. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهات: الأول أجاز بعضهم إظهار العامل مع المكرر، وقال الجزولي: يقبح ولا يمتنع. الثاني: شمل قوله إلا مع العطف أو التكرار الصور الأربع المتقدمة، وكلامه في الكافية يشعر بأن الأخيرة منها -وهي رأسك رأسك- يجوز فيها إظهار العامل فإنه قال:
ونحو رأسك كإياك جعل ... إذ الذي يحذر معطوفًا وصل
وقد صرح ولده بما تقدم. الثالث: العطف في هذا الباب لا يكون إلا بالواو وكون ما بعدها مفعولًا معه جائز فإذا قلت إياك وزيدًا أن تفعل كذا صح أن تكون الواو واو مع "وشذ" التحذير بغير ضمير المخاطب نحو: "إياي" في قول عمر -رضي الله عنه: لتذك لكم الأسل والرماح والسهام، وإياي وأن يحذف أحدكم الأرنب، والأصل إياي باعدوا عن حذف
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأرض ويوجد في بعض النسخ تمام البيت وهو:
وابرز ببرزة حيث اضطرك القدر
أي: في برزة وهي الأرض الواسعة. قوله: "ونحو: رأسك كإياك جعل إلخ" يعني أن رأسك إنما يكون كإياك في وجوب ستر عامله حيث عطف عليه المحذور فمفهومه أنه حيث لم يعطف عليه لا يكون كإياك ولو حصل تكرار وهذا وجه الإشعار الذي ذكره, واعترض البعض على الشارح بأن في كلامه قصورًا؛ لأن كلام الكافية يشعر بجواز الإظهار في الثالثة أيضًا إذ ليس في كلامها تقييد بحذف المحذر أي: المخاطب ا. هـ. وأقول إذا أحسنت التأمل في كلام الكافية وجدته مشعرًا بجواز الإظهار في بعض أفراد الرابعة وبعض أفراد الثالثة لا في جميع أفرادهما؛ لأن المراد بنحو: رأسك كل ما كان التحذير فيه بذكر غير المحذر منه أولًا بقرينة قوله إذ الذي يحذر إلخ سواء ذكر المخاطب أولًا وحينئذٍ يفيد كلامها أنه إذا قيل رأسك رأسك أو رأسك رأسك يا زيد حاز إظهار العامل لعدم عطف المحذر منه والأول من أفراد الرابعة والثاني من أفراد الثالثة, ولا تعرض في كلامها منطوقًا ولا مفهومًا لحكم ما إذا قيل الضيغم الضيغم وهو من أفراد الرابعة أو الضيغم الضيغم يا ذا الساري وهو من أفراد الثالثة؛ لأن فرض كلامها فيما إذا كان التحذير بذكر غير المحذر منه أولًا والتحذير في هذين المثالين بذكر المحذر منه أولًا فلم يتم إطلاق الشارح ولا إطلاق البعض فافهم.
قوله: "بما تقدم" أي: من وجوب ستر العامل في الصور الأربع. قوله: "وكون ما بعدها إلخ" وعليه فالحذف حائز لا واجب لعدم العطف قاله الدماميني. قوله: "لتذك" من التذكية. والأسل بفتح الهمزة والسين المهملة مارقّ من الحديد كالسيف والسكين. تصريح. قوله: "والأصل إياي باعدوا عن حذف الأرنب إلخ" هذا قول الجمهور وقال الزجاج: التقدير: إياي وحذف الأرنب(3/283)
وشَذَّ إيَّاي وإيَّاهُ أَشَذّ ... وعن سَبيلِ القصدِ من قاسَ انْتَبَذْ
وكمُحذَّرٍ بلا إيَّا اجْعلا ... مُغَرًى به في كل ما قد فُصِّلا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأرنب، وباعدوا أنفسكم عن أن يحذف أحدكم الأرنب. ثم حذف من الأول المحذور ومن الثاني المحذر، ومثل إياي إيانا "وإياه" وما أشبهه من ضمائر الغيبة المنفصلة "أشذ" من إياي كما في قول بعضهم: إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب، والتقديرك فليحذر تلاقي نفسه وأنفس الشواب، وفيه شذوذان: مجيء التحذير فيه للغائب وإضافة إيا إلى ظاهر وهو الشواب، ولا يقاس على ذلك كما أشار إلى ذلك بقوله: "وعن سبل القصد من قاس انتبذ" أي: من قاس على إياي وإياه وما أشبههما فقد حاد عن طريق الصواب ا. هـ.
تنبيه: ظاهر كلام التسهيل أنه يجوز القياس على إياي وإيانا فإنه قال: ينصب محذر إياي وإيانا معطوفًا عليه المحذور فلم يصرح بشذوذ وهو خلاف ما هنا "وكمحذر بلا إيا اجعلا مغرى به في كل ما قد فصلا" من الأحكام، فلا يلزم ستر عامله إلا مع العطف، كقوله: المروءة والنجدة بتقدير الزم، أو التكرار كقوله:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وإياكم أن يحذف أحدكم الأرنب فحذف من كل من الجملتين ما أثبت نظيره في الأخرى فيكون احتباكًَا كذا في السندوبي والاحتباك موجود على قول الجمهور أيضًا فتضعيف قول الجمهور بأن فيه الحذف من الأوّل لدلالة الثاني وهو قليل يجري مثله في قول الزجاج, ويزيد بأن فيه ادعاء حذف إياكم وحذفها لا يليق لما استقر لها في هذا الباب من أنها بدل من اللفظ بالفعل.
قوله: "ثم حذف من الأوّل المحذور" وهو حذف الأرنب ومن الثاني المحذر وهو أنفسكم. وقول البعض تبعًا للتصريح وهو باعدوا أنفسكم فيه تساهل. قوله: "وإيا الشواب" بشين معجمة وآخره موحدة جمع شابة ويروى بسين مهملة آخره مثناة فوقية جمع سوأة. قوله: "والتقدير فليحذر تلاقي نفسه وأنفس الشواب" أي: فحذف الفعل مع فاعله ثم تلاقي ثم نفس فانفصل الضمير وانتصب وأقام إيا مقام أنفس. قوله: "وفيه شذوذان" بل ثلاثة ثالثها اجتماع حذف الفعل وحذف لام الأمر كما في التوضيح. وظهر لي رابع وهو جعل إيا محذرًا منه, ثم رأيت في الهمع خلافه حيث ذكر أن المحذر منه يكون ضمير غائب معطوفًَا على المحذر واستشهد بقول الشاعر:
فلا تصحب أخا الجهل ... وإياك وإياه
وذكر الرضي أن المحذور منه المكرر يكون ظاهرًا نحو: الأسد الأسد وسيفك سيفك، ومضمرًا نحو: إياك إياك وإياه إياه وإياي إياي. قوله: "وإضافة إيا إلى ظاهر" يقتضي أن إيا في نحو: إياه مضافة للهاء مع أنها حرف غيبة والضمير إيا وهو غير مضاف فلعل ما ذكره قول، أو أراد بالإضافة الربط والتعلق ا. هـ سم وقد يمنع الاقتضاء وما ترجاه هو الواقع كما مر في باب الضمير. قوله: "مغري به" ولا يكون الإغراء إلا للمخاطب وقيل جاء قليلًَا للغائب نحو: فعليه بالصوم وللمتكلم نحو: عليّ زيدًا. وأول فعليه بالصوم بأن الأمر للمخاطب أي: ألزموه الصوم أو دلوه عليه مثلًَا أفاده سم أي: وكذا يؤول عليّ زيدًَا أي: ألزموني زيدًا ونحو: ذلك وسيأتي في الباب الآتي(3/284)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
973- أخاكَ أخاكَ إنْ من لا أخا له ... كساعٍ إلى الهَيجا بغير سِلاح
وإنَّ ابنَ عمِّ المَرءِ فاعْلَمْ جَناحُهُ ... وهل يَنْهضُ البازي بغيرِ جَناح
أي: الزم أخاك. ويجوز إظهار العامل في نحو: الصلاة جامعة إذ الصلاة نصب على الإغراء بتقدير احضروا، وجامعة حال، فلو صرحت باحضروا جاز.
تنبيه: قد يرفع المكرر في الإغراء والتحذير كقوله:
974- إنَّ قومًا منهم عُميرٌ وأَشْبا ... هُ عُميرٍ ومنهم السَّفاحُ
لجديرونَ بالوفاءِ إذا قا ... لَ أخو النجدَةِ السِّلاحُ السلاحُ
وقال الفراء في قوله تعالى: {نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا} [الشمس: 13] : نصب الناقة على التحذير، وكل تحذير فهو نصب، ولو رفع على إضمار هذه لجاز فإن العرب قد ترفع ما فيه معنى التحذير ا. هـ.
خاتمة: قال في التسهيل: ألحق بالتحذير والإغراء في التزام إضمار الناصب مثل وشبهه نحو: كليهما وتمرًا. وامرأ ونفسه. والكلاب على البقر. وأحشفا وسوء كيلة. ومن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كلام آخر في قوله فعليه بالصوم. قوله: "والنجدة" بفتح النون أي: الشجاعة. قوله: "نصب على الإغراء إلخ" ويجوز رفعهما على الابتداء والخبر ورفع الأول على الابتداء مع حذف الخبر أو على الخبرية لمحذوف، ونصب جامعة على الحالية ونصب الأول على الإغراء ورفع الثاني على الخبرية لمحذوف.
قوله: "قد يرفع المكرر إلخ" مثل المكرر المتعاطفان كما أشار إليه بنقل كلام الفراء. قوله: "مثل وشبهه" قال البعض: لم يمثل لشبه المثل ومثاله انتهوا خيرًا لكم ا. هـ. وفي كلام شيخنا السيد ما يرده حيث قال: قوله: وامرأ ونفسه هذا من شبه المثل كما في الدماميني وكذا عذيرك وديار الأحباب وإن تأتني فأهل الليل وأهل النهار ومرحبًا وأهلًا وسهلًا, وهذا ولا زعماتك وكل شيء ولا هذا, ثم قال: ولو أخر ذكر جميع أشباه المثل عن ذكر جميع الأمثال لكان أنسب ا. هـ ملخصًا. وذكر شيخنا أيضًا
__________
973- البيتان من الطويل، وهما لمسكين الدارمي في ديوانه ص29؛ والأغاني 10/ 171، 173؛ وخزانة الأدب 3/ 65، 67؛ والدرر 3/ 11؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 127؛ وشرح التصريح 2/ 195؛ والمقاصد النحوية 4/ 305؛ ولمسكين أو لابن هرمة في فصل المقال ص269؛ ولقيس بن عاصم في حماسة البحتري ص245؛ ولقيس بن عاصم أو المسكين الدارمي في الحماسة البصرية 2/ 60؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 79؛ وتلخيص الشواهد ص62؛ والخصائص 2/ 480؛ والدرر 6/ 44؛ وشرح شذور الذهب ص288؛ وشرح قطر الندى ص134؛ والكتاب 1/ 256.
974- البيتان من الخفيف، وهما بلا نسبة في الخصائص 3/ 102؛ والدرر 3/ 11؛ والمقاصد النحوية 4/ 306؛ والهمع 1/ 180.(3/285)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أنت زيدًا. وكل شيء ولا هذا. ولا شتيمة حر. وهذا ولا زعماتك. وإن تأت فأهل الليل وأهل النهار. ومرحبًا وأهلًا وسهلًا. وعذيرك وديار الأحباب بإضمار أعطني، ودع، وأرسل، وأتبيع، وتذكر، واصنع، ولا ترتكب، ولا أتوهم، وتجد، وأصبت، وأتيت، ووطئت، واحضر, واذكر. ثم قال: وربما قيل كلاهما وتمرًا. وكل شيء ولا شتيمة حر. ومن أنت
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أن امرأ ونفسه شبه مثل. قوله: "كليهما وتمرًا" هذا مثل وأصله أن إنسانًا خير بين شيئين فطلبهما جميعًا وطلب الزيادة عليهما ا. هـ. دماميني. قوله: "والكلاب على البقر" مثل معناه خل الناس خيرهم وشرهم واغتنم أنت طريق السلامة. قوله: "وأحشفا وسوء كيلة" بكسر الكاف كالجلسة للهيئة وهو مثل لمن يظلم الناس من وجهين. قوله: "ومن أنت زيدًا" مثل لمن يذكر عظيمًا بسوء.
قوله: "بإضمار أعطني إلخ" ساق الأفعال الناصبة للمنصوبات المتقدمة على ترتيبها في الذكر السابق فأعطني ناصب كليهما وتمرًا وظاهر كلامه أن تمرًا معطوف على كليهما؛ لأنه لم يقدر له ناصبًا وقدر غيره وزدني تمرًا فيكون من عطف الجمل ودع هو ناصب امرأ وأما نفسه فيحتمل أن يكون معطوفًا وأن يكون مفعولًا معه وأرسل هو ناصب الكلاب على البقر وأتبيع ناصب حشفًا, وأما سوء كيلة فيحتمل أن يكون بتقدير وتزيد وأن يكون مفعولًا معه, وتذكر هو ناصب زيدًا واصنع هو ناصب كل شيء ولا ترتكب هو ناصب هذا من قولهم كل شيء ولا هذا ولا أتوهم هو ناصب زعماتك من قولهم هذا ولا زعماتك, وأما هذا في هذا التركيب فناصبه محذوف أي: أرضى هذا ولا أبوهم زعماتك كما قاله ابن الحاجب, ولم ينبه عليه المؤلف لجواز أنه خبر لمحذوف أو مبتدأ خبره محذوف كما قيل أي: الحق هذا أو هذا الحق. وتجد هو ناصب أهل الليل وأهل النهار أي: تجد من يقوم لك مقام أهلك في الليل والنهار وأصبت ناصب مرحبًا وأتيت ناصب أهلًا ووطئت ناصب سهلًا فعلى هذا هي ثلاث جمل وغيره جعل العامل فيها كلها واحدًا وقدره صادفت, فعلى هذا هي جملة واحدة وأحضر ناصب عذيرك قال سيبويه: أي: أحضر عذرك وقال بعضهم: التقدير: أحضر عاذرك واذكر ناصب ديار الأحباب ا. هـ. دماميني ببعض زيادة.
وظاهر سكوته عن قوله ولا شتيمة حر أنه من تتمة ما قبله وأن العامل في شتيمة هو العامل في الكلمة قبلها وهو ترتكب وفي كلام شيخنا السيد تبعًا للدماميني أنه جملة منفردة فتكون شتيمة مستقلة بعامل تقديره: ترتكب, وأنه كان الأولى زيادة واو أخرى قبل قوله: ولا شتيمة حر لتكون إحدى الواوين من الحكاية والأخرى من المحكي فيفيد أن ولا شتيمة حر جملة منفردة. قال: وكذا ما سيذكره الشارح من لفظ كل شيء ولا شتيمة حر جملة أخرى منفردة ا. هـ. وقد يؤخذ من مجموع ذلك أنه قد يقال ولا شتيمة حر فقط. وقد يقال كل شيء
ولا شتيمة حر والظاهر أن الأول عطف على اصنع كل شيء محذوفًا.
قوله: "وربما قيل كلاهما وتمرًا" بإثبات الألف في كلاهما ونصب تمرًا فكلاهما مرفوع ويحتمل أن يكون منصوبًا على لغة من ألزمه الألف. قال شيخنا والبعض: ويترجح بسلامته من عطف الإنشاء على الخبر ا. هـ. وفي أن السلامة من ذلك ممكنة على الرفع أيضًا بأن يقدر ناصب(3/286)
أسماء الأفعال والأصوات:
ما نابَ عن فِعل كَشتَّان وَصَهْ ... هو اسم فِعل وكذا أَوَّه وَمَهْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
زيد، أي: كلاهما لي. وزدني، وكل شيء أمم ولا ترتكب. ومن أنت كلامك زيد أو ذكرك. والله أعلم.
أسماء الأفعال والأصوات:
"ما ناب عن فعل" في العمل ولم يتأثر بالعوامل ولم يكن فضلة "كشتان وصه هو اسم فعل وكذا أوه ومه" فما ناب عن فعل جنس يشمل اسم الفعل وغيره مما ينوب عن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تمرًا أطلب أو آخذ أو أستزيد مثلًا وإن كان خلاف تقدير الشارح. قوله: "وكل شيء" برفع كل كما قاله شيخنا وغيره. قوله: "أمم" بفتحتين أي: سهل يسير. قوله: "كلامك زيد" أي: متكلمك الذي تتكلم فيه. وقوله أو ذكرك أي: مذكورك.
أسماء الأفعال والأصوات:
أي: وأسماء الأصوات كما سيصرح به الشارح، وصرح جماعة بأنها ليست أسماء بل ليست كلمات لعدم صدق حد الكلمة عليها؛ لأنها ليست دالة بالوضع على معنى لتوقف الدلالة على علم المخاطب بما وضعت له والمخاطب بالأصوات مما لا يعقل. وأجاب القائلون بأنها أسماء بأن الدلالة كون اللفظ بحيث متى أطلق فهم منه العالم بالوضع معناه وهذه كذلك ولم يقل أحد إن حقيقة الدلالة كون اللفظ يخاطب به من يعقل.
قوله: "ما ناب عن فعل" أي: اسم ناب عن فعل بدليل الترجمة فالحروف خارجة عن الحد فلا حاجة إلى زيادة ما يخرجها كما فعله الشارح. والنيابة عن الفعل فسرها ابن المصنف بما يخرج المصدر فلا حاجة إلى زيادة ما يخرجه ا. هـ. سم. وقوله: فسرها ابن المصنف بما يخرج المصدر إلخ عبارة ابن الناظم أسماء الأفعال ألفاظ نابت عن الأفعال معنى واستعمالًا كشتان بمعنى افترق وصه بمعنى اسكت وأوّه بمعنى أتوجع ومه بمعنى أكفف واستعمالها كاستعمال الأفعال من كونها عاملة غير معمولة بخلاف المصادر الآتية بدلًا من اللفظ بالفعل فإنها وإن كانت كالأفعال في المعنى فليست مثلها في الاستعمال لتأثرها بالعوامل ا. هـ. ومنه يعلم فساد قول البعض المراد بالنيابة عن الفعل النيابة عنه في المعنى والعمل فلا حاجة إلى زيادة ما يخرج المصدر ا. هـ. وذلك لأن النيابة عن الفعل في المعنى والعمل حاصلة للمصادر المذكورة كما عرفت فكيف تخرج بالنيابة عن الفعل في المعنى والعمل والله الموفق. ثم قول ابن الناظم: كاستعمال الأفعال من كونها عاملة غير معمولة. قال شيخ الإسلام: زكريا أي: غير معمولة للاسم والفعل وإلا فالأفعال تكون معمولة للحرف الناصب أو الجازم ا. هـ. ويرد عليه أنها تكون معمولة للاسم الجازم أيضًا إلا أن يقال عمله فيها لا لذاته بل لتضمنه معنى الحرف وهو أن.
قوله: "هو اسم فعل" فائدة وضعه وعدم الاستغناء عنه بمسماه قصد المبالغة فإن القائل أف كأنه قال أتضجر كثيرًا جدا، والقائل هيهات كأنه قال بعد جدا كما قاله ابن السراج أفاده سم.(3/287)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الفعل، والقيد الأول. وهو لم يتأثر بالعوامل. فصل يخرج المصدر الواقع بدلًا من اللفظ بالفعل واسم الفاعل ونحوهما. والقيد الثاني -وهو ولم يكن فضلة- لإخراج الحروف: فقد بان لك أن قوله: كشتان تتميم للحد, فشتان ينوب عن افترق،
وصه ينوب عن اسكت، وأوه عن أتوجع، ومع عن انكفف، وكلها لا تتأثر بالعوامل وليست فضلات لاستقلالها.
تنبيهان: الأول كون هذه الألفاظ أسماء حقيقة هو الصحيح الذي عليه جمهور البصريين. وقال بعض البصريين: إنها أفعال استعملت استعمال الأسماء. وذهب الكوفيون إلى أنها أفعال حقيقة. وعلى الصحيح فالأرجح أن مدلولها لفظ الفعل لا الحدث والزمان بل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وكذا أوه" فيه لغات منها ما اشتهر من قولهم آه وأه كما في المرادي. قوله: "يخرج المصدر الواقع بدلًا من اللفظ بالفعل" نحو: ضربا زيدًا واسم الفاعل نحو: أقائم الزيدان ونحوهما مما يعمل الفعل فإن العوامل اللفظية والمعنوية تدخل عليها فتعمل فيها ألا ترى أن ضربًا منصوب بما ناب عنه وهو اضرب وقائم مرفوع بالابتداء ا. هـ. تصريح. قوله: "لإخراج الحروف" كإن وأخواتها. قوله: "فقد بان لك" أي: من احتياج قوله: ما ناب عن فعل إلى ما يخرج الحروف ونحو: المصدر النائب عن فعله لكن جعل قوله: كشتان وصه تتميمًا للتعريف إنما هو بقطع النظر عن زيادة الشارح القيدين السابقين فلو أخرج الشارح الحروف ونحو: المصدر المذكور بقول المصنف: كشتان وصه ثم قال: فبان لك إلخ لكان أوضح.
قوله: "ومه عن انكفف" كذا في بعض النسخ وفي بعضها عن اكفف وهي إنما تصح على ما قيل أنه سمع في اكفف التعدي وعدمه مع أنه قد يفسر اللازم بالمتعدي وعكسه. قوله: "كون هذه الألفاظ إلخ" جملة الأقوال سبعة. قوله: "هو الصحيح" بدليل أن منها ما هو على حرفين أصالة كصه وأنها لا يتصل بها ضمائر الرفع البارزة وأن منها ما يخالف أوزان الأفعال نحو: نزال وقرقار وأن الطلبي منها لا تلحقه نون توكيد سم. قوله: "استعملت استعمال الأسماء" أي: من حيث إنها تنوّن تارة ولا تنوّن تارة أخرى ومن حيث أنها لا تتصل بها ضمائر الرفع البارزة ومن حيث أن الطلبي منها لا تلحقه نون توكيد ونحو: ذلك.
قوله: "وذهب الكوفيون إلى أنها أفعال" أي: لدلالتها على الحدث والزمان همع. قوله: "حقيقة" قال البعض: أي: لم تستعمل استعمال الأسماء وليس المراد بالحقيقة ما قابل المجاز ا. هـ. وأنت خبير بأن هذا يؤدي إلى أن قول الكوفيين محض مكابرة وكيف ينكر أحد أنها استعملت استعمال الأسماء فيما مر. والأولى عندي أن مذهب بعض البصريين ومذهب الكوفيين واحد وأن الاختلاف بينهما ليس إلا في العبارة. قوله: "وعلى الصحيح إلخ" كان المناسب تأخيره عن القولين الأخيرين الآتيين أو تقديمه على قوله وقال بعض البصريين إلخ كما هو الظاهر للمتأمل. قوله: "لفظ الفعل" أي: من حيث هو دال على المعنى الموضوع هو له لا من حيث كونه مطلق لفظ، فآمين مثلًا مسمى به الفعل الذي هو استجب لا من حيث كونه لفظًا من الألفاظ بل من(3/288)
وما بِمعنَى افعل كآمينَ كَثُرْ ... وغيرُهُ كَوَي وهيهاتَ نَزُرْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تدل على ما يدل على الحدث والزمان كما أفهمه كلامه. وقيل إنها تدل على الحدث والزمان كالفعل لكن بالوضع لا بأصل الصيغة. وقيل مدلولها المصادر. وقيل ما سبق استعماله في ظرف أو مصدر باق على اسميته كرويد زيدًا ودونك زيدًا، وما عداه فعل كنزال وصه. وقيل هي قسم برأسه يسمى خالفه الفعل. الثاني ذهب كثر من النحوين منهم الأخفش إلى أن أسماء الأفعال لا موضع لها من الإعراب، وهو مذهب المصنف، ونسبه بعضهم إلى الجمهور. وذهب المازني ومن وافقه إلى أنها في موضع نصب بمضمر، ونقل عن سيبويه وعن الفارسي القولان. وذهب بعض النحاة إلى أنها في موضع رفع بالابتداء وأغناها مرفوعها عن الخبر كما أغنى في نحو: أقائم الزيدان "وما بمعنى افعل كآمين
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حيث كونه لفظًا دالا على طلب الاستجابة. دماميني. قوله: "كما أفهمه كلامه" أي: حيث قال هو اسم فعل.
قوله: "وقيل إنها تدل على الحدث والزمان كالفعل" أي: فهي أسماء بمعنى الأفعال وفي قول الرضي لا يفهم منها أي: أسماء الأفعال لفظ الفعل بل معناه ميل إلى هذا القول. قوله: "لكن بالوضع" يعني المادة كالصبوح ولو عبر بها لكان أوضح. وقوله:
لا بأصل الصيغة بهذا تميز اسم الفعل من الفعل على هذا القول فإن دلالته على الحدث بالمادة وعلى الزمان بالصيغة وإضافة أصل إلى الصيغة للبيان, ولو قال لا بالمادة والصيغة لكان أحسن إذ لا قائل في الفعل بأنه يدل على الحدث والزمان بالصيغة حتى يتوهم ذلك في اسم الفعل فيحتاج إلى نفيه ويمكن إرجاع قوله: لكن إلخ إلى الزمان فقط فلا يرد ما ذكر. قوله: "وقيل مدلولها المصادر" أي: النائبة عن أفعالها كما في الفارضي وغيره, ويظهر أن في الكلام حذف مضاف أي: قيل مدلولها مدلول المصادر وإنما بنيت على هذا القول مع إعراب تلك المصادر لما قاله المرادي من أنه دخلها معنى الأمر والمضي والاستقبال التي هي من معاني الحروف, وعليه فالمراد بالأفعال في قولهم أسماء الأفعال الأفعال اللغوية التي هي المصادر كما نقله شيخنا السيد عن الارتشاف.
قوله: "كرويد زيدًا إلخ" نشر على تشويش اللف. قوله: "خالفة الفعل" أي: خليفته ونائبه في الدلالة على معناه. قوله: "الثاني إلخ" هذا الخلاف مبني على الخلاف الأول فعلى القول بأنها أفعال حقيقة أو أسماء لألفاظ الأفعال لا موضع لها من الإعراب وعلى القول بأنها أسماء لمعان الأفعال موضعها رفع بالابتداء وأغنى مرفوعها عن الخبر, وعلى القول بأنها أسماء للمصادر النائبة عن الأفعال موضعها نصب بأفعالها النائبة هي عنها كذا في التصريح والفارضي، ولم يظهر وجه بناء القول بأنها في موضع رفع بالابتداء أغنى مرفوعها عن الخبر على القول بأنها أسماء لمعاني الأفعال كالأفعال بل يظهر أنها عليه لا موضع لها كالأفعال فتأمل. قوله: "وذهب المازني إلخ" ظاهر هذا وما بعده جريانهما في عليك وإليك سم.
قوله: "وذهب بعض النحاة إلخ" يحتاج صاحب هذا القول إلى أنه لا يلزم شرط الاعتماد(3/289)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كثر" ما موصول مبتدأ وما بعده صلته وكثر خبره أي: ورود اسم الفعل بمعنى الأمر كثير، من ذلك آمين بمعنى استجب، وصه بمعنى اسكت، ومه بمعنى انكفف، وتيد وتيدخ بمعنى أمهل، وهيت وهيا بمعنى أسرع، وويها بمعنى أغر، وإيه بمعنى امض في حديثك، وحيهل بمعنى ائت أو أقبل أو عجل، ومنه باب نزال وقد مر أنه مقيس من الثلاثي، وأن قرقار بمعنى قرقر وعرعار بمعنى عرعر شاذ.
تنبيه: في آمين لغتان: أمين بالقصر على وزن فعيل، وآمين بالمد على وزن فاعيل،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كما في الوصف قال الشيخ يس وعليه فما الفرق. قوله: "كثر" لأن الأمر كثيرًا ما يكتفى فيه بالإشارة عن النطق فكيف لا يكتفى بلفظ قائم مقامه ولا كذلك الخبر. تصريح. أي: فالخبر لم يكثر فيه ذلك وإن وجد فيه كالاكتفاء بالإشارة بالرأس عن نعم أو لا. قوله: "وتيد" بفوقية مفتوحة فتحتية ساكنة فدال مهملة قال أبو علي من التؤدة فأبدلت الهمزة ياء. دماميني. قوله: "وتيدخ" بالخاء المعجمة. قوله: "بمعنى أمهل" راجع للكلمتين قبله وفي القاموس أن تيد تأتي بمعنى اتئد أيضًا.
قوله: "وهيت" بفتح التاء وكسرها وضمها وقد قرئ قوله تعالى هيت لك بالأوجه الثلاثة ا. هـ. همع واللام بعدها للتبيين والمعنى إرادتي أو أعني لك ولا تتعلق بهيت دماميني. قوله: "وهيا" بفتح الهاء وكسرها مع تشديد الياء فيهما همع. قوله: "بمعنى أسرع" راجع للكلمتين قبله. قوله: "وويها" بالتنوين لزومًا كما في الفارضي وسيأتي عند قول المصنف واحكم بتنكير الذي ينون إلخ. قوله: "بمعنى أغر" بقطع الهمزة؛ لأنه من أغريت. قوله: "وايه" بكسر الهمزة والهاء وفتحها وتنون المكسورة ا. هـ. قاموس. وأما أيها بفتح الهاء مع التنوين لزومًا فبمعنى انكفف كما في الهمع وجعله في القاموس أمرًا بالسكوت فلعل قول الهمع بمعنى انكفف أي: عن الكلام. قوله: "بمعنى امض في حديثك" هو كقول جماعة بمعنى زدني أي: من حديثك وهمزة امض وصل كما هو ظاهر.
قوله: "وحيهل" وقالوا حيهلًا بالتنوين وحيهلا بالألف بلا تنوين وهي مركبة من حي بمعنى أقبل وهل التي للحث والعجلة لا التي للاستفهام فجعلتا كلمة واحدة مبنية على الفتح في الكثير كخمسة عشر كذا في الفارضي. وذكر بعضهم أن لام حيهل تسكن وتفتح وأن هاء حيهلًا بالتنوين وحيهلا بالألف تفتح وتسكن وأن الألف بدل التنوين وقفًا وأنها قد تثبت وصلًا. قوله: "بمعنى ائت إلخ" هو بمعنى الأول متعد بنفسه وبمعنى الثاني متعد بعلى وبمعنى الثالث متعد بالباء أو بإلى ا. هـ. زكريا. وقد تفرد حي من هل فيستعمل بمعنى أقبل ويعدى بعلى وبمعنى ائت ويعدى بنفسه كما في الدماميني. قوله: "ومن باب نزال" أي: من اسم فعل الأمر. وقوله من الثلاثي أي: التام المتصرف كما مر. وقرقر بمعنى صوت وعرعر بمعنى العب.
قوله: "في آمين لغتان" أي: آمين المتكلم عليها التي هي اسم فعل وأما آمين بالمد وتشديد(3/290)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وكلتاهما مسموعة، فمن الأولى قوله:
975- تَباعَدَ مِنِّي فَطَحْلٌ وابنُ أمهِ ... أمينَ فزادَ اللهُ ما بيننا بُعدا
ومن الثانية قوله:
976- ويَرحمُ اللهُ عبدًا قالَ آمينا
وعلى هذه اللغة فقيل إنه عجمي معرب؛ لأنه ليس في كلام العرب فاعيل، وقيل أصله أمين بالقصر فأشبعت فتحة الهمزة فتولدت الألف كما في قوله:
977- أقولُ إذ خرَّتْ على الكَلكالِ
قال ابن إياز: وهذا أولى "وغيره كوي وهيهات نزر" أي: غير ما هو من هذه الأسماء بمعنى فعل الأمر قل، وذلك ما هو بمعنى الماضي كشتان بمعنى افترق وهيهات بمعنى بعد،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الميم فليست لغة في آمين المذكورة حتى ترد عليه بل هي كلمة أخرى؛ لأنها جمع آمّ بمعنى قاصد. قوله: "وآمين بالمد" مع الإمالة وعدمها فاللغات تفصيلًا ثلاث. قوله: "أقول إذ خرت على الكلكال" أي: سقطت. قال في القاموس الكلكل والكلكال الصدر أو ما بين الترقوتين ا. هـ. قيل الشاهد في الكلكال فإن أصله الكلكل. واعترض بأن ظاهر القاموس أن كلا أصل ولذا قيل إن آقول بإشباع الهمزة وتوليد الألف والشاهد فيه ولا يخفى أن ثبوت هذا يحتاج إلى نقل صحيح وأما الاعتراض المذكور فيدفع بأن شأن أهل اللغة ذكر لغات الكلمة وإن كان بعضها فرعًا عن بعض فتأمل. قوله: "بمعنى افترق" كذا أطلقه الجمهور وقيده الزمخشري بكون الافتراق في المعاني والأحوال كالعلم والجهل والصحة والسقم فلا تستعمل في غير ذلك فلا يقال شتان الخصمان عن مجلس الحكم ويطلب فاعلًا دالا على اثنين نحو: شتان الزيدان وقد تزاد ما بينهما فيقال شتان ما زيد وعمرو وقد تزاد ما بين بينهما كقوله:
فشتان ما بين اليزيدين في الندى
__________
975- البيت من الطويل، وهو لجبير بن الأضبط في تهذيب إصلاح المنطق 2/ 42؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص179؛ وشرح شذور الذهب ص152؛ وشرح المفصل 4/ 34؛ ولسان العرب 11/ 518 "فحطل"، 11/ 528 "فطحل"، 13/ 27
"أمن".
976- صدره:
يا ربِّ لا تَسلُبني حُبَّها أَبدًا
والبيت من البسيط، وهو للمجنون في ديوانه ص219، ولعمرو بن أبي ربيعة في لسان العرب 13/ 27 "أمن" وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص179؛ وإنباه الرواة 3/ 282؛ وشرح المفصل 4/ 34؛ وشرح شذور الذهب ص151.
977- الرجز بلا نسبة في الإنصاف ص25؛ والجنى الداني ص178؛ ورصف المباني ص12؛ ولسان العرب 11/ 596 "كلل"؛ والمحتسب 1/ 166.(3/291)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وما هو بمعنى المضارع كأوه بمعنى أتوجع وأف بمعنى أتضجر، ووا ووي وواها بمعنى أعجب؛ كقوله تعالى: {وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} : أي: اعجب لعدم فلاح الكافرين وقول الشاعر:
978- وا بأبِي أنتِ وفوكِ الأَشَنْبُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولم تجعل ما موصولة على معنى افترق الحالتان اللتان بينهما؛ لأنه لا يقال بين زيد وعمرو حالتان على معنى أن إحداهما مختصة بأحدهما والأخرى بالآخر, بل لا يقال إلا إذا كانا مشتركين في الحالتين فلو فسرنا قوله: شتان ما بين اليزيدين بمعنى افترق الحالتان اللتان بينهما لكانا مشتركين في كل واحدة وهو ضد المقصود وخرّج بعضهم ذلك على أن شتان بمعنى بعد؛ لأنه لا يستلزم اثنين وما واقعة على المسافة أفاده الدماميني قال في شرح الشذور: وأما قول بعض المحدثين:
جاز يتموني بالوصال قطيعة ... شتان بين صنيعكم وصنيعي
فلم تستعمله العرب وقد يخرج على إضمار ما موصولة ببين ا. هـ. وذهب الأصمعي إلى أن شتان مثنى شت بمعنى مفترق وهو خبر لما بعده واحتج بأمرين: أحدهما كسر نونه في لغة. والثاني أن المرفوع بعده لا يكون إلا مثنى أو بمعناه ولا يكون جمعًا ولو كان بمعنى افترق لجاز كون فاعله جمعًا, ورد مذهبه بشيئين: أحدهما فتح نونه في اللغة الفصحى والثاني أنه لو كان خبرًا لجاز تأخره عن المبتدأ ولم يسمع كذا في الدماميني. قوله: "وهيهات بمعنى بعد" فإذا وقع بعدها لام كانت زائدة كما في قوله تعالى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} . قوله: "وما هو بمعنى المضارع" لم يثبته ابن الحاجب وعليه فأف بمعنى تضجرت وأوه توجعت وهكذا كما قاله الجامي والإنصاف أن المذهبين محتملان. قوله: "كأوه" فيها لغات أشهرهما فتح الهمزة وتشديد الواو وسكون الهاء، ومنها أوه بفتح الهمزة وسكون الواو وكسر الهاء وآه بقلب الواو ألفًا وآوه بفتح الهمزة ممدودة وكسر الواو مشددة ومخففة وسكون الهاء وأوه بفتح الهمزة وفتح الواو المشددة وكسر الهاء وقد تمد الهمزة في هذه كذا في الدماميني.
قوله: "وأف" ذكر صاحب القاموس فيها أربعين لغة منها تثليث الفاء المشددة مع التنوين وعدمه وأف بتثليث الهمزة مع سكون الفاء وألف بضم الهمزة وتخفيف الفاء مثلثة مع التنوين وعدمه, وأف بضم الهمزة وكسرها مع تثليث الفاء مشددة وأفى كحبلى وذكرى وإفى بكسر الهمزة والفاء مشددة وبفتح الهمزة. قوله: "أي: أعجب لعدم فلاح الكافرين" أشار إلى أن وي بمعنى أعجب, وأن الكاف بمعنى لام التعليل وأن أن مصدرية مؤكدة. وحاصل ما ذكره الشارح في وي كأن أربعة أقوال. قوله: "وا بأبي إلخ" خبر مقدم وأنت بكسر التاء مبتدأ مؤخر أي: أنت
__________
978- الرجز لراجز من بني تميم في الدرر 5/ 304؛ وشرح شواهد المغني 2/ 786؛ والمقاصد النحوية 4/ 310؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 83؛ وجمهرة اللغة ص345، 1218؛ والجنى الداني ص498؛ وجواهر الأدب ص287؛ وشرح التصريح 2/ 197؛ وشرح قطر الندى ص257؛ ولسان العرب 1/ 448 "زرنب"؛ ومغني اللبيب 2/ 369؛ وهمع الهوامع 2/ 106.(3/292)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقول الآخر:
979- واهًا لسَلْمى ثُمّ واهًا واها
تنبيهان: الأول تلحق وي كاف الخطاب كقوله:
980- ولقد شَفا نَفْسي وأَبْرَأَ سُقْمَها ... قِيل الفوارسِ ويكَ عَنترَ أَقْدِمِ
قيل والآية المذكورة وقوله تعالى: {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ} [القصص: 82] من ذلك. وذهب أبو عمرو بن العلاء إلى أن الأصل ويلك فحذفت اللام لكثرة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مفداة بأبي وفوك مبتدأ والأشنب صفته من الشنب وهو حدة الأسنان وقيل البرودة والعذوبة والخبر قوله: كأنما ذر عليه الزرنب وهو نبت طيب الرائحة.
قوله: "قيل الفوارس" أي: قول الفوارس ويروى هكذا وهو الأصح وقد تنازع فيه شفي وأبرأ فأعمل الثاني وأضمر في الأول وعنتر منادى مرخم أصله يا عنترة وأقدم أمر من قدم يقدم بالضم فيهما كذا في بعض نسخ العيني, وفيه أن قدم يقدم بالضم فيهما ضد حدث يحدث, وهو لا يناسب هنا, ولو قال من قدم يقدم كنصر ينصر بمعنى تقدم كما في القاموس لناسب هنا ولا مانع من قراءته أقدم بقطع الهمزة وكسر الدال من الإقدام كما في بعض آخر من نسخ العيني وهو الشجاعة والتقدم, بل هذا أوفق بالوزن إلا أن تثبت الرواية بخلافه.
والشاهد في ويك حيث ألحق بوي بمعنى أعجب كاف الخطاب والمعنى كلّ فارس أعجب من شجاعتك يا عنترة, فقول البعض الظاهر أن الأصل في البيت ويلك ولا يظهر كونه فيه اسم فعل ممنوع. وقد ذكر العيني أن الكسائي استشهد به على أن ويك مختصر ويلك والكاف مجرورة بالإضافة, وأنه أجيب عن استشهاده بأن وي بمعنى أعجب والكاف للخطاب. قوله: "من ذلك" وعليه ففتح همزة أن لإضمار اللام قبلها كما في المغني عن أبي الحسن الأخفش أو لكونها معمولة لمحذوف تقديره: اعلم كما يؤخذ من التصريح. وقد يجعل قول الشارح وفتح أن إلخ راجعًا لهذا القول أيضًا. واعلم في كلامه بصيغة الأمر على الأظهر.
__________
979- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص168؛ وله أو لأبي النجم في المقاصد النحوية 1/ 123، 3/ 636؛ ولأبي النجم في شرح التصريح 2/ 197؛ وشرح شواهد المغني 1/ 129؛ وشرح المفصل 4/ 72؛ ولسان العرب 13/ 563 "ويه"، 14/ 345 "روي"؛ وله أو لرجل من بني الحارث في خزانة الأدب 7/ 455؛ وبلا نسبة في شرح شواهد المغني 2/ 786؛ وشرح عمدة الحافظ ص967؛ وشرح قطر الندى ص257؛ اللامات ص125، ومجالس ثعلب 275؛ ومغني اللبيب 2/ 369؛ والمقاصد النحوية 4/ 311.
980- البيت من الكامل، وهو لعنترة في ديوانه ص219؛ والجنى الداني ص353؛ وخزانة الأدب 6/ 406، 408، 421؛ وشرح شواهد المغني ص481، 787؛ وشرح المفصل 4/ 77؛ والصاحبي في فقه اللغة ص177؛ ولسان العرب 15/ 418 "ويا"؛ والمحتسب 1/ 16، 2/ 56؛ والمقاصد النحوية 4/ 318؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب ص369.(3/293)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الاستعمال وفتح أن بفعل مضمر كأنه قال: ويك اعلم أن. وقال قطرب: قبلها لام مضمر والتقدير: ويك لأن والصحيح الأول. قال سيبويه: سألت الخليل عن الآيتين فزعم أنها وي مفصولة من كأن، ويدل على ما قاله قول الشاعر:
981- وَي كأنْ من يَكُنْ له نَشَبٌ يُحْـ ... ـبَبْ ومن يفتَقِرْ يَعِشْ عيشَ ضُرِّ
الثاني ما ذكره في هيهات هو المشهور. وذهب أبو إسحاق إلى أنها اسم بمعنى البعد, وأنها في موضع رفع في قوله تعالى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} [المؤمنون: 36] ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وقال قطرب إلخ" لم يتعرض الشارح لكون ويك على قول قطرب اسم فعل بمعنى أعجب لحقه كاف الخطاب, أو مختصر ويلك فالكاف اسم مضاف إليه ويل, ولعل الثاني أقرب وفي كلام البعض على قول الشارح أي: أعجب لعدم فلاح الكافرين الجزم بالثاني فعليك بالتثبت. قوله: "والصحيح الأول" أي: كون وي اسم فعل بمعنى أعجب والكاف للتعليل بقرينة تقويته بكلام سيبويه فإن هذا المذهب مذهبه ومذهب الخليل كما في التصريح؛ ولأن كلام سيبويه إنما يدل لهذا القول؛ لأن الكاف إنما تكون مفصولة من وي إذا كانت للتعليل بخلاف ما إذا كانت حرف خطاب أو اسمًا مضافًا إليه كذا قال شيخنا. قال البعض: وقد يقال كون الكاف مفصولة من وي لا يعين كونها تعليلية لاحتمال أن يكون كأن للتحقيق فلا ينهض فصلها مصححًا للأول ا. هـ. ملخصًا. ولك دفعه
بأن التعيين إضافي بالنسبة لبقية الأقوال المتقدمة فينهض فصل الكاف مصححًا للأول على ما عداه من تلك الأقوال, فلا ينافي احتمال أن كأن للتحقيق وما أبداه شيخنا وتبعه البعض من احتمال أن قصد الشارح حكاية قول آخر يرده أمران:
الأول ما مر عن التصريح أن القول الأول مذهب سيبويه والخليل, الثاني أن ما نقله عن سيبويه لا يقابل القول الأول فكيف يكون قولًا آخر مقابلًا للأقوال المتقدمة. نعم نقل في المغني عن الخليل خلاف ما نقله عن المصرّح وعبارته وقال الخليل: وي حدها وكأن للتحقيق فاعرف ذلك.
قوله: "ويدل على ما قاله إلخ" فيه أن المذاهب المتقدمة في الآيتين واحتمال التحقيق متأتية في البيت أيضًا غاية الأمر أن النون فيه مخففة من تثقيل فلا دلالة فيه على ما صححه. واسم أن أو كأن في البيت ضمير الشأن والخبر جملة من يكن إلخ والنشب بفتح النون والشين المعجمة المال. قوله: "وأنها في موضع رفع إلخ" واللام على هذا أصلية أي: البعد ثابت للذي توعدونه ولم أرَ من علل البناء على هذا القول ويظهر لي أنه تضمن معنى حرف التعريف. قوله:
__________
981- البيت من الخفيف، وهو لزيد بن عمرو بن نفيل في خزانة الأدب 6/ 404، 408، 410؛ والدرر 5/ 305؛ وذيل سمط اللآلي ص103؛ والكتاب 2/ 155؛ ولنبيه بن الحجاج في الأغاني 17/ 205؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 11؛ ولسان العرب 15/ 490 "وا"، 15/ 418 "ويا"؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ص353؛ والخصائص 3/ 41، 169؛ وشرح المفصل 4/ 76؛ ومجالس ثعلب 1/ 389؛ والمحتسب 2/ 155؛ وهمع الهوامع 2/ 106.(3/294)
والفِعْلُ من أَسمائِهِ عَليكَا ... وهكذا دونكَ مع إلَيْكا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وذهب المبرد إلى أنها ظرف غير متمكن وبني لإبهامه، وتأويله عنده في البعد، ويفتح الحجازيون تاء هيهات ويقفون بالهاء، ويكسرها تميم ويقفون بالتاء، وبعضهم يضمها، وإذا ضمت فمذهب أبي علي أنها تكتب بالتاء ومذهب ابن جني أنها تكتب بالهاء. وحكى الصغاني فيها ستًا وثلاثين لغة: هيهاه وأيهاه وهيهات وأيهات وهيهان وأيهان، وكل واحدة من هذه الست مضمومة الآخر ومفتوحته ومكسورته، وكل واحدة منونة وغير منونة فتلك ست وثلاثون. وحكى غيره هياك وأيهاك، وأيهاء وإيهاه وهيهاء وهيهاه ا. هـ. "والفعل من أسمائه عليكا وهكذا دونك مع إليكا" الفعل مبتدأ ومن أسمائه عليك جملة اسمية في موضع الخبر. ودونك أيضًا مبتدأ خبره هكذا. يعني أن اسم الفعل على ضربين: أحدهما ما
ـــــــــــــــــــــــــــــ
"غير متمكن" أي: غير منصرف كما قاله شيخنا والبعض ويحتمل أن مراده بغير المتمكن غير المعرب كما هو اصطلاحهم. قوله: "وبنى لإبهامه" أورد عليه شيخنا أن الإبهام لا يقتضي البناء نعم قالوا المبهم المضاف لمبني يجوز بناؤه. قوله: "وتأويله" أي: معناه عنده في البعد فهو خبر مقدم وما توعدون مبتدأ مؤخر واللام زائدة أي: ما توعدون كائن في البعد أي: متلبس به.
قوله: "ويفتح الحجازيون إلخ" قال بعضهم: إن المفتوحة التاء مفردة وأصلها هيهية كزلزلة قلبت الياء الأخيرة ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها والتاء للتأنيث فالوقف عليها بالهاء, وأما المكسورة التاء فجمع كمسلمات فالوقف عليها بالتاء وكان القياس هيهات؛ لأن الجمع يرد الأشياء إلى أصولها إلا أنهم حذفوا الألف المنقلبة عن الياء لكون الكلمة غير متمكنة كما حذفوا ألف هذا وياء الذي في التثنية للفرق بين المتمكن وغيره. وأما المضمومة التاء فتحتمل الإفراد والجمع فيجوز الوقف عليها بالهاء والتاء, قال الرضي: وهذا تخمين ولا مانع من كون الألف والتاء زائدتين في جميع الأحوال ولا كون الزائد التاء فقط وأصلها هيهية في جميع الأحوال, وإنما وقف عليها في هذا الوجه بالتاء كما هو الأكثر تنبيهًا على التحاقها بقسم الأفعال من حيث المعنى فكان تاؤها مثل تاء قامت, وهذا الوجه أولى كذا في الدماميني ولعل وجه الوقف عليها بالهاء على أول احتمالي الرضي الفرق بين زيادة الألف والتاء في المتمكن وزيادتهما في غيره.
قوله: "وحكى غيره" أي: زيادة على ما ذكره الصغاني فجملة اللغات اثنتان وأربعون. قوله: "وأيهاء" أي: بالمد وأيهاه أي: بهاء السكت الساكنة كاللغة الأخيرة وبذلك غايرًا أيهاه وهيهاه المعدودتين في اللغات السابقة فإن الهاء فيهما للتأنيث بدل عن التاء ومحركة. وقوله وهيهاء أي: بالمد أيضًا ولم يبين الشارح حركة الآخر على الثلاث الأول والخامسة من هذه اللغات الست ولعلها الفتحة. وزاد في القاموس ثلاث عشرة أخرى هايهات وآيهات وهايهان وآيهان بزيادة ألف بين الهاء أو الهمزة والياء المكسورة لالتقاء الساكنين مثلثات الآخر وأيآت بإبدال الهاءين همزتين. قوله: "والفعل" أي: فعل الأمر. قوله: "يعني أن اسم الفعل إلخ" اعلم أن كلامهم في تقسيم اسم الفعل إلى مرتجل ومنقول يدل على أن اسم الفعل مجموع الجار والمجرور وكلامهم على موضع(3/295)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وضع من أول الأمر كذلك كشتان وصه، والثاني ما نقل عن غيره وهو نوعان: الأول منقول عن ظرف أو جار ومجرور نحو: عليك بمعنى الزم ومنه عليكم أنفسكم أي: الزموا شأن أنفسكم، ودونك زيدًا بمعنى خذه ومكانك بمعنى اثبت، وأمامك بمعنى تقدم، ووراءك بمعنى تأخر، وإليك بمعنى تنح.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الكاف من الإعراب يخالف هذا ويقتضي أن اسم الفعل هو الجار فقط ا. هـ. يس وتوقف البعض في دلالة كلامهم في التقسيم على ما سبق وهو توقف في غير محله بعد قولهم منقول من ظرف أو جار ومجرور. قوله: "ما وضع من أول الأمر كذلك" أي: اسم فعل.
قوله: "نحو: عليك بمعنى الزم" وقد يتعدى بالباء نحو: عليك بذات الدين فيكون بمعنى فعل مناسب متعد بها. وصرح الرضي بأن الباء في مثله زائدة قال, والباء تزاد كثيرًا في مفعول أسماء الأفعال لضعفها في العمل ا. هـ. دماميني. قوله: "ومنه عليكم أنفسكم" قيل ومنه عليكم في قوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [الأنعام: 151] ، والوقف على قوله: ربكم والذي أحوج القائل إلى ذلك إشكال ظاهر الآية؛ لأن أن إن جعلت مصدرية بدلًا من ما أو من العائد المحذوف ورد أن المحرم الإشراك لا نفيه, وأن الأوامر الآتية بعد ذلك معطوفة على لا تشركوا وفيه عطف الطلب على الخبر, وجعل المأمور به محرمًا فيحتاج إلى تكلفات مثل جعل لا زائدة وعطف الأوامر على المحرم باعتبار حرمة أضدادها وتضمين الخبر معنى الطلب, وإن جعلت أن مفسرة على أن لا ناهية أشكل عطف الأوامر المذكورة على النهي؛ لأنها لا تصلح بيانًا للمحرم بل الواجب وعطف أن هذا صراطي مستقيمًا على أن لا تشركوا إذ لا معنى لعطفه على أن المفسرة والفعل, واختار الزمخشري كونها مفسرة لقرينة عطف الأوامر، وأجاب عن الأول بأن عطف الأوامر على النهي باعتبار لوازمها من النهي عن أضدادها والثاني بمنع عطف أن هذا صراطي مستقيمًا على أن لا تشركوا, بل هو تعليل لاتبعوا على حذف اللام وجاز عود ضمير اتبعوه إلى الصراط لتقدمه في اللفظ.
فإن قيل فعلى هذا يكون اتبعوه عطفًا على لا تشركوا ويصير التقدير: فاتبعوا صراطي؛ لأنه مستقيم وفيه جمع بين حرفي عطف الواو والفاء وليس بمستقيم, وكذا إن جعلنا الواو استئنافية قلنا ورود الواو مع الفاء عند تقديم المعمول فصلًا بينهما سائغ في الكلام مثل وربك فكبر: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18] ، فإن أبيت الجمع فاجعل الفاء زائدة فإن أبيت فاجعل المعمول متعلقًا بمحذوف والعامل المقرون بالفاء عطفًا عليه مثل عظم فكبر، وادعوا الله فلا تدعوا، وآثروه فاتبعوه تفتازاني على الكشاف باختصار. قوله: "ومكانك بمعنى أثبت" فيكون لازمًا وحكى الكوفيون تعديته وأنه يقال مكانك زيدًا أي: انتظره قال الدماميني: ولا أدري أي: حاجة إلى جعل مثل هذا الظرف اسم فعل وهلا جعلوه ظرفًا على بابه, وإنما يحسن دعوى اسم الفعل حيث لا يمكن الجمع بين ذلك وذلك الفعل نحو: صه وعليك وإليك وأما إذا أمكن فلا فإنه يصح أن يقال أثبت مكانك وتقدم أمامك ولا تقول اسكت صه إلخ.(3/296)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهات: الأول قال في شرح الكافية: ولا يقاس على هذه الظروف غيرها إلا عند الكسائي أي: فإن لا يقتصر فيها على السماع، بل يقيس على ما سمع ما لم يسمع. الثاني قال فيه أيضًا: لا يستعمل هذا النوع إلا متصلًا بضمير المخاطب. وشذ قولهم عليه رجل بمعنى ليلزم، وعلي الشيء بمعنى أولنيه، وإلي بمعنى أتنحى. وكلامه في التسهيل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "ولا يقاس على هذه الظروف" أي: المسموعة غيرها مما لم يسمع لخروجها عن أصلها وما خرج عن أصله لا يقاس عليه والمراد بالظروف ما يعم الجار والمجرور كما صرّح به الدماميني. قوله: "بل يقيس إلخ" بشرط كونه على أكثر من حرف احترازًا من نحو: بك ولك ا. هـ. دماميني. قوله: "وشذ قولهم عليه رجلًا بمعنى ليلزم" ولشذوذه رد في المغني قول بعضهم في {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} أن الوقف على فلا جناح وأن عليه بمعنى ليلزم ليفيد صريحًا وجوب التطوف بالصفا والمروة على أنه ليس المقصود من الآية إيجاب التطوف بهما بل إبطال ما كانت الأنصار تعتقده في الجاهلية من تحرج التطوف بهما حتى سألوه عليه الصَّلاة والسَّلام عن ذلك وقالوا: يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة فأنزل الله تعالى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ} الآية كما في صحيح البخاري عن عائشة في قصة ردها على ابن أختها أسماء عروة بن الزبير في زعمه أن الآية لرفع الجناح عمن لم يتطوف بهما بأنها لو كانت كما زعم لكانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما وإنما هي لإبطال معتقد الأنصار. قال في المغني: مع أن الإيجاب لا يتوقف على كون على اسم فعل بل كلمة تقتضي ذلك مطلقًا ا. هـ. وأما قوله عليه الصَّلاة والسَّلام: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم". فقد حسنه الخطاب, وقال ابن عصفور: إن عليه خبر والصوم مبتدأ والباء زائدة ا. هـ. فارضي. وقوله: فقد حسنه الخطاب عبارة عن بعضهم فقد حسنه كون ضمير الغائب فيه واقعًا على مخاطب؛ لأنه بعض المخاطبين أولًا بقوله من استطاع منكم.
قوله: "بمعنى أولنيه" فيه نظر؛ لأن أول متعد لاثنين وعلى لم يتعد إلا لمفعول واحد فكيف يكون هو ومسماه مختلفين وقد يقال إنه مثل آمين واستجب والظاهر أنه اسم لقولك لا لزم أي: لفعل مضارع مقرون بلام الأمر فإنه متعد لواحد؛ لأن عليك وعليه اسمان لفعل اللزوم فكذا الآخر. فإن قلت يلزم دخول لام الأمر على فعل المتكلم. قلت لزومه غير ضارّ. ففي التنزيل: {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} [العنكبوت: 12] ، وفي الحديث قوموا فلأصلّ لكم ا. هـ. دماميني وقوله وقد يقال إنه مثل آمين واستجب أي: في اختلاف الاسم والمسمى فإن آمين لازم واستجب متعد كما سيأتي في الشرح وقوله: والظاهر إلخ يؤخذ منه ومن تفسير الشارح عليه رجلًا بليلزم أن المراد بفعل الأمر الذي جعل الظرف اسمًا له ولو شذوذًا ما يشمل المضارع المقرون بلام الأمر وبهذا يسقط استشكال البعض تفسير الشارح المذكور.
قوله: "بمعنى أتنحى" قياس ما قبله وما بعده وهو المناسب للمعنى أن يؤتى بالأمر فيقال بمعنى نحني وفي نسخة تنح بالأمر وعليها لا إشكال فيه ا. هـ. زكريا وقوله: وعليها لا إشكال فيه(3/297)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يقتضي أن ذلك غير شاذ. الثالث قال فيه أيضًا: اختلف في الضمير المتصل بهذه الكلمات فموضعه رفع عند الفراء ونصب عند الكسائي وجر عند البصريين وهو الصحيح؛ لأن الأخفش روى عن عرب فصحاء: علي عبد الله زيدًا بجر عبد الله، فتبين أن الضمير مجرور الموضوع لا مرفوعه ولا منصوبه، ومع ذلك فمع كل واحد من هذه الأسماء ضمير مستتر مرفوع الموضوع بمقتضى الفاعلية، فلك في التوكيد أن تقول: عليكم كلكم زيدًا بالجر توكيدًا للموجود المجرور، وبالرفع توكيدًا للمستكن المرفوع. والنوع الثاني منقول من مصدر وهو على قسمين: مصدر استعمل لعله ومصدر أهمل فعله، وإلى هذا النوع بقسميه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أن هذه النسخة أيضًا لا تناسب المعنى والذي في التسهيل وشرحه للدماميني أتنحى بلفظ المضارع كما في النسخة الأولى فتأمل. قوله: "اختلف في الضمير إلخ" كون الكاف في عليك وأخواته ضميرًا هو مذهب الجمهور, وذهب ابن بابشاذ إلى أنها حرف خطاب كالكاف في ذلك ويرده عدم استعمال الجار وحده, وقولهم على وعليه فإن الياء والهاء ضميران اتفاقًا وحكاية الأخفش على عبد الله زيدًا دماميني. قوله: "فموضعه رفع" أي: على الفاعلية عند الفراء ويرده أن الكاف ليست من ضمائر الرفع ا. هـ. دماميني ويجاب بأنه من استعارة ضمير غير الرفع له ا. هـ. يس. واعلم أن القول بأن موضع الضمير رفع والقول بأن موضعه نصب منظور فيهما إلى ما بعد النقل إلى اسم الفعل, والقول بأن موضعه جر منظور فيه إلى ما قبل النقل؛ لأن اسم الفعل لا يعمل الجر كما هو مصرح به عند قول المصنف: وما لما تنوب عنه من عمل. لها وحينئذٍ فلا يتوارد الخلاف على جهة واحدة.
قوله: "ونصب عند الكسائي" أي: على المفعولية والفاعل مستتر والتقدير ألزم أنت نفسك من الإلزام قال الدماميني: ويرده قولهم عليك زيدًا بمعنى خذ وخذ إنما يتعدى لواحد ا. هـ. وللكسائي أن يمنع كون عليك زيدًا بمعنى خذ ويقول معناه ألزم نفسك زيدًا من الإلزام, وأظهر منه في الرد قولهم مكانك بمعنى أثبت وأمامك بمعنى تقدم ووراءك بمعنى تأخر فإن ما ذكر لازم ويرد عليه أيضًا أنه يلزمه عمل الفعل في ضميري مخاطب وذلك خاص بأفعال القلوب وما حمل عليها. قوله: "وجر عند البصريين" على الأصل بالإضافة في نحو: دونك وبالحرف في نحو: عليك سم. قوله: "على عبد الله زيدًا" بتشديد الياء على أن على جارة لياء المتكلم وزيدًا مفعول به لاسم الفعل وقوله: بجر عبد الله أي: بدل كل من الياء وهذا شاذ عند الجماعة؛ لأنه بدل ظاهر من ضمير الحاضر بدل كل غير مفيد للإحاطة وجواز ذلك رأي الأخفش والأقرب جعله عطف بيان كذا قال الدماميني. وقال شيخ الإسلام زكريا: وهم من فهم أن على في على عبد الله جارة لياء المتكلم لا لعبد الله حتى بني عليه أن عبد الله عطف بيان أو بدل من الياء ا. هـ. وعليه يقرأ على بالألف وعبد مجرور بها. قوله: "ومع ذلك" أي: مع كون الكاف في موضع جر بقرينة قوله: بعد بالجر توكيدًا للموجود المجرر ومثل ذلك ما إذا قلنا إنها في موضع نصب فيجوز عليه أيضًا في التوكيد عليكم كلكم زيدًا بنصب كل توكيدًا للموجود المنصوب وبرفعه توكيدًا للمستكن(3/298)
كَذا رُويدَ بلهَ ناصِبينِ ... ويَعملانِ الخَفضَ مصدَرينِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الإشارة بقوله: "كذا رويد بله ناصبين" أي: ناصبين ما بعدهما نحو: رويد زيدًا وبله عمرًا. فأما رويد زيدًا فأصله أرود زيدًا أروادًا بمعنى أمهله إمهالًا، ثم صغروا الأرواد تصغير الترخيم وأقاموه مقام فعله واستعملوه تارة مضافًا إلى مفعول فقالوا: رود زيد، وتارة منونًا ناصبًا للمفعول فقالوا: رويدًا زيدًا. ثم إنهم نقلوه وسموا به فعله فقالوا رويد زيدًا. ومنه قوله:
982- رُوَيدَ عَلِيا جِدْ ماثدي أُمّهمْ ... إلينا ولكنْ بعضُهم مُتبايِنُ
أنشده سيبويه. والدليل على أن هذا اسم فعل كونه مبنيا. والدليل على بنائه عدم تنوينه. وأما بله فهو في الأصل مصدر فعل مهمل مرادف لدع واترك، فقيل فيه بله زيد بالإضافة إلى مفعوله كما يقال ترك زيد، ثم قيل بله زيدًا بنصب المفعول وبناء بله على أنه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المرفوع بخلاف ما إذا قلنا إنها في موضع رفع لأنها حينئذٍ الفاعل.
قوله: "ناصبين" أي: مع عدم تنوينهما وإلا كانا مصدرين كما سيأتي. قوله: "ثم صغروا الإرواد تصغير الترخيم" أي: حذفوا الهمزة والألف الزائدتين وأوقعوا التصغير على أصوله فقالوا رويد وسمي تصغير ترخيم لما فيه من حذف الزوائد والترخيم حذف ا. هـ. تصريح قال سم: والأحسن أن يكون تصغير مرود؛ لأن اسم الفاعل يصغر فأما المصدر فلا يجوز تصغيره قبل التسمية به ا. هـ. وفيه أنه لو كان تصغير مرود لم يكن مصدرًا والفرض أنه مصدر فتأمل ا. هـ. قوله: "مضافًا إلى مفعوله" وسيأتي أنه يضاف للفاعل أيضًا وقوله: فقالوا رويد زيد أي: إمهال زيد. قوله: "فقالوا رويد زيد" أي: أمهل والفتحة على هذا بنائية بخلافها على ما قبله. قوله: "رويد عليًا إلخ" لم أرَ من تكلم على هذا البيت.
قوله: "والدليل على أن هذا اسم فعل كونه مبنيا" اعترضه الحفيد وأقره شيخنا والبعض بأنه لا يلزم من بنائه كونه اسم فعل لبناء كثير من الأسماء وليست أسماء أفعال, وقد يقال معلوم انحصار رويد بين كونه اسم فعل وكونه مصدرًا والمقصود إثبات كونه اسم فعل ونفي كونه مصدرًا فقوله: والدليل على أن هذا اسم فعل أي: لا مصدر وبعد ملاحظة هذا الانحصار يستلزم كونه مبنيًا كونه اسم فعل لا مصدرًا؛ لأن البناء ينفي المصدرية فثبتت اسمية الفعل فتأمل. قوله: "والدليل على بنائه عدم تنوينه" اعترضه الحفيد بأنه لا يلزم من عدم تنوينه أن يكون مبنيا فكان ينبغي أن يقول الدليل على بنائها أنها أشبهت الحرف في كونها أبدًا عاملة غير معمولة. ولك أن تقول المراد عدم تنوينه مع عدم موجبات عدم التنوين غير البناء فلم يبق إلا البناء فاندفع الاعتراض
__________
982- البيت من الطويل، وهو لمالك بن خالد الهذلي في شرح أبيات سيبويه 1/ 100؛ وللمعطل الهذلي في معجم ما استعجم 3/ 737؛ ولأحدهما في شرح أشعار الهذليين 1/ 447؛ وللهذلي في الكتاب 1/ 243؛ ولسان العرب 13/ 396 "مأن"؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 4/ 40؛ ولسان العرب 3/ 189 "رود"، 13/ 426 "مين"؛ والمقتضب 3/ 208، 278.(3/299)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
اسم فعل. ومنه قوله:
983- بَلهَ الأَكُفَّ كأنّها لم تُخْلَقِ
ينصب الأكف. وأشار إلى استعمالها الأصل بقوله: "ويعملان الخفض مصدرين"
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا أولى مما أجاب به البعض فتأمل. قوله: "ومنه قوله بله الأكفّ إلخ" صدره:
تذر الجماجم ضاحيًا هاماتها قاله كعب بن مالك شاعر رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- من قصيدة قالها في وقعة الأحزاب وضمير تذر يرجع إلى السيوف ويروى فترى الجماجم إلخ والجماجم جمع جمجمة. قال صاحب الصحاح: هي عظم الرأس المشتمل على الدماغ وربما أطلقت على الإنسان فيقال خذ من كل جمجمة درهمًا كما يقال خذ من كل رأس بهذا المعنى. وقال أيضًا: الهامة من الشخص رأسه فالمناسب هنا أن يفسر الجمجمة بالإنسان. وفرق الزجاج بين الجمجمة والهامة بجعل الهامة بعضًا من الجمجمة فقال: عظم الرأس الذي فيه الدماغ يقال له جمجمة والهامة وسط الرأس ومعظمه. وقوله ضاحيًا: حال سببية من الجماجم وهاماتها فاعل ضاحيًا من ضحا يضحو إذا ظهر وبرز عن محله, وقوله: كأنها لم تخلق متعلق بقوله ضاحيًا هاماتها أي:
كأنها لم تخلق متصلة بمحالها ومعنى بله الأكف على رواية نصب الأكف دع ذكر الأكف فإن قطعها من الأيدي أهون من قطع هامات الجماجم بتلك السيوف, فبله على هذا اسم فعل وعلى الجرّ ترك ذكر الأكف أي: اترك ذكرها تركًا فإنها بالنسبة إلى الهامات سهلة فبله على هذا مصدر مضاف لمفعوله وعلى الرفع كيف الأكف لا تقطعها تلك السيوف مع قطعها ما هو أعظم منها وهي الهامات أي: إذا أزالت هذه السيوف تلك الهامات عن الأبدان فلا عجب أن تزيل الأكف عن الأيدي, فبله على هذا بمعنى كيف للاستفهام التعجبي فبله الأكف على الأول والثالث جملة اسمية وفتحة بل بنائية وعلى الثاني جملة فعلية حذف صدرها وفتحة بله إعرابية ا. هـ. ملخصًا من شرح شواهد الرضي لعبد القادر أفندي وفي شرح الدماميني على المغني أن المعنى على الجر أن السيوف تترك الجماجم منفصلة هاماتها ترك الأكف منفصلة عن محالها كأنها لم تخلق متصلة بها ا. هـ. وعلى هذا يكون بله منصوبًا بتذر ويكون قوله: كأنها لم تخلق إلخ متعلقًا بقوله بله الأكف أو بقوله ضاحيًا هاماتها.
قوله: "ويعملان الخفض" أي: والنصب منونين وسكت عنه؛ لأنه الأصل وقوله دالين على
__________
983- صدره:
تذَرُ الجَماجِمَ ضَاحيًا هاماتُها
والبيت من الكامل، وهو لكعب بن مالك في ديوانه ص245؛ وخزانة الأدب 6/ 211، 214، 217؛ والدرر اللوامع 3/ 187؛ وشرح شواهد المغني ص353؛ ولسان العرب 3/ 478 "بله"؛ بلا نسبة في أوضح المسالك 2/ 217؛ وتذكرة النحاة ص500؛ الجنى الداني ص425؛ وخزانة الأدب 6/ 232؛ وشرح التصريح 2/ 199؛ وشرح شذور الذهب ص513؛ وشرح المفصل 4/ 48؛ ومغني اللبيب ص115؛ وهمع الهوامع 1/ 236.(3/300)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أي: معربين بالنصب دالين على الطلب أيضًا، لكن لا على أنهما اسما فعل، بل على أن كلا منهما بدل من اللفظ بفعله نحو: رويد زيد وبله عمرو أي: إمهال زيد وترك عمرو، وقد روي قوله: بله الأكف بالجر على الإضافة فرويد مضاف إلى المفعول كما مر، وإلى الفاعل نحو: رويد زيد عمرًا. وأما بله فإضافتها إلى المفعول كما مر. وقال أبو علي إلى الفاعل. ويجوز فيها حينئذ القلب، نحو: بهل زيد، رواه أبو زيد، ويجوز فيهما حينئذ التنوين ونصب ما بعدهما بهما وهو الأصل في المصدر المضاف، نحو: رويدًا زيدًا وبلها عمرًا، ومنع المبرد النص برويد لكونه مصغرًا.
تنبيهات: الأول الضمير في يعملان عائد على رويد وبله في اللفظ لا في المعنى، فإن رويد وبله إذا كانا اسمي فعل غير رويد وبله المصدرين في المعنى. الثاني: إذا قلت رويدك وبله الفتى احتمل أن يكونا اسمي فعل ففتحتهما فتحة بناء، والكاف من رويدك حرف
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الطلب أيضًا أي: لنيابتهما عن فعل الأمر كما ذكره الشارح. قوله: "فرويد تضاف إلى المفعول كما مر" فيه أن ما مر وهو نحو: رويد زيد يحتمل الإضافة إلى المفعول والإضافة إلى الفاعل. قوله: "نحو: رويد زيد عمرًا" ولا يرد على ذلك قولهم المصدر النائب عن فعله لا يرفع الظاهر بل فاعله ضمير مستتر وجوبًا دائمًا؛ لأنه محمول على المنون كما يدل عليه تمثيلهم. قوله: "فإضافتها" مبتدأ وقوله: إلى المفعول خبر كما يشعر بذلك مقابلته بقوله: وقال أبو علي إلى الفاعل وفي قوله: كما مر ما أسلفناه. قوله: "وقال أبو علي إلى الفاعل" ظاهر صنيعه أن الأول يعين إضافتها إلى المفعول والثاني يعين إضافتها إلى الفاعل وكذا صنيع الفارضي يقتضي ذلك ويقتضي جريان الخلاف في رويد أيضًا وعبارته ويكونان مصدرين إذا انجرّ ما بعدهما كرويد زيد وبله عمرو أي: امهال زيد وترك عمرو فكلاهما مصدر مضاف للمفعول وقيل للفاعل ا. هـ.
قوله: "ويجوز فيها حينئذٍ القلب" أي: حين إذ كانت مصدرًا وقوله نحو: بهل زيد أي: بفتح الهاء وسكونها. قوله: "ويجوز فيهما" أي: في رويد وبله حينئذٍ أي: حين إذ كانتا مصدرين لكن تنوين رويدًا ونصب ما بعده تقدم فذكره هنا توطئة لقوله: ومنع المبرد ولك أن تقول هلا ذكر منع المبرد سابقًا واستغنى عن إعادة تنوين رويدًا ونصب ما بعده. قوله: "وهو الأصل في المصدر المضاف" أي: المصدر المنون الناصب لما بعده أصل للمصدر المضاف لما بعده يعني أن المضاف محول عن المنون كما قاله سم. قوله: "ومنع المبرد النصب" وهو الموافق لما جزموا به في إعمال المصدر من اشتراط كونه مكبرًا فكيف أجازوا إعمال هذا المصغر إلى أن يكون هذا مستثنى بناء على ورود نصبه المفعول في كلام العرب على خلاف القياس سم. قوله: "في اللفظ لا في المعنى" أي: ففي كلامه استخدام كذا قيل وفيه نظر؛ لأن المراد من الضمير ومرجعه لفظ رويد ولفظ بله فلا استخدام ومعنى قوله: في اللفظ لا في المعنى باعتبار اللفظ لا باعتبار المعنى.
قوله: "حرف خطاب" وإنما لم تجعل اسمًا فاعلًا؛ لأن الكاف ليست ضمير رفع واستعارتها(3/301)
وما لِما تَنوبَ عنهُ من عَمَل ... لها وأَخِّرْ ما لِذِي فيهِ العَمَل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
خطاب لا موضع لها من الإعراب، مثلها في ذلك، وأن يكونا مصدرين ففتحتهما فتحة إعراب وحينئذ فالكاف في رويدك تحتمل الوجهين: أن تكون فاعلًا وأن تكون مفعولًا. الثالث: تخرج رويد وبله عن الطلب فأما بله فتكون اسمًا بمعنى كيف فيكون ما بعدها مرفوعًا، وقد روي بله الأكف بالرفع أيضًا، وممن أجاز ذللك قطرب وأبو الحسن، وأنكر أبو علي الرفع بعدها. وفي الحديث يقول الله تبارك وتعالى: "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ذخرًا من بله ما أطلعتم عليه"، فوقعت معربة مجرورة بمن وخارجة عن المعاني المذكورة، وفسرها بعضهم بغير وهو ظاهر، وبهذا يتقوى من بعدها من ألفاظ الاستثناء وهو مذهب لبعض الكوفيين. وأما رويد فتكون حالًا نحو: ساروا رويدًا فقيل هو حال من الفاعل أي: مروين. وقيل من ضمير المصدر المحذوف أي: ساروه أي: السير رويدًا. وتكون نعتًا لمصدر إما مذكور نحو: ساروا سيرًا رويدًا أو محذوف نحو: ساروا رويدًا أي: سيرًا رويدًا "وما لما تنوب عنه من عمل لها" ما مبتدأ موصول صلته لما. وما من لما موصول أيضًا صلته تنوب، وعنه ومن عمل متعلقان بتنوب، ولها خبر المبتدأ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
للرفع خلاف الأصل ولا مفعولًا؛ لئلا يلزم عمل اسم الفعل في ضميري مخاطب وذلك خاص بأفعال القلوب وما حمل عليها ولا مجرورًا؛ لأن اسم الفعل لا يعمل الجر. قوله: "ذخرًا" بذال معجمة مضمومة. قوله: "من بله" بفتح بله وكسرها فوجه الكسر ما ذكره الشارح وأما وجه الفتح فقال الرضي: إذا كانت بله بمعنى كيف جاز أن تدخله من حكى أبو زيد أن فلانًا لا يطيق حمل الفهر فمن بله أن يأتي بالصخرة أي: كيف ومن أين وعليه تتخرج هذه الرواية فتكون بله بمعنى كيف التي للاستبعاد وما مصدرية في محل رفع بالابتداء والخبر من بله والضمير المجرور بعلى عائد على الذخر ا. هـ. دماميني وشمني. والمعنى على هذا من كيف أي: من أين اطلاعكم على هذا الذخر أي: المدخر ولا يخفى ما في جعلها على هذه الرواية بمعنى كيف من الركاكة ولو جعلت فيها من أول الأمر بمعنى أين لكان أحسن. قوله: "ما أطلعتم" بضم الهمزة وكسر اللام.
قوله: "وخارجة عن المعاني المذكورة" قال الشمني: يجوز أن تكون مصدرًا بمعنى ترك ومن تعليلية أي: من أجل تركهم ما علمتموه من المعاصي فلا تكون خارجة. قوله: "من ضمير المصدر" يعني المصدر الذي دل عليه الفعل وقوله: المحذوف صفة لضمير بقرينة قول الشارح: أي: ساروه. قوله: "سيرًا رويدًا" أي: مرودًا فيه. قوله: "أو محذوف نحو: ساروا رويدًا" مذهب سيبويه أن نصب هذا على الحال ولا يكون نعت مصدر محذوف؛ لأن رويدًا صفة غير خاصة بالموصوف فلا يحذف إلا على قبح. قلت ليس الغرض باشتراط الخصوص بالموصوف إلا ليكون ذلك قرينة يعلم بها المحذوف فإذا حصل العلم بدون كون الصفة خاصة بالموصوف لم يمتنع الحذف كما هنا لحصول العلم بأن الموصوف هو السير للقرينة الدالة عليه فلا ضير في حذفه دماميني.(3/302)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والعائد على ما الأولى ضمير مستتر في الاستقرار الذي هو متعلق اللام من لما والعائد على ما الثانية الهاء من عنه يعني أن العمل الذي استقر للأفعال التي نابت عنها هذه الأسماء مستقر لها أي: لهذه الأسماء، فترفع الفاعل ظاهرًا في نحو: هيهات نجد وشتان زيد وعمرو؛ لأنك تقول بعدت نجد وافترق زيد وعمرو. ومضمرًا في نجر نزال. وينصب منها المفعول ما ناب عن متعد نحو: دراك زيدًا؛ لأنك تقول أدرك زيدًا، ويتعدى منها بحرف من حروف الجر ما هو بمعنى ما يتعدى بذلك الحرف، ومن ثم عدى حيهل بنفسه لما ناب عن ائت في نحو: حيهل الثريد. وبالباء لما ناب عن عجل في نحو: إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر أي: فعجلوا بذكر عمر. وبعلي لما ناب عن أقبل في نحو: حيهل على كذا.
تنبيهات: الأول قال في التسهيل: وحكمها يعني أسماء الأفعال غالبًا في التعدي واللزوم حكم الأفعال، واحترز بقوله: غالبًا عن آمين فإنها نابت عن متعد ولم يحفظ لها مفعول. الثاني: مذهب الناظم جواز إعمال اسم الفعل مضمرًا قال في شرح الكافية: إن إضمار اسم الفعل مقدمًا لدلالة متأخر عليه جائز عند سيبويه. الثالث قال في التسهيل: ولا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وعنه ومن عمل متعلقان بتنوب" على جعل من عمل متعلقًا بتنوب تكون من بمعنى. والمعنى والعمل الذي ثبت للفعل الذي تنوب هي عنه في العمل ثابت لها وفيه من الركاكة ما لا يخفى وإن خفيت على البعض فأقر هذا الوجه ولهذا قال سم: الوجه أن من عمل بيان للفظ ما المبتدأ ا. هـ. وقال الشيخ خالد: عنه متعلق بتنوب ومن عمل بيان لما الواقعة مبتدأ متعلق بحال محذوفة من الضمير المستتر في الجار والمجرور الواقع خبرها ا. هـ. وقوله: في الجارّ والمجرور الواقع خبرها: أي: أو في الجار والمجرور الواقع صلتها بل هذا أحسن لما يلزم على الأول من تقديم الحال على عاملها الظرفي وهو نادر كما تقدم في قوله: وندر نحو: سعيد إلخ ولم تجعل الحال من ما لمنع الجمهور الحال من المبتدأ.
قوله: "مستتر في الاستقرار" أي: بحسب الأصل أي: قبل حذفه وإلا فالضمير بعد حذف المتعلق مستتر في الظرف لانتقاله إليه من المتعلق على الراجح. قوله: "دراك زيدًا" في بعض النسخ تراك زيدًا بالفوقية والراء والكاف وهذا مقيس ودراك شاذ؛ لأنه من أدرك. قوله: "في نحو: حيهل الثريد" قيل هو الخبز المغمور بمرق اللحم وقيل الخبز المأكول باللحم. قوله: "إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر" هذا أثر يروى عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه والمراد عمر بن الخطاب رضي الله عنه تصريح. قوله: "عن آمين" مثلها إيه فإنه لم يحفظ لها أيضًا مفعول ومسماها وهو زد يتعدى كذا في التصريح. قوله: "مضمرًا" أي: محذوفًا. قوله: "جائز عند سيبويه" وخرج عليه الناظم:
يأيها المائح دلوى دونكا
فجعل دلوى منصوبًا بدون مضمرًا لدلالة ما بعده عليه وسينبه على ذلك الشارح فعلم(3/303)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
علامة للمضمر المرتفع بها يعني بأسماء الأفعال، ثم قال: وبروزه مع شبهها في عدم التصرف دليل على فعليته يعني كما في هات وتعال فإن بعض النحويين غلط فعدهما من أسماء الأفعال وليسا منها بل هما فعلان غير متصرفين لوجوب اتصال ضمير الرفع البارز بهما كقولك للأنثى هاتي وتعالي، وللاثنين والاثنتين هاتيا وتعاليا، وللجماعتين هاتوا وتعالوا وهاتين وتعالين، وهكذا حكم هلم عند بني تميم فإنهم يقولون: هلم هلمي هلما هلموا هلممن، فهي عندهم فعل لا اسم فعل، ويدل على ذلك أنهم يؤكدونها بالنون نحو: هلمن. قال سيبويه: وقد تدخل الخفيفة والثقيلة يعني على هلم، قال: لأنها عندهم بمنزلة رد وردا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بطلان جعل بعضهم نصب نحو: باب كذا بهاك مقدرًا؛ لأن من يجوز عمل اسم الفعل محذوفًا يشترط تأخر دال عليه كما في البيت. قوله: "ولا علامة للمضمر المرتفع بها" أي: لا يبرز معها ضمير بل يستكن معها مطلقًا بخلاف الفعل فتقول صه للواحد والاثنين والجمع وللمذكر والمؤنث بلفظ واحد ا. هـ. همع. فأراد بنفي علامة المضمر نفي ظهوره من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم. قوله: "دليل فعليته" أي: فعلية شبهها. قوله: "كما في هات" بكسر التاء مبني على حذف الياء كارم وتعال بفتح اللام مبني على حذف الألف كاخش. قوله: "غلط فعدهما إلخ" قال الدماميني: لا وجه للتغليط فإن الذاهب إلى هذا لا يلتزم ما قاله المصنف من أن لحوق الضمائر البارزة لا يكون إلا في الأفعال بل من عدهما من أسماء الأفعال يجوز لحوقها بما قوي شبهه بالأفعال ويعتذر عن لحوق الضمائر بهما بقوة مشابهتهما للأفعال فعوملا معاملتها في ذلك ا. هـ. ملخصًا.
قوله: "هاتي وتعالي" بالبناء على حذف النون وأصل هاتي هاتيي بياءين استثقلت الكسرة على الياء الأولى التي هي لام الفعل فحذفت فالتقى ساكنان فحذفت تلك الياء لالتقاء الساكنين, وأصل تعالي تعاليي فقلبت الياء الأولى ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها فالتقى ساكنان فحذفت الألف لالتقاء الساكنين. قوله: "هاتوا وتعالوا" أصلهما هاتيوا وتعاليوا فعل بهما ما مر مع ضم هاتوا لمناسبة الواو. قوله: "وهكذا حكم هلم" نقل بعضهم الإجماع على تركيبها وفي كيفيته خلاف قال البصريون: مركبة من هاء التنبيه ولمّ التي هي فعل أمر من قولهم لمّ الله شعثه أي: جمعه كأنه قيل اجمع نفسك إلينا فحذفت ألفها تخفيفًا ونظرًا إلى أن أصل اللام السكون وقال الخليل: ركبا قبل الإدغام فحذفت الهمزة للدرج إذ كانت همزة وصل وحذفت الألف لالتقاء الساكنين ثم نقلت حركة الميم الأولى إلى اللام وأدغمت, وقال الفراء: مركبة من هل التي للزجر وأم بمعنى اقصد فخففت الهمزة بإلقاء حركتها على الساكن قبلها وحذفت فصار هلم, قال ابن مالك في شرح الكافية: وقول البصريين أقرب إلى الصواب قال في البسيط: ويدل على صحته أنهم نطقوا به فقالوا هالم ا. هـ. همع.
قوله: "فهي عندهم فعل" أي: لبروز الضمائر معها. قوله: "بمنزلة رد إلخ" أي: في كون كل(3/304)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وردى وردوا وارددن، وقد استعمل لها مضارعًا من قيل له هلم فقال لا أهلم. وأما أهل الحجاز فيقولون هلم في الأحوال كلها كغيرها من أسماء الأفعال. وقال الله تعالى: {وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} [الأحزاب: 18] ، وهي عند الحجازيين بمعنى احضر وتأتي عندهم بمعنى أقبل "وأخر ما لذي" الأسماء "فيه العمل" وجوبًا فلا يجوز زيدًا دراك خلافًا للكسائي. قال الناظم: ولا حجة له في قول الراجز:
يَأيُّها المائِحُ دَلوي دُونَكا ... إني رأيتُ الناسَ يَحْمدونَكا
لصحة تقدير دلوي مبتدأ أو مفعولًا بدونك مضمرًا. ثم ذكر ما تقدم عن سيبويه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فعل أمر. قوله: "لا أهلم" بفتح الهمزة والهاء وضم اللام. قوله: "هلم شهداءكم" أي: أحضروا. قوله: "هلم إلينا" أي: أقبلوا كذا قال شيخنا وتبعه البعض وفيه أن اسم الفعل المتعدي بحرف يتعدى بذلك الحرف مثل فعله وأقبل يتعدى بعلى كما مر في الشرح قبيل التنبيهات وكما في غيره فالمناسب أن هلم في الآية بمعنى ائت؛ لأنها ترد بمعنى ائت أيضًا والاتيان يتعدى بإلى كما يتعدى بنفسه. قوله: "وهي عند الحجازيين إلخ" إن قلت هي بمعنى احضر أو أقبل عند التميميين أيضًا. قلت كأنه أراد أنها دالة على لفظ احضر أو لفظ أقبل فلهذا خص الحجازيين بالذكر. قوله: "بمعنى أقبل" أي: وبمعنى ائت نحو: هلمّ الثريد.
