيه، وأصله: اقررن نقلت حركة الراء للقاف ثم حذفت، وكذلك الشأن في المضارع. [سورة الأحزاب الآية: 33] .
6 وهو قررت بالكسر، أقر بالفتح.
7 أي: سررت، والحذف في غير مكسور العين مقصور على السماع، وفي هذه المسألة يقول الناظم:
ظِلْتُ وظَلْتُ في ظَلِتْتُ استُعْمِلا ... وقِرْنَ في اقْرِرْنَ وقَرْنَ نُقِلا*
أي: إن الماضي الثلاثي المضاعف المكسور العين كظل، إذا أسند إلى تاء الضمير أو نونه، جاز فيه ثلاثة الأوجه التي ذكرت، وإذا اتصل فعل الأمر المضاعف، أو المضارع بنون النسوة نحو: اقررن، جاز تخفيفه بحذف عينه بعد نقل حركتها إلى الفاء.
تقول: قرن، وورد قرن، بفتح القاف وهو نادر؛ لأن التخفيف بالحذف بعد نقل الحركة خاص بمكسور العين. هذا: وقد ألحق الناظم في الكافية مضموم العين بمكسورها في جواز حذف عينه فأجاز في اغضن غضن، قياسا على قرن والحذف في غير مقصور العين, مقصور عند الجمهور على السماع.
__________
* "ظلت" مبتدأ قصد لفظه، "وظلت" عطف عليه. "في ظلت" متعلق باستعملا الواقع خبرا للمبتدأ، "وقرن" مبتدأ. "في اقررن" متعلق بنقلا الواقع خبرا للمبتدأ. "وقرن" عطف على المبتدأ مقصود لفظه. "نقلا" ألف الاثنين فاعل، والجملة خبر المبتدأ.(4/422)
باب: الإدغ ام 1
يجب إدغام أول المِثْلين المتحركين2 بأحد عشر شرطًا:
أحدهما: أن يكونا في كلمة؛ كَشَدّ ومَلّ، وحَبّ، أصلُهُنّ: شدَدَ بالفتح، ومَلِلَ
__________
1 معناه في اللغة: الإدخال: يقال: أدغم الفرس اللجام -أدخله- في فيه، والحرف في الحرف أدخله.
ومعناه اصطلاحا: الإتيان بحرفين، ساكن فمتحرك من مخرج واحد بلا فصل بينهما؛ بحيث ينطق بهما المتكلم دفعة واحدة، ولهذا عرفه بعضهم بأنه: رفع اللسان بالحرفين رفعا واحدا ووضعه بهما كذلك ويدخل الإدغام جميع الحروف ما عدا الألف اللينة، والغرض الأصلي منه: التخفيف، ويكون في متماثلين، من كلمة كمر ومن كلمتين قلب أحدهما مماثلا للآخر، ولهذا قيل: إن الإدغام لا يكون إلا بين متماثلين.
وأنواعه ثلاث:
1- واجب 2- وممتنع 3- وجائز، وستأتي.
2 وكذلك يجب إدغام المثلين الساكن أولهما المتحرك ثانيهما بثلاثة شروط.
أ- ألا يكون أولهما هاء سكت, فإن كان هاء امتنع الإدغام؛ لأنه جيء بها للوقف, وهو منوي في حالة الوصل. وروي عن ورش الإدغام في {مَالِيَهْ, هَلَكَ} وهو ضعيف قياسا.
وورش: لقب عثمان بن سعيد، أحد القراء السبعة المشهورين.
ب- ألا يكون همزة منفصلة متصلة بالفاء وجب الإدغام نحو: سآل، ولآل، ورآس.
جـ- ألا يكون مدة في الآخر؛ فإن كان كذلك امتنع الإدغام نحو: يعطي ياسير، ويدعو واحد؛ لئلا يذهب المد بسبب الإدغام, ولو كان لينا فقط أدغم نحو: أخشى ياسر واخشوا واقدا. ويمتنع الإدغام إذا تحرك أول المثلين وسكن ثانيهما سواء كانا في كلمة نحو: ظللت وحللت، أو في كلمتين نحو: رسول الحسن، أو كانا بالعكس، وكان الأول هاء سكت كما تقدم، أو مدة في الآخر، أو همزة مفصولة من الفاء. وقد مثلنا لذلك.(4/423)
بالكسر، وحَبُبَ الضم، فإن كانا في كلمتين مثل: "جعل لك"، كان الإدغام جائزًا1 لا واجبًا.
الثاني: ألا يصدر أوّلهما2 كما في دَدَن3.
الثالث: ألا يتصل أولهما بمدغم4، كجسس، جمع جاس5.
الرابع: ألا يكونا في وزن ملحق6، سواء كان الملحق أحد المثلين، كقردد7 ومهدد8، أو غيرهما كهيلل9، ... ... ... ... ... ......................
__________
1 وذلك بشرطين: ألا يكون المثلان همزتين في كلمتين نحو: قرأ آية؛ فإن إدغام مثل ذلك رديء كما سلف قريبا. وألا يكون قبلهما ساكن صحيح نحو: {شَهْرُ رَمَضَانَ} ، {الشَّمْسَ سِرَاجًا} فإن إدغام ذلك ممنوع عند البصريين؛ لما فيه من اجتماع الساكنين على غير حدة وصلا، وقرأ به أبو عمرو، وأوله البصريون على إخفاء الحركة فإن سبقهما لين جاز الإدغام نحو: سير رمضان.
2 لأن الإدغام يستدعي سكون أول المثلين، ولا يبدأ بالساكن إلا إذا كان الأول تاء مضارعة؛ فإنه يجوز الإدغام إذا كانت بعد مدة أو حركة، نحو قوله -تعالى: {تَيَمَّمُوا الْخَبِيثِ} ، {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} ، [سورة البقرة
الآية: 267] ، [سورة الملك الآية: 8] .
3 هو اللهو واللعب، ويقال فيه: ددا كفتى، ودد كدم.
4 أي: ألا يكون أول المثلين مدغما فيه حرف قبله، فيمتنع حينذ إدغام المثلين المتحركين؛ لئلا يجتمع ساكنان ويبطل الإدغام السابق.
