هذه هي الصوفية
في حضرموت
جمعها
الشيخ : علي بابكر
قدَّمَ له
الشيخ : علوي بن عبد القادر السقاف
الشيخ : أبو بكر بن هدار الهدار
الشيخ : صالح بن بخيت مولى الدويلة
مقدمة الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا وحبيبنا وقرة أعيننا محمد بن عبد الله القائل : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " والقائل : " قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها ، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ، ومن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بما عرفتم من سنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عَضُّّوا عليها بالنواجذ " وعلى آله الطاهرين وأصحابه أجمعين. وبعد
فقد أطلعني الأخ الشيخ علي بابكر - وفقه الله على رسالة مختصرة عن صوفية حضرموت وهالني ما نقله عن كتبهم بالجزء والصفحة من قصص وروايات يأباها الله ورسوله والمؤمنون الموحدون ، وما فيها من نسبة خصائص الربوبية للمخلوق ، ومن ذلك :
1- نفخ الروح في الجمادات ! والله عز وجل يقول : { قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا } سورة الإسراء آية 85 .
2- إحياء الموتى ! والله عز وجل يقول : { ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحي ويميت الموتى وأنه على كل شيء قدير } سورة الحج آية 6 .
3- القول للشيء كن فيكون ! والله عز وجل يقول عن نفسه : { إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون } سورة يس آية 82 .
4- ادعاء علم الغيب ! والله عز وجل يقول : { عالم الغيب فلا يُظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول } سورة الجن آية 26 - 27 . قال : { من رسول } ولم يقل من ولي أو صالح.
5- شفاء المرضى ! والله عز وجل يقول عن لسان إبراهيم الخليل عليه السلام : { وإذا مرضت فهو يشفين } سورة الشعراء آية 80 .
6- ضمان الجنة للمريد ! ومحو سيئاته من اللوح المحفوظ ! ونحو ذلك.(1/1)
كل هذا وغيره من قصص وروايات أخرى - لا يسندها نقل ولا يقبلها عقل - نقلها الشيخ في رسالته هذه ، وهي كفر بواح لا يشك في ذلك مسلم موحد ، لا يجوز اعتقادها ولا روايتها إلا على سبيل التهكم أو الرد عليها . وما هذا الأمر الذي وصل إليه الناس هناك إلا بسبب الهوى والجهل والبعد عن الكتاب والسنة . وإن كنت أختلف مع المؤلف فيما كرر مراراً من أن كل هذا دافعه المادة البحتة أو أنها دعايات للتسويق ولتنشيط السياحة الدينية لجذب أكبر عدد ممكن من الزوار - على حد تعبيره - ولعل أصحابها بريئون من نسبتها إليهم ، فقد كُذب على الرسل والأنبياء من قبل. وعلى أحفادهم وأتباعهم التبرؤ منها ونفي نسبتها إليهم وعدم روايتها على سبيل التصديق ، وأقل حقوق الآباء على الأبناء أن ينفوا عنهم الكفر ويبرئوهم منه وهذا من برِّهم ، فليس من الفخر بشيء أن يكون جد المرء يدَّعي إحياء الموتى أو علم الغيب أو أنه يقول للشيء كن فيكون ، والعياذ بالله.
وإني أدعو أبناء السادة في حضرموت وغير حضرموت إلى الرجوع إلى كتاب الله وسنة نبيه جدهم محمد بن عبد الله ، على نهج سلفهم الصالح أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه
علوي بن عبد القادر السقاف
غرة صفر من عام 1424 هـ
البريد الإلكتروني : AASAGGAF@HOTMAIL.COM
مقدمة الشيخ أبي بكر بن هدار الهدار
الحمد لله رب العالمين ونصلي ونسلم على المبعوث رحمةً للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن سار على نهجهم واستن بسنتهم إلى يوم الدين ، أما بعد
فقد اطلعت على رسالة الشيخ علي بابكر الموسومة ( هذه هي الصوفية في حضرموت ) فألفيتها جيدةً في بابها ، نافعة في محتواها ، فقد عَرَّت هؤلاء المتصوفة مما يدَّعون به من كرامة ، وكشفت عوارهم وبينت ضلالاتهم ، ونبرأ إلى الله من ذلك.(1/2)
وإن كنت أتفق مع الشيخ علي بابكر فيما حكاه عن أحوال هؤلاء الضُّلال فإني أختلف معه في السبب الذي أدى بهم إلى هذه الحال.
فلعل الجهل المتراكم أعواماً مديدة وسنين متطاولة أدى بهم إلى هذه الحال ، أضِفْ إلى ذلك قِلّة العلماء الربانيين أصحاب العقيدة الصحيحة.
ونسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى أن يردنا وإياهم إلى الحق وأن يلهمنا رشدنا ، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه ، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
كتبه
أبو بكر بن هدار الهدار بن أحمد الهدار
حضرموت - عينات
جمادى الأولى 1424 هـ
مقدمة الشيخ صالح بن بخيت بن سالم مولى الدويلة
الحمد لله الذي هدانا للإسلام { وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله } وعلمنا الحكمة والقرآن ، وجعلنا من خير أمة أخرجت للناس ، وألبسنا لباس التقوى خير لباس. أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخيرته من مخلوقاته ، خير الناس للناس ، سراج وهاج ونور ونبراس ، ورحمة وإيناس. صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على دربهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين ، وبعد :
فإن بلاء التصوف قد عمَّ وطمَ ، وشرّق وغرّب في الأمم حتى لا يكاد يخلو منه سهل ولا أكم ، وهذا وإن كان نذير شؤم ومؤشر انحراف ، فإنه عند أهل الجهل والغفلة معيار تصحيح واعتراف ، وليس المقامُ مقام بيان فساد هذا الميزان. وحسبي ما جاء في القرآن : { وأن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله } النساء : 116 ، وقوله سبحانه : { وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين } يوسف 103.(1/3)
كما أنني لا أعني بهذا البلاء تصوف الموالد والحضرات ، فهو أحقر وأظهر من التصدي لكشف زيفه وبيان بطلانه وانقطاعه عن دين الله وهَدْي رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا تصوف السلوك والرياضة والأخلاق [ قال أبو بكر الكتاني : " التصوف خُلق فمن زاد عليك في الخُلق زاد عليك في التصوف ". مدارج السالكين 1/ 499 ] ، فهو مشترك بين أمم الأرض ، مطلوب عند عقلاء العالم ، والناس فيه بين مقصر ومشمَّر ، سار فيه الموفقون المهتدون على درب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، الذي أدَّبه ربُّه فأحسن تأديبه ، وزكّاه وحلاه : { وإنك لعلى خلقٌ عظيم } القلم :4 ، وامتطى غيرهم سبلاً ومذاهب فأساءوا وأحسنوا ، وأصابوا وأخطئوا { قل كلٌ يعمل على شاكلته } الإسراء : 84 .
ولا أعني صوفية الزهد ، فأهل الزهد أكرم وأتقى وأنقى ، جاعوا واحتفوا ، وتخلوا واختفوا " إن كان في الحراسة كان في الحراسة ، وإن كان في الساقة كان في الساقة ، إن استأذن لم يُؤذن له ، وإن شفع لم يُشَفَّع " [ رواه البخاري في صحيحه في عدة مواضع رقم 6453 ، 2886 ، 2887 ] ، يعدون الكرامة إنذارً وتخويفاً ، والحفاوة استدراجاً ، والثناء بلاءً وفتنة ، فإن أُوتوا فمن سوء الفهم تارة ، ومن غلبة الطبع أو الحال الأخرى ، فكل من أحبهم فإن الحق أحب إليه منهم ، يؤخذ من قولهم ويُترك ، ولا يدّعون لأنفسهم العصمة ولا تُدعى لهم إلا من مُخرِّف أو مُحرِّف.
إنما أعني صوفية البلاء والعناء ، الذين يتسترون بما سبق من مظاهر ، ويضمرون خلاف الظاهر { ولتعرفنهم في لحن القول } محمد : 30 ، { لِمَ تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون } آل عمران : 71.
صوفية الوثنية وركام الديانات الشركية ..
صوفية الحلول والاتحاد ، والجرأة والإلحاد ..
صوفية الدجل والخرافة والخلل ..(1/4)
عمدوا إلى أديان الناس وعقولهم فطلبوا إلغائها واجتهدوا في طمس معالمها ، ثم تنافسوا بعد ذلك إدارة الكون ، وإعادة التشريع وبناء المشاهد وصرف الناس إليها. منافسة تبلغ حد الجنون أو تجاوزه ، لدرجة ادعاء بعضهم القدرة على تغيير ما في اللوح المحفوظ ، وآخر القدرة على إطفاء النار وإغلاق الجحيم ، والثالث منادمة رب العالمين ومزاحمته على عرشه العظيم ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا ، في أقوال وأفعال لا يمكن صدورها عن رجل عاقل فضلاً عن مسلم عالم أو فاضل.
وعن داود بن صبيح قال : قلت لعبد الرحمن بن مهدي : يا أبا سعيد إن ببلدنا قوماً من هؤلاء الصوفية ؟ فقال : لا تقرب من هؤلاء ، فإنا قد رأينا من هؤلاء قوماً أخرجهم الأمر إلى الجنون ، وبعضهم إلى الزندقة. [ المنتقى من تلبيس إبليس للإمام ابن الجوزي - علي حسن بن عبد الحميد ص 280 ]
وما يزيد الطين بله والمرض علة ، نسبة أقوالهم الباطلة وأفعالهم العاطلة إلى من لهم سَبْق إلى الدين أو فضيلة اختصهم بها الله رب العالمين ، كنسبة هذا العبث والتخليط للأئمة من أهل البيت. وكل ذلك لترويج الباطل وزخرفته ، وأهل الحق من أهل البيت كغيرهم من طالبيه وقاصديه على منهج خير القرون متبعين مقتدين لا مبتدعين ولا مخترعين ، أحرص الناس على السنة ، وأكثرهم عناية بها ، وهم أولى بها وأهلها ، فمن دارهم خرجت ، وعلى أيديهم برزت ، ثم هم بعد ذلك كغيرهم في غير ما اختصهم الله به ، فيهم العالم والجاهل ، والراشد والضال ، والمهتدي والمنحرف ، بل المسلم والكافر ( ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه ) ونسبهم أدنى للتكليف من التشريف ، وتقصيرهم ي نشر السنة والذبِّ عنها يجلب لهم الذم والتأفيف.(1/5)
أما الكرامات وهي مدار هذه الرسالة اللطيفة فهي كغيرها من أبواب العقائد التي انقسم فيها الخلق إلى غالً ومُجحف ، ومُشَّرَّق ومُغَرَّب ، ومُُثْبت ومُنكَر( وكلا طرفي قصدِ الأمور ذميمُ ) والحق دائماً بين الغالي فيه والجافي عنه ، إلا أن النقص دخل على أهل التصوف في هذا الباب من جهات منها :
أولها : مباهاتهم بها وادعاءاتهم فيها ، والأصل في أهل العلم والدين الخوف واحتقار النفس ، كما هو غالب على حال السلف الصالح رحمهم الله كما قال عمر رضي الله عنه : " والله لو أن لي طلاع الأرض ذهباً لافتديت به من عذاب الله عز وجل قبل أن أراه " [ رواه البخاري في صحيحه رقم 3692 ]
أما هؤلاء فلا تكاد تصدق أن المتكلم بها من أهل الإسلام والاستسلام ، والإجلال والاحترام لله رب العالمين ، وتأمل : عن أبي يزيد البسطامي قال : وددت أن قد قامت القيامة حتى أنصب خيمتي على جهنم . فسأله رجل ولم ذاك يا أبا يزيد ؟ قال : إني أعلم أن جهنم إذا رأتني تخمد فأكون رحمة للخلق. [ ذكره ابن الجوزي في تلبيس إبليس ، انظر المنتقى النفيس ص 457 ]
ثانيها : لعبهم وعبثهم فيها ، حتى عادت في كثير من الأحيان خاضعة للتشهي والتذوق ، وكأن أحدهم في مطعم أو نُزُل يطلب ما يشاء مستخدماً لا مستجدياً ، قال النوري : كنت بالرقة فجاءني المريدون الذين كانوا بها وقالوا : نخرج نصطاد السمك ، فقالوا : يا أبا الحسين هات من عبادتك واجتهادك وما أنت عليه من الاجتهاد سمكة يكون فيها ثلاثة أرطال لا تزيد ولا تنقص. فقلت لمولاي : إن لم تخرج إليَّ الساعة سمكة فيها ما قد ذكروا لأرمِيَنَّ بنفسي في الفرات ، فخرجت سمكة فوزنتها فإذا فيها ثلاثة أرطال لا زيادة ولا نقصان. [ المصدر السابق ص 466 ](1/6)
وإنما دخل عليهم هذا من جهة جهلهم بالحكمة من الكرامات [ أو نفيهم لها كما هي عقيدة الأشاعرة ] ، وأن المقصود بها إنما هو نصرة الدين وإقامة السنة وتأييد ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، لا العبث والتشهي وفرد العضلات وتخويف العامة وكسب الجاه وترويج السياحة الدينية ....
ثالثها : سرقة الكرامات ، ولك أن تطالع التراث الصوفي في عصور وأماكن مختلفة لترى كيف تدور كراماتهم حول قضايا متشابهة تختلف فيها الأسماء والأماكن وتتفق فيها الأحداث والوقائع ، فالحادثتان المتقدمتان تراهما عند صوفية حضرموت أو السودان أو مصر أو المغرب ... أو عند الجميع . [ انظر أمثلة على ذلك في كتاب أولياء الله بين المفهوم الصوفي والمنهج السلفي - للشيخ عبد الرحمن دمشقية ص 157 ]
رابعها: انتحال الكرامات وتوهمها ، ( فمن العباد من يرى ضوءاً أو نوراً في السماء ، فإذا كان في رمضان قال : رأيت ليلة القدر ، وإن كان في غيره قال : قد فُتحت لي أبواب السماء.
وقد يتفق له الشيء الذي يطلبه فيظن ذلك كرامة وربما كان اختباراً ، وربما كان من خِدَع إبليس ، والعاقل لا يساكن شيئاً من هذا ولو كان كرامة ) [ المنتقى النفيس ص 517 ] ، وكل هذا نِتاج العناية الزائدة التي أولاها هؤلاء الصوفية بالكرامات فجعلوا غاية المريد منهم طلب الكرامة ، وكانت وما زالت عناية الصالحين بطلب الاستقامة لا بطلب الكرامة.
وقال ابن الجوزي رحمه الله : " وقد لبّس إبليس على قوم من المتأخرين فوضعوا حكايات في كرامات الأولياء ليشيدوا بزعمهم أمر القوم ، والحق لا يحتاج إلى تشييد بباطل فكشف الله تعالى أمرهم بعلماء النقل. اهـ [ المنتقى النفيس ص 517 ] ، بل تمادوا في ذلك فادّعوا ما لا يصلح إلا لله تعالى ، من معرفة الغيب والاطلاع على اللوح المحفوظ وقراءته سطراً سطراً ، وتسيير الكون والتصرف في أفلاكه ، أو ارتكبوا المحرمات وجعلوها كرامات .(1/7)
وقال ابن الجوزي رحمه الله أيضاً : وعن عبد العزيز البغدادي قال : كنت انظر في حكايات الصوفية فصعدت يوماً إلى السطح فسمعت قائلاً يقول : { وهو يتولى الصالحين } فالتفت فلم أرى شيئاً ، فطرحت نفسي من السطح فوقفت في الهواء . قلت : هذا كذب محال ، لا يشك فيه عاقل ، فلو قدّرنا صحته فإن طرح نفسِه من السطح حرام ، وظنه أن الله يتولى من فعَلَ المنهي عنه باطل ، فقد قال تعالى : { ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة } فكيف يكون صالحاً وهو يخالف ربه ؟ وعلى تقدير ذلك من أخبره أنه منهم ؟؟ وقد اندس في الصوفية أقوام تشبّهوا بهم وشطحوا في الكرامات وادعائها واظهروا للعوام مخاريق صادوا بها قلوبهم. [ المصدر السابق ص 527 ]
خامسها: جعلها شرطاً أو دليلاً على الولاية ، والتوصل بذلك إلى تعظيم أصحابها في القلوب وتمرير أو تبرير أو تقرير ما يقولونه ويفعلونه. قال ابن تيمية رحمه الله : وكثير من الناس من يخلط في هذا الموضع فيظن شخصاً أنه ولي لله ، ويظن أن ولي الله يقبل منه كل ما يقوله ويسلم إليه كل ما يفعله ، وإن خالف الكتاب والسنة ، فيوافق ذلك الشخص ويخالف ما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم ، والذي فرض الله على جميع الخلق تصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر وجعله الفاروق بين أوليائه وأعدائه ، وبين أهل الجنة وأهل النار ، وبين السعداء والأشقياء ، فمن تبعه كان من أولياء الله المتقين وجنده المفلحين وعباده الصالحين ، ومن لم يتبعه كان من أعداء الله الخاسرين المجرمين ، فتجره مخالفة الرسول وموافقة ذلك الشخص ، أولاً : إلى البدعة والضلال ، وآخراً : إلى الكفر والنفاق ، ويكون له نصيب من قول الله تعالى : { ويوم يعض الظالم على يديه ويقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً * يا ويلتي ليتني لم اتخذ فلاناً خليلا * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا } .....(1/8)
وقال رحمه الله : وكل من خالف شيئاً مما جاء به الرسول مقلداً في ذلك لمن يظن أنه ولي لله ، بنى أمره على أنه ولي لله ، وأن ولي الله لا يخالف في شيء ، ولو كان هذا الرجل من أكبر أولياء الله ، كأكابر الصحابة والتابعين لهم بإحسان لم يقبل الله منه ما خالف الكتاب والسنة فكيف إذا لم يكن كذلك ؟
وتجد كثيراً من هؤلاء عمدتهم في اعتقاد كونه ولياً أن قد صدر عنه مكاشفة في بعض الأمور أو بعض التصرفات الخارقة للعادة مثل : أن يشير إلى شخص فيموت أو يطير في الهواء إلى مكة أو غيرها ، أو يمشي على الماء أحياناً ، أو يملأ إبريقاً من الهواء ، أو ينطق بعض الأوقات من الغيب ، أو يختفي أحياناً عن أعين الناس ، أو أن بعض الناس استغاث به وهو غائب أو ميت فرآه قد جاء فقضى حاجته ، أو يخبر الناس بما سُرِقَ لهم أو بحال غائب لهم أو مريض ، أو نحو ذلك من الأمور ، ما يدل على أن صاحبها وليٌ لله ، بل لقد اتفق أولياء الله على أن الرجل لو طار في الهواء أو مشى على الماء لم يُغتر به حتى يُنظر متابعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وموافقته لأمره ونَهْيهِ.