فائدة: توقف ابن هشام في عربية قول الناس هلم جرًا قال: والذي ظهر لنا في توجيهه أن هلم هي التي بمعنى ائت إلا أن فيها تجوزين أحدهما أنه ليس المراد بالإتيان المجيء الحسيّ بل الاستمرار على الشيء وملازمته. والثاني أنه ليس المراد الطلب حقيقة بل الخبر كما في قوله: {فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} وجرًا مصدر جره يجره إذا سحبه وليس المراد الجر الحسيّ بل التعميم فإذا قيل كان ذلك عام كذا وهلم جرًا فكأنه قيل واستمر ذلك في بقية الأعوام استمرارًا أو استمر مستمرا على الحال المؤكدة وبهذا التأويل ارتفع إشكال اختلاف المتعاطفين بالخبر والطلب وهو ممتنع أو ضعيف وإشكال التزام افراد الضمير إذ فاعل هلم هذه مفرد أبدًا ا. هـ. أي: مع أن بني تميم لا يلتزمونه في غير هلم هذه.
قوله: "وأخر ما الذي فيه العمل" أي: لضعفها بعدم تصرفها. قوله: "يأيها المائح" بهمزة قبل الحاء المهملة وهو الذي ينزل البئر فيملأ الدلو إذا قل ماؤها أي: البئر. قوله: "لصحة تقدير
__________
984- الرجز لجارية من بني مازن في الدرر 5/ 301؛ وشرح التصريح 2/ 200؛ والمقاصد النحوية 4/ 311؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص165؛ والأشباه والنظائر 1/ 344؛ والإنصاف ص228؛ وأوضح المسالك 4/ 88؛ وجمهرة اللغة ص574؛ وخزانة الأدب 6/ 200، 201، 206؛ وذيل السمط ص11؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص532؛ وشرح شذور الذهب ص522؛ وشرح عمدة الحافظ ص739؛ وشرح المفصل 1/ 117؛ ولسان العرب 2/ 609 "ميح"؛ ومعجم ما استعجم ص419؛ ومغني اللبيب 2/ 609؛ والمقرب 1/ 137؛ وهمع الهوامع 2/ 105.(3/305)
واحْكُمْ بتنكيرِ الذي يُنوَنُ ... منها وتعريفُ سواهُ بَيِّنُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويأتي هذا التأويل الثاني في قوله تعالى: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: 24] .
تنبيهات: الأول ادعى الناظم وولده أنه لم يخالف في هذه المسألة سوى الكسائي، ونقل بعضهم ذلك عن الكوفيين. الثاني: توهم المكودي أن لذي اسم موصول فقال: والظاهر أن ما في قوله: ما لذي فيه العمل زائدة لا يجوز أن تكون موصولة؛ لأن لذي بعدها موصولة. وليس كذلك بل ما موصولة، ولذي جار ومجرور في موضع رفع خبر مقدم، والعمل مبتدأ مؤخر، والجملة صلة ما. الثالث: ليس في قوله العمل مع قوله: عمل إبطال؛ لأن أحدهما نكرة والآخر معرفة، وقد وقع ذلك للناظم في مواضع من هذا الكتاب "واحكم بتنكير الذي ينون منها" أي: من أسماء الأفعال "وتعريف سواه" أي: سوى المنون "بين" قال الناظم في شرح الكافية: لما كانت هذه الكلمات من قبل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
دلوى مبتدأ" أي: خبره دونك بمعنى قدامك أي: ويكون الكلام حينئذٍ كناية عن طلب ملء الدلو كأنا عطشان كناية عن طلب سقي الماء فاندفع تنظير الشيخ خالد وسكت عليه شيخنا والبعض بأن المعنى ليس على الاخبار المحض حتى يخبر عن الدلو بكونه دونه, بل المقصود طلب ملء الدلو على أنه لا يصح على تقدير دلوى مبتدأ خبره دونك أن يكون دونك اسم فعل والخبر جملة اسم الفعل مع فاعله والرابط محذوف أي: دونكه فاعرفه.
قوله: "ويأتي هذا التأويل الثاني في قوله تعالى: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: 24] ، أي: بناء على أن عليكم فيه اسم فعل وقال في شرح القطر كتاب مصدر منصوب بفعل محذوف وعليكم متعلق به أو بالعامل المحذوف والتقدير كتب الله ذلك كتابًا عليكم فحذف الفعل وأضيف المصدر إلى فاعله على حد صبغة الله ودل على ذلك المحذوف قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ} [النساء: 23] ؛ لأن التحريم يستلزم الكتابة ا. هـ. ومثل ذلك للحفيد حيث قال والصحيح أن كتاب الله مصدر مؤكد لنفسه؛ لأن ما قبله وهو: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] ، يدل على أن ذلك مكتوب فكأنه قال كتب الله عليكم ذلك كتابًا. قوله: "إن لذي اسم موصول" بناء على كون لذي بفتح اللام إحدى لغات الذي.
قوله: "واحكم بتنكير إلخ" قال الرضي: ليس المراد بتنكيره أي: اسم الفعل الذي هو بمعناه؛ لأن الفعل لا يكون معرفًا ولا منكرًا بل التنكير راجع إلى المصدر الذي هو أصل ذلك الفعل فصه منونًا بمعنى اسكت سكوتًا أي: افعل مطلق السكوت عن كل كلام إذ لا تعيين فيه وصه مجردًا من التنوين بمعنى اسكت السكوت المعهود المعين عن هذا الحديث الخاص مع جواز التكلم بغيره هكذا حقق المقام ودع الأوهام ا. هـ. سندوبي وقد يؤخذ منه أنها في حال تعريفها من قبيل المعرف بأل العهدية وهو أظهر من قول بعضهم إنها حينئذٍ من قبيل المعرف بأل الجنسية ومن قول بعضهم إنها حينئذٍ من قبيل علم الجنس, ولنا في هذا المقام تحقيق أسلفناه أول الكتاب في الكلام على التنوين فارجع إليه.(3/306)
وما بِهِ خُوطِبَ ما لا يَعقِلُ ... من مُشْبِهِ اسمِ الفعلِ صَوتا يُجْعَلُ
كذا الذي أجْدَى حكِايَةً كَقَبْ ... والزم بنا النوعينِ فهو قد وَجَبْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المعنى أفعالًا ومن قبل اللفظ أسماء جعل لها تعريف تنكير، فعلامة تعريف المعرفة منها تجرده من التنوين، وعلامة تنكير النكرة منها استعماله منونًا. ولما كان من الأسماء المحضة ما يلازم التعريف كالمضمرات وأسماء الإشارة وما يلازم التنكير كأحد وعريب وديار، وما يعرف وقتا وينكر وقتا كرجل وفرس جعلوا هذه الأسماء كذلك فألزموا بعضًا التعريف كنزال وبله وآمين، وألزموا بعضا التنكير كواها وويها، واستعملوا بعضا بوجهين فنون مقصودًا تنكيره وجرد مقصودا تعريفه كصه وصه واف واف ا. هـ.
تنبيه: ما ذكره الناظم هو المشهور. وذهب قوم إلى أن أسماء الأفعال كلها معارف ما نون منها وما لم ينون تعريف علم الجنس "وما به خوطب ما لا يعقل من مشبه اسم الفعل صوتا يجعل. كذا الذي أجدى حكاية كقب" أي: أسماء الأصوات ما وضع لخطاب
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "من قبل المعنى أفعالًا" ذكره تتميمًا للفائدة وإلا فقوله: جعل لها تعريف إلخ إنما ينبني على كونها من قبيل اللفظ أسماء. قوله: "كأحد" أطلق أحد وله استعمالات أربعة. أحدها مرادف الأول وهو المستعمل في العدد نحو: أحد عشر. والثاني مرادف الواحد بمعنى المنفرد نحو: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 2] ، الثالث مرادف إنسان نحو: وإن أحد من المشركين. الرابع أن يكون اسمًا عاما في جميع من يعقل فما منكم من أحد وهو المراد هنا فإنه الملازم للتنكير, وندر تعريفه قاله الموضح في الحواشي تصريح. قوله: "وبله" لا ينافيه ما مر في شرح قوله: ويعملان الخفض من قوله: وبلها عمرًا؛ لأن ذاك على المصدرية سم. قوله: "تعريف علم الجنس" يعني أن مسماها حقيقة لفظ الفعل المتحدة في الذهن. قوله: "من مشبه اسم الفعل" قال البعض: أي: في الاكتفاء به وعدم احتياجه في إفادة المراد إلى شيء آخر ا. هـ. وفيه أن اسم الفعل لا يفيد المراد وحده بل بضميمة فاعله الظاهر كما في هيهات نجد أو المستتر كما في صه فوجه الشبه المذكور لم يوجد في المشبه به اللهم إلا أن يجعل المشبه به اسم الفعل الرافع للمستتر ويراد الاكتفاء به بحسب الظاهر, وقطع النظر عن الضمير المستتر فتأمل ثم قوله من مشبه اسم الفعل بيان لما حال من الضمير المجرور بالباء على قاعدة من البيانية ومجرورها من كونهما في موضع الحال, وبهذا يعلم اختلال قول البعض تبعًا للفارضي الجار والمجرور بيان لما أو حال من الضمير في به فتنبه.
قوله: "صوتًا يجعل" أي: يجعل اسم صوت. قوله: "كذا الذي أجدى حكاية" أي: أفادها وصريحه أنها ليست نفس الحكاية بل مفيدة ومفهمة لها وهو كذلك؛ لأن من شروط الحكاية أن تكون مثل المحكي وهذه الألفاظ مركبة من حروف صحيحة وليس المحكي كذلك, إذ الحيوانات والجمادات لا تحسن الإفصاح بالحروف لكنهم لما احتاجوا إلى حكاية تلك الأصوات وتعذرت أو تعسرت عليهم أوردوا صورتها بأدنى ما أمكنهم من ألفاظ مركبة من الحروف شبيهة(3/307)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ما لا يعقل، أو ما هو في حكم ما لا يعقل من صغار الآدميين، أو لحكاية الأصوات كذا في شرح الكافية. فالنوع الأول إما زجر كهلا للخيل. ومنه قوله:
وأيُّ جوادٍ لا يُقال لهُ هلا
وعدس للبغل ومنه قوله:
985- عَدَسْ ما لِعَبَّادٍ عليكِ إمارَةٌ
وكخ للطفل. وفي الحديث: "كخ كخ فإنها من الصدقة" وهيد وهاد وده وجه وعاه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بتلك الأصوات في الجملة فصار الواقع في كلامهم كالحكاية. فإن قلت بقي عليه الأصوات الدالة على معنى في النفس كأح لذي السعال. قلت هذه ليست موضوعة أصلًا فلا تكون اسمًا بل لا تكون كلمة لأنها إنما تدل بالطبع لا بالوضع ا. هـ. دماميني ملخصًا.
قوله: "كهلا" في القاموس هلا وهال زجران للخيل أي: اقربي ا. هـ. والكلمتان منونتان بالقلم في نسخة العلامة أبي العز العجمي المصححة بخطه لكن في الهمع هلا بوزن ألا لزجر الخيل عن البطء ا. هـ. ومنه يعلم أن قول القاموس أي: اقربي تفسير باللازم. قوله: "للخيل" على حذف مضاف أي: لزجرها وقد يستحث بها العاقل لتنزيله منزلة غيره كقوله:
ألا حييا ليلى وقولا لها هلا
ا. هـ. زكريا وكذا يقدر المضاف في نظائره الآتية. قوله: "للبغل" أي: لزجره عن الإبطاء دماميني. قوله: "وكخ" بكسر الكاف وتشديد الخاء ساكنة ومكسورة ا. هـ. سم وفي القاموس جواز تخفيف الخاء وجواز تنوينها وجواز فتح الكاف. قوله: "للطفل" أي: لزجره عن تناول شيء كما في القاموس. قوله: "وفي الحديث إلخ" هو أن الحسن رضي الله عنه أخذ تمرة من تمر الصدقة وجعلها في فيه فقال له عليه الصَّلاة والسَّلام: $"كخ كخ فإنها من الصدقة" فألقاها من فيه. قوله: "وهيد" بفتح الهاء وكسرها وفتح الدال فيهما زكريا والتحتية بينهما ساكنة.
__________
985- عجزه:
نَجوتِ وهذا تحملين طليقُ
والبيت من الطويل، وهو ليزيد بن مفرغ في ديوانه ص170؛ وأدب الكاتب ص417؛ والإنصاف 2/ 717؛ وتخليص الشواهد ص150؛ وتذكرة النحاة ص20؛ وجمهرة اللغة ص645؛ وخزانة الأدب 6/ 41، 42، 48؛ والدرر 1/ 269؛ وشرح التصريح 1/ 139، 381؛ وشرح شواهد المغني 2/ 859؛ وشرح المفصل 4/ 79؛ والشعر والشعراء 1/ 371؛ ولسان العرب 6/ 47 "حدس"، 6/ 133 "عدس"؛ والمقاصد النحوية 1/ 442، 3/ 216؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص362، 447؛ وأوضح المسالك 1/ 162؛ وخزانة الأدب 4/ 333، 6/ 388؛ وشرح شذور الذهب ص190؛ وشرح قطر الندى ص106؛ وشرح المفصل 2/ 16، 4/ 23؛ ولسان العرب 15/ 460 "ذوا"؛ والمحتسب 2/ 94؛ ومغني اللبيب 2/ 462؛ وهمع الهوامع 1/ 84.(3/308)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وعيه للإبل وعاج وهيج وحل للناقة. واس وهس وهج وقاع للغنم. وهجا وقج للكلب. وسع للضأن. ووح للبقرة. وعز وعيز للعنز. وحر للحمار. وجاه للسبع. وإما دعاء كأو للفرس. ودوه للربع. وعوه للجحش. وبس للغنم. وجوت وجيء للإبل الموردة. وتؤوتًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وهاد" بكسر الدال على الأصل في التخلص من التقاء الساكنين وده وجه بفتح الدال المهملة من الأول والجيم من الثاني وإسكان الهاء منهما وعاه وعيه بعين مهملة فيهما مكسورة من الثاني وهاء مكسورة فيهما وعاج بعين مهملة وجيم بعد الألف مكسورة وهيج بفتح الهاء وكسرها مع كسر الجيم وسكونها وحل بحاء مهملة مفتوحة فلام ساكنة, ويقال في زجر البعير حل بفتح الحاء المهملة وكسر اللام منونة وإسّ بكسر الهمزة وتشديد السين المهملة مفتوحة وهس مثلها إلا أن أولها هاء, وقال الرضي: إس مكسورة الهمزة ساكنة السين وكذا هس مكسورة الهاء ساكنة السين وقيل بضم الهاء وفتح السين المشددة ا. هـ. دماميني. وقال زكريا: إس وهس بكسر أولهما مع فتح آخرهما أو كسره وتشديده فيهما ا. هـ. وفي القاموس هس بالضم زجر للغنم ولا يكسر ا. هـ. وقوله بالضم أي: ضم الهاء وأما السين فمضبوطة بالقلم بالسكون مشددة في نسخة أبي العز العجمي المصححة بخطه وفي غيرها من النسخ والله أعلم.
قوله: "وهج" بهاء مفتوحة فجيم ساكنة وقاع بقاف فألف فعين مهملة مكسورة وهجا بهاء مفتوحة فجيم فألف مقصورة ا. هـ. دماميني. قوله: "وهج للكلب" بفتح الهاء وسكون الجيم أو كسرها منونة قاله الدماميني. وفي القاموس ما يوافقه وأما هج السابقة التي للغنم فاقتصر شيخنا السيد في ضبطها تبعًا للدماميني والقاموس على فتح الهاء وسكون الجيم كما مر وكتب شيخ الإسلام على هج الأولى ما نصه: قوله: وهج بفتح أوله مع كسر ثانيه وإسكانه وتشديد فيهما وأما هج الآتي فهو بفتح أوله مع إسكان ثانيه وكسره مع تنوينه وتخفيفه فيهما ا. هـ. وملخصه أن الأولى فيها لغتان كسر الثاني وإسكانه مع التشديد فيهما والثانية فيها لغتان كسر الثاني منونًا وإسكانه مع التخفيف فيهما. قوله: "وسع" بسين مفتوحة وعين ساكنة مهملتين ووح بواو مفتوحة وحاء مهملة ساكنة وعز بعين مهملة فزاي ساكنة ا. هـ. دماميني والعين من عز مفتوحة كما يفيده صنيع القاموس وذكره البعض.
قوله: "وعيز" بفتح أوله وكسره مع آخره وكسره ا. هـ. زكريا. وقال الدماميني: بعين مهملة مفتوحة فمثناة تحتية ساكنة فزاي مكسورة والذي في القاموس أن العين بالكسر والفتح والزاي بالفتح وأنه لزجر الضأن. قوله: "وحرّ" بالحاء المهملة بخط الشارح وفي بعض النسخ وهر قال الدماميني بفتح الهاء وكسر الراء المشددة. قوله: "وجاه" بجيم فألف فهاء مكسورة ويكون لزجر البعير أيضًا فهو مشترك دماميني.
قوله: "وإما دعاء" أي: طلب كأو ضبطه المرادي والدماميني بأنه بوزن أو العاطفة وقيل بمد الهمزة وضم الواو. قوله: "ودوه" بفتح الدال المهملة أكثر من ضمها وسكون الواو وكسر الهاء كما في الدماميني وزكريا. قوله: "للربع" بضم الراء وفتح الموحدة وبعدها عين مهملة وهو(3/309)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
للتيس المنزي. ونخ مخففًا ومشددًا للبعير المناخ. وهدع لصغار الإبل المسكنة. وسأ وتشؤ للحمار المورد. ودج للدجاج. وقوس للكلب والنوع الثاني كغاق للغراب. وماء بالإمالة للظبية. وشيب لشرب الإبل. وعيط للمتلاعبين. وطيخ للضاحك. وطاق للضرب. وطق
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الفصيل. دماميني. قوله: "وعوه" بعين مهملة فواو ساكنة فهاء مكسورة ا. هـ. دماميني والعين مفتوحة على ما ذكره البعض. قوله: "وبس" بضم الباء وتثليث السين مع تشديدها زكريا وضبطه بعضهم بسكون السين وصدر به الدماميني. قوله: "وجوتّ" بجيم مضمومة فواو ساكنة فمثناة فوقية مفتوحة ا. هـ. دماميني وفي القاموس في فصل الجيم من باب التاء الفوقية أن جوت مثلثة الآخر دعاء للإبل إلى الماء وصنيعه يفيد أن الجيم مفتوحة وكذا ضبطت بالقلم بالفتح في نسخة الصحيحة. قوله: "وجيء" بجيم مكسورة فهمزة ساكنة ا. هـ. دماميني وأما حيء بكسر الحاء المهملة وسكون الهمزة فدعاء للحمار إلى الماء كما في القاموس. قوله: "للإبل الموردة" أي: لدعائها لتشرب زكريا.
قوله: "وتؤ" بمثناة فوقية مضمومة فهمزة ساكنة وتأ بمثناة فوقية مفتوحة فهمزة ساكنة دماميني. قوله: "المنزي" أي: على الإناث. قوله: "ونخ" بكسر النون وإسكان الخاء المعجمة مخففة ومشددة ا. هـ. زكريا وضبطه بعضهم بفتح النون وصدر به الدماميني. قوله: "المناخ" أي: الذي تراد إناخته. زكريا. قوله: "وهدع" بكسر الهاء وفتح الدال وإسكان العين المهملة ا. هـ. دماميني. وزاد في القاموس لغة ثانية سكون الدال مع كسر العين. قوله: "المسكنة" أي: التي يراد تسكينها من نفارها. زكريا. قوله: "وسأ" بفتح السين المهملة وسكون الهمزة وتشؤ بمثناة فوقية مضمومة فشين معجمة مضمومة فهمزة ساكنة ا. هـ. دماميني وزاد زكريا جواز فتح الشين. قوله: "ودج" بفتح الدال المهملة وسكون الجيم مخففة. وقوس بضم القاف وسكون الواو وكسر السين المهملة ا. هـ. دماميني وزكريا. قوله: "كغاق" بغين معجمة وقاف مكسورة ا. هـ. همع وقوله للغراب أي: لحكاية صوته. قوله: "وماء بالامالة" قال الرضي: إن ميمه ممالة وهمزته مكسورة أو ساكنة بعد الألف زكريا.
قوله: "للظبية" أي: لحكاية صوتها إذا دعت ولدها. زكريا. قوله: "وشيب" بكسر الشين المعجمة وسكون التحتية وكسر الموحدة كما في زكريا وقوله لشرب الإبل أي: لحكاية صوت شربها. قوله: "وعيط" بعين مهملة مكسورة فمثناة تحتية ساكنة فطاء مهملة مكسورة ا. هـ. دماميني. زاد زكريا جواز فتح آخره وقوله للمتلاعبين أي: لحكاية أصواتهم الموجودة عند اللعب ومن هنا أخذ الناس العياط كما في الدماميني. قوله: "وطيخ" بكسر الطاء المهملة وسكون التحتية وكسر الخاء المعجمة أو فتحها كما في زكريا وقوله: للضاحك أي: لحكاية صوت ضحكة قال الدماميني: أفرده؛ لأن الضحك يأتي من الواحد بخلاف ما قبله ا. هـ. وفيه نظر ظاهر. قوله: "وطاق" بطاء مهملة مفتوحة فألف فقاف مكسورة وقوله للضرب أي: للصوت الحادث عنده وكذا يقال فيما بعده وطق بطاء مهملة مفتوحة فقاف ساكنة وقب بقاف مفتوحة فموحدة ساكنة وخاق باق بكسر القاف فيهما وأول الأول خاء معجمة قبل ألف وأول الثاني باء موحدة قبل ألف ا. هـ.(3/310)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لوقوع الحجارة. وقب لوقع السيف. وخاق باق للنكاح. وقاش ماش للقماش.
تنبيه: قوله من مشبه اسم الفعل كذا عبر به أيضًا في الكافية، ولم يذكر في شرحها ما احترز به عنه، قال ابن هاشم في التوضيح: وهو احتراز من نحو قوله:
986- يا دارَ مَيَّةَ بالعَلياءِ فالسَّندِ
وقوله:
987- ألا أيُّها الليلُ الطويلُ إلا انْجَلي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
دماميني وخاق باق اسمان جعلا اسمًا واحدًا وبنيا على الكسر وكذا قاش ماش ا. هـ. زكريا وقوله: للنكاح أي: للصوت الحادث من اصطكاك الأجرام عند النكاح كما في الدماميني.
قوله: "وقاش ماش" بشين معجمة مكسورة آخر كل منهما كما في الدماميني وقوله: للقماش قال زكريا أي: لصوته إذا طوى ا. هـ. هكذا ينبغي التكلم على هذه الألفاظ التي ساقها الشارح وبه يعلم ما في تكلم البعض عليها من التقصير في بعضها والخطأ في بعضها والله الموفق. قوله: "وهو احتراز من نحو: قوله يا دارمية إلخ" فإن قوله يا دارمية خطاب لما لا يعقل ولكنه لم يشبه اسم الفعل في الاكتفاء به لكونه غير مكتفى به؛ ولهذا احتاج إلى قوله: أقوت إلخ وكذلك أيها الليل خطاب لما لا يعقل ولكنه لم يشبه اسم الفعل لكونه غير متكفى به ولهذا احتاج إلى قوله: انجلي كذا في التصريح. قال سم: وفي الاحتراز عن ذلك نظر؛ لأنه يكتفى به بدليل أن حقيقة النداء كلام اصطلاحي أو نائب عنه ا. هـ. وأشار البعض إلى دفعه بأن المراد غير مكتفى به في أداء المعنى المقصود للمتكلم وإن كان كلامًا تاما عند النحاة. قوله: "يا دارمية إلخ" تمامه:
أقوت وطال عليها سالف الأمد
إلخ. والعلياء ما ارتفع من الأرض وسند الجبل ارتفاعه حيث يسند فيه أي: يصعد وأقوت خلت والسالف الماضي والأمد الدهر والفاء بمعنى الواو. عيني وتصريح وفي القاموس السند محركة ما قابلك من الجبل وعلا عن السفح ا. هـ. وهو واضح. قوله: "ألا أيها إلخ" تمامه:
__________
986- البيت من البسيط، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص14؛ والأغاني 11/ 27؛ والدرر 1/ 274، 6/ 326 وشرح أبيات سيبويه 2/ 54؛ والصاحبي في فقه اللغة ص215؛ والكتاب 2/ 321؛ والمحتسب 1/ 251؛ والمقاصد النحوية 4/ 315؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 92؛ ورصف المباني ص452؛ وشرح التصريح 1/ 140؛ ولسان العرب 3/ 223 "سند"، 3/ 355 "قصد"، 14/ 141 "جرا" 15/ 491 "يا".
987- عجزه:
بصبحٍ وما الإصباحُ منكَ بأمْثل
والبيت من الطويل وهو لامرئ القيس في ديوانه ص18؛ والأزهية ص271؛ وخزانة الأدب 2/ 326، 327؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 513؛ ولسان العرب 11/ 361 "شلل"؛ والمقاصد النحوية 4/ 317؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 93؛ وجواهر الأدب ص78؛ ورصف المباني ص79.(3/311)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
"والزم بنا النوعين فهو قد وجب" يحتمل أن يريد بالنوعين أسماء الأفعال والأصوات وهو ما صرح به في شرح الكافية. ويحتمل أن يريد نوعي الأصوات وهو أولى؛ لأنه قد تقدم الكلام على أسماء الأفعال في أول الكتاب. وعلة بناء الأصوات مشابهتها الحروف المهملة في أنها لا عاملة ولا معمولة فهي أحق بالبناء من أسماء الأفعال.
تنبيه: هذه الأصوات لا ضمير فيها بخلاف أسماء الأفعال فهي من قبيل المفردات، وأسماء الأفعال من قبيل المركبات.
خاتمة: قد يعرب بعض الأصوات لوقوعه موقع متمكن كقوله:
988- قَد أَقْبَلَتْ عَزَّةُ من عِراقِها ... مُلصِقَةَ السَّرجِ بخاقِ باقِها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بصبح وما الإصباح منك بأمثل
أي: ليس الإصباح أمثل منك لأني أقاسي فيه أيضًا الهموم وهذا قاله بعد تنبهه والأول في حال غفلته. قوله: "فهو قد وجب" قال الغزي: وهو تتميم لصحة الاستغناء عنه بقوله: والزم ا. هـ. وقال سم: قد يقال الأمر بملازمة البناء لا يستوجب وجوبه فقد يؤمر بملازمة الجائز وحينئذٍ فقوله: فهو قد وجب لبيان وجوبه ودفع توهم جوازه فقط. قوله: "نوعي الأصوات" أي: ما خوطب به ما لا يعقل وما أجدى حكاية. قوله: "في أول الكتاب" أي: في قوله وكنيابة عن الفعل إلخ قال سم: قد يقال لم يصرح بها في أول الكتاب غاية الأمر أنه أدخلها في قوله: وكنيابة عن الفعل إلخ فيجوز أن يريد ههنا لدفع توهم عدم إرادتها هناك.
قوله: "فهي أحق بالبناء من أسماء الأفعال" أي: لأن علة بناء أسماء الأفعال مشابهتها للحروف العاملة في أنها عاملة غير معمولة فوجه الشبه في أسماء الأصوات وهو كونها لا عاملة ولا معمولة نادر في غير نوع الحرف إذ لا يوجد في غير نوعه إلا في أسماء الأصوات فيكون الحرف أخص به فتكون مشابهة أسماء الأصوات للحروف في ذلك الوجه أقوى بخلاف وجه الشبه في أسماء الأفعال, وهو كونها عاملة غير معمولة فإنه موجود في الأنواع الثلاثة الاسم والفعل والحرف فلا يقوى وجوده في الحرف قوة وجود وجه الشبه في أسماء الأصوات فتكون مشابهة أسماء الأفعال للحرف دون مشابهة أسماء الأصوات له هكذا ينبغي تقرير وجه الأولوية. قوله: "قد يعرب بعض الأصوات" أي: وجوبًا كما في الدماميني وقوله لوقوعه موقع متمكن أي: بأن تخرج عن معانيها الأصلية وتستعمل في معنى ذلك المتمكن الذي وقعت موقعه فإن خاق باق في البيت غير مستعمل في معناه الأصلي؛ لأنه لم يحك به صوت الجماع بل استعمل في معنى اسم متمكن وهو الفرج وترك الشارح ذكر جواز إعرابها وبنائها فيما إذا أريد لفظها كما في قوله:
وأي جواد لا يقال له هلا
__________
988- الرجز بلا نسبة في لسان العرب 10/ 94 "خرق".(3/312)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أي: بفرجها وقوله:
989- إذ لِمَّتِي مثلُ جَناح غاقِ
أي: غراب. ومنه قول ذي الرمة:
990- تداعَينَ باسم الشِّيبِ في مُتَثلِّمِ ... جَوانبُهُ من بَصرَة وسِلامِ
وقوله أيضًا:
991- لا يُنْعِشُ الطَّرفَ إلا ما يُخوِّنُهُ ... داع يُناديهِ باسمِ الماءِ مَبْغومُ
فالشيب صوت شرب الإبل. والماء صوت الظبية كما مر ا. هـ والله أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "إذ لمتي" بكسر اللام يعني شعر رأسي. قوله: "تداعين" أي: الإبل باسم الشيب أي: بمسمى باسم هو الشيب أي: بالصوت المعهود أي: دعا بعضهم بعضًا بذلك الصوت فالشيب هنا مستعمل في نفس الصوت لا محكي به الصوت وقوله: في متثلم أي: حوض ماء متثلم أي: متكسر وقوله: من بصرة وصلام بكسر السين المهملة هما نوعان من الحجارة قاله شيخنا السيد. وعبارة القاموس في باب الراء البصرة بلد معروف إلى أن قال: وحجارة رخوة فيها بياض وفي باب الميم السلمة كفرحة الحجارة والجمع ككتاب. قوله: "لا ينعش الطرف" بالشين المعجمة أي: لا يرفعه قال في القاموس: نعشه الله كمنعه رفعه كأنعشه ونعشه ا. هـ. ومنه سمي النعش نعشًا لارتفاعه وما فاعل ينعش واقعة على أم الظبي وقوله: يخونه بضم التحتية وفتح الخاء المعجمة وكسر الواو المشددة آخره نون أي: يتعهده قال في القاموس: خونه تعهده كتخونه ا. هـ. وقوله داع بدل من ما أو عطف بيان أو خبر لمحذوف والمبغوم بالموحدة فالغين المعجمة من البغم وهو عدم الإفصاح. والمعنى لا يرفع طرف الظبي إلا سماعه أمه التي تتعهده تقول عند تعهدها له ماء.
__________
989- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص180؛ والدرر 5/ 308؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص152؛ وهمع الهوامع 2/ 107.
990- البيت من الطويل، وهو لذي الرمة في ديوانه ص1070؛ وإصلاح المنطق ص29؛ وخزانة الأدب 1/ 104، 4/ 343؛ وشرح شواهد الإيضاح ص307؛ وشرح المفصل 3/ 14، 4/ 82، 85؛ ولسان العرب 1/ 54 "شيب"، 4/ 67 "بصر"؛ وبلا نسبة في الاشتقاق ص35؛ وجمهرة اللغة ص312، 858؛ وخزانة الأدب 6/ 388، 442؛ ولسان العرب 12/ 297 "سلم".
991- البيت من البسيط، وهو لذي الرمة في ديوانه ص390؛ وخزانة الأدب 4/ 344؛ والخصائص 3/ 29؛ ومراتب النحويين ص38.(3/313)
نونا التوكيد:
للفِعلِ تَوْكيدٌ بنونينِ هما ... كنونَي اذْهبنَّ واقْصدْنَهما
يؤكدانِ افعَل ويَفعَل آتِيا ... ذا طَلبٍ أو شَرْطا أمَّا تالِيا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
نونا التوكيد:
"للفعل توكيد بنونين هما" الثقيلة والخفيفة "كنوني اذهبن واقصدنهما" وقد اجتمعا في قوله تعالى: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ} [يوسف: 32] وقد تقدم أول الكتاب أن قوله:
992- أَقائِلُنَّ أحْضِروا الشُّهودا
ضرورة.
تنبيه: ذهب البصريون إلى أن كلا منهما أصل لتخالف بعض أحكامهما. وذهب الكوفيون إلى أن الخفيفة فرع الثقيلة. وقيل بالعكس. وذكر الخليل أن التوكيد بالثقيلة أشد من الخفيفة "يؤكدان افعل" أي: فعل الأمر مطلقًا نحو: اضربن زيدًا، ومثله الدعاء
ـــــــــــــــــــــــــــــ
نونا التوكيد:
قوله: "للفعل" قدمه للاختصاص سم. قوله: "بنونين" أي: بكل منهما سم أي: على انفراده. قوله: "ضرورة" أي: وسهلها شبه الوصف بالفعل. قوله: "لتخالف بعض أحكامهما" كإبدال الخفيفة ألفًا وقفًا في نحو: وليكونا وحذفها في نحو: لا تهين الفقير وهما ممتنعان في الثقيلة وكوقوع الشديدة بعد الألف وهو ممتنع في الخفيفة وعورض التعليل بأن الفرع قد يختص بأحكام ليست في الأصل كما في أن المفتوحة فإنها فرع المكسورة, ولها أحكام تخصها. تصريح مع زيادة وحذف. قوله: "فرع الثقيلة" لاختصارها منها؛ ولأن التأكيد في الثقيلة أبلغ سم. قوله: "وقيل بالعكس" يؤيده أن الخفيفة بسيطة والثقيلة مركبة فالخفيفة أحق بالأصالة والثقيلة أحق بالفرعية. قوله: "أشد من الخفيفة" أي: من التوكيد بالخفيفة ويؤيده أن زيادة البناء تدل على زيادة المعنى وقوله تعالى: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ} فإن امرأة العزيز كانت أشد حرصًا على سجنه من كونه صاغرًا؛ لأنها كانت تتوقع حبسه في بيتها فتقرب منه وتراه كلما أرادت.
قوله: "يؤكدان افعل" أي: جوازًا كما سيأتي. قوله: "أي: فعل الأمر" قال البعض تبعًا لشيخنا الأولى فعل الطلب ليشمل الدعاء ا. هـ. ويدفع بأن المراد فعل الأمر اصطلاحي وهو يشمل فعل
__________
992- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص173؛ وشرح التصريح 1/ 42؛ والمقاصد النحوية 1/ 118، 3/ 648، 4/ 334؛ ولرجل من هذيل في حاشية يس 1/ 42؛ وخزانة الأدب 6/ 5؛ والدرر 5/ 176؛ وشرح شواهد المغني 2/ 758؛ ولرؤبة أو لرجل من هذيل في خزانة الأدب 11/ 420، 422؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 3/ 242؛ وأوضح المسالك 1/ 24؛ والجنى الداني ص141؛ والخصائص 1/ 136؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 447؛ والمحتسب 1/ 193؛ ومغني اللبيب 1/ 336؛ وهمع الهوامع 2/ 79.(3/314)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كقوله:
"فأنزلن سكينة علينا"
"ويفعل" أي: المضارع بالشرط الآتي ذكره ولا يؤكدان الماضي مطلقًا. وأما قوله:
993- دامَنَّ سَعدُكَ إنْ رَحِمتَ مُتَيَّمًا
فضرورة شاذة سهلها كونه بمعنى الاستقبال. وإنما يؤكد بهما المضارع حال كونه "آتيا ذا طلب" بأن يأتي أمرًا نحو: ليقومن زيد، أو نهيا نحو: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا}
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الدعاء مع أنه لو قال فعل الطلب لشمل المضارع المقرون بلام الأمر مع أنه سيذكره المصنف ولا ينافي كون المراد بفعل الأمر ما ذكر قوله: ومثله الدعاء لإمكان حمله على الاستخدام بأن يجعل الضمير عائدًا على فعل الأمر لا بالمعنى الأعم المتقدم, بل بالمعنى الخاص المقابل للدعاء أو على جعل الضمير عائدًا على اضربن زيدًا لا على فعل الأمر فتأمل. قوله: "مطلقًا" أي: من غير شرط؛ لأنه مستقبل دائمًا ا. هـ. تصريح ويرشد إلى تفسير الإطلاق بذلك قوله بعد أي: المضارع بالشرط الآتي فهو أحسن من قول البعض أي: سواء كان على زنة إفعل أو غيرها كانفعل وافتعل. قوله: "فأنزلن سكينة علينا" تمامه:
وثبت الأقدام إن لاقينا
وهو من كلامه -صلى الله عليه وسلّم- الموافق لوزن الزجر. قوله: "بالشرط الآتي" هو قوله آتيا ذا طلب إلخ. قوله: "ولا يؤكدان الماضي" لأنهما يخلصان مدخولهما للاستقبال وذلك ينافي المضي ا. هـ. تصريح. قوله: "مطلقًا" أي: ولو كان ذلك الماضي بمعنى المستقبل طردًا للباب. قوله: "دامن سعدك" بكسر الكاف إن رحمت متيمًا من تيمه الحب أي: استعبده وذلله وتمامه:
لولاك لم يك للصبابة جانحا
أي: مائلًا والصبابة رقة الشوق. قوله: "فضرورة شاذة" أي: ليس للمولدين ارتكابها في شعرهم وكذا أقائلن إلخ وإن أوهم صنيعه خلافه. قوله: "سهلها كونه بمعنى الاستقبال" لأن الدوام إنما يتحقق في الاستقبال ا. هـ. سم. وقال الدماميني: سهلها ما فيه من معنى الطلب فعومل معاملة الأمر. قوله: "آتيا ذا طلب إلخ" عبارة التوضيح وأما المضارع فله حالات أي: خمس: إحداها أن يكون توكيده بهما واجبًا وذلك إذا كان مثبتًا مستقبلًا جوابًا لقسم غير مفصول من لامه بفاصل نحو: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} [الأنبياء: 57] ، ثم قال: والثانية أن يكون قريبًا من الواجب وذلك إذا كان شرطًا؛ لأن المؤكدة بما نحو: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ} [الأنفال: 58] ، ثم قال الثالثة أن
__________
993- عجزه:
لولاك لم يكُ للصَّبابَةِ جَانِحا
والبيت من الكامل وهو بلا نسبة في الجنى الداني ص143؛ والدرر 5/ 161؛ وشرح شواهد المغني ص760؛ ومغني اللبيب 2/ 339؛ والمقاصد النحوية 1/ 120، 4/ 341؛ وهمع الهوامع 2/ 78.(3/315)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[إبراهيم: 42] ، أو عرضا نحو: ألا تنزلن عندنا، أو تحضيضًا كقوله:
994- هَلا تَمُنِّنْ بوعَدٍ غيرَ مُخْلِفةٍ ... كما عهدتُّكِ في أيامِ ذي سَلَمِ
أو تمنيا كقوله:
995- فَلَيتَكِ يومَ الملتَقى تَرَيِنَّنِي ... لكي تَعْلمي أني امرؤٌ بكِ هائِمٌ
أو استفهامًا كقوله:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يكون كثيرًا وذلك إذا وقع بعد أداة طلب كقوله تعالى: {ولا تحسبن الله غافلًا} "إبراهيم: 42"، ثم قال: والرابعة أن يكون قليلًا وذلك إذا وقع بعد لا النافية أو ما الزائدة التي لم تسبق بأن. ثم قال: والخامسة أن يكون أقل وذلك بعد لم وبعد أداة جزاء غير إما ا. هـ. قال شيخنا: وينبغي أن تزاد سادسة وهي امتناع التوكيد كالمضارع المنفي الواقع جواب القسم نحو: والله لا تفعل كذا والمضارع الحالي نحو: والله ليقوم زيد الآن والمضارع المفصول من لام القسم كما سيذكره الشارح قال في النكت: أورد على الناظم نحو: قولك للعاطس يرحمك الله وقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: 228] ، ونحو: ذلك مما أوقع فيه الخبر موقع الطلب فإنه يصدق عليه أنه يفعل آتيا ذا طلب ولا يجوز توكيده, فلو قال يفعل المقترن بنهي أو استفهام إلخ لكان أولى ا. هـ. ويجاب بأنا لا نسلم أن الطلب فيما أورده بالفعل وحده كما هو فرض الكلام بل بالجملة؛ لأنها من الجمل الخبرية المستعملة في الإنشاء ولئن سلم أن الطلب فيه بالفعل وحده فالمراد ذا طلب بأداة كلام الأمر ولا الناهية والطلب فيما أورده ليس كذلك فاعرفه وذا طلب حال من ضمير آتيا.
قوله: "هلا تمنن" أصله تمنين فلما أكد بالنون حذفت نون الرفع تخفيفًا فالتقى ساكنان الياء والنون فحذفت الياء وذي سلم موضع بالحجاز ا. هـ. زكريا وغير مخلفة حال من الياء المحذوفة. قوله: "ترينني" فيه الشاهد وأصله قبل نون التوكيد ترأيين بقلب حركة الهمزة إلى الراء ثم حذفت الهمزة فصار تريين فقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها, ثم حذفت لالتقاء الساكنين فصار ترين فلما أكد بالنون حذفت نون الرفع لتوالي الأمثال وكسرت الياء للتخلص من الساكنين ولم تحذف لعدم ما يدل عليها فلما أتى بياء المتكلم لحقت نون الوقاية فصار ترينني ويوم ظرف لغو متعلق بترينني. قوله: "أو استفهامًا" أي: بجميع أدواته اسمية كانت أو حرفية خلافًا لمن خصه بالهمزة وهل ا. هـ. دماميني ولذا عدد الشارح الأمثلة.
__________
994- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 99؛ والدرر 5/ 150؛ وشرح التصريح 2/ 204؛ والمقاصد النحوية 4/ 322؛ وهمع الهوامع 2/ 78.
995- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 100؛ والدرر 5/ 151؛ وشرح التصريح 2/ 204؛ والمقاصد النحوية 4/ 323؛ وهمع الهوامع 2/ 78.(3/316)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
996- وهل يَمْنَعَنِّي ارْتيادِي البِلا ... د من حَذَرِ الموتِ أن يأتِيَنْ
وقوله:
997- أَفَبَعْدَ كِندَةَ تَمْدحنَّ قَبِيلا
وقوله:
998- فأَقْبِل على رَهْطِي ورَهْطِكَ نَبْتَحِثْ ... مساعينا حتى نرى كيف نَفْعلا
أو دعاء كقوله:
999- لا يَبْعُدنْ قَومي الذين همو ... سُمُّ العُداةِ وآفةُ الجُزُرِ
النازلون بكل مُعتركٍ ... والطيبونَ معاقِدَ الأزُرِ
"أو" آيتا "شرطا إما تاليا" إما في موضع النصب مفعول به لتاليا، أي: شرطًا تابعًا أن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وهل يمنعني ارتيادي البلاد" أي: طوافي بها ومن حذر الموت تعليل لارتيادي وقوله: أن يأتين أي: من إتيانه متعلق بيمنعني. قوله: "أفبعد كندة" بكسر الكاف وسكون النون اسم قبيلة وقبيلًا ترخيم قبيلة للضرورة ا. هـ. تصريح. وقال زكريا: قبيلًا أي: جماعة ثلاثة فأكثر ا. هـ. قال أرباب الحواشي: وهو أولى؛ لأنه لا يلزم عليه ارتكاب ضرورة. قوله: "فأقبل إلخ" الشاهد في نفعلا حيث أكده بالنون الخفيفة لوجود الاستفهام ثم أبدلها ألفًا للوقف ونبتحث مساعينا جواب الأمر أي: نفتش عن مآثرنا أفاده زكريا. قوله: "لا يبعدن" أي: لا يهلكن وتقدم الكلام على البيت في النعت. قوله: "أما في موضع النصب إلخ" ويصح أن يكون إما بدلًا من شرطًا وشرطًا مفعول تاليًا.
__________
996- البيت من المتقارب، وهو للأعشى في ديوانه ص65، 69؛ والكتاب 4/ 187؛ والدرر 5/ 151؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 346؛ وشرح المفصل 9/ 40، 86؛ والمقاصد النحوية 4/ 324؛ والمحتسب 1/ 349؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 2/ 78.
997- صدره:
قالت فطيمة حَلَّ شِعركِ مِدحَةًَ
البيت من الكامل، وهو للمقنع في الكتاب 3/ 514؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 101؛ وجواهر الأدب ص143؛ وخزانة الأدب 11/ 383، 384؛ وشرح التصريح 2/ 204، والمقاصد النحوية 4/ 340؛ وهمع الهوامع 2/ 78.
998- البيت من الطويل، وهو للنابغة الجعدي في شرح أبيات سيبويه 2/ 251 وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في الدرر 5/ 153؛ والكتاب 3/ 513؛ والمقاصد النحوية 4/ 325؛ وهمع الهوامع 2/ 78.
999- البيت من الكامل، وهما للخرنق بنت هفان في ديوانها ص43؛ والأشباه والنظائر 6/ 231؛ وأمالي المرتضى 1/ 205؛ والإنصاف 2/ 468؛ وأوضح المسالك 3/ 314؛ والحماسة البصرية 1/ 227؛ وخزانة الأدب 5/ 41، 44؛ والدرر 6/ 14، وسمط اللآلي ص548؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 16؛ وشرح التصريح 2/ 116؛ والكتاب 1/ 202، 2/ 57، 58، 62؛ ولسان العرب 5/ 214 "نضر"؛ والمحتسب 2/ 198؛ والمقاصد النحوية 3/ 602، 4/ 72؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص416.(3/317)
أو مُثْبتًا في قِسم مُسْتقبَلا ... وقَلَّ بعدَ ما ولم وبَعْدَ لا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الشرطية المؤكدة بما، نحو، وإما تخافن، فإما تذهبن، فإما ترين، واحترز من الواقع شرطًا بغير إما. فإن توكيده قليل كما سيأتي "أول" آتيا "مثبتا في" جواب "قسم مستقبلا" غير مفصول من لامه بفاصل نحو: {تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} [الأنبياء: 57] . وقوله:
1000- فمن يكُ لم يَثْأَرْ بأَعْراضِ قَومِهِ ... فإنِّي وربِّ الراقصاتِ لأَثْأَرا
ولا يجوز توكيده بهما إن كان منفيا نحو: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} [يوسف: 85] إذ التقدير: لا تفتؤ. وأما قوله:
1001- تاللهِ لا يُحْمدَنَّ المرءُ مُجْتنبًا ... فِعلَ الكرامِ ولو فاق الوَرى حَسَبا
فشاذ أو ضرورة، أو كان حالًا كقراءة ابن كثير: "لأُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ". وقوله:
1002- يمينًا لأَبْغُضُ كُلَّ امرِئٍ ... يُزَخْرِفُ قَولا ولا يَفْعلُ
وقوله:
1003- لئن تكُ قد ضاقَتْ عَلَيكم بيوتُكم ... لَيَعُلمُ رَبِّي أنَّ بَيْتِي واسِعُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والمعنى تاليًا شرطًا إما وشرطًا على هذا بمعنى أداة شرط وعلى ما ذكره الشارح بمعنى فعل شرط. قوله: "المؤكدة بما" أي: الزائدة. قوله: "فإما ترينّ" تقدم تصريفه لكن نون الرفع حذفت هنا للجازم وشذ ثبوتها في قراءة من قرأ "تَرَينَّ" بياء ساكنة بعدها نون الرفع على حد قوله: لم يوفون بالجار كما في المغني.
قوله: "فإن توكيده قليل" عبر بالتوضيح بأقل كما مر. قوله: "فمن يك لم يثأر بأعراض قومه" أي: لم ينتصر لها وهو بسكون المثلثة وفتح الهمزة والأعراض جمع عرض وهو ما يحميه الإنسان من أن يعاب فيه وأراد بالراقصات إبل الحجيج التي تهتز أطرافها في مشيها كأنها ترقص والشاهد في لأثأرا فإنه أكده بالنون الخفيفة ثم أبدلها ألفًا للوقف أفاده زكريا. قوله: "أو كان حالًا" منع البصريون الأقسام على فعل الحال فلا يجوزون والله لأفعل الآن كما سيأتي في التنبيه الثاني ويؤوّلون القراءة والبيتين بأنها على إضمار مبتدأ. قوله: "يمينًا لأبغض" مضارع من باب نصر وأما أبغض يبغض بالضم فلغة رديئة ذكره شيخنا السيد وقوله: يزخرف قولًا إلخ أي: يزين قوله:
__________
1000- البيت من الطويل، وهو للنابغة الجعدي في ديوانه ص76؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 250؛ والكتاب 3/ 512؛ والمقاصد النحوية 4/ 336؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 9/ 39.
1001- البيت من البسيط.
1002- البيت من المتقارب، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 95؛ وشرح التصريح 2/ 203؛ والمقاصد النحوية 4/ 338.
1003- البيت من الطويل، وهو للكميت بن معروف في خزانة الأدب 10/ 68، 70، 11/ 331، 351، 429؛ وبلا نسبة في شرح التصريح 2/ 254، والمقاصد النحوية 4/ 327.(3/318)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أو كان مفصولًا من اللام مثل: {وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ} [آل عمران: 158] ، ونحو: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5] .
تنبيهان: الأول التوكيد في هذا النوع واجب بالشروط المذكورة كما نص عليه في التسهيل وهو مذهب البصريين، فلا بد عندهم من اللام والنون فإن خلا منهما قدر قبل حرف النفي، فإذا قلت والله يقوم زيد كان المعنى نفي القيام عنه، وأجاز الكوفيون تعاقبهما، وقد ورد في الشعر، وحكى سيبويه: والله لأضربه. وأما التوكيد بعد الطلب فليس بواجب اتفاقًا. واختلفوا فيه بعد أماو فمذهب سيبويه أنه ليس بلازم ولكنه أحسن ولهذا لم يقع في القرآن إلا كذلك، وإليه ذهب الفارسي وأكثر المتأخرين وهو الصحيح، وقد كثر في الشعر مجيئه غير مؤكد، من ذلك قوله:
1004- يا صاحِ إما تَجِدْنِي غيرَ ذي جِدَةٍ ... فما التَّخَلِّي عن الخلّانِ من شِيمِي
وقوله:
1005- فإما تَرَينِي وَلي لِمَّةٌ ... فإنَّ الحوادِثَ أَودَى بِها
وقوله:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بالوعد ولا يفعل ما يعد به. قوله: "أو كان مفصولًا من اللام" أي: بمعموله كالمثال الأول أو بحرف تنفيس كالمثال الثاني أو بقد نحو: والله قد يقوم زيد كما في سم. قوله: "التوكيد في هذا النوع" أي: الواقع في جواب القسم واجب؛ لأنهم كرهوا أن يؤكد الفعل بأمر منفصل وهو القسم من غير أن يؤكدوه بما يتصل به وهو النون بعد صلاحيته له. جامي.
قوله: "قدر قبل" وفي بعض النسخ قبله. قوله: "كان المعنى نفي القيام عنه" به أخذ الحنفية فقالوا إذا قال الشخص والله أصوم حنث بالصوم والذي يقتضيه بناء الأيمان على العرف الحنث بعدم الصوم كما هو مذهب غيرهم. قوله: "وأجاز الكوفيون تعاقبهما" أي: اللام والنون فيكتفي بأحدهما. قوله: "غير ذي جدة" بكسر الجيم أي: سعة في المال. قوله: "فأما تريني إلخ" اللمة بكسر اللام شعر الرأس وأودي هلك وهو يتعدى بالباء فمعنى أودى بها أهلكها وإنما لم يقل أودت بها ليوافق تأسيس القافية وهو الألف الواقعة قبل حرف متحرك قبل حرف الرويّ،
__________
1004- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 97؛ وخزانة الأدب 11/ 431؛ وشرح التصريح 2/ 204؛ والمقاصد النحوية 4/ 339.
1005- البيت من المتقارب، وهو للأعشى في ديوانه ص221، وخزانة الأدب 11/ 430، 431، 432، 433؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 477؛ وشرح شواهد الإيضاح ص346؛ وشرح المفصل 5/ 95، 9/ 41؛ والكتاب 2/ 46؛ ولسان العرب 2/ 132 "حدث" 15/ 385 "ودي"؛ والمقاصد النحوية 2/ 466؛ وبلا نسبة في الإنصاف ص764؛ وأوضح المسالك 2/ 110؛ ورصف المباني ص103، 316؛ وشرح المفصل 9/ 6.(3/319)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1006- فإمَّا تَرَيني كابنَةِ الرَّمْلِ ضَاحِيًا ... على رِقَّةٍ أَحْفَى ولا أَتَنَعَّلُ
وذهب المبرد والزجاج إلى لزوم النون بعد إما، وزعما أن حذفها ضرورة. الثاني: منع البصريون نحو: والله ليفعل زيد الآن، استغناء عنه بالجملة الاسمية المصدرة بالمؤكد كقولك: والله إن زيدًا ليفعل الآن، وأجازه الكوفيون. ويشهد لهم ما تقدم من قراءة ابن كثير لأقسم، والبيتين ا. هـ. "وقل" التوكيد "بعد ما" الزائدة التي لم تسبق بأن من ذلك قولهم: بعين ما أرينك. وبجهد ما تبلغن، وحيثما تكونن آتك، ومتى ما تقعدن أقعد. وقوله:
1007- إذا ماتَ منهم مَيتٌ سرقَ ابنُهُ ... ومن عِضَةٍ ما يَنْبُتَنَّ شَكِيرُها
وقوله:
1008- قليلا به ما يحمدنك وارث
ـــــــــــــــــــــــــــــ
زكريا. قوله: "كابنة الرمل" يعني الناقة ضاحيًا يعني ملاقيًا لحر الشمس على رقة يعني مع رقة جلد قدمي. قوله: "منع البصريون نحو: والله ليفعل زيد الآن" أي: من كل جواب قسم مضارع حالي مثبت ويظهر لي أن منعهم ذلك من لوازم قولهم السابق لا بد من اللام والنون فإن نحو: المثال المذكور لم يجتمع فيه اللام والنون لمنافات النون للحال لاقتضائها الاستقبال.
قوله: "من قراءة ابن كثير لأقسم" ومن منع الإقسام على فعل الحال أول ذلك على إضمار مبتدأ أي: لأنا أقسم ا. هـ. زكريا قال الدماميني والذي يظهر مذهب الكوفيين إذ لا حاجة إلى الإضمار مع كون الحال لا ينافي القسم كما اعترف به البصريون في الجملة الاسمية ا. هـ. وفيه أن علة منع البصريين ليست فيما يظهر منافاة القسم للحال حتى يرد عليهم أنه لا ينافي الحال كما قالوا به في الجملة الاسمية بل إنه لا بد عندهم من اجتماع اللام والنون، والنون لا تأتي هنا لمنافاتها الحال كما قدمناه فعلم ما في كلام البعض. قوله: "التي لم تسبق بأن" سواء سبقت بأداة شرط أم لا كما مثل. قوله: "بعين ما أرينك" تقوله لمن يخفى أمرًا أنت به بصير تصريح.
قوله: "وبجهد ما تبلغن" تقوله لمن حملته فعلًا فأباه أي: لا بد لك من فعله مع مشقة تصريح. قوله: "إذا مات إلخ" المعنى إذا مات منهم شخص سرق ابنه صفاته فصار مثله. وقوله: ومن عضة إلخ قال الشارح: في شرحه على التوضيح العضة بالتاء واحدة العضاه بالهاء وهو كل شجر عظيم له شوك والتاء عوض من الهاء الأصلية كما في شفة والشكير ما يثبت حول الشجرة من أصلها قاله الجوهري ا. هـ. قوله: "قليلًا به" أي: حمدًا قليلًا وضمير به للمال في بيت قبله ا. هـ.
__________
1006- البيت من الطويل.
1007- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 103؛ وخزانة الأدب 4/ 22، 6/ 281، 11/ 221، 403؛ وشرح التصريح 2/ 205؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1643؛ وشرح شواهد المغني 2/ 761؛ والكتاب 3/ 517؛ ولسان العرب 4/ 426 "شكر"؛ 13/ 516، 518 "عضه"؛ ومغني اللبيب 2/ 340.
1008- عجزه:
إذا نال مما كنت تَجْمَعُ مَغْنَما
والبيت من الطويل، وهو لحاتم الطائي في ديوانه ص223؛ والدرر 5/ 163؛ وشرح التصريح 2/ 205؛ وشرح شواهد المغني 2/ 951؛ والمقاصد النحوية 4/ 328؛ ونوادر أبي زيد ص110؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 105؛ وهمع الهوامع 2/ 78.(3/320)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهان: الأول مراد الناظم أن التوكيد بعد ما المذكور قليل بالنسبة إلى ما تقدم، لا قليل مطلقًا، فإنه كثير كما صرح به في غير الكتاب، بل ظاهر كلامه اطراده. وإنما كان كثيرًا من قبل أن ما لما لازمت هذه المواضع أشبهت عندهم لام القسم فعاملوا الفعل بعدها معاملته بعد اللام. نص على ذلك سيبويه كما حكاه في شرح الكافية. الثاني كلامه يشمل ما الواقعة بعد رب، وصرح في الكافية بأن التوكيد بعدها شاذ، وعلل ذلك بأن الفعل بعدها ماضي المعنى، ونص بعضهم على أن إلحاق النون بعدها ضرورة، وظاهر كلامه في التسهيل أنه لا يختص بالضرورة, وهو ما يشعر به كلام سيبويه فإن حكى ربما يقولن ذلك. ومنه قوله:
1009- رُبّما أوفَيتُ في عَلَمٍ ... تَرْفَعَنْ ثَوبِي شمالاتُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
زكريا. قوله: "لا قليل مطلقاً" أي: بالنسبة لما تقدم وفي نفسه. قوله: "بل ظاهر كلامه اطراده" لكن في التصريح أنه لا يقاس على المواضع التي سمع فيها زيادة ما, وأنه لا يحذف منها ما. قوله: "لما لازمت هذه المواضع" يعني بعد عين وجهد وحيث ومتى وعضة وقليلًا في التراكيب المتقدمة وما أشبهها, وعندي في اللزوم بالنسبة إلى متى نظر للقطع بجواز متى تقعد أقعد فتأمل, وإنما زيدت ما بعد النكرة لتوكيد الإبهام كما قال شيخنا, وقول البعض لزوال الإبهام سبق قلم. قوله: "أشبهت" أي: في اللزوم وأما قول شيخنا: أي: في التوكيد فيرد عليه أن المشابهة في التوكيد لا تتوقف على اللزوم لترتب التوكيد بما على مجرد حصولها. قوله: "معاملته بعد اللام" أي: في مطلق توكيده فلا يرد أن توكيده بعد اللام واجب عند البصريين وبعد ما هذه قليل. قوله: "ماضي المعنى" أي: فلا يناسبه التوكيد بالنون المقتضية للاستقبال, والمراد ماضي المعنى غالبًا فلا يرد ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين. قوله: "وظاهر كلامه في التسهيل إلخ" يصح تمشيته على أنه قليل وعلى أنه شاذ.
قوله: "ربما أوفيت إلخ" أي: نزلت والعلم الجبل وفي بمعنى على والشاهد في ترفعن
__________
1009- البيت من المديد، وهو لجذيمة الأبرش في الأزهية ص94، 265؛ والأغاني 15/ 257؛ وخزانة الأدب 11/ 404؛ والدرر 4/ 204؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 281؛ وشرح التصريح 2/ 22؛ وشرح شواهد الإيضاح ص219؛ وشرح شواهد المغني ص393؛ والكتاب 3/ 518؛ ولسان العرب 3/ 32 "شيخ"، 11/ 366 "شمل"؛ والمقاصد النحوية 3/ 344، 4/ 328؛ ونوادر أبي زيد ص210؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص293، 366، 368، وأوضح المسالك 3/ 70؛ والدرر 5/ 162؛ ورصف المباني ص335؛ وشرح التصريح 2/ 206؛ وشرح المفصل 9/ 40؛ وكتاب اللامات ص111؛ ومغني اللبيب ص135، 137، 309؛ والمقتضب 3/ 15؛ والمقرب 2/ 74؛ وهمع الهوامع 2/ 38، 78.(3/321)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ا. هـ. "ولم" أي: وقل التوكيد بعد لم كقوله:
1010- يَحْسَبُهُ الجاهِلُ ما لم يَعْلَما ... شيخًا على كُرْسِيِّه مُعَمَّمَا
تنبيه: نص سيبويه على أنه ضرورة؛ لأن الفعل بعدها ماضي المعنى كالواقع بعد ربما. قال في شرح الكافية: وهو بعد ربما أحسن "وبعد لا" أي: وقل التوكيد بعد لا النافية. قال في شرح الكافية: وقد يؤكد بإحدى النونين المضارع المنفي بلا تشبيهًا بالنهي كقوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25] وقد زعم قوم أن هذا نهي وليس بصحيح. ومثله قول الشاعر:
1011- فلا الجارَةُ الدُّنْيا بها تُلحِيَنَّها ... ولا الضيفُ فيها إن أَناخَ مُحَوَّلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وفاعله شمالات جمع شمال ريح من ناحية القطب، زكريا. قوله: "أي: وقل التوكيد بعد لم" القلة بالنسبة إلى التوكيد بعد لم بمعنى الندور كما في ابن الناظم وغيره. قوله: "يحسبه" أي: الجبل الذي عمه الخصب وحفه النبات والشاهد في ما لم يعلما ا. هـ. عيني وهذا ما نقله السيوطي في شرح شواهد المغني عن الأعلم, ثم قال: وقال ابن هشام اللخمي: ليس كذلك وإنما شبه اللبن في القعب لما عليه من الرغوة حتى امتلأ بشيخ معمم فوق كرسي, وما قبله من الأبيات يدل على ذلك ا. هـ. قوله: "كالواقع بعد ربما" أي: في أنه ماضي المعنى. قوله: "وهو بعد ربما أحسن" قال شيخنا: وتبعه البعض لعلة؛ لأن لم تقلب المضارع إلى المضي أبدًا بخلاف ربما فإنها قد تدخل على المستقبل كما في: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} [الحجر: 2] ، ا. هـ. ويحتمل أن الأحسنية لوجود ما الزائدة التي يؤكد بعدها كثيرًا في غير ربما. قوله: "وبعد لا" لم يحتج لتقييدها بالنافية؛ لأنه قد علم من قوله: ذا طلب اطراد التوكيد بعد لا النافية نكت.
قوله: "وليس بصحيح" لعل وجهه أن الجملة صفة فتنة, والجملة الإنشائية لا تقع صفة ا. هـ. سم أي: والأصل عدم التأويلات الآتية من طرف من جعل لا ناهية. قوله: "فلا الجارة الدنيا" أي:
__________
1010- الرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 331؛ وله أو لأبي حيان الفقعسي أو لمساور العبسي أو للدبيري أو لعبد بني عبس في خزانة الأدب 11/ 409، 411؛ وشرح شواهد المغني 2/ 973؛ والمقاصد النحوية 4/ 80؛ ولمساور العبسي أو للعجاج في الدرر 5/ 158؛ ولأبي حيان الفقعسي في شرح التصريح 2/ 205؛ والمقاصد النحوية 4/ 329؛ وللدبيري في شرح أبيات سيبويه 2/ 266؛ وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 409؛ وأوضح المسالك 4/ 106؛ وخزانة الأدب 8/ 388، 451؛ ورصف المباني ص33، 335؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 679؛ وشرح ابن عقيل 546؛ وشرح المفصل 9/ 42؛ والكتاب 3/ 516؛ ولسان العرب 3/ 32 "شيخ"؛ 14/ 229 "خشي"، 15/ 99 "عمي"، 428 "الألف اللينة"؛ ومجالس ثعلب ص620؛ ونوادر أبي زيد ص132؛ وهمع الهوامع 2/ 78.
1011- البيت من الطويل، وهو للنمر بن تولب في ديوانه ص373؛ وشرح شواهد المغني 2/ 628؛ والمقاصد النحوية 4/ 342؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب 1/ 247.(3/322)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إلا أن توكيد تصيبن أحسن لاتصال بلا فهو بذلك أشبه بالنهي كقوله تعالى: {لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ} [الأعراف: 27] ، بخلاف قول الشاعر فإنه غير متصل بلا فبعد شبهه بالنهي، ومع ذلك فقد سوغت لا توكيده, وإن كانت منفصلة فتوكيد تصيبن لاتصاله أحق وأولى. هذا كلامه بحروفه.
تنبيهان: ما اختاره الناظم هو ما اختاره ابن جني. والجمهور على المنع. ولهم في الآية تأويلات: فقيل لا ناهية والجملة محكية بقول محذوف هو صفة فتنة فتكون نظير:
1012- جاءوا بِمَذْقٍ هل رَأيتَ الذِّئبَ قَطْ
وقيل لا ناهية، وتم الكلام عند قوله: فتنة، ثم ابتدأ نهي الظلمة عن التعرض للظلم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
القريبة لها أي: لجمزة محبوبته وتلحينها خبر الجارة أن ألغيت لا وخبر لا إن أعملت عمل ليس من لحيته ألحاه إذا لمته وفيها بمعنى عنها والضمير لجمزة وتقدير عجز البيت: ولا الضيف محول عنها إن أناخ أي: نزل. وجمزة بالجيم والزاي نقله شيخنا وقوله: وخبر لا إن أعملت عمل ليس أي: بناء على القول بجواز عملها في المعرفة, والذي في المغني بها بالباء بدل اللام وعليه فالباء ظرفية والضمير المجرور بها عائد إلى أرض المحبوبة, وكذا الضمير في فيها وفيها حال من الضيف صرح بذلك الدماميني. قوله: "ما اختاره الناظم" أي: من جواز التوكيد بعد لا النافية على قلة. قوله: "على المنع" أي: منع التوكيد بالنون بعد لا النافية إلا في الضرورة. قوله: "بقول محذوف هو صفة فتنة" والتقدير واتقوا فتنة مقولًا فيها لا تصيبن إلخ أي: وفي لا تصيبن إلخ تحويل النهي الآتي بيانة في الوجه الثاني ويحتمل عندي تنزيل الفتنة منزلة العاقل الذي ينهى فلا تحويل.
قوله: "فأخرج النهي عن إسناده للفتنة" يعني أن النهي وإن كان باعتبار القصد الأصلي عن تعرض المخاطبين للظلم فتصيبهم الفتنة خاصة, والأصل لا تتعرضوا للظلم فتصيبكم الفتنة خاصة, لكنه حول في العبارة عن إيقاعه على هذا التعرض إلى إيقاعه على الإصابة المسببة عنه, وأوقع الذين ظلموا موقع ضمير خطاب جماعة الذكور تنبيهًا على أنهم إن تعرضوا كانوا ظالمين, فقول الشارح: أخرج أي: حول. وقوله: عن إسناده أي: إيقاعه وصلته محذوفة أي: إسناده للتعرض للظلم, وقوله: للفتنة متعلق بأخرج واللام بمعنى إلى مع حذف أي: إلى إسناده لإصابة الفتنة أي: تنزيلًا للمسبب منزلة السبب. وعلى هذا فالإصابة خاصة بالمتعرضين؛ لأن مفعول الإصابة هو فاعل التعرض بخلاف الوجه الأول ومن في منكم على هذا لبيان الجنس لا للتبعيض لئلا ينقسم
__________
1012- الرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 304؛ وخزانة الأدب 2/ 109؛ والدرر 6/ 10؛ وشرح التصريح 2/ 112؛ والمقاصد النحوية 4/ 61؛ وبلا نسبة في الإنصاف 1/ 115؛ وأوضح المسالك 3/ 310؛ وخزانة الأدب 3/ 30، 5/ 24، 468، 6/ 138؛ وشرح ابن عقيل ص477؛ وشرح عمدة الحافظ ص541؛ وشرح المفصل 3/ 52، 53؛ ولسان العرب 4/ 348 "خضر"، 10/ 340 "مذق"؛ والمحتسب 2/ 165؛ ومغني اللبيب 1/ 246، 2/ 585؛ وهمع الهوامع 2/ 117.(3/323)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فتصيبهم الفتنة خاصة فأخرج النهي عن إسناده للفتنة فهو نهي محول، كما قالوا: لا أرينك ههنا، وهذا تخريج الزجاج والمبرد والفراء. وقال الأخفش الصغير: لا تصيبن هو على معنى الدعاء. وقيل جواب قسم والجملة موجبة والأصل لتصيبن كقراءة ابن مسعود وغيره، ثم أشبعت اللام وهو ضعيف؛ لأن الإشباع بابه الشعر. وقيل جواب قسم ولا نافية ودخلت النون تشبيهًا بالموجب كما دخلت في قوله:
1013- تاللهِ لا يُحْمَدَنَّ المَرْءِ مُجْتَنِبًا ... فِعْل الكِرامِ....
وقال الفراء: الجملة جواب الأمر نحو قولك: انزل عن الدابة لا تطرحنك، ولا نافية ومن منع النون بعد لا النافية منع أنزل عن الدابة لا تطرحنك. الثاني: إذا قلنا بما رآه الناظم فهل يطرد التوكيد بعد لا كلامه يشعر بالاطراد مطلقًا، لكن نص غيره على أنه بعد
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المتعرضون للظلم إلى ظالم وغير ظالم وليس كذلك بخلاف الوجه الأول فمن عليه للتبعيض. قوله: "كما قالوا لا أرينك" هو نهي محول عن إسناده للمخاطب إلى إسناده للمتكلم, والأصل لا تأت فحول النهي عن الإتيان الذي هو سبب لرؤيته إلى المسبب الذي هو الرؤية سم. قوله: "هو على معنى الدعاء" أي: فلا دعائية لا نافية وحينئذٍ فهي إنشائية فلا تكون صفة فتنة فلا بد من تقدير القول, أو الوقف على فتنة, ولا يخفى أنه يلزم على هذا الوجه أن يكون الدعاء على الظالمين وغيرهم, وأنه إنما يأتي إذا كان هذا الكلام مقولًا على لسان بعض الناس, وفي ذلك ما لا يخفى فهذا الوجه عندي شديد الضعف فتأمل.
قوله: "وقيل جواب قسم ولا نافية" قال البعض: كان الصواب عدم ذكر هذا في التأويلات المذكورة؛ لأنها على مذهب الجمهور المانعين جواز التوكيد بعد لا النافية ا. هـ. وقد يدفع بحمل إنكارهم مجيء التوكيد بعد النفي بلا على النفي الذي ليس جواب قسم بدليل قولهم هنا بسماعه في النفي الذي هو جواب قسم. قوله: "تشبيهًا بالموجب" أي: بالجواب الموجب أي: في التوكيد مع كونه سماعيا. قوله: "جواب الأمر" يعني اتقوا وممن ذكر هذا الوجه الزمخشري وهو فاسد؛ لأن المعنى حينئذٍ أن تتقوها لا تصيب الظالم خاصة, وقوله: إن التقدير: إن أصابتكم لا تصيب الظالم خاصة مردود؛ لأن الشرط إنما يقدر من جنس الأمر لا من جنس الجواب ألا ترى أنك تقدر في ائتني أكرمك إن تأتني أكرمك ا. هـ. مغني. وأجاب التفتازاني بأنه على رأي: من يقدر ما يناسب الكلام ولا يلتزم كون المقدر من جنس الأمر ولا موافقًا له نفيًا وإثباتًا فيصح في الآية تقدير إن لم تتقوا وتقدير إن أصابتكم كذا في الشمني.
قوله: "مطلقا" أي: سواء كانت لا مفصولة من المضارع بفاصل كما في قوله فلا الجارة
__________
1013- تمام البيت:
تاللهِ لا يُحمدَنَّ المرءُ مُجْتنبًا ... فِعْلَ الكرامِ ولو فاقَ الورَى حَسَبا
وهو من البسيط.(3/324)
وغَيْرِ إمّا مِن طَوالِبِ الجَزَا ... وآخِرَ المؤكَّدِ افْتَحْ كابرُزا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المفصولة ضرورة "وغير إما من طوالب الجزا" أي: وقل بعد غير إما الشرطية من طوالب الجزاء، وذلك يشمل إن المجردة عن ما وغيرها، ويشمل الشرط والجزاء. فمن توكيد الشرط بعد غير إما قوله:
1014- مَنْ يُثْقَفَنْ مِنْهُمْ فَلَيسَ بآيِبٍ
ومن توكيد الجزاء قوله:
1015- فمهما تَشَأ مِنْهُ فَزازَةُ تُعْطِكُمْ ... ومهما تَشَأ مِنْه فزارَةُ تَمْنَعَا
وقوله:
1016- ثَبَتُّم ثباتَ الخَيْزُرانِيِّ في الوغَى ... حديثًا مَتى ما يأتِكَ الخيرُ يَنْفَعا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الدنيا البيت المتقدم أو موصولة به. قوله: "على أنه بعد المفصولة ضرورة" الذي في المغني أنه بعد المفصولة والموصولة سماعي. قوله: "وذلك يشمل إلخ" أي: قولنا وقل بعد غير إما الشرطية, لكن محط شمول إن وغيرها قوله: غير إما ومحط شمول الشرط والجزاء قوله: بعد غير. قوله: "وغيرها" بالنصب عطفًا على أن. قوله: "والجزاء" أي: جزاء غير إما من طوالب الجزاء لعدم شمول كلام المصنف جزاء إما, ويمكن أن يعمم في الجزاء بناء على أن جزاء إما داخل في كلام المصنف بمفهوم الموافقة الأولوي فاعرفه. قوله: "من يثقفن" بالبناء للمجهول أي: يوجدن, يقال ثقفته من باب فهم أي: وجدته والآيب الراجع وتوهم البعض أن يثقفن مبني للفاعل بمعنى يوجدن فقال يثقفن مضارع ثقف من باب علم يعلم أي: يوجدن ا. هـ. وهو خطأ واضح, ثم رأيت في نسخة صحيحة من العيني ونسخة صحيحة من ابن الناظم تثقفن بتاء الخطاب مبنيا للفاعل فيكون بمعنى تجدن وهو واضح. قوله: "فمهما تشأ إلخ" منه متعلق بتعطكم وفزارة فاعل تشأ. قوله: "حديثا"
__________
1014- عجزه:
أبدا وقتلُ بني قتيبة شَافي
والبيت من الكامل، وهو لبنت مرة بن عاهان في خزانة الأدب 11/ 387، 399؛ والدرر 5/ 163؛ ولبنت أبي الحصين في شرح أبيات سيبويه 2/ 262؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 107؛ وشرح التصريح 2/ 205؛ وشرح ابن عقيل ص547؛ والكتاب 3/ 516؛ والمقتضب 3/ 14؛ والمقاصد النحوية 4/ 330؛ والمقرب 2/ 74؛ وهمع الهوامع 2/ 79.
1015- البيت من الطويل، وهو للكميت بن معروف في حماسة البحتري ص15؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 272؛ وللكميت بن ثعلبة في خزانة الأدب 11/ 387، 388، 390؛ ولسان العرب 8/ 373 "قزع"؛ وللكميت بن معروف أو للكميت بن ثعلبة في المقاصد النحوية 4/ 330؛ ولعوف بن عطية بن الخرع في الدرر 5/ 165؛ والكتاب 3/ 515؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 7/ 509، 510؛ وهمع الهوامع 2/ 79.
1016- البيت من الطويل، وهو للنجاشي الحارثي في ديوانه ص110؛ وخزانة الأدب 11/ 387، 395، 397؛ والدرر 5/ 156؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 308؛ والمقاصد النحوية 4/ 344؛ وبلا نسبة في الكتاب 3/ 515؛ وهمع الهوامع 2/ 78.(3/325)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهان: الأول مقتضى كلامه أن ذلك جائز في الاختيار وبه صرح في التسهيل فقال: وقد تلحق جواب الشرط اختيارًا، وذهب غيره إلى أن دخولها في غير شرط إما وجواب الشرط مطلقًا ضرورة. الثاني جاء توكيد المضارع في غير ما ذكر وهو في غاية الندرة؛ ولذلك لم يتعرض له، ومنه قوله:
1017- لَيتَ شِعْرِي وأَشْعُرَنَّ إذا ما ... قَرَّبُوهَا مَنْشورَةً ودُعِيتُ
وأشذ من هذا توكيد أفعل في التعجب كقوله:
1018- ومُسْتَبْدلٍ من بعدِ عَضْبَى صَرِيمَةً ... فَأَخْرِ بِهِ مِنْ طولِ فَقْرٍ وأَحْرِيا
وهذا تشبيه لفظ بلفظ وإن اختلفا معنى. وأشذ من هذا قوله:
أَقَائِلُنَّ أَحْضِرُوا الشُّهُودا
"وآخر المؤكد افتح" لما عرف أول الكتاب أنه تركب معها تركيب خمسة عشر، ولا فرق بين أن يكون صحيحًا "كابرزا" إذ أصه ابرزن بالنون الخفيفة فأبدلت ألفا في الوقف كما سيأتي، واضربن، أو معتلا نحو: اخشين وارمين واغزون: أمرًا كما مثل، أو مضارعًا نحو: هل تبرزن وهل ترمين. هذه لغة جميع العرب سوى فزارة فإنها تحذف آخر الفعل إذا كان ياء تلي كسرة، نحو: ترمين فتقول هل ترمن يا زيد، ومنه قوله:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أي: حدث حديثًا أي: قل ذلك جهارًا فإنه مسلم.
قوله: "وجواب الشرط" معطوف على غير. وقوله: مطلقًا أي: سواء كان جواب إما أو جواب غيرها. قوله: "الثاني جاء" أي: لضرورة الشعر كما قاله المرادي فمع كونه في غاية الندرة كما قال الشارح: هو خاص بالضرورة. قوله: "في غير ما ذكر" أي: غير المواضع السبعة. قوله: "ليت شعري" أي: علمي أي: ليتني أعلم والضمير في قربوها لصحيفة الأعمال. قوله: "وأشذ من هذا توكيد أفعل في التعجب" أي: لأنه ماض معنى. قوله: "ومستبدل من بعض عضْبَى صريمة" قال الشمني: عضبى معرفة لا تنون ولا تدخلها أل وهي مائة من الإبل وصريمة تصغير صرمة بالكسرة وهي القطعة من الإبل نحو: الثلاثين وأحْريا بحاء مهملة فراء فتحتية. قوله: "من تشبيه لفظ" وهو أفعل في التعجب بلفظ وهو أفعل في الأمر سم. قوله: "وآخر المؤكد افتح" بيان لقاعدة, وقوله: واشكله إلى آخر البيت استثناء منها. قوله: "فإنها تحذف آخر الفعل إلخ" الظاهر أن الفعل على
__________
1017- البيت من الخفيف، وهو للسموأل بن عادياء في الدرر 5/ 166؛ ولسان العرب 2/ 75 "قوت"؛ والمقاصد النحوية 4/ 332؛ وبلا نسبة في إصلاح المنطق ص277؛ وهمع الهوامع 2/ 79.
1018- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في جواهر الأدب ص58؛ والدرر 5/ 159؛ وشرح شواهد المغني 2/ 759؛ وشرح ابن عقيل ص446؛ ولسان العرب 1/ 650 "غضب"، 14/ 173 "حرى"، 15/ 129 "غضا"؛ ومغني اللبيب 1/ 339؛ والمقاصد النحوية 3/ 645؛ وهمع الهوامع 2/ 78.(3/326)
واشْكُلهُ قَبْلَ مُضْمَرٍ لَيْنٍ بما ... جانَسَ مِن تَحَرُّك قد عُلِما
والمضْمَرَ احذِفَنَّهُ إلا الأَلِفْ ... وإن يَكُنْ في آخِرِ الفِعْلِ أَلِفْ
__________
1019- ولا تُقاسِنَّ بَعْدِي اللهَمَّ والجَزَعا
هذا إذا كان الفعل مسندًا لغير الألف والواو والياء، فإن كان مسندًا إليهن فحكمه ما أشار إليه بقوله: "واشكله قبل مضمر لين بما جانس" أي: بما جانس ذلك المضمر "من تحرك قد علما" فيجانس الألف الفتح والواو الضم والياء الكسر "والمضمر" المسند إليه الفعل "احذفنه" لأجل التقاء الساكنين مبقيًا حركته دالة عليه "إلا الألف" أبقها لخفتها تقول: يا قوم هل تضربن بضم الباء. ويا هند هل تضربن بكسرها، فأصل يا قوم هل تضربن هل تضربونن فحذفت نون الرفع لكثرة الأمثال فصار تضربون فحذفت الواو لالتقاء
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هذه مبني على فتحة الياء المحذوفة. قوله: "هذا" أي: ما ذكر من فتح آخر المؤكد. قوله: "واشكله" أي: حرك آخر المؤكد حالة كون هذا الآخر قبل مضمر لين بفتح اللام مخفف لين هذا هو المسموع والظاهر, وإن جاز كسرها على أنه من النعت بالمصدر, وقوله: من تحرك بيان لما وقول الشيخ خالد متعلق بحانس غير ظاهر.
قوله: "المسند إليه" قيد به نظر إلى المتبادر من لفظ المضمر وإلا فيصح أن يراد بالمضمر ما يعم الحرف المجعول علامة للتثنية والجمع مجازًا على لغة أكلوني البراغيث نحو: هل يضربن الزيدون بضم الباء. قوله: "احذفنه لأجل التقاء الساكنين" أي: لأنه ليس على حده الجائز إذ شرطه أن يكون الساكنان في كلمة, وهنا ليس كذلك بل النون كالكلمة المنفصلة كذا قاله سم. والصحيح الذي درج عليه الشارح فيما يأتي عدم اشتراط كونهما في كلمة بدليل نحو: أتحاجوني, وعلة الحذف عند من لا يشترط ذلك استثقال الكلمة واستطالتها لو أبقى المضمر. فإن قلت: المقتضي للحذف على كلا القولين موجود في اضربان فلم لم تحذف الألف. قلت: لمانع وهو الالتباس بالمفرد لو حذفت الألف, والمانع يغلب على المقتضي. فإن قلت: كسر النون يدفع اللبس. قلت: المقتضي لكسر النون مشابهتها نون التثنية في الوقوع آخرًا بعد الألف فإذا ذهبت الألف ذهب مقتضي الكسر. فإن قلت: كان ينبغي حينئذٍ حذف الألف في اضربنان لعدم الالتباس. قلت: لو حذف لزال الغرض الذي أتى به لأجله, وهو الفصل بين الأمثال وما قدمناه من الخلاف في كون التقاء الساكنين فيما مر على حده أولًا إنما هو مع النون الثقيلة أما مع الخفيفة فالتقاء الساكنين على غير حده اتفاقًا لعدم ادغام الساكن الثاني.
قوله: "لكثرة الأمثال" أي: الزوائد فلا يرد نحو: النسوة جنن ويجنن كما قدمناه أول الكتاب ثم ما ذكره لا يتأتى مع الخفيفة, مع أن نون الرفع تحذف معها أيضًا فيما ذكر إلا أن يقال
__________
1019- صدره:
لا تَتْبَعَنَّ إثري ولا هلعا
والبيت من البسيط، وهو لمحمد بن يسير في سمط اللآلي ص104؛ وهمع الهوامع 2/ 79؛ ولمحمد بن بشير في أمالي القالي 1/ 22؛ والدرر 5/ 171.(3/327)
فاجْعَلهُ منه واقعًا غَيْرَ اليا ... والواوِ ياءً كاسْعَيَنَّ سَعْيا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الساكنين. وأصل يا هند هل تضربن هل تضربينن، فعل به ما ذكر. وتقول: يا زيدان هل تضربان، فأصل تضربان تضربانن فحذفت نون الرفع لما ذكر، ولم تحذف الألف لخفتها ولئلا يلتبس بفعل الواحد، ولم تحرك؛ لأنها لا تقبل الحركة وكسرت نون التوكيد بعدها لشبهها بنون التثنية في زيادتها آخرًا بعد ألف. هذا كله إذا كان الفعل صحيحًا، فإن كان معتلا نظرت إن كان بالواو والياء فكالصحيح تقول: يا قوم هل تغزن وهل ترمن بضم ما قبل النون، ويا هند هل تغزن وهل ترمن بكسره، فتحذف مع نون الرفع الواو والياء. وتقول: هل تغزوان وترميان فتبقى الألف. فإن قلت: ليس هذا كالصحيح؛ لأنه حذف آخره وجعلت الحكرة المجانسة على ما قبل الآخر بخلاف الصحيح. قلت: حذف آخره إنما هو لإسناده إلى الواو والياء لا لتوكيده فهو مساو للصحيح في التغيير الناشيء عن التوكيد، ولذلك لم يتعرض له الناظم. وإن كان بالألف فليس كالصحيح فيما ذكر، بل له حكم آخر أشار إليه بقوله: "وإن يكن في آخر الفعل ألف فاجعله" أي: الألف "منه" أي: من الفعل "رافعًا" حال
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حذفت مع الخفيفة حملًا على حذفها مع الثقيلة طردًا ا. هـ. سم وتقدم تعليل الحذف بالتخفيف أيضًا في كلام زكريا. قوله: "هذا كله" أي: ما ذكر من شكل الآخر بالمجانس وحذف المضمر إلا الألف. قوله: "هل تغزن وهل ترمن" أصل الأول قبل التوكيد بالنون تغزوون استثقلت الضمة على الواو الأولى فحذفت الضمة ثم الواو لالتقاء الساكنين ثم أكد بالنون فحذفت نون الرفع لتوالي الأمثال ثم الواو لالتقاء الساكنين مع كون الضمة قبلها دليلًا عليها, وأصل الثاني قبل التوكيد بالنون ترميون استثقلت الضمة على الياء فنقلت إلى ما قبلها ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين ثم أكد بالنون إلى آخر ما تقدم. وإن شئت قلت: استثقلت الضمة على الياء فحذفت الضمة ثم الياء لالتقاء الساكنين ثم قلبت كسرة الميم ضمة لتناسب الواو ثم أكد بالنون إلى آخر ما تقدم.
قوله: "ويا هند هل تغزن وهل ترمن بكسره" أصل الأول تغزوين استثقلت الكسرة على الواو فنقلت إلى ما قبلها, ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين ثم أكد بالنون فحذفت نون الرفع لتوالي الأمثال ثم الياء لالتقاء الساكنين. إن شئت قلت: استثقلت الكسرة على الواو فحذفت الكسرة ثم الواو لالتقاء الساكنين ثم قلبت ضمة الزاي كسرة لتناسب الياء ثم أكد بالنون إلى آخر ما تقدم. وأصل الثاني ترميين استثقلت الكسرة على الياء فحذفت الكسرة ثم الياء لالتقاء الساكنين ثم أكد بالنون إلى آخر ما تقدم. قوله: "ليس هذا" أي: المعتل بالواو والياء. قوله: "لأنه حذف آخره" أي: إذا رفع الواو والياء.