5 اسم فاعل من جس الشيء إذا لمسه، أو من جس الخبر إذا فحص عنه ومنه الجاسوس لصاحب خبر الشر، والحاسوس بالحاء، والناموس: صاحب خبر الخير.
6 أي: ملحق بغيره؛ بذلك لأن الإدغام بفوت ما قصد من الإلحاق وهو: موازنة الملحق للملحق به.
7 هو المكان الغليظ المرتفع، واسم جبل.
8 علم امرأة.
9 فعل ماض منحوت من مركب، ومعناه: أكثر من قول لا إله إلا الله، والياء فيه مزيدة للإلحاق.
ومن الألفاظ المنحوته: بسمل إذا قال: "بسم الله"، وسبحل إذا قال: "سبحان الله"، وحمدل إذا قال: "الحمد لله"، وحوقل: إذا قال: "لا حول ولا قوة إلا بالله"، وحسبل، إذا قال: "حسبي الله" وجعفل إذا قال: "جعلت فداك"، ودمعز إذا قال: "أدام الله عزك".... إلخ والباب كثير ولكنه سماعي.(4/424)
أو كليهما، نحو: اقْعَنْسَسَ1، فإنها ملحقة بجعفر، ودَحْرَج، واحْرَنْجَم.
الخامس، والسادس، والسابع، والثامن: ألا يكونا في اسم على "فَعَل" بفتحتين, كطَلَلَ2 ومدد، أو "فُعُل" بضمتين, كذُلُل3 وجُدُد جمع جديد، أو "فِعَل" بكسر أوله وفتح ثانيه؛ كَلِمَمْ4، وكِلَلْ5، أو "فُعَل" بضم أوله وفتح ثانيه, كدُرَر وجدَد جمع جُدّة وهي الطريقة في الجبل.
وفي هذه الأنواع السبعة الأخيرة يمتنع الإدغام6.
والثلاثة الباقية: ألا تكون حركة ثانيهما عارضة7، نحو: اخصُص أبي،
__________
1 معناه: تأخر ورجع، والملحق فيه السين الثانية على المختار، والهمزة أو النون مزيدة للإلحاق.
2 الطلل: ما شخص من آثار الديار.
3 جمع ذلول، وهو ضد الصعبة، يقال: ذل يذل ذلا فهو ذلول.
4 جع لمه؛ وهي الشعر المجاوز شحمة الأذن، ويقال: لمام.
5 جمع كلمة وهي: ستر رقيق يتوقى به من البعوض ونحوه، وهي المسماة في عرفنا "بالناموسية".
6 هي الثلاثة الملحقة، والأربعة من الخامس إلى الثامن، أما امتناعه في الملحقة فلأن الإدغام يفوت الغرض من الإلحاق كما بينا قريبا، وأما في الخامس؛ فإنه وإن وازن الفعل؛ إلا أنه لم يدغم للتنبيه على فرعية الإدغام في الأسماء، وأصالته وقوته في الأفعال. وأما الثلاثة الباقية فلمخالفتها لوزن الفعل، والإدغام خاص بالفعل المتفرع من الاسم وربما وازنه من الأسماء.
7 وذلك لعدم الاعتداد بالعارض فكأنه ساكن؛ ولا إدغام عند سكون ثاني المثلين كما مر.
وإلى الشروط المتقدمة أشار الناظم بقوله:=(4/425)
واكفف الشر، أصلهما: اخصص، واكفف -بسكون الآخر- ثم نقلت حركة الهمزة إلى الصاد، وحركت الفاء لالتقاء الساكنين، وألا يكون المثلان ياءين، لازما تحريك ثانيهما، نحو: حيي، وعيي1، ولا تاءين في "افتعل"، كاستتر واقتتل.
وفي هذه الصور الثلاث يجوز الإدغام2 والفلك3 قال -تعالى: "وَيَحْيَا مَنْ حَيِيَ عَنْ بَيِّنَةٍ"4 ويقرأ أيضًا: {مَنْ حَيَّ} ، وتقول. استتر واقتتل، وإذا أردت
__________
=
أول مِثلين محركين في ... كلمة ادْغِم لا كمثل صُفَف
وَذْلُل وكِلَل ولَبَبِ ... ولا كَجُسَّسٍ ولا كاخْصُصَ أبِي
ولا كهَيْلَل وشَذْ في أَلِل ... ونحوِهِ فكّ بنقل فقبل*
ولم يذكر الثاني وهو: ألا يتصدر أولهما نحو: ددن، وأشار بقوله: وشذ في ألل ونحوه فك.... إلخ، إلى أن هنالك ألفاظا محفوظة منقولة عن العرب، شذ فكها اختيارا، وقياسها الإدغام، نحو: ألل السقاء، إذا تغيرت رائحته، ولححت عينه، إذا التصقت بالرمض، وفطط الشعر، إذا اشتدت جعودته ... إلخ.
1 وإنما لزم تحريك ثانيهما؛ لأن كلا منهما فعل ماض مبني على الفتح الظاهر.
2 وذلك نظرا إلى القاعدة المتقدمة، وهي اجتماع مثلين في كلمة وتحريك ثانيهما حركة لازمة.
3 نظرا إلى أن حركة الثاني كالعارضة في "حي" لوجودها في الماضي دون المضارع والأمر، والعارض لا يعتد به فكذا ما هو كالعارض: ولبناء ما قبل المثلين على السكون في اخصص واستتر، فيحوج الإدغام إلى تكلف نقل حركة أول المثلين إلى الساكن.
4 [سورة الأنفال الآية: 42] .
__________
* "أول مثلين" أول مفعول أدغم مقدم مضاف إليه. "محركين" نعت لمثلين. "في كلمة" متعلق بمحذوف حال من مثلين لتخصصه لوصف، أو نعت ثان له، "لا" عاطفة والمعطوف عليه محذوف، أي: كلمة بوزن مخصوص لا كمثل، والكاف زائدة، ومثل معطوف على ذلك المحذوف، "صفف" مضاف إليه، وما بعده معطوف عليه. "ولا كجس" الواو عاطفة، ولا زائدة لتأكيد النفي كجسس معطوف على كمثل شذ. "فك" فاعل شذ. "بنقل" متعلق بمحذوف نعت لفك. "فقيلي" معطوف على شذ.(4/426)
الإدغام نقلت حركة الأولى إلى الفاء وأسقطت الهمزة للاستغناء عنها بحركة ما بعدها ثم أدغمت؛ فتقول في الماضي: ستتر وقتل، وفي المضارع: يستر ويقتل، بفتح أولهما1، وفي المصدر ستارا وقتالا، بكسر أولهما2.
