سلسلة الحقائق الغائبة - 2
التقية..الوجه الآخر
فيصل نور
الإهداء
شر الأزمنة أن يتبجح الجاهل، ويسكت العاقل، ولكن القبة الجوفاء لا ترجع غير الصدى.
فإلى القباب غير الجوفاء أهدي هذا الكتاب.
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، واشهد أن محمد عبده ورسوله.
أما بعد، فإن اصدق الحديث كتاب الله، واحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
قال تعالى: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ..[المائدة: 82].
فمنذ ان قدم الله عزوجل اليهود على الذين اشركوا في عداوتهم للمسلمين، عرفنا أنه لا بد من أن يقف اليهود ومن ورائهم كل قوى الظلام المنضوية تحت راياتهم من مجوس وهندوس وغيرهم من ملل الشرك في صف أعداء الإسلام ليطفئوا نوره.
ولم يتوانى هؤلاء في إظهار عداوتهم، فقد فعلها طلائعهم في مهد الإسلام فهذا حُيَيّ بن أخطب أحد زعماء اليهود نظر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقدم للقتل، ضمن من قتل من يهود بني قريظة، وقال: أما والله ما لُمتُ نفسي في عداوتك ولكنه من يخذل الله يُخذل.(1/1)
عرفها إبن أخطب وعرفها أذنابه يوم أن إنتكست راياتهم تحت سيوف الرعيل الأول من المسلمين وعرفها بعد ذلك المنضوين تحت رايات الشرك يوم أن إنكسرت شوكتهم وتوالت هزائمهم في القادسية واليرموك وفتح مصر وشمال افريقيا وفارس، وغيرها، عرفوا أن هذا النور لن توقفها جحافلهم مهما بلغت ولن تصمد أمامها جيوشهم مهما قويت، فرأوا أن الكيد للإسلام بالحيلة أنجح، فبدءوا مخططاتهم في الخفاء، فكان إستشهاد الفاروق عمر، وعثمان ذي النورين، وعلي المرتضى رضي الله عنهم أجمعين، تلك النجوم الزاهرة قادة الفتح الذين أذلوهم وأزالوهم وحضارتهم بأمجادها الزائلة أصلاً بعد أن كانوا سادة الدنيا، ثم عمدوا إلى النيل من هذا الدين لإطفاء نوره، وأنى لهم والله يقول: يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [التوبة:32]. فشرعوا في تشكيك المسلمين وفتنتهم عن دينهم، فكان أيسر السبل إلى ذلك هو النفاق، بضاعتهم التي اشتهروا بها، فأظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر، قال تعالى: وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [آل عمران:72]. فكان لهم إلى حد بعيد ما ارادوه، فمازال كيدهم في هذا الإتجاه يؤتي أكله ولكن إلى حين.(1/2)
وإنظوى تحتهم في نهجهم هذا كل الموتورين والحاقدين على هذا الدين فأستمرؤا اللعبة، قال تعالى: وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إلى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ [البقرة:14]. فإنطلت أحابيلهم في هذا المنوال على بعض ضعاف النفوس الذين لم تشرأب نفوسهم حقيقة هذا الدين فأخرجوا من أخرجوا عن دائرة الإسلام، واجتهدوا في إبقاء من عجزوا عن الكيد به بمنأى عن سائر المسلمين فأصّلوا لهم أصولا وقعّدوا لهم قواعد ووضعوا لهم عقائد ماأنزل الله بها من سلطان، فميزتهم عن سائر بني جلدتهم، وشذوا بها عنهم، كل ذلك من خلال إظهار الإيمان وإبطان خلافه تارة، وأخرى بتقنعهم بولاءات شتى بإسم الدين كالتشيّع لآل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، حيث وجدت هذه الدعوات صدى عند الكثيرين من الذين صادفت أهوائهم وأغراضهم.
فلما وجد اعداء الإسلام أن الكثير من عقائد المسلمين قد تسربت إلى هؤلاء الذين راموا إخراجهم عن دائرة الإسلام، عمدوا إلى صرف كل ما تعارض مع مخططاتهم مما صدر عن الأئمة الذين تشيعوا لهم بإسم الإسلام، بحجة أن ذلك كان منهم تقيةً مبعثها القهر والظلم والإستبداد الذي حاق بهم من الحكام الذين تولّوا إمرة المؤمنين عبر التاريخ.
فكان أن بقيت هذه الطوائف بسبب عقيدة التقية هذه، بعيدة عن إخوانهم في الدين فألتبس عليهم أمر دينهم وأختلط الحق بالباطل في أحكامهم فضاعت معالمها، وترسخت بمرور الزمن في نفوسهم لتقاعس علمائها، فغدت ملاذ آمن لطلاب الدنيا الذين جعلوا هذه الرخصة هي جُل الدين لتيّسر لهم الأرضية التي تضمن بقائهم، ومعها مصالحهم من حطام الدنيا الزائلة.(1/3)
ونحن إن شاء الله تعالى في هذا الكتاب سنتناول مسألة التقية عند المسلمين عامة وعند الشيعة خاصه بإعتبار أنها من ضروريات مذهبهم، ونبين حقيقتها، وذلك في بابين، الاول تعريف التقية ومشروعيتها من الكتاب والسنة وأقوال علماء المسلمين من شيعة وسنة فيها، ثم بيان حقيقة التقية عند الشيعة ومنزلتها وجذورها التاريخية، ثم ذكر نماذج للتطبيقات العملية في ذلك، والباب الآخر دراسة الأسس الروائية لمبدأ التقية عند الشيعة وبيان تهافت أسانيدها، ومن ثم تهافت الأصول التي بنى عليها علماء مذهب التشيع هذا المبدأ، وأخيرا بيان تعارض وخلاف تقية الشيعة مع الكتاب والسنة.
ونسأل الله أن يوفقنا لما فيه الخير، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
فيصل نور
1419 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الباب الأول
التعريف والمشروعية.
في لسان العرب مادة وقى: اتّقيت الشيءَ وتقَيْتُه أتّقيه وأتْقيه تقًى وتُقاة - حذِرته.
ويقول إبن الأثير: وأصل اتقى: أوتقى فقلبت الواو ياء لكسرة قبلها ثم أبدلت تاء وادغمت، ومنه حديث على بن أبي طالب رضي الله عنه: كنا إذا احمر البأس إتقينا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أي جعلناه وقاية من العدو.
وقال الراغب الإصفهاني: الوقاية: حفظ الشيء مما يؤذيه ويضره، يقال وقيت الشيء، أقيه وقاية ووقاء. وفي المعجم الوسيط: ووقى الشيء وقيا ووقاية: صانه عن الأذى وحماه. والتقية الخشية والخوف.
ويقول إبن حجر: ومعنى التقية الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وغيره للغير، واصله وقية بوزن حمزة فعله من الوقاية .
مشروعية التقية من الكتاب والسنة.
وأصل مشروعية التقية مأخوذ من كتاب الله عزوجل، وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم.(1/4)
يقول الله عزوجل: لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ [آل عمران:28]
ويقول: مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل : 106]
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن الله وضع – وفي لفظ: تجاوز – عن أمتي الخطأ والنسيان وما إستكرهوا عليه.
أقوال علماء أهل السُنة في التقية.
يقول إبن كثير في تفسير الآيات: أي من خاف في بعض البلدان والأوقات من شرهم –أي الكافرون- فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته، وقال الثوري: قال إبن عباس: ليس التقية بالعمل إنما التقية باللسان، وكذا قال أبوالعالية وابوالشعثاء والضحاك والربيع بن أنس ويؤيد ما قالوه قول الله تعالى: من كَفَرَ بِالله مِن بَعدِ إيمانه إلا مَن أكرِه وقلبه مطمئن بالإيمان، هو إستثناء ممن كفر بلسانه ووافق المشركين بلفظه مكرها لما ناله من ضرب واذي وقلبه يأبى ما يقول وهو مطمئن بالإيمان بالله ورسوله، والآية نزلت في عمار بن ياسر رضي الله عنه حين عذبه المشركون حتى يكفر بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم فوافقهم على ذلك مكرها وجاء معتذرا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: كيف تجد قلبك؟ قال: مطمئنا بالإيمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن عادوا فعد.(1/5)
ولهذا اتفق العلماء على أن من أُكره على الكفر يجوز له أن يوالي ابقاء لمهجته ويجوز أن يأبى كما كان بلال رضي الله عنه يأبى عليهم ذلك وهم يفعلون فيه الأفاعيل ويأمرونه بالشرك بالله فيأبى عليهم ويقول: أحد أحد، ويقول: والله لو اعلم كلمة هي اغيظ لكم منها لقلتها، وكذلك حبيب بن زيد الأنصاري لما قال له مسيلمة الكذاب: اتشهد اني رسول الله؟ فيقول: لا اسمع، فلم يزل يقطعه إرباً إربا وهو ثابت على ذلك.
ويقول الشوكاني: إلا إن تتقوا منهم تقاة، دليل على جواز الموالاة لهم مع الخوف منهم ولكنها تكون ظاهراً لا باطنا وخالف في ذلك قوم من السلف فقالوا: لا تقية بعد أن اعز الله الإسلام.
ويقول القرطبي: قال معاذ بن جبل ومجاهد: كانت التقية في جدة الإسلام قبل قوة المسلمين فاما اليوم فقد اعز الله الإسلام أن يتقوا من عدوهم، وقال إبن عباس: هو أن يتكلم بلسانه وقلبه مطمئن ولا يقتل ولا يأتي مأثما، وقال الحسن: التقية جائزة للإنسان إلى يوم القيامة، ولا تقية في القتل، وقيل: إن المؤمن إذا كان قائما بين الكفار فله أن يداريهم باللسان إذا كان خائفا على نفسه وقلبه مطمئن بالإيمان.
والتقية لا تحل إلا مع خوف القتل أو القطع أو الإيذاء العظيم ومن أُكره على الكفر فالصحيح أن له أن يتصلب ولا يجيب إلى التلفظ بكلمة الكفر. وقال: اجمع أهل العلم على أن من أُكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل انه لا إثم عليه إن كفر وقلبه مطمئن بالإيمان ولا تبين منه زوجته ولا يحكم بحكم الكفر، هذا قول مالك والكوفيين والشافعي، غير محمد بن الحسن فأنه قال: إذا اظهر الشرك كان مرتدا في الظاهر، وفيما بينه وبين الله تعالى على الإسلام، وتبين منه إمراته ولا يصلى عليه إن مات، ولا يرث أباه إن مات مسلما.(1/6)
وهذا قول يرده الكتاب والسنة . وقال: ذهبت طائفة من العلماء إلى أن الرخصة انما جاءت في القول، واما في الفعل فلا رخصة فيه، يروى هذا عن الحسن اليصري والأوزاعي وسحنون. وقالت طائفة: الإكراه في الفعل والقول سواء إذا اسر الإيمان. وقال: اجمع العلماء على أن من أُكره على الكفر فأختار القتل أنه عظم أجراً عند الله ممن إختار الرخصة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه فما يصده ذلك عن دينه والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون.(1)
ويقول الخازن: التقية لا تكون إلا مع خوف القتل مع سلامة النية، قال تعالى: إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان، ثم هذه التقية رخصة.
ويقول الزمخشري: رخص لهم في موالاتهم إذا خافوهم، والمراد بتلك الموالاة مخالفة ومعاشرة ظاهرة والقلب مطمئن بالعداوة والبغضاء وإنتظار زوال المانع.
ويقول الثعلبي: وأنكر قوم التقية اليوم : فقال معاذ بن جبل عن مجاهد: كانت التقية في جدة الإسلام قبل استحكام الدين وقوة المسلمين، فأما اليوم فقد أعز الله عز وجل الإسلام، فليس ينبغي لأهل الإسلام أن يتقوا من عدوهم . وقال يحيى البكاء : قلت لسعيد بن جبير في أيام الحجاج : إن الحسن كان يقول لكم : التقية باللسان والقلب مطمئن بالإيمان . قال سعيد : ليس في الإسلام تقية إنما التقية في أهل الحرب .
__________
(1) - سعد السعود ، لإبن طاووس 136 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 18 /210 ، ميزان الحكمة ، لمحمد الريشهري ، 1 /302 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 4 /153 ، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل ، لناصر مكارم الشيرازي ، 2 /97 ، إعلام الورى ، للطبرسي ، 1 /121(1/7)
ويقول الواحدي: ( إلا أن تتقوا منهم تقاة ) أي تقية هذا في المؤمن إذا كان في قوم كفار وخافهم على ماله ونفسه فله أن يخالفهم ويداريهم باللسان وقلبه مطمئن بالإيمان دفعا عن نفسه قال إبن عباس يريد مدارة ظاهرة.
ويقول السمعاني: ( إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير. قل إن تخفوا ) وقرئ: تقية ، ومعناهما واحد ، يعني: إلا أن يقع في أيديهم ، فيخافهم ، فيوافقهم باللسان وقلبه مطمئن بالإيمان ، فلا بأس به، ولكن لو صبر حتى قتل ، فله من الأجر العظيم ، ما الله به عليم.
وقد روى أن مسيلمة الكذاب أخذ رجلين من أصحاب رسول الله وقال لأحدهما : أتشهد أن محمدا رسول الله ؟ قال : نعم ، فقال : أتشهد أني رسول الله ؟ قال : نعم ، تقية منه ، فخلى سبيله . ثم قال للآخر : أتشهد أن محمد رسول الله فقال : نعم نعم نعم ، قال أتشهد أني رسول الله ، فقال : أنا أصم ، فقتله ؛ فبلغ ذلك رسول الله ، فذكر درجة الذي صبر على القتل ، وقال : إن الأول أخذ برخصة الله. وقد صح عن رسول الله : أنه قال: أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر. وقال : إن فضل الشهداء بعد شهداء أحد : من قام إلى سلطان جائر وأمره بالمعروف ، فقتله عليه.
ويقول البغوي: يعني إلا أن تخافوا منهم مخافة...ومعنى الآية أن الله تعالى نهى المؤمنين عن موالاة الكفار ومداهنتهم ومباطنتهم إلا أن يكون الكفار غالبين ظاهرين أو يكون المؤمن في قوم كفار يخافهم فيداريهم باللسان وقلبه مطمئن بالإيمان دفعا عن نفسه من غير أن يستحل دما حراما أو مالا حراما أو يظهر الكفار على عورة المسلمين والتقية لا تكون إلا مع خوف القتل وسلامة النية قال الله تعالى إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ثم هذا رخصة فلو صبر حتى قتل فله أجر عظيم.(1/8)
ويقول إبن عطية: ذهب جمهور المفسرين إلى أن معنى الآية ، إلا أن تخافوا منهم خوفاً وهذا هو معنى التقية. واختلف العلماء في التقية ممن تكون؟ وبأي شيء تكون؟ وأي شيء تبيح؟ فأما الذي تكون منه التقية فكل قادر غالب مكره يخاف منه ، فيدخل في ذلك الكفار إذا غلبوا وجورة الرؤساء والسلابة وأهل الجاه في الحواضر، قال مالك رحمه الله : وزوج المرأة قد يكره ، وأما بأي شيء تكون التقية ويترتب حكمها فذلك بخوف القتل وبالخوف على الجوارح وبالضرب بالسوط وبسائر التعذيب، فإذا فعل بالإنسان شيء من هذا أو خافه خوفاً متمكناً فهو مكره وله حكم التقية، والسجن إكراه والتقييد إكراه والتهديد والوعيد إكراه وعداوة أهل الجاه الجورة تقية ، وهذه كلها بحسب حال المكره وبحسب الشيء الذي يكره عليه ، فكم من الناس ليس السجن فيهم بإكراه ، وكذلك الرجل العظيم يكره بالسجن والضرب غير المتلف ليكفر فهذا لا تتصور تقيته من جهة عظم الشيء الذي طلب منه ، ومسائل الإكراه هي من النوع الذي يدخله فقه الحال ، وأما أي شيء تبيح فاتفق العلماء على إباحتها للأقوال باللسان. واختلف الناس في الأفعال ، فقال جماعة من أهل العلم منهم الحسن ومكحول ومسروق: يفعل المكره كل ما حمل عليه مما حرم الله فعله وينجي نفسه بذلك، وقال مسروق : فإن لم يفعل حتى مات دخل النار ، وقال كثير من أهل العلم منهم سحنون : بل إن لم يفعل حتى مات فهو مأجور وتركه ذلك المباح أفضل من استعماله.
وقال جمع كثير من العلماء التقية إنما هي مبيحة للأقوال ، فأما الأفعال فلا. روي ذلك عن إبن عباس والربيع والضحاك ، وروي ذلك عن سحنون وقال الحسن في الرجل يقال له: اسجد لصنم وإلا قتلناك ، قال ، إن كان الصنم مقابل القبلة فليسجد يجعل نيته لله ، فإن كان إلى غير القبلة فلا وإن قتلوه ، قال ابن حبيب: وهذا قول حسن.(1/9)
ويقول إبن الجوزي: قوله تعالى : ( إلا أن تتقوا منهم تقاة ) قرأ يعقوب ، والمفضل عن عاصم " تقية " بفتح التاء من غير ألف ، قال مجاهد : إلا مصانعة في الدنيا . قال أبو العالية : التقاة باللسان ، لا بالعمل . والتقية رخصة ، وليست بعزيمة . قال الإمام أحمد : وقد قيل : إن عرضت على السيف تجيب ؟ قال : لا . وقال : إذا أجاب العالم تقية ، والجاهل بجهل ، فمتى يتبين الحق ؟. وقال: الإكراه على كلمة الكفر يبيح النطق بها . وفي الإكراه المبيح لذلك عن أحمد روايتان : إحداهما : أنه يخاف على نفسه أو على بعض أعضائه التلف إن لم يفعل ما أمر به . والثانية : أن التخويف لا يكون إكراها حتى ينال بعذاب.
وإذ ثبت جواز " التقية " فالأفضل ألا يفعل ، نص عليه أحمد ، في أسير خير بين القتل وشرب الخمر ، فقال: إن صبر على القتل فله لشرف ، وإن لم يصبر ، فله الرخصة ، فظاهر هذا ، الجواز . وروى عنه الأثرم أنه سئل عن التقية في شرب الخمر فقال : إنما التقية في القول . فظاهر هذا أنه لا يجوز له ذلك . فأما إذا أُكره على الزنا ، لم يجز له الفعل ، ولم يصح إكراهه ، نص عليه أحمد . فإن أُكره على الطلاق ، لم يقع طلاقه ، نص عليه أحمد ، وهو قول مالك ، والشافعي .
ويقول الرازي: اعلم أن للتقية أحكاما كثيرة ونحن نذكر بعضها .
الحكم الأول : أن التقية إنما تكون إذا كان الرجل في قوم كفار ، ويخاف منهم على نفسه وماله فيداريهم باللسان ، وذلك بأن لا يظهر العداوة باللسان ، بل يجوز أيضاً أن يظهر الكلام الموهم للمحبة والموالاة ، ولكن بشرط أن يضمر خلافه ، وأن يعرض في كل ما يقول ، فإن التقية تأثيرها في الظاهر لا في أحوال القلوب .
الحكم الثاني للتقية : هو أنه لو أفصح بالإيمان والحق حيث يجوز له التقية كان ذلك أفضل ، ودليله ما ذكرناه في قصة مسيلمة .(1/10)
الحكم الثالث للتقية : أنها إنما تجوز فيما يتعلق بإظهار الموالاة والمعاداة ، وقد تجوز أيضاً فيما يتعلق بإظهار الدين فأما ما يرجع ضرره إلى الغير كالقتل والزنا وغصب الأموال والشهادة بالزور وقذف المحصنات واطلاع الكفار على عورات المسلمين ، فذلك غير جائز البتة .
الحكم الرابع : ظاهر الآية يدل أن التقية إنما تحل مع الكفار الغالبين إلا أن مذهب الشافعي رضي الله عنه أن الحالة بين المسلمين إذا شاكلت الحالة بين المسلمين والمشركين حلت التقية محاماة على النفس .
الحكم الخامس : التقية جائزة لصون النفس ، وهل هي جائزة لصون المال يحتمل أن يحكم فيها بالجواز ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " حرمة مال المسلم كحرمة دمه " ولقوله صلى الله عليه وسلم : " من قتل دون ماله فهو شهيد " ولأن الحاجة إلى المال شديدة والماء إذا بيع بالغبن سقط فرض الوضوء ، وجاز الاقتصار على التيمم دفعا لذلك القدر من نقصان المال ، فكيف لا يجوز ههنا والله أعلم .
الحكم السادس : قال مجاهد : هذا الحكم كان ثابتا في أول الإسلام لأجل ضعف المؤمنين فأما بعد قوة دولة الإسلام فلا ، وروى عوف عن الحسن : أنه قال التقية جائزة للمؤمنين إلى يوم القيامة ، وهذا القول أولى ، لأن دفع الضرر عن النفس واجب بقدر الإمكان .
ويقول الآلوسي: في الآية دليل على مشروعية التقية وعرفوها بمحافظة النفس أو العرض أو المال من شر الأعداء، والعدو قسمان: الأول من كانت عداوته على اختلاف الدين كالكافر والمسلم والثاني من كانت عداوته مبنية على اغراض دنيوية كالمال والمتاع والملك والإمارة. وقال في الأول ان الحكم الشرعي فيه ان كل مؤمن وقع في محل لا يمكن ان يظهر دينه لتعرض المخالفين وجب عليه الهجرة إلى محل يقدر فيه على إظهار دينه ولا يجوز له اصلا ان يتقي ويخفي دينه ويتشبث بعذر الإستضعاف فإن ارض الله تعالى واسعة . والقسم الثاني: فقد اختلف العلماء في وجوب الهجرة وعدمه فيه .(1/11)
ويقول محمد رشيد رضا: وقد إستدل بعضهم بالآية على جواز التقية وهي مايقال أو يفعل مخالفا للحق لاجل توقي الضرر ولهم فيها تعريفات وشروط وأحكام، وقيل انها مشروعة للمحافظة على النفس والعرض والمال . وقيل لا تجوز التقية لأجل المحافظة على المال وقيل انها خاصة بحال الضعف. وقيل بل عامة وينقل عن الخوارج انهم منعوا التقية في الدين مطلقا وإن أكره المؤمن وخاف القتل لأن الدين لا يقدم عليه شيء. ويرد عليهم قوله تعالى: من كفر بالله من بعد أيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان . وقصارى ما تدل عليه الآية ان للمسلم ان يتقي ما يتقى من مضرة الكافرين . وقصارى ماتدل عليه آية سورة النحل – إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان – ما تقدم آنفا وكل ذلك من باب الرخص لأجل الضرورات العارضة لا من اصول الدين المتبعة دائما ولذلك كان من مسائل الإجماع وجوب الهجرة على المسلم من المكان الذي يخاف فيه إظهار دينه ويضطر فيه إلى التقية .
ويقول المراغي: ترك موالاة المؤمنين للكافرين حتم لازم في كل حال إلا في حال الخوف من شيء تتقونه منهم، فلكم حينئذ ان تتقوهم بقدر ما يبقى ذلك الشيء، إذ القاعدة الشرعية: ان درء المفاسد مقدم على جلب المصالح . ويقول في قوله تعالى: إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان، ويدخل في التقية مداراة الكفرة والظلمة والفسقة .
وعلى هذه الأقوال سار بقية المفسرين والعلماء من أهل السُنة والجماعة في القديم والحديث.(1/12)
إذن فالتقية رخصة يلجأ اليها المسلم إذا وقع تحت ظروف عصيبة جدا تصل الي حد القتل والإيذاء العظيم تضطره إلى إظهار خلاف ما يبطن . وهي غالبا ما تكون مع الكفار، واتفقوا على هذا التصور العام، على خلاف يسير في بعض ما يتعلق بالمسألة كالقول بزوالها بعد عزة الإسلام، أو جوازها الي يوم القيامة، وافضلية اختيار العزيمة عليها في مواطن الإكراه، وكونها جائزة بين المسلمين إذا شاكلت الحالة بينهم كالحالة بين المسلمين والكافرين، وغيرها مما مر بك، وهي لا تخرج في جميع احوالها عن كونها رخصة في حال الضرورة.
التقية عند بقية فرق المسلمين.
وعلى هذا أيضاً أو قريباً منه سار بقية فرق السلمين، كالمعتزلة، حيث أجازوا التقية عند الخطر المهلك وعند خوف تلف النفس وفي ذلك يقول أبو الهذيل العلاف : إن المكره إذا لم يعرف التعريض والتورية فيما أكره عليه فله أن يكذب ويكون وزر الكذب موضوعا عنه.
والخوارج أنقسموا في هذا، فقسم وهم الأزارقة أتباع نافع بن الأزرق منعوا التقية ونددوا بمن يعمل بها بشدة وكفروا القاعدين عن الثورة بوجه الظلم والظالمين ، وفي ذلك يقول نافع بن الأزرق : التقية لا تحل والقعود عن القتال كفر واضح لقوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أو أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً [النساء : 77] ). ولقوله تعالى : (ُيجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ [المائدة : 54].(1/13)
والقسم الثاني وهم النجدات أتباع نجدة بن عويمر فقد أجازوا التقية في القول والعمل ولو أدى ذلك إلى قتل النفس التي حرم الله.
والقسم الثالث وهم الصفرية أتباع زياد بن الأصفر فكانوا وسطا بين هؤلاء وهؤلاء فأجازوها في القول دون الفعل.
أقوال علماء الشيعة في التقية.
وننتقل الآن إلى ذكر أقوال علماء الشيعة في تفسير الآيات السابقة ثم نشرع في بيان المقصود:
يقول القمي: هذه الآية رخصة ظاهرها خلاف باطنها يدان بظاهرها ولا يدان بباطنها إلا عند التقية، إن التقية رخصة للمؤمن.(1)
ويقول الطوسي: التقية الإظهار باللسان خلاف ما ينطوي عليه القلب للخوف على النفس إذا كان ما يبطنه هو الحق فإن كان ما يبطنه باطلا كان ذلك نفاقا، والتقية عندنا واجبة عند الخوف على النفس وقد روي رخصة في جواز الإفصاح بالحق.(2)
ويقول الطبرسي: التقية الإظهار باللسان خلاف ما ينطوي عليه القلب للخوف على النفس، والمعنى ان يكون الكفار غالبين والمؤمنون مغلوبين فيخافهم المؤمن إن لم يظهر موافقتهم ولم يحسن العشرة معهم فعند ذلك يجوز له إظهار مودتهم بلسانه ومداراتهم تقية منه ودفعا عن نفسه من غير ان يعتقد ذلك وفي ذلك الآية دلالة ان التقية جائزة في الدين عند الخوف على النفس.(3)
وقال في جوامع الجامع: هذه رخصة في موالاتهم – الكفار- عند الخوف، والمراد بهذه الموالاة المخالفة الظاهرة والقلب مطمئن بالعداوة.(4)
ويقول الكاشاني: منع من موالاتهم ظاهرا وباطنا في الأوقات كلها إلا وقت المخافة فإن إظهار الموالاة حينئذ جائز بالمخالفة.(5)
ويقول شبر: إلا أن تتقوا منهم تقاة، تخافوا من جهتهم ما يجب إتقاؤه ورخص لهم إظهار موالاتهم إذا خافوهم مع إبطان عداوتهم وهي التقية التي تدين بها الإمامية.(6)
__________
(1) - تفسير القمي ، 1/108
(2) - تفسير التبيان ، 2/433
(3) - مجمع البيان ، 1/730
(4) - جوامع الجامع ، 1/167
(5) - تفسير الصافي ، 1/302
(6) - تفسير شبر ، 1/53(1/14)
ويقول الجنابذي: إن خاف أحد من الكافرين على نفسه أو ماله أو عياله أو عرضه أو إخوانه المؤمنين جاز له إظهار الموالاة مع الكافرين مخالفة لما في قلبه لا أنه يجوز موالاتهم حقيقة فإن التقية المشروعة المأمور بها أن تكون على خوف من معاشرك إن اطلع على ما في قلبك فتظهر الموافقة له بما هو خلاف ما في قلبك.(1)
ويقول الشهيد الأول : التقية مجاملة الناس بما يعرفون وترك ما ينكرون حذراً من غوائلهم.
وقال في قواعده : التقية تنقسم بانقسام الأحكام الخمسة ، فالواجب إذا علم أو ظن نزول الضرر بتركها به أو ببعض المؤمنين.
والمستحب إذا كان لا يخاف ضررا عاجلا ويتوهم ضررا آجلا أو ضررا سهلا ، أو كان تقية في المستحب كالترتيب في تسبيح الزهراء عليها السلام وترك بعض فصول الأذان.
والمكروه التقية في المستحب حيث لا ضرر عاجلا ولا آجلا ، ويخاف منه الالتباس على عوام المذهب.
والحرام التقية حيث يؤمن الضرر عاجلا وآجلا أو في قتل مسلم ، قال أبو جعفر عليه السلام : إنما جعلت التقية ليحقن بها الدماء فإذا بلغ الدم فلا تقية.
والمباح التقية في بعض المباحات التي رجحها العامة ولا يصل بتركها ضرر . ثم قال: التقية يبيح كل شئ حتى إظهار كلمة الكفر ، ولو تركها حينئذ أثم إلا في هذا المقام ومقام التبري من أهل البيت فإنه لا يأثم بتركها بل صبره إما مباح أو مستحب ، وخصوصا إذا كان ممن يقتدى به.(2)
ويقول الحائري: مثل ان يكون المؤمن ينهم – أي الكافرون- ويخاف منهم فإن الموالاة حينئذ مع إطمئنان النفس بالعداوة والبغضاء وإنتظار زوال المانع فحينئذ لا بأس، وهذه رخصة فلو صبر حتى قتل كان أجره عظيم.(3)
__________
(1) - بيان السعادة في مقامات العبادة ، 1/255
(2) - القواعد والفوائد ، للشهيد الأول ، 2 / 157 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 39 /329 ، 72 /435 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 10 /419
(3) - مقتنيات الدرر ، 2/182(1/15)
ويقول الطباطبائي: التقرب من الغير خوفا بإظهار آثار التولي ظاهرا من غير عقد القلب على الحب والولاية ليس من التولي في شيء، وفي الآية دلالة ظاهرة على الرخصة في التقية على ما روي عن ائمة أهل البيت عليهم السلام كما تدل عليه الآية النازلة في قصة عمار وابويه ياسر وسمية.(1)
ويقول السبزواري: أن من خالط الكفار وعايشهم، لا بأس له بأن يظهر مودتهم بلسانه ومداراتهم تقية منهم ودفعا لضررهم عن نفسه من غير عقيدة بهم وبطريقتهم ومسلكهم، وقيل: التقية رخصه والإفصاح بالحق فضيلة وان قتل القائل، يشهد على ذلك قصة عمار ووالديه.(2)
ويقول عبدالحميد المهاجر: الآية صريحة في ان الإسلام لا يسمح لك ان تتخذ الكافر وليا من دون المؤمنين.إلا إذا وجدت نفسك في مأزق لا تستطيع الخروج منه بغير إعلان التقية وهي انك تقول شيئا أو تفعل شيئا بخلاف ماتعتقد من اجل الحفاظ على نفسك والإبقاء على حياتك.(3)
ويقول ناصر مكارم: إلا أن تتقوا منهم تقاة، هذا إستثناء من الحكم المذكور، وهو إذا اقتضت الظروف فللمسلمين ان يظهروا الصداقة لغير المؤمنين الذين يخشون منهم على حياتهم. وقال: اما إذا كانت التقية سببا في ترويج الباطل وضلالة الناس وإسناد الظلم فهي هنا حرام.(4)
__________
(1) - تفسير الميزان ، 3/153
(2) - الجديد في تفسير القرآن ، 2/39
(3) - إعلموا أني فاطمة ، 7/208
(4) - الأمثل ، 2/333(1/16)
ويقول الروحاني: الإتيان بعمل لا يهدم حقا ولا يبني باطلاً ، مخالف للحق ، أو ترك عمل موافق للحق ، أو كتمان المذهب ، تحفظا عن ضرر الغير على الشخص ، أو الإسلام ، أو التشيع ، أو اعزازاً للدين واعلاء لكلمة الإسلام والمسلمين ، وتقوية لشوكتهم . وتفصيل هذا التعريف الجامع : أنه ربما يخاف على النفس أو العرض من اتيان العمل الموافق لمذهب الحق ، أو ترك ما يخالفه ، أو إظهار ما يعتقده ، وربما لا يخاف على ذلك . والأول على قسمين : إذ الخوف قد يكون مع سبق الاكراه ، وقد يكون بدونه ، والثاني أيضا على قسمين : إذ ربما يترتب على التقية اعلاء كلمة الإسلام ، وقد لا يترتب عليها ، والأخير خارج عن التقية ، وما قبله من أقسام التقية . وعليه فتنقسم التقية إلى أقسام أربعة : التقية الخوفية ، والتقية الاكراهية ، والتقية الكتمانية ، والتقية المداراتية.(1)
ويقول كاشف الغطاء: والعمل بالتقية له أحكامه الثلاثة : فتارة : يجب ، كما إذا كان تركها يستوجب تلف النفس من غير فائدة . وأخرى : يكون رخصة ،كما لو كان في تركها والتظاهر بالحق نوع تقوية له ، فله أن يضحي بنفسه ، وله أن يحافظ عليها . وثالثة : يحرم العمل بها ، كما لو كان ذلك موجبا لرواج الباطل وإضلال الخلق ، وإحياء الظلم والجور . ومن هنا تنصاع لك شمس الحقيقة ضاحية ، وتعرف أن اللوم والتعيير بالتقية إن كانت تستحق اللوم والتعيير ليس على الشيعة ، بل على من سلبهم موهبة الحرية ، وألجأهم إلى العمل بالتقية.(2)
وعلى هذا المنوال سائر بقية المفسرين والعلماء من الشيعة في بيان المسألة، ويظهر مما سبق انهم لا يختلفون مع أهل السُنة والجماعة في مفهوم التقية كما مر ذكره.
أقوال الشيعة في مجالات التقية.
__________
(1) - فقه الصادق (ع) ، لمحمد صادق الروحاني ، 11 /391
(2) - أصل الشيعة ، لكاشف الغطاء ، 315(1/17)
وأضاف آخرون من القوم أن مجال التقية إنما هو حدود القضايا الشخصية الجزئية عند وجود الخوف على النفس والنفيس.(1)
وزعم البعض: أن التقية لا تدخل في باب العقائد عندهم لأنها اذن ورخصة تباح في بعض الحالات الخاصة التي حددتها كتب الفقهاء، ويعدون التقية من الفروع ولا ينزلونها منزلة العقائد لأنها رخصة.(2)
إدعاء بعض الشيعة أنه لا مكان للتقية في زماننا هذا.
وأدعى آخرون منهم أنه لا مكان للتقية في زماننا هذا، ولا مسوغ لها ولا مبرر، وأنها أصبحت في خبر كان.(3)
ويقولون: إذهب الآن أنى شئت من بلاد الشيعة فلا تجد للتقية عندهم عينا ولا أثرا ، ولو كانت دينا ومذهبا في كل حال لحافظوا عليها محافظتهم على تعاليم الدين ومبادئ الشريعة.(4)
حقيقة التقية عند الشيعة ومنزلتها.
وبعد، لنشرع الآن في بيان المقصود، فنقول: إن حقيقة التقية ومقاصدها وممن تجوز عند الشيعة تختلف تماما عما مر بك آنفا، فبيانهم وتفسيرهم للتقية بهذه الصورة هو في ذاته أول تطبيق عملي للتقية، فهي تقية مركبه إن صح التعبير، وإليك بيان ذلك:
يعتقد الشيعة خلافا لما مر من أن التقية واجبة لا يجوز تركها إلى يوم القيامة، وان تركها بمنزلة من ترك الصلاة، وانها تسعة اعشار الدين، ومن ضروريات مذهب التشيع، ولا يتم الإيمان إلا بها، وليست رخصة في حال الضرورة كما مر، بل هي ضرورة في ذاتها وانما تكون من مخالفيهم في المذهب.
__________
(1) - مع الشيعة الإمامية في عقائدهم ، 94
(2) - تاريخ الإمامية ، 166 شبهات حول الشيعة ، 25
(3) - التفسير الكاشف ، 2/44 الجوامع والفوارق بين السنة والشيعة ، 227 مع الشيعة الإمامية في عقائدهم ، لجعفر السبحاني ، 95 الشيعة في الميزان ، 52 ، أضواء على عقائد الشيعة الإمامية ، لجعفر السبحاني ، 422 ، الاعتصام بالكتاب والسنة ، لجعفر السبحاني 335
(4) - الشيعة في الميزان ، لمحمد جواد مغنية ، 52(1/18)
يقول الصدوق: اعتقادنا في التقية انها واجبة. من تركها بمنزلة من ترك الصلاة، ولا يجوز رفعها إلى ان يخرج القائم، فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الله وعن دين الإمامية وخالف الله ورسوله والأئمة.(1)
ويقول صاحب الهداية: والتقية واجبة لا يجوز تركها إلى ان يخرج القائم فمن تركها فقد دخل في نهي الله عزوجل ونهي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة صلوات الله عليهم.(2)
ويقول عباس القمي: التقية فريضة واجبة علينا في دولة الظالمين ، فمن تركها فقد خالف دين الإمامية وفارقه.(3)
ويقول العاملي: الأخبار متواترة صريحة في أن التقية باقية إلى أن يقوم القائم.(4)
وجعلوا تركها كفر بالله وجحد للنبوة، حيث قال الخميني: وترك التقية من الموبقات التي تلقي صاحبها قعر جهنم وهي توازي جحد النبوة والكفر بالله العظيم.(5)
وناقض نفسه في موضع آخر قائلاً: إن التقية حرام ، وإظهار الحقائق واجب مهما كانت النتيجة.(6)
__________
(1) - الإعتقادات ، 114
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/421 ، مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 12/254 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 10/ 416
(3) - الكنى والألقاب ، لعباس القمي ، 1/ 141
(4) - مرآة الأنوار ، للعاملي ، 337
(5) - المكاسب المحرمة ، 2/162
(6) - التقية في الفكر الإسلامي - مركز الرسالة 103 ، دروس في الجهاد والرفض ، 55(1/19)
وقد وضعوا على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأمير المؤمنين علي رضي الله عنه وبقية ائمة أهل البيت رحمهم الله ما يؤيد هذا الإعتقاد، فرووا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: تارك التقية كتارك الصلاة.(1)
ومثله عن الصادق رحمه الله أنه قال: لو قلت أن تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقا.(2)
ورووا: تارك التقية كافر.(3)
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: التقية من دين الله ولا دين لمن لا تقية له والله لو لا التقية ما عبد الله.(4)
__________
(1) - الهداية ، للصدوق 51 ، من لا يحضره الفقيه ، للصدوق ، 2 /127 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 7 /94 ، 11 /466 ، مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 12 /254 ، 274 ، مستطرفات السرائر ، لابن إدريس الحلي 583 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 50 /181 ، 64 /103 ، 72 /412 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /513 ، كشف الغمة ، للإربلي ، 3 /182
(2) - المكاسب المحرمة ، للخميني ، 2 /144 ، القواعد الفقهية ، لناصر مكارم ، 1 /490 ، من لا يحضره الفقيه ، للصدوق ، 2 /127 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16 /211 ، 7 /94 ، 11 /466 ، مستدرك الوسائل ، للنوري الطبرسي ، 12 /274 ، مستطرفات السرائر ، لابن إدريس الحلي ، 583 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 50 /181 ، 64 /103 ، 72 /414 ، 421 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /513 ، 586 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 0 /416 ، 420 ، كشف الغمة ، للإربلي ، 3 /182 ، الكنى والألقاب ، لعباس القمي ، 1 /142
(3) - فقه الرضا ، لعلي بن بابويه 338 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75 /347 ، مستدرك سفينة البحار ، لعلي النمازي ، 10 /417
(4) - مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري ، 12/252 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /504(1/20)
ورووا عن علي رضي الله عنه أنه قال: التقية ديني ودين أهل بيتي.(1)
وعن الباقر رحمه الله أنه قال: التقية من ديني ودين آبائي، ولا إيمان – وفي لفظ ولا دين - لمن لا تقية له.(2)
وعن الصادق رحمه الله أنه قال: إن تسعة أعشار الدين في التقية، ولا دين لمن لا تقية له.(3)
وعنه أيضاً أنه قال: ان التقية ترس المؤمن، والتقية حرز المؤمن، ولا إيمان لمن لا تقية له.(4)
وقوله: لا خير فيمن لا تقية له، ولا إيمان لمن لا تقية له.(5)
وقوله: أبى الله عزوجل لنا ولكم في دينه إلا التقية.(6)
__________
(1) - مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 12 /252 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /504
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 13/158 ، 66/495 ، 67/103 ، 75/77 ، 422 ، 431 ، 80/300 ، الكافي ، للكليني ، 2/219 ، 224 ، تفسير العياشي ، 1/166 ، مشكاة الأنوار ، للعاملي ، 42 دعائم الإسلام ، 1/110 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/204 ، 210 ، 236 مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 12/255 ، 16/68 جامع الأخبار ، 95
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 66/486 ، 75/394 ، 399 ، 423 ، 79/172 ، 80/267 ، الخصال ، للصدوق ، 1/14 المحاسن ، للبرقي ، 259 ، الكافي ، للكليني ، 1/217 ، 2/217 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/204 ، 215
(4) - البحار 75/394 ، 437 قرب الإسناد ، 17 نور الثقلين ، 3/89 الكافي ، 2/221 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/227
(5) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/397 المحاسن ، 257 العلل ، 51 مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 12/254
(6) - الكافي ، 2/218 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/428(1/21)
وقوله: التقية من دين الله عزوجل، قلت – أي الراوي-: من دين الله؟ قال: أي والله من دين الله.(1)
وقوله: لا دين لمن لا تقية له، وان التقية لأوسع مما بين السماء والأرض، وقال: من يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يتكلم في دولة الباطل إلا بالتقية.(2)
وقوله: يغفر الله للمؤمنين كل ذنب ويطهر منه الدنيا والآخرة ما خلا ذنبين: ترك التقية وتضيع حقوق الإخوان.(3)
ورووا عن الرضا رحمه الله أنه قال: لا دين لمن لا ورع له، ولا إيمان لمن لا تقية له، إن اكرمكم عند الله عزوجل أعملكم بالتقية.(4)
ولم يقتصر الأمر على هذا بل وضعوا روايات ترغب في العمل بالتقية: فرووا عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: مثل مؤمن لا تقية له كمثل جسد لا راس له.(5)
وعن علي رضي الله عنه أنه قال: التقية من أفضل أعمال المؤمنين.(6)
__________
(1) - العلل ، 51 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/425 الكافي ، 2/217 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/209 ، 215 مشكاة الأنوار ، 43
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/412 جامع الأخبار ، 95 مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 12/256 مشكاة الأنوار ، 42
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 68/163 ، 74/229 ، 75/409 ، 415 تفسير العسكري ، 128 وسائل الشيعة ، 11/474 ، 16/223 جامع الأخبار ، 95
(4) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/395 كمال الدين ، 346 نور الثقلين ، 4/47 منتخب الأثر ، 220
(5) - تفسير العسكري ، 320 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 11/473 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 74/229 ، 75/414 مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، 9/48 جامع الأخبار ، 110
(6) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/414 تفسير العسكري ، 127 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 11/473 ، 16/222 جامع الأخبار ، 94(1/22)
وعن زين العابدين رحمه الله أنه سئل: من اكمل الناس في خصال الخير؟ قال: أعملهم بالتقية.(1)
وعن الباقر أنه قال للصادق رحمهما الله: ما خلق الله شيئا أقر لعين أبيك من التقية، والتقية جنة المؤمن.(2)
وعنه أيضاً أنه قال: أشرف اخلاق الأئمة والفاضلين من شيعتنا التقية.(3)
وعن الصادق أنه قال: ما عبدالله بشيء أحب إليه من الخب، قيل: وما الخبء؟ قال: التقية.(4)
وعن سفيان بن سعيد، عن الصادق قال: يا سفيان عليك بالتقية فإنها سنة ابراهيم الخليل عليه السلام.(5)
وعنه أيضاً قال: إنكم على دين من كتمه أعزة الله ومن أذاعه أذله الله.(6)
وعن حبيب بن بشير عن الصادق قال: سمعت أبي بقول: لا والله ما على وجه الأرض شيء أحب إلي من التقية، يا حبيب انه من كانت له تقية رفعه الله، يا حبيب من لم يكن له تقية وضعه الله.(7)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/417 تفسير العسكري ، 128
(2) - الخصال ، 1/14 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/394 ، 398 ، 412 ، 432 ، 78/287 المحاسن ، 258 جامع الأخبار ، 95 الكافي ، 2/220 التحف ، 307 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/204 ، 211 مشكاة الأنوار ، 43 مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 12/257 ، 289
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/415 تفسير العسكري ، 127
(4) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/396 معاني الأخبار ، 162 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/207 ، 219
(5) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 13/135 ، 75/396 معاني الأخبار ، 386 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/208
(6) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/397 ، 412 المحاسن ، 257 جامع الأخبار ، 110 الكافي ، 2/222 الرسائل ، للخميني 2/185
(7) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/398 ، 426 المحاسن ، 256 الكافي ، 2/217 مشكاة الأنوار ، 41(1/23)
وقال: إستعمال التقية في دار التقية واجب، ولا حنث ولا كفارة على من حلف تقية.(1)
وقال: إن التقية واسعة وليس شئ من التقية إلا وصاحبها مأجور عليها.(2)
وعنه أيضاً أنه قال: يؤتى بالواحد من مقصري شيعتنا في أعماله بعد ان صان الولاية والتقية وحقوق اخوانه ويوقف بازائه ما بين مائة وأكثر من ذلك إلى مائة الف من النصاب – أي أهل السُنة – فيقال له: هؤلاء فداؤك من النار، فيدخل هؤلاء المؤمنون الجنة وأولئك النصاب النار.(3)
بل تُرك ذلك إلى أهواء الناس دون ضوابط، فرووا عن الصادق رحمه الله أنه قال: التقية في كل ضرورة ، وصاحبها أعلم بها حين تنزل به. وفي رواية: التقية في كل شئ مضطر إليه ابن آدم فقد أحله الله.(4)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/394 ، 395 ، 104/218 الخصال ، 2/153 عيون أخبار الرضا ، 2/124 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 15/49 ، 50 ، 16/210 ، 23/226
(2) - الكافي ، للكليني ، 3 /380 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي3 /51 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 8 /405 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 85 /69 ، الخلاف ، للطوسي ، 1 /566 ، المعتبر ، للحلي ، 2 /445 ، تذكرة الفقهاء ، للحلي ، 4 /337 ، منتهى المطلب ، للحلي ، 1 / 383 ، مجمع الفائدة ، للأردبيلي3 /330(ش) ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 6 /418 ، 530
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 8/44 تفسير العسكري ، 242 البرهان ، 2/325
(4) - المحاسن ، للبرقي ، 1 /259 ، الكافي ، للكليني ، 2 /219 ، من لا يحضره الفقيه ، للصدوق ، 3 /363 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 11 /467 ، 16 /135 ، مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري ، 12 /258 ، مشكاة الأنوار ، للطبرسي 88 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 59 /82 ، 62 /157 ، 72 /399 ، 101 /284 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 6 /418 ، 14 /515 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 2 /223 ، 6 /224(1/24)
ثم جعلوا العمل والعامل بها خير من أصحاب مهدييم المنتظر، فرووا عن الصادق أنه قال وقد سُئل: أيما أفضل نحن أو أصحاب القائم عليه السلام ؟ قال : فقال لي : أنتم أفضل من أصحاب القائم وذلك أنكم تمسون وتصبحون خائفين على إمامكم و على أنفسكم من أئمة الجور ، إن صليتم فصلاتكم في تقية وإن صمتم فصيامكم في تقية وإن حججتم فحجكم في تقية وإن شهدتم لم تقبل شهادتكم وعد أشياء من نحو هذا مثل هذه ، فقلت : فما نتمنى القائم عليه السلام إذا كان على هذا ، قال : فقال لي : سبحان الله أما تحب أن يظهر العدل ويأمن السبل وينصف المظلوم.(1)
روايات من طرق الشيعة في الترهيب من ترك التقية.
ثم وضعوا روايات ترهب من ترك التقية قبل خروج المهدي المنتظر:
فعن الصادق أنه قال: ليس منا من لم يلزم التقية.(2)
وقال: إذا قام قائمنا سقطت التقية.(3)
وعن الرضا أنه قال: من ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منا.(4)
مهدي الشيعة في تقية.
__________
(1) - الاختصاص ، للمفيد ، 20 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 52/ 144 ، إثبات الهداة ، 3/ 557 ، معجم أحاديث الإمام المهدي ، للكوارني ، 3/ 404
(2) - القواعد الفقهية ، لناصر مكارم ، 1 /410 ، 478 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 11 /466 ، الأمالي ، للطوسي 281 ، الصراط المستقيم ، للعاملي ، 3 /71 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 72 /395 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 10 /93
(3) - إثبات الهداة ، 3/564 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 24/47 ، كنزالفوائد ، للكراجكي ، 282
(4) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/411 ، 396 كمال الدين ، للصدوق ، 346 ، نور الثقلين ، للحويزي ، 4/47 ، إثبات الهداة ، 3/477 ، 567 ، جامع الأخبار ، 95 ، منتخب الأثر ، 220 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/212 ، كشف الغمة ، للإربلي ، 2/524 ، مشكاة الأنوار ، للعاملي ، 43 كفاية الأثر ، 274(1/25)
والطريف ان مهدي القوم نفسه في تقية كما يزعمون .(1)
بل ويروون النهي عن تسميته وذكره خوفاً وتقيةً، كروايتهم عن أبي عبد الله الصالحي قال : سألني أصحابنا بعد مضى أبى محمد ( ع ) ان اسأل عن الاسم والمكان فخرج الجواب: ان دللتم على الاسم أذاعوه وان عرفوا المكان دلوا عليه.(2)
وعن محمد بن عثمان العمرى ( في حديث ) أنه قال له : أنت رأيت الخلف ؟ قال : أي والله - إلى أن قال - فالاسم ؟ قال محرم عليكم ان تسألوا عن ذلك ولا أقول ذلك من عندي فليس لي ان أحلل ولا أحرم ، ولكن عنه ( ع ) فإن الامر عند السلطان ان أبا محمد مضى ولم يخلف ولدا - إلى أن قال - وإذا وقع الاسم وقع الطلب فاتقوا الله وامسكوا عن ذلك.(3)
وعن علي بن عاصم الكوفي يقول : خرج في توقيعات صاحب الزمان ملعون ملعون من سماني في محفل من الناس.(4)
وعن محمد بن عثمان العمرى قال خرج توقيع بخط اعرفه : من سماني في مجمع من الناس فعليه لعنة الله.(5)
__________
(1) - الفصول المختارة ، 76
(2) - القواعد الفقهية ، لناصر مكارم ، 1 /497 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 11 /487
(3) - الكافي ، للكليني ، 1 /330 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 11 /487 ، 18 /100 ، الغيبة ، للطوسي 244 ، 360 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 51 /348 ، إعلام الورى ، للطبرسي ، 2 /219
(4) - كمال الدين وتمام النعمة ، للصدوق ، 482 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 11 /489 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 51 /33 ، 53 /184 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /561 ، مستدركات علم رجال الحديث ، للنمازي ، 5 /392 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 13 /70
(5) - القواعد الفقهية ، لناصر مكارم ، 1 /495 ، 499 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 11 / 489(1/26)
وعن أبي خالد الكابلي قال : لما مضى علي بن الحسين ( ع ) دخلت على محمد بن علي الباقر ( ع ) فقلت جعلت فداك قد عرفت انقطاعي إلى أبيك وأنسي به ووحشتي من الناس. قال : صدقت يا أبا خالد تريد ماذا ؟ قلت : جعلت فداك قد وصف لي أبوك صاحب هذا الامر بصفة لو رأيته في بعض الطرق لاخذت بيده : قال : فتريد ماذا يا أبا خالد ؟ قال : أريد ان تسميه لي حتى اعرفه باسمه . فقال : سألتني والله يا أبا خالد عن سؤال مجهد ولقد سألتني بأمر ما كنت محدثا به أحدا لحدثتك ولقد سألتني عن أمر لو أن بنى فاطمة عرفوه حرصوا على أن يقطعوه بضعة.(1)
والروايات في الباب كثيرة، هذا رغم ذكرهم لعشرات الروايات المصرحة بأسمه وأنه محمد بن الحسن العسكري.
وعلى أي حال حتى الروايات السابقة لم تخلو من أخرى معارضة لها كشأن جميع عقائدهم، ولكن ليس هذا مكان ذكره.
ثم يزعمون أنه لا فرق بين غيبة الإمام وحضوره في زمان التقية ، لاستوائهما في كونه عليه السلام موجودا ممنوعا من التصرف . والأخبار وكلام الأصحاب يومئ إلى ذلك ، وإباحتهم عليهم السلام لشيعتهم إنما وقع في زمانهم عليهم السلام وكذا الأمر بالجمعة وقد احتج الأصحاب بذلك ، بثبوتهما في زمان الغيبة . وفي الواقع لا فرق بينهما.(2)
مشروعية التقية عند الشيعة في الأمن ودون توفر أسبابها.
__________
(1) - القواعد الفقهية ، لناصر مكارم ، 1 /499 ، كتاب الغيبة ، للنعماني 300 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 51 /31 ، معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) ، للكوراني ، 3 /229 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 2 /44 ، موسوعة شهادة المعصومين (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) ، 3 /380
(2) - الخراجيات ، للكركي ، 60 ، رسائل الكركي ، للكركي ، 1 / 258(1/27)
وبهذا نكون قد وقفنا على شيئا من حقيقة التقية ومنزلتها عند الشيعة، ولاشك انك لا تجد أحد من القوم يذكر عند كلامه عن التقية هذه الحقائق، فغالبا ما تراهم يرددون أقوال أهل السُنة في المسألة ويظهرونها بأنها من المسلمات عند الفريقين وأنهم – أي الشيعة - لا يختلفون عن سائر فرق المسلمين في تعريف التقية من أنها رخصة وقتيه يلجأ اليها المسلم في حال الضرورة لرفع ضرر كبير يقع عليه ويودي به إلى النطق بكلمة الكفر أو إظهار خلاف ما يبطن شريطة ان يكون قلبه مطمئن بالإيمان.
فالقوم إذن لا يرون في التقية أنها مشروعة في حال الضرورة، لذا تراهم قد وضعوا روايات تحث عليها من دون ان تتوفر أسبابها كالخوف أو الإكراه، حتى تكون بذلك مسلكا فطريا عند الشيعة في حياتهم تصاحبهم حيث ذهبوا.
فرووا مثلا عن الصادق رحمه الله أنه قال: عليكم بالتقية فإنه ليس منا من لم يجعله شعاره ودثاره مع من يأمنه لتكون سجيته مع من يحذره.(1)
بل ورووا: إتق حيث لا يتقى.(2)
ويذكر الخميني في معرض كلامه عن أقسام التقية أن منها التقية المداراتية وعرفها بقوله: وهو تحبيب المخالفين وجر مودتهم من غير خوف ضرر كما في التقية خوفا.(3)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 72 /395 ، الأمالي ، للطوسي 293 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 11/466 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /510 ، مستدرك سفينة البحار ، لعلي النمازي ، 10 /415 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 2 /225 ، 10 /93 ، الكنى والألقاب ، لعباس القمي ، 1 /142
(2) - فقه الرضا - علي بن بابويه 338 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75 /347 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 0 /417
(3) - الرسائل ، 2/174 ( حول اقسام التقية)(1/28)
فهو يؤكد خلاصة عقيدة التقية عند القوم من أنها لا تعلق لها بالضرر أو الخوف الذي من اجله شرعت التقية، بل قالها صراحةً: ان التقية واجبة من المخالفين ولو كان مأمونا وغير خائف على نفسه وغيره.(1)
ويضيف آخر: وقد تكون التقية مداراة من دون خوف وضرر فعلي لجلب مودة العامة والتحبيب بيننا وبينهم.(2)
ويقول آخر: ومنها التقية المستحبة وتكون في الموارد التي لا يتوجه فيها للإنسان ضرر فعلي وآني ولكن من الممكن ان يلحقه الضرر في المستقبل، كترك مداراة العامة ومعاشرتهم.(3)
وأضاف آخر: ان غاية التقية لا تنحصر في حفظ الأنفس ودفع الخطر عنها أو عن ما يتعلق بها من الاعراض والأموال ، بل قد يكون ذلك لحفظ وحدة المسلمين وجلب المحبة ودفع الضغاين فيما ليس هناك دواع مهمة إلى اظهار العقيدة والدفاع عنها . كما أنه قد يكون لمصالح آخر ، من تبليغ الرسالة بنحو أحسن... فهي - بمعناها الوسيع - تكون على اقسام : التقية الخوفي ، و التقية التحبيبي ، والتقية لمصالح اخر مختلفة . وغير خفى انها بأجمعها تشترك في معنى واحد وملاك عام وهو اخفاء العقيدة أو اظهار خلافها لمصلحة أهم من الاظهار... من غير فرق بين أن تكون المصلحة التي هي أهم حفظ النفوس أو الاعراض والأموال ، أو جلب المحبة ودفع عوامل الشقاق والبغضاء أو غير ذلك مما لا يحصى.(4)
__________
(1) - الرسائل ، 2/201
(2) - بداية المعارف الإلهية ، لمحسن الخرازي ، 430
(3) - أجوبة الشبهات ، لدستغيب ، 159
(4) - القواعد الفقهية ، لمكارم الشيرازي ، 1/ 410(1/29)
فبالغوا في هذا الباب حتى إنقلب السحر على الساحر، فرووا عن الصادق أنه قال: وأيم الله لو دعيتم لتنصرونا لقلتم لا نفعل إنما نتقي ، ولكانت التقية أحب إليكم من آبائكم وأمهاتكم ، ولو قد قام القائم ما احتاج إلى مساءلتكم عن ذلك ، ولأقام في كثير منكم من أهل النفاق حد الله.(1)
وهكذا نجد ان شروط المشروعية كالخوف أو الضرر قد سقطت، وهي اصل جواز التقية، لنتبين شيئا فشيئا اختلاف تقية القوم عن مفهومها عند غيرهم من المسلمين.
وعلى أي حال ، بعد هذه المقدمة الموجزة في بيان مفهوم التقية ومنزلتها عند الشيعة والجهة التي تجوز منها وأسبابها، وقبل الشروع في نقد هذه العقيدة وبيان فسادها، نذكر بعض النماذج التطبيقية من كتب الشيعة في بعض أبواب الفقه وغيرها ثم نتكلم في المطلوب.
نماذج من الروايات المحمولة على التقية.
فعن الرضا عن آبائه قال: قال علي بن أبي طالب عليه السلام في قول الله عزوجل: ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ [التكاثر : 8]، قال: الرطب والماء البارد، قال المجلسي: لعله محمول على التقية.(2)
وعن الصادق في قوله تعالى: حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا [يوسف : 110]، قال: وكلهم الله إلى انفسهم فظنوا ان الشيطان قد تمثل لهم في صورة الملائكة، قال المجلسي: لعل هذا الخبر محمول على التقية.(3)
__________
(1) - تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 6 /172 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 11 /483 ، جواهر الكلام ، للجواهري ، 21 /392 ، القواعد الفقهية ، لناصر مكارم ، 1 /418 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /586 ، معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) ، لعلي الكوراني ، 4 /42 ، ميزان الحكمة ، لمحمد الريشهري ، 4 /3654 ، البيان في عقائد أهل الإيمان ، للشريعتي الأصفهاني 96 ، 99
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 7/273
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 11/87(1/30)
وعنه أيضا قال: ان حواء خلقت من ضلع آدم، وفي رواية: خلقت حواء من جنب آدم وهو راقد، قال المجلسي: الأخبار السابقة محمولة على التقية.(1)
وعنه أيضا قال: ان آدم نزل بالهند، قال المجلسي: يمكن حمل هذه الرواية على التقية.(2)
وعن طاوس اليماني انه سأل الباقر: هل تعلم أي يوم مات ثلث الناس؟ فقال: يا أبا عبدالرحمن لم يمت ثلث الناس قط، بل انما اردت ربع الناس، قال: وكيف ذلك؟ قال: كان آدم وحواء وقابيل وهابيل فقتل قابيل هابيل فذلك ربع الناس، قال المجلسي: عدم ذكر اختيهما محمول على التقية.(3)
وفي قوله تعالى: وإذا قال ابراهيم لأبيه..الآية – الأنعام 74، قال المجلسي: الأخبار الدالة على أنه كان أباه حقيقة محمولة على التقية.(4)
عن الصادق قال: ان اسماعيل عليه السلام توفي وهو إبن مائة وثلاثين سنة، قال المجلسي: الخبر محمول على التقية.(5)
وفي روايات الأئمة في ان الذبيح هو اسحاق وليس اسماعيل عليهما السلام، قال المجلسي: يمكن حمل هذه الأخبار على التقية.(6)
عن الحلبي قال سألت أباالحسن عليه السلام عن قوله تعالى: وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ..[الأنبياء : 78]، قال: كان حكم داود عليه السلام رقاب الغنم، والذي فهم الله عزوجل سليمان ان يحكم لصاحب الحرث باللبن والصوف ذلك العام كله، قال المجلسي: هذا الخير محمول على التقية.(7)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 11/116 ، 222
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 11/180 ، 213
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 11/230
(4) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 12/49
(5) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 12/113
(6) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 12/135
(7) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 14/134(1/31)
يقول المجلسي: الجمع بين الأخبار الدالة عى تقديم وفاة يحيي عليه السلام على رفع عيسى عليه السلام وبين ما دل على تأخرها عنه مشكل إلا ان يحمل بعضها على التقية.(1)
عن الباقر قال: كان يحيى عليه السلام إبن خالة مريم، قال المجلسي: لعل الخبر محمول على التقية.(2)وفي بعض الروايات أن مريم كانت أخت أم يحيى ، ولعل أحدهما محمول على التقية.(3)
وعن الباقر قال: يوم عاشوراء هو اليوم الذي ولد فيه عيسى بن مريم عليه السلام، قال المجلسي: لعل الخبر محمول على التقية.(4)
يقول المجلسي: وفي أخبار ملاقاة داود دانيال وكون بخت نصر متصلا بزمان سليمان عليه السلام وكونه خرج بعد يحيى عليه السلام لا يبعد كون بخت نصر معمرا وكذا دانيال قد ادركا الوقتين ويمكن ان يكون احداهما محمولة على التقية.(5)
ويقول: الأخبار الدالة على ان الذي أماته الله مائة عام هو عزير محمولة على التقية.(6)
ويقول: الأخبار في إختلاف مدة مكث يونس في بطن الحوت يشكل رفعة ولعل بعضها محمولة على التقية.(7)
وعن الصادق قال: ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما حج نزل بالأبطح ودعا أباه وأمة وعمه إلى الإسلام فخرجوا من قبورهم ينفضون التراب عن رؤوسهم وأجابوه إلى الإسلام، قال المجلسي: هذا الخبر محمول على التقية.(8)
وعنه قال: ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكتحل الإثمد إذا آوى الي فراشه وتراً وترا، قال المجلسي: الخبر محمول على التقية.(9)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 14/190
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 14/202
(3) - مستدرك سفينة بحار الأنوار ، للمجلسي ، لعلي النمازي ، 4 /268
(4) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 14/215
(5) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 14/355
(6) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 14/378
(7) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 14/401
(8) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 15/111
(9) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 16/272(1/32)
وعن الرضا قال: في شهر رمضان نبىء محمد صلى الله عليه وآله وسلم، قال المجلسي: الرواية محمولة على التقية.(1)
وعن الصادق قال في رواية طويلة: ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذهب إلى زيد في منزله يسأل عنه فإذا رينب جالسة وسط حجرتها تسحق طيبا بفهر لها فدفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الباب فنظر اليها وكانت جميلة حسنة، فقال: سبحان الله خالق النور وتبارك الله احسن الخالقين، ثم رجع إلى منزله ووقعت زينب في قلبه وقوعا عجيبا..الى آخر القصة السخيفة، قال المجلسي:لعل الخبرمحمول على التقية.(2)
وعن أبي سماك قال: روينا عن أبي عبدالله عليه السلام ان الإمام لا يغسله إلا الإمام فسألت الرضا عن ذلك فقال: ان الذي بلغك حق، فقلت له:: أبوك من غسله؟ ومن وليه؟ فقال: لعل الذين حضروه افضل من الذين تخلفوا عنه، قلت: ومن هم؟ قال: حضروه الذين حضروا يوسف عليه السلام ملائكة الله ورحمته، وفي رواية: الذين حضروا يوسف في الجب حين غاب عنه ابواه وأهل بيته. قال المجلسي: لعل الخبرين محمولان على التقية اما من أهل السُنة أو من نواقص العقول من الشيعة.(3)
وعن الصادق قال: زوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا فاطمة على جرد برد ودرع وفراش من إهاب كبس، وفي رواية: درع حطيمة يسوى ثلاثين درهما، قال المجلسي: يمكن حمل الإختلاف على التقية.(4)
وسأل أمير المؤمنين عليه السلام عن الأيام وما يجوز فيها من العمل، فقال: يوم السبت يوم مكر وخديعة ويوم الأحد يوم غرس وبناء ويوم الإثنين يوم سفر وطلب، قال المجلسي: يمكن حمل ما ورد في الإثنين على التقية، وكذا قال العاملي.(5)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 18/190
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/216
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 27/289 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 11/356
(4) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 43/144
(5) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 59/23(1/33)
وعن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: خمس خصال تورث البرص: النورة يوم الجمعة والأربعاء..الرواية، قال المجلسي: أخبار النهي عن استعمال النورة يوم الجمعة محمولة على التقية، وكذا قال العاملي.(1)
وعن الباقر قال: يوم الخميس يوم يحبه الله ورسوله وفيه ألان الله الحديد، قال المجلسي: يمكن حمل الرواية على التقية لأن إلانة الحديد كانت في يوم الثلاثاء.(2)
ويقول المجلسي: ما ورد في مدح يوم الإثنين محمول على التقية.(3)
ويقول في رواية ذم فيها الكاظم عيد النيروز انها محمولة على التقية.(4)
وعن الصادق قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحتجم يوم الإثنين بعد العصر، وفي رواية: الحجامة يوم الإثنين من آخر النهار تسل الداء سلا من البدن، قال المجلسي: لا يبعد كون أخبار الإثنين محمولة على التقية.(5)
و في رواية جواز الحجامة يوم الثلاثاء قال المجلسي: بمكن حمل الخبر على التقية.(6)
وفي روايات كراهة أن يسافر الرجال في محاق الشهر ، وإذا كان القمر في العقرب. قالوا: ويمكن حمل أمثال هذه الروايات على التقية.(7)
وعن الصادق قال: لا بأس بكواميخ المجوس ولا بأس بصيدهم للسمك، قال المجلسي: يمكن حمله على التقية.(8)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 59/34 ، 89/362 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 2/81
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 59/47
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 59/52 ، 62/138
(4) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 59/101
(5) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 62/109 ، 62/138
(6) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 62/130
(7) - ميزان الحكمة ، لمحمد الريشهري ، 3 / 2352
(8) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 65/206(1/34)
وعن أباالحسن قال: المسوخ إثنا عشر، وذكر ان الفيل كان ملكا زناء لوطيا، والدب كان أعرابيا ديوثا، والأرنب إمراة تخون زوجها، والوطواط لأنة كان يسرق تمور الناس، وسهيل لأنة كان عشارا باليمن والزهرة كانت إمراة فتن بها هاروت وماروت اما القردة والخنازير لأنهم قوم من بني إسرائيل اعتدوا يوم السبت، اما الجري والضب ففرقة من بني إسرائيل حين نزلت المائدة على عيسىعليه السلام لم يؤمنوا به فتاهوا فوقعت فرقة في البحر وفرقة في البر، اما العقرب فإنه رجلا نماما، واما الزنبور فكان لحاما يسرق من الميزان، قال المجلسي: يمكن حمل بعضها على التقية.(1)
وعن علي رضي الله عنه: الفهد من الجوارح، قال المجلسي: الخبر محمول على التقية.(2)
وعن علي رضي الله عنه: لا بأس بذبيحة المرأة، قال المجلسي: يمكن حمل الخبر على التقية.(3)
وعن الصادق انه سئل عن البقر ما يصنع بها؟ تنحر أو تذبح؟ قال: السنة ان تذبح وتضجع للذبح، ولا بأس ان نحرت، قال المجلسي: قوله: لا بأس ان نحرت محمول على التقية.(4)
وفي ذبائح أهل الكتاب، قال المجلسي والطوسي: يمكن حمل أخبار الحل على التقية.(5)
وعن الصادق أنه قال: اطلق في الميتة عشرة اشياء .. وذكر منها الإهاب، قال المجلسي: محمول على التقية.(6)
وعن الصادق أنه قال: مح البيض خفيف والبياض ثقيل، قال المجلسي: يمكن ان يكون الخبر محمول على التقية.(7)
وعن إبن الكوا انه سأل علي عليه السلام: اني وطئت دجاجة ميتة فخرجت منها بيضة، فآكلها؟ قال: لا، قال المجلسي: يمكن حمل النهي على التقية.(8)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 65/221
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 65/274
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 65/311
(4) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 65/317
(5) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 66/15 ، 21 التهذيب ، 9/70
(6) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 66/37
(7) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 66/47
(8) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 66/50(1/35)
ويقول المجلسي: أحاديث ذم اللحم محمولة على التقية.(1)
وعن موفق مولى أبي الحسن عليه السلام قال: كان إذا أمر بشيء من البقل يأمر بالإكثار من الجرجير، قال المجلسي: يحتمل حمل هذه الأخبار على التقية.(2)
وذكر للرضا عليه السلام الوضوء قبل الطعام فقال: ذلك شيء احدثته الملوك، قال المجلسي: يمكن حمل الخبر على التقية.(3)
وعن الصادق قال: ثلاثة أنفاس في الشرب أفضل من نفس واحد في الشرب، قال المجلسي: يمكن كون التعدد محمولا على التقية.(4)
وعن عبد الملك القمي انه سأل الصادق: أشرب وانا قائم؟ فقال: إن شئت، قال: فأشرب بنفس واحد حتى أروي؟ قال: ان شئت، قال المجلسي: بعض الأخبار تشير إلى ان أخبار المنع محمولة على التقية.(5)
وعن الصادق انه سأل عن الرجل يحلي أهله بالذهب؟ قال: نعم النساء والجواري، واما الغلمان فلا، قال المجلسي: يمكن حمل النهي على التقية.(6)
وسئل الكاظم عن جنب أصابت يده من جنابته فمسحه بخرقه ثم ادخل يده في غسله قبل ان يغسلها هل يجزيه ان يغتسل من ذلك الماء؟ قال: ان وجد ماء غيره فلا يجزيه ان يغتسل منه، قال المجلسي: يمكن حمله على التقية.(7)
وعن الصادق انه سئل هل على المرأة غسل من جنابتها إذا لم يأتها الرجل؟ قال: لا، قال العاملي: يمكن حمله على التقية.(8)
وعن الرضا عن الجنب ينام في المسجد فقال: يتوضأ ولا بأس ان ينام في المسجد ويمر فيه، قال العاملي: محمول على التقية.(9)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 66/57 ، 70
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 66/237
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 66/357
(4) - البحار/ 66/463
(5) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 66/470
(6) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 66/540
(7) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 80/15
(8) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 2/192
(9) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 2/210(1/36)
وعن الباقر انه سئل عن الجنب كيف يصنع؟ قال: اغسل كفيك وفرجك وتوضا وضوء الصلاة ثم اغتسل، قال العاملي: محمول على التقية.(1)
وعن الصادق انه سئل عن المرأة حاضت ثم طهرت في سفر فلم تجد الماء يومين أو ثلاثة هل لزوجها ان يقع عليها؟ قال: لا، قال العاملي: محمول على التقية.(2)
وعن الصادق انه سئل عن الرجل ما يحل له من الطامث؟ قال: لا شيء حتي تطهر، قال الطوسي: يمكن ان يحمل على الإستحباب.(3)
وعن الصادق انه سئل عن الكر قال: الكر ذراعان وشبر في ذراعان وشبر، قال المجلسي: الأصوب حمل هذا الخبر على الإستحباب أو التقية، وكذا قال الطوسي.(4)
وعن الصادق: إذا كان الماء قدر قلتين لم ينجسه شيء، قال الطوسي: يحتمل ان يكون الخبر ورد مورد التقية.(5)
وعن الكاهلي قال: سألت أباعبدالله عن قوم مسلمين حضرهم رجل مجوسي يدعونه إلى طعامهم قال: اما انا فلا اواكل المجوسي واكره ان احرم عليكم شيئا تصنعونه في بلادكم، قال المجلسي: يظهر ان الأخبار الدلة على الطهارة محمولة على التقية.(6)
وعن اسماعيل بن جابر قال: قلت لأبي عبدالله عليه السلام في طعام أهل الكتاب فقال: لا تأكله ثم سكت هنيئة ثم قال: لا تأكله ثم سكت هنيئة ثم قال: لا تأكله ولا تتركه تقول: انه حرام ولكن تتركه تنزها عنه، قال المجلسي نقلا عن البهائي: قوله: لا تاكله ولا تتركه محمول على التقية.(7)
__________
(1) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 2/247
(2) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 2/313 ، 395
(3) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 2/320
(4) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 80/19 التهذيب ، 1/408
(5) - التهذيب ، 1/415 الإستبصار ، 1/7 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 1/166
(6) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 80/48
(7) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 80/48(1/37)
وسال الكاظم عن اليهودي والنصراني يدخل يده في الماء أيتوضأ منه للصلاة؟ قال: لا، إلا ان يضطر إليه، قال المجلسي: يحمل الإضطرار على التقية.(1)
وعن بن رئاب قال: سألت الصادق عن الخمر والنبيذ والمسكر يصيب ثوبي اغسله واصلى فيه؟ قال: صل فيه إلا أن تقذره فتغسل منه موضع الأثر ان الله تبارك وتعالى إنما حرم شربها، قال المجلسي: حمل القائلون على نجاسة الثوب على التقية، وكذا قال الطوسي.(2)
وعن الصادق انه سئل عن ذرق الدجاج يجوز الصلاة فيه؟ قال: لا، قال الطوسي: يجوز ان يكون محمولا على التقية لأن ذلك مذهب كثير من العامة.(3)
وعنه أيضا انه سئل عن بول السنور والكلب والحمار والفرس فقال: كأبوال الإنسان، قال الطوسي: يجوز ان يكون الوجه في هذه الأحاديث أيضاً ضربا من التقية لأنها موافقة لمذاهب بعض العامة.(4)
وعنه أيضا عن الباقر قال: لا بأس بدم البراغيث والبق وبول الخشاشيف، قال الطوسي: فالوجه في هذه الرواية ان نحملها على ضرب من التقية.(5)
وعن الكاظم انه سئل عن الرجل يرقد وهو قاعد هل عليه وضوء؟ فقال: لا وضوء عليه مادام قاعدا، قالوا: محمول على التقية.(6)
وقال المجلسي في الأخبار المجوزة لإستقبال القبلة أو إستدبارها حال التخلي في البنيان، الأخبار الموهمة للجواز محمولة على التقية.(7)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 80/51
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 80/97 التهذيب ، 1/279 ، 280 الإستبصار ، 1/190
(3) - الإستبصار ، 1/178 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 3/412
(4) - الإستبصار ، 1/180 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 3/406
(5) - الإستبصار ، 1/188 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 3/413
(6) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 1 / 181 ، كشف اللثام ، للفاضل الهندي ، 1 / 189
(7) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 1/254 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 80/170(1/38)
وعن علي رضي الله عنه قال: سبعة لا يقرؤون القرآن: الراكع، والساجد، وفي الكنيف، وفي الحمام، والجنب، والنفساء، والحايض، قال المجلسي: يمكن حمل أخبار المنع على التقية.(1)
وسأل الكاظم عن الرجل يجامع ويدخل الكنيف وعليه الخاتم فيه ذكر الله والشيء من القرآن، ايصلح ذلك؟ قال: لا، قال المجلسي والطوسي: الظاهر انه محمول على التقية.(2)
وعن الباقر: كان نقش خاتم أبي محمد بن علي عليه السلام العزة لله جميعا، كان في يساره يستنجي بها، وكان نقش خاتم علي عليه السلام الملك لله، وكان في يده اليسرى يستنجي بها، قال المجلسي: إنهم عليهم السلام كانوا لا يتختمون بغير اليمين إلا في التقية، وقال الطوسي والعاملي: هذا الخبر محمول على التقية.(3)
أقول: لم أقف على علة حمل أمثال هذه الرواية على التقية، فهل كان في بيوت خلاء الأئمة من يخشوهم فيتقونهم؟
وعن العسكري قال: أمرناكم بالتختم في اليمين والآن نأمركم بالتختم في الشمال، قال العاملي: الحديث محمول على التقية.(4)
وعن الرضا: ليس عليك وضوء من مس الفرج ولا من مس الذكر، قال الصدوق: الأخبار الدالة على نقضها محمولة على التقية، ويقول المجلسي: أخبار الوضوء من المذي والوذي اما محمول على التقية أو على الاستحباب، وكذا قال العاملي.(5)
وعن الصادق انه سئل عن الرجل يبول ولا يكون عنده الماء فيمسح ذكره بالحائط؟ قال: كل شيء يابس ذكي، قال العاملي: اقول هذا محمول على التقية.(6)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 80/174 ، 81/50
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 80/201 التهذيب ، 1/32
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 80/201 التهذيب ، 1/32 الإستبصار ، 1/48 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 1/332
(4) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 5/81
(5) - الفقيه ، 1/39 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 80/219 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 80/225 الوسائل 1/280
(6) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 1/351(1/39)
وعن الكاهلي: سألت العبد الصالح عليه السلام عن الرجل يخفق وهو جالس في الصلاة، قال: لا بأس بالخفقة مالم يضع جبهته على الأرض ام يعتمد عليها، قال المجلسي والنوري: لعله محمول على التقية.(1)
وعن زرارة وابي حمزة عن الباقر في حديث كيفية الوضوء، ذكر فيه.وضع يده في الاناء فمسح راسه ورجليه، قال المجلسي: ما في الخبر من وضع اليد في الاناء للمسح محمول على التقية.(2)
وعن الصادق انه سئل عن مسح الراس ببلل اليد؟ قال: خذ لرأسك ماء جديدا، قال الطوسي: محمول التقية.(3)
وعنه أيضا أنه قال: امسح الرأس على مقدمه ومؤخره، قال الطوسي: محمولان على التقية.(4)
وعنه أيضا في رجل يتوضأ كله إلا رجليه ثم يخوض بهما في الماء، قال: اجزأه ذلك، قال الطوسي: الخبر محمول على التقية.(5)
وعنه أيضا في الرجل يمسح راسه من خلفه وعليه عمامة باصبعه أيجزيه ذلك؟ فقال: نعم، قال الطوسي: يحتمل ان يكون الخبر خرج مخرج التقية.(6)
وعنه أيضا: إذا توضأت فأمسح قدميك ظاهرهما وباطنهما، قال الطوسي: الخبر محمول على التقية.(7)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 80/228 مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 1/231
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 80/273
(3) - التهذيب ، 1/59 الإستبصار ، 1/59 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 1/409
(4) - التهذيب ، 1/59 الإستبصار ، 1/59 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 1/409
(5) - التهذيب ، 1/66 الإستبصار ، 1/65 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 1/421
(6) - التهذيب ، 1/91 الإستبصار ، 1/60
(7) - التهذيب ، 1/92 الإستبصار ، 1/61 ، 62 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 1/415 ،(1/40)
وعن زيد بن علي عن آبائه عن على رضي الله عنه قال: جلست أتوضأ واقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين إبتدأت في الوضوء..الي ان قال: وغسلت قدمي فقال لي: يا علي خلل مابين الأصابع، قال الطوسي: هذا الخبر ورد مورد التقية لأنه موافق للعامة.(1)
وسأل الصادق عن الرجل يمسح وجهه بالمنديل قال: لا بأس به، وفي رواية ان الصادق توضأ للصلاة ثم مسح وجهه بأسفل قميصه ثم قال افعل هكذا فإني هكذا افعل، قال المجلسي والعاملي: يمكن حمل تلك الأخبار على التقية.(2)
وعن الكاظم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إفتحوا عيونكم عند الوضوء لعلها لا ترى النار، وفي رواية: أشربوا اعينكم الماء، قال المجلسي: لا يبعد حمل الخبرين على التقية.(3)
وعنه أيضاً انه سئل: عن رجل توضأ ونسي غسل يساره، قال: يغسل يساره وحدها ولا يعيد وضوء شيء غيرها، قال المجلسي: ربما يحمل على التقية.(4)
وعن الصادق عن الباقر عن علي رضي الله عنه في الذي يخرج من دبره الدود؟ قال: يتوضأ، قال النوري، لابد من حمله على التقية.(5)
وعنه أيضاً ان اسماء بنت عميس نفست بمحمد بن أبي بكر في حجة الوداع فأمرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ان تقعد ثمانية عشر يوما فأيما إمراة طهرت قبل ذلك فلتغتسل ولتصل، قال المجلسي: ربما تحمل أخبار الثمانية عشر على النسخ أو على التقية، وقال الطوسي: يحتمل ان خرج الخبر مخرج التقية لموافقته لمذهب العامة.(6)
__________
(1) - التهذيب ، 1/93 الإستبصار ، 1/66 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 1/421
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 80/331 وكذا قال العاملي وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 1/475
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 80/337
(4) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 80/358
(5) - مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 1/233
(6) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 81/86 التهذيب ، 1/178 الإستبصار ، 1/153(1/41)
ويقول المجلسي بعد ان ذكر إجماع الشيعة على أنه لا يجتمع حيض مع حمل، ان أخبار الإجتماع محمولة على التقية.(1)
وعن الصادق أنه قال في كفارة من جامع في الطمث انه يتصدق إذا كان في أوله بدينار وفي أوسطه نصف دينار وفي آخره ربع دينار، قال المجلسي: يمكن حمل أخبار الكفارة على التقية.(2)
وعن علي رضي الله عنه قال: لا تسجد الحائض إذا سمعت السجدة، قال المجلسي: الأظهر حمل الرواية على التقية، وكذا قال العاملي لأن أكثر العامة ذهبوا إلى المنع.(3)
وعن الصادق ان سئل عن النفساء كم تقعد حتى تصلي؟ قال: ثماني عشر سبع عشر ثم تغتسل وتحتشي وتصلي، قال العاملي: محمول على التقية.(4)
وعن الصادق عن الباقر عن علي رضي الله عنه قال: تقعد النفساء أربعين يوما، قال النوري الخبر محمول على ا لتقية.(5)
ويقول المجلسي بعد ان ذكر اختلاف الشيعة في عدد الضربات في التيمم، الأصوب عندي حمل أخبار الضربتين على التقية.(6)
وعن الصادق انه سئل عن التيمم؟ فوضع يده على الأرض فمسح بها وجهه وذراعيه إلى المرفقين، قال الطوسي: فالوجه في هذا الخبر ان نحمله على ضرب من التقية لأنه موافق لمذاهب العامة، وكذا قال العاملي.(7)
وقال الطوسي في روايات جواز اقعاد الميت عند غسله، انها محمولة على التقية.(8)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 81/95 ، 105
(2) - البحار/ 81/117
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 81/118 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 2/342
(4) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 2/386
(5) - مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 2/48
(6) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 81/150
(7) - الإستبصار ، 1/170 وكذا قال العاملي وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 3/362 ، 365
(8) - التهذيب ، 1/446 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 81/294 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 2/484(1/42)
وعن زيد بن علي عن آبائه عن علي رضي الله عنهم قال: الغسل من سبعة من الجنابة وهو واجب ومن غسل الميت وان تطهرت اجزأك، قال الطوسي: قوله: وان تطهرت اجزأك، محمول على التقية.(1)
وعن الصادق انه نفض المسك عن الكفن وقال: ليس هذا من الحنوط في شيء، قال المجلسي: ما روي من تحنيط النبي صلى الله عليه وآله وسلم اما محمول على التقية أو مخصوص به.(2)
وعن علي رضي الله عنه قال: لا تجمروا الأكفان، قال المجلسي والطوسي: لا يبعد حمل الأخبار الواردة بالجواز على التقية.(3)
وعن الصادق عن الباقر عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: نعم الكفن الحلة، قال الطوسي: فالوجه في هذا الخبر ان نحمله على التقية لأنه موافق لمذاهب العامة.(4)
وعن الباقر أنه قال في احق الناس بالصلاة على المرأة إذا ماتت زوجها، قال المجلسي: الروايات بأن الأخ اولى من الزوج محمولة على التقية، وكذا قال الطوسي لأنها موافقة لمذهب العامة.(5)
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: لا تصلوا على جنازة مرتين، قال المجلسي والعاملي: الأظهر عندي حمل أخبار المنع على التقية.(6)
وعن الرضا أنه قال: إذا صليا على جنازة مؤمن فقف عند صدره أو عند وسطه وارفع يديك بالتكبير الأول، قال المجلسي: الأخبار الدالة على عدم استحباب رفع اليدين في الجميع محمولة على التقية.(7)
__________
(1) - التهذيب ، 1/464
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 81/311 ، 321
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 81/313 ، 321 التهذيب 1/295 الإستبصار ، 1/210
(4) - الإستبصار ، 1/211
(5) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 81/346 التهذيب ، 3/205 الإستبصار ، 1/487 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 3/116
(6) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 81/350 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 3/87
(7) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 81/356(1/43)
وعن الصادق في كيفية الصلاة على الميت قال بعد ان ذكر الكيفية، فإذا فرغت سلمت عن يمينك، قال الطوسي: قوله فإذا فرغت سلمت عن يمينك فإنه خرج مخرج التقية لأنها موفقة لمذاهب العامة.(1)
وعن الرضا في الصلاة على الجنائز: تقرأ في الأولى بأم الكتاب وفي الثانية تصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتدعو في الثالثة للمؤمنين والمؤمنات وتدعو في الرابعة لميتك والخامسة تنصرف بها، قال الطوسي: لو صح الخبر لكان محمولا على ضرب من التقية لأنه موافق لمذهب العامة.(2)
وعن الباقر انه سئل عن التكبير على الجنازة هل فيه شيء موقت أو لا؟ قال: لا، كبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحد عشر وتسعا وسبعا وخمسا وستا وأربعا، قال الطوسي: ماتضمن هذا الخبر من زيادة التكبير على الخمس مرات متروك بالإجماع – أي عند الشيعة – اما ما يتضمن من الأربع تكبيرات فمحمول على التقية لأنه مذهب المخالفين.(3)
وعن الكاظم انه سأل عن الصلاة على الجنازة إذا إحمرت الشمس اتصلح؟ قال: لا صلاه إلا وقت صلاة، فإذا وجبت الشمس فصل المغرب ثم صل على الجنازة، قال المجلسي والنوري: الرواية محمولة على التقية.(4)
وعن الصادق قال: تكره الصلاة على الجنائز حين تصفر الشمس وحين تطلع، قال الطوسي: يمكن ان يكون وجه الكراهة في ذلك انه مذهب بعض العامة فخرج مخرج التقية.(5)
__________
(1) - التهذيب ، 3/192 الإستبصار ، 1/478
(2) - التهذيب ، 3/193 ، 319 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 3/89
(3) - التهذيب ، 3/316 الإستبصار ، 1/475 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 3/85 ، 107
(4) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 81/386 مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 2/283
(5) - التهذيب ، 3/321 الإستبصار ، 1/470 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 3/109(1/44)
وعن الصادق قال: ينبغي لمن شيع جنازة ان لا يجلس حتى توضع في لحده، قال المجلسي: لا يبعد ان يكون خبر النهي محمولا على التقية.(1)
ويقول الطوسي: يجوز ان ينزل القبر بالخفين عند الضرورة والتقية(2)
وعن علي رضي الله عنه ان قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رفع من الأرض قدر شبر وأربع أصابع ورش عليه الماء، قال علي: والسنة ان يرش على القبر الماء، قال المجلسي: لعل زيادة الأربع أصابع محمول على التقية.(3)
وعن الصادق قال: كان المؤذن يأتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحر في صلاة الظهر فيقول له رسول الله: أبرد أبرد، قال المجلسي: حمله بعضهم على التقية.(4)
وعن الصادق قال: لا صلاة بعد العصر حتى تصلي المغرب ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، قال الطوسي: فالوجه في هذه الأخبار وما جانسها ان تكون محمولة على التقية.(5)
وعن الصادق: وقت المغرب إذا غربت الشمس فغاب قرصها، قال المجلسي: الأخبار المعتبرة الكثيرة تدل على القول الثاني وهو إستتار القرص، ولعل الأكثر إنما عدلوا عنها لموافقتها لمذاهب العامة فحملوها على التقية.(6)
وعن سماعة قال: قلت لأبي عبدالله عليه السلام في المغرب: انا ربما صلينا ونحن نخاف ان تكون الشمس خلف الجبل أو قد سترها الجبل فقال: ليس عليك صعود الجبل، قال المجلسي والعاملي: الأولى حمل الخبر على التقية.(7)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 82/26
(2) - التهذيب ، 1/314 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 82/30 الإستبصار ، 1/213
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 82/37
(4) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 83/16 ، 24 ، 42
(5) - الإستبصار ، 1/291
(6) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 83/51
(7) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 83/85 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 4/198(1/45)
وعن الصادق قال: من أخّر المغرب حتى تشتبك النجوم من غير علة فأنا إلى الله منه بريء، قال المجلسي: يمكن حملها على التقية أيضاً.(1)
وعن أبي العرندس انه رأي الكاظم في رمضان حين قال المؤذن: الله أكبر صب له غلامه فناوله وشرب، قال المجلسي: يمكن حمله على التقية.(2)
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لولا أن أشق على أمتي لأخرت العشاء إلى آخر الليل، قال المجلسي: يمكن حمله على التقية.(3)
وسئل الصادق عن الصلاة في لباس الفراء والسمور والسنجاب والثعالب وجميع الجلود قال: لابأس بالصلاة به، قال الطوسي والعاملي: محمول على التقية لأنه تضمن على ذكر الثعالب والسمور.(4)
وعن داود الصرمي: سألت الصادق عن الصلاة في الخز يغش بوبر الأرانب، فكتب يجوز ذلك، قال الطوسي والمجلسي: الأظهر حمله على التقية.(5)
وعن الصادق قال: قال الله عزوجل لموسى عليه السلام: فأخلع نعليك، لأنها كانت من جلد حمار ميت، قال المجلسي: يظهر ان الخبر محمول على التقية، وكذا قال العاملي.(6)
وعن الباقر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجدا فإن الله عزوجل لعن الذين إتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، قال المجلسي: لا يبعد حمل أخبار المنع على التقية.(7)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 83/60
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 83/62
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 83/64
(4) - التهذيب ، 2/211 الإستبصار ، 1/385 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 4/350
(5) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 83/220 ، 224 ، 225 التهذيب 2/213 الإستبصار ، 1/387 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 4/362
(6) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 83/237 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 4/344
(7) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 83/314(1/46)
وعن الصادق أنه قال الأذان الله أكبر الله أكبر.في آخره لا إله إلا الله مرة، قال المجلسي والعاملي:يمكن حمل وحدة التهليل في الأذان على التقية.(1)
وعن علي رضي الله عن قال: يستقبل المؤذن القبلة في الأذان والاقامة، فإذا قال: حي على الصلاة حي على الفلاح حول وجهه يمينا وشمالا، قال المجلسي: لعل الإلتفات محمول على التقية.(2)
وعن الصادق قال: لا بأس بالتطريب في الأذان إذا أتم وبين بالألف والهاء، قال المجلسي: لعله محمول على التقية.(3)
وعن الباقر قال: كان أبي ينادي في بيته الصلاة خير من النوم، ولو رددت ذلك لم يكن به بأس، قال الطوسي والمجلسي: حمله الأصحاب على التقية.(4)
لا أدري ممن كان يخشى الإمام في عقر داره في الفجر؟
وعن الصادق قال: الإقامة مرة مرة إلا قوله الله أكبر فإنه مرتين، وفي رواية: الأذان مثنى مثنى والإقامة واحدة واحدة، قال الطوسي: فالوجه في هذين الخبرين ضرب من التقية لأنهما موافقان لمذاهب بعض العامة.(5)
وعن الصادق عن أبيه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلاة وجهر فيها بالقراءة، فلما إنصرف قال لأصحابه: هل اسقطت شيئا في القرآن؟ فسكت القوم، فقال النبي: أفيكم أبي بن كعب؟ فقالوا: نعم، فقال: هل أسقطت فيها شيء؟ قال: نعم يا رسول الله، انه كذا وكذا، قال المجلسي: يمكن حملها على التقية.(6)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 84/119 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 5/421
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 84/158
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 84/159
(4) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 84/168 وكذا قال الطوسي التهذيب ، 2/63 الإستبصار ، 1/308 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 5/427
(5) - التهذيب ، 2/62 الإستبصار ، 1/307 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 5/415 ، 424
(6) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 84/242 مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 4/111(1/47)
لا ادري علة حمل هذه الرواية على التقية، فهل ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنسى نفسه وأسقط آيات من القرأن تقية، ثم التقية ممن؟ أم أن الصادق رحمه الله قد إختلق هذه الرواية تقية؟
وعن الصادق في رجل عطس في الصلاة فشمته رجل، قال: فسدت صلاة ذلك الرجل، قال المجلسي والعاملي: لعل هذا الخبر محمول على التقية.(1)
وعن الباقر: إذا ارادت المرأة الحاجة وهي في صلاتها صفقت بيدها، قال المجلسي: يتوهم التقية في الخبر.(2)
وعن الكاظم انه سئل عن الرجل في الصلاة فيسلم عليه الرجل هل يصلح له ان يرد؟ قال: نعم يقول السلام عليك فيشير عليه باصبعه، قال المجلسي والعاملي: اما الإشارة فيمكن ان يكون محمول على التقية.(3)
وعن الباقر قال: لا تسلموا على المصلي لأن المصلي لا يستطيع ان يرد السلام، قال المجلسي: الظاهر ان النهي عن التسليم محمول على التقية.(4)
وعن الصادق في رجل صلى صلاة فريضة وهو معقوص الشعر، قال: يعيد صلاته، قال المجلسي: لا يبعد حملها على التقية.(5)
وعن الصادق في الرجل يضع يده على ذراعه في الصلاة؟ قال: لا بأس ان بني إسرائيل كانوا إذا دخلوا في الصلاة دخلوا متماوتين كأنهم موتى، قال المجلسي: يحتمل ان يكون الخبر بتمامه محمولا على التقية.(6)
وعن الكاظم عن رجل قرء سورتين في ركعة قال: إذا كانت الصلاة نافلة فلا بأس فأما الفريضة فلايصلح، قال المجلسي: يمكن حمل أخبار الجواز على التقية.(7)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 84/286 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 7/272
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 84/292
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 84/299 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 7/269
(4) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 84/300
(5) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 84/309
(6) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 84/327 مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 5/421
(7) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 85/13(1/48)
وعن الصادق انه سئل عن السورة أيصلي الرجل بها في الركعتين من الفربضة؟ قال: نعم، قال الطوسي: الخبر محمول على التقية لأنه موافق مذهب العامة، وكذا قال العاملي.(1)
وعن الكاظم ان سئل عن الرجل يقرء في الفريضة سورة النجم ايركع بها؟ أو يسجد ثم يقوم فيقرء بغيرها؟ قال: يسجد ثم يقوم فيقرء بفاتحة الكتاب ويركع ولا يعود يقرء في الفريضة بسجدة، قال المجلسي: يمكن حمل الرواية على التقية.(2)
ويقول المجلسي في ما ورد من تجويز ترك البسملة في غير الفاتحة، محمول على التقية.(3)
وعن الصادق في الرجل يكون إماما فيستفتح بالحمد ولا يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم؟ فقال: لا يضره ولابأس به، قال الطوسي: محمول على التقية.(4)
وعنه أيضا في قول الناس في الصلاة جماعة حين تقرأ فاتحة الكتاب آمين، قال: ما أحسنها وأخفض الصوت بها، قال الطوسي: لو صح هذا الخبر لكان محمول على التقية.(5)
وعن الرضا أنه نهى عن قراءة المعوذتين في صلاة الفريضة، ولا بأس في النوافل، لأنها من الرقية ليستا من القرآن ادخلوها في القرآن، قال المجلسي: النهي عن قراءة المعوذتين في الفريضة محمول على التقية.(6)
__________
(1) - التهذيب ، 2/294 الإستبصار ، 1/316 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/44 ، 46
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 85/14 ، 16
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 85/22
(4) - التهذيب ، 2/68 ، 288 الإستبصار ، 1/312 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/62
(5) - التهذيب ، 2/75 الإستبصار ، 1/318 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/68
(6) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 85/42(1/49)
وقال صاحب دعائم الإسلام: روينا عن رسول الله صلي الله عليه واله وسلم وعن علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد عليهم السلام انهم كانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم فيما يجهر فيه بالقراءة من الصلوات في اول فاتحة الكتاب واول السورة في كل ركعة ويخافتون بها فيما يخافت من السورتين جميعا، قال الحسن بن علي عليه السلام: إجتمعنا ولد فاطمة على ذلك، قال المجلسي: الاخفات بالبسملة في الاخفاتية محمول على التقية.(1)
وعن المهدي المنتظر انه سئل عن القراءة افضل في الركعتين الأخيرتين ام التسبيح، فجاء الجواب بالقراءه، قال العاملي: هذه يمكن حمله على التقية.(2)
ويقول المجلسي: اجمع الأصحاب على انه لا يجوز السجود على ما ليس من الأرض ولا نباتها، والأخبار الدالة على الجواز محمولة على التقية.(3)
وعن الكاظم انه سئل عن الرجل هل يجزيه ان يسجد في السفينة على القر ؟ قال: لابأس، قال المجلسي: يمكن حمل الخبر على التقية.(4)
وقال إبن ادريس في معرض كلامه عن سجود التلاوة انه يجب على السامع السجود وذكر انه إجماع الأصحاب، قال المجلسي: يمكن حمل ما دل على عدم الوجوب على التقية.(5)
وعن الصادق قال: القنوت في الوتر في الركعة الثالثة، قال المجلسي: يمكن حمله على التقية.(6)
وعن الباقر قال: القنوت قبل الركوع وان شئت فبعده، قال الطوسي: قوله: وان شئت فبعده محمول على التقية لأنه مذهب العامة.(7)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 85/81 مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 4/189
(2) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/127
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 85/146
(4) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 85/156
(5) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 85/176
(6) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 85/209
(7) - التهذيب ، 2/92 الإستبصار ، 1/341 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/267(1/50)
وعن الصادق انه سئل عن القنوت في أي الصلوات؟ فقال: لا تقنت إلا في الفجر، قال الطوسي: محمول على التقية لأن من العامة من يذهب إلى ذلك.(1)
وعن الصادق انه سئل عن القنوت في الجمعة فقال: ليس فيها قنوت، قال الطوسي: محمول على التقية.(2)
وعن أباالحسن انه سئل عن رجل نسي القنوت في المكتوبة قال: لا إعادة عليه، قال الطوسي: إنما اراد لا إعادة عليه إذا كانت الحال حال التقية.(3)
وعن الرضا انه سئل عن سجد الشكر فقال: أي شيء سحدة الشكر؟ فقيل: يسجدون بعد الفريضة سجده واحدة ويقولون هي سجدة الشكر، فقال: انما الشكر إذا انعم الله تعالى على عبده النعمة، قال الطوسي: هذا الخبر محمول على التقية.(4)
وعن هارون بن خارجه انه راي الصادق وهو ساجد وقد رفع قدميه من الأرض وإحدى قدميه على الأخرى، قال العاملي: حمله بعضهم على التقية.(5)
وعن زرارة قال رأيت الصادق والباقر إذا رفعا رؤسهما من السجدة الثانية نهضا ولم يجلسا، قال العاملي: يمكن حمل الخبر على التقية.(6)
وعن زين العابدين انه إذا سافر صلى ركعتين ثم ركب راحلته وبقي مواليه يتنفلون فيقف ينتظرهم فقيل ألا تنهاهم؟ فقال: إني أكره ان أنهى عبدا إذا صلى والسنة احب إلي، قال المجلسي: عدم نهيه وقوله السنة احب الي محمولان على التقية.(7)
وعن علي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي بعد كل صلاة ركعتين، قال المجلسي: يمكن حمله على التقية.(8)
__________
(1) - التهذيب ، 2/91 الإستبصار ، 1/340 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/265
(2) - الإستبصار ، 1/418 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/272
(3) - التهذيب ، 2/161
(4) - التهذيب ، 2/109 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 7/7
(5) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/344
(6) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/346
(7) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 87/34
(8) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 87/47(1/51)
وعن الصادق قال: ان الرب تبارك وتعالى ينزل في كل ليلة جمعة إلى السماء الدنيا من أول الليل وكل ليلة في الثلث الأخير – وفي بعض النسخ وأمامه ملكان – ينادي: هل من تائب يتاب عليه؟ هل من مستغفر فبغفر له؟ هل من سائل فبعطى سؤله.فإذا طلع الفجر عاد الرب إلى عرشه فقسم الأرزاق بين العباد، قال المجلسي: محمول على التقية.(1)
وعنه أيضا قال: قنوت الوتر بعد الركوع في الثالثة، قال المجلسي: محمول على التقية.(2)
وعنه أيضا عن الباقر عن آبائه عن علي رضي الله عنه قال: من صلى بالناس وهو جنب اعاد هو والناس صلاتهم، قال المجلسي:هذا الخبر يمكن حمله على التقية.(3)
ويقول المجلسي: أخبار البناء – في الشك والسهو في الصلاة - على الاقل محمولة على التقية.(4)
وقال المجلسي ان روايات سجود النبي صلى الله عليه وآله وسلم للسهو محمولة على التقية.(5)
هل إفتعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في صلاته ما إستوجب سجود السهو من أجل التقية؟
وقال في روايات إختصاص الإمام بسجدتي السهو دون المأمومين بأنه يمكن حملها على التقية.(6)
وسأل الصادق عن رجل نسي المغرب حتى صلى ركعتين من العشاء، قال: يتم صلاته ثم يصلي المغرب بعد، قال المجلسي: يمكن حمله على التقية.(7)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 87/165
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 87/223
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 88/68
(4) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 88/167 ، 168 ، 170 ، 179 ، 184 ، 187
(5) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 88/219
(6) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 88/254 ، 256
(7) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 88/325(1/52)
وعن الرضا في سجدتي السهو قال: إذا نقصت قبل التسليم وإذا زدت فبعده، وعن الصادق انه سئل: متى اسجد سجدتي السهو؟ قال: قبل التسليم، قال الطوسي: الخبرين محمولان على ضرب من التقية لأنهما موافقان لمذاهب كثير من العامة.(1)
وعن الباقر قال في الرجل إذا جلس للتشهد فحمد الله أجزأه، قال الطوسي: قال محمد بن الحسن الوجه في هذا الخبر التقية لأنه مذهب العامة.(2)
وعن الصادق ان علي رضي الله عنه صلى بالناس على غير طهر وكانت الظهر ثم دخل فخرج مناديه ان أمير المؤمنين صلى على غير طهر فأعيدوا فليبلغ الشاهد الغائب، قال العاملي: الحديث محمول على التقية.(3)
من أين أتت التقية في هذه القصة؟ هل زعم أمير المؤمنين رضي الله عنه أنه كان جنب تقيةً، أم أن الصادق رحمه الله إختلق هذه الرواية من أجل التقية، كما مر بنا في روايات شبيهة. ثم الا تتعارض هذه الرواية وأمثالها مع القول بعصمة الأئمة؟
وذكر المجلسي في الإختلاف في مسافة القصر في الصلاة بين الاربعة والثمانية فراسخ، بعد ان رجح الأربعة، ومنهم من قال بالثمانية فالتعبير عن الأربعة بالثمانية يمكن ان يكون لنوع من التقية.(4)
وعن الصادق قال: كان أبي يقضي نوافل النهار في الليل، قال المجلسي: الأظهر عندي حملها على التقية.(5)
وعن الصادق قال: فرض الله على كل خائف ركعة، قال المجلسي: يمكن حمله على التقية.(6)
وعن الصادق انه سئل عن الجمعة؟ قال: اذان واقامة يخرج الإمام بعد الأذان فيصعد المنبر، قال المجلسي: يمكن حمله على التقية.(7)
__________
(1) - التهذيب ، 2/195 الإستبصار ، 1/380 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 8/208
(2) - التهذيب ، 2/320 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 6/399
(3) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 8/373
(4) - البحار/ 89/13
(5) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 89/72
(6) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 98/97 ، 114
(7) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 98/150(1/53)
وقال المجلسي في الإختلاف في جواز تخطي الرقاب يوم الجمعة من عدمه: يشكل حمله على التقية لعدم المعارض.(1)
وعن الباقر عن أبيه ان عليا رضي الله عنه كان يكره رد السلام والإمام يخطب، قال المجلسي: كراهة رد السلام لعله محمول على التقية.(2)
وعن الصادق: ليس على أهل القرى جماعة ولا خروج في العيدين، قال الطوسي: الرواية محمولة على التقية.(3)
وعن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي رضي الله عنهم قال: لا جمعة إلا في مصر تقام فيه الحدود، قال الطوسي: هذا الخبر ورد مورد التقية لأنه مذهب بعض العامة.(4)
وعن الباقر قال: لا بأس بأن تصلي خلف الناصب – أهل السُنة – ولا تقرأ فيما يجهر فيه فإن قراءته تجزيك إذا سمعتها، قال الطوسي: هذا الخير محمول على التقية.(5)
وقال المجلسي في تعارض روايات تكبيرات العيدين وكونها قبل القراءة أو بعدها: روايات التكبيرات قبل القراءة ينبغي حملها على التقية، وكذا قال الطوسي لأنها موافقة لمذهب بعض العامة.(6)
وعن الكاظم انه سئل عن التكبير في ايام التشريق قال: إلى آخر ايام التشريق من صلاة العصر، قال المجلسي عن التكبير بعد الظهرين في اليوم الثالث يمكن حمله على التقية.(7)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 98/175
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 98/176
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 98/210 ، 257
(4) - التهذيب ، 3/239 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 7/307
(5) - التهذيب ، 3/278 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 8/369
(6) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 90/351 التهذيب ، 3/131 ، 133
(7) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 91/130(1/54)
وعنه أيضا عن آبائه عن علي رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى الكسوف بالناس..الى ان قال: فمضت السنة ان صلاة الكسوف ركعتان فيها اربع ركعات واربع سجدات، قال الطوسي: محمول على التقية لأنهها موافقة لمذهب بعض العامة.(1)
وعن الصادق في ليلة السابع والعشرون من رمضان قال: وفيه ليلة القدر، قال المجلسي: محمول على التقية.(2)
وعنه أيضا في الرجل يصوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان قال: عليه قضاؤه، قال الطوسي: يمكن حمله على التقية لأنه موافق لمذهب بعض العامة.(3)
وعنه أيضا في رجل صائم إرتمس في الماء متعمدا أعليه قضاء ذلك اليوم؟ قال: ليس عليه قضاء ولا يعودن، قال الطوسي: الوجه في هذه الأخبار حملها على التقية لأن ذلك موافق للعامة.(4)
وعن الرضا في رجل اصابتة جنابة في شهر رمضان فنام متعمدا حتى اصبح أي شيء عليه؟ قال: لا يضره هذا ولا يفطر ولا يبالي،قال الطوسي: نحمله على التقية لأن ذلك رواية العامة عن عائشة، وكذا قال العاملي.(5)
وعنه أيضا والباقر انهما قالا: زكاة الفطر صاع من تمر أو زبيب أو شعير أو نصف ذلك كله حنطه أو دقيق أو سويق أو ذرة أو سلتن قال الطوسي: هذه الأخبار وما يجري مجراها خرجت مخرج التقية.(6)
وعن الرضا انه سئل: هل تجوز شهادة النساء في التزويج من غير ان يكون معهن رجل؟ قال: لا هذا لا يستقيم، قال الطوسي: الخبر ورد مورد التقية لأن ذلك مذهب العامة.(7)
__________
(1) - التهذيب ، 3/292 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 91/163 مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 6/171
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 97/296
(3) - الإستبصار ، 2/79
(4) - الإستبصار ، 2/85
(5) - الإستبصار ، 2/88 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 10/59 ، 64
(6) - التهذيب ، 4/82 الإستبصار ، 2/48
(7) - التهذيب ، 6/280 ، 281 الإستبصار ، 3/25(1/55)
وعن زيد بن علي عن آبائه عن علي رضي الله عنهم قال: حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم خيبر لحوم الحمر الأهلية ونكاح المتعة، قال الطوسي: هذه الرواية وردت مورد التقية وعلى ما يذهب إليه مخالفوا الشيعة.(1)
وعن الصادق انه سئل: جارية بكر بين أبويها تدعوني إلى نفسها سرا من أبويها أفأفعل ذلك؟ قال: نعم وإتق موضع الفرج، قال: وان رضيت بذلك؟ قال: وان رضيت بذلك فإنه عار على الأبكار، وفي رواية: لا بأس بتزويج البكر إذا رضيت من غير إذن وليها، قال الطوسي في أخبار النهي عن التمتع بالبكر ان الأخبار في ذلك خرجت مخرج التقية.(2)
وعن الباقر انه سئل عن نكاح اليهودية والنصرانية؟ قال: لا بأس، قال الطوسي: ما جري مجري هذه الأخبار مما تضمن إباحة نكاح اليهوديات والنصرانيات فإنها تحتمل ان تكون خرجت مخرج التقية لأن كل من خالفنا يذهب إلى إباحة ذلك.(3)
وعن أبي الحسن انه سئل عن الذي يحرم من الرضاع؟ فقال: قليله وكثيره حرام، قال الطوسي: هذا الخبر يجوز ان يكون خرج مخرج التقية لأنه موافق لمذهب العامة.(4)
وعن الصادق قال: الرضاع بعد الحولين قبل ان يفطم يحرم، قال الطوسي: لأن هذا الخبر موافق للعامة خرج مخرج التقية.(5)
وعنه أيضا ان سئل عن إتيان النساء في أعجازهن؟ قال: ليس به بأس وما احب ان تفعله، قال الطوسي في أخبار النهي عن إتيان النساء في أدبارهن يحتمل أنها وردت مورد التقية.(6)
__________
(1) - التهذيب ، 7/251 الإستبصار ، 3/142 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 21/12
(2) - التقية التهذيب ، 7/255
(3) - التهذيب ، 7/298 الإستبصار ، 3/180
(4) - التهذيب ، 7/317 الإستبصار ، 3/197 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 20/377
(5) - الإستبصار ، 3/198 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 20/386
(6) - التهذيب ، 7/416 الإستبصار ، 3/244 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 20/142(1/56)
وعنه أيضا في الرجل يأتي أهله من خلفها قال: هو أحد المأتيين فيه الغسل، قال الطوسي في ذلك يمكن ان يكون الخبر ورد مورد التقية لأنه لا غسل على المرأة إذا أتييت في دبرها.(1)
وعن أباالحسن انه سئل عن قناع النساء الحرائر من الخصيان فقال: كانوا يدخلون على بنات أبي الحسن عليه السلام ولا يتقنعن، قال الطوسي: هذا الخبر خرج مخرج التقية.(2)
وعن الصادق عن علي رضي الله عنه ان امرأة سألته:ان زوجي طلقني قال: غسلت فرجك؟ قالت: لا، قال: فزوجك احق ببضعك ما لم تغسلي فرجك، وفي رواية: إذا طلق الرجل المرأة فهو احق بها مالم تغتسل من الثالثة، قال الطوسي: الخبران خرجا مخرج التقية.(3)
وعنه أيضا أنه قال: عدة التي تحيض ويستقيم حيضها ثلاثة اقراء وهي ثلاث حيض، قال الطوسي:الوجه في هذه الأخبار ان تكون محمولة على التقية.(4)
وعنه أيضا عن الباقر قال: قال علبي رضي الله عنه لا وصية لوارث، قال الطوسي: هذا الخبر ورد مورد التقية لأنة موافق لمذاهب جمبع العامة.(5)
وعن زرارة ان الصادق أراه صحيفة الفرائض فإذا فيها لا ينقص الجد من السدس شيئا ورأيت سهم الجد فيها مثبتا، قال الطوسي: فالوجه في هذه الأخبار انها وردت مورد التقية لموافقتها لبعض العامة.(6)
__________
(1) - الإستبصار ، 1/112 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 2/200
(2) - التهذيب ، 7/480 الإستبصار ، 3/252
(3) - التهذيب ، 8/125 الإستبصار ، 2/219 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 22/207
(4) - التهذيب ، 8/126 الإستبصار ، 3/330
(5) - التهذيب ، 9/162 ، 200 الإستبصار ، 4/113 الإستبصار ، 4/127 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 19/295
(6) - التهذيب ، 9/306 الإستبصار ، 4/158(1/57)
وعن الصادق انه سئل: ما تقول في زيارة قبر الحسين رضي الله عنه فإنه بلغنا عن بعضكم انه تعدل حجة وعمر؟ قال: ما اضعف هذا الحديث ما تعدل هذا كله ولكن زوروه ولا تجفوه لأنه سيد شباب أهل الجنة، قال المجلسي والعاملي: الأظهر انه محمول على التقية.(1)
وعنه أيضا انه سئل إذا اتي قبر الحسين رضي الله عنه: اجعله قبلة إذا صليت؟ قال: تنح هكذا ناحية، قال المجلسي: لعل الأمر بالتنحي محمولة على التقية.(2)
وعنه أيضا انه سئل عن زيارة قبر الحسين رضي الله عنه أنه قال زرة ولا تتخذه وطنا، قال المجلسي: لعل النهي عن إتخاذه وطنا محمول على التقية.(3)
وعنه أيضا عن الباقر ان علي رضي الله عنه لم يكن ينسب احدا من أهل حربه إلى الشرك ولا إلى النفاق ولكنه كان يقول هم إخواننا بغوا علينا، قال العاملي: هذا محمول على التقية.(4)
لا شك ان القاريء قد مل، وهو يظن بأننا قد اطلنا عليه بعض الشيء ولكن في حقيقة الأمر أننا لو اردنا نقل كل ما ورد في هذا الباب لأحتاج الأمر إلى مجلد أو أكثر.