قوله: "إنما هو لإسناده إلى الواو والياء" بدليل أنه إذا لم يسند إليهما ثبت الآخر مفتوحًا نحو: هل تغزون يا زيد وهل ترمين يا عمرو. قوله: "وإن كان بالألف" أي: معتلا بالألف. قوله: "في آخر الفعل" فيه ظرفية الشيء في نفسه؛ لأن الآخر هو الألف، ويدفع بأن المراد بالآخر ما قابل الأول وحينئذٍ تكون الظرفية من ظرفية الجزء في الكل. قوله: "منه" حال من الضمير في(3/328)
واحْذِفهُ من رافِع هاتَيْنِ وَفِي ... وا وَيَا شَكْلٌ مُجانِسٌ قُفي
نَحْو اخْشَينْ يا هندُ بالكسْرِ وَيا ... قومُ اخْشَونْ واضمُمْ وقِسْ مُسَوِّيَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من الفعل أي: حال كون الفعل رافعًا "غير اليا والواو" أي: بأن رفع الألف أو النون أو ضميرًا مستترًا أو اسمًا ظاهرًا "ياء" مفعول ثان لاجعل: أي: اجعل الألف حيئنذ ياء نحو: هل تخشيان وترضيان يا زيدان، وهل تخشينان وترضينان يا نسوة، ويا زيد هل تخشين وترضين، وهل يخشين ويرضين زيد، والأمر في ذلك كالمضارع "كاسعين سعيا" يا زيد وكذا بقية الأمثلة.
تنبيه: إنما وجب جعل الألف ياء؛ لأن كلامه في الفعل المؤكد بالنون وهو المضارع والأمر، ولا تكون الألف فيهما إلا منقلبة عن ياء غير مبدلة كيسعى، أو مبدلة من ياء والياء منقلبة عن واو كيرضى؛ لأنها من الرضوان "واحذفه" أي: الألف "من رافع هاتين" أي: الياء والواو وتبقى الفتحة قبلهما دليلا عليه. "وفي واو ويا شكل مجانس قفي" أي: تبع. يعني أن الواو بعد حذف الألف تضم والياء تكسر. وإنما احتيج إلى تحريكهما ولم يحذفا؛ لأن قبلهما حركة غير مجانسة أعني فتحة الألف المحذوفة، فلو حذفا لم يبق ما يدل عليهما "نحو اخشين يا هند" وهل ترضين يا هند "بالكسر ويا قوم اخشون" وهل ترضون "واضمم" الواو "وقس" على ذلك "مسويا".
تنبيهان: الأول أجاز الكوفيون حذف الياء المفتوح ما قبلها نحو: اخشين يا هند
ـــــــــــــــــــــــــــــ
اجعله. قوله: "حال من الفعل" أي: من ضمير الفعل أي: من الضمير الراجع إلى الفعل. قوله: "نحو: هل تخشيان" نشر على ترتيب اللف ومثل بفعلين إشارة إلى أنه لا فرق بين كون الألف منقلبة عن ياء كيخشى أو واو كيرضى؛ لأنه من الرضوان. قوله: "والأمر في ذلك كالمضارع" أي: في التمثيل المذكور أي: في غالبه وإلا فالأمر لا يرفع الظاهر بخلاف المضارع. قوله: "عن ياء غير مبدلة" أي: عن ياء أصلية ليست مبدلة عن شيء. قوله: "لأنه من الرضوان" فأصل يرضى يرضو قلبت الواو ياء لمجاوزتها متطرفة ثلاثة أحرف ثم الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها هذا ما يفيد كلام الشارح, ولعلهم لم يقلبوا الواو من أول الأمر ألفًا ليكون في المضارع ما في الماضي من قلب الواو ياء, فإن أصل رضي رضو قلبت الواو ياء لتطرفها بعد كسرة فاعرف ذلك.
قوله: "واحذفه أي: الألف" إنما لم يقلب ياء كما تقدم؛ لأنه لو كان هنا ياء لاجتمع ياآن في نحو: اخشين يا هند إذ كان يقال اخشيين بفتح الياء الأولى المنقلبة عن الألف وكسر الثانية الفاعل وكذا في نحو: هل ترضين يا دعد إذ كان يقال ترضيين, وكل ذلك ثقيل ولا يلزم ذلك فيما تقدم. وجعل شيخنا وتبعه البعض اللازم على قلب الألف ياء في نحو: هل ترضيين يا دعد اجتماع واو وياء إذ كان يقال ترضوين وهو أيضًا ثقيل, وهذا سهو منهما عن كون الملزوم قلب الألف ياء والله الموفق. قوله: "دليلًا عليه" أي: الألف وذكره باعتبار أنه حرف مثلًا موافقة للنظم. قوله: "وفي واو ويا" من وضع الظاهر موضع المضمر. قوله: "أعني فتحة الألف" فيه مسامحة والمراد فتحة ما قبل الألف. قوله: "أجاز الكوفيون حذف الياء إلخ" وهل تبقى حركة ما قبلها(3/329)
ولم تَقَعْ خَفِيفَةٌ بعدَ الأَلِف ... لكِنْ شَديدَةٌ وكسرُها ألِفْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فتقول اخشن. وحكى الفراء أنه لغة طيئ. الثاني فرض المصنف الكلام على الضمير وحكم الألف والواو اللذين هما علامة. أي: بأن أسند الفعل إلى الظاهر على لغة أكلوني البراغيث. كحكم الضمير. وهذا واضح "ولم تقع" أي: النون "خفيفة بعد الألف" أي: سواء كانت الألف اسمًا بأن كان الفعل مسندًا إليها، أو حرفًا بأن كان الفعل مسندًا إلى ظاهر على لغة أكلوني البراغيث، أو كانت التالية لنون جماعة النساء، وفاقًا لسيبويه والبصريين سوى يونس، وخلافًا ليونس والكوفيين؛ لأنه فيه التقاء الساكنين على غير حده "لكن" تقع "شديدة وكسرها" لالتقاء الساكنين "ألف"؛ لأنه على حدة، إذ الأول حرف لين والثاني مدغم. ويعضد ما ذهب إليه يونس والكوفيون قراءة بعضهم "فَدَمَّرْانَّهُمْ تَدْمِيرًا" حكاها ابن جني. ويمكن أن يكون من هذا قراءة ابن ذكوان: {وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حين حذفها أو يكسر دلالة على الياء قال بعضهم: وهذا الذي ينبغي. قوله: "وحكم الألف والواو اللذين هما علامة إلخ" لم يذكر الياء؛ لأنها لا تكون إلا ضميرًا. قوله: "ولم تقع خفيفة إلخ" هذا شروع فيما تنفرد فيه الخفيفة عن الثقيلة وهو أربعة الأول ما ذكره في هذا البيت.
قوله: "أي: النون" صريح في أن خفيفة بالنصب على الحال من ضمير تقع ويصح رفعها على الفاعلية والوجهان جاريان في قوله: شديدة أيضًا. قوله: "وفاقًا لسيبويه والبصريين" هو وما عطف عليه راجعان لعدم وقوع الخفيفة بعد الألف بأقسامها الثلاثة. قوله: "لأن فيه التقاء الساكنين" أي: بالنظر إلى أصل الخفيفة وهو السكون وإلا فسيأتي أن من أجاز وقوعها بعد الألف يكسرها. نعم روي عن يونس ابقاؤها ساكنة والالتقاء على هذا ظاهر. قوله: "على غير حده" أي: غير طريقه الجائز؛ لأن الساكن الثاني غير مدغم. قوله: "لالتقاء الساكنين" قال سم: فيه نظر؛ لأن التقاء الساكنين متحقق مع الكسر ولا يزيله ا. هـ. وأجاب الإسقاطي: بأنه ليس المراد بالتقاء الساكنين الألف والنون كما هو مبني النظر بل النونين, يعني أن النون المشددة ذات نونين أولاهما ساكنة والثانية محركة بالكسر؛ لئلا تلتقي ساكنة مع النون الأولى, ويدل على أن هذا مراد الشارح قوله: معللًا وقوع الشديدة بعد الألف؛ لأنه أي: التقاء الساكنين بين الألف والنون على حده إلخ أي؛ لأنه لو كان مراده بالساكنين الألف والنون لناقض قوله: لالتقاء الساكنين قوله: لأنه على حده لاقتضاء الأول زواله؛ لأن معناه لدفع التقاء الساكنين والثاني بقاءه. قال شيخنا: وما ذكره بعيد إذ لو كان التحريك لالتقاء الساكنين بمعنى النونين لحركت الأولى كما هو الشأن في التقاء الساكنين ا. هـ. وعلل جماعة الكسر بمشابهتها نون المثنى وهو ما قدمه الشارح آنفًا.
قوله: "لأنه على حده" تعليل لقوله تقع شديدة واعترضه البعض بما علم اندفاعه من القولة السابقة, ثم كون التقاء الساكنين هنا على حدةه مبني على الصحيح من عدم اشتراط كونهما في كلمة كما مر بيانه. قوله: "ولا تتبعان" فالواو للعطف ولا للنهي ونون الرفع محذوفة بها والنون مؤكدة وقال: يمكن لجواز أن تكون الواو للحال ولا للنفي والموجود نون الرفع ا. هـ. تصريح وليس(3/330)
وألفًا زِدْ قَبْلَها مُؤكِّدًا ... فِعْلًا إلى نونِ الإناثِ أُسْنِدا
واحْذِفْ خَفِيفَةً لساكِنٍ رَدِفَ ... وبعْدَ غَيْرِ فَتْحَةٍ إذا تَقِفْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[يونس: 89] .
تنبيهان: الأول ذكر الناظم أن من أجاز الخفيفة بعد الألف يكسرها، وحمل على ذلك القراءتين المذكورتين. وظاهر كلام سيبويه وبه صرح الفارسي في الحجة: أن يونس يبقي النون ساكنة، ونظر ذلك بقراءة نافع محياي. والثاني هل يجوز لحاق الخفيفة بعد الألف إذا كان بعدها ما تدغم فيه على مذهب البصريين نحو: اضربان نعمان. قال اشيخ أبو حيان: نص بعضهم على المنع، ويمكن أن يقال يجوز، وقد صرح سيبويه بمنع ذلك "وألفا زد قبلها" أي: زد قبل نون التوكيد "مؤكدا فعلًا إلى نون الإناث أسندا" لئلا تتوالى الأمثال، فتقول: هل تضربنان يا نسوة بنون مشددة مكسورة، وفي جواز الخفيفة الخلاف السابق كما تقدم. ولا يجوز ترك الألف فلا تقول: هل تضربنن يا نسوة "واحذف خفيفة لساكن ردف" أي: تحذف النون الخفيفة وهي مرادة لأمرين: الأول أن يليها ساكن نحو: اضرب الرجل تريد اضربن. ومنه قوله:
1020- لا تُهينَ الفَقِيرَ عَلكَ أنْ تَرْ ... كَعَ يَومًا والدَّهْرُ قَدْ رَفَعَهْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عن الآية الأولى جواب ا. هـ. سندوبي. قوله: "بقراءة نافع محياي" وجهها الوصل بنية الوقف. قوله: "نص بعضهم على المنع" هو ظاهر إطلاق الناظم. قوله: "ويمكن أن يقال يجوز"؛ لأن الساكن الثاني مدغم فيه. قوله: "لئلا تتوالى الأمثال" نظر إلى الصحيح من عدم جواز وقوع الخفيفة بعد الألف فعلل بهذا التعليل الذي لا يظهر بالنسبة للخفيفة على مذهب من أجاز وقوعها بعد الألف؛ لأن اللازم بالنسبة إليها توالي مثلين فقط ولو نظر إلى المذهبين لعلل بقصد التخفيف كما علل غيره وكلا المسلكين صحيح.
قوله: "الخلاف السابق" أي: بين يونس والكوفيين وبين غيرهم وقوله: كما تقدم أي: على ما تقدم من كسرها عند من أجاز الوقوع أو سكونها. قوله: "واحذف خفيفة إلخ" وإنما لم تحرك عند ملاقاتها ساكنًا كما يحرك التنوين عند ملاقاته ساكنًا في الأكثر لنقصها عنه في الفضل بكونها في الفعل وهو في الاسم فقصدوا بحذفها وإبقائه محركًا إظهار شرف الاسم بتشريف ما يختص به على ما يختص بالفعل الذي هو دونه. قوله: "لساكن ردف" أي: لها سواء تلت فتحة كاضرب الرجل يا زيد أو ضمة كاضرب الرجل يا قوم أو كسرة كاضرب الرجل يا هند. دماميني. قوله: "لا تهين الفقير" أصله لا تهن بحذف الياء لالتقاء الساكنين فلما أكد الفعل ردت لزوال
__________
1020- البيت من المنسرح، وهو للأضبط بن قريع في الأغاني 18/ 68؛ والحماسة الشجرية 1/ 474؛ وخزانة الأدب 11/ 450، 452؛ والدرر 2/ 164، 5/ 173؛ وشرح التصريح 2/ 208؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1151؛ وشرح شواهد الشافية ص160؛ وشرح شواهد المغني ص453؛ والشعر والشعراء=(3/331)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لأنها لما لم تصلح للحركة عوملت معاملة حرف المد فحذفت لالتقاء الساكنين، وإذا وليها ساكن وهي بعد ألف على مذهب المجيز, فقال يونس: إنها تبدل همزة وتفتح فتقول: اضرباء الغلام، واضربناء الغلام. قال سيبويه: وهذا لم تقله العرب، والقياس اضرب الغلام واضربن الغلام يعني بحذف الألف والنون. والثاني أن يوقف عليها تالية ضمة أو كسرة، وإلى ذلك أشار بقوله: "وبعد غير فتحة إذا تقف" فتقول: يا هؤلاء اخرجوا، ويا هذه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الالتقاء كذا في مطالع السعد. وما ذكره من دخول الجازم قبل النون هو الموافق لقوله: وبفعل آتيًا ذا طلب وينقدح أن هذا الفعل معرب تقديراً؛ لأن النون لم تدخل إلا بعد استيفاء الجازم مقتضاه, وليس هو كالفعل المتصل بنون الإناث إذا دخل عليه الجازم؛ لأن اتصال نون الإناث سابق على الجازم قاله شيخنا السيد, والذي ذكره هو كغيره في باب إعراب الفعل أنه في محل نصب أو جزم مع نون التوكيد, أو نون الإناث إذا دخل عليه ناصب أو جازم وتقدم هذا أيضًا في باب المعرب والمبني. وقوله: علك أي: لعلك وحمل لعل على عسى فقرن خبرها بأن وهو قليل, وأراد بالركوع انحطاط الرتبة. والبيت من المنسرح لكن دخل في مستفعلن أوله الخرم بالراء بعد خبنه فصار فاعلن كما قاله الدماميني والشمني, ويدل له بقية القصيدة ومنها بعد هذا البيت:
وصل حبال البعيد إن وصل الحبـ ... ـل وأقص القريب إن قطعه
وارض من الدهر ما أتاك به ... من قر عينا بعيشه نفعه
فقول العيني: ومن تبعه إنه من الخفيف خطأ. قوله: "فقال يونس إلخ" ثم قوله: والقياس إلخ هل يأتيان على ما قاله المصنف كما تقدم أن من يلحق الخفيفة بعد الألف يكسرها وحينئذٍ يفرق بين ما وليه ساكن وغيره أو خاص بما تقدم عن ظاهر كلام سيبويه أن من يلحقها بعد الألف يبقيها ساكنة ا. هـ. سم والظاهر الثاني؛ لأن سيبويه المعارض ليونس فيما ذكر ظاهر كلامه كما مر أن يونس يسكنها بل جزم البعض بالثاني واستدل بما لا يدل. قوله: "فتقول اضرباء الغلام" أي: يا زيدان واضربناء الغلام أي: يا نسوة. قوله: "والقياس" أي: على ما إذا وليها ساكن ولم تكن بعد الألف. قوله: "بحذف الألف" قال شيخنا: أي: ألف التثنية من اضربا الغلام والألف الفاصلة بين نون النسوة وون التوكيد في اضربن الغلام وقوله: والنون أي: نون التوكيد الخفيفة في المثالين ا. هـ. والمتبادر من كلام الشارح حذف الألف لفظًا وخطأ حتى من المثال الأول وهو الموافق لما في النسخ والقياس إثباتها خطأ في المثال الأول كما لا يخفى على العارف.(3/332)
وارْدُدْ إذا حَذَفْتَها فِي الوقْفِ ما ... من أَجْلِها في الوَصْلِ كان عُدِما
وأَبْدِلَنْها بعدَ فَتح ألِفا ... وقْفًا كما تقول في قِفَنْ قِفَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
اخرجي، تريد اخرجنّ واخرجن. أما إذا وقعت بعد فتحة فسيأتي "واردد إذا حذفتها في الوقف ما" أي: الذي "من أجلها في الوصل كان عدما" فتقول في اضربن يا قوم واضربن يا هند إذا وقفت عليهما: اضربوا واضربي برد واو الضمير ويائه كما مر. وتقول في هل تضربن وهل تضربن إذا وقف عليهما: هل تضربون وهل تضربين برد الواو والياء ونون الرفع لزوال سبب الحذف "وأبدلنها بعد فتح ألفا وقفا" أي: واقفًا، ويحتمل أن يكون مفعولًا له أي: لأجل الوقف، وذلك لشبهها بالتنوين "كما تقول في قفا قفا" ومنه "لنسفعًا وليكونًا" وقوله:
1021- ولا تَعْبُدِ الشَّيطانَ والله فاعْبُدَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "واردد إلخ" فإن قلت: لم رد المحذوف هنا في الوقف ولم يرد فيه في نحو: هذا قاض مع زوال العلة قلت: يرد فيه أيضًا وإن كان الأكثر خلافه. وعليه فالفرق أن المحذوف هنا وهو الفاعل كلمة وثم جزء كلمة والاعتناء بالكلمة أتم منه بجزئها. زكريا والذي يظهر لي في معنى كلام المصنف والشارح أنه إذا ورد عليك فعل مؤكد سابقًا بالنون الخفيفة لكونه في حال توكيده بها وصل مما بعده واتفق لك الوقف عليه فاحذف منه النون بعد توكيده بها واردد ما كان حذف لأجلها, وليس المراد أنه إذا صدر منك فعل تريد توكيده والوقف عليه فاحذف منه النون بعد توكيده بها واردد ما كان حذف لأجلها حتى يرد قول أبي حيان ما معناه: الذي يظهر لي أن توكيد الفعل الموقوف عليه بالنون الخفيفة خطأ؛ لأنها تحذف في الوقف من غير دليل عليها فلا يظهر للإتيان بها ثم حذفها بلا دليل فائدة. قوله: "في الوقف" تنازعه اردد وحذفتها. قوله: "كما مر" أي: في قوله: فتقول يا هؤلاء اخرجوا ويا هند اخرجي. قوله: "لزوال سبب الحذف" هو في النون اجتماع المثلين وفي الواو والياء التقاء الساكنين. دماميني. قوله: "ألفا" ولذلك رسمت بالألف نظرًا إلى حالتها عند الوقف كما هو قاعدة الرسم. قوله: "أي: واقفا" ضعف بأن مجيء المصدر حالًا سماعي وضعف الاحتمال الثاني بكون الوقف غير قلبي فالأولى كونه ظرفًا بتقدير وقت. قوله: "وذلك لشبهها بالتنوين" قال شيخنا: اسم الإشارة راجع إلى حذفها بعد
__________
1021- صدره:
فإياك والميتات لا تقربنها
والبيت من الطويل، وهو للأعشى في ديوانه ص187؛ والأزهية ص275؛ وتذكرة النحاة ص72؛ والدرر 5/ 149؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 678؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 244، 245؛ وشرح التصريح 2/ 208؛ وشرح شواهد المغني 2/ 577، 793؛ والكتاب 3/ 510؛ ولسان العرب 1/ 759 "نصب"، 2/ 473 "سبح"، 13/ 429 "نون"؛ واللمع ص273؛ والمقاصد النحوية 4/ 340؛ والمقتضب 3/ 12؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 657؛ وأوضح المسالك 4/ 113؛ وجمهرة اللغة ص857؛ وجواهر الأدب ص57، 108؛ ورصف المباني ص32، 334؛ وشرح قطر الندى ص149؛ وشرح المفصل 9/ 39؛ ومغني اللبيب 1/ 372؛ والممتع في التصريف 1/ 40؛ وهمع الهوامع 2/ 78.(3/333)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
1022- فَمَنْ يَكُ لم يثْأرْ بأعراضِ قومِهِ ... فإنِّي ورَبِّ الراقِصاتِ لأَثْأرَا
وندر حذفها لغير ساكن ولا وقف كقوله:
1023- اضْرِبَ عَنْكَ الهمومَ طارِقَها
وقوله:
1024- كَما قِيلَ قبلَ اليومِ خالِفَ تُذْكَرَا
وحمل على ذلك قراءة من قرأ: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} [الشرح: 1] .
خاتمة: أجاز يونس للواقف إيدال الخفيفة ياء أو واوًا في نحو: اخشين واخشون، فتقول: اخشي واخشووا وغيره يقول اخشى واخشوا وقد نقل عنه إبدالها واوًا بعد ضمة وياء بعد كسرة مطلقًا، وكلام سيبويه يدل على أن يونس إنما قال بذلك في المعتل فإنه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الضم والكسر وقلبها ألفًا بعد الفتح ا. هـ. وهو وجيه.
قوله: "كقوله إلخ" إن قلت: لعل المحذوف في البيتين والآية النون الثقيلة قلت: تقليل الحذف والحمل على ما ثبت حذفه أولى قاله في المغني. قوله: "اضرب عنك" ضمنه معنى اطرد فعداه بعن وطارقها بدل من الهموم. قوله: "وحمل على ذلك قراءة إلخ" وحملها بعضهم على أنها من النصب بلم كما جزم بلن مقارضة بين الحرفين. دماميني. قوله: "مطلقاً" أي: في المعتل والصحيح بدليل ما بعده، لكن يلزم على الإبدال في الصحيح لبس؛ لأنك إذا قلت اضربي في اضربن التبست الياء المبدلة من النون بياء الضمير وكذا يقال إذا قلت اضربو في اضربن بخلاف المعتل؛ لأنك تنطق بياءين في اخشيي وبواوين في اخشووا ولو لم ترد التوكيد لم تنطق
__________
1022- البيت من الطويل، وهو للنابغة الجعدي في ديوانه ص76؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 250؛ والكتاب 3/ 512؛ والمقاصد النحوية 4/ 336؛ وبلا نسبة في شرح المفصل 9/ 39.
1023- عجزه:
ضَرْبَكَ بالسُّوطِ قَونَسَ الفَرَسِ
والبيت من المنسرح، وهو لطرفة بن العبد في ملحق ديوانه ص155؛ وخزانة الأدب 11/ 450؛ والدرر 5/ 174؛ وشرح شواهد المغني 2/ 933؛ وشرح المفصل 6/ 107؛ ولسان العرب 6/ 183 "قَنَسَ"، 13/ 429 "نون"؛ والمقاصد النحوية 4/ 337؛ ونوادر أبي زيد ص13؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 565؛ وجمهرة اللغة ص852، 1176؛ والخصائص 1/ 126؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 82؛ وشرح المفصل 9/ 44؛ ولسان العرب 11/ 711 "هول"؛ والمحتسب 2/ 367؛ ومغني اللبيب 2/ 643؛ والممتع في التصريف 1/ 323.
1024- صدره:
خلافًا لقولي من فيالة رأيه
والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الحيوان 7/ 84؛ والمقاصد النحوية 4/ 345.(3/334)
ما لا ينصرف:
الصَّرْفُ تَنْوينٌ أَتَى مُبيِّنا ... معنًى به يكونُ الاسمُ أَمْكَنا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال: وأما يونس فيقول: اخشووا واخشيي يزيد الواو والياء بدلًا من النون الخفيفة من أجل الضمة والكسرة، وهو ما نقله الناظم في التسهيل، وإذا وقف على المؤكد بالخفيفة بعد الألف على مذهب يونس والكوفيين أبدلت ألفا، نص على ذلك سيبويه ومن وافقه ثم قيل: يجمع بين الألفين فيمد بمقدارهما، وقيل: بل ينبغي أن تحذف إحداهما ويقدر بقاء المبدلة من النون وحذف الأولى. وفي الغرة: إذا وقفت على اضربان على مذهب يونس زدت ألفا عوض النون فاجتمع ألفان فهمزت الثانية فقلت: اضرباء. ا. هـ. وقياسه في اضربنان اضربناء والله أعلم.
ما لا يَنْصَرِف:
قد مر في أوّل الكتاب أن الأصل في الاسم أن يكون معربًا منصرفًا، وإنما يخرجه عن أصله شبهه بالفعل أو بالحرف، فإن شابه الحرف بلا معاند بني، وإن شابه الفعل بكونه فرعًا بوجه من الوجوه الآتية منع الصرف. ولما أراد بيان ما يمنع الصرف بدأ بتعريف الصرف فقال: "الصرف تنوين أتى مبينًا مغنى به يكون الاسم أمكنا" فقوله: تنوين: جنس يشمل أنواع التنوين، وقد تقدمت أول الكتاب، وقوله: أتى مبينًا إلخ مخرج لما سوى المعبر عنه بالصرف، والمراد بالمعنى الذي يكون به الاسم أمكن، أي: زائدًا في التمكن: بقاؤه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إلا بياء واحدة وواو واحدة. قوله: "يجمع بين الألفين" أي: في النطق وفيه أن الجمع بينهما محال لتعذر التقاء الساكنين سكونًا ذاتيا, وممن صرح باستحالة اجتماع الألفين شيخ الإسلام زكريا كما سيأتي عنه في مبحث ألف التأنيث من باب: ما لا ينصرف اللهم إلا أن يراد الجمع بينهما صورة؛ لأن مد الألف بقدر أربع حركات في صورة الجمع بين ألفين, وعلى هذا يكون قول الشارح فيمد بمقدارهما عطفًا تفسيريا وقوله: بمقدارهما نائب فاعل يمد.
ما لا ينصرف:
ذكره عقب نوني التوكيد؛ لأن فيه شبه الفعل فله تعلق به كما أن لهما تعلقًا به؛ ولأن نوني التوكيد ثقيلة وخفيفة, وهذا الباب مشتمل على الثقيل وهو ما لا ينصرف والخفيف وهو المنصرف, وإن لم يكن مقصودًا من الباب بالذات. قوله: "بلا معاند" أي: معارض لشبه الحرف. قوله: "بوجه" الباء سببية متعلقة بفرعًا. قوله: "أمكنا" اسم تفضيل من مكن مكانة إذا بلغ الغاية في التمكن لا من تمكن خلافًا لأبي حيان ومن وافقه؛ لأن بناء اسم التفضيل من غير الثلاثي المجرد شاذ، تصريح. قوله: "والمراد إلخ" يرد عليه أنه حينئذٍ يلزم الدور؛ لأن معرفة هذا المعنى تتوقف على معرفة أنه لم يشبه الفعل فيمنع الصرف لأخذه في تفسيره ومعرفة ذلك تتوقف على معرفة الصرف. لا يقال هذا تعريف لفظي خوطب به من يعلم المعرف والتعريف ويجهل وضع لفظ(3/335)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
على أصله أي: إنه لم يشبه الحرف فيبني ولا الفعل فيمنع من الصرف.
تنبيهات: الأول ما ذكره الناظم من أن الصرف هو التنوين هو مذهب المحققين، وقيل الصرف هو الجر والتنوين معًا. الثاني تخصيص تنوين التمكين بالصرف هو المشهور، وقد يطلق الصرف على غيره من تنوين التنكير والعوض والمقابلة. الثالث يستثنى من كلامه نحو: مسلمات فإنه منصرف مع أنه فاقد للتنوين المذكور إذ تنوينه للمقابلة كما تقدم أول الكتاب. الرابع اختلف في اشتقاق المنصرف: فقيل من الصريف وهو الصوت؛ لأن في
ـــــــــــــــــــــــــــــ
للتعريف؛ لأنا نقول: لو كان المخاطب هنا عالمًا بهذا التعريف لكان عالمًا بالصرف؛ لأنه مذكور فيه فلا يكون جاهلًا بوضع اللفظ له. وقد يقال إنه ليس لفظيا ويمنع لزوم الدور بأن يقال المعتبر في التعريف عدم مشابهة الفعل, ويمكن ذلك بدون ملاحظة الانصراف وعدمه, وأما قول الشارح: فيمنع الصرف فليس المراد أن ذلك ملاحظ في التعريف بل المراد بيان أمر واقعي أفاده سم.
قوله: "هو التنوين" أي: وحده وأما الجرّ بالكسرة فتابع له فسقوطه بتبعية التنوين لما أسلفه الشارح عند قول المصنف:
وجر بالفتحة ما لا ينصرف
وقوله هو مذهب المحققين لوجوه: منها أنه مطابق للاشتقاق من الصريف الذي بمعنى الصوت إذ لا صوت في آخر الاسم إلا التنوين، ومنها أنه متى اضطرّ شاعر إلى صرف المرفوع أو المنصوب نونه وقيل صرفه للضرورة مع أنه لا جرّ فيه ا. هـ. يس وقوله: وقيل صرفه أي: قالوا فيه حينئذٍ: إنه صرفه للضرورة فأطلقوا على مجرد تنوينه صرفًا. قوله: "تخصيص تنوين التمكين بالصرف" الباء داخلة على المقصور. قوله: "يستثنى من كلامه" أي: من مفهوم كلامه فإن مفهومه أن فاقد التنوين المذكور المسمى صرفًا غير منصرف وهذا يشمل نحو: مسلمات مع أنه منصرف فيكون مستثنى واستشكله سم بأن المنصرف هو الذي قام به الصرف وإذا كان حقيقة الصرف هو التنوين المذكور وهو غير قائم بجمع المؤنث السالم فكيف يكون منصرفًا. قال: وقد يجاب بأن المراد أن التنوين علامة الصرف لا نفسه والعلامة لا يجب انعكاسها ا. هـ. قال شيخ الإسلام زكريا: وظاهر كلامهم أن المتصف بالانصراف وعدمه إنما هو الاسم المعرب بالحركات وإلا فينبغي أن يستثنى أيضًا ما يعرب بالحروف إذ يصدق عليه أنه فاقد لتنوين الصرف, مع أنه في الواقع منصرف حيث لا مانع ا. هـ. قوله: "نحو: مسلمات" أراد جمع المؤنث السالم ومحل ذلك قبل التسمية به أما ما سمي به منه نحو: عرفات فإنه غير منصرف ولا كلام فيه. حفيد.
قوله: "إذ تنوينه للمقابلة" هذا مذهب الجمهور, وذهب بعضهم إلى أن تنوينه للصرف وإنما لم يحذف إذ سمي به؛ لأنه لو حذف لتبعه الجرّ في السقوط فينعكس إعراب جمع المؤنث السالم فيبقى لأجل الضرورة ا. هـ.
زكريا ويرده أنه خرج بالتسمية به عن كونه جمع مؤنث حقيقة فلا بعد في انعكاس إعرابه. قوله: "في اشتقاق المنصرف" المراد بالاشتقاق هنا الأخذ من(3/336)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
آخره التنوين وهو صوت، قال النابغة:
1025- له صَرِيفٌ صَرِيفُ القَعْوِ بالمَسَدِ
أي: صوت صوت البكرة بالحبل، وقيل من الانصراف في جهات الحركات. وقيل من الانصراف وهو الرجوع, فكأنه انصرف عن شبه الفعل. وقال في شرح الكافية: سمي منصرفًا لانقياده إلى ما يصرفه عن عدم تنوين إلى تنوين، وعن وجه من وجوه الإعراب إلى غيره ا. هـ. واعلم أن المعتبر من شبه الفعل في منع الصرف هو كون الاسم إما فيه فرعيتان مختلفتان مرجع إحداهما اللفظ ومرجع الأخرى المعنى، وإما فرعية تقوم مقام الفرعيتين؛ وذلك لأن في الفعل فرعية على الاسم في اللفظ وهي اشتقاقه من المصدر، وفرعية في
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المناسب في المعنى. قوله: "فقيل من الصريف إلخ" وقيل من الصرف وهو الفضل؛ لأنه له فضلًا على غير المنصرف. قوله: "من الانصراف" أي: الجريان وقوله في جهات الحركات لو حذف لفظ الحركات لكان أولى؛ لأنه بصدد المعنى اللغوي المأخوذ منه الاصطلاحي وابن إياز تنبه لذلك فحذفها ا. هـ. دنوشري. قوله: "فكأنه انصرف عن شبه الفعل" إنما قال كأنه؛ لأنه لم يكن أشبه الفعل حتى يرجع عن شبهه به حقيقة. قوله: "إلى ما يصرفه إلخ" كالتنكير فنحو: الرجل منصرف؛ لأنك تقول فيه رجل, قال شيخنا: والظاهر أن القول الأول والثالث مفرعان على أن الصرف هو التنوين وحده والثاني والرابع على أنه التنوين والجرّ. قوله: "وعن وجه من وجوه الإعراب" أي:
حركة من حركاته.
قوله: "أما فيه فرعيتان إلخ" إنما لم يقتنع في هذا الحكم بكون الاسم فرعًا من جهة واحدة؛ لأن المشابهة بالفرعية غير ظاهرة ولا قوية إذ الفرعية ليست من خصائص الفعل الظاهرة بل يحتاج في إثباتها إلى تكلف وكذا إثبات الفرعية في هذه الأسماء بسبب هذه العلل غير ظاهر فلم يكف واحدة منها إلا إذا قامت مقام اثنتين, وكان اعطاء الاسم حكم الفعل أولى من العكس مع أن الاسم إذا شابه الفعل فقد شابهه الفعل؛ لأن الاسم تطفل على الفعل فيما هو من خواص الفعل وإنما لم يبن الاسم بمشابهة الفعل فيما ذكر لضعفها إذ لم يشبه الفعل لفظًا مع ضعف الفعل في البناء ولم يعط بها عمل الفعل؛ لأنه لم يتضمن معنى الفعل الطالب للفاعل والمفعول ا. هـ يس. واعلم أن معنى فرعية الشيء كونه فرعًا عن غيره لكنها هنا تارة يراد منها الكون فرعًا وتارة يراد منها سبب الكون فرعًا وقد استعمل الشارح الأمرين فتنبه.
__________
1025- صدره:
مقذوفة بِدَخيسِ النَّحْضِ بازِلُها
والبيت من البسيط، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص16؛ وجمهرة اللغة ص578، 741، 944؛ والدرر 3/ 76؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 31؛ والكتاب 1/ 355؛ ولسان العرب 9/ 19 "صرف"، 277 "قذف"، 11/ 52 "بزل"، 15/ 191 "قعا"؛ وبلا نسبة في لسان العرب 6/ 77 "دخس"؛ ومجالس ثعلب ص320؛ وهمع الهوامع 1/ 193.(3/337)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المعنى وهي احتياجه إليه؛ لأنه يحتاج إلى فاعل والفاعل لا يكون إلا اسمًا، ولا يكمل شبه الاسم بالفعل بحيث يحمل عليه في الحكم إلا إذا كانت فيه الفرعيتان كما في الفعل، ومن ثم صرف من الأسماء ما جاء على الأصل كالمفرد الجامد النكرة كرجل وفرس؛ لأنه خف فاحتمل زيادة التنوين وألحق به ما فرعية اللفظ والمعنى فيه من جهة واحدة كدريهم، وما تعددت فرعيته من جهة اللفظ كأجيمال، أو من جهة المعنى كحائض وطامث؛ لأنه لم يصر بتلك الفرعية كامل الشبه بالفعل، ولم يصرف نحو: أحمد؛ لأن فيه فرعيتين مختلفتين مرجع إحداهما اللفظ وهي وزن الفعل ومرجع الأخرى المعنى
وهو التعريف، فلما كمل شبهه بالفعل ثقل الفعل فلم يدخله التنوين وكان في موضع الجر مفتوحًا. والعلل المانعة من الصرف تسع يجمعها قوله:
عدل ووصف وتأنيث ومعرفة ... وعجمة ثم جمع ثم تركيب
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وهي اشتقاقه من المصدر" وعلى القول بأن المصدر مشتق من الفعل تكون فرعية اللفظ التركيب في معناه كذا قال بعضهم وفيه تأمل؛ لأن التركيب جاء للفعل من حيث المعنى كما اعترف به, لا من حيث اللفظ على أن كثيرًا من الأسماء يدل على شيئين كضارب وأكرم ا. هـ. دنوشري. قوله: "احتياجه" أي: الفعل إليه أي: الاسم. قوله: "ولا يكمل إلخ" من تمام التعليل. قوله: "في الحكم" وهو منع التنوين الدال على الأمكنية. قوله: "ما جاء على الأصل" أي: عدم المشابهة. قوله: "ما فرعية اللفظ والمعنى فيه" أي:
ما الفرعية التي مرجعها اللفظ والفرعية التي مرجعها المعنى فيه إلخ. قوله: "كدريهم" فإن فرعية اللفظ فيه صيغة فعيعل فدريهم فرع من درهم وفرعية المعنى التحقير ا. هـ. يس أي: والتحقير فرع عن عدمه أي: وهاتان الفرعيتان من جهة واحدة وهي التصغير بمعنى أن كلا منهما نشأ عن التصغير الذي هو فعل الفاعل.
قوله: "كأجيمال" تصغير أجمال جمع جمل فإن فيه فرعيتين التصغير الذي هو فرع التكبير والجمع الذي هو فرع الإفراد وهما من جهة اللفظ. قوله: "كحائض وطامث" بمعنى حائض فإن فيهما فرعيتين التأنيث الذي هو فرع التذكير, والوصف الذي هو فرع الموصوف, وجهتهما المعنى كذا قال البعض تبعًا لزكريا. قال شيخنا: لكن فيه أنه سيأتي أن التأنيث من العلل الراجعة إلى اللفظ, والأحسن أن يقال لزوم التأنيث ا. هـ. وسيصرح هذا البعض في الكلام على قول المصنف: كذا مؤنث إلخ, بأن التأنيث مطلقًا من العلل اللفظية ووجهه أن المؤنث تأنيثًا معنويا مقدر فيه تاء التأنيث كما سيأتي. لا يقال هلا منع حينئذٍ صرف نحو: حائض للفرعيتين اللفظية والمعنوية؛ لأنا نقول سيأتي أنه لا عبرة بالتأنيث بالتاء مع الوصفية لصحة تجريد الوصف عنها بخلاف العلم. قوله: "ولم يصرف نحو: أحمد إلخ" عطف على قوله:
صرف من الأسماء ما جاء على الأصل إلخ.
قوله: "تسع" حصرها في التسع استقرائي. قوله: "عدل" أي: تقديري أو تحقيقي وقوله:(3/338)
فأَلِفَ التَّأْنِيثِ مُطْلَقًا مَنَعْ ... صَرْفَ الذي حَواهُ كَيْفَما وَقَعْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والنون زائدة من قبلها ألفٌ ... ووزنُ فعل وهذا القلول تقريبُ
المعنوية منها: العلمية والوصفية، وباقيها لفظي، فيمنع مع الوصف ثلاثة أشياء: العدل كمثنى وثلاث، ووزن الفعل كأحمر، وزيادة الألف والنون كسكران، ويمنع مع العلمية هذه الثلاثة: كعمر ويزيد ومروان، وأربعة أخرى وهي: العجمة كإبراهيم، والتأنيث كطلحة وزينب، والتركيب كمعد يكرب، وألف الإلحاق كأرطى، وسترى ذلك كله مفصلًا وجميع ما لا ينصرف اثنا عشر نوعًا: خمسة لا تنصرف في تعريف ولا تنكير، وسبعة لا تنصرف في التعريف وتنصرف في التنكير. ولما شرع في بيان الموانع بدأ بما يمنع في الحالتين؛ لأنه أمكن في المنع فقال: "فألف التأنيث مطلقًا منع صرف الذي حواه كيفما وقع" أي: ألف التأنيث مقصورة كانت أو ممدودة، وهو المراد بقوله: مطلقًا تمنع صرف ما هي فيه كيفما وقع، أي: سواء وقع نكرة كذكرى وصحراء، أم معرفة كرضوى وزكرياء، مفردًا كما مر، أو جمعًا كجرحى وأصدقاء، اسمًا كما مر، أم صفة كحبلى وحمراء. وإنما استقلت بالمنع؛ لأنها قائمة مقام شيئين؛ وذلك لأنها لازمة لما هي فيه، بخلاف التاء فإنها في الغالب مقدرة الانفصال، ففي المؤنث بالألف فرعية من جهة التأنيث وفرعية من جهة لزوم علامته،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وتأنيث أي: لفظي أو معنوي وقوله: ومعرفة أي: علمية وقوله: ثم تركيب أي: مزجي. وقوله: زائدة حال من النون, وقوله: من قبلها ألف أي: زائدة وقوله: وهذا القول تقريب أي؛ لأنه ليس فيه تعيين ما يستقل بالمنع وتعيين ما يمنع مع الوصفية ولا بيان الشروط المعتبرة في بعضها. قوله: "كعمرو يزيد ومروان" نشر على ترتيب اللف. قوله: "كأرطى" اسم شجر وألفه للإلحاق بجعفر. قوله: "وسبعة" وهي ما كانت إحدى علتيه العلمية. قوله: "فألف التأنيث" خرج غيرها كالألف الأصلية في نحو: مرمى وألف الإلحاق في نحو: أرطى وعلباء وألف التكثير في نحو: قبعثري نعم ألف الإلحاق المقصورة وألف التكثير يمنعان الصرف مع العلمية كما سيأتي. قوله: "مطلقًا" حال من الضمير في منع العائد على المبتدأ لا من المبتدأ؛ لأنه ممنوع عند الجمهور وإن جوزه سيبويه.
قوله: "كيفما" اسم شرط على مذهب الكوفيين من عده من أسماء الشروط ووقع فعل الشرط والجواب محذوف دل عليه قوله منع والتقدير كيفما وقع ألف التأنيث منع الصرف الذي حواه كذا في الفارضي وخالد، لكن مقتضى كلام الشارح أن ضمير وقع للاسم الذي حوى ألف التأنيث, وتقدير الجواب على هذا كيفما وقع امتنع صرفه أو نحو: ذلك ووقع في كلام البعض ما لا ينبغي. قوله: "كذكرى" مصدر ذكر وقوله: كرضوى بفتح الراء علم على جبل بالمدينة. قوله: "اسمًا كما مر" قد يقال إن جرحى وأصدقاء وصفان إلا أن يقال إنهما غلبت عليهما الاسمية. قوله: "لأنها لازمة لما هي فيه" هذا مسلم بالنسبة لألف التأنيث المقصورة دون الممدودة؛ لأنها على
تقدير الانفصال كالتاء كما سيذكره المصنف بقوله:
وألف التأنيث حيث مدا ... وتاؤه منفصلين عدا(3/339)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بخلاف المؤنث بالتاء. وإنما قلت في الغالب؛ لأن من المؤنث بالتاء ما لا ينفك عنها استعمالًا، ولو قدر انفكاكه عنها لوجد له نظير كهمزة فإن التاء ملازمة له استعمالًا ولو قدر انفكاكه عنها لكان همز كحطم لكن حطم مستعمل وهمز غير مستعمل. ومن المؤنث بالتاء ما لا ينفك عنها استعمالًا ولو قدر انفكاكه عنها لم يوجد له نظير كحِذْرِيةَ وعَرْقُوَةَ، فلو قدر سقوط تاء حذرية وتاء عرقوة لزم وجدان ما لا نظير له، إذ ليس في كلام العرب فعلى ولا فعلوه، إلا أن وجود التاء هكذا قليل فلا اعتداد به، بخلاف الألف فإنها لا تكون إلا هكذا, ولذلك عوملت خامسة في التصغير معاملة خامس أصلي، فقيل في قرقرى: قر يقر كما قيل في سفرجل سفيرج. وعوملت التاء معاملة عجز المركب فلم ينلها تغير التصغير كما لا ينال عجز المركب فقيل في زجاجة زجيجة.
فرعان: الأول إذا سميت بكلتا من قولك: قامت كلتا جاريتيك: منعت الصرف؛ لأن ألفها للتأنيث وإن سميت بها من قولك رأيت كلتيهما أو كلتي المرأتين في لغة كنانة صرفت؛ لأن ألفها حنيئذ منقلبة فليست للتأنيث. الثاني إذا رخمت حبلوى على لغة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فتأمل. قوله: "ففي المؤنث بالألف إلخ" أي: ففيه في الحقيقة فرعيتان: إحداهما من جهة اللفظ وهي الأولى والثانية من جهة المعنى وهي الثانية. قوله: " كحذرية" بكسر الحاء المهملة وسكون الذال المعجمة وكسر الراء بعدها
تحتية وهي القطعة الغليظة من الأرض كما في القاموس. قوله: "وعرقوة" بفتح العين المهملة وسكون الراء وضم القاف إحدى الخشبتين المعترضتين على الدلو كالصليب وهما عرقوتان قاله الجوهري. قوله: "هكذا" أي: لازمة وكذا الآتي. قوله: "في التصغير" متعلق بعوملت. قوله: "معاملة خامس أصلي" أي: فنالها تغيير التصغير حيث حذفت لمراعاة حصول صيغة فعيعل, ويدل على أن ذلك مقصوده مقابلته بما ذكره بعده من حكم التاء سم.
قوله: "زجيجة" بتشديد الياء؛ لأن زجاجة رباعي وتصغير الرباعي يكون على فعيل كما يأتي.
قوله: "إذا سميت بكلتا" قال الإسقاطي: يريد كلتا المرفوعة ا. هـ. قال شيخنا: ولعله أخذ هذا القيد من قول الشارح من قولك: قامت إلخ لكن فيه أن التعليل يقتضي أن المراد كلتا بالألف سواء المرفوعة كما في مثاله أو المنصوبة كما في رأيت كلتا جاريتيك على اللغة الفصحى ا. هـ. أي: أو المجرورة كما في مررت بكلتا جاريتيك على اللغة الفصحى أيضًا, وهذا هو المتجه وبه جزم البعض وإنما اقتضى التعليل ذلك؛ لأنه يقتضي أن المدار على كون الألف للتأنيث. قوله: "وإن سميت بها من قولك إلخ" قال الإسقاطي: يريد كلتا المنصوبة بالياء ا. هـ. قال شيخنا: وفيه أن التعليل يقتضي أن المجرورة مثلها ا. هـ. أي: لأنه يقتضي أن المدار على كون الألف منقلبة عن الياء.
قوله: "في لغة كنانة" أي: الذين يعاملون كلا وكلتا معاملة المثنى وإن أضيفا إلى ظاهر(3/340)
وزائِدا فَعْلانَ في وَصْف سَلِمْ ... من أنْ يُرَى بِتاء تأنيثٍ خُتِمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الاستقلال عند من أجازه فقلت: يا حبلى ثم سميت به صرفت لما ذكرت في كلتا "وزائدا فعلان" رفع بالعطف على الضمير في منع أي: ومنع صرف الاسم أيضًا زائدًا فعلان وهما الألف والنون "في وصف سلم من أن يرى بتاء تأنيث ختم" إما؛ لأن مؤنثه فعلى كسكران وغضبان وندمان من الندم، وهذا متفق على منع صرفه. وإما؛ لأنه لا مؤنث له نحو: لحيان لكبير اللحية، وهذا فيه خلاف والصحيح منع صرفه أيضًا؛ لأنه وإن لم يكن له
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فقوله: في لغة كنانة راجع لقوله: أو كلتي المرأتين فقط. قوله: "عند من أجازه" تقدم أن الراجح منع ترخيمه على لغة الاستقلال لما يلزم عليه من عدم النظير إذ ليس لهم فعلى ألفه منقلبة. قوله: "فقلت يا حبلى" أي: بحذف ياء النسب للترخيم, ثم قلب الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها. قوله: "لما ذكرت في كلتا" أي: من أن الألف منقلبة فليست للتأنيث لكن انقلابها هنا عن واو وثم عن ياء. قوله: "فعلان" مضاف إليه ممنوع الصرف للعلمية على الوزن وزيادة الألف والنون ا. هـ. خالد وفعلان بفتح الفاء فخرج غيره كخمصان كما يأتي, وفي حاشية الجامي للعصام الألف والنون في الصفة لا تكون على فعلان بكسر الفاء وبضم الفاء لا تكون إلا مع فعلانة بخلاف الألف والنون في الاسم فإنه يكون على الأوزان الثلاثة. قوله: "بالعطف على الضمير في منع" وجاز العطف عليه لوجود الفصل بالمفعول ويحتمل أن يكون مبتدأ والخبر محذوف لدلالة ما تقدم عليه أي: وزائدًا فعلان كذلك في منع الصرف.
قوله: "أي: ومنع صرف الاسم" هكذا فيما رأيناه من النسخ وكأن النسخة التي وقعت للبعض فيها ويمنع بصيغة المضارع فاعترض بأن المناسب لعبارة المصنف السابقة أن يقول هنا, وفيما يأتي ومنع بصيغة الماضي نعم عبر الشارح فيما يأتي بالمضارع, فالاعتراض عليه فيما يأتي في محل. قوله: "في وصف" حال من زائدًا. قوله: "سلم إلخ" شرط فيه في الغمدة وشرحها شرطًا ثانيًا وهو أصالة الوصفية, ويمكن أن يرجع قول المصنف الآتي وألغين عارض الوصفية إلى هذا أيضًا فيفيد هذا الشرط ولا ينافي رجوعه إلى هذا ما فرعه بقوله: فالأدهم إلخ؛ لأن تفريع بعض الأمثلة والأوزان الخاصة لا يقتضي التخصيص ا. هـ. سم والاحتراز بهذا الشرط عما عرضت فيه الوصفية نحو: مررت برجل صفوان قلبه أي: قاس.
قوله: "من أن يرى" إما علمية فجملة بتاء تأنيث ختم مفعول ثان أو بصرية فهي حال بناء على مذهب الناظم من جواز وقوع الماضي حالًا خاليًا من قد كما في قوله تعالى: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} .
قوله: "وندمان من الندم" وأما ندمان من المنادمة فمصروف؛ لأن مؤنثه ندمانة كما يأتي. قوله: "وهذا متفق على منع صرفه" أي: بين النحاة على غير لغة بني أسد وليس المراد متفق عليه بين العرب حتى يرد اعتراض شيخنا والبعض بأنه ينافي ما سيأتي في الشارح من أن بني أسد تصرف كل ما كان على فعلان لالتزامهم في مؤنثه فعلانة بالتاء فاحفظ ذلك. قوله: "نحو: لحيان" أي: كرحمن. قوله: "وهذا فيه خلاف" فمن لم يشترط لمنع صرف فعلان إلا انتفاء(3/341)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فعلى وجودًا فله فعلى تقديرًا؛ لأنا لو فرضنا له مؤنثًا لكان فعلى أولى به من فعلانة؛ لأن باب فعلان فعلى أوسع من باب فعلان فعلانة، والتقدير في حكم الوجود بدليل الإجماع على منع صرف أكمر وآدر مع أنه لا مؤنث له، ولو فرض له مؤنث لأمكن أن يكون كمؤنث أرمل, وأن يكون كمؤنث أحمر، لكن حمله على أحمر أولى لكثرة نظائره. واحترز من فعلان الذي مؤنثه فعلانة فإن مصروف نحو: ندمان من المنادمة وندمانة وسيفان وسيفانة. وقد جمع المصنف ما جاء على فعلان ومؤنثه فعلانة في قوله:
أَجِزْ فَعْلَى لِفَعْلانا ... إذا اسْتَثنَيتَ حَبلانا
ودَخْنانا وسَخْنانا ... وسَيفانا وصَحْيانا
وصَوجانا وعَلّانا ... وقَشْوانا ومَصّانا
ومَوتانا ونَدْمانا ... وأَتْبعهُنّ نَصْرانا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فعلانة منعه من الصرف وهو ما مشى عليه في النظم, ومن اشترط وجود فعلى تحقيقًا صرفه. قوله: "والصحيح منع صرفه" يخالف قول أبي حيان إن الصحيح فيه صرفه؛ لأنا جهلنا النقل فيه عن العرب والأصل في الاسم الصرف فوجب العمل به ا. هـ. فهذه المسألة مما تعارض فيها الأصل والغالب فتنبه. قوله: "أكمر" لعظيم الكمرة بفتح الميم وهي الحشفة وآدر بالمد لكبير الأنثيين.
قوله: "كمؤنث أرمل" وهو أرملة والأرمل الفقير. قوله: "ندمان من المنادمة" وهو الموافق للشارب في فعله واحترز بقوله: من المنادمة عن ندمان من الندم, فإن مؤنثه ندمى وفعله ندم وفعل الأول نادم. قوله: "أجز" المراد بالجواز ما قابل الامتناع فيصدق بالوجوب فلا يرد أن ما عدا الألفاظ المستثناة يجب
في مؤنثها فعلى, أو يقال عبر بأجز دون أوجب نظرًا للغة بني أسد الآتية. وهذه الأبيات التي للمصنف بقطع النظر عن تذييل المرادي يحتمل أن تكون من الوافر المجزوّ وأن تكون من الهزج, لكن التذييل يعين الأول لتعين كونه من الأول؛ لأن قوله فيه على لغة بوزن مفاعلتن لا بوزن مفاعلين هذا، وقد نظم الألفاظ الاثني عشر التي في نظم المصنف الشارح الأندلسي مع زيادة تفسيرها فقال:
كل فعلان فهو أنثاه فعلى ... غير وصف النديم بالندمان
ولذي البطن جاء حبلان أيضًا ... ثم دخنان للكثير الدخان
ثم سيفان للطويل وصوجا ... ن لذي قوّة على الحملان
ثم صحيان إن حوى اليوم صحوًا ... ثم سخنان وهو سخن الزمان
ثم موتان للضعيف فؤادًا ... ثم علان وهو ذو النسيان
ثم قشوان للذي قل لحمًا ... ثم نصران جاء في النصراني
ثم مصان في اللئيم وفي لحـ ... ـيان رحمن يفقد النوعان(3/342)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
واستدرك عليه لفظان وهما خمصان لغة في خمصان وأليان في كبش أليان أي: كبير الألية فذيل الشارح المرادي أبياته بقوله:
وزِدْ فيهنَّ خَمْصانا ... على لُغَةٍ وأليانا
فالحبلان الكبير البطن وقيل الممتلئ غيظًا. والدخنان اليوم المظلم. والسخنان اليوم الحار. والسيفان الرجل الطويل. والصحيان اليوم الذي لا غيم فيه. والصوجان البعير اليابس الظهر. والعلان الكثير النسيان. وقيل الرجل الحقير. والقشوان الرقيق الساقين. والمصان اللئيم. والموتان البليد الميت القلب. والندمان المنادم. أما ندمان من الندم فغير مصروف إذ مؤنثه ندمى وقد مر. والنصران واحد النصارى.
تنبيهات: الأول إنما منع نحو: سكران من الصرف لتحقق الفرعيتين فيه: أما فرعية المعنى؛ فلأن فيه الوصفية وهي فرع عن الجمود؛ لأن الصفة تحتاج إلى موصوف ينسب معناها إليه والجامد لا يحتاج إلى ذلك. وأما فرعية اللفظ؛ فلأن فيه الزيادتين المضارعتين لألفي النأنيث في نحو: حمراء في أنهما في بناء يخص المذكر, كما أن ألفي حمراء في
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ونظمت ما زاده المرادي مع التفسير في بيت ينبغي وضعه قبل البيت الأخير فقلت:
ولذي ألية كبيرة اليا ... ن وخمصان جاء في الخمصان
قوله: "واستدرك" أي: زيد وقوله: فذيل الشارح أبياته بقوله, أي: جعل قوله المذكور ذيلًا لأبيات المصنف. قوله: "خمصان" يقال رجل خمصان البطن وخميصه أي: ضامره. قوله: "والصوجان البعير اليابس الظهر" في القاموس في فصل الصاد المهملة في باب الجيم الصوجان كل يابس الصلب من الدواب والناس ونخلة صوجانة يابسة ا. هـ. وقال في فصل الضاد المعجمة من باب الجيم: الضوجان الصوجان ا. هـ. فعلم أنه بالصاد المهملة والضاد المعجمة وبالجيم وعلم ما في كلام شيخنا والبعض من القصور. قوله: "والعلان" أي: بعين مهملة كما في القاموس. قوله: "وقيل الرجل الحقير" وفي القاموس امرأة علانة جاهلة وهو علان. قوله: "والقشوان" بقاف وشين معجمة. قوله: "الرقيق الساقين" الذي في خط الشارح الدقيق بالدال وفي القاموس القشوان الدقيق الضعيف وهي بهاء ا. هـ. قوله: "والمصان" بالصاد المهملة كما في القاموس. قوله: "والجامد لا يحتاج إلى ذلك" أي: وما يحتاج فرع عما لا يحتاج.
قوله: "المضارعتين لألفي التأنيث في نحو: حمراء" بناه على أن الهمزة تسمى ألفًا وهو صحيح وعلى أنها مع الألف قبلها للتأنيث ولا نظير له إذ ليس لنا علامة تأنيث بحرفين, والمنقول عن سيبويه وغيره أن الهمزة بدل من ألف التأنيث, وأن الأصل حمرى بوزن سكرى, فلما قصدوا مده زادوا قبلها ألفًا أخرى والجمع بينهما محال وحذف إحداهما يناقض الغرض المطلوب, إذ لو حذفوا الأولى لفات المد أو الثانية لفاتت الدلالة على التأنيث, وقلب الأولى مخل بالمد فقلبوا(3/343)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بناء يخص المؤنث، وأنهما لا تلحقهما التاء فلا يقال: سكرانة كما لا يقال: حمراءة مع أن الأول من كل من الزيادتين ألف. والثاني حرف يعبر به عن المتكلم في أفعل ونفعل فلما اجتمع في نحو: سكران المذكور الفرعيتان امتنع من الصرف. وإنما لم تكن الوصفية فيه وحدها مانعة من أن في الصفة فرعية في المعنى كما سبق وفرعية في اللفظ وهي الاشتقاق من المصدر لضعف فرعية اللفظ في الصفة؛ لأنها كالمصدر في البقاء على الاسمية والتنكير، ولم يخرجها الاشتقاق إلى أكثر من نسبة معنى الحدث فيها إلى الموصوف والمصدر بالجملة صالح لذلك كما في رجل عدل ودرهم ضرب الأمير، فلم يكن اشتقاقها من المصدر مبعدًا لها عن معناه، فكان كالمفقود فلم يؤثر، ومن ثم كان نحو: عالم وشريف مصروفًا مع تحقق ذلك فيه، وكذا إنما صرف نحو: ندمان مع وجود الفرعيتين لضعف فرعية اللفظ فيه من جهة أن الزيادة فيه لا تخص المذكر وتلحقه التاء في المؤنث نحو: ندمانة فأشبهت الزيادة فيه بعض الأصول في لزومها في حالتي التذكير والتأنيث وقبول علامته، فلم يعتد بها. ويشهد لذلك أن قومًا من العرب وهم بنو أسد يصرفون كل صفة على فعلان؛ لأنهم يؤنثونه بالتاء, ويستغنون فيه بفعلانة عن فعلى، فيقولون: سكرانة وغضبانة وعطشانة، فلم تكن الزيادة عندهم شبيهة بألفي حمراء فلم تمنع من الصرف. الثاني فهم من قوله: زائدًا فعلان أنهما لا يمنعان في غيره من الأوزان كفعلان بضم الفاء
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الثانية همزة وقيل: إن الأولى للتأنيث والثانية مزيدة للفرق بين مؤنث أفعل ومؤنث فعلان ورد بأنه يفضي إلى وقوع علامة التأنيث حشوًا ا. هـ. زكريا ويمكن دفع الاعتراض بجعل الإضافة في قوله: لألفي التأنيث بالنسبة إلى الألف الأولى لأدنى ملابسة. قوله: "والثاني" أي: من كل منهما وذلك الثاني هو الهمزة في نحو: حمراء والنون في نحو: سكران. قوله: "كما سبق" أي: من أن الصفة فرع الجامد.
قوله: "والمصدر بالجملة صالح لذلك" أي: لما ذكر من نسبة الحدث إلى الموصوف إذا وقع نعتًا أم حالًا أو خبرًا وإنما قال بالجملة؛ لأن المصدر لا يصلح لذلك إلا بالتأويل. قوله: "عن معناه" أي: المصدر وقوله: فكان أي: اشتقاق الصفة. قوله: "ومن ثم" أي: من أجل كون الاشتقاق فيما ذكر غير مؤثر لضعفه المتقدم بيانه كان نحو: إلخ. قوله: "مع تحقق ذلك" أي: ما ذكر من فرعية اللفظ وفرعية المعنى. قوله: "إنما صرف نحو: ندمان" بمعنى المنادم. قوله: "لا تخص المذكر" لوجودها مع المؤنث كندمانة. قوله: "في لزومها إلخ" فيه نشر على ترتيب اللف؛ لأن اللزوم راجع إلى قوله: لا تخص المذكر وقبول علامة التأنيث راجع إلى قوله: وتلحقه التاء في المؤنث. قوله: "ويشهد لذلك" أي: لكون صرف نحو: ندمان لضعف فرعية اللفظ فيه من الجهة المتقدمة وهذا أوضح مما ذكره شيخنا والبعض. قوله: "فلم تكن الزيادة عندهم شبيهة بألفي حمراء" أي: في الاختصاص بواحد من المذكر والمؤنث وفي عدم لحوق التاء.(3/344)
وَوَصْفٌ أصْلِيٌّ ووزْنُ أَفْعَلا ... ممنوع تأنيثٍ بتا كأَشْهَلا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
نحو: خمصان لعدم شبههما في غيره بألفي التأنيث. الثالث ما تقدم من أن المنع بزائدي فعلان لشبههما بألفي التأنيث في نحو: حمراء هو مذهب سيبويه، وزعم المبرد أنه امتنع لكون النون بعد الألف مبدلة من ألف التأنيث.
ومذهب الكوفيين أنهما منعا لكونهما زائدتين لا يقبلان الهاء لا للتشبيه بألفي
التأنيث "ووصف أصلي ووزن أفعلا ممنوع" بالنصب على الحال من وزن أفعلا أي: حال كونه ممنوع "تأنيث بتاء كأشهلا" أي: ويمنع الصرف أيضًا اجتماع الوصف الأصلي ووزن أفعل بشرط أن لا يقبل التأنيث بالتاء: إما؛ لأن مؤنثه فعلاء كأشهل، أو فعلى كأفضل؛ أو لأنه لا مؤنث له كأكمر وآدر، فهذه الثلاة ممنوعة من الصرف للوصف الأصلي ووزن أفعل، فإن وزن الفعل به أولى؛ لأن في أوله
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "لشبههما بألفي التأنيث" إن قلت: هلا أكتفي في المنع بزيادتهما كألفي التأنيث قلت: المشبه لا يعطي حكم المشبه به من كل وجه, وقال في المغني: إنما شرطت العلمية أو الوصفية؛ لأن الشبه بألفي التأنيث إنما يتقوم بإحداهما ا. هـ. أي: لا يتحقق في الواقع إلا في علم أو صفة. قوله: "امتنع" أي: فعلان لكون النون بعد الألف مبدلة من ألف التأنيث, فكما لا ينصرف حمراء لا ينصرف سكران واستدل على الإبدال بقولهم: بهراني وصنعاني في النسب إلى بهراء وصنعاء. وأجيب بأن النون بدل من الواو والأصل بهراوي وصنعاوي وأيضًا المذكر سابق عن المؤنث لا العكس. قوله: "لكونهما زائدتين إلخ" إن أرادوا مطلق الزيادة ورد عليهم عفريت وإن أرادوا خصوص الألف والنون سألناهم عن علة الخصوصية فلا يجدون معدلًا عن التعليل بأنهما لا يقبلان الهاء فيرجعون إلى ما اعتبره البصريون كذا في المغني. لا يقال هلا اكتفى في علة المنع بالزيادة كما اكتفى بألف التأنيث؛ لأنا نقول المشبه به من كل وجه على أن في المغني أن تعليل منع صرف نحو: سكران بالوصفية والزيادة اشتهر بين المعربين مع أنه مذهب الكوفيين, أما البصريون فمذهبهم أن المانع الزيادة المشبهة لألفي التأنيث؛ ولهذا قال الجرجاني: ينبغي أن تعد موانع الصرف ثمانية لا تسعة.
قوله: "لا للتشبيه بألفي التأنيث" أي: وإن استلزم كونهما زائدتين لا يقبلان الهاء شبههما بألفي التأنيث في الزيادة وعدم قبول الهاء إذ فرق بين اعتبار الشيء وحصوله بدون اعتبار؛ ولهذا عبر صاحب الهمع في علة منعهما عند الكوفيين بقوله: كونهما زائدتين لا يقبلان الهاء من غير ملاحظة الشبه بألفي التأنيث ا. هـ. قوله: "ووصف" معطوف على الضمير في منع أو مبتدأ خبره محذوف على وزان ما مر في زائدًا, وقول خالد: إنه معطوف على زائدًا لا يجري على الصحيح من أن المعطوفات بحرف غير مرتب على الأول. قوله: "على الحال من وزن" وقال خالد: من أفعل قال الفارضي: لأنه علم على اللفظ ا. هـ. وشرط مجيء الحال من المضاف إليه موجود لصحة الاستغناء عن المضاف بأن يقال ووصف أصلي وأفعل أي: هذا الوزن. قوله: "كأشهلا" الشهلة في العين أن يشوب سوادها زرقة.
قوله: "فإن وزن الفعل به أولى" علة لما يفيده سابقه من مدخلية وزن أفعل في منع(3/345)
وأَلغِينَّ عارِضَ الوَصْفِيَّه ... كأَرْبَعٍ وعارِضَ الاسْمِيَّه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
زيادة تدل على معنى في الفعل دون الاسم، فكان ذلك أصلًا في الفعل؛ لأن ما زيادته لمعنى أصل لما زيادته لغير معنى، فإن أنث بالتاء انصرف نحو: أرمل بمعنى فقير، فإن مؤنثه أرملة لضعف شبهه بلفظ المضارع؛ لأن تاء التأنيث لا تلحقه، وأجاز الأخفش منعه لجريه مجرى أحمر؛ لأنه صفة وعلى وزنه. نعم قولهم عام أرمل غير مصروف؛ لأن يعقوب حكى فيه سنة رملاء، واحترز بالأصلي عن العارض فإنه لا يتعد به كما سيأتي.
تنبيهان: الأول مثل الشارح لما تلحقه التاء بأرمل وأباتر وهو القاطع رحمه، وأدابر وهو الذي لا يقبل نصحًا فإن مؤنثها أرملة وأباترة وأدابرة: أما أرمل فواضح، وأما أباتر وأدابر فلا يحتاج هنا إلى ذكرهما إذ لم يدخلا في كلام الناظم، فإن علق على المنع على وزن أفعل، وإنما ذكرهما في شرح الكافية؛ لأنه علق المنع على وزن أصلي في الفعل أي: الفعل به أولى، ولم يخصه بأفعل. ولفظه فيها:
ووصفٌ أصليٌّ ووَزْنٌ أُصِّلا ... في الفعْلِ تا أُنْثى بِهِ لن تُوصَلا
ولهذا احترز أيضًا من يعمل ومؤنثه يعملة وهو الجمل السريع. الثاني الأولى تعليق الحكم على وزن الفعل الذي هو به أولى لا على وزن أفعل ولا الفعل مجردًا ليشمل نحو: أحيمر وأفيضل من المصغر فإنه لا ينصرف لكونه على الوزن المذكور نحو: أبيطر. ولا يرد نحو: بطل وجدل وندس فإن كل واحد منها وإن كان أصلًا في الوصفية وعلى وزن فعل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
صرف الوصف المذكور لكن لو حذف لفظ وزن لكان أوضح, وأما قول البعض علة لمحذوف تقديره وإنما نسب هذا الوزن للفعل؛ لأن إلخ ففيه أنه لم يتقدم منه نسبة هذا الوزن إلى الفعل حتى يقال وإنما نسب إلخ, وفي بعض النسخ فإنه وزن الفعل به أولى وهو أوضح فتأمل. قوله: "لأن في أوله" اعترضه شيخنا والبعض فإن فيه ظرفية الشيء في نفسه فكان الأولى إسقاط في, ويمكن دفعه بأن المراد بالأول ما قابل الآخر فيكون من ظرفية الجزء في الكل. قوله: "على معنى في الفعل" وهو التكلم. قوله: "فكان ذلك" أي: وزن أفعل. قوله: "فإن أنث بالتاء إلخ" محترز قوله: ممنوع تأنيث بتا. قوله: "لضعف إلخ" علة لانصرف. قوله: "لأن تاء التأنيث" أي: المتحركة بحركة إعرابية فلا يرد المتحركة بحركة بنية في نحو: هند تقوم.
قوله: "وأجاز الأخفش منعه" أي: نحو: أرمل. قوله: "نعم إلخ" استدراك على قوله نحو: أرمل. قوله: "عام أرمل" أي: قليل المطر والنفع كما في القاموس وحينئذٍ قد يقال الكلام في أرمل بمعنى فقير إلا أن يجاب بأن تقارب المعنيين كاتحادهما فتأمل. قوله: "وأباتر" من البتر وهو القطع وأدابر من الإدبار ضد الإقبال. قوله: "من يعمل" بوزن يفرح الجمل النجيب المطبوع ويقال للناقة النجيبة المطبوعة يعملة كما في القاموس. قوله: "الذي هو" أي: الفعل به أي: الوزن. قوله: "لكونه على الوزن المذكور" أي: الذي الفعل به أولى وإن لم يكن في حال التصغير على وزن أفعل. قوله: "أبيطر"(3/346)
فالأَدْهَمُ القَيْدُ لكونِهِ وُضِعْ ... في الأَصْلِ وَصْفًا انصرافُهُ مُنِعْ
وَأَجْدَلٌ وأَخْيَلٌ وأَفْعَى ... مصروفَةٌ وقد يَنَلنَ المَنَْعا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لكنه وزن مشترك فيه ليس الفعل أولى به من الاسم فلا اعتداد به ا. هـ "وألغين عارض الوصفية كأربع" في نحو: مررت بنسوة أربع فإنه اسم من أسماء العدد, لكن العرب وصفت به فهو منصرف نظرًا للأصل، ولا نظر لما عرض له من الوصفية، وأيضًا فهو يقبل التاء فهو أحق بالصرف من أرمل؛ لأن فيه مع قبول التاء كونه عارض الوصفية، وكذلك أرنب من قولهم: رجل أرنب أي: ذليل فإنه منصرف لعروض الوصفية إذ أصله الأرنب المعروف "وعارض الإسمية" أي: وألغ عارض الاسمية على الوصف، فتكون الكلمة باقية على منع الصرف للوصف الأصلي، ولا ينظر إلى ما عرض لها من الاسمية "فالأدهم القيد لكونه وضع في الأصل وصفًا انصرافه منع" نظرًا إلى الأصل وطرحًا لما عرض من الاسمية.
تنبيه: مثل أدهم في ذلك أسود للحية العظيمة، وأرقم لحية فيها نقط كالرقم نظرًا إلى الأصل وطرحًا لما عرض من الاسمية "وأجدل" للصقر "وأخيل" لطائر ذي نقط كالخيلان يقال له الشقراق "وأفعى" للحية "مصروفة"؛ لأنها أسماء مجردة عن الوصفية في أصل الوضع
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مضارع بيطر إذا عالج الدواب. قاموس. قوله: "وجدل" بفتح الدال وتكسر الصلب الشديد وندس كعضد وكتف السريع الاستماع لصوت خفي والفهم كذا في القاموس. قوله: "وألغينّ عارض الوصفيه" هذا تصريح بمفهوم قوله: أصلي ا. هـ. مرادي وإضافة عارض الوصفية من إضافة الصفة للموصوف, أو بمعنى من ومثلها إضافة عارض الاسمية.
قوله: "وصفت به" أي: في قولهم مررت بنسوة أربع. قوله: "كونه عارض الوصفية" بخلاف أرمل بمعنى فقير فإنه متأصل الوصفية. قوله: "وكذلك أرنب" انظر هل تلحقه تاء التأنيث أولًا, وقد يؤخذ الثاني من اقتصاره في علة
انصرافه على عروض الوصفية فحرره. قوله: "فالأدهم" إلى آخره البيت تفريع على قوله: وعارض الاسمية, وما قاله البعض غير مستقيم. قوله: "القيد" عطف بيان على الأدهم من تفسير الأخفى بالأجلى كما تقول البرّ القمح والعقار الخمر سندوبي. قوله: "وأرقم" مثله أبطح وهو مسيل واسع فيه دقاق الحصى وأجرع, وهو المكان المستوي وأبرق وهو أرض خشنة فيها حجارة ورمل وطين مختلطة. وذكر سيبويه أن العرب لم تختلف في منع صرف هذه الستة أعني أدهم وأسود وأرقم وأبطح وأجرع وأبرق ا. هـ. مرادي ويخالفه ما سيأتي في الشرح من أن بعض العرب يصرف الثلاثة الأخيرة.
قوله: "كالخيلان" بكسر الخاء المعجمة وسكون الياء جمع خال وهو النقطة المخالفة لبقية البدن خالد. قوله: "الشقراق" فيه لغات ذكرها في القاموس منها الشقراق كقرطاس والشرقرق كسفرجل, قال: وهو طائر معروف مرقط بخضرة وحمرة وبياض ويكون بأرض الحرم. قوله: "لأنها أسماء مجردة عن الوصفية في أصل الوضع" أي: وفي الحال وإنما اقتصر الشارح على نفي وصفيتها في الأصل؛ لأنه المعتبر فهي أسماء في الأصل والحال كما في التوضيح. قال(3/347)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ولا أثر لما يلمح في أجدل من الجدل وهو الشدة، ولا في أخيل من الخيول وهو كثرة الخيلان، ولا في أفعى من الإيذاء لعروضه عليهن "وقد ينلن المنعا" من الصرف لذلك وهو في أفعى أبعد منه في أجدل وأخيل؛ لأنهما من الجدل ومن الخيول كما مر. وأما أفعى فلا مادة لها في الاشتقاق لكن ذكرها يقارنه تصور إيذائها فأشبهت المشتق وجرت مجراه على هذه اللغة. ومما استعمل فيه أجدل وأخيل غير مصروفين قوله:
1026- كَأَنَّ العُقَيلِيِّينَ يَومَ لَقِيتُهُمْ ... فِراخُ القَطا لاقَينَ أجْدَلَ بازِيا
وقول الآخر:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
شيخنا وتبعه البعض: وبهذا فارقت نحو: أربع فإن أربع اسم في الأصل وصف في الحال وهذه أسماء لم تعرض لها الوصفية, ولكن يتخيل فيها الوصفية وكان
منع صرف أربع أحق من منع صرفها, إلا أنه لم يرد فيه وورد فيها فقبل ا. هـ. وعلى هذا يكون قول المصنف: وأجدل إلخ كلامًا مستقلًا لا مفرعًا على قوله:
وألغينّ عارض الوصفية
لأن هذه الأسماء لم تعرض لها الوصفية غاية الأمر أن الوصفية تتخيل فيها فالعارض لها تخيل الوصفية لا نفس الوصفية, إذ لا يلزم من تخيل شيء تحققه, وحينئذٍ كان الأولى للشارح في تعليل صرفها أن يقول: بدل قوله لعروضه
أي: لمح الوصفية عليهنّ لتجردها عن الوصفية رأسًا, وإن تخليت فيها ما مر عن شيخنا والبعض من توجيه عدم منع صرف أربع مع أنها أحق بالمنع من نحو: أجدل لا يصح توجيهًا بل هو تقرير للسؤال فتأمل. قوله: "لما يلمح" عبارة الفارضي وغيره لما يتخيل. قوله: "من الجدل" بسكون الدال. قوله:
"وقد ينلن" أي: يعطين. قوله: "لذلك" أي: للوصفية الملموحة المنضمة إلى وزن أفعل فيكون أجدل بمعنى شديد وأخيل بمعنى متلوّن وأفعى بمعنى مؤذ كل ذلك على سبيل التخيل. قوله: "فلا مادة لها في الاشتقاق" أي: ليس لها مادة يتأتى اشتقاقها منها, وقيل من فوعان السمّ أي: حرارته فأصل أفعى فدخله القلب المكاني, ثم قلبت الواو ألفًا وقيل من فعوة السمّ أي: شدته وعليه فلا قلب مكانيا.
قوله: "كأن العقيليين" بضم العين وقوله: لاقين بنون الإناث أي: فراخ القطا وقوله: أجدل أي: صقرًا وبازيًا صفته من بزي عليه إذا تطاول عليه ويجوز أن يريد بالبازي الطير المشهور ويكون عطفًا على أجدل بحذف العاطف للضرورة, قاله العيني وزكريا. قوله: "ذريني" أي: دعيني والواو بمعنى مع والشيمة الطبيعة والأخيل الشقراق, والعرب تتشاءم به يقال هو أشأم من أخيل قاله العيني
__________
1026- البيت من الطويل، وهو للقطامي في ديوانه ص182؛ وشرح التصريح 2/ 214؛ والمقاصد النحوية 4/ 346؛ ولجعفر بن علبة الحارثي في المؤتلف والمختلف ص19؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 119؛ وجمهرة اللغة ص800؛ وشرح شواهد الإيضاح ص393؛ ولسان العرب 11/ 104.(3/348)
ومَنْعُ عدْلٍ مَعَ وصْفٍ مُعْتَبَرْ ... في لفظ مَثْنَى وثُلاثَ وأُخَرْ
__________
1027- ذَرِيني وعلمي بالأمُورِ وشِيمَتي ... فما طائري يومًا عَلَيكِ بأخْيَلا
وكما شذ الاعتداد بعروض الوصفية في أجدل وأخيل وأفعى, كذلك شذ الاعتداد بعروض الاسمية في أبطح وأجرع وأبرق فصرفها بعض العرب، واللغة المشهورة منعها من الصرف؛ لأنها صفات استغنى بها عن ذكر الموصوفات فيستصحب منع صرفها كما استصحب صرف أرنب وأكلب حين أجرى مجرى الصفات، إلا أن الصرف لكونه الأصل ربما رجع إليه بسبب ضعيف بخلاف منع الصرف فإنه خروج عن الأصل فلا يصار إليه إلا بسبب قوي "ومنع عدل مع وصف معتبر في لفظ مثنى وثلاث وأخر" منع مبتدأ وهو مصدر مضاف إلى فاعله وهو عدل، والمفعول محذوف وهو الصرف ومعتبر خبره، وفي لفظ متعلق به: أي: مما يمنع الصرف اجتماع العدل والوصف وذلك في موضعين: أحدهما المعدول في العدد إلى مفعل نحو: مثنى أو فعال نحو: ثلاث والثاني في أخر المقابل لآخرين. أما المعدول في العدد
فالمانع له عند سيبويه والجمهور العدل والوصف: فأحاد
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وزكريا. قوله: "بعروض الوصفية إلخ" أي: بعروض تخيل الوصفية ليوافق ما قدمناه فتفطن. قوله: "وأكلب" مقتضى سياقه أنه اسم جنس جامد لكن قد يوصف به عروضًا لا أصالة مثل: أرنب ولم أقف على الجنس المسمى به بعد مراجعة القاموس وغيره فانظره. قوله: "إلا أن الصرف إلخ" يعني أن صرف نحو: أبطح ومنع صرف نحو: أجدل وإن كانا شاذين لكن شذوذ صرف نحو: أبطح أخف من شذوذ منع صرف نحو: أجدل.
قوله: "ومنع عدل" العدل إخراج الكلمة عن صيغتها الأصلية لغير قلب, أو تخفيف أو إلحاق أو معنى زائد فخرج نحو: أيس مقلوب يئس وفخذ بإسكان الخاء مخفف فخذ بكسرها وكوثر بزيادة الواو إلحاقًا له بجعفر ورجيل بالتصغير لزيادة معنى التحقير, وفائدته تخفيف اللفظ وتمحضه للعلمية في نحو:
عمر وزفر لاحتماله قبل العدل للوصفية, وهو تحقيقي إن دل عليه غير منع الصرف وتقديري إن لم يدل عليه إلا منع الصرف قاله الحفيد، ثم هو باعتبار محله أربعة أقسام؛ لأنه إما بتغيير الشكل فقط كجمع عند من قال إنه معدول عن جمع أو بالنقص فقط فيما عدل عن ذي أل وهو سحر وأمس وكذا أخر في قول أو بالنقص وتغيير الشكل كعمر أو بالزيادة والنقص وتغيير الشكل كحذام ومثلث. قوله: "مع وصف" متعلق بمحذوف نعت عدل.
قوله: "والثاني في أخر" الأولى إسقاط في؛ لأن الموضع الثاني نفس أخر وقوله:
المقابل آخرين سيأتي محترزه في التنبيه الأول وهو صريح في أن أخر وصف لجماعة الإناث؛ لأن أخر جمع أخرى وأنه ضد آخرين الذي هو وصف لجماعة الذكور؛ لأن آخرين جمع آخر وأما نحو
__________
1027- البيت من الطويل، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص271؛ وشرح التصريح 2/ 214؛ وشرح شواهد الإيضاح ص392؛ ولسان العرب 11/ 230 "خيل"؛ والمقاصد النحوية 4/ 348؛ وبلا نسبة في الاشتقاق ص300؛ وأوضح المسالك 4/ 120.(3/349)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وموحد معدولان عن واحد واحد وثناء ومثنى معدولان عن اثنين اثنين وكذلك سائرها، وأما الوصف؛ فلأن هذه الألفاظ لم تستعمل إلا نكرات إما نعتًا نحو: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [فاطر: 1] ، وإما حالًا نحو: قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3] ، وإما خبرًا نحو: صلاة الليل مثنى مثنى. وإنما كرر لقصد التأكيد لا لإفادة التكرير. ولا تدخلها أل. قال في الارتشاف: وإضافتها قليلة. وذهب الزجاج إلى أن المانع لها العدل في اللفظ وفي المعنى: أما في اللفظ فظاهر وأما في المعنى فلكونها تغيرت عن مفهومها في الأصل إلى إفادة معنى التضعيف. ورد بأنه لو كان المانع من صرف أحاد مثلًا عدله عن لفظ واحد وعن معناه إلى معنى التضعيف للزم أحد أمرين: إما منع صرف كل اسم يتغير عن أصله لتجديد معنى فيه كأبنية المبالغة وأسماء الجموع، وإما ترجيح أحد المتساويين على الآخر واللازم منتف باتفاق، وأيضًا كل ممنوع
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فعدة من أيام أخر فلتأوله بالجماعات. قوله: "معدولان عن واحد واحد" أي: لأن المقصود التقسيم ولفظ المقصود مكرر أبدًا نحو: جاء القوم رجلًا رجلًا فلما وجدنا أحاد غير مكرر لفظًا, مع أن المقصود التقسيم كما علمت حكمنا بأن أصله لفظ مكرر, ولم يأت بمعناه إلا واحد واحد فحكم بأنه أصله, وكذا يقال في الباقي أفاده الدماميني. قوله: "وأما الوصف إلخ" مقابل لقوله: فأحاد وموحد معدولان إلخ؛ لأنه في قوة أن يقال أما العدل؛ فلأن أحاد إلخ أي: أما بيان العدل فأحاد إلخ وأما بيان الوصف إلخ. ولو قال الوصفية لكان أوضح.
قوله: "لم تستعمل إلا نكرات إما نعتًا إلخ" أي: فتكون أوصافًا أصالة قال السيد: الوصفية في ثلاث مثلا أصلية؛ لأنه معدول عن ثلاثة ثلاثة وهذا المكرر لم يستعمل إلا وصفًا, فكذا المعدول إليه وهو ثلاث وإن لم تكن الوصفية في أسماء العدد واحد اثنان إلخ أصلية. قوله: "إما نعتًا إلخ" علم منه ما صرح به الفارضي من أنه لا بد أن يتقدمها شيء. قوله: "وإنما كرر إلخ" أي: فلا يرد أن مثنى يفيد التكرير فأي: فائدة في إعادته, وقوله: لا لإفادة التكرير أي: لا لتأسيس معنى زائد هو التكرير لحصوله بمثنى الأول. قوله: "ولا تدخلها أل" وادعى الزمخشري أنها تعرف فقال: يقال فلان ينكح المثنى والثلاث. قال أبو حيان: ولم يذهب إليه أحد وكما لا تعرف لا تؤنث فلا يقال مثناة مثلًا قاله الفارضي. قوله: "وذهب الزجاج إلخ" المعدول عنه على مذهبه إلى أحاد وموحد واحد وإلى ثناء ومثنى اثنان, وهكذا كما سيشير إليه الشارح بخلافه على المذهب الأول فواحد واحد واثنان اثنان وهكذا. قوله:
"كأبنة المبالغة" نحو: ضرّاب فإنه تغير عن ضارب لإفادة معنى جديد وهو التكثير.
قوله: "وأسماء الجموع" ليس المراد بها أسماء الجموع المعروفة كقوم ورهط إذ لا تغيير فيها, بل المراد الجموع نفسها فالإضافة للبيان أفاده زكريا, فالجمع تغير عن الواحد لإفادة معنى جديد وهو التعدد. قوله: "ترجيح أحد المتساويين" أي: في التغيير لإفادة معنى جديد على الآخر ومراده بأحدهما المعدود في العدد وبالآخر غيره كأبنية المبالغة والجموع. قوله:(3/350)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من الصرف لا بد أن يكون فيه فرعية في اللفظ وفرعية في المعنى، ومن شرطها أن يكون من غير جهة فرعية اللفظ ليكمل بذلك الشبه بالفعل، ولا يتأتى ذلك في أحاد إلا أن تكون فرعيته في اللفظ بعدله عن واحد المضمن معنى التكرار، وفي المعنى بلزومه الوصفية, وكذا القول في أخواته. وأما أخر فهو جمع أخرى أنثى آخر بفتح الخاء بمعنى مغاير فالمانع له أيضًا العدل والوصف: أما الوصف فظاهر, وأما العدل فقال أكثر النحويين: إنه معدول عن الألف واللام؛ لأنه من باب أفعل التفضيل فحقه ألا يجمع إلا مقرونًا بأل، والتحقيق أنه معدول عما كان يستحقه من استعماله بلفظ ما للواحد المذكر بدون تغير معناه، وذلك أن آخر من باب أفعل التفضيل فحقه أن لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث إلا مع الألف واللام أو الإضافة فعدل في تجرده منهما, واستعماله لغير الواحد المذكر عن لفظ آخر إلى لفظ التثنية
ـــــــــــــــــــــــــــــ
"ولا يتأتى ذلك" أي: الشرط المذكور للفرعية في المعنى وهو كونها من غير جهة الفرعية في اللفظ, وقوله: إلا أن تكون إلخ أي: لأن الجهة على ما ذكره الزجاج واحدة وهي العدل. قوله: "واحد المضمن معنى التكرار" يعني واحدًا المكرر أي: عن واحد واحد زكريا. قوله: "بمعنى مغاير" أي: باعتبار الحال وإلا فمعنى آخر في الأصل أشد تأخرًا, وكان في الأصل معنى جاء زيد ورجل أشد تأخيرًا في معنى من المعاني, ثم نقل إلى معنى غير فمعنى رجل آخر رجل غير زيد. دماميني.