ويجوز الوجهان أيضا في ثلاث مسائل أخر:
إحداهن: أولى التاءين الزائدتين في أول المضارع، نحو: تتجلى وتتذكر.
وذكر الناظم في شرح الكافية، وتبعه ابنه، أنك إذا أدغمت اجتلبت همزة الوصل3، ولم يخلق الله همزة وصل في أول المضارع4، وإنما إدغام هذا النوع في الوصل5 دون الابتداء، وبذلفك قرأ البزي -رحمه الله تعالى- في الوصل، نحو: {وَلا تَيَمَّمُوا} ، {وَلا تَبَرَّجْنَ} و {كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ} 6، فإن أردت للتخفيف في الابتداء حذفت إحدى التاءين، وهي الثانية7، ... ... ... ...
__________
1 وكذلك ثانيهما، وتشديد الثالث مع كسره وأصلهما: يستتر ويقتتل، فنقل وأدغم.
2 والأصل: استتارا واقتتالا، فلما أريد الإدغام نقلت كسرة التاء الأولى إلى ما قبلها وأدغمت، وطرحت همزة الوصل.
3 وذلك للتوصل بها إلى النطق بالتاء الساكنة للإدغام، تقول: أتجلى وأتذكر.
4 أي: على طريق اللزوم له عند الابتداء به؛ كما في الماضي والأمر والمصدر، ولا بد أن يكون المصنف قد استند على سماع أو استنباط أو قياس ليس في اللغة ما ينافيه والذي ذكره النحاة: زن الفعل المبدوء بتاءين؛ إن كان ماضيا نحو: تتبع وتتابع جاز فيه الإدغام ابتداء واجتلاب همزة الوصل فيه وفي مصدره، فيقال: اتبع اتباعا واتابع اتابعا، وإن كان مضارعا، لم يجز فيه الإدغام إن ابتدئ به نحو: تتذكر؛ لأن ذلك يستلزم اجتلاب همزة الوصل وهي لا تكون إلا في المضارع، بل يخفف بحذف إحدى التاءين كما سيأتي.
5 ويكون بعد متحرك أو لين كما سبق، نحو: {تَكَادُ تَمَيَّزُ} ، {وَلا تَتَمَنَّوْا} لعدم الحاجة حينئذ إلى الهمزة.
6 تقرأ بميم مضمومة في "كنتم" بعدها تاء ساكنة في "تمنون" مدغمة في مثلها.
7 لأن الثقل حصل بها، ولقربها من الطرف؛ ولأن الأولى تدل على المضارعة، وحذفها يضيع المقصود منها، وهذا مذهب سيبويه والبصريين.(4/427)
لا الأولى خلافا لهشام1، وذلك جائز في الوصل أيضا قال الله -تعالى: {نَارًا تَلَظَّى} 2 {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ} 3.
__________
1 هو هشام الضرير من الكوفيين، وحجته: أن الثانية تدل على معنى هو: المطاوعة، وحذفها يخل بذلك.
2 أي: تلتهب، وأصله تتلظى، حذفت إحد التاءين، ولو كان ماضيا لقيل تلظت؛ لوجوب التأنيث مع المجاري إذا كان ضميرا متصلا.
3 [سورة آل عمران من الآية: 143] . وفيما تقدم يقول الناظم:
وحِيىَ افكُكْ وادغِم دون حَذَر ... كذاك نحو تتَجَلّى واسْتَتَر
وما بتاءين ابتدي قد يُقْتصر ... فيه على "تا" كتَبَيّن العِبَر*
أي: إن "حي" ونحوه؛ مما عينه ولامه ياءان لازم تحريكهما، يجوز فيه الفك والإدغام على الاعتبارين اللذين ذكرهما المصنف، وكذلك يجوز الفك والإدغام فيما اجتمع فيه تاءان؛ إما في أوله نحو: تتجلى، أو في وسطه نحو: استتر وما في أوله تاءين قد يقتصر فيه على إحداهما وتحذف الأخرى، ولا يكون هنالك إدغام، كتبين؛ فإن أصله تتبين، حذفت إحداهما للثقل، كما أوضح ذلك المصنف.
ومن هذا يتبين: أن المضارع المبدوء بتاءين؛ يجوز فيه إظهار التاءين، وحذف إحداهما ابتداء ووصلا. وإدغام الأولى في الثانية وصلا بعد متحرك أو مد. أما الماضي فيجوز فيه وجهان لا غير: الإظهار، والإدغام.
__________
* "وحيى" مقصود لفظه مفعول افكك مقدم. "ادغم" معطوف على افكك. "دون" ظرف متعلق بكل من افكك وادغم على الحال. "حذر" مضاف إليه.
"كذاك" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "نحو" مبتدأ مؤخر. "تتجلى" مضاف إليه مقصود إليه لفظه. "واستتر" معطوف على تتجلى. "وما" اسم موصول مبتدأ. "بتاءين" متعلق بابتدى الواقع صلة لما. "قد يقتصر" الجملة خبر ما. "فيه" متعلق بيقتصر. "على تا" متعلق بيقتصر أيضا. "كتبين العبر" فعل وفاعل.(4/428)
وقد يجيء هذا الحذف في النون1، ومنه على الأظهر قراءة ابن عامر وعاصم: "وَكَذَلِكَ نُجِّيَ الْمُؤْمِنِينَ"2، أصله: ننجي -بفتح النون الثانية- وقيل: الأصل: ننجي -بسكونها- فأدغمت3 كإجاصة وإجانة4، وإدغام النون في الجيم لا يكاد يعرف، وقيل: هو من نجا ينجو، ثم ضعفت عينه وأسند لضمير المصدر5 ولو كان كذلك لفتحت الياء؛ لأنه فعل ماض6.
الثانية والثالثة: أن تكون الكلمة فعلا مضارعا مجزوما7، أو فعل أمر8، قال الله -تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} ، فيقرأ بالفك وهو لغة أهل الحجاز، والإدغام وهو لغة تميم، قال الله -تعالى: {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ}
وقال الشاعر:
فَغُضّ الطَّرْف إنك من نُمْير9
__________
1 أي: تحذف للتخفيف النون الثانية، فيما تصدر فيه نونان.
