بسم الله الرحمن الرحيم
إن التعاليم النصرانية الأساسية التي رفضها الإسلام، والخلاف حول شخصية عيسى المسيح عليه السلام هي نقاط الاختلاف الرئيسية بين الإسلام والنصرانية. إن قضية الثالوث عند النصارى، واعتبار المسيح ابنا لله، والخطيئة الأساسية، هذه العقائد ما هي إلا نتيجة إعطاء عيسى المسيح عليه السلام درجة أعلى من تلك التي وهبها إياه الله سبحانه و تعالى.
إن كتاب "الإنجيل قادني إلى الإسلام" لكاتبه الأخ ( م.ج .لوبلا ) يطمح إلى تقديم صورة حقيقية لهذه العقائد لأولئك الذين يبحثون عن الحقيقة بإخلاص. بقراءة هذا الكتاب الذي يعتمد مبدأ البحث، يصل المرء إلى قناعة مفادها أنه كلما تطورت الدراسات الإنجيلية بشكل علمي، كلما وجد المفكرون والعلماء الذين لا يزالون يعتنقون النصرانية أنفسهم متفقين بشكل أكبر مع الإسلام. إن هذا الكتاب ذو قيمة كبيرة للمسلمين والإسلام، وسيكون أداة مؤثرة في يد الداعية المسلم في جهوده الرامية إلى دعوة النصارى إلى الإسلام بإذن الله. وبالعكس، فإن هذا الكتاب يساعد النصارى على فهم أفضل لحقيقة ما يقوله الإنجيل، ولحقيقة التعاليم التي جاء بها عيسى بن مريم عليه السلام .
5 كانون الأول 1999
16 رمضان1419
المؤلف
م.ج. لوبلا
المحتويات
مقدمة م.ج.لوبلا
الصلاة دون توقف
النصرانية
عدة أناجيل مقدسة
الأناجيل
أنجيل –أبناء إسرائيل
الثالوث
المسيح كالرب
المسيح كابن الرب
الصلب وتكفير آلام المسيح لخطايا البشر
البعث
محمد في الإنجيل
خاتمة
المراجع
--------------------------------
مقدمة
هذا المجهود موجه إلى كل نصرانيّ يعي مسؤوليته الداخلية ويتوق لعبادة موجهة إلى الإله الحق الواحد. عبادة لا تعتمد على معايير اجتماعية أو دنيوية أو عائلية، ولكن لأن حقه وواجبه أن يعبد خالقنا.(1/1)
هذا الكتاب مجموعة من المقتطفات من عدة كتب تعالج النصرانية والتي تسنت لي متعة قراءتها قبل أن أصبح مسلما". بعد دخولي في الإسلام، استمريت في قراءة كتب عن النصرانية، فقد كان من الصعب التخلص من "جلد" النصرانية بعد ثمان وعشرين عاما" في ذلك الدين؛ سنوات كادت أن تقودني لأصبح قسّا" في كنيسة أسقفية ميثودية أفريقية في الشلالات الكبرى في مونتانا.
لقد حاولت أن أختار وأرتب معلومات متصلة المعنى من هذه الكتب القيمة بشكل مباشر، وذلك بغية تقديم النوعية المفصلة والمتماسكة من المعلومات "التي كنت أتمنى أن يقدمها لي أحد ما عندما كنت نصرانيا". مع هذا فقد جاء اعتناقي أو عودتي إلى الإسلام كما هو مقدر لي من الله سبحانه وتعالى.
أود أن أذكر هنا أنني عندما أشير إلى كلمة "ربّ" في هذا الكتاب، فإنني أتكلم عن الله الرب، الذي لا شريك له وليس جزءاً من الثالوث. من الجدير بالذكر أن الكلمة العربية "الله" استخدمت من قبل النصارى والمسلمين وفقا " لما جاء في طبعة 1966 لانسايكلوبيديا بريتانيكا Encyclopedia Britannica(انظر إلى كلمة "الله"
إنني أشجعك أن تطرح جانبا" أفكارك المسبقة عن النصرانية والإسلام، وأن تتمتع بعقلية منفتحة لما هو مقدم هنا. إنني آمل بمشيئة الله أن يفتح هذا المجهود أمامك شرارة اهتمام تمكنك من متابعة القراءة ما وراء الإنجيل، ويساعدك على اتخاذ قرار مثقف بعد فهم كلا الدينين. قراراً يعتمد على اختيارك وليس على اختيار أبويك أو أجهزة الإعلام. حالما تمتلك كل الحقائق، ستتمكن من تهيئة نفسك للسبب الوحيد الذي خلقنا من أجله، ألا وهو عبادة الله عز وجل.
العبادة دون توقف(1/2)
في الفترة التي كنت فيها نصرانياً كانت هناك عدة نصوص في الإنجيل جعلتني أشكك في الدين الذي كنت أتبعه (النصرانية). كان هناك نص على وجه الخصوص ( 1 ثيسالونيانز 5:17) يقول "صلّ دون توقف" والذي بقي في عقلي طويلا. كنت كثيرا ما أتساءل كيف يمكن للشخص النصراني أن يصلي (أن يكون في حالة عبادة) دون توقف؟ بدون أيّ إرشاد الهي أو إنجيلي، كانت الطريقة الوحيدة التي تصورت فيها ذلك ممكنا أن يثابر المرء على فعل الخير بصورة دائمة، وأن يبقي الإنسان ذكر الله سبحانه وتعالى على لسانه وفي قلبه. على أية حال، اكتشفت أن ذلك كان من المستحيل عمله بشكل أو بآخر. ولكن عندما بدأت أتعرف إلى الإسلام عام 1987، وبدأت أقرأ وأتعلم أكثر عن طريقة الحياة في الإسلام، اكتشفت أن هذا الدين قدم إرشادا مقدسا من الله سبحانه وتعالى ومن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومن خلال هذه الهداية يستطيع الإنسان أن يصلي (أن يكون في حالة عبادة) دون توقف، إذا كانت تلك مشيئة الله عز وجل.
سواء كان المرء يستيقظ، أو يأكل، أو ينام، أو يرتدي ثيابه، .. أو ذاهبا للتسوق، أو داخلا إلى الحمام، سواء كان ينظر في المرآة، أو مسافرا، أو يزور مريضا، جالسا في اجتماع ذي طابع غير ديني، أو يستحم، حتى إذا كان يجامع زوجته، أو يتثاءب، أو يقص أظافره، أو يعطس، أو يحيي الناس، أو يتكلم، أو يستضيف أناسا في بيته، أو يمشي، أو يمارس بعض التمارين، أو يتشاجر، أو يدخل بيته، أو يصلي، أو يفعل أشياء أخرى عديدة، فإن الإسلام وهدي القرآن، وسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم قدمت الطرق التي أستطيع بها أن أنفذ ما جاء في 1 ثيسالونيانز 5:17. بالإضافة إلى ذلك، فقد أتاحت لي الراحة النفسية وطاعة الرب الواحد الحق -الله سبحانه وتعالى.(1/3)
لقد علمتني تعاليم الإسلام الإلهية الكثير عن واجباتي، ومسؤولياتي تجاه خالقي –الله جل وعلا، والكثير عن الدين النصراني. وحيث أنني قرأت وتعلمت الكثير عن النصرانية بعد دخولي الإسلام، فقد وجدت أن من الضروري (بمشيئة الله) أن أخبركم كيف قادني الإنجيل إلى الإسلام.
النصرانية
حيث أنه لم يرد في التوراة (العهد القديم) مطلقا أن دين الله سمي تيمنا باسم النبي ( مثلا آدمانية، إبراهيمية، موسوية، الخ.)، فإنني آمل أن أبين أنّ عيسى عليه السلام لم يبشر بالدين النصراني، ولكنه جاء بدين يكرس كل الحمد والعبادة للإله الواحد.
كان أحد الأسئلة التي طرحتها على نفسي عندما أعدت النظر بالنصرانية بشكل موضوعي: من أين جاءت كلمة "نصرانية"، وهل ذكرها عيسى عليه السلام على الإطلاق ؟ في الحقيقة لم أجد كلمة "نصرانية" في الإنجيل، ولا حتى في قاموس مفردات الإنجيل. وتحديدا، لم أجد مكانا في الإنجيل يدعو فيه عيسى عليه السلام نفسه بالنصراني.
لقد استخدمت كلمة "نصراني" لأول مرة من قبل وثنيّ ليشير إلى أولئك الذين اتّبعوا عيسى عليه السلام. لقد ذكرت ثلاث مرات في العهد الجديد من قبل وثني ويهود في إنطاكية حوالي عام 43 للميلاد (سفر القوانين 11:26 و 26:28 وسفر بطرس 4:16)، وذلك بعد وقت طويل من مغادرة عيسى عليه السلام لهذه الأرض. إن قبول كلمات وثنيين على أنها تحمل أي قيمة أو ارتباط باللاهوت أو عيسى عليه السلام أو الله سبحانه وتعالى يتناقض مع تعاليم جميع الرسل.
لقد تنبأ عيسى عليه السلام بأن الناس سوف يعبدونه دون فائدة ويؤمنون بتعاليم من صنع البشر (متّى 15:9): "ولكن دون جدوى سوف يعبدونني، ويعلمون وصايا البشر على أنها تعاليم إلهية."(1/4)
هذا النص من متّى 15:9 تدعمه الآيات التالية من القرآن الكريم (المائدة 116-117): "وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي الهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته
تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علاّم الغيوب (116) ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد (117 )
لقد وجدت أن نصوصا" إنجيلية مثل يوحنّا 5:30 ويوحنّا 12:49 ويوحنّا 14:28 وأشعيا 42:8 تتفق مع الآيات القرآنية المذكورة أعلاه .
قبل أن نغادر موضوع النصرانية، والذي سيناقش خلال هذا الكتاب، أود أن أذكر ملاحظة صغيرة ولكنها هامة. إذا كان النصارى يتشبهون بالمسيح، فلماذا لا يحيون بعضهم البعض بالكلمات: السلام عليكم، كما فعل عيسى عليه السلام في لوقا 24:36؟ كما تعلمون فإن تحية المسلم للمسلم هي "السلام عليكم"؛ وهي تحية المسيح عليه السلام [ وفيما هم يتكلمون بهذا وقف يسوع نفسه في وسطهم و قال لهم سلام لكم ].
أناجيل مقدسة مختلفة
من الجدير ذكره أن مراجع الأناجيل المذكورة في هذا الكتاب قد لا تكون مماثلة تماما للإنجيل الذي تستخدمه. هناك العديد من الأناجيل المستخدمة من قبل طوائف نصرانية مختلفة، وكل واحدة من هذه الطوائف تقول أن الإنجيل الذي يستخدمه أفرادها هو كلام الله، رغم أنه مختلف عن باقي الأناجيل المستخدمة من قبل باقي الطوائف. ومن هذه الأناجيل: النسخة القياسية المنقحة 1952 و 1971، الإنجيل القياسي الأمريكي الجديد، الإنجيل المقدس: النسخة العالمية الجديدة، الإنجيل الحي، ترجمة عالمية جديدة للكتاب المقدس المستخدمة من قبل شهود يهوا، نسخة الكاثوليك ونسخة الملك جيمس.(1/5)
ملاحظة خاصة: لم أجد في أيّ من نصوص هذه الأناجيل مكانا تسمي فيه نفسها "العهد الجديد"، ولا في "العهد القديم" مكانا تسمي فيه نفسها "العهد القديم". وكذلك لم ترد كلمة "إنجيل" في أي من الأناجيل(1).
بالإضافة إلى الطوائف والأناجيل النصرانية المختلفة، علمت أن هناك أيضا رجالا مختلفين، وليس أنبياء، أسّسوا هذه الطوائف ويستخدمون تفاسير مختلفة للإنجيل و/أو تعاليم وضعية كعقيدة لهم. والجدول المسمى أصل الطوائف الأساسية في الولايات المتحدة، يصور النصرانية الحديثة على أنها تتأثر كثيرا بالرجال مؤسسي الطوائف وتعاليمهم الوضعية.
أود هنا أن أشارككم بعض الأفكار التي ربما لم تقرأوها أو تعلموا عنها فيما يخص كون الإنجيل كلام الله. باختصار، دعوني أذكر أنه في الثامن من أيلول 1957، نشر شهود يهوا في مجلتهم "استيقظ" هذا العنوان المروّع: 50000 خطأ في الإنجيل. وإذا سألت أحد أتباع شهود يهوا عن هذا العنوان، فربما يجيبك أن معظم هذه الأخطاء قد تمت إزالتها الآن. ولكن كم من الأخطاء تمت إزالته: 5000؟ 500؟ 50؟ وحتى لو بقي 50 خطأ، فهل يمكن لأحد أن يعزو هذه الأخطاء إلى الله عز وجلّ؟
هل يقول سفر جيريمايا 8:8 أن القانون/التوراة قد تم العبث بها وأنها ليست بكاملها كلام الله؟:
"كيف تقولون نحن حكماء وإن قانون الله معنا؟ عجبا"،
بالتأكيد أنه صنعه دون جدوى؛ قلم الكتّاب دون جدوى."