الحوادث التاريخية التي وقعت في عصر الأئمة.
فالمسائل التي مرت بك أو جلها كانت بزعم الشيعة لأئمة أهل البيت رحمهم الله الذين عاصروا حكام بني أمية والعباس من مروان بن عبدالملك الأموي إلى المأمون العباسي. أي الإمام زين العابدين والباقر والصادق والكاظم والرضا رحمهم الله. وفي هذه الفترة مرت على الدولتين من الحوادث ما يحتاج بيانه إلى مجلدات، ولكن لا بأس أن نمر عليها على عجالة شديدة توطئة لبيان المقصود.
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 101/35 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 14/451
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 101/82
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 101/115
(4) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 15/82(1/58)
فمن هذه الحوادث وثوب عمرو بن سعيد بن العاص على دمشق في غيبة عبد الملك بن مروان ، وأراد الخلافة. فجاء عبد الملك وجرى بينهما قتال، وحصار ثم نزل إليه بالأمان.
ومنها ما كان بين الأزارقة وبين المهلب حرب شديد ودام القتال أشهرا. وفي سنة سبعين ثارت الروم ووثبوا على المسلمين. فصالح عبد الملك بن مروان ملك الروم على أن يؤدي إليه في كل جمعة ألف دينار خوفاً منه على المسلمين. حتى قالوا في ذلك: هذا أول وهن دخل على الإسلام. وما ذاك إلا لاختلاف الكلمة ولكون الوقت فيه خليفتان يتنازعان الأمر فما شاء الله كان.
ومنها الوقعة الهائلة بالعراق بدير الجاثليق. تجهز عبد الملك وطلب العراق. وسار مصعب أيضاً يقصد الشام. فالتقى الجمعان. فخان مصعباً بعض جيشه، وأفلت زياد بن عمرو ومالك بن مسمع وطائفة لديهم ولحقوا بعبد الملك. وكان عبد الملك قد كتب إليهم يعدهم ويمنيهم حتى أفسدهم. وجعل مصعب كلما قال لمقدم من أمرائه: تقدم، لا يطيعه. واستظهر عبد الملك فأرسل إلى مصعب يبذل له الأمان. فقال: إن مثلي لا ينصرف عن هذا الموطن إلا غالباً أو مغلوباً. ثم إنهم أثخنوه بالرمي. ثم شد عليه زائدة فطعنه وقال: يا لثارات المختار. وقتل مع مصعب ولداه عيسى وعروة، وإبراهيم بن الأشتر سيد النخع وفارسها. ومسلم بن عمرو الباهلي. واستولى عبد الملك على العراق وما يليها. فأمر أخاه بشراً على العراق وبعث الأمراء على الأعمال. وجهز الحجاج إلى مكة لحرب ابن الزبير.
وفيها نازل الحجاج ابن الزبير فحاصره. ونصب المنجنيق على أبي قبيس. ودام القتال شهراً. إلى أن قتل عبد الله بن الزبير بن العوام.
وفيها وجه الحجاج زائدة بن قدامة الثقفي، ابن عم المختار، لحرب شبيب والخوارج. فالتقوا، فاستظهر شبيب وقتل زائدة. واستفحل أمر شبيب وهزم العساكر مرات.(1/59)
ومنها بعث الحجاج لحرب شبيب عندما قتل عثمان الحارثي عتاب بن ورقاء الخزاعي الرباحي. فالتقى شبيباً بسواد الكوفة فقتل أيضاً عتاب، وهزم جيشه. فجهز الحجاج لقتاله الحارث بن معاوية الثقفي. فالتقوا، فقتل الحارث. فوجه الحجاج أبا الورد النضري فقتل. فوجه طهمان مولى عثمان فقتل. ففرق الحجاج وسار بنفسه. فالتقوا واشتد القتال. وسار شبيب إلى ناحية الأهواز وبها محمد بن موسى بن طلحة التيمي. فخرج لقتال شبيب، ثم بارزه فقتله شبيب. وسار إلى كرمان فتقوى ورجع إلى الأهواز. فبعث الحجاج لحربه سفيان الأبرد الكلبي وحبيب بن عبد الرحمن الحكمي. فالتقوا على جسر دجيل. واشتد القتال حتى حجز بينهم الظلام. ثم ذهب شبيب وعبر على الجسر فقطع به، فغرق. وكان إليه المنتهى في الشجاعة والبأس، وأكثر ما يكون في مائتي نفس من الخوارج فيهزمون الألوف. وفيها غزا عبد الملك بنفسه. فدخل الروم وافتتح مدينة هرقلة.
ومن الحوادث ما أصاب أهل الشام من طاعون كادوا يفنون من شدته. وفي السنة التالية بعث الحجاج على سجستان عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث الكندي. فلما استقر بها خلع الحجاج وخرج. ثم كانت بينهما حروب يطول شرحها. فيها قام مع ابن الأشعث عامة أهل البصرة مع العلماء والعباد. فاجتمع له جيش عظيم. والتقوا عسكر الحجاج يوم الأضحى، فانكشف عسكر الحجاج وانهزم هو، وتمت بينهما بعد ذلك عدة وقعات، حتى قيل كان بينهما أربع وثمانون وقعة على الحجاج، والآخرة كانت له.
ومنها الحروب التي إستعرت بالعراق بين الحجاج وابن الأشعث وكاد ابن الأشعث أن يغلب على العراق. وبلغ جيشه ثلاثة وثلاثين ألف فارس ومئة وعشرين ألف راجل. ولم يتخلف عنه كثير. قاموا معه على الحجاج لله.
وفيها وقعة دير الجماجم. وكان شعار الناس: يا ثارات الصلاة. لأن الحجاج، قاتله الله، كان يميت الصلاة ويؤخرها حتى يخرج وقتها.(1/60)
ومنها غزو محمد بن مروان بن الحكم لأرمينية. وفيها كانت وقعة بين المسلمين والروم بطوانة أصيب فيها المسلمون واستشهد نحو الألف.
ومنها الملحمة الهائلة بناحية بخارا بين قتيبة والكفار. وفيها فتحت سردانية من المغرب.
ومنها زحف الترك وأهل فرغانة والصغد وعليهم ابن أخت ملك الصين في جمع لم يسمع بمثله. فيقال: كانوا مائتي ألف. فالتقاهم قتيبة بن مسلم فهزمهم. وفيها اقتتلت الروم في جمع عظيم. فالتقاهم مسلمة فكسرهم أيضاً. وافتتح مسلمة حرثومة وطوانة. وفيها جهز موسى بن نصير ولده عبد الله. فافتتح جزيرتي ميورقة ومنورقة. وجهز ولده الآخر مروان فغزا السوس الأقصى. وبلغ السبي أربعين ألفاً. وغزا مسلمة عمورية. فالتقى الروم وهزمهم.
ومنها غزو قتيبة وردان خداه الغزوة الثانية. فاستصرخ عليه بالترك، فالتقاهم قتيبة وكسرهم. وفيها غزا مسلمة سورية وافتتح الحصون الخمسة. وفيها غدر ملك الطالقان واستعان بترك طرخان على قتيبة. ثم ظفر قتيبة بأهل الطالقان فقتل منهم صبراً مقتلة لم يسمع بمثلها. وصلب منهم سماطين طول كل سماط أربعة فراسخ في نظام واحد.
ومنها فتتح إقليم الأندلس على يد طارق مولى موسى فتحه في سنة ثلاث.
ومنها فتتح قتيبة لعدة فتوح وهزم الترك. ونازل سمرقند في جيش عظيم، ونصب المنجنيق فجاءت نجدة الترك، فأكمن لهم كميناً فالتقوا في نصف الليل. فاقتتلوا قتالاً عظيماً، ولم يفلت من الترك إلا اليسير.
وافتتح سمرقند صلحاً وبنى بها الجامع والمنبر. وأما الباهليون فيقولون: صالحهم على مئة ألف فارس، وعلى بيوت النار، وعلى حلية الأصنام فسلبت. ثم وضعت قدامه فكانت كالقصر العظيم يعني الأصنام. فأمر بتحريقها. ثم جمعوا من بقايا ما كان فيها من مسامير الذهب والفضة خمسين ألف مثقال واستعمل على البلد ابنه عبد الله. ورد إلى مرو.(1/61)
ومنها كانت الفتوح بأرض المغرب والأندلس وبأرض الروم وبأرض الهند. ولم يفتتح المسلمون منذ خلافة عثمان مثل هذه الفتوح التي جرت بعد التسعين شرقاً وغرباً.
ومنها غزو قتيبة بن مسلم لفرغانة فافتتحها بعد قتال عظيم، وبعث جيشاً فافتتحوا الشاش. وفيها افتتح مسلمة من أرض الروم سندرة.
ومنها غزو المسلمون لقسطنطينية، وعلى الناس مسلمة. وفيها افتتح يزيد بن المهلب بن أبي صفرة جرجان.
ومنها وقعة بهرازان دون الباب بفرسخين. التقى المسلمون وعليهم الجراح الحكمي هم والخاقان. فهزموه بعد قتال عظيم. وقتل خلق من الكفار.
ومنها معارك الجراحِ الحكَمي وخاقان ملك الترك. ودام الحرب أياماً، ثم نصر الله دينه، وهزم الترك شر هزيمة. وكان المصاف بناحية إرمينية.
ومنها غزو المسلمون فرغانة والتقوا الترك، فقتل في الوقعة ابن خاقان. وفيها غزا الجراح الحكَمي ووغل في بلاد الخزر. فصالحوه وأعطوه الجزية.
ومنها غزو أسد بن عبد الله القسرِِيّ أمير خراسان فالتقاه الغوز في جمع عظيم فهزمهم. وفيها زحف ابن خاقان إلى اذربَيجان وحاصر مدينة ديان كذا ونصَب عليها المجانيق. فساد إليه المسلمون فهزموه، وقتلوا من جيشه خلقاً، ولكن استشهد أميرهم الحارث بن عمرو.
ومنها فتتح معاوية ولد هشام قلعتين من أرض الروم. وفيها كانت وقعة الطين التقى مسلمة وطاغية الخزر بقرب باب الأبواب. فاقتتلوا أياماً كثيرةَ. ثم كان النصر ولله الحمد في جُمادى الآخرة. وفيها كانت وقعة بالمغرب أسر فيها بطريقُ المشركين.
ومنها عُزل مسلمة عن أَذرَبيجان وأعيد الجراح الحكَمي. فافتتح مدينة البيضاء التي للخزر. فجمع ابن خاقان جمعاً عظيماً وساق فنازل أردبيل.(1/62)
ومنها مسير مسلمة في شدة البرد والثلج في بلاد الترك حتى جاوز الباب. وافتتح مدائن وحصوناً. وافتتح معاوية بن هشام خرشنة من ناحية ملطية. وفيها زحف الجراح الحكمي من برذعة إلى ابن خاقان وهو محاصر أردبيل. فالتقى الجمعان واشتد القتال، فكسر المسلمون وقتل الجراح الحَكمي اليماني رضي الله عنه. وغلبت الخزر على اذربَيجان. وبلغت خيولهم إلى الموصل. وكان بأساً شديداً على الإسلام.
وفيها أخذت الخَزَزُ أردَبيل بالسيف. فبعث هشام إلى أذربيَجان سعيدَ بن عمرو الجرشي. فالتقى الخزر وهزمهم واستنقذَ شيئاً كثيراً وغنائم ولَطفَ الله.
ومنها لقاء المسلمون والترك بظاهر سمرقَند. فاستشهد أميرهم وعامة أصحابه. وهو الأمير َسوْرَةُ بن أَبجر الدارمي عامل سمرقند. ثم التقاهم الجُنيد المرّي فهزمهم. وفيها أعيدَ مَسْلَمة إلى ولاية أذربيجان وإرمينية. فالتقى خاقان. واقتتلوا قتالاً عظيماً وتحاجزوا، ثم التقوا بعدها فانهزم خاقان. وفيها غزا المسلمون وهم ثمانية آلاف وعليهم مالك بن شبيب الباهلي فوغل بهم في أرض الروم فحشدوا لهم، والتقوا. فانكسر المسلمون وقتل أميرهم مالك. وقتل معه عبد الوهاب بن بخت مولى بني مروان. وكان موصوفاً بالشجاعة والإقدام. وكان معه الأمير أبو محمد البطال، واسمه عبد الأنطاكي. أحد الشجعان الذين يضرب بهم المثل. وله مواقف مشهودة. وكان طليعةَ جيش مسلمة.
ومنها ثورة الترك بخراسان وانضم إليهم الحارث بن أبي شريح الخارجي. فاقتتوا وجاوزوا نهر جيحون. وأغاروا على مرو الروذ. فسار إليهم أسد بن عبد الله القسري، فالتقَوا، ونصَر الله، وقتلهم المسلمون قتلاً ذريعاً. وفيها افتتح مروان الحمار ثلاثةَ حصون، وأسر الملك تومان شاه، وبعث به إلى هشام. فمن عليه وأعاده إلى ملكه.(1/63)
ومنها غزو مروِان. فأتى قلعة بيت السرير، فقتل وسبى، ثم دخل حصن غومشك كذا، وفيه سريرُ مُلكِهم، فهرب منه الملك. ثم إن مروان صالحهم في العام على ألف رأس ومئة ألف مديٍ. ثم إنه سار حتى دخل أرض أرز ونطران كذا، فصالحوه، وصالحه تومان شاه على بلاده. ثم سار حتى نازل حمرين كذا وحاصرها شهرين، ثم صالحهم، وافتتح مسدارة صُلحاً، وتهيأ لمروان في هذه السنة من الفتوحات أمرٌ عظيم، ووقع في قلوب الترك والخَزَر منه رعبٌ شديد.
ومنها ما كان في المغرب حيث حصلت حروب مزعجةّ وملاحم وخرجت طائفة كبيرة وبايعوا عبد الواحد الهواريَ. والتف عليه أممٌ من البربر. ثم نصير عليهم المسلمون وقتلوا منهم خلقاً.
ومنها في المغرب أيضا قتل كْلثوم بن عياض القشيري في عدة من أمرائه واستبيح عسكره ومُزقوا. هَزمهم أبو يوسف الأزري رأس الصُفرية. و كَان كلثوم قد ولي دمشق لهشام، ثم ولاه غزو الخَوارج بالمغرب. وأتبعت الصفرية من انكسر من المسلمين. فثبت لهم بلجٌ القًشَيري ابن عم كُلثوم. وكان النصر وللَه الحمد.
ومنها الوقعةٌ الكبيرة بالمغرب مع الصفرية. ورأسهم َمْيسَرَةُ الحقير. وذاق المسلمون منهم مشاقّ وبلاءً شديداً.
ومنها لما بلغ مروان بن محمد بن مروان وفاة يزيد الناقص سار من إرمينية في جيوشه يطلب الأمر لنفسه. فجهّز إبراهيم الخليفة أخويه بشراً ومسروراً في جيش فكسرهما مروان وحبسهما. ثم نزل بمرج دمشق، فحاربه سليمان بن هشام بن عبد الملك. ثم انهزم وعسكر الخليفة إبراهيم بن الوليد. فخلع نفسه وبايع مروان.(1/64)
ومنها ظهور الضحّاكُ بن قَيس الخارجي، وقَتل متولّي الموصل. واستولى عليها. وكثرت جموعه وأغار على البلاد، وخافه مروان. فسار بنفس، فالتقى الجيشان بنصيبين. وكان قد أشار على الضحّاك أمراؤه أَن يتقهقر فقال: ما لي في دنياكم من حاجة. وقد جعلتُ لله علي إن رأيت هذا الطاغية أن أحمل عليه حتى يحكم الله بيننا. وعلي دينٌ سبعةُ دراهم. معي منها ثلاثة دراهم. ودام الحرب إلى آخر النهار، فقتل الضحاك في المعركة في نحو ستة آلاف من الفريقين أكثرهم من الخوارج. وانهزم مروان، لكن ثبت أمير الميمنة. وجاء الخبيريّ فملك مخيم مروان وقعد على سريره. فعطف نحو ثلاثة آلاف فأحاطت بالخبيري فقُتل، وقام بأمر الخوارج شيبان فتحيّز بهم. وخندقوا على نفوسهم. وجاءَ مروان فنازلهم وقاتلهم عشرة أشهر، كل يوم رايةُ مروان مهزومة. وكانت فتنةً هائلة تُشبه فتنة ابن الأشعث مع الحجاج. ثم رحل شيبان على حمية نحو شهرزور، ثم توجه إلى كَرمان ناحية البحرين فقتل هناك.
ومنها خروج بسطام بن الليث بأذربيجان، ثم قدم بلد نصيبين في نيف وأربعين رجلاً. فنهض لحربه عسكر الموصل، فبيتهم وأصاب منهم، ثم عاث بنصيبين، ثم قتل.
ومنها إستلاء أبو مسلم الخراساني ممالك خراسان. وهزم الجيوش. وبدأت دولة بني العباس، وَولت الدنيا عن بني أمية.
وفي سنة اثنتين وثلاثين ومئة ابتدا أمر دولة العباسية بني العباس. وبويع السفاح بالكوفة. وِجهز عمه عبدَ الله بن علي لمحاربة مروان. فزحف مروان إليه في مئة ألف إلى أن نزل بالزاب دون الموصل. فالتقوا في جمادى الآخرة. فانكسر مروان واستولى عبد الله على الجزيرة، وطلب الشام. فهرب مروان إلى مصر وخْذل. وانقضت أيامه.
فنزل عبد الله على دمشق وحاصرها. وبها ابن عم مروان الوليد بن معاوية ابن مروان. فأخذت بالسيف. وقتل بها من الأمويين عدة ألوف، منهم أميرها الوليد وسليمان بن هشام بن عبد الملك.(1/65)
وفيها كانت وقعة المسناة فقتل الأمير قحطبة بن شبيب الطائي المروزي أحد دعاة بني العباس. وتأمر على الجيش في الحال ولده.
وفيها قتل مروان الخليفة الملقب بالجعدي وبالحمار، عبر النيل طالباً بلاد الحبشة. فلحقه صالح بن علي عم السفاح وبيتوه ببوصير. وقاتل حتى قتل. وقتل معه زبان أخو عمر بن عبد العزيز. وكان أحد الفرسان ولكن تقنطر به فرسه فقتلوه.
وفيها قتل سليمان بن كثير الخزاعي المروزي الأمير، أحد نقباء بني العباس. قتله أبو مسلم الخراساني.
ومنها منازلة طاغية الروم اليون بن قسطنطين ملطية، وألح عليهم بالقتال حتى سلموها بالأمان. فهدم المدينة والجامع. ووجه مع المسلمين عسكر حتى يبلغوهم مأمنهم.
في سنة ست وثلاثين ومئة في ذي الحجة مات أبو العباس السفاح، وكانت دولته دون الخمس سنين. وفي أيامه تفرقت الكلمة وخرج عن طاعته الناحية الغربية من بلاد السودان، وإقليم الأندلس. وتغلبت على هذه الممالك خوارج وجماعة. وولي بعده أخوه أبو جعفر المنصوِر.
وفي سنة سبع وثلاثين ومئة في أولها بلغ عبد الله بن علي موت ابن أخيه السفاح فدعى بالشام إلى نفسه. وعسكر بدابق وزعم أن السفاح عهد إليه بالأمر. فجهز المنصور لحربه أبا مسلم الخراساني. فالتقى الجمعان بنصيبين في جمادى الآخرة. فاشتد القتال. ثم انهزم جيش عبد الله، وهرب هو إلى البصرة، وبها أخوه، وحاز أبو مسلم خزائنه، وكانت شيئاً عظيماً، لأنه استولى على جميع نعمة بني أمية فبعث المنصور إلى أبي مسلم: أن احتفظ بها في يدك، فصعب ذلك على أبي مسلم، وعزم على خلع المنصور. وسار نحو خراسان، فأرسل إليه المنصور يستعطفه ويمنيه وما زال به حتى وقع في براثنه، فأقدم على قتله.(1/66)
وفي شعبان قتل أبو مسلم عبد الرحمن بن مسلم صاحب دعوة بني العباس، ومنشىءُ دولتهم. وكان قد دخل خراسان على بهيمة، وهو شابٌّ طري له ذؤابة فما زال يتحيل بإعانة وجوِه شيعة بني العباس ونقبائهم، حتى توثب على مرو ومَلَكَهَا. وحاصل الأمر أنه خرج من خراسان بعد أَن حكم عليها وضبطها. فقاد جيشاً هائلاً ومهد لبني العباس، بعد أن قتل خلقاً لا يحصون محاربة وصبراً. وكَان حجاج زمانه.
وفي سنة ثمان وثلاثين ومئة أقبل طاغية الروم قسطنطين بن اليون بن قسطنطين في مئة الف حتى نزل بدابق. فالتقاه صالح بن علي عم المنصور فهزمه.
وفي سنة تسع وثلاثين ومئة سار عسكر المنصور فنزلوا مَلَطية. وهي خراب، فزرعوا أرضها وطبخوا كلساً لبنائها ورجعوا فبعث طاغية الروم من حرق الزرع.
وفي سنة إحدى وأربعين ومئة ظهرت الريوندية. وهم قوم خراسانيون على رأي أبي مسلم صاحب الدعوة يقولون بتناسخ الأرواح، وأن ربهم الذي يطعمهم ويسقيهم المنصور، وأن الهيثم بن معاوية جبريلُ. فأتوا قصر المنصور وطافوا به، فقبض على مئتين من كبارهم. فغضب الباقون وحفوا بنعشٍ وحملوا هيئة جنازة. ثم مروا بالسجن فشدوعلى الناس، وفتحوا السجن وأخرجوا أصحابهم. وقصدوا المنصور في ست مئة مقاتل. فأغلق البلد، وحاربهم العسكُر مع مَعْن بن زائدة. ثم وضعوا فيهم السيف. وأصيب عثمان بن نهيك الأمير. فاستعمل المنصور مكانه على الحرس أخاه عيسى. وكان ذلك بالهاشمية.
وفيها افتتح المسلمون طَبَرَسْتان بعد حروب طويلة.
وفي سنة ثلاث وأربعين ومئة ثارت الديلُم وبَدَعوا وقتلوا خلائق من المسلمين. فانتُدب الناس لغزوهم. وفيها سار الأمير محمد بن الأشعث إلى المغرب، فالتقى الأباضية وهَزَمَهم، وقُتل زعيمهم أبو الخطاب في المصاف.(1/67)
وفي سنة خمس وأربعين ومئة ظهر محمد بن عبد الله بن حسن. فخرح في مئتين وخمسين نفساً بالمدينة، وهو على حمار. وذلك في أول رجب. فوثب على متولي المدينة رباح وسجنه. وتتبع أصحاب رباح. ثم خطب الناس، وبايعه بالخلافة أهل المدينة قاطبةً طوعاً وكرهاً. وأظهر أنه قد خرج غضباً لله، وما تخلف عنه من الوجوه إلا نفر يسير. واستعمل على مكة عاملاً وعلى اليمن وعلى الشام، وندب المنصور لحربة ابن عمه عيسى ابن موسى وقال: لا أبالي أيهما قتل صاحبه لأن عيسى كان ولي العهد بعد المنصور عقد له ذلك السفاح. وكان المنصور يود هلاكه ليولي مكانه ولده المهدي.
وسار عيسى في أربعة آلاف، وكتب إلى الأشراف يستميلهم ويمنيهم، فتفرق عن محمد بن عبد الله ناس كثير. وأشير عليه باللحاق بمصر ليتقوى منها. فأبى وتحصن بالمدينة. وعمق خندقها. فلما أظله عيسى قال: قد أحللتكم من بيعتي. فإن هذا قد جاء في عَددٍ وعُددٍ. فتسللوا عن محمد وبقي في طائفة فراسله عيسى يدعوه إلى الإنابة، ويبذل له الأمان فلم يسمع. ثم أنذر عيسى أهل المدينة ورغبهم ورهبهم أياماً ثم زحف على المدينة فظهر عليها و بادر محمداً وناشده الله، ومحمد لا يرعوي.
قال عثمان بن محمد بن خالد: إني لأحسب محمداً قتل بيده يومئذ سبعون رجلاً. وكان معه ثلاث مئة مقاتل. ثم قتل في المعركة وبعث عيسى برأسه إلى المنصور.
وفيها خرج أخوه إبراهيم بن عبد الله بن حسن بالبصرة وكان قد سار من الحجاز إلى البصرة فدخلها سراً. في عشرة أنفس. فدعا إلى نفسه سراً بالبصرة حتى بايعه نحو أربعة آلاف. وجاءه خبر ظهور أخيه بالمدينة فوجم واغتم. ولما بلغ المنصور خروجه تحول فنزل الكوفة حتى يأمن غائلة أهلها. وألزم الناس بلبس السواد، وجعل يقتل كل من اتهمه أو يحبسه. وكان بالكوفة ابن ماعز يبايع لإبراهيم سراً. وتهاون متولي البصرة في أمر إبراهيم حتى اتسع الخرق.(1/68)
وخرج إبراهيم أول ليلة من رمضان، وتحسس منه سفيان متولي البصرة. وأقبل الخلق إلى إبراهيم من بين ناصر وناظر. ونزل سفيان بالأمان ووجد إبراهيم في الحواصل ست مئة ألف. ففرضها لأصحابه خمسين خمسين. وبعث عاملاً على الأهواز ليفتحها. وبعث آخر إلى فارس، وآخر إلى واسط. فجهز المنصور لحربه خمسة آلافٍ عليهم عامر المسكي. فكان بين الفريقين عدة وقعات. وقتل خلق من أهل البصرة وواسط. وبقي إبراهيم سائر رمضان يفرق العمال على البلدان ليخرج على المنصور من كل جهة فتق. فأتاه مصرع أخيه بالمدينة قبل الفطر بثلاث. فعيد بالناس وهم يرون فيه الانكسار.
وكان المنصور في جمعٍ يسير وعامة جيوشه في النواحي. فالتزم بعدها أن لا يفارقه ثلاثون ألفاً. فلم يبرح أن رد من المدينة عيسى بن موسى. فوجهه لحرب إبراهيم.
ومكث المنصور لا يقر له قرار. وجهز العساكر، ولم يأو إلى فراش خمسين ليلة. وكل يوم يأتيه فتق من ناحية. هذا ومئة ألف سيف كامنة بالكوفة، ولولا السعادة لثل عرشه بدون ذلك. وكان ذلك صقراً أحوذياً مشمراً ذا عزم ودهاء. وعن داود بن جعفر قال: أحصي ديوان إبراهيم بالبصرة فبلغوا مئة ألف. وقال غيره: بل قام معه عشرة آلاف، فلو هجم بالكوفة لظفر بالمنصور، ولكنه كان فيه دين. قال: أخاف إن هجمتها أن يستباح الصغير والكبير، وكان أصحابه مع قلة رأيه يختلفون عليه. وكل يشير برأي إلى أن التقى الجمعان بباخمرا على يومين من الكوفة. فاشتد الحرب. واستظهر أصحاب إبراهيم.
وكان على مقدمة جيوش المنصور حميد بن قحطبة. فانهزم، وجعل عيسى بن موسى يثبت الناس، قد بقي في مئة من حاشيته. فأشاروا عليه بالفرار. فقال: لا أزل حتى أظفر أو أقتل. وكان يضرب به المثل بشجاعته ثم دار أبناء سليمان بن علي في طائفة وجاءوا من وراء إبراهيم. وحملوا على عسكره.(1/69)
فاعترض لهم نهرٌ، ولم يجدوا مخاضة، فرجعوا. فوقعت الهزيمة على أصحاب إبراهيم، حتى بقي في سبعين، وأقبل حميد بن قحطبة فحمل بأصحابه. واشتد القتال حتى تفانى خلق تحت السيف طول النهار. وجاء سهم غرب لا يدرى من رمي به في حلق إبراهيم، فأنزلوه وهو يقول " وكان أمر الله قدراً مقدوراً " أردنا أمراً وأراد الله غيره. واجتمع أصحابه يحمونه. وأنكر حميداً اجتماعهم وحمل عليهم. فتفرقوا عن إبراهيم فنزل جماعة واحتزوا رأسه. وبعث به إلى المنصور. وذلك في الخامس والعشرين من ذي القعدة، وعمره ثمان وأربعون سنة.
وفيها خرجت الترك والخزرج بباب الأبواب وقتلوا واستباحوا بعض أرمينية.
وفي سنة سبع واربعين ومئة بدعت الكفرة الترك بناحية إرمينية وقتلوا أمماً. ودخلوا تفليس. فالتقاهم المسلمون فلم ينصروا. وهرب أميرهم جبريل بن يحيى، وقتل مقدمه الآخر حرب الريوندي الذي تنسب إليه الحربية ببغداد.
وفي سنة تسع وأربعين ومئة غزا الناس بلاد الروم وعليهم العباس بن محمد. فمات في الغزاة أكبر أمرائه محمد بن الأشعث الذي كان ولي إمرة مصر.
وفي سنة خمسين ومئة خرجت أهل خراسان على المنصور مع الأمير استاذ سيس حتى اجتمع له فيما قيل ثلاث مئة ألف مقاتل من بين فارس وراجل، سائرهم من أهل وسجستان. واستولى على أكثر خرسان. وعظم الخطب فنهض لحربه الأخثم المروروذي. فقتل الأخثم واستبيح عسكره. فسار حازم بن خزيمة في جيش عظيم بالمرة فالتقى الجمعان وصبر الفريقان وقتل خلق كثير، حتى قيل إنه قتل في هذه الوقعة سبعون ألفاً. وانهزم استاذ سيس في طائفة إلى جبل. وكانت هذه الوقعة في السنة الآتية سقناها استطراداً.
ثم أمر حازم بالأسرى فضربت أعناقهم كلهم. وكانوا أربعة عشر ألفاً. ثم حاصر استاذ سيس مدة. ثم نزل على حكمهم، فقيد هو وأولاده، وأطلق أصحابه، وكانوا ثلاثين ألفاً.(1/70)
وفي سنة ثلاث وخمسين ومئة غلبت الخوارج الإباضية على إفريقية، وهزمواعسكرها، وقتلوا متوليها عمر بن حفص الأزدي وكان على رأسهم ثلاثة: أبو حاتم الإباضي، وأبو محمد. وأبو قرة الصفري. وكان أبو قرة في أربعين ألفاً من الصفرية قد بايعوه بالخلافة. وكان أبو حاتم وصاحبه في مئتي ألف فارس وأمم لا يحصون من الرجالة.
وفي سنة أربع وخمسين ومئة أهم المنصور أمر الخوارج واستيلاؤهم على المغرب، فسار إلى الشام، وزار القدس. وجهز يزيد بن حاتم في خمسين ألف فارس، وعقد له على المغرب. فبلغنا أنه أنفق على ذلك الجيش ثلاثة وستين ألف ألف درهم. ومر بدمشق فاستعمل على قضائها يحيى بن حمزة، فبقي قاضياً ثلاثين سنة.
وفي سنة اثنتين وستين ومئة ظهرت المحمرة ورأسهم عبد القهار إبراهيم بن أدهم واستولوا على جرجان. وقتلوا خلائق. فقصده عمر بن العلاء من طبرستان، فقتل عبد القاهر وخلق من أصحابه.
وفي سنة تسع وستين ومئة خرج الحسين بن علي بن حسن بن حسن بن علي الحسيني بالمدينة، وتابعة عدد كثير. وحارب العساكر التي بالمدينة، وقتل مقدمهم خالد البربري. ثم تأهب وخرج في جمع إلى مكة، فالتف عليه خلق كثير. فأقبل عليه ركب العراق معهم جماعة من أمراء بني العباس بعدة وخيل. فالتقوا بفخ، فقتل الحسين في مئة من أصحابه. وقتل الحسن بن محمد بن عبد الله بن حسن الذي خرج أبوه زمن المنصور.
وفي سنة خمس وسبعين ومئة هاجت العصبية والأهواء بالشام بين القيسية واليمانية.
ورأس القيسية يومئذ أبو الهيذام المري. وقتل بيهنم بشر كثير.
وفي سنة ست وسبعين ومئة افتتح المسلمون مدينة دبسة من أرض الروم بعد حرب طويلة.
وفيها اشتد البلاء والقتل بين القيسية واليمانية بالشام. واستمرت بينهم إحن وأحقاد ودماء يهيجون لأجلها في كل وقت وإلى اليوم.
وفي سنة ثمانين ومئة هاج الهوى والعصبية بالشام بين اليمانية والنزارية، وتفاقم الأمر واشتد الخطب.(1/71)
وفيها كانت الزلزلة العظمى التي سقط منها رأس منارة الإسكندرية.
وفي سنة إحدى وثمانين ومئة غزا الرشيد، وافتتح حصن الصفصاف من أرض الروم بالسيف.
وفي سنة ثلاث وثمانين ومئة خرج الخزرُ و من قصتهم أن ستيت إبنة ملك الترك خاقان خطبها الأمير الفضل بن يحيى البرمكي وحُملت إليه في عام أول. فماتت في الطريق ببرذعة فرد من كان معها في خدمتها من العساكر وأخبروا خاقان أنها قتلت غيلة. فاشتد غضبه وتجهز للشر وخرج بجيوشه من الباب الحديد، وأوقع بأهل الإسلام وبالذمة، وقتل وسبى، وبدع وبلغ السبي مئة ألف، وعظمت المصيبة على المسلمين.فانزعج هارون الرشيد واهتم لذلك، وجهز البعوث. فاجتمع المسلمون وطردوا العدو عن إرمينية ثم سدوا الباب الذي خرجوا منه.
وفي سنة سبع وثمانين ومئة خلعت الروم من الملك الست ريني وهلكت بعد أشهر. وأقاموا عليهم نقفور. فكتب نقفور هذا الكتاب من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب أما بعد فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ وأقامت نفسها مقام البيدق. فحملت إليك من أموالها، وذلك لضعف النساء وحمقهن. فإذا قرأت كتابي هذا فاردد ما حصل قبلك وافتد نفسك، وإلا فالسيفُ بيننا.
فلما قرأ الرشيد الكتاب اشتد غضبه، وتفرق جلساؤه خوفاً من بادرة تقعُ منه. ثم كتب بيده على ظهر الكتاب: من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم: قرأت كتابك يا ابن الكافرة. والجواب ما تراه دون ما تسمعه.
ثم ركب من يومه وأسرع حتى نزل على مدينة هرقلة، وأوطأ الروم ذلاً وبلاءً. فقتل وسبى. وذل نقفور وطلب الموادعة على خراج يحملُه.
وفي سنة ثمان وثمانين ومئة غزا المسلمون الروم من درب الصفصاف، والتقوا، فجرح الملك نقفور ثلاث جراحات. وانهزم، وقتل من جيشه عدة ألوف.
وفي سنة تسعين ومئة فيها فتح هرقلة في شوال. استعد للرشيد وأمعن في بلاد الروم.(1/72)
فدخلها في مئة ألف وبضعة وثلاثين ألفاً، سوى المجاهدين تطوعاً. وبث جيوشه تغير وتغنم وتخرب. ولما افتتح هرقلة أخربها وسبى أهلها. وكان مقامه عليها شهراً. وسارت فرقة فافتتحت حصن الصقالبة. وفرقة افتنحت حصن الصفصاف ومقدونية.
وركب حميد بن معيوف في البحر، فغزا قبرص فخرب وسبى وأحرق، وبلغ السبي من قبرس ستة عشر ألفاً. وكان فيهم أسقف قبرس ابن علية، فنودي عليه فبلغ ألفي دينار وبعث نقفور الجزية عن رأسه وامرأته وخواصه. فكان ذلك خمسين ألف دينار. وبعث إلى الرشيد يخضع له ويلتمس منه أن لا يخرب حصوناً سماها. فاشترط عليه الرشيد أن لا يعمر هرقلة، وأن يحمل في العام ثلاث مئة ألف دينار.
وفي سنة اثنتين وتسعين ومئة أول ظهور الخرمية المارقة بجبال أذربيجان. فغزاهم حازم ابن خزيمة فقتل وسبى.
وفي سنة ثلاث وتسعين ومئة سار الرشيد إلى خراسان ليمهد قواعدها. وكان قد بعث في العام الماضي هرثمة بن أعين فقبض له على الأمير بن عيسى بن ماهان بحيلة وخديعة، واستصفى أمواله وخزائنه، فبعث بها الرشيد، وهو بجرجان. على ألف وخمسين مئة جمل. ثم سار إلى طوس في صفر. وهو عليل. وكان رافع بن الليث قد استولى على ما وراء النهر وعصى فالتقى جيشه وعليهم أخوه هم وهرثمة فهزمهم. وقتل أخو رافع. وملك هرثمة بخارى.
وفي سنة أربع وتسعين ومئة مبدأ الفتنة بين الأمين والمأمون. وكان الرشيد أبوهما قد عقد بالعهد للأمين، ثم من بعده للمأمون. وكان المأمون على إمرة خراسان. فشرع الأمين في العمل على خلع أخيه ليقدم ولده ابن خمس سنين وأخذ يهدي الأموال للقواد ليقوموا معه في ذلك. ونصحه أولو الرأي فلم يرعو، حتى آل الأمر إلى أن قتل.(1/73)
وفي سنة خمس وتسعين ومئة تيقن المأمون أن الأمين خلعه تسمى بإمام المؤمنين وكوتب بذلك. وجهز الأمين علي بن عيسى بن ماهان في جيش عظيم أنفق عليهم أموالاً لا تحصى. فبلغ إلى الري. وأقبل طاهر بن الحسين الخزاعي في نحو أربعة آلاف. وبرز فارس من جند ابن ماهان فحمل عليه طاهر بن الحسين فقتله. وشد داود شباه على علي بن عيسى بن ماهان فطعنه وصرعه، وهو لا يعرفه، ثم ذبحه بالسيف. فانهزم جيشه وحمل رأسه على رمح. وندم المامون في الباطل على خلع أخيه وطمع في أمراؤه. ولقد فرق عليهم أموالاً لا تحصى حتى فرغ الخزائن وما نفعوه. وجهز جيشاً فالتقاهم طاهر أيضاً بهمدان. فقتل في المصاف خلق كثير من الفريقين، وانتصر طاهر بعد وقعتين أو ثلاث. وقتل مقدم الجيش الأمين عبد الرحمن الأساوي أخذ الفرسان المذكورين، بعد أن قتل جماعة. وزحف طاهر حتى نزل بحلوان.
وفيها ظهر بدمشق أبو العميطر السفياني، فبايعوه بالخلافة. واسمه علي بن عبد الله بن خالد بن الخليفة يزيد بن معاوية بن أبي سفيان. فطرد عاملها الأمير سليمان بن المنصور. فسير الأمين عسكراً لحربه. فنزلوا الرقة ولم يقدموا عليه.
وفي سنة ست وتسعين ومئة توثب الحسين بن علي بن عيسى بن ماهان ببغداد. فخلع الأمين في رجب وحبسه. ودعا إلى بيعة المأمون فلم ينشب أن وثب الجند عليه فقتلوه. وأخرجوا الأمين. وجرت أمور طويلة وفتنة كثيرة.
وفي سنة سبع وتسعين ومئة حوصر الأمين ببغداد وأحاط به طاهر بن الحسين وهرثمة بن أعين، وزهير بن المسيب في جيوشهم. وقاتلت مع الأمين الرعية. وقاموا معه قياماً لا مزيد عليه، ودام الحصار سنة. واشتد البلاء وعظم الخطب.
وفي سنة سبع وتسعين ومئة فيها حوصر الأمين ببغداد وأحاط به طاهر بن الحسين وهرثمة بن أعين، وزهير بن المسيب في جيوشهم. وقاتلت مع الأمين الرعية. وقاموا معه قياماً لا مزيد عليه، ودام الحصار سنة. واشتد البلاء وعظم الخطب.(1/74)
وفي سنة ثمان وتسعين ومئة في المحرم ظفر طاهر بن الحسين بعد أمور يطول شرحها بالأمين. فقتله ونصب رأسه على رمح.
وفي سنة تسع وتسعين ومئة فتنة ابن طباطبا العلوي. وهو محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب. ظهر بالكوفة، وقام بأمره أبو السرايا السري بن منصور الشيباني. وسرع الناس إلى ابن طباطبا، وغلب على الكوفة. وكثر جيشه. فسار لحربه زهير بن المسيب في عشرة آلاف. فالتقوا. فهزم زهير واستبيح عسكره. وذلك في سلخ جمادى الآخرة. فلما كان بن الغد أصبح ابن طباطبا ميتاً. فقيل إن أبا السرايا سمه لكونه لم ينصفه في الغنيمة. وأقام بعده في الحال محمد بن محمد ابن زيد بن علي الحسيني. شاب أمرد.
ثم جهز الحسن بن سهل جيشاً عليهم عبدوس المروذي، فالتقوا، فقتل عبدوس. وأسر عمير، وقتل خلق من جيشه. وقوي العلويون.
ثم استولى أبو السرايا على واسط فسار لحربه هرثمة بن أعين. فالتقوا، فقتل خلق من أصحاب أبي السرايا، وتقهقر إلى الكوقة. ثم التقوا ثانياً وعظمت الفتنة ولا سيما بالحجاز.
وفي سنة مئتين من الهجرة في أولها أبو السرايا والعلويون بن الكوفة إلى القادسية وضعف سلطانهم. فدخل هرثمة الكوفة وآمن أهلها. ثم ظفر أصحاب المأمون بأبي السرايا ابن وبمحمد بن محمد العلوي، فأمر الحسن بن سهل فقتل أبو السرايا في ربيع الأول، وبعث بمحمد إلى المأمون.
وخرج بالبصرة خارجي وبالحجاز آخر. فلم تقم لهما قائمة بعد فتن وحروب.(1/75)
وفي سنة إحدى ومئتين عهد المأمون إلى علي موسى الرضا العلوي. فعهد إليه بالخلافة من بعده. وأمر الدولة بترك السواد ولبس الخضرة. وأرسل من العراق بهذا. فعظم هذا على بن العباس الذين ببغداد. ثم خرجوا عليه وأقاموا منصور ابن المهدي. ولقبوه بالمرتضى. فضعف عن الأمر وقال: إنما أنا خليفة المأمون. فتركوه وعدلوا إلى أخيه بن إبراهيم بن المهدي الأسود. فبايعوه بالخلافة ولقبوه بالمبارك. وخلعوا المأمون. وجرت بالعراق حروب شديدة وأمور مزعجة.
وفيها أول ظهور بابك الخرمي فعاث وأفسد وكان يقول بالتناسخ.
وفيها قتل المسيب بن زهير أكبر قواد المأمون. وضععف أمر الحسن بن سهل بالعراق، وهزم جيشه مرات. ثم ترجح أمره. وحاصل القصة أن أهل بغداد أصابهم بلاء عظيم في هذه السنوات حتى كادت تتداعى بالخراب. وجلا خلق من أهلها عنها بالنهب والسبي والغلاء وخراب الدور.
العلة من ذكر هذه الحوادث وعلاقتها بالتقية.(1/76)
وبعد، فهذا إيجاز للحوادث التي مرت على الدولتين إبان حياة أئمة أهل البيت رحمهم الله، فهل ترى أن خلفاء بني أمية وبني العباس قد تركوا كل هذا، أي شؤون الحكم، والجهاد ومقارعة الأعداء، وحفظ الثغور، واوقفوا الفتوحات الإسلامية، ومواجهة الكوارث والفتن والنزعات الإنفصالية وغيرها. وشرّعوا سيوفهم وجندوا رجالهم ونشروهم في الطرقات والمساجد والامصار وحلقات الدرس، واجروا عليهم الرواتب ليترقبوا من مِن أئمة أهل البيت يتكلم في حواء أخلقت من ضلع آدم ام لا وهل نزل آدم في الهند وعن عمر اسماعيل عندما توفاه الله عزوجل وكم مكث يونس عليه السلام في بطن الحوت أو عن من يتكلم في ان النورة يوم الجمعة والأربعاء تورث البرص أو من لا يقول ان مح البيض خفيف وبياضه ثقيل وحكم من وطأ دجاجة ميته فخرجت منها بيضه، وحكم الإكثار من الجرجير، وذرق الدجاج وبول الحمير وفتح العيون في الوضوء ومسح الوجه بالمنديل وحكم وضوء من يخرج الدود من دبره، ونزول القبر بالخف وهل كان نعال موسى عليه السلام من جلد حمار ميت..الى آخر ما مربك.
هل يريد لنا القوم أن نعتقد ذلك؟ كما يروون بالفعل أن هارون الرشيد مثلا ترك شؤون الخلافة والملك ليراقب بن يقطين كيف يتوضأ وهل يغسل رجليه ام يمسح عليهما. حيث أمر هارون بإحضاره ذات يوم وأشغله امتحانا له في بعض بيوت دار الخلافة بأمر من الأمور طول اليوم وكان ينظر إليه من كوة ذلك البيت سرا حتى رآه أنه توضأ عند دخول وقت صلاة الظهر وغسل رجليه.(1)
ليس هناك ما يستوجب لجوء الشيعة وأئمتهم للتقية.
__________
(1) - الصوارم المهرقة ، للتستري ، 240 ، إثبات الهداة ، 3/194 قواعد الحديث ، 132 عوالي اللئالي ، 1/433(1/77)
إذن ومن كل هذا ، يتبين لنا أنه ليس هناك مايستوجب اللجوء إلى التقية وجعلها بهذه المنزلة التي اوصلها القوم لها، حتى أشتهروا بها وعدها البعض من مختصاتهم ومتفرداتهم، وقد أقر بعضهم بهذا مما يدل على أن تقية الشيعة مغايرة للتقية التي على فهمها سائر فرق المسلمين وهي التي أقرها القرآن وأكدتها السنة.
إشتهار الشيعة بالتقية وإعتراف علمائهم بذلك.
يقول النوري الطبرسي مثلاً: وأنت خبير بأن علماء العامة لا يجوزون التقية ، وينكرون على الشيعة قولهم بها.(1)
ويقول المظفر: ان التقية كانت شعارا لآل البيت عليهم السلام...وسمة تعرف بها الإمامية دون غيرها من الطوائف. ..وقال بأنهم إمتازوا بالتقية وعرفوا بها دون سواهم.(2)
تبريرات الشيعة لإشتهارهم بالتقية دون سائر فرق المسلمين.
وقد تفطن القوم إلى هذا الأمر وكيف ان أمراً مشروعا كهذا اصبح وبالاً عليهم ومطعنا فيهم فكان أن إجتهدوا في إلتماس الأعذار وخلق الأسباب لإضفاء الشرعية على إشتهارهم بها دون غيرهم.
يقول الأردبيلي: أن ظروف التقية الشديدة التي عاشها الأئمة عليهم السلام ، مما جعلهم يضطرون في بعض الأحايين إلى اتخاذ مواقف قولية أو عملية مخالفة لآرائهم ، انسجاما مع الوضع السائد وحفاظا على وجود الشريعة ودعاتها.(3)
ويقول الشهيد الأول: وقد كانت الأئمة في زمن تقية واستتار من مخالفيهم ، فكثيراً ما يجيبون السائل على وفق معتقده ، أو معتقد بعض الحاضرين ، أو بعض من عساه يصل إليه من المناوئين.(4)
__________
(1) - خاتمة المستدرك ، للنوري الطبرسي ، للنوري الطبرسي ، 2/ 377
(2) - عقائد الإمامية ، لمحمد رضا المظفر ، 108 ، بداية المعارف الإلهية ، للخرازي ، 2/ 149 ، 181 (الحاشية) ، مناظرات في العقائد والأحكام ، لعبدالله الحسن ، 2/ 221
(3) - مجمع الفائدة ، للأردبيلي ، 1/ 11
(4) - ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة ، للشهيد الأول ، 1/60(1/78)
ويقول رسول جعفريان: أن الضغوط السياسية كانت تمارس ضد الشيعة على يد بني امية وبني العباس حيث لم يكن يسمح لهم بالتعبير عن وجودهم.(1)
وأضاف آخرة: ومن هذا الضغط التزم الشيعة طريق التقية ومعناها عندهم الحيطة والحذر من القوي الظالم الذي يأخذ المتهم دون ان يحاكمه ويأذن له بالدفاع عن نفسه. واليوم لا اثر للتقية عند الشيعة حيث لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.(2)
وقال: إن التقية كانت عند الشيعة حيث كان العهد البائد ، عهد الضغط والطغيان ، أما اليوم حيث لا تعرض للظلم في الجهر بالتشيع فقد أصبحت التقية في خبر كان.(3)
وأضاف غيره: ان السر يكمن في الأسس الفكرية للخط الشيعي الذي ينتهجه مذهب أهل البيت من حكام الجور والظلم والذي يشكل طرفا مضادا للسلطة الطاغوتية الحاكمة التي نزت على الأمة بالقهر والغلبة وتسلطت على رقاب الناس بالحديد والنار وهذا الموقف بنفسه يشكل نظرة عدائية لدى الحكام فيفرغون جام غضبهم وحقدهم على الشيعة لأنهم وحدهم الذين يكمن فيهم الخطر على ملكهم ودولتهم.فقد كان الحكام من الأمويين والعباسيين بل العثمانيين يتربصون بالشيعي لإهدار دمه فقد كان الكفر والزندقة أخف بنظرهم من شيعة آل محمد.(4)
وقال شرف الدين الموسوي: فقد كان ملوكها وعمالها وعلماؤها ورؤساؤها والعامة بأجمعها لا يتحملون ولا يطيقون ذكر الشيعة ، وكانت الكلمة متفقة على سحقهم ومحقهم فلولا خلودهم إلى التقية ما بقيت منهم هذه البقية ، فأي مسلم أو غير مسلم يرتاب في جوازها لهم ؟(5)
__________
(1) - الحياة الفكرية والسياسية للائمة أهل البيت ، لرسول جعفريان ، 1/285
(2) - الجوامع والفوارق بين السنة والشيعة ، لمحمد جواد مغنية 230 الشيعة في الميزان ، 345
(3) - الشيعة في الميزان ، لمحمد جواد مغنية ، 52
(4) - شبهات حول الشيعة ، 21
(5) - أجوبة مسائل جار الله ، لشرف الدين ، 83(1/79)
ويقول السبحاني: الذي دفع بالشيعة إلى التقية بين اخوانهم وابناء دينهم انما هو الخوف من السلطات الغاشمة فلو لم يكن هناك من عصر الأمويين ثم العباسيين والعثمانيين أي ضغط على الشيعة كان من المعقول ان تنسى الشيعة كلمة التقية وان تحذفها من ديوان حياتها.وان الشيعة تتقي الكفار في ظروف خاصة لنفس الغاية التي لأجلها يتقيهم السني غير ان الشيعة ولأسباب لا تخفى يلجأ إلى اتقاء اخيه المسلم لا قصور في الشيعي، بل في أخيه الذي دفعه إلى ذلك لأنه يدرك ان الفتك والقتل مصيره إذا صرح بمعتقده الذي هو موافق لأصول الشرع الإسلامي وعقائده.(1)
وأضاف: ومن المعلوم أن الإمامية وأئمتهم لاقوا من ضروب المحن ، وصنوف الضيق على حرياتهم في جميع العهود ما لم تلاقه أية طائفة ، أو أمة أخرى ، فاضطروا في أكثر عهودهم إلى استعمال التقية في تعاملهم مع المخالفين لهم ، وترك مظاهرتهم ، وستر عقائدهم ، وأعمالهم المختصة بهم عنهم ، لما كان يعقب ذلك من الضرر في الدنيا . ولهذا السبب امتازوا بالتقية وعرفوا بها دون سواهم.(2)
__________
(1) - مع الشيعة الإمامية في عقائدهم ، لجعفر السبحاني ، 87
(2) - أضواء على عقائد الشيعة الإمامية ، لجعفر السبحاني ، 421 ، عقائد الإمامية ، لمحمد رضا المظفر ، 84 ، بداية المعارف الإلهية في شرح عقائد الإمامية ، لمحسن الخزازي ، 2/ 179 ، مناظرات في العقائد والأحكام ، لعبد الله الحسن ، 2/ 221 (هـ)(1/80)
ويقول: إن كثيراً من إخوانهم – أي السنة - كانوا أداة طيعة بيد الأمويين والعباسيين الذين كانوا يرون في مذهب الشيعة خطرا على مناصبهم ، فكانوا يؤلبون العامة من أهل السُنة على الشيعة يقتلونهم ويضطهدونهم وينكلون بهم ، ولذا ونتيجة لتلك الظروف الصعبة لم يكن للشيعة ، بل لكل من يملك شيئا من العقل وسيلة إلا اللجوء إلى التقية أو رفع اليد عن المبادئ المقدسة التي هي أغلى عنده من نفسه وماله.(1)
ويناقض نفسه في مكان آخر قائلاً: إن تاريخ الخلفاء الأمويين والعباسيين زاخر بالظلم والعسف ، والحيف والجور . ففي تلك الأيام لم تكن الشيعة وحدهم هم المطرودون ، والمحجور عليهم بسبب إظهار عقائدهم ، بل سلك أغلب محدثي أهل السُنة في عصر المأمون أيضا مسلك التقية في محنة " خلق القرآن " ولم يخالف المأمون في خلق القرآن وحدوثه بعد صدور المرسوم الخليفي العام ، سوى شخص واحد ، وقصته معروفة في التاريخ وعامة المحدثين تظاهروا بالوفاق تقية.(2)
ولا يختلف بقية القوم عن تكرار هذه المزاعم لتبرير اشتهار القوم بالتقية.(3)
تفنيد القول بإقتصار وقوع الظلم على الشيعة دون سار المسلمين وأن ذلك كان سبب إشتهارهم بالتقية.
__________
(1) - أضواء على عقائد الشيعة الإمامية ، لجعفر السبحاني ، 417 ، الاعتصام بالكتاب والسنة ، لجعفر السبحاني ، 328
(2) - العقيدة الإسلامية على ضوء مدرسة أهل البيت (ع) ، لجعفر السبحاني ، 275
(3) - نقض الوشيعة ، لمحسن الأمين 193 التشيع ، لهاشم الموسي ، 224 مع الصادقين ، للتيجاني ، 187 عقائد الإمامية ، 108 اوائل المقالات ، 137 (الحاشية) ، الإمامة وأهل البيت ، لمحمد بيومي مهران ، 1 /219(1/81)
لا شك ان القول بالإضطهاد الذي وقع إبّان حكم الأمويين والعباسيين لا يخلو من الصحة، وإنما مجانبة الصواب القول بإقتصار ذلك على الشيعة، كما يدعى بعضهم، بل وقال: بأن أهل السُنة والجماعة كانوا بعيدين عن ذلك البلاء لأنهم كانوا في معظم عهودهم على وفاق تام مع الحكام فلم يتعرضوا لا لقتل ولا لنهب ولا لظلم.(1)
فهذا القول غير صحيح، فإن كثيراً من علماء أهل السُنة قد تعرضوا إلى شتى انواع التنكيل والتعذيب وعلى رأسهم ائمة المذاهب الذين ضربوا أروع الأمثلة في التصدي للباطل وإحقاق الحق ولم تخذهم في الله لومة لائم.
نماذج من علماء أهل السُنة تعرضوا لتنكيل الحكام.
فهذا أبي حنيفة النعمان رحمه الله عذب حتى قيل أنه قتل في سجن المنصور، لأن هواه كان مع أهل البيت رحمهم الله، وكان مؤيدا لخروج زيد بن علي رحمه الله على الأمويين.
ويروى أنه قال لما بلغه خروج زيد - ضاهى خروجه خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يوم بدر ، فقيل له : لم تخلف عنه ؟ قال : حبسني عنه ودائع الناس ، عرضتها على ابن أبي ليلى فلم يقبل ، فخفت أن أموت مجهلا.
وكان يحث الناس على نصرة الإمام زيد ، كما أمده بمعونة مالية ، - بلغت ثلاثين ألف درهم - يستعين بها على عدوه كما ذكرت بعض المصادر.
ومن بعده تأيده لخروج النفس الزكية محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي رضي الله عنه على الخليفة العباسي المنصور في عام 145 هـ، وكذلك موقفه من خروج أخيه إبراهيم حيث أفتى الإمام أبو حنيفة بالخروج مع إبراهيم ، وكان المحدث الفقيه شعبة بن الحجاج يحث الناس على اتباعه ، ويقول : ما يقعدكم ؟ هي بدر الكبرى ، كما أمده الإمام أبو حنيفة بأربعة آلاف درهم ، وكتب إليه أنه لم يكن عنده غيرها .
وروى أن امرأة أتت أبا حنيفة فقالت : إنك أفتيت ابني بالخروج مع إبراهيم ، فخرج فقتل ، فقال لها : ليتني كنت مكان ابنك .
__________
(1) - مع الصادقين ، للتيجاني السماوي ، 187(1/82)
وكتب أبو حنيفة إلى إبراهيم يقول : أما بعد ، فإني جهزت إليك أربعة آلاف درهم ، ولم يكن عندي غيرها ، ولولا أمانات للناس عندي للحقت بك.
ويقال إن هذا الكتاب وقع في يد أبو جعفر المنصور ، وكان سبب تغيره على أبي حنيفة.
وكذلك الإمام مالك رحمه الله ضرب بالسياط حتى خلعت كتفه، بسبب التأيد نفسه، ولما سئل: هل يجوز قتال الخارجين على الخلفاء؟ اجاب: يجوز إن خرجوا على مثل عمر بن عبد العزيز.
وهو يؤكد بهذا شرعية جميع من خرج على الخلفاء.
ولما قيل: فإن لم يكونوا مثل عمر بن عبدالعزيز قال: دعهم ينتقم الله من ظالم بظالم، ثم ينتقم من كليهما.
وأكثر من هذا انه كان يحث الناس على الخروج مع النفس الزكية على العباسيين ، وكان أهل المدينة قد استفتوه في الخروج مع محمد ( النفس الزكية ) وقالوا: إن في أعناقنا بيعة لأبي جعفر ، فقال: إنما بايعتم مكرهين ، وليس على مكره يمين ، فأسرع الناس إلى محمد ، ولزم مالك بيته.
وهذه المسائل من اعظم الأسباب التي تبرر اللجؤ إلى التقية وهي هدف الحكام لإيقاع اشد انواع التنكيل بقائليها أو متبنيها، رغم ذلك لم يذكر لنا التاريخ مصانعتهم للحكام فيها أو لجوئهم الي جحور التقية هربا بجلودهم، لأنهم كانوا قدوة للناس فكان الأولى بهم الأخذ بالعزيمة.
وكذلك محنة الإمام احمد إبن حنبل رحمه الله المشهورة في كتب التاريخ ايام المأمون والمتوكل والواثق في مسألة خلق القرآن، والذي مات بسببها الكثيرون كمحمد بن نوح في قيده وهو مرافق لإبن حنبل حين اعيدا إلى بغداد فمات في الطريق، ونعيم بن حماد الفقيه المحدث ويوسف بن يحي البوطي المصري صاحب الشافعي وخليفته على حلقته اللذان ماتا في السجن، والعالم الجليل احمد بن نصر الخزاعي الذي قتله الواثق بنفسه بالسيف.(1/83)
وكذلك الإمام الشافعي رحمه الله الذي قتله بعض متعصبي المالكية بمصر، وغيرهم، وسرد قصص البلاء والمحن التي نزلت بهؤلاء وغيرهم من علماء أهل السُنة فيها طول قد يخرجنا عن خطة الكتاب.
فالمقصود هنا ان إيهام الشيعة للعامة والسذج من بني جلدتهم أو غيرهم من أن أسباب اشتهار الشيعة بهذة العقيدة هو وقوع الظلم والاضطهاد عليهم أو اقتصاره عليهم دون بقية الفِرق هو المردود والمجانب للحق والصواب، لأنك لن تجد احد من المسلمين يختلف مع الشيعة في مشروعة التقية لهم إذا كانت أسبابها بالشكل الذي يرددونه.
سيرة الأئمة والقول بالتقية صورتان متضادتان.
ثم أعلم أن سيرة الأئمة رحمهم الله ابدا لم تكن شاهدةً على من وضع هذة العقيدة ونسبها اليهم، فقد كانوا مثالا للجهر بالحق والصدع به ومقارعة الظلم وفي كتب التاريخ بل وفي كتب القوم أنفسهم الف شاهد وشاهد على ذلك ليتأكد لنا من جديد ما ذكرناه من أن الذين وضعوا مذهب التشيع لا صلة لهم في الحقيقة بأئمة أهل البيت عليهم السلام بل من وضع زنادقة تستروا بحب آل البيت رحمهم الله.
هل تجور التقية على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.؟
كيف وهم القائلون بأنهم رحمهم الله حجة مثل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وكما لا يجوز عليه التقية فكذا الامام، فكيف يجوزون عليه التقية فيما لا يعرف الا من جهته.
إلا أنهم يقولون: لما كان صلى الله عليه وآله مؤسسا للأحكام الشرعية ، لم يجز في فعله احتمال التقية لمنافاة التقية لمنصبه ، وكونها من إغراء بالقبيح . وأما الإمام عليه السلام فحيث هو حافظ للسنة وحاك لها ، جازت عليه التقية...نعم ، لو فرض حدوث ما لم يعلم جهته إلا منه عليه السلام كان كالنبي صلى الله عليه وآله في عدم جواز التقية عليه.(1)
الأئمة نصّبوا لبيان الشرايع والاحكام بزعم الشيعة ، فلو أخذوا بالتقية انتفت الفائدة من نصبهم.
__________
(1) - دراسات في علم الدراية ، لعلي أكبر غفاري ، 16(1/84)
لذا نعيب على القوم هذا الأمر ونقول أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام في اعتقادكم نصبو لبيان الشرايع والاحكام فلو اتقوا من الأعداء ولم يبينوا بقيت الاحكام مستورة غير معلومة وانتفت الفائدة من نصبهم وأيضا لم يبق اعتماد على أقوالهم وأحكامهم إذ يحتمل التقية بيان خلاف الواقع وأنتم تقولون الإمام يجب أن يكون معصوما من الخطأ ليكون قوله حجة والتقية مثل الخطأ أو أشنع إذ يوجب عدم الاعتماد عليهم.
زعم الشيعة أن أصحاب الأئمة يسألون أئمتهم أن يجيبوهم دون تقية.
بل وذكروا روايات فيها أن السائل يرجو أمامة أن يجيب دون تقية، كرواية يحيى بن أبي عمران أنه قال: كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام في السنجاب والفنك والخز وقلت : جعلت فداك أحب أن لا تجيبني بالتقية في ذلك.(1)
والطريف أنه حتى أمثال هذه الرويات حملوها على التقية. يقول القمي أن السائل ربما سأل عن حال شئ وقال : " أجب لي بغير تقية " وقال : " ما حكم هذا من دون تقية " فأجابوا عليهم السلام بأنه هكذا ، وهو أيضا موافق للتقية.(2)
فأي يخير يرتجي من هكذا مذهب؟
روايات من طرق الشيعة تدل على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في تقية.
__________
(1) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 7 /62 ، 69 ، مستند الشيعة ، للنراقي ، 4 /321 ، جواهر الكلام ، للجواهري ، 8 /88 ، 98 ، من لا يحضره الفقيه ، للصدوق ، 1 /262 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 3 /253
(2) - مناهج الأحكام ، للميرزا القمي ، 47(1/85)
حتى هذا القول لم يسلم من التناقض كشأنهم في جُل أقوالهم وعقائدهم، فقد قالوا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في تقية. كروايتهم عن الرضا رحمه الله أنه قال أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في تقية حتى نزل قول الله عزوجل: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [المائدة : 67](1)
وقولهم أنه صلى الله عليه وآله وسلم سلك مسلك التقية ، حيث لم يصرح بعدم صلوح الجبتين للخلافة الحقيقية والرسالة الدينية والدنيوية.(2)
ورووا عن الباقر أنه قال: أوما علمت أن أنبياء الله وأوصياءهم في تقية إلى وقتنا هذا.(3)
تتمة ذكر سير الأئمة وما ينافي أخذهم بالتقية.
على أي حال نعود إلى ما كنا فيه وننقل مقتطفات من سير الأئمة عليهم السلام بما يناسب المقام.