قوله: "أما الوصف فظاهر" لأنه اسم تفضيل بمعنى مغاير باعتبار الحال, وبمعنى أشد تأخرًا باعتبار الأصل كما مر, وعلى كل فهو وصف والظاهر أن صوغه من تأخر فهو اسم تفضيل مصوغ من خماسي شذوذًا. قوله: "عن الألف واللام" أي: عن ذي الألف واللام ولا ينافي ذلك أنه نكرة فكيف يكون معدولًا عن معرفة؛ لأنه لا يلزم في المعدول عن الشيء أن يكون بمعناه من كل وجه خلافًا للفارسي. دماميني. قوله: "إلا مقرونًا بأل" أي: أو مضافًا إلى معرفة. قوله: "والتحقيق إلخ" فأخر على الأول معدول عن الآخر, وعلى هذا عن آخر بالإفراد والتذكير, ولعلّ وجه كون هذا القول هو التحقيق تطابق المعدول والمعدول عنه عليه تنكيرًا فتدبر. قوله: "عما كان يستحقه" أي: عن استعمال كان يستحقه بدليل قوله من استعماله إلخ, وقوله: بلفظ ما للواحد المذكر الإضافة للبيان أي: بلفظ هو اللفظ الذي للواحد المذكر, هكذا ينبغي تقرير عبارته لا كما قررها البعض, وكلامه صريح في أن المعدول عنه الاستعمال المذكور مع أنه لفظ الواحد المذكر, فلو قال والتحقيق أنه معدول عما كان يستحقه من لفظ الواحد المذكر لكان أخصر وأولى. وقوله: بدون تغير معناه حال من لفظ أو من ما أي: حالة كون لفظ الواحد المذكر لم يغير معناه الذي هو الواحد المذكر.
قوله: "وذلك" أي: وبيان ذلك. قوله: "أو الإضافة" أي: إلى معرفة. قوله: "فعدل في تجرده" أي: في حالة هي تجرده إلخ. فإن قلت: يجوز أن يكون بتقدير الإضافة قلت: لا؛ لأن(3/351)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والجمع والتأنيث بحسب ما يراد به من المعنى، فقيل عندي رجلان آخران ورجال آخرون وامرأة أخرى ونساء أخر، فكل من هذه الأمثلة صفة معدولة عن آخر, إلا أنه لم يظهر أثر الوصفية والعدل إلا في أخر؛ لأنه معرب بالحركات بخلاف آخران وآخرون، وليس فيه ما يمنع من الصرف غيرهما بخلاف أخرى فإن فيها أيضًا ألف التأنيث. فلذلك خص أخر بنسبة اجتماع الوصفية والعدل إليه وإحالة منع الصرف إليه، فظهر أن المانع من صرف أخر كونه صفة معدولة عن آخر مرادًا به جمع المؤنث؛ لأن حقه أن يستغنى فيه بأفعل عن فعل؛ لتجرده من أل, كما يستغنى بأكبر عن كبر في قولهم: رأيتها مع نساء أكبر منها.
تنبيهان: الأول قد يكون أخر جمع أخرى بمعنى آخرة فيصرف لانتفاء العدل؛ لأن مذكرها آخر بالكسر بدليل: {وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى} [النجم: 47] ، {ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ} [العنكبوت: 20] ، فليست من باب أفعل التفضيل, والفرق بين أخرى أنثى آخر وأخرى بمعنى آخرة أن تلك لا تدل على الانتهاء ويعطف عليها مثلها من جنسها، نحو: جاءت امرأة أخرى وأخرى، وأما أخرى بمعنى آخرة فتدل على الانتهاء, ولا يعطفع عليها مثلها من جنس واحد وهي المقابلة لأولى في قوله تعالى: {قَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ} [الأعراف: 39] ، إذا عرفت ذلك فكان ينبغي أن يحترز عن هذه كما فعل في الكافية فقال:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المضاف إليه لا يحذف إلا إذا جاز إظهاره, ولا يجوز إظهاره هنا نقله الدماميني عن الرضي. وانظر وجه عدم جواز إظهاره, ولعله كونه يؤدي إلى وصف النكرة بالمعرفة في نحو: مررت بنساء ونساء أخر لكن يرد أنه بمعنى مغايرات فلا تفيده الإضافة تعريفًا, إلا أن يقال كونه بمعناه لا يقتضي أنه في حكمه من كل وجه فتأمل. قوله: "عن لفظ آخر" فيه إقامة الظاهر مقام المضمر إذ المعنى عدل في تجرد آخر عن لفظه إلى لفظ المثنى والمجوع والمؤنث. زكريا ولعل نكتة الإظهار طول الفصل. قوله: "لم يظهر أثر إلخ" فيه دلالة ظاهرة على أن جميع هذه الصيغ توصف بمنع الصرف, وإن لم يظهر أثره إلا في المعرب بالحركات فمنع الصرف عنده لا يختص بالمعرب بالحركات بل بالمختص به ظهور أثره كذا في سم. قوله: "فإن فيها أيضًا ألف التأنيث" أي: وهي تستقل بالمنع فاعتبرت؛ لأنها أوضح من الوصفية والعدل كما في زكريا. قوله: "مرادًا به جمع المؤنث" حال من آخر بفتح الهمزة, وفي هذا القيد دفع لما أورد من أن آخر يصلح للواحد والمثنى والجمع وأخر لا يصلح إلا للجمع فكيف يكون معدولًا عنه, ووجه الدفع أنه معدول عن آخر بمعنى الجماعة لا مطلقًا. قوله: "بدليل وأن عليه إلخ" مرتبط بقوله: بمعنى آخرة, ووجه الدلالة أنه وصف النشأة في هذه الآية بالأخرى وبالآخرة في الآية الثانية, وذلك يدل على أن معناهما واحد. قوله: "والفرق" أي: من جهة المعنى. قوله: "مثلها من جنسها" فلا يقال عندي رجل وحمار آخر ولا إمرأة أخرى, كذا قال شيخنا, فالمراد بالجنس الصنف. قوله: "ولا يعطف عليها مثلها" لأن(3/352)
ووَزْنُ مَثْنَى وثُلاثَ كَهُمَا ... من واحِدٍ لأَرْبَعٍ فليُعْلَما
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ومَنْعَ الوَصْفُ وعَدْلٌ أُخَرَا ... مُقابِلًا لآخَرينَ فاحْصُرا
الثاني: إذا سمي بشيء من هذه الأنواع الثلاثة -وهي ذو الزيادتين وذو الوزن وذو العلد- بقي على منع الصرف؛ لأن الصفة لما ذهبت بالتسمية خلفتها العلمية "ووزن مثنى وثلاث كهما من واحد لأربع فليعلما" يعني ما وازن مثنى وثلاث من ألفاظ العدد المعدول من واحد إلى أربع فهو مثلهما في امتناع الصرف للعدل والوصف تقول: مررت بقوم موحد وأحاد، ومثنى وثناء، ومثلث وثلاث، ومربع ورباع، وهذه الألفاظ الثمانية متفق عليها؛ ولهذا اقتصر عليها. قال في شرح الكافية: وروي عن بعض العرب مخمس وعشار ومعشر ولم يرد غير ذلك. وظاهر كلامه في التسهيل أنه سمع فيها خماس أيضًا واختلف فيما لم يسمع على ثلاثة مذاهب: أحدها أنه يقاس على ما سمع وهو مذهب الكوفيين والزجاج ووافقهم الناظم في بعض نسخ التسهيل وخالفهم في بعضها. الثاني لا يقاس بل يقتصر على المسموع وهو مذهب جمهور البصريين. الثالث أنه يقاس على فعال لكثرته لا على مفعل. قال الشيخ أبو حيان: والصحيح أن البناءين مسموعان من واحد إلى عشرة، وحكى البناءين أبو عمرو الشيباني، وحكى أبو حاتم وابن السكيت من أحاد إلى عشار ومن حفظ حجة على من لم يحفظ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الانتهاء الحقيقي لا يتعدد بخلاف معنى المغايرة فيتعدد سم. قوله: "مقابلًا لآخرين" بفتح الخاء بمعنى مغايرين ومنه قوله تعالى: {وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة: 3] ، واحترز به عن آخر مقابل آخرين بكسر الخاء في نحو: يجمع الله الأولين والآخرين. وقوله: فاحصرا أي: احصر منع صرف آخر في أخر المقابل لآخرين بفتح الخاء.
قوله: "خلفتها العلمية" فإذا نكر بعد أن سمي به فذهب الخليل وسيبويه إلى أنه لا ينصرف؛ لأنك رددته إلى حال كان لا ينصرف فيها. وذهب الأخفش إلى أنه ينصرف؛ لأن الوصفية قد انتقلت عنه بالعلمية وسيأتي ذلك. قوله: "ووزن" أي: موازن كما أشار إليه الشارح, وقوله: كهما فيه جر الكاف للضمير. وتقدم أنه شاذ فالأولى جعلها اسمًا بمعنى مثل مضافًا إلى الضمير, وقوله: من واحد متعلق بمحذوف حال من الضمير المستكن في الخبر أي: حالة كونه مأخوذًا من واحد وقول شيخنا: أنه بيان لوزن بمعنى موازن غير صحيح. قوله: "متفق عليها" أي: على ورودها عن العرب بدليل ما يأتي. قوله: "إلى عشرة" الغاية داخلة بقرينة ما سبق وما يأتي, وقولهم: الصحيح أن الغاية بإلى خارجة محله إذا لم تقم قرينة على دخولها, وأما قول شيخنا السيد:
الغاية خارجة ولذا عبر بإلى وأما العشرة فغير مسموع صوغ فعال ومفعل منها, كما قاله العصام فهو مخالف لما في الشرح.
قوله: "وحكى وأبو حاتم وابن السكيت من أحاد إلى عشار" ولم يتعرضا لسماع موحد(3/353)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: قال في التسهيل: ولا يجوز صرفها, يعني أخر مقابل آخرين وفعال ومفعل في العدد مذهوبًا بها مذهب الأسماء خلافًا للفراء, ولا مسمى بها خلافًا لأبي علي وابن برهان، ولا منكرة بعد التسمية بها خلافًا لبعضهم ا. هـ. أما المسألة الأولى فالمعنى أن الفراء أجاز: أدخلوا ثلاث ثلاث وثلاثًا ثلاثًا وخالفه غيره وهو الصحيح. وأما الثانية فقد تقدم التنبه عليها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إلى معشر ولهذا أخر حكايتهما عن حكاية أبي عمرو الشيباني. قوله: "مذهوبًا بها مذهب الأسماء" أي: المنكرة أو الجامدة على الوجهين الآتيين عاجلًا في كلام الدماميني, وعلى الأول اقتصر في الهمع. قوله: "خلافًا للفراء" أي: فإنه زعم أن هذه الألفاظ منعت الصرف للعدل والتعريف بنية أل وأنه يجوز جعلها نكرة, ويذهب بها مذهب الأسماء المنصرفة, وظاهر تقريرهم المذكور عن الفراء أن يقال: إنها تصرف بناء على كونها أسماء نكرات وأنها في حالة المنع معارف. وكلام المصنف يقتضي أن الفراء يرى أنها حال منع الصرف صفات وحال الصرف أسماء, وأنها على حالة واحدة بالنسبة إلى التعريف والتنكير. دماميني. ورد قول الفراء بمجيئها أحوالًا وصفات للنكرات.
قوله: "ولا مسمى بها خلافًا لأبي علي وابن برهان" أي: لأن الصفة لما ذهبت خلفتها العلمية, وما نقله عن أبي علي وابن برهان نقله في التصريح عن الأخفش وأبي العباس وغيرهما, وعبارته وقال الأخفش في المعاني وأبو العباس: إنه لو سمي بمثنى أو أحد أخواته انصرف؛ لأنه إذا كان اسمًا فليس في معنى اثنين اثنين وثلاثة وثلاثة وأربعة أربعة, فليس فيه إلا التعريف خاصة, وتبعهما على ذلك الفارسي وارتضاه ابن عصفور وردّ بأن هذا مذهب لا نظير له إذ لا يوجد بناء ينصرف في المعرفة ولا ينصرف في النكرة, وإنما المعروف العكس. وعبارة الفارسي في التذكرة تخالف هذا فإنه قال: الوصف يزول فيخلفه التعريف الذي للعلم والعدل قائم في الحالين جميعًا ا. هـ. وحجة الجمهور أن شبه الأصل من العدل حاصل والعلمية محققة فسبب المنع موجود فالوجه امتناع الصرف ا. هـ.
قوله: "فالمعنى أن الفراء إلخ" مراد الشارح تصوير الذهاب بها مذهب الأسماء, وأما ما نقله البعض عن البهوتي وأقره من أنه لما كان كلام التسهيل يقتضي أن الفراء يوجب صرفها لكونه جوازًا مقابلًا للمنع وهو يقتضي الوجوب, مع أن مذهب الفراء في الواقع جواز كل من الصرف وعدمه احتاج الشارح إلى بيانه بقوله: فالمعنى إلخ, فيردّ بأن الجواز الذي قالوا إنه يقتضي الوجوب هو جواز الشيء شرعًا بعد امتناعه شرعًا لا مطلق الجواز في مقابلة مطلق المنع كما في هذا المقام, ألا ترى أنه لا يفهم من مقابلة منع الصرف بجوازه وجوبه فدعوى اقتضاء كلام التسهيل إيجاب الفراء صرفها غير مسلمة.
قوله: "فقد تقدم التنبيه عليها" أي: في قوله إذا سمي بشيء من هذه الأنواع إلخ. قوله: "لجمع" اعترض بأن الجمعية ليست شرطًا كما صرح به السيوطي وغيره, بل كل ما كان على هذين الوزنين, واستوفى الشروط المذكورة في الشرح منع صرفه وإن فقدت الجمعية, فكان الأولى أن يقول للفظ ويجاب بأن الجمع في كلامه تمثيل لا تقييد, بدليل قوله: ولسراويل إلخ, وإنما آثر(3/354)
وكن لجمع مشبه مفاعلا ... أو المفاعيل بمنع كافلا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
"وكن لجمع مشبه مفاعلًا أو المفاعيل بمنع كافلًا" كافلًا خبر كن، وبمنع متعلق بكافلًا، وكذا الجمع، ومفاعل مفعول بمشبه: يعني أن مما يمنع من الصرف الجمع المشبه مفاعل أو مفاعيل أي: في كون أوله مفتوحًا وثالثه ألفًا غير عوض يليها كسر غير عارض ملفوظ أو مقدر على أول حرفين بعدها ثلاثة أوسطها ساكن غير منوي به وبما بعده الانفصال، فإن الجمع متى كان بهذه الصفة كان فيه فرعية اللفظ بخروجه عن صيغ الآحاد العربية وفرعية المعنى بالدلالة على الجمعية فاستحق منع الصرف. ووجه خروجه عن صيغ الآحاد العربية أنك لا تجد مفردًا ثالثه ألف بعدها حرفان أو ثلاثة إلا وأوله مضموم كعذافر، أو ألفه عوض من إحدى ياءي النسب إما تحقيقًا كيمان وشآم فإن أصلهما يمني وشآمي، فحذفت إحدى الباءين وعوض عنها الألف، أو تقديرًا نحو: تهام وثمان فإن ألفهما موجودة قبل، وكأنهم نسبوا إلى فعل أو فعل ثم
حذفوا إحدى الياءين وعرضوا عنها الألف, أو ما يلي الألف غير
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الجمع بالتمثيل؛ لأنه الغالب في الوزنين. قوله: "مشبه مفاعلًا" أي: في الحال كمساجد أو في الأصل كعذارى إذ أصله عذارى بكسر الراء وتحريك الياء قلبت الكسرة فتحة والياء ألفًا كما يأتي. قوله: "بمنع" أي: لصرفه فصلة منع محذوفة لدلالة المقام عليها. قوله: "أي: في كون أوله مفتوحًا" خرج به نحو: عذافر وبقوله ثالثه ألفًا غير عوض أي: من إحدى ياءي النسب تحقيقًا أو تقديرًا نحو: يمان وشآم ونحو: تهام وثمان, وبقوله: يليها كسر خرج نحو: براكاء وتدارك وبقوله: غير عارض خرج نحو: تدان وتوان وبقوله: أوسطها ساكن خرج ملائكة وبقوله: غير منوي به وبما بعده الانفصال أي: بأن يكونا غير ياءي النسب بأن يكون الثالث غير ياء كمصابيح أو ياء من بنية الكلمة بأن يكون سابقًا على ألف التكسير ككرسي وكراسي خرج نحو: رباحي وجواري, وجملة الشروط ستة كذا قال شيخنا وتبعه البعض. وفيه أن هذه الأمور المخرجة لم تدخل في موضوع المسألة حتى تخرج بهذه القيود؛ لأن موضوع المسألة الجمع والأمور المخرجة مفردات. والجواب ما علم مما مر أن الجمع مثال لا قيد والمراد الجمع وكل لفظ على أحد الوزنين.
قوله: "فإن الجمع متى كان إلخ" تعليل لقوله: مما يمنع من الصرف الجمع إلخ ولا حاجة لجعله تعليلًا لمحذوف كما زعم البعض. قوله: "كعذافر" هو بمهملة فمعجمة الجمل الشديد واسم من أسماء الأسد. قوله: "كيمان وشآم" بحذف الياء المخففة الساكنة؛ لالتقاء الساكنين هي والتنوين. قوله: "فحذفت إحدى الياءين وعوض عنها الألف" أي: وفتحت همزة شآم لتناسب الألف.
قوله: "أو تقديرًا" قال شيخنا: هو مسلم في تهامى أما ثمان ففيه أن الجوهري قال: إنه منسوب حقيقة كما يأتي ا. هـ. قال الدماميني: والذي دعاهم إلى تقدير نسب نحو: تهام سماعه مصروفًا, فإنهم قالوا: رأيت تهاميا بتخفيف الياء والتنوين فلولا أنه على تقدير النسب لمنع الصرف, وإن كان مفردًا كما منع سراويل ولم يجعلوه كجوار في منع الصرف وجعل التنوين عوضًا؛ لأنه ليس من المنقوص. قوله: "موجودة قبل" أي: قبل ياء النسب. قوله: "وكأنهم نسبوا إلخ" أي:(3/355)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مكسور بالأصالة بل إما مفتوح كبرا كاء، أو مضموم كتدارك، أو عارض الكسر لأجل الاعتلال كتدان وتوان، ومن ثم صرف نحو: عبال جمع عبالة؛ لأن الساكن الذي يلي الألف فيه لا حظ له في الحركة. والعبالة الثقل يقال ألقى عبالته أي: ثقله، أو يكون ثاني الثلاثة متحرك الوسط كطواعية وكراهية، ومن ثم صرف نحو: ملائكة وصيارفة، أو هو والثالث عارضان للنسب منوي بهما الانفصال، وضابطه أن لا يسبقا الألف في الوجود سواء كانا مسبوقين بها كرباحي وظفاري، أو غير منفكين كحواري وهو الناصر وحوالي وهو المحتال
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فليس هو على النسب حقيقة كما صرّح به ابن الناظم, لكن في كلام الجوهري ما يخالفه حيث قال: وهو يعني ثمان في الأصل منسوب إلى الثمن؛ لأنه الجزء الذي صير السبعة ثمانية فهو ثمنها, ثم فتحوا أوله؛ لأنهم يغيرون في النسب كما قالوا: دهري وسهلي, وحذفوا منه إحدى ياءي النسب وعوضوا منها الألف كما فعلوا في المنسوب إلى اليمن فتثبت ياؤه عند الإضافة, كما تثبت ياء القاضي فتقول: ثماني نسوة وثماني مائة كما تقول: قاضي عبد الله, وتسقط مع التنوين عند الرفع والجر وتثبت عند النصب؛ لأنه ليس بجمع فيجري مجرى جوار وسوار في ترك الصرف, وما جاء في الشعر غير مصروف فهو على التوهم ا. هـ. عبد القادر المكي وقوله: فيجري إلخ
تفريع على المنفي بالميم.
قوله: "إلى فعل" أي: بفتح العين كما نسبوا إلى يمن أو فعل أي: بسكونها كما نسبوا إلى شأم. قوله: "أو ما يلي الألف إلخ" عطف على قوله: وأوله مضموم وكذا ما يأتي. قوله: "كبراكاء" بالمد والهمز الثبات في الحرب ا. هـ. زكريا ومراده أنه ليس مما منع صرفه لكونه على وزن منتهى الجموع وإن كان مما منع صرفه لألف التأنيث الممدودة. قوله: "كتدان وتوان" أصلهما تدانى وتوانى بضم النون فيهما قلبت الضمة كسرة لتناسب الياء وأعلا إعلال قاض. قوله: "ومن ثم إلخ" أي: من أجل وجود غير كسر تالي الألف أصالة في غير وزن منتهى الجموع. قوله: "لا حظ له في الحركة" أي: لأنه ليس له أصل يرجع إليه في ذلك بخلاف نحو: دواب فإنه من دب والماضي أصل عينه التحريك. قوله: "متحرك الوسط" ينبغي حذف الوسط كما في عبارة التصريح؛ لأن الثاني هو الوسط لا شيء له وسط كما هو ظاهر. قوله: "ومن ثم" أي: من أجل وجود تحرك ثاني الثلاثة في غير وزن منتهى الجموع.
قوله: "أو هو" أي: الثاني وقوله: للنسب أي: تحقيقًا كما في رباحي وظفاري أو تقديرًا كما في جواري وحوالي فالياء فيهما ملحقة بياء النسب؛ لأنهما سمعا مصروفين فقدر فيهما النسب, وإن لم يكونا منسوبين حقيقة, وقوله: منوي
بهما الانفصال صفة لازمة لعارضان للنسب. قوله: "وضابطه" أي: العروض للنسب أن لا يسبقا الألف في الوجود بأن سبقتهما الألف أو قارناها لبناء الكلمة على الجميع, فالأول ما أشار إليه بقوله: مسبوقين بها, والثاني ما أشار إليه بقوله: أو غير منفكين. قوله: "كرباحي" نسبة إلى رباح بلد يجلب منه الكافور وظفاري نسبة إلى ظفار بوزن(3/356)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بخلاف نحو: قماري وبخاتي فإنه بمنزلة مصابيح، وقد ظهر من هذا أن زنة مفاعل ومفاعيل ليست إلا لجمع أو منقول من جمع كما سيأتي. وقد دخل بذكر التقدير نحو: دواب فإنه غير منصرف؛ لأن أصله دوابب فهو على وزن مفاعل تقديرًا.
تنبيهات: الأول لا فرق في منع ما جاء على أحد الوزنين المذكورين بين أن يكون أوله ميمًا نحو: مساجد ومصابيح أو لم يكن نحو: دراهم ودنانير. الثاني: اشتراط كسر ما بعد الألف مذهب سيبوبه والجمهور. قال في الارتشاف:
وذهب الزجاج إلى أنه لا يشترط ذلك فأجاز في تكسير هَبَيّ أن يقال هباي بالإدغام أي: ممنوعًا من الصرف. قال: وأصل الياء عندي السكون ولولا ذلك لأظهرتها. الثالث: اتفقوا على أن إحدى العلتين هي الجمع واختلفوا في العلة الثانية, فقال أبو علي: هي خروجه عن صيغ الآحاد وهذا الرأي هو الراجح, وهو معنى قولهم: إن هذه الجمعية قائمة مقام علتين. وقال قوم: العلة
الثانية تكرار الجمع
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قطام مدينة باليمن ا. هـ. زكريا. قوله: "بخلاف قماري وبخاتي" أي: ونحوهما ككراسي فالياء المشددة في نحو: قماري موجودة قبل ألف الجمع؛ لأنها وجدت في المفرد نحو: قمري وهو سابق على الجمع.
فائدة: لو نسبت إلى نحو: قماري صرفت المنسوب؛ لأن هذه الياء الموجودة في المنسوب إليه تحذف ويؤتى بياء النسب وهي لا تؤثر المنع كما قاله الدماميني. قوله: "فإنه بمنزلة مصابيح" أي: في سبق الثاني والثالث على الألف. لا يقال ياء مصابيح لم تكن في المفرد حتى تكون سابقة على ألف الجمع؛ لأنا نقول هي بدل ألف مصباح وللبدل حكم المبدل. قوله: "وقد ظهر من هذا" أي: من عدم وجود مفرد عربي على زنة مفاعل أو مفاعيل بالشروط المذكورة, وقوله: أو منقولة من جمع فيه أنه لم يتعرض فيما مر للمنقول من جمع فكيف قال وقد ظهر من هذا إلخ إلا أن يقال: المراد من قوله سابقًا أنك لا تجد مفردًا أي: أصالة فيكون فيه إشارة إلى وجود المفرد بالنقل فتأمل وقوله كما سيأتي أي: في قوله: وإن به سمي إلخ فهو راجع للثاني فقط. قوله: "وقد دخل بذكر التقدير" أي: في قوله: نعتًا لكسر ملفوظ أو مقدر. قوله: "هبيّ" بفتح الهاء والباء والموحدة وتشديد التحتية: الصبي الصغير والأنثى هبية كذا في القاموس. قوله: "ولولا ذلك لأظهرتها" أي: بالفك لكونها متحركة حينئذٍ فكان يقال هبابي, واعترضه سم بأن اجتماع المثلين في كلمة يوجب الإدغام, وإن كان أولهما متحركًا كما في دواب ونحوه, وأجاب يس بأن الياء لو ظهرت لقيل هبايا لما ستعرفه من قول المصنف:
والمد زيد ثالثًا في الواحد ... همزًا يرى في مثل كالقلائد
وافتح ورد الهمز يا فيما أعل.
وإذا قيل هبايا لم يحصل الإدغام, وفيه عندي نظر وإن أقره غيره لعدم دخول
نحو: هبي في قول المصنف: والمد إلخ؛ لأن ثالثه ليس مدا وإن كان لينًا. قوله:
"وهو معنى قولهم إلخ" أي:(3/357)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تحقيقًا أو تقديرًا فالتحقيق نحو: أكالب وأراهط إذ هما جمع أكلب وأرهط، والتقدير نحو: مساجد ومنابر فإنه وإن كان جمعًا من أول وهلة لكنه بزنة ذلك المكرر, أعني أكالب وأراهط فكأنه أيضًا جمع جمع، وهذا اختيار ابن الحاجب. واستضعف تعليل أبي علي بأن أفعالًا وأفعلا نحو: أفراس وأفلس جمعان ولا نظير لهما في الآحاد وهما مصروفان، والجواب عن ذلك من ثلاثة أوجه: الأول أن أفعالًا وأفعلا يجمعان نحو: أكالب وأناعم في أكلب وأنعام. وأما مفاعل ومفاعيل فلا يجمعان، فقد جرى أفعال وأفعل مجرى الآحاد في جواز الجمع، وقد نص الزمخشري على أنه مقيس فيهما. الثاني أنهما يصغران على لفظهما كالآحاد نحو: أكيلب وأنيعام، وأما مفاعل ومفاعيل فإنهما إذا صغرا ردا إلى الواحد أو إلى جمع القلة, ثم بعد ذلك يصغران. الثالث أن كلا من أفعال وأفعل له نظير من الآحاد يوازنه في الهيئة وعدة الحروف، فأفعال نظيره -في فتح أوله وزيادة الألف رابعة- تفعال نحو: تجوال وتطواف، وفاعال نحو: ساباط وخاتام، وفعلال نحو: صلصال وخزعال. وأفعال نظيره
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الخروج أي: مع الدلالة على الجماعة معنى قولهم إلخ. ولك أن تقول يحتمل قولهم المذكور أن العلة الثانية تكرارًا الجمع كما هو اختيار ابن الحاجب. قوله: "من أول وهلة" قال في المصباح: يقال لقيته أول وهلة أي: أول كل شيء. قوله: "ولا نظير لهما في الآحاد" أي: فلو كانت العلة الثانية الخروج عن صيغ الآحاد لمنعا من الصرف. قوله: "فلا يجمعان" أي: جمع تكسير وإلا فقد يجمعان جمع تصحيح كقولهم في نواكس نواكسون, وفي أيامن أيامنون وكقولهم في حدائد: حدائدات وفي صواحب صواحبات, قاله الشارح في آخر باب التكسير. قوله: "فقد جرى أفعال وأفعل إلخ" فإن قلت: هذا لا يدفع الاعتراض؛ لأن هذا لا يقتضي أن لهما نظيرًا في الآحاد قلت: حاصل الجواب أن مرادنا بالخروج عن صيغ الآحاد الخروج عن صيغها لفظًا وحكمًا وأفعال وأفعل لم يخرجا عن حكم الآحاد لجواز جمعهما كالآحاد, وكذا يقال في الجواب الثاني ا. هـ. هندي.
قوله: "وقد نص الزمخشري إلخ" أي: فليس في جمع أكلب وأنعام على أكالب وأناعم شذوذ حتى يضعف به الوجه الأول. قوله: "على أنه" أي: الجمع على مفاعل. قوله: "وأنيعام" بالألف لما سيأتي في قول الناظم:
كذاك ما مدة أفعال سبق
إلخ, فلا يقال أنيعيم بقلب الألف ياء بل تبقى الألف. قوله: "أو إلى جمع القلة" قال شيخنا: لعله أراد ما يشمل جمعي التصحيح فإنهما من جموع القلة, فتقول في تصغير مساجد: مسيجدات. قوله: "الثالث" محصله عدم تسليم خروجهما عن صيغ الآحاد لفظًا بإثبات نظائر لهما من الآحاد في الهيئة وعدة الحروف وإن لم تكن مبدوءة بالهمزة مثلهما فكان الأولى تقديمه على الجوابين الأولين؛ لأن محصلهما تسليم خروجهما عن صيغ الآحاد لفظًا وعدم إثبات خروجهما عنها حكمًا. قوله: "تجوال وتطواف" مصدران لجال وطاف وقيل لتجول وتطوف. قوله:(3/358)
وذا اعْتِلالٍٍ مِنْهُ كالجَوارِي ... رَفْعًا وجَرًّا أَجْرِهِ كَسارِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
في فتح أوله وضم ثالثه تفعل نحو: تتفل وتنضب، ومفعل نحو: مكرم ومهلك، على أن ابن الحاجب لو سئل عن ملائكة لما أمكنه أن يعلل صرفه إلا بأن له في الآحاد نظيرًا نحو: طواعية وكراهية "وذا اعتلال منه كالجواري رفعًا وجرا أحره كسارى" يعني ما كان من الجمع الموازن مفاعل معتلا فله حالتان: إحداهما أن يكون آخره ياء قبلها كسرة نحو: جوار وغواش والأخرى أن تقلب ياؤه ألفًا نحو: عذارى ومدارى، فالأول يجري في رفعه وجره مجرى قاض وسار في حذف يائه وثبوت تنوينه نحو: {وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} [الأعراف: 41] {وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1] ، وفي النصب مجرى دراهم في سلامة آخره
ـــــــــــــــــــــــــــــ
"ساباط" هو سقيفة بين دارين تحتها طريق. قاموس. قوله: "وخاتام" لغة في الخاتم.
قوله: "نحو: صلصال" هو الطين ما لم يجعل خزفًا وخزعال بالخاء المعجمة فالزاي فالعين المهملة هو العرج, يقال ناقة بها خزعال أي: عرج. قوله: "نحو: تتفل" بفوقيتين وفاء ولد الثعلب وتنضب بفوقية فنون فضاد معجمة شجر يتخذ منه السهام. قوله: "نحو: مكرم ومهلك" مصدر أكرم وهلك ويجوز في لام مهلك الفتح والكسر أيضًا فتكون مثلثة. قوله: "على أن ابن الحاجب لو سئل إلخ" قد يقال يمكنه أن يعلل صرفه بأنه لم يتكرر لا تحقيقًا وهو ظاهر إذ هو جمع ملك من أول وهلة ولا تقديرًا؛ لأنه ليس على وزن المكرر الذي هو مفاعل أو مفاعيل؛ لتحرك الوسط في الثلاثة التي بعد الألف. سم بإيضاح. قوله: "منه" صفة لذا أو حال منه وكذا قوله: كالجواري وضمير منه للجمع المتقدم, وقوله: كساري أي: إجراؤه كإجراء ساري أو حالة كونه كسارى. قوله: "يعني ما كان إلخ" لما كان مفهوم قول المصحف كالجواري أن ما كان من معتل منتهى الجموع كالعذارى لا يجري كسار في حذف حرف العلة وثبوت التنوين, بل يبقى فيه حرف العلة ولا يثبت التنوين, قال الشارح: يعني فإتيانه بالعناية المقتضية تضمن كلام المصنف حكم نحو: جوار وحكم نحو: العذارى بالنظر إلى المنطوق والمفهوم وهذا لا ينافي ما سيذكره الشارح من خروج نحو: العذارى عن حكم نحو: جوار بقول المصنف كالجواري, كما لا يخفى على ذي بصيرة, ولغفلة البعض عما ذكرنا زعم أن في كلام الشارح تناقضًا لاقتضاء أول كلامه دخول القسمين في النظم, واقتضاه آخر كلامه خروج الثاني منه, وأنه كان الأولى حذف يعني.
قوله: "أن تقلب ياؤه ألفًا" أي: بعد قلب الكسرة قبلها فتحة كما يأتي. قوله: "نحو: عذارى" جمع عذراء بالمد وهي البكر ومدارى جمع مدرى بكسر الميم والقصر, وهو مثل الشوكة تحك به المرأة رأسها وأصلهما عذارى ومدارى بالكسرة, ثم أبدلت الكسرة فتحة أي: اتباعًا لفتحة ما قبل الألف فقلبت الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها ا. هـ. تصريح والذي في شرح الشارح على التوضيح أن مدارى جمع مدراء أي: كحمراء وهي المنتفخة الجنبين وفي القاموس ما يوافقه. وذكر أن الفعل مدر كفرح فهو أمدر وهي مدراء ودالها مهملة. قوله: "في حذف يائه إلخ" أي: لا في جميع الوجوه فإن جره بفتحة مقدرة وتنوينه تنوين عوض بخلاف نحو: قاض فإنه بكسرة مقدرة(3/359)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وظهور فتحته نحو: {سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ} [سبأ: 18] . والثاني يقدر إعرابه ولا ينون بحال، ولا خلاف في ذلك، وهذا خرج من كلامه بقول كالجواري.
تنبيهات: الأول اختلف في تنوين جوار ونحوه: فذهب سيبويه إلى أنه تنوين عوض عن الياء المحذوفة لا تنوين صرف، وذهب المبرد والزجاج إلى أنه عوض عن حركة الياء, ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين. وذهب الأخفش إلى أنه تنوين صرف؛ لأن الياء لما حذفت تخفيفًا زالت صيغة مفاعل وبقي اللفظ كجناح فانصرف، والصحيح مذهب سيبويه.
وأما جعله عوضًا عن الحركة فضعيف؛ لأنه لو كان عوضًا عن الحركة لكان التعويض عن حركة الألف في نحو: موسى وعيسى أولى؛ لأن حاجة المتعذر إلى التعويض أشد من حاجة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وتنوينه تنوين صرف كما سينبه عليه الشارح. قوله: " {وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ} " فليال مجرور بفتحة مقدرة على الياء المحذوفة؛ لالتقاء الساكنين منع من ظهورها الثقل نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف لصيغة منتهى الجموع تقديرًا أي: بحسب الأصل. قوله: "في سلامة آخره" أي: من الحذف.
قوله: "وهذا خرج من كلامه" أي: من منطوق كلامه, فلا ينافي دخوله في كلامه مفهومًا, أعني أن حكمه مستفادًا من كلامه بطريق المفهوم؛ ولهذا قال الشارح في أول عبارته: يعني كما أوضحناه سابقًا. قوله: "فذهب سيبويه إلى أنه تنوين عوض عن الياء المحذوفة" خرجه الأكثر على أن الإعلال مقدم على منع الصرف لكون سببه وهو الثقل أمرًا ظاهرًا محسوسًا بخلاف منع الصرف فإن سببه مشابهة الاسم الفعل, وهي خفية فأصل جوار على هذا جواري بالتنوين استثقلت الضمة على الياء فحذفت الضمة فالتقى ساكنان فحذفت الياء؛ لالتقائهما, ثم حذف التنوين لوجود صيغة منتهى الجمع تقديرًا؛ لأن المحذوف لعلة كالثابت, ثم خيف رجوع الياء فأتى بالتنوين عوضًا عنها. وخرجه بعضهم على أن منع الصرف مقدم فأصل جوار على هذا جواري بترك التنوين لصيغة منتهى الجمع, فحذفت ضمة الياء للثقل ثم الياء تخفيفًا ثم أتى بالتنوين عوضًا عنها, فعلم أن سبب الحذف على الأول التقاء الساكنين وعلى الثاني التخفيف, وعليه بنى الشارح السؤال والجواب الآتيين.
قوله: "عوض عن حركة الياء" أي: وحصل التعويض قبل حذف الياء بدليل قوله: ثم حذفت الياء, وهذا بناء على أن منع الصرف مقدم على الإعلال, فأصله على مذهب المبرد جواري بترك التنوين حذف ضمة الياء لثقلها وأتى بالتنوين عوضًا عنها, فالتقى ساكنان فحذفت الياء لالتقائهما. قوله: "لأن الياء لما حذفت تخفيفًا" أي: لالتقاء الساكنين فهو مبني على تقديم منع الصرف على الإعلال. قوله: "لأن حاجة المتعذر إلخ" وجهه أن العامل في كل من المنقوص والمقصور طالب أثرًا, وقد ظهر الأثر مع المنقوص في الجملة لظهوره حالة النصب ولم يظهر في المقصور أثر بالكلية فكان أولى بالتعويض, وبهذا سقط ما يقال كان الظاهر عكس الأولوية؛ لأن التعويض(3/360)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المتعسر، ولألحق مع الألف واللام كما ألحق معهما تنوين الترنم واللازم منتف فيهما فكذا الملزوم. وأما كونه للصرف فضعيف أيضًا إذ المحذوف في قوة الموجود, وإلا لكان آخر ما بقي حرف إعراب, واللازم كما لا يخفى منتف. فإن قلت: إذا جعل عوضًا عن الياء فما سبب حذفهما أولًا؟ قلت: قال في شرح الكافية: لما كانت ياء المنقوص قد تحذف تخفيفًا ويكتفى بالكسرة التي قبلها, وكان المنقوص الذي لا ينصرف أثقل التزموا فيه من الحذف ما كان جائزًا في الأدنى ثقلًا ليكون لزيادة الثقل زيادة أثر، إذ ليس بعد الجواز إلا اللزوم. ا. هـ. واعلم أن ما تقدم عن المبرد من أن التنوين عوض عن الحركة هو المشهور عنه, كما نقل الناظم في شرح الكافية. وقال الشارح: ذهب المبرد إلى أن فيما لا ينصرف
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يقتضي حذف شيء وإقامة غيره مقامه, والمقصور لم يظهر فيه أثر حتى يقال حذف وعوض عنه التنوين بخلاف المنقوص, فإن الحركات تظهر في لفظه لكن ثقل بعضها فترك وعوض عنه التنوين أفاده البهوتي.
قوله: "ولألحق مع الألف واللام كما ألحق إلخ" أي: بجامع أن كلا من تنوين الترنم وتنوين نحو: جوار على مذهب المبرد عوض عن شيء, فتنوين الترنم عوض عن مدة الإطلاق وتنوين نحو: جوار عوض عن حركة الياء, قال البعض تبعًا لشيخنا: كان الأولى أن يقول الشارح: ولألحق مع الألف واللام؛ لأنه عنده عوض عن الحركة والحركة تجامع الألف واللام ا. هـ. ولعل وجهه أن قياس العوض على المعوض عنه أقرب من قياسه على تنوين الترنم فتأمل، ثم قال البعض: وقد يقال هذا اللازم جار على القول بأنه عوض عن الياء, بل هو أظهر فيه بأن يقال لو كان عوضًا عن الياء لألحق مع الألف واللام كما ألحق معهما تنوين الترنم بجامع أن كلا منهما عوض عن حرف ا. هـ. وقد يجاب بأن التنوين هنا ليس لمحض العوضية عن الياء بل للعوضية عنها ومنع عودها؛ لأنه لا يجمع بين العوض والمعوض عنه فكان كضد الياء التي تجامع الألف واللام فناسب أن لا يجامع الألف واللام فاحفظه فإنه دقيق.
قوله: "واللازم" يعني أولوية التعويض عن حركة الألف في نحو: موسى وعيسى وإلحاق التنوين مع الألف واللام, وقوله: فيهما مرتبط باللازم والضمير للقضيتين المتقدمتين, أعني قوله: لكان التعويض إلخ, وقوله: ولألحق إلخ. قوله: "إذ المحذوف" وهو الياء في قوة الموجود أي: فصيغة منتهى الجمع موجودة تقديرًا. قوله: "فإن قلت إلخ" مبني السؤال والجواب على أن منع الصرف مقدم على الإعلال كما مر. قوله: "فما سبب حذفها" أي: على سبيل الوجوب بقرينة أن الجواب يفيد تعليل حذفها على سبيل الوجوب. قوله: "قد تحذف تخفيفًا" يفيد أن حذف ياء المنقوص غير واجب, ويصرح بذلك قوله: ما كان جائزًا في الأدنى, وفيه نظر, فإن أراد المقرون بأل فليس الكلام فيه ا. هـ. سم على أن المقرون بأل يستوي فيه المنصرف وغيره.
قوله: "وقال الشارح ذهب المبرد إلخ" على هذا يكون المبرد مخالفًا لسيبويه في الساكن(3/361)
ولِسَراوِيلَ بهذا الجَمْعِ ... شَبَهٌ اقْتَضَى عُموم المَنْعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تنوينًا مقدرًا بدليل الرجوع إليه في الشعر، وحكموا له في جوار ونحوه بحكم الموجود وحذفوا لأجله الياء في الرفع والجر لتوهم التقاء الساكنين, ثم عوضوا عما حذف التنوين وهو بعيد؛ لأن الحذف لملاقاة ساكن متوهم الوجود مما لم يوجد له نظير ولا يحسن ارتكاب مثله. الثاني: ما ذكر من تنوين جوار ونحوه في الرفع والجر متفق عليه، نص على ذلك الناظم وغيره. وما ذكره أبو علي من أن يونس ومن وافقه ذهبوا إلى أنه لا ينون ولا تحذف ياؤه, وأنه يجر بفتحة ظاهرة وهم، وإنما قالوا ذلك في العلم وسيأتي بيانه. الثالث: إذا قلت: مررت بجوار فعلامة جره فتحة مقدرة على الياء؛ لأنه غير منصرف، وإنما قدرت مع خفة الفتحة؛ لأنها نابت عن الكسرة فاستثقلت لنيابتها عن المستثقل, وقد ظهر أن قوله: كسار إنما هو في اللفظ فقط دون التقدير، لأن سار جره بكسرة مقدرة وتنوينه تنوين التمكين لا العوض؛ لأنه منصرف. وقد تقدم أول الكتاب "ولسراويل بهذا الجمع شبه اقتضى عموم المنع" اعلم أن سراويل اسم مفرد أعجمي جاء على وزن مفاعيل فمنع من الصرف لشبهه بالجمع في الصيغة المعتبرة لما عرفت أن بناء مفاعل ومفاعيل لا يكونان في كلام العرب إلا لجمع أو منقول من جمع، فحق ما وازنهما أن يمنع من الصرف, وإن فقدت منه الجمعية إذا تم شبهه بهما، وذلك بأن لا تكون ألفه عوضًا من إحدى ياءي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الذي ردف الياء فسيبويه يقول: هو التنوين الموجود قبل حذفه, والمبرد يقول: هو التنوين المقدر في كل ممنوع من الصرف وموافقًا له في أن المعوض عنه الياء المحذوفة. قوله: "وحذفوا لأجله الياء" أي: بعد حذف حركتها المقدرة استثقالًا زكريا. قوله: "ساكن متوهم الوجود" هو التنوين المقدر. قوله: " وأنه يجر بفتحة ظاهرة" أي: ويرفع بضمة مقدرة على الياء الموجودة فيقال: جاء جواري بياء ساكنة. وقوله: وإنما قالوا ذلك في العلم أي: في المنقوص العلم كقاض علم امرأة, وقوله: وسيأتي بيانه أي: في شرح قول المصنف وما يكون منه منقوصًا إلخ. قوله: "مع خفة الفتحة" لم يضمر؛ لأنه لو أضمر لرجع الضمير إلى خصوص الفتحة المقدرة على الياء نيابة عن الكسرة فيتدافع مع قوله: فاستثقلت إلخ فالمراد بالفتحة جنسها فليس في قوله: مع خفة الفتحة إظهار في مقام الإضمار. قوله: "ولسراويل" خبر شبه وبهذا متعلق بشبه وفيه تقديم معمول المصدر عليه للوزن, كذا قال خالد وتبعه شيخنا والبعض وفيه مسامحة؛ لأن الظاهر أن شبه اسم مصدر لا مصدر. قوله: "اسم مفرد أعجمي" زاد الفارضي نكرة مؤنث, وقال في القاموس: السراويل فارسية معربة, وقد تذكر, ثم قال: والسراوين بالنون والشروال بالشين أي: المعجمة لغة.
قوله: "لما عرفت إلخ" أي: وإنما كان أعجميا لما عرفت إلخ. قوله: "أو منقول من جمع" وهو ما سمي به من هذا الجمع. قوله: "فحق ما وازنهما" أي: فحق اسم الجنس الذي وازن مفاعل أو مفاعيل, وكأنه تفريع على قوله: منع من الصرف لشبهه بالجمع في الصيغة المعتبرة صرّح به توطئة, لقوله: إذا تم شبهه إلخ. قوله: "وذلك" أي: تمام شبهه بهما بأن لا يكون(3/362)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
النسب ولا كسرة ما يلي ألفه عارضة، ولا بعد ألفه ياء مشددة عارضة، ولم يوجد ذلك في مفرد عربي كما مر. ولما وجد في مفرد أعجمي وهو سراويل لم يمكن إلا منعه من الصرف وجهًا واحدًا خلافًا لمن زعم أن فيه وجهين: الصرف ومنعه، وإلى التنبيه على ذلك أشار بقوله:
شَبهٌ اقتضى عمومَ المنعِ
أي: عموم منع الصرف في جميع الاستعمال خلافًا لمن زعم غير ذلك. ومن النحوين من زعم أن سراويل عربي, وأنه في التقدير جمع سروالة سمي به المفرد، ورد بأن سروالة لم يسمع. وأما قوله:
1028- عَلَيهِ منَ اللُّؤْمِ سِرْوالةٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إلخ. قوله: "ولم يوجد ذلك إلخ" مرتبط بقوله: فحق ما وازنهما أن يمنع من الصرف وإن فقدت منه الجمعية إذا تم شبهه بهما, واسم الإشارة يرجع إلى تمام شبهه بهما وكذا الضمير في قوله: ولما وجد. قوله: "خلافًا لمن زعم إلخ" هو ابن الحاجب حيث قال في الكافية: وسراويل إذا لم يصرف وهو الأكثر فقد قيل إنه أعجمي حمل على موازنة, وقيل عربي جمع سروالة وإذا صرف فلا إشكال ا. هـ. وفي التوضيح ونقل ابن الحاجب أن من العرب من يصرفه وأنكر ابن مالك عليه ذلك ا. هـ. قال الحفيد: لا وجه لإنكاره؛ لأن ابن الحاجب ثقة وقد نقله.
قوله: "وأنه في التقدير إلخ" أي: يقدر أن سراويل كان جمع سروالة فنقل من الجمعية إلى تسمية المفرد به, وسيأتي وجه آخر في معنى العبارة. قوله: "سمي به المفرد" أي: أطلق اسم جنس على هذه الآلة المفردة كما عبر بذلك المرادي. قوله: "ورد بأن سروالة لم يسمع" اعترض بأنه لا يصلح ردا للقول بأنه جمع سروالة تقديرًا؛ لأن تقدير كونه جمعًا لسروالة لا يستلزم سماع سروالة وإنما يصلح ردا للقول بأنه جمع سروالة تحقيقًا كما حكاه السندوبي وغيره, وعبارة
السندوبي: وقيل إنه جمع سروالة تقديرًا أو تحقيقًا بناء على سماع سروالة كما نقل عن أهل اللغة ا. هـ. ويمكن حمل كلام الشارح على هذا القول بأن يراد بقوله في التقدير بحسب الأصل. قوله: "عليه من اللؤم سروالة" تمامه:
فليس يرقّ لمستعطف
والضمير في عليه للمذموم واللؤم الدناءة في الأصل والخساسة في الفعل. زكريا. قوله:
__________
1028- عجزه:
فليس يَرِقُّ لمُسْتعطِفِ
والبيت من المتقارب، وهو بلا نسبة في خزانة الأدب 1/ 233؛ والدرر 1/ 188؛ وشرح التصريح 2/ 212؛ وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 270؛ وشرح شواهد الشافية ص100؛ وشرح المفصل 1/ 64؛ ولسان العرب 11/ 334 "سرل"؛ والمقتضب 3/ 346؛ وهمع الهوامع 1/ 25.(3/363)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فمصنوع لا حجة فيه. وذكر الأخفش أنه سمع من العرب من يقول: سروالة. ويرد هذا القول أمران: أحدهما أن سروالة لغة في سراويل؛ لأنها بمعناه فليس جمعًا لها كما ذكره في شرح الكافية، والآخر أن النقل لم يثبت في أسماء الأجناس وإنما ثبت في الأعلام.
تنبيهان: الأول قال في شرح الكافية: وينبغي أن يعلم أن سراويل اسم مؤنث فلو مسي به مذكر ثم صغر لقيل فيه سرييل غير مصروف للتأنيث والتعريف، ولولا التأنيث لصرف كما يصرف شراحيل إذا صغر فقيل شريحيل لزوال صيغة منتهى التكسير. الثاني شذ منع صرف ثمان تشبيهًا له بجواز. نظرًا لما فيه من معنى الجمع وأن ألفه غير عوض في الحقيقة. قال في شرح الكافية: ولقد شبه ثمانيًا بجوار من قال:
1029- يَحْدُوا ثَمانِيَ مُولَعًا بلَقاحِها ... حتى هَمَمْنَ بزَيفَةِ الإرْتاجِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
"فمصنوع" أي: من كلام المولدين. قوله: "وذكر الأخفش" رد للرد ولرده له احتاج إلى رد آخر فقال: ويرد هذا القول أي: القول بأن سراويل جمع سروالة في التقدير أمران إلخ. وحاصل الأول أنا لا نسلم أن سروالة وإن كانت مسموعة مفرد سراويل بل هي لغة فيه, فلا يصح كونه في التقدير جمع سروالة. وحاصل الثاني أنه لو كان في التقدير جمعًا فسمي به المفرد لاستلزم ذلك نقل الجمع إلى اسم الجنس, وهو منتف؛ لأن الثابت إنما هو نقل الجمع إلى العلم كما في مدائن, وإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم وهو أنه كان في التقدير جمعًا, فسمي به المفرد هذا هو اللائق في تقرير كلامه, وبه يعلم أن دعوى البعض أن الأمر الثاني مبني على تسليم أنه جمع سروالة غير مسموعة وأن تبجحه هنا بما لا ينبغي على من لولاه ما راح ولا جاء لم يتم. نسأل الله العافية. وكيف يليق تسلم كونه جمه سروالة ومنع تسمية المفرد به مع أن الغرض ليس إلا منع كونه جمع سروالة؛ لأنه المنازع فيه لا منع تسمية المفرد به؛ لأن مجرد تسمية المفرد به محل اتفاق فلا يصح منعها فتدبر. بقي أنه قد يبحث في الأمر الأول بمنع أن سروالة بمعنى سراويل بل هي بمعنى قطعة خرقة كما في الرضي, وفي الثاني بأن اختصاص النقل بالأعلام دون أسماء الأجناس مسلم في النقل التحقيقي دون التقديري الذي كلامنا فيه, إلا أن يجاب بأن معنى قوله في التقدير بحسب الأصل كما مر إيضاحه فتنبه. قوله: "اسم مؤنث" وإنما لم تلحقه تاء التأنيث عند تصغيره؛ لأن من شرط لحاقها المؤنث تأنيثًا معنويا عند تصغيره أن يكون ثلاثيا كما سيأتي في قول المصنف:
واختم بتا التأنيث ما صغرت من ... مؤنث عار ثلاثي كسن
قوله: "سرييل" أصله سريويل فقلبت الواو ياء لاجتماعها مع الياء وسبق إحداهما بالسكون. قوله: "للتأنيث" أي: لكون اللفظ مؤنث وضعا كزينب. قوله: "لزوال صيغة منتهى التكسير" أي: مع عدم ما يخلفها في المنع بخلاف الأول. قوله: "يحدو ثماني إلخ" الحدو سوق الإبل والغناء لها
__________
1029- البيت من الكامل، وهو لابن ميادة في ديوانه ص91؛ وخزانة الأدب 1/ 157؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 297؛ ولسان العرب 13/ 80 "ثمن"؛ وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب ص164؛ والكتاب 3/ 231؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص47؛ والمقاصد النحوية 4/ 352.(3/364)
وإنْ بِهِ سُمِّيَ أو بِما لَحِقْ ... بهِ فالانصِرافُ مَنْعُهُ يَحِقّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والمعروف فيه الصرف لما تقدم. وقيل هما لغتان "وإن به سمي أو بما لحق به فالانصراف منعه يحق" يعني أن ما سمي به من مثال مفاعل أو مفاعيل فحقه منع الصرف, سواء كان منقولًا من جمع محقق كمساجد اسم رجل أو مما لحق به من لفظ أعجمي مثل سراويل وشراحيل، أو لفظ ارتجل للعلمية مثل هوازن. قال الشارع: والعلة منع صرفه ما فيه من الصيغة مع أصالة الجمعية أو قيام العلمية مقامها، فلو طرأ تنكيره انصرف على
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ومولعًا بفتح اللام حال من الضمير في يحدو من أولع بالشيء أغري به, واللقاح بفتح اللام ماء الفحل وأما بكسرها فجع لقحة وهي الناقة التي تحلب, وليس مرادًا هنا, والزيفة بفتح الزاي الميلة والارتاج بالكسر من ارتجت الناقة إذا أغلقت رحمها على الماء. والمعنى من شدة طربهن من الحدو هممن بميلهن عن الارتاج كذا في العيني. قوله: "من لفظ أعجمي" بيان لما لحق أي: من اسم جنس مفرد أعجمي. قوله: "وشراحيل" مقتضى سياقه أنه اسم جنس مثل سراويل لا علم ولم يذكر في القاموس إلا أنه علم فتدبر.
قوله: "أو لفظ" هكذا في النسخ بالجر عطفًا على لفظ الأول أو على جمع, قال البعض والصواب النصب عطفا على منقولًا؛ لأن العلم المرتجل مقابل للعلم المنقول لا أن الثاني منقول عن الأول ا. هـ. بإيضاح وهو تصويب في غير محله لإمكان تصحيح عبارة الشارح بجعل قوله: أو مما لحق به عطفا على منقولا وجعل من فيه تبعيضية لا صلة النقل, وجعل قوله أو لفظ عطفا على لفظ الأول. والمعنى أو كان ما سمي به من مثال مفاعل أو مفاعيل بعض ما لحق بالجمع من اسم جنس أعجمي أو لفظ ارتجل للعلمية ويرجع هذا أنه عليه يكون اللفظ المرتجل للعلمية داخلًا فيما لحق بالجمع فيكون مما شمله قول المصنف, وإن به سمي أو بما لحق إلخ بخلافه على نصب لفظ عطفا على منقولًا, فإنه يكون هذا القسم زائدًا على كلام المصنف فينافي تصدير الشارح العبارة بالعناية, فعض على هذا التحقيق والله ولي العناية. ثم لا بد من كون هذا اللفظ المرتجل للعلمية أعجميا؛ لئلا ينافي ما أسلفه الشارح من أن هذا الوزن لا يكون في العربية إلا جمعا أو منقولا عن الجمع. لا يقال يدخل هذا القسم حينئذ في قوله: من لفظ أعجمي؛ لأنا نقول قد أسلفنا أن المراد باللفظ الأعجمي اسم الجنس المفرد الأعجمي.
قوله: "مثل هوازن" كذا في نسخ وهي ظاهرة, وفي نسخ أخرى مثل كشاجم بشين معجمة ثم جيم واعترض عليها بأن كشاجم بضم الكاف اسم الشاعر المعروف. وأجيب بأنه يحتمل أن مراد الشارح اسم آخر مفتوح الكاف غير اسم الشاعر. قوله: "والعلة في منع صرفه" أي: ما سمي به من ذلك. قوله: "ما فيه من الصيغة مع أصالة الجمعية" هذه العلة الأولى قاصرة على ما سمي به من الجمع كمساجد علم رجل, ولا تشمل نحو: سراويل وشراحييل, ولا نحو: هوازن وكشاجم ولعل العلة في هذين القسمين ما قاله البعض من وجود صيغة منتهى الجمع قبل العلمية وبعدها.(3/365)
والعَلمَ امْنَعْ صَرْفَهُ مُرَكَّبَا ... تَرْكيبَ مَزْجٍ نحوُ مَعْديكربا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مقتضى التعليل الثاني دون الأول ا. هـ. قال المرادي: قلت مذهب سيبويه أنه لا ينصرف بعد التنكير لشبهه بأصله. ومذهب المبرد صرفه لذهاب الجمعية، وعن الأخفش القولان، والصحيح قول سيبويه؛ لأنهم منعوا سراويل من الصرف وهو نكرة وليس جمعًا على الصحيح ا. هـ "والعلم امنع صرفه مركبًا مزج نحو معد يكربا" قد تقدم أن ما لا ينصرف على ضربين: أحدهما ما لا ينصرف في تعريف ولا تنكير، والثاني ما لا ينصرف في التعريف وينصرف في التنكير، وقد فرغ من الكلام على الضرب الأول. وهذا شروع في الثاني وهو سبعة قسام كما مر: الأول المركب تركيب المزج نحو: بعلبك وحضرموت ومعد يكرب لاجتماع فرعية المعنى بالعلمية وفرعية اللفظ بالتركيب، والمراد بتركيب المزج أن يجعل الاسمان اسمًا واحدًا لا بإضافة ولا بإسناد بل ينزل عجزه من الصدر منزلة تاء التأنيث ولذلك التزم فيه فتح آخر الصدر, إلا إذا كان معتلا فإنه يسكن نحو: معد يكرب؛ لأن ثقل التركيب أشد من ثقل التأنيث، فجعلوا لمزيد الثقل مزيد تخفيف بأن سكنوا ياء معد يكرب ونحوه، وإن كان مثلها قبل تاء التأنيث يفتح نحو: رامية وعارية، وقد يضاف أول جزأي: المركب إلى ثانيهما فيستصحب سكون ياء معد يكرب ونحوه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "أو قيام العلمية مقامها" أي: أو ما فيه من الصيغة مع قيام علميته مقام جمعيته التي كانت له أو جمعية غيره. قوله: "التعليل الثاني" هو ما فيه من الصيغة مع قيام العلمية مقام الجمعية. وقوله: دون الأول هو ما فيه من الصيغة مع أصالة الجمعية. قوله: "لذهاب الجمعية" أي: بالعلمية التي خلفت الجمعية ثم زالت بلا خلف عنها.
قوله: "لأنهم منعوا سراويل إلخ" فيه رد لتعليل المبرد الصرف بذهاب الجمعية. قوله: "والعلم" مفعول لمحذوف يفسره المذكور باللزوم أي: اقصد العلم امنع صرفه فهو على حد زيدًا أكرم أخاه، قوله: "مركبًا تكريب مزج" أي: غير عددي وغير مختوم بويه كما يؤخذ من قوله نحو: معد يكرب, على ما يأتي. قوله: "ما لا ينصرف في تعريف ولا تنكير" هو ما إحدى علتيه الوصفية وهو ثلاثة وما منع صرفه لعلة واحدة وهو اثنان. قوله: "والثاني ما لا ينصرف إلخ" ضابطه ما إحدى علتيه العلمية. قوله: "بل ينزل عجزه إلخ" التعريف للمركب المزجي المعرب فلا اعتراض بأن المركب العددي والمختوم بويه, والمركب من الأحوال والظروف مركبات مزجية, مع أن التعريف لا يصدق عليها أفاده شيخنا السيد. قوله: "منزلة تاء التأنيث" أي: في أن الإعراب على العجز وما قبله ملازم لحالة واحدة وهي الفتح إلا نحو: معد يكرب كما سيذكره الشارح.
قوله: "ولذلك" أي: للتنزيل المذكور, وقوله: فإنه يسكن أي: يبقى على سكونه. قوله: "بأن سكنوا" الباء سببية متعلقة بمزيد تخفيف أو تصويرية للجعل المذكور. وقوله ونحوه كقالي قلا اسم موضع. وقوله: وإن كان مثلها أي: الياء.
قوله: "وقد يضاف أول جزأي المركب" أي: المزجي سواء كان آخر صدره ياء أو لا فأل للعهد الذكرى لكنه بعد الإضافة لا يسمى مركبًا مزجيا؛ لأن(3/366)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تشبيهًا ببناء دردبيس، فيقال: رأيت معد يكرب؛ ولأن من العرب من يسكن مثل هذه الياء في النصب مع الإفراد تشبيهًا بالألف, فالتزم في التركيب لزيادة الثقل ما كان جائزًا في الإفراد، ويعامل الجزء الثاني معاملته لو كان منفردًا، فإن كان فيه مع التعريف سبب مؤثر امتنع صرفه كهرمز من رام هرمز؛ لأن فيه مع التعريف عجمة مؤثرة فيجر بالفتحة ويعرب الأول بما تقتضيه العوامل نحو: جاء رام هرمز ورأيت رام هرمز ومررت برام هرمز.
ويقال في حضرموت هذه حضرموت ورأيت حضرموت ومررت بحضرموت؛ لأن موتًا ليس فيه من التعريف سبب ثان، وكذلك كرب في اللغة المشهورة، وبعض العرب لا يصرفه حينئذٍ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الإضافي قسيم المزجي فتسميته مزجيا باعتبار حالته الأخرى أعني حالة مزجه. واعلم أن هذه الإضافة لفظية لا معنوية؛ لأن بكا مثلًا ليس اسمًا لشيء أضيف إليه بعل حتى تظهر ثمرة الإضافة المعنوية, بل هو بمنزلة الراء من جعفر فلا فرق في المعنى بين الإضافة وعدمها, ولا فائدة لها إلا التنبيه على شدة امتزاج الكلمتين واتحادهما؛ لأن المتضايفين كالشيء الواحد, ولا ينافيه حصول هذه الفائدة بالمزج؛ لأن فائدة الشيء قد تحصل بغيره أيضًا.
قوله: "فيستصحب سكون إلخ" أي: في الأحوال الثلاثة, وقيل تفتح في النصب وتسكن في الرفع والجر. قوله "تشبيها بياء دردبيس" أي: بجامع أن كلا من الياءين وسط, وإن كان دردبيس كلمة تحقيقًا ومعد يكرب كلمة تنزيلا, ودردبيس اسم للداهية والعجوز الفانية وخرزة للحب قاله في القاموس. قوله: "ولأن من العرب من يسكن مثل هذه الياء إلخ" المتبادر أن ذلك على سبيل الجواز لا الوجوب وإن نقله البعض عن البهوتي وأقره وقوله: مع الإفراد أي: عدم التركيب كقوله:
ولو أن واش باليمامة داره
وقوله: تشبيها بالألف في نحو: الفتى بجامع؛ أن كلا حرف علة, وقوله: ما كان جائزًا في الإفراد معنى جوازه في الإفراد أن بعض العرب يجيز التسكين والفتح حال النصب, وإن كان البعض الآخر يوجب الفتح أو أن اللفظ في حد ذاته بقطع النظر عن لغة مخصوصة يجوز فيه حال النصب الفتح كما هو لغة بعض العرب, والتسكين كما هو أحد وجهين جائزين عند بعض آخر, وعلى فرض أن من يسكن يوجب التسكين معنى جوازه في الإفراد أن اللفظ في حد ذاته بقطع النظر عن لغة مخصوصة يجوز فيه حال النصب الفتح كما هو لغة بعض العرب والتسكين كما هو لغة بعض آخر. قوله: "ويعامل الجزء الثاني إلخ" معطوف على يضاف فمعاملة الجزء الثاني المذكور على لغة إضافة صدره إلى عجزه كما قاله المرادي, وقوله: معاملته أي: معاملة نفسه في الصرف وعدمه.
قوله: "فإن كان فيه مع التعريف" إنما قال: مع التعريف؛ لأن المركب لم يخرج عن العلمية بهذا الإعراب, فهو معرفة وجزء المعرفة هنا كالمعرفة سم قوله: "وبعض العرب لا يصرفه" أي:(3/367)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فيقول في الإضافة: هذا معد يكرب فيجعله مؤنثًا. وقد يبنيان معًا على الفتح ما لم يعتل الأول فيسكن تشبيهًا بخمسة عشر. وأنكر بعضهم هذه اللغة وقد نقلها الأثبات. وقد سبق الكلام على ذلك في باب العلم.
تنبيهان: الأول أخرج بقوله: معد يكرب ما ختم بويه؛ لأنه مبني على الأشهر، ويجوز أن يكون لمجرد التمثيل, وكلامه على عمومه ليدخل على لغة من يعربه، ولا يرد على لغة من بناه؛ لأن باب الصرف إنما وضع للمعربات، وقد تقدم ذكره في باب العلم. الثاني احترز بقوله: تركيب العدد نحو: خمسة عشرة فمتحتم البناء عند البصريين، وأجاز فيه الكوفيون إضافة صدره إلى عجزه وسيأتي في بابه، فإن سمي به ففيه ثلاثة أوجه: أن يقر على حاله، وأن يعرب إعراب ما لا ينصرف، وأن يضاف صدره إلى عجزه. وأما تركيب الأحوال والظروف
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كربا, حينئذ أي: حين إذ أضيف إليه معدي. قال الخبيصي: من قدر كربا اسمًا للكربة منع صرفه, ومن قدره اسما للحزن صرفه, ومن قدر بكا وقلا في بعلبك وقالى قلا, ونحو ذلك اسما للبقعة منعه من الصرف, ومن قدره اسمًا لموضع أو مكان صرفه. دماميني. قوله: "فيجعله مؤنثًا" لو قال كابن الناظم يجعله مؤنثًا لكان أولى؛ لأن جعله مؤنثًا لا يتفرع عل ما قبله, بل هو سبب لما قبله. قوله: "تشبيهًا بخمسة عشر" تعليل لبناء الجزأين على الفتح, والمعنى تشبيهًا للنوع المتكلم فيه من المزجي, وهذا النوع منه هو المعرب بنوع آخر منه ليس الكلام فيه, وهو المبنى فلا ينافي كلامه أن المركب العددي من المزجي. قوله: "وقد نقلها الأثبات" جمع ثبت بفتح المثلثة وسكون الموحدة وهو الثقة. قوله: "أخرج بقوله: معد يكربًا إلخ" فيه أن المثال لا يخصص ا. هـ. سم وأجاب شيخنا بأن الناظم كثيرًا ما يستغني بالتمثيل عن التقييد. أي: وقولهم المثال لا يخصص معناه أنه ليس نصا في التخصيص, فلا ينافي أنه راجح فيه لقرينة كعادة الناظم فافهم. قوله: "لأنه مبني" أي: على الكسر أما البناء؛ فلأن ويه اسم صوت, وأما الكسر فعلى أصل التقاء الساكنين.
قوله: "ليدخل على لغة من يعربه" اعلم أن سيبويه لا يجوز فيه البناء على الكسر وأما الجرمي فجوز إعرابه إعراب ما لا ينصرف, قال أبو حيان: وهو مشكل إلا أن يستند إلى سماع وإلا لم يقبل؛ لأن القياس البناء لاختلاط الاسم بالصوت وصيرورتهما اسمًا واحدًا. قوله: "وقد تقدم ذكره في باب العلم" أي: ذكر المختوم بويه بما فيه من اللغات بعضها في المتن وبعضها في الشرح أي: فلا حاجة إلى استقصائها هنا حتى يرد أنه لم يذكر فيه جواز الإضافة كغير المختوم بويه. قوله: "شغر بغر" بغين معجمة مفتوحة فيهما مع فتح أول كل وكسره يقال ذهب القوم شغر بغر أي: متفرقين من أشغر في البلد أبعد وبغر النجم سقط؛ لأنهم بتفرقهم تباعد بعضهم عن بعض وسقطوا في الأماكن التي تفرقوا إليها أفاده الدماميني. وهذا المثال والمثال الثاني لما ركب من الأحوال, وأما الثالث فلما ركب من الظروف الزمانية.(3/368)
كَذاكَ حاوِي زائِدَيْ فَعْلانَا ... كَغَطَفَانَ وكَأَصْبَهانَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
نحو: شعر بغر وبيت بيت وصباح مساء إذا سمي به أضيف صدره إلى عجزه وزال التركيب. هذا رأي سيبويه. وقيل يجوز فيه التركيب والبناء "كذاك حاوي زائدي فعلانا كغطفان وكأصبهانا" يعني أن زائدي فعلان يمنعان مع العلمية في وزن فعلان وفي غيره نحو: حمدان وعثمان وعمران وغطفان وأصبهان. وقد نبه على التعميم بالتمثيل.
تنبيهات: الأول علامة زيادة الألف والنون سقوطهما في بعض التصاريف كسقوطهما في رد نسيان وكفران إلى نسي وكفر، فإن كانا فيما لا يتصرف فعلامة الزيادة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وبيت وبيت" تقول: هو جاري بيت بيت, وأصله بيتًا ملاصقًا لبيت فحذف الجار وهو اللام وركب الاسمان, وعامل الحال ما في قوله: جاري من معنى الفعل فإنه في معنى مجاوري. وجوزوا أن يكون الجار المقدر إلى وأن لا يقدر جار أصلًا بل العاطف. شرح الشذور. قوله: "وصباح ومساء" تقول فلان يأتينا صباح مساء أي: كل صباح ومساء فحذف العاطف وركب الظرفان قصدًا للتخفيف, ولو أضفت فقلت: صباح مساء لجاز أي: صباحًا مقترنًا بمساء ا. هـ. شرح الشذور وظاهره أن العاطف الذي تضمنه التركيب الواو, وفي الرضي أنه الفاء؛ لأن الفاء للتعقيب فتقيد العموم إذ المعنى يأتينا صباحًا فمساء عقبه بلا فصل إلى ما لا يتناهى, فليراجع الرضي. ومثال الظروف المكانية قولهم: سهلت الهمز بين بين وأصله بينها وبين حرف حركتها فحذف ما أضيف إليه بين الأولى وبين الثانية وحذف العاطف وركب الظرفان يس. قوله: "وقيل يجوز فيه التركيب والبناء" أي: كحالة قبل التسمية به فالتركيب والبناء وجه واحد. هذا هو المتبادر ويؤيده أن المعرفة إذا أعيدت معرفة كانت عينًا فيكون المراد التركيب المذكور في قوله: وزال التركيب. وفي قوله: وأما تركيب الأحوال والظروف ومن ادعى غير ذلك كالبعض والبهوتي فعليه الإثبات. قوله: "كذاك حاوي" أي: علم حاوي زائدي فعلانًا.
فائدة: قال أبو الفتح: إذا سميت رجلًا ذان صرفته؛ لأن ألفه وإن كانت زائدة فإنها لما عاقبت ألف ذا التي هي عين جرب مجرى الأصل وأما زيدان المسمى به رجل فإنه لا ينصرف؛ لأنه يبقى بعد إسقاط زائديه ثلاثة أحرف, وهذا شيء يكون وضع الأسماء المعربة عليه. وأما ذان فإنه يبقى بعد الحذف على حرف واحد نقله سم. قوله: "كغطفان" بفتح الغين المعجمة والطاء المهملة اسم قبيلة من العرب سميت باسم أبيها تصريح. قوله: "وكأصبهانا" بفتح الهمزة وكسرها وبفتح الباء الموحدة عند أهل المغرب والفاء عند أهل المشرق اسم مدينة بفارس سميت باسم أول من نزلها, وأصبه اسم فرس كذا في التصريح. قال في القاموس: وهي كلمة أعجمية وأصلها أسباهان أي: الأجناد؛ لأنهم سكنوها وفي كلامه ما يفيد أن فتح الهمزة أكثر من كسرها وأن الموحدة أكثر من الفاء.
قوله: "فعلامة الزيادة إلخ" فإذا جهل كل من زيادة الألف والنون وأصالتهما فسيبويه والخليل يمعنان الصرف لحوقًا بالأكثر وغيرهما لا يحتم الزيادة إلا بدليل ا. هـ. حفيد. قوله:(3/369)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أن يكون قبلهما أكثر من حرفين أصولًا، فإن كان قبلهما حرفان ثانيهما مضعف فلك اعتباران: أن قدرت أصالة التضعيف فالألف والنون زائدتان، وإن قدرت زيادة التضعيف فالنون أصلية. مثال ذلك: حسان إن جعل من الحس فوزنه فعلان، وحكمه أن لا ينصرف وهو الأكثر فيه، ومن شعره:
1030- ما هاجَ حَسَانَ رُسُومُ المَدَامْ ... ومَظْعَنُ الحَيِّ ومَبنَى الخِيامْ
وإن جعل من الحسن فوزنه فعال، وحكمه أن ينصرف. وشيطان إن جعل من شاط يشيط إذا احترق امتنع صرفه، وإن جعل من شطن انصرف. ولو سميت برمان فذهب سيبويه والخليل إلى المنع لكثرة زيادة النون في نحو: ذلك، وذهب الأخفش إلى صرفه؛ لأن فعالًا في النبات أكثر، ويؤيده قول بعضهم: أرض مرمنة. الثاني إذا أبدل من النون الزائدة لام
ـــــــــــــــــــــــــــــ
"فإن كان قبلهما حرفان إلخ" يتبادر إلى الوهم أن هذا مفهوم قوله: أكثر من حرفين أصولًا, وليس كذلك؛ لأنه يلزم عليه أن يكون قوله: فإن كان قبلها حرفان إلخ, من صور ما إذا كانا فيما لا ينصرف وليس كذلك, بدليل التمثيل بحسان وحينئذ فهو كلام مستقل. قوله: "إن قدرت أصالة التضعيف" أي: أصالة ما حصل به التضعيف وهو الحرف الثاني, قيل لبعضهم: أتصرف عفان قال: إن هجوته أي: لأنه حينئذ من العفونة لا إن مدحته أي: لأنه حينئذ من العفة. قوله: "إن جعل من الحق إلخ" عبارة مستقيمة مناسبة, واعتراض البعض عليها بأن المناسب لقوله: إن قدرت إلخ أن يقول: إن جعل وزنه فعلان إلخ, وإن جعل وزنه فعال إلخ بإسقاط من الحس ومن الحسن غير ناهض كما لا يخفى ودعواه أن الكلام فيما لا ينصرف فلا يلائمه قوله: من الحس ومن الحسن قد عرفت منعه, وما يتبادر من العبارة أن المتكلم بنحو: حسان مخير في الصرف وعدمه نظرًا للاعتبارين مسلم ولا ينافيه ما سيأتي في رمان من الخلاف؛ لأن فيه وجد المرجح لأحد الاعتبارين عند القائل بصرفه, والقائل بمنع صرفه بخلاف نحو: حسان.
قوله: "وشيطان إلخ" استطراد؛ لأنه صفة والكلام في الأعلام؛ ولأنه غير مضاعف وكلام الشارح في المضاعف, وقد يبحث في العلة الأولى بأن المراد شيطان المسمى به. قوله: "من شطن" أي: بعد عن الحق وبابه قعد. مصباح. قوله: "لأن فعالًا في النبات أكثر" أي: من فعلان بالضم. قوله: "مرمنة" كذا بخط الشارح وفي بعض النسخ رمنة, والمعنى كثيرة الرمان, كذا قال شيخنا وغيره وسها البعض فعكس وضبط شيخنا السيد مرمنة بفتح الميم أي: الأولى والثانية, ويؤيده ضبطه بالقلم هكذا في النسخ الصحيحة من القاموس. قوله: "إذا أبدل من النون الزائدة لام إلخ" حاصله أن النظر للأصل لا للطارئ ا. هـ. سم أي: في الصورتين اللتين ذكرهما الشارح. قوله:
__________
1030- البيت من السريع، وهو في ديوان حسان ص184.(3/370)
كذ مُؤنَّثٌ بهاءٍ مُطْلَقا ... وشرْطُ منعِ العار كونُهُ ارْتَقَى
فوق الثلاثِ أو كحُورَ أو سَقَرْ ... أو زَيدٍ اسمَ امرأةٍ لا اسمَ ذَكَرْ
وَجْهانِ في العادِمِ تَذْكيرًا سَبَقْ ... وعُجْمةً كهَنْدَ والمَنْعُ أحقّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
منع الصرف إعطاء للبدل حكم المبدل، مثال ذلك أصيلال فإن أصله أصيلان، فلو سمي به منع, ولو أبدل من حرف أصلي نون صرف بعكس أصيلال. ومثال ذلك حنان في حناء أبدلت همزته نونًا. الثالث ذهب الفراء إلى منع الصرف للعلمية وزيادة ألف قبل نون أصلية تشبيهًا لها بالزائدة نحو: سنان وبيان، والصحيح صرف ذلك "كذا مؤنث بهاء مطلقًا وشرط منع العار كونه ارتقى. فوق الثلاث أو كجور أو سقر أو زيد اسم امرأة لا اسم ذكر وجهان في العادم تذكيرًا سبق وعجمة كهند والمنع أحق" مما يمنع الصرف اجتماع العلمية والتأنيث بالتاء لفظًا أو تقديرًا: أما لفظًا فنحو: فاطمة وإنما لم يصرفوه لوجود العلمية في معناه ولزوم علامة التأنيث في لفظه، فإن العلم المؤنث لا تفارقه العلامة، فالتاء فيه بمنزلة الألف في حبلى وصحراء فأثرت في منع الصرف بخلافها في الصفة. وأما تقديرًا ففي المؤنث المسمى في الحال كسعاد وزينب أو في الأصل، كعناق اسم رجل وأقاموا في
ـــــــــــــــــــــــــــــ
"أصيلان" تصغير أصيل على غير قياس ا. هـ. تصريح والأصيل العشي كما في القاموس. قوله: "صرف" لأصالة النون حينئذ؛ لأنها بدل من أصلي. قوله: "حنان" أي: مسمى به؛ لأن الكلام في العلم. قوله: "كذا مؤنث" أي: علم مؤنث, وكذا جزء علم مؤنث كما في أبي هريرة وأبي قحافة سم. قوله: "مطلقًا" حال من الضمير في الخبر.
قوله: "وشرط منع العار" أي: المؤنث العاري من الهاء. قوله: "فوق الثلاث" على حذف مضاف أي: فوق ذي الثلاث؛ لأن الاسم لا يرتقي فوق الأحرف الثلاثة, وإنما يرتقي فوق اسم آخر ذي أحرف ثلاثة كذا في الشاطبي. قوله: "أو كجور" عطف على محل ارتقى. وقوله: أو ستقر أو زيد عطفان على جور. وقوله: اسم امرأة حال من زيد. قوله: "وجهان" مبتدأ والمسوغ كونه في معرض التقسيم وفي العادم خبر. وتذكيرًا مفعول العادم وسبق جملة في محل نصب نعت تذكيرًا وعجمة عطف على تذكيرًا وكان عليه أن يزيد وتحرك الوسط إلا أن يقال هو مأخوذ من قوله: كهند. قوله: "في معناه" أي: فيه باعتبار وضعه لمعناه المشخص ففيه مسامحة. قوله: "ولزوم علامة التأنيث في لفظه" اعترضه سم بأنه مناف لما تقدم من الفرق بين ألف التأنيث وتائه حيث استقلت الأولى بالمنع دون الثانية, بأن الأولى لازمة لما هي فيه دون الثانية. وأجيب بأن الألف لازمه مطلقا أي: في العلم وغيره كالصفة والتاء ليست كذلك بل إنما تلزم في العلم وكلامنا الآن في العلم.
قوله: "بخلافها في الصفة" أي: بخلاف التاء حالة كونها في الصفة كقائمة وقاعدة فإنها لا تؤثر فيها؛ لأنها في حكم الانفصال فإنها تارة تجرد منها وتارة تقترن بها تصريح. قوله: "ففي المؤنث المسمى" من إضافة الوصف إلى مرفوعه أي: المؤنث مسماه وقول البعض أي: المسمى(3/371)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ذلك كله تقدير التاء مقام ظهورها. إذا عرفت ذلك فالمؤنث بالتاء لفظًا ممنوع من الصرف مطلقًا: أي: سواء كان مؤنثا في المعنى أم لا، زائدًا على ثلاثة أحرف أم لا، ساكن الوسط أم لا إلى غير ذلك مما سيأتي: نحو: عائشة وطلحة وهبة. وأما المؤنث المعنوي فشرط تحتم منعه من الصرف أن يكون زائدًا على ثلاثة أحرف نحو: زينب وسعاد؛ لأن الرابع ينزل منزلة تاء التأنيث أو محرك الوسط كسقر ولظى؛ لأن الحركة قامت مقام الرابع خلافًا لابن الأنباري فإنه جعله ذا وجهين. وما ذكره في البسيط من أن سقر ممنوع الصرف باتفاق ليس كذلك، أو يكون أعجميا كجور وماه اسمي بلدين؛ لأن العجمة لما انضمت إلى التأنيث والعلمية تحتم المنع، وإن كانت العجمة لا تمنع صرف الثلاثي؛ لأنها هنا لم تؤثر منع الصرف, وإنما أثرت تحتم المنع. وحكى بعضهم فيه خلافًا فقيل: إنه كهند في جواز الوجهين أو منقولًا من مذكر نحو: زيد إذا سمي به امرأة؛ لأنه حصل بنقله إلى التأنيث ثقل عادل خفة اللفظ. هذا مذهب سيبويه والجمهور، وذهب عيسى ابن عمر والجرمي والمبرد
ـــــــــــــــــــــــــــــ
به؛ لأن الكلام في اللفظ غفلة ناشئة عن توهم أن المسمى صفة للمؤنث وليس كذلك كما علمت, بدليل قوله: في الحال كسعاد وزينب أو في الأصل إلخ فلا تكن من الغافلين. قوله: "وهبة" أي: علمًا. قوله: "وأما المؤنث المعنوي" أي: ما ليس علامته لفظية وإلا فالتأنيث مطلقًا راجع للفظ كما تقدم؛ لأن علامته الملفوظة أو المقدرة لفظية ا. هـ. يس وأراد باللفظية أولًا الظاهرة وثانيًا الأعم فلا تناقض, ومعنى كون المقدرة لفظية أنها ترجع للفظ والمراد المؤنث المعنوي من الأعلام؛ لأنها موضع الكلام.
قوله "لأن الحركة قامت مقام الرابع" لأن الاسم بالحركة خرج عن أعدل الأسماء وهو الثلاثي الساكن الوسط فصار كالرباعي في الثقل؛ ولأنها في النسب كالحرف الخامس, فلو نسبت إلى جمزى لقلت جمزي بحذف الألف لا غير, ولو كان الوسط ساكنًا لجاز فيه الحذف والقلب واوًا تقول في النسب إلى حبلى حبلي أو حبلوي كما سيأتي دنوشري. قوله: "اسمي بلدين" ينبغي أن يقول: اسمي بلدتين ليكون جور وماه مما نحن فيه وأما إذا جعلا اسمي بلدين كانا مذكرين فيكونان مثل نوح ولوط في الصرف. قوله: "أو منقولًا من مذكر إلخ" لي ههنا بحث وهو أنه كيف يتحتم منع نحو: زيد إذا سمي به مؤنث عند سيبويه والجمهور ولا يتحتم عندهم منع نحو: هند مع عروض تأنيث الأول وأصالة تأنيث الثاني ومع استوائهما في عدد الحروف وفي الهيئة وهلا جاز الوجهان في الأول كالثاني أو تحتم منع الثاني كالأول ومن هنا تظهر قوة مذهب عيسى بن عمر والجرمي والمبرد فتأمل. قوله: "وذهب عيسى إلخ" استدلوا بقوله تعالى: {اهْبِطُوا مِصْرًا} مع قوله: وقال {ادْخُلُوا مِصْرَ} فإن مصر في الأصل اسم لمذكر وهو ابن نوح, ثم نقل وجعل علمًا على البلدة, وهي مؤنثة فصار كزيد المذكور وجوابه أنا لا نسلم علمية المنصرف سلمنا لكن لا نسلم أنه مؤنث بل يجوز أن يكون قد لحظ فيه المكان دماميني.(3/372)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إلى أنه ذو وجهين. واختلف النقل عن يونس، وأشار بقوله: وجهان في العادم تذكيرًا إلى آخر البيت, إلى أن الثلاثي الساكن الوسط إذا لم يكن أعجميا ولا
منقولًا من مذكر كهند ودعد يجوز فيه الصرف, ومنعه والمنع أحق، فم صرفه
نظر إلى خفة السكون وأنها قاومت أحد السببين، ومن منع نظر إلى وجود
السببين ولم يعتبر الخفة، وقد جمع بينهما الشاعر في قوله:
1031- لَمْ تَتَلفَّعْ بفَضْلِ مِئْزَرِها ... دَعُدٌ ولم تُسْقَ دَعْدُ في العُلَبِ
تنبيهات: الأول ما ذكره من أن المنع أحق هو مذهب الجمهور. وقال أبو علي: الصرف أفصح. قال ابن هشام: وهو غلط جلي. وذهب الزجاج قيل والأخفش إلى أنه متحتم المنع. قال الزجاج: لأن السكون لا يغير حكمًا أوجبه اجتماع علتين يمنعان الصرف. وذب الفراء إلى أن ما كان اسم بلدة لا يجوز صرفه نحو: فيد؛ لأنهم لا يرددون اسم البلدة على غيرها فلم يكثر في الكلام بخلاف هند. الثاني: لا فرق بين ما سكونه أصلي كهند أو عارض بعد التسمية كفخذ أو الإعلال كدار. الثالث: قال في شرح الكافية: وإذا سميت امرأة بيد ونحوه مما هو على حرفين جاز فيه ما جاز في هند، ذكر ذلك سيبويه، هذا لفظه. وظاهره جواز الوجهين وأن الأجود المنع وبه صرح في التسهيل، فقول صاحب البسيط في يد: صرفت بلا خلاف ليس بصحيح. الرابع: إذ صغر نحو: هند ويد تحتم منعه لظهور التاء نحو: هنيدة ويدية فإن صغر بغير تاء نحو: حريب وهي ألفاظ مسموعة انصرف.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "كهند ودعد" مثلهما بنت وأخت علمي مؤنث كما سيأتي. قوله: "والمنع أحق" أي: لوجود السببين. قوله: "لم تتلفع إلخ" يعني أنها ليست من البدو حتى يكون لها ذلك بل هي حضرية قاله شيخنا السيد. قوله: "الصرف أفصح" لمقاومة الخفة أحد السببين مع كون الصرف هو الأصل فيرجع إليه بأدنى سبب فدعوى ابن هشام أنه غلط جلي غير ظاهرة. قوله: "لأنهم لا يرددون اسم البلدة على غيرها" أي: لا يوقعون فيه الاشتراك اللفظي أي: غالبًا بخلاف أسماء الأناسي فإنهم يوقعونه فيها كثيرًا فاحتاجت إلى التخفيف وإنما قلنا أي: غالبًا؛ لأنهم قد يوقعونه في اسم البلدة. قوله: "أو الإعلال كدار" لأن أصله دور فقلبت الواو ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها. قوله: "وبه صرح في التسهيل" وهو ظاهر كلامه هنا أيضًا إذ يد وإن كان ثنائيا لفظًا فهو ثلاثي تقديرًا ساكن الوسط إذ أصله يدي بالإسكان كما في الصحاح زكريا. قوله: "نحو: حريب" تصغير حرب وحرب مؤنثة وقوله: وهي أي: حريب ونحوها مما سيأتي في التصغير. قوله:
__________
1031- البيت من المنسرح، وهو لجرير في ملحق ديوانه ص1021؛ ولسان العرب 3/ 166 "دعد"، 9/ 321 "لفع"؛ ولعبيد الله بن قيس الرقيات في ملحق ديوانه ص178؛ وبلا نسبة في أدب الكاتب ص282؛ وأمالي ابن الحاجب ص395؛ والخصائص 3/ 61؛ وشرح قطر الندى ص318؛ وشرح المفصل 1/ 70؛ والكتاب 3/ 241؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص50؛ والمنصف 2/ 77.(3/373)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الخامس: إذا سمي مذكر بمؤنث مجرد من التاء فإن كان ثلاثيا صرف مطلقًا خلافًا للفراء وثعلب إذ ذهبا إلى أنه لا ينصرف سواء تحرك وسطه نحو: فخذ أم سكن نحو: حرب. ولابن خروف في المتحرك الوسط وإن كان زائدًا على الثلاثة لفظًا نحو: سعاد أو تقديرًا كاللفظ نحو: جيل مخفف جيأل اسم للضبع بالنقل منع من الصرف. السادس: إذا سمي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
"انصرف" قال الإسقاطي وتبعه غيره: لعل المراد جوازًا فيجوز المنع كهند ا. هـ. وهو متجه ويستفاد من كلام الشارح أن ياء التصغير لم يعتدوا بها في تصييره رباعيا وإلا كان متحتم المنع اتفاقًا.