دعوني أطرح سؤالا آخر: إذا احتوى كتاب "مقدس" على نصوص متناقضة، هل يمكن اعتباره مقدسا؟ إنك على الأغلب ستجيب بالنفي. دعوني أشارككم المعرفة ببعض النصوص المتناقضة في كلّ من العهد القديم والعهد الجديد:
II صاموئيل 8:4 مقابل I كرونيكلز 18:4
II صاموئيل 10-8:9 مقابل I كرونيكلز 10-18:9
II الملوك 8:26 مقابل II كرونيكلز 22:2
__________
(1) - لا أدري قصد المؤلف على وجه التحديد لكن المعروف أن مرقص صدر إنجيل بقوله: ( بدء انجيل يسوع المسيح ابن الله ) موقع التوضيح.(1/6)
II صاموئيل 6:23 مقابل II صاموئيل 21:8
سفر التكوين 6:3 مقابل سفر التكوين 9:29
يوحنّا 5:37 مقابل يوحنّا 14:9
يوحنّا 5:31 مقابل يوحنّا 8:14
لقد تم ذكر تناقضين فقط من العهد الجديد، ولكن سيتم ذكر تناقضات أخرى عندما يأتي الحديث عن الثالوث، ألوهية عيسى المسيح عليه السلام، البنوّة الإلهية لعيسى عليه السلام، الخطيئة الأصلية وآلام المسيح.
كيف يمكن لكلمات الله الملهمة أن تخطئ في نسب عيسى عليه السلام (انظر متّى 16-1:6 حيث يذكر 26 جد وصولا للنبي داود، بينما لوقا 31-3:23 يذكر الرقم 41). وكيف يمكن ذكر نسب عيسى عليه السلام وهو لم يكن له أب أصلا؟ انظر II الملوك 37-19:1، والآن اقرأ اشعيا 38-37:1. لماذا تتطابق كلمات هذين النصين ؟ ومع ذلك فكل نص منهما يعزى إلى كاتب مختلف: الأول مجهول الهوية والآخر اشعيا، ويفصل بين الاثنين قرون؛ ومع ذلك يدعي النصارى أن هذه الكتب ملهمة من الله سبحانه وتعالى. إذا فقد نسي الله عز وجل أنه قد أملى هذا النص سابقا ولذلك يمليه مرة أخرى كلمة كلمة!
بإمكان القارئ أن يطلع على تناقضات أخرى في الإنجيل في كتاب 101 تناقضات واضحة في الإنجيل، للكاتب شابير علي، وإليكم نماذج مما ورد في ذلك الكتاب:
#50– هل مات عيسى (عليه السلام) قبل أن تتمزق ستارة الهيكل؟
(ا) نعم (متّى 51-27:50؛ مرقس 38-15:37)
(ب) لا. بعد أن تمزقت الستارة، وبعدها صرخ عيسى (عليه السلام) بصوت عال (لوقا 46-23:45).
#54– هل صعد المسيح إلى الجنة في نفس يوم الصلب؟
(ا) نعم. قال للصّ الذي دافع عنه "اليوم سوف تكون معي في الجنة" (لوقا 23:43).
(ب) لا. قال لمريم المجدلية بعد يومين "لم أصعد بعد لعند الأب" (يوحنّا 20:17).
#61- كيف مات يهوذا؟
(ا) بعد أن رمى النقود في الهيكل ذهب وشنق نفسه (متّى 27:5).
(ب) بعد أن اشترى الحقل بثمن فعلته الشريرة، سقط على رأسه وانفجر وسطه مفتوحا وتدفقت أحشاؤه خارجا(القوانين 1:18).(1/7)
#75- وفقاً للأناجيل، ماذا كانت كلمات عيسى الأخيرة قبل أن يموت؟
(ا) "أبي، إلى يديك أسلم روحي" (لوقا 23:46).
(ب) "لقد انتهى كل شيء" (يوحنّا 19:30).
لقد بحثت في قاموس نلسون لألفاظ الإنجيل عن معنى كلمة Easter (عيد الفصح) (كما وردت في القوانين 12:4) فوجدت أنها ترجمة خاطئة للكلمة اليونانية pascha ومعناها عيد الفصح عند اليهود Passover . وكما تعلمون فإن Passover عيد يهودي وليس نصرانيا، وقد شارك عيسى عليه السلام في هذا العيد كما هو مشار إليه في متّى 20-26:17. إذا، لماذا لا يحتفل النصارى بهذا العيد كما فعل عيسى عليه السلام، ولماذا ليس النصارى يهودا؟ أعتقد أن أيادى إنسانية، إنسانية بحتة، عاثت فسادا في الإنجيل.
انطلاقا من النقاط الموجزة المذكورة أعلاه، ومن حقيقة أن علماء الإنجيل أنفسهم لاحظوا الطبيعة الإنسانية والإنشاء الإنساني للإنجيل (كورت كول، العهد القديم: أصله وتأليفه، الصفحات 47، 51، 52)، يتوجب أن يتولد في العقل النصراني قبول لحقيقة أنه ربما كان الكثير مما ورد في الإنجيل ليس كلام الله.
وكملاحظة جانبية لهذا الموضوع، دعوني أذكر هنا أن بعض النصارى يؤمنون أن الإنجيل أملي على النبي محمد من قبل راهب نصراني، ولذلك توجد بعض الروايات الإنجيلية في القرآن. وبعد بعض البحث، وجدت انه من المستحيل أن يكون ذلك قد حدث لأنه لم تكن هناك أناجيل عربية موجودة في القرن السادس الميلادي، وهي الفترة التي عاش فيها محمد (صلى الله عليه وسلم) ودعا فيها إلى الإسلام. ولذلك لم يكن بإمكان أيّ عربي، ولا حتى محمد (صلى الله عليه وسلم) الذي كان أمياً تماما، أن يطلع على نص مكتوب للإنجيل باللغة العربية. يقول القرآن:(1/8)
"يآهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفوا عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين (15) يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم" (16)
الأناجيل
إذا قرأت لوقا 3-1:2 فسوف تجد، كما وجدت أنا، أنّ لوقا (الذي لم يكن واحدا من الحواريين الاثني عشر ولم يلتق عيسى عليه السلام مطلقا)قال أنه لم يكن بنفسه شاهدا على حياة عيسى عليه السلام، وأن المعلومات التي جمعها كانت من شهود عيان، وليست كلمات أوحى له بها الله عز وجل. وبالمناسبة، لماذا يبدأ كل إنجيل بالكلمات "وفقا لـ …"؟ السبب في ذلك أنه ليس هناك إنجيل واحد يحمل توقيع كاتبه الأصلي! حتى الدليل الداخلي في متّى 9:9 يثبت أن متّى لم يكن كاتب الإنجيل الأول الذي يحمل اسمه:
"وعندما مر عيسى قدما" من ذلك المكان، رأى (عيسى)رجلا، اسمه متّى، جالسا يستقبل الزبائن: وعندها قال (عيسى) له (لمتّى)، اتبعني. ونهض (متّى)، وتبعه (تبع عيسى)."
ولا يحتاج المرء لخيال واسع ليرى أن الأسلوب المستخدم في الرواية أعلاه للإشارة إلى عيسى عليه السلام ومتّى لا يدل أبدا أن أحدهما هو الكاتب، بل يدل على أن هناك شخصا ثالثا كتب ما رأى وسمع – رواية منقولة، وليست كلمات موحاة من الله عز وجل.
ومن الجدير بالذكر، ومما هو معروف جيدا في الأوساط الدينية، أن اختيار الأناجيل الأربعة الحالية للعهد الجديد (متّى، مرقس، لوقا، ويوحنّا) تم فرضه من قبل مجمع نيقية عام 325 للميلاد لأسباب سياسية تحت رعاية الإمبراطور الوثني قسطنطين، وليس من قبل عيسى عليه السلام.(1/9)
ولم يكن عقل قسطنطين قد استنار بالدراسة أو الإلهام. فقد كان وثنيا وطاغية ومجرما، ولم يتورع عن قتل ابنه وزوجته وآلاف الأبرياء بسبب شهوته للسلطة السياسية. وقد صادق قسطنطين على قرارات أخرى في العقيدة النيقاوية مثل قرار تسمية المسيح عليه السلام "ابن الله الوحيد".
وقد تم إخفاء مئات الأناجيل والكتابات الدينية عن الناس. بعض تلك الكتابات كانت مكتوبة من قبل حواريي عيسى عليه السلام، والعديد منهم كانوا شهود عيان على أعمال عيسى عليه السلام. قرر المجمع النيقاوي إتلاف جميع الأناجيل المكتوبة بالعبرية وقد نتج عن هذا إحراق ما يقارب ثلاثمائة رواية. وإذا لم تكن تلك الكتابات أكثر مصداقية من الأناجيل الأربعة الحالية، فإنها على الأقل مساوية لها في المصداقية. بعض تلك الكتابات لا زال موجودا حتى الآن مثل إنجيل برنابا وراعي هرماس الذي يتفق مع القرآن. ولا يزال إنجيل برنابا حتى الآن رواية شاهد العيان الوحيدة لحياة ورسالة عيسى عليه السلام. وحتى في يومنا هذا فإن البروتستانت وشهود يهوا وسبتيّو اليوم السابع وطوائف ومذاهب أخرى يشجبون نسخة الإنجيل التي يستخدمها الكاثوليك لأنها تحوي سبعة كتب "إضافية". لقد قام البروتستانت بشجاعة بإلغاء سبعة كتب كاملة من نسختهم من "كلام الله". بعض الكتب المحذوفة هي كتب جوديث، وتوبياس، وباروش، واسثر.(1/10)
أما فيما يتعلق بتعليم عيسى عليه السلام للإنجيل، فإن كتبة الأناجيل يكررون ذكر أن المسيح كان يعلم الإنجيل: متّى 9:35، مرقس 8:35، ولوقا 20:1. وقد استخدمت كلمة GOSPEL (إنجيل ) بشكل متكرر في هذه الأناجيل . أما في الطبعة اليونانية الجديدة للعهد الجديد فقد استخدمت كلمة EVANGELION ومعناها "البشارة" بدلا من كلمة GOSPEL . سؤالي هو: أيّ إنجيل بشّر به عيسى (عليه السلام)؟ هناك جزء بسيط من كتب العهد الجديد السبع والعشرين الذي يمكن قبوله على أنه كلام عيسى (عليه السلام)، ومن بين الكتب السبع والعشرين هناك أربعة فقط عرفت على أنها نسبت إلى إنجيل عيسى (عليه السلام). ويفترض أن بولس كتب الكتب الثلاثة والعشرين الباقية. المسلمون يؤمنون أن عيسى (عليه السلام) أعطي بشارة الله عز وجل، ولكنهم لا يعتبرون الأناجيل الأربعة الحالية كلام عيسى (عليه السلام).
أول الأناجيل هو إنجيل مرقس الذي كتب حوالي 60-75 للميلاد. كان مرقس ابن أخت برنابا. وكان متّى جامع ضرائب، موظف بسيط لم يتجول مع عيسى (عليه السلام). أما إنجيل لوقا فقد كتب بعد ذلك بكثير، وفي الحقيقة فقد اعتمد على نفس المصادر التي اعتمدها كل من مرقس ومتّى. كان لوقا طبيب بولس، ومثل بولس، فهو لم يلتق بعيسى (عليه السلام) مطلقا. بالمناسبة، هل تعلم أن أسماء مرقس ولوقا لم تكن ضمن أسماء الحواريين الاثني عشر المذكورة في متى 4-10:2؟
والآن فإن أسماء الحواريين الاثني عشر هي هذه؛ الأول، سيمون، والذي يدعى بطرس،واندراوس أخوه؛ وجيمس ابن زبيدي، ويوحنّا أخوه؛ وفيليب، وبارثولوميو؛ وتوماس، ومتى جامع الضرائب؛ وجيمس ابن الفايوس، وليبايوس، الذي كانت كنيته ثادايوس ,وسيمون الكنعاني، ويهوذا الإسخربوط، الذي خانه أيضا.(1/11)
إنجيل يوحنّا هو من مصدر مختلف، و قد كتب حوالي سنة 100للميلاد. و يجب أن نفرق بين "يوحنّا" الذي نتحدث عنه الآن، و يوحنّا الحواريّ، الذي أعدمه "أجريبا الأول" عام 44 للميلاد، و ذلك قبل كتابة هذا الإنجيل بفترة طويلة. و يجب أن نذكر أنه ولمدة قرنين من الزمن، كان النقاش محتدما بشدة فيما إذا كان ممكنا اعتماد إنجيل يوحنّا كرواية موثوقة لحياة عيسى، وفيما إذا كان ممكنا تضمينها داخل الكتاب المقدّس.