وكرامات أولياء الله تعالى أعظم من هذه الأمور ، وهذه الأمور الخارقة للعادة وإن كان صاحبها ولياً لله فقد يكون عدواً لله ، فإن هذه الخوارق تكون لكثير من الكفار والمشركين وأهل الكتاب والمنافقين وتكون لأهل البدع وتكون من الشياطين ، فلا يجوز أن يُظَن أن كل من كان له شيء من هذه الأمور أنه ولي لله ، بل يُعتبر أولياء الله بصفاتهم وأفعالهم وأحوالهم التي دل عليها الكتاب والسنة ، ويُعرفون بنور الإيمان والقرآن وبحقائق الإيمان الباطنة وشرائع الإسلام الظاهرة ... اهـ [ الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ( ويا له من كنز ) ص 163 - 169 باختصار ](1/9)
وقد نقلته بطوله لنفاسته وكفايته ، فإن المحظور في كثير من الأحيان ليس فيما يُحكى من الكرامات ، وإن كانت مليئة بالمنكرات ، لكن المحظور هو فيما يُبنى عليها من التشريعات والاستغاثات والزيارات والمقامات والتجمعات والمنامات والحكايات .. وهم يهولون بها ويشغلون الناس بعجائبها للتوصل إلى ترويج شركياتهم وبدعهم ( فاحذروهم )
وقد عمد الشيخ علي بابكر وفقه الله في هذه الرسالة إلى مجموعة من المخاريق والخرافات والدعاوى والمنكرات المنسوبة أو المسروقة - كما مر معنا - أو المذكورة بأسانيد مجهولة ، فأبرزها ولسان حاله فيما اعتقد قول ابن الجوزي رحمه الله ( فإن كان ذلك صحيحاً عنهم توجب الرد عليهم ، إذ لا محاباة في الحق ، وإن لم يصح عنهم حذرنا من مثل هذا القول ، وذلك المذهب من أي شخص صدر ... والله يعلم أننا لم نقصد ببيان الغلط إلا تنزيه الشريعة والغيرة عليها من الدخل ، وما علينا من القائل والفاعل ، وإنما نؤدي بذلك أمانة العلم ، وما زال العلماء يبين كل واحد منهم غلط صاحبه قصداً لبيان الحق لا لإظهار عيب الغالط ، ولا اعتبار بقول جاهل يقول : كيف يرد على فلان الزاهد ... لأن الانقياد إنما يكون إلى ما جاءت به الشريعة لا إلى الأشخاص ، وقد يكون الرجل من الأولياء وأهل الجنة وله غلطات فلا تمنع منزلته بيان زلله ... اهـ ) [ المنتقى النفيس ] .(1/10)
وليس إقناع كثير ممن تشربت قلوبهم هذه الضلالة ضروري عند المؤلف - في ظني - وإنما قصد كشف زيفهم وتعرية باطلهم لأهل الفطر السليمة والعقول المستقيمة ممن غره كلام بعضهم وزخارف قولهم. أما هم فكما حكى ابن الجوزي أيضاً عن شيخهم القشيري قوله : " وحجج الصوفية أظهر من حجج كل أحد ، وقواعد مذهبهم أقوى من قواعد كل مذهب ، لأن الناس إما أصحاب نقل وأثر ، وإما أرباب عقل وفكر ، وشيوخ هذه الطائفة ارتقوا عن هذه الجملة .. " [ المصدر السابق ] فهم بلا عقل ولا نقل ، فكيف يُرجى رشاد من كشف عن حاله بسيئ مقاله ، كفى الله الشريعة شر هذه الطائفة.
" فمن أحب النجاة غداً ، والمصاحبة لأئمة الهدى ، والسلامة من طريق الردى ، فعليه بكتاب الله ، فليعمل بما فيه ، وليتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته ، فلينظر ما كانوا عليه ، فلا يعدوه بقول ولا فعل ، وليجعل عبادته واجتهاده على سننهم ، وسلوكه في طريقهم ، وهمته في اللحاق بهم ، فإن طريقهم هو الصراط المستقيم الذي علمنا الله سبحانه سؤاله ، وجعل صلاتنا موقوفة على الدعاء به فقال سبحانه : { اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم * ولا الضالين } آمين.(1/11)
فمن شك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان على الصراط المستقيم فقد مرق من الدين ، وخرج من جملة المسلمين ، ومن عَلِمَ ذلك وصدق به ورضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً ، وعلم أن الله تعالى قد أمرنا باتباع نبيه بقوله سبحانه : { واتبعوه لعلكم تهتدون } الأعراف : 158 وغير ذلك من الآيات ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ، عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة " وقوله صلى الله عليه وسلم : " خير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها " فما باله يلتفت عن طريقه يميناً وشمالاً ، وينصرف عنها حالاً فحالآ ، ويطلب الوصول إلى الله سبحانه من سواها ، ويبتغي رضاه فيما عداها ؟ أتراه يجد أهدى منها سبيلاً ويتبع خيراً من رسول الله صلى الله عليه وسلم دليلاً ؟ كلا لن يجد سوى سبيل الله سبحانه إلا سبيل الشيطان ، ولن يصل من غيرها إلا إلى سخط الرحمن ، قال الله تعالى : { وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون } الأنعام : 153، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خط خطاً مستقيماً فقال : " هذا سبيل الله " وخط خطوطاً فقال : " هذه سُبل الشيطان وعلى كل سبيل منها شيطان يدعو إليه من أجابهم إليها قذفوه في النار " [ رواه أحمد والنسائي ] ، أو كما جاء في الخبر ، فأخبر أن ما سوى سبيل الله هي سُبُل الشيطان ، ومن سلكها قُذِفَ به في النار ، وسبيل الله التي مضى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولياؤه والسابقون الأولون ، واتبعهم فيها التابعون بإحسان إلى يوم الدين ، رضي الله عنهم ورضوا عنه ، وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم ، فمن سلكها سَعُد ، ومن تركها بَِعُد.(1/12)
وطريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته وأخلاقه وسيرته وما كان عليه في عبادته ، وأحواله مشهور بين أهل العلم ، ظاهر لمن أحب الاقتداء به واتباعه وسلوك منهجه ، والحق واضح لمن أراد الله هدايته وسلامته و{ من يهد الله فهو المهتد ومن يُضلل فلن تجد له ولياً مرشدا } الأعراف : 178 [ رسالة في ذم ما عليه أهل التصوف للإمام عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي ص 18 - 20 ] وقد استكتب المؤلف - وفقه الله - الفقير هذه المقدمة على قلة البضاعة حباً لأهل البيت ، وغيرة عليهم أن يروج الباطل والبدع والخرافة باسمهم ، وفصلاً بين الأديان والأقوال والأنساب والأحساب.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، ولا تجعله ملتبساً علينا فنَضِل ، وصلى الله وسلم وبارك وأنعم على الرحمة المهداة ، المنة المسجاة محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
صالح بن بخيت بن سالم مولى الدويلة.
26 / / 1424 هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل : { وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبل المجرمين } [ الأنعام : 55 ] والقائل : { يا أيها الذين آمنوا إن كثيراً من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله } [ التوبة : 34 ]
والصلاة والسلام على رسول الله القائل : " إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين " رواه أبو داود في سننه ، وهو حديث صحيح والقائل : " دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها " فقال حذيفة وهو رواي هذا الحديث : من هم يا رسول الله ، صفهم لنا ؟ قال : " قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا " رواه مسلم .
وبعد : فهذه رسالة مختصرة فيها بيان شيء من عقائد الصوفية في حضرموت أخذناها من كتبهم ومصادرهم.
وفي هذه المقدمة أذكر لك أخي القارئ بعض الأمثلة على ما عند الصوفية من عقائد وأفكار.(1/13)
المثال الأول : جاء في كتاب تذكير الناس بكلام أحمد بن حسن العطاس الذي جمعه : أبو بكر العطاس بن عبد الله بن علوي الحبشي سنة 1393هـ ، ما نصه : وحكى سيدي رضي الله عنه (1) عن الحبيب عبد الله بن عمر بن يحي أنه لما وصل إلى مليبار دخل على الحبيب علوي بن سهل ، فرأى في بيته تصاوير طيور وديكة وغيرها .
فقال : يا مولانا إن حدكم صلى الله عليه وسلم يقول : " يكلف الله صاحب التصاوير يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح "
فقال له الحبيب علوي : عاد شيء غير هذا ؟ (2)
فقال : لا
قال : فنفخ الحبيب علوي تلك التصاوير ، فإذا الديكة تصرخ والطيور تغرد.
فسلم له الحبيب عبد الله بن عمر له حاله. اهـ. [ تذكير الناس بكلام أحمد العطاس ص 155 ]
سبحان الله العظيم !! ذكرتني هذه القصة بالنمرود الذي حاج نبي الله إبراهيم عليه السلام وادعى أنه يحي ويميت { ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنّى يحي هذه الله بعد
موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوماً أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحماً فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعياً واعلم أن الله عزيز حكيم } [ البقرة 258 - 260 ](1/14)
تأمل معي أخي القارئ هذه القصة ، عندما دخل الرجل على الولي المزعوم ورأى عنده المنكر معلقاً في بيته ، فأنكر عليه وذكره بالحديث : " من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة وليس بنافخ " ولاحظ قوله : " وليس بنافخ " .
وقد ورد أحاديث كثيرة في ذم التصاوير مثل حديث " أشد الناس عذاباً يوم القيامة المصورون " وحديث " لعن الله المصورين " وفي الحديث القدسي " ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي ، فليخلقوا حبة ، فليخلقوا ذرة ، فليخلقوا شعيرة " أو كما قال.
وذات مرة دخل النبي صلى الله عليه وسلم على حجرة عائشة فرأى عندها تصاوير في نمرقة ، فوقف على الباب ولم يدخل ، قالت عائشة : فرأيت الغضب والكراهية في وجهه ، فقلت : أتوب إلى الله يا رسول الله ماذا أذنبت ؟ قال : " ما بال هذه النمرقة ؟ " قلت وسادة أتيت بها لك لتوسدها وترقد عليها ، فقال يا عائشة : " إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة ، يقال لهم أحيوا ما خلقتم " ثم قال : " إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلباً أو صورة " قالت عائشة : فمزقت التصاوير. [ رواه البخاري ]
فكان الواجب على هذا الحبيب لما نُصح وذُكر بالحديث أن يستجيب لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ويزيل هذه الصور إن كان من الصالحين { يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون } [ الأنفال : 24]
ولكنه رد بسوء أدب على حديث النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : عاد شيء غير هذا ؟
هل هذه من أخلاق الصحابة ؟
هل هذا من أخلاق المؤمنين ؟
إنهم لا يتأدبون مع أحاديث نبيهم.
ثم بعد ذلك نفخ في تلك التصاوير ، فإذا الديكة تصرخ الطيور تغرد.
فأقول أولاً : ألا لعنة الله على الكاذبين.(1/15)
ولاشك عندي أن هذه القصة مكذوبة ، لأن القوم معروفون بالكذب ولا يتورعون ، وإن صحت هذه القصة فهذا الولي المزعوم ساحر ، وسحر عين الناصح وخيل له أن الديكة تصرخ والطيور تغرد.
ولا يغرنك أقوال أتباعهم إن هذا من باب كرامات الصالحين.
وكيف يكون صالحاً وهو الآن عاص مخالف للرسول صلى الله عليه وسلم وتعليقه للتصاوير.
فإذا كان عاصياً ومخالفاً لأمر محمد صلى الله عليه وسلم ، ومرتكباً لنهي شرعي كيف يكرمه الله بإحياء الموتى !!!
لاشك أن هذه القصة من أقوال الكاذبين أو من أفعال الساحرين.
ثم قال في نهاية القصة : " فسلم الحبيب عبد الله له حاله "
هذا الذي يريدونه ، هم فساق وأصحاب معاصِ ويتظاهرون بالولاية ، ويريدون من الناس ألا ينكروا عليهم وأن يسلموا لهم الأحوال الشيطانية ، ويتذرعون بأن أفعالهم من باب كرامات الصالحين.
والمعروف من سيرتهم أن الصلاح في واد وهم في واد ، والصلاح ليس مجرد دعوى يدعيها الإنسان ، يدعي أنه من الصالحين وأعماله وسيرته تخالف ذلك.
ثم أن الكرامات ليست كالسحر بيد الساحر كلما أراد إظهاره أظهره ، وإنما هي شيء من عند الله يكرم بها أولياء لا قصد لهم فيه ، ولا تحدي ولا قدرة ولا علم.
المثال الثاني : في كتاب الجواهر في مناقب الشيخ أبي بكر(3) تاج الأكابر ، طبعة دار الفكر الحديث بالقاهرة ص 28 الذي جمعه عبد الله بن أحمد الهدار سنة 1391هـ ، وهو الحفيد الرابع للمترجم له .
تكلم المؤلف المذكور عن صاحب الترجمة الشيخ أبي بكر بن سالم وذكر اسمه وتاريخ ميلاده ، وذكر مشايخه ، ثم ذكر ثناء العلماء المعاصرين له ثم ذكر فصلاَ بعنوان : ثناء العلماء عليه قبل ميلاده كشفاً
حيث يقول تحت هذا العنوان
ثناء العلماء عليه قبل ميلاده كشفاً(1/16)
إن ممن أثنى عليه قبل وجوده السيد الولي المكاشف العارف بالله أحمد بن علوي المجذوب بن عبد الرحمن السقاف القاطن بمريمة والمقبور بتريم ، وقد كان يأتي حافة عينات قبل عمارتها بالجهة الغربية وهي أشجار سلم شائكة وأحجار كثيرة ظاهرة ومطمورة ويقف فيها ويقول يولد لنا مولود ، ويكون كبير القدر ويسكنها ويعين
مساجدها ومحل صلاته كما في فيض الأسرار. وفي الزهر الباسم في ربا الجنات لمؤلفه العلامة المحقق الشيخ عبد الله بن أبي بكر قدري باشعيب ، قال فيه : إن السيد أحمد بن علوي المذكور يقول : هذا مسجده ويصلي فيه ويسكن هذا المكان ويشير إلى مواضع منه وهذه بيوته ومساكنه ، فبنى المسجد والبيوت في المواضع المشار إليها ، وفي مجموعة السيد العلامة الكبير الإمام علي بن محمد الحبشي جاء ملخصاً قال : أن مقدمة تربة المصف بقسم الإمام العارف بالله صاحب الكشف الجلي الخارق الحبيب محمد بن أحمد جمل الليل يشير إلى عينات ، وصاحب الترجمة قائلاً سيكون هاهنا ويشير إلى عينات أولادنا ومزارات وقباب وهذا كله قبل ميلاد المترجم له رضي الله عنهم أجمعين.
وقال شيخ الحقيقة وإمام الطريقة سلطان كل الأولياء في وقته الحبيب أبو بكر بن عبد الله العيدروس صاحب عدن:
بدر السعادة قد قرب طلوعه وسوف يظهر
إذا بدا كل الشهب تطيعه ولو تأخر
غصن زكا أصله مع فروعه وزهره أثمر
وأراد به صاحب الترجمة ، وقال بعضهم غيره من جهة الكشف الرباني . وقال الشيخ أبو بكر تحدثاً بالنعمة وتأييداً لكشف هؤلاء الأئمة قصيدة له نفع الله به إقراراً واعترافاً:
قد نار في الكونين نور بدري وقد ذكر فضلي قبيل ذكري
[ الجواهر في مناقب الشيخ أبي بكر بن سالم تاج الأكابر ص 27 ](1/17)
الله أكبر يا عباد الله ، أبو بكر بن سالم المولود سنة 919 هـ بتريم أثنى عليه العلماء قبل ولادته ، وما هي أعمال أبي بكر بن سالم الخالدة ؟ هل جاهد الروم والفرس وكسر شوكتهم ؟ هل أقام الخلافة الإسلامية ؟ هل انشق له البحر كما انشق لموسى عليه الصلاة والسلام وبني إسرائيل ؟
وهل حصل هذا الكلام لمن هو أفضل منه من أمثال الخليفة الزاهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله وغيره من أئمة الهدى أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية وصلاح الدين الأيوبي ؟
ثم هؤلاء الذين أثنوا عليه قبل ولادته ، هل أوحي إليهم من السماء بهذا ؟
الجواب : لا وألف لا ، لأن الوحي انقطع بموت الرسول صلى الله عليه وسلم ، فهو خاتم الأنبياء والرسل فلا نبي بعده.
إذاً كيف علموا بهذا ؟
هل هم يعلمون الغيب ؟
قال تعالى : { قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون } [ النمل : 65 ] وقال عز وجل :{ وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ، ويعلم ما في البر والبحر ، وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين } [ الأنعام : 59 ] وقال سبحانه : { قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك ، أن أتبع ما يوحى إلى ، قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون } [ الأنعام : 50 ] وقال سبحانه : { قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء } [ الأعراف : 18 ]
وروى الإمام البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم : " مفاتيح الغيب خمسة لا يعلمها إلا الله ، لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله ، ولا يعلم ما في غد إلا الله ، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله ، ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله ، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله "(1/18)
تأمل قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : " ولا يعلم ما في غد إلا الله " ، وإذا كان رسول البشرية الصادق الأمين يقول لا يعلم ما في غد إلا الله فكيف يدعي عبد الله الهدار أن هناك من أثنى على أبي بكر بن سالم قبل ولادته وقبل خروجه من بطن أمه. (4)
والله الذي لا إله إلا هو لولا أن هذا الدجل مكتوب أمام عيني لما صدقت أن عاقلاً يتفوه به فضلاً عن أن يكتبه في كتاب ويوزعه على الناس.
قال أبو حيان الأندلسي صاحب التفسير المحيط عند تفسير قوله تعالى : { وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو } : حصر أنه لا يعلم تلك المفاتح ولا يطلع عليها غيره تعالى ، ولقد يظهر من هؤلاء المنتسبة إلى الصوف أشياء من ادعاء المغيبات والاطلاع على علم عواقب أتباعهم وأنهم في الجنة مقطوع لهم ولأتباعهم بها ، ويخبرون بذلك على رؤوس المنابر ، ولا ينكر ذلك أحد ، هذا مع خلوهم عن العلوم ، ويوهمون أنهم يعلمون الغيب ، وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها : " ومن زعم أن محمداً يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية ، والله تعالى يقول : { قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله } ".
