قال الله تعالى :
{ اقتربت الساعة وانشق القمر } (1)
{ فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة **\\\برجاء حذف الفصلة ضرورة \\\** فقد جاء **أشراطها** } (2) أى إماراتها وعلاماتها.
وكان النبى صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة .
{ وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا } (3)
{ هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون } (4)
{ اقترب للناس حسابهم } (5)
{ أتى أمر الله فلا تستعجلوه } (6)
{وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب }(7)
{ إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا }(8)
{ أزفت الآزفة ليس لها من دون الله كاشفة }(9)
{ قل إنما علمها عند ربى لا يجليها لوقتها إلا هو }(10)
1- عن ابن عمر قال : قال صلى الله عليه وسلم : إنما أجلكم فى أجل من خلا من الأمم ما بين صلاة العصر إلى مغرب الشمس . رواه البخارى(11)
خلا : مضى .
أى نسبة بقائكم فى الدنيا كنسبة وقت العصر إلى كامل النهار .
2ـ عن سهل بن سعد قال :قال صلى الله عليه وسلم : بعثت أنا والساعة كهاتين .
رواه البخارى ومسلم(12)
وضم السبابة والوسطى . أشار بهذا الحديث إلى قلة المدة بينه وبين الساعة إما فى المجاورة وإما فى قدر ما بينهما .
3-عن عمرو بن أخطب قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر وصَعِد المنبر ، فخطبنا حتى حضرت الظهر فنزل فصلى ، ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر ، ثم نزل فصلى ، ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غربت الشمس ، فأخبرنا بما كان وبما هو كائن . فأعلمُنا أحفظنا . رواه مسلم (7)
__________
(1) سوره القمر: 1 (2) سورة محمد:18
(2) سورة الأحزاب: 63 (4) سورة الزخرف:66
(3) سورة الأنبياء: 1 (6) سورة النحل : 1
(4) سورة النحل : 77 (8) سورة العارج : 5
(5) سورة النجم : 58 (10) سورة الأعراف : 187
(6) فتح البارى:345 ... ... (12) فتح البارى:6504 ومسلم 43/867
(7) مسلم:25/2892(1/1)
4- عن حذيفة بن اليمان قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما ، ما ترك شيئاً يكون فى مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدَّث به حفظه من حفظه ونسيه من نسيه ، قد عَلِمَه أصحابى هؤلاء ، وإنه ليكون منه الشىء قد نسيتُه ، فأراه فأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذ غاب عنه ، ثم إذا رآه عرفه . رواه البخارى و مسلم (1) واللفظ له .
**أما أثر : « الدنيا سبعة آلاف سنة » فباطل .**
5- عن حذيفة قال أخبرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، فما منه شىء إلا قد سألته إلا أنى لم أسأله ، ما يُخرج أهل المدينة من المدينة . رواه **مسلم (2) **
6ـ **و قال حذيفة** قال والله إنى لأعلم الناس بكل فتنة هى كائنة فيما بينى وبين الساعة ، وما بى إلا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرَّ إلىَّ فى ذلك شيئاً لم يحدثه غيرى ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وهو يحدث مجلسا أنافيه عن الفتن ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعد الفتن منهن ثلاث : لا يكدن يذرن شيئاً ، ( ومنهن فتن كرياح الصيف ، منها صغار ومنها كبار ) قال حذيفة : فذهب أولئك الرهط كلهم غيرى . رواه مسلم (3)
قال الشاعر :
هى الدنيا تقول بملء فيها ... حذار حذار من بطشى وفتكى
فلا يغرركمُ منى ابتسام ... **فقولى** مضحكٌ والفِعْلُ مُبْكِى
وقال آخر :
مثل لنفسك أيها المغرور ... ... يوم القيامة والسماء تمور
إذ كورت شمس النهار وأدنيت ... ... حتى على رؤس العباد تسير
وإذا النجوم تساقطت وتناثرت ... وتبدلت بعد الضياء كدور
وإذا البحار تعلقت بأصولها ... فرأيتها مثل السحاب تسير
وإذا العشار تعطلت و تخربت ... خلت الديار فما بها معمور
وإذا الوحوش لدى القيامة حشرت ... وتقول للأملاك أين تسير
وذا تقاة المسلمين تزوجوا ... من حور عين زانهن شعور
__________
(1) فتح البارى:6604 مسلم 23/2891
(2) مسلم:24/2891
(3) مسلم:22/2891(1/2)
وإذا **الموءودة** سئلت عن شأنها ... و بأى ذنب قتلها ميسور ؟
وإذا الجليل طوى السماء بيمينه ... طى السجل كتابه المنشور
وإذا الصحائف عند ذاك تساقطت ... تبدو لنا يوم القصاص أمور
وإذا السماء تكشطت عن أهلها ... ورأيت أفلاك السماء تدور
وإذا الجحيم تسعرت نيرانها ... فلها على أهل الذنوب زفير
وإذا الجنان تزخرفت وتطيبت ... لفتى على طول البلاء صبور
وإذا الجنين معلق مع أمه ... يخشى القصاص وقلبه مذعور
الفتن
الفتن : إدخال الذهب النار لتظهر جودته من رداءته ، ويستعمل فى **إدخال** الإنسان النار كقوله تعالى **{ يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ }( الذاريات : 13 ) ** أى يحرقون " .
والفتنة : المحنة والعذاب والشدة والابتلاء والامتحان والاختبار وكل مكروه كالإثم . والكفر وغير ذلك من المكاره . فتطلق على العذاب فى قوله تعالى : **{ ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ } ( الذاريات : 14 ) **
وتطلق على : الاختبار فى قوله تعالى : **{ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا } ( طه : 40 ) **
وتطلق على : الشدة والرخاء فى قوله تعالى : **{ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً }( الأنبياء : 35 ) .**
وتطلق على : المال والأولاد فى قوله تعالى : **{ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} ( التغابن : 15 ) **.
الفتنة تكون من الأفعال الصادرة من الله ، كالبلية والمصيبة والقتل والعذاب والمعصية وغيرها من المكروهات ، فإن كانت من الله فهى على وجه الحكمة ، وإن كانت من الإنسان بغير أمر الله فهى مذمومة ، فقد ذم الله الإنسان بإيقاع الفتنة كقوله : والفتنة أشد من القتل .(1/3)
1- ** عن حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قال : كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قُلْتُ : وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ . قُلْتُ : وَمَا دَخَنُهُ ؟ قَالَ : قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ . قُلْتُ : فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ؟ قَالَ : نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا . قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا . قَالَ : هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا . قُلْتُ : فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ ؟ قَالَ : تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ ؟ قُلْتُ : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ ؟ قَالَ : فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ **. رواه البخارى ومسلم (1)
دخن : كدر وفساد وخبث وغش .
بغير هدى : بغير علم ولا بصيرة ولا اتباع لهدى الأنبياء وسنتهم وطريقتهم
تنكر : خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً .
أبواب جهنم : يدعون الناس إلى الضلالة ويبعدونهم عن الهدى بأنواع الخبث والمكر والخداع.
جلدتنا : منا ومن عشيرتنا ليسوا أجانب ولكنهم خبثاء يقولون مالا يفعلون .
الخير بعد الشر : أيام عمر بن عبد العزيز .
والعض : كناية عن مكابدة المشقة .
__________
(1) فتح البارى:7084 مسلم1847(1/4)
قال ابن حجر فى ** فتح البارى ** 13/37 : وفى الحديث أنه متى لم يكن للناس إمام فافترق الناس أحزاباً ، فلا يتبع أحداً فى الفرقة ، ويعتزل الجميع ان استطاع ذلك خشية الوقوع فى الشر ، وعلى ذلك يتنزل ما جاء فى سائر الأحاديث ، وبه يجمع ما ظاهره الاختلاف منها. وفيه دليل على وجوب لزوم جماعة المسلمين وهى السواد الأعظم ، والسواد الأعظم هم الصحابة دون من بعدهم ، وقيل الجماعة هم أهل العلم والناس تبع لهم فى أمر الدين .
قال البيضاوى : إذا لم يكن فى الأرض خليفة فعليك بالعزلة والصبر على شدة الزمان
قال الطبرى : الجماعة هم الذين اجتمعوا فى طاعة أميرهم ، فمن نكث بيعته خرج عن الجماعة ، وفى الحديث : أنه متى لم يكن للناس إمام فافترق الناس أحزاباً، فلا يتبع أحداً فى الفرقة، ويعتزل الجميع إن استطاع ذلك خشية الوقوع فى الشر .
قال ابن بطال : فيه حجة لجماعة الفقهاء فى وجوب لزوم جماعة المسلمين ، وترك الخروج على أئمة الجور .
قال القرطبى : يجب كف اليد واللسان عند ظهور الفتن ، ونزول البلايا والمحن .
فالحديث يدل على وجوب لزوم جماعة المسلمين وإمامهم ووجوب طاعته وإن فسق وعمل المعاصى من أخذ الأموال وغير ذلك درأً للفتن .
2- وعن حذيفة قال : والله ما أدرى أنسى أصحابى أم تناسوا ، والله ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قائد فتنة إلى أن تنقضى الدنيا يبلغ من معه **ثلاثمائة** فصاعدا ، إلا قد سماه لنا باسمه واسم أبيه واسم قبيلته . رواه أبو داود (1)
قائد فتنه : داعى ضلالة وباعث بدعة . يبلغ : يصل .
__________
(1) أبو داود 4243(1/5)
3ـ عن حذيفة قال : ** كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ : أَيُّكُمْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ الْفِتَنَ ؟ فَقَالَ قَوْمٌ : نَحْنُ سَمِعْنَاهُ ؟ فَقَالَ : لَعَلَّكُمْ تَعْنُونَ فِتْنَةَ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَجَارِهِ ؟ قَالُوا : أَجَلْ ! قَالَ : تِلْكَ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَلَكِنْ أَيُّكُمْ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ الْفِتَنَ الَّتِي تَمُوجُ مَوْجَ الْبَحْرِ ؟ قَالَ حُذَيْفَةُ : فَأَسْكَتَ الْقَوْمُ، فَقُلْتُ: أَنَا. قَالَ : أَنْتَ لِلَّهِ أَبُوكَ ! قَالَ حُذَيْفَةُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : « تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ » .
قَالَ حُذَيْفَةُ : وَحَدَّثْتُهُ أَنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا يُوشِكُ أَنْ يُكْسَرَ ، قَالَ عُمَرُ : أَكَسْرًا لَا أَبَا لَكَ فَلَوْ أَنَّهُ فُتِحَ لَعَلَّهُ كَانَ يُعَادُ ! قُلْتُ : لَا بَلْ يُكْسَرُ .
وَحَدَّثْتُهُ أَنَّ ذَلِكَ الْبَابَ رَجُلٌ يُقْتَلُ أَوْ يَمُوتُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ .(1/6)
قَالَ أَبُو خَالِدٍ : فَقُلْتُ لِسَعْدٍ : يَا أَبَا مَالِكٍ مَا أَسْوَدُ مُرْبَادًّا ؟ قَالَ : شِدَّةُ الْبَيَاضِ فِي سَوَادٍ . قَالَ : قُلْتُ : فَمَا الْكُوزُ مُجَخِّيًا ؟ قَالَ : مَنْكُوسًا **. رواه مسلم (1)
تعرض : تلصق بعرض القلوب أى جانبها كما يلصق الحصير بجنب النائم ويؤثر فيه .
* عوداً عوداً : أى تعاد وتكرر شيئاً بعد شىء .
كالحصير : كما ينسج الحصير عوداً عوداً . أشربها : دخلت فيه دخولاً تاماً .
أنكرها : ردها . ... ... ... الصفا : الحجر الأملس الذى لا يعلق به شىء
مرباداً : مسوداً محمراً . ... ... ... مجخياً : منكس حتى لا يعلق به خير ولا حكمه
لا أبا لك : كلمة تذكرها العرب للحث على الشىء .
والحاصل : أن الحائل بين الفتن والإسلام عمر رضى الله عنه وهو الباب ، فما دام حياً لا تدخل الفتن ، فإذا مات دخلت الفتن ، وكذا كان .
5- عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : يتقارب الزمان ، وينقص العلم ويلقى الشح ، وتظهر الفتن ، ويكثر الهرْج . قالوا : يا رسول الله أيما هو ؟ قال : القتل القتل. رواه البخارى (2)
قال ابن بطال : وجميع ما تضمنه الحديث من الأشراط قد رأيناها عياناً .
قال فى الفتح : الذى يظهر أن الذى شاهده ، كان منه الكثير مع وجود مقابله ، والمراد من الحديث استحكام ذلك ، حتى لا يبقى مما يقابله إلا النادر وإليه الإشارة بقبض العلم ، فلا يبقى إلا الجهل الصرف ولا يمنع ذلك من وجود طائفة من أهل العلم والواقع أن الصفات المذكورة وجدت مباديها من عهد الصحابة ، ثم صارت تكثر فى بعض الأماكن دون بعض ، والذى يعقبه قيام الساعة استحكام ذلك .
__________
(1) مسلم 231/144
(2) فتح البارى 7061(1/7)
قال القنوجى فى الإذاعة ص30 : وقد مضى من الوقت الذى قال فيه الحافظ ابن حجر ما قال نحو خمسمائة سنة ، والآفات المذكورة والفتن المسطورة فى زيادة وفشو فى جميع أقطار الدنيا حتى ملئت الآن جوراً وظلماً ومن زمان النبوة نحو ألف وتسعين ومائيتين إلى يومنا هذا. اهـ .
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بادروا بالأعمال فتتا كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمناً وبمسى كافراً ، أو يمسى مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا .رواه مسلم (1)
هذا الحديث من أعلام النبوة ، وقد وقع بيع الدين بعرض من الدنيا فى غالب أقطار الأرض إلا من عصمه الله .
ومعنى الحديث : الحث على المبادرة والمسارعة إلى الأعمال الصالحة قبل تعذرها و الإشتغال عنها بما فى الفتن الشاغلة المتكاثرة المتراكمة كتراكم ظلام الليل المظلم . لا المقمر. وعندما تشتد الفتن ينقلب الإنسان فى اليوم الواحد هذا ** الانقلاب ** فيمسى مؤمناً ويصبح كافراً أو العكس .
7 -عن أبى ** هريرة** قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة فى نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة . رواه الترمذى (2)
8 - عن ابن عمر أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم وهو مستقبل المشرق يقول : ألا إن الفتنة هاهنا ، ألا إن الفنتة هاهنا ، من حيث يطلع قرن الشيطان . رواه البخارى ومسلم (3)
أشار إلى المشرق لأن أهله يومئذ أهل كفر ، وكذا وقع فكانت وقعة الجمل وصفين ثم ظهور الخوارج فى أرض نجد والعراق( القنوجى )
9- عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أنزل الله بقوم عذاباً أصاب العذاب من كان فيهم ، ثم بعثوا على أعمالهم . رواه البخارى ومسلم (4)
__________
(1) مسلم:118
(2) الترمذى:2399 (الصحيحة2280 )
(3) فتح البارى3104 مسلم45/2905
(4) فتح البارى:7108 مسلم84/2879(1/8)
10-عن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : اللهم بارك لنا فى شأمنا ، اللهم بارك لنا فى يمننا ، قالوا يا رسول الله : وفى نجدنا ، قال اللهم بارك لنا فى شأمنا ، اللهم بارك لنا فى يمننا ، قالوا : يا رسول الله وفى نجدنا ، فأظنه قال فى الثالثة : هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان . رواه البخارى ومسلم (1)
أى تظهر الفتن التى يشغلها الشيطان بنجد والعراق .
11- عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا رأيت الناس قد مرجت عهودهم ، وخفت أماناتهم ، وكانوا هكذا ــ وشبك بين أصابعه ــ قال فقمت إليه فقلت له : كيف أفعل عند ذلك جعلنا الله فداك ؟ قال الزم بيتك واملك عليك لسانك ، وخذ ما تعرف ، ودع ما تنكر ، وعليك بأمر خاصة نفسك ، ودع عنك أمر العامة . رواه أحمد (2)
* مرجت : اختلفت ولم يفوا بها . ... ... خفّت : قلّت .
12-عن ابن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : تكون الفتنة تستنظف العرب قتلاها فى النار ، واللسان فيها أشد من وقع السيف . رواه أحمد (3)
تستنظف العرب : **تستوعبهم** هلاكاً .
اللسان : إطلاقه ، لأن السيف يؤثر فى واحد وأما اللسان فيؤثر فى ألف نسمة .
__________
(1) فتح البارى7094 مسلم2905
(2) المسند 2/212 (الصحيحة 205 )
(3) المسند2/212 ( صحيح الممسند6980)(1/9)
13-عن ابن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنه لم يكن نبى قبلى إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يَعْلَمُه لهم ، وينذرهم شر ما يعلمه لهم وإن أمتكم هذه جعل عافيتها فى أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها . وتجئ فتنة فيرقق بعضها بعضاً . وتجئ الفتنة فيقول المؤمن : هذه مهلكتى . ثم تنكشف . **وتجئ الفتنة** فيقول المؤمن : هذه هذه فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر . وليأت إلى الناس الذى يحب أن يؤتى إليه ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر . فدنوت منه فقلت له : أنشدك الله ، آنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه . وقال سمعته أذناى ووعاه قلبى فقلت له هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل . ونقتل أنفسنا والله يقول : يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما (4/النساء/29)قال فسكت ساعة ثم قال : أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله . ** رواه مسلم (1) **
14-عن أسامة بن زيد قال : أشرف النبى صلى الله عليه وسلم على أطم من آطام المدينة فقال : هل ترون ما أرى ؟ قال : إني لأرى مواقع الفتن تقع خلال بيوتكم كمواقع القطر . رواه البخاري ومسلم (2)
15- عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمتي هذه أمة مرحومة ليس عليها عذاب في الآخرة ، عذابها في الدنيا : الفتن والزلازل والقتل . رواه أبو داود (3)
مرحومة : رحمة زائدة على سائر الأمم ليس عليها عذاب : أى شديد .
__________
(1) مسلم1844
(2) البخارى1878-مسلم2885
(3) رواه أبو داود4278 (صحيح - الصحيحة959 )(1/10)
16- عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : املك عليك لسانك وليسعك بيتك ، وابك على خطيئتك . رواه أحمد (1)
17- عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن من ورائكم أيام الصبر ، للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم . رواه الطبراني (2)
18- عن المقداد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن السعيد لمن جنب الفتن ، ولمن ابتلي فصبر . رواه أبو داود (3)
19- عن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنها ستكون فتن ألا ثم تكون فتنة ، القاعد فيها خير من الماشى فيها . والماشى فيها خير من الساعى إليها ، ألا فإذا نزلت أو وقعت فمن كان له إبل فليلحق بإبله ، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه ، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه ، ومن لم يكن له شيء من ذلك فليعمد إلى سيفه ، فيدق على حده بحجر ، ثم لينج إن استطاع النجاة ، اللهم هل بلغت ، اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت ؟ فقال رجل يا رسول الله ، أرأيت إن أكرهت حتى ينطلق بي إلى أحد الصفين أو إحدى الفئتين ، فضربني رجل بسيفه أو يجيء سهم فيقتلني ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يبوء بإثمه وإثمك ، ويكون من أصحاب النار . رواه مسلم (4)
يبوء : يلزمه ويرجع به ويتحمله .
وفيه التحذير من الفتن وأن شرها يكون بحسب الدخول فيها .
قالت طائفة بلزوم البيت ، وقال آخرون بالتحول من بلد الفتنة ، ثم اختلفوا : فمنهم من قال: إذا هجم عليه شىء من ذلك يكف يده ، ولو قتل ، ومنهم من قال يدافع عن نفسه وماله وأهله ، وهو معذور إن قتل أو قتل .
وقال الجمهور : إذا بغت طائفة على الإمام فامتنعت من الواجب عليها ونصبت الحروب وجب قتالها ، وكذلك لو تحارب طائفتان وجب على كل قادر الأخذ على يد المخطئ ونصر المصيب .
__________
(1) المسند 5/259 (صحيح - الصحيحة890 )
(2) الطبرانى3/76/1 (صحيح -الصحيحة494 )
(3) أبو داود 4263 (صحيح -الصحيحة 975 )
(4) مسلم13/2887(1/11)
قال الطبرى : والصواب أن يقال : إن الفتنة أصلها الابتلاء ، وإنكار المنكر واجب على من يقدر عليه ، فمن أعان المحق أصاب ، ومن أعان المخطئ أخطأ ، وإن أشكل الأمر فهى الحالة التى ورد النهى فيها عن القتال .ا هـ
20-عن **واثلة** أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : عليكم بالشام ، فإنها صفوة بلاد الله ، يسكنها خيرته من خلقه فمن أبى فليلحق بيمنه ، ولّيسْقِ من غُدُرِه فإن الله عز وجل تكفل لى بالشام وأهله . رواه أحمد (1)
غدره : حوضه . أى يترك المزاحمة حتى لا يكون اختلاف وتهيج الفتنة .
21- عن عمر قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاماً فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم ، وأهل النار منازلهم ، حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه . رواه البخارى (2)
22-عن سلمة بن نفيل الكندى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : عقر دار المؤمنين الشام. رواه أحمد و النسائى (3)
23-عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن . رواه مسلم (4)
24- عن أبى ثعلبة الخشنى قال قال صلى الله عليه وسلم : ائتمروا بالمعروف ، **وتناهوا** عن المنكر حتى إذا رأيت شحاً مطاعاً ، وهوى متبعاً ودنيا مؤثرة ، وإعجاب كل ذى رأى برأيه ، فعليك (يعنى) بنفسك ، ودع عنك العوام ، فإن من ورائكم أيام الصبر فيهن مثل القبض على الجمر ، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عملكم .رواه أبو داود و الترمذى وابن ماجه (5)
شحاً مطاعاً : بخلا أطاعته نفسك وطاوعه غيرك . مؤثرة : مختارة على أمور الدين
أجر خمسين منكم : لم يبتلوا ببلائه ، أى الأعمال التى يشق فعله فى تلك الأيام لا مطلقاً.
__________
(1) المسند5/33 (صحيح الجامع4070 )
(2) فتح البارى3192
(3) المسند 4/104 -النسائى2/217 (صحيح -الصحيحة1935 )
(4) مسلم 2867
(5) أبو داود 4341 (صحيح لغيره بغوى 4756 )(1/12)
ذلك لأن الصحابى أفضل من غيره مطلقا .
25-عن كرز الخزاعى قال أتى النبى صلى الله عليه وسلم أعربياً فقال : يا رسول الله هل لهذا الأمر من منتهى ؟ قال نعم فمن أراد الله به خيراً من أعجم أو عرب أدخله عليهم، ثم تقع فتن كالظلل يعودون فيها أساود صباً يضرب بعضكم رقاب بعض ، وأفضل الناس يومئذ مؤمن معتزل فى شعب من الشعاب يتقى ربه تبارك وتعالى ويدع الناس من شره. رواه أحمد (1)
الأساود نوع من الحيات عظام فيها سواد وهو أخبثها . والصب منها التى تنهش ثم ترتفع ثم تنصب فهى الحية السوداء إذا أراد أن ينهش ارتفع هكذا ثم انصب ، والمراد هم الذين يصبون إلى الفتنة أى يميلون إليها .
26-عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا وضع السيف فى أمتى لم يرفع عنها إلى يوم القيامة . رواه الترمذى (2)
27-عن الزبير بن عدى قال : أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما يلقوْن من الحجاج ، فقال: اصبروا ، فإنه لا يأتى عليكم زمان إلا الذى بعده شر منه ، حتى تلقوا ربكم ، سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم . رواه البخارى (3)
28-عن زينب بنت جحش أنها قالت : استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من النوم محمراً وجهه وهو يقول : لا إله إلا الله ، ويلٌ للعرب من شر قد أقترب ، فتح اليوم من ردم يأجوج و مأجوج مثل هذه ، وعقد سفيان تسعين أو مائة ، قيل : أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال نعم ، إذا كثر الخبث . رواه البخارى (4)
__________
(1) المسند 3/477 (الصحيحة51 )
(2) الترمذى 2202 (صحيح الترمذى1793
(3) فتح البارى:7068
(4) فتح البارى7059 -مسلم2880(1/13)
الخبث : الزنا وأولاد الزنا ، وقيل : الفسوق والفجور ورجحه الحافظ وخص العرب بالذكر لأنهم أول من دخل فى الإسلام . وفى الحديث دليل على أن البلاء قد يرفع عن غير الصالحين إذا كثر الصالحون ، فأما إذا كثر المفسدون وقل الصالحون ، هلك المفسدون والصالحون معهم ، إذا لم يأمروا أو يكرهوا وهو معنى قول الله تعالى " واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة" بل يعم شؤمها من تعاطاها ومن رضيها ، هذا بفساده وهذا برضاه .
29-عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لولا حداثة قومك بالكفر ، لنقضت البيت ثم لبنيته على أساس إبراهيم عليه السلام ، فإن قريشاً **استقصرت** بناءه وجعلت له خلفاً .
خلفاً : يعنى بابا .
وفى رواية : لولا أن قومك حديث عهد بجاهلية لأمرت بالبيت فهدم ، فأدخلت فيه ما أخرج منه ، وألزقته بالأرض ، وجعلت له بابين بابا شرقياً وباباً غربياً ، فبلغت به أساس إبراهيم رواهما البخارى (1)
30-عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن عِظَم الجزاء مع عِظَم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضى فله الرضا ومن سخط فله السخط . رواه الترمذى و ابن ماجه (2)
أسباب الفتن والمحن والبلاء
1-عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : لم تظهر الفاحشة فى قوم إلا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع التى لم تكن فى أسلافهم ولا نقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء .
رواه ابن ماجه (3)
قال الدهلوى فى حجة الله البالغة : اعلم أن الفتن على أقسام :
1- فتنة الرجل فى نفسه بأن يقسو قلبه فلا يجد حلاوة الطاعة ، ولا لذة المناجاة ، وإنما الإنسان ثلاث شعب .
__________
(1) فتح البارى 1585 - 1586
(2) الترمذى 2396- ابن ماجه 4031(صحيح - الصحيحة 146)
(3) ابن ماجه 4019 ( الصحيحة 106 )(1/14)
أ- قلب : هو مبدأ الأحوال كالغضب والجرأة والحياء والمحبة والخوف والبغض ... والبسط ونحوها .
ب- عقل : هو مبدأ العلوم التى تنتهى إلى الحواس كالأحكام البديهية من ... التجربة والحدس ونحوها والنظرية من البرهان والخطابية ونحوهما .
جـ- طبع : مبدأ اقتضاء النفس ما لابد منه ، أو لابد من جنسه فى بقاء البنية ... كالداعية المنبجسة فى شهوة الطعام والشراب والنوم والجماع ونحوها .
2- فتنة الرجل فى أهله : وهى فساد تدبير المنزل .
3- فتنة تموج كموج البحر : وهى فساد تدبير المدينة ، وطمع الناس فى ... ... الخلافة من غير حق .
4- فتنة ملية : وهى أن يموت الحواريون من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ويستند الأمر إلى غير أهله ، فيتعمق رهبانهم وأحبارهم ، ويتهاون ملوكهم و جهالهم ، و لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر ، فيصير الزمان زمان الجاهلية .
5- فتنة مسيطرة : وهى تغير الناس من الإنسانية ومقتضاها ، فأزكاهم وأزهدهم إلى **الانسلاخ** من مقتضيات الطبع رأساً دون إصلاحها والتشبه بالمجردات ، والتحنن إليهم بوجه من الوجوه ، ونحو ذلك ، وعامتهم إلى البهيمية الخالصة ، ويكون ناس بين الفريقين، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء .
6- فتنة الوقائع الجوية ، المنذرة بالإهلاك العام كالطوفانات العظيمة من الوباء والخسف والنار المنتشرة فى الأقطار ونحو ذلك .
فتن من قبل المشرق
عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من هاهنا جاءت الفتن ، نحو المشرق والجفاء وغلظ القلوب فى الفدادين أهل الوبر ، عند أصول أذناب الإبل والبقر فى ربيعة ومضر . رواه البخارى (1)
الفتن : حركات الشر والفساد والفرقة فى الأمة .الجفاء : سوء الخلق والطبع والإعراض والمقاطعة .
__________
(1) فتح البارى3498(1/15)
عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : رأس الكفر نحو المشرق والفخر **والخُيَلَاء** فى الخيل والإبل ، والفدادين أهل الوبر ، والسكينة فى أهل الغنم.رواه البخارى مسلم (1)
نحو المشرق : أى يأتى من جهة المشرق . الفخر : الإعجاب بالنفس .
الخيلاء : الكبر واحتقار غيره .
الفدادين : جمع الفداد وهو الشديد الصوت ، وهو دأب أصحاب الإبل وعادتهم .
السكينة : التواضع والطمأنينة والوقار .
عن ابن عمر رضى الله عنه انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مستقبل المشرق يقول : ألا إن الفتنة هاهنا ، من حيث يطلع قرن الشيطان . رواه البخارى (2)
أشار صلى الله عليه وسلم إلى المشرق ، لأن أهله يومئذ أهل كفر ، فأخبر أن الفتنة تكون من تلك الناحية وكذا وقع فكان وقعة الجمل ، ووقعة صفين ، ثم ظهور الخوارج فى أرض نجد والعراق وما وراءهما من المشرق ، وكان أصل ذلك كله وسببه قتل عثمان ابن عفان ، وهذا علم من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم .
عن ابن عمر رضى الله عنهما قال : ذكر النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم بارك لنافى شأمنا اللهم بارك لنا فى يمننا قالوا يا رسول الله ، وفى نجدنا ؟ قال : اللهم بارك لنا فى شأمنا ، اللهم بارك لنا فى يمننا قالوا يا رسول الله وفى نجدنا ؟ فأظنه قال فى الثالثة : هناك الزلازل والفتن ، وبها يطلع قرن الشيطان . رواه البخارى (3)
فتن من كانوا قبلنأحمد
__________
(1) فتح البارى 3301 - مسلم 53
(2) فتح البارى7093 -مسلم2905
(3) فتح البارى7094(1/16)
عن أبى سعيد الخدرى قال دخلت على النبى صلى الله عليه وسلم : وهو يوعك ، فوضعت يدى عليه ، فوجدت حرة بين يدى ، فوق اللحاف . فقلت يا رسول الله ما أشدها عليك قال إنا كذلك يُضعَّف لنا البلاء ويُضعَّف لنا الأجر ، قلت يا رسول الله أى الناس أشد بلاء ؟ قال الأنبياء، قلت : يا رسول الله ثم من ؟ قال ثم الصالحون . إن كان أحدهم ليبتلى بالفقر . حتى ما يجد أحدهم إلا العباءة يُحَوِّيها . وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء . رواه ابن **ماجه (1) **
يوعك : الوعك الحمى . وقيل ألمها .
يحويها : التحوية : أن يدير كساء حول سنام البعير ثم يركبه .
عن مصعب بن سعد عن أبيه قال : قلت : يا رسول الله ، أى الناس أشد بلاء ؟ قال : الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان دينه صلباً اشتد بلاؤه، وإن كان فى دينه رقة ابتلى على قدر دينه ، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشى على الأرض وما عليه خطيئة .رواه الترمذى وابن ماجه (2)
أشد : أكثر وأصعب بلاء : محنة ومصيبة
الأنبياء : لأنهم يتلذذون بالبلاء كما يتلذذ غيرهم بالنعماء ، ولأنهم لو لم يبتلوا لتوهم فيهم الألوهية وليتوهن على الأمة الصبر على البلية ولأن من كان أشد بلاء كان أشد تضرعاً والتجاء إلى الله تعالى .
الأمثل : الأفضل و الأشرف والأعلى ، ومن هو أقرب إلى الله بلاؤه أشد ليكون ثوابه أكثر .
يبتلى الرجل على حسب دينه : أى مقداره ضعفا و قوة ونقصاً وكمالا .
فإن كان فى دينه صلباً : قوياً شديداً . اشتد بلاؤء : كمية وكيفية .
وإن كان فى دينه رقة : ضعف ولين . ابتلى على قدر دينه : أى ابتلى ببلاء هين سهل .
وما عليه خطيئة : كناية عن خلاصة من الذنوب فكأنه كان محبوساً ثم أطلق وخلى سبيله يمشى ما عليه بأس .
__________
(1) ابن ماجه 4024 صحيح ابن ماجه 3250 (صحيح - الصحيحة 144)
(2) الترمذى2398 -ابن ماحه 4023 (حسن صحيح الترمذى 1956 -حسن ابن ماجه 1434 )(1/17)
عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أيوب نبى الله صلى الله عليه وسلم لبث فى بلائه ثمانى عشرة سنة ، فرفضه القريب والبعيد ، إلا رجلين من إخوانه كانا يغدوان إليه ويروحان ، فقال أحدهما لصاحبه : تعلم والله لقد أذنب أيوب ذنبا ما أذنبه أحد من العالمين ، فقال له صاحبه : وما ذاك ؟ قال منذ ثمانى عشرة سنة لم يرحمه الله فيكشف ما به ، فلما راح إليه لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له ، فقال أيوب : لا أدرى ما تقول ، غير أن الله يعلم أنى كنت أمر على الرجلين يتنازعان فيذكران الله وأرجع بيتى فأكفَّر عنهما كراهية أن يذكر الله إلا فى حق ، قال : وكان يخرج إلى حاجته فإذا قضى حاجته أمسكت امرأته بيده ، فلما كان ذات يوم أبطأ عليها ، فأوحى الله إلى أيوب فى مكانه { ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} ( ص : 42 ) فاستبطأته ، فبلغته ، فأقبل عليها قد أذهب الله ما به من البلاء فهو أحسن ما كان ، فلما رأته قالت: أى بارك الله فيك ، هل رأيت نبى الله هذا المبتلى ؟ والله على ذلك ما رأيت أحداً كان أشبه به منك إذ كان صحيحاً قال : إنى أنا هو .وكان له **أبدران** أبدر القمح وأبدر الشعير ، فبعث الله سحابتين، فلما كانت إحداهما على أبدر القمح أفرغت فيه الذهب حتى فاضت ، وأفرغت الأخرى على أبدر الشعير الورق حتى فاضت . رواه ابن حبان (1)
__________
(1) ابن حبان2091 (صحيح -الصحيحة17)(1/18)
عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما كانت الليلة التى أسرى بى فيها أتت على رائحة طيبة فقلت : يا جبريل ما هذه الرائحة الطيبة ؟ فقال : هذه رائحة ماشطة ابنة فرعون وأولادها ، قال : قلت ما شأنها ؟ قال : بينا هى تمشط ابنة فرعون ذات مرة إذ سقطت المدرى من يديها ، فقالت : بسم الله فقالت لها ابنة فرعون أبى ؟ قالت : لا ولكن ربى ورب أبيك الله ، قالت أخبره بذلك ؟ قالت : نعم فأخبرته ، فدعاها فقال : يا فلانه ، وإن لك رباً غيرى ؟ قالت: نعم ربى وربك الله ، فأمر ببقرة من نحاس فأحميت ثم أمر بها أن تلقى هى وأولادها فيها قالت له : أن لى إليك حاجة ، قال : وما حاجتك ؟ قالت : أحب أن تجمع عظامى وعظام ولدى فى ثوب واحد وتدفننا ، قال : ذلك لك علينا من الحق، قال : فأمر بأولادها فالقوا بين يديها واحدً واحداً إلى أن انتهى ذلك إلى صبى لها مرضع ، وكأنها تقاعست من أجله ، قال : يا أمه اقتحمى ، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة فاقتحمت )قال ابن عباس : تكلم أربعة صغار ، عيسى ابن مريم عليه السلام وصاحب جريج وشاهد يوسف وابن ماشطة ابنة فرعون . واه أحمد (1)
ومن فتن السابقين فتنة أصحاب الأخدود . قال الله تعالى :
__________
(1) المسند1/309 (صحيح - المسند 2821 )(1/19)
**{ بسم الله الرحمن الرحيم 0 وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ(1)وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ(2)وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ(3)قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ(4)النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ(5)إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ(6)وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ(7)وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ(8)الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(9) إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10) }** ( البروج 1 : 10 )
عن **خَبَّاب بن الأَرَت قال : شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ قُلْنَا لَهُ : أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلَا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا . قَالَ : « كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ. وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ »**. رواه البخارى (1)
**متوسد بردة **: جعلها وسادة له . تستنصر: تطلب النصرة من الله عز وجل .
ألا تدعو الله لنا : أى لنا على المشركين فإنهم يؤذوننا .
يشق باثنتين : فيقطع نصفين . وما يصده ذلك : فلا يمنعه ذلك العذاب الشديد .
__________
(1) فتح البارى3612(1/20)
من عظم وعصب : أن الأمشاط لحدتها وقوتها كانت تنفذ من اللحم إلى العظم وما يلتصق به من العصب .
والله ليتمن : من الإتمام والكمال . هذا الأمر : أى أمر الدين وهو الإسلام .
يسير الراكب : أى رجل أو امرأة وحده . من صنعاء : بلد باليمن .
حضرموت : موضع بأقصى اليمن . وقيل : موضع حضر فيه صالح عليه السلام ومات فيه .
لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه : وذلك للأمن من عدوان بعض الناس على بعض كما هو فى الجاهلية .
ولكنكم تستعجلون : نزول العذاب على المشركين فاصبروا على أمر الدين كما صبر من سبقكم من المؤمنين على أشد من عذابكم لقوة اليقين ولا تستعجلوا النتائج والثمرات .
بعض ابتلاءات الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه
عن عبد الله رضى الله عنه قال : بينا النبى صلى الله عليه وسلم ساجد ، وحوله ناس من قريش ، جاء عقبة بن أبى معيط بسَلَى جَزور ، فقذفه على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم- فلم يرفع رأسه ، فجاءت فاطمة عليها السلام فأخذته من ظهره ودعت على من صنع ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم عليك الملأَ من قريش : أبا جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، وأمية بن خلف ، أو أبى بن خلف) - شعبة الشاك - فرأيتهم قتلوا يوم بدر ، فألُقوا فى بئر غير أمية أو أبى ، تقطعت أوصاله ، فلم يلق فى البئر . رواه البخارى ومسلم (1)
سلى : هى اللفافة التى يكون فيها الولد فى بطن الناقة وسائر الحيوان وهى كالمشيمة بالنسبة للآدمى .
جزور : أى ناقة . أى كل مذبوح من الإبل .
اللهم عليك الملأ من قريش :أى خذهم وأهلكهم،والملأ :الجماعة يجتمعون على رأى فيملأون العيون
تقطعت أوصاله : الأوصال هى المفاصل .
__________
(1) فتح البارى3854 مسلم1794(1/21)
عن عروة بن الزبير قال : سألت ابن عمرو بن العاص : أخبرنى بأشد شىء صنعه المشركون بالنبى صلى الله عليه وسلم ، قال : بينا النبى صلى الله عليه وسلم يصلى فى حجر الكعبة ، إذ أقبل عقبة بن أبى معيط ، فوضع ثوبه فى عنقه ، فخنقه خنقا شديدا ، فأقبل
أبو بكر حتى أخذ بمنكبه ، ودفعه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله ! الآية . رواه البخارى (1)
عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لقد أوذيت فى الله عز وجل وما يُؤذَى أحد ، وأخِفْتُ من الله وما يخاف أحد ، ولقد أتت علىَّ ثلاثة من بين يوم وليلة وما لى ولعيالى طعام يأكله ذو كبد إلا ما يوارى إبط بلال ) رواه أحمد وابن ماجه (2)
يؤذى أحد : أى منكم . أخفت : خوفت فى دين الله وما يخاف أحد مثل تلك الإخافة.
ذو كبد : ذو حياة . إلا ما وارى : أى إلا بمقدار ما يحمله بلال تحت إبطه .
عن عروة أن عائشة رضى الله عنها زوج النبى صلى الله عليه وسلم حدثته أنها قالت للنبى صلى الله عليه وسلم : هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد ؟ قال ( لقد لقيت من قومك ما لقيت ، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عَرَضْتُ نفسى على
ابن عبد يا ليل بن عبد كُلال ، فلم يجبنى إلي ما أردت فانطلقت ـ وأنا مهموم ـ على وجهى، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب ، فرفعت رأسى ، فإذا أنا بسحابة قد أظلتنى ، فنظرت فإذا فيها جبريل فنادانى فقال : إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك ، وقد بعث الله إليك مَلَك الجبال ، لتأمره بما شئت فيهم ، فنادانى ملك الجبال ، فسلم علىَّ ، ثم قال :
__________
(1) فتح البارى3856
(2) المسند 3/120 ابن ماجه151 (صحيح ابن ماجه 123 -صحيحة2222)(1/22)
يا محمد ، فقال : ذلك فيما شئت ، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين ؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم : بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ، لا يشرك به شيئاً. رواه البخارى ومسلم (1)
ما لقيت : أى لقيت الكثير من الأذى .
يوم العقبة : ما لاقاه عند جمرة العقبة بمنى - وقيل : مكان مخصوص فى الطائف ولعل هذا أولى .
قرن الثعالب : اسم موضع بقرب مكة والقرن كل جبل صغير منقطع من جبل كبير، وسمى بذلك لكثرة الثعالب فيه .
**الأَخْشَبَيْن : جَبَلَا مكة،** سميا بذلك لصلابتهما وغلظ حجارتهما .
عن عبد الله بن مسعود قال : كان أول من أظهر إسلامه سبعة : رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر ، وعمار ، وأمه سمية ، وصهيب ، و بلال ، و المقداد ، فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه أبى طالب ، وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه ، وأما سائرهم فأخذهم المشركون وألبسوهم أدراعَ الحديد وصهروهم فى الشمس . فما منهم من أحد إلا وقد وَاتاَهم على ما أرادوا . إلا بلالاً فإنه هانت عليه نفسه فى الله ، وهان على قومه ، فأخذوه ، فأعطوه الولدان . فجعلوا يطوفون به فى شعاب مكة وهو يقول : أحد أحد . رواه ابن ماجه (2)
فمنعه الله : أى عصمه من أذاهم . صهروهم فى الشمس : ألقوهم فى الشمس ليذوب شحمهم .
واتاهم : الإيتاء : الإعطاء : وافقوا المشركين على ما أرادوا منهم تقية .والتقية فى مثل هذه جائزة ، لقوله تعالى :{ إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } .
هانت عليه نفسه : أى صغرت وحقرت عنده لأجله تعالى ، وفى شأنه .
علامات الساعة الصغرى التى ظهرت وانقضت
1-بعثة النبى صلى الله عليه وسلم
__________
(1) فتح البارى3231 - مسلم1795
(2) ابن ماجه المقدمة 150 ( حسن ابن ماجه 122)(1/23)
عن سهل بن سعد عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : بعثت أنا والساعة كهاتين، وضم السبابة والوسطى ، وفى رواية ويشير بأصبعيه فيمدهما .رواه البخارى ومسلم (1)
قال البغوى : كان النبى صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة .
قال القرطبى : أولها النبى صلى الله عليه وسلم لأنه نبى آخر الزمان وقد بعث وليس بينه وبين القيامة نبى .
**2-انشقاق القمر (8 هـ)**
قال الله تعالى :**{اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} ( القمر : 1 ) **
**عن ابن مسعود قال : « انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِقَّتَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اشْهَدُوا **. رواه البخارى ومسلم (2)
انشق القمر والرسول صلى الله عليه وسلم فى مكة قبل الهجرة وذلك حين سأله أهل مكة أن يريهم آية ، فانشق القمر شقين ، وكانت إحدى المعجزات الباهرة .
قال القاضى عياض : انشقاق القمر من أمهات معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم ، وقد رواها عدة من الصحابة رضى الله عنهم .
قال الزجاج : وقد أنكرها بعض المبتدعة المضلين المخالفي الملة . وذلك لما أعمى الله قلبه . ولا إنكار للعقل فيها ، لأن القمر مخلوق لله تعالى ، يفعل فيه ما يشاء . كما يفنيه ويكوره فى آخر أمره . اهـ
قلت : وقد أنكر انشقاق القمر من المعاصرين المراغى فى تفسيره فقال : وسينشق القمر وينفصل بعضه من بعض حين يختل نظام هذا العالم ، وتبدل الأرض غير الأرض . ونحو هذا قوله: إذا السماء انشقت .
**3- الذين ادعوا النبوة 11 هـ**
عن أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريبا من ثلاثين ، كلهم يزعم أنه - رسول الله . رواه البخارى ومسلم (3)
__________
(1) فتح البارى 6503 مسلم 867 - 2950
(2) فتح البارى3636 - مسلم 2800
(3) فتح البارى 3609 - مسلم 2239(1/24)
دجالون : الدجل هو التخليط والتمويه ويطلق على الكذب .
يزعم : يدعى بقوله أو بفعله .
عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وإنه سيكون فى أمتى كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبى ، وأنا خاتم النبيين لا نبى بعدى . رواه أبو داود والترمذى (1)
عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فى أمتى كذابون دجالون سبعة وعشرون منهم أربعة نسوة وإنى خاتم النبيين لا نبى بعدى . رواه أحمد (2)
وليس المراد من ادعى النبوة مطلقا فإنهم لا يحصون كثرة ، وإنما المراد من كانت له شوكة وبدت له شبهة .
وهذا بيان بأسماء الذين ادعوا النبوة :
**1- ابن ** صياد ظهر بالمدينة
عن عمر رضى الله عنه أن ابن صياد قال للنبى صلى الله عليه وسلم أتشهد أنى رسول الله؟ رواه البخارى (3)
2- الأسود العنسى : واسمه **عبهلة** ارتد فى أيام النبى صلى الله عليه وسلم فكان أول مرتد فى الإسلام، وادعى النبوة ، وسمى نفسه رحمان اليمن وأرى قومه أعاجيب استهواهم بها ، وكان له شيطانان يخبرانه بغالب أخبار الناس . مات قبل وفاة النبى صلى الله عليه وسلم بشهر .
3- مسيلمة الكذاب : ظهر باليمامة وادعى النبوة فى آخر زمن النبى صلى الله عليه وسلم ، وكان يسجع
لهم بما يضاهى القرآن بزعمه ، فقد قال فى قرأنه : إن الأرض بيننا وبين قريش نصفين ، ولكن قريشا قوم لا يعدلون . واسقط عنهم الصلاة ، وأحل لهم الخمر والزنا ، وسمى نفسه رحمان اليمامة وقد كثر أتباعه وقتله خالد بن الوليد زمن أبى بكر الصديق عام12هـ .
عن ابن عباس قال ذكر لى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بينا أنا نائم رأيت أنه وضع فى يدى سواران من ذهب فقطعها وكرهتهما ، فأذن لى فنفختهما فطارا ، فأولتهما كذابان يخرجان .رواه البخارى (4)
__________
(1) أبو داود4252 -الترمذى2219 (صحيح -الصحيحة1683 )
(2) المسند5/395 (صحيح -الصحيحة1999 )
(3) فتح البارى 1354
(4) فتح البارى3620(1/25)
وفى رواية : فأولتهما الكاذبين اللذين أنا بينهما ، صاحب صنعاء وصاحب اليمامة . رواه البخارى أى هما العنس ومسليمة
4- طليحة بن خويلد : صحابي ارتد وادعى النبوة وخرج زمن أبى بكر . ثم تاب واستشهد بنها وند سنة21 هـ فى خلافة عمر بن الخطاب
5- سجاح بنت الحارث من تميم تنصرت و ادعت الكهانة وتنبأت وكان لها شأن فى حروب الردة تزوجها مسليمة ، و لما قتل أسلمت زمن معاوية وماتت عام 21هـ .
6- المختار بن أبى عبيد الثقفي : خرج زمن ابن الزبير ، وعبد الملك ، زعم أن جبريل يأتيه ، وكان من زعماء الثائرين على بنى أمية حتى قتل منهم الكثير ، وقتل عام 67هـ على أيدي جند عبد الله بن الزبير .
** \\\ تحذف هذه الفقرة وتعدل الأرقام بعدها \\\ 7-الحجاج الثقفي : ( مبير )أى مسرف فى إهلاك الناس ،قتل 120 ألف نفس صبراً (أى فى غير معركة ولا حرب ولا خطأ ) مات عام 95 هـ .
عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فى ثقيف كذاب ومبير رواه الترمذى (1)
عن أسماء بنت أبى بكر قالت للحجاج : أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن فى ثقيف كذاباً ومبيراً فأما الكذاب فرأيناه ، وأما المبير فلا إخالك إلا إياه، قال فقام عنها ولم يراجعها . رواه مسلم (2) **
**7**- الحارث الكذاب : متنبئ من أهل دمشق خرج فى خلافة عبد الملك بن مروان وقتل عام69 هـ .
**\\\ تحذف هذه الفقرة أيضا وتعدل الأرقام بعدها \\\ 9- المتنبي : الشاعر ، تنبأ فى بادية السماوة بين الكوفة والشام فتبعه كثيرون ، ثم أُسر وسجن حتى تاب ثم قتل عام 354 هـ***
**8**- بهبود : قائد فتنة الزنج الذى أفسد العراق وأهان آل الرسول ، وادعى أنه أرسل إلى الخلق فرد الرسالة ، وأنه مطلع على المغيبات مات زمن المعتمد عام 257هـ
__________
(1) الترمذى2220 (صحيح الترمذى1808 )
(2) مسلم2545(1/26)
**9**- يحيى زكرويه القرمطى : مات سنة290هـ فى خلافة المكتفى ، أظهر شامة فى وجهه ، وزعم أنها آية ، وزعم أن لقبه المدثر وأنه المعنى فى السورة .
**10**- الحسين أخ يحيى القرمطى . فى خلافة المكتفى .
**11**-عيسى بن مهر ويه ابن عم يحيى وظهر على الشام وعاث وأفسد .ودعا عليه الناس على المنابر ثم قتل.
**12**- أبو طاهر القرمطى : ظهر فى خلافة المقتدر قتل ونهب ومنع الحجاج ، وهو الذى قلع الحجر الأسود وبقى عندهم أكثر من عشرين سنة وكان يقول أنا بالله وبالله أنا ، يخلق الخلق وأفنيهم أنا ، ولم يفلح أبو طاهر حيث تقطع جسده بالجدري ومات عام 311 هـ
**13**- محمد بن على الشلمغانى : إدعى الإلهية وإحياء الموتى ، صلب وقتل سنة322هـ وخرج فى خلافة الراضى وقد شاع عنه أنه يدعى الإلهية وأنه يحيى الموتى فقتل وصلب .
**14**- شاب من التناسخية يزعم أن روح علىّ انتقلت إليه ، ظهر زمن المطيع ، امرأته تزعم أن روح فاطمة انتقلت إليها .
**15**- شاب يدعى أنه جبريل .
**16**- رجل فى نواحي نهاوند ظهر سنة 499هـ زمن المستظهر ادعى النبوة وتبعه خلق كثير.
**17 \\برجاء مراجعة اسم المتنبئ هنا من الأصل المطبوع الذي بأيديكم \\**- لا : الذى حرف الحديث المشهور.**"لا نبى بعدى"** أى لا : نبى بعدى ظهر فى الغرب.
**18**- الغازارى الساحر . قتل.
**19**- امرأته : ادعت النبوة فذكروا لها الحديث فقالت :أنما قال:لا نبى ،ولم يقل : لا نبية
**20**- السيد محمد **الجونفوري** . ظهر فى الهند . ومات سنة 910هـ وادعى المهدوية وقال إنه يوحي إليه
**21**- سيد أحمد خان . ظهر فى كشمير ومات سنة1300 هـ .
**22**- الذيال : من ثقيف .
**23**- ابن الكواء ."لم يدع النبوة وانما كان يغلو فى الرفض" .
**24**- ميرزا غلام أحمد القاديانى ظهر بالهند، وادعى النبوة وأنه المسيح المنتظر .
هذا ما استطعت جمعه من الدجالين والكذابين .(1/27)
*** وثمة : المتنبي الشاعر زعموا أنه تنبأ فى بادية السماوة بين الكوفة والشام فتبعه كثيرون ، ثم أُُسر وسجن حتى تاب وكان موته قتيلا عام 354 هـ لكن الأستاذ محمود محمد شاكر أطال الاستدلال في كتابه " المتنبي " لدفع هذه الدعوى وإثبات أنه محض حقد وغَيْرة من خصومه ***(1/28)
* \\\ أين الترقيم هنا ؟؟؟؟؟ \\\ ** -موت النبي صلى الله عليه وسلم (11هـ)
عن عوف بن مالك ** - هو عَوْف بن مَالِك الأَشْجَعِيّ ، أبو حَمَّاد، ويقال غير ذلك . صحابيٌّ مشهور ، مِن مُسْلِمَة الفَتْح . وسكن دمشق، ومات سنة 73 هـ- ** قال : قال صلى الله عليه وسلم : اعدُدْ ستاً بين يدى الساعة : مَوْتِى ، ثم فتح بيت المقدس ، ثم مُوْتان يأخذ فيكم ** كقُعَاص ** الغنم ، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطاً ، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته ، ثم هدنة ** تكون ** بينكم وبين بنى الأصفر ، فيغدرون فيأتوكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثنى عشر ألفاً . رواه البخارى (1)
اعدد ستاً : من العلامات .
مُوْتان : مرض شديد ، أو موت كثير الوقوع بسبب طاعون أو نحوه . ويقال أن هذه الآية ظهرت فى طاعون ** عَمَوَاس ** فى خلافة عمر بعد فتح بيت المقدس .
** قُعَاص ** الغنم : دود يظهر فى ** رؤوس ** الغنم فيهلكها . وقيل داء يصيب الغنم فيسيل من أنوفها شىء فتموت فجأة .
فتنة : هى فى الدين وهى فتنة ** الاختلاف **. بنو الأصفر : الروم .
غاية : راية .سميت بذلك لأنها غاية المتبع ، إذا وقفت وقف وإذا مشت مشى .
** وقد ** تم فَتح بيت المقدس فى عهد عمر ، وحدث مرض شديد بالشام ، وفاض المال فى زمن عثمان وزمن عمر بن عبد العزيز وفاض فى عصرنا هذا حتى لو أن أحداً أهدى لآخر مائة دينار لتقالها ، ودخلت فتنة فى الدين جميع البيوت كفتنة الصور التى على النقود ، ونحن الآن فى هدنة مع النصارى وستنمو هذه الهدنة حتى يصبح الذين لا يعلمون من المسلمين صفاً واحداً مع النصارى فيقاتلون عدواً لهم ثم يغدر النصارى بالمسلمين . وسيأتى حديث "ستصالحون الروم صلحاً آمناً " .
قال أنس : ما رأيت يوماً كان أقبح ، ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه الدارمى (2)
__________
(1) فتح البارى3176
(2) الدارمى89 (صحيح -مشكاة 5962 )(1/1)
قالت فاطمة : واكرب أباه ، فقال لها :ليس على أبيك كرب بعد اليوم ، فلما مات قالت :
*** يا أبتاه أجاب رَبًّا دعاه
يا أبتاه مِنْ جنة الفردوس مأواه
يا أبتاه إلى جبريل ننعاه **
فلما دفن قالت فاطمة عليها السلام : يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب .رواه البخارى (1)
ننعاه : من نعى الميت إذا أذاع موته وأخبر به
قال ** القَنَّوْجِىّ ** فى الإذاعة 76 : موت النبى صلى الله عليه وسلم ، وهو من أعظم المصائب فى الدين وأكبر الدواهى للمؤمنين .
وقال : ولما توفى طاشت عقول الصحابة وأفحمو واختلطوا ، فمنهم من خبل ومنهم من أصمت ومنهم من أقعد إلى الأرض .
قالت أم سلمة : يالها من مصيبة ، ما أصابنا بعدها من مصيبة إلا هانت إذا ذكرنا مصيبتنا به صلى الله عليه وسلم .
قال أبو بكر : ولو أن موتك كان اختياراً . لجدنا لموتك بالنفوس .
وقال أنس : لما كان اليوم الذى دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كل شىء ، فلما كان اليوم الذى مات فيه أظلم منها كل شىء ، وما نفضنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيدى ، وإنا لفى دفنه حتى أنكرنا قلوبنا .رواه الترمذى (2)
وإنا لفى دفنه : مشغولون .
أنكرنا قلوبنا : لم يجدوا قلوبهم على ما كانت عليه من الصفاء والألفة لانقطاع مادة الوحى .
قال ابن حجر : يريد أنهم وجدوها تغيرت عما عهدوه فى حياته من الألفة ، والصفاء، والرقة ، لفقدان ما كان يمدهم به من التعليم والتأديب (3)
مات رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يموت الناس لأن الله تعالى لم يكتب الخلود فى هذه الحياة الدنيا لأحد من الخلق .
قال الله تعالى "وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون " . ( كل نفس ذائقة الموت) الأنبياء 34-35
__________
(1) فتح البارى4462
(2) الترمذى3618 (صحيح الترمذى2861 )
(3) فتح البارى 8/149(1/2)
مات رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأثنين نصف النهار 12 ربيع الأول عام 11 هـ ، ودفن يوم الثلاثاء فى مكانه الذى توفى فيه .
5-خلافة ** أبي ** بكر11 هـ
عن ** جُبَيْر بن مُطْعِم هو : جُبَيْر بن مُطْعِم بن عَدِيّ بن نَوْفَل بن عبد مناف القرشى ، أبو عدي : صحايى ، كان من علماء قريش وسادتهم . توفي بالمدينة سنة 59 هـ / 679 م . عده الجاحظ من كبار النسابين . وفي كتاب " الإصابة في تمييز الصحابة " لابن حجر العسقلاني : " كان أنسب قرشي لقريش والعرب قاطبة " . ** قال أتت امرأة النبى صلى الله عليه وسلم فأمرها أن ترجع إليه قالت : أرأيتَ إن جئتُ ولم أجدك ؟ كأنها تقول :الموتَ-فقال : إن لم تجدينى فأتى أبا بكر . رواه البخارى ومسلم (1)
تقول الموت : ** تُعَرِّضُ ** بالموت وتعنيه أى كأنها تقول : لعلك مت قبل أن أرجع ، ولم تصرح بذلك أدباً .
ولحديث : اقتدوا ** باللَّذَيْن ** من بعدى أبى بكر وعمر . رواه الترمذى وابن ماجه (2)
عن أبى سعيد الخدرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ولو كنت متخذاً خليلا من أمتى لاتخذت أبا بكر . رواه البخارى ومسلم (3)
الخليل : الصاحب ** صُحْبَة ** من نوع خاص أعلى مراتب الصحبة ، ولذلك نقول : ** إبراهيم ** خليل الرحمن .
عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مرضه : ادعى لى أبا بكر ، وأخاك ، حتى أكتب كتابا ، فإنى أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل : أنا أولى . ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر . رواه مسلم (4)
وأخاك : المراد به عبد الرحمن وقد طلبه ليكتب الكتاب .
يتمنى متمن : أى للخلافة على تقدير عدم الكتابة .
وهذا الحديث رد على الشيعة الذين يقولون أن علياً أولى بالخلافة من أبى بكر
__________
(1) فتح البارى3659 مسلم 2386
(2) الترمذى3663 -ابن ماجه97 -المستدرك3/75 (حسن -مشكاة 6052 )
(3) فتح البارى3904 مسلم2382
(4) مسلم2387(1/3)
عن جابر بن ** سَمُرَة هو : جابر بن سمرة بن جنادة السُّوَائيّ : صحابي ، كان حليف بني زُهْرَة . له ولأبيه صُحبة . نزل الكوفة وابتنى بها دارا وتوفي سنة 74 هـ / 693 م . روى له البخاري ومسلم وغيرهما نحو 146 حديثا ** قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يكون من بعدى اثنا عشر أميراً كلهم من قريش ثم يكون ** الهَرْج ** . رواه البخارى ومسلم (1)
وهم الذين تجتمع عليهم الأمة ، ويكون الدين وأهله فى زمنهم عزيزاً متبعاً.
والاثنا عشر خليفة هم الخلفاء الراشدون الأربعة والحسن وعمر بن عبد العزيز وطائفة من بنى العباس وأخرهم المهدى .
عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اقتدوا ** باللَّذَيْن ** من بعدى من أصحابى أبى بكر وعمر واهتدوا ** بهَدْى ** عمار وتمسكوا بعهد ابن مسعود .
رواه الترمذى (2)
و** قد ** وقع الأمر كذلك ولى أبو بكر ثم عمر كما أخبر .
قال ** المجد ابن تَيْمِيَّة ** فى المنتقى ص 57 : والتحقيق أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يستخلف، وإنما دل المسلمين وأرشدهم إلى أبى بكر بعدّة أمور ، ورضى به وعزم أن يكتب له بالخلافة عهداً ، ثم علم أن المسلمين يجتمعون عليه
6- حرب المرتدين12 هـ
__________
(1) فتح البارى 7222 مسلم 1821
(2) الترمذى 3805 (صحيح الترمذى 2896 )(1/4)
** سَيَّرَ ** أبو بكر إحدى عشرةَ كتيبة لحرب المرتدين و ** مانعى ** الزكاة ، فسار خالد بن الوليد إلى بنى ** أًسًد وغَطَفَان وفيهم طُلَيْحَة ** المتنبىء ، وسار عمرو بن العاص إلى ** قُضَاعَة ** ، وعكرمة بن أبى جهل إلى بنى حنيفة، وفيهم مسيلمة الكذاب ، وسار سعيد بن العاص إلى مشارف الشام ، والمهاجر إلى اليمن وحضرموت وفيهم ** العَنْسِيّ ** المتنبى ، **وشُرَحْبِيْل - هو : شُرَحْبِيْل بن عبد الله بن المُطَاع بن الغطريف ، الكندي حليف بني زهرة : صحابي ، من القادة . يعرف بشُرَحْبِيْل ابن حَسَنَة ( وهي أُمُّهُ ) . أسلم بمكة ، وهاجر الى الحبشة ، رغزا مع النبي صلى الله عليه وسلم فأوفده رسولا إلى مصر ، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وشرحبيل بمصر . وقد جعله أبو بكر أحد الأمراء الذين وجههم لفتح الشام . فافتتح الأردن كلها عَنْوَة ، ما خلا طَبَرِيَّة ، فإِنَّ أهلها صالحوه ، وذلك بأمر من أيى عُبيدة . ولما قدم عمر " الجَابِيَة " عزله ، واستعمل معاوية مكانه ، فقال شرحبيل : أَعَنْ سُخْطٍ عَزَلْتَنِي يا أمير ألمؤمنين ؟ قال : لا ، ولكني أردت رجلا أقوى بن رجل . وتوفي بطاعون عَمَوَاس سنة 18 هـ / 639 م - ** إلى اليمامة ، وسويد إلى ** تِهَامَة ** ، والعلاء ** يريد العلاء ابن الحَضْرَمِيّ وهو العلاء بن عبد الله الحَضْرَمِيّ : صحابي ، من رجال الفتوح في صدر الإسلام . أصله من حَضْرَمَوْت . سكن أبوه مكة ، فولد بها العلاء ونشأ . وولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم البحرين سنة 8 هـ ، وجعل له جباية " الصدقة " وأعطاه كتابا فيه فراثض الصدقة ، وبعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم أقره أبو بكر ، ثم عمر ووجهه عمر إلى البصرة فمات في الطريق سنة 21 ه / 641 م . ويقال : إن العلاء أول مسلم ركب البحر للغزو ** إلى البحرين ، وحذيفة بن محصن إلى دبا ، وطريفة إلى بنى سليم ، وسار عرفجة إلى مهرة .(1/5)
عن أبى هريرة قال : لما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان أبو بكر رضى الله عنه ، وكفر من كفر من العرب ، فقال عمر رضى الله عنه : كيف نقاتل الناس ؟ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ، لا إله إلا الله ، فمن قالها فقد عصم منى ماله ونفسه إلا بحقه ، وحسابه على الله . فقال : والله لأقتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعونى عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها ، فقال عمر رضى الله عنه : فوالله ما هو إلا أن شرح الله صدر أبى بكر رضى الله عنه ، فعرفت أنه الحق . رواه البخارى (1)
عناقاً : الأنثى من ولد المعز التى لم تبلغ سنة .