2 [سورة الأنبياء من الآية: 88] .
3 أي: أدغمت النون الثانية في الجحيم.
4 الأصل فيهما: إنجاصة، وإنجانة فأدغمت النون في الجيم، والإجاصة: واحدة الإجاص، وهو تمر معروف دخيل على العرب؛ لأن الجيم والصاد لا يجتمعان في كلمة والإجاص: المشمس والكمثرى بلغة الشاميين، والإجانة، بفتح الهمزة، وكسرها، واحدة الأجاجين وهي: إناء يغسل ويعجن فيه.
5 أي: على أنه نائب فاعل له: لأنه ماض للمجهول، والتقدير: نجي هو؛ أي: النجاء قيل: وفيه ضعف.
6 فيكون مثل {قُضِيَ الأَمْرُ} وأيضا ففيه إنابة ضمير المصدر مع أنه مفهوم من الفعل.
7 أي: بالسكون ومضاعفا.
8 أي: مبنيا على السكون أيضا، غير متصل بنون النسوة: فإن لم يجزم المضارع مطلقًا، أو جزم بحذف النون، أو الأمر على الحذف، وجب الإدغام.
9 صدر بيت من الوافر لجرير الشاعر الأموي المشهور، من قصيدة يهجو فيها عبيد بن حصين، المعروف بالرباعي النميري، وعجزه:=(4/429)
والتزم الإغام في "هَلُمَّ"1، لثقلها بالتركيب2، ومن ثَمّ3 التزموا في آخرها الفتح, ولم يجيزوا فيه ما أجازوه في آخر نحو: رد وشد من الضم للاتباع، والكسر على أصل التقاء الساكنين.
__________
=
فلا كعبا بلغت ولا كلابا
اللغة والإعراب: غض الطرف: أي: أغمضه وانظر إلى الأرض، والطرف: البصر.
نمير: قبيلة، فرع من قيس بن عيلان، أبوهم نمير بن عامر، ومنهم الراعي النميري، وفيهم يقول جرير أيضًا.
بأي بلاء يا نمير بن عامر ... وأنتم ذُنابى لا يَدَيْن ولا صَدْر
"غض" فعل أمر. "الطرف" مفعول به. "كعبا" مفعول مقدم لبلغت.
المعنى: يقول لمخاطبه: طأطئ بصرك واعرف قدرك ولا تتجاوزه، وابتعدعن مبارة الكرام ومجاراتهم؛ وقف عند الحد الذي تؤهله لك صفات قومك، فإنك من قبيل نمير التي لم ترق إلى مصاف القبائل العظيمة.
الشاهد: في "غض"؛ حيث جاء الإدغام، ويروى بضم الضاد وفتحها وكسرها؛ فالضم على الاتباع لضم العين، والفتح للتخفيف؛ لأن الفتحة أخف الحركات، والكسر على الأصل في التخلص من الساكنين.
1 هذا كالاستثناء من فعل الأمر المتقدم الذي جوز فيه الفك والإدغام، واستثناؤها على لغة بني تميم؛ فإنها عندهم فعل أمر غير متصرف، تلحقه علامات التأنيث والتثنية والجمع؛ نقول: هلما، هلمي، هلموا، هلمن، فالتزام الإدغام فيها على أصابهم في فعل الأمر.
أما الحجازيون فيقولون: إن "هلم" اسم فعل أمر بمعنى أقبل، ولا فعل له، وتلتزم، طريقة واحدة ولا يختلف لفظها بحسب ما هي مسندة إليه.
2 وقد اختلف في تركيبها، فقال البصريون: هي مركبة من "ها" التثنية ومن"لم" التي هي فعل أمر، من قولهم: لم الله شعثك، أي: جمعه؛ كأن قيل: اجمع نفسك إلينا، فحذفت الألف من "ها" تخفيفا، وعند الكوفيين: مركبة من "هل" التي للزجر، و"أم" بمعنى اقصد، فخففت الهمزة بنقل حركتها إلى الساكن قبلها؛ وهو اللام.
3 أي: من أجل ثقلها بالتركيب.(4/430)
ويجب الفك في "أفعل" في العجب1، نحو: أشد ببياض وجوه المتقين؛ وأجبب إلى الله تعالى بالمحسنين. وإذا سكن الحرف المدغم فيه لاتصاله بضمير الرفع2 وجب فك الإدغام3 في لغة غير بكر بن وائل، نحو: حللت، و {قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ} ، {وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ} 4.
__________
1 هو أيضا كالاستثناء من فعل الأمر المتقدم نظرا لصورته؛ لأنه في الحقيقة فعل ماض على صورة الأمر كما هو معروف، وإنما التزم فيه الفك محافظة على صورته وصيغته، سواء كان متصلا بالباء أم لا.
وفي حكم "أفعل" في التعجب، و"هلم" يقول الناظم:
وفكُّ "أفْعِل" في التَّعجّب التزم ... والتزم الإدغام أيضا في "هَلُمْ"*
أي: إنه يجب فك صيغة "أفعل" في التعجب محافظة على صيغته؛ تقول: أحبب بمحمد وأشدد بعلي، فلا يجوز فيه الوجهان كفعل الأمر المتقدم، ويلتزم الإدغام في "هلم" للثقل بالتركيب، على القول بأنها فعل أمر، فهي أيضا مستثناة من فعل الأمر للسابق.
2 أي: البارز المتحرك ويشمل ذلك: تاء الضمير، وتاء ونون الإناث.
3 وذلك لتعذر الإدغام؛ لأن ما قبل الضمير البارز لا يكون ساكنا وتقدمت الإشارة لذلك، وإذا سكن لجزم أو شبه "والمراد به سكون آخر الأمر" جاز الفك وهو لغة أهل الحجاز، وجاز الإدغام وهو لغة تميم.
