'+ ''+ commenttext + ''+ '
الإيمان بالملائكة وأثره في حياة الأمة
( 1 من 1 )
السابق
التالي
javascript:CHP_ondblclick()
الموضوعات
? المقدمة
? معنى الإيمان بالملائكة
? مِمَّ خلق الله الملائكة؟
? صفات الملائكة
o أولاً : هم أعظم جنود الله
o ثانيًا : خِلْقَتُهم عظيمة
o ثالثًا : لهم قوة عظيمة بإذن الله
? أعمال الملائكة المكلفون بها
o أولاً : منهم من يقوم على جهنم
o ثانيًا : ومنهم الملائكة الموكّلون بحمل العرش
? عدد حملة العرش
o ثالثًا : ومنهم الموكّلون بالوحي
? صفات جبريل عليه السلام
? الصفة الأولى : القوة
? الصفة الثانية : المكانة
? الصفة الثالثة : الطاعة
? الصفة الرابعة : الأمانة
? رؤية محمد صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام
o رابعًا : ملائكة موكّلون بأعمال أخرى
o خامسًا : ملائكة موكّلون بالأجنة في بطون الإناث
o سادسًا : ملائكة موكلون بقبض الأرواح حين ينتهي الأجل
o سابعًا : ملائكة موكّلون بحفظ أعمال بني آدم
? كل إنسان معه ملكان
? الملائكة يكتبون النيات والمقاصد
? منزلة صلاتي الفجر والعصر بين الصلوات
? دعوة للمقصرين
o ثامنًا : وهناك ملائكة موكّلون بحفظ الإنسان من المهالك
o تاسعًا : وهناك ملائكة موكّلون في هذا الكون بأعمال لا يعلمها إلا الله
? وجوب الإيمان بالملائكة وبكل أعمالهم
? أوجه الاختلاف بين عمل الملائكة وعمل الشياطين
? الأماكن التي تردها الملائكة
? الأماكن التي تردها الشياطين
? أثر الإيمان بالملائكة في حياة الإنسان
? لا شيء يخفى على الله تعالى
? تذكر الملائكة من أجل محبتهم
بسم الله الرحمن الرحيم
TOP المقدمة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد :(1/1)
فإن الإيمان أمره عظيم، إذ هو الأساس الذي تُبنى عليه السعادة في الدنيا والآخرة، فهو من أعظم مراتب الدين، فإن جبريل لمّا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حضرة أصحابه، سأله عن الإسلام والإيمان والإحسان فقال : يا محمد : أخبرني عن الإسلام قال : ( الإسلام : أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً ). ففسر الإسلام على أنه الإتيان بهذه الأركان الخمسة : الشهادتين، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت . قال : صدقت، فأخبرني عن الإيمان، قال : ( الإيمان : أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، وأن تؤمن بالقدر خيره وشره ) . ففسر الإيمان على أنه التصديق بهذه الأركان الستة : الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر والقدر خيره وشره .
قال : أخبرني عن الإحسان . قال : ( الإحسان : أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ). فبيّن أن الإحسان ركن واحد وهو : أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك .
فهذه هي مراتب الدين الثلاث : الإسلام ثم الإيمان ثم الإحسان، وكل مرتبة منها لها أركان .
وركن الشيء : جانبه الذي يقوم عليه، فركن البيت، هو جانبه الذي يقوم عليه، فالإيمان يقوم على هذه الأركان الستة، فإذا سقط منها ركن لم يكن الإنسان مؤمنًا به لأنه فَقَدَ ركنًا من أركان الإيمان .(1/2)
فالإيمان لا يقوم إلا على أركانه، كما لا يقوم البنيان إلا على أركانه، وهذه الأركان الستة مذكورة في القرآن الكريم، تارة تذكر جميعًا وتارة يذكر بعضها . كما قال تعالى : { وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ } [ البقرة : 177 ] . ذكر - جلّ وعلا - في هذه الآية الكريمة خمسة أركان من أركان الإيمان . وقال سبحانه وتعالى : { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ } [ البقرة : 285 ] . ذكر منها أربعة، وتارة يذكر منها اثنين : الإيمان بالله، واليوم الآخر قال جلّ شأنه : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } [ البقرة : 62 ] . ذكر في هذه الآية ركنين : الإيمان بالله، واليوم الآخر .