شرح الله صدر أبى بكر : لقتالهم .
فعرفت أنه الحق : من الدليل الذى أقامه أبو بكر رضى الله عنه .
7-مقتل عمر( 23 هـ )
بايع المسلمون عمر بعد موت أبى بكر فصار إماماً .
عن حذيفة قال بينا نحن جلوس عند عمر إذ قال : أيكم يحفظ قول النبي صلى الله عليه وسلم فى الفتنة ؟ قال : فتنة الرجل فى أهله وماله وولده وجاره ، يكفرها الصلاة والصدقة، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، قال : ليس عن هذا أسألك ولكن التى تموج كموج البحر ، قال : ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين ، إن بينك وبينها بابا مغلقاً ، قال عمر : أيكسر الباب أم يفتح ؟ قال : لا ، بل يكسر، قال عمر : إذًا لا يغلق أبدا ، قلت : أجل ، قلنا لحذيفة : أكان عمر يعلم الباب ؟ قال : نعم ،كما يعلم أن دون غد ليلة ، وذلك أنى حدثته حديثا ليس بالأغاليط ، ** فهِبْنَا ** أن نسأله : من الباب ؟ فأمرنا مسروقا فسأله ، فقال : من الباب ؟ قال : عمر . رواه البخارى ومسلم (2)
فتنة الرجل فى أهله : بالليل يأتى ما لا يحل له .
فتنته فى ماله : بأن يأخذ من غير حله ويصرفه فى غير حله .
__________
(1) البخارى 1399
(2) فتح البارى 7096 - مسلم 144(1/6)
وفى ولده : لفرط محبته له والشغل به عن كثير من الخيرات .
وفى جاره : بالحسد والمفاخرة
وكلها تكفرها الصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، أى تكفر الصغائر.
تموج كموج البحر : تضطرب كأضطرابه عند هيجانه .كناية عن شدة المخاصمة وما ينشأ عنها كالمقاتلة .
هبنا أن نسأله : خفنا أن نسأل حذيفة .
إن الفتنة لم تظهر فى حياة عمر وإنما ظهرت فى حياة عثمان .
قتل عمر أبو لؤلؤة المجوسى ، ولما علم عمر بذلك قال : الحمد لله الذى لم يجعل قاتلى يحاجنى عند الله بسجدة سجدها له قط ما كانت العرب لتقتلنى أنا أحب إليهم من ذلك .
قتل عمر يوم 26 من ذى الحجة عام 23 هـ-2 نوفمبر 644م وله من العمر 63 سنة، ودامت خلافته 11 سنة وبعد مقتله انتشرت الفتن بين الناس .
والفتنة هى : الابتلاء والامتحان وهى المحنة والعذاب والشدة وكل مكروه والمال فتنة، والأولاد فتنة والكفر فتنة واختلاف الناس فتنة .
وأصل الفتْن : إدخال الذهب فى النار لتظهر جودته من ردائته .
عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد كان فيمن قبلك من الأمم ** مُحَدَّثُون ** فإن يك فى أمتى أحد فإنه عمر . رواه البخارى (1)
محدثون : ناس ملهمون .
عن أبى هريرة قال النبى صلى الله عليه وسلم : لقد كان فيمن قبلكم من بنى اسرائيل رجال ، يُكَلَّمون من غير أن يكونوا أنبياء ، فإن يكن من أمتى منهم أحد فعمر .
رواه البخارى (2)
كل أمة من الأمم السابقة بها أناس ملهمون( ألهمهم الله كالفراسة والخير كله) فإن يكن فى أمة محمد صلى الله عليه وسلم أحد ملهم فهو عمر لذلك جاءت آيات كثيرة فى القرآن توافق قول عمر .
__________
(1) فتح البارى 3689 -مسلم عن عائشة 2398
(2) فتح البارى 3689(1/7)
عن عمرو بن ميمون قال : رأيت عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال : يا عبد الله بن عمر، اذهب إلى أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها ، فقل : يقرأ عمر بن الخطاب عليك السلام ، ثم سلها أن أدفن مع صاحبىَّ قالت كنت أريده لنفسى ، فلأوثرونه اليوم على نفسى فلما أقبل قال له : ** ما لديك ** ؟ قال : أذنتْ لك يا أمير المومنين ، قال ما كان شىء أهم إلى من ذلك المضجع ، فإذا قبضت فاحملونى ثم سلموا ، ثم قل : يستأذن عمر بن الخطاب ، فإن أذنتْ لى فادفنونى ، والإ فردونى إلى مقابر المسلمين . رواه البخارى (1)
8-كثرة الموت ( الطاعون ) 17هـ
لحديث عوف بن مالك : أعد ستا بين يدى الساعة : موتى ثم فتح بيت المقدس ثم مُوْتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم . رواه البخارى (2)
موتان : الموت الكثير الوقوع بسبب طاعون ونحوه .
قعاص الغنم : داء يأخذ الغنم فيسيل أنوفها شىء فتموت فجأة .
الطواعين المشهورة التى مات فيها كثير من الناس ** : **
1-طاعون سيرويه بالمدائن زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
2-طاعون ** عَمَوَاس ** ( موضع بالشام ) فى خلافة عمر عام 17هـ مات فيه 25 ألف
قال ابن حجر : إن هذه الآية ظهرت فى طاعون ** عمواس ** فى خلافة عمر( فتح البارى 6/278) ثم انتشر هذا الطاعون فى أرض الشام
3-طاعون بمصر عام 69 هـ
4- طاعون الجارف بالبصرة ** وسُمِّيَ بذلك ** لأنه جرف الناس عام69 هـ** وقد ** مات فيه 70 ألف .
5-طاعون بالشام عام 79 هـ .
6- طاعون بمصر عام 85 هـ .
7- طاعون الفتيات بالبصرة عام 87 هـ ** وسمي بذلك ** لكثرة من مات فيه من الفتيات
8- طاعون غراب بالبصرة عام 127 هـ .
9- طاعون بالبصرة عام 131 هـ .
10- طاعون الأشراف بواسط لكثرة من مات فيه من الأشراف .
11- طاعون بالهند ** والعَجَم ** عام 423 هـ .
12- طاعون بالشام عام 700 هـ .
13- طاعون بالشام عام 715 هـ .
14- طاعون بالشام عام 716 هـ .
__________
(1) فتح البارى 1392
(2) فتح البارى3176(1/8)
9-مقتل عثمان (35 هـ)
اجتمع المسلمون على بيعة عثمان وما تخلف عنها أحد .
عن مطيع قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم فتح مكة : لا يقتل قرشى صبراً بعد هذا اليوم إلى يوم القيامة . رواه مسلم (1)
معناه الإعلام بأن قريشاً ** يُسْلِمُونَ ** كلهم ، ولا يرتد أحد منهم كما ارتد غيرهم بعده صلى الله عليه وسلم ممن حورب وقتل صبراً .
والقتل صبراً هو دون محاربة .
بعد هذا اليوم : أى يوم الفتح . إلى يوم القيامة لا يقتل قرشى وهو مرتد عن الإسلام ثابت على الكفر .
ومع ذلك فقد قتل عثمان همج رعاع جاءوا من مصر وغيرها قتلوه يوم الجمعة 8 من ذى الحجة عام 35 هـ صبرأ .
قال بعض العلماء : إنه دخل على عثمان فى الدار جماعة من الفجار منهم كنانة بن بشر فقتله ، وقيل ذبحه رجل من أهل مصر يقال له عمار ، وقيل ذبحه رومان ، وقيل : إن الصحيح فى مقتله أنه لم يتعين له قاتل معين بل ** أخلاط ** الناس وكان معه فى الدار الحسن والحسين وابن عمر وابن الزبير وأبو هريرة وغيرهم فعزم عليهم فى وضع أسلحتهم وخروجهم ولزوم بيوتهم .
عن أبى ** أُمَامَة ** بن سهل أن عثمان أشرف عليهم ، ** فسمعهم ** وهم يذكرون القتل فقال : إنهم ليتواعدونى بالقتل ، فلمَ يقتلونى ؟ وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يحل دم امرىء مسلم إلا فى إحدى ثلاث : رجل زنى وهم محصن فرجم ، أو رجل قتل نفساً بغير نفس ، أو رجل ارتد بعد إسلامه ، فوالله ما زنيت فى جاهلية ولا فى إسلام ، ولا قتلت نفساً مسلمة ، ولا ارتددت منذ أسلمت . رواه ابن ماجه (2)
__________
(1) مسلم 1782
(2) ابن ماجه 2533 ( صحيح ابن ماجه 2052 )(1/9)
وقع كل ذلك فقتل عثمان واستمرت الفتن ثم وقعت الحروب ثم ولى معاوية الخلافة وحولها إلى مُلْك . حاصروا عثمان شهرين وعشرين يوما ، ثم قتلوه وهو ابن ثمان وثمانون سنة ، وقتل مظلوما ، كما شهد له بذلك رسول لله صلى الله عليه وسلم وجماعة من أهل السنة ، وألقى على مزبلة ، فأقام فيها ثلاثة أيام لم يقدر أحد على دفنه ، حتى جاء جماعة من الليل خفية ، فحملوه على لوح وصلوا عليه ، ودفن بالبقيع .
وقيل إن المتعصبين على عثمان من المصريين ومن تابعهم من البلدان كانوا أربعة آلاف ، وبالمدينة يومئذ أربعون ألفا ، وكانت خلافة عثمان 11 هـ .
قال القرطبى فى التذكرة : إن الصحيح فى مقتله رضى الله عنه ، أنه لم يتعين له قاتل معين ، بل أخلاط من الناس ، وهمج رعاع جاءوا من مصر ومن غير مصر .
عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعاً فى بيته كاشفا عن فخذيه أو ساقيه فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على تلك الحال فتحدث ثم ** استأذن ** عمر فأذن له وهو كذلك فتحدث ، ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوى ثيابه فلما خرج قالت عائشة رضى الله عنها : دخل أبو بكر فلم تهتش له ولم تباله ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك فقال : ألا استحى من رجل تستحى منه الملائكة . رواه مسلم (1)
عن أبى موسى قال النبي صلى الله عليه وسلم : افتح له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه، فإذا عثمان . رواه البخارى (2)
وبمقتل عثمان انقسم المسلمون ، ووقع القتال بين الصحابة ، وانتشرت الفتن والأهواء ، وكثر ** الاختلاف ** ، وتشعبت الآراء ، ودارت المعارك الطاحنة ، وكان النبى صلى الله عليه وسلم يعلم ما سيقع من الفتن فى زمنهم ، فإنه أشرف على ** أُطْم ** من آطَام المدينة . فقال : هل ترون ما أرى ؟ قالوا : لا قال : فإنى لأرى الفتن خلال بيوتكم كوقع القطر .
__________
(1) مسلم 2401
(2) فتح البارى 3693(1/10)
رواه البخارى ومسلم (1)
وترك ** عَلِىّ رضي الله عنه ** القصاص من قتلة عثمان لأنه لم يكن ولى دم ، وإنما كان أولياء الدم أولاد عثمان : عمرو وإبان والوليد ، ولم يتحاكم إلى ** عَلِىّ رضي الله عنه ** أحد منهم ، كما لم يكن فى الدار عدلان يشهدان على قاتل عثمان .
وقعة الجمل(36 هـ)
كانت وقعة الجمل يوم الخميس 10 جمادى الآخرة عام 36 هـ ، وكان جيش **عَلِىّ** 20 ألف، وجيش عائشة 30 ألف ، **بلغ **القتلى من الجانبين 15 ألف ، قُتل من جيش عائشة 10آلاف ، ومن جيش على 5 آلاف ، فكانت مقتلة عظيمة انتهت بانتصار على وقتل طلحة والزبير .
قال ابن **تَيْمِيَّة** فى المنتقى ص 223 : إن عائشة لم تقاتل ولم تخرج لقتال ، **إنما** خرجت بقصد الإصلاح بين المسلمين ، وظنت أن فى خروجها مصلحة للمسلمين . ثم تبين لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى ، فكانت إذا ذكرت خروجها تبكى حتى تبل خمارها . وهكذا عامة السابقين ندموا على ما دخلوا فيه من القتال ، فندم طلحة والزبير وعلى رضى الله عنهم أجمعين ، ولم يكن يوم الجمل لهؤلاء قصد فى القتال ، ولكن وقع الإقتتال بغير اختيارهم
قال ابن كثير فى البداية 7/239 ( اطمأنت النفوس ، واجتمع كل فريق ، وعولوا جميعا على الصلح . وبات الذين أثاروا أمر عثمان **بِشَرِّ ** ليلة باتوها قط ، وقد أشرفوا على الهلكة ، فاجتمعوا على إنشاب الحرب فى السر ، فغدروا وانشبوا الحرب بين على وأخويه الزبير وطلحة ، فظن أصحاب الجمل أن علياً غدر بهم ، وظن على أخوانه غدروا به ، والذين قاموا بهذه الخيانة قتلة عثمان ، وهم من أسلاف الشيعة ( وكان قتلة عثمان فى جيش على ) ( انتهى مختصراً )
قال ابن العربى فى **العواصم** : يحتمل أنهم خرجوا خلعا لعلى لأمر ظهر لهم وهذا احتمال بعيد ، ويحتمل أنهم خرجوا ليتمكنوا من قتلة عثمان وهذا ما كانوا يذكرونه .
__________
(1) فتح البارى 1878 - مسلم2885(1/11)
عن عبد الله بن زياد الأسدى قال : لما سار طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة ، بعث **عَلِىّ** عمار بن ياسر وحسن بن على ، فقدما علينا الكوفة ، فصعد المنبر ، فكان الحسن فوق المنبر فى أعلاه ، وقام عمار أسفل من الحسن ، فاجتمعنا إليه ، فسمعت عمارا يقول : إن عائشة قد صارت إلى البصرة ووالله إنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم فى الدنيا والآخرة ، ولكن الله تبارك وتعالى ابتلاكم ، ليعلم إياه تطيعون أم هِى . رواه البخارى (1)
عن الحسن قال : خرجت بسلاحى ليالى الفتنة ، فاستقبلنى أبو بكرة فقال أين تريد ؟ قلت أريد نصرة ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فكلاهما من أهل النار فقيل : فهذا القاتل ، فما بال المقتول ؟ قال إنه أراد قتل صاحبه . رواه البخارى (2)
القاتل والمقتول فى النار : إذا كان قتالهما على **عداوة** دنيوية ، أو طلب **مُلْك** ونحوه ، فحقهما أن يكونا فى النار وقد يعفو الله .
قال ابن **تَيْمِيَّة** : الوعيد لا يتناول المجتهد المتأول وإن كان مخطأ لقوله تعالى : ربنا لا تؤاخذنا إن **نسينا** أو أخطأنا .
وقال : ولو قدر أن الطائفتين قصدتا القتال لكان هو القتال المذكور فى قوله تعالى "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما " فجعلهم مؤمنين إخوة مع **الاقتتال** .
كان حريصاً على قتل صاحبه : القاتل يعذب على القتال والقتل ، والمقتول يعذب على القتال فقط ، وإذا كان قتل دفاعا عن النفس فقتل هدر .
عن ابن عباس قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم لنسائه : ليت **شِعْرِي أَيَّتكن** صاحبة الجمل **الأدبب** تخرج فينبحها كلاب الحوأب يقتل عن يمينها وعن يسارها قتلى كثير ، ثم تنجو بعد ما كادت . رواه البزار (3)
الأدبب : الكثير وبر الوجه .
__________
(1) فتح البارى 7100
(2) فتح البارى7083
(3) البزار ( مجمع الزوائد 7/234) ( الصحيحة 475)(1/12)
عن قيس بن **أبي** حازم أن عائشة لما أتت على الحوأب سمعت نباح كلاب قالت : ما أظننى إلا راجعة ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا **أيتكن** تنبح عليها كلاب الحوأب . **رواه ابن حبان** (1)
فقال لها الزبير ترجعين ** ؟! ** عسى الله عز وجل أن يصلح بك بين الناس .
وفى لفظ قال : لما أقبلت عائشة بلغت مياه بنى عامر ليلاً نبحت الكلاب ، قالت : أى ماء هذا ؟ قالوا : ماء الحوأب ، قالت : ما أظننى إلا راجعة ، **فقال بعض من كان معها :** بل تقدمين ويراك المسلمون فيصلح الله ذات بينهم ، قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها ذات يوم : كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب .( قال الألبانى : **إسناده** صحيح جداً - الصحيحة **475** )
وقال الألبانى : ولا نشك أن خروج أم المؤمنين كان خطأ من أصله ، ولذلك همت بالرجوع حين علمت بتحقيق نبوءة النبى صلى الله عليه وسلم عند الحوأب ، ولكن الزبير رضى الله عنه أقنعها بترك الرجوع بقوله : عسى الله أن يصلح بك بين الناس ، ولا نشك أنه كان مخطئاً فى ذلك أيضاً ، والعقل يقطع بأنه لامناص من القول بتخطئة **إحدى** الطائفتين المتقاتلتين ، اللتين وقع فيهما مئات القتلى ، ولا شك أن عائشة رضى الله عنها هى المخطئة لأسباب كثيرة وأدلة واضحة ، ومنها ندمها على خروجها ، وذلك هو اللائق بفضلها وكمالها ، وذلك مما يدل على أن خطأها من الخطأ المغفور بل المأجور . ا هـ
عن أبى بكرة قال : لقد نفعنى الله بكلمة أيام الجمل . لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن فارساً ملكوا ابنة كسرى ، قال : لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة .رواه البخارى (2)
**فَهِمَ** أبو بكرة أن جيش عائشة لن يفلح فلم يخرج معهم .
__________
(1) ابن حبان1831 ( الصحيحة 475 )
(2) فتح البارى 7099(1/13)
عن أبى رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلى إنه سيكون بينك وبين عائشة أمر . رواه أحمد (1)
قال ابن حجر فى الفتح 8/128 : لما قتل عثمان وبويع على بالخلافة ، خرج طلحة والزبير إلى مكة فوجدا عائشة وكانت قد حجت ، فاجتمع رأيهم على التوجه إلى البصرة يستنفرون الناس للطلب بدم عثمان ، فبلغ ذلك عليا رضى الله عنه،فخرج إليهم ، فكانت وقعة الجمل ، ونسبت إلى الجمل الذى كانت عائشة قد ركبته وهى فى هودجها **تدعو** الناس إلى الإصلاح . ا هـ
11- وقعة **صِفِّيْن** (37 هـ)
وقعة صفين كانت بين أهل العراق بقيادة على وبين أهل الشام بقيادة معاوية واستمرت حوالى سبعة أشهر ، وكان جيش على **92.000** وجيش معاوية **130.000** وقتل من الفريقين **70.000** واستشهد فيها عمار بن ياسر .وسببها أنه لما قتل عثمان وبويع على ، وطالب معاوية علياً بدم عثمان ، فقال على : يدخل فى البيعة ثم يحاكمهم إلى فنشب القتال ، وفى 17 رمضان عام 40 هـ قتل عبد الرحمن بن ملجم " شقى الدارين " علياً بعد أن اتفق الخوارج على قتل على ومعاوية وعمرو .
أجمع الفقهاء ومنهم مالك والشافعى وأبى حنيفة والأوزاعى والجمهور الأعظم على أن علياً مصيب فى قتاله لأهل صفين وأصحاب الجمل فإن الذين قاتلوه بغاة ظالمون له ولكن لا يجوز تكفيرهم فطائفة على عدل والأخرى بغى .
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان دعواهما واحدة . رواه البخارى ومسلم (2)
دعواهما **واحدة** : أى دينهما واحد . أو أن كلا منهما يدعى أنه المحق .
عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : تقتل عماراً الفئة الباغية . رواه مسلم (3)
__________
(1) المسند 6/392 (حسن -فتح البارى13/55)
(2) فتح البارى 7121 -مسلم157
(3) مسلم2916(1/14)
ذكر ابن كثير فى البداية والنهاية أن أبا موسى وعمرو اتفقا فى التحكيم على خلع على ومعاوية ليختار **المسلمون** لهم خليفة غيرهما ، وقد اختلفا فيمن يكون خليفة ، فقال أبو موسى : عبد الله بن عمر ، وقال عمرو : عبد الله بن عمرو ثم ، تركا الأمر لاختيار المسلمين . ولما جاء موعد التحكيم قام أبو موسى وقال بخلع على ومعاوية معا كما اتفقا ، بينما قال عمرو بخلع على وتثبيت معاوية حتى لا يكون المسلمون بغير خليفة ا هـ بتصرف .
وبمثل هذا القول قال الذهبى فى **تاريخه** والعماد فى شذرات الذهب .
وقيل : إن أبا موسى وعمراً لم يتفقا على شىء فاستمروا فى القتال .
قال ابن تيمية فى منهاج السنة 2/219 : لم يكن معاوية ممن يختار الحرب ابتداء ، بل كان من أشد الناس حرصاً على أن لا يكون قتال ، وكان غيره أحرص على القتال منه ، وقتال صفين فيه أقوال منها :
** الأول :**كلاهما كان مجتهدا مصيباً وهو **قول كثير** من الفقهاء ، وأصحاب أبى حنيفة ، والشافعى ، وأحمد .
** الثاني :** على هو المصيب وحده ومعاوية مجتهد مخطىء وهو قول أهل المذاهب الأربعة ا هـ بتصرف .
قال ابن العربى فى العواصم : الطالب للدم لا يصح أن يحكم ، وتهمة الطالب للقاضى لا توجب عليه أن يخرج عليه ، بل يطلب الحق عنده إن ظهر له قضاء وإلا سكت وصبر .
وقال أيضا : روى الأئمة الثقات الأثبات أنهما لما اجتمعا للنظر فى الأمر فى عصبة كريمة من الناس ، منهم عبد الله بن عمر ونحوه ، عزل عمرو معاوية (أى بتقريره مع أبى موسى أن إمامة المسلمين يترك النظر فيها إلى أعيان الصحابة) .
وقال ناصحاً للناس : فأعرضوا عن الغاوين ، وازجروا المعادين ، وعرجوا عن سبيل الناكثين ، إلى سنن المهتدين ، وأمسكوا الألسنة عن السابقين إلى يوم الدين ، وإياكم أن تكونوا يوم القيامة من الهالكين ، بخصومة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .(1/15)
قال البرزنجى فى الاشاعة ص17 : لما قتل عثمان وبويع على ، أرسل إلى معاوية أن يدخل فيما دخل فيه المسلمون وينعزل عن العمل ، وكان عاملاً لعمر ثم لعثمان على الشام، وكان يرجو أن يبقيه علىّ على عمله ، وقد كان الحسن بن على وابن عباس وغيرهما أشاروا عليه بإبقائه على الشام حتى يأخذ له البيعة ، ثم يقول فيه ما شاء ، فقال : هيهات لو علمت أن المداهنة تسعنى فى دين الله لفعلت ، ولكن الله لم يرض لأهل القرآن بالمداهنة فبلغ معاوية **فحلف** أنه لا يلى لعلى عملاً أبداً ، وكان عمرو بن العاص على مصر فعزله أيضاً ، فاجتمع عمرو ومعاوية واتفقا على الخروج .
عن ابن عمر قال سئل : فما قولك فى على وعثمان ؟ قال : أما عثمان فكأن الله عفا عنه ، وأما أنتم فكرهتم أن تعفوا عنه وأما على فابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وخَتَنُهُ ، وأشار بيده فقال : هذا بيته حيث ترون . رواه البخارى (1)
ختنه : زوج بنته
حيث ترون : أى بين بيوته صلى الله عليه وسلم وأراد بذلك شدة قربه منه .
عن زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اللهم من كنت مولاه فعلى مولاه : اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه . رواه الحاكم وأحمد (2)
12- وقعة النهروان " 37 هـ " ( الخوارج )
__________
(1) فتح البارى4515
(2) المسند1/118 -الحاكم 3/109 (صحيح -الصحيحة 1750 )(1/16)
لما رجع على من الشام بعد وقعة صفين ، ذهب إلى الكوفة فلما دخلها انعزل عنه طائفة من جيشه ، اثنى عشر ألفا ، خالفوه وخرجوا عليه وأنكروا أشياء ، فبعث إليهم عبد الله بن عباس فناظرهم ، فرجع بعضهم واستمر بعضهم على ضلالهم ، وتعاهدوا فيما بينهم على القيام بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، ثم تحيزوا إلى موضع يقال له النهروان ، ولما بعث على أبا موسى ومعه جيش إلى **دُوْمَة الجَنْدَل** ، بالغوا فى النكير على علىّ وصرحوا بكفره وقالوا : لا حكم إلا لله وطلبوا منه قتال العدو وقالوا : لئن لم تدع تحكيم الرجال فى كتاب الله لنقاتلنك وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا بذلك " قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا "
واجتمع الجميع بالنهروان وقاتلهم على وقتلهم حتى استأصل شأفتهم ، ولما سئل أمشركون هم ؟ قال : **مٍن الشِّرْكِ فَرُّوا** ، قيل أفمنافقون ؟ قال : إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا ، فقيل فما هم يا أمير المؤمنين ؟ قال إخواننا بغوا علينا فقاتلناهم ببغيهم علينا .(1/17)
عن على رضى الله عنه قال : أيها الناس إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يخرج قوم من أمتى يقرأون القرآن ، ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشىء ، ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشىء ، ولا صيامكم إلى صيامهم بشىء ، يقرأون القرآن ، يحسبون أنه لهم وهو عليهم ، لا تجاوز صلاتهم تراقيَهم ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من **الرَّمِيَّة** . لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ، ما قُضِىَ لهم على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم لاتكلوا عن العمل ، وآية ذلك أن فيهم رجلاً له عَضُد ، وليس له ذراع ، على رأس عضده مثل حلمة الثدى ، عليه شعرات بيض . فتذهبون إلى معاوية وأهل الشام وتتركون هؤلاء يخلفونكم فى ذراريكم وأموالكم والله إنى لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم ، فإنهم قد سفكوا الدم الحرام ، وأغاروا فى سرح الناس فسيروا على اسم الله .
قال سلمة بن كهيل فنزلنى زيد بن وهب منزلا حتى قال : مررنا على قنطرة . فلما **التقينا** وعلى الخوارج يومئذ عبد الله بن وهب الراسبى فقال لهم ألقوا الرماح وسلوا سيوفكم من جفونها فإنى أخاف أن يناشدوكم كما ناشدوكم يوم حروراء ، فرجعوا فوحشوا برماحهم وسلوا السيوف ، وشجرهم الناس برماحهم ، قال : وقتل بعضهم على بعض ، وما أصيب من الناس يومئذ إلا رجلان فقال على رضى الله عنه : التمسوا فيهم المُخدَج . فالتمسوه فلم يجدوه . فقام على رضى الله عنه بنفسه حتى أتى ناسا قد قُتل بعضهم على بعض . قال : أخروهم فوجدوه مما يلى الأرض فكبر ثم قال : صدق الله وبلغ رسوله ، قال فقام إليه عَبيدة السلْمانى فقال : يا أمير المؤمنين الله الذى لا إله إلا هو لسمعتَ هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال إى ، والله الذى لا إله إلا هو حتى استحْلفه ثلاثا وهو يحلف له . رواه مسلم (1)
لا تجاوز صلاتهم تراقيهم : المراد بالصلاة هنا القراءة لإنها جزؤها
سرح : ماشية أى أغاروا على مواشيهم السائمة .
__________
(1) مسلم 156/1066(1/18)
سلوا سيوفم من جفونها : أى أخرجوها من أغمادها
يناشدوكم : يسألوكم بالله ويقسموا عليكم
فوحشوا برماحكم : أى رموا بها عن بعد منهم ودخلوا فيهم بالسيوف حتى لا يجدوا فرصة .
شجرهم الناس برماحهم : أى مدوها إليهم وطاعنوهم بها ، ومنه التشاجر .
حتى استحلفه ثلاثا : ليُسمع الحاضرين ويظهر لهم المعجزة التى أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عليا وأصحابه أولى الطائفتين بالحق وأنهم محقون فى قتالهم .
عن أبى سعيد قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يَقْسِمُ قَسْماً أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بنى تميم فقال يا رسول الله اعدل . فقال ويلك ومن يعدل إن لم أعدل ؟ قد خبتُ وخسرت إن لم أعدل ، فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله ائذن لى فيه فأضرب عنقه ، فقال دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم ، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرَّمِيّة، يُنْظَر إلى نصله فلا يوجد فيه شىء ، ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شىء ، ثم ينظر إلى نَضَيَّه فلا يوجد فيه شىء ، ثم ينظر إلى قُذَذِه فلا يوجد فيه شىء ، سبق الفرث والدم ، آيتهم رجل أسود **إحدى** عَضُدَيْه مثل ثدى المرأة ، أو مثل البضعة ، تَدَرْدَر يخرجون على حين فرقة من الناس ، قال أبو سعيد فأشهد أنى سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأشهد أن على بن **أبي** طالب قاتلهم وأنا معه . فأمر بذلك الرجل فالتمس فأتى به حتى نظرت إليه ، على نعت النبى صلى الله عليه وسلم الذى نعته . رواه البخارى ومسلم (1)
رصافة : مدخل النصل من السهم ، والنصل هو حديدة السهم . يتمارى : يشك
الفوقة : الجزء الذى يجعل فيه الوتر ... نضيه : السهم بلا نصل ولا ريش .
القدح : السهم الذى كانوا يستقسمون به ، أو الذى يرمى به عن القوس .
__________
(1) فتح البارى3610 -مسلم 148/1064(1/19)
قذذة : ريش السهم ... سبق الفرث والدم : جاوزهما والفرث ما فى الكرش .
البضعة تدردر : القطعة من اللحم تضطرب .
فرقة : وقت افراق الناس وهو الذى كان بين على ومعاوية .
عن عبد الله بن عمرو قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنها ستكون هجرة بعد هجرة ، ينحاز الناس إلى مهاجر إبراهيم ، لا يبقى فى الأرض إلا شرار أهلها، تلفظهم أرضوهم ، تقذرهم نفس الله، تحشرهم النار مع القردة والخنازير ، تبيت معهم إذا باتوا ، وتقيل معهم إذا قالوا ، وتأكل من تخلف . قال وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سيخرج أناس من أمتى من قبل المشرق ، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، كلما خرج منهم قرن قطع ، كلما خرج منهم قرن قطع ، حتى عدها زيادة ، حتى عشرة مرات كلما خرج منهم قرن قطع ، حتى يخرج الدجال فى بقيتهم . رواه أحمد (1)
الهجرة **الثابتة** هى الهجرة إلى الشام يرغب فيها خيار الناس .
تقذرهم نفس الله . أى أن الله يكره خروجهم إليها ومقامتهم بها فلا يوافقهم لذلك
والخوارج هم قوم كانوا مع على فخرجوا عليه واتهموه بالكفر بعد التحكيم فالتقى بهم عند النهروان على بعد ميلين من الكوفة وهزمهم .
وفتنهم مشهورة : أهلكوا العباد وأفسدوا البلاد ومن بقاياهم القرامطة والباطنية والإسماعيلية .
عن على يأتى فى آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام ، يقولون من خير قول البرية ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، لا يجاوز إبمانهم حناجرهم ، فاقتلوهم فإن فى قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة . رواه البخارى (2)
عن ابن أبى أوفى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الخوارج هم كلاب النار .
رواه أحمد وابن ماجه (3)
__________
(1) المسند2/199 (صحيح المسند 6871 )
(2) فتح البارى3611
(3) المسند 4/355-ابن ماجه 173(صحيح الجامع 3347)(1/20)
13- نزول الحسن لمعاوية (40هـ)
عن أبى **بَكْرَة** أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن ابنى هذا سيد ، و لعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين . رواه البخارى (1)
وهكذا وقع ، وتحققت النبوءة ، وأصلح الحسن بين فئتين عظيمتين ، فئة على ، وفئة معاوية ، ونزل الحسن عن الخلافة لمعاوية بعد أن قضى بها نصف عام ، وترك الخلافة لا **ل**قلة ولا لعلة ولا لذلة ، بل لحقن دماء المسلمين ، والحديث يدل على ولاية المفضول مع وجود الأفضل ، ويدل على جواز خلع الخليفة نفسه إذا رأى فى ذلك صلاحا للمسلمين والنزول عن الوظائف الدينية والدنيوية بالمال . (انظر التفصيل فى فتح البارى )
عن أبى سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة . رواه الترمذى والحاكم وأحمد (2)
14- الخلافة ثلاثون سنة
عن سفينة قال : سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول : خلافة النبوة ثلاثون سنة ثم يؤتى الله ملكه من يشاء . رواه أحمد و الترمذى و أبو داود (3)
ثم يقول سفينة : أمسك : خلافة أبى بكر سنتين وخلافة عمر عشرة ، وعثمان اثنتي عشرة، وعلى ستة .
قال السيوطى : لم يكن فى الثلاثين بعده صلى الله عليه وسلم إلا الخلفاء الأربعة وأيام الحسن.
قال العلقمى : بل الثلاثون سنة هى مدة الخلفاء الأربعة فمدة خلافة أبى بكر سنتان وثلاثة أشهر وعشرة أيام ، ومدة عمر عشر سنين وستة أشهر وثمانية أيام ، ومدة عثمان اثنتي عشرة سنة وأحد عشر شهراً ، ومدة خلافة على أربع سنين وتسعة أشهر وسبعة أيام ثم يكون ملكاً لأن الخلافة لمن يعملون بالسنة، والمخالفون ملوك لا خلفاء أما حديث : لا يزال هذا الدين قائماً حتى يملك اثنا عشر خليفة فالمراد هنا مطلق الخلافة .
__________
(1) فتح البارى 7109
(2) الترمذى 3768 المستدرك3/166 -المسند 3/3 (صحيح - الصحيحة 796 )
(3) المسند5/220 -أبو داود 4646 - الترمذى2226 -(صحيح - الصحيحة 459-1534 )(1/1)
وللجمع بين الحديثين أنه أراد فى حديث سفينة خلافة النبوة ، ولم يقيد فى حديث جابر بن سمرة بذلك .
قال ابن تيمية : ويجوز تسمية من بعد الخلفاء الراشدين خلفاء وإن كانوا ملوكا ، ولم يكونوا خلفاء الأنبياء (1)
15- **مُلْك** بنى أمية - **المُلْك الجَبْرِىّ** (41-131 هـ)
معاوية بن أبى سفيان 41 هـ
عن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : اذهب و**ا**دع لى معاوية قال فجئت فقلت : هو يأكل ، قال ثم قال لى اذهب فادع لى معاوية قال : فجئت فقلت : هو يأكل ، فقال : لا أشبع الله بطنه . رواه مسلم (2)
قال النووى : إنه جرى على اللسان بلا قصد ، وإنه عقوبة له لتأخره .
وقد فهم مسلم رحمه الله من هذا الحديث أن معاوية لم يكن مستحقاً للدعاء عليه فلهذا أدخله فى هذا الباب ، وجعله غيره من مناقب معاوية ، لأنه فى الحقيقة يصير دعاء له . اهـ
وقد انتفع معاوية بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى دنياه وأخراه ، أما دنياه فعدم الشبع نعمة يرغب فيها الملوك ، وأما أخراه فكفارة وقربة تقربه إلى الله .
عن أبى هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم إنما محمد بشر ، يغضب كما يغضب البشر ، وإنى قد اتخذت عندك **عهدًا** لن **تخلفنيه** ، فأيما مؤمن آذيته أوسببته أو جلدته ، فاجعلها له كفارةً وقربة ، تقربه بها إليك يوم القيامة .
رواه مسلم (3)
عن أم حرام أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أول جيش من **أمتي** يغزون البحر قد أوجبوا ، قالت أم حرام : قلت : يا رسول الله أنا فيهم ؟ قال : أنت فيهم . ثم قال النبى صلى الله عليه وسلم : أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم ، فقلت : أنا فيهم يا رسول الله؟ قال لا . رواه البخارى (4)
يغزون البحر : يعنى الروم وهم اليونان .
__________
(1) الصحيحة 1/205 رقم 459
(2) مسلم2604
(3) مسلم 91/2601
(4) فتح البارى 2924(1/2)
أوجبوا : لأنفسهم دخول الجنة بجهادهم فى سبيل الله تعالى
مدينة قيصر : يعنى القسطنطينية ... مغفور لهم : مشروط بأن يكونوا من أهل المغفرة.
كان ذلك مرتين : مرة عام 27 مع معاوية حين استأذن عثمان فى غزو قبرص ، فدخلها المسلمين قسراً .
والمرة الثانية عام 52 أيام ملك معاوية ، بعث ابنه يزيد ومعه جنوده إلى غزو القسطنطينية .
والحديث **مَنْقَبَة** لمعاوية لأنه أول من غزا البحر ، و**مَنْقَبَة** ليزيد لأنه أول من غزا مدينة قيصر، وقيل منقبة لمعاوية لا ليزيد لأنه اشترط بأن يكونوا من أهل المغفرة .
عن عبد الرحمن بن أبى عميرة عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال لمعاوية اللهم اجعله هاديا مهديا و**اهدِ به**. رواه الترمذى و**أحمد** (1)
أى هاديا للناس دالا على الخير ، مهديا أى مهتديا فى نفسه ، واهد به : أى بمعاوية .
قيل لابن عباس ، هل لك فى أمير المؤمنين معاوية ، فإنه ما أوتر إلا بواحدة ؟ قال : أصاب . إنه فقيه رواه البخارى (2)
وهو من كتبة الوحى لرسول الله صلى الله عليه وسلم
قال سعد بن أبى وقاص : **ما رأيت** أحداً بعد عثمان **أَقْضَى** بحق من صاحب هذا الباب ــ يعنى معاوية ( رواه **الليث** بن سعد )
16- يزيد بن معاوية (60)
فى عهده حدثت فتن كقطع الليل المظلم، وفيه روايات لا تكاد تحصر ، وحكايات تقشعر منها جلود الذين يخشون ربهم .
فى عهده كان مقتل الحسين . ووقعة الحرة ، ورمى الكعبة بالمنجنيق ، واستباحة حرم المدينة ، وخراب المسجد النبوى .
عن أبى ذر أنه قال ليزيد بن سفيان : سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول : أول من يغير سنتى رجل من بنى أمية . رواه **ابن** أبى عاصم (3) قيل هو يزيد .
قال الألبانى : ولعل المراد بالحديث تغيير نظام اختيار الخليفة وجعله وراثة . والله أعلم .
__________
(1) الترمذى 3842 - المسند 4/216 ( الصحيحة 1969 )
(2) فتح البارى 3765
(3) الأوائل 7/2 ( الصحيحة 1749 )(1/3)
سئل **الكيا الهراسى** عن جواز لعنة يزيد بن معاوية فقال : لمالك وأبى حنيفة وأحمد بن حنبل قولان ، وليس عندنا فيه إلا قول واحد بالجواز (وفيات الأعيان2/448 -450) (الوفيات لابن قنفذ 265 -266 )
قال **ابن** تيمية : والمختار عند الأئمة : أنا لا نلعن معيناً .
وقال : ويزيد بن معاوية قد أتى أموراً منكرة ، منها وقعة الحرة وقد جاء فى **الصحيح عن ** على رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم : المدينة حرم **ما بين** عائر إلى كذا من أحدث فيها حدثاً أو آوى مَحْدِثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرف **ولا عدل ** . رواه البخارى (1)
آوى محدثاً : أجار جانياً وحماه من خصمه ... صرف ولا عدل : توبة ولا فدية .
عن سعد بن أبى وقاص قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أراد أهل المدينة بسوء ، أذابه الله كما يذوب الملح فى الماء . رواه مسلم (2)
ولهذا قيل للإمام أحمد : أتكتب الحديث عن يزيد فقال لا ولا كرامة ، أو ليس هو الذى فعل بأهل الحرة ما فعل .
قيل له : **إن** قوماً يقولون : إنا نحب يزيد ، فقال : وهل يحب يزيد أحد يؤمن بالله واليوم الآخر؟ فقيل له : فلماذا لا تلعنه ؟ فقال : ومتى رأيت أباك يلعن أحداً . اهـ
قال ابن الجوزى فى كتابه **"الرد على المتعصب العنيد المانع من ذم يزيد"** : أجاز العلماء الورعون لعنه .
17- بعد الستين
عن أبى سعيد الخدرى قال سمعت رسول لله صلى الله عليه وسلم يقول : يكون خَلْف من بعد ستين سنة أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً .ثم يكون خَلْف يقرأون القرآن لا **يعدو** تراقيهم . ويقرأ القرآن ثلاثة : مؤمن ومنافق وفاجر . قال بشير : فقلت للوليد : ما هؤلاء الثلاثة ؟ فقال : المنافق كافر به ، والفاجر يتأكل به ، والمؤمن يؤمن به . رواه أحمد والحاكم (3)
__________
(1) فتح البارى 1870
(2) مسلم 1387
(3) المسند3/38.المستدرك4/547 (صحيح المسند11360(1/4)
الوليد : تابعى...بشير : تابع التابعى....خلْف : خلْف سوء لناس لاحقين بناس أكثر منهم
وهذا الخلْف بدأ من عهد يزيد بن معاوية .
18- مقتل الحسين (61هـ)
قتل يوم عاشوراء من شهر المحرم عام (61 )الموافق يوم الجمعة ، قتله عمر بن سعد بن أبى وقاص ، وأجهز عليه خولى بن يزيد الأصبحى ، ثم حز رأسه ، وحملها بشر بن مالك إلى ابن زياد ، الذى أخذ ينكت فيها بالعود
قتل الحسين بكربلاء ، ودفن بها ، وأما رأسه فلم يعرف مكانه . وقيل دفن مع الجسد بكربلاء . وقيل بالبقيع عند قبر أمه وهو الراجح .
وأما قولهم أنها بمصر فباطل ( انظر البداية والنهاية لابن كثير ص204 )
فلما مات الحسن أخذ معاوية البيعة ليزيد من أهل الشام ، وامتنع أهل الحجاز أن يبايعوه ، وسار الحسين إلى الكوفة فبايعه 12 ألف من أهلها، ولكن سرعان ما تفرقوا كما تفرقوا عن أبيه من قبل ، وبدأ القتال حتى بقى بمفرده يقاتل شجعانهم ، ولكنهم تكاثروا عليه وطعنوه إحدى وثلاثين طعنة ، وغلب عليه العطش فسقط على الأرض وحزوا رأسه ، وكان عمره 56 سنة .
قتل مع الحسين 19 رجلا من أهل البيت ، 82 رجلا من الصحابة .
عن أم الفضل بنت الحارث أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : أتانى **جبريل فأخبرنى** أن أمتى ستقتل ابنى هذا يعنى الحسين ، أتانى بتربة من تربته حمراء .**رواه** الحاكم (1)
عن على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أخبرنى جبريل أن حسيناً يقتل بشاطئ الفرات. يعنى بكربلاء . رواه أحمد (2)
قال جعفر الصادق : وجد بالحسين ثلاث وثلاثون طعنة بالسيف وأربع وثلاثون ضربة .
ويعتقد الشيعة أن هذا الحديث يدل على قداسة أرض كربلاء ، ولذا فإنهم يستحبون اتخاذ قرص من أرضها للسجود عليه عند الصلاة . وهذا باطل لم يرد به نص صحيح .
قال الشاعر :
أترجو أمة قتلت حسيناً .... شفاعة جده يوم الحساب .
__________
(1) المستدرك 3/176 (صحيح الجامع 61 - الصحيحة 821 )
(2) المسند 1/85 (صحيح الجامع219 -الصحيحة1171(1/5)
قال ابن تيمية : نَقْلُ رأس الحسين إلى الشام لا أصل له . وقال : والذى ذكر العلماء أنه دفن بالمدينة
وقال : وقد دفن بدن الحسين في **مصرعه** بكر بلاء ولم ينبش ولم يمثل به .
قال القرطبى : وما ذكر من أنه فى عسقلان فى مشهد هناك أو بالقاهرة فباطل لم يصح ولا يثبت .
وقال : ما زال أهل العلم فى كل وقت وزمان يذكرون فى هذا المشهد القاهرى المنسوب إلى الحسين ، أنه كذب ، كما يذكرون ذلك فى أمثاله من المشاهد المكذوبة : مثل المشاهد المنسوبة بدمشق إلى أبى بن كعب و أويس القرنى ، أو هود ، أو نوح أو غيرهما، والمشهد المنسوب بحران إلى جابر بن عبدالله، وبالجزيرة إلى عبد الرحمن بن عوف ، وعبد الله بن عمر ونحوهما ، وبالعراق إلى على رضى اللة عنه .اهـ
قال ابن تيمية فى المنتقى ص266 : وأما يزيد فلم يأمر بقتل الحسين باتفاق أهل النقل .
19-وقعة الحرة وخراب المدينة (63 هـ)
كانت وقعة الحرة عام 63 هـ بين يزيد وبين أهل المدينة ، وفيها استباح مسلم بن عقبة المدينة بأمر من يزيد ، وقتل فيها كثير من الصحابة .
عن ابن عمر قال : قال صلى الله عليه وسلم : إذا مشت أمتى المطيطاء ، وخدمها أبناء الملوك ـ أبناء فارس والروم ـ سُلِّط شرارها على خيارها . رواه الترمذى (1)
المطيطاء : مشية فيها تبختر ومد اليدين " ثم ذهب إلى أهله يتمطى "
خدمها : قال بخدمتها وإنقاد فى حضرتها .
والحديث من المعجزات فإنهم لما فتحوا فارس والروم وأخذوا أموالهم وسبوا أولادهم ، سلط الله قتلة عثمان عليه حتى قتلوه ، ثم سلط بنى أمية على بنى هاشم ففعلوا ما فعلوا .
عن أيوب بن بشير قال : قال صلى الله عليه وسلم : يقتل بهذه الأمة خيار أمتى بعد أصحابى . رواه البيهقى فى الدلائل (2)
__________
(1) الترمذى 2261 (صحيح الترمذى 1846 )
(2) كنز العمال .لم أجده إلا فى الكنز 31168(1/6)
عن أبى هريرة قال : ويل للعرب من شر قد اقترب على رأس الستين ، تصير الأمانة غنيمة ، والصدقة غرامة ، والشهادة بالمعرفة ، والحكم بالهوى . رواه الحاكم (1)
عن أبى هريرة قال : والذى نفسى بيده ليكونن بالمدينة ملحمة يقال لها الحالقة ، لا أقول حالقة الشعر ، ولكن حالقة الدين ، فأخرجوا من المدينة ولو قدر بريد . رواه ابن أبى شيبة .
عن أبى هريرة قال : ليخرجن أهل المدينة من المدينة أعمر ما كانت ، نصفاً زهوا ونصفا رطبا ، قيل من يخرجهم ؟ قال : أمراء السوء . رواه ابن أبى شيبة
قال سعيد بن المسيب : ثارت الفتنة الأولى ، فلم يبق ممن شهد بدرا أحد ، ثم كانت الثانية ، فلم يبق ممن شهد الحديبية أحد ، قال وأظن لو كانت الثالثة لم ترتفع وفى الناس طباخ .
طباخ : خير ونفع .
قال البغوى : أراد بالفتنة الأولى مقتل عثمان ، وبالثانية الحرة .
ولابد من استباحة المدينة مرة أخرى آخر الزمان زمن السفيانى ، فيهاجرون إلى بيت المقدس طلبا للجهاد .
قال القرطبى فى التذكرة ص710
خراب المدينة هو وقعة الحرة ، قتل فيها بقايا **المهاجرين** والأنصار وخيار التابعين وعددهم 1700، وقتل **10.000** من أخلاط الناس سوى النساء والصبيان ، وقتل من حملة القرآن700 من قريش ، وقتل 97صبراً ، حتى خلت المدينة من أهلها وغدت الكلاب على سوارى المسجد ، ولابد أن يقع خراب المدينة أخر الزمان .
عن أبى هريرة قال : سمعت رسول لله صلى الله عليه وسلم يقول : يتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا العوافى يريد عوافى السباع والطير . رواه البخارى ومسلم (2)
قال محمد فؤاد عبد الباقى : أن هذا الترك للمدينة يكون فى آخر الزمان عند قيام الساعة . اهـ .
على خير ما كانت : من العمارة وكثرة الثمار وحسن المنظر .
يغشاها : يسكنها ويأتى إليها .
__________
(1) المستدرك 4/483 وقال صحيح على شرط الشخين ولم يخرجاه .
(2) فتح البارى 1874 -مسلم 499/1389(1/7)
**العوافي** : هى التى تطلب القوت والرزق من الدواب والطير .
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لتتركن المدينة على أحسن ما كانت حتى يدخل الكلب أو الذئب فيُغَذِّى على بعض سوارى المسجد .أو على المنبر ، فقالوا يا رسول الله فلمن تكون الثمار ذلك الزمان ؟ قال : للعوافى . الطير والسباع .
رواه مالك (1)
فيغذى : أى يبول دفعة بعد دفعة . ... العوافى : الطالبة لما تأكل .
قال القاضى عياض : هذا فما جرى فى العصر الأول وانقضى ، قال : وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم فقد تركت المدينة على أحسن ما كانت حين . انتقلت الخلافة عنها إلى **الشام** والعراق ، وذلك الوقت أحسن ما كانت للدين والدنيا ، أما الدين فلكثرة العلماء وكمالهم ، وأما الدنيا فلعماراتها وغرسها واتساع حال أهلها . اهـ
وسيخرج الناس من المدينة زمن السفيانى مهاجرين إلى بيت المقدس طلباً للجهاد .
20-رأس السبعين
عن أبى هريرة قال صلى الله عليه وسلم : تعوذا بالله من رأس السبعين وإمارة الصبيان .
رواه أحمد (2)
أى من فتنة تنشأ فى ابتداء السبعين من تاريخ الهجرة . ومن حكومة الصغار الجهال كيزيد بن معاوية وأولاد الحكم بن مروان وأمثالهم .
عن أبى هريرة قال صلى الله عليه وسلم : هلكة أمتى على يدى غلمة من قريش قال مروان : **لعنة** الله عليهم غلمة . فقال أبو هريرة : لو شئت أن أقول : بنى فلان وبنى فلان لفعلت . فكنت أخرج مع جدى إلى بنى مروان حين ملكوا بالشأم ، فإذا رآهم غلمانا أحداثا قال لنا عسى هؤلاء أن يكونوا منهم ؟ قلنا : أنت أعلم . رواه البخارى (3)
قال ابن حجر فى الفتح13/10 : الغلام : من نبت له شعر .
__________
(1) المموطأ صـ888 (كتاب الجامع 8)
(2) المسند 2/326 (صحيح المسند 8303 )
(3) فتح البارى 7058(1/8)
بنى فلان . وكأن أبا هريرة كان يعرف أسماءهم . وهم : يزيد بن معاوية وعبيد الله بن زياد ومن تنزل منزلتهم من أحداث ملوك بنى أمية ، الذين قتلوا أهل البيت ، وخيار المهاجرين والأنصار ، وغير خاف ما صدر عن الحجاج وسليمان بن عبد الملك وولده من سفك الدماء .
فكنت أخرج مع جدى : قائل ذلك عمرو بن يحى بن سعيد .
ويؤخذ من هذا الحديث استحباب هجران البلدة التى يقع فيها إظهار المعصية فإنها سبب وقوع الفتن التى ينشأ عنها عموم الهلاك .
قال ابن حجر : يتعجب من لعن مروان الغلمة المذكورين مع أن الظاهر أنهم من ولده ، فكأن الله تعالى أجرى ذلك على لسانه ليكون أشد فى الحجة عليهم لعلهم يتعظون .وقد وردت أحاديث فى لعن الحكم والد مروان وما ولد .
عن ابن مسعود عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال : تدور رحى الإسلام لخمس وثلاثين ، أو لست وثلاثين ، أو لسبع وثلاثين ، فإن يهلكوا فسبيل من هلك وإن يقم لهم دينهم يقم لهم سبعين عاماً . قلت : أمما بقى أو مما مضى ؟ قال مما مضى .
رواه أحمد وأبو داود والحاكم (1)
تدور رحى الإسلام لخمس وثلاثين أو ست وثلاثين أو سبع وثلاثين .
**اعلم** أن العلماء اختلفوا فى بيان معنى دوران رحى الإسلام على قولين : الأول أن المراد منه استقامة أمر الدين واستمراره وهذا قول **الأكثرين** ، و الثانى أن المراد منه الحرب والقتال وهذا قول الخطابى و البغوى أى شبهها بالرحى الدائرة التى تطحن لما يكون فيها من قبض الأرواح وهلاك الأنفس .وهذا القول رحجه شمس الحق آبادى .
وقيل : المراد بدوران رحى **الإسلام** استمرار أمر النبوة والخلافة واستقامة أمر الولاة وإقامة الحدود والأحكام من غير فتور ولا فطور إلى سنة خمس وثلاثين أو ست وثلاثين أو سبع وثلاثين من الهجرة .
وقيل : من الزمان الذى بقيت فيه من عمره صلى الله عليه وسلم خمس سنين أو ست سنين .
__________
(1) المسند 1/390 - أبو داود 4254 - المستدرك 3/114 ( الصحيحة 976 )(1/9)
وإن كان أراد سنة خمس وثلاثين من الهجرة ففيها خرج أهل مصر وحصروا عثمان رضى الله عنه ، وإن كانت سنة ست وثلاثين ففيها كانت وقعة الجمل ، وإن كانت سنة سبع وثلاثين ففيها كانت وقعة صفين .
فإن يهلكوا فسبيل من هلك : يعنى يهلكوا بالتغيير والتبديل والتحريف والخروج على الإمام **وبالمعاصى** والمظالم وترك الحدود وإقامتها ، فسبيلهم فى الهلاك بالتغير والتبديل والتحريف والوهن فى الدين سبيل من هلك من الأمم السالفة .
إن يقم لهم دينهم : أى لعدم التغيير والتبديل والتحريف والوهن يقم لهم سبعين عاماً من أول دولة الإسلام لا من انقضاء خمس وثلاثين أو ست وثلاثين أو سبع وثلاثين إلى انقضاء سبعين .
انقضت مدة الخلافة فى خمس وثلاثين سنة . وكان بين مبايعة الحسن بن على ومعاوية إلى انقضاء ملك بنى أمية سبعين سنة .
واستقامة حال الإسلام خمس وثلاثين من فتح **مكة إلى** نهاية خلافة الخلفاء الراشدين
عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر ، فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبراً فيموت إلا مات ميتة جاهلية .
رواه البخارى ومسلم (1)
أى من سعى فى حل عقد البيعة فإنه يموت كما يموت أهل الجاهلية من الضلال والفرقة وليس لهم إمام يطاع
**والسلطان** لا ينعزل بالفسق ولكن بالكفر الصريح
21- بنو أبى العاص
عن أبى سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا بلغ بنو أبى العاص ثلاثين رجلا ، اتخذوا عباد الله خولاً ومال الله دولا ، ودين الله دخلاً . رواه أحمد والحاكم (2) واللفظ له
خولاً : خدماً وعبيداً .يعنى أنهم يستخدمونهم ويستعبدونهم .
دولاً : هو ما يتداول من المال ، فيكون القوم دون قوم .
دخلاً : أى أدخلوا فى الدين أموراً لم ترد بها السنة .
22-الحجاج الثقفى ومقتل ابن الزبير (73 هـ)
__________
(1) فتح البارى 7143 - مسلم 1849
(2) المسند 3/80 -المستدرك 480 ( الصحيحة 744 )(1/10)
لما مات معاوية بن يزيد بايع أهل الآفاق ابن الزبير ولم يتخلف عن بيعته إلا بنو أمية ومن يهوى هواهم ومكث فى الخلافة تسع سنين ، ثم جهز له عبد الملك فحاصره الحجاج الثقفى وقتله عام73 هـ ثم اجتمع الناس على عبد الملك .
وقتل الحجاج 142 ألف نفس صبراً ، غير ما قتل فى المحاربات .
وأهان جماعة من الصحابة وختمهم فى رقابهم ومنهم أنس بن مالك .
ودس على ابن عمر من ضربة بحربة مسمومة فقتله . وكان الحجاج حينئذ أميراً على العراق والحجاز .
عن الزبير بن عدى قال : أتينا أنس فشكونا إليه ما يلقْون من الحجاج فقال : اصبروا فإنه لا يأتى عليكم زمان إلا الذى بعده أشر منه ، حتى تلقوا ربكم ، سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم . رواه البخارى (1)
قال ابن حجر فى الفتح : قال ابن بطال هذا الخبر من أعلام النبوة لإخباره صلى الله عليه وسلم بفساد الأحوال ، وذلك من الغيب الذى لا يعلم بالرأى وإنما يعلم بالوحى . اهـ
الحجاج : هو ابن يوسف الثقفى ، يشكون من ظلمه لهم وتعذيبه .
حتى تلقوا ربكم : حتى تموتوا .
ولكن من الملاحظ أن بعض الأزمنة تكون فى الشر دون التى قبلها ، ولذلك حمله الحسن البصرى على الأغلب عندما سئل عن زمن عمر **بن عبد العزيز** بعد الحجاج ، فقال : **لابد** للناس من تنفيس .
وقيل تفضيل مجموع العصر على مجموع العصر ، فإن عصر الحجاج كان فيه كثير من الصحابة أحياء ، وفى عصر عمر بن العزيز انقرضوا ، والزمان الذى فيه الصحابة خير من الزمان الذى بعده .
وقد فسره ابن مسعود فقال : لا يأتى عليكم يوم إلا وهو أقل علماً من اليوم الذى مضى قبله ، فإذا ذهب العلماء استوى الناس فلا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر فعند ذلك يهلكون . ورجحه ابن حجر ، أما زمن عيسى فله حكم مستأنف .
قال **ابن** تيمية : فد علم أهل النقل كلهم أن الحجاج لم يقتل أحداً من بنى هاشم
(رأس الحسين لابن **تَيْمِيَّة** صـ182 )
__________
(1) فتح البارى 7068(1/11)
وفى زمن بنى مروان قتل زيد بن على بن الحسين وصلب وحرق بالنار وقتل ابنه يحى
وفى زمنهم شربت الخمور وصلوا بالناس وهم سكارى .
23- استحلال البيت الحرام 73
استبيحت الكعبة فى زمن يزيد بن معاوية ورماها الحجاج بالمنجنيق عام73
ولا يستحل البيت إلا أهله ، وأهله هم المسلمون ، فإذا استحلوه فإنه يصيبهم الهلاك .
عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يبايع لرجل بين الركن والمقام ، ولن يستحل البيت إلا أهله ، فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب ، ثم تأتى الحبشة فيخربونه خراباً لا يَعْمُر بعده أبداً ، وهم الذين يستخرجون كنزه . رواه أحمد (1)
وقد حدث القتال فى مكة مرات عديدة ، وأعظم ذلك ما وقع من القرامطة فى القرن الرابع الهجرى ، حيث قتلوا المسلمين فى المطاف ، وقلعوا الحجر الأسود ، وحملوه إلى بلادهم ، ثم أعادوه بعد مدة طويلة ، ومع ذلك لم يكن ما حدث معارضا للآية الكريمة (أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا) (العنكبوت :67 ) لأن ذلك إنما وقع بأيدى المسلمين و المنتسيبن إليهم فهو مطابق لما جاء فى رواية الإمام أحمد من أنه لا يستحل البيت الحرام إلا أهله ، فوقع ذلك كما أخبر النبى صلى الله عليه وسلم ، وسيقع ذلك آخر الزمان لا يعمر مرة أخرى حين لا يبقى على ظهر الأرض مسلم . ( انظر فتح البارى 3 / 461 ـ 462 )
فقد استباح البيت الحرام جماعة من الجماعات عام 1400 هـ .
واستباحها أيضا جماعة من الإيرانيين عام 1407هـ . وستستباح قبل ظهور المهدى .
وآخر من يستبيحها ذو السويقتين من الحبشة فى آخر الزمان .
24-دولة بنى العباس ( 132هـ-658هـ)(الملك العضوض )
ما جرى فى دولة بنى العباس من المحن والبأس .
1- الرايات السود التى جاء بها بنو العباس حين استلبوا الملك من بنى أمية عام ... 132هـ
2- قتال أهل المدينة .
__________
(1) المسند 2/312 ( الصحيحة 579 )(1/12)
3- قتل محمد النفس الزكية بن عبد الله بن الحسن بن المثنى بن الحسن السبط بن على ... بن أبى طالب .
4- **قتل** جماعة من أتباع على .
5- **حبس** جعفر الصادق زمن المنصور .
6- **قتل** كثير من العلماء وتكليفهم القول بخلق القرآن عام 218 و**تعذيب** الإمام أحمد ... وذلك زمن المأمون الذى تزعم هذه المقالة وناصرها وتبع فى ذلك الجهمية والمعتزلة ... الذين روجوها عنده حتى امتحن بسببها علماء الإسلام ووقع على المسلمين بلاء ... عظيم ، واستمرت هذه الفتنة إلى زمن المعتصم والواثق .
25- فتنة الفاطمية ( القرن الرابع )308 هـ
استولى الفاطميون على المغرب ومصر نحوا من ثلاثمائة سنة و اظهارهم الرفض ونصرهم مذهب الباطنية وإلحادهم فى الدين .
واستولوا على مصر عام 308 هـ وبداية دولتهم بمصر عام 358 هـ .
ومن فتنهم التى بدأت من عام 464 إلى عام 648 هـ .
1-بنى الحاكم داراً للفقهاء والمحدثين وبعد ثلاث سنين هدمها وقتلهم .
2-جمع الحاكم 2660 جارية وحبسهن فى قصر إلى أن متن كلهن ، وبعد ستة أشهر ... أضرم عليهن النار فأحرقهن بثيابهن وحليهن .
3-أمر الحاكم بسب الصحابة .
4-نهى الحاكم عن أكل الملوخية والجرجير وعلل تحريمهما بأن معاوية كان يميل إلى ... الملوخية وعائشة إلى الجرجير .
5- نهى عن بيع العنب والرطب .
6- أمر النصارى واليهود بالدخول فى الإسلام كرها وخرب كنائسهم ثم أمرهم **بالعودة** إلى أديانهم ثم أعاد بناء كنائسهم .
7- ادعى الربوبية وكتب : باسم الحاكم الرحمن الرحيم ، واجتمع حوله الجهال ... ونادوه باسم الإله **وقالوا** : يا واحد يا أحد يا محي يا مميت .
8- صنف له الباطنية كتاباً ذكر فيه أن روح آدم انتقل إلى علىّ ثم إليه ، وقرىء ... هذا الكتاب بجامع القاهرة .
9-أباح الخمر والزنا .
وكان نفيهم على يد صلاح الدين الأيوبى عام 464 واستولى على الأمر أتباعهم الجراكسة عام922 ثم غلبهم ملوك عثمان ثم ظهرت فتنة القرامطة الذين استحلوا الحرم واستهانوا بالدين .(1/13)
26- ظهور الشرك فى هذه الأمة
هذا من العلامات التى ظهرت ، وهى فى ازدياد فقد وقع الشرك فى هذه الأمة ولحقت قبائل منها بالمشركين وعبدوا الأوثان ، وبنو المشاهد على القبور وعبدوها من دون الله ، وقصدوها للتبرك والتقبيل والتعظيم ، وقدموا لها النذور ، وأقاموا لها الأعياد ، وكثير منها بمنزلة اللات **والعزى** و مناة ، أو أعظم شركاً.
عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا وضع السيف فى أمتى لم يرفع عنها إلى يوم القيامة ، ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتى بالمشركين ، وحتى تعبد قبائل من أمتى الأوثان) رواه أبو داود (1)
تلحق قبائل من أمتى بالمشركين : منها ما وقع بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فى خلافة الصديق
الأوثان : الأصنام .
عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى تضطرب ألَيَاتُ نساء دَوْس حول ذى الخَلَصَة رواه البخارى (2)
الأليات : الأعجاز والمراد يضطربن من الطواف حول ذى الخلصة أى يكفرون ويرجعون إلى عبادة الأصنام وتعظيمها .