__________
(1) - عيون أخبار الرضا (ع) ، للصدوق ، 1 /138 ، الفصول المهمة في أصول الأئمة ، للحر العاملي ، 1 /664 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 16 /221 ، 37 /122 ، مسند الإمام الرضا (ع) ، لعزيز الله عطاردي ، 1 /329
(2) - كتاب الأربعين ، للماحوزي ، 416
(3) - كتاب الأربعين ، للماحوزي ، 135(1/86)
فهذا أمير المؤمنين علي رضي الله عنه الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنت مني بمنزلة هارون من موسى. فإن هارون عليه السلام لم تمنعه التقية من التصريح بالحق ودعوة الناس إلى نفسه والمنع من متابعة غيره، فلو كان الصحابة رضي الله عنه على خطأ لوجب عليه رضي الله عنه أن يفعل ما فعله هارون عليه السلام وأن يصعد على المنبر من غير تقية وخوف وأن يقول : وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي [طه : 90]، فما الذي كان يخشاه؟ ألم يُذكر من سيرته أنه رضي الله عنه كان إذا خرج، خرج غلامه قنبر على اثره بالسيف، فرآه ذات ليلة فقال: يا قنبر مالك؟ قال: جئت لأمشي خلفك، فإن الناس كما تراهم يا أمير المؤمنين فخفت عليك قال: ويحك أمن أهل السماء تحرسني ام من أهل الأرض؟ قال: لا بل من أهل الأرض، قال: ان أهل الأرض لا يستطيعون بي شيئا إلا باذن الله عزوجل من السماء فارجع فرجع.(1)
__________
(1) - التوحيد ، 350 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 42/122(1/87)
فأي خوف وتقية تفترض من رجل هذا يقينه، حتى يقولون فيه انه رضي الله عنه كان بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم اربع وعشرون سنة وستة اشهر ممنوعا من التصرف مستعملا التقية والمداراة(1)، وان تزويجه ابنته ام كلثوم لعمر انما كان تقية(2)..الخ، وهو الذي يروون عنه قوله رضي الله عنه: والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليت عنها.(3)
وقوله: إني والله لو لقيتهم واحداً وهم طلاع الأرض كلها ما باليت ولا استوحشت.(4)
والقائل رضي الله عنه: والله ما يبالي ابن أبي طالب أوقع على الموت أم وقع الموت عليه.(5)
وهذا إبنه الحسن رضي الله عنه يروي القوم ان معاوية قال له: انا خير منك يا حسن، قال: وكيف ذاك يا إبن هند؟ قال: لأن الناس قد أجمعوا علي ولم يجمعوا عليك، قال: هيهات هيهات لشر ما علوت يإبن آكلة الأكباد المجتمعون عليك رجلان: بين مطيع مكره فالطائع لك عاص لله والمكره معذور بكتاب الله وحاش لله ان اقول: انا خير منك فلا خير فيك ولكن الله برأني من الرذائل كما برأك من الفضائل.(6)
__________
(1) - الإرشاد ، 12 أنظر أيضاً: إعلموا أني فاطمة ، 7/222 ، الأصول الستة عشر من الأصول الأولية ، تحقيق ضياء الدين المحمودي 783 ، تاج المواليد للطبرسي ، 15 ، الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، للرحماني ، 783 ، كشف الغمة ، للإربلي ، 1/64
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 42/109
(3) - نهج البلاغة ، من كتاب له إلى عثمان بن حنيف الأنصاري بحار الأنوار ، للمجلسي ، 21/26 ، 33/475 ، 40/342 ، 41/68 أمالي الصدوق ، 307
(4) - نهج البلاغة ، 452 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 33/596
(5) - الأمالي ، للصدوق 172 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 6 /138 ، 32 /599 ، 68 /263 ، 74 /382 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، ميزان الحكمة ، للريشهري ، 4 /2969 ، كشف الغمة ، للإربلي ، 1 /252
(6) - مناقب آل أبي طالب 4/22 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 44/104(1/88)
وروى القوم ان معاوية صعد المنبر وجمع الناس فخطبهم وقال: ان الحسن بن علي رآني أهلا للخلافة ولم ير نفسه لها أهلا، وكان الحسن عليه السلام اسفل منه فلما فرغ من كلامه قام وقال فيما قاله: ان معاوية زعم لكم اني رأيته للخلافة أهلا ولم ار نفسي لها أهلا، فكذب معاوية نحن أولى الناس بالناس.(1)
ولما قدم معاوية المدينة صعد ، فخطب ونال من أمير المؤمنين على عليه السلام فقام الحسن فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : ان الله تعالى لم يبعث نبيا الا جعل عدوا من المجرمين، قال الله تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِّنَ الْمُجْرِمِينَ ..[الفرقان : 31] ) فأنا ابن علي ، وأنت ابن صخر وأمك هند ، وأمي فاطمة وجدتك نثيلة ، وجدتي خديجة فلعن الله ألأمنا حسبا وأخملنا ذكرا ، وأعظمنا كفرا ، وأشدنا نفاقا . فصاح أهل المسجد : آمين آمين وقطع معاوية خطبته ودخل منزله.(2)
وروى القوم انه رضي الله عنه قال في حضرة معاوية وعمرو بن عثمان بن عفان وعمرو بن العاص وعتبة بن أبي سفيان والوليد بن عقبة بن أبي معيط والمغيرة بن شعبة ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعن أباسفيان في سبعة مواطن، وان أباسفيان قال لعثمان لما بويع تداولوا الخلافة يا فتيان بني امية فوالذي نفس أبي سفيان بيده ما من جنة ولا نار.(3)
__________
(1) - أمالي الطوسي ، 569 ، 576 ، الفصول المهمة في معرفة الأئمة ، لابن الصباغ ، 2 /729(ه( ، غاية المرام ، لهاشم البحراني ، 2 /89 ، 3 /208
(2) - الاحتجاج ، للطبرسي ، 1 /420 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 44 /90 ، العدد القوية ، لعلي بن يوسف الحلي 39 ، جواهر المطالب في مناقب الإمام علي (ع) ، لابن الدمشقي ، 2 /215 ، صحيفة الحسن (ع) ، لجواد القيومي 200 ، الأنوار الساطعة ، لغالب السيلاوي 370
(3) - الإحتجاج ، للطبرسي ، 274 ، نور الثقلين ، للحويزي ، 4/260 ، 5/69(1/89)
وهذا الحسين رضي الله عنه يروي القوم انه خطب بمنى ايام معاوية في أكثر من الف رجل قائلا: ان هذا الطاغية قد صنع بنا وبشيعتنا ما قد علمتم ورأيتم وشهدتم وبلغكم.ثم أخذ في ذكر ما انزل الله في أهل البيت وما قاله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فيهم، وأمرهم بأن يحدثوا بها عند رجوعهم إلى اوطانهم.(1)
وروى القوم ان معاوية قال له: هل بلغك ماصنعنا بحجر بن عدي وأصحابه شيعة أبيك؟ فقال الحسين رضي الله عنه: وما صنعت بهم؟ قال: قتلناهم وكفناهم وصلينا عليهم، فضحك الحسين فقال: خصمك القوم يا معاوية، لكنا لو قتلنا شيعتك لما كفناهم ولا غسلناهم ولا صلينا عليهم ولا دفناهم.(2)
__________
(1) - الاحتجاج ، للطبرسي ، 2 /19 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 44 /127 ، شجرة طوبى ، لمحمد مهدي الحائري ، 1 /58 ، 102 ، موسوعة كلمات الإمام الحسين (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) ، 334 ، جواهر التاريخ ، للكوراني ، 3 /389 ، الأخلاق الحسينية ، لجعفر البياتي ، 194
(2) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 3 /412 ، رياض المسائل ، للطباطبائي ، 2 /267 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 2 /515 ، الاحتجاج ، للطبرسي ، 2 /19 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 44 /129 ، 78 /298 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 4 /583 ، جواهر التاريخ ، للكوراني ، 2 /382 ، 3 /384 ، موسوعة شهادة المعصومين (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) ، 2 /28 ، الأعلام من الصحابة والتابعين ، لحسين الشاكري ، 6 /69(1/90)
وقال له مروان بن الحكم يوما: لو لا فخركم بفاطمة بما كنتم تفتخرون علينا؟ فوثب الحسين عليه السلام وكان شديد القبضة فقبض على حلقه ولوّى عمامته على عنقه حتى غشي عليه ثم تركه، ثم اقبل على جماعة من قريش فقال فيما قاله: لا أعلم في الأرض ملعون بن ملعون غير هذا وأبيه طريد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.(1)
__________
(1) - الاحتجاج ، للطبرسي ، 2 /23 ، مناقب آل أبي طالب ، لابن شهر آشوب ، 3 209 ، مدينة المعاجز ، لهاشم البحراني ، 3 /497 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 44 /206 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 5 /372 ، 7 /594 ، الدر النظيم ، لإبن حاتم العاملي ، 529 ، جواهر التاريخ ، للكوراني ، 3 /371(1/91)
ولما كان مروان على المدينة خطب الناس فوقع في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، قال : فلما نزل عن المنبر أتى الحسين بن علي عليهما السلام المسجد فقيل له : إن مروان قد وقع في علي . قال : فما كان في المسجد الحسن عليه السلام ؟ قالوا : بلى . قال: فما قال له شيئا ؟ قالوا : لا . قال : فقام الحسين مغضبا حتى دخل على مروان فقال له : يا بن الزرقاء ويا بن أكلة القمل أنت الواقع في على ؟ ! قال له مروان : إنك صبي لا عقل لك . قال : فقال له الحسين : الا أخبرك بما فيك وفي أصحابك وفي على ؟ قال : فإن الله تبارك وتعالى يقول : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا . فذلك لعلى وشيعته فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين. فبشر بذلك النبي صلى الله عليه وآله لعلي بن أبي طالب عليه السلام وتنذر به قوما لدا فذلك لك ولأصحابك ).(1)
وفي الرواية فوائد أخرى لا تخفى على اللبيب، منها ما يعارض عقيدة العصمة، ففعل الحسين رضي الله عنه يناقض فعل أخيه الحسن رضي الله عنه. بل أكدوا ذلك بروايتهم في سياق هذه القصة: ثم دخل على الحسن فقال : تسمع هذا يسب أباك فلا تقول له شيئا ! فقال : وما عسيت ان أقول لرجل مسلط يقول ما شاء ويفعل ما شاء.(2)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 44 /211 ، العوالم ، الإمام الحسين (ع) ، لعبد الله البحراني 89 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 7 /594 ، موسوعة كلمات الإمام الحسين (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) 259 ، تفسير فرات الكوفي ، 253 ، الشيعة في أحاديث الفريقين ، لمرتضى الأبطحي 284
(2) - مناقب آل أبي طالب ، لابن شهر آشوب ، 3 /184 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 43 /344 ، موسوعة كلمات الإمام الحسين (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) 259 ، كلمات الامام الحسين ، 211(1/92)
وفي رواية شبيهة تناقض التقية والعصمة معاً، أن مروان بن الحكم - وكان واليا على المدينة رسولا - بعث إلى الحسن عليه السلام فقال له : يقول لك مروان : أبوك الذي فرق الجماعة ، وقتل أمير المؤمنين عثمان ، وأباد العلماء والزهاد - يعني الخوارج - وأنت تفخر بغيرك ، فإذا قيل لك : من أبوك ؟ تقول خالي الفرس . فجاء الرسول إلى الحسن فقال له : يا أبا محمد إني أتيتك برسالة ممن يخاف سطوته ويحذر سيفه ، فإن كرهت لم أبلغك إياها ووقيتك بنفسي . فقال الحسن : ( لا ، بل تؤديها ونستعين عليه بالله ) فأداها . فقال ( تقول لمروان : إن كنت صادقا فالله يجزيك بصدقك ، وإن كنت كاذبا فالله أشد نقمة ) فخرج الرسول من عنده فلقيه الحسين فقال : ( من أين أقبلت ؟ فقال : من عند أخيك الحسن . فقال عليه السلام : ( وما كنت تصنع ) ؟ قال : أتيت برسالة من عند مروان . فقال : ( وما هي ) ؟ فامتنع الرسول من أدائها . فقال : ( لتخبرني أو لأقتلنك ) ، فسمع الحسن فخرج وقال لأخيه : ( خل عن الرجل ) . فقال : ( لا والله حتى اسمعها ) ، فأعادها الرسول عليه فقال : ( قل له يقول لك الحسين بن علي بن فاطمة : يا ابن الزرقاء الداعية إلى نفسها بسوق ذي المجاز ، صاحبة الراية بسوق عكاظ ، ويا ابن طريد رسول الله ولعينه ، اعرف من أنت ومن أمك ومن أبوك ) فجاء الرسول إلى مروان فأعاد عليه ما قالا فقال له : ارجع إلى الحسن وقل له اشهد أنك ابن رسول الله ، وقل للحسين اشهد أنك ابن علي بن أبي طالب.(1)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 44 /109(ه) ، 49 /253(ه) ، موسوعة كلمات الإمام الحسين (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) 260 ، جواهر التاريخ ، لعلي الكوراني ، 3 /435 ، موسوعة كلمات الإمام الحسن (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) 106(1/93)
ومنها أنه كان بين الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام ، وبين الوليد ابن عتبة بن أبي سفيان - والوليد يومئذ أمير على المدينة أمره عليها عمه معاوية ابن أبي سفيان - منازعة في مال كان بينهما بذي المروة . فكان الوليد تحامل على الحسين عليه السلام في حقه لسلطانه ، فقال له الحسين عليه السلام : ( أحلف بالله لتنصفني من حقي أو لآخذن سيفي ثم لأقومن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ثم لأدعون بحلف الفضول ) . قال : فقال عبد الله بن الزبير وهو عند الوليد حين قال الحسين عليه السلام ما قال وأنا أحلف بالله لئن دعا به لآخذن سيفي ، ثم لأقومن معه حتى ينصف من حقه أو نموت جميعا . قال : فبلغت المسور بن مخرمة بن نوفل الزهري ، فقال مثل ذلك ، وبلغت عبد الرحمن ابن عثمان بن عبيد الله التيمي ، فقال مثل ذلك ، فلما بلغ ذلك الوليد بن - عتبة أنصف الحسين من حقه حتى رضى.(1)
وفي رواية: أنه كان بين الحسين وبين الوليد بن عقبة منازعة في ضيعة فتناول الحسين عليه السلام عمامة الوليد عن رأسه وشدها في عنقه ، وهو يومئذ وال على المدينة ، فقال مروان : بالله ما رأيت كاليوم جرأة رجل على أميره . فقال الوليد : والله ما قلت هذا غضبا لي ولكنك حسدتني على حلمي عنه ، وإنما كانت الضيعة له . فقال الحسين عليه السلام : ( الضيعة لك يا وليد ) ، وقام.(2)
__________
(1) - موسوعة كلمات الإمام الحسين (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) 261 ، 304 ، الصحيح من سيرة النبي الأعظم (ص) ، لجعفر مرتضى ، 2 /144 ، جواهر التاريخ ، لعلي الكوراني ، 3 /379 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 33 /632
(2) - مناقب آل أبي طالب ، لابن شهر آشوب ، 3 /224 ، العوالم ، الإمام الحسين (ع) ، لعبد الله البحراني 66 ، جواهر التاريخ ، لعلي الكوراني ، 3 /379 ، 379 ، من أخلاق الإمام الحسين (ع) ، لعبد العظيم المهتدي البحراني 119 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 33 /632(1/94)
وفى رواية: خرج الحسين عليه السلام من عند معاوية ، فلقى عبد الله بن الزبير ، والحسين مغضب ، فذكر الحسين أن معاوية ظلمه في حق له ، فقال الحسين : ( أخيره في ثلاث خصال ، والرابعة الصيلم ، أن يجعلك أو ابن عمر بيني وبينه ، أو يقر بحقي ثم يسألني فأهبه له ، أو يشتريه مني ، فإن لم يفعل فوالذي نفسي بيده لأهتفن بحلف الفضول ) . قال ابن الزبير : والذي نفسي بيده لئن هتفت به وأنا قاعد لأقومن ، أو قائم لأمشين ، أو ماش لأشتدن ، حتى تفنى روحي مع روحك أو ينصفك.(1)
__________
(1) - موسوعة كلمات الإمام الحسين (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) 303 ، شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد ، 15 /227 ، الصحيح من سيرة النبي الأعظم (ص) ، لجعفر مرتضى ، 2 /144 ، جواهر التاريخ ، لعلي الكوراني ، 3 /255(1/95)
وكتب مروان بن الحكم إلى معاوية وكان عامله على المدينة ان رجالا من أهل العراق ووجوه أهل الحجاز يجتمعون إلى الحسين بن علي، وذكر انه لا يأمن وثوبه. فكتب معاوية إلى الحسين رضي الله عنه يذكر ذلك ويحذره، فكتب اليه الحسين رضي الله عنه: اما بعد فقد بلغني كتابك تذكر فيه انه قد بلغك عني أمور أنت لي عنها راغب وأنا بغيرها عندك جدير..الى أن قال له: ألست القاتل حجرا والمصلين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم ويستعظمون البدع ولا يخافون في الله لومة لائم ثم قتلتهم ظلما وعدوانا من بعد ما كنت اعطيتهم الإيمان المغلظة والمواثيق المؤكدة .اولست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العبد الصالح الذي أبلته العبادة فنحل جسمه بعد ما أمّنته واعطيته من عهود الله ومواثيقه ما لو اعطيته طائرا لنزل إليك من رأس الجبل ثم قتلته جرأة على ربك وإستخفافا بذلك العهد.اولست المدعي زياد بن سمية المولود على فراش عبيد ثقيف فزعمت انه إبن أبيك وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الولد للفراش وللعاهر الحجر، فتركت سنة رسول الله تعمدا وتبعت هواك بغير هدى من الله ثم سلطته على العراقين يقطع أيدي المسلمين وأرجلهم ويسمل أعينهم ويصلبهم على جذوع النخل كأنك لست من هذه الأمة وليسوا منك.او لست صاحب الحضرميين الذين كتب فيهم إبن سمية انهم على دين علي صلوات الله عليه فكتبت إليه أن أقتل كل من كان على دين علي، فقتلهم ومثل بهم بأمرك.. إلى ان قال: وإني لا أعلم فتنة أعظم على هذه الأمة من ولايتك عليها ولا أعلم نظرا لنفسي ولديني ولأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم علينا افضل من أن اجاهدك فإن فعلت فإنه قربة إلى الله وان تركته فإني استغفر الله لذنبي...(1/96)
فأبشر يا معاوية بالقصاص واستيقن بالحساب واعلم ان لله تعالى كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها وليس الله بناس لأخذك بالظنة وقتلك أولياءه على التهم ونفيك من دورهم إلى دار الغربة واخذك الناس ببيعة ابنك غلام حدث يشرب الخمر ويلعب بالكلاب، لا أعلمك إلا وقد خسرت نفسك وبترت دينك وغششت رعيتك وأخزيت أمانتك وسمعت مقالة السفيه الجاهل واخفت الروع التقي لأجلهم والسلام.(1)
وكتب مروان بن الحكم إلى معاوية : أني لست آمن أن يكون حسين مرصدا للفتنة ، وأظن أن يومكم من حسين طويلا . فكتب معاوية إلى الحسين : أن من أعطى الله صفقة يمينه وعهده لجدير بالوفاء ، وقد أنبئت أن قوما من أهل الكوفة قد دعوك إلى الشقاق ! وأهل العراق من قد جربت ، قد أفسدوا على أبيك وأخيك ، فاتق الله واذكر الميثاق فإنك متى تكدني أكدك . فكتب إليه الحسين عليه السلام: أتاني كتابك ، وأنا بغير الذي بلغك عني جدير ، والحسنات لا يهدي لها إلا الله ، وما أردت لك محاربة ولا عليك خلافا ، وما أظن أن لي عند الله عذرا في ترك جهادك ! ! وما أعلم فتنة أعظم من ولايتك أمر هذه الأمة.(2)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 44 /212 ، العوالم ، الإمام الحسين (ع) ، لعبد الله البحراني ، 91 ، موسوعة كلمات الإمام الحسين (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) ، 314 ، اختيار معرفة الرجال ، للطوسي ، 1 /252 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 19 /213 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 1 /582 ، جواهر التاريخ ، للكوراني ، 3 /385 ، الأخلاق الحسينية ، لجعفر البياتي ، 196
(2) - موسوعة كلمات الإمام الحسين (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) 293 ، جواهر التاريخ ، للكوراني ، 3 /369 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 27 /168 ، 516 ، الإمام الحسين (ع) سماته وسيرته ، لمحمد رضا الجلالي 114 ، مجلة تراثنا ، مؤسسة آل البيت ، 10 /163(1/97)
ويروون أنه رضي الله عنه كتب إلى معاوية كتابا يقرعه فيه ويبكته بأمور صنعها . كان فيه: ثم وليت ابنك وهو غلام يشرب كتابا يقرعه فيه ويبكته بأمور صنعها . كان فيه: ثم وليت ابنك وهو غلام يشرب الشراب ويلهو بالكلاب ، فخنت أمانتك وأخربت رعيتك ، ولم تؤد نصيحة ربك ، فكيف تولي على أمة محمد من يشرب المسكر ؟ وشارب المسكر من الفاسقين ، وشارب المسكر من الأشرار . وليس شارب المسكر بأمين على درهم فكيف على الأمة ؟ ! فعن قليل ترد على عملك حين تطوى صحائف الاستغفار.(1)
وهذه سكينة بنت الحسين رحمها الله كانت تجيء يوم الجمعة تقوم بإزاء ابن مطير إذا صعد المنبر فإذا شتم عليا شتمته هي وجواريها . . . وكانت إذا لعن مروان جدها عليا لعنته وأباه وأبا أبيه.(2)
وهذا الصادق يروي القوم انه كان في عرفة ينادي بأعلا صوته: ايها الناس ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان الإمام ثم كان علي بن أبي طالب عليه السلام ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي ثم هه – أي انا.(3)
__________
(1) - دعائم الإسلام ، للقاضي النعمان المغربي ، 2 /133 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 63 /495 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 18 /522 ، موسوعة كلمات الإمام الحسين (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) /317 ، 162
(2) - أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 3 /492
(3) - الكافي ، للكليني ، 4/466 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 47/58 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 7 /131(1/98)
وهذا شيبة بن غفال لما ولاه المنصور على المدينة وحضرت الجمعة وصار إلى مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرقى المنبر فأخذ يطعن في علي رضي الله عنه ويقول بأنه اراد شق عصا المسلمين وحارب المؤمنين واراد الأمر لنفسه ومنعه أهله، فلم يجسر احد على الرد عليه فقام اليه الإمام الصادق فقال: اما ماقلت من سوء فأنت وصاحبك به أولى وأحرى، يا من ركب غير راحلته واكل غير زاده إرجع مأزورا ثم اقبل على الناس فقال: ألا أنبئكم بأخف الناس يوم القيامة ميزانا وأبينهم خسرانا، من باع آخرته بدنيا غيره وهو هذا الفاسق.(1)
فأين هذا من قولهم عنه رحمه الله: اني لأسمع الرجل يسب عليا فأستتر منه بالسارية وإذا فرغ أتيته فصافحته.(2)
وقال للمنصور وقد وقع عليه ذباب فذبه عنه ثم وقع عليه فذبه عنه ثم وقع عليه فذبه عنه فقال: يا أباعبدالله لأي شيئ خلق الله عزوجل الذباب؟ قال: ليذل به الجبارين.(3)
__________
(1) - الأمالي ، للطوسي ، 51 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 47 /165 ، موسوعة المصطفى والعترة (ع) ، لحسين الشاكري ، 10 /191 ، إثبات الهداة ، 1/485
(2) - واقع التقية عند المذاهب ، لثامر هاشم حبيب العميدي ، 35 ، المحاسن ، للبرقي ، 1 /260 ، الاعتقادات في دين الإمامية ، للصدوق ، 108 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 72 /400 ، ميزان الحكمة ، لمحمد الريشهري ، 2 /864 ، التقية في الفكر الإسلامي ، لمركز الرسالة ، 44
(3) - علل الشرائع ، للصدوق ، 2 /496 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 47 /166 ، 61 /312 ، مستدرك سفينة البحار ، لعلي النمازي ، 3 /424 ، موسوعة المصطفى والعترة (ع) ، للحاج حسين الشاكري ، 9 /131 ، 10 /191(1/99)
بل كان المنصور يتودده ويسعى في استمالة وجذب عطفه للنظام. فقد كتب إليه مره: لم لا تغشانا كما يغشانا سائر الناس؟ فأجابه: ليس لنا مانخافك من أجله ولا عندك من أمر الآخرة مانرجوك له ولا انت في نعمة فنهنئك ولا تراها نقمة فنعزيك بها فما نصنع عندك؟ فكتب اليه: تصحبنا لتنصحنا، فأجابه: من اراد الدنيا لا ينصحك ومن اراد الآخرة لا يصحبك.(1)
وكان كثيراً ما ينصح الحكام، فعن الربيع صاحب المنصور ، قال : قال المنصور للصادق : حدثني عن نفسك بحديث أتعظ به ، ويكون لي زاجر صدق عن الموبقات ، فقال الصادق عليه السلام : عليك بالحلم فإنه ركن العلم ، واملك نفسك عند أسباب القدرة فإنك إن تفعل ما تقدر عليه كنت كمن شفى غيظا ، أو تداوي حقدا ، أو يحب أن يذكر بالصولة ، واعلم بأنك إن عاقبت مستحقا لم تكن غاية ما توصف به إلا العدل ، ولا أعرف حالا أفضل من حال العدل ، والحال التي توجب الشكر أفضل من الحال التي توجب الصبر . فقال المنصور : وعظت فأحسنت ، وقلت وأوجزت.(2)
وعن يونس بن يعقوب عن الصادق ، قال : قال لي أبي : يا جعفر قف من مالي كذا وكذا ، لنوادب يندبنني عشر سنين بمنى أيام منى.
__________
(1) - مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 12 /307 ، 13 /128 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 47 /184 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /430 ، 17 /280 ، كشف الغمة ، للإربلي ، 2 /427 ، موسوعة المصطفى والعترة (ع) ، لحسين الشاكري ، 9 /429 ، 10 /134
(2) - الأمالي ، للصدوق ، 11 ، مستدرك الوسائل ، للنوري الطبرسي ، 11 /287 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10 /218 ، 68 /414 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /239 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 10 /389 ، موسوعة المصطفى والعترة (ع) ، لحسين الشاكري ، 9 /131 ، 10 /202(1/100)
قالوا في شرح الرواية: والمراد بذلك تنبيه الناس على فضائله واظهارها ليقتدي بها ، ويعلم ما كان عليه أهل هذا البيت لتقتفى آثارهم. و عدم انقطاع ذكره والتسليم عليه. وإن في ذلك إظهارا لما خفي من علو شأنهم في زمن زين العابدين عليه السلام ونقصا لظالميهم وتشييدا لمعرفتهم وحبهم.(1)
وهذا الكاظم رحمه الله روى القوم ان الرشيد لما حج وابتدا بالطواف ومنعت العامة من ذلك لينفرد وحده فينما هو في ذلك اذ ابتدر اعرابي البيت وجعل يطوف معه فقال الحاجب: تنح ياهذا عن وجه الخليفة فإنتهرهم الاعرابي وقال ان الله ساوى بين الناس في هذا الموضع فقال: سواءا العاكف فيه والباد، فأمر الحاجب بالكف عنه فكلما طاف الرشيد طاف الأعرابي امامه فنهض إلى الحجر الاسود ليقبله فسبقه الأعرابي اليه والتثمه ثم صار الرشيد إلى المقام ليصلي فيه فصلى الأعرابي امامه، فلما فرغ هارون من صلاته استدعى الأعرابي فقال الحجاب: اجب أمير المؤمنين فقال: ما لي اليه حاجة فاقوم اليه بل ان كانت الحاجة له فهو اولى بالقيام الي، فمشى اليه وسلم عليه ورد السلام فقال هارون: اجلس يا اعرابي؟ فقال: ما الموضع لي فتستأذننى فيه بالجلوس، انما هو بيت الله نصبه لعباده فإن احببت ان تجلس فاجلس وان احببت ان تنصرف فإنصرف، فدار بينهما حوار إلى ان انصرف الأعرابي.فسأل هارون عن اسم الأعرابي فإذا هو موسى الكاظم.(2)
__________
(1) - تذكرة الفقهاء ، للحلي ، 2 /121 ، ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة ، للشهيد الأول ، 2 /59 ، مفتاح الكرامة ، لمحمد جواد العاملي ، 12 /183(ش) ، جواهر الكلام ، للجواهري ، 22 /54
(2) - مناقب آل أبي طالب ، لابن شهر آشوب ، 3 /427 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 48 /141 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 1 /481(1/101)
وفي موطن آخر روى القوم انه لما ادخل عليه قال له هارون: ماهذه الدار؟ فقال: هذه دار الفاسقين. فقال له: فنحن كفار؟ قال: لا ولكن كما قال الله: أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ [إبراهيم : 28]، فغضب الرشيد عند ذلك وغلظ عليه، فقد لقيه ابوالحسن عليه السلام بمثل هذه المقالة وما رهبه وهذا خلاف قول من زعم انه هرب منه من الخوف.(1)
وكذا ذمه للشاعر الكميت لما مدح بني أمية، فعن درست بن أبي منصور قال كنت عند أبي الحسن موسى ( ع ) وعنده " الكميت بن زيد " فقال للكميت أنت الذي تقول : فالآن صرت إلى أمية - والأمور لها إلى مصائر ؟ ! قال : قلت ذلك وما رجعت عن ايماني ، وانى لكم لموال ولعدوكم لقال ، ولكني قلته على التقية ، قال اما لئن قلت ذلك أن التقية تجوز في شرب الخمر ؟ !
__________
(1) - الاختصاص ، للمفيد ، 262 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 48 /156 ، موسوعة المصطفى والعترة (ع) ، للحاج حسين الشاكري ، 11 /379(1/102)
وهذا يدل على اعتراض الإمام عليه السلام على " كميت " في شعره الذي معناه " الان رجعت إلى أمية وأمورها الان إلى ترجع " فإنه مدح بالغ لهم ودليل على رجوعه إليهم بعد أن كان معروفا بالموالاة لائمة أهل - البيت عليهم السلام . ولكن الكميت الناصر لأهل البيت بقلبه وبلسانه اعتذر بأنه إنما قالها بلسانه تقية وحفظا لظواهر الأمور ، واما الإمام لم يقنع بعذره فاجابه بان باب التقية لو كان واسعا بهذه الوسعة لجاز في كل شئ تقية حتى في شرب الخمر ، مع أنه لا يجوز . فهو دليل على عدم جواز التقية بمثل هذا المدح البالغ لبنى أمية الجائرة أو اظهار المحبة لهم ، وهذا من مثل الكميت الشاعر البارع المشهور بحبه للأئمة ( ع ) قد يوجب تقوية لدعائم الكفر والضلال وتأييدا لبقية احزاب الجاهلية وأشياعهم ، فلا يجوز له ، ولو جاز إنما جاز في شرايط و وظروف.(1)
وهذا الإمام الرضا رحمه الله يروي القوم ان كتب للمأمون محض الإسلام فذكر فيما كتبه له ان الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم علي رضي الله عنه ثم ذكر بقية الأئمة وقال وكل من خالفهم ضال مضل تارك للحق والهدى وانهم المعبرون عن القرآن والناطقون عن الرسول بالبيان، من مات ولم يعرفهم مات ميتة جاهلية، ويجب البراءة منهم وعلى رأسهم الشيخين وذي النورين وعائشة رضي الله عنهم أجمعين.(2)
__________
(1) - القواعد الفقهية ، لناصر مكارم ، 1 /416 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /517 ، اختيار معرفة الرجال ، للطوسي ، 2 /465 ، الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة ، لعلى خان المدنى 579
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10/353 ، 361 ، 65 /262 ، 68/262 ، تحف العقول ، 415 ، عيون أخبار الرضا (ع) ، للصدوق ، 2 /58 ، كمال الدين وتمام النعمة ، للصدوق ، 337 ، 65 /262 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 1 /260 ، 4 /205 ، غاية المرامن لهاشم البحراني ، 1 /114(1/103)
يقول إبن أبي الحديد: ومن العجب أن يقول المرتضى : إنه لأجل التقية وافق على الرضا بالشورى ! فهلا اتقى القوم ، وقد ذكروا له سيرة الشيخين فأباها وكرهها ! ومن كان يخاف على نفسه أن لو أظهر الزهد في الخلافة والرغبة عن الدخول في أمر الشورى ! كيف لم يخف على نفسه وقد ذكرت له سيرة الشيخين فتركها ، ولم يوافق عليها ، وقال لا بل على أن أجتهد رأيي !.(1)
وروى القوم عن صفوان بن يحيى قال: لما مضى ابوابراهيم عليه السلام وتكلم أبوالحسن عليه السلام خفنا عليه من ذلك، فقيل له: انك اظهرت أمرا عظيما وإنا نخاف عليك هذه الطاغية، قال: ليجهد جهده، فلا سبيل له علي. وقال صفوان فحدثني الثقة أن خالد بن يحيى البرمكي قال لهارون الرشيد : هذا على بن موسى الرضا قد تقدم وادعى الامر لنفسه ، فقال هارون : يكفينا ما صنعنا بأبيه ، تريد أن نقتلهم جميعا ؟(2)
__________
(1) - شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد ، 12/ 274
(2) - الكافي ، للكليني ، 1/487 ، موسوعة المصطفى والعترة (ع) ، لحسين الشاكري ، 12 /225 ، عيون أخبار الرضا (ع) ، للصدوق ، 1 /246 ، الإرشاد ، للمفيد ، 2 /255 ، مدينة المعاجز ، لهاشم البحراني ، 7 /12 ، 106 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 49 /113 ، مسند الإمام الرضا (ع) ، لعزيز الله عطاردي ، 1 /163 ، 191 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 21 /49 ، إعلام الورى ، للطبرسي ، 2 /60 ، كشف الغمة ، للإربلي ، 3 /67 ، 109(1/104)
وهذا العسكري يروي ان سلمان الفارسي رضي الله عنه ضربه اليهود بالسياط وعذبوه وامروه ان يكفر بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ولم يفعل وسأل الله تعالى الصبر على اذاهم فقالوا: أوليس محمد قد رخص لك ان تقول من الكفر به ما تعتقد ضده للتقية من اعدائك؟ فما بالك لا تقول ما نقترح عليك للتقية؟ فقال سلمان: ان الله قد رخص لي في ذلك ولم يفرضه علي بل اجاز لي ان لا اعطيكم ما تريدون واحتمل مكارهكم وجعله افضل المنزلتين وانا لا اختار غيره.(1)
فهل ترى ان العسكري وبقية الأئمة رحمهم الله يروون مثل هذا ولا يعملون به؟
ومثل ذلك رواية الصادق عن سلمان رضي الله عنه أيضاً: ان رجلا دخل الجنة في ذباب وآخر دخل النار في ذباب، فقيل له: وكيف ذاك يا أباعبدالله؟ قال: مرا على قوم في عيد لهم وقد وضعوا اصناما لهم لا يجوز بهم احد حتى يقرب إلى اصنامهم قربانا قل ام كثر فقالوا لهما: لا تجوزا حتى تقربا كما يقرب كل من مر فقال احدهما: ما معي شيء اقربه وأخذ احدهما ذبابا فقربه ولم يقرب الآخر فقال: لا اقرب إلى غير الله عزوجل شيئا فقتلوه فدخل الجنة ودخل الآخر النار.(2)
فهل ترى الصادق رحمه الله وهو يروى هذه الرواية يقول بالتقية كما ارادها القوم.
أما مرويات الشيعة فيما يتعلق بكرامات الأئمة ومعجزاتهم بزعمهم، فحدث ولا حرج، فمعها لا ينبغي أن تجد مكان للتقية، ولا بأس بالإستئناس ببعضها.
__________
(1) - تفسير العسكري ، 25 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/413 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /576 ، نفس الرحمن في فضائل سلمان ، للنوري الطبرسي ، 354
(2) - ثواب الأعمال ، للصدوق 224 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16 /387 ، الفصول المهمة في أصول الأئمة ، للحر العاملي ، 1 /241 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 3 /252 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 23 /146 ، مستدرك سفينة البحار ، لعلي النمازي ، 3 /422(1/105)
فعن الربيع صاحب المنصور قال: كنت رأيت جعفر بن محمد عليهما السلام حين دخل على المنصور يحرك شفيته ، فكلما حركهما سكن غضب المنصور حتى أدناه منه ، وقد رضى عنه ، فلما خرج أبو عبد الله من عند أبي جعفر اتبعته فقلت له : ان هذا الرجل كان من أشد الناس غضبا عليك ، فلما دخلت عليه دخلت وأنت تحرك شفتيك ، وكلما حركتهما سكن غضبه ، فبأي شئ كنت تحركهما ؟ قال : بدعاء جدي الحسين بن علي عليهما السلام. ، قلت : جعلت فداك وما هذا الدعاء ؟ قال : " يا عدتي عند شدتي ويا غوثي عند كربتي احرسني بعينك التي لا تنام واكنفني بركنك الذي لا يرام " . قال الربيع : فحفظت هذا الدعاء فما نزلت بي شدة قط الا دعوت به ففرج عنى.(1)
وعنه أيضاً قال : بعث المنصور إلى الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام يستقدمه لشئ بلغه عنه ، فلما وافى بابه خرج إليه الحاجب فقال : أعيذك بالله من سطوة هذا الجبار ، فإني رأيت حرده عليك شديدا فقال الصادق عليه السلام : علي من الله جنة واقية ، تعينني عليه إن شاء الله ، استأذن لي عليه.(2)
__________
(1) - الإرشاد ، للمفيد ، 2 /184 ، مدينة المعاجز ، لهاشم البحراني ، 5 /257 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 47 /175 ، 101 /282 ، الأنوار البهية ، لعباس القمي ، 164 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 6 /460 ، إعلام الورى ، للطبرسي ، 1 /525 ، كشف الغمة ، للإربلي ، 2 /382
(2) - الأمالي ، للصدوق ، 709 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 47 /167 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /239 ، 16 /363 ، موسوعة المصطفى والعترة (ع) ، لحسين الشاكري ، 10 /201(1/106)
وعن علي بن ميسر قال : لما قدم أبو عبد الله عليه السلام على أبي جعفر أقام أبو جعفر مولى له على رأسه وقال له : إذا دخل علي فاضرب عنقه ، فلما ادخل أبو عبد الله عليه السلام نظر إلى أبي جعفر ، وأسر شيئا بينه وبين نفسه لا يدرى ما هو ، ثم أظهر " يا من يكفي خلقه كلهم ، ولا يكفيه أحد ، اكفني شر عبد الله بن علي " فصار أبو جعفر لا يبصر مولاه وصار مولاه لا يبصره قال : فقال أبو جعفر يا جعفر بن محمد قد أتعبتك في هذا الحر فانصرف ، فخرج أبو عبد الله عليه السلام من عنده فقال أبو جعفر لمولاه : ما منعك أن تفعل ما أمرتك به ؟ ! فقال : لا والله ما أبصرته ، ولقد جاء شئ حال بيني وبينه فقال أبو جعفر : والله لئن حدثت بهذا الحديث لأقتلنك.(1)
__________
(1) - بصائر الدرجات ، للصفار ، 514 ، الكافي ، للكليني ، 2 /559 ، مختصر بصائر الدرجات ، للحسن بن سليمان الحلي ، 9 ، شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 10 /409 ، الثاقب في المناقب ، لابن حمزة الطوسي ، 422 ، مدينة المعاجز ، لهاشم البحراني ، 5 /235(1/107)
وروى ان داود بن علي بن عبد الله بن عباس قتل المعلي بن خنيس مولى جعفر بن محمد عليهما السلام ، وأخذ ماله ، فدخل عليه جعفر عليه السلام وهو يجر ردائه فقال له : قتلت مولاي وأخذت مالي اما علمت ان الرجل ينام على الثكل ، ولا ينام على الحرب ؟ اما والله لأدعون الله عليك ، فقال له داود : أتهددنا بدعائك - كالمستهزء بقوله - ! فرجع أبو عبد الله عليه السلام إلى داره ، فلم يزل ليله كله قائما وقاعدا حتى إذا كان السحر سمع وهو يقول في مناجاته : " يا ذا القوة القوية ويا ذا المحال الشديد ويا ذا العزة التي كل خلقك لها ذليل اكفني هذه الطاغية وانتقم لي منه " فما كان الا ساعة حتى ارتفعت الأصوات بالصياح ، وقيل : قد مات داود بن علي الساعة.(1)
وغيرها كثير.
التقية لم تعرف طريقها إلى سائر أهل البيت رحمهم الله.
والروايات في الباب كثيرة كلها تدل على ان التقية هذه لم تعرف طريقها إلى الأئمة رحمهم الله كما صورها من وضعوا بذور التشيع بإسم أهل البيت عليهم السلام.
__________
(1) - روضة الواعظين ، للفتال النيسابوري ، 209 ، خاتمة المستدرك ، للنوري الطبرسي ، للميرزا النوري ، 5 /300 ، الإرشاد ، للمفيد ، 2 /185 ، مناقب آل أبي طالب ، لابن شهر آشوب ، 3 /357 ، المجتنى من دعاء المجتبى ، لابن طاووس ، 56(ه( ، مدينة المعاجز ، لهاشم البحراني ، 5 /225 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 92 /221 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 15 /328 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 19 /265 ، المعلى بن خنيس ، لحسين الساعدي ، 48 ، كشف الغمة ، للإربلي ، 2 /383(1/108)
بل ولم تعرف طريقها إلى سائر أهل البيت رحمهم الله، وكتب القوم شاهدةً على ذلك، فمن أراد المزيد فعليه بسيرة زيد الشهيد ابن الامام على زين العابدين رحمه الله، وابنه أبو محمد يحيى، وعبد الله ابن الامام الباقر، وعبيد الله الأعرج ابن الحسين الأصغر ابن الامام زين العابدبن، وعبد الله المحض ابن الحسن المثنى ابن الامام الحسن السبط، وابنه محمد النفس الزكية قتيل أحجار الزيت، وابنه أيضاً إبراهيم قتيل باخمرى، وابنه أيضاً موسى، وابنه أيضاً موسى، وابنه أيضاً سليمان، وعلى العابد الصالح ابن الحسن المثلث ابن الحسن المثنى، وأخوه عبد الله بن الحسن المثلث، وأخوه العباس بن الحسن المثلث، وإسماعيل الديباج ابن إبراهيم الغمر ابن الحسن المثنى، وأخوه محمد بن إبراهيم، وعلي بن محمد النفس الزكية، وأخوه عبد الله الأشتر الكابلي صاحب الحروب والغزوات، وحمزة بن إسحاق بن علي الزينبي ابن عبد الله بن جعفر الطيار، وعلي بن العباس بن الحسن المثلث، والحسين صاحب الفخ ابن على الصالح ابن الحسن المثلث، والحسن بن النفس الزكية، وعبد الله بن إسحاق بن إبراهيم الغمر ابن الحسن المثنى، ويحيى صاحب الديلم ابن عبد الله المحض ابن الحسن المثنى، وأخوه إدريس بن المحض، وعبد الله بن الحسن الأفطس ابن على الأصغر ابن الامام زين العابدين، ومحمد بن يحيى بن عبد الله المحض، والعباس أبو الفضل ابن محمد بن عبد الله الباهر ابن الامام زين العابدين، وإسحاق بن الحسن بن زيد ابن الامام الحسن السبط، ومحمد بن محمد بن زيد الشهيد، والحسن بن الحسين بن زيد الشهيد، والحسين بن إسحاق بن الحسين بن زيد الشهيد، ومحمد بن الحسين بن الحسن الأفطس ابن على الأصغر ابن الامام زين العابدين، وعلي بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي الزينبي ابن عبد الله بن جعفر الطيار، ومحمد بن القاسم بن علي بن عمر الأشرف ابن الامام زين العابدين، و القاسم بن عبد الله بن الحسين(1/109)
الأصغر ابن الامام زين العابديت، وأبو الحسين يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة ابن زيد الشهيد، والحسين الحرون ابن محمد بن حمزة بن عبيد الله الأعرج ابن الحسين الأصغر ابن الامام زين العابدين، و محمد بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن المثنى، وإسماعيل بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن عبد الله المحض ابن الحسن المثنىن وأخوه الحسن بن يوسف، وجعفر بن عيسى بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي الزينبي ابن عبد الله ابن جعفر الطيارن وأحمد بن عبد الله بن موسى بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن المثنى، وعيسى بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي الزينبي، وجعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن بن علي بن عمر الأشرف ابن الامام زين العابدين، وإبراهيم بن محمد بن عبد الله بن عبيد الله بن الحسن بن عبيد الله بن العباس ابن أمير المؤمنين على رضي الله عنه، وأحمد بن محمد بن يحيى بن عبد الله المحض ابن الحسن المثنى، وعلي بن زيد بن الحسين بن عيسى بن زيد الشهيد، والطاهر بن محمد بن القاسم بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العباس الشهيد، والطاهر بن أحمد بن القاسم بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد ابن الامام الحسن، وعلي بن عبد الرحمان بن القاسم بن الحسن بن زيد ابن الامام الحسن، ومحمد بن الحسن بن محمد بن إبراهيم بن الحسن بن زيد ابن الامام الحسن ، وجعفر بن إسحاق ابن الامام موسى الكاظم، وموسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله المحض ابن الحسن المثنى ابن الامام الحسن، وموسى بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي الزينبي ابن عبد الله بن جعفر الطيار، ومحمد بن عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي الزينبي ابن عبد الله بن جعفر الطيار، وعلي بن موسى بن موسى بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد ابن الامام الحسن، محمد بن الحسين بن محمد بن عبد الرحمان بن القاسم بن الحسن بن زيد ابن(1/110)
الامام الحسن، علي بن موسى بن إسماعيل ابن الامام موسى الكاظم، وإبراهيم بن موسى بن موسى بن عبد الله بن عبد الله المحض ابن الحسن المثنى، وعبد الله بن محمد بن يوسف بن موسى بن عبد الله الحمض، وأحمد بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن المثنى، وعبد الله بن علي بن عيسى بن يحيى بن الحسين ذي الدمعة ابن زيد الشهيد، وعلي بن إبراهيم بن علي بن عبيد الله الأعرج ابن الحسين الأصغر ابن الامام زين العابدين، ومحمد بن أحمد بن محمد بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي ابن عمر الأطرف ابن على رضي الله عنه، وحمزة بن عيسى بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد ابن الامام الحسن رضي الله عنه، والحسن بن محمد بن زيد بن عيسى بن زيد ابن الامام الحسن، ومحمد بن الحسين بن محمد بن عبد الرحمان بن القاسم بن الحسن بن زيد ابن الامام الحسن رضي الله عنه، موسى بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن المثنى، ومحمد بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد ابن الامام الحسن السبط الداعي الشهير صاحب طبرستان، ومحمد بن حمزة بن عبيد الله بن العباس بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، و إسحاق بن العباس بن إسحاق الشهير بالمهلوس العلوي، والحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى، وعبد الله بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن الحسن المثنى، ومحمد بن عبد الله بن الحسن بن علي العريضي ابن جعفر الصادق، والقاسم بن زيد بن الحسن الأفطس ابن على الأصغر، والقاسم بن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي الزينبي ابن عبد الله بن جعفر الطيار، وعبد الرحمان بن محمد بن عبد الله بن عيسى بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي الزينبي ابن عبد الله بن الطيار، ومحمد بن جعفر بن محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن المثنى، وأحمد بن الحسين بن علي بن إبراهيم بن عمر بن محمد بن عمر الأطرف ابن علي بن أبي(1/111)
طالب رضي الله عنه، وعلي بن محمد بن عبد الله بن محمد بن حمزة بن إسحاق بن علي الزينبي ابن عبد الله ابن الطيار، والحسين بن إبراهيم بن علي بن عبد الرحمان الشجري الحسنى ومحمد بن جعفر بن الحسن الشجري الحسنى، والحسن بن عبد الله الأشتر ابن النفس الزكية ابن عبد الله المحض ابن الحسن المثنى، والحسين بن محمد بن عبد الله المحض ابن الحسن المثنى، وإدريس بن عبد الله المحض ابن الحسن المثنى، والعباس بن محمد الأرقط ابن عبد الله الباهر ابن زين العابدين، وجعفر بن إسحاق ابن الامام موسى الكاظم، وجعفر بن علي بن الحسن بن الأفطس، وأحمد بن الحسين العمري من ذرية عمر الأطرف، والحسن بن محمد العقيقي من ذرية زيد الشهيد، وأحمد بن علي بن محمد بن عون من ذرية محمد بن الحنفية، وعلي بن محمد الأكبر الجواني ابن عبيد الله الأعرج ابن الحسين الأصغر ابن الامام زين العابدين، ويحيى ابن أبي الحسين على العاثر بن زيد بن أحمد بن يحيى ابن الحسين ذي الدمعة ابن زيد الشهيد، ومحمد بن يحيى بن عبد الله بن محمد ابن عمر الأطرف بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والشريف عبد الرحيم بن أحمد بن حجون بن محمد بن حمزة بن جعفر بن إسماعيل ابن الامام جعفر الصادق عليه السلام، وموسى علي بن الحسن بن جعفر الخواري ابن الامام موسى الكاظم، ,والحسين أبو عبد الله بن جعفر الحجة ابن الحسين الأصغر ابن الامام زين العابدين، و الحسين بن عبد الله بن العباس بن عبد الله الشهيد ابن الحسن الأفطس ابن على الأصغر ابن الامام زين العابدين، وموسى بن أحمد بن محمد بن القاسم بن حمزة ابن الامام موسى الكاظم ، وأبو الفاتك عبد الله بن داود بن سليمان بن عبد الله المحض ابن الحسن المثنى ابن الامام الحسن السبط رضي الله عنه، وعبيد الله أبو الحسن بن محمد أبي عمر ابن عمر الأطرف بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وعيسى بن عبد الله بن عمر الأطرف بن علي بن أ[ي طالب، وابن أبي جعفر أحمد(1/112)
زبارة ابن محمد الأكبر ابن عبد الله المفقود ابن الحسن المكفوف ابن الحسن الأفطس ابن على الأصغر ابن الامام زين العابدين، وأبو القاسم على نزيل طوس ابن أحمد بن موسى بن أحمد بن أبي يعلى محمد الأعرج ابن أحمد أبي على ابن أبي جعفر موسى المبرقع ابن الامام محمد الجواد سلام، ومحمد بن علي بن الحسن المحدث ابن الحسين الأصغر ابن الامام زين العابدين، والقاسم الأشج ابن إبراهيم العسكري ابن موسى أبي سبحة ابن إبراهيم المرتضى ابن الامام موسى الكاظم.. ألخ
وحصر أسماء هؤلاء رحمهم الله وقصصهم فيه طول وقد يخرجنا عن خطة الكتاب.
فهل عمل هؤلاء بالتقية، وهل إعتقدوا فيها، كما يقول الصدوق، اعتقادنا في التقية انها واجبة. من تركها بمنزلة من ترك الصلاة، ولا يجوز رفعها إلى ان يخرج القائم، فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الله وعن دين الإمامية وخالف الله ورسوله والأئمة.
أو كما قال صاحب الهداية: والتقية واجبة لا يجوز تركها إلى ان يخرج القائم فمن تركها فقد دخل في نهي الله عزوجل ونهي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة صلوات الله عليهم.
وقول الخميني: ترك التقية من الموبقات التي تلقي صاحبها قعر جهنم وهي توازي جحد النبوة والكفر بالله العظيم.
وهل إعتقدوا أصلاً أن تارك التقية كتارك الصلاة كما يروون عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو قوله: التقية من دين الله ولا دين لمن لا تقية له والله لو لا التقية ما عبد الله، وقول الصادق رحمه الله: إن تسعة أعشار الدين في التقية، ولا دين لمن لا تقية له.. وغيرها من الرويايات التي ذكرنا في مقدمة الكتاب؟
سيرة أصحاب الأئمة أيضاً تنافي القول بالتقية.
بل إن أصحاب الأئمة رحمهم الله قد ضربوا في ذلك من الأمثال ما يزيد الأمر يقينا لمقصودنا، وتعقيدنا لمرادهم.(1/113)
فهذا رُشَيد الهجَري روى القوم ان زياد بن أبيه دعاه إلى البراءة من علي رضي الله عنه فأبى فقال: قدموه واقطعوا يده ورجله واتركوا لسانه، فقطعوه ثم حملوه إلى منزله فأخذ يملي على أصحابه فضائل علي رضي الله عنه، فبلغ ذلك إبن زياد فأرسل اليه الحجام حتى قطع لسانه فمات من ليلته.(1)
وهذا قنبر رحمه الله ذكر القوم ان الحجاج بن يوسف قال ذات يوم: احب ان اصيب رجلا من أصحاب أبي تراب فأتقرب إلى الله بدمه؟ فقيل له: ما نعلم احدا كان اطول صحبة لأبي تراب من قنبر مولاه، فبعث في طلبه فأتي به فقال له: ابرأ من دينه. قال: فإذا انا برئت من دينه تدلني على دين غيره افضل منه؟ قال: اني قاتلك فاختر أي قتله احب اليك؟ قال: قد صيرت ذلك اليك، فأمر به فذبح.(2)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 42 /122 ، 75/433 ، أمالي الطوسي ، 103 رجال الكشي ، 71 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 7 /7 ، بشارة المصطفى ، للطبري الشيعي ، 152
(2) - مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 12 /273 ، الإرشاد ، للمفيد ، 1 /328 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 42 /126 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /580 ، مستدرك سفينة البحار ، لعلي النمازي ، 8 /606 ، كشف الغمة ، للإربلي ، 1 /281 ، كشف اليقينن للحلي 78 ، الكنى والألقاب ، لعباس القمي ، 2 /295(1/114)
ورروا أنه أدخل على الحجاج بن يوسف فقال له ما الذي كنت تلى من أمر علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال كنت اوضيه فقال له ما كان يقول إذا فرغ من وضوئه قال كان يتلو هذه الآية ( فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شئ حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين ) فقال الحجاج كان يتأوله علينا فقال نعم فقال ما أنت صانع إذا ضربت علاوتك قال إذا أسعد وتشقى أنت فأمر به فقتله.(1)
وهذا يحيى بن أم الطويل وقف بالكناسة ثم نادى بأعلى صوته : معشر أولياء الله ، إنا برآء مما تسمعون . من سب عليا عليه السلام فعليه لعنة الله ، ونحن برآء من آل مروان وما يعبدون من دون الله . ثم يخفض صوته فيقول : من سب أولياء الله فلا تقاعدوه ، ومن شك فيما نحن فيه فلا تفاتحوه.(2)
__________
(1) - مستند الشيعة ، للنراقي ، 2 /156 ، مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للطبرسي ، 1 /322 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 77 /315 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 2 /264 ، 274 ، تفسير العياشي ، 1 /359 ، سنن الإمام علي (ع) ، لجنة الحديث معهد باقر العلوم (ع) 315
(2) - دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري ، 2 /255 ، الكافي ، للكليني ، 2 /379 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 71 /220 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 5 /23 ، نقد الرجال ، للتفرشي ، 5 /63(ه) ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 1 /84 ، 21 /39 ، قاموس الرجال ، للتستري ، 11 /30(1/115)
وروى عن أبى جعفر عليه السلام أن الحجاج طلبه وقال : تلعن أبا تراب وأمر بقطع يديه ورجليه وقتله.(1)
وهذا ميثم التمار رحمه الله روى القوم انه اخذ وصلب على يد عبيد الله بن زياد، وكان وهو على هذا الحال يحدث بفضائل بني هاشم ومخازي بني أمية وهو مصلوب على الخشبة فقيل لابن زياد : قد فضحكم هذا العبد ، فقال : ألجموه ، فألجم ، فكان أول خلق الله الجم في الإسلام ، فلما كان في اليوم الثاني فاضت منخراه وفمه دما ، فلما كان في اليوم الثالث طعن بحربة فمات.(2)
__________
(1) - دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري ، 2 /255 ، الكافي ، للكليني ، 2 /380(ه) ، شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 10 /50 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 71 /220 ، اختيار معرفة الرجال ، للطوسي ، 1 /338 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 21 /37 ، قاموس الرجال ، للتستري ، 11 /30
(2) - الغارات ، للثقفي ، 2 /797 ، الإرشاد ، للمفيد ، 1 /325 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 41 /345 ، 42 /125 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 9 /330 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 20 /111 ، قاموس الرجال ، للتستري ، 10 /316 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 10 /198 ، إعلام الورى ، للطبرسي ، 1 /343(1/116)
وكان أمير المؤمنين علي رضي الله عنه قد قال له كما في روايات القوم : كيف أنت يا ميثم إذا دعاك دعى بني أمية - عبيد الله بن زياد - إلى البراءة منى ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين أنا والله لا أبرأ منك ؟ قال : إذا والله يقتلك ويصلبك ، قلت : أصبر فداك في الله قليل فقال : يا ميثم إذا تكون معي في درجتي . . . الحديث.(1)
ورروا أنه أتى دار أمير المؤمنين علي رضي الله عنه فقيل له انه نائم فنادى بأعلى صوته انتبه أيها النائم فوالله لتخضبن لحيتك من رأسك ، فانتبه أمير المؤمنين عليه السلام فقال : ادخلوا ميثما ، فقال له : أيها النائم والله لتخضبن لحيتك من رأسك . فقال : صدقت وأنت والله لتقطعن يداك ورجلاك ولسانك ولتقطعن النخلة التي بالكناسة فتشق أربع قطع ، فتصلب أنت على ربعها وحجر بن عدي على ربعها ، ومحمد ابن أكثم على ربعها ، وخالد بن مسعود على ربعها.(2)
__________
(1) - الرسائل ، للخميني ، 2 /183(ه( ، فقه الصادق (ع) ، للروحاني ، 11 /403(ش) ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 11 /477 ، الهداية الكبرى ، للخصيبي 132 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 42 /130 ، 72 /433 ، شجرة طوبى ، للحائري ، 1 /79 ، ميزان الحكمة ، للريشهري ، 4 /3653 ، اختيار معرفة الرجال ، للطوسي ، 1 /295 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 20 /106 ، قاموس الرجال ، للتستري ، 10 /312
(2) - روضة الواعظين ، للفتال النيسابوري 288 ، الاختصاص ، للمفيد 75(ه) ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 42 /131 ، اختيار معرفة الرجال ، للطوسي ، 1 /297 ، قاموس الرجال ، للتستري ، 10 /313 ، سنن الإمام علي (ع) ، لجنة الحديث معهد باقر العلوم (ع) 301(1/117)
وهذا شريك بن شداد الحضرمي، عرض على القتل هو وأصحابه وقيل لهم إنا قد امرنا ان نعرض عليكم البراءة من علي واللعن له فان فعلتم تركناكم وان أبيتم قتلناكم فقالوا لسنا فاعلى ذلك فقتلوا.(1)
وهذا ابو بحر الأحنف صخر بن قيس التميمي، وكان من أصحاب امير المؤمنين رضي الله عنه. دخل وجماعة من اهل العراق يوما على معاوية فقال له معاوية : انت الشاهر علينا السيف يوم صفين ومخذل الناس عن ام المؤمنين ؟ فقال له : يا معاوية لا تذكر ما مضى منا ولا ترد الأمور على ادبارها والله ان القلوب التي ابغضناك بها يومئذ لفي صدورنا وان السيوف لتي قاتلناك بها لعلى عواتقنا ، والله لا تمد الينا شبرا من غدر الا مددنا اليك ذراعا من ختر.(2)
__________
(1) - أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 7/ 345 ، 36 /345 ، مستدركات علم رجال الحديث ، لعلي النمازي ، 4 /210
(2) - أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 36 /383(1/118)
ومثله صعصعة بن صوحان العبدي حيث قدم وفد اهل العراق على معاوية فقال : مرحبا بكم يا اهل العراق قدمتم ارض الله المقدسة منها المنشر واليها المحشر قدمتم على خير امير يبر كبيركم ويرحم صغيركم ولو ان الناس كلهم ولد ابي سفيان لكانوا حلماء وعقلاء فاشار الناس إلى صعصعة بن صوحان فقام فحمد الله وصلى على النبي ص ثم قال اما قولك يا معاوية انا قدمنا الأرض المقدسة فلعمري ما الأرض تقدس الناس ولا يقدس الناس الا اعمالهم واما قولك أن منها المنشر واليها المحشر فلعمري ما ينفع قربها كافرا ولا يضر بعدها مؤمنا واما قولك لو ان الناس كلهم ولد ابي سفيان لكانوا حلما وعقلاء فقد ولدهم من هو خير من ابي سفيان آدم ص فمنهم الحليم والسفيه والجاهل والعالم .فقال له معاوية : والله لاجفينك عن الوساد ، ولاشردن بك في البلاد ، فقال له صعصعة : والله ان في الأرض لسعة ، وان في فراقك لدعة . فقال له معاوية : والله لاحبسن عطاءك . قال : ان كان ذلك بيدك فافعل ، ان العطاء وفضائل النعماء في ملكوت من لا تنفد خزائنه ، ولا يبيد عطاؤه ، ولا يحيف في قضيته ، فقال له معاوية لقد استقتلت . فقال له صعصعة : مهلا ، لم اقل جهلا ولم استحل قتلا ، لا تقتل النفس التي حرم الله الا بالحق ، ومن قتل مظلوما كان الله لقاتله مقيما ، يرهقه اليما ويجرعه حميما ويصليه جحيما . فقال معاوية لعمرو بن العاص . اكفناه . فقال له عمرو : وما تجهمك لسلطانك ؟ فقال له صعصعة ويلي عليك يا ماوى مطردي اهل الفساد ومعادي اهل الرشاد ، فسكت عنه عمرو(1).
__________
(1) - أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 36 /387(1/119)
وهذا صيفي بن فسيل الشيباني . من أصحاب امير المؤمنين علي رضي الله عنه. قال له زياد: يا عدو الله ما تقول في ابي تراب ؟ قال ما اعرف أبا تراب ! قال زياد ما اعرفك به ، قال ما اعرفه ، قال أما تعرف علي بن ابي طالب ؟ قال : بلى قال : فذاك ابو تراب ! قال : كلا فذاك ابو الحسن والحسين ، فقال له صاحب الشرطة : يقول لك الأمير : هو ابو تراب، وتقول انت لا ، قال وإن كذب الأمير ، أتريد أن اكذب وأشهد له على باطل كما شهد ؟ ! . قال زياد : وهذا أيضاً من ذنبك ! علي بالعصاة ، فاتي بها ، فقال زياد : ما قولك في علي ؟ قال احسن قول انا قائله في عبد من عباد الله المؤمنين . قال زياد اضربوا عاتقه بالعصا حتى يلصق بالارض ، فضرب حتى لزم الارض ، ثم قال : اقلعوا عنه ، ايه ما قولك في علي ؟ قال والله لو شرحتني بالمواسي والمدى ما قلت الا ما سمعت مني ! قال زياد لتلعننه أو لاضربن عنقك ! . قال : إذن تضربها والله قبل ذلك ، فان ابيت إلا ان تضربها رضيت بالله وشقيت انت . قال زياد : ادفعوا في رقبته ثم قال اوقروه حديدا والقوه في السجن . ثم ان زيادا ارسله مع حجر وأصحابه إلى معاوية ، ولما بعث اليهم معاوية ان يبرؤوا من علي فان فعلوا تركوهم ، أبوأ ان يتبرؤوا من علي فقتل صيفي فيمن قتل.(1).
__________
(1) - الغدير ، للأميني ، 11 /45 ، أحاديث أم المؤمنين عائشة ، لمرتضى العسكري ، 1 /377 ، مستدركات علم رجال الحديث ، لعلي النمازي ، 4 /273 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 7 /392 ، الفصول المهمة في معرفة الأئمة ، لابن الصباغ ، 1 /523(ه( ، صلح الحسن (ع) ، لشرف الدين 340(1/120)
وهذا رجلا من دهاقين اسفل الفرات قد اسلم وصلى يقال له زاذان فروخ اقبل من عند اخوال له فلقوه فقالوا له أمسلم انت أم كافر قال بل مسلم قالوا فما تقول في علي قال اقول فيه خيرا اقول انه امير المؤمنين وسيد البشر ووصي رسول الله ص فقالوا كفرت يا عدو الله ثم حملت عليه عصابة فقطعوه باسيافهم.(1)
وهذا دعبل الخزاعي كان يقول : إني أحمل خشبتي عن ظهري منذ أربعين سنة فلم أجد من يصلبني عليها وكان قد هجا الرشيد والأمين والمأمون والمعتصم ومدح الصادق.(2)
وهذا الشاعر الفرزدق، روي أنه لما حج هشام بن عبد الملك في أيام أبيه طاف بالبيت وجهد أن يصل إلى الحجر الأسود ليستلمه فلم يقدر على ذلك لكثرة الزحام ، فنصب له كرسي وجلس عليه ينظر إلى الناس ومعه جماعة من أعيان أهل الشام ، فبينما هو كذلك إذ أقبل زين العابدين رحمه الله وكان من أجمل الناس وجها وأطيبهم أرجا ، فطاف بالبيت فلما انتهى إلى الحجر تنحى له الناس حتى استلم الحجر ، فقال رجل من أهل الشام لهشام : من هذا الذي هابه الناس هذه الهيبة ؟ فقال هشام : لا أعرفه . مخافة أن يرغب فيه أهل الشام ، وكان الفرزدق حاضرا فقال : أنا أعرفه . فقال الشامي : من هو يا أبا فراس ؟ فقال الفرزدق :
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته - والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم - هذا التقي النقي الطاهر العلم
__________
(1) - الغارات ، لإبراهيم الثقفي ، 1 / 340 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 33 / 408 ، نهج السعادة ، للمحمودي ، 5 /176 ، شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد ، 3 /131 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 7 /40
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 49 /260 ، أعيان الشيعة ، للأمين ، 6 /402 ، العدد القوية ، للحلي 292 ، حياة الإمام الرضا (ع) ، لباقر القرشي ، 2 /126 ، موسوعة المصطفى والعترة (ع) ، لحسين الشاكري ، 12 /344 ، أصل الشيعة وأصولها ، لكاشف الغطاء 208 ، ديوان دعبل الخزاعي ، 9(1/121)
هذا ابن فاطمة ان كنت جاهله - بجده أنبياء الله قد ختموا
والأبيات طويلة. فغضب هشام وأمر بحبس الفرزدق بعسفان بين مكة والمدينة ، وبلغ ذلك زين العابدين فبعث إليه باثني عشر ألف درهم وقال : اعذر يا أبا فراس فلو كان عندنا أكثر من هذا لوصلناك به . فردها الفرزدق وقال : يا ابن بنت رسول الله ما قلت الذي قلت الا غضبا لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم وما كنت لأخذ عليه شيئا . فقال : شكر الله تعالى لك ذلك غير أنا أهل بيت إذا أنفذنا أمرا لم نعد فيه . فقبلها وجعل يهجو هشاما وهو في الحبس ، فبعث إليه هشام وأخرجه من السجن ببركة الإمام زين العابدين.(1)
__________
(1) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 20 /290(ه( ، مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري ، 10 /394 ، الاختصاص ، للمفيد 191 ، الخرائج والجرائح ، للراوندي ، 1 /267 ، الصراط المستقيم ، للعاملي ، 2 /181 ، مدينة المعاجز ، لهاشم البحراني ، 4 /284 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 46 /125 ، 141 ، الأنوار البهية ، لعباس القمي 123 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 12 /573 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 8 /169 ، اختيار معرفة الرجال ، للطوسي ، 1 /343 ، كشف الغمة ، للإربلي ، 2 /291 ، الكنى والألقاب ، لعباس القمي ، 3 /24(1/122)
وهذا ابن السكيت ، سأله المتوكل : أيما أحب إليك ابناي هذان ، أم الحسن والحسين ! فقال ابن السكيت : والله إن قنبرا خادم علي بن أبي طالب عليه السلام خير منك ومن ابنيك . فقال المتوكل للأتراك : سلوا لسانه من قفاه . ففعلوا فمات.(1)
وهذا سديف بن مهران بن ميمون المكي، مولى زين العابدين رحمه الله قال بعض المؤرخون على ان سبب قتله مدحه الطالبيين وهجوه العباسيين.(2)
وغيرهم كثير كحجر بن عدي، وهاني بن عروة، وسعيد بن حبيب، وعبدالله بن عفيف وأصحابهم. وكذلك جميع من قتلوا دون الحسين رضي الله عنهم.
...
وذكر قصص هؤلاء الرجال من الرعيل الأول عند الشيعة تطول، وكلهم لم تعرف التقية اليهم سبيلاً، لعلمهم بأن التقية لا تشرع ابدا عندما يكون الإسلام في خطر حسب رؤيتهم، بل وليست مشروعتةً أيضاً بالصورة التي وضعها الذين ارادوا الكيد لهذا الدين.
__________
(1) - الاحتجاج ، للطبرسي ، 2 /224(ه) ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 50 /164(ه) ، 75 /344(ه( 104 /1(ه) ، نقد الرجال ، للتفرشي ، 5 /94(ه) ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 21 /139 ، قاموس الرجال ، لمحمد تقي التستري ، 11 /128 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 10 /306 ، الكنى والألقاب ، لعباس القمي ، 1 /315 ، موسوعة المصطفى والعترة (ع) ، لحسين الشاكري ، 14 /448 ، أصل الشيعة وأصولها ، لكاشف الغطاء 388
(2) - أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 7 /188 ، موسوعة المصطفى والعترة (ع) ، لحسين الشاكري ، 8 /435 ، مختصر أخبار شعراء الشيعة ، للمرزباني الخراساني 22 ، 81(ه((1/123)
يقول الإمام الخوئي: إذا كانت المفسدة المترتبة على فعل التقية أشد وأعظم من المفسدة المترتبة على تركها أو كانت المصلحة في ترك التقية أعظم من المصلحة المترتبة على فعلها ، وكما إذا علم بأنه إن عمل بالتقية ترتب عليه اضمحلال الحق واندراس الدين الحنيف وظهور الباطل وترويج الجبت والطاغوت وإذا ترك التقية ترتب عليه قتله فقط أو قتله مع جماعة أخرىن ولا اشكال حينئذ في أن الواجب ترك العمل بالتقية وتوطين النفس للقتل لأن المفسدة الناشئة عن التقية أعظم وأشد من مفسدة قتله . نعم ربما تكون المفسدة في قتله أعظم وأكثر كما إذا كان العامل بالتقية ممن يترتب على حياته ترويج الحق بعد الاندراس وانجاء المؤمنين من المحن بعد الابتلاء ونحو ذلك ولكنه أمر آخر والتقية بما هي تقية متصفة بالحرمة في تلك الصورة كما عرفت . ولعله من هنا أقدم الحسين سلام الله وصلواته عليه وأصحابه رضوان الله عليهم لقتال يزيد بن معاوية وعرضوا أنفسهم للشهادة وتركوا التقية عن يزيد وكذا بعض أصحاب أمير المؤمنين ( ع ) بل بعض علمائنا الأبرار قدس الله أرواحهم وجزاهم عن الإسلام خيرا كالشهيدين وغيرهما.(1)
__________
(1) - كتاب الطهارة ، للخوئي ، 4 / 257(1/124)
وقال آخر: وقد ذهب المحققون من العلماء إلى : أن من أُكره على الكفر فلم يفعل حتى قتل ، إنه أفضل ممن أظهر الكفر لسانه ، وان أضمر الايمان بقلبه ، وقالوا : قد أسر المشركون بمكة خبيب بن عدي ، وطالبوه باظهار كلمة الكفر أو العرض على القتل ، فلزم الحنفية ، ولم يعط التقية ، حتى قتل على ذلك ، وكان عند المسلمين أفضل من عمار بن ياسر ، حين أعطى التقية ، وأظهر كلمة الكفر عند الالحاح عليه بالعذاب : من جره على الرمضاء وتحريقه بالنار ، وإن كان قلبه مطمئنا بالايمان ، ويستدلون بذلك على أن اعطاء التقية رخصة ، وأن الأفضل ترك إظهارها ، وكذلك قالوا في كل أمر كان فيه إعزاز الدين ، فإقامة المرء عليه حتى يقتل أفضل من الاخذ بالرخصة في العدول عنه حتى يسلم.(1)
فكان أن لبّس موقف هؤلاء الأمر على الذين وضعوا مبدأ التقية، حتى اضطربت أقوالهم في تأويلها، فنسبوا مثلا إلى الصادق رحمه الله أنه قال في أمثال هؤلاء: ما منع ميثم من التقية؟ فوالله لقد علم ان هذة الآية نزلت في عمار وأصحابه: إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان(2)ثم اضطربوا في تأويل أمثال هذه المقولة.(3)
إضطراب الشيعة في تأويل تعارض مواقف أصحاب الأئمة لمبدأ التقية.
__________
(1) - حقائق التأويل ، للشريف الرضي ، 76
(2) - الكافي ، 2/220 تفسير العياشي ، 2/271 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 42/126 ، 139 ، 75/432
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 42/127 ، 75/432(1/125)
ولم يستقيم هذا القول عند البعض فزعموا كما قال المجلسي: أن هؤلاء الأجلاء من خواص أصحاب الأئمة عليهم السلام كانوا مأذونين من قبل الأئمة عليهم السلام بترك التقية لمصلحة خاصة خفية، أو أنهم كانوا يعلمون أنه لا ينفعهم التقية و أنهم يقتلون على كل حال بأخبار المعصوم أو غيره، و التقية إنما تجب إذا نفعت مع أنه يظهر من بعض الأخبار أن التقية إنما تجب إبقاء للدين و أهله، فإذا بلغت الضلالة حدا توجب اضمحلال الدين بالكلية فلا تقية حينئذ و إن أوجب القتل كما أن الحسين عليه السلام لما رأى انطماس آثار الحق رأسا ترك التقية و المسالمة.(1)
ولا أدري أن كان مفهوم المخالفة لهذا القول أن بقية الأئمة رحمهم الله لم يروا من خلفاء عصرهم إطماس لإثار الحق. فتأمل.
والكلام في هذا يطول. ونعود إلى ما كنا فيه.
إستعمال التقية مع أهل السُنة.
ومن الأقوال والروايات السابقة نتبين أيضاً حقيقة أخرى وهي الجهة التي تجوز منها التقية عند القوم فقد ذكرنا عند كلامنا في الآيات الواردة في مشروعة التقية انها وردت في الكافرين لصريح منطوق الآية، لقوله عزوجل: لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ [آل عمران : 28].
فقد ذكر الطبري مثلا في تفسيره ان هذه الآية إنما هي تقية من الكفار لا من غيرهم.
__________
(1) - مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول ، 11 ، / 98 ، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري ، 2 /255 ، الكافي ، للكليني ، 2 /380(ه((1/126)
وإن كان البعض قد تجاوز ورأى انها تنسحب على المسلمين إذا شابهت الحالة بينهم كالحالة بين المسلمين والكافرين، إلا ان التقية عند القوم إنما هي غالبا ما تكون من العامة أو المخالفين لهم في المذهب وهم عادة ما يطلقون هذه المصطلحات على أهل السُنة والجماعة كما رأيت وسترى.
ولبيان اوضح لكون التقية عند الشيعة إنما تكون من أهل السُنة نورد أقوالا أخرى زيادة على ما مر بك.(1)
يقول الشيخ المفيد: التقية كتمان الحق وستر الإعتقاد فيه ومكاتمة المخالفين وترك مظاهرتهم بما يعقب ضررا في الدين أو الدنيا.(2)
ويقول: أن التقية تدعوهم بالضرورة إلى مظاهرة العامة بما يذهبون إليه من أئمتهم ، وولاة أمرهم ، حقنا لدمائهم ، وسترا على شيعتهم.(3)
ويقول محمد رضا المظفر: التقية مكاتمة المخالفين وترك مظاهرتهم وستر إعتقادهم وأعمالهم المختصة عنهم.(4)
__________
(1) - أنظر أيضاً: بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/427 ، 432 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/254 (باب: وجوب كف اللسان عن المخالفين وعن ائمتهم مع التقية) مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 12/305 نفس الباب باب: لا يجوز قتل النصاب في دار التقية ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2/122 ، 10/226 ، 355 ، 79/195 ، 100/23 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 15/82 ، 16/210 الحدائق ، 18/156 الخصال ، 607 عيون أخبار الرضا ، 2/24
(2) - شرح عقائد الصدوق ، فصل التقية 241 التشيع ، لهاشم الموسوي ، 222 أنظر أيضاً: بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/427 تصحبح الاعتقاد ، 137
(3) - جوابات أهل الموصل ، للمفيد ، 48 ، مستدك وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 17 / 306 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 1 / 256 ، المحكم في أصول الفقه ، لمحمد سعيد الحكيم ، 6 / 189
(4) - عقائد الإمامية ، 108(1/127)
ويقول التستري: التقية إخفاء الحق وإظهار غيره خوفا عن المخالفين.(1)
ويقول التبريزي: التقية والتحفظ من شرور المخالفين إنما تكون فيما هو بمرأى ومنظر من المخالفين ، وأما في بيته أو في مكان لا سبيل للمخالفين إليه فلا يجري عليه حكم التقية ، فلا تجوز الموافقة للعامة في صلاته وتركه لما يعتبر فيها عنده في بيته المستور عن أنظار العامة ، وكذا سائر أعماله الشرعية إجماعا.(2)
ويقول آخر: لا ينبغي التردد في أن التقية المحكومة بالوجوب أو الجواز لا يختص بالعامة على وجه الخصوص بل تعم كل ظالم وجائز إذا خيف ضرره وهو مورد للتقية الواجبة أو الجائزة.(3)
وفي موضع آخر قال: إن مجرد الموافقة مع العامة لا يقتضي الحمل على التقية ما لم يكن ثمة معارض.(4)
ويضيف آخر: لا شك في أن أكثر روايات الباب ناظرة إلى حكم التقية عن المخالفين وقد يوجب هذا توهم اختصاص حكمها بهم فقط ولا تجرى في غيرهم.(5)
ويقول آخر: ويشترط في الأول ( يعنى الأدلة الدالة على اذن الشارع بالتقية ) أن يكون التقية من مذهب المخالفين لأنه المتيقن من الأدلة الواردة في الاذن في العبادات على وجه التقية لأن المتبادر من التقية التقية من مذهب المخالفين فلا يجرى في التقية عن الكفار أو ظلمة الشيعة.(6)
وهكذا، مما يدل على أنهم – أي أهل السُنة - الأصل في الجهة التي ينبغي التقية منها.
قول بعض علماء الشيعة بجواز التقية على الأئمة حتى في غياب المخالفين وبيان علة ذلك.
__________
(1) - الصوارم المهرقة ، للتستري ، 253
(2) - تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية ، لأبو طالب التبريزي ، 1/ 52
(3) - كتاب الطهارة ، للخوئي ، 4/296
(4) - المصدر السابق ، 4/298
(5) - القواعد الفقهية ، لناصر مكارم الشيرازي ، 1/ 459
(6) - التقية ، للأنصاري ، 45 ، رسائل فقهية ، للأنصاري 79 ، كتاب الطهارة ، للأنصاري ، 2 /397 ، القواعد الفقهية ، لناصر مكارم ، 1 /459(1/128)
وهذه المسألة من المسلمات عند القوم حتى كان الخلاف بينهم في جوازها ان لم يحضر احد من المخالفين.
يقول البحراني: ان الأئمة يخالفون بين الأحكام وان لم يحضرهم احد من أولئك الأنام، وقال: ولعل السر في ذلك ان الشيعة إذا خرجوا عنهم مختلفين كل ينقل عن إمامة خلاف ما ينقله الآخر سخف مذهبهم في نظر العامة وكذبوهم في نقلهم ونسبوهم إلى الجهل وعدم الدين وهانوا في نظرهم بخلاف ما إذا اتفقت كلمتهم وتعاضدت مقالتهم فإنهم يصدقونهم ويشتد بغضهم لهم ولإمامهم ومذهبهم ويصير ذلك سببا لثوران العداوة، والى ذلك يشير قوله عليه السلام: ولو اجتمعتم على أمر واحد لصدقكم الناس علينا.(1)
وقال في موضع آخر: أن الحمل على التقية لا يختص بوجود القائل من العامة.(2)
أقول: ويحضرني هنا أيضاً سببا آخر فيه طرافه، فقد روى القوم عن الصادق أنه قال ان لنا أعداء من الجن يخرجون حديثنا إلى أعدائنا من الانس وان الحيطان لها آذان كآذان الناس.(3)
ويقول الجواهري في معرض كلامه في أحد المسائل الخلافية عندهم: اللهم إلا أن يكتفى في التقية بمجرد وقوع الخلاف بين الشيعة كي لا يعرفوا فيؤخذوا.(4)
روايات من طرق الشيعة تؤيد هذا القول.
نعود إلى قول البحراني، فأنت ترى من قوله هذا ان الأصل في مشروعية التقية عندهم هو وجود احد من المخالفين والذي عرفت بأن المقصود منهم أهل السُنة والجماعة. ولا بأس ان نورد روايات أخرى تؤكد على عدم شرط وجود احد من المخالفين لحمل الأخبار على التقية.مما يأكد لك ان الاصل هو وجودهم:
__________
(1) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني1/5
(2) - الحدائق الناضرة ، 3 / 254
(3) - تفسير فرات الكوفي ، لفرات بن إبراهيم الكوفي 552 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 15 /6(ه( ، 25 /2
(4) - جواهر الكلام ، للجواهري ، 8/98(1/129)
فعن زرارة عن أبي جعفر قال: سألته عن مسالة فأجابني ثم جاء رجل فسأله عنها فأجابه بخلاف ما اجابني ثم جاء رجل آخر فأجابه بخلاف ما أجابني واجاب صاحبي فلما خرج الرجلان قلت: يا إبن رسول الله رجلأن من أهل العراق من شيعتكم قدما يسألان فأجبت كل واحد منهما بغير ما أجبت به صاحبه؟ فقال: يا زرارة ان هذا خير لنا وابقى لنا ولكم، قال: ثم قلت لأبي عبدالله عليه السلام: شيعتكم لو حملتموهم على الأسنة أو على النار لمضوا وهم يخرجون من عندكم مختلفين؟ قال: فأجابني بمثل جواب أبيه.(1)
وعن موسي بن أشيم قال: كنت عند أبي عبدالله فسأله رجل عن آية من كتاب الله عزوجل فأخبره بها ثم دخل عليه داخل فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبر به الأول، قال: فدخلني من ذلك ما شاء الله حتى كأن قلبي يشرح بالسكاكين فقلت في نفسي: تركت أبا قتادة بالشام لا يخطئ في الواو وشبه وجئت إلى هذا يخطئ هذا الخطأ كله فبينا انا كذلك اذ دخل عليه آخر فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبرني وأخبر صاحبي فسكنت نفسي فعلمت ان ذلك منه تقية.(2)
__________
(1) - الكافي ، 1/65 الحدائق الناضرة ، 1/5 ، وقال: لوكان الإختلاف انما وقع لموافقة العامة لكفى جواب واحد لما هم عليه
(2) - الكافي ، 1/265 الحدائق الناضرة ، 1/7 الإختصاص ، 330 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2/241 ، 23/185 ، 47/50(1/130)
وعن عمر بن رياح انه سأل الباقر عن مسألة فأجابه فيها بجواب ثم عاد إليه في عام آخر فسأله عن تلك المسألة بعينها فأجابه فيها بخلاف الجواب الأول فقال لأبي جعفر هذا خلاف ما أجبتني في هذه المسألة العام الماضي فقال له: ان جوابنا ربما خرج على وجه التقية فشك في امره وإمامتة فلقي رجلا من أصحاب أبي جعفر يقال له محمد بن قيس فقال له: إني سألت أبا جعفر عن مسألة فأجابني فيها بجواب ثم سألته عنها في عام آخر فأجابني بخلاف جوابه الأول قلت له لم فعلت ذلك فقال فعلته للتقية وقد علم الله اني ما سألته عنها إلا وانا صحيح العزم على التدين بما يفتيني به وقبوله والعمل به فلا وجه لإتقائه إياي وهذه حالي فقال محمد بن قيس فلعله حضرك من اتقاه فقال ما حضر مجلسه من المسألتين غيري، لا ولكن جوابيه جميعا خرجا على وجه التبخيت ولن يحفظ ما اجاب به العام الماضي فيجيب بمثله، فرجع عن إمامته وقال لا يكون إمام من يفتي بالباطل على شيء بوجه من الوجوه ولا حال من الأحوال ولا يكون إماما من يفتي تقية بغير ما يجب عند الله ولا من يرخي ستره ويغلق بابه ولا يسع الإمام إلا الخروج والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فمال بسببه إلى قول البترية ومال معه نفر يسير.(1)
وغيرها من روايات، أستند عليها البحراني وغيرة على عدم ضرورة وجود أحد من أهل السُنة للقول بالتقية، وهو يدل كما ذكرنا مراراً على انهم الأصل في القول بالتقية.
وهذا الأمر كان مثار خلاف بين الشيعة أنفسهم.
معارضة بعض علماء الشيعة لهذا القول.
__________
(1) - فرق الشيعة ، للنوبختي ، 60 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 37/33 ، 69 /178 ، رجال الكشي ، 154 ، تهذيب المقال في تنقيح كتاب رجال النجاشي ، لمحمد على الأبطحي ، 3 /464(ش)(1/131)
يقول البهبهاني: اعلم أن كون الحكم تقية إنما هو إذا كان موافقا لمذهب العامة كلهم أو بعضهم ، على ما هو المعروف من الأصحاب القدماء والمتأخرىن . إلا أنه توهم بعض الأخباريين فجوز كونه تقية ، وإن لم يكن موافقا لمذهب أحد من العامة ، بل لمجرد تكثير المذهب في الشيعة ، كي لا يعرفوا ، فيؤخذوا ويقتلوا . وهذا التوهم فاسد من وجوه :
الأول : إن الحكم إذا لم يكن موافقا لمذهب أحد من العامة يكون رشدا وصوابا ، لما ورد في الاخبار : فإن الرشد في خلافهم ، وفيما لم يذهبوا إليه ، فكيف يكون مثل هذا تقية ؟ لان المراد من الرشد والصواب ما هو في الواقع رشد وصواب ، لا من جهة التقية ودفع الضرر ، وإلا فجميع ما ذهب إليه العامة يصير رشدا وصوابا . وأيضا إذا كان رشدا و صوابا فلم حكمت بأنه تقية ، ومخالف لمذهب الشيعة . ؟
الثاني : إنه غير خفي على من له أدنى اطلاع وتأمل أن العامة بأدنى شئ كانوا يتهمون الشيعة بالرفض ، وأذيتهم للشيعة إنما كانت بالتهمة غالبا ، وهذه كانت طريقتهم المستمرة في الأعصار والأمصار ، فكيف يكون الحال إذا رأوا أنهم يفعلون فعلا لا يوافق مذهبا من مذاهبهم ولا يقول به أحد منهم ؟ إذ لا شبهة في أنهم كانوا يتهمون بذلك ، بل بمثل ترك التكتف في الصلاة كانوا يتهمون ، مع أنه مذهب مالك رئيسهم الأقدم الأعظم في ذلك الزمان وغيره . والأئمة عليهم السلام كانوا يأمرون بمثل التكتف وأدون منه كما لا يخفى على متتبع الاخبار ، وكانوا يبالغون في احترازهم عن أسباب التهمة ، فكيف كانوا يأمرون بما لم يوافق مذهبا من مذاهبهم.(1/132)
بل غير خفي أن العامة ما كانوا مطلعين على مذهب الشيعة في ذلك الزمأن من الخارج إلا نادرا ، وكانوا كلما يرون مخالفا لمذهبهم يعتقدون أنه مذهب الشيعة ، ويبادرون بالأذية، وما كانوا يصبرون إلى أن يروا ما يخالف ذلك منه أو من غيره من الشيعة ، مع أن رؤيته من غيره كيف تنفع ؟ هذا سيما إذا كان موافقا لمذهب أهل السُنة كلهم أو بعضهم ، بل لو كان الكل مخالفا لمذهبهم ورأوه منه لا ينفع ، لان الكل خلاف الحق عندهم ، وهم ربما كانوا يؤذون من هو سني عندهم جزما بمخالفته للحق ، فكيف غيره؟
الثالث : إن الحق عندنا واحد ، والباقي باطل ، ( فما ذا بعد الحق إلا الضلال ) ، وفي المثل: ( الكفر ملة واحدة ) فأي داع إلى مخالفة التقية ، وارتكاب الخطر الذي هو أعظم لأجل تحقق التقية التي هي أخف وأسهل ؟ فتأمل .
الرابع : أن التقية اعتبرت لأجل ترجيح الخبر الذي هو الحق على الذي ليس بحق ورشده على ما يظهر من الاخبار وما عليه الفقهاء في الأعصار والأمصار - وهذا الفاضل المتوهم أيضا اعتبر ما ادعاه من التقية التي توهمها لأجل الترجيح ، وبنى عليه المسألة الفقهية ، فإذا لم يكن موافقا لمذهب أحد من العامة ، فبأي نحو يعرف أنه هو التقية ، حتى يعتبر في مقام الترجيح ، ويقال : إن معارضه حق ومذهب الشيعة ؟ فإن قلت : إذا رأينا المعارض مشتهرا بين الأصحاب يحصل الظن بأنه مذهب الشيعة . قلت : على تقدير التسليم يكفي مجرد الشهرة ، فلا حاجة إلى اعتبار التقية ، لأن المفروض ظهور مذهب الشيعة ، والشهرة مرجح على حدة ، فعلى هذا لو لم يوجه الخبر الذي توهم منه ما توهم لا يضر . فتأمل .
ومضمون الخبر : إني أوقعت الخلاف بين شيعتي إذ لو كانوا على طريقة واحدة لعرفوا وأخذوا.(1)
والكلام في الباب يطول.
__________
(1) - الفوائد الحائرية ، للوحيد البهبهاني ، 353(1/133)
والغريب بعد كل هذا، والذي يناسب ذكره هنا، أن الأمور التي تعرف بها الشيعة كعدم جواز المسح على الخفين، والجهر بالبسملة والذي هو شعار الشيعة وقد عرفوا به. حتى قالوا هم في ذلك: أن المشهور من شعار الشيعة الجهر بالبسملة.(1)
وقال الصدوق: من دين الإمامية الإقرار بأنه يجب الجهر بالبسملة عند افتتاح الفاتحة ، وعند افتتاح السورة وبعدها.(2)
ورووا أن الرضا كتب إلى المأمون : من محض الإسلام الإجهار ب" بسم الله الرحمن الرحيم " في جميع الصلوات.(3)
ورووا عن جابر قال : أجمع آل الرسول صلى الله عليه وآله على الجهر ب" بسم الله الرحمن الرحيم " وأن لا يمسحوا على الخفين . ونقل عن ابن خالويه: إن هذا مذهب الشيعة ، ومذهب أهل البيت عليهم السلام ، وهو المنقول من فعل الرضا عليه السلام في جميع صلواته بالليل والنهار.(4)
__________
(1) - مدارك الأحكام ، للعاملي ، 3 /360(ش) ، ذخيرة المعاد ، للسبزواري ، 1 ق 2 /278 ، الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 8 /167
(2) - أمالي الصدوق ، 511 ، غنائم الأيام ، للميرزا القمي ، 2 /540 ، مناهج الأحكام ، للميرزا القمي 272 ، جواهر الكلام ، للجواهري ، 9 /389
(3) -عيون أخبار الرضا (ع) ، للصدوق ، 1 /131 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 4 /206 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، للحر العاملي ، 4/ 758 ، غنائم الأيام ، للميرزا القمي ، 2 /540 ، مناهج الأحكام ، للميرزا القمي /272
(4) - غنائم الأيام ، للميرزا القمي ، 2 /540 ، الصلاة في الكتاب والسنة ، للريشهري 77 ، وضوء النبي (ص) ، لعلي الشهرستاني ، 2 /196 ، شرح الأزهار ، لأحمد المرتضى ، 1 /429(ش) ، مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري ، 4 /189 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 25 /237 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 4 /278 ، 5 /132 ، كشف الغمة ، للإربلي ، 1 /44 ، ألف سؤال وإشكال ، لعلي الكوراني ، 1 /414(1/134)
وغيرها من أقوال في كون الجهر بالبسملة من شعار مذهب آل البيت، أقول الغريب أنهم لا يرون ولا يجوزون التقية فيها. حتى قال ابن أبي عقيل : تواترت الأخبار عنهم عليهم السلام أن لا تقية في الجهر بالبسملة.(1)
ورروا عن الباقر رحمه الله أنه قال: التقية ديني ودين آبائي ولا تقية في ثلاث : شرب المسكر والمسح على الخفين وترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم.(2)
وكذلك ما جاء في التكبيرات على الميت حيث جعلوها خمساً بحسب أركان الإسلام، حيث يرون أن الإمامة منها، فقد رروا أنه سأل هل يجوز لنا ان نكبر أربعا تقية ؟ فقال رحمه الله : لا ، بل خمس لا تقية فيه.(3)
فكيف يستقيم كل هذا وغيره مع ما ذكروه آنفا، أليست هذه الأمور أولى بالتقية فيها، بعد إشتهار الشيعة بها وبعضها يتكرر يوميا بعدد الصلوات؟ تناقضات لا تنتهي.
__________
(1) - ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة ، للشهيد الأول ، 3 /333 ، مدارك الأحكام ، لمحمد العاملي ، 3 /360(ش) ، الحبل المتين ، للبهائي العاملي ، 229 ، حياة ابن أبي عقيل العماني ، إعداد مركز المعجم الفقهي 189 ، إثنا عشر رسالة ، للداماد ، 2 /188 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 82 /74
(2) - مفتاح الكرامة ، للعاملي ، 7 /204(ش) ، كتاب الطهارة ، للأنصاري ، 2 /280 ، الرسائل ، للخميني ، 2 /178(ه) ، دعائم الإسلام ، للقاضي النعمان المغربي ، 1 /110 ، 160 ، مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 1 /334 ، 4 /189 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 77 /300 ، 82 /81 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 2 /323 ، 5 /134
(3) - مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 2 /259 ، 347 ، 5 /130 ، مدينة المعاجز ، لهاشم البحراني ، 7 /677 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 78 /397 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 3 /310 ، 5 /453 ، معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) ، لعلي الكوراني ، 4 /235(1/135)
هذا رغم قولهم أن التقية في كل شيء إلا في الدماء كما مر بك.