وقد كثرت هذه الدعاوى والخرافات في ديار مصر وقام بها ناس صبيان العقول يسمون بالشيوخ ، عجزوا عن مدارك العقول والنقل وأعياهم طلاب العلم:
فارتموا يدعون أمراً عظيماً لم يكن للخليل ولا للكليم
بينما المرء منهم في انسفال أبصر اللوح وما به من رقوم
فجنى العلم منه غضاً طرياً ودرى ما يكون قبل الهجوم
إن عقلي لفي عقال إذا ما أنا صدقت بافتراء عظيم اهـ
[تفسير البحر المحيط 4 / 534 ]
المثال الثالث : ذكر صاحب المشرع الروي(5) [ 2/21] أن الشيخ عبد الله باعباد سأل علوي بن الفقيه المقدم عما ظهر له من المكاشفات بعد موت والده فقال : " ظهر لي ثلاث : أحيي وأميت بإذن الله ، وأقول للشيء كن فيكون ، وأعرف ما سيكون " فقال عبد الله باعباد : نرجو فيك أكثر من هذا " (6)(1/19)
يا للهول يا أمة الإسلام !! اسمعوا ماذا يقول علوي بن الفقيه يحي ؟!! يحي ويميت بإذن الله ، ويقول للشيء كن فيكون ويعرف ما سيكون !!!
أما الأولى : فيكون نمروداً آخر (7) وما أكثر النماريد في حضرموت ، ويلحق بالنمرود الأول الذي نفخ في الديكة والطيور ، وقد تقدم الكلام عليه.
وأما الثانية : فهذا قد نازع رب العالمين في خصائصه ، قال تعالى : { أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون فسبحان من بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون} [ يس : 81 - 83 ]
فلا شك ولا ريب أن هذا قول ساقط وبطلانه واضح ، بل هو فضيحة كبيرة للقوم تبين ضلالهم ، فلا يحتاج إلى رد ولا مناقشة ، ولكن حكم قائل هذا الكلام أنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل.
وأما الثالثة : وهي قوله ( ويعرف ما سيكون ) فهذه تقدم الكلام عليها عند الكلام على زعمهم أن العلماء اثنوا على أبي بكر بن سالم قبل ولادته.
وبعد أخي القارئ هذه الأمثلة الثلاثة تكفيك لبيان ضلال القوم وأنهم على طريقة خلاف طريقة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
وللتوسع في معرفة ما عند القوم اقرأ هذه الرسالة المختصرة التي تكشف القوم على حقيقتهم وتبين حيلهم الشيطانية وأساليبهم الماكرة ، والله الهادي إلى سواء السبيل.
كتبه
علي بابكر
الرياض - ت : 055291959
فاكس : 4140434
ص ب 4612
الرمز البريدي 1141
(
مرت بحضرموت فترات تشتد فيها حاجة الناس ، حيث أن الناس يعتمدون على الأمطار - بعد الله عز وجل - اعتماداً كلياً ولا يوجد أنهار كثيرة ، ويجدون صعوبة في استخراج المياه من الأرض.
وكان الناس يكدح الواحد منهم من بعد صلاة الفجر حتى غروب الشمس لكي يؤمّن قوت يومه له ولأولاده ، وفي مثل هذا الحال نجد أن الصوفية يسلكون طرقاً لكي يؤمنوا لأنفسهم رزقاً حسناً ، واستمع إلى هذه القصة التي ذكرها صاحب كتاب الجواهر في مناقب أبي بكر بن سالم:(1/20)
" جاءت عجوز إلى صاحب الترجمة ( أي الشيخ أبي بكر بن سالم ) بشيء يسير من الطعام نحو حفنتين أو ثلاث ، ولم يكن من الطعام الجيد كالبر ، بل من الكتب ، فتلقاها تحت بيته أحد المتصلين به ، فأخبرته بما معها مسرورة به ، فانتهرها وقال لها : تأتي له القوافل من الجمال الموقرة بالطعام ، أو ما هذه القطة ، فسمع صاحب الترجمة ، فخرج إليها واستقبلها ببشاشة وكرم أخلاق وترحيب وشكرها على ما تحمله من الطعام ، واستلمه في كمّه مسرورا فخوراً ودعا لها ، وسارت العجوز من عنده مجبورة الخاطر" اهـ [ الجواهر في مناقب الشيخ أب بكر بن سالم تاج الأكابر - ص 67 ]
ومثل هذه الحكايات كثيرة في كتبهم ، ومنها أن فلاناً أهدى للشيخ قطيعاً من الغنم ونحو هذه الحكايات.
ما المقصود منها ؟
المقصود تعويد العامة والنساء والأعراب على دفع القرابين لهم ، إما على المشائخ الأحياء أو الأموات ، ويوجد لجان متخصصة من السدنة لاستلام هذه القرابين عن الشيخ والشيخ يتقبلها.
فالمسألة إذا مادية بحتة وأكل أموال الناس بالباطل. (8)
فصل
نبدأ الكلام عن صوفية مدينة عينات.
معلوم أن مدينة تريم هي المدينة المقدسة الأولى عند صوفية حضرموت وهي تعتبر عندهم رابع الحرمين الشريفين ، والسياحة الدينية نشيطة في تريم ، وصوفية تريم يجدون دخلاً جيداً بسبب كثرة الزار ونشاط السياحة الدينية ، فأراد صوفية عينات أن ينشطوا السياحة الدينية في بلدتهم فعملوا مقبرة كبيرة بها سبع قباب ، قبة للشيخ أبي بكر بن سالم الذي لقبوه بتاج الأكابر ، وبقية القبب لأولاده.(1/21)
ومن المعلوم أن الناس لا يزورون بلدة ويكررون الزيارة له إلا إذا كانت هذه البلدة مقدسة ، ومن يزورها يكون له ثواب . فمثلاً مكة شرفها الله ، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها أحب البقاع إلى الله ، وفيها بيت الله ، والصلاة فيها بمائة ألف صلاة ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم : " أن العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما " لأجل هذا صار الناس يزورونها ويترددون عليها.
وكذلك المدينة النبوية ، الصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة ، وكذلك فيها مسجد قباء ، وصلاة ركعتين فيه ورد أن فيها فضلاً.
وكذلك المسجد الأقصى مسرى الرسول النبي صلى الله عليه وسلم ، الصلاة فيه بخمسمائة صلاة.
وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه المساجد الثلاثة هي التي يجوز شد الرحال إليها ، أما غيرها فلا.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد ، المسجد الحرام ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى "
وكما أن زائر المسجد النبوي بعد صلاته ركعتين يقصد القبر النبوي للسلام عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، أراد صوفية عينات أن الناس يقصدون مسجد أبي بكر بن سالم وقبره فألفوا كتاباً بعنوان:
الجواهر
في
مناقب الشيخ أبي بكر بن سالم تاج الأكابر
ولاحظ أن المؤلف هو حفيد للشيخ أبي بكر بن سالم ، لأن الأحفاد هم أولى الناس بالقرابين والصدقات التي تقرب للشيخ ، فماذا قالوا في هذا الكتاب ؟
قال صاحب الجواهر [ ص 206 ] : وعن بعض آل علوي الناسكين ، قال : " رأيت كأني قصدت مكة المشرفة للحج ، فلما دخلت الحرم الشريف لم أجد البيت الشريف زاده الله شرفاً في محله ، فنمت لذلك ، فرأيت رجلاً من آل باعلوي رضي الله عنهم ، فسألته ؟ فقال : سر معي وأنا أدلك عليه ، فسرت خلفه حتى دخلنا عينات ، وإذا خيمة عظيمة عند بيوت الشيخ أبي بكر نفع الله به وأسمع صوته داخلها ، فقال هذا البيت المعظم تحول إلى هنا ، ثم انتبهت " اهـ(1/22)
تأمل هذه القصة ، عن بعض الناسكين من آل باعلوي ( يعني مجهول ) ، قال ( رأيت كأني قصدت مكة ) يعني أنها رؤية منامية ، فهل هو صادق في رؤياه أو كاذب ؟
لابد أن نتأكد ، لأن هناك من يكذب في الرؤيا ويدعي أنه رأى وهو لم يرَ ، لذلك حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من تحلم بحلم لم يره كُلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل " [ رواه البخاري ] ، قال النووي رحمه الله : ( تحلم ) أي قال أنه حلم في نومه ورأى كذا وكذا وهو كاذب . اهـ [ رياض الصالحين - كتاب الأمور المنهي عنها - باب تحريم الكذب ] ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أفرى الفري أن يُريَ الرجل عينيه ما لم تريا " [ رواه البخاري ] .
قال النووي رحمه الله : معناه يقول رأيت فيما لم يره . [ المصدر السابق ]
فهذا الرجل رأى أنه قصد مكة فلم يجد البيت الشريف في مكانه ( فنام لذلك ) وهو في المنام ، ورأى أنه نام في المنام ، ثم في النومة الثانية رأى رجلاً من آل باعلوي فسأله ؟ فقال سر معي وأخذه من مكة وذهب به إلى عينات ، قال : ( حتى دخلنا عينات وإذا بخيمة عظيمة عند بيوت الشيخ أبي بكر نفع الله له وأسمع صوته داخلها ، فقال : هذا البيت المعظم تحول إلى هنا ) .
إذا المقصود من هذه الحكاية تعظيم عينات وتقديسها في قلوب العامة حتى يحرصوا على زيارتها والتردد إليها ، وهو ما يسمى اليوم تنشيط السياحة الدينية ، التي هي سبب من أسباب زيادة الدخل.(1/23)
قال صاحب الجواهر [ص 108 ] : ويحدثنا باشعيب قدري نقلاً عن خط السيد محمد بن عبد الله فدعق بن عبد الرحمن بن حسين بن سالم بن عبد الله ما مثاله سمعت سيدنا وبركتنا الشيخ الحامد وسمعت السيد العارف بالله عبد الرحمن بن حسين يقولان : إن سيدنا وشيخنا فخر الدين القطب الرباني والغوث وبحر العلوم والمعارف الشيخ أبا بكر بن سالم نفعنا الله به يقول : " إن مسجدي هذا من الجنة " اهـ.
المقصود من هذا الكلام تقديس البقاع العيناتية وجذب الزوار ، فأسندوا إلى الشيخ أبي بكر أنه قال : " إن مسجدي هذا من الجنة " ، والعجيب أن أكرم الخلق على الله وخاتم الأنبياء والمرسبين ، والذي مسجده أفضل المساجد بعد المسجد الحرام لم يقل إن مسجدي كله من الجنة ، بل قال : " ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة " [ رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن زيد المازني ] ، وكان بيته عليه الصلاة والسلام لاصقاً بجدار المسجد من الجهة الغربية ، فهو جزء محدد بين بيته وبين منبره ، وليس المسجد كله.
فأين عقولكم يا صوفية عينات ؟ هل تريدون أن تجعلوا مسجدكم أفضل من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟؟
ويذكرني فعلهم هذا بأفعال الشركات والتجار الذين يبالغون في مدح سلعهم ومنتجاتهم ويكذبون في أوصافها حتى يبيعوا أكثر ويربحوا أكثر.
وصدق الله حيث يقول : { يا أيها الذين آمنوا إن كثيراً من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله } [ التوبة : 34 ]
قال صاحب الجواهر [ ص 225 ] : " ومنها كرامته الشهيرة لابنه الجامع للعِلمين سيدنا الإمام الحسين ، وذلك أنه شاوره في بناء مسجد وطلب منه أن يختار له المحل ليبني فيه ، وقال له : اخرج وما تجد فيه نوراً ممتداً من الأرض للسماء فابن فيه.(1/24)
فخرج ووجد نوراً في الأرض بالغاً عنان السماء في نخر(9) عينات في الجهة القبلية ، فبناه وسمي من ذلك الحين مسجد النور ، وهو مسجد الجبانة يصلى فيه على أموات آل عينات من ذكر وأنثى ، قال الإمام الكاشف الحبيب علي بن سالم الأدعج رضي الله عنه ، إنه مسجد القوم وكثيراً ما يجتمع فيه أهل البرزخ ، وقد اجتمع بهم في اليقظة (10) وأمامهم رسول الله والشيخ أبو بكر بن سالم في عدة وقايع جرت له ، كما يحدثنا بها موضحاً في كتابه فيض الله العلي المخطوط ، وقد قام بترميمه وإصلاح المندثر منه الحبيب الإمام العارف بالله المكاشف شيخنا أحمد بن محسن الهدار". اهـ
ولا يغرنك أخي القارئ هذا الكلام ، والمقصود منه هو تقديس البقاع العيناتية لجذب أكبر عدد من الزوار ، وبهذا تنشط السياحة الدينية.
وعقد صاحب الجواهر فصلاً بعنوان:
كثيب (11) الشيخ أبي بكر بعينات
وقال فيه : اسم الكثيب عرف من عهد صاحب الترجمة ، أطلق عليه الاسم ونوَّه به الشعراء ... وقد أشاد به الشعراء وهو ترياق مجرب ودواء ناجع للأمراض المستحكمة المعدية وجرب وشوهد ، وتجربته أكبر برهان:
إذا استطال الشيء قام بنفسه وصفات ضوء الشمس تذهب باطلاً
تضرب له أكباد الإبل في وقاية الأمراض رزقنا الله حسن الاعتقاد والظن الجميل والنية الصادقة . (12)
قال الشيخ عمر بن علي بن إسماعيل باقشير:
ترابها طب الجراح منها المسك فاح
من شمّ هاتيك الرياح غنم واستراح
مرّغ بها الخد يا صاح إن رُمت النجاح
وزر قببها بترتيب يا مولى الكثيب(1/25)
وقد فاضت الأمة إليه والموامي والطوامي من كل مصاب بعلة الجُذام ، وحُبست تلك العلة حبساً عاجلاً. وهذا واضح من الصبح لذي عينين ، لا يكابر فيه مكابر ، وشهد له الأوائل والأواخر. وهو سهم صائب في دفع الأعداء ، وقضية الإمام الحسين شهيرة فقد ضرب الكثيب بعصاه ، وثارت ريح بإذن الله ، وذرّتها في عين إمام صنعاء المسمى سيل الميل ، حين برز العسكر إلى حضرموت وبلغ الحسين ذلك ، وتعذر خروج ما بعينه من الرمل فعدل عن الرحلة. ذكر هذا الإمام الحبيب أحمد بن الحسن العطاس.
وفي تثبيت الفؤاد عن الحبيب عبد الله بن علوي الحداد ، قال تلميذه : اشتكى أهل شبام من السلطان عيسى بن عمر الكثيري ، فقال لهم : ما معنا له إلا كثيب عينات الأحمر ، وبعد أيام قلائل ورد عينات وبات عند المنصب في ذلك الوقت الحبيب علي بن أحمد ، وحين تناول العشاء غص غصة ، أي شرق ومات في الحين ، ونعوذ بالله من الجنايات.
وإلى الآن وهذا الكثيب يُقصد من كل صوب وحدب ، معروف يحتوي على دقيق الرمل ، يوضع منه على العلة للاستشفاء " اهـ.
أخي القارئ ، كل هذا الكلام عن الكثيب وهذه الأبيات وهذه الحكايات ، المقصود منها تشويق قلوب العامة وجذبهم لزيارة عينات ، كي تنشط السياحة الدينية في هذه المدينة الصغيرة وتتحسن الحركة التجارية ويرتفع دخل أهلها ، وبخاصة السدنة ، سدنة البيت المعظم ، أعني فخر الوجود أبي بكر بن سالم.
وأنت تعلم أخي القارئ كم تنفق الحكومات على الدعايات والإعلانات التجارية لتنشط السياحة الدينية والسياحة الترفيهية ، فمثلاً مصر تستفيد كثيراً من الذين يزورون آثار الفراعنة والأهرامات وغيرها.
ومن الآثار التي اخترعها القوم لجذب الناس إلى زيارة عينات ، هو أول مسجد عرفته عينات ، ذكر صاحب الجواهر فصلاً [ ص 26 ] بعنوان :
أول مسجد عرفته عينات(1/26)
" إن أقدم مسجد عرفته عينات الجديدة مسجد جد الشيخ أبي بكر بن سالم ، ومن عمود نسبه الإمام الأكبر الأظهر الأشهر سيدنا محمد بن علي مولى الدويلة .
وهو أول مسجد أسس فيها على التقوى ، وما بناه إلا لكثرة ترداده وتعريجه إليه ، وهناك أخواله آل بالليث وللدعوة إلى الله ونفع العباد، والمسجد فوق سوق عينات ، ووسعه الشيخ الموفق عوض بن أحمد باحنان ، ولم يزل معموراً ، ولم تهدم قبلته الأصلية ، وقد اشتعلت ناراً لما هموا بهدمها ، وتعرف اليوم باستجابة الدعاء ، والتبرك والصلاة فيها " اهـ
الله أكبر لم تهدم قبلته الأصلية أي الجدار الأمامي الذي في المسجد ، واشتعل الجدار ناراً لما هموا بهدمه.
وهنا سؤال ، هل مسجدكم هذا وجداره الأمامي أفضل من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجداره الأمامي ؟
المسجد النبوي هُدم جداره الأمامي وأزيل ووسِّع ، ولم يعترض الجدار ولم يشتعل ناراً ولم ينفجر في وجوه العمال.
ولكن كما ذكرت إنما هي قصص وأكاذيب يختلقونها لجذب أكبر عدد من الزوار إلى مدينتهم المقدسة.
ثم قال : ( وتعرف اليوم باستجابة الدعاء ) ، تعالوا أيها الزوار وشاهدوا هذه الأماكن المقدسة والآثار العجيبة على ذلك التي تحترق في وجه من أراد إزالتها ، وزيادة على ذلك دعاؤكم مستجاب ، فتعالوا واغتنموا الثواب ، وشرفونا تجدون ما يسركم.
فصل
ما تقدم من النقول من كتاب الجواهر هي قصص التقديس البقعة العيناتية، وهناك قصص وأخبار وحكايات فيها تقديس وتشويق لصاحب البقعة العيناتية فخر الوجود الشيخ أبي بكر بن سالم ، وهذا أبلغ في جذب الزوار.
من هذه الحكايات ما ذكر في المقدمة أن العلماء أثنوا على الشيخ أبي بكر بن سالم قبل ولادته.