ذو الخلصة : طاغية دوس التى كانوا يُعبدون فى الجاهلية .
ودوس : قبيلة من اليمن .
__________
(1) ابو داود 4252 - ( الصحيحة 1683 )
(2) فتح البارى 7116 -مسلم 2906(1/14)
وقد وقع ما أخبر به النبى صلى الله عليه وسلم : فى هذا الحديث فإن قبيلة دوس وما حولها من العرب قد افتتنوا بذى الخلصة عندما عاد الجهل إلى تلك البلاد فأعادوا سيرتها الأولى وعبدوها من دون الله حتى قام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بالدعوة إلى التوحيد ، وجدد ما اندرس من الدين ، وعاد الإسلام إلى جزيرة العرب ، فقام الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود رحمه الله وبعث جماعة من الدعاة إلى ذى الخلصة فخربوها وهدموا بعض بنائها ولما انتهى حكم آل سعود على الحجاز فى تلك الفترة عاد الجهال إلى عبادتها مرة ثانية ، ثم لما استولى الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله على الحجاز أمر عامله عليها فأرسل جماعة من جيشه فهدموها وأزالوا أثرها ولله الحمد والمنة(انظر اتحاف الجماعة1/522 -533 )
عن عائشة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات و العزى ) فقلت : يا رسول الله ، إن كنت لأظن حين أنزل الله : ( هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) (الصف :9 ) أن ذلك تاماً ، قال : إنه سيكون من ذلك ما شاء الله ، ثم يبعث الله ريحاً طيبة فَتَوَفىَّ كل من فى قلبه مثقال حبة خردل من إيمان فيبقى من لا خير فيه ، فيرجعون إلى دين **آبائهم** . رواه مسلم (1)
لا يذهب الليل والنهار : أى لا ينقطع الزمان ولا تأتى القيامة .
ومظاهر الشرك كثيرة فليست محصورة فى عبادة الأحجار والأشجار والقبور ، بل تتعدى ذلك إلى اتخاذ الطواغيت أنداداً مع الله تعالى ، يشرعون للناس من عند أنفسهم .
__________
(1) مسلم 2907(1/15)
ويلزمون الناس بالتحاكم إلى شريعتهم وترك شريعة الله فينصبون أنفسهم آلهة مع الله تعالى وتقدس ، كما قال تعالى : (اتخذوا أحبارهم **ورهبانهم** أرباباً من دون الله) "التوبة :31" أى : جعلوا علماءهم وعبادهم **آلهة** يشرعون لهم فإنهم اتبعوهم فيما **حللوا وحرموا** ( انظر ابن كثير 4/77 )
وإذا كان هذا فى التحليل والتحريم فكيف بمن نبذوا الإسلام وراءهم ظهريا ، واعتنقوا المذاهب الإلحادية : من علمانية وشيوعية واشتراكية وقومية ثم يزعمون أنهم مسلمون .
فتنة القرامطة (311 هـ)
قتل أبو طاهر القرمطى الحجاج فى المسجد الحرام ، وطرح القتلى فى بئر زمزم ، وضرب الحجر الأسود فكسره ثم اقتلعه وأخذه معه عام 320 هـ فى خلافة المقتدر ، واستمر عندهم أكثر من عشرين سنة ، وأعيد خلافة المطيع
استهان القرامطة بالدين وأحلوا الحرام
صعد القرمطى المنبر وقال : أنا بالله وبالله أنا يخلق الخلق وأفنيهم أنا .
فتقطع جسده بالجدرى .
ظهور الرافضة
الرافضة هم فرقة من فرق الشيعة سموا بالرافضة لأنهم **رفضوا** زيد بن على ، فاستبدوا بالملك ، وأظهروا الطعن واللعن على السلف الصالح والصحابة ، وقتلوا العلماء ، ونبشوا قبورهم . والقرآن يقضى بكفرهم فى قوله تعالى : ليغيظ بهم الكفار .
استبد الرافضة بالملك وإظهار الطعن واللعن على جناب الصحابة الكرام وهذا أعظم الفتن وأشد المحن وموت السنن .
وقد أخبر النبى صلى الله عليه وسلم أن من أشراط الساعة أن يلعن آخر هذه الأمة أولها ، وقد وقع وقوعاً لا يخفى على أحد من الناس عرباً كانوا أو عجماً .
ومن فتنتهم **أنهم** قتلوا العلماء بأكثر البلاد حتى استولوا على بغداد وشيراز وغيرهما .
وهم يملكون بلاد الإسلام كأصفهان . ومن رؤسائهم نصير الدين الطوسى الذى كان ذا منزلة عند **هولاكو** قائد التتار .(1/16)
قال ابن القيم فى كتابه **إغاثة** اللهفان : لما انتهت النوبة إلى نصير الشرك والكفر والإلحاد وزير الملاحدة الطوسى وزير **هولاكو** ، شفى نفسه من أتباع الرسول وأهل دينهم فعرضهم على السيف حتى شفا **إخوانه** من الملاحدة واشتفى هو فقتل الخليفة والقضاة والفقهاء والمحدثين ، واستبقى الفلاسفة والمنجمين والطبائعيين والسحرة ، ونقل أوقاف المدارس والمساجد والربط اليهم ، و**جعلهم** خاصته وأولياءه ، ونصر فى كتبه قدم العالم ، وبطلا المعاد ، وإنكار صفات الرب جل جلاله من علمه وقدرته وحياته وسمعه وبصره ، واتخذ للملاحدة مدارس ، ورام جعل إشارات إمام الملحدين ابن سينا فكان القرآن فلم يقدر على ذلك ، فقال : هى قرآن الخواص ، وذلك قرآن العوام ، ورام تغيير الصلاة وجعلها صلاتين فلم يتم له الأمر ، وتعلم السحر فى آخر الأمر فكان ساحراً يعبد الأصنام . اهـ
وتوفى فى ذى الحجة سنة 672 هـ .
27- نار بالحجاز (654 هـ)
عن أبى هريرة قال صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز تضىء أعناق الإبل **ببُصْرِى** . رواه البخارى ومسلم (1)
**بُصْرَى** : مدينة بالشام تسمى حوران
وقد ظهرت هذه النار وبقيت أياماً ، وكان نساء المدينة يغزلن على ضوئها (2)
__________
(1) فتح البارى 7118 -مسلم 2902
(2) فتح البارى13/84(1/17)
خرجت هذه النار من جانب المدينة الشرقى وحدثت قبلها زلزلة عظيمة ثم خرجت **بقُرَيْظَة** عند قاع التنعيم بطرف الحرة ليلة الأربعاء بعد العشاء من **جمادى** الآخرة عام654 هـ واستمرت إلى ضحى النهار يوم الجمعة وكان يحيط بالنار ثرى فى صورة البلد العظيم عليها سور يحيط بها شرفات وأبراج ومآذن ويُرى رجال يقودونها لا تمر على جبل إلا دكته وأذابته ويخرج من مجموع ذلك نهر أحمر ونهر أزرق له دوى كدوى الرعد يأخذ الصخور والجبال بين يديه وينتهى إلى البحر محط الركب العراقى و انتهت النار إلى قرب المدينة وكان يلى المدينة نسيم بارد ويشاهد من هذه النار غليان كغليان البحر وانتهت إلى قرية من قرى اليمن فأحرقتها ، وقد رئيت من مكة ومن جبال بصرى .
قال أبو شامة : فى سنة أربع وخمسين وستمائة فى يوم الجمعة خامس جمادى الآخرة ظهرت نار بأرض المدينة النبوية فى بعض تلك الأودية طول أربع فراسخ وعرض أربعة أميال تُسيل الصخر حتى يبقى مثل الآنك ثم يصير كالفحم الأسود وأن ضوءها كان الناس يسيرون عليه بالليل إلى تيماء وأنها استمرت شهراً وقد ضبط ذلك أهل المدينة وعملوا فيها أشعاراً
ويقول ابن كثير : أخبرنى قاضى القضاة صدر الدين على بن القاسم عن والده صفى الدين مدرس الحنفية ببصرى أنه أخبره غير واحد من الأعراب صبيحة تلك الليلة ممن كان بحاضرة بلدة بصرى أنهم شاهدوا أعناق الإبل فى ضوء هذه النار التى ظهرت من أرض الحجاز .
قال النووى : تواتر العلم بها عند جميع أهل الشام وسائر البلدان .
28- زوال ملك العرب(923هـ)
زوال ملك العرب بزوال الملك عن بنى العباس.
عن طلحة بن مالك قال : من اقتراب الساعة هلاك العرب . رواه الترمذى (1) وهو ضعيف ولكن قد تحقق وزال ملك العرب بزوال الملك عن بنى العباس .
وبعدها بدأت الدولة العثمانية من 924 -إلى1342 هـ أى عام1924 م وهو عام زوال الخلافة الإسلامية .
__________
(1) الترمذى 3929 (ضعيف -مشكاه 5991 )(1/18)
29- احتراق المسجد النبوى924 هـ
احترق المسجد النبوى ليلة الجمعة أول ليلة من رمضان بعد صلا ة التروايح على يد الفراش بسقوط زبالة من يده ، فأتت النار على جميع سقوفة
ووقعت بعض سواريه وذاب الرصاص واحترق سقف الحجرة الشريفة ووقع بعضه فى الحجرة .
قال الشاعر :
لم يحترق حرم النبى لريبة تخشى عليه ولا دهاه العار .
لكنه أيد الروافض لامست ذاك الجناب فطهرته النار .
وكان احتراقه زمن الدولة العثمانية (924 هـ -1342 هـ) .
30-الفتوحات
غزو جزيرة العرب واليمن والشام والعراق
عن أبى جحيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ستفتح عليكم الدنيا حتى تنجد بيوتكم كما تنجد الكعبة ، فأنتم اليوم خير من يومئذ . رواه الطبرانى (1)
تنجد : تزين .
عن أبى نافع بن عتبة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله ، ثم فارس فيفتحها الله ثم تغزون الروم فيفتحها الله ، ثم تغزون الدجال فيفتحه الله . رواه مسلم (2)
الخطاب للصحابة والمراد الأمة
بدأ غزو جزيرة العرب فى حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
عن سفيان بن أبى زهير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تفتح اليمن فيأتى قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم ، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ، وتفتح الشأم ، فيأتى قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم ، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ، وتفتح العراق فيأتى قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم ، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون . رواه البخارى ومسلم (3)
والحديث يدل على فضل المدينة على أهل اليمن والشام والعراق ، وهو أمر مجمع عليه
__________
(1) الطبرانى - الصحيحة 1883
(2) مسلم 2900
(3) فتح البارى 1875 - مسلم 1388(1/19)
وهذه معجزة ظاهرة لإخباره بفتح الأقاليم وأن الناس يتحولون إليها بأهليهم ويفارقون المدينة ، ولو لازموها لكان خيراً لهم ، وقد كان كله علا الترتيب المذكور ، وقيل يسوقون مسرعين إلى هذه البلاد .
يبسون : يزينون لأهليهم البلاد التى تفتح ليتحولوا إليها للإقامة والسكنى .
يتحملون : يحملون زوجاتهم وأبناءهم .
فتحت اليمن فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم وفى أيام أبى بكر .
وبدأ فتح الشام عام 67 هـ .
وبدأ فتح العراق عام72 هـ .
عن عبد الله بن **حوالة** أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : سيصير الأمر إلى أن تكونوا جنوداً مجندة ، جند بالشام ، وجند باليمن ، وجند بالعراق ، عليك بالشام ، فإنها خيرة الله من أرضه ، يَجْتبَى إليها خيرته من عباده ، فأما إن أبيتم فعليكم بيمنكم ، واسقوا من غُدُرِكم ، فإن الله توكل لى بالشام وأهله . رواه أحمد و ابو داود (1)
جنوداً مجندة : مختلفة وقيل مجتمعة . والمراد ستصيرون فرقاً ثلاثة .
أبيتم : امتنعتم من التزام الشام .
غدركم : الغدير هو الحوض .أى القطعة من الماء يغادرها السيل .
عن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة .رواه مسلم (2)
الغرب : العرب ... والغرب : الدلو الكبير وهو من اختصاص العرب وقيل الغرب من الأرض. وقيل من هم بالشام . وقيل من هم ببيت المقدس .
عن أبى أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله اسقبل بى الشام ، وولى ظهرى اليمن ، ثم قال لى : يا محمد إنى قد جعلت لك ما تجاهك غنيمة ورزقاً ، وما خلف ظهرك مدداً ، ولا يزال الله يزيد الإسلام وأهله ، وينقص الشرك وأهله ، حتى يسير الراكب بين كذا -يعنى البحرين -لا يخشى إلا جوراً ، وليبلغن هذا الأمر مبلغ الليل .
رواه أبو نعيم (3)
مصر(20هـ)
__________
(1) المسند 4/110 - أبو داود 2483 -(صحيح الجامع 3659 )
(2) مسلم 1925
(3) الحلية 6/107 (صحيح - الصحيحة 35 )(1/20)
عن أبى ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنكم ستفتحون مصر وهى أرض يسمى فيها القيراط ، فإذا فتحتموها فاستوصوا بأهلها خيراً، فإن لهم ذمة ورحما ( أو قال : ذمة وصهراً ) ، فإذا رأيت رجلين يختصمان فيها فى موضع لبنة ، فاخرج منها قال فرأيت عبد الرحمن بن **شُرَحْبيل بن حَسَنَة** وأخاه ربيعة ، يختصمان فى موضع لبنة ، فخرجت منها . رواه مسلم (1)
ذمة : حرمة وحق .
رحماً : قرابة لأن هاجر أم **إسماعيل** منهم . وصهرا : الصهر لكون مارية أم ابراهيم منهم.
يختصمان : يتنازعان . ... لبنة : طوبة .
وقد افتتحها عمرو بن العاص عام20 هـ أيام عمر بن الخطاب .
القيراط : جزء من أجزاء الدينار والدرهم.وهو نصف عشر دينار .
قال القاضى : أى يكثر أهلها ذكر القراريط فى معاملاتهم لتشددهم فيها ، وقلة مروءاتهم .
قال الطحاوى : القراريط كلمة يذكر أهلها فى المسابة ويقولون أعطيت فلاناً قراريط أى أسمعته المكروه .
قال **مُلاَّ عَلِيّ القَارِى** : ومعنى الحديث أن القوم لهم دناءة وخسة أو فى لسانهم بذاء وفحش . وقال فإذا استوليتم على أهلها وتمكنتم منهم فأحسنوا إلى أهلها بالصفح والعفو عما تنكرون، ولا يحملنكم سوء أفعالهم ، وأقوالهم على **الإساءة** ، فإن لأهلها ذمة أى حرمة وأماناً من جهة ابراهيم ابن النبى صلى الله عليه وسلم : ورحماً أى قرابة من هاجر أم **إسماعيل** عليه السلام ، فإن هاجر ومارية كانتا من القبط .فإذا رأيتم رجلان يختصمان فى موضع لبنة وهى الآجر قبل طبخة . فاخرج **يا أبا** ذر من مصر. ولعله صلى الله عليه وسلم خص الأمر به شفقة عليه من وقوعه فى الفتنة لو أقام بينهم ، وقد وقعت الفتنة فى آخر عهد عثمان حين عتبوا عليه ولاية ابن أبى السرح أخيه من الرضاعة ، فخرج المصريون على عثمان أولاً ،
وقتلوا محمد بن أبى بكر ثانياً وهو والٍ عليهم من قبل على .
__________
(1) مسلم 2543(1/21)
أو علم أن فى طباع سكانها خسة فإذا تخاصموا تحرز عن مخالطتهم وتجنب مساكنتهم (المرقاة 11/4 ).(1/22)
فتح فارس والروم
بدأ غزو فارس والروم عام 15هـ :
عن أبى هريرة قال : قال صلى الله عليه وسلم : هلك كسرى ثم لا يكون كسرى بعده ، وقيصر ليهلكن ثم لا يكون قيصر بعده ، ولتقسمن كنوزهما فى سبيل الله .
رواه البخارى ومسلم (1)
هلك : سيهلك ملكه ، وإنما عبر عنه بالمضى لتحقق وقوعه وقربه .
كسرى : لقب لملك الفرس ، والمعنى : لا يملك كسرى كافر بل يملكه المسلمون بعده إلى يوم القيامة .
قيصر : لقب لملك الروم .
ليهلكن : للتأكيد مع زيادة المبالغة .
الكنز : المال المدفون والذى يجمع ويدخر .
أما كسرى فقد هلك عام6 هـ وسلب ملكه زمن عمر وتلاشى فى أيام عثمان
وأما قيصر (هرقل) فقد هلك زمن عمر عام20 هـ
وإن جاء بعد ذلك أكاسرة فليس لهم ناموس كما لهم من قبل . وذلك لأن كسرى مزق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدعا عليه أن يمزق ملكه فانقطع إلى يوم القيامة ، وأما قيصر فقد دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما قرأ كتابه أن يثبت ملكه ، فلم يذهب ملك الروم إلا من الجهة التى خلا منها . وقد وقع ذلك كما أخبر سواء بسواء فإنه فى زمن أبى بكر وعمر وعثمان انزاحت يد قيصر ذلك الوقت ، واسمه هرقل عن بلاد الشام والجزيرة .
عن جابر بن سمرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لتَفَتْحَنَ عصابة من المسلمين أومن المؤمنين ، كنز آل كسرى الذى فى الأَبْيَض .رواه مسلم (2)
أى لتأخذن جماعة من المسلمين كنز آل كسرى وقد أخرج كنزه فى أيام عمر
الذى فى الأبيض : قصر حصين بالمدائن والآن مكانه مسجد المدائن .
__________
(1) فتح البارى 3027- مسلم 2918
(2) مسلم 78/2919(1/1)
عن ابن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فُتحت عليكم فارس والروم أىُّ قوم أنتم ؟ قال عبد الرحمن بن عوف : نقول كما أمرنا الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أو غير ذلك ، تتنافسون ثم تتحاسدون ، ثم تتدابرون ، ثم تتباغضون ثم تنطلقون فى مساكن المهاجرين فتجعلون بعضهم على رقاب بعض .
رواه مسلم (1)
نقول كما أمرنا الله : أى نحمده ونشكره ، ونسأله المزيد من فضله .
تتنافسون : يريد كل منكم الإنفراد بالدنيا دون غيره و تتسابقون إلى الشىء كراهة أن يأخذه غيركم وهو أول درجات الحسد .
أما الحسد : فهو تمنى زوال النعمة عن صاحبها . والتدابر : التقاطع والتباغض فهو بعد ذلك . ثم تنطلقون إلى الضعفاء فتجعلون بعضهم أمراء على بعض .
عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا : خوزا وكرمان من الأعاجم ، حمر الوجوه ، فطس الأنوف ، صغار الأعين كأن وجوههم المجَان المُطرقة ، نعالهم الشعر . رواه البخارى (2)
خوزا : **الخُوز :** بلاد الأهواز **وتُسْتَر**، وقيل اسم لجميع بلاد خوزستان .
كرمان : ما بين خراسان وبحر الهند ، كنيسابور والهند والسند والصين وفتحت هذه المدائن زمن الصحابة وقيل إقليم بين فارس وسجستان .
وخوزا وكرمان : ليسا من بلاد الترك ، خوزا من عراق العجم ، وكرمان من بلاد العجم بين خراسان وبحر الهند ، ولا مانع من اشراك وصفهم مع الترك .
فطس الأنوف : أى انفراش الأنف .
فى عام15 هـ كانت معركة القادسية ، ثم فتحت **أذربيجان و نهاوند وهَمَذَان وجُرْجَان والدِّيْنَوَر** .
وفى عام 30 فتحت خراسان .
وفى عام 42فتحت سجستان .
وفى عام 44فتحت كابل بأفغانستان .
وفى عام 62فتحت خوارزم و سمرقند واستمرت الفتوحات حتى شملت بلاد العجم كلها.
__________
(1) مسلم 2962
(2) فتح البارى 3590(1/2)
عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتى بأخذ القرون قبلها ، شبراً بشبر ، وذراعا بذراع ، قيل : يا رسول الله، كفارس والروم؟ فقال : ومن الناس إلا أولئك . رواه البخارى (1)
القرن : الأمة من الناس .
الشبر : ما بين رأس الإبهام ورأس الخنصر والكف مفتوحة والمراد بيان شدة اتباعهم والمبالغة فى تقليدهم .
أراد هؤلاء الذين يتبعونهم كفارس والروم وهما جيلان مشهوران من الناس لكونهما كانا إذ ذاك أكبر ملوك الأرض وأكثرهم رعية وأوسعهم بلاداً .
عن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يوشك أن يملأ الله عز وجل أيديكم من العجم ثم يكونون أسداً لا يفرون فيقتلون مقاتلكم ويأكلون فيئكم رواه أحمد (2)
عن أم حرام قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أول جيش من أمتى يغزون البحر قد أوجبوا ، قالت أم حرام قلت يا رسول الله ، أنا فيهم ؟ قال : أنت فيهم ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أول جيش من أمتى يغزون قيصر مغفور لهم ، فقلت : أنا فيهم يا رسول الله ؟ قال : لا . رواه البخارى (3)
البحر : قبرص عام 72هـ مع معاوية حين استأذن عثمان فى غزو قبرص .
مدينة قيصر : القسطنطينية وهى بناها قسطنطين الملك وهو أول من أظهر دين النصرانية ودونه وهى مدينة مثلثة الشكل منها جانبان فى البحر وجانب فى البر ولها سبعة أسوار .
فى عام 15هـ كانت غزوة اليرموك ، وفى عام 27هـ فتح معاوية قبرص ، وفى عام 34هـ كانت غزوة ذات الصوارى ، وفى عام 89هـ كانت غزوة عموريه .
كانت غزوة يزيد فى سنة 52 هـ
أوجبوا : فعلوا فعلاً وجبت لهم به الجنة . أو أوجبوا لأنفسهم المغفرة والرحمة بذلك
__________
(1) فتح البارى 7319
(2) المسند 5/11 قال الهيثمى فى المجمع 7/310 رجال أحمد رجال الصحيح
(3) فتح البارى2924(1/3)
قيصر : ملك الروم يعنى القسطنطينية ...مغفور لهم : لا يلزم منه كون يزيد مغفوراً له لكونه منهم إذ الغفران مشروط بكون الإنسان من أهل المغفرة ويزيد ليس كذلك لخروجه بدليل خاص : **وقد أطلق** جمع محققون حل لعن يزيد .
الإيمان فى الفرس
عن أبى هريرة قال : كنا جلوساً عند النبى صلى الله عليه وسلم : فأنزلت عليه سورة الجمعة "وآخرين منهم لما يلحقوا بهم " قال : قلت من هم يا رسول الله ؟ فلم يراجعه ، حتى سأل ثلاثاً.وفينا سلمان الفارسى . وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان ثم قال : لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء .رواه البخارى ومسلم (1)
آخرين منهم : الفرس . .... هؤلاء : الفرس بقرينة سلمان .
عن أبى هريرة قال : قال ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله : من هؤلاء الذين ذكر الله " إن تولينا استبدلوا بنا ثم لا يكونوا أمثالنا " ، وكان سلمان بجنب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذ سلمان وقال : هذا وأصحابه . والذى نفسى بيده لو كان الإيمان منوطا بالثريا لتناوله رجال من فارس . رواه الترمذى (2)
استبدلوا بنا : يجعلوا بدلنا . منوطا : متعلقا .
الثريا : النجم المعروف . لتناوله : أخذ الإيمان .
عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : لو كان العلم بالثريا لتناوله ناس من أبناء فارس . رواه أحمد (3)
__________
(1) فتح البارى 4897 مسلم 2546
(2) الترمذى 3261 - (صحيح الترمذى 2599)
(3) المسند 1/297 (صحيح المسند 7937)(1/4)
قال فى معجم البلدان : فارس : أى خراسان . لأنك إن طلبت مصداق الحديث فى فارس لم تجده أولا ولا آخراً وتجد هذه الصفات نفسها فى أهل خراسان ، **ودخلوا** فى الإسلام رغبة ومنهم العلماء والنبلاء والمحدثون والمتعبدون ، وإذا حررت **المحدثين** من كل بلد وجدت نصفهم من خراسان ، وجل رواة الرجال منها ، وأما أهل فارس فكنار خمدت لم يبق لهم بقية بذكر ولا شرف ( فيض القدير 5/322 )
قال القسطلانى وقد ظهر ذلك فى العيان ، فإنه ظهر فيهم الدين وكثر ، وكان وجود ذلك فيهم دليلاً من أدلة صدقه صلى الله عليه وسلم .
قال القرطبى : وقع ما قاله صلى الله عليه وآله وسلم عياناً ، فإنه وجد منهم ممن اشتهر ذكره من حفاظ الآثار والعناية بها ما لم يشاركهم فيه أحد من غيرهم .
قال القنوجى فى عون البارى 4/738 : حديث الباب فيه إخبار من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصادق المصدق بإيمان أهل الحديث والعلماء به ، فإنهم الذين ساحوا أقطار الأرض وأقصى أمصارها فى طلب الأخبار وجمع الآثار حتى رحل بعضهم فى طلب حديث واحد من بلد إلى مسافة شهر أو أكثر ، كأنهم جهدوا فى ذلك من الثرى إلى الثريا ، وهذا الوصف لا يوجد فى غير هؤلاء العصابة ، ولا ينكره إلا جاحد مكابر لا يعرف أحوال الناس وتاريخ العالم . ويؤيد هذا المفهوم قوله صلى الله عليه وسلم فى رواية أخرى : يتبعون سنتى ويكثرون الصلاة علىّ ، وليس هذا الإتباع وهذا الإكثار إلا فى زمرة المحدثين . ومن خص حديث الباب برجل من رجال الأمة أو فقيه من فقهائها فقد أبعد النجعة .
إن رجال الحديث وأساطينه ما كانوا إلا من فارس ، وقد ظهرت شمسهم فى القرن الثالث فأضاءت مشارق الأرض ومغاربها .وقد فاقوا العرب فى الدين والدليل على ذلك أن منهم الأعلام الستة فى السنة وغيرهم :
1-البخارى : ولد فى بخارى .
2-مسلم : ولد فى نيسابور .
3- أبو داود : ولد فى سجستان ، وهى بين السند وهراة أو بين خراسان وكرمان(1/5)
4-الترمذى : ولد بترمذ . وهى مدينة قديمة على طرف نهر بلخ (جيحون) .
5-النسائى : ولد بنيسابور ، وهى بلدة بخراسان .
6-ابن ماجة : من أهل قزوين .
7-الدارمى : استقضى بسمرقند .
8-البيهقى : ولد بنيسابور .
والفرس هم العجم ، وهم من ولد فارس بن جابر بن يافث بن نوح عليه السلام .
غزو الهنـ- أبو داود : الزهد44 هـ
عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عصابتان من أمتى **أحرزهما** الله من النار، عصابة تغزو الهند ، وعصابة تكون مع عيسى بن مريم عليه السلام .
رواه أحمد والنسائى (1)
أحرزهما : حفظهما .
عن أبى هريرة قال صلى الله عليه وسلم : يكون فى هذه الأمة بعث إلى السند والهند .
رواه أحمد (2)
وقاتل نواب بنى أمية الأتراك فى أقصى بلاد السند والصين وقهروا ملكهم
فتح بيت المقدس (16)
**عن عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ مَوْتِي ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ... » . **رواه البخارى (3)
فتح مرتان : الأولى : زمن عمر بن الخطاب عام 16هـ وطهرها من اليهود والنصارى وبنى بها مسجداً .
الثانية : زمن صلاح الدين الأيوبى عام 580هـ وبعد موته رده بعض أولاده إلى النصارى ، ثم استرده حفيده داود الملك الناصر عام654 هـ .
5-الترك
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا الترك ، صغارَ الأعين ، حُمْرَ الوجوه ذُلْفَ الأُنوف ، كأن وجوههم المِجانَّ المُطْرقَة ، ولا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر رواه البخارى ومسلم (4)
الترك : وهم بنو قنطوراء أمة كانت لإبراهيم عليه السلام .وقيل هم الديلم . وقيل هم من أولاد يافث : وقيل هم بنو عم يأجوج و مأجوج .
__________
(1) المسند 5/278 النسائى 6/42 (صحيح الجامع 3900 - الصحيحة 1934 )
(2) المسند 2/369 (صحيح المسند 8797 )
(3) فتح البارى 3176
(4) فتح البارى 2928 - مسلم 2912(1/6)
ذلف الأنوف :صغارها ، والعرب تقول : أملح النساء الذلف ، وقيل قصر الأنف وانبطاحه .
المجان المطرقة : المجان التى ألبست أغشية من الجلود أى التروس المجلدة طبقة فوق طبقة
نعالهم الشعر : يلبسون الشعر ويمشون فيه،وهم غير الترك ، قيل هم من الزنادقة أصحاب بابك كانت لهم شوكة أيام المأمون استباحوا المحرمات ، وقتل بابك أيام المعتصم عام 222 هـ .
قاتل المسلمون التركَ التتارَ فى دولة بنى أميه عصر الصحابة فى عهد معاوية واستمر القتال حتى القرن السادس ، و آخرهم تيمور الأعرج الذى حرق دمشق حتى جعلها خاوية على عروشها ، فكان خراب بغداد وقتل المعتصم ودخول جميع البلاد ، وقضوا على الخلافة العباسية ، وقد دخل كثير من الترك الإسلام ووقع على أيديهم خير كثير، وكونوا دولة إسلامية قوية وفتحوا البلاد حتى فتحوا القسطنطينية عاصمة الروم . ... ...
قال السبكى : لم يكن منذ خلق الله الدنيا فتنة أكبر من فتنة التتار ، فإنهم خربوا المساجد وحرقوا المصاحف والكتب ، وقتلوا الرجال ، وسبوا النساء وبقروا بطونهن فأخرجوا أولادهن وقتلوهن . اهـ
التتار خرجوا على المسلمين عام 617 فقتلوا ما وراء النهر وما دونه من جميع بلاد خراسان وخربوا مدينة نشاور .
عن أبى بكرة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل ناس من أمتى بغائط يسمونه البصرة عند نهر يقال له دجلة ، يكون عليه جسر يكثر أهلها وتكون من أمصار المهاجرين ، فإذا كان فى آخر الزمان جاء بنو قنطوراء عراض الوجوه صغار الأعين ، حتى ينزلوا على شط النهر ، فيتفرق أهلها ثلاث فرق : فرقة يأخذون أذناب البقر والبرية وهلكوا ، وفرقة يأخذون لأنفسهم وكفروا ، وفرقة يجعلون ذراريهم خلف ظهورهم ويقاتلونهم وهم الشهداء . رواه أبو داود (1)
غائط هو المطمئن الواسع من الأرض .البصرة : الحجارة الرخوة ، والبصرة بناها **عقبة بن ** غزوان عام 17 هـ فى خلافة عمر .
__________
(1) ابو داود 4306 (حسن - الجامع 8170)(1/7)
جسر : قنطرة ومعبرة . .... بنو قنطوراء : هم الترك .
يأخذون أذناب البقر : أى يعرضون عن المقاتلة هرباً منها وطلباً لخلاص أنفسهم ومواشيهم .
وهلكوا : هذه الفرقة تركت الجهاد واشتغلت بمواشيها فى البرية حتى هلكوا .
يأخذون لأنفسهم : يطلبون الأمان من بنى قنطوراء .
وكفروا : هذه الفرقة يأخذون الأمان من بنى قنطوراء ونزلوا على حكمهم وكفروا .
يجعلون ذراريهم : أى أولادهم الصغار والنساء .
ويقاتلونهم وهم الشهداء : أى الكاملون .
وهذه من معجزاته صلى الله عليه وسلم ، فقد وقعت كما أخبر فى سنة 656 هـ
31-كثرة الزلازل **( 32 هـ )**
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم ، وتكثر الزلازل ، ويتقارب الزمان ، وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل . رواه البخارى (1)
عن أبى موسى قال : قال صلى الله عليه وسلم :إن أمتى مرحومة ، ليس عليها فى الآخرة عذاب ، إنما عذابها فى الدنيا ، القتل والبلايا والزلازل رواه أحمد (2)
1- وقع فى خلافة المتوكل عام 232 زلزلة مهولة بدمشق سقطت فيها دور وهلك خلق ، امتدت إلى أنطاكية فهدمتها وإلى الجزيرة فأحرقتها ،وإلى الموصل فهلك من أهلها خمسون ألفاً.
2- وفى عام242 وقعت زلزلة عظيمة بتونس و خراسان و نيسابور و طبرستان و أصبهان ، تقطعت جبال وتشققت الأرض .
3- وفى عام 245 عمت الزلازل الدنيا ، فخربت المدن والقناطر وسقط من أنطاكية جبل فى البحر
4- وفى خلافة المعتضد عام 280 وقعت زلزلة عظيمة بالديبل هدمت البلدة ، وأخرج من تحت الردم 150 ألف إنسان .
5- وفى سنة 544 وقعت زلزلة ببغداد عشرات المرات وتقطع جبل بحلوان
6- وفى سنة 597 وقعت زلزلة كبرى بمصر والشام والجزيرة خربت أماكن كثيرة .
__________
(1) فتح البارى 1036
(2) أبو داود (4278 ) المسند 4/410 (صحيح الصحيحة 959 )(1/8)
7- وفى سنة 552 وقعت زلزلة عظيمة بالشام وحلب وشيراز و أنطاكية وطرابلس ، وهلك خلق كثير ، وهلك كل من فى شيراز إلا امرأة وخادماً ، وخربت صيدا وبيروت وطرابلس وعكا وصور ومات فى هذه السنة مليون ومائة ألف إنسان
8 -وفى سنة 662 حدث زلزلة عظيمة بمصر .
هذه هى بعض الزلازل العظام التى نقلت فى كتب التاريخ ، وأما الزلازل الصغار فلا تكاد تنحصر
عن عبد الله بن حوالة قال : قال صلى الله عليه وسلم : يا ابن حوالة ، إذا رأيت الخلافة قد نزلت أرض المقدسة فقد دنت الزلازل والبلابل والأمور العظام ، والساعة يومئذ أقرب من الناس من يدى هذه من رأسك . رواه أبو داود (1)
الخلافة : خلافة النبوة
أرض المقدسة : أى من المدينة إلى أرض الشام كما وقعت فى إمارة بنى أمية
دنت : قربت البلابل : الهموم والأحزان
32- الريح الحمراء (232هـ)
فى عام 232 هـ فى خلافة المتوكل هبت بالعراق ريح شديدة السموم أحرقت الزرع وقتلت المسافرين ودامت خمسين يوما أهلكت خلقا كثيرا
فى عام 280 فى خلافة المعتضد ، أظلمت الدنيا إلى العصر فهبت ريح سوداء دامت إلى ثلث الليل وأعقبها زلزلة عظمية أذهبت عامة بلد الديل .
فى عام 285 هبت ريح صفراء بالبصرة ثم صارت خضراء ثم صارات سوداء
فى عام 524 ظهرت سحابة على الموصل أمطرت ناراً وأحرقت ما نزلت عليه
فى عام 596 هبت ريح سوداء بمكة ، ووقع على الناس رمل أحمر ووقع من الركن اليمانى قطعة
فى عام 826 هبت ريح بمصر تحمل ترابا أصفر إلى الحمرة ، وغطت الأهرام والجيزة و هيف الزرع وغلا السعر .
وحدث الكثير كالريح الحمراء والأمور العظام كالقحط والنار وغلبة الإفرنج والزنج والغلاء والوباء والصيحة العظيمة من السماء .
__________
(1) أبو داود 2535 (صحيح أبى داود 2210 )(1/9)
عن على قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا فعلت أمتى خمس عشرة خَصلة حل بها البلاء ، قيل : وما هى يا رسول الله ؟ قال : إذا كان المغنم دُوَلا ، والأمانة مغنما ، والزكاة مغرماً ، وأطاع الرجل زوجته وعق أمه ، وبر صديقه وجفا أباه ، وارتفعت الأصوات فى المساجد ، وكان زعيم القوم أرذلهم ، وأكرم الرجل مخافة شره ، وشربت الخمور ، ولبس الحرير واتخذت القيان والمعازف ، ولعن آخر هذه الأمة أولها ، فليرتقبوا عند ذلك ريحاً حمراء أو خسفاً أو مسخاً. رواه الترمذى (1)
دولا : ما يتداول من المال فيكون لقوم دون قوم .
قال على القارى : وقد نص بعض علمائنا يعنى العلماء الحنفية بأن رفع الصوت فى المساجد ولو بالذكر حرام . اهـ
ارتفعت الأصوات بنحو الخصومات والمبايعات واللهو واللعب .
زعيم القوم : المتكفل بأمرهم .... أرذلهم : الأرذل الدون الخسيس
القيان : الإماء المغنيات . .... المعازف : كالعود والطنبور .
لعن آخر هذه الأمة أولها : اشتغل الخلف بالطعن فى السلف ، كالشيعة الذين طعنوا فى أبى بكر وعمر وعثمان .وقد لعن أهل زماننا هذا السلف من الصحابة والتابعين الذين مهدوا قواعد الدين ، وذكروهم بالسوء من القول .
ريحاً حمراء : هبوب ريح حمراء . ... خسفاً : ذهاباً فى الأرض وغورا بهم فيها .
قذفا : رميا بالحجارة من السماء ... مسخاً : قلب خلقة من صورة إلى أخرى .
__________
(1) الترمذى 2210 (ضعيف الجامع 707)(1/10)
2- عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اتخذ الفىء دُوَلا . والأمانة مغنماً، والزكاة مغرماً ، وتُعُلِّم لغير الدين ، وأطاع الرجل امرأته ، وعق أمه ، وأدنى صديقه ، وأقصى أباه ، وظهرت الأصوات فى المساجد ، وساد القبيلة فاسقهم ، وكان زعيم القوم أرذلهم ، وأكرم الرجل مخافة شره وظهرت القينات والمعازف ، وشربت الخمور ، ولعن آخر هذه الأمة أولها ، فليرتقبوا عند ذلك ريحاً حمراء وزلزلة وخسفاً ومسخاً وقذفاً وآيات تتابع كنظام بال قُطع سلكه فتتابع . رواه الترمذى (1) وهو حسن لغيره (2) .
وهذه الآيات ظهرت فلعل الحديثين مقبولان معنى وإن كانا ضعيفين سنداً .
1- إذا اتخذ الفىء دولاً : أى أن الغنيمة والفىء منعت من المحاربين ، وصارت تبعا للدولة .
2- والأمانة مغنما : أى تحفظ ولم تصن ، بل اتخذها من استولى عليها مغنما لضعف الإيمان .
3-والزكاة مغرما : أى غرامة ، بحيث يرى من أداها أنها غرامة ، ولم يعتقد أنها فريضة
4- وتعلم لغير الدين : نعم ، لا تجد فى زماننا هذا متعلما يريد بعلمه وجه الله إلا نادراً ... بل كل متعلم لا يريد بعلمه إلا الشهادة التى يتوظف بها ، حتى صاحب العلم ... الشرعى ، ولذا فقد قلت بركة العلم لفساد النية فى طلبه .
5- وأطاع الرجل زوجته وعق أمه : وهذا واقع ومنتشر فكثيرا ما نسمع أن فلانا ... أخرج أمه من بيته لأنها تخاصمت مع زوجته ، أو ضرب أمه لهذا السبب .
6- وأدنى صديقه ، وأقصى أباه : أدنى : أقرب ، أقصى : أبعد
أى يتعامل مع صديقه معاملة حسنة ، ويجفوا أباه ويصفه بالجنون وقلة العقل وسخافة الرأى أو يضربه ويهينه .
7- وظهرت الأصوات فى المساجد : وهذا يدل على امتهان المساجد التى ارتفعت فيها ... الأصوات .
8- وساد القبيلة فاسقهم : السيادة والشرف فى القبائل اعتبرت بغير الدين ، فأعطيت ... للفاسق .
__________
(1) الترمذى 2211(ضعيف أيضا )
(2) بسند ضعيف ولكنه صحيح بشواهده التى منها حديث على السابق .(1/11)
9- وكان زعيم القوم أرذلهم : الزعامة لم تكن معتبرة بالدين والمعرفة والعفة ، كما كان ... فى الزمن الأول ، إنما هى **الآن** لمرتكبى الجرائم والرذائل .
10- أكرم الرجل مخافة شره : أى لم يكرم لدينه ، ولا لعلمه ، ولا لسنه ، ولا لشرفه ، ... ولكن أكرم مخافة شره .
11-وظهرت القينات والمعازف : القينات : المغنيات ، والمعازف : آلات العزف ، ... وهى آلات اللهو والطرب ، وظهورها شيوعها ، فقد انتشرت فى البيوت عن ... طريق المذياع والتلفاز والمسجل ، ولم ينج من ذلك غنى و لا فقير ، ولا عالم ولا ... جاهل . الجميع قد عمتهم هذه الفتنة إلا من رحمه الله وهو القابض على الجمر .
12- وشربت الخمور : أصبح شرب الخمور فى هذا الزمان شاهد عيان ، وشاهد ... العيان لا يحتاج إلى برهان .
13- ولعن آخر هذه الأمة أولها : كثير من الناس لعنوا أول هذه الأمة ، وزعموا أنهم ... رجعيون ، وأنهم السبب فى تأخر العرب عن ركب الحضارة ، وكم سمعنا من ... الشتم والسب لمن تأسى بالسنة وتزيى بزيها ، وأما ما جاء من عند أسيادهم الغرب ... فهو الحضارة والرقى والمدنية رغم قذارته فى الحقيقة ، فإذا نظرت إلى شاربه المتدلى ... على شفتيه ، وأظفاره الطويلة التى يستقذرها ذو الطباع السليمة وقد ظهرت ... طائفة ملعونة لم يكتفوا باللعن والطعن فى السلف بل نسبوهم إلى الكفر بمجرد ... أوهامهم الفاسدة فقالوا : أن أبا بكر وعمر وعثمان أخذوا الخلافة وهى حق علىّ
فليرتقبوا عند ذلك ريحا حمراء ، وخسفا ومسخا وقذفا : أى رميا بالحجارة .
آيات : علامات ... تتابع : يتبع بعضها بعضا
كنظام : عقد ... بال : خلق ... سلكه : خيطه
وآيات تتابع كنظام بال قطع سلكه فتتابع : أى فلينظروا العذاب عند ذلك بالريح ، كما حصل لقوم عاد .والخسف كما حصل لقارون ، والمسخ كما حصل لأصحاب السبت، والقذف كما حصل لقوم لوط .إلى غير ذلك من أنواع العذاب .
الصواعق والكواكب (223 هـ)(1/12)
رضخ رؤوس أقوام بكواكب "صواعق " من السماء باستحلالهم عمل قوم لوط عام 223 ، 241 ? 593 هـ
عام 222 ظهور مذنب استمر 40 ليلة رؤى إلى يسار القبلة من المسجد الحرام .
ظهر كوكب له ذنب مراراً آخرها عام 1075 وبقى شهراً وكان يسير سيراً كالقمر .
عام 240صيحة عظيمة من جو السماء مات منها خلق كثير وخسف 13 قرية بالمغرب
عام241 ماجت النجوم فى السماء وتناثرت الكواكب كالجراد أكثر الليل .
عام242 فى خلافة المتوكل سار جبل فى اليمن عليه مزارع الأهلة . حتى أتى مزارع آخرين .
عام 300 فى خلافة المقتدر ساخ جبل بدينور فى الأرض وخرج من تحته ماء كثير أغرق القرى .
عام323 فى خلافة الراضى انقضت النجوم سائر الليل وقتلت ناساً .
عام 593 انقض كوكب عظيم سمع له صوت هائل .
1-عن ابن عباس رضى الله عنه قال : لا تقوم الساعة حتى ترضخ رؤوس أقوام بكواكب من السماء باستحلالهم عمل قوم لوط . رواه الديلمى
2- عن أبى سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : تكثر الصواعق عند اقتراب الساعة حتى يأتى الرجل القوم فيقول : من صعق تلكم الغداة ؟ فيقولون : صعق فلان وفلان . رواه أحمد (1)
عن ابن عباس قال يا سلمان إذا كان حج الملوك تنزها والأغنياء للتجارة والمساكين للمسألة والقراء رياء وسمعة فعند ذلك يظهر نجم له ذنب . رواه ابن مردويه
وهذا الكوكب ظهر مرات آخرها 1075 هـ فى شهر جمادى الآخرة بقى شهراً وكان يسير سيراً أسرع من القمر .
34-انقطاع طريق الحج .
انقطع طريق الحج من بغداد من عام 320- إلى عام 327 بسبب فتنة القرامطة ورفعهم للحجر .
انقطع طريق الحج من مصر عام335 حيث قطعت بنو سليم الطريق على الحُجَّاج فهلك أكثرهم .
انقطع طريق الحج على الجميع عام363 بسبب خروج بنى هلال على الحجاج وقتلوا منهم الكثير.
انقطع طريق الحج على الجمع عام 384 ولم يحج إلا أهل مصر.
__________
(1) المسند 3/64 (صحيح المسند 11638)(1/13)
انقطع طريق الحج عام 392 -393 -397 -407 -408 -417 -433 ولم يحج أحد .
انقطع طريق الحج على الجميع من عام 434-إلى عام440 ولم يحج إلا أهل مصر
انقطع طريق الحج من الشام من عام 803 إلى عام805 .
1-عن أبى سعيد عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى لا يُحَجَّ البيتُ رواه البخارى **معلقًا** والحاكم موصولاً (1)
2-عن ابن عمر لا تقوم الساعة حتى يرفع الركن . رواه عبد الرزاق (2)
وقد رفع الحجر الأسود القرامطة .
35- القحط والأمور العظام
1-فى زمن الظاهر العبيدى وقع غلاء شديد بمصر لم يقع مثله منذ زمن يوسف عليه السلام ودام سبع سنين حتى أكل الناس بعضهم بعضاً ، وقيل بيع فيه رغيف بخمسين ديناراً.
2-فى زمن المستنصر العبيدى وقع بمصر القحط سنين متوالية حتى أكل الناس بعضهم بعضاً وبلغ **الإردب** من الحنطة مائة ديناراً ، وبيع الكلب بخمسة دنانير والهرة بثلاثة دنانير.
فى خلافة المقتفى العباسى سنة 45 هـ نزل مطر باليمن كله دم ، وصارت الأرض مرشوشة بالدم وبقى أثره فى ثياب الناس .
فى عام 458 هـ ظهر كوكب كأنه دارة القمر ليلة التمام بشعاع عظيم ، أقام عشر ليال ثم تناقص ضوءه وغاب .
فى عام 460 هـ فى خلافة القائم ، غرق بالرملة خلق كثير .
فى عام 466 هـ كان الغرق عظيم ببغداد وزادت دجلة ثلاثين ذراعاً ، ولم يقع مثل ذلك – الدارقطني : السنن ، وهلكت الأموال والأنفس والدواب ، وركبت الناس فى السفن ، وأقيمت الجمعة على ظهر الماء مرتين، وانهدم مائة **ألف** دار .
فى عام652 هـ ظهرت نار فى أرض عدن صعد منها دخان عظيم نهاراً : وظهر شررها فى الليل .
__________
(1) فتح البارى 1593 - المستدرك 4/453
(2) المصنف 20784(1/14)
فى عام596 هـ غلاء بمصر مفرط حتى أكلوا الجيف والآدميين ، وفشا أكل بنى آدم واشتهر ، حتى حفروا القبور وأكلوا الموتى ، وأكلت الكلاب وأكل من الأطفال الكثير حتى إن الوالد يشوى ولده ويأكله ، وكثر فى الناس هذا حتى صار لا ينكر عليهم ، وإذا غلب القوى الضعيف ذبحه وأكله ، وذبح الكثير من الأطباء يدعونهم إلى المرضى فيذبحونهم.
فى عام 718 هـ حدث غلاء عظيم بالموصل و**إِرْبِل** وماردين وغيرها حتى بيع الأولاد ومات 25 ألف من الجوع وأكلوا الجيف والميتات .
فى عام 238 فى خلافة المتوكل سمع أهل خلاط صيحة من جو السماء فمات منها خلق .
فى عام 42 وقع بجبل طائر أبيض فى رمضان فصاح : معاشر الناس اتقوا الله الله الله فصاح أربعين صوتا ثم طار ، وجاء من الغد ففعل كذلك ، وشهد خمسمائة إنسان سمعوه .
فى عام 266 زمن المعتضد دخلت الزنج البصرة وخربوها وقتلوا ألف ألف وخمسمائة وكان زعيمهم بهبود الذى ادعى النبوة ووقع غلاء شديد ، وانبثق نهر هدم سبعة آلاف دار، وسبّوا عثمان وعلى **وطلحة والزبير** وعائشة وظهرت القرامطة الذين ادعوا أنه لا غسل من الجنابة ، وأن الخمر حلال، وأن الصوم فى السنة يومان ، وأن الحج والقبلة إلى بيت المقدس ، وأن محمد ابن الحنفية -رسول الله
فى عام 375 ظهر طائر أكبر من الفيل بعمان صاح بصوت مرتفع .
فى عام 428 نزل مطر بقم ومعه سمك وزن الواحدة رطلان .
الخسوفات الثلاث
عن حذيفة بن أسيد قال : اطلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر الساعة فقال : إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات .(فذكر الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم و ثلاثة خسوف : خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب وآخر ذلك نار تخرج من اليمن ، تطرد الناس إلى محشرهم . رواه مسلم (1)
وقد وقع الخسوفات الثلاث :
__________
(1) مسلم 2901(1/15)
فى خلافة سليمان بن عبد الملك أنه ورد كتاب ابن هبيرة فيه أن ببخارى وقت السحر سمع قعقعة عظيمة من السماء ودوى كالرعد القاصف أسقطت منه الحوامل ، فنظروا فإذا قد انفرج من السماء فرجة عظيمة ، ونزل أشخاص عظام رءوسهم فى السماء وأرجلهم فى الأرض ، وقائل يقول يا أهل الأرض اعتبروا ....فلما طلع النهار أتى الناس إلى ذلك الموضع فوجدوا خسفاً عظيماً لا يدرك له قرار ، يصعد منه دخان أسود .
( أثبت ذلك قاضى بخارى بأربعين عدلا - انظر الإشاعة للبرزنجى ص49)
وفى سنة 208 خسف ثلاث عشرة قرية بالمغرب .
وفى سنة 834 فى شعبان وقعت زلزلة بغرناطة وخسف بعدة أماكن .
وفى سنة 346 فى خلافة المطيع وقع بالرى ونواحيها زلزال عظيم ، وخسف بالطالقان ، ولم يفلت من أهلها إلا نحو ثلاثين نفساً ، وخسف بمائة وخمسين قرية من قرى الرى وخسف بأكثر حلوان ، وعلقت قرية بمن فيها بين السماء الأرض نصف نهار ثم خسف بها .
وفى سنة 597 خسفت قرية من أعمال بصرى .
وفى سنة 533 خسف بلد بحيرة .
وخسف فى القرن الثانى عشر عدة قرى من ناحية أذربيجان وخرا سان وغيرهما من ديار العجم .(1/16)
الفتن المتوسطة التى ظهرت ولم **تَنْقَضِ** بل تتزايد
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان تكون بينهما مقتلة عظيمة ، دعوتُهما واحدة .وحتى يُبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين ، كلهم يزعم أنه رسول الله ، وحتى يُقبض العلم ، وتكثرَ الزلازل ، ويتقاربَ الزمان ، وتظهرَ الفتن ، ويكثرَ الهَرْج وهو القتل ، وحتى يكثر فيكم المال فيفيضَ حتى يٌهِمَّ ربَّ المال من يقبل صدقته ، وحتى يعرضه فيقول الذى يعرضُه عليه : لا أَرَب لى به، وحتى يتطاول الناس فى البنيان ، وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقولُ : يا ليتنى مكانه ، وحتى تَطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون ، فذلك **{حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت فى إيمانها خيراً }**. ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبَهُما بينهما ، فلا يتبايعانِه ولا يطويانه ، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لِقْحَتِه فلا يَطْعَمُه ، ولتقومن الساعةُ و هو يُلِيط حَوْضَه فلا يَسْقِى فيه ، ولتقومن الساعةُ وقد رفع أُكْلَتُه إلى فيه فلا يطْعَمُها . رواه البخارى (1)
الفئتان : فئة على ومن معه ، وفئة معاوية ومن معه ، وهذا أول خطب طرق فى الإسلام، حيث كانت موقعة صفين .
عظيمتان : كثيرتان . دعواهما واحدة : كل واحدة تدعو إلى الإسلام . قتل فيها من الفريقين سبعون ألفاً .
دجالون ثلاثون : وقد ظهروا جميعاً ، وأخطرهم مسيلمة الكذاب الذى ظهر زمن النبى صلى الله عليه وسلم . وقتله خالد بن الوليد زمن أبى بكر .
__________
(1) فتح البارى7121(1/1)
دجالون : مبالغون فى فساد العباد والبلاد .كذابون على الله ورسوله خلاطون بين الحق والباطل مموهون والفرق بينهم وبين الدجال الأكبر ، أنهم يدعون النبوة وهو يدعى الإلهية . يقبض العلم : وقد وقع ذلك فقد قبض العمل بالعلم ولم يبق الإرسمه ، و قُبض العلماء، وُيقبض العلم أيضاً برفع العلم النافع المتعلق بالكتاب والسنة ، وبقبض العلماء من أهل السنة الجماعة ، فيكثر أهل الجهل والبدع .
كثرة الزلازل : وقد وقع منها الكثير بالعراق والأندلس ، ولكن الذى يظهر أن المراد بكثرتها شمولها ودوامها . وقد استمرت الزلزلة فى بلدة بالروم هى للمسلمين ثلاثة عشر شهرا .
يتقارب الزمان : هو دنو زمان الساعة ، وقيل قصر الأعمار وقله البركة فيها ، وقيل قصر مدة الأيام و الليالى كما فى حديث : يتقارب الزمان حتى تكون **السَّنَةُ** كالشهر ، وقيل تتقارب أحوال أهله فى قلة الدين حتى لا يكون فيهم من يأمر بمعروف وينه عن منكر ، كما هو اليوم لغلبه الفسق وظهور أهله . وقيل زمان المهدى لوقوع الأمن فى الارض ، فيستلذ العيش عند ذلك لانبساط عدله ، فتستقصر مدته ، لأنها أيام رخاء وإن طالت .
وتظهر الفتن : أى تكثر وتشتهر ويترتب عليها المحن .
ويكثر الهرْج : يكثر القتل بصورة ليس لها مثيل ، وهو من العلامات الكبرى نتيجة حرب عالمية نووية .
ويكثر المال : وقد كثر المال زمن عثمان ، وبسبب الفتوح زمن الصحابة وتقسيمهم أموال الفرس والروم ، وزمن عمر بن عبد العزيز ، وسيكثر زمن المهدى وعيسى عليه السلام
يُهِمَّ : يحزن مالك المال .
وحتى يعرضه : أى على الناس . ... لا أرب : لا حاجة .
يتطاول الناس فى البنيان : يتزايد الناس فى البنيان فى طوله وعرضه ويفتخرون فى تزيينه وتحسينه ويتباهون به ، وهو كثير وفى ازدياد ، ولعل هذا آخر العلامات الصغرى .(1/2)
يقول يا ليتنى مكانه : يعنى كنت ميتاً حتى لا أرى الفتنة . ولما يرى من عظيم البلاء، وغبن الأولياء ، ورياسة الجهلاء ، وخمول العلماء ، واستيلاء الباطل فى الأحكام ، وعموم الظلم ، واستحلال الحرام ، والتحكم فى الأبدان والأموال والأعراض بغير حق ، وهذا هو ذلك الزمان الذى استولى فيه الباطل على الحق ، وتغلب فيه العبيد على الأحرار من سادات الخلق ، فباعوا الأحكام ، وبدلوا دين الله ، وغيروا حكمه " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم : الكافرون والظالمون والفاسقون . والآية عامة فيمن بدل حكم الله وغيره .
قال ابن المبارك :
وهل أفسد الدين إلا الملوكُ ..... وأحبارُ سوء ورهبانُها .
وقال مكحول : يأتى على الناس زمان يكون عالمهم أنتن من جيفة حمار .
وقال معاذ بن جبل : سيبلى القرآن فى صدور أقوام كما يبلى الثوب فيتهافت . يقرءونه لا يجدون له شهوة ولا لذة ، يلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب ، أعمالهم طمع لا يخالطه خوف ، إن قصروا قالوا : سنبلغ ، وإن أساءوا قالوا : سيغفر لنا ، و إنا لا نشرك بالله شيئاً . رواه الدرامى .
وحتى تطلع الشمس من مغربها : وكأن المطلوب من الناس أن يؤمنوا فى الحالة الغيبية
ولتقومن الساعة : أى النفخة الأولى .
وقد نشر الرجلان ثوبهما : أى : فتحا وفرقا فلا يكملان البيع والشراء .
انصرف الرجل بلبن لقحته : ينصرف الرجل بلبن ناقته الحلوب فلا يشربه ولا يتذوقه .
يليط حوضه : **فلا يسقى** فيه . يصلح حوضه بالطين ، ولا يلحق أن يسقى **دوابه** فيه
رفع أكلته إلى فيه : رفع لقمته ..أى يعاجله أمر الساعة قبل أن يمضغها أو يبتلعها وهذا كله إشارة إلى أن القيامة تقوم بغتة ، وأسرعها رفع اللقمة إلى الفم .
1-رفع العلم وظهور الجهل
عن أنس : قال رسول **الله صلى الله** عليه وسلم : إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويثبت الجهل ، ويُشرب الخمر ، ويَظهر الزنا . رواه البخارى ومسلم (1)
__________
(1) فتح البارى80 -مسلم 2671(1/3)
يرفع العلم : بموت حملته وقبص العلماء ، وليس المراد محوه من صدور العلماء
يثبت الجهل : أى ينتشر . .... ويشرب الخمر : يكثر شرب الخمر .
يظهر الزنا : أى يفشو وينتشر فى المجتمعات .
عن عبد الله بن عمرو قال : سمعت رسول الله عليه صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله لا يقبضُ العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم **يُبْقِ** عالماً ، اتخذ الناس رؤوساً جُهَّالاً ، فسئلوا فأفتوا بغير علم فَضَلوا وأضلوا .
رواه البخارى ومسلم (1)
لا يُقبض العلم **انتزاعاً** : أى محوا من الصدور ، وكان تحديث النبى صلى الله عليه وسلم بذلك فى حجة الوداع .والمراد بالعلم هنا : علم الكتاب والسنة .
ولكن بقبض أرواح العلماء وموت حملته ، ولم يوجد من يخلفهم من المفتين والقضاة وغيرهم من أهل العلم ، وفى الحديث دلالة بجواز خلو الزمان عن المجتهد .
وفيه الحث على حفظ العلم و **الاشتغال** به .
وفيه أن الفتوى هى الرياسة الحقيقية ، وذم من يقدم عليها بغير علم .
قال النووى : معناه أن يموت حملة العلم ، ويتخذ الناس جهالا يحكمون بجهالاتهم ، فيضلون ويضلون (2)
قال القاضى عياض : وقد جد ذلك فى زماننا .
قال قطب الدين : هذا قوله مع توفر العلماء فى زمانه فكيف بزماننا ؟
قال العينى : هذا قوله مع كثرة الفقهاء والعلماء من المذاهب الأربعة والمحدثين الكبار فى زمانه ، فكيف بزماننا الذى خلت البلاد عنهم ، وتصدرت الجهال بالإفتاء والتدريس فى المدارس .
__________
(1) فتح البارى 100 -مسلم 2673
(2) مسلم نووى 16/223(1/4)
قلت : هذا قولك يا عيني ، فلو أنك نظرت بعينك إلى من تصدروا الإفتاء وجلسوا على كراسى المشيخة لقلت :كيف يفتى جاهل ومنافق ، فيحل ما حرم الله ويحرم ما أحل الله ، فقد أحلوا التداوى بالخمور ، وأحلوا الغناء والموسيقى ، وأحلوا الربا ، ونشروا عبادة الأوثان ، وتحاكموا إلى الطاغوت ، فانتشر الشرك ، وكثرت الفرق ، وتفرقت كلمة المسلمين ، حتى عادت الجاهلية الأولى ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يتقارب الزمان ، ويقبض **العلم**، وتظهر الفتن ، ويلقى الشح ، ويكثر الهرج . رواه مسلم .
قال ابن بطال : وجميع ما تضمنه الحديث من الأشراط قد رأيناه عيانا ، فقد نقص العلم، وظهر الجهل ، وألقى الشح فى القلوب ، وعمت الفتن وكثر القتل .رواه مسلم (1)
قال ابن حجر تعقيبا على قول ابن بطال : الذي يظهر أن الذى شاهده كان منه الكثير، مع وجود مقابلة ، والمراد من الحديث استحكام ذلك ، حتى لا يبقى مما يقابله إلا النادر ، وإليه الإشارة بالتعبير بقبض العلم ، فلا يبقى إلا الجهل الصرف ، ولا يمنع من ذلك وجود طائفة من أهل العلم ، لأنهم يكونون حينئذ مغمورين فى أولئك . (2)
قال الذهبى : وأما اليوم فما بقى من العلوم القليلة إلا القليل ، فى أناس قليل ، ما أقل من يعمل منهم بذلك القليل ، فحسبنا الله ونعم الوكيل .
وإذا كان هذا فى عصر الذهبى ، فما حال زماننا هذا ، فإنه كلما بعد الزمان من عهد النبوة ، قل العلم وكثر الجهل ، فالصحابة هم أعلم الأمة ثم التابعين ثم بقية الثلاثة المشهود لها بالخير .
__________
(1) فتح البارى 13/16
(2) فتح البارى 13/16(1/5)
ولا يزال العلم ينقص والجهل يكثر ويزداد حتى لا يعرف الناس فرائض الإسلام ، كما جاء فى حديث حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يدرس الإسلام كما يدرس وشى الثوب ، حتى لا يدرى ما صيام ، ولا صلاة ، ولا نسك ولا صدقة ، ويسرى على كتاب الله فى ليلة فلا يبقى فى الأرض منه آية ... الحديث ، و سيأتى فى العلامات الكبرى إن شاء الله .
قال ابن تيمية : يُسرى به آخر الزمان من المصاحف والصدور ، فلا يبقى منه كلمة ، ولا فى المصاحف منه حرف ( مجموع الفتاوى 3/198)
بل سيجيء وقت لا يذكر اسم الله فيه كما جاء فى حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى لا يقال فى الأرض الله ، الله . رواه مسلم و سيأتى فى العلامات الكبرى .
2- الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر
عن أبى بكر رضى الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه . رواه ابن ماجه (1)
أى إذا سكتوا عن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، عمهم الله بعقاب ، ثم بعثوا على أعمالهم ، وأما من أمر ونهى فهم المؤمنون حقا ، لا يرسل الله عليهم العذاب **{وما كنا مهلكى القرى إلا وأهلها ظالمون}**...**{وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون}**. ويدل على تعميم العذاب بمن لم ينه عن المنكر ،وإن لم يتعاطاه قول الله تعالى " فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا فى حديث غيره إنكم إذاً مثلهم "ويستفاد من هذا مشروعية الهرب من الكفار ومن الظلمة ، لأن الإقامة معهم إلقاء النفس إلى التهلكة .هذا إذا لم يُعِنْهم ولم يرض بأفعالهم ، فإن أعان أو رضى فهو منهم .
قال مالك : ينبغى للناس أن يغضبوا لأمر الله تعالى فى أن تنتهك فرائضه وحرمه ، والذى أتت به كتبه وأنبياؤه .
__________
(1) ابن ماجه 4005 ( الصحيحة 1564 )(1/6)
قال ابن العربى : قال شيخى : لم أر للخلاص طريقاً أقرب من طريقين : إما أن يغلق المرء على نفسه بابه ، وإما أن يخرج إلى موضع لا يعرف فيه . فإن اضطر إلى مخالطة ، فليكن معهم ببدنه وليفارقهم بقلبه ولسانه .