النصارى، كما كنت أنا أفعل في يوم من الأيّام، يتفاخرون بالإنجيل وفقا لمتّى، وفقا لمرقس، وفقا للوقا و وفقا ليوحنّا. مع ذلك، إذا فكّرنا بالأمر، لا يوجد و لو حتّى إنجيل واحد منسوب إلى عيسى عليه السلام نفسه. وفقا لمقدّمة KJV New Open Bible Study Edition (كما هو مبين في المقطع أدناه)، فإن كلمة "إنجيل" أضيفت إلى العناوين الأصليّة، "وفقا ليوحنّا، وفقا لمتّى، وفقا للوقا و وفقا لمرقس".
في وقت مبكّر أعطي لهذا الإنجيل عنوانKata Matthaion ،"وفقا لمرقس".
وكما يوحي هذا العنوان، فإن روايات أخرى للإنجيل كانت معروفة في ذلك الوقت(كلمة "أنجيل" أضيفت فيما بعد).
إن الإذن بتسمية كتابات تبدأ بعبارة "وفقا لـ ... " بالإنجيل لم يعط من قبل عيسى أو بإرشاد إلهي. هذه الكتابات؛ متّى، لوقا، مرقس و يوحنّا لم يكن مقصودا بها أصلا أن تكون الإنجيل. لذلك فمقولة مرقس 1:1 بأن كتابته هي إنجيل عيسى عليه السلام لا يمكن أن يكون رواية حقيقيّة.(1/12)
و يجب أن نذكر أنّ المسلمين يجب أن يؤمنوا بجميع الكتب السماوية بصورتها الأصليّة، وبجميع الرسل دون أن يفرّقوا بين أحد منهم: الصحف (إبراهيم)؛ التوراة (موسى)؛ المزامير (داود)؛ الإنجيل (عيسى)؛ والقرآن (محمد). إن القرآن ينص صراحة على أن الله عز وجل أنزل التوراة والإنجيل. لكنّ هذه الكتب المقدسة لم تبق على صورتها الأصلية، باستثناء القرآن الكريم الذي أنزله الله سبحانه وتعالى للبشرية كلها في كل مكان ولكل زمان.
بالإضافة إلى أسباب أخرى لإنزال القرآن للبشرية، كما هو مذكور في 5-18:4، فقد أنزل القرآن لينذر النصارى من عقاب الله الشديد إذا لم يكفوا عن القول أن الله اتخذ ولدا:
وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا (4) ما لهم به من علم ولا لآبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا (5) "الكهف"
إن المسلمين يؤمنون بإخلاص أن كل شيء بشر به عيسى عليه السلام كان من عند الله عز وجل؛ الإنجيل: البشرى وهدى الله سبحانه وتعالى لبني إسرائيل.
ليس هناك مكان واحد في الأناجيل الأربعة الحالية يذكر أن عيسى (عليه السلام) كتب كلمة واحدة من إنجيله، ولا حتى أنه أصدر تعليمات لشخص آخر كي يفعل ذلك. إن ما يتم تداوله اليوم على أنها "أناجيل" ما هي إلا أعمال أيدٍ بشرية لطرف ثالث. يقول القرآن الكريم 2:79: { فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون } ( البقرة : 79) .
قبل اختتام هذا الفصل، أود أن أشارككم بعض الملاحظات من مقال نشر في أخبار وتقرير العالم في الولايات المتحدة بعنوان بحث عن عيسى، 8 نيسان 1996، صفحة 53-47:(1/13)
خلص عالم الإنجيل المعروف روبرت فنك وخمسون أستاذ دين أن ما لا يزيد على 20% من الأقوال المنسوبة إلى عيسى (عليه السلام) وأقل من تلك النسبة من أفعاله موثوق. ومن بين الأقوال والأفعال التي اعتبرت غير موثوقة: صلاة الرب، حديث الصليب وأيّ ادعاء لعيسى (عليه السلام) بالألوهية، ولادة العذراء، معظم معجزاته وبعثه الجسدي. (صفحة 49).
• يستنتج يوحنّا مائير من الجامعة الأمريكية الكاثوليكية في واشنطن أن:
• ولد المسيح حوالي عام 7 ق.م. في الناصرة، وليس في بيت لحم كما يقول إنجيل لوقا.
• رغم التعاليم الكاثوليكية الرسمية القائلة أن مريم أم المسيح (عليهما السلام) بقيت عذراء طوال حياتها، يقول مائير أن عيسى (عليه السلام) كان له أربع اخوة وأختان على الأقل، وهذه التفاصيل تنبثق من أناجيل مرقس ويوحنّا وكتابات بولس. ويضيف مائير أن ولادة عيسى من أم عذراء "لا يمكن إثباته أو نفيه" عن طريق البحث التاريخي.
• قضى عيسى (عليه السلام) فترة كهنوتية قصيرة في الخليل كمعلم، ونبي، وصانع أفعال يعتبرها البعض معجزات.
• تم القبض عليه في القدس وصلبه في عهد بونتياس بيلات حوالي عام 30 للميلاد. زعم أتباعه أنه قام من الموت. (صفحة 50)
• يعتقد يوحنّا كروسان، أحد أغزر الباحثين المعاصرين إنتاجا، وهو كاهن كاثوليكي سابق وأستاذ فخري في جامعة ديبول في شيكاغو، أن الأدلة التي جمعها بإمكانها أن تنفي معظم التعاليم النصرانية التقليدية. فهو يقول مثلا أن الرواية الإنجيلية للعشاء الأخير وظهور عيسى (عليه السلام) المتكرر بعد قيامته من الموت، لم تكن إلا محاولات من قبل أتباعه المخلصين للتعبير عن إحساسهم المستمر بوجوده بعد الصلب. (صفحة 52)
الإنجيل – بنو إسرائيل(1/14)
يعتقد العديد من النصارى أن رسالة عيسى (عليه السلام) كانت لكل الناس. لكن عيسى (عليه السلام)، عندما جاءته امرأة كنعانية وطلبت إليه أن يشفي ابنتها ، رفض في البداية قائلا" (متّى 15:24): " أنا لم أرسل إلا من أجل شاة آل إسرائيل الضالّة …"
وكذلك متّى 1:21: "ولسوف تضع ولدا، وسوف تسميه عيسى؛ فهو سينقذ شعبه من خطاياهم."
وكذلك أعطى عيسى (عليه السلام) تعليماته للحواريين الاثني عشر كي يذهبوا ويدعو شاة آل إسرائيل الضالة للتوبة، وليس الحكام الرومان أو السامريين (متّى: 6-19:5):
وأرسل عيسى هؤلاء الاثنى عشر، وأمرهم قائلا، لا تذهبوا في طريق الحكام الرومان، ولا تدخلوا أية مدينة للسامريين : ولكن اذهبوا إلى شاة آل إسرائيل الضالة. وعندما تذهبون ادعوهم قائلين، إن ملكوت السماء في متناول اليد.
من الواضح أن عيسى (عليه السلام) وحوارييه الاثني عشر لم يرسلوا إلى العالم، ولكن إلى بني إسرائيل. لذلك فإن على يوحنّا 3:16 أن لا يشير إلى "أي شخص" ولكن إلى بني إسرائيل: "فقد أحب الربّ العالم لدرجة أنه أعطى ابنه الوحيد، بحيث أن اي شخص يؤمن به لن يفنى ولكنه سيحظى بالحياة الأبدية"
حديث آخر لعيسى (عليه السلام) جدير بالاهتمام هو في متّى 18-5:17:
"لا تظنوا أنني أتيت لأدمر القانون (التوراة) أو الأنبياء: (آدم، وإبراهيم،وموسى، ونوح، وداود، الخ.)، فأنا لم آت لأدمر، ولكن أتيت لأتمم. حقا أقول لكم، أنه حتى تفنى السماء والأرض، فإنه يجب أن لا يبقى مثقال ذرة أو عنوان من القانون دون أن يطبقه أي شخص حكيم، إلىأن يتم تطبيقه بالكامل."(1/15)
في متّى 8:4، يأمر عيسى (عليه السلام) المجذوم الذي تعافى أن "يذهب إلى الراهب" ويقدم له ما أوصى به موسى (عليه السلام). بعض الطوائف النصرانية يقفون ضدّ هذا النص ويدعون أن العهد القديم عفا عليه الزمن وقد استبدل به العهد الجديد. وربما تعلمون أن عيسى (عليه السلام) لم يلغ العهد القديم وتعاليمه، فلماذا يفعل بعض النصارى ذلك؟
فيما يلي استشهاد من قاموس الإنجيل فيما يخص إمكانية تطبيق الوصايا العشر على النصرانية المعاصرة:
القوانين العشر أعطاها الرب كدليل للحياة اليومية. إنها جزء من الميثاق بين الرب وشعبه <سفر الخروج34:28 ؛ سفر تثنية الاشتراع 4:13؛ 10:4> . هذه القوانين غالبا ما تسمى الوصايا العشر Decalogue ، وهي مأخوذة من الكلمة اليونانية التي تعني "عشر كلمات".
رغم أن الرب أعطى الوصايا العشر لشعبه من خلال موسى على قمة سيناء منذ أكثر من 3000 سنة، فهي لا تزال مناسبة في يومنا هذا. إن لها أهمية ثابتة، لأن شخصية الرب لا تتغير. هذه القوانين آتية من الرب ومن شخصيته الأزلية؛ ولذلك، لا يمكن أن تتغير قيمتها المعنوية.
بعد أن أعطى الرب القوانين لليهود ب 1300 سنة، أيدها عيسى وسماها "الوصايا" وأدرج خمسا منها للحاكم الغني الشاب< متّى 22-19:16>. وفي الموعظة على الجبل، بين عيسى أن مجيئه لم يلغ الوصايا. وقد ذكر على وجه الخصوص القانون الذي هو ضد القتل <متّى 5:21> وضد ارتكاب الزنى <متّى 5:27>.
في الحقيقة أن عيسى وضع هذه القوانين في مستوى أرفع بمطالبته أن تتم المحافظة ليس فقط على الجانب القانوني للقوانين، ولكن على روحها أيضا. لقد وضع عيسى خاتم موافقته الأزلي على القانون بتصريحه، "لا تظنوا أنني أتيت لأدمر القانون أو الأنبياء، فأنا لم آت لأدمر، ولكن أتيت لأتمم." <متّى 19-5:17>.(1/16)
لقد نطق الرب المقدس بالوصايا من على قمة جبل سيناء وسط دخان ونار – تعابير منظورة على قوته، وعظمته، وسلطته <سفر الخروج20:17-19:16>. لاحقا حفرت الوصايا على لوحين من الحجر، "كتبت بإصبع الرب" <سفر الخروج 31:18>.إن طبيعة الأحداث المرعبة التي أحاطت بإعطاء القانون مذكورة عدة مرات في الإنجيل، ربما للتأكيد على جلال المناسبة <سفر الخروج 19-19:16؛ سفر تثنية الاشتراع 12-4:11>.
تشكل الوصايا العشر قلب الميثاق الخاص بين الرب وشعبه. لقد قال لهم، "والآن لذلك، إذا أردتم أن تطيعوا صوتي وتحفظوا ميثاقي، عندها ستصبحون كنزاً خاصا لي فوق كل الشعوب… وستصبحون لي مملكة من الرهبان وأمة مقدسة" <سفر الخروج 19:5>. وتؤكد هذه المقاطع أن امتثال بني إسرائيل للوصايا كان أساس وجودهم كشعب الرب الخاص.
لم يقصد الرب للوصايا العشر مطلقا أن تكون مجموعة قوانين يكسب من خلالها بني إسرائيل الخلاص. لقد كان فضل الله قد منح مسبقا دون مقابل! وقد تمثل هذا في تخليصه لبني إسرائيل من العبودية المصرية < سفر تثنية الاشتراع 4:37>. لذلك، يكمن في قلب علاقة الميثاق عمل النعمة الإلهية. حتى أن الرب قدم للوصايا العشر بتذكير بتحريره لهم <سفر الخروج 20:2>.