وأما الإيمان بالقدر فقد ذكره في قوله تعالى : { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } [ القمر : 49 ] . وفي قوله : { وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا } [ الفرقان : 2 ] .
TOP معنى الإيمان بالملائكة
والموضوع الذي نحن بصدده هو : الإيمان بالملائكة الذي هو ركن من أركان الإيمان ومعناه : التصديق بوجودهم والتصديق بأعمالهم التي يقومون بها في هذا الكون .
فالملائكة : خَلقٌ من خَلقِ الله، خلقهم لعبادته، وتنفيذ أوامره في الكون، فالله يرسل الملائكة لتنفيذ أوامره، فهم خلق من عالم الغيب لا نراهم ولكن نؤمن بهم إيمانًا جازمًا لا يتطرق إليه شك، لأن الله سبحانه وتعالى أخبر عنهم كما أخبر عنهم رسوله صلى الله عليه وسلم إخبارًا قطعيًا يجعلنا نؤمن بهم .
TOP مِمَّ خلق الله الملائكة ؟(1/3)
والملائكة خُلِقُوا من نور، كما جاء في الحديث أن الله - سبحانه - خلق الملائكة من نور فقد خلق الشياطين من نار وخالق الآدميين من طين . وخلق الملائكة من نور .
TOP صفات الملائكة
الملائكة، هم خلق من خلق الله، من عالم الغيب، ولا يعلم عددهم وكيفيتهم وخلقتهم إلا الله سبحانه .
ومن صفاتهم :
TOP أولاً : هم أعظم جنود الله قال تعالى : { وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } [ الفتح : 4 ] . ولما ذكر خزنة النار، ذكر : { عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ } [ المدثر : 30 ] . وقال سبحانه وتعالى : { وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاّ مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا } [ المدثر : 31 ] .
وأصحاب النار : خزنة النار . أي على جهنم من الملائكة تسعة عشر ملكًا، يخزنونها ويقومون بحفظها وإيقادها ويتوكلون بشؤونها .
قال بعض الكفار لما سمع بعدد خزنة النار - وكأنه استهان بهذا العدد - وقال : أنا أكفيكم منهم كذا وكذا، يعني أنه إذا دخل النار، سيقاوم ويتغلب عليهم ويخرج من النار . وذلك من باب السخرية والاستهزاء، فرد الله تعالى بقوله : { وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاّ مَلائِكَةً } [ المدثر : 31 ] . أي ليسوا من البشر .(1/4)
فإن كان هذا يزعم بنفسه أنه قوي، وأنه يطيق عددًا من البشر، فإنه لا يطيق أحدًا من الملائكة . قال تعالى : { وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاّ مَلائِكَةً } [ المدثر : 31 ] . أي لم يجعلهم بشرًا أو جنًّا . { وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ } [ المدثر : 31 ] . { وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } . أي : الكافرون . { مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً } [ المدثر : 31 ] . فهم يفترون وبهذا يتقالُّون هذا العدد . كيف أن هذه النار العظيمة التي بها كل هذه الخلائق لا يقوم عليها إلا تسعة عشرة .
قال تعالى : { وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا } [ المدثر : 31 ] . فما يعلم عظمة الملائكة وما يعلم ما عند الله من جنود السماوات والأرض إلا الله، لا يعلمهم هؤلاء الكفار ولا غيرهم .