ومنها ما قاله صاحب الجواهر [ ص 31 ] :(1/27)
وفي مجموعة العلامة الكبير المحقق الحبيب الشيخ علي بن محمد الحبشي ، جمع السيد الفاضل محمد بن عمر مولى خيلة (13) قال : إن الشيخ أبا بكر وأخاه عقيلاً تكلما في بطن أمهما الشريفة طلحة بنت عقيل بن أحمد ابن أبي السكران ، فقال الشيخ لأخيه ما معناه : إن أردت الخروج قبلي فاخرج والظهور في المستقبل سيكون لي ، وإلا فاخرج قبلك ولك ذلك ، فاختار أخوه الخروج وارتضى به ، وكان الظهور لصاحب الترجمة نفع الله بهم. اهـ
المعروف عند المسلمين أن المسيح عيسى ابن مريم أحد أولي العزم من الرسل كانت آيته أنه تكلم وهو في المهد بعد خروجه من بطن أمه، قال تعالى :{ فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئاً فرياً يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغياً فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً وجعلني مباركاً أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً } [ مريم 27 - 31 ]
فالمسيح عليه السلام لم يتكلم إلا بعد ظهوره إلى الدنيا وبعد خروجه من بطن أمه ، وهؤلاء بلغوا بمشائخهم مرتبة أعلى من مراتب الرسل وزعموا أن شيخهم تكلم مع أخيه وخيّره - قبل خروجهما إلى الدنيا - وقال له : إن شئت أن تخرج قبلي فاخرج ولي الظهور في المستقبل ، وإلا فأخرج أنا قبلك ولك الظهور ، فكان أخوه مغفلاً ومستعجلاً ، وطلب الخروج قبل أخيه ففاته الظهور.
فأقول كل هذه الحكايات والخيالات ما هي إلا مجرد دعايات للتسويق ، لجذب أكبر عدد من الزوار ، لتنشيط السياحة الدينية ، فالله المستعان على ما يصفون.
ومنها ما قاله صاحب الجواهر [ ص 34 ] :(1/28)
وكان هذا الإمام في أيام طفولته وعهد دراسته وقبل شهرته العلمية والعالمية مقيماً في قرية اللسك ، ويصلي في مسجد الشيخ الإمام أحمد بن محمد باعيسى المقبور بتريم ، وفي كفالة أبيه ، وقضيته مع إمام المسجد آية من آيات الله الباهرة ، وفراسة بنور الله والكشف الغيبي والجلي ، نرويها بنصها وفصها حرفياً من مجموعة كلام
الإمام المكاشف الحبيب علي بن عبد الرحمن المشهور ، قال نفع الله به :
" إن الشيخ أبا بكر بن سالم كان في صغره جالساً بمكانه بالرقية عند مسجد باعيسى ، وكان في ذلك المسجد معلم ومعه طرف من العلم أو الفقه (14) ، وغالب صلاة الشيخ أبي بكر بن سالم في ذلك المسجد ، فتقدم ذات يوم من الأيام فصلى بالناس ، فشق الأمر على المعلم ، وكان من تلامذة الشيخ شهاب الدين ، فسار إلى تريم ، إلى عند شيخه المذكور، وسأله عن صفة من صفات الإمامة ، فقال الشيخ شهاب الدين يقدم في الصلاة الأفقه ثم الأقرأ إلى آخر ما ذكروه ، فرجع المعلم ، فلما دخل وقت الصلاة وتقدم الشيخ أبو بكر ، فقال له المعلم : لست أحق بالصلاة ، بل الأحق بالصلاة الأفقه ، فقال الشيخ أبو بكر : من الذي قال لك بذلك ؟ فقال : الشيخ شهاب الدين ، فغضب الشيخ أبو بكر فقال : شف أمك في النار خله يندرها (15) ، فبهت المعلم وتحير وسار إلى تريم إلى عند الشيخ شهاب الدين وأخبره بما جرى بينه وبين الشيخ أبي بكر بن سالم وقوله : شف أمك في النار ، فقال له : أنت ما قلت لي إنه الشيخ أبو بكر بن سالم وإلا باقولك خله (16) يصلي بكم ، وهل قال لك الشيخ أبو بكر : شف أمك في النار خله يندرها ؟ قال له : نعم. فأطرق شهاب الدين ساعة ، ثم قال : شفها خرجت من النار، ففرح المعلم وقال أعظم فائدة خروج والدتي من النار ، فرجع إلى القرية وإلى مسجده ، فكاشفه الشيخ أبو بكر في ذلك الوقت ، وقال : شفته خرّجها من النار، وكان الشيخ أبو بكر في ذلك الوقت لا يسمى بالشيخ أبا بكر ، بل أبا بكر فقط ، أو(1/29)
كما قال " اهـ
يا أخواني أنا لست أدري كيف يؤلفون هذه القصص ويخترعونها ، والظاهر والله أعلم أن الشياطين توحي بها إليهم ، قال تعالى : { وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون } [ الأنعام : 121 ]
انظر إلى حكاية : وليد صغير يجترئ المعلم ويتقدم للصلاة بالناس في حضرة المعلم ، ثم يذهب المعلم ويستفتي الشيخ شهاب الدين ، ثم يعود ويغضب الوليد على المعلم ويقول له : شف أمك في النار خله يندرها ، ومتى كان الأطفال يتعرفون على أهل النار؟ وما هو الذنب الذي ارتكبته أمه حتى تكون من أهل النار ؟ فيرجع المعلم إلى شهاب الدين في تريم فيخبره بكلام الوليد فيصدقه شهاب الدين ويخرجها من النار.
هذه ليست نار رب العالمين ، هذه تشبه نار الدجال ، لأنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الدجال معه جنة ومعه نار فمن أطاعه أدخله جنته ومن عصاه أدخله النار ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن جنة الدجال نار، وناره جنة . فهذه النار التي أخرج منها دجال تريم (17) أم المعلم ، هذه ناره إما نار رب العالمين ، فقد قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : { أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار } [ الزمر : 19 ] ، ولكن كما ذكرت لك أخي القارئ كل هذه القصص لتقديس صاحب البقعة العيناتية وتشويق الناس لزيارة عينات.
ومنها ما قاله صاحب الجواهر [ ص 76 ] :
" كان رضي الله عنه مضيافاً كريماً اتفق أهل عصره على أنه أنداهم وأوسعهم براً ، قد فتح بابه بمصراعيه للإكرام وإطعام الطعام بذبح الجمل والجملين لزائريه ، ويتصدق في اليوم والليلة بألف قرص " اهـ(1/30)
انظر أخي القارئ يتصدق في اليوم والليلة بألف قرص ، وهذا الكلام متى ؟ قبل خمسمائة سنة تقريباً ، وفي قرية صغيرة مثل عينات ، قد يكون سلطانها لا يتجاوزون خمسمائة شخص ، ومن أين لأبي بكر بن سالم قيمة ألف قرص كل يوم وليلة وأنتم تقولون أنه رجل زاهد عابد ترك الدنيا وتفرغ للعبادة ، وأين هذا المخبز الذي سيخبز كل يوم وليلة ألف قرص ، والغالب أنه لا يوجد خبازون في قرية مثل عينات وإنما كل أسرة يعجنون ويخبزون في بيتهم.
ولكن المراد من هذا الكلام تحبيب صاحب البقعة العيناتية للناس حتى يزوروا قبره وأطلاله.
ومنها ما قاله صاحب الجواهر [ ص 131 ] :
روى جماعة أنه لما زار ضريح نبي الله هود في سنة إحدى وتسعين في القرن العاشر اجتمع معه خلق لا يحصون ولا يعدون من جميع النواحي والأقطار (18) كل ذلك رغبة في الحضور معه والنظر إليه (19) فلما ركع على حصاة المحضار وطلع إلى بئر التسليم ازدحم عليه الخلق وأكبوا على قدميه يقبلونها ويتمسحون بها ، وكلما دحق دحقة شلوها (20) إلى أن عظم اللغط وكادوا يقتتلون على ذلك ، فلما رأى ذلك منهم بكى بكاء شديداً وجعل يتلو { إن هو إلا عبد أنعمنا عليه } وجعل يكررها " اهـ
الله أكبر !! ازدحم الخلق على أبي بكر بن سالم وأكبوا على قدميه يقبلونها ويتمسحون بها ، وكلما خطا خطوة حملوها ...... الخ
رسول الله أشرف الخلق ، سيد ولد آدم عندما حج وقبّل الحجر الأسود لم يكب الخلق على قدميه يقبلونها ويتمسحون بها.
فالقوم معروفون بالكذب ، ومرادهم من هذه الأخبار تقديس صاحب البقعة العيناتية في قلوب الناس وتشويقهم لزيارة عينات ، وإذا ارتسمت هذه القصة في أذهانهم سيكبون ويتمرغون على ضريح أبي بكر بن سالم ويتمسحون به ، وسيتصدقون بالغالي والرخيص لهذا الولي المعظم ، والمستفيد الأول والأخير من هذه الصدقات هم السدنة المروجون لهذه القصص.
ومنها ما قال صاحب الجواهر [ ص 202 ] :(1/31)
قال - أي أبو بكر بن سالم : إن من زارنا (21) ، أو سمع بذكرنا في مجلس ، أو نظرنا أو نظر ناظرنا فأنا ضمينه غداً بالجنة ، وأن يتخلص من ذنوبه كالمولود من بطن أمه ، ولو كانت ذنوبه تملأ السموات والأرض ، فلا عاد يبقى من ذنوبه مثقال ذرة ، يدل لذلك حديث جدي رسول الله وقوفك بين يدي ولي الله كحلب شاة أو كشيح بيضة إلى آخره (22) ، ثم قال رضي الله عنه : وإن من زارنا ينال ذلك من الصالحين الطالبين. وقلت في ذلك شعراً :
فيا زائري أبشر بسولك والمنى وترقى مراقي العز في كل حضرة
بزورتنا تعلو على كل فائق وتحظى بجنات المعارف ونفحة
ومما يؤيد صحة هذه الرواية ما نقله السيد العارف بالله أحمد بن زين الحبشي في شرح العينية عن شيخه العارف بالله عبد الله بن علوي الحداد عن ترجمة السيد الولي العارف بالله الإمام عبد الرحمن بن أحمد بن عيديد علوي قال : أدركت سيدنا الشيخ أبا بكر بن سالم صاحب عينات وكان يقول لمن حضره : انظروا إليّ فإني قد نظرت الشيخ أبا بكر بن سالم ، وناظري وناظر ناظره في الجنة ، وكذلك نقل السيد العارف بالله محمد بن زين بن سميط عن السيد المذكور بلفظه والشيخ أبو بكر يقول ناظري وناظر ناظري في الجنة ، قال الشيخ عبد الله قدري باشعيب : رأيت السيد العلامة محمد بن عنقاء اليمني نفع الله به ، قال ذلك وزاد عليه فقال في مدح الشيخ نفع الله به آمين والمسلمين أجمعين شعراً :
وشفعه الرحمن في أهل عصره شفاعة مسموع مطاع مفضل
وفيمن رآه أو رأى من رآه أو رأى من رآه فهو أفضل مؤمل
وقد قاله لي في منام رأيته حباني فيه كل خير مسهل " اهـ(1/32)
انظروا يا عباد الله إلى هذا الكلام ، وكيف وصل بهم الحرص على الدنيا والطمع في المال إلى أن يقولوا مثل هذا الكلام ، وإذا كان سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم لم يقل هذا الكلام ، أن من رآه في الجنة بل ومن رأى من رآه في الجنة ، وكيف يكون كل من رآه صلى الله عليه وسلم في الجنة وقد رآه أبو جهل وأبو لهب ، ورأس المنافقين عبد الله بن أبي وغيرهم ، فهل يكون هؤلاء في الجنة ؟!!!
ثم أن هذا الشاعر الغوي يزعم أن الرحمن شفعه في أهل عصره ، وما أدراهم أن الرحمن شفعه في أهل عصره ؟ هل نزل عليهم الوحي بذلك ؟ ولكن صدق القائل صلى الله عليه وسلم : " إذا لم تستح فاصنع ما شئت " ، ولكن كما ذكرت لك ، المسألة مسألة دعاية وإعلان وترويج وترغيب لزيارة صاحب البقعة العيناتيه.
ومنها ما قاله صاحب الجواهر [ ص 227 ] :
كراماته التي كاشف بها بعض المتصلين
وظهر لهم منه كشفاً
فمنها ما في الزهر الباسم عن الشريف عمر بن محمد بن علي باهارون علوي قال عن الثقات (23) : " كانت امرأة بالقبلة تسمع بكراماته فقالت وهي في جربة لها : أود أن انظر الشيخ أبا بكر بن سالم ، فما تمت كلامها إلا وهي به يقول لها : أنت تريدين تنظرين الشيخ ، أنا أبو بكر بن سالم فغاب عنها ، ثم أنها خرجت لزيارته (24) ، فما وصلت إليه قالت : هو ذلك الرجل جاءني في جربتي ، فقال لها : أنا ذلك ، وكان بين بلدها وعينات مسيرة نصف شهر، ولم يدخل الشيخ تلك الجهة " اهـ
لماذا تمنت هذه المرأة أن تنظر للشيخ أبي بكر بن سالم ؟
هل تريد أن تخطبه لنفسها ، وما تم كلامها إلا والشيخ عندها ، قطع مسيرة نصف شهر قبل أن تتم كلامها ( ألا لعنة الله على الكاذبين ).
وهل يجوز لأبي بكر بن سالم أن ينظر إليها وهي امرأة أجنبية ؟
الجواب لا يجوز ، قال تعالى : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون } [ النور : 30 ].
ومنها ما قال صاحب الجواهر [ ص 326 ] :(1/33)
" ومن كراماته المتعلقة بزوجاته أن بعض زوجاته أظنها من آل أحمد القبيلة المعروفة ، وكان له منها طفل ، فحصل منه ليلة من التلويث ما يحصل للصبيان ولم يكن عندهم سراج ، فسألته أن يأتي منابر لتبصر بها ما تصنع ، وكررت عليه ، فأخرج لها إصبعه وأضاء لها ضوء السراج حتى فرغت عن الغرض " اهـ.
وهذه القصة كغيرها ، المراد منها تقديس صاحب البقعة العيناتية أبي بكر بن سالم لجذب الزوار إلى ضريحه ومرقده بعينات. قال الشوكاني رحمه الله : وقد يجعل الشيطان طائفة من إخوانه من بني آدم يقفون على ذلك القبر ، ويخادعون من يأتي إليه من الزائرين ، يهولون عليهم الأمر ، ويصنعون أموراً من أنفسهم ، وينسبونها إلى الميت على وجهٍ لا يفطن له من كان من المغفلين ، وقد يصنعون أكاذيب مشتملة على أشياء يسمونها كرامات ، لذلك الميت ويبثونها في الناس ، ويكون ذكرها في مجالسهم وعند اجتماعهم بالناس فتشيع وتستفيض ، ويتلقاها من يحسن الظن بالأموات ، ويقبل عقله ما يروى عنهم من الأكاذيب ، فيرويها كما سمعها ، ويتحدث بها في مجالسه ، فيقع إليها في بلية عظيمة من الاعتقاد الشركي ، وينذرون على ذلك الميت بكرائم أموالهم ، ويحبسون على قبره من أملاكهم ما هو أحبها إلى قلوبهم ، لاعتقادهم أنهم ينالون بجاه ذلك الميت خيراً عظيماً وأجراً كبيراً ، ويعتقدون أن ذلك قربة عظيمة ، وطاعة نافعة ، وحسنة متقبلة ، فيحصل بذلك مقصود أولئك الذين جعلهم الشيطان من إخوانه من بني آدم على ذلك القبر.
فإنهم إنما فعلوا تلك الأفاعيل وهولوا بتلك التهاويل ، وكذبوا تلك الأكاذيب ، لينالوا من الحطام من أموال الطغام الأغتام (25) .(1/34)
وبهذه الذريعة الملعونة ، والوسيلة الإبليسية ، تكاثرت الأوقاف على القبور ، وبلغت مبلغاً عظيماً ، حتى بلغت غلات ما يوقف على المشهورين منهم ما لو اجتمعت أوقافه لبلغ ما يقتات أهل قرية كبيرة من قرى المسلمين ، ولو بيعت تلك الحبائس الباطلة لأغنى الله بها طائفة عظيمة من الفقراء ، وكلها من النذر في معصية " اهـ [ شرح الصدور بتحريم رفع القبور ص 16 - 18 ].
فصل
وبعد هذه الأخبار والحكايات والأساطير في فضل عينات وفي فضل صاحب عينات ، لم يكتف أصحاب عينات بذلك ، لأن من الناس لا يأتي إلى عينات إلا إذا كان له مصلحة دنيوية مثل شفاء المرضى ونحو ذلك. فألف أصحاب عينات مجموعة من القصص تبين أن الشيخ كان يشفي المرضى ، وأن عينات فيها ما يشفي المرض.
قال صاحب الجواهر [ ص 109 ] :
ومنها ما أخبر به بعض الصالحين ، قال : " مرض صاحب لي وأشرف على الموت ، فقصدت سيدي الشيخ واستغثت به ، فقال أبشر فإنه يعافى من ذلك المرض ، وإني رأيت ورقة خضراء ووجدته صحيحاً نفعنا الله به " اهـ
قال صاحب الجواهر [ ص 109 ] :
قال سمعت سيدنا العارف بالله الشيخ الحسن يقول : " أنه في وقت البرد أدفأ ما يكون في المسجد ، وسمعت أحداً من السادة يقول إنه وقع به رمد واشتد به فخرج إلى المسجد المحدد وجلس فسكن ما به وأصبح معافى "اهـ.
كل هذا الكلام لجذب الناس وترغيبهم في زيارة عينات تلك المدينة المقدسة التي مسجدها من الجنة ويكون دافئاً وقت البرد وبه يشفى من به رمد.
وقال صاحب الجواهر عن كثيب عينات [ ص 117 ] :
وهو ترياق مجرب ودواء ناجع للأمراض المستحكمة المعدية ، وجرب وشوهد ، وتجربته أكبر برهان ، تضرب له أكباد الإبل في وقاية الأمراض رزقنا الله حسن الاعتقاد والظن الحسن الجميل والنية الصادقة ، قال الشيخ عمر بن إسماعيل باقشير:
ترابها طب الجراح منها المسك فاح
من شمّ هاتيك الرياح غنم واستراح
مرّغ بها الخد يا صاح إن رُمت النجاح(1/35)
وزر(26) قببها بترتيب يا مولى الكثيب
والكثيب هو الكومة من الرمل ، وهذا الكثيب موجود بعينات ، وتأمل كيف يبالغون في وصف هذا الكثيب " أنه
ترياق مجرب ، ودواء ناجع للأمراض المستحكمة والمعدية ، وجرب وشوهد .... ثم قال : تضرب له أكباد الإبل " هذا هو غرضهم ومقصودهم ، حث الناس على السفر إلى عينات والتبرك بآثارها التي من الجنة على زعمهم.