قال ابن حجر : وفى الحديث تحذير وتخويف عظيم لمن سكت عن النهى ، فكيف بمن داهن فكيف بمن رضى ، فكيف بمن أعان ، نسأل الله العافية والسلامة
وقال القرطبى : إن الناس إذا تظاهروا بالمنكر ، فمن الفرض على من رآه أن يغيره إما بيده ، فإن لم يقدر فبلسانه ، فإن لم يقدر بقلبه ، ليس عليه أكثر من ذلك .
قال العلماء : يكون إهلاك جميع الناس عند ظهور المنكر والإعلان بالمعاصى فيكون طهرة للمؤمنين ونقمة للفاسقين لقوله عليه الصلاة والسلام ثم بعثوا على نياتهم .
عن أبى أمية الشعبانى قال : قلت يا أبا ثعلبة : كيف تصنع فى هذه الآية "يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم " قال : أما والله لقد سألتَ عنها
خبيراً سألتُ عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : بل ائتمروا بالمعروف و تناهوا عن المنكر ، حتى إذا رأيت شحاً مطاعاً ، وهوى متبعاً ، ودنيا مؤثرة ، وإعجاب كل ذى رأى برأيه ، فعليك بخاصة نفسك ، ودع العوام، فإن من ورائكم أياماً الصبر فيهن كالقبض على الجمر ، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عملكم .
رواه أبو داود و الترمذى (1)
ائتمروا : امتثلوا .... تناهوا : انتهوا واجتنبوا .
شحا مطاعا : بخلا مطاعا بأن أطاعته نفسك وطاوعه غيرك .
دنيا : المال والجاه فى الدار الدنية . .... مؤثرة : مختارة على أمور الدين .
عليك بخاصة نفسك : حفظها من المعاصى ...
دع العوام : أترك أمر عامة الناس الخارجين عن طريق الخواص
عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الدال على الخير كفاعله .
__________
(1) أبو داود 4341 - الترمذى 3058 (صحيح لغيره بغوى 4156 )(1/7)
رواه الترمذى (1)
لا عانته عليه ، فإن حصل ذلك الخير فله مثل ثوابه ، و إلافله ثواب دلالته .
عن أبى سعيد الخدرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان .رواه مسلم (2)
عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَثَلُ المُدْهِن فى حدود الله ، "وفى رواية"القائم على حدود الله" والواقع فيها ، مثلُ قوم استهموا سفينة فصار بعضهم فى أسفلها ، وصار بعضهم فى أعلاها ، فكان الذين فى أسفلها يمرون بالماء على الذين فى أعلاها فتأذَّوْا به ، فأخذ فأساً فجعل ينقر أسفل السفينة فأتْوه فقالوا : مالك؟
قال : تأذيتم بى ولابد لى من الماء ، فإن أخذوا على يديه أنجْوه ونَجَّواْ أنفسهم ، وإن تركوه أهلكوه وأهلكوا أنفسهم . رواه البخارى (3)
المدهن : المحابى والمتساهل الذى يضيع الحقوق ، والذى لا يغير المنكر و يرائى .
استهموا : اقترعوا فأخذ كل واحد منهم سهماً أى نصيباً من السفينة بالقرعة . وهذا دليل من السنة على العمل بالقرعة .
تأذوا : أى بالمار عليهم بالماء حالة السقى .. فإن أخذوا على يديه : منعوه من الحفر .
ينقر : يحفر فى الخشب .
الناس ثلاثة فى حدود الله الذين أرادوا خرق السفينة بمنزلة الواقع فى حدود الله ، والمنكر وهو القائم ، والساكت مداهن . وهكذا إقامة الحدود يحصل بها النجاة لمن أقامها وأقيمت عليه ، وإلا هلك العاصى بالمعصية ، والساكت بالرضا بها .
والحديث يفيد : أن تعذيب العامة يكون بذنب الخاصة ، ولكن التعذيب للعامة إذا وقع فى الدنيا فإنه يكفر ذنوبهم أو يرفع درجاتهم .
وفى الحديث أيضا استحقاق العقوبة بترك الأمر بالمعروف ، ووجوب الصبر على أذى الجار إذا خشى وقوع ما هو أشد ضرراً .
__________
(1) الترمذى 2670 (صحيح - الصحيحة 1160)
(2) مسلم 49
(3) فتح البارى2686(1/8)
عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى يأخذ الله شريطته من أهل الأرض ، فيبقى فيها عجاجة لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً رواه احمد (1)
شريطته : أهل الخير والدين .... عجاجة : العجاج :الغوغاء والأراذل ومن لا خير فيه.
عن أسامة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يجاء برجل فيطرح فى النار ، فيطحن فيها كطحن الحمار برحاه ، فَيُطيِف به أهلُ النار فيقولون : أى فلان ، ألست كنتَ تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول : إنى كنتَ آمر بالمعروف ولا أفعله ، وأنهى عن المنكر وأفعله . رواه البخارى ومسلم (2)
يطيف به أهل النار : يجتمعون حوله .
3- ذهاب الصالحين
ومن أشراطها ذهاب الصالحين وقلة الأخيار وكثرة الأشرار حتى لا يبقى إلا شرار الناس وهم الذين تقوم عليهم الساعة .
1- عن مرداس الأسلمى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يذهب الصالحون الأول فالأول ، ويبقى حفالة كحفالة الشعير أو التمر لا يباليهم الله باله . رواه البخارى (3)
حفالة الشعير أو التمر : رذالته ومثلها الحثالة .وهى الرديء من كل شيء .أى آخر ما يبقى من الشعير أو التمر وما يتساقط من قشور التمر والشعير وغيرهما .
لا يبالهم الله باله : لا يرفع لهم قدراً ، ولا يقيم لهم وزناً.عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال ( يأتى على الناس زمان يغربلون فيه غربلة يبقى منهم حثالة قد مرجت عهودهم وأماناتهم فكانوا هكذا "وشبك بين أصابعه " ) رواه أحمد (4)
الحثالة : الردىء من كل شيء .
__________
(1) المسند2/210 (صحيح المسند 6965 )
(2) فتح البخارى 7098 -مسلم 2989 )
(3) فتح البارى 6434
(4) المسند 2/220 (صحيح المسند 7049 )(1/9)
وذهاب الصالحين يكون عند كثرة المعاصى ، وترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، فإن الصالحين أذا رأوا المنكر ولم يغيروه ، وكثر الفساد ، عمهم العذاب مع غيرهم إذا نزل، كما جاء فى حديث البخارى لما قيل للنبى صلى الله عليه وسلم : أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال نعم : (نعم إذا كثر الخبث) رواه البخارى (1)
3-عن الحسن أن النبى صلى الله عليه وسلم : قال لعبد الله بن عمرو : كيف بك يا عبد الله بن عمرو إذا بقيت فى حثالة من الناس ؟ مرجت عهودهم وأماناتهم ، واختلفوا فصاروا هكذا ، وشبك بين أصابعه ، قال : فكيف ترى يا رسول الله ؟ قال : تعمل بما تعرف وتدع ما تنكر ، وتعمل بخاصة نفسك وتدع عوام الناس . رواه ابن حبان (2)
وعند أبى داود : ألزم بيتك ، وأملك عليك لسانك .
أى يأخذ الله أهل العلم والدين ويبقى غوغاء الناس وأراذلهم ومن لا خير فيهم وهذا عند قبض العلم واتخاذ الناس رؤوساً جهالاً يفتون بغير علم .
4- التماس العلم عند الأصاغر
عن أبى أمية الجمحى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ( إن من أشراط الساعة : أن يلتمس العلم عند الأصاغر ) رواه ابن المبارك (3)
وسئل الأمام عبد الله بن المبارك عن الأصاغر فقال : ( الذين يقولون برأيهم ، فأما صغير يروى عن كبير فليس بصغير)
وقال : ( أتاهم العلم من قبل أصاغرهم يعنى : أهل البدع )" حاشية الزهد صـ31 "
عن ابن مسعود رضى الله عنه قال : (لا يزال الناس بخير ما أتاهم العلم من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ومن أكابرهم ، فإذا أتاهم العلم من قبل أصاغرهم ، وتفرقت أهواؤهم هلكوا )(كتاب الزهد لابن المبارك صـ281 ح 815)
5- ارتفاع الأسافل
__________
(1) فتح البارى 3346
(2) ابن حبان 1849 (الصحيحة 206 )
(3) الزهد 61 (كنز العمال 38425 ( الصحيحة 695 )(1/10)
ومن أشراط الساعة ارتفاع أسافل الناس عن خيارهم ، واستئثارهم بالأمور دونهم، فيكون أمر الناس بيد سفهائهم وأراذلهم ومن لا خير فيهم ، وهذا من انعكاس الحقائق وتغير الأحوال .
وهذا أمر مشاهد فى هذا الزمن ، فترى أن كثيراً من رءوس الناس وأهل العقد والحل ، هم أقل الناس صلاحاً وعلماً ، مع أن الواجب أن يكون أهل الدين والتقى هم المقدَّمون على غيرهم فى تولِّى أمور الناس ، لأن أفضل الناس وأكرمهم هم أهل الدين والتقوى ، كما قال تعالى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) (الحجرات : 13 )
ولذلك لم يكن النبى صلى الله عليه وسلم : يولى الولايات وأمور الناس **إلا مَنْ هُمْ أصلح ** الناس وأعلمهم ، وكذلك خلفاءه من بعده ، والأمثلة على ذلك كثيرة منها حديث حذيفة أن النبى صلى الله عليه وسلم: قال لأهل نجران : لأ بعثن إليكم رجلاً أميناً حق أمين) فاستشرف له الناس فبعث أبا عبيدة بن الجراح . رواه البخارى (1)
عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها ستأتى على الناس سنون خداعة ، يصدق فيها الكاذب ، ويكذب فيها الصادق ، ويؤتمن فيها الخائن ، ويُخُوُّن فيها الأمين ، وينطق فيها الرويبضة ، قيل وما الرويبضة ؟ قال : السفيه يتكلم فى أمر العامة . رواه أحمد وابن ماجه (2)
سنوات خداعات : تكثر فيها الأمطار ويقل الريع .
الرويبضة : الفاجر الذى قعد عن طلب معالى الأمور وهو الرجل التافه الذى يتكلم فى مصالح الناس وشئونهم ، وفى حديث جبريل الطويل قوله ( ولكن سأحدثك عن أشراطها ...... وإذا كان العراة الحفاة رءوس الناس فذاك من أشراطها ) رواه مسلم
وفى حديث جبريل:وإذا كان العراة الحفاة رءوس الناس،فذلك من أشراطها.رواه مسلم
و سيأتى وفى الصحيح ( إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة ) رواه البخارى (3)
__________
(1) فتح البارى 4381
(2) المسند 2/291 ابن ماجه 4036 ( حسن - الصحيحة 1887 )
(3) فتح البارى 6496(1/11)
عن حذيفة بن اليمان عن النبى صلى الله عليه وسلم : قال ( لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدنيا **لكع ابن** لكع ) رواه أحمد و الترمذى (1)
أسعد : أكثرهم مالا ، وأطيبهم عيشاً ، وأرفعهم منصباً ، وأنفذهم حكماً
اللكع : لئيم الأصل والنفسية ، وهو العبد الأحمق واللئيم بن اللئيم ، ردىء النسب ردىء الحسب ، لا يعرف له أصل ولا يحمد له خلق . ويطلق على الصغير ، إذا أطلق على الكبير أريد به صغير العلم والعقل . ( النهاية 4/268 )
وقد حدث هذا فى أغلب بقاع الأرض ، فالرجل يكذب وينافق ويخادع ويخون حتى يصير ذا منصب كبير ، فيكون بذلك سيد الناس وأسعدهم .
قال فى فيض القدير : ويراد باللكع من لا يعرف له أصل ، ولا يحمد له خلق من الأسافل والرعاع .
إذا التحق الأسافل بالأعالى ... فقد طابت منادمة المنايا
وهذا هو الواقع بين المسلمين فى هذا العصر يقولون للرجل : ما أعقله ما أحسن خلقه ، ويصفونه بأ بلغ الأوصاف الحسنة ، وهو من أفسق الناس ، وأقلهم ديناً وأمانة ، وقد يكون عدواً للمسلمين ، ويعمل على هدم الاسلام فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
6-التحية للمعرفة
ومن أشراط الساعة أن الرجل لا يلقى السلام إلا على من يعرفه .
عن أبن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من أشراط الساعة أن يسلم الرجل على الرجل لا يسلم عليه إلا للمعرفة ) رواه أحمد (2)
وفى رواية له : (إن بين يدى الساعة تسليم الخاصة ) رواه أحمد (3)
__________
(1) المسند 5/389 -الترمذى 2209 (صحيح الترمذى 1799 )
(2) المسند 1/406 - 1/405 (صحيح الجامع 5772 )
(3) المسند 1/407 ( صحيح المسند3870 )(1/12)
وهذا أمر مشاهد فى هذا الزمن فكثير من الناس لا يسلّمون إلا على من يعرفون ، وهذا خلاف السنة ، فإن النبى صلى الله عليه وسلم : حث على إفشاء السلام على من عرفت ومن لم تعرف ، وأن ذلك **يسبب انتشار** المحبة بين المسلمين التى هى سبب للإيمان الذى به يكون دخول الجنة .
عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أولا أدلكم على شىء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم . رواه مسلم (1)
7-كثرة التجارة
ومن أشراط الساعة كثرة التجارة وفشوها بين الناس حتى تشارك النساء فيها الرجال .
عن عبد الله بن مسعود عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال : بين يدى الساعة تسليم الخاصة ، وتفشو التجارة ، حتى تعين المرأة زوجها على التجارة وتُقْطَع الأرحام .
رواه أحمد (2)
عن عمرو بن تغلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن من أشراط الساعة أن يفشوا المال ويكثر ، وتفشوا التجارة ) . رواه النسائى (3)
وقد وقع هذا فكثرت التجارة ، وشاركت فيها النساء ، وافتتن الناس بجمع المال ، وتنافسوا فيه .
وقد أخبر النبى صلى الله عليه وسلم : أنه لا يخشى على هذه الأمة الفقر ، وإنما يخشى عليها أن تبسط عليهم الدنيا ، فيقع بينهم التنافس ، ففى الحديث أنه قال عليه الصلاة والسلام ( والله ما الفقرَ أخشى عليكم ، ولكنى أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم ، فتنافسوها كما تنافسوها ، وتهلككم كما أهلكتهم ) .
رواه البخارى ومسلم (4)
فالمنافسة على الدنيا تجر إلى ضعف الدين ، وهلاك الأمة ، وتفرق كلمتها ، كما هو واقع الآن .
8-تقارب الأسواق
__________
(1) مسلم 54
(2) المسند 1/419 ( صحيح المسند 3982 )
(3) النسائى 7/244 (صحيح النسائى 4150 )
(4) فتح البارى 4015 مسلم 2961(1/13)
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن ويكثر الكذب وتتقارب الأسواق ) رواه أحمد (1)
قال الشيخ محمود التويجرى : وأما تقارب الأسواق ، فقد جاء تفسيره فى معنى حديث ضعيف بأنه كسادها ، وقلة أرباحها ، والظاهر والله أعلم ، أن ذلك إشارة إلى ما وقع فى زماننا من تقارب أهل الأرض ، بسبب المراكب الجوية والأرضية والآلات الكهربائية التى تنقل الأصوات ،كالإذاعات والتليفونات الهوائية التى صارت أسواق الأرض متقاربة بسببها، فلا يكون تغيير فى الأسعار فى قطر من الأقطار إلا ويعلم به التجار أو غالبهم فى جميع أرجاء الأرض فيزيدون فى السعر إن زاد ، وينقصون إن نقص ، ويذهب التاجر فى السيارات إلى أسواق المدائن التى تبعد عنه مسيرة أيام ، فيقضى حاجته منها ، ثم يرجع فى يوم أو بعض يوم ويذهب فى الطائرات إلى أسواق المدائن التى تبعد عنه مسيرة شهر فأكثر ، فيقضى حاجته منها ، ويرجع فى يوم أوبعض يوم .( **إتحاف** الجماعة 1/498 )
فقد تقاربت الأسواق من ثلاثة أوجه :
الأول : سرعة العلم بما يكون فيها من زيادة السعر ونقصانه.
الثانى : سرعة السير من سوق إلى سوق ، ولو كانت مسافة الطريق بعيدة جداً .
الثالث : مقاربة بعضها بعضاً فى الأسعار ، واقتداء بعض أهلها ببعض فى الزيادة والنقصان .والله أعلم .
9-كثرة شرب الخمر
ظهر فى هذه الأمة شرب الخمر ، وتسميتها بغير اسمها ، و الأدهى من ذلك استحلال بعض الناس لها وهذا من أمارات الساعة .
عن أبى موسى الأشعرى أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ليكونن فى أمتى أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف . رواه البخارى تعليقاً (2)
__________
(1) المسند 2/519 (صحيح المسند 10735 )
(2) فتح البارى 4/30 وصله البيهقى 10/221 (صحيح - الصحيحة 91 )(1/14)
عن أنس بن مالك قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ، ويثبت الجهل ، ويشرب الخمر ، ويظهر الزنا .
رواه البخارى ومسلم (1)
عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليستحلن طائفة من أمتى الخمر باسم يسمونها إياه ) رواه أحمد (2)
فقد أطلق على الخمر أسماء كثيرة ، حتى سميت بـ (المشروبات الروحية) . ونحو ذلك .
**وفسر ابن** العربى استحلال الخمر بتفسيرين :
الأول : اعتقاد حل شربها .
الثانى : أن يكون المراد بذلك **الاسترسال** فى شربها ،كالاسترسال فى الحلال
وأعظم من ذلك بيعها جهاراً ، وشربها علانية فى بعض البلدان الإسلامية ، وانتشار المخدرات انتشاراً عظيماً لم يسبق له مثيل ، مما ينذر بخطر عظيم ، وفساد كبير ، والأمر لله من قبل ومن بعد .
عن أبى مالك الأشعرى عن النبى صلى الله عليه وسلم : قال ليشربن أناس من أمتى الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف على رؤسهم بالمعازف والقينات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير . رواه ابن ماجه (3)
والمسخ على حقيقته وهو القول الأرجح كما وقع للأمم السالفة ، ويحتمل أن يكون كنايه عن تبدل أحلامهم .
يسمونها بغير اسمها : أى يبدلون اسمها ليبدلوا بذلك حكمها : ويستترون فى شربها بأسماء الأنبذة . كماء العسل وماء الذرة ونحو ذلك ، ويزعمون أنه غير محرم
قال عمر رضى الله عنه : نزل تحريم الخمر يوم نزل وهى من خمسة أشياء : من العنب والتمر والعسل والحنطة ، والشعير ، والخمر ما خامر العقل .
__________
(1) فتح البارى 80 -مسلم 2671
(2) المسند 5/318 (الصحيحة 90 )
(3) ابن ماجه 4020 (صحيح ابن ماجه 3247(1/15)
قال الألبانى فى السلسلة الصحيحة 91 : وفى هذا الحديث - حديث أبى موسى وعيد شديد على من يتحيل فى تحليل ما يحرم بتغيير اسمه وأن الحكم يدور مع العلة ، والعلة فى تحريم الخمر الإسكار ، فمهما وجد الإسكار وجد التحريم ، ولو لم يتغير الاسم .
10- ظهور المعازف
عن أبى مالك الأشعرى أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( ليكونن فى أمتى أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) رواه البخارى تعليقا وقد مضى فى (كثرة شرب الخمر )
**يستحلون** : فإنه صريح بأن المذكورات ومنها المعازف هى فى الشرع محرمة ، فيستحلها أولئك القوم . المعازف : آلات الملاهى كالعود والطنبور ويطلق على الغناء عزف، وعلى كل لعب عزف .
**الحِرّ** : الفرج والمراد به الزنا .
قرن المعازف مع المقطوع حرمته كالزنا والخمر ، ولو لم تكن محرمة ما قرنها معها
اتفقت المذاهب الأربعة على تحريم آلات الطرب كلها .
قال الألبانى فى السلسلة الصحيحة 91
ولا تغتر أيها القارىء الكريم بما قد تسمع عن بعض المشهورين اليوم من المتفقهه من القول بإباحة آلات الطرب والموسيقى ، فإنهم والله عن تقليد **يفتون** ، ولهوى الناس اليوم ينصرون ، ومن يقلدون ؟ إنما يقلدون ابن حزم الذى أخطأ فأباح آلات الطرب و الملاهى ، لأن حديث أبى مالك الأشعرى لم يصح عنده ، وقد عرفت أنه صحيح قطعاً .
ثم قال : وليت شعرى ما الذى حملهم على تقليده هنا دون الأئمة الأربعة ، مع أنهم أفقه منه وأعلم وأكثر عدداً أو أقوى حجة .
ثم قال : ولكنهم إذا عرضت لهم مسألة نظروا فى أقوال العلماء فيها ، ثم أخذوا ما هو الأيسر أو الأقرب إلى تحقيق المصلحة ، دون أن ينظروا موافقة ذلك ، للدليل من الكتاب والسنة . وكم شرعوا للناس بهذه الطريقة أموراً باسم الشريعة الإسلامية ، ويبرأ الإسلام منها ، فإلى الله المشتكى .(1/16)
فأحرص أيها المسلم على أن تعرف إسلامك من كتاب ربك ، وسنة نبيك ، ولا تقل : قال فلان ، فإن الحق لا يعرف بالرجال ، بل اعرف الحق تعرف الرجال . اهـ
وهذه العلامة قد وقع شىء منها فى العصور السابقة ، وهى الآن أكثر ظهوراً فقد ظهرت المعازف فى هذا الزمان ، وانتشرت **انتشاراً** عظيماً وكثر المغنون والمغنيات
وأعظم من ذلك استحلال كثير من الناس للمعازف ، وقد جاء الوعيد لمن فعل ذلك بالمسخ والقذف والخسف كما جاء فى بعض الأحاديث .
كحديث عمران عند الترمذى : بين يدى الساعة مسخ وخسف وقذف : فقال رجل من المسلمين يا رسول الله ومتى ذاك ؟ قال : إذا ظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور . (الصحيحة 1787 )
وكحديث أبى مالك الأشعرى السابق فى كثرة شرب الخمر
وقد انتشر فى هذا الزمان الجرس وهو كالمعازف من مزامير الشيطان
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الجرس مزامير الشيطان .
رواه مسلم (1)
والجرس : الجلجل لأن صوته شاغل عن الذكر والفكر : والجرس ما يعلق بعنق الدابة وغيره فيصوت ، لأنه شبيه بالنواقيس ، والجرس الصوت .
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس . رواه مسلم (2)
فيكره الجرس عند الشافعى ومالك .
11- انتشار الربا
ومن أشراط الساعة ظهور الربا وانتشاره بين الناس ، وعدم المبالاة بأكل الحرام
عن ابن مسعود رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال : بين يدى الساعة يظهر الربا والزنا والخمر . رواه الطبرانى (3)
عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " ليأتين على الناس زمان لا يبالى المرء بما أخذ المال ، أمن الحلال أم من حرام " . رواه البخارى (4)
__________
(1) مسلم 2114
(2) مسلم 2113
(3) مجمع الزوائد 4/118 (وقال رجاله رجال الصحيح )
(4) فتح البارى 2083(1/17)
وهذا الحديث ينطبق على كثير من المسلمين فى هذا الزمن ، فتجدهم لا يتحرون الحلال فى المكاسب بل يجمعون المال من الحلال والحرام ، وأغلب ذلك بدخول الربا فى معاملات الناس ، فقد انتشرت المصارف المتعاملة بالربا ، ووقع كثير من الناس فى هذا البلاء العظيم .
عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا تبايعتم **بالعِيْنَة** : وأخذتم أذناب البقر : ورضيتم بالزرع ، وتركتم الجهاد ، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم . رواه أبو داود (1)
العينة : أن يبع شيئاً من غيره بثمن مؤجل ويسلم إلى المشترى ، ثم يشتريه قبل قبض الثمن بثمن أقل مما باع به وينقده الثمن .
قال الجوهرى : العينة السلف .
وقال فى القاموس : التاجر باع **سلعته** بثمن إلى أجل ثم اشتراها منه بأقل من ذلك الثمن اهـ .
قال الرافعى : وبيع العينة هو أن يبع شيئاً من غيره بثمن مؤجل ويسلمه إلى المشترى ثم يشتريه قبل قبض الثمن بثمن نقد أقل من ذلك القدر .اهـ
وقد ذهب إلى عدم جواز بيع العينة : مالك و أبو حنيفة و أحمد وابن القيم وجوز ذلك الشافعى وأصحابه كذا فى النيل .
أخذتم أذناب البقر :صاروا يمشون خلف أذناب البقر بعد أن كانوا يركبون الخيل التى هى أعز مكان .
رضيتم بالزرع : أى بكونه همتكم أى حمل هذا على الاشتغال بالزرع فى زمن يتعين فيه الجهاد .
سلط الله عليكم ذلا : صغاراً ومسكنة ، ومن أنواع الذل الخراج الذي يسلمونه كل عام
سنة لملاك الأرض ، وسبب هذا الذل أنهم لما تركوا الجهاد فى سبيل الله الذى فيه عز الإسلام وإظهاره على كل دين .
حتى ترجعوا إلى دينكم : **الاشتغال** بأمور دينكم .
12-ظهور الفحش وقطيعة الرحم وسوء الجوار
__________
(1) أبو داود 3462 (الصحيحة11 )(1/18)
عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفاحش وقطيعة الرحم وسوء المجاورة ) . رواه أحمد (1)
الفحش : هو كل ما يشتد قبحه من الذنوب و المعاصى .
عن عبد الله بن مسعود عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : ( إن بين يدى الساعة تسليم الخاصة ، **وفشوّ** التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة ، وقطع الأرحام ، وشهادة الزور ، وكتمان شهادة الحق ، وظهور القلم ) . رواه أحمد (2)
وقد وقع ما أخبر به النبى صلى الله عليه وسلم فانتشر الفحش بين كثير من الناس ، غير مبالين بالتحدث بما يرتكبون من معاصى ، وما يترتب عليه من عقاب شديد ، وقطعت الأرحام ، فالقريب لا يصل قريبه بل حصل بينهم التقاطع و التدابر ، فتمر الشهور والسنون وهم فى بلد واحد ، فلا يتزاورون ، ولا يتواصلون ، وهذا لاشك أنه من ضعف الإيمان فإن الرسول صلى الله عليه وسلم حث على صلة الرحم وحذر من قطيعتها .
وعن جبير بن مطعم عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يدخل الجنة قاطع رحم )
رواه مسلم (3)
وأما سوء الجوار فحدث عنه ولا حرج ، فكم من جار لا يعرف جاره ولا يتفقد أحواله، ليمد يد العون إليه إن احتاج ، بل ولا يكف شره عنه وقد نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن أذى الجار فقال : (من كان يؤمن بالله واليوم والآخر فلا يؤذى جاره ) رواه مسلم (4)
وأمر بالإحسان إلى الجار فقال : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره. رواه مسلم (5)
وقال عليه الصلاة والسلام (مازال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه )
رواه مسلم (6)
__________
(1) المسند 2/162 ( صحيح المسند 6514 )
(2) المسند 1/407 (صحيح المسند 3870 )
(3) مسلم 2556
(4) مسلم 47
(5) مسلم 48
(6) مسلم 2625(1/19)
عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أشراط الساعة : الفحش و التفحش ، وقطيعة الرحم ، وتخوين الأمين ، وائتمان الخائن ) رواه الطبرانى (1)
عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم ، فقالت : هذا مقام العائذ من القطيعة ، قال : نعم ، أما ترضْين أن أصل من وصلك ، وأقطع من قطعك ؟ قالت : بلى ، قال : فذاكِ لك . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقرأوا إن شئتم : **{فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا فى الأرض وتقطعوا أرحامكم ، أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} ، {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}** . رواه مسلم (2)
عن أبى هريرة أن رجلاً قال : يا رسول الله ، إن لى قرابة ، أصلهم و يقطعونى ، وأحسن إليهم ويسيئون إلىّ ، وأحلم عنهم ويجهلون على ، فقال لئن كنت كما قلت ، فكأنما تسفهم المل ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم مادمت على ذلك . رواه مسلم (3)
يجهلون على : يسيئون .... المل : الرماد الحار ... ظهير : معين ودافع لأذاهم .
13-كثرة الكذب
عن أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (سيكون فى آخر أمتى أناس يحدثونكم ما لم تسمعوا أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم )رواه مسلم (4)
وفى رواية : (يكون فى آخر الزمان دجالون كذابون يأتونكم من الأحاديث بما لا تسمعوا أنتم ولا آباؤكم ، فإياكم وإياهم لا يضلونكم ولا يفتنونكم )رواه مسلم (5)
عن عامر بن عَبَدَة قال : قال عبد الله (أن الشيطان ليتمثل فى صورة الرجل فيأتى القوم فيحدثهم بالحديث من الكذب ، فيتفرقون فيقول الرجل منهم : سمعت رجلا أعرف وجهه ولا أدرى ما اسمه يحدث) رواه مسلم (6)
__________
(1) الطبرانى فى الأوسط " مجمع الزوائد7/284 " ( الصحيحة 2290 )
(2) مسلم 2554
(3) مسلم 2558
(4) مسلم 6
(5) مسلم 7
(6) مسلم 7(1/20)
عن عبد الله بن عمرو قال : (إن فى البحر شياطين مسجونة أوثقها سليمان يوشك أن تخرج فتقرأ على الناس قرآنا ) رواه مسلم (1)
قال النووى : (معناه : تقرأ شيئاً ليس بقرآن وتقول : إنه قرآن **لِيَغْتَرَّ به** عوام الناس فلا يغترون ) (شرح النووى لمسلم 1/80 )
وما أكثر الأحاديث الغريبة فى هذا الزمان ، فقد أصبح بعض الناس لا يتورع عن كثرة الكذب ، ونقل الأقوال بدون تثبت من صحتها ، وفى هذا إضلال للناس وفتنة لهم ، ولهذا حذر النبى صلى الله عليه وسلم من تصديقهم ، وقد جعل علماء الحديث هذه الأحاديث أصلا فى وجوب التثبت من نقل الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتمحيص الرواة لمعرفة الثقة من غيره ، وبسبب كثرة كذب الناس فى هذا الزمان ، صار الإنسان لا يميز بين الأخبار فلا يعرف صحيحها من سقيمها .
14-كثرة شهادة الزور وكتمان شهادة الحق
عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن بين يدى الساعة تسليم الخاصة و فشو التجارة حتى تعين المرأه زوجها على التجارة وقطع الأرحام وشهادة الزور وكتمان **شهادة** الحق وظهور القلم ) رواه أحمد (2)
**وشهادة الزور هى الكذب متعمداً فى الشهادة** ، فكما أن شهادة الزور سبب لإبطال الحق ، فكذلك كتمان الشهادة سبب لإبطال الحق .
قال الله تعالى : (ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه )(البقرة 283)
وعن أبى بكرة قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (ألا أنبئكم بأكبر الكبائر "ثلاثا" ؟ الإشراك بالله وعقوق الوالدين وشهادة الزور ـ أو قول الزور ـ وكان متكئاً فجلس فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت )رواه البخارى ومسلم (3)
وما أكثر شهادة الزور وكتمان شهادة الحق فى هذا الزمن .
__________
(1) مسلم 7
(2) المسند 1/407 (صحيح المسند )
(3) فتح البارى 2654 - مسلم 87(1/21)
ولعظم خطرها قرنها النبى صلى الله عليه وسلم : بالشرك ، وعقوق الوالدين ، فإن شهادة الزور سبب للظلم ، والجور ، وضياع حقوق الناس فى الأموال والأعراض ، وظهورها دليل على ضعف الإيمان ، وعدم الخوف من الرحمن .
15-السلطان وأعوانه
عن أبى هريرة قال : قال صلى الله عليه وسلم : من بدا جفا ، ومن اتَّبع الصيد غفل ، ومن أتى أبواب السلطان افتتن ، وما ازداد عبد من السلطان قرباً إلا **ازداد** من الله بعداً . رواه **أحمد** (1)
من بدا جفا : من سكن البادية صار فيه جفاء الأعراب .
ومن اتبع الصيد غفل : ومن شغله الصيد غفل .
- عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيكون عليكم أمراء يأمرونكم بما لا يفعلون ، فمن صدقهم بكذبهم ، وأعانهم على ظلمهم ، فليس منى ولست منه ولن يرد على الحوض . رواه أحمد (2)
- عن أبى أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سيكون رجال من أمتى يأكلون ألوان الطعام ويشربون ألوان الشراب ، ويلبسون ألوان الثياب ويتشدقون فى الكلام ، فأولئك شرار أمتى . رواه الحاكم (3)
الأشداق : جوانب الفم ، والمتشدقون : المتوسعون فى الكلام من غير احتياط واحتراز وقيل المتشدق هو **المستهزئ** بالناس يلوى شدقه بهم وعليهم .
- عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليأتين عليكم أمراء يقربون شرار الناس، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها ، فمن أدرك ذلك منكم ، فلا يكونن : عريفاً ، ولا شرطياً ، ولا جابياً ، ولا خازناً . رواه ابن حبان (4)
العريف : الرئيس أو النقيب الذى يرأس فرقة أو مجموعة .
الشرطى : صاحب الشرطة أو الكتيبة فى الحرب أو البوليس أو المخابرات . وهو الجندى الذى يقوم بحراسة الأمن وتنفيذ أحكام الولاة .
__________
(1) المسند 2/371 (صحيح الصحيحة 1272 )
(2) المسند 2/95 (صحيح الجامع 5702)
(3) المستدرك 3/568 (صحيح الصحيحة 1891 )
(4) ابن حبان 1558 (صحيح الصحيحة 360 )(1/22)
الجابى : الذى يجمع الأموال كالضرائب ويحصل التذاكر وغيره،والجامع للخراج ونحوه
الخازن : الذى فى حيزته عهدة ، الحافظ لبيت المال وأميناً عليه .
وهذه الأربعة تشمل معظم الوظائف .
والمعنى : لا تكن حارساً فلا تعدل ، وجندياً فتظلم .
وشرطة السلطان : نخبة أصحابه الذين يقدمهم على غيرهم من جنده .
وفيه الحث على العدل والأمانة والصدق ، وخوف الله دائماً .و التنحى عن رياسة العمل . وقد حدث تأخير الصلاة فى دولة بنى أمية ، وهذا مع الحكام الظلمة
- عن أبى أمامة الباهلى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لَيُنْقَضَنَّ عرى الإسلام عروة عروة ، فكلما انقضت عروة ، تشبث الناس بالتى تليها ، فأولهن نقضا الحكم، **وآخرهن** الصلاة .رواه أحمد والحاكم وابن حبان (1)
تنقضن : أى تنحل . عرى الإسلام : ما يتمسك به من أمر الدين . تشبث : تعلق .
- عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أول ما تفقدون من دينكم الأمانة ، وآخره الصلاة ، رواه الخرائطى (2)
- عن ثوبان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تزال طائفة من أمتى على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم حتى يأتى أمر الله . رواه الترمذى (3)
عن عابس الغفارى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بادروا بالأعمال خصالاً ستاً : إمْرة السفهاء وكثرة الشرط ، وقطيعة الرحم ، وبيع الحكم ، واستخفافاً بالدم ، ونشواً يتخذون القرآن مزامير، يقدمون الرجل ليس بأ فقهم ولا أعلمهم ، ما يقدمونه إلا ليغُنِّيهم . رواه أحمد والطبرانى (4)
إمرة السفهاء : ولايتهم على الرقاب لما يحدث منهم من العنف والطيش وبكثرتهم يكثر الظلم
__________
(1) المسند 5/251 -الحاكم 4/92 (صحيح الجامع 3873 )
(2) مكارم الخلاق صـ 28 ( الصحيحة 1739 )
(3) الترمذى 2229 (صحيح -الصحيحة 2441 )
(4) المسند 3/494 -الطبرانى 3/443 (**صحيح** الجامع 2812 -الصحيحة 979 )(1/23)
السفيه : ناقص العقل : كثرة الشرط أى كثرتهم بأبواب الأمراء والولاة وبكثرتهم يكثر الظلم . ......... بيع الحكم : بأخذ الرشوة
استخفافا بالدم : أى بحقه بأن لا يقتص من القاتل .
قطيعة الرحم : أى القرابة بإيذائه أو عدم إحسان أو هجر وإبعاد .
يتخذون القرآن مزامير : أى قراءته يتغنون بها .
ويأتون به بنغمات مطربة ، وقد كثر ذلك فى هذا الزمان وانتهى الأمر إلى التباهى بإخراج ألفاظ القرآن عن وضعها .
يقدمون أحدهم ليغنيهم : أى يقدمون الناس الذين هم أهل ذلك الزمان ليغنيهم بالقرآن بحيث يخرجون الحروف عن أوضاعها ويزيدون وينقصون لأجل موافاة الألحان وتوفر النغمات .
عن أبى هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يوشك إن طالت بك مدة ، أن ترى قوماً فى أيديهم مثل أذناب البقر ، يغدون فى غضب الله ، ويروحون فى سخط الله . رواه مسلم (1)
الشرطة هم نخبة أصحاب السلطان الذين يقدمهم على سائر الجند .
3-عن ابن مسعود قال : قال صلى الله عليه وسلم : سيلى أموركم بعدى رجال يطفئون السنة ، ويعملون بالبدعة ، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها ، فقلت يا رسول الله : إن أدركتهم كيف أفعل ؟ قال : تسألنى يا ابن أم عبد كيف أفعل ؟ لا طاعة لمن عصى الله ) رواه أحمد (2)
4-عن ابن عمر قال : قال صلى الله عليه وسلم : إذا رأيتم أمتى تهاب الظالم أن تقول له : إنك الظالم فقد تودع منهم . رواه أحمد (3)
5-عن حذيفة قال : قال صلى الله عليه وسلم : يكون بعدى أئمة لا يهدون بهداى ، ولا يستنون بسنتى ، وسيقوم فيهم رجال ، قلوبهم قلوب الشياطين فى جثمان إنس قال : قلت : كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك ؟ قال : تسمع وتطيع للأمير وإن ضُرب ظهركَ وأُخُذ مالك ، فاسمع وأطع .رواه مسلم (4)
__________
(1) مسلم 2857
(2) المسند 1/399 ابن ماجه 2865 (صحيح الجامع 3557
(3) المسند 2/163 -المستدرك 4/96 (صحيح المسند 2521 )
(4) مسلم 1847(1/24)
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ويل للأمراء ، ويل للعرفاء ، ويل للأمناء ، ليتمنين أقوام يوم القيامة أن نواصيهم معلقة بالثريا ، يتجلجلون بين السماء والأرض ، وأنهم لم يلوا عملاً. رواه أحمد والحاكم وابن حبان (1)
الأمراء : الحكام الظلمة الذين لا يعدلون ولا يخافون الله .
العرفاء : العريف وهو النقيب أى دون الرئيس فى العمل .
الأمناء : الذين تسند لهم الأشياء ليحفظوها ، ولا يقومون بأدائها كاملة .
نواصيهم : شعور رءوسهم .
الثريا : نجم فى السماء ، أى يودون أن يعلقوا ويعذبوا فى الدنيا ولا يعذبون فى الآخرة
يتجلجلون : يصعدون وينزلون ويتحركون ولا يثبتون على حال .
لم يلوا عملاً : لم يسند لهم عمل يقومون فيه بالعدل والأمانة بمعنى أنهم بعدوا عن الرياسة .
عن أبى أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : سيكون فى آخر الزمان شرطة، يغدون فى غضب الله ، ويروحون فى سخط الله . رواه أحمد و الطبرانى (2)
عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا بد للناس من عريف والعريف فى النار . رواه أبو نعيم فى أخبار أصبهان (3)
العرافة : فيها مصلحة للناس ولكن التحذير من التعرض للرياسة و التأمر على الناس، لأنه إذا لم يقم بحقه ولم يؤد الأمانة فيه أثم واستحق العقوبة ، وخيف عليه من دخول النار .
عن عبد الله بن أبى أوفى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تمنوا لقاء العدو ، وسلوا الله العافية ، فإذا لقيتموهم فاصبروا ، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ثم قال : اللهم منزل الكتاب ومجرى السحاب وهازم الأحزاب ، اهزمهم وانصرنا عليهم ) رواه البخارى (4)
__________
(1) المسند 2/352-المستدرك 4/91 ابن حبان 1559 (حسن شرح السنة 2468 )
(2) المسند 5/250 -المستدرك4/436 الطبرانى 8000 (صحيح الجامع 8153 )
(3) أخبار أصبهان 2/148 وانظر سنن أبى داود 2934 (صحيح الصحيحة 1417)
(4) فتح البارى 3024(1/25)
عن أبى محجن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أخاف على أمتى من بعدى ثلاث : حيف الأئمة ، و إيماناً بالنجوم ، وتكذيباً بالقدر ) رواه ابن عساكر (1)
حيف : جور وظلم .
عن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم : ( من كره من أميره شيئاً فليصبر ، فإنه من خرج من السلطان شبراً مات ميتة جاهلية) . رواه البخارى (2)
من خرج من السلطان : أى من طاعته
فليصبر : يعنى فليصبر على ذلك المكروه ولا يخرج عن طاعته لأن فى ذلك حقن للدماء ، وتسكين للفتنة ، إلا أن يكفر الإمام ويظهر خلاف دعوة الإسلام فلا طاعه لمخلوق عليه ، وفيه دليل على أن السلطان لا ينعزل بالفسق والظلم ، ولا تجوز منازعته فى السلطنة بذلك .
شبراً : أى قدر شبر وهو كناية عن خروجه ، ولو كان بأدنى شىء .
ميتة جاهلية : كموت الجاهلية حيث لم يعرفوا إماماً مطاعاً ، وليس المراد أن يموت كافراً ، بل أنه يموت عاصياً.
عن عبادة بن الصامت (قال بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة فى منشطنا و مكرهنا وعسرنا ويسرنا ، وأثرة علينا ، وأن لا ننازع الأمر أهله ، إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان) رواه البخارى (3)
منشطنا : فى حالة نشاطنا
أثرة علينا : استئثار الأمراء بحظوظهم واختصاصهم إياها بأنفسهم ، فعليهم الطاعة ولو منعهم حقهم
الأمر : الملك والإمارة .
كفراً بواحاً : منكراً محققاً تعلمونه من قواعد الإسلام ، عند ذلك يَجوز المنازعة بالإنكار عليهم .
عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : سيكون أمراء ، تعرفون وتنكرون ، فمن نابذهم نجا ، ومن اعتزلهم سلم ، ومن خالطهم هلك .
رواه الطبرانى ومسلم عن أم سلمة (4)
__________
(1) ابن عساكر (صحيح -الصحيحة 1127 )
(2) فتح البارى 7053
(3) فتح البارى 7056
(4) مسلم 1854( صحيح الجامع 3661 )(1/26)
عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :(ستكون أمراء ، فتعرفون وتنكرون ، فمن عرف برىء ، ومن أنكر سَلِم ، ولكن من رضى وتابع . قالوا : أفلا نقاتلهم ؟ قال لا . ما
صلوا ) .رواه مسلم (1)
هذا الحديث فيه معجزة ظاهرة بالإخبار بالمستقبل ، ووقع ذلك كما أخبر صلى الله عليه وسلم .
فمن كره برىء : من كره ذلك المنكر فقد برىء عن إثمه وعقوبته ، وهذا فى حق من لا يستطيع إنكاره بيده ولا لسانه فليكرهه بقلبه ويبرأ .
فمن عرف برىء : فمن عرف المنكر ولم يشتبه عليه فقد صارت له طريق إلى البراءة من إثمه وعقوبته بأن يغيره بيده أو بلسانه فإن عجز فليكرهه بقلبه .
من رضى وتابع : ولكن الإثم والعقوبة على من رضى وتابع ، وفيه دليل على أن من عجز عن إزالة المنكر لا يأثم بمجرد السكوت ، بل وإنما يأثم بالرضا أو بأن لا يكرهه بقلبه أو بالمتابعة عليه .
16- بيوت الشياطين
عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تكون إبل للشياطين وبيوت للشياطين. فأما إبل الشياطين فقد رأيتها ، يخرج أحدكم بِجَنيِبَات معه قد أسْمَنَها فلا يعلو بعيراً منها ، ويمر بأخيه قد انقطع به فلا يحمله . وأما بيوت الشياطين فلم أرها . كان سعيد يقول : لا أُراها إلا هذه الأقفاص التى يستر الناس بالديباج رواه أبو داود (2)
تكون : توجد .
إبل الشياطين : يريد بها المعدة للتفاخر والتكاثر ، ولم يقصد بها أمراً مشروعاً ولم تستعمل فيما يكون فيه قُربه . .... بيوت : مساكن
للشياطين : أى إذا كانت زائد على قدر الحاجة ، أو مبنية من مال الحرام ، أو للرياء والسمعة .
فأما إبل الشياطين فقد رأيتها : أى فى زمانى هذا من كلام الرواى وهو أبو هريرة . . وقيل كلام الرسول الله صلى الله عليه وسلم .
جنيبات : الدواب التى تقاد ، والمراد التى ليس عليها راكب .
__________
(1) مسلم 1854
(2) أبو داود 2568 (حسن الصحيحة 93 )(1/27)
وفى رواية بنجيبات : النجيبة الناقة المختارة القوية الخفيفة السريعة .
قد أسمنها : أى للزينة ، لا يركبها فى سفره ولا يحمل عليها متاعاً
فلا يعلو : لا يركب . .... بعيراً منها ويمر : فى السفر .
بأخيه : أى فى الدين . .... قد انقطع به : أى كَلَّ عن السير .
فلا يحمله : فلا يركب أخاه الضعيف عليها ، وهذا إنما الدواب خلقت للإنتفاع بها بالركوب والحمل عليها فإذا لم يحمل عليها من أعيا فى الطريق فقد أطاع الشيطان فى منع الأنتفاع فكأنها للشياطين .
وأما بيوت الشياطين فلم أرها : إلى هنا كلام الصحابى .
قال فى المرقاة : إن النبى صلى الله عليه وسلم لم ير من الهوادج والمحامل التى يأخذها المترفون فى الأسفار .
سعيد : الراوى عن أبى هريرة
لا أراها : بضم الهمزة أى لا أظنها . وبفتحها : لا أعلمها .
هذه الأقفاص : المحامل والهوادج التى يتخذها المترفون فى الأسفار .
الديباج : الأقمشة النفيسة من الحرير وغيره ، والظاهر أن النهى عنها ليس لذاتها ، بل لسترها بالحرير وتضييع المال والتفاخر والسمعة والرياء .
قال الألبانى فى الصحيحة 93 :
والظاهر أنه عليه الصلاة والسلام عنى ببيوت الشياطين هذه السيارات الفخمة التى يركبها بعض الناس مفاخرة ومباهاة ، وإذا مروا ببعض المحتاجين إلى الركوب لم يركبوهم ، ويرون أن إركابهم يتنافى مع كبريائهم وغطرستهم .فالحديث من أعلام نبوتة صلى الله عليه وسلم .
17- وقوع التناكر بين الناس
عن حذيفة قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة ؟ فقال : "علمها عند ربى لا يجليها لوقتها إلا هو ، ولكن أخبركم بمشاريطها ، وما يكون بين يديها ، إن بين يديها فتنة وهرجاً " قالوا يا رسول الله ، الفتنة قد عرفناها ، فالهرج ما هو ؟ قال : " بلسان الحبشة : القتل .ويلقى بين الناس التناكر فلا يكاد أحدٌ أن يعرف أحداً " رواه أحمد (1)
__________
(1) المسند 5/389 (قال الهيثمى ورجاله رجال الصحيح 7/309 )(1/28)
فوقوع التناكر عند كثرة الفتن والمحن وكثرة القتال بين الناس وحينما تستولى المادة على الناس ويعمل كل منهم لحظوظ نفسه ، غير مكترث بمصالح الآخرين ولا بحقوقهم فتنتشر الأنانية البغيضة ، ويحيى الإنسان فى نطاق أهوائه وشهواته فلا تكون هناك قيم أخلاقية يعرف بعض الناس بها بعضاً ، ولا يكون هناك من الأخوة الإيمانية ما يجعلهم يلتقون على الحب فى الله والتعاون على البر والتقوى .
18- ضياع الأمانة
عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة،قال كيف إضاعتها؟قال :إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة.رواه البخارى (1)
وقد وسد الأمر لغير أهله ، وصار رءوس الناس أسافلهم ، عبيدهم وجها لهم ، فيملكون البلاد ، والحكم فى العباد ، فيجمعون الأموال ، ويطيلون البنيان .
قال قتادة : فهم صم عن استماع الحق ، بكم عن التكلم به ، عمى عن الإبصار له
وسد : أسند وأصله من الوسادة . ويكون عند غلبة الجهل ورفع العلم .
عن حذيفة قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر : حدثنا أن الأمانة نزلت فى جذر قلوب الرجال ، ثم علموا من القرآن ، ثم علموا من السنة ، وحدثنا عن رفعها قال : ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل أثر الوَكْت ، ثم ينام النومة فتقبض فيبقى أثرها مثل المَجْل ، كجمر دحرجته على رجلك فنفط فتراه منتبراً وليس فيه شىء ، فيصبح الناس يتبايعون فلا يكاد أحدهم يؤدى الأمانة ، فيقال : إن فى بنى فلان رجلاً أميناً ، ويقال للرجل : ما أعقله وما أظرفه وما أجلده وما فى قلبه حبة خردل من إيمان ، ولقد أتى علىّ زمان وما أبالى أيكم بايَعْتَ ، لئن كان مسلماً رده على الإسلام ، وإن كان نصرانياً رده على ساعيه ، فأما اليوم فما كنت أبايع إلا فلانا وفلاناً . رواه البخارى و مسلم (2)
__________
(1) فتح البارى 59
(2) فتح البارى 6497 مسلم 143(1/29)
الأمانة : المراد بها الإيمان ، أو كل ما يخفى ولا يعلمه إلا الله من المكلف .
الوكت : الأثر اليسير كالنقطة فى الشىء .
المجل : أثر العمل فى اليد . نفط : صار منتفطاً وهو المنتبر أى إذا ورم وامتلأ ماء .
الأمانة : التكليف الذى كلف الله تعالى به عباده .
جذر : أصل .
منتبراً : مرتفعاً .
بايعت : من البيع والشراء .
فإن كان مسلماً فدينه ، وأمانته تمنعه من الخيانة وتحمله على أداء الأمانة ، وإن كان كافراً فساعيه وهو الوالى عليه .
أما اليوم فقد ذهبت الأمانة ، فما بقى لى وثوق بمن أبايعه ، ولا بالساعى ، فما أبايع إلا فلانا وفلاناً أثق بهم .
عن زيد بن ثابت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أول ما يرفع من الناس الأمانة، وآخر ما يبقى من دينه الصلاة ، ورب مصل لا خلاق له عند الله تعالى .
رواه الحكيم الطبرانى (1)
الأمانة : معنى يحصل فى القلب فيأمن به المرء من الردى فى الآخرة والدنيا ، وأصله الإيمان .
وآخر ما يبقى من دينه الصلاة : كلما ضعف الإيمان بحب الدنيا ، ونقص نوره بالمعاصى والشهوات ، وذهبت هيبة سلطانه من القلوب ، اضمحلت الأمانة ، وإذا ضعفت الأمانة ، وخانت الرعية فيها فأخرت الصلاة عن أوقاتها ، وقصر فى إكمالها أدى ذلك إلى ارتفاع أصلها .
لا خلاق : لا نصيب له عند الله من قبولها والإثابة عليها .
19-ظهور الكاسيات العاريات
ومن علامات الساعة خروج النساء عن الآداب الشرعية وذلك بلبس الثياب التى لا تستر عوراتهن و إظهارهن لزينتهن وشعورهن وما يجب ستره من أبدانهن .
__________
(1) الطبرانى فى الأوسط 11/321 (صحيح الجامع 2575 )(1/30)
عن عبد الله بن عمرو قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (سيكون فى آخر أمتى رجال يركبون على سروج كأشياء الرجال ، ينزلون على أبواب المساجد نساؤهم كاسيات عاريات ، على رؤوسهم كأسنمة البخت العجاف العنوهن فإنهن ملعونات لو كانت ورائكم أمة من الأمم لخدمن نساؤكم نساؤهم ،كما يخدمنكم نساء الأمم قبلكم)
رواه أحمد (1)
عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ) .رواه مسلم (2)
عن أسامة بن زيد عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : ما تركت بعدى فتنة أضر على الرجال من النساء . رواه البخارى ومسلم (3)
وهذه الأحاديث من معجزات النبوة فقد وقع ما أخبر به النبى صلى الله عليه وسلم قبل هذا ، وهو فى زماننا هذا أكثر ظهوراً ، وقد سمى النبى صلى الله عليه وسلم : هذا الصنف من النساء بـ " الكاسيات العاريات " لأنهن يلبسن الثياب ومع هذا فهن " عاريات " لأن ثيابهن لا تؤدى وظيفة الستر لرقتها وشفافيتها ، كأكثر ملابس النساء فى هذا العصر ، أو لقصرها الذى يكشف سيقانها وأذرعها وشعرها ونحرها أو لضيقها الذى يصف جسمها .
وهذا إخبار عن شىء مشاهد فى هذا العصر كأنه صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عصرنا هذا ويصفه لنا فقد أصبح فى عصرنا هذا أماكن لتصفيف شعور النساء وتجميلها وتنويع أشكالها فى محلات تسمى " كوافير" يشرف عليها غالباً رجال يتقاضون أغلى الأجور وليس ذلك فحسب فكثير من النساء لا يكتفين بما وهبهن الله من شعر طبيعى فيلجأن إلى شراء شعر صناعى تصله المرأة بشعرها ليبدو أكثر نعومة ولمعاناً وجمالاً ، لتجذب إليها الرجال .
__________
(1) المسند 2/223 (صحيح المسند 7083 )
(2) مسلم 2128
(3) فتح البارى 5096 مسلم 2740(1/31)
كاسيات عاريات : يكشفن لبعض البدن أو يلبسن ثياباً رقيقة أو ضيقة .
مميلات : لأكتافهن .
مائلات : يمشين **متبخترات **.
البخت : الإبل . يكبرون رءوسهن بلف عمامة أو عصابة أو نحوها .
20-كثرة النساء وقلة الرجال
عن أنس قال : لأ حدثنكم حديثاً لا يحدثكم أحد بعدى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (من أشراط الساعة أن يقل العلم ، ويظهر الجهل ، ويظهر الزنا ، وتكثر النساء ، ويقل الرجال، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد )رواه البخارى (1)
يرفع العلم : بترك العمل به . يظهر الزنا : ظهر وانتشر فى جميع بلاد العالم .
قيل : إن سبب ذلك كثرة الفتن فيكثر القتل فى الرجال لأنهم أهل الحروب دون النساء.
وقيل إن هذا سيحدث فى المستقبل ، وربما يكون بعد ظهور العلامات الكبرى .
وقيل : إن سبب ذلك كثرة الفتوح فتكثر السبايا فيتخذ الرجل عدة موطوءات.
قال الحافظ ابن حجر : "فيه نظر لأنه صرح بالعلة فى حديث أبى موسى .
فقال (من قلة الرجال وكثرة النساء )والظاهر أنها علامة محضة لا لسبب آخر ، بل يُقدِّر الله فى آخر الزمان أن يقل من يولد من الذكور ، ويكثر من يولد من الإناث ، وكون كثرة النساء من العلامات مناسب لظهور الجهل ورفع العلم )" فتح البارى 1/179 "
القيم : من يقوم بأمرهن ، لأن الرجال قوامون على النساء .
وليس المراد هنا حقيقة العدد (خمسين )فقد جاء فى حديث أبى موسى رضى الله عنه : (ويرى الرجل يتبعه أربعون **امرأة** يلذن به ) . رواه البخارى مسلم (2)
فيكون مجازاً عن الكثرة ، والله أعلم .
قال القرطبى : يلذن يريد والله أعلم . أن الرجال يقتلون فى الملاحم ، وتبقى نساؤهم أرامل فيقبلن على الرجل الواحد فى قضاء حوائجهن ومصالح أمورهن يسوسهن ويقوم عليهن من بيع وشراء ، وأخذ وعطاء .
وقيل يلذن به : يلتجئن إليه ليجامعهن .
21-انتشار الزنا
__________
(1) فتح البارى 81
(2) فتح البارى 1414 مسلم 1012(1/32)
ومن العلامات التى ظهرت فُشُوُّ الزنا وكثرته بين الناس ، فقد أخبر النبى صلى الله عليه وسلم : ذلك من أشراط الساعة
عن أنس رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ، ويثبت الجهل ، ويشرب الخمر ، ويظهر الزنا "
رواه البخارى و مسلم (1)
عن أبى مالك الأشعرى أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم : يقول (ليكونن فى أمتى أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ) رواه البخارى (2)
يستحلون : المستحل ما لا يحل فهو كافر إن أظهر ذلك .ومنافق إن أسره ، أو يكون مرتكب المحارم تهاوناً واسخفافاً فهو يقارب الكفر ، والذى يوضح فى النظر أن هذا لا يكون إلا ممن يعتقد الكفر ويتسم بالإسلام ، لأن الله عز وجل لا يخسف من تعود عليه رحمته فى المعاد .قاله العينى .
**الحِرّ** : الفرج ، والمراد الزنا . المعازف : آلات الملاهى .
وأما ظهور الزنا فذلك مشهور خاصة بمصر ، وهذه الشنيعة أكثر ما تكون فى بيوت الملوك والرؤساء حتى يرون النكاح منكراً والسفاح معروفاً ، زعماً منهم أن فى ذلك كسر شوكة الإمارة ، ونقص شأن الرياسة ، فتدخل النساء عليهم بغير عقد شرعى ، حتى أن بعضهم يقع على أزواج الآباء والأبناء ، فغالب أولادهم سفاح .
وفى آخر الزمان بعد ذهاب المؤمنين يبقى شرار الناس ، يتهارجون فيها تهارج الحُمُرِ،كما جاء فى حديث النواس رضى الله عنه " ويبقى شرار الناس ،يتهارجون فيها تهارج الحُمُر ، فعليهم تقوم الساعة "رواه مسلم و سيأتى .
يتهارجون : المراد به الجماع وكثرة النكاح . والمعنى أن يجامع الرجال النساء بحضرة الناس ، كما يفعل الحمير .
عن ابن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى يتسافدوا فى الطريق تسافد الحمير ، قلت : إن ذلك لكائن . قال : نعم ليكونن .
رواه ابن حبان
__________
(1) فتح البارى 80 مسلم 2671
(2) فتح البارى 5590(1/33)
يتسافدوا : السفاد : نزو الذكر على الأنثى . والنزو : الوَثَبان ولا يقال إلا للشاء والدواب والبقر .
عن ابن عمر قال : أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا معشر المهاجرين خمس خصال إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن : لم تظهر الفاحشة فى قوم قط ، حتى يعلنوا بها ، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التى لم تكن مضت فى أسلافهم الذين مضوا . رواه ابن ماجه (1)
وقد فشا الطاعون -طاعون الإيدز - فى هذا الزمان ، وتحققت المعجزة النبوية .
22-تقارب الزمان
عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم ، وتكثر الزلازل ، ويتقارب الزمان ، وتظهر الفتن ، ويكثر الهرْج ، وهو القتل القتل ، حتى يكثر فيكم المال فيفيض . رواه البخارى (2)
وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر ، ويكون الشهر كالجمعة ، وتكون الجمعة كاليوم ، ويكون اليوم كالساعة ، وتكون الساعة كاحتراق السعفة ) رواه الترمذى (3)
وللعلماء أقوال فى المراد بتقارب الزمان منها :
1- أن المراد بذلك قلة البركة فى الزمان فيذهب الليل والنهار بسرعة .
قال ابن حجر : قد وجد فى زماننا هذا ، فإننا نجد من سرعة مر الأيام ما لم نكن
نجده فى العصر الذى قبل عصرنا هذا ) .
2- أن المراد بذلك هو ما يكون فى زمان المهدى وعيسى بن مريم عليه السلام من ... استلذاذ الناس للعيش ، وتوفر الأمن ، وغلبة العدل ، وذلك أن الناس ... يستقصرون أيام الرخاء وأن طالت وتطول عليهم مدة الشدة وإن قصرت .
3- أن المراد تقارب أحوال أهله فى قلة الدين ، حتى لا يكون منهم من يأمر بمعرف ... **وينهى عن** منكر ، لغلبة الفسق ، وظهور أهله ، وذلك عند ترك طلب العلم خاصة، ... والرضا بالجهل .
__________
(1) 1889 (صحيح الصحيحة 418 )
(2) فتح البارى 1036
(3) الترمذى 2332 (صحيح الترمذى 1901 )(1/34)
4- أن المراد تقارب أهل الزمان بسبب توفر وسائل **الاتصالات** والمراكب الأرضية ... والجوية السريعة التى قربت البعيد .
5- أن المراد بذلك هو قصر الزمان ، **وسرعته** سرعة حقيقية ، وذلك فى آخر الزمان ... زمن الدجال .
6- أن المراد هو قرب يوم القيامة .
والواقع أن البركة فى الزمان إنما تكون عن طريق قوة الإيمان ، وعند ضعف الإيمان تقل البركة فى الزمان كما هو حال أهل هذا الزمان . فنجد أن اليوم يمر بسرعة ولا ندرى كيف مر .
23-تشبب المشيخة
عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يكون قوم يختضبون فى آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة) رواه أحمد (1)
**ما جاء** فى هذا الحديث واقع فى هذا الزمن ، فإنه انتشر بين الرجال صبغ لحاهم ورؤوسهم بالسواد، والذى يظهر والله أعلم أن قوله صلى الله عليه وسلم (كحواصل الحمام)تشبيه لحال بعض المسلمين فى هذا العصر يحلقون عوارضهم ويدعون ما على أذقانهم من الشعر ، ثم يصبغونه بالسواد ، فيغدوا كحواصل الحمام .
قال ابن الجوزى :
يحتمل أن يكون المعنى لا يريحون رائحة الجنة ، لفعل يصدر منهم ، أو اعتقاد لا لعلة الخضاب، ويكون الخضاب سيماهم ، كما قال فى الخوارج سيماهم التحليق ، وإن كان تحليق الشعر ليس بحرام (الموضوعات 3/55)
24-كثرة الشح
عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : يتقارب الزمان وينقص العمل ويلقى الشح ويكثر الهرْج . رواه البخارى (2)
يلقى : يوضع فى القلوب فيكثر . .... الشح : البخل الشديد مع الحرص .
والشح خلق مذموم نهى عنه الإسلام ، وبين أن من وُقِىَ شح نفسه فقد فاز وأفلح كما
قال تعالى : " ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون " الحشر : 9 والتغابن 16 .
__________
(1) المسند 1/273 (صحيح الجامع 8153 )
(2) فتح البارى 6037(1/35)
عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فإن الشح أهلك من قبلكم ، حملهم على أن سفكوا دمائهم واستحلوا محارمهم ) . رواه مسلم (1)
قال القاضى عياض يحتمل أن هذا الهلاك هو الهلاك الذى أخبر عنهم به فى الدانيا ، بأنهم سفكوا دمائهم ويحتمل أنه هلاك الآخرة ، وهذا الثانى أظهر ، ويحتمل أنه أهلكهم فى الدنيا والآخرة ( انظر شرح النووى لمسلم 16/134 )
26- صدق رؤيا المؤمن
ومن أشراط الساعة صدق رؤيا المؤمن فى آخر الزمان وكلما كان المرء صادقاً فى إيمانه كانت رؤياه صادقة .
عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب ، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً ، ورؤيا المسلم جزء من خمس وأربعين جزءاً من النبوة . رواه مسلم (2)
وفى رواية ست وأربعين وفى رواية سبعين ... ذلك لأن المؤمن يكون فى آخر الزمان غريباً، فيكرمه الله بالرؤيا الصالحة التى تقع كما رأى .