TOP ثانيًا : والملائكة خِلْقَتُهم عظيمة، فقد ذكر الله تعالى ذلك في قوله : { الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ } [ فاطر : 1 ] . يعني : منهم من له جناحان، ومن له ثلاثة أو أربعة أجنحة، ومنهم من له أكثر من ذلك، فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل وله ستمائة جناح، كل جناح منها سدَّ الأفق، هذا ملك واحد من الملائكة، وصفه الله بأنه شديد القوى فقال تعالى : { عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى } [ النجم : 5 ] . يعني جبريل عليه السلام وقوله تعالى : { ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى } [ النجم : 6 ] . يعني ذو قوة وهيئة حسنة .
TOP(1/5)
ثالثًا : والملائكة لهم قوة عظيمة بإذن الله ومن دلائل عظمتهم : أن الواحد منهم إذا أمره الله، فإنه يصيح في العالم، فيهلك الخلق . كما حدث مع قوم ثمود، حيث أخذتهم الصيحة، صاح بهم جبريل صيحة واحدة { إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ } [ القمر : 31 ] . فقطعت قلوبهم في أجوافهم فماتوا وصاروا كهشيم المحتظِر .
من عادة العرب إذا نزلوا في منزل يجمعون الحطب، ويجعلون حظائر لأغنامهم ومواشيهم، فهذه الحظائر تيبس وتصبح هشيمًا، فثمود على قوتهم وجبروتهم أصبحوا كهشيم المحتظر على أثر صيحة واحدة من ملك من الملائكة .
وهذا جبريل أمره الله أن يرفع قُرى قوم لوط - وهي سبع مداين فيها من الآدميين والمباني والأمتعة والحيوانات - حملهم على طرف جناحه، ورفعها حتى سمعت الملائكة نباح كلابهم، وصياح ديوكهم، ثم قلبها عليهم، وخسف الله بهم الأرض .
هذا نموذج من قوة الملائكة عليهم السلام .
إسرافيل - عليه السلام - الموكل في النفخ في الصور، والصور معناه : القرن الذي تجمع فيه أرواح بني آدم من أولهم لآخرهم، ثم ينفخ إسرافيل نفخة واحدة في الصور، فتطير الأرواح من هذا القرن، وتطير إلى أجسامها، هذه نفخة البعث وقبلها ينفخ نفخة الصعق، فيموت كل من في السماوات والأرض إلا من شاء الله . قال عزّ وجل : { وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاّ مَن شَاءَ اللَّهُ } [ الزمر : 68 ] . والصعق هو : الموت .
ثم نفخ فيه نفخة أخرى هي نفخة البعث { فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ } [ الزمر : 68 ] .(1/6)
هذا ملك واحد من ملائكة الرحمن، وهذا عمل من أعماله التي يأمرُه الله بها، إذن، فالملائكة خلق عظيم من خلق الله، خلقهم لعبادته وتنفيذ أوامره قال تعالى : { بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ، لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ، يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ } [ الأنبياء : 26-28 ] هذا وصفٌ للملائكة .
TOP
أعمال الملائكة المكلفون بها
والملائكة لهم أعمال، فكل منهم له عمل موكل به، لا يتأخر عنه بل يقوم به بأمر الله ولا يعصي الله، قال تعالى : { عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [ التحريم : 6 ] .
فمن أعمالهم :
TOP أولاً : من يقوم على جهنم، وهم من يسمون بخزنة جهنم، أي الموكلون بالنار وتعذيب أهلها .
TOP ثانيًا : ومنهم الملائكة الموكّلون بحمل العرش، عرش الرحمن - سبحانه وتعالى - قال تعالى : { الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا } [ غافر : 7 ] . وقال تعالى : { وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ } [ الحاقة : 17 ] .
TOP عدد حملة العرش :
حملة العرش أربعة، ثم يزداد عددهم يوم القيامة فيصيرون ثمانية، والعرش أعظم المخلوقات يحمله يوم القيامة ثمانية، مما يدل على قوة الملك حيث أن هؤلاء يحملون هذا العرش العظيم الذي هو أكبر وأعظم المخلوقات ! وهذا يدل على قوتهم وعلى عظم خلقتهم .(1/7)
TOP ثالثًا : ومنهم الموكّلون بالوحي، كما قال سبحانه : { يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ } [ النحل : 2 ] .