قوله: "مطلقًا" أي: تحرك وسطه أم لا كما يؤخذ مما ذكره في القولين بعده وسكت عن كونه أعجميا أو لا واستظهر البعض أنه لا فرق قال يس, فإن قلت: لم لم يكتفوا هنا بتحريك الوسط؛ لأن حكمه حكم الزيادة كما تقدم, قلت: لأنه لما كان المسمى مذكرًا ضعف هنا معنى التأنيث جدا لكون اللفظ والمعنى مذكرين فاحتاجوا لتقوية معنى التأنيث بأقوى الأمور القائمة مقام التاء, وهو الحرف الزائد على الثلاثة فإنه في قيامه مقام التاء أقوى من تحرك الوسط ا. هـ. قوله "وإن كان زائدًا على الثلاثة إلخ" شرط في التسهيل لمنع صرفه ثلاثة شروط أن لا يسبق له تذكير انفرد به محققًا أو مقدرًا, وأن لا يحتاج تأنيثه إلى تأويل لا يلزم, وأن لا يغلب استعماله قبل العلمية في المذكر قال الدماميني: فيصرف أن سبق له تذكير انفرد به محققا كدلال علم مذكر منقولًا من مؤنث؛ لأنه في الأصل مصدر أو مقدرًا كحائض علم مذكر لسبق التذكير تقدير إذ المعنى شخص حائض, بدليل أنهم إذا صغروه لم يأتوا بالتاء, وقال الكوفيون: إذا سمي بنحو: حائض مذكر لم يصرف بناء على أن قولهم: إن نحو حائض لم تدخله التاء لاختصاصه بالمؤنث, والتاء إنما تدخل فرق ويرد عليهم أنهم إذا أرادوا بنحو: حائض معنى الفعل وهو الحدوث أدخلوا التاء, فقالوا: حائضة ومرضعة واحترز المصنف بقوله: انفرد به من نحو: ظلوم علم مذكر منقولا من مؤنث فهو ممنوع من الصرف؛ لأنه قبل التسمية به يطلق على المذكر والمؤنث تقول: مررت برجل ظلوم وامرأة ظلوم, وكذا يصرف المؤنث الزائدة على ثلاثة المسمى به مذكر إن احتاج تأنيثه إلى تأويل لا يلزم كرجال علم مذكر؛ لأن تأويله بالجماعة لا يلزم لجواز تأويله بالجمع, وكذا يصرف إن غلب استعماله قبل العلمية في المذكر كذراع علم مذكر فهو في الأصل مؤنث, لكن غلب في أعلام المذكرين ووصف به المذكر فقالوا: ثوب ذراع أي: قصير ا. هـ. باختصار.
قوله: "كاللفظ" صفة تقديرًا أي: تقديرًا كائنًا كاللفظ وبمنزلته بأن يكون الحذف قياسيا فإن حذف الهمزة بعد نقل حركتها قياسي ومنه شمل تخفيف شمأل, واحترز به مما هو على غير قياس كأيم في أيم فليس المحذوف من هذا كالملفوظ به ا. هـ. يس وعبارة الدماميني فإن الحرف المقدر بمنزلة الملفوظ به أما أولًا؛ فلأنه قد ينطق به, وأما ثانيًا؛ فلأن حركة الهمزة مشعرة به؛ ولهذا قال: كاللفظ واحترز به عن نحو: كتف فإن هاء التأنيث مقدرة فيه بدليل ظهورها في التصغير, ومع ذلك فهو مصروف وإن سمي به مذكر إذ لا يلفظ بها وليس في اللفظ مشعر بها ا. هـ. قوله: "اسم للضبع" أي: الأنثى ويقال للذكر ضبعان, وقوله بالنقل متعلق بمخفف. قوله: "إذا(3/374)
والعَجَمِيُّ الوَضْعِ والتَّعرِيفِ مَعْ ... زيدٍ على الثَّلاثِ صَرْفُهُ امْتَنَعْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
رجل ببنت أو أخت صرف عند سيبويه وأكثر النحويين؛ لأن تاءه قد بنيت الكلمة عليها وسكن ما قبلها فأشبهت تاء جبت وسحت. قال ابن السراج: ومن أصحابنا من قال إن تاء بنت وأخت للتأنيث, وإن الاسم مبنيا عليها فيمنعونهما الصرف في المعرفة, ونقله بعضهم عن الفراء. قلت: وقياس قول سيبويه إنه إذا سمي بهما مؤنث أن يكون على الوجهين في هند. السابع: كان الأولى أن يقول بتاء بدل قوله بهاء, فإن مذهب سيبويه والبصريين أن علامة التأنيث التاء والهاء بدل عندهم عنها في الوقف، وقد عبر بالتاء في باب التأنيث فقال: علامة التأنيث تاء أو ألف، وكأنه إنما فعل ذلك للاحتراز من تاء بنت وأخت, وكذا فعل في التسهيل. الثامن مراده بالعار في قوله: وشرط منع العار العاري من التاء لفظًا، وإلا فما من مؤنث بغير الألف إلا وفيه التاء إما ملفوظة أو مقدرة "والعجمي الوضع
ـــــــــــــــــــــــــــــ
سمي رجل ببنت أو أخت إلخ".
فائدتان: الأولى قال الدماميني: لو سمي مذكر بما هو اسم مؤنث على لغة وصفة لمؤنث على لغة. نحو: جنوب ودبور وشمال بفتح أوله فإنها عند بعض العرب أسماء للريح وعند بعضهم صفات جرت على الريح وهي مؤنثة -ففيه وجهان المنع كزينب والصرف كباب حائض ا. هـ. الثانية قال في التسهيل: صرف أسماء القبائل والأرضين والكلم ومنعه مبنيان على المعنى فإن كان أبا أو حيا أو مكانًا أو لفظًا أو قبيلة أو بقعة أو كلمة أو سورة لم يصرف وقد يتعين اعتبار القبيلة نحو: يهود ومجوس علمين أو البقعة نحو: دمشق أو المكان نحو: بدر ا. هـ. وكذا حروف الهجاء تذكر باعتبار الحرف وتؤنث باعتبار الكلمة قال الدماميني: وإطلاقهم القول بجواز الأمرين محمول على ما إذا لم يتحقق مانعان من الصرف, فإن تحققا فمنع الصرف بكل حال نحو: تغلب وباهلة وخولان وقوله: وقد يتعين إلخ يعني أن جواز الصرف وعدمه بحسب الاعتبارين إنما هو فيما لم يقتصر فيه العرب على أحدهما أما هو فلا تتجاوز فيه ما سمع زاد في الهمع وقد يتعين اعبار الحي ككلب.
قوله: "فأشبهت تاء جبت وسحت" فيه نشر على ترتيب اللف والجبت في الأصل اسم للصنم ثم استعمل في كل ما يعبد من دون الله عز وجل, والسحت هو الحرام. قوله: "وقياس قول سيبويه" أي: قوله: أن بنتا وأختا إذا سمي بهما رجل يصرفان كما في زكريا. قوله: "أن يكون على الوجهين" جزم غير الشارح بنقل ذلك عن سيبويه ا. هـ. سم؛ لأنهما حينئذ كهند وفي عبارة الشارح ركاكة ظاهرة, وكان ينبغي أن يقول إنهما إذا سمي به مؤنث كانا على الوجهين. قوله: "للاحتراز من تاء بنت وأخت" إنما يصح هذا الاحتراز على القول بأن تاءهما ليست للتأنيث أما على أن تاءهما للتأنيث فلا لوجوب منع صرفهما حينئذ مع العلمية. قوله: "وكذا فعل في التسهيل" أي: عبر هنا بالهاء, وفي باب التأنيث بالتاء كما يعلم بالوقوف عليه.
قوله: "والعجمي الوضع والتعريف" إضافته لفظية فليست على معنى حرف كما سلف أي:(3/375)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والتعريف مع زيد على الثلاث صرفه امتنع" أي: مما لا ينصرف ما فيه فرعية المعنى بالعلمية وفرعية اللفظ بكونه من الأوضاع العجمية لكن بشرطين: أن يكون عجمي التعريف أي: يكون علمًا في لغتهم، وأن يكون زئدًا على ثلاثة أحرف، وذلك نحو: إبراهيم وإسماعيل وإسحاق, فإن كان الاسم عجمي الوضع غير عجمي التعريف انصرف كلجام إذا سمي به رجل؛ لأنه قد تصرف فيه بنقله عما وضعته العجم له فألحق بالأمثلة العربية، وذهب قوم منهم الشلوبين وابن عصفور إلى منع صرف ما نقلته العرب من ذلك إلى العلمية ابتداء كبندار وهؤلاء لا يشترطون أن يكون الاسم علمًا في لغة العجم، وكذا ينصرف العلم في العجمة إذا لم يزد على الثلاثة بأن يكون على ثلاثة أحرف لضعف فرعية اللفظ فيه لمجيئة على أصل ما تبنى عليه الآحاد العربية. ولا فرق في ذلك بين الساكن الوسط نحو: نوح ولوط والمتحرك نحو: شتر ولمك. قال في شرح الكافية قولًا واحدًا في
ـــــــــــــــــــــــــــــ
العجمي وضعه وتعريفه وقوله: مع زيد حال من الضمير في العجمي وغير هذا لا يخلو عن شيء والمراد الزيادة على الثلاثة بغير ياء التصغير كما سيأتي, وإنما لم يقم تحرك الوسط هنا مقام الزيادة كا قام في المؤنث لضعف العجمة بعدم علامة لها كعلامة التأنيث عن التقوي بمجرد تحرك الوسط الذي هو مقو ضعيف, وهذا أوجه مما ذكره البعض. قوله: "من الأوضاع" أي: الموضوعات. قوله: "أي: يكو علمًا في لغتهم" وإن نقلته العرب إلى علمية أخرى كأن سمت بإسماعيل شخصًا آخر. قوله: "كلجام" بالجيم وضعه العجم اسم جنس للآلة التي تجعل في فم الفرس ومثله الفرند بكسر الفاء والراء وسكون النون كما في القاموس وغيره وضعه العجم اسم جنس للسيف وقول البعض وفتح الراء سهو. قوله: "إلى العلمية ابتداء" بأن لم تستعمله اسم جنس قبل أن تستعمله علمًا.
قوله: "كبندار" بضم الموحدة هو في لغة العجم اسم جنس للتاجر الذي يلزم المعادن ولمن يخزن البضائع للغلاء وجمعه بنادرة. قوله: "لا يشترطون أن يكون إلخ" بل الشرط عندهم أن يكون أول استعمال العرب له في العلمية. قوله: "لمجيئه على أصل ما تبنى إلخ" إضافة أصل إلى ما على معنى في وذلك الأصل هو عدم الزيادة على الثلاثة؛ لأن العرب يراعون في كلامهم التخفيف, وأما الآحاد العجمية فالأصل فيها الزيادة؛ لأن العجم يراعون في كلامهم الطول. قوله: "نحو: نوح ولوط" أي: من كل علم ثلاثي ساكن الوسط أعجمي مذكر أما المؤنث كماه وجور فممنوع الصرف لتقوي العجمة بالتأنيث, وإنما لم يجز في نوح ولوط الوجهان كما جاز في هند ودعد, مع أن كلا وجد فيه سببان؛ لأن التأنيث سبب قوي فيمكن اعتباره مع سكون الوسط بخلاف العجمة قاله ابن هشام. واعلم أن أسماء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ممنوعة الصرف إلا ستة. محمد وشعيب وصالح وهود ونوح ولوط؛ لخفة الأخيرين, وكون الأربعة الأول عربية, وقيل هود كنوح؛ لأن سيبويه قرنه معه فهو أعجمي وصرفه للخفة ويؤيده ما يقال من أن العرب من ولد(3/376)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لغة جميع العرب، ولا التفات إلى من جعله ذا وجهين مع السكون، ومتحتم المنع مع الحركة؛ لأن العجمة سبب ضعيف فلم تؤثر بدون زيادة على الثلاثة. وقال: وممن صرح بالغاء عجمة الثلاثي مطلقًا السيرافي وابن برهان وابن خروف ولا أعلم لهم من المتقدمين مخالفًا، ولو كان منع صرف العجمي الثلاثي جائزًا لوجد في بعض الشواذ كما وجد غيره من الوجوه الغريبة ا. هـ. قلت: الذي جعل ساكن الوسط على وجهين هو عيسى بن عمر وتبعه ابن قتيبة والجرجاني. ويتحصل في الثلاثي ثلاثة أقوال: أحدهما أن العجمة لا أثر لها فيه مطلقًا وهو الصحيح. الثاني أن ما تحرك وسطه لا ينصرف وفيما سكن وسطه وجهان.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إسماعيل وما كان قبل ذلك فليس بعربي, وهود قبل إسماعيل فكان كنوح كذا في الجامي. قال العصام: ويرد على الحصر في الستة شيث وعزير, وقال البيضاوي: تنوين عزير بناء على أنه عربي وترك تنوينه بناء على أنه أعجمي ا. هـ. واستشكله سم بأن ثبوت التنوين وتركه في القرآن كما هو قضية القراءة بهما يوجب جوازهما فكيف يكون أحدهما مبنيا على أنه عربي والآخر على أنه أعجمي مع أنه في الواقع لا يكون عربيا وعجميا بل أحدهما فقط. وأجيب بأنه يكفي في تخريج القراءة المطابقة لوجه نحوي, وإن لم يوافق توجيه القراءة الأخرى, وقد قرئ تترى بالتنوين على أن الأنف للإلحاق, وتركه على أنها للتأنيث, ولا يمكن أن تكون في الواقع لهما, والياء على أعجمي ليست للتصغير؛ لأن الظاهر أن الكلمة وضعت عليها في لغة العجم فلا تكون للتصغير لاختصاص لغة العرب بياء التصغير؛ ولأنها لو كانت للتصغير لم تؤثر عجمته منع الصرف لما مر من أن الأعجمي إذا كان رباعيا بياء التصغير انصرف, ولم يعتد بالياء فعلم ما في كلام البعض على قول الشارح ولا يعتد بالياء فتأمل.
قوله: "نحو: شتر" بفتح الشين المعجمة والتاء الفوقية اسم قلعة فهو مؤنث, فيشكل على ما سلف أن العجمة إذا انضمت إلى تأنيث الثلاثي الساكن الوسط تحتم المنع فكيف لا تؤثر مع تحركه إلا أن يقال اعتبار التأنيث فيه غير متعين لجواز إرادة المكان يس. قوله: "ولمك" فسره شيخنا والبعض بما في القاموس من أنه جلاء يكتحل به وهو غير مناسب؛ لأن الكلام في العلم, ولمك بهذا المعنى اسم جنس, ونقل شيخنا السيد عن السيد في شرح اللباب: أن لمك بفتح اللام والميم هو ابن متوشلخ بن نوح الأمر عليه ظاهر. قوله: "لأن العجمة سبب ضعيف" علة لقوله ولا فرق في ذلك إلخ. قوله: "مطلقًا" أي: ساكن الوسط أو متحرك. قوله: "جائزًا" المراد بالجواز ما قابل الامتناع فيصدق بالوجوب في متحرك الوسط وقوله: لوجد في بعض الشواذ المناسب لمذهب من يجعل ساكن الوسط ذا وجهين ومتحركه متحتم المنع أن يقول لوجد في بعض كلامهم؛ لأن صاحب هذا المذهب لا يقول بشذوذ المنع إلا أن يقال المراد المبالغة في عدم وجوده في كلامهم رأسًا فالمعنى لوجد ولو في بعض الشواذ فتفطن. قوله: "ويتحصل" أي: من كلام النحاة لا مما تقدم إذا القول الثالث لم يتقدم.(3/377)
كَذاكَ ذو وَزْنٍ يَخُصُّ الفِعْلا ... أو غالِبٍ كأحمَدٍ ويَعْلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الثالث أن ما تحرك وسطه لا ينصرف, وما سكن وسطه ينصرف وبه جزم ابن الحاجب.
تنبيهات: الأول قوله زيد هو مصدر زاد يزيد زيدًا وزيادة وزيدانًا. الثاني المراد بالعجمي ما نقل من لسان غير العرب ولا يختص بلغة الفرس. الثالث إذا كان الأعجمي رباعيا وأحد حروفه ياء التصغير انصرف ولا يعتد بالياء. الرابع تعرف عجمة الاسم بوجوه: أحدها نقل الأئمة، ثانيها خروجه عن أوزان الأسماء العربية نحو: إبراهيم، ثالثها عروه من حروف الذلاقة وهو خماسي أو رباعي فإن كان في الرباعي السين فقد يكون عربيا نحو: عسجد وهو قليل, وحروف الذلاقة ستة يجمعها قولك: مر بنفل، رابعها أن يجتمع فيه من الحروف ما لا يجتمع في كلام العرب كالجيم والقاف بغير فاصل نحو: قج وجق، والصاد والجيم نحو: صولجان، والكاف والجيم نحو: أسكرجة، وتبعية الراء للنون أول كلمة نحو: نرجس والزاي بعد الدال نحو: مهندز "كذاك ذو وزن يخص الفعلان أو غالب كأحمد
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وما سكن وسطه ينصرف" أي: وجوبًا ليغاير الثاني. قوله: "مصدر زاد يزيد إلخ" الأحسن أن يقول مصدر زاد يقال زاد يزيد إلخ. قوله: "عروه من حروف الذلاقة" اعلم أن العلامة يلزم اطرادها ولا يلزم انعكاسها أي: يلزم من وجودها وجود المعلم ولا يلزم من عدمها عدمه فيلزم من وجود الخلو في الخامسي أو الرباعي وجود العجمة ولا يلزم من عدم الخلو فيما ذكر عدم العجمة فلا يرد أن يوسف أعجمي وقد وجد فيه حرف من حروف الذلاقة وهو الفاء. إذا علمت أن ما فرعه يس. وتبعه شيخنا والبعض على هذه العلامة بقوله فما فيه حرف من حروف الذلاقة عربي, وينبغي أن يقال حيث لم تنقل عجمته ولم يكن فيه سبب آخر ناشئ عن الغفلة عن حكم العلامة فتدبر. قوله: "فإن كان في الرباعي السين" أي: ما ذكر من عجمة الرباعي العاري عن حروف الذلاقة إذا لم يكن فيه السين فإن كان إلخ.
قوله: "نحو: عسجد" هو الذهب والجوهر والبعير الضخم قاموس. قوله: "بغير فاصل" لم يشترط ذلك بعضهم ومثل لما فيه الفاصل بالجرموق.
قوله: "نحو: قج وجق" الأول بقاف مفتوحة وجيم مشوبة بالشين ساكنة لغة تركية بمعنى اهرب وبمعنى كم الاستفهامية وأما بكسر القاف فبمعنى الرجل, والثاني بكسر الجيم وسكون القاف بمعنى اخرج, وقال في القاموس: الجقة بالكسر الناقة الهرمة, وجق الطائر ذرق ا. هـ. ولم يذكر قج ويؤخذ من صنيع شيخنا السيد أن مراد الشارح التمثيل بقج وجق التركيتين, وحينئذ يرد على الشارح أن كلامه في الأسماء وجق ليس في اللغة التركية اسمًا اللهم إلا أن يراد بالأسماء مطلق الكلمات فتأمل. قوله: "نحو: صولجان" بفتح الصادر واللام المحجن وجمعه صوالجة قاموس ومثله الجص والصنجة. قوله: "نحو: أسكرجة" قال البعض: بسكون السين وضم الكاف وضم الراء المشددة اسم لوعاء مخصوص ا. هـ. وانظر ما حركة الهمزة. قوله "والزاي بعد الدال" أي: وكالزاي بعد الدال, ولو قال: والزاي للدال أي: وتبعية الزاي للدال لكان أخصر وقيد في الهمع تبعية الزاي(3/378)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويعلى" أي: مما يمنع الصرف مع العلمية وزن الفعل بشرط أن يكون مختصا به أو غالبًا فيه. والمراد بالمختص ما لا يوجد في غير فعل إلا في نادر أو علم أو أعجمي كصيغة الماضي المفتتح بتاء المطاوعة كتعلم أو بهمزة وصل كانطلق، وما سوى أفعل ونفعل وتفعل ويفعل من أوزان المضارع وما سلمت صيغته من مصوغ لما لم يسم فاعله وبناء فعل، وما صيغ للأمر من غير فاعل، والثلاثي نحو: أَنطلق ودحرج فإذا سمي بهما مجردين عن الضمير قيل هذا أنطلق ودحرج ورأيت أنطلق ودحرج ومررت بأنطلق ودحرج، وهكذا كل وزن من الأوزان المبنية على أنها تختص بالفعل والاحتراز بالنادر من نحو: دئل لدويبة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
للدال بكونها في آخر الكلمة وقوله: نحو: مهندز, قال يس: وقد تبدل زايه سينًا.
قوله: "كذاك ذو وزن" أي: علم ذو وزن وفي البيت عطف الاسم على الفعل لكون أحدهما بمعنى الآخر, والأحسن هنا إرجاع الأولى إلى الثاني؛ لأن الأصل في الوصف الإفراد. قوله: "كأحمد" منقول من فعل ماض أو مضارع أو من اسم تفضيل ا. هـ. سم. قوله: "إلا في نادر" أي: لفظ نادر عربي غير علم بقرينة عطف العلم والعجمي عليه, والعطف يقتضي المغايرة وقوله: كصيغة الماضي إلخ تمثيل للمختص وعطف عليه قوله: وما سوى إلخ, وقوله: وما سلمت إلخ, وقوله: وبناء فعل, وقوله: وما صيغ إلخ. قوله: "أو بهمزة وصل" وحكم همزة الوصل في الفعل المسمى به القطع؛ لأن المنقول من فعل بعد عن أصله فالتحق بنظائره من الأسماء فحكم فيه بقطع الهمزة بخلاف المنقول من اسم كاقتدار فإن الهمزة تبقى على وصلها بعد التسمية؛ لأن المنقول من اسم لم يبعد عن أصله فلم يستحق الخروج عما هو له. تصريح.
قوله: "وما سوى أفعل ونفعل وتفعل ويفعل" أي: لأن هذه من الغالب كما يعلم مما يأتي ا. هـ. سم ومثال ما سواها يدحرج ويستخرج. قوله: "وما سلمت إلخ" احترز بالسلامة عن الغير كرد وقيل وسيأتي, وقوله: من مصوغ بيان لما سلمت إلخ, وقوله: وبناء فعل أي: بالتشديد. قوله: "من غير فاعل" أما ما صيغ للأمر من فاعل كضارب بكسر الراء أمر من ضارب بفتحها فليس من المختص, ولا من الغالب بل هو بالاسم أولى فلا يؤثر. تصريح. قوله: "والثلاثي" أي: وغير الثلاثي؛ لأن ما صيغ من الثلاثي من الغالب كما يأتي سم. قوله: "نحو: انطلق ودحرج" تمثيل لما صيغ للأمر من غير فاعل وغير الثلاثي. قوله: "مجردين عن الضمير" إذ لو اقترنا به لكانا من المحكي لا من الممنوع الصرف؛ لأن العلم حينئذ منقول من الجملة لا من الفعل وحده لكن هذا القيد لا يخص هذين المثالين كما لا يخفى. قوله: "قيل هذا أنطلق" بقطع الهمزة لما مر. قوله: "وهكذا" أي: كالمذكور من صيغة الماضي المفتتح بتاء المطاوعة وغيره مما مر وقوله: المبنية أي: الموضوعة.
قوله: "والاحتراز بالنادر من نحو: دئل" أي: من خروج وزن نحو: دئل بصيغة الماضي المجهول وينجلب وتبشر عن ضابط المختص بالفعل, وقوله: لدويبة أي: شبيهة بابن عرس أي: اسم(3/379)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وينجلب لخرزة وتبشر لطائر، وبالعلم من نحو: خضم بالمعجمتين لرجل وشمر لفرس وبالأعجمي من بقم وإستبرق فلا يمنع وجدان هذه الأسماء اختصاص أوزانها بالفعل؛ لأن النادر والعجمي لا حكم لهما؛ ولأن العلم منقول من فعل فالاختصاص باق، والمراد بالغالب ما كان الفعل به أولى إما لكثرته فيه كإثمد وأصبع وأُبْلُم فإن أوزانها تقل في الاسم وتكثر في الأمر من الثلاثي؛ وإما لأن أوله زيادة تدل على معنى في الفعل دون الاسم كأفكل وأكلب فإن نظائرهما تكثر في الأسماء والأفعال، لكن الهمزة من أفعل وأفعل تدل على معنى في الفعل نحو: أذهب وأكتب ولا تدل على معنى في الاسم فكان المفتتح بأحدهما من
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لهذا النوع وكذا يقال في قوله: لخرزة وقوله: لطائر فدئل وينجلب وتبشر أسماء أجناس فلو جعلت أعلامًا منعت الصرف, وكذا بقم وإستبرق كذا قال سم, وفي التوضيح ما يؤيده وينجلب بجيم بعد النون وتبشر بضم التاء وفتح الباء وكسر الشين مشددة كما في سم. وغيره وصدر في القاموس بضم الباء الموحدة ثم حكى فتحها. قوله: "من نحو: خضم" بفتح الخاء المعجمة وتشديد الضاد المعجمة مفتوحة كما في القاموس. قوله: "من بقم وإستبرق" البقم بفتح الموحدة وتشديد القاف مفتوحة صبغ معروف وهو العندم والإستبرق الديباج الغليظ. قوله: "إما لكثرته فيه" يرد عليه أن وزن فاعل بفتح العين كضارب وقاتل أكثر في الأفعال مع أن ما على وزنه من الأسماء كخاتم بالفتح مصروف إلا أن يكون أطلق بناء على أن الغالب أن أكثرية الوزن في الفعل تقتضي المنع ومن غير الغالب قد لا تقتضيه.
قوله: "كإثمد" بكسر الهمزة والميم وسكون المثلثة وبالدال المهملة وإصبع بكسر الهمزة وفتح الباء الموحدة واحدة الأصابع وفيها عشر لغات حاصلة من ضرب ثلاثة أحوال الهمزة في ثلاثة أحوال الباء والعاشر أصبوع وأبلم بضم الهمزة واللام بينهما موحدة ساكنة سعف المقل ا. هـ. تصريح ونقل البعض عن البهوتي فتح الهمزة واللام وكسرهما أيضًا. قوله: "وإما لأن أوله" احترز بقوله: أوله من وزن فاعل بالفتح فإنه وإن اشتمل على زيادة تدل في الفعل كضارب دون الاسم كخاتم وهي ألف المفاعلة, لكن ليست أوله فليس الفعل أولى به من الاسم وإن كان أكثر في الفعل فتفطن. قوله: "زيادة إلخ" احترز بزيادة عما لو كان أوله أصليا فلا أثر له وإن ماثل حروف المضارعة كما في نرجس ونهشل. واعلم أنه يدخل في كلامه نحو: ينجلب وتبشر فلم جعل ذلك من المختص وهلا جعله من الغالب ا. هـ. سم. قلت: إنما جعل ذلك من المختص نظرًا إلى الصيغة بتمامها وهو أولى من جعله من الغالب نظرًا إلى جزئها فتأمل ا. هـ. إسقاطي والعجب من البعض حيث ذكر السؤال بلا عزو والجواب بلا عزو كما هو عادته ولم يحذف لفظ قلت: فأوهم أن الجواب له وليس كذلك كما علمت.
قوله: "كأفكل" وهو الرعدة وأكلب جمع كلب, وقوله: فإن نظائرهما إلخ نظائر أفكل من الأسماء أبيض وأسود وأفضل ومن الأفعال أذهب أوعلم وأسمع ومن نظائر أكلب من الأسماء أبحر(3/380)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأفعال أصلًا للمفتتح بأحدهما من الأسماء، وقد يجتمع الأمران نحو: يرمع وتنضب فإنهما كإثمد في كونه على وزن يكثر في الأفعال ويقل في الأسماء وكأفكل في كونه مفتتحًا بما يدل على معنى في الفعل دون الاسم.
تنبيهات: الأول قد اتضح بما ذكر أن التعبير عن هذا النوع بأن يقال أو ما أصله للفعل كما فعل في الكافية، أو ما هو به أولى كما في شرحها والتسهيل أجود من التعبير عنه بالغالب. الثاني قد فهم من قوله يخص الفعل أو غالب أن الوزن المشترك غير الغالب لا يمنع الصرف نحو: ضرب ودحرج خلافًا لعيسى بن عمر فيما نقل من فعل فإنه لا يصرفه تمسكًا بقوله:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وأوجه وأعين ومن الأفعال: أنصر وأدخل وأخرج. قوله: "بأحدهما" أي: بهمزة أحدهما أي: أفعل وأفعل. قوله: "وقد يجتمع الأمران" أي: المعلل بهما الأولوية وهما الأكثرية والافتتاح بزيادة تدل على معنى في الفعل دون الاسم, هذا ما يدل عليه كلامه بعد وأما ما قاله سم وتبعه شيخنا والبعض من أنهما الأكثرية والأولوية فلا يناسب كلامه بعد فافهم. قوله: "نحو: يرمغ" بتحتية فراء فميم فغين معجمة بوزن يضرب اسم لحجارة بيض دقاق تلمع وتنضب بفوقية فنون فضاد معجمة فموحدة بوزن تنصر اسم شجر, فلو قال يدل قوله: فإنهما كإثمد فإنهما كاصبع وأصبع لكان أنسب نعم يرد على الشارح أن وزن أفعل بضم العين كثير في الأسماء أيضا كما قدمه فتأمل.
قوله: "قد اتضح بما ذكر إلخ" يجوز أن يحمل قول المصنف أو غالب على الغالب حقيقة لكثرته في الفعل أو حكمًا بأن يكون القياس يقتضي كثرته في الفعل؛ لأن أنسب به؛ لأن أوله زيادة تدل على معنى فيه دون الاسم ا. هـ. سم. ويدل على هذا الحمل تمثيله بأحمد ويعلى للغالب؛ لأنهما من الغالب حكمًا. قوله: "عن هذا النوع" أي: المعبر عنه هنا بالغالب. قوله: "أجود إلخ" أي: لأنه قد بان أن هذا النوع قسمان ما يغلب في الفعل وما الفعل به أولى وإن لم يغلب. وقول الناظم: أو غالب لا يشمل القسم الثاني بدون تأويل. قوله: "الثاني قد فهم من قوله إلخ" عبارة السندوبي وفهم من كلامه أن الوزن الخاص بالاسم أو الغالب فيه أو المستوى فيه هو والفعل لا يؤثر وهو كذلك, وخالف عيسى بن عمر في المنقول من الفعل ا. هـ. فقول الشارح: المشترك أي: وكذا المختص بالاسم وقوله: غير الغالب أي: في الفعل فيصدق بالغالب في الاسم والمستوى فيه هو والفعل. قوله: "لعيسى بن عمر" هو شيخ سيبويه وشيخ شيخه الخليل دماميني.
قوله: "فيما نقل من فعل" أي: من موازن فعل بفتحتين يعني من الفاعل الماضي مطلقًا أي: لا بقيد صيغة مخصوصة كما يدل عليه كلام عيسى بن عمر فإنه قال كما في الشاطبي: كل فعل ماض إذا سمي به, فإنه لا ينصرف وبدليل الرد عليه بعد بأن العرب أجمعوا على صرف كعسب اسم رجل مع أنه منقول من كعسب إذا أسرع, إذ لو كانت مخالفة عيسى في خصوص الماضي الذي على وزن فعل كأكل وضرب لم يصح الرد عليه بصرف كعسب إجماعًا؛ لأن وزن كعسب(3/381)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1032- أنا ابْنُ جَلا وطَلاعِ الثَّنايا
ولا حجة فيه؛ لأنه محمول على إرادة أنا ابن رجلا جلا الأمور وجربها، فجلا جملة من فعل وفاعل فهو محكي لا ممنوع من الصرف كقوله:
1033- نُبِّئْتُ أخْوالِي بَنِي يَزِيدُ
والذي يدل على ذلك إجماع العرب على صرف كعسب اسم رجل مع أنه منقول من كعسب إذا أسرع. وقد ذهب بعضهم إلى أن الفعل قد يحكى مسمى به وإن كان غير
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فعلل وكلامه في موازن فعل. قوله: "أنا ابن رجل جلا إلخ" فجملة جلا في موضع خفض صفة لمحذوف واعترض بأن الموصوف بالجملة لا يحذف إلا إذا كان بعض اسم مجرور بمن أو في كما مر في النعت, لكن نقل يس عن بعضهم عدم اعتبار هذا الشرط, ونقل شيخنا السيد أن اعتباره خاص بما إذا كان الموصوف مرفوعًا. قوله: "فهو محكي" نظر في تفريع هذا على سابقه بأنه إنما يتفرع كون الجملة محكية على جعلها مسمى بها لا على أنها صفة لمحذوف؛ لأن الجملة الموصوف بها لا تسمى محكية بل هما احتمالان كما تصرح به عبارة التوضيح وهي: وأجيب بأنه يحتمل أن يكون سمي بجلا من قولك: زيد جلا ففيه ضمير وهو من باب المحكيات كقوله:
نبئت أخوالي بني يزيد
وأن يكون ليس بعلم بل صفة لمحذوف أي: أنا انب رجل جلا الأمور ا. هـ. فكان الظاهر أن يقول أو هو محكي. قوله: "بني يزيد" فيزيد مسمى به وفيه ضمير مستتر بدليل رفعه على الحكاية, ولو كان مجردًا عن الضمير لجر بالفتحة تصريح. قوله: "والذي يدل على ذلك" أي: الصرف فيما نقل عن الفعل الماضي خلافًا لعيسى وما ذكره البعض من المناقشة في الدلالة المذكورة علم رده مما كتبناه على قوله فيما نقل من فعل. قوله: "إلى أن الفعل قد يحكى
__________
1032- عجزه:
متى أضعُ العمامَةَ تَعْرفونِي
والبيت من الوافر، وهو لسحيم بن وثيل الرياحي في الاشتقاق ص224؛ والأصمعيات ص17؛ وجمهرة اللغة ص495، 1044؛ وخزانة الأدب 1/ 255، 257، 266؛ والدرر 1/ 99؛ وشرح شواهد المغني 1/ 459؛ وشرح المفصل 3/ 62؛ والشعر والشعراء 2/ 647؛ والكتاب 3/ 207؛ والمقاصد النحوية 4/ 356؛ وبلا نسبة في الاشتقاق ص314؛ وأمالي ابن الحاجب ص456؛ وأوضح المسالك 4/ 127؛ وخزانة الأدب 9/ 402؛ وشرح شواهد المغني 2/ 749؛ وشرح قطر الندى ص86؛ وشرح المفصل 1/ 61، 4/ 105؛ ولسان العرب 14/ 124 "ثنى"، 152 "جلا"؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص20؛ ومجالس ثعلب 1/ 212؛ ومغني اللبيب 1/ 160؛ والمقرب 1/ 283؛ وهمع الهوامع 1/ 30.
1033- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص172؛ وخزانة الأدب 1/ 270؛ وشرح التصريح 1/ 117؛ والمقاصد النحوية 1/ 388، 4/ 370؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 124؛ وشرح المفصل 1/ 28؛ ولسان العرب 3/ 200 "زيد"، 329 "فدد"؛ ومجالس ثعلب ص212؛ ومغني اللبيب 2/ 626.(3/382)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مسند إلى ضمير متمسكًا بهذا البيت. ونقل عن الفراء ما يقرب من مذهب عيسى، قال: في الأمثلة التي تكون للأسماء والأفعال إن غلبت للأفعال فلا تجره في المعرفة نحو: رجل اسمه ضرب, فإن هذا اللفظ وإن كان اسمًا للعسل الأبيض هو أشهر في الفعل، وإن غلب في الاسم فأجره في المعرفة والنكرة نحو: رجل مسمى بحجر؛ لأنه يكون فعلًا. تقول: حجر عليه القاضي ولكنه أشهر في الاسم. الثالث يشترط في الوزن المانع للصرف شرطان: أحدهما أن يكون لازمًا. الثاني أن لا يخرج بالتغيير إلى مثال هو للاسم، فخرج بالأول نحو: امرئ فإنه لو سمي به انصرف, وإن كان في النصب شبيهًا بالأمر من علم وفي الجر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مسمى به" أي: فعلى تسليم أن جلا مجرد عن الضمير مسمى به لا نسلم دلالته على منع الصرف الذي ادعاه عيسى, لاحتمال أن يكون محكيا بناء على هذا المذهب. وقوله: بهذا البيت أي: أنا ابن جلا إلخ. قوله: "وما يقرب من مذهب عيسى" إنما قال يقرب لمخالفته مذهب عيسى فيما غلب استعماله اسمًا وإن وافقه فيما غلب استعماله فعلًا؛ ولأن نظر عيسى إلى الوزن بقطع النظر عن المادة ونظر الفراء إلى المادة ذات الوزن.
قوله: "الأمثلة التي تكون إلخ" أي: الكلمات التي تارة تكون أسماء وتارة أفعالًا إن غلب استعمالها أفعالًا إلخ, ولم ينقل الشارح حكم ما استعمل اسمًا وفعلا على السواء عند الفراء, ولعله يجوز الوجهين في المعرفة فراجع. قوله: "فلا تجره" أي: بالكسرة والضمير البارز للأمثلة لتأولها بالمذكور. قوله "أن يكون لازمًا" أي: للكلمة فنحو: إثمد لازم له وزن اضرب ونحو: إصبع لازم له على إحد لغاته وزن اقطع ونحو: أبلم لازم له وزن اكتب. قال الحفيد: اعلم أن الوزن إذا كان مختصا تجب الموازنة في اللفظ والتقدير, وإن كان غالبا لكونه مبدوءًا بزيادة هي بالفعل أولى من الاسم فلا تشترط الموازنة في اللفظ؛ لأن أوله مما ينبه على الوزن؛ ولهذا امتنع صرف أهب وأشد علمين إذا علمت هذا علمت عدم عموم قوله: أن يكون لازمًا إلخ ا. هـ. وقوله: إذا كان مختصا أي: أو غالبا لكثرته في الفعل دون الاسم بدليل بقية كلامه, واللائق كتابة هذا الكلام على الشرط الثاني وإبدال قوله: علمت عدم عموم قوله: أن يكون لازمًا بقوله: علمت عدم عموم قوله: أن لا يخرج بالتغيير إلى مثال هو للاسم, ومع كون البعض تبعه في كتابة ذلك على الشرط الأول تصرف في عبارته واختصرها تصرفًا واختصارًا مخلين.
قوله: "الثاني أن لا يخرج إلخ" اعترضه البعض بأنه لا حاجة إلى هذا الشرط فإن ما أخرجه به من نحو: رد وقيل خارج من الضابط السابق للوزن المختص وخارج أيضًا بقيد السلامة في قوله سابقًا وما سلمت صيغته من مصوغ لما لم يسم فاعله؛ لأن المراد بالسالم عندهم ما سلم من الاعتلال والتضعيف ويمكن أن يدفع بأن خروجه من ضابط الوزن المختص لا يستلزم خروجه من مطلق الوزن المانع الصرف وكلامه الآن في شرط مطلق الوزن المانع وقوله: وما سلمت إلخ من مدخول كاف التمثيل والمثال لا يخصص فتدبر. قوله: "نحو: امرئ" أي: على لغة الاتباع فيه(3/383)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
شبيهًا بالأمر من ضرب وفي الرفع شبيهًا بالأمر من خرج؛ لأنه خالف الأفعال بكون عينه لا تلزم حركة واحدة فلم تعتبر فيه الموازنة، وخرج الثاني نحو: رد وقيل فإن أصلهما ردد وقول، ولكن الإدغام والإعلال أخرجاهما إلى مشابهة برد وقيل فلم يعتبر فيهما الوزن الأصلي. ولو سميت رجلًا بألبب بالضم جمع لب لم تصرفه؛ لأنه لم يخرج بفك الإدغام إلى وزن ليس للفعل. وحكى أبو عثمان عن أبي الحسن صرفه؛ لأنه بابن الفعل بالفك. وشمل قولنا إلى مثال هو للاسم قسمين: أحدهما ما خرج إلى مثال غير نادر ولا إشكال في صرفه نحو: رد وقيل، والآخر ما خرج إلى مثال نادر نحو: انطلق إذا سكنت لامه فإنه خرج إلى بناء انْتَحَل وهو نادر، وهذا فيه خلاف، وجوز فيه ابن خروف الصرف والمنع. وقد فهم من ذلك أن ما دخله الإعلال ولم يخرجه إلى وزن الاسم نحو: يزيد امتنع صرفه. الرابع اختلف في
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فإن سمي به على لغة من يلتزم فتح عينه منع من الصرف لكون الوزن لازمًا حينئذ, وكذا الكلام في ابنم على اللغتين دماميني بحذف. قوله: "وفي الرفع شبيهًا بالأمر من خرج" رد بأن همزته مكسورة كما كانت قبل التسمية, وهمزة اخرج مضمومة فلا مشابهة وحينئذ فصرفه في هذه الحالة أقوى من صرفه في الحالين الأولين. قوله: "ولكن الإدغام" أي: في رد والإعلال أي: في قيل بالنقل والقلب.
قوله: "ولو سميت إلخ" محترز قوله: إلى مثال هو للاسم. قوله: "بالضم" أي: ضم الباء الأولى, وأما الهمزة فمفتوحة كما في الفارضي, قال الدماميني: واحترز عن ألبب بفتح الباء الأولى فإنه لا خلاف في منع صرفه؛ لأنه اسم تفضيل بمعنى أعقل فيستحق منع صرفه مطلقًا للصفة والوزن. قوله: "جمع لب" بضم اللام وتشديد الموحدة وهو العقل وجمع لب على ألبب قليل والأكثر أن يجمع على ألباب تصريح. قوله: "لأنه باين الفعل" أي: فعله الذي هو لب لا الفعل مطلقًا فإنه بوزن اكتب واقتل ا. هـ. زكريا والظاهر أنه لا حاجة إلى ذلك؛ لأن الشارح لم يدع انتفاء كونه بوزن الفعل وإنما ادعى كونه مباينًا للفعل بالفك؛ لأن الفعل الذي على وزنه مدغم نحو: أشد وأرد أي: فضعف اعتبار الوزن, قال في الهمع: والأصح وعليه سيبويه منعه ولا مبالاة بفكه؛ لأنه رجوع إلى أصل متروك فهو كتصحيح مثل: استحوذ, وذلك لا يمنع اعتبار الوزن إجماعًا فكذا الفك؛ ولأن وقوع الفك في الأفعال معهود كاشدد في التعجب ولم يردد وألل السقاء فلم يباينه. قوله: "إلى مثال نادر" ليس المراد أنه نادر في الاسم وكثير في الفعل وإلا كان من أوزان الفعل بل المراد أنه من أوزان الاسم الخاصة به إلا أنه نادر فيه سم.
قوله: "إلى بناء انتحل" قال شيخنا: بالحاء المهملة الساكنة ا. هـ. ولم أجده في القاموس. قوله: "ما دخله الإعلال ولم يخرجه إلخ" نحو: يزيد فإنه أعل إذ أصله يزيد كيضرب ولم يخرج بالإعلال إلى مثال الاسم فمنع من الصرف فإن قيل يزيد على وزن بريد، أجيب بأنه وإن كان على وزنه لكن يزيد مفتتح بياء تدل في الفعل على معنى هو الغيبة بخلاف بريد فلم يخرج يزيد(3/384)
وما يَصِيرُ عَلمًا من ذي أَلِفْ ... زِيدَتْ لإلحاقٍ فليسَ يَنْصَرفْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
سكون التخفيف العارض بعد التسمية نحو: ضرب بسكون العين مخففًا من ضرب المجهول: فمذهب سيبويه أنه كالسكون اللازم فينصرف وهو اختيار المصنف، وذهب المازني والمبرد ومن وافقهما إلى أنه ممتنع الصرف، فلو خفف قبل التسمية انصرف قولًا واحدًا "وما يصير علمًا من ذي ألف زيدت لإلحاق فليس ينصرف" أي: ألف الإلحاق المقصورة تمنع الصرف مع العلمية لشبهها بألف التأنيث من وجهين: الأول أنها زائدة ليست مبدلة من شيء بخلاف الممدودة فإنها مبدلة من ياء. والثاني أنها تقع في مثال
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عن كونه من أوزان الفعل. قوله: "وهو اختيار المصنف" لأن الوزن قد زال والأصل الصرف ولصرفهم جندل بعد حذف الألف, وإن كان حذفًا عارضًا مع أن فيه ما يدل على تقديرها وهو توالي أربع متحركات دماميني. قوله: "ممتنع الصرف"
أي: لعروض السكون كما لا ينصرف جيل المخفف من جيأل. وأجيب عن هذا بأن الفتحة باقية فهي بمنزلة الهمزة دماميني. قال في الهمع: ويجري القولان في يعفر علمًا إذا ضم ياؤه اتباعًا فالأصح صرفه وعليه سيبويه, لورود السماع به فيما حكاه أبو زيد وخروجه إلى شبه الاسم والثاني منعه وعليه الأخفش لعروض الضمة فلا اعتداد بها ويجريان أيضًا في بدل همزة أفعل كهراق أصله أراق علمًا والأصح فيه المنع ولا مبالاة بهذا الإبدال.
قوله: "فلو خفف" أي: بالسكون. قوله: "لإلحاق" هو جعل كلمة على مثال أخرى رباعية الأصول أو خماسيتها كجعل أرط وعلقى على مثال جعفر وعزهى وذفرى على مثال درهم وجلبب جلببة وجلبابًا على مثال دحرج دحرجة ودحراجًا وحلتيت وحلاتيت وعفريت وعفاريت على مثال قنديل وقناديل. قوله: "المقصورة" خرج به ألف الإلحاق الممدودة كما سيأتي. قوله: "مع العلمية" ولم تستقل ألف الإلحاق بالمنع كألف التأنيث؛ لأن الملحق بغيره أحط رتبة منه سم. قوله: "لشبهها بألف التأنيث" أي: المقصورة وقوله: من وجهين أي: لا من كل وجه فإنها تفارقها من حيث أن ألف التأنيث لا يقبل ما هي فيه التنوين ولا تاء التأنيث وما فيه ألف الإلحاق يقبلهما, وقد استعمل بعض الأسماء منونًا بجعل ألفه للإلحاق وغير منون بجعل ألفه للتأنيث نحو: تترى وبالوجهين قرئ في السبع قوله: "بخلاف الممدودة" أي: ألف الإلحاق الممدودة فإنها لا تؤثر منع الصرف لعدم شبهها بألف التأنيث الممدودة؛ لأن همزة الإلحاق منقلبة عن ياء وهمزة التأنيث منقلبة عن ألف وأيضًا همزة التأنيث منقلبة عن مانع وهو الألف فتمنع, وهمزة الإلحاق منقلبة عن غير مانع وهو الياء فلا تمنع أفاده في التصريح.
قوله: "فإنها مبدلة من ياء" أي: فلم تشبه ألف التأنيث الممدودة؛ لأنها مبدلة من ألف ثانية, وظاهر هذا الجري على أن ألف الإلحاق الممدود الهمزة بعد الألف وألف التأنيث الممدودة الهمزة بعد الألف وفيه خلاف سيأتي في باب التأنيث. قوله: "في مثال" أي: وزن وقوله: نحو: أرطي اسم شجر وألفه للإلحاق بجعفر على الراجح وقيل إن أرطى أفعل فمانعه العلمية ووزن الفعل(3/385)
والعَلَمَ امنَعْ صَرْفَهُ إنْ عُدِلا ... كفُعَل التوكيدِ أو كثُعَلا
والعَدلُ والتعرِيفُ مانِعا سَحَرْ ... إذا به التَّعيينُ قَصْدًا يُعتَبَرْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
صالح لألف التأنيث نحو: أرطى فإنه على مثال سكرى وعزهى فهو على مثال ذكرى بخلاف الممدودة نحو: علباء، وشبه الشيء بالشيء كثيرًا ما يلحقه به كحاميم اسم رجل، فإنه عند سيبويه ممنوع الصرف لشبهه بهابيل في الوزن والامتناع من الألف واللام، وكحمدون عند أبي علي حيث يمنع صرفه للتعريف والعجمة، ويرى أن حمدون وشبهه من الأعلام المزيد في آخرها واو بعد ضمة ونون لغير جمعية لا يوجد في استعمال عربي مجبول على العربية، بل في استعمال عجمي حقيقة أو حكمًا، فألحق بما منع صرفه للتعريف والعجمة المحضة.
تنبيهان: الأول كان ينبغي أن يقيد الألف بالمقصود صريحًا أو بالمثال أو بهما كما فعل في الكافية فقال:
وألِفُ الإلحاقِ مَقصورًا مَنع ... كعلقَ إن ذا عَلَميّة وَقَعْ
الثاني: حكم ألف التكثير كحكم ألف الإلحاق في أنها تمنع مع العلمية نحو: قبعثري. ذكره بعضهم "والعلم امنع صرفه إن عدلا كفعل التوكيد أو كثعلا والعدل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال الفارضي: ولا يجوز أن تكون ألف أرطى وعلقى للتأنيث؛ لأنهم قالوا: أرطاة وعلقاة فلو كانت للتأنيث لاجتمع تأنيثان في الكلمة ا. هـ. قوله: "وعزهى فهو على مثال ذكرى" كذا زيد في نسخ والعزهى بعين مهملة فزاي اسم للرجل الذي لا يلهو كما سيأتي في الشرح في باب التأنيث, وألفه للإلحاق بدرهم وترك مثال الضم لعدم ألف الإلحاق في فعلى بالضم بل هي ألف تأنيث كخنثى. قوله: "بخلاف الممدود" أي: ألف الإلحاق الممدودة فإنها لا تقع في مثال صالح لألف التأنيث. قوله: "نحو: علباء" بعين مهملة فلام فموحدة اسم لعصبة العنق وألفه الممدودة للإلحاق بقرطاس, وإنما لم تكن ألفه للتأنيث, قال الفارضي: لأن علباء لا يوازنه شيء من أوزان ألف التأنيث الممدودة كما سيأتي إن شاء الله تعالى في علامة التأنيث.
قوله: "وشبه الشيء" بتحريك شبه. قوله: "لشبهه بهابيل" فيكون مانعه من الصرف العلمية وشبه العجمة. قوله: "للتعريف والعجمة" أي: الحكمية بقرينة ما بعده ويعبر عنها بشبه العجمة. قوله: "في استعمال عربي" أي: في استعمال شخص عربي مجبول على العربية أي: فصيح موثوق بعربيته. قوله: "والعجمة المحضة" يعني الحقيقة. قوله: "حكم ألف التكثير" أي: التي أتى بها لأجل تكثير حروف الكلمة وتلحقها تاء التأنيث كألف الإلحاق فيقال قبعثراة. قوله: "نحو: قبعثرى" ومن أدخلها في ألف الإلحاق فقدسها إذ ليس في أصول الاسم سداسي فيلحق به ا. هـ تصريح والقبعثرى الجمل العظيم والفصيل المهزول قاموس.
قوله: "والعلم" أي: حقيقة أو حكمًا بقرينة التمثيل بفعل التوكيد فإنه ليس بعلم حقيقة عند(3/386)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والتعريف مانعًا سحر إذا به التعيين قصدًا يعتبر" أي: يمنع من الصرف اجتماع التعريف والعدل في ثلاثة أشياء: أحدها فعل في التوكيد وهو جمع وكتع وبصع وبتع فإنها معارف بنية الإضافة إلى ضمير المؤكد فشابهت بذلك العلم لكونه معرفة من غير قرينة لفظية. هذا ما مشى عليه في شرح الكافية، وهو ظاهر مذهب سيبويه، واختاره ابن عصفور. وقيل بالعلمية وهو ظاهر كلامه هنا ورده في شرح الكافية وأبطله, وقال في التسهيل: بشبه العلمية أو الوصفية. قال أبو حيان: وتجويزه أن العدل يمنع مع شبه الصفة في باب جمع لا أعرف له فيه سلفًا، ومعدولة عن فعلاوات فإن مفرداتها جمعاء وكتعاء وبصعاء وبتعاء، وإنما
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الناظم كما في شرح الكافية وتصحيح بعضهم إبقاء العلمية على ظاهرها بجعل الكاف للتنظير لا للتمثيل يمنعه العطف في قوله: أو كثعلا؛ لأن فعل مثال قطعًا فالمناسب أن يكون ما قبله كذلك نعم يصح الإبقاء بإجراء كلامه هنا على القول بأن فعل التوكيد علم حقيقة لمعنى هو الإحاطة, وإن كان خلاف ما مشى عليه في الكافية. قوله: "كفعل التوكيد" الإضافة على معنى اللام أوفى وكلام الشارح يشير إلى هذا. قوله: "كثعلا" هو علم جنس للثعلب. قوله: "إذا به" الباء بمعنى في متعلقة بيعتبر وقصدًا أي: مقصودًا حال مؤكدة من نائب الفاعل وفي كلامه إدخال إذا على المضارع وهو جائز وإن كان قليلا. قوله: "بنية الإضافة إلى ضمير المؤكد" والأصل في رأيت النساء جمع جمعهن فحذف الضمير للعلم به, واستغنى بنية الإضافة, وضعف هذا القول بأن تعريف الإضافة غير معتبر في منع الصرف. وأجيب بأن عدم اعتباره إذا وجد المضاف إليه؛ لأن حكم منع الصرف لا يتبين معه, وأما مع حذفه فما المانع من اعتباره.
قوله: "فشابهت بذلك العلم إلخ" فإن سمي به أعني بفعل المؤكد به فمذهب سيبويه بقاؤه على المنع, وعن الأخفش صرفه؛ لأن العدل إنما كان حال التوكيد وقد ذهب فإن نكر بعد التسمية صرف وفاقًا لذهاب العلمية بلا عوض عنها بخلاف أخر؛ لأنه في الأصل صفة أفاده السيوطي. قوله: "وقيل بالعلمية" أي: لمعنى الإحاطة ا. هـ. تصريح فهي علم جنس للمعنى كسبحان. قوله: "وهو ظاهر كلامه هنا" لأنه مثل للعلم المعدول بفعل التوكيد, وإنما قال ظاهر؛ لإمكان حمل العلم في كلامه على ما يشمل العلم حكمًا وهو ما يشبه العلم الحقيقي في كون تعريفه بغير أداة ظاهرة. قوله: "ورده في شرح الكافية وأبطله" فقال: وليس -يعني جمع- بعلم؛ لأن العلم إما شخصي أو جنسي فالشخصي مخصوص ببعض الأشخاص فلا يصح لغيره, والجنسي مخصوص ببعض الأجناس فلا يصلح لغيره وجمع بخلاف ذلك فالحكم بعلميته باطل
ا. هـ. قلت: علم الإحاطة من قبيل علم الجنس المعنوي كسبحان للتسبيح وفي ارتكابه توفية بالقاعدة وهي أنه لا يعتبر في منع الصرف من المعارف إلا العلمية تصريح.
قوله: "يشبه العلمية" أي: نظرًا لكونه معرفًا بغير أداة ظاهرة, وقوله: أو الوصفية أي:
وشبه الوصفية أي: نظرًا لكون مذكره أفعل ومؤنثه فعلاء كما هو شأن الصفات. قوله: "ومعدولة عن فعلاوات" عطف على معارف في قوله السابق: فإنها معارف بنية الإضافة سم. قوله: "لأن مذكره(3/387)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قياس فعلاء إذا كان اسمًا أن يجمع على فعلاوات كصحراء وصحراوات؛ لأن مذكره جمع بالواو والنون فحق مؤنثه أن يجمع بالألف والتاء، وهذا اختيار الناظم. وقيل معدولة عن فعل؛ لأن قياس أفعل فعلاء أن يجمع مذكره ومؤنثه على فُعْل نحو: حمر في أحمر وحمراء, وهو قول الأخفش والسيرافي واختاره ابن عصفور. وقيل إنه معدول عن فعالي كصحراء وصحاري، والصحيح الأول؛ لأن فعلاء لا يجمع على فعل إلا إذا كان مؤنثًا لأفعل صفة كحمراء وصفرء، ولا على فعالي إذا كان اسمًا محضًا لا مذكر له كصحراء، وجمعاء ليس كذلك. الثاني علم المذكر والمعدول إلى فعل نحو: عمر وزفر وزحل ومضر وثعل وهبل وجشم وقثم وجمح وقزح ودلف: فعمر معدول عن عامر وزفر معدول عن زافر، وكذا باقيها. قيل وبعضها عن أفعل وهو ثعل، وطريق العلم بعدل هذا النوع سماعه غير مصروف عاريًا من سائر الموانع، وإنما جعل هذا النوع معدولًا لأمرين: أحدهما أنه لو لم يقدر عدله لزم ترتيب المنع على علة واحدة إذ ليس فيه من الموانع غير العلمية. والآخر أن الأعلام يغلب عليها النقل فجعل عمر معدولًا عن عامر العلم المنقول من الصفة ولم يجعل مرتجلًا، وكذا باقيها. وذكر بعضهم لعدله فائدتين: إحداهما لفظية وهي التخفيف، والأخرى معنوية وهي تمحيض العلمية إذ لو قيل عامر لتوهم أنه صفة، فإن ورد فعل مصروفًا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
جمع إلخ" كان ينبغي أن يقول: ولأن مذكره إلخ؛ لأن هذا تعليل آخر للناظم وابنه غير تعليل ابن هاشم السابق في قوله: فإن مفرداتها جمعاء وكتعاء وبصعاء وبتعاء وإنما قياس فعلاء إلخ؛ ولأن صنيعه يوهم أن صحراء له مذكر وليس ذلك كما سيصرح به الشارح أفاده البهوتي. قوله: "عن فعل" أي: بضم الفاء وسكون العين. قوله: "وقيل إنه معدول عن فعالى" أي: لأن فعلاء الذي ليس بصفة قياسه أن يجمع على فعالى دماميمي. قوله: "صفة" حال من أفعل وقوله: لا مذكر له بيان لقوله: محضًا كما تدل عليه عبارة الدماميني. قوله: "وجمعاء ليس كذلك" لأنه ليس بصفة وله مذكر فبطل القولان الأخيران. قوله: "نحو: عمر إلخ" دخل تحت نحو: هدل وعصم وبلع وحجى فجملة الأعلام الموازنة فعل خمسة عشر. قوله: "وزفر عن زافر" بمعنى ناصر أو حامل كما في الفارضي قال: وأما زفر بمعنى كثير العطاء فيصرف؛ لأنه نكرة بدليل
دخول أل عليه ا. هـ.
قوله: "وهو ثعل" قال أبو حيان: لأن ثاعلا غير مستعمل وأثعل مستعمل قال في الصحاح: الثعل بالتحريك زوائد في الأسنان واختلاف منابتها، رجل أثعل وامرأة ثعلاء ا. هـ. قوله: "عاريًا من سائر الموانع" أي: غير العلمية؛ لأن الكلام في العلم. قوله: "لو لم يقدر عدله إلخ" وإنما قدر العدل دون غيره لإمكانه دون غيره دماميني. قوله: "عن عامر العلم المنقول من الصفة" صريح في أن المعدول عنه العلم لا الصفة. قوله: "وهي التخفيف" أي: بحذف الألف. قوله: "فإن ورد فعل مصروفًا إلخ" وما لم يسمع صرفه ولا عدمه فسيبويه يصرفه حملًا على الأصل في الأسماء وغيره يمنع صرفه حملا الغالب في فعل علمًا, وليس يجيد قاله الخضراوي ا. هـ. تصريح.
وعبارة(3/388)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وهو علم علمنا أنه ليس بمعدول، وذلك نحو: أدد وهو عند سيبويه من الود فهمزته عن واو، وعند غيره من الأد وهو العظيم فهمزته أصلية، فإن وجد في فعل مانع مع العلمية لم يجعل معدولًا نحو: طوى فإن منعه للتأنيث والعلمية، ونحو: تتل اسم أعجمي فالمانع له العجمة والعلمية عند من يرى منع الثلاثي للعجمة إذ لا وجه لتكلف تقدير العدل مع إمكان غيره. ويلتحق بهذا النوع ما جعل علمًا من المعدول إلى فعل في النداء كغدر وفسق فحكمه حكم عمر. قال المصنف: وهو أحق من عمر بمنع الصرف؛؛ لأن عدله محقق وعدل عمر مقدر ا. هـ. وهو مذهب سيبويه. وذهب الأخفش وتبعه ابن السيد إلى صرفه. الثالث سحر إذا أريد به سحر يوم بعينه فالأصل أن يعرف بأل أو بالإضافة، فإن تجرد منهما مع قصد التعيين فهو حينئذ ظرف لا يتصرف ولا ينصرف نحو: جئت يوم الجمعة سحر والمانع له
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأشباه للسيوطي قال في البسيط لو سمي بفعل مما لم يثبت كيفية استعماله ففيه ثلاثة أقوال: أحدها الأولى منع صرفه حملًا له على الأكثر. والثاني الأولى صرفه نظرًا إلى الأصل؛ لأن تقدير العدل على خلاف القياس. والثالث إن كان مشتقا من فعل منع الصرف حملًا على الأكثر وإلا صرف وهو فحوى كلام سيبويه ا. هـ.
قوله: "هو علم" يظهر لي أن هذا القيد لكون الكلام في الأعلام وأن ما ورد مصروفًا وهو وصف كحطم ولبد ليس أيضًا معدولًا وإلا استحق منع الصرف. قوله: "من الود" أي: مشتق من الود وقوله: من الأد أي: مأخوذ من الإد؛ لأن الإد بكسر الهمزة بمعنى العظيم ليس مصدرًا. قوله: "فإن منعه للتأنيث" أي: المعنوي باعتبار البقعة وتنوينه باعتبار المكان لغة فيه قرئ بها في السبع. قوله: "ونحو: تتل" بفوقيتين اسم لبعض عظماء الترك وقوله: عند من يرى إلخ. أما عند من يرى عدم منعه فمانع تتل العلمية. والعدل وقوله: إذ لا وجه إلخ علة لقوله: لم يجعل معدولًا. قوله "بهذا النوع" أي: الثاني. قوله: "حكم عمر" فإن نكر زال المنع سيوطي. قوله: "لأن عدله محقق" فغدر معدول عن غادر وفسق معدول عن فاسق وهذا محقق له قبل التسمية, وأما بعدها فبقي لفظ المعدول على ما هو عليه فاعتبر فمانعه العلمية وبقاء لفظ العدل دماميني. قوله: "سحر إذا أريد به سحر يوم بعينه فالأصل إلخ" كان يكفيه أن يقول سحر إذا أراد به سحر يوم بعينه فهو حينئذ ظرف إلخ وكأنه إنما زاد قوله: فالأصل إلخ لبيان وجه العدل لكن يرد عليه أنه قد بينه في قوله: أما العدل إلخ وإن لم يذكر ثم الإضافة فتأمل وقوله: إذا أريد به سحر يوم بعينه أي: وجعل ظرفًا كما سيأتي.
قوله: "نحو: جئت يوم الجمعة سحر" قال في مبحث: إذًا من المغني وعمل العامل في ظرفي زمان يجوز إذا كان أحدهما أعم نحو: أتيك يوم الجمعة سحر ا. هـ. واستشكل بأن السحر هو الوقت الواقع قبل الفجر بقليل وضبطه بعضهم بالسدس الأخير من الليل واليوم ما بين طلوع الشمس وغروبها أو ما بين الفجر والغروب فلم يصدق أحد الطرفين على الآخر فلا عموم. وأجيب(3/389)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من الصرف العدل والتعريف: أما العدل فعن اللفظ بأل فإنه كان الأصل أن يعرف بها، وأما التعريف فقيل بالعلمية؛ لأنه جعل علمًا لهذا الوقت وهذا ما صرح به في التسهيل. وقيل بشبه العلمية؛ لأنه تعرف بغير أداة ظاهرة كالعلم وهو اختيار ابن عصفور. وقوله هنا والتعريف يومئ إليه إذ لم يقل والعلمية. وذهب صدر الأفاضل وهو أبو الفتح ناصر بن أبي المكارم المطرزي إلى أنه مبني لتضمنه معنى حرف التعريف. قال في شرح الكافية: وما ذهب إليه بثلاثة أوجه: أحدها أن ما ادعاه ممكن وما ادعيناه ممكن لكن ما
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بحمل السحر على أول الفجر لقربة منه أو حمل اليوم على ما يشمل ما قبل الفجر. قوله: "فعن اللفظ بأل" أي: عن لفظ سحر المقرون بأل أي: العهدية كما في الدماميني؛ وذلك لأنه اسم جنس أريد به معين كرجل إذا أريد به معين فحقه أن يكون مع الإضافة أو أل لكنهم عدلوا عن قرنه بأل إلى جعله علمًا على هذا الوقت. فإن قلت كما يجوز أن يكون معدولًا عن ذي أل يجوز أن يكون معدولًا عن المضاف فلم حكمتم بأنه معدول عن ذي اللام دون المضاف؟ فالجواب أن التعريف بأل أخصر من التعريف الإضافي والضرورة داعية إلى اعتبار التعريف ومعها إنا يرتكب قدر الحاجة فلهذا لم يقل الشارح أو الإضافة مع أنه المطابق لقوله سابقًا, فالأصل أن يعرف بأل أو الإضافة. واعلم أن عدل سحر تحقيقي لا تقديري لما عرفت من أنه يدل عليه دليل غير منع الصرف وهو أنه اسم جنس أريد به معين فحقه أن يعرف بأل بخلاف التقديري فإنه لا دليل عليه إلا منع الصرف وليس المراد بالتحقيق ما نطقوا بأصله.
قوله: "بالعلمية" قال الحفيد أي: الشخصية ا. هـ. قال سم ويلزم عليه تعدد الأوضاع بتعدد الأسحار المعينة أي: والأصل عدم تعدد الوضع فالأقرب جعله علم جنس.
قوله: "وهذا ما صرح به في التسهيل" استشكله أبو حيان بأن المعدول له يشتمل على معنى المعدول عنه كاشتمال مثنى وفسق على معنى اثنين اثنين وفاسق وكيف يشتمل سحر على معنى السحر ويكون علمًا مع أن تعريف العلمية لا يجامع تعريف اللام فلا يجامع علمية سحر اشتماله على معنى السحر. همع باختصار. قوله: "إلى أنه مبنى" هذا ثاني أربعة أقوال فيه ذكرها الفارضي ثالثها أنه معرب منصرف وسينقله الشارح عن السهيلي والشلوبين الصغير. رابعها أنه لا معرب ولا مبني وهي مفروضة في سحر المراد به معين المجعول ظرفًا فإن نكر صرف وإن أريد به معين ولم يجعل ظرفًا قرن بأل أو أضيف وجوبًا كما صرح به الدماميني. قوله: "لتضمنه معنى حرف التعريف" الفرق بين العدل والتضمين أن العدل تغيير صيغة اللفظ مع بقاء معناه الأصلي والتضمين إشراب اللفظ معنى زائدًا على أصل معناه من غير تغييره عن صيغته الأصلية فسحر المذكور عند الجمهور مغير عن لفظ السحر من غير تغيير لمعناه وعند صدر الأفاضل وارد على صيغته الأصلية مع إشرابه معنى زائدًا على أصل معناه وهو التعيين أفاده في التصريح فالتغيير على العدل في اللفظ دون المعنى وعلى التضمين بالعكس.
قوله: "ما ادعاه" أي: من البناء وتضمن معنى حرف التعريف فالمصنف إنما سلم إمكان(3/390)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ادعيناه أولى؛ لأنه خروج عن الأصل بوجه دون وجه؛ لأن الممنوع الصرف باق على الإعراب، بخلاف ما ادعاه فإنه خروج عن الأصل بكل وجه. الثاني أنه لو كان مبنيا لكان غير الفتح أولى به؛ لأنه في موضع نصب فيجب اجتناب الفتحة؛ لئلا يتوهم الإعراب كما اجتنبت في قبل وبعد والمنادى المبني. الثالث أنه لو كان مبنيا لكان جائز الإعراب جواز إعراب حين في قوله:
1034- عَلى حِينِ عاتَبْتُ المَشِيب عَلَى الصِّبا
لتساويهما في ضعف سبب البناء بكونه عارضًا، وكان يكون علامة إعرابه تنوينه في بعض المواضع، وفي عدم ذلك دليل على عدم البناء وأن فتحته إعرابية، وأن عدم التنوين
ـــــــــــــــــــــــــــــ
التضمن الذي علل به صدر الأفاضل البناء لا وجوده وإنما لم يحكم بعدمه؛ لأن ما سلكه أسلم له فسقط ما نقله البعض عن البهوتي وأقره من الاعتراض. قوله: "لأنه خروج عن الأصل بوجه إلخ" إيضاحه أن أصل الاسم الإعراب والانصراف فالمنع من الصرف عدول عن وجه والبناء عدول عن وجهين معًا. قوله: "لكان غير الفتح إلخ" قد ينقض باسم لا التبرئة المبني؛ لأن بناءه على الفتح مع أنه في موضع نصب فلعل كلامه باعتبار الغالب. قوله: "فيجب اجتناب الفتحة" أي: يتأكد ليوافق قوله قبل لكان غير الفتح أولى به. قوله: "جائز الإعراب" جوازًا وقوعيا كما يؤخذ من بقية كلامه. قوله قبل لكان غير الفتح أولى به. قوله: "جائز الإعراب" جوازًا وقوعيا كما يؤخذ من بقية كلامه. قوله: "جواز إعراب حين" أي: إذا أضيف إلى جملة واللازم باطل عند صدر الأفاضل؛ لأنه مبني عنده مطلقًا زكريا.
قوله: "في ضعف إلخ" وفي كون كل منهما ظرفًا زمانيا. قوله: "بكونه عارضًا" اعترضه البعض بأن الفرق بين سحر وحين ظاهر؛ لأن سبب بناء حين إضافته لمبنى وهي مجوز للبناء لا موجبة وسبب بناء سحر تضمنه معنى الحرف وهو موجب لا مجوز كما لا يخفى أي: ومجرد اشتراكهما في عروض البناء لا يقتضي جواز البناء فقد يكون البناء العارض واجبًا كبناء المنادى واسم لا. قوله: "وكان يكون إلخ" عطف على لكان جائز الإعراب. قوله: "وفي عدم ذلك" أي: التنوين دليل على عدم البناء؛ لأن انتفاء اللازم وهو جواز الإعراب مع التنوين يوجب انتفاء الملزوم
__________
1034- عجزه:
وقلتُ ألَمَّا أصْحُ والشِّيبُ وازعُ
والبيت من الطويل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص32؛ والأضداد ص151؛ وجمهرة اللغة ص1315؛ وخزانة الأدب 2/ 456، 3/ 407، 6/ 550، 553؛ والدرر 3/ 144؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 506؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 53؛ وشرح التصريح 2/ 42؛ وشرح شواهد المغني 2/ 816، 883؛ والكتاب 2/ 330؛ ولسان العرب 8/ 390 "وزع"، 9/ 70 "خشف"؛ والمقاصد النحوية 3/ 406، 4/ 357؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 111؛ والإنصاف 1/ 292؛ وأوضح المسالك 3/ 133؛ ورصف المباني ص349؛ وشرح شذور الذهب ص102؛ وشرح ابن عقيل ص387؛ وشرح المفصل 3/ 16، 4/ 591، 8/ 137؛ ومغني اللبيب ص571؛ والمقرب 1/ 290، 2/ 516؛ والمنصف 1/ 58؛ وهمع الهوامع 1/ 218.(3/391)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إنما كان من أجل منع الصرف فلو نكر سحب وجب التصرف والانصراف كقوله تعالى: {نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ، نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا} [القمر: 34] ا. هـ. وذهب السهيلي إلى أنه معرب وإنما حذف تنوينه لنية الإضافة. وذهب الشلوبين الصغير إلى أنه معرب، وإنما حذف تنوينه لنية أل، وعلى هذين القولين فهو من قبيل المنصرف، والصحيح ما ذهب إليه الجمهور.
تنبيه: نظير سحر في امتناعه من الصرف أمس عند بني تميم فإن منهم من يعربه في الرفع غير منصرف ويبنيه على الكسر في النصب والجر، ومنهم من يعربه إعراب ما لا ينصرف في الأحوال الثلاث خلافًا لمن أنكر ذلك، وغير بني تميم يبنونه على الكسر. وحكى ابن أبي الربيع أن بني تميم يعربونه إعراب ما لا ينصرف إذا رفع أو جر بمد أو منذ فقط. وزعم الزجاج أن من العرب من يبنيه على الفتح، واستشهد بقول الراجز:
1035- إني رأيتُ عَجبًا مُذْ أمْسَا
قال في شرح التسهيل: ومدعاه غير صحيح لامتناع الفتح في موضع الرفع، ولأن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وهو البناء فثبت وجوب الإعراب مع عدم الصرف. قوله: "فلو نكر سحر" هذا مقابل قوله: إذا أريد به سحر يوم بعينه, واعلم أن هذا من تتمة كلام المصنف في شرح الكافية فلا يعترض بأن الأولى تأخيره عن جملة الأقوال في سحر المعرفة. قوله: "إلى أنه معرب" أي: ومنصرف كما يؤخذ من قوله: وإنما حذف تنوينه إلخ والخلاف بين السهيلي والشلوبين إنما هو في علة حذف التنوين كما هو ظاهر في سياقه. قوله: "نظير سحر في امتناعه من الصرف أمس إلخ" مثل ذلك أيضًا رجب وصفر فإن كلا منهما علم جنس على الشهر المخصوص ومعدول عن ذي أل. قوله: "من يعربه في
الرفع إلخ" قال البعض: انظر ما وجه التفرقة بين حالة الرفع وغيرها ا. هـ. وأقول قد توجه بأن الرفع شأن العمد فلم يخرج فيه عن الأصل في الأسماء بالكلية بخلاف النصب والجر فإنهما شأن الفضلات فيقبلان الخروج عن الأصل بالكلية فاعرفه. قوله: "ويبنيه على الكسر" أي: لما يأتي قريبًا. قوله: "يبنونه على الكسر" أي: بالشروط الخمسة المأخوذة من قوله فيما يأتي, ولا خلاف في إعراب أمس وهي أن لا يكسر ولا يصغر ولا ينكر ولا يضاف ولا يحلى بأل وإنما بني لتضمنه معنى حرف التعريف وعلى حركة للتخلص من التقاء الساكنين وكانت كسرة؛ لأنها الأصل في التخلص.
قوله: "إذا رفع أو جر بمذ أو منذ فقط" أي: ويبنونه على الكسر في غير ذلك, ولعل وجه تخصيص مذ ومنذ كثرة جر أمس بهما. قوله: "لامتناع الفتح في وضع الرفع" قال البعض: أي
__________
1035- الرجز بلا نسبة في أسرار العربية ص32؛ وأوضح المسالك 4/ 132؛ وجمهرة اللغة ص841، 863؛ وخزانة الأدب 7/ 167، 168؛ والدرر 3/ 108؛ وشرح التصريح 2/ 226؛ وشرح شذور الذهب ص128؛ وشرح قطر الندى ص16؛ وشرح المفصل 4/ 106، 107؛ والكتاب 3/ 284؛ ولسان العرب 6/ 9، 10 "أمس"؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص95؛ والمقاصد النحوية 4/ 357؛ ونوادر أبي زيد ص57؛ وهمع الهوامع 1/ 209.(3/392)
ابْنِ عَلَى الكَسْرِ فَعَالِ عَلَما ... مُؤنَّثًا وهو نَظيرُ جُشَما
ـــــــــــــــــــــــــــــ
سيبويه استشهد بالرجز على أن الفتح في أمسا فتح إعراب، وأبو القاسم لم يأخذ البيت من غير كتاب سيبويه، فقد غلط فيما ذهب إليه واستحق أن لا يعول عليه ا. هـ. ويدل للإعراب قوله:
1036- اعْتَصِمْ بالرّجاءِ إنْ عَنَّ بَأسٌ ... وتَناسَ الذي تَضَمَّنَ أمْسُ
وأجاز الخليل في لقيته أمس أن يكون التقدير بالأمس، فحذف الباء وأل، فتكون الكسرة كسرة إعراب. قال في شرح الكافية: ولا خلاف في إعراب أمس إذا أضيف، أو لفظ معه بالألف واللام، أو نكر، أو صغر، أو كسر "وابن على الكسر فعال علما مؤنثًا"
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لعدم وجدان الفتح في لسانهم في موضع الرفع فقالوا: مضى أمس بالرفع ولم يفتحوه ولو كان مبنيا على الفتح في الأحوال كلها أي: عند بعض العرب لسمع مضى أمس بالفتح ا. هـ. وفيه تصريح بأن منقول الزجاج البناء على الفتح في كل الأحوال وحينئذ يتم التعليل أما إن كان منقوله البناء على الفتح في الجر فقط فلا. قوله: "ولأن سيبويه استشهد بالرجز إلخ" هذا التعليل غير ناهض إذ لا ضرر في تخريج إنسان بيتًا على خلاف تخريج من نقل هذا البيت عن العرب فتدبر. قوله: "فتح إعراب" أي: نائب عن الكسر كما هو شأن الممنوع من الصرف وزعم بعضهم أن أسسًا فيه فعل فعل ماض فاعله ضمير مستتر أي: أمسى هو أي: المساء. قوله "وأبو القاسم" أي: الزجاج. قوله: "ويدل للإعراب إلخ" إن كان مقصوده الرد بذلك على الزجاج لم يتم لأن الزجاج لم يدع البناء على الفتح عند جميع العرب بل البناء على الفتح عند بعضهم فيجوز أن يكون قائل البيت من غير هذا البعض فافهم. قوله: "اعتصم" أي: تمسك وعن ظهر. قوله: "ولا خلاف إلخ" نظ فيه بعضهم بأن من العرب من يستصحب البناء مع أل كقوله:
وإني وقفت اليوم والأمس قبله ... ببابك حتى كادت الشمس تغرب
بكسر سين الأمس وهو في موضع نصب عطفًا على اليوم وخرج على أن أل زائدة لغير تعريف واستصحب معنى المعرفة فاستديم البناء أو أنها المعرفة وجر على إضمار الباء فالكسر إعراب لا بناء. قوله: "أو نكر" أي: أريد به يوم من الأيام الماضية مبهم كما في التوضيح بقي ما إذا أريد به معين من الأيام الماضية غير اليوم الذي يليه يومك كأن يراد به اليوم الذي يلييه أول الشهر الماضي ولا يبعد أن يكون حكمه حكم ما لو أريد به اليوم الذي يليه يومك ويكون التقييد باليوم الذي يليه يومك لأن الغالب في إرادة المعنى ا. هـ. سم وربما يشير إلى ذلك قولن التوضيح سهم فما يتبادر من كلام البعض من أن حكم هذا حكم المنكر غير صحيح. قوله: "أو صغر" أي: على مذهب من يجيز تصغيره كالمبرد وابن برهان ونص سيبويه على أنه لا يصغر وكذا غد استغناء بتصغير ما هو أشد تمكنًا وهو اليوم والليلة قاله أبو حيان. قوله: "أو كسر" أي: جمع جمع
__________
1036 البيت من الخفيف، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 133؛ والدرر 3/ 107؛ وشرح التصريح 2/ 226؛ والمقاصد النحوية 4/ 372؛ وهمع الهوامع 1/ 209.(3/393)
عندَ تَميمِ واصْرِفَنْ ما نُكِّرا ... منْ كلِّ ما التعريفُ فيه أثَّرا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أي: مطلقًا في لغة الحجازيين لشبهه بنزال وزنا وتعريفًا وتأنيثًا وعدلًا. وقيل لتضمنه معنى هاء التأنيث. قال الربعي. وقيل لتوالي العلل وليس بعد منع الصرف إلا البناء. قاله المبرد، والأول هو المشهور: تقول هذه حذام ووبار، ورأيت حذام ووبار، ومررت بحذام ووبار، ومنه قوله:
1037- إذا قالتْ حَذامِ فَصَدِّقُوها ... فإنَّ القولَ ما قالتْ حَذامِ
"وهو نظير جشما" وعمر وزفر "عند تميم" أي: ممنوع الصرف للعلمية والعدل عن فاعلة، وهذا رأى سيبيويه. وقال المراد: للعلمية والتأنيث المعنوي كزينب، وهو أقوى على ما لا يخفى. وهذا فيما ليس آخره راء: فأما نحو: وبار وظفار وسفار فأكثرهم يبنيه على
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تكسير على آمس كأفلس وأموس كفلوس وآماس كأوقات فعلم ما في قول البعض بأن قيل أموس من القصور.
قوله: "مطلقًا" أي: سواء ختم براء أو لا. والحاصل أن فيه ثلاث لغات بناءه على الكسر مطلقًا وإعرابه إعراب ما لا ينصرف مطلقًا والتفصيل بين ما آخره راء فيبنى وما لا فيمنع من الصرف. قوله: "لشبهه بنزال" علة لابن ولا ينافي ما سبق من حصر سبب البناء في شبه الحرف؛ لأن الشبه بالحرف صادق بالشبه بلا واسطة وبها كما هنا؛ لأن نزال تشبه الحرف, وقوله: وتعريفًا لما مر من أن اسم الفعل الغير المنون معرفة وقوله: وتأنيثًا لعله في نزال باعتبار أنه اسم لكلمة انزل وهو جار على مذهب المبرد أن نزال بمعنى النزلة وعبارة الهمع لشبهه بفعال الواقع موقع الأمر كنزال في الوزن والعدل والتعريف فأسقط التأنيث. قوله: "لتضمنه معنى هاء التأنيث" أي: التي في المعدول عنه. قوله: "لتوالي العلل" أي: العلمية والتأنيث والعدل ورد بأن أذربيجان فيه خمسة أسباب وهو مع ذلك معرب ا. هـ. حفيد ويجاب بأنهم نبهوا بإعرابه على أن اجتماع الأسباب مجوز للبناء لا موجب سم والخمسة هي العلمية والعجمة وزيادة الألف والنون والتأنيث؛ لأنه علم بلدة والتركيب. قوله: "حذام" معدول عن حاذمة من الحذم وهو القطع, ومن هذا الباب صلاح اسمًا لمكة وسكاب اسمًا لفرس.
قوله: "جشما" معدول عن جاشم أي: عظيم كما في سم. قوله: "وهذا رأي: سيبويه" وهو مقتضى قول المصنف وهو نظير جشما. قوله: "وهو أقوى على ما لا يخفى" أي: لأن التأنيث متحقق فلا حاجة إلى تقدير العدل لأنه إنما يقدر إذا لم يتحقق غيره وأجاب الدماميني بأن الغالب
__________
1037- البيت من الوافر، وهو للجيم بن صعب في شرح التصريح 2/ 225؛ وشرح شواهد المغني 2/ 596؛ والعقد الفريد 3/ 363؛ ولسان العرب 6/ 306 "رقش"؛ والمقاصد النحوية 4/ 370؛ وله أو لوشيم بن طارق في لسان العرب 2/
99 "نصت"؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 131؛ والخصائص 2/ 178؛ وشرح شذور الذهب ص123؛ وشرح ابن عقيل ص58؛ وشرح قطر الندى ص14؛ وشرح المفصل 4/ 64؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص75؛ ومغني اللبيب 1/ 220.(3/394)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الكسر كأهل الحجاز؛ لأن لغتهم الإمالة، فإذا كسروا توصلوا إليها، ولو منعوه الصرف لامتنعت. وقد جمع الأعشى بين اللغتين في قوله:
1038- ومَرَّ دهْرٌ عَلى وَبارِ ... فَهَلَكَتْ جَهْرةً وَبارُ
تنبيهات: الأول أفهم قوله مؤنثًا أن حذام وبابه لو سمي به مذكر لم يبن، وهو كذلك، بل يكون معربًا ممنوعًا من الصرف للعلمية والنقل عن مؤنث كغيره، ويجوز صرفه
ـــــــــــــــــــــــــــــ
على الأعلام النقل فلذا جعلها سيبويه منقولة عن فاعلة المنقولة عن الصفة كما تقدم في عمر، وعلى مذهب المبرد تكون مرتجلة وأجيب بغير ذللك أيضًا كما ذكره شيخنا. قوله: "نحو: وبار" اسم لأرض كانت لعاد وظفار اسم مدينة وسفار اسم ماء وكل معدول عن فاعلة وقولنا سفار اسم ماء تبعنا فيه التوضيح قال شارحه من مياه العرب ملحوظ فيه معنى التأنيئث؛ ولهذا قال سيبويه: اسم لماءة وقال الجوهري: اسم لبئر وهو المناسب؛ لأن الكلام في أعلام المؤنث والماء مذكر ا. هـ.