قال الطبرى : إن هذا **الاختلاف** راجع إلى اختلاف حال الرائى .
وقد اختلف العلماء فى تحديد الزمن الذى يقع فيه صدق رؤيا المؤمن على أقوال :
الأول : أن ذلك يقع إذا اقتربت الساعة وقبض أكثر العلم ، ودرست معالم الشريعة ، بسبب الفتن وكثرة القتال ، وأصبح الناس على مثل الفترة ، فهم محتاجون إلى مجدد ، ومذكر لما درس من الدين ، كما كانت الأمم تذكر بالأنبياء ، لكن لما كان نبينا صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء ، وتعذرت النبوة فى هذه الأمة ، فإنهم يعوَّضون بالمرائى الصادقة ،
التى هى جزء من النبوة الآتية بالتبشير والإنذار ، ويؤيد هذا القول حديث أبى هريرة : (يتقارب الزمان ويقبض العلم ) . رواه مسلم (3)
ورجح ابن حجر هذا القول :
__________
(1) مسلم 2578
(2) Hاb ) مسلم 2263
(3) مسلم 2672(1/36)
الثانى أن ذلك يقع عند قلة عدد المؤمنين ، وغلبة الكفر والجهل والفسق على الموجودين ، فيؤنس المؤمن ويعان بالرؤيا الصادقة ، إكراماً له وتسلية ، وعلى هذين القولين لا يختص صدق رؤيا المؤمن بزمان معين ، بل كلما قرب فراغ الدنيا ، وأخذ أمر الدين فى الإضمحلال ، تكون رؤيا المؤمن الصادق صادقة .
الثالث : أن ذلك خاص بزمان عيسى بن مريم عليه السلام ، لأن أهل زمنه أحسن هذه الأمة حالاً بعد الصدر الأول وأصدقهم أقوالاً فكانت رؤياهم لا تكذب . والله أعلم .
26- التهاون بالسنن التى رغب فيها الإسلام
ومن أشراط الساعة التهاون بشعائر الله تعالى .
عن ابن مسعود قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (إن من أشراط الساعة أن يمر الرجل بالمسجد لا يصلى فيه ركعتين) . رواه ابن خزيمة (1)
وعن ابن مسعود قال (لا تقوم الساعة حتى تتخذ المساجد طرقاً ) . رواه الحاكم (2)
وهذا أمر لا يجوز ، فإن تعظيم المساجد من تعظيم شعائر الله تعالى ، وإن ذلك علامة الإيمان والتقوى ، كما قال تعالى (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) الحج :32
وعن أبى قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين . رواه مسلم (3)
ومن أعظم البلايا أن صارت المساجد أماكن للسياحة والفرجة للكفار بعد ما كانت محلاً للذكر والعبادة ، وقد حدث هذا فى هذا العصر كما فى البلاد الإسلامية ، والبلاد التى تحت أيدى الكفار ، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم .
27- اتباع سنن الأمم الماضية
__________
(1) ابن خزيمة 329 (صحيح - الصحيحة 649 )
(2) المستدرك4/446 (صحيح - الصحيحة 578 )
(3) مسلم 714(1/37)
عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبر ، وذراعاً بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم ، قيل يا رسول الله ، اليهود والنصارى ، قال فمن ؟) رواه البخارى و مسلم (1)
وفى رواية للحاكم : وحتى لو أن أحدهم جامع امرأته بالطريق لفعلتموه .
وفى رواية للبخارى : لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتى أخذ القرون قبلها شبراً بشبر ، وذراعاً بذراع ، قيل يا رسول الله : كفارس والروم ؟ قال : ومن الناس إلا أولئك .
رواه البخارى (2)
عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : من تشبه بقوم فهو منهم
رواه أبو داود و أحمد (3)
أى تزيا فى ظاهره بزيهم ، وفى تخلقه بخلقهم ، وسار بهديهم فى ملبسهم وأفعالهم ، وكان التشبه قد طابق فيه الظاهر والباطن فهو منهم .
قال ابن تيمية :
أقل أحواله أن يقتضى تحريم المتشبه بهم ، وإن كان ظاهرة يقتضى كفر المتشبه بهم .
قال الصنعانى فى سبل السلام : 4/338 حديث 138:
والحديث دال على أن من تشبه بالفساق كان منهم أو الكفار أو المبتدعة فى أى شىء مما يختصمون به من ملبوس أو مركوب أو هيئة ، قالوا : فإذا تشبه بالكافر فى زى واعتقد أن يكون ذلك مثله كفر ، فإن لم يعتقد ففيه خلاف بين الفقهاء ، منهم من قال يكفر وهو ظاهر الحديث ، ومنهم من قال لا يكفر ، ولكن يؤدب .
__________
(1) فتح البارى 7320 مسلم 2669- المستدرك 4/455 ( الصحيحة 1348 )
(2) فتح البارى 6888
(3) ابو داود 4031 - المسند 2/50 ( صحيح الجامع 6149 - المسند 5115 )(1/38)
قال الألبانى : تقرر فى الشرع أنه لا يجوز للمسلمين رجالاً ولا نساءً ، التشبه بالكفار سواء فى عبادتهم أو أعيادهم أو أزيائهم الخاصة بهم ، وهذه قاعدة عظيمة فى الشريعة الإسلامية ، خرج عنها اليوم - مع الأسف كثير من المسلمين حتى الذين يعنون منهم بأمور الدين والدعوة إليه جهلاً بدينهم ، أو تبعاً لأهوائهم ، أو انجرافاً مع عادات العصر وتقاليد أوربا الكافرة حتى كان ذلك من أسباب ذل المسلمين وضعفهم وسيطرة الأجانب عليهم واستعمارهم (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) لو كانوا يعلمون .
قال ابن كثير :
ولهذا نهى الله المؤمنين أن يتشبهوا بهم فى شىء من الأمور الأصلية والفرعية وقال أيضاً : نهى الله عباده المؤمنين أن يتشبهوا بالكافرين فى مقالهم وفعالهم .
عن أبى واقد الليثى : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى حنين مر بشجرة للمشركين يقال لها ذات أنواط يعلقون عليها أسلحتهم ، قالوا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال النبى صلى الله عليه وسلم : سبحان الله ، هذا كما قال قوم موسى : اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة ، والذى نفسى بيده لتركبن سنة من كان قبلكم. رواه الترمذى (1)
ذات أنواط : شجرة كانت للمشركين ينوطون بها سلاحهم أى يعلقونه ويعكفون حولها
سبحان الله : تنزيها وتعجبا .... لتركبن : لتتبعن
سنن : السنة الطريقة حسنة كانت أو سيئة ، والمراد هنا طريقة أهل الأهواء والبدع التى ابتدعوها من تلقاء أنفسهم بعد أنبيائهم من تغيير دينهم وتحريف كتابهم كما أتى على بنى اسرائيل .
وقال النووى : المراد الموافقة فى المعاصى والمخالفات لا فى الكفر .
وفى هذا معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقد وقع ما أخبر به .
28-كثرة الكتابة وانتشارها
__________
(1) الترمذى 2180 (صحيح الترمذى 1771 )(1/39)
عن ابن مسعود عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : (إن بين يدى الساعة تسليم الخاصة و فشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة ، وقطع الأرحام ، وشهادة الزور وكتمان شهادة الحق وظهور القلم ) رواه أحمد (1)
والمراد بظهور القلم والله أعلم : ظهور الكتابة وانتشارها .
عن عمرو بن تغلب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (إن من أشراط الساعة أن يفشو المال وتكثر التجارة ويظهر العلم ) . رواه النسائى (2)
ومعناه والله أعلم ظهور وسائل العلم وهى كتبه .
وقد ظهرت الكتابة فى هذا الزمن ظهوراً باهراً وانتشرت فى جميع أرجاء الأرض بسبب توفر الآلات الطابعة والتصوير التى سهلت انتشارها . ومع هذا فقد ظهر الجهل فى الناس وقل فيهم العلم النافع وهو علم الكتاب والسنة والعمل بهما ولم تغن عنهم كثرة الكتب شيئاً . (**إتحاف** الجماعة 1/428 )
**29- الفِرَق**
عن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : سألت ربى ثلاثاً ، فأعطانى ثنتين و منعنى واحدة ، سألت ربى ألا يهلك أمتى بالسنة فأعطانيها ، و سألته ألا يهلك أمتى بالغرق فأعطانيها ، و سألته ألا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها . رواه مسلم (3)
سنة عامة : قحط يعمهم ، بل إذا وقع قحط فيكون فى ناحية يسيرة بالنسبة إلى باقى بلاد الإسلام .
عن ابن مسعود أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : لا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا . رواه البخارى (4)
وما أكثر ما يختلف المسلمون الآن على أمور تافهة جداً ، ألا فليسمعوا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم
__________
(1) المسند 1/407 ( صحيح المسند 3870 )
(2) النسائى 7/244 (صحيح- الصحيحة 2767 )
(3) مسلم 2890
(4) فتح البارى 3476(1/40)
قال ابن حجر 5062 وفى هذا الحديث الحض على الجماعة والألفة والتحذير من الفرقة والاختلاف ، والنهى عن المراء فى القرآن بغير حق ، ومن شر ذلك أن تظهر دلالة الآية على شىء يخالف الرأى ، فيتوسل بالنظر وتدقيقه إلى تأويلها وحملها على ذلك الرأى، ويقع اللجاج فى ذلك والمناضلة عليه .
عن أبى ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من فارق الجماعة شبراً فقد خلع الإسلام من عنقه . رواه أحمد وأبو داود والحاكم (1)
قال الخطابى : الربقة ما يجعل فى عنق الدابة ، كالطوق يمسكها لئلا تشرد ، يقول من خرج من طاعة إمام الجماعة أو فارقهم فى الأمر المجتمع عليه فقد ضل وهلك وكان كالدابة إذا خلعت الربقة التى هى محفوظة بها ، فإنها لا يؤمن عليها عند ذلك الهلاك والضياع .
عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تَدَاعى الأكلة إلى قصعتها ، فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال : بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفن الله فى قلوبكم الوهن ، فقال قائل : يا رسول الله ، وما الوهْن قال حب الدنيا وكراهية الموت . رواه أحمد **وأبو** داود (2)
الغثاء : ما ييبس من النبات فحمله الماء فألقاه فى الجوانب .
الوهن : الضعف وكأنه أراد بالوهن ما يوجبه .
حب الدنيا وكراهية الموت متلازمان كأنهما شىء واحد
عن معاوية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة ، وأن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ، ثنتان وسبعون فى النار ، وواحدة فى الجنة وهى الجماعة . وإنه سيخرج من أمتى أقوام تجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلَب لصاحبه ، لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله .
__________
(1) أحمد 5/180 أبو داود 4758 الحاكم 1/117 ( صحيح - مشكاة 185 )
(2) أبو داود 4297 ( صحيح - الصحيحة 958 )(1/41)
رواه **أبو** داود (1)
الجماعة : أى أهل القرآن والحديث والفقه والعلم الذين اجتمعوا على اتباع آثاره صلى الله عليه وسلم فى جميع الأحوال كلها ولم يبتدعوا .
الأهواء : البدع ..... تجارى : يقعون ويسقطون ...فلا يسلم منهم أحد .
الكلب : داء يعرض للإنسان من عض الكلب ، وهو داء خطير .
عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أوصيكم بأصحابى ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب ، حتى يحلف الرجل ولا يُستحلف ويشهد الشاهد ولا يستشهد ، ألا لا يخلون رجل بإمرأة إلا كان ثالثهما الشيطان ، عليكم بالجماعة . وإياكم والفرقة ، فإن الشيطان مع الواحد ، وهو من الاثنين أبعد، من أراد بحبوبة الجنة فليلزم الجماعة ، من سرته حسنته و ساءته سيئته فذلكم المؤمن . رواه الترمذى والحاكم (2)
يستحلف : لم يطلب منه الحلف لجرأته على الله .
يستشهد : لم تطلب شهادته والمراد به شهادة الزور ... بحبو بحة : وسط
الجماعة : هى السواد الأعظم . الجماعة المنتظمة بنصب الإمامة
قال الطبرى : قال قوم الأمر للوجوب ، والجماعة هى السواد الأعظم .
وقال قوم : الجماعة الصحابة دون من بعدهم .
وقال قوم : المراد بهم أهل العلم .لأن الله جعلهم حجة على الخلق والناس تبع لهم فى أمر الدين .
قال الطبرى : والصواب أن المراد من الخير لزوم الجماعة الذين فى طاعة من **اجتمعوا** على تأميره ، فمن نكث بيعته خرج عن الجماعة .
قال : وفى الحديث : أنه متى لم يكن للناس إمام فافترق الناس أحزابا فلا يتبع أحداً فى الفرقة ، ويعتزل الجميع إن استطاع ذلك خشية من الوقوع فى الشر ، وعلى ذلك يتنزل ما جاء فى سائر الأحاديث ، وبه يجمع بين ما ظاهره الاختلاف منها . اهـ .
30- انتشار الإسلام وانحساره
__________
(1) ابو داود 4597 المسند 102 ( الصحيحة 204)
(2) الترمذى 2165 - المستدرك 1/114 ( صحيح الترمذى 1758 )(1/42)
قال الله تعالى : { هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون }
تبشرنا هذه الآية بأن المستقبل للإسلام بسيطرته وظهوره وحكمه على الأديان كلها ، وقد يظن البعض أن ذلك قد تحقق فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين ، والملوك الصالحين ، وليس كذلك ، فالذى تحقق إنما هو جزء من هذا الوعد الصادق ، كما أشار إلى ذلك النبى صلى الله عليه وسلم بقوله : لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات و العزى ، قالت عائشة : يا رسول الله ، إن كنت لأظن حين أنزل الله " هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون" أن ذلك تاماً ، قال : إنه سيكون من ذلك ما شاء الله ثم يبعث الله ريحاً طيبة فتوفى كل من فى قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ، فيبقى من لا خير فيه ، فيرجعون إلى دين آبائهم . رواه مسلم (1)
اللات : صنم **لقبيلة ثَقِيْف** . **العُزَّى** : صنم **لقبيلة غَطَفَان** .
لا يذهب الليل والنهار : لا ينقطع الزمان ولا تأتى القيامة
بالهدى : بالتوحيد . دين الحق : الشريعة الثابتة .
ليظهره : ليعليه ويغلبه على الدين كله : على الأديان جميعها
تاماً : عاملاً كاملا شاملا للأزمنة كلها . سيكون من ذلك : أى ما ذكر من تمام الدين ونقصان الكفر .
فيبقى من لا خير فيه : لا إسلام ولا إيمان ولا قرآن ولا حج ولا سائر الأركان ولا علماء الأعيان .
فيرجعون دين آبائهم : أى الأولين من المشركين الجاهلين الضالين المضلين .
عن تميم الدارى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين ، بعز عزيز ، أو بذل ذليل ، عزاً يعز الله دين الإسلام ، وذلاً يذل به الكفر .
رواه أحمد والحاكم وابن حبان و الطبرانى (2)
__________
(1) مسلم 2907
(2) المسند 4/103 -المستدرك 4/430 -ابن حبان 1631 (صحيح - الصحيحة 3 )(1/43)
قال الألبانى فى الصحيحة 3 : ومما لاشك فيه أن تحقيق هذا **الانتشار** يستلزم أن يعود المسلمون أقوياء فى معنوياتهم وما دياتهم وسلاحهم ، حتى يستطيعوا أن يتغلبوا على قوى الكفر والطغيان ، وهذا ما يبشرنا به الحديث .
المدر : أهل القرى والأمصار ، والمدر : الطين المتماسك .
الوبر : هو وبر الجمل والمراد البيوت المصنوعة منه .
عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله زوى لى الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتى سيبلغ ملكها ما زوى لى منها ، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض ، وإنى سألت ربى لأمتى أن لا يهلكوها بسنة عامة ، وأن لا يسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم ، وإن ربى قال : يا محمد إنى إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد ، وإنى أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة ، وأن لا أسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ، ولو اجتمع عليهم مَنْ بأقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً ، وزاد أبو داود ( وإنما أخاف على أمتى الأئمة المضلين ، وإذا وضع فى أمتى السيف لم يرفع عنها إلى يوم القيامة ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتى بالمشركين ، وحتى تعبد قبائل من أمتى الأوثان وإنه سيكون فى أمتى كذابون ثلاثون ، كلهم يزعم أنه نبى ، وأنا خاتم النبيين لا نبى بعدى ، ولا تزال طائفة من أمتى على الحق ظاهرين ، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتى أمر الله . رواه مسلم و أبو داود (1)
زوى : جمع ، جمعها وقبضها .
الكنزين : الذهب والفضة والمراد كنزى كسرى وقيصر ملكى العراق والشام .
الأحمر : الذهب وهو أكثر كنز الروم .
الأبيض : الفضة وهى أكثر كنز فارس . وقد دخلت الروم والفرس الإسلام فى خلافة عمر... ... بسنة : بقحط يهلك الأمة . بعامة : يعم الكل .
بيضتهم : معظهم .وجماعتهم وأصلهم وموضع سلطانهم ومستقر دعوتهم .
لو اجتمع : أى العدو ... أقطارها : نواحى الأرض .
__________
(1) مسلم 2889 أبو داود 4252(1/44)
الأئمة المضلين : أى الداعين إلى البدع والفسق والفجور .
تلحق قبائل من أمتى بالمشركين : وقع هذا فى زمن أبى بكر .
الأوثان : الأصنام .
ظاهرين : غالبين على أهل الباطل ولو حجة .
من خالفهم : أى لثباتهم على دينهم .
حتى يأتى أمر الله : أى الريح الذي يقبض عندها كل مؤمن ومؤمنة .
عن أبى أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله استقبل بى الشام ، وولى ظهرى اليمن ، وقال لى : يا محمد إنى جعلت لك ما تجاهك غنيمة ورزقاً ، وما خلف ظهرك مدداً ولا يزال الإسلام يزيد ، وينقص الشرك وأهله ، حتى تسير المرأتان لا تخشيان إلا جواراً ، و الذى نفسى بيده لا تذهب الأيام و الليالى حتى يبلغ هذا الدين مبلغ هذا النجم. رواه أبو نعيم (1)
مدداً : عوناً وقوة ، رجال يحاربون معك . .... جوراً : ظلماً .
عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ، فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها . ثم تكون ملكاً عارضاً فيكون فيكم ما شاء الله أن يكون ، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون ملكاً جبرياً ، فيكون فيكم ما شاء الله أن يكون ، ثم يرفعها إذا شاء ان يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ، ثم سكت . رواه أحمد (2)
عن **أُبَىّ بن** كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بشر هذه الأمة بالسناء والدين والرفعة والنصر والتمكين فى الأرض ، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له فى الآخرة من نصيب . رواه أحمد والحاكم وابن حبان (3)
السناء : العلو **والارتفاع** . ... الدين : التمكن فيه
__________
(1) الحلية 6/107 ( صحيح الجامع 1716 - الصحيحة 35 )
(2) المسند 4/273 ( صحيح - الصحيحة 5 )
(3) المسند 5/134 -ابن حبان 2501 - المستدرك 4/311 (صحيح الجامع 2825 )(1/45)
الرفعة : العلو فى الدنيا والآخرة ... النصر : على الأعداء .
عن أبى جحيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ستفتح عليكم الدنيا حتى تنجدوا بيوتكم كما تنجد الكعبة ، فأنتم اليوم خير من يومئذ . رواه الطبرانى (1)
التنجيد : التزيين .
عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تزال طائفة من أمتى يقاتلون على الحق ، ظاهرين إلى يوم القيامة . رواه مسلم (2)
عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لن يبرح هذا الدين قائماً يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة .رواه مسلم (3)
عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : إن الإسلام بدأ غريباً ، وسيعود غريباً كما بدأ ، فطوبى للغرباء . رواه مسلم (4)
**وزاد** أحمد : أناس صالحون فى أناس سوء كثير ، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم
31- المجددون فى الإسلام
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها . رواه أبو داود والحاكم (5)
قال ابن الأثير فى جامع الأصول 11/320 : ولا يلزم منه أن يكون المبعوث عل رأس المائة رجلاً واحداً ، وإنما قد يكون واحداً وقد يكون أكثر منه ، فإنه لفظة "من" تقع على الواحد والجمع .
قال الطيبى : المراد بالبعث من انقضت المائة وهو حى عالم يشار إليه .وقال : الرأس مجاز عن آخر السنة ، و تسميتة رأساً باعتبار أنه مبدأ لسنة أخرى .
وقال الكرمانى : المراد من انقضت المدة وهو حى عالم مشار إليه .
قال ابن حجر : أى عند انتهاء مائة سنة .
وقال فى توالى التأسيس : حمل بعض الأئمة "من"فى الحديث على أكثر من الواحد : وهو ممكن بالنسبة للفظ الحديث .
__________
(1) الطبرانى مجمع 8/291 ( الصحيحة 18834 )
(2) مسلم 1923
(3) مسلم 1922
(4) مسلم 145-المسند 2/177 (صحيح الصحيحة 1619 )
(5) أبو داود 4291 -المستدرك 4/522 (صحيح - الصحيحة 599 )(1/46)
قال السيوطى : هو أن تمضى المائة وهو حى ، ويشار بالعلم إلى مقامه ، وينصر السنة فى كلامه ، ويكون جامعاً لكل فن ، ويعم علمه أهل الزمن .
قال العلقمى : معنى التجديد إحياء ما اندرس من العلم بالكتاب والسنة والأمر بمقتضاهما .
قال المناوى فى فتح القدير 1/10 : يحتمل من المولد ، أو من البعثة أو من الهجرة ، أو من الوفاة .
قال شمس الحق آبادى : اعلم بأن المراد من رأس السنة آخرها .
والدليل الواضح أن الزهرى وأحمد بن حنبل وغيرهما من الأئمة المتقدمين والمتأخرين اتفقوا على أن المجددين على رأس المائة الأولى : عمر بن عبد العزيز ، وعلى رأس المائة الثانية: الأمام الشافعى . وقد توفى عمر بن عبد العزيز سنة إحدى ومائة وله أربعون سنة ومدة خلافته سنتان ونصف ، وتوفى الأمام الشافعى أربع ومائتين وله أربع وخمسون سنة .
وقال : المجدد لا يكون إلا من كان عالماً بالعلوم الدينية ، ومع ذلك من كان عزمه وهمته آناء الليل والنهار إحياء السنن ونشرها ونصر صاحبها ، وإماتة البدع ومحدثات الأمور ومحوها وكسر أهلها باللسان أو تصنيف الكتب أو التدريس .
وقال : واعلم أنه لا يلزم أن يكون على رأس مائة سنة مجدد واحد فقط ، بل يمكن أن يكون أكثر من واحد .
قال الملا على القارى : والأظهر عندى والله أعلم أن المراد بمن يجدد ليس شخصاً واحد اًبل المراد به جماعة يجدد كل واحد فى بلد فى فن أو فنون من العلوم الشرعية ما تيسر له من الأمور التقريرية أو التحريرية ، ويكون سبباً لبقائه وعدم اندراسه وانقضائه إلى أن يأتى أمر الله .
والخلاصة : أن رأس السنة هو آخرها وبداية سنة جديدة ، وأن المجدد هو الذى يحيى **ما اندرس** من أحكام الشريعة .
والمجددون على أرجح الأقوال هم :
1- على رأس المائة الأولى : عمر بن عبد العزيز ت 101 . الحسن البصرى ت ... 110 ، **وابن شهاب الزهرى** ت 124 .
2- على رأس المائة الثانية : الشافعى "ت 204 "، يحيى بن معين ت 233 .(1/47)
3- على رأس المائة الثالثة : ابن شريح "ت 306 . " أبو الحسن الأشعرى ت 310 ،
أبو بكر النيسابورى ت318 .
4- على رأس المائة الرابعة : أبو حامد **الأسفراينى** "ت 406 " ، القاضى الباقلانى ... ت 403 ، و الحاكم صاحب المستدرك ت 405 .
5- على رأس المائة الخامسة : أبو حامد الغزالى " ت505 " ، البغوى ت 510 ،
** وابن** حزم ت 456 .
6- على رأس المائة السادسة : الفخر الرازى " ت606 " ، النووى ت 676 ، أبو ... السعادات ابن الأثير ت 606 .
7- على رأس المائة السابعة : ابن دقيق العيد "ت702 "
7- على رأس المائة الثامنة : **البُلْقِيْنِىّ** " ت 805 " ابن تيمية ت 728 ، ابن كثير ... ت774
8- على رأس المائة التاسعة : السيوطى "ت911 " .
9- على رأس المائة العشرة : **المُنَاوِىّ** "ت1031"
11- على رأس المائة الحادية عشرة : ابراهيم بن حسن الكورانى ت 1101 .
12- على رأس المائة الثانية عشرة محمد بن عبد الوهاب"ت 1206 "
13- على رأس المائة الثالثة عشرة صديق حسن خان "ت1307 " .
14- على رأس المائة الرابعة عشرة : محمد ناصر الدين الألبانى ، **وعبد العزيز ابن بَاز** .(1/48)
32-كثرة المال
فاض المال زمن عثمان حين اقتسموا أموال الفرس والروم .
وكثر المال زمن عمر بن عبد العزيز .
وبدأ يكثر في مطلع القرن الخامس عشر .
ويزداد كثرة زمن المهدى وابن مريم .
1- عن أبى هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال فيفيض ، حتى يُهَّم ربُّ المال من يقبل صدقته ، وحتى يعرضه فيقول الذى يعرضه عليه لا أرب لى . رواه البخاري (1)
يهم : يحزن .... أرب : حاجة .
2- عن أبى موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ليأتين على الناس زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب ثم لا يجد أحداً يأخذها منه . رواه البخاري مسلم (2)
من الذهب : خصه بالذكر مبالغة في عدم من يقبل الصدقة .
3- عن حارثة بن وهب قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : تصدقوا فإنه يأتى عليكم زمان يمشى الرجل بصدقته فلا يجد من يقبلها : يقول الرجل لو جئت بها بالأمس لقبلتها ، فأما اليوم فلا حاجة لى بها . رواه البخاري ومسلم (3)
هذا إنما يكون في الوقت الذى يستغنى الناس فيه عن المال لاشتغالهم بأنفسهم عند الفتنة
4- عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يأتى على الناس زمان لا يبالى المرء ما أَخذ منه ، أمن الحلال أم من الحرام . رواه البخاري (4)
قال ابن التين : أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا تحذيراً من فتنة المال وهو من بعض دلائل نبوته لإخباره بالأمور التي لم تكن في زمنه . ووجه الذم من وجهة التسوية بين الأمرين، وإلا فأخذ المال من الحلال ليس مذموماً من حيث هو . اهـ .
وقد وقع هذا في زماننا من بعض المسلمين فأكلوا الربا وأكلوا أموال الناس بالباطل ولا حول ولا قوة إلا بالله .
__________
(1) فتح البارى 1412
(2) فتح البارى 1414 -مسلم 1012
(3) فتح البارى 1411 -مسلم 1011
(4) فتح البارى 2059(1/1)
5- عن عوف بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اعدُدْ ستاً بين يدي الساعة: موتى ، ثم فتح بيت المقدس ، ثم مُوْتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم ، ثم استفاضة المال حتى يُعطى الرجل مائة دينار فيظل الرجل ساخطاً . رواه البخاري (1)
استفاضة المال : أي كثرته وظهرت في خلافة عثمان عند تلك الفتوح العظيمة .
6- عن عمر بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فوالله ما الفقر أخشى عليكم ، ولكنى أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من قبلكم ، فتنافسوها كما تنافسوها ، وتهلككم كما أهلكتهم . رواه مسلم (2)
التنافس إلى الشيء : المسابقة إليه وكراهة أخذ غيرك إياه ، وهو أول درجات الحسد
ما أخشى عليكم الفقر لأنه أنفع لكم ولكن أخشى عليكم أن توسع عليكم الدنيا فتعملوا معاملة الأغنياء الأغبياء فتهلكوا بأنواع البلاء كما هلك من كان قبلكم بسبب عدم ترحمهم على الفقراء لأجل كمال الميل إلى المال ، فتختاروا الدنيا كما رغب فيه من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم .
قال الطيبى : ترغبون فيه فتشتغلون بجمعها وتحرصون على إمساكها فتطغون بها ، فتهلكون بها .
23-كثرة موت الفجأة
عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من اقتراب الساعة أن يرى الهلال قَبَلا فيقال : لليلتين ، وأن تُتَّخذ المساجد طرقاً ، وأن يظهر موت الفجأة .
رواه الطبرانى في الأوسط (3)
وهذا أمر مشاهد في هذا الزمن . حيث كثر في الناس موت الفجأة ، فترى الرجل صحيحاً معافى ، ثم يموت فجأة ، وهذا ما يسميه الناس في الوقت الحاضر بالسكتة القلبية . فعلى العاقل أن يتنبه لنفسه ، ويرجع ويتوب إلى الله تعالى قبل مفاجأة الموت . وكان الإمام البخاري يقول :
اغتنم في الفراغ فضلَ ركوع فعسى أن يكون موتُك بغتة
كم صحيح رأيتُ من غير سُقْم ذَهَبَتْ نفسُه الصحيحةُ فلتة
__________
(1) فتح البارى 3176
(2) مسلم 61
(3) الطبرانى فى الصغير ص 233 (حسن - صحيح الجامع 5899 )(1/2)
قال ابن حجر :وكان من العجائب أنه وقع له- أي البخاري - ذلك أو قريباً منه "هدى السارىص481 "
أن يرى الهلال قبلا : أن يرى ساعة ما يطلع لعظمه ووضوحه من غير أن يتطلب .
فيقال لليلتين : أي هو ابن ليلتين .
وأن تتخذ المساجد طرقا : للمارة يدخل الرجل من باب ويخرج من باب فلا يصلى فيه تحية ولا يعتكف فيه لحظة .
وأن يظهر موت الفجأة : فيسقط الإنسان ميتاً وهو قائم يكلم صاحبه أو يتعاطى مصالحه .
عن عبيد بن خالد السلمى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : موت الفجأة أخذة آسف . رواه أبو داود وزاد البيهقى في الشعب للكافر ، ورحمة للمؤمن . واه أبو داود (1)
موت الفجأة : أي الموت بغتة بلا سبق مرض وهو مذموم ، لأن من مات فجأة لا يمكنه الاستعداد للتوبة والعمل الصالح والوصية وغيرها ، ويحرم من ثواب المرض الذى يكفر الذنوب ، ومع هذا فهو راحة للمؤمن الصالح من عناء الدنيا لأنه مستعد للموت بالأعمال الصالحة ، أما الفاجر فموته فجأة من علامات غضب الله عليه ، لأنه لم يتركه حتى يتدارك ما فاته من التفريط ويستعد للموت بالتوبة ، ولم يمرض لتكفير ذنوبه .
آسف : غضب ، والمراد به أنه من علامات غضب الله على عبده قبضه بغتة .
34- زخرفة المساجد
زخرفة المساجد ، ونقشها ، والتفاخر بها من علامات الساعة .
عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد " رواه أبو داود (2)
قال البخاري : " قال أنس : يتباهى بها ، ثم لا يعمرونها إلا قليلاً فالتباهى بها : العناية بزخرفتها . قال ابن عباس : لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى " رواه البخاري (3)
__________
(1) أبو داود 3110 (صحيح الجامع 6631 )
(2) أبو داود 449 ( صحيح أبى داود 432)
(3) فتح البارى الصلاة 62 (صحيح المحلى 4/61 )(1/3)
قال الخطابى : اليهود والنصارى إنما زخرفوا المساجد عندما حرفوا وبدلوا وتركوا العمل بما في كتبهم ، فأنتم تصيرون إلى مثل حالهم إذا طلبتم الدنيا بالدين وتركتم الإخلاص في العمل وصار أمركم إلى المراءاة بالمساجد والمباهاة بتشييدها وتزيينها .
وقد نهى عمر بن الخطاب رضى الله عنه عن زخرفة المساجد ، لأن ذلك يشغل الناس عن صلاتهم وقال عندما أمر بتجديد المسجد النبوى : " أُكِنُّ الناسَ من المطر ، وإياك أن تُحمِّر أو تُصفِّر فتفتنَ الناس " . رواه البخاري (1)
ورحم الله عمر ،فإن الناس لم يأخذوا بوصيته ، ولم يقتصروا على التحمير والتصفير ، بل تعدوا ذلك إلى نقش المساجد كما ينقش الثوب ، وتباهى الملوك والخلفاء في بناء المساجد وتزويقها حتى أتوا في ذلك بالعجب ، ولا زالت هذه المساجد قائمة حتى الآن ، كما في الشام ومصر وبلاد المغرب والأندلس وغيرها وحتى الآن لا يزال المسلمون يتباهون في زخرفة المساجد . ولا شك أن زخرفة المساجد علامة على الترف والتبذير ، وعمارتها إنما تكون بالطاعة والذكر فيها ، ويكفى الناس ما يكنهم من الحر والقر والمطر .
عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما أمرت بتشييد المساجد .
رواه أبو داود (2)
التشييد : رفع البناء وتطويله
عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا زخرفتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم فالدمار عليكم . رواه الحكيم الترمذى (3)
تفاخر الناس في عمارة المساجد ونقشها وتزويقها كفعل أهل الكتاب بكنائسهم وبيعهم
35-كثرة القتل
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا تقوم الساعة حتى يكثر الهرْج قالوا : وما الهرْج يا رسول الله ؟ قال : القتل ) رواه مسلم (4)
__________
(1) فتح البارى الصلاة 62
(2) أبو دواد 448 ( صحيح أبى داود 431 )
(3) النوادر ص78 -الزهد لابن المبارك 797 ( الصحيحة 1351 )
(4) مسلم 2888(1/4)
وفى رواية للبخارى عن عبد الله بن مسعود : بين يدي الساعة أيامُ الهَرْج ، يزول فيها العلم ، ويظهر فيها الجهل) قال أبو موسى : والهرج : القتل بلسان الحبشة .رواه البخاري (1)
عن أبى موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن بين يدي الساعة الهَرْج )قالوا : وما الهرج ؟ قال : القتل ، قالوا : أكثر مما نقتُل ، إنا لنقتُل في كل عام أكثر من سبعين ألفاً قال ( إنه ليس بقتلكم المشركين ، ولكن قتل بعضكم بعضاً )قالوا : ومعنا عقولنا يومئذ ؟ قال : إنه لتنزع عقول أهل ذلك الزمان، ويخلف له هباء من الناس ، يحسب أكثرهم أنهم على شىء ، وليسوا على شىء) . رواه أحمد (2)
عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذى نفسى بيده ، لا تذهبُ الدنيا حتى يأتى على الناس يوم لا يدرى القاتل فيم قَتَل ، ولا المقتول فيم قُتِل ؟ فقيل: كيف يكون ذلك ؟ قال : "الهَرْج ، القاتل والمقتول في النار " رواه مسلم (3)
وما أخبر به صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث قد وقع بعض منه ، فحدث القتال بين المسلمين في عهد الصحابة رضى الله عنهم بعد مقتل عثمان رضى الله عنه ، ثم صارت الحروب ، تكثر في بعض الأماكن دون بعض ، وفى بعض الأزمان دون بعض ، ودون أن تعرف أسباب أكثر تلك الحروب ، وأن ما حصل في القرون الأخيرة من الحروب المدمرة بين الأمم والتى ذهب ضحيتها الألوف ، وانتشر ت الفتن بين الناس بسبب ذلك حتى صار الواحد يقتل الآخر ولا يعرف الباعث له على ذلك وكذلك ، فإن انتشار الأسلحة الفتاكة التي تدمر الشعوب والأمم له دور كبير في كثرة القتل ، حتى صار الإنسان لا قيمة له .
عن معقل بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : العبادة في الهرج كهجرة إلىّ. رواه مسلم (4)
__________
(1) فتح البارى 7066 -مسلم 2949
(2) المسند 4/391 ( الصحيحة -1682 )
(3) مسلم 2908
(4) مسلم 2948(1/5)
الهرج : الاختلاف والفتن ، واختلاط أمور الناس . وسبب كثرة فضل العبادة فيه أن الناس يغفلون عنها ، ويشتغلون عنها ، ولا يتفرغ لها إلا الأفراد .
قال معظم الصحابة والتابعين وعامة علماء الإسلام : يجب نصر الحق في الفتن ومقاتلة الباغين لقوله تعالى : فقاتلوا التي تبغى .
وقالت طائفة : لا يقاتل وإن دخلوا عليه بيته ولا يجوز له المدافعة عن نفسه .
وقال آخرون : لا يقاتل ولكن يدافع عن نفسه .
عن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يُصِب دماً حراماً . رواه البخاري (1)
فسحة من دينه : منشرح الصدر مطمئن النفس ، في سعة من رحمة الله عز وجل .
ما لم يصب دماً حراماً : طالما أنه لم يقتل نفساً بغير حق .
عن ابن عمر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم : يقول : لا ترجعوا بعدى كفاراً ، يضرب بعضكم رقاب بعض . رواه البخاري (2)
عن أبى بكر قال إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار . رواه البخاري (3)
التقى المسلمان بسيفهما : بقصد العدوان . .... في النار : يستحقان دخول النار .
عن أبى الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات مشركاً . أو مؤمن قتل مؤمناً متعمداً .
وعن محمود بن الربيع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : من قتل مؤمناً فاعْتَبَط بقتله لم يقبل الله منه صَرفاً ولا عدلاً .
وعن أبى الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يزال المؤمن مُعْنِقاً صالحاً ما لم يُصِب دماً حراماً ، فإذا أصاب دماً حراماً بَلَّح . روى الثلاثة أبو داود (4)
فاعتبط بقتله : أي قتله ظلماً لا عن قصاص وفى نسخة فاغتبط : أي سُرَ
صرفاً : هنا النافلة عدلاً : فريضة
__________
(1) فتح البارى 6862
(2) فتح البارى 7077
(3) فتح البارى 31
(4) ?بو داود 4270 (صحيح - الصحيحة 511)(1/6)
معنقاً : يريد خفيف الظهر يعنق مشية أي يسير سير العنق ، والعنق ضرب من السير وسيع : أي مسرعاً في طاعته منبسطاً في عمله .
بلّح : أعيا وانقطع .يريد وقوعه في الهلاك بإصابة الدم الحرام .
عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا . رواه النسائى (1)
قال تعالى : ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً (النساء93)
جمهور السلف حملوا ما ورد من ذلك على التغليظ ، وصححوا توبة القاتل كغيره ، وقالوا معنى " قوله جزاؤه جهنم " أي إن شاء أن يجازيه تمسكاً بقوله تعالى " إن الله لا يغفر أن يشرك به ، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء "
وقال البعض بظاهر النصوص أي لا يغفر للمؤمن الذي قتل مؤمناً متعمداً .
36-عودة أرض العرب مروجاً وأنهاراً
ومنها أن تعود أرض العرب مروجا وأنهاراً .
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً . رواه مسلم (2)
وفى هذا الحديث دلالة على أن أرض العرب كانت مروجاً وأنهاراً وأنها ستعود كما كانت مروجاً وأنهاراً .
تعود : تصير أو ترجع .
مروجاً : رياضا كما كانت بنيانها وأشجارها وأثمارها .
والمرج : الأرض الواسعة ذات نبات .
تمرج فيه الدواب أي تسرح مختلطة كيف شاءت
قال النووى : في معنى عود أرض العرب مروجاً وأنهاراً (معناه -والله أعلم -أنهم يتركونها ويعرضون عنها فتبقى مهملة لا تزرع ولا تسقى من مياهها وذلك لقلة الرجال وكثرة الحروب وتراكم الفتن وقرب الساعة وقلة الآمال وعدم الفراغ لذلك والاهتمام به .
__________
(1) النسائى 7/83 (صحيح النسائى 3724 )
(2) مسلم 60/157- الزكاة(1/7)
قال الألباني في الصحيحة 10/10 " وقد بدأت تباشير هذا الحديث تتحقق في بعض الجهات من جزيرة العرب بما أفاض الله عليها من خيرات وبركات وآلات ناضحات تشتفط الماء الغزير من بطن أرض الصحراء ، وهناك فكرة بجر نهر الفرات إلى الجزيرة .اهـ
قلت : وأيضا فقد بدأت مصر بجر نهر النيل إلى سيناء ، وبجره أيضا إلى الصحراء الغربية. وتحقق ما نطق به الرسول صلى الله عليه وسلم .
وظاهر الحديث يدل على أن بلاد العرب ستكثر فيها المياه حتى تكون أنهاراً فتنبت بها النباتات فتكون مروجاً وحدائق وغابات .
والذى يؤيد هذا أنه ظهر في هذا العصر عيون كثيرة تفجرت كالأنهار وقامت عليها زراعات كثيرة وسيكون ما أخبر به الصادق صلى الله عليه وسلم عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : في غزوة تبوك : (أنكم ستأتون غداً إن شاء الله عين تبوك ....)
قال : ثم غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه يديه ووجهه ، ثم أعاده فيها فجرت العين بماء منهمر ، أو قال غزير . حتى استقى الناس ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما هاهنا قد ملىء جناناً .
رواه مسلم (1)
جنانا : بساتين وعمرانا ، وهو من معجزاته صلى الله عليه وسلم .
37- كثرة المطر وقلة النبات
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تقوم الساعة حتى يمطر الناس مطراً لا تُكِنُّ منه بيوت المدر ، ولا تُكنُّ منه إلا بيوت الشعر . رواه أحمد (2)
فإذا كان المطر سبباً في إنبات الأرض فإن لله تعالى أن يوجد ما يمنع هذا السبب من ترتب المسبب عليه ، والله تعالى خالق الأسباب ومسبباتها لا يعجزه شىء .
__________
(1) مسلم الفضائل 10/706
(2) المسند 2/262 (صحيح المسند 7549 )(1/8)
عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليست السَّنَة بأن لا تمطروا ، ولكن السنة أن تمطروا وتمطروا ولا تنبت الأرض شيئاً . رواه مسلم (1)
السنة : القحط الشديد والجدب .
قال القاضى : المعنى أن القحط الشديد ليس بأن لا يمطر بل بأن يمطر ولا ينبت .
وذلك لأن حصول الشدة بعد توقع الرخاء وظهور مخائله وأسبابه أفظع مما إذا كان اليأس حاصلاً من أول الأمر والنفس مترقبة لحدوثها . اهـ
38- ولادة الأمة ربتها
عن أبى هريرة قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم بارزا يوما للناس ، فأتاه رجل فقال ما الإيمان ؟ قال أن تؤمن بالله وملائكته وبلقائه ورسله ، وتؤمن بالبعث ، قال : ما الإسلام ؟ قال : الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به ، وتقيم الصلاة ، وتؤدى الزكاة المفروضة ، وتصوم رمضان . قال : ما الإحسان ؟ قال أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فأنه يراك ، قال : متى الساعة ؟ قال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل . وسأخبرك عن أشراطها : إذا ولدت الأمة ربها ، وإذا تطاول رعاة الإبل البُهْم في البنيان ، في خمس لا يعلمهن إلا الله . ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم : إنه الله عنده علم الساعة ، الآية .
ثم أدبر فقال : ردُّوه . فلم يروا شيئا ، فقال هذا جبريل جاء يعلم الناس دينهم .
رواه البخاري ومسلم (2)
وعند مسلم : أن تؤمن بالله وملائكته وكتابه ولقائه ورسله .
وعند مسلم : إذا ولدت الأمة ربها ،فذاك من أشراطها ، وإذا كانت العراة الحفاة رءوس الناس فذاك من أشراطها وإذا تطاول رعاة البَهْم البنيان فذاك من أشراطها .
وعند أحمد عن ابن عباس : قال يا رسول الله، ومن أصحاب الشاء والحفاة الجياع العالة؟ قال : العرب في هذا الحديث ثلاثة علامات للساعة هى : العلامة الأولى : ولادة الأمة ربها ... ربها : أي سيدها .
__________
(1) مسلم 2904
(2) فتح البارى 50 مسلم 9 المسند 1/319 (صحيح - الصحيحة 1345 )(1/9)
قال الخطابى : معناه اتساع الإسلام واستيلاء أهله على بلاد الشرك ، وسبى ذراريهم ، فإذا ملك الرجل الجارية ، واستولدها كان الولد منها بمنزلة ربها لأنه ولد سيدها .
وقيل : أن تبيع السادة أمهات أولادهم ، ويكثر ذلك فيتداول الملاك المستولدة حتى يشتريها أولادها ولا يشعرون بذلك .
وقيل : أن تلد الأمة حرا من غير سيدها بوطء شبهة ، أو رقيقا بنكاح أو زنا ، ثم تباع الأمة الصورتين بيعا صحيحا ، وتدور الأيدى ، حتى يشتريها ابنها أو بنتها .
وقيل : أن يكثر العقوق في الأولاد ، فيعامل الولد أمه ، معاملة السيد أمته ، من الإهانة بالسب والضرب ، والاستخدام ، فأطلق عليها ربها مجازا .
قال ابن كثير في النهاية 1/177 إن الإماء تكون في آخر الزمان هن المشار إليهن بالحشمة ، فتكون الأمة تحت الرجل الكبير دون غيرها من الحرائر ، ولهذا قرن ذلك بقوله : وأن ترى الحفاة العراة العالة يتطاولون في البنيان .
قال وكيع : أن تلد العجمُ العرب .
39- الحفاة العراة رءوس الناس
العلامة الثانية : الحفاة العراة رؤوس الناس :
وقد حدث هذا في وقتنا المعاصر ، ومازال في ازدياد ، فأهل البوادى فقراء حفاة عراة رعاء للغنم ، تعطيهم الدولة قروضا مالية ، وتمنحهم أراضى ليتطاولوا في البنيان ، ولكن هذا لم يغنهم بل زادهم فقرا على فقرهم ، وهم مازالوا حفاة عراة للغنم مع تطاولهم في البنيان .
40- تطاول الناس في البنيان
العلامة الثالثة : تطاول الناس في البنيان :
البهم السود : وهى شر الألوان عندهم .قال الحافظ في الفتح 13/88 : ومعنى التطاول في البنيان أن كلا ممن كان يبنى بيتاً يريد أن يكون ارتفاعه أعلى من ارتفاع الآخر، ويحتمل أن يكون المراد : المباهاة في الزينة والزخرفة ، أو أعم من ذلك ، وقد وجد الكثير من ذلك ، وهو في ازدياد .(1/10)
وقد ظهر هذا جلياً في هذا العصر فتطاول الناس في البنيان وتفاخروا في طولها وعرضها وزخرفتها ، بل وصل بهم الأمر إلى أن بنوا ما يشبه ناطحات السحاب المشهورة في أمريكا وغيرها من بلدان العالم . وهذه العلامة بدأ ظهورها من بعد عصر النبوة وذلك لأن الدنيا بسطت على المسلمين وكثرت الأعمال في أيديهم بعد الفتوحات ، وامتد بهم الزمان حتى ركن كثيراً منهم إلى الدنيا ، ودب إليهم داء الأمم قبلهم وهو التنافس في جمع المال وصرفه في غير ما ينبغى أن ينصرف فيه شرعاً ، حتى أن أهل البادية **وأشباههم** من أهل الحاجة والفقر بسطت لهم الدنيا كغيرهم من الناس ، وأخذوا في بناء الأبنية ذوات الطوابق المتعددة وتنافسوا في ذلك .
عن عبد الله بن عمرو قال : مربى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا أطين حائطاً من خص ، فقال : ما هذا يا عبد الله ؟ قلت حائطاً أصلحه يا رسول الله، قال : الأمر أيسر من ذلك . رواه الترمذى (1) ..... خص : بيت قصب .
41- تمنى الموت من شدة البلاء
عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول : يا ليتنى مكانه ) . رواه البخاري (2)
وتمنى الموت يكون عند كثرة الفتن وتغير الأحوال وتبديل رسوم الشريعة ، وهذا إن لم يكن وقع فهو واقع لا محالة .
قال ابن مسعود رضى الله عنه (سيأتى عليكم زمان لو وجد أحدكم الموت يباع لاشتراه ) .
وكما قيل :
وهذا العيش لا خير فيه ألا موت يباع فاشتريه .
قال الحافظ العراقى :
" ولا يلزم كونه في كل بلد ، ولا كل زمن ، ولا في جميع الناس ، بل يصدق اتفاقه للبعض في بعض الأقطار في بعض الأزمان ، وفى تعليق تمنيه بالمرور إشعار بشدة ما نزل بالناس من فساد الحال
__________
(1) الترمذى 2336 ( صحيح - جامع الأصول 466 )
(2) فتح البارى 7115 - مسلم 157(1/11)
حالتئذ ، إذ المرء قد يتمنى الموت من غير استحضار لهيئته ، فإذا شاهد الموتى ، ورأى القبور ، نشز بطبعه ، ونفر بسجيته من تمنيه ، فلقوَّة الشدة لم يصرفه عنه ما شاهده من وحشة القبور ، ولا يناقض هذا النهى عن تمنى الموت لأن مقتضى هذا الحديث الإخبار عما يكون وليس فيه تعرض لحكم شرعى .(فيض القدير 6/418 )
42- انتفاخ الأهلة
عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من اقتراب الساعة انتفاخ الأهلة وأن يرى الهلال لليلة فيقال هو ابن ليلتين) رواه الطبرانى (1)
انتفاخها : عظمها .
تفسير انتفاخ الأهلة : عبارة عن كبر الهلال حين طلوعه عما هو معتاد في أول الشهر فيرى وهو ابن ليلة كأنه ابن ليلتين . والله أعلم .
43- أناس يأكلون بألسنتهم
عن سعد بن أبى وقاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقوم الساعة حتى يخرج قوم يأكلون بألسنتهم كما تأكل البقرة بألسنتها . رواه أحمد (2)
أي يجعلون ألسنتهم وسائل أكلهم كالبقرة تأخذ العلف بلسانها . أما سائر الدواب فتأخذ من نبات الأرض بأسنانها . فضرب المثل لمعنيين أحدهما : أنهم لا يهتدون من المآكل إلا إلى ذلك سبيلاً كما أن البقرة لا تتمكن من إلاحتشاش إلا بلسانها ، والآخر : أنهم في مغزاهم ذلك كالبقرة التي لا تستطيع أن تميز في رعيها بين الرطب والشوكة ، وبين الحلو والمر ، بل تلف الكل بلسانها لفاً ، فكذلك هؤلاء الذين يتخذون ألسنتهم ذريعة إلى مآكلهم لا يميزون بين الحق والباطل ، ولا بين الحلال والحرام ، ( سماعون للكذب أكالون للسحت ).
44- خروج القحطانى
في آخر الزمان يخرج رجل من قحطان ، تدين له الناس بالطاعة ، وتجتمع عليه ، وذلك عند تغير الزمان .
__________
(1) الطبرانى فى الصغير 1130 - مجمع 3/146 ( الصحيحة 2292 )
(2) المسند 1/184 (صحيح - الصحيحة 420 )(1/12)
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس **بعصاه**) . رواه البخاري (1)
قال القرطبى : (قوله يسوق الناس **بعصاه** : كناية على استقامة الناس وانعقادهم إليه واتفاقهم عليه ، ولم يرد نفس العصاة ، وإنما ضرب بها مثلاً لطاعتهم له ، واستيلائه عليهم إلا أن في ذكرها دليلاً على خشونته عليهم ، وعنفه بهم)"التذكرةص653 "
وقيل : هذا القحطانى ليس هو الجهجاه ، فإن القحطانى من الأحرار ، لأن نسبه إلى قحطان الذى تنتهى أنساب أهل اليمن من **حِمْيَر وكِنْدَة وهَمْدَان** وغيرهم إليه ، وأما الجهجاه فهو من الموالى ويؤيد ذلك ما رواه الإمام أحمد .
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يذهب الليل والنهار حتى يملك رجل من الموالى ، يقال له : جهجاه ) . رواه مسلم (2)
قال مسلم : هم أربعة إخوة : شريك وعبيد الله وعمير وعبد الكبير بنو عبد المجيد .
جزم القرطبى بأن القحطانى هو الجهجاه .
الموالى : المماليك : أي حتى يصير حاكماً على الناس .وهو رجل خسيس الأصل .
قحطان : هو أبو اليمن .
يسوق الناس بعصاة : كناية عن تسخير الناس واسترعائهم كسوق الراعى الغنم بعصاة
وقيل يخرج القحطانى بعد المهدى ويسير على سيره .
أي أنه سيظهر في زمن عيسى عليه السلام .
ولكن إذا كان في زمن عيسى عليه السلام كيف يسوق الناس بعصاة وكيف يملك مع وجود عيسى عليه السلام . وقيل يعيش في الملك عشرين سنة .
45- قبيلة **مُضَر** وقريش
عن حذيفة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن هذا الحى من مضر ، لا تدع لله في الأرض عبداَ صالحاً إلا أفنته وأهلكته حتى يدركها الله بجنود من عباده فيذلها حتى لا تمنع ذنب تلعه . رواه أحمد (3)
__________
(1) فتح البارى 3517
(2) مسلم 2911
(3) المسند 5/390 ( قال الهيثمى فى المجمع 7/313 وأحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح )(1/13)
قال الحاكم 4/470 : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .
ذنب تلعه : التلاع مسايل الماء من علو إلى سفل ، وقيل ما انحدر من الأرض وأشرف منها . والمراد كثرته وأنه لا يخلو منه موضع ... فوصفهم بالذل والضعف وقلة المنعة .
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أسرع قبائل العرب فناء قريش، ويوشك أن تمر المرأة بالنعل فتقول إن هذا نعل قريشى . رواه أحمد (1)
وفى رواية : يا عائشة قومك أسرع أمتى بى لحاقاً . قالت : ومم ذاك ؟ قال : تَسْتَحْلِيهم المنايا ، وتنفس عليهم أمتهم . قالت : فكيف الناس بعد ذلك ؟ قال : دَبِىّ يأكل شداده ضعافه ، حتى تقوم عليهم الساعة . رواه أحمد (2)
دبى : هو الجراد قبل أن يطير .
46- حسر الفرات عن جبل من ذهب
عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل الناس عليه ، فيقتل كل مائة تسعة وتسعون ويقول كل رجل منهم : لعلى أكون أنا الذى أنجو . رواه مسلم (3)
يحسر : ينكشف لذهاب مائه .
عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : قال يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب فمن حضره فلا يأخذ منه شيئاً . رواه البخاري مسلم (4)
قال ابن حجر في الفتح (13/81 )
والذى يظهر أن النهى عن أخذه لما ينشأ عن أخذه من الفتنة والقتال عليه ، ويحتمل أن تكون الحكمة في النهى عن الأخذ منه لكونه يقع آخر الزمان عند الحشر الواقع في الدنيا ، وعند عدم الظهور أو قلته فلا ينتفع بما أخذ منه .
السبب في النهى عن الأخذ منه ما يترتب على طلب الأخذ منه من الأقتتال فضلاً عن الأخذ، ولا مانع أن يكون ذلك عند خروج النار للمحشر .
__________
(1) المسند 2/336 (صحيح - الصحيحة 738 )
(2) المسند 6/81 (صحيح - الصحيحة 1953 )
(3) مسلم 2894
(4) فتح البارى 7119 - مسلم 2894(1/14)
أما حديث ابن ماجه : يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ، فهذا إن كان المراد بالكنز فيه الكنز الذى في هذا الحديث دل على أنه يقع عند ظهور المهدى وهذا الحديث ضعيف .
**47-الرايَات السُّوْد**
عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ثم لا يصير إلى واحد منهم ، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق ، فيقتلونكم
قتلا لم يقتله قوم . فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة الله المهدى .
رواه أحمد و الحاكم وابن ماجه (1)
48- فتنة الأحلاس
عن ابن عمر قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قعوداً ، فذكر الفتن فأكثر في ذكرها، حتى ذكر فتنة الأحلاس ، فقال قائل يا رسول الله ، وما فتنة الأحلاس؟ قال : هى هَرَبٌ وحَرَبٌ ، ثم فتنة السراء ، دخنها من تحت قدمى رجل من أهل بيتى يزعم أنه منى وليس منى ، إنما **أوليائى** المتقون ، ثم يصطلح الناس على رجل **كَوَرِك** على ضِلع ، ثم فتنه **الدهيماء** ، لا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمته لطمة ، فإذا قيل انقضت تمادت ، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسى كافراً ، حتى يصير الناس إلى فسطاطين : فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه ، فإذا كان ذا كم فانتظروا الدجال من يومه أو من غده.
رواه أبو داود و أحمد والحاكم (2)
فتنة الأحلاس : قال الخطابى : إنما أضيفت الفتنة إلى الأحلاس لدوامها وطول لبثها ، يقال للرجل إذا كان يلزم بيته لا يبرح هو حلس بيته لأن الحلس يفترش فيبقى على المكان مادام لا يرفع، وقد يحتمل أن تكون هذه الفتنة إنما شبهت بالأحلاس لسواد لونها وظلمتها.
هرب : أي يفر بعضهم من بعض لما بينهم من العداوة والمحاربة .
__________
(1) المسند 5/277 المستدرك 4/463 وقال : صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبى وابن ماجه 4084 ضعفه الألبانى
(2) أبو داود 4242 - المستدرك 2/133 (صحيح - الصحيحة 974 )(1/15)
حرب : قال الخطابى : هو ذهاب المال والأهل . وقال القارى . أخذ مال وأهل بغير استحقاق . وكأنه قال : فتنة الأحلاس هو حرب وهرب .
قال في النهاية : الحرب نهب مال الإنسان وتركه لا شىء له .
فتنة السراء : قال القارى : السراء : النعماء التي تسر الناس من الصحة والرخاء والعافية من البلاء والوباء وأضيفت إلى السراء لأن السبب في وقوعها ارتكاب المعاصى بسبب كثرة التنعم ، أو أنها تسر العدو .
قال التربشتى : يحتمل أن يكون سبب وقوع الناس في تلك الفتنة وابتلائهم بها أثر النعمة فأضيفت إلى السراء يعنى يكون التركيب من قبيل إضافة الشيء إلى سببه ، ويحتمل أن يكون صفة للفتنة فأضيفت إليها إضافة مسجد الجامع ، ويراد منها سعتها لكثرة الشرور والمفاسد ، يعنى يكون التقدير فتنة الحادثة السراء أي الواسعة ، التي تعم الكافة من الخاصة والعامة .
دخنها : قال الخطابى : الدخن هو الدخان ، يريد أنها تثور كالدخان من تحت قدميه .
قال في المرقاة : دخنها إثارتها وهيجانها ، وشبهها بالدخان الذى يرتفع ، كما شبه الحرب بالنار .
من تحت قدمى رجل من أهل بيتى : قال القارى : تنبيها على أنه هو الذى يسعى في إثارتها أو إلى أنه يملك أمرها .
يزعم أنه منى : قال القارى : أي في الفعل وإن كان منى في النسب ، والحاصل أن تلك الفتنة بسببه وأنه باعث على إقامتها .
وليس منى : قال القارى : أي من أخلائى أو من أهلى في الفعل ، لأنه لو كان من أهلى لم يهيج الفتنة ونظيره قوله تعالى : ( إنه ليس من أهلك : إنه عمل غير صالح ) أو ليس من أو ليائى في الحقيقة .
إنما **أوليائى** المتقون : قال القارى : هذا أبلغ من حديث : آل محمد كل تقى .
ثم يصطلح الناس على رجل : قال القارى : أي يجتمعون على بيعة رجل .(1/16)
كورك على ضلع : قال القارى : الضلع واحد الضلوع أو الأضلاع ، وهذا مثل ، والمراد أنه لا يكون على ثبات الورك لثقله لا يثبت على الضلع لدقته ، والمعنى : أنه يكون غير أهل الولاية لقلة علمه وخفة رأيه وحلمه .وفى النهاية أي يصطلحون على رجل لا نظام له ولا استقامة لأمره ، لأن الورك لا يستقيم على الضلع . ولا يتركب عليه لإختلاف ما بينهما وبعده ، وفى شرح السنة معناه : أن الأمر لا يثبت ولا يسقيم له ، وذلك أن الضلع لا يقوم بالورك ولا يحمله .
يريد أن هذا الرجل غير لائق **للمملكة** .
قال الخطابى : مَثَل ، ومعناه : الأمر الذى يثبت ولا **يستقيم** وذلك أن الضلع لا يقوم بالورك ولا يحمله . يريد أن هذا الرجل غير خليق بالملك ولا مستقبل به .
ثم فتنة الدهمياء : قال في المرقاة : الدهماء : السوداء والتصغير للذم أي الفتنة العظماء والطامة العمياء .
لا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمته لطمة : قال في المرقاة : أي لا تترك تلك الفتنة أحداً من هذه الأمة إلا أصابته بمحنة ، ومسته ببلية ، وأصل اللطم هو الضرب على الوجه ببطن الكف ، والمراد أن أثر تلك الفتنة يعم الناس ويصل لكل أحد من ضررها
فإذا قيل انقضت تمادت : قال في المرقاة : أي فمهما توهموا أن تلك الفتنة انتهت تمادت ، أي بلغت المدى والغاية من التمادى .
يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسى كافراً : قال في المرقاة : أي يصبح مؤمناً لتحريمه دم أخيه وعرضه وماله ، ويمسى كافراً لتحليله ما ذكر ، ويستمر ذلك .
حتى يصير الناس إلى فسطاطين : قال في المرقاة أي فرقتين ، وقيل مدينتين ، وأصل الفسطاط الخيمة فهو من باب ذكر المحل وإرادة الحال . قال الطيبى : الفسطاط المدينة التي فيها يجتمع الناس، وكل مدينة فسطاط .
فسطاط إيمان لا نفاق فيه . قال في المرقاة : أي إيمان خالص لا نفاق فيه ولا في أصله ولا في فصله من اعتقاده وعمله .(1/17)
وفسطاط نفاق لا إيمان فيه : قال في المرقاة : أي أصلاً أو كمالاً لما فيه من أعمال المنافقين من الكذب والخيانة ونقض العهد وأمثال ذلك .
فإن كان ذلكم فانتظروا الدجال من يومه أو من غده : قال في المرقاة : أي ظهوره ، فإن المهدى يكون في بيت المقدس فيحاصره الدجال فينزل عيسى عليه السلام فيذوب الملعون كالملح يذوب في الماء فيطعنه بحربة له فيقتله ، فيحصل الفرج العام والفرج التام ، كما قال سيد الأنام : اشتدى أزمة تنفرجى .
وقد قال تعالى "فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً" ، ولن يغلب عسر يسرين .
قال بعض العلماء المعاصرين :
فتنة الأحلاس قد وقعت قبل ظهور الشريف حسين والملك عبد العزيز ، وأول ظهورها في جزيرة العرب ، والناس حتى الآن يسمون ذلك الوقت بزمن الجاهلية
وكانت بينهم حروب وسلب ونهب ومنهم من هرب إلى أنحاء الجزيرة والشام والعراق، وأضيفت الفتنة إلى الأحلاس لدوامها وطول لبثها .
فتنة السراء : دخنها وكدرتها وسوادها وغشها من تحت قدمى رجل من أهل بيتى وهو الشريف حسين الذى كان يحكم الحجاز قبل الملك عبد العزيز ، فإنه كان من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم في النسب ، وكان في عصره يطاف بالقباب كما يطاف بالكعبة ، ونقل عنه أنه كان يتهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب أنه فرق بين الناس ، وقد فاض المال في عهده ، وكان هذا الرجل غير خليق بالملك .
فتنة الدهمياء : ونحن الآن فيها ، وهى لا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمته لطمة كلما قيل انقضت تمادت ، وواقعنا يشهد بذلك ، فترى أن أهل الباطل يخرجون على أهل الحق كل يوم بفتنة جديدة، ومن الفتن التي كثرت : فتنة الأغانى الخليعة بالإذاعة، وفتنة التلفزيون وما يعرض على **شاشته** من خلاعة وباطل وكذب .