والروح بمعنى الوحي، يسمى روحًا، لأنه تحيى به القلوب، كما المطر الذي تحيى به الأرض، كما أن الروح المخلوقة تحيى به أبدان الحيوانات .
الروح بمعنى القرآن : يقول سبحانه وتعالى لنبيه : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا } [ الشورى : 52 ] . روحًا يعني : القرآن، لأنه تحيى به قلوب أهل الإيمان، فكما تحيى الأرض بالمطر كذلك قلوب المؤمنين تحيى بالقرآن .
والروح بمعنى جبريل - عليه السلام - وهو أعظم الملائكة، وأفضلهم، وأشرفهم، هو الذي نزل بالقرآن من عند الله على محمد صلى الله عليه وسلم قال جلّ شأنه : { نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ، عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ، بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ } [ الشعراء : 193-195 ] . فالقرآن نزل به جبريل على قلب النبي صلى الله عليه وسلم والرسول بلّغه لأمته . وفي آية أخرى : { قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ } [ النحل : 102 ] . ويعني جبريل وهو روح القُدس .
TOP صفات جبريل عليه السلام
وكذلك وصف الله جبريل بأوصاف عظيمة : فقال جلّ وعزّ : { فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ، الْجَوَارِ الْكُنَّسِ، وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ، وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ، إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ، مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ } [ التكوير : 15-21 ] .
TOP الصفة الأولى : القوة : قال تعالى : { ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ } [ التكوير : 20 ] . {ذي العرش} : صاحب العرش وهو الله عزّ وجلّ، و { ذي قوّة } هذه صفة جبريل عليه السلام .(1/8)
TOP الصفة الثانية : المكانة : { مَكِينٍ } يعني ذو مكانة عند الله، لا يصل إليها غيره .
TOP الصفة الثالثة : الطاعة : { مُطَاعٍ } تطيعه الملائكة جميعًا بأمر الله سبحانه .
TOP الصفة الرابعة : الأمانة : { أَمِينٍ } أي : على الوحي ألا يزيد في القول أو ينقص فيه، وإنما يبلغه كما أوحاه الله إليه .
TOP رؤية محمد صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام
قال تعالى : { وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ } [ التكوير : 22 ] . كما قال الكفار : { وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ } [ التكوير : 23 ] . رأى محمد صلى الله عليه وسلم جبريل بالأفق مرتين :
المرة الأولى : في بطحاء مكة، رفع رأسه فرآه في عنان السماء له ستمائة جناح، كل جناح منها سد الأفق .
والمرة الثانية : { وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى، عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى } [ النجم : 13، 14 ] . ليلة المعراج رآه على خلقته التي خلقه الله عليها في السماوات .
فهذه من أوصاف جبريل عليه السلام، وقوله سبحانه : { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } [ الحاقة : 40 ] . أي : القرآن كلام الله سبحانه، ولكن نُسب إلى جبريل هنا؛ لأنه هو الذي بلغه لمحمد صلى الله عليه وسلم فهو مبلّغ عن الله - عزّ وجل - فقد قاله لرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم مُبلِّغًا عن الله، وهو كلام الله عزّ وجل، والكلام إنما يضاف إلى من قاله مبتدئًا، لا لمن قاله مُبلِّغًا مؤدّيًا، لكنه أضيف إليه من باب البلاغ .
TOP رابعًا : هناك ملائكة موكّلون بأعمال أخرى :
1 ـ ميكائيل موكّلٌ بالقطر الذي ينزل من السماء، يسوقه وينزل حيث أمره سبحانه وتعالى .(1/9)
2 ـ وإسرافيل موكّل بالنفخ في الصور، عندما يريد الله تعالى بعث الخلائق من القبور، وتنبت الأجساد من القبور، تتكامل ولم يبق إلا الروح، عند ذلك ينفخ إسرافيل بأمر الله في هذا القرن فتطاير الأرواح إلى الأجساد، التي نبتت من هذه القبور وقامت، ثم يمشون حيث أمرهم الله .