4 أي: أحكمنا خلقنم، [سورة سبأ الآية: 50] ، [سورة الإنسان الآية: 28] , وفي هذا الموضع الذي يعتبر شرطا من شروط وجوب الإدغام، وهو: ألا يعرض سكون ثاني المثلين؛ إما لاتصاله بضمير رفع، أو لجزم وشبهه، يقول الناظم:
وفُكّ حيث مُدغم فيه سَكَن ... لكونه بمضمر الرّفع اقترن
=
__________
* "وفك" مبتدأ. "أفعل" مضاف إليه مقصود لفظه. "في التعجب" متعلق بمحذوف حال من أفعل. "التزم" فعل ماض للمجهول والجملة خبر المبتدأ. "الإدغام" نائب فاعل التزم الثاني. "أيضا" مفعول مطلق لمحذوف. "في هلم" متعلق بالتزم.(4/431)
وقد يفك الإدغام في غير ذلك شذوذًا؛ نحو: لَحِحَت عينه1. وألِلَ السِّقاء2، أو في ضرورة، كقوله:
الحمد لله العليّ الأجلل ... الواسع الفضل الوهوب المُجْزل3
__________
=
نحو حللت ما حللته وفي ... جزم وشبه الجزم تخيير قُفِي*
أي: يجب فك الفعل المدغم عينه ولامه، وسكن آخره، لاقترانه بضمير رفع نحو: حللت، وإذا سكن بسبب دخول جازم، أو شبهه كسكون الآخر في الأمر جاز الفك، وجاز الإدغام، والأفصح الفك.
هذا: وإذا اتصل بآخر الفعل المدغم من المجزوم وشبهه. "ها" الغائبة، وجب فتحه نحو: ردها ولم يردها، وإن كان "ها" الغائب وجب ضمه نحو: رده ولم يرده، وإن اتصل بآخره ساكن، كسر للتخلص من الساكنين نحو: رد القوم، وبعضهم يفتحه للتخفيف، وحكى ضمه اتباعا، وإن لم يتصل الفعل بشيء من ذلك جاز فيه الفتح مطلقًا، كرد وفر وعض: والكسر مطلقا، والاتباع لحركة الفاء.
1 أي: لصقت بالرمص، وهو سخ جامد يجتمع في الموق، فإن كان سائلا فهو عمص.
2 أي: تغيرت رائحته، وكذلك الأسنان إذا فسدت، والأذن إذا رقت.
3 بيت من الرجز للفضل بن قدامة؛ المعروف بأبي النجم العجلي، الراجز المشهور، وهو مما يستشهد به علماء البلاغة على عدم فصاحة الكلام، بسبب مخالفة بعض مفرداته للمشهور من اللغة.
اللغة والإعراب: العلي: صفة، من العلو، بمعنى علو الشأن وسموه. الأجلل: الأجل=
__________
* "وفك" فعل أمر حذف مفعوله؛ أي: أول المثلين، أو ماض للمجهول ونائب فاعله يعود لذلك المحذوف حيث ظرف مكان متعلق بفك. "مدغم" مبتدأ. "فيه" متعلق به على أنه نائب فاعل؛ لأنه اسم مفعول. "سكن" فعل ماض والجملة خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ والخبر في محل جر بإضافة حيث إليها. "لكونه" متعلق فك من إضافة الكون الناقص إلى اسمه، وهو عله لكن. "بمضمر الرفع" بمضمر متعلق الواقع خبرا للكون الناقص والرفع مضاف لقول إليه. "نحو" خبر لمبتدأ محذوف. "حللت ما حللته" مضاف إليه مقصود لفظه أو نحو مضاف لقول محذوف، وما بعده مقول القول. "وفي جزم" متعلق بمحذوف خبر مقدم. "وشبه الجزم" وشبه معطوف عليه والجزم مضاف إليه. "تخيير" مبتدأ مؤخر، وجملة "قفي" نعت لتخيير.(4/432)
. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
= الأعظم الواسع الفضل: الكثير العطاء والإحسان: الوهوب: صيغة مبالغة من الهبة؛ أي: العظيم الهبات. "المجزل" اسم فاعل من أجزل العطاء إذا أكثر منه، والجزيل: العظيم "الحمد" مبتدأ. "لله" متعلق بمحذوف خبر. "العلي الأجلل" صفتان للفظ الجلالة، وكذلك ما بعده.
الشاهد: في "الأجلل" حيث لم يدغم، والقياس فيه الأجل بالإدغام ولكن الضرورة الشعرية ألجأته لذلك.
المعنى: بمحمد الله سبحانه، وهو الرفيع الشأن الأعظم من كل شيء الذي عم فضله وعطاؤه الجم جميع المخلوقات، وهذا حسن ختام من المصنف، يوحي بما أفاض الله عليه من توفيق وهداية لهذا السفر الجليل، نفع الله به؛ وغفر لنا وله، ووفقنا إلى ما فيه الخير والنفع العام؛ إنه سميع مجيب.
ملحوظة:
كثر في باب الإبدال وما بعده مخالفة ابن هشام للناظم في ترتيب الموضوعات وبعض المسائل والفروع، وضم بعضها إلى بعض؛ فجاء الاستشهاد بالألفية غير منتظم على الترتيب المعهود في الأبيات وفي الفصول، وقد كان ذلك نادرا فيما سبق قبل. فأرجو أن يفهم ذلك ويتدبر.
خاتمة:
إذا التقي ساكنان، وجب التخلص منهما بحذف الأول في ثلاثة مواضع:
الموضع الأول: أن يكون أول الساكنين مدة، ويجب حذفها لفظا وخطأ: إن كان الساكن الثاني من كلمة الأولى؛ كخف وقل وبع، أو كجزء منها كما في المعتل اللام؛ إذا أسند لواو الجماعة أو ياء المخاطبة نحو: تغزن وترمن، وتحذف لفظا فقط إن كانا كلمتين نحو: يخشى القوم، {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ} ، {وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ} ، وإن لم يكن أولهما مدة وجب تحريكه إلا في.
الموضع الثاني: هو أن يكون أول الساكنين نون التوكيد الخفيفة، فإنها تحذف إذا وليها ساكن للفرق بينها وبين التنوين نحو: لا تهين الفقر.
الموضع الثالث: تنوين العلم الموصوف بابن، مضافا إلى علم، نحو: علي بن أبي=(4/433)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
= طالب، فإن لم يكن لفظ "ابن" صفة أو لم يضف إلى علم لم يحذف التنوين.