وأما انقسام الناس إلى فسطاطين فنحن الآن في مقدماته . فقد بدأ تكون الفرقتين فمؤمنون يغضبون لله ويحبون لله ويوالون لله ويعادون لله .(1/18)
ومنافقون يوالون أعداء الله ويحبونهم ويعادون المؤمنين ويستهزئون بالسنة والدعاة لها كاللحية والنقاب .
ومن علامات الساعة التي تسبق ظهور المهدى
قال صديق حسن خان في الإذاعة 117 : وذكر في الإشاعة أن منها :
كثرة الفحش والتفحش ، وتخوين الأمين ، وائتمان الخائن ، وانتفاخ الأهلة ، وكثرة القطر وقلة النبات ، وكثرة القراء ، وقلة الفقهاء ، وكثرة الأمراء ، وقلة الأمناء ، وكون الزهد رياء ، والورع تصنعاً، والولد غيظا ، والمطر قيظا ، **وإفاضة** الأشرار فيضا ، وتصديق الكاذب وتكذيب الصادق ، وتقريب الأباعد وتبعيد الأقارب ، وزخرفة المحاريب وخراب القلوب ، واكتفاء الرجال بالرجال والنساء بالنساء - وهذا كناية عن اللواط **والسحاق** - وتعمير خراب الدنيا وتخريب عمرانها - كما نقلت مصر إلى القاهرة- وظهور المعازف ، وشرب الحمور ، وكثرة الشرط ، وكثرة الهمزة اللمزة الغمازين ، وتسمية الخمر بالنبيذ ، والربا بالبيع ، والسحت بالهدية ، والتعلم لغير دين الله، وإمارة الصبيان ، وجور السلطان ، وتطفيف المكيال والميزان ، واتيان الشياطين في صورة الرجال ، وتحديثهم الناس بالأحاديث الكاذبة ، وتربية الرجل جروا ، وتركه ولدا ، وترك توقير الكبير ، والرحم على الصغير ، والفاحشة في الكبار ، والملك في الصغار ، والعلم في الأراذل ، والجهل في أولاد الأفاضل، والمداهنة في الخيار ، والتماس العلم عند الصغار ، وقتل الرجل أباه وأخاه ، ورفع الوضيع ، وخفض الرفيع ، وكثرة الخطباء ، وركون العلماء إلى الولاة ، والفتوى بما يشتهون ، وتعلم العلم لجمع الدراهم والدنانير واتخاذ القرآن تجارة ، وقراءته بالأجرة ، والتلاعن عند الملاقاة -وهذا كثير في الفلاحين والجمالين والسفلة والسوقة والباعة ، وأهل العساكر ، وأصحاب المواكب ، فيبدأ أحدهم بشتم صاحبه عند اللقاء مكان السلام ، ويمضى كل منهم ولا يعرف تحية الإسلام - وأخذ المال والعرض بغير حق ، وسفك الدماء ، ونقص(1/19)
الأعمار والأبناء والثمار ، وقصر الأيام والليالى ، وكثرة الهرج والمرج ، وبناء القصور العالية ، وظهور البغى والرشا ، والحمية الجاهلية ، والشح ، والعصبية ، واختلاف الأهواء ، وتباين الآراء ، وإحداث البدع والشرور ، وترك الصواب من الأمور ، واتباع الهوى ، والقضاء بالظن ، وأكل الناس بالألسنة ، كما تأكل البقر بألسنتها ، وتسافدهم في الطريق كالبهائم ، وتناكر القلوب ، واختلاف الأخوين من الأبوين في الدين، **والاستئجار** على الغزو ، وحيف الولاة ، وجور الأئمة ، والتصديق بالنجوم ، والتكذيب بالقدر ، والقول بخلق القرآن ، ونكاح الرجل **امرأته** وأمته في الدبر ، واستشارة الإماء ، وسلطان النساء ، وأمارة السفهاء ، والسلام على المعرفة ، وافتراق الكلمة ، وترك الغزو ، واتخاذ المساجد طرقا ، والغش في التجارة ، وتحول شرار الشام إلى العراق وخيارها إلى الشام ، واستخفاء المؤمن كالمنافق ، وعدم الاستحياء من الحليم ، وعدم اتباع من هو بالقرآن والسنة عليم ، وعدم عرفان المعروف ومعرفة المنكر ، والاستهزاء بالصالحين ، وتحميق المتقين ، وهلاك البيوت بالرواجف، وهلاك الدواب بالصواعق ، وكثرة الطواعين ، والهلاك بالجدرى ، وتحلية المصاحف ، وعدم التدبر فيها مع كثرة التلاوة ، وتقارب الأسواق بقلة الأرباح ، وفشو الغيبة والسعاية والنميمية ، ومكابرة العلماء ، ورد بعضهم بعضا في الفتوى ، والطعن في السلف ، والتشنيع على الخلف ، وكثرة البغايا وأولادهم ، وظهور المنكر معروفا وبالعكس ، وسوء الجوار ، وتعطيل السيوف عن الجهاد ، واختيار الدنيا عن الدين ، وإيثار الرأى على النص ، وقلة البركات في كل شىء ، وموت البدار ، وموت الفجأة ، وركوب المياثر ، وظهور النساء الكاسيات العاريات ، ظهور قوم معهم سياط كأذناب البقر ، وإضاعة الصلوات ، والميل مع الهوى ، وفعل السيئات ، وتعظيم رب المال ، وإهانة صاحب العلم ، وإكثار العلم وإضاعة العمل ، وائتلاف(1/20)
الألسن ، واختلاف القلوب ، واليقظة للدنيا، والذهول عن الآخرة ، وتباين المذاهب ، وتحالف الملل ، وكثرة البخل ، وابتلاء المسلمين بالشرك من حيث لا يشعرون ، وبدعة التصوف ، وبدعة التشبه بالأقوام المخالفة لما جاء به الإسلام .
وهذه الجملة من الأشراط للساعة ، موجودة تحت أديم السماء ، وهى في التزايد يوما فيوما ، وقد كادت تبلغ الغاية ، أو قد بلغت ولم يبق إلا الأشراط الكبرى التي أول ظهورها المهدى عليه السلام . اهـ
قال القرطبى : كل ما وقع في الأخبار من الأشراط ، فقد شاهدناه بتلك البلاد ، وعاينا معظمه إلا خروج المهدى .
قال : وقال العلماء : الحكمة في تقديم الأشراط ، ودلالة الناس عليها ، تنبيه الناس عن رقدتهم ، وحثهم على الاحتياط لأنفسهم بالتوبة والإنابة .
وتلك الأشراط علامة لانتهاء الدنيا وانقضائها ، ولابد من ذكرها حتى يوقف عليها ، ويتحقق بذلك معجزة النبي صلى الله عليه وسلم وصدقه في كل ما أخبر به صلى الله عليه وسلم اهـ .
ومن الفتن الواقعة قبل خروج المهدى
قال صديق خان في الإذاعة صـ 155 والسفارينى في اللوامع صـ 76 :
1- حسر الفرات عن جبل من ذهب .2- خروج ستين كذابا كلهم يقول أنا نبى
3- خوف شديد **في الناس** 4- زلزال
5- طاعون
6- اختلاف شديد في الناس وتشتت في دينهم حتى يتمنى الموت صباحا ومساء .
7- خروج السفيانى والأبقع والأصهب والأعرج الكندى والمنصور والحارث . وهى ... صفات وألقاب لا أسماء لهم .
8- قتال الخراسانى بالسفيانى . 9- خروج رجل من كلب يقال له كنانة .
10- الملحمة الكبرى بعد هلاك السفيانى .
11- طلوع الرايات السود من قبل خراسان .
12- قذف الأرض أفلاذ كبدها من الذهب والفضة .
13- خسف معدن في الحجاز .
14- خسف قرية بالغوطة غربى دمشق .
15- خسف قرية بالشام يقال لها حرستا .
16- رجفة بالشام يهلك فيها أكثر من 100.000 .
17-خسف بالبيداء .
18- انكساف الشمس والقمر في رمضان .
19- طلوع القرن ذى السنين .(1/21)
20- طلوع النجم ذى الذنب **يضيء كما يضيء** القمر .
21- خسوف القمر مرتين .
22- سماع صوت برمضان يوقظ النائم ويفزع اليقظان .
23- صوت في نصف رمضان يصعق سبعين ألفا ويعمى مثلهم ويخرس مثلهم ويصم ... مثلهم ويفتق الأبكار .
24- خروج نار من قبل المشرق .
25- أصحاب البراذين الشهب **والرايات** الصفر تقبل من المغرب وتحل بالشام ، وذلك ... عند الجوع الأكبر والموت الأحمر .
26- وقعة بالمدينة عظيمة .
27- خروج ابن آكلة الأكباد من الوادى اليابس **حتى** يستوى على منبر دمشق .
28- النداء من السماء أن الحق في آل محمد .
29- طلوع الكف من السماء .
30- كون لخمسين امرأة قيم واحد .
31- يظهر المهدى ومعه قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيفه ورايته .
32- يغرس قضيبا يابسا في أرض يابسة فيخضر ويورق .
33- يسقط طائر على يده .
34- ينادى منادى من السماء : أيها الناس إن الله قطع عنكم الجبارين والمنافقين ... ... وأشياعهم وولاكم خير أمة محمد صلى الله عليه وسلم فالحقوه بمكة فإنه المهدى .
35- تخرج الأرض أفلاذ أكبادها مثل الاسطوانات من الذهب .
علامات الساعة الكبرى
1- المهدى
أولا : الأحاديث التي رواها أبو سعيد الخدرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
1- من خلفائكم خليفة يحثو المال حثياً لا يعده عدداً . رواه مسلم (1)
وهذا الحثو يكون لكثرة الأموال والغنائم والفتوحات مع سخاء نفسه .
2-يخرج في آخر أمتى المهدى ، يسقيه الله الغيث ، وتخرج الأرض نباتها ، ويعطى المال صحاحاً وتكثر الماشية ، وتعظم الأمة ، يعيش سبعاً أو ثمانياً ، يعنى حججاً . رواه الحاكم (2)
__________
(1) مسلم 2914
(2) المستدرك 4/557 ( الصحيحة 711 )(1/22)
3-لتملأن الأرض جوراً وظلما ً، فإذا ملئت جوراً وظلماً ، بعث الله رجلاً مني ، اسمه اسمي فيملؤها قسطاً وعدلاً ، كما ملئت جوراً وظلماً . **رواه** أحمد والحاكم وابن حبان (1)
4- إن في أمتى المهدى يخرج يعيش سبعاً ، فيجيء إليه الرجل فيقول : يا مهدى أعطنى أعطنى ، فيحثى له في ثوبه ما استطاع أن يحمله . رواه الترمذى وابن ماجه (2)
5-المهدي مني ، أجلي الجبهة ، أقني الأنف ، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت ظلماً وجوراً ، يملك سبع سنين . رواه أبو داود والحاكم (3)
منى : أي من نسلى وذريتى أو من عشيرتى وأهل بيتى .
يحثو المال : يحفن المال بيديه ، لكثرة الأموال والغنائم .
أجلي الجبهة : واسع الجبهة ، أو منحسر الشعر من مقدم رأسه . أو هو دون الصلع
6- أبشركم بالمهدي يبعث في أمتي علي **اختلاف** من الناس ، وزلازل فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت جوراً وظلماً ، يرضي عنه ساكن السماء وساكن الأرض ، يقسم المال صحاحاً ، فقال له رجل ما صحاحاً : قال بالسوية بين الناس ، قال : ويملأ الله قلوب أمة محمد صلي الله عليه وسلم غني ويسعهم عدله ، حتي يأمر منادياً فينادي فيقول : من له في مال حاجة ، فما يقوم من الناس إلا رجل ، فيقول : **ائت** السدان يعني الخازن فقل له : إن المهدي يأمرك أن تعطيني مالا فيقول له : أحث حتي إذا جعله في حجره وأبرزه ندم فيقول: كنت أجشع أمة محمد نفساً ، أو عجز عني ما وسعهم ، قال : فيرده فلا يقبل منه ، فيقال له : إنا لا نأخذ شيئاً أعطيناه ، فيكون كذلك سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين ثم لا خير في العيش بعده . رواه أحمد (4)
__________
(1) المسند 3 / 36 -المستدرك 4 / 465 - ابن حبان 1880 (الصحيحة 1529-صحيح الجامع 5073 )
(2) رواه ابن ماجه 4083 والترمذى 2232 ( حسن الترمذى 1820 )
(3) أبو داود 4285- المستدرك 4 / 557 (حسن الجامع 6736 ، 6612 -بغوي 15 / 86)
(4) المسند 3/37 ( صحيح المسند 11344 )(1/23)
7-ينزل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع بلاء أشد منه حتي تضيق عنهم الأرض الرحبة وحتي يملأ الأرض جوراً وظلماً ، لا يجد المؤمن ملجأ يلتجئ إليه من الظلم ، فيبعث الله عز وجل رجلاً من عترتي فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ، يرضي عنه ساكن السماء وساكن الأرض ، لا تدخر الأرض من بذرها شيئاً إلا أخرجته ، ولا السماء من قطرها شيئاً إلا صبه الله عليهم مدراراً يعيش فيهم سبع سنين أو ثمان أو تسع تتمنى الأحياءُ الأموات مما صنع الله عز وجل بأهل الأرض من خيره .
رواه الحاكم (1)
ساكن السماء : أي الملائكة وأرواح الأنبياء
ساكن الأرض : أي من المؤمنين أو حتى الدواب في البر والحيتان في البحر
صبه : كبه مدراراً : كثيراً
8-يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده . راوه مسلم (2)
ثانياً الأحاديث التي رواها أبو هريرة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم :
1-يبايع لرجل بين الركن والمقام ، ولن يستحل البيت إلا أهلهُ ، فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب ، ثم تأتي الحبشة فيخربِّونه خراباً لا يعمر بعده أبداً ، وهم الذين يستخرجون كنزه . رواه أحمد (3)
قد يكون هذا **الاستحلال** ما وقع عام 1400هـ ، أو 1407 هـ ، والله أعلم
قال ابن حجر : يستحل القتال فيه أهله أي المسلمون .
2-كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم . رواه البخاري ومسلم (4)
قال أبو الحسن الخسعي تواترت الأخبار بأن المهدي من هذه الأمة وأن عيسى يصلي خلفه ( فتح الباري 6 / 569 )
__________
(1) المستدرك 4/465 ( صحيح الصحيحة 1529)
(2) مسلم 2913
(3) المسند 5/196 (صحيح المسند 7897- الصحيحة 579)
(4) فتح البارى 3449 مسلم 155(1/24)
3-يكون في أمتي المهدي ، إن كثر فسبع وإلا فثمان وإلا فتسع ، تنعم أمتي فيها نعمةً لم ينعموا مثلها ، يرسل السماء عليهم مدراراً ولا تدخر الأرض شيئاً من النبات ، والمال كُدُوس ، يقوم الرجل يقول :يا مهدى اعطنى، فيقول خذ.رواه ابن ماجه والحاكم الطبرانى (1)
كدوس : مجموع كثير .
ثالثاً : الأحاديث التي روتها أم سلمة رضى الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم
1- المهدى من عترتى من ولد فاطمة . رواه أبو داود و ابن ماجه والحاكم (2)
عترتى : العترة ولد الرجل لصلبه ، وعترة النبي صلى الله عليه وسلم بنو عبد المطلب ، وقيل قريش .
2- يعوذ عائذ بالبيت ، فَيُبعث إليه بعث فإذا كانوا ببيداء من الأرض خُسف بهم ، فقلت يا رسول الله ، فكيف بمن كان كارهاً ؟ قال : يخسف به معهم ، ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته . رواه مسلم (3)
يتحصن رجل بالكعبة فيأتيه جيش لقتاله فيخسف بهم ببيداء المدينة وهو الشرف الذي قدام ذى الحليفة أي إلى جهة مكة
__________
(1) ابن ماجه 4083 - المستدرك 4/558 - مجمع الزوائد 7/317 (حسن ابن ماجه 3299 )
(2) أبو داود4284- ابن ماجه4086 - المستدرك 4/557 (صحيح الجامع6734،6610حسن شرح السنة15/86)
(3) مسلم 2882 ( الجامع 6609)(1/25)
3-يكون اختلاف عند موت خليفة ، فيخرج رجل من أهل المدينة هارباً إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره ، فيبايعونه بين الركن والمقام ، ويُبعث إليهم بعث من الشام ، فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة ، فإذا رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام وعصائب أهل العراق فيبايعونه ، ثم ينشأ رجل من قريش أخواله كلب ، فيبعث إليهم بعثاً ، فيظهرون عليهم وذلك بعث كلب ، والخيبة لمن يشهر غنيمة كلب ، فَيَقْسِم المال ، ويعمل في الناس بسنة نبيهم ، ويلقى الإسلام **بجرَّانه** في الأرض ، فيلبث سبع سنين ، ثم يُتوفَّى ويصلى عليه المسلمون . رواه أبو داود وأحمد وابن حبان (1)
اختلاف : أي فيما بين أهل الحل والعقد هارباً إلى مكة : لأنها مأمن كل من التجأ إليها .
المهدى يهرب إلى مكة : كراهة في الإمارة والخلافة ....
بعث : جيش ..... البيداء : أرض ملساء بين الحرمين .
أبدال : أولياء وعباد عصائب: خيار
كلب : رجل من قريش يستعين بأخواله من بنى كلب ..... يجيشون جيشاً لقتال المهدى فينتصر المهدى عليهم
بجرانه : يقر أمره ويستقر . والجران :باطن عنق الناقة إذا وضعته على الأرض لتستقر .
قال الألباني : ولقد كان الجهل بضعفه من أسباب ضلال جماعة (جهيمان) التي قامت بفتنة الحرم المكى ، وادعوا زوراً أن المهدى بين ظهرانيهم ، وطلبوا له البيعة ، فقضى الله على فتنتهم ومهديهم ، وكفى المؤمنين شرهم . اهـ
رابعا : الأحاديث التي رواها على رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
__________
(1) أبو داود 4286 المسند 6/316 موارد 1881 ( حسن شرح السنة 15/86 ) وضعفه الألبانى فى الضعيفة 1965 ) وقال : وقد جاء الحديث من طرق أخرى عن أم سلمة وغيرها مختصراً ليس فيه قصة البيعة والأبدال ولا بعث كلب الخ . وهو مخرج فى الصحيحة 1924(1/26)
1 -المهدى منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة . رواه ابن ماجه وأحمد (1)
قال في النهاية : أي يتوب عليه ويوفقه ويلهمه رشده بعد أن لم يكن كذلك .
قال الألباني : يصلحه الله لقيادة الأمة في ليلة .
2 –لو لم يبق من الدهر إلا يومٌ لبعث الله رجلا من أهل بيتى يملأها عدلاً كما ملئت جوْراً . رواه أبو داود وأحمد (2)
رجلاً : هو المهدى ....... يملأها : أي الأرض .
خامسا : الأحاديث التي رواها جابر رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه سلم
1-سيعوذ بهذا البيت قوم ليست لهم منعة ولا عدد ولا عدة ، يبعث إليهم جيش ، حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم . رواه مسلم (3)
منعة : ليس لهم من يحميهم ، وروته عائشة أيضا .
2-يكون في آخر أمتى خليفة يحثى المال حثيا لا يعده عددا . رواه مسلم (4)
الحثو : الحفن باليدين .. والخليفة : المهدى .
3- لا تزال طائفة من أمتى يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة فينزل عيسى بن مريم ، فيقول أميرهم ، تعال صل لنا ، فيقول : لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة . رواه مسلم (5) وزاد الحارث في مسنده بعد أميرهم : المهدى
سادسا : الأحاديث التي رواها عبد الله بن مسعود رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
1 -لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتى يواطىء اسمه اسمى .
رواه الترمذى وأحمد والحاكم (6)
__________
(1) ابن ماجه 4085 - المسند 2/645/84 (صحيح الجامع 6735،6211- الصحيحة 2371 فيض القدير6/278)
(2) أبو داود 4283- المسند 1/99 (صحيح الجامع 5181 صحيح المسند 773 حسن البغوى4279)
(3) مسلم 2883
(4) مسلم 2913
(5) مسلم 156
(6) الترمذى 2230- الحاكم 4/557 - المسند 3/34(صحيح الجامع 7275،7152 حسن المسند 3571،4098)(1/27)
2 -لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلا منى يواطىء اسمه اسمى واسم أبيه اسم أبى ، يملأ الأرض قسطا وعدلا ، كما ملئت جورا وظلما. رواه أبو داود والترمذى (1)
يواطىء : يوافق ويطابق . إنه محمد المهدى وبهدى النبي صلى الله عليه وسلم يهدى
3-لا تقوم الساعة حتى يلى رجل . من أهل بيتى يواطىء اسمه اسمى . رواه أحمد (2)
سابعا : عن عائشة رضى الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
1-العجب أن ناسا من أمتى يؤمون هذا البيت برجل من قريش قد لجأ بالبيت حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم .رواه مسلم (3)
والمراد بها الشرف الذى قدام ذو الحليفة إلى جهة مكة وهى الأرض الملساء .
ثامنا : الأحاديث التي روتها حفصة رضى الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم
ليؤمن هذا البيت جيش يغزونه ، حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض ، يُخسف بأوسطهم، وينادى أولهم آخرهم ثم يخسف بهم فلا يبقى إلا الشريد الذى يخبر عنهم رواه مسلم (4) .
ليؤمن : يقصدونه .
وفى أحاديث الخسف دلالة على وجوب التباعد من أهل الظلم ، والتحذير من مجالستهم ومجالسة البغاة ونحوهم من أهل الباطل ، لئلا يناله ما يعاقبون به .
وفيها : أن من كثر سواد قوم جرى عليه حكمهم في ظاهر عقوبات الدنيا .
أقوال العلماء :
خرّج أحاديث المهدى : أحمد وأبو داود والترمذى ، والنسائى وابن ماجه ، وابن خزيمة ، والحاكم ، وابن حبان ، والبيهقى والدارقطنى والطبرى وأبو عوانه وابن أبى شيبة وأبو نعيم والبزار وأبو يعلى وعبد الرزاق ، بل وخرج أحاديث المهدى إشارة : البخاري ومسلم
__________
(1) ابو داود 4282- الترمذى 2231(صحيح الجامع 5304 )
(2) المسند 1/471( صحيح الجامع 5304 )
(3) مسلم 4/2210
(4) مسلم 2883(1/28)
ب - وصحح أحاديث المهدى : البيهقى والهيثمى وابن حبان وابن تيمية وابن الجوزى وابن القيم وابن كثير وابن حجر العسقلانى والعقيلى والسهيلى والآبرى والخطابى وابن الأثير والقسطلانى والمنذرى والذهبى والسخاوى والسيوطى والكشميرى، والقرطبى وابن العربى والمناوى والهيتمى والزرقانى والصبان ، والقارى والسفارينى والبوصيرى والشوكانى والصنعانى والسندى والعجلونى والمباركفورى وشمس الحق أبادى والقنوجى والكتانى والسهسوانى والأمين الشنقيطى وحييب الله الشنقيطى وعبد القادر الشنقيطى ، وأحمد شاكر والألبانى والتويجرى وابن باز وعثيمين وغيرهم كثيرون .
ج- فهل يقول قائل غير ما اتفق عليه هؤلاء العلماء ، فإن حدث وقال قولا يخالف هؤلاء فلينظر في نفسه وفى مادته العلمية فإن رجح قوله على قول هؤلاء فهو بلا عقل وبلا علم وبلا فهم ، ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه .
وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف
قال الشافعى " ت 204 "
كل العلوم سوى القرآن مشغلة إلا الحديث وإلا الفقه في الدين
العلم ما كان فيه قال حدثنا وما سوى ذاك وسواس الشياطين
قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه : يهدم **الإسلام** : زلة عالم ، وجدال منافق بالقرآن ، وحكم الأئمة المضلون
قال الأوزاعى " ت 157 "
عليك بالآثار وإن رفضك الناس ، وإياك وآراء الرجال ، وإن زخرفوه لك بالقول ، فيا عجبا لأولئك الذين قدموا أنفسهم على أئمة المسلمين ، فليتهم يمتثلون بما قاله أحد العلماء المخلصين حين أخطأ في مسألة علمية ، فلما أقام عليه مناظره الحجة قال: إذاً أرجع وأنا من الأصاغر ، ولأن أكون ذَنَباً في الحق أحب إلى من أن أكون رأسا في الباطل . اهـ(1/29)
فاتقوا الله يا أدعياء العلم ، ولا تخوضوا في دين الله بغير علم ، واجهروا بالرجوع إلى الحق على الملأ الذى سمعوا منكم غير الحق في الماضى ، وضعوا نصب أعينكم قول الله تعالى ( إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم)
1- قال محمد جعفر الكتانى ت 345 في كتابه ( نطم المتناثر من الحديث المتواتر) : والأحاديث الواردة في المهدى المنتظر متواترة وكذا الواردة في الدجال وفى نزول عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام .
2- قال ابن حبان ت 354 ( الإحسان8/293 ) :خروج المهدى إنما يكون بعد ظهور الظلم والجور في الدنيا وغلبهما على الحق .
3- قال الآبرى ت 363 في كتاب مناقب الشافعى ص3 :
وقد تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر المهدى ، وأنه من أهل بيته وأنه يملك سبع سنين ، وأنه يملأ الأرض عدلاً ، وأن عيسى يخرج فيساعده على قتل الدجال ، وأنه يؤم هذه الأمة ويصلى عيسى خلفه (فتح البارى 6 / 493 )
4-قال البهيقى ت385 : والأحاديث في التنصيص على خروج المهدى أصح **ألبتة إسناداً**، وفيها بيان كونه من عترة النبي صلى الله عليه وسلم ( تهذيب الكمال6/597 )
5- قال الخطابى ت 388 (تحفة الأحوذى 6/625 ) في صدر كلامه على حديث ( لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان) قال : ويكون ذلك في زمن المهدى أو عيسى عليهما الصلاة والسلام أو كليهما .
6-قال القاضى عياض (ت 544) يقتل الدجال عيسى عليه السلام ، ويثبت الله الذين آمنوا ، وهذا مذهب أهل السنة وجميع المحدثين والفقهاء خلافا لمن أنكره وأبطل أمره من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة . وذكر في الشفى 1/223 خروج المهدى .
7- قال السهيلى ( ت 581) "الروض الأنف 1/280 "الأحاديث **الواردة** في المهدى كثيرة .
8- قال ابن الأثير في النهاية 5 / 254 : المهدى الذى بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم يجىء في آخر الزمان .(1/30)
9-قال القرطبى ت 671 "التذكرة 2/723 " الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في التنصيص على خروج المهدى **ثابتة** .
10- قال شيخ الإسلام ابن تيمية ت 728 في منهاج السنة 4/ 211 : الأحاديث التي يحتج بها على خروج المهدى أحاديث صحيحة رواها أبو داود والترمذى وأحمد وغيرهم من حديث ابن مسعود وغيره ( المنتقى 534 ) .
11- قال الذهبى ت 748 : الأحاديث التي يحتج بها على خروج المهدى صحيحة منها حديث ابن مسعود ( لو لم يبق من الدنيا إلا يوم 000) وحديث أم سلمة ( المهدى من عترتى ..) وحديث أبى سعيد (يملك سبع سنين ) أما حديث لا مهدى إلا عيسى فهو ضعيف فلا يعارض هذه الأحاديث .
12 - قال ابن القيم ت751 : إنه رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من ولد الحسن بن على يخرج في آخر الزمان وقد امتلأت الأرض جوراً وظلماً فيملأها قسطاً وعدلا ( لأن الحسن ترك الخلافة ) "إغاثة اللهفان 2/332 "
13 - قال ابن كثير ت774 " في نهاية البداية 1/ 37 " : فصل في ذكر المهدى الذى يكون في آخر الزمان ، وهو أحد الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين ، وليس بالمنتظر الذى تزعم الروافض ، وترجى ظهوره من سرداب في سامرا فإن ذاك مالا حقيقة له ولا عين ولا أثر ، أما ما سنذكره فقد نطقت به الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يكون في آخر الدهر ، وأظن ظهوره يكون قبل نزول عيسى بن مريم كما دلت على ذلك الأحاديث ، وأحاديث نزول ابن مريم متواترة وأنه سينزل بدمشق عند المنارة البيضاء التي أعيد بناؤها عام 741 هـ بالجامع الأموى .
14-قال ابن حجر ت 852 : وأما حصول الأمن المفرط والعدل المبالغ بحيث يستغنى كل إنسان بما عنده عما في يد غيره وذلك زمن المهدى وعيسى بن مريم " فتح البارى13/ 82 "
وقال : تواترت الأخبار أن المهدى من هذه الأمة وأن عيسى عليه السلام سينزل ويصلى خلفه والصحيح أن عيسى رفع إلى السماء وهو حى .(1/31)
15- قال السخاوى ت902 : أحاديث المهدى وصلت إلى حد التواتر .
16-قال ابن حجر المكى " ت 974 هـ "(القول المختصر74) الذى يتعين اعتقاده ما دلت عليه الأحاديث الصحيحة من وجود المهدى المنتظر الذى يخرج الدجال وعيسى في زمانه ، ويصلى عيسى خلفه .
17- قال القارى "ت 1014 هـ "في رسالة في حق المهدى ) وقد ثبتت أحاديث كثيرة ، وروايات شهيرة عنه عليه الصلاة والسلام مما هو صريح في علىَّ مقامه وجل مرامه. يعنى المهدى (مخطوطة بمكتبة بلدية الإسكندرية)
وقال في شرح الفقه الأكبر للإمام أبى حنيفة ص112 : فترتيب القضية أن المهدى عليه السلام يظهر أولا في أرض الحرمين ثم يأتى بيت المقدس ، فيأتى الدجال ، ويحصره في ذلك الحال ، فينزل عيسى عليه الصلاة والسلام على المنارة الشرقية في دمشق الشام ، ويجئ إلى قتال الدجال ، فيقتله بضربة في الحال .
18-قال البرزنجى في **الإشاعة** "ت 1103 "صـ87 ـ : واعلم أن الأحاديث الواردة في المهدى على اختلاف رواياتها لا تكاد تنحصر .
وقال ص 112 : قد علمت أن أحاديث وجود المهدى ، وخروجه آخر الزمان ، وأنه من عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم من ولد فاطمة بلغت حد التواتر المعنوى ، فلا معنى لإنكارها . اهـ
19- قال الصنعانى ت 1183 : الأحاديث القاضية بخروج المهدى وأنه من آل محمد صلى الله عليه وسلم وأنه يظهر آخر الزمان ( الإذاعة ص 114 ) وقال : لم يأت تعيين زمن خروج المهدى إلا أنه يخرج قبل الدجال .
20 - قال السفارينى ت 1188 في ( الدرة المضية في عقيدة الفرقة المرضية )
ما أتى في النص من أشراط 00 فكله حق بلا شطاط
منها الإمام الخاتم الفصيح 00 محمد المهدى والمسيح(1/32)
وقال كثرت الأقوال في المهدى حتى قيل لا مهدى إلا عيسى ، والصواب الذى عليه أهل الحق : أن المهدى غير عيسى وأنه يخرج قبل نزول عيسى عليه السلام ، وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوى ، وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عد من معتقداتهم ثم ذكر بعض الأحاديث الواردة فيه عن طريق جماعة من الصحابة ، ثم قال : وقد روى عن كل من ذكر من الصحابة وغير ما ذكر منهم بروايات متعددة ، وعن التابعين من
بعدهم ، مما يفيد مجموعه العلم ، فالإيمان بخروج المهدى واجب كما هو مقرر عند أهل العلم ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة ، وقد اجتمعت الأمة على نزول عيسى عليه السلام ولم يخالف فيه أحد من أهل الشريعة ، وإنما أنكر ذلك الفلاسفة والملاحدة ممن لا يعتد بخلافة ، وقد انعقد اجماع الأمة على أنه ينزل ويحكم بالشريعة المحمدية ، (التصريح ص64)
21- قال الإمام محمد بن عبد الوهاب ت 1206 ( الرد على الرافضة ص29 وقد ورد ما يدل على أن المهدى من ذرية الحسن رضى الله عنه كما رواه أبو داود وغيره
22-قال الشوكانى ت 1250 في الفتح الربانى : الذى أمكن الوقوف عليه من الأحاديث الواردة في المهدى المنتظر خمسون حديثا وثمانية وعشرون أثرا ، ثم سردها مع الكلام عليها ثم قال : وجميع ما سقناه بالغ حد التواتر كما لا يخفى على من له فضل اطلاع
وقال في كتابه : التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح ، ص 31 والأحاديث الواردة في المهدى التي أمكن الوقوف عليها ، منها خمسون حديثا فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر ، وهى متواترة بلا شك ولا شبهة ، بل يصدق وصف التواتر على ما دونها على جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول ، وأما الآثار عن الصحابة المصرحة بالمهدى فهى كثيرة أيضا لها حكم الرفع إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك (الإذاعة ص 124)(1/33)
وقال أيضا : الأحاديث الواردة في المهدى المنتظر متواترة ، والأحاديث الوارادة في الدجال متواترة ، والأحاديث الواردة في نزول عيسى متواترة ، وهذا يكفى لمن كان عنده ذرة من إيمان وقليل من انصاف (ص64 التصريح)
23 - قال صديق حسن خان القنوجى ت1307 في كتابه الإذاعة ص32 ، القول الفصل ما نصه :
والأحاديث الواردة في المهدى على اختلاف رواياتها كثيرة جدا تبلغ حد التواتر وهى في السنن وغيرها من دواوين الإسلام من المعاجم والمسانيد ، وقال أيضا : وأحاديث المهدى بعضها صحيح وبعضها حسن وبعضها ضعيف ، وأمره مشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار .
وقال أيضا : لابد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت النبوى يؤيد الدين ويظهر العدل ويسمى بالمهدى ، ويكون خرج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على أثره ، وأن عيسى ينزل من بعده فيقتل الدجال ويأتى بالمهدى ، وأحاديث المهدى والدجال وابن مريم بلغت حد التواتر .
24- قال الألوسى ت 1342 : لا يبقى أحد من أهل الكتاب الموجودين عند نزول عيسى عليه السلام إلا ليؤمنن به قبل أن يموت وتكون الأديان كلها ديناً واحداً ( روح المعانى )
25- قال الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطى ت 1393 هـ فأحاديث نزول عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام متواترة بل تواترت أحاديث المهدى أيضا كما صرح به شيخنا عبد القادر الشقنطى في نظمه .
تواترت به الأحاديث الصحاح:. فيما روى أهل الفلاح والنجاح
26- قال **أبو العباس ابن إدريس القرافى** : أحاديث المهدى متواترة ، أو كادت ، وجزم بالأول غير واحد من الحفاظ النقاد .
7 2- قال العلامة محمد بن جاسوس في شرح رسالة ابن أبى زيد ما نصه :
ورد خبر المهدى في أحاديث ذكر السخاوى أنها وصلت إلى حد التواتر .(1/34)
28- قال الشبلنجى ( نور الأبصار ص196 ) وإنما المهدى المنتظر هو محمد بن عبد الله المهدى القائم في آخر الزمان ، وقد يولد بالمدينة المنورة لأنه من أهلها ، كما أخبر به وبعلاماته النبي صلى الله عليه وسلم
29- قال الصبان ( نور الأبصار ص140 ) وقد تواترت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بخروج المهدى، وأنه من أهل بيته .
30- قال الشيخ مرعى في كتابه فوائد الفكر : عن محمد بن الحسين أنه قال : قد تواترت الأحاديث واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلى الله عليه وسلم بمجىء المهدى وأنه من أهل بيته صلى الله عليه وسلم .
31 - قال الشيخ حسنين مخلوف مفتى الديار المصرية سابقا : وننصح المسلمين بأن يتقبلوا الأحاديث الصحيحة بقلوب مطمئنة ويؤمنوا بظهور المهدى في آخر الزمان إيمانا صحيحا ويتركوا الأقوال التي تهدم هذه الأحاديث لصدروها ممن لا علم لهم بالأحاديث ، بل لا تقدير لها عقيدة عندهم بوجوها . أهـ .
( مقدمة كتاب : سيد البشر يتحدث عن المهدى المنتظر ص3 )
32 - قال الشيخ منصور على ناصف في التاج : (فائدة)(1/35)
اتضح مما سبق أن المهدى المنتظر من هذه الأمة ، وأن الدجال سيظهر في آخر الزمان ، وأن عيسى عليه السلام سينزل ويقتله وعلى هذا أهل السنة سلفاً وخلفاً وقال بعض المعتزلة والجهمية ومن وافقهم أن هذا كله مردود بقوله تعالى (وخاتم النبيين ) وبحديث : لا نبى بعدى ، ولإجماع المسلمين على أن شرع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مؤيد إلى يوم القيامة وهذا استدلال فاسد فإن عيسى عليه السلام لا ينزل بشرع ينسخ شرعنا بل سيحكم بشرعنا ويحيى ما هجره الناس منه ويصلى وراء المهدى الذى اسمه محمد بن عبد الله كما سبق ، قال الحافظ في فتح البارى : تواترت الأخبار بأن المهدى من هذه الأمة وأن عيسى عليه السلام سينزل ويصلى خلفه ، وقال الحافظ أيضا : الصحيح أن عيسى رفع إلى السماء وهو حى ، وقال الشوكانى في رسالته المسماة بالتوضيح في تواتر ما جاء في الأحاديث في المهدى والدجال والمسيح : وقد ورد في نزول عيسى عليه السلام تسعة وعشرون حديثا ثم سردها ، وقال بعد ذلك وجميع ما سقناه بالغ حد التواتر كما لا يخفى على من له فضل اطلاع ، فتقرر بجميع ما سقناه أن الأحاديث الواردة في المهدى المنتظر متواترة ، والأحاديث الواردة في الدجال متواترة ، والأحاديث الواردة في نزول عيسى عليه السلام متواترة ، وهذا يكفى لمن كان عنده ذرة من إيمان وقليل من إنصاف والله أعلى وأعلم .
33-قال شمس الحق العظيم آبادى في عون المعبود 11/ 261(1/36)
اعلم أن المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار أنه لابد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين ، ويظهر العدل ، ويتبعه المسلمون ، ويستولى على المماليك الإسلامية ، ويسمى بالمهدى ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في **الصحيح** على أثره ، وأن عيسى عليه السلام ينزل من بعده فيقتل الدجال ، أو ينزل معه فيساعده على قتله ، ويأتم بالمهدى في صلاته . وخرج أحاديث المهدى جماعة من الأئمة منهم أبو داود والترمذى وابن ماجه والبزار والحاكم والطبرانى وأبو يعلى الموصلى وأسندوها إلى جماعة من الصحابة مثل على وابن عباس وابن عمر وطلحة وعبد الله ابن مسعود وأبى هريرة وأنس وأبى سعيد الخدرى وأم حبيبة وأم سلمة وثوبان وقرة بن إياس وعلى الهلالى وعبد الله بن الحارث رضى الله عنهم ، وإسناد أحاديث هؤلاء بين الصحيح والحسن والضعيف وقد بالغ الإمام المؤرخ عبد الرحمن بن خلدون المغربى في تاريخه في تضعيف أحاديث المهدى كلها فلم يصب بل أخطأ .(1/37)
34- قال الغمارى : ولا شك أن **العادة** قاطعة باستحالة أن يتواطأ هذا الجمع من الصحابة والتابعين وتابعيهم وحملة الحديث النبوى على الكذب والخطأ ، أو أن يقع ذلك منهم اتفاقا من غير تواطؤ ، بل العادة تحيل الكذب والخطأ على جمع أقل من هذا الجمع حتى إن جماعة من العلماء منهم ابن حزم قرروا أن الحديث إذا اجتمع على رواته خمسة من الصحابة كان متواتراً ، ونظره في ذلك قوى سديد لأن الصحابة رضى الله عنهم كانوا على أكمل حال من العدالة والضبط والإتقان لا يدانيهم في ذلك أحد ، هذا إلى ما ميزهم الله به من فصاحة اللسان ، وسيلان الأذهان ، وطهارة الجنان ، مع ما فطروا عليه من حب الصدق واستهجان الكذب ، والنفرة عن سفاسف الأمور ، وغير ذلك مما أهلهم لصحبة النبي صلى الله عليه وسلم ونصرة دينة وتبليغ **شريعته** إلى **أمته** ، وقد أخرج أحمد في المسند ، والبزار ، والطبرانى في الكبير، بإسناد حسن عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : أن الله عز وجل نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد ، فاصطفاه لنفسه ، وابتعثه برسالاته ، ثم نظر في قلوب العباد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد ، فجعلهم وزراء نبية يقاتلون عن دينة ، فما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، وما رآه المسلمون سيئا فهو عند الله سيئ )
ولما أراد أبو بكر رضى الله عنه أن يجمع القرآن حين استمر القتل بالقراء في وقعة اليمامة قال لعمر وزيد رضى الله عنهما: من جاءكما بشاهدين على شىء من كتاب الله فاكتباه ، قال زيد بن ثابث : فتتبعت القرآن أجمعه من العب واللخاف وصدور الرجال حتى وجدت أخر سورة التوبة مع أبى خزيمة الأنصارى لم أجدها مع أحد غيره ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم ) إلى آخر السورة . وقال : أحاديث المهدى متفق على تواترها بين حفاظ الحديث ونقاده
العب : الخوصة .
اللخاف : حجارة بيض عريضة رقاق .(1/38)
وقال أيضا الغمارى : قد تقرر في القواعد العلمية أن من أنكر ما تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد تحققه من تواتره يكون كافراً ، إن لم يكن في إنكاره متأولا ولا سائغا مقبولاً، فإن كان كذلك فلا ، وأحاديث المهدى ونزول عيسى وطلوع الشمس من مغربها كل منها متواتر ، فمن أنكر شيئا منها عالما بتواتره غير متأول تأويلاً مقبولا فهو كافر ، وإلا فمبتدع ضال ، كحال المعتزلة فإنهم **أنكروا** أشياء تواترت في السنة جاهلين بتواترها أو متأولين ، فذلك لم يكفرهم أهل السنة ، والله أعلم . اهـ
35- قال المودودى في رسالته : **البينات** 61- :
إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه سيظهر في آخر الزمان زعيم عامل بالسنة يملأ الأرض عدلاً ، ويمحو عن وجهها الظلم ، والعدوان ، ويعلى فيها كلمة الإسلام ، ويعمم الرخاء في خلق الله.(1/39)
36- قال علامة الشام الشيخ /محمد ناصر الدين الألبانى : بعد أن ساق الحديث : لتملأن الأرض جوراً وظلماً ..( الصحيحة 4/42 )
بعد هذا كله أليس من العجيب حقا قول الشيخ الغزالى فى "مشكلاته" التى صدرت عنه حديثاً "صـ139 " : من محفوظاتى وأنا طالب أنه لم يرد فى المهدى حديث صريح ، وما ورد صريحاً فليس بصحيح )
فمن هم الذين لقنوك هذا النفى وحفظوك إياه وأنت طالب ؟ أليسوا هم علماء الكلام الذين لا علم عندهم بالحديث ورجاله ، وإلا فكيف يتفق ذلك مع شهادة علماء الحديث بإثبات ما نفوه ؟ أليس فى ذلك ما يحملك على أن تعيد النظر فيما حفظته طالباً ، ولا سيما فيما يتعلق بالسنة والحديث تصحيحاً وتضعيفاً ، وما بنى على ذلك من الأحكام **والآراء** ، ذلك خير من أن تشكك المسلمين فى الأحاديث التى صححها العلماء لمجرد كونك لُقنته طالباً ، ومن غير أهل الاختصاص والعلم ؟
واعلم يا أخى المسلم أن كثيراً من المسلمين اليوم قد انحرفوا عن الصواب فى هذا الموضوع ، فمنهم من استقر فى نفسه أن دولة الإسلام لن تقوم إلا بخروج المهدى(1/1)
وهذه خرافة وضلالة ألقاها الشيطان فى قلوب كثير من العامة ، وبخاصة الصوفية منهم، وليس فى شىء من أحاديث المهدى ما يشعر بذلك مطلقاً ، بل هى كلها لا تخرج عن أن النبى صلى الله عليه وسلم بشر المسلمين برجل من أهل بيته، ووصفه بصفات بارزة أهمها أنه يحكم بالإسلام وينشر العدل بين الأنام فهو فى الحقيقة من المجددين الذين يبعثهم الله فى رأس كل مائة سنة كما صح عنه صلى الله عليه وسلم فكما أن ذلك لا يستلزم ترك السعى وراء طلب العلم والعمل به لتجديد الدين فكذلك خروج المهدى لا يستلزم التواكل عليه وترك الاستعداد والعمل لإقامة حكم الله فى الأرض ، بل العكس هو الصواب ، فإن المهدى لن يكون أعظم سعياً من نبيناً محمد صلى الله عليه وسلم ، الذى ظل ثلاثاً وعشرين عاماً وهو يعمل لتوطيد دعائم الإسلام ، وإقامة دولته فماذا عسى أن يفعل المهدى لو خرج اليوم فوجد المسلمين شيعاً وأحزاباً ، وعلماءهم إلا قليل منهم اتخذوهم الناس رؤوساً . لما استطاع أن يقيم دولة الإسلام إلا بعد أن يوحد كلمتهم ويجمعهم فى صف واحد ، وتحت راية واحدة ، وهذا بلا شك يحتاج إلى زمن مديد الله أعلم به ، فالشرع والعقل معا يقتضيان أن يقوم بهذا الواجب المخلصون من المسلمين حتى إذا خرج المهدى ، لم يكن بحاجة إلا أن يقودهم إلى النصر ، وإن لم يخرج فقد قاموا هم بواجبهم ، والله يقول "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله) . ومنهم وفيهم بعض الخاصة ، من علم أن ما حكيناه عن العامة أنه خرافة ، ولكنه توهم أنها لازمة لعقيدة خروج المهدى فبادر إلى إنكارها ،على حد قول من قال : (وداونى بالتى كانت هى الداء ) وما مثلهم إلا كمثل المعتزلة الذين أنكروا القدر لما رأوا أن طائفة من المسلمين استلزموا منه الجبر، فهم بذلك أبطلوا ما يجب اعتقاده ، وما استطاعوا أن يقضوا على الجبر .(1/2)
وطائفة منهم رأوا أن عقيدة المهدى قد استغلت عبر التاريخ الإسلامى استغلالاً سيئاً ، فادعاها كثير من المغرضين ، أو المهبولين ، وجرت من جراء ذلك فتن مظلمة ، كان من آخرها فتنة مهدى " جهيمان " السعودى فى الحرم المكى ، فرأوا أن قطع دابر هذه الفتن ، إنما يكون بإنكار هذه العقيدة الصحيحة وإلى ذلك يشير الشيخ الغزالى عقب كلامه السابق .
37-قال **الشيخ عبد العزيز** ابن باز فى جريدة عكاظ 108 محرم 1400 هـ :
أما إنكار المهدى المنتظر بالكلية كما زعم ذلك بعض المتأخرين فهو قول باطل ، لأن أحاديث خروجه في أخر الزمان وأنه يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جورا ، قد تواترت تواترا معنويا ، وكثرت جداً واستفاضت كما صرح بذلك جماعة من العلماء بينهم أبو الحسن الآبرى السجستانى من علماء القرن الرابع والعلامة السفارينى والعلامة الشوكانى وغيرهم ، وهو كالإجماع من أهل العلم ، ولكن لا يجوز الجزم بأن فلانا هو المهدى إلا بعد توافر العلامات التى بينها النبى صلى الله عليه وسلم فى الأحاديث الثابتة ، وأعظمها وأوضحها كونه يملآ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً . اهـ(1/3)
38- قال الشيخ سيد سابق فى " العقائد **الإسلامية** صـ221" : خلاصة القول فى **الإمام** المهدى : أنه سيظهر فى آخر الزمان وأن اسمه محمد بن عبد الله أو أحمد بن عبد الله وأنه من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من ولد فاطمة ، وأنه يشبه الرسول صلى الله عليه وسلم فى الخلق ، وأنه أجلى الجبهة أقنى الأنف وأنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً ، وأنه يقيم شريعة الإسلام ويحيى ما أندثر من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الإسلام تعلو كلمته فى عهده ويلقى بجرانه إلى الأرض ، ويمكن له ، ويكثر الرخاء فى أيامه من وفرة العدل ، وكثرة ما يعطى من المال فهو يحثو المال حثواً لا يعده عداً وأنه يمكث سبع سنين ، ويأتى بعد الدجال ، ثم ينزل عيسى ، فيتعاون عيسى مع المهدى على قتله ، ثم يتوفى المهدى ويصلى عليه المسلمون .
39 - قال عبد اللطيف عاشور فى كتابه :ثلاثة ينتظرهم العالم صـ47ــــ :
وفى مجموع روايات أحمد وأبى داود و الترمذى و ابن ماجه والحاكم و الطبرانى وغيرهم : أن المهدى من بيت النبوة جده الحسين لأبيه . قيل والحسن لأمه " أو العكس" ويكون قريب الشبه من النبى صلى الله عليه وسلم : قولاً وعملاً ، وخلقاً كما يشبه اسمه اسمه ، وكذلك اسم أبيه . وهو لا يعرف نفسه ، ولا يدعوا إلى مهديته ، وإنما يختاره الله ، فيختاره الناس فجأة ، ويبايعونه وهو كاره ، والمهدى رجل أعطاه الله بسطة فى العلم والجسم ، ويأتى حين يطغى الفساد ، ويدمر العقائد ، والشرائع الآداب والأحكام .
وأكثر ما تكون ملاحمه وحربه مع اليهود فى القدس حتى إذا مات دفن هناك .
وقد روى أحاديث المهدى نحو خمسين صحابياً ، وحسبك بهؤلاء صدقاً وعدلاً
قصة المهدى
اسمه : محمد بن عبد الله وكنيته أبو عبد الله وهو من ولد الحسن بن على .
لقبه : المهدى لأنه يهدى إلى جبل من جبال الشام يستخرج منه أسفار التوراة يحاج بها اليهود ، واستخراجه التابوت من أنطاكية .(1/4)
وصفه : هو رجل طويل القامة ، أسمر اللون ، منحسر الشعر عن مقدم رأسه ، طويل الأنف مع حدب وسطه ودقة أرنبته ، أكحل العينين ، واسع العينين ، دقيق الحاجبين طويلهما ، مفرق الحاجبين غير مقرونهما ، فى فخذه الأيمن خال أسود ، كث اللحية ، براق الثنايا ، فى إحدى كتفيه قطعة لحم سوداء عليها شعر مجتمع كهيئة الخاتم ، أزيل الفخذين أى منفرجهما ، يلبس العباءة القطوانية وهى بيضاء قصيرة الأهداب .
مولده : يولد بالمدينة وينشأ بها ، ومهاجره بيت المقدس ، ومبايعته بمكة ليلة عاشوراء
علاماته : قبل مبايعته بقليل يحدث : قتال كبير بين جيش السفيانى وأهل المدينة عند أحجار الزيت ، وتكون العاقبة على أهل المدينة ، فيخرج المهدى فى جماعة هاربين إلى مكة ، ثم يأتى ناس من أقطار شتى لمبايعته ، فيستخرجونه من بيته ويبايعونه بين الركن والمقام وهو كاره ، وقبل مبايعته تقع ملحمة بين الحجاج بمنى حتى تسيل جمرة العقبة دماء ، ومن العلامات قبل ظهوره ما جاء فى حديث أبى سعيد الذي رواه الحاكم وقال صحيح الاسناد (ينزل بأمتى فى آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع بلاء أشد منه )(1/5)
حروبه : بعد أن تتم البيعة للمهدى يخرج من مكة ثلاثمائة وبضعة عشر نفرا ، قاصدين مقاتلة السفيانى بالشام ويخرج شعيب بن صالح التميمى من خراسان فى ثلاث رايات ، تحت كل راية خمسة آلاف ، يوطىء البيعة للمهدى ويخرج الهاشمى من الرى فى جماعة ، ويخرج أهل الطالقان والكوفة واليمن وتونس ، فأما شعيب والهاشمى فيلتقيان **بإصطخر** وتقع بينهما وبين جيش السفيانى ملحمة عظيمة حتى تخوض الخيل فى الدماء وينهزم جيش السفيانى ، وأما باقى الجيوش فيجتمعون بالمهدى فى طبرية ويبايعونه وتقع هناك مقاتلة بين المهدى والسفيانى ، ينهزم أثرها السفيانى فيأسره المهدى ويذبحه عند بحيرة طبرية إلى جانب شجرة هناك ، ويغنم غنائم كثيرة تسمى غنيمة كلب ، لأن جيش السفيانى من كلب ، ثم يبعث المهدى الجيوش إلى الآفاق ، ويذهب هو إلى أنطاكية ، فيقيم بها مدة يستريح من تعب القتال ، ثم يؤم القسطنطينية ويحاصرها مدة ، ثم يفتحها الله عليه ، ويغنم منها غنائم فبينما جيشه يقتسم الغنائم إذ جاءهم الخبر أن الدجال ظهر ، فيذهبون لقتاله فيحاصرهم الدجال ببيت المقدس ، ويشتد عليهم الحال مدة حتى لا يجدوا ما يشد رمقهم ، فبينما هم على ذلك إذ نزل عيسى عليه السلام عند صلاة الصبح ، فيصلى مؤتماً بالمهدى ثم يخرج ، فيقتل الدجال ، وتتفرق أتباعه وتشتد شوكة المسلمين ، حينئذ يتولى الخلافة عيسى عليه السلام .
خلافته : يتولى الخلافة وهو ابن أربعين سنة فيمكث فيها سبع سنين يعم فيها الرخاء والعدل وكثرة المال ، ثم يموت وعمره لا يتجاوز خمساً وستين سنة .
بعض من ادعى المهدية(1/6)
1-محمد **ابن الحنفية** أول من سُمى المهدى كان عالماً زاهداً ورعاً وكانت الشيعة تسميه المهدى وهو يقول أجل أنا مهدى، أهدى إلى الرشد والخير اسمى اسم نبى الله وكنيتى كنية نبى الله "أبو القاسم محمد بن على بن أبى طالب"والكيسانية تعتقد أنه مختف وسيعود بعد غيبة . وكان ابن الحنفية قوياً شديد الساعد عاقلاً توفى عام 81 هـ
2-النفس الزكية وهى محمد بن عبد الله بن الحسن بن على ظهر بالمدينة عام 154هـ فى عهد المنصور سماه أهل بيته بالمهدى وتغلب عليه المنصور .
3-ادعى البعض أن : المنصور ثالث الخلفاء العباسين ، هو المهدى واستدلوا بآثار **موضوعة** .
4- ادعت الشيعة الإمامية أن محمد بن الحسن العسكرى هو المهدى وزعموا أنه اختفى يوماً من أعوانه فى سرداب وسيظهر فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً وهذا باطل لا دليل عليه .
5- على بن محمد ظهر عام 255هـ بالبصرة ادعى أن نسبه إلى زيد بن على ، قصد البصره فملكها وقتل من فيها وأحرق المسجد الجامع حاربه أهل بغداد وقتل فى أيام المعتمد
6-الحسن بن زكرويه سمى نفسه أحمد ، من زعماء القرامطة وأظهر شامة فى وجهه وزعم أنه آية ولقب بصاحب الشامة فسار بجيوشه إلى دمشق وحمص وتغلب قتله المكتفى عام 291هـ
7-ادعى قوم من الهند أنه الإمام الغازى السيد أحمد البريلوى ، وأنه يستشهد فى معركة الغزو بل اختفى عن أعين الناس وهو حى وسيعود فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً .
وهذا باطل وكذب ، مع أنه كان رجلاً صالحاً ، ولم يدع المهدوية قط .
8-ظهر رجل يدعى عبد الله بجبال عقر من الأكراد ، وادعى أنه شريف حسينى وله ولد سنة 12سماه محمد ولقبه بالمهدى الموعود ، وتبعه جماعة وانهزموا على يد رجال من الموصل ومات هو وابنه .
9-قرمط ظهر فى خلافة المعتمد بالكوفة أجابه حوالى 10آلاف رجل ثم اختفى وقاتل المعتمد أصحابه وهزمهم .(1/7)
10-ادعى المهدوية : عبيد الله بن ميمون القداح ت 322 وكان جده يهودياً فانتسب بالكذب إلى أهل البيت وهو أول خلفاء الفاطميين كان زنديق وملك وتغلب واستولت ذريته الملاحدة على البلاد ، وكانوا يدعون الإلهية ، وهم ملوك القرامطة أعداء الله ، واستمروا إلى أن أنقذ الله الأمة منهم ونصر الإسلام بصلاح الدين يوسف بن أيوب .
11-ادعى المهدوية : محمد بن تومرت 524هـ" مهدى المغاربة الذى تسمى بالمهدى المعصوم ، وقد كان رجلاً كذاباً ظالماً ، ملك بالظلم فقتل النفوس وأباح حريم المسلمين وكان شر على الأمة من الحجاج وكان يودع بطن الأرض جماعة من أصحابه يأمرهم أن يقولوا للناس إنه المهدى ثم يردم عليهم ليلاً لئلا يكذبوه بعد ذلك .
12-الجبلى ظهر عام 717هـ بجبلة تابعه خلق كثير من النصيرية ، فسار إليهم عسكر طرابلس وقتل الطاغية وجماعتة .
13-ادعى المهدوية ميرزا محمد على الملقب بالباب ، وقد ظهر فى إيران
14-ادعى المهدوية ميرزا غلام أحمد القاديانى ، وقد ظهر فى الهند .
15- محمد المهدى السنوسى ظهر بالمغرب عام 1253هـ.
16-مهدى السودان : محمد أحمد المهدى 1302هـ قاد حركة اصلاحية ودعا إلى تحكيم الشريعة ونشر العدل إلا أنه ادعى المهدية وبويع على ذلك ، وتسمى اتباعه بالدراويش فكانوا يذكرون وينشدون ، وقاتل وانتصر وتوفى وعمره 41سنة .(1/8)
17-محمد بن عبد الله القحطانى : الذى قاد المجموعة المسلحة التى استولت على الحرم المكى فى اليوم الأول من عام 1400هـ ، وقام أصحابه بمبايعته بين الركن والمقام ، ثم دارت معركة عنيفة بقيادة جهيمان نبيهم وبين الجند أياماً تزلزل فيها البلد الأمين وانتهك حرمة البلد الحرام والمسجد الحرام والدم الحرام فى الشهر الحرام وانتهت المعركة بقتل زعيمهم ، وحكم على مجموعة منهم بالإعدام ، وهذا الحادث الذى كان سببه التأويل الخاطىء والأحاديث الضعيفة والموضوعة جعل بعض المنافقين من أدعياء العلم ينكرون ظهور المهدى والحق ما نطق به المعصوم صلى الله عليه وسلم وجاءنا عن طرق صحيحة ، فظهور المهدى **حتمى لا ريب** فيه "ولتعلمن نبأه بعد حين ".
18- ومهدى اليهود الدجال حيث يتبعه **70.000** من يهود أصبهان .
19- ومهدى النصارى عيسى **ابن** مريم .
شبهات والرد عليها
1-قالوا : لم ترد في القرآن آية تشير إلي المهدي .
الجواب : قال الله تعالي : وما ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي .
وقال تعالي : وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم . وقال تعالى : وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة - أي السنة .
وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه ، ألا يوشك رجل شبعان علي أريكته يقول : عليكم بهذا القرآن ، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه ، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه ، وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حرم الله . رواه أبو داود والترمذي والحاكم وأحمد (1)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . رواه مسلم (2)
__________
(1) أبو داود 4064 ، الترمذي 2664 - المستدرك 1 / 108 - المسند 4 / 131 ( صحيح الجامع 2643 )
(2) مسلم 1218 ( حجة الوداع )(1/9)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ألفين أحدكم متكأً علي أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول : لا أدري ما وجدنا في كتاب الله أتبعناه .
رواه أبو داود والترمذى وابن ماجه (1)
قال ابن حزم : فصح أن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم كله في الدين وحي من عند الله عز وجل ولاشك في ذلك
وقال : ولو أن امرأ قال : لا نأخذ إلا ما وجدناه في القرآن لكان كافراً بإجماع الأمة ، بل وقد جاء في تفسير قوله تعالي {لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم } .
إن الذين لهم في **الدنيا** خزي : هم الذين قتلهم المهدي في فتوحاته . قاله الطبري عن السدي ، والقرطبي عن قتادة والسدي وابن كثير عن السدي وعكرمة ووائل بن داود ، والشوكاني في فتح القدير .
2- قالوا : إن أحاديث المهدي آحاد .
الجواب : هذه دعوى غير صحيحة ، فقد صرح كثير من العلماء في الأحاديث الواردة في شأن المهدي بأنها متواترة تواتراً معنوياً ومنهم الآبري كما نقله عنه كثير من العلماء كالقرطبي وابن حجر وابن القيم والسخاوي والسيوطي والزرقاني ، وأقروه عليه ، وكذا قال : الشوكاني والقنوجي والسفاريني والكتاني وغيرهم .
3- قالوا : إن أحاديث الآحاد لا تفيد عقيدة .
... الجواب : هذا غير صحيح ، بل كل حديث آحاد صحيح تلقته الأمة بالقبول فإنه ... يفيد العلم واليقين ، والأمة في إجماعها معصومة من الخطأ ، وقد أختار هذا بن الصلاح ووافقه ابن كثير وابن حجر والسيوطي وغيرهم . وقد احتج الشافعي بخبر ... الواحد في العقيدة كما جاء في الرسالة فقال ( لم أحفظ عن فقهاء المسلمين أنهم ... أختلفوا في تثبيت خبر الواحد ) وقد سار علي هذا : ابن القيم في الصواعق ... المرسلة، وابن حزم في الإحكام ، والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقة .
__________
(1) أبو داود 4605 - الترمذي 2663 - ابن ماجه 13 ( صحيح الجامع 7172 )(1/10)
قال ابن تيمية : الذي عليه الأصوليون من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد رضي الله عنهم أجمعين أن خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول تصديقاً وعملاً به يوجب العلم ، إلا فرقة قليلة اتبعوا طائفة من أهل الكلام ، وأنكروا ذلك . وقال السفاريني : يعمل بأخبار الآحاد في أصول الدين ، وحكى ابن عبد البر الإجماع علي ذلك . وقال ابن قاضي الجبل : مذهب الحنابلة أن أخبار الآحاد المتلقاه بالقبول تصلح لإثبات أصول الديانات .
وأجاد الألباني في رسالته " وجوب الأخذ بحديث الآحاد في العقائد " إجادة تامة فجزاه الله خيراً .
4- قالوا : نرد أحاديث المهدي بحديث : لا مهدي **إلا** عيسي **ابن** مريم .
الجواب : هذا الحديث ضعيف ومنكر ومعلول بل قال بعضهم أنه موضوع ، وممن ... ضعفه : الذهبي في الميزان ، و البيهقي ، والهيثمي ، والصنعاني ، والآبري والقرطبي ... وابن تيمية وابن القيم .
5- قالوا : أحاديث المهدي لا توجد في الصحيحين ، ولا يصح الاحتجاج بحديث في غير ... الصحيحين .
... الجواب : وهذه دعوى باطلة ، وفي الصحيحين ما يشير إلي المهدي بدون ذكر ... لفظه ، وقد وردت روايات صحيحة تصرح بزيادة على ما في الصحيحين ، وزيادة ... الثقة مقبولة عند علماء الحديث . وهذه الأحاديث حملها العلماء على المهدي نفسه ... ومنهم : الآبري والقرطبي وابن حجر والسخاوي والسيوطي الزرقاني والطيبي ... وأبو داود وابن كثير وابن القيم والهيثمي والكشميري والقنوجي والكتاني وغيرهم
... وأما دعوى أنه لا يصح الاحتجاج بحديث في غير الصحيحين فهي دعوى باطلة ... أيضاً بل هي محدثة وبدعة لم يقل بها أحد من السلف بل صرح البخاري ومسلم بما ... ينقض دعوى الاقتصار علي الصحيحين فقال البخاري : ما تركت من الصحاح ... أكثر . وقال ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صح ، وتركت من الصحاح لملال ... الطول . ( مخافة الطول ) وقال أحفظ مائة ألف حديث صحيح ومائتي ألف حديث ... غير صحيح وقال مسلم : إنما وضعت ههنا ما أجمعوا عليه .(1/11)
... وكتاب المستدرك للحاكم يشتمل علي كثير من الأحاديث الصحيحة التي فاتت **البخاري** ومسلم .