اقرأ رومان 9&13:8:
"لا تكن مدينا لأيّ إنسان بأيّ شيء، ولكن أحبوا بعضكم البعض: فذلك الذي يحب الآخر يكون قد نفذ القانون. من أجل هذا، فإنك لن تزني، ولن تقتل، ولن تسرق، ولن تشهد بالزور، ولن تشتهي ما هو لغيرك؛ وإذا كان هناك وصية أخرى، فيمكن اختصارها بهذا القول، أي، أحب جارك كما تحب نفسك."(1/17)
باستخدام 9-13:8، أعفى بولس النصارى من واجبهم بعبادة الرب بكل جوارحهم بقوله أن كل ما على المرء فعله لينفذ القانون (التوراة/العهد القديم) هو أن يحب الآخرين كما يحب نفسه. لم يستثن عيسى (عليه السلام) واجبنا الأول والأهم (والذي يشكل أول وأعظم الوصايا) بعبادة رب واحد فقط؛ ومن ثم أن نحب جارنا كما يؤكد مرقس 31-12:29:
"وأجابه عيسى، أول جميع الوصايا، يا بني إسرائيل اسمعوا؛ إن الإله ربنا اله واحد: وأنت ستحب الإله ربك بكل قلبك، وبكل روحك، وبكل عقلك، وبكل قوتك: هذه هي الوصية الأولى. والثانية هي كما يلي، ستحب جارك كحبك لنفسك. ليس هناك وصية أعظم من هاتين (الوصيتين)"
بعد أن قرأت ما جاء في جالي 5:2؛ " انظروا، أنا بولس أقول لكم، أنه إذا طبقتم الختان، فلن ينفعكم المسيح بشيء"، عرفت أن بولس ألغى الختان الذي جاء في القانون (التوراة). في الواقع، فإن كلا من عيسى (عليه السلام) ويوحنّا المعمدان ختنا. هذا الإلغاء من قبل بولس مناقض لتعاليم عيسى وإبراهيم (عليهما السلام). فكل النصارى والمسلمين من ذرية إبراهيم، والختان عمل مفروض. في الحقيقة أن إبراهيم لم يكن يهوديا أو نصرانيا، وديانته التي يجب اتباعها هي عبادة الرب الواحد الذي لا شريك له.
واضعين متّى 18-5:17 في أذهاننا، دعوني أبين تناقضا آخر في العهد الجديد. يذكر مرقس 16:15 أن عيسى (عليه السلام) قال: "اذهبوا إلى العالم وبشروا الإنجيل لكل المخلوقات."
هذا يناقض ما جاء في متّى 1:21، 6-10:5، 15:24، و 28:19. واعتمادا على أي كتاب مقدس تستخدم، فإن متّى 28:19 قد تقرأ "كل أمم" أو "كل الأمم" التي من المفروض أن تعني قبائل بني إسرائيل الاثني عشر كما قال عيسى (عليه السلام) في متىّ 15:24.
الثالوث(1/18)
إن مفهوم الثالوث كما عرفته ليس متعلّقا بالكتاب المقدّس. كلمة"الثالوث" ليست موجودة لا في الإنجيل، و لا حتّى في قواميسه. و عيسى (عليه السلام) لم يعلّم الثالوث و لم يذكره مطلقا على وجه التحديد.
صيغة الثالوث قدّمها أثيناسيوس، و هو شمّاس مصري من الإسكندرية، و قد قبله مجمع نيقية بعد مفارقة عيسى (عليه السلام) لهذه الأرض بحوالي ثلاث قرون. ومن القرارات الأخرى التي صنعها الإنسان، هو قرار المجمع إعلان يوم الأحد الروماني كفترة راحة للنصارى و كذلك قرار اعتبار 25 كانون الأول يوم ميلاد عيسى (عليه السلام). و كل هذا من أجل عمل احتفالات بنفس أيّام ميلاد الآلهة الوثنيين مثل نمرود (اله بابل)، كريشنا (اله الهندوس)، مثرا (اله إغريقي/روماني)، و ديونيسوس (أو باخوس اله الإغريق) و المسمّى بالمولود الوحيد لجوبيتر، و أمّه عذراء اسمها ديمتر الذي ولد بتاريخ 25 كانون الأول. من الواضح أن الإنجيل تنبّأ و حرّم تزيين أشجار عيد الميلاد في ارميا 5-10:2 :
"يقول الله، لا تتعلّموا الوثنيّة، و لا تفزعوا من علامات الجنّة؛ لأن الوثنيّين هم من يفزعون منها. لأن عادات الإنسان تافهة: أحدهم يقطع شجرة من الغابة، عمل يد العامل، بالفأس. يكسوها بالذهب و الفضة؛ يثبّتها بالمطرقة و المسامير، حتى لا تتحرك."
نصوص مثل متّى 28:19 ، يوحنّا 14:11 و 1 يوحنّا 8 & 5:7 من الممكن استخدامها من قبل النصارى لإثبات الثالوث. عقيدة الثالوث كانت مستنتجة فقط من 1 يوحنّا 5:7 الذي ينص:
" حيث أن هناك ثلاثة عندهم السجل، الأب، الكلمة، و الروح القدس: وهؤلاء الثلاثة واحد."(1/19)
هذا النص عرف أنه مزوّر، وأنه إضافة غير مرخّص بها إلى النص الإغريقي للعهد الجديد. علماء الإنجيل النصارى اكتشفوا بعد فترة أنّ هذا المبدأ كان مولّدا في نسخة الملك جيمس. في الواقع، فإن مجموعة لا يقل عددها عن 32 عالما نصرانيا جميعهم ذوي مستوى مرموق، ويدعمهم مجلس مؤلف من 50 مستشارا، خرجوا بنسخة قياسية منقحة للعهد الجديد عام 1949، وللكتاب المقدس بالكامل عام 1952، وقد حذفوا العبارة السابق ذكرها من النسخة المعدلة.
لقد أشار العهد الجديد إلى عيسى (عليه السلام) عدة مرات على أنه عبد الرب (انظر متّى 12:18 على سبيل المثال). والآن اقرأ كتاب القوانين 2:22:
"يا رجال بني إسرائيل، اسمعوا ما يلي: إن عيسى الناصري كان رجلا أرسله الرب إليكم بالمعجزات، والأعاجيب والبراهين، التي فعلها الله بينكم من خلاله، كما تعلمون أنتم أنفسكم."
كيف يمكن لعيسى (عليه السلام) إذا" أن يكون عبد الرب والرب في نفس الوقت؟ اقرأ يوحنّا 17:21:
"أن يكونوا جميعا واحدا، كما أنت أيّها الأب فيّ، وأنا فيك، أن يكونوا جميعا واحدا فينا: أن يؤمن العالم أنك أرسلتني."
ولسوف تستنج أنه لو كان الرب، وعيسى (عليه السلام)، والروح القدس يشكلون وحدة الثالوث الواحدة، لتشكلت بإضافة الحواريين وحدة رب من خمسة عشر فردا. ,تبعا ليوحنا 14:9 فإن عيسى (عليه السلام) هو الرب؛"… إن من رآني قد رأى الأب."
والآن لنقرأ يوحنا 4:24: "الرب هو روح…" ويوحنا 5:37: "أنت لم تسمع صوته في أي وقت، ولم تر شكله." و Timothy 1 6:16: "الذي لم يره ولا يستطيع أن يراه بشر…".(1/20)
كما هو موضح في سفر الخروج 33:20، فإن بصر الإنسان لا يستطيع أن يتحمل النظر إلى عظمة الرب ويبقى حيا، فكيف يستطيع اللحم البشري أن يتحمل هذه العظمة ملفوفة بداخله؟ لقد كان ما رآه عيسى النبي (عليه السلام)، ولم يكن الرب. إن قول يوحنا 5:37: "أنت لم تسمع صوته في أي وقت، ولم تر شكله." يناقض أيضا متّى 3:17 الذي يقول فيه أن الرب سمع يقول "هذا ولدي الحبيب، الذي أنا راض عنه تماما."
لا يمكن التحديد بوضوح فيما إذا كان الطيف المقدس، الروح القدس، روح الحقيقة، روح الرب، أو الروح عموما التي من المفترض أنها تشكل "الثالوث". يشير قاموس نلسون للإنجيل إلى أن الطيف المقدس والروح القدس هما نفس الشيء، وهذا يناقض معتقدات بعض الطوائف النصرانية. وعلى أية حال، هناك نصوص مختلفة في الإنجيل تصور أفعالا مختلفة للأرواح المختلفة:
الأرواح
النصوص
الطيف المقدس – يفعل معجزات بأمر الرب.
وأجاب الملاك قائلا لها، سيأتي الطيف المقدس إليك. (لوقا 1:35)
روح الرب – تسكن داخل شخص.
ألا تعلم أنك هيكل الرب، وأن روح الرب تسكن فيك؟ Corinthians 3:161
روح الحقيقية – التي لا يستطيع العالم أن يستقبلها .
حتى روح الحقيقة، التي لا يستطيع العالم أن يستقبلها… يوحنا 14:17
الروح القدس – تعطى لأولئك الذين يسألون. تعيش داخلا.
وليعط الروح القدس لأولئك الذين يسألونه. لوقا 11:13
الطيف المقدس – يأتي بعد أن يغادر عيسى (عليه السلام) الأرض.
روح الحقيقة – تلك التي تأتي من الأب.
ولكن عندما يأتي الطيف المقدس، الذي سأرسله إليكم من عند الأب، روح الحقيقة، التي تنبثق من الأب، سوف يشهد بي. يوحنا 15:26
الروح القدس – الروح الموعودة.
الذي تثقون به أيضا، بعد أن سمعتم كلمة الحقيقة، إنجيل خلاصكم: الذي آمنتم به أيضا بعد ذلك وبأنكم مختومين بالروح القدس الموعودة. Ephesians 1:13
الروح (عموما) – يمكن تفسيرها على أنها أية واحدة من الأرواح/الطيف المذكورة أعلاه.(1/21)
أجاب عيسى، "حقا، حقا، أقول لكم، ما لم يكن الإنسان مولودا من الماء والروح، فإنه لن يتمكن من دخول ملكوت الرب". يوحنا 3:5
الملاك جبريل – (ذكر تحديدا)
وأرسل الملاك جبريل من الرب إلى …لوقا 1:26
دعوني أذكر هنا ما يقوله القرآن (5:73) عن الثالوث:
"لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسّنّ الذين كفروا منهم عذاب أليم"(73) "المائدة"
أليس هذا ما هو مذكور في قانون موسى (التوراة/العهد القديم) متضمّنا في معنى الوصيّة الأولى – وحدانية الرب، والذي جاء عيسى لا ليدمره بل لينفذه، كما هو مذكور بوضوح في يوحنا 47-5:46:
"فلو أنكم كنتم صدقتم موسى ، لصدقتموني، فقد كتب عني. ولكن إذا كنتم لا تصدقون كتاباته، فكيف ستصدقون كلماتي؟"
لم يتحدث موسى (عليه السلام) عن ثالوث، ولم يفعل ذلك عيسى (عليه السلام) أيضا"! فلماذا يفعل ذلك النصارى؟
يجب إضافة مرجع خاص عن الثالوث هنا كما طبع في عدد 25 آب 1997 من مجلة نيوزويك Newsweek تحت عنوان السلام المريميّ :
• بالإضافة إلى الثالوث المقدس، هناك حركة متنامية في الكنيسة الكاثوليكية تريد من البابا أن يعلن عقيدة جديدة مثيرة للجدل: وهي أن مريم، أم عيسى، هي أيضا مخلّصة (شريكة مع عيسى في هذا). لذلك، بدلا من الثالوث المقدس، يظهر أنه سيكون هناك نوع من الرباعي المقدس، وهناك العديد الذين سيلعبون الأدوار المتعددة لابنة الأب، أم الابن، وزوجة الروح القدس.
عيسى الإله
من المعروف أن بولس، الذي لم يلتق مطلقا مع عيسى (عليه السلام) أو أتباعه، هو أول من قال بألوهية عيسى، ومعروف أيضا أن مبدأ الألوهية هذا تأسس على أشلاء ملايين النصارى عبر التاريخ بشكل أثار عبارة كاستيلو الشهيرة "أن تحرق رجلا ليس معناه أنك أثبتّ عقيدة". وحيث أنه قد تمّ طرح عقيدة ألوهية عيسى المسيح (عليه السلام)، فليكن هذان النصان الهامان محط اهتمامك:(1/22)
(متّى:18&5:17)"لا تظنوا أنني أتيت لأدمر القانون أو الأنبياء، فأنا لم آت لأدمر، ولكن أتيت لأتمم."
هل عيسى (عليه السلام) هو الرب؟ قد يقول بعض النصارى؛ نعم، ويستخدمون يوحنا 1:1؛ "في البداية كانت الكلمة، والكلمة كانت مع الرب، والكلمة كانت الرب" كدليل. ولكن تذكر، كما ذكر آنفا في يوحنا 5:37، لم ير أحد أو يسمع الرب. ولذلك فاستخدام يوحنا 1:1 كدليل إثبات أن عيسى (عليه السلام) معناه أن هناك على الأقل ربّين (الرب وعيسى). دعوني أشير إلى تناقضات أخرى مع يوحنا 1:1 من سفر تثنية الاشتراع 4:39 و 6:4؛ إسحاق 11-43:10 و 44:6 و 45:18. فإسحاق 11-43:10 ينص على أنه ليس هناك مخلص غير الرب، وإسحاق 45:18 يخلص إلى أن الرب وحده كان الخالق ولا أحد سواه، ولا حتى عيسى (عليه السلام)، شارك في الخلق. نصوص أخرى تدعم وحدانية الرب، كما يفعل القرآن كله، يمكن إيجادها في سفر تثنية الاشتراع 4:35، سفر الخروج 8:10، IIIصاموئيل 7:22، I الملوك 8:22، I chronicles 17:20، سفر المزامير 86:8 و 89:6 و 113:5، وHosea 13:4، و زكريّا 14:9.