ويتخلص من الساكنين في غير ما تقدم؛ بالتحريك. والتحريك؛ إما بالكسر على أصل التخلص من التقاء الساكنين وهو الأكثر.
وإما بالضم، ويجب في:
أ- أمر المضعف المتصل به هاء الغائب، ومضارعه المجزوم كما مر، نحو: رده ولم يرده, والكوفيون يجيزون فيه أيضا: الفتح، والكسر.
ب- في ميم جماعة الذكور المتصلة بالضمير المضموم قبلها نحو: {لَهُمُ الْبُشْرَى} ، {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} فإن اتصلت بضمير مكسور جاز الضم والكسر.
وإما بالفتح ويجب في أربعة مواضع:
أ- نون "من" الجارة إذا دخلت على ما فيه أل، نحو: من الله، من الكتاب فإن كان الساكن غير أل، كثر الكسر نحو: من ابنك.
ب, جـ- أمر المضاعف المضموم العين، ومضارعه المجزوم مع ضمير الغائبة نحو: ردها، ولم يردها.
د تاء التأنيث إذا وليها ألف اثنين نحو: {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}
ويغتفر التقاء الساكنين في ثلاثة مواضع.
أ- إذا كان أول الساكنين حرف لين أو ياء تصغير، وثانيهما حرف مدغم في مثله، وهما في كلمة واحدة نحو: دابة وخويصة "تصغير خاصة"، ولا الضالين.
ب- الكلمات المسرودة نحو: قاف، ميمم، نون، وذلك لجريانها مجرى الموقوف عليها.
جـ- الكلمات الموقوف عليها؛ نحو: بكر، ثوب، قال.(4/434)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
الأسئلة والتمرينات:
1 عرف الإعلال بالنقل، واذكر شروطه، ومواضعه، ووضح ما تقول بالأمثلة.
2 اذكر المواضع التي يمتنع فيها النقل، ومثل. ثم بين سبب الشذوذ في الكلمات الآتية:
مدين، جدول، استحواذ، استروح، مكيال، أسود، أسود, منائر، نيام.
3 هات من الأفعال الآتية: اسمى الفاعل والمفعول، والمصدر الميمي، واسم الآلة، وبين وزنها، وما حدث فيها من إعلال وسببه.
باع، رأى، رقى، كال، محا، أضاع.
متى تقلب عين "أفعل" و"افتعل" إذا كانا معتل العين "أجوفين" ألفا؟ ومتى تسلم؟ وضح ما تذكر بالمثال.
5 اشرح قول ابن مالك:
وما لإفعال من الحذف ومن
نقل فمفعول به أيضا قمن
6 متى تحذف فاء المثال من الفعل المضارع؟ ومن المصدر؟ اذكر شروط ذلك وضح بالأمثلة، واستشهد بقول الناظم.
7 هات المضارع والأمر من الأفعال الآتية، بين ما يحدث فيها من تغيير وسببه.
وفي، ولي، وثب، وجل، لوي، نام، استشار.
8 ما حكم التاءين الزائدتين في المضارع وفي الماضي؟ من حيث الإظهار، والإدغام؟ وضح بالأمثلة.
9 اشرح حكم الفعل المضعف من الماضي والمضارع والأمر عند الإسناد إلى الضمير المتحرك، موضحا ذلك بالأمثلة.
10 فيما يأتي: شواهد لبعض مسائل هذا الباب، وضح موضع الشاهد وبين ما حدث فيه من تغيير إن كان.
قال -تعالى: {وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ}
{فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} .
{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} .
{أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا} .=(4/435)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
= {يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ} .
{إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} .
{إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا} .
{إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا} .
{وَاِدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} .
{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} .
{فَظَلَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} .
{أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} .
{وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ} .
{وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى, أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى} .
{وَمَنْ يُشَاقَّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} .
{وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ} .
{أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} .
{وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ} .
وقال نبي المسلمين تقدموا ... وأحبب إلينا أن تكون المقدما
ولا يحركني بغض ولا مِقة ... ولا تريق همومي دفع أقلامي
وإن شفائي عبرة مهراقة ... فهل عند رسم دارس من معول
11 بين ما في الكلمات الآتية من إعلال، ووضح السبب.
مغيث، طوبى، مصفاة، أوائل، مرضى، موسر، استقامة.
12 بين فيما يأتي: ما فيه إعلال من الكلمات، ووضحه واذكر السبب.
كان عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الراشدين، مهيب الطلعة محشي الجانب، آمن في الأيام الأولى من الدعوة الإسلامية، وقد اشترك مع الرسول في جميع الغزوات وكان يلبس=(4/436)
.. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
__________
= الخشن من الثياب مع قدرته على ارتداء الديباج، تولى الخلافة في العام الثالث عشر من الهجرة؛ وكانت رحى الحرب دائرة بين العرب والروم في الشام، وحضر فتح القدس، واستيلاء عمرو بن العاص على فلسطين, وهو أول من أنشأ الديوان لإدارة أعمال البلاد، ووضح التأريخ الإسلامي مبتدئا من أول سنة قمرية بعد الهجرة، وجعل الخلافة بعده شورى، ويعد المثل الأعلى للحاكم العادل، وقد دام حكمه عشر سنوات وتسعة أشهر وتوفي لثلاث ليالٍ بقين من ذي الحجة سنة 23 هـ.(4/437)