6- قالوا : ما يفيدنا في ديننا إن صدقنا بالمهدي ، وماذا يضيرنا إن كذبنا به ؟ .
... الجواب : الإيمان بأشراط الساعة ومنها ظهور المهدي يدخل ضمن قوله صلى الله ... عليه وسلم : أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره ... وشره "والإيمان بأشراط الساعة من مستلزمات التصديق بخبر الرسول صلى الله ... عليه وسلم ، ومن مقدمات اليوم الآخر ، ومن مقتضيات الإيمان بالغيب قال تعالي ... { و من أظلم ممن افتري علي الله كذباً أو كذب بالحق لما جاءه }
... قال عز وجل : { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم ... ذاب أليم } وأي فتنة أعظم من أن يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم الذي **لا** ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى بخبر ويقول هؤلاء ماذا يفيدنا إن صدقنا به ماذا يضيرنا إن كذبنا ؟ .
**يفيدكم** كمال الإيمان وارتفاع وصف الجهالة عنكم ومحبة أهل الحق وموالاتهم .
**ويضيركم** أن تكذبوا بخبر المعصوم صلى الله عليه وسلم .
قال أحمد بن إسماعيل فى كتابه " المهدى حقيقة لا خرافة " صـ85ــ ما نصه :(1/12)
وعلى المسلمين أن يجتمعوا تحت ظل عقيدة واحدة خالية من الشبهات والشركيات ، وعبادة مشروعة خالية من البدع والضلالات ، وقلوب سليمة خالية من الإحن والآفات ، فإن تفرقوا أحزاباً وشيعاً ، ولم يمتثلوا أمر ربهم بالاعتصام بحبله ، فلن يضروا الله شيئاً ، ولن يضروا إلا أنفسهم ، وهذه سنة الله الكونية القدرية فى خلقه " ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك " ولو فرض أنهم جمعوا على غير هذه الصفة التى ذكرنا فلن يلبثوا أن يتفرقوا من جديد إلا أن يشاء الله فليفطن إلى تلك الحقيقة علماء المسلمين ودعاتهم حتى لا يحرثوا فى البحر ، ولا يبنوا القصور من الرمال ، فإن قوتهم ونصرهم وعزهم منوطون بمدى تصدقيهم بإخبار الغيب ، ونقاء عقيدتهم من الشوائب ، واعتزازهم بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، واجتماع قلوبهم بعد ذلك كله على أوثق عرى الإيمان " الحب فى الله" إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " اللهم ياولى الإسلام وأهله ، ألف بين قلوبنا ، وأصلح ذات بيننا ، وأجعلنا من الراشدين اهـ .
7- قالوا : نعم صحت الأحاديث ولكننا نؤولها بأن المهدى هو رمز للخير والصلاح .
... جواب : هؤلاء مكذبون للأحاديث لا مثبتون لأن هذا التأويل صورة مقنعة من ... صور التكذيب بالنصوص . والتأويل هو سبب البلاء الذى حل بالأمة الإسلامية ... على مر العصور وطاغوت التأويل هو الذى فرق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة ،
... و لذلك فإن أهل السنة ، كانوا موفقين حين ضيقوا دائرة التأويل .
8- قالوا : هذه خرافة مقتبسة عن عقائد الشيعة .(1/13)
... الجواب : نعم ، قالت الإمامية : إن المهدى هو محمد بن الحسن العسكرى ، وهى ... دعوى بلا دليل ، ولذا قال ابن القيم فى ذكر وصف الشيعة لمهديهم : إنه الحاضر فى الأمصار ، الغائب عن الأبصار ، إلى أن قال وهم ينتظرونه كل يوم يقفون بالخيل على باب السرداب ويصيحون به أن يخرج إليهم " اخرج إلينا يا مولانا " ثم يرجعون بالخيبة والحرمان ، ثم قال : ولقد أصبح هؤلاء عاراً على بنى آدم ، وضحكة يسخر منهم كل عاقل (نقل المنقول صـ18) .
وقال السفارينى : ذلك ضرب من الجنون والهذيان فالحق فى شأن المهدى ما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم وسيقع كما أخبر بإذن الله تعالى .
9- قالوا : كيف يملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جوراً في سبع سنين فقط ، وهذا ... رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث ثلاثاً وعشرين عاما يدعو ويجاهد وما ملأ ... الأرض كلها عدلاً ؟
... الجواب : يجب تصديق ما نطق به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو القائل في ... أحاديث صحيحة أن المهدي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً .. وقد ملأ ... الأرض عدلاً عمر بن الخطاب في عشر سنين ، وملأ الأرض عدلاً عمر بن عبد ... العزيز في سنتين وخمسة أشهر ، والمهدي سيهيئه الله ويعده لتجديد الدين بأن ... يصلحة في ليلة ، والله القادر على كل شيء .
مؤلفات خاصة عن " المهدى "
1- صفة المهدى : أبو **نَعِيْم الأصبهاني **.
2- **العَرْف الوَرْدِىّ** فى أخبار المهدى : للسيوطى .
3- القول المختصر فى علامات المهدى المنتظر : ابن حجر **الهَيْتَمِيّ**.
4- فرائد فوائد الفكر فى الإمام المهدى المنتظر : مرعى بن يوسف الحنبلى .
5-المشرب الوردى فى مذهب المهدى : على القارى الهروى .
6- التوضيح فى تواتر ما جاء فى المهدى المنتظر والدجال والمسيح : الشوكانى .
7- عقد الدرر فى أخبار المهدى المنتظر : جلال الدين يوسف الدمشقى .
8- البرهان فى علامات مهدى آخر الزمان : ملا على المتقى .
9- أخبار المهدى : عباد الرواحنى .(1/14)
10- الجواب المقنع المحرر فى أخبار عيسى والمهدى المنتظر .
11- المهدى المنتظر : أبو الفضل **الغُمَارِىّ** .
12- سيد البشر يتحدث عن المهدى المنتظر حامد محمود ليمود
13- حقيقة الخبر عن المهدى المنتظر : صلاح الدين عبد الحميد الهادى .
14- الأحاديث الورادة فى شأن المهدى فى ميزان الجرح والتعديل - وهى رسالة ... ماجستير : عبد العليم عبد العظيم البستوى .
15- المهدى وأشراط الساعة : محمد على الصابونى .
16- الرد على من كذب بالأحاديث الصحيحة الواردة فى المهدى : عبد المحسن ... العباد .
17- عقيدة أهل السنة والأثر فى المهدى المنتظر : عبد المحسن العباد .
18- المهدى حقيقة لا خرافة : محمد أحمد اسماعيل .
19- المهدى المنتظر وأدعياء المهدية - محمد بيومى .
20-ثلاثة ينتظرهم العالم : عيسى بن مريم والدجال والمهدى . عبد اللطيف عاشور .
21-المهدى المنتظر من ينتظرونه عبد الكريم الخطيب .
22- القول الفصل فى المهدى المنتظر . عبد الله حجاج .
الملاحم
الملحمة هى الحرب وموضع القتال ، والملاحم مأخوذة من اشتباك الناس واختلاطهم فيها كاشتباك لحمة الثوب بالسدى .
1-عن ذى مخبر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ستصالحون الروم صلحاً آمناً ، فتغزون أنتم وهم عدواً من ورائكم فتنصرون وتغنمون وتسلمون ، ثم ترجعون حتى تنزلوا بمرج ذى تلول ، فيرفع رجل من أهل النصرانية الصليب ، فيقول : غلب الصليب ، فيغضب رجل من المسلمين فيدقه ، فعند ذلك تغدر الروم ، وتجمع للملحمة ، ويثور المسلمون إلى أسلحتهم فيقتتلون فيكرم الله تلك العصابة بالشهادة .
رواه أبو داود و ابن ماجه و أحمد والحاكم وابن حبان (1)
وزاد ابن ماجه فيجتمعون للملحمة فيأتون حينئذ تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثنى عشر ألفاً .
ستصالحون الروم : الخطاب للمسلمين .
__________
(1) أبو داود 4293 - ابن ماجه 4089 - المسند4/91 -الحاكم 4/421 -ابن حبان 1874 (صحيح الجامع 3612 )(1/15)
آمناً : صلحاً ذا أمن .
تغزون أنتم : أى تقاتلون أيها المسلمون .
وهم : أى الروم والمصالحون معكم . عدواً من ورائكم : أى من خلفكم ، أى عدواً آخرين بالمشاركة والاجتماع بسبب الصلح الذى بينكم وبينهم ، أو أنتم تغزون عدوكم وهم يغزون عدوهم **بالانفراد** ( السندى فى حاشية ابن ماجه )
فتنصرون : فينصركم الله عليهم . وتغنمون : أى الأموال .
وتسلمون : أى من القتل والجرح فى القتال . ثم ترجعون : عن عدوكم .
حتى تنزلوا : أى أنتم وأهل الروم .
بمرج : أى روضة ، أرض واسعة ذات نبات كثيرة . قال السندى المرعى الذى ترعى فيه الدواب .
ذى تلول : جمع تل وهو موضع مرتفع . قال السندى التلول : كل ما اجتمع على الأرض من تراب أو رمل .
فيرفع رجل من أهل النصرانية : وهم الأروام حنيئذ .
الصليب : وهو خشبة مربعة يدّعون أن عيسى عليه السلام صلب على خشبة كانت على تلك الصورة
فيقول : الرجل منهم .
غلب الصليب : غلبنا ببركة الصليب أى دين النصارى قصدا أبطال الصلح أو لمجرد الافتخار وإيقاع المسلمين فى الغيظ .(1/16)
2- عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق ، فيخرج إليهم جيش من المدينة ، من خيار أهل الأرض يومئذ ، فإذا تصافوا قالت الروم : خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم فيقول المسلمون : لا والله لا نخلى بينكم وبين إخواننا ، فيقاتلونهم ، فيهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبداً ، ويقتل ثلثهم أفضل الشهداء عند الله ويفتح الثلث لا يفتنون أبداً ، فيفتحون قسطنطينية ، فبينما يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون ، إذ صاح فيهم الشيطان : إن المسيح قد خلفكم فى أهليكم ، فيخرجون - وذلك باطل - فإذا **جاءوا** بالشام خرج ، فبينما هم يعدون للقتال يسوون الصفوف ، إذ أقيمت الصلاة ، فينزل عيسى ابن مريم عليه وعلى نبينا السلام- فأمهم فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح فى الماء ، فلو تركه لا نذاب حتى يهلك ، ولكن يقتله الله بيده ، فيريهم دمه فى حربته . رواه مسلم (1)
الأعماق : موضع من أطراف حلب . ... دابق : موضع سوق بالقرب من حلب .
خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم : يريدون بذلك مخادعة المؤمنين بعضهم ويبغون بذلك تفريق كلمتهم . قال النووى : عساكر الإسلام فى بلاد الشام ومصر كانوا مسبيين ثم هم اليوم بحمد الله يسبون الكفار .اهـ .
والأظهر أن يكون بعد الملحمة الكبرى التى تدور رحاها بين الفئتين بعد المصالحة والمناجزة لقتال عدو يتوجه إلى المسلمين وبعد غزوة الروم لهم ، وذلك قبل فتح قسطنطينية ، فيطأ الروم أرض العرب حتى ينزل بالأعماق ، وبدابق فيسأل المسلمون أن يخلوا بينهم وبين من سبى ذريتهم .
لا يتوب الله عليهم أبداً : لا يلهمهم التوبة أو لا تقبل توبتهم .
لا يفتنون : لا يبتلون ببلية أبداً . فيه إشارة إلى حسن خاتمتهم .
فيفتحون قسطنطينية : يطاردون الروم حتى يدخلوها .
فينزل عيسى : أى من السماء على منارة مسجد دمشق فيأتى القدس .
__________
(1) مسلم 2897(1/17)
فأمهم : أى أم عيسى المسلمين فى الصلاة ومن جملتهم المهدى ، وفى رواية قدم المهدى عللاً بأن الصلاة أقيمت له .
فيريهم دمه فى حربته : يظهر عيسى عليه السلام للناس دم الدجال على حربته ليتحققوا من هلاكه .
3-عن أبى الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن فسطاط المسلمين يوم الملحمة بالغوطة إلى جانب مدينة يقال لها دمشق من خير مدائن الشام .
رواه أبو داود و أحمد (1)
4-عن جابر بن سمرة عن النبى صلى الله عليه وسلم : أنه قال : لن يبرح هذا الدين قائماً يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة . رواه مسلم (2)
5-عن سعد بن أبى وقاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة . رواه مسلم (3)
أهل الغرب : الشام .
__________
(1) أبو داود 4298 - المسند 5/197 (صحيح مشكاة 6272 )
(2) مسلم 1922
(3) مسلم 1925(1/18)
عن ابن مسعود قال : إن الساعة لا تقوم ، حتى لا يُقْسَم ميراث ، ولا يُفرح بغنيمة ، ثم قال بيده هكذا ( ونحّاها نحو الشأم ) فقال : عدو يجمعون لأهل الإسلام ، ويجمع لهم أهل الإسلام . قلت : الروم تعنى ؟ قال : نعم ، وتكون عند ذاكم القتال رَدَّة شديدة ، فيشترط المسلمون شُرْطَة للموت ، لا ترجع إلا غالبة ، فيقتتلون حتى يَحجُز بينهمُ الليل فيفىء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب ، وتفنى الشُّرطة ، ثم يشترط المسلمون شُرْطَة للموت، لا ترجع إلا غالبة ، فيقتتلون حتى يحجُز بينهمُ الليل ، فيفىء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب ، وتفنى الشرطة ، ثم يشترط المسلمون شُرطة للموت ، لا ترجع إلا غالبة ، فيقتتلون حتى يمسوا ، فيفىء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب ، وتفنى الشُّرطة ، فإذا كان يوم الرابع نَهَد إليهم بقية أهل الإسلام ، فيجعل الله الدَّبْرة عليهم ، فيقتتلون مقتلة ، لا يُرى مثلها ، حتى أن الطائر ليمر بجنباتهم ، فما يُخَلِّفُهم حتى يخر مَيْتاً فيَتَعادُّ بنو الأب ، كانوا مائة . فلا يجدونه بقى منهم إلا الرجل الواحد ، فبأى غنيمة يُفرح ؟ أو أى ميراث يُقاسم؟ فبينما هم كذلك ، إذ سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك ، فجاءهم الصريخ ، إن الدجال قد خلفهم فى ذراريهم ، فيرفُضون ما فى أيديهم ويُقْبِلُون ، فيبعثون عَشَرة فوراس طليعة . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنى لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم ، وألوان خيولهم، هم خيرُ فوارسَ على ظهر الأرض يومَئذ ، أو من خير فوراس على ظهر الأرض يومئذ . رواه مسلم (1)
لا يقسم ميراث : من كثرة المقتولين . وقيل من كثرة المال .
لا يفرح بغنيمة : لا يفرح أحد إما لعدم العطاء أو ظلم الظلمة .
لأهل الإسلام : لقتالهم . أى لقتال أهل الشام . ردة شديدة : عطفة قوية
فيشترط : يتشرط . أو يهيئون ويعدون
__________
(1) مسلم 2899 -مشكاة 5422 -شرح السنة 15/42(1/19)
شرطة : طائفة من الجيش تتقدم للقتال وتشهد الواقعة ، وسموا بذلك لأنهم كالعلامة للجيش .
إلا غالبة : أى أن المسلمون يبعثون مقدمتهم على أن لا ينهزموا بل يتوقفوا ويثبتوا إلى أن يقتلوا أو يغلبوا ...
فيقتتلون : أى المسلمين والكفار ...... حتى يحجز : يمنع ......فيفىء : يرجع
الشرطة : جنسها من الجانبين ، أى يرجع معظم الجيش من الطرفين ولم يكن لاحدهما اغلبة على الآخر .
شرطة : أى يشترطون معهم شرطة واحدة .
نهد : نهض وتقدم . فيجعل الله الدبرة عليهم : الهزيمة .
عليهم : أى الكفار بجنباتهم : نواحيهم .
فما يخلفهم : يجاوزهم . فيتعاد بنو الأب : يعد بعضهم بعضاً وهم أقارب .
قد خلفهم : قعد مكانهم ذراريهم : أولادهم
فيرفضون : يتركون ويلقون ... ما فى أيديهم : من الغنيمة ... فيبعثون : يرسلون
طليعة : هو من يبعث ليطلع على حال العدو كالجاسوس .
فتح القسطنطينية
هذا الفتح يكون بعد قتال الروم فى الملحمة الكبرى وانتصار المسلمين عليهم فعندئذ يتوجهون إلى مدينة القسطنطينية ، فيفتحها الله للمسلمين بدون قتال وسلاحهم التكبير والتهليل .
عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : ( سمعتم بمدينة جانب منها فى البر وجانب منها فى البحر؟ قالوا : نعم يا رسول الله قال ( لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفاً من بنى **إسحاق** ، فإذا **جاءوها** نزلوا ، فلم يقاتلوا بسلاح ، ولم يرموا بسهم ، قالوا : لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط أحد جانبيها –قال ثور (أحد رواة الحديث ) لا أعلمه إلا قال : الذى فى البحر ، ثم يقولوا الثانية : لا إله إلا الله والله أكبر ، فيسقط جانبها الآخر ، ثم يقولوا الثالثة : لا إله إلا الله والله أكبر فيُفّرج لهم فيدخلوها ، فيغنموا فبينما هم يقتسمون الغنائم ، إذ جاءهم الصريخ فقال : إن الدجال قد خرج ، فيتركون كل شىء ويرجعون) رواه مسلم (1)
__________
(1) مسلم 2920(1/20)
وقد أشكل قولة فى هذا الحديث ( يغزوها سبعون ألفاً من بنى **إسحاق** )والروم من بنى **إسحاق** ، لأنهم من سلالة العيص بن **إسحق** ابن **إبراهيم** الخليل عليهما السلام ، فكيف يكون فتح القسطنطينية على أيديهم ؟
قال القاضى عياض (كذا هو فى جميع أصول " صحيح مسلم " : من بنى اسحاق
ثم قال : ( قال بعضهم : المعروف المحفوظ : " من بنى **إسماعيل** " وهو الذى يدل عليه الحديث وسياقه ، لأنه إنما أراد العرب ) وقيل : أكراد الشام وهم مسلمون ويحتمل أن يكون معهم عرب .
وذهب الحافظ ابن كثير إلى أن هذا الحديث ( يدل على أن الروم يسلمون فى آخر الزمان ولعل فتح القسطنطينية يكون على أيدى طائفة منهم ، كما نطق به الحديث المتقدم ، أنه يغزوها سبعون ألفاً من بنى **إسحاق** ، واستشهد على ذلك بأنهم مدحوا فى حديث المستورد القرشى ، فقد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( تقوم الساعة والروم أكثر الناس ) فقال له عمرو بن العاص : أبصر ما تقول . قال : أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لئن قلت ذلك، إن فيهم لخصالاً أربعا : أنهم لأحلم الناس عند فتنة ، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة ، وأو شكهم كرة بعد فرة ، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف ، وخامسة حسنة جميلة ، وأمنعهم من ظلم الملوك . رواه مسلم (1)
ويدل أيضاً على أن الروم يُسلِمون فى آخر الزمان لحديث أبى هريرة السابق فى قتال الروم وفيه أن الروم يقولون للمسلمين (خلوا بيننا وبين الذين سبوا نقاتلهم ، فيقول المسلمون لا والله لا نخلى بينكم وبين إخواننا ، فالروم يطلبون من المسلمين أن يتركوهم يقاتلون من سبى منهم لأنهم أسلموا ، فيرفض المسلمون ذلك ، ويبيتون للروم أن من أسلم منهم فهو من إخواننا ، لا نسلمه لأحد ، وكون غالب جيش المسلمين ممن سبى من الكفار ليس بمستغرب .
__________
(1) مسلم 2898(1/21)
قال النووى ( وهذا موجود فى زماننا ، بل معظم عساكر الإسلام فى بلاد الشام ومصر سبوا ، ثم هم اليوم بحمد الله يسبون الكفار وقد سبوهم فى زماننا مراراً كثيرة ، يسبون فى المرة الواحدة من الكفار ألوفاً ، ولله الحمد على إظهار الإسلام وإعزازه .
ويؤكد كون هذا الجيش الذى يفتح القسطنطينية من بنى اسحاق أن جيش الروم يبلغ عددهم قريبا من ألف ألف ، فيقتل بعضهم ، ويسلم بعضهم ، ويكون من أسلم مع جيش المسلمين الذى يفتح القسطنطينية ، والله أعلم .
وفتح القسطنطينية بدون قتال لم يقع إلى الآن وقد روى الترمذى عن أنس بن مالك أنه قال (فتح القسطنطينية مع قيام الساعة ) . رواه الترمذى (1)
والصحيح أن القسطنطينية لم تفتح فى عصر الصحابة ، فإن معاوية رضى الله عنه بعث إليها ابنه يزيد فى جيش فيهم أبو أيوب الأنصارى ، ولم يتم لهم فتحها ، ثم حاصرها مسلمة بن عبد الملك ولم تفتح أيضاً ، ولكنه صالح أهلها على بناء مسجد بها (النهاية فى الفتن والملاحم 1/62)
وفتح الترك أيضاً للقسطنطينية كان بقتال ، ثم هى الآن تحت أيدى الكفار ، وستفتح فتحاً أخيراً كما أخبر بها الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم .
قال أحمد شاكر ( فتح القسطنطينية المبشر به فى الحديث سيكون فى مستقبل قريب أو بعيد يعلمه الله عز وجل ، وهو الفتح الصحيح لها حين يعود المسلمون إلى دينهم الذى أعرضوا عنه ، وأما فتح الترك الذى كان قبل عصرنا هذا فإنه كان تمهيداً للفتح الأعظم ، ثم هى قد خرجت بعد ذلك من أيدى المسلمين منذ أعلنت حكومتهم هناك أنها حكومة غير اسلامية وغير دينية ، وعاهدت الكفار أعداء الإسلام ، وحكمت أمتها بأحكام القوانين الوثنية الكافرة ، وسيعود الفتح الإسلامى لها إن شاء الله كما بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم (حاشية عمدُ التفسير عن ابن كثير 2/256 )
ابن صياد
__________
(1) الترمذى 2239 (صحيح موقوف)(1/22)
عن ابن عمر أن عمر انطلق مع النبى صلى الله عليه وسلم : فى رَهْط قِبَل ابن صياد حتى وجدوه يلعب مع الصبيان عند أُطُم بنى مَغَالة -وقد قارب ابن صياد الحُلُم فلم يشعر حتى ضرب النبى صلى الله عليه وسلم بيده ثم قال لابن صياد : أتشهد أنى رسول الله؟ فنظر إليه ابن صياد فقال : أشهد أنك رسول الأميين، فقال ابن صياد للنبى صلى الله عليه وسلم : أتشهد أنى رسول الله ؟ فرفضه وقال آمنت بالله وبرسله فقال له ماذا ترى ؟ قال ابن صياد : يأتينى صادق وكاذب . فقال النبى صلى الله عليه وسلم : خُلِطَ عليك الأمر . ثم قال له النبى صلى الله عليه وسلم : إنى قد خبأت لك خبيئاً . فقال ابن صياد : هو الدخ. فقال اخسأ فلن تعدوا قدرك ، فقال عمر رضى الله عنه : دعنى يا رسول الله أضرب عنقه، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : إن يَكُنْه فلن تُسلّط عليه ، وإن لم يكنه فلا خير لك فى قتله . رواه البخارى (1)
وزاد أبو داود و الترمذى : وخبأ له “ يوم تأتى السماء بدخان مبين “
وقال سالم : سمعت ابن عمر رضى الله عنهما يقول : انطلق بعد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بن كعب إلى النخل التى فيها ابن صياد ، وهو يَخْتِلُ أن يسمع من ابن صياد شيئاً قبل أن يراه ابن صياد ، فرأه النبى صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع ، فرأت أم ابن صياد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتقى بجذوع النخل ، فقالت لابن صياد : يا صاف هذا محمد فثار ابن صياد ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : لو تَرَكْتُه بَيَّن . رواه البخارى ومسلم (2)
رهط : هو مادون العشرة من الرجال . أطم : هو الحصن وهو المكان المرتفع .
بنى مغالة : بطن من الأنصار أو أى من قضاعة ، أو هو كل ما كان على يمينك إذا وقفت آخر البلاط مستقبل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
__________
(1) فتح البارى 1354 - أبو داود 4329 - الترمذى 2235
(2) فتح البارى 1355 - مسلم 2931(1/23)
الحلم : البلوغ . فرفضه : ترك سؤاله ثم شرع فى سؤاله عما يرى .
ماذا ترى : من أخبار الغيب . ما يأتيك : من أخبار الغيب .
يأتينى صادق وكاذب : خبر بعضه صادق وبعضه كاذب **\\\ ما هذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ \\\\\\\\\\\**.
خلط عليك الأمر : خلط عليك الحق والباطل .
الدخ : أضمر فى نفسه ( فارتقب يوم تأتى السماء بدخان مبين ) قال الخطابى : هو نبت موجود بين الخيل والبساتين .
اخسأ : وفى رواية لمسلم اخبأ وهى كلمة زجر واستهانة أى اسكت ذليلا وهو لفظٌ يزجر به الكلب ويطرد
فلن تعدو قدرك : لست بنبى ولن تجاوز قدرك وإنما أنت كاهن
إن يكنه : إن كان هو الدجال فلا يمكنك قتله ، وإلا فلا خير لك فى قتله ، إما لأنه صبى أو لأنه كان من جملة أهل المهادنة " ذمياً "
يختل : يخدع ابن صياد ، ويسغفله ليسمع شيئاً من كلامه .
فثار : نهض من مضجعه وقام .
لو تركته بين : أى لو لم تخبره ولم تعلمه أمه بمجيئنا ، لبين لنا من حاله ما تعرف به حقيقة أمره .
عن أبى سعيد قال : لقيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر فى بعض طرق المدينة ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتشهد أنى رسول الله ؟فقال هو : أتشهد أنى رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنت بالله وملائكته وكتبه. ما ترى ؟ قال أرى عرشاً على الماء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ترى عرش إبليس على البحر . وما ترى ؟ قال أرى صادقين وكاذبا ، أو كاذبين وصادقاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لُبِسَ عليه . دعوه ) رواه مسلم (1)
لبس عليه : خلط عليه أمره .
__________
(1) مسلم 2925(1/24)
عن أبى سعيد قال : صحبت ابن صائد إلى مكة فقال لى : أما قد لقيتُ من الناس ، يزعمون أنى الدجال ، ألست سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنه لا يولد له ، قال قلت :بلى . قال : فقد ولد لى . أو ليس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا يدخل المدينة ولا مكة قلت : بلى . قال فقد ولدت بالمدينة وهذا أنا أريد مكة قال ثم قال لى فى آخر قوله: أما والله أنى لأعلم مولده ومكانه وأين هو ، قال : فلبسنى .
رواه مسلم (1)
فلبسنى : أى جعلنى ألتبس فى أمره وأشك فيه .
عن أبى سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن صائد : ما تربة الجنة ؟ قال : دَرْ مكة بيضاء مسك . يا أبا القاسم ، قال صدقت .رواه مسلم (2)
الدرمك : الدقيق الخالص البياض أى فى البياض در مكة وفى الطيب مسك .
عن محمد بن المنكدر قال : رأيت جابر بن عبد الله يحلف بالله أن ابن صائد الدجال ، فقلت : أتحلف بالله؟ قال : أنى سمعت عمر يحلف على ذلك عند النبى صلى الله عليه وسلم فلم ينكره النبى صلى الله عليه وسلم . رواه البخارى ومسلم (3)
عن نافع قال : كان ابن عمر رضى الله عنه يقول : والله ما أشك أن المسيح الدجال ابن صيادٍ . رواه أبو داود (4)
عن جابر أنه قال : فقدنا ابن صياد يوم الحرة . رواه أبو داود (5)
يوم الحرة وقع زمن يزيد سنة 63هـ وهو يوم غلبة يزيد على أهل المدينة . وهذا يدل على أن ابن صياد عاش مع المسلمين فى المدينة ما يزيد على سبعين سنة ، واختفى يوم معركة الحرة ولم يدر أحد أين ذهب .
__________
(1) مسلم 2927
(2) مسلم 2928
(3) فتح البارى 7355 - مسلم 2929
(4) أبو داود 4330 (صحيح - المشكاة 5501 - 5494- شرح السنة 15/76 )
(5) أبو داود 4332 (صحيح مشكاة 5502 - شرح السنة 15/77 )(1/25)
عن ابن عمر قال : لقيت ابن صياد يوماً ومعه رجل من اليهود ، فإذا عينه قد طفت ، وكانت عينه خارجة كعين الجمل ، فلما رأيتها قلت : يا بن الصياد ، أنشدك الله ، متى طفت عينك ؟ فقال لا أدرى والرحمن ، قلت : كذبت لا تدرى وهى فى رأسك ، فنخر ثلاثاً ، فزعم اليهودى أنى ضربت بيدى على صدره ، قال : ولا أعلمنى فعلت ذلك ، فقلت : **اخسأ** فلن تعدو قدرك . فقال : أجل لعمرى وأعدو قدرى . فكأنما كان سقاء أنفش قال : فذكرت ذلك لحفصة ، فقالت : اجتنب هذا الرجل ، فإنما نتحدث أن الدجال يخرج عند غضبة يغضبها . رواه عبد الرزاق (1)
طفت : ورمت . وفى رواية مسلم نفرت عينه : ورمت ونتأت . نخر وفى مسلم كأشد نخير حمار : النخير صوت الأنف .
الذين قالوا أن ابن صياد هو الدجال : عمر وجابر وابن مسعود وابن عمر والبيهقى ونعيم بن حماد وأبو نعيم والنووى وابن بطال وابن حجر والشوكانى .
الذين قالوا أن ابن صياد ليس الدجال : الخطابى والقرطبى .
أورد العينى حديثاً فى شرح الحديث 1355 مختصره أن الدجال عندما قال النبى صلى الله عليه وسلم : أتشهد أنى نبى ، قام عمر فضربه بالسيف على هامته فكأنه ضرب رأس حجر فرجع السيف فشج رأس عمر فوقع صريعاً يسيل الدم من رأسه وقام الدجال يسخر منه ، ولما أخبر النبى صلى الله عليه وسلم قام مسرعاً حزيناً وقال لعمر : إنك لن تسطيع أن ترد قضاء الله ثم وضع يده على رأس عمر فدعا له فالتحم الجرح وقال عمر : وددت أن يرفعه الله فقال النبى صلى الله عليه وسلم : اللهم افعل، فنزل جبريل فأخذ بناصية الدجال فجذبه ورفعه وألقاه إلى جزيرة فى البحر إلى أن قدم تميم الدارى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بخبره .
الدجال
الدجال من الدجل وهو التغطية ، لأنه يغطى الحق بباطله فهو كذاب .
__________
(1) المصنف الفتح 13/274 (صحيح السنة 4271 )وأصله فى مسلم 2932 )(1/26)
1- عن أنس بن مالك قال : قال النبى صلى الله عليه وسلم : يجىء الدجال حتى ينزل فى ناحية المدينة ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات ، فيخرج إليه كل كافر ومنافق .
رواه البخارى (1)
2- عن أبى بكرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال ، ولها يومئذ سبعة أبواب على كل باب ملكان . رواه البخارى (2)
3- عن عبد الله بن عمر قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم : فى الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم ذكر الدجال ، فقال : إنى لأ نذر كموه ، وما من نبى إلا وقد أنذرْ قومه ، ولكنى سأقول لكم فيه قولاً لم يقله نبى لقومه ، إنه أعور وإن الله ليس بأعور . رواه البخارى (3)
4- عن حذيفة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى الدجال : إن معه ماء وناراً ، فناره ماء بارد ، وماؤه نار . رواه البخارى (4)
5- عن ابن مسعود قال : قال صلى الله عليه وسلم : إن الله لا يخفى عليكم ، إن الله ليس بأعور ، وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية .
رواه البخارى (5)
عنبة طافية : ناتئة شاخصة .
6- عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بينما أنا نائم أطوف بالكعبة ، فإذا رجل آدم سبط الشعر ، يَنْطِفُ أو يهراق رأسه ماء ، قلت من هذا ؟ قالوا ابن مريم ، ثم ذهبت ألتفت فإذا رجل جسيم أحمر جعد الشعر ، أعور العين ، كأن عينه عنبة طافيه ، قالوا : هذا الدجال .رواه البخارى (6)
7- عن أنس قال : قال النبى صلى الله عليه وسلم : ما بُعث نبى إلا أنذر أمته الأعور الكذاب ، ألا إنه أعور ، وإن ربكم ليس بأعور وإن بين عينيه مكتوب كافر .
رواه البخارى مسلم (7)
__________
(1) فتح البارى 7124
(2) فتح البارى 7125
(3) فتح البارى 7127
(4) فتح البارى 7130
(5) فتح البارى 7407
(6) فتح البارى 7128
(7) فتح البارى 7131 مسلم 2933(1/27)
8- عن أبى بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الدجال عينه خضراء كالزجاجة ، وتعوذوا بالله من عذاب القبر . رواه أحمد (1)
9- عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أحدثكم حديثاً عن الدجال ، ما حدث به نبى قومه ، إنه أعور ، وإنه يجىء معه مثل الجنة والنار ، فالتى يقول إنها الجنة هى النار ، وإنى أنذرتكم به كما أنذر به نوح قومه .رواه البخارى مسلم (2)
10- عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذكر الدجال بين ظهرانى الناس فقال : إن الله تعالى ليس بأعور ، ألا وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى ، كأن عينه عنبة طافئة . رواه مسلم (3) طافئة : ذهب نورها .
11- عن حذيفة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الدجال أعور العين اليسرى ، جفال الشعر ، معه جنة ونار ، فناره جنة وجنته نار . رواه مسلم (4)
جفال الشعر : كثيره أجعد .
عيناه عوراوان ، إحداهما طافئه لا ضوء فيها ، والأخرى طافية ظاهرة ناتئة .وتكون الجاحظة التى كأنها كوكب وكأنها نخامة فى حائط هى الطافية وهى العين اليسرى . وعلى هذا فهو أعور العين اليمنى واليسرى معاً
قال القاضى عياض : العين المطموسة والممسوحة هى العوراء الطافئة أى التى ذهب ضوءها وهى العين اليمنى كما فى حديث بن عمر . اهـ .
12- عن أم شريك أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليفرن الناس من الدجال حتى يلحقوا بالجبال ، قالت أم شريك : قلت يا رسول الله فأين العرب يومئذ ؟ قال هم قليل . رواه مسلم (5)
13- عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفاً عليهم الطيالسة . رواه مسلم (6)
أصبهان : بلاد العجم .
__________
(1) المسند 5/123 (صحيح الجامع 1863)
(2) فتح البارى 3450 -مسلم 2936
(3) مسلم 100/169(الفتن)
(4) مسلم 2934
(5) مسلم 2945
(6) مسلم 2944(1/28)
الطيالسة : ثياب معروفة تلبس على الكتف تحيط بالبدن خالية من التفصيل والخياطة .
14-عن أبى بكر قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن الدجال يخرج من أرض يقال لها خراسان ، يَتْبَعُه أقوام كأن وجوههم المجانَّ المُطْرَقة .
رواه الترمذى وابن ماجه وأحمد (1)
قال ابن كثير فى النهاية 1/174 :يكون بدء ظهوره من أصبهان من حارة يقال لها
( اليهودية )
وينصره أهلها ، سبعون ألف يهودى عليهم الأسلحة والسيجان - وهى الطيالسة الخضر -وكذلك ينصره سبعون ألفا من التتار وخلق كثير من أهل خراسان .اهـ
المجان المطرقة : التروس التى يطرق بعضها على بعض والمعنى أن وجوههم عريضة ووجناتهم مرتفعة .
15- عن أبى سعيد قال : الدجال لا يولد له ولا يدخل المدينة ولا مكة . رواه أحمد (2)
16- عن أبى سعيد قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : يوماً حديثاً طويلاً عن الدجال ، فكان فيما يحدثنا به أنه قال : يأتى الدجال ، وهو محرم عليه أن يدخل نِقاب المدينة - فينزل بعض السباخ التى تلى المدينة ، فيخرج إليه يومئذ رجل ، وهو خير الناس ، فيقول : أشهد أنك الدجال الذى حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : حديثه . فيقول الدجال : أر أيتم إن قتلت هذا ثم أحييته هل تشكون فى الأمر ؟ فيقولون : لا فيقتله ثم يحييه، فيقول : والله ما كنت فيك أشد بصيرة منى اليوم ، فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه . رواه البخارى مسلم (3)
نقاب المدينة : طرقها التى بين جبلين .
السباخ : الأرض الرملة التى لا تنبت لملوحتها ، وهذه الصفة خارج المدينة من غير الحرة ، وهى التى تلى المدينة من قبل الشام .
__________
(1) تحفة الأحوذى2237- ابن ماجه 4072 - المسند 1/7 - المستدرك 4/527 صحيح الجامع 1607
(2) المسند 3/26 (صحيح الجامع 3403 - المسند 11225
(3) فتح البارى 7132 مسلم 2938(1/29)
17- عن أبى سعيد عن النبى صلى الله عليه وسلم : قال : يخرج الدجال فيتوجه قبله رجل من المؤمنين فتلقاه المسالح مسالح الدجال ، فيقولون له : أين تعمد ؟ فيقول : أعمد إلى هذا الذى خرج قال فيقولون له : أوَ ما تؤمن بربنا ؟ فيقول : ما بربنا خفاء ، فيقولون : أقتلوه ، فيقول بعضهم لبعض : أليس قد نهاكم ربكم أن تقتلوا أحدا دونه ؟ قال فينطلقون به إلى الدجال فإذا رآه المؤمن قال : يا أيها الناس هذا الدجال الذى ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فيأمر الدجال به فَيُشَبَّح ، فيقول : خذوه وشجوه ، فيوسع ظهره وبطنه ضرباً ،فيقول : أو ما تؤمن بى ؟ قال : فيقول : أنت المسيح الكذاب قال: فيؤمر به فينشر بالمنشار من مفرقه حتى يفرق بين رجليه ، قال : ثم يمشى الدجال بين القطعتين ثم يقول له قم فيستوي قائما قال ثم يقول له أتؤمن بي ؟ فيقول : ما ازددت فيك إلا بصيرةً قال ثم يقول : يا أيها الناس إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس ، قال: فيأخذه الدجال ليذبحه فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاساً فلا يستطيع إليه سيبلاً قال فيأخذ بيديه ورجليه فيقذف به فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار وإنما ألقى فى الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا أعظم الناس شهادة عند رب العلمين . رواه مسلم (1)
18- عن عبادة بن الصامت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنى حدثتكم عن الدجال حتى خشيت أن لا تعلقوا، إن المسيح الدجال رجل قصير ، أفْحَج جَعْد أعور ، مطموس العين ليست بناتئه ولا حجراء ، فإن ألبس عليكم فأعلموا أن ربكم ليس بأعورا وأنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا . رواه أحمد أبو داود (2)
الأفحج : الذى يدانى صدور قدميه ويتباعد عقباه .
جعد : أى الشعر أى تجمع والتوى .
ناتئة : بارزة . حجراء : غائرة .
ألبس عليكم : **اختلطت** صفته عليكم .
__________
(1) مسلم 2938
(2) ابو داود 4320 المسند 5 / 324 ( صحيح الجامع 2459 )(1/30)
19- عن أُبى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الدجال عينه خضراء .
رواه البخارى فى التاريخ وأحمد (1)
20- عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من سمع بالدجال فلينأ عنه ، فو الله إن الرجل ليأتيه، وهو يحسب أنه مؤمن فَيَتْبَعُه مما يبعث به من الشبهات .رواه أبو داود وأحمد والحاكم (2)
فلينأ عنه : فليبتعد . فيتبعه : فيطيعه .
مما يبعث به من الشبهات : ما يثيره ويباشره من المشكلات كالسحر وإحياء الموتى وغير ذلك فيصير تابعه كافرا وهو لا يدرى .
قال القاضى عياض (مسلم عبد الباقى 4/2247 ) : هذه الأحاديث التى ذكرها مسلم وغيره فى قصة الدجال ، حجة لمذهب أهل الحق فى صحة وجوده ، وأنه شخص بعينه ، ابتلى الله به عباده ، وأقدره على أشياء من مقدرات الله تعالى ، من إحياء الميت الذى يقتله، ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه ، وجنته وناره ونهريه ، واتباع كنوز الأرض له، وأمره السماء أن تمطر فتمطر ، والأرض أن تنبت فتنبت ، فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى ومشيئته ، ثم يعجزه الله تعالى بعد ذلك ، فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره ، ويبطل أمره ، ويقتله عيسى صلى الله عليه وسلم ، ويثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت . هذا مذهب أهل السنه وجميع المحدثين والفقهاء والنظار .
الجساسة
__________
(1) البخارى فى التاريخ - المسند 5/123 (صحيح الجامع 3401 - الصحيحة 1863 )
(2) المسند 4/431 أبو داود 4319 المستدرك 4/531 ( صحيح الجامع 6301 )(1/31)
عن فاطمة بنت قيس قالت : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم : فكنت فى صف النساء التى تلى ظهور القوم فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته جلس على المنبر وهو يضحك فقال : ليلزم كل إنسان مصلاه ، ثم قال : أتدرون لم جمعتكم قالوا : الله ورسوله أعلم قال : إنى والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة ولكن جمعتكم لأن تميماً **الدارى** كان رجلاً نصرانياً فجاء فبايع وأسلم وحدثنى حديثاً وافق الذى كنت أحدثكم عن مسيح الدجال حدثنى إنه ركب فى سفينة بحرية مع ثلاثين رجلاً من لخم وجذام ، فلعب بهم الموج شهراً فى البحر ثم أرفأوا إلى جزيرة فى البحر حتى مغرب الشمس فجلسوا فى أقرب السفينة فدخلوا الجزيرة فلقيتهم دابة أهلب .(1/32)
كثيرة الشعر لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر فقالوا : ويلك ما أنت ؟ فقالت : أنا الجساسة ، قالوا : وما الجساسة ؟ قالت أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل فى الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق قال : فلما سمت لنا رجلاً فرقنا منها أن تكون شيطانة ، قال فانطلقنا سراعاً حتى دخلنا الدير فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقاً وأشده وثاقاً ، مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد ، قلنا : ويلك ما أنت ؟ قال : قد قدرتم على خبرى ، فأخبرونى ما أنتم ، قالوا : نحن أناس من العرب ركبنا فى سفينة بحرية فصادفنا البحر حين اغتلم ، فلعب بنا الموج شهراً ثم أر فأنا إلى جزيرتك هذه فجلسنا فى أقربها فدخلنا الجزيرة فلقيتْنا دابة أهلب كثير الشعر لا يدرى ما قبله من دبره من كثرة الشعر فقلنا ويلك ما أنت فقالت : أنا الجساسة قلنا وما الجساسة ؟ قالت : اعمدوا إلى هذا الرجل فى الدير فإنه إلي خبركم بالأشواق فأقبلنا إليك سراعاً وفزعنا منها ولم نأمن أن تكون شيطانة فقال أخبرونى عن نخل بيسان ، قلنا : عن أى شأنها تستخبر ؟ قال : أسألكم عن نخلها هل يثمر ؟ قلنا له : نعم قال : أما إنه يوشك أن لا تثمر ، قال : أخبرونى عن بحيرة الطبرية ، قلنا : عن أى شأنها تستخبر ؟ قال : هل فيها ماء ؟ قالوا هى كثيرة الماء .(1/33)
قال : أما إن ماءها يوشك أن يذهب ، قال : أخبرونى عن عين زغر ، قالوا: عن أى شأنها تستخبر ؟ قال : هل فى العين ماء ؟ وهل يزرع أهلها بماء العين ؟ قلنا له: نعم هى كثيرة الماء وأهلها يزرعون من ماءها، قال : أخبرونى عن نبى الأميين ما فعل ؟ قالوا : قد خرج من مكة ونزل يثرب ، قال أقاتله العرب ؟ قلنا : نعم ، قال : كيف صنع بهم ؟ فأخبرنا أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه ، قال لهم قد كان ذلك ؟ قلنا : نعم ، قال أما إن ذاك خير لهم أن يطيعوه ، وإنى مخبركم عنى : إنى أنا المسيح ، وإنى أوشك أن يؤذن لى فى الخروج فأخرج فأسير فى الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها فى أربعين ليلة غير مكة وطيبة فهما محرمتان علىَّ كلتاهما كلما أردت أن أدخل واحدة أو واحداً منهما استقبلنى ملك بيده السيف صلتاً ، يصدنى عنها وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وطعن بمخصرته فى المنبر : هذه طيبة هذه طيبة هذه طيبة -يعنى المدينة - **ألا هل** كنت حدثتكم ذلك ، فقال الناس : نعم ، فإنه **أعجبنى** حديث تميم . أنه وافق الذى كنت أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة . ألا إنه فى بحر الشام أو بحر اليمن لا بل من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو وأومأ بيده إلى المشرق ، قالت ، فحفظت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه مسلم و أبو داود و الترمذى و ابن ماجه (1)
لخم وجذام : قبيلتان من العرب . أرفأوا : التجأوا .
أقرب : وهو السفينة الصغيرة تكون مع الكبيرة ، يتصرف فيها ركاب السفينة لقضاء حوائجهم . .... أهلب : كثير الشعر .
الجساسة : سميت بذلك لتجسسها الأخبار للدجال وجاء عن ابن عمرو أنها دابة الأرض . بالأشواق : شديد الشوق إليه أى إلى خبركم . فرقنا : خفنا .
أعظم **إنسان** : أكبر جثة . **اغتلم** : هاج واضطربت أمواجه .
__________
(1) مسلم 2942 - أبو داود 4326 - الترمذى 2253 - ابن ماجه 4074(1/34)
بيسان : قرية بالشام بين حوران وفلسطين . زغر : بلدة بالجانب القبلى من الشام .
صلتاً : مسلولاً . هو : اثبات أنه جهة المشرق .
عن النواس بن سمعان قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم : الدجال ذات غداة فخفض فيه ورفع حتى ظنناه فى طائفة النخل ، فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا ، فقال : ما شأنكم ؟ قلنا : يا رسول الله ذكرت الدجال غداةً فخفضت فيه ورفعت حتى ظنناه فى طائفة النخل فقال : غير الدجال أخوفنى عليكم ، إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم ، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتى على كل مسلم إنه شاب قطط عينه طافئة ، كأنى أشبهه بعبد العزى بن قطن فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف ، إنه خارج خلة بين الشأم والعراق ، فعاث يمينا وعاث شمالاً يا عباد الله فاثبتوا قلنا : يا رسول الله وما لبثه فى الأرض قال : أربعون يوماً . يومٌ كسنة ، ويوم كشهر ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم ، قلنا يا رسول الله : فذلك اليوم الذى كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم قال : لا ، أقدروا له قدره ، قلنا : يا رسول الله وما إسراعه فى الأرض قال : كالغيث استدبرته الريح . فيأتى على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ، ويستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت . فتروح عليهم سارحتهم ، أطول ما كانت ذراً وأسبغه ضروعاً وأمده خواصر ، ثم يأتى القوم ، فيدعوهم فيردون عليه قوله فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شىء من أموالهم ويمر بالخربة فيقول لها : أخرجى كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ثم يدعو رجلاً ممتلئاً شباباً فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ، ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك ، فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح بن مريم عليه السلام فينزل عند المنارة البيضاء شرقى دمشق بين مهرودتين واضعاً كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطا رأسه قطر .(1/35)
وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ - فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ونفسه ينتهى حيث ينتهى طرفة فيطلبه حتى يدركه بباب لد . فيقتله ، ثم يأتى عيسى بن مريم قوم قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوهم ويحدثهم بدرجاتهم فى الجنة ، فبينما هو كذلك إذا أوحى الله إلى عيسى : إنى قد أخرجت عبادا لى لا يدان لأحد بقتالهم . فحرز عبادى إلى الطور. ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية ، فيشربون ما فيها ويمر آخرهم فيقولون لقد كان بهذه مرة ماء ، ويحصر نبى الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم فيرغب نبى الله عيسى وأصحابه فيرسل الله عليهم النغف فى رقابهم . فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة ، ثم يهبط نبى الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون فى الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم فيرغب نبى الله عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله طيرا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة ، ثم يقال للأرض أنبتى ثمرتك وردى بركتك فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك فى الرسل حتى أن اللقحة من الإبل لتكفى الفئام من الناس واللقحة من البقر لتكفى القبيلة من الناس ، واللقحة من الغنم ، تكفى الفخذ من الناس فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيبة فتأخذهم تحت آباطهم ، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم ويبقى شرار الناس ، يتهارجون فيها تهارج الحمر ، فعليهم تقوم الساعة ) رواه مسلم (1)
خفض ورفع : حقر وعظم . قطط : شديدة جعودة الشعر .
خلة : ما بين البلدين عاث : أسرع فى الفساد .
ذر : سنام . أسبغه : أطوله لكثرة اللبن .
امتد خواصره : لكثرة امتلائها من الشبع . ممحلين : من الجدب والقحط .
__________
(1) مسلم 2937 ابن ماجه 4075 - أبو داود 4321 - الترمذى 2240 - أحمد 4/184 - المستدرك 4/492(1/36)
اليعسوب : الملكة . جزلة : قطعة .
الغرض : يجعل بين الجزلتين مقدار رمية .
مهرودتين : ثوبين مصبوغين بورس وزعفران .
جمان : حبات من الفضة . لد : بلدة قريبة من بيت المقدس .
لا يدان : لا قدرة وطاقة . حرز : ضمهم واجعله لهم حرزاً .
حد :موضع مرتفع .
النغف : دود يكون في أنوف الإبل والغنم .
فرسى : قتلا . زهمهم : دسمهم .
البخت : الجمال طوال الأعناق . مدر : الطين الصلب .
الزلفة : الزلفة كالمرآة . العصابة : الجماعة .
بقحفها : مقعر قشرها . الرسل : اللبن .
اللقحة : القريبة العهد بالولادة . الفئام : الجماعة الكثيرة .
الفخذ : الجماعة من الأقارب .
يتهارجون : يجامع الرجال النساء علانية بحضرة الناس(1/37)
عن أبى أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال : يا أيها الناس إنه لم تكن فتنة على وجه الأرض ، منذ ذرأ الله ذرية آدم أعظم من فتنة الدجال ، وإن الله عز وجل لم يبعث نبياً إلا حذر أمته من الدجال وأنا آخر الأنبياء ، وأنتم آخر الأمم ، وهو خارج فيكم لا محالة ، فإن يخرج وأنا بين أظهركم فأنا حجيج لكل مسلم ، وإن يخرج من بعدى ، فكل حجيج نفسه والله خليفتى على كل مسلم ، وإنه يخرج من خلة بين الشام والعراق . فيعيث يميناً وشمالاً ، يا عباد الله .أيها الناس فاثبتوا ، فإنى سأصفه لكم صفة لم يصفها إياه قبلى نبى . يقول أنا ربكم ، ولا ترون ربكم حتى تموتوا ، وإنه أعور وإن ربكم ليس بأعور وإنه مكتوب بين عينيه كافر ، يقرأه كل مؤمن كاتب أو غير كاتب وإن من فتنته أن معه جنة وناراً ، فناره جنة ، وجنته نار ، فمن ابتلى بناره فليستعذ بالله وليقرأ فواتح الكهف ، وإن من فتنته أن يقول للأعرابى : **أرأيت** أن بعثت لك أباك وأمك أتشهد أنى ربك ؟ فيقول : نعم ، فيتمثل له شيطانان فى صورة أبيه وأمه فيقولان : يابنى اتبعه فإنه ربك ، وإن من فتنته أن يسلط على نفس واحدة فيقتلها ، ينشرها بالمنشار حتى يلقى شقين ، ثم يقول : انظروا إلى عبدى هذا ، فإنى أبعثه ثم يزعم أن له رباً غيرى ، فيبعثه الله ، ويقول له الخبيث : من ربك ؟ فيقول : ربى الله ، وأنت عدو الله أنت الدجال ، والله ما كنت قط أشد بصيرة بك منى اليوم .(1/38)
وإن من فتنته أن يأمر السماء أن تمطر فتمطر ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت ، وإن من فتنته أن يمر بالحى فيكذبونه ، فلا يبقى لهم سائمة إلا هلكت ، وإن من فتنته أن يمر بالحى فيصدقونه ، فيأمر السماء أن تمطر فتمطر ويأمر الأرض أن تنبت حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت وأعظمه ، وأمده خواصر ، وأمده ضروعاً ، وأنه لا يبقى شىء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه ، **إلا مكة** والمدينة ، لا يأتيها من نقب من أنقابهما إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلته حتى ينزلوا عند الضريب الأحمر عند منقطع السبخة ، فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات ، فلا يبقى فيها منافق ولا منافقة إلا خرج إليه ، فتنفى الخبيث منها ، كما ينفى الكير خبث الحديد ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص ، قيل : فأين العرب يومئذ ؟ قال : هم يومئذ قليل ، وإمامهم رجل صالح فبينما إمامهم قد تقدم يصلى بهم الصبح إذ نزل عليهم عيسى ابن مريم الصبح ، فرجع ذلك الإمام ينكص يمشى القهقرى ليتقدم عيسى ، فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يقول له : تقدم فصل ، فإنها لك أقيمت ، فيصلى بهم إمامهم فإذا انصرف قال عيسى : افتحوا الباب ، فيفتحون ووراءه الدجال ، معه سبعون ألف يهودى كلهم ذو سيف محلى وساج فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح فى الماء ، وينطلق هارباً ، فيدركه عند باب لد الشرقي فيقتله فيهزم الله اليهود فلا يبقي شئ ممن خلق الله عز وجل يتواقى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشئ لا حجر ولا شجر ولا حائط ولا دابة إلا الغرقد فإنها من شجرهم لا تنطق ، إلا قال يا عبد الله المسلم هذا يهودى فتعال فاقتله ، فيكون عيسى بن مريم فى أمتى حكماً عدلاً ، وإماماً مقسطاً يدق الصليب ، ويذبح الخنزير ، وبضع الجزية ، ويترك الصدقة فلا يسعى على شاة ولا بعير ، وترفع الشحناء والتباغض ، وتنزع حُمَهٌ كل ذات حُمَةٌ ، حتى يدخل الوليد يده فى فىَّ الحية فلا تضره ، وتضر الوليدة الأسد فلا يضرها ويكون الذئب فى(1/39)
الغنم كأنه كلبها، وتملأ الأرض من السلم كما يملأ الإناء من الماء ، وتكون الكلمة واحدة فلا يعبد إلا الله ، وتضع الحرب أوزارها ، وتسلب قريش ملكها ، وتكون الأرض كفاثور الفضة ، تنبت نباتها بعهد آدم حتى يجتمع النفر على القطف من العنب فيشبعهم ، ويجتمع النفر على الرمانة فتشبعهم ، ويكون الثور بكذا وكذا من المال ، ويكون الفرس بالدريهمات ، وإن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد يصيب الناس فيها جوع شديد ، يأمر الله السماء السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها ، ويأمر الأرض أن تحبس ثلث نباتها ، ثم يأمر السماء فى السنة الثانية فتحبس ثلثى مطرها ، ويأمر الأرض فتحبس ثلثى نباتها ، ثم يأمر السماء فى السنة الثالثة فتحبس مطرها كله فلا تقطر قطرة ، ويأمر الأرض فتحبس نباتها كله فلا تنبت خضراء فلا يبقى ذات ظلف إلا هلكت إلا ما شاء الله ، قيل : فما يعيش الناس فى ذلك الزمان ؟ قال : التهليل والتكبير والتحميد ، ويجزء ذلك عليهم مجزأة الطعام .
رواه ابن ماجه والحاكم وابن خزيمة (1)
سائمة : كل إبل ترسل للمرعي ترعي فيه ولا تعلف . نقب : طريق بين جبلين
صلته : مجردة من أغمادها . الضريب : الجبال الصغار
السنحة : هي الأرض التي تعلوها الملوحة ولا تكاد تنبت الإ بعد الشجر
ترجف المدينة : تتزلزل وتضطرب
خبث الحديد : هو ما تلقيه النار من وسخ الفضة والنحاس وغيرها إذا اذيبا
وساج : طيلسان أخضر . الغرقد : ضرب من شجر الشوك
يدق : يكسره
يقتل الخنزير : لا يوجد في الأرض ليأكله أحد ، والحامل من هذا إبطال دين النصارى .
يضع الجزية : لا يقبلها . يترك الصدقة : الزكاة لكثرة الأموال
يسعي : لا يكون للزكاة ساع يسعي لجمعها . حمة : السم
الأسد : تحمله علي الفرار
كفاثور الفضة : إناء للطعام والشراب من فضة
القطف : العنقود
ظلف : الظفر المشقوق للبقرة والشاة وغيرها
__________
(1) ابن ماجه 4077 - المستدرك ( صحيح الجامع 7875- الصحيحة 2457)(1/40)
قال عبد الرحمن المحاربي : ينبغي أن يدفع هذا الحديث إلي المؤدب حتي يعلمه الصبيان في الكتاب
هل الدجال حي ؟ الدجال محبوس في **إحدى** الجزر في بحر اليمن بدليل حديث الجساسة وقد صحت أحاديث في وجود من **اجتمعت** فيه صفات الدجال وهو ابن صياد فالدجال مكبلا بالحديد في **إحدي** جزر بحر اليمن أو الشام ، وأن خروجه سيكون من المشرق من خراسان أو **إصفهان.**
فإن قيل : قد كشفت اليوم كل الجزر كبيرها وصغيره ولم يظهر للدجال فيها أثر
أقول : إنا آمنا بالله ورسوله . فإما أن الله قد أخفى تلك الجزيرة عن عيون الناس فلا يطئونها ، أو أن الله قد أخفى الدجال عن العيون فلا يراه الناس وإن وطئوا الجزيرة وإنما كانت رؤية تميم الدارى آية من آيات الله .
وابن صياد من مواليد المدينة من أبوين يهودين اجتمعت فيه علامات الدجال وأشكل أمره على الصحابة وسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم : عن التصريح بحقيقة أمره (حديث عمر عن ابن صياد)
وأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتعوذ فى صلاتنا من فتنة المسيح الدجال فعن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع . يقول : اللهم إنى أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن شر فتنة المسيح الدجال . رواه البخارى ومسلم (1)
__________
(1) فتح البارى 832 مسلم 589(1/41)
نزول ابن مريم
عن أبى هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذى نفسى بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد ، حتى تكون السجدة الواحدة خيراً من الدنيا وما فيها . ثم يقول أبو هريرة : و إقرأوا إن شئتم " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً " "النساء 159"رواه البخارى ومسلم (1)
ليوشكن : ليقربن سريعاً .
حكماً : حاكماً بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم .
يكسر الصليب : يبطل دين النصرانية بأن يكسر الصليب ، ويبطل ما تزعمه النصارى من تعظيمة .
ويقتل الخنزير : ويستفاد منه تحريم اقتنائه وأكله وأنه نجس وفى رواية : ويقتل الخنزير والقردة .
ويضع الجزية : لا يقبلها وفى رواية : الحرب : أى أن الدين يصير واحداً فلا يبقى أحد من أهل الذمة يؤدى الجزية استغناءاً عنها ، فلا يقبل عيسى عليه السلام إلا الإسلام ، وليس عيسى هو الناسخ لحكم الجزية بل نبينا هو المبين للنسخ بقوله هذا . أى أن عيسى لا يقبل من الكفار الإ الإسلام أو القتل : ولا حاجة إلى المال حينئذ لكثرته فى أيدى الناس .
يفيض المال : يكثر بسبب العدل وعدم الظلم ، وحينئذ تخرج الأرض كنوزها وتقل الرغبات فى اقتناء المال لعلمهم بقرب الساعة .
حتى تكون السجدة : أى أنهم حينئذ لا يتقربون إلى الله إلا بالعبادة ، لا بالتصدق بالمال ، وقيل أن معناه أن الناس يرغبون عن الدنيا حتى تكون السجدة الواحدة أحب إليهم من الدنيا وما فيها .
ثم تلا أبو هريرة الآية إشارة إلى مناسبتها لقوله وحتى تكون السجدة ..." فإنه يشير بذلك إلى صلاح الناس وشدة إيمانهم واقبالهم على الخير، فهم لذلك يؤثرون الركعة الواحدة على جميع الدنيا .
__________
(1) فتح البارى 3448 - مسلم 155(1/1)
2- عن أبى هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والله لينزلن ابن مريم حكماً عادلاً ، فليكسرن الصليب ، وليقتلن الخنزير ، وليضعن الجزية ، ولتتركن القِلاص فلا يُسعى عليها . ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد وَلَيَدْعُوَن إلى المال فلا يقبله أحد . رواه مسلم (1)
حكماً : حاكماً بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم
لتُتْرَكَن القلاص : الإبل أى أن يزهد فيها ولا يرغب فى اقتنائها لكثرة الأموال .
والقلاص : الناقة الشابة .
3-عن أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى ينزل فيكم ابن مريم حكماً مقسطاً فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد . رواه البخارى (2)
4- عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم . رواه البخارى مسلم (3)
إمامكم منكم : أى المهدى .
5- عن جابر قال سمعت النبى صلى الله عليه وسلم : يقول لا تزال طائفة من أمتى يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة . قال فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم فيقول أميرهم : تعال صل لنا ، فيقول : لا . إن بعضكم على بعض أمراء ، تكرمة الله هذه الأمة . رواه مسلم (4)
6- عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يخرج الدجال فى أمتى فيمكث أربعين ــ لا أدرى : أربعين يوماً ، أو أربعين شهراً أو أربعين عاماً ــ فيبعث الله عيسى بن مريم كأنه عروة بن مسعود فيطلبه فيهلكه ، ثم يمكث الناس سبع سنين ، ليس بين اثنين عداوة ثم يرسل الله ريحاً باردة من قبل الشأم فلا يبقى على وجه الأرض أحد فى قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته حتى لو أن أحدكم دخل فى كبد جبل لدخلته عليه حتى تقبضه . رواه مسلم (5)
__________
(1) مسلم 155 .
(2) فتح البارى 2476
(3) فتح البارى 3449 - مسلم 155
(4) مسلم 156
(5) مسلم 2940(1/2)
أربعين يوماً هو المعتمد لحديث تميم الدارى .
عروة بن مسعود : كان مشهوراً بجمال الطلعة والنظافة وحسن الهيئة .
7- عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال ليس بينى وبين عيسى علية السلام نبى وإنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه : رجل مربوع إلى الحمرة والبياض ينزل بين ممصرتين كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل فيقاتل الناس على الإسلام فيدق الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويهلك الله فى زمانه الملل كلها إلا الإسلام ، ويهلك المسيح الدجال ، ثم الأمنة على الأرض حتى ترتع الأسد مع الإبل والنمار مع البقر ، والذئاب مع
الغنم وتلعب الصبيبان بالحيات فيمكث عيسى فى الأرض أربعين سنة ، ثم يتوفى فيصلى عليه المسلمون . رواه أبو داود (1)
ممصرتين : ملونتين بالصفرة .