قال صاحب الجواهر [ ص 213 ] :
حوالة الشيخ أبي بكر على تلميذه الإمام عبد الرحمن الجفري بتريس(1/36)
جاء في كنوز السعادة الأبدية من أنفاس الإمام الأكبر والكبريت الأحمر الحبيب علي بن محمد الحبشي ، جمع الإمام الكامل محسن بن عبد الله بن محسن السقاف بتصحيح الحبيب القدوة التقي أبي بكر العطاس بن عبد الله الحبشي قال نقلاً عن مناقب الحبيب العارف بالله عبد الرحمن بن محمد الجفري صاحب تريس تلميذ الشيخ أبي بكر ، وخلاصتها : " أن رجلاً غريباً مرض مرضاً أعيا الأطباء ، وقال بعض الصالحين مرضك هذا لا يشفى إلا بأكل الحلال الصرف (27) ، وقال له لا يوجد إلا بحضرموت ، فخرج وسأل عن المشهور فيها ، فقيل له الشيخ أبو بكر بن سالم صاحب عينات ، فسار إليه وشكى له ، فحوّله على تلميذه الحبيب العارف بالله عبد الرحمن بن محمد الجفري ، فسار إليه لتريس ، وصادفه يسني (28) في زرع له ، وظنه خادم الحبيب ، ولما دخل وقت الصلاة قام الغريب يصلي والحبيب في سناوته وخرج وقت الصلاة (29) ، ثم قال الحبيب له : وما تريد من عبد الرحمن الجفري ، فأخبره بمقصوده وحوالة الشيخ أبي بكر عليه ، فقال له الحبيب عبد الرحمن الجفري : حوالة الشيخ أبي بكر مقبولة ، أدخل إلى هذا القضب (30) واملأ بطنك منه ، ففيه دواءك وشفاؤك إن شاء الله . فأكل الغريب منه حتى شبع ، فأمره الحبيب أن يتمشى ساعة بعد الأكل ، فامتثل لأمره وتحركت بطنه ، فخرج منها كل داء ومرض ، وجاء إلى الحبيب يحمد الله يشكره على العافية. فأمره بالطلوع إلى بيته وأضافه وأكرمه ، ولما همّ بالخروج أهدى إلى الحبيب شيئاً من الدنانير (31)(1/37)
فقال له الحبيب أنت أحوج منا إليها ، ولم يقبلها ، فكلّف عليه الرجل في أخذها ، فمسح الحبيب عيني الرجل فرأى الجبل الذي تجاهه قد صار ذهباً أحمر ، فقال له الحبيب ماذا ترى ؟ فأخبره بما شاهده ، فقال له الحبيب : نحن بحمد الله في غنى ولا نسني إلا لستر الحال وطلب الحلال ، قال الغريب : إنه وقع ببالي شيء من مرور وقت الفريضة عليك وأنت تسني ، فدخل به الحبيب إلى خلوات ، فوجد في كل واحدة منها صورة الحبيب عبد الرحمن يصلي فاعتذر إليه الغريب (32) وشكره على حسن صنيعه وتوجه إلى أرضه في عافية " اهـ
المراد من هذه القصة جذب أكبر عدد ممكن من الزوار ، لأنه إذا كان تلميذ أبي بكر بن سالم يستطيع أن يشفي المريض الذي أعيا الأطباء مرضه ، فإن تلاميذ تلاميذ الشيخ أبي بكر بن سالم موجودون بعينات ، وسدنة ضريح أبي بكر بن سالم موجودون ، وضريح أبي بكر بن سالم موجود في أرض عينات المقدسة ، وما على المريض إلا أن يتوجه إلى عينات ويحضر معه ما تيسر من الدنانير - كما فعل الغريب - ويعطيه للسدنة ويتوسل بالشيخ أبي بكر بن سالم (33) أو يستشفي برمل كثيب عينات وسيجد الشفاء العاجل.
قال صاحب الجواهر [ ص 26 ] :
وخرار المذكورة تدعى مقبرة باليث في الجهة النجدية من ساحة النخر وفيها قبر والدة الإمام العظيم سيدنا محمد بن علي مولى الدويلة واسمها سعيدة بنت سعيد باليث وقبرها اليوم غير معروف ، والمقبرة لا تزال في وقتنا هذا معروفة وفيها قبر حِسْن بكسر الحاء المهملة وسكون السين وبعدها نون. ويتحدث الناس قديماً وحديثاً أن من له مولودٌ لم يظهر نموه كأمثاله يوضع عند قبرها وحده ويترك ثم يعاد لأخذه من عند ذلك القبر ، فإما أن ينمو نمواً مطرداً معهوداً أو يموت قريباً. وهذا معروف مجرب لا يختلف في ذلك اثنان. اهـ
عجيب أمر هذه العجوز ، فإنها لا تعرف أنصاف الحلول ، إما أن يُشفى المولود وإما أن يُقضى عليه ويُؤخذ عمره !!!
والله المستعان على ما يصفون.
فصل(1/38)
لم يكتف أصحاب عينات بما تقدم من الخيالات والخزعبلات ، والظاهر أن التنافس كان قوياً بينهم وبين أصحاب تريم ، كل منهم يحاول أن يجذب أكبر عدد ممكن من الزوار.
وهناك من الناس من ليس عنده مريض ، ولكن لم يرزقه الله ولداً ولا تحمل امرأته أو عنده أناث وهو يريد الذكور ، فألف أصحاب عينات بعض القصص التي تفيد أن الفخر أبا بكر بن سالم كان سبباً في حصول الأولاد لبعض الناس ، وكل من لم يُرزق بأولاد فما عليه إلا أن يقدم إلى عينات وعليه أن يجلب معه قرباناً للشيخ ( كخروف سمين أو دنانير ) ويقف عند قبر الشيخ ويتوسل به (34) ويعطي القربان للسدنة وسيجد مطلوبه.
قال صاحب الجواهر [ ص 223 ] :
ومنها ما أخبر به بعض مشائخ المهرة (35) قال جئت أنا وجماعة لزيارة سيدي الشيخ أبي بكر ، فوجدناه بقرية قسم ، فلما انقض المجلس خرجنا ثم دعاني الخادم للغداء وقد غاب واحد من أصحابنا ، فطلعوا على سيدي الشيخ ، وبعد أن أكلنا طلع صاحبنا ، فقال : يا سيدي إني جئت والباب مقلود (36) فقال الغدا والخير يحصل ، فقال ما عاد أريد غداء إلا حاجة أخرى ، قال قل ما شئت ، قال معي زوجة لها عشرين سنة لم تحبل عقيم أريدها تحمل لي بولد ذكر ، فقال الشيخ : كان كذلك تحمل وستأتي بذكر ، فلما وصلنا ظََهَرَ حملها ذلك الشهر ، وأتت له بولد ذكر " اهـ
يوجد من نساء البادية من لا يحملن ، وكذلك بعض نساء القرى والمدن لا يحملن ، إذا سمعن بمثل هذه القصة يتوافدن إلى عينات ويزرن الشيخ لطلب الولد ، والشيخ لا يعطي الولد مجاناً ، لابد من قرابين تقدم للشيخ ، والذي يستلم القرابين هم السدنة ، فهم المستفيدون من هذا الكلام ، لذلك يروجون مثل هذه القصص والكرامات.
قال صاحب الجواهر [ ص 114 ] :(1/39)
وواقعة الفنجان تكررت ثلاث مرات في هذه الدار ، الأولى : لما دخل عليه الشيخ عبد الرحيم البصري المكي وعند الفنجان من القهوة ، كاشفه بما في خاطره ، ومد الفنجان من يده من النافذة إلى مكة المكرمة من داره وناوله زوجته ، وقال يا عبد الرحيم أصلحنا بينك وبين زوجتك المكية ، وستجيء لك بولد إن شاء الله ويكون عالم مكة ومفتيها ، وسماه عمر ، قال الشيخ عبد الرحيم فعدت فوجدت كلامه حقاً وصدقاً وألقى الله المحبة بيني
وبين زوجتي وأخبرتني بدخول الشيخ عليها ومناولته لها فنجان القهوة وشغفها به بعد ذلك ، ثم قدر الله له الولد الذكر ، وكان عالم مكة ومفتيها وهو صاحب الحاشية على تحفة المحتاج ، وتم ما قاله الشيخ أبي بكر رضي الله عنه ونفعنا به ، آمين.
الثانية : أن السيد عبد الرحمن بن أحمد البيض تلميذ الشيخ أبي بكر دخل عليه في داره ومعه رجل اسمه عثمان خطيب ومعه فنجان قهوة ، فقال يا سيد عبد الرحمن همك كثرة البنات بلا ذكر ، يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور ، فقال : نعم سيدي خرجنا لنظرك ولذلك ، فقال : البنات مسعدات دين ودنيا ، وبشراك بولد يختم القرآن ، ثم غيره ، اشرب القهوة بنيتها وناوله الفنجان ، وأنت يا عثمان همك كثرة العولة ، أصلحناك وذريتك وتتسع دنياهم وأنت مجمل جبا بالقهوة ، وناوله الفنجان الثاني وقال : اشرب بنيتها.
فوالله ما نقص حرف من لفظ الشيخ وطلعت الشحر وحضرت أعراس بناته على سادة ذوي تجارة واسعة ، ثم بعد أيام حضرت ختم ولده الموعود بختمة ، وبسكوت الشيخ أنه يموت.(1/40)
والثالثة: أنه دخل عليه في داره ، فقام له الفخر وعظمه وأقبل عليه ، وقال له أنت الشيخ المكي صاحب مكة ، مدرس الحرم الشريف ، فقال هل عندك أحد من الأولاد فقال : لا ، إلا أن زوجتي هذا شهر وضعها ، فأحضرت القهوة وكان فنجان سيدنا الشيخ أبي بكر فنجاناً أحمر فأخذه بيده إلى النافذة ، فقال يا شيخ بكري أشرفنا على زوجتك بمكة وهي متعسرة الولادة لها ثلاثة أيام أعطيناهم الفنجان وقلنا لهم اسقوها ، فأخذت لشفة منه ، وقد ولدت غلاماً مباركاً وقلنا لهم سموه فلاناً ، وبقي الفنجان عندهم وأنت تجده عند أهلك إن شاء الله ويخبرونك بالقصة وسيكون الابن عالم مكة إن شاء الله ، فكان كما قال وحققه الله ذو الجلال ولله الحمد. اهـ
من الذي يرزق الأولاد أهو رب العالمين أم أنه الشيخ أبو بكر بن سالم ؟ قال تعالى : { يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير } [ الشورى : 45 - 50 ] ، ولكن كما ذكرت لك المقصود من هذا الدجل كله ومن هذه القصص جذب الزوار وتنشيط السياحة الدينية في مدينة عينات.
تجارة القبور والكرامات
إنه مشروع ناجح (37) ويدر رزقاً كثيراً على أصحابه ، ولا يكلف كثيراً ، إنما هو بناء قبة على قبر الشيخ وتزيينها وزخرفتها وكتابة أوراق في كراماته ، لكي يعتقد الناس فيه ويكثر الزوار وأصحاب الحوائج.
وهذا ما فعله أصحاب عينات مع فخر الوجود أبي بكر بن سالم ، وقد حثوا الناس على زيارته ورتبوا عليها الثواب الجزيل.
قال صاحب الجواهر [ ص 201 ] :
يحدثنا أهل المناقب أن زيارته تكون نقداً أي يداً بيد ، ويروى أن زيارته دهليز الزيارة لنبي الله هود عليه السلام جمعاً وانفراداً ، ويقال إنه يقول : خذه لي ما تستاهل هكذا يقول الحبيب الإمام أحمد بن محمد المحضار ، وقد بشر زائريه وقال :
فيا زائري أبشر بسولك والمنى وترقى مراقي العز في كل حضرة(1/41)
بزورتنا تعلو على كل فائق وتحظى بجنات المعارف ونفحة. اهـ
وتقدم أنهم نقلوا عن الفخر أنه قال : " من زارنا فأنا ضمينه غداً بالجنة "
قال صاحب الجواهر في وصف الفخر [ ص 148 ] :
السيد الأكبر طراز النور الأخضر الكبريت الأحمر الكعبة المطهرة الغراء ، فهو بالحج إليه من غيره أحرى ، الذي ما شرب شارب من صبابة كأسه ولا ظهر إلا بإظهاره بعد إندراسه ، وظفرت بالمطلب الذي كنت أحاوله فغنمت الكنز الأعجب فطالما كنت أزاوله فهو شمس الوجود وعين الشهود الشريف الشيخ أبو بكر بن سالم . اهـ
وإسلاماه يا عباد الله ، انظروا إلى أي حد وصل بهم حب المال ، وكيف يقول عنه : " الكعبة المطهرة فهو بالحج (38) إليه أحرى من غيره " ، هل الحج إلى أبي بكر بن سالم أحرى من الحج إلى مكة ومن منى وعرفات ؟
سبحانك هذا بهتان عظيم .. هل زيارة أبي بكر بن سالم أحرى من زيارة المسجد النبوي ؟
سبحانك هذا بهتان عظيم ...
قال صاحب الجواهر [ ص 177 ] :
وهل كعبة الحج إلا إذا بدا محياه في دار يُزان بها الربع
وهل محرمٌ إلا إذا حج بيته ملب إلى عينات يزعجه النجع
وهل عرفات غير عرفان قدره وهل مشعر إلا ذراه لمن يدعو
وهل حجرُ إلا أناملُ كفه حقيق أن يجري بموقفه الدمع .اهـ
انظروا يا عباد الله كيف يزهدون في زيارة المشاعر المقدسة التي قدسها رب العالمين وأجمعت الأمة كلها على قداستها ، ويُرَغِبون الناس في زيارة البقعة العيناتية وصاحب البقعة العيناتية ، إنه حب الدرهم والدينار ، طغى على عقولهم وقلوبهم ، ولا يبعد القول أن صنيعهم هذا يشبه صنيع أبرهة عندما أراد أن يصرف الناس عن الكعبة المشرفة إلى كعبته التي بناها في صنعاء.
قال صاحب الجواهر [ ص 12] :
وفيه يقول الأمير محمد بن جعفر الكثيري :
إن جئت عينات فحي ثراها واستنشق العرفان من رباها
والصق جبينك بالتراب مقبلاً شكراً لمن أولاك لثم ثراها
بلد أقام بها الكمال وحبذا بلد غدا الغوث العظيم حماها(1/42)
واستقبل الشيخ المعظم خاشعاً في ذل نفس كي تنال مناها
فصل
ولما كان كثير من الناس يتأثر كثيراً بالشعر نظم أصحاب عينات عشرات القصائد في مدح أبي بكر بن سالم ، ليجذبوا الزوار إليهم وتنتعش الحركة الاقتصادية ، والمستفيد الأول هم سدنة الضريح ، ضريح فخر الوجود وعين الشهود أبي بكر بن سالم ، وأذكر منها بعض الأبيات.