يقول عيسى (عليه السلام) تحديدا في العهد الجديد أنه جاء لا ليدمر القانون، ويؤكد ذلك فيما يتعلق بوحدانية الرب في مرقس 12:29:
"وأجابه عيسى، أول كل الوصايا هي، اسمعوا يا بني إسرائيل: الإله ربنا هو إله واحد."
و 1 Corinthians 8:4:
"… ليس هناك إلا رب واحد."
والآن، هل يوحنا 1:1 صحيح وجميع هذه النصوص الأخرى خاطئة أم أن العكس هو الصحيح؟ يمكن أن نرى بوضوح أن عيسى (عليه السلام) كان لا يزال يحاول أن يعلم (بني إسرائيل) الوصية الأولى للعهد القديم (مرقس 30-12:29، سفر الخروج 5-20:2) وأن التوبة من الخطايا ضرورية من أجل دخول ملكوت السماء (متّى 4:17 ومرقس 1:15). وأخيرا، متّى 17-19:16 ينقل أيضا وحدانية الرب ويعطي الإرشاد معتمدا على وصايا العهد القديم لدخول الحياة الأبدية:(1/23)
"وانظروا إلى شخص جاء وقال له (لعيسى)، أيها المعلم الصالح، ماذا عليّ أن أفعل من أشياء صالحة حتى أنال الحياة الأبدية ؟ وهكذا قال له، لماذا تدعوني بالصالح؟ –ليس هناك أحد صالح إلا واحد، وذلك هو الرب . ولكن إذا أردت أن تدخل الحياة الأبدية، فحافظ على الوصايا."
ولكي نوضح يوحنا 1:1 أكثر، دعونا نرَ ما يقوله القرآن عن عيسى (عليه السلام) : "إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين (45) "آل عمران".
هذه الآية والآية 3:39 من القرآن تؤكدان كون عيسى (عليه السلام) كلمة من الله عز وجل، وذلك أيضا وارد في 1 Corinthians 3:32:
"وأنت للمسيح؛ والمسيح للرب."
ربما أن يوحنا 1:1 كان يجب أن يكتب "… والكلمة كانت للرب." . هناك نصوص أخرى في الكتاب المقدس تؤكد أن الكلمة كانت لله : يوحنا 31-5:30 و 8:40 و 12:49 و 17:3.
من الواضح أن عيسى لم يدّع الألوهية مطلقا":
"لا أفعل شيئا" من تلقاء نفسي،" (يوحنا 8:28)؛
"أبي أعظم مني،" (يوحنا 14:28)؛
"الإله ربنا هو إله واحد،" (مرقس 12:29)؛
"ربي، ربي، لماذا خذلتني؟" (مرقس 15:34)؛
"أبي، ليديك أستودع روحي" (لوقا 23:46).
أيضا"، يخبرنا لوقا 13-4:1 أن الشيطان أغرى عيسى (عليه السلام) لمدة أربعين يوما. ويقول جيمس 1:13:
"لأن الرب لا يمكن إغراؤه بالشرور…"
أخيرا، يشير العهد الجديد إلى عيسى (عليه السلام) عدة مرات كـ"عبد الرب" (انظر متّى 12:18 مثلا"). كيف إذا يمكن لعيسى أن يكون عبدا للرب والرب في آن واحد؟
قبل أن نختم هذا الموضوع، دعوني أقدم فكرة أخرى. في لوقا 5:16، عندما ينسحب عيسى (عليه السلام) إلى البرية ليصلي، لمن كان يصلي؟ لنفسه أم للرب؟ اقرأ لوقا 4-11:2:(1/24)
"وقال لهم، "عندما تصلون، قولوا، أبانا الذي في السماء، ليتقدس اسمك. ليأت ملكوتك. ستكون كما أنت في السماء، كذلك ستكون على الأرض. أعطنا يوما بيوم خبز يومنا. واغفر لنا خطايانا؛ لأننا نغفر أيضا لكل شخص مدين لنا. ولا تقدنا إلى المغريات؛ ولكن خلصنا من الشرور."
هل يطلب عيسى (عليه السلام) في أي مكان من هذه الصلاة قول "باسم عيسى" عند الصلاة؟ فهذه الصلاة كانت جواب السؤال: كيف نصلي؟ إن كل ما يحتاجه أو يسأله أي شخص يخاف الرب من الرب هو هذه الصلاة. وما هو أكثر أهمية هو غفران خطايانا. هذه الصلاة تؤيد الأخبار السعيدة لعيسى (عليه السلام) القائلة أن الرب يغفر الخطايا فقط إذا تاب الشخص وتوقف عن ارتكابها. هذه الرسالة كانت بداية نبوة عيسى (عليه السلام) كما ورد في متّى 4:17:
"منذ ذلك الوقت بدأ عيسى يبشر ويقول، "توبوا: فملكوت
السماء في متناول اليد."
لقد تنبأ عيسى (عليه السلام) أن الناس سوف يعبدونه بلا فائدة وسيؤمنون بعقائد ليست من صنع الرب ولكن من صنع البشر (متّى 15:9):
"ولكنهم سيعبدونني دون فائدة، ويعلمون عقائد من وصايا البشر."
هذا النص يتكلم عن النصارى. فليس هناك دين آخر يعبد عيسى (عليه السلام) سوى النصرانية، وعبادة عيسى (عليه السلام) بحد ذاتها تناقض ما جاء في سفر الخروج 6-20:3، ومتّى 4:10، ولوقا 4:8 كما هو مبين أدناه:
سفر الخروج 6-20:3:
"أنتم لن تضعوا آلهة أخرى فوقي. أنتم لن تصنعوا لأنفسكم أية صورة منحوتة، أو أي شيء يشبه ما في السماء في الأعلى، أو في الأرض في الأسفل، أو في الماء تحت الأرض: أنتم لن تركعوا لها، ولن تخدموها: لأنني أنا الإله ربكم رب غيور، أصيب بخطايا الآباء الأبناء حتى الجيل الثالث أو الرابع لأولئك الذين يكرهونني؛وأظهر الرحمة لآلاف منهم أولئك الذين يحبونني، ويحافظون على وصاياي."
متّى 4:10(1/25)
وعندها يقول له عيسى، "ابتعد من هنا أيها الشيطان: فإنه مكتوب أنت ستعبد الإله ربك، ووحده سوف تخدم."
عيسى كابن الرب
هل عيسى (عليه السلام) ابن الرب؟ قد يستخدم بعض النصارى ما جاء في متّى 3:17، التي سبق ذكرها على أنها تناقض سماع صوت الرب، ليدعموا بنوّة عيسى (عليه السلام) الربانية. إذا كان ما جاء في متّى 3:17؛ "وعجبا صوت من السماء، يقول، هذا ولدي الحبيب، الذي أنا راض عنه تماما"، يستخدم ليدعم البنوة الربانية، فيجب أن لا يكون هناك نص آخر يناقض هذه المقولة، أو يعطي بنوة ربانية مماثلة لشخص آخر أو أشخاص آخرين سواء في العهد القديم أو في العهد الجديد. ولكن هناك العديد من الأماكن في العهدين القديم والجديد التي يذكر فيها شخص آخر غير عيسى (عليه السلام) على أنه يتمتع بالبنوة الربانية. انظر النصوص التالية:
سفر الخروج 4:22:
"إسرائيل هو ابني، وهو حتى ابني البكر."
IIصاموئيل 7:14 / I Chronicles 22:10:
"… وسوف يكون هو ابني (سليمان)."
ارميا 31:9:
"…وإبراهيم هو ابني البكر،"
وكذلك مزمور 2:7.
أود أن أشارككم هنا تناقضا واضحا بين يوحنّا 3:16 ، ولوقا28-10:25 ، ومتّى 17-19:16 . يقول يوحنّا 3:16 :
"فلقد أحب الرب العالم لدرجة أنه وهب ابنه المولود الوحيد، بحيث أن كل من آمن به لن يفنى، و لكن ستكون له الحياة الأبدية".
و الآن لنقرأ لوقا 28-10:25:
"و انظر، وقف محام معين و أغراه قائلا: أيها المعلّم، ماذا عليّ أن أفعل لأرث الحياة الأبدية؟ فقال له:" ما هو مكتوب في القانون؟ كيف تقرأ أنت؟" و أجابه قائلا:" ستحب الإله ربك بكل قلبك، و بكل روحك، و بكل قوّتك، و بكل عقلك، و جارك كما تحب نفسك". فقال له:" لقد أجبت الصواب، افعل ذلك و سوف تعيش".
جميع هذه النصوص تخبرنا أن ميراث الحياة الأبدية هو لأي شخص لا يعبد ولا يؤمن بأي رب سوى الرب الحقيقي الأوحد. لوقا 28-10:25 يتفق مع متّى 17-19:17 الذي يقول:(1/26)
"وانظروا إلى شخص جاء وقال له (لعيسى)، أيها المعلم الصالح، ماذا عليّ أن أفعل من أشياء صالحة حتى أنال الحياة الأبدية؟وهكذا قال له، لماذا تدعوني بالصالح؟ –ليس هناك أحد صالح إلا واحد، وذلك هو الرب. ولكن إذا أردت أن تدخل الحياة الأبدية، فحافظ على الوصايا."
ليس هناك وصية تقول بعبادة عيسى (عليه السلام)، ولكن هناك واحدة تقول بعبادة الرب وحده.
يذكر لوقا 4:41 أن عيسى (عليه السلام) رفض أن يدعى بابن الرب من قبل الجن. هل تعتقد أن عيسى (عليه السلام) كان ليوبخ الجن أو أي أحد آخر لقولهم الحقيقة؟ لا بالتأكيدّ! لقد وبخ عيسى (عليه السلام) الجن لأنهم كانوا يقولون زيفا بتسميتهم له بابن الرب. وفوق هذا، لو كان عيسى (عليه السلام) هو المسيح، وكان الجن يعرفون هذا، فإن إسكاته لهم ومنعهم من قول الحقيقة كان ليناقض لرسالته.
يقول عيسى (عليه السلام) لحوارييه (لوقا 21 &9:20):
"ولكن من تعتقدونني أكون ؟" أجاب بطرس قائلا"، "مسيح الرب" فهاجمهم عيسى مباشرة وأمرهم أن لا يقولوا ذلك لأي شخص."
بالإضافة إلى ذلك، فإن نصوصا مثل يوحنا 7:40، و 6:14، و 3:2، ومتّى 21:11، ولوقا 7:16 و 24:19 تؤكد أن عيسى قبل لقب المعلم والنبي ودعا نفسه ابن الإنسان في متّى 8:20، و 12:40، و 12&17:9، و 26:24؛ ولوقا 9:26، و 22:48، و 22:69، و 24:7. لكن النص الفاصل الذي يقول صراحة أن عيسى (عليه السلام) هو ابن (خادم) الإنسان موجود في مرقس 14:62، حيث يذكر عيسى (عليه السلام)مكانه يوم القيامة. يقول عيسى (عليه السلام) تحديدا أننا سنرى ابن الإنسان، وليس ابن الرب، يجلس على يمين القوة، وآتيا في غيوم السماء.
إن فعل الإنجاب فعل فيزيائي، وهذا فعل يتناقض وطبيعة الرب. يقول القرآن الكريم في 19:35:
"ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون (35)" (مريم)(1/27)
إن التعاليم التي تقول أن عيسى (عليه السلام) ابن الرب لم يبشر بها عيسى (عليه السلام) ولم يقبل بها، ولكن الذي قال بها هو بولس كما هو مذكور في الأفعال 9:20:"ومباشرة بشر بالمسيح في الكنيس، بأنه ابن الرب."
هل قال عيسى (عليه السلام) أنه الرب على الإطلاق أو قال "هذا أنا ربكم، اعبدوني."؟ الجواب هو لا. فليس هناك عبارة واحدة في الكتاب المقدس كله يقول فيها عيسى (عليه السلام) "أنا ابن الرب، ولذلك اعبدوني.". وبهذا فإن جميع النصوص التي تزيد عن الألفين من رسائل بولس الإنجيلية هي من اختراعه، بما في ذلك ما ورد في الرومان 9:5، والذي ينص – اعتمادا على أي إنجيل تستخدم - على ما يلي:"… جاء المسيح، الذي هو فوق كل شيء، الرب المبارك الخالد."