قوله: "لأن لغتهم الإمالة" أي: لغة جميعهم كما صرحوا به واعترض بأن التوصل للإمالة ليس من أسباب البناء ولو سلم فمقتضى إمالة جميعهم إن جميعهم يبنون على الكسر لا أكثرهم فقط, ويدفع بأن سبب البناء ليس التوصل للإمالة بل الشبه بنزال على ما تقدم لكن أكثرهم اعتبر هذا الشبه لتقويه بترتب الإمالة التي هي لغتهم عليه وبعضهم لم يعتبره لكونه لا يقتضي البناء عنده, ولم يعتبر ترتب الإمالة عليه لكونه لا يجنح إلى الإمالة إلا عند تحقق مقتضى الكسر فاعرف ذلك. قوله: "وقد جمع الأعشى إلخ" أي: حيث كسر الأول بلا تنوين كما في الفارضي ورفع الثاني بالضمة, قال الدنوشري: فيه إشكال؛ لأن الأعشى إن كان غير تميمي فليس عنده إلا البناء على الكسر وكذا إن كان من أكثر بني تميم وإن كان من القليل فليس عنده إلا الإعراب, وقول بعضهم: يجوز للعربي أن يتكلم بغير لغته مردود ا. هـ. والتحقيق كما أوضحناه سابقًا أن العربي قادر على التكلم بغير لغته وحينئذ لا إشكال. نعم قال في شرح الشذور وقيل إن وبار الثاني ليس باسم كوبار الذي في حشو البيت بل
الواو عاطفة وما بعدها فعل ماض وفاعل والجملة معطوفة على قوله: هلكلت وقال أولا هلكت بالتأنيث على معنى القبيلة, وثانيًا باروا بالتذكير على معنى الحي, وعلى هذا القول يكتب باروا بالواو والألف كما يكتب ساروا ا. هـ. فعلى هذا القول لا جمع بين اللغتين.
قوله: "والنقل عن مؤنث" لو قال: والتأنيث بحسب الأصل لكان أحسن؛ لأن النقل نفسه
__________
1038- البيت من مخلع البسيط, وهو للأعشى في ديوانه ص331؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 240؛ وشرح التصريح 2/ 225؛ وشرح شذور الذهب ص125؛ وشرح المفصل 4/ 64، 65؛ والكتاب 3/ 279؛ ولسان العرب 5/ 273 "وبر"؛ والمقاصد النحوية 4/ 358؛ وهمع الهوامع 1/ 29؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ص264؛ وأوضح المسالك 4/ 130؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص77؛ والمقتضب 3/ 50؛ والمقرب 1/ 282.(3/395)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لأنه إنما كان مؤنثًا لإرادتك به ما عدل عنه، فلما زاد العدل زال التأنيث بزواله. الثاني فعال يكون معدولًا وغير معدول: فالمعدول إما علم مؤنث كحذام وتقدم حكمه، وإما أمر نحو: نزال، وإما مصدر نحو: حماد، وإما حال نحو:
1039- والخَيلُ تَعْدُو في الصَّعيدِ بَدادِ
وإما صفة جارية مجرى الأعلام نحو: حلاق للمنية. وإما صفة ملازمة للنداء نحو: فساق، فهذا خمسة أنواع كلها مبنية على الكسر معدولة عن مؤنث، فإن سمي ببعضها مذكر فهو كعناق وقد يجعل كصباح، وإن سمي به مؤنث فهو كحذام ولا يجوز البناء
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ليس من أسباب منع الصرف. قوله: "لأنه إنما كان مؤنثًا إلخ" أي: لأن حذام إنما كان مؤنثًا؛ لأنك أردت به في حالة كونك اسما لأنثى مدلول المؤنث الذي عدل عنه وهو حاذمة, فلما زال العدل بجعله اسمًا لمذكر وعدل إرادة مدلول حاذمة زال التأنيث فانتفى سبب منع الصرف وإنما زال العدل بذلك؛ لأنه لا يصح أن يكون في حالة كونه اسما لمذكر معدولًا عن حاذمة لامتناع إطلاق حاذمة على المذكر مع أن شأن العدل صحة إطلاق المعدول عنه على مسمى المعدول, ولو قال الشارح بدل قوله: فلما زال العبد إلخ فلما لم ترد ذلك زال التأنيث فزال العدل بزواله لكان واضحًا فتأمل.
قوله: "وأما أمر" إن حمل على الأمر الاصطلاحي كان التقدير اسم فعل أمر وإن حمل على الأمر اللغوي وهو الطلب كان التقدير دال أمر. قال في التسهيل: وفتح فعال أمرًا لغة أسدية. قال الدماميني: فيقولون نزال بفتح الآخر إيثارًا للتخفيف. قوله: "نحو: حماد" معدول عن محمدة بفتح الميم الثانية وكسرها. قوله: "في الصعيد" قال في لقاموس: الصعيد التراب أو وجه الأرض أو الطريق وبلاد بمصر مسيرة خمسة عشر يومًا طولًا, وموضع قرب وادى القرى به مسجد للنبي -صلى الله عليه وسلم ا.
هـ. وقوله: بداد معدول عن متبددة. قوله: "جارية مجرى الأعلام" أي: في استعمالها غير تابعة لموصوف وقوله: حلاق بالحاء المهملة معدول عن حالقة والمنية الموت. قوله: "معدولة عن مؤنث" هذا في الأمر ظاهر على رأي المبرد أنه معدول عن مصدر مؤنث معرفة أما على ظاهر كلام سيبويه أنه معدول عن الفعل كما في الهمع فتأنيث الفعل باعتبار أنه كلمة أو لفظة. قوله: "فهو كعناق" أي: في الإعراب والمنع من الصرف كما مر وقوله: كصباح في الإعرب والصرف.
__________
1039- صدره:
وذَكَرَتْ من لبن المُحَلَّق شُرْبةً
والبيت من الكامل، وهو للنابغة الجعدي في ملحق ديوانه ص241؛ والكتاب 3/ 275؛ ولسان العرب 10/ 64 "حلق"؛ ولعوف بن عطية بن الخرع في جمهرة اللغة ص999؛ والخزانة 6/ 363، 368، 370؛ والدرر 1/ 98؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 299؛ وشرح المفصل 4/ 54؛ ولسان العرب 3/ 78 "برد"؛ والمعاني الكبير ص104؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص66؛ وخزانة الأدب 6/ 340؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص73؛ والمعاني الكبير ص389؛ والمقتضب 3/ 371؛ وهمع الهوامع 1/ 29.(3/396)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
خلافًا لابن بابشاذ. وغير المعدول يكون اسما كجناح، ومصدرًا نحو: ذهاب، وصفة نحو: جواد، وجنسًا نحو: سحاب، فلو سمي بشيء من هذه مذكر انصرف قولًا واحدًا إلا ما كان مؤنثًا كعناق "واصرفن ما نكرا من كل ما التعريف فيه أثرا" وذلك الأنواع السبعة المتأخرة وهي: ما امتنع للعلمية والتركيب، أو الألف والنون الزائدتين، أو التأنيث بغير الألف، أو العجمية، أو وزن الفعل، أو ألف الإلحاق، أو العدل: تقول رب معد يكرب وعمران وفاطمة وزينب وإبراهيم أحمد وأرطى وعمر لقيتهم، لذهاب أحد السببين وهو العلمية. وأما الخمسة المتقدمة وهي: ما امتنع لألف التأنيث، أو للوصف والزيادتين، أو للوصف ووزن الفعل، أو للوصف والعدل، أو للجمع المشبه مفاعل أو مفاعيل فإنها لا تصرف نكرة، فلو سمي بشيء منها لم ينصرف أيضًا. أما ما فيه ألف التأنيث؛ فلأنها كافية في منع الصرف ووهم من قال في حواء امتنع للتأنيث والعلمية. وأما ما فيه الوصف مع زيادتي فعلان أو وزن أفعل؛ فلأن العلمية تخلف الوصف فيصير منعه للعلمية والزيادتين أو للعلمية ووزن أفعل. وأما ما فيه الوصف والعدل وذلك أخر وفعال ومفعل نحو: أحاد وموحد فمذهب سيبويه أنها إذا سمي بها امتنعت من الصرف للعلمية والعدل. قال في شرح الكافية: وكل معدول سمي به فعدله باق إلا سحر وأمس في لغة بني تميم فإن عدلهما يزول بالتسمية فيصرفان، بخلاف غيرهما من المعدولات فإن عدله بالتسمية باق فيجب
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وإن سمي به مؤنث إلخ" أتى به تتميمًا للتقسيم وإلا فهو مما دخل تحت قول المصنف وابن على الكسر فعال علمًا مؤنثًا وهذا أولى مما ذكره البعض لما يلزم عليه من قصور النظم فتدبر.
قوله: "فهو كحذام" فتنبيه على لغة الحجاز وتعربه غير منصرف على لغة تميم وإن كان آخره راء فعلى ما تقدم أيضًا نحو: حذار ويسار ا. هـ. دماميني. قوله: "ولا يجوز البناء" قال الدماميني: أي: فيما سمي به مذكر ا. هـ. أي: لا فيما سمي به مؤنث حتى يعترض بأن في كلامه تناقضًا؛ لأن قضية التشبيه بحذام جواز البناء فينافي قوله: ولا يجوز البناء, لكن لو ذكره قبل قوله: وإن سمي به مؤنث إلخ, لسلم من الإيهام. قوله: "من كل إلخ" حال من ما بيان لها. قوله: "من كل ما التعريف فيه أثرًا" أي: مما يمكن تنكيره فلا يرد أن فعل في التوكيد مما يؤثر فيه التعريف مع أنه لا ينكر لوجوب إضافته ولونية إلى ضمير المؤكد. قوله: "ووهم من قال إلخ" أي: لأن ألف التأنيث كافية في المنع فلا وجه لاعتبار غيرها.
قوله: "وكل معدول إلخ" حاصل ما فرق به بين ما يبقى فيه العدل بعد التسمية وما يزول فيه بعدها أن الأول فيه ما يشعر بالعدل وهو تغيير الحركات بخلاف الثاني ا. هـ. زكريا ووجه بعضهم زوال عدل سحر وأمس بالتسمية بأن أل لا تجامع العلمية. قوله: "في لغة بني تميم" راجع لأمس فقط أي: وأما في لغة الحجازيين فمبني على الكسر. قوله: "فإن عدله بالتسمية باق"(3/397)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
منع صرفه للعدل والعلمية عددًا كان أو غيره. هذا هو مذهب سيبويه، ومن عزا إليه غير ذلك فقد أخطأ، وقوله: ما لم يقل، وإلى هذا أشرت بقولي:
وعَدْلُ غير سَحَر وأمْسِ في ... تسْميَة تَعرِضُ غيرُ مُنْتَفِي
وذهب الأخفش وأبو علي وابن برهان إلى صرف العدد المعدول مسمى به، وهو خلاف مذهب سيبويه رحمه الله تعالى. هذا كلامه بلفظه. وأما الجمع المشبه مفاعل أو مفاعيل فقد تقدم الكلام على التسمية به، وإذا نكر شيء من هذه لأنواع الخمسة بعد التسمية لم ينصرف أيضًا. أما ذو ألف التأنيث فللألف، وأما ذو الوصف مع زيادتي فعلان أو مع وزن أفعل أو مع العدل إلى فعال أو مفعل؛ فلأنها لما نكرت شابهت حالها قبل التسمية فمنعت الصرف لشبه الوصف مع هذه العلل. هذا مذهب سيبويه. وخالف الأخفش في باب سكران فصرفه. وأما باب أحمر ففيه أربعة مذاهب: الأول منع الصرف وهو الصحيح. والثاني: الصرف وهو مذهب المبرد والأخفش في أحد قوليه ثم وافق سيبويه في
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الباء بمعنى مع متعلقة بباق. قوله: "عددًا كان" أي: غير سحر وأمس وتسمية نحو: ثلاث مسمى به عددًا باعتبار ما كان. قوله: "هذا كلامه بلفظه" يحتمل أنه قاله تقوية لنقله ويحتمل أنه قاله تبريًا من التكرار الذي فيه؛ لأن قوله: وهو خلاف مذهب سيبويه يغني عنه التنصيص على مذهبه أول العبارة. قوله: "أو مع العدل إلى فعال أو مفعل" لا يشمل أخر مع أن حكمه حكم معدول العدد ولو أسقط قوله إلى فعال أو مفعل لشمله. قوله: "شابهت حالها قبل التسمية" لم يقل عاد الوصف؛ لأن معنى أحمر مثلا قبل التسمية ذات ما اتصفت بالحمرة بلا قصد وصفية بالحمرة ولما لوحظ بعد التنكير اتصاف الذات المبهمة بالتسمية بأحمر أشبه أحمر بعد التنكير حاله قبل التسمية في إيهام الذات, وملاحظة مطلق الاتصاف, ولم يجعل وصفًا بالتسمية حقيقيا لعدم التعبير بقولنا مسمى بأحمر. قوله: "لشبه الوصف" القياس على مواضع تقدمت أن يقال للوصف بحسب الأصل لكن كل صحيح.
قوله: "وخالف الأخفش في باب سكران فصرفه" أي: عند قصد تنكيره. قوله: "وأما باب أحمر" أي: عند قصد تنكيره ففيه أربعة مذاهب إلخ لو قال وخالف المبرد والأخفش في أحد قوليه في باب أحمر فصرفاه ثم قال: والفراء وابن الأنباري فقالا: إن سمي بأحمر رجل أحمر إلخ. ثم قال: والفارسي في بعض كتبه فجوز الصرف وتركه لكان أخصر وأولى لتقدم ذكر باب أحمر وذكر المذهب الأول فيه وأنسب بقوله وخالف الأخفش في باب سكران فصرفه. قوله: "الأول منع الصرف" أي: لشبه الوصفية ووزن الفعل. قوله: "والثاني الصرف" أي: لأن الوصفية زالت بالعلمية بلا عود بعد التنكير. قوله: "والأخفش في أحد قوليه" حكى أن أبا عثمان المازني سأل الأخفش لم صرفت أربع في نحو: مررت بنسوة أربع فقال: لأنه في الأصل اسم للعدد والوصف به(3/398)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كتابه الأوسط. قال في شرح الكافية: وأكثر المصنفين لا يذكرون إلا مخالفته، وذكر موافقته أولى؛ لأنها آخر قوليه. والثالث إن سمي بأحمر رجل أحمر لم ينصرف بعد التنكير، وإن سمي به أسود أو نحوه انصرف وهو مذهب الفراء وابن الأنباري. والرابع: أنه يجوز صرفه وترك صرفه. قاله الفارسي في بعض كتبه. وأما المعدول إلى فعال أو مفعل فمن صرف أحمر بعد التسمية صرفه وقد تقدم الخلاف في الجمع إذا نكر بعد التسمية.
تنبيه: إذا سمي بأفعل التفضيل مجردًا من من ثم نكرة بعد التسمية انصرف باجماع كما قاله في شرح الكافية. قال: لأنه لا يعود إلى مثل الحال التي كان عليها إذا كان
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عارض فلم يعتد به فقال: هلا اعتبرت أحمر إذا نكرته يعني في كونه وصفًا في الأصل والتسمية به عارضة فلم يأت بمقنع ولعل موافقته سيبويه آخرًا من أجل ذلك كذا في الفارضي.
قوله: "لم ينصرف بعد التنكير" أي: لمشابهة حال التنكير حال الوصفية في وجود المشتق منه وهو الحمرة في المدلول فكأن الوصفية باقية بعد التنكير وهذا أحسن مما علل به البعض. قوله: "يجوز صرفه وترك صرفه" فالصرف نظرًا إلى زوال الوصفية بالعلمية والعلمية بالتنكير وتركه نظرًا إلى شبه الوصفية ووزن الفعل. قوله: "فمن صرف أحمر بعد التسمية" أي: بعد زوالها بالتنكير. قوله: "مجردًا من من" أي: لفظًا وتقديرًا كما يؤخذ مما بعده كأنه سمي شخص بأكرم.
قوله: "لأنه لا يعود إلى مثل الحال إلخ" أي: لأن أفعل من إذا كان وصفًا معناه ذات معينة ثبت لها الزيادة على ذات أخرى معينة, وإذا سمي به صار دالا على الذات فقط. وإذا نكر صار دالا على ذات ما ثبت لها الزيادة, ولم ينظر إلى كون الزيادة على ذات أخرى فلم ترجع الحالة الأولى ولا شبهها؛ لأن شبهها يكون مركبًا أيضًا من مفضل ومفضل عليه, وإن كانت مبهمين نقله البعض عن البهوتي وأقره. وأنا أقول فيه نظر من وجوه: الأول أن ما ادعاه من كون معنى أفعل من إذا كان وصفًا ذاتًا معينة إلخ غير مسلم لتصريحهم بأن مدلول الصفات ذات مبهمة لا معينة, والتعيين إذا وجد يكون بقرينة لا بالوضع وتصريحهم بأن المفضل عليه قد يكون معينًا وقد يكون مبهمًا. والثاني: أن ما ادعاه من كون معناه إذا نكر بعد التسمية ذاتًا ما ثبت لها الزيادة غير مسلم بل معناه ذات ما ثبت لها التسمية بكذا, وممن صرح بهذا وبكون مدلول الصفة ذاتا مبهمة ذلك البعض قبل هذه القولة بنحو: نصف صفحة. الثالث: أن ما ادعاه من عدم رجوع شبه الحالة الأولى ينازع فيه ما تقدم في الكلام على قول الشارح لما نكرت شابهت حالها قبل التسمية من توجيه المشابهة بأن معنى أحمر مثلا بعد التنكير ذات ما مسماة بأحمر, فلما لوحظ بعد التنكير اتصاف الذات المبهمة بالتسمية بأحمر أشبه أحمر بعد التنكير حاله قبل التسمية في الإبهام, وملاحظة مطلق الاتصاف ووجه المنازعة أن هذا التوجيه بعينه جار في أفعل من بعد التنكير وهذا يدل على رجوعه لشبه الحالة الأولى, وأما ما ادعاه من كون شبهها يكون مركبا أيضا من مفضل ومفضل عليه, ففي محل المنع؛ لأن ذلك غير لازم, وحينئذ يقال هلا منع من الصرف, وأما ما في الشرح من(3/399)
وما يكونُ منهُ مَنقوصًا ففي ... إعرابِهِ نَهْج جوارٍ يَقْتَفِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
صفة، فإن وصفيته مشروطة بمصاحبة من لفظا أو تقديرا ا. هـ. فإن سمي به مع من ثم نكر امتنع صرفه قولا واحدًا، وكلام الكافية وشرحها يقتضي إجراء الخلاف في نحو: أحمر فيه "وما يكون منه منقوصًا ففي إعرابه نهج جوار يقتفي" يعني أن ما كان منقوصًا من الأسماء التي لا تنصرف سواء كان من الأنواع السبعة التي إحدى علتيها العلمية أو من الأنواع الخمسة التي قبلها, فإنه يجري مجرى جوار وغواش، وقد تقدم أن نحو: جوار يلحقه التنوين رفعًا وجرا فلا وجه لما حمل عليه المرادي كلام الناظم من أنه أشار إلى الأنواع السبعة دون الخمسة؛ لأن حكم المنقوص فيهما واحد: فمثاله في غير التعريف أعيم تصغير أعمى فإنه غير منصرف للوصف والوزن، ويلحقه التنوين رفعا وجرا نحو: هذا أعيم ومررت بأعيم ورأيت أعيمي، والتنوين فيه عوض من الياء المحذوفة كما في نحو: جوار، وهذا لا خلاف فيه. ومثاله في التعريف: قاض اسم امرأة فإنه غير منصرف للتأنيث والعلمية, ويعيل تصغير يعلى ويرم مسمى به فإنه غير منصرف للوزن والعلمية، والتنوين فيهما في الرفع والجر عوض من الياء المحذوفة. وذهب يونس وعيسى بن عمر والكسائي إلى نحو: قاض
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تعليل عدم العود بأن الوصفية مشروطة بمصاحبة من فلا يدل إلا على عدم عود الوصفية لا على عدم عود شبهها فيما مر على أن الوصفية المشروطة بمصاحبة من الوصفية بالزيادة لا مطلق الوصفية فتأمل.
قوله: "وما يكون منه منقوصا إلخ" أي: والذي يكون مما لا ينصرف منقوصًا فهو يقتفي نهج جوار في إعرابه فلو سميت بيرمي ويقضي أعللته إعلال جوار ولو سميت بيغزو ويدعو ورجعت بالواو للياء أجريته مجرى جوار, وتقول في النصب رأيت يرمي ويغزي. قال بعضهم ووجه الرجوع بالواو للياء ما ثبت أن الأسماء المتمكنة ليس فيها ما آخره واو قبلها ضمة فتقلب الواو ياء ويكسر ما قبلها, وإذا سميت بيرم ومن لم يرم رددت إليه ما حذف منه ومنعته من الصرف, تقول هذا يرم ومررت بيرم والتنوين للعوض ورأيت يرمي وإذا سميت بيغز من لم يغز قلت هذا يغز ومررت بيغز ورأيت يغزي, إلا أن هذا ترد إليه الواو وتقلب ياء لما تقدم, ثم يستعمل استعمال جوار سم. قوله: "من الأسماء التي لا تنصرف" يشير إلى أن الهاء في منه لما لا ينصرف أعم من المعرفة والنكرة ليشمل محل الخلاف والوفاق كما سيذكره.
قوله: "فلا وجه لما حمل إلخ" اعتذر عنه بأن الباعث له على ذلك أن أقرب مذكور إلى الضمير في وما يكون منه ما التعريف فيه أثرًا وبأن العلم منقوص محل الخلاف فيعتني به. قوله: "وهذا لا خلاف فيه" أي: لا خلاف في حذف الياء ولحوق التنوين رفعًا وجرا في نحو: أعيم بخلاف قاض ويعيل ويرم أعلامًا ففي حذف يائه ولحوق التنوين له رفعًا وجرا خلاف, نبه عليه بقوله الآتي: وذهب يونس إلخ. قوله: "إلى أن نحو: قاض إلخ" أي: من كل علم منقوص وجد فيه مقتضى ممنع الصرف قال سم: يمكن الفرق من جهة المعنى على قولهم بخفة العلم فاحتملت(3/400)
ولاضطرارٍ أو تناسُبْ صُرِفْ ... ذو المنعِ والمصروفُ قد لا يَنصرِفْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
اسم امرأة، ويعيل ويرم يجري مجرى الصحيح في ترك تنوينه وجره بفتحة ظاهرة، فيقولون هذا يعيلى ويرمى وقاضي، ورأيت يعيلى ويرمي وقاضي، ومررت بيعيلى ويرمى وقاضي، واحتجوا بقوله:
1040- قَدْ عَجِبَتْ مِنّي ومن يَعْيلِيا ... لَمّا رأتني خَلَقًا مُقْلوْلِيا
وهو عند الخليل وسيبويه والجمهور محمول على الضرورة كقوله:
1041- ولكنَّ عبدَ اللهِ مَولَى مَوالِيا
"ولاضطرار أو تناسب صرف ذو المنع" بلا خلاف مثال الضرورة قوله:
1042- ويَوْمُ دخلتُ الخدْرَ خدْرَ عُنَيزَة ... فقالتْ لك الوَيلاتُ إنّك مُرْجِلي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الحركة على الياء. قوله: "يجري مجرى الصحيح إلخ" حاصل مذهبهم أن المعرب تثبت ياؤه مطلقًا وتسكن رفعًا لثقل الضمة وتفتح جرا ونصبًا لخفة الفتحة. قوله: "خلقًا" بفتح المعجمة واللام أي: عتيقًا جدا وأراد به الضعيف رث الهيئة. وقوله: مقوليا بضم الميم؛ لأنه اسم فاعل اقلولى أي: تجافى وانكمش كما في القاموس, فقول التصريح بفتح الميم غير ظاهر, ولعل المراد بالمقلولي هنا دميم الخلقة. قوله: "مولى مواليًا" بإضافة مولى إلى مواليًا جمع مولى.
قوله: "أو تناسب" هو قسمان تناسب لكلمات منصرفة انضم إليها غير منصرف نحو: سلاسلًا وأغلالًا وتناسب لرءوس الآي, كقوارير, الأول فإنه رأس آية فنون ليناسب بقية رءوس الآي في التنوين أو بدله وهو والألف في الوقف, وأما قوارير الثاني فنون ليشاكل قوارير الأول كذا قال شيخنا وهو الصواب الموافق في التصريح وغيره. وأما في كلام البعض من العكس فخطأ. قوله: "صرف" أي: وجوبًا في الضرورة وجوازًا في التناسب. قوله: "ويوم دخلت الخدر" بكسر الخاء
__________
1040- الرجز للفرزدق في الدرر 1/ 102؛ وشرح التصريح؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 134؛ والخصائص 1/ 6؛ والكتاب 3/ 315؛ ولسان العرب 15/ 94 "علا"، 15/ 200 "قلا"؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص114؛ والمقتضب 1/ 142؛ والممتع في التصريف 2/ 557؛ والمنصف 2/ 68، 79، 3/ 67؛ وهمع الهوامع 1/ 36.
1041- صدره:
فلو كانَ عبدُ اللهِ مَولًى هَجَوْتُهُ
والبيت من الطويل، وهو للفرزدق في إنباه الرواة 2/ 105؛ وبغية الوعاة 2/ 42؛ وخزانة الأدب 1/ 235، 239، 5/ 145؛ والدرر 1/ 101؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 311؛ وشرح التصريح 2/ 229؛ وشرح المفصل 1/ 64؛ والكتاب 3/ 313، 315؛ ولسان العرب 15/ 47 "عرا" 409 "ولى"؛ وما ينصرف وما لا ينصرف ص114؛ ومراتب النحويين ص31، والمقاصد النحوية 4/ 375؛ والمقتضب 1/ 143؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 140؛ وهمع الهوامع 1/ 36.
1042- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص11؛ وخزانة الأدب 9/ 345؛ وشرح التصريح 2/ 227؛ وشرح شواهد المغني 2/ 766؛ والمقاصد النحوية 4/ 374؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 136؛ ومغني اللبيب 2/ 343.(3/401)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
1043- وأَتاها أُحَيمرٌ كأخي السَّهْـ ... ـمِ بِعَضْبٍ فقال كُوني عَقِيرا
وقوله:
1044- تَبَصَّرْ خَليلي هل تَرى من ظَعائِنٍ
وهو كثير. نعم اختلف في نوعين: أحدهما ما فيه ألف التأنيث المقصورة فمنع بعضهم صرفه للضرورة، قال: لأنه لا فائدة فيه إذ يزيد بقدر ما ينقص، ورد بقوله:
1045- إنِّي مُقَسِّمُ ما مَلكتُ فجاعِلٌ ... جزءًا لآخِرَتي ودُنيا تَنفعُ
أنشده ابن الأعرابي بتنوين دنيا. وثانيهما: أفعل من، منع الكوفيون صرفه للضرورة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المعجمة وسكون الدال أي: الهودج وقوله: إنك مرجلي أي: مصيري راجلة أي: ماشية لعقرك ظهر بعيري تصريح.
قوله: "وأتاها" أي: ناقة صالح عليه الصلاة والسلام أحيمر هو الذي عقرها وكان أحمر أزرق أصهب كأخي السهم أي: كمثل السهم والعضب السيف وعقيرًا فعيل يستوي فيه المذكر والمؤنث ا. هـ. عيني, وقال الدماميني: كأخي السهم من إضافة الملغي إلى المعتبر. قوله: "أحدهما ما فيه ألف التأنيث المقصورة" مقتضى التعليل الآتي أن تكون ألف الإلحاق المقصورة كألف التأنيث المقصورة. قوله: "إذ يزيد بقدر ما ينقص" لأنه إذا نون سقطت الألف لالتقاء الساكنين والتنوين قدر الألف المحذوفة وكل ساكن. وأجيب بأنه قد يكون فيه فائدة بأن تلتقي الألف مع ساكن بعده فيحتاج الشاعر إلى كسر الأول فينون ثم يكسر. ومقتضى هذا أنه لم يحتج إلى تنوينه لم ينون ا. هـ. مرادي وهو مبني على أن الضرورة ما لا مندوحة عنه ما وقع في الشعر ا. هـ. سم أي: مما لا يقع مثله في النثر.
قوله: "ورد بقوله إلخ" قال الصفوي: وضعف الرد بمنع الدليل؛ لأن تنوين المؤنث بالألف كدنيا لغة فيه, فلعل الشاعر من أهل هذه اللغة. قوله: "ودنيا" معطوف على جزءًا والمعنى فجاعل
__________
1043- البيت من الخفيف، وهو لأمية بن أبي الصلت في ديوانه ص 35؛ والمقاصد
النحوية 4/ 377؛ والمقرب 2/ 202.
1044- عجزه:
سَوالُك نَقْبا بين حَزْمَي شَعَبْعَبِ
والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص 43؛ والمقاصد النحوية 4/ 368؛ وبلا نسبة في شرح ابن عقيل ص563.
1045- البيت من الكامل، وهو للمسلم بن رياح في خزانة الأدب 8/ 297؛ والمقاصد النحوية 4/ 376.(3/402)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قالوا: لأن حذف تنويه لأجل من فلا يجمع بينهما. ومذهب البصريين جوازه؛ لأن المانع له إنما هو الوزن والوصف كأحمر لا من، بدليل صرف خير منه وشر منه لزوال الوزن. ومثال الصرف للتناسب قراءة نافع والكسائي: "سَلَاسِلا وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا" [الإنسان: 4] ، "قَوَارِيرا، قَوَارِيرا" [الإنسان: 16] ، وقراءة الأعمش بن مهران:
"وَلَا يَغُوثًا وَيَعُوقًا وَنَسْرًا" [نوح: 23] .
تنبيه: أجاز قوم صرف الجمع الذي لا نظير له في الآحاد اختيارًا, وزعم قوم أن صرف ما لا ينصرف مطلقًا لغة. قال الأخفش: وكأن هذه لغة الشعراء؛ لأنهم اضطروا إليه في الشعر فجرت ألسنتهم على ذلك في الكلام "والمصروف قد لا ينصرف" أي: للضرورة أجاز ذلك الكوفيون والأخفش والفارسي، وأباه سائر البصريين. والصحيح الجواز. واختاره الناظم لثبوت سماعه، من ذلك قوله:
1046- وما كانَ حِصنٌ ولا حابِسٌ ... يَفوقانِ مِرْداسَ في مَجْمَعِ
وقوله:
1047- وقائِلةٍ ما بالُ دَوْسَرَ بَعْدَنا ... صحا قلْبُهُ عن آلِ ليلَى وعن هِنْدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
منه جزءًا لآخرتي وجاعل منه دنيا تنفع. قوله: "لأجل من" أي: لقيامها مقام المضاف إليه, فالمانع قوي لكونه كلمة مستقلة بخلاف سائر موانع الصرف, وقوله: فلا يجمع بينهما أي: بين التنوين ومن ملفوظة أو مقدرة إلا اختيارًا ولا ضرورة. قوله: "ومذهب البصريين جوازه" ويدل له قول امرئ القيس:
وما الإصباح منك بأمثل
فصرف أمثل للضرورة مع وجود من المقدمة عليه في قوله: منك قاله الدماميني. قوله: "إنما هو الوزن والوصف" أي: فيجوز الجمع بينهما وبين التنوين ضرورة لعدم قوتهما قوة من. قوله: "صرف الجمع الذي لا نظير له في الآحاد" كسلاسلا وسببه جمعهم له جمع السامة نحو: صواحبات فأشبه الآحاد ا. هـ. دماميني. قوله: "في الكلام" أي: النثر. قوله: "وأباه" أي: منعه سائر
__________
1046- البيت من المتقارب، وهو لعباس بن مرداس في ديوانه ص84؛ والأغاني 14/ 291؛ والإنصاف 2/ 499؛ وخزانة الأدب 1/ 147، 148، 253؛ والدرر 1/ 104؛ وسمط اللآلي ص33؛ وشرح التصريح 2/ 119؛ وشرح المفصل 1/ 68؛ والشعر والشعراء 1/ 107، 306، 2/ 752؛ ولسان العرب 6/ 97 "ردس"؛ والمقاصد النحوية 4/ 365؛ وبلا نسبة في صناعة الإعراب 2/ 546، 547؛ ولسان العرب 10/ 316 "فوق".
1047- البيت من الطويل، وهو لدوسر بن دهبل في الأصمعيات ص150؛ والإنصاف 2/ 500؛ والمقاصد النحوية 4/ 366؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 1/ 149، 150؛ وجواهر الأدب ص237؛ ومجالس ثعلب ص176.(3/403)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
1048- طَلَبَ الأَزَارِقِ بالكتائِبِ إذ هَوَتْ ... بشَبيبَ غائِلةَ النفوسِ غَدُرُ
وأبيات أخر.
تنبيه: فصل بعض المتأخرين بين ما فيه علمية، فأجاز منعه لوجود إحدى العلتين، وبين ما ليس كذلك فصرفه، ويؤيده أن ذلك لم يسمع إلا في العلم. وأجاز قوم منهم ثعلب وأحمد بن يحيى منع صرف المنصرف اختيارًا.
خاتمة: قال في شرح الكافية: ما لا ينصرف بالنسبة إلى التكبير والتصغير أربعة أقسام: ما لا ينصرف مكبرًا ولا مصغرًا، وما لا ينصرف مكبرًا وينصرف مصغرًا، وما لا ينصرف مصغرًا وينصرف مكبرًا، وما يجوز فيه الوجهان مكبرًا ويتحتم منعه مصغرًا فالأول نحو: بعلبك وطلحة وزينب وحمراء وسكران وإسحاق وأحمر ويزيد مما لا يعدم سبب المنع
ـــــــــــــــــــــــــــــ
البصريين لكونه خروجًا عن الأصل بخلاف صرف ما لا ينصرف, فإنه رجوع إلى الأصل فاحتمل في الضرورة, وللكوفيين ومن وافقهم أن يمنعوا عدم تجويز الضرورة الخروج عن الأصل, قوله: "طلب الأزارق" أصله الأزارقة فحذف الهاء للضرورة جمع أزرقي بتقديم الزاي على الراء قوم من الخوارج نسبوا إلى نافع بن الأزرق وهو مفعول طلب وفاعله ضمير يعود على سفيان نائب الحجاج وزوج ابنته, والكتائب جمع كتيبة بفوقية بعد الكاف وهي الجيش. وإذ ظرف زمان, وهوت من هوى به الأمر إذا أطمعه وغره وغائلة النفوس فاعل هوت أي: شرها وغدور مبالغة غادرة خبر لمحذوف أو بدل من غائلة. والشاهد في شبيب بشين معجمة مفتوحة فموحدة مكسورة فتحتية فموحدة وهو شبيب بن زيد رأس الأزارقة كذا في العيني, وشيخ الإسلام فقول البعض في هوت: أي: سقطت فيه شيء.
قوله: "بين ما فيه علمية" اقتصاره على العلمية يقتضي أن غيرها كالوصفية في نحو: قائم ليس مثلها لمزية العلمية على غيرها؛ لأن لها من القوة ما ليس لغيرها ولورود السماع فيها دون غيرها, كذا في حاشية شيخنا وعليه كان المناسب للشارح أن يعلل بما ذكر لا بوجود إحدى العلتين؛ لأنه يقتضي أن غير العلمية من العلل مثلها فليتأمل. قوله: "فأجاز منعه" أي: في الضرورة فهذا التفصيل خاص بالضرورة كما هو ظاهر كلام الشارح لكن ظاهر صنيع التصريح عدم اختصاصه بالضرورة وعبارته في منع المصروف أربعة مذاهب: أحدها الجواز مطلقًا الثاني المنع مطلقًا الثالث وهو الصحيح الجواز في الشعر والمنع في الاختيار الرابع يجوز في العلم خاصة قوله: "أربعة أقسام" هي مبنية على قاعدة وهي أن كل مصغر لم يذهب تصغيره أحد سببيه فهو
__________
1048- البيت من الكامل، وهو للأخطل في ديوانه ص197؛ والإنصاف 2/ 493؛ وشرح التصريح 2/ 228؛ والمقاصد النحوية 4/ 362؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 137.(3/404)
إعراب الفعل:
ارفَعْ مُضارعًا إذا يُجَرَّدُ ... من ناصِب وجازِم كتَسْعَدُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
في تكبير ولا تصغير. والثاني نحو: عمر وشمر وسرحان وعلقى وجنادل أعلامًا مما يزول بتصغيره سبب المنع، فإن تصغيرها عمير وشمير وسريحين وعليق وجنيدل بزوال مثال العد ووزن الفعل, وألفي سرحان وعلقى وصيغة منتهى التكسير، والثالث نحو: تحلئ وتوسط وترتب وتهبط أعلامًا مما يتكمل فيه بالتصغير سبب المنع فإن تصغيرها تحيلئ وتويسط وتريتب وتهيبط على وزن مضارع بيطر، فالتصغير كمل لها سبب المنع، فمنعت من الصرف فيه دون التكبير فلو جيء في التصغير بياء معوضة مما حذف تعين الصرف لعدم وزن الفعل. الرابع نحو: هند وهنيدة فلك فيه مكبرًا وجهان وليس لك فيه مصغرًا إلا منع الصرف. والله أعلم.
إعراب الفعل:
"ارفع مضارعًا إذا يجرد من ناصب وجازم كتسعد" يعني أنه يجب رفع المضارع حينئذ, والرافع له التجرد المذكور كما ذهب إليه حذاق الكوفيين منهم الفراء، ولا وقوعه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
غير منصرف وإلا فهو منصرف دماميني. قوله: "وسرحان" بخلاف سكران؛ لأنك تقول في تصغيره سكيران فتبقى الزيادتان بحالهما ا. هـ. دماميني وهو بكسر السين كما في القاموس وفسره بمعان منها الذئب والأسد والمراد المجعول علمًا. قوله: "وعلقى" وهو في الأصل اسم نبت.
قوله: "وجنادل" هو في الأصل جمع جندل والجندل قال في القاموس: كجعفر ما يقله الرجل من الحجارة وتكسر الدال ا. هـ. قوله: "بزوال مثال العدل" إذ العدل في عمر تقديري فلا يصار إليه إلا عند سماع الاسم ممنوعًا من الصرف وما سمع من أفواههم عمير إلا مصروفًا فصار ادعاء العدل فيه مناقضًا لكلامهم. وإذا حكمنا في أدد بأنه غير معدول مع مجيئه على صيغة عمر لكونه مصروفًا فهذا أجدر دماميني. قوله: "نحو: تحلئ" ضبطه في التصريح بكسر التاء الفوقية وسكون الحاء المهملة وكسر اللام وبالهمزة آخره. قال الشارح في شرحه على التوضيح: هو شعر وجه الأديم ووسخه وسواده وما أفسده السكين من الجلد’ إذا قشروا لتهبط بكسرات مشددة الباء طائر والترتب كقنفذ وجندب الشيء المقيم الثابت ا. هـ. والتوسط مصدر توسط. قوله: "مما حذف" وهو أحد المثلين في توسط وتهبط بأن يقال تويسيط وتهيبيط, أما تحلئ وترتب فلم يحذف منهما شيء فكلامه بالنظر للبعض. قوله: "إلا منع الصرف" أي: لوجود التاء لفظًا.
إعراب الفعل:
قوله: "حينئذ" أي: حين إذ جرد من ناصب وجازم. قوله: "والرافع له التجرد" لأن الرافع دائر معه وجودًا وعدمًا والدوران مشعر بالعلية ا. هـ. دماميني؛ لأن الدوران من مسالكها.(3/405)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
موقع الاسم كما قال البصريون، ولا نفس المضارعة كما قال ثعلب، ولا حروف المضارع كما نسب للكسائي، واختار المصنف الأول. قال في شرح الكافية: لسلامته من النقض, بخلاف الثاني فإنه ينتقض بنحو: هلا تفعل وجعلت أفعل وما لك لا تفعل ورأيت الذي تفعل، فإن الفعل في هذه المواضع مرفوع مع أن الاسم لا يقع فيها، فلو لم يكن للفعل رافع غير وقوعه موقع الاسم لكان في هذه المواضع مرفوعًا بلا رافع، فبطل القول بأن رافعه وقوعه موقع الاسم، وصح القول بأن رافعه التجرد ا. هـ. ورد الأول بأن التجرد عدمي والرفع وجودي والعدمي لا يكون علة للوجودي، وأجاب الشارح بأنا لا نسلم أن التجرد من الناصب والجازم عدمي؛ لأنه عبارة عن استعمال المضارع على أول أحواله مخلصًا عن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "ولا نفس المضارع" لأنها إنما اقتضت مطلق الإعراب لا خصوص الرفع, لكن هذا لا يأتي على قول الكوفيين: إن إعراب المضارع بالأصالة لا بالحمل على الاسم ومضارعته إياه. قوله: "ولا حروف المضارعة" لأن جزء الشيء لا يعمل فيه. قوله: "كما نسب للكسائي" قال: وإنما لم تعمل مع عاملي النصب والجزم لقوتهما عنها. قوله: "فإنه ينتقض إلخ" جوابه أن المراد الحلول في الجملة ا. هـ. حفيد. وأيضًا فالرفع استقر قبل حرف التحضيض ونحوه, فلم يغيره إذ أثر العامل لا يغير إلا بعامل آخر ا. هـ. تصريح. قوله: "بنحو: هلا تفعل" لأن أداة التحضيض مختصة بالفعل ومن نحو: المذكورات سيقوم زيد وسوف يقوم زيد. قوله: "وجعلت أفعل" لأن أفعال الشروع لا يكون خبرها اسمًا مفردًا إلا شذوذًا كما مر. قوله: "وما لك لا تفعل" قال شيخنا: لعله؛ لأنه لم يسمع الاسم بعد ما لك وإن كانت الجملة في تأويله؛ لأنها حال أي: أي شيء ثبت لك حالة كونك غير فاعل.
قوله: "ورأيت الذي تفعل" لأن الصلة لا تكون اسمًا مفردًا. قوله: "فبطل القول بأن رافعه وقوعه موضع الاسم" أي: الذي هو أقوى من القول الثالث والرابع لكونه قول البصريين مع ظهور بطلانهما بما تقدم فاندفع اعتراض البعض على قوله, وصح القول بأن رافعه التجرد بأن مجرد إبطال أن الرافع وقوعه موقع الاسم لا يقتضي صحة أن الرافع التجرد, وإنما يقتضيها إبطال الأقوال الثلاثة. قوله: "وأجاب الشارح بأنا لا نسلم إلخ" هذا جواب بمنع أن التجرد عدمي وتسليم أن العدمي لا يكون علة للوجودي, ولك أن تقول سلمنا أنه عدمي لكن لا نسلم أن العدمي لا يكون علة للوجودي على الإطلاق بل ذاك في الأعدام المطلقة, أما العدم المضاف كالعمى فيجوز كونه علة للوجودي. قوله: "لأنه عبارة عن استعمال المضارع إلخ" الاستعمال هنا مصدر المبني للمجهول ليكون وصفًا للفعل فيصح تفسير التجرد الذي هو وصف للفعل به.(3/406)
وبِلَنِ انْصِبْهُ وكي كذا بأنْ ... لا بعدَ عَلْمٍ والتي من بعْدِ ظَنّ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لفظ يقتضي تغييره، واستعمال الشيء والمجيء به على صفة ما ليس بعدمي.
تنبيه: إنما لم يقيد المضارع هنا بالذي لم تباشره نون توكيد ولا نون إناث اكتفاء بتقدم ذلك في باب الإعراب "وبلن انصبه وكي" أي: الأدوات التي تنصب المضارع أربع: وهي لن وكي وأن وإذن، وسيأتي الكلام على الأخيرتين: فأما لن فحرف نفي تختص بالمضارع وتخلصه للاستقبال وتنصبه كما تنصب لا الاسم، نحو: لن أضرب ولن أقوم، فتنفي ما أثبت بحرف التنفيس ولا تفيد تأبيد النفي ولا تأكيده، خلافًا للزمخشري: الأول في أنموذجه والثاني في كشافه، وليس أصلها لا فأبدلت الألف نونًا خلافًا للفراء، ولا لا أن فحذفت الهمزة تخفيفًا والألف للساكنين خلافًا للخليل والكسائي.
تنبيهات: الأول الجمهور على جواز تقديم معمول معمولها عليها نحو: زيدًا لن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "اكتفاء بتقدم ذلك في باب الإعراب" قال يس: لا حاجة إلى ذلك؛ لأن رفع المضارع أعم من كونه لفظيا أو محليا كالمضارع المؤكد بالنون, والذي فاعله نون الإناث ا. هـ. وهو تابع في ذلك لشيخه سم قال شيخنا: وفيه نظر إذ المضارع مع إحدى النونين ليس له محل رفع أبدًا, وله محل الناصب والجازم صرح بذلك القليوبي وغيره. قوله: "وبلن انصبه" ولا يجوز الفصل بين لن والفعل اختيارًا عند البصريين وهشام, وأجاز الكسائي الفصل بالقسم ومعمول الفعل ووافقه القراء على القسم وزاد الفصل بأظن والشرط كذا في السيوطي. قوله: "أي: الأدوات إلخ" تفسير لقوله: وبلن انصبه وكي مع ملاحظة قوله: كذا بأن وقوله: ونصبوا بإذن المستقبلا فافهم. قوله: "ما أثبت بحرف التنفيس" أي: معه وخصه بالذكر لمشاركته لن في تخليص الفعل للاستقبال.
قوله: "خلافًا للزمخشري إلخ" وافقه على التأكيد كثيرون, ورد ادعاؤه التأبيد بأنه لا دليل عليه وبأنها لو كانت للتأبيد للزم التناقض بذكر اليوم في {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} والتكرار بذكر أبدًا في ولن يتمنونه أبدًا, وأما التأبيد في لن يخلقوا ذبانًا فلأمر خارجي لا من مقتضيات لن, ويجاب عن التناقض بأن القائل بالتأبيد إنما يقول به عند إطلاق منفيها وخلوه عن مقيداته وعن التكرار بأن هذا ليس تكررًا باللفظ وهو ظاهر ولا بالمرادف؛ لأن الاسم لا يرادف الحرف؛ ولأن التأبيد نفس معنى أبدًا وجزء معنى لن فلا يكون تكرارًا وإنما هو تصريح ودلالة بالمطابقة على ما فهم بالتضمن كذا في الشمني, وحاصله أنه ليس التكرار بل من توكيد معنى تضمني لكلمة سابقة بلفظ دل على هذا المعنى مطابقة. قوله: "خلافًا للفراء" لأن المعهود إبدال النون ألفًا كنسفعا لا العكس.
قوله: "خلافًا للخليل والكسائي" لأن دعوى التركيب إنما تصح إذا كان الحرفان(3/407)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أضرب وبه استدل سيبويه على بساطتها، ومنع ذلك الأخفش الصغير. الثاني تأتي لن للدعاء كما أتت لا كذلك وفاقًا لجماعة منهم ابن السراج وابن عصفور، من ذلك قوله:
1049- لن تَزالُوا كَذلِكم ثُمّ لا زِلـ ... ـتُ لكم خالِدًا خُلودَ الجِبالِ
وأما: {فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ} [القصص: 17] فقيل ليس منه؛ لأن فعل الدعاء لا يسند إلى المتكلم بل إلى المخاطب أو الغائب، ويرده قوله: ثم لا زلت لكم. الثالث زعم بعضهم أنها قد تجزم كقوله:
1050- فلن يَحْلَ للعَينينِ بعدَكِ مَنْظَرُ
وقوله:
1051- لَنْ يَخِبْ الآن من رجائِكَ من حَرْ ... رَكَ دونَ بابِكَ الحلقَهْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ظاهرين حالة التركيب كلولا والظاهر هنا جزء كل منهما. قوله: "الجمهور على جواز إلخ" استثنى أبو حيان التمييز فلا يجوز عرقًا لن يتصبب زيد, قال الدماميني: إنما يمتنع ذلك عند الجمهور لمنعهم تقديم التمييز على عامله فلا يقال عندهم عرقًا تصبب زيد فهو ممتنع قبل مجيء لن, وأما ابن مالك فلا يسلم هذا الاستثناء؛ لأنه يجوز تقديم التمييز على عامله المتصرف بقلة, كما تقدم فيجوز عنده قليلًا عرقًا لن يتصبب زيدًا ا. هـ. ملخصًا. قوله: "وبه استدل سيبويه على بساطتها" وجه الاستدلال أنه يمتنع تقديم معمول معمول أن عليها ونوقش في الدليل بأنه يجوز أن يتغير حكم الشيء بالتركيب دماميني. قوله: "ومنع ذلك الأخفش" لأن النفي صدر الكلام ورد بأن ذلك خاص بما بخلاف لن بدليل قول الشاعر:
منه عاذلي فهائمًا لن أبرحا
قوله: "لن تزالوا كذلكم" الدليل على أنه دعاء لا إخبار عطف الدعاء عليه, وهو ثم لا زلت إلخ أفاده سم. قوله: "فلن يحل" بفتح اللام من حليت المرأة في عيني بالكسر تحلى بالفتح وأما حلا الشيء في فمي فمضارعه يحلو شمني والكاف في قوله: بعدك, مكسورة والمنظر بفتح الظاء.
__________
1049- البيت من الخفيف، وهو للأعشى في ديوانه ص63؛ والدرر 2/ 42/ 62؛ وشرح شواهد المغني 2/ 684؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص68؛ وشرح التصريح 2/ 230؛ ومغني اللبيب 2/ 284؛ وهمع الهوامع 2/ 4.
1050- صدره:
أيادي سَبا يا عَزُّ ما كنتُ بعْدَكُمْ
والبيت من الطويل، وهو لكثير عزة في ديوانه ص328؛ وشرح شواهد المغني 2/ 687؛ وبلا نسبة في في رصف المباني ص288؛ ومغني اللبيب 1/ 285.
1051- البيت من المنسرح، وهو لأعرابي في الدرر 4/ 63؛ وشرح شواهد المغني 2/ 688؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 336؛ ومغني اللبيب 1/ 285؛ وهمع الهوامع 2/ 4.(3/408)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والأول محتمل للاجتزاء بالفتحة عن الألف للضرورة. وأما كي فعلى ثلاثة أوجه: أحدها أن تكون اسمًا مختصرًا من كيف كقوله:
1052- كَي تَجْنحون َإلى سِلمٍ وما ثُئِرتْ ... قَتْلاكم ولَظَى الهَيْجاء تَضْطَرِمُ
الثاني: أن تكون بمنزلة لام التعليل معنى وعملًا وهي الداخلة على ما الاستفهامية في قولهم في السؤال عن العلة: كيمه بمعنى لمه، وعلى ما المصدرية كما في قوله:
1053- إذا أنت لم تَنْفعْ فضرَّ فإنَّما ... يُرجَّى الفتى كيما يَضُرَّ ويَنْفعٍ
وقيل ما كافة، وعلى أن المصدرية مضمرة نحو: جئت كي تكرمني إذا قدرت النصب بأن، ولا يجوز إظهار أن بعدها. وأما قوله:
1054- كَيما أنْ تَغُرَّ وتَخْدَعَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "لن يخب الآن إلخ" البيت من المنسرح إلا أنه سقط من قلم الناسخ لفظ من بعد حرك, والحلقة بتسكين اللام سواء حلقة الحديد وحلقة القوم, وجوز بعضهم الفتح كما في البيت. قوله: "اسمًا مختصرًا من كيف" فتكون بمعنى كيف ويليها الاسم والماضي والمضارع مرفوعًا ونظيرها في الاختصار سوأفعل أي: سوف أفعل. وحكى الكوفيون سف أقوم كذا في الفارضي. قوله: "كي تجنحون إلخ" أي: كيف تميلون والسلم بكسر السين وفتحها الصلح, وثئرت بالمثلثة في أوله مبني للمفعول من ثأرت القتيل وبالقتيل قاتله, واللظى النار والهيجاء الحرب, تمد كما في البيت وتقصر وتضطرم تلتهب, والجملتان حالان من فاعل تجنحون, أو الثانية حال من قتلاكم. قوله: شمني. "كيما يضر وينفع" أي: للضر والنفع. قوله: "وقيل ما كافة" أي: كفت كي المصدرية عن نصب المضارع. قوله: "مضمرة" أي: وجوبًا كما سيشير إليه وهو منصوب على الحالية من أن. قوله: "ولا يجوز إظهار أن بعدها إلخ" جعل في التسهيل إظهار أن بعد كي قليلًا ونقل في الهمع عن الكوفيين جواز إظهارها اختيارًا. قوله: "كيما أن تغر وتخدعا" العطف تفسيري كما
__________
1052- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الجنى الداني ص265؛ وجواهر الأدب ص233؛ وخزانة الأدب 7/ 106؛ والدرر 3/ 135؛ وشرح شواهد المغني 1/ 507، 2/ 557؛ ومغني اللبيب 1/ 182، 205؛ والمقاصد النحوية 4/ 387؛ وهمع الهوامع 1/ 214.
1053- البيت من الطويل، وهو للنابغة الجعدي في ملحق ديوانه ص246؛ وله أو للنابغة الذبياني في شرح شواهد المغني 1/ 507؛ وللنابغة الجعدي، أو للنابغة الذبياني، أو لقيس بن الخطيم في خزانة الأدب 8/ 498؛ والمقاصد النحوية 4/ 245؛ ولقيس بن الخطيم في ملحق ديوانه ص235؛ وكتاب الصناعتين ص315؛ وللنابغة الذبياني في شرح التصريح 2/ 3؛ والمقاصد النحوية 4/ 379؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 10؛ وتذكرة النحاة ص609؛ والجنى الداني ص262؛ والحيوان 3/ 76؛ وخزانة الأدب 7/ 105؛ وشرح عمدة الحافظ 266؛ ومغني اللبيب 1/ 182؛ وهمع الهوامع 1/ 5، 31.
1054- تمامه:
فقالت أَكُلَّ الناسِ أصبحتَ مَانِحًا ... لِسانَكَ كيما أنْ تُغُرَّ وتَخْدَعا(3/409)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فضرورة. الثالث أن تكون بمنزلة أن المصدرية معنى وعملًا وهو مراد الناظم، ويتعين ذلك في الواقعة بعد اللام وليس بعدها أن, كما في نحو: {لِكَيْ لَا تَأْسَوْا} [الحديد: 23] ، ولا يجوز أن تكون حرف جر لدخول حرف الجر عليها، فإن وقع بعدها أن كقوله:
1055- أَردتَ لكيما أنْ تَطِيرَ بقَرْبَتِي
احتمل أن تكون مصدرية مؤكدة بأن، وأن تكون تعليلية مؤكدة للام، وبترجح هذا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قاله الشمني, ويظهر لي أن ما زائدة بين الجار ومجروره نحو: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} وصدر البيت:
فقالت أكل الناس أصبحت مانحا
لسانك كيما إلخ.
قوله: "معنى وعملًا" أما الثاني فظاهر، وأما الأول؛ فلأن كلا حرف مصدري استقبالي. قوله: "ويتعين ذلك إلخ" ويتعين كونها جارة إذا جاءت قبل اللام سيوطي. قوله: "لدخول حرف الجر عليها" أي: ولا يجمع بين حرفي جر في الفصيح. ولك أن تقول هلا جاز ذلك, ويكون الثاني مؤكدًا كما لو وقع بعدها أن وكما لو جاءت قبل نحو: كي لأقرأ إلا أن يقال الضرورة داعية إلى التوكيد هناك أي: فيما إذا توسطت كي بين اللام وأن, أو تقدمت على اللام بخلاف ما هنا وفيه نظر ا. هـ. سم, ببعض تغيير ولعل وجه النظر أن الضرورة لا تدعو في صورة التوسط إلى كون خصوص كي تأكيدًا للام لاندفاعها بكون أن تأكيدًا لكي, ويمكن دفعه بأن المراد الضرورة المتلخص منها على وجه وجيه, وسيأتي أن جعل كي تأكيدًا للام أولى من جعل أن تأكيدًا لكي من ثلاثة أوجه فتأمل. وقوله: "أردت لكيما أن تطير بقربتي" تمامه:
وتتركها شنا ببيداء بلقع
تطير تذهب سريعًا مستعار من طيران الطير, والشن بفتح الشين المعجمة القربة الخلقة والبيداء بفتح الموحدة والمد الأرض التي يبيد أي: يهلك من يدخل فيها والبلقع الأرض القفر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
= والبيت من الطويل، وهو لجميل بثينة في ديوانه ص108؛ وخزانة الأدب 8/ 481، 482، 483, 488، والدرر 4/ 67؛ وشرح التصريح 2/ 3، 231؛ وشرح المفصل 9/ 14، 16؛ وله أو لحسان بن ثابت في شرح شواهد المغني 1/ 508؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 11؛ وخزانة الأدب ص125؛ وجواهر الأدب ص125؛ والجنى الداني ص262؛ ورصف المباني ص217؛ وشرح التصريح 2/ 30؛ وشرح شذور الذهب ص373؛ وشرح عمدة الحافظ ص267؛ ومغني اللبيب 1/ 183؛ وهمع الهوامع 2/ 5.
1055- عجزه:
فتتركها شِنًّا ببيداء بَلْقَع
والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في الإنصاف 2/ 580؛ وأوضح المسالك 4/ 154؛ والجنى الداني ص265؛ وجواهر الأدب ص232؛ وخزانة الأدب 1/ 16، 8/ 481؛ 484، 485، 486، 487؛ ورصف المباني ص216، 316؛ وشرح التصريح 2/ 231؛ وشرح شواهد المغني 1/ 508؛ وشرح المفصل 7/ 19، 9/ 16، ومغني اللبيب 1/ 182؛ والمقاصد النحوية 4/ 405.(3/410)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الثاني بأمور: الأول أن أن أم الباب, فلو جعلت مؤكدة لكي لكانت كي هي الناصبة فيلزم تقديم الفرع على الأصل. الثاني ما كان أصلًا في بابه لا يكون مؤكدًا لغيره. الثالث أن أن لاصقت الفعل فترجح أن تكون هي العاملة، ويجوز الأمران في نحو: جئت كي تفعل: {كَيْلَا يَكُونَ دُولَةً} [الحشر: 7] ، فإن جعلت جارة كانت أن مقدرة بعدها وإن جعلت ناصبة كانت اللام مقدرة قبلها.
تنبيهات: الأول ما سبق من أن كي تكون حرف جر ومصدرية هو مذهب سيبويه وجمهور البصريين، وذهب الكوفيون إلى أنها ناصبة للفعل دائمًا, وتأولوا كيمه على تقدير كي تفعل ماذا، ويلزمهم كثرة الحذف وإخراج ما الاستفهامية عن الصدر، وحذف ألفها في غير الجر، وحذف الفعل المنصوب مع بقاء عامل النصب، وكل ذلك لم يثبت. ومما يرد قولهم قوله:
1056- فأَوْقَدتُ ناري كي لِيُبْصَرَ ضَوْءُها
وقوله:
1057- كي لِتَقْضِينِي رُقيَّةُ ما ... وَعَدَتْنِي غيرَ مُخْتَلَسِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
التي لا شيء فيها. شمني. قوله: "لا يكون مؤكدًا لغيره" أي: لا يليق أن يكون مؤكدًا لغيره, وليس المراد لا يجوز أن يكون مؤكدًا لغيره؛ لأن مقتضى ما قدمه جوازه بمرجوحية. قوله: "تنبيهات" أي: تتعلق بكي وأما التنبيهات قبل فتتعلق بلن. والحاصل أنه أفرد كلا بتنبيهات ذكرها في مبحثه, وهذا يغنيك عما للبعض من التكلف البارد. قوله: "على تقدير كي تفعل ماذا" أي: لكي تفعل أي شيء. والمتبادر من عبارته أن أداة الاستفهام في هذا التركيب بحسب أصله ماذا لا ما وحدها. وحينئذ لا يظهر قوله: وإخراج ما إلخ لما يأتي قريبًا, ولا قوله: في غير الجر؛ لأن ألف ماذا الاستفهامية لا تحذف لا في الجر ولا في غيره, فالمناسب جعل تعبيره بماذا لمجرد بيان أن ما في كيمه استفهامية؛ لا لأن الأصل ماذا. قوله: "وإخراج ما إلخ" ذهب بعضهم إلى أنها لا يلزم صدريتها وفي الصحيح أقول ماذا. قال ابن مالك: فيه شاهد على أن ما الاستفهامية إذا ركبت مع ذا تفارق وجوب التصدير شمني.
قوله: "كي لتقضيني" بإسكان الياء آخر الفعل للضرورة؛ لأن البيت من المديد كما قاله
__________
1056- عجزه:
وأَخْرَجْتُ كَلْبِي وهو في البيتِ داخِله
والبيت من الطويل، وهو لحاتم الطائي في ديوانه ص287؛ وشرح شواهد المغني 1/ 509؛ والمقاصد النحوية 4/ 406؛ وللنمري أو لرجل من باهلة في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1697؛ وبلا نسبة في مجالس ثعلب ص349؛ ومغني اللبيب 1/ 183.
1057- البيت من المديد، وهو لعبيد الله بن قيس الرقيات في خزانة الأدب 8/ 488، 490؛ والدرر 1/ 170؛ وشرح التصريح 2/ 231؛ والمقاصد النحوية 4/ 379؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 151؛ وهمع الهوامع 1/ 53.(3/411)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لأن لام الجر لا تفصل بين الفعل وناصبه. وذهب قوم إلى أنها حرف جر دائمًا، ونقل عن الأخفش. الثاني أجاز الكسائي تقديم معمول معمولها عليها نحو: جئت النحو كي أتعلم، ومنعه الجمهور. الثالث: إذا فصل بين كي والفعل لم يبطل عملها خلافًا للكسائي نحو: جئت كي فيك أرغب، والكسائي يجيزه بالرفع لا بالنصب. قيل والصحيح أن الفصل بينها وبين الفعل لا يجوز في الاختيار. الرابع زعم الفارسي أن أصل كما في قوله:
1058- وطَرْفُكَ إمّا جِئْتَنا فاحْبِسَنَّهُ ... كما يَحْسَبوا أنَّ الهَوَى حيثُ تَنْظُرُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
العيني قال. ومختلس بفتح اللام مصدر ميمي بمعنى الاختلاس ا. هـ. وأقره شيخنا والبعض ولا حاجة إلى جعله مصدرًا ميميا, بل الظاهر أنه اسم مفعول حال من ما. قوله: "لأن لام الجر لا تفصل إلخ" أي: فليس النصب بكي بل بأن المضمرة بعد اللام المؤكدة لكي الجارة فبطل القول بأنها مصدرية ناصبة للفعل دائمًا. قوله: "حرف جر دائمًا" أي: والنصب بعدها بأن مضمرة أو ظاهرة ورد بقوله تعالى {لِكَيْ لَا تَأْسَوْا} فإن زعم أن كي تأكيد للام كقوله:
ولا للمابهم أبدًا دواء
رد بأن الفصيح المقيس لا يخرج على الشاذ تصريح. قوله: "ومنعه الجمهور" لأن كي من الموصولات الحرفية ومعمول الصلة لا يتقدم على الموصول وإن كانت جارة فأن مضمرة بعدها وهي موصولة سم. قوله: "إذا فصل بين كي إلخ" قال أبو حيان: وأجمعوا على جواز الفصل بينها وبين معمولها بلا النافية وبما زائدة وبهما معًا, وأما الفصل بغير ما ذكر فلا يجوز عند البصريين وهشام ومن وافقه من الكوفيين في الاختيار مطلقًا سواء رفع الفعل أو نصب, وجوزه الكسائي بمعمول الفعل الذي دخلت عليه وبالقسم وبالشرط فيبطل عملها فيرفع الفعل, واختار ابن مالك وولده جواز الفصل بما ذكر من العمل فينصب الفعل فتلخص في الفصل ثلاثة أقوال ا. هـ. سيوطي وبه يعلم ما في كلام الشارح من الإجمال والإبهام.
قوله: "بالرفع لا بالنصب" أي: مع الرفع لا مع النصب. قوله: "وطرفك إلخ" الطرف العين ولا يجمع؛ لأنه في الأصل مصدر بل يطلق على الواحد والجماعة. قال تعالى: {لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ} [إبراهيم: 43] ، وهو مبتدأ خبره جملة الشرط والجزاء ولا يجوز نصبه بمحذوف يفسره احبسنه؛ لأن فعل الجزاء لا يعمل في متقدم على شرطه فلا يفسر عاملًا فيه ا. هـ. شمني وقوله: فاحبسنه أي: عن النظر إلينا وقوله: كما يحسبوا قال شيخنا: قال شيخنا السيد: أي: يظنوا من حسب كما في
__________
1058- البيت من الطويل، وهو لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص101؛ وخزانة الأدب 5/ 320؛ والدرر 4/ 70؛ ولجميل بثينة في ديوانه ص90؛ ولعمر أو لجميل بثينة في شرح شواهد المغني 1/ 498؛ وللبيد أو لجميل في المقاصد النحوية 4/ 407؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 586؛ والجنى الداني ص483؛ وجواهر الأدب ص233؛ وخزانة الأدب 8/ 502، 10/ 224؛ ورصف المباني ص214؛ ومجالس ثعلب ص154؛ ومغني اللبيب 1/ 177؛ وهمع الهوامع 2/ 6.(3/412)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كيما فحذفت الياء ونصب بها وذهب المصنف إلى أنها كاف التشبيه كفت بما ودخلها معنى التعليل فنصبت، وذلك قليل. وقد جاء الفعل بعدها مرفوعًا في قوله:
1059- لا تَشْتُمْ الناسَ كما لا تُشْتم
الخامس: إذا قيل جئت لتكرمني فالنصب بأن مضمرة، وجوز أبو سعيد كون المضمر كي، والأول أولى؛ لأن أنَّ أمكن في عمل النصب من غيرها فهي أقوى على التجوز فيها بأن تعمل مضمرة و"كذا بأن" أي: من نواصب المضارع أن المصدرية نحو: {وَأَنْ تَصُومُوا} [البقرة: 184] ، {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي} [الشعراء: 82] ، "لا بعد
ـــــــــــــــــــــــــــــ
نسخة قديمة بيدي من شرح الكافية ضبط قلم وتنظر بتاء الخطاب ا. هـ. والمعنى إذا جئتنا فلا تجعل نظرك إلينا بل إلى غيرنا ليظنوا أن هواك للشيء الذي تنظر إليه لا لمحبوبتك فيستتر أمرك. قوله: "ونصب بها" فتكون كي مصدرية واللام مقدرة قبلها. قوله: "كاف التشبيه إلخ" عبارة المغني, وقال ابن مالك: هي كاف التعليل وما الكافة ا. هـ. وهي تفيد أن كونها كافة التشبيه بحسب الأصل.
قوله: "فنصبت" يلزم عليه عمل عامل الاسم المختص به في الفعل وهو ممتنع. وأجيب بأن نسبة نصب الفعل إلى الكاف التعليلية كنسبته إلى اللام التعليلية وهي نسبة مجازية باعتبار أن النصب بأن مضمرة بعدها, ولا يخفى أن التكلف فيما قاله ابن مالك وأن رواية لكي يحسبوا مؤيدة لقول الفارسي, وأنه يمكن أن يقال إن ما في البيت مصدرية لا كافة والفعل منصوب بها حملًا على أن أختها كما قيل في كما تكونوا يولي عليكم كذا في الشمني. وأنا أقول لا يخفى أن ادعاءه التكلف فيما قاله ابن مالك غير ظاهر وإن تبعه البعض وإن أسهل مما قاله ومما قاله ابن مالك ومما قاله الفارسي أن تكون الكاف تعليلية وما مصدرية كما في قوله تعالى: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 198] ، والفعل مرفوع بالنون المحذوفة تخفيفًا كما في قوله:
أبيت أسري وتبيتي تدلكي
فاحفظه. قوله: "وذلك قليل" أي: النصب بكاف التشبيه المضمنة معنى التعليل كذا قال شيخنا, وهو صريح في بقائها على إفادة التشبيه مع زيادة التعليل, والظاهر أنها في مثل ذلك للتعليل فقط وتسمية المصنف لها كاف التشبيه باعتبار الأصل كما مر فتدبر. قوله: "وجوز أبو سعيد" أي: السيرافي ووافقه ابن كيسان وحملهما على ذلك أن العرب أظهرت بعد لام كي أن تارة وكي تارة وهمع. قوله: "كذا بأن" هي أم الباب؛ لأنها تعمل ظاهرة ومقدرة وإنما أخرها عن لن وكي لطول
__________
1059- الرجز لرؤبة في ملحق ديوانه ص183؛ وجواهر الأدب ص131؛ وخزانة الأدب 8/ 500، 501، 503، 10/ 213، 224؛ والدرر 4/ 211؛ والكتاب 3/ 116؛ والمقاصد النحوية 4/ 409؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ص484؛ ورصف المباني ص214؛ واللمع في العربية ص58، 59، 154؛ وهمع الهوامع 2/ 38.(3/413)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
علم" أي: ونحوه من أفعال اليقين فإنها لا تنصبه؛ لأنها حينئذ المخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن نحو: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ} [المزمل: 20] , {أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ} [طه: 89] ، أي: إنه سيكون وإنه لا يرجع. وأما قراءة بعضهم أن لا يرجع بالنصب وقوله:
1060- نَرْضَى عنِ اللهِ أنَّ الناسَ قد عَلِموا ... أن لا يُدانِينا من خَلْقِهِ بَشَرُ
فمما شذ. نعم إذا أول العلم بغيره جاز وقوع الناصبة بعده، ولذلك أجاز سيبويه ما علمت إلا أن تقوم بالنصب، قال: لأنه كلام خرج مخرج الإشارة فجرى مجرى قولك أشير عليك أن تقوم, وقيل يجوز بلا تأويل. ذهب إليه الفراء وابن الأنباري. والجمهور على المنع
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الكلام عليها عنهما قال في الهمع: ويقال فيها عن بإبدال الهمزة عينًا. قوله: "أي: ونحوه" حمل كلام المصنف على أن المعنى لا بعد مادة علم فاحتاج إلى قوله: ونحوه والأولى حمله على أن المعنى لا بعد مفيد علم كرأي وتحقق وتيقن وتبين وظن مستعملًا في العلم, وحينئذ لا يحتاج إلى ذلك, ومثل هذا يقال في قوله" والتي من بعد ظن قوله: "نرضى عن الله" يعني نثني عليه ونشكره وقوله: أن الناس إلخ استئناف بياني مسوق للتعليل وقوله: أن لا يدانينا أي: يقاربنا في المفاخر. قوله: "إذا أول العلم بغيره من ذلك ما إذا أريد به الظن.
قوله: "ولذلك أجاز سيبويه إلخ" ومنع المبرد النصب بعد العلم مطلقًا باقيًا على حقيقته أو مؤولا كما في الهمع. قوله: "خرج مخرج الإشارة" أي: وقع موقع الكلام الدال على الإشارة فمعنى ما علمت إلخ ما أشير عليك إلا بأن تقوم. وقوله: فجرى إلخ أي: فعومل معاملة قولك: أشير إلخ في نصب الفعل. قوله: "والجمهور على المنع" أي: منع وقوع الناصبة للمضارع بعد العلم بلا تأويل. قال الدماميني: هو الصواب؛ لأن الناصبة تدخل على ما ليس بمستقر ولا ثابت؛ لأنها تخلص المضارع للاستقبال فلا تقع بعد أفعال التحقيق بخلاف المخففة فإنها تقتضي تأكيد الشيء وثبوته واستقراره ا. هـ. وفيه عندي نظر؛ لأنه إن أريد بعدم استقرار مدخولها وثبوته عدم تيقنه فممنوع وتعليله باستقبال مدخولها لا يفيده فقد يكون المستقبل متيقنًا. وحينئذ لم يضر تلو أن أفعال اليقين وإن أريد به عدم حصوله وقت التكلم فمسلم, لكن لا يلزم من ذلك عدم تيقن حصوله في المستقبل. فإذا كان كذلك لم يضر تلو أن أفعال اليقين فكيف التصويب الذي ارتكبه, وقال الفارضي: إنما وجب كونها مخففة؛ لأن العلم لا يناسبه إلا التوكيد وأن المثقلة كالمخففة في التوكيد, وأما أن المصدرية فإنها للرجاء والطمع فلا يناسبان العلم ا. هـ. ثم ما ذكرناه من أن المراد بالمنع في قول الشارح والجمهور على المنع مع وقوع الناصبة للمضارع بعد العلم بلا تأويل لا مطلقًا هو المتبادر من عبارة التصريح والهمع والذي ترجاه شيخنا ويدل له تعليل الدماميني الذي قدمناه فقول البعض بعد العلم مطلقًا غير ظاهر, وقد تلخص أن الأقوال ثلاثة: قول المبرد بالمنع مطلقًا ولم يذكره الشارح, وقول الفراء وابن الأنباري بالجواز مطلقًا وقول سيبويه والجمهور
__________
1060- البيت من البسيط، وهو لجرير في ديوانه 1/ 157؛ والدرر 4/ 56؛ وهمع الهوامع 2/ 2.(3/414)
فانْصَبْ بها والرفعَ صحِّحْ واعتقِدْ ... تَخْفيفها من أن فهو مُطَّرِدْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
"والتي من بعد ظن" ونحوه من أفعال الرجحان "فانصب بها" المضارع إن شئت بناء على أنها الناصبة له "والرفع صحح واعتقد" حينئذ "تخفيفها من أن" الثقيلة "فهو مطرد" وقد قرئ بالوجهين: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [المائدة: 71] ، قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي برفع تكون والباقون بنصبه. نعم النصب هو الأرجح عند عدم الفصل بينها وبين الفعل، ولهذا اتفقوا عليه في قوله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} [العنكبوت: 2] .
تنبيهات: الأول أجرى سيبويه والأخفش أن بعد الخوف مجراها بعد العلم لتيقن المخوف نحو: خفت أن لا تفعل وخشيت أن تقوم، ومنه قوله:
1061- أخافُ إذا ما مِتُّ أن لا أَذُوقَها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بالتفصيل فاعرف ذلك.
قوله: "والتي من بعد ظن إلخ" قال أبو حيان: وليس في الواقعة بعد الشك إلا النصب. سيوطي. قوله: "واعتقد حينئذ" أي: حين إذ رفعت بها. قوله: "هو الأرجح إلخ" أي: لأن الناصبة للمضارع أكثر وقوعًا من المخففة. أما عند الفصل فالأرجح الرفع؛ لأن الفصل بين المخففة ومدخولها أكثر من الفصل بين الناصبة للمضارع ومدخولها كذا قال البعض. وقد يقال أكثرية الفصل بين المخففة ومدخولها معارض بأكثرية وقوع الناصبة للمضارع, ومقتضى ذلك استواء الوجهين عند الفصل ويؤيده اختلاف القراء عند الفصل في قوله تعالى: {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [المائدة: 71] ولو كان راجحًا لاتفقوا عليه كما اتفقوا على النصب لرجحانه في قوله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} [العنكبوت: 2] ، كما سيذكره الشارح. نعم ذكر بعضهم أن السبعة قد يتفقون على المرجوح فافهم. قوله: "عند عدم الفصل" أي: بلا فقط؛ لأنها التي يحتمل معها كون أن مخففة أو ناصبة لجواز الفصل بها بين المخففة والفعل أو الناصبة والفعل بخلاف غيرها مما يفصل به بين المخففة والفعل كان وقد ولو وحرف التنفيس؛ لأن غيرها لا يفصل به بين الناصبة والفعل فمعه يتعين كون أن مخففة فيجب الرفع لا أنه يترجح فقط. فقول شيخنا عند عدم الفصل أي: بلا أو لن أو ما أشبههما من الحروف التي تفصل بين أن المخففة والفعل غير صحيح.
قوله: "بعد الخوف" أي: الذي لم يستعمل بمعنى العلم وإلا كان من بابه سم. قوله: "لتيقن المخوف" أي: عند تيقنه. قال سم: ويفهم منه وجوب النصب عند عدم التيقن وهو شامل لظن
__________
1061- صدره:
ولا تَدْفُنَنِّي في الفَلاةِ فإنَّنِي
والبيت من الطويل وهو لأبي محجن الثقفي في ديوانه ص48؛ والأزهية ص67؛ وخزانة الأدب 8/ 398، 402؛ والدرر 4/ 57؛ وشرح شواهد المغني 1/ 101؛ والشعر والشعراء 1/ 431؛ ولسان العرب 8/ 257 "فنع"؛ والمقاصد النحوية 4/ 381؛ وهمع الهوامع 2/ 2؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب 1/ 30.(3/415)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ومنع ذلك الفراء. الثاني: أجاز الفراء تقديم معمول معمولها عليها مستشهدًا بقوله:
1062- رَبَّيْتُهُ حتّى إذا تَمَعْددا ... كانَ جزائي بالعَصا أنْ أُجْلَدا
قال في التسهيل: ولا حجة فيما استشهد به لندوره أو إمكان تقدير عامل مضمر الثالث: أجاز بعضهم الفصل بينها وبين منصوبها بالظرف وشبهه اختيارًا نحو: أريد أن عندك أقعد، وقد ورد ذلك مع غيرها اضطرارًا كقوله:
1063- لَمَّا رأيتُ أبا يَزيدَ مُقاتِلا ... أَدَع القتالَ وأَشْهَد الهَيْجَاء
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المخوف فظاهره أنه حينئذ لا يلحق بالظن كما ألحق بالعلم عند التيقن فليراجع ا. هـ. وقد يقال الذي يفهم من قوله: لتيقن المخوف أنه لا يجب الرفع عند عدم التيقن وعدم وجوب الرفع صادق بوجوب النصب وبجواز الوجهين فتأمل. قوله "أن لا أذوقها" أي: برفع أذوق كبقية القوافي والضمير للخمرة. قوله: "ومنع ذلك الفراء" أي: فأوجب النصب في تلك الصورة ونقله في الهمع عن المبرد. قوله: "أجاز الفراء إلخ" ومذهب البصريين المنع؛ لأن معمول الصلة من تمامها فكما لا تتقدم الصلة لا يتقدم معمولها همع. قوله: "تمعددا" أي: قويت معدته كناية عن كبره. قوله: "أو إمكان تقدير عامل مضمر" أي: كان جزائي أن أجلد بالعصا أن أجلد فالجار والمجرور متعلق بأجلد المحذوف لا المذكور. دماميني.
قوله: "أجاز بعضهم إلخ" أما الجمهور ومنهم سيبويه فيمنعون في الاختيار الفصل مطلقًا قوله: "بالظرف إلخ" وأجازه الكوفيون بالشرط نحو: أردت أن أن تزرني أزورك بالنصب. همع. قوله: "وشبهه" هو الجار والمجرور. قوله: "لما رأيت إلخ" يلغز به فيقال: أين جواب لما وبم انتصب أدع. والجواب أن الأصل لن ما فأدغمت النون في الميم للتقارب وحقهما أن يكتبا منفصلين لكن وصلا خطأ في بعض النسخ للإلغاز وما ظرفية مصدرية وقد فصل بها وبصلتها بين لن والفعل, وأشهد ليس معطوفًا على أدع لمنافاته قوله: لن أدع القتال بل منصوب بأن مضمر وأن والفعل عطف على القتال أي: لن أدع القتال وشهود الهيجاء فهو من عطف الفعل على المصدر الصريح ونظيره في الإلغاز قوله:
عافَتَ الماء في الشتاء فقلنا ... برديه تصادفيه سخينا
فيقال كيف يكون التبريد سببًا لمصادفته سخينًا. وجوابه أن الأصل بل رديه بوزن عديه من
__________
1062- الرجز للعجاج في ملحق ديوانه 2/ 281؛ وخزانة الأدب 8/ 429، 430، 432، والدرر 1/ 292، 2/ 50؛ والمحتسب 2/ 310؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 142؛ والدرر 4/ 59؛ وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 336؛ وشرح المفصل 9/ 151؛ واللامات ص59؛ والمنصف 1/ 129؛ وهمع الهوامع 1/ 88، 112، 2/ 3.
1063- البيت من الكامل، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 2/ 233؛ والخصائص 2/ 411 وشرح شواهد المغني 2/ 683؛ ومغني اللبيب 1/ 283، 2/ 529، 694.(3/416)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والتقدير لن أدع القتال مع شهود الهيجاء مدة رؤية أبي يزيد. الرابع أجاز بعض الكوفيين الجزم بها، ونقله اللحياني عن بعض بني صباح من ضبة وأنشدوا:
1064- إذا ما غَدَوْنا قالَ وِلدانُ أَهْلِنا ... تعالَوْا إلى أنْ يَأْتِنا الصيدُ نَحْطِبِ
وقوله:
1065- أُحاذِرُ أنْ تَعْلَمَ بِها فَتَرُدَّها ... فتَتْرُكَها ثِقْلا عليَّ كما هِيا
وفي هذا نظر؛ لأن عطف المنصوب -وهو فتتركها- عليه يدل على أنه سكن للضرورة لا مجزوم. الخامس تأتي أن مفسرة وزائدة فلا تنصب المضارع. فالمفسرة هي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الورود أي: اشربيه تجديه سخينا. قوله: "اللحياني" بكسر اللام وسكون الحاء المهملة, ولحيان أبو قبيلة وصباح بفتح الصاد المهملة وتشديد الموحدة وآخره حاء مهملة أبو بطن من ضبة وضبة بمعجمة مفتوحة وموحدة مشددة أبو قبيلة. شمني مع زيادة قولي: أبو بطن من ضبة. واللحياني من البصريين كما في الهمع. قوله: "إذا ما غدونا" أي: بكرنا ونحطب بحاء مهملة فطاء مهملة مكسورة مضارع حطب أي: جمع الحطب وهو جواب الأمر. قوله: "أن تعلم بها" الضمير المستتر في تعلم يرجع إلى بثينة محبوبة الشاعر الذي هو جميل, والضمير البارز في بها يرجع إلى الحاجة المذكورة في البيت قبله, والثقل بكسر فسكون واحد الأثقال وهي الأشياء الثقيلة. قوله: "وهو فتتركها" حصر المنصوب في فتتركها؛ لأنه المنصوب نصا بخلاف فتردها إذ قد يدعي أنه مجزوم وحرك تخلصًا من التقاء الساكنين, وكان حركته فتحة للخفة. قوله: "تأتي أن مفسرة إلخ" وضميرًا للمتكلم في قول بعض العرب: أن فعلت وضميرًا للمخاطب في نحو: أنت وأنت إلخ. قال الكوفيون: وشرطية كإن المكسورة كما في قوله:
أبا خِراشة إما أنت ذا نفر ... فإن قومي لم تأكلهم الضبع
ورجحه في المغني بأمور منها مجيء الفاء بعدها كثيرًا كما في البيت, وتقدم تخريجه على غير قولهم في باب كان وأخواتها. قيل ونافية كإن المكسورة كما في قوله تعالى حكاية عن طائفة من أهل الكتاب، {أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ} [آل عمران: 73] ، وخرجه الزمخشري وغيره على معنى صدر منكم ما صدر كراهة أن يؤتى إلخ
, أي: حملكم على ذلك الحسد فيكون متعلقًا بمحذوف من مقول قل, أو على معنى ولا تظهروا الإيمان بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من الكتاب إلا لمن تبع دينكم فيكون متعلقًا بقوله: ولا تؤمنوا, وجملة {قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ} اعتراض ونوقش
__________
1064- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ملحق ديوانه ص389؛ وخزانة الأدب 4/ 292؛ وسمط اللآلي ص67؛ وشرح شواهد المغني ص91؛ والمحتسب 2/ 295؛ وبلا نسبة في أمالي المرتضى 2/ 191؛ والجنى الداني ص227؛ وجواهر الأدب ص192؛ ومغنى اللبيب ص30.
1065- البيت من الطويل، وهو لجميل بثينة في ديوانه ص224؛ والدرر 4/ 59؛ وشرح شواهد المغني 1/ 98؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ص227؛ ومغني اللبيب 1/ 30؛ وهمع الهوامع 2/ 3.(3/417)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المسبوقة بجملة فيها معنى القول دون حروفه نحو: {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} [المؤمنون: 27] , {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا} [ص: 6] والزائدة هي التالية للما نحو: {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ} [يوسف: 96] والواقعة بين الكاف ومجرورها كقوله:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بأن ما قبل إلا لا يعمل فيما بعدها إلا المستثنى والمستثنى منه وتابع أحدهما. وأجيب باحتمال أن الزمخشري لا يرى ذلك في الظرف والجار والمجرور لتوسعهم فيهما. قوله: "مفسرة" أي: لمتعلق فعل قبلها. قال الرضي: وأن لا تفسر إلا مفعولًا لا مقدرًا نحو: كتبت إليه أن قم أي: كتبت إليه شيئًا هو قم أو ظاهرا نحو: {إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى، أَنِ اقْذِفِيهِ} . دماميني.
قوله: "المسبوقة بجملة إلخ" بقي قيدان: وهما أن يتأخر عنها جملة ولم تقترن بجار فخرج من التعريف {وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} لعدم تقدم الجملة فأن فيه مخففة من الثقيلة كما في الفارضي وغيره, وإنما لم تكن المسبوقة بمفرد مفسرة؛ لأن المفسرة ليس ما بعدها من صلة ما قبلها, بل يتم الكلام دونه ولا يحتاج إليه من جهة تفسير المبهم فيه وما بعد المسبوق بمفرد ليس كذلك, فإن أن الحمد لله خبر آخر دعواهم. قاله الرضي وقلت له: أن افعل لوجود حروف القول فلا يقال هذا التركيب لعدم وجوده في كلامهم؛ لأن الجملة تقع مفعولا لصريح القول, وعلى تسليم أنه يقال لا تجعل أن فيه تفسيرية بل زائدة وجوز الزمخشري في أن {أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ} أن تكون أن مفسرة على تأويل قلت بأمرت, واستحسنه في المغني. قال: وعلى هذا فمعنى شرطهم أن لا يكون في الجملة قبلها حروف القول أي: باقيًا على حقيقته غير مؤول بغيره ا. هـ. وجوز ابن عصفور أن يفسر بها صريح القول ولا يقال أخذت عسجدًا أن ذهبًا لعدم تأخر الجملة فلا يؤتى بأن بل تحذف أو يؤتى بدلها بأي: وكتبت إليه بأن افعل أو كتبت إليه أن افعل إذا قدر معها الباء لاقترانها بالجار فهي مصدرية في الموضعين؛ لأن حرف الجر لا يدخل إلا على اسم صريح أو مؤول.