قال تعالى : { يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ } [ المعارج : 43 ] . ويقول جلّ من قائل : { يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ، مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ } [ القمر : 7، 8 ] .
هؤلاء الملائكة الثلاثة موكّلون بالحياة : فجبريل موكّل بالوحي الذي به حياة القلوب، وميكائيل موكّل بالقطر الذي به حياة الأرض بعد موتها، وإسرافيل موكّل بالنفخ في الصور الذي به حياة الأجساد، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الاستفتاح إذا قام من الليل بعد أن يكبر تكبيرة الإحرام : ( اللهم ربّ جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض . . ) إلخ الدعاء .
فهؤلاء أعظم الملائكة لعظم أعمالهم .
TOP
خامسًا : وهناك ملائكة موكّلون بالأجنة في بطون الإناث .
كما في حديث عبد الله بن مسعود قال : حدّثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق : ( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك ويؤمر بأربع كلمات، بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد ).
هذا الملك يرسله الله إليه في هذه المهمة العظيمة .(1/10)
TOP سادسًا : وهناك ملائكة موكلون بقبض الأرواح حين ينتهي الأجل، فهناك ملك الموت قال تعالى : { قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ } [ السجدة : 11 ] . وملك الموت معه أعوان له . قال تعالى : { حَتَّىَ إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ، ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللَّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ } [ الأنعام : 61، 62 ] . والتوفي أضيف إلى الملائكة وإلى ملك الموت وإلى الله .
{ اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا } [ الزمر : 42 ] . أضيف إلى الله لأنه هو الذي أمر به، سبحانه وتعالى، وأضيف إلى الملائكة؛ لأنهم هم الذين يباشرون ذلك، يجمعون الروح ويسوقونها من جسد الإنسان حتى تبلغ الحلقوم، وأضيف إلى ملك الموت : { قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ } [ السجدة : 11 ] . لأنه هو الذي يتولى قبضها عندما تجتمع في آخر مرحلة .
TOP سابعًا : وهناك ملائكة موكّلون بحفظ أعمال بني آدم كما في الحديث : ( يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ) . وقال تعالى : { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ، كِرَامًا كَاتِبِينَ، يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ } [ الانفطار : 10-12 ] .
TOP
كل إنسان معه ملكان
وكل إنسان منا معه ملكان موكّلان به، ملك عن يمينه يكتب الحسنات وآخر عن شماله يكتب السيئات، قال تعالى : { إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ، مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } [ ق : 17، 18 ] . هؤلاء الحفظة يلازمون الإنسان في سفره وجلوسه، وفي جميع أحواله، في صلاته وسجوده، يلازمونه ولا يتخلون عنه إلا في الأحوال الخاصة : كحال قضاء الحاجة، فهم يكتبون أقواله وأعماله .
TOP
الملائكة يكتبون النيات والمقاصد(1/11)
وقد ورد أنهم يكتبون نيات الإنسان ومقاصده القلبيّة، وما ينوي أن يفعله، لذلك يثاب الإنسان على النية الحسنة، لأنها عمل قلبيّ، ويعاقب على النية السيئة لأن النية عمل قلبيّ .
فهؤلاء موكّلون بالإنسان من حين بلوغه سن التكليف إلى أن يتوفاه الله، وهم يكتبون عليه ما عمله في الحياة من نيات وأعمال وأقوال وغير ذلك .