فهرس موضوعات الجزء الرابع: من كتاب "ضياء السالك إلى أوضح المسالك"
الصفحة الموضوع
3 باب إعراب الفعل
3 نواصب الفعل المضارع أربعة
3 أحدها "ل" معناها
4 الثاني "كي" المصدرية، الفرق بينها وبين التعليلية
6 الثالث "أن"
7 حكم المفسرة والزائدة والمخففة
11 الرابع "إذن" شروط إعمالها
15 "فصل" في مواضع النصب بأن مضمرة وجوبا
31 "فصل" في مواضع النصب بأن مضمرة جوازا
36 "فصل" الجوازم التي تجزم فعلا واحدا وهي أربعة
36 "لا" الطلبية
39 اللام الطلبية، "لم"، "لما"
41 الجوازم التي تجزم فعلين، وأنواعها
45 كيفية إعراب أسماء الشرط والاستفهام
46 "فصل" في مواضع وجوب الفاء في جواب الشرط
49 إغناء "إذا" الفجائية عن الفاء
51 "فصل" في العطف على جملتي الشرط والجواب
53 "فصل" في حذف ما يعلم من شرط أو جواب
54 حكم ما إذا اجتمع شرط وجواب
59 الأسئلة والتمرينات
62 "فصل" في "لو"
62 أنواعها
70 "فصل" في "أما"
70 معناها. حكمها(4/439)
الصفحة الموضوع
76 "فصل" في لولا، ولوما
76 معناهما، حكمهما
78 "تنبيه" في أدوات الشرط التي لا تجزم
79 "خاتمة" في الجمل وأقسامها، وموقعها من الإعراب
82 الأسئلة والتمرينات
84 باب الإخبار بالذي والألف واللام
84 معناه، الغرض منه، قد يؤتى به لأغراض أخرى
85 "الفصل الأول" في بيان حقيقته والعمل فيه
88 "الفصل الثاني" في شروط ما يخبر عنه، إن كان الإخبار بالذي أو أحد فروعه
88 شروطه؛ إنكان الإخبار بالألف واللام
94 "فصل" في الضمير المرفوع بصلة "أل"
95 "خاتمة" في الإخبار عن اسم كان بالذي وفروعه
96 الأسئلة والتمرينات
97 باب العدد
97 معنى العدد. حكم مميز الواحد والاثنين
99 "فصل" في حكم مميز الثلاثة والعشرة وما بينهما
103 "فصل" في الأعداد التي تضاف للمعدود
103 وهي نوعان: الثلاثة والعشرة وما بينهما
105 المائة والألف
106 "فصل" حكم الأعداد التي تجاوز العشرة
111 حكم العدد المركب غير اثنى عشر واثنتي عشرة
113 "خلاصة" في استعمال ألفاظ العدد
114 "فصل" في صوغ اسم فاعل من اثنين وعشرة وما فيهما، ويأتي على سبعة أوجه
122 الخلاصة في استعمال فاعل؛ كثاني اثنين
123 "فائدة" في التاريخ بالليالي، وحكمه(4/440)
الصفحة الموضوع
124 "تتمة" في ضبط شين عشرة
125 باب كنايات العدد
126 "كم"، وأقسامها، وحكم كل قسم
130 "كأين" ومعناها وحكمها حاصل
130 إعراب "كم"
131 الفرق بين "كم" و"كأين"
131 "كذا" معناها، حكمها
132 "تتمة" في الكناية عن الحديث إعراب بعض التراكيب
133 الأسئلة والتمرينات
135 باب الحكاية
135 معنى الحكاية: أنواعها، حكاية الجملة، وحكاية المفرد
138 حكاية حال المفرد "بأي" و"من"
143 الفرق بين: من، وأي
143 حكاية العلم، شروط ذلك
144 الأسئلة والتمرينات
145 باب التأنيث
145 التأنيث فرع التذكير لماذا؟ علامات التأنيث
147 "فصل" لا تدخل تاء التأنيث في خمسة أوزان
150 لمعاني التي تأتي لها التاء
152 "فصل" في الأوزان المشهورة لألف التأنيث المقصورة
156 المشهور من أوزان الممدود
159 بعض الأوزان غير ما ذكر
159 "تنبيه" ألفاظ يجوز فيها التذكير والتأنيث
160 باب المقصور والممدود
160 تعريف: المقصور, الممدود, المنقوص(4/441)
الصفحة الموضوع
161 أمثلة المقصور القياسي
164 أمثلة الممدود القياسي
166 المقصور والممدود السماعيان
167 "مسألة" في قصر الممدود, ومد المقصور
169 باب كيفية التثنية
169 الاسم على خمسة: الصحيح، المنزل منزلته، المعتل، المنقوص، تثنيتها
169 تثنية المعتل المقصور
172 تثنية الممدود
174 "تنبيه" في تنبيه المحذوف اللام
175 باب كيفية جمع الاسم جمع المذكر السالم
176 باب كيفية جمع الاسم جمع المؤنث
177 "فصل" في حركة عين الجمع بالنسبة للمفرد
181 الأنواع التي يمتنع فيها التغيير لحركة العين
184 الأسئلة والتمرينات
186 هذا باب جمع التكسير
186 تعريف عدد أبنية جمع القلة والكثرة
187 أغلب جموع التكسير سماعي
187 قرار المجمع اللغوي في ذلك
188 قد يستغنى ببعض أبنية القلة عن الكثرة والعكس
188 الأول من أبنية القلة "أفعل" بضم العين
191 الثاني "أفعال" وما يطرد فيه
194 الثالث "أفعله"
194 الرابع "فعله" بكسر الفاء وسكون العين
195 الأول من أبنية الكثرة "فعل" بضم أوله وسكون ثانية
195 الثاني "فعل" بضمتين(4/442)
الصفحة الموضوع
197 الثالث "فعل" بضم أوله وفتح ثانيه
198 الرابع "فعل" بكسر أوله وفتح ثانيه
199 الخامس "فعلة بضم أوله وفتح ثانيه
199 السادس "فعلة" بفتحتين
200 السابع "فعلى" بفتح أوله وسكون ثانيه
201 التاسع "فُعّل" بضم أوله وتشديد ثانيه
202 العاشر "فعال" بضم أوله وتشديد ثانيه
203 الحادي عشر "فعال" بكسر أوله وفتح ثانيه
205 الثاني عشر "فعول" بضمتين
208 الثالث عشر "فعلان" بكسر أوله وسكون ثانيه
209 الرابع عشر "فعلان" بضم أوله وسكون ثانيه
209 الخامس عشر "فعلان" بضم أوله وفتح ثانيه