قال صاحب الجواهر [ ص 199 ] :
هنيئاً لمن أضحى يقبل نعله ويجعله تاجاً يصون عن الدوس
وقال صاحب الجواهر [ ص 149 ] :
يا طالب الحاجات دونك بابه والزمه تظفر بالذي تسعى له
ما راع أمر هائل إلا غدا في كل حين رافعاً أهوى له
كم من بلاء أوهنت أثقاله فأماط فيها بالرجا أثقاله
كم ألبس المسلوب ثوباً معلماً فغدا أميناً لم يخف ما هاله
وقال صاحب الجواهر [ ص 176 ] :
هو العروة الوثقى إذا كنت واثقاً هو الدافع الضراء هو الخير والنفع
هو المجتبى لولاه ما كان في الورى من الخلق لا وتر يكون ولا شفع
هو الذروة العليا هو الدرة التي بها تم للرسل النظام ولا نزع (39)
هو الآية الكبرى هو النقطة التي يدور بها الإعطاء للخلق والنفع
هو المظهر الأعلى هو الفيصل الذي أتى بالهدى والدين لما أتى يدعو
هو المركز الأعلى هو المرجع الذي لأفلاك كل الرسل حقاً له الرجع
أقام لهذا السر في كل مدة إمام له قلب وغوث له سمع
خليفة سر لا زال مؤيداً ممداً لهذا الكون كيما ترى السبع
وهذا زمان غوثنا فيه سيد إمام وقطب للفقير له ودع
هو الوارث الأسرار ذلك ابن سالم أبو بكر العالي له الخفض والرفع
حباه إله العرش أسنى وظيفة هو العرش والكرسي هو الفرق والجمع
هو اللوح للأسرار في كل عالم هو القلم الجاري يقيناً فلا بدع
هو المانح السراء هو الكاشف الردى هو الدافع الضراء حقاً له الرفع
وقال صاحب الجواهر [ ص 178 ] :
ولولاه ما كان لحجيج معرفاً ولا مشعر يسعى إليه ولا سلع
ولولاه ما غيث ولا مزن وابل ولا نبت في الوادي ولم يخصب الزرع(1/43)
ولولاه ما كان المحصب من منى به الأمن لما بالحجيج له دفع
ولولاه ما كانت مساجدنا التي بجمعتنا فيها يقوم بها الجمع
ولولاه ما كانت بقلب مراحم على بعضنا والزجر حيناً كذا الردع
ولولاه ما كانت قضاة وشرعة وحكام عدل للبغاة لهم صقع
ولو شئت أن أثبت عنايات فضله لأعيا جميع الخلق من شرحها التسع
أيا غوث هذا الوقت إن عبيدكم يروم إجازات يكون بها النفع
على بابك العالي عليّ فكن له بدنيا وأخرى حصنه لك إذ يدعو
إلى أن قال :
ومن لا أسميها لأنك عالم بما في ضمير العبد لما بكم يدعو
وألبسهم ثوب شفاء وعزة فإنك حرز أيها الحصن والدرع
وزيّن لنا الأوطان يا حامي الحمى بناصر دين الله واحميه يا سبع
وقال صاحب الجواهر [ ص 182 ] :
لقد فاز من أمسى مريداً ببابه وفاز به برٌ كما فاز طالح
فما هو إلا رحمة من إلهنا وما هو إلا الفضل للذنب صافح
أنارت به الأفاق شرقاً ومغرباً أنارت به الأبصار ثم الجوانح
وما هو إلا البحر عذب فراته وكوثره حلو وما هو مالح
وقال صاحب الجواهر [ ص 188 ] :
هم (40) عمدتي ووسيلتي عند الأصائل والبواكر
هم عدتي هم نجدتي وهموا عياذي في المحاضر
فبهم إليك تشفعي أن تقض حاجات الضمائر
وبقطب حضرتك التي هو حاكم فيها وآمر
هو فردها هو غوثها هو سر هاتيك السرائر
الوارث الحبر الذي ظهرت به منك المظاهر
أعني ابن سالم من سما ابن الجهابذة الأزاهر
ابن الشموس الأوليا ابن الدراري الزواهر
بحر الشريعة والهدى كنز الهداية والذخائر
لا غرو أن حاز العلا فلأنه نجل لباقر
ابن الحسين وجعفر ابن الغطاريف الأطاهر
ابن النبي المصطفى مجلي الصدا عن كل خاطر
ابن الوصي المرتضى مفني العداة لهم وكاسر
آباؤه أهل الكسا أبداً بهم بالله فاخر
ابن الشيوخ ذوي النهى من كل حبر ثم ماهر
شيخ تقمص بالهدى قطب به العرفان دائر
منجي الفقير من الردى من كل فاقرة وفاقر
أسق الفؤاد بقطرة من سحب حضرتك المواطر
أبذرت بذراً مثمراً يا خير ساق خير باذر(1/44)
شمس المعارف والسنا نور النواظر والبصاير
وسِعَ الخلائق بالرضا من كل بدوي وحاضر
ذا رحمة برزت لنا من فيض فضل منك باهر
أحيا المنازل والربى فسحابه بالفضل ماطر
ولسان كلٍّ بالثنا ولفضله بلسان شاكر
هذا الإمام بلا مرا ولشرع دين الله ناصر
روض المعارف والندى زهر السنا برباه ناضر
عينات قالت مرحبا عين أتى بالله ناظر
فيها المساجد كلها وكذا المشاعر والمآثر
فيها النبي محمد فيها الصحابة والأكابر
وكذاك بغداد بها وكذلك لبنان والمفاخر(41)
فيها جميع الأولياء فيها الأوائل والأواخر
فيها جميع العلوم وما تشاء فاذهب إليها ثم سافر(42)
فيها المثاني والثنا وكذاك غيب الله ظاهر
فيها المحصب من منى فيها التقا من سفح حاجر
فيها ممد الكائنات بها التجلي والبشائر
يا سيدي يا عدتي أرمق عبيدك بالمحاجر
ابن السحاب الملتجى بذوى الجناب والسرائر
عجل له كل المنى والأمن من كيد وغادر
ادفع عداه فإنهم آذوه بغياً وأنت ناصر
حاشا يضام عبيدكم ابن الأكابر والكواسر
احم الحمى ففقيركم طلب الحمى إذ أنت قادر
كم ذا أذود بغاتهم عن كل سوء كم أصابر
كم ذا أدافع بالتي كم ذا لهم عاف وغافر
لكن غرة سوحكم كوني عُبيدك في العشائر
ولقد تكرر منهم إذ أنت أعلم بالسرائر(43)
وقال صاحب الجواهر [ ص 195 ] :
يا بن سالم همة علوية يبلغ بها كل الأنام مناها
يا بن الرسول غناك يا أبا حامد عبد ببابك لا يريد سواها
أنت الحليم وليس حاجة عبدكم تخفى عليكم فاعجلوا بقضاها
أنت المراد بل العماد بل المنى بل أنت كل الكل يا مولاها
قل يا عُبيدي لا تخاف وإنما أنت الأخص بسرها وحباها
وذكر صاحب الجواهر [ ص 198 ] :
أنت ابن سالم من سمت أوصافه وعليه من حلل الجمال بهاء
أنت الإمام الفخر أكرم سيد ساد الورى وعنت له الفصحاء
صدر الشريعة كنز كل عناية بحر الحقيقة سيد العطاء
منهاج إرشاد العلوم وروضها بدر له بسما الكمال سناء
حاوي المعاني والبيان بمنطق فيه لكلِّ العارفين شفاء(1/45)
قطب تسلطن بالجمال على الورى ملك عليه مهابة وصفاء
نسل النبوة من سلالة هاشم مولى له بين الأنام علاء
ماذا عسى أثني عليك فضيلة عجز القريظ وفاتني الإحصاء
يا سيد أرضي وجيد زمانه وعليه من نور الإله قضاء
إني عبيدك لم أزل طول المدى فاكشف فإني مسني الضراء
ويرد لي في الدهر نظم صفائكم ويطيب لي الإنشاد والإنشاء
قلدت جيدي طول كل نوالكم فلذا شدوت كأنني الورقاء
فامنن عليّ بنظرة يا سيدي ليكون منكم للسقام دواء
وأمدني بعناية وسعادة ما بعدها أبداً يكون شقاء
قل يا علي (44) الشر بما قد رمته قد زالت الضراء والبأساء
وكذلك أصحابي الجميع فقم بهم ومن المقاصد نلهم ما شاء
وذكر صاحب الجواهر [ ص 199 ] :
إذا كنت بالتحقيق معكم فإنني ظفرت بكل السؤل يومي مع أمسي
وكنت صحيحاً بعدما كنت اعرجا وأصبحت في خير وأمن وفي أنسي
لعل إلهي أن يطهر بيته قليبي من الشيطان والغي والرجس
ويلبسني ثوب السلامة والشفا ويشفي فؤادي والقليب مع النفس
وذلك بشيخي واحد الدهر قطبه غياث جميع الخلق والمنصب القدسي
أبو بكر الحامي بنور جبينه ظلام ضلال قد أتى ناشر النفس
عليك بباب لابن سالم إنه لمنجي من الأمراض والصد والنكس
وجز تربة كحلاً لعينك إنه شفاء من الأسقام والضر والعكس
محياه أضحى في الوجود كأنه سراج كبدر للأنام وكالشمس
هنيئاً لمن أضحى يَُقبِل نعله ويجعله تاجاً يصون عن الدوس
ويلثم أعتاباً يحج لبابها سُراة رجال الغيب كل بها يرسي
لقد أصبحت عينات عينين للدنا مخلقة بالطيب والمسك والورس
ولم لا وقد أضحت عروسا بسيد تجلى بها فالبدر من نورها مكسي
أيا مركز الأقطاب يا قبلةالورى أقلني عثاري يا عمادي ويا ترسي
ولم لا وأنت السر سر نبينا خليفته في الوحش والجن والأنس
تجمعت الأقطاب فيك جميعهم فأولهم معروف وآخرهم مرسي (45)
ورثت علوماً من علوم محمد تجُل عن الإفشاء والظن والحدس
وقمت مقاماً يعجز الخلق كلهم وخضت بحاراً لم ترم بلة ......(1/46)
كرعت كؤوس الحب من قبل خلقنا وألبست تاج الملك حقاً بلا لبس
أيا شيخ أشياخ الوجود بأسره لعرب وروم والأعاجم والفرس
أغث عبد رقٍ لم يحل عن ولائكم وحكم بناء بالصلاح على أس
وعامله بالألطاف والحلم والندى مع الأهل يا مولاي والفرع والجلس
ومن كان منا بالقرابة دانيا وأصحابنا الأحياء ومن حل في الرمس .اهـ
هذا كله من الغلو الذي حذَّر الله منه ورسوله صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى : { قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم } [ المائدة : 77 ] ، قال العلماء : الغلو هو مجاوزة الحد في مدح الشيء أو ذمه ، وضابطه تعدي ما أمر الله به ، والغلو كثير في النصارى ، فإنهم غلوا في عيسى عليه السلام فنقلوه من حيز النبوة إلى أن اتخذوه إلهاً مع الله ، يعبدونه كما يعبدون الله ، بل غلوا فيمن زعم أنه على دينه من أتباعه ، فادعوا فيهم العصمة ، فاتبعوهم في كل ما قالوه ، سواء كان حقاً أو باطلاً ، قال تعالى : { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون } [ التوبة : 31 ]. فالغلو في الإنسان سبب لعبادته ، ولهذا حذَّر الرسول صلى الله عليه وسلم من مجاوزة الحد في مدحه والغلو فيه فقال صلى الله عليه وسلم : " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، إنما أنا عبد الله فقولوا : عبد الله ورسوله " [ رواه البخاري عن عمر ] . والإطراء هو مجاوزة الحد في المدح والكذب فيه.
وقبل النصارى قوم نوح عليه السلام فإنهم كفروا لما غلوا في الصالحين قال تعالى : { وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً } [ نوح : 24 ] ، قال ابن عباس هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن أنصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسموها بأسمائهم ، ففعلوا ولم تعبد ، حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم عُبِِدتْ .(1/47)
وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد حدثنا مهران عن سفيان ع موسى عن محمد بن قيس : أن يغوث ويعوق ونسرا كانوا قوماً صالحين من بني آدم ، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم : لو صورناهم كانوا أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم ، فصوروهم . فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس ، فقال : إنما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر فعبدوهم.
فصل
وبعد هذا الكلام سأذكر لك أخي القارئ بعض الكرامات التي مؤلف كتاب الجواهر في مناقب الشيخ أبي بكر تاج الأكابر ، ثم أختم بعدها بذكر وجه التشابه بين غلاة الصوفية وبين الهندوس عبدة الأصنام.
ذكر صاحب الجواهر فصلاً في تعريف الشيخ عند الصوفية بعنوان ( بيان الشيخ لغة واصطلاحاً ) [ ص 36 ] ومما جاء فيه :
وسئل الشيخ أحمد بن الجعد متى يكون الشيخ شيخاً ؟
قال : لا يكون الشيخ شيخاً حتى يمحو سيئات مريده (46) من اللوح المحفوظ. قال الشيخ سعيد بن عيسى العمودي : وكيف غفل حتى كتبت. اهـ
من كتاب ظهور الحقائق لمؤلفه السيد عبد الله بن علوي العطاس ملخصاً. اهـ
الله أكبر يا صوفية حضرموت !! حتى اللوح المحفوظ لم يسلم من خرافاتكم ودجلكم حتى صرتم تعبثون به كما تشاءون وتمسحون منه سيئات من تشاءون ؟؟ إذا لا يسمى اللوح المحفوظ ، وكيف يكون محفوظاً وأنتم تعبثون به ؟؟ فقد صار لوحاً مكشوفاً ، الأول يدعي أن الشيخ هو الذي يمحو سيئات مريده منه ، والآخر يزعم أن الشيخ يمنع أن تكتب سيئات مريده أصلاُ ، فهو يقظ مراقب للوح المحفوظ وليس غافلاً عنه.(1/48)
وذكر صاحب الجواهر فصلاً بعنوان ( طلبه للعلم الشريف ) [ ص 43 ] ، ومما قال فيه : وأخذ عن علامة الإسلام الفقيه عمر بن عبد الله بامخرمة بسيئون ، ولم يشتهر أن أحداً قرأ عليه كتاباً إلا سيدنا الفخر أبا بكر بن سالم ، فقد قرأ رسالة الإمام القشيري عليه ، لأنه لا يمكّن أحداً يقرا عليه إلا من علم منه النجاح والفلاح وتفرس فيه ، وفي مسجد عبد الملك بسيئون جرت لهما هذه الطريقة الغريبة والكرامة الخارقة ، فقد جرى ذكر كرامات الأولياء فطلب الشيخ أبو بكر تصويرها في المجلس ، فصورها له هذا الإمام في جمع حاشد من الناس وضع نواة في المسجد قبل تجصيصه ، وأمر بماء يغمره ، فظهرت نخلة بكر بها وليفها وسعفها ، وبدأ الطلع في النخلة وأبر في المجلس ، وبان الثمر ، وكان رطبا ًجنياً ، فقال الشيخ عمر : قم وهات ما يناسب مع الرطب ، فقام الفخر إلى البركة الشرقية النجدية وأتى بسمكة وأكل كل الحاضرين من ذلك الرطب والسمك. قال العلامة الحبيب أحمد بن الحبيب الحسن العطاس ، إن البركة تعرف اليوم ببركة الشيخ أبي بكر يستشفى بها من الرمد ، وأثر النخلة تعرف ، هكذا سمعنا من السلف والخلف. اهـ(1/49)
وقال صاحب الجواهر [ ص 77 ] : ومرة طلع إليه أولاده الكبار الشيخ أحمد والشيخ الحامد والشيخ عمر المحضار ، وكان ذلك مع وصول ركاب نذور جاءته من القبلة هن وحمولهن عددهن سبعون جملاً ، وكان الشيخ يذبح منهن لغداء الزوار كل يوم واحداً أو إثنين ، فلما استقر بهم المجلس أرادوا أن يطلبوا منه شيئاً من الركاب يحرثون عليها ، فاطلع نفع الله به على السرائر وأقبل عليهم بوجهه الكريم وناطقهم ابتداء قبل أن يتكلموا وقال لهم طلعتم لأجل هذه الركاب ، خذوا إلي تبغون (47) منهن ، وعزة ربي وجلاله ، إني عقرت الكون لكم خليت دمه يقرقر ، ولكن اذهنوا لغيرها (48) أنا قد سلبت جميع الأولياء ما عاد بقيت شريفة بنت صاحب خيلة عاد معها حال كبير ، وأنا دخلنا عليها بزواج وأخذنا الحال الذي كانت متصعبة عليه والآن قد مهدناها لكم وخليناها دنان بإذن الله. اهـ
وقال صاحب الجواهر [ ص 78 ] : وفي الزهر الباسم قال أخبر السيد السالك الولي الناسك شيخ بن علي بن هارون ، قال جئت لزيارة سيدي الشيخ فلما طلعت الدار رأيت كثرة الزوار والأخدام يدخلون على من يخدم لنفقة الضيفان في المطبخ من النساء ويحيوا (49) هذا الحال وغالبهم عوام وشبان ، ثم أذن لي فدخلت على سيدي الشيخ فحيث وقع نظري عليه قال ابتداء يا شيخ إنّا ننظر على قلوب أصحابنا ونحفظها فلا عاد يقع في شيء مما وقع في الخاطر ، فتعجبت من اطلاعه على ذلك الخاطر. اهـ
إذا كان رب العالمين أرشد نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يرشد الصحابة وهم أفضل القرون وصفوة الخلق بعد الأنبياء : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون } [ النور :30 ]
وقال صلى الله عليه وسلم : " إياكم والدخول على النساء ، فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت " [ رواه البخاري ومسلم ](1/50)
وقال صلى الله عليه وسلم : " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء " [ رواه البخاري ] ، ولكن هؤلاء القوم فساق وفي نفس الوقت يتظاهرون ويتفاخرون بالدين فاضطروا إلى أن يصبغوا فسقهم بالصبغة الشرعية فأتوا بالطامات. و
ذكر صاحب الجواهر [ ص 91 ] : فصلاً بعنوان ( قصيدته الفخرية ) ثم ذكر هذه القصيدة ونسبها لأبي بكر بن سالم وهي :
صفت لي حميا خلي واسقيت من صافيها
اقبل وثني يملي على الذي يعليها
من ذا شربها مثلي أنا قبل لا يصفيها
أنا قبل قبل القبلي وبديت على هاليها
أنا أعطيت كل الفضل تكّرم علي واليها
أنا المجتبى بين أهلي وشفعت في عاصيها
أنا أعزل أنادي ولي أنا شيخها وقاضيها
أنا حتف أهل الوصل تكّرم عليّ باريها
أنا حتف أهل العدل ونار الجحيم أطفيها
من كان ينكر فعلي يجرب وأنا حاميها
أنا بازها والشهب أنا للمثاني أقريها
وعين الحقيقة عيني وأشرب من كاسيها
وفخر الوجود الفخري أبو بكر لي يحميها
وراقت حميا قربي وإني لها ساقيها
وأفلت شموس الكل وها شمسنا ضاحيها
أنا عرشها والكرسي وأنا للسماء بانيها
شف أهل الكسا بالفضل وجبريل لي راويها
فهذه رسالة تبني بنص القرآن واتليها. اهـ
الله أعلم هل قال أبو بكر بن سالم هذه القصيدة أم نسبوها إليه ؟
على كل حال فهي قصيدة تدل على ضلال قائلها وكفره ، وكيف يزعم أنه هو الذي بنى السماء ؟!!!
هل ترضى أخي القارئ أن تقوم بعمل تعمله وتتقنه ، ثم بعد الفراغ منه يأتي شخص آخر ويزعم أنه هو الذي عمله وأتقنه ، ألا يغضبك هذا ويؤذيك ؟(1/51)
فكيف بهذا الكذاب المفتري الذي بلغ القمة في الكذب ، كيف يزعم أنه هو الذي بني السماء ، والله عز وجل يقول : { والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون } [ لنازعات : 27] . وقال عز وجل : { أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها } [ ق : 6 ] . وقال سبحانه : { والسماء وما بناها } [ الشمس : 5 ] . وقال سبحانه : { الله الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناء } [ البقرة : 22 ] .
ولا أدري ماذا يريد بقولها ( وأنا عرشها ) ، هل يريد عرش الرحمن ؟ وهل يرجع الضمير على عز وجل بلفظ التأنيث ؟ لا أستبعد هذا وقد خطب بعض غلاة الصوفية رب العالمين بلفظ التأنيث - والعياذ بالله -.
وكيف يزعم أنه هو العرش والله سبحانه أخبر في مواضع من كتابه أنه استوى على العرش كقوله تعالى : { الرحمن على العرش استوى } [ طه : 5 ] فهل استوى الرحمن على أبي بكر بن سالم ؟؟؟
سبحانك هذا بهتان عظيم.
وكيف يزعم أنه الكرسي والله عز وجل يقول : { وسع كرسيه السموات والأرض } [ البقرة : 55 ] .
ألا لعنة الله على الكاذبين.