TOP منزلة صلاتي الفجر والعصر بين الصلوات
قال صلى الله عليه وسلم : ( يتعاقبون عليكم ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار، يجتمعون في صلاة العصر وفي صلاة الفجر ) ، ولهذا كانت هاتان الصلاتان أفضل الصلوات . قال تعالى : { وَقُرْآنَ الْفَجْرِ } يعني صلاة الفجر، { إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا } [ الإسراء : 78 ] . تحضره ملائكة الليل وملائكة النهار، يجتمعون في صلاة الفجر مع المسلمين ويستمعون إلى القرآن الذي يتلى في الصلاة، ويجتمعون في صلاة العصر فيسألهم الله وهو أعلم، كيف تركتم عبادي ؟ قالوا : جئناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون، يعني : نزلوا ونحن نصلي العصر، وحضروا معنا الصلاة، وصعدوا ونحن نصلي الفجر .
وبذلك كانت صلاة العصر هي الوسطى التي حثّ الله عليها قال تعالى : { حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى } [ البقرة : 238 ] . يعني : صلاة العصر، لأنها تحضرها ملائكة الليل وملائكة النهار ( الحفظة ) .
TOP دعوة للمقصرين
فأين الذين يتخلّفون عن صلاة الفجر وينامون على فرشهم ولا يشاهدون هذا المشهد العظيم في كل ليلة مع ملائكة الرحمن ؟ ! ويخبر ملائكة الرحمن عنهم في الملأ الأعلى : جئناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون .
ماذا أفاد هذا الذي تخلف عن صلاة الفجر وآثر النوم ؟ وماذا أفاد هذا الذي تكاسل عن صلاة العصر، وآثر النوم أو الأعمال الأخرى ؟(1/12)
لقد جاء في الحديث أن : ( من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله ). وفي حديث آخر : ( فقد حبط عمله ). يعني : أخرجها عن وقتها، فإذا أخرجها عن وقتها فقد فاتت .
TOP ثامنًا : وهناك ملائكة موكّلون بحفظ الإنسان من المهالك، فالإنسان يمشي في أخطار، ولكن الله وكَّل ملائكته تحفظه من الأخطار في هذه الحياة التي قدرها الله له . وهذه الأرض التي يعيش عليها الإنسان فيها مخاطر، فيها سباع، فيها حيّات، فيها عقارب، فيها طغاة من البشر، ومعتدون، وَظَلَمَة، ولكن هذه الملائكة جعلها الله معقبات . قال تعالى : { لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ } [ الرعد : 11 ] . يحفظونه بأمر الله، فما دام الله كاتبًا له السلامة، فهذه الملائكة تدافع عنه، ولا يصل إليه أحد بِشَر، فإذا أراد الله نهاية أجله تخلّوا عنه، واحد من أمامه وواحد من خلفه .
{ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ } [ الرعد : 11 ] وإذا جاء القدر وأراد الله هلاك هذا الإنسان فإن الملائكة المعقبات تتخلى عنه، لأنها لا ترد عنه أمر الله . هذه الملائكة المعقبات .
TOP تاسعًا : وهناك ملائكة موكّلون في هذا الكون بأعمال لا يعلمها إلا الله، هناك ملائكة موكّلون بالبحار، وملائكة موكّلون بالأنهار، وملائكة موكّلون بالرّياح، وآخرون موكّلون بأعمال كثيرة .
هذا الكون الذي تجري فيه هذه الأحداث وتتعاقب فيه هذه الأمور هذه كلها في تقدير الله سبحانه وتعالى، والملائكة تقوم بتنفيذ ما أمرها به .
TOP
وجوب الإيمان بالملائكة وبكل أعمالهم(1/13)
والملائكة منها ما سمّاه الله لنا كجبريل وميكائيل وإسرافيل ومالك خازن النار . { وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ } [ الزخرف : 77 ] . ومنهم من لم يسمَّ لنا ونحن نؤمن بكل ملائكة الله عزّ وجل من عرفنا اسمه ومن لم نعرف اسمه، ونؤمن بأعمالهم التي يقومون بها بأمر الله تعالى .