على أن بولس نفسه يذكر إنجيله الخاص، وليس إنجيل عيسى (عليه السلام)، في رسالته الإنجيلية للرومان عندما يقول في الرومان 2:16:"في اليوم الذي يحاكم فيه الرب أسرار الناس بواسطة عيسى المسيح، وفقا لإنجيلي."
في الواقع فإن رسالة بولس الإنجيلية للرومان هي أساس النصرانية المعاصرة. ,بهذا، فإن النصارى هم الذين سيضل سعيهم في هذه الحياة مع اعتقادهم أنهم يحسنون صنعا عندما جعلوا لله شركاء، كما هو مذكور في القرآن الكريم 106-18:103:
"قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا (103) الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا" >104) أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا (105) ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا (106)" (الكهف)(1/28)
إنه لمن الغريب والمثير للسخرية بالفعل أن نعلم أنه لا توجد رسالة واحدة من رسائل بولس الإنجيلية للرومان، والتي تتعدى 430 نصا، كتبها عيسى (عليه السلام). كان على بولس أن يشير بشكل مباشر إلى تعاليم عيسى (عليه السلام) الأصلية، وذلك لو كان ادعاء بولس السابق بأنه كان حواريا بالوحي الإلهي صحيحا بالفعل. ولكن بدلا عن ذلك، فإن أجزاء كثيرة من مقتطفاته في الرسائل الإنجيلية (بشكل ملحوظ في رسالته الإنجيلية للرومان) مأخوذة من العهد القديم –سفر التكوين، وسفر الخروج، وسفر Leviticus، وسفر تثنية الاشتراع، و 2 سفر صاموئيل، و 1 سفر الملوك، و سفر المزامير، و سفر الأمثال، وسفر اشعيا، وسفر حزقيال، وسفر Hosea. لقد كانت رسائله الإنجيلية بالفعل نتاج جهد مضني، ولكن ذلك لا يجعل من بولس أفضل من أيّ من الرجال الذين كتبوا الأناجيل، ولا يجعل منه نبيا.
الممارسات الأخرى التي تم تبنيها عن طريق بولس تضمنت ما يلي: اعتماد يوم الأحد الروماني يوم العطلة النصرانية؛ اعتماد يوم ميلاد اله الشمس التقليدي على أنه يوم ميلاد عيسى (عليه السلام)؛ اعتماد رمز اله الشمس (صليب النور) ليكون رمز النصارى، ودمج جميع المراسم التي كانت تمارس في احتفالات يوم ميلاد اله الشمس (في الاحتفالات النصرانية بيوم ميلاد المسيح!).(1/29)
وفيما أقترب من ختام الموضوع المتعلق بموقع المسيح، أود أن أطلب من القارئ النصراني أن يركع ويدعو الله بجدية ويسأله أن ينزل لعنته عليه وعلى زوجته، وعلى أبنائه وبناته، إذا كان ما يؤمن به عن المسيح (أن المسيح هو الرب، أو ابن الرب، أو جزء من الثالوث) باطلا. وبالمقابل، فقد علمت أنك إذا سألت مسلما أن يدعو الله بجدية أن ينزل لعنته عليه، وعلى زوجته، وعلى أبنائه وبناته، إذا كان ما يقوله عن المسيح (أنه نبي ورسول الله وكلمته)باطلا، فلن يتردد المسلم في أن يركع ويدعو. إن المسلمين ثابتون في إيمانهم أن المسيح ليس الرب، ولا ابن الرب، وأنه ليس جزءا من ثالوث الرب. إن عملية سؤال الرب أن ينزل لعنته على الشخص وعلى أسرته قد تبدو قاسية الى حد ما، ولكنها ستثبت نقطتين: (1) أن الشخص سيعرف أنه على الطريق الخاطئ؛ و (2) سوف تضعه على الطريق المستقيم.
الصلب والتكفير
يعتبر الصلب (صلب المسيح!) للتكفير عن الخطايا من الأركان الهامة جدا في التعاليم النصرانية. هذا الركن من النصرانية وترافقه مع مذهب من صنع الإنسان يفسره بوضوح هذا المقطع من كتاب الخلاص من خلال التوبة للكاتبة أمينة بلال فيليبس (ص. 17-15):
كان التكفير في العهد القديم احتفالا سنويا مصمما لتطهير الهيكل، والكهنوت، والناس من ذنوبهم بينما كانوا يجددون علاقتهم الخاصة بالرب. وتضمنت الطقوس الصيام والتضحية. ولا تزال هذه المراسيم متبعة في اليهودية، ويتم التأكيد على أهمية الاعتراف والتوبة من الذنوب في يوم التكفير، وهو يوم ينظر إليه على أنه أقدس يوم في السنة.
ولكي يبرر بولس الاعتقاد الابتداعي بتقمص الرب لشخصية عيسى المسيح وموته الظاهري على الصليب، ادعى في رسائله إلى الجاليشانز Galatians والرومان أن التكفير تطلّب وفقا للقانون الطاعة التامة والتي كانت فوق مقدرة الإنسان. واقترح، عوضا عن ذلك، أن موت المسيح كانت له قوة مخلصة تمنح التكفير للخاطئين الذين آمنوا به.(1/30)
إن وجهة نظر بولس القائلة أن ذنب الإنسان يمنعه من الاقتراب من الرب وأن الطريقة الوحيدة لخلاصه هي من خلال موت التضحية للمسيح، هذه الفكرة طورها عالم اللاهوت النصراني ايرنايس (202-125 للميلاد)، أسقف مدينة ليون، والذي طور حول هذا المبدأ أول نظام للمعتقد الكاثوليكي. وقد طور عالم لاهوتي نصراني آخر اسمه أوغستين هيبو (430-334 للميلاد) معتقدات السقوط، والخطيئة الأصلية، والتقدير، وهو يعتقد أن الإنسان ملطخ بخطيئة سقوط آدم من رحمة الرب وأن الرب قد اختار بصورة غير قابلة للتفسير بعض الناس ليتم خلاصهم، بينما يسلم الآخرين إلى لعنة أبدية. وبهذا فإن الإنسان شرير وخاطئ بالوراثة، ووحده المسيح، بتضحيته بنفسه من أجل الجنس البشري، استطاع (كما قال القديس أنسيلين) أن يفي بعقوبة الرب العادلة لأخطاء الإنسان تجاه الرب. وقد علم القديس أوغستين أيضا أن البراءة (الخلاص من الذنوب) تحصل بواسطة رحمة تنبثق من الرب ولكنها تصبّ من خلال قنوات مقدسة. وقد أيد القديس توماس أكويناس (1274-1225)، وهو أبرز علماء اللاهوت النصارى في القرون الوسطى، وجهة نظر القديس أوغستين التي كانت قد أصبحت في ذلك الوقت مبدأ أساسيا لا ينازع.
قبل الحديث عن العديد من الخلافات حول الصلب، يجب القول مجددا أن أحد أناجيل بولس هو الذي أقر بصلب/وقيامة عيسى (عليه السلام) (II Timothy 2:8):
"تذكروا أن عيسى المسيح من ذرية داود قام (بعث) من الموت وفقا لإنجيلي."
بالإضافة إلى هذا، إن إنجيل القيامة (البعث) في مرقس 20-16:9 كان قد أزيل من النص من قبل كتاب الإنجيل في طبعة عام 1952 من النسخة القياسية المنقحة وعندها، لأسباب ما، أعيدت في طبعة 1971. في العديد من الأناجيل، إذا لم تكن قد أزيلت، فهي مطبوعة بحروف صغيرة أو بين قوسين مع تعليق (انظر من النسخة القياسية المنقحة، الإنجيل الأمريكي الجديد، والترجمة العالمية الجديدة للكتاب المقدس).(1/31)
إن الرواية الإنجيلية التقليدية لصلب عيسى (عليه السلام) أنه تم توقيفه وصلبه بأوامر وتخطيط الحاخام الأكبر وشيوخ اليهود. هذه الرواية تم نفيها في الستينات من هذا القرن من قبل أعلى سلطة نصرانية كاثوليكية، البابا. لقد قام بإصدار تصريح قال فيه أن اليهود ليس لهم أي علاقة بصلب المسيح.
هل رأى أي من الحواريين أو كتاب الأناجيل الصلب أو القيامة (البعث)؟ لا! يقول مرقس 14:50 أن الحواريين خذلوا عيسى (عليه السلام) وفروا. وحتى بطرس تخلى عن عيسى (عليه السلام) بعد أن صاح الديك ثلاث مرات كما تنبأ عيسى (عليه السلام) (متّى 26:75):وتذكر بطرس كلمة عيسى، والتي قال له فيها، "قبل أن يصيح الديك،أنت سوف تنكرني ثلاث مرات." وخرج، وبكى بمرارة."
إن أكثر الأشخاص الذين يحتمل أنهم شهدوا هذه اللحظة في حياة عيسى (عليه السلام) كانوا مريم المجدلية، ومريم أم جيمس، وجوسيس أم أبناء زيبيدي، ونساء أخريات (متّى 56-27:55). وعلى أية حال، ليس هناك بيان أو رواية في الأناجيل من هذه النساء حول ما رأوه أو سمعوه.
وجد الحواريون القبر حيث سجّي عيسى (عليه السلام) فارغا، واستنتجوا أنه قام (بعث) لأن الحواريين وشهود آخرون رأوه حيا بعد الصلب المزعوم. لم ير أحد اللحظة التي قام فيها. عيسى (عليه السلام) بنفسه صرح أنه لم يمت على الصليب في لوقا 41-24:36، كما هو مبين في الفقرات التالية.
يوم الأحد باكرا ذهبت مريم المجدلية إلى القبر، الذي كان فارغا. رأت شخصا يبدو عليه أنه بستاني واقفا. وتعرفت عليه بعد محادثة على أنه عيسى (عليه السلام) وأرادت أن تلمسه. فقال عيسى (عليه السلام) (يوحنا 20:17):"لا تلمسيني؛ فلم أصعد بعد إلى والدي …"
والآن اقرأ لوقا 41-24:36:(1/32)
"وبينما كانوا (الحواريون) يتحدثون، وقف عيسى بنفسه وسطهم وقال لهم،السلام عليكم. ولكنهم كانوا خائفين ومرتاعين، واعتقدوا أنهم رأوا روحا. وقال لهم، لماذا أنتم قلقون؟ ولماذا تنشأ أفكار مثل هذه في قلوبكم؟ انظروا إلى يدي وإلى قدمي، انه أنا بنفسي: امسكوني، وسترون؛ فليس للروح لحم وعظام، كما ترون لدي. وعندما قال ذلك، أراهم يديه وقدميه. وعندما بقوا غير مصدقين لفرحتهم، وتساءلوا، قال لهم، هل لديكم لحم هنا؟ فأعطوه قطعة سمك مسلوقة وقطعة من قرص عسل. وأخذها وأكل فعلا أمامهم."
هل يحتاج جسم روحاني أو ميت إلى أن يأكل الطعام؟ عيسى (عليه السلام) بأكله الطعام أراد أن يثبت لحوارييه أنه لم يكن روحا، ولكنه كان لم يزل حيا لم يمت.
إن مقولة أن عيسى (عليه السلام) كان حيا وليس ميتا تدعمها أيضا نبوءته متى 12:40):
"وكما بقي يونس ثلاثة أيام وثلاثة ليال في بطن الحوت؛ كذلك سيبقى ابن الإنسان ثلاثة أيام وثلاثة ليال في قلب الأرض."
هل حقق عيسى (عليه السلام) هذه المعجزة؟ سيقول النصارى "نعم"، لأن عيسى (عليه السلام) مات وقام بعد ثلاثة أيام وفقا للوقا 24:26 ومتّى 20:19، من بين نصوص أخرى. وعلى أية حال، وتماشيا مع معجزة يونس ووفقا للكتاب المقدس، أمضى عيسى (عليه السلام) يوماواحدا فقط وليلتين في القبر، وليس ثلاثة أيام وثلاثة ليال كما تنبأ.