أربعين سنة : أى أنه عاش 33 سنة قبل الرفع وسينزل ويعيش سبع سنين ، وقيل أربعين سنة .
بعد النزول ، وذكر ابن كثير أنه يدفن مع النبى صلى الله عليه وسلم .
8- عن أبى هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذى نفسى بيده ليهلن ابن مريم بفج الروحاء حاجاً أو معتمراً أو ليثنيهما . رواه مسلم (2)
فج الروحاء : هو بين مكة والمدينة . ليثنيهما : يقرن بيننهما .
9- عن مجمع بن جارية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقتل ابن مريم الدجال بباب لد . رواه الترمذى (3)
10-عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود ، فيقتلهم المسلمون ،حتى يختبىء اليهودى من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر ، يا عبد الله هذا يهودى خلفى فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود . رواه البخارى **ومسلم** (4)
__________
(1) أبو داود 4324 ( الصحيحة 21820)
(2) مسلم 1252
(3) الترمذى 2244 ( الصحيحة 2457 )
(4) فتح البارى 2926 مسلم 2922(1/3)
قتال المسلمين لليهود يكون فى آخر الزمان حين يجتمع اليهود مع الدجال وهم سبعون ألفاً ، فيجىء ابن مريم فيقتل الدجال فينهزم اليهود ويسلط الله عليهم المسلمين ، فيتكلم الحجر والشجر والدواب مخبراً بمكان اليهود .
11- عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : طوبى لعيش بعد المسيح طوبى لعيش بعد المسيح يؤذن للسماء فى القطر ، **ويؤذن** للأرض فى النبات ، حتى لو بذرت حبك على الصفا لنبت ولا تَشَاح ولا تحاسد ولا تباغض ، وحتى يمر الرجل على الأسد ولا يضره ، ويطأ على الحية فلا تضره ولاتَشَاح ولا تحاسد ولا تباغض . رواه أبو بكر الأنبارى والديلمى (1)
المسيح : أى بعد نزوله وقتله الدجال . القطر : المطر .
الصفا : الصخرة الملساء . لاتشاح : لا معاداة .
__________
(1) ابو بكر الأنبارى 1/6/1 - الديلمى 2/161 (صحيح الجامع 3919 - الصحيحة 1926 )(1/4)
12- عن عبد الله ابن مسعود عن النبى صلى الله عليه وسلم : قال : لقيت ليلة أسرى بى إبراهيم وموسى وعيسى قال : فتذاكروا أمر الساعة فردوا أمرهم إلى إبراهيم فقال : لا علم لى بها فردوا الأمر إلى موسى فقال : لا علم لى بها . فردوا الأمر إلى عيسى فقال : أما وَجْبَتُها فلا يعلمها أحد إلا الله ، ذلك وفيما عَهِد إلى ربى عز وجل أن الدجال خارج . قال ومعى قضيبان فإذا رآنى ذاب كما يذوب الرصاص ، قال : فيهلكه الله حتى إن الحجر والشجر ليقول : يا مسلم إن تحتى كافراً فتعال فاقتله . قال : فيهلكهم الله ، ثم يرجع الناس إلى بلادهم وأوطانهم قال : فعند ذلك يخرج يأجوج ومأجوج ، وهم من كل حدب ينسلون ، فيطأون بلادهم لا يأتون على شىء إلا أهلكوه ولا يمرون على ماء إلا شربوه ، ثم يرجع الناس إلىَّ فيشكونهم فأدعوا الله عليهم فيهلكهم الله ويميتهم حتى تجوى الأرض من نتن ريحهم قال : فينزل الله عز وجل المطر فتجرف أجسادهم حتى يقذفهم فى البحر . قال : ففيما عهد إلى ربى عز وجل أن ذلك إذا كان كذلك ، فإن الساعة كالحامل المتم التى لا يدرى أهلها متى تفجؤهم بولادتها ليلاً أو نهاراً . رواه أحمد (1)
تجوى : تنتن . وجبتها : وقوعها بغتة .
آيات الرفع
1-(ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين ) " آل عمران 54 "
قال الطبرى : ومكروا بنى اسرائيل الذين أحس عيسى منهم الكفر بمواطأة بعضهم بعضاً على الفتك بعيسى وقتله ، ومكر الله بهم فألقى شبه عيسى على بعض اتباعه حتى قتله الماكرون بعيسى وهم يحسبونه عيسى ، وقد رفعه الله قبل ذلك .
2- (إذ قال الله يا عيسى إنى متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا)
" آل عمران 55 "
__________
(1) المسند 1/375 (صحيح المسند 3556)(1/5)
قال الطبرى : بعد أن ذكر أقوالاً فى تأويل هذه الآية : وأولى هذه الأقوال بالصحة عندنا قول من قال معنى ذلك : إنى قابضك من الأرض ورافعك إلى ، لتواتر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه قال ينزل عيسى بن مريم فيقتل الدجال ...الحديث
3- وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة آل عمران 55 "
قال الطبرى : أى جاعل الذين اتبعوك على منهاجك وملتك من الإسلام فوق الذين جحدوا نبوتك فكذبوا بما جئت به ، والذين اتبعوه هم أهل الإسلام ، وهم لا يزالون ظاهرين إلى يوم القيامة .
4- (وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ) " النساء 157 "
لما أحاطت اليهود بأصحابه أحاطوا بهم وهم لا يثبتون معرفة عيسى بعينه وذلك أنهم جميعاً حولوا فى صورة عيسى فأشكل على الذين كانوا يريدون قتل عيسى ، وخرج إليه بعض من كان فى البيت مع عيسى فقتلوه وهم يحسبونه عيسى .
وقيل : سأل عيسى من كان معه فى البيت أن يلقى على بعضهم شبهه ، فانتدب منهم رجل فالقى عليه شبهه فقتل ذلك الرجل ، ورفع عيسى بن مريم عليه السلام .
5- (بل رفعه الله إليه ) النساء 58 "قال الطبرى : بل رفع الله المسيح إليه ، فلم يقتلوه ولم يصلبوه .
آيتا النزول
1- قال الله تعالى (وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً) "النساء 159 "
قال الطبرى 310هـ : وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بعيسى قبل موته ، يعنى قبل موت عيسى "6/12"
قال أبو الليث السمرقندى : يعنى بعيسى (170 )
قال البغوى 516 هـ : أى وما من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بعيسى عليه السلام ، وهذا قول أكثر المفسرين وأهل العلم (1/514 )
قال الزمخشرى 528 : وما من اليهود والنصارى أحد إلا ليؤمنن به قبل موت عيسى ، وبأنه عبد الله ورسوله ، يعنى إذا عاين قبل أن تزهق روحه حين لا ينفعه إيمانه لانقطاع وقت التكليف (1/455 )(1/6)
قال الطبرسى 548هـ : ثم أخبر تعالى أنه لا يبقى أحد منهم إلا ويؤمن به وذكر الأقوال (5/282 ) .
قال الرازى 606هـ : ما من أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به (3/342)
قال البيضاوى 697هـ : ما من اليهود والنصارى أحد إلا ليؤمنن بأن عيسى عبد الله ورسوله قبل أن يموت ولوحين أن تزهق روحه ولا ينفعه إيمانه (2/127
قال النسفى 701 هـ: وما من اليهود والنصارى أحد إلا ليؤمنن قبل موته بعيسى عليه السلام وبأنه عبد الله ورسوله (1/375)
قال الخازن 741 هـ : وما من واحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به يعنى بعيسى عليه السلام وأنه عبد الله ورسوله وروحه وكلمته (1/515 )
قال ابن كثير 774 هـ : يعنى قبل موت عيسى عليه السلام ، يوجه ذلك إلى جميعهم يصدقون به إذا نزل لقتل الدجال فتصير الملل كلها واحدة . وهى ملة الإسلام دين إبراهيم عليه السلام .
قال الجمل 1204 هـ : وإن " ما " من أهل الكتاب "أحد إلا ليؤمنن به" بعيسى "قبل موته " أى الكتابى حين يعاين ملائكة الموت ، فلا ينفعه إيمان ، أو قبل موت عيسى لما ينزل قرب الساعة (16/445)
قال الشربينى 977 هـ : أى وما من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمنن به أى بعيسى عليه الصلاة والسلام هذا قول أكثر المفسرين وأهل العلم " قبل موته : أى الكتابى وقيل عيسى عليه السلام ) "1/282 "
قال أبو السعود 982 هـ وما من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمنن بعيسى عليه السلام قبل أن تزهق روحه بأنه عبد الله ورسوله ( 6/396 )
قال الألوسى 1270 هـ : وما أحد من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به (6/10)
قال محمد نووى 1316هـ : وما من اليهود والنصارى أحد إلاليؤمنن بعيسى قبل أن تزهق روحه بأنه عبد الله ورسوله ، فلا ينفعه إيمانه لا نقطاع وقت التكليف (1/172)
قال القاسمى : ما من أحد من أهل الكتاب يدرك نزول عيسى عليه السلام فى آخر الزمان ، إلا ليؤمنن به قبل موته أى موت عيسى عليه السلام .(1/7)
قال المراغى : وإن كل أحد من أهل الكتاب عندما يدركه الموت ينكشف له الحق فى أمر عيسى فيؤمن به فاليهودى يعلم أنه رسول صادق والنصرانى يعلم أنه عبد الله ورسوله وليس بإله وليس هو ابن الله وبه قال محمد عبده .
موته : الضمير عائد على عيسى عند : الطبرى . السمرقندى . البغوى .
وقيل عائد على الكتابى عند : الزمخشرى . الطبرسى . الرازى . البيضاوى . النسفى
2- (وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها ) الزخرف 61
عن ابن عباس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : عن ( وإنه لعلم للساعة) قال : هو خروج عيسى بن مريم ، قبل يوم القيامة . رواه أحمد (1)
قال الطبرى : قال بعضهم معنى الكلام : أن عيسى ظهوره علم يعلم به مجىء الساعة لأن ظهوره من أشراطها ونزوله إلى الأرض دليل على فناء الدنيا واقبال الآخرة (25/48).
قال أبو الليث السمرقندى 373 هـ : يعنى نزول عيسى علامة لقيام الساعة (48)
قال القشيرى 465هـ : يعنى عيسى عليه السلام إذا أنزله من السماء فهو علامة للساعة ، فلا تمترن بنزوله بين يدى الساعة (5/372)
قال البغوى 516هـ : وأنه يعنى عيسى عليه السلام لَعِلْم للساعة يعنى نزوله من أشراط الساعة يعلم به قربها (6/116 )
قال الزمخشرى 528هـ وإن عيسى عليه السلام لعلم للساعة أى شرط من أشراطها تُعلم به (4/206)
قال الطبرسى 548هـ : نزول عيسى عليه السلام من أشراط الساعة يُعلم بها قربُها (25/95)
قال الرازى 606هـ : وأن عيسى لعلم للساعة أى شرط من أشراطها تُعلم به (7/434)
قال البيضاوى 697هـ : وإن عيسى عليه السلام لعلم للساعة لأنه حدوثه أو نزوله من أشراط الساعة يعلم به دنوها (5/62) .
قال النسفى 701هـ : وإن عيسى مما يعلم به مجىء الساعة (3/319)
قال الخازن 741هـ : وإنه يعنى عيسى لعلم للساعة يعنى نزوله من أشراط الساعة يعلم به قربها (6/116)
__________
(1) المسند 1/318 (صحيح المسند 2921)(1/8)
قال القمى النيسابورى 850 هـ : " وأنه " يعنىعيسى عليه السلام " لعلم للساعة " لعلامة من علامات القيامة (25/63)
قال الشربينى 977 هـ : (وأنه )أى عيسى عليه السلام ( لعلم للساعة )أى نزوله سبب للعلم بقرب الساعة التى هى تعم الخلائق كلهم بالموت فنزوله من أشراط الساعة يعلم به قربها (3/462)
قال أبو السعود 982هـ : وإن عيسى لعلم للساعة أى أنه بنزوله شرط من أشراطها (5/48)
قال محمد نووى 1316هـ : وإن عيسى لشرط من أشراط الساعة ، والمعنى أن نزول عيسى من السماء علامة على قرب الساعة (2/280)
قال القاسمى : الضمير إما للقرآن أى وإن القرآن يُعلِم بالساعة ويخبر عنها وعن أهوالها ، والعلم بمعنى العلامة ، وإما لعيسى عليه السلام ، أى إن ظهوره من أشراط الساعة ونزوله فى الأرض آخر الزمان دليل على فناء الدنيا .
وقرىء وإنه لَعَلَم للساعة : أى أنه كالجبل الذى يهتدى به إلى معرفة الطريق ونحوه
قصة المهدى والدجال وابن مريم(1/9)
أخبر النبى صلى الله عليه وسلم : بخروج رجل صالح فى أمته يملأ الأرض عدلاً بعد ما ملئت جوراً وظلماً واسمه محمد بن عبد الله من قريش ومن ولد فاطمة ، يمكث فى الأرض سبع سنين ، يلوذ بالبيت هرباً من الناس ثم تبايعه طائفة قليلة بين الركن والمقام ، ثم يغزو جيش يمر بالمدينة فيخسف بهم ببيداء المدينة ، ثم يحصل غدر النصارى بالمسلمين فيقتتلون ، ويخرج إليهم هذا الرجل من مكة ويمر بالمدينة بمن معه ، فإذا رأوا النصارى قالوا له : خل بيننا وبين هؤلاء المسلمين ( الذين كانوا قد سالموهم ) فيمتنع هو ومن معه ويقول لهم : والله لا نخلى بينكم وبين إخواننا فينضم لأخوانه ويصطفون للقتال ، وعدد النصارى مليون إلا أربعين ألفاً ، فإذا رأى المسلمون كثرتهم انهزم ثلثهم لا يتوب الله عليهم أبداً ويُقتل ثلثهم الثانى وهم خير الشهداء ثم يفتح الله على الثلث الباقى حتى يفتحوا القسطنطينية بالتكبير ، فإذا تم ذلك صاح فيهم الشيطان أن الدجال خلفكم فى أهليكم وهو كاذب ، فيرسل المهدى عشرة فرسان يستطلعون حقيقة الأمر ، فيخرج الله الدجال حقيقة فيذهب المهدى بمن معه إلى بيت المقدس ينتظرون قدوم الدجال إليهم ليقاتلوه فينزل عيسى بن مريم عند الصبح وقد اصطف المسلمون للصلاة يؤمهم المهدى ، ويصلى عيسى عليه السلام خلفه .(1/10)
والدجال أعور العين اليمنى شاب جعد الشعر مكتوب بين عينيه ك ف ر يقرأه كل مسلم قارىء ، وغير قارىء ، وسرعته فى الأرض كغيث استدبرته الريح ويتبعه الذهب كيعاسيب النحل ومعه سبعون ألفاً من يهود أصبهان ، أسلحتهم محلاة بالذهب ومعه جنة ونار ، ويأمر السماء أن تمطر فتمطر والأرض أن تنبت فتنبت ويمكث فى الأرض أربعين يوماً يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه الأخرى كأيامنا ، من عصاه أجدبت أرضه وهلكت أمواله ومن أطاعه تخضب أرضه ( لأن قبل خروجه بثلاث سنوات تمسك السماء فى السنة الأولى ثلث مطرها ، وفى السنة الثانية ثلثى مطرها ، وفى السنة الثالثة لا تمطر السماء ولا تنبت الأرض) فيخرج الدجال والناس فى أشد الحاجة ويطأ كل بلد إلا مكة والمدينة ، وينزل بسبخة المدينة عند الجرف (فى منتهى جسر العيون من جهة الغرب)فترجف المدينة ثلاث رجفات فيخرج إليه كل منافق ومنافقة ثم يخرج إليه شاب من الذين أنعم الله عليهم بنعمة العلم والإيمان فيحاول جنود الدجال أن يصدوه عنه ، فيقول أيها الناس : إن هذا الدجال فيضربه الدجال فلا يتراجع ، ثم يقول الدجال للناس : إن قسمته قسمين ثم أعدته تؤمنون أنى ربكم ، فيقولون نعم ، فيقسمه قسمين ثم يعيده ويقول : أو ما تؤمن بى ؟ فيقول الشاب ما ازددت فيك إلا بصيرة ، فيعزم الدجال على قتله مرة أخرى فلا **يستطيع**، ثم تصرفه الملائكة إلى الشام ، فيأتى بيت المقدس يريد المهدى ومن معه فينزل عيسى عليه السلام بدمشق عند المنارة البيضاء الموجودة الآن بالمسجد الأموى وقت صلاة الصبح ينزل واضعاً كفين على أجنحة ملكين ، فلا يجد ريح نفسه كافر إلا مات ، ونفسه ينتهى حتى ينتهى طرفه فيأتى المسجد وقد أقيمت صلاة الفجر وسويت الصفوف ، ويصلى خلف المهدى، ويخبر من فى المسجد بدرجاتهم فى الجنة ، ويأمر بفتح باب المسجد فإذا رآه الدجال ذاب كما يذوب الملح فى الماء ويولى هارباً فيلحقه عيسى فيدركه عند باب لد فيقتله ويرى(1/11)
المسلمون دمه فى حربته ( ويكون عيسى قد كسر الصليب وقتل الخنزير ورفع الجزية .... ويمكث فى الأرض أربعين سنة ) ثم يوحى الله إلى عيسى بخروج يأجوج ومأجوج ، فيدعوا عيسى ربه أن يهلكهم فيهلكون .
وفى عهده يتحدْ الدين فلا يعبد إلا الله ، ويترك الزكاة لعدم من يقبلها ، ولا يرغب فى اقتناء المال للعلم بقرب الساعة ويكون مقرراً للشريعة المحمدية ، وتظهر الكنوز فى زمنه ، ويرفع الشحناء والتباغض ، وينزع الله سم كل ذى سم حتى تلعب الأولاد بالحيات والعقارب فلا تضرهم ، ويملأ الأرض سلماً ، وينعدم القتال ، وتنبت الأرض نبتها .
انتشار الأمن
عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً وحتى يسير الراكب بين العراق ومكة لا يخاف إلا ضلال الطريق ) . رواه أحمد (1)
وهذا قد وقع فى زمن الصحابة رضى الله عنهم ، وذلك حينما عم الإسلام والعدل فى البلاد التى فتحها المسلمون . وسيكون ذلك زمن المهدى وعيسى عليه السلام حينما يعم العدل مكان الجور والظلم .
ويؤيده حديث عدى حين قال له النبى صلى الله عليه وسلم : يا عدى هل رأيت الحيرة؟ قلت : لم أرها ، وقد أنبئت عنها: قال : فإن طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة ، لا تخاف أحداً إلا الله ) . رواه البخارى (2)
الظعينة : المرأة المسافرة فى الهودج .
الحيرة : كانت بلد ملوك العرب الذين تحت حكم آل فارس ( أخر باب أو ساعة 8 )
يأجوج ومأجوج
قال ابن كثير ( فى مختصر تفسير ابن كثير . محمد كريم راجح )
__________
(1) المسند 2/371(صحيح المسند 8807)
(2) فتح البارى 3595(1/12)
{وَيَسْئَلُونَكَ عَن ذِى الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأتلُواْ عَلَيْكُم مِنْهُ ذِكْراً} يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم { يسئلونك } يا محمد { عن ذى القرنين } أى عن خبره . وقد بعث كفار مكة إلى أهل الكتاب يسألون منهم ما يمتحنون به النبى صلى الله عليه وسلم فقالوا : سلوه عن رجل طواف فى الأرض ، وعن فتية ما يدرى ما صنعوا ، وعن الروح فنزلت سورة الكهف .
وكان ذو القرنين فى زمن الخليل وأنه طاف بالبيت وكان وزيره الخفر. وليس الاسكندر المقدونى .
قلت وهو قول النبى صلى الله عليه وسلم تيمية فى الرد على المنطقيين - حيث قال : وكان ارسطو مشركاً ، وذو القرنين موحداً مؤمنا بالله وسمى ذو القرنين لأنه سار إلى مغرب الشمس وإلى مطلعها وهو قول ابن عباس والزجاج والأزهرى وقيل غير ذلك .
وكان نبيا وهو قول : ابن عمر والضحاك ، وقيل كان عبدا صالحا قاله على رضى الله عنه ووهب ، وأنه كان بعد ثمود وهود وهو قول الحسن وقيل غير ذلك .(1/13)
{ إنا مكنا له فى الأرض وءاتينه من كل شئ سببا } { إنا مكنا له فى الأرض } أى أعطيناه ملكاً عظيما ًممكناً فيه من جميع ما يؤتى الملوك من التمكين والجنود وآلات الحرب والحصارات ولهذا ملك المشارق والمغارب من الأرض ، ودانت له البلاد ،وخضعت له ملوك البلاد ،وخدمته الأمم من العرب والعجم ، ولهذا ذكر بعضهم أنه سمى ذا القرنين لأنه بلغ طرفى الشمس : مشرقها ومغربها . { وآتيناه من كل شئ سببا } يعنى علماً ، أو منازل الأرض وأعلامها . { فأتبع سببا } يعنى بالسب المنزل ، أو منزلاً وطريقاً ما بين المشرق والمغرب ، أو طرفى الأرض .{ حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب فى عين حمئة ووجد عندها قوما قلنا يذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا } {حتى إذا بلغ مغرب الشمس } أى فسلك طريقاً حتى وصل إلى أقصى ما يسلك فيه من ناحية المغرب ، وهو مغرب الأرض {وجدها تغرب فى عين حمئة } أى رأى الشمس فى منظره تغرب فى البحر المحيط ، وهذا شأن كل من **انتهى** إلى ساحله يراها كأنها تغرب فيه . والحمأة الطين الأسود .{ووجد عندها قوماً} أى أمة من الأمم .{قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب ..} معنى هذا أن الله مكنه منهم وحكمه فيهم وأظفره بهم وخيَّره إن شاء قتل وسبى ، وإن شاء منَّ أو فدى .
{ قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذاباً نكراً } أى استمر على كفره وشركه بربه فسوف نعذبه بالقتل ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذاباً أى شديداً بليغاً وجيعاً أليماً ، وفى هذا اثبات المعاد والجزاء
{ وأما من آمن وعمل صالحاً فله جزاءً الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا } أى تابعنا على ما ندعوه إليه من عباد الله وحده لا شريك له فله جزاء الحسنى } فى الدار الآخرة عند الله عز وجل وسنقول له من أمرنا معروفاً .(1/14)
{ ثم أتبع سببا } { حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا } يقول تعالى : ثم سلك طريقاً فسار من مغرب الشمس إلى مطلعها ، وكان كلما مر بأمة غلبهم وقهرهم ، ودعاهم إلى الله عز وجل فإن أطاعوه وإلا أذلهم ، وأرغم آنافهم ، واستباح أموالهم ، وأمتعتهم ،واستخدم من كل أمة ما تستعين به جيوشه على قتال الاقليم المتاخم لهم. ولما انتهى إلى مطلع الشمس من الأرض وجدها تطلع على أمة ليس لهم بناء يكنهم، ولا أشجار تظلهم ، وتسترهم من حر الشمس ،وقيل : هم الزنج . {كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا } أى علما ، أى نحن مطلعون على جميع أحواله ، وأحوال جيشه ، لا يخفى علينا منها شئ ، إن تفرقت أممهم ،وتقطعت بهم الأرض ، فإنه تعالى {لا يخفى عليه شئ فى الأرض ولا فى السماء } . {ثم أتبع سببا } . أى سلك طريقاً من مشارق الأرض .{حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولاً} حتى بلغ بين السدين ، وهما جبلان متناوحان، بينهما ثغرة ، يخرج منها يأجوج ومأجوج على بلاد الترك ، فيعيثون فساداً، ويهلكون الحرث والنسل . ويأجوج ومأجوج من سلالة آدم عليه السلام كما ثبت فى الصحيحين " إن الله تعالى يقول : يا آدم فيقول لبيك وسعديك، ابعث بعث النار ، فيقول وما بعث النار ؟ فيقول : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار ، وواحد إلى الجنة فحينئذ يشيب الصغير ، وتضع كل ذات حمل حملها ، فقال : إن فيكم أمتين ، ما كانتا فى شئ إلا كثرتاه يأجوج ومأجوج وقوله { وجد من دونهما قوماً لا يكادون يفقهون قولاً } أى لاستعجام كلامهم ، وبعدهم عن الناس . قال بعض العلماء هؤلاء من نسل يافث أبى الترك : قلت قال الضحاك هم جيل الترك ، وقال البعض يأجزج هم الترك ومأجوج هم المغول وأصلهما من أب واحد من أولاد يافث وبلادهم من التبت والصين إلى المحيط الشمالى وغرباً إلى التركستان .(1/15)
{ قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون فى الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سداً } فهل نجعل لك أجراً عظيما ، يعنى أنهم أرادوا أن يجمعوا له من بينهم مالاً يعطونه إياه حتى يجعل بينه وبينهم سداً .{قال ما مكنى فيه ربى خير فأعينونى بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما} قال ذو القرنين بعفة وديانة وصلاح وقصد للخير أى أن الذى أعطانى الله من الملك والتمكين خير لى من الذى تجمعونه ، كما قال سليمان بن داود { أتمدونن بمال فما آتانى الله خير مما آتاكم } وهكذا قال ذو القرنين : الذى أنا فيه خير من الذى تبذلونه ، ولكن ساعدونى بقوة أى بعملكم وآلات البناء أجعل بينكم وبينهم ردما(1/16)
{ ءاتونى زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال إنفخوا حتى إذا جعله ناراً قال ءاتونى أفرغ عليه قطرا } والزبر جمع زبرة ، وهى القطعة منه ، وهى كاللبنة .{ حتى إذا أى وضع بعضه على بعض من الأساس حتى إذا حاذى به رؤوس الجبلين طولاً وعرضاً قال إنفخوا } أى أجج عليه النار ، حتى صار كله ناراً { وقال آتونى أفرغ عليه قطرا } هو النحاس ، زاد بعضهم المذاب ، ويستشهد بقوله تعالى { وأسلنا له عين القطر } . { فما استطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا } يقول تعالى مخبراً عن يأجوج ومأجوج أنهم ما قدروا على أن يصعدوا من فوق هذا السد ، ولا قدروا على نقبه من أسفله ، وفى الحديث " فتح اليوم من روم يأجوج ومأجوج مثل هذا " وعقد التسعين . أخرجه البخارى ومسلم . {قال هذا رحمة من ربى فإذا جاء وعد ربى جعله ذكاء وكان وعد ربى حقا } أى لما بناه ذو القرنين قال هذا رحمة بالناس حيث جعل بينهم وبين يأجوج ومأجوج حائلاً يمنعهم من العبث فى الأرض والفساد أى اقترب الوعد الحق أى مساوياً للأرض . كائناً لا محاله . {وتركنا بعضهم يومئذٍ يموج فى بعض ونفخ فى الصور فجمعناهم جمعا } أى الناس يومئذ ، أى يوم يدك هذا السد ، ويخرج هؤلاء فيموجون فى الناس ، ويفسدون على الناس أموالهم ، ويتلفون أشياءهم ، وذلك كله قبل يوم القيامة ، وبعد الدجال .{ ونفخ فى الصور } على أثر ذلك . والصور كما جاء فى الحديث قرن ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام .وفى الحديث " كيف أنعم وصاحب القرن قد إلتقم القرن وحنى جبهته ، واستمع متى يؤمر ؟ "قالوا :كيف نقول ؟ قال :" قولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل ، على الله توكلنا "
قوله { فجمعناهم جمعا } أى أحضرنا الجميع للحساب { قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم } { وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا } .
رجل يصف السد للنبى صلى الله عليه وسلم(1/17)
أخرج البخارى تعليقا مجزوما به قال : قال رجل للنبى صلى الله عليه وسلم : رأيت السد! ، قال : " وكيف رأيته ؟ " قال: مثل البرد المحبر ، قال : " قد رأيته " .
رواه البخارى (1)
البرد : كساء معروف . المحبر : المزين المحسن .
وقد ذكر أن الخليفة الواثق بعث أمرائه وجهز معهم جيشا وكتب لهم كتبا (2) إلى الملوك يوصلونها من بلاد إلى بلاد حتى ينتهوا إلى السد فيكشفوا عن خبره وينظروا كيف بناه ذو القرنين على أى صفة ! وينعتوه له إذا رجعوا ، فتوصلوا من بلاد إلى بلاد ، ومن ملك إلى ملك ، حتى وصلوا إليه ورأوا بناءه من الحديد ومن النحاس ، وذكروا أن ، فيه بابا عظيما وعليه أقفال عظيمة ، وأنه بناء محكم شاهق منيف جدا ، ورأوا بقية اللبن والآلات والعمل فى برج هناك ، وأن عنده حرسا لتلك الملوك المتاخمة لتلك البلاد ، وأنه عال منيف شاهق لا يستطاع ولا ما حوله من الجبال ومحلته فى شرق الأرض فى جهة الشمال فى زاوية الأرض الشرقية الشمالية ، ثم رجعوا إلى بلادهم وكانت غيبتهم أكثر من سنتين وشاهدوا أهوالا وعجائب ( البداية والنهاية 2/111 .
أما ما ورد فى السنة فى شأن يأجوج ومأجوج :
1- عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : يفتح الردم ، ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه ( وعقد وهيب تسعين) رواه البخارى ومسلم (3)
2- عن زينب بنت جحش قالت : استيقظ النبى صلى الله عليه وسلم من النوم محمراً وجهه وهو يقول لا اله إلا الله ، ويل للعرب من شر قد اقترب ، فتح اليوم ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وعقد سفيان تسعين أو مائة - قيل أنَهْلِك وفينا الصالحون ؟ قال : نعم إذا كثر الخَبَث . رواه البخارى ومسلم (4)
الردم : هو السد الذى بناه ذو القرنين بزبر الحديد وهى القطعة منه .
__________
(1) فتح البارى 2/439
(2) فتح البارى كتاب الأنبياء باب قصة يأجوج ومأجوج فتح البارى
(3) فتح البارى 7136 - مسلم 2881
(4) فتح البارى 7135،7136 مسلم 2880(1/18)
وفى رواية مسلم : وعقد سفيان بيده عشرة ، وفى رواية له : وحلق بإصبعيه الإبهام والتى تليها .
وفى ثالثة : وعقد وهيب بيده تسعين . الخبث : الفسوق والفجور .
قال المباركفورى فى التحفه 2187 : والمراد أنه لم يكن فى ذلك الردم ثقبه إلى اليوم
وقد انفتحت فيه ، إذا انفتاحها من علامات قرب الساعة ، فإذا اتسعت خرجوا
عقد التسعين : أى يجعل طرف السبابة اليمنى فى أصلها ويضمها ضماً محمكاً بحيث تنطوى عقدتاها حتى تصير مثل الحية المطوقة .
وعقد المائة : مثل عقد التسعين لكن بالخنصر اليسرى ، وعلى هذا فالتسعون والمائة متقاربان ، ولذلك وقع فيها الشك .
العقد عشرة : أن يجعل طرف السبابة اليمنى فى باطن عقدة الإبهام العليا .
وللجمع بين الروايتين قال عياض : لعل حديث أبى هريرة متقدم فزاد الفتح بعده القدر المذكور فى حديث زينب .
عقد الثلاثين : أن يضم طرف الإبهام إلى طرف السبابة مثل من يمسك شيئاً لطيفاً كالإبرة وكذلك البرغوث .
عقد السبعين : أن يجعل طرف ظفر الإبهام بين عقدتى السبابة من باطنها ويلوى طرف
السبابة عليها مثل: ناقد الدينار عند النقد .
رب برغوث ليلة بت منه وفؤادى فى قبضة التسعين
أسرته يد الثلاثين حتى ذاق طعم الحمام فى السبعين(1/19)
3- عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن يأجوج ومأجوج ليحفرون السد كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس ، قال الذى عليهم : ارجعوا فستحفرونه غداً ، فيعيده الله أشد ما كان ، حتى إذا بلغت مدتهم ، وأراد الله أن يبعثهم على الناس حفروا ، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذى عليهم : ارجعوا فستحفرونه غداً إن شاء الله ، واستثنوا فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه ، فيحفرونه ويخرجون على الناس فَيَنْشِفُون الماء ، ويتحصن الناس منهم فى حصونهم ، فيرمون بسهامهم إلى السماء فترجع عليها كهيئة الدم الذى اجْفَظَّ . فيقولون : قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء فيبعث الله عليهم نغفاً فى أقفائهم فيقتلُهم بها ، والذى نفسى بيده إن دواب الأرض لَتَسْمَن وتَشْكَر شَكَراً من لحومهم . رواه ابن ماجه وابن حبان وأحمد والحاكم (1)
يأجوج ومأجوج : من بنى يافث أبو الترك . قال الذى عليهم : أميرهم .
بلغت مدتهم : حان وقت خروجهم . واستثنوا : يقول إن شاء الله .
فينشفون الماء : يشربونه .
اجفظ : انتفخ : أى ملأها يعنى ترجع السهام عليهم
نغفاً : هو دود يكون فى أنوف الإبل والغنم .
تَشْكَر : تسمن وتمتلىء شحماً ويمتلىء ضرعها لبناً.
قال ابن العربى : فى هذا الحديث ثلاث آيات :
الأولى : أن الله منعهم أن يوالو هذا الحفر ليلا ونهاراً .
والثانية : منعهم أن يحاولوا الرقى على السد بسلم أو آله .
الثالثة : صدهم عن أن يقولوا (إن شاء الله)حتى يجئ الوقت المحدود .
قال ابن حجر أو أن فيهم أهل صناعة ، وأهل ولاية وسلطة ورعية تطيع من فوقها ، وأن فيهم من يعرف الله ويقر بقدرته ومشيئته ، ويحتمل أن تكون تلك الكلمة (إن شاء الله ) تجرى على لسان ذلك الوالى من غير أن يعرف معناها ، فيحصل المقصود ببركتها (فتح البارى 13/116 )
__________
(1) ابن ماجه 4080 ابن حبان 1908،المسند2/510 المستدرك 4/488 (الجامع 2276-الصحيحة 1735)(1/20)
4- عن أبى سعيد الخدرى قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : تفتح يأجوج ومأجوج ، فيخرجون على الناس كما قال الله عز وجل : " وهم من كل حدب ينسلون " فيغشون الناس وينحاز المسلمون عنهم إلى مدائنهم وحصونهم ويضمون إليهم مواشيهم ، ويشربون مياه الأرض ، حتى إن بعضهم ليمرون بالنهر فيشربون ما فيه حتى يتركوه يبساً ، حتى إن من يمر من بعدهم ليمر بذلك النهر فيقول : قد كان ههنا ماء مرة ، حتى إذا لم يبق من الناس أحداً إلا أحد فى حصن أو مدينة ، قال قائلهم : هؤلاء أهل الأرض قد فرغنا منهم ، بقى أهل السماء ، ثم يهز أحدهم حربته ثم يرمى بها إلى السماء فترجع إليه مختضبه دماً للبلاء والفتنة فبينما هم على ذلك إذ بعث الله عز وجل دوداً فى أعناقهم كنغف الجراد الذى يخرج فى أعناقه فيصبحون موتى لا يسمع لهم حس ، فيقول المسلمون : ألا رجل يشرى لنا نفسه فينظر ما فعل هذا العدو فيتجرد رجل منهم محتسباً نفسه قد أوطنها على أنه مقتول فينزل فيجدهم موتى بعضهم على بعض ، فينادى يا معشر المسلمين ، ألا أبشروا إن الله عز وجل ، قد كفاكم عدوكم ، فيخرجون من مدائنهم وحصونهم ، ويسرحون مواشيهم ، فما يكون لهم مرعى إلا لحومهم ، فتَشْكَر عنه كأحسن ما شَكَرت من نبات أصابته قط . رواه ابن ماجه وابن حبان والحاكم وأحمد (1)
حدب : الحدب ما ارتفع من الأرض . يغشون الناس : يحيطون بهم .
ينحاز : يلجأ . مدائنهم : مدنهم .
مختضبة : ملطخة . كنغف : كدودة .
يشرى : يبيع فيتجرد : فيقوم مستعداً لذلك .
أوطنها : مَهَّدَها ورضَّاها . فتشكر : تسمن وتمتلىء شحماً
5-عن النواس بن سمعان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سيوقد المسلمون من قسى يأجوج ومأجوج ونشابهم وأترستهم سبع سنين . رواه ابن ماجه (2)
نشابهم : سهامهم .
__________
(1) ابن ماجه 4079 ابن حبان1909 المستدرك 2/240 المسند 3/77 ( الجامع 2973 الصحيحة 179 )
(2) ابن ماجه 4076(1/21)
6-عن أبى سعيد أن النبى صلى الله عليه وسلم : قال : يقول الله تعالى : يا آدم فيقول: لبيك وسعديك والخير فى يديك. فيقول : أخرج بعث النار قال : وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف تسمعائة وتسعة وتسعين فعنده يشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها ، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ، ولكن عذاب الله شديد ، قالوا : يا رسول الله : وأينا ذلك الواحد ؟ قال : ابشروا فإن منكم رجلاً ومن يأجوج ومأجوج ألف . ثم قال : والذى نفسى بيده إنى أرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة . فكبرنا . فقال أرجوا أن تكونوا ثلث أهل الجنة فكبرنا . فقال : أرجوا أن تكونوا نصف أهل الجنة . فكبرنا . فقال : ما أنتم فى الناس إلا كالشعرة السوداء فى جلد ثور أبيض ، أو كشعرة بيضاء فى جلد ثور أسود . رواه البخارى ومسلم (1)
بعث النار : ميز أهل النار من غيرهم .
طلوع الشمس من مغربها
قال الله تعالى : ( يوم يأتى بعض آيات ربك ، لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت فى إيمانها خيراً ) الأنعام158
عن صفوان بن عسال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال: إن من قبل مغرب الشمس باباً مفتوحاً عرضه سبعون سنة فلا يزال ذلك الباب مفتوحاً للتوبة حتى تطلع الشمس من نحوه فإذا طلعت من نحوه لم ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت فى إيمانها خيراً .رواه أحمد والترمذى وابن ماجه (2)
باب : باب التوبة .
عن أبى أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أول الآيات : طلوع الشمس من مغربها .رواه الطبرانى (3)
عن معاوية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة . ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها . رواه أبو داود (4)
__________
(1) فتح البارى 3348 مسلم 222
(2) المسند 4/240، الترمذى 3530 ابن ماجه 4070 (صحيح شرح السنة 1305 )
(3) الطبرانى (صحيح الجامع 2560
(4) أبو داود 1479(1/22)
عن عبد الرحمن بن عوف قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تزال التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت طبع الله على كل قلب بما فيه وكف الناس عن العمل . رواه أحمد (1)
عن صفوان بن عسال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال إن الله عز وجل جعل بالمغرب باباً مسيرة عرضه سبعون عاماً للتوبة لا يغلق ما لم تطلع الشمس من قبله . وذلك قول الله عز وجل (يوم يأتى بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل ) . رواه أحمد والترمذى وابن ماجه (2)
عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاث إذا خرجن(لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت فى إيمانها خيراً طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض . رواه مسلم (3)
عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون ، وذلك حين " لا ينفع نفساً إيمانها " ثم قرأ الآية . رواه البخارى ومسلم (4)
عن أبى ذر أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حين غربت الشمس : أتدرى أين تذهب قلت : الله ورسوله أعلم ، قال فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش ، فستأذن فيؤذن لها ، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها ، وتستأذن فلا يؤذن لها فيقال لها : أرجعى من حيث جئت ، فتطلع من مغربها ، فذلك قوله تعالى (والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم) قال : مستقرها تحت العرش يعنى انقطاع مدة بقاء العالم . رواه البخارى ومسلم (5)
__________
(1) المسند 1/192 (صحيح المسند 6171)
(2) المسند 4/240 الترمذى 3530 ابن ماجه 4070 (صحيح شرح السنة 1305)
(3) مسلم 158
(4) فتح البارى 4636 مسلم 157
(5) فتح البارى 3199 -4802 مسلم 159(1/23)
عن عبد الله بن عمرو قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن أول الآيات خروجاً طلوع الشمس من مغربها ، وخروج الدابة على الناس ضحى وأيهما ما كانت قبل صاحبتها ، فالأخرى على إثرها قريباً . رواه مسلم (1)
قيل إن الشمس تخرج من مغربها بعد 120 سنة من المهدى ويبقى الناس 120سنة بعدها حتى ينفخ فى الصور ولكنها تمر سريعاً .
وطلوع الشمس من المغرب يكون فى يوم ثم تطلع من الشرق كعادتها ، وإذا طلعت من المغرب غربت فى المشرق وحينئذ يغلق باب التوبة إلى يوم القيامة بالنسبة لمن طلعت عليهم وهم بالغون .
الدابة
(وإذ وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون )النمل 82
القول : هو العذاب وقيل الغضب وقيل الحجة .
وذلك لأنهم لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر ولم يرج صلاحهم .
والدابة : جاءت آثار كثيرة فى وصفها والله أعلم بوصفها .وتخرج من الصفا، وقيل من شعب أجياد وقيل من أودية تهامة وقيل من بحر سدوم وقيل من بين الصفا والمروة .
قال البيضاوى : هى الجساسة
عن أبى أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال : تخرج الدابة فتسم الناس على خراطيمهم ، ثم يعمرون فيكم ، حتى يشترى الرجل الدابة ، فيقال : ممن اشتريت ؟ فيقول : من الرجل المخطم . رواه أحمد (2)
تسم : تعلمهم خراطيمهم : أنوفهم المخطم : المعلم أنفه
قال السخاوى وغيره : تخرج الدابة ثلاث خرجات : الأولى من أقصى البادية ولا يدخل ذكرها مكة ، ثم يمكث زمناً طويلاً .
ثم تخرج ثانية من بادية قريبة ، فيدخل ذكرها مكة .
الثالثة خروجها العام من مكة فتسم المؤمن فيبيض وجهه ، ويكتب بين عينيه مؤمن ، وتسم الكافر ويكتب بين عينيه كافر فيسود وجهه ، وتطوف الأرض كلها .
__________
(1) مسلم 2941
(2) المسند 5/268 (صحيح الجامع 2927 - الصحيحة 322)(1/24)
عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تخرج الدابة ومعها عصا موسى عليه السلام وخاتم سليمان عليه السلام ، فتخطم الكافر .
قال عفان : " أحد الرواة " : أنف الكافر بالخاتم وتجلوا وجه المؤمن بالعصا ، حتى إن أهل الخوان ليجتمعون على خوانهم فيقول هذا : يا مؤمن ، ويقول هذا يا كافر .رواه أحمد (1)
قال فى التذكرة :
فإذا قتل الله يأجوج ومأجوج بالنغف وقبض عيسى ذهب معظم دين الإسلام وظهر الكفر ، يخرج الله دابة تميز المسلم من الكافر ثم تغيب ويمهل الناس ، فإذا أصروا على طغيانهم ظهرت الشمس من المغرب وحينئذ لم يقبل الله بعد ذلك توبة من كافر أو عاصى ، وأزيل الخطاب والتكليف ثم كان قيام الساعة . اهـ
والظاهر أن خروجها يكون فى زمن طلوع الشمس من مغربها كما فى فتح البارى لابن حجر .
قال ابن كثير هذه الدابة تخرج فى آخر الزمان عند فساد الناس وتركهم أوامر الله وتبديلهم الحق وحين تخرج تكلم الناس وتخبرهم بما هم عليه من إيمان وكفر ومن صلاح وفسق وبخروجها ينقطع الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لعدم فائدة ذلك ، فإن التوبة لا تقبل بالنسبة لمن رآها أو علم بها وهو مكلف .
نفى المدينة لشرارها ثم خرابها آخر الزمان
حث النبى صلى الله عليه وسلم : على سكنى المدينة ، ورغب في ذلك ، وأخبر أنه لا يخرج أحد منها رغبة عنها إلا أخلف الله فيها من هو خير منه ، وأخبر أن من علامات الساعة نفى المدينة لخبثها ، وهم شرار الناس كما ينفى الكير خبث الحديد .
__________
(1) المسند 2/294 (صحيح المسند 7924 )(1/25)
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (يأتى على الناس زمان يدعوا الرجل ابن عمه وقريبه هلم إلى الرخاء ، هلم إلى الرخاء ، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، والذى نفسى بيده لا يخرج منهم أحد رغبة عنها ، إلا أخلف الله فيها خيراً منه ، ألا إن المدينة كالكير تخرج الخَبَث ، لا تقوم الساعة حتى تنفى المدينة شرارها كما ينفى الكير خَبَث الحديد ) .رواه مسلم (1)
الكير : هو منفخ الحداد الذى ينفخ نه النار ...خبث الحديد : وسخ الحديد الذى تخرجه النار منه .
قال النووى : أن خراب المدينة يكون زمن الدجال .
فخروج الناس بالكلية من المدينة ، فذلك فى آخر الزمان ، قرب قيام الساعة ففى الحديث ....
عن أبى هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( يتركون المدينة على خير ما كانت ، لا يغشاها إلا العواف ــ يريد عوافى السباع والطيرـ وآخر من يحشر راعيان من مُزَيْنة ، يريدان المدينة ، ينعقان بغنمهما فيجدانها وحوشا ، حتى إذا بلغاَ ثنية الوداع ، خرَّا على وجوههما ) .رواه البخارى (2)
على خير ما كانت : من العمارة وكثرة الثمار وحسن المنظر ... يغشاها : يسكنها ويأتى إليها ...
العواف : هى التى تطلب القوت والرزق من الدواب ... ينعقان : يصيحان ...
وحوشا : خالية ليس فيها أحد ... خرا على وجوههما : سقطا ميتين.
قال النووى : المختار أن هذا الترك يكون فى آخر الزمان عند قيام الساعة (فتح البارى)
قال القرطبى تبعا لعياض : وقد وجد ذلك حيث صارت معدن الخلافة ومقصد الناس وملجأهم وحمت إليها خيرات الأرض وصارت من أعمر البلاد ، فلما انتقلت الخلافة عنها إلى الشام ثم إلى العراق وتغلبت عليها الأعراب تعاورتها الفتن وخلت من أهلها فقصدتها عوافى الطير والسباع (فتح البارى )
__________
(1) مسلم 1381
(2) فتح البارى 1874(1/26)
عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (لتتركن المدينة على أحسن ما كانت ، حتى يدخل الكلب أو الذئب فَيُغَذِّى على بعض سوارى المسجد ، أو على المنبر فقالوا يا رسول الله فلمن تكون الثمار ذلك الزمان ؟ قال : للعوافى : الطير والسباع ) . رواه مالك (1)
فيغذى : أى يبول دفعة بعد دفعة ... سوارى المسجد : أعمدته
قال ابن كثير : والمقصود أن المدينة تكون باقية عامرة أيام الدجال ، ثم تكون كذلك فى زمان عيسى بن مريم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى تكون وفاته بها ، ودفنه بها ، ثم تخرب بعد ذلك (النهاية /الفتن والملاحم 1/158 )
عن جابر قال أخبرنى عمر بن الخطاب ، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول (ليسيرن الراكب فى جنبات المدينة ، ثم ليقول : لقد كان فى هذا حاضرٌ من المؤمنين كثير ) . رواه أحمد (2)
قال ابن حجر :
وهذا لم يقطع قطعاً ، فدل على أن خروج الناس من المدينة بالكلية يكون فى آخر الزمان بعد خروج الدجال ، ونزول عيسى بن مريم عليه السلام ، ويحتمل أن يكون ذلك عند خروج النار التى تحشر الناس ، وهى آخر أشراط الساعة ، وأول العلامات الدالة على قيام الساعة فليس بعدها الإ الساعة ويؤيد ذلك كون آخر من يحشر يكون منها ، كما فى حديث أبى هريرة رضى الله عنه (وآخر من يحشر راعيان من مزينة ، يريدان المدينة ، ينعقان بغنهما فيجدانها وحوشاً ) . رواه البخارى (3)
أى خالية من الناس ، أو أن الوحوش قد سكنتها ، والله أعلم .
كلام السباع والجمادات للإنس
ومن أشراط الساعة كلام السباع ، وكلامُ الجمادات للإنسان ، وإخبارهما بما حدث فى غيابه ، وتَكَلُّم بعض أجزاء الإنسان ، كالفخذ يخبر الرجل بما أحدث أهله بعده .
__________
(1) الموطأ 888
(2) المسند 1/20 (صحيح المسند 124 )
(3) فتح البارى 1874(1/27)
عن أبى هريرة قال : جاء ذئب إلى راعى الغنم ، فأخذ منها شاة ، فطلبه الراعى حتى انتزعها منه ، قال : فصعد الذئب على تل ، فأقعى واستذفر فقال : عمدتَ إلى رزق رزقنيه الله عز وجل انتزعته منى ؟ فقال الرجل : تالله إن رأيتُ كاليوم ذئباً يتكلمُ قال الذئب : أعجبُ من هذا رجل فى النخلات بين الحرتين ، يخبركم بما مضى وبما هو كائن بعدكم ، وكان الرجل يهودياً، فجاء الرجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم : فأسلم وخبره فصدقه النبى صلى الله عليه وسلم : ثم قال النبى صلى الله عليه وسلم : (إنها أمارة من أمارات بين يدى الساعة ، قد أوشك الرجل أن يخرج ، فلا يرجع حتى تحدثه نعلاه وسوطه ما أحدث أهلُه بعدَه ) رواه أحمد (1)
وفى رواية عن أبى سعيد الخدرى (فذكر القصة إلى أن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق والذى نفسى بيده لا تقوم الساعة حتى يكلم السباع الإنس ، ويكلم الرجل عذبة سوطه ، وشراك نعله ، ويخبره فخذه بما أحدث أهله بعده ) رواه أحمد (2)
عذبة سوطه : طرفه . شراك نعله : أحد سيور النعل .
الدخان
قال الله تعالى (فارتقب يوم تأتى السماء بدخان مبين ) الدخان يدخل فى أسماع المنافقين وأبصارهم ويأخذ المؤمن كالزكام
قال ابن مسعود : إن الدخان كان لقريش ، وهو قول : الطبرى ، عزيز السجستانى ، أبو حيان فى النهر الماد ، أبو السعود ، الجلالين ، المراغى ، مخلوف ،
قال ابن عباس : أن الدخان من علامات الساعة ، وهو قول : ابن كثير ،
__________
(1) المسند 2/306(صحيح المسند 8049 )
(2) المسند 3/83 (صحيح - الصحيحة 122 )(1/28)
عن مسروق قال : بينما رجل يحدث فى كِنْدة ، فقال : يجىء دُخَان يومَ القيامة فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارِهم ، يأخذ المؤمن كهيئة الزكام ، ففزعنا فأتيت ابن مسعود وكان متكئاً فغضب فجلس ، فقال : من علم فليقل ومن لم يعلم فليقل : الله أعلم فإن من العلم أن يقول لما لايعلم : لا أعلم ، فإن الله قال لنبيه (قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المُتَكلِّفين )وإن قريشاً أبطأوا عن الإسلام فدعا عليهم النبى صلى الله عليه وسلم فقال : اللهم أعنى عليهم بسبع كسبع يوسف ، فأخذتهم سنة حتى هلكوا فيها ، وأكلوا الميتة والعظام ، ويرى الرجل ما بين السماء والأرض كهيئة الدخان فجاءه أبو سفيان فقال :
يا محمد جئت تأمرنا بصلة الرحم ، وإن قومك قد هلكوا فأدع الله فقرأ(فارتقب يوم تأتى السماء بدخان مبين -إلى قوله عائدون) أفيكشف عنهم عذاب الآخرة إذا جاء ثم عادوا إلى كفرهم فذلك قوله تعالى (يوم نبطش البطشة الكبرى ) يوم بدر . ولزاما يوم بدر .رواه البخارى (1)
عن عبد الله ابن مسعود قال : مضى خمس الدخان والقمر والروم والبطشة واللزام . رواه البخارى (2)
لزاماً : فسوف يكون تكذيبكم لزاماً لكم يعنى مقتضياً لعذابكم وهلاككم ودماركم فى الدنيا والآخرة
كنده : باب الكوفة ، قال محمد فؤاد عبد الباقى : ويحتمل أنهما دخانان للجمع بين هذه الآثار .
8- الريح الطيبة
عن أبى هريرة و ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله يبعث ريحاً من اليمن ألين من الحرير ، فلا تدع أحداً فى قلبه مثقال حبة من إيمان إلا قبضته .
رواه مسلم (3)
عن عياش أبى ربيعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال تجىء ريح بين يدى الساعة ، تقبضن فيها أرواح كل مؤمن. رواه أحمد والحاكم (4)
__________
(1) فتح البارى 4774
(2) فتح البارى 4767
(3) مسلم 117 -(صحيح الجامع 1873 - الصحيحة 1659 )
(4) المسند 3/420 المستدرك 4/489- (صحيح الجامع 2918- الصحيحة 1780)(1/29)
عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى ، ثم يبعث الله ريحاً طيبة ، فَتَوَفى كلَّ من فى قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، فيبقى من لا خير فيه ، فيرجعون إلى دين آبائهم .رواه مسلم (1)
حبة خردل : نبات يضرب بحبوبة المثل فى الصغر .
لا يذهب الليل والنهار : لا ينقطع الزمان ، ولا تأتى القيامة .
فتوفى : أى تتوفى يعنى تأخذ الأنفس وافية تامة .
تقبض روح كل مؤمن فى قلبه مثقال حبة من إيمان ، ويبقى من لا خير فيه ، فيرجعون إلى دين آبائهم وتأتى من قبل اليمن ، ثم يبقى شرار الناس حتى لا يقال فى الأرض (لا إله إلا الله) وعليهم تقوم الساعة .وقيل : يمكث الناس بعدها مائة عام .
9- هدم الكعبة
عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال اتركوا الحبشة ما تركوكم فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة . رواه أبو داود وأحمد والحاكم (2)
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة .رواه البخارى مسلم (3)
ذو السويقتين : أى له ساقان دقيقتان .
الأصح أنه يستخرج كنز الكعبة المهدى ثم يتركه فى الكعبة حتى يستخرجه ذو السويقتين .
استحل الكعبة من قبل جيش يزيد . ثم الحجاج زمن عبد الملك . ثم القرامطة
وهدم الكعبة زمن عيسى . وقيل بعد يأجوج ومأجوج .
والصحيح أن هدم الكعبة بعد الريح . والله أعلم .
10-رفع القرآن ونسيان الإيمان
عن رفيع بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : تذهبون الخَيِّر فالخَيِّر ، حتى لا يبقى منكم إلا مثل هذا -وأشار إلى نواة - وما لا خير فيه .
رواه ابن حبان والحاكم (4)
__________
(1) مسلم 2907 (صحيح الجامع 7683 - الصحيحة 1)
(2) أبو داود 4309 - المسند 5/371 المستدرك 4/453 (صحيح - الصحيحة 772)
(3) فتح البارى 1591 - مسلم 2909
(4) ابن حبان 1832 - المستدرك 4/434(1/30)
عن مرداس الأسلمى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يذهب الصالحون ، الأول فالأول ، ويبقى حفالة كحفالة الشعير ، أو التمر ، لا يباليهم الله تعالى باله .
رواه البخارى (1)
حفالة : بقية رديئة والمراد هنا أسوأهم .
لا يباليهم : لا يقيم لهم وزناً .
عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يُدرس الإسلام كما يدرس وشْىُ الثوب ، حتى لا يُدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة ، ولَيُسْرَى على كتاب الله عز وجل فى ليلة ، فلا يبقى فى الأرض منه آية ، وتبقى طوائف من الناس ، والشيخ الكبير والعجوز يقولون : أدركنا آباءنا على هذه الكلمة : (لا إله إلا الله) ، فنحن نقولها ، فقال له صلة : ما تغنى عنهم : لا إله إلا الله، وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة ؟ فأعرض عنه حذيفة ، ثم ردَّها عليه ثلاثاً ، كل ذلك يعرض عنه حذيفة ، ثم أقبل عليه فى الثالثة فقال : يا صلة ، تنجيهم من النار . ثلاثاً . رواه ابن ماجه والحاكم (2)
يدرس : يهلك وشى : نقشه . يسرى : يذهب به ويرفع .
عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس . رواه مسلم (3)
عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال لا تقوم الساعة حتى لا يقال فى الأرض : الله الله رواه مسلم (4)
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس حول ذى الخلصة . رواه البخارى مسلم (5)
دوس : قبيلة من اليمن تضطرب : تتحرك . أليات : لحم المقعدة .
ذى الخلصة : بيت من أصنام لهم .
__________
(1) فتح البارى 4156 - 6434
(2) ابن ماجه 4049- المستدرك 4/473 (صحيح 8077 - الصحيحة 87)
(3) مسلم 2949
(4) مسلم 148
(5) فتح البارى 7116 - مسلم 2906(1/31)
إن بنى دوس سيرتدون ويرجعون إلى عبادة الأصنام فترمل نساؤهم بالطواف حول ذى الخلصة فتتحرك ألياتهن . و هذا آخر الزمان بعد موت جميع من فى قلبه مثقال حبة من إيمان . " التذكرة "
11-نار تخرج من عدن
عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب . رواه البخارى (1)
أى تخرج من جهة شروق الشمس فتحشرهم جهة غروبها .
عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال أول شىء يحشر الناس نار تحشرهم من المشرق إلى المغرب . رواه الطيالسى (2)
عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ستخرج نار من حضرموت أو من نحو بحر حضرموت قبل يوم القيامة ، تحشر الناس . قالوا : يا رسول الله فما تأمرنا ؟ فقال : عليكم بالشام . رواه أحمد و الترمذى (3)
تخرج أولا من برهوت ويقال له وادى النار ، وهى فى قعر عدن ، وتمر بحيس سيل بالقرب من المدينة ، وتدور الدنيا كلها فى ثمانية أيام ، ويحشر الناس أحياء إلى الشام .
قال ابن حجر : ابتداء خروجها من عدن فإذا خرجت انتشرت فى الأرض كلها .
النار ناران : أحدهما تحشر الناس من المشرق إلى المغرب ولعلها أول الآيات
والثانية : تخرج من اليمن ولعلها آخر الآيات .
عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم : يحشر الناس على ثلاث طرائق راغبين وراهبين ، واثنان على بعير ثلاثة على بعير أربعة على بعير عشرة على بعير ، وتحشر بقيتهم النار ، تقيل معهم حيث قالوا . وتبيت معهم حيث باتوا ، وتصبح معهم حيث أصبحوا ، وتمسى معهم حيث أمسوا .رواه البخارى مسلم (4)
قال الخطابى : هذا الحشر يكون قبل قيام الساعة ، تحشر الناس أحياء إلى الشام .
قبل الساعة
__________
(1) فتح البارى 3329
(2) الطاليسى 2050(صحيح الجامع 2568)
(3) المسند 2/53- الترمذى 2314 (صحيح المسند 5146- صحيح الجامع 3609)
(4) فتح البارى 6522- مسلم 2861(1/32)
عن حذيفة بن أسيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات ، فذكر : الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى بن مريم ويأجوج ومأجوج وثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب . وآخر ذلك نار تخرج من اليمن ، تطرد الناس إلى محشرهم . رواه مسلم (1)
قال القرطبى : هذا الحديث متقن فى ترتيب العلامات وقد وقع بعضها وهى الخسوفات وفى رواية : نار تخرج من قعره عدن ترحل الناس . رواه مسلم (2)
وفى ثالثة ريح تلقى الناس فى البحر . رواه مسلم (3)
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال بادرو بالأعمال ستاً الدخان والدجال ودابة الأرض وطلوع الشمس من مغربها وأمر العامة وخويصة أحدكم . رواه مسلم (4)
سابقوا بالأعمال الصالحة قبل وقوع وحلول هذه العلامات الست .
خويصة : حادثة الموت التى تخص كل إنسان ، وصغرها لاحتقارها فى جانب ما بعدها من البعث والعرض والحساب وغير ذلك .
أمر العامة : قبل أن يتوجه إليكم أمر العامة والرياسة فيشغلكم عن صالح الأعمال
وقيل : القيامة .
الحشر حشران : حشر اليهود إلى الشام - وحشر النار من المشرق إلى المغرب
وابتداء حشرها من اليمن ثم تنشر فلا تعارض .
عن ابن مسعود قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن من شرار الناس من تدركه الساعة وهم أحياء ، ومَن يتخذ القبورَ مساجد . روا أحمد (5)
12-النفختان
__________
(1) مسلم 2901
(2) مسلم2901
(3) مسلم 2901
(4) مسلم2947
(5) المسند 1/405 (صحيح المسند 3843)(1/33)
عن أبى هريرة قال : قال النبى صلى الله عليه وسلم : ما بين النفختين أربعون قالوا : يا أبا هريرة أربعون يوماً ؟ قال : أبيت، قالوا : أربعون شهراً ؟ قال : أبيت قالوا : أربعون سنة ؟ قال أبيت . ثم يُنزل الله من السماء ماء فينبُتُون كما ينبت البقل -وقال عليه السلام : وليس من الإنسان شىء إلا يَبلى إلا عظما واحداً وهو عجْب الذَّنَب ومنه يُركب الخلق يوم القيامة . رواه البخارى و مسلم (1)
أبيت : امتنعت عن القول بتعيين ذلك لأنه ليس عندى فى ذلك توفيق .
عجب الذنب : هو عظم لطيف فى أصل الصلب وهو رأس العصعص بين الألتين"العسيب"
ينبتون : الأموات . إلا يبلى : الأنبياء .
عن أبى سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف أنعم وصاحب الصور قد التقمه وأصغى سمعه وحنى جبهته ، ينتظر متى يؤمر بالنفخ . فقالوا : يا رسول الله ، وما تأمرنا ؟ قال : قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل . رواه أحمد و الترمذى والحاكم (2)
النخفة الأولى : (ونفخ فى الصور فصعق من فى السموات ومن فى الأرض ) الزمر68
النفخة الثانية : (ونفخ فى الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون ) يس36
__________
(1) فتح البارى 4935 مسلم 2955
(2) المسند 3/73 - الترمذى 2431 - المستدرك 4/559 (صحيح شرح السنة 4299)(1/34)
عن ابن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يخرج الدجال فى أمتى فيمكث أربعين (لا أدرى : أربعين يوماً أو أربعين شهراً ، أو أربعين عاماً)فيبعث الله عيسى ابن مريم كأنه عروة بن مسعود فيطلبه فيهلكه ، ثم يمكث الناس سبع سنين ، ليس بين اثنين عدواة ، ثم يرسل الله ريحاً باردة من قبل الشأم فلا يبقى على وجه الأرض أحداً فى قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته حتى لو أن أحدكم دخل فى كبد جبل لدخلته عليه ، حتى تقبضه فيبقى شرار الناس فى خفة الطير وأحلام السباع . لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً فيتمثل لهم الشيطان فيقول : ألا تستجيبون ؟ فيقولون : فما تأمرنا ؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان . وهم فى ذلك دار رزقهم ، حسن عيشهم . ثم ينفخ فى الصور فلا يسمعه أحداً إلا أصغى ليتاً ورفع ليتا قال : وأول من يسمعه رجل يَلُوطُ حوض إبله . قال : فيصعق ، ويصعق الناس . ثم يرسل الله مطراً كأنه الطل فتنبت منه أجساد الناس. ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون . ثم يقال : يا أيها الناس هلم إلى ربكم . وقفوهم إنهم مسئولون . قال: ثم يقال: اخرجوا بعث النار فيقال : من كم ؟ فيقال من كل ألف ، تسعمائة وتسعة وتسعين، قال : فذاك يوم يجعل الولدان شيباً وذلك يوم يكشف عن ساق . رواه مسلم (1)
كبد جبل : وسطه وداخله . فى خفة الطير : فى سرعتهم إلى الشرور .
أحلام السباع : أخلاق السباع .
اصغى ليتا : آمال والليت صفحة العنق وهى جانبه .
يلوط : يطين ويصلح . يكشف عن ساق : يكشف ربنا عن ساقه .
__________
(1) مسلم 2940(1/35)