فهناك ملائكة يعمرون السماوات بالعبادة بالركوع والسجود، ما من موضع شبر في السماوات إلا وعليه ملك راكعٌ أو ساجد، فهناك ملائكة لا يعلمهم إلا الله فنحن نؤمن بهم إجمالاً بما لم يُسم لنا، وتفصيلاً بما سُمِّيَ لنا، ونحبهم وهم أنصح الخلق لبني آدم، لأنها تأمرهم بالخير وتستغفر لهم قال تعالى : { الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا } [ غافر : 7 ] .
TOP
أوجه الاختلاف بين عمل الملائكة وعمل الشياطين
الوجه الأول : الملائكة يسبحون بحمد ربهم، ويستغفرون لمن في الأرض، فهم أنصح الخلق لبني آدم، والشيطان أغش الخلق لبني آدم لأن الشيطان تعهد بإضلال بني آدم، وإغوائهم وإهلاكهم ما استطاع إلى ذلك سبيلاً .
قال عزّ وجل : { إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } [ الأعراف : 27 ] .(1/14)
الوجه الثاني : والملائكة تأمر العباد بالخير، والشياطين تحثهم على الشر، وتأمرهم به، { وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } [ الزخرف : 36 ] . فالذي يعرض عن القرآن الكريم يعاقبه الله سبحانه، بأن يقيض له شيطانًا يكون قرينًا له . قال تعالى : { وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ، حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ } [ الزخرف : 37، 38 ] . ولا يعصم الإنسان من الشيطان إلا ذكر الله .
الوجه الثالث : أن ذكر الله يطرد الشياطين عن الإنسان ويحضر الملائكة عنده .
ولذلك سُمِّيَ الشيطان بالوسواس الخنّاس، فإذا ترك الإنسان ذِكْرَ الله جاءه الشيطان، وإذا ذكر الله حفّت به الملائكة كما في الحديث : ( ما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ).
TOP الأماكن التي تردها الملائكة
هناك ملائكة سيّاحون في الأرض، يطلبون حِلَق الذكر فإذا رأوا حلقة ذكر قالوا : هلموا إلى حاجتكم .
وذكر الله سبحانه وتعالى أنواع كثيرة منها :
1 ـ قراءة القرآن، فالذي يقرأ القرآن يذكر الله تعالى .
2 ـ ومن يصلي يذكر الله .
3 ـ والذي يسبح ويستغفر ويكبر ويهلل يذكر الله، فتجتمع عنده الملائكة، وتبتعد عنه الشياطين .
4 ـ والذين يطالعون في كتب العلم ويجلسون في الحلق ويتفقهون في الدين هؤلاء يذكرون الله، فتجتمع عندهم الملائكة .
TOP الأماكن التي تردها الشياطين
1- الذين يشتغلون باللهو من الأغاني والمزامير فهؤلاء تحف بهم الشياطين، وتجتمع عليهم وتبتعد عنهم الملائكة .(1/15)
2- الذي يجعل الصور في بيته لا تدخله الملائكة كما في الحديث : ( إن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب وفيه صور ) . فملائكة الرحمة لا تدخل البيوت التي فيها صور سواء المعلقة على الجدران أو المحفوظة في براويز وصناديق للذكريات أو لتجميل الجدران والبيوت .
فهذه الصور صور ذوات الأرواح، هذه تطرد الملائكة فالملائكة لا تدخل هذا البيت الذي فيه مثل هذه الصور، لكن الصور المرخّص بها لاقتنائها للضرورة كحفيظة النفوس وجواز السفر والبطاقة الشخصية هذه رُخِّص بها للضرورة، وهذه لم تتخذ لتعظيمها، فمثل هذه تستثنى، وكذلك الصور التي تداس يُجلس عليها إنما الكلام عن الصور التي تعلق للذكرى وتحفظ للمباهاة بها، هي الممنوعة التي لا ضرورة لها فهذه تجلب الشياطين إلى البيوت وتمنع من دخول الملائكة .