والطريف هنا أن هذه المسائل أيضا لم تسلم من التناقض، فذكروا: ان التقية تجوز في شرب الخمر وان روايات أصحابنا وأقوالهم في جواز التقية في شرب الخمر وعدمها مختلفة ، فالصدوقان رضوان الله تعالى عليها قالا : بالمنع ، فعندهما لا تقية في شرب الخمر ، ولا في المسح على الخفين ، ولا في متعة الحج ، كما لا تقية في الدماء ، والشيخ و أتباعه رحمهم الله تعالى قالوا بالجواز عند مخافة القتل . قال شيخنا الشهيد في الذكرى : قال الصدوقان : عن العالم عليه السلام ثلاث لا أتقي فيهن أحدا، شرب المسكر والمسح على الخفين ومتعة الحج ، وهو في الكافي و التهذيب بسند صحيح عن زرارة قال : قلت له : أفي مسح الخفين تقية ؟ قال : ثلاث لا أتقي فيهن أحدا : شرب المسكر ومسح الخفين ومتعة الحج ، وتأوله زرارة - رحمه الله - بنسبته إلى نفسه عليه السلام ، ولم يقل الواجب عليكم أن لا تتقوا فيهن أحدا ، وتأوله الشيخ بالتقية لأجل مشقة يسيرة لا تبلغ إلى الخوف على النفس أو المال ، لما مر من جواز ذلك للتقية.(1)
ورووا عن الكاظم رحمه الله أنه قال: أن التقية تجوز في شرب الخمر.(2)
عاد بنا الحديث.
__________
(1) - اختيار معرفة الرجال ، للطوسي ، 2 /465(ش)
(2) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 11 /469 ، مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 13 /128 ، 17 /68 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 47 /323 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /517 ، اختيار معرفة الرجال ، للطوسي ، 2 /465 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 15 /129(1/136)
أقول: ولم يقتصر الأمر بالجهر بالمعتقدات الآنفة الذكر والتي عرفوا بها دون تقية، بل ذكروا أن أبو جعفر المنصور قال للصادق رحمه الله: يا أبا عبد الله ما بال الرجل من شيعتكم يستخرج ما في جوفه في مجلس واحد ، حتى يعرف مذهبه ؟ ! فقال : ذلك لحلاوة الايمان في صدورهم ، من حلاوته يبدونه تبديا.(1)
فهذا القول من خليفة المؤمنين وللإمام رحمه الله وعن شيعته فماذا يقول القوم بعد هذا، وكيف يستقيم القول بالتقية مع كل هذا؟
تكفير الشيعة للمخالفين.
ولكن لمإذا انصبّت جُل روايات الشيعة التي وردت في التقية في المخالفين – أي أهل السُنة على وجه الخصوص كما رأيت؟
الجواب على هذا هو إن الشيعة يرون إن كل من لا يعتقد بإمامة ائمتهم الإثني عشر فهو كافر، ومن ثم كافة المسلمين سوى الشيعة الإمامية الإثني عشرية كفار، ومن كان هذا حكمه فالتقية منه مشروعة.
وإليك بيان موجز لعقيدتهم فيمن سواهم من المسلمين:
روى القوم عن الصادق أنه قال: ان اول ما يسأل عنه العبد إذا وقف بين يدي الله جل جلاله عن الصلوات المفروضات، وعن الزكاة المفروضة، وعن الصيام المفروض، وعن الحج المفروض، وعن ولايتنا أهل البيت، فإن اقر بولايتنا ثم مات عليها قبلت منه صلاته وصومه وزكاته وحجه، وان لم يقر بولايتنا بين يدي جل جلاله لم يقبل الله منه شيئا من اعماله.(2)
__________
(1) - صفات الشيعة ، للصدوق 15 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 47 /166 ، 65 /64 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، /205
(2) - أمالي الصدوق ، 154 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 24/51 ، 27/167 ، 54/390 ، 83/10 ، 19 عيون الأخبار ، 270(1/137)
وعنه أيضاً أنه قال: نزل جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا محمد السلام يقرئك السلام ويقول: خلقت السموات السبع ومافيهن والأرضين السبع ومن عليهن وما خلقت موضعا اعظم من الركن والمقام، ولو ان عبدا دعاني هناك منذ خلقت السموات والأرضين ثم لقيني جاحدا لولاية علي لأكببته في سقر، وفي رواية: لو جاء احدكم يوم القيامة بأعمال كأمثال الجبال ولم يجيء بولاية علي بن أبي طالب لأكبه الله عزوجل في النار، وفي رواية عن زين العابدين: ان افضل البقاع ما بين الركن والمقام، ولو ان رجلا عمر ما عمر نوح في قومة الف سنة إلا خمسين عاما يصوم النهار ويقوم في ذلك الموضع ثم لقي الله بغير ولايتنا لم ينفعه ذلك شيئا، وعن جده علي بن أبي طالبرضي الله عنه قال: لو ان عبدا عبد الله الف سنة لا يقبل الله منه حتى يعرف ولايتنا أهل البيت، ولو ان عبدا عبد الله الف سنة وجاء بعمل إثنين وسبعين نبيا ما يقبل الله منه حتى يعرف ولايتنا أهل البيت وإلا أكبه الله على منخريه في نار جهنم، وفي رواية: والله لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله منه إلا بولايتنا، وفي أخرى: اما والله لو ان رجلا قام ليله وصام نهاره وتصدق بجميع ماله وحج جميع دهره ولم يعرف ولاية وليي ما كان له على الله حق في ثوابه ولا كان من أهل الإيمان.(1/138)
(1)
ورووا عن الباقر رحمه الله أنه قال: إن الله عز وجل نصب عليا عليه السلام علما بينه وبين خلقه فمن عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا ومن جهله كان ضالا.(2)
__________
(1) - أنظر هذه الروايات وغيرها في الباب: الكافي ، 1/372 ، 436 ، 2/18 أمالي الصدوق ، 190 ، 260 ، 290 ، 396 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2/30 ، 7/160 ، 176 ، 13/339 ، 23/221 ، 286 ، 294 ، 25/111 ، 113 ، 26/349 ، 27/167 ، 168 ، 171 ، 172 ، 173 ، 192 ، 36/216 ، 223 ، 245 ، 262 ، 302 ، 314 ، 315 ، 37/62 ، 42/143 ، 46/179 ، 47/357 ، 68/333 ، 72/133 ، 73/121 ، 78/225 ، 99/229 أمالي الطوسي ، 72 ، 104 ، 131 ، 253 ، 422 ثواب الأعمال ، 189 ، 197 المحاسن ، 90 ، 91 ، 224 ، 286 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 1/123 ، 16/76 نور الثقلين ، 2/225 ، 261 ، 4/353 ، 534 أمالي المفيد ، 42 العياشي ، 1/286 منتخب الأثر ، 105 ، 117 ، 119 البرهان ، 1/279 ، 396 ، 3/40 ، 161 مقتضب الأثر ، 12 كمال الدين ، 146 عيون الأخبار ، 34 غيبة الطوسي ، 95 الكشي ، 248 كنز جامع الفوائد ، 49 الروضة ، 226 تأويل الآيات ، 1/98 ، 106 ، 315 ، 2/522 إثبات الهداة ، 1/137 ، 2/178 غيبة النعماني ، 70
(2) - الكافي ، للكليني ، 2/388 ، شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 10 /65 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 32 /324 ، الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 5 /181 ، 10 /363 ، كتاب الطهارة ، الأول ، للگلپايگاني ، 313 ، نتائج الأفكار ، الأول ، للگلپايگاني ، 234 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 26 /41 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 2 /390 ، 5 /324 ، 9 /374 ، مشارق أنوار اليقين ، لرجب البرسي ، 77 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 18/ 567(1/139)
وعنه أيضاً قال : إن عليا عليه السلام باب من أبواب الجنة فمن دخل بابه كان مؤمنا ومن خرج من بابه كان كافرا. وفي رواية: إن عليا عليه السلام باب فتحه الله من دخله كان مؤمنا ومن خرج منه كان كافرا.(1)
ونسبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله: التاركون ولاية علي خارجون عن الإسلام.(2)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: من ناصب عليا الخلافة بعدي فهو كافر ، وقد حارب الله ورسوله ، ومن شك في علي فهو كافر.(3)
__________
(1) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 5 /181 ، كتاب الطهارة ، للأنصاري ، 2 /352 ، كتاب الطهارة ، الأول ، للگلپايگاني ، 313 ، نتائج الأفكار ، الأول ، للگلپايگاني ، 236 ، الكافي ، للكليني ، 2 /389 ، شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 10 /65 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 26 /42 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 9 / 374
(2) - الأصول الستة عشر ، لعدة محدثين ، 60 ، المحاسن ، للبرقي ، 1 /89 ، 186 ، مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 18 /173 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 27 /238 ، 39 /302 ، 69 /134 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 26 /43 ، الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، لأحمد الهمداني 187
(3) - الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف ، لإبن طاووس 23 ، الصراط المستقيم ، لعلي بن يونس العاملي ، 2 /48 ، كتاب الأربعين ، للماحوزي 346 ، الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، للهمداني 184 ، 260 ، مشارق أنوار اليقين ، لرجب البرسي 79 ، إحقاق الحق ، لنور الله التستري 209 ، غاية المرام ، لهاشم البحراني ، 1 /228 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 4 /333 ، 7 /331 ، 17 /279 ، مجلة تراثنا ، مؤسسة آل البيت ، 21 /426(1/140)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: من أنكر إمامة علي بعدي كمن أنكر نبوتي في حياتي ، ومن أنكر نبوتي كان كمن أنكر ربوبية ربي عز وجل.(1)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: يا علي ، ما من عبد لقي الله يوم يلقاه جاحدا لولايتك إلا لقى الله بعبادة صنم أو وثن.(2)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : إن حجة الله عليكم بعدي علي بن أبي طالب ، الكفر به كفر بالله ، والشرك به شرك بالله ، والشك فيه شك في الله ، والإلحاد فيه إلحاد في الله ، والإنكار له إنكار لله.(3)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: يا علي ، ما من عبد لقي الله يوم يلقاه جاحدا لولايتك إلا لقى الله بعبادة صنم أو وثن.(4)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم : التاركون ولاية علي عليه السلام المنكرون لفضله المظاهرون أعداءه خارجون عن الإسلام من مات منهم على ذلك.(5)
__________
(1) - الأمالي ، للصدوق ، 754 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 38 / 109 ، الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، للهمداني 185 ، فضائل أمير المؤمنين (ع) ، لإبن عقدة الكوفي 150 ، غاية المرام ، للبحراني ، 1 /187
(2) - الأمالي ، للصدوق 392 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، ج 38 /101 ، 42 /143 ، الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، أحمد الرحماني الهمداني 185 ، غاية المرام ، لهاشم البحراني ، 2 /301
(3) - الأمالي ، للصدوق ، 264 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 38 /97 ، الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، لأحمد الهمداني 185 ، مستدركات علم رجال الحديث ، لعلي النمازي ، 1/ 606 ، معارج اليقين في أصول الدين ، للسبزواري ، 52 ، غاية المرام ، للبحراني ، 2 /196
(4) - الأمالي ، للصدوق 392 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 38 /101 ، 42 /143 ، الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، لأحمد الهمداني ، 185
(5) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 27 /238 ، الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، لأحمد الرحماني الهمداني ، 187(1/141)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: الأئمة بعدي اثنا عشر، أولهم علي بن أبي طالب ، وآخرهم القائم - إلى أن قال : المقر بهم مؤمن ، والمنكر لهم كافر.(1)
وإلى الصادق أيضاً قوله: الجاحد لولاية علي كعابد وثن .(2)
والراويات في الباب كثيرة لا يسعنا حصرها، وحتى لا يُأخذ علينا الإقتصار على الإستدلال بالروايات التي هي قابلة للنقد والتضعيف، فلا أرى بأسا من ذكر أقوال علماء الشيعة في المسألة فهي صريحة في الدلالة على المقصود ولا يمكن صرفها:
فهذا الشيخ المفيد يحكي إجماع الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد من الأئمة وجحد ما أوجبه الله تعالى له من فرض الطاعة فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار.(3)
ويرى أن ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " من مات وهو لا يعرف إمام زمانه ، مات ميتة جاهلية " صريح بأن الجهل بالإمام يخرج صاحبه عن الإسلام.(4)
__________
(1) - كمال الدين وتمام النعمة ، للصدوق 259 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 28 /347 ، الصراط المستقيم ، للعاملي ، 2 /127 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 36 /245 ، الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، للهمداني 186 ، سماء المقال في علم الرجال ، لأبو الهدى الكلباسي ، 1 /325 ، معجم رجال الحديثن للخوئي ، 21 /88 ، كليات في علم الرجال ، للسبحاني 253 ، موسوعة المصطفى والعترة (ع) ، للشاكري ، 8 /394 ، معارج اليقين في أصول الدين ، لمحمد السبزواري 61
(2) - البصائر ، 105 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 24/123 ، 27/181 ، 54/390 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 1 / 448
(3) - اوائل المقالات ، للمفيد ، 44 ، 349 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 8/366 ، 23/390 ، 29/32 ، حق اليقين ، 2/276 ، مستدرك سفينة البحار ، لعلي النمازي ، 10/ 144
(4) - الإفصاح ، للمفيد ، 28(1/142)
وقال: ولا يجوز لأحد من أهل الايمان أن يغسل مخالفا للحق في الولاية ولا يصلي عليه.(1)
وقال: واجتمعت الشيعة على الحكم بكفر محاربي علي ولكنهم لم يخرجوهم بذلك عن حكم ملة الإسلام إذ كان كفرهم من طريق التأويل كفر ملة ولم يكفروا كفر ردة عن الشرع مع إقامتهم على الجملة منه وإظهار الشهادتين والاعتصام بذلك عن كفر الردة المخرج عن الإسلام وإن كانوا بكفرهم خارجين من الايمان مستحقين اللعنة والخلود في النار حسبما قدمناه.(2)
ويقول علم الهدى أنهم كفار مخلدين في النار ، ثم نقل بعض الأخبار في ذلك وقال والأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى وليس هنا موضع ذكرها وقد تعدت عن حد التواتر . وعندي أن كفر هؤلاء من أوضح الواضحات في مذهب أهل البيت عليهم السلام.(3)
ويقول: مما يدل أيضا على تقديمهم عليهم السلام وتعظيمهم على البشر أن الله تعالى دلنا على أن المعرفة بهم كالمعرفة به تعالى في أنها إيمان وإسلام ، وأن الجهل والشك فيهم كالجهل به والشك فيه في أنه كفر وخروج من الإيمان.(4)
وقال عنه الصدوق: واختار السيد المرتضى - على ما هو المحكى عنه - كفر المخالفين وارتدادهم عن الملة.(5)
__________
(1) - مدارك الأحكام ، لمحمد العاملي ، 2/69 ، 4 /151(ش) ، ذخيرة المعاد ، للسبزواري ، 1 /80 ، 327 ، الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 3 /405 ، 5 /176 ، 10 /360 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 1 /335 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 78 /299 ، 340 ، الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، للهمداني 191 ، مجمع الفائدة ، للأردبيلي ، 1 / 172(ه( ، جواهر الكلام ، للجواهري ، 4 / 82 ، مستمسك العروة ، لمحسن الحكيم ، 4 /66(ش)
(2) - أوائل المقالات للمفيد ج 4/ 151 ، الجمل ، للمفيد ، 30
(3) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 5 / 177
(4) - رسائل المرتضى ، للشريف المرتضى ، 2 /251
(5) - من لا يحضره الفقيه ، للصدوق ، 4 /104(1/143)
ويقول الصدوق: من جحد إمامة أمير المؤمنين والأئمة من بعده فإنه بمنزلة من جحد نبوة الأنبياء.(1)
ويقول الكاشاني: من جحد إمامة أحدهم فهو بمنزلة من جحد نبوة جميع الأنبياء عليهم السلام.(2)
ويقول أبوالحسن الشريف: ليت شعري أي فرق بين من كفر بالله سبحانه تعالى ورسوله وبين من كفر بالأئمة عليهم السلام مع أن كل ذلك من أصول الدين ؟؟. إلى أن قال : ولعل الشبهة عندهم زعمهم كون المخالف مسلما حقيقة وهو توهم فاسد مخالف للأخبار المتواترة، والحق ما قاله علم الهدى من كونهم كفارا مخلدين في النار. والمفهوم من الأخبار المستفيضة هو كفر المخالف الغير المستضعف ونصبه ونجاسته ، وممن صرح بالنصب والنجاسة أيضا جمع من أصحابنا المتأخرىن : منهم شيخنا الشهيد الثاني في بحث السؤر من الروض حيث قال بعد ذكر المصنف نجاسة سؤر الكافر والناصب ما لفظه : والمراد به من نصب العداوة لأهل البيت ( عليهم السلام ) أو لأحدهم ... في بعض الأخبار " أن كل من قدم الجبت والطاغوت فهو ناصب " واختاره بعض الأصحاب إذ لا عداوة أعظم من تقديم المنحط عن مراتب الكمال وتفضيل المنخرط في سلك الأغبياء والجهال على من تسنم أوج الجلال حتى شك في أنه الله المتعال.(3)
وقال ابن نوبخت وهو من متقدمي الشيعة: دافعوا النص كفرة عند جمهور أصحابنا.(4)
__________
(1) - إعتقادات الصدوق ، 112 حق اليقين ، 2/275 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 8/365 ، 27/61
(2) - منهاج االنجاة ، 48
(3) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 3/406 ، 5/177
(4) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 5 /175 ، 10 /360 ، جواهر الكلام ، للجواهري ، 6 /61 ، كتاب الطهارة ، للأنصاري ، 2 /352 ، مستمسك العروة ، لمحسن الحكيم ، 1 /392(ش) ، الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، للهمداني 197(1/144)
ويقول الحلي: أما دافعوا النص على أمير المؤمنين عليه السلام بالإمامة فقد ذهب أكثر أصحابنا إلى تكفيرهم لأن النص معلوم بالتواتر من دين محمد صلى الله عليه وآله فيكون ضروريا أي معلوما من دينه ضرورة فجاحده يكون كافرا كمن يجحد وجوب الصلاة وصوم شهر رمضان . واختار ذلك في المنتهى فقال في كتاب الزكاة في بيان اشتراط وصف المستحق بالايمان ما صورته : لأن الإمامة من أركان الدين وأصوله وقد علم ثبوتها من النبي صلى الله عليه وآله ضرورة والجاحد لها لا يكون مصدقا للرسول في جميع ما جاء به فيكون كافرا.(1)
ويقول التستري: من المعلوم أن الشهادتين بمجردهما غير كافيتين إلا مع الالتزام بجميع ما جاء به النبي ( صلى الله على وآله ) من أحوال المعاد والإمامة.. ولا شك أن المنكر لشئ من ذلك ليس بمؤمن ولا مسلم لأن الغلاة والخوارج وإن كانوا من فرق المسلمين نظرا إلى الاقرار بالشهادتين إلا أنهما من الكافرين نظرا إلى جحودهما ما علم من الدين وليكن منه بل من أعظم أصوله إمامة أمير المؤمنين عليه السلام.(2)
ويقول محمد صالح المازندراني في شرح أصول الكافي: ومن أنكرها - يعني الولاية - فهو كافر حيث أنكر أعظم ما جاء به الرسول وأصلا من أصوله.(3)
__________
(1) - الحدائق الناضرة ، 5 /175 ، 10 / 360 ، كتاب الطهارة ، للأنصاري ، 2 / 352
(2) - إحقاق الحق ، لنورالله التستري ، 197 ، الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 5/ 176
(3) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 3 /406 ، 5/ 176(1/145)
وقال القاضي نور الله في كتاب إحقاق الحق : من المعلوم أن الشهادتين بمجردهما غير كافيتين إلا مع الالتزام بجميع ما جاء به النبي صلى الله على وآله من أحوال المعاد والإمامة كما يدل عليه ما اشتهر من قوله صلى الله عليه وآله " من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية " ولا شك أن المنكر لشئ من ذلك ليس بمؤمن ولا مسلم لأن الغلاة والخوارج وإن كانوا من فرق المسلمين نظرا إلى الاقرار بالشهادتين إلا أنهما من الكافرين نظرا إلى جحودهما ما علم من الدين وليكن منه بل من أعظم أصوله إمامة أمير المؤمنين عليه السلام.(1)
ويقول البحراني: ان المخالف كافر لا حظ له في الإسلام بوجه من الوجوه.(2)
ويضيف: والحكم باسلام المخالفين إنما وقع في كلام جملة من المتأخرىن غفلة عن التعمق في الأخبار والنظر فيها بعين الفكر والاعتبار.(3)
ويقول: أن الناس في زمانهم عليهما السلام على أقسام ثلاثة : مؤمن وكافر وضال ، والمراد بالضال الشكاك والمستضعفون ، وقد نقلناها في كتابنا الشهاب الثاقب المتقدم ذكره وهي صريحة في كفر المخالفين كما عليه جل علمائنا المتقدمين حسبما أوضحناه في الكتاب المشار إليه.(4)
وقال: المشهور في كلام أصحابنا المتقدمين هو الحكم بكفرهم - أي المخالفين - ونصبهم ونجاستهم وهو المؤيد بالروايات الإمامية.(5)
وأقواله في الباب كثيره، وتكفيره لأهل السُنة من الأمور المعروفة عند أقرانه.
__________
(1) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 5 / 176
(2) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 18/153
(3) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 11/ 10
(4) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 24 /58
(5) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 5/ 175(1/146)
يقول الخوئي: وأما الصلاة على المخالف : فقد ذهب صاحب الحدائق " قده " إلى عدم وجوب الصلاة عليه كالكافر ونسبه إلى بعضهم وهذا يبتني على مسلكه من كفر المخالفين وإنما أمرنا بالمعاشرة معهم تقية.(1)
ويقول النجفي: أن المحدث البحراني بعد أن ذهب إلى كفر المخالفين وعدم مشروعية الصلاة عليهم إلا تقية قال هنا : إنه متى صلى كان مخيرا بين الدعاء عليهم بعد كل تكبيرة..ألخ.(2)
أما النجفي نفسه فيقول: والمخالف لأهل الحق كافر بلا خلاف بيننا..وقال: كيف تتصور الأخوة بين المؤمن والمخالف بعد تواتر الروايات وتظافر الآيات في وجوب معاداتهم والبراءة منهم.(3)
ويقول: فلعل ما ورد في الأخبار الكثيرة من تكفير منكر علي عليه السلام..بل هو المعلوم من مذهب الشيعة ، كما علم منه ثبوت كفرين عندهم دنيوي وأخروي ، وخلاف نادر منهم لو تحقق غير قادح أو محمول على إرادة تنزيله منزلة الكافر فيما يتعلق بالأمور الأخروية من شدة العذاب والخلود فيه.(4)
ويقول: وعلى كل حال فمنشأ هذا القول من القائل به استفاضة النصوص وتواترها بكفر المخالفين وأنهم مجوس هذه الأمة وشر من اليهود والنصارى التي قد عرفت كون المراد منها بيان حالهم في الآخرة لا الدنيا ، كما تقدم الكلام فيه مفصلا في كتاب الطهارة.(5)
ويقول السيد شبر: وأعلم إن جمعا من علماء الإمامية حكموا بكفر أهل الخلاف، ونقلوا الإجماع على دخولهم النار، والأخبار في كفرهم كثيرة لا تحصى.(6)
__________
(1) - كتاب الطهارة ، للخوئي ، 9 /93
(2) - جواهر الكلام ، للجواهري ، 12 /89
(3) - جواهر الكلام ، 6/62 ، 22/ 63 ، الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 3 /406 ، 5 /176 ، 12 /324 ، كتاب الطهارة ، للخميني ، 3 /318
(4) - جواهر الكلام ، للجواهري ، 6 /60 ، - الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، لأحمد الرحماني الهمداني ، 190
(5) - جواهر الكلام ، 36 / 93
(6) - حق اليقين ، 2/278(1/147)
وقال: وقد دلت أخبار كثيرة على كفر المخالفين يحتاج جمعها إلى كتاب مفرد والجمع بينها وبين ما علم من أحوالهم عليهم السلام من معاشرتهم ومؤاكلتهم ومجالستهم ومخالطتهم يقتضي الحكم بكفرهم وخلودهم في الآخرة وجريان حكم الإسلام عليهم في الدنيا رأفة ورحمة بالطائفة المحقة لعدم إمكان الاجتناب عنهم.(1)
وقال الطوسي:المخالف لأهل الحق كافر فيجب أن يكون حكمه حكم الكفار إلا ما خرج بالدليل وإذا كان غسل الكافر لا يجوز فيجب أن يكون غسل المخالف أيضاً غير جائز.(2)
وكذا قال إبن ادريس في السرائر: والمخالف لأهل الحق كافر بلا خلاف بيننا.(3)
ويقول زين الدين العاملي الملقب بالشهيد الثاني: قد عرفت مما تقدم أن التصديق بإمامة الأئمة عليهم السلام من أصول الايمان عند الطائفة من الامامية كما هو معلوم من مذهبهم ضرورة... فيلزم الحكم بكفر من لم يتحقق له التصديق المذكور وإن أقر بالشهادتين ، وأنه مناف أيضا للحكم بإسلام من لم يصدق بإمامة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام.(4)
__________
(1) - الأنوار اللامعة في شرح الزيارة الجامعة (شرح آل كاشف الغطاء) ، لعبد الله الشبر ، 150
(2) - تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 1 /335 ، مجمع الفائدة ، للأردبيلي ، 1 /172(ه( ، مدارك الأحكام ، لعاملي ، 4 /151(ش) ، ذخيرة المعاد ، للسبزواري ، 1 ق 1 /80 ، 1 ق 2 /327 ، الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 5 /176 ، كتاب الطهارة ، للأنصاري ، 2 /352 ، مستمسك العروة ، لمحسن الحكيم ، 1 /392(ش)
(3) - الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 3 /406 ، 5 / 176 ، 12 / 324 ، جواهر الكلام ، للجواهري ، 6 / 62 ، كتاب الطهارة ، للخميني ، 3 / 318
(4) - حقائق الإيما ، للشهيد الثاني 131 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 8 / 367 ، 29 / 36 ، الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، للهمداني 189(1/148)
وقال: واعلم أن جمعا من العلماء الإمامية حكموا بكفر أهل الخلاف ، والأكثر على الحكم بإسلامهم ، فإن أرادوا بذلك كونهم كافرين في نفس الأمر لا في الظاهر فالظاهر أن النزاع لفظي ، إذ القائلون بإسلامهم يريدون ما ذكرناه من الحكم بصحة جريان أكثر أحكام المسلمين عليهم في الظاهر ، لا أنهم مسلمون في نفس الأمر ، ولذا نقلوا الإجماع على دخولهم النار.(1)
ويقول المجلسي: المخالفين ليسوا من أهل الجنان ولا من أهل المنزلة بين الجنة والنار وهي الأعراف بل هم مخلدون في النار، ولو قام القائم بدأ بقتل هؤلاء قبل الكفار.(2)
وقال: ويظهر من بعض الأخبار بل من كثير منها أنهم في الدنيا أيضاً في حكم الكفار لكن لما علم الله أن أئمة الجور وأتباعهم يستولون على الشيعة وهم يبتلون بمعاشرتهم ولا يمكنهم الاجتناب عنهم وترك معاشرتهم ومخالطتهم ومناكحتهم أجرى الله عليهم حكم الإسلام توسعة ، فإذا ظهر القائم عليه السلام يجري عليهم حكم سائر الكفار في جميع الأمور وفي الآخرة يدخلون النار ماكثين فيها أبدا مع الكفار.(3)
وقال في معرض شروحه علي بعض الأقوال والروايات: ويدل الخبر على كفر المخالفين وخلودهم في النار(4). وقوله: ومن زعم " يدل على أن القول بعدم كفر المخالف كفر أو قريب منه.(5)
__________
(1) - حقائق الإيمان ، للشهيد الثاني 133 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 8 /368 ، 29 /37 ، الانتصار ، للعاملي ، 9 /99
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 8/361
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 8 / 369 ، 29 /39 ، الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، للهمداني ، 191
(4) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 23 /360
(5) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 65 /281(1/149)
ورد على من قال بعدم خلودهم في النار بأن هذا القول منهم لقول بعدم خلودهم في النار نشأ من عدم تتبعهم للاخبار ، والأحاديث الدالة على خلودهم متواترة أو قريبة منها ، نعم الاحتمالان الأخيران آتيان في المستضعفين منهم كما ستعرف . والقول بخروج غير المستضعفين من النار قول مجهول القائل ، نشأ بين المتأخرىن الذين لا معرفة لهم بالاخبار ولا بأقوال القدماء الأخيار.(1)
ويقول نصير الدين الطوسي: أن الامامية قد تفردوا بأن دخول الجنة والنجاة لا يكون الا بعد ولاية آل محمد عليهم السلام واعتقاد إمامتهم.(2)
وقال المازندراني: ومن أنكرها – يعني الولاية – فهو كافر حيث أنكر اعظم ما جاء به الرسول وأصلا من أصوله.(3)
ويقول المامقاني: وغاية ما يستفاد من الأخبار جريان حكم الكافر والمشرك في الآخرة على كل من لم يكن إثنى عشريا.(4)
ويقول الأنصاري: الحاصل ان ثبوت صفة الكفر لهم مما لا اشكال فيه ظاهرا كما عرفت من الأصحاب ويدل عليه اخبار متواترة ..نذكر بعضها تيمنا وتشريفا للكتاب. فذكر بعض الروايات في الباب .. ثم قال: إلى غير ذلك مما لا يطيق مثلي الإحاطة بعشر معشاره ؟ بل ولا بقطرة من بحاره الا ان المستفاد من مجموع الاخبار وكلمات الأخيار ان المراد بهذا الكفر المقابل للايمان الذي هو أخص من الإسلام.(5)
ويقول النراقي: ودعوى الايمان والأخوة للمخالف مما يقطع بفساده . وتؤكده النصوص المتواترة الواردة عنهم في طعنهم ولعنهم وتكفيرهم ، وأنهم شر من اليهود والنصارى وأنجس من الكلاب. فتأمل.(6)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 8 /365 ، 29 /مقدمة المحقق 36
(2) - نور البراهين ، لنعمة الله الجزائري ، 1 /64(ش)
(3) - الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 3/ 406 ، 5/176
(4) - تنقيح المقال ، 1/208
(5) - كتاب الطهارة ، للأنصاري ، 2 /352 ، الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، لأحمد الرحماني الهمداني ، 190
(6) - مستند الشيعة ، للنراقي ، 14 /163(1/150)
ويقول شرف الدين: إن عندنا صحاحا أخر فزنا بها من طريق أئمتنا الاثني عشر : روتها هداة قولهم وحديثهم * روى جدنا عن جبرئيل عن الباري فهي السنة التالية للكتاب ، وهي الجنة الواقية من العذاب ، وإليكها في أصول الكافي وغيره تعلن بالبشائر لأهل الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر لكنها تخصص ما سمعته من تلك العمومات المتكاثرة بولاية آل رسول الله وعترته الطاهرة.(1)
ويقول الخميني: الإيمان لا يحصل إلا بواسطة ولاية علي وأوصيائه من المعصومين الطاهرين عليهم السلام بل لا يقبل الإيمان بالله ورسوله من دون الولاية، وقال في موضع اخر: ولاية أهل البيت عليهم السلام شرط في قبول الاعمال عند الله سبحانه بل هو شرط في قبول الإيمان بالله والنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.(2)
ويقول الخوئي: الصحيح الحكم بطهارة جميع المخالفين للشيعة الاثني عشرية واسلامهم ظاهرا بلا فرق في ذلك بين أهل الخلاف وبين غيرهم وإن كان جميعهم في الحقيقة كافرين وهم الذين سميناهم بمسلم الدنيا وكافر الآخرة.(3)
وهكذا تحدث الروحاني عن النصوص المستفيضة أو المتواترة الدالة على كفر المخالفين، وأنه لم يظفر للمخالف بما يمكن أن يستدل به له إلا البناء على كفر المخالف للمذهب.(4)
__________
(1) - الفصول المهمة في تأليف الأمة ، لشرف الدين ، 31
(2) - الأربعون حديثا ، 510
(3) - كتاب الطهارة ، للخوئي ، 2/ 87
(4) - فقه الصادق (ع) ، لمحمد صادق الروحاني ، 21 /470(ش) ، 24 /424(ش)(1/151)
ومثله الرحماني حيث قال: المخالفين لولاية أمير المؤمنين عليه السلام معزولون عن الإسلام وإن أقروا بالشهادتين، وأن جمعا من علماء الإمامية حكموا بكفر المخالفين لولاية أمير المؤمنين والأئمة المعصومين، لكن الأكثر منهم قالوا : إنهم كافرون في الباطن ونفس الأمر، ومسلمون في الظاهر امتيازا للشهادتين وعناية وتخفيفا للمؤمنين لمسيس الحاجة إلى معاشرتهم ومخالطتهم في الأماكن المشرفة ، كالكعبة المعظمة والمدينة المنورة ، وإن كانوا يوم القيامة أشد عقابا من الكفار والمشركين.(1)
وأقوالهم في الباب كثيرة يطول ذكرها.
وقد ظهر هذا جليا في جُل أبواب الفقه عندهم، وإليك بعضاً من ذلك:
يقول المفيد: ولا يجوز لأحد من أهل الإيمان أن يغسل مخالفا للحق في الولاء ، ولا يصلى عليه إلا أن تدعوه ضرورة إلى ذلك من جهة التقية ، فيغسله تغسيل أهل الخلاف ، ولا يترك معه جريدة ، وإذا صلى عليه لعنه في صلاته ولم يدع له فيها.(2)
وقال شيخ الطائفة الطوسي في شرح كلام المفيد: فالوجه فيه ان المخالف لأهل الحق كافر فيجب أن يكون حكمه حكم الكفار إلا ما خرج بالدليل ، وإذا كان غسل الكافر لا يجوز فيجب أن يكون غسل المخالف أيضا غير جايز وأما الصلاة عليه فيكون على حد ما كان يصلي النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام على المنافقين.(3)
__________
(1) - الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، لأحمد الرحماني الهمداني ، 188
(2) - المقنعة ، للمفيد ، 85
(3) - تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 1 /335 ، الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، لأحمد الرحماني الهمداني ، 191(1/152)
يقول إبن إدريس: لا تجب الصلاة إلا على المعتقدين للحق ، أو كان بحكمهم من أطفالهم، الذين بلغوا ست سنين ، على ما قدمناه ، ومن المستضعفين ، وقال بعض أصحابنا : تجب الصلاة على أهل القبلة ، ومن يشهد الشهادتين والأول مذهب شيخنا المفيد ، والثاني مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي رحمه الله والأول الأظهر في المذهب ، ويعضده القرآن ، وهو قوله تعالى : " ولا تصل على أحد منهم مات " يعني الكفار ، والمخالف للحق كافر ، بلا خلاف بيننا.(1)
ويقول الشهيد الأول: وقال أبو الصلاح : لا تجوز الصلاة على المخالف : بجبر ، أو تشبيه ، أو اعتزال ، أو خارجية ، أو إنكار امامة ، إلا لتقية . فإن فعل لعنه بعد الرابعة . وقال المفيد - رحمه الله - : ولا يجوز أن يغسل مخالفا للحق في الولاء ، ولا يصلي عليه ، إلا أن تدعوه ضرورة إلى ذلك من جهة التقية ، فيلعنه في صلاته مع أنه جوز الصلاة على المستضعف . وشرط سلار في الغسل اعتقاد الميت للحق ويلزمه ذلك في الصلاة . وابن إدريس قال : لا تجب الصلاة إلا على المعتقد للحق ، ومن بحكمه كابن ست أو المستضعف، محتجا بكفر غير المحق.(2)
__________
(1) - السرائر ، لابن إدريس الحلي ، 1/ 356
(2) - ذكرى الشيعة في أحكام الشريعةن للشهيد الأول ، 1/ 402(1/153)
ويقول العاملي: قوله: وكل مظهر للشهادتين وإن لم يكن معتقدا للحق يجوز تغسيله ، عدا الخوارج والغلاة . خالف في ذلك المفيد - رحمه الله - في المقنعة ، فقال : ولا يجوز لأحد من أهل الإيمان أن يغسل مخالفا للحق في الولاية ، ولا يصلي عليه إلا أن تدعوه ضرورة إلى ذلك من جهة التقية . واستدل له الشيخ في التهذيب بأن المخالف لأهل الحق كافر ، فيجب أن يكون حكمه حكم الكفار إلا ما خرج بالدليل . وإذا كان غسل الكافر لا يجوز فيجب أن يكون غسل المخالفين أيضاً غير جائز . ثم قال : والذي يدل على أن غسل الكافر لا يجوز إجماع الأمة ، لأنه لا خلاف بينهم في أن ذلك محظور في الشريعة . والمسألة قوية الإشكال ، وإن كان الأظهر عدم وجوب تغسيل غير المؤمن.(1)
__________
(1) - مدارك الأحكام ، لمحمد العاملي ، 2/ 69(1/154)
والجدير بالذكر هنا ونحن نتكلم عن غسل الميت والصلاة عليه، أن عدم جواز دفن الشيعة في مقابر أهل السُنة والعكس،من المسلمات عند القوم، بل وبلغ الأمر عندهم بوجوب نقل الموتى إذا دفنوا في مقابر المسلمين تقية. يقول المامقاني مثلاً وهو يتحدث عن المحقق الحلي: إن قبره في الحلة كما ذكره إلا أن المطلع على سيرة القدماء يعلم أنهم من باب التقية من العامة كانوا يدفنون الميت ببلد موته ثم ينقلون جنازته خفية إلى مشهد من المشاهد . وقد دفنوا الشيخ المفيد ( ره ) في داره ببغداد ثم حمل بعد سنين إلى الكاظمية ودفن عند قولويه تحت رجل الجواد عليه السلام . ودفنوا السيد الرضي والمرتضى وأباهما بالكاظمين ثم نقلوهم خفية إلى كربلاء ودفنوهم بجنب قبر جدهم السيد إبراهيم الذي هو في رواق سيد الشهداء كما صرح بذلك العلامة الطباطبائي ( ره ) في رجاله وكذا صرح في حق المحقق على ما يبالي بنقل جنازته بعد حين إلى النجف الأشرف . وقبره هنا وإن كان غير معروف إلا أن المنقول عن بحر العلوم أنه كان يقف بين باب الرواق وبابي الحرم المطهر في وسط الرواق فسئل فقال إني أقرء الفاتحة للمحقق فإنه مدفون هنا أي في وسط الرواق بين الباب الأولى وبين الأسطوانة التي بين بابي الحضرة المقدسة والله العالم .(1)
وسيمر بنا لاحقاً موقف بعض فقهاء الشيعة الذين إستنكروا هذا الفعل، ورد فعل العوام على ذلك.
عدنا إلى ما كنا فيه.
وكذلك الصلاة خلفهم. يقول الطوسي: ولا تصل خلف الناصب ، ولا خلف من يتولى أمير المؤمنين ، إذا لم يتبرأ من عدوه ، إلا في حال التقية . ولا يجوز الصلاة خلف من خالف في إمامة الاثني عشر من الكيسانية والناووسية والفطحية والواقفة وغيرهم من فرق الشيعة.(2)
__________
(1) - تنقيح المقال ، للمامقاني ، 1 /214 ، المعتبر ، للمحقق الحلي ، 1 / 8 ، كشف الرموز ، للفاضل الآبي ، 1 / 18
(2) - المبسوط ، للطوسي ، 8 / 112(1/155)
وقالوا: الاقتداء في الصلاة بالمخالفين على سبيل التقية كان شائعا في زمن الأئمة عليهم السلام.(1)
وفي الزكاة يقول المحقق الحلي في مستحق الزكاة: وكذا لا يعطى غير الأمامي و إن اتصف بالإسلام ، ونعني به كل مخالف في اعتقادهم الحق كالخوارج وغيرهم من الفرق الذين يخرجهم اعتقادهم عن الأيمان ، وخالف جميع الجمهور في ذلك واقتصروا على اسم الإسلام . لنا إن الأيمان هو تصديق النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كل ما جاء به ، والكفر جحود ذلك ، فمن ليس بمؤمن فهو كافر ، وليس للكافر زكاة - إلى أن قال - : فرع : وإذا لم يوجد المؤمن هل يصرف إلى غيرهم ؟ فيه قولان ، أشبههما أن زكاة المال لا تدفع إلى غير أهل الولاية. أقول : الظاهر كون المراد بالمخالف في خصوص هذه الأخبار أعم من الناصب المعاند للحق بعد وضوحه له ، أعني مطلق المخالف لنا في المذهب وهم المنحرفون الناكبون عن الصراط ، النواصب وغيرهم كما يأتي .(2)
وفي جواز إغتيابهم قال يوسف البحراني : إن الآية التي دلت على تحريم الغيبة وإن كان صدرها مجملا إلا أن قوله - عز وجل - فيها : أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا، مما يعين الحمل على المؤمنين ، فإن إثبات الأخوة بين المؤمن والمخالف له في دينه لا يكاد يدعيه من شم رائحة الأيمان ولا من أحاط خبرا بأخبار السادة الأعيان لاستفاضتها بوجوب معاداتهم والبراءة منهم.(3)
ويقول: من أوضح الواضحات في جواز غيبة المخالفين طعن الأئمة عليه السلام بأنهم أولاد زنا.(4)
__________
(1) - ذخيرة المعاد ، للسبزواري ، 2 / 276
(2) - المعتبر ، للمحقق الحلي ، 2 / 579 ، الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، لأحمد الرحماني ، 194
(3) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 18 /150 ، الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، لأحمد الرحماني ، 197
(4) - الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 18 /155(ه((1/156)
ويقول الأنصاري : يجوز اغتياب المخالف كما يجوز لعنه ، وتوهم عموم الآية كبعض الرويات لمطلق المسلم مدفوع بما علم بضرورة المذهب من عدم احترامهم وعدم جريان أحكام الإسلام عليهم ، إلا قليلا مما يتوقف استقامة نظم معاش المؤمنين عليه.(1)
ويقول العاملي: لا ريب في اختصاص تحريم الغيبة بمن يعتقد الحق كما في " مجمع البحرين والرياض " وهو ظاهر عبارات الأصحاب في المقام..والمخالف ليس مؤمنا ولا أخا له ، مضافا إلى الأخبار المتضافرة الواردة بلعن المخالفين وأنهم أشر من النصارى وأنجس من الكلاب فإنها تدل على الجواز صريحا أو فحوى كالنصوص المطلقة للكفر عليهم وهي كثيرة جدا ، فهي تدل من جهة الفحوى ، ومن أن إطلاق الكفر عليهم إما لكفرهم حقيقة أو لاشتراكهم مع الكفار في أحكامهم التي منها ما نحن فيه.(2)
ويقول الطباطبائي: وظاهر العبارة ونحوها وصريح جماعة اختصاص التحريم بالمؤمن والأخ المؤمن في الدين ، فيجوز غيبة المخالف . ولا ريب فيه...ودعوى الإيمان والأخوة للمخالف مما يقطع بفساده ، والنصوص المستفيضة بل المتواترة ظاهرة في رده ، مضافا إلى النصوص المتواترة الواردة عنهم ( عليهم السلام ) بطعنهم ولعنهم ، وأنهم أشر من اليهود والنصارى ، وأنجس من الكلاب ، لدلالتها على الجواز صريحا ، أو فحوى كالنصوص المطلقة للكفر عليهم ، مع زيادة لها في الدلالة بوجه آخر ، وهو استلزام الإطلاق أما كفرهم حقيقة ، أو اشتراكهم مع الكفار في أحكامهم.(3)
__________
(1) - المكاسب ، لمرتضى الأنصاري ، 30 ، - الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، لأحمد الرحماني الهمداني ، 192
(2) - مفتاح الكرامة ، لمحمد جواد العاملي ، 12 / 213(ش)
(3) - رياض المسائل ، لعلي الطباطبائي ، 8 / 68(1/157)
يقول الخوئي: أنه ثبت في الروايات والأدعية والزيارات جواز لعن المخالفين ، ووجوب البراءة منهم ، واكثار السب عليهم واتهامهم ، والوقيعة فيهم أي غيبتهم ، لأنهم من أهل البدع والريب. بل لا شبهة في كفرهم ، لأن انكار الولاية والأئمة ( عليهم السلام ) حتى الواحد منهم والاعتقاد بخلافة غيرهم.(1)
ويقول: المستفاد من الآية والروايات هو تحريم غيبة الأخ المؤمن ، ومن البديهي أنه لا إخوة ولا عصمة بيننا وبين المخالفين ، وهذا هو المراد أيضا من مطلقات أخبار الغيبة ، لا من جهة حمل المطلق على المقيد لعدم التنافي بينهما ، بل لأجل مناسبة الحكم والموضوع . على أن الظاهر من الأخبار الواردة في تفسير الغيبة هو اختصاص حرمتها بالمؤمن فقط ، وسيأتي ، فتكون هذه الروايات مقيدة للمطلقات ، فافهم . وقد حكي عن المحقق الأردبيلي تحريم غيبة المخالفين ، ولكنه لم يأت بشئ تركن إليه النفس.(2)
__________
(1) - مصباح الفقاهة ، للخوئي ، 1 /504 ، فقه الصادق (ع) ، للروحاني ، 14 /345(ش) ، منهاج الفقاهة ، للروحاني ، 2 / 13(ش)
(2) - مصباح الفقاهة ، للخوئي ، 1 / 505 ، فقه الصادق (ع) ، لمحمد صادق الروحاني ، 14 /343(ش) ، منهاج الفقاهة ، لمحمد صادق الروحاني ، 2 /12(ش)(1/158)
ويقول الخميني: المراد بالمؤمن الشيعة الإمامية الاثني عشرية . وأما الأخبار فما اشتملت على المؤمن فكذلك ، وما اشتملت على الأخ لا تشملهم أيضا لعدم الأخوة بيننا وبينهم بعد وجوب البراءة عنهم وعن مذهبهم وعن أئمتهم ، كما تدل عليه الأخبار واقتضته أصول المذهب...وقال: فإنها في مقام تفسيرها اعتبرت الأخوة فيها ، فغيرنا ليسوا بإخواننا وإن كانوا مسلمين فتكون تلك الروايات مفسرة للمسلم المأخوذ في سايرها ، بأن حرمة الغيبة مخصوصة بمسلم له أخوة اسلامية ايمانية مع الآخر ، ومنه يظهر الكلام في رواية المناهي وغيرها . والانصاف أن الناظر في الروايات لا ينبغي أن يرتاب في قصورها عن اثبات حرمة غيبتهم ، بل لا ينبغي أن يرتاب في أن الظاهر من مجموعها اختصاصها بغيبة المؤمن الموالي لأئمة الحق ( ع ) مضافا إلى أنه لو سلم اطلاق بعضها وغض النظر عن تحكيم الروايات التي في مقام التحديد عليها فلا شبهة في عدم احترامهم بل هو من ضروري المذهب كما قال المحققون ، بل الناظر في الأخبار الكثيرة في الأبواب المتفرقة لا يرتاب في جواز هتكهم والوقيعة فيهم ، بل الأئمة المعصومون ، أكثروا في الطعن واللعن عليهم وذكر مساوئهم. وقال: قيام السيرة المستمرة بين عوام الشيعة وعلمائهم على غيبة المخالفين ، بل سبهم ولعنهم في جميع الأعصار والأمصار ، بل في الجواهر : أن جواز ذلك من الضروريات.(1)
__________
(1) - المكاسب المحرمة ، للخميني ، 1 /250(1/159)
ويقول في شرح كلام الشيخ : والأنصاف أن الناظر في الروايات لا ينبغي أن يرتاب في قصورها عن إثبات حرمة غيبتهم ، بل لا ينبغي أن يرتاب في أن الظاهر من مجموعها اختصاصها بغيبة المؤمن الموالي لأئمة الحق : - إلى أن قال : - فلا شبهة في عدم احترامهم ، بل هو من ضروري المذهب - كما قال المحققون - بل الناظر في الأخبار الكثيرة في الأبواب المتفرقة لا يرتاب في جواز هتكهم والوقيعة فيهم ، بل الأئمة المعصومون أكثروا في الطعن واللعن عليهم وذكر مساويهم . فعن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : قلت له : إن بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم ، فقال : الكف عنهم أجمل ، ثم قال : يا أبا حمزة ! الناس كلهم أولاد بغاة ما خلا شيعتنا. والظاهر منها جواز القذف والافتراء عليهم.(1)
وقال: وأما الأخبار المشتملة على الأخ لا تشملهم أيضاً ( اي كالأخبار المشتملة على المؤمن ) لعدم الأخوة بيننا وبينهم بعد وجوب البراءة عنهم ، وعن مذهبهم ، وعن أئمتهم كما تدل عليه الأخبار واقتضته أصول المذهب ، وما اشتملت على المسلم فالغالب منها مشتمل على ما يوجبه ظاهرا في المؤمن.(2)
ويقول الحكيم: الظاهر أنه لا احترام ولا ولاية ولا حق لغير المؤمن ، بل هو في حيز الأعداء. بل ما ورد من لعن المخالفين وسبهم والبراءة منهم يقتضي جواز غيبتهم بالأولوية العرفية . ومنه يظهر ضعف ما عن محكي المقدس الأردبيلي وظاهر صاحب الكفاية من أن الظاهر عموم الأدلة للمخالفين.(3)
وعلى أي حال الروايات والأقوال في الباب تطول ولا يمكن حصرها، حتى عقد بعضهم أبوابا خاصة في بيان هذه المسألة منها:
__________
(1) - المكاسب المحرمة ، للخميني ، 1/ 252 ، - الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، لأحمد الرحماني الهمداني ، 193
(2) - الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، لأحمد الرحماني الهمداني ، 193
(3) - مصباح المنهاج ، التقليد ، لمحمد سعيد الحكيم ، 302(ش)(1/160)
باب أنه لا تقبل الأعمال إلا بالولاية.(1)
وباب كفر المخالفين والنصاب.(2)
بل حتى روايات التقية في بلوغ الدم التي ملئوا كتبهم منا، كروايتهم عن الباقر رحمه الله أنه قال: إنما جعل التقية ليحقن بها الدم ، فإذا أبلغ الدم فليس تقية . ورواية الصادق رحمه الله: إنما جعلت التقية ليحقن بها الدم ، فإذا بلغت التقية الدم فلا تقية.(3)فهي خاصة بالشيعة ولا تشمل المخالفين.
يقول الأنصاري: أن التقية إنما شرعت لحقن دماء الشيعة ، فحدها بلوغ دمهم ، لا دم غيرهم . وأما الناصب فليس محقون الدم ، وإنما منع منه حدوث الفتنة ، فلا إشكال في مشروعية قتله للتقية.(4)
ويقول الخميني: ظاهر أدلة التقية أنها شرعت لحفظ دماء الشيعة وأعراضهم وأموالهم.(5)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 27/166 إلى 202 وفيه 71 رواية ، مستدرك سفينة بحار الأنوار ، للمجلسي ، لعلي النمازي الشاهرودي ، 3 /153 ، 7 /434 10 /454 ، القيادة في الإسلام ، لمحمد الريشهري 83 ، مجلة تراثنا ، مؤسسة آل البيت ، 57 /228(ه)
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 72/131 إلى 156 ، المحاسن ، للبرقي ، 1 /89(ه) ، الاختصاصن للمفيد 233(ه) ، مستدرك سفينة البحار ، لعلي النمازي ، 9 /130 ، 10 /60
(3) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 18 /135 ، الكافي ، للكليني ، 2 /220 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 6 /172 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 11 /483 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 72 /434 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /586 ، 26 /107 ، معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) ، لعلي الكوراني العاملي ، 4 /42 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 2 /224 ، ميزان الحكمة ، للريشهري ، 4 /3654
(4) - كتاب المكاسب ، للأنصاري ، 2 /99 ، منهاج الفقاهة ، لمحمد صادق الروحاني ، 2 /218 ، البيان في عقائد أهل الإيمان ، للشريعتي الأصفهاني 102
(5) - المكاسب المحرمة ، للخميني ، 2 /149(1/161)
ويقول الخوئي: أن الغرض الأقصى من التقية هو حفظ دماء الشيعة..فحكم قتل المخالفين بالتقية أو بالاكراه حكم سائر المحرمات التي ترتفع حرمتها بهما.(1)
ويقول الروحاني تحت باب: حكم قتل المخالف: في أنه إذا أُكره على قتل المخالف فهل يجوز ذلك أم لا ؟ فقد اختار الشيخ ره وتبعه الأستاذ الأعظم : أنه يجوز مع التقية أو بالاكراه : واستدل له : بأن النصوص الدالة على أن حد التقية هو الدم مختصة بدماء الشيعة ، إذ الغرض من التقية هو حفظها، وعليه فلا مخصص لعمومات التقية ونفي الاكراه. وفيه: إن ما ذكر من أن التقية إنما شرعت لحفظ دماء الشيعة مسلم ، كما أن ما ذكر من اختصاص نصوص المقام بها لا كلام فيه ، ولكن بما أن أدلة التقية ونفي الاكراه إنما وردت في مورد الامتنان ، وشمولها للمقام مناف له ، فلا تشمل قتل المخالفين ، فهو باق على حكمه الأولي وهو عدم الجواز ما لم يزاحم هذا الحكم حكم أهم اللهم إلا أن يقال : إن أدلة التقية إنما وردت في مقام الامتنان على الشيعة لا على الأمة كما هو الشأن في دليل رفع الاكراه ، وعلى ذلك فهي تشمل قتل المخالفين وترتفع الحرمة بها.(2)
وقد أسهبنا بعض الشيء في بيان كل هذا، لسببين، أولهما بيان كفر أهل السُنة عند الشيعة، وعلى هذا تكون التقية منهم مشروعة، والآخر بيان أن إنكار المعاصرين لهذه العقيدة ( أي كفر المخالفين) وغيرها ، هو في ذاته تطبيق عملي للتقية.
يقول شرف الدين الموسوي: أعوذ بالله من تكفير المسلمين ، والله المستعان على كل معتد أثيم ، هماز مشاء بنميم ، كيف يجوز على الشيعة أن تكفر أهل الشهادتين والصلاة والصوم والزكاة والحج والإيمان باليوم الآخر.(3)
__________
(1) - مصباح الفقاهة ، للخوئي ، 1 /698
(2) - فقه الصادق (ع) ، للسيد محمد صادق الروحاني ، 14 /496
(3) - أجوبة مسائل جار الله ، لشرف الدين ، 47(1/162)
وقال في موضع آخر في رده على من قال بتكفير الشيعة للمخالفين: زعم أن الشيعة كفروا كل من لم يوافقهم على هواهم . قلت : هذه إفكة أفاك ، وفرية صواغ يدس النمائم ، ويبس العقارب ، نعوذ بالله من سماسرة الشقاق ، وزراع العداوات ظلما وعدوانا ، ونبرأ إلى الله من تكفير أحد من أهل الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر ، والصلوات الخمس إلى القبلة ، والزكاة المفروضة وصوم الشهر وحج البيت.(1)
ويقول الوائلي: ان الشيعة لا يخرجون من يخالفهم بذلك عن الإسلام ، خلافا لموقف غير الشيعة من الشيعة.(2)
نعود إلى ما كنا فيه، وبهذا تقف على سبب كون جل إن لم تكن كل مرويات التقية عند الشيعة انما وردت في مخالفيهم من أهل السُنة على وجه الخصوص. وقد أقر بذلك صراحةً بعض أساطينهم وبل وكان الخلاف بينهم في مشروعيتها من غير المخالف ولو كان كافرا.
فهذا العاملي يقول: التقية لا تنحصر في القول بما يوافق علماء العامة بل ربما يدعو إليها اصرار الجهلاء من أصحاب الشوكة على امر وولوعهم به فلا يمكن إشاعة ما يتضمن تقبيحه ويؤذن بالازراء بهم على فعله وما نحن فيه من هذا القبيل فان أكثر امراء بني أمية وبني العباس كانوا مولعين بمزاولة الخمر وشربه و عدم التحرز عن مباشرته بل ربما أم بعض امرءا بنى أمية بالناس وهو سكران فضلا عن أن يكون ثوبه ملوثا به.(3)
ويقول الأنصاري يقول: ولا ريب أن التقية من غير المخالف - كالكافر الحربي أو الملي أو الموافق للمذهب المعاند للحق - ليس موردا للنص الخاص ولا العام . أما النص الخاص فواضح ، وأما النص العام فلأن النصوص الآمرة بالتقية وأنها دين ظاهرة في التقية عن المخالفين ، لا عن مطلق العدو.(4)
__________
(1) - إلى المجمع العالمي بدمشق ، لشرف الدين ، 45
(2) - من فقه الجنس في قنواته المذهبية ، للدكتور أحمد الوائلي ، 75
(3) - الحبل المتين ، للعاملي 103
(4) - كتاب الصلاة ، للأنصاري ، 2/ 481(1/163)
وقال في موضع آخر: إن التقية التي هي موضوع الآثار، هل التقية بالمعنى الأخص وهي التقية من المخالف في الأمور المذهبية ، أو بالمعنى الأعم وهي التقية من غير المخالف؟..إلى أن قال: إلا أن غالب أخبار التقية موردها المخالف دون غيره.(1)
ويقول الحكيم: الظاهر عدم الفرق في مشروعية التقية بين المخالف وغيره ، ولاطلاق نصوصها ، والانصراف إلى المخالفين غير ظاهر بنحو يعتد به في رفع اليد عن الاطلاق . نعم الظاهر من النصوص صورة الاختلاف في المذهب.(2)
وسنطلعك على المزيد مما ورد في هذا الباب فضلا عن بعض التطبيقات العملية للتقية من قبل علماء القوم المعاصرين تجاه أهل السُنة.
الأسباب الحقيقة للجوء الشيعة إلى الأخذ بالتقية.
ثم ان المرء يتسائل هنا: ما هذه العقائد التي لو اظهروها لإستوجبت غضب الحكام الأمويين والعباسيين والعثمانيين وغيرهم، بل وحتى سلاطين الشيعة كما قال الخميني.(3)فيصبوا بسببها جام غضبهم عليهم ويتربصون بالشيعي لاهدار دمه حتى كان الكفر والزندقة اخف بنظرهم من شيعة آل محمد، حتى اضطروهم بسبب ذلك إلى اللجؤ إلى هذه التقية التي شذوا بها عن غيرهم؟
أهو خلاف ما عليه اجماع المسلمين؟ ام موافق لاصول الشرع الإسلامي وعقائده كما قال السبحاني في قوله الآنف الذكر؟
__________
(1) - صلاة الجماعة ، للأصفهاني ، 229
(2) - مستمسك العروة ، لمحسن الحكيم ، 2 /406
(3) - قال: ولا فرق في التقية الاضطرارية بين كون التقية عن أمراء العامة وقضاتهم أو عن الكفار أو عن سلاطين الشيعة. انظر الخلل في الصلاةن للخميني ، 6 ، الرسائل ، للخميني ، 2/ 175(1/164)
أوكما قال الطباطبائي أن الأئمة كانوا يجارون الفقه الرسمي الذي تتبناه السلطة ما تسعهم المجاراة ، لئلا يزيد الشرخ في هذه الأمة ، فإذا خلوا إلى أصحابهم بينوا لهم وجه الحق فيما يختلف فيه الناس وأمروهم بالكتمان والسر ما وسعهم ذلك وحتى يقضي الله ما هو قاض . وهذا هو ما يعرف عند الإمامية ب" التقية " . ولم تكن الغاية منها المحافظة على النفوس والدماء من إرهاب السلطة ، وإنما كانت الغاية منها كثيرا هي المحافظة على وحدة كيان الأمة من التصدع والتفرق قدر الامكان . على أن أهل البيت عليهم السلام لم يفرطوا في بيان أحكام الله وحدوده بسبب التقية . والصعبة من تاريخ الإسلام.(1)
ويقول مكارم الشيرازي: ويقول: ان كثيرا من عوام الشيعة ، أو بعض خواصها ، كانوا يقومون في وجه الحكومات والنظامات الفاسدة الأموية والعباسية بلا عدة ولا تخطيط صحيح..كأنهم يرون اعلان عقيدة الحق ولو لم يكن نافعا واجبا ، واخفائها ولو لم يجلب الا الوهن والضرر على المذهب ومقدساته حراما.(2)
ويقول: ان كثيرا من عوام الشيعة وبعض خواصهم كانوا يتركون العشرة مع غيرهم من المسلمين من أهل السُنة لأنهم ان اظهروا عقيدتهم الحق ربما وقعوا في الخطر والضرر وجلب البغضاء والعداوة ، وان اخفوه كانوا مقصرين في أداء ما عليهم من اظهار الحق ، مرتكبين للأكاذيب ، فيرون الأرجح ترك العشرة معهم وعدم القاء أنفسهم في أحد المحذورين.(3)
وغيرها من أقوال شبيهة.
اقول: لا شك، بل من المحال ان يكون ما عليه الشيعة موافق لعقائد سائر المسلمين وإلا لإنتفت مسألة التقية من اصلها، وقد رأيت ما يضحك الثكلى من الروايات والأقوال التي ذكرناها في معظم أبواب الفقه وغيرها والتي حملها القوم على التقية.
__________
(1) - رياض المسائل ، لعلي الطباطبائي ، 1 / 24
(2) - القواعد الفقهية ، لناصر مكارم ، 1/ 406
(3) - المصدر السابق ، 1/ 407(1/165)
اذن لا بد من القول بخلاف ذلك. والأمر في حقيقته كذلك، فإن كثيرا من عقائد القوم هو خلاف ما عليه اجماع المسلمين حتى إضطرهم هذا إلى اخفائها تحت ستار التقية، والتذرع بمشروعيته بالخوف من سيوف بني امية والعباس مما يستوجب الأمر منا اقامة البينة ورفع الالتباس.
فنقول: لعل اقدم نص وقفت عليه في أسباب التقية عند القوم ما اورده النويختي وهو من علماء الشيعة في القرن الثالث الهجري.
يقول في كتابه فرق الشيعة في معرض كلامه عن الإختلاف بين الشيعة بعد وفاة الباقر ان بعضهم مال الي قول سليمان بن جرير وهو الذي قال لأصحابه ان ائمة الرافضة وضعوا لشيعتهم مقالتين لا يظهرون معهما من ائمتهم على كذب ابدا وهما القول بالبداء واجازة التقية، اما التقية فانة لما كثرت على ائمتهم مسائل شيعتهم في الحلال والحرام وغير ذلك من صنوف ابواب الدين فأجابوا فيها وحفظ عنهم شيعتهم جواب ما سألوهم وكتبوه ودونوه ولم يحفظ ائمتهم تلك الأجوبة لتقادم العهد وتفاوت الأوقات لأن مسائلهم لم ترد في يوم واحد ولا في شهر واحد بل في سنين متباعدة واشهر متباينة واوقات متفرقة فوقع في ايديهم في المسألة الواحدة عدة أجوبة مختلفة متضادة وفي مسائل مختلفة أجوبة متفقة فلما وقفوا علي ذلك منهم ردوا اليهم هذا الإختلاف والتخليط في جواباتهم وسألوهم عنه وأنكروة عليهم فقالوا من اين هذا الإختلاف وكيف جاز ذلك؟ قالت لهم ائمتهم: انما اجبنا بهذا للتقية ولنا ان نجيب بما اجبنا وكيف شئنا لأن ذلك الينا ونحن نعلم بما يصلحكم وما فية بقاؤنا وبقاؤكم وكف عدوكم عنا وعنكم، فمتى يظهر من هؤلاء على كذب ومتى يعرف لهم حق من باطل، فمال الي سليمان بن جرير هذا لهذا القول جماعة من أصحاب أبي جعفر وتركوا القول بإمامة جعفرعليه السلام.(1)
__________
(1) - فرق الشيعة ، 64(1/166)
فهذه الرواية تفيد في بيان احد أسباب القول بالتقية عند القوم ولكن لا بد من بيان أمر هام قبل كل شيء وهو إننا ننزه ائمة أهل البيت رحمهم الله عما في الرواية وامثالها من مآخذ ومطاعن، ولكن ايرادنا لها هو لبيان ان قضية المساوئ المترتبة على القول بالتقية قديمة جدا، وان كان لا بد من حمل هذا الخبر على شيء فهو بيان ان ائمة أهل البيت وعلماء الرافضة كما في صدر الخبر يسيران في خطان متوازيان لا يلتقيان.
فالذين وضعوا مذهب التشيع لأهل البيت بعيدا عن ائمة أهل البيت رحمهم الله اضطربت عليهم الكثير من العقائد التي بنوها على الاصل القائل بوجوب الإمامة بالنص من الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم والذي هو اساس الخلاف بين السنة والشيعة، كالقول بوجوب العصمة للإمام وغيرها من عقائد.
وحيث ان الأمر قد بلغ في الكثير من المسائل عند القوم إلى حد التناقض، ولا بد لقوله تعالى: وَلَوْ كان من عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً [النساء : 82]، وخالفت الكثير منها واقع المسلمين، وهو محال بإعتبار ان القوم يرون العصمة في ائمتهم مما يتحتم نفي التعارض فيما يصدر من معين واحد، بسبب ذلك لجئوا إلى حمل جميع امثال هذه الروايات المضطربة على القول بالتقية.
فهذه أحد الأسباب التي مهدت لترسيخ مبدأ التقية ورفع منزلتها إلى الحد الذي رأيت. واسسوا بذلك رضية خصبه ومساحة كافية لتحرك الوضاعين من خلالها ليضعوا ما تهواه انفسهم على لسان الأئمة. ويصرفوا كل ما يتعارض مع مخططهم من أقوال أو أفعال قد تكون صدرت حقا عن الأئمة رحمهم الله وبالأخص تلك التي توافق ما عليه إجماع المسلمين.(1/167)
ولا شك أن الأسباب هذه لا يمكن التغافل عنها فهي مدعومة بشواهد كثيره، ولكن نريد التركيز هنا على السبب الرئيس من وراء وضع مبدأ التقية عند الشيعة بالصورة التي مرت بك، والسبب هذا هو تمزيق وحدة المسلمين بإبعاد من يستطيعوا ابعاده عن الإسلام وعن سائر المسلمين، فمن يستقرأ تاريخ الشيعة وعقائدهم يجد أن من وضع أسسها واقام بنيانها انما اراد بها ان يبعد الشيعة عن سائر المسلمين وان يجعلوهم يشذون بعقائدهم عنهم، فهم يعرفون حق المعرفة ان واقع المسلمين وتاريخهم لا يتفق مع العقائد التي أرادوها لهذة الطائفة، فأحوال الأئمة رحمهم الله بدءاً من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وسائر أهل بيته عليهم السلام من أقوال وأفعال تتعارض تماما مع هذه العقائد التي وضعوها، اذ كيف يستقيم للشيعة مثلا ان ينادوا بأن الصحابة رضوان الله عليهم وسائر المسلمين قد خالفوا أمر الله عزوجل وأمر رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في شأن الأئمة والإمامة وانهم اغتصبوا حقوق من نص الله ورسوله عليهم بينما نجد ان الواقع يختلف تماماً عن كل هذا، فالقرآن يمدحهم ويثني عليهم، والعلاقة الحميمة هي التي كانت تجمع بين علي وبنوه رضي الله عنهم وسائر الصحابة وعلى رأسهم الشيخين وذى النورين رضي الله عنهم أجمعين فقد كانت بينهم الفة واضحه حتى ان كثيرا من أهل البيت عليهم السلام سموا أبنائهم وبناتهم باسماء الخلفاء الثلاثة، وعلى رأس هؤلاء الامير والسبطين رضي الله عنهم، والمصاهرات بينهم مسطورة في كتب الفريقين كزواج الفاروق عمر من ام كلثوم ابنة علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.(1/168)
وكذا كان الحال في سائر شؤونهم كالصلاة خلفهم والجهاد معهم وثناءهم عليهم وإقرارهم بفضلهم ومعرفة مكانتهم(1)، فضلا عن تلك الآلاف المؤلفة من الأقوال المروية عن أهل البيت عليهم السلام والتي توافق ما عليه سائر المسلمين من عقائد؟
فامام عجزهم عن تغيير هذا الواقع ، لم يكن من بد لهم سوى اللجوء إلى حيلة التقية، فقالوا مثلاً أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان في تقية على عهد الثلاثة(2)، لأنهم وجدوا أن أفعاله وأقواله تتعارض مع ما يزعمون.
ولما آل الأمر إليه بعد مقتل ذي النورين رضي الله عنهم وكان الأمر أيضاً خلافا لمدعى القوم، قالوا: إن الأمير عليه السلام لما جلس على سرير الخلافة لم يتمكن من إظهار ذلك القرآن – غير المحرف بزعمهم– وإخفاء هذا لما فيه من إظهار الشنعة على من سبقه كما لم يقدر على النهي عن صلاة الضحى وكما لم يقدر على اجراء المتعتين متعة الحج ومتعة النساء، وكما لم يقدر على عزل شريح عن القضاة ومعاوية عن الامارة.(3)
__________
(1) - راجع تفصيل كل هذا في كتابنا هداية المرتاب إلى فضائل الآل والأصحاب ، من سلسلة الحقائق الغائبة.
(2) - الإرشاد ، 12 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 42/227 روضة الواعظين ، 138 ، تاج المواليد ، للطبرسي ، 15 ، شرح اللمعة ، للشهيد الثاني ، 9 /216
(3) - الأنوار النعمانية ، 2/362 ، أنظر أيضا: السراج الوهاج ، للفاضل القطيفي ، 89 ، 92 ، 110(1/169)
فكما ترى فإن الواقع يختلف تماما عن عقائد القوم، فكان لزاما على هؤلاء ان يجدوا المخرج من هذا المأزق الذي يتعارض مع مزاعمهم المذكورة، فكان ان وضعوا عقيدة التقية بالصورة التي بيناها كمخرج لصرف جميع تلك النصوص وغيرها من التي تصب في اتجاه التوفيق بين الشيعة وسائر المسلمين عن ظاهرها، وهوّلوا من شأن هذه العقيدة كما مر، ورهّبوا من تركها حتى يخلقوا بيئة مواتية يتحركون من خلالها إلى تحقيق مقاصدهم التي تلقفها الكثير من طلاب الدنيا عند القوم عبر التاريخ فأصلوها وجعلوها من اركان الدين التي لا يتم الإيمان إلا بها حتى جعلوها تسعة اعشار الدين، وضيقوا الأمر على المخلصين من اتباع المذهب الذين حاولوا تنقيته مما شابه من ترهات وعقائد ما انزل الله بها من سلطان كما سترى، وبهذا ضمنوا ابقاء الطائفة الشيعة بمنأى علي سائر فرق المسلمين الي أبد الآبدين.
ولا بد لنا من بيان موجز لهذه القضية وكيف كان سيرهم العملي في هذا الإتجاه وفيه بيان لعقائدهم التي خالفوا فيها المسلمين فلجئوا إلى إخفائها تحت ستار التقية.
إعتقاد الشيعة بأن القرآن الموجود في أيدينا محرف.
اول ما اصطدم به اعداء الإسلام في طريقهم إلى تفريق وحدة المسلمين هو القرآن الكريم، مصدر التشريع الأول، اذ لم يتأتى لهم النفاذ اليه من باب التقية لتعطيل أحكامه فكان ان عمدوا الي فرية القول بتحريف القرآن.(1/170)
فقد اجمع ائمة التشيّع سوى من لا يعتد بخلافه في هذه المسألة عندهم على ان القرآن الموجود بين الدفتين ليس هو ذلك القرآن الذي انزله الله عزوجل على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فهذا القرآن الموجود بين ايدينا قد حذفت منه آيات كثيرة، بل وسور، فيها ذكر الإمامة وآل محمد واسم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكذلك فضائح المهاجرين والأنصار وغيرهم بزعمهم، وان القرآن كما أنزل إنما جمعه أمير المؤمنين عليرضي الله عنه، ثم توارثه الأئمة من بعده، وهو عند المهدي الآن وسيظهره عند خروجه.
وأيدوا أقوالهم هذه بروايات وضعوها على لسان الأئمة، ذكرنا بعضا منها في كتابنا الإمامة والنص من سلسلة الحقائق الغائبة التي بين يديك. ولابأس هنا من ذكر بعضاً من أقوال علماء الشيعة في القرآن:
ذكر أسماء بعض علماء الشيعة القائلين بالتحريف.
يقول الشيخ المفيد: ان الأخبار قد جاءت مستفيضة عن ائمة الهدى من آل محمدصلى الله عليه وآله وسلم، بإختلاف القرآن وما احدثه بعض الظالمين فيه من الحذف والنقصان.(1)
وقال: إتفقت الإمامية على ان ائمة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.(2)
__________
(1) - اوائل المقالات ، 91 فصل الخطاب ، 30
(2) - اوائل المقالات ، 48 فصل الخطاب ، 30 محجة العلماء ، 142(1/171)
وقال: ان الذي بين الدفتين من القرآن جميعه كلام الله تعالى وتنزيله وليس فيه شيء من كلام البشر، وهو جمهور المنزل والباقي مما انزله الله تعالى قرآنا عند المستحفظ للشريعة، المستودع للأحكام لم يضع منه شيء، وان كان الذي جمع ما بين الدفتين الآن لم يجعله - أى عثمان - في جملة ما جمع لأسباب دعته إلى ذلك، منها قصوره عن معرفة بعضه، ومنه ما شك فيه، ومنه ما عمد بنفسه ومنه ما تعمد إخراجه منه، وقد جمع أمير المؤمنين القرأن من أوله إلى آخره وألّفه بحسب ماوجب من تأليفه.(1)
ويقول الكاشاني في تفسيره وبعد ان اورد الكثير من الروايات الدالة على التحريف: المستفاد من جميع هذه الأخبار وغيرها من الروايات من طريق أهل البيت ان القرآن الذي بين اظهرنا ليس بتمامه كما انزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم بل منه ما هو خلاف ما انزل ومنه ما هو مغير محرف وانه قد حذف عنه اشياء كثيرة منها اسم علي في كثير من المواضع ومنها غير ذلك وانه ليس أيضاً على الترتيب المرضي عند الله وعند رسوله صلى الله عليه وآله وسلم .(2)
وقال في موضع آخر: كما ان الدواعي كانت متوفرة على نقل القرآن وحراسته من المؤمنين كذلك كانت متوفرة على تغييره من المنافقين المبدلين للوصية المغيرين للخلافة لتضمنه ما يضاد رأيهم وهواهم والتغير فيه إن وقع فإنما وقع قبل إنتشاره في البلدان وإستقراره على ما هو عليه الآن.(3)
وخلص إلى القول بأنه على هذا التقدير لم يبقى لنا اعتماد على شيء من القرآن اذ على هذا يحتمل كل اية منه يكون محرفا ومغيرا ويكون على خلاف ما انزل الله، فلم يبق لنا في القرآن حجة اصلا فتنتفي فائدته وفائدة الأمر بإتباعه والوصية بالتمسك به إلى غير ذلك.(4)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 92/74
(2) - تفسير الصافي ، المقدمة السادسة ، 1/49
(3) - تفسير الصافي ، 1/54
(4) - تفسير الصافي 1/51(1/172)
ويقول المجلسي في معرض شرحه للكافي، في رواية هشام بن سالم عن الصادق: ان القرآن الذي جاء به جبرئيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم سبعة عشرا الف آية: الخبر صحيح، ولا يخفى ان هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره وعندي ان الأخبار في هذا الباب متواترة معنى، وطرح جميعها يوجب رفع الإعتماد عن الأخبار رأسا بل ظني ان الأخبار في هذا الباب لا يقصر عن الأخبار في الإمامة فكيف يثبتونها بالخبر.(1)
وقال: ان عثمان حذف من هذا القرآن ثلاثة اشياء: مناقب أمير المؤمنين علي وأهل بيته، وذم قريش والخلفاء الثلاثة، مثل آية يا ليتني لم اتخذ أبابكر خليلا.(2)
كذلك أورد في تذكرته، تمام سورة الولاية التي يدعي كشأن اضرابه، ان عثمان رضي الله عنه قد حذفها من القرآن.(3)
ويقول المازندراني في كون قال صاحب إكمال الإكمال شارح مسلم نقلا عن الطبرسي: أن آي القرآن ستة آلاف وخمسمائة منها خمسة آلاف في التوحيد وبقيتها في الأحكام والقصص والمواعظ . أقول : كان الزائد على ذلك مما في الحديث سقط بالتحريف وإسقاط بعض القرآن وتحريفه ثبت من طرقنا بالتواتر معنى كما يظهر لمن تأمل في كتب الأحاديث من أولها إلى آخرها..(4)
__________
(1) - مرآة العقول ، 12/525 فصل الخطاب ، 353
(2) - تذكرة الائمة ، 9
(3) - تذكرة الائمة ، 9 ، 10
(4) - شرح أصول الكافي ، لمحمد صالح المازندراني ، 11 /88 ، رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) ، للسدي علي خان المدني الشيرازي ، 5 /392(ش)(1/173)
ويقول نعمة الله الجزائري في أنواره: انه قد استفاض في الأخبار ان القرآن كما انزل لم يؤلفه إلا أمير المؤمنين بوصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فبقي بعد موته ستة اشهر مشتغلا بجمعه، فلما جمعه كما انزل أتى به إلى المتخلفين بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال لهم: هذا كتاب الله كما انزل، فقال عمر بن الخطاب: لا حاجة بنا إليك ولا إلى قرآنك، عندنا قرآن كتبه عثمان، فقال لهم علي: لن تروه بعد هذا اليوم ولا يراه احد حتى يظهر ولدي المهدي، وفي ذلك القرآن زيادات كثيرة وهو خال من التحريف.(1)
وقال في موضع آخر: ولا تعجب من كثرة الأخبار الموضوعة فإنهم بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد غيروا وبدلوا في الدين ما هو اعظم من هذا كتغيرهم القرآن وتحريف كلماته وحذف ما فيه من مدائح آل الرسول والأئمة الطاهرون وفضائح المنافقين واظهار مساويهم.(2)
ويقول: وأخبارنا متواترة بوقوع التحريف والسقط منه بحيث لا يسعنا إنكاره، والعجب العجيب من الصدوق وأمين الإسلام الطبرسي، والمرتضى في بعض كتبه كيف أنكروه وزعموا ان ما انزله الله تعالى هو هذا المكتوب مع ان فيه رد متواتر الأخبار.(3)
ونقل عنه الطبرسي قوله: ان الأخبار الدالة على التحريف تزيد على ألفى حديث.(4)
ويقول العاملي: اعلم ان الحق الذي لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها ان القرآن الذي في ايدينا قد وقع فيه بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيء من التغيرات واسقط الذين جمعوه بعده كثيرا من الكلمات والآيات وان القرآن المحفوظ عما ذكر الموافق لما انزله تعالى، ما جمعه علي وحفظه إلى ان وصل إلى ابنه الحسن، وهكذا إلى ان إنتهى إلى القائم، وهو اليوم عنده صلوات الله عليه.(5)
__________
(1) - الأنوار النعمانية ، 2/360
(2) - المصدر السابق ، 1/97
(3) - شرح الصحيفة السجادية ، 43
(4) - فصل الخطاب ، 251
(5) - مرآة الأنوار ، 36(1/174)
وفي موضع آخر قال وبعد ان أسهب في إثبات هذه المسألة، واورد اسماء من قال به ممن سبقوه وفند أقوال من ظن انهم منكروه، قال: وعندي من وضوح صحة هذا القول بعد تتبع الأخبار وتفحص الآثار بحيث يمكن الحكم بكونه من ضروريات مذهب التشيع وأنه من أكبر مفاسد غصب الخلافة، فتدبر.(1)
ويقول البحراني في معرض إنكاره لمسألة القراءات السبعة: ومما يدفع ما ادعوه - أى تواترها - أيضاً استفاضة الأخبار المتكاثرة بوقوع النقص في القرآن والحذف منه كما هو مذهب جملة من مشايخنا المتقدمين والمتأخرىن.(2)
وفي موضع آخر في تعليقه على قراءة آية الوضوء، وارجلكم إلى الكعبين، على النصب، قال: وليس بالبعيد ان هذه القراءة كغيرها من المحدثات في القرآن العزيز، لثبوت التغيير والتبديل فيه عندنا زيادة ونقصانا، وان كان بعض أصحابنا إدعى الإجماع على نفي الأول، إلا ان في الأخبار مايرده، كما انهم تصرفوا في قوله تعالى في آية الغار لدفع العار عن شيخ الفجار(3)، حيث ان الوارد في اخبارنا انها نزلت، فأنزل الله سكينته على رسوله وايده بجنود لم تروها، فحذفوا لفظ رسوله وجعلوا محله الضمير، ويقرب بالبال، كما ذكر أيضاً بعض علمائنا الابدال، ان توسيط آية انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت، في خطاب الازواج من ذلك القبيل.(4)
__________
(1) - المصدر السابق ، 49
(2) - الحدائق الناضرة ، 8/10
(3) - أى أبي بكر الصديق رضي الله عنه
(4) - الحدائق الناضرة ، 2/289 ، 290- ولم يزد محقق الكتاب ، محمد تقي الايرواني على هذا القول سوي قوله ان الآية الأولى من سورة التوبة ، ورقمها 40 ، والأخرى من سورة الأحزاب ، ورقمها 33(1/175)
اقول: يقصد بقوله: كما ذكر بعض علمائنا الأبدال، المجلسي صاحب البحار، حيث قال: فلعل آية التطهير أيضاً وضعوها في موضع زعموا انها تناسبه، أو ادخلوها في سياق مخاطبة الزوجات لبعض مصالحهم الدنيوية، ولو سلم عدم التغيير في الترتيب فنقول: سيأتي أخبار مستفيضة بأن سقط من القرآن آيات كثيرة فلعله سقط مما قبل الآية وما بعدها آيات.(1)
ويقول سلطان محمد بن حيدر الخرساني :اعلم أنه قد استفاضت الأخبار عن الأئمة الأطهار بوقوع الزيادة والنقيصة والتحريف والتغيير فيه بحيث لا يكاد يقع شك في صدور بعضها منهم وتأويل الجميع بأن الزيادة والنقيصة والتغيير إنما هي في مدركاتهم من القرآن لا في لفظ القرآن كلغة ، ولا يليق بالكاملين في مخاطباتهم العامة..إلى أن قال: كما كانت الدواعي متوفرة في حفظه ، كذلك كانت متوفرة من المنافقين في تغييره.(2)
والطهراني في كتابه محجة العلماء، تناول مسألة التحريف بإسهاب وتوسع، اذ نقل إجماع الشيعة على القول بهذه المسألة، وذكر أقوالهم، وفند على حد زعمه أقوال أهل السُنة في كون القرآن الموجود بين الدفتين هو القرآن بتمامه كما انزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم، كما وزيف أقوال اضرابه المنكرين للتحريف وطعن فيهم، وخلص إلى القول بإجماع الشيعة على هذه المسألة، بل وكونه من ضروريات مذهبهم.(3)
اما النوري الطبرسي فقد صنف كتابا مستقلا في المسألة، قال في مقدمته: هذا كتاب لطيف وسفر شريف عملته في اثبات تحريف القرآن وفضائح أهل الجور والعدوان وسميته (فصل الخطاب في اثبات تحريف كتاب رب الارباب).(4)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 35/235 محجة العلماء ، 163 فصل الخطاب ، 320 أنظر أيضاً قول آخر شبيه له في بحار الأنوار ، للمجلسي ، 65/110
(2) - تفسيربيان السعادة في مقامات العبادة ، للخراساني ، 1/20
(3) - محجة العلماء في الأدلة العقلية ، محمد هادي الطهراني
(4) - فصل الخطاب ، 2(1/176)
وكتابه هذا زهاء اربعمائة صفحة، اورد فيه كل ما وقف عليه من أخبار وأقوال ونصوص بلغت المئات، كلها في إثبات مسألة التحريف، وعند طبعه عام 1298 للهجرة، ثارت حوله ضجة عند القوم لإفتضاح معتقدهم في هذه المسألة، لم يقف المصنف امامها مكتوف اليدين بل صنف رسالة في دفع الشبهات التي اثيرت حوله.(1)
ويقول السيد عدنان: ان القول بالتحريف والتغيير من المسلمات عند الفرقة المحقة وكونه من ضروريات مذهبهم، وبه تظافرت اخبارهم.(2)
وخلص إلى القول بعد ان اورد الروايات الدالة على التحريف وتفنيد أقوال المنكرين، إلى ان الأخبار من طريق أهل البيت كثيرة ان لم تكن متواترة على ان القرآن الذي بأيدينا ليس هو القرآن بتمامه كما انزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم، بل منه ما هو خلاف ما انزل الله ومنه ما هو محرف ومغير وانه قد حذف منه اشياء كثيرة منها اسم علي في كثير من المواضع ومنها لفظه آل محمد ومنها اسماء المنافقين ومنها غير ذلك وانه ليس على الترتيب المرضي عند الله وعند رسوله صلى الله عليه وآله وسلم كما في تفسير علي بن ابراهيم.(3)
المنكرون للتحريف من علماء الشيعة.
__________
(1) - أنظر في ذلك مثلا: الذريعة ، 10/220 ، 16/231 الأنوار النعمانية ، 2/364 (الحاشية) تعليق محقق الكتاب
(2) - مشارق الشموس ، 126
(3) - المصدر السابق ، 127(1/177)
وكما ذكرنا فإن هذة المسألة محل اجماع عند القوم كما رأيت من بعض النقول السابقة، وقد اوردنا هنا بعضا من أقوالهم في المسألة وبايجاز لسببين متعلقين بموضوع كتابنا: الأول الكلام في أسباب التقية حيث ذكرنا ان الذين وضعوا هذة العقيدة انما ارادوا ان يبعدوا الشيعة عن سائر المسلمين فكان لا بد لهم من الطعن في المصدر الأول في مصادر التشريع لدي المسلمين لتعطيل العمل بأحكامه، والسبب الآخر المتعلق بموضوع الباب هو قطع الطريق على أي صوت يصدر من علماء القوم ينادي برفع عزلة هذه الطائفة عن المسلمين بنبذ هذه العقائد التي ما انزل الله بها من سلطان، ففي موضوع القرآن هذا مثلا لم يشذ عن القول بالتحريف على الراجح سوى اربعة، ولا عبرة بمتأخرى القوم فهم لن يغيروا من الأمر شيئا، فالمذهب قائم من قبل ان يولدوا، وهؤلاء الاربعة هم: الشريف المرتضى، الشيخ الصدوق، شيخ الطائفة الطوسي، والطبرسي. وكل من اراد من القوم نفي هذه الفرية عنهم يحيلنا إلى أقوال هؤلاء، وهؤلاء الاربعة انما ارادوا بنفيهم لعقيدة التحريف القول بأن الشيعة كسائر المسلمين يعتقدون بهذا القرآن، لعلمهم بأن الإعتقاد بكونه محرفا يخرج بقائله عن الإسلام والمسلمين.
حقيقة قول المنكرين للتحريف.
وبغض النظر عن حقيقة أقوال هؤلاء والإضطراب في ذلك حيث أن بعضهم أورد في مصنفاته ما يدل على القول بالتحريف، وكذلك كون بعضهم شيخ للبعض ومن تلاميذ أخرىن، كالشيخ المفيد الذي مر قوله وإقراره بالتحريف، فهو من تلاميذ الشيخ الصدوق، ومن شيوخ المرتضى علم الهدى، وشيخ الطائفة الطوسي وهؤلاء كما عرفت أنكروا التحريف، فإن هذا يضع امامنا علامة استفهام كبيرة لحقيقة الأمر، وما إذا كانت أقوالهم هذه صدرت على وجه التقية ام خلافه، وهو موضوع الباب، وإليك بيان ذلك:
إعتراف علماء الشيعة أن ذلك أنما صدر منهم تقية لمصالح كثيرة.(1/178)
يقول الجزائري: والظاهر ان هذا القول انما صدر منهم لأجل مصالح كثيرة، منها سد باب الطعن عليها بأنه إذا جاز هذا في القرآن فكيف جاز العمل بقواعده وأحكامه مع جواز لحوق التحريف لها، وسيأتي الجواب عن هذا، كيف وهؤلاء الأعلام رووا في مؤلفاتهم اخبارا كثيرة تشتمل على وقوع تلك الأمور في القرآن وان الآية هكذا نزلت ثم غيرت إلى هذا.(1)
ويقول النوري: لم يعرف الخلاف صريحا إلا من هؤلاء المشايخ الاربعة وما حكي عنهم المفيد، ثم شاع هذا المذهب بين الأصوليين من أصحابنا واشتهر بينهم حتي قال المحقق الكاظمي في شرح الوافية انه حكى عليه الإجماع وبعد ملاحظة ماذكرناه تعرف ان دعواه جرئة عظيمة وكيف يمكن دعوى الإجماع بل الشهرة المطلقة علي مسئلة خالفها جمهور القدماء وجل المحدثين واساطين المتأخرىن بل رأينا كثيرا من كتب الأصول خالية عن ذكر هذه المسألة ولعل المتتبع يجد صدق ماقلناه ونقلناه.(2)
وقال في موضع آخر في معرض رده على المرتضي: كيف وقد عد هو في الشافي من مطاعن عثمان: أن من عظيم ما اقدم عليه جمع الناس على قراءة زيد واحراقه المصاحف وإبطاله ما لاشك انه من القرآن، ولو لا جواز كون بعض ما أبطله أو جميعه من القرآن لما كان ذلك طعنا.(3)
__________
(1) - الأنوار النعمانية ، 2/358
(2) - فصل الخطاب ، 37
(3) - فصل الخطاب ، 35(1/179)
وفي ردة علي الطوسي قال: لا يخفى على المتأمل في كتاب التبيان – وهو الكتاب الذي ادعى فيه الطوسي بأن القرآن غير محرف – ان طريقته فيه على نهاية المداراة والمماشاة مع المخالفين، فإنك تراه اقتصر تفسير الآيات على نقل كلام الحسن وقتادة والضحاك والسدي وابن جريج والجبائي والزجاج وابن زيد وامثالهم ولم ينقل عن احد من مفسري الإمامية ولم يذكر خبرا عن احد من الأئمة عليهم السلام إلا قليلا في بعض المواضع لعله وافقه في نقله المخالفون بل عد الأولين في الطبقة الأولى من المفسرين الذي حمدت طرايقهم ومدحت مذاهبهم وهو بمكان من الغرابة لو لم يكن على وجه المماشاة فمن المحتمل ان يكون هذا القول منه نحو ذلك ومما يؤكد كون وضع هذا الكتاب على التقية ما ذكره السيد الجليل علي بن طاووس في سعد السعود وهذا لفظه: نحن نذكر ما حكاه جدي أبي جعفر بن الحسن الطوسي في كتاب التبيان وحملته التقية على الاقتصار عليه من تفصيل المكي من المدني والخلاف في أوقاته.(1)
ويقول الطهراني: وكيف كان فالمتتبع هو البرهان لا الأساطين والأعيان، ولا يعرف لهؤلاء موافق الي ذلك الزمان وانما شاع بعد عصر الطبرسي مع ان إسناده الي الشيخ والطبرسي في غاية الإشكال فدعوى الإجماع على عدم التحريف عجيبة حيث لا يعرف سوى الصدوق والمرتضى الي عصر متأخر المتأخرىن وقد عرفت الذاهبين الي الحق.(2)
وهكذا حمل أقوالهم على التقية سائر من رد عليهم ممن اعتقد بالتحريف من بني جلدتهم، وأهل مكة ادرى بشعابها.