وضع عيسى (عليه السلام) في القبر قبل غروب يوم الجمعة (الجمعة الحزينة) مباشرة، وقد اكتشف اختفاؤه قبل شروق شمس الأحد (الفصح). وحتى لو مددنا الوقت قليلا"، يمكن لنا أن نقول أن عيسى (عليه السلام) أمضى ثلاثة أيام في باطن الأرض، ولكن لا يمكن بأي حال من الأحوال، وأكرر بأي حال من الأحوال، القول بأنه أمضى ثلاثة ليال. علينا أن لا ننسى هنا أن الأناجيل صريحة بإخبارنا أن مريم المجدلية ذهبت إلى ضريح عيسى (عليه السلام) "قبل شروق" يوم الأحد ووجدته فارغا".(1/33)
وبالتالي فإن هناك تناقضاً حول ما إذا كان عيسى (عليه السلام) قد حقق نبوءته الخاصة، وفيما إذا كان صُلب بالفعل، أو أن يوم صلبه المزعوم(الجمعة الحزينة) نقل إلينا خطأ. وهناك نقطة أخرى يجدر ذكرها هنا وهي أن يونس عليه السلام بقي حيا طوال الفترة التي قضاها في بطن الحوت، ويقول النصارى أن عيسى (عليه السلام) كان ميتا في باطن الأرض القبر، وهذا يناقض نبوءة عيسى (عليه السلام) نفسها. يذكر سفر لوقا 11:30 أن عيسى (عليه السلام) قال:
"كما كان يونس … كذلك سيكون ابن الإنسان."
فإذا كان يونس عليه السلام بقي حيا، من المفروض أن عيسى (عليه السلام) بقي حيا أيضا.
هناك حدث هام وقع قبل الصلب المزعوم. هذا الحدث هو دعاء عيسى (عليه السلام) للرب من أجل مساعدته. جاء في سفر لوقا 22:42 أن عيسى (عليه السلام) خاطب الرب قائلا:" أيها الأب إذا شئت ارفع عني هذا الكأس (كأس الموت) ومع ذلك فليست إرادتي هي التي ستنفذ، ولكن إرادتك أنت."
وقد استجاب الرب لدعاء عيسى (عليه السلام) في أن لا يموت على الصليب وفقا لسفر لوقا 22:3 و كذلك وفقا لسفر اليهود Hebrews 5:7 . لذلك، إذا كان الرب قد استجاب لكل صلوات عيسى (عليه السلام)، بما في ذلك عدم الموت على الصليب، فكيف يمكن القول أنه مات على الصليب؟
ينص سفر متّى 27:46 أن عيسى (عليه السلام) قال وهو على الصليب:
"ربّ، ربّ، لم خذلتني؟"
لو أن عيسى نطق فعلا بهذه الكلمات، لكان ذلك دليلا واضحا على الكفر كما تنص على ذلك جميع السلطات اللاهوتية. هذه شتيمة كبيرة، ومثل هذه الكلمات لا يمكن أن تصدر إلا من غير المؤمنين بالله. فالأولى إذا أن لا تصدر مثل هذه الكلمات عن رسول لله – وهي فعلا لم تصدر- لأن الله لا يخلف وعده مطلقا، ولم يتذمر أي من أنبياء الله من وعده مطلقا. يمكن القول إذا ، أنه كائنا من كان ذلك الذي نسب هذه العبارة إلى عيسى (عليه السلام)، فإن هذا الشخص نفسه كافر.(1/34)
يؤمن المسلمون، كما يؤكد القرآن الكريم، أن عيسى (عليه السلام) لم يصلب. لقد كان في نية أعدائه أن يقتلوه صلبا، ولكن الله عز وجل أنقذه من مكيدتهم. يقول القرآن الكريم (4:157):
"وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا إتباع الظن وما قتلوه يقينا (157)" (النساء)
القيامة (البعث)
قبل مناقشة مسألة القيامة ( قيامة المسيح بعد صلبه المزعوم)، يتوجب التنويه إلى أن عطلة يوم الفصح النصرانية (EASTER ) ، وهو اليوم المزعوم لقيامة عيسى (عليه السلام)، كان أصلا عيدا وثنيا مخصصا لتكريم يوستر (EOSTER)، وهي إلهة الضوء والربيع الجرمانية. وكانت الأضاحي تقدم لتكريم الآلهة في يوم الاعتدال الربيعي (وهو اليوم الربيعي الذي تعبر فيه الشمس خط الاستواء ويتساوى فيه الليل والنهار). ومنذ القرن الثامن استخدم اسم (EASTER) للدلالة على الاحتفال السنوي لذكرى قيامة عيسى (عليه السلام). وهكذا، ومرة أخرى، أخذ النصارى جهل الوثنية وربطوه مع عيسى (عليه السلام).
من أين إذا أتى إيمان النصارى بالقيامة ؟ لقد أتوا به من تعاليم بولس (الأفعال 17:18ACTS). بولس، الذي قال أنه حواري معتمد من قبل عيسى (عليه السلام) وفقا لخياله الخاص، لم ير عيسى (عليه السلام) مطلقا، ومع ذلك أعلن أن عيسى (عليه السلام) ابن الرب (الأفعال ACTS9:20)، واعترف أن عقيدة القيامة من تعاليمه الخاصة (II TIMOTHY 2:8). إذا، فعقيدة النصرانية المعاصرة القائلة بأن الإيمان بالصلب/القيامة ضروري للتكفير عن الخطايا ليست من تعاليم عيسى (عليه السلام). إن ذنوب الناس كانت تغفر قبل الصلب والقيامة المزعومين، كما هو مبين في سفر مرقس 2:5:
"وعندما رأى عيسى ايمانهم، قال للمشلول، "يا ولدي، ذنوبك قد غفرت،""
وفي سفر لوقا 7:48:
"وقال لها، "ذنوبك قد غفرت""(1/35)
وأكثر من هذا، فإن معرفة أن عيسى (عليه السلام) غفر الخطايا قبل الصلب أو القيامة يناقض الإيمان بأن دم عيسى (عليه السلام) يغسل الذنوب. فكما ورد في سفر تثنية الاشتراع 24:16:"لن يقتل الأباء بسبب الأبناء، ولن يقتل الأبناء بسبب الآباء؛ كل شخص سيقتل بسبب ذنوبه هو."
إن معتقد نصارى هذا العصر هو معتقد بولس. وقد برر بولس معتقده بما ورد في سفر الرومان 4-7:1:
"ألا تعلمون أيها الاخوة (فأنا أتكلم مع أولئك الذين يعرفون القانون) كيف أن للقانون السيادة على الإنسان طالما أنه على قيد الحياة؟ فالمرأة التي عندها زوج مرتبطة بزوجها قانونا طالما هو حيّ، ولكن إذا مات الزوج، فهي تتحرر من قانون زوجها. ولذلك فإن تزوجت من رجل آخر –بينما زوجها حي – فإنها تسمى زانية: ولكن إن مات زوجها، فإنها تتحرر من القانون، فهي لا تكون زانية مع أنها تزوجت رجلا آخر. ولذلك، يا اخوتي، فإن القانون يصبح ميتا بجسد المسيح، فأن تتزوجوا من آخر، حتى ولو كان من الذي قام من الموت، فإننا نكون قد أحضرنا فاكهة للرب."(1/36)
تبين النصوص المذكورة أعلاه بوضوح أن بولس فرق بين عيسى والمسيح (عليه السلام). ووفقا لتفكيره فإن القانون الذي ربط بين عيسى (عليه السلام) وأتباعه لم يعد ضروريا لأن عيسى قد مات. فأتباع عيسى (عليه السلام) لم يعودوا "متزوجين" منه، ولكن من المسيح الذي أوحى لبولس بقانون جديد، لذلك من الضروري اتباع المسيح وليس عيسى (عليه السلام)، فكل من يلتزم بتعاليم عيسى (عليه السلام) يكون ضالاّ. إن استخدام مثل هذا التحليل هو الذي مكن بولس من جمع عقائده الخاصة بالخلاص والتكفير عن الذنوب، والتي لم يبشر بها عيسى (عليه السلام) مطلقا. ولقد لاقت هذه العقائد رواجا كبيرا، فهي، وبكلمات قليلة، بشرت بأن الإنسان يستطيع أن يفعل ما يشاء دون أن يتحمل تبعات أفعاله، شريطة أن يقول في نهاية الأمر "آمنت بالمسيح". وعلى أية حال، فإن المقدمة المنطقية الأساسية التي اعتمد عليها تعليل بولس زائف، فعيسى (عليه السلام) لم يصلب ولم يقم من الموت، ولهذا فعقائد الخلاص والتكفير عن الذنوب التي جاء بها عقائد خاطئة أيضا.
هل تعلم أن الكنيسة قبلت عقيدة التكفير عن الخطايا بعد ثلاثة أو أربعة قرون من مغادرة عيسى (عليه السلام) لهذه الأرض؟ اقرأ سفر تثنية الاشتراع 24:16، وسفر جيريمايا 18:20 JEREMIAH وسترى أن عقيدة التكفير هذه تناقض العهد القديم (القانون). يقول سفر تثنية الاشتراع 24:16:
"لن يقتل الأباء بسبب الأبناء، ولن يقتل الأبناء بسبب الآباء؛ كل شخص سيقتل بسبب ذنوبه هو."
ويقول سفر جيريمايا 18:20 J EREMIAH :
"…كل شخص سوف يموت بسبب خطيئته."
ويقول سفر حزقيال 18:20:
"لن يعاني الابن بسبب خطيئة أحد الوالدين، ولا أحد الوالدين بسبب خطيئة الابن؛ ستكون تقوى التقي له وحده، وشر الشرير له وحده."(1/37)
والآن لنقرأ سفر متّى 2&7:1 وسفر كورينثيانز CORINTHIANS 3:8 1. ليس هناك سبب يدعو إلى التكفير عن الخطيئة الأصلية. يذكر سفر متّى 19:14 بوضوح أن الأبناء (أي شخص في أي وقت) مكانهم ملكوت السماء. إن فكرة "الانتماء لملكوت السماء" يتماشى مع الاعتقاد الإسلامي بأن:
"كل مولود يولد على الفطرة، وأبواه إما يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه." (حديث شريف)
بالإضافة إلى هذا، يقول عيسى (عليه السلام) في سفر مرقس 26-11:25 وسفر لوقا 4-11:1 أن الذنوب يغفرها الرب. فلا حاجة إذا لتكفير عيسى (عليه السلام) عن الذنوب. ورد في سفر مرقس 26-11:25 :
"وعندما تقف مصليا، سامح، إذا كان لك حق عند أيّ شخص لكي يغفر لك الأب الذي في السماء خطاياك. ولكن إذا لم تغفر، فإن أباك الذي في السماء لن يغفر خطاياك"
وورد في سفر لوقا 4-11:1:
"وكان يصلي في مكان ما، وعندما توقف، قال له أحد حوارييه، "أيها المعلم، علمنا كيف نصلي، كما علم يوحنا أيضا" حوارييه."، فقال لهم، "عندما تصلون قولوا أبانا الذي في السماء، تقدس اسمك. جاء ملكوتك. كما أنت في السماء كذلك ستكون على الأرض. أعطنا خبزنا اليومي يوما بيوم. واغفر لنا ذنوبنا؛ فنحن أيضا نغفر لكل من هو مدين لنا. ولا تغونا؛ ولكن خلصنا من الشر ."
ومرة أخرى نؤكد ما جاء سابقا من أن عيسى (عليه السلام) لم يأت ليدمر القانون، ولكن بولس هو من ألغى القانون الموسوي. اقرأ ما ورد في سفر الأفعال 13:39:
"وأولئك الذين يؤمنون به مبرئين من كل شيء. وحتى ما لا يمكن تبرئته في قانون موسى."(1/38)
إن "السلطة" التي جمعها بولس سمحت له بالادعاء أن بركات الكتاب المقدس لم تكن مقصورة على اليهود، ولكنها لجميع المؤمنين. وهذا أيضا مناقض لرسالة عيسى (عليه السلام) وتعاليمه وأهدافه. لقد كانت رسالة عيسى (عليه السلام) الحقيقية هي القانون. نفس القانون الذي أرشد آدم وإبراهيم وموسى ونوح وجميع الأنبياء الآخرين، بما في ذلك نبي الإسلام محمد (صلى الله عليه وسلم) الذي تنبأ به الكتاب المقدس كما ورد في القرآن.
محمد (صلى الله عليه وسلم) في الكتاب المقدس
إن النبوءات بقدوم النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) يمكن أن نجدها في العهدين القديم والجديد كما جاء في القرآن الكريم 7:157:"الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون (157)" (الأعراف )
سأورد وأؤيد في ما يلي نبوءتين في الكتاب المقدس لا تنطبقان إلا على النبي محمد (صلى الله عليه وسلم).