قال صاحب الجواهر [ ص 107 ] :
منشآته الكبرى
للشيخ أبي بكر بن سالم منشآت كبرى في عينات وأجلها نفعاً ووقعاً وأجراً وأثراً وذكراً مسجده الشريف الجامع روح البلاد الذي تعقد فيه الجماعات والمجتمعات والدروس العلمية وتقرأ الأحزاب القرآنية والدعوات والأوراد والأذكار على الدوام ، وقد أشار على موقعه الأئمة العارفون قبل أن يظهر ويكون كما جاء في أوائل الترجمة. وقام الفخر بتجديده وأمر المعلم ببنائه وتشييده ، فشرع فيه وأشاده صرح مبانيه وقام بتصميمه وتنظيمه وحصل ذهول مع المعلم (50) وبني على غير المراد (51) فوجد ما لا يريد وكانت بيده عصا فضرب الجدار وارتعد وزال عن موضعه ، وسار حتى بلغ المحل المقصود الذي يحبه صاحب الترجمة (52) وأشار على الجدار بالاستقرار بقدرة العزيز القهار. قال الشيخ عبد الله بن أبي بكر قدري باشعيب :(1/52)
فأنت قد أوميت يا سيدي إلى جدار كي يزول فزال
أعطاكم التصريف فيما يشاء حياً وميتاً ربنا ذو الجلال. اهـ
نحن نعلم أن اله على كل شيء قدير ، ولكن القوم ليسوا ثقات ومعروفون بالكذب ، فكيف نصدقهم بهذه الخيالات التي يزعمون أنها كرامات وهم مخالفون لشريعة الله في الأصول فضلاً عن الفروع ، ورحم الله الشاعر حيث قال:
لي حيلة فيمن ينم وليس في الكذاب حيلة
من كان يخلق ما يقول فحيلتي فيه قليلة
وهل صوفية حضرموت أفضل من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!!
قال ابن القيم رحمه الله تعالى في فضائل عائشة رضي الله عنها : ومن خصائصها أن الله سبحانه برأها مما رماها به أهل الإفك ، وأنزل الله في عذرها وبراءتها وحياً يُتلى في محاريب المسلمين وصلواتهم إلى يوم القيامة ، وشهد لها بأنها من الطيبات ، ووعدها المغفرة والرزق الكريم ، وأخبر سبحانه أن ما قيل فيها شراً لها لا عائباً لها ، ولا خافضاً من شأنها ، بل رفعها الله بذلك ، وأعلى قدرها وأعظم شأنها ، وصار لها ذكراً بالطيب والبراءة بين أهل الأرض والسماء ، فيالها من منقبة ما أجلّها.(1/53)
وتأمل هذا التشريف والإكرام الناشئ عن فرط تواضعها واستصغارها لنفسها حيث قالت : " ولشأني في نفسي أحقر من أن يتكلم الله فيّ بوحي يُتلى ، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا يبرئني الله بها".فهذه صديقة الأمة وأم المؤمنين وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي تعلم أنها بريئة مظلومة ، وأن قاذفيها ظالمون لها ، مفترون عليها ، قد بلغ أذاهم إلى أبويها وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا كان احتقارها لنفسها وتصغيرها لشأنها ، فما ظنك بمن صام يوم أو يومين ، أو شهراً أو شهرين ، وقام ليلة أو ليليتين ، فظهر عليه شيء من الأحوال ، ولاحظوا بعين استحقاق الكرامات والمكاشفات والمخاطبات والمنازلات وإجابة الدعوات ، وأنهم ممن يتبرك بلقائهم ، ويُغتنم صالح دعائهم ، وأنهم يجب على الناس احترامهم ، وتعظيمهم ، وتعزيرهم ، وتوقيرهم ، فيُتَمَسح بأثوابهم ، ويُقَبّل ثرى أعتابهم ، وأنهم بالمكانة التي يُنتقم لهم لأجلها ممن تنقصهم في الحال ، وأن يُؤخذ ممن أساء الأدب عليهم من غير إمهال ، وأن إساءة الأدب عليهم ذنب لا يكفره شيء إلا رضاهم.
ولو كان هذا من وراء كفاية لهان ، ولكن من وراء تخلف ، وهذه الحماقات والرعونات نتائج الجهل الصميم والعقل غير المستقيم. فأن ذلك إنما يصدر من جاهل معجب بنفسه ، غافل عن جرمه وذنوبه مغتر بإمهال الله تعالى له عن أخذه بما هو فيه من الكِبَر والإزراء على من لعله عند الله عز وجل خير منه.
نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة ، وينبغي للعبد أن يستعيذ بالله أن يكون عند نفسه عظيماً وهو عند الله حقير. [ إجلاء الأفهام في الصلاة على سيد الأنام - ص 181 ]
قال صاحب الجواهر [ ص 231 ] :
كراماته نفع الله بها في وقائع شتى
منها وساطته في التزوج بالجنية(1/54)
فمنها ما وقع لعوض بامزروع وذلك أنه كان يلقم بقرة له تحت بيته بالجانب القبلي من بلدة الواسطة ، فذكر لسيدنا الشيخ أن بنتاً صغيرة من الجن تأتي إليه تسامره ، فعرض عليه التزوج بها فأجاب فتزوجها بتوسط الشيخ أبي بكر ، وهو صحيح عند كثير من علماء الشافعية وغيرهم منهم البارزي والجمال والرملي وأفتى به ابن عبسين وغيرهم ومنعه آخرون ، فحين بلغت الجنية أمره الشيخ أن يطلقها خشية الحبل ففعل رضي الله عنه.اهـ
وذكر صاحب الجواهر [ ص 229 ] : فصلاً بعنوان ( ومن كشفه الخارق الذي أكرمه الله به ) :
وذكر فيه أن أبا بكر بن سالم قال ليوسف بن عابد الحسني ( صاحب فاس ) يا يوسف أنا أبو الأرواح وقد نظرتك في صلب أبيك وحضرت ولادتك. اهـ
وقال صاحب الجواهر [ ص 228 ] : ومنها ما في نبذة الشيخ أحمد باوزير : قيل أن جماعة أتوا لزيارة الشيخ ، فقال بعضهم لبعض في الطريق نختبر الشيخ ، نريد غدانا من صيد البحر والرطب وذلك في غير أوان الخريف ، فدخلوا عليه وباسطهم ثم قال لخادمه : اذهب بالجماعة للمنزل الفلاني في بيته فإن غداهم فيه ، فقاموا إلى المنزل فوجدوا طلبهم من صيد البحر المقلي والرطب ، فحاروا وعجبوا وأكلوا حتى صدروا ، فأخذ الخادم المفتاح لحفظ ما بقي فرجع ولم يجد شيئاً. انتهى ملخصاً.
القهوة لما نويت له
جاءت الروايات عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ماء زمزم لما شُرب له " ، ولازال العلماء يعلمون أتباعهم بهذا عند شرب زمزم ويحثونهم على النية الحسنة عند شربها ، وكان أحد العلماء إذا شرب ماء زمزم يشربه بنية ألا يعطش يوم القيامة.
وأما صوفية حضرموت فاخترعوا للأمة شيئاً جديداً وزعموا أ، القهوة لما شُربت له.(1/55)
قال في الجواهر [ ص 220 - 221 ] : وكان سيدنا الشيخ ممن أثنى على القهوة وشربها ، وكان يشرب منها لوحده رطلاً بعد صلاة الصبح إلى الشروق .......... وكان يقول : ( القهوة لما نُويَت له ) ويأمر زائريه بشربها على نية نجاح مقاصدهم. اهـ
وقال صاحب تذكير الناس [ ص 118 ] : وكان سيدي (53) رضي الله عنه يقول : إن قهوة البن بدون سكر ترفع وخم البطن وتُعين على السهر ، وكان له منها كل يوم وقت انتباهه من نوم القيلولة نحو خمسة عشر فنجاناً ، ومثلها وقت استيقاظه من النوم آخر الليل ، وإذا نزل ضيفاً عند أحد فلا يرقد حتى تقرب له أدوات القهوة.
وذكر رضي الله عنه عن شيخه الحبيب أبي بكر بن عبد الله العطاس أنه قال : كان السيد أحمد علي بحر القديمي يجتمع مع رسول الله يقظة ، فقال ك يا رسول الله أريد أن أسمع منك حديثاً بلا واسطة . فقال ك صلى الله عليه وسلم أحدثك بثلاثة أحاديث : الأول ، ما زال ريح قهوة البن في فم الإنسان تستغفر له الملائكة ، الثاني ، من اتخذ سبحة ليذكر الله بها كتب من الذاكرين الله كثيراً ، إن ذكر بها أو لم يذكر ، الثالث، من وقف بين يدي ولي لله حي أو ميت فكأنما عبد الله في زوايا الأرض حتى يتقطع إرباً أرباً. (54)
قال سيدي رضي الله عنه : وكان الحبيب أبو بكر بن عبد الله العطاس يقول : إن المكان الذي يُترك خالياً يسكنون فيه الجن ، والمكان الذي تفعل به القهوة لا يسكنونه الجن ولا يقربونه.
وكان سيدي رضي الله عنه إذا أكمل ورد الليل وأحضرت القهوة بين يديه يقول ( الفاتحة ) لمشائخ القهوة البنية ومن شربها بِنِيَّة من صالحي الصوفية أن يتغشاهم الله بالرحمة والمغفرة ، وأن الله بجاههم عليه يبلغنا كل أُمنِية ويحفظنا من كل أذية ، ويسهل أرزاقنا الحسية والمعنوية وجيع البلدان الإسلامية ويصلح العمل والنية والعافية والذرية بجاه نبينا محمد خير البرية صلى الله عليه وسلم. (55)
وقال صاحب تذكير الناس [ ص 52 ] :(1/56)
وذكر الشيخ خليل في فتاويه أن نبي الله سليمان عليه السلام لما مر بعد أبين شكوا إليه وخم الجهة ، فأمر بطبخ البن وشرب القهوة. اهـ
ما صحة هذه الرواية عن سليمان عليه السلام ومن رواها ؟ ثم أن المعروف أن القهوة لم تُعرف إلا في العصور المتأخرة.
ولا أدري لماذا هذا التقديس كله للقهوة ، مع أن الأطباء ذكروا أن لها أضراراً كثيرة ويحذرون من الإكثار من شربها ، والقوم يدندنون حول القهوة بل ذكر صاحب الجواهر [ ص 128 ] فصلاُ بعنوان:
الكرامات المختصة بالقهوة(1/57)
له بخصوص قهوة البن خمس كرامات خارقة ، الأولى : قد ذكرت في موضوع رحلاته وملخصها أن ولي عبد الوهاب بن ولي الله الهندي قال جاء الشيخ أبو بكر إلى مكة يعني بالباطن واجتمع به وأخرج له كوزاً ملآن قهوة حارة . انتهى ملخصاً من الزهر الباسم ، ثانيهما : أنه دخل السيد عبد الرحيم على الشيخ الكبير أبي بكتر بن سالم نفع الله به مستشفعاً بسره في التأليف بينه وبين زوجته المكية بالغة الجمال والكمال والمال ، نافوا (56) الجميع هي وأهلها عن عبد الرحيم لفقره وقاموا عليه ولازموه في الطلاق فهرب فلما رآه سيدنا الشيخ أبو بكر بن سالم قال أتحب المكية يا عبد الرحيم ، فقال : نعم ومتيم صب بها وقصدي نظركم ودعوة بإصلاح أمري معها عل صبري ، وبيد الشيخ فنجان قهوة كبير أخضر وعنده روشن مفتوح فقال جبا بالقهوة وهبابها وأخرج يده ورجعت خلية (57) بمحضر الجم الغفير ، فقال أصلحنا شأنك يا عبد الرحيم بالشفاعة هي لما نويت له ، فزوده الشيخ ورجع إلى مكة فلما علم أصهاره بدخوله مع القافلة خرجوا وتلقوه بغاية الفرح والسرور وقصدوا به دارهم وأدخلوا زوجته عليه فوجدها بأعظم مما عنده لها من الحب والمودة ، وقالت عجبت مع غيبتك وقت كذا بيوم كذا لم أشعر إلا برجل صفته كذا ناولني هذا الفنجان ملآن قهوة وغاب عني ، لم أدر من أين مدخله ومخرجه ، فبهت وشربته فأملأ الله قلبي وأهلي حبك من ذلك الوقت ، فإذا هو ذلك الفنجان بنفسه ووصف الوقت والشيخ بكمال وصفه.اهـ من نبذة متعلقة بمناقب صاحب الترجمة للشيخ أحمد بن عبد الرحمن باوزير وأبقيناها بنصها. ثالثهما: ما في النبذة المذكورة للشيخ المذكور نقلاً مما وجد بخط والده الشيخ عبد الرحمن بن محمد با وزير قال : بينما سيدنا الشيخ نفع الله به جالساً بحضرته الشريفة وهي جامعة زوار من كل جهة إذ دخل عليهم رجل في صورة درويش فقام له الشيخ وعظمه وأقبل عليه بكليته وقال له الشيخ : أأنت الشيخ البكري صاحب مكة مدرس الحرمين(1/58)
الشريفين فقال نعم هل عندك أحد من الأولاد ، فقال لا إلا أن زوجتي هذا شهر وضعها فجاءت القهوة وكان لسيدنا الشيخ فنجان قهوة أحمر فأخذ بيده الكريمة الفنجان وأخرجه من الخلفة(58) وردها ولا بها فنجان ثم قال يا شيخ بكري أشرفنا على زوجتك بمكة فوجدناها بالولادة متعسرة لها ثلاثة أيام أعطيناهم الفجان القهوة وقلنا لهم اسقوها فحين أخذت نشفة (59) ولدت غلاماً مباركاً وقلنا لهم سموه فلاناً وبقي الفنجان عندهم وأنت تجده عند أمك إن شاء الله يخبرونك بالقصة وابنك هذا يكون عالم مكة فكان كما كان نفعنا الله به قال الراوي وقد رأيت الفنجان بعينه اهـ ( من النبذة بلا تصحيح العبارة أمانة للنقل ).
رابعها : قال في الزهر الباسم ما أخبر به بعض من زاره من جهة الشام قال لما جلست عند سيدي الشيخ خطر لي أن أطلبه الدعاء في رضا زوجة لي هنا ولي مدة طويلة مفارق لها ومعي منها هوى شديد فبدأني الشيخ في الحال قبل أن أسأله وقال ما عاد يقع لك من أهلك إلا الرضا ولو أردناهم أحضرناهم لك في هذا المجلس ولكنا نعطيهم هذا الفنجان يشربونه وبيده فنجان قهوة ثم سرت إلى بلدي فلما وصلت لم أر منهم إلا الرضا فسألتهم هل دخل عليكم أحد في يوم كذا فقالوا رجل صفته كذا وكذا وبيده فنجان قهوة فناولنيه فشربته وذكرت صفة الشيخ أبي بكر رضي الله عنه والساعة التي كنت فيها قال العبد الفقير إلى الله عبد الله بن أبي بكر باشعيب قلت وقد اشتملت هذه الحكاية خمسة كرامات الأولى اطلاعه على خاطر الرجل الثانية صرف حالة الزوجة من حالة الغيظ إلى حالة الرضا والثالثة تصرفه المؤذن به قوله رضي الله عنه لو أردناهم أحضرناهم الرابعة طي بعد المسافة البعيدة في ذلك ومناولته لها الفنجان الخامسة التجري.(1/59)
وخامسها: ما نقل من كتاب الإفتاء بحلية الأبرار عن السيد الفاضل الولي الإمام عبد الرحمن بن أحمد البيض علوي أحد تلاميذ سيدي الشيخ الخواص أنه خرج لزيارة شيخه الشيخ أبي بكر بن سالم ومعه رجل اسمه عثمان خطيب فدخلا عليه ومعه فنجان قهوة فقال في نفع الله به يا سيدي عبد الرحمن همّك كثرة البنات بلا ذكر يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور ، فقال نعم سيدي خرجنا لنظرك ولذلك فقال البنات مسعدات دين ودنيا وبشراك بولد يختم القرآن ثم غيره اشرب القهوة بنيتها وناوله الفنجان الثاني وأنت عثمان همّك كثرة العولة أصلحناك وذريتك وتتسع دنياهم وأنت جبا بالقهوة وناوله الفنجان الثاني وقال اشرب بنيتها فوالله ما نقص حرف من لفظ الشيخ وطلعت الشحر وحضرت أعراس بناته على سادة ذوي تجارة واسعة ثم بعد أيام حضرت ختم ولده الموعود وسكوت الشيخ عنه فعرفت أنه يموت.
فصل
قال بعض أهل العلم : والمقصود من هذا معرفة أن من يدّعي علم شيءٍ من المغيبات فهو إما داخل في اسم الكاهن ، وإما مشارك له في المعنى فيلحق به ، وذلك أن إصابة المُخبر ببعض الأمور الغائبة في بعض الأحيان يكون بالكشف ، ومنه ما هو من الشياطين ، ويكون بالفأل الحسن والزجر والطير والضرب بالحصى والخط في الأرض والتنجيم والكهانة ونحو هذا من علوم الجاهلية.
ونعني بالجاهلية : كل مَن ليس مِن أتباع الرسل كالفلاسفة والكهان والمنجمين وجاهلية العرب الذين كانوا قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم. فإن هذه علوم قوم ليس بهم علم بما جاءت به الرسل عليهم السلام. وكل هذه الأمور يسمى صاحبها كاهناً وعرافاً أو معناهما ، فمن أتاهم فصدقهم بما يقولون لحقه الوعيد.(1/60)
وقد ورث هذه العلوم عنهم أقوام فادعوا بها علم الغيب الذي استأثر الله تعالى بعلمه ، وادعوا أنهم أولياء وأن ذلك كرامة. ولا ريب أن من ادعى الولاية واستدل عليها بإخباره ببعض المغيبات ، فهو من أولياء الشيطان لا من أولياء الرحمن ، إذ الكرامة أمرٌ يجريه الله على يد عبده المؤمن المتقي ، إما بدعاء أو أعمال صالحة لا صنع للولي فيها ، ولا قدرة له عليها بخلاف من يدّعي أنه ولي لله ويقول للناس : اعلموا إني أعلم المغيبات ، فإن مثل هذه الأمور قد تحصل بما ذكرنا من الأسباب وإن كانت أسباباً محرمة كاذبة في الغالب. ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في وصف الكهان " فيكذبون معها مائة كذبة " فبين أنهم يصدقون مرة ويكذبون مائة. وهكذا حال من سلك سبيل الكهان ممن يّدعي الولاية والعلم بما في ضمائر الناس مع أن نفس دعواه دليل على كذبه ، لأن في دعواه الولاية تزكية للنفس المنهي عنها بقوله تعالى : { فلا تزكوا أنفسكم } [ النجم : 33 ] .
فكيف يأتون للناس يقولون : اعرفوا إنّا أولياء ، وإنّا نعلم الغيب.