والغريب بعد كل هذا أن يأتي من القوم من يتهمنا بأننا نحن الذين حملنا أقوال هؤلاء المنكرين للتحريف على التقية.
__________
(1) - فصل الخطاب ، للنوري الطبرسي ، 37 ، محجة العلماء ، للطهراني ، 156
(2) - محجة العلماء ، للطهراني ، 158(1/180)
يقول السبحاني: أن من العجيب جداً أن يحمل بعض المغرضين الذين أيسوا من الأساليب الأخرى ، كل هذه التصريحات القاطعة من قبل علماء الشيعة الإمامية بعدم تحريف القرآن الكريم على " التقية " ! ! فإنه يقال لهؤلاء بأن " التقية " ترتبط بأحوال شخص يكون في ظروف الخوف والخطر ، وهؤلاء العلماء الكبار لم يكونوا يخافون أحدا حتى يضطروا إلى ممارسة " التقية " . ثم إن هذه الكتب قد ألفها علماء الإمامية - في الأساس - لأتباع المذهب الشيعي ، والهدف منها هو تعليم عقائد الشيعة لأتباع ذلك المذهب ، ولهذا فأن من الطبيعي أن تحتوي هذه الكتب على العقائد الحقيقية.(1)
إنكار بعض المتأخرىن لعقيدة التحريف.
ولا زال اذناب هؤلاء في ايامنا هذه ينتهجون مناتهجم وهو يرون في التقية فسحة وملاذ آمن، فهذا شرف الدين الموسوي يقول: نسب إلى الشيعة القول بالتحريف بإسقاط كلمات وآيات فأقول نعود بالله من هذا القول ونبرأ إلى الله من هذا الجهل وكل من نسب هذا الرأي الينا جاهل بمذهبنا أو مفتر علينا، فإن القرآن الحكيم متواتر من طرقنا بجميع آياته وكلماته.(2)
وهذا لطف الله الصافي يقول رداً على محب الدين الخطيب رحمه الله: فانظر ما في كلامه هذا من الكذب الفاحش والافتراء البين. ليس في فصل الخطاب لا في ص 180 ولا في غيرها من أول الكتاب إلى آخره ذكر لهذه السورة المكذوبة على الله تعالى ، التي يقول الخطيب : ان الشيعة تسميها سورة الولاية مذكورة فيها ولاية على.(3)
ولا أزيد سوى القول بأن السورة مذكورة كما قال الخطيب في فصل الخطاب للطبرسي، وفي الصفحة نفسها. ومن أراد المزيد فالكتاب منشور في موقعنا.(4)
__________
(1) - العقيدة الإسلامية على ضوء مدرسة أهل البيت (ع)تن لجعفر السبحاني ، 175
(2) - أجوبة مسائل جار الله ، 28
(3) - مجموعة الرسائل ، للطف الله الصافي ، 2/ 377 ، مع الخطيب في خطوطه العريضة ، لطف الله الصافي ، 72
(4) - http://www.fnoor.com/quran.htm(1/181)
وهذا آخر وهو الأميني يقول: ليت هذا المجترئ – أي إبن حزم - اشار إلى مصدر فريته من كتاب للشيعة موثوق به أو حكاية عن عالم من علمائهم تقيم له الجامعة وزنا، أو طالب من رواد علومهم ولو لم يعرفه أكثرهم، بل نتنازل معه إلى قول جاهل من جهالهم أو قروي من بسطائهم أو ثرثار، كمثل هذا الرجل يرمي القول على عواهنه. لكن القارئ إذا فحص ونقب لا يجد في طليعة الإمامية إلا نفاة هذه الفرية كالشيخ الصدوق في عقايده والشيخ المفيد وعلم الهدى وشيخ الطائفة الطوسي في التبيان وأمين الإسلام في مجمع البيان .وهذه فرق الشيعة في مقدمتهم الإمامية مجمعة على ان ما بين الدفتين هو ذلك الكتاب لا ريب فيه.(1)
فأنظر إلى مساوئ التقية وكيف توصل بصاحبها إلى هذا الدرك من فساد العقيدة وخبث السريرة واستحلال التلبيس على عباد الله، فهل كان يرى ان عقائد اضرابة بمنأى عن غيره حتى يجد لنفسة هذه الحرية في الإنكار والتقية، فهل ان القمي والصفار، والكليني والمفيد – الذي نسبه الي المنكرين للتحريف –، والعياشي، وفرات، والطبرسي صاحب الإحتجاج، والكاشاني، والمجلسي، والجزائري، والبحراني، والعاملي، والخراساني، والطهراني، والنوري الطبرسي، والسيد عدنان وغيرهم مما ذكرناهم أو لم نذكرهم، فهل ان هؤلاء من اساطين القوم الذي اسسوا بنيان التشيع وقعدوا قواعده واصلوا اصوله، ام انهم من جهالهم أو قروييهم أو ثرثارييهم؟
نماذج لتناقض بعض هؤلاء المنكرين، حيث نفوا التحريف في مواضع من كتبهم وإقرارا به في مواضع أخرى.
__________
(1) - الغدير ، 3/101(1/182)
والطريف ان الأميني وفي الكتاب نفسه، وهو في فورة حماسة في حشد كل ما يراه طعن في الخلفاء من روايات موضوعه أو لا تخدم غرضه أقر من حيث يشعر أو لا يشعر بالتحريف حيث قال من أن بيعة الصديق رضي الله عنه قد عمت شومها الإسلام وزرعت في قلوب أهلها الآثام وعنفت سلمانها وطردت مقدادها ونفت جندبها وفتقت بطن عمارها وحرفت القرآن وبدلت الأحكام وغيرت المقام.(1)
تماما كما فعل آخر وهو الخوئي في بيانه حيث نفى التحريف أولاً ثم قال من حيث اراد أو لم يرد: إلا ان كثرة الروايات تورث القطع بصدور بعضها عن المعصومين عليهم السلام ولا اقل من الإطمئنان بذلك، وفيها ما روي بطريق معتبر.(2)
وهكذا نرى اول تطبيق عملي للتقية من جهة انها وضعت لعزل الشيعة عن سائر المسلمين وكيف انهم حجّروا واسعاً في أمر كان فيه خلاصهم من قبل هؤلاء الذين ارادوا إخراج القوم من مستنقع القول بالتحريف الذي يخرجهم عن دائرة الإسلام، هذا إن صحت نياتهم، ولا اظن، ليؤكدوا للعالم بأنهم لا يؤمنون بمصدر التشريع الأول للمسلمين وان على هذا اجماع الطائفة وانها من ضروريات مذهب التشيع، ومن شذ عن ذلك انما كان منه تقية، لأن سيوف الأمويين والعباسيين ومن بعدهم العثمانيين كانت على رقابهم مما اضطرتهم إلى الأخذ بالتقية، لإخفاء معتقدهم الذي هو موافق لاصول الشرع الإسلامي وعقائده كما زعم بعضهم، نعم هكذا يريد القوم ان يصوروا لنا أسباب لجوءهم للتقية.
عقيدة الشيعة في السنة النبوية.
__________
(1) - الغدير ، 9/388
(2) - البيان ، 226(1/183)
فإذا علمت بأن القوم قد تبنوا هذا الإعتقاد في القرآن الكريم، وصرفوا جميع الأصوات التي شذت عن معتقدهم فيه بحجة التقية فإن الأمر كان أيسر عليهم فيما عدا ذلك، فإكمالا لمخططهم الذي من أجله وضعوا مبدأ التقية وهو إبعادهم عن سائر المسلمين، عمدوا إلى السنة المطهرة، المصدر الثاني من مصادر التشريع عند المسلمين لإسقاطه، وحيث ان الأمر لم يكن باليسير عليهم ان يردوا كل هذه الالوف المؤلفة من احاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وصرفها عن ظاهرها، ذهبوا إلى القول بإرتداد جل الصحابة رضي الله عنهم ليضمنوا بهذا رد جميع مروياتهم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحجة عدم جواز أخذ الأحاديث عن غير المؤمنين العدول، حتى قال كاشف غطائهم بأن ما يرويه مثل : أبي هريرة، وسمرة بن جندب ، ومروان بن الحكم ، وعمران بن حطان الخارجي ، وعمرو بن العاص ، ونظائرهم ، فليس لهم عند الإمامية من الاعتبار مقدار بعوضة.(1)
إعتقاد الشيعة بردة الصحابة رضي الله عنهم.
تبدأ هذه الفرية بالقول بأن الصحابة رضوان الله عليهم قد ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الدين، فقد رووا عن الباقر أنه قال: ان الناس عادوا بعد ما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أهل جاهلية.(2)
__________
(1) - أصل الشيعة وأصولها ، لكاشف الغطاء 236 ، أضواء على السنة المحمدية ، لمحمود أبو رية 377 ، تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية ، للتبريزي ، 1 /56 ، 182 ، نظرة عابرة إلى الصحاح الستة ، لعبد الصمد شاكر 292
(2) - الكافي ، للكليني ، 8 /296 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 28 /255 ، مجمع النورين ، لأبو الحسن المرندي 90(1/184)
وقال كما يزعمون: الناس صاروا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمنزلة من اتبع هارون عليه السلام ومن اتبع العجل.(1)
ثم جاءت روايات أخرى أكثر دقة حيث إستثنت البعض من إطلاقات وعموميات هذه النصوص، فرووا عن الصادق أنه قال: الولاية للمؤمنين الذين لم يغيروا ولم يبدلوا بعد نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم واجبة، مثل سلمان الفارسي وابي ذر الغفاري والمقداد بن الأسود الكندي وعمار بن ياسر وجابر بن عبدالله الأنصاري وحذيفة بن اليمان وابي الهيثم بن التيهان وسهل بن حنيف وابي ايوب الأنصاري وعبدالله بن الصامت وعبادة بن الصامت وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين وأبي سعيد الخدري ومن نحا نحوهم وفعل مثل فعلهم.(2)
ثم جاءت روايات إستثنت الكثير ممن ورد ذكرهم في الروايات السابقة، حيث عز على واضعوها ان يجدوا هذا العدد من الصحابة رضي الله عنهم لا زال على الإيمان فقلصوا العدد إلى أربعة وهم المقداد بن الاسود، وابي ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، وعمار بن ياسر رضي الله عنهم.(3)
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 8 /296 ، شرح أصول الكافي ، لمحمد صالح المازندراني ، 12 / 417 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 28 /254 ، تعليقة على منهج المقال ، للوحيد البهبهاني ، 181 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 7 /65 ، المنتخب من الصحاح الستة ، لمحمد حياة الأنصاري / 47(ه(
(2) - عيون الأخبار ، 269 الخصال ، 2/153 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 10/227 ، 358 ، 22/325 ، 27/52 ، 68/263 نور الثقلين ، 4/258 ، مستدرك سفينة البحار ، لعلي النمازي ، 1 /202 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 8 /420 ، مستدركات علم رجال الحديث ، لعلي النمازي ، 1 /25
(3) - سليم بن قيس ، 92 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/28/282(1/185)
ثم أسقط عمار بن ياسررضي الله عنه، فرووا عن الباقر أنه قال: كان الناس أهل ردة - وفي رواية: ارتد الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا ثلاثة، فقال الراوي: ومن الثلاثة؟ قال: المقداد وأبوذر وسلمان الفارسي.(1)
وعن المفضل قال: عرضت علي أبي عبدالله أصحاب الردة، فكلما سميت إنسانا قال: اعزب، حتى قلت: حذيفة؟ قال: اعزب، قلت: إبن مسعود؟ قال: اعزب، ثم قال: ان كنت تريد الذين لم يدخلهم شييء فعليك بهؤلاء الثلاثة: أبوذر وسلمان والمقداد.(2)
__________
(1) - العياشي ، 1/223 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/333 ، 351 ، 352 ، 440 ، 28/236 ، 238 ، 239 ، 255 ، 259 ، 42/181 ، 67/164 الكشي ، 4 ، 5 ، 8 ، 9 ، 11 تاريخ اليعقوبي ، 2/116 الكافي ، 8/245 الإختصاص ، 6 ، 10 ، 70 قاموس الرجال ، 3/350 البرهان ، 1/319 الصافي ، 1/389 تأويل الآيات ، 1/123 نور الثقلين ، 1/396
(2) - السرائر ، 468 روضة الواعظين ، 242 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/114 ، 332 ، 342 ، تفسير العياشي ، 1 /199 ، غاية المرام ، لهاشم البحراني ، 4 /220 ، نفس الرحمن في فضائل سلمان ، للنوري الطبرسي 577(1/186)
وعن حمران بن اعين قال: قلت لأبي جعفر: جعلت فداك ما اقلنا، لو إجتمعنا على شاة ما أفنيناها، فقال: ألا أحدثك بأعجب من ذلك؟ المهاجرين والأنصار ذهبوا، إلا – وأشار بيده ثلاثة، فقلت: جعلت فداك ما حال عمار؟ قال: رحم الله عمارا أبااليقظان بايع وقتل شهيدا، فقلت في نفسي: ما شئ افضل من الشهادة؟ فنظر الي فقال: لعلك ترى انه مثل الثلاثة، هيهات، هيهات.(1)
ثم أسقط الجميع سوى المقداد، فرووا عن الباقر أنه قال: ان اردت الذي لم يشك ولم يدخله شييء فالمقداد، وفي رواية: ما بقى احد إلا وقد جال جولة إلا المقداد بن الاسود فإن قلبه كان مثل زبر الحديد، وفي رواية: فأما الذي لم يتغير منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى فارق الدنيا طرفة عين فالمقداد بن الاسود.(2)
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 2 /244 ، شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 9 /187 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22 /345 ، 64 /164 ، ألف حديث في المؤمن ، لهادي النجفي 255 ، اختيار معرفة الرجال ، للطوسي ، 1 /37 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 9 /195 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 7 /287 ، جواهر التاريخ ، لعلي الكوراني ، 1 /27 ، نفس الرحمن في فضائل سلمان ، للنوري الطبرسي 578
(2) - الكشي ، 7 ، 8 ، 11 بحار الأنوار ، للمجلسي ، للمجلسي ، 22/342 ، 440 ، 28/239 ، 260 ، الاختصاص ، للمفيد 9 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 8 /424 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 19 /346 ، مجمع النورين ، للمرندي 92 ، نفس الرحمن في فضائل سلمانن للنوري الطبرسي 582(1/187)
والطريف ان المقداد رضي الله عنه أيضاً لم يسلم، أو إن شئت فقل لم يشأ القوم ان يروا أحد من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم على شيء من الإيمان، فقد ذكروا أنه لو علم أحدهم بعلم الآخر أو صبره لقتله، فعن جعفر عن أبيه قال ذكر التقية يوما عند علي بن الحسين عليه السلام فقال والله لو علم أبوذر ما في قلب سلمان لقتله.(1)
وعن الصادق قال: علم سلمان علما لو علمه ابوذر كفر.(2)
وعنه أيضاً أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لسلمان: يا سلمان لو عرض علمك على مقداد لكفر، يا مقداد لو عرض صبرك – وفي رواية علمك – على سلمان لكفر.(3)
__________
(1) - رجال الكشي ، 8 ، بصائر الدرجات ، للصفار ، 45 ، الكافي ، للكليني ، 1 /401 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2 /190 ، 22 /343 ، 25 /347 ، 108 /30 ، 306 ، اختيار معرفة الرجال ، للطوسي ، 1 /70 ، طرائف المقال ، للبروجردي ، 2 /602 ، رجال الخاقاني ، لعلي الخاقاني 161 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 9 /203 ، نفس الرحمن في فضائل سلمان ، للنوري الطبرسي 21 140 ، 223 ، 225
(2) - الاختصاص ، للمفيد 12 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22 /346 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 19 /347 ، نفس الرحمن في فضائل سلمان ، للنوري الطبرسي ، 223
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2 /213 ، 22 /353 ، 440 ، اختيار معرفة الرجال ، للطوسي ، 1 /47 ، طرائف المقال ، للبروجردي ، 2 /603 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 9 /198 ، 19 /342 ، قاموس الرجال ، للتستري ، 10 /227 ، نفس الرحمن في فضائل سلمانن للنوري الطبرسي ، 222(1/188)
ورووا ان سلمان دعا ابوذر رضي الله عنهم إلى منزله فقدم اليه رغيفين فأخذ ابوذر الرغيفين يقلبهما، فقال له سلمان: يا باذر لأي شيء تقلب هذين الرغيفين؟ قال: خفت ان لا يكونا نضيجين، فغضب سلمأن من ذلك غضبا شديدا ثم قال: ما أجرأك حيث تقلب هذين الرغيفين؟ فو الله لقد عمل في هذا الخبز الماء الذي تحت العرش وعملت فيه الملائكة حتى ألقوه إلى الريح وعملت فيه الريح حتى ألقته إلى السحاب وعمل فيه السحاب حتى أمطره إلى الأرض وعمل فيه الرعد والبرق والملائكة حتى وضعوه مواضعه وعملت فيه الأرض والخشب والحديد والبهائم والنار والحطب والملح وما لا أحصيه أكثر فكيف لك ان تقوم بهذا الشكر؟ فقال ابوذر: إلى الله اتوب واستغفر مما أحدثت وإليك أعتذر مما كرهت قال: ودعا سلمان أباذر رضي الله عنهم ذات يوم إلى ضيافة فقدم اليه جرابه كسرا يابسة وبلها من ركوته، فقال ابوذر: ما اطيب هذا الخبر لو كان معه ملح فقام سلمان وخرج فرهن ركوته بملح وحمله اليه فجعل ابوذر يأكل ذلك الخبز ويذر عليه ذلك الملح ويقول: الحمد لله الذي رزقنا هذه القناعة، فقال سلمان: لو كانت قناعة لم تكن ركوتي مرهونة.(1)
وقد نقلنا الرواية باكملها لما فيها من فوائد لا تخفى على المتدبر.
إثبات أن إنكار الشيعة لتكفير الصحابة إنما هو على سبيل التقية.
لهذا فليس للشيعة معتقد في الصحابة وعلى رأسهم الشيخين رضوان الله عليهم سوى هذا القول، وما سواه من المكتوب في مصنفاتهم ما يرددونه من أقوالهم ليس سوى تطبيق عملي للتقية وإليك بعضا منها مع جذورها التاريخية:
__________
(1) - عيون أخبار الرضا (ع) للصدوق ، 1 /58 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22 /321 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 68 /46 ، مسند الإمام الرضا (ع) ، لعزيز الله عطاردي ، 1 /271 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع)ن لهادي النجفي ، 1 /316 ، 9 /206 ، نفس الرحمن في فضائل سلمان ، للنوري الطبرسي ، 552(1/189)
روى القوم ان الصادق رحمه الله انه سئل في مجلس الخليفة عن الشيخين فقال: هما إمامان عادلان قاسطان كانا على الحق فماتا عليه، عليهما رحمة الله يوم القيامة، فلما قام من المجلس تبعه بعض أصحابه فقال: يا إبن رسول الله قد مدحت أبابكر وعمر هذا اليوم، فقال: انت لا تفهم معنى ما قلت، فقال بينه لي؟ فقال: اما قولي هما إمامان، فهو إشارة إلى قوله تعالى: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إلى النَّارِ [القصص : 41]، واما قولي: عادلان، فهو إشارة إلى قوله تعالى: الذين كفروا بربهم يعدلون – الأنعام 1، واما قولي قاسطان، فهو المراد من قوله عزوجل: وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً [الجن : 15]، واما قولي: كانا على الحق، فهو من المكاونة أو الكون ومعناه انهما كاونا على حق غيرهم لأن الخلافة حق علي بن أبي طالب وكذا ماتا عليه فإنهما لم يتوبا بل استمرا على افعالهم القبيحة الي ان ماتا، وقولي: عليهما رحمة الله، المراد به النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدليل قوله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ [الأنبياء : 107]، فهو القاضي والحاكم والشاهد على مافعلوه يوم القيامة، فقال: فرجت عني فرج الله عنك.(1)
__________
(1) - الأنوار النعمانية ، لنعمة الله الجزائري ، 1/99 ، الصراط المستقيم ، لعلي بن يونس العاملي ، 3 /73 ، الصوارم المهرقة ، لنور الله التستري 155 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 1 /70(1/190)
ويروون عن الحسن العسكري رحمه الله أنه قال: قال بعض المخالفين بحضرة الصادق لرجل من الشيعة: ماتقول في العشرة من الصحابة؟ قال: اقول فيهم الخير الجميل، الذي يحط الله به سيئاتي ويرفع لي درجاتي، قال السائل: الحمد لله على ما انقذني من بغضك، كنت اظنك رافضيا تبغض الصحابة فقال الرجل: ألا من ابغض واحد من الصحابة فعليه لعنة الله، قال: لعلك تتأوّل، ما تقول فيمن أبغض العشرة؟ فقال: من أبغض العشرة فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، فوثب فقبل رأسه وقال: إجعلني في حل مما قذفتك به من الرفض قبل اليوم، قال: انت في حل يا اخي، ثم انصرف السائل، فقال الصادق: جودت لله درك لقد اعجبت الملائكة من حسن توريتك، وتلفظك بما خلصك ولم تثلم دينك، زاد الله في مخالفينا غما إلى غم وحجب عنهم مراد منتحلي مودتنا في بقيتهم، فقال بعض أصحاب الصادق: يا إبن رسول الله ما عقلنا من كلام هذا إلا موافقته لهذا المتعنت الناصب، فقال الصادق: لئن كنتم لم تفهموا ما عني، فقد فهمناه نحن، وقد شكر الله له، وان ولينا الموالي لأوليائنا المعادي لأعدائنا إذا إبتلاه الله بمن يمتحنه من مخالفيه، وفقه لجواب يسلم معه دينه وعرضه ويعظم الله بالتقية ثوابه، ان صاحبكم هذا قال: من عاب واحدا منهم فعليه لعنة الله أي من عاب واحدا منهم هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وقال في الثانية: من عابهم وشتمهم فعليه لعنة الله، وقد صدق لأن من عابهم فقد عاب عليا عليه السلام لأنه احدهم فإذا لم يعب عليا ولم يذمه فلم يعبهم، وإنما عاب بعضهم.(1/191)
(1)
وعن الرضا ان رجلا قال له: يا إبن رسول الله لقد رأيت اليوم شيئا عجبت منه، رجل كان معنا يظهر لنا انه من المواليين لآل محمد المتبرئين من اعدائكم، ورأيته اليوم وعليه ثياب قد خلعت عليه وهو ذا يطاف به ببغداد وينادي المنادون بين يديه: معاشر الناس إسمعوا توبة هذا الرافضي ثم يقولون له قل: فقال: خير الناس بعد رسول الله صلي الله عليه واله وسلم أبابكر، فإذا فعل ذلك ضجوا وقالوا: قد تاب وفضل أبابكر على علي بن أبي طالب، فقال الرضا: إذا خلوت فأعد علي هذا الحديث، فلما خلا اعاد عليه، فقال: انما لم افسر لك معني كلام هذا الرجل بحضرة هذا الخلق المنكوس، كراهة ان ينقل اليهم فيعرفوه ويؤذوه، لم يقل الرجل: خير الناس بعد رسول الله صلي الله عليه واله وسلم ابوبكر فيكون قد فضل أبابكر على علي بن طالب، ولكن قال: خير الناس بعد رسول الله أبابكر، فجعله نداء لأبي بكر ليرضى من يمشي بين يديه من بعض هؤلاء ليتوارى من شرورهم . ان الله تعالى جعل هذه التورية مما رحم به شيعتنا.(2)
__________
(1) - الإحتجاج ، 370 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 13/160 ، 68 /12 ، 72 /402 ، 71/11 ، 75/402 البرهان ، 4/98 لولا السنتان ، 283 تفسير العسكري ، 355 ، مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 12 /263 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /525 ، موسوعة المصطفى والعترة (ع)ن لحسين الشاكري ، 10 /84 ، مناظرات الإمام الصادق (ع) ، لحسين الشاكري 94
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 71/15 ، 75/406 تفسير العسكري ، 361 الإحتجاج ، 440 مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، 2/376(1/192)
وقال رجل لمحمد بن علي: يا إبن رسول الله مررت اليوم بالكرخ فقالوا: هذا نديم محمد بن علي إمام الرافضة فاسألوه من خير الناس بعد رسول الله؟ فإن قال علي، فأقتلوه، وان قال: أبوبكر فدعوه، فإنثال علي منهم خلق عظيم وقالوا لي: من خير الناس بعد رسول الله؟ فقلت مجيبا: اخير الناس بعد رسول الله ابوبكر وعمر وعثمان،وسكت، ولم اذكر عليا، فقال بعضهم: قد زاد علينا نحن نقول ههنا: وعلي، فقلت: في هذا نظر لا اقول هذا، فقالوا بينهم: ان هذا اشد تعصبا للسنة منا قد غلطنا عليه، ونجوت بهذا منهم، فهل علي يا إبن رسول الله في هذا حرج؟ وانما اردت اخير الناس أي انة خير إستفهاما لا إخبارا . فقال محمد بن علي: قد شكر الله لك بجوابك هذا لهم، وكتب لك أجره وأثبته لك في الكتاب الحكيم، واوجب لك بكل حرف من حروف ألفاظك بجوابك هذا لهم ما تعجز عنه أماني المتمنين ولا يبلغه آمال الآملين.(1)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/405 تفسير العسكري ، 362 مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، 2/276(1/193)
وعن أبويعقوب وعلي قالا: حضرنا عند الحسن بن علي العسكري فقال له بعض أصحابه: جائني رجل فقال من اخواننا الشيعة قد امتحن بجهالة العامة يمتحنونه في الإمامة، ويحلفونه فقال لي: كيف اصنع معهم، حتى اتخلص؟ فقلت له: كيف يقولون؟ قال: يقولون لي: اتقول ان فلانا هو الإمام بعد رسول الله؟ فلا بد لي ان اقول نعم، والا اثخنوني ضربا، فإذا قلت: نعم، قالوا: قل والله، فقلت له: قل: نعم واريد به نعما من الابل والبقر والغنم، فإذا قالوا: قل والله، فقل: والله واريد به ولي في أمر كذا، فإنهم لا يميزون وقد سلمت فقال لي: فإن حققوا علي، وقالوا: قل والله وبين الهاء؟ فقلت: قل: والله فرفع الهاء فإنه لا يكون يمينا إذا لم يخفض الهاء؟ فذهب، ثم رجع الي فقال: عرضوا علي وحلفوني وقلت كما لقنتني، فقال الحسن عليه السلام: انت كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الدال على الخير كفاعله، وقد كتب الله لصاحبك بتقيته بعدد كل من استعمل التقية من شيعتنا وموالينا ومحبينا حسنة، وبعدد من ترك منهم التقية حسنة أدناها حسنة لو قوبل بها ذنوب مائة عام لغفرت، ولك لإرشادك إياه مثل ماله.(1)
والروايات في الباب تطول، وكأنهم بها يؤكدون ان كفر الصحابة رضوان الله عليهم أمر مسلم به لا يجوز كتمانه إلا تقية بل وان خلاف هذا القول يعد نفاقا. وكفر الصحابة وعلى رأسهم الشيخين رضي الله عنهم أجمعين من المسلمات عند الذين وضعوا مذهب التشيع لأهل البيت رحمهم الله، ولعل في سردنا لروايات أخرى زيادة بيان:
نماذج من روايات الشيعة في تكفير الشيخين رضي الله عنهما.
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 71/16 ، 75/406 تفسير العسكري 363 مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 12/268 الإحتجاج ، 214(1/194)
روى القوم عن الباقر انه سئل عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهم فقال: ما اهريق محجمة من دم ولا اخذ مال من غير حله ولا قلب حجر على حجر إلا ذاك في اعناقهما.(1)
وقال: ضربوكم على عثمان ثمانين سنة وهو يعلمون انه كان ظالما فكيف إذا ذكرتم صنميهم.(2)
وقال: ما مات منا ميت إلا ساخطا عليهما وما منا اليوم إلا ساخطا عليهما يوصي بذلك الكبير منا الصغير انهما ظلمانا حقنا ومنعانا فيئنا. والله ما أسست من بلية ولا قضية تجري علينا أهل البيت إلا هما أسسا أولها فعليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.(3)
وقال: ان الشيخين فارقا الدنيا ولو يتوبا ولم يتذكرا ما صنعا بأمير المؤمنين عليه السلام فعليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.(4)
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 8 /103 ، شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 12 /30 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 46 /341
(2) - الكافي ، للكليني ، 8 /189 ، شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 12 /247 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 30 /268 ، تعليقة على منهج المقال ، للوحيد البهبهاني 278 ، مستدركات علم رجال الحديث ، لعلي النمازي ، 6 /198 ، حوار مع فضل الله حول الزهراء (س) ، لهاشم الهاشمي 301
(3) - الكافي ، للكليني ، 8 / 245 ، شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 12 / 338 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 8 / 545 ، 9 / 285 ، 405 ، شفاء الصدور في شرح زيارة العاشور ، للحاج ميرزا أبي الفضل الطهراني ، 1 / 275(ه(
(4) - الكافي ، للكليني ، 8 / 246 ، شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 12 /340 ، التفسير الصافي ، للفيض الكاشاني ، 3 / 47 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 2 / 466 ، الانتصار ، للعاملي ، 8 /323(1/195)
وعن الصادق أنه قال في قوله تعالى: رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ [فصلت : 29]، قال: هما – أي أبي بكر وعمر – ثم قال: وكان فلان – أي عمر – شيطانا.(1)
وقال: ان أشد الناس عذابا يوم القيامة لسبعة نفر أولهم ابن آدم الذي قتل أخاه ، ونمرود الذي حاج إبراهيم في ربه ، واثنان في بني إسرائيل هودا قومهما ونصراهما ، وفرعون الذي قال أنا ربكم الأعلى واثنأن من هذه الأمة أحدهما شرهما في تابوت من قوارير تحت الفلق في بحار من نار.(2)
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 8 /334 ، شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 12 /473 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 30 /270 ، التفسير الأصفى ، للفيض الكاشاني ، 2 /1115 ، التفسير الصافي ، للفيض الكاشاني ، 4 /358 ، 6 /336 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 4 /545 ، مستدركات علم رجال الحديث ، للنمازي ، 3 /109 ، تأويل الآيات ، لشرف الدين الحسيني ، 2 /535 ، غاية المرامن لهاشم البحراني ، 4 /365
(2) - الخصال ، 346 ، 398 ، ثواب الأعمال ، للصدوق ، 214 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 8 /313 (وقال: الثاني شرهما) ، 12 /37 ، 43 ، 30 /410 ، 31 /615 ، 626 ، 108 /114 ، 147 ، 162 ، مستدرك سفينة البحار ، لعلي النمازي ، 4 /442 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 11 /218 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 1 /266 ، قصص الأنبياء ، للجزائري (وقال: الأول والثاني)292 ، روضة الواعظين ، 507(1/196)
وقال: ان لله لخلف مغربكم هذه تسعة وتسعون مغربا ارضا بيضاء مملؤة خلقا يستضيئون بنورها لم يعصوا الله طرفة عين لا يدرون أخلق الله آدم ام لم يخلقه، يبرؤون من فلان وفلان وفلان.(1)
وعن زين العابدين انه سئل أبي بكر وعمر فقال: عليهما لعائن الله بلعناته كلها، كانا والله كافرين مشركين بالله العظيم.(2)
وعنه انه سئل عنهما فقال: كافران كافر من أحبهما.(3)
وعن الباقر انه رمى بمنى الجمرات ثم رمى بخمس بعد ذلك ثلاثة، في ناحية وثنتين في ناحية، فسئل عن ذلك؟ فقال: انه إذا كان كل موسم أخرجا الفاسقين – أبي بكر وعمر – غضيين طريين فصلبا ههنا لا يراهما إلا إمام عدل، فرميت الأول ثنتين والآخر بثلاث لأن الآخر أخبث من الأول.(4)
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 8 /231 ، مختصر بصائر الدرجات ، للحسن بن سليمان الحلي 12 ، شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 12 /311 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 54 /335 ، درر الأخبار ، لخسرو شاهي 410 ، البرهان ، 1/47 الأنوار النعمانية ، 1/338
(2) - بصائر الدرجات ، 86 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 18/7 ، 27/29 ، الخرائج والجرائح ، لقطب الدين الراوندي ، 2 /583 ، مدينة المعاجز ، لهاشم البحراني ، 4 /415 ، الصراط المستقيم ، لعلي بن يونس العاملي ، 3 /29 ، الروض النضير في معنى حديث الغدير ، لفارس حسون كريم 377
(3) - حق اليقين ، 522 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 69 /138 ، 72/ 137 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 26 /49 ، مجمع النورين ، لأبو الحسن المرندي 103
(4) - الإختصاص ، 277 الخرائج ، 816 ، خاتمة المستدرك ، للنوري الطبرسي ، للنوري الطبرسي ، 5 /67 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 27 /305(1/197)
وقال: أن من وراء شمسكم هذه أربعون عين شمس ما بين عين إلى عين شمس أربعون عاما فيها خلق كثير ما يعلمون ان الله خلق آدم ام لم يخلقه وأن من وراء قمركم هذا أربعون قرصا بين القرص إلى القرص أربعون عاما فيها خلق كثير لا يعلمون ان الله عزوجل خلق آدم أو لم يخلقه، قد ألهموا كما ألهمت النحلة لعنة الأول والثاني في كل الأوقات وقد وكل بهم ملائكة متى لم يلعنوا عذبوا.(1)
دعاء صنمي قريش ومنزلته عند الشيعة.
ونسبوا إلى أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أنه كان يقنت في صلاته بالدعاء المعروف بدعاء صنمي قريش والذي فيه: اللهم صل على محمد وآل محمد و العن صنمي قريش ، وجبتيهما ، وطاغوتيهما ، وإفكيهما ، وابنتيهما ، اللذين خالفا أمرك ، وأنكرا وحيك ، وجحدا إنعامك ، وفصيا رسولك ، وقلبا دينك ، وحرفا كتابك ، وأحبا أعداءك وجحدا آلاءك وعطلا أحكامك ، وأبطلا فرائضك..ألخ
__________
(1) - البرهان ، لهاشم البحراني ، 1/47 ، الأنوار النعمانية ، لنعمة الله الجزائري ، 1/338 ، مختصر بصائر الدرجات ، للحسن بن سليمان الحلي 12(1/198)
وقالوا أن هذا الدعاء رفيع الشأن عظيم المنزلة ، و إن الداعي به كالرامي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بدر وأحد وحنين بألف ألف سهم. وبلغت شروحه بالعشرات ولا يكاد يخلو منه كتاب أو باب الأدعية.(1)
والروايات في الباب كثيرة جداً وكنت قد جمعت منها المئات لكتاب تسديد الإصابة لمن أنكر تكقير الشيعة للصحابة، وما اوردناه شذر يسير مما يتعلق بالشيخين رضي الله عنهما لتقف على القول من خلالها على عقيدتهم فيما سواهم من الصحابة رضوان الله عليهم.
إنكار بعض المعاصرين من الشيعة تكفيرهم للصحابة.
__________
(1) - أنظر تفصيل ومنزلة وشروح هذا الدعاء في: شرائع الإسلام ، المحقق الحلي ، 1 /71(ه) ، كتاب الصلاة ، للأنصاري ، 1 /415 ، مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 4 /405 ، خاتمة المستدرك ، للنوري الطبرسي ، لللنوري الطبرسي ، 2 /463 ، كتاب سليم بن قيس ، تحقيق محمد باقر الأنصاري 483(ه) ، إقبال الأعمال ، لإبن طاووس ، 1 /12 ، اليقين ، لإبن طاووس 69 ، جمال الأسبوع ، لإبن طاووس 12 ، المحتضر ، لحسن بن سليمان الحلي 71 ، 111 ، مصباح الكفعمي ، 552 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 30 /394 ، 31 /598 ، 631 ، 82 /235 ، 260 ، نور البراهين ، لنعمة الله الجزائري ، 2 /344(ش) ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 5 /313 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 1 /153 ، 2 /6 ، 385 ، 8 /611 ، مكاتيب الرسول ، للأحمدي الميانجي ، 1 /601 ، تراجم الرجال ، لأحمد الحسيني ، 2 /874 ، الذريعة ، لآقا بزرگ الطهراني ، 11 /236 ، 13 /246 ، 256 ، 257 ، 26 /159 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 1 / 6 ، 337 ، 2 /349 ، أنظر الدعاء في: بحار الأنوار ، للمجلسي ، 85/260 ، مفتاح الجنان ، 114 مرآة الأنوار ، 256 ، فصل الخطاب ، 245 ، تحفة العوام معتبر ، 303(1/199)
رغم هذا ينكر الكثير من المعاصرين - تقيةً بطبيعة الحال - وجود أمثال هذه الروايات عند الشيعة، بل وينكرون مشروعية السب، فهذا الخنيزي يقول:
فلا نسب عمرا كلا ولا عثمان والذي تولى اولا
ومن تولى سبهم فاسق حكم به قضى الإمام الصادق.(1)
وآخر يقول: أن من نسب اليهم ذلك فهو اما ان يكون خصما سيئ النية واما لم يطلع على مذهب الشيعة إلا من خلال كتب خصومها ولم يتمكن من الإطلاع على كتب أصحاب المذهب.(2)
وثالث يرى أن الشيعة تترضى على عمر وتثني عليه وانما الملعون في أمثال هذه الروايات هو عمر بن سعد قاتل الحسين رضي الله عنه وليس عمر بن الخطاب رضي الله عنه وإن أفراد بالأمس من سواد الشيعة وبسطائها لا يفرقون بين هذين الإسمين، بل لا يعرفون ان في دنيا التاريخ الإسلامي عمرين تقياً وشقيا.(3)
ورابع يقول: إن إتهام الشيعة بسب الصحابة وتكفيرهم أجمع انما هو إتهام بالباطل ورجما بالغيب وخضوعا للعصبية وتسليما لنزعة الطائفية.(4)
وقال: ان فكرة إتهام الشيعة بسب الصحابة وتكفبرهم كونتها السياسة الغاشمة وتعاهد تركيزها مرتزقة باعوا ضمائرهم بثمن بخس وتمرغوا على أعتاب الظلمة يتقربون إليهم بذم الشيعة.(5)
ثم ختم بهذا التسائل: اين هذه الأمة التي تكفر جميع الصحابة ويتبرأون منهم؟.(6)
وآخر يقول: لا نسوغ لأحد ان يسبهما ولا ان يتحامل على مقامهما، ولا افتينا لأحد يجواز سبهما فلهما عندنا من المقام ما يقتضي الإجلال والإحترام.(7)
__________
(1) - الدعوة الإسلامية ، 1/8
(2) - تقدير الشيعة للصحابة ، للرفاعي 47
(3) - الإمام الصادق ، لاحمد مغنية ، 114
(4) - الصحابة في نظر الشيعة الإمامية ، لأسد حيدر ، 43
(5) - المصدر السابق ، 66
(6) - الصحابة في نظر الشيعة الإمامية ، 69
(7) - عقيدة الشيعة في الامام الصادق ، 19(1/200)
وقال آخر رداً عن الجار الله: قال كتب الشيعة تكفر عامة الصحابة كافة إلى آخر هذيانه في عدوانه . فأقول : نعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، ومن كل معتد أثيم ، ونبرأ إليه تعالى من تكفير المؤمنين ، والسلف الصالح من المسلمين . لعل الرجل رأى في كتب الشيعة سننا لم يفقهها ، وحديثا متشابها لم يعرف مرماه ، فاضطره الجهل إلى هذا الإرجاف.(1)
وآخر ينكر نيل الشيعة من الصحابة ويستدل بما جاء في الصحيفة السجادية لزين العابدين رحمه الله والذي فيها: اللهم وأصحاب محمد خاصة الذين أحسنوا الصحابة والذين أبلوا البلاء الحسن في نصره وكانفوه وأسرعوا إلى وفادته وسابقوا إلى دعوته واستجابوا له حيث اسمعهم حجة رسالاته وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته وأنتصروا به ومن كانوا منطوين على محبته يرجون تجارة لن تبور في مودته والذين هجرتهم العشائر غذ تعلقوا بعروته وإنتفت منهم القرابات إذ سكنوا في ظل قرابته فلا تنس لهم اللهم ما تركوا لك وفيك وأرضهم من رضوانك وبما حاشوا الخلق عليك وكانوا مع رسولك دعاة لك إليك وأشكرهم على هجرهم فيك ديار قومهم وخروجهم من سعة المعاش إلى ضيقة ومن كثرت في إعزاز دينك من مظلومهم اللهم وأوصل الي التابعين لهم بإحسان الذين يقولون ( ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان – الحشر 10) خير جزائك الذين قصدوا سمتهم وتحروا وجهتهم في بصيرتهم ولم يختلجهم شك في قفو آثارهم والائتمام لهم يدينون بدينهم ويهتدون بهديهم يتفقون عليهم ولا يتهمونهم فيما ادوا اليهم، وعقب قائلا: هذه المناجاة جاءت في الصحيفة السجادية التي تعظمها الشيعة وتقدس كل حرف منها، وهي رد مفحم لمن قال: إن الشيعة ينالون من مقام الصحابة.(2)
__________
(1) - أجوبة مسائل جار الله ، لشرف الدين ، 10
(2) - تفسير الكاشف ، لمغنية ، 10/515(1/201)
وهذا آية الله العلامة السبحاني يقول لما سئل عن دعاء صنمي قريش: أنا شيعي وقد ناهزت من العمر 73 عاما وألفت ما يفوق المائة كتاب لم أجد تلك الكلمة في كتاب وإنما سمعته من شيخ سعودي كان ينسبه إلى الشيعة.(1)
قول علماء الشيعة أن روايات مدح الأئمة للصحابة جاءت على سبيل التقية.
وعلى أي حال كل ما مر وعشرات غيرها انما هو تطبيق عملي للتقية.
يقول المجلسي بعد ان أورد الكثير من روايات المدح في المهاجرين والأنصار ودعاء زين العابدين السابق: وينبغي ان تعلم ان هذه الفضائل انما هي لمن كان مؤمنا منهم لا للمنافقين كغاصبي الخلافة وأضرابهم وأتباعهم ولمن ثبت منهم على الإيمان واتباع الأئمة الراشدين، لا للناكثين الذين ارتدوا عن الدين.(2)
وقال آخرون أن روايات الأئمة (المادحة في الصحابة وعلى رأسهم الشيخين رضي الله عنهم أجمعين) إنما جاءت على سبيل التقية.(3)
ينفون الطعن في مواضع من كتبهم ويقرون بها في أخرى.
لذا فليس بالمستغرب ان نرى هؤلاء وهو ينكرون الطعن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تقيةً كما مر، تراهم يطعنون فيهم في مواضع اخرى من كتبهم.
__________
(1) - رسائل ومقالات ، للعلامة جعفر السبحاني ، 412
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/313
(3) - الصوارم المهرقة ، للتستري ، 234 وما بعدها ، رسالة في الإمامة ، للشيخ عباس ( نجل الشيخ حسن صاحب كتاب أنوار الفقاهة ) ، 74(1/202)
فهذا مغنية الذي مر بك قوله، نراه يطعن في عمر وعثمان وعائشة وطلحة والزبير رضي الله عنهم أجمعين(1)، وكذا فعل الرفاعي(2)، فضلا عن الكثير من علمائهم المعاصرون كتوثيق محسن الحكيم والخوئي والخميني وشريعتمدري وأبوالحسن الاصفهاني والشابرودي وغيرهم لدعاء صنمي قريش والذي فيه نصوص صريحة في لعن أبي بكر وعمر وعائشة وحفصة رضي الله عنهم وإتهامهم بتحريف القرآن.(3)
وقول الخراساني في كتاب اهداه إلى دار التقريب من أن تجويز الشيعة للطعن فيهما إنما هو أسوة برسول الله وإقتفاء لأثره.(4)
وقول متزعم آخر للوحدة بين الشيعة والسنة في ردة على القول بأن أبي بكر وعمر رضي الله عنهم من أهل بيعة الرضوان: لو أنه قال: لقد رضي الله عن الذين يبايعونك تحت الشجرة لكان في الآية دلالة على الرضى عن كل من بايع ولكن لما قال: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةً [الفتح : 18]، فلا دلالة فيها إلا على الرضى عمن محض الإيمان.(5)
__________
(1) - في ظلال نهج البلاغة ، 2/264
(2) - في تعليقه على كتاب التشيع للصدر ، 30 ، 46
(3) - تحفة العوام مقبول ، لمنظور حسين ، 422 وفيهما توثيق المراجع المذكورين0
(4) - الإسلام على ضوء التشيع ، 88
(5) - إحياء الشريعة في مذهب الشيعة ، للخالصي ، 1/64(1/203)
ويقول آخر أما برائتنا من الشيخين فذاك من ضرورة ديننا وهي إمارة شرعية على صدق محبتا لإمامنا وموالاتنا لقادتنا عليهم السلام وقد صدقت في قولك : إنهم يعتقدون أن الولاية لعلي لا تتم إلا بالبراءة من الشيخين ذلك لأن الله سبحانه يقول (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة : 256] ) فكما أن الإيمان بالله وحده لا يجدي صاحبه شيئا ما لم يكفر بكل معبود وإله سواه ، كذلك الاعتقاد بالولاية للإمام ( ع ) لا تتم إلا بالبراءة ممن ادعى الإمامة باطلا ونصب نفسه للناس علما . وإنما نتبرء منهما لأمور كثيرة منها : مخالفتهما لصريح حكم القرآن ولسنة رسول الله صلى الله عليه وآله ومنها : ظلمهما لعلي أمير المؤمنين ( ع ) وغصبهما حقه من الخلافة وتقدمهما عليه، ومنها : إيذاؤهما فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وبضعته والوديعةفي أمته حتى ماتت وهي واجدة عليهما.(1)
ثم يعتبون علينا إن قلنا أنّ التقية تشكّل مانعاً حقيقياً عن التجاوب مع الشيعة، كما قال السبحاني: إنّه من المؤسف جدّاً أن يتّهم السُّنّي أخاه الشيعي بالكذب والنفاق والمخادعة خصوصاً فيما يتعلق بدعوة علماء الشيعة إلى ضرورة التقريب بين وجهات النظر بين علماء المذاهب الإسلامية، والدعوة إلى التفاهم تحت ظلّ راية الإسلام الخالدة، وتفويت الفرصة على أعداء هذا الدين العظيم. ومن ثمّ ادّعاء أنّ التقية تشكّل مانعاً حقيقياً عن التجاوب مع الشيعة، لاحتمال أن تكون رغبة الشيعة في التقارب تقية !!(2)
فهذه هي حقيقة موقف القوم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
__________
(1) - كذبوا على الشيعة ، لمحمد الرضي الرضوي ، 49
(2) - واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية ، لثامر هاشم حبيب العميدي ، 12(1/204)
ثم اعلم ان التصريح بالطعن في الشيخين وسائر الصحابة رضي الله عنهم علناً خلاف منهج القوم. فعندما كان مثلاً الشيخ الكركي في الدولة الصفوية أيام السلطان طهماسب لا يركب ولا يمضي إلى موضع الا والسباب يمشي في ركابه مجاهرا بلعن الشيخين ومن على طريقتهما. إستنكر عليه بعض علماء مذهبه سلوكه هذا.
يقول يوسف البحراني في شأن الكركي هذا: ترك التقية والمجاهرة بسب الشيخين خلاف ما إستفاضت به الأخبار عن الأئمة الأخيار الأبرار عليهم السلام.(1)
ورد عليه آخر قائلاً: قال بعض الأجلة : ان ما نقله عن الشيخ المزبور من ترك التقية والمجاهرة بسب الشيخين خلاف ما استفاضت به الاخبار عن الأئمة الأبرار عليهم السلام ، وهي غفلة عن شيخنا المشار إليه ان ثبت النقل المذكور . ثم قال : نقل السيد المذكور ان علماء الشيعة الذين كانوا في مكة المشرفة كتبوا إلى علماء أصفهأن من أهل المحاريب والمنابر أنكم تسبون أئمتهم في أصفهان ونحن في الحرمين نعذب بذلك اللعن والسب انتهى . ثم قال : وهو كذلك. ولكن الأحقر يقول : إن فعل الشيخ من ترك التقية والمجاهرة بالسب لعله كان واجبا أو مندوبا في زمانه ، والتقية لازمة مع الخوف ، وهو غير منظور في حقه ، مع كمال السلطنة والاستيلاء ، خصوصا مع إطاعة سلطان الزمان له بلا شبهة . ووجود الضرر على الساكنين في الحرمين على فرض التسليم للزوم اخفاء المذهب في تلك البلاد وأمثالهما ، لا يوجب التزام من كان في غيرها من بلاد الشيعة على التقية ، وهي حكم مخالف للأصل لا نعلم شمول أدلتها للمقام ، كيف ومن الجائز عدم اطلاعه على الأذى بالنسبة إلى ساكنيها.(2)
__________
(1) - لؤلؤة البحرين ، 153 ، هدية العارفين ، لإسماعيل باشا البغدادي ، 1/ 744
(2) - طرائف المقال ، لعلي البروجردي ، 2/ 416 ، روضات الجنات ، 4/ 360(1/205)
أقول: بل أن الجهر بسائر المعتقدات خلاف ما علية القوم، ويدخل في هذا الإطار بزعمهم ما كان يحدث الأئمة أصحابهم ببعض الأحكام الشرعية التي كانت تخالف آراء الفقهاء الذين كانت تسندهم السلطة.
فقد روى القوم عن الصادق أنه قال: ما قتلنا من أذاع حديثنا قتل خطأ ولكن قتل قتل عمد.(1)
وعن الصادق أيضا أنه قال : من استفتح نهاره بإذاعة سرنا سلط الله عليه حر الحديد وضيق المحابس.(2)
ورووا عنه أيضاً أنه قال في تفسير قوله تعالى : ( ويقتلون الأنبياء بغير حق ) : " أما والله ما قتلوهم بأسيافهم ، ولكن أذاعوا سرهم وأفشوا عليهم فقتلوا.(3)
__________
(1) - لمحاسن ، للبرقي ، 1 /255 ، الكافي ، للكليني ، 2 /370 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 11 /485 ، مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 12 /304 ، الاختصاصن للمفيد 32 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2 /74 ، 79 ، 72 /85
(2) - الكافي ، للكليني ، 2 /372 ، شرح أصول الكافي ، لمحمد صالح المازندراني ، 10 /35 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 72 /89 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /545 ، مستدرك سفينة البحار ، لعلي النمازي ، 3 /467 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 1 /181
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 72 /87 ، الموسوعة الفقهية الميسرة ، لمحمد علي الأنصاري ، 4 /289(1/206)
وعن معلى بن خنيس قال : قال أبو عبد الله : يا معلى اكتم أمرنا ولا تذعه ، فإنه من كتم أمرنا ولم يذعه أعزه الله في الدنيا ، وجعله نورا بين عينيه في الآخرة يقوده إلى الجنة ، يا معلى من أذاع حديثنا وأمرنا ولم يكتمها أذله الله به في الدنيا ، ونزع النور من بين عينيه في الآخرة ، وجعله ظلمة تقوده إلى النار ، يا معلى إن التقية ديني ودين آبائي ، ولا دين لمن لا تقية له ، يا معلى إن الله يحب أن يعبد في السر كما يجب أن يعبد في العلانية ، يا معلى إن المذيع لامرنا كالجاحد به.(1)
في وصية الصادق عليه السلام لأبي جعفر محمد بن النعمان الأحول يا ابن النعمان انى لا حدث الرجل منكم بحديث فيتحدث به عنى فاستحل بذلك لعنته والبراءة منه فان أبى كان يقول وأي شئ أقر للعين من التقية ان التقية جنة المؤمن ولولا التقية ما عبد الله وقال الله عزوجل.(2)
وعن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر يقول: يحشر العبد يوم القيامة وما ندى دما فيدفع إليه شبه المحجمة أو فوق ذلك . فيقال له : هذا سهمك من دم فلان ، فيقول : يا رب إنك لتعلم أنك قبضتني وما سفكت دما ، فيقول : بلى سمعت من فلان رواية كذا وكذا ، فرويتها عليه فنقلت حتى صار إلى فلان الجبار فقتله عليها وهذا سهمك من دمه.(3)
__________
(1) - المحاسن ، للبرقي ، 1 /255 ، الكافي ، للكليني ، 2 /223 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 11 /465 ، مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري ، 12 /256 ، بحار الأنوارن للمجلسي ، 72 /76 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /533 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 2 /225 ، 5 /95 ، 9 /296
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75 /287 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /508
(3) - الكافي ، للكليني ، 2 /371 ، شرح أصول الكافي ، لمحمد صالح المازندراني ، 10 /34 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 / 548(1/207)
وعن الصادق قال: من أذاع علينا حديثنا فهو بمنزلة من جحدنا حقنا.(1)
والروايات في الباب كثيرة.
غلو الشيعة في الأئمة.
ومن هذه العقائد التي بسببها أخذوا بالتقية، غلوهم في الأئمة حتى فضلوهم على سائر الخلق، بل وجعلوهم علة الخلق وسببه.
__________
(1) - مجمع الفائدة ، للأردبيلي ، 12 /349(ش) ، الكافي ، للكليني ، 2 /370 ، شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 10 /33 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 11 /495 ، مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للطبرسي ، 12 /293 ، بحار الأنوارن للمجلسي ، 72 /85 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /546 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 1 /181 ، ميزان الحكمة ، للريشهري ، 3 /2668(1/208)
فقد رووا عن الرضا رحمه الله أنه قال: إن آدم لما أكرمه الله - تعالى ذكره - بإسجاد ملائكته له، وبإدخاله الجنة، قال في نفسه: هل خلق الله بشراً أفضل مني؟ فعلم الله عز وجل ما وقع في نفسه، فناداه: ارفع رأسك يا آدم، فانظر إلى ساق عرشي، فرفع آدم رأسه فنظر إلى ساق العرش، فوجد عليه مكتوباً: لا إله إلا الله محمد رسول الله، علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، وزوجته فاطمة سيدة نساء العالمين، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، فقال آدم عليه السلام: يا رب، من هؤلاء؟ فقال عز وجل: هؤلاء من ذريتك، وهم خير منك ومن جميع خلقي، ولولاهم ما خلقتك ولا خلقت الجنة والنار ولا السماء والأرض، فإياك أن تنظر إليهم بعين الحسد فأخرجك عن جواري، فنظر إليهم بعين الحسد وتمنى منزلتهم، فتسلط عليه الشيطان حتى أكل من الشجرة التي نهي عنها، وتسلط على حواء لنظرها إلى فاطمة بعين الحسد حتى أكلت من الشجرة كما أكل آدم منها، فأخرجهما الله عز وجل من جنته وأهبطهما عن جواره إلى الأرض(1).
وعن الصادق قال: إن الله أخذ ميثاق الخلائق ومواثيق الأنبياء والرسل لمحمد بالنبوة، ولعلي بن أبي طالب بالولاية.(2)
__________
(1) - عيون أخبار الرضا (ع) ، للصدوق ، 2 /274 ، معاني الأخبار ، للصدوق 125 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 26 /273 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 5 /358 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع)ن لهادي النجفي ، 3 /152 ، التفسير الصافي ، للفيض الكاشاني ، 1 /117 ، تفسير الميزان ، للطباطبائي ، 1 /144 ، الخصائص الفاطمية ، لمحمد باقر الكجوري ، 1 /592
(2) - أمالي الطوسي: 64 ، الجواهر السنية ، للحر العاملي 263 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 15 /18 ، 26 /272 ، 38 /111 ، بشارة المصطفى ، لمحمد بن علي الطبري الشيعي ، 74 ، كشف الغمة ، للإربلي ، 2 /6 ، تأويل الآيات ، لشرف الدين الحسيني ، 2 /566 ، غاية المرام ، لهاشم البحراني ، 2 /213(1/209)
وعنه أيضاً قال: إن أمرنا صعب مستصعب لا يقر به إلا ملك مقرب أو نبي مرسل.(1)
وعنه أيضاً قال: إن الله حمل دينه وعلمه الماء قبل أن تكون أرض أو سماء أو جن أو إنس أو شمس أو قمر، فلما أراد أن يخلق الخلق نثرهم بين يديه، فقال لهم: من ربكم؟ فكان أول من نطق رسول الله وأمير المؤمنين والأئمة، فقالوا: أنت ربنا، فحملهم العلم والدين، ثم قال للملائكة: هؤلاء حملة علمي وديني وأمنائي في خلقي وهم المسؤولون.(2)
__________
(1) - إعلام الورى ، للطبرسي ، بصائر الدرجات ، للصفار ، 46 ، الخصال ، للصدوق ، 624 ، معاني الأخبار ، للصدوق ، 407 ، مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 12 /297 ، كتاب سليم بن قيس ، تقيق محمد باقر الأنصاري ، 131 ، الخرائج والجرائح ، لقطب الدين الراوندي ، 2 /794 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2 /71 ، 183 ، 185 ، 191 ، 195 ، 197 ، 10 /102 ، 25 /347 ، 26 /274 ، 64 /249 ، تفسير فرات الكوفي ، 427
(2) - توحيد الصدوق: 334 ، البحار: 3/334 ، 26/277 ، 57/95 ، الكافي: 1/133.(1/210)
وعن الباقر قال: أخذ الله الميثاق على النبيين، فقال: ألست بربكم، وأن هذا محمداً رسول الله، وأن هذا علياً أمير المؤمنين؟ قالوا: بلى، فثبتت لهم النبوة، وأخذ الميثاق على أولي العزم: إني ربكم، ومحمد رسول الله، وعلي أمير المؤمنين، وأوصياؤه من بعده ولاة أمري، وخزان علمي، وإن المهدي أنتصر به لديني، وأظهر به دولتي، وأنتقم به من أعدائي، وأُعبد به طوعاً وكرهاً، قالوا: أقررنا وشهدنا يا رب، ولم يجحد آدم ولم يقر، فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهدي ولم يكن لآدم عزم على الإقرار به، وهو قوله تعالى: وَلَقَدْ عَهِدْنَا إلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً [طه:115]، إنما يعني: فترك.(1)
وعن أبي الحسن: ولاية علي مكتوبة في جميع صحف الأنبياء، ولن يبعث الله نبياً إلا بنبوة محمد وولاية وصيه علي.(2)
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا علي، ما بعث الله نبياً إلا وقد دعاه إلى ولايتك طائعاً أو كارهاً.(3)
__________
(1) - بصائر الدرجات: 21 ، تأويل الآيات: 1/319 ، البرهان: 3/45 ، الصافي: 3/323 = = علل الشرايع: 122 ، نور الثقلين: 3/401 ، الكافي: 2/8 ، البحار: 26/279.
(2) - بصائر الدرجات ، للصفار ، 21 ، البحار: 26/280 38/46 ، الصراط المستقيم ، لعلي بن يونس العاملي ، 1 /278 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 26 /280 ، 38/46 ، نهج الإيمان ، لابن جبر 502 ، تأويل الآيات ، لشرف الدين الحسيني ، 1 /79 ، 155 ، 2 /565 ، الولاية التكوينية لآل محمد (ع) ، لعلي عاشور 125
(3) - بصائر الدرجات ، للصفار ، 21 ، الاختصاصن للمفيد ، 343 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 26 /280 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 9 /515(1/211)
وعن الباقر: إن الله تبارك وتعالى أخذ ميثاق النبيين على ولاية علي، وأخذ عهد النبيين بولاية علي.(1)
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما تكاملت النبوة لنبي في الأظلة حتى عرضت عليه ولايتي وولاية أهل بيتي، ومثلوا له فأقروا بطاعتهم وولايتهم.(2)
وعن الصادق: ما نبئ نبي قط إلا بمعرفة حقنا، وبفضلنا على من سوانا.(3)
وعن الباقر: ولايتنا ولاية الله التي لم يبعث نبياً قط إلا بها.(4)
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لما أسري بي أتاني ملك، فقال: يا محمد، سل من أرسلنا قبلك من رسلنا على ما بعثوا؟ فقلت: معاشر الرسل والنبيين، على ما بعثكم الله قبلي؟ قالوا: على ولايتك يا محمد، وولاية علي بن أبي طالب.(5)
__________
(1) - بصائر الدرجات ، للصفار ، 21 ، المحتضر ، لحسن بن سليمان الحلي 212(ه) ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 26 / 281 ، الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، لأحمد الرحماني الهمداني ، 319 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 11 /193
(2) - بصائر الدرجات ، للصفار 51 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 26 /281 ، مستدركات علم رجال الحديث ، للنمازي ، 2 /316 ، مكيال المكارم ، للأصفهاني ، 1 /431 ، العقائد الإسلامية ، مركز المصطفى (ص) ، 1 /73 ، الولاية التكوينية لآل محمد (ع) ، لعلي عاشور 115 ، 125
(3) - بصائر الدرجات ، للصفار: 51 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 26 /281 ، الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، للهمداني ، 318 ، مكيال المكارم ، للأصفهاني ، 1 /431
(4) البصائر: 22 ، البحار: 27/136 26/281 100/262 ، أمالي الطوسي: 63 ، أمالي المفيد: 77.
(5) المحتضر: 125 ، البحار: 26/307 ، 318 36/154 ، البرهان: 4/147 ، تأويل الآيات: = = 2/563 ، المائة منقبة: 82.(1/212)
وعن الصادق قال: علم النبي صلى الله عليه وسلم علم النبيين بأسره، وأوحى الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم فجعله محمد عند علي، فقال رجل: فعلي أعلم أو بعض الأنبياء؟ فنظر الصادق إلى بعض أصحابه، فقال: إن الله يفتح مسامع من يشاء، أقول له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل ذلك كله عند علي، فيقول: علي أعلم أو بعض الأنبياء.(1)!
وعن سيف التمار قال: كنا مع أبي عبدالله في الحجر، فقال: علينا عين؟ فالتفتنا يمنة ويسرة، وقلنا: ليس علينا عين، فقال: ورب الكعبة، ورب الكعبة، ورب الكعبة، إني لو كنت بين موسى والخضر لأخبرتهما أني أعلم منهما، ولأنبأتهما بما ليس في أيديهما.(2)
أقول: الروايات في الباب كثيرة جداً، ولا يسعنا حصرها، ولعلَّ في سردنا لبعض الأبواب التي وضعها القوم في المقام كفاية لمن أراد المزيد، فانظر مثلاً:
باب: تفضيلهم على الأنبياء وعلى جميع الخلق، وأخذ ميثاقهم عنهم وعن الملائكة وعن سائر الخلق، وأن أولي العزم إنما صاروا أولي العزم بحبهم.(3)
باب: أنهم أعلم من الأنبياء.(4)
باب: أن عندهم جميع علم الملائكة والأنبياء، وأنهم أعطوا ما أعطاه الله الأنبياء عليهم السلام، وأن كل إمام يعلم جميع علم الإمام الذي قبله.(5)
باب: أن دعاء الأنبياء استجيب بالتوسل والاستشفاع بهم صلوات الله عليهم.(6)
__________
(1) البصائر: 62 ، البحار: 26/195.
(2) البصائر: 63 ، البحار: 13/300 17/14426/111 ، 196 ، البرهان:2/379 ، 380 ، الكافي: 1/260 ، البحار: 26/267-319 وفيه 88 رواية.
(3) البحار: 26/194-200 ، البصائر: 227-231 وفيه 11 رواية.
(4) البحار: 26/159-179 وفيه 63 رواية ، البصائر: 109-120 وفيه 42 رواية.
(5) البحار: 26/319-334 وفيه 16 رواية.
(6) - البحار: 27/29-31 وفيه 4 روايات ، البصائر: 269-274 وفيه 13 رواية.(1/213)
باب: أنهم يقدرون على إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص وجميع معجزات الأنبياء.(1)
باب: أنهم يظهرون بعد موتهم ويظهر منهم الغرائب، ويأتيهم أرواح الأنبياء عليهم السلام، وتظهر لهم الأموات من أوليائهم وأعدائهم.(2)
وكذلك صنفوا في ذلك تصانيف مستقلة:
كتفضيل الأئمة على الأنبياء، لهاشم البحراني.
وتفضيل الأئمة على غير جدهم من الأنبياء، للمولى كاظم الهزاز.
وتفضيل أمير المؤمنين على من عدا خاتم النبيين، للمجلسي. والاسم ذاته للسيد دلدار اللكهنوي.
وتفضيل علي على أولي العزم من الرسل، لهاشم البحراني أيضاً، وغيرها.(3)
__________
(1) - البحار: 27/302-308 وفيه 13 رواية.
(2) - البحار: 27/302-308 وفيه 13 رواية.
(3) - مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، لللنوري الطبرسي ، 4 /484 ، مائة منقبة ، لمحمد بن أحمد القمي 82ه، 89ه، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 26 /309 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 5 /228 ، مستدركات علم رجال الحديث ، للنمازي ، 2 /398 ، 2 /398 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 6 /195 ، حلية الأبرار ، لهاشم البحراني ، 1 /المقدمة 17 ، 448 ، كشف الحجب والأستار ، لإعجاز حسين 429 ، هدية العارفين ، لإسماعيل باشا البغدادي ، 2 /504 ، الذريعة ، لآقا بزرگ الطهراني ، 4 /360 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 10 /250 ، الخصائص الفاطمية ، لمحمد باقر الكجوري ، 1 /370 ، الشيعة في أحاديث الفريقين ، لمرتضى الأبطحي 162ه، كشف المهم في طريق خبر غدير خم ، لهاشم البحراني 15 ، آية التطهير ، لعلي الميلاني 7 ، آية المباهلة ، لعلي الميلاني 29 ، مجلة تراثنا ، لمؤسسة آل البيت ، 10 /108 ، محاضرات في الاعتقادات ، لعلي الميلاني ، 1 /44 ، 53 ، محاضرات في الاعتقادات ، لعلي الميلاني ، 2 /811 ، 811 ، الخير والبركة في الكتاب والسنة ، لمحمد الريشهري 246ه(1/214)
يقول لصدوق في اعتقاداته: يجب أن يُعتقد أن الله عز وجل لم يخلق خلقاً أفضل من محمد صلى الله عليه وسلم والأئمة، وأنهم أحب الخلق إلى الله عز وجل وأكرمهم، وأولهم إقراراً به لما أخذ الله ميثاق النبيين في الذر، وأن الله تعالى أعطى كل نبي على قدر معرفته نبينا صلى الله عليه وسلم وسبقه إلى الإقرار به، ويُعتقد أن الله تعالى خلق جميع ما خلق له ولأهل بيته، وأنه لولاهم ما خلق السماء ولا الأرض ولا الجنة ولا النار ولا آدم ولا حواء ولا الملائكة ولا شيئاً مما خلق.(1)
وأكد المجلسي قول الصدوق وأيده، وقال: اعلم أن ما ذكره رحمه الله من فضل نبينا وأئمتنا صلوات الله عليهم على جميع المخلوقات، وكون أئمتنا أفضل من سائر الأنبياء، هو الذي لا يرتاب فيه من تتبع أخبارهم على وجه الإذعان واليقين، والأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى، وإنما أوردنا في هذا الباب قليلاً منها(2)، وهي متفرقة في الأبواب لاسيما باب: صفات الأنبياء وأوصافهم، وباب: أنهم كلمة الله، وباب: بدو أنوارهم، وباب: أنهم أعلم من الأنبياء، وأبواب فضائل أمير المؤمنين وفاطمة صلوات الله عليهم، وعليه عمدة الإمامية، ولا يأبى ذلك إلا جاهل بالأخبار.(3)
وقال المفيد: قد قطع قوم من أهل الإمامة بفضل الأئمة من آل محمد على سائر من تقدم من الرسل والأنبياء سوى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.(4)
ويروي القوم أن عدد الأنبياء والأوصياء مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف نبي، ومائة ألف وصي وأربعة وعشرون ألف وصي.
__________
(1) - اعتقاد الصدوق: 106 ، البحار: 26/297.
(2) - أي: باب: تفضيلهم على الأنبياء.. إلخ ، والذي نقلنا منه بعض الروايات كما مرَّ بك.
(3) - البحار: 26/297.
(4) - أوائل المقالات: 42 ، البحار: 26/298.(1/215)
وفي رواية: مائة ألف نبي وأربعة وأربعون نبياً، ومثلهم أوصياء.(1)
وغيرها من روايات في شأن تفضيلهم على الأنبياء، اما عن روايات كونهم علة خلق الكون، فإليك بعضا:
منها قولهم إن الله عزوجل قال لآدم: فوعزتي وجلالي لولا عبدان أريد أن أخلقهما في آخر الزمان ما خلقتك، فقال آدم: يا رب، بقدرهم عندك ما اسمهم؟ فقال تعالى: يا آدم، انظر نحو العرش، فإذا بسطرين من نور:
أول السطر: لا إله إلا الله محمد نبي الرحمة، وعلي مفتاح الجنة.
والسطر الثاني: آليت على نفسي أن أرحم من والاهما، وأعذب من عاداهما(2).
وهنا أيضاً تجاوز خلق آدم إلى سائر الموجودات، فذكروا في رواية أن الله عز وجل قال لآدم عليه السلام: لولاهما ما خلقت خلقي.
وفي أخرى: لولاهم ما خلقتك ولا خلقت الجنة والنار ولا السماء والأرض.
وفي أخرى: لولاهم لما خلق الله الأفلاك.
وفي رواية أخرى: قال لآدم وحواء: لولاهم ما خلقتكما.
وفي أخرى: لولاهم ما خلقتك، ولا خلقت الجنة ولا النار، ولا العرش ولا الكرسي، ولا السماء ولا الأرض، ولا الملائكة، ولا الجن ولا الإنس.(3)
__________
(1) الخصال: 640 ، أمالي الصدوق: 142 ، اعتقادات الصدوق: 96 ، البصائر: 33 ، الاختصاص: 263 ، سعد السعود: 101 ، البحار: 11/28 ، 30 ، 41 ، 58 ، 59 13/405 16/352 ، 372 18/318 27/6 38/4 ، 6 39/34240/4260/242 92/85 101/94 ، كامل الزيارات: 179 ، المناقب: 3/47.
(2) البحار: (11/114) (27/6 ، 100).
(3) - معاني الأخبار: (72 ، 100) ، البحار: (1/103) (6/321 ، 325)(11/173)(15/12 ، 28)(26/273) (27/5) (57/199) ، إثبات الهداة: (1/484) (2/38) ، عيون أخبار الرضا:(170) ، اليقين: (30) ، نور الثقلين: (2/12).(1/216)
ونسبوا إلى زين العابدين قوله: لولا نحن لم يخلق الله أرضاً ولا سماءً، ولا جنةً ولا ناراً، ولا شمساً ولا قمراً، ولا براً ولا بحراً، ولا سهلاً ولا جبلاً، ولا رطباً ولا يابساً، ولا حلواً ولا مراً، ولا ماءً ولا نباتاً ولا شجراً، اخترعنا الله من نور ذاته لا يقاس بنا بشر.(1).. وغيرها.(2)
وذكروا أن تسمية علي بن أبي طالب رضي الله عنه بأمير المؤمنين كان وآدم بين الروح والجسد.(3)
وهنا -أيضاً- لم يرضَ البعض بهذا، وقال: بل كان ذلك لما خلق الله السموات والأرض إذ نادى منادٍ: علي أمير المؤمنين.(4)
وعلى أي حال، فالكلام في الباب يطول، ولا بأس أن نمر بعجاله على ذكر عنواين بعض أبواب الغلو المسطورة في مصنفات القوم، فذكرها يغني عن سرد محتوياتها:
باب: أن الناس لا يهتدون إلا بهم، وأنهم الوسائل بين الخلق وبين الله، وأنه لا يدخل الجنة إلا من عرفهم.(5)
باب: عرض الأعمال عليهم، وأنهم الشهداء على الخلق.(6)
باب: تأويل المؤمنين والإيمان والمسلمين والإسلام بهم وبولايتهم، والكفار والمشركين والكفر والشرك والجبت والطاغوت واللات والعزى والأصنام بأعدائهم ومخالفيهم.(7)
__________
(1) - البحار: (26/12).
(2) - للمزيد انظر: البحار: (11/175) (15/5).
(3) - كشف الحق: (1/93) ، اليقين: (50 ، 55 ، 81 ، 136) ، المناقب: (1/548) ، البرهان: (2/50) ، البحار: (15/17) (36/178) (26/268) ، 278 ، (37/306 ، 311 ، 332 ، 333) (40/77).
(4) - الكافي: (1/441) ، أمالي الصدوق: (483) ، البحار:(16/295) (37/295).
(5) - البحار: (23/99-103) وفيه (11) رواية.
(6) البحار: (23/333-353) وفيه (75) رواية ، البصائر: (424-434) وفيه (50) رواية ، الكافي: (1/219) وفيه (4) روايات.
(7) البحار: (23/354-390) وفيه (100) رواية.(1/217)
باب: أنهم الأبرار والمتقون والسابقون والمقربون، وشيعتهم أصحاب اليمين، وأعداءهم الفجار والأشرار وأصحاب الشمال.(1)
باب: أنهم النجوم والعلامات، وغرائب التأويل فيهم وفي أعدائهم.(2)
باب: أنهم الصافون والمسبحون، وصاحب المقام المعلوم وحملة عرش الرحمن، وأنهم السفرة الكرام البررة.(3)
باب: أنهم البحر واللؤلؤ والمرجان.(4)
باب: أنهم الماء المعين، والبئر المعطلة، والقصر المشيد، وتأويل السحاب والمطر والظل والفواكه وسائر المنافع الظاهرة بعلمهم وبركاتهم.(5)
باب: في تأويل النحل بهم(6)، وأنهم السبع المثاني.(7)
باب: أنهم وولايتهم العدل والمعروف والإحسان والقسط والميزان، وترك ولايتهم وأعداؤهم الكفر والفسوق والعصيان والفحشاء والمنكر والبغي.(8)
باب: تأويل الأيام والشهور بالأئمة.(9)
باب: أنهم الصلاة والزكاة والحج والصيام وسائر الطاعات، وأعداؤهم الفواحش والمعاصي في بطن القرآن.(10)
باب: جهات علومهم وما عندهم من الكتب وأنه ينقر في آذانهم وينكت في قلوبهم.(11)
باب: أنهم يزدادون ولولا ذلك لنفد ما عندهم، وأن أرواحهم تعرج إلى السماء في ليلة الجمعة.(12)
__________
(1) البحار: (24/1-9) وفيه (25) رواية.
(2) البحار: (24/67-82) وفيه (32) رواية.
(3) البحار: (24/87-91) وفيه (11) رواية.
(4) البحار: (24/97-99) وفيه (7) روايات.
(5) البحار: (24/100-110) وفيه (21) رواية.
(6) البحار: (24/110-113) وفيه (7) روايات.
(7) البحار: (24/114-118) وفيه (10) روايات.
(8) البحار: (24/187-191) وفيه (14) رواية.
(9) البحار: (24/238-243) وفيه (4) روايات.
(10) البحار: (24/286-304) وفيه (17) رواية.
(11) البحار: (26/18-66) وفيه (149) رواية ، البصائر: (316-318) وفيه (13) رواية.
(12) البحار: (26/86-97) وفيه (37) رواية ، البصائر: (130-132) وفيه (7) روايات ، الكافي: (1/254) وفيه (4) روايات.(1/218)
باب: أنهم خزان الله على علمه وحملة عرشه.(1)
باب: أنهم لا يحجب عنهم علم السموات والأرض والجنة والنار، وأنه عرض عليهم ملكوت السموات والأرض، ويعلمون علم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة.(2)
باب: أنهم يعرفون الناس بحقيقة الإيمان وبحقيقة النفاق، وعندهم كتاب فيه أسماء أهل الجنة وأسماء شيعتهم وأعدائهم، وأنه لا يزيلهم خبر مخبر عما يعلمون من أحوالهم.(3)
باب: أن الله يرفع للإمام عموداً ينظر به أعمال العباد.(4)
باب: أنه لا يحجب عنهم شيء من أحوال شيعتهم، وما تحتاج إليه الأمة من جميع العلوم، وأنهم يعلمون ما يصيبهم من البلايا ويصبرون عليها، ولو دعوا الله في دفعها لأجيبوا، وأنهم يعلمون ما في الضمائر، وعلم البلايا، وفصل الخطاب، والمواليد.(5)
باب: في أن عندهم كتباً فيها أسماء الملوك الذين يملكون في الأرض.(6)
باب: أن عندهم جميع علم الملائكة والأنبياء، وأنهم أعطوا ما أعطاه الله الأنبياء عليهم السلام، وأن كل إمام يعلم جميع علم الإمام الذي قبله.
باب: في أن عندهم صلوات الله عليهم كتب جميع الأنبياء يقرؤونها على اختلاف لغاتها.(7)
__________
(1) البحار: (26/105-108) وفيه (14) رواية ، البصائر: (103-106) وفيه (16) رواية.
(2) البحار: (26/109-117) وفيه (22) رواية ، البصائر: (106-108) وفيه (11) رواية ، (127-128) وفيه (6) روايات.
(3) البحار: (26/117-132) وفيه (40) رواية ، البصائر: (190-192) وفيه (6) روايات ، (170-173) وفيه (10) روايات.
(4) البحار: (26/132-136) وفيه (16) رواية ، البصائر: (435-437) وفيه (7) روايات.
(5) البحار: (26/137-154) وفيه (43) رواية ، البصائر: (122-127) وفيه (17) رواية.
(6) البحار: (26/155-156) وفيه (7) روايات ، البصائر: (168-170) وفيه (7) روايات.
(7) البحار: (26/180-189) وفيه (27) رواية ، البصائر: (135-139) وفيه (15) رواية.(1/219)
باب: أنهم يعلمون جميع الألسن واللغات ويتكلمون بها.(1)
باب: أنهم أعلم من الأنبياء عليهم السلام.(2)
باب: تفضيلهم على الأنبياء وعلى جميع الخلق، وأخذ ميثاقهم عنهم وعن الملائكة وعن سائر الخلق، وأن أولي العزم إنما صاروا أولي العزم بحبهم صلوات الله عليهم.(3)
باب: أن دعاء الأنبياء استجيب بالتوسل والاستشفاع بهم صلوات الله عليهم.(4)
باب: أن الملائكة تأتيهم وتطأ فرشهم، وأنهم يرونهم صلوات الله عليهم أجمعين.(5)
باب: أن الجن خدامهم يظهرون لهم ويسألونهم عن معالم دينهم.(6)
باب: أن عندهم الاسم الأعظم، وبه يظهر منهم الغرائب.(7)
باب: أنهم يقدرون على إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وجميع معجزات الأنبياء.(8)
باب: أنهم سخر لهم السحاب ويسر لهم الأسباب.(9)
باب: نهم الحجة على جميع العوالم وجميع المخلوقات.(10)
باب: ما ينفع حبهم فيه من المواطن، وأنهم يحضرون عند الموت وغيره، وأنه يسأل عن ولايتهم في القبر.(11)
__________
(1) البحار: (26/190-193) وفيه (7) روايات ، البصائر: (333-341) وفيه (25) رواية.
(2) البحار: (26/194-200) وفيه (13) رواية ، البصائر: (227-231) وفيه (11) رواية.
(3) البحار: (26/267-319) وفيه (88) رواية.
(4) البحار: (26/319-334) وفيه (16) رواية.
(5) البحار: (26/351-360) وفيه (26) رواية ، بصائر الدرجات: (90-95) وفيه (22) رواية ، (231-234) وفيه (11) رواية.
(6) البحار: (27/13-24) وفيه (16) رواية ، بصائر الدرجات: (95-103) وفيه (15) رواية.
(7) البحار: (27/25-28) وفيه (10) روايات ، البصائر: (208-219) وفيه (37) رواية.
(8) البحار: (27/29-31) وفيه (4) روايات ، البصائر: (269-274) وفيه (13) رواية.
(9) البحار: (27/32-40) وفيه (5) روايات.
(10) البحار: (27/41-47) وفيه (10) روايات.
(11) البحار: (27/157-165) وفيه (22) رواية.(1/220)
باب: أنهم يعلمون منطق الطيور والبهائم.(1)
باب: أنهم يعلمون متى يموتون، وأنه لا يقع ذلك إلا باختيارهم.(2)
باب: أنهم يظهرون بعد موتهم، ويظهر منهم الغرائب، ويأتيهم أرواح الأنبياء عليهم السلام، وتظهر لهم الأموات من أوليائهم وأعدائهم,(3)
باب: أنهم شفعاء الخلق، وأن إياب الخلق إليهم وحسابهم عليهم، وأنه يسأل عن حبهم وولايتهم في يوم القيامة.(4)
باب: ما عند الأئمة من سلاح رسول الله صلى الله عليه وسلم وآيات الأنبياء، مثل: عصا موسى، وخاتم سليمان، والطست، والتابوت، والألواح، وقميص آدم.(5)
باب: أنهم يعرفون الإضمار وحديث النفس قبل أن يخبروا به.(6)
باب: أنهم يخبرون شيعتهم بأفعالهم وسرهم وأفعال غيبهم وهم غيب عنهم.(7)
باب: أنهم يعلمون من يأتي أبوابهم ويعلمون بمكانهم من قبل أن يستأذنوا عليهم.(8)
باب: أنهم يعرفون آجال شيعتهم وسبب ما يصيبهم.(9)
__________
(1) البحار: (27/261-279) وفيه (26) رواية ، البصائر: (341-354) وفيه (43) رواية.
(2) البحار: (27/285-287) وفيه (6) روايات ، البصائر: (480-484) وفيه (14) رواية ، الكافي: (1/258) وفيه (8) روايات.
(3) البحار: (27/302-308) وفيه (13) رواية.
(4) البحار: (27/311-317) وفيه (15) رواية.
(5) البصائر: (174-190) وفيه (58) رواية.
(6) البصائر: (235-242) وفيه (27) رواية.
(7) البصائر: (242-253) وفيه (23) رواية.
(8) البصائر: (257-258) وفيه (3) روايات.
(9) البصائر: (262-266) وفيه (16) رواية. والحق أن الأبواب كثيرة جداً إلا أننا نكتفي بما أوردناه ففيها كفاية ، ومن أراد الاستزادة فعليه بطلبها من مظانها ، انظر مثلاً: بحار الأنوار: الأجزاء (23 ، 24 ، 25 ، 26 ، 27) ، وبصائر الدرجات: الكتاب كله ، أصول الكافي:الجزء الأول ، وغيرها.(1/221)
وغيرها من أبواب. ولا شك إنك علمت أن من يملك شيء مما مر فهو أبعد ما يكون عن الأخد بالتقية أو الحاجة إليها، ولكن مرادنا من ذكر ذلك هنا كما علمت بيان أسباب لجوئهم إلى التقية، وهي إخفاء أمثال هذه العقائد التي تخرج بقائلها عن دائرة الإسلام، فكان لزاما عليهم إخفائها.
ومن عقائد الشيعة القول بالرجعة.
هذا فضلا عن عقائد أخرى ما أنزل الله بها من سلطان، كالقول بالرجعة. حيث اتفقوا كما قال المفيد: اتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة.(1)
ويقول الصدوق: واعتقادنا في الرجعة أنها حق.(2)
__________
(1) - أوائل المقالات ، للمفيد 46 ، 292 ، المحتضر ، لحسن بن سليمان الحلي ، 32(ه) ، عدة الأصول ، للطوسي ، 2 /629(ه) ، تهذيب المقال في تنقيح كتاب رجال النجاشي ، لمحمد على الأبطحي ، 5 /113(ش)
(2) - الاعتقادات في دين الإمامية ، للصدوق ، 60 ، مختصر البصائر ، للحسن بن سليمان الحلى ، 103(ه) ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 53 /128 ، الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة ، للحر العاملي 67 ، الرجعة أو العودة إلى الحياة الدنيا بعد الموت ، مركز الرسالة 48(1/222)
ويقول المجلسي: اعلم يا أخي ! أني لا أظنك ترتاب بعد ما مهدت وأوضحت لك في القول بالرجعة التي أجمعت الشيعة عليها في جميع الأعصار ، واشتهرت بينهم كالشمس في رابعة النهار ، حتى نظموها في أشعارهم ، واحتجوا بها على المخالفين في جميع أمصارهم وشنع المخالفون عليهم في ذلك ، وأثبتوه في كتبهم وأسفارهم ...وكيف يشك مؤمن بحقية الأئمة الأطهار عليهم السلام فيما تواتر عنهم في قريب من مائتي حديث صريح ، رواها نيف وأربعون من الثقات العظام ، والعلماء الأعلام ، في أزيد من خمسين من مؤلفاتهم كثقة الإسلام الكليني ، والصدوق محمد ابن بابويه ، والشيخ أبي جعفر الطوسي ، والسيد المرتضى ، والنجاشي ، والكشي والعياشي ، وعلي بن إبراهيم ، وسليم الهلالي ، والشيخ المفيد ، والكراجكي والنعماني ، والصفار ..وذكر عشرات الأسماء..ثم قال: وإذا لم يكن مثل هذا متواترا ففي أي شئ يمكن دعوى التواتر ، مع ما روته كافة الشيعة خلفا عن سلف.(1)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 53 /122 ، مختصر البصائر ، للحسن بن سليمان الحلى ، 103(ه) ، مستدرك سفينة البحار ، لعلي النمازي ، 4 /87 ، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل ، لناصر مكارم الشيرازي ، 12 /144 ، الرجعة أو العودة إلى الحياة الدنيا بعد الموت ، مركز الرسالة 45 ، خلفيات كتاب مأساة الزهراء (ع) ، لجعفر مرتضى ، 2 /229 ، مناظرات في العقائد والأحكام ، لعبد الله الحسن ، 1 /417(ه((1/223)
وعقيدة الرجعة عند الشيعة بإيجاز شديد أن الله سيعيد عند قيام القائم قوما ممن تقدم موتهم من أوليائه وشيعته ، ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ، ويبتهجوا بظهور دولته ، ويعيد أيضا قوما من أعدائه لينتقم منهم وينالوا بعض ما يستحقونه من العذاب في القتل ، على أيدي شيعته ، وليبتلوا بالذل والخزي ، بما يشاهدون من علو كلمته.(1)
ويروون عن الصادق رحمه الله قوله: ليس أحد من المؤمنين قتل إلا سيرجع حتى يموت، ولا أحد من المؤمنين مات إلا سيرجع حتى يقتل.(2)
__________
(1) - رسائل المرتضى ، للشريف المرتضى ، 1 /125 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 53 /126 ، 138 ، مستدرك سفينة البحار ، لعلي النمازي ، 4 /87 ، تفسير مجمع البيان ، للطبرسي ، 7 /405 ، التفسير الصافي ، للفيض الكاشاني ، 4 /76 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 4 /100 ، الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة ، للحر العاملي 64 ، 80 ، 238 ، أضواء على عقائد الشيعة الإمامية ، لجعفر السبحاني 463 ، الرجعة أو العودة إلى الحياة الدنيا بعد الموت ، لمركز الرسالة 35 ، بداية المعارف الإلهية في شرح عقائد الإمامية ، لمحسن الخزازي ، 2 /175(ش) ، مأساة الزهراء (ع) ، لجعفر مرتضى ، 1 /103(ه) ، محاضرات في الإلهيات ، لجعفر السبحاني 429 ، مناظرات في العقائد والأحكام ، لعبد الله الحسن ، 1 /417(ه(
(2) - مختصر البصائر ، للحسن بن سليمان الحلى ، 126 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 53 /40 ، الأنوار اللامعة في شرح الزيارة الجامعة (شرح آل كاشف الغطاء) ، لعبد الله الشبر ، 166(ش) ، ميزان الحكمة ، لمحمد الريشهري ، 2 /1038 ، تأويل الآيات ، لشرف الدين الحسيني ، 1 /409 ، الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعةن للحر العاملي ، 262 ، إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائبن لعلي اليزدي الحائري ، 2 /305(1/224)
والأمر فيه طول، ولا يسعنا تفصيله هنا، وهي كبقية العقائد التي يتكتمون عليها تقيةً، حتى رووا عن الأئمة أنهم قالوا في ذلك صراحةً: لا تقولوا الجبت والطاغوت وتقولوا الرجعة ، فان قالوا : قد كنتم تقولون ؟ قولوا الآن لا نقول ، وهذا من باب التقية التي تعبد الله بها عباده في زمن الأوصياء.(1)
وكذلك قولهم بالبداء على الله، حيث رووا في ذلك روايات عده، كروايتهم عن الأئمة: ما عبد الله بشيء مثل البداء. ورواية: ما عظم الله عز وجل بمثل البداء.(2)ورواية: ولو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما افتروا من الكلام فيه.(3)
__________
(1) - مختصر بصائر الدرجات ، للحسن بن سليمان الحلي ، 24 ، 212 ، بحار الأنوارن للمجلسي ، 53 /39 ، 115 ، الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعةن للحر العاملي ، 348
(2) - الكافي ، للكليني ، 1 /146 ، التوحيد ، للصدوق ، 331(ه) ، شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 4 /240 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 4 /107 ، نور البراهين ، لنعمة الله الجزائري ، 2 /221 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 1 /290 ، ميزان الحكمة ، للريشهري ، 1 /240 ، تفسير القمي ، لعلي بن إبراهيم القمي ، 1 /38(ه) ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 2 /516
(3) - الكافي ، للكليني ، 1 /148 ، شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 4 /252 ، الفصول المهمة في أصول الأئمة ، للحر العاملي ، 1 /253 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 4 /133 ،
تفسير كنز الدقائق ، لمحمد المشهدي ، 1 /359 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 28 /401(1/225)
ورواية: وما بعث الله نبيًا قط إلا بتحريم الخمر وأن يقر لله بالبداء.(1)
والبداء بإيجاز هو الظهور بعد الخفاء، أو نشأة الرأي الجديد، وهما محالان على الله عزوجل لأنهما يستلزمان الجهل قبل العلم بهما.