قوله: {أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} قيل الجملة مفسرة فلا محل لها كما في المغني, وفيه عندي نظر؛ لأنه إنما يظهر في المفسرة التي ليست في معنى المفرد كما في زيدًا ضربته لا في المفسرة بعد أن للمفعول؛ لأن الظاهر أن هذه في محل نصب تبعًا لما فسرته؛ لأنها في معنى هذا اللفظ فيحل المفرد محلها. وفي كلام الكافيجي ما نصه: الظاهر أن الإيحاء متعلق بالجملة تعلق مفعولية فتكون منصوبة المحل ا. هـ. وهو يؤيد ما قلنا: إن أراد المفعولية في المعنى مع بقاء أن على كونها مفسرة فإن أراد المفعولية في اللفظ مع كون أن زائدة فشيء آخر فتدبر. قوله: "وانطق الملأ إلخ" ليس المراد بالانطلاق المشي بل انطلاق ألسنتهم بهذا الكلام, كما أنه ليس المراد بالمشي في أن امشوا المشي المتعارف بل الاستمرار على الشيء.
فائدة: إذا ولي أن الصالحة للتفسير مضارع معه لا, نحو: أشرت إليه أن لا يفعل جاز رفعه على تقدير لا نافية وجزمه على تقديرها ناهية, وعليهما فأن مفسرة ونصبه على تقديرها نافية, وأن مصدرية فإن فقدت لا امتنع الجزم, وجاز الرفع والنصب ا. هـ. مغني أقول: يصح على الجزم بلا ناهية أن تكون أن مصدرية بناء على الأصح من كونها توصل بالأمر والنهي. قوله: "التالية للما"(3/418)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1066- كأنْ ظَبْيَةٍ تَعْطُو إلى وارِقِ السَّلَمْ
في رواية الجر. وبين القسم ولو كقوله:
1067- فأُقْسِمُ أن لو التَقَيْنا وأنتم ... لكان لكم يومٌ من الشّرِّ مُظْلمُ
وأجاز الأخفش إعمال الزائدة، واستدل بالسماع كقوله تعالى: {وَمَا لَنَا أَلَّا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أي: التوقيتية كما في المغني احترازًا عن النافية وهي الجازمة والموجبة وهي التي بمعنى إلا فما يقتضيه كلام البعض من مغايرة الجازمة للنافية فاسد.
قوله: "نحو: {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ} " وتقول: أكرمك لما أن يقوم زيد بالرفع فارضي. قوله: "لكان لكم إلخ" جواب القسم لتقدمه وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب لقسم عليه بناء على أن الشرط الامتناعي كغيره في كون الجواب له عند تقدمه أو جواب لو وجواب القسم محذوف بناء على أن الجواب للامتناع, تقدم على القسم أو تأخر أو جواب لو ولو وما دخلت عليه جواب القسم. وسيأتي هذا الخلاف في بحث عوامل الجزم. قوله: {وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ} إن قلت ليست هذه من مواضع الزيادة المتقدمة. قلت الأخفش لا يخص الزيادة بما تقدم, بل زعم أنها تزاد في غير ذلك ا. هـ. تصريح ووجه زيادتها في الآية أن ما لنا ونحو: كما لك لا يقع بعده عند الأخفش إلا الفعل الصريح عن أن الجملة حالية نحو: {مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ} [النمل: 20] ، أو الاسم الصريح على أنه حال نحو: ما لك قائمًا دون المؤول بالاسم ولا يرد أن الجملة الحالية لا
__________
1066- صدره:
ويومًا تَوافَيْنا بوجْه مُعَسَّمٍ
والبيت من الطويل، وهو لعلباء بن أرقم في الأصمعيات ص157؛ والدرر 2/ 200؛ وشرح التصريح 1/ 234؛ والمقاصد النحوية 4/ 384؛ ولأرقم بن علباء في شرح أبيات سيبويه 1/ 525؛ ولزيد بن أرقم في الإنصاف 1/ 202؛ ولكعب بن أرقم في لسان العرب 12/ 482 "قسم"؛ ولباغت بن صريم اليشكري في تخليص الشواهد ص390؛ وشرح المفصل 8/ 83؛ والكتاب 2/ 134؛ وله أو لعلباء بن أرقم في المقاصد النحوية 2/ 301؛ ولأحدهما أو لأرقم بن علباء في شرح شواهد المغني 1/ 111؛ ولأحدهما أو لراشد بن شهاب اليشكري أو لابن أصرم اليشكري في خزانة الأدب 10/ 411؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 1/ 377؛ وجواهر الأدب ص197؛ والجنى الداني ص222، 522؛ ورصف المباني ص117، 211؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 683؛ وسمط اللآلي ص829؛ وشرح عمدة الحافظ ص241، 331؛ وشرح قطر الندى ص157؛ والكتاب 3/ 165؛ والمحتسب 1/ 308؛ ومغني اللبيب 1/ 33؛ والمقرب 1/ 111، 2/ 204؛ والمنصف 3/ 128؛ وهمع الهوامع 1/ 143.
1067- البيت من الطويل، وهو للمسيب بن علس في خزانة الأدب 4/ 145، 10/ 580، 581، 11/ 318؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 185؛ وشرح شواهد المغني 1/ 109؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 160؛ وجواهر الأدب ص197؛ وشرح التصريح 2/ 233؛ وشرح المفصل 9/ 94؛ والكتاب 3/ 107؛ ولسان العرب 12/ 378 "ظلم"؛ ومغني اللبيب 1/ 33؛ والمقاصد النحوية 4/ 418.(3/419)
وبَعْضُهم أَهْمَلَ أنْ حَمْلا على ... ما أُخْتِها حيثُ اسْتَحَقَّت عَمَلا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
نُقَاتِلَ} [البقرة: 246] ، وبالقياس على حرف الجر الزائد، ولا حجة في ذلك؛ لأنها في الآية مصدرية، فقيل: دخلت بعد ما لنا لتأوله بما منعنا، وفيه نظر؛ لأنه لم يثبت إعمال الجار والمجرور في المفعول؛ ولأن الأصل أن لا تكون لا زائدة، والصواب قول بعضهم: إن الأصل وما لنا في أن لا نقاتل، والفرق بينها وبين حرف الجر أن اختصاصه باق مع الزيادة بخلافها فإنها قد وليها الاسم في البيت الأول والحرف في الثاني "وبعضهم" أي: بعض العرب "أهمل أن حملا على ما أختها" أي: المصدرية "حيث استحقت عملا" أي: واجبًا، وذلك إذا لم يتقدمها علم أو ظن كقراءة ابن محيصن: "لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمُّ الرَّضَاعَةَ" [البقرة: 233] ، وقوله:
1068- أَنْ تَقْرآنِ على أسْماءِ وَيَحْكُما ... مِنّي السلامَ وأن لا تُشْعرا أَحَدا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تصدر بدليل استقبال؛ لأن دليل الاستقبال أن غير الزائدة لا الزائدة, كذا في الدماميني. قوله: "لتأوله بما منعنا" أي: فأن لا نقاتل مفعول ثان للجار والمجرور لتأوله بفعل يتعدى لاثنين.
قوله: "إعمال الجار والمجرور" وهو لنا في المفعول وهو أن لا نقاتل ا. هـ. سم قال الدماميني: قد يقال إنما يرد ذلك لو كان أن لا نقاتل عند هذا القائل مفعولًا مصرحًا وليس في كلامه ما يقتضيه لاحتمال أن يكون عنده على نزع الخافض وهو عن فإنه يقال منعته عن كذا كما في الصحاح وغيره والمحل نصب أو خفض على الخلاف. قوله: "أن لا تكون لا زائدة" أي: كما لزم على هذا القول إذ المعنى عليه وما منعنا أن نقاتل سم. قوله: "والصواب قول بعضهم إلخ" هذا مقابل القيل السابق كما هو صريح المغني لا قول الأخفش, كما زعم البعض؛ لأنه قابل قول الأخفش بقوله: لأنها في الآية مصدرية, ثم ذكر قولين على أنها مصدرية. قوله: "في أن لا نقاتل" فتكون أن مصدرية منسبكة مع ما بعدها بمصدر مجرور بجار محذوف متعلق بما تعلق به لنا. قوله: "والفرق بينها إلخ" هذا رد لقياس الأخفش أن الزائدة على حرف الجر الزائد.
قوله: "حملا" أي: بالحمل على ما بجامع أن كلا منهما حرف مصدري ثنائي, وبعضهم أعمل ما المصدرية حملا على أن المصدرية نحو: كما تكونوا يولي عليكم ا. هـ. مغني قال الدماميني: ولا حاجة إلى جعل ما هنا ناصبة فإن في ذلك إثبات حكم لها لم يثبت في غير هذا المحل بل الفعل مرفوع ونون الرفع محذوفة وقد سمع نثرًا ونظمًا ا. هـ. قوله: "حيث استحقت" أي: إن عملًا أي: واجبًا كما يفيده كلام الشارح والظرف متعلق بأهمل. قوله: "وذلك" أي: استحقاق أن العمل. قوله: "لمن أراد أن يتم" أي: بالرفع والقول بأن أصله يتمون فهو منصوب
__________
1068- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/ 333؛ والإنصاف 2/ 563؛ وأوضح المسالك 4/ 156؛ والجنى الداني ص220؛ وجواهر الأدب ص192؛ وخزانة الأدب 8/ 420، 421، 423، 424؛ والخصائص 1/ 390؛ ورصف المباني ص113؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 549؛ وشرح التصريح 2/ 232؛ وشرح شواهد المغني 1/ 100؛ وشرح المفصل 7/ 15، 8/ 143؛ 9/ 19؛ ولسان العرب 13/ 33 "أنن"؛ ومجالس ثعلب ص290؛ ومغني اللبيب 1/ 30؛ والمنصف 1/ 278؛ والمقاصد النحوية 4/ 380.(3/420)
ونَصَبُوا بإذَن المُسْتَقبلا ... إنْ صُدِّرَت والفِعلُ بعدُ مُوصَلا
أو قَبْلَهُ اليمينُ وانْصَبْ وارْفَعا ... إذا إذنْ من بعدِ عَطْفٍ وَقَعا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هذا مذهب البصريين، وأما الكوفيون فهي عندهم مخففة من الثقيلة.
تنبيه: ظاهر كلام المصنف أن إهمالها مقيس "ونصبوا بإذن المستقبلا إن صدرت والفعل بعد موصلا. أو قبله اليمين" أي: شروط النصب بإذن ثلاثة: الأول أن يكون الفعل مستقبلا، فيجب الرفع في إذن تصدق جوابًا لمن قال: أنا أحبك. الثاني: أن تكون مصدره، فإن تأخرت نحو: أكرمك إذن أهملت، وكذا إن وقعت حشوا كقوله:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بحذف النون وحذفت الواو للساكنين واستصحب ذلك خطأ, والجمع باعتبار معنى من تكلف. تصريح. قوله: "أن تقرآن إلخ" إما محل نصب بدل من حاجة في قوله قبله:
يا صاحبي فدت نفسي نفوسكما ... وحيثما كنتما لاقيتما رشدا
أن تحملا حاجة لي خف محملها ... وتصنعا نعمة عندي بها ويدا
أو من أن تحملا المنصوب بمحذوف تقديره: أسألكما وإما في محل رفع خبر مبتدأ محذوف عائد إلى حاجة أي: هي أن تقرآن، والشاهد في أن الأولى وليست مخففة من الثقيلة خلافًا للكوفيين, قيل بدليل أن المعطوف عليها واعترض بأنه لا مانع من عطف أن الناصبة وصلتها على أن المخففة وصلتها إذ هو عطف مصدر على مصدر ا. هـ. يس مع زيادة وقد يجاب بأن مراده أن عطف أن الناصبة مرجح لكون أن العطوف عليها ناصبة للتناسب والترجيح كاف في الاستشهاد ولا يلزم التعيين ولك أن تستدل على كونها ليست المخففة بعدم وقوعها بعد دال علم أو ظن فاحفظه. قوله: "ظاهر كلام المصنف إلخ" وظاهره أيضًا اختصاصها بالإهمال ووجهه أنهم يتوسعون في الأمهات وضعفها من جهة أنها قد تهمل لا ينافي كونها أما إذ لا يلزم في الأم قوتها من كل وجه فاندفع اعتراض البعض.
قوله: "ونصبوا" اعلم أن أكثر العرب يلتزم إعمال إذن عند استيفاء شروطه والقليل منهم يلتزم إهمالها عند ذلك كما سيذكره الشارح. إذا علمت ذلك فالضمير في نصبوا لأكثر العرب وهو على الوجوب, فقول البعض تبعًا لشيخنا: ونصبوا أي: جوازًا كما سينبه الشارح عليه غير ظاهر فتأمل, والواو في والفعل بعد حالية وموصلًا حال من الضمير المستكن في الخبر أعني بعد. وقوله: أو قبله اليمين إما معطوف على بعد واليمين فاعل الظرف لاعتماده على المبتدأ أو مبتدأ مؤخر وقبله خبر مقدم, وإما معطوف على موصلًا على الوجهين المذكورين في العطف على بعد, والمراد بالبعدية على هذا ما يشمل البعدية مع الانفصال. قوله: "أن يكون الفعل مستقبلا" إجراء لها مجرى سائر النواصب وإنما لم تعمل النواصب في فعل الحال؛ لأن له تحققا في الوجود كالأسماء فلا يعمل فيه عوامل الأفعال. دماميني. قوله: "فيجب الرفع في إذن تصدق إلخ" أي: لأنه حال ومن شأن الناصب أن يخلص المضارع للاستقبال. همع. قوله: "أن تكون مصدرة" أي: في جملتها بحيث لا يسبقها شيء له تعلق بما بعدها, وإنما لم تعمل غير مصدرة لضعفها بعدم تصدرها(3/421)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1069- لَئِنْ عادَ لي عبدُ العزيزِ بِمْثِلها ... وأَمْكننِي منها إذا لا أُقِيلُهَا
فأما قوله:
1070- لا تَتْرُكَنِّي فيهُمُ شَطِيرا ... إنِّي إذًا أَهْلِكُ أو أَطيرا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عن العمل ا. هـ. دماميني وفي الشمني أن ترك تصديرها داخلة على المضارع إنما يكون في ثلاثة مواضع بالاستقراء أن يكون ما بعدها خبرًا لما قبلها نحو: أنا إذن أكرمك أو جوابًا لشرط قبلها نحو: إن تزرني إذن أكرمك أو لقسم قبلها نحو: والله إذن لأخرجن ا. هـ. وفي الموضع الأول خلاف كما في الهمع فأجاز هشام النصب بعد مبتدأ كالمثال وأجازه الكسائي بعد اسم أنه نحو: إني إذن أهلك أو أطير أو اسم كان نحو: كان زيد إذن يكرمك قال أبو حيان: وقياس قوله جواز النصب بعد ظن نحو: ظننت زيدًا إذن يكرمك.
قوله: "أهملت" أي: وجوبًا بلا خلاف؛ لأن الفعل المنصوب لا يجوز تقديمه على ناصبه همع. قوله: "بمثلها" أي: بمثل مقالته سابقًا تمن علي وقوله: لا أقبلها أي: لا أترك مقالتي سابقًا أتمنى عليك أن أكون كاتبًا عندك. وعبد العزيز هذا والد عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه وأخوه بعد الملك بن مروان تولى إمارة مصر لا الخلافة العظمى كما في الشمني وغيره, كان الشاعر وهو كثير عزة امتدحه بقصيدة أعجبته فقال له: تمن علي. فقال له: أتمنى عليك أن أكون كاتبك, فقال له: ويحك أنت لا تحسن الكتابة وأعطاه جائزة فصمم على أنه إن قال له عبد العزيز ثانيًا تمن علي لا يتمنى إلا كونه كاتبه وقد عد هذا من حمقه. وإرجاع الضمير للمقالة هو ما قاله الدماميني والعيني وأرجعه الشمني لخطة الرشد في قوله قبل:
عجبت لتركي خطة الرشد بعد ما ... بدا لي من عبد العزيز قبولها
والشاهد في قوله: لا أقيلها حيث رفعه لعدم تصدر إذن لكونها جواب قسم سابق عليها في قوله:
حلفت برب الراقصات إلى منى
إلخ وجواب الشرط محذوف فعلم ما في كلام الحواشي من الخلل. قوله: "شطيرا" بفتح
__________
1069- البيت من الطويل، وهو لكثير عزة في ديوانه ص305؛ وخزانة الأدب 8/ 473, 474، 476؛ والدرر 4/ 71؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 397؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 144؛ وشرح التصريح 2/ 234؛ وشرح شواهد المغني ص63؛ وشرح
المفصل 9/ 13، 22؛ والكتاب 3/ 15؛ والمقاصد النحوية 4/ 382؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 165؛ وخزانة الأدب 8/ 447، 11/ 340؛ ورصف المباني ص66، 243؛ وشرح شذور الذهب ص375؛ والعقد الفريد 3/ 8؛ ومغني اللبيب 1/ 21.
1070- الرجز بلا نسبة في الإنصاف 1/ 177؛ وأوضح المسالك 4/ 166؛ والجنى الداني ص362 وخزانة الأدب 8/ 456، 460؛ والدرر 4/ 72؛ ورصف المباني ص66؛ وشرح التصريح 2/ 234؛ وشرح شواهد المغني 1/ 70؛ وشرح المفصل 7/ 17؛ ولسان العرب 4/ 408 "شطر"؛ ومغني اللبيب 1/ 22؛ والمقاصد النحوية 4/ 383؛ والمقرب 1/ 261؛ وهمع الهوامع 2/ 7.(3/422)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فضرورة أو الخبر محذوف أي: إني لا أستطيع ذلك، ثم استأنف: إذن أهلك، فإن كان المتقدم عليها حرف عطف فسيأتي. الثالث: أن لا يفصل بينها وبين الفصل بغير القسم، فيجيب الرفع في نحو. إذا أنا أكرمك ويغتفر الفصل بالقسم كقوله:
1071- إذنْ واللهِ نَرْميهُم بحَرْبٍ ... يَشِيبُ الطفلُ من قبلِ المشيبِ
وأجاز ابن بابشاذ الفصل بالنداء والدعاء، وابن عصفور الفصل بالظرف، والصحيح المنع إذ لم يسمع شيء من ذلك. وأجاز الكسائي وهشام الفصل بمعمول الفعل، والاختيار حينئذ عند الكسائي النصب وعند هشام الرفع "وانصب وارفعا إذا إذن من بعد عطف"
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الشين المعجمة أي: غريبًا وأهلك بكسر اللام ويجوز فتحها على ما في القاموس. قوله: "أن لا يفصل إلخ" لضعفها مع الفصل عن العمل. ا. هـ. تصريح. قوله "وبالقسم" كذا بلا النافية؛ لأن القسم تأكيد لربط إذن ولا لم يعتد بها فاصلة في أن فكذا في إذن سيوطي. قوله "والدعاء" نحو: إذن غفر الله لك أكرمك. قوله: "بمعمول الفعل" فلو قدم معمول الفعل على إذن نحو: زيدًا إذن أكرم فذهب الفراء إلى أنه يبطل عملها, وأجاز الكسائي الرفع والنصب. قال أبو حيان: ولا نص أحفظه عن البصريين في ذلك ومقتضى اشتراطهم في عملها التصدير أن لا تعمل حينئذ؛ لأنها غير مصدرية ويحتمل أن يقال تعمل؛ لأنها وإن لم تتصدر لفظًا فهي مصدرة في النية؛ لأن النية بالمعمول التأخير ا. هـ. سيوطي قال سم: ويؤخذ من كلامه عدم العمل قطعًا في نحو: يا زيد إذن أكرمك؛ لأن المتقدم عليها معمول ا. هـ. وفيه عندي نظر لتصدرها في جملتها؛ ولأن نحو: هذا المثال ليس من المواضع الثلاثة المحصورة فيها عدم تصدرها داخلة على المضارع.
كما مر قوله: "عند الكسائي النصب" فيه أنه تقدم عن الكسائي في الفصل بين كي والفعل بمعموله أنه يبطل عملها ويمكن الفرق بشدة اقتضاء كي المصدرية الاتصال بالفعل؛ لأنهما في تأويل اسم واحد سم. قوله: "وعند هشام الرفع" لضعف عملها بالفصل وكان القياس بطلان العمل فلا أقل من أن يكون مرجوحًا. قوله: "وانصب وارفعا" وقد يجزم إن اقتضاه الحال كما سيأتي في الشرح, وإنما جاز النصب والرفع؛ لأنك عطفت جملة مستقلة على جملة مستقلة فمن حيث كون إذن في ابتداء جملة مستقلة هو متصدر فيجوز انتصاب الفعل بعده ومن حيث كون ما بعد العاطف من تمام ما قبله بسبب ربط حرف العطف بعض الكلام ببعض هو متوسط وإلغاؤها أجود كما في الرضي؛ لأنها غير متصدرة في الظاهر ا. هـ. سم ويشير إلى رجحانه قوله: وارفعا بنون التوكيد الخفيفة المبدلة ألفًا ومقتضى التعليل المذكور تعين النصب إذا كانت الواو أو الفاء
__________
1071- البيت من الوافر، وهو لحسان بن ثابت في ملحق ديوانه ص371؛ والأشباه والنظائر 2/ 233؛ والدرر 4/ 70؛ وشرح شواهد المغني ص97؛ والمقاصد النحوية 4/ 106؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 168؛ وشرح التصريح 2/ 235؛ وشرح شذور الذهب ص376؛ وشرح قطر الندى ص59؛ ومغني اللبيب ص693؛ وهمع الهوامع 2/ 7.(3/423)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بالواو والفاء "وقعا" وقد قرئ شاذا "وَإِذًا لَا يَلْبَثُوا خِلَفَك" {فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا} [النساء: 53] ، على الأعمال نعم الغالب الرفع على الإهمال وبه قرأ السبعة.
تنبيهات: الأول أطلق العطف والتحقيق أنه إذا كان العطف على ما له محل ألغيت، فإذا قيل أن تزرني أزرك وإذن أحسن إليك فإن قدرت العطف على الجواب جزمت وأهملت إذن لوقوعها حشوًا، أو على الجملتين معًا جاز الرفع والنصب. وقيل يتعين النصب؛ لأن ما بعدها مستأنف؛ أو لأن المعطوف على الأول أول. ومثل ذلك: زيد يقوم وإذن أحسن إليه إن عطفت على الفعلية رفعت، أو على الاسمية فالمذهبان. الثاني الصحيح الذي عليه الجمهور أن إذن حرف، وذهب بعض الكوفيين إلى أنها اسم والأصل في إذن أكرمك إذا جئتني أكرمك، ثم حذفت الجملة وعوض عنها التنوين وأضمرت أن. وعلى الأول
ـــــــــــــــــــــــــــــ
استئنافية كما إذا قيل لك آتيك غدًا فقلت مستأنفًا وإذن أكرمك. قوله: "على ما له محل" قال البعض: كان الأولى أن يقول على ما له إعراب ليشمل اللفظي والمحلي بقرينة التمثيل ا. هـ. ويدفع بأن ما له محل شامل لما إعرابه لفظي؛ لأنه معرب لفظًا ومحلا فهو مما له محل فتدبر.
قوله: "ألغيت" أي: وجوبًا لوقوعها حشوًا كما سيذكره الشارح. قوله: "لوقوعها حشوًا" أي: بين جزأي الجواب, وإن شئت قلت بين الشرط والجواب؛ لأن المعطوف على الجواب جواب. قوله: "أو على الجملتين معًا" أي: جملتي الشرط والجواب.
قوله: "وقيل يتعين النصب" ليس المراد وقيل إن قدرت العطف على الجملتين معًا يتعين النصب؛ لأنه ينافيه قوله: لأن ما بعدها مستأنف بل المراد وقيل إن لم تعطف عن الجواب أعم من أن تقدر الواو عاطفة أو استئنافية ثم المراد تعين النصب على لغة أكثر العرب الملتزمين إعمال إذن عند استيفاء الشروط فلا ينافي جواز الرفع على لغة بعضهم الملغى لها عند استيفاء الشروط, فاندفع ما أطال به البعض. قوله: "لأن ما بعدها مستأنف" أي: بناء على أن الواو استئافية وقوله: لأن المعطوف إلخ أي: بناء على أنها عاطفة.
قوله: "فالمذهبان" أي: القول بجواز الأمرين والقول بتعين النصب. قوله: إلى أنها اسم" أي: غير ناصب للفعل, وإنما الناصب له أن مضمرة بعده كما سيذكره. قوله: " وعوض عنها التنوين" أي: وحذفت الألف لالتقاء الساكنين. قوله: "وأضمرت أن" ولعل المفرد المؤول به أن ومدخولها عند صاحب هذا القول فاعل أي: إذا جئتني وقع إكرامك لا مبتدأ خبره محذوف أي: حاصل وإلا وجبت الفاء الرابطة الواجبة مع الجملة الاسمية الواقعة جوابًا قاله الدماميني. وذهب الرضي إلى أنها اسم وأصلها إذا حذفت الجملة المضاف إليها وعوض عنها التنوين وفتح ليكون في صورة ظرف منصوب وقصد جعله صالحًا لجميع الأزمنة بعد ما كان مختصا بالماضي وضمن معنى الشرط غالبًا. قال: وإنما قلنا غالبًا؛ لأنه لا معنى للشرط في نحو: {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ} [الشعراء: 20] ، ثم قال: وإذا كان بمعنى الشرط في الماضي جاز إجراؤه مجرى لو في قرن جوابه باللام نحو: {إِذًا لَأَذَقْنَاكَ} أي: ولو ركنت شيئًا قليلا لأذقناك وإذا كان بمعنى الشرط في المستقبل جاز(3/424)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فالصحيح أنها بسيطة لا مركبة من إذ وأن وعلى البساطة فالصحيح أنها الناصبة لا أن مضمرة بعدها كما أفهمه كلامه. الثالث معناها عند سيبويه الجواب والجزاء فقال الشلوبين: في كل موضع. وقال الفارسي: في الأكثر. وقد تتمحض للجواب بدليل أنه يقال أحبك
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قرن جوابها بالفاء كقوله:
ما إن أتيت بشيء أنت تكرهه ... إذا فلا رفعت سوطًا إلي يدي
أي: إن أتيت فلا إلخ وقد تستعمل بعد لو وإن توكيدًا لهما نحو: لو زرتني إذن لأكرمتك وإن جئتني إذن أزرك ثم قال: ولما احتمل إذن التي يليها المضارع معنى الجزاء فالمضارع مستقبل واحتمل معنى مجرد الزمان فالمضارع حال وقصد التنصيص على معنى الجزاء في إذن نصب المشارع بأن المقدرة؛ لأنها تخلصه للاستقبال فتحمل إذن على الغالب فيها من الجزاء لانتفاء الحالية المانعة من الجزاء بسبب النصب بأن ثم قال: وإنما ادعينا أن إذن زمانية لظهور معنى الزمان فيها في جميع استعمالاتها وقلب نونها في الوقف ألفًا يرجح جانب اسميتها وتجويز الفصل بينهما وبين منصوبها بالقسم ونحوه يقوي كونها غير ناصبة بنفسها كأن ولن إذ لا يفصل بين الحرف ومعموله بما ليس من معموله ا. هـ. ولا يخفى أن أكثر ما قاله متأت على أن أصلها إذا. وفي حاشية السيوطي على المغني عن بعضها أن إذن تأتي على وجهين حرف ناصب للمضارع مختص به واسم أصله إذا أو إذ حذفت الجملة المضاف إليها وعوض عنها التنوين وهذه تدخل على غير المضارع وعلى المضارع فيرفع فيجوز أن تقول لمن قال: أنا آتيك إذن أكرمك بالرفع على أن الأصل إذا أتيتني أكرمك وبالنصب على أنها الحرفية.
قوله: "وعلى الأول" أو على أنها حرف أما على الثاني فبسيطة قطعًا وقوله: لا مركبة من إذ وإن نقلت حركة الهمزة إلى الذال ثم حذفت ا. هـ. سم أي: وغلب عليها وحكم الحرفية, وهذا قول الخليل قال: فإذا قال القائل أزورك فقلت إذن أكرمك فكأنك قلت حينئذ إكرامي واقع ا. هـ. أي: ولا من إذا وأن حذفت همزة أن ثم ألف إذ لالتقاء الساكنين كما يقول الرندي مستدلا بأنها تعطي الربط كإذا والنصب كأن أفاد كل ذلك في الهمع. قوله: "وعلى البساطة" قيد بذلك؛ لأن القائل بالتركيب يجعل النصب بأن المشتملة عليها إذن كما في حاشية السيوطي على المغني. قوله: "لا أن مضمرة بعدها" كما ذهب إليه الخليل في أحد قوليه؛ لأن أن لا تضمر إلا بعد عاطف أو جار ا. هـ. دماميني واعتل الخليل بعدم اختصاصها لدخولها على الجملة الاسمية نحو: إذن عبد الله يأتيك همع. قوله: "كما أفهمه كلامه" يعني قوله: ونصبوا بإذن المستقبلا. قوله: "الجواب" أي: لكلام آخر ملفوظ أو مقدر سواء وقعت في الصدر أو الحشو أو الآخر وقوله: والجزاء أي: المجازاة لمضمون كلام آخر وفي كلامه مسامحة أي: ربط الجواب إلخ.
قوله: "فقال الشلوبين: في كل موضع" وتكلف تخريج نحو: {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ} على الشرط والجزاء أي: إن كنت فعلت الوكزة كافرًا لأنعمك كما زعمت يا فرعون فأنا من(3/425)
وبَيْنَ لا ولامِ جَرٍّ التُزِمْ ... إظهارُ أنْ ناصِبةً وإنْ عُدِمْ
لا فأن اعمِل مُظهرًا أو مُضمرا ... وبعد نَفْي كان حَتما أضْمِرا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فتقول: إذن أظنك صادقًا إذ لا مجازاة هنا. الرابع اختلف في لفظها عند الوقف عليها والصحيح أن نونها تبدل ألفًا تشبيهًا لها بتنوين المنصوب. وقيل بوقف بالنون؛ لأنها كنون لن وأن. وروي ذلك عن المازني والمبرد، وينبني على هذا الخلاف خلاف في كتابتها، والجمهور يكتبونها بالألف وكذا رسمت في المصاحف، والمازني والمبرد بالنون وعن الفراء إن علمت كتب بالألف وإلا كتبت بالنون للفرق بينها وبين إذا، وتبعه ابن خروف. الخامس حكى سيبويه وعيسى بن عمر أن من العرب من يلغيها مع استيفاء الشروط وهي لغة نادرة، ولكنها القياس؛ لأنها غير مختصة، وإنما أعملها الأكثرون حملًا على ظن؛ لأنها مثلها في جواز تقدمها على الجملة وتأخرها عنها وتوسطها بين جزأيها، كما حملت ما على ليس؛ لأنها مثلها في نفي الحال ا. هـ. "وبين لا ولام جر التزم إظهار أن ناصبة" نحو: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} [البقرة: 15] ، {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} [الحديد: 29] ، لا في الآية الأولى نافية وفي الثانية مؤكدة زائدة "وإن عدم لا فأن اعمل مظهرا أو مضمرا" لا في موضع الرفع بعدم، وأن في موضع النصب بأعمل، ومظهرًا ومضمرًا نصب على الحال: إما من أن إن كانا اسمي مفعول، أو من فاعل أعمل المستتر إن كانا اسمي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الضالين بل فعلتها غير قاصد القتل وغير كافر لأنعمك. قوله "إذا أظنك صادقًا" برفع أظن؛ لأن للحال كما يفيده ما سننقله عن الرضي. قوله: "إذ لا مجازاة هنا" قال الرضي: لأن الشرط والجزاء إما في الاستقبال أو في الماضي ولا مدخل للجزاء في الحال ا. هـ. ولأن ظن الصدق لا يصلح جزاء للمحبة. قوله: "اختلف في لفظها إلخ" أي: في غير القرآن أما فيه فيوقف عليها وتكتب بالألف إجماعًا كما في الإتقان اتباعًا للمصحف العثمان, قال السيوطي في حاشية المغني: ينبغي أن يكون الخلاف في الوقف عليها مبنيًا على الخلاف في حقيقتها فعلى أنها حرف يوقف عليها بالنون وعلى أنها اسم منون يوقف عليها بالألف. قوله: "والجمهور يكتبونها إلخ" المناسب فالجمهور بالفاء كما في عبارة المغني. قوله: "والمازني والمبرد بالنون" وعزاه أبو حيان إلى الجمهور. قوله: "وعن الفراء إلخ" ونقل السيوطي قولًا بالعكس لضعفها في الإهمال وقوتها في العمل. قوله: "إن عملت كتبت بالألف" لمنع العمل التباسها بإذا الظرفية ويرد عليه أن العمل في اللفظ وليس الشكل لازمًا فالفرق في الكتابة محتاج له على العمل أيضًا.
قوله: "وهي لغة نادرة" تلقها البصريون بالقبول فلا التفات إلى قول من أنكرها دماميني قوله: "وبين لا" أي: سواء كانت نافية أو زائدة ولهذا مثل بمثالين. قوله: "ناصبة" أتى به مع علمه من كون الكلام في أن الناصبة دفعًا لتوهم إهمالها لفصلها من الفعل بلا. قوله: "فإن أعمل" أي: إن الواقعة بعد لام الجر سواء كانت للتعليل كما مثل أو للعاقبة نحو: {فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} [القصص: 8] ، أو للتوكيد وهي الآتية بعد فعل متعد نحو: وأمرنا لنسلم لرب(3/426)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فاعل، أي: يجوز إظهار أن وإضمارها بعد اللام إذا لم يسبقها كون ناقص ماض منفي ولم يقترن الفعل بلا فالإضمار نحو: {وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 71] ،
والإظهار نحو: {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} [الزمر: 12] فإن سبقها كون ناقص ماض منفي وجب إضمار أن بعدها هذا أشار إليه بقوله: "وبعد نفي كان حتما أضمرا" أي: نحو: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ} [العنكبوت: 40] {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} [النساء: 137] ، وتسمى هذه اللام لام الجحود، وسماها النحاس لام النفي وهو الصواب، والتي قبلها لام كي؛ لأنها للسبب كما أن كي للسبب. وحاصل كلامه أن لأن بعد لام الجحود ثلاثة أحوال: وجوب إظهارها مع المقرون بلا، ووجوب إضمارها بعد نفي كان، وجواز الأمرين فيما عدا ذلك. ولا يجب الإضمار بعد كان التامة؛ لأن اللام بعدها ليست لام الجحود،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
العالمين. قاله الفاكهي, أي: أو للتعدية نحو: أعددت زيدًا ليقاتل. قوله: "إذا لم يسبقها إلخ" أخذ من قوله الآتي: وبعد نفي كان إلخ. قوله: "ماض" أي: لفظًا ومعنى أو معنى فقط. قوله: "نحو: وأمرنا لنسلم لرب العالمين إلخ" اختلف في اللام في نحو: الآيتين فقيل زائدة وقيل للتعليل والمفعول محذوف أي: وأمرنا بما أمرنا به لنسلم لرب العالمين وقيل للتعليل ولا مفعول بل الفعل في معنى مصدر مرفوع بالابتداء واللام ومجرورها خير عنه؛ لأن الفعل إذا جرد عن الزمان وأريد به الحدث فقط كان كالاسم في صحة الإضافة والإسناد إليه كذا في المغنى والشمني. قوله: "وبعد نفي كان إلخ" يعني ما لم ينتقض النفي نحو: ما كان زيد إلا ليضرب عمرًا ويجوز ذلك مع لام كي نحو: ما جاء زيد إلا ليضرب عمرًا قاله أبو حيان, وظاهر قوله ويجوز ذلك مع لام كي أن المراد بقوله: ما لم ينتقض, النفي أنه لا يجوز انتقاض النفي مع لام الجحود فتأمل. قال: والفرق أن النفي مسلط مع لام الجحود على ما قبلها وهو المحذوف الذي تتعلق به اللام, فيلزم من نفيه نفي ما بعدها وفي لام كي يتسلط على ما بعدها نحو: ما جاء زيد ليضرب فينتفي الضرب خاصة ولا ينتفي المجيء إلا بقرينة تدل على انتفائه ا. هـ. وحاصل الفرق كما قاله شيخنا أن النفي مع لام الجحود مسلط على الكلام بتمامه أعني ما قبلها وما بعدها, ومع لام كي مسلط على ما بعدها فقط أي: فاغتفر الانتقاض معها بخلاف لام الجحود.
قوله: "لا الجحود" من تسمية العام بالخاص؛ لأن الجحود إنكار الحق لا مطلق النفي والنحويون أطلقوه وأرادوا الثاني ا. هـ. تصريح وبهذا يندفع تصويت قول النحاس. قوله: "والتي قبلها لام كي" وحكمها الكسر وفتحها لغة تميم. همع. قوله: "لأنها للسبب" أي: في الجملة والأفلام كي قد تكون لغير السبب كالتي للعاقبة والزائدة والمعدية. قوله "وجوب إظهارها مع المقرون بلا" كراهة اجتماع اللامين سم. قوله: "ووجوب إضمارها إلخ" علل بأن إثبات ما كان زيد ليفعل كان زيد سيفعل جعلت اللام معادلة للسين فكما لا يجمع بين أن السين لا يجمع بين أن واللام زكريا. قوله: "ليست لام الحجود" بل هي لام كي نحو: ما كان زيد ليلعب أي: ما وجد للعب.(3/427)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وإنما لم يقيد كلامه بالناقصة اكتفاء بأنها المفهومة عند إطلاق كان لشهرتها وكثرتها في أبواب النحو. ودخل في قوله نفي كان نحو: لم يكن أي: المضارع المنفي بلم كما رأيت؛ لأن لم تنفي المضارع. وقد فهم من النظم قصر ذلك على كان خلافًا لمن أجازه في أخواتها قياسًا ولمن أجازه في ظننت.
تنبيهات: الأول ما ذكره من أن اللام التي ينصب الفعل بعدها هي لام الجر والنصب بأن مضمرة هو مذهب البصريين، وذهب الكوفيون إلى أن اللام ناصبة بنفسها، وذهب ثعلب إلى أن اللام ناصبة بنفسها لقيامها مقام أن، والخلاف في اللامين أعني لام الجحود ولام كي. الثاني اختلف في الفعل الواقع بعد اللام: فذهب الكوفيون إلى أنه خبر كان واللام للتوكيد. وذهب البصريون إلى أن الخبر محذوف واللام متعلقة بذلك الخبر
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "لأن لم تنفي المضارع" لو قال: لأن لم تقلب المضارع إلى المضي لأنتج مطلوبه وفي بعض النسخ؛ لأن لم تنفي الماضي أي: الماضي معنى وهو المضارع لفظًا ولا إشكال عليها فتأمل.
قوله: "لمن أجازه في أخواتها" نحو: ما أصبح زيد ليضرب عمرًا ولم يصبح زيد ليضرب عمرًا وقوله: ولمن أجازه في ظننت أي: قياسًا نحو: ما ظننت زيدا ليضرب عمرًا ولم أظن زيدا ليضرب عمرا قال أبو حيان: وهذا كله تركيب لم يسمع فوجب منعه ا. هـ. فما يتبادر من قول البعض والحق أن اللام فيما ذكر لام كي لا لام الجحود كما يظهر بالنظر في المعنى ا. هـ. من جواز هذه التراكيب ممنوع من أن دعواه أن اللام فيها لام كي وأن النظر في المعنى يرشد إلى ذلك باطلة قال في التصريح وبعضهم أجازه في كل فعل تقدمه نفي نحو: ما جاء زيد ليفعل ا. هـ. قال يس: وهو فاسد؛ لأن هذه يعني اللام في نحو: ما جاء زيد ليفعل لام كي. قوله: "ما ذكره من أن اللام إلخ" لأن كلامه في أن الواقعة بعد لام الجر لقوله: وبين لا ولام جر إلخ. قوله: "والنصب بأن مضمرة" إنما قال مضمرة مع أن النصب عند البصريين بعد اللام بأن مظهرة أو مضمرة وعند الكوفيين باللام أظهر أن أو أضمرت كما سيصرح به الشارح عند شرح قول المصنف وبعد حتى إلخ لأجل قول ثعلب؛ لأنه إنما يأتي عند إضمار أن فتأمل. قوله: "ناصبة بنفسها" أي: بطريق الأصالة بدليل ما بعده واحتجوا بقوله:
لقد عذلتني أم عمرو ولم أكن ... مقالتها ما كنت حيا لأسمعا
إذا لو كانت أن الناصبة للزم تقدم معمول صلتها عليها وهو ممتنع ورد بأن مقالتها معمول لمحذوف يفسره المذكور نظير ما مر في قوله: كان جزائي العصا أن أجلدا وقوله: ما كنت أي: مدة وجودي حيا. قوله: "لقيامها مقام أن" أي: نيابة عن أن. قوله: "اختلف في الفعل إلخ" الظاهر أن هذا الاختلاف مبني على الاختلاف في الناصب هل هو اللام أو أن المضمرة. قوله: "إلى أنه" أي: الفعل وفيه مسامحة؛ لأن الخبر جملة الفعل والفاعل. قوله: "واللام للتوكيد" أي: زائدة لتوكيد النفي كالباء في ما زيد بقائم واعترض قولهم بأن اللام الزائدة تعمل الجر في(3/428)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المحذوف، وقدروه ما كان زيد مريدًا ليفعل، وإنما ذهبوا إلى ذلك؛ لأن اللام جارة عندهم، وما بعدها في تأويل مصدر. وصرح المصنف بأنها مؤكدة لنفي الخبر إلا أن الناصب عنده أن مضمرة، فهو قول ثالث. قال الشيخ أبو حيان: ليس بقول بصري ولا كوفي. ومقتضى قوله مؤكدة أنها زائدة، وبه صرح الشارح، لكن قال في شرحه لهذا الموضع من التسهيل: سميت مؤكدة لصحة الكلام؛ لا لأنها زائدة لم يكن لنصب
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأسماء وعوامل الأسماء لا تعمل في الأفعال، وأجيب بأنهم لعلهم لا يسلمون هذه الكلية ا. هـ. دماميني قال الحفيد: وتظهر فائدة الخلاف في قولك: ما كان محمد طعامك ليأكل فإنه لا يجوز على رأي البصريين؛ لأن كما في حيز أن لا يعمل فيما قبلها ويجوز على رأي: الكوفيين؛ لأن اللام لا تمنع العمل فيما قبلها.
قوله: "واللام متعلقة بذلك الخبر المحذوف" قال المرادي: قولهم متعلقة بالخبر يقتضي أنها ليست بزائدة وتقديرهم مريدا يقتضي أنها زائدة تقوية للعامل ا. هـ. وفي المغني أن المقوية ليست زائدة محضة ولا معدية محضة بل بينهما ا. هـ. فزيادتها عند الكوفيين محضة وعند البصريين غير محضة. قوله: "وقدروه إلخ" تقدير مريدًا غير لازم فيما يظهر بل قد يقدر غيره إذا اقتضاه المقام كما قدر في قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم: 46] ، وإن كان مكرهم أهلًا لتزول إلخ ويدل لما قلناه ما يأتي من شرح التسهيل. قوله: "لأن اللام جارة عندهم" أي: جارة غير زائدة زيادة محضة أي: والجار غير الزائد زيادة محضة لا بد له من متعلق.
قوله: "إلا أن الناصب عنده أن مضمرة" اعترض بأنه يلزمه الإخبار بالمصدر عن الجثة وهو لا يجوز، وأجيب بما قاله بعضهم من أن الإخبار بالفعل المؤول بالمصدر عن الجثة جائز كما في زيد إما أن يعيش وإما أن يموت وإن لم يجز الإخبار بالمصدر الصريح عنها لدلالة الفعل بصيغته على الفاعل والزمان بخلاف المصدر الصريح لا سيما وقد التزم إضمار أن فصار منخرطا في سلك الفعل على أنه يحتمل أن يكون في الكلام حذف. قوله: "ومقتضى قوله مؤكدة" أي: مع قوله لنفي الخبر إذ لولاه لأمكن حمل قوله مؤكدة على أنها مقوية للعامل فيوافق ما يأتي عن شرح التسهيل ويكون نفس قول البصريين ولا يرد عليه لزوم الإخبار بالمصدر عن الجثة, وقوله: أنها زائدة أي: محضة. قوله: "لكن قال" أي: الناظم في شرحه إلخ كذا قال شيخنا وشيخنا السيد وهو الظاهر, وأرجع البعض الضمير للشارح ابن الناظم فإنه له شرح على التسهيل كما في الهمع ثم رأيت في بعض النسخ لكن قال المصنف في شرحه إلخ وهو نص في الأول, ورأيت بخط بعض الفضلاء بهامش الهمع عزو العبارة التي في الشرح إلى شرح التسهيل لابن الناظم وهو نص في الثاني والجمع ممكن والله أعلم.
قوله: "لصحة الكلام بدونها" هذا ظاهر على تقدير ما يتعدى بنفسه كمريدًا دون ما يتعدى باللام كمستعدا إلا أن يراد أن اللام يصح حذفها لفظًا لاطراد حذف الجار مع أن هذا وقال في(3/429)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الفعل بعدها وجه لم يكن لنصب الفعل بعدها وجه صحيح، وإنما هي لام اختصاص دخلت على الفعل لقصد ما كان زيد مقدرًا أو هاما أو مستعدا؛ لأن يفعل. الثالث قد تحذف كان قبل لام الجحود كقوله:
1072- فَمَا جَمْعٌ لِيَغْلبَ جَمْعَ قَومِي ... مقاوَمَة ولا فرْدٌ لفَرْدِ
أي: فما كان جمع. ومنه قول أبي الدرداء في الركعتين بعد العصر: ما أنا لأدعهما. الرابع: أطلق النافي ومراده ما ينفي الماضي وذلك ما ولم دون لن؛ لأنها تختص بالمستقبل، وكذلك لا؛ لأن نفي غير المستقبل بها قليل. وأما لما فإنها وإن كانت تنفي الماضي لكن تدل على اتصال نفيه بالحال. وأما إن فهي بمعنى ما وإطلاقه يشملها. وزعم كثير من الناس في قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم: 46] ، في قراءة غير الكسائي أنها لام الجحود، لكن يبعده أن الفعل بعد لام الجحود لا يرفع إلا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المغني وجه كونها مؤكدة على رأي: البصريين أن الأصل ما كان قاصدًا للفعل ونفي الفعل أبلغ من نفيه. قوله: "لا لأنها زائدة" أي: محضة بأن يكون دخولها في الكلام كخروجها. وقوله إذ لو كانت زائدة أي: محضة وإلا فلام التقوية زائدة لكن زيادتها غير محضة كما مر. قوله: "لم يكن لنصب الفعل إلخ" إذ يلزم علي الإخبار بالمصدر عن الجثة وهو لا يجوز أي: إلا بتكلف فلا ينافي ما مر فقوله وجه صحيح خال عن التكلف. قوله: "لام اختصاص" أي: دلت على اختصاص الإرادة المنفعة بالفعل وهذا لا ينافي كونها لتقوية العامل أو للتعدية لجواز كونها لهما باعتبارين. قوله: "أو هاما" هو بمعنى قول البصريين مريدًا. قوله: "أي: فما كان جمع" قال سم: أي: ضرورة إلى هذا التقدير ا. هـ أي: لصحة فما جمع مريد ليغلب إلخ, وقد يقال الداعي إليه موافقة النظائر وعبارة الدماميني والشمني ليس ما ذكره في البيت, وقول أبي الدرداء متعينًا لجواز أن يكون المعنى في البيت فما جمع متأهلًا لغلب قومي, وفي قول أبي الدرداء أو ما أنا مريدًا لتركهما. قوله: "ما أنا لأدعهما" أي: ما كنت فلما حذف الفعل انفصل الضمير. قوله: "أطلق النافي" أي: الذي تضمنه قوله ونفي كان.
قوله: "وإن كانت تنفي الماضي" أي: في المعنى وقوله: لكن تدل على اتصال نفيه بالحال أي: وشرط النافي هنا أن يكون نافيًا للحدث في الماضي فقط. قوله: "وأما أن" ألحقها السيوطي وغيره بلن قال: فلا يجوز إن كان زيد ليخرج. قوله: "في قراءة غير الكسائي" أما في قراءته بفتح اللام ورفع الفعل فإن مخففة من الثقيلة واللام للفصل أي: وإن مكرهم لتزول منه الأمور المشبهة في عظمها بالجبال كبأس أعدائهم الكثيرين. قوله: "أنها لام الجحود" أي: ليس مكرهم أهلًا لتزول منه الجبال أي: ما هو كالجبال ثباتًا وتمكنًا من آيات الله تعالى وشرائعه وباختلاف المشبه
__________
1072- البيت من الوافر، وهو بلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 110؛ وتذكرة النحاة ص560؛ والجنى الداني ص117؛ وشرح شواهد المغني 2/ 562؛ ومغني اللبيب 1/ 212.(3/430)
كذاكَ بعْدَ أو إذا يَصْلُحُ في ... مَوضِعها حتّى أو إلا أنْ خَفِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ضمير الاسم السابق، والذي يظهر أنها لام كي وأن إن شرطية، أي: وعند الله جزاء مكرهم وهو مكر أعظم منه, وإن مكرهم لشدته معدا لأجل زوال الأمور العظام المشبهة في عظمها بالجبال، كما يقال أنا أشجع من فلان وإن كان معدا للنوازل، الخامس أجاز بعض النحويين حذف لام الجحود وإظهار أن مستدلًا بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآَنُ أَنْ يُفْتَرَى} [يونس: 37] ، والصحيح المنع، ولا حجة في الآية؛ لأن أن يفترى في تأويل مصدر وهو الخير "كذاك بعد أو إذا يصلح في موضعها حتى أو إلا أن خفي" أن مبتدأ وخفى خبره وكذاك وبعد متعلقان بخفي، وحتى فاعل يصلح، وإلا عطف عليه: أي: كذا يجب إضمار أن بعد أو إذا صلح في موضعها حتى، نحو: لألزمنك أو تقضيني حقي،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بالجبال على وجهي النفي والإثبات يندفع التنافي بينهما. قوله: "أن الفعل بعد لام الجحود" أما بعد لام كي فيرفع غير ضمير الاسم السابق, وقوله: لا يرفع إلا ضمير إلخ لعل هذا أغلبي لا واجب بدليل تعبيره بيبعده دون يمنعه وأنه يبعد جدا امتناع ما كان زيد ليضربه أبوه ثم رأيت الدماميني ذكر أن المخرجين للآية على النفي لا يشترطون رفع الفعل ضمير الاسم السابق وقوله: الاسم السابق أي: المرفوع بفعل الكون. قوله: "شرطية" أي: حذف جوابها لعلمه مما قبلها وقوله: وجزاء مكرهم إشارة إلى تقدير مضاف في الآية, وقوله: وهو أي: جزاء مكرهم وقوله: الاسم السابق أي: المرفوع بفعل الكون. قوله: "معدا لأجل زوال إلخ" كان الأظهر إسقاط أجل وجعل اللام للتعدية أصله معدا أي: مهيأ ولا ينافيه أن الغرض كون اللام لام كي؛ لأن المراد بلام كي ما هو أعم من لام العليل كما مر, وبه يعلم ما في كلام شيخنا والبعض. قوله: "الأمور العظام" كبأس الجيش الكثير من أعدائهم.
قوله: "لأن ن يفترى في تأويل مصدر" أي: وهذا المصدر بمعنى اسم المفعول كما أن القرآن مصدر بمعنى اسم المفعول فحصل التطابق. قوله: "كذاك" الإشارة راجعة إلى أن بعد نفي كان. قوله: "إذا يصلح" أي: من حيث المعنى كما سينبه الشارح عليه وقوله: حتى هو فيما يتطاول, وقوله: أو إلا هو فيما لا يتطاول. قوله: "متعلقان بخفي" لكن تعلق بعد على وجه الظرفية لخفي وتعلق كذاك على وجه الحالية من فاعل خفي أو الوصفية لمفعول مطلق لخفي أي: خفاء كذاك أي: كخفاء ذاك. قوله: "أي: كذا يجب إلخ" هذا بيان لحاصل المعنى وإلا فالتقدير أن خفي بعد أو إذا يصلح في موضعها حتى أو إلا حال كونه كان بعد نفي في وجوب الخفاء, أو خفاء كخفاء أن بعد نفي كان في الوجوب, وإنما وجب ليتجانس المتعاطفان صورة بخلاف ما لو قيل لأطيعن الله أو أن يغفر لي فلا تجانس في الصورة لذكر أن في المعطوف دون المعطوف عليه. وقال الجامي: وأما الفاء والواو وأو؛ فلأنها لما اقتضت نصب ما بعدها للتنصيص على معنى السببية والجمعية والانتهاء صارت كعوامل النصب فلم يظهر الناصب بعدها. قال ابن الناظم: وإنما نصب المضارع بعد أو هذه ليفرقوا بين أو التي لمجرد العطف المفيدة مساواة ما بعدها لما قبلها في الشك مثلًا وأو التي تقتضي مخالفة ما بعدها لما قبلها في ذلك فإن ما قبلها محقق(3/431)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله:
1073- لأَسْتَسهِلنَّ الصعْبَ أو أُدْرِكَ المُنَى ... فما انْقادَتِ الآمالُ إلا لصابِرِ
أو إلا كقولك: لأقتلن الكافر أو يسلم وقوله:
1074- وكنتُ إذا غَمَزتُ قَناةَ قومٍ ... كَسَرْتُ كُعُوبهَا أو تَسْقِيما
ويحتمل الوجهين قوله:
1075- فقُلتَ له لا تَبْكِ عينُكَ إنما ... نحاوِلُ مُلكًا أو نَموتَ فَنُعْذَرَا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الوقوع حتى يحصل ما بعدها وكان النصب بعد هذه بأن مضمرة لا بها نفسها لعدم اختصاصها.
قوله: "نحو: لألزمنك إلخ" لا يتعين في هذا المثال تقدير حتى بل هو صالح للتقديرات الثلاثة التعليل والغاية الاستثناء من الأزمان كما قاله الشارح في شرحه على التوضيح, قال: ويتعين الأول في نحو: لأطيعن الله أو يغفر لي والثاني في نحو: لأنتظرنه أو يجيء والثالث في نحو: لأقتلن الكافر أو يسلم ا. هـ. وقد يقال لأنتظرنه أو يجيء صالح للاستثناء فتأمل. وأما لأستسهلن إلخ فصالح للتعليل والغاية وجوز أبو حيان أن تكون أو فيه للاستثناء. قال الدماميني: وليس بشيء ا. هـ. وفيه نظر. قوله: "المنى" جمع منية ما يتمنى والمراد بالآمال المأمولات وبانقيادها حصولها قاله الشمني. قوله: "وكنت إذا غمزت إلخ" بالغين والزاي المعجمتين عصرت والقناة بالقاف والنون الرمح والكعوب النواشز في أطراف الأنابيب, وهذه استعارة تمثيلية شبه حالة إذا أخذ في إصلاح قوم اتصفوا بالفساد فلا يكف عن حسم المواد التي ينشأ عنها فسادهم إلا أن يحصل صلاحهم بحاله إذا غمزت قناة معوجة حيث يكسر ما ارتفع من أطرافها ارتفاعًا يمنع من اعتدالها ولا يفارق ذلك إلا
__________
1073- البيت من الطويل، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 172؛ والدرر 4/ 77؛ وشرح شذور الذهب ص385؛ وشرح شواهد المغني 1/ 206؛ وشرح ابن عقيل ص568؛ وشرح قطر الندى ص69؛ ومغني اللبيب 1/ 67؛ والمقاصد النحوية 4/ 384؛ وهمع الهوامع 2/ 10.
1074- البيت من الوافر، وهو لزياد الأعجم في ديوانه ص101؛ والأزهية ص122؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 169؛ وشرح التصريح 2/ 237؛ وشرح شواهد الإيضاح ص254؛ وشرح شواهد المغني 1/ 205؛ والكتاب 3/ 48؛ ولسان العرب 5/ 389؛ "غمز"؛ والمقاصد النحوية 4/ 385؛ والمقتضب 2/ 92؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 172؛ وشرح شذور الذهب ص386؛ وشرح ابن عقيل ص569؛ وشرح قطر الندى ص70؛ وشرح المفصل 5/ 15؛ ومغني اللبيب 1/ 66؛ والمقرب 1/ 263.
1075- البيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص66؛ والأزهية ص122؛ وخزانة الأدب 4/ 212، 8/ 544، 547؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 59؛ وشرح المفصل 7/ 22، 33؛ والصاحبي في فقه اللغة ص128؛ والكتاب 3/ 47؛ واللامات ص68؛ والمقتضب 2/ 28؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 1/ 313؛ والجنى الداني ص231؛ الخصائص 1/ 263؛ ورصف المباني ص133؛ وشرح عمدة الحافظ ص644؛ واللمع ص211.(3/432)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
واحترز بقوله إذا يصلح في موضعها حتى أو إلا من التي لا يصلح في موضعها أحد الحرفين، فإن المضارع إذا ورد بعدها منصوبًا جاز إظهار أن كقوله:
1076- ولولا رجالٌ من رِزامٍ أعِزَّةٌ ... وآل سُبَيعٍ أو أسُوءَكَ عَلقَما
تنبيهات: الأولى قال في شرح الكافية: وتقدير إلا وحتى -في موضع أو- تقدير لحظ فيه المعنى دون الإعراب، والتقدير الإعرابي المرتب على اللفظ أن يقدر قبل أو مصدر وبعدها أن ناصية للفعل وهما في تأويل مصدر معطوف بأو على المقدر قبلها، فتقدير لأنتظرنه أو يقدم: ليكونن انتظار أو قدوم، وتقدير لأقتلن الكافر أو يسلم: ليكونن قتله أو إسلامه، وكذلك العمل في غيرهما. الثاني ذهب الكسائي إلى أن أو المذكورة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أن تستقيم ا. هـ. تصريح ويظهر صحة تقدير حتى بمعنييها أيضًا في هذا البيت فتدبر.
فائدة: قال شارح أبيات الإيضاح: وقع هذا البيت في قصيدة لزياد الأعجم غالبها مرفوع القوافي وبعضها مجرورها, وقال الزمخشري في شرح أبيات الكتاب أبيات القصيدة غير منصوبة وإنما أنشده سيبويه منصوبًا؛ لأنه سمعه كذلك ممن يستشهد بقوله وإنشاد الأبيات على الوقف مذهب لبعض العرب فإن أنشد بيت منها أنشد على حقه من الإعراب, وإن أنشد جميعها أنشد على الوقف من شرح شواهد المغني للسيوطي. قوله: "إذا ورد بعدها منصوبًا" فيه إشارة إلى جواز وروده بعدها مرفوعًا لعدم تقدير ناصب.
قوله: "ولولا رجال إلخ" رزام براء مكسورة فزاي حي من تميم وأعزة صفة ثانية لرجال وآل سبيع بالتصغير حي أيضًا, وهو معطوف على رجال لا رزام فيما يظهر لئلا يلزم الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بأجنبي وهو أعزة والشاهد في أو أسوءك فإنه منصوب بأن مضمرة جوازًا لعدم صحة تقدير أو بأحد الحرفين إذ المعنى لولا رجال وإساءتك وعلقم, قال العيني: منادى مرخم أي: يا علقمة وبهذا التقدير يعلم ما في كلام البعض من الإيهام. قوله: "المرتب على اللفظ" أي: الذي يقتضيه لفظ الفعل المنصوب بعد أو بأن المقدرة ولفظ أو التي لأحد الشيئين لاقتضاء الأول كون ما بعد أو مصدرًا مؤولًا, والثاني كون المعطوف عليه مصدرًا كالمعطوف ليتجانس الشيئان اللذان أو لأحدهما. قوله: "أن يقدر قبل أو مصدر" أي: يتوهم ويلحظ قبلها مصدر متصيد من الفعل السابق فلا ينافي قوله الآتي, ولكن عطفت مصدرًا مقدرًا على مصدر متوهم, وإنما قدر؛ لأن الفعل بعد أو مؤول بمصدر, ولا يصح عطف الاسم على الفعل إلا في نحو: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} [الأنعام: 95] ، على ما سبق في آخر العطف فلا بد أن يكون المعطوف عليه هنا اسمًا والمصدر هو المناسب من بين أنواع الاسم.
__________
1076- البيت من الطويل، وهو للحصين بن الحمام في خزانة الأدب 3/ 324؛ والدرر 4/ 78؛ وشرح اختيارات المفصل ص334؛ وشرح التصريح 2/ 244؛ وشرح المفصل 3/ 50؛ والمقاصد النحوية 4/ 411؛ وبلا نسبة في سر صناعة الإعراب 1/ 272؛ والمحتسب 1/ 326؛ وهمع الهوامع 2/ 10، 17.(3/433)
وبَعْد حتّى هكذا إضمارُ أنْ ... حَتْمٌ كجُدْ حتّى تَسُرَّ ذا حَزَنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ناصية بنفسها، وذهب الفراء ومن وافقه من الكوفيين إلى أن الفعل انتصب بالمخالفة، والصحيح أن النصب بأن مضمرة بعدها لأن أو حرف عطف فلا عمل لها، ولكنها عطفت مصدرًا مقدرًا على مصدر متوهم، ومن ثم لزم إضمار أن بعدها. الثالث قوله: إذا يصلح في موضعها حتى أو إلا أحسن من قوله في التسهيل بعد أو الواقعة موقع إلى أن أو إلا أن؛ لأن لحتى معنيين كلاهما يصح هنا: الأول الغاية مثل إلى. والثاني التعليل مثل كي، فيشمل كلامه هنا نحو: لأرضين الله أو يغفر لي بخلاف كلام التسهيل؛ لأن المعنى حتى يغفر لي بمعنى كي يغفر لي. وقد بان لك أن قول الشارح يريد حتى بمعنى إلى لا التي بمعنى كي لا وجه له. وكلتا العبارتين خير من قول الشارح بعد أو بمعنى إلى أو إلا فإنه يوهم أن أو ترادف الحرفين وليس كذلك، بل هي أو العاطفة كما مر "وبعد حتى هكذا إضمار أن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "ليكونن" بفتح اللام. قوله: "في غيرهما" أي: غير المثالين المذكورين.
قوله: "انتصب بالمخالفة" أي: مخالفة الثاني للأول من حيث لم يكن شريكًا له في المعنى ولا معطوفًا عليه ا. هـ. همع ونقض بنحو: ما جاء زيد لكن عمرو وجاء زيد لا عمرو فإن الثاني خالف الأول في المعنى ولم يختلف في الإعراب إلا أن يخص ذلك بالفعل لضعفه عن الاسم في الإعراب. قوله: "أن النصب بأن إلخ" ولذا لا يتقدم معمول الفعل عليها ولا يفصل بينها وبين الفعل؛ لأنها حرف عطف وجوز الأخفش الفصل بينهما بالشرط نحو: لألزمنك أو إن شاء الله تقتضيني حقي. سيوطي. قوله: "ولكنها عطفت" لعل الاستدراك لرفع ما يتوهم من قوله حرف عطف من ظهور المتعاطفين كما هو الغالب. قوله: "متوهم" إنما كان متوهمًا لعدم آلة السبك لفظًا وتقديرًا. قوله: "ومن ثم" أي: من أجل أنها عطفت مصدرًا مقدرًا على مصدر متوهم لزم إضمار أن بعدها, وفيه أنه لا يتسبب عن عطفها مصدرًا مقدرًا على مصدر متوهم لزوم إضمار أن ولا إضمارها إذ لو ظهرت لم تخرج عن عطفها مصدرًا مقدرًا أي: من أن والفعل على مصدر متوهم فكان عليه أن يعلل اللزوم بتجانس المتعاطفين في الصورة كما مر, وبهذا علم ما في قول البعض تبعًا لشيخنا؛ الأولى أن يقال ومن ثم أضمرت أن بعدها؛ لأن عطفها ما ذكر لا يقتضي لزوم إضمار أن.
قوله: "موقع إلى أن أو إلا أن" الصواب حذف أن فإن أو إنما وقعت موقع إلى وحدها أو إلا وحدها ا. هـ. دماميني أي: لأنها لو كانت بمعنى إلى أن أو إلا أن لزم التكرار, إذ النصب بأن مضمرة بعدها على الراجح, وقد يجاب بأن المراد الواقعة مع المضمر بعدها موقع إلى أن أو إلا أن. قوله: "لأن لحتي معنيين إلخ" وجه الشارح الأحسنية بما حاصله عموم كلامه هنا وتوجه أيضًا بسلامته من الاعتراض على كلامه في التسهيل بما مر عن الدماميني. قوله: "بمعنى كي يغفر لي" ولا يناسب هنا معنى إلى ولا معنى إلا؛ لأنه يوهم انقطاع الإرضاء إذا حصل الغفران سم قوله: "فإنه يوهم إلخ" أي: إيهامًا قويا, إذ أصل الإيهام موجود في العبارتين أيضًا. أفاده سم. قوله "وبعد حتى" الجارة ومن أحكامها أنها لا يفصل بينها وبين الفعل شيء وأجازه بعضهم بالظرف(3/434)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حتم" أي: واجب. والغالب في حتى حينئذ أن تكون للغاية نحو: {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} [طه: 91] ، وعلامتها أن يصلح في موضعها إلى وقد تكون للتعليل "كجد حتى تسر ذا حزن" وعلامتها أن يصلح في موضعها كي، وزاد في التسهيل أنها تكون بمعنى إلا أن كقوله:
1077- لَيسَ العطاءُ من الفُضولِ سَماحةً ... حتى تجودَ وما لديك قليلُ
وهذا المعنى على غرابته ظاهر من قول سيبويه في تفسير قولهم: والله لا أفعل إلا أن تفعل المعنى حتى أن تفعل. وصرح به ابن هشام الخضراوي، ونقله أبو البقاء عن بعضهم في: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا} [البقرة: 102] والظاهر في هذه الآية
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والشرط الماضي والقسم والجار والمجرور والمفعول ا. هـ. سيوطي والظرف متعلق بإضمار الذي هو مبتدأ وهكذا إما متعلق بإضمار والخبر حتم فيكون قوله هكذا توكيدًا؛ لأن معناه كالإضمار السابق في الوجوب والوجوب مستفاد من قوله: حتم وعلى هذا اقتصروا فحكموا بأن قول المصنف هكذا خشو وإما خبر وقوله: حتم خبر ثان جيء به لبيان وجه الشبه وعلى هذا فلا يكون في كلامه توكيد لعدم استفادة التحتم من التشبيه لاحتمال أنه في نصب المضارع بها فقط.
قوله: "والغالب في حتى حينئذ" أي: حين إذ أضمرت أن بعدها أن تكون للغاية هذا مخالف لقول الجامي الأغلب فيها أن تستعمل بمعنى كي ا. هـ. وإنما تكون للغاية إذا كان ما بعدها غاية لما قبلها وللتعليل إذا كان مسببًا عما قبلها, كذا في التصريح واحترز بقوله حينئذ عن حتى الابتدائية فإنها بمعنى الفاء. قوله: "كجد حتى تسر" الغاية هنا ممكنة أيضًا سم. قوله: "بمعنى إلا أن" الصواب إسقاط أن لما تقدم قيل إلا التي حتى تكون بمعناها للاستثناء المنقطع, وقال الدماميني: سواء كان الاستثناء متصلًا أو منقطعًا وجعل الاستثناء في والله لا أفعل حتى تفعل أي: إلا أن تفعل متصلًا مفرغًا للظرف إذ المعنى لا أفعل وقتًا من الأوقات إلا وقت فعلك ويظهر أن الغاية ممكنة فيه وفي البيت الآتي منقطعًا إذ المعنى ليس العطاء في حال الغنى سماحة لكن في حال الفقر والغاية ممكنة فيه كما قاله الفاكهي تبعًا للدماميني وابن الناظم, لكن نظر فيه سم بأن النفي قبل حتى لا ينقطع عما بعدها بل هو ثابت مع ثبوته فكيف تكون غائية فتأمل, ولا تنافي بين كونها جارة وكونها بمعنى إلا؛ لأن عمل الجر ثبت مع إفادة الاستثناء كخلا وحاشا إذا جر بهما.
قوله: "من الفضول" جمع فضل وهو الزيادة والمراد زيادات المال وهي ما لا يحتاج إليه منه. دماميني. قوله: "على غرابته" أي: مع غرابته. قوله: "حتى أن تفعل" ففسر إلا بحتى فاقتضى
__________
1077- البيت من الكامل، وهو للمقنع الكندي في خزانة الأدب 3/ 370؛ والدرر 4/ 75؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1734؛ وشرح شواهد المغني 1/ 372؛ وبلا نسبة في الجنى الداني ص555؛ ومغني اللبيب 1/ 125؛ والمقاصد النحوية 4/ 412؛ وهمع الهوامع 2/ 9.(3/435)
وتِلوَ حَتَّى حالا أو مُؤولا ... بِهِ ارْفَعَنَّ وانصِبِ المُستقْبِلا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
خلافه. وأن المراد معنى الغاية. نعم هو ظاهر في قوله:
1078- واللهِ لا يَذْهَبُ شَيخي باطِلًا ... حَتى أُبِيرَ مالكًا وكاهِلا
لأن ما بعدها ليس غاية لما قبلها ولا مسببًا عنه.
تنبيه: ذهب الكوفيون إلى أن حتى ناصبة بنفسها وأجازوا إظهار أن بعدها توكيدًا كما أجازوا ذلك بعد لام الجحود "وتلو حتى حالا أو مؤولا به" أي: بالحال "ارفعن"
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أن حتى تكون بمعنى إلا. قوله: "حتى يقولا" أي: إلا أن يقولا والاستثناء مفرغ للظرف والمعنى وما يعلمان أحدًا في وقت إلا وقت أن يقولا إلخ. "وأن المراد معنى الغاية" أي: يمتد انتفاء تعليمهما إلى وقت قولهما ذلك, واعترضه الدماميني بأن هذا وإن أمكن لكن لا مرجح له حتى يكون هو الظاهر دون الاستثناء.
قوله: "نعم هو" أي: كون حتى بمعنى إلا ظاهر في قوله: والله إلخ. والمعنى لا أترك الأخذ بثأر شيخي أي: الحسين بن علي إلا أن أقتل هذين الحيين أي: لكن أقتل هذين الحيين فالاستثناء منقطع كما قاله الدماميني, ونقله في الهمع عن ابن هشام الخضراوي مقتصرًا عليه, وتصحيح البعض تبعًا لشيخنا كونه متصلًا؛ لأن قتل الحيين أخذ بالثأر باطل؛ لأن المعنى حينئذ لا أترك أخذ ثأر شيخي إلا قتل الحيين فأتركه وهو
فاسد ولا يصح كونها للغاية؛ لأن المعنى عليه يمتد انتفاء ترك الأخذ بالثأر إلى قتل الحيين فينقطع الانتفاء ويوجد الترك وهو فاسد. وأما كونها للتعليل أي: ينتفي الترك المذكور لكوني أقتل الحيين فصحيح لولا ما أفاده الشارح وصرح به الشيخ خالد من أن حتى التعليلية هي التي ما بعدها مسبب عما قبلها؛ لأن ما بعد حتى في البيت ليس مسببًا عما قبلها كما قاله الشارح, بل هو سبب لما قبلها فعلم ما في تجويز الشمني وتبعه شيخنا والبعض كونها للغاية وكونها للتعليل فكن ممن يعرف الرجال بالحق.
وما مر من أن المراد بشيخ الشاعر الحسين بن علي هو ما ذكره بعضهم والذي قاله الدماميني والشمني والسيوطي أن قائل البيت امرؤ القيس بن حجر حين بلغه أن بني أسد قتلت أباه وأن المراد بشيخه أبوه.
قوله: "حتى أبير" بهمزة مضمومة فموحدة فراء أو دال مهملة من أباره الله أو أباده أهلكه ومالك وكاهل قبيلتان من بني أسد قاله الشمني. قول: "لأن ما بعدها" وهو قتل الحيين ليس غاية لما قبلها وهو انتفاء ترك الأخذ بالثأر ولا مسببًا عما قبلها بل هو سبب له أي: فلم يصح كونها غائية ولا تعليلية فثبت كونها استثنائية إذ لا تخرج حتى في البيت عن المعاني الثلاثة فإذا انتفى اثنان تعين الثالث فلا غبار على التعليل خلافًا للبعض. وقول شيخنا هذا يعني النفي في كلام الشارح بحسب الظاهر وإن كانت الغاية والتعليل محتملين احتمالا مرجوحًا علم رده مما أسلفناه فتنبه, قوله:
__________
1078- الرجز لامرئ القيس في ديوانه ص134؛ والأغاني 9/ 87؛ وخزانة الأدب 1/ 333، 2/ 213؛ والدرر 4/ 75؛ وشرح شواهد المغني 1/ 372؛ ومعجم ما استعجم ص56؛ وبلا نسبة في مغني اللبيب 1/ 144؛ وهمع الهوامع 2/ 9.(3/436)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حتمًا "وانصب المستقبلا" أي: لا ينصب الفعل بعد حتى إلا إذا كان مستقبلًا: ثم إن كان استقباله حقيقيا بأن كان بالنسبة إلى زمن التكلم فالنصب واجب نحو: لأسيرن حتى أدخل المدينة وكالآية السابقة. وإن كان غير حقيقي بأن كان بالنسبة إلى ما قبلها خاصة فالنصب جائز لا واجب نحو: {وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} [البقرة: 214] ، فإن قولهم إنما هو مستقبل بالنظر إلى الزلزال لا بالنظر إلى زمن قص ذلك علينا. فالرفع -وبه قرأ نافع- على تأويله بالحال، والنصب -وبه قرأ غيره- على تأويله بالمستقبل: فالأول يقدر اتصاف
ـــــــــــــــــــــــــــــ
"أو مؤولا به" أي: أو غير حال من ماض أو مستقبل مؤولا به. قوله: "ارفعن حتمًا" لأن نصبه بتقدير أن وهي للاستقبال والحال ينافيه. قوله: "وانصب المستقبلا" أي: وجوبًا إن كان الاستقبال حقيقيا بأن كان بالنسبة إلى زمن التكلم, وجواز إن لم يكن حقيقيا بأن كان بالنسبة إلى ما قبل حتى والمراد المستقبل الذي لم يؤول بالحال كما قاله سم؛ لوجوب رفع المستقبل المؤول به وإنما شرط في نصب المضارع استقباله؛ لأن نصبه بأن المضمرة وهي تخلصه للاستقبال. قوله: "إلى زمن التكلم" أي: بالكلام الذي وقع فيه حتى.
قوله: "وكالآية السابقة" وهي لن نبرح عليه إلخ, وقد يقال إنها من القسم الثاني فإن العكوف عليه ورجوع موسى ماضيان بالنسبة إلى زمن النزول, والرجوع مستقبل بالنسبة إلى العكوف فهو على حد الزلزال, وقول الرسول في الآية الآتية والجواب أن قوله تعالى: {قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ} [طه: 91] ، إلخ فيه حكاية كلامهم وعبارتهم الصادرة فالمنظر فالمنظور إليه فيه هو المحكي لا الحكاية, ورجوع موسى مستقبل بالنسبة إلى زمن التكلم بالمحكي؛ لأنه المعتبر في المحكي بخلاف ما في الآية الآتية, فإنه ليس حكاية لكلام آخر بل هو إخبار منه فينظر فيه لزمن النزول؛ لأنه زمن التكلم بالنظر إليه ا. هـ سم والحاصل أن ما كان حكاية كلام ينظر فيه لزمن المحكي وهو وقت حصول الواقعة, وما كان غير حكاية كلام ينظر فيه لزمن الإخبار لنا. قوله: "بالنسبة إلى ما قبلها" أي: لزمن الفعل قبلها قال سم: أي: ولم يكن للحال حقيقة بدليل ما يأتي أنه يجب رفع الحال حقيقة مع أنه قد يكون مستقبلًا بالنسبة لما قبلها نحو: سرت حتى أدخلها إذا قلت ذلك حال الدخول ا. هـ. وقوله خاصة أي: لا بالنسبة إلى زمن التكلم.
قوله: "وزلزلوا" أزعجوا إزعاجا شديدًا شبيهًا بالزلزلة. قوله: "الرسول" وهو اليسع أو شعياء، دماميني. قوله: "فإن قولهم" أي: الرسول والذين آمنوا معه. قوله: "إلى زمن قص ذلك علينا" أي: زمن تكلم جبريل بالآية وهو زمن نزولها أي: لأنه ماض بالنظر إلى زمن القص. قوله: "على تأويله بالحال" بأن يقدر القول الماضي واقعًا في الحال أي: في زمن التكلم لاستحضار صورته العجيبة فكأنه قيل حتى حالتهم الآن أن الرسول والذي آمنوا معه يقولون. قوله: " على تأويله بالمستقبل" بأن يقدر أنهم في الحال عازمون على القول فيلزم استقبال القول على ما سيشير إليه الشارح. قوله: "فالأول إلخ" عبارة الدماميني. قال ابن الحاجب: من رفع يقول فعلى إرادة الإخبار بوقوع شيئين: الزلزال والقول لكن الخبر الأول على وجه الحقيقة والثاني على حكاية الحال والمراد مع(3/437)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المخبر عنه وهو الرسول والذين آمنوا معه بالدخول في القول فهو حال بالنسبة إلى تلك الحال. والثاني يقدر اتصافه بالعزم عليه فهو مستقبل بالنسبة إلى تلك الحال، ولا يرتفع الفعل بعد حتى إلا بثلاثة شروط: الأول أن يكون حالًا، إما حقيقة نحو: سرت حتى أدخلها إذا قلت ذلك وأنت في حالة الدخول، والرفع حيئنذ واجب، أو تأويلًا نحو: "حَتَّى يَقُولُ الرَّسُولُ" [البقرة: 214] في قراءة نافع. والرفع حينئذ جائز كما مر. الثاني: أن يكون
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ذلك الإعلام بأمر ثالث وهو تسبب القول عن الزلزال ومن نصب فعلى إرادة الإخبار بوقوع شيء واحد وهو الزلزال وبأن شيئًا آخر كان مترقبًا وقوعه عند حصول الزلزال وهو القول وليس فيه إخبار بوقوع القول كما في قراءة الرفع, وإن كان الوقوع ثابتًا في نفس الأمر, ولكن ثبوته بدليل آخر لا من هذه القراءة. قلت وذلك الدليل هو قراءة الرفع؛ لأن القراءتين كالآيتين وإنما قدر القول مترقبًا في قراءة النصب يحتمل أن تكون حتى بمعنى إلى وأن تكون بمعنى كي وعلى الرفع حتى حرف ابتداء ا. هـ.
قوله: "وبالدخول في القول" أي: زمن التكلم فالماضي فرض حاصلًا في الحال. ولو قال بالقول بدل بالدخول في القول لكان أوضح. قوله: "فهو" أي: القول حال بالنسبة إلى تلك الحال أي: باعتبار تلك الحال وهي تقدير اتصافهم بالقول زمن التكلم. قوله: "والثاني بقدر إلخ" فرض هذا التأويل فيما إذا كان الفعل قد مضى, وهل يأتي فيما إذا كان الفعل حالا حقيقة, وقد يقال إتيانه فيه أولوى وأقرب إلى اعتبار استقباليته من الماضي فيحتمل أن وجوب الرفع في الحال حقيقة ما لم يؤول بالمستقبل وفي كلام الرضي والجامي ما يوافقه لكن يخالفه ظاهر ما في المغني. وظاهر قول الدماميني في شرح التسهيل تلخيص مسألة حتى بأسهل طريق أن يقال إن صلح المضارع بعدها لوقوع الماضي موقعه نحو: حتى يقول الرسول جاز فيه الرفع والنصب وإلا فإن كان حاضرًا فالرفع أو مستقبلا فالنصب ا. هـ. أفاده سم.
قوله: "بالعزم عليه" أي: القول فهو أي: القول مستقبل بالنسبة إلى تلك الحال أي: باعتبار تلك الحال وهي تقدير اتصافهم بالعزم زمن التكلم على القول. قوله: "والرفع حينئذ واجب" ما لم يؤول بالمستقبل التأويل السابق على ما فيه. قوله: "أو تأويلًا نحو: حتى يقول إلخ" ونحو: سرت حتى أدخلها تريد فأنا الآن متمكن من الدخول. وحاصلهما أن يكون الماضي أو المستقبل قدر أنه موجود في الحال ا. هـ. دماميني فعلم أن من الحال المقدرة تقدير المستقبل حاضرًا سم. قوله: "والرفع حينئذ جائز كما مر" فيه عندي نظر؛ لأن رفع المؤول بالحال واجب كما قال المصنف والشارح سابقًا وتلو حتى حالًا أو مؤولًا به أي: بالحال ارفعن حتمًا ا. هـ. والذي مر إنما هو جواز الرفع والنصب إذا كان الاستقبال بالنسبة إلى زمن الفعل قبل حتى فالرفع على التأويل بالحال والنصب على التأويل بالمستقبل, ثم رأيت في المغني وشرحه للدماميني التصريح بأن المضارع إذا(3/438)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مسببًا عما قبلها فيمتنع في نحو: لأسيرن حتى تطلع الشمس، وما سرت حتى أدخلها، وأسرت حتى تدخلها لانتفاء السببية: أما الأول؛ فلأن طلوع الشمس لا يتسبب عن السير. وأما الثاني؛ فلأن الدخول لا يتسبب عن عدم السير. وأما الثالث؛ فلأن السبب لم يتحقق, ويجوز الرفع في أيهم سار حتى يدخلها، ومتى سرت حتى تدخلها؛ لأن السير محقق, وإنما الشك في عين الفاعل أو في عين الزمان، وأجاز الأخفش الرفع بعد النفي على أن يكون أصل الكلام إيجابًا ثم أدخلت أداة النفي على الكلام بأسره لا على ما قبل حتى خاصة. ولو عرضت هذه المسألة بهذا المعنى على سيبويه لم يمنع الرفع فيها وإنما منعه إذا كان النفي مسلطًا على السبب خاصة, وكل أحد يمنع ذلك. الثالث أن يكون فضلة فيجب النصب في نحو: سيري حتى أدخلها، وكذا في كان سيري أمس حتى أدخلها إن قدرت كان ناقصة ولم تقدر الظرف خبرًا ا. هـ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كان للحال المحكية تحتم رفعه؛ لأن النصب بأن يناقض قصد الحكاية وأن محل نصبه إذا لم تقصد الحكاية وهو يؤيده النظر هذا. وقال السيوطي: حكى الجرمي أن من العرب من ينصب بحتى في كل شيء. قال أبو حيان: وهي لغة شاذة.
قوله: "أن يكون مسببًا عما قبلها" أي: ليحصل الربط معنى ويؤخذ من كلامه بعد أنه لا بد من وقوع السبب خارجًا. قوله: "وما سرت حتى أدخلها" نعم إن انتقض النفي نحو: ما سرت إلا يوما حتى أدخلها جاز الرفع لعدم انتفاء السببية, وأما فلما سرت حتى أدخلها, فإن أردت نفي السير وهو الأغلب في كلامهم وجب النصب وإن أردت التقليل جاز الرفع على ضعف نقله شيخنا عن الرضي ثم رأيت الدماميني ذكره. قوله: "فلأن السبب لم يتحقق" أي: للاستفهام عنه فلو رفع لزم تحقق وقوع المسبب مع الشك في وقوع السبب, وذلك لا يصح أفاده في التصريح. قوله: "وأجاز الأخفش إلخ" قال الرضي نقلًا عن الأخفش: إلا أن العرب لم تتكلم به قال الدماميني, والذي يظهر إجراء ما قاله الأخفش في الاستفهام أيضًا بأن يقدر الكلام خاليًا عن الاستفهام ثم أدخلت أدائه على الكلام بأسره لا على ما قبل حتى خاصة كأن يقول شخص لآخر سرت حتى تدخلها فشككت أنت في صدق الخبر فتقول: أنت للمخاطب هل سرت حتى تدخلها أي: هل ما أخبرك به هذا الشخص صحيح ا. هـ. قوله: "على الكلام بأسره" فيكون التقدير ما سرت فأنا لا أدخلها. قوله: "لم يمنع الرفع فيها" أي: لوجود الشرط؛ لأن عدم السر يتسبب عنده عدم الدخول فلا خلاف في الحقيقة.
قوله: "أن يكون فضلة" لئلا يبقى المبتدأ بلا خبر؛ لأنه إذا رفع الفعل كانت حتى حرف ابتداء فالجملة بعدها مستأنفة تصريح. قوله: "فيجب النصب في نحو: سيري إلخ"
ينبغي ما لم يتم الكلام بتقدير مبتدأ أو خبر, وإلا لم يجب ا. هـ. أي: وقامت قرينة
على التقدير. قوله: "إن قدرت إلخ" فإن قدرت كان تامة أو قدر الظرف وهو أمس خبرًا جاز الرفع؛ لأن ما بعد حتى(3/439)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهات: الأول: تجيء حتى في الكلام على ثلاثة أضرب: جارة وعاطفة وقد مرتا، وابتدائية أي: حرف تبتدأ بعده الجمل أي: تستأنف، فتدخل على الجمل الاسمية كقوله:
1079- فما زالتِ القَتْلَى تَمُجُّ دِماءَها ... بِدَجْلَةَ حتّى ماءُ دِجْلةَ أَشْكَلُ
وعلى الفعلية التي فعلها مضارع كقوله:
1080- يُغْشَونَ حتّى ما تَهِرُّ كِلابُهُمْ
وقراءة نافع: {حَتَّى يَقُولُ الرَّسُولُ} [البقرة: 214] ، وعلى الفعلية التي فعلها ماض نحو: {حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا} [الأعراف: 195] وزعم المصنف أن حتى هذه جارة ونوزع في ذلك. الثاني إذا كان الفعل حالًا أو مؤولًا به فحتى ابتدائية، وإذا كان مستقبلًا أو مؤولًا به فهي الجارة وأن مضمرة بعدها حتى تقدم. الثالث علامة كونه حالًا أو مؤولًا به صلاحية
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فضلة. قوله: "على ثلاثة أضرب" أي: كائنة على ثلاثة أقسام من كينونة المجمل على المفصل أو الجنس على الأنواع فإبدال جارة وعاطفة وابتدائية من ثلاثة أضرب صحيح وإن كان بحيث لو أسقط المبدل منه صار التركيب غير مألوف فتدبر. "جارة" وهي ثلاثة أقسام غائية وتعليلية واستثنائية كما تقدم. قوله: "وابتدائية" قال شيخنا السيد: مقتضى كلامه هنا والتنبيه الثالث أن الابتدائية ليست غائية والذي في المغني وشرح جمع الجوامع للمحلي أنها غائية أي: غير جارة. قوله: "أي: حرف تبتدأ بعده الجمل" فالابتدائية هي الداخلة على الجمل اسمية أو فعلية. قوله: "فما زالت القتلى إلخ" تمج أي: تقذف ودجلة بكسر الدال نهر العراق والأشكل الأبيض الذي يخالطه حمرة ا. هـ. زكريا وقوله: بكسر الدال أي: وفتحها.