وفي ضمن ذلك طلب المنزلة في قلوب الخلق ، واقتناص الدنيا بهذه الأمور ، وحسبك بحال الصحابة والتابعين وهم سادات الأولياء. أفكان من عندهم هذه الدعاوى والشطحات شيء ؟ لا والله. بل كان أحدهم لا يملك نفسه من البكاء إذا قرأ القرآن كالصديق ، وكان عمر يُسمَع نشيجه من وراء الصفوف يبكي في صلاته ، وكان يمر بالآية في وِرْدِهِ بالليل فيمرض منها ليالي يعوده الناس ، وكان تميم الداري يتقلب في فراشه لا يستطيع النوم إلا قليلاً خوفاً من النار، ثم يقوم إلى صلاته.
ويكفيك في صفات الأولياء ما ذكر الله تعالى من صفاتهم في سورة الرعد والمؤمنين والذاريات والطور ، فالمتصفون بتلك الصفات هم الأولياء والأصفياء لا أهل الدعوى والكذب ، ومنازعة رب العالمين فيما اختص من الكبرياء والعظمة وعلم الغيب ، بل مجرد دعواه علم الغيب كفر ، فكيف يكون المدّعي ولياً ؟(1/61)
ولقد عظم الضرر واشتد الخطب بهؤلاء المفترين الذين ورثوا هذه العلوم عن المشركين ، ولبّسوا بها على خفافيش البصر. نسأل الله السلامة والعافية في الدنيا والآخرة.
وجه التشابه بين الهندوس عبدة الأصنام
وبين غلاة الصوفية في حضرموت
أجرت مجلة الأسرة ( العدد 122 - رجب 1423 هـ ) لقاء مع شخص اسمه محمد شان ، وكان هندوسياً ومن أسرة مقدسة في تلك الديانة ثم انتقل إلى البوذية ومنها إلى النصرانية التي أصبح فيها قسيساً ، ولأنه يبحث عن الحق كان لابد أن يصل إلى لإسلام ، وكان معه هذا الحوار:
ماذا كانت ديانتك قبل الإسلام ، وكيف كانت حياتك ؟
أنتمي إلى عائلة مقدسة في الديانة الهندوسية بسيريلانكا ، يتمتع أفراد أسرتي بثراء فاحش ، كما أنهم يتعالون على بقية الناس ، وأتذكر وأنا صغير لم أتجاوز العاشرة من العمر أني لعبت مع أحد الصبية الصغار ، عندما رآه والدي ضربه ضرباً مبرحاً لأنه تجاوز الفروقات الطبقية التي لا تسمح لمثله أن يقترب فضلاً أن يلعب مع من هو في طبقتي.
كيف كانت ممارستكم الدينية الهندوسية ؟
كان لي معلم يتولى الإشراف على دراستي الدينية ، وهذا المعلم الرئيسي رجل يمارس ما يسمى بـ ( السحر الأسود ) مثل المشي على الجمر أو على كسر الزجاج حافياً دون ألم ، وكذلك إدخال المسامير في اللسان والخد دون خروج دم أو إحساس بالألم.
هل تعلمت هذه الحركات ومارستها بنفسك ؟
نعم كنت أمارسها أمام الناس من الطبقات الدنيا ، وكانوا يعتقدون أني أتقن هذه الحركات لأني أنحدر من تلك العائلة المقدسة.
ما هو تفسير قدرتكم على أداء هذه الحركات العجيبة ؟
كنا نستعين بشياطين الجن الذين كانوا يقدمون لنا أشياء تكرس في نفوس أبناء الطبقات الدنيا قداستنا ، إضافة إلى ذلك فقد كان الناس يسألونني عن أمور غيبية ، وكان الجن يحضرون المعلومات بل ويتحدثون على لساني ، لأنهم يتلبسون بي أحياناً استغلالاً للجهلة لصرفهم عن الحق.(1/62)
هل كنت تحس بدخول الجن إلى جسدك ، وماذا كانت مشاعرك نحو هذا الأمر ؟
بدأت الشكوك تساورني عندما كان عمري قريباً من الخامسة عشرة ، وكان من دوافع تلك الشكوك كثرة الآلهة عندنا ، حيث يوجد في منزلنا قرابة مائة وخمسين إلهاً ، كل واحد منهم يختص بجزء من شؤون الحياة ، فأحدهم إلى المطر ، وثنٍ للقوة ، وثالث للحكمة ، ورابع للحب وخامس للرزق .... ألخ ، وكان أحدهم في العقيدة الهندوسية لا يغني عن الآخر ، لذلك تساءلت : هل هذه آلهة حقيقة ؟ إضافة إلى ذلك كان معلمونا ينهروننا عندما نسألهم بعض الأسئلة حول بعض الأمور التي لا تنسجم مع العقل والمنطق السليم.
ولكن نقطة التحول كانت عندما كان معلمي الرئيسي في إحدى المرات يقوم بسحر أسود ، وأبلغه الجن أن يغادر ذلك المكان قبل الساعة الرابعة عصراً ، ولكنه كان سكيراً فشرب الخمر ونسي مغادرة ونام ، وبعدما أفاق فقد القدرة على الكلام ، قمت بزيارته بعدها ، فأبلغني أن شياطين الجن هم من فعل به ذلك وحذرني منهم.
كم كان عمرك حينها ؟
كنت أبلغ من العمر 24 عاماً تقريباً.
ماذا حدث بعدها ؟
علمت أن الهندوسية ديانة باطلة ، تقوم على استغلال الفقراء لدفع أموال ضخمة للأسر المقدسة ، كما تقوم على الخداع الشيطاني والسحر لإقناع هؤلاء الناس بأننا نستحق التقديس ودفع الأموال. اهـ.
بهذه المقابلة يظهر وجه التشابه بين غلاة الصوفية والهندوس وهي كالتالي:
1- تقديس بعض الأسر للتعالي على الآخرين ، وهو ما يسمى بالتمييز العنصري.
2- استغلال العامة والفقراء وأكل أموالهم بالباطل.
3- ادّعاء علم الغيب.
4- استخدام السحر والحيل الشيطانية ولاستعانة بالجن ، وهذا واقع من بعض صوفية حضرموت ، إذ كانوا يفعلون بعض الأمور السحرية ويزعمون أنها كرامات.
الخاتمة(1/63)
عرفت أخي القارئ أن الدافع الأكبر لصوفية حضرموت - فيما سبق - هو أكل أموال الناس بالباطل ، وأما في هذا العصر وبعد أن تحسنت أحوال الناس المالية خاصة بعد تقدم الصناعات واستغنى الناس ، فإن الدافع الكبر لهم هو الكِبر والعناد يظن أنه إذا اعترف بالحق وترك الباطل أن هذا فيه تحقيراً لآبائه ومكانتهم.
ولكن ولله الحمد ترى اليوم كثيراً من أبناء الصوفية من عرف الطريق المستقيم ومشى عليه وبنبذ تلك الخرافات والدجل والشعوذة .
فنحن ندعو العقلاء من أبناء الصوفية أن يرجعوا إلى رشدهم وألا تأخذهم حمية الجاهلية ، فإن الآباء والأجداد لن ينفعوكم يوم القيامة : يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } [ عبس : 34 - 37 ]
وقد يقول قائل إني جالست دعاة الصوفية ولم أسمع منهم هذه الخرافات ؟؟ فأقول إنهم لا يصرحون بذكر هذه الخرافات ( التي يزعمون أنها كرامات ) في بعض الأوقات إذا عرفوا أن الناس لا يقبلون منهم هذه الخرافات ، ولكن اسألوهم عنها واقرءوا عليهم بعض ما في كتابي هذا فسيظهرون لكم على حقيقتهم ، وسينكشف لكم الغطاء.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ملاحظة للقارئ الكريم :
ما اقتبسه الشيخ علي بابكر من كتب الصوفية تم نقله بأخطائهم الإملائية واللغوية كما هي. ( الناشر )
-1 أي أحمد بن حسن العطاس
2 - أي عندك شيء غير هذا الكلام(1/64)
3 - يُكثر الصوفية من كتابة المناقب والكرامات لمشايخهم ، والفائدة من ذلك أنه يقوي اعتقاد العامة في هؤلاء المشايخ ، فتكثر الزيارات لقبورهم ، وتكثر القرابين التي تُقرب لأصحاب المشاهد ، والمستفيد الأول من هذه القرابين هم السدنة ، وغالباً ما يكون هؤلاء السدنة من أحفاد المترجم له أو من أقاربهم ، فيتقاسمون هذه القرابين بينهم ، وأحياناً يحصل اختلافات في تقسيمها ، فيتنازعون ويتلاعنون ويتعاركون ويتحاكمون إلى غيرهم في ذلك ، كما حصل قريباً بين سدنة مشهد ........
4 - قال الشاعر الجاهلي :
وأعلم ما في اليوم والأمس قبله ولكنني عن علم ما في غد عمي
5 - كتاب المشرع الروي في فضائل آل باعلوي ، كتاب مليء بالخرافات ، فلو أن طالب علم متمكناً تفرغ له وقرأه وأخرج ما فيه من خرافات وفندها بأسلوب علمي لكان في ذلك خير عظيم.
6 - نقلاً من كتاب زيارة هود عليه السلام للشيخ أحمد المعلم.
7 - إن ثبت هذا الكلام عنه وصح أنه هو قائله فهو نمرود وإلا فلا نظلمه.
8 - ومنهم من يريد الشهرة والمدح والثناء وأنه من أولياء الله.
9 - انتبه هذا الأدعج اجتمع بهم في اليقظة وليس في المنام.
10 - الكثيب في القاموس هو التل المستطيل المحدودب من الرمل .
11 - النخر في حضرموت هو الشق في الجبل. ( الناشر )
12 - مثل قول الرافضة عن تربة قبر الحسين رضي الله عنه التي يدّعون أنها تشفي الأمراض.( الناشر )
13 - مولى : أي صاحب ، وخيلة اسم قرية.
14 - أي قليل العلم والفقه .
15 - أي انظر أمك في النار ، قل له يخرجها من النار
16 - أي وإلا سأقول لك اتركه يصلي بكم.
17 - إن صحت هذه القصة عن شهاب الدين فهو دجال وإلا فلا نظلمه
18 - ما يدريك لعلهم جاءوا من بلاد الصين والهند والسند وبلاد ما بين النهر وغيرها.
19 - لا أدري لماذا ينظرون إليه.
20 - أي كلما خطا خطوة حملوها.(1/65)
21 - لاحظ أخي القارئ تركيزهم على الزيارة ، المراد تشجيع الناس لزيارة ضريحه ومشهده ، وبذلك يرتفع دخل السدنة من النذور والقرابين والصدقات.
22 - لا أدري لماذا لم يكمل الحديث. [ هذه الرواية التي لم يحفظها العالم بالسرائر - كما يقولون - وسنذكرها فيما بعد ( الناشر)]
23 - من هم هؤلاء الثقات ؟ الجواب : مجهولون
24 - لاحظ أخي القارئ كيف يركزون على مسألة الزيارة في قصصهم التي يخترعونها ، والمقصود التشجيع على زيارة قبره وتنشيط السياحة الدينية
25 - الأغتم : من لا يفهم ولا يفصح مراده
26 - لاحظ أخي القارئ تركيزهم على زيارة عينات
27 - الصرف أي الخالص.
28 - أي ينزح ماء من بئر للزرع
29 - تأمل كيف يتبجحون بهذا الكلام ، أنه بقي يسقي الزرع حتى خرج وقت الصلاة ، وقد ذكر أهل العلم أن تأخير الصلاة عن وقتها كبيرة من كبائر الذنوب ، قال تعالى : { فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون } وتأمل في آخر القصة ما هو عذره حتى أخّر الصلاة عن وقتها
30 - قال في القاموس : القضب : كل شجرة طالت وبسطت قضبانها وأغصانها والقت
31 - دائماً في قصصهم يدندنون حول هذا الكلام ( فأهدى الشيخ شيئاً من الدنانير ) ( فأعطى الشيخ خروفاً ) ( فدعا الشيخ إلى وليمة ) ، وهكذا يريدون أن يعوّدوا الناس على تقديم العطايا لهم ، وقد أخبرت أن أحدهم لقي شيخاً من الصوفية في مدينة جدة ، فدعاه إلى طعام العشاء فاعتذر الصوفي ، وقال أريد حقي ناشفاً ، فأعطاه مائة ريال ، فأخذها مسروراً ودعا لمن أعطاه إياها ، فإذا القوم مرتزقة أصحاب مادة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " من سأل الناس تكثراً فإنما يسأل جمراً فليستقل أو ليستكثر " وقال : " لا تزال المسألة بأحدكم حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم " أو كما قال. فهم يسألون الناس ولكن بحيل وبطرق غير مباشرة(1/66)
32 - انظر أخي القارئ إلى الدجل والخرافات ، يترك الصلاة حتى يخرج وقتها ، فلما أنكر عليه الغريب يريه خلوات ، وفي كل خلوة منهن صورة الحبيب يصلي ، وما الفائدة إذا كانت الصورة تصلي والأصل لا يصلي. الله سبحانه فرض الصلاة على الأصل ولم يفرضها على الصورة ، ولا أدري هل هي صورة فتوغرافية أو تصوير فيديو أو نسخة استنسخت منه.
وبناء عليه كلما رأينا عاصياً لا يصلي وأنكرنا عليه سيقول أن صورتي تصلي في الخلوات ، فالظاهر أن القوم فجار ومن قطاع الصلاة ، ولكن يروجون مثل هذه القصص حتى لا تستنكر العامة من معاصيهم .
33 - وهذا لا يجوز شرعاً ولكن هذا هو مرادهم.
34 - معلوم أن هذا محرم شرعاَ ولكن هذا مرادهم.
35 - المهرة : اسم بلد على حدود عمان
36 - أي مغلق
37 - هو ناجح في الدنيا ولكنه خاسر في الآخرة
38 - إذا أنكرت على أتباعهم سيعتذرون ويقولون ( الحج لغة القصد ) وهذا المراد أن قصده للزيارة أولى من غيره ، وليس مقصودنا مناسك الحج ، فيرد عليهم ولكن العامة الذين يقرءون هذا الكلام ويسمعونه لا يعرفون من كلمة ( الحج ) إلا المناسك المعروفة.
39 - معنى هذا الكلام أنه رسول ، ما دام أن أبا بكر بن سالم هو الدرة التي تمّ للرسل النظام ، ومعناه أنه سُلِك به مسلكهم.
40 - يقصد بعض آل البيت وأمهات المؤمنين
41 - واعجباً لكم ، النبي صلى الله عليه وسلم في عينات ؟!! وكذلك بغداد ولبنان في عينات ؟!! ألا لعنة الله على الكاذبين.
42 - تأمل أخي القارئ ، هذا هو مرادهم ، تنشيط السياحة الدينية في عينات ، حيث قال فيها العلوم وما تشاء فاذهب إليها ثم سافر.
43 - كذب عدو الله ، الذي يعلم السرائر هو رب العالمين { يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور}.
44 - أي ناظم هذه القصيدة ، واسمه علي بن علي السمهودي
45 - يقصد معروف الكرخي ، ولعله في قوله مرسي يقصد وليهم مرسي أبو العباس ( الناشر )(1/67)
46 - المريد عند الصوفية : هو الذي يلازم الشيخ ويأخذ عنه الطريقة
47 - أي الذي تريدون
48 - أي افطنوا ولا تعودا لمثلها
49 - أي يصافحوا النساء
50 - أي المهندس أو المقاول الذي أشرف على البناء
51 - لماذا لم يطلع أبو بكر بن سالم هنا على سريرته ويعلم أنه لم يفهم المراد كما زعمتم فيما تقدم أنه يعلم ما في السرائر.
52 - يعني أبا بكر بن سالم
53 - يعني أحمد بن حسن العطاس
54 - كيف يقول هذا الكذاب أنه اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم يقظة ، والرسول صلى الله عليه وسلم قد مات وفارق الحياة ؟ قال تعالى: { إنك ميت وإنهم ميتون } ثم بعد ذلك يكذب على الرسول صلى اله عليه وسلم ويأتي بكلام ساقط لا يليق بمقام النبوة وينسبه للرسول صلى الله عليه وسلم ، أخرج البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " ، ثم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أكمل الدين وبلّغ البلاغ المبين فلا نحتاج إلى أن نبحث عن أحاديث أخرى.
وقوله في الحديث المزعوم ( من اتخذ سبحة ليذكر الله بها كتب من الذاكرين الله كثيراً إن ذكر بها أم لم يذكر ) لا شك في بطلان هذا الكلام لأنه قد ذهب بعض أهل العلم إلى أن التسبيح بالسبحة بدعة لم يكن معروف على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، والآثار الواردة فيها لم تثبت ، وإنما السنة التسبيح بالأصابع كما في حديث عبد الله بن عمرو ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه ) وفي حديث آخر قال : " واعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات " أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
ثم كيف يُكتب من الذاكرين الله كثيراً إن ذكر بها أم لم يذكر ، هل يكتب من الذاكرين الله كثيراً لمجرد شراء السبحة وهو لم يذكر الله بها ؟!!! فلا أسهل من أن يشتري الإنسان سبحة بريال ويعبث بها بيده - كما هو حال بعض الناس اليوم - ويكتب من الذاكرين الله كثيراً.(1/68)
ولا أستبعد أن يكون الكذاب الذي وضع الحديث بائعاً للسبح ، يستوردها من الهند إلى حضرموت ، ويريد أن يروج بضاعته مثل هذا الحديث المكذوب.
[ الرواية التي لم يستطع أن يكملها أبو بكر بن سالم مذكورة عند الرفاعية حيث يروي بهاء الدين الرفاعي وابن عمه أبو الهدى الصيادي عن الشيخ محمد البجلي أنه قال : " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ، فقلت : يا رسول الله أي الأعمال أفضل ؟ قال : وقوفك بين يدي ولي الله كحلب شاة أو شواء بيضة خير لك من أن تعبد الله حتى تتقطع إرباً إرباً "
قلت : حياً أو ميتاً ؟ قال : " حياً وميتاً "
( بوارق الحقائق للرواس ص 223 ، وقلادة الجواهر في سيرة الرفاعي وأتباعه الأكابر ص430)
ولقد صدق الشيخ علي بابكر بقوله أنهم يحاولون جذب السذج لقبور أوليائهم ، فوقوف المريد لحظات أمام الولي خير له من عبادة الله الدهر كله - الناشر ]
55 - تنبيه : سؤال الله عز وجل بجاه نبيه صلى الله عليه وسلم أو بجاه غيره من الأولياء بدعة محدثة
56 - كذا هي في الأصل ولعل الصواب ( نفر)
57 - أي رجعت يده خالية ،ليس بها الفنجان
58 - أي النافذة
59 - كذا هي في الأصل ولعل الصواب ( رشفه )
??
??
??
??(1/69)