وفي روايات القوم عن أبي حمزة الثمالي: قال : قال أبو جعفر عليه السلام وأبو عبد الله عليه السلام : يا أبا حمزة إن حدثناك بأمر أنه يجئ من هيهنا فجاء من هاهنا فان الله يصنع ما يشاء وان حدثناك اليوم بحديث وحدثناك غدا بخلافه ، فان الله يمحو ما يشاء ويثبت.(2)
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 1 /148 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 9 /102 ، شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 4 /255 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 17 /240 ، الغيبة ، للطوسي ، 430 ، مسند الإمام الرضا (ع) ، لعزيز الله عطاردي ، 1 /29 ، تفسير كنز الدقائق ، لمحمد المشهدي ، 1 /359
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 4 /119 ، تفسير أبي حمزة الثمالي ، للثمالي ، 218 ، 433 ، تفسير العياشي ، للعياشي ، 2 /217 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 2 /512(1/226)
ومن التطبيقات العملية لهذه العقيدة ، رواياتهم عن الصادق رحمه الله أنه قال بعد أن زعموا أنه قد نص لهم على إبنه إسماعيل وأشار إليه في حياته وأنه الإمام من بعده، ثم إن إسماعيل قد مات في حياته أبيه، فقال الصادق: ما بدا لله بداء كما بدا له في إسماعيل ابني ، يقول : ما ظهر لله أمر كما ظهر له في إسماعيل ابني إذ اخترمه قبلي ليعلم بذلك أنه ليس بإمام بعدي. وقوله: ما بدا لله بداء كما بدا له في إسماعيل أبي إذا أمر أباه إبراهيم بذبحه ثم فداه بذبح عظيم.(1)
وكذلك عقيدة الطينة، حيث وضعوا فيها عشرات الروايات، حتى قال في ذلك الجزائري: إنّ أصحابنا قد رووا هذه الأخبار بالأسانيد المتكثّرة في الأصول وغيرها، فلم يبق مجال في إنكارها، والحكم عليها بأنّها أخبار آحاد، بل صارت أخبارًا مستفيضة، بل متواترة.(2)
وهي من العقائد الخطيرة التي تحث الشيعة على فعل المنكرات وإفساد المجتمعات، ومن ثم نسبة وإرجاع كل هذه الموبقات إلى صحيفة السني (أهل السُنة) يوم القيامة. ولعل ذكرنا بعض الروايات في الباب يإيجاز يوضح هذه العقيدة وفيها أيضا بيان لأخلاق الشيعة بإعترافهم.
__________
(1) - التوحيد ، للصدوق 336 كمال الدين وتمام النعمة ، للصدوق 69 ، الفصول المختارة ، للشريف المرتضى ، 309 ، المسائل العكبريةن للمفيد ، 99 ، 133 ، تصحيح اعتقادات الإمامية ، للمفيد ، 66 ، الغيبة ، للطوسي ، 82 ، 202 ، الصراط المستقيم ، لعلي بن يونس العاملي ، 2 /273 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 4 /109 ، 122 ، 37 /13 ، 47 /269 ، 50 /241 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 4 /420 ، النجاة في القيامة في تحقيق أمر الإمامة ، لميثم البحراني ، 196 ، عقائد الإمامية ، لمحمد رضا المظفر 46
(2) - الأنوار النعمانية ، لنعمة الله الجزائري ، 1/ 293(1/227)
فعن أبي إسحاق الليثي قال : قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام يا بن رسول الله اخبرني عن المؤمن المستبصر إذا بلغ في المعرفة وكمل هل يزنى ؟ قال : اللهم لا ، قلت : فيلوط ؟ قال : اللهم لا ، قلت : فيسرق ؟ قال : لا ، قلت : فيشرب الخمر ؟ قال : لا ، قلت : فيأتي بكبيرة من هذه الكبائر أو فاحشة من هذه الفواحش ؟ قال : لا قلت : فيذنب ذنبا ؟ قال : نعم هو مؤمن مذنب ملم ، قلت ما معنى ملم قال : الملم بالذنب لا يلزمه ولا يصير عليه قال : فقلت سبحان الله ما أعجب هذا لا يزنى ولا يلوط ولا يسرق ولا يشرب الخمر ولا يأتي بكبيرة ولا فاحشة ، فقال : لا عجب من أمر الله ، ان الله تعالى يفعل ما يشاء ولا يسئل عما يفعل وهم يسئلون فمم عجبت يا إبراهيم ؟ قلت : يا بن رسول الله اني أجد من شيعتكم من يشرب الخمر ويقطع الطريق ويخيف السبل ويزنى ويلوط ويأكل الربوا ويرتكب الفواحش ويتهاون بالصلاة والصيام والزكاة ويقطع الرحم ويأتي الكبائر ، فكيف هذا ولم ذاك ؟ فقال : يا إبراهيم هل يختلج في صدرك شئ غير هذا ، قلت : نعم يا بن رسول الله أخرى أعظم من ذلك ! فقال : وهو ما يا أبا إسحاق ؟ قال : فقلت يا بن رسول الله وأجد من أعدائكم ومناصبيكم من يكثر من الصلاة ومن الصيام ويخرج الزكاة ويتابع بين الحج والعمرة ويحرص على الجهاد ويأثر على البر وعلى صلة الأرحام ويقضي حقوق اخوانه ويواسيهم من ماله ويتجنب شرب الخمر والزنا واللواط وسائر الفواحش فمم ذاك ؟ ولم ذاك ؟ فسره لي يا بن رسول الله وبرهنه وبينه ، فقد والله كثر فكري وأسهر ليلي وضاق ذرعي ، قال : فتبسم الباقر صلوات الله عليه ، ثم قال : يا إبراهيم إن الله تعالى خلق أرضا سبخة خبيثة منتنة ، ثم فجر منها ماء أجاجا آسنا مالحا فعرض عليها ولايتنا أهل البيت فلم تقبلها فاجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام حتى طبقها وعمها ، ثم نضب ذلك الماء عنها ، ثم أخذ من ذلك الطين فخلق منه الطغاة وأئمتهم ،(1/228)
ثم مزجه بثفل طينتكم ولو ترك طينتهم على حالها ولم يمزج بطينتكم لم يشهدوا الشهادتين ولا صلوا ولا صاموا ولا زكوا ولا حجوا ولا أدوا الأمانة ولا أشبهوكم في الصور وليس شئ أكبر على المؤمن من أن يرى صورة عدوه مثل صورته ، قلت يا بن رسول الله فما صنع بالطينتين ، قال : مزج بينهما بالماء الأول والماء الثاني ، ثم عركها عرك الأديم ، ثم أخذ من ذلك قبضة ، فقال : هذه إلى الجنة ولا أبالي ، وأخذ قبضة أخرى ، وقال : هذه إلى النار ولا أبالي ثم خلط بينهما ووقع من سنخ المؤمن وطينته على سنخ الكافر وطينته ووقع من سنخ الكافر وطينته على سنخ المؤمن وطينته ، فما رأيته من شيعتنا من زنا أو لواط أو ترك صلاة أو صوم أو حج أو جهاد أو خيانة أو كبيرة من هذه الكبائر فهو من طينة الناصب وعنصره الذي قد مزج فيه لأن من سنخ الناصب وعنصره وطينته اكتساب المآثم والفواحش والكبائر . وما رأيت من الناصب من مواظبته على الصلاة والصيام والزكاة والحج والجهاد وأبواب البر فهو من طينة المؤمن وسنخه الذي قد مزج فيه لأن من سنخ المؤمن وعنصره وطينته اكتساب الحسنات واستعمال الخير واجتناب المآثم فإذا عرضت هذه الأعمال كلها على الله تعالى قال : انا عدل لا أجور ومنصف لا أظلم وحكم لا أحيف ولا أميل ولا اشطط الحقوا الأعمال السيئة التي اجترحها المؤمن بسنخ الناصب وطينته ، وألحقوا الأعمال الحسنة التي اكتسبها الناصب بسنخ المؤمن وطينته ردوها كلها إلى أصلها.. خذها إليك يا أبا إسحاق فوالله انه لمن غرر أحاديثنا وباطن سرايرنا ومكنون خزائننا ، وانصرف ولا تطلع على سرنا أحدا إلا مؤمنا مستبصرا فإنك إن أذعت سرنا بليت في نفسك ومالك وأهلك وولدك.(1)
__________
(1) - علل الشرائع ، للصدوق ، 2 /606 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 5 /228 ، تفسير الميزان ، للطباطبائي ، 1 /182(1/229)
وعن عبد الله بن كيسان ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : أخالط الناس في التجارات وغير ذلك ، فأرى الرجل حسن السمت وحسن الخلق والأمانة ، ثم أفتشه فأفتشه عن عداوتكم ، وأخالط الرجل فأرى فيه سوء الخلق وقلة أمانة وزعارة ، ثم أفتشه فأفتشه عن ولايتكم فكيف يكون ذلك ؟ - قال : فقال لي : أما علمت يا بن كيسان ، أن الله تبارك وتعالى أخذ طينة من الجنة وطينة من النار فخلطهما جميعا ثم نزع هذه من هذه ، فما رأيت من أولئك من الأمانة وحسن السمت و حسن الخلق ، فمما مستهم من طينة الجنة ، وهم يعودون إلى ما خلقوا منه ، وما رأيت من هؤلاء من قلة الأمانة وسوء الخلق والزعارة ، فمما مستهم من طينة النار ، وهم يعودون إلى ما خلقوا منه.(1)
__________
(1) - المحاسن ، للبرقي ، 1 /136 ، الكافي ، للكليني ، 2 /4 ، شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 8 /10 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 5 /251 ، 64 /86 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 3 /159 ، 5 /183 ، تفسير نور الثقلين ، للحويزي ، 1 /702 ، تفسير الميزان ، للطباطبائي ، 8 /98(1/230)
وفي رواية أنه سئل: أرى الرجل من أصحابنا ممن يقول بقولنا خبيث اللسان ، خبيث الخلطة ، قليل الوفاء بالميعاد ، فيغمني غما شديدا ، وأرى الرجل من المخالفين علينا حسن السمت ، حسن الهدى ، وفيا بالميعاد ، فاغتم لذلك غما شديدا ، فقال : أو تدرى لم ذاك ؟ - قلت : لا ، قال : ان الله تبارك وتعالى خلط الطينتين فعركهما ، وقال بيده هكذا راحتيه جميعا واحدة على الأخرى ، ثم فلقهما ، فقال : هذه إلى الجنة ، وهذه إلى النار ، ولا أبالي ، فالذي رأيت من خبث اللسان والبذاء وسوء الخلطة وقلة الوفاء بالميعاد من الرجل الذي هو من أصحابكم يقول بقولكم فبما التطخ بهذه من الطينة الخبيثة وهو عائد إلى طينته ، و الذي رأيت من حسن الهدى وحسن السمت وحسن الخلطة والوفاء بالميعاد من الرجال من المخالفين فبما التطخ به من الطينة الطيبة ، فقلت : جعلت فداك فرجت عنى فرج الله عنك.(1)
وقد تفطن الشيعة إلى خطورة عقائد الزنادقة هذه، فألتمسوا الأعذار في علة إخفائها، بدلاً من إنكارها. حتي قال الجزائري في قول الصادق رحمه الله الآنف الذكر (ولا تطلع على سرنا أحدا). أنه يجوز أن يكون تقية أو إتقاءاً على الشيعة، فإن عوامهم اذا سمعوا بمثل هذا أقبلوا على الإتيان بأنواع المحارم والذنوب..لعلمهم بأن وبالها الأخروي أنما هو على غيرهم.(2)
والحق أننا قد أعرضا عن تفصيل بيان هذه العقائد وذكر غيرها، خشية خروجنا عن موضوع الكتاب، فإن بيانها يتطلب مجلدات. ومن أراد التفصيل فعليه بطلبها في مظانها.
__________
(1) - المحاسن ، للبرقي ، 1 /137 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 5 /251 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 2 /30
(2) - الأنوار النعمانية ، لنعمة الله الجزائري ، 1/295(1/231)
وفيما ذكرناه كفابة لمعرفة علة أخذ القوم بالتقية، فإن أمثال هذه العقائد لا علاقة لها بالإسلام، فوجب على القائلين بها إخفائها وسترها، خشية أخذهم بها بحجة الزندقة الإلحاد، ومن ثم حملوا هذا الإخفاء على مبدأ التقية، والذي قد عرفت أنه إظهار الكفر عند الضرورة مع إبطان الإيمان وليس العكس. فتأمل.
الباب الثاني
نقد روايات التقية ودراسة أسانيدها
ذكرنا في غير هذا الكتاب ان هناك آلاف الروايات حوتها مصادر المسلمين في شتى العلوم، كلها موضوعة على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومنسوبة اليه والى صحابته رضوان الله عليهم والى الأئمة رحمهم الله.
ووضع الحديث عادة قديمة، وقد اختلفت أسباب هؤلاء الوضاعين بين زنادقة اظهروا الإيمان وابطنوا الكفر ووضعوا الأحاديث إستخفافا بالدين وتلبيسا على المسلمين، وبين أصحاب اهواء وعصبيات ومذاهب، يضعون ما ينتصرون به لمذاهبهم، وبين من وضع ذلك ترغيبا في فضائل الأعمال وترهيبا من النار إلى غير ذلك من أسباب ذكرها واتفق عليها كل من تكلم في هذا الباب.
وكان لإنتشار هذه الروايات في كتب الفقه والتفسير والتاريخ والسير والمغازي وغيرها، اثر سيىء في نشوء عقائد ما انزل الله بها من سلطان، أدت بدورها إلى ظهور فرق ومذاهب باطله جل بنيانها على هذه الموضوعات، ولم يكن يتورع أصحابها في ان يصيروا كل ما هوته قلوبهم وأنفسهم حديثا.
وكان المسلمون الأوائل لا يسألون عن الإسناد حتى وقعت الفتن بينهم، فكان ان سألوا عن الرجل فإن كان من أهل السُنة اخذوا حديثه وان كان من أهل البدعة فلا يؤخذ حديثه.
فصار الإسناد المتصل إلى الرسول أو الأئمة عندهم هو السبيل إلى معرفة الشرايع والأحكام، فتشددوا في معرفة حال كل من وقع في إسناد حديث حتى قيل لهم: اتريدون ان تزوجوه؟
وكان إبن عباس رضي الله عنهم يقول: ان هذا العلم دين فأنظروا عمن تأخذوا دينكم.(1/232)
وكان من هدي الرعيل الأول ان يأتوا بالإسناد قبل الحديث ويقولون: لا يصلح ان يرقى السطح إلا بدرجة، وقالوا: ما ذهاب العلم إلا ذهاب الإسناد، وانما يعلم صحة الحديث من الإسناد، وان الإسناد سلاح المؤمن فإذا لم يكن معه سلاح فبأي شيء يقاتل، وان الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء، ومثل الذي يطلب أمر دينه بلا إسناد كمثل الذي يرقى السطح بلا سلم، ومثل الذي يطلب الحديث بلا إسناد كمثل حاطب ليل يحمل حزمة حطب وفيه افعى وهو لا يدري، وغيرها من أقوال بينوا فيها اهمية الإسناد.
فكان ان ظهر علم الرجال، الذي يبحث في احوال رجال الأسانيد المنتهية إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو الصحابة رضي الله عنهم أو الأئمة رحمهم الله لمعرفة صحة نسبة هذا الحديث أو ذاك اليهم من حيث خلو إسنادها من وضاعين إلى غيرها من علل وشذوذ.
وقد اورد الشيعة من طرقهم حث الأئمة رحمهم الله على التثبت في نقل الأخبار بعد أن هالهم حجم الكذب علبهم.
فعن الصادق رحمه الله قال: انا أهل بيت صادقون لا نخلوا من كذاب يكذب علينا فيسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس.(1)
وقال رحمه الله: إن الناس قد أولعوا بالكذب علينا ، وإني أحدث أحدهم بالحديث فلا يخرج من عندي حتى يتأوله على غير تأويله ، وذلك أنهم كانوا لا يطلبون بأحاديثنا ما عند الله وإنما يطلبون الدنيا وكل يحب أن يدعى رأسا.(2)
__________
(1) - الكشي ، 257 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2/217 ، 25/262
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2 /246 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 1 /226 ، فرائد الأصول ، للأنصاري ، 1 /326 ، تاريخ آل زرارة ، لأبو غالب الزراري ، 51 ، اختيار معرفة الرجال ، للطوسي ، 1 /347 ، إكليل المنهج في تحقيق المطلب ، للكرباسي ، 50 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 8 /232 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 7 /48 ، موسوعة المصطفى والعترة (ع) ، لحسين الشاكري ، 8 /429(1/233)
وقال: لا تقبلوا علينا حديثا إلا ما وافق الكتاب والسنة ، أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة ، فان المغيرة بن سعيد دس في كتب أصحاب أبي احاديث لم يحدث بها أبي، فأتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا وسنة نبينا محمد فإنا إذا حدثنا قلنا: قال الله عزوجل وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.(1)
وعن يونس بن عبدالرحمن قال: وافيت العراق فوجدت جماعه من أصحاب أبي جعفر وابي عبدالله متوافرين، فسمعت منهم، واخذت كتبهم، وعرضتها من بعد على أبي الحسن فأنكر منها احاديث كثيرة ان تكون من أصحاب أبي عبدالله، وقال: ان أباالخطاب كذب على أبي عبدالله، لعن الله أباالخطاب وكذلك أصحاب أبي الخطاب، يدسون من هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبدالله فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن.(2)
__________
(1) - مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، ا للنوري ، 10 /48(ه( ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2 /250 ، 69 /211(ه( ، 84 /101(ه( ، 96 /262(ه) ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 1 /262 ، رسائل في دراية الحديث ، للبابلي ، 2 /229(ه( ، 237 ، 254 ، أصول الحديث ، لعبد الهادي الفضلي 147 ، اختيار معرفة الرجال ، للطوسي ، 2 /489 ، رجال ابن داود ، 279 ، توضيح المقال في علم الرجال ، للملا على كني 38 ، رجال الخاقاني ، 209 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 19 /300 ، قاموس الرجال ، للتستري ، 10 /188 ، 11 /181
(2) - رجال الكشي ، 195 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2/249 معجم الخوئي ، 18/276 ، 20/208(1/234)
وعنه أيضا قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : كان المغيرة بن سعيد يتعمد الكذب على أبي ، ويأخذ كتب أصحابه ، وكان أصحابه المستترون بأصحاب أبي يأخذون الكتب من أصحاب أبي فيدفعونها إلى المغيرة ، فكان يدس فيها الكفر والزندقة ، ويسندها إلى أبي ثم يدفعها إلى أصحابه . فيأمرهم أن يبثوها في الشيعة ، فكلما كان في كتب أصحاب أبي من الغلو فذاك مما دسه المغيرة بن سعيد في كتبهم.(1)
__________
(1) - تحف العقول ، لابن شعبة الحراني ، 310(ه) ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2 /250 ، 46 /332(ه) ، 64 /202(ه) ، 75 /289(ه) ، رسائل في دراية الحديث ، للبابلي ، 2 /253 ، 528(ه) ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 8 /163 ، أصول الحديث ، لعبد الهادي الفضلي ، 143 ، اختيار معرفة الرجال ، للطوسي ، 2 /491 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 19 /300 ، قاموس الرجال ، للتستري ، 10 /189(1/235)
وعن إبراهيم بن أبي محمود قال: فقلت للرضا : يا بن رسول الله ان عندنا اخبارا في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام وفضلكم أهل البيت وهي من رواية مخالفيكم ولا نعرف مثلها عندكم أفندين بها ؟ فقال : يا ابن أبي محمود ان مخالفينا وضعوا اخبارا في فضائلنا وجعلوها على ثلاثة أقسام أحدها الغلو وثانيها التقصير في أمرنا وثالثها التصريح بمثالب أعدائنا فإذا سمع الناس الغلو فينا كفروا شيعتنا ونسبوهم إلى القول بربوبيتنا وإذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا وإذا سمعوا مثالب أعداءنا بأسمائهم ثلبونا بأسماءنا وقد قال الله عز وجل : ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ) يا ابن أبي محمود إذا اخذ الناس يمينا وشمالا فالزم طريقتنا فإنه من لزمنا لزمناه ومن فارقنا فارقناه ان أدنى ما يخرج به الرجل من الايمان أن يقول للحصاة هذه نواه ثم يدين بذلك ويبرء ممن خالفه يا بن أبي محمود احفظ ما حدثتك به فقد جمعت لك خير الدنيا والآخرة.(1)
ولهذا كله وضع القوم شروطا لقبول الحديث، وهو ما إتصل سنده إلى الإمام المعصوم بنقل العدل الإمامي عن مثله في جميع الطبقات، وزاد البعض: ان يكون العدل ضابطا، وان لا يعتريه شذوذ، وان لا يكون معللا.(2)
__________
(1) - عيون أخبار الرضا (ع) ، للصدوق ، 2 /272 ، من لا يحضره الفقيه ، للصدوق ، 4 /502(ه) ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 26 /239 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 8 /222 ، مسند الإمام الرضا (ع) ، لعزيز الله عطاردي ، 1 /237 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 8 /159 ، مستدركات علم رجال الحديث ، للنمازي ، 1 /111 ، أهل البيت في الكتاب والسنة ، للريشهري ، 529
(2) - مقباس الهداية ، 1/145 وما بعدها(1/236)
ووضعوا معايير علميه تثبت بها الوثاقة أو الحسن، منها: نص احد ائمتهم المعصومين، أو نص احد اعلامهم المتقدمين، كالبرقي، وابن قولويه، والكشي، والصدوق، والمفيد، والنجاشي، والطوسي، واضرابهم، أو نص احد أعلامهم المتأخرىن، كمنتجب الدين، وإبن شهرأشوب، أو دعوى الإجماع من قبل الاقدمين.(1)
وقد إتفق المسلمون على حرمة نقل الحديث إذا كان موضوعا لكونها إعانة على الإثم وإشاعة للفاحشة وإضلالا للمسلمين، وأن من اراد ان يروي حديثا ضعيفا أو مشكوكا في صحته بغير إسناد، يقول: روي، أو بلغنا، أو ورد، أو جاء، أو نقل، ونحوه من صيغ التمريض، ولا يذكره بصيغة الجزم، كقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ولو أتى بالإسناد مع المتن لم يجب عليه بيان الحال، لأنه قد أتى به عند أهل الإعتبار.(2)
ولا شك ان قولهم: ان الإتيان بالخبر مع الإسناد يغني عن بيان الحال، صحيح على نحو ما، فإن كثيرا من كتب المسلمين مليئة بالروايات الموضوعه بأسانيدها، ولا غرابة في ذلك إذا علمنا ان علمائنا الأوائل يمرون بمراحل في التأليف، بدأ بالجمع والذكر لكل ما سمعوه في المقام، وانتهاء بتحقيق الروايات لتميز الغث من السمين، وقد يقتصر أكثرهم على الأول، اى الجمع والذكر لكل ما سمعوه، معتقدين برائة ذمتهم ما داموا قد ذكروا الإسناد الذي يمكن من خلاله معرفة صدق الخبر من كذبه، وذلك لإستحالة تحقيق كل خبر في حينه، لإعتبارات عده كأن يكون للحديث المذكور طرق أخرى ينجبر به، أو ان ضعف بعض الرواة لم يثبت عنده، وغيرها، وأضف إلى ذلك عدم إشتراطهم لذكر الحديث ان يكون صحيحا، كما صرحوا بذلك في مقدمة مصنفاتهم، مع هذا فلم يجز العلماء رواية أمثال هذه الموضوعات دون بيان وضعه، وعدوا من فعل ذلك مذنب عليه التوبة.
__________
(1) - معجم الخوئي ، 1/39 كليات في علم الرجال ، 151
(2) - مقباس الهداية ، 1/417(1/237)
ونحن في هذا الباب إن شاء الله سنورد جميع ما وقفنا عليه من روايات في باب التقية من طرق الشيعة، ثم ننظر في أسانيدها وهل يصح منها شيء بإعتبارات الصحة إلى مرت بك آنفا، هذا ناهيك عن وجوب التواتر الذي يراه الشيعة في مرويات عقائدهم.
الرواية الأولى: الكليني: علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن إبن أبي عمير، عن هشام بن سالم وغيره عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل: أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا..[القصص : 54]، قال: بما صبروا على التقية –وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ [القصص : 54] – القصص 54، قال: الحسنة التقية والسيئة الإذاعة.(1)
علي بن ابراهيم صاحب التفسير، اما والده ابراهيم بن هاشم، فرغم كل ما قيل فيه، إلا انه لم يصرح احد بوثاقته حتى قال الحلي في ذلك: لم اقف لاحد من أصحابنا علي قول في القدح فيه، ولا تعديل بالتنصيص والروايات عنه كثيرة. والأرجح قبول روايته.(2)
وقد استمات الخوئي وغيره(3)في اثبات وثاقته ضاربين بعرض الحائط كل الامور التي تثبت بها الوثاقة أو الحسن، كنص احد المعصومين، أو نص احد الاعلام المتقدمين، اونص احد الاعلام المتأخرىن، أو دعوي الإجماع من قبل الاقدمين وغيرها من الاصول التي وضعوها في ذلك، وجاءوا بامور لا تخلو من اشكال، منها قول القمي نفسه بصحة كل ما ورد في تفسيره، ومنها وقوعه في إسناد كامل الزيارات.
__________
(1) - الكافي ، 2/217 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/204
(2) - رجال الحلي ، 4 معجم الخوئي ، 1/317
(3) - معجم الخوئي ، 1/316 مقدمة التفسير ، 6(1/238)
ولا شك ان الخوئي وغيره معذورين في ذلك لأن رواياته تبلغ ستة آلاف ومائتين واربعة عشر موردا، فعز عليهم اسقاط كل ذلك، ولكن الذي ينبغي ان لا نعذر فيه الخوئي ولا غيره على اجتهادهم في اثبات صحة هذا التفسير، هو تلك المصائب التي ملئ بها القمي تفسيره كالقول بتحرف القرآن، والطعن في الصحابة وقذف امهات المؤمنين بالفاحشة، وغيرها، ولهذا طعن بعض المحققين(1)من القوم في نسبة التفسير إلى القمي، أو القول ان التفسير ليس للقمي وحده، وانما هو ملفق مما املاه القمي علي تلميذه أبي الفضل العباس الذي ليس له ذكر في الاصول الرجالية ولا يعرف من هو، وما رواه التلميذ بسنده الخاص عن أبي الجارود عن الإمام الباقر. ويتبين ذلك بجلاء في موارد عده من التفسير من التعابير التالية: رجع إلى تفسير علي بن ابراهيم أو رجع إلى رواية علي بن ابراهيم أو رجع الحديث إلى على بن ابراهيم ومعه يحصل علم اجمالي بكونه خليطا من تفسيره وتفسير غيره وحيث لا يمكن التمييز فيسقط جميعه عن الاعتبار كما رأى البعض.(2)
ومن الذين فصلوا القول في هذا الشيخ جعفر السبحاني، حيث خلص إلى القول: بأنه كيف يمكن الاعتماد علي ما ذكر في ديباجة الكتاب(3)لو ثبت كون الديباجة لعلي بن ابراهيم نفسه؟ وقال: ثم ان الاعتماد علي هذا التفسير بعد هذا الاختلاط مشكل جدا، خصوصا مع ما فيه من الشذوذ في المتون.(4)
هذا ما كان من أمر القمي وأبيه، وهشام بن سالم رغم توثيقه لم يسلم من رواية في ذمه على لسان الرضا لأنه قال ان الله عزوجل صورة وان آدم خلق على مثل الرب فنصف هذا ونصف هذا، ردها الخوئي.(5)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22/240 الحاشية كليات في علم الرجال ، 320
(2) - دروس تمهيدية في القواعد الرجالية ، 34
(3) - يشير الى قول القمي في المقدمة من روايته للتفسير عن الثقات
(4) - كليات في علم الرجال ، 309 وما بعده
(5) - معجم الخوئي ، 19/301(1/239)
الرواية الثانية: الكليني: إبن أبي عمير، عن هاشم بن سالم، عن أبي عمر الأعجمي قال: قال لي ابوعبدالله عليه السلام: يا أباعمر ان تسعة اعشار الدين في التقية ولا دين لمن لا تقية له والتقية في كل شيء.(1)
مر الكلام في هاشم بن سالم، والاعجمي مجهول الحال.(2)
الرواية الثالثة: الكليني: محمد بن يحيى، عن احمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، والحسين بن سعيد جميعا، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن حسين بن أبي العلاء عن حبيب بن بشر قال: قال ابوعبدالله عليه السلام: سمعت أبي يقول: لا والله ما على وجه الأرض شيء احب الي من التقية، ياحبيب انه من كانت له تقية رفعه الله، يا حبيب من لم تكن له تقية وضعه الله.(3)
احمد بن محمد بن عيسى، ذكر الكليني رواية في ذمه وانه كان شديد التعصب في لعروبة(4)، ومحمد بن خالد البرقي مختلف فيه(5)، وكذا حال إبن أبي العلاء(6)، وحبيب بن بشر مجهول الحال.(7)
__________
(1) - الكافي ، 2/217 المحاسن ، 259 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/423 ، 79/172 ، 80/267 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/204 ، 215
(2) - معجم الخوئي ، 21/257
(3) - الكافي ، 2/217 المحاسن ، 256 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/398 ، 426 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/205
(4) - الكافي ، 1/324 معجم الخوئي ، 2/299
(5) - معجم الخوئي ، 16/64 النجاشي ، 2/220 تنقيح المقال ، 3/112 مجمع الرجال ، 5/205 جامع الرواة ، 2/110
(6) - معجم الخوئي ، 5/182 رجال أبي داود ، 79
(7) - معجم الخوئي ، 4/220(1/240)
الرواية الرابعة: الكليني: علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عمن اخبره، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ [فصلت : 34]، قال: الحسنة: التقية والسيئة: الإذاعة، وقوله عزوجل: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [فصلت : 34]، قال: التي هي احسن التقية.(1)
مر الكلام في القمي صاحب التفسير وابيه، وحماد هو بن عيسى الجهني وثقه القوم إلا انه ورد فية ذم لمخالفته أمر الإمام الجواد، ولكن الخوئي رد رواية ذمه هذه، ولا بد فالرجل وقع في إسناد أكثر من الف وستة وثلاثين رواية.(2)
وحريز بن عبدالله السحستاني ذكره بن داود في القسم الثاني من رجاله والذي جعله للمجروحين والمجهولين، حيث لم تثبت وثاقته عنده وذكرة بلفظ قيل ثقه(3)، وردت فيه رواية صححها الخوئي تدل على جفاء الصادق له وحجبه عنه(4)، ثم ان السند منقطع بينه وبين الصادق رحمه الله.
الرواية الخامسة: الكليني: محمد بن يحيى، عن احمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن هشام الكندي قال: سمعت أباعبدالله عليه السلام يقول: ما عبدالله بشيء احب اليه من الخبء قلت: وما الخبء؟ قال: التقية.(5)
مر بعض رجال السند، والكندي مجهول الحال.(6)
__________
(1) - الكافي ، 2/218 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/428 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/206
(2) - معجم الخوئي ، 6/224
(3) - رجال بن داود الحلي ، 237
(4) - رجال الكشي ، ترجمة 166 رجال النجاشي ، 1/341 معجم الخوئي ، 4/242 ، 249
(5) - الكافي ، 2/219 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/431 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/207 ، 219
(6) - معجم الخوئي ، 19/311(1/241)
الرواية السادسة: الصدوق: أبي قال حدثنا علي بن ابراهيم عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبدالرحمن عن هشام إبن سالم قال سمعت الصادق عليه السلام قال: ما عبدالله بشيء احب الي من الخبء، قلت: وما الخبء؟ قال: التقية.(1)
الصدوق نفسه لم يسلم من الطعن فيه، والخلاف في توثيقه، حتى توقف فيه البعض بحجة انه لم يصرح بتوثيقه احد من علماء الرجال.(2)
علي بن ابراهيم مر ذكره، ومحمد بن عيسى اليقطيني ضعفة البعض وقيل انه يذهب مذهب الغلاة، ومن وثقه رد رواياته عن يونس كروايتنا هذه(3)، ويونس هذا وردت فيه روايات متعارضه.(4)
الرواية السابعة: الكليني: محمد بن يحيى، عن احمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي عمرو الكناني قال: قال ابوعبدالله عليه السلام: أبى الله عزوجل لنا ولكم في دينه إلا التقية.(5)
مر ذكر بعض رجال السند، والكناني مجهول الحال.(6)
الرواية الثامنة: الكليني: محمد بن يحيى، عن احمد بن محمد، عن معمر بن خلاد قال: سألت أباالحسن عليه السلام عن القيام للولاة فقال: قال ابوجعفرعليه السلام: التقية من ديني ودين آبائي ولا إيمان لمن لا تقية له.(7)
مر ذكر بعض رجال السند.
__________
(1) - معاني الأخبار ، 162 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/396
(2) - أنظر تفصيل ذلك: معجم الخوئي ، 16/323 روضات الجنات ، 6/136 لؤلؤة البحرين ، 374 الخصال ، مقدمة المحقق ، صفحة ب
(3) - أنظر تفصل ذلك في معجم الخوئي ، 17/110 ، 20/199
(4) - أنظر معجم الخوئي ، 20/198
(5) - الكافي ، 2/218 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/428 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/206
(6) - معجم الخوئي ، 21/263
(7) - الكافي ، 2/219 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/204(1/242)
الرواية التاسعة: الكليني: عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن عبدالله بن يحيى عن حريز عن معلى بن خنيس قال: قال ابوعبدالله عليه السلام: : يا معلى اكتم أمرنا ولا تذعه ، فانه من كتم أمرنا ولم يذعه أعزه الله به في الدنيا وجعله نورا بين عينيه في الآخرة ، يقوده إلى الجنة ، يا معلى من أذاع أمرنا ولم يكتمه أذله الله به في الدنيا ونزع النور من بين عينيه في الآخرة وجعله ظلمة تقوده إلى النار ، يا معلى: ان التقية من ديني ودين آبائي ولا دين لمن لا تقية له.(1)
مر ذكر معظم رجال السند، وعبدالله بن يحيى لم يمكن تميزه(2)، وبن خنيس اختلفت الأقوال فيه حيث ذهب إلى ضعفه النجاشي والغضائري وغيرهما وتوقف فيه الحلي.(3)
الرواية العاشرة: أبان بن عياش عن سليم بن قيس عن أمير المؤمنين عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال له في حديث طويل جدا: والتقية من دين الله ولا دين لمن لا تقية له.(4)
أبان بن أبي عياش، تابعي ضعيف كما قال الطوسي، وقال فيه إبن الغضائري: ضعيف لا يلتفت اليه، وينسب أصحابنا وضع كتاب سليم إبن قيس اليه.(5)
__________
(1) - الكافي ، 2/223 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/76 ، 422 مشكاة الأنوار ، 40 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/210
(2) - معجم الخوئي ، 10/375
(3) - النجاشي ، 2/363 مجمع الرجال ، 6/110 رجال الحلي ، 259 اصول علم الرجال ، لداوري ، 589
(4) - سليم بن قيس ، 160 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 33/153
(5) - 2- معجم الخوئي ، 1/141 جامع الرواة ، 1/9 رجال داود الحلي ، 225(1/243)
وسليم نفسه اضطربت أقوال القوم فيه وفي كتابه الذي حوى لمسائل تخالف التاريخ وما عليه القوم، مثل جعله الأئمة ثلاثة عشر، وقصة وعظ محمد بن أبي بكر أباه عند موته مع ان عمر محمد وقتئذ كان اقل من ثلاث سنين، حتى نسب البعض وضع الكتاب إلى بأن بن أبي عياش كما مر بك، أو القول انه لا يعرف ولا ذكر في خبر، أو ان كتابه هذا موضوع لا مرية فيه، وان تاريخ وضعه ربما يكون في اواخر الدولة الاموية، إلى آخر ما قيل فيه.(1)
الرواية الحادية عشرة: البرقي: أبي عن عبدالله بن يحيى، عن حريز بن عبدالله السجستاني، عن معلى بن خنيس، قال: قال ابوعبدالله عليه السلام: يا معلى ان التقية ديني ودين آبائي، ولا دين لمن لا تقية له.(2)
مر الكلام في رجال سند هذه الرواية.
الرواية الثانية عشرة: الكليني: عدة من أصحابنا، عن احمد بن محمد بن خالد البرقي، عن عثمان بن عيسي، عن سماعة، عن أبي بصير قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: التقية من دين الله، قلت: من دين الله؟ قال: إي والله من دين الله.(3)
مر الكلام في بعض رجال السند، وعثمان بن عيسى قالوا فيه: لا ينبغي الشك في انه كان منحرفا عن الحق ومعارضا للرضا عليه السلام وغير معترف بإمامته وقد استحل اموال الإمام عليه السلام.(4)
__________
(1) - أنظر تفاصيل ذلك في: معجم الخوئي ، 8/216 رجال العلامة الحلي ، 82 رحال بن داود ، 249 تعليق الشعراني على شرح المازندراني للكافي ، 2/373 الموضوعات في الآثار والأخبار ، 184 دراسات في الحديث والمحدثين ، 197 خاتمة وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 210 جامع الرواة ، 1/374 مجمع الرجال ، 2/155 ، 3/157 رجال النجاشي ، 1/68 (الحاشية) تنقيح المقال ، 2/52
(2) - المحاسن ، 255 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2/73
(3) - الكافي ، 2/217 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 12/55 ، 75/407 ، 425 المحاسن ، 258 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/209 ، 215
(4) - أنظر تفصيل ذلك في: معجم الخوئي ، 11/117(1/244)
وسماعة بن مهران رغم توثيق النجاشي له إلا ان اضرابه ضعفوة وذكروه تحت قسم من لا يعتمد على رواياتهم.(1)، وفي أبي بصير وردت روايات متعارضه بين مادحة فيه وأخرى ذامة.(2)
الرواية الثالثة عشرة: الصدوق: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي ضي الله عنه، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه قال: حدثنا محمد بن أبي نصر قال حدثني احمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير قال: قال ابوعبدالله عليه السلام: التقية دين الله..فذكر الرواية السابقة.(3)
المظفر مجهول الحال وان كان من مشايخ الصدوق(4)، والعياشي وان كان ثقة في نفسه إلا انه يروي عن الضعفاء كثيرا(5)، وبن أبي نصر مجهول الحال(6)، وبقية السند مر الكلام في رجاله.
الرواية الرابعة عشرة: الصدوق: حدثنا المظفر بن جعفر العلوي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه قال: حدثنا ابراهيم بن علي قال: حدثنا ابراهيم بن اسحاق، عن يونس بن عبدالرحمن، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سمعت أباجعفر عليه السلام يقول: لا خير فيمن لا تقية له.(7)
__________
(1) - معجم الخوئي ، 8/297
(2) - أنظر تفصيل ذلك في: معجم الخوئي ، 14/140
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 12/278 علل الشرايع ، 51
(4) - معجم الخوئي ، 18/178 ، أنظر قول الخوئي في مشايخ الصدوق ، معجم الخوئي ، 2/86 ، 4/120
(5) - معجم الخوئي ، 17/224 رجال النجاشي ، 2/247
(6) - معجم الخوئي ، 14/298
(7) - علل الشرايع ، 51 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 12/278 ، 71/14 ، 75/407(1/245)
مر ذكر بعض رجال السند في الرواية السابقة، وابراهيم بن علي لم اقف له على ترجمه، وكذلك حال ابراهيم بن اسحاق، فإن كان الاحمري النهاوندي فهو ضعيف ومتهم في حديثه ودينه(1)، وعلي بن أبي حمزة البطائني كذاب متهم.(2)
الرواية الخامسة عشرة: الكليني: أبوعلي الاشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن العباس بن عامر عن جابر المكفوف، عن عبدالله بن أبي يعفور، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: اتقوا على دينكم فأحجبوه بالتقية فإنه لا إيمان لمن لا تقية له.(3)
العباس بن عامر القصباني مجهول(4)، والمكفوف لم يرد فيه ما يدل على وثاقته بإعتبار معايير القوم.(5)
الرواية السادسة عشرة: الكليني: علي، عن أبيه، عن إبن محبوب، عن جميل بن صالح، عن محمد بن مروان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: كان أبي عليه السلام يقول: واي شيء أقر لعيني من التقية ان التقية جنة المؤمن.(6)
مر الكلام في بعض رجال السند، وبن مروان لم يمكن تميزه.
الرواية السابعة عشرة: الكليني: علي بن ابراهيم عن أبيه عن إبن أبي عمير عن إبن اذينة عن اسماعيل الجعفي ومعمر بن يحيى بن سام ومحمد بن مسلم وزرارة قالوا: سمعنا أباجعفر عليه السلام يقول: التقية في كل شيء يضطر اليه إبن آدم فقد احله الله له.(7)
__________
(1) - معجم الخوئي ، 1/204 رجال النجاشي ، 1/94 رجال العلامة الحلي ، 198
(2) - معجم الخوئي ، 11/214 رجال الحلي ، 96 اصول علم الرجال ، للداوري 530
(3) - الكافي ، 2/218 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 24/112 ، 75/426
(4) - معجم الخوئي ، 9/231
(5) - معجم الخوئي ، 4/27
(6) - الكافي ، 2/220 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/204 ، 211
(7) - الكافي ، 2/220(1/246)
مر الكلام في بعض رجال السند، وبقية السند الأقوال فيهم مضطربه فقد ورد أكثرهم في رواية ذمهم فيها الصادق حيث قال: هلك المترئسون – وفي نسخه: المستريبون – في اديانهم منهم زرارة وبريد ومحمد بن مسلم واسماعيل الجعفي.(1)
الرواية الثامنة عشرة: الكليني: على بن ابراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن إبن مسكان، عن حريز عن أبي عبدالله عليه السلام قال: التقية ترس الله بينيه وبين خلقه.(2)
مر الكلام في جل رجال السند.
الرواية التاسعة عشرة: الكليني: ابوعلي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار عن محمد بن اسماعيل عن علي إبن النعمان عن إبن مسكان عن عبدالله إبن أبي يعفور قال: سمعت أباعبدالله عليه السلام يقول: التقية ترس المؤمن والتقية حرز المؤمن ولا إيمان لمن لا تقية له(3)
الرواية العشرون: الصدوق: حدثنا احمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد قال: قال علي بن موسي الرضا عليه السلام: لا دين لمن لا ورع له ولا إيمان لمن لا تقية له ان اكرمكم عند الله عزوجل اعملكم بالتقية . فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منا.(4)
القمي ووالده مر الكلام فيهما، وبن معبد مجهول(5)، والحسين بن خالد الصيرفي لم تثبت وثاقته.(6)
__________
(1) - معجم الخوئي ، 3/117 ، 17/255
(2) - الكافي ، 2/220
(3) - الكافي ، 2/221 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/437 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/205
(4) - كمال الدين ، 346 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 52/321 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/210 ، 211
(5) - معجم الخوئي ، 12/181
(6) - معجم الخوئي ، 5/228(1/247)
الرواية الحادية والعشرون: المجلسي: وجدت في بعض الكتب مرويا عن احمد بن محمد الكوفي عن حنان بن سدير عن أبيه سدير الصيرفي عن أبي اسحاق الليثي عن الباقر عليه السلام أنه قال: ان التقية من ديننا ودين آبائنا ومن لا تقية له فلا دين له ولو قلت ان تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقا.(1)
الكوفي لم يمكن تميزه، وحنان بن سدير مهما يكن فهو واقفي(2)، وأبيه وردت في ذمه روايات(3)، ولم اقف على ترجمة لأبي اسحاق الليثي.
الرواية الثانية والعشرون: داود الصرمي قال: قال لي ابوالحسن عليه السلام: ياداود لو قلت ان تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقا.(4)
الصرمي مجهول(5)والسند غير مكتمل.
الرواية الثالثة والعشرون: الصدوق: عن إبن مسرور عن إبن عامر عن عمه عن إبن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن الصادق عليه السلام أنه قال: لا دين لم لا تقية له ولا إيمان لمن لا ورع له.(6)
بن مسرور هو جعفر بن محمد بن مسرور، وليس هو بن قولويه كما توهم البعض، والرجل لم تثبت وثاقته ولا حسنه وقد ضعف الإمام الخوئي الطريق.(7)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 67/102
(2) - معجم الخوئي ، 8/34 روضة الكافي ، 272 مجمع الرجال ، 3/97 جامع الرواة ، 1/350
(3) - معجم الخوئي ، 13/62
(4) - السرائر ، 478 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/414 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/211
(5) - معجم الخوئي ، 7/128 ، 137
(6) - صفات الشيعة ، 179 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 67/303
(7) - معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 5/ 90 ، 8/ 21 ، 11 / 309 ، 12 /100 ، المفيد من معجم رجال الحديث ، لمحمد الجواهري ، 113 ، كتاب الصلاة ، للخوئي ، 4/ 235 ، جامع الرواة ، للأردبيلي ، 2/ 53(1/248)
الرابعة الرابعة والعشرون: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور ( ره ) قال حدثنا الحسين بن محمد بن عامر عن عمه عبد الله بن عامر عن محمد بن أبي عمير عن ابان بن عثمان عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال لا دين لمن لا تقية ولا ايمان لمن لا ورع له .
هذا السند كسابقه.
الرواية الرابعة والعشرون: الحميري: حدثنا احمد بن اسحاق بن سعد قال: حدثنا بكر بن محمد الازدي عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ان التقية ترس المؤمن ولا إيمان لمن لا تقية له.(1)
الأزدي مختلف فيه بين ثقة وآخر لم تثبت وثاقته، والكثير على انه واحد.(2)وفي نسبة كتاب قرب الإسناد عبدالله بن جعفر الحميري كلام.
الرواية الخامسة والعشرون: الصدوق: حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا احمد بن ادريس عن محمد بن أبي الصهبان عن محمد بن أبي عمير عن جميل بن صالح عن محمد بن مروان عن أبي عبدالله عليه السلام قال: يا محمد كان أبي عليه السلام يقول: يا بني ما خلق الله شيئا اقر لعين أبيك من التقية.(3)
مر الكلام في بعض رجال السند.
الرواية السادسة والعشرون: الصدوق: حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا احمد بن ادريس قال: حدثني أبوسعيد الآدمي قال: حدثنا الحسن بن الحسين اللؤلؤي عن إبن أبي عمير عن عبدالله بن جندب عن أبي عمر العجمي قال: قال لي ابوعبدالله عليه السلام: يا أباعمر ان تسعة اعشار الدين في التقية ولا دين لمن لا تقية له والتقية في كل شيء.(4)
__________
(1) - قرب الإسناد ، 17 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/394
(2) - خلاصة الأقوال ، للحلي ، 33 ، 80 ، التحرير الطاووسي ، 41 ، رجال الخاقاني ، 185 ، معجم الخوئي ، 4/ 259
(3) - الخصال ، 22 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/394 ، 398 المحاسن ، 259 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/209
(4) - الخصال ، 22 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/394 ، 399 ، 423 المحاسن ، 259(1/249)
أبوسعيد الآدمي، هو سهل بن زياد، قال فيه النجاشي: ضعيف شهد عليه بالكذب والغلو وطرد من قم، وقال فيه الطوسي: ضعيف جدا، ونقل الكشي قول بن شاذان فيه: هو الاحمق، وقال فيه الغضائري: ضعيف جدا فاسد الرواية والمذهب اخرج من قم واظهر البراءة منه ونهي الناس عن السماع منه والرواية عنه، ويروي المراسيل ويعتمد المجاهيل، وقال فيه الخوئي: ضعيف جزما ولم تثبت وثاقته(1)، وسهل هذا روى أكثر من الفين وثلاثمائة مبثوثة في كتب القوم.، والعجمي مر ذكر جهالته.
الرواية السابعة والعشرون: الطوسي: أبومحمد الفحام قال: حدثني المنصوري قال: حدثني عم أبي موسي بن عيسى بن احمد قال: حدثني الإمام علي بن محمد قال: حدثني أبي عن أبيه علي بن موسي قال: حدثني أبي موسي بن جعفر قال: قال الصادق عليه السلام: عليكم بالتقية فإنه ليس منا من لم يجعله شعاره ودثاره مع من يأمنه ليكون سجيته مع من يحذره.(2)
المنصوري ان كان محمد بن احمد العلوي الهاشمي كما في رواياته عن الفحام قال فيه الخوئي لم تثبت وثاقته(3)، موسى بن عيسى بن احمد لم اجد ترجمته.
__________
(1) - معجم الخوئي ، 8/340 رجال النجاشي ، 1/417 ، 2/243 فهرست الطوسي ، 110 الإستبصار ، 3/261 مجمع الرجال ، 3/179 رجال بن داود ، 249 ، 294 رجال العلامة الحلي ، 228
(2) - أمالي الطوسي ، 299 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/395 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/212
(3) - معجم الخوئي ، 15/55(1/250)
الرواية الثامنة والعشرون: الصدوق: حدثنا احمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي السكري، قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهري، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، عن سفيان إبن سعيد، قال: سمعت أباعبدالله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام يقول: يا سفيان عليك بالتقية فإنها سنة ابراهيم الخليل عليه السلام.يا سفيأن من استعمل التقية في دين الله فقد تسنم الذروة العليا من العز.(1)
القطان، قال فيه الخوئي: هو من مشايخ الصدوق، وتوهم بعضهم حسن الرجل من ترحم الصدوق عليه، وهو عجيب، كيف وقد ترحم الأئمة لعموم الزائرين لقبر الحسين، بل افرط بعضهم فذكر ان الصدوق وصفه بالعدل، وهذا اعجب، فإن الصدوق لم يصفه بالعدل، انما ذكر انه كان معروفا بابي علي بن عبدربه (عبدويه) العدل، ومعني ان هذا العدل كان لقبا له - وكلمة العدل، وكلمة الحافظ، والمقريء ونحوهما من الالقاب - واين هذا من توصيفه بالعدالة، ولا بعد في ان يكون الرجل من العامة، كما استظهر بعضهم(2)، وبقية السند بين مجهول أو غير مترجم له، وإبن سعيد غير ممدوح عند القوم.(3)
الرواية التاسعة والعشرون: البرقي: أبي عن إبن أبي عمير عن يونس بن عمار عن سليمان بن خالد قال: قال لي ابوعبدالله عليه السلام: ياسليمان انكم على دين من كتمه اعزه الله ومن اذاعة اذله الله.(4)
البرقي وأبيه مر الكلام فيهما، ويونس مجهول(5)، وسليمان مختلف فيه.(6)
__________
(1) - معاني الأخبار ، 386 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/396 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/208
(2) - معجم الخوئي ، 2/86
(3) - معجم الخوئي ، 8/151 رجال العلامة ، 228 رجال بن داود ، 248
(4) - المحاسن ، 257 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/397 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/212
(5) - معجم الخوئي ، 20/225
(6) - أنظر تفصيل ذلك في معجم الخوئي ، 8/245(1/251)
الرواية الثلاثون: البرقي: أبي عن حماد بن عيسى عن سماعه بن مهران عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لاخير فيمن لا تقية له ولا إيمان لمن تقية له.(1)
مر الكلام في البرقي وأبيه وسماعة وابي بصير.
الرواية الحادية والثلاثون: البرقي: عدة من أصحابنا النهديان وغيرهما عن عباس بن عامر القصباني عن جابر المكفوف عن عبدالله بن أبي يعفور عن أبي عبدالله عليه السلام قال: اتقوا الله على دينكم واحجبوه بالتقية فإنه لا إيمان لمن لا تقية له.(2)
مر الكلام في البرقي والقصباني والمكفوف.
الرواية الثانية والثلاثون: العياشي: عن الحسبن بن زيد بن علي عم جعفر بن محمد عن أبي عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا إيمان لمن لا تقية له.(3)
العياشي نفسه وان كان ثقة إلا انه يروي عن الضعفاء كثيرا(4)، اما تفسيره فجل رواياته محذوفة الأسانيد كحال روايتنا هذه.(5)
__________
(1) - المحاسن ، 257 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/397 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/212 ، 235
(2) - المحاسن ، 257 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/398 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/205
(3) - العياشي ، 1/190 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75/414 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 16/213 البرهان ، 1/275 الصافي ، 1/253
(4) - معجم الخوئي ، 17/224
(5) - مقدمة التفسير ، 1/7 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 1/28 الذريعة ، 4/295(1/252)
الرواية الثالثة والثلاثون: وعن أحمد بن محمد بن عيسى ، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله ، عن المعلي بن خنيس قال : قال لي أبو عبد الله عليه السلام : يا معلي اكتم أمرنا ولا تذعه فإنه من كتم أمرنا ولا يذيعه أعزه الله في الدنيا ، وجعله نورا بين عينيه يقوده إلى الجنة ، يا معلي إن التقية ديني ودين آبائي ، ولا دين لمن لا تقية له ، يا معلي إن الله يحب ان يعبد في السر كما يحب أن يعبد في العلانية ، والمذيع لامرنا كالجاحد له.(1)
مر ذكر بعض رجال السند. والمعلى أختلفوا في وثاقته والأكثر على تضعيفه.(2)
الرواية الرابعة والثلاثون: محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن يونس بن عمار ، عن سليمان بن خالد ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام: يا سليمان إنكم على دين من كتمه أعزه الله ، ومن أذاعه أذله الله.
مر ذكر جل رجال السند، وسليمان بن خالد، رغم توثيق البعض له، ألا أن ابن داود ذكره في رجاله في القسم الثاني (قسم الضعفاء). وفي المدارك في مسألة توجيه المحتضر إلى القبلة قال بعدم ثبوت وثاقة سليمان بن خالد. وكذلك ما رواه الكشي في ذمه قائلاً فيه وفي عبد السلام بن عبد الرحمان بن نعيم، والفيض ابن المختار: ما أنا لهؤلاء بامام.(3)
__________
(1) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 11 / 465(ه) ، مختصر البصائر ، 101
(2) - منتهى الدراية ، للشوشتري ، 2/ 52 ، سماء المقال في علم الرجال ، للكلباسي ، 1/ 53 ، معجم الخوئي ، 19/ 257 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2/ 302 ، رجال النجاشي ، 417 ، التحرير الطاووسي ، للحسن صاحب المعالم ، 569 ، نقج الرجال ، للتفرسي ، 4/ظ 395
(3) - معجم رجال الخوئي ، 9/ 261 ، 11/ 22 ، 14/ 369 ، اختيار معرفة الرجال ، للطوسي ، 2 /641 ، التحرير الطاووسي ، لحسن صاحب المعالم 258 ، تهذيب المقال في تنقيح كتاب رجال النجاشي ، للأبطحي - ج 4 /118(ش)(1/253)
الرواية الخامسة والثلاثون: الجعفريات : بإسناده عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، قال : التقية ديني ودين أهل بيتي.(1)
السند منقطع.
الرواية السادسة والثلاثون: كتاب سليم بن قيس الهلالي : عن الحسن البصري قال : سمعت عليا عليه السلام ، يقول يوم قتل عثمان : " قال رسول الله صلى الله عليه وآله قال سمعته يقول : ان التقية من دين الله ، ولا دين لمن لا تقية له ، والله لولا التقية ما عبد الله في الأرض في دولة إبليس ، فقال رجل : وما دولة إبليس ؟ فقال : إذا ولي امام هدى فهي في دولة الحق على إبليس ، وإذا ولي امام ضلالة فهي دولة إبليس " . الخبر.(2)
مر الكلام في كتاب سُليم بن قيس.
الرواية السابعة والثلاثون: الطوسي، عن الحسين بن إبراهيم القزويني [ عن أبي عبد الله محمد بن وهبان الهنائي البصري عن أحمد بن إبراهيم بن أحمد ] عن الحسن بن علي الزعفراني ، عن أحمد بن محمد البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، في قوله تعالى : ان أكرمكم عند الله اتقاكم . قال : أعملكم بالتقية.(3)
مر الكلام في بعض رجال السند، والبعض الآخر مجاهيل.(4)
__________
(1) - مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 12 /252 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /504
(2) - كتاب سليم بن قيس ، تحقيق محمد باقر الأنصاري 416 ، مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 12 /253 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /505
(3) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 14 /42(ه) ، مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 12 /253
(4) - المفيد من معجم رجال الحديث ، 150 ، 722 ، معجم الخوئي ، 6/ 71(1/254)
الرواية الثامنة والثلاثون: الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول : عن جعفر بن محمد عليهما السلام ، أنه قال لأبي جعفر محمد بن النعمان ، في حديث : " فان أبي كان يقول : وأي شئ أقر للعين من التقية ! ان التقية جنة المؤمن ، ولولا التقية ما عبد الله ، وقال عز وجل : ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ الا ان تتقوا منهم تقية ).(1)
السند منقطع.
فهذه جل الروايات المسندة أو شبه المسندة التي وقفت عليها في الباب وقد رأيت انه لم يثبت منها شيء بمعايير القوم أنفسهم وان ثبت منها شيء نتيجة إشتباه وقعنا فيه أو تساهل فلن يتجاوز مرتبة الحسن عند القوم، ولابد.
هذا ناهيك عن عدم أخذنا في الإعتبار جوانب أخرى من شرائط الصحة كخلو الإسناد من الشذوذ والعلل واتصاله، وغيرها، فضلا عن عدم تحقق شرط التواتر المطلوب في امثال هذه العقائد التي انزلها القوم المنزلة التي اوقفناك عليها في الباب الأول.
وناهيك أيضاً عن الإضطراب الحاصل عند القوم في الجرح والتعديل وعلوم الحديث. حتى قال الفيض الكاشاني: في الجرح والتعديل وشرائطهما اختلافات وتناقضات واشتباهات لا تكاد ترتفع بما تطمئن إليه النفوس.(2)
__________
(1) - تحف العقول ، لابن شعبة الحراني 308 ، مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 12 /257 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /508
(2) - الوافين للفيض الكاشاني ، 1/11 ، تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية ، لأبو طالب التجليل التبريزي ، 1/ 245(1/255)
ويقول البحراني: وأنت خبير بأنا في عويل من أصل هذا الاصطلاح الذي هو إلى الفساد أقرب من الصلاح ، حيث إن اللازم منه - لو وقف عليه أصحابه - فساد الشريعة ، وربما انجر إلى البدع الفظيعة ، فإنه متى كان الضعيف باصطلاحهم مع إضافة الموثق إليه - كما جرى عليه في المدارك - ليس بدليل شرعي بل هو كذب وبهتان ، مع أن ما عداهما من الصحيح والحسن لا يفيان لهما إلا بالقليل من الأحكام فإلى م يرجعون في باقي الأحكام الشرعية ولا سيما أصولها وفضائل الأئمة وعصمتهم وبيان فضائلهم وكراماتهم ونحو ذلك ، وإذا نظرت إلى أصول الكافي وأمثاله وجدت جله وأكثره إنما هو من هذا القسم الذي أطرحوه ، ولهذا ترى جملة منهم لضيق الخناق خرجوا من اصطلاحهم في مواضع عديدة ، وتستروا بأعذار غير سديدة ، وإذا كان الحال هذه في أصل الاصطلاح فكيف الحال في اصطلاح صاحب المنتقى وتخصيصه الصحيح بما ذكره ، ما هذه إلا غفلة ظاهرة . والواجب إما الأخذ بهذه الأخبار - كما هو عليه متقدمو علمائنا الأبرار - أو تحصيل دين غير هذا الدين وشريعة أخرى غير هذه الشريعة لنقصانها وعدم تمامها لعدم الدليل على جملة من أحكامها . ولا أراهم يلتزمون شيئا من الأمرين مع أنه لا ثالث لهما في البين ، وهذا بحمد الله ظاهر.(1)
__________
(1) - لؤلؤة البحرين ، ليوسف البحراني ، 45 ، رياض المسائل ، للطباطبائي ، 1/ 87 ، تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية ، لأبو طالب التجليل التبريزي ، 1/ 245(1/256)
وهذا ليس بمستغرب ما داموا قد ذكروا روايات من أمثال: عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسن بن أبي خالد شينولة قال : قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام : جعلت فداك إن مشايخنا رووا عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام وكانت التقية شديدة فكتموا كتبهم ولم ترو عنهم فلما ماتوا صارت الكتب إلينا فقال : حدثوا بها فإنها حق.(1)
فأي علم حديث هذا وأي جرح أوتعديل يفيد؟
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 1 /53 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 18 /58 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2 /167 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 1 /229 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 10 /417 ، رسائل في دراية الحديث ، لحافظيان البابلي ، 2 /554 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 2 /221 ، 3 /78 ، 4 /312 ، الفوائد الرجالية ، لبحر العلوم ، 3 /275(ه) ، مستدركات علم رجال الحديثن للنمازي ، 1 /40(1/257)
ثم اعلم أن جل رواة الشيعة ممن لا تحمد مذاهبهم، وقد أقر القوم بذلك حيث قالوا: ان كثيرا من مصنفي أصحابنا وأصحاب الأصول ينتحلون المذاهب الفاسدة ، وإن كانت كتبهم معتمدة.(1)
ولا أدري كيف يستقيم هذا؟
كذلك ليعلم القارئ الكريم أن أن هذا العلم (أي مصطلح الحديث والجرح والتعديل)، أنما هو من علوم أهل السُنة. وقد أعترف القوم بذلك.
يقول الحائري: ومن المعلومات التي لا يشك فيها أحد أنه لم يصنف في دراية الحديث من علمائنا قبل الشهيد الثاني (965 هـ) وإنما هو من علوم العامة.(2)
يقول الحر العاملي في هذا: والفائدة في ذكره (أي السند) مجرد التبرك باتصال سلسلة المخاطبة اللسانية ودفع تعيير العامة الشيعة بأن أحاديثهم غير معنعنة ، بل منقولة من أصول قدمائهم.
__________
(1) - الفهرست الشيخ الطوسي 32 ، مصباح المنهاج ، الطهارة ، لمحمد سعيد الحكيم ، 1 /315(ش) ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 20 /81 ، الجواهر السنية ، للحر العاملي 374 ، نهاية الدراية ، لحسن الصدر ، 146 ، 391 ، 430 ، الأصول الأربعمائة ، لأسعد كاشف الغطاء ، 33 ، دراسات في علم الدراية ، لعلي أكبر غفاري ، 113 ، 162 ، الفوائد المدنية والشواهد المكيةن للإسترآبادي ، 106 ، 117 ، المحكم في أصول الفقه ، للسيد محمد سعيد الحكيم ، 3 /293 ، منتقى الجمان ، لحسن صاحب المعالم 1 /2 ، الفوائد الرجالية ، للبهبهاني ، 35 ، 44 ، تعليقة على منهاج المقال ، للبهبهاني ، 20 ، 25 ، الفوائد الرجالية ، للكجوري ، 103 ، طرائف المقال ، للبروجردي ، 2 /363 ، الرسائل الرجالية ، للكلباسي 1 /57 ، 3 /101 ، 510 ، 4 /115 ، 118 ، رجال الخاقاني ، لعلي الخاقاني ، 343(ه) ، كليات في علم الرجال ، لجعفر السبحاني 70
(2) - مقتبس الأثر ، للحائري ، 3/73 ، تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية ، لأبو طالب التجليل التبريزي ، 1/ 223(1/258)
وقال: الاصطلاح الجديد موافق لاعتقاد العامة واصطلاحهم ، بل هو مأخوذ من كتبهم كما هو ظاهر بالتتبع وكما يفهم من كلامهم الشيخ حسن وغيره ، وقد أمرنا الأئمة عليهم السلام باجتناب طريقة العامة.
وقال: أنه يستلزم ضعف أكثر الأحاديث التي قد علم نقلها من الأصول المجمع عليها لأجل ضعف بعض رواتها أو جهالتهم أو عدم توثيقهم ، فيكون تدوينها عبثا بل محرما ، وشهادتهم بصحتها زورا وكذبا ، ويلزم بطلان الاجماع الذي علم دخول المعصوم فيه أيضا كما تقدم ، واللوازم باطلة وكذا الملزوم ، بل يستلزم ضعف الأحاديث كلها عند التحقيق لأن الصحيح عندهم ما رواه العدل الامامي الضابط في جميع الطبقات ، ولم ينصوا على عدالة أحد من الرواة إلا نادرا ، وإنما نصوا على التوثيق ، وهو لا يستلزم العدالة قطعا بل بينهما عموم من وجه كما صرح به الشهيد الثاني وغيره . ودعوى بعض المتأخرى، أن الثقة بمعنى العدل الضابط ممنوعة ، وهو مطالب بدليلها ، وكيف ؟ وهم مصرحون بخلافها حيث يوثقون من يعتقدون فسقه وكفره وفساد مذهبه . وإنما المراد بالثقة من يوثق بخبره ويؤمن منه الكذب عادة ، والتتبع شاهد به وقد صرح بذلك جماعة من المتقدمين والمتأخرىن ، ومن معلوم الذي لا ريب فيه عند منصف أن الثقة تجامع الفسق بل الكفر وأصحاب الاصطلاح الجديد قد اشترطوا في الراوي العدالة فيلزم من ذلك ضعف جميع أحاديثنا لعدم العلم بعدالة أحد.(1)
__________
(1) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 20 /100(1/259)
وإعتراف الحر العاملي هذا خطير جداً يهدد المذهب برمته، وقد تفطن القوم إلى ذلك أي إن هذا النص يفيد أيضا أن الاسناد عندهم غير موجود ، وأن رواياتهم كانت بلا زمام ولا خطام ، حتى شنع الناس عليهم بذلك فاتجهوا حينئذ لذكر الاسناد ، فالأسانيد التي نراها في رواياتهم هي صنعت فيما بعد ، وركبت على نصوص أخذت من أصول قدمائهم ، ووضعت هذه الأسانيد لتوقي نقد أهل السُنة.(1)
والكلام في هذا الباب يطول، وليس هذا الكتاب مكانه. ولعلنا نشبع الموضوع بحثاً في كتابنا (علم الحديث والرجال عند الشيعة في الميزان) إن كان في العمر بقية إن شاء الله..
وبهذا إتضح لنا جلياً فساد معتقد التقية بالصورة التي جعلها القوم لها، ومدى مجانبتها لمشروعيتها التي إتفق عليها علماء الأمة، وأوهم علماء القوم الغير بأنهم عليها سواء بسواء.
فإذا عرفت هذا، أي أن تقية الشيعة لا تعلق لها بأسباب مشروعيتها التي ذكرنا في مقدمة الباب السابق عرفت انها عقيدة مذمومة مكشوف أسباب وضعها وانها تخالف ما عليها اصول الدين المستمدة من الكتاب والسنة، فإن اللجوء إلى التقية في كون حواء أخلقت من ضلع آدم ام لا، وهل نزل آدم في الهند، وعمر اسماعيل عندما توفاه الله عزوجل، وكم مكث يونس عليه السلام في بطن الحوت، أو من يتكلم في ان النورة يوم الجمعة والاربعاء تورث البرصن أو من لا يقول أن مح البيض خفيف وبياضه ثقيل، وحكم الإكثار من الجرجير، وذرق الدجاج وبول الحمير وفتح العيون في الوضوء ومسح الوجه بالمنديل وحكم وضوء من يخرج الدود من دبره، ونزول القبر بالخف وهل كان نعال موسى عليه السلام من جلد حمار ميت..الخ، أو قول الإمام الصادق لأبي حنيفة اصبت والله، بينما حقيقة قصده اصابة الخطأ لدلائل جلية على بيان المقصود.
آيات وروايات في الحث على قول الحق وذم كتمانه.
__________
(1) - تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية ، لأبو طالب التجليل التبريزي ، 1 /241(1/260)
وقد ورد في ذم أمثال هذة السلوكيات نصوص شتى من الكتاب والسنة، وقد حثت آيات وأحاديث عدة على الجهر بالحق ومقارعة الظلم والصدع بالحق وبيان العلم وذم كتمه، كقوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته – المائدة 67
وقوله تعالى: هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهرة على الدين كله – التوبة 33
وقوله تعالى: وأتل ما أوحى إليك من كتاب ربك – الكهف 27
وقوله تعالى: فأصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين – الحجر 94
وقوله تعالى: اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم وأخشون – المائدة 3
وقوله تعالى: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون – البقرة 159
وقوله تعالى: ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق أنتم تعلمون – البقرة 42
وقولة تعالى: وَلاَ تَرْكَنُواْ إلى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ [هود : 113]
وروايات الشيعة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة رحمهم الله في الباب أكثر من أن تحصى، ولا بأس أن نذكر بعضاً منها لننظر أن كان يمكننا التوفيق بين مزاعمهم عن تقية الأئمة وأقوالهم في ذم ذلك.
روى القوم عن أبي ذر رضي الله عنه ان رسول الله صلي الله عليه واله وسلم قال له: قل الحق وإن كان مرا ولا تخف في الله لومة لائم.(1)
__________
(1) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 15/290 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 70/106 ، 77/75(1/261)
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله تبارك وتعالى ليبغض المؤمن الضعيف الذي لا زبر له ، وقال: هو الذي لا ينهى عن المنكر.(1)
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: افضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر.(2)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا ينبغي لنفس مؤمنة ترى من يعصي الله فلا تنكر عليه.(3)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: سيد الشهداء: حمزة بن عبد المطلب ، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله.(4)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يدفع رزقا ، ولا يقرب أجلا.(5)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم قال: يا أيها الناس ! إن الله يقول لكم: مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر ، قبل أن تدعوا فلا أجيب لكم ، وتسألوني فلا أعطيكم ، وتستنصروني فلا أنصركم.(6)
__________
(1) - المحاسن ، للبرقي ، 1 /196 ، الكافي ، للكليني ، 5 /59 ، معاني الأخبار ، للصدوق 344 ، وسائل الشيعةن للحر العاملي ، 11 /397 ، مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري ، 2 /174 ، 11 /292 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 69 /228 ، 97 /77 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /245 ، 392 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 4 /243 ، 6 /230 ، ميزان الحكمة ، لمحمد الريشهري ، 3 /1941 ، مجمع البحرين ، للطريحي ، 1 /224 ، 3 /21 ، جامع السعادات ، لمهدي النراقي ، 2 /180
(2) - الحكم الزاهرة ، 181 كلمة الرسول الاعظم ، 385
(3) - موسوعة كلمات الإمام الحسين (ع) ، للجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) 850 ، ميزان الحكمة ، لمحمد الريشهري ، 3 /1941
(4) - ميزان الحكمة ، لمحمد الريشهري ، 3 /1944 ، سبل الهدى والرشاد ، للصالحي الشامي ، 11 /91
(5) - مصباح البلاغة (مستدك نهج البلاغة) ، للميجهاني ، 1 / 48 ، ميزان الحكمة ، للريشهري ، 3 / 1944 ، نهج السعادة ، للمحمودي ، 1 / 477
(6) - ميزان الحكمةن للريشهري ، 3 /1945(1/262)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إذا لم يأمروا بمعروف ولم ينهوا عن منكر ولم يتبعوا الأخيار من أهل بيتي ، سلط الله عليهم شرارهم ، فيدعوا عند ذلك خيارهم فلا يستجاب لهم.(1)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر ، أو ليعمنكم عذاب الله.(2)
وقوله صلى الله عليه وآله قال: إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه ، أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه.(3)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البر ، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات ، وسلط بعضهم على بعض ، ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء.(4)
__________
(1) - الأمالي ، للصدوق ، 385 ، ثواب الأعمال ، للصدوق 252 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 70 /372 ، 88 /328 ، 97 /72 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /428 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 10 /219 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 4 /49 ، ميزان الحكمة ، لمحمد الريشهري ، ج 3 /1945
(2) - فقه الصادق (ع) للروحاني ، 13 /224 (ش) ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 11 / 407 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 / 402 / ميزان الحكمة ، للريشهري ، 3 /1945
(3) - دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري ، 1 /603 ، ميزان الحكمة ، لمحمد الريشهري ، 3 /1945
(4) - تذكرة الفقهاء ، للحلي ، 9 / 439 ، كشف الغطاء ، لجعفر كاشف الغطاء ، 2 / 419 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 6 / 181 ، مشكاة الأنوار ، للطبرسي 105 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 97 / 94 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 2 / 183 ، ميزان الحكمة ، للريشهري ، 3 / 1945 ، التفسير الأصفى ، الفيض الكاشاني ، 1 / 166 ، التفسير الصافي ، الفيض الكاشاني ، 1 / 367 ، تفسير كنز الدقائق ، للمشهدي ، 2 / 193(1/263)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع به فإنه لا يحل لك ، ثم يلقاه من الغد وهو على حاله ، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده ، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض ، ثم قال: لعن الذين كفروا من بني إسرائيل . . . الآيات . ثم قال: كلا والله لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر ، ولتأخذن على يد الظالم ، ولتأطرنه على الحق أطرا.(1)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الأحبار من اليهود والرهبأن من النصارى لما تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعنهم الله على لسان أنبيائهم ، ثم عموا بالبلاء.(2)
وقوله صلى الله عليه وآله: لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ، أو ليبعثن الله عليكم العجم فليضربن رقابكم ، وليكونن أشداء لا يفرون.(3)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تزال لا إله إلا الله تنفع من قالها ، وترد عنهم العذاب والنقمة ، ما لم يستخفوا بحقها . قالوا: يا رسول الله ! وما الاستخفاف بحقها ؟ قال: يظهر العمل بمعاصي الله ، فلا ينكر ، ولا يغير.(4)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يحقرن أحدكم نفسه ، قالوا: يا رسول الله وكيف يحقر أحدنا نفسه ؟ قال: يرى أن عليه مقالا ، ثم لا يقول فيه ، فيقول الله عز وجل يوم القيامة: ما منعك أن تقول في كذا وكذا ؟ فيقول: خشية الناس ! فيقول: فإياي كنت أحق أن تخشى.(5)
__________
(1) - ميزان الحكمة ، للريشهري ، 3/ 1496
(2) - ميزان الحكمة ، للريشهري ، 3/ 1496
(3) - الملاحم والفتن ، لابن طاووس 95 ، ميزان الحكمة ، لمحمد الريشهري ، 3 / 1946
(4) - ميزان الحكمة ، للريشهري ، 3/ 1496
(5) - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، مركز الرسالة 85 ، ميزان الحكمة ، لمحمد الريشهري ، 3 /1952 ، التبليغ في الكتاب والسنة ، لمحمد الريشهري ، 120(1/264)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا أعرفن رجلا منكم علم علما فكتمه فرقا من الناس.(1)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا رأيت أمتي تهاب الظالم أن تقول له: إنك ظالم ، فقد تودع منهم.(2)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يمنعن أحدكم هيبة الناس أن يقول الحق إذا رآه أو سمعه.(3)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا لا يمنعن أحدكم هيبة الناس أن يقول الحق إذا رآه أن يذكر بعظم الله ، لا يقرب من أجل ولا يبعد من رزق.(4)
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: أوحى الله إلى أيوب عليه السلام هل تدري ما ذنبك إلي حين أصابك البلاء ؟ قال: لا ، قال: إنك دخلت إلى فرعون فداهنت في كلمتين.(5)
وقوله صلى الله صلى الله عليه وآله وسلم: تقربوا إلى الله تعالى ببغض أهل المعاصي، وألقوهم بوجوه مكفهرة ، والتمسوا رضا الله بسخطهم ، وتقربوا إلى الله بالتباعد منهم.(6)
وعن أمير المؤمنين علي رضي الله قال: إن الله سبحانه لم يلعن القرون الماضية بين أيديكم إلا لتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فلعن الله السفهاء لركوب المعاصي ، والحلماء لترك التناهي.(7)
__________
(1) - العلم والحكمة في الكتاب والسنة ، للريشهري ، 308 ، ميزان الحكمة ، للريشهري ، 3 /1952 ، 2076 ، التبليغ في الكتاب والسنة ، للريشهري 119 ، موسوعة العقائد الإسلامية ، للريشهري ، 2 /332
(2) - ميزان الحكمة ، للريشهري ، 3 / 1952
(3) - ميزان الحكمة ، لمحمد الريشهري ، 3 /1953 ، النصائح الكافية ، لمحمد بن عقيل 143
(4) - ميزان الحكمة ، للريشهري ، 3 / 1953
(5) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 12 /347 ، 72 /380 ، ميزان الحكمة ، للريشهري ، 1 /303 ، 3 /1953 ، 4 /3084
(6) - ميزان الحكمة ، للريشهري ، 3 / 1953
(7) - ميزان الحكمة ، للريشهري ، 3 / 1942(1/265)
وعنه أيضا رضي الله عنه قال: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقربأن من أجل ولا ينقصأن من رزق ، وأفضل من ذلك كله كلمة عدل عند إمام جائر. وفي رواية: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقربأن من أجل ولا ينقصأن من رزق ، لكن يضاعفان الثواب ويعظمان الأجر ، وأفضل منهما كلمة عدل عند إمام جائر.(1)
وقال رضي الله عنه: من آثر رضى رب قادر فليتكلم بكلمة عدل عند سلطان جائر.(2)
وقال رضي الله عنه قال: من وصيته للحسنين ( عليهما السلام ) عند الشهادة: لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولى عليكم شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم.(3)
وقال رضي الله عنه أنه قال لكميل بن زياد: يا كميل قل الحق على كل حال.(4)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 97 /90 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 10 /219 ، ميزان الحكمةن للريشهري ، 3 /1944 ، نهج السعادة ، للمحمودي ، 3 /204
(2) - ميزان الحكمةن للريشهري ، 3 /1944
(3) - دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري ، 1 /313 ، 2 /231 ، الفتاوى الميسرةن للسيد السيستاني 363 ، نهج البلاغة ، 3 /77 ، ميزان الحكمة ، للريشهري ، 3 /1945 ، جواهر التاريخن للكوراني العاملي ، 3 /41 ، الإمام علي (ع) ، لجواد جعفر الخليلي 319
(4) - تحف العقول ، بن شعبة الحراني 173 ، مصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ، للميرجهاني ، 1 /118 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 74 /269 ، 413 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /427 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 10 /490 ، نهج السعادة ، للمحمودي ، 8 /214 ، بشارة المصطفى ، للطبري الشيعي ، 52(1/266)
وقال رضي الله عنه: أدنى الإنكار أن تلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرة. وفي رواية: خير العمل أن تلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرة.(1)
وقال: لتحملن ذنوب سفهائكم على علمائكم . . . ما يمنعكم إذا بلغكم عن الرجل منكم ما تكرهونه - مما يدخل به علينا الأذى والعيب عند الناس - أن تأتوه فتأنبوه وتعظوه ، وتقولوا له قولا بليغا ؟ ! فقلت له: إذا لا يقبل منا ولا يطيعنا ؟ قال: فقال: فإذا فاهجروه عند ذلك واجتنبوا مجالسته.(2)
وقال رضي الله عنه: من رأى منكرا يعمل به ومنكرا يدعى إليه ، فأنكره بقلبه فقد سلم وبرئ ، ومن أنكر بلسانه فقد اجر وهو أفضل من صاحبه ، ومن أنكره بسيفه لتكون حجة الله العليا ، وكلمة الظالمين السفلى ، فذلك الذي أصاب سبيل الهدى ،وقام على الطريق ، ونور في قلبه اليقين.(3)
وعن الإمام الحسين رضي الله عنه قال: لا تحل لعين مؤمنة ترى الله يعصى فتطرف حتى يغيره.(4)
__________
(1) - المهذب البارع ، للحلي ، 2 /323(ش) ، مجمع الفائدة ، للأردبيلي ، 7 /541(ش) ، كفاية الأحكام ، للسبزواري ، 1 /406 ، جواهر الكلام ، للجواهري ، 21 /375 ، جامع المدارك ، للخوانساري ، 5 /408 ، الكافي ، للكليني ، 5 /59 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 6 /177 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 11 /413 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /425
(2) - مستطرفات السرائر ، لابن إدريس الحلي 598 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2 /22 ، 97 /86 ، مستدرك سفينة البحار ، لعلي النمازي ، 0 /219 ، ميزان الحكمة ، للريشهري ، 3 /1954
(3) - مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 12 /193
(4) - ميزان الحكمة ، للريشهري ، 3 /1941(1/267)
وقال رضي الله عنه: أيها الناس ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ، ناكثا لسنة رسول الله ، يعمل في عباد الله بالاثم والعدوان، فلم يغير عليه بفعل ولا قول ، كان حقا على الله ان يدخله مدخله.(1)
وعن الباقر رحمه الله قال: من مشى إلى سلطان جائر فأمره بتقوى الله ووعظه وخوفه ، كان له مثل أجر الثقلين من الجن والإنس ومثل أعمالهم.(2)
__________
(1) - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، مركز الرسالة 26 ، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري ، 1 /123 ، 605 ، 2 /253 ، نظام الحكم في الإسلام ، للمنتظري 207 ، تحف العقول ، لابن شعبة الحراني 505(ه) ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 44 /382 ، العوالم ، الإمام الحسين (ع) ، لعبد الله البحراني 232 ، لواعج الأشجان ، لمحسن الأمين 93 ، معالم المدرستين ، لمرتضى العسكري ، 1 /190 ، 3 /71 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 1 /596 ، 3 /446 ، الفصول المهمة في معرفة الأئمة ، لابن الصباغ ، 2 /813(ه) ، موسوعة شهادة المعصومين (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) ، 2 /152 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 11 /603 ، 27 /138 ، مطارحات في الفكر والعقيدة - مركز الرسالة 91
(2) - جواهر الكلام ، للجواهري ، 21 /356 ، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري ، 2 /252 ، فقه الصادق (ع) ، للروحاني ، 13 /225(ش) ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 11 /406 ، مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 12 /178 ، بحار الأنوارن للمجلسي ، 72 /378 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /384 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 9 /397 ، ميزان الحكمة ، للريشهري ، 3 /1944(1/268)
وعن الصادق رحمه الله قال: إذا رأى المنكر فلم ينكره وهو يقدر عليه فقد أحب أن يعصى الله ، ومن أحب أن يعصى الله فقد بارز الله بالعداوة.(1)
وعنه أيضا قال لقوم من أصحابه: إنه قد حق لي أن آخذ البرئ منكم بالسقيم ، وكيف لا يحق لي ذلك ؟ ! وأنتم يبلغكم عن الرجل منكم القبيح ولا تنكرون عليه ولا تهجرونه ولا تؤذونه حتى يتركه.(2)
وقال: ما أقر قوم بالمنكر بين أظهرهم لا يغيرونه إلا أوشك أن يعمهم الله عز وجل بعقاب من عنده.(3)
__________
(1) - مجمع الفائدة ، للأردبيلي ، 8 /67(ش) ، الكافي ، للكليني ، 5 /108 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 97 /73 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /393 ، مستدرك سفينة البحارن للنمازي ، 10 /218 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 5 /270 ، 6 /220 ، 7 /187 ، 12 /145 ، تفسير القمي ، 1 /200 ، تعليقة على منهج المقالن للوحيد البهبهاني ، 281 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 14 /352 ، موسوعة المصطفى والعترة (ع) ، لحسين الشاكري ، 10 /430
(2) - مستند الشيعة ، للنراقي ، 17 /177 ، العروة الوثقى ، لليزدي ، 6 /486 ، فقه الصادق (ع) ، للروحاني ، 13 /227(ش) ، 25 /110(ش) ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 6 /182 ، ميزان الحكمة ، للريشهري ، 3 /1942
(3) - جواهر الكلام ، لجواهري ، 21 /356 ، جامع المدارك ، للخوانساري ، 5 /401 ، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلاميةن للمنتظري ، 1 /601 ، 2 /234 ، وسائل الشيعةن للحر العاملي ، 11 /408 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 97 /78 ، مستدرك سفينة البحار ، لعلي النمازي ، 10 /218 ، ميزان الحكمة ، للريشهري ، 3 /1947(1/269)
وقال لما سئل عن وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الأمة جميعا -: لا ، فقيل: ولم ؟ قال: إنما هو على القوي المطاع العالم بالمعروف من المنكر ، لا على الضعفة الذين لا يهتدون سبيلا ، إلى أي من أي يقول ، إلى الحق أم إلى الباطل ، والدليل على ذلك من كتاب الله قول الله عز وجل: ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير . . . ).(1)
وقال: في قوله تعالى: ( كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه . . . ) : أما إنهم لم يكونوا يدخلون مداخلهم ، ولا يجلسون مجالسهم ، ولكن كانوا إذا لقوهم ضحكوا في وجوههم وأنسوا بهم.(2)
__________
(1) - تذكرة الفقهاء ، للحلي ، 9 /443 ، منتهى المطلب ، للحلي ، 2 /993 ، مجمع الفائدة ، للأردبيلي ، 7 /537(ش) ، مستند الشيعة ، للنراقي ، 17 /178 ، العروة الوثقىن لليزدي ، 6 /486 ، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري ، 2 /228 ، نظام الحكم في الإسلام ، للمنتظري ، 279 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 6 /177 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملين 11 /400 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 97 /93 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /414 ، ميزان الحكمةن للريشهري ، 3 /1948 ، التفسير الصافي ، 1 /366
(2) - وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 11 /509 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /449 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 6 /450 ، 10 /218 ، ميزان الحكمة ، للريشهري ، 3 /1953 ، تفسير الميزان ، للطباطبائي ، 6 /84(1/270)
وقال: إن الله عز وجل بعث ملكين إلى أهل مدينة ليقلباها على أهلها ، فلما انتهيا إلى المدينة وجدا رجلا يدعو الله ويتضرع . . . فعاد إلى الله ، فقال: يا رب ! إني انتهيت إلى المدينة فوجدت عبدك فلانا يدعوك ويتضرع إليك ، فقال: امض لما أمرتك به ، فإن ذا رجل لم يتمعر وجهه غيظا لي قط!.(1)
وقال: من طلب رضى الله بسخط الناس كفاه الله امور الناس ومن طلب رضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس.(2)
وعن أبي الحسن الماضي رضي الله عنه قال: قل الحق وغن كان فيه هلاكك فإن فيه نجاتك، ودع الباطل وإن كان فيه نجاتك فإن فيه هلاكك.(3)
ذم الكذب.
وكذا فيما ورد في ذم الكذب، حيث تبين لنا أن الأسس التي بنى عليها القوم هذا المعتقد لم تصمد أمام التحقيق فأخرجه عن المشروعية إلى الكذب.
يقول الله عزوجل: إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً [الكهف : 5]
ويقول: وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ [الحج : 30]
ويقول: إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ [الزمر : 3]
ويقول: ان ِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ [غافر : 28]
ويقول: وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ [الجاثية : 7]
__________
(1) - جواهر الكلام ، للجواهري ، 21 /376 ، جامع المدارك ، للخوانساري ، 5 /409 ، الكافي ، للكليني ، 5 /58 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 11 /414 ، كتاب الزهد ، للكوفي ، 65 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 14 /509 ، 97 /86 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /454 ، ميزان الحكمة ، للريشهري ، 3 /1953 ، جامع السعادات ، للنراقي ، 2 /181 ، مكيال المكارم ، لميرزا الأصفهانين 1 /253
(2) - الحكم الزاهرة ، 183 أمالي الصدوق ، 167 مشكاة الأنوار ، 32
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2/79 ، 78/319 الإختصاص ، 32 الأنوار النعمانية ، 4/74(1/271)
ويقول: فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ [التوبة : 77]
ويقول: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ..[الأنعام : 144]
ويقول: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أو قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ .. [الأنعام : 93]
ويقول: وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ [النحل : 116]
ويقول: وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران : 78]
ويقول: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ [الزمر : 60]
ويقول: إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ [النحل : 105]
أما الأحاديث والروايات في الباب من طرق الشيعة لا يمكن حصرها ولعلنا نسرد بعضها سرداً دون ذكر مصادرها لشهرتها.
- كبرت خيانة أن تحدث اخاك حديثا هو لك مصدق وانت به كاذب.
- لا تنظروا إلى كثرة صلاتهم وصومهم وكثرة الحج والمعروف وطنطنتهم بالليل أنظروا إلى صدق الحديث وأداء الامانة . وفي رواية: لا تنظروا إلى طول ركوع الرجل وسجوده ، فإن ذلك شئ قد اعتاده ولو تركه استوحش لذلك ، ولكن انظروا إلى صدق حديثه وأداء أمانته.
- من علامات المؤمن الصدق عند الخوف.
- ينبغي للرجل المسلم ان يتجنب موآخاة الكذاب فإنه يكذب حتى يجيء بالصدق فلا يصدق.(1/272)
- لا يصلح من الكذب جد ولا هزل ولا يعد احدكم صبيته ثم لا يفي له، ان الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار وما يزال احدكم يكذب حتى يقال كذب وفجر وما يزال احدكم يكذب حتى لا يبقى في قلبه موضع إبرة صدق فيسمى عند الله كذابا.
- إن أول من يكذب الكذاب الله عزوجل ثم الملكان اللذان معه ثم هو يعلم انه كاذب.
- شر الرواية رواية الكذب.
- يا علي أنهاك عن ثلاث خصال عظام الحسد والحرص والكذب.
- عليكم بصدق الحديث واداء الامانة إلى البر والفاجر.
- تعلموا الصدق قبل الحديث.
- شر القول الكذب.
- أعظم الخطايا اللسان الكذوب.
- أعظم الخطايا عند الله اللسان الكذوب.
- علامة الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك على الكذب حيث ينفعك.
- إياكم والكذب ، فإنه مع الفجور ، وهما في النار.
- إن العاقل لا يكذب وإن كان فيه هواه.
- أربى الربا الكذب.
- إذا كذب العبد تباعد الملك عنه ميلا من نتن ما جاء به.
- إن الكذب باب من أبواب النفاق.
- إن فيمن ينتحل هذا الأمر لمن يكذب حتى يحتاج الشيطان إلى كذبه.
- الكذب شين الأخلاق.
- تحفظوا من الكذب ، فإنه من أدنى الأخلاق قدرا ، وهو نوع من الفحش وضرب من الدناءة.
- أقبح شئ الإفك.
- أقبح الخلائق الكذب.
- شر الأخلاق الكذب والنفاق.
- شر الشيم الكذب.
- لا شيمة أقبح من الكذب.
- لا سوء أسوأ من الكذب.
- وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما سئل : أيكون المؤمن جبانا ؟ : نعم ، قيل له : أيكون المؤمن بخيلا ؟ قال : نعم ، قيل له : أيكون المؤمن كذابا ؟ قال : لا. وفي رواية وقد سأله أبو الدرداء : هل يسرق المؤمن ؟ : قد يكون ذلك ، قال : فهل يزني المؤمن ؟ قال : بلى وإن كره أبو الدرداء ، قال :هل يكذب المؤمن ؟ قال : إنما يفتري الكذب من لا يؤمن ، إن العبد يزل الزلة ثم يرجع إلى ربه فيتوب فيتوب الله عليه.(1/273)
- وعن الإمام الصادق رحمه الله وقد سأله الحسن بن محبوب : يكون المؤمن بخيلا ؟ : نعم ، قلت : فيكون جبانا ؟ قال : نعم ، قلت : فيكون كذابا ؟ قال : لا ، ولا خائنا ، ثم قال: يجبل المؤمن على كل طبيعة إلا الخيانة والكذب.