قوله "يغشون" بغين معجمة مبني للمجهول أي: يؤتون وتهر من هر من باب ضرب أي: صوت كذا في المصباح أي: حتى ما تصوت على الضيوف لكثرتهم أو اشتغالها بآثار القرى يصف قومًا بكثرة غشيان الضيوف لهم. قوله: "أن حتى هذه" أي: الداخلة على الماضي نحو: حتى عفوًا
__________
1079- البيت من الطويل، وهو لجرير في ديوانه ص143؛ والأزهية ص216؛ والجنى الداني ص552؛ وخزانة الأدب 9/ 477، 479؛ والدرر 4/ 32؛ وشرح شواهد المغني 1/ 377؛ وشرح المفصل 8/ 18؛ واللمع ص163؛ ومغني اللبيب 1/ 128؛ والمقاصد النحوية 4/ 386؛ وللأخطل في الحيوان 5/ 330؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص267؛ والدرر 4/ 112؛ ولسان العرب 11/ 357 "شكل"؛ وهمع الهوامع 1/ 248، 2/ 24.
1080- عجزه:
لا يَسْألونَ عن السوادِ المُقْبِلِ
والبيت من الكامل، وهو لحسان بن ثابت في ديوانه ص123؛ وخزانة الأدب 2/ 412؛ والدرر 4/ 76؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 69؛ وشرح شواهد المغني 1/ 378، 2/ 964؛ والكتاب 3/ 19؛ ومغني اللبيب 1/ 129؛ وهمع الهوامع 2/ 9.(3/440)
وبَعْدَ فا جَوابِ نَفْي أو طَلَبْ ... مَحْصَيْنِ أنْ وَسَتْرُها حَتْمٌ نَصَبْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
جعل الفاء في موضع حتى، ويجب حينئذ أن يكون ما بعدها فضلة مسببًا عما قبلها ا. هـ "وبعد فا جواب نفي أو طلب محصين أن وسترها ختم نصب" أن مبتدأ ونصب خبرها، وسترها حتم مبتدأ وخبر في موضع الحال من فاعل نصب، وبعد متعلق بنصب، يعني أن تنصب الفعل مضمرة بعد فاء جواب نفي نحو: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} [فاطر:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كما في حواشي زكريا وقوله جارة أي: للمصدر المنسبك من أن مضمرة والفعل. قوله: "وبعد فا" هي فاء السببية أي: التي قصد بها سببية ما قبلها لما بعدها بقرينة العدول عن العطف على الفعل إلى النصب. وقوله: جواب نفي أو طلب سمي جوابًا؛ لأن ما قبله من النفي والطلب المحضين لما كان غير ثابت المضمون أشبه الشرط الذي ليس بمتحقق الوقوع فيكون ما بعد الفاء كالجواب للشرط. قال الحفيد: وسواء النفي بالرحف كما أو الفعل كليس أو الاسم كغير والتقليل المراد به النفي كالنفي نحو: قلما تأتينا فتحدثنا وربما نفي بقد فنصب الجواب بعدها نحو: قد كنت في خبر فتعرفه قاله السيوطي, ويزاد خامس وهو التشبيه المراد به النفي كما سينبه عليه الشارح.
قوله: "محضين" اعترض ابن هشام تقييد النفي بالمحض بأنه يخرج تالي التقرير نحو: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} [الروم: 9، فاطر: 44، غافر: 21] ، فتكون لكن في العمدة وشرحها أن تالي التقرير لا ينصب جوابه, وفي التوضيح أن مما احترز عنه بتقييد النفي بالمحض النفي التالي تقريرًا نحو: ألم تأتني فأحسن إليك إذا لم ترد الاستفهام الحقيقي. قال خالد: فثبت أن الاستفهام التقريري يتضمن ثبوت الفعل فلا ينصب جوابه لعدم تمحض النفي وما ورد منه منصوبًا فلمراعاة صورة النفي وإن كان تاليًا تقريرًا؛ أو لأنه جواب الاستفهام ا. هـ. وقال في المغني: ولكون جواب الشيء مسببًا عنه امتنع النصب جوابًا للاستفهام في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً} [الحج: 63] ، لأن رؤية إنزال الماء ليست سبب اخضرار الأرض بل سببه نفس إنزال الماء بخلافه في آية: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا} [الروم: 9، فاطر: 44، غافر: 21] لأن السير في الأرض سبب كمال العقل هذا هو الصواب ا. هـ. بإيضاح من الشمني وعليه فيكون في النفي تقريرًا تفصيل لكن تعليل خالد بمراعاة صورة النفي أو الاستفهام قد يقتضي جواز النصب في آية: {أَلَمْ تَرَ} ، فلعل المراد مراعاتهما شذوذًا أو هو موافقة لقول حكاه في المغني ورده أن النصب في الآية جائز عربية ما في آية: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا} لكن قصد العطف على أنزل بتأويل تصبح بأصبحت ويوافق هذا القول قول الهمع لا فرق في النفي بين كونه محضًا نحو: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} أولًا بأن نقض بإلا نحو: ما تأتينا فتحدثنا إلا بخير أو دخلت عليه أداة الاستفهام التقريري نحو: لم تأتنا فتحدثنا ويجوز في هذا الجزم والرفع أيضًا ا. هـ. ملخصًا فتأمل واعترض سم تقييد الطلب بالمحض بأنه يوهم رجوعه لكل أنواعه مع أنه خاص منها بالأمر والنهي والدعاء. ومعنى كون الثلاثة محضة أن تكون بفعل صريح في ذلك.
قوله: "في موضع الحال" أي: أو معترضة. قوله: "وبعد متعلق بنصب" وجعله ابن المصنف حالًا من مفعوله المحذوف أي: نصب الفعل واقعًا بعد ما ذكر. قوله: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ(3/441)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
36] ، أو جواب طلب وهو إما أمر أو نهي أو دعاء أو استفهام أو عرض أوتحضيض أو تمن. فالأمر نحو: قوله:
1081- يا ناقُ سِيرِي عَنْقًا فَسِيحًا ... إلى سُليمانَ فَنَسْتَرِيحا
والنهي نحو: {لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ} [طه: 61] ، وقوله:
لا يَخْدَعَنَّكَ مأثورٌ وإنْ قَدُمَتْ ... تِرائُهُ فيَحِقَّ الحزنُ والنَّدَمُ
والدعاء نحو: {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} [يونس: 88] ، وقوله:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَيَمُوتُوا} أي: لا يحكم عليهم بالموت فيموتوا أي: لا يكون قضاء عليهم فموت لهم لانتفاء المسبب بانتفاء سببه وهو القضاء به, وإنما قدروا هذا التقدير فيه وفيما يأتي لاقتضاء أن المقدرة كون ما بعد الفاء مصدرًا, ولا يصح عطف الاسم على الفعل إلا في نحو: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ} [الأنعام: 95] ، كما تقدم فلا بد أن يكون المعطوف عليه اسمًا والمصدر هو المناسب من بين أنواع الاسم. وهذا كما في المغني من العطف المسمى بالعطف على المعنى والعطف على التوهم فاعرفه. وفي قوله شيخنا والبعض استرواحًا بقول الشارح بعد على معنى ما تأتينا محدثًا أي: لا يقضى عليهم ميتين نظر لتصريحهم بأن ما بعد الفاء مسبب عما قبلها فيكون متأخرًا عنه, والحالية تقتضي خلاف ذلك ويمكن دفع هذا بأن يراد بالقضاء بالموت تعلق الإرادة به تنجيزًا فيما لا يزال والموت مقارن له وجودًا متأخر رتبة فتدبر. قوله: "أما أمر إلخ" أي: أو ترج كما يأتي فالجملة مع النفي المتقدم تسعة مجموعة في قول بعضهم:
مروانه وادع وسل واعرض لحضهم ... تمن وارج كذاك النفي قد كملا
والفرق بين العرض والتحضيض أن الأول الطلب بلين ورفق والثاني الطلب بحث وإزعاج. قوله: "أو استفهام" أي: بأي أداة كانت, وقد يحذف السبب بعد الاستفهام لوضوح المعنى نحو: متى فأسير معك أي: متى تسير. قوله: "يا ناق إلخ" ناق مرخم ناقة, والعنق بفتحتين ضرب من السير أي: ليكن منك سير فاستراحة وكذا يقال فيما يأتي. قوله: "فيسحتكم" بضم الياء وكسر الحاء أو بتفحهما أي: يهلككم. قوله: "لا يخدعنك مأثور إلخ" المأثور بالمثلثة المال المتروك والتراث الوراث فأبدلت الواو تاء ولعل معنى وإن قدمت تراثة رأى وإن تقادمت وارثوه من غيرهم
__________
1081- الرجز لأبي النجم في الدرر 3/ 52، 4/ 79؛ والرد على النحاة ص123؛ وشرح التصريح 2/ 239؛ والكتاب 3/ 35؛ ولسان العرب 3/ 83 "نفخ"؛ والمقاصد النحوية 4/ 387؛ وهمع الهوامع 2/ 10؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 182؛ ورصف المباني ص381؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 270، 274؛ وشرح شذور الذهب ص394؛ وشرح ابن عقيل ص570؛ وشرح قطر الندى ص71؛ وشرح المفصل 7/ 26؛ واللمع في العربية ص210؛ والمقتضب 2/ 14؛ وهمع الهوامع 1/ 182.(3/442)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1082- رَبِّ وَفْقِّنِي فلا أعْدِلَ عَن ... نن الساعينَ في خيرِ سَنِنْ
وقوله:
1083- فيا رَبِّ عَجَّل ما أُؤَمِّلُ منهُمُ ... فَيَدْفَأَ مَقْرورٌ ويَشْبَعَ مُزْمِلُ
والاستفهام نحو: {فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا} [الأعراف: 53] وقوله:
1084- هل تَعْرفونَ لُبَاناتي فَأرْجُوَ أنْ ... تُقْضَى فَيُرْتَدَّ بعضُ الروحِ للجَسَدِ
والعرض نحو: قوله:
1085- يابنَ الكرامِ لا تَدْنُو فَتُبْصِر ما ... قد حَدَّثوكَ فما راءَ كمَنْ سَمِعا
والتحضيض نحو: {لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} [المنافقون: 10] وقوله:
1086- لولا تَعْوجِينَ يا سلمى على دَنِفٍ ... فَتُحْمِدِي نارَ وَجْدٍ كادَ يُفْنِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وهو باق عندهم فإنه لا ينفع. قوله: "سنن" بفتحتين أي: طريق. قوله: "فيدفأ مقرور إلخ" المقرور بالقاف البردان والمرمل العادم للقوت. قوله: "لباناتي" جع لبانة بضم اللام وهي الحاجة, وإنما قال بعض الروح؛ لأن الارتداد مرتب على الرجاء وقد لا يتحقق المرجو.
قوله: "فأصدق وأكون من الصالحين" وقرئ وأكن بالجزم عطفًا على محل فأصدق بناء على أن جواب الطلب المقرون بالفاء معها في محل جزم بجعل المصدر المسبوك من أن وصلتها مبتدأ حذف خبره, والجملة جواب شرط مقدر أي: إن أخرتني فتصدق ثابت وأكن. وضعفه في المغني قال: والتحقيق أنه عطف على فأصدق بتقدير سقوط الفاء وجزم أصدق ويسمى العطف على المعنى أي: العطف الملحوظ فيه المعنى؛ لأن المعنى أخرني أصدق, ثم قال: ويقال له في غير القرآن العطف على التوهم أي: تأدبًا وعلى الثاني مشى في الإتقان نقلًا عن الخليل وسيبويه وفي التسهيل فقال:
وقد يجزم المعطوف على ما قرن بالفاء اللازم لسقوطها ا. هـ. قال الدماميني: كقراءة أبي عمرو {لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ} ثم قال: والجزم في ذلك على توهم وتقدير سقوط الفاء. قوله: "لولا تعوجين" أي: تعطفين. قوله:
__________
1082- البيت من الرمل، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 80؛ وشرح شذور الذهب ص396؛ وشرح ابن عقيل ص571؛ وشرح قطر الندى ص72 والمقاصد النحوية 4/ 388؛ وهمع الهوامع 2/ 11.
1083- البيت من الطويل.
1084- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في شرح قطر الندى ص73؛ والمقاصد النحوية 4/ 388.
1085- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 82؛ وشرح التصريح 2/ 239؛ وشرح شذور الذهب ص398؛ وشرح ابن عقيل ص571؛ وشرح قطر الندى ص74؛ والمقاصد النحوية 4/ 389؛ وهمع الهوامع 2/ 12.
1086- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في الدرر 4/ 82؛ وهمع الهوامع 2/ 12.(3/443)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والتمني نحو: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا} [النساء: 73] وقوله:
1087- يا ليتَ أمَّ خُليدٍ واعَدَتْ فَوَفَتْ ... ودامَ لي ولها عمْرٌ فَنَصْطَحِبا
واحترز بفاء الجواب عن الفاء التي لمجرد العطف نحو: ما تأتينا فتحدثنا؛ بمعنى ما تأتينا فما تحدثنا، فيكون الفعلان مقصودًا نفيهما, وبمعنى ما تأتينا فأنت تحدثنا على إضمار
ـــــــــــــــــــــــــــــ
"لمجرد العطف" يفيد أن فاء الجواب عاطفة أيضًا وهو كذلك على ما يأتي, واحترز أيضًا عن الفاء الاستثنائية كقوله:
ألم تسأل الربع القواء فينطق ... وهل يخبرنك اليوم بيداء سملق
فإنها في فينطق للاستئناف أي: فهو ينطق وليست للعطف ولا للسببية إذ العطف يقتضي الجزم والسببية تقتضي النصب, وهو مرفوع ولو نصب لجاز لكن القوافي مرفوعة كذا قيل, وزيفه الدماميني بأن النصب مع السببية غالب لا لازم فقد ورد الرفع معها. كقوله تعالى: {وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات: 36] ، ولعل مراده مع وجود السببية وإن لم تقصد بأن قصد مجرد العطف فلا ينافي لزوم النصب مع قصدها بدليل قول الشارح, وإذا قصد الجواب لم يكن الفعل إلا منصوبًا إلخ فإن قوله: أو على معنى إلخ إشارة إلى قصد السببية لكن قال في المغني: للرفع استئنافًا وجه آخر, وهو أن يكون على معنى السببية, وانتفاء الثاني لانتفاء الأول وهو أحد وجهي النصب وهو قليل جدا وعليه قوله:
ولقد تركت ضبية مرحومة ... لم تدر ما جزع عليك فتجزع
أي: لم تعرف الجزع فلم تجزع وأجازه ابن خروف في قراءة عيسى بن عمر فيموتون والأعلم في قراءة السبعة, "وَلَا يُؤْذَنَ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ" وقد كان النصب ممكنًا
مثله في فيموتون لكن عدل عنه لتناسب الفواصل والمشهور في توجيهه أنه لم يقصد إلى معنى السببية بل إلى مجرد العطف على الفعل وإدخاله معه في سلك النفي, ولا يحسن حمل التنزيل على القليل جدا ا. هـ. باختصار والقواء الخالي والبيداء القفر والسملق الأرض التي لا تنبت شيئًا. قوله: "بمعنى ما تأتينا فما تحدثنا إلخ" قال شيخنا: ذكر على كل من الرفع والنصب وجهين: فالرفع على العطف أو الاستئناف والنصب على الحالية أو ترتب انتفاء الثاني على انتفاء الأول فتأمل ا. هـ. وكون الفاء على ثاني وجهي الرفع للاستئناف غير متعين بل يصح كونها لعطف جملة على جملة بل يعين كون هذا مراد الشارح فرضه الكلام في الفاء التي لمجرد العطف, حيث قال: واحترز بفاء الجواب عن الفاء التي لمجرد العطف فاعرفه. وقوله: على الحالية متابعة لقول الشارح على معنى ما تأتينا محدثًا وفيه ما أسلفناه سابقًا من النظر والتمحل عنه, وكان الأولى للشارح أن يقول على معنى ما تأتينا محدثا وفيه ما أسلفناه سابقا من النظر والتمحل عنه وكان الأولى للشارح أن يقول على معنى ما يكون منك إتيان يترتب عليه تحديث وحاصله جعل الثاني قيدًا للأول فينصب عليه النفي؛ لأن الغالب انصباب النفي على القيد فيصدق بثبوت المقيد وبانتفائه أيضًا.
__________
1087- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في المقاصد النحوية 4/ 389.(3/444)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مبتدأ، فيكون المقصود نفي الأول وإثبات الثاني، وإذا قصد الجواب لم يكن الفعل إلا منصوبًا على معنى ما تأتينا محدثًا، فيكون المقصود نفي اجتماعهما أو على معنى ما تأتينا فكيف تحدثنا فيكون المقصود نفي الثاني لانتفاء الأول، واحترز بمحضين عن النفي الذي ليس بمحض وهو المنتقض بإلا والمتلو بنفي نحو: ما أنت تأتينا إلا فتحدثنا، ونحو: ما تزال تأتينا فتحدثنا، ومن الطلب الذي ليس بمحض وهو الطلب باسم الفعل وبالمصدر أو بما لفظه خبر نحو: صه فأكرمك، وحسبك الحديث فينام الناس، ونحو: سكوتًا فينام الناس،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فائدة: إذا قلت ما يليق بالله الظلم فيظلمنا فالفعلان منفيان وانتفاء الثاني مسبب عن انتفاء الأول فيجوز رفع الثاني على مجرد العطف أي: فما يظلمنا ونصبه على ترتب انتفاء الثاني على انتفاء الأول أي: فكيف يظلمنا, وإذا قلت ما يحكم الله تعالى بحكم فيجوز فالثاني فقط هو المنفي والنصب واجب على جعل الثاني قيدًا للأول أي: ما يكون منه حكم يترتب عليه جور.
قوله: "وبمعنى ما تأتينا" أي: في المستقبل فأنت تحدثنا أي: الآن وإلا فظاهره مشكل إذ لا يمكن أن يحدثه مع عدم الإتيان ا. هـ. زكريا وصوره البعض بأن يكون أحدهما على شط نهر والآخر على شطه الآخر. قوله: "فيكون المقصود نفي اجتماعهما" أي: لانصباب النفي حينئذ على المعطوف أي: ما يكون منك إتيان يعقبه تحديث أعم من أن ينتفي أصل الإتيان أيضًا, أو يثبت هذا مقتضى عبارة الشارح, ومقتضى عبارة المغني والرضي ثبوت أصل الإتيان على هذا المعنى. وعبارة الثاني ومعنى النفي في ما تأتينا فتحدثنا انتفى الإتيان فانتفى التحديث لانتفاء شرطه وهو الإتيان هذا هو القياس, ثم قال: ويجوز أن يكون النفي راجعًا إلى التحديث في الحقيقة لا إلى الإتيان أي: ما يكون منك إتيان بعده تحديث وإن حصل مطلق الإتيان وعلى هذا المعنى ليس في الفاء معنى السببية, لكن انتصب الفعل عليه تشبيهًا بفاء السببية ا. هـ.
قوله: "أو على معنى ما تأتينا فكيف تحدثنا" هذا المثال وإن صح فيه المعنيان المذكوران لكن ليس كل مثال كذلك فقد قال في المغني: وعلى المعنى الأول يعني الثاني من وجهي قصد الجواب في كلام الشارح جاء قوله سبحانه وتعالى: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا} [فاطر: 36] ، أي: فكيف يموتون ويمتنع أن يكون على الثاني يعني الأول في كلام الشارح إذ يمتنع أن يقضى عليهم ولا يموتوا ا. هـ. وهذا أيضًا يعكر على ما سبق عن شيخنا والبعض من قولهما في الآية أي: لا يقضى عليهم ميتين. قوله: "وهو الطلب باسم الفعل" إنما لم يكن محضًا؛ لأنه ليس موضوعًا للطلب بناء على الصحيح أنه موضوع للفظ الفعل, وكذا على أنه موضوع للحدث أما على أنه موضوع لمعنى الفعل فمشكل أفاده سم. قوله: "أو بالمصدر" أي: الواقع بدلًا من اللفظ بفعله, قال ابن هشام: ألحق أن المصدر الصريح إذا كان للطلب ينصب ما بعده سيوطي. قوله: "وحسبك الحديث" مقتضاه أن حسب اسم فعل أمر وليس كذلك؛ لأن حسب إما اسم فعل مضارع بمعنى يكفي فضمته بناء وإما اسم فاعل بمعنى كاف فضمته إعراب فكان ينبغي تأخير هذا(3/445)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ونحو: رزقني الله مالًا فأنفقه في الخير، فلا يكون لشيء من ذلك جواب منصوب. وسيأتي التنبيه على خلاف في بعض ذلك.
تنبيهات: الأول مما مثل به في شرح الكافية لجواب النفي المنتقض ما قام فيأكل إلا طعامه، قال ومنه قول الشاعر:
1088- وما قامَ منّا قائمٌ في نَدِيِّنا ... فينطِقُ إلا بالتي هي أَعْرَفُ
وتبعه الشارح في التمثيل بذلك، واعترضهما المرادي وقال: إن النفي إذا انتقض بإلا بعد الفاء جاز النصب، نص على ذلك سيبويه. وعلى النصب أنشد:
فينطِقَ إلا بالتي هي أعرفُ
الثاني قد تضمر أن بعد الفاء الواقعة بين مجزومي أداة شرط أو بعدهما أو بعد حصر بإنما اختيارًا نحو: إن تأتني فتحسن إلي أكافئك، ونحو: متى زرتني أحسن إليك فأكرمك، ونحو: {إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة: 117، آل عمران: 47، مريم: 35] ، في قراءة من نصب، وبعد الحصر بإلا والخبر المثبت الخالي من الشرط اضطرارًا نحو: ما أنت إلا تأتينا فتحدثنا ونحو: قوله:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المثال عما بعده؛ لأن حسبك الحديث جملة خبرية بمعنى الأمر أي: اكفف فهو من قبيل: رزقني الله مالًا إلخ. قوله: "في ندينا" الندى مجلس القوم ومتحدثهم ومناصلة قائم زكريا.
قوله: "جاز النصب" أي: والرفع كما في النكت وإنما جاز النصب؛ لأن الانتقاض إنما جاء بعد استحقاق الفعل النصب ويتفرع على ذلك ما إذا قلت ما جاءني أحد إلا زيد فأكرمه, فإن جعلت الهاء لأحد نصبت لتقدم الفعل في التقدير على انتقاض النفي, وإن جعلتها لزيد رفعت لتأخره عنه في التقدير. قوله: "قد تضمران إلخ" سيذكره المصنف في الجوازم بقوله:
والفعل من بعد الجزاء إن يقترن
إلخ وهناك بسطه. قوله: "ونحو: إذا قضى أمرًا إلخ" إنما لم يجعل منصوبًا في جواب كن؛ لأنه ليس هناك قول كن حقيقة بل هي كناية عن تعلق القدرة تنجيزًا بوجود الشيء ولما سيأتي عن ابن هشام من أنه لا يجوز توافق الجواب والمجاب في الفعل والفاعل, بل لا بد من اختلافهما فيهما أو أحدهما فلا يقال قم تقم, وبعضهم جعله منصوبًا في جوابه نظرًا إلى وجوب الصيغ في هذه الصورة ويرد ما ذكرناه عن ابن هشام. قوله: "اضطرارًا" راجع للأمرين قبله فقوله نحو: ما
__________
1088- البيت من الطويل، وهو للفرزدق في ديوانه 2/ 29؛ وجمهرة أشعار العرب ص887؛ وخزانة الأدب 8/ 540، 541، 542؛ والرد على النحاة ص154؛
وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص535؛ والكتاب 3/ 32؛ والمقاصد النحوية
4/ 390؛ وبلا نسبة في تذكرة النحاة ص71.(3/446)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1089- سأتْرُكَ مَنْزِلي لبَنِي تميمٍ ... وأَلحَقُ بالحجازِ فأَسْتَرِيحا
الثالث يلحق بالنفي التشبيه الواقع موقعه نحو: كأنك وال علينا فتشتمنا أي: ما أنت وال علينا ذكره في التسهيل, وقال في شرح الكافية: إن غيرًا قد تفيد نفيًا فيكون لها جواب منصوب كالنفي الصريح، فيقال غير قائم الزيدان فتكرمهما أشار إلى ذلك ابن السراج، ثم قال: ولا يجوز هذا عندي. قلت وهو عندي جائز والله أعلم. هذا كلامه بحروفه. الرابع ذهب بعض الكوفيين إلى أن ما بعد الفاء منصوب بالمخالفة, وبعضهم إلى أن الفاء هي الناصبة كما تقدم في أو, والصحيح مذهب البصريين؛ لأن الفاء عاطفة فلا عمل لها لكنها عطفت مصدرًا مقدرًا على مصدر متوهم، والتقدير في نحو: ما تأتينا فتحدثنا ما
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أنت إلخ نظير للجائز في الشعر لا مثال، قوله: "يلحق بالنفي التشبيه إلخ" وفي التسهيل وشرحه للدماميني ما نصه وربما نفى بقد فنصب الجواب بعدها ذكر ذلك ابن سيده صاحب المحكم. وحكى عن بعض الفصحاء قد كنت في خير فتعرفه يريد ما كنت في خير فتعرفه ا. هـ. قوله: "غير قائم الزيدان" أي: ما قائم الزيدان, فليس المعتبر في غير هنا مجرد المغايرة. قوله: "بالمخالفة" قال الفارضي: لأن الثاني خبر والأول ليس بخبر؛ لأنه إما نفي أو طلب فلما خالفه في المعنى خالفه في الإعراب ونقض بنحو: ما جاء زيد لكن عمرو وجاء زيد لا عمرو فقد خالف الثاني الأول في المعنى ولم يخالفه في الإعراب ا. هـ. ومراده بالخبر ما ليس نفيًا ولا طلبًا.
قوله: "إلى أن الفاء هي الناصبة" عبارة الفارضي وعن الجرمي النصب هنا بالفاء والواو ورد بأنهما عاطفان وحرف العطف لا يعمل لعدم اختصاصه. قوله: "لأن الفاء عاطفة إلخ" ولذا امتنع عندهم تقديم الجواب على سببه نحو: ما زيد فنكرمه يأتينا, وأجازه الكوفيون إذ الفاء عندهم ليست للعطف ومذهبهم جواز تقديم جواب الشرط على الشرط دماميني. قوله: "لكنها إلخ" استدراك على قوله عاطفة دفع به توهم أنها عطفت صريحًا على صريح. قوله: "عطفت مصدرًا إلخ" استشكله الرضي بأن فاء العطف لا تكون للسببية إلا إذا عطفت جملة على جملة, واختار هو جعلها للسببية فقط لا للعطف. قال: وإنما نصبوا ما بعدها تنبيهًا على تسببه عما قبلها وعدم عطفه عليه إذ المضارع المنصوب بأن مفرد وما قبل الفاء المذكورة جملة فيكون ما بعد الفاء مبتدأ محذوف الخبر وجوبًا ا. هـ. وقوله جملة على جملة أي: أو صفة على صفة كما بيناه في باب العطف وللجماعة دفع الاستشكال بمنع الحصر وإلحاق المصادر بالجمل والصفات.
__________
1089- البيت من الوافر، وهو للمغيرة بن حيناء في خزانة الأدب 8/ 522؛ والدرر 1/ 240، 4/ 79؛ وشرح شواهد الإيضاح ص251؛ وشرح شواهد المغني ص497؛ والمقاصد النحوية 4/ 390؛ وبلا نسبة في الدرر 5/ 130؛ والرد على النحاة ص125؛ ورصف المباني ص379؛ وشرح شذور الذهب ص389؛ وشرح المفصل 7/ 55؛ والكتاب 3/ 39، 92؛ المحتسب 1/ 197؛ ومغني اللبيب 10/ 175؛ والمقتضب 2/ 24؛ والمقرب 1/ 263.(3/447)
والواوُ كالفا إنْ تُفِد مفهومَ مَعْ ... كلا تَكُنْ جَلدًا وتُظهِرَ الجَزَعْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يكون منك إتيان فتحديث، وكذا يقدر في جميع المواضع. الخامس شرط في التسهيل في نصب جواب الاستفهام أن لا تضمن وقوع الفعل احترازًا من نحو: لم ضربت زيدًا فيجازيك؛ لأن الضرب قد وقع فلم يمكن سبك مصدر مستقبل منه، وهو مذهب أبي علي، ولم يشترط ذلك المغاربة. وحكى ابن كيسان أين ذهب زيد فنتبعه بالنصب مع أن الفعل في ذلك محقق الوقوع، وإذا لم يمكن سبك مصدر مستقبل من الجملة سبكناه من لازمها، فالتقدير ليكن منك إعلام بذهاب زيد فاتباع منا "والواو كالفا" في جميع ما تقدم "إن تفد مفهوم مع" أي: بقصد بها المصاحبة "كلا تكن جلدًا وتظهر الجزع" أي: لا تجمع بين
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "وكذا يقدر في جميع المواضع" يؤخذ منه أنه يشترط في النصب أن يتقدم على الفاء ما يتصيد منه مصدر من فعل أو شبهه وهو كذلك, فقد قال السيوطي: يشترط أن لا يكون المتقدم جملة اسمية خبرها جامد فإن كان نحو: ما أنت زيد فنكرمك امتنع النصب وتعين القطع أو العطف والقطع أحسن؛ لأن العطف ضعيف لعدم المشاكلة من حيث إنه عطف فعلية على اسمية ا. هـ. ومراد بالقطع الاستئناف, وقال في محل آخر: يتعين الرفع في نحو: هل أخوك زيد فنكرمه بخلاف نحو: أفي الدار زيد فنكرمه أو أزيد منا فنكرمه لنيابة الجار والمجرور مناب الفعل. قوله: "وقوع الفعل" أي: في الزمن الماضي. قوله: "فالتقدير" أي: في المثال الثاني وأما التقدير في الأول ليكن منك إعلام بسبب ضرب زيد فمجازاة لك منه. قوله: "إعلام بذهاب زيد" أي: بمكان ذهاب زيد؛ لأن المكان هو المجهول المسئول عنه. قوله: "والواو كالفا" ألحق الكوفيون بهما ثم في قوله -صلى الله عليه وسلم: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه" وضعف بأنه يصير المعنى على النصب النهي عن الجمع بين البول والاغتسال فيقتضي أن البول في الماء الدائم بلا غسل منه غير داخل تحت النهي, وليس كذلك, وأجاب في المغني بأن اعتبار المفهوم محله إذا لم يصد عنه دليل, والدليل هنا قام على إلغائه وجوز ابن مالك وغيره في الحديث الرفع على الاستئناف لا العطف وإلا لزم عطف الخبر على الإنشاء ويؤخذ من هذا أن ثم تكون استئنافية وبه صرح صاحب رصف المباني قاله الدماميني.
قوله: "إن تفد مفهوم مع" أي: مع العطف فلا ينافي ما صرحوا به من أنها عاطفة مصدرًا مقدرًا على مصدر متوهم, قال في المغني: ويسمى الكوفيون هذه الواو واو الصرف ا. هـ. وخالف الرضي في كون الواو التي ينصب المضارع بعدها عاطفة فقال: لما قصدوا في واو الصرف معنى الجمعية نصبوا المضارع بعدها ليكون الصرف عن سنن الكلام المتقدم مرشدًا من أول الأمر, إلى أنها ليست للعطف فهي إذن, أما واو الحال وأكثر دخولها على الاسمية فالمضارع بعدها في تقدير مبتدأ محذوف الخبر وجوبًا, فمعنى قم وأقوم وقيامي ثابت أي: في حال ثبوت قيامي وأما بمعنى مع أي: قم مع قيامي كما قصدوا في المفعول معه مصاحبة الاسم للاسم فنصبوا ما بعد الواو, ولو جعلنا الواو عاطفة للمصدر على مصدر متصيد من الفعل قبله كما قال النحاة أي: ليكن قيام منك وقيام مني لم يكن فيه تنصيص على معنى الجمع ا. هـ. واستظهره الدماميني ودفع(3/448)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
هذين، وقد سمع النصب مع الواو في خمسة مما سمع مع الفاء: الأول النفي نحو: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 142] . الثاني الأمر نحو: قوله:
1090- فقلتُ ادْعِي وأَدْعُو إنَّ أَنْدَى ... لصَوتِ أنْ يُنادِيَ داعيانِ
الثالث النهي نحو: قوله:
1091- لا تَنْهَ عن خُلُق وتأتي مِثلُهُ ... عارٌ عليكَ إذا فَعَلتَ عَظِيمُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
استشكال وجوب حذف الخبر مع عدم سد شيء مصدره بأن ذلك لكثرة الاستعمال.
قوله: "أي: يقصد بها المصاحبة" أي: لا التشريك بين الفعلين ويؤخذ من كلامه أن النصب بعدها ليس على معنى الجواب كما هو بعد الفاء, وهو كذلك خلافًا لمن زعمه, وقولهم: الواو تقع في جواب كذا فيه تجوز ظاهر أفاده زكريا عن المرادي. قوله: "جلدًا" الجلد من الرجال الصلب القوي على الشيء. قوله: "ولما يعلم الله إلخ" الخطاب بالآية لجماعة جاهدوا ولم يصبروا على ما أصابهم وطمعوا مع ذلك في دخول الجنة مع أن الطمع في ذلك إنما ينبغي إذا اجتمع مع الجهاد الصبر, فالمعنى بل حسبتم أن تدخلوا الجنة ولم يكن لله علم بجهادكم مصاحب للعلم بصبركم أي: ولم يجتمع علمه بجهادكم وعلمه بصبركم لعدم وقوع صبركم, وإذا لم يقع صبرهم لم يعلم الله تعالى بوقوعه؛ لأن علم غير الواقع واقعًا جهل. وإذا انتفى عنه تعالى هذا العلم انتفى عنه العلم المصاحب له فلا ينافي هذا ما قرره من تعلق علمه تعالى بالمعدوم؛ لأن معنى تعلقه بالمعدوم أنه تعالى يلعم عدمه لا وقوعه.
قوله: "فقلت ادعى" أصله ادعوى بضم العين فلما حذفت الواو لالتقائها ساكنة مع الياء بعد
__________
1090- البيت من الوافر، وهو للأعشى في الدرر 4/ 85؛ والرد على النحاة ص128، والكتاب 3/ 45؛ وليس في ديوانه؛ وللفرزدق في أمالي القالي 2/ 90؛ وليس في ديوانه؛ ولدثار بن شيبان الثمري في الأغاني 2/ 159؛ وسمط اللآلي ص726؛ ولسان العرب 15/ 316 "ندى"؛ وللأعشى أو للحطيئة أو لربيعة بن جشم في شرح المفصل 7/ 35؛ ولأحد هؤلاء الثلاثة أو لدثار بن شيبان في شرح التصريح 2/ 239؛ وشرح شواهد المغني 2/ 827؛ والمقاصد النحوية 4/ 392؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب 2/ 864؛ والإنصاف 2/ 531؛ وأوضح المسالك4/ 182؛ وجواهر الأدب ص167؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 392؛ وشرح شذور الذهب ص401؛ وشرح ابن عقيل ص573؛ وشرح عمدة الحافظ ص341؛ ولسان العرب 12/ 560 "لوم"؛ ومجالس ثعلب 2/ 524؛ ومغني اللبيب 1/ 397؛ وهمع الهوامع 2/ 13.
1091- البيت من الكامل، وهو لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه ص404؛ والأزهية ص234؛ وشرح التصريح 2/ 238؛ وشرح شذور الذهب ص310؛ وهمع الهوامع 2/ 13؛ وللمتوكل الليثي في الأغاني 12/ 156؛ وحماسة البحتري ص117؛ والعقد الفريد 2/ 311؛ والمؤتلف والمختلف ص179؛ ولأبي الأسود أو للمتوكل في لسان العرب 7/ 447 "عظظ"؛ ولأحدهما أو للأخطل في شرح شواهد الإيضاح ص252؛ ولأبي الأسود أو للأخطل أو للمتوكل الكناني في الدرر 4/ 86؛ والمقاصد النحوية 4/ 393؛ ولأحد هؤلاء =(3/449)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الرابع الاستفهام نحو قوله:
1092- أُتَبِيتُ رَبَّانَ الجفُونِ من الكَرَى ... وأَبَيتُ منك بليلةِ المَلسوعِ
وقوله:
1093- ألم أكُ جارَكم ويكونَ بَيْنِي
وبينكُمُ المودَّةُ والإخاءُ
الخامس التمني نحو: {يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنعام: 27] في قراءة حمزة وحفص. وقس الباقي, قال ابن السراج: الواو ينصب ما بعدها في غير الموجب
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حذف حركة الواو استثقالًا لها كسرت العين لمناسبة الياء ويجوز في الهمزة نظرًا لضم العين في الأصل والكسر نظرًا لكسرها الآن أفاده الإسقاطي على ابن عقيل, وقوله: إن أندى من الندى بفتح النون والدال مقصورًا وهو بعد ذهاب الصوت ا. هـ. زكريا. واللام في لصوت زائدة بين المتضايفين على ما يؤخذ من العيني ولا حاجة إليه لصحة كون المعنى أن أبعد ذهاب لصوت كما قاله الدماميني والشمني. قوله: "أتبيت إلخ" التاء في الفعلين لام الكلمة والخطاب في الأول مستفاد من تاء المضارعة والتكلم في الثاني من الهمزة فاستشكال من قال كيف ضم التاء من تبيت وهو للمخاطب وفتحها من أبيت وهو للمتكلم غلط, والكرى النوم وشبهه بالماء في أن بكل راحة النفس واستعاره له بالكناية, وريان تخييل والباء في بليلة الملسوع بمعنى في وليلة الملسوع كناية عن ليلة السهر. قوله: "ألم أك جاركم إلخ" الاستفهام للتقرير وتقدم ما فيه. قوله: "في قراءة حمزة وحفص" بنصب نكذب ونكون ووافقهما ابن عامر في الثاني. قوله: "وقس الباقي" وهو الدعاء والعرض والتحضيض والترجي, وقال أبو حيان: لا ينبغي أن يقدم على ذلك إلا بسماع.
قوله: "في غير الموجب" أي: غير الخبر المثبت وغيره هو النفي والطلب وقوله: من حيث
ـــــــــــــــــــــــــــــ
= أو للمتوكل الليثي أو للطرماح أو للسابق البربري في خزانة الأدب 8/ 564، 567؛ وللأخطل في الرد على النحاة ص127؛ وشرح المفصل 7/ 24؛ والكتاب 3/ 42؛ ولحسان بن ثابت في شرح أبيات سيبويه 2/ 188؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 6/ 294؛ وأمالي ابن الحاجب 2/ 864؛ وأوضح المسالك 4/ 181؛ وجواهر الأدب ص168؛ والجنى الداني ص157؛ ورصف المباني ص424؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص535؛ وشرح ابن عقيل ص573؛ وشرح عمدة الحافظ ص342؛ وشرح قطر الندى ص77؛ ولسان العرب 15/ 489 "وا"؛ ومغني اللبيب 2/ 361؛ والمقتضب 2/ 26.
1092- البيت من الكامل، وهو للشريف الرضي في ديوانه 1/ 497؛ وحاشية الشيخ ليس 1/ 184؛ والدرر 4/ 87؛ وللشريف المرتضى في مغني اللبيب 2/ 668؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 2/ 13.
1093- البيت من الوافر، وهو للحطيئة في ديوانه ص54؛ والدرر 4/ 88؛ والرد على النحاة ص128/ وشرح أبيات سيبويه 2/ 73؛ وشرح شذور الذهب ص403؛ وشرح شواهد المغني ص950؛ وشرح ابن عقيل ص574؛ والكتاب 3/ 43؛ ومغني اللبيب ص669؛ والمقاصد النحوية 4/ 417؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص168؛ ورصف المباني ص47؛ وشرح قطر الندى ص76؛ والمقتضب 2/ 27؛ وهمع الهوامع 2/ 13.(3/450)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من حيث انتصب ما بعد الفاء، وإنما يكون كذلك إذا لم ترد الاشتراك بين الفعل والفعل، وأردت عطف الفعل على مصدر الفعل الذي قبلها كما كان في الفاء وأضمرت أن، وتكون الواو في هذا بمعنى مع فقط، ولا بد مع هذا الذي ذكره من رعاية أن لا يكون الفعل بعد الواو مبنيا على مبتدأ محذوف؛ لأنه متى كان كذلك وجب رفعه، ومن ثم جاز فيما بعد الواو من نحو: لا تأكل السمك وتشرب اللبن ثلاثة أوجه: الجزم على التشريك بين الفعلين في النهي، والنصب على النهي عن الجمع، والرفع على ذلك المعنى، ولكن على تقدير وأنت تشرب اللبن.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إلخ من بمعنى في وهو كما قال شيخنا: بدل من غير الموجب أي: في الأمكنة التي ينتصب فيها ما بعد الفاء، قوله: "عطف الفعل" فيه تسمح إذ المعطوف أن والفعل المؤولان بالمصدر لكن لما كان الموجود في اللفظ الفعل فقط اقتصر عليه وبهذا يعلم ما في كلام البعض. قوله: "بمعنى مع فقط" أي: للمصاحبة دون الاشتراك بين الفعلين وإلا فهي للعطف أيضا كما سبق وكما يدل عليه قوله: وأردت عطف الفعل إلخ. قوله: "ولا بد مع هذا إلخ" هذا علم من قول ابن السراج وأردت عطف الفعل على مصدر الفعل الذي قبلها ا. هـ. زكريا أي: فليس زائدًا على كلام ابن السراج كما يقتضيه كلام الشارح, بقي أن رفع ما بعد الواو استئنافًا لإباحته بعد النهي عما قبلها لا يتوقف على تقدير مبتدأ فما الداعي إلى تقديره, ثم رأيت في شرح الدماميني عند قول المغني: أجرى ابن مالك ثم مجرى الفاء والواو بعد الطلب فأجاز في قوله -صلى الله عليه وسلم: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه" ثلاثة أوجه الرفع بتقدير ثم هو يغتسل فيه وبه جاءت الرواية والجزم بالعطف على موضع فعل النهي والنصب بأن مضمرة ما نصه تقدير هو ليس لأجل كونه متعينًا وإنما هو لتحقيق كون الكلام مستأنفًا كما جرت به عادة النحاة عند الاستئناف ا. هـ.
قوله: "على التشريك بين الفعلين في النهي" أي: على النهي عن كل منهما كما عبر به في المغني وغيره, قال الدماميني: ولي فيه نظر إذ لا موجب لتعين أن يكون المراد النهي عن كل منهما بل يحتمل أن المراد النهي عن الجمع بينهما كما قالوا إذا قلت ما جاءني زيد وعمرو احتمل أن المراد نفي كل منهما على كل حال وأن المراد نفي اجتماعهما في وقت المجيء فإذا جيء بلا صار الكلام نصا في المعنى الأول فكذا إذا قلت لا تضرب زيدًا وعمرًا احتمل تعلق النهي بكل منهما مطلقًا وتعلقه بهما على معنى الاجتماع ولا يتعين الأول إلا بلا ولا فرق في ذلك بين الاسم والفعل. قال الشمني: يرتفع هذا النظر بأن معنى قولهم النهي عن كل منهما أي: ظاهرًا فلا ينافي احتمال النهي عن الجمع بينهما.
قوله: "على ذلك المعنى" أي: بناء ما بعد الواو على مبتدأ محذوف ولا موقع للاستدراك بعد بل كان عليه أن يحذفه أو يبدله بقوله: وهو تقدير إلخ ولا يصح رجوع الإشارة إلى النهي عن الجمع؛ لأنه يمنع منه كون الإشارة للبعيد وكون الرفع على النهي عن الأول وإباحة الثاني لا على النهي عن الجمع اللهم إلا أن يكون هذا توجيهًا للرفع غير المشهور وعليه تكون الواو للحال لا(3/451)
وبعدَ غيرِ النفي جَزمًا اعْتَمدْ ... إنْ تَسْقُطِ الفاء والجزاءُ قد قُصِدْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: الخلاف في الواو كالخلاف في الفاء وقد تقدم "وبعد غير النفي جزما اعتمد" جزمًا مفعول به مقدم أي: اعتمد الجزم "إن تسقط الفاء والجزاء قد قصد" أي: انفردت الفاء عن الواو بأن الفعل بعدها ينجزم عند سقوطها بشرط أن يقصدك الجزاء. وذلك بعد الطلب بأنواعه كقوله:
1094- قِفا نَبْكِ من ذِكرى حَبيبٍ ومَنْزِلِ
وكذا بقية الأمثلة. أما النفي فلا يجزم جوابه؛ لأنه يقتضي تحقق عدم الوقوع كما يقتضي الإيجاب تحقق الوقوع، فلا يجزم بعده كما لا يجزم بعد الإيجاب، ولذلك قال: وبعد غير النفي. واحترز بقوله: والجزاء قد قصد عما إذا لم يقصد الجزاء فإنه لا يجزم بل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
للاستئناف ثم رأيت صاحب المغني نقل هذا عن ابن الناظم وبحث فيه وعبارته وإن رفعت فالمشهور أنه نهى عن الأول وإباحته للثاني وأن المعنى ولك شرب اللبن وتوجيهه أنه مستأنف فلم يتوجه إليه حرف النهي. وقال بدر الدين بن مالك: إن معناه كمعنى وجه النصب ولكنه على تقدير لا تأكل السمك وأنت تشرب اللبن ا. هـ. وكأنه قدر الواو للحال وفيه بعد لدخولها في اللفظ على المضارع المثبت ثم هو مخالف لقولهم إذا جعلوا لكل من أوجه الإعراب معنى ا. هـ. بالحرف.
قوله: "وبعد غير النفي" قال السيوطي نقلًا عن ابن هشام: ينبغي أن يسثنى أيضًا لو التي للتمني في نحو: فلو أن لنا كرة فنكون ووجهه أن أشرابها التمني طارئ عليها فلذا لم يسمع الجزم بعدها ا. هـ. وغير النفي هو الطلب. قوله: "أن تسقط الفا" أي: لم توجد مع الفعل والسقوط بهذا المعنى لا يستدعي سبق الوجود. قوله: "والجزاء قد قصد" بأن تقدره مسببًا عن الطلب المتقدم كما أن جزاء الشرط مسبب عن فعل الشرط ا. هـ. تصريح والواو في الجزاء قد قصد حالية.
قوله: "وكذا بقية الأمثلة" نحو: لا تعص الله يدخلك الجنة ويا رب وفقني أطعك وهل تزورني أزرك وليت لي ما لا أنفقه ولا تنزل تصب خيرًا ولولا تجيء أكرمك ولعلك تقدم أحسن إليك. قوله: "فلا يجزم جوابه" أي: على الصحيح خلافًا للزجاج كما في الهمع. قوله: "كما لا
__________
1094- عجزه:
بسقط اللِّوى بين الدخولِ فحَوْمَلِ
والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ديوانه ص8؛ والأزهية ص244، 245؛ وجمهرة اللغة ص567؛ والجنى الداني ص63، 64؛ وخزانة الأدب 1/ 332، 3/ 224؛ والدرر 6/ 71؛ وسر صناعة الإعراب 2/ 501؛ وشرح شواهد الشافية ص242؛ وشرح شواهد المغني 1/ 463؛ والكتاب 4/ 205؛ ولسان العرب 15/ 209 "قوا"؛ ومجالس ثعلب ص127؛ وهمع الهوامع 2/ 129؛ وبلا نسبة في الإنصاف 2/ 656؛ وأوضح المسالك 3/ 359؛ وجمهرة اللغة ص580؛ وخزانة الأدب 11/ 6؛ والدرر 6/ 82؛ ورصف المباني ص353؛ وشرح شافية ابن الحاجب 2/ 316؛ وشرح قطر الندى ص80؛ والصاحبي في فقه اللغة ص110؛ ومغني اللبيب 1/ 161، 266؛ والمنصف 1/ 224؛ وهمع الهوامع 2/ 131.(3/452)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
برفع: إما مقصودًا به الوصف نحو: ليت لي مالًا أنفق منه، أو الحال أو الاستئناف، ويحتملهما قوله تعالى: {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا} [طه: 77] ، وقوله:
1095- كُرُّوا إلى حَرَّتَيْكُمُ تَعْمُرونَهُما ... كما تَكُرُّ إلى أوطانِها البَقَرُ
تنبيهان: الأول قال في شرح الكافية: الجزم عند التعري من الفاء جائز بإجمال الثاني: اختلف في جازم الفعل حينئذ: فقيل إن لفظ الطلب ضمن معنى حرف الشرط فجزم، وإليه ذهب ابن خروف واختاره المصنف ونسبه إلى الخليل وسيبويه. وقيل إن الأمر والنهي وباقيها نابت عن الشرط: أي: حذفت جملة الشرط وأنيبت هذه في العمل منابها
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يجزم إلخ" ففيه حمل الشيء على نقيضه. قوله: "إما مقصودًا به الوصف" يتعين إن كان قبل الفعل نكرة لا تصلح لمجيء الحال منها نحو: فهب لي من لدنك وليا يرثني في قراءة من رفع والمراد إرث العلم والنبوة فلا اعتراض بتخلف الإرث بموت يحيى في حياة زكريا عليهما الصلاة والسلام, وقوله: أو الحال يتعين إن كان قبله معرفة نحو: {ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} فإن كان قبله نكرة تصلح لمجيء الحال منها احتمل الوصفية والحالية نحو: أكرم شخصًا من العلماء يقرأ وبهذا التقرير يعلم ما في كلام شيخنا والبعض من الإيهام.
قوله: "ويحتملهما" أي: الحال والاستئناف ومما يحتملهما قراءة ابن ذكوان "وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفُ" بالرفع قال الدماميني: وقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} [التوبة: 103] ، يحتمل الأمرين المذكورين والنعت أيضًا. قوله: "كروا إلى حرتيكم إلخ" الكر الرجوع وبابه رد وحرتيكم تثنية حرة وهي أرض ذات حجارة سود ا. هـ. مختار. قوله: "جائز بإجماع" أي: وإنما الخلاف في عامله كما قال الثاني اختلف إلخ. قوله: "فقيل إن لفظ الطلب إلخ" حاصله أربعة أقوال على الأولين يكون العامل مذكورًا وهو لفظ الطلب إلا أنه على الأول لتضمنه معنى حرف الشرط وعلى الثاني لنيابته عنه وعلى الأخيرين يكون مقدرًا. قوله: "ضمن معنى حرف الشرط" كما أن أسماء الشرط إنما جزمت لذلك ا. هـ. تصريح ونوقش بأن تضمن الفعل معنى الحرف إما غير واقع أو غير كثير بخلاف تضمن الاسم معنى الحرف, وفي الهمع أن ابن عصفور رد هذا القول بأنه يقتضي كون العامل جملة ولا يوجد عامل جملة وأبا حيان بأن في تضمين ائتني مثلا معنى إن تأتني تضمين معنيين معنى أن ومعنى تأتني ولا يوجد في لسانهم تضمين معنيين مع أن معنى إن تأتني معنى غير طلبي فلو تضمنه فعل الطلب لكان الشيء الواحد طلبًا غير طلب ا. هـ. باختصار.
قوله: "ثابت عن الشرط إلخ" كما أن النصب بضربا في ضربا زيدًا لنيابته عن اضرب لا
__________
1095- البيت من البسيط، وهو للأخطل في ديوانه ص176؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 87؛ والكتاب 3/ 99؛ ولسان العرب 13/ 451 "وطن"؛ ومعجم ما استعجم ص481؛ وبلا نسبة في المقرب 1/ 273.(3/453)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فجزمت. وهو مذهب الفارسي والسيرافي وابن عصفور. وقيل الجزم بشرط مقدر دل على الطلب، وإليه ذهب أكثر المتأخرين. وقيل الجزم بلام مقدرة فإذا قيل: ألا تنزل تصب خيرًا فمعناه لتصب خيرًا وهو ضعيف، ولا يطرد إلا بتجوز وتكلف والمختار القول الثالث لا ما
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لتضمنه معناه ورد بأن نائب الشيء يؤدي معناه والطلب لا يؤدي معنى الشرط إذا لا تعليق في الطلب بخلاف الشرط والأرجح في ضربا زيدًا أن زيدًا منصوب بالفعل المحذوف لا المصدر ا. هـ. تصريح وقد يمنع ما ذكره من ترجيح نصب زيدًا في ضربًا زيدًا بالفعل لا بالمصدر. قوله: "جملة الشرط" أي: أداته وفعله. قوله: "بشرط مقدر" أي: هو وفعله بعد الطلب لدلالته على الشرط وفعله والظاهر أنه يتعين تقدير إن؛ لأنها أم الأدوات بل صرحوا بأنه لا يحذف منه إلا هي.
قوله: "ولا يطرد إلا بتجوز وتكلف" بمنزلة التعليل للضعف أي: لأنه لا يستقيم من جهة المعنى في كل موضع إلا بتجوز وتكلف في بعض المواضع نحو: أكرمني أكرمك أما التجوز فلما قيل من أن أمر المتكلم نفسه إنما هو على التجوز بتنزيل نفسه منزلة الأجنبي وأما التكلف؛ فلأن دخول لام الأمر على فعل المتكلم قليل كما سيأتي فلا يحسن تخريج الكثير عليه ولا يرد على صاحب هذا ما سيأتي في الجوازم أن اللام إنما تجزم محذوفة اختيارًا بعد قول؛ لأنه لا يسلم هذا الحصر بل يقول بجزمها محذوفة اختيارًا قياسًا في جواب الطلب أيضًا ولم يفهم البعض مراد الشارح بالاطراد مع ظهوره فخطأه في قوله: إلا بتجوز وتكلف فقال قوله لا يطرد إلا بتجوز وتكلف أي: لا ينقاس في سائر المواضع؛ لأن اللام إنما تجزم محذوفة اختيارًا بعد قول كما سيأتي في الجوازم وكان الصواب حذف قوله إلا بتجوز وتكلف؛ لأنه لا معنى له فتأمل ا. هـ. وقد ظهر لك إن كان عندك أدنى تنبه أنه لم يخطئ إلا ابن أخت خالته.
قوله: "والمختار القول الثالث" أبطله المصنف بقوله تعالى: {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ} [إبراهيم: 31] ، قال: لأن تقدير أداة الشرط يستلزم أن لا يتخلف أجد من المقول له ذلك عن الامتثال لكن التخلف واقع, قال الدماميني: وهذا مبني على أن الشرط والجزاء ملازمة عقلية وهو ممنوع قال بعض المتأخرين: يكفي الشرط في كونه شرطًا توقف الجزاء عليه وإن كان متوقفًا على أشياء أخر نحو: إن توضأت صحت صلاتك وأجاب ابن المصنف عن اعتراض والده بأن الحكم مسند إليهم على سبيل الإجمال لا إلى كل فرد فيحتمل أن يكون الأصل يقم أكثرهم ثم حذف المضاف وأنيب عنه المضاف إليه فارتفع واتصل بالفعل وباحتمال أنه ليس المراد بالعباد المؤمنين مطلقهم بل المخلصون منهم وكل مخلص قال له الرسول أقم الصلاة أقامها, وقال المبرد: التقدير: قل لهم أقيموا يقيموا فالجزم في جواب أقيموا المقدر لا في جواب قل ورده في المغني بأن الجواب لا بد أن يخالف المجاب إما في الفعل والفاعل نحو:
ائتني أكرمك أو في الفعل نحو: أسلم تدخل الجنة أو في الفاعل نحو: قم أقم ولا يجوز أن يتوافقا فيهما بقي شيء آخر يظهر لي وهو أن مقول قل في الآية على أن يقيموا مجزوم في جواب الأمر محذوف لدلالة الجواب عليه أي: قل لهم أقيموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناكم يقيموا إلخ إذ لا(3/454)
وشَرْطُ جزمٍ بعد نَهي أنْ تَضَعْ ... إنْ قبلَ لا دونَ تخالُفٍ يَقَعْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ذهب إليه المصف؛ لأن الشرط لا بد له من فعل, ولا جائز أن يكون هو الطلب بنفسه ولا مضمنًا له مع معنى حرف الشرط لما فيه من زيادة مخالفة الأصل، ولا مقدرًا بعده لامتناع إظهاره بدون حرف الشرط بخلاف إظهاره معه؛ ولأنه يستلزم أن يكون العامل جملة وذلك لا يوجد له نظير ا. هـ. "وشرط جزم بعد نهي" فيما مر أن يصح "إن تضع إن" الشرطية "قبل لا" النافية "دون تخالف" في المعنى "يقع" ومن ثم جاز لا تدن من الأسد تسلم، وامتنع لا تدن من الأسد يأكلك بالجزم خلافًا للكسائي. وأما قول الصحابي: يا رسول الله لا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يصح أن يكون هو الجواب؛ لأن مقول القول مفعول به للقول فلا يصح جوابًا له لوجوب استقلال الجواب, لكن هذا التقدير ظاهر على غير القول بأن جزم الجواب بلام أمر مقدرة أما عليه فيلزم تكرار الأمر بالإقامة والإنفاق لو قدرنا ذلك ويعجبني
ما ارتضاه المصنف في هذه الآية أن يقيموا مجزوم بلام أمر مقدرة من غير أن يكون جوابًا, فيكون مقول القول إلا أنه محكي بالمعنى إذ لو حكاه بلفظه لقال لتقيموا بتاء الخطاب فاحفظ هذا التحقيق.
قوله: "لأن الشرط" أي: أداته لا بد له إلخ, أجيب بأن هذا في الشرط التحقيقي لا التقديري الذي كلام المصنف فيه؛ لأن المصنف لم يجعله شرطًا حقيقة بل مضمنًا معناه. "أن يكون هو" أي: الفعل الطلب بنفسه؛ لأن الطلب لا يصلح لمباشرة الأداة. قوله: "ولا مضمنًا" معطوف على الطلب أي: ولا يجوز أن يكون هو أي: الفعل مضمنًا له أي: للطلب أي: مجعولًا في ضمن الطلب فعلم أن ما تكلفه شيخنا والبعض لا حاجة إليه. قوله: "لما فيه من زيادة مخالفة الأصل" وذلك؛ لأن تضمن الطلب معنى الحرف مخالف للأصل فتضمنه مع ذلك فعل الشرط فيه زيادة مخالفة للأصل. قوله: "بدون حرف الشرط" أي: وإنما يجوز تقديره إذا جاز إظهاره مع حرف الشرط؛ ولهذا قال بخلاف إظهاره معه وإنما لم يجز إظهار حرف الشرط هنا؛ لأن الطلب قد تضمن معناه فلا يصح إظهاره مع فعل الشرط.
قوله: "ولأنه" أي: ما ذهب إليه المصنف يستلزم أن يكون العامل جملة الطلب ويرد هذا على القول الثاني أيضًا, ولك أن تقول لا نسلم الاستلزام المذكور بل العامل على ما ذهب إليه المصنف وكذا على الثاني الفعل فقط لا الجملة فافهم. قوله: "فيما مر" أي: فيما إذا سقطت الفاء وقصد الجزاء. قوله" أن يصح" أشار به إلى أن الكلام على تقدير مضاف؛ لأن الشرط صحة وضع ما ذكر لا وضعه بالفعل ولهذا الشرط أجمع السبعة على الرفع في قوله تعالى: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: 6] ، وأما قراءة الحسن البصري تستكثر بالجزم فعلى إبداله من تمنن لا على الجواب أو على أن المعنى تستكثر من الثواب أي: تزدد منه. قوله: "قبل لا النافة" وفي بعض النسخ لا الناهية وكل صحيح؛ لأنها قبل دخول إن ناهية وبعده نافية فتسميتها ناهية باعتبار الحالة الأولى وتسميتها نافية باعتبار الثانية أفاده الفارضي.
قوله: "دون تخالف" حال من إن والمراد بالتخالف بطلان المعنى. قوله: "خلافًا للكسائي" فإنه لم يشترط صحة دخول إن على لا وجوز الجزم في نحو: لا تدن من الأسد يأكلك بتقدير أن(3/455)
والأَمرُ إنْ كانَ بغيرِ افعَل فلا ... تَنصِبْ جَوابَهُ وجَزْمَهُ اقْبَلا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تشرف يصبك سهم، وقوله عليه الصلاة والسلام: "من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مسجدنا يؤذنا بريح الثوم"، فجزمه على الإبدال من فعل النهي لا على الجواب، على أن الرواية المشهورة في الثاني يؤذينا بثبوت الياء.
تنبيهان: الأول قال في شرح الكافية: لم يخالف في الشرط المذكور غير الكسائي. وقال المرادي: وقد نسب ذلك إلى الكوفيين. الثاني: شرط الجزم بعد الأمر صحة وضع إن تفعل، كما أن شرطه بعد النهي صحة وضع إن لا تفعل، فيمتنع الجزم في نحو: أحسن إلي لا أحسن إليك، فإنه لا يجوز إن تحسن إلي لا أحسن إليك لكونه غير مناسب وكلام التسهيل يوهم إجراء خلاف الكسائي فيه ا. هـ. "والأمر إن كان بغير افعل" بأن كان بلفظ الخبر أو باسم فعل أو باسم غيره "فلا تنصب جوابه" مع الفاء كما تقدم "وجزمه اقبلا" عند حذفها. قال في شرح الكافية: بإجماع، وذلك نحو: قوله تعالى: {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ} [الصف: 11، 12] ، وقوله: اتقي الله امرؤ فعل خيرًا يثب عليه. وقوله:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تدن بغر نفي واحتج بنحو: الأثر والحديث الآتيين وسيأتي الجواب عنهما وبالقياس على النصب فإنه يجوز لا تدن من الأسد فيأكلك, ورد البصريون القياس بأنه لو صح القياس على النصب لصح الجزم بعد النفي قياسًا له على النصب. قال في التصريح: وفي الرد نظر فإن الكوفيين قائلون بجواز الجزم بعد النفي. قوله: "بريح الثوم" بضم المثلثة. قوله: "على الإبدال" أي: إبدال الاشتمال تصريح. قوله: "بعد الأمر" غير الأمر من أنواع الطلب غير النهي كالأمر في الشرط المذكور نحو: أين بيتك أزرك أي: إن تعرفنيه أزرك بخلاف أين بيتك أضرب زيدًا في السوق إذ لا معنى لقولك أن تعرفنيه أضرب زيدًا في السوق وقس الباقي نقله شيخنا عن بعضهم. قوله: "يوهم إجراء إلخ" قال الدماميني: فيجوز عنده أي: الكسائي أسلم تدخل النار بمعنى إن لم تسلم تدخل النار وبجريان خلاف الكسائي فيه أيضًا صرح صاحب الهمع والرضي مقيدًا تجويزه في القسمين بقيام القرينة.
قوله: "فلا تنصب جوابه" أي: عند الأكثرين كما سيذكره الشارح فلا نصب في نحو: صه فأحسن إليك ونزل فتصيب خيرًا بل يجب الرفع إذ لا يتصيد من اسم الفعل مصدر يعطف عليه ما بعد الفاء لو نصب لجمود اسم الفعل غالبًا. قوله: "مع الفاء" قيد بها مع أن الواو كذلك لأجل قوله: وجزمه اقبلا فإن الجزم خاص بما إذا كان الساقط الفاء كما مر في قوله: وجزمًا اعتمد. أن تسقط الفاء. إلخ. قوله: " {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} إلخ" هذا هو صواب التلاوة وفي بعض النسخ زيادة من وهي غير صواب والجزم في جواب تؤمنون وتجاهدون؛ لأنهما بمعنى الأمر لا في جواب الاستفهام؛ لأن غفران الذنوب لا يتسبب عن الدلالة بل عن الإيمان والجهاد وقيل الجزم في جوابه تنزيلًا للسبب منزلة المسبب وهو الامتثال.(3/456)
والفعلُ بعدَ الفاءِ في الرَّجا نُصِبْ ... كنصْبِ ما إلى التمَنِّي يَنْتَسِبْ
__________
1096- مَكانَكِ تُحْمَدِي أو تَسْتَرِيحي
وقولهم: حسبك الحديث ينم الناس، فإن المعنى: آمنوا، وليتق، واثبتي، واكفف.
تنبيهان: الأول أجاز الكسائي النصب بعد الفاء المجاب بها اسم فعل أمر نحو: صه، أو خبر بمعنى الأمر نحو: حسبك. وذكر في شرح الكافية أن الكسائي انفرد بجواز ذلك، لكن أجازه ابن عصفور في جواب نزال ونحوه من اسم الفعل المشتق وحكاه ابن هشام عن ابن جني، فالذي انفرد به الكسائي ما سوى ذلك. الثاني أجاز الكسائي أيضًا نصب جواب الدعاء المدلول عليه بالخبر نحو: غفر الله لزيد فيدخله الجنة "والفعل بعد الفاء في الرجا نصب كنصب ما إلى التمني ينتسب" وفاقًا للفراء لثبوت ذلك سماعًا كقراءة حفص عن عاصم: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ، أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ} [غافر: 36، 37] ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: "مكانك" اسم فعل بمعنى اثبتي تحمدي أي: بالشجاعة أو تستريحي أي: بالقتل من آلام الدنيا والخطاب للنفس. قوله: "حسبك الحديث ينم الناس" حسبك إما اسم فاعل بمعنى كافيك وإما اسم فعل مضارع بمعنى يكفي, فقول الشارح: واكفف بيان للمراد من جملة المبتدأ والخبر أو من جملة اسم الفعل وفاعله لا لمعنى لفظ حسب. قوله: "نحو: حسبك" أي: مع قولك الحديث؛ لأن الخبر الذي بمعنى الأمر جملة حسبك الحديث. قوله: "ونحوه من اسم الفعل المشتق" كضراب عمرًا فيستقيم فخرج نحو: صه فأحسن إليك. قوله: "بعد الفاء" قيد بذلك لعدم سماع النصب بعد
الواو في الرجاء وكذا بعدها في الطلب اهتمامًا بشأنه لكون البصريين خالفوا فيه. قوله: "كقراءة حفص إلخ" لا حجة فيه لجواز نصب أطلع جوابًا لقوله ابن أو عطفًا على الأسباب على حد:
ولبس عباءة وتقر عيني
أو عطفًا على المعنى في لعلي أبلغ فإن خبر لعل يقترن بأن كثيرًا نحو: فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض ا. هـ. زكريا والاحتمال الثالث يأتي في الآية الثانية وفي الرجز وهذا
__________
1096- صدره:
وقولي كُلَّما جَشَأْت وجاشَتْ
والبيت من الوافر، وهو لعمرو بن الإطنابة في إنباه الرواة 3/ 281؛ وحماسة البحتري ص9؛ والحيوان 6/ 425؛ وجمهرة اللغة ص1095؛ وخزانة الأدب 2/ 428؛ والدرر 4/ 84؛ وديوان المعاني 1/ 114؛ وسمط اللآلي ص574؛ وشرح التصريح 2/ 243؛ وشرح شواهد المغني ص546؛ ومجالس ثعلب ص83؛ والمقاصد النحوية 4/ 415؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 189؛ والخصائص 3/ 35؛ وشرح شذور الذهب ص447، 534؛ وشرح قطر الندى ص117؛ وشرح المفصل 4/ 74؛ ولسان العرب 1/ 48 "جشأ"؛ ومغني اللبيب 1/ 203؛ والمقرب 1/ 273؛ وهمع الهوامع 2/ 13.(3/457)
وإنْ على اسمٍ خالِصٍ فِعْلٌ عُطِفْ ... تَنْصِبُهُ أنْ ثابِتا أو مُنْحَذِفْ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وكذلك: {لَعَلَّهُ يَزَّكَّى، أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى} [عبس: 3] ، وقول الراجز أنشده الفراء:
1097- عَلَّ صُروفَ الدَّهرِ أو دُوَلاتِها ... تُدِلننا اللَّمَّةُ من لَمَّاتِها
فَتَستَرِيحَ النفسُ من زَفراتِها
ومذهب البصريين أن الرجاء ليس له جواب منصوب وتأولوا ذلك بما فيه بعد، وقول أبي موسى: وقد أشربها معنى ليت من قرأ فأطلع نصبًا: يقتضي تفصيلًا.
تنبيه: القياس جواز جزم جواب الترجي إذا سقطت الفاء عند من أجاز النصب. وذكر في الارتشاف أنه قد سمع الجزم بعد الترجي، وهو يدل على صحة ما ذهب إليه الفراء. ا. هـ. "وإن على اسم خالص فعل عطف تنصبه أن ثابتًا أو منحذف" فعل رفع
ـــــــــــــــــــــــــــــ
معنى قول الشارح الآتي: وتأولوا بما فيه بعد. قوله: "عل صروف إلخ" أي: لعل حوادث الدهر, والدولات جمع دولة قال أبو عبيدة: الدولة بالضم اسم الشيء الذي يتداول يكون مرة لهذا ومرة لهذا, والدولة بالفتح الفعل. وقال أبو عمرو بن العلاء: الدولة بضم الدال في المال وبفتحها في الحرب وقيل هما واحد كذا في المختار, قال زكريا: وتدلننا من الأدالة هي الغلبة والنصر واللمة بالفتح الشدة وهي مفعول ثان لتدلننا. والشاهد في فتستريح, والزفرات جمع زفرة وهي الشدة وسكنت الفاء للضرورة ا. هـ. وقوله: وهي مفعول ثان غير ظاهر وإن تبعه شيخنا والبعض. والظاهر أنه منصوب بنزع الخافض أي: باللمة إن أريد بالأدالة الغلبة ولعل قصد الشاعر على هذا ترجي الموت ليستريح من مشقات الدنيا أو ترجي اشتداد الكرب ليعقبه الفرد فيستريح من الكروب كما قال تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 5] ، أو على اللمة أو باللمة النازلة بالعدا إن أريد بالأدالة النصر والمعنى عليه ظاهر وقوله وهي الشدة في كلام الدماميني والشمني أنها إدخال النفس بشدة والشهيق إخراجه.
قوله: "يقتضي تفصيلًا" وهو أن الترجي إن أشرب معنى التمني نصب الفعل بعد الفاء في جوابه وإلا فلا. قوله: "على صحة ما ذهب إليه الفراء" من نصب الفعل بعد الفاء في جواب الترجي؛ لأن الجزم فرع النصب. قوله: "ينصبه أن" ينبغي أن يضبط بالياء التحتية؛ لأنه اعتبر تذكير أن لكونه حرفًا أو لفظًا بدليل قوله: ثابتًا أو منحذف كذا ذكره شيخنا وتبعه البعض, والظاهر أنه لا يتعين بل يجوز ضبطه بالتاء الفوقية على تأويل أن بالكلمة فيكون قوله: ثابتًا أو منحذف على تذكير أن بعد تأنيثها قال السيوطي: قال ابن هشام: ظاهر كلام المصنف وجوب النصب ويشكل عليه القراءة بالرفع "أَوْ يُرْسِلُ رَسُولًا" والجواب أنه حينئذ مسنأنف لا معطوف على الاسم ا. هـ. ويلزمه
__________
1097- الرجز بلا نسبة في الإنصاف 1/ 220؛ والخصائص 1/ 316؛ والجنى الداني ص584؛ ورصف المباني ص249؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 407؛ وشرح شواهد المغني 1/ 454؛ وشرح عمدة الحافظ ص339؛ واللامات ص135؛ ولسان العرب 11/ 473 "علل"، 12/ 550 "لمم"؛ والمقاصد النحوية 4/ 396.(3/458)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بالنيابة بفعل مضمر يفسره الفعل بعده وينصبه جواب الشرط، وأن بالفتح فاعل ينصبه، وثابت حال من أن، ومنحذف عطف عليه وقف عليه بالسكون للضرورة، أي: ينصب الفعل بأن مضمرة جوازًا في مواضع -وهي خمسة- كما ينصب بها مضمرة وجوبًا في خمسة مواضع وقد مرت. فالأول من مواضع الجواز: بعد اللام إذا لم يسبقها كون ناقص ماض منفي ولم يقترن الفعل بلا وقد سبق في قوله: وإن عدم لا فأن اعمل مظهرًا أو مضمرًا. والأربعة الباقية هي المرادة بهذا البيت وهي أن تعطف الفعل على اسم خالص بأحد هذه الحروف الأربعة: الواو والفاء وثم، نحو: قوله:
1098- لَلِبْسُ عَبَاءَةٍ وتَقَرَّ عَينِي ... أَحَبُّ إليَّ مِنْ لِبسِ الشُّفوفِ
ونحو: أو يرسل رسولًا في قراءة غير نافع بالنصب عطفًا على وحيا، ونحو قوله:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أن تكون أو للاستئناف. قوله: "وينصبه جواب الشرط" ورفع لكون فعل الشرط ماضيًا كما يأتي في قوله:
وبعد ماض رفعك الجزا حسن
قوله: "بالسكون للضرورة" أي: عند غير ربيعة أما عندهم فالسكون لغة ويحتمل أن المصنف جرى عليها. قوله: "على اسم خالص" أي: من شائبة الفعلية بأن لا يكون في تأويل الفعل وهو الجامد. قوله: "للبس عباءة إلخ" الصحيح وليس بواو العطف والشفوف بضم الشين المعجمة وبالفاءين الثياب الرقاق ا. هـ. عيني ومنه:
ولولا رجال من رزام أعزه ... وآله سبيع أو أسوءك علقمًا
بنصب أسوءك فلا يشترط خصوص المصدر كما سيذكره. قوله: "عطفًا على وحيًا" استثناء الوحي والإرسال من التكليم منقطع؛ لأنهما ليسا منه وقوله: إلا وحيًا أي: إلهامًا كما وقع لأم موسى وقوله: {أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} " أي: أو تكليمًا من وراء حجاب كما وقع لموسى عليه الصلاة والسلام, وقوله: أو يرسل أي: إرسال كما هو عادة الأنبياء وجعل في المغني الاستثناء مفرغًا فقال كان في الآية تحتمل النقصان والتمام والزيادة وهي أضعفها فعلى النقصان الخبر أما البشر ووحيًا
__________
1098- البيت من الوافر، وهو لميسون بن جندل في خزانة الأدب 8/ 503، 504؛ والدرر 4/ 90؛ وسر صناعة الإعراب 1/ 273؛ وشرح التصريح 2/ 244؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1477، وشرح شذور الذهب ص405؛ وشرح شواهد الإيضاح ص250؛ وشرح شواهد المغني 2/ 653؛ ولسان العرب 13/ 408 "مسن"؛ والمحتسب 1/ 326؛ ومغني اللبيب 1/ 267؛ والمقاصد النحوية 4/ 397؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 4/ 277؛ وأوضح المسالك 4/ 192؛ والجنى الداني ص157؛ وخزانة الأدب 8/ 523؛ والرد على النحاة ص128؛ ورصف المباني ص423؛ وشرح ابن عقيل ص576؛ وشرح عمدة الحافظ ص344؛ وشرح قطر الندى ص65؛ وشرح المفصل 7/ 25؛ والصاحبي في فقه اللغة ص112، 118؛ والكتاب 3/ 45؛ والمقتضب 2/ 27.(3/459)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1099- لولا تَوَقُّعَ مُعتَرٍّ فَأُرْضِيَهُ ... ما كنتُ أُوثِرُ أَتْرابًا على تِرْبِ
وكقوله:
1100- إني وقَتْلي سُليكًا ثُمّ أَعْقِلَهُ ... كالثورِ يُضْربُ لمّا عافَتِ البَقَرُ
والاحتراز بالخالص من الاسم الذي في تأويل الفعل نحو: الطائر فيغضب زيد الذباب فيغضب واجب الرفع؛ لأن الطائر في تأويل الذي يطير ومن العطف على المصدر المتوهم فإنه يجب فيه إضمار إن كما مر.
تنبيهات: الأول إنما قال على اسم ولم يقل على مصدر كما قال بعضهم ليشمل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
استثناء مفرغ من الأحوال فمعناه موحيًا أو موحى إليه على كونه حالًا من الفاعل أو المفعول وقوله: أو من وراء حجاب أي: أو مكلمًا من وراء حجاب وقوله: أو يرسل رسولًا أي: أو إرسالًا لملك الوحي إليه أي: أو مرسلًا أو مرسلًا وإما وحيًا والتفريغ في الإخبار أي: ما كان تكليمهم إلا إيحاء أو تكليمًا من وراء حجاب أو إرسالًا وجعل الإيحاء والإرسال تكليمًا على حذف مضاف أي: تكليمم وحي أو تكليم إرسال ولبشر على هذا تبيين فهو خبر لمحذوف أي: إرادتي لبشر أو مفعول لمحذوف أي: لبشر أعني وعلى التمام فالتفريغ في الأحوال من الفاعل أو المفعول ولبشر تبيين أو متعلق بكان التامة وعلى الزيادة فالتفريغ في الأحوال من الضمير المستتر في لبشر الواقع خبر لأن يكلمه الله ا. هـ. ملخصًا مع تغيير وزيادة من الدماميني والشمني وغيرهما.
قوله: "لولا توقع معتر إلخ" المعتر بالعين المهملة المتعرض لسؤال المعروف, والأتراب جمع ترب بكسر الفوقية وهو الموافق في العمر. قوله: "إني وقتلي سليكًا" أي: لأجل تحصيل غرض غيري وسليك بالتصغير اسم رجل. والشاهد في نصب أعقله أي: أعطي ديته, وعافت كرهت أي: أن البقر كرهت شرب الماء وامتنعت منه لا تضرب؛ لأنها ذات لبن وإنما يضرب الثور لتفزع هي فتشرب ووجه الشبه أن كلا حصل له ضرر الأجل نفع غيره. قوله: "في تأويل الذي يطير" لأنه صلة أل وصلتها في تأويل الفعل. قوله: "ومن العطف على المصدر المتوهم" قد يقال المصدر المتوهم يصدق عليه أنه اسم خالص فكيف يحترز عنه بالخالص ويجاب بأن المراد اسم خالص موجود؛ لأنه المتبادر من قولنا اسم خالص والمتوهم ليس بموجود فافهم. قوله: "كما قال
__________
1099- البيت من البسيط، وهو بلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 194؛ والدرر 4/ 92؛ وشرح التصريح 2/ 244؛ وشرح شذور الذهب ص405؛ وشرح ابن عقيل ص577؛ والمقاصد النحوية 4/ 398؛ وهمع الهوامع 2/ 17.
1100- البيت من البسيط، وهو لأنس بن مدركة في الأغاني 2/ 357؛ والحيوان 1/ 81؛ والدرر 4/ 93؛ وشرح التصريح 2/ 244؛ ولسان العرب 4/ 109 "ثور"، 8/ 380 "وجع"، 9/ 260 "عيف"؛ والمقاصد النحوية 4/ 399؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 4/ 195؛ وخزانة الأدب 2/ 462؛ وشرح شذور الذهب 406؛ وشرح ابن عقيل ص577؛ ولسان العرب 4/ 110 "ثور"؛ وهمع الهوامع 2/ 17.(3/460)
وشَذَّ حَذفُ أنْ ونَصْبٌ في سِوى ... ما مَرَّ فاقْبَل مِنْهُ ما عَدْلٌ رَوَى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
غير المصدر فإن ذلك لا يختص به، فتقول لولا زيد ويحسن إلي لهلكت. الثني يجوز في قوله: فعل عطف فإن المعطوف في الحقيقة إنما هو المصدر. الثالث: أطلق العاطف ومراده الأحرف الأربعة إذ لم يسمع في غيرها "وشذ حذف أن ونصب سوى ما مر فاقبل منه ما عدل روى" أي: حذف أن مع النصب في غير المواضع العشرة المذكورة شاذ لا يقبل منه إلا ما نقله العدول كقولهم: خذ اللص قبل أن يأخذك، ومره يحفرها، وقول بعضهم تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، وقراءة بعضهم: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ} [الأنبياء: 18] وقرءة الحسن: "قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدَ" [الزمر: 64] ومنه قوله:
1101- ونَهْنَهْتُ نَفْسِي بعدَ ما كدتُ أَفْعَلَهْ
تنبيهات: الأول أفهم كلامه أن ذلك مقصور على السماع لا يجوز القياس عليه وبه صرح في شرح الكافية, وقال في التسهيل: وفي القياس عليه خلاف. الثاني أجاز ذلك
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بعضهم" تبع الفارضي هذا البعض فاشترط المصدرية. قوله: "إنما هو المصدر" أي: المؤول من أن والفعل. قوله: "في سوى ما مر" أي: وسوى ما يأتي في الباب الآتي من جواز نصب الفعل المقرون بالفاء أو الواو بعد الشرط والجزاء ا. هـ. زكريا وسينبه عليه الشارح بقوله: الرابع إلخ قال سم: أي: وسوى الفعل بعد كي التعليلية فإن المصنف لم يتعرض لها فيما سبق.
قوله: "المواضع العشرة" ي مواضع وجوب إضمار أن الخمسة ومواضع جواز إضمارها الخمسة. قوله: "وقراءة بعضهم بل نقذف إلخ" أي: بنصب يدمغه ا. هـ. فارضي. قوله: "أعبد" أي: أن أعبد وانتصاب غير في هذه القراءة من رفع أعبد لا يكون بأعبد؛ لأن الحرف المصدري محذوف إما مع بقاء أثره في قراءة النصب أو مع ذهابه في قراءة الرفع, والصلة لا تعمل فيما قبل الموصول بل بتامروني وأن أعبد بدل اشتمال منه أي: تأمروني غير الله عبادته. دماميني. قوله: "ونهنهت" أي: زجرت وما في بعد ما كدت أفعله مصدرية أي: بعد قربي من الفعل وقال المبرد: أراد أفعلها برفع الفعل فنقل فتحة الهاء إلى اللام وحذف الألف وحينئذ لا شاهد فيه. قوله: "الثاني أجاز ذلك" أي: القياس عليه الكوفيون ومن وافقهم ولا وجه لإفراد هذا بتنبيه مع أنه من
__________
1101- صدره:
فَلَمْ أرَ مِثلها خُباسَةَ واحدٍ
والبيت من الطويل، وهو لامرئ القيس في ملحق ديوانه ص471؛ وله أو لعمرو بن جؤين في لسان العرب 6/ 62 "خبس"؛ ولعامر بن جؤين في الأغاني 9/ 93؛ وشرح أبيات سيبويه 1/ 337؛ والكتاب 1/ 307؛ والمقاصد النحوية 4/ 401؛ ولعامر بن جؤين أو لبعض الطائيين في شرح شواهد المغني 2/ 931؛ ولعامر بن الطفيل في الإنصاف 2/ 561؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص148؛ وجمهرة اللغة ص289؛ والدرر 1/ 177؛ ورصف المباني ص113؛ ومغني اللبيب 2/ 640؛ والمقرب 1/ 270؛ وهمع الهوامع 1/ 58.(3/461)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الكوفيون ومن وافقهم. الثالث كلامه يشعر بأن حذف أن مع رفع الفعل ليس بشاذ، وهو ظاهر كلامه في شرح التسهيل فإنه جعل منه قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا} [الروم: 24] ، قال: فيريكم صلة لأن حذفت وبقي يريكم مرفوعًا، وهذا هو القياس؛ لأن الحرف عامل ضعيف فإذا حذف بطل عمله هذا كلامه، وهذا الذي قاله مذهب أبي الحسن أجاز حذف أن ورفع الفعل دون نصبه وجعل منه قوله تعالى: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ} [الزمر: 64] ، وذهب قوم إلى أن حذف أن مقصور على السماع مطلقًا فلا يرفع ولا ينصب بعد الحذف إلا ما سمع، وإليه ذهب متأخرو المغاربة، قيل وهو الصحيح. الرابع: ما ذكره من أن حذف أن والنصب في غير ما مر شاذ ليس على إطلاقه لما ستعرفه في قوله في باب الجوازم: والفعل من بعد الجزاء إن يقترن. إلخ ا. هـ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تتمة التنبيه قبله فكان ينبغي حذف قوله الثاني.
قوله: "وهو ظاهر كلامه في شرح التسهيل" اعلم أن قوله في شرح التسهيل: وهذا هو القياس يحتمل رجوعه إلى ما ذكر قبله من حذف أن ورفع الفعل فيفيد كلامه قياسية الحذف والرفع, ويحتمل رجوعه إلى رفع الفعل فقط. ويؤيد هذا الاحتمال أمران: قرب الرفع إلى اسم الإشارة والتعليل بقوله: لأن الحرف عامل ضعيف إلخ وعلى هذا لا يفيد كلامه إلا قياسية الرفع دون قياسية الحذف لجواز أن يكون معنى قياسية الرفع كما قال سم أنه بعد ارتكاب الحذف الشاذ يكون القياس الرفع فلا تدل حينئذ قياسية الرفع على قياسية الحذف إذا عرفت ذلك عرفت أن قول الشارح ظاهر ممنوع. لأن ظاهر كلامه الاحتمال الثاني الذي لا يفيد الكلام علي قياسية الحذف, اللهم إلا أن يقال الظاهر فيما بني عليه أمر قياسي أن يكون قياسيا, هذا وفي الفارضي أن كون حذفها مع رفع الفعل ليس بشاذ مذهب الأخفش فتفطن.(3/462)
الفهرس:
3 الصفة المشبهة باسم الفاعل
22 التعجب
38 نعم وبئس وما جرى مجراهما
62 أفعل التفضيل
82 النعت
107 التوكيد
125 العطف
131 عطف النسق
183 البدل
197 النداء
218 فصل تابع المنادى ذي الضم المضاف دون أل
230 المنادى المضاف إلى ياء المتكلم
236 أسماء لازمت النداء
241 الاستغاثة
248 الندبة
254 الترخيم
274 الاختصاص
278 التحذير والإغراء
287 أسماء الأفعال والأصوات
314 نونا التوكيد
335 ما لا ينصرف
405 إعراب الفعل
463 فهرس المحتويات(3/463)