210 السادس عشر "أعلاء" بكسر ثالثه
210 السابع عشر "فواعل"
212 الثامن عشر "فعائل"
213 التاسع عشر "فعالى" بفتح أوله وكسر رابعه
214 العشرون "فعالى" بفتح أوله ورابعه
214 الحادي والعشرون "فعالى" بالتشديد
215 الثاني والعشرون "فعالل"
219 الثالث والعشرون "شبه فعالل"
222 "تتمة" في شوارد هامة تتعلق بالجموع
226 الأسئلة والتمرينات
228 باب التصغير
228 معناه, أغراضه, فائدته
229 أبنيته، شروطها(4/443)
الصفحة الموضوع
230 ما يتوصل به إلى أبنيته
234 "فصل" فيما يستثنى من كسر ما بعد ياء التصغير
235 "فصل" فيما يستثنى من الحذف للتصغير
237 "فصل" في حكم ألف التأنيث عند التصغير
238 "فصل" في حكم تصغير ما ثانيه لين
240 "فصل" في حكم تصغير ما حذف أحد أصوله
243 "فصل" في تصغير الترخيم
244 "فصل" في لحق تاء التأنيث للعاري منها
246 "فصل" فيما يصغر من غير المتمكن
249 "فوائد"
249 1- في تصغير الجمع، واسم الجمع، واسم الجنس
249 2- في ألفاظ مكبرة وردت على صورة المصغرة والعكس
250 الأسئلة والتمرينات
251 نموذج
252 باب النسب
252 تعريفه، ما يحدث بسببه من تغيير
261 الأشياء المتصلة بالآخر التي تحذف لأجله
265 "فصل" في حكم همزة الممدود عند النسب
265 "فصل" في النسبة إلى المركب
266 "تتمة" في أشياء هامة
267 "فصل" في النسب إلى ما حذفت لامه
273 في النسب إلى ثنائي الوضع المسمى به المعتل الثاني
274 "فصل" في النسب إلى الكلمة الدالة على جماعة
275 "فصل" في الاستغناء عن ياء النسب بصوغ المنسوب إليه على وزن
275 خاص قرار المجمع اللغوي في صيغة "فعال"
278 "فصل" في شواذ النسب(4/444)
الصفحة الموضوع
279 الأسئلة والتمرينات
281 نموذج
282 باب بالوقف
282 تعريفه. أنواعه: الوقف على منون
283 الوقوف على "إذا"
284 الوقف على "هاء الضمير"
285 الوقف على "المنقوص"
287 "فصل" في الوقف على المتحرك الذي ليس هاء تأنيث
291 "فصل" في الوقف على تاء التأنيث
294 "فصل" في الوقف بهاء السكت، مواضعها
300 "مسألة" قد يعطي الوصل حكم الوقف
302 الأسئلة والتمرينات
304 هذا باب الإمالة
305 تعريفها. حكمها
305 أسبابها. ثمانية
310 موانع الإمالة ثمانية أيضًا
313 "مسألة" الفرق بين تأثير المانع وتأثير السبب
316 "فصل" تمال الفتحة قبل حرف من ثلاثة
320 الأسئلة والتمرينات
321 باب التصريف
321 تعريفه، أغراضه، ما يدخله من أنواع الكلمة
322 "فصل" في تقسيم الاسم إلى مجرد ومزيد
323 أبنية الثلاثي المجرد
325 أبنية الرباعي المجرد
326 أبنية الخماسي المجرد
328 "فصل" في تقسيم الفعل إلى مجرد ومزيد(4/445)
الصفحة الموضوع
329 "فصل" في كيفية الوزن
332 "فصل" فيما تعرف به الأصول من الزوائد
335 شروط زيادة الألف
335 شروط زيادة الواو والياء
336 شروط زيادة الميم
337 شروط زيادة الوصل
338 شروط زيادة النون
339 شروط زيادة التاء
340 شروط زيادة السين والهاء واللام
343 "فصل" في زيادة همزة الوصل
343 تعريفها، مواضعها، أدلة الزيادة
346 "مسألة" لهمزة الوصل بالنسبة لحركتها سبع حالات
347 "مسألة" في حذف همزة الوصل وإبدالها ألفًا
350 ... ... ... ... ... ...
351 الأسئلة والتمرينات
352 نموذج
352 باب الإبدال
353 تعريف: الإبدال، القلب، الإعلال، العوض
355 أحرف الإبدال
361 "فصل" في إبدال الهمزة من الواو والياء، وذلك في أربع مسائل
362 "مسألة" خاصة بالواو
367 "فصل" في إبدال الواو والياء من الهمزة
368 باب الهمزتين الملتقيتين في كلمة
369 حكم ما إذا كانت الأولى متحركة والثانية ساكنة
373 حكم ما إذا كانتا متحركتين(4/446)
الصفحة الموضوع
373 "فصل" في إبدال الياء من الألف والواو
373 إبدالها من الألف في مسألتين
373 وإبدالها من الواو في عشر مسائل
387 "فصل" في إبدال الواو من الألف والياء
387 إبدالها من الألف في مسألة واحدة
387 وإبدالها من الياء في أربع مسائل
392 "فصل" في إبدال الألف من الواو والياء
399 "فصل" في إبدال التاء من الواو والياء
401 "فصل" في إبدال الطاء
402 "فصل" في إبدال الدال
404 "فصل" في إبدال الميم
406 الأسئلة والتمرينات
408 نموذج
410 باب نقل حركة الحرف المتحرك المعتل إلى الساكن الصحيح قبله
417 "باب الحذف" وفيه ثلاث مسائل
418 1- إحداها تتعلق بالحرف الزائد
421 2- الثانية تتعلق بفاء الفعل
423 3- الثالثة تتعلق بعين الفعل
423 باب الإدغام
423 وجوب إدغام أول المتحركين بشروط، والجواز في ثلاث صور
427 جواز الوجهين في ثلاث مسائل أخر
430 التزام الإدغام في "هلم" الفك في "أفعل التعجب"
433 "ملحوظة" في مخالفة ابن هشام للناظم في الترتيب
433 "خاتمة" في التخلص من التقاء الساكنين, مواضع التقاء الساكنين
435 الأسئلة والتمرينات(4/447)
فهرس بأسماء النحاة والقراءة الذين وردت أسماؤهم بهذا الجزء
...
فهرس بأسماء النحاة والقراء الذين وردت أسماؤهم بهذا الجزء:
الصفحة الاسم
7 ابن محيصن، من القراء
152 ابن قتيبة
158 ابن سيده، وكتابه المحكم
239 الزجاج، الفارسي
270 يونس بن حبيب
292 البزي
314 المقرب، لابن عصفور
324 أبو السمال، من القراء
346 التكملة والإيضاح، لأبي علي الفارسي
347 التسهيل، لابن مالك(4/448)