TOP أثر الإيمان بالملائكة في حياة الإنسان
الإيمان بالملائكة له أثر عظيم في حياة الإنسان فإذا شعر الإنسان بذلك فإنه يتحفّظ، وإذا عرف أنه موكّل به ملائكة يتعاقبون عليه بالليل والنهار، فإنه يتحفّظ أن يكتبوا عليه شيئًا لا يليق به، فلو درى أن هناك مباحث تتابعه، ألا يتحفظ خشية أن يمسكوا عليه كلامًا أو فعلاً يتضرر بعاقبته ؟ !
إذن كيف لا يتحفظ من الملائكة وهو لا يراهم ؟ ! البشر تراهم، الذي يراقبك تأخذ حذرك منه . . لكن الملائكة تراك ولا تراها . . البشر ممكن أن تتحصن منهم، قد تدخل البيت أو تغلق على نفسك مكانًا ولا يدرون عنك، لكن الملائكة يدخلون معك في كل مكان، أعطاهم الله عزّ وجل القدرة في أن يصلوا إلى أي مكان أمرهم الله بالوصول إليه، ولهذا نبّهنا فقال الله : { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ، كِرَامًا كَاتِبِينَ، يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ } [ الانفطار : 10-12 ] . قالها الله - عزّ وجلّ - لنتنبّه .
وهذه ثمرة الإيمان بالملائكة أنّ الإنسان يحصّن نفسه من الأقوال والأعمال السيئة التي تُكتَب عليه، ويحاسب عنها يوم القيامة .
TOP(1/16)
لا شيء يخفى على الله تعالى
قال عزّ وجل : { إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ } [ الطارق : 4 ] . وقال تعالى : { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ } [ ق : 16 ] . أتعلمون ما الوريد ؟ وريد الإنسان هو العرق الذي في جانب الرقبة يجري فيه الدم، واحد في اليمين، وواحد في اليسار في جانبي الرقبة وفيهما الدم الذي يغذّي الجسم .
الله يقول : { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ } .
كما قال تعالى : { هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [ الحديد : 3 ] . قال النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير ذلك : ( أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء ).
إذن، لا شيء يخفى على الله - عزّ وجل - في بر أو بحر، في قعر بيته، في صحراء، أو في سوق، في مسجد، في المسرح، ومحلات اللهو، في كل مكان، في محل الطاعات والمعاصي، لا يخفى على الله شيء ولا يحجب شيء عنه، لذلك قال صلى الله عليه وسلم لما سأله جبريل - عليه السلام - أخبرني عن الإحسان، قال : ( الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ). فإذا شعر الإنسان بأن معه ملائكة وأن الله يقول : { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ، إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ، مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } [ ق : 16-18 ] . { أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } [ الزخرف : 80 ] . ورسلنا : الملائكة . فالله يسمع السر والنجوى، والملائكة تكتب . وهذا من آثار الإيمان بالملائكة .
TOP
تذكر الملائكة من أجل محبتهم(1/17)
وليس ذكر الملائكة من باب العلم بالشيء فقط . كما تقرأ التاريخ وغيره، وإنما نذكر الملائكة من أجل أن نستعد ونحذر من أن يكتبوا علينا شيئًا نحاسب عليه عند الله - تعالى - بل نذكرهم من أجل محبتهم لأن الله - تعالى - أحبهم، ونحن نحبهم لأنهم أبر الخلق إلى الله { كِرَامٍ بَرَرَةٍ } [ عبس : 16 ] .
المهم أن نعرف قدر الملائكة ومكانتهم ونحبهم، لأن الله يحبهم، أما من عادى الملائكة وأبغضهم؛ فإن الله عدو له، ومن عاداه الله فإنه لا تقوم له قائمة، ولا يصلح له حال .
قال الله تعالى : { مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ } [ البقرة : 98 ] . فمن عاداهم فالله عدو له .
وأسأل الله - عزّ وجلّ - أن يرزقنا وإياكم الإيمان الصادق والعلم النافع والعمل الصالح وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم .
السابق
التالي(1/18)