- إياكم والكذب ، فإن الكذب مجانب للإيمان.
- جانبوا الكذب ، فإنه مجانب للإيمان ، الصادق على شفا منجاة وكرامة ، والكاذب على شرف مهواة ومهانة.
- إن الكذب هو خراب الإيمان.
- كثرة الكذب تذهب بالبهاء.
- عنه صلى الله عليه وآله وقد سأله رجل عن عمل الجنة ؟ : الصدق ، إذا صدق العبد بر، وإذا بر آمن ، وإذا آمن دخل الجنة ، قال : يا رسول الله وما عمل النار ؟ قال: الكذب، إذا كذب العبد فجر ، وإذا فجر كفر ، وإذا كفر يعني دخل النار.
- إن الله عز وجل جعل للشر أقفالا ، وجعل مفاتيح تلك الأقفال الشراب ، والكذب شر من الشراب.
- خطت الخبائث في بيت وجعل مفتاحه الكذب. وفي رواية: جعلت الخبائث كلها في بيت وجعل مفاتيحها الكذب.
- إن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار.
- أنا زعيم ببيت في ربض الجنة ، وبيت في وسط الجنة ، وبيت في أعلى الجنة ، لمن ترك المراء وإن كان محقا ، ولمن ترك الكذب وإن كان هازلا ، ولمن حسن خلقه.
- لا يجد عبد طعم الإيمان حتى يترك الكذب هزله وجده.
- إن الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل ، ولا أن يعد الرجل ابنه ثم لا ينجز له ، إن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، وإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار.
- لا يصلح من الكذب جد ولا هزل ، ولا أن يعد أحدكم صبيه ثم لا يفي له ، إن الكذب يهدي إلى الفجور ، والفجور يهدي إلى النار.
- اتقوا الكذب الصغير منه والكبير ، في كل جد وهزل ، فإن الرجل إذا كذب في الصغير اجترأ على الكبي.
- لا يكذب الكاذب إلا من مهانة نفسه عليه.
- علة الكذب أقبح علة.
- الكاذب مهان ذليل.
- الكاذب على شفا مهواة ومهانة.(1/274)
- ما يزال أحدكم يكذب حتى لا يبقى في قلبه موضع إبرة صدق ، فيسمى عند الله كذابا.
- ما يزال العبد يكذب حتى يكتبه الله كذابا.
- ما يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا.
- لا يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب فتنكت في قلبه نكتة حتى يسود قلبه ، فيكتب عند الله من الكاذبين.
- لا خير في علم الكذابين.
- ثمرة الكذب المهانة في الدنيا والعذاب في الآخرة.
- إن الكذب يسود الوجه.
- لا تكذب فيذهب بهاؤك.
- كثرة كذب المرء تذهب بهاءه.
- من كثر كذبه ذهب بهاؤه.
- كثرة الكذب تفسد الدين وتعظم الوزر.
- عاقبة الكذب الندم.
- الكذب فساد كل شئ.
- الكذب في العاجلة عار ، وفي الآجلة عذاب النار.
- الكذب يؤدي إلى النفاق.
- الكذب يوجب الوقيعة.
- أقل الناس مروة من كان كاذبا.
- من كذب أفسد مروته.
- لا يجتمع الكذب والمروة.
- من عرف بالكذب قلت الثقة به ، من تجنب الكذب صدقت أقواله.
- ليست لبخيل راحة ، ولا لحسود لذة ، ولا لملوك وفاء ، ولا لكذاب مروة.
- فساد البهاء الكذب.
- الكذاب والميت سواء ، فإن فضيلة الحي على الميت الثقة به ، فإذا لم يوثق بكلامه فقد بطلت حياته.
- الكذاب متهم في قوله وإن قويت حجته وصدقت لهجته.
- لا تستعن بكذاب... فإن الكذاب يقرب لك البعيد ، ويبعد لك القريب.
- يكتسب الكاذب بكذبه ثلاثا : سخط الله عليه ، واستهانة الناس به ، ومقت الملائكة له.
- أبعد الناس من الصلاح الكذوب ، وذو الوجه الوقاح.
- إن الرجل ليكذب الكذبة فيحرم بها صلاة الليل.
- الكذب ينقص الرزق.
- اعتياد الكذب يورث الفقر.
- شر القول ما نقض بعضه بعضا.
- إنه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس فيه شئ أخفى من الحق ولا أظهر من الباطل ، ولا أكثر من الكذب على الله ورسوله.
- لان يخطفني الطير أحب إلي من أن أقول على رسول الله صلى الله عليه وآله ما لم يقل.(1/275)
- فوالله لئن أخر من السماء أو تخطفني الطير أحب إلي من أن أكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله.
- إن الله أحب اثنين وأبغض اثنين : أحب الخطر فيما بين الصفين ، وأحب الكذب في الإصلاح ، وأبغض الخطر في الطرقات ، وأبغض الكذب في غير الإصلاح.
- إن الله عز وجل أحب الكذب في الصلاح ، وأبغض الصدق في الفساد.
روايات في ذم ذوالوجهين واللسانين.
وكذلك ما جاء في باب ذي اللسانين والوجهين وهو عين تقية القوم، فقد اوردوا فيها روايات عدة تغني شهرتها عن ذكر مصادرها، منها:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أن من شر الناس عند الله عز وجل يوم القيامة ذا الوجهين.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: يجئ يوم القيامة ذوالوجهين دالعا لسانه في قفاه وآخر من قدامه يتلهبا نارا حتى يلهبا جسده ثم يقال له هذا الذي كان في الدنيا ذا وجهين ولسانين يعرف بذلك يوم القيامة.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: من كان له وجهان في الدنيا كان له يوم القيامة لسانأن من نار.
وقال الله تبارك وتعالى لعيسى ابن مريم عليه السلام: يا عيسى ليكن لسانك في السر والعلانية لسانا واحدا وكذلك قلبك ، إني أحذرك نفسك وكفى بي خبيرا ، لا يصلح لسانان في فم واحد ولا سيفان في غمد واحد ولا قلبان في صدر واحد ، وكذلك الأذهان.
وعن الباقر رحمه الله قال: بئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين ، يطري أخاه شاهدا ويأكله غائبا ، إن أعطي حسده وإن ابتلي خذله.
وعنه أيضا قال: بئس العبد عبدا همزة لمزة يقبل بوجهه ويدبر بآخر.
وعن الصادق رحمه الله: من لقي المسلمين بوجهين ولسانين جاء يوم القيامة وله لسانأن من نار.
وعنه أيضا ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من مدح أخاه المؤمن في وجهه واغتابه من ورائه فقد انقطع ما بينهما من العصمة.(1/276)
فأنظر إلى أقوال ائمة أهل البيت رحمهم الله، ثم انظر إلى عقيدة من أوهم غيره أو توهم ان متبع لنهجهم، فكيف توفق بينها ثم انظر هل تجد مكانا للكذب مع التقية؟
نقد عقيدة التقية عند الشيعة.
ثم إن القوم يرون أن التقية كانت حتى زمن الإمام زين العابدين رحمه الله ثم زالت ايام الإمامين الباقر والصادق رحمهما الله فأظهرا العلم وحثا أصحابهما على كتابته ونشره.(1)
والمعلوم أن جل روايات التقية التي عليها بنيان المذهب كانت منهما (أي الباقر والصادق) رحمهما الله كما رأيت.
يقول الطبرسي: فقد ظهر عن الباقر والصادق عليهما السلام - لما تمكنا من الاظهار وزالت عنهما التقية التي كانت على سيد العابدين عليه السلام - من الفتاوى في الحلال والحرام ، والمسائل والاحكام ، وروى الناس عنهما من علوم الكلام ، وتفسير القرآن ، وقصص الأنبياء ، والمغازي ، والسير ، وأخبار العرب وملوك الأمم ما سمي أبو جعفر عليه السلام لأجله باقر العلم . وروى عن الصادق عليه السلام في أبوابه من مشهوري أهل العلم أربعة آلاف إنسان ، وصنف من جواباته في المسائل أربعمائة كتاب هي معروفة بكتب الأصول ، رواها أصحابه وأصحاب أبيه من قبله ، وأصحاب ابنه أبي الحسن موسى عليهم السلام ، ولم يبق فن من فنون العلم إلا روي عنه عليه السلام فيه أبواب.(2)
__________
(1) - إعلام الورى ، 386 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 27/338
(2) - إعلام الورى بأعلام الهدى ، للطبرسي ، 2/ 200 ، كتاب الأربعين ، لمحمد طاهر القمي الشيرازي 389 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 27 / 338 ، مستدرك سفينة بحار الأنوار ، للمجلسي ، لعلي النمازي الشاهرودي ، 1 / 196(1/277)
ويقول اللواساني: وقد برز منه – أي الباقر عليه السلام _ من أنواع العلوم في الفقه ، والحكمة ، والكلام ، وغيرها ، ما ملأ الخافقين ، ولذلك انتشرت جل الأحكام الشرعية - لو لم نقل كلها - منه عليه السلام ومن ابنه الصادق عليه السلام وذلك لما صادف لهما في عصرهما من الفسحة عن التقية ، من جهة اشتغال الفريقين المعادين لأهل البيت - وهم بنو أمية وبنو العباس - بالحرب بينهم على الملك والسلطنة . ولذلك خص عليه السلام باللقب المذكور دون آبائه وأبنائه المعصومين ، مع استوائهم في العلم والفضل وسائر المكارم ، واشتراك جميعهم في النور والروح والطينة.(1)
يقول أحدهم في هذا الباب: أن بني أمية وبني العباس كانوا مشغولين بأنفسهم في المحاربة، وأوائل زمان الصادق عليه السلام أيضاً كان كذلك.(2)
ويقول آخر: لان الأزمنة كانت أزمنة تقية وخوف ، وكان تركهم لذلك - أي وجوب الجمعة - ولما علم عليه السلام في خصوص هذا الزمان كسر سورة التقية ، لان دولة بني أمية زالت ودولة بني العباس لم يستقر بعد ، فلذا أمره بفعلها.(3)
وقال آخر في سياق رفع التناقض في أحد المسائل. أن أبا بصير كان قد سمع الباقر عليه السلام في عصره ، وسمع الصادق عليه السلام في أوائل عهده ، يأمران بكل ذبائح أهل الكتاب ، وحيث أن في تلك الفترة ، كان الوضع مؤاتيا للأئمة عليهم السلام أن يعلنوا عن الحقائق الدينية باعتبارها فترة ضعف بني أمية وانشغالهم عن مسائل الدين بأنفسهم فلم يكن ذلك العهد ، عهد تقية أو خوف ، بل عهد نشر العلم و الاعلان ( عن مر الحق ) كما في بعض النصوص.(4)
__________
(1) - نور الأفهام في علم الكلام ، للسيد حسن الحسيني اللواساني ، 2/ 89
(2) - حاشية مجمع الفائدة والبرهان ، للوحيد البهبهاني ، 374
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 86/ 164
(4) - ذبائح أهل الكتاب ، للمفيد 10 ، التذكرة ، للمفيد ، 9/9(1/278)
ويروون عن الصادق رحمه الله قوله: كان أبي يفتي في زمن بني أمية أن ما قتل الباز والصقر فهو حلال وكان يتقيهم ، وأنا لا أتقيهم فهو حرام ما قتل. وقال: كان أبي يفتي وكنا نحن نفتي ونخاف في صيد البزاة والصقور ، فأما الآن فإنا لا نخاف ولا يحل صيدها.(1)
ويقول آخر: على أن بعض النصوص السابقة من الباقر ( ع ) الذي كانت التقية في زمانه في غاية الضعف.. إلى أن قال: ولذا ضعفت التقية في زمانه ، مع أن بني أمية وبني العباس كان بعضهم مشغولا ببعض.(2)
ثم بدأ التناقض كشأنهم في جل أقوالهم، فقالوا: بكثرة وقوع التقية من الصادق عليه السلام ، بخلاف الباقر عليه السلام.(3)
ثم إزدادت زمن الكاظم رحمه الله. يقول أحدهم: روايات الكاظم عليه السلام أقرب إلى التقية من روايات الباقر بل الصادق عليهما السلام ، فتحمل حينئذ على التقية.(4)
وقوله ان في زمن الكاظم عليه السلام كانت التقية في زمانه في غاية الشدة.(5)
وقال آخر: فيظهر منه أن روايته عن الكاظم عليه السلام كان تقية ، ويؤيده نهاية شدة التقية في زمانه عليه السلام ، ولذا قد كثر منه ما يوافق التقية.(6)
__________
(1) - رياض المسائل ، لعلي الطباطبائي ، 12/ 45 ، مسالك الأفهام ، للشهيد الثاني ، 11/ 410 ، مستند الشيعة ، للنراقي ، 15/ 301 ، جواهر الكلام ، للجواهري ، 36/ 10 ، جامع المدارك ، للخوانساري ، 5/ 97
(2) - جواهر الكلام ، للجواهري ، 9/ 363
(3) - جواهر الكلام ، للجواهري ، 26/ 36
(4) - جواهر الكلام ، للجواهري ، 1/ 413
(5) - جواهر الكلام ، للجواهري ، 2/ 15
(6) - حاشية مجمع الفائدة والبرهان ، للوحيد البهبهاني ، 164(1/279)
وجاء آخر وهو يتكلم عن علة عدم إشتهار كتاب فقه الرضا فقال: ومن البعيد جدا أن تكون التقية مانعة من ظهور هذا الكتاب ، لأن الإمام كان في عصر المأمون في حرية من نشر أفكاره - نوعا ما - وخصوصا في مناظراته مع علماء الأمصار ، علما بأن قم كانت آنذاك منبع الشيعة ، وفيها علماء عظام يظهرون رأيهم في كل صغيرة وكبيرة . فلا يعقل أن يكون إخفاؤه من باب التقية ، فتأمل . بعكس عصر الأئمة الذين سبقوه في الدولة الأموية ، وردحا من زمان العباسيين.(1)
وقال آخر: فشتان ما بين عصر المأمون الذي يجيز مادحي أهل البيت ، ويكرم العلويين ، وبين عصر المتوكل الذي يقطع لسان ذاكرهم بفضيلة.(2)
ثم يجيئ آخر ليقول: أكثر الأخبار المروية عن الرضا عليه السلام ظاهرة في التقية ، لأنه عليه السلام كان في خراسان وفي أكثر الأوقات كان في مجلسه جماعة من رؤسائهم كما هو الشائع من الآثار.(3)
هذا ينكر أسباب التقية في زمن الباقر والصادق رحمهما الله لإنشغال الأمويين والعباسيين بأنفسهما، وذلك يؤكده في زمانهما وزمان الكاظم، ويرفعة في زمن الرضا. ثم يأتي آخر ليؤكدها في زمن الرضا ليقول بأنها كانت في أهل بيته إلى أواخر زمان السابع من الأئمة كاظمهم عليه السلام ، ثم اشتدت التقية في آخر زمانه وحيل بينهم بعد ذلك وبين الأمة بالحبس ، أو ما يقوم مقامه من التقية الشديدة.(4)
__________
(1) - فقه الرضا - علي بن بابويه - ص 25
(2) - أضواء على عقائد الشيعة الإماميةن لجعفر السبحاني ، 418 ، الإعتصام بالكتاب والسنة ، لجعفر السبحاني ، 332
(3) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 3 / 150
(4) - نور البراهين ، لنعمة الله الجزائري ، 1/382(1/280)
ثم أعلم أنه حتى علماء الشيعة الذي أسسوا بنيان التشيع ووضعوا قواعدة كانوا في عز الدول الشيعية مما يستحيل معه القول بالتقية. ويستفاد من كتب التاريخ أن حكام بني بويه الذين استولوا على إيران وبغداد سنة 334 هفمنحهم الخليفة المستكفي بالله العباسي الولاية على ما بأيديهم من إيران والعراق ، وبقي ملكهم على العراق حتى سنة 447 هحين استولى عليه السلاجقة. ولما استولت الدولة البويهية على العراق وقبض ملوكها بأزمة الأمور وهم شيعة إماميون اثنا عشريون ، قوى أمر الشيعة وتحرروا في شعائرهم الدينية ومراسيمهم المذهبية. وكانت الرئاسة الدينية للشيعة في ذلك العهد منتهية إلى الشيخ المفيد. وقد سعى زعماء هذه السلالة في نشر مذهب التشيع. وجاء في كتب التاريخ أيضا أن بعض حكام بني بويه كانوا يقيمون مجالس المناظرة والاحتجاج بين علماء الأديان والمذاهب ويتطرقون إلى بحث المسائل الأساسية التي أدت إلى اختلاف المسلمين وفرقتهم ، وتأييد من يظهر على غيره بالدليل العقلي والنقلي ، وتأييد من يكون الحق إلى جانبه ، فعلى سبيل المثال يمكن الإشارة إلى مناظرات متعددة كانت للشيخ الصدوق في مجلس ركن الدولة، وما حظي به من ثناء من قبل ركن الدولة. وقد سعى معظم حكام بني بويه إلى أن يختاروا وزراءهم من العلماء ومن المؤالفين لمذهب التشيع قدر الإمكان ، فمن وزرائهم برز علماء كبار مثل أبي الفضل محمد بن العميد وزير ركن الدولة ، والصاحب بن عباد وزير مؤيد الدولة وفخر الدولة ، وأبي علي سينا وزير شمس الدولة. فقد حرص أكثر بني بويه ولا سيما زعماء هذه السلالة على إحياء عقائد الشيعة ، ففي محرم من عام 352 كان معز الدولة من جملة الخارجين في بغداد للعزاء والنوح على الحسين رضي الله عنه، واستمر الحال كذلك لسنوات طويلة كما نقل ابن كثير في البداية والنهاية ، وأبو الفرج في المنتظم .(1/281)
وفي الثامن عشر من شهر ذي الحجة للسنة نفسها ( 352 ) أقاموا المهرجانات بشكل رسمي بمناسبة عيد غدير خم واستمروا على ذلك سنين مديدة . وفي عام 363 ه/ 974 م أمر عضد الدولة بنصب لوح على تخت جمشيد خطت عليه أسماء الأئمة الاثني عشر مع عبارات السلام والتحيات عليهم وجسد ميوله الشيعية من خلال بنائه لمرقد أمير المؤمنين الإمام علي رضي الله عنه في النجف ومرقد الإمام الحسين رضي الله عنه في كربلاء ولما توفي دفن إلى جوار مرقد الإمام علي رضي الله عنه.
ويعترفون بإن أهم ما كسبه الشيعة في عهد بني بويه هو التجاهر بمعتقداتهم دون اللجوء إلى التقية.
وفي هذه الحقبة اتخذ مذهب الدولة طابع التشيع دون الإعلان عن ذلك رسميا، وقد استقطب ذوي العلم والفكر إليه لا سيما التجار وكبار المسؤولين وعمال الدولة الذين كانوا يسكنون جانب الكرخ ، وعمال دار الحكومة بل وحتى الذين يعملون في دار الخلافة.
ويقولون إن عزيمة أقطاب هذه السلالة وحزمهم في الدعوة إلى الحق وتعلقهم بأهل البيت عليهم السلام وحسن سيرتهم مع الرعية وما رافق ذلك من همة عالية لكبار علماء الشيعة أمثال الشيخ الصدوق رحمه الله والشيخ المفيد رحمه الله ، وما شهده ذلك العصر من مناظرات بين علماء المذاهب الإسلامية ، كل ذلك يعد من مفاخر هذه السلالة ، ففي ذلك العصر الذي اتسم بالحرية استطاع الشيخ الصدوق والشيخ المفيد وسائر العلماء من توطيد أركان المذهب الشيعي والترويج له ، فشق طريقه إلى سائر الأمصار الإسلامية بقوة.(1/282)
وكذلك في زمن العلامة الحلي. فقد قالوا: أن العلماء أستطاعوا أن يأخذوا حريتهم لنشر المعارف وترويجها .وذلك لوجود السلطان محمد خدابنده ، الذي أختار مذهب الإمامية بفضل العلامة الحلي. وبعد ما استبصر هذا السلطان لم يرض بمفارقة العلامة ، بل طلب منه أن يكون دائما معه ، وأسس له المدرسة السيارة ليكون هو وتلاميذه دائما معه. وفي عصر العلامة ، أرجعت الحلة مكانتها العلمية ، فصارت محورا رئيسيا للعلم والعلماء ، ومركزا للشيعة . وازدهر العلم في زمنه ، وكثر العلماء في شتى العلوم ، حتى نقل المولى الأفندي أنه كان في عصره في الحلة 440 مجتهد وهذا وإن لم يرتضه سيد الأعيان إلا أن الشيخ آقا بزرك قال في طبقاته - الحقائق الراهنة في المائة الثامنة - : . . . وأما تلاميذه فكثير ممن ترجمته في هذه المائة كانوا من تلاميذه والمجازين منه أو المعاصرين المستفيدين من علومه . فليرجع إلى تلك التراجم حتى يحصل الجزم بصدق ما قيل من أنه كان في عصره في الحلة 400 مجتهد . ونقل السيد الصدر أنه تخرج من عالي مجلس تدريس العلامة 500 مجتهد . ويؤيد هذا أنا لو تفحصنا في كتب التراجم لوجدنا أن جل علماء الشيعة كانوا في زمن العلامة ما بين القرن السابع والثامن - وهذه البرهة من الزمن بها تم تثبيت قواعد التشيع أكثر من سابقها.(1)
__________
(1) - أنظر مثلاً: الهداية ، للصدوق ، مقدمة لجنة التحقيق 132 ، المقنعة ، للمفيد ، 12 ، إرشاد الأذهان ، للعلامة الحلي ، 1/ 51 ، قواعد الأحكام ، للعلامة الحلي ، 1/ 32 ، مختلف الشيعة ، للعلامة الحلي ، 1/ 32(1/283)
لذا فهم يقرون بعدم صدور أي كتاب من كتب الشيعة عبر التاريخ على سبيل التقية. يقول السبحاني: ولكن لا تجوز التقية مطلقا في بيان معارف الدين وتعليم أحكام الإسلام مثل أن يكتب عالم شيعي كتابا على أساس التقية ، ويذكر فيه عقائد فاسدة ، وأحكاما منحرفة على أنها عقائد الشيعة وأحكامهم . ولهذا فإننا نرى علماء الشيعة أظهروا في أشد الظروف والأحوال ، عقائدهم الحقة ، ولم يحدث طيلة التاريخ الشيعي ولا مرة واحدة أن أقدم علماء الشيعة على تأليف رسالة أو كتاب على خلاف عقائد مذهبهم ، بحجة التقية ، وبعبارة أخرى : أن يقولوا شيئا في الظاهر ، ويقولوا في الباطن شيئا آخر ، ولو أن أحدا فعل مثل هذا العمل وسلك مثل هذا المسلك أخرج من مجموعة الشيعة الإمامية.(1)
__________
(1) - العقيدة الإسلامية على ضوء مدرسة أهل البيت (ع) ، لجعفر السبحاني ، 277(1/284)
والمعلوم أن كثيراً من كتب الشيعة خلافاً لما قاله السبحاني، قد وضعت على التقية، ككتاب التبيان للطوسي مثلاً، حيث قالوا: لا يخفى على المتأمل في كتاب التبيان ان طريقته فيه على نهاية المداراة والمماشاة مع المخالفين، فإنك تراه اقتصر تفسير الآيات على نقل كلام الحسن وقتادة والضحاك والسدي وابن جريج والجبائي والزجاج وابن زيد وامثالهم ولم ينقل عن احد من مفسري الإمامية ولم يذكر خبرا عن احد من الأئمة عليهم السلام إلا قليلا في بعض المواضع لعله وافقه في نقله المخالفون بل عد الأولين في الطبقة الأولى من المفسرين الذي حمدت طرايقهم ومدحت مذاهبهم وهو بمكان من الغرابة لو لم يكن على وجه المماشاة فمن المحتمل ان يكون هذا القول منه نحو ذلك ومما يؤكد كون وضع هذا الكتاب على التقية ما ذكره السيد الجليل علي بن طاووس في سعد السعود وهذا لفظه: نحن نذكر ما حكاه جدي أبي جعفر بن الحسن الطوسي في كتاب التبيان وحملته التقية على الاقتصار عليه من تفصيل المكي من المدني والخلاف في أوقاته.(1)
وكذلك كتابيه الإستبصار والتهذيب حيث قالوا أنه: سلك في الكتابين مسلك العامة تقية واصطلاحا ومماشاة لهم ، حيث شنعوا على فضلاء الشيعة بأنهم ليسوا من أهل الاجتهاد والاستنباط ، وليس لهم قدرة على التفريع والاستدلال.(2)
وكتاب كشف الغمة في معرفة الأئمة، للإربلي حيث قالوا: كما فعل الإربلي على سبيل المثال في كشف الغمة ، وقد ذكرنا أنه كان يستخدم التقية في كتابه.(3)
وغيرهما كثير فكيف يزعمون أنه لم يصنف كتاب من قبل علمائهم على سبيل التقية!؟
__________
(1) - فصل الخطاب ، 37 محجة العلماء ، 156
(2) - طرائف المقال ، لعلي البروجردي ، 2 /466 ، 647 ، روضات الجنات ، للخوانساري ، 6 / 216 ، لؤلؤة البحرين ، ليوسف البحراني ، 293
(3) - حوار مع فضل الله حول الزهراء (س) ، لهاشم الهاشمي ، 361(1/285)
أما نحن فنعلم لما حملوا هذين الكتابين وغيرهما على التقية وناقضوا أنفسهم فيهما، فلأول أنكر التحريف في القرآن والآخر ذكر العديد من روايات المدح في الصحابة. وكأن الأصل في الإعتقاد هو القول بالتحريف والطعن في الصحابة رضي الله عنهم، وسيأتي تفصل أكثر لهذا. فتأمل.
عاد بنا الحديث، بل وقد اورد القوم ما يسقط ما نسب اليهما حيث ذكروا عن الصادق أنه قال من أن الله انزل وصيتاُ من السماء على محمد كتابا وعليها خواتيم لكل إمام وكان فيما يخص خاتم زين العابدين ان اصمت واطرق لما حجب العلم، فلما توفي ومضى رفعها الي محمد بن علي عليهما السلام ففتح الخاتم الخامس فوجد فيها ان فسر كتاب الله تعالى وصدق أباك وورث ابنك واصطنع الامة وقم بحق الله وقل الحق في الخوف والامن ولا تخش إلا الله، ففعل، وفي رواية: ان خاتم زين العابدين فيه ان اطرق والزم منزلك واعبد ربك حتى بأتيك اليقين، ففعل، ثم دفعه إلى الباقر ففك خاتما فوجد فيه ان حدث الناس وافتهم . ولا تخافن إلا الله عزوجل، فإنه لا سبيل لأحد عليك، ففعل، ثم دفعه إلى ابنه الصادق ففك خاتما فوجد فيه حدث الناس وافتهم وانشر علوم أهل بيتك وصدق آبائك الصالحين ولا تخافن إلا الله عزوجل وانت في حرز وامان، ففعل(1)
فأنظر كيف توفق بينهما، ثم اضف إلى ذلك ان الأئمة يعلمون متى يموتون وان ذلك اليهم كما يعتقد القوم، وعقدوا لذلك ابواب مستقلة من مصنفاتهم كباب: ان الأئمة عليهم السلام يعلمون متى يموتون وانهم لا يموتون إلا بإختيار منهم، وباب في الأئمة انهم يعرفون متى يموتون ويعلمون ذلك قبل ان يأتيهم الموت، ولا بأس من ذكر بعض روايات هذه الأبواب:
__________
(1) - الكافي ، 1/279 ، 281 غيبة النعماني ، 24 ، 35 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 36/192 ، 193 ، 210 ، 48/28 أمالي الطوسي ، 455 منتخب الأثر ، 166 أمالي الصدوق ، 328 الامامة والتبصرة ، 167 كمال الدين 607 المناقب ، 1/299(1/286)
فعن الصادق أنه قال: أي إمام لا يعلم ما يصيبه والى ما يصير فليس ذلك بحجة لله على خلقه، وعن الباقر انه أتى علي بن الحسين عليهما السلام ليلة قبض فيها بشراب فقال: يا أبت إشرب هذا فقال: يا بني ان هذه الليلة التي اقبض فيها، وعن الصادق قال: قال أبي لي ذات يوم: إنما بقى من اجلي خمس سنين فحسبت فما زاد ولانقص.(1)
بل وان ذلك إلى آحاد أصحاب الأئمة كما يروي القوم، كحال رشيد الهجري الذي يلقى الرجل ويقول له: يا فلان بن فلان تموت ميتة كذا، وانت يا فلان تقتل قتلة كذا فيكون الأمر كما قال.
وعن اسحاق قال: سمعت العبد الصالح أباالحسن عليه السلام ينعى إلى رجل نفسه، فقلت في نفسي: وانه ليعلم متى يموت الرجل من شيعته؟ فقال شبه الغضب: قد كان رشيد الهجري يعلم علم المنايا والبلايا فالإمام أولى بذلك. وفي رواية: فأضمرت في نفسي كأنه يعلم آجال شيعته، قال: يا اسحاق وما تنكرون من ذلك؟ وقد كان رشيد الهجري مستضعفا وكان يعلم علم المنايا والبلايا فالإمام أولى بذلك، ثم قال يا اسحاق تموت إلى سنتين.(2)
واضف إلى ذلك ما دلت عليه هذة الرواية الاخيرة من علم الأئمة لضمائر العباد، وقد جعلوا لذلك وامثاله ابوابا أيضاً، كباب: انهم يعرفون الاضمار وحديث النفس قبل ان يخبروا به.(3)
باب: انهم يخبرون شيعتهم بأفعالهم وسرهم وافعال غيبهم وهم غيب عنهم(4)
باب: انهم يعلمون من يأتي ابوابهم ويعلمون بمكانهم من قبل ان يستاذنوا عليهم(5)
__________
(1) - أنظر تفصيل ذلك كله في: الكافي ، 1/258 وفيه 8 روايات بحار الأنوار ، للمجلسي ، 27/285- 287 وفيه 6 روايات البصائر ، 480- 484 وفيه 14 رواية إعلام الورى ، 262 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 46/268 المناقب ، 3/320
(2) - أنظر: التوحيد ، 350 البصائر ، 73 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 42/122 ، 123
(3) - البصائر ، 235- 242 وفيه 27 رواية
(4) - البصائر ، 242- 253 وفيه 23 رواية
(5) - البصائر ، 257- 258 وفيه 3 روايات(1/287)
باب: انهم يعرفون آجال شيعتهم وسبب مايصيبهم(1)
فكيف يتقي من كان هذا حاله وشأنه؟
وما دمنا هنا بصدد ذكر ما ينافي القول بالتقية نورد في عجاله ما يفيد من امثال هذه الأبواب:
باب: انهم عرض عليهم ملكوت السموات والأرض ويعلمون علم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة.(2)
باب: انهم يعرفون الناس بحقيقة الإيمان وبحقيقة النفاق وعندهم كتاب فيه اسماء أهل الجنة واسماء شيعتهم واعدائهم وانه لا يزيلهم خبر مخبر عما يعلمون من احوالهم.(3)
باب: انه لا يحجب عنهم شيء من احوال شيعتهم وما تحتاج اليه الامة من جميع العلوم، وانهم يعلمون مايصيبهم من البلايا ويصبرون عليها، ولو دعوا الله في دفعها لأجيبوا، وانهم يعلمون ما في الضمائر وعلم البلايا وفصل الخطاب والمواليد.(4)
باب: ان عندهم الاسم الاعظم وبه يظهر منهم الغرائب.(5)
باب: انهم يقدرون على إحياء الموتى وإبراء الأكمة والأبرص وجميع معجزات الأنبياء.(6)
باب: انهم سخر لهم السحاب ويسر لهم الأسباب.(7)
وغيرها من الأبواب.
__________
(1) - البصائر ، 262- 266 وفيه 16 رواية
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 26/109- 117 وفيه 22 رواية البصائر ، 106- 108 وفيه 11 رواية ، 127- 128 وفيه 6 روايات
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 26/117- 132 وفيه 40 رواية البصائر ، 190- 192 وفيه 6 روايات ، 170- 173 وفيه 10 روايات
(4) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 26/137- 154 43 رواية البصائر ، 122- 127 وفيه 17 رواية
(5) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 27/25- 28 وفيه 10 روايات البصائر ، 208- 219 وفيه 37 رواية
(6) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 27/29- 31 وفيه 4 روايات البصائر ، 269- 274 وفيه 13 رواية
(7) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 27/32- 40 وفيه 5 روايات(1/288)
وأنت ترى كيف أن هذه المعتقدات تنقض بعضها البعض، كالباطل الذي يحطم بعضها بعضا، فبحسب أي امرئ أن يملك أحدها حتى يكون أبعد ما يكون عن الأخذ بالتقية، فكيف بمن ملكها جميعا. ناهيك عن أن يكون ممن نصبه الله علما لعبادة.
والغريب انهم يرون ذلك في ردهم على القول بأنه لو جاز التقية مع فقد أسباب التقية لم نأمن في أكثرها ما ظهر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يكون على سبيل التقية، قالوا: هذا باطل لأنا قد بينا ان اسباب التقية كانت ظاهرة لم تكن مفقودة فاما الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فإنما لم تجز التقية عليه لأن الشريعة لا تعرف إلا من جهته ولا يوصل اليها إلا بقوله فمتى جازت التقية عليه لم يكن لنا إلى العلم بما كلفناه طريق.(1)
بينما يقول آخر: ان حكم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحكم الإمام سيان في التقية.(2)
فهم يرون ان الإمامة كالنبوة لطف من الله عزوجل، لا يجب ان يخلو عصر من العصور من إمام مفروض الطاعة منصوب من الله تعالى، فقد رووا عن الصادق أنه قال: ان الله لا يدع الأرض إلا وفيها عالم يعلم الزيادة والنقصان، فإذا زاد المؤمنون شيئا ردهم وإذا نقصوا اكمله لهم فقال: خذوه كاملا ولولا ذلك لإلتبس على المؤمنين امرهم ولم يفرق بين الحق والباطل.(3)
وقوله: ما تبقى الأرض يوما واحدا بغير إمام منا تفزع اليه الامة.(4)
__________
(1) - تلخيص الشافي ، 87 الشافي ، 400 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 28/300
(2) - كمال الدين ، 58
(3) - علل الشرايع ، 76 ، 77 ، 78 البصائر ، 96 ، 143 ، 289 الإختصاص ، 289 كمال الدين ، 117 ، 118 ، 128 ، 129 غيبة النعماني ، 68 المحاسن ، 235 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 23/21 ، 24 ، 25 ، 26 ، 27 ، 39 ، 26/178 إثبات الهداة ، 1/106 ، 108
(4) - كمال الدين ، 221 البصائر ، 143 ، 150 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 23/42 ، 50 ، 53 إثبات الهداة ، 1/130(1/289)
بل ولا ساعة، فعن الباقر: لو أن الإمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله.(1)
و قوله: لو بقيت الأرض بغير إمام ساعة لساخت.(2)
بل ولا اقل من ذلك، حيث ذكروا ان الرضا سأل عن ذلك فقال: لو خلت الأرض طرفة عين من حجة لساخت بأهلها.(3)
وعن الصادق قال: لو كان الناس رجلين لكان احدهما الإمام، وان آخر من يموت الإمام لئلا يحتج احدهم على الله عزوجل تركه بغير حجة.(4)
فشابه الأمر بذلك قولهم في حق النبي صلى الله عليه وآله وسلم آنف الذكر.
فأمام كل هذا الإضطراب في التقية الذي خلقه المندسين في مدرسة أهل البيت عليهم السلام، ووضعوا مذهب التشيع الذي ينتمي اليه جل الشيعة ونسبوه إلى الأئمة، حتى رووا في ذلك ان زرارة قال للباقر: ان في حديث الشيعة ما هو اعجب من احاديث بني إسرائيل، فقال: فأي شيء هو يازرارة؟ قال: فإختلس في قلبي فمكثت ساعة لا اذكره ما اريد، فقال: لعلك تريد التقية؟ قال: نعم، قال: صدق بها فانها حق.(5)
__________
(1) - كمال الدين ، 194 ، 195 ، 196 غيبة النعماني ، 88 البصائر ، 124 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 23/34 ، 35
(2) - علل الشرايع ، 76 ، 77 كمال الدين ، 194 ، 195 ، 197 غيبة الطوسي ، 99 ، 132 ، 142 غيبة النعماني ، 89 عيون الأخبار ، 1/246 ، 247 البصائر ، 144 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 23/21 ، 24 ، 28 ، 29 ، 34 ، 35 ، 37 المناقب ، 1/245
(3) - كمال الدين ، 221 البصائر ، 143 ، 150 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 23/42 ، 50 ، 53 عيون أخبار للرضا ، 1/247 إثبات الهداة ، 1/101 ، 106 كمال الدين ، 197 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 23/29 علل الشرايع ، 77 البصائر ، 144
(4) - علل الشرايع ، 76 كمال الدين ، 117 ، 134 ، 135 البصائر ، 134 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 23/21 ، 22 ، 36 ، 43 ، 52 ، 53 الكافي ، 1/180 إثبات الهداة ، 1/80
(5) - البصائر ، 240 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2/237 الخرائج ، 734(1/290)
فأمام كل هذا الدس، حسم ائمة أهل البيت ذلك بالدعوة الي رد كل ما خالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
فعن الباقر قال: كل من تعدى السنة رد إلى السنة. وفي رواية: من جهل السنة رد إلى السنة.(1)
وعن الصادق قال: كل شيء مردود إلى كتاب الله والسنة وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف.(2)
وعنه أيضاً قال: ما اتاكم عنا من حديث لا يصدقه القرآن فهو باطل.
وقال: إذا ورد عليكم حديث فوجدتموه له شاهد من كتاب الله أو من قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والا فالذي جاءكم به اولى.
وقال: ان على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نور فما وافق كتاب الله فخذوا به وما خالف كتاب الله فدعوه.
وقال: وما جاءك في رواية من بر أو فاجر يخالف القرآن فلا تأخذ به.
وقال: لا تصدق علينا إلا بما يوافق كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم.
دعوة الأئمة للرجوع إلى الكتاب والسنة عند تعارض الأخبار.
__________
(1) - المحاسن ، للبرقي ، 1 /221 ، الكافي ، للكليني ، 1 /71 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2 /243 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 1 /123 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 5 /200
(2) - الكافي ، للكليني ، 1 /69 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 18 /79 ، مشكاة الأنوار ، للطبرسي 266 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2 /242 ، 96 /262(ه) ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 5 /199 ، 9 /288 ، تفسير العياشي ، 1 /9(1/291)
وعن اليقطيني عن يونس بن عبدالرحمن ان بعض أصحابنا سأله وانا حاضر فقال له: يا أبامحمد ما اشدك في الحديث وأكثر انكارك لما يرويه أصحابنا فما الذي يحملك على رد الحديث؟ فقال: حدثني هشام بن الحكم انه سمع أباعبدالله عليه السلام يقول: لا تقبلوا علينا حديثا إلا ما وافق القرآن والسنة أو تجدون معه شاهدا من احاديثنا المتقدمة فإن المغيرة بن سعيد لعنه الله دس في كتب أصحاب أبي احاديث لم يحدث بها أبي، فاتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
قال يونس: وافيت العراق فوجدت بها قطعة من أصحاب أبي جعفر عليه السلام ووجدت أصحاب أبي عبدالله عليه السلام متوافرين فسمعت منهم واخذت كتبهم فعرضتها بعد على أبي الحسن الرضا عليه السلام فأنكر منها احاديث كثيرة ان يكون من احاديث أبي عبدالله عليه السلام وقال لي: ان أباالخطاب كذب على أبي عبدالله عليه السلام، لعن الله أباالخطاب، وكذلك أصحاب أبي الخطاب يدسون هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبدالله عليه السلام فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن فانا ان تحدثنا حدثنا بموافقة القرآن وموافقة السنة، انا عن الله وعن رسول الله نحدث، ولا نقول: قال فلان وفلان فيتناقض كلامنا، ان كلام آحرنا مثل كلام اولنا وكلام اولنا مصداق لكلام آخرنا، وإذا اتاكم من يحدثكم بخلاف ذلك فردوة عليه وقولوا: انت اعلم وما جئت به، فإن مع كل قول منا حقيقة وعليه نور، فما لا حقيقة معه ولانور عليه فذلك قول الشيطان.(1/292)
وعن الصادق رحمه الله قال: كان المغيرة بن سعيد يتعمد الكذب على أبي عليه السلام ويأخذ كتب أصحابه وكان أصحابه المستترون بأصحاب أبي يأخذون الكتب من أصحاب أبي فيدفعونها إلى المغيرة فكان يدس فيها الكفر والزندقة ويسندها إلى أبي عليه السلام ثم يدفعها إلى أصحابه فيأمرهم ان يبثوها في الشيعة، فكل ما كان في كتب أبي عليه السلام من الغلو فذاك مما دسه المغيرة بن سعيد في كتبهم.(1)
وعن الفيض بن المختار أنه قال للصادق: جعلني فداك ماهذا الإختلاف الذي بين شيعتكم؟ قال: وأي الإختلاف يا فيض؟ فقال له الفيض: اني لأجلس في حلقهم بالكوفة فاكاد ان اشك في اختلافهم في حديثهم حتى ارجع إلى المفضل بن عمر فيوقفني من ذلك على ما تستريح اليه نفسي وتطمئن اليه قلبي، فقال ابوعبدالله عليه السلام: أجل هو كما ذكرت يا فيض ان الناس أولعوا بالكذب علينا ان الله افترض عليهم لا يريد منهم غيره واني احدث احدهم بالحديث فلا يخرج من عندي حتى يتأوله على غير تأويله وذلك انهم لا يطلبون بحديثنا وبحبنا ما عند الله وانما يطلبون الدنيا وكل يحب ان يدعى رأسا، فإذا اردت حديثنا فعليك بهذا الجالس – واومأ بيده إلى رجل من أصحابه – فسألت أصحابنا عنه، فقالوا: زرارة بن اعين.(2)
ذكر بعض الرواة الكذابين والمذمومين عند الشيعة.
والطريف ان هذه الرواية وهي تأكد وقوع الكذب على نطاق واسع على الأئمة، كل من ذكروا فيها أيضاً من المذمومين أو المختلف فيهم، بدأً براوي الحديث الفيض بن المختار الذي وردت في ذمة رواية.(3)
__________
(1) - أنظر هذه الروايات وغيرها في: بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2/242 ومابعدها
(2) - رجال الكشي ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2/246
(3) - معجم الخوئي ، 13/347(1/293)
والمفضل بن عمر الذي روى القوم عن الصادق قوله فيه: يا كافر يا مشرك، وجوز لعنه والبراءة منه، وذمه الرجاليين الشيعة ونعتوه بفاسد المذهب، مضطرب الرواية، لا يعبأ به، ضعيف، متهافت،مرتفع القول، لا يجوز ان يكتب حديثه،الى آخر هذه الاوصاف.(1)
وعن الكشي عن الحماني أنه قال: قلت لشريك: ان اقواما يزعمون ان جعفر بن محمد ضعيف الحديث؟ فقال: اخبرك القصة كان جعفر إبن محمد رجلا صالحا مسلما ورعا فأكتنفه قوم جهال يدخلون عليه ويخرجون من عنده ويقولون حدثنا جعفر بن محمد ويحدثون بأحاديث كلها منكرات كذب موضوعة على جعفر ليستأكلون الناس بذلك ويأخذون منهم الدراهم، فكانوا يأتون من ذلك بكل منكر وسمعت العوام بذلك منهم، منهم من هلك ومنهم من أنكر وهؤلاء مثل المفضل بن عمر وبنان وعمرو النبطي وغيرهم.(2)
__________
(1) - الفوائد الرجالية ، لبحر العلوم ، 2 /98 ، 3 / 252 ، طرائف المقال ، للبروجردي ، 1 /611 ، الرسائل الرجالية ، للكلباسي ، 3 / 335 ، سماء المقال في علم الرجال ، للكلباسي ، 1 /179(ه) ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 19 / 317 ، مشايخ الثقات ، لغلام رضا عرفانيان 113 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 3 / 36
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 25 /302 ، اختيار معرفة الرجال ، للطوسي ، 2 /616 ، التحرير الطاووسي ، لحسن صاحب المعالم ، 541 ، الرسائل الرجالية ، للكلباسي ، 3 /289 ، معجم رجال الحديثن للخوئي ، 10 /25 ، 14 /148 ، 19 /324 ، تهذيب المقال في تنقيح كتاب رجال النجاشي ، للأبطحي ، 5 /382(ش) ، قاموس الرجال ، للتستري ، 10 /212 ، 11 /61(1/294)
وآخرهم، وهو زرارة بن اعين، الذي قال فيه الصادق كما يروي القوم: زرارة شر من اليهود والنصارى ومن قال ان الله ثالث ثلاثة، وقال:لعن الله زرارة، لعن الله زرارة، لعن الله زرارة، وغيرها من روايات ذامة.(1)
ومرويات زرارة عند القوم بلغت الفين واربعة وتسعين رواية. فليس بمستغرب إذن ان يعترف القوم بأن جل رواتهم ورد فيهم الذم من الأئمة.(2)
عقيدة أئمة أهل البيت رحمهم الله هي عين عقيدة أهل السُنة.
فبهذا تتكشف لك حقيقة هامة وهي ان الأئمة رحمهم الله وقد هالهم كثرة الكذب عليهم قد دعوا إلى الأخذ بكتاب الله وسنة رسولة صلى الله عليه وآله وسلم وان تعرض أقوالهم على هذين المصدرين وهذا عين عقيدة أهل السُنة والجماعة.
فمرويات الصحابة رضوان الله عليهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي احالنا اليها الأئمة هي مصدر التشريع الثاني.
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 5 /46 ، تاريخ آل زرارة ، لأبو غالب الزراري ، 61 ، 65 ، اختيار معرفة الرجال ، للطوسي ، 1 /361 ، 365 ، 381 ، التحرير الطاووسي ، لحسن صاحب المعالم ، 241 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 8 /247 ، 249 ، 252 ، تهذيب المقال في تنقيح كتاب رجال النجاشي ، للأبطحي ، 5 /356(ش) ، أعيان الشيعةن لمحسن الأمين ، 7 /51 ، 54 ، تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية ، للتبريزي ، 1 /234
(2) - الامام الصادق ، محمد الحسين المظفر ، 178(1/295)
ولا يسعف القوم حمل هذا القول على روايات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقط، حيث رووا عن الصادق أنه قال: ما جاء به علي عليه السلام آخذ به وما نهى عنه انتهي عنه(1)، ذلك ان رواياته رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم تتجاوز الستمائة حديث لم يصح منها على قول بعض أهل العلم سوى ما يقرب من خمسين حديثا.
فلن تكون هذه هي السُنة بأكملها.
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 1 /196 ، شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 5 /183 ، الحاشية على أصول الكافي ، للنائيني ، 585 ، ينابيع المعاجز ، لهاشم البحراني ، 121 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 16 /358 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 2 /54 ، 8 /328 ، دراسات في الحديث والمحدثين ، لهاشم معروف الحسني ، 295 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 5 /320(1/296)
اما الذين اسسوا مذهب التشيع لآل البيت وقالوا بأن القرآن محرف ومبدل لا يمكن الاعتماد عليه، وسنة رسوله مردودة بارتداد ناقليها. قد إختلقوا دينا آخر ثم أيدوه بأمثال روايات المغيرة وأصحابه وزرارة وجابر بن يزيد الجعفي الذي روى وحده سبعين الف (70000) حديث عن الباقر، رغم قول الصادق رحمه الله فيه: مارأيته عند أبي قط إلا مرة واحدة، وما دخل على قط(1)، الى سائر من روى عنهم والذي بلغ عددهم الألوف المألفة إذا علمت أن من روى عن الصادق فقط اربعة آلاف انسان(2)،
__________
(1) - خاتمة المستدرك ، للنوري الطبرسي ، للنوري الطبرسي ، 4 /216 ، اختيار معرفة الرجال ، للطوسي ، 2 /436 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 4 /344 ، المفيد من معجم رجال الحديث ، للجواهري ، 766 ، تهذيب المقال في تنقيح كتاب رجال النجاشي ، لمحمد على الأبطحي ، 5 /59(ش) ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 4 /52
(2) - الاستبصار ، للطوسي ، 1 / 2(ه( ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 1 /12 ، 20 /72 ، مناقب آل أبي طالب ، لابن شهر آشوب ، 2 /43 ، كتاب الأربعين ، لمحمد طاهر القمي الشيرازي ، 389 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 27 /338 ، دراسات في علم الدراية ، لعلي أكبر غفاري ، 159 ، الرسائل الرجالية ، للكلباسي ، 4 /113 ، رجال الخاقاني ، لعلي الخاقاني ، 75 ، كليات في علم الرجال ، للسبحاني ، 482 ، الذريعة ، لآقا بزرگ الطهراني ، 2 /129 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 1 /100 ، 666 ،
إعلام الورى ، للطبرسي ، 2 /200 ، كشف الغمة ، للإربلي ، 3 /317 ، الشيعة وفنون الإسلام ، لحسن الصدر ، 51(1/297)
جلهم اخرجهم الصادق عن دائرة التوثيق بقوله كما يروي القوم عن المفضل بن قيس عن أبي عبدالله عليه السلام قال: كم شيعتنا بالكوفة؟ قال: خمسون الفا، قال: والله لوددت ان يكون بالكوفة خمسة وعشرون رجلا يعرفون امرنا الذي نحن عليه ولا يقولون علينا إلا الحق.(1)
وهذا شأن أصحابه من أهل الكوفة التي روى القوم فيها: الكوفة جمجمة العرب ورمح الله تبارك وتعالى وكنز الإيمان، وعن الصادق: ما من البلدان أكثر محبا لنا من أهل الكوفة لا سيما هذه العصابة ان الله هداكم لامر جهله الناس فاحببتمونا وابغضنا الناس وتابعتمونا وخالفنا الناس وصدقتمونا وكذبنا الناس فأحياكم الله محيانا واماتكم مماتنا، فاشهد على أبي انه كان يقول: ما بين احدكم وبين ان يرى ما تقر به عينه أو يغتبط إلا ان تبلغ نفسه هكذا- واهوى بيده إلى حلقه، وقال: من كان له دار في الكوفة فليتمسك بها، وعن الحسن قال: لموضع الرجل في الكوفة احب الي من دار في المدينة.(2)
نعود إلى ما كنا فيه، وعنه أيضاً قال: اما والله لو اني اجد منكم ثلاثة مؤمنين يكتمون حديثي ما استحللت ان اكتمهم حديثا.(3)
__________
(1) - صفات الشيعة ، للصدوق ، 15 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 64 /159 ، درر الأخبار ، لخسرو شاهي ، 456 ، ميزان الحكمة ، لمحمد الريشهري ، 1 /128
(2) - أنظر روايات فضائل الكوفة في: بحار الأنوار ، للمجلسي ، 100/385 (71 رواية)
(3) - الكافي ، للكليني ، 2 /242 ، شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 9 /185 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 64 /160 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 8 /580 ، ألف حديث في المؤمن ، لهادي النجفي ، 253 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 9 /296 ، ميزان الحكمة ، للريشهري ، 1 /551(1/298)
وعن حمران بن اعين قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: جعلت فداك ما اقلنا؟ لو اجتمعنا على شاة ما افنيناها، قال: ألا احدثك باعجب من ذلك؟ المهاجرون والأنصار ذهبوا إلا ثلاثة.(1)
وعن أبي الحسن قال: لو ميزت شيعتي لم اجدهم إلا واصفه ولو امتحنتهم لما وجدتهم إلا مرتدين ولو تمحصتهم لما خلص من الالف واحد ولو غربلتهم غربلة لم يبق منهم إلا ما كان لي انهم طالما اتكوا على الأرائك، فقالوا: نحن شيعة علي انما شيعة علي من صدق قوله وفعله.(2)
وعن سدير الصيرفي ان الصادق نظر إلى غلام يرعى جداء، فقال: والله يا سدير لو كان لي شيعة بعدد هذه الجداء ما وسعني القعود، قال سدير: فعددتها فإذا هي سبعة عشر.(3)
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 2 /244 ، شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 9 /187 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 22 /345 ، 64 /164 ، ألف حديث في المؤمن ، لهادي النجفي ، 255 ، اختيار معرفة الرجال ، للطوسي ، 1 /37 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 9 /196 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 7 /287 ، جواهر التاريخ ، للكوراني ، 1 /27 ، نفس الرحمن في فضائل سلمانن للنوري الطبرسي ، 578
(2) - الكافي ، للكليني ، 8 /228 ، شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 12 /305 ، ميزان الحكمة ، لمحمد الريشهري ، 2 /1540 ، الانتصار ، للعاملي ، 9 /234 ، الشيعة في أحاديث الفريقين ، لمرتضى الأبطحي ، 583
(3) - الكافي ، للكليني ، 2 /243 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 47 /373 ، 64 /161 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 2 /41 ، 8 /579 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 9 /173 ، ميزان الحكمة ، للريشهري ، 1 /128 ، مستدركات علم رجال الحديث ، للنمازي ، 4 /14 ، موسوعة المصطفى والعترة (ع) ، لحسين الشاكري ، 10 /194(1/299)
لذا قال الرضا: ليس كل من يقول بولايتنا مؤمنا.(1)
فأنظر إلى هؤلاء الاربعة آلاف انسان الذين اندسوا في مدرسة الصادق رحمه الله وحده، والوف غيرهم في حلقات بقية الأئمة وأي جرم احاقوه بفقه أهل البيت عليهم السلام.
وقد اعترف القوم بهذا. يقول أحدهم: وكان من اخطر الدخلاء على التشيع جماعة تظاهروا بالولاء لأهل البيت واندسوا بين الرواة وأصحاب الأئمة عليهم السلام مدة طويلة من الزمن استطاعوا خلالها ان يتقربوا من الإمامين الباقر والصادق واطمأن اليهم جمع من الرواة، فوضعوا مجموعة كبيرة م الأحاديث ودسومها بين احاديث الأئمة وفي اصول كتب الحديث، كما تشير إلى ذلك بعض الروايات، وقد اشتهر من هؤلاء محمد بن مقلاص الاسدي، والمغيرة بن سعيد، ويزيع بن موسى الحائك، وبشار الشعيري ومعمر بن خيثم والسري وحمزة اليزيدي وصائد النهدي وبيان بن سمعان التميمي والحرث الشامي وعبدالله بن الحرث وغير هؤلاء ممن لا يسعنا استقصائهم.
وتؤكد المرويات الصحيحة عن الإمام الصادق عليه السلام وغيرة من الأئمة ان المغيرة بن سعيد وبيانا وصائد النهدي وعمر النبطي والمفضل وغيرهم من المنحرفين عن التشيع والمندسين في صفوف الشيعة وضعوا بين المرويات عن الأئمة عددا كبيرا في مختلف المواضيع.
وجاء عن المغيرة أنه قال: وضعت في أخبار جعفر بن محمد اثني عشر الف حديث، وظل هو اتباعه زمنا طويلا بين صفوف الشيعة يترددون معهم إلى مجلس الأئمة عليهم السلام ولم ينكشف حالهم إلا بعد ان امتلأت اصول كتب الحديث الأولى بمروياتهم.(2)
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 2 /244 ، شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 9 /188 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 64 /165 ، ميزان الحكمة ، للريشهري ، 1 /210 ، عوائد الأيام ، للنراقي ، 229 ، مسائل علي بن جعفر ، 329
(2) - الموضوعات في الآثار والأخبار ، لهاشم معروف الحسيني ، 148(1/300)
ويقول في هذا: وبعد التتبع في الأحاديث المنتشرة في مجاميع الحديث كالكافي والوافي وغيرهما، نجد ان الغلاة والحاقدين على الأئمة والهداة لم يتركوا بابا من الأبواب إلا دخلوا منه لافساد احاديث الأئمة والإساءة إلى سمعتهم، وبالتالي رجعوا إلى القرآن الكريم لينفثوا عن طريقه سمومهم ودسائسهم لأنه الكلام الوحيد الذي يحتمل مالا يتحمله غيره ففسروا مئات الآيات بما يريدون والصقوها بالأئمة الهداة زورا وتضليلا. والف علي بن حسان وعمه عبدالرحمن بن كثير وعلي بن أبي حمزة البطائيني كتبا في التفسير كلها تخريف وتضليل لا تنسجم مع اسلوب القرآن وبلاغته واهدافه. وليس بغريب على من بنتحل البدع ان يكون في مستوى المخرفين والمهوشين، انما الغريب ان يأتي شيخ المحدثين بعد جهاد طويل بلغ عشرين عاما في البحث والتنقيب عن الحديث الصحيح فيحشد في كتابه تلك المرويات الكثيرة، في حين ان عيوبها متنا وسندا ليست خفية بنحو تخفى على من هو اقل منه علما وخبرة بأحوال الرواة.(1)
وقال: وقد احصى المجلسي في كتابه مرآة العقول أكثر من ثلثي مرويات الكافي من النوع الذي لا يجوز الاعتماد عليه إذا لم يكن مدعوما ببعض القرائن التي ترجح صدروه عن الأئمة بعد التحقيق الذي اجراه في اسانيدها مع العلم ان الكافي من اوثق الكتب الاربعة.(2)
وقال: وكم كنت اتمنى ان يقيض الله سبحانه من يعلق على الطبعة الحديثة ويضع إشارة على كل رواية لم يستوف شروطها.(3)
__________
(1) - الموضوعات في الآثار والأخبار ، 253
(2) - المصدر السابق ، 44
(3) - المصدر السابق ، 254(1/301)
اقول: ومن يجرؤ على ذلك، ولعل صاحبنا نسي أو تناسى موقف قومة من العلامة الحلي وهو أول من قام من الشيعة بهذا العمل حيث تعرض لأسانيد روايات الشيعة بالدراسة والتخريج، وكان من نتائج ذلك أن سقطت ثلثي روايات الكافي، فتعرض لهجوم عنيف من طائفته بسبب ما قام به، حتى قالوا فيه: هدم الدين مرتين احداهما يوم السقيفه، ويوم أحدث العلامة الحلي الاصطلاح الجديد في الاخبار، أو قول البعض وثانيهما يوم ولد العلامه.(1)
ولا شك ان قولهم هذا في الحلي صحيح بإعتبار ان ما قام به يعد هدما لدين الإماميه.(2)
وقد انقسم القوم بعد ذلك إلى طائفتين أخبارية وأصولية على ما نراهم اليوم، والأخبارية هم الذين لا يرون الأدلة الشرعية إلا الكتاب والحديث، وكل ما نقل عن الائمه فهو حديث عندهم وهو حجة لأنه نقل عن معصومين وما نقل عنهم فهو حجة علي اليقين، ولا ينظر إلى هذا الحديث ما منزلته وشأنه ما دام وجد في الأصول الأربعمائة.(3)
والأصولية هم الذين يلجأون في مقام استنباط الأحكام الشرعية إلى الأدلة الأربعة من الكتاب والسنة والإجماع ودليل العقل.(4)
__________
(1) - مقباس الهداية ، 1/137 الحدائق الناضرة ، 1/170 ، إرشاد الأذهان ، للحلي ، 1 /164 ، قواعد الأحكام ، للحلي ، 1 /143 ، مختلف الشيعة ، للحلي ، 1 /142 ، منتهى المطلب ، للحلي ، 3 /24 ، الفوائد الرجالية ، لبحر العلوم ، 2 /257(ه) ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 5 /94 ، 401
(2) - لاحظ استعمالهم لكلمة دين0
(3) - اعيان الشيعه ، 1/93
(4) - اعيان الشيعه ، 17/453 مع علماء النجف الاشرف ، 10 مصادر الإستنباط ، 39(1/302)
وقد شنع كل فريق منهم على الآخر وحمل عليه، ووضع للرد عليه مصنفات، واتهمه بالخروج عن التشيع الصحيح. حتى بلغ بهم الأمر كما قال الطالقاني: أن أوغل الأخباريون في الازدراء بالأصوليين إلى درجة عجيبة حتى أننا سمعنا من مشايخنا والأعلام وأهل الخبرة والاطلاع على أحوال العلماء أن بعض فضلائهم كان لا يلمس مؤلفات الأصوليين بيده تحاشياً من نجاستها وإنما يقبضها من وراء ملابسه.(1)
وأفتى بعضهم بعدم جواز الصلاة خلف البعض الآخر.(2)
ولما أتسعت دائرة الخلافات بينهما حتى أفتضح أمرهما عند محالفيهم، ظهرت أصوات تنادي بغلق هذا الباب، كما قال شيخ الأخباريين يوسف البحراني: أن الذي ظهر لنا بعد اعطاء التأمل حقه في المقام وإمعان النظر في كلام علمائنا الاعلام هو الاغماض عن هذا الباب وإرخاء الستر دونه والحجاب.(3)إلى آخر ذلك، والأمر فيه طول.
__________
(1) - جامع السعادات ، لمحمد حست لآلطالقاني ، 1/ المقدمة ، الشيخية ، للطالقاني ، 39
(2) - مع علماء النجف ، لمحمد جواد مغنية ، 74
(3) - الكشكول ، ليوسف البحراني ، 2/ 387 ، أمل الآمل ، للحر العاملي ، 1/ 26(1/303)
والحال ان الأمر فيه طول قد يخرجنا عما نحن فيه، وانما مقصودنا بيان هول الإضطراب الذي وقع أو أوقع القوم أنفسهم فيه حتى حملوا كل ما يؤدي إلى اسقاط رواياتهم بإعتبار الذموم الواردة في ناقيليها على التقية كقول الصادق رحمه الله: لعن الله بريدا ، ولعن الله زرارة. وقوله:لعن الله زرارة لعن الله زرارة ، لعن الله زرارة ثلاث مرات . وقوله: ما أحدث أحد في الإسلام ما أحدث زرارة من البدع عليه لعنة الله. وقوله لبعض أصحابه: متى عهدك بزرارة قال : ما رأيته منذ أيام قال : لا تبالي وان مرض فلا تعده وان مات فلا تشهد جنازته . قال : قلت : زرارة متعجبا مما قال ، قال : نعم زرارة شر من اليهود والنصارى ومن قال إن مع الله ثالث ثلثه عليا. وقوله: ان قوما يعارون الايمان عارية ثم يسلبونه يقال لهم يوم القيمة : ( المعارون ) ، أما ان زرارة بن أعين منهم. وقوله في جارية مرت في جانب الدار على عنقها قمقم قد نكسته ، قال : فقال أبو عبد الله عليه السلام : فما ذنبي ان الله قد نكس قلب زرارة كما نكست هذه الجارية هذا القمقم. وقوله وقد استأذن زرارة بن أعين وأبو الجارود للدخول عليه: يا غلام أدخلهما فإنهما عجلا المحيا وعجلا الممات. وقوله وقد قيل له: ان زرارة يدعى انه اخذ عنك الاستطاعة قال لهم عفوا كيف اصنع بهم ، وهذا المرادي بين يدي وقد أريته وهو أعمى بين السماء والأرض فشك فأضمراني ساحر ، فقلت اللهم لو لم يكن جهنم الا أسكرجة لوسعها آل أعين بن سنسن . قيل : فحمران ؟ قال : حمران ليس منهم. وقوله لعبد الرحيم القصير: أئت زرارة وبريدا فقل لهما : ما هذه البدعة التي أبدعتماها اما علمتما ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال : كل بدعة ضلالة ؟ قلت له : انى أخاف منهما فأرسل معي ليثا المرادي ، فأتينا زرارة فقلنا له ما قال أبو عبد الله ( ع ) فقال : والله لقد أعطاني الاستطاعة وما شعر ، فاما بريد فقال : لا والله لا ارجع عنهما ابدا .(1/304)
وقوله: ليس من ديني ولا من دين آبائي ؟ قال : انما أعني بذلك قول زرارة وأشباهه. وقول ابن مسكان قال سمعت زرارة يقول : رحم الله أبا جعفر عليه السلام ، واما جعفر عليه السلام فان في قلبي عليه لفتة ، فقلت له : وما حمل زرارة على هذا ؟ قال حمله على هذا ان أبا عبد الله عليه السلام أخرج مخازيه وغيرها كثير.(1)
فقد حملوا أمثال هذه الروايات على أنها وردت عن الأئمة على سبيل التقية صيانة و سترا لهم حيث قد اشتهروا بين الشيعة وغيرهم باختصاصهم بآل محمد عليهم السلام ويعظم منزلتهم عندهم، فخافوا عليهم القتل فأبدوا فيهم اللعن والشتم صيانة وسترا لهم حيث عرفوا انهم يحبهونهم ويقربونهم.(2)
وكان الأولى بهم أن يسقطوا رواياتهم التي أساءت إلى مدرسة آل البيت رحمهم الله وعلومهم.
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 5 /46 ، تاريخ آل زرارة ، أبو غالب الزراري ، 0 -66 ، 70 ، اختيار معرفة الرجال ، للطوسي ، 1 / 361 ، 362 ، 365 ، 366 ، 367 ، 378 ، 381 ، التحرير الطاووسي ، لحسن صاحب المعالم 231 ، 241 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 8 / 242 ، 247 ، 249 ، 250 ، 251 ، 252 ، تهذيب المقال في تنقيح كتاب رجال النجاشي ، لمحمد على الأبطحي ، ج 5 / 356(ش) ، قاموس الرجال ، لمحمد تقي التستري ، 12 /430 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 7 / 49 ، 50 ، 51 ، 54 ، 55 ، تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية ، للتبريزي ، 1 / 234
(2) - أنظر مثلاً: شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 1 /226 (ش) ، وسائل الشيعةن للحر العاملي ، 20 / 196 ، إكليل المنهج في تحقيق المطلب ، للكرباسي 254 ، شبهات وردود ، لسامي البدري ، 1/ 52(1/305)
والغريب أنهم يقرون هذا في موطن وينفونه في آخر، كقولهم عن الصادق رحمه الله: أن سعيد بن جبير كان يأتم بعلي بن الحسين وكان علي عليه السلام يثني عليه وما كان سبب قتل الحجاج له إلا على هذا الامر وكان مستقيما.(1)
فهل يريدون بقولهم هذا أن زين العابدين رحمه الله هو الذي قتل سعيد بن جبير رحمه الله وهو من هو من الفضل والعلم حتى قال فيه الإمام بن حنبل رحمه الله: قَتل الحجاج سعيد بن جبير وما على وجه الارض احد الا وهو محتاج إلى علمه. لأنه شهّر به ولم يذمه كما فعل الصادق رحمه الله مع زرارة.
__________
(1) - الاختصاص ، للمفيد ، 205 ، مستدركات علم رجال الحديث ، لعلي النمازي ، 4 / 57 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 7 /234(1/306)
وأعجب من هذا كله، أن الإمام زين العابدين رحمه الله نفسه لم يكن هدف الولاة، بل كان ذا حضوة ومنزلة عظيمة عندهم، فعن الزهري ، قال: دخلت مع علي بن الحسين عليه السلام على عبد الملك بن مروان (وكان الحجاج واليه على العراق)، قال : فاستعظم عبد الملك ما رأى من أثر السجود بين عيني علي بن الحسين ، فقال : يا أبا محمد لقد بين عليك الاجتهاد ، ولقد سبق لك من الله الحسنى ، وأنت بضعة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، قريب النسب ، وكيد السبب ، وإنك لذو فضل على أهل بيتك ، وذوي عصرك ، ولقد أوتيت من الفضل والعلم والدين والورع ما لم يؤته أحد مثلك ولا قبلك ، إلا من مضى من سلفك . وأقبل عبد الملك يثني عليه ويقرظه . قال : فقال علي بن الحسين : " كلما ذكرته ووصفته من فضل الله سبحانه وتأييده وتوفيقه ، فأين شكره على ما أنعم يا أمير المؤمنين ؟ كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقف في الصلاة حتى يوم قدماه ، ويظمأ في الصيام حتى يعصب فوه ، فقيل له : يا رسول الله ألم يغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فيقول صلى الله عليه وآله وسلم: أفلا أكون عبدا شكورا . الحمد لله على ما أولى وأبلى ، وله الحمد في الآخرة والأولى ، والله لو تقطعت أعضائي ، وسالت مقلتاي على صدري ، لن أقوم لله عز وجل بشكر عشر العشير من نعمة واحدة من جميع نعمه لتي لا يحصيها العادون ، ولا يبلغ حد نعمة منها علي جميع حمد الحامدين ، لا والله أو يراني الله لا يشغلني شئ عن شكره وذكره في ليل ولا نهار ، ولا سر ولا علانية . ولولا أن لأهلي علي حقا ، ولسائر الناس من خاصهم وعامهم علي حقوقا لا يسعني إلا القيام بها حسب الوسع والطاقة حتى أؤديها إليهم ، لرميت بطرفي إلى السماء ، وبقلبي إلى الله ، ثم لم أردهما ، حتى يقضي الله على نفسي وهو خير الحاكمين " .(1/307)
وبكى عليه السلام ، وبكى عبد الملك وقال : شتان بين عبد طلب الآخرة وسعى لها سعيها ، وبين من طلب الدنيا من أين أجابته ، ماله في الآخرة من خلاق ، ثم أقبل يسأله عن حاجاته ، وعما قصد له ، فشفعه فيمن شفع ، ووصله بمال.(1)
وبهذا يتأكد عندك ما اسلفنا ذكره من أن الذين ارادو الكيد للشيعة، صرفوا كل ما من شأنه ان يعيدهم إلى اخوانهم في الدين بإسقاطهم هذا العدد الكبير من مرويات أهل البيت عليهم السلام التي توافق ما عليه سائر المسلمين، بينما كان الأولى هو اسقاط معتقد التقية الذي وضعه الزنادقة ونسبوه إلى آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والذي بينا فساده، هذا من جانب، ورد مرويات الزنادقة الذين إندسوا في مدارس أهل البيت عليهم السلام من جانب آخر.
والروايات والأقوال في الباب كثيرة، وهكذا نجد ان معالم الدين عند القوم قد ضاعت وان أحكامه قد ذهبت وأندثرت حتى لم يبقى في ايديهم من فقه آل البيت عليهم السلام الذي يدعون عملهم به، ويدعون الأخرين إلى التمسك به، شيئا لشدة الإضطراب الواقع فيه حتى أقروا بذلك.
يقول المفيد: إن أحاديث الأحكام الواردة تقية لا يمكن أن ترد بطرق معروفة.(2)
والمعلوم ان جل روايات الشيعة إنما وردت على جهة التقية.
إعتراف بعض علماء الشيعة بضياع أكثر أحكام مذهب أهل البيت بسبب التقية.
__________
(1) - فتح الأبواب ، لابن طاووس 170 ، منهاج الصالحين ، لوحيد الخراساني ، 1 /370 ، مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري ، 1 /125 ، 13 /178 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 46 /57 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 1 /403 ، 17 /345 ، جواهر التاريخ ، لعلي الكوراني ، 3 /476 ، شرح رسالة الحقوق ، الإمام زين العابدين (ع) 303 ، مقدمة في أصول الدين ، لوحيد الخراساني 371
(2) - جوابات أهل الموصل ، للمفيد ، 5(1/308)
يقول الشهيد الأول: فتاوى أهل البيت عليهم السلام مشحونة بالتقية ، وهو أعظم أسباب اختلاف الأحاديث.(1)
ويقول يوسف البحراني : ان الكثير من أخبار الشيعة وردت على جهة التقية التي هي على خلاف الحكم الشرعي واقعا.(2)
وقال في موضع آخر: فلم يعلم من أحكام الدين على اليقين إلا القليل، لإمتزاج أخباره بأخبار التقية، كما اعترف بذلك ثقة الإسلام وعلم الأعلام محمد بن يعقوب الكليني نور الله مرقده في جامعه الكافي، حتى انه قدس سره تخطا العمل بالترجيحات المروية عند تعارض الأخبار، والتجأ إلى مجرد الرد والتسليم للائمة الابرار.(3)
ويقول: إن جل الاختلاف الواقع في أخبارنا بل كله عند التأمل والتحقيق إنما نشأ من التقية ومن هنا دخلت الشبهة على جمهور متأخرى أصحابنا رضوان الله عليهم ، فظنوا أن هذا الاختلاف إنما نشأ من دس أخبار الكذب في أخبارنا ، فوضعوا هذا الاصطلاح ليميزوا به صحيحها عن سقيمها وغثها من سمينها.(4)
ويقول السبحاني: عندما نطالع كتابي الوسائل والمستدرك مثلاً ، نرى إنه ما من باب من أبواب الفقه إلا وفيه إختلاف في رواياته وهذا مما أدى إلى رجوع بعض ممن أستبصروا عن مذهب الإمامية.(5)
ويقولون: أن جملة من الأخبار التي صدرت تقية عن أهل البيت عليهم السلام لم يصل إلينا إعلام منهم عليهم السلام بأنها كانت كذلك وإن كان المقطوع به أنهم أعلموا المقربين إليهم بواقع الحال ، لكنه لم يصل هذا الإعلام إلينا.(6)
__________
(1) - القواعد والفوائدن للشهيد الأول ، 2 / 157 ، نضد القواعد الفقهية ، لمقداد السيوري ، 270
(2) - الحدائق الناضرة ، 1/89
(3) - الحدائق الناضرة ، 1/5 ، أنظر أيضاً ، 1/89 قواعد الحديث ، 132
(4) - الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 1 / 8
(5) - الرسائل الأربع ، لجعفر السبحاني ، 201
(6) - التقية في الفكر الإسلامي ، مركز الرسالة ، 101(1/309)
وقبله صنف الحلي كتاب في الإختلاف قال في مقدمته: أما بعد : فإني لما وقفت على كتب أصحابنا المتقدمين رضوان الله عليهم ومقالات علمائنا السابقين في علم الفقه وجدت بينهم خلافا في مسائل كثيرة متعددة ، ومطالب عظيمة متبددة ، فأحببت إيراد تلك المسائل في دستور يحتوي لى ما وصل إلينا من اختلافهم في الأحكام الشرعية والمسائل الفقهية دون ما اتفقوا عليه إذ جعلنا ذلك موكولا إلى كتابنا الكبير المسمى ب" منتهى المطلب " في تحقيق المذهب ، فإنه جمع بين مسائل الخلاف والوفاق.(1)
والكتاب دورة فقهية استدلالية من الطهارة إلى الديات ، ومن مزاياه أنه حفظ آثار علماء الشيعة السابقين أمثال : ابن الجنيد ، وابن أبي عقيل ، والصدوق الأول وغيرهم ولولاه لاندثرت آثارهم . وقد شرع في تأليفه قبل سنة 699 ه، وانتهى منه في الخامس عشر من ذي القعدة في ثمان وسبعمائة ، أي قبل وفاته بثمانية عشر سنة . ومن فوائد هذا الكتاب العلم بالمسائل الخلافية وتميزها عن المجمع عليها ، فربما يدعى الإجماع في مسألة ، ولها مخالف أو مخالفان يعلم من الرجوع إلى ذلك الكتاب.(2)
والقول قديم في هذه المسألة عند الشيعة. فهذا الفيض الكاشاني يقول: تراهم يختلفون في المسألة الواحدة إلى عشرين قولاً ، أو ثلاثين قولاً ، أو أزيد بل لو شئت أقول لم تبق مسألة فرعية لم يختلفوا فيها أو في بعض متعلقاتها(3).
__________
(1) - مختلف الشيعة ، للعلامة الحلي ، 1 /173
(2) - انظر تحرير الأحكام ، للحلي ، 1/ 12
(3) - الوافي ، لللفيض الكاشاني ، 1/9(1/310)
ويقول الشاخوري: لو نظرنا إلى فتاوى علمائنا المعاصرين فسوف نجد أنهم كلهم خارجون عن دائرة المذهب الشيعي. وخذ مثالاً على ذلك فالمقارنة بين كتاب الشيخ الصدوق ( الهداية ) أو الشيخ المفيد في الفقه ( المقنعة ) وكتاب ( منهاج الصالحين ) للسيد الخوئي ، حيث ستجد ان هناك عشرات المسائل التي خالف فيها السيد الخوئي مشهور القدامى . ولو أن الشيخ الصدوق قد قدر له مطالعة كتاب المسائل المنتخبة للسيد الخوئي لأصيب بالدهشة.. إلى أن قال: ولو أردنا أن نستوعب ما خالف فيه السيد الخوئي المشهور أو الإجماع لبلغ بنا الرقم إلى مئتين أو ثلاثمائة فتوى ، وهكذا حال الخميني والحكيم وغيرهما من المراجع .
وسوف يصدر لنا قريباً كتاب خاص عددنا فيه لأبرز مراجع الشيعة من الشيخ الصدوق، والمفيد ، مروراً بالعلامة الحلي ، وانتهاء بالسيد الخوئي ، والسيد السيستاني وغيرهم العشرات من الفتاوى الشاذة لكل واحد منهم .
وقال : إن مخالفة المشهور كثيرة جداً خاصة بعدما شاعت عادة تغليف الفتاوى بالاحتياطات الوجوبية.(1)
بل أن هذه المسألة كانت سبباً في خروج الكثير من التشيع كما نقلنا آنفا عن جعفر السبحاني. وهذا آخر يقول: أن دأب شيخ الطائفة في التهذبيين الجميع بين الأحاديث المختلفة مهما أمكن، لدفع شبهة كثرة التعارض في أحاديث أهل البيت التي أدت بأحد الأشراف إلى الخروج من المذهب كما صرح بذلك في مقدمة الكتابيين.(2)
__________
(1) - مرجعية المرحلة وغبار التغيير ، لجعفر الشاخوري ، 135
(2) - بحوث في مباني علم الرجال ، لمحمد سند ، 63(1/311)
وقول شيخ الطائفة الطوسي المذكور هو ماذكره في تهذيبه حيث قال: إن إحاديث أصحابنا فيها من الإختلاف والتباين والمنافاة والتضاد حتى لا يكاد يتفق خبر إلا وبإزائه ما يضاده، ولا يسلم حديث إلا وفي مقابلته ما ينافيه، حتى جعل مخالفونا ذلك من أعظم الطعون على مذهبنا وتطرقوا بذلك إلى إبطال معتقدنا، إلى ان قال ان بسبب ذلك رجع جماعة عن اعتقاد الحق ومنهم أبا الحسين الهاروني العلوي حيث كان يعتقد الحق ويدين بالإمامة فرجع عنها لما إلتبس عليه الأمر في اختلاف الأحاديث وترك المذهب ودان بغيره.(1)
__________
(1) - تهديب الأحكام ، للطوسي ، 1/2 ، الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 1/90 ، رسائل في دراية الحديث ، لأبوالفضل حافظيان ، 2/ 226 ، الفوائد المدنية والشواهد المكية ، لمحمد الإستراآبادي ، 131 ، روضات الجنات ، 6/ 216(1/312)
وقال: ومن قال عند ذلك : اني متى عدمت شيئا من القرائن حكمت بما كان يقتضيه العقل. يلزمه أن يترك أكثر الاخبار وأكثر الاحكام ولا يحكم فيها بشئ ورد الشرع به . وهذا حد يرغب أهل العلم عنه ، ومن صار إليه لا يحسن مكالمته ، لأنه يكون معولا على ما يعلم ضرورة من الشرع خلافه . ومما يدل أيضاً على جواز العمل بهذه الاخبار التي أشرنا إليها ما ظهر بين الفرقة المحقة من الاختلاف الصادر عن العمل بها فاني وجدتها مختلفة المذاهب في الاحكام ، يفتي أحدهم بما لا يفتي به صاحبه في جميع أبواب الفقه من الطهارة إلى أبواب الديات من العبادات ، والاحكام ، والمعاملات ، والفرائض ، وغير ذلك ، مثل اختلافهم في العدد والرؤية في الصوم . واختلافهم في أن التلفظ بثلاث تطليقات هل يقع واحدة أم لا ؟ ومثل اختلافهم في باب الطهارة وفي مقدار الماء الذي لا ينجسه شئ . ونحو اختلافهم في حد الكر . ونحو اختلافهم في استئناف الماء الجديد لمسح الرأس والرجلين . واختلافهم في اعتبار أقصى مدة النفاس .(1/313)
واختلافهم في عدد فصول الاذان والإقامة وغير ذلك في سائر أبواب الفقه حتى ان بابا منه لا يسلم الا ( وقد ) وجدت العلماء من الطائفة مختلفة في مسائل منه أو مسألة متفاوتة الفتاوى وقد ذكرت ما ورد عنهم عليهم السلام من الأحاديث المختلفة التي تختص الفقه في كتابي المعروف ب( الاستبصار ) وفي كتاب ( تهذيب الاحكام ) ما يزيد على خمسة آلاف حديث ، وذكرت في أكثرها اختلاف الطائفة في العمل بها وذلك أشهر من أن يخفى حتى انك لو تأملت اختلافهم في هذه الاحكام وجدته يزيد على اختلاف أبي حنيفة ، والشافعي ، ومالك ووجدتهم مع هذا الاختلاف العظيم لم يقطع أحد منهم موالاة صاحبه ، ولم ينته إلى تضليله وتفسيقه والبراءة من مخالفه ، فلولا ان العمل بهذه الاخبار كان جائزا لما جاز ذلك ، و كان يكون من عمل بخبر عنده انه صحيح يكون مخالفه مخطئا مرتكبا للقبيح يستحق التفسيق بذلك وفي تركهم ذلك والعدول عنه دليل على جواز العمل بما عملوا به من الاخبار . فان تجاسر متجاسر إلى أن يقول : كل مسألة مما اختلفوا فيه عليه دليل قاطع ، ومن خالفه مخطئ فاسق ! يلزمه أن يفسق الطائفة بأجمعها ! ويضلل الشيوخ المتقدمين كلهم ! فإنه لا يمكن أن يدعى على أحد موافقته في جميع أحكام الشرع.(1)
والأمر كما قال شيخ الطائفة وغيره، ولا بد، لقوله تعالى: وَلَوْ كان من عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً [النساء : 82]
وعن الصادق رحمه الله أنه قال: ان مما اعان الله به على الكذابين النسيان.(2)
__________
(1) - عدة الأصول ، للطوسي ، 1 /136 ، الفوائد المدنية والشواهد المكية ، لمحمد أمين الإسترآبادي ، السيد نور الدين العاملي ، 141(الحاشية) ، 156 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 1/ 89
(2) - الكافي ، 2/341 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 72/251 (وقال: أي اضرهم به وفضحهم فإن كثيرا ما يكذبون في خبر ثم ينسون ويخبرون بما فيه ويكذبه فيفتضحون بذلك عند الخاصة والعامة)(1/314)
فإنك لا تجد عند القوم مسألة لا تسلم من الإضطراب، ومن راجع مسائل القوم في جميع الأبواب فإنه لا بد ان يجد قولان أو أكثر في المسألة الواحدة وكلها منسوبة إلى الأئمة بل والى الإمام نفسه، حتى إنهم رووا عن الباقر انه يتكلم على سبعين وجها.(1)
والمعلوم عند القوم ان الأخبار التي خرجت على طريق التقية لموافقتها لمذهب العامة لا يجب العمل بها.(2)
ولذا لا بد من الإجتهاد في معرفة الأحكام التي صدرت عن الأئمة دون تقية حتى يعمل بها، ودون ذلك خرط القتاد لمن تدبر، وقد أعترف القوم بذلك كما ذكرنا آنفا عن المفيد الذي قال: إن أحاديث الأحكام الواردة تقية لا يمكن أن ترد بطرق معروفة.أ.هـ.
فواحد يرجح هذا القول ويسقط الآخر وثاني يرجح قول آخر ويسقط غيره، وآخر يرجح غيرهما ويسقط ما سواه، وكل هذا بحجة التقية، ومثال ذلك نجاسة الخمر حيث من قال بنجاسته كشيخ الطائفة حمل روايات الطهارة على التقية ومن أفتى بالطهارة كالصدوق ووالده والخوانساري والمحقق الأردبيلي وغيرهم حملوا روايات النجاسة على التقية، وهكذا.
بل ان الواحد منهم يختار قول في كتاب له ويخالفه في كتاب آخر. وقد أدت هذه الحقيقة بدورها إلى بروز ظاهرة المرجعية عند الشيعة وما صاحبها من سلبيات ومساويء إلى يومنا هذا، ليس هذا الكتاب محل بيانه.
هذا فضلاً عن القول بعدم وصول الكثير من فقه أهل البيت رحمهم الله بذات العذر ( أي التقية)، كما قال الفيض الكاشاني: ولعله مما برز وظهر لم يصل إلينا الأكثر ، لأن رواته كانوا في محنة من التقية وشدة.(3)
__________
(1) - الروضة ، 86 نور الثقلين ، 2/444 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2/207 ، 209
(2) - التهذيب ، 2/129
(3) - التفسير الصافي ، للفيض الكاشاني ، 1/ 9(1/315)
وقد فوّت علماء الشيعية الكثير من الخير على أتباعهم بسبب هذا المعتقد، إذ أبعدوا طائفتهم عن سائر المسلمين بسبب حملهم كل ماوافق أهل السُنة والجماعة من أقوال الأئمة رحمهم الله على التقية، والذي يترتب عليه عدم جواز العمل به. كما فعل شيخ الطائفة الطوسي مثلاً في مصنفاته حتى أثار بمبالغاته في حمل الروايات على التقية دون توفر أسبابها حسب معتقدهم حفيظة أضرابهه.
يقول الخوئي مثلاً في بعض مسائله: وقد حمل الشيخ رحمه الله الروايات الدالة على اعتبار الخمس على التقية ، ولا نعرف لهذا الحمل وجها ، فإنه لم ينقل من العامة قول باعتبار الخمس.(1)
وقال آخر: فحمل أخبار الربع على التقية أولى من حمل أخبار الخمس على التقية كما فعله الشيخ في التهذيب.(2)
وقال آخر: وأجاب عنه الشيخ قدس سره بحمله على التقية ، وأورد عليه في المسالك : بأن العامة مختلفون في ذلك كالخاصة فلا وجه للحمل على التقية.(3)
ويقول البحراني: إن الشيخ رحمه الله في كتابي الأخبار جمع بين الأخبار لقصد رفع التنافي بينها بوجوه عديدة ، وإن كانت بعيدة بل جملة منها غير سديدة.(4)
ويقول زين الدين العاملي الملقب بالشهيد الثاني: والشيخ حمل هذه – أي أحد مسائل الفقه - على التقية. وهو بعيد، لأن العامة مختلفون في ذلك، فلا وجه لتقية قوم دون قوم.(5)
__________
(1) - مباني تكملة المنهاج ، للخوئي ، 1 / 295
(2) - تقريرات الحدود والتعزيرات ، تقرير بحث الگلپايگاني ، 1 /366
(3) - فقه الصادق (ع) ، لمحمد صادق الروحاني ، 23 / 162
(4) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 1/ 90
(5) - مسالك الأفهام ، للشهيد الثاني ، 9/ 221(1/316)
وغيرها. فحقاً لقد أضاع شيخ الطائفة الطوسي بنهجه هذا المنهج الخير الكثير على الشيعة مما يقربهم إلى سائر طوائف المسلمين، فبدلاً من أن ينتصر لهذه الروايات الصادرة عن أئمة أهل البيت رحمهم الله والتي توافق ما عليه أهل السُنة، عمد إلى صرفها بشتى الوسائل بحجة التقية، رغم أن مبعثه على تصنيفه للتهذيب والإستبصار رفع الإختلاف. فكان ان أثار عليه علماء مذهبة بنهجه وتناقضاته هذه بين راد عليه وآخر ملتمساً له العذر.
فقد نقل يوسف البحراني عن بعض معاصريه في بعض إجازاته أنه قال : وأما الشيخ الطوسي ، فهو شيخ الطائفة ورئيس المذهب وامام في الفقه والحديث ، الا أنه كثير الاختلاف في الأقوال ، وقد وقع له خبط عظيم في كتابي الاخبار في تمحله الاحتمالات البعيدة والتوجيهات الغير السديدة . وكانت له خيالات مختلفة في الأصول ، ففي المبسوط والخلاف مجتهد صرف وأصولي بحت ، بل ربما يسلك مسلك العمل بالقياس والاستحسان في كثير من مسائلها ، كما لا يخفى على من ارخى عنان النظر في مجالهما ، وفي كتاب النهاية سلك مسلك الاخباري الصرف بحيث أنه لم يتجاوز فيها مضامين الاخبار ولم يتعد مناطيق الآثار ، وهذه هي الطريقة المحمودة والغاية المقصودة .
وقد اعتذر بعض علمائنا بأنه انما سلك في الكتابين مسلك العامة تقية واصطلاحا ومماشاة لهم ، حيث شنعوا على فضلاء الشيعة بأنهم ليسوا من أهل الاجتهاد والاستنباط ، وليس لهم قدرة على التفريع والاستدلال.(1)
__________
(1) - طرائف المقال، لعلي البروجردي، 2/465(1/317)
ويقول المجلسي في شرح مشيخة الفقيه : واعلم أن كل ما وقع من الشيخ الطوسي من السهو والغفلة باعتبار كثرة تصانيفه ومشاغله العظيمة ، فإنه كان مرجع فضلاء الزمان ، وسمعنا من المشايخ وحصل لنا الظن من التتبع أن فضلاء تلامذته الذين كانوا من المجتهدين يزيدون على ثلاثمائة فاضل من الخاصة ، ومن العامة ما لا يحصى ، فإن الخلفاء أعطوه كرسي الكلام ، وكان ذلك لمن كان وحيدا في ذلك العصر . مع أن أكثر التصانيف كان في أزمنة الخلفاء العباسية ؛ لأنهم كانوا مبالغين في تعظيم العلماء والفضلاء من العامة والخاصة ، ولم يكن إلى زمان الشيخ تقية كثيرة ، بل كانت المباحثة في الأصول والفروع حتى في الإمامة في المجالس العظيمة . وذكر ابن خلكان جماعة كثيرة من أصحابنا في تاريخه ، وكانوا بحيث لا يمكنهم إخفاء مذاهبهم . ومباحثات القاضي عبد الجبار والباقلاني وغيرهما مع المفيد والمرتضى وشيخ الطائفة مذكورة في تواريخ الخلفاء . فلهذه المشاغل العظيمة يقع منه السهو كثيرا.(1)
ومسألة حمل روايات الأئمة رحمهم الله على التقية أو التساهل في حملها عليها لمظنة موافقتها لأهل السُنة، كانت سبب جدل كبير بين علماء الشيعة أنفسهم. وسنأتي على ذكر أمثلة على هذه الروايات. ولذلك فكثيرا ما تجد في كتب القوم عبارات من أمثال:
والشيخ حمل تلك الأخبار على التقية ، واستشهد عليه بقوله عليه السلام : " ولو كان الأمر إلينا . . . . الخ " . وهذا الحمل إنما يتجه لو وجد لها معارض يصلح للاعتماد . وهو منتف من ذلك الجانب كما علمت.(2)
في موضع آخر قال: وحملها الشيخ على التقية ، كما حمل الأخبار الدالة على عدم افتقار الخلع إليه . وليس بجيد ، لأن المباراة لا تستعملها العامة ، ولا يعتبرون فيها ما يعتبره أصحابنا.(3)
__________
(1) - الرسائل الرجالية ، لأبي المعالي الكلباسي ، 2 /331
(2) - مسالك الأفهام ، للشهيد الثاني ، 9 /369
(3) - المصدر السابق ، 9/454(1/318)
وقال: وحمل الشيخ الحديث على التقية . وفيه نظر ، لأن العامة مختلفون في ذلك كالخاصة ، فلا وجه للتقية في أحد القولين.(1)
وقال: واختلف تأويل الشيخ لهذه الأخبار ، فتارة خصها بموردها وجوز صيد الفهد كالكلب ، محتجا بأن الفهد يسمى كلبا في اللغة ، وتارة حملها على التقية ، وثالثة على حال الضرورة . ولا يخفى ضعف هذه التنزيلات الثلاثة(2).