1- العهد القديم: هذه النبوءة التي كانت موجهة إلى موسى (عليه السلام) ذكرت أن الرب سوف يرسل ضمن "إخوة" الإسرائيليين نبيا مثل موسى (عليه السلام) يكون مؤسسا، وقائدا، ونموذجا لجماعة من المؤمنين. جاء في سفر تثنية الاشتراع 20-18:18:
"سأرسل لهم نبيا مثلك ضمن إخوتهم وسوف أضع كلماتي في فمه، وسوف ينقل إليهم كل ما آمره به. وكل من لا يتبع كلماتي التي سيقولها باسمي، سأحاسبه على ذلك بنفسي."(1/39)
سيقول النصارى بالتأكيد أن هذه النبوءة تشير إلى عيسى (عليه السلام). لا، بل كانت تشير إلى محمد (صلى الله عليه وسلم) وليس إلى عيسى (عليه السلام). فمثل موسى (عليه السلام)، ولد النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) لأبوين عاديين، وتزوج، وأسس مجتمعا مؤمنا، وأنشأ قانونا عظيما، ومات موتا طبيعيا. إن إخوة الإسرائيليين ( الذين هم ذرية إبراهيم من إسحاق) هم الإسماعيليون (ذرية إبراهيم من إسماعيل). عيسى (عليه السلام) مستثنى من هذه النبوءة لأنه إسرائيلي؛ وإلا لكان النص "نبيا" من أنفسهم".
دعونا الآن نقارن بين المميزات الحاسمة لكل من موسى، وعيسى، ومحمد ( صلوات الله وسلامه عليهم )، وهذه المقارنة ستساعدنا في توضيح شخصية ذلك النبي الذي وصفه الكتاب المقدس بأنه "مثل موسى"، والمقارنة مأخوذة من كتاب الحوار النصراني الإسلامي، 1984، صفحة 40:
المميزات ... موسى ... عيسى ... محمد
الولادة ... طبيعية ... غير طبيعية ... طبيعية
الحياة الطبيعية ... تزوج وله أطفال ... لم يتزوج وليس له أطفال ... تزوج وله أطفال
الموت ... طبيعي ... غير طبيعي ... طبيعي
التعاليم ... روحانية ... روحانية ... روحانية
قبول القياد ة ... رفض ثم قبل ... رفض ... رفض ثم قبل
2- العهد الجديد: والآن لننتقل إلى النبوءة التي وردت في العهد الجديد والتي بشرت بالنبي محمد (صلى الله عليه وسلم). جاء في سفر يوحنا 14:16:
"وسوف أصلي للأب، وسوف يعطيكم مخلصا (معزّيا) آخر، يعيش معكم إلى الأبد." يقول هذا النص بوضوح أن شخصا آخر، شخصا إضافيا، ولكن من نفس النوع، ومع ذلك فهو مختلف تماما عن الأول سوف يرسل استجابة لدعاء عيسى (عليه السلام). والسؤال الهام جدا هنا هو، من هو المخلص (المعزي) الأول؟(1/40)
سيقول العالم النصراني بالإجماع أن هذا المخلص (أو المساعد، كما يتم إضافته حاليا) هو الروح القدس أو الطيف المقدس، اعتمادا على أي إنجيل تقرأ، والوحيد الذي يدعم ذلك هو سفر يوحنا 14:26 الذي يقول:
"ولكن المخلص (المعزي)، هو الطيف المقدس، الذي سيرسله الأب باسمي…"
ولكن ما جاء في سفر يوحنا 14:26 ونفس السفر 14:16 يناقض أحدها الآخر؛ فالنص 14:16 يقول مخلصا آخر سيرسل، بينما ينص 14:26 على أن الآخر الذي سيرسل هو الروح القدس أو الطيف المقدس. هذا يعني أن ما مجموعه اثنان من الروح القدس أو الطيف المقدس سيتم إرسالهم. إن استخدام كلمة آخر في يوحنا 14:16 يعني أن واحدا كان موجودا بالفعل.
فيما يتعلق بإرسال طيف مقدس آخر، سيدافع بعض النصارى عن هذه الفكرة بقولهم أن الطيف المقدس لم يكن على الأرض بعد. ولكن هناك العديد من الشواهد في الكتاب المقدس حول ذهاب وإياب الطيف المقدس قبل ولادة المسيح ورحيله: سفر لوقا 1:15 (يوحنا المعمدان)، سفر لوقا 1:41 (اليزابيث)، سفر لوقا 1:67 (زكريا)، سفر لوقا 2:26 (سايمون)، سفر لوقا 3:22 (عيسى).
كان الطيف المقدس يساعد عيسى (عليه السلام) في مهمته ويساعد حوارييه في مهماتهم في التبشير وشفاء الناس. وإذا كان لا يزال هناك أي شك حول عمل الطيف المقدس، أرجو قراءة ما ورد في سفر يوحنا 22-20:21:
"…حيث أن أبي قد أرسلني مع أنني أرسلكم، وعندما قال هذا، نفخ عليهم، وقال لهم، استقبلوا الطيف المقدس."
تذكر، عزيزي القارئ، أن عيسى (عليه السلام) لم يكن قد غادر الأرض بعد. ولذلك فلكي يأتي المخلص (المعزي)، قال عيسى (عليه السلام) أن عليه أن يغادر كما ورد في يوحنا 16:7:"ومع ذلك فأنا أقول لكم الحقيقة. إن من مصلحتكم أن أذهب؛ فإنني إذا لم أذهب، فلن يأتي المخلص (المعزي) إليكم؛ ولكن إذا غادرت، أنا سوف أرسله إليكم."(1/41)
وبالإضافة إلى هذا، فإن ما جاء في سفر يوحنا 14:26 يناقض تنبؤات صريحة أخرى لعيسى (عليه السلام) في موضوع المخلص (المعزي). لاحظ أنه ليس هناك نصوصا" أخرى في الكتاب المقدس، باستثناء يوحنا 14:26، يذكر فيها أن عيسى (عليه السلام) سمى الروح القدس/الطيف المقدس "هو". ففي جميع نصوص الكتاب المقدس الأخرى يدعى الروح القدس/الطيف المقدس باسمه. إذا قرأنا ما جاء في يوحنا 14:26 بعناية، نستطيع أن نرى أنه بإدخال الكلمات "الذي هو الطيف المقدس،" فإن الكاتب يقود القارئ إلى خاتمة. ونفس الشيء يحدث في يوحنا 14:22 بإدخال التعليق "ليس اسقريوط."
"قال له يهوذا، وليس اسقريوط، "أيها الرب، إذا" سوف …العالم."
ولتأييد مقولة أن كلمة "مخلص (معزي)" لا تشير إلى الطيف المقدس أكثر، هل كنت تعلم أن كلمة "مخلص (معزي)" [COMFORTER] هي الترجمة الإنجليزية للكلمة اليونانية "PERICLYTOS" والتي هي تقريبا الترجمة الحرفية للكلمة الآرامية أو العبرية "موحمانا" والتي استخدمها عيسى (عليه السلام) نفسه، والتي ترتبط باسم "محمد" باللغة العربية، على أنه اسم آخر نبي سيأتي قبل قدوم عيسى (عليه السلام) للمرة الثانية؟ وكذلك في العهد الجديد –النسخة اليونانية-، أطلقت كلمة "روح" على شخص ملهم، "مالك تخاطب روحاني" أو وحي. وقد أطلق على الشخص الذي يغمره وحي إلهي أيضا" كلمة "روح".
من النصوص الأخرى التي تذكر المخلص (المعزي) ما ورد في سفر يوحنا 15:26:"ولكن عندما يأتي المخلص ( المعزي ) ، الذي سأرسله إليكم من عند الأب، روح الحقيقة، التي تنبثق من الأب، سوف تشهد بي."
والآن لنقرأ ما جاء في سفر يوحنا 14-16:12، والذي يشكل أكثر الصور تكاملا عن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) والإسلام:(1/42)
"لا يزال لدي بعض الأشياء لأقولها لكم، ولكنكم لا تستطيعون أن تتحملوها الآن. وعلى أية حال، عندما يأتي هو، روح الحقيقة (المخلص/المعزي)، هو سيهديكم إلى الحقيقة؛ فهو سوف لن يتكلم بسلطته هو، ولكنه سيقول كل ما يسمع؛ وسوف يخبركم عن أشياء ستحدث. هو سيمجدني لأنه سيأخذ مما هو لي ويعلنه لكم."
تنطبق ميزات المخلص (المعزي) هذه على النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) فقط، كما تظهر الملاحظات التالية:
1. يذكر القرآن الكريم اسم عيسى (عليه السلام) أكثر من اسم النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) بعشرين مرة. لقد دعا اليهود عيسى ( عليه السلام ) بالدجال واتهموا أمه بالفسق والفجور. وحاولوا حتى أن يصلبوه. لكن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) اعتبر عيسى (عليه السلام) نبيا عظيما، ودعاه القرآن الكريم ب"كلمة الله". وينسب القرآن الكريم لعيسى (عليه السلام) معجزة ليست مذكورة في الإنجيل. وقد حدثت المعجزة عندما تكلم عيسى (عليه السلام) وهو في المهد. وعلى أية حال، إذا شاهدت قصة "عيسى من الناصرة" التي يتم عرضها في عطلتي الميلاد والفصح، ستسمع هذه المعجزة مذكورة في القصة. من أين جاءوا بهذه المعجزة؟ هذه المعجزة مذكورة في القرآن فقط عندما تم التشكيك بطهارة مريم:
"فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا (29) قال إني عبد الله ءاتاني الكتاب وجعلني نبيا (30) وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا (31) وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا (32) والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيّا (33)" (مريم)
أيضا"، يعتبر الإسلام مريم أم عيسى (عليهما السلام) أطهر النساء وأفضلهن في الجنة. وهكذا مجد محمد (صلى الله عليه وسلم) عيسى (عليه السلام). وبالإضافة إلى ذلك، هناك سورة في القرآن الكريم باسم (سورة مريم)، واسمها مذكور في القرآن أكثر من ذكره في الإنجيل بأربعة عشر مرة.(1/43)
2. أوحي القرآن للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) من خلال الملاك جبريل. وكلما أنهى جبريل قراءة أجزاء من القرآن، كان النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ينقل حرفيا لأصحابه ما سمع من الملاك دونما زيادة، أو تغيير أو نسيان. (ملاحظة: كان الملاك جبريل يزور النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) مرة في السنة في شهر رمضان(1)، وزاره مرتين في آخر سنة من حياته ليؤكد نص القرآن). ويصف القرآن أيضا النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) بما يلي :
"وما ينطق عن الهوى (3) إن هو إلا وحي يوحى (4)" (النجم)
وإذا قارنا الآيتين 4-53:3 من القرآن الكريم مع ما جاء في سفر يوحنا 16:13:"فهو سوف لن يتكلم بسلطته هو"
سنرى التشابه بين ميزات المخلص (المعزي) وميزات النبي محمد (صلى الله عليه وسلم).
3. كان النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) النبي الوحيد الذي جاء بعد عيسى (عليه السلام)، وكان هناك فترة ستة قرون بينهما. كانت مهمة عيسى (عليه السلام) محددة بـ "شاة بني إسرائيل الضالة"، ولكن رسالة محمد (صلى الله عليه وسلم) كانت رسالة عالمية لكل الناس (بما في ذلك حكام الرومان و السامريين). لقد كانت رسالة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) هي الوحيدة التي أراد لها الله عز وجل أن تكون عالمية وخالدة.
خاتمة
أيها النصارى، آخذين بعين الاعتبار المعلومات التي احتواها هذا الكتاب، أرجو أن تكونوا قد بدأتم تلاحظون أن دعائم النصرانية الحالية: عيسى ابن الرب؛ الثالوث؛ وعيسى مات على الصليب لأجل خطايانا، جميعها بنيت على أساس ضعيف مشبوه ومشكوك فيه. أساس مبني على العناصر التالية:
1. الأناجيل الحالية صادق عليها قاتل بعد ثلاث مائة عام من مغادرة عيسى (عليه السلام) لهذه الأرض.
2. تم تدمير ثلاث مائة إنجيل آخر.
3. الكلمات "ابن الرب، الابن الوحيد للأب" صادق عليها قاتل.
__________
(1) - هذا نزول المدارسة كما جاء في الحديث كان جبريل يدارسني القرآن(1/44)
4. كلمة "إنجيل" أضيفت إلى عناوين الكتابات: وفقا" لـ؛ متّى، مرقس، لوقا، و يوحنا.
5. كتبت الأناجيل بين أعوام 60-100 للميلاد.
6. كتبت الأناجيل بصيغة الشخص الثالث الغائب.
7. نصوص (عقيدة الثالوث) أزيلت من الكتاب المقدس ثم أعيدت ثانية.
8. تم قبول عقيدة الثالوث بعد ثلاثة قرون من مغادرة عيسى (عليه السلام) لهذه الأرض.
9. كان وثنيّا أول من استخدم كلمة "مسيحي".
10. العطلات النصرانية الحالية مأخوذة من طقوس وثنية.
11. حدثت أخطاء في الترجمة وأضيفت كلمات لخداع القارئ.
12. لم ير أي من الحواريين أو كتبة الأناجيل فعليا عيسى (عليه السلام) يموت على الصليب.
13. مبادئ النصرانية الحالية هي من صنع الإنسان.(1/45)