وقال: وأما حملها على التقية فلا يتم في جميعها.(3)
وقال: والمانعون حملوا أخبار الحل على التقية . وليس بجيد.(4)
وقال: وأجيب بحمل الرواية على التقية ، لموافقتها لمذهب العامة . وفيه نظر ، لضعف المعارض الحامل على حملها على خلاف الظاهر.(5)
وقال: وحملها الشيخ على التقية ، أو على أنه لا يقتل إلا بعد أن يرد ما يفضل عن دية صاحبه . وكلاهما بعيد.(6)
وقال: ولا يقال : إنه يمكن حمله على التقية حيث إنه مذهب جميع العامة ، لأن في الخبر ما ينافي ذلك .(7)
ويقول في كتاب آخر: وحمله على التقية ضعيف ، لأن العامة لا يقولون بالتخيير.(8)
ويقول الأردبيلي: لا ينبغي حملها على التقية.(9)
ويقول العاملي: وأجاب الأولون عن هذه الأخبار بالحمل على التقية ، جمعا بينها وبين ما تضمن الأمر بغسل الثوب منه . وهو مشكل.(10)
وقال: واستضعف المصنف في المعتبر هذين التأويلين فقال : والتأويلان ضعيفان ، أما الإضمار فبعيد في التأويل ، وأما التقية فكيف يحمل على التقية ما اختاره جماعة من محققي الأصحاب.(11)
__________
(1) - المصدر السابق ، 9/509
(2) - المصدر السابق ، 11/ 409
(3) - المصدر السابق ، 11/465
(4) - المصدر السابق ، 12 /14
(5) - المصدر السابق ، 14 /514
(6) - المصدر السابق ، 15 / 102
(7) - المصدر السابق ، 9/78
(8) - شرح اللمعة ، للشهيد الثاني ، 1/632
(9) - مجمع الفائدة ، للأردبيلي ، 6 /214
(10) - مدارك الأحكام ، لمحمد العاملي ، 2/292
(11) - المصدر السابق ، 5/56(1/319)
وقال: ومن هنا يظهر فساد التأويل الثاني وهو الحمل على التقية.(1)
وقال: نقل عن الشيخ في الاستبصار أنه حمل ذلك على التقية ، وقال : لست أرى هذا التأويل شيئا.(2)
وقال آخر: فلا حاجة إلى الحمل على التقية كما فعله الشيخ.(3)
ويقول الخوئي: قال صاحب الوسائل بعد نقل الروايتين : أقول : الأقرب حمل الحديثين على التقية لموافقتهما لجميع العامة . انتهى ، لكنه مشكل جدا إذ لم ينسب القول بمضمونهما أعني البناء على الأكثر إلى أحد من العامة.(4)
ويقول آخر: فهو أولى من حمل بعضها على التقية وإن اتفق المخالفون على موافقته.(5)
ويقول: وأما ما ذكره في الوافي من اختيار حمل أخبار الجواز على التقية فالظاهر بعده لما عرفت.(6)
ويقول: وحمله الأخبار على التقية ، فاعترض على ذلك في المسالك فقال بعد كلام في المقام: وكونه للتقية غير جيد.(7)
وقال: وهذا الحمل إنما يتم مع تعارض الروايات وتكافؤها من حيث السند ، والأمر هنا ليس كذلك.(8)
ويقول البهبهاني: مضافا إلى ما أشرنا إليه من أن خطبة " نهج البلاغة " مما لا يمكن حملها على التقية ، فليلاحظ تلك الخطبة ، وكذا بعض الأخبار والأدلة أيضاً مما لا يناسبه التقية ، فليراجع وليتأمل.(9)
وفي كتاب آخر قال: لا يلائم الحمل على التقية كما لا يخفى.(10)
وقال آخر: قال ويمكن حملها على التقية أقول ولعل حملها على الاستحباب أولى كما يشهد به صحيحة ابن بزيع.(11)
__________
(1) - المصدر السابق ، 5/57
(2) - المصدر السابق ، 3/292
(3) - كشف اللثام للفاضل الهندي ، 10/312
(4) - كتاب الصلاة ، للخوئي ، 6/149
(5) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 1/109
(6) - المصدر السابق ، 13/415
(7) - المصدر السابق ، 23/71
(8) - المصدر السابق ، 25 /563
(9) - الرسائل الفقهية ، للوحيد البهبهاني ، 290
(10) - حاشية مجمع الفائدة والبرهان ، للوحيد البهبهاني ، 41
(11) - مصباح الفقيه لآقا رضا الهمداني ، 1 /79(1/320)
ويقول آخر: ثم نفى الحمل على التقية لعدم الدليل.(1)
ويقول النراقي: وحمله على التقية بلا دليل لا وجه له.(2)
ويقول صاحب الجواهر: ومن الغريب حملها على التقية من بعضهم.(3)
ويقول آخر: وحمله على التقية مع أنه لا داعي إليه بعيد جدا.(4)
وقال آخر: حمل الحديثين على التقية ، لموافقتهما لجميع العامة لا يخلو عن غرابة.(5)
وقال آخر: والحمل على التقية لا يخلو من بعد.(6)
__________
(1) - مفتاح الكرامة ، لمحمد جواد العاملي ، 2/39
(2) - مستند الشيعة ، للمحقق النراقي ، 4/27
(3) - جواهر الكلام ، للجواهري ، 4/61
(4) - مستمسك العروة ، لمحسن الحكيم ، 5/ 79
(5) - خلل الصلاة وأحكامها ، لمرتضى الحائري ، 226
(6) - مجمع الفائدة ، للمحقق الأردبيلي ، 10/ 166(1/321)
والأمر فيه طول وفيما أوردناه كفاية، ونختم بما قاله البحراني: وأما ما ذكره من المحقق - ردا على الشيخ في حمله صحيحة علي بن جعفر على التقية من أنه تحكم لأن بعض الأصحاب ذهب إلى القول بمضمونها - ففيه أن ظاهر هذا الكلام يعطي أنه لا يصح حمل الخبر على التقية إلا إذا كان ذلك الخبر مطرحا عند جميع الأصحاب بحيث لا يقول به قائل في ذلك الباب ، وهذا غريب من مثل هذا المحقق النحرير وتحكم محض بل سهو في هذا التحرير ، ولعله لهذا اطرحوا قاعدة عرض الأخبار في مقام الاختلاف على التقية مع أنها في اختلاف الأخبار هي أصل كل بلية كما نبهنا عليه في مقدمات الكتاب ، ولا يخفى أن الأخبار الخارجة عنهم ( عليهم السلام ) بالاختلاف في الأحكام لا وجه للاختلاف فيها سوى التقية كما حققناه في مقدمات الكتاب ، ولكن العامل بذلك الخبر الخارج مخرج التقية إنما عمل به من حيث ثبوته عنهم ( عليهم السلام ) ولا علم له بكونه خرج مخرج التقية ، ولهذا وردت الأخبار عنهم ( عليهم السلام ) بالرخصة بالعمل بالأخبار الخارجة مخرج التقية حتى يعلم بأنها إنما خرجت كذلك فيكون حينئذ مخاطبا بترك العمل بها إذا لم تلجئه التقية للعمل بها وما نحن فيه من هذا القبيل . وبالجملة فإن الأخبار المستفيضة بالترجيع بمخالفة العامة في مقام اختلاف الأخبار أعم مما ذكره فإنه متى ما وافق أحد الخبرين العامة وخالفهم الآخر وجب تركه علم به أو لم يعلم به ولهذا ترى الأصحاب في مقام البحث والترجيح يستدل أحدهم بخبر ويجيب عنه الآخر بالحمل على التقية . والله العالم.(1)
والكلام في الباب يطول، حتى صار الحمل على التقية مسلك عند البعض دون إعتبار وجود قائل في المسألة من العامة – أي أهل السُنة - أو لمجرد شبهة وجود قائل فيها من أهل السُنة، أو كونها مذهب لبعضً أهل السُنة.
ومن امثلة حمل الرويات على التقية لموافقتها لبعض العامة:
__________
(1) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 8/136(1/322)
يقول صاحب جواهر الكلام: واحتمل في الوسائل حملها على التقية لموافقتها لبعض مذاهب العامة.(1)
ويقول البهبهاني: ولهذا حمل بعض الأصحاب هذه الأخبار على التقية قائلا : ( إنه لعله مذهب لبعض العامة ).(2)
ويقول الخوئي: ويكفي في الحمل على التقية موافقة الرواية لمذهب بعض العامة.(3)
والغريب أنه قال في كتاب آخر له: (وحملها) على التقية لموافقتها لبعض العامة . وهذا أيضاً بعيد لعدم تأتي التقية لمجرد الموافقة لقول بعض العامة وإن كان شاذا نادرا كما في المقام بل لا بد وأن يكون معروفا عندهم كي يصدق عنوان الاتقاء كما لا يخفى.(4)
أما حمل الروايات على التقية دون وجود قائل بها من أهل السُنة، فمنها:
قول يوسف البحراني: ويمكن حملها على التقية وإن لم يعلم به قائل من العامة.(5)
وقوله: وإنما التقية المرادة هنا هي ما قدمنا ذكره في المقدمة الأولى من مقدمات الكتاب من ايقاعهم الاختلاف في الأحكام الشرعية تقية وإن لم يكن ثمة قائل من العامة.(6)
ويقول: واحتمل في الوسائل حملها على التقية، ولعله الأقرب وإن كان لا يحضرني الآن مذهب العامة في هذه المسألة لما عرفت في مقدمات كتاب الطهارة من أن الحمل على التقية لا يتوقف على وجود القائل بذلك منهم.(7)
ولم يرض آخرون بهذا المنهج للبحراني أو غيره.
__________
(1) - جواهر الكلام ، للجواهري ، 3 / 6
(2) - الرسائل الفقهية ، للوحيد البهبهاني ، 133
(3) - كتاب الحج ، للخوئي ، 5/ 264
(4) - كتاب الزكاة ، الأول ، للخوئي ، 261
(5) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 13 / 225
(6) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 13 /278
(7) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 19 /23(1/323)
يقول الخوئي: وأما ما ذكره صاحب الحدائق ( قده ) من أن الحمل على التقية غير موقوف على المعارضة بل ذكر في مقدماته أن الحمل على التقية غير موقوف على القول به من المخالفين لدلالة الأخبار على أنهم ( ع ) ألقوا الخلاف بين الناس حقنا لدماء الشيعة وتحفظا عليهم . ( فما لا يصغى إليه ) لحجية الظهور والسند وهي تقتضي العمل بالرواية إلا أن يكون لها معارض وتنتهي النوبة إلى الترجيح بموافقة العامة ومخالفتهم ليحمل الموافق على التقية ويؤخذ بالمخالف.(1)
ويقول الروحاني: وأما ما عن المجلسي قدس سره وجملة من المتأخرين من حمل هذه النصوص على التقية ، فهو مبني على الجواز حمل النصوص على التقية ولو لم يوجد القائل بما تضمنته من المخالفين ، وهذا غير صحيح فإن الحمل على التقية إنما يكون عند التعارض وفقد جملة من المرجحات مع كون أحد المتعارضين موافقا للعامة دون الآخر ، وإلا فلا وجه للحمل عليها فالصحيح أن نصوص الباب من الأخبار المتعارضة لا يمكن الجمع بينها بوجه ، ولا بد من الرجوع إلى المرجحات وأولها الشهرة وهي توجب تقديم نصوص الاستئناف . فما عن المشهور من لزوم الاستئناف هو الأظهر.(2)
ويقول العاملي: ويرد عليه أن التخيير مع أفضلية القراءة أو التفصيل بين الإمام والمنفرد مما لم يقل به أحد من العامة فلا تقبل الحمل على التقية.(3)
ويقول الحائري: والحمل على التقية أيضاً مشكل ، فإن المستفاد من التذكرة أن العامة مجمعون على بطلان الصلاة إذا أحدث وكذا إذا استدبر.(4)
__________
(1) - كتاب الطهارة ، للخوئي ، 8/ 244
(2) - فقه الصادق (ع) ، لمحمد صادق الروحاني ، 5/ 310
(3) - مفتاح الكرامةن لمحمد جواد العاملي ، 7 /176
(4) - خلل الصلاة وأحكامها ، لمرتضى الحائري ، 96(1/324)
بل والغريب، حمل البعض لروايات الباقر والصادق على التقية بحجة موافقتها لقول الإمام الشافعي وإبن حنبل رغم أنهما ولدا بعد وفاة الباقر والصادق رحمهم الله جميعاً.(1)
ورغم قولهم قبل هذا أو بعده: أن التقية لم تكن من الفقهاء والمفتين ولا لمصلحة الإمام عليه السلام بل لحفظ الشيعة من شر السلاطين وحكام الجور.(2)
وأغرب من هذا كله، قول البعض أن مجرد الموافقة لأهل السُنة لا يوجب الحمل على التقية.
يقول الروحاني: إن الحمل على التقية إنما يجوز عند تعارض الخبرين وفقد جملة من المرجحات وإلا فمجرد موافقة الخبر للعامة لا يصلح لذلك.(3)
ويقول: أن مجرد الموافقة لهم لا يوجب الحمل على التقية ، بل هي من مرجحات إحدى الحجتين على الأخرى بعد فقد جملة من المرجحات.(4)
وفي موضع آخر قال: ومجرد الموافقة لمذهب العامة لا يصحح الحمل على التقية لأن موافقة العامة من المرجحات أحد الخبرين المتعارضين على الآخر بعد فقد جملة من المرجحات.(5)
وعلى أي حال فمقصودنا من ذلك كله بيان كيف انهم احكموا الخطة في معتقد التقية، وكيف ان أسبابها الحقيقة هي تمزيق وحدة المسلمين بتعطيل العمل بمصادرهم التشريعية وصرف كل ما يتعارض مع هذا الغرض من أقوال وافعال صدرت عن الأئمة رحمهم الله والذي توافق ما عليه المسلمون.
__________
(1) - صلاة المسافر ، للإصفهاني ، 175 ، شرح العروة الوثقى ، لمحمد باقر الصدر ، 3/ 62 ، 349
(2) - دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية ، للمنتظري ، 3 / 25
(3) - فقه الصادق (ع) ، لمحمد صادق الروحاني ، 24 /20
(4) - فقه الصادق (ع) ، لمحمد صادق الروحاني ، 7/ 28
(5) - فقه الصادق (ع) ، لمحمد صادق الروحاني ، 24/ 428(1/325)
فلا تعلق في الأمر إذن بالكافرين ولا بعمار بن ياسر المطمئن قلبه بالإيمان، ولا بزخرف القول الذي يدعونه ويكرورنه من اضطهاد وقع عليهم إبّان حكم الأمويين والعباسين الجئهم إلى الأخذ بالتقية، واضطرهم الي كتمان الدين الحق والذي هو بزعمهم، تعطيل العمل بالقرآن والسنة، والقول بعقائد ما انزل الله بها من سلطان.
إذن فالتقية التي ينادي بها هؤلاء الذين وضعوا مذهب التشيع ونسبوه إلى أهل البيت عليهم السلام انما هي عين الكذب والنفاق ولا علاقة لها بالتقية التي شرعها الله للمضطر، وإليك رواية أخرى تزيد الأمر وضوحا:
عن محمد بن مسلم قال: دخلت على أبي عبدالله عليه السلام وعنده ابوحنيفة فقلت له: جعلت فداك رأيت رؤيا عجيبة، فقال لي: يا إبن مسلم هاتها فإن العالم بها جالس واومأ بيده إلى أبي حنيفة، قال: قلت: رأيت كأني دخلت داري وإذا أهلي قد خرجت علي فكسرت جوزا كثيرا ونثرته علي، فتعجبت من هذه الرؤيا فقال ابوحنيفة: انت رجل تخاصم وتجادل لئاما في مواريث أهلك فبعد نصب شديد تنال حاجتك منها إن شاء الله، فقال: أبي عبدالله عليه السلام: أصبت والله يا أباحنيفة، قال: ثم خرج أبوحنيفة من عنده، فقلت: جعلت فداك إني كرهت تعبير هذا الناصب، فقال: يا إبن مسلم لا يسؤك الله، فما يواطيء تعبيرهم تعبرنا ولا تعبيرنا تعبيرهم وليس التعبير ما عبره، قال: فقلت له: جعلت فداك فقولك: أصبت وتحلف عليه وهو مخطيء؟ قال: نعم حلفت عليه انه أصاب الخطأ.(1)
__________
(1) - الروضة ، 243 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 47/223 لولا السنتان ، 110 الأنوار النعمانبة ، 4/45 نور الثقلين ، 2/470(1/326)
ومثله عن إبنه الكاظم رحمه الله، حيث سأله أبوحنيفة رحمه الله : أخبرني أي شيء كان أحب إلى أبيك العود أم الطنبور ؟ قال : لا بل العود ، فسئل عن ذلك ، فقال : يحب عود البخور ويبغض الطنبور. قالوا: يظهر للمتأمل في هذه الرواية شدة التقية في أمر هذه الآلات في ذاك الزمان.(1)
فأي تقية هذه التي ينادي بها القوم، فهل ان أبي حنيفة رحمه الله كان من خلفاء بني امية أو العباس أو كان من رجالاتهم؟ وهل كان ذا سطوة أو بطش أو سلطان يتقى منه؟ كلا فالرجل ابدا لم يكن من رجال السلاطين حتى يتقى، ولم يكن ذا قوة فيخشى، فهواه لآل البيت من اوضح سمات الرجل وقد ذكرنا لك ذلك من قبل، فهل يريد هؤلاء ان يظهروا ائمة أهل البيت عليهم السلام بهذة الصورة، ينافقون الرجل في حضرته ويقسمون بأنه اصاب الحق ثم يستهزئون به عند خروجه.
والغريب اننا ونحن نري الإمام أباحنيفة رحمه الله وهو يقارع الظلم الأموي ويناصر العلويين، نرى القوم يروون عن أبي عبدالله الصادق رحمه الله أنه قال: دخلت على أبي العباس في يوم شك وأنا اعلم انه من شهر رمضان وهو يتغذى، فقال: يا أباعبدالله ليس هذا من أيامك قلت: لم يا أمير المؤمنين، ما صومي إلا صومك ولا إفطاري إلا إفطارك، قال: أدن، قال: فدنوت وأكلت وأنا أعلم أنه من شهر رمضان.(2)
__________
(1) - مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري ، 1 / 426 ، الاختصاص ، للمفيد ، 90 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 48 / 179 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 16 / 658 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 11 / 158
(2) - وسائل الشيعة ، 5/85 الحدائق الناضرة ، 13/69 الكافي ، 4/83 قواعد الحديث ، 132 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 47/210(1/327)
وفي رواية عن داود بن الحصين عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال وهو بالحيرة في زمان أبي العباس : إني دخلت عليه وقد شك الناس في الصوم وهو والله من شهر رمضان فسلمت عليه ، فقال : يا أبا عبد الله أصمت اليوم ؟ فقلت : لا والمائدة بين يديه قال : فادن فكل ، قال : فدنوت فأكلت قال : وقلت : الصوم معك والفطر معك ، فقال الرجل لأبي عبد الله عليه السلام : تفطر يوما من شهر رمضان ؟ فقال : إي والله إن أفطر يوما من شهر رمضان أحب إلى من أن يضرب عنقي.(1)
بل ويزعمون أنه رحمه الله كان يجاريهم حتى في المباحات كلبس السواد لموافقته لمذهب العباسيين المتسلطين في ذلك الزمان، رغم نهيه عن السواد في روايات عده، كرواية أنها لباس أهل النار، وإنها لباس فرعون ، وأنها لباس أهل النار وغيرها. ثم يروون عن داود الرقي قال: كانت الشيعة تسأل أبا عبد الله ( ع ) عن لبس السواد ، قال : فوجدناه قاعدا عليه جبة سوداء وقلنسوة سوداء وخف أسود مبطن بسواد قال ثم فتق ناحية منه وقال اما ان قطنه أسود واخرج منه قطن أسود ثم قال بيض قلبك والبس ما شئت.(2)
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 4 / 83 ، الحدائق الناضرة ، للبحراني 13 / 70 ، كتاب الطهارة ، للخوئي ، 4 / 301(ش) ، البحث في رسالات العشر ، لمحمد حسن القديري ، 197 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 7 / 95 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 47 / 210 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 9 / 154 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 10 / 420
(2) - علل الشرائع ، للصدوق ، 2 /347 ، مستند الشيعة ، للنراقي ، 4 /375 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 3 /280 ، مشكاة الأنوار ، للطبرسي ، 91 ، الفصول المهمة في أصول الأئمة ، للحر العاملي ، 3 /311(1/328)
ويناقضون أنفسهم في هذا كشأنهم في جل عقائدهم وأقوالهم ويذكرون ما يدل على مكانته رحمه الله عند خلفاء عصره، فقد رووا عن الرضا ، عن أبيه صلوات الله عليهما، قال: أرسل أبو جعفر الدوانيقي إلى جعفر بن محمد عليهما السلام - إلى أن قال - فلما دخل جعفر بن محمد عليهما السلام ، ونظر إليه من بعيد ، تحرك أبو جعفر على فراشه ، قال مرحبا : وأهلا بك يا أبا عبد الله ، ما أرسلنا إليك الا رجاء ان نقضي دينك ونقضي ذمامك ، ثم سأله مسألة لطيفة عن أهل بيته ، وقال : وقد قضى الله حاجتك و دينك ، وأخرج جائزتك " . الخبر . وفي رواية قال له المنصور: مرحبا بابن العم النسيب ، وبالسيد القريب ، ثم أخذ بيده وأجلسه على سريره واقبل عليه ، ثم قال : أتدري لم بعثت إليك ؟ فقال عليه السلام : " وأنى لي العلم بالغيب " فقال : أرسلنا إليك لتفرق هذه الدنانير في أهلك ، وهي عشرة آلاف دينار ، فقال عليه السلام : " ولها غيري " فقال : أقسمت عليك يا أبا عبد الله لتفرقها على فقراء أهلك ، ثم عانقه بيده وأجازه وخلع عليه . . الخبر.(1)
__________
(1) - عيون أخبار الرضا (ع) ، للصدوق ، 2 /273 ، مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 13 /174 ، مدينة المعاجز ، لهاشم البحراني ، 5 /275 ، مسند الإمام الرضا (ع) ، لعزيز الله عطاردي ، 2 /68 ، موسوعة شهادة المعصومين (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) ، 3 /120(1/329)
ويروي الكليني عن أبي أيوب النحوي قال : بعث إلي أبو جعفر المنصور في جوف الليل فأتيته فدخلت عليه وهو جالس على كرسي وبين يديه شمعة وفي يده كتاب ، قال : فلما سلمت عليه رمى بالكتاب إلي وهو يبكي ، فقال لي : هذا كتاب محمد بن سليمان يخبرنا أن جعفر بن محمد قد مات ، فإنا لله وإنا إليه راجعون - ثلاثا - وأين مثل جعفر ؟.(1)
والرضا رحمه الله راوي الحديث الآنف الذكر، يروون قول هارون الرشيد له: يا بن العم ، ان أردت المقام عندنا ففي الرحب والسعة ، وقد أمرنا لك ولأهلك بمال وثياب ، فقال: لا حاجة في المال ولا الثياب ، ولكن في قريش نفر يفرق ذلك عليهم " وذكر له قوما فأمر لهم بصلة وكسوة، الخبر...وهكذا كان حاله ( ع ) في ولاية الرشيد ومن بعده ابنه محمد الأمين الذيث أنعم عليه ، حتى قيل أنه قال بإمامته وأمر باتباعه أهل مملكته.(2)
فأيٍ كان تفسيراتهم وتأويلاتهم لهذه الروايات فبها يتحقق المراد من إنتفاء أسباب التقية.
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 1 /310 ، شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 6 /180 ، مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبرسي ، 14 /128 ، الغيبة ، للطوسي ، 197 ، مناقب آل أبي طالب ، لابن شهر آشوب ، 3 /435 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 47 /3 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 19 /227 ، أعيان الشيعة ، لمحسن الأمين ، 1 /677 ، إعلام الورى ، للطبرسي ، 2 /13 ، موسوعة المصطفى والعترة (ع)ن لحسين الشاكري ، 9 /58 ، 11 /37 ، موسوعة شهادة المعصومين (ع) ، لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) ، 3 /131
(2) - مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري الطبري ، 13 /177 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 48 /155 ، 91 /350 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 17 /351 ، مسند الإمام الرضا (ع) ، لعزيز الله عطاردي ، 2 /58 ، وفيات الأئمة من علماء البحرين والقطيف 284(1/330)
نعود إلى ما كنا فيه، ويزعمون انه رحمه الله قال: فوالله لربما سمعت من يشتم عليا " ع " وما بيني وبينه إلا أسطوانة فاستتر بها فإذا فرغت من صلاتي فامر به فأسلم عليه وأصافحه. ومثله عن الباقر رحمه الله: إني لأسمع الرجل يسب عليا وأستتر منه بالسارية ، فإذا فرغ أتيته فصافحته.(1)
كما زعموا ذلك عن أمير المؤمنين علي رضي الله حيث رووا عن سفيان ، عن فضيل بن الزبير قال : قام رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، فسأله عن قول الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ) فيمن نزلت ؟ قال : ما تريد ، أتريد أن تغري بي الناس ؟ قال : لا يا أمير المؤمنين ، ولكن أحب أن أعلم ، قال : إجلس ، فجلس ، فقال : أكتب عامرا ، أكتب معمرا ، أكتب عمرا ، أكتب عمارا ، أكتب معتمرا ، في أحد الخمسة نزلت . قال سفيان ؟ قلت لفضيل : أتراه عمر ؟ قال : فمن هو غيره.(2)
__________
(1) - المحاسن ، للبرقي ، 1 /260 ، مستدرك الوسائل ، للحر العاملي ، للنوري ، 12 / 259 ، مشكاة الأنوار ، للطبرسي ، 89 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 72 /399 ، 411 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 15 / 520 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 10 /415 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 2 / 226 ، الكنى والألقاب ، لعباس القمي ، 1 /315 ، معارج اليقين في أصول الدين ، للسبزواري ، 254 ، التقية في الفكر الإسلامي ، لمركز الرسالة ، 119
(2) - تقريب المعارف ، لأبو الصلاح الحلبي ، 243 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 30 / 380 ، مستدرك سفينة بحار الأنوار ، للمجلسي ، لللنمازي الشاهرودي ، 10 / 419 ، مستدركات علم رجال الحديث ، للنمازي ، 8/ 440(1/331)
ويروون أيضا عن بن أبي حازم قال: كنت عند جعفر الصادق يوما وإذا بسفيان الثوري بالباب ، فقال : ائذن له . فدخل ، فقال له جعفر : يا سفيان إنك رجل يطلبك السلطان في بعض الأحيان ، وتحضر عنده وأنا أتقي السلطان ، فأخرج عني ، غير مطرود.(1)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 75 /201 ، كشف الغمة ، للإربلي ، 2 /369 ، الفصول المهمة في معرفة الأئمة ، لابن الصباغ ، 2 /914 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 12 /262 ، 19 /533 ، 28 /362(1/332)
ويروون عن الكاظم رحمه الله أنه كتب إلى الخيزران يعزيها بموسى إبنها ويهنئها بهارون إبنها ويقول: بسم الله الرحمن الرحيم للخيزران إلى ام أمير المؤمنين من موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين اما بعد اصلحك الله، وامتع بك، واكرمك، وحفظك، واتم النعمة والعافية في الدنيا والآخرة لك برحمته، ثم ان الامور اطال الله بقاءك كلها بيد الله عزوجل يمضيها، ويقدرها، بقدرته فيها، والسلطان عليها توكل بحفظ ماضيها، وتمام باقيها، فلا مقدم لما اخر منها، ولا مؤخر لما قدم، استأثر بالبقاء، وخلق خلقه للفناء، اسكنهم دنيا سريعا زوالها، قليلا بقاؤها، وجعل لهم مرجعا إلى دار لا زوال لها ولا فناء، لم يكن اطال الله بقاك احد من أهلي، وقومك وخاصتك وحرمتك كان اشد لمصيبتك اعظاما، وبها حزنا ولك بالاجر عليها دعاءا وبالنعمة التي احدث الله لأمير المؤمنين اطال الله بقاه دعاءا بتمامها، ودوامها، وبقائها، ودفع المكروه فيها مني، والحمد لله لما جعلني الله عليه بمعرفتي بفضلك، والنعمة عليك، وبشكري بلاءك، وعظيم رجائي لك امتع الله بك، واحسن جزاك، ان رأيت اطال الله بقاك ان تكتبي الي بخبرك في خاصة نفسك، وحال جزيل هذه المصيبة، وسلوتك عنها فعلت، فإني بذلك مهتم والي ماجائني من خبرك وحالك فيه متطلع، اتم الله لك افضل ما عودك من نعمته، واصطنع عندك من كرامته، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.(1)
يقول المجلسي في تعليقه على هذه الرسالة: انظر إلى شدة التقية في زمانه عليه السلام حتى أحوجته إلى أن يكتب مثل هذا الكتاب لموت كافر لا يؤمن بيوم الحساب ، فهذا يفتح لك من التقية كل باب.(2)
__________
(1) - قرب الإسناد ، 171 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 48/134
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 48 / 135 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 7 / 216 ، 10 / 420 ، البيان في عقائد أهل الإيمان ، للشريعتي الأصفهاني ، 111(1/333)
وكقول الإمام الصادق للمنصور كما يروون: بأبي أنت وأمي يا أمير المؤمنين ، وكقول الإمام الرضا للمأمون مثل ذلك.(1)
وغيرها كثير، ولا أدري كيف يستقيم هذا مع عشرات الروايات الذامة لهذا المنهج والتي ملئوا بها مصنفاتهم، كروايتهم عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: ان الله تعالى ذكره لم يرض من أوليائه ان يعصى في الأرض وهم سكوت مذعنون لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر.(2)
وعن الباقر أنه قال: أوحى الله تعالى إلى شعيب النبي " ع " انى معذب من قومك مائة الف ، أربعين ألفا من شرارهم وستين ألفا من خيارهم فقال يا رب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار فأوحى الله عز وجل إليه داهنوا أهل المعاصي ولم يغضبوا لغضبي.(3)
__________
(1) - رسالة في الإمامة ، للشيخ عباس ( نجل الشيخ حسن صاحب كتاب أنوار الفقاهة ) ، 73
(2) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 32 /526 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 10 /219 ، الإمام علي بن أبي طالب (ع) ، لأحمد الرحماني الهمداني 721 ، شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد ، 2 /208 ، الكنى والألقاب ، لعباس القمي ، 1 /315 ، شرح إحقاق الحق ، للمرعشي ، 8 /421
(3) - تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 6 /181 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 11 /416 ، الجواهر السنية ، للعاملي 30 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 12 /386 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 14 /386 ، 455 ، مستدرك سفينة بحار الأنوار ، للمجلسي ، للنمازي ، 3 /393 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 4 /370 ، 8 /416 ، 11 /17(1/334)
وعنه أيضا قال: وجدنا في كتاب علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا لم يأمروا بمعروف ولم ينهوا عن منكر ولم يتبعوا الأخيار من أهل بيتي سلط الله عليهم شرارهم ، فيدعوا عند ذلك خيارهم فلا يستجاب لهم.(1)
وعن الصادق رحمه الله قال: ان الله تعالى اهبط ملكين إلى قرية ليهلكهم فإذا هما برجل تحت الليل قائم يتضرع إلى الله تعالى ويتعبد قال فقال أحد الملكين للآخر انى أعاود ربى في هذا الرجل وقال الآخر بل تمضي لما أمرت ولا تعاود ربي فيما أمر به قال فعاود الآخر ربه في ذلك فأوحى الله إلى الذي لم يعاود ربه ان أهلكه معهم فقد حل به معهم سخطي ان هذا لم يتمعر وجهه قط غضبا لي والملك الذي عاود ربه فيما أمر سخط الله عليه فأهبطه في جزيرة فهو حي الساعة فيها ساخط عليه ربه.(2)
وعنه أيضا قال: أن أباه كان يقول : من دخل على إمام جائر فقرأ عليه القرآن يريد بذلك عرضا من عرض الدنيا لعن القارئ بكل حرف عشر لعنات ولعن المستمع بكل حرف لعنة.(3)
__________
(1) - الكافي ، للكليني ، 2 /374 ، شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 10 /40 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 11 /513 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 70 /372 ، 88 / 328 ، 97 /45 ، 72 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 13 /377 ، 14 /404 ، 428 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 9 /208 ، 10 /219 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 2 /182 ، 4 /48 ، 7 /108 ، 10 / 355 ، 11 /421
(2) - الأمالي ، للطوسي 670 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 14 / 503 ، 97 /88 ، مستدرك سفينة بحار الأنوار ، للمجلسي ، للنمازي ، 10/ 20
(3) - الاختصاص ، للمفيد ص 262 ، مشكاة الأنوار ، للطبرسي 245 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 72 /378 ، 89 /184 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 15 /156 ، مستدرك سفينة البحار ، للنمازي ، 8 /462 ، ميزان الحكمة ، للريشهري ، 3 /2530(1/335)
وقال: من مدح سلطانا جائرا أو تخفف وتضعضع له طمعا فيه كان قرينه في النار ، وقال صلى الله عليه وآله قال الله عز وجل: ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار.(1)
وقبل هذا أو بعده قول الله عزوجل: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [الأنعام : 68]
إذن عرفت مما مر بك انه لا تعلق لتقية القوم بالأسباب التي يذكرونها من وقوع الخوف والظلم عليهم من الحكام عبر التاريخ ولا صلة لها بالمشروعية التي أقرها القرآن وأجمع عليها المسلمون، سوى القول بأن تتبع الحكام لهم وتقتيلهم إنما كان من باب أنهم زنادقة يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر وذلك لقولهم بتحريف القرآن وكفر الصحابة وما سواهم من فرق المسلمين وتبني عقائد ما انزل الله بها، وهؤلاء لا يشك في كفرهم أحد؟
__________
(1) - من لا يحضره الفقيه ، للصدوق ، 4/ 11 ، الحدائق الناضرة ، للبحراني ، 18 /122 ، الموسوعة الفقهية الميسرة ، للأنصاري ، 4 /43 ، فقه الصادق (ع) ، للروحاني ، 14 /458(ش) ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 72 /332 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 10 /184(1/336)
ومما مر تبين لك صحة القول بأن من وضع مبدأ التقية إنما اراد بها عزل هذه الطائفة عن سائر اخوانهم من المسلمين وذلك بصرف كل النصوص الواردة من طرق الأئمة رحمهم الله سواء تلك التي يفتون بها في مجالسهم العامة أو الخاصة والتي توافق ما عليه معتقد أهل السُنة، حتى انهم اعلنوها صراحتهً في رواية نسبوها إلى الصادق أنه قال لزرارة: ما سمعت مني يشبه قول الناس فيه التقية وما سمعت مني لا يشبه قول الناس فلا تقية فيه.(1)
فأنظر كم هي تلك الروايات الثابتة عن الصادق وبقية أهل البيت رحمهم الله والتي تشبه قول الناس صرفت عن الحق، وكم هي تلك التي وضعوها على السنتهم مما لا تشبه قول الناس أدعوا انها الحق، إذا علمت ان راوي هذا الحديث وهو زرارة بن اعبن فقط روى الفين واربعة وتسعين روايه عن الأئمة.
وعلى ضوء امثال هذه الروايات وضع القوم أصل خطير من اصول مصادر تشريع الأحكام واستنباطها بعد كتاب الله عزوجل الذي قالوا بأنه مغير ومبدل ومحرف وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم التي ليس لها من الإعتبار مقدار بعوضة بإعتبار ان ناقلوها في حكم المرتدين كما عرفت.
__________
(1) مختلف الشيعة ، للحلي ، 7 /395 ، كشف اللثام ، للفاضل الهندي ، 8 /183 ، الحدائق الناضرةن ليوسف البحراني ، 25 /563 ، جواهر الكلامن للجواهري ، 33 /7 ، الاستبصار ، للطوسي ، 3 /318 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 8 /98 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2 /252 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 1 /266 ، منتهى الدراية ، لمحمد جعفر الشوشتري ، 8 /181(ه)) ، الرسائل ، للخميني 83 ، التحفة السنية ، للجزائري ، 15(1/337)
هذا الاصل هو: ما خالف العامة فيه الرشاد، أي عند اختلاف الأخبار والأحكام يجب الأخذ بما فيه خلاف أهل السُنة والجماعة.(1)
فنسبوا إلى الصادق أنه قال: إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم.(2)
وعن الحسن بن جهم انه سأل الرضا يروى عن الصادق شيء ويروى خلافه فبأيهما نأخذ؟ قال: خذ بما خالف القوم وما وافق القوم فإجتنبه.(3)
__________
(1) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2/224 ، 246 الحدائق ، 1/98 ، 107 ، 109 ، 110 ، 111 الرسائل ، للخميني 81 ، نهاية الدراية في شرح الكفاية ، لمحمد حسين الغروي الأصفهانى ، 3 /388 ، زبدة الأصولن لمحمد صادق الروحاني ، 4 /380
(2) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 1/95 الرسائل ، للخميني 81 ، جوابات أهل الموصل ، للمفيد ، 14(ه( ، الرسائل ، للخميني ، 2 /81 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 18 /85 ، الفصول المهمة في أصول الأئمة ، للحر العاملي ، 1 /577 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2 /235 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 1 /265 ، فرائد الأصول ، للأنصاري ، 4 /64 ، المحكم في أصول الفقه ، لمحمد سعيد الحكيم ، 6 /170 ، زبدة الأصول ، للروحاني ، 4 /356
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2/235 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 27/118 ، الرسائل ، للخميني ، 2 /81 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 1 /223 ، 268 ، نهاية الأفكار ، للبروجردي ، 5 /186 ، المحكم في أصول الفقه ، لمحمد سعيد الحكيم ، 6 /170 ، زبدة الأصول ، لمحمد صادق الروحاني ، 4 /356(1/338)
وعن الصادق أنه قال: إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فأعرضوهما على أخبار العامة فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه.(1)
وعنه أيضاً: دعوا ما وافق القوم فإن الرشد في خلافهم.(2)
وفي رواية: كيف يصنع بالخبرين المختلفين؟ فقال: إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فأنظروا ما يخالف منهما العامة فخذوه وانظروا ما يوافق أخبارهم فدعوه.(3)
وعن سماعة بن مهران انه سأل الصادق: يرد علينا حديثان واحد يأمرنا بالعمل به والآخر ينهانا عن العمل به ولا بد ان يعمل بأحدهما ؟ قال: اعمل بما فيه خلاف العامة.(4)
__________
(1) - جوابات أهل الموصل ، للمفيد 47(ه( ، الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 1 / 95 ، الرسائل ، للخميني ، 2 / 81 ، الفصول المهمة في أصول الأئمة ، للحر العاملي ، 1 / 577 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2 / 235 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 1 / 265 ، دروس في علم الأصول ، لمحمد باقر الصدر ، 1 / 423 ، زبدة الأصول ، لمحمد صادق الروحاني ، 4 / 352
(2) - الحدائق ، 1/107 ، الرسائل ، للخميني ، 2 /73 ، الكافي ، للكليني ، 1 /8 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 18 /80 ، 20 /63(ه( ، خاتمة المستدرك ، للنوري الطبرسي ، للنوري الطبرسي ، 3 /487 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 1 /255 ، زبدة الأصول ، للروحاني ، 4 /369 ، مستدركات علم رجال الحديث ، للنمازي ، 1 /52 ، معجم رجال الحديث ، للخوئي ، 1 /25 ، قاموس الرجال ، للتستري ، 12 /409 ، كليات في علم الرجال ، لجعفر السبحاني 372
(3) - بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2/235 الرسائل ، للخميني 81 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 27/119 ، الوافية ، للفاضل التوني ، 326 ، الفوائد المدنية والشواهد المكية ، لنور الدين العاملي ، 382
(4) - الحدائق ، 1/92 الإحتجاج ، 357 الرسائل ، للخميني 81 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 27/122(1/339)
وعن زرارة انه سأل الصادق عن الخبران والحديثان المتعارضان فبأيهما يأخذ وكلاهما مشهوران مرويان مأثوران عن الأئمة؟ قال: انظر ما وافق العامة فاتركه وخذ ما خالفه، فإن الحق فيما خالفهم.(1)
وعن علي بن أسباط قال: قلت له – يعني الرضا – حدث الأمر من أمري لا اجد بدا من معرفته وليس في البلد الذي انا فيه احد استفتيه من مواليك. فقال: إيتِ فقيه البلد فإذا كان ذلك فأستفتيه في أمرك فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه فإن الحق فيه.(2)
__________
(1) - شرح اللمعة ، للشهيد الثاني ، 1 /40 ، الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 1 /93 ، رياض المسائل ، للطباطبائي ، 1 /23 ، عوالي اللئالي ، لابن أبي جمهور الأحسائي ، 4 /133 ، فرائد الأصول ، للأنصاري ، 2 /116 ، 4 /62 ، فوائد الأصول ، لمحمد الكاظمي الخراساني ، 4 /774 ، المحكم في أصول الفقه ، للحكيم ، 6 /170 ، الفوائد الحائرية ، للوحيد البهبهاني ، 216 ، موسوعة المصطفى والعترة (ع) ، لحسين الشاكري ، 8 /22 ، الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة ، للحر العاملي ، 48
(2) - علل الشرايع ، 531 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2/233 التهذيب ، 6/295 ، الاجتهاد والتقليد ، للخميني ، 73 ، الرسائل ، للخميني ، 2 /82 ، 126 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 18 /83 ، الفصول المهمة في أصول الأئمة ، للحر العاملي ، 1 /575 ، الفوائد المدنية والشواهد المكية ، للعاملي ، 387 ، فرائد الأصول ، للأنصاري ، 1 /615 ، 4 /177 ، تهذيب الأصول ، تقرير بحث السيد الخميني ، للسبحاني ، 3 /169 ، المحكم في أصول الفقه ، للحكيم ، 6 /187 ، زبدة الأصول ، للروحاني ، 4 /369(1/340)
بل ولا يجوز الإحتكام اليهم أصلاً، فعن عمر بن حنظلة قال: سألت أبي عبدالله عليه السلام عن رجلين من أصحابنا بينمها منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان والى القضاة أيحل ذلك؟ قال: من تحاكم اليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت، وما يحكم له فإنما يأخذ سحتا وان كان حقا ثابتا له لأنه اخذه بحكم الطاغوت وقد أمر الله ان يكفر به.قلت: فكيف يصنعان؟ قال: ينظران إلى من كان منكم روى حديثنا..الى ان قال: فإن كان الخبران عنكما مشهورين قد رواهما الثقات عنكم؟ فذكر له بوجوب الأخذ بما خالف العامة فإن فيه الرشاد وان كان الخبران وافقهما جميعا فينظر إلى ماهم اليه أمّيل فيتركه ويأخذ بالآخر وان وافق الخبرين جميعا فأرجه حتى تلقى إمامك فإن الوقوف عند الشبهات خير من الإقتحام في الهلكات.(1)
__________
(1) - الكافي ، 1/67 التهذيب ، 6/301 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 27/106 الفقيه ، 3/5 الحدائق الناضرة ، 1/91 الإحتجاج ، 355 الأنوار النعمانية ، 3/52 ، مجمع الفائدة ، للأردبيلي ، 12 /10(ش) ، كشف اللثام ، للفاضل الهندي ، 10 /9 ، الرسائل ، للخميني ، 2 /68 ، تهذيب الأحكام ، للطوسي ، 6 /303 ، شرح أصول الكافي ، للمازندراني ، 1 /62 ، 2 /334 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 1 /318 ، موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) ، لهادي النجفي ، 3 /90 ، 5 /199 ، 270 ، 7 /103 ، درر الفوائد ، لعبد الكريم الحائري ، 2 /674(1/341)
وأصل كل هذه الروايات المكذوبة على الصادق وغيره من الأئمة رحمهم الله، رواية هي الأخرى موضوعة ومنسوبة إليه يقول فيها لأحد أصحابه: اتدري لم امرتم بالأخذ بخلاف ما تقول العامة؟ فقلت: لا ندري، قال: ان عليا عليه السلام لم يكن يدين الله بدين إلا خالف عليه الأمة إلى غيره إرادةً لإبطال أمره وكانوا يسألون أمير المؤمنين عليه السلام عن الشيء الذي لا يعلمونه فإذا أفتاهم جعلوا له ضدا من عندهم ليلبسوا على الناس.(1)
ثم وضعوا روايات أخرى على لسانه يحثهم فيها إلى مخالفتهم في كل شيء، حيث قال: ما أنتم والله على شيء مما هم فيه ولا هم على شيء مما انتم فيه فخالفوهم فما هم من الحنيفية على شيء.(2)
__________
(1) - الرسائل ، للخميني ، 2 /82 ، وضوء النبي (ص) ، لعلي الشهرستاني ، 1 /254 ، علل الشرائع ، للصدوق ، 2 /531 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، ج 18 /83 ، الفصول المهمة في أصول الأئمة ، للحر العاملي ، 1 /576 ، بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2 /237 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 1 /265 ، معالم المدرستين ، لمرتضى العسكري ، 3 /268 ، المحكم في أصول الفقه ، لمحمد سعيد الحكيم ، 6 /187 ، بحوث في فقه الرجال ، تقرير بحث الفاني ، لمكي 50 ، تنزيه الشيعة الإثني عشرية عن الشبهات الواهية ، لأبو طالب التجليل التبريزي ، 2 /372
(2) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 1 /110 ، 3 /59 ، 468 ، 10 /43 ، 16 /152 ، 24 /14 ، 25 /256 ، الرسائل ، للخميني ، 2 /83 ، وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 18 /85 ، جامع أحاديث الشيعة ، للبروجردي ، 1 /268 ، 311 ، فرائد الأصول ، للأنصاري ، 4 /123 ، نهاية الدراية في شرح الكفاية ، للأصفهانى ، 3 /389 ، المحكم في أصول الفقه ، للحكيم ، 6 /188 ، 191 ، الإثنا عشرية ، للحر العاملي ، 124 ، الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة ، للحر العاملي 89(1/342)
وفي بعض الأخبار: والله لم يبق في أيديهم إلا إستقبال القبلة.(1)
لذا ترى مصادرهم الفقهية مليئة بروايات ائمة أهل البيت رحمهم الله المردودة بحجة انها توافق ما عليه أهل السُنة والجماعة من أمثال:
- هذا الخبر موافق للعامه قد ورد مورد التقيه.
- فالوجه فيه التقية لأنه موافق للعامه.
- هذا الخبر موافق للعامه ولسنا نعمل به.
- هذا الخبر موافق للعامة ولسنا نأخذ به.
- هذا الخبر محمول على التقية لأنه لايوافقنا عليه احد من العامة.
- هذا الخبر مذهب جميع من خالف الشيعة وما هذا حكمه يجوز فيه التقية.
- هذا الخبر خرج مخرج التقية ، لأن هذا الحكم لا يوافقنا عليه أحد من العامة.
- يحتمل ان يكون ورد مورد التقية لأنه موافق للعامة وما خالفهم لا يحتمل التقية. وغيرها.(2)
بل وقدم البعض التقية عند الترجيح وجعلها أقوى المرجحات، وأنكر القول بالدس في الأخبار رغم تواتر ذلك كما سيأتي.(3)
__________
(1) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 1 /110 ، 3 /59 ، 10/ 43 (هـ) ، 23 /353 ، الفصول المهمة في أصول الأئمة ، للحر العاملي ، 1 / 578
(2) - التهذيب ، 1/93 ، 295 ، 332 ، 464 ، 3/209 ، 5/493 ، 7/223 ، 416 ، 9/200 ، 287 ، 323 ، 327 ، 392 ، 10/5 الإستبصار ، 1/65 ، 206 ، 215 ، 225 ، 313 ، 335 ، 385 ، 2/52 ، 3/46 ، 198 ، 286 ، 4/169 ، 4/141 وسائل الشيعة ، للحر العاملي ، 1/18 ، 25 ، 2/484 ، 508 ، 3/46 ، 291 ، 5/358 ، 6/85 ، 7/462 ، 13/436 ، 26/171 ، 28/225 بحار الأنوار ، للمجلسي ، 2/224 الإحتجاج ، 358 ، مجمع الفائدة ، للأردبيلي ، 13 /57(ش) ، مختلف الشيعة ، للحلي ، 2 /154 ، منتهى المطلب ، للحلي ، 1 /277 ، ذخيرة المعاد ، للسبزواري ، 1 ق 3 /692 ، منتقى الجمان ، لحسن صاحب المعالم ، 2 /173 ، مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت ، 58 /121
(3) - الحدائق الناضرة ، ليوسف البحراني ، 1/8(1/343)
ولا زالت التطبيقات العملية للتقية قائمة في جميع الرسائل الفقهية المعاصرة، فلا يكاد يخلو باب من ابواب الفقه منها، بِدأً بالقول ببطلان الصلاة بقول آمين بعد الفاتحة ووضع اليمنى على اليسرى في حال القيام إلا تقية إلى سائر ما جوز من المحظورات بزعمهم تقيةً، أو رد بحجة موافقتها لما عليه أهل السُنة والجماعة.
ومن الطرائف في الأمر ان القول بالتقية لم يقتصر على كونها من المخالفين كما مر بك ، بل طال ذلك الشيعة أنفسهم.
يقول الخميني في معرض كلامة حول اقسام التقية: ومنها: التقية من سلاطين الشيعة أو عوامهم.(1)
ومن التطبيقات العملية لذلك مثلا مسألة طهارة الكتابي عند الشيعة حيث ذهب أكثر فقهائهم إلى نجاسة أهل الكتاب وحرموا طعامهم وشرابهم حتى الخبز والماء الذي باشروه، وفسروا الطعام بالحبوب في قوله تعالي: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ .[المائدة : 5]. إلا ان الكثير من المراجع الحاليين يرون طهارة الكتابي ولكن تقيتهم من العوام تمنعهم من الإفتاء.
يقول مغنية في ذلك: ان كثير من المراجع الكبار على القول بطهارته، منهم السيد الحكيم والسيد الخوئي الذي اسر برأية لمن يثق به.(2)
وقال في موضع آخر بأنه عاصر ثلاثة من المراجع، الشيخ محمد رضا آل يس في النجف، والسيد صدر الدين الصدر في قم، والسيد محسن الأمين في لبنان، وقد أفتوا جميعهم بطهارة الكتابي واسروا بذلك إلى من يثقون به، ولم يعلنوا ذلك خوفا من المهوشين، وان الكثير من الفقهاء يقولون بالطهارة ولكنهم يخشون أهل الجهل والله أحق ان يخشوه.(3)
__________
(1) - الرسائل ، للخميني ، 2/175
(2) - تفسير الكاشف ، 3/18 (تفسير سورة المائدة ، الآية 5)
(3) - فقه الامام الصادق ، 33(1/344)
ومثل ذلك القول في مراسم العزاء في عاشوراء وما يصاحبه من ضرب وتطبير بالسلاسل حتى تسيل الدماء، يقول مغنية: ما يفعله بعض عوام الشيعة في لبنان والعراق وايرأن من لبس الأكفان وضرب الرؤوس والجباه بالسيوف في اليوم العاشر من محرم عادة مشينة بدعة في الدين والمذهب وقد احدثها لأنفسهم أهل الجهالة دون ان يأذن بها إمام أو عالم كبير كما هو الشأن في كل دين ومذهب، ولم يجرأ على مجابهتها احد في أيامنا إلا قليل من العلماء وفي طليعتهم المرحوم السيد محسن الأمين العاملي الذي ألّف رسالة خاصة في تحريم هذه العادة وبدعتها وأسمى الرسالة ( التنزيه لأعمال الشيعة) والذي اعتقده انها ستزول بمر الأيام.(1)
وقد عانى السيد محسن الأمين من أولئك العاجزون عن مواجهة العوام، فبدلاً من أن يقفوا معه في محاربة هذه البدع وقفوا ضده، خوفاً وتقيتاً، منهم عبدالحسين صادق في النبطية والسيد عبدالحسين شرف الدين في صور وصالح الحلي الخطيب المشهور، وآل كاشف الغطاء والميرزا النائيني ومرتضى آل المظفر، واحتدم النزاع واشتد الصراع، وحمي وطيس المعركة، فانقسم الناس إلى طائفتين على ما اصطلح عليه العوام: (علويين) و (أمويين)، وكانوا الأمويون هم أتباع السيد محسن الأمين وقد كانوا أقلية لا يعتد بها وأكثرهم كانوا متسترين خوفا من الأذى. وقد تجاوز الصراع الحدود المألوفة إلى خصومات ومهاترات والضرب والإعتداء، حتى قال الحلي في الأمين:
يا راكبا إما مررت بجلق *** فأبصق بوجه أمينها المتزندق
وقال رضا الهندي:
ذرية الزهراء ان عددت *** يوما لتحصي الناس فيها الثنا
فلا تعدوا محسنا منهم *** لأنها قد أسقطت محسنا
وقال آخر:
وما معول النجدي أدهي مصيبة *** من القلم الجاري بمنع المآتم.
__________
(1) - الجوامع والفوارق بين السنة والشيعة ، 184(1/345)
والموضوع فيه طول.(1)
ويقول عالم شيعي آخر في هذا المقام: وهناك معاناة أخرى يعانيها الشيعة اثر تبعيتهم لأولئك الفقهاء الذين سكتوا عن الحق. انها المعاناة التي يعانيها الآلاف من الشيعة في يوم عاشوراء من ضرب السيوف على الرؤوس وضرب الاكتاف بالسلاسل، ان هذا العمل بغض النظر عن المعاناة الجسدية فإنما هو تشويه لصورة الشيعة في العالم وفي الوقت نفسه إضرار بالنفس ومناقض لكرامة الإنسان.(2)
__________
(1) - السيد محسن الأمين ، سيرته بقلمه وأقلام آخرين ، 115 ، هكذا عرفتهم ، للخليلي ، 1/ 209 ، ديوان السيد رضا ، 153 ، معجم الخطباء ، لداخل حسن ، 1/ 98 نقلاً عن: مرجعية المرحلة وغبار التغيير ، لجعفر الشاخوري ، ظ
(2) - يا شيعة العالم استيقظوا ، 35(1/346)
ويضيف شيعي آخر: والحق يقال ان ما يفعله الشيعة من تلك الأعمال ليست هي من الدين في شيء ولو اجتهد المجتهدون وافتي بذلك المفتون ليجعلوا فيها أجرا كبيرا وثوابا عظيما، فإنني لم اقنع بتلك المناظر المنفرة التي تشمئز منها النفوس وينفر منها العقل السليم وذلك عندما يعري الرجل جسمه ويأخذ بيده حديدا ويضرب نفسه في حركات جنونية صائحا بأعلى صوته، حسين حسين، حسين حسين، والغريب في الأمر والذي يبعث على الشك انك ترى هؤلاء الذين خرجوا عن اطوارهم وظننت بأن الحزن أخذ منهم كل مأخذ فإذا بهم بعد لحظات وجيزة من إنتهاء العزاء تراهم يضحكون ويأكلون الحلوى ويشربون ويتفكهون وينتهي كل شيء بمجرد إنتهاء الموكب والأغرب من ذلك ان معظم هؤلاء غير ملتزمين بالدين، ولذلك سمحت لنفسي بإنتقادهم مباشرة عدة مرات وقلت لهم بأن ما يفعلونه هو فلكلور شعبي وتقليد أعمى، .. ثم ذكر ان محمد باقر الصدر الذي افاده بأن ما يراه من ضرب الأجسام وإسالة الدماء هو من فعل عوام الناس وجهالهم ولا يفعل ذلك أي واحد من العلماء، وقال: وقد حضرت بنفسي في مناسبات عديدة مختلفة وفي بلدان عديدة موكب عاشوراء ولم أر احدا من العلماء يفعل ذلك أبدا.(1)
__________
(1) - كل الحلول عند آل الرسول ، للتيجاني ، 148(1/347)
وقال في قضية أخرى وهي التدخين في المساجد والمآتم عند الشيعة: وإنني استغرب من المراجع عند الشيعة الذين يحرمون اللعب بالشطرنج ولا يحرمون التدخين وشتان بين ضرر كل منهما، وإنني كثيرا ما كنت ناقما على هذا الوضع وكثيرا ما أثرت هذه المسائل مع بعض العلماء فلم اجد من عنده الجرأة الكافية لمنعه وتحريمه، وأذكر ان الشهيد الصدر لم يكن يدخن ابدا وقد سألته عن التدخين فقال: انا لا ادخن وانصح كل مسلم ان لا يدخن. ولكني لم اسمع منه التحريم صراحةً، ويقال ان بعض المراجع حرمه على المبتدئين وكرهه للمدخنين وبعضهم يحرمه ولكن لا يجروء على التصريح بذلك خوفا ان يتهم بأنه يعمل بالقياس، وعلى المراجع ان يقولوا فيه قولا صريحا ولا يخشون في الله لومة لائم وعليهم ان يحرموه ولو اجتهادا منهم، اما ان يسكت العلماء والمراجع لأن الناس لا يقبلون ذلك فهذه مشكلة، أو انهم يخافون من ردة فعل المدخنين فلا يقولون بكر اهته وقد سمعت بعضهم يجهد لإقناعي بأن فيه فوائد كثيرة وهذا أمر خطير له أبعاده وقد شجع شبان المسلمين الذين يعرفونه على مداومة التدخين.(1)
وكتب ضد الشيخ الخالصي نحو خمسة عشر كتاباً، لأنه أبدى ملاحظات على الطقوس المذهبية الشيعية من بينها: المجالس الحسينية، ومواكب العزاء، فانفجرت العامة في وجه الخالصي، وأصدر بعض العلماء الشيعة فتاوى بتكفيره، وتعرض لحملة تعبوية ضارية، وأثار بعض المتعاملين الشيعة الصبية والأطفال للخروج في مظاهرات سخرية ضده.
وهذا آية الله النائيني، صاحب كتاب "تنبيه الأمة وتنزيه الملة" التي أثبت فيها مشروعية الحركة الدستورية، حيث أضطر تحت تأثير العوام بجمع كل نسخ الرسالة ومن المكتبات وإتلافها، وكان يقوم بشراء نسخها من الأسواق مهما كانت قيمتها تجاوباً مع العوام.
__________
(1) - المصدر السابق ، 169(1/348)
وهذا السيد هبة الدين الشهرستاني في منتصف العقد الثاني، من القرن الميلادي الحالي، افتى السيد هبة الدين الشهرستاني بحرمة نقل الجنائز من الاماكن البعيدة إلى النجف الاشرف، لما يؤدي ذلك من امراض على اثرتفسخ جثة الميت في الطريق، حيث ان وسائط النقل البدائية تتطلب زمنا طويلا لايصال الموتى إلى النجف، وبخاصة بالنسبة للاماكن البعيدة. ومن الناحية الفقهية تعنون هذه الحالة بعنوان«هتك حرمة الميت»، وهذا امر لا تجيزه الشريعة المقدسة فقامت على اثر ذلك ضجة كبيرة تعرض اثناءها لمحاولة اغتيال فاشلة قام بها بعض العوام.
وهذا الشيخ عبد الكريم اليزدي يروي آية اللّه المطهري، في كتابه الاجتهاد في الإسلام، ان مؤسس حوزة قم المقدسة الشيخ عبد الكريم اليزدي، طلب تدريس اللغات الاجنبية وبعض العلوم الحديثة، كمقدمات في الحوزة، لكي يتمكن طلبتها من عرض الإسلام على الطبقات الحديثة وفي البلدان الاجنبية. ولكن ما ان انتشر الخبر حتى جاءت جماعات من الناس من طهران إلى قم قائلين بانهم يدفعون الخمس لتدريس الفقه والاصول إلى لغة الكفار، وانهم سوف يفعلون كذا وكذا، اذا نفذ هذا الاقتراح! فالغى الشيخ فكرته لان الموقف قد يؤدي إلى انهيار الحوزة الوليدة.
وهذا آية اللّه السيد البروجردي ويروي الشيخ المطهري، ايضا، في كتابه السابق ان السيد البروجردي ذكر في اثناء درسه الفقهي، ذات يوم، وبمناسبة البحث في تقية الشيعي من الشيعي، انه -اي السيد البروجردي- كان يظن ان عليه ان يستنبط الاحكام وعلى الناس العمل بها، لكنه وجد بعد ذلك ان الامر معكوس، فالناس تريد منه دائما ان يفتي بما يوافق رغباتهم.
ويروي الشيخ ناصر مكارم الشيرازي ان السيد البروجردي بعث إلى هيئات العزاء الحسيني توجيها يطلب منهم فيه ترك العادات المخلة وغير الصحيحة اثناء اقامة مراسم العزاء، فكان جوابهم: اننا نقلدك في 364 يوما من السنة ولكننا في يوم عاشوراء لا نقلدك.(1/349)
هذه مجرد امثلة. وهناك امثلة اخرى في حياة الامام الشهيد الصدر والامام الخميني على دور العوام السلبي في سير المرجعية.
يقول آية اللّه المطهري في كتابه السابق: ان الافة التي اصابت مجتمعنا الديني بالشلل واقعدته عن العمل هي الاصابة بالعوام... أن منظومتنا الدينية على اثر اصابتها بهذه الافة لا تستطيع ان تكون طليعة فتتحرك امام قافلة، وان تهدي القافلة بالمعنى الصحيح للهداية، انها مضطرة للتحرك وراء القافلة.
ويقول ايضا: ان حكومة العوام هي منشا رواج الرياء والمجاملة والتظاهروكتمان الحقائق والاهتمام بالمظاهر وشيوع الالقاب والمقامات والتطلع إلى المراكز العليا في مجتمعنا الديني مما لا نظير له في العالم.
ويقول ايضا: ان حكومة العوام هي التي تدمي قلوب احرارنا وطلاب الاصلاح فين.
ومما لا شك فيه ان هذه الظاهرة اوجدت تذبذبا في حركة المصلحين. فنجد شخصية تقف إلى جانب الاصلاح في قضية إلى حد الزعامة، وفي الوقت نفسه تعارض الاصلاح في قضية اخرى والى حد الزعامة ايضا. فالشيخ محمد رضا المظفر الذي قاد حركة الاصلاح في مناهج الحوزة ومؤسساتها الدراسية حتى وصل إلى قضية الخطابة الحسينية، محاولا برمجتها فاثيرت في وجهه ضجة عنيفة، كان قبل ذلك يصطف مع الخط المعارض لحركة السيد محسن العاملي بشان اصلاح الشعائر الحسينية.
والشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء الذي تزعم دورا اصلاحيا في الجانبين السياسي والاجتماعي سجل معارضته لحركة السيد العاملي، والشيخ النائيني الذي وقف إلى جانب الاصلاح السياسي بقوة ختم حياته بمعارضة هذه الحركة ايضا.(1/350)
إن حكومة العوام، وعدم التنسيق والتخطيط، وقوة الجناح المحافظ، وتضارب ادوار المصلحين، عوامل سلبية اضعفت حركة الاصلاح في حياة المرجعية وجعلتها اقل بكثير مما ينبغي.(1)
وسيطرة العوام شديدة على كل رؤساء المذاهب الإسلامية بشكل عام، وتجرأ السيد هبة الدين الشهرستاني وقال بقدر كبير من الصراحة في الأربعينات من القرن الماضي في مجلته (العلم) في مقالة بعنوان: (علماؤنا والتجاهر بالحق) جاء فيها ما نصه: (وأما في القرون الأخيرة فالسيطرة أضحت للرأي العام على رأي الإعلام. فصار العالم والفقيه يتكلم من خوفه بين الطلاب غير ما يتلطف به بين العوام وبالعكس، ويختار في كتبه الاستدلالية غير ما يفتي به في الرسائل العملية، ويستعمل في بيان الفتوى فنوناً من السياسة والمجاملة خوفاً من هياج العوام. حتى انه بلغنا عن فقيه سأله أحد السوقيين، عن يهودي بكى على الحسين (ع) فوقعت دمعته على ثوبي، هل نجس الثوب أم لا؟ فأجاب المسكين خوفاً منه: إن جواب هذه المسألة عند الزهراء (ع). وسأل سوقي آخر فقيهاً عمن شج رأسه للحسين (ع) فأجابه كذلك، إلى غير ذلك، لكن هذه الحالة تهدد الدين بانقراض معالمه، واضمحلال أصوله، لأن جهّال الأمم يميلون، من قلة علمهم، ونقص استعدادهم، وضعف طبعهم، إلى الخرافات وبدع الأقوام والمنكرات. فإذا سكت العلماء ولم يزجروهم أو ساعدوهم على مشتهياتهم، غلبت زوائد الدين على أصوله، وبدعه على حقائقه، حتى يمسي ذلك الدين شريعة وثنية همجية تهزأ بها الأمم.(2)
__________
(1) - أنظر مدخل إلى دراسة الدور الحضاري للمرجعية الإسلامية ، مجلة المنهاج ، العدد 8 ، مرجعية المرحلة ، للشاخوري ، 327 ، الاجتهاد في الاسلام ، محاضرات في الدين والاجتماع ـ 2 ، لمرتضى المطهري
(2) - دراسة في طبيعة المجتمع العراقي ، لعلي الوردي ، 232 ، مجلة العلم – السنة الثانية ص226/ ص267.(1/351)
وأمثال هذه الحكايات كثيرة، ولكن أي خير يرتجى من علماء هذا مذهبهم، أو من مذهب هذا علماءه، لا يجرؤون على الإفتاء بطهارة الكتابي أو وقف الفلكورات الشعبية أو منع التدخين في المآتم و المساجد وغيرها، ويبررون فعلهم هذا بالأخذ بالتقية.
خلاصة البحث:
وبعد،
فقد تبين لنا بعد كل هذا ما يلي:
1- إن مفهوم التقية بين السنة والشيعة هو إشتراك في اللفظ وإختلاف في المقاصد والغايات. بمعنى أن التقية عند المسلمين هو إظهار الكفر عند الضرورة، وإخفاء الإيمان، بينما تقية الشيعة فهي إظهار الإيمان وإخفاء العقائد الكفرية، كالشرك والغلو والقول بتحريف القرآن وتكفير الصحاية وغيرها من عقائد ما انزل الله بها من سلطان.
2- التقية عند الشيعة ليست إستثناء أو رخصة عند الضرورة، بل ضرورة في ذاتها وواجبة، وهي تسعة أعشار الدين، وأن من تركها كمن ترك الصلاة، ولا يجوز رفعها إلى ظهور مهدي الشيعة. وإعترافهم بإشتهارهم بها دون سائر المسلمين.
3- الأصل في التقية عند المسلمين هو من الكفار، بينما الأصل في تقية الشيعة أنها هي من أهل السُنة، وإختلافهم في جوازها من الكفار.
4- إن الذين وضعوا عقيدة التقية بالمفهوم الشيعي، أرادوا إبعاد الشيعة عن سائر المسلمين بحمل كل ما جاء على لسان أئمة أهل البيت رحمهم الله والذي يوافق ما عليه سائر المسلمين على التقية. أو حمل كل تناقض ورد في رواياتهم المنسوية إلى الأئمة على التقية وذلك لتعارض الإختلاف مع عقيد العصمة.
5- ذم كشف عقائد الشيعة ومدح كتمانها.
6- روايات ذم الأئمة للزنادقة والكذابين المنُدسين في مدرسة أهل البيت رحمهم الله، حملت هي أيضاً على التقية بحجة أن هذه الذموم إنما صدرت عنهم لحمايتهم من المخالفين.
7- سيرة الأئمة تتعارض مع القول بالتقية، فقد كانوا وسائر أهل البيت رحمهم الله مثالاً للجهر بالحق وإنكار المنكر، و لا يصح شيئ من سيرتهم ما يؤيد معتقد التقية.(1/352)
8- لا يصح من روايات الترغيب في التقية أو الترهيب من تركها من طرق الإمامية شيئ عند التحقيق.
9- إعتراف الشيعة بإن روايات الأحكام الواردة على التقية لا يمكن أن تُرد بطرقٍ معروفة.
10- إعترافهم بضياع أكثر أحكام مذهب أهل البيت بسبب التقية. وإختلافهم في المسألة الواحدة إلى عشرين أو ثلاثين قولاً ، أو أزيد. وترك الكثير من الشيعة لمذهب التشيع بسبب هذه الإختلافات.
11- قولهم أن الأخبار التي خرجت على طريق التقية لموافقتها لمذهب العامة لا يجب العمل بها.
12- قولهم بجواز التقية حتى بين الشيعة أنفسهم.
وختاماً، هذا ما يسّر الله جمعه في عجالة لا تخلوا من هفوات، عزائنا فيها ضيق الأوقات، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وسبحانك اللهم وبحمدك، واشهد أن لا إله إلا الله أستغفرك وأتوب إليك، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أهم مصادر الكتاب:
القرآن الكريم.
إثبات الهداة: محمد بن الحسن الحر العاملي - المطبعة العلمية - قم.
الإحتجاج: احمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي - مؤسسة أهل البيت - بيروت.
إعلموا أني فاطمة: عبدالحميد المهاجر - دار الكتاب والعترة - بيروت.
أعيان الشيعة: محسن الأمين - دار التعارف للمطبوعات - بيروت – لبنان.التقية: الشيخ الأنصاري - مهر - قم.الحدائق الناضرة: يوسف البحراني - دار الأضواء - بيروت.
الإختصاص: محمد بن محمد بن النعمان الملقب بالمفيد - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
الإرشاد: محمد بن محمد بن النعمان الملقب بالمفيد - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
الإستبصار: محمد بن جعفر الطوسي، شيخ الطائفة - دار الأضواء - بيروت.
إختيار معرفة الرجال: الطوسي - بعثت - قمكمال الدين: محمد بن علي بن بابويه القمي، الصدوق - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
أمالي الصدوق: محمد بن علي بن بابويه القمي، الصدوق - مؤسسة الأعلمي - بيروت.(1/353)
أمالي الطوسي: محمد بن الحسن الطوسي، شيخ الطائفة - مكتبة العرفان - الكويت.
أمالي المفيد: محمد بن محمد بن النعمان، المفيد - دار التيار الجديد ودار المرتضي.
الأنوار النعمانية: نعمة الله الجزائري - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
اوائل المقالات: الشيخ المفيد - دار الكتاب الإسلامي - بيروت.
بحار الأنوار: محمد باقر المجلسي - مؤسسة الوفاء - بيروت.
البرهان في تفسير القرآن، هاشم البحراني - مؤسسة الوفاء - بيروت.
البيان في تفسير القرآن: أبو القاسم الخوئي - دار الزهراء - بيروت.
تأويل الآيات الظاهرة: شرف الدين الحسيني الإسترابادي النجفي - مدرسة المهدي - قم.
التشيع، نشأته ومعالمه: هاشم معروف - الغدير - بيروت.
تفسير الجديد في تفسير القرآن: محمد السبزواري النجفي - دار التعارف - بيروت.
تفسير الأمثل: ناصر مكارم الشيرازي - مؤسسة البعثة - بيروت.
تفسير العسكري: المنسوب للإمام العسكري - مدرسة الإمام المهدي - قم.
تفسير الصافي: الفيض الكاشاني - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
تفسير العياشي: محمد بن مسعود إبن عياش السمرقندي - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
تفسير فرات: فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي - مؤسسة النعمان - بيروت.
تفسير القمي: علي بن إبراهيم القمي - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
تفسير الكاشف: محمد جواد مغنية – دار العلم للملايين – بيروت.
تفسير الميزان: محمد حسين الطباطبائي - مؤسسة اسماعيليان - قم.
تفسير نور الثقلين: عبد علي بن جمعة العرسي الحويزي - مؤسسة اسماعيليان - قم.
تهذيب الأحكام: محمد بن جعفر الطوسي، شيخ الطائفة - دار الأضواء - بيروت.
جامع أحاديث لشيعة: محمد صادق الروحاني - مؤسسة دار الكتاب – قم.
الجوامع والفوارق بين السنة والشيعة: محمد جواد مغنية – مؤسسة عزالدين - بيروت.
حق اليقين: السيد عبدالله شبّر - دار الأضواء - بيروت.
الحياة الفكرية والسياسية لأئمة أهل البيت - رسول جعفريان - دار الحق - بيروت.(1/354)
الخصال: محمد بن علي بن بابويه القمي، الصدوق - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
رجال النجاشي: احمد بن علي النجاشي - دار الأضواء - بيروت.
رجال إبن داود: تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلي - منشورات الرضي - قم.
رجال الحلي: الحسن بن يوسف المطهر الحلي - دار الذخائر للمطبوعات - قم.
رجال الطوسي: محمد بن جعفر الطوسي، شيخ الطائفة - دار الذخائر للمطبوعات - قم.
رجال الكشي: محمد بن عمر الكشي.
الرسائل: آية الله العظمى الخميني - مؤسسة مطبوعات إسماعليان - قم.
عقائد الإمامية: محمد رضا المظفر - دار الصفوة - بيروت.
علل الشرايع: محمد بن علي بن بابويه القمي، الصدوق - المكتبة الحيدرية - النجف.
عيون أخبار الرضا: محمد بن علي بن بابويه القمي - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
الغدير: عبدالحسين احمد الأميني النجفي - دار الكتب الإسلامية - طهران.
غيبة النعماني: محمد بن إبراهيم بن جعفر النعماني - مؤسسة الأعلمي - بيروت.
غيبة الطوسي: محمد بن جعفر الطوسي، شيخ الطائفة - مكتبة الالفين - الكويت.
فرق الشيعة: الحسن بن موسى النوبختي - دار الأضواء - بيروت.
الفصول المختارة: محمد بن محمد بن النعمان، المفيد - دار الأضواء - بيروت.
فقه الصادق: محمد صادق الروحاني - مؤسسة دار الكتاب – قم.قرب الإسناد: عبدالله بن جعفر الحميري - مؤسسة آل البيت - بيروت.
فصل الخطاب: النوري الطبرسي - إيران.
الكافي: محمد بن يعقوب الكليني - دار الأضواء - بيروت.
كليات في علم الرجال: جعفر السبحاني - منشورات الحوزة العلمية - قم.
كشف الغمة: علي بن عيسى الإربلي - دار الأضواء - بيروت.
كنز الفوائد: محمد بن علي بن عثمان الكراجكي - دار الأضواء - بيروت.
كل الحلول عند آل الرسول: محمد التيجاني السماوي - دار المجتبى - بيروت.
مجمع البيان: الفضل بن الحسن الطبرسي - انتشارات ناصر خسرو - طهران.
مجمع الرجال: عناية الله علي القهبائي - مؤسسة اسماعليان - قم.(1/355)
محجة العلماء - الطهراني - إيران.
مستدرك الوسائل: النوري الطبرسي - بيروت.
مستدرك سفينة البحار: علي النمازي الشاهرودي - مؤسسة النشر الإسلامي- قم
مستدركات علم رجال الحديث: علي النمازي الشاهرودي- شفق - طهرانمشارق الشموس الدرية: السيد عدنان الموسوي البحراني - المكتبة العدنانية - البحرين.
مع الصادقين: محمد التيجاني السماوي - مؤسسة الفجر - لندن.
معاني الأخبار: محمد بن علي بن بابويه القمي، الصدوق - مكتبة الصدوق - طهران.
معجم رجال الخوئي: أبو القاسم الخوئي - منشورات مدينة العلم - قم.
منتخب الأثر: لطف الله الصافي - مكتبة الصدر - طهران.
الموضوعات في الآثار والأخبار: هاشم معروف - دار الكتاب اللبناني - بيروت
موسوعة أحاديث أهل البيت (ع): هادي النجفي - دار إحياء التراث العربي – بيروت
موسوعة المصطفى والعترة (ع): الحاج حسين الشاكري - نشر الهادي – قم.
نقض الوشيعة: محسن الأمين – مؤسسة الأعلمي - بيروت.
نهج البلاغة: المنسوب لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه- دار الأندلس - بيروت.
وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة: الحر العاملي - بيروت.
و غيرها من عشرات المصادر المذكورة في الحواشي.
فهرس الكتاب
مقدمة الكتاب.
تعريف التقية.
مشروعية التقية من الكتاب والسنة.
أقوال علماء أهل السُنة في التقية.
التقية عند بقية فرق المسلمين.
أقوال علماء الشيعة في التقية.
التقية تنقسم بانقسام الأحكام الخمسة.
أقوال الشيعة في مجالات التقية.
إدعاء بعض الشيعة أنه لا مكان للتقية في زماننا هذا.
حقيقة التقية عند الشيعة ومنزلتها.
روايات من طرق الشيعة في الترهيب من ترك التقية.
مهدي الشيعة في تقية ولا يجوز ذكره أو تسمية.
مشروعية التقية عند الشيعة في الأمن ودون توفر أسبابها.
نماذج تطبيقية للتقية في بعض ابواب الفقة.
الحوادث التاريخية التي وقعت في عصر الأئمة.
العلة من ذكر هذه الحوادث وعلاقتها بالتقية.(1/356)
ليس هناك ما يستوجب لجوء الشيعة وأئمتهم للتقية.
إشتهار الشيعة بالتقية وإعتراف علمائهم بذلك.
تبريرات الشيعة لإشتهارهم بالتقية دون سائر فرق المسلمين.
تفنيد القول بإقتصار وقوع الظلم على الشيعة دون سار المسلمين وإشتهارهم بسبب ذلك بالتقية.
نماذج من علماء أهل السُنة تعرضوا لتنكيل الحكام.
سيرة الأئمة والقول بالتقية صورتان متضادتان.
هل تجور التقية على النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟
الأئمة نصّبوا لبيان الشرايع والاحكام بزعم الشيعة ، فلو أخذوا بالتقية انتفت الفائدة من نصبهم.
زعم الشيعة أن أصحاب الأئمة يسألون أئمتهم أن يجيبوهم دون تقية.
روايات من طرق الشيعة تدل على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في تقية.
تتمة ذكر سير الأئمة وما ينافي أخذهم بالتقية.
التقية لم تعرف طريقها إلى سائر أهل البيت.
سيرة أصحاب الأئمة أيضاً تنافي القول بالتقية.
إضطراب الشيعة في تأويل تعارض مواقف أصحاب الأئمة لمبدأ التقية.
إستعمال التقية مع أهل السُنة.
قول بعض علماء الشيعة بجواز التقية على الأئمة حتى في غياب المخالفين وبيان علة ذلك.
روايات من طرق الشيعة تؤيد هذا القول.
معارضة بعض علماء الشيعة لهذا القول.
من غرائب التقية عند الشيعة أنهم لا يجوزونا في الأمور التي يعرفون بها وهذا خلاف مقاصد التقية بزعمهم.
الجهر بالبسملة أنموذج.
التكبيرات على الميت أنموذج آخر.
إضطراب الشيعة في تعليل هذا الموقف.
تكفير الشيعة للمخالفين.
ظهور أثر هذا التكفير في جل أبواب الفقه عند الشيعة.
من أمثلة ذلك غسل المخالف والصلاة عليه.
ومنها عدم جواز إخراج الزكاة للمخالفين.
ومنها جواز غيبتهم.
أبواب خاصة في مصنفات الشيعة في كفر المخالفين.
الأسباب الحقيقة للجُوء الشيعة إلى الأخذ بالتقية .
أقدم نص ورد في أسباب التقية.
وجوب التفريق بين أئمة الرافضة وأئمة أهل البيت رحمهم الله.(1/357)
قول الشيعة أن علي رضي الله عنه كان في تقية على عهد من سبقه من الخلفاء.
إعتقاد الشيعة بأن القرآن الموجود في أيدينا محرف.
ذكر أسماء بعض علماء الشيعة القائلين بالتحريف.
المنكرون للتحريف من علماء الشيعة.
حقيقة قول المنكرين للتحريف.
إعتراف علماء الشيعة أن ذلك أنما صدر منهم تقية لمصالح كثيرة.
إتهامهم لأهل السُنة بأنهم هم الذين قالوا بأن أقوال هؤلاء إنما صدرت منهم تقية.
إنكار بعض المتأخرين لعقيدة التحريف.
نماذج لتناقض بعض هؤلاء المنكرين، حيث نفوا التحريف في مواضع من كتبهم وإقرارهم به في مواضع أخرى.
عقيدة الشيعة في السنة النبوية.
إعتقاد الشيعة بردة الصحابة رضي الله عنهم.
إثبات أن إنكار الشيعة لتكفير الصحابة إنما هو على سبيل التقية.
نماذج من روايات الشيعة في تكفير الشيخين رضي الله عنهما.
دعاء صنمي قريش ومنزلته عند الشيعة.
إنكار بعض المعاصرين من الشيعة تكفيرهم للصحابة.
إنكار العلامة جعفر السبحاني لدعاء صنمي قريش رغم منزلته وشهرته.
قول علماء الشيعة أن روايات مدح الأئمة للصحابة جاءت على سبيل التقية.
نماذج من نفيهم الطعن في الصحابة في مواضع من كتبهم وإقرارهم به في مواضع أخرى.
عتاب الشيعة لأهل السُنة لقولهم أنّ التقية تشكّل مانعاً حقيقياً عن التجاوب مع الشيعة.
المجاهرة بسب الصحابة رضي الله عنهم بل وسائر العقائد خلاف عقيدة الشيعة.
روايات في ذم كشف عقائد الشيعة ومدح كتمانها.
غلو الشيعة في الأئمة؟
من عقائد الشيعة القول بالرجعة.
والبداء.
وعقيدة الطينة.
الباب الثاني:
نقد روايات التقية ودراسة أسانيدها.
نبذة عن الوضع والوضاعين في السنة المطهرة.
كثرة الكذب على أئمة أهل البيت وتحذيرهم من ذلك.
شروط قبول الرواية عن الأئمة عند الشيعة.
علة وجود المرويات المكذوبة في كتب المسلمين.
ذكر روايات التقية من طرق الشيعة ودراسة أسانيدها.
الإضطراب في علوم الجرح والتعديل والحديث عند الشيعة.(1/358)
إعتراف الشيعة أن كثيراً من مصنفيهم ينتحلون المذاهب الفاسدة.
إعتراف الشيعة أن مصطلح الحديث والجرح والتعديل أنما هو من علوم أهل السُنة.
إعتراف الشيعة بضعف أحاديثهم كلها عند التحقيق.
هل أسانيد الشيعة صنعت فيما بعد وركبت على نصوص أخذت من أصول قدمائهم؟
آيات وروايات في الحث على قول الحق وذم كتمانه.
ذم الكذب.
روايات في ذم ذوالوجهين واللسانين.
نقد عقيدة التقية عند الشيعة.
إقرار الشيعة بأن التقية كانت حتى زمن الإمام زين العابدين ثم زالت أيام الباقر والصادق.
إقرار الشيعة أن أعاظم علماءهم لم يكونوا في تقية وكانوا يجاهرون بمعتقداتهم.
قولهم بعدم صدور أي كتاب من كتب الشيعة عبر التاريخ على سبيل التقية.
بيان أن كتاب التبيان للطوسي وكشف الغمة للإربلي وغيرهما صنفت على التقية.
علة قولهم بصدور هذه الكتب على سبيل التقية.
تتمة نقد عقيدة التقية عند الشيعة.
إعتقاد الشيعة أن الأئمة يعلمون متى يموتون وان ذلك اليهم.
إعتقادهم ذلك في أصحاب الأئمة أيضاً.
إعتقادهم أن الأئمة يعرفون الاضمار وحديث النفس قبل ان يخبروا به.
وانهم عرض عليهم ملكوت السموات والأرض ويعلمون علم ما كان وما يكون.
وانه لا يحجب عنهم شيء، وانهم يعلمون مايصيبهم من البلايا ويصبرون عليها، ولو دعوا الله في دفعها لأجيبوا، وانهم يعلمون ما في الضمائر.
وإن عندهم الاسم الاعظم وبه يظهر منهم الغرائب.
وانهم يقدرون على إحياء الموتى وإبراء الأكمة والأبرص وجميع معجزات الأنبياء.
وانهم سخر لهم السحاب ويسر لهم الأسباب.
كيف تجوز التقية على من لا تعرف الشريعة إلا من جهته.
إذا لا تجوز التقية على النبي فكذلك الإمام لأن الإمامة كالنبوة لطف من الله في إعتقاد الشيعة.
إعتراف الشيعة أن روايات التقية أعجب من أحاديث بني إسرائيل ويجب التصديق بها.
موقف الأئمة من الإضطراب الحاصل بسبب التقية الذي خلقه المندسين في مدرسة أهل البيت رحمهم الله.(1/359)
دعوة الأئمة إلى رد كل ما خالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
دعوة الأئمة للرجوع إلى الكتاب والسنة عند تعارض الأخبار.
قول الصادق أن المغيرة بن سعيد دس في كتب أصحاب الباقر أحاديث لم يحدث بها.
ذكر بعض الرواة الكذابين والمذمومين عند الشيعة.
عقيدة أئمة أهل البيت رحمهم الله هي عين عقيدة أهل السُنة.
بيان خطأ الإعتقاد أن دعوة الأئمة إلى الرجوع إلى السنة الإقتصار على روايات علي رضي الله عنه.
نماذج من روايات ذم ائمة أهل البيت رحمهم الله للشيعة.
زنادقة في مدرسة الباقر والصادق رحمهما الله.
المحاولات الأولى عند الشيعة لتطهير أصولهم من الروايات الموضوعه.
إنقسام الشيعة إلى أصوليين وأخباريين بسبب هذه المحاولات.
حمل أقوال ذم الأئمة للرواة على التقية.
إعتراف الشيعة بإن أحاديث الأحكام الواردة تقية لا يمكن أن ترد بطرق معروفة.
إعترافهم بضياع أكثر أحكام مذهب أهل البيت بسبب التقية.
إعترافهم في إختلافهم في المسألة الواحدة إلى عشرين أو ثلاثين قولاً ، أو أزيد.
إعترافهم بترك الكثير من الشيعة لمذهب التشيع بسبب هذه الإختلافات.
قولهم أن الأخبار التي خرجت على طريق التقية لموافقتها لمذهب العامة لا يجب العمل بها.
مثال على إختلافهم في أحد المسائل وردهم جميع الروايات فيها بسبب التقية.
قولهم بعدم وصول الكثير من فقه أهل البيت رحمهم الله بسبب التقية.
تفويت علماء الشيعية الكثير من الخير على أتباعهم بسبب حمل الروايات الصحيحية على التقية.
شيخ الطائفة الطوسي أنموذج.
إنكار وإستغراب علماء الشيعة لمنهج الطوسي في كتابيه الإستبصار والتهذيب.
إضاعة الطوسي لفرص التقارب بين المسلمين بسبب منهجه هذا.
ذم بعض علماء الشيعة لشيخ الطائفة الطوسي.
إعتذار بعض علماء الشيعة له بأنه إنما سلك مسلك أهل السُنة تقية واصطلاحا ومماشاة لهم.(1/360)
الإختلاف الحاصل بين الشيعة بسبب حمل روايات الأئمة أو التساهل في حملها على التقية لمظنة موافقتها لأهل السُنة.
عشرات النماذج لهذا الإختلاف.
نماذج من حمل الروايات على التقية لشبهة موافقتها لبعض أهل السُنة أو حتى عدم وجود قائل به من أهل السُنة.
تجويز بعض علماء الشيعة حمل الروايات على التقية دون وجود قائل بها من أهل السُنة.
رد علماء آخرين من الشيعة على هذا القول.
حمل بعض روايات الباقر والصادق على التقية لموافقتها لأقوال الشافعي وإبن حنبل رغم أنهما لم يولدا بعد.
قولهم أن التقية لم تكن من الفقهاء والمفتين بل لحفظ الشيعة من شر السلاطين والحكام.
قولهم أن مجرد الموافقة لأهل السُنة لا يوجب الحمل على التقية.
بيان أن تقية الشيعة أنما هي لتفريق المسلمين وأنها عين النفاق والكذب.
من الدلائل على هذا القول كذبهم على الأئمة في موقفهم من الإمام أبي حنيفة.
أبوحنيفة رحمه الله لم يكن من خلفاء بني أمية أو العباس أو من رجالاتهم.
قولهم بأن الصادق رحمه الله قد أفطر يوماً من رمضأن تقية.
وقولهم أنه كان يجاري الآخرين حتى في المباحات كلبس السواد.
روايات من طرق الشيعة تدل على منزلة الأئمة العظيمة عند خلفاء عصرهم.
إهانة الشيعة لأئمة أهل البيت بإظهارهم بمظهر الجبناء والمنافقين والمصانعين للخلفاء.
روايات من طرق الأئمة رحمهم الله في ذم هذه السلوكيات.
نسبتهم إلى الصادق قوله لزرارة: ما سمعت مني يشبه قول الناس فيه التقية.
وضع الشيعة مبدأ خطير يقول: ما خالف العامة فيه الرشاد، أي عند اختلاف الأخبار والأحكام يجب الأخذ بما فيه خلاف أهل السُنة والجماعة.
النهي عن التحاكم إلى أهل السُنة.
أصل القول بالأخذ بخلاف أهل السُنة وعدم التحاكم إليهم.
روايات في الحث على مخالفة أهل السُنة في كل شيئ.
نماذج من ردهم روايات الأئمة رحمهم الله بحجة أنها توافق ما عليه أهل السُنة والجماعة.(1/361)
ترجيح البعض للتقية وجعلها أقوى المرجحات، وأنكارهم القول بالدس في الأخبار رغم تواتر ذلك.
بعض التطبيقات العملية للتقية في الرسائل الفقهية المعاصرة.
التقية من سلاطين الشيعة وعوامهم.
نماذج لإستعمال التقية من قبل علماء الشيعة مع عوامهم.
خلاصة البحث.
ذكر بعض مصادر الكتاب